ماذا أفعل مع مشاغبات طفلي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طفلي يبلغ من العمر ثلاث سنوات وتسعة أشهر، ذكي ومميز ومحبوب من الجميع، وفي نفس الوقت أستطيع أن أقول: يشتكي منه الجميع بسبب مشاغباته المستمرة وإزعاجه الدائم؛ ففي كل زيارة لبيت والدي أو صديقة يقوم ببعثرة الأشياء والحركات الاستفزازية، وتصوروا شعوري في ذلك الوقت، أحاول تهدئته ولكن لا فائدة؛ ويصبح الوضع مربكا للغاية، وأصبح أنا وطفلي ثقيلين حتى على أقرب الناس لي، ماذا أفعل بالرغم من أني أحضر له كل ما يسعده، أصحبه معي كي يختار ما يريدة ، ولكن لا يطول الأمر كثيراً فسرعان ما يعود لما كان عليه، أجعله يذهب مع الأطفال لمكان لعبهم (غرف ألعابهم) وحتى الأطفال يشتكون من طفلي!!!! حتى لو قام بفعل يستطيع الفرد التغاضي عنه لكن لا أحد يتغاضى عن تصرفات ابني حتى لو كانت بسيطة؛ كإسقاطه منشفة، وهذا ما حدث بالفعل عند زيارتي لإحدى صديقاتي.
أنا أقول في نفسي بأن علي أن أتغاضى عن بعض تصرفات ابني أحيانا، ولكني حائرة ماذا أفعل؟ أحياناً أقول بأن علي أن أقلل زياراتي لأهلي؛ فأنا لا أزور صديقاتي كثيرا بل نادراً، ولكني لا أستطيع أن أندر من زياراتي لأمي وأبي وإخوتي؛ فأنا أسكن معهم في نفس المنطقة، وزياراتي تكون كثيرة، وخاصة في إجازة طفلي؛ فأنا ألحقته بالحضانة العام الماضي، والآن إجازة الصيف ولكن أفكر في أن ألحقه بناد رياضي ربما يفرغ طاقاته، ولكن لا أجد عروضا لذلك، وفي سن طفلي الصغير أنا أفكر في إلحاقه برياضة الكاراتيه ولكن أخاف أني سأقلب الأمور للأسوأ.
طفلي يحب زيارة جدية كثيرا، ودائما يلح على ذلك، وأنا أخبره بأن جدك سيغضب منك إن فعلت كذا، ولكنه يقتنع لحظة قبولي الزيارة فقط، والفعل يكون عكس الكلام.
حياتي كلها إزعاج في إزعاج، أريد حياة هادئة، أريد توفير جو طيب لزوجي في البيت، ولكن أي حلم هذا؟ فبيتي أصبح كله فوضى بسبب طفلي المسكين بهذه الشخصية التي يشتكي منها الجميع، أعمالي في البيت كثيرة لا تعد بسبب طفلي؛ فهو دائم البعثرة في الأشياء، ولا يكتفي بالألعاب، والده يصحبه أحياناً كي أرتاح في زياراتي، ولكن ليس كل الوقت، وأنا أقدر له ذلك؛ فهو يأتي من العمل مرهقا ويريد الراحة، كذلك مع أصدقائه أطلب من طفلي المساعدة في البيت، وهو يفعل ذلك أحيانا؛ فيقوم فعلا بمساعدتي، ربما أستطيع أحياناً، إن كنت معه وحدي يكون الوضع أخف؛ فهو يطيعني، ولكن ما إن يحضر والده أو أي شخص يزورني أو كما أخبرتكم إن زرت أي شخص حتى لو كان معه أطفال أتعب كثيرا والكلام كثير جداً جداً.
ماذا أفعل؟ استخدمت له جدول النجوم، ولكنه مل منه بسرعة، ولم تجد هذه الطريقة نفعا معه، أحيانا أكافئه إن قلت مشاكساته؛ فهي لن تكون معدومة أبدا أبدا، ماذا أفعل؟ أرشدوني فأنا متعبة جدا ونفسيتي سيئة للغاية. وشكرا جزيلا لكم.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أسال الله أن يزيل حيرتك ويلهمك الصواب، وأن يعينك على ذلك.
قبل الرد على استشارتك التي تدور حول مشاغبات ابنك الذي يبلغ من العمر 3 سنوات أتساءل عن ابنتك الأخرى: وهل هي أصغر أم أكبر من محمد؟ وهل هي "تشاغب" مثل أخيها أم لا؟ على أي حال يمكن إفادتنا في متابعة أخرى.
وأبدأ ردي على استشارتك عن ابنك المحبوب الذكي المميز الذي يحبه الجميع -بارك الله فيه- بنقل جملة ذكرتها برسالتك وهي: "أريد حياة هادئة، أريد توفير جو طيب لزوجي في البيت"، وهذا بالضبط هو موضع المشكلة؛ فكل زوجين أنعم الله عليهما بأطفال لم يتخيلا أن وجود هؤلاء الأطفال يغير نظام حياتهما؛ بل يغير من عاداتهما وسلوكهما إلى حد كبير.
فالمشكلة ليست في طفلك الذي لم أجد فيه عيبا ولا شيئا غير طبيعي يختلف عن غيره من الأطفال في سنه؛ فهم يتميزون في هذه الفترة بالحركة الكثيرة واللعب والعبث بالأشياء، واستطلاع كل شيء حولهم، وشجارهم مع بعضهم البعض، ولكن المشكلة أنك وزوجك لم تستعدا بعد لهذا الطفل، أو لم تتصورا الحياة في وجود أطفال، فإذا فعل مشاغبة زائدة -ولا أظنها كذلك- عند زياراتك لصديقاتك أو لأهلك فهذا يبلغك رسالة غاية في الأهمية وكأنه يقول لك: "يا أمي أنا هنا، لقد ولدت فأعيريني بعض اهتمامك"؛ فكل المطلوب أن تجعلي له نصيبا من وقتك وجهدك واهتمامك، فالأطفال لا يحتاجون إلى رعاية جسدية من حيث المأكل والمشرب والنظافة أو حتى شراء اللعب لهم فقط، بل يحتاجون أيضا إلى الاهتمام وإظهار الحب والود لا إظهار الضجر والضيق والملل بما يفعلون؛ ولذا الأخت الحائرة أرجو:
* أن تصححي صورة طفلك عن ذاته؛ فصورة ابنك الحالية عن نفسه أنه: طفل مشاغب، وأنه مثار عناء وتعب لوالديه، ويجعل أمه حائرة لا تعرف كيف تتصرف معه.
ولا تُصحح هذه الصورة إلا من خلال:
• أن تتهيئي نفسيا أنت وزوجك وتكررا على مسامعكما أنكما أصبحتما والدين لطفلين جميلين؛ فلا بد من أن تتغير بعض سلوكياتكما بل ونظام المنزل والحياة كلها إن لزم الأمر وفقا لهذا التغير الجديد في حياتكما.
• أن تغيري بعض عاداتك في الزيارات الكثيرة لأهلك (أقصد التقليل وليس القطع).
• ويمكنك أن تستثمري وقتك في مجال الخدمة الاجتماعية، وأن تساهمي في أعمال خيرية بالجمعيات الأهلية ليرى ابنك أنك نموذج يحتذى به في هذا المجال، وليدرك بشكل عملي أن خير الناس أنفعهم للناس.
• احتضنيه من آن لآخر، وأظهري له كم تحبينه، وأنك تشكرين الله على أنه وهبك إياه، وافعلي ذلك بالطبع مع أخته.
• أن تحددي وقتا يوميا -أو يوما بعد يوم حسب ما يتيسر لك- وتخصصي مكانا بالبيت لممارسة الألعاب والأنشطة مع ولديك لتستوعبي طاقاتهما، وليشعرا باهتمامك وحبك وعنايتك بهما، إلى جانب أن هذه الألعاب والأنشطة تنمي مهارات طفليك المختلفة، (يمكنك الاطلاع على عشرات بل مئات الألعاب من على الإنترنت أو من كتب خاصة بأنشطة الأطفال).
• ارفعي الأشياء الثمينة والخطيرة بعيدا عن متناول طفليك.
• اشتركي أنت وطفلك في مكتبة عامة للاطلاع ليتكون عنده عادة القراءة والاستفادة من وقته.
• واقتراحك بأن يمارس رياضة بدنية اقتراح طيب، وليكن الهدف هو تنمية قدرات ابنك ومهاراته الرياضية وتفريغ طاقاته في أمر مفيد، ولا يكون الهدف هو التخلص منه مدة التمرين؛ فالأطفال يشعرون بذلك، وبدلا من أن تهذب الرياضة خلقه وتستوعب طاقاته ينقلب الأمر، ويشعر بأنه طفل غير مرغوب فيه فيزداد مشاغبة وعصبية واستفزازا.
• تنزهوا كأسرة معا في أماكن مفتوحة حيث الهواء الطلق؛ فالأطفال يشعرون بالانطلاق والسعادة في مثل هذه الأماكن.
• ألحقيه بمسجد من المساجد التي تحفظ القرآن وتنظم أنشطة مختلفة حتى لا يمل طفلك من الحفظ فقط.
• لا بد من الاطلاع على أهم خصائص وسمات هذه المرحلة بشكل مفصل، وذلك من خلال كتب "علم نفس النمو" وهي متوفرة في كثير من المكتبات أو من البحث عن هذه الخصائص على النت لتعلمي أن ما يمر به طفلك هو أمر طبيعي، ولتدركي مطالب واحتياجات هذه المرحلة وتعملي على إشباعها.
• يمكنك -بالطبع- من آن لآخر الترفيه عن نفسك وزيارة من شئت من أهلك وأصدقائك، ويمكنك فعل ذلك وحدك أحيانا على أن تؤدي ما سبق من اقتراحات.
• وعند زيارتك لأهلك أو لصديقاتك ومعك طفلك أرجو ألا تطول الزيارة حتى لا يمل الطفل ويبدأ في المشاغبة، كما لا بد أن تثقي أنه سيدرك من تلقاء نفسه أنه إذا لم يسلك السلوك الجيد في أثناء الزيارات فسوف يحرم من لعبك معه في أحد الأيام، ولكن أرجو ألا يهدد بهذا فلا تقولي له مثلا: إذا لم تجلس مهذبا أو تتصرف بطريقة لائقة فلن ألعب معك، أو سوف تحرم من كذا؛ "فهذا يؤدي به إلى الشعور بالذل والقهر، وأن اللعب ليس حقا من حقوقه بل شيئا قابلا للمساومة، ولكن عليك إذا تصرف تصرفا غير لائق -وأنا أشك في ذلك إذا اتبعت ما سبق- على أية حال إذا فعل فعليك أن تأخذيه جانبا، وتذكريه بأنه يجب عليه أن يسلك سلوكا طيبا، فإن كرر مشاغباته فكرري عليه هذا الطلب، ثم إذا تكرر فعليك أن توضحي له أن هذه السلوكيات إذا تكررت مرة أخرى فستجعلك تضطرين إلى أخذه وترك البيت، فإذا لم ينته فعليك بأخذه على الفور وترك منزل الأهل أو الأصدقاء حتى يؤكد لك أنه سيحسن التصرف.
أما إذا كان ما يحدث هذا في بيتك فعليك أن تنبيهه أكثر من مرة كما سبق، ولكن في آخر مرة اطلبي منه أن يلزم حجرته لا على سبيل العقاب ولكن لأن هذه السلوكيات تضايق الضيوف، فإذا راجع نفسه في حجرته وأدرك خطأه فله أن يخرج من حجرته، ويندمج مع الضيوف مرة أخرى، ولا داعي أن يعتذر؛ بل اكتفي بأن يتصرف تصرفا جيدا.
وأهمس في أذنك أخيرا سيدتي: إن الأطفال كما هم نعمة من نعم الله تعالى علينا، هم أيضا مسئولية وأمانة سنُسأل عنها وعن مدى رعايتها، ومدى تنشئتهم التنشئة الطيبة، أسأل الله أن يعينك على أداء هذه الأمانة؛ فالجنة التي تحت أقدامكِ لم تكن يوما بلا ثمن أو مشقة، فشمري عن ساعديك لها، فالأمر يستحق.
ـــــــــــــــــ(104/265)
أجندة أسرية لعلاج العصبية (مشاركة) ... العنوان
مشاركة علي استشارة أجندة أسرية لعلاج العصبية ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله..
أولاً: أعرفكم بنفسي، أنا أبو ريم، مقيم في السعودية، وأب لطفلة عمرها الآن سنتان ونصف، وبانتظار مولود جديد قريبًا إن شاء الله.
الحقيقة أحببت المشاركة لأهمية هذا الموضوع، وهو التعامل مع أبنائنا وتربيتهم، وتأثير التعاملات والمفاهيم الخاطئة في تربية أبنائنا، مما ينعكس عليهم وعلى المجتمع ككل في المستقبل.
وثانيا: تعقيبًا على كلام الأخت "أم أحمد" من الكويت، فإني أرى أن مشكلاتها مع أبنائها مشكلات شائعة في مجتمعاتنا، والسبب هو تعاملنا ومفاهيمنا الخاطئة مع أبنائنا، وما نراه فيما بعد هو نتاج طبيعي لهذا التعامل، وخصوصًا استخدام العصبية والعنف في أغلب الأوقات وفرض إرادتنا بالقوة على أبنائنا، وخصوصًا في المرحلة الأولى من تربية أطفالنا، مما يولد ردة فعل سلبية عند الطفل بالضرورة، ورفضه لهذا الواقع بأساليبه الخاصة ضمن إدراكه هو.
وأخطر ما يقوم به الأهل هو التعامل مع الطفل كأنه ند لهم؛ يفهم كما يفهمون ويعقل كما يعقلون ونتصرف بناء على ذلك، وأعتقد أن هذا الأمر من أشد السلبيات التي نقوم بها مع أبنائنا.
سأتكلم عن تجربتي مع ابنتي فيما يخص أمرين مما طرحته الأخت أم أحمد، وهو أولاً العصبية مع الأبناء.
أريد أن أنوّه أولاً أن الله -والحمد والشكر له- قد رزقني شخصية هادئة تجعلني طويل البال مع ابنتي، فعندما أطلب منها شيئًا ولا تقوم به فإني ألجأ فورًا إلى أساليب أخرى، فمثلاً أحوِّل الأمر فورًا إلى لعبة أو ألجأ إلى الترغيب (إن فعلت ذلك فسوف تحصلين على مكافأة)، وكثير من الأحيان أنجح في الأمر، وإن وجدت إصرارًا من ابنتي بعد هذا على رفض الأمر لجأت إلى النقاش معها مع صغر سنها، لا تستغربوا، مع أني في كثير من الأحيان على يقين بأن ابنتي لا تفهم كثيرًا مما أقوله لها، وهي بدورها لا تستطيع تبرير رفضها سوى بكلمة (ما بدي)، إلا أن هذا الأمر كفيل بتهدئة الطفلة وإعطائها شعورًا بالأمان.
هذا الأمر الذي ضاق صدرها به ليس ملزمًا ولا منزَّلاً، وأجدها تستجيب بعدها، ولكن بطريقة أخرى؛ بأن تملي بعض شروطها أولاً. على سبيل المثال عند إعطائها الدواء ترفض بشدة وأنا أقدِّر رفضها؛ لأن طعم الدواء غير مستساغ، وبعد نقاش وترغيب ترضخ للأمر وتشترط أن تأخذه بيدها، وعلى دفعات. والملابس كذلك؛ بأن تختار بنفسها ما تلبس، وتلبس وحدها بمساعدة أمها.
أما بالنسبة لموضوع القراءة: فعن تجربتي في ذلك أقول: أنا بدأت من سن مبكرة معها، كان عمرها سنة وشهرين حينما اشترينا أول كتاب لها، وهو عبارة عن صور، ويوميًّا أجلس معها لأسرد لها الحكايات عن هذه الصور، وهي تراقب الصور والألوان بشغف، وربما في عالمها الصغير تفهم الأمور بمنظورها هي، وظللنا نقرأ لها حتى عمر السنتين تقريبًا، الآن أجد الكتاب بالنسبة لها شيء مهم؛ تحافظ عليه، وموجود دائمًا بين ألعابها، ومع أنها لا تجيد القراءة إلا أنها تمسك القصة ذاتها وتسرد بلغتها المكسرة قصصًا وحكايات كما تفهمها هي، وتستخدم أسماء وشخوصًا من أسماء أطفال الأقارب الذين تعرفهم.
عذرًا للإطالة، ولكن الموضوع مهم وحساس، وللأسف في مجتمعاتنا هناك تقصير كبير في توعية الأسر في كيفية التعامل والتربية، ومقتصر ذلك على بعض الكتب هنا وهناك، مع أن نسبة القراء في مجتمعاتنا محدود جدًّا.
سعدت بالمشاركة معكم، ولكم تحياتي.
ـــــــــــــــــ(104/266)
جزاكم الله خيرا على ما تنفعون به المسلمين؛ فكم استفدت كثيرا من المواضيع التي تتحدثون فيها، وكنت سعيدة حقيقة بما أنعم الله عليّ من معرفة موقعكم وقراءة كتاباتكم، وفي نجاحي تطبيقها الحمد لله؛ فقد رزقني بطفلة 5 سنوات وطفل 3 سنوات، بعد فترة من قدومنا من مصر إلى قطر.
المشكلة أن ابنتي كان استيعابها جيدا جدا، تحفظ كمًّا كبيرا من القرآن، تقرأ وتكتب وتحسب وتجيد التعامل مع الكمبيوتر، كانت تستجيب بشكل كبير جدا للتشجيع، ويأتي أسلوب الثواب والعقاب معها بنتائج مذهلة وفورية، لكن منذ قدومنا إلى قطر بدأ الوضع يتغير حتى انعكس تماما، وأصبحت لا يهمها شيء، وعندما أشجعها بأني سوف أكافئها بلعبة ترغب فيها أو حلوى تحبها تقول "وإيه يعني مش عوزاها"، وبدأ أخوها يقلدها، وأصبح لعبها عنيفا بدرجة ملحوظة، ليس هذا فقط بل أجدهما يستيقظان في أغلب الأيام لا يرغبان في الطعام، لا يرغبان في اللعب، أقضي معهما معظم اليوم في اللعب، نخترع لعبة جديدة وأشوقهما إليها، ولا يمر سوى 10 دقائق حتى تصبح "لعبة وحشة"، فأصاب أنا باليأس؛ حتى إذا خرجنا إلى الحديقة لا أجدهما متحمسين للعب، وبعد محايلة يذهبان للعب، وبعد نصف ساعة "خلاص زهقنا"، لكنهما لا يريدان العودة للبيت.
في الحقيقة حاولت أن أبحث عن السبب؛ فلربما لأننا نخرج إلى الحديقة ساعتين أو ثلاثا أسبوعيا، يلعبان بمفردهما أو مع أطفال غير مصريين يتفاهمون معهم بصعوبة؛ نتيجة اختلاف اللهجات، وربما لأننا نقضي باقي الأسبوع داخل شقة صغيرة، ولا نرى ضوء الشمس إلا من شباك صغير يطل على الشارع، وزياراتنا قليلة جدا، وبالرغم من ذلك أجد ابنتي تندمج مع أطفال من نزورهم، وكأنها كانت تشتهي شيئا وفجأة وجدته أمامها، وتستخدم الأسلوب نفسه الذي أستخدمه معهما لجذبهم إلى اللعب، وكأنها تقول لهم "علشان خاطري نلعب سوى"، حاولت بكل السبل أن أغير من زوجي الذي يرفض خروجنا مدة أطول؛ لأنه "مش فاضي"، أو أن نخرج من دونه مع صديقاتي الملتزمات ليلعب الأولاد معا؛ لأنه خائف علينا، أو أن ننتقل إلى بيت أوسع؛ لأنه أغلى، أو أن تلتحق ابنتي بالروضة؛ لأن مصاريف الروضة غالية، أو أن تلتحق بمركز تحفيظ قرآن؛ "لأنه مش فاضى يوصلها".
حاولت كثيرا جدا حتى وصلت إلى طريق مسدود، ولم أعد أنام من كثرة التفكير، اعتقدت أن ما ذكرته هو السبب؛ لهذا فكرت في العودة إلى مصر دونه طبعا، ودفع الضرر مقدم على جلب المنفعة؛ فهناك أهلي وأهل زوجي وجيراني وأقاربنا، ويمكن أن يلتحق أولادي بالروضة، لكني رجعت أفكر عندما وجدت أن هذه المشكلة يعاني منها معظم المصريين الموجودين هنا، بالرغم من أن منهم من يذهبون للروضة ومن يذهبون للمدرسة، لكنهم يكررون شكواي بالرغم من خروجهم أكثر من يوم في الأسبوع إلى الحدائق، لكنهم يخرجون وحدهم، وزياراتهم أيضا قليلة جدا؛ فهل يمكن أن أجد لديكم من حل في ظل ظروفي التي ذكرتها، أم أن عودتي إلى مصر هي الحل الوحيد لعودة ابنتي زهرة مشرقة؟
وأعتذر لأن استشارتي طويلة، فقط أردت توضيح الظروف، فأنا حقا متعبة، أتمنى أن تجيبوني سريعا؛ فعلى ضوء رأيكم الحكيم سوف أحدد وجهتي، والله المستعان، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة، لم أكد أقرأ من سطور سؤالك إلا كلمات معدودة، فشعرت أني أقرأ عن نفسي.. فقد مررت بنفس تجربتك من حوالي شهر واحد.. وربما أقل؛ ولذا فقد توقعت كل حرف أقرؤه من قبل أن أقرأه.. وحينما أتممت القراءة شعرت أن الكلمات تتقافز وتتسابق لتخرج إليك يا حبيبتي لتنتشلك من مشكلتك التي خضتها قبلك.
أختي الكريمة، إن الحل ليس وحيدا، ولا يكمن فقط في العودة لمصر؛ فالهروب ليس حلا، ولكن مواجهة مشكلتك هي الحل، وإن كانت عودتك لمصر قد تكون جزءا من هذا الحل، وتعالي معا نرتب خطة تعرضينها على صديقاتك اللاتي يكررن شكواك -كما كانت صديقاتي في المملكة السعودية من المغتربات يكررنها- فستعودين لمرافقة زوجك حتما، وبالتالي لا بد من تهيئة ظروف حياة سعيدة لك ولأولادك، وليس التأقلم مع الجو الموجود، ولتحمدي الله أنك في مجتمع يمكنك فيه الخروج وحدك والتنزه بأولادك هنا وهناك (ومشكلة خوف زوجك عليكم سنتعرض لها لاحقا ).. وإن الحياة يمكن إدارتها بغير إنهاك الزوج المنهك أساسا بأعباء العمل التي تختلف كثيرا عن ظروفكم في مصر التي كان بها من السعة ما يسمح بنمط مختلف من الحياة..
إن ابنتك وولدك قد تم انتزاعهما من بيئة ألِفَاها، وكانا يسعدان بالحياة فيها.. إلى جو مختلف، وهذا الاختلاف يقلل حتما من إمكانية الاستمتاع والانطلاق، وبالتالي يظل الحل هو التغلب على هذا الاختلاف:
أولا: لا بد من تنظيم اليوم.. فلأنكم تشعرون بالملل -وقد جربت ذلك- فأنتم تنامون لوقت متأخر وتستيقظون متأخرين.. وهذا السلوك يضيع بهجة اليوم وبهجة استقباله بفرحة، ويجعل الأولاد لا شهية لهم للطعام ولا الشراب ولا للبهجة ويجعلهم -وأنت معهم- في حالة مزاجية سيئة، وهذا ما استغربت أنه السلوك السائد بين صديقاتي في المملكة السعودية، وكأن الوقت عدو لهم يريدون قتله كي لا يقتلهم هو بمروره البطيء، وبالتالي فالخطوة الأولى للاستمتاع باليوم هي تنظيم الاستيقاظ والنوم في مواعيد مناسبة بلا إفراط في السهر أو النوم لوقت متأخر..
ثانيا: حين يستيقظ الأولاد يمكن إشراكهم في إعداد الإفطار بعد أن يغسلوا أسنانهم وأيديهم ويتوضئوا لصلاة الصبح في بهجة وسعادة تخلقينها بصوتك وسعادتك ومرحك في استقبالهم ودندنتك بأناشيد جميلة عن الصباح وجمال الشمس (هناك أغانٍ شهيرة لعفاف راضي للأطفال عن هذه الأمور مثل: اصحي يا دنيا... إلخ...). كما يمكنك أن يكون ذلك من خلال تشغيل مثل هذه الأغنيات البهيجة في الكاسيت حين استيقاظهم، ومن المؤكد أنك قد تكونين نسيت إحضار وجلب مثل هذه الأشياء من مصر، ولعلها تكون أحد أهداف رحلتك إلى مصر إن اتخذت القرار بالعودة. أو يمكنك البحث عما يؤدي دورها واستخدامها حيث تقيمين.
ثالثا: لا بد أن تجعلي حجرة أبنائك مكانا جميلا بهيجا.. اصنعوا زينة ملونة أو عرائس من ورق الكارتون الملون المقوي.. وألصقيها على الحوائط، وأشركيهما معك في تجميل حجرتهما.. واملئيها باللعب الجميلة والدببة والأرانب المصنوعة من الفرو، وهي ليست مكلفة وتعطي بهجة للمكان الذي توضع فيه؛ فزيني بها وسائدهما وأسرتهما وحول الأسرّة، واجعلي الحجرة حبيبة لهما.. ولا تقولي لهما إلا حجرتكما الجميلة: "اذهبي يا حبيبتي وأحضري لي كذا من حجرتك الجميلة".. وهكذا؛ فيترسخ في ذهنيهما أن حجرتهما جميلة ومحببة.
رابعا: القصص والتلوين والرسم بالرمل (وخاماته منتشرة جدا في المكتبات الخليجية وبأسعار زهيدة) والقصص ذات الكاسيت.. كلها من وسائل الاستمتاع بالوقت بشرط التجديد، فليس كل يوم يشبه سابقه.. بل كل يوم له نشاط مختلف عن سابقه.. فاليوم نرسم بالرمل الملون، وغدا نصنع مجسمات بالكارتون، وبعد غد نلون ونقرأ القصص ونمثلها.. وهكذا.
خامسا: احذري الاستسلام للتلفاز.. بل اجعلي بعض فقراته من أفلام الكارتون أو البرامج التي تختارينها بعناية من وسائل الترفيه اليومي، وتناقشي مع ابنتك فيما فهمته من برنامج "باص المدرسة العجيب" مثلا أو برنامج "عالم الصناعة"، أو غير ذلك من البرامج اللطيفة التي تشعرين أنها تستهوي ابنتك وتفيدها على قنوات الأطفال. وذلك بما لا يتعدى ساعتين يوميا متفرقة.
سادسا: لا بد من التفاوض مع الأب بشأن مسألة الخوف لتتخذي محاذيرك مما يخافه، وفي الوقت نفسه حاولي إقناعه بأن الخروج مع الصديقات ليلعب الأطفال معا سيفيدك ويفيدهما كثيرا.. وأنك ستتجنبين ما يخاف بالتماس كل وسائل الأمن الممكنة.
سابعا: نوعي النزهة الأسبوعية من الحديقة للملاهي لأماكن ترفيه متنوعة، وحاولي التنسيق مع إحدى الصديقات التي يتفق أبناؤها مع أبنائك لتتقابلا في هذا المكان، أو لتصطحبي أبناءها مع أبنائك في الرحلة في عطلة الأسبوع، وهكذا.
ثامنا: تخلصي من اليأس ومن الشعور بتسديد الأبواب.. أعلم أن هذا الشعور يداهمك رغما عنك كما كنت أشعر.. ولكن أين قوتك؟ أين ابتكاراتك؟ أين محاولاتك للتغيير والتجديد.. عساك تحملين مشعل التغيير بين أبناء الجالية كلها الذين يشتكون الملل ويستسلمون له.. والفارق أنك لن تستسلمي.. ستحاولين الانتصار وستنتصرين.. كما أظنني فعلت..
لقد استطعت بفضل الله في أقل من الشهر اكتشاف أماكن للترفيه (كنوادٍ مثلا) ومحال لبيع الكتب الرائعة المستعملة بأسعار مناسبة، ومحال لتأجير شرائط الفيديو التعليمية، وأماكن لتحفيظ القرآن لها وسائل للانتقال دون الحاجة لوجود سيارة خاصة.. وهو ما لم تكن تعلم عنه صديقات أمضين 7 سنوات رهينات الظروف التي تحيط بهن.. أرأيت؟ حين حاولت انتصرت وفي وقت قليل.. وكنت أدون كل ما ينقصني وأحتاجه.. فرأيت أني أحتاج قصصا ومنتجات معينة كالألعاب الخشبية لأولادي.. وغيرها مما وجدت الوقت يسمح به أكثر مما كنت مع أولادي في مصر، فدونتها لأشتريها عند عودتي وأرسل في طلبها.. وهذا ما أنصحك بفعله عند عودتك.. إن قررت العودة لتمضية الإجازة مثلا.. جمعي الكتب والقصص والألعاب والمكعبات ولواصق ملونة للحوائط بأشكال لطيفة وصورا تعلق على الحائط من اختيار أبنائك ليجملا بها حجرتهما هناك.. وهكذا..
وأشعريهما بأنك تحبين حياتكم الجديدة، وأنها تجربة سعيدة، وأن السعادة حيث يوجد "بابا وماما" معا في أي مكان؛ لأنهما هما اللذان يصنعان السعادة لأبنائهما، وهكذا.. واحذري من الشكوى أمامهما أو التذمر الذي يعديهما حتما.
تاسعا: أعتقد أن فرصة تغيير السكن في دول الخليج أيسر من مصر بكثير فيمكنك لاحقا تغيير محل السكن ليس بدار أوسع، ولكن مع جيران من أصدقائكم أو من أبناء الجالية أو غير ذلك ليسهل التواصل وصناعة مجتمع وعائلة جديدة في إطار نفس الميزانية التي تخصصانها للسكن.
عاشرا: الدعاء هو سلاحك الأكيد للانتصار مع كل ما سبق.. ادعي الله أن يجعل سفرك وأولادك خيرا لك ولهما في عاجل الأمر وآجله وأن يسعدكم به.. وادعيه سبحانه أن يرزق أبناءك بأخلاء كثر من المتقين، وأن يسعدهما حيثما وجدا.. ادعي وادعي والتمسي الأسباب ووافينا بالنتيجة.
حادي عشر: حاولي أن تخططي لإجازة الصيف بحيث تقضينها كل عام في بلدك، تملئين أبناءك فيها مرحا وأنشطة ورياضات وهوايات ونزهات.. فتعودي للعام الدراسي -الذي ستلتحق به ابنتك حتما من العام المقبل على الأقل- وقد شحنت الأولاد بالشحنة اللازمة لقضاء عام دراسي سعيد في نشاط ودون اختلاف كبير عما اعتادوا عليه في مصر.. لأن الاختلاف الذي تشعرين به يظهر جليا في أوقات العطلات لعدم وجود ما يملؤها بسعادة كما اعتدت. أما وقت الدراسة في كل مكان له ظروف موحدة تقريبا ما بين الواجبات المدرسية والدراسة نهارا، والأنشطة المدرسية والنوم مبكرا... إلخ. وبالتالي فعند التحاق ابنتك بالمدرسة ستختلف الأمور تماما.. لا تقلقي.
يسعدني جدا التواصل معك، ورصد ما يحدث على يديك من تغيير وانتصار على ظروف راكدة محكمة الغلق لا تتغير إلا بالعزيمة.. وأنا معك.. ونحن جميعا معك نعينك ونساعدك ونمدك بالأمل والأفكار والعزيمة..
وأنا في انتظار المزيد من متابعاتك، وأتمنى أن نتواصل كثيرا لنتبادل أفكارنا وتجاربنا معا بما لا تسمح به إجابة واحدة على استشارة.. وإلى لقاءات عدة إن شاء الله.
لمزيد من التفاصيل يمكنك الاستفادة مما يلي:
ما يزيل مخاوف الغربة
لا تفارق أسرتك ولو في الصين
أطفالنا في الغربة
في الغربة كيف تندمج وتحفظ هويتك؟ - متابعة
دليلك التربوي في أرض الغربة- مشاركة من خبير
ـــــــــــــــــ(104/267)
استثمار الطاقة لعلاج مشاكل المراهقة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أساتذتي الأفاضل.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أتمنى من الله تعالى أن يوفقكم للخير ويثبتكم عليه، خاصة مع تحملكم مسئولية صعبة في زمن صعب. مستعينة بالله أطرح عليكم مشكلة لدى أخي آخر العنقود الذي يبلغ من العمر 13 عامًا ويتمتع بطلاقة لسان وسرعة بديهة وسرعة حفظ وقوة شخصية -وإن كانت بدأت تضعف- هو متفوق في دراسته (لكن لا يذاكر إلا مع أمي لتعوديها له على ذلك، ولديه طاقة ونشاط زائد) وراثة عن العائلة كلها، عقله أكبر من حجمه، لديه حلول للمشاكل، يفكر في مستقبله، يمكن التحدث معه كما يتحدث مع الكبار تمامًا.. هذه أوصافه.
أما مشاكله فمتعددة:
1- بدأ بترك الصلاة فينزل إلى المسجد ثم يجلس مع أصحابه ويدخل في الركعة الأخيرة، ولم يكن يفعله قبل ذلك، كما لا بد أن يتأخر بعد الصلاة نصف ساعة مثلا، وقد عالج ذلك والدي بأخذه معه إلى المسجد في وجوده، وفي حال عدم وجوده يفعل ما يشاء.
2- بدأ بالكذب بصورة واثقة ومتكررة، ولم يكن يكذب أبدًا، وحاليًّا والدي لا يكلمه بسبب كذبه وهو متجاهل لذلك ولم يعتذر لوالدي وكأن الأمر لا يعنيه.
3- كان يحفظ 20 جزءا تفلتت منه وذهب لتحفيظ آخر يراجع فيه صفحتين فقط، ولم يتقدم أبدًا، وأصبح لا يهمه الأمر.
4- أولوياته في حياته: اللعب ثم اللعب ثم اللعب.
5- ليس لدينا تلفاز، لكننا سننزل مصر في الإجازة، وطبعًا يتردى حاله جدًّا (إدمان تلفاز - عدم صلاة)، حيث يجلس مع ابن خالتي الذي هو في عمره، والدتي تستخدم أسلوب النصح بالمحبة، وأيضًا والدي ويزيد عليه الحزم، أما أنا فلم ينشأ على احترام الكبير فلا يتعامل معي باحترام لكن يلبي لي طلباتي، وليس بيننا كلفة، لكنه لا يستجيب لأوامري أبدًا، ولا يريد المذاكرة أو مراجعة القرآن معي.
وجهوني أولا كيف أتعامل معه، خاصة أنهم يصفونني بالميل للشدة في الغالب. وكيف يتعامل والديّ مع الظواهر المستجدة له.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الأخت الكريمة، بارك الله فيك..
أولا أحييك على اهتمامك وحرصك على أخيك -آخر العنقود- فقلما يجود الزمان بمثلك في مثل وقتنا هذا.
أولا.. لا بد أن تعي -صديقتي- أن ما يصدر من أخيك من سلوكيات تتمثل في التمرد على الصلاة وعلى حفظ القرآن وعدم المبالاة بغضب أو ضيق الوالدين، والمبالغة في مشاهدة التلفاز والكذب ليتفادى العقاب، أو حتى ليتخلص من مواقف تجلب عليه التحقيق أو التصادم مع الوالدين.. كل ما سبق وكثير غيره من أهم سمات مرحلة المراهقة التي يمر بها أخوك.
وربما تتساءلين: ولماذا لم أمر بها أنا وإخوتي؟ فالإجابة تتضح في أمرين: أولهما أنكم ربما قد مررتم بهذه السمات ولكن بدرجة أقل، والأمر الثاني يتمثل في طبيعة شخصية أخيك نفسه؛ فهو يتمتع بشخصية متميزة وعلى قدر عال من القوة والاستقلالية، كما اتضح ذلك من رسالتك.
وما يحتاجه المراهق في هذه المرحلة:
سلطة ضابطة، وهي متمثلة ولله الحمد في والدك -حفظه الله- فأخوك يحتاج إلى حزم وحب شديدين واستيعاب لمشاعره وأفكاره وتقلباته في الفترة الحالية وهذا دور رئيسي للأب.
أن يستمر كل من والديك في أسلوبهما الرائع في طريقة توجيهه؛ فالأم تنصح بالمحبة -كما ذكرت- على ألا تكون جرعات النصائح كثيرة أو متكررة بشكل يجلب له الملل أو يجرئه على التطاول فيما بعد، وكذلك يستمر والدك في النصح اللطيف مع الحزم، كذلك يحتاج المراهق أن تُستثمر طاقاته بشكل عام وأخوك بشكل خاص لتميزه بالنشاط الزائد؛ ولذا يمكن أن يساعد والدك في بعض المهام التي يكلف بها الولد والتي لها صلة بمهنته إن كانت طبيعة تسمح بذلك، وهذه الطريقة فعَّالة، فلي صديقة يعمل زوجها مهندسًا بالسعودية يأخذ ابنه منذ أن بلغ العاشرة من عمره بموقع عمله ويجعله يقوم بمهام متعددة، منها نسخ الرسومات وتسجيل أسماء العاملين في أي مشروع، بل والعمل مع البنائين... وهذا جعله -عمره الآن 15 سنة- يتصرف وكأنه مهندس بالفعل، بل ويُطلق عليه الآن "الباشمهندس".
أما عن الصلاة فلا داعي للقلق بشأن مراوغته فيها؛ فوالدك تصرف التصرف السليم معه حيث بدأ يأخذه معه للمسجد، وأما إذا لم يتمكن في بعض الأوقات من مصاحبته بالمسجد فلا داعي إطلاقًا لسؤاله عما إذا صلى أو لا؛ لأن هذا السؤال يدعوه للكذب، لكن يمكن تذكيره بعدم إلحاح بأنه قد حان وقت صلاة كذا، أو تذكرين أمامه أو تذكر والدتك أو أحد من إخوته أنه سيذهب ليصلي.
وأما عن أمر حفظ القرآن فدعي والدك يعالج هذا الأمر بطريقته، ويمكن أن يستعين الوالد بهذا الاقتراح:
أن يخبر أخاك أنه سيقوم بتسميع الجزء الذي حفظه بعد عودته من مدرسة القرآن أو المسجد الذي يحفظ فيه في يوم يتفقان عليه في الأسبوع، وأما باقي الأيام فيمكن أن تقومي أنت مثلا أو والدتك بتشغيل التسجيل على السورة أو الجزء الذي يراجعه، وكأنك تودين أنت سماع هذا الجزء دون إجباره أو حتى إخباره بأن يركز فيه.
وإذا تملص من والدك فلا داعي لإجباره بل يحاول أن يشجعه ويحفزه، وكلما أنجز حفظ جزء مثلا أو مراجعته يهديه هدية يرغب فيها أخوك دون وعد مسبق بذلك. وأما إذا توقف تمامًا عن الحفظ ولم يَعُد يهتم بالهدايا أو المكافآت فيمكن أن تستمروا على تشغيل شرائط القرآن بالأجزاء المطلوب حفظها أو مراجعتها.
يمكن إلحاقه بأحد مراكز تحفيظ القرآن التي بها أنشطة متعددة خاصة النشاط الرياضي حتى لا يمل من الحفظ فقط، وحتى تستوعب هذه الأنشطة جزءاً من نشاطه الزائد وهذه المراكز متعددة وكثيرة بالسعودية.
كما لا بد أن تتخلي عن الشدة والأوامر الكثيرة له، وخاصة في وقت لعبه فهذه المرحلة لا تحتاج لمثل هذا النوع من التعامل إلى جانب أن هذا الأسلوب سيجعله يتجرأ ويتطاول عليك فيما بعد؛ ولذا أرجو القراءة كثيرًا عن طبيعة هذه المرحلة.
نأتي لموضوع التلفاز ومشكلة قضاء الإجازة بمصر، أظن أن كثيرًا من الأسر عندما تنزل في إجازة فهي تقريبًا تقضيها في المجاملات والالتزامات العائلية وقضاء بعض المصالح، ويمكن استثمار ذلك مع أخيك، والمقترح أن:
يشغله الوالد بكثير من "المشاوير" وقضاء المصالح معه أو بدلاً منه إن أمكن، أو حتى يفتعل بعضها إذا لم تكن موجودة.
يمكنك ترتيب برنامج للرحلات في كثير من الأماكن السياحية والأثرية -وما أكثرها بمصر- بحيث يشغل عن التلفاز أكبر وقت ممكن، وإن جلس لمشاهدته فيمكن ألا يترك هو وابن خالتك فترة طويلة، بل يمكن جذب ابن الخالة هذا معكم في البرنامج السياحي، كما يمكن أن تقوموا بعمل نموذج هندسي مصغر للمكان الذي قمتم بزيارته بعد عودتكم منه.
وأما بالنسبة لدورك معه وما يمكن أن يقوم به أخوك من أعمال ومهام تستوعب نشاطه فيتوقف هذا على الرد على الاستفسارات التي أوردتها بأول الرسالة.
وأخيرًا لك كل التقدير وخالص الدعوات، وإلى الملتقى قريبًا إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ(104/268)
أخصائي التخاطب لعلاج التأتأة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابني تميم عمره أربع سنوات، نشيط جدًّا وحركي وله قدرة على الحفظ جيدة أنجبته في بريطانيا قبل موعد ولادته المحددة بحوالي سبعة أسابيع، وكان نموه جيد جدًا، وقد تأخر في النطق حتى السنة الثانية.
والآن وهو في الرابعة يتلعثم في الكلام ويكرر الكلمة أحيانًا أربع وست مرات قبل أن ينطقها لم يكن كذلك إلا في الآونة الأخيرة، وأنا أقيم مع أبنائي (تميم، ونزار- وعمره سنتان) في بيت العائلة، وقد لاحظت تحيزهم مع ابني الصغير؛ لأنه هادئ ومحبوب.
وأنا أحاول أن أقرأ في المواضيع التي تخص التلعثم عند الأطفال لأخفف من أسبابها لكن دون جدوى، كما لاحظت عليه شدة حساسيته وضعف التركيز حين أناديه، مثال: عندما أقول له أعطني الوسادة وتكون بجانبه، فيسألني أين هي بعكس أخيه الأصغر فإنه يكون سريع الاستجابة.
أما سمعه فهو جيد جدًّا وإن كان دائمًا يشكو من تضخم اللوزتين، ورغم إدراكي أن هذا التلعثم لن يستمر معه إن شاء الله فإنني خائفة عليه مما يسمونه التوحد؛ فأرجو نصحي بما ترونه مناسبًا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أصنف مواضيع رسالتك إلى فقرات للتركيز حول كل فقرة على حدة:
- ولادة الطفل قبل موعده قد تكون سببًا في عدد من المشاكل المستقبلية مثل التأخر في الكلام.
- يمر عدد كبير من الأطفال بمرحلة نطلق عليها عدم طلاقة - وليس تأتأة ويكون السبب فيها أن الطفل يمر بمرحلة حرجة من اكتساب عدد من المهارات في وقت واحد، فيمكن أن يحدث عنده تكرار لبعض الأصوات أو المقاطع أثناء الكلام.
ولكن نسبة كبيرة من الأطفال تتجاوز هذه المرحلة بسلام إذا أحسن الوالدان التعامل مع الطفل مثل: عدم لفت انتباهه للمشكلة، وإعطائه الوقت الكافي ليكمل كلامه بدون إكمال الكلمات عنه، وعدم الحديث عن هذه المظاهر مع الآخرين أمام الطفل، وعدم إظهار الحزن والامتعاض لما يمر به.
- الأفضل استشارة أخصائي نطق ولغة أو تخاطب ليقدم لكم عددا من الإرشادات بعد رؤية الولد.
- عدم مقارنة الولد بأخيه والتأكد من أن هناك فروقا فردية بين الناس جميعًا وليس بالضرورة أن يكون جميع الأطفال مثل بعضهم.
- عدم التركيز مظهر عادي في مثل عمر طفلك، ويمكن أن يكون أيضًا من الفروق الفردية بين طفل وآخر، ويمكن استشارة أخصائي التخاطب للتأكد من مظاهر الانتباه والتركيز واللغة الاستقبالية والتعبيرية للطفل.
- لم ألاحظ أي شيء في رسالتك يبدو كأنه من أعراض التوحد، واستغربت ربطك بين عدم التركيز والتوحد؟ ولا أدري من أين حصل لديك هذا الربط؟ أم أن هناك مظاهر أخرى لم تورديها في الرسالة.
وعلى كل حال، لمزيد من التأكد أرى ضرورة استشارة أخصائي تخاطب، والله معك.
ـــــــــــــــــ(104/269)
...
إستراتيجيات التركيز والانتباه (متابعة) ... العنوان
الأستاذة الفاضلة/ عزة تهامي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اعلم يا سيدتي أنني تأخرت بالمتابعة مع سيادتكم بخصوص ابني محمد، ولكن هذا لظروف خارجة عن إرادتي. أود أن أوضح أن محمدا الحمد لله بدأ في تهذيب سلوكه نوعا ما، ولكني حاليا أواجه مشكلة مهمة بالنسبة لي وكذلك بالنسبة لأي أم تريد أن تجعل أولادها أحسن الناس، وذلك بإذن الله وتوجيه سيادتكم لما فيه الخير لأبنائنا جميعا. والمشكلة يا سيدتي التي تؤرقني قليلا أن محمدا قد أنهى -والحمد لله- هذه السنة الدراسية بنجاح، ولكن بعد مشقة خلال العام الدراسي كما تعلمون سيادتكم عن الأولاد في هذه المرحلة. ولا أخفى على سيادتكم أنه بالكاد قام بمراجعة دروسه قبل الامتحان ببضعة أيام فقط، ولكن الحمد لله لقد عاد قلقي هذه السنة يرتكز على ماذا سيفعل محمد في السنة الدراسة القادمة. وللعلم لقد نفذت تعليمات سيادتكم جيدا، كما أحيطكم علما بأن محمدا لا يميل مطلقا للمذاكرة، وذلك لعدة أسباب، منها:
1- كان يأتي كل يوم ومعه كم من الواجبات عندما تنتهي لا يسمع غير كلمة واحدة اذهب لتنام لأن الساعة تأخرت، ولا بد أن تصحو مبكرا.
2- تضييع الوقت، والمعاناة معه لإنهاء الواجبات. واكتشفت -يا سيدتي- أنه يريد أن يعمل الواجب في الوقت المتبقي من يومه بسرعة ويذهب للنوم؛ وبذلك لا نستطيع أن نراجع مثلا الواجبات أو حفظ أو حل تمارين إضافية. وكان يفعل هذا يوميا، والله يعلم -يا سيدتي- كم عانيت معه، وحاولت معه مرارا وتكرارا؛ مرة باللين ومرة أخرى بالغضب منه لكن بدون ضرب. والسؤال الآن؟ أولا: كيف أجعله يقدم على السنة القادمة -إن شاء الله- ومعه معلومات حتى ولو بسيطة لكي يبدأ بها السنة الدراسية الجديدة، وهو -إن شاء الله- سيكون في الصف الثالث الابتدائي، وهل ما أود فعله صحيح؟ وإذا كان ذلك ممكنا، فهل أقوم بذلك بعد شهر، بحيث يكون قد أخذ راحة من أيام الدراسة؟ ولا أخفى عليك؛ لقد بحثت كثيرا بالفعل عن كتب خاصة بالصف الثالث الابتدائي ومعي بعض منها، فكيف أبدأ؟ أشكر لسيادتكم المجهود الرائع لإفادة جميع الأمهات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام -سيدتي- ورحمة الله وبركاته..
سعدنا برسالتك، ويشرفني الرد عليها، ونسأل الله العظيم أن يعيننا على أداء هذه الأمانة التي تنوء بها الجبال.
أما عن استشارتك فتتبلور في النقاط التالية:
1. عناد وعصبية محمد التي تتمثل في صراخه وضربه لأخيه الأصغر وضربه إياك.
2. عدم نومه إلا بجوارك.
3. تأثر أخيه الأصغر مهند بما يفعله أخوه ويقلده.
4. عدم نطق مهند إلا بكلمتين.
5. متى تبدئين تعليم محمد الإنجليزية.
ولنبدأ الآن في تناول النقاط السابقة الواحدة تلو الأخرى..
بالنسبة لعناد محمد وعصبيته فلهما سببان؛ أولهما غيرته من أخيه الأصغر حتى ولو لم تفرقي أو تميزي الصغير عليه في التعامل؛ لأن الغيرة شعور طبيعي في هذه المرحلة، والأمر الثاني الذي يجعل محمدا عنيدا هو طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها. ولتفسير وتفصيل هذا إليك ما يلي:
سيدتي: قبل أن أبدأ في تفصيل ما سبق أود أن تغمضي عينيك لمدة خمس دقائق فقط وتتخيلي المشهد التالي: أنك كنت طالبة محبوبة من أساتذتك للغاية؛ وذلك لتفوقك وتميزك الفريدين، لدرجة أن الأساتذة يجعلونك تنوبين عنهم عند غيابهم، وكل الطلبة يلجئون إليك عندما تقف أمامهم معضلة دراسية، فكنتِ - بكل المقاييس- محط أنظار واهتمام الجميع، ولكن فجأة ودون سابق إنذار فوجئت بأن طالبة جديدة قد وفدت إليكم متميزة متفردة وربما تفوقك، وقد بدأ الأساتذة يوزعون اهتمامهم بينكما ويشركونها معك في المهام المطلوبة منك؛ بل ويركزون عليها بحكم أنها جديدة ولا تعرف نظام الدراسة بشكل جيد، فأصبحوا ينفقون معها وقتا وجهدا واهتماما أكبر دون أدنى قصد لإيذاء مشاعرك. الآن افتحي عينيك واكتبي مشاعرك تجاه هذا الموقف وتجاه هذه الوافدة الجديدة.
عندما طلبت ذلك من الأمهات اللاتي كنت أدربهن على فهم طبيعة المرحلة العمرية في الطفولة المبكرة كتبن هذه المشاعر: "كنت سأشعر بالغضب الشديد ممن حولي وبتخليهم عني وسينخفض مستواي الدراسي. كنت سأشعر بالغيرة الشديدة من الوافدة الجديدة وأحاول الالتحاق بمجموعة دراسية أخرى. سأحاول عتاب أساتذتي وزملائي، وفي الغالب لن أستطيع، ولذا سأترجم هذا بأن أكون عدوانية عصبية معهم جميعا،..... إلخ". هذا بعض ما كتبه بعض الأمهات، وهذا بالضبط ما يشعر به ابنك محمد بعد وفود "مهند" إليكم حفظهما الله جميعا. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحل؟ وكيف نحد من الغيرة لتمر هذه المشاعر بسلام دون أن تترك أثرا نفسيا سيئا على كل من الولدين؟
1. القاعدة الأولى الذهبية في هذا الأمر: ألا أميز بينهما في الاهتمام وإظهار الحب، وربما تقولين: إنني بالفعل أقوم بذلك، وهذا أمر طيب ولكن الذكرى تنفع المؤمنين، إلى جانب أننا أحيانا -ودون أن نشعر- نفرق بين أبنائنا، وسأعطيك مثالا بسيطا؛ فعندما يبدأ الصغير في نطق كلمات جديدة أو يفعل شيئا جديدا يلتفت إليه الأبوان ويضحكان أو يهللان فرحا بما صدر من الصغير، بينما -أحيانا- لا يلتفتا لما يحدثه الكبير من أشياء جديدة، أو ربما ونحن نتحدث في الهاتف مع أحد الأصدقاء أو المعارف نتحدث عما يقوله أو يُحْدثه الصغير، وكم يتمتع بخفة ظل وحضور، وننسى أن نعلق على تصرفات الكبير بحكم أنه بدأ يعرف كل شيء، فلننتبه لمثل هذه الأمور الصغيرة فهي كبيرة عند أبنائنا.
2. دعي محمدا يعتمد على نفسه في الأشياء التي يستطيع فعلها ولا تحدي من استقلاليته.
3. اجعليه يشاركك في بعض الأمور التي تساعدين فيها الصغير؛ كأن تطلبين منه أن يناولك بعض ملابس أخيه؛ ليساعد أخاه في ارتداء ملابسه أو يعلمه لعبة جديدة تقومين أنتِ بشرحها لمحمد ليشرحها بدوره لأخيه.. وهكذا.
4. أن تشعريه بأننا كلما اعتمدنا على أنفسنا كان ذلك أفضل وأمثل، ولا يكون ذلك إلا إذا كبرنا؛ فالأكبر سنا يمكن أن يفعل أشياء كثيرة لا يعرفها الصغير، وذلك عن طريق تشجيعه كلما أتقن شيئا جديدا، مثل: (استخدامه فرشاة الأسنان أو تناوله الطعام أو ارتداء بعض ملابسه بمفرده)، كما يمكنك قياس طوله على فترات والثناء عليه عندما يقترب طوله من أشياء لم يكن متمكنا منها من قبل، مثل وصوله لمفتاح النور وتمكنه من إضاءة الحجرة، أو أن يناولكِ شيئا من على رف عال... وهكذا.
5. لا تقومي بدور المحامي لمهند، فلا تدافعي عنه أمام محمد، فهذا يزيد من غيرته بل وعدوانه عليه.
عندما تقومين بما سبق لن تعالجي موضوع الغيرة فقط؛ بل سيحد ذلك من عصبية محمد، خاصة مع النصائح التالية التي تتلخص في إيجاد وبناء علاقة إيجابية بين الآباء والأبناء يسودها الحب والعطف والرفق والحزم في آن واحد، والتي أنصح بها جميع الأمهات والآباء؛ لأن مثل هذه العلاقة الإيجابية من شأنها أن تعدل كثيرا من السلوكيات غير المرغوب فيها من الأبناء، وهذه النصائح هي:
صبرك على محمد وعدم عقابه سريعا على ما يفعل من أخطاء؛ بل يمكن تجاهل بعضها، على ألا تلتفتي إليه عندما يرتكب الخطأ. كما يجب ألا نقابل العصبية بعصبية مثلها، فعندما يقوم بضربك لا تضربيه، ولكن انظري إلى عينيه مباشرة بشكل حازم مع قولك له: إن هذا لا يصح، ثم اتركيه ولا تنتظري منه أن يعتذر لك، ولا تلحي عليه في ذلك؛ بل كل المطلوب منك إذا أتى ليتحدث معك أن تردي عليه كأن شيئا لم يكن، فإذا تكرر ضربه إياك فعليك أن تفعلي مثلما فعلت من قبل، فإذا تكرر وضِّحي له أنك لن تتحدثي إليه إلا إذا كف عن هذا السلوك، أما إذا ضرب أخاه فلا تتدخلي إلا إذا أذاه إيذاء بدنيا أو نفسيا شديدا؛ كأن يضع يده في عينيه مثلا أو يقوم بإغاظته، أما إذا لم يفعل ذلك فعليك ألا تلتفتي إلى ما يحدث بينهما، واتركي الصغير يتعامل مع الكبير ويدافع عن نفسه بطريقته، ولا تظني أنه لن يستطيع؛ بل ثقي أنه سيتمكن من ذلك إذا أعطي الفرصة ولا تتسرعي في التدخل.
ومن الأشياء التي تبني علاقة رائعة مع الأبناء أن نجد لهم وقتا للعب معهم وملاطفتهم، ولا تنتظري –سيدتي- نوم أحدهما لتلعبي مع الآخر؛ بل الأفضل أن تلعبي معهما في وقت واحد؛ حتى يشعر كل منهما أن هناك آخر له مكانته التي لا تقل عن أخيه، وله حضوره الذي لا بد أن يُرَاعى.
كما يمكن (أنت وزوجك) أن تقوما بالتنزه مع ولديكما بشكل دوري.
مع ملاحظة أنك إذا عدلت من سلوك محمد فسوف يتأثر مهند به ويقلده في سلوكياته الجديدة؛ فالطفل الأصغر يتأثر بالأخ الأكبر بصورة كبيرة -كما عرفت- وهو يتعلم من أخيه الأكبر أكثر مما يتعلم من والديه.
أما بالنسبة لنوم محمد بجوارك فيمكنك أن تبدئي في تدريبه على أن ينفصل عنك تدريجيا بالطريقة التالية:
1. انتظري حتى تقومي بتنفيذ ما سبق من نقاط، فإن ذلك تمهيد جيد للتدرج في نومه بمفرده.
2. قبل نومه وقبل وضعه في سريره احتضنيه هو وأخاه، واحكي لهما قصة لطيفة.
3. عندما تعززين كونه أصبح كبيرا، فاذكري له أن الكبير يستطيع النوم بمفرده، فإن سألك: "ولماذا تنامين أنت بجوار أبي؟" فقولي: " إنني أستطيع النوم بمفردي، وكذلك والدك، ولكننا ننام سويا لأننا زوجان" ولا تزيدي في الكلام عن هذا.
4. واستمري في هذه المحاولة معه، وبالطبع مع أخيه مهند، حتى يستطيع كل منهما أن ينام في سريره الخاص به.
أما عن النمو اللغوي لمهند، وأنه لا ينطق إلا كلمتين فهذا أمر طبيعي في مثل عمره ولا يُقْلق على الإطلاق طالما أنه يسمع ويفهم ما يقال له جيدا -كما اتضح ذلك من رسالتك- والمسألة مسألة وقت، فهو الآن يخزن كل ما يسمع ليفرزه فيما بعد.
نأتي لآخر نقطة في رسالتك عن تعليم محمد الإنجليزية، فإذا كنت تسألين عن استعداده للتعلم فيمكنك اختبار ذلك من خلال ذكر وتكرار بعض أسماء الأشياء من حوله (كرسي – ثلاجة – طعام – سرير... إلخ باللغة الإنجليزية)، ثم سؤاله عنها بعد ذلك، فإن عرف فاعلمي أن لديه استعداد طيب لتعلمها. أو أن تجعليه يشاهد بعض أفلام الكارتون أو الأغاني الناطقة بالإنجليزية، فإن رددها أو ردد بعضا منها فإنه يكون لديه الاستعداد لتعلمها، هذا من ناحية الاستعداد.
وأما عن الدراسات التي تحدثت عن أمر تعلم لغة ثانية غير اللغة الأم فقد تناقضت فيها النتائج تناقضا بيِّنا واضحا بين مؤيد ومعارض، خاصة في هذه السن المبكرة، وهناك العديد من الموضوعات التي طرحت على هذه الصفحة وغيرها من المواقع تحدثت عن أمر تعليم اللغة الثانية، ومن أهم ما نشر عن هذا الموضوع -من وجهة نظري- مقال بعنوان: كيف نجعل الطفل العربي أكثر ذكاء بقلم د/ سهير أحمد السكري (جامعة جورج تاون – واشنطن)، ومع الأسف النسخة التي بين يدي لا يوجد عليها اسم المجلة أو الجريدة التي نشرت بها، لكنك على أية حال يمكنك الحصول عليها إما من المكتبات العامة الخاصة بالاستعارة ففيها قسم الدوريات، أو من على موقع البحث جوجل على أن تكتبي اسم سهير أحمد السكري في خانة البحث، وسأذكر لك عبارة مما ذكرته الأستاذة سهير في هذا المقال تعارض فيها تعليم الطفل في هذه السن المبكرة لغة ثانية غير اللغة الأم: "أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن الطفل يركز طاقة هائلة في السنوات الأولى من عمره حتى الخامسة لإتقان اللغة، وهي من أهم وأصعب مهمة تواجه أي إنسان. وعلى هذا فإن الطفل إذا لم يتقن اللغة التي سيتكلم بها ويعبر بها عن نفسه في هذه الفترة فإنه لن يتعلمها بإتقان مهما حاول ذلك فيما بعد،... ولهذا فإن الطفل إذا لم يتعلم اللغة العربية الفصحى قبل سن الخامسة تضيع منه فرصته الذهبية هذه، وتتبدد طاقته الاستيعابية في تلك الفترة من عمره في تعليم العامية التي لن تجديه فتيلا؛ لا في التعبير عن نفسه كتابة ولا في مناقشة الموضوعات الجدية كلاما، ولا في دراسة العلوم والآداب والفنون. وهذا ما يفسر حالة ضعف التفكير والتعبير في كل المجالات، بما فيها المجال السياسي في جميع البلدان العربية بلا استثناء".
وأما عن معضلة كيف نحقق الهدفين معا؛ وهما جعل الطفل يواكب الجديد ولا يتم هذا إلا بتعلم لغة الحضارة والعلم والتقدم الحالي وهي الإنجليزية، وفي الوقت نفسه يتعلم لغته ويتقنها إتقانا تاما حفاظا على هويته وانتمائه وقبل ذلك دينه، فيمكن حل ذلك عن طريق أن نركز في تعليم الطفل اللغة العربية الفصحى في الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل، ثم يتعلم بعد بلوغه السادسة اللغة الأجنبية الثانية.
وأخيرا سيدتي: أدعو الله أن يرشدك للخير وما فيه النفع لك ولأسرتك، إنه سميع مجيب الدعوات، كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/270)
كيف نداوي جراح الغربة؟! ... العنوان
جزاكم الله خيرا على ما تنفعون به المسلمين؛ فكم استفدت كثيرا من المواضيع التي تتحدثون فيها، وكنت سعيدة حقيقة بما أنعم الله عليّ من معرفة موقعكم وقراءة كتاباتكم، وفي نجاحي تطبيقها الحمد لله؛ فقد رزقني بطفلة 5 سنوات وطفل 3 سنوات، بعد فترة من قدومنا من مصر إلى قطر.
المشكلة أن ابنتي كان استيعابها جيدا جدا، تحفظ كمًّا كبيرا من القرآن، تقرأ وتكتب وتحسب وتجيد التعامل مع الكمبيوتر، كانت تستجيب بشكل كبير جدا للتشجيع، ويأتي أسلوب الثواب والعقاب معها بنتائج مذهلة وفورية، لكن منذ قدومنا إلى قطر بدأ الوضع يتغير حتى انعكس تماما، وأصبحت لا يهمها شيء، وعندما أشجعها بأني سوف أكافئها بلعبة ترغب فيها أو حلوى تحبها تقول "وإيه يعني مش عوزاها"، وبدأ أخوها يقلدها، وأصبح لعبها عنيفا بدرجة ملحوظة، ليس هذا فقط بل أجدهما يستيقظان في أغلب الأيام لا يرغبان في الطعام، لا يرغبان في اللعب، أقضي معهما معظم اليوم في اللعب، نخترع لعبة جديدة وأشوقهما إليها، ولا يمر سوى 10 دقائق حتى تصبح "لعبة وحشة"، فأصاب أنا باليأس؛ حتى إذا خرجنا إلى الحديقة لا أجدهما متحمسين للعب، وبعد محايلة يذهبان للعب، وبعد نصف ساعة "خلاص زهقنا"، لكنهما لا يريدان العودة للبيت.
في الحقيقة حاولت أن أبحث عن السبب؛ فلربما لأننا نخرج إلى الحديقة ساعتين أو ثلاثا أسبوعيا، يلعبان بمفردهما أو مع أطفال غير مصريين يتفاهمون معهم بصعوبة؛ نتيجة اختلاف اللهجات، وربما لأننا نقضي باقي الأسبوع داخل شقة صغيرة، ولا نرى ضوء الشمس إلا من شباك صغير يطل على الشارع، وزياراتنا قليلة جدا، وبالرغم من ذلك أجد ابنتي تندمج مع أطفال من نزورهم، وكأنها كانت تشتهي شيئا وفجأة وجدته أمامها، وتستخدم الأسلوب نفسه الذي أستخدمه معهما لجذبهم إلى اللعب، وكأنها تقول لهم "علشان خاطري نلعب سوى"، حاولت بكل السبل أن أغير من زوجي الذي يرفض خروجنا مدة أطول؛ لأنه "مش فاضي"، أو أن نخرج من دونه مع صديقاتي الملتزمات ليلعب الأولاد معا؛ لأنه خائف علينا، أو أن ننتقل إلى بيت أوسع؛ لأنه أغلى، أو أن تلتحق ابنتي بالروضة؛ لأن مصاريف الروضة غالية، أو أن تلتحق بمركز تحفيظ قرآن؛ "لأنه مش فاضى يوصلها".
حاولت كثيرا جدا حتى وصلت إلى طريق مسدود، ولم أعد أنام من كثرة التفكير، اعتقدت أن ما ذكرته هو السبب؛ لهذا فكرت في العودة إلى مصر دونه طبعا، ودفع الضرر مقدم على جلب المنفعة؛ فهناك أهلي وأهل زوجي وجيراني وأقاربنا، ويمكن أن يلتحق أولادي بالروضة، لكني رجعت أفكر عندما وجدت أن هذه المشكلة يعاني منها معظم المصريين الموجودين هنا، بالرغم من أن منهم من يذهبون للروضة ومن يذهبون للمدرسة، لكنهم يكررون شكواي بالرغم من خروجهم أكثر من يوم في الأسبوع إلى الحدائق، لكنهم يخرجون وحدهم، وزياراتهم أيضا قليلة جدا؛ فهل يمكن أن أجد لديكم من حل في ظل ظروفي التي ذكرتها، أم أن عودتي إلى مصر هي الحل الوحيد لعودة ابنتي زهرة مشرقة؟
وأعتذر لأن استشارتي طويلة، فقط أردت توضيح الظروف، فأنا حقا متعبة، أتمنى أن تجيبوني سريعا؛ فعلى ضوء رأيكم الحكيم سوف أحدد وجهتي، والله المستعان، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة، لم أكد أقرأ من سطور سؤالك إلا كلمات معدودة، فشعرت أني أقرأ عن نفسي.. فقد مررت بنفس تجربتك من حوالي شهر واحد.. وربما أقل؛ ولذا فقد توقعت كل حرف أقرؤه من قبل أن أقرأه.. وحينما أتممت القراءة شعرت أن الكلمات تتقافز وتتسابق لتخرج إليك يا حبيبتي لتنتشلك من مشكلتك التي خضتها قبلك.
أختي الكريمة، إن الحل ليس وحيدا، ولا يكمن فقط في العودة لمصر؛ فالهروب ليس حلا، ولكن مواجهة مشكلتك هي الحل، وإن كانت عودتك لمصر قد تكون جزءا من هذا الحل، وتعالي معا نرتب خطة تعرضينها على صديقاتك اللاتي يكررن شكواك -كما كانت صديقاتي في المملكة السعودية من المغتربات يكررنها- فستعودين لمرافقة زوجك حتما، وبالتالي لا بد من تهيئة ظروف حياة سعيدة لك ولأولادك، وليس التأقلم مع الجو الموجود، ولتحمدي الله أنك في مجتمع يمكنك فيه الخروج وحدك والتنزه بأولادك هنا وهناك (ومشكلة خوف زوجك عليكم سنتعرض لها لاحقا ).. وإن الحياة يمكن إدارتها بغير إنهاك الزوج المنهك أساسا بأعباء العمل التي تختلف كثيرا عن ظروفكم في مصر التي كان بها من السعة ما يسمح بنمط مختلف من الحياة..
إن ابنتك وولدك قد تم انتزاعهما من بيئة ألِفَاها، وكانا يسعدان بالحياة فيها.. إلى جو مختلف، وهذا الاختلاف يقلل حتما من إمكانية الاستمتاع والانطلاق، وبالتالي يظل الحل هو التغلب على هذا الاختلاف:
أولا: لا بد من تنظيم اليوم.. فلأنكم تشعرون بالملل -وقد جربت ذلك- فأنتم تنامون لوقت متأخر وتستيقظون متأخرين.. وهذا السلوك يضيع بهجة اليوم وبهجة استقباله بفرحة، ويجعل الأولاد لا شهية لهم للطعام ولا الشراب ولا للبهجة ويجعلهم -وأنت معهم- في حالة مزاجية سيئة، وهذا ما استغربت أنه السلوك السائد بين صديقاتي في المملكة السعودية، وكأن الوقت عدو لهم يريدون قتله كي لا يقتلهم هو بمروره البطيء، وبالتالي فالخطوة الأولى للاستمتاع باليوم هي تنظيم الاستيقاظ والنوم في مواعيد مناسبة بلا إفراط في السهر أو النوم لوقت متأخر..
ثانيا: حين يستيقظ الأولاد يمكن إشراكهم في إعداد الإفطار بعد أن يغسلوا أسنانهم وأيديهم ويتوضئوا لصلاة الصبح في بهجة وسعادة تخلقينها بصوتك وسعادتك ومرحك في استقبالهم ودندنتك بأناشيد جميلة عن الصباح وجمال الشمس (هناك أغانٍ شهيرة لعفاف راضي للأطفال عن هذه الأمور مثل: اصحي يا دنيا... إلخ...). كما يمكنك أن يكون ذلك من خلال تشغيل مثل هذه الأغنيات البهيجة في الكاسيت حين استيقاظهم، ومن المؤكد أنك قد تكونين نسيت إحضار وجلب مثل هذه الأشياء من مصر، ولعلها تكون أحد أهداف رحلتك إلى مصر إن اتخذت القرار بالعودة. أو يمكنك البحث عما يؤدي دورها واستخدامها حيث تقيمين.
ثالثا: لا بد أن تجعلي حجرة أبنائك مكانا جميلا بهيجا.. اصنعوا زينة ملونة أو عرائس من ورق الكارتون الملون المقوي.. وألصقيها على الحوائط، وأشركيهما معك في تجميل حجرتهما.. واملئيها باللعب الجميلة والدببة والأرانب المصنوعة من الفرو، وهي ليست مكلفة وتعطي بهجة للمكان الذي توضع فيه؛ فزيني بها وسائدهما وأسرتهما وحول الأسرّة، واجعلي الحجرة حبيبة لهما.. ولا تقولي لهما إلا حجرتكما الجميلة: "اذهبي يا حبيبتي وأحضري لي كذا من حجرتك الجميلة".. وهكذا؛ فيترسخ في ذهنيهما أن حجرتهما جميلة ومحببة.
رابعا: القصص والتلوين والرسم بالرمل (وخاماته منتشرة جدا في المكتبات الخليجية وبأسعار زهيدة) والقصص ذات الكاسيت.. كلها من وسائل الاستمتاع بالوقت بشرط التجديد، فليس كل يوم يشبه سابقه.. بل كل يوم له نشاط مختلف عن سابقه.. فاليوم نرسم بالرمل الملون، وغدا نصنع مجسمات بالكارتون، وبعد غد نلون ونقرأ القصص ونمثلها.. وهكذا.
خامسا: احذري الاستسلام للتلفاز.. بل اجعلي بعض فقراته من أفلام الكارتون أو البرامج التي تختارينها بعناية من وسائل الترفيه اليومي، وتناقشي مع ابنتك فيما فهمته من برنامج "باص المدرسة العجيب" مثلا أو برنامج "عالم الصناعة"، أو غير ذلك من البرامج اللطيفة التي تشعرين أنها تستهوي ابنتك وتفيدها على قنوات الأطفال. وذلك بما لا يتعدى ساعتين يوميا متفرقة.
سادسا: لا بد من التفاوض مع الأب بشأن مسألة الخوف لتتخذي محاذيرك مما يخافه، وفي الوقت نفسه حاولي إقناعه بأن الخروج مع الصديقات ليلعب الأطفال معا سيفيدك ويفيدهما كثيرا.. وأنك ستتجنبين ما يخاف بالتماس كل وسائل الأمن الممكنة.
سابعا: نوعي النزهة الأسبوعية من الحديقة للملاهي لأماكن ترفيه متنوعة، وحاولي التنسيق مع إحدى الصديقات التي يتفق أبناؤها مع أبنائك لتتقابلا في هذا المكان، أو لتصطحبي أبناءها مع أبنائك في الرحلة في عطلة الأسبوع، وهكذا.
ثامنا: تخلصي من اليأس ومن الشعور بتسديد الأبواب.. أعلم أن هذا الشعور يداهمك رغما عنك كما كنت أشعر.. ولكن أين قوتك؟ أين ابتكاراتك؟ أين محاولاتك للتغيير والتجديد.. عساك تحملين مشعل التغيير بين أبناء الجالية كلها الذين يشتكون الملل ويستسلمون له.. والفارق أنك لن تستسلمي.. ستحاولين الانتصار وستنتصرين.. كما أظنني فعلت..
لقد استطعت بفضل الله في أقل من الشهر اكتشاف أماكن للترفيه (كنوادٍ مثلا) ومحال لبيع الكتب الرائعة المستعملة بأسعار مناسبة، ومحال لتأجير شرائط الفيديو التعليمية، وأماكن لتحفيظ القرآن لها وسائل للانتقال دون الحاجة لوجود سيارة خاصة.. وهو ما لم تكن تعلم عنه صديقات أمضين 7 سنوات رهينات الظروف التي تحيط بهن.. أرأيت؟ حين حاولت انتصرت وفي وقت قليل.. وكنت أدون كل ما ينقصني وأحتاجه.. فرأيت أني أحتاج قصصا ومنتجات معينة كالألعاب الخشبية لأولادي.. وغيرها مما وجدت الوقت يسمح به أكثر مما كنت مع أولادي في مصر، فدونتها لأشتريها عند عودتي وأرسل في طلبها.. وهذا ما أنصحك بفعله عند عودتك.. إن قررت العودة لتمضية الإجازة مثلا.. جمعي الكتب والقصص والألعاب والمكعبات ولواصق ملونة للحوائط بأشكال لطيفة وصورا تعلق على الحائط من اختيار أبنائك ليجملا بها حجرتهما هناك.. وهكذا..
وأشعريهما بأنك تحبين حياتكم الجديدة، وأنها تجربة سعيدة، وأن السعادة حيث يوجد "بابا وماما" معا في أي مكان؛ لأنهما هما اللذان يصنعان السعادة لأبنائهما، وهكذا.. واحذري من الشكوى أمامهما أو التذمر الذي يعديهما حتما.
تاسعا: أعتقد أن فرصة تغيير السكن في دول الخليج أيسر من مصر بكثير فيمكنك لاحقا تغيير محل السكن ليس بدار أوسع، ولكن مع جيران من أصدقائكم أو من أبناء الجالية أو غير ذلك ليسهل التواصل وصناعة مجتمع وعائلة جديدة في إطار نفس الميزانية التي تخصصانها للسكن.
عاشرا: الدعاء هو سلاحك الأكيد للانتصار مع كل ما سبق.. ادعي الله أن يجعل سفرك وأولادك خيرا لك ولهما في عاجل الأمر وآجله وأن يسعدكم به.. وادعيه سبحانه أن يرزق أبناءك بأخلاء كثر من المتقين، وأن يسعدهما حيثما وجدا.. ادعي وادعي والتمسي الأسباب ووافينا بالنتيجة.
حادي عشر: حاولي أن تخططي لإجازة الصيف بحيث تقضينها كل عام في بلدك، تملئين أبناءك فيها مرحا وأنشطة ورياضات وهوايات ونزهات.. فتعودي للعام الدراسي -الذي ستلتحق به ابنتك حتما من العام المقبل على الأقل- وقد شحنت الأولاد بالشحنة اللازمة لقضاء عام دراسي سعيد في نشاط ودون اختلاف كبير عما اعتادوا عليه في مصر.. لأن الاختلاف الذي تشعرين به يظهر جليا في أوقات العطلات لعدم وجود ما يملؤها بسعادة كما اعتدت. أما وقت الدراسة في كل مكان له ظروف موحدة تقريبا ما بين الواجبات المدرسية والدراسة نهارا، والأنشطة المدرسية والنوم مبكرا... إلخ. وبالتالي فعند التحاق ابنتك بالمدرسة ستختلف الأمور تماما.. لا تقلقي.
يسعدني جدا التواصل معك، ورصد ما يحدث على يديك من تغيير وانتصار على ظروف راكدة محكمة الغلق لا تتغير إلا بالعزيمة.. وأنا معك.. ونحن جميعا معك نعينك ونساعدك ونمدك بالأمل والأفكار والعزيمة..
وأنا في انتظار المزيد من متابعاتك، وأتمنى أن نتواصل كثيرا لنتبادل أفكارنا وتجاربنا معا بما لا تسمح به إجابة واحدة على استشارة.. وإلى لقاءات عدة إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ(104/271)
استثمار الطاقة لعلاج مشاكل المراهقة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أساتذتي الأفاضل.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أتمنى من الله تعالى أن يوفقكم للخير ويثبتكم عليه، خاصة مع تحملكم مسئولية صعبة في زمن صعب. مستعينة بالله أطرح عليكم مشكلة لدى أخي آخر العنقود الذي يبلغ من العمر 13 عامًا ويتمتع بطلاقة لسان وسرعة بديهة وسرعة حفظ وقوة شخصية -وإن كانت بدأت تضعف- هو متفوق في دراسته (لكن لا يذاكر إلا مع أمي لتعوديها له على ذلك، ولديه طاقة ونشاط زائد) وراثة عن العائلة كلها، عقله أكبر من حجمه، لديه حلول للمشاكل، يفكر في مستقبله، يمكن التحدث معه كما يتحدث مع الكبار تمامًا.. هذه أوصافه.
أما مشاكله فمتعددة:
1- بدأ بترك الصلاة فينزل إلى المسجد ثم يجلس مع أصحابه ويدخل في الركعة الأخيرة، ولم يكن يفعله قبل ذلك، كما لا بد أن يتأخر بعد الصلاة نصف ساعة مثلا، وقد عالج ذلك والدي بأخذه معه إلى المسجد في وجوده، وفي حال عدم وجوده يفعل ما يشاء.
2- بدأ بالكذب بصورة واثقة ومتكررة، ولم يكن يكذب أبدًا، وحاليًّا والدي لا يكلمه بسبب كذبه وهو متجاهل لذلك ولم يعتذر لوالدي وكأن الأمر لا يعنيه.
3- كان يحفظ 20 جزءا تفلتت منه وذهب لتحفيظ آخر يراجع فيه صفحتين فقط، ولم يتقدم أبدًا، وأصبح لا يهمه الأمر.
4- أولوياته في حياته: اللعب ثم اللعب ثم اللعب.
5- ليس لدينا تلفاز، لكننا سننزل مصر في الإجازة، وطبعًا يتردى حاله جدًّا (إدمان تلفاز - عدم صلاة)، حيث يجلس مع ابن خالتي الذي هو في عمره، والدتي تستخدم أسلوب النصح بالمحبة، وأيضًا والدي ويزيد عليه الحزم، أما أنا فلم ينشأ على احترام الكبير فلا يتعامل معي باحترام لكن يلبي لي طلباتي، وليس بيننا كلفة، لكنه لا يستجيب لأوامري أبدًا، ولا يريد المذاكرة أو مراجعة القرآن معي.
وجهوني أولا كيف أتعامل معه، خاصة أنهم يصفونني بالميل للشدة في الغالب. وكيف يتعامل والديّ مع الظواهر المستجدة له.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الأخت الكريمة، بارك الله فيك..
أولا أحييك على اهتمامك وحرصك على أخيك -آخر العنقود- فقلما يجود الزمان بمثلك في مثل وقتنا هذا.
أولا.. لا بد أن تعي -صديقتي- أن ما يصدر من أخيك من سلوكيات تتمثل في التمرد على الصلاة وعلى حفظ القرآن وعدم المبالاة بغضب أو ضيق الوالدين، والمبالغة في مشاهدة التلفاز والكذب ليتفادى العقاب، أو حتى ليتخلص من مواقف تجلب عليه التحقيق أو التصادم مع الوالدين.. كل ما سبق وكثير غيره من أهم سمات مرحلة المراهقة التي يمر بها أخوك.
وربما تتساءلين: ولماذا لم أمر بها أنا وإخوتي؟ فالإجابة تتضح في أمرين: أولهما أنكم ربما قد مررتم بهذه السمات ولكن بدرجة أقل، والأمر الثاني يتمثل في طبيعة شخصية أخيك نفسه؛ فهو يتمتع بشخصية متميزة وعلى قدر عال من القوة والاستقلالية، كما اتضح ذلك من رسالتك.
وما يحتاجه المراهق في هذه المرحلة:
سلطة ضابطة، وهي متمثلة ولله الحمد في والدك -حفظه الله- فأخوك يحتاج إلى حزم وحب شديدين واستيعاب لمشاعره وأفكاره وتقلباته في الفترة الحالية وهذا دور رئيسي للأب.
أن يستمر كل من والديك في أسلوبهما الرائع في طريقة توجيهه؛ فالأم تنصح بالمحبة -كما ذكرت- على ألا تكون جرعات النصائح كثيرة أو متكررة بشكل يجلب له الملل أو يجرئه على التطاول فيما بعد، وكذلك يستمر والدك في النصح اللطيف مع الحزم، كذلك يحتاج المراهق أن تُستثمر طاقاته بشكل عام وأخوك بشكل خاص لتميزه بالنشاط الزائد؛ ولذا يمكن أن يساعد والدك في بعض المهام التي يكلف بها الولد والتي لها صلة بمهنته إن كانت طبيعة تسمح بذلك، وهذه الطريقة فعَّالة، فلي صديقة يعمل زوجها مهندسًا بالسعودية يأخذ ابنه منذ أن بلغ العاشرة من عمره بموقع عمله ويجعله يقوم بمهام متعددة، منها نسخ الرسومات وتسجيل أسماء العاملين في أي مشروع، بل والعمل مع البنائين... وهذا جعله -عمره الآن 15 سنة- يتصرف وكأنه مهندس بالفعل، بل ويُطلق عليه الآن "الباشمهندس".
أما عن الصلاة فلا داعي للقلق بشأن مراوغته فيها؛ فوالدك تصرف التصرف السليم معه حيث بدأ يأخذه معه للمسجد، وأما إذا لم يتمكن في بعض الأوقات من مصاحبته بالمسجد فلا داعي إطلاقًا لسؤاله عما إذا صلى أو لا؛ لأن هذا السؤال يدعوه للكذب، لكن يمكن تذكيره بعدم إلحاح بأنه قد حان وقت صلاة كذا، أو تذكرين أمامه أو تذكر والدتك أو أحد من إخوته أنه سيذهب ليصلي.
وأما عن أمر حفظ القرآن فدعي والدك يعالج هذا الأمر بطريقته، ويمكن أن يستعين الوالد بهذا الاقتراح:
أن يخبر أخاك أنه سيقوم بتسميع الجزء الذي حفظه بعد عودته من مدرسة القرآن أو المسجد الذي يحفظ فيه في يوم يتفقان عليه في الأسبوع، وأما باقي الأيام فيمكن أن تقومي أنت مثلا أو والدتك بتشغيل التسجيل على السورة أو الجزء الذي يراجعه، وكأنك تودين أنت سماع هذا الجزء دون إجباره أو حتى إخباره بأن يركز فيه.
وإذا تملص من والدك فلا داعي لإجباره بل يحاول أن يشجعه ويحفزه، وكلما أنجز حفظ جزء مثلا أو مراجعته يهديه هدية يرغب فيها أخوك دون وعد مسبق بذلك. وأما إذا توقف تمامًا عن الحفظ ولم يَعُد يهتم بالهدايا أو المكافآت فيمكن أن تستمروا على تشغيل شرائط القرآن بالأجزاء المطلوب حفظها أو مراجعتها.
يمكن إلحاقه بأحد مراكز تحفيظ القرآن التي بها أنشطة متعددة خاصة النشاط الرياضي حتى لا يمل من الحفظ فقط، وحتى تستوعب هذه الأنشطة جزءاً من نشاطه الزائد وهذه المراكز متعددة وكثيرة بالسعودية.
كما لا بد أن تتخلي عن الشدة والأوامر الكثيرة له، وخاصة في وقت لعبه فهذه المرحلة لا تحتاج لمثل هذا النوع من التعامل إلى جانب أن هذا الأسلوب سيجعله يتجرأ ويتطاول عليك فيما بعد؛ ولذا أرجو القراءة كثيرًا عن طبيعة هذه المرحلة.
نأتي لموضوع التلفاز ومشكلة قضاء الإجازة بمصر، أظن أن كثيرًا من الأسر عندما تنزل في إجازة فهي تقريبًا تقضيها في المجاملات والالتزامات العائلية وقضاء بعض المصالح، ويمكن استثمار ذلك مع أخيك، والمقترح أن:
يشغله الوالد بكثير من "المشاوير" وقضاء المصالح معه أو بدلاً منه إن أمكن، أو حتى يفتعل بعضها إذا لم تكن موجودة.
يمكنك ترتيب برنامج للرحلات في كثير من الأماكن السياحية والأثرية -وما أكثرها بمصر- بحيث يشغل عن التلفاز أكبر وقت ممكن، وإن جلس لمشاهدته فيمكن ألا يترك هو وابن خالتك فترة طويلة، بل يمكن جذب ابن الخالة هذا معكم في البرنامج السياحي، كما يمكن أن تقوموا بعمل نموذج هندسي مصغر للمكان الذي قمتم بزيارته بعد عودتكم منه.
وأما بالنسبة لدورك معه وما يمكن أن يقوم به أخوك من أعمال ومهام تستوعب نشاطه فيتوقف هذا على الرد على الاستفسارات التي أوردتها بأول الرسالة.
وأخيرًا لك كل التقدير وخالص الدعوات، وإلى الملتقى قريبًا إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ(104/272)
أخصائي التخاطب لعلاج التأتأة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابني تميم عمره أربع سنوات، نشيط جدًّا وحركي وله قدرة على الحفظ جيدة أنجبته في بريطانيا قبل موعد ولادته المحددة بحوالي سبعة أسابيع، وكان نموه جيد جدًا، وقد تأخر في النطق حتى السنة الثانية.
والآن وهو في الرابعة يتلعثم في الكلام ويكرر الكلمة أحيانًا أربع وست مرات قبل أن ينطقها لم يكن كذلك إلا في الآونة الأخيرة، وأنا أقيم مع أبنائي (تميم، ونزار- وعمره سنتان) في بيت العائلة، وقد لاحظت تحيزهم مع ابني الصغير؛ لأنه هادئ ومحبوب.
وأنا أحاول أن أقرأ في المواضيع التي تخص التلعثم عند الأطفال لأخفف من أسبابها لكن دون جدوى، كما لاحظت عليه شدة حساسيته وضعف التركيز حين أناديه، مثال: عندما أقول له أعطني الوسادة وتكون بجانبه، فيسألني أين هي بعكس أخيه الأصغر فإنه يكون سريع الاستجابة.
أما سمعه فهو جيد جدًّا وإن كان دائمًا يشكو من تضخم اللوزتين، ورغم إدراكي أن هذا التلعثم لن يستمر معه إن شاء الله فإنني خائفة عليه مما يسمونه التوحد؛ فأرجو نصحي بما ترونه مناسبًا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أصنف مواضيع رسالتك إلى فقرات للتركيز حول كل فقرة على حدة:
- ولادة الطفل قبل موعده قد تكون سببًا في عدد من المشاكل المستقبلية مثل التأخر في الكلام.
- يمر عدد كبير من الأطفال بمرحلة نطلق عليها عدم طلاقة - وليس تأتأة ويكون السبب فيها أن الطفل يمر بمرحلة حرجة من اكتساب عدد من المهارات في وقت واحد، فيمكن أن يحدث عنده تكرار لبعض الأصوات أو المقاطع أثناء الكلام.
ولكن نسبة كبيرة من الأطفال تتجاوز هذه المرحلة بسلام إذا أحسن الوالدان التعامل مع الطفل مثل: عدم لفت انتباهه للمشكلة، وإعطائه الوقت الكافي ليكمل كلامه بدون إكمال الكلمات عنه، وعدم الحديث عن هذه المظاهر مع الآخرين أمام الطفل، وعدم إظهار الحزن والامتعاض لما يمر به.
- الأفضل استشارة أخصائي نطق ولغة أو تخاطب ليقدم لكم عددا من الإرشادات بعد رؤية الولد.
- عدم مقارنة الولد بأخيه والتأكد من أن هناك فروقا فردية بين الناس جميعًا وليس بالضرورة أن يكون جميع الأطفال مثل بعضهم.
- عدم التركيز مظهر عادي في مثل عمر طفلك، ويمكن أن يكون أيضًا من الفروق الفردية بين طفل وآخر، ويمكن استشارة أخصائي التخاطب للتأكد من مظاهر الانتباه والتركيز واللغة الاستقبالية والتعبيرية للطفل.
- لم ألاحظ أي شيء في رسالتك يبدو كأنه من أعراض التوحد، واستغربت ربطك بين عدم التركيز والتوحد؟ ولا أدري من أين حصل لديك هذا الربط؟ أم أن هناك مظاهر أخرى لم تورديها في الرسالة.
وعلى كل حال، لمزيد من التأكد أرى ضرورة استشارة أخصائي تخاطب، والله معك.
ـــــــــــــــــ(104/273)
إستراتيجيات التركيز والانتباه (متابعة) ... العنوان
الأستاذة الفاضلة/ عزة تهامي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اعلم يا سيدتي أنني تأخرت بالمتابعة مع سيادتكم بخصوص ابني محمد، ولكن هذا لظروف خارجة عن إرادتي. أود أن أوضح أن محمدا الحمد لله بدأ في تهذيب سلوكه نوعا ما، ولكني حاليا أواجه مشكلة مهمة بالنسبة لي وكذلك بالنسبة لأي أم تريد أن تجعل أولادها أحسن الناس، وذلك بإذن الله وتوجيه سيادتكم لما فيه الخير لأبنائنا جميعا. والمشكلة يا سيدتي التي تؤرقني قليلا أن محمدا قد أنهى -والحمد لله- هذه السنة الدراسية بنجاح، ولكن بعد مشقة خلال العام الدراسي كما تعلمون سيادتكم عن الأولاد في هذه المرحلة. ولا أخفى على سيادتكم أنه بالكاد قام بمراجعة دروسه قبل الامتحان ببضعة أيام فقط، ولكن الحمد لله لقد عاد قلقي هذه السنة يرتكز على ماذا سيفعل محمد في السنة الدراسة القادمة. وللعلم لقد نفذت تعليمات سيادتكم جيدا، كما أحيطكم علما بأن محمدا لا يميل مطلقا للمذاكرة، وذلك لعدة أسباب، منها:
1- كان يأتي كل يوم ومعه كم من الواجبات عندما تنتهي لا يسمع غير كلمة واحدة اذهب لتنام لأن الساعة تأخرت، ولا بد أن تصحو مبكرا.
2- تضييع الوقت، والمعاناة معه لإنهاء الواجبات. واكتشفت -يا سيدتي- أنه يريد أن يعمل الواجب في الوقت المتبقي من يومه بسرعة ويذهب للنوم؛ وبذلك لا نستطيع أن نراجع مثلا الواجبات أو حفظ أو حل تمارين إضافية. وكان يفعل هذا يوميا، والله يعلم -يا سيدتي- كم عانيت معه، وحاولت معه مرارا وتكرارا؛ مرة باللين ومرة أخرى بالغضب منه لكن بدون ضرب. والسؤال الآن؟ أولا: كيف أجعله يقدم على السنة القادمة -إن شاء الله- ومعه معلومات حتى ولو بسيطة لكي يبدأ بها السنة الدراسية الجديدة، وهو -إن شاء الله- سيكون في الصف الثالث الابتدائي، وهل ما أود فعله صحيح؟ وإذا كان ذلك ممكنا، فهل أقوم بذلك بعد شهر، بحيث يكون قد أخذ راحة من أيام الدراسة؟ ولا أخفى عليك؛ لقد بحثت كثيرا بالفعل عن كتب خاصة بالصف الثالث الابتدائي ومعي بعض منها، فكيف أبدأ؟ أشكر لسيادتكم المجهود الرائع لإفادة جميع الأمهات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام -سيدتي- ورحمة الله وبركاته..
سعدنا برسالتك، ويشرفني الرد عليها، ونسأل الله العظيم أن يعيننا على أداء هذه الأمانة التي تنوء بها الجبال.
أما عن استشارتك فتتبلور في النقاط التالية:
1. عناد وعصبية محمد التي تتمثل في صراخه وضربه لأخيه الأصغر وضربه إياك.
2. عدم نومه إلا بجوارك.
3. تأثر أخيه الأصغر مهند بما يفعله أخوه ويقلده.
4. عدم نطق مهند إلا بكلمتين.
5. متى تبدئين تعليم محمد الإنجليزية.
ولنبدأ الآن في تناول النقاط السابقة الواحدة تلو الأخرى..
بالنسبة لعناد محمد وعصبيته فلهما سببان؛ أولهما غيرته من أخيه الأصغر حتى ولو لم تفرقي أو تميزي الصغير عليه في التعامل؛ لأن الغيرة شعور طبيعي في هذه المرحلة، والأمر الثاني الذي يجعل محمدا عنيدا هو طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها. ولتفسير وتفصيل هذا إليك ما يلي:
سيدتي: قبل أن أبدأ في تفصيل ما سبق أود أن تغمضي عينيك لمدة خمس دقائق فقط وتتخيلي المشهد التالي: أنك كنت طالبة محبوبة من أساتذتك للغاية؛ وذلك لتفوقك وتميزك الفريدين، لدرجة أن الأساتذة يجعلونك تنوبين عنهم عند غيابهم، وكل الطلبة يلجئون إليك عندما تقف أمامهم معضلة دراسية، فكنتِ - بكل المقاييس- محط أنظار واهتمام الجميع، ولكن فجأة ودون سابق إنذار فوجئت بأن طالبة جديدة قد وفدت إليكم متميزة متفردة وربما تفوقك، وقد بدأ الأساتذة يوزعون اهتمامهم بينكما ويشركونها معك في المهام المطلوبة منك؛ بل ويركزون عليها بحكم أنها جديدة ولا تعرف نظام الدراسة بشكل جيد، فأصبحوا ينفقون معها وقتا وجهدا واهتماما أكبر دون أدنى قصد لإيذاء مشاعرك. الآن افتحي عينيك واكتبي مشاعرك تجاه هذا الموقف وتجاه هذه الوافدة الجديدة.
عندما طلبت ذلك من الأمهات اللاتي كنت أدربهن على فهم طبيعة المرحلة العمرية في الطفولة المبكرة كتبن هذه المشاعر: "كنت سأشعر بالغضب الشديد ممن حولي وبتخليهم عني وسينخفض مستواي الدراسي. كنت سأشعر بالغيرة الشديدة من الوافدة الجديدة وأحاول الالتحاق بمجموعة دراسية أخرى. سأحاول عتاب أساتذتي وزملائي، وفي الغالب لن أستطيع، ولذا سأترجم هذا بأن أكون عدوانية عصبية معهم جميعا،..... إلخ". هذا بعض ما كتبه بعض الأمهات، وهذا بالضبط ما يشعر به ابنك محمد بعد وفود "مهند" إليكم حفظهما الله جميعا. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحل؟ وكيف نحد من الغيرة لتمر هذه المشاعر بسلام دون أن تترك أثرا نفسيا سيئا على كل من الولدين؟
1. القاعدة الأولى الذهبية في هذا الأمر: ألا أميز بينهما في الاهتمام وإظهار الحب، وربما تقولين: إنني بالفعل أقوم بذلك، وهذا أمر طيب ولكن الذكرى تنفع المؤمنين، إلى جانب أننا أحيانا -ودون أن نشعر- نفرق بين أبنائنا، وسأعطيك مثالا بسيطا؛ فعندما يبدأ الصغير في نطق كلمات جديدة أو يفعل شيئا جديدا يلتفت إليه الأبوان ويضحكان أو يهللان فرحا بما صدر من الصغير، بينما -أحيانا- لا يلتفتا لما يحدثه الكبير من أشياء جديدة، أو ربما ونحن نتحدث في الهاتف مع أحد الأصدقاء أو المعارف نتحدث عما يقوله أو يُحْدثه الصغير، وكم يتمتع بخفة ظل وحضور، وننسى أن نعلق على تصرفات الكبير بحكم أنه بدأ يعرف كل شيء، فلننتبه لمثل هذه الأمور الصغيرة فهي كبيرة عند أبنائنا.
2. دعي محمدا يعتمد على نفسه في الأشياء التي يستطيع فعلها ولا تحدي من استقلاليته.
3. اجعليه يشاركك في بعض الأمور التي تساعدين فيها الصغير؛ كأن تطلبين منه أن يناولك بعض ملابس أخيه؛ ليساعد أخاه في ارتداء ملابسه أو يعلمه لعبة جديدة تقومين أنتِ بشرحها لمحمد ليشرحها بدوره لأخيه.. وهكذا.
4. أن تشعريه بأننا كلما اعتمدنا على أنفسنا كان ذلك أفضل وأمثل، ولا يكون ذلك إلا إذا كبرنا؛ فالأكبر سنا يمكن أن يفعل أشياء كثيرة لا يعرفها الصغير، وذلك عن طريق تشجيعه كلما أتقن شيئا جديدا، مثل: (استخدامه فرشاة الأسنان أو تناوله الطعام أو ارتداء بعض ملابسه بمفرده)، كما يمكنك قياس طوله على فترات والثناء عليه عندما يقترب طوله من أشياء لم يكن متمكنا منها من قبل، مثل وصوله لمفتاح النور وتمكنه من إضاءة الحجرة، أو أن يناولكِ شيئا من على رف عال... وهكذا.
5. لا تقومي بدور المحامي لمهند، فلا تدافعي عنه أمام محمد، فهذا يزيد من غيرته بل وعدوانه عليه.
عندما تقومين بما سبق لن تعالجي موضوع الغيرة فقط؛ بل سيحد ذلك من عصبية محمد، خاصة مع النصائح التالية التي تتلخص في إيجاد وبناء علاقة إيجابية بين الآباء والأبناء يسودها الحب والعطف والرفق والحزم في آن واحد، والتي أنصح بها جميع الأمهات والآباء؛ لأن مثل هذه العلاقة الإيجابية من شأنها أن تعدل كثيرا من السلوكيات غير المرغوب فيها من الأبناء، وهذه النصائح هي:
صبرك على محمد وعدم عقابه سريعا على ما يفعل من أخطاء؛ بل يمكن تجاهل بعضها، على ألا تلتفتي إليه عندما يرتكب الخطأ. كما يجب ألا نقابل العصبية بعصبية مثلها، فعندما يقوم بضربك لا تضربيه، ولكن انظري إلى عينيه مباشرة بشكل حازم مع قولك له: إن هذا لا يصح، ثم اتركيه ولا تنتظري منه أن يعتذر لك، ولا تلحي عليه في ذلك؛ بل كل المطلوب منك إذا أتى ليتحدث معك أن تردي عليه كأن شيئا لم يكن، فإذا تكرر ضربه إياك فعليك أن تفعلي مثلما فعلت من قبل، فإذا تكرر وضِّحي له أنك لن تتحدثي إليه إلا إذا كف عن هذا السلوك، أما إذا ضرب أخاه فلا تتدخلي إلا إذا أذاه إيذاء بدنيا أو نفسيا شديدا؛ كأن يضع يده في عينيه مثلا أو يقوم بإغاظته، أما إذا لم يفعل ذلك فعليك ألا تلتفتي إلى ما يحدث بينهما، واتركي الصغير يتعامل مع الكبير ويدافع عن نفسه بطريقته، ولا تظني أنه لن يستطيع؛ بل ثقي أنه سيتمكن من ذلك إذا أعطي الفرصة ولا تتسرعي في التدخل.
ومن الأشياء التي تبني علاقة رائعة مع الأبناء أن نجد لهم وقتا للعب معهم وملاطفتهم، ولا تنتظري –سيدتي- نوم أحدهما لتلعبي مع الآخر؛ بل الأفضل أن تلعبي معهما في وقت واحد؛ حتى يشعر كل منهما أن هناك آخر له مكانته التي لا تقل عن أخيه، وله حضوره الذي لا بد أن يُرَاعى.
كما يمكن (أنت وزوجك) أن تقوما بالتنزه مع ولديكما بشكل دوري.
مع ملاحظة أنك إذا عدلت من سلوك محمد فسوف يتأثر مهند به ويقلده في سلوكياته الجديدة؛ فالطفل الأصغر يتأثر بالأخ الأكبر بصورة كبيرة -كما عرفت- وهو يتعلم من أخيه الأكبر أكثر مما يتعلم من والديه.
أما بالنسبة لنوم محمد بجوارك فيمكنك أن تبدئي في تدريبه على أن ينفصل عنك تدريجيا بالطريقة التالية:
1. انتظري حتى تقومي بتنفيذ ما سبق من نقاط، فإن ذلك تمهيد جيد للتدرج في نومه بمفرده.
2. قبل نومه وقبل وضعه في سريره احتضنيه هو وأخاه، واحكي لهما قصة لطيفة.
3. عندما تعززين كونه أصبح كبيرا، فاذكري له أن الكبير يستطيع النوم بمفرده، فإن سألك: "ولماذا تنامين أنت بجوار أبي؟" فقولي: " إنني أستطيع النوم بمفردي، وكذلك والدك، ولكننا ننام سويا لأننا زوجان" ولا تزيدي في الكلام عن هذا.
4. واستمري في هذه المحاولة معه، وبالطبع مع أخيه مهند، حتى يستطيع كل منهما أن ينام في سريره الخاص به.
أما عن النمو اللغوي لمهند، وأنه لا ينطق إلا كلمتين فهذا أمر طبيعي في مثل عمره ولا يُقْلق على الإطلاق طالما أنه يسمع ويفهم ما يقال له جيدا -كما اتضح ذلك من رسالتك- والمسألة مسألة وقت، فهو الآن يخزن كل ما يسمع ليفرزه فيما بعد.
نأتي لآخر نقطة في رسالتك عن تعليم محمد الإنجليزية، فإذا كنت تسألين عن استعداده للتعلم فيمكنك اختبار ذلك من خلال ذكر وتكرار بعض أسماء الأشياء من حوله (كرسي – ثلاجة – طعام – سرير... إلخ باللغة الإنجليزية)، ثم سؤاله عنها بعد ذلك، فإن عرف فاعلمي أن لديه استعداد طيب لتعلمها. أو أن تجعليه يشاهد بعض أفلام الكارتون أو الأغاني الناطقة بالإنجليزية، فإن رددها أو ردد بعضا منها فإنه يكون لديه الاستعداد لتعلمها، هذا من ناحية الاستعداد.
وأما عن الدراسات التي تحدثت عن أمر تعلم لغة ثانية غير اللغة الأم فقد تناقضت فيها النتائج تناقضا بيِّنا واضحا بين مؤيد ومعارض، خاصة في هذه السن المبكرة، وهناك العديد من الموضوعات التي طرحت على هذه الصفحة وغيرها من المواقع تحدثت عن أمر تعليم اللغة الثانية، ومن أهم ما نشر عن هذا الموضوع -من وجهة نظري- مقال بعنوان: كيف نجعل الطفل العربي أكثر ذكاء بقلم د/ سهير أحمد السكري (جامعة جورج تاون – واشنطن)، ومع الأسف النسخة التي بين يدي لا يوجد عليها اسم المجلة أو الجريدة التي نشرت بها، لكنك على أية حال يمكنك الحصول عليها إما من المكتبات العامة الخاصة بالاستعارة ففيها قسم الدوريات، أو من على موقع البحث جوجل على أن تكتبي اسم سهير أحمد السكري في خانة البحث، وسأذكر لك عبارة مما ذكرته الأستاذة سهير في هذا المقال تعارض فيها تعليم الطفل في هذه السن المبكرة لغة ثانية غير اللغة الأم: "أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن الطفل يركز طاقة هائلة في السنوات الأولى من عمره حتى الخامسة لإتقان اللغة، وهي من أهم وأصعب مهمة تواجه أي إنسان. وعلى هذا فإن الطفل إذا لم يتقن اللغة التي سيتكلم بها ويعبر بها عن نفسه في هذه الفترة فإنه لن يتعلمها بإتقان مهما حاول ذلك فيما بعد،... ولهذا فإن الطفل إذا لم يتعلم اللغة العربية الفصحى قبل سن الخامسة تضيع منه فرصته الذهبية هذه، وتتبدد طاقته الاستيعابية في تلك الفترة من عمره في تعليم العامية التي لن تجديه فتيلا؛ لا في التعبير عن نفسه كتابة ولا في مناقشة الموضوعات الجدية كلاما، ولا في دراسة العلوم والآداب والفنون. وهذا ما يفسر حالة ضعف التفكير والتعبير في كل المجالات، بما فيها المجال السياسي في جميع البلدان العربية بلا استثناء".
وأما عن معضلة كيف نحقق الهدفين معا؛ وهما جعل الطفل يواكب الجديد ولا يتم هذا إلا بتعلم لغة الحضارة والعلم والتقدم الحالي وهي الإنجليزية، وفي الوقت نفسه يتعلم لغته ويتقنها إتقانا تاما حفاظا على هويته وانتمائه وقبل ذلك دينه، فيمكن حل ذلك عن طريق أن نركز في تعليم الطفل اللغة العربية الفصحى في الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل، ثم يتعلم بعد بلوغه السادسة اللغة الأجنبية الثانية.
وأخيرا سيدتي: أدعو الله أن يرشدك للخير وما فيه النفع لك ولأسرتك، إنه سميع مجيب الدعوات، كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/274)
فصل منام طفلك.. خطوات عملية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله عنا خيرا؛ فأنتم تساعدوننا كثيرا في تربية أبنائنا، ابنتي حبيبة تبلغ 14 شهرا وهي الأخت الثانية لباسل الذي يبلغ 4 سنوات ونصفا، ونحن الآن في انتظار مولود جديد إن شاء الله؛ حيث الأم حامل في الشهر الخامس، ولقد اضطررننا إلى فطام حبيبة الآن (مع العلم أن الفطام والحمد لله كان بشكل تدريجي)، ولكن هي كثيرة التعلق بأمها خصوصا عند النوم، وأيضا باسل أصبح كذلك بعد أن كان ينام بجواري أصبح يطلب من أمه أن تنام معه هو الآخر، وهذه الحالة كانت قد جاءته بعض الشيء بعد ولادة حبيبة، ولكني لا أتذكر متى بالضبط.
ولأن المنزل عندنا به غرفتا نوم فقط فأنام بجوار باسل، وحبيبة بجوار أمها، ولكن بعد أن عرفنا بالحمل أردت أن أساعد الأم في الفطام (لأنها بصراحة مجهدة جدا من سهر حبيبة وطلباتها، ومن باسل وذهابه إلى المدرسة، والعودة به بسيرتنا الخاصة، ثم عمل واجباته المنزلية)؛ فكنت أنام بجوار حبيبة لأنها تستيقظ كثير بالليل فأحملها وأحاول أن أطعمها أو أسقيها ثم تنام... وهكذا.
فهل هناك طريقة معينة تقترحونها علينا حتى تسير الحياة أكثر هدوءًا، وحتى نستطيع استقبال الطفل الجديدة في جو من الحب والراحة لكل الأطراف، خصوصا الصغار. فأنا كنت تحدثت قبل ذلك عن باسل ومشاكله ومحاولة حلها، وجزاكم الله خيرا.
هو أيضا أصبح أكثر عنفا وغير مطيع بشكل مستفز، خصوصا لأمه لأنها مضغوطة. ولكن المدرِّسة في المدرسة أيضا قالت: إنه بعد أن تحسن سلوكه أصبح أيضا عنيفا ومهملا بعد أن تحسن سلوكه، وكان مستواه جيدا معها.
أما أنا فأتبع معه أسلوب العقاب بالحرمان مثلا من اللعب على الكمبيوتر أو عدم أخذه معي في أماكن معينة أو الخصام (عندما أقول إني مخاصمك يقول: إيه يعني هكلم ماما، ولكن بعد فترة من الوقت أو في اليوم التالي يحاول أن يكلمني ويطلب من أمه أن أصالحه وأنا أرفض لمدة يوم آخر مثلا، وأحيانا عندما يكون سبب الخصام تكرارا لخطأ معين مع والدته، وأنا أكون قد حذرته منها، فأطلب من والدته أن تخاصمه هو الآخر؛ فهل هذا صواب أم ماذا؟)، ونادرًا ما أستخدم الضرب في الآخر. ووالدته أحيانا تقول له: "يعني أنت بتسمع كلام بابا وأنا لا، ماشى يا باسل هتشوف بقى أنا هعمل فيك إيه بعد كده لو ماسمعتش كلامي".. فهل هذا صحيح أم هناك طريقة أخرى؟
وجزاكم الله خيرا، وأرجو التوضيح بشيء من التفصيل حتى يتسنى لي التطبيق.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا سيدي الفاضل، بارك الله لك في أسرتك الصغيرة، وأعانك على تربية أبنائك كما تحب وتتمنى.
اسمح لي أولا وقبل أن نناقش مشاكل الأولاد أن نناقش مشكلتك أنت ووالدتهم أولا.. رغم أنك لم تذكر أي مشاكل بينكم في استشارتك وهذا أبلغ دليل على عدم شعوركم بها..
يا سيدي من قال: إن وجود الأطفال والاهتمام بهم ورعايتهم يحرم الوالدين من حقهم الطبيعي في أن الاستقرار في غرفتهم والاستقلال بها بما يناسب زوجين في بداية حياتهم الزوجية.. إن الاهتمام بالأبناء وإعطاءهم الرعاية والحنان يتم من خلال أسرة طبيعية يحتفظ فيها الوالدان بحقهما الطبيعي في التواصل والتقارب.. أنا لا أتحدث عن العلاقة الخاصة فقط مع أهميتها القصوى ولكني أتحدث عن التواصل الإنساني والعاطفي والوجداني وحتى الفكري والثقافي بين زوجين يقضي كل منهما يوما طويلا مجهدا ومرهقا، ويكون في أشد الاحتياج إلى اللمسة الحانية والحضن الدافئ والحديث الباسم والدعابات المرحة... إن التواصل الإنساني والعاطفي والجسدي بين الزوجين لا يمكن أن يتم وكل من الزوجين ينام في غرفة منفصلة، والأدهى من ذلك أن يتم ذلك كله تحت شعار العناية بالأبناء..
من قال: إن مجيء الأطفال يحولكما من زوج وزوجة إلى أب وأم فقط، خاصة أن هذا ليس في مصلحة الأبناء في شيء؟ إن الأولاد يجب أن يتعلموا أن لكل شيء قواعد ونظاما.. فالأب والأم لهما غرفتهما وخصوصياتهما، والأبناء لهم غرفتهم، والنوم له نظام ومكان ومواعيد، والطعام له نظام ومكان ومواعيد، وهكذا يتربى الأطفال، وينشئوا على احترام النظام في كل شيء، وهذا يبدأ من السنة الأولى في عمر الطفل، ولكن حالة الفوضى العارمة، وتغيير النظام كل يوم إذا اعتادها الطفل من صغره يكون من الصعب إصلاحها في الكبر.
إننا نعاني اليوم من مشكلة صنعناها بأنفسنا دون أن نقصد.. فالطفل يحتاج إلى النوم بجوار أمه في شهوره الأولى لاحتياجه للرعاية المتواصلة والرضاعة بصورة مكثفة، ولكن مع نمو الطفل واستقرار نومه إلى حد ما وقلة معدل الرضاعة يحتاج الطفل مع اقترابه من عامه الأول إلى أن ينام في سرير منفصل في غرفة منفصلة، وهذا مهم جدا للأم وللطفل؛ فالأم تحتاج إلى الاستقلال في سريرها والنوم بصورة مريحة لتتمكن من مواصلة نشاطها اليومي؛ لأن نوم الطفل بجوار أمه يجعلها قلقة طوال الليل، وتستيقظ لأقل حركة تصدر عن طفلها، كما أنها تتخذ أوضاعا غير مريحة في النوم تجعلها تستيقظ بآلام في كل جسدها، وكذلك الطفل أقل حركة أو تقلبا للأم تجعله يستيقظ، وما دام وجد أمه بجواره تلقائيا يبحث عن الرضاعة، والنتيجة أنه لا الطفل ولا الأم أخذا كفايتهما من نوم هادئ مستقر.. والحل الصحيح والمثالي والمريح لجميع الأطراف هو فصل الأطفال كلهم في غرفتهم، كل في سريره، وعندما يبكي الطفل تذهب إليه الأم ترضعه حتى ينام ثم تعود إلى غرفتها، وهكذا تنال الأم والطفل والأب نوما مريحا مستقرا حتى ولو متقطعا.
وبعد فترة يعتاد الطفل على ذلك، ويقل عدد مرات استيقاظه لمرتين أو ثلاث فقط، كما أن هذه الخطوة من الخطوات الهامة جدا في حياة الطفل ليتعود على الاستقلال والشجاعة وعدم الخوف، والأمر يبدو في أوله وللوهلة الأولى صعبا، ولكن مع الصبر والإصرار تنجح الأسرة كلها في الوصول لهذا الوضع المستقر، ويجب الحذر تماما من التراجع لأي سبب من الأسباب؛ لأن هذا يجعل مقاومة الطفل للفكرة أشد.
أما باسل فمن الطبيعي في هذه السن أن يتأرجح سلوكه بين فترة وأخرى بين الطاعة والعناد، وبين الهدوء والعنف، وبين المثالية والمشاغبة؛ فالطفل يسعى للنمو، ويكتشف ذاته ومواهبه، ويتعرف على كل ما حوله، ويتفاعل معه، وأحيانا يعبر عن ذلك بطريقة صحيحة، وأحيانا أخرى كثيرة بطريقة خاطئة.. ودورنا نحن كآباء وأمهات ومشرفين ومدرسين وكل من يتعامل مع الطفل أن يكون أسلوبنا معه في كل مرة هادئا وتربويا وله هدف وليس مجرد أسلوب عقابي عشوائي..
ومن المهم جدا أيضا البحث عن سبب المشكلة؛ فربما يكون الطفل مضغوطا نفسيا من شيء ما.. فمثلا ربما يكون انشغال الأم وتعبها من الحمل سببا، وربما يكون إرهاقها المتواصل يجعلها متوترة معه بعض الشيء.. وربما يكون هناك شيء ما يضايقه في المدرسة.. لا بد من التفاهم معه، وبحث أسباب المشكلة، وكيفية حلها، ولا بد أن نتناقش مع الطفل في مشاكله، ونعلمه كيف يعبر عن رأيه، ونحترم نحن رأيه ومشاعره وطريقة تعبيره عنها، ولا نبدأ أبدا حل المشكلة من اختيار أسلوب العقاب المناسب.
أسلوب الحرمان من الأشياء المفضلة والخصام يعتبران من الأساليب التربوية في عقاب الطفل وتوجيهه، ولكن لا بد من ترشيد استخدامهما، وعدم الإفراط فيهما لكي لا يفقدا معناهما، ولا بد ألا تزيد مدة الخصام عن نصف ساعة أو ساعة؛ لأنها بعد ذلك تفقد قيمتها ويمل الطفل، ويبحث عن اهتمامات أخرى فنفقد الفائدة المرجوة منها.. ولا بد ألا يعاقب الطفل أبدا قبل مناقشته وتوضيح خطئه وسماع دفاعه عن نفسه وأخذ موافقته على أسلوب العقاب وعلى أنه أخطأ ويستحق العقاب.
بارك الله لك فيهم ورزقك برهم، وفي انتظار تواصلكم معنا.
ـــــــــــــــــ(104/275)
أريد حلاًّ لعصبية ابنتي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات ولدي الآن توءم بنات الأولى تدعى إيمان أما الثانية تدعى يمنى وعمرهما الآن حوالي ثلاث سنوات.
هما فتاتان رائعتان تنبضان بالذكاء والفطنة، ولكن مشكلتي هي في إيمان أنها عصبية جدًّا دائمة البكاء والصراخ منذ أن كانت رضيعة حتى أنها لا تقبل أي مناقشة إذا أرادت شيئًا تقيم الدنيا ولا تقعدها كي تحصل عليه. لديها عادة أيضًا أنها عندما تغضب ترمي كل ما تراه أمامها، وأنا أحاول دائمًا تهدئتها لكن دون فائدة أحاول استغلال هدوئها لإعطائها ما تريده لإفهامها أنها يمكن أن تحصل على ما تريده بهدوء ودون عصبية، ولكن أيضًا لا أجد فائدة معها.
هي دائمًا تضرب أختها، ومن جديد بدأت تمد يدها عليّ وعلى والدها، ومنذ حوالي ثلاثة أو أربعة أشهر أخذت تقضم أظافرها، وهذا أمر يجنني ولا أدري كيف أتعامل معها؟ بالنسبة لعلاقتي بزوجي فهي جيدة جدًّا، والحمد لله لا مشاكل أبدًا وإن كانت بسيطة لا تظهر أمام البنات.
بالنسبة لعلاقتي بالبنات فكوننا نعيش في غربة لا أهل ولا أقارب وحتى لا أصدقاء، وأنا لا أعمل فليس هناك خروج إلا عندما يأتي زوجي ويأخذنا؛ لذلك أحاول أن أسليهم فأقرأ لهم القصص، وألعب معهم، وأعلمهم بعض الأحرف والأرقام، وهي تتجاوب معي في هذه الناحية، ولكنها تبقى على عصبيتها فأحيانًا أضربها على أمور لا أستطيع أن أتغاضى عنها.
أرجو أن تجدوا لي حلاًّ معها؛ لأنني فقدت جميع الحلول، وأعتذر كثيرًا بسبب الإطالة، وجزاكم الله كل الخير والبركة على موقعكم هذا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، وبارك الله لك في فتاتيك الرائعتين –كما وصفتهما– واللتين اشتقت لرؤيتهما من وصفك الجميل لهما، بالإضافة إلى حبي للتوائم، فالتوائم رغم كونهم معاناة مضاعفة للأم إلا أن تربيتهما بل ورؤيتهما شيء ممتع، وقد رزقك الله تعالى بفضله حجابًا من النار دفعة واحدة، كما ورد في الحديث.
سيدتي الفاضلة تجدر الإشارة إلى أن كل ما ذكرته عن ابنتك إيمان من:
1- رمي الأشياء وقذفها.
2- البكاء والصراخ.
3- الإلحاح في طلب الشيء.
4- قضم الأظافر.
5- التحرش بأختها وضربها.
كلها من مظاهر العصبية وهي رغم كونها كلمة شائعة الاستعمال فإننا نحتاج لتوضيحها، فهي نوع من التوتر النفسي يجعل الطفل غير مستقر، ويصعب التعامل معه وكثير الإزعاج للآخرين وللأهل خاصة، ولهذه العصبية أسباب كثيرة منها أسباب:
1 - خلقية.
2 - عضوية.
3 - اجتماعية (لها علاقة بعلاقاته مع المحيطين به).
- ونعني بالأسباب الخلقية الاستعدادات أو التكوين الموروث في الشخصية والتي تتأثر بالمناخ التربوي الذي يصادفه الطفل بحيث يمكن أن يغير هذا المناخ من شكل تصريف هذه الطاقة عبر نشاطات إيجابية مما يجنب الطفل اللجوء إلى التشاكس.
وقد كان لدى أحد معارفي طفل يُغذى بزجاجة الإرضاع، وينمو بشكل جيد ويتغذى بانتظام، ولا يبدي أي صعوبات حتى بدأت أمه في سن الستة أشهر تلحظ عليه أنه عند اسيقاظه يئن بهدوء، فإذا اقتربت منه حاملة زجاجة الإرضاع لعب وناغى وابتسم، أما إذا اقتربت بدون الزجاجة، ولم يتسنّ له أنه يرضع فكان يقيم الدنيا ولا يقعدها تمامًا كما تصفين ابنتك إيمان؛ لذا اعتادت الأسرة التقدم دومًا إليه مع زجاجته الحبيبة لتهدئة ثورته.
إذن فمسألة عصبية ابنتك منذ كانت رضيعة أمر قد يكون مبررًا بأن لديها استعدادًا وراثيًّا لهذه المسألة، لكن ليست هذه السمات الخلقية بذات تأثير حتمي على السلوك كما أسلفت، بل إنه يمكن التخفيف من تأثيرها بتنشئة الطفل في جو تربوي متسامح يسمح لها بكثير من النشاط والحركة والمتعة حتى داخل المنزل إن تعذر الخروج بالألوان والقصص والرياضة (الأيروبكس) وغير ذلك.
- أما الأسباب العضوية فهي تعني التهابات ما أو اضطرابات في إفرازات بعض الغدد أو تأخرًا في النمو مما قد يتجلى في شكل سلوك مضطرب، وكما قيل "كثيرًا ما يكون الأطفال الذين يوصفون بالعصبيين هم في الواقع أطفال متعبون".
والتعب قد يكون سببه نفسيا أيضًا كالغيرة من أختها أو معاملتها بشكل لا يتماشى مع حاجتها النفسية من الحنان والاهتمام، أو مطالبتها بإظهار ما يتماشى مع سنها من كفاءة رغم عدم استعدادها –وهذا متوقع للفروق الفردية بين الأبناء- لذلك مما يسبب لها إحباطًا، ويلقي عليها عبئًا نفسيًّا تعبر عنه بالعصبية.
وسوف أطرح عليك في نهاية الاستشارة بعض الأسئلة لكي نطمئن على هذه الجزئية.
- والأسباب الاجتماعية أو الأسباب المرتبطة ببيئة الطفل، فهي ما يخص الحياة العائلية التي يحياها والتي قد تلطف الاستعدادات الخلقية للعصبية، وقد تثير هذه العصبية كما أشرنا، ومنها ما أتوقعه في حالة إيمان وهي كما يلي:
1 - عصبية الوالدين أو أحدهما والتي أحيانًا قد تكبح، لكن تظل متحكمة بشكل باطن في سلوكهما، ويعبر عنها بالنبرات والنظرات والزفرات والملاحظات الجارحة والتأنيب رغم إطلاقها دون صراخ وبصوت معتدل، فالعصبية والعنف لا يولدان إلا أشباههما.
2 - مطالبة الطفلة بما يفوق قدراتها، فتطلبين منها وهي ذات ثلاث سنوات التصرف بلياقة –مثلاً- والهدوء حتى تحصل على ما تريد والتحكم في ثورة نفسها أو غير ذلك مما تحسبينه هينًا وهو عندها شاق، فتتعرض لزيادة الاستجابات المعارضة لديها، وينشأ لديها عدوانية وعصبية نتيجة للإحباط وعدم القدرة على مواكبة ما يطلب منها.
3 - ضيق المجال لإشباع حاجة الطفلة في الحركة والحيوية والنشاط خارج أو داخل المنزل.
4 - الغيرة من توءمتها لإبدائك مدحك لها دون إيمان مثلاً، أو لعقاب إيمان دونها –حتى وإن كانت تستحق- أو تذمرك منها.
5 - عدم منحها ما تحتاجه من اهتمام ومدح ومكافآت وتبسم، وقد يكون سبب ذلك أيضًا عدم قدرتها على تحقيق المنوط بها من السلوك الطيب، مما يمنعك عن مكافأتها، أو معاقبتها –كما ذكرت– أو عدم الاهتمام بها، وهو ما تحاول التحايل عليه بجذب الاهتمام بمزيد من الخطأ.
يبقى لنا التعرف على ما يجب فعله للتعامل مع عصبية إيمان، مع مراعاة أن ما سبق من أسباب هو جزء من الحل، فمعرفة السبب تيسر العلاج بمحاولة التغلب على هذا السبب، وبالتالي فسنتحدث فيما يلي على ما يمكن فعله مع إيمان علاوة على ما سبق:
أولاً: الاطمئنان عليها من الناحية الطبية، ويمكننا معاونتك في ذلك بإرسالك لنا ردًّا على ما يلي:
1 - هل كان نموها طبيعيًّا في مراحل النمو المختلفة (حبو – جري – مشي – نطق - كلام بجمل مفهومة – التحكم في الإخراج... إلخ).
2 - هل كانت لديها الاستجابة غير الكلامية لما يوجه لها من كلام وأعني بذلك تعبيرات الوجه التي توحي باستيعابها لما توجهينه لها من كلام.
3 - هل يظهر عليها علامات الفرح عندما يكون هناك ما يدعو للفرح والحزن عند حدوث ما لا يرضيها.
4 - هل لديها اهتمامات خاصة ببعض ألعابها؟ وهل لها هوايات معينة؟
5 - هل يظهر على وجهها أي تغيرات غير طبيعية عن توءمتها (استطالة في الوجه –ارتفاع وتغير في شكل الفك العلوي... إلخ).
6 - هل حدثت لها مشاكل صحية بعيد الولادة (صفراء – حضانة – عدوى ميكروبية سببت ارتفاع في درجة الحرارة بشكل قوي).
7 - هل تعرضت لأي جراحات؟
8 - ماذا عن نموها اللغوي، وبرجاء الإيضاح بالتفصيل عن تطورها من فهم الكلام ومضمونة والقدرة على نطق كلمات، ثم جمل قصيرة، ثم جمل متواصلة لها معنى، وإتقان مخارج الحروف، واستيعاب التواصل بالعين وتعبيرات الوجه؟
9 - هل لديها بعض القدرات المهارية التي تفوق أو تقل عن قدرات توءمتها يمنى؟
ثانيًا: لا بد من ملاحظة متى وكيف ولماذا تظهر عصبية إيمان، مع توفير المناخ العام الذي يحقق التوازن العصبي ويلبي حاجاتها الأساسية من الأمان والعطف والنشاط الحر كما يلي:
1- وجود جو هادئ من الهدوء والمرح حول طفلتيك بشكل عام وحول إيمان بشكل خاص.
2- تقليل الأوامر والنواهي قدر المستطاع وتغيير أسلوب الأوامر لتصبح أكثر مرحًا ولطفًا. ويمكنك الاطلاع على الاستشارة التالية لفهم ما أقصد:
- ولدي لا يطيع الأوامر .
3 - الهدوء والسيطرة على أعصابك خاصة عند عصبيتها، فأنت إذا رضخت لغضبها وقابلته بمثله فإنك بذلك تقدمين الدعم لهذه العصبية من حيث لا تدرين.
4 - عندما تغضب ابنتك فلا تحاولي إلهاءها عن غضبها أو إسماعها صوت العقل؛ فهي عند غضبها لا طاقة لها بالاستماع لصوت العقل والمنطق، ولا تحاولي إسكاتها بالضرب كيلا تكوني كمن يطفئ النار بالبنزين، بل أفهميها أن هياجها أمر لا مهرب منه، ولكنه لن يجدي نفعًا، فدعيها ترغي وتزبد لتتأكد أنه مسموح لها بالغضب، لكن لن يؤثر هذا الغضب في سلوكك أو موقفك. فامتنعي مثلاً عن الكلام وارقبيها ببرود، أو اتركيها مثلاً.
5 - حاولي توفير مجالات متعددة للنشاط داخل المنزل وخارجه، وطالما أنها تستمتع بذلك كما ذكرت وزيدي على ما ذكرت الصلصال والمسرحيات بالعرائس التي تصنعونها معًا وإعداد الطعام والمكعبات والتلوين وغيرها.
أختي الكريمة.. أعانك الله عز وجل على إحسان تربية بنتيك وبارك الله لك فيهما، ولا تنسي موافاتنا بأخبارهما وأخبارك وآخر تطورات الموقف مع إيمان واستجابتها لما وجهناه لك من نصائح، وكذلك سأنتظر قريبًا ردك على أسئلتي.. وأرجو ألا يطول الانتظار.
لمزيد من المعلومات المفيدة يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- الخاصة بعصبية طفلتك:
- عصبية أبنائنا لماذا ؟
- التعامل مع الغاضبين الصغار
- افهم النغمة لتستمتع بها
- برنامج مميز للوقت المميز
- بين الضرب والصراخ.. كيف نربي أبناءنا؟
- ويبقى سؤال حول عادة قضم الأظافر، وعدوانيتها على أختها، وهي أمور مرتبطة بعصبيتها وما تعانيه من توتر كما سبق وشرحت لك، وبالتالي فإن علاج هذا التوتر سيلقي بظلاله على حل هاتين المشكلتين، مع الاستعانة ببرامج العلاج التي شرحت من قبل في الاستشارتين التاليتين:
- قضم الأظافر.. انعكاس للقلق والخوف
- تجاوز الغيرة.. بسلام
ـــــــــــــــــ(104/276)
أجندة أسرية لعلاج العصبية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. عندي 3 أولاد.. ابنتي 8 سنوات أحمد 7 سنوات وابنتي الصغيرة سنتان. أنا كنت عصبية مع أولادي الكبار بسبب خلافات زوجية وأيضًا عدم فهم في التعامل مع الأطفال، ولكن الآن والحمد الله بسبب الدعاء وقراءة كثير من أجوبتكم تغيرت أنا وزوجي 50%، وأنا مستمرة إن شاء الله (ولكن ما زال يوجد خلافات). أولادي الحمد لله يحبون بعضهم، ولكن لا يخلو الأمر من الشجار والغيرة أحيانًا مزعجة.
1 - أولادي الكبار اكتسبوا شيئًا من العصبية والآن ينقلونها إلى ابنتي الصغيرة ماذا أفعل؟
2 - ابني أحمد حنون جدًّا وذكي والحمد لله مشكلته أنه يمل بسرعة، عندما يدرس يكتب كلمة ثم يلعب، الواجب يحتاج نصف ساعة وهو ينتهي منه بثلاث ساعات وأنا وأبوه نكلمه بهدوء، ولكن يتلهى كثيرًا، إنه يشعر بالملل والضجر، وهذا ليس بالدراسة فحسب، ولكن في كل شيء.
اشترك في نشاطات مختلفة السباحة والمبارزة والرماية، وكان متحمسًا ويذهب، ولكن بعد فترة أسبوعين أكثر أو أقل لا يريد أن يذهب علمًا بأننا (أنا وأبوه) نحمسه ونشجعه كثيرًا، ولكن لا أدري هل لا يحب الانضباط أم ماذا؟ أشتري لهم القصص التي يختارونها ويكون سعيدًا بها وعندما أطلب منه القراءة يقول لا أحب.. لا أريد، بينما أخته تقرأ.
3 - أحمد وأخته عندما يطلب منهم أي شيء مثلاً نريد أن نأخذهم للعب وهم مسرورين جدًّا ومتحمسين، ولكن يأخذوا وقتًا لكي يرتدوا ملابسهم، أنا وأبوهم نقول لهم البسوا كأن أحدًا لا يكلمهم البنت تقول حاضر دون تنفيذ، وأحمد لا يرد، لكن لا يفعل، وأعاود تكرار الطلب، ولكن بأساليب مختلفة، ومن الممكن أن أصرخ في وجههم أحيانًا، وحينها يفعلون ما طلب منهم. لا قيمة للوقت أبدًا عندهم ولا يسمعون الكلام ماذا أفعل؟ وأيضًا عندما أعاقب أحمد لأنه ضرب أخته يغضب كثيرًا ويحاول يضربها أكثر ويقول بعصبية سوف أضربها وكل السبب منك، أنا أقف مندهشة، يمكن الخطأ مني أو من الأب، ولكن ماذا أفعل؟ سامحوني على الإطالة، وجزاكم الله ألف خير.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة، ومرحبًا بأسرتك. ودعيني أبدأ حديثي معك بالثناء على التطور الذي تشهده علاقتك مع زوجك والذي ينم عن وعي تربوي متميز لديكما بأهمية الاستقرار الأسري لسلامة نمو ونشأة أطفالكما، كما أن إصرارك على استمرار وتطور هذا الاستقرار شيء يبشر بكل خير.
وصدقيني يا عزيزتي محللة النظم إن إصرارك هذا سيفتح أمامك أبواب كثيرة للابتكار والإبداع وتحليل الأسباب وكوامن المشكلات في علاقتكما -بصفتك محللة نظم ولديك خبرة في التحليل- لتحقيق هذا الهدف الذي تصرين عليه وتدركين قيمته، ولعل من أجمل العبارات التي سمعتها عن الشعب الفلسطيني والتي تؤكد على دور الإصرار في صنع المعجزات أن "ضيق الخيارات أمام هذا الشعب ستمنحه فرصًا أوسع للابتكار من أجل البقاء"، انظري للتضاد بين كلمة الضيق والسعة، وهو ما يؤكد المعنى ويبرزه.. فتأكدي من نجاحك في تحصيل الـ 50% الباقية في نجاح علاقتك مع زوجك، وتخطي كافة مشكلاتكما معًا ما دمت تدركين أهمية ذلك.
وننتقل لمسألة العصبية.. فعصبية أبنائك بلا شك هي محاكاة لما يرونه حولهم، وللأسف فنحن بعصبيتنا نعلم أبناءنا أن الغلبة للعصبية، فكم من مرة فرضت عليهم رأيك ودفعتهم دفعًا لفعل ما تريدين فقط لأنك لجأت للعصبية؟
إنها مرات كثيرة لا شك وقد كانت كفيلة لأن يدركوا بشكل غير مباشر أن الغلبة للأعلى صوتًا أو الأعنف أو الأكثر عصبية.. باختصار إن العصبية هي المفتاح السحري لتحقيق أي مراد.
وأعتقد أنك على وعي كامل بذلك.. وإلا لما عبرت بكلمة "اكتسبوا العصبية" عن عصبية أبنائك، والحمد لله أنهم اكتسبوا شيئًا.. ولم يكتسبوا عصبيتك بشكل كامل، وتعالي نفكر ماذا نفعل.
أولاً: نحن بصدد إطلاق ورشة عمل تدريبية لزوار الصفحة يتدربون من خلالها على مقاومة العصبية وتقنين الغضب في التفاعل والتعامل مع الأطفال، ومن ثَم يدربونهم على التغلب على تلك العصبية، ولعلك تكونين من أول المسجلين فيها للاستفادة منها في تلك الجزئية.
ثانيًا: حتى يحين موعد الورشة الذي سيعلن بكل تأكيد على الصفحة، فعليك اتباع ما يلي للتغلب على عصبيتك:
أ - دوّني في نوتة (ويفضل أن تجعلي لتربية أبنائك مثل تلك المفكرة، وسأوضح لك أهميتها فيما يلي) عدد مرات غضبك مع أبنائك في اليوم، ثم دوِّني هدفك وهو الوصول لعدد صفر من مواقف العصبية في اليوم.
ب - اجلسي مع أبنائك في جلسات يومية مع أبيهم تحدثونهم -أو يتحدثون هم-في خمس دقائق أو أكثر عن معنى معين أو ذكريات ما لتمنحهم خبرة معينة أو حتى لتلعبون معًا لعبة جماعية، واجعلوا لتلك الجلسات موعدًا ثابتًا (بعد العشاء مثلاً).. واجعلي إحدى هذه الجلسات لتحديد هدف مشترك للأسرة خلال شهر مقبل، ولنبدأ بالتحلي بالقوة الكبيرة التي تحدث عنها الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهي قوة محاربة الغضب "إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، وبالطبع لا بد أن يتحدث كل فرد عن مساوئ الغضب أو موقف سيئ تعرض له بسبب الاندفاع، لكي تتشكل لدى الجميع قناعة كافية بأن العصبية خلق غير حسن وأن التخلص منها هدف يستحق الجهد.
ت - أخرجي النوتة -واجعلي بها قسمًا لتدوين بعض الأفكار التي تخرج في تلك الجلسات العائلية- ثم دوّني في قسم الأفكار أفكار كل واحد من أفراد الأسرة للتغلب على الغضب، فمنكم من سيقول أن نتوضأ عند حدوث ما يغضب، ثم اتخاذ رد الفعل بعد الوضوء، ومنكم من يطرح فكرة ذكر الله تعالى والاستعاذة من الشيطان، ومنكم من يقترح العد التنازلي من 20 إلى واحد، وهكذا...
ث - جمّعوا الأفكار كلها واصنعوا منها خطة تحاولون جميعًا تنفيذها في الأيام التالية بحيث يذكر بعضكم بعضًا حينما يجد أحد الأطراف في حالة ضعف أو نسي هذه المبادئ واتفقوا على كلمة سر للتذكير مثل عبارة: "الحلم سيد الأخلاق" أو "ليس الشديد بالصرعة" .."أين القوة؟".. إلى غير ذلك، مع الاتفاق أن يعود من يسمع هذه العبارة أدراجه فورًا ليتبع أحد الأفكار المناسبة مما اتفقتم عليه.
ج - دوّنوا فيما بعد نسبة نجاح كل منكم في قمع غضبه والتصرف بهدوء وحكمة بشكل يومي أثناء الجلسات اليومية أو أسبوعي كل في جدوله الخاص أو حسبما تتفقون.. بحيث تحددون نسبة التقدم في تحقيق وتنفيذ الهدف.
ح - بعد ذلك يمكنكم التخيل إذا غضب ابنك مثلاً في الموقف الفلاني ماذا كان من الممكن أن يحدث أو العكس لو تحكم في غضبه كم من النفع والتصرفات المناسبة كان من الممكن أن تحدث... إلخ، ثم يمكنكم بعد انتهاء مدة المشروع الأسري لمكافحة تلك العادة أن يوقع الجميع في سجل شرف الأسرة أنه نجح في تنفيذ المشروع الأول، وهكذا...
خ - هذه الجلسات والحوارات ستمنح أسرتكم تميزًا ودفئًا والتفافًا وتماسكًا وترابطًا ستحمدين الله عليه، وإصرارك على عدم فواتها ستعينك على تحسين علاقة كافة أفراد الأسرة -وعلى رأسهم أنت وزوجك- بعضهم بعضًا، وفتح مجالات للحوارات والتأثير والاستفادة والصداقة وتغيير السلبي من العادات بشكل مشترك في شكل مشروعات أسرية.. المهم أن تتم إدارتها لتحقيق هذه الأهداف ومحاولة الاستفادة منها بشكل يخدم تلك الأهداف.
د - هناك أفكار سابقة ووسائل للتغلب على العصبية يمكنك الاستفادة منها وتطبيقها والحديث عنها مع أبنائك في جلساتكم تجدينها فيما يلي:
نصائح ذهبية لعلاج العصبية
وننتقل لمسألة ملل أحمد وهو أمر طبيعي ومنطقي، فالطفل عمره 8 سنوات، ومن حقه ألا يفوق تركيزه مدة تزيد عن ثلث الساعة يأخذ بعدها فترة من الراحة أو تغيير النشاط أو الحركة أو حتى اللعب والقفز؛ ليعود ويواصل بعد حوالي عشر دقائق، وكون الواجب لا يحتاج أكثر من نصف ساعة، فطبيعي أن تقسم نصف الساعة بهذا الشكل وألا تكون متواصلة.. ولك أن تتخيلي أن يومه الدراسي يبدأ من الثامنة صباحًا مثلاً للثامنة مساء وهو يطالب في الـ 12 ساعة بالركود والإنصات والتركيز.. أي طاقة يمكنها أن تكمن كل هذا الوقت، وأي ذهن يمكنه العمل بشكل متواصل في كل هذا الوقت؟
إذن فالحل أن تسمحي له بأخذ فترات من تغيير النشاط بعد انقضاء نصف ساعة أو ثلث ساعة، بالإضافة إلى محاولة بثه قيمة الوقت وأهميته -وسأوفر لك ما يكفي من المعالجات السابقة حول هذا الموضوع- وضرورة أن يُخصص وقت لكل شيء لكي لا يلتهم شيء وقت غيره، فلو خصصنا لواجب اللغة الإنجليزية نصف الساعة وبعدها مشاهدة الكارتون أو تناول الطعام لعشر دقائق، فتضييع الوقت سيلغي فقرة من ذلك، فلو استغرق الواجب 40 دقيقة ضاع بذلك وقت الكارتون وأصبح لا مكان له، وهكذا...
ويمكنك أيضًا مطالعة ما يلي للاستزادة:
كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟
شهرزاد وألف ليلة وليلة مذاكرة.
التعلم لا التعليم فن الممكن
أسرار التفوق الدراسي للأبناء
الذكاء الوجداني ..نظرية قديمة حديثة
التفوق في الرياضيات بالألعاب
بالنسبة لمسألة ممارسة الرياضة ربما هو في حاجة لاكتشاف ما يحب، وربما يكون ما مارسه لم يستهوه أو يمتعه أو كان المدرب لا يملك طريقة جذابة، وربما تكون كرة القدم أو اليد أو الطائرة أو غير ذلك مما يساعد ممارسه على الجري والانطلاق هي الأحب من الرماية والمبارزة التي تحتاج للتركيز والوقوف وغير ذلك، ولعل في الجلسات الأسرية مجال رائع ليتحدث عن مواصفات اللعبة التي يريد فيستطيع أن يحددها وتساعدونه في ذلك.
وكذلك فإن تراجعه عن قراءة الكتاب الذي اختاره ربما لعدم ملاءمة الوقت الذي تطلبين منه القراءة فيه أو لعدم رغبته في القراءة حينها، وربما لو تركت الكتاب أمامه لقرأه وقتما يحب، أو يمكنك بذكاء طرح سؤال عليه تكون إجابته في الكتاب وإمهاله للغد لكي يجيب وينال جائزة الإجابة، مع التنويه أنك ستجد الإجابة في شيء اشتريناه حديثًا مثلاً، أو في شيء فوق مكتبك.. فيقرأ الكتاب ليجيب السؤال وينال جائزتك، وهكذا...
أما مسألة عدم استجابتهم لأوامرك فهذا شيء طبيعي في مثل هذه السن، وخصوصًا عند انشغالهم بشيء أو انهماكهم في شيء يلهيهم عن الاستجابة أو سرعة تلبية طلبك، وبوجه عام فيمكنك تحديد موعد معين لارتداء الملابس بعد انتهائه لن يخرجا، مع مراعاة واحترام ما يفعلون وقت هذا الطلب وإمهالهم حتى ينتهون منه، وبهدوء ودون صراخ لو انقضى الأمر ولم تخرجوا لمرة بسبب تأخرهم في ارتداء ملابسهم، فالأمر حتمًا سيختلف في المرات التالية.
ويمكنك طرح مسألة البطء وعدم تنظيم الوقت كأحد المشاريع الأسرية والأهداف التي يسهم الجميع في وضع حلول لها ويحاولون التغلب عليها.
ولمزيد من الأفكار عن مسألة احترام الوقت وتنظيمه والتغلب على كسل ولا مبالاة الأطفال يمكنك الاطلاع على ما يلي:
اهزم الساعة.. اهزم الكسل.
أول فنون التربية.. استثمار الإيجابيات.
وأخيرًا.. فلا يوجد أطفال لا يخطئون، وتأكدي أن الطفل المثالي هو أسطورة في ذهن كل مرب والتي تجعل الآباء يطالبون أبناءهم بالتبعية المطلقة لهم لتحقيق تلك المثالية والطاعة العمياء لتحقيق تلك التوقعات، أو يضعونهم في دائرة مرهقة من المقارنات بينهم وبين غيرهم والمنافسات التي لا ترحم تميزهم ولا تفسح لقدراتهم أو أفكارهم أو اختلافهم المجال لتخرج إلى النور، ومن ثَم فالعيب إن كان فيك أو في الوالد فهو في توقعاتكما المبالغ فيها تجاه أطفالكما، ومطالبتكما لهم بالمثالية.. وهو أمر محمود، لكن لتحرصا على مساعدتهم في ذلك ولا تكتفيان بأن تطلباه منهم وتلوماهم على تقصيرهم دون أن تعملا على تعليمهم كيف ينفذون المطلوب منهم، ودون أن تبررا لهم سبب هذه المطالبة ونفعها لهم ليقتنعوا بها ويحاولوا تنفيذها بكل إرادة.
وأخيرًا.. أعتذر على الإطالة التي كان لا بد منها للرد على كل جزئية من سؤالك، وأخيرًا لك مني كل تحية، وفي انتظار متابعاتك ونتائج تنفيذ مقترحاتنا، وما اكتشفته من أهمية النوتة الأسرية.
ـــــــــــــــــ(104/277)
الطريق إلى إيقاظ مشاعر الأبوة الكامنة ... العنوان
لدي ولدان؛ الأول عمره سنتان وستة أشهر، والثاني عمره سنة وشهران.
والمشكلة أن الولدين متعلقان بوالدهما كثيرا، وعمل والدهما من الساعة 7 حتى 4 عصرا، وحينما يكون في البيت يكون نائما، وإذا استيقظ يكون أمام التلفاز، ويمل من الأولاد سريعا ولا يتجاوز لعبه معهما نصف ساعة، ثم يخرج لأصدقائه.
وقد تحدثت إليه بشأنهما وأنهما يحتاجان إلى أب وصديق ولكن لم يهتم بكلامي، وأنا أخاف عليهما، خصوصا أنهما ذكور، فماذا أفعل؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكرا لرسالتك التي أيقظت موضوعا مهما كدور الأب في الأسرة والتربية وحدود مشاركته ومسئولياته. وكيفية تفعيل هذا الدور بكفاءة وفعالية.
وإن كنا حين نناقش هذا الموضوع نهتم أكثر ما نهتم -مع تغليب حسن الظن- بإرساء لبنة للتأهيل لدور الأبوة والأمومة على حد سواء. ولعل في رسالتك تلك إحياء لما كنا نتمنى القيام به في هذا الصدد من خلال صفحتنا. بل وربما تتكامل المساحات التي نتناولها بالنقاش فنثمر ثمرة تأسيسية طيبة في هذا المجال تتناول بشكل تراكمي كيفية التأهيل للوالدية والزواج بما يتضمنه من علاقات متشابكة وقدرات ومعارف متراكمة. ولا ولن يتم ذلك إلا بمشاركات الزوار التي تثري النقاش وتطلعنا على أوجه مختلفة ومتباينة للمشكلة حيث يمكننا البدء من حيث الاحتياجات الملحة في بيئتنا العربية.
ونحسب أن غياب الأب عن ساحة الأسرة بشكل عام؛ وعن ساحة التربية بشكل أخص له عدة أسباب متراكبة متشابكة لا يمكن فصل أي منها عن الآخر. ولعل بعض هذه الأسباب التي تسهم في المشاركة الفعلية في المهام الأسرة والتربية هي:
1- العلاقة المستقرة بين الأب والأم، وأعني بها علاقة الألفة والحب، بما يتضمنه ذلك من:
أ- تمتع كل من الطرفين ببعض الصفات الأخلاقية التي تكفل العيش الهانئ مع الطرف الآخر كالرحمة والإيثار والتعاطف والمسئولية.
ب- وجود الأهداف المشتركة والتشارك في تنفيذ خطوات هذه الأهداف.
ت- كما يساعد فيها معرفة كل من الطرفين لبعض المهارات الأساسية:
• أهمها على الإطلاق: مهارات الاتصال الفعال بين الزوجين، بما تتضمنه من مهارات الإنصات؛ ومهارات التحدث
-قبول مشاعر كل من الطرفين للآخر؛ والتعرف على احتياجات كل طرف الشخصية، وكذلك التعرف على احتياجات الطرف الآخر والتعبير عن وقبول هذه الاحتياجات.
المعرفة بكيفية التعبير السوي والسليم عن هذه المشاعر والأفكار والاحتياجات.
• كيفية صياغة الأهداف الشخصية والجماعية.
• كيفية العمل في فريق.
• مهارات إدارة الوقت.
• مهارات التفويض الفعال.
• كذلك المعرفة ببعض الأدوات المساعدة ككيفية قضاء وقت جيد في الأسرة.
• كيفية تنظيم الأنشطة المشتركة.
• كيفية عمل اجتماعات الأسرة.
2- من الأمور المحددة أيضا للمشاركة والتواجد الفعال للأب: ثقافة المجتمع التي يعيش في ظلها وما تحدده من دور للأب ومن شكل للعلاقة بين الزوجين بما يتضمن هذا الكثير من المفاهيم المغلوطة وتغليب العرف على الشرع في بعض الأمور.
ولعل هذا مما يستلزم جهدا مخلصا من العاملين في الدعوة، خاصة حين يتوجهون بخطابهم إلى الأسرة فيصححون هذه المفاهيم ويصوبون ما التبس في ثقافاتنا بين حق وباطل. وربما أمكن لكل منا -كأفراد- المعرفة لسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام في بيته؛ وكذلك الصحابة؛ بكل تفصيلاتها المتاحة ولعلنا نتأسى بما يصلح حال أسرنا ويعمق الروابط بين أفراد الأسرة الواحدة أو الكتيبة الواحدة كما يحلو لي تسميتها.
3- فطرة الأبوة ودرجة صقلها لدى الأب، وكذلك معرفته بكيفية أداء هذا الدور بشكل فعال؛ فليس كل الآباء لديهم هذا الإحساس الفطري بدرجة واحدة وبكيفية واحدة، فكل أب أملت عليه ثقافته وبيئته مفردات دوره، وليس الجميع لديه نفس الجرأة على التغير لصالح ما عرف. ولكن ربما مما يزيد من هذه القدرة على التغير والنضج قوة العلاقة الزوجية؛ وما يتعرض له الأب من خبرات وما لديه من تقدير للأمانة وما لديه من هدف واضح وأمل محموم في أولاده.
4- التأهيل الوالدي، أي معرفة دور الأب الحقيقي في حياة أطفاله منذ ولادتهم، وتدريب الأب على كيفية الرعاية والقيام بهذا الدور في حياة أطفاله.
ولعل من الطريف قيام العديد من المؤسسات المجتمعية في أوروبا وأمريكا بعمل دورات تدريبية للآباء؛ بل وعمل تنظيمات للآباء للتشارك في الخبرات وتناقلها فيما بينهم عبر ما يسمى "شبكات الدعم"؛ وشبكات العمل. وذلك للاستفادة من كل خبرة وتجربة أبوية ممكنة؛ وإتاحة الفرصة لكل الآباء للتعلم كيف يكونون آباء صالحين.
والحق أننا بحاجة ماسة لمثل هذه الدورات والمؤسسات والمواقع والصحف والمجلات لتخبرنا وتعلمنا كيف نكون آباء وأمهات صالحين. وفي هذا إحقاق للحق فنحن لا نعبأ كثيرا بالتربية الوالدية للأب أو الأم على حد سواء. وكلي أمل أن نتعاون ونتشارك لنغير هذا لوضع المظلم للوالدية العربية. هيا معنا فيمكننا أن نحدث فرقا بكم ولكم.
5- ضيق الوقت الحقيقي والممكن الذي يقضيه الأب في البيت بسبب سفره أو عمله، إلا أن هذا مما يدخل في دائرة الممكن إذا ما توافرت بقية العناصر؛ من وجود شخصية الراعي المسئول؛ ووجود العلاقة السليمة بين الزوجين؛ ووجود الهدف المشترك الواضح وترتيب الأولويات بشكل سليم. فحينها يمكن الإدارة الجيدة للوقت للاستفادة بكل دقيقة فيما يثمر الكثير. وهناك العديد من الطرق لإدارة الوقت لمن يرغب حقيقة في ذلك.
والآن...حددي بوضوح على ضوء الذي ذكرت:
أين تقع المشكلة لديك؟ في أي منطقة وبأي حجم؟ ما الأشياء التي تبدو أكثر في الخلفيات؟ وحتى توافينا بتفصيلات أمرك التي تودين مناقشتها ضعي في الاعتبار أن الرابطة بين الآباء غالبا ما تزيد مع الوقت بطول المشاركة والانخراط في الاهتمام؛ ولذا ركزي جهدك على صنع بيئة جيدة وحميمة بينك وبين زوجك.. هذا يساعدك كثيرا في الغد القريب حين يستطيع طفلك لعب الكرة وقص النكات وغيرها من الأنشطة الطفولية الجميلة التي يمكن للأب المشاركة الفعلية فيها... فاستعدي من الآن لتنعموا جميعا بجو أسرى حميم.
تثقفا معا ثقافة تربوية واحلما معا وحاولي أن توقظي مشاعر الأبوة الفطرية الكامنة لدى زوجك.. ساعديه ليحلم بهما ويتخيلهما في الغد ويتخيل علاقتهما الحميمة به.. كوني ملهبة لهذه المشاعر فنحن نتحرك وفق مشاعرنا.. وتفكيرنا يتحرك وفق هذه المشاعر التي يشعر بها ويتخيلها بحواسه جميعها.
- من أهم ما يسهم في زيادة الدافعية في المشاركة الوالدية والأسرية بشكل عام هو ما توصليه لزوجك كتوقع؛ فالمرء عند ظن أخيه؛ فلا توصلي لزوجك مخاوفك بل وصلي إليه ثقتك في أبوته الحانية. ولا تدفعيه دفعا ليستشعر الأبوة.. ولكن أعطيه الوقت ليستشعرها وساعديه على ذلك بالحب لكليهما.. تذكري أنك أساس الحب في منزلك الصغير.
- وصلي لزوجك تفهمك لعدم القدرة على الإحساس القوي بطفليه في هذا التوقيت وأعلميه أنك تنتظرين اليوم الذي يكبر فيه الصغيران وأنك متأكدة أنهما حينها سيكونان رابطة من الأصدقاء.. ولا تجعليها حربا بل اجعليها مشاركة؛ ساعدي زوجك ليحدثك عن مشاعره وأهم ما في الأمر قبولك لهذه المشاعر؛ فالإنسان لا يتحدث لأي شخص يرفض مشاعره.. وهناك فرق كبير بين أن أفهم مشاعرك وأقبلها وبين أن أوافقك على تبعاتها..
المهم في العلاقة الزوجية أو أي علاقة اتصال ناجحة هو الاستماع بتفهم وقبول المشاعر.. فليس بنا سلطان على مشاعرنا.. فيمكن فعلا لزوجك ألا يكون لديه هذا الإحساس القوي بطفليه الآن ولكن يمكن لهذا الأمر أن يتطور وأقوى محفزات تطويره علاقتك القوية به هو شخصيا.
- الإنسان لا يقبل على ما يدفع كرها له.. ولكن يدفع إلى ما يحرك مشاعر جميلة لديه ويحب التواجد في المكان الذي يمده بالأمان ويحقق فيه ذاته.
- إذا شعر زوجك أنك تتهمينه بالتقصير وعدم الكفاءة في دوره كزوج وأب.. فلن يحب أن يتواجد في المكان الذي يذكره بهذا الشعور.
ساعديه ليحبك ويرتبط بك ومن ثم بأسرته الصغيرة.
وتبقى جملة أتمنى لو علقت في مكان بارز في بيت كل زوجين:
"كل منا لديه احتياج طبيعي للاهتمام والحب والتقدير والقبول.. أينما وجده ود البقاء".
- على أن ترتيب أولويات الاحتياج تختلف بين المرأة والرجل، وهو ما يمكنك الاطلاع عليه في موضوع:
- آدم من المريخ.. حواء من الزهرة.
يتطلب هذا فهما دقيقا لما يشعر زوجك به إزاء وظيفته الجديدة كأب فتحدثا بانفتاح عن هذه التجربة؛ بل تدربا على التحدث في كل التفاصيل وعبرا عن كل المشاعر.. قصص عن آباء على لسان آباء.
ويبقى لدى بعض الأسئلة التي أتمنى من الأزواج والآباء أن يشاركوا بالمناقشة حولها:
1- ما الذي يحدد نجاح الرجل في وظيفته الزوجية والوالدية؟
2- ترى ما أسباب عدم تورط الأب العربي خاصة في التربية بشكل فعال؟
3- ما الحلول والأفكار المقترحة؟
وفي انتظار رسالتك.. ومشاركات الزوار.. والله المستعان.
أرجو مطالعة هذه الموضوعات:
- راعي البستان كيف يعود
- في التربية هدف أو لا هدف
ـــــــــــــــــ(104/278)
التحاور لعلاج غربة الوطن ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، إخواني الكرام، أنا أم لثلاثة أطفال نعيش في بلد أوربي، وبعد حوالي 10 سنوات قررنا العودة للوطن، وسنرجع بعد شهور بإذن الله، أنا متوكلة على الله تعالى في كل ما سيحصل هناك، ولكني في نفس الوقت علي أن أحضر إجابات لأطفالي؛ لأنني متوقعة منهم الكثير؛ ستتغير عليهم اللغة سيتعبون في البداية كثيرا وسأتعب معهم، ستتغير عليهم الحياة من كل النواحي.
أريد أن أعرف كيف أتعامل معهم بادئ الأمر؟ وكيف أتعامل مع نفسي ومع الضغوطات التي سأواجهها؟ كيف سأستطيع أنا وأولادي بعد كل هذه الفترة الطويلة الانسجام مع الأهل والناس؟ مع العلم أننا لم نزر الوطن من تلك المدة التي خرجنا منها.
أرشدوني كيف سأتعايش أنا وأولادي مع هذا الوضع الجديد؟ ما هو دوري تجاه أولادي في مساعدتهم على التأقلم مع الوضع الجديد جدا والغريب عليهم جدا؟ بارك الله بكم، وجزاكم الله خير الجزاء، أطفالي في عمر سنتين و5 سنوات و13 سنة.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د. مأمون المبيض ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... شكرا لك أيتها الأم على سؤالك وزادك الله حرصا على خير أولادك.
بالطبع سيتغير الجو كثيرا على الأولاد، ولكن عليك وعلى زوجك أيضا، ولكن ليس هذا بالضرورة تغيرا سلبيا، فقد يكون إيجابيا، وهذا أهم أمر تنقلينه لأولادك في مرحلة تأهيلهم للانتقال للبلد "الأم".
وكونك وزوجك تعملان بالتعليم فأنتما تدركان أهمية الحديث، مجرد الحديث مع الأولاد على هذه النقل النوعية من البلد الأوربي للبلد العربي. وهناك أمور كثيرة يمكن أن تعين في تأهيلهم أذكر منها مثلا:
- عرض الموضوع بشكل إيجابي متحمس، وأن في هذا الانتقال خيرا كبيرا لكل الأسرة.
- اشرحي لهم أنك أيضا سيكون أمامك بعض التحديات في التأقلم مع الجو الجديد، وأنك عازمة على تقديم أفضل ما عندك للمواجهة، هذا سيشعرهم بالاطمئنان أنهم ليسوا هم فقط من يواجه بعض التحديات.
- عرفيهم بأفراد الأسرة الممتدة من طرفك وطرف أسرة زوجك، ويمكن للصور أن تعين كثيرا.
- تحدثي لهم عن بعض المشاهد الجميلة في البلد، والأشياء الممتعة التي يقوم بها الناس هناك ليتشوّقوا للذهاب.
- اشرحي لهم أن كل مجتمع له إيجابياته وسلبياته، ولا بأس أن تتعرضي لبعض السلبيات الاجتماعية مثلا كي يتهيئوا للجو الجديد.
- تحدثي لهم، وزوجك أيضا، عن ذكرياتك في البلد وخاصة في أيام طفولتك.
- تعاونك وتفاهمك مع زوجك في كل هذا سيعين كثيرا، خاصة أنني أشعر أن الكثير من التردد والحرج من الذهاب ربما يعود لبعض الصعوبات لديكما بدل أن تكون صعوبات الأولاد.
وتذكري أيضا أختي الكريمة أن هناك الكثير من الأسر التي تعود للبلاد وتتمكن من التأقلم المناسب مع الجو الجديد. والله الموفق.
ـــــــــــــــــ(104/279)
الأبوة شعور مختلف ... العنوان
الأبوة كلمة تحتوي على الكثير من المشاعر والأحاسيس منذ أن يعلم الرجل أنه سيصبح أبا، ولكن أتصور أن مشاعر الأبوة تحتوي على أكثر مما نعلمه نحن النساء؛ فقد تكون الأحاسيس لها طابع آخر غير أحاسيس الأمومة التي نتشوق للاستمتاع بها جميعا، فماذا عن تلك المشاعر منذ أن تعلم أنك ستصبح أبا؟ وكيف هيأت نفسك لهذه المرحلة الهامة من حياتك؟ وما هي الطريقة التي تمنيت أن تربي طفلك بها؟
وماذا عن مخاوفك؟ وما الذي وجدته مخالفا لما حلمت به وتوقعته؟...
أسئلة كثيرة دارت بعقلي، ولكن الإجابة عليها ستكون من خلال مشاركتكم معنا.
كانت هذه هي مداخلة على ساحة الحوار "شاركنا سنة أولى أب" ، وجاءت الردود على هذه المداخلة متنوعة ومتعددة، ولكن استوقفتني مشاركة شعرت أن من واجبي أن أطرحها على جمهور صفحتنا الأعزاء.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
... ... الحل ...
...
... لأنها ابنتي:
أنا لها كما تحب، وفوق ما تحب..
تتمايل المباني بذكرها، تتوه المعاني من همسها، أريج الحياة أنفاسها.. ابنتي عندما أقترب من داري، أصعد الدرجات، يدق قلبي دقات، لا يصدق أنه سيلتقي بمهجته، سر سعادته، نهار عيني، قمر ليلي، فردوس وجودي، سكن أنيني، شوق حنيني،.. ابنتي وهبتني معنى الحب، متى ضاقت بي الدنيا برؤيتها يزول الكرب، لا هم لي سواها، وأحمد ربي ليل نهار على وهبي إياها، فبأي لسان أشكره، وبأي طريق أحمده، إنها... ابنتي.
انظروا إليها وهي تقول لي: بابا.. كأنها تعزف لي أعذب ألحان حياتي، أبهى رونق لذاتي، تلهج نفسي بكلماتها، تطرب روحي بنظراتها، يتراقص وجداني بلمساتها.. ابنتي.
كلما أفقت منها غبت فيها، لا أعرف هل أنا سكران بهواها، أم تلك حقيقتي، وما لي حب سواها، فيطاردني ويلازمني أعذب لحن طربت له أذناي.. بابا... لحن..
سامحيني حبيبتي إن غبت عنك بحجة العمل، فاطمئني لا شيء يأخذني منك فأنت المنى والأمل.. طلبوا مني، وسألوني: قل عنها ما نريد أن نعرفه، قلت وأجبت: هل تعلم الحب منها أم ما زال في مرحلة الطفولة؟
كان الدفء قبلها بردا وصقيعا، والفرح بدونها حزنا وغريقا، والأمل تائها وضائعا. حضنك ابنتي يهبني حياتي، إدراكي لذاتي، شعوري بكل كياني؛ فهل سيدركني اليوم الذي أراك فيه تكبرين، تترعرعين، تعلمين؟ كم كان أبوك محبا لك، عاشقا لاسمك، هائما بوجودك؟..
هل سيمتد بي العمر لأراك تحققين ما تتمنين، وأزفك لمن اختاره لك الله، وهل ستتذكرين أن أباك كان لك بمثل هذا الحب والحنان؟
أترك لك تلك الرسالة: عندما تطالعينها فاعلمي أني كنت لك فوق ما تتخيلين.
رسالتي تلك تحكى لك عني تخبرك أن بابا حبيبك "كان زمان عايش عشانك حضنه أمانك"، قلبه الكبير كان (لك كل) الحنان ابنتي، عشق عمري، اعلمي: أني أمسكت عن الكتابة، لأني إن استرسلت فلن يصدق الوجود ما أكتب، هذا ما برز للعيان، فما بالك بمكنون البيان.
لن تعلمي كم لأجلك عانيت؛ لأن وجودك وأمنك وأمانك عندي كان هو الأهم، الآن تطمئن روحي، وتهدأ نفسي، ويسكن وجدان، ويستقر قلبي.
والدك.. الذي يتمنى أن يكون دوما سكنه وجدانك قلبك فؤادك روحك عقلك كيانك. دوما لك كما تحبين، وفوق ما تحبين وتتمنين فاطمئني.. اطمئني.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ـــــــــــــــــ(104/280)
تعديل سلوك طفلك يحتاج إلى وقت ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله أعاني من نفس المشكلة.. فابني محمد (10 سنوات) الآن ولكنه لم يتخلص من العصبية والاعتداء على أخيه الأصغر منه بـ 15 شهرا وعلى الآخرين بما فيهم أنا.. لاحظت عليه هذا السلوك منذ كان في الثالثة.. أخذته لأطباء نفسيين فلم أستفد شيئا بل على العكس فقد زادوا الطين بله عندما شخص أحدهم حالته بالاكتئاب وكتب له أدوية كانت في منتهى الخطورة على صحته العقلية.. ثم عرضته على خبراء تعديل سلوك فأفادوني بأنه يعاني من قلة الحنان فغيرت أسلوبي معه في التعامل وأحطته بالكثير من الاهتمام والحنان والحب وتغاضيت عن الكثير من اعتداءاته الخطيرة على أخيه والآخرين إلا إن ردة فعله كان ينطبق عليها "من أمن العقوبة أساء الأدب"..
للعلم محمد وأخوه أيتام فقد توفي أبوهما عندما كان عمر محمد أربع سنوات.. للعلم أيضا كنت كثيرا ما أفقد أعصابي لتصرفاته غير المقبولة فأضربه ثم اكتشفت -بعد قراءة نصائحكم- بأن الضرب لن يحل المشكلة فتوقفت عن هذا العقاب واستبدلت الحرمان به، مثل شراء الحلويات لفترة أو الحرمان من أحد ألعابه لفترة أيضا، وما زلت مستمرة على هذه الطريقة مع إحاطته بالحب والحنان والاهتمام... علاقتي معهما مبنية على الحوار...
مشكلتي أن محمدا إلى الآن لم يتغير وما زال عصبيًّا ويعتدي على الآخرين لأتفه الأسباب ولا يحتمل أن يغلط فيه أحد ولو بالخطأ ونظرته دائما أن الآخرين مخطئون وهو المظلوم حتى لو كان هو المعتدي..
فمثلاً إذا ضرب أحد زملائه في عينه يبرر بأن زميله هو الذي قرب عينه من يده فانضرب!!..وأي مناقشة معه لتوضيح اعتدائه تؤدي إلى عصبيته وقوله: أنتم دائماً تصدقون الآخرين ولا تصدقوني. أرجو النصح والمساعدة. وجزاكم الله كل خير. أختكم أم محمد..
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته –سيدتي- بارك الله لك في ولديك وأعانك على تربيتهما..
إن مشكلة العصبية لدى الأطفال أصبحت شكوى كثير من الأمهات في الآونة الأخيرة؛ نظرا لضغوط الحياة اليومية التي تمثل ضغطًا عصبيًّا عليهن؛ وهو ما ينعكس على أبنائهن، كما أن ما نطلبه من أبنائنا يفوق احتمالهم من كثرة الأوامر والنواهي وهذا نتيجة لتركيزنا على كل صغيرة وكبيرة يقومون بها وعندما تزداد أوامرنا لهم يضيقون ذرعا بها فيبدءون في مخالفتها والتمرد عليها، ويترتب على ذلك مضاعفة إحساسنا بالفشل فيزيد من توترنا وعصبيتنا معهم فنلجأ للضرب وللتعامل معهم بعصبية وهكذا ندور -نحن وهم- في حلقة مغلقة إلى أن يبدأ الآباء -كالمعتاد- في شد طرف هذه الدائرة كي تُحل وهو ما سنحاول فعله الآن في خطوات عملية:
أولا أحييك على أنك استطعت اكتشاف عصبية محمد مبكرا وحاولت مساعدته في سن صغيرة وخيرا فعلت حينما لجأت لخبراء تعديل السلوك، ومن الجميل حقا أن نستطيع تغيير أسلوبنا مع أبنائنا بما يتفق مع الجانب التربوي الصحيح لكني أخشى سيدتي -وكما فهمت من رسالتك- أنك بالغت قليلا فيما نصحوك به فأغدقت على ابنك الحنان وتغاضيت عن أخطائه إلى الدرجة التي وصل فيها إلى ما وصفته بها: "من أمن العقوبة أساء الأدب" ولكي نصل لمرحلة وسطية في هذا الأمر تعالي نستعرض هذه الاقتراحات التي أسأل الله تعالى أن تعينك:
1. عليك أن تراقبي نفسك أولا وهل تتعاملين معه بعصبية ولا أقصد الضرب بل أقصد عدم احتماله واحتمال تصرفاته والصراخ في وجهه في أوقات كثيرة، فإن كنت كذلك فأنا أدعوك لقراءة استشارة نصائح ذهبية لعلاج العصبية لتساعدك على الحد من هذه العصبية.
2. حينما نتعامل بهدوء مع أبنائنا سينعكس ذلك على سلوكياتهم هم أيضا، ويبدأ هدوء نسبي في تصرفاتهم ولا أعني أن تنتظري حتى تهدئي ثم تبدئي في التعامل مع مشكلات أبنائك بالطبع لا، فهذا أمر غير منطقي، ولكن ليس كل ذلك في توازٍ، بمعنى أن تبدئي في تهدئة نفسك وفي نفس الوقت تتعاملين مع ولديك وفق الخطوات التالية.
3. تعاملي معهما بحب ورعاية واهتمام والصورة العملية لترجمة هذا الحب والاهتمام هو: التنزه معهما بشكل دوري وأن تشتركي معهما في أنشطة خارجية اجتماعية (المساهمة في جمعيات خيرية وأهلية إن أمكن ذلك) وفي اللعب معهما وإضفاء روح المرح على البيت.
4. أنا أؤيد تغاضيك عن أخطاء محمد، ولكن ليس بشكل مطلق بل عندما لا يدرك أنك ترينه وهو يخطئ، وأما إذا أدرك رؤيتك له أثناء ارتكاب الخطأ لا بد أن تعلقي على ذلك ولو بنظرة عاتبة غاضبة حتى يشعر بعدم إقرارك إياه على الخطأ.
5. وحينما يبدأ في الاعتداء على الآخرين أو في العصبية لا بد أن تكوني حازمة في هذا الأمر وأن توضحي له بقولك: أنا أدرك تماما أن كل منا يغضب ويثور ويتضايق أحيانا، ولكن إذا عبر كل منا عن غضبه بالضرب وإيذاء الآخرين فهذا يعني أن كل منا سيكره الآخر بل ويحاول الانتقام منه؛ ولذا لن أسمح بمثل هذا مرة أخرى، ولكن عليك إذا أحسست بأنك غاضب وتود أن تضرب أحدا فاذهب فورا واغسل وجهك أو غير مكانك أو ابتعد عمن سبب لك هذا الغضب لتهدأ وتعالج الأمر بروية".
6. لا بد أن يتساوى هو وأخوه في هذا الكلام، ولا بد أن يتضح من حديثك معه أنك لا تعنينه هو بصفة خاصة بل إنه ينطبق على كل من يحاول الإساءة للآخر وعدم ضبط النفس.
7. عندما يتكرر منه هذا الأسلوب حاولي أن تجلسي معه وتوضحي له أن الأمر أصبح مشكلة وعليه أن يفكر في حل لها، ويمكنك مساعدته في هذا بكتابة كل الحلول ليتخلص من هذا العيب بعد أن توضحي له بطريقة حانية حازمة بأن هذا السلوك سيؤدي بابتعاد الناس عنه كما أنه سيخسر بذلك أصدقاءه وأحبابه يوما بعد يوم و يمكنك الاطلاع على استشارة " القدوة لعلاج مشاكل المراهقة". لمزيد من التعرف على طريقة حل المشكلات مع الأبناء وهذه الاستشارة وإن كانت خاصة بالمراهقة لكن أسلوب حل المشكلات هذا يصلح لمراحل عمرية مختلفة).
8. عليك أن تعلميه التدرج في التخلص من هذا السلوك العصبي بمعنى أن تقوما بعد المواقف التي تعرض فيها لإثارة الغضب واستطاع أن يضبط نفسه فيها ولو نجح في البداية في موقف واحد على مدار اليوم حتى لو كانت المواقف كثيرة فعليك الثناء عليه وتحفيزه بالاستمرار في المحاولة حتى تزداد عدد مرات ضبطه لنفسه.
أما عن شعوره بالظلم وأن الآخرين هم المخطئون في حقه فربما تكون أسباب ذلك: أنك في بداية شجاره مع أخيه تحاولين دائما الدفاع عن الصغير فهذا يزيد من غيرته من أخيه إلى جانب إحساسه بأنك دائما تقفين في صف الأخ الأصغر، وقد يكون السبب فقده للأمان، أو فقده لوالده وشعوره بأنه حرم منه مبكرا، أو لأنك تعرفين مسبقا بأنه هو الذي يثير المتاعب فتصدرين حكما عليه قبل أن يبدأ في الدفاع عن نفسه في أي موقف يصطدم به مع الآخرين... ويمكن علاج ذلك الأمر عن طريق:
1.عندما يحتكم إليك في مواقف الشجار أو التصادم مع غيره لا بد أن تستمعي لكل الأطراف جيدا كما يجب ألا تصدري حكما على أحد بأنه أخطأ في حق الآخر بل عليك أن تقولي: "لقد استمعت جيدا لكل الأطراف وأنا بدوري أسألكم من تظنون أو تظنان (إذا كان الخلاف بينه وبين أخيه) المخطئ وما هو الحل من وجهة نظركما وعليك بسماع أقوالهما وكل هذا سيشعر محمدا أنك عادلة وغير متجنية وحتى إذا حكمت لصالح أخيه فإنك ستوضحين سبب ذلك دون أن تلقي باللوم أو الاتهام لمحمد ودون أن تعيبي عليه سلوكه الذي سلكه في أثناء التصادم.
أعلم أن الأمر سيكون مرهقا في بداية الأمر؛ لأن الشكوى ستتزايد باعتبار أن هناك أذنا تسمع، لكن الهدف الأساسي أن نرسخ بعض القواعد المهمة الخاصة بالشجار (يمكن لمزيد من الاستفادة الاطلاع على عدد من الاستشارات تناولت موضوع الشجار، وأنصح بأن تبدئي باستشارة الزميلة مي حجازي وهي بعنوان شجار الصغار كيف يدار
2. لا بد أن تتعاملي مع كل موقف يحدث مع ولديك وكأنه موقف جديد لم يتكرر، أعلم أن هذا الأمر غاية في الإجهاد والتعب لما يتطلبه من قدرة عالية على المرونة والصبر والمثابرة لكنه في ظل الوصول للهدف الأسمى وهو تنشئة شخصيات سليمة سوية يهون كثير من التعب.
3. عندما يشعر ابنك أنك بدأت تستمعين إليه وأنك لا تتسرعي في الحكم عليه ربما أدى ذلك إلى اطمئنانه ورغبته في إرضائك خاصة أنك تحاولين إضفاء روح المرح على البيت وتقومين باللعب معهم.
4. في هذه المرحلة من عمر ابنك يحدث ما يسمى بالتوحد الجنسي أي أنه يلتمس قدوة من نفس جنسه ليقتدي بها ويتفاعل معها ويعتبرها مثله الأعلى؛ ولذا فمن المهم جدا أن نتوسم الخير في أحد معارف الطفل أو أقاربه أو مدرسه بالمدرسة ليقتدي به، مع محاولة غرس حب الرسول صلى الله عليه وسلم فيه بطريقة محببة إلى نفسه ليكون له نعم القدوة والأسوة الحسنة والأطفال في مثل سن محمد يشعرون بفخر وحب لمن لهم مواقف بطولية فيمكنك استخدام بطولات الرسول ومواقفه الشجاعة إلى جانب قصص لبطولات الصحابة.
5. ابنك على مشارف مرحلة المراهقة وهو يحتاج إلى طريقة تختلف تماما عن طريقة التوجيه والنصح المباشر فهو يحتاج إلى تفهم مشاعره واحتياجاته والحوار الذي لا يصدر آراءه وأفكاره (يمكنك الاطلاع على ملف المراهقة الذي أعدته الزميلة هبة صابر بعنوان ثورة المراهقة خصائص ومشكلات
6. وأخيرا لا تتم كل الخطوات السابقة إلا إذا تحلينا بالصبر والمثابرة ومنحنا وقتا كافيا للطفل حتى يعتاد السلوك الجديد المرغوب فيه ويبتعد رويدا رويدا عن السلوكيات غير المرغوب فيها.
وإذا لم تفلح معه كل الخطوات السابقة فحينئذ لا يبقى أمامك إلا المتابعة مع خبراء في تعديل السلوكيات ليباشروه بشكل شخصي.
وفي ختام رسالتي أدعو الله أن يسدد خطاك ويوفقك لما يحب ويرضى..
ـــــــــــــــــ(104/281)
خطوات لعلاج غيرة طفلك الأصغر ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخواني الأفاضل يسرني أن أبدي إعجابي الشديد بمجهوداتكم الجبارة وآرائكم الحكيمة التي تقدمونها لمن يطرح مشكلته بين أيديكم، وهاأنا الآن أطرح عليكم مشكلتي مع طفلي (رامي 7 سنوات، ورياض 5 سنوات)، رامي متفوق جدا ونشط ومطيع، أما رياض فهو العكس تماما، ورغم حرصي الشديد على العدل بينهما في كل شيء فإن غيرة الصغير من الكبير واضحة وضوح الشمس؛ فهو يزاحم أخاه في كل شيء، ويريد أن يكون الأول إذا أكل، وإذا شرب، وإذا استحم؛ حتى قضاء الحاجة يحب أن يدخل هو الأول وليس الثاني، وإلا رفض الدخول نهائيا، أشتري له من الكتب المسلية ما أشتري لأخيه فهو لا يعترف بالفارق بينهما في المستوى علما بأنه بطيء الفهم كثير النسيان صعب التعامل والإرضاء؛ فإن عجز عن كتابة حرف يرفض تماما التدرب على كتابته.
حاولت معه باللين تارة، وأعنفه تارة، وكل ذلك لا يجدي؛ حتى إن الكبير صار يظلم بسبب أخيه الأصغر؛ لأنني أحاول إرضاء الأصغر لتفادي صراخه الذي لا يكف، وأشعر أن هناك تقصيرا لحق بالكبير، وكل هذا وبدون فائدة أعيش في بيت العائلة؛ لأني مطلقة، وهم يميلون للأصغر أكثر لأنه ظريف وكلماته المتعثرة تضحكهم فيقول دائما أنا عرفان (أي يعرف كل شيء)، لا ينقصه الذكاء إلا في الدراسة. أما رامي فإعجابنا به إعجاب من تراه أكبر من عمره، وهو حقا أكبر من عمره.
سامحوني على الإطالة، وأرجو أن ترسموا لي الخطوط التي أتبعها ليخفف رياض غيرته من رامي، ويدرك الفارق بينهما ليتحسن تركيزه ويقل نسيانه وتخف مزاحمته لأخيه..
جزاكم الله خير الجزاء على هذا العمل المتميز.. ولا نجد إلى أن ندعو لكم الله بالتوفيق، وأن يأجركم على ما تقدمونه لنا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سيدتي، نشكر لك ثناءك، ونحمد الله على فضله ومنه علينا بالعمل في حقل ينفع الناس، ونسأله تعالى أن نخلص النية والعمل..
سيدتي هناك أمران لا بد من الوقوف عندهما قبل البدء في الرد على استشارتك: أولهما توضيح معنى العدل والمساواة بين الأبناء في التعامل؛ فالعدل بين الأبناء -كما وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكون في الاهتمام والرعاية والتقبيل والحب وعدم إبخاس حق أحدهم، أو إعطاء أحدهم حقا لا يستحقه على حساب آخر...
ومن هنا يتضح أنه ليس من العدل بمكان أن نحاول إرضاء الصغير على حساب الكبير لتفادي غضب الصغير وثورته؛ لكون هذا الكبير متفهما، ويتصرف أكبر من عمره -بحد تعبيرك- كما أنه ليس من العدل أو الإنصاف لكلا الأخوين أن يُشترى للأصغر كتب في مستوى أكبر من سنه حتى لا يغضب وحتى لا يشعر بالغيرة من أخيه الأكبر؛ فهذا يؤدي إلى زيادة إحساسه بل وإحساسكم أنتم أيضا بعدم فهمه أو كما وصفته بأنه بطيء الفهم، فضلا عن تماديه في شعوره بالغيرة.
الأمر الثاني: من النادر أن نجد الأخ الأصغر هو الذي يغار من الأكبر، وغالبا يكون السبب في ذلك أحد أمرين؛ إما أن الأصغر دُلل أكثر مما ينبغي إلى درجة أنه يُلبى كل رغباته؛ بحيث لم يعد يحتمل وجود آخر له متطلبات ورغبات مثله، أو أن كل أو جل المدح والثناء والحب يستأثر به الكبير دون الصغير.
وإليك الآن عدة اقتراحات تحد من هذه الغيرة:
1. أظهري الاهتمام والحب والعطف لكلا ولديك دون تمييز بينهما.
2. عززي سلوكيات كل منهما الجيدة أمام الآخر؛ بمعنى أنه إذا تصرف رياض بشكل جيد في أمر ما فعليك الثناء عليه وإظهار فخرك بما فعل أمام أخيه، وكذلك الحال مع رامي حتى يدرك كل منهما أن للآخر مزاياه التي تستحق الثناء والاهتمام منك وأنهما في حبك سواء.
3. إن شعور رياض بأن أخاه يتميز عليه بمهارات وقدرات تفوقه يجعله يشعر بالغيرة إلى جانب افتقاده الثقة بالنفس؛ مما يزيد من عصبيته وتسلطه؛ لذا فحاولي -سيدتي- تنمية قدرات كل منهما؛ فمثلا إذا وجدت رياض يميل إلى الرسم أو التلوين أو الفك والتركيب أو لديه أية مهارات أخرى فشجعيه؛ فإن كان يميل إلى الرسم مثلا فعلقي ما يرسم في حجرته، أو اجمعا معا هذه الرسومات، ونظما معرضا داخل حجرته، تدعيان فيه باقي أفراد الأسرة لمشاهدته، وافعلي ذلك مع رامي أيضا بحيث يتأكد كل منهما أن لديه قدرات ومهارات خاصة به تميزه عن غيره.
4. اشتري لكل منهما ما يناسب سنه في كل شيء لا في الكتب فحسب، وذلك بعد الاتفاق معهما؛ فإن غضب رياض وثار فوضحي له أنك لا ترضين عن مثل هذا السلوك، وعليه أن يكف عن هذا، فإذا تمادى فلا ترضخي لما يرغب، ودعيه حتى يهدأ من تلقاء نفسه مهما أخذ من وقت، وكل ما عليك هو الصبر؛ لأنه يختبر فيك قوة تحملك لهذا الصراخ، ومتى ستلبين رغباته.
5. حاولي التفاهم مع أسرتك على أن يساووا بين رامي ورياض من حيث الاهتمام وإظهار الحب، وألا يفرقوا بينهما؛ بل التفاهم معهم في أن تكون سياستكم جميعا واحدة أو متقاربة في أسلوب التوجيه والتربية بشكل عام لكلا الطفلين.
6. عليكم جميعا الكف عن الحديث عن عيوب الطفلين أو الشكوى منهما أمامهما أو أمام أي أحد؛ فلا تقولوا على سبيل المثال: لقد أصبحتَ متعِبا يا رياض، أو أصبحت تصرفاتك لا تطاق.
7. عدم المقارنة بين الطفلين في أي من تصرفاتهما أو شخصيتهما؛ فلا تقولي على سبيل المثال: "لماذا لا تتصرف مثل رامي؟ فهو مهذب ومؤدب، وإذا طلب شيئا لا يبكي ولا يصرخ مثلك".
8. عند رغبته في أن يكون الأول في كل شيء فلا تستجيبي لهذا الطلب، ولكن اجعلي الأمر طبيعيا، فإذا أراد أن يذهب لقضاء حاجته أو لغسل يديه أولا وقبل أخيه مثلا؛ فإن كان هو أول من انتهى من تناول الطعام فمن حقه آنذاك أن يكون أول من يغسل يديه، وإن لم يكن الأول فليس من حقه الاعتراض أو التسلط، على أن يكون الأول، وأما إذا اعترض وتمرد فلا تطاوعوه في هذا، ولكن بشيء من الود والحزم أفهموه أن من انتهى أولا من حقه أن يغسل يده أولا، وهكذا في كل أمر حتى يعتاد أن هناك آخرين لا بد من وضعهم في الاعتبار، والأمر عام لا يخص رياض ورامي وحدهما بل يخص كل من يعيشون معهما.
9. عليك بممارسة بعض الألعاب مع ولديك، وعند اللعب لا بد أن يكون كل من يلعب عرضة للمكسب والخسارة.
10. اجعلي لكل من طفليك نصيبا منك، كل على حدة؛ بمعنى أنه يمكنك أن تخرجي أنت وأحد ولديك مرة ومع الآخر في مرة أخرى لتتسوقا سويا أو تتنزها في مكان محبب إلى من تتنزهين معه، وابدئي هذا الأمر بعمل اقتراع بينهما فيمن يبدأ معك الخروج، ولا تنتهزي الفرصة أثناء هذا التنزه أو حتى التسوق لإلقاء المواعظ والنصائح على ابنيك؛ بل تحدثي مع كل منهما فيما يحب أن يتحدث فيه، وإن آثر الصمت فاحترمي رغبته في ذلك.
أما للنقطة الأخرى التي أثرتها عن بطء فهم رياض وكثرة نسيانه فهو أمر يحتاج إلى مزيد من الإيضاح؛ فلا أدري ما المعيار الذي بنيت على أساسه هذا الحكم؟ أهو مقارنة بأخيه أم مقارنة بأترابه أم هذا ما قالته مدرساته برياض الأطفال أم ملاحظتك أنت الشخصية؟ وما هي علامات هذا البطء؟
وإذا كان حكمك هذا قائما على ما ذكرت في رسالتك بأنه إذا عجز عن كتابة حرف رفض التدريب على كتابته؛ فإن هذا ليس بدليل على الإطلاق لبطء فهمه، ولكن يمكن أن يرجع هذا لعدة أسباب؛ إما لرفضه لأمر المذاكرة أصلا، أو لأن الطريقة التي يستذكر بها طريقة مملة بالنسبة له، أو لأنه يحرم من اللعب من أجل أن يجلس للمذاكرة. وأيا كانت الأسباب فهي على أي حال لا تندرج تحت بطء الفهم؛ لذا أرجو أن ترسلي مزيدا من التفاصيل بالإجابة عن الأسئلة السابقة مع ضرب الأمثلة لما تقولين حتى يكون الرد صحيحا وموافقا لما تطلبين.
ـــــــــــــــــ(104/282)
راعي البستان.. كيف يعود؟ ... العنوان
أنا أم لعشرة أطفال، وأنا ربة بيت أعاني من غياب زوجي في البيت، فهو يقضي أغلب وقته خارج المنزل ويعود إلى البيت ليلاً، وإذا ما جلس في البيت يكون حضوره جسديًّا فقط يعني يجلس عند التلفاز ويقرأ الجرائد.. ماذا أفعل معه؟ وهل سيؤثر غيابه المتواصل على الأطفال؟ ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأخت الكريمة.. شكرًا على رسالتك الطيبة القصيرة جدًّا، وأظنك برسالتك المختصرة تعبرين عن ألم الكثير من أسرنا العربية التي يتنحى راعيها -بنسب متفاوتة-ولأسباب مختلفة.
حبيبتى.. إنك تتحدثين عن حياة كاملة أثمرت عشر زهور، ثم تسألين باختصار شديد وعمومية شديدة: "ماذا أفعل مع راعي البستان الذي تنحى؟ وهل سيؤثر غيابه على زهوره التي بذر بذورها وتنحى عن تعهدها؟!!!".
وسأجيبك أختي الكريمة باختصار أشد: نعم.
نعم يؤثر غياب الراعي تأثيرًا عميقًا، وما علينا إلا النظر للفرق بين حديقتين؛ أولهما يتعهدها راعيها والثانية تخلى عنها الراعي، وبين هذه الحالة وتلك نسب وأشكال متفاوتة للتخلي، وبالطبع تتفاوت أيضًا النتائج!.
أما السؤال الثاني: ماذا أفعل معه؟
فهذا بالطبع يحتاج لمزيد من التفصيلات من جانبك ننتظر الإجابة عليها.وسنحاول معًا طرح التساؤلات التي تمكنا من رؤية أوسع للموضوع:
- ما صفات زوجك: مزاياه - مرجعيته - طريقة تفكيره (مادية - دينية...).
- هل هناك وفاق وانسجام بين شخصيكما؟ ومتى بدأ هذا اللاوفاق؟ ولماذا؟
- متى ولماذا وكيف تراجع دوره في المنزل؟ (من وجهه نظرك وكذلك من وجهة نظره).
- وما حدود دوره الحقيقي منذ الزواج وحتى الآن وهل تغيرت؟ ولماذا؟
- هل تناقشتم في الأمر؟ وما وجهة نظره الشخصية في موقفه؟ وما الذي لا يرضى هو عنه؟
- أي المناطق هي أكثر مناطق التوتر في حياتكما (المالية - الجنسية - وجهات النظر العامة...)؟
- ما علاقته بأبنائه جميعًا (هل تتفاوت)؟ وما إحساس أولادك تجاه هذه العلاقة؟
- والأهم: ماذا تقولين عن الأب في غيابه للأولاد؟
- ما مناطق الاتفاق بينكما (أكثر الأشياء التي تتفقان بشأنها- أكثر الأشياء التي تحبانها معًا- أكثر الأنشطة التي تستمتعان بها معًا- ما هي أكثر الأشياء التي تسبب لكما سعادة مشتركة)؟
- ما اهتمامات زوجك الشخصية؟ ما الأشياء التي يحب ممارساتها؟ ولأي قدر تتشاركان هذه الاهتمامات؟
- ماذا كانت أهدافكما المشتركة؟ وهل اتفقتما بشأن تنفيذها؟ وما العراقيل التي حالت دون وصولكما لهذه الأهداف المشتركة؟
- ما هدفك الشخصي؟ ما شكل الحياة التي تتمنينها؟ وكيف يمكنك تحقيق هذا الهدف من وجهة نظرك؟
- ما هدف زوجك الشخصي؟
- هل تحادثتما حول هذه الأهداف؟ وهل يتعارض هدفكما الشخصي مع هدفكما الجماعي أم أنهما يسيران في خط واحد معًا؟
- لأي حد تظنين رغبة زوجك في الإصلاح؟ وما تصوره لتحقيق هذا الإصلاح؟
- ماذا تقترحين أنت لعلاج الأمر؟ (حاولي ربط الأسباب بالنتائج وفكري في الأمر بحياد).
وهذه دعوة لجميع زوار الصفحة وأصدقائها للمشاركة.
- علينا بالتفكير الجماعي؛ لأن حالة أسرتك ليست حالة فردية، وهي تحتاج للكثير والكثير من التفكير والتمحيص في جذور وأسباب هذا التنحي عن الرعاية.
وقد يساعدنا جميعًا أن نتواصل كمحاولة لفهم أوسع لهذا الموقف الذي يمس بعمق أداء أسرنا العربية والإسلامية في ساحتها الضيقة على مستوى الأسرة، وفي الساحة الأوسع على مستوى المجتمع.
فما أظنه أنه بدون ترتيب كتائبنا الداخلية وضمان فاعلية جميع أفرادها على المستوى الشخصي؛ لا يمكن أبدًا أن نضمن أداء جيدًا على المستوى الأوسع في المجتمع، بل وفي الحياة ككل.
وقد نطرح بعض الأسئلة العامة التي يمكننا بالإجابة عليها استكشاف أوسع للمسألة:
- ما هو دور الأب المنوط به؟ وما دوره في الواقع بالتحديد؟
- ما هي مفردات مهام الأب في حياة أسرته وأبنائه؟ وأي نسبة من هذه المفردات تؤدى بالفعل؟ ولماذا؟
- ما هي الأسباب التي تجعل الأب فعليًّا لا يقوم ببعض أو كل هذه المفردات؟
- ما دور الأم في تمكين الأب من أداء هذا الدور؟
وأحسب أن الأمر يتفاوت كثيرًا في نسبته وشكله وأسبابه:
- وقد يكون في صورته الرائعة للمسؤولية والرعاية.
- وقد يكون التنحي عامًّا شاملاً من كل مسؤوليات الأبوة.
- وقد يكون تنحيًا عن بعض المفردات دون غيرها.
وقد تتفاوت الأسباب أيضًا:
- من عدم معرفة لمفردات الدور.
- عدم المعرفة لكيفية أداء هذه المفردات.
- عدم الرغبة أصلاً.
- عدم الاستقرار الزواجي عمومًا بما يؤثر على أداء دور الأب.
- قد يكون هناك تأثر بعرف سائد يحدد مهام الأب في بعض المساحات دون غيرها.
وكنت قد ناقشت من قبل نضج الأمومة والمهام المتعلقة بهذا الدور وكيفية التأهيل له. وللحق أننا بحاجة فعلية لإنضاج الأمومة والأبوة على حد سواء، وبحاجة مُلحَّة لأن نتشارك في دعم بعضنا البعض بتناقل الخبرة وعرض قصص للنجاح الوالدي، بل نحن في حاجة لإعادة التأهيل لوظيفة أجل وأعظم أن نتعامل معها بهذا الاستخفاف وهذا القدر من التجاهل لأهمية العلم فيه.
وأكرر: الإيمان والعلم هما الخطان المتضافران لنضج الوالدية.. بدونهما لا يوجد أداء والدي سليم، ودون الأداء السليم لن توجد أسرة مسلمة قوية، ودون هذه الأسرة القوية لن يوجد مجتمع مسلم قوي. وبدون هذا المجتمع المسلم القوى...
أرجو أن يكون قد آن الأوان لنتحدث بشكل أكثر تدقيقًا وأكثر تحديدًا وأكثر صراحة؛ لنعيد ترتيب أوراقنا ونتشارك في شبكة للدعم الوالدي الذي نحتاجه بحق، شبكة نبحث من خلالها عن أسباب تدني الأداء الوالدي، ونطرح أفكارًا لتحسن هذا الأداء، بل نعرض لقصص نجاح في بعض مفردات الدور أو جميعها. ولماذا وكيف نصنع هذا النجاح.. شبكة يكون فيها التشارك للجميع والنفع للجميع، فنحن معًا نربي أبناءنا.
ـــــــــــــــــ(104/283)
طفلاي في الغربة.. خوف غامض ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرًا عما تقدمونه لنا وتفيدوننا به. ابنتي في الثالثة من العمر والحمد لله هي ذكية وتحفظ وتتعلم بسرعة، فالحمد لله الآن هي تحفظ قرآنًا ولا أواجه معها صعوبات. السورة تحفظها فقط إذا جلست معها مرتين، والمرة الثالثة والحمد لله تكون قد حفظتها فهي تحفظ مثل أخيها الذي يكبرها بسنة، بل وأسرع منه، لكن أعاني معها من مشكلة وهي أنها لا تلعب مع الأطفال، فقط تبقى جالسة معي ولا تحاول أن تلعب معهم، مع أنني أطلب منها أن تلعب وأصطحبها وأبدأ ألعب معها، ولكن عندما أتركها وأذهب للجلوس تعود وتجلس بقربي، وإذا كان معها شيء تلعب به وجاء أحد وأخذه منها تسكت ولا تتكلم ولا تحاول منعه.
ولكني أنظر إليها وأسألها ماذا؟ فتخبرني بأنها تريده فأطلب منها أن تذهب وتأخذه، ولكنها ترفض فتمسك بملابسي وتطلب مني أن أحضره أنا لها.. كل شيء تريده لا تأخذه بنفسها، ولكن تطلب مني أنا أن أحضره لها هذه مشكلة جديدة هي لم تكن هكذا. هذا حصل فقط بعد أن قمنا بزيارة الأهل في وطننا فنحن نعيش في أمريكا، ولكنها في وطننا كانت قوية وذات شخصية قوية بقيت هناك أربعة أشهر، وعندما عدت هنا تفاجأ أولادي بقلة الاختلاط فهنا لا يوجد اختلاط كثير، فممكن أن يمضي شهر دون أن يرى الأولاد أطفالاً آخرين وخصوصًا في الشتاء فهذا ما حصل أول ما عدت إلى هنا.
الآن في الصيف، أي مكان فيه أولاد أصطحبهم إليه، ولكن المشكلة أن معظم الأطفال أولاد ولا يوجد بنات مثلها، كما أنها حساسة جدًّا جدًّا لدرجة أنها إذا تكلمت مع شخص ولم يسمعها ولم يستجب لها عادت إليّ وهي حزينة ومنكسرة وتحس أنها متأثرة جدًّا، فأنا أصبحت محتارة في التعامل معها داخل المنزل وخارجه لشدة هذه الحساسية لدرجة أني لا أرفض لها شيئًا.
ابنتي الآن تبكي كثيرًا ونكدة ولا تتكلم كثيرًا. التغير الذي حصل عليها أنني اشتريت لها لعبًا عندما عدت إلى هنا وهي متعلقة بها كثيرًا تأكل معها ولا تلعب مع أخيها، بل معها وتتكلم معها حتى أنها تسمي نفسها أمها.
آسفة على الإطالة، ولكن أنا خائفة على ابنتي. هذه المشكلة لم تكن، ولكن ظهرت عندما عدت إلى هنا أو بالأحرى منذ بداية هذا الصيف. ابنتي كانت تتكلم كثيرًا وتسأل كثيرًا، وهذا ما أريد وذات شخصية قوية جدًّا. أنا في خوف وحيرة على ابنتي كيف أتعامل معها وهي في هذه الحساسية المفرطة؟.
الآن أريد سؤالكم: ابني لا يحب اللعب مع جيله، ولكن مع الذين يكبرونه، مع أنه يجد منهم جفاء.. إنه يُصر أن أدخل وأطلب منهم أن يجعلوه يلعب معهم ويتكلموا معه، وهو عندما يلعب يحب أن يتكلم كثيرًا، ولكن لا يتجاوبون معه؛ لأنهم يذهبون إلى المدرسة ويتكلمون الإنجليزية، وهم يحاولون منعه من اللعب، فماذا أفعل؟ أأجعله يستمر أم ماذا أفعل معه؟ وشكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة، ومرحبًا بك، وكم يسعدنا تلقي استشارات من أخواتنا في الغربة؛ إذ يشعرنا ذلك بقدر رائع من التواصل والتعاون فضلاً عن الشعور بالعائلة الواحدة التي تجمع قلوبًا شتى متعاطفة ومتآزرة، على رغم تناثر أصحابها في بقاع الأرض.. لذا أتمنى أن نكون لك عونًا في غربتك، وأهلاً معك دائمًا رغم بعد المسافات.
عزيزتي.. إنك تعانين من مشكلة يعاني منها الكثيرون حال الاغتراب، وهي واحدة من مشكلات التأقلم مع البيئة الجديدة والوجوه الجديدة والملامح الجديدة والألسنة الجديدة، وصدقيني إن تلك المشكلة قد كانت احتمالاتها قائمة بنسبة كبيرة حتى لو كنت داخل بلدك لمجرد الانتقال من مسكن لمسكن أو من مدينة لأخرى.. فتغيير المكان والبيئة وظروف الحياة دون تمهيد كافٍ سواء للأطفال أو للكبار يؤدي بلا شك لصعوبات في التأقلم مع هذا التغيير، ولكنه لا يجعله أبدًا مستحيلاً وهو ما سنحاول الاقتراب منه فيما يلي:
بالطبع إن طفليك قد تأثرا كل على حدة بالتغيير الحادث في حياة أسرتكم، وقد كان تأثر كل منهما عكس الآخر، فابنتك أحجمت تمامًا عن المواجهة أو التعامل مع ما لم تعتده، بينما طفلك ما زال يحاول ويواجه ويلتمس أسبابًا تعينه على اقتحام هذا الواقع الجديد -مثل أن يطلب مساعدتك- لدرجة أن من حوله يتهربون منه، والوجهان من التأثر هما وجهان لعملة واحدة من صعوبة التعايش.. إذن ما علينا هو تيسير هذا التعايش على الطفلين، وتعالي نحاول معًا:
أولاً:
أنت تقررين أن هذا الوضع مختلف عن الطبيعي المعروف من طفليك فهما منطلقان ويحبان الناس، وأن السبب في تراجعهما -بحسب تقديرك- قلة اختلاطهما بالأطفال في مكان إقامتكم الحالي، ودعيني أسألك لم لا يختلطان بالأطفال؟. مما لا شك فيه أن هناك لزوجك في عمله زملاء، ولهم أسر يمكن الاختلاط بهم أو الخروج معهم في نزهات أسبوعية مثلاً.. كما أن المركز الإسلامي في مكان تواجدكم يحفل بلا شك بكثير من المسلمين ناطقي العربية أو غيرها، وهو ما يزيد من احتمالات التعرف على أسر من الوطن العربي أو الإسلامي، ويسمح بحلقات أوسع من العلاقات، ومن ثَم الزيارات، ومن ثَم النزهات وقضاء العطلات بشكل جماعي، وهو ما يسمح لابنيك بالتعرف على الأصدقاء والتعامل معهم بسعادة لاعتيادهم عليهم بكثرة اللقاءات وكثرة الفعاليات التي يشاركونهم فيها.
فعلى حسب علمي أن الاحتفالات بالأعياد الإسلامية والمناسبات الدينية من شهور مميزة كرمضان أو أيام الجمعة أو غيرها يكون متميزًا وممتعًا، وغالبًا ما يخصص منه فقرات سعيدة جدًّا للأطفال، وهو ما يجمعهم ويقربهم.. فضلاً عن الأنشطة التي تمارس في مثل تلك المراكز كمدارس يوم الأحد -باعتباره عطلة أثناء الدراسة- والتي تخصص لحفظ القرآن والأحاديث أو تعليم اللغة العربية.. وغيرها من أنشطة للأطفال من أبناء المسلمين.
أخرج من كل هذا إلى أن استسلامك وتسليمك بأنه لا يوجد لديك فرصة للاختلاط الكافي لسواء نمو أطفالك.. تسليم بأمر غير واقع. كل ما تحتاجينه هو البحث والتنقيب وإشراك ابنيك في هذا البحث والتنقيب. كأن تقولي لهما قبل أن تقابلا أحدًا: "سنقابل اليوم العم فلانًا ولديه من الأطفال كذا.. ستستعدون معهم.. ربما كانت ابنته كبيرة قليلاً لكنها لطيفة.. مثلاً.." بحيث تشوقينهما للقاء وتمهدين لهما بأنه قد يكون هناك مشكلة في المعارف الجدد، لكن لا بد من التغلب عليها، ثم بعد اللقاء: اسأليهما: من أكثر الأطفال الذين أحببتماهم؟ واطلبي إليهما أن تدونا أسماء كل من تكسبون من الأصحاب في كل لقاء وساعديهما في ذلك.
وعلقي في حجرتهما جدولاً -مثلا- من ورق مقوى ملون، به أسماء من يكسبانه كصديق في كل يوم وعمره واسم والده، ويا حبذا لو رقم هاتفه وأول مكان التقيا به فيه.. ويومًا بعد يوم مع البحث والتنقيب المستمر ستزيد القائمة وسيشعر ابناك أن البحث عن الأصدقاء أمر ممتع، وتقوية العلاقة معهم أمتع، ومع تكرار اللقاء مع أصحاب الأسماء المدونة بالجدول أو مهاتفتهم ورؤيتهم في مناسبات متقاربة سيزول لدى ابنيك -إن شاء الله- كثير من مشكلات التعامل مع الأطفال.
ثانيًا:
أرى أن مشكلة اللغة أمر أساسي في تعامل ابنيك مع الأطفال الآخرين، فهما لا يجيدان الإنجليزية لا تحدثًا ولا فهمًا، وبالتالي فتعامل كل منهما مع المحيطين يشوبه الكثير جدًّا من الصعوبات فهم لا يستطيعون فهم الآخرين ولا إفهامهم ما يريدان.. إذن كيف يكون التواصل؟.
هذه المشكلة لها حل من شقين:
1 - محاولة التغلب على مسألة اللغة بتعليمها للأولاد في المنزل ومحادثتهما بها تمهيدًا لإلحاقهما بحضانة مثلاً أو روضة أطفال تعينهما على اكتساب اللغة بشكل أكبر، مع التنبيه على مدرسيهما بمشكلتهما في اللغة ليتم تعليمها لهما بشكل تدريجي لا يزيد من انكماشهما. فضلاً عن دور مثل تلك الخطوة في تكوين صداقات متعددة.
2 - الحرص على اختلاط ابنيك بأطفال من العرب ناطقي الإنجليزية بحيث يمكن أن يتفاهموا باللغتين، فيكتسب طفلاك منهم الإنجليزية وفي ذات الوقت يساعد هؤلاء الأطفال ابنيك على فهم ما يريدان بما لديهما من مفردات عربية.
ثالثًا: مسألة تعلق ابنتك بألعابها أمر طبيعي؛ لأنها تعوض فيها عجزها عن اكتساب الصديقات.. فتصادق ألعابها، ولا تستغربي من ذلك فقد كنت وأنا طفلة أفعل نفس الشيء، وكان لكل دمية اسم وألعب معها وأصادقها؛ لأنه لم يكن لديّ إخوة حتى بلغت 5 سنوات.. فكنت ألعب مع أصدقائي من الدمى، لكن ما يهمني الآن ألا يزيد الأمر بشكل يعزل الابنة تمامًا أو يجعل حلها لمشكلتها هو أن تهرب منها إلى توهم وتخيل الأصدقاء في الألعاب والدمى باستمرار، وبالتالي فعلاج الهم اقتحامه كما أسلفت، ومسألة اختلاط ابنيك بالأطفال بشكل منتظم مع تخير هؤلاء الأطفال وتمهيد ابنيك للقائهم هو أمر حتمي وعلاج ضروري.
رابعًا:
مسألة حساسية ابنتك نعمة وليست عيبًا، والخطأ فيمن لا يستجيب لها وليس في حزنها على هذا الأمر، وبالتالي فلا بد من تنبيه من تكلمه ابنتك إلى أنها تكلمه -لو لم يكن منتبهًا- وتفسير ما تقوله له إن لم يكن واضحًا، والتأكيد عليه بالرد سواء كان طفلاً أو كبيرًا، فلا عيب مطلقًا من أن تقومي أنت بهذا الدور كأن تنادي على الشخص غير الملتفت لابنتك وتقولين له: "إن منى يا عمو أو يا بابا أو يا فلان تقول لك كذا.. ما رأيك؟؟"، وحين يرد اتركي لهما تبادل باقي الحديث معًا وتدخلي عند اللزوم إن تطلب الأمر لفت النظر مرة أخرى. وعلمي ابنتك أن تحاول رفع صوتها لكي يسمع الناس ما تقول مع التبسم والشجاعة في الحديث لكي يسمعوا كلامها الجميل الذي تحبينه، ولكي يعرفوا كم هي جميلة وذكية.
وبالتالي ترفعين ثقتها بنفسها وتشعرينها بأنها جميلة وكلامها جميل وأنها كذا وكذا...، ولكن تحتاج لإظهار ذلك، وعلميها تقنيات إظهار ذلك كما أسلفت، وحاولي مشاركتها في تعرفها على الآخرين أو التواجد بقربها ما استطعت لمساعدتها في تلك المواقف بدلاً من الانتظار حتى تأتيك شاكية باكية، بل حل المواقف آنيًّا بشكل لا يجعل لها أي أثر سلبي، وصدقيني أنا أفعل هذا مع أبنائي، فما من نزهة أو مجال للقاء مع آخرين من خلال زيارة أو خلافه إلا كانت أذناي وعيناي معهم، وجسدي مع مضيفتي بحيث أتدخل لحظة حدوث أي موقف يتطلب تدخلي، وكذلك لأقيم تعامل أطفالي مع الآخرين وتعامل الآخرين معهم ومكامن أي مشكلات لهذا التعامل، وتدريجيًّا يقل تدخلي وأكتفي بالمشاهدة والمراقبة من بعيد، ولكن ليس قبل أن يكون لدى أبنائي من الدعم والقوة والمعونة مني ما يؤهلهم لخوض هذه الغمار وحدهم.
والخلاصة:
لا تحزني على عدم اختلاط ابنتك أو حزنها من صد الآخرين لها، بل ساعديها وكوني معها وعلميها وارفعي ثقتها بنفسها وتدخلي معها عن بُعد في المواقف التي تعجز عن حلها، ولا تتركيها بمفردها تجرب وتواجه وتختلط دون خبرة أو أرض صلبة تقف عليها، ثم تأسفي لإخفاقها.
خامسًا: مسألة إقبال طفلك الأكبر على اللعب مع من يكبرونه أمر لطيف وليس سيئًا، وكثرة كلامه أكثر لطفًا وإن كان يعبر عن وجود مخزون كبير من الكلام لا يجد له تصريفًا، ومن ثَم فهو بحاجة لتصريف جزء منه معك ومع والده ليكون ما يخصصه لأصحابه مناسبًا وليس كثيرًا فوق طاقتهم.. كل ما يحتاجه طفلك هو جسر متين للتواصل مع من ينفرون منه وهو اللغة، فضلاً عن توجيهه إلى أن يكون لطيفًا مع من حوله، فلو أرادوا اللعب فليلعب معهم ولا يجبرهم على الاستماع له.. ولو أرادوا الجلوس والحديث فليجلس معهم ويبادلهم الحديث دون أن يكون له وحده كل الكلام، والأهم من ذلك أن تتعرفي على هؤلاء الأطفال عن كثب لتتعرفي هل المشكلة لديهم، وهل هم من الذين يعانون -ككثير من الأطفال- من مشكلة ما تجعلهم يستمتعون بإحراج من يصغرونهم سنًّا أو من يحاولون التعرف عليهم، أم أن طفلك فعلاً لديه ما يزعجهم وهو ما يحتاج لتعديل بسيط ليسهل التفاهم بينهم.
فإن كانت المشكلة من الأطفال فانتقاء الأفضل من الأصدقاء هو الحل، وإن كانت المشكلة من طفلك فهو في حاجة لتعديل بعض النقاط ليكون فيهم مرجوًّا، ولا مانع من أن تسأليهم مباشرة: "هل تعرفون أن ولدي ماهر جدًّا في لعبة كذا ويعرف كذا؟؟ لم لا تجربون اللعب معه وستفرحون كثيرًا".. بحيث يجيبون عليك بسر المشكلة أو يصيبهم الحرج مما يفعلون فلا يحرجون طفلك، وأعود فأكرر أنه لا بد أن يلتحق طفلك بروضة أطفال -فسنه مناسبة جدًّا- حتى لا يعاني كثيرًا من مسألة اللغة وشعوره بالاختلاف عمن حوله.
أختي الكريمة.. آسفة على الإطالة، ولكن أردت أن أعطي كل جزئية من سؤالك ما يكفيها من المقترحات والتفسير الذي يعينك على ابتكار المزيد من الأفكار للتغلب على مشكلات ابنيك. بارك الله لك فيهما وأنتظر متابعتك قريبًا جدًّا.. أستودعك الله تعالى.
ـــــــــــــــــ(104/284)
القدوة لعلاج مشاكل المراهقة ... العنوان
أجد صعوبة في التعامل معه، لا يتقبل النصائح، غير مجد في دراسته، لعدم اهتمامه يكرر السنة في هذا العام ومع ذلك لا يبذل مجهودا. عندما يرغب في شيء يلح عليه ولا يفارقني حتى ألبي له طلبه، آخر طلب كان له هو إدخال الإنترنت، عارضته؛ لأن الوقت غير مناسب؛ فالامتحانات على الأبواب، لكن إصراره يغلب على مقاومتي له؛ فهو الآن لا يفارق الجلوس مع الإنترنت إلا للذهاب إلى الثانوية.
مع العلم أن مزاجه متقلب؛ فهو مرح مؤدب، لكن إذا لم ألب له طلباته تصرفاته تخيفني؛ فهو يرمي أي شيء وجده قربه حتى لو كانت هذه الأشياء ثمينة.
أنا حائرة في تعاملي معه، خصوصا أن أباه غير موجود لسبب الطلاق، ووالده الآن في بلد آخر غير المغرب، أعاني من طبيعة التعامل معه.
أريد معرفة إن كنت على خطأ في تعاملي معه عندما أحقق له رغباته، هل هناك أسلوب للتعامل معه حتى يتخلى عن عصبيته المفاجئة التي تخيفني في بعض الأحيان. جزاكم الله خيرا، وشكرا جزيلا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أشكر لك -سيدتي- مثابرتك وصبرك وأعانك الله على استيعاب ابنك وتوجيهه وخاصة في هذه المرحلة العمرية التي تتفاقم مشكلاتها يوما بعد يوم، وذلك لما تحدثه الحياة المدنية من تغيرات سريعة أدت إلى اتساع الهوة والفجوة بين الأبناء والقائمين على توجيههم وتربيتهم.
وبالنسبة لاستشارتك -سيدتي- فهناك أمور لم تتضح في رسالتك كنت أود التعرف عليها لتكون الإجابة شافية كافية؛ فعلى سبيل المثال: لم تتضح طبيعة العلاقة بين ابنك وبين والده وهل يعني الانفصال أن الابن لا يتصل بأبيه أو العكس؟ وهل سفر الوالد في بلد آخر سفر مؤقت أم لا؟ وهل للابن مدرس أو خال أو عم أو أي قدوة من نفس جنسه يحترم آراءه ويتخذه مثلا أعلى له؟ وما طبيعة علاقته بأخته؟ وهل هي قريبة من سنه أم لا؟ وهل له أصدقاء أم لا؟.
على أية حال يمكن أن أقترح عليك بعض النصائح التي يمكن أن تعينك في الفترة الراهنة إلى أن يصل الرد على الاستفسارات السابقة:
أولا إن ابنك -سيدتي- في سن المراهقة وهي فترة لها سمات ومظاهر نمو خاصة بها كغيرها من المراحل العمرية الأخرى، ومن هذه المظاهر مظاهر النمو الانفعالي والذي يتضح فيها التمرد على العرف والتقاليد والسلطة التي تتمثل في الوالدين ومحاولة التميز والتفرد وإثبات الذات، كما أن تأثير الأصدقاء والأتراب في هذه المرحلة أقوى من تأثير الآباء، وهم -أي المراهقين- يشعرون أن عالم الكبار عالم منفصل عن أحلامهم وطموحاتهم بل ويشعرون أحيانا بالغربة وبأنهم مضطهدون من هؤلاء الكبار خاصة -وكما ذكرت لك- ممن لهم سلطة عليهم ويرفضون النصح منهم جملة وتفصيلا إلا ممن لهم مكانة خاصة عندهم.
كما أنهم يتميزون بسرعة الانفعال والغضب والتقلب وعدم الثبات في الأقوال والأفعال، والهروب من الواقع بأحلام اليقظة ويميلون إلى العزلة أحيانا ويحتدون جدا على من يحاول اقتحام هذه العزلة أو اقتحام خصوصياتهم، وتزداد هذه الصفات حدة كلما كانت هناك ظروف تقويها وتعززها.
وهناك العديد من المظاهر والسمات التي تتميز بها هذه المرحلة لا يسع المقام هنا لعرضها؛ لذا فأنا أنصحك -سيدتي- بالتعرف عليها من خلال الكتب الخاصة بعلم نفس النمو (وهي متوفرة بالمكتبات) أو بالبحث والاطلاع عليها من الإنترنت أو من دورات خاصة للأمهات عن كيفية التعامل مع المراهق (إذا كان هناك بعض المراكز التي تقدم مثل هذه الخدمة للأمهات بالمغرب). وتحتاج هذه المرحلة إلى:
حكمة شديدة في التعامل ومعرفة وفهم متطلبات واحتياجات هذه المرحلة بشكل عام واحتياجات ومتطلبات ابنك بشكل خاص، كما تحتاج إلى الصبر الشديد والمثابرة، إلى جانب الكف التام عن إلقاء النصائح بشكل مباشر أو بشكل ملح، ومن جملة احتياجات هذه المرحلة بل وعلى رأسها وجود قدوة من جنس المراهق يحبها ويحترمها في نفس الوقت (ويمكن إيجاد هذه القدوة من خلال الاتصال الدائم بالأب أو وجود مدرس أو خال أو عم أو أحد المعارف ممن يوثق بهم) فإذا لم تتوفر هذه القدوة؛ فالله المستعان.
ولا يبقى أمامنا إلا دورك الذي سأقترحه عليك في حالتين؛ أولهما كيف تتعاملين مع ابنك في حالة ما إذا كان هناك تصادم بينكما أو مشكلة، والحالة الثانية طريقة التعامل بشكل عام في الأوقات العادية، ولنبدأ بالحالة الأولى وهي عند وجود تصادم أو مشكلة.
أولا بعد أن تتعرفي بشكل أكثر تفصيلا عن خصائص هذه المرحلة واحتياجاتها من المصادر السابقة يمكنك أن تبدئي معه أسلوب جديد في حل نقاط التصادم التي تحدث بينكما واختاري مشكلة معينة لتبدئي بها، ولتكن مشكلة المذاكرة مثلا واستخدمي معه أسلوب حل المشكلات والذي عرضته كل من آدل فابر وإيلين مازلتش في كتابهما:
KIDS WILL LISTEN&LISTEN SO KIDS WILL TALK) TO TALK SO HOW
وقبل أن أستفيض في الحديث عن هذه الخطوات أود أن أبين أن هذه الطريقة قائمة على تقديرك مشاعر الابن، كما أنها تسمح بأن يقدر الابن مشاعرك واحتياجاتك أنت أيضا، إلى جانب أنها تتيح فرصة تبادل أفكار مشتركة بينكما لحل المشكلة، وهذه الخطوات هي:
1. التحدث عن مشاعر الابن واحتياجاته:
قبل أن تبدئي الحديث مع ابنك لوضع حل لما تواجهينه معه من مشاكل، عليك أولا أن تتخيري الوقت المناسب والظروف المناسبة للحديث معه كأن تقولين له: "أريد أن أتحدث معك في موضوع مهم فهل الوقت الآن مناسب؟" فإن أجاب بالإيجاب فابدئي معه بما سأقترحه عليك في السطور التالية، أما إذا لم يكن مهيأ فعليك أن تخبريه أنك تحتاجين للحديث معه عندما يكون على استعداد لذلك.
في حالة استعداده للحديث معك ابدئي قائلة: "أنا أعرف أنك تود أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء وأن تشعر بكامل مسئوليتك عن نفسك وربما تقول في نفسك إنك الآن كبرت بدرجة كافية لأن تعرف مصلحتك وتعرف ما يضرك وما ينفعك".
2. تحدثي عن مشاعرك واحتياجاتك:
أكملي الحديث بوصف مشاعرك أنت أيضا قائلة: "ولكن يضايقني جدا بل يحزنني أن أجد الوقت يضيع سدى أمام الكمبيوتر والإنترنت بالساعات دون الاهتمام بالمذاكرة، والأكثر أهمية عندي من كل ذلك أننا دائما في حالة شجار أو تصادم أو توتر (اختاري أي كلمة تعبر عن طبيعة العلاقة بينكما بسبب هذه المشكلة)؛ وهو ما يجعل العلاقة بيننا مشحونة بالغضب أو بالتوتر.
3. دوني أفكاركما للحل:
أحضري ورقة وقلما ثم أكملي الحديث قائلة: "لذا فأنا أرغب أن نجد حلا معا ينهي هذا التوتر بيننا ويرسي بعض القواعد التي إذا اتفقنا عليها أرجو ألا يخرقها أحدنا، فما هي أفكارك واقتراحاتك، وابدئي في تدوين كل ما يرغب وما ترغبين من أفكار للحل؛ فعلى سبيل المثال إن قال لك إنه يرغب أن تكفي تماما عن إسداء النصح له وأنه يعرف الآن مصلحته فعليك تدوين ذلك دون تعليق (فلا تعلقي بقولك له على سبيل المثال: "إذا كنت تعرف مصلحتك فلِم أدى ذلك لإعادة السنة، أو أنا لا أرى أنك تعرف مصلحتك، أو من يعرف مصلحته لا يجلس ليل نهار أمام الكمبيوتر") فكل هذه الجمل وغيرها مما لها نفس المعنى ستنهي النقاش من قبل أن يبدأ وستنهيه بشكل غير مرض لكما معا، كما أن لكِ مطلق الحرية أنت أيضا في تدوين كل ما ترغبين كأن تقترحي مثلا تنظيم الوقت وتقسيمه بين المذاكرة وبين الإنترنت، وإن اعترض فذكريه بأنك تدونين كل الأفكار دون تمييز ولكن بعد أن تنتهيا من التدوين يمكنكما تفنيد هذه الأفكار والاتفاق على جزء منها.
4. تفنيد الأفكار والاتفاق على بعضها:
بعد أن تدونا كل ما ترغبان من حلول ابدآ في استبعاد الأفكار التي يرفضها كل منكما رفضا باتا واتفقا على الأفكار القابلة للتنفيذ بالنسبة لكما (وبالتأكيد لا بد أن يحدث بعض التنازل من كل منكما حتى تصلا لصيغة وأفكار مشتركة تصلح للتنفيذ).
فإذا رفض تماما أن يجلس معك للوصول لحل فأخبريه أو اكتبي له ملحوظة توضحين له فيها أن الأمر أصبح مزعجا تماما بالنسبة لك، ولا بد من وجود حل، وعليه أن يفكر ويتوصل لحل مناسب ويخبرك به، فإن كان ما اقترحه مناسبا لك فأخبريه موافقتك عليه، وأما إذا لم يكن مناسبا فحاولي أن تعدلي من اقتراحه بحيث يرضيكما معا.
وهناك بعض الإرشادات التي أرجو أن تستعيني بها في كتابة أفكارك عند حل المشكلة:
• لا تتبرعي وأنت تكتبين الأفكار أن توضحي له كيفية تنظيمه لوقته مثلا بل دعيه ينظم وقته بالطريقة التي يراها إلا إذا طلب منك مساعدته في ذلك.
• اكتفي بأن تنحسر أفكارك واقتراحاتك التي تدونيها معه لحل مشكلة المذاكرة على النتيجة؛ فلا تقترحي مثلا أن يذاكر عدد ساعات معينة حتى يستطيع الحصول على درجات تسمح له بأن ينجح هذا العام، بل المهم أن يحصل على نتيجة معقولة مع عدم التضحية في مقابل ذلك بعلاقتك به، بل لا بد أن يتحقق ذلك في إطار علاقة جيدة أو على الأقل علاقة تتسم بالاحترام المتبادل بينكما.
والآن نأتي لدورك معه في الحالة الثانية أي في الأوقات العادية ويكون ذلك من خلال حوار تتفقان فيه على ما يلي:
• عند طلبه أمرا لا تستطيعين تنفيذه له، وضحي له أنك تودين أن تنفذي له كل ما يرغب من طلبات، لكن هذا غير ممكن، وأنك ستلبين المقبول والمعقول منها وفي الوقت المناسب لك.
• أن يلتزم بالطريقة اللائقة المهذبة في الاعتراض على أي أمر لا يعجبه يصدر منك.
• أنه إذا أفسد شيئا أثناء غضبه فعليه إصلاحه أو دفع ثمنه.
• وبسبب تقلب أحوال المراهق في هذه الفترة؛ فالأفضل أن تتعاملي مع كل موقف على حدة كأنه منفصل عن غيره من المواقف فإذا كان في حالة مرح، فعليك أن تتعاملي معه بنفس حالته وإن كان في حالة غضب وثورة فلا تصطدمي معه، لكن في نفس الوقت كوني حازمة بحيث لا يتطاول ولا يتجرأ عليك قولا ولا فعلا، وهذا الأمر يحتاج منك إلى مرونة عالية جدا وصبر شديد واستعانة بالله أولا وأخيرا.
• لا بد أن يتم كل ما سبق في إطار الحزم والود وبغير استعطاف، فلا يصح مثلا أن تذكري له كم ضحيت من أجله أو أنك تفعلين كل ما تفعلينه معه لأنك ترغبين في رؤيته أفضل وأحسن الناس جميعا؛ فكل هذه العبارات فضلا عن أنها مستفزة للمراهق فهي تأتي بنتيجة عكسية تماما، وبدلا من أن يتعاطف معك فإنه يبالغ في سلوكياته المتمردة العنيدة.
سيدتي، في ختام رسالتي أؤكد مرة أخرى على أمرين مهمين:
أولا: أهمية وجود القدوة في هذه المرحلة العمرية؛ لأن وجود القدوة سيساعدك جدا في تنفيذ النقاط السابقة.
ثانيا: أن ابنك لم يعد ذلك الطفل الصغير الذي إذا أمرته ينفذ الأوامر، أو إذا قمت بنصحه استمع لهذا النصح؛ لذا ابتعدي عن إصدار الأمر والنصح بشكل مباشر.
• وأخيرا أدعو الله أن يلهمك الصواب وحسن الأداء مع رجائي بمزيد من المتابعة.
ـــــــــــــــــ(104/285)
طريقة تعاملك مع ابنتك سبب قلقها ... العنوان
ابنتي عمرها 3 سنوات و7 أشهر تعاني من خوف شديد منذ ولادتها، كانت تفزع من أي صوت عال، ونحن نسكن بجوار مسجد فكانت تفزع من صوت الأذان في الميكروفون، وإلى الآن تفزع من الأذان في كل وقت وتجري، عليّ بالرغم من أني أخذتها إلى المسجد وجعلتها ترى المؤذن وأخبرتها أهمية الأذان وارتفاع صوته وسبب ذلك، واقتنعت ثم عادت إلى الخوف ثانية.
وكذلك فإنها تفزع من كل شيء مثل الحشرات حتى ولو نملة صغيرة وتنام بجواري ونومها متقطع لترى أنني بجوارها، وإذا أحست أنني لست بجانبها تستيقظ فزعة وتبحث عني وهي تبكي وتلومني على تركي لها في الفراش، وهذا يسبب ضيقا وقلقا لي ولزوجي، بالإضافة إلى أنها ترى أحلاما مفزعة عن أني تركتها بمفردها في مكان ما، مع أن هذا غير وارد إطلاقا.
وهي مرتبطة بي جدا مع أنها دخلت الحضانة وتكيفت على الذهاب إليها، ولكنها تبكي وتفزع إذا تسلمتها مني معلمة أخرى غير المعلمة التي تدرس في فصلها، وهي اجتماعية جدا مع الأطفال الآخرين ولكن في وجودي، وإذا ضربها أحد الأطفال ولو أصغر منها سنا ترفض التعامل معه أو اللعب معه وتبكي حتى إذا اقترب منها في أي وقت آخر.
وكذلك فهي ترفض أن تأكل حتى ولو جاعت، وقد نصحني الطبيب ألا أضغط عليها في تناول الطعام، ولكنها تضعف وأصبحت نحيلة وتنسى كثيرا ولا تركز فيما تفعله، مع أنها كانت زكية جدا وتتذكر كل شيء حتى منذ سن سنتين.
ملحوظة مهمة:
لقد بدأت أضربها بشدة لأنها لا تستمع لنصائحي وتعاندني وتتسبب في إيذاء نفسها، وقد حاولت أخذها باللين ولكنها تخطئ كثيرا ثم تعتذر وتكرر نفس الخطأ بعد الاعتذار مباشرة، برغم تهديدي لها بالعقاب إذا كررت الخطأ. أعتذر بشدة لطول الرسالة، ولكني حائرة، وأنا عصبية جدا حتى في عملي، فإذا كان هذا أحد أسباب ما يحدث لابنتي.. فهل تنصحونني بالذهاب إلى طبيب نفسي؟ أم ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة، هذه العبارات القصيرة التي وردت في رسالتك أضربها بشدة، رغم تهديدي لها، أنا عصبية جدا، تعبر في الحقيقة ليس عن أحد أسباب مشكلة ابنتك بل عن كل الأسباب.
تعالى نتصور طفلة في الثالثة من عمرها، أمها لا تكف عن تهديدها بالعقاب، ثم هي إذا عاقبتها ضربتها بشدة، والأم ليست عصبية فقط ولكن عصبية جدا، وهذه سمتها الأصلية حتى في عملها.
إن الخوف الذي تعبر أو تشعر به هذه الطفلة هو انعكاس طبيعي لهذا القلق المستمر الذي تعيشه، قلق من هذه الأم التي لا تضمن ردود أفعالها أو أن ردود أفعالها غير متناسبة مع ما تقع فيه هذه الطفلة من أخطاء؛ فالضرب الشديد هو عقابها من أجل ماذا؟! من أجل أن طفلة الثالثة تكرر الخطأ ولا تخضع للتهديد، وكأن المطلوب من طفلة الثالثة أن تخضع للنصح والتهديد من أول مرة وألا تعود للخطأ، فعلى طفلة الثالثة أن تعي وتستوعب وأن تحترم نفسها ولا تعود للخطأ حتى لا تتعرض للعقاب الرهيب والذي ليس له درجات فهو الضرب الشديد في كل الأحوال.
هل ترين أمرا أقل من القلق يمكن أن تشعر به هذه الطفلة وهي تتعامل مع أمها ما بين التهديد المستمر والضرب الشديد في إطار من العصبية الزائدة... إن الخوف هو الابن الشرعي للقلق... والخوف يبدأ محدودا، ولكنه سرعان ما ينتشر ويسري ليصل إلى أمور تبدو بعيدة عن مصدر القلق الأصلي وهو ما حدث لابنتك.
فالخوف من صوت الأذان والخوف من الحشرات والقلق عند وجود مدرسة أخرى غير مدرستها هو الناتج الطبيعي لحالة عامة من القلق نتيجة لما تعانيه من معاملتك لها... ولذا فإن الحل يبدأ من عندك لأنك أصل المشكلة... والأمر قد لا يستدعي الذهاب للطبيب النفسي إلا إذا رأيت أنك غير قادرة على السيطرة على عصبيتك إلا بمساعدة طبية... إنك تحتاجين برامج سلوكية للاسترخاء وللتحكم في الانفعالات بحيث تكون مناسبة للموقف.
أما بالنسبة فيما يخص انفعالك على ابنتك عندما تكرر الخطأ فيجب أن تتذكري أمرا مهما وهو أن الخطأ وتكراره هو من طبيعة البشر بصورة عامة، فما بالك بالأطفال وهم صغار ما زالوا في مرحلة التوجيه، إنك ونحن جميعا كبار وتتلى علينا المواعظ والإرشادات والنصائح ليل نهار، فهل منعنا ذلك من الوقوع في الخطأ بل ومن تكرار الخطأ رغم علمنا بالعواقب والنتائج؟.
التربية عملية صعبة طويلة مستمرة تحتاج إلى الصبر والوقت، والضرب بصورة خاصة نكاد نستبعده كوسيلة من وسائل العقاب أو التربية إلا في ظروف خاصة جدا وبعد استنفاد كافة وسائل العقاب الأخرى، إن كان العقاب هو ما نراه مناسبا... فقبل الضرب هناك النظرة الزاجرة، وهناك الحرمان، وهناك الخصام، وهناك الإبعاد في مكان آمن، وإذا كان ولا بد من الضرب فهو رمز للوصول إلى أقصى العقوبة، ويكون غير مهين وليس على الوجه ويكون بضرب اليد أو المقعدة بدون تعمد للإيذاء أو الإيلام.
تعاملي مع طفلتك بهدوء، وخففي من عصبيتك فستجدين طفلة مطمئنة، وإلا فالطبيب النفسي سيكون الحل الأخير لك.
ـــــــــــــــــ(104/286)
كيف أخبر أطفالي بزواجي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا أم لطفلين الأول حميد 6 سنوات وصابر 5 سنوات وأنا منفصلة عن أبيهم مند حوالي 4 سنوات طوال هذه في خلال 3 سنوات الأخيرة أصبحت علاقتي بأبيهم طيبة فيأتي لزيارتهم وهم يحبونه كثيرا مع العلم أني أذكره دائما بالخير أمامهم وهو متزوج وله أولاد ويقرءون مع أبنائي في نفس المدرسة أحيانا يسألونني لماذا لا يبقى معنا أبي؟ ولكن مؤخرا أصبح يتصرف برعونة ولا يخلو الأمر من بعض المهاترات الكلامية بيني وبينه أمامهم وحين لا يأتي لزيارتهم يقولون لي هو لا يحبنا مع العلم أن آخر مرة جاء فيها لزيارتهم كان في حالة سكر، حاولت منعه فلم أستطع وكان مصابا وينزف الدم مما أصاب الأولاد بالخوف وبدأ يردد أني لا أريده وأن جميع أهلي يكرهونه. بعد هذا الحادث قام حميد مرتين يبكي ويقول لي إنه خائف؟ وأنا الآن عزمت على الزواج من شخص على دين وخلق ولكن لا أدري كيف سأخبر أبنائي بالأمر؟
أرجوكم ساعدني وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة البداية تكون بتعريف هذا الوافد الجديد على أطفالك وتعرفهم عليه وأن يقدم كصديق للعائلة يألفهم ويألفونه وذلك من خلال مواقف مختلفة سواء بلقاء في بيت الأسرة أو الأصدقاء أو خروج معهم للتنزه واللعب أو شراء هدايا لهم أو غيرها من الأمور التي ستكون فرصة للرجل أن يتعرف على صفات أطفالك وهل هو قادر على التكيف على وجودهم في حياته بصفاتهم وطبائعهم.
وتكون أيضا فرصة للأطفال أن يحبوه بعيدا عن إحساسهم بأنه سيأتي بديلا لأبيهم أو سينافسهم على حب أمهم بحيث يبدو الأمر نتيجة طبيعية لعلاقة محبة وتفاعل، يكون طلب الطرفان فيها هو أن يعيشا سويا ويكون الزواج استجابة لرغبة الطفلين اللذين وجدا فيه صورة الأب المفقودة أو التي اهتزت في الفترة الأخيرة نتيجة بعض تصرفاته أو الأب الدائم الذي لن يتركهم، أو يهتم بهم مثلما هو حاصل لهم.
ولا مانع في مرحلة من المراحل أن يتم التنسيق مع الأب وإخباره بعزمك على الزواج حتى يكون أيضا عاملا مساعدا في إقناع الأطفال بأن هذا أمر طبيعي؛ فالأم تتزوج مثلما هو تزوج وأن هذا لن يمنع اهتمامه بهم ورعايته لهم.
الأمر يحتاج إلى خطة متكاملة متناغمة من جميع الأطراف فالقصة ليست في وصول الخبر ولكن في الإعداد لأن يكون هذا الخبر قضية بديهية محسومة يكون الحديث المباشر عنها مجرد تحصيل حاصل لأمر مهم ينتظرونه أو يتوقعونه.
ويكون الأمر في النهاية منوطا في كل خطوة بما تم تحصيله بالنتائج أي أننا يجب أن نتحرك بهدوء وعدم تعجل وبدراسة لكل ما تم ليكون الانتقال للخطوة التالية بسلاسة ودون تعسف.
الأمر بسيط لو تم بهدوء وتعاملت كل الأطراف معه بحكمة.
ـــــــــــــــــ(104/287)
علاقات عاطفية في الصف السادس ... العنوان
أنا مرشدة، وتوجد عندي طالبة في الصف السادس الابتدائي تمارس علاقات عاطفية مع عدد من الشباب، وتتكلم بموضوعات جنسية غاية في العمق، وتقوم برسم المعلمات برسومات جنسية مختلفة.. ماذا أفعل مع هذه الطفلة؟ مع العلم أنه لا يمكن الاستفادة من الأهل في المساعدة؛ لأن الوالد مصاب بالصرع، والأم لها سلوكيات غير مناسبة، وترفض التعاون، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة شكرا لك على حرصك على طلابك وثقتك الغالية بنا..
هذه الطفلة ضحية لهذه الأم ذات السلوكيات غير المناسبة؛ بل إن بعض سلوكيات هذه الطفلة وكلامها ربما يكون تقليدا أعمى لأمور لا تفهمها أو تدرك عمقها، وبعضها ربما كان احتجاجا على شعورها بالضياع مع هذه الأم التي ترفض حتى المساعدة في حماية ابنتها.
لذا فإن الحل هو استيعاب هذه الطفلة واحتواؤها أولا بحيث تنتمي إليك وتجد فيك وفي مدرساتها البديل الأفضل عن صورة الأم المفقودة.
لا بد من الكف عن مهاجمتها ومعاملتها كمجرمة خاطئة؛ لأن هذا يزيد من عدوانيتها ورغبتها في إظهار مزيد من السوء في أخلاقها، وإن رسمها لمعلماتها في رسومات جنسية نوع من التعبير عن احتجاجها على عدم قيام مدرساتها باستيعابها.
لا بد أن تشعر هذه البنت أنها غير منبوذة، ولا بد من انخراطها في الأنشطة المختلفة، كذلك لا بد من وجود من تأمن له وتأنس وتتحدث معه بلا خوف أو خجل، عندها لن تجد لديها الرغبة في الانتقام من نفسها ومن الآخرين، عندها ستتخلص من سلوكياتها العدوانية، وستطلب المساعدة إذا عجزت.
إن البداية أن نتعامل مع هذه الطفلة كضحية لتحتاج المساعدة، وليس كمجرمة تستحق العقاب والتأنيب والرفض، وعندما ستجد من المجتمع قبولا ستقبله هي والأخرى، ولن تسعى لتكسير قوانينه وإعلان التحدي لهم.
الأمر يحتاج إلى وقت وصبر وتنسيق مع جميع معلماتها، إنها منظومة حب وتفاهم لا بد أن يعرفها الجميع، وعندها سنحصل على أفضل النتائج.. المهم أن يؤمن الجميع بهذه الطفلة وبضرورة إصلاحها.. ستقابل هذه الطفلة هذا البرنامج منكم في بداية الأمر بنوع من التوجس وربما العناد؛ فلا يثنينّكم ذلك عن الاستمرار؛ فإنها تختبركن هل أنتن جادات في مساعدتها؟ وهل أنتن تحببنها فعلا؟... فإذا تأكدت من ذلك تقدمت للأيدي الممدودة لها، فلا تيأسي واعلمي أن الله سيثيبك على مساعدتك وإنقاذك لهذه الطفلة قبل أن يكون ذلك واجبا وظيفيا تؤدينه.
ـــــــــــــــــ(104/288)
خطوات لعلاج بطء التعلم ... العنوان
تعرض ابني لنقص أكسجين عند الولادة مما نتج عنه مشاكل في الحركة حيث جلس عند سن سنة واستطاع المشي عند 3سنوات وهو كذلك يعاني من عدم تآزر حركي عصبي حيث إنه يحتاج إلى مرافق في أثناء الكتابة.
وهو لا يستطيع القراءة ولكني أبذل معه مجهودا في شرح الدروس وتكرارها مرات عديدة حتى تثبت في عقله، كما أن هناك حالة غريبة تنتابه عندما نبدأ في المذاكرة فيحدث جحوظ شديد بمقلتي العينين مع شدة احمرارهما وعندما نترك المذاكرة تعود العينين لطبيعتهما.
أرجوكم ما الحل حيث إننا نسكن في منطقة محرومة من كافة الخدمات التي تقدم لهذا النوع من الإعاقات وكذلك أنا قلقة أكثر على مستقبله، فماذا سيفعل بعد وفاتي علما بأن درجة ذكائه 79.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختي الفاضلة، أعانك الله على مسئوليتك ووفقك في محاولاتك.
سيدتي الفاضلة: إن درجة الذكاء التي ذكرتها في الاستشارة ليست سيئة وهي تعني تقريبا أن الطفل يعاني من بطء تعلم أو إعاقة عقلية بسيطة، أي إنه يقع ضمن الأطفال القادرين على التعلم المدرسي ولكن بسبب الإصابة فإنه سوف يبقى بحاجة إلى بذل جهد كبير للوصول إلى أقصى ما يستطيعه من قدرات.
وأقترح عليك ما يلي:
• الوصول إلى أقرب مركز يقدم خدمات، واستشارتهم حول حالة الطفل وما يمكن أن يقدموه لك من إرشادات ويمكن أن يتم وضع أهداف تدريبية له، وكذلك تدريبك على تطبيقها، ثم المراجعة مثلا بعد شهر وإضافة أهداف جديدة أو التعديل على الهدف القديم وخصوصا في مهارات تعليم القراءة والكتابة واستعمال اليد.
وأسماء المختصين تكون: أخصائي تربيه خاصة أو صعوبات تعلم دراسية، وأخصائي علاج وظيفي لاستخدام اليدين.
• يمكن البدء بتدريبه على المناهج المتوفرة لديكم ولكن مع إجراء تعديلات تناسب طريقة ومدى استيعابه، فمثلا البدء بتدريبه على التعرف على الأحرف ثم وضع الأحرف في مقاطع ثم كلمات حتى يتقن ذلك ثم الانتقال إلى الجمل وهكذا.
• ليس مهما أن يدرس الكتاب كاملا، بل أن يتكسب المهارة قبل الانتقال إلى مهارة أخرى، أي ليس مهما أن يدرس كتاب الصف الثاني أو الثالث إذا كان لم يتقن مهارات التمهيدي أو الصف الأول.
• يمكنك الاستعانة بمعلم أو معلمه مساعدة وتقاسم المسئولية وإشراك الوالد كذلك في التدريب.
• تقسيم الأمور التي تحتاج لحفظ إلى أجزاء صغيرة وبعد إتمام حفظ الجزء المطلوب يتم الانتقال إلى الجزء الآخر.
• تقديم المعلومات في مواد مثل العلوم والاجتماعيات بشكل مبسط والاستعانة بالشرح مع وجود صور أو مشاهدة أفلام خاصة بالمواضيع أو إجراء تجارب حية مثل زراعة بعض الحبوب في العلوم، وذلك لأن استخدام جميع الحواس يسهل وصول المعلومة إلى ذهنه.
أما بالنسبة لجحوظ العينين فيمكن استشارة طبيب عيون فربما تكون هناك مشكلة بصرية من التركيز على الورق أو نوع الخط المستعمل في الكتب، فربما يكون صغيرا بالنسبة له وإذا كان كل ذلك طبيعيا فربما يفعل ذلك لوجوده صعوبة في الدراسة فيشعر أنها جهد متعب بسبب الجهد العقلي الذي يبذله.
ولذلك يفضل عدم إرهاقه بالدراسة المتواصلة والجافة، بل ننصح بعمل برنامج مرتب بشكل مقبول لديه، وأن يكون هناك نشاطات منوعة تلفت انتباهه وتسهل عليه فهم المواضيع، وأن يتم تقديم الموضوع نفسه بأكثر من طريقة.
أما بالنسبة لمستقبل الطفل فهذا بيد الله سبحانه وتعالى، ومع الدعاء لك بطول العمر إن شاء الله فأتمنى أن تعملي كل ما يمكنك وأن تستعيني بالأهل والأصدقاء وخصوصا الأب طبعا؛ بحيث يتحمل كل منهم بعض المسئوليات ووضع برنامج لتدريب الطفل على المهارات الاجتماعية والسلوكيات المقبولة والتعامل مع الناس. وذلك سوف يساعده في المستقبل إن شاء الله.
ولا بأس من استشارة مختصين في ذلك كل فترة حتى ولو كانت أماكن وجودهم بعيدة عنك. وربما كان وجود هذا الطفل سببا إن شاء الله لتعملي على البدء في حملة للحصول على خدمات مناسبة له وللأطفال الآخرين مثله في منطقتكم.
فلماذا لا تحاولين الوصول للمسئولين من وزارات الصحة والتعليم وغيرها للبدء في تقديم خدمات خاصة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في منطقتكم وتوفير فرص تعليمية وتأهيلية مناسبة لهم ولمستقبلهم إن شاء الله.
أتمنى أن أسمع منك كل ما هو إيجابي، ودعواتي لك ولكل من يمر بمثل ظروفك.
وصدقيني، إن الإصرار والإيمان والتحلي بالرغبة الإيجابية في التغيير والتحسين يصنع المعجزات، وإن شاء الله يكون طفلنا هذا بداية خير على جميع أبناء منطقتكم.
ولا تنسي أن توافينا بما يحدث معك.
ـــــــــــــــــ(104/289)
العطاء.. فطرة تحتاج الترسيخ ... العنوان
ابنتي عمرها سنتان و9 أشهر، ولها أخت عمرها 4 أشهر علاقتها معها جيدة، وغيرتها في نطاق المعقول، فهي لا تضربها أو تؤذيها، إنما إذا غارت حاولت لفت الانتباه بحركات، وهي بشكل عام لا تغار من أختها كثيرًا، فلقد حاولت اتباع النصائح الموجودة في موقعكم بارك الله فيكم وأثمرت والحمد لله، بالإضافة إلى الدعاء الذي يصنع المستحيلات بفضل الله عز وجل.
لكن المشكلة معها هي أنها تخاف على أغراضها جدًّا، ولا تسمح لأحد أن يلعب بألعابها إلا الكبار فقط.
أما من في مثل جيلها فإنها تظل تبكي حتى يتركوا ألعابها، رغم أنها لا تأخذ ألعاب الآخرين، ورغم أنها تشاركهم اللعب بألعابهم، أما ألعابها وأغراضها فلا تسمح أبدًا، والحالة الوحيدة التي تعطي فيها هي عندما نحضر أنا أو والدها حلوى أو ما شابه ونقول لها أعطِ أولاد عمك أو فلان مثلاً فإنها تعطيهم، وما عدا ذلك فهي لا تحب المشاركة بما يخصها مع الآخرين، فيقولون لي ابنتك بخيلة جدًّا، وأتضايق جدًّا من أجلها. فهل هذا بخل بلغة الكبار؟ وماذا أفعل معها؟ والمشكلة الثانية استخدام البكاء وسيلة للحصول على ما تريد رغم أنني وأبوها لا نستجيب إلا بالمعقول، ولكنني أحسّ أنها بدأت تستخدم هذه الطريقة بعد إنجاب أختها، فكما أن أختها تبكي للحصول على احتياجاتها تفعل مثلها علَّ وعسى! فكيف أعالج هذه المشكلة؟
ملاحظة: أنا وزوجي نعيش مع والديه؛ ولذلك دائمًا يأتي عندنا أعمامها وأولادهم بشكل شبه يومي، وهو ما يجعل المشكلة الأولى شبه يومية، وبالنسبة لجدة ابنتي فهي حنونة جدًّا جدًّا، ولكنها لا تدلِّل أبدًا "أي لا تفسدها".
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بارك الله لك في ابنتك،و جعل لك نصيب من الوعد النبوي الشريف،يقول النبي صلى الله عليه و سلم:"إذا ولُدت الجارية بعث الله عز و جل إليها ملكاً يزف البركة زفاً،يقول:ضعيفة خرجت من ضعيفة،القيم عليها مُعان إلى يوم القيامة"رواه الطبراني.
و الأمر بسيط-بإذن الله-فلا أدري لماذا لا نحب أن نستمتع بطفولة أبنائنا.. لماذا نتعجل المسؤوليات ونصنع مشكلة في خيالنا، ثم نبحث لها عن حلٍّ على أرض الواقع.. يا سيدتي إنها فقط طفلة في الثالثة في عمرها، إنها بدأت حديثًا منذ أشهر قليلة فقط تفهمك وتستوعب ما تريدين منها.
نحن لسنا ضد التربية وغرس القيم النبيلة في نفوس أطفالنا، ولكننا فقط نريد أن نؤكد على أننا ونحن نربِّي أطفالنا لا ننسى أبدًا أنهم أطفال، ولا يأخذنا حماسنا وتعجلنا لرؤية نتائج تربيتنا إلى أن نحاسبهم على أخطائهم مثل ما نفعل مع الكبار، بل ونسارع بإلقاء التهم.. كيف توصف طفلة في الثالثة في عمرها بأنها بخيلة؟ وهل تفهم هي بعد معنى الكرم حتى تكون بخيلة؟ وبدلاً من أن تردي أنت على مَن يقول ذلك ببساطة شديدة قائلة إنها مجرد طفلة، فإذا بك تتضايقين من ذلك، وكأنه حقيقة واقعة، وأن ابنتك فعلاً بخيلة.
إننا يا سيدتي في بداية ومستهل رحلة التربية الطويلة مع ابنتك الجميلة، واعلمي أنه لكل طفل صفات ومميزات مختلفة عن باقي الأطفال، فهناك الطفل الحريص على أشيائه، وهناك آخر متساهل، وهناك الهادئ، وهناك العصبي، وهناك السلس البسيط، وهناك العنيد وهكذا...، وجزء كبير من هذه الصفات هي جزء من شخصية الطفل التي خلقه الله سبحانه بها، ودورنا هو تقويم السلوك الخاطئ برفق، وتشجيع السلوك الجيد وتنميته.
وأنا أظن أن سلوك ابنتك ناتج عن صفة الحرص على أشيائها الخاصة، فكما تقولين هي لا تأخذ لعب الآخرين، وكذلك لا تعطي ألعابها لأحد.. إنها إذن تحترم الملكية الشخصية، وتعتز بأشيائها وتحرص عليها. بدليل أنها تسمح للكبار بالتعامل مع ألعابها أما الصغار فلا.. ربما حدث أكثر من مرة أنه أتلف لها أحد الأطفال ألعابها ولم يتدخل أحد لإنصافها، أو إشعارها بأنه هناك من يدافع عن حقوقها؛ ولذلك اتخذت هي هذا الأسلوب، وسلوك الحرص على الأشياء الخاصة من السلوكيات الجيدة، وستجدين له مردودًا جيدًا بعد ذلك عند دخولها الحضانة والمدرسة، وعامة هو من السلوكيات التي تنشأ مبكرًا عند الفتيات، ويكون أقوى وأوضح كثيرًا منه عند البنين.
ولهذا نحن لا نريد أن نطمس هذا السلوك أو هذه الصفة، ولكننا نريد أن نصححها بحيث لا تتعارض مع علاقاتها الاجتماعية، واندماجها بين الأطفال، وإليك عدة نصائح في هذا المجال:
- إذا حدث وقام أحد بإتلاف لعبها، عليك بتوضيح أن هذا سلوك خاطئ، وجَعْل هذا الطفل يعتذر لها عند إفساد لعبتها.
- اجعليها تفهم أن الألعاب إنما نشتريها لنلعب بها لا لنضعها في الدولاب، وكلما اشتريت لها لعبًا جديدة أفهميها منذ لحظة الشراء أن هذه اللعبة لنلعب بها مع أصدقائنا وأقاربنا، ونستمتع بأوقاتنا.
- كذلك لا بد أن تزورهم هي أيضًا في بيتهم، وترى كيف يسمحون لها باللعب بلعبهم، والتعليق على هذا بأن هذا طفل ممتاز وكريم، ولا بد أن نكون كلنا مثله، وأنه في المرة القادمة ستكونين أنت الطفلة الممتازة الكريمة.
- لا تحضري لها الحلوى مسبقًا قبل أن تتصرف بطريقة صحيحة، وتساومينها على السلوك الصحيح؛ لأن السلوك الصحيح ينبغي أن يُفعل؛ لأنه واجب وصحيح وليس من أجل الحلوى، ولكن عندما يكون سلوكها جيدًا مع أصدقائها، وتلعب معهم بلعبها يجب مكافأتها بالحلوى مرة، وبالتنزه مرة أخرى، وبالإشادة بسلوكها الجيد، وهكذا...
- والعكس صحيح عند حدوث مشاكل-إذا كانت هي المتسببة فيها-، لا بد من توضيح غضبنا منها ومخاصمتها بعض الوقت، وحرمانها من الفسحة أو الحلوى.
- لا تكثري من الجدل معها والإلحاح عليها عند حدوث المشاكل، ولكن اكتفي بأن تقولي لها إنك بذلك لست طفلة جيدة ، وكلنا غاضبون منك لهذا السلوك،ثم اتركيها مع نفسها تفكِّر وتصحح سلوكها، ستجدينها تأتي من نفسها وتعتذر، ومرة بعد مرة سيبدأ سلوكها في التغير.
أما بالنسبة للمشكلة الثانية وهي عادة البكاء والإلحاح للحصول على ما تريد، فاعلمي أن هذا من أسوأ السلوكيات التي يمكن أن يتعود عليها الطفل، خاصة لو ساعد الوالدان على تثبيت هذا السلوك بالاستجابة له إما مللاً أو رغبة في التخلص من البكاء.
لا يا سيدتي هذا السلوك لا بد من التعامل معه بنوع من الحزم الممزوج بالحنان ، وأي طلب لها حتى ولو كان مشروعًا ومن حقِّها لو استخدمت في طلبه البكاء والصراخ والإلحاح لا يُنفَّذ لها أبدًا، حتى تعتذر، وتطلب بهدوء، ولا بد أن نتعلم أن هناك أسلوبًا وألفاظًا خاصة نقولها عندما نطلب طلبًا، وعليها أن تتعلم أنه من حق الوالدين مناقشتها في هذا الطلب، هل من المناسب تحقيقه الآن أم تأجيله بعض الوقت أو ليس من الممكن أبدًا تحقيقه، طبعًا هذا صعب مع طفلة في الثالثة في عمرها، ولكن عليك بالاستمرار والصبر حتى نتعلم ونتعود على ذلك.
ولكن لا تستجيبي أبدًا لبكائها وأفهميها أن أختها الصغرى تفعل ذلك؛ لأنها لا تستطيع أن تتكلم وتتفاهم مثلنا، أما نحن الكبار وهي معنا فيمكن أن نتفاهم ونتحدث معًا، إذن لا داعي للبكاء والصراخ.
وثقي أنك لو تعاملت مع هذه الظاهرة بحزم و حنان ستنتهي تمامًا، ولكن لو استسلمت لها لن تنتهي، بل سوف تزداد... يقول دكتور سبوك أحد علماء النفس"إنني أؤمن أنه من المهم أساساً أن تحاول الأم أن تسير على قاعدة في عدم انفلات الأعصاب مع الابن؛فالموقف الهادئ المنضبط مع الابن هو الذي يجعله يكف عن استغلال البكاء كوسيلة لابتزاز الأم ... هنا يمكننا أن نسيطر على الأطفال دون أية متاعب ؛لأننا سنتعامل معهم بالود الحازم،و هذا "الود الحازم"يخلق في أعماق الأبناء إحساساً بالاطمئنان و يولد في نفوسهم الإحساس بضرورة طاعتنا،و عندما يرتكب أحدهم أي نوع من التصرف الخاطئ،فإنه يسمع توجيهاتنا دون ضيق؛لأنه يعلم باليقين أننا نكن له الحب و لا يحمل صوتنا أي إحساس بأننا نرغب في تسبيب الضيق له ... و عندما نقول له في لهجة واضحة"أننا نرفض هذا البكاء"فإن الطفل بفهم تماما من نبرة صوتنا أنه من الأجدى له أن يمتنع عن البكاء لأنه جهد ضائع."
بارك الله لك فيهما، وأعانك على حسن تربيتهما.
ـــــــــــــــــ(104/290)
التوافق التربوي ضرورة لطفلك ... العنوان
أعاني منذ حوالي عام من عدم استماع ابني لكلامي وإرشاداتي وتقبل كلامي بالرد العنيف وبكلمة "لا"، بالرغم من أنني لا أطلب منه سوى تعديل سلوكه وإرشاده وتربيته التربية الصحيحة الإسلامية.
والشيء الذي يزعجني هو اتهامه إياي بأنني لا أحبه، وهو يقول لأبيه إنه يبحث عن أم جديدة له، وفي بعض الأحيان عندما أطلب منه شيئا أو توجيها في أمر ما يتضايق مني ويقول إنه سوف يقتل نفسه لأرتاح منه، ولا أخفي عليكم بأنني أنزعج من هذه التصرفات وتجعلني أحس بفشلي في تربية ابني.
ولكنني أريد أن أطرح عليكم موضوعًا وهو عدم تفهم زوجي ومساعدتي في تربية الأولاد تربية صحيحة، فمثلاً عندما أوجه بأي شيء ما وبمجرد ما يتذمر ابني أو ابنتي من عدم سماحي له أو لها بعمل الشيء الخاطئ، يتدخل زوجي ويكون رأيه مخالفا تماما لرأيي لكي يهدأ الوضع ويسمح لها أو له بعمل ما يريده.
وهذا الأمر يزعجني جدا لدرجة وصولي للبكاء من هذا التصرف، وبالرغم من جلوسي مع زوجي والتحدث إليه وطلبي منه ضرورة مساندتي واتخاذ أسلوب ومنهج محدد لنا في تربية الأولاد فإنه يكون بلا جدوى، وهذا ما جعل ابني يتذمر من توجيهي له واتهامي بأنني لا أحبه، وأنه يتمنى لو يموت بسبب تعاملي معه، على أنني كما ذكرت لا أريد إلا توجيههما وتربيتهما بما يرضي الله ورسوله.
أرجو مساعدتي، كما أرجو توجيه كلمة لوالدهما في ضرورة اتخاذ أسلوب ومنهج معين لتربيتهما. شاكرة حسن تعاونكم معي.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك معنا على صفحتنا معًا نربي أبناءنا.
سيدتي الفاضلة، إننا نتفق معك تمامًا في مسألة ضرورة ما نسميه التوافق التربوي بين الأبوين، بمعنى أن يتفق الطرفان على خطة تربوية مشتركة للتعامل مع أطفالهما بحيث لا يكون هناك تناقض في التعامل يستغله الأطفال من أجل تحقيق رغباتهم ومطالبهم، وهم يجيدون استغلال هذه الثغرة واللعب بلعبة الحب والكراهية بحيث يصبح الطرف الذي يحقق لهم رغباتهم هو الطرف المحبوب والذي يقف عائقًا دونها هو المتهم بالكراهية.
وليت الأمر يقف عند ذلك، ولكنه يتعداه لحالة من عدم الثقة والاستقرار؛ لأنهم في الحقيقة لا يعرفون أين الصواب والخطأ ولأي توجيه يخضعون، فهم لا يعرفون حدودًا أو قواعد يتبعونها، ولكنهم يميلون مع رغباتهم ويستغلون التناقض بين الأبوين، بل والحالة المزاجية لكل طرف، وبالتالي يصبح الأمر بغير قواعد مستقرة أو حدود يعرفونها ولا يتجاوزونها.
هذا الكلام الذي أحببنا أن نؤكد به على معنى التوافق التربوي وأهميته يسوقنا إلى نقطة مهمة وهي كيفية تحقيق هذا التوافق فنقول: إن أهم شرط ألا يشعر أحد الطرفين طوال الوقت أنه صاحب الرؤية التربوية السليمة فقط، وأن الطرف الآخر على خطأ على طول الخط؛ لأن هذا لن يحدث أي نوع من التوافق، وهذا ما شعرنا به من رسالتك، وهو ما يبدو أنه وصل إلى زوجك وجعله رافضًا للجلوس والتنسيق معك؛ لأن الأمر بدا أنك تريدين فرض وجهة نظرك، وترين نفسك تقومين بالتربية الراشدة ليأتي هو ليفسد كل شيء وهذه بداية غير صحيحة للاتفاق.
لا بد أن تعرفي أن للأب أيضًا وجهة نظره التي قد تكون صحيحة في كثير من الأحيان، وأن تعطي لنفسك فرصة للاستماع والإنصات لما يراه مناسبًا هو الآخر تمامًا، فلماذا لا تسمعين له، ولماذا لا تحاولين أنت أن تأتي على خطته وتحددا معًا معايير للنجاح والتقييم تجلسان معا بعدها لإعادة تقييم ما تم إنجازه بروح الفريق المشترك وليس بروح المتحدي المتربص الذي ينتظر فشل خطة الآخر ليطبق وجهة نظره إن تحدثت وزوجك.
ولم تعطينا أمثلة لهذا الخلاف فربما تكون ممنوعاتك هي الكثيرة؛ فليست التربية ممنوعات وقوانين، ربما تكون لاءات طفلك هي رد فعل لممنوعاتك الكثيرة، خاصة أن الأب يتفق معه في كثير من الأحيان، فلماذا لا تراجعين نفسك ومنهجك في التعامل وتتفقين مع زوجك.
ـــــــــــــــــ(104/291)
خطوات لكسب طفلتك المراهقة ... العنوان
السلام عليكم، أريد نصيحتكم في تعزيز المفاهيم التالية لابنتي وبالتالي لإخوتها، حيث تعاني من التضارب بين بيئة البيت المراعية للدين والعادات، والضغوطات والتأثيرات والحياة السهلة غير الملتزمة التي تروج لها الفضائيات والمسلسلات والمجلات والأسواق، بالإضافة إلى بيئة المدارس الخاصة التي تحتوي كل المتناقضات -بكل ما تحمله الكلمة- وكالعادة الأجمل والأسهل لبعض من الفتيات التقليد وأخذ القشور دون التفكير بتبعية وتكلفة أفكارهم.
كيف أعزز وأروج لمفاهيم المسئولية والحدود والقوانين والعيب والشرف والانتماء والالتزام -في ظل التأثيرات الكثيرة- بدون أن أناقض مفهوم الحرية الشخصية وحق التجربة والخطأ وحق تقرير المصير وتحمل النتائج التي تتمسك بها ابنتي؟ أرجو التكرم بمساعدتي.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الأستاذة حنان طقش من فريق الاستشارات التربوية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياك الله، سؤالك حيوي ومهم ويعنينا جميعا، وأحيانا في تعاملنا مع الكبار لا النشء فقط؛ حيث من الوارد أن تختلط عليهم المفاهيم أيضا.
سيدتي الفاضلة، تريدين تعليم ابنتك المسئولية والشرف والحدود والعيب والالتزام والانتماء، وهي مفاهيم مجردة؛ أي تتطلب درجة متقدمة من نمو التفكير، وهي تلخص ما نسميه الضمير الذي نعرفه بأنه مجموعة من القوانين والمعايير والمبادئ الدينية والاجتماعية التي يتعلمها الطفل من بيئته خلال عملية التنشئة الاجتماعية لتصبح جزءا من تكوينه تساعده على التمييز بين الصواب والخطأ والمقبول والمرفوض.
يبدأ الضمير في النمو من سن الثالثة، كما ترجح معظم الاتجاهات النظرية في المجال، ثم يتطور مع تطور القدرات العقلية وزيادة القدرة على استيعاب المفاهيم المجردة؛ فهل يا عزيزتي بدأت مع ابنتك منذ البداية؟ أي هل كانت قوانينك في التنشئة واضحة لابنتك أم أن أسلوبك في التنشئة كان يحوي المتناقضات التي تشرين إليها؟.
إذا كان لديك صغير فابدئي معه في سن مبكرة، واختاري أسلوبا مناسبا في التربية؛ حيث إن استخدام القسوة في تطبيق الأحكام الخلقية يؤدي عموما إلى تأخر نمو الضمير؛ فالقسوة تعطي تأثيرا عكسيا ومنفرا لما يسبب لنا الألم حتى وإن كنا على قناعة بأنها صواب، ومما يؤخر نمو الضمير أيضا أن تناقض أقوال المربين أفعالهم؛ أي ترجمة الحكمة "لا تنه عن خلق وتأتي مثله"!! فهذا يربك الصغار ويعلمهم بطريقة غير مباشرة عند الكلام، يمكننا أن نقول ما هو مثالي ثم نفعل ما نريد.
في التربية الخلقية يجب علينا البدء مبكرا، وأن نتجنب القسوة والشدة في فرض المبادئ، وأن نحرص على أن نقدم نموذجا للسلوك الذي نريد أن يتبناه أولادنا.
في سن ابنتك -التي هي في مرحلة المراهقة- عليك لتجنب ما هو محظور أن تسمحي بجو إيجابي من التعامل؛ أي تقبلي منها أفكارها، ولا تسارعي في رفضها فتدفعيها بعيدا عنك، وجدت الدراسات أن غياب أسلوب التفاعل الإيجابي في الأسر مسئول بدرجة أكبر عن اضطرابات الأبناء أكثر من وجود أساليب تنشئة سلبية؛ فغياب ما هو مطلوب أكثر ضررا.
استخدمي مع ابنتك أسلوب المستمع المتفهم، اقبلي أن تعبر عن كل ما يجول في بالها ثم ناقشيها فيه، وأرجو ألا يفهم من كلامي السماح لها بما تشاء، ولكن من خلال استخدام المنطق في الحوار، وإعطاء فرصة لها لتعبر عن نفسها؛ فأحيانا مجرد المناقشة تساعد الناشئين على تقبل وجهات نظرنا للأمور ويسهل عليهم اتباعها.
وخلال النقاش يكون تثبيت المبادئ بأن اتباع الهوى مذلة وليس من شيم أولي العزم، وذلك عندما تواجهك بأمثلة عمن نجحوا باتباع الطرق المعوجة، التأكيد بأن الحياة ليست مثالية، وأن لو لم تكن هناك مغريات تدفعنا لمجاهدة أنفسنا لما كان ممكنا التمييز بين الأخيار والأشرار.
الحديث عن الحرية الشخصية رائع، مع التأكيد على أن الحرية مسئولية ليس أمامك فقط بل أمام من حملها مسئولية حياتها بعدما أنعم عليها بها.
ذكرت كلمة "وهي حرية الخطأ"، ولا يوجد ما يمكن تسميته هكذا، تناولي هذا الموضوع في النقاش معها؛ فالأخطاء تقع رغم حرصنا على تجنبها، ولكن عند اختيار اتباع الهوى فهو ليس خطأ بل انحراف في المبدأ والتوجه؛ ولهذا يتحمل اللص عقاب السجن لأنه اختار الطريق الخطأ، الحرية هي في حدود ما هو صحيح ومسموح.
وإذا أردت أن تكسبي مراهقتك إلى جانب مبادئك فلا تستخدمي الإجبار ولا كلام الناس كمعيار أبدا؛ فالمراهقون بما لديهم من نزعة للتمرد يسهل عليهم القول بأن من يعنيهم هم رفاقهم وهؤلاء هم المجتمع بالنسبة لهم.
ثم أعطيها حرية في بعض الجوانب غير الأساسية، مثلا اتركي لها حرية اختيار ملابسها، أو أوقات زياراتها الاجتماعية وغيرها من الأمور التي يختلف عليها الوالدان مع المراهقين، وذلك ليس تساهلا ولكن تركيزا على الأكثر أهمية من خلال الحرص على العلاقة على المدى الطويل.
وأخيرا تجنبي ما استطعت أن تحبسيها في دور المرشد والقدوة لإخوتها؛ حيث قد يكون خوفها من الفشل في أداء الدور هو السبب في تمردها على القوانين، شجعيها كي تكون نفسها داخل ما هو صحيح، اعمدي إلى تعليمها أن تحسب نتيجة سلوكياتها وقراراتها ليس الآن فقط ولكن على المدى البعيد.
وأعود لأذكرك بأهمية المناقشة معها؛ فهي تعطي ثمارا أفضل من لعب دور الواعظ الذي يعرف كل شيء، اسمعي لها وناقشيها بهدوء، ولا بأس عليك في مشاركتها بعض خبراتك عندما كنت في مثل سنها؛ فهذا سيشعرها بالقرب منك.
أطلت وسألخص لك الخطوات:
ابدئي في توضيح المبادئ من الصغر بأن تكوني قدوة للسلوك المرغوب، وتجنبي القسوة في فرض المبادئ كي لا ترفض.
تجنبي لعب دور الواعظ العالم بكل الأمور المنزه عن كل خطأ.
استخدمي أسلوب المناقشة التي تسمح للأطراف المختلفة بالتعبير عن ذاتها مهما كانت أفكارها مستفزة بالنسبة لك.
شاركيها بعض خبراتك عندما كنت في مثل سنها، وكيف مع النضج اكتشفت عكس ما كنت تعتقدين؛ فالكشف عن الذات أسلوب إرشادي فعال.
اسمحي لها بمساحة من الحرية.
ناقشيها في قضايا الازدواجية، وكيف أن شيوع الخطأ لا يجعل منه صوابا، وكيف أن الإنسان يختار ما يريد أن يكون عليه بغض النظر عن رغباته الآنية، وكيف يأتي التميز من مقاومة الهوى لا من الاستسلام للرغبات.
ـــــــــــــــــ(104/292)
البيئة الذكية والأجيال العبقرية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً: أنا من أشد المعجبين بهذا الموقع المبارك، وهو الصفحة الرئيسية في جهازي.
ثانيًا: مشكلتي قد لا تكون تقليدية أو معتادة فهي غريبة نسبيًّا، وهي باختصار تتعلق بابنتي (3 سنوات)، فقد ظهرت فيها بوادر العبقرية منذ شهورها الأولى بدون مبالغة وكنت أنا ووالدتها قد أخفينا هذا الأمر عن كثير من الأقارب والجيران خوفًا عليها من العين أو الحسد، ساعدنا في ذلك بعد عملنا عن أهلنا وقلة معارفنا في بلدنا الراهن، ومن أوجه العبقرية عندها تكلمها بطلاقة وفصاحة وهي لم تبلغ السنتين، كذلك حفظها للأرقام ومعرفتها لجميع الألوان والأشكال الهندسية، كما تحفظ اسمها الخماسي وأسماء جميع أقاربها، وكذلك فهي قوية الذاكرة لدرجة أنها تعيد القصص التي سمعتها والمواقف العامة التي حدثت لنا قبل أكثر من سنة، وكذلك فهي تحفظ القرآن من سورة الناس وحتى سورة الضحى، وتحفظ آية الكرسي والفاتحة بكل طلاقة، وكذلك تحفظ كثيرًا من الأدعية، مثل دعاء النوم والطعام ودخول الخلاء والخروج منه... وعلى كل حال القائمة طويلة من القصص التي قد لا يصدقها أحد.
والمشكلة هي من شقين، الشق الأول: أنها منذ أشهر معدودة بدأت تضعف هذه الموهبة وتقل رويدًا.
أما الشق الثاني: وهو المهم كيف يتسنى لنا الاستفادة من هذه الموهبة، وكيف نطورها؟ وما هي النصائح التي توجهونها لنا والكتب والمواقع التي توصون بها.
للعلم:
1- البنت تغيرت بعد قدوم أخيها واشتعال الغيرة في قلبها رغم أننا نبذل كل السبل لتفادي إثارتها.
2- البنت تتميز بعناد شديد وبشكل لا يوصف، لكننا نمتص كثيرًا من عنادها.
للعلم فالبيت يخلو من أي وسيلة إعلامية كالتلفزيون أو الفيديو والمصدر الوحيد عندنا هو الإذاعة والإنترنت. شكرًا جزيلاً وآسف جدًّا للإطالة. ونرجو سماع الجواب الشافي، وثقتنا بكم كبيرة جدًّا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأخ الكريم،
بداية نشكر لك شكرين واجبين، أولهما: على تحيتك الكريمة وثقتك بنا، وندعو الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لنكون على قدر هذه الثقة. اللهم آمين.
أما الشكر الثاني فلما سببته لي رسالاتك من سعادة شخصية للسؤال عن أمر تزداد قناعتي يومًا بعد يوم بأنه ما تحتاجه أمتنا بحق للخروج من مأزقها لتعود لسالف العهد من رفعة وقوة. أنا أؤمن بحق أن الأمة الذكية تساوي ثروة حقيقية.
فشكرًا لك على اهتمامك بهذه الجزئية في تربية ابنتك على أني أحب أن أؤكد دائمًا على تكامل التربية. فأوجه النمو عديدة؛ ولذا يجب الاهتمام بكل منهم سواء (نمو عقلي – لغوي – وجداني – حركي وجسمي).
وقد وصلتني رسالتك وكنت قد انتهيت لتويّ من الرد على رسالة لأخت أخرى تسأل عن تنمية الذكاء أيضًا. ورغم اختلاف المرحلة العمرية لكل من الطفلين فإنه تظل الخطوط العريضة واحدة. وأرفق ردي لك بعدد من الاستشارات التي تناولت موضوع الذكاء والموهبة. (وهناك فرق بين كل منهما، وببساطة شديدة الذكاء يمكننا أن نعرفه بأنه كفاءة أداء العقل. وإنما الموهبة فهي أداء متميز في ناحية أو أكثر من مناحي الحياة الإنسانية)، ويمكنك أيضًا الاطلاع على الفرق بين كل من الذكاء والموهبة والتمييز في استشارة (موهبة أم تميز أم تفوق.. فض الاشتباك؟! ).
ولذا سأخص رسالتك بتوجيهك لطبيعة المرحلة العمرية لابنتك أعز الله تعالى بها الإسلام.
وكما أسلفنا فإن نمو الطفل يتكامل بين عدة مناحٍ. وعلى كل أم وأب معرفة طبيعة المرحلة التي يمر بها الطفل لنعرف ما الذي يمكننا توقعه من الطفل كعلامات نمو وما يتبعه من سلوك. ولتعرف بوضوح شديد هل تصرفات طفلتك تقع داخل حيز النمو أم أعلى أم أقل.
ونمو الطفل يقع داخل حيز له حد أعلى وحد أدنى. ولا يعرف هذا بدقة من مقارنة الأطفال فيما بينهم؛ وذلك لأن الاهتمام بكل طفل يختلف عن الآخر. ومثيرات البيئة بين كل أسرة وأخرى تختلف، فربما وجدنا أسر تقدر الأمانة ومقبلة على أطفالها فيتحدثون لوليدهم في مهده. ويقرءون له منذ سن مبكرة جدًّا (3 - 4) أشهر. ويسمعونهم القرآن؛ لتتم الألفة بينه وبين كتاب الله فضلاً عن استقامة اللغة وتيسير الحفظ بالتكرار. ويقدمون له الأوراق والألوان وغيره الكثير والكثير من المثيرات البيئية التي تسهم في زيادة تغصنات المخ (الوصلات بين خلايا المخ) فتكون النتيجة هي الفرحة بطفل في أعلى حيز النمو الممكن له. وعلى النقيض تمامًا من مثل هذه الأسر نجد أسرًا أخرى لا تعرف عن تربية الطفل إلا الأكل والملبس والنظافة. ولا يعرضون وليدهم في مراحل طفولته المختلفة لأي مثيرات محفزة. هل يكون الناتج واحد؟
بالطبع لا؛ ولذا فمطلبنا دائمًا في التربية هو البيئة الذكية التي تنتج أجيالاً تصل للعبقرية.
ونمو ذكاء الطفل يتطلب البيئة الآمنة والمثيرات لكل حواسه، وهو ما أعتقد أنكم أكرمك الله عز وجل قد استطعتم توفيره لطفلتكم الحبيبة، جزاكم الله عنها خير الجزاء. وأذاقكم ثمرة تربيتكم هنيئة طيبة.
فما حفظ القرآن في سن مبكرة إلا للاهتمام بهذا الجانب، فضلاً عن استعداد ابنتك، أي أن الاهتمام والرعاية هي المسئولة عن إعطائك مؤشرًا لتمييز ابنتك اللغوي.
متى أدركنا ذلك؟ حين عرضناها للسماع وحين اهتممنا بهذا الجانب. فلو لم نسمعها أصلاً ولم نصبر عليها ولم نشجعها؛ ماذا كنت تظن الفارق حتى لو كانت ابنتك مولودة فعلاً بكل العبقرية؟ سأجيبك.. غالبًا ما كانت الجذوة ستخبو قبل أن يقدر لها أن تكتشف.
ولذا دائمًا ما أحب أن أذكر أن قدرات العقل لا حدود لها وفرص تنميته أيضًا لا حدود لها. أي أننا يمكننا دائمًا بالحب والاهتمام صنع تمييز في أداء طفلنا. وأكررها (صنع). نعم يمكننا أن نعلم طفلنا مهارات التفكير المختلفة؛ ويمكننا أن نبحث عن كل علامات الموهبة ونجعل منها دليلاً لصنع هذه الموهبة (فكل طفل مشروع موهبة).
ويمكننا دائمًا البحث عن فرص لطفلنا ليمارس كل ما يمكنه من نشاطات وهوايات واهتمامات؛ ليكتشف الطفل نفسه في أكثر المناطق تمييزًا، مع عدم إغفال المناطق الأخرى، فكلما تضافر عدد من مناطق التميز كان الناتج أفضل وأثرى.
وأسوق إليك نقطة هامة جدًّا: هناك سبعة أنواع من الذكاءات هي ما عبر عنها العالم جاردنر بالذكاءات المتعددة، وما يعنينا في هذا الصدد هو أن إشعال شرارة كل من هذه الذكاءات أمر ممكن التحقيق. كما لا يجب الركون لما ألفنا من خطأ شائع بحصر الذكاء في نوع أو اثنين تمامًا كما تحصر الموهبة أحيانًا في الموهبة الفنية.. هذا خطأ كبير يرفضه العلم تمامًا. ويجب علينا تدارك هذا الخطأ قبل تفويت فرص هائلة على أطفال يمكن أن يحملوا لواء أمة ذكية مبدعة.
وكل إنسان يمتلك هذه الأنواع السبعة بنسب متفاوتة وتكامل كل هذه الذكاءات يعرف بالذكاء الشامل.
وقد كنت أود لو تشير في رسالتك إلى العمر الذي بدأت طفلتك فيه أيًّا من هذه الأنشطة التي ذكرتها مع تفصيل أكثر لطريقة الأداء ومستواه. فالتفصيلات هامة جدًّا حين نتحدث عن نمو أو سلوك. فأرجو في المرة القادمة ألا تبخل علينا بمزيد من التفصيلات، فهذا يسعدنا كثيرًا ويساعدنا لنقدم لكم أفضل عون ممكن؛ لأنه يوضح الرؤية التي نبني عليها، فلا أمتع لدينا من رسائل زوارنا، فتأكد من ذلك أنت وجميع زوار صفحتنا الكرام.
والآن ما الذي نتوقعه في عمر ثلاثة أعوام:
- النمو العقلي: (وتسمى مرحلة ما قبل العمليات).
* الطفل في هذه المرحلة يزيد من عرض أفكاره لفظيًّا.
* يمكنه التفكير في شيء ما دون أن يكون حاضرًا أمامه. مستخدمًا اللغة في ذلك.
النمو الحركي (3 - 4 سنوات):
* يمكنه الوقوف على رجل واحدة.
* القفز لأعلى.
* رسم الدوائر.
* الاعتماد على النفس في كثير من حياتها المنزلية (الأكل، واللبس - النظافة...).
النمو الوجداني:
* تبدأ غيرة الولد من أبيه وغيرة البنت من أمها.
* خوف من الظلام أو الإصابة أو... (3 – 5 سنوات).
* الاقتراب والترابط مع الوالد من الجنس المختلف (البنت وأبيها، الولد وأمه).
النمو الاجتماعي:
* تحب التشارك واللعب التعاوني.
* تمكن للطفل أن يلتحق بحضانة أو ما شابه من المدارس.
* تقليد الأهل.
* الفضول وحب الاستطلاع للجسد.
* تبدأ في اللعب مع رفيق خيال (أي تخيل صديق معه يحدثه ويلعب معه).
* تبدأ لعب الأدوار (بابا وماما و...).
وهناك أيضًا بعض ما يمكن أن نتوقع حدوثه في هذه السن:
• يمكنها أن تفتح السوستة والأزرار وتقفلها.
• لا تميز الحذاء الأيمن من الأيسر؛ ولا الوجه الأمامي للملابس من الوجه الخلفي (ولكن بالطبع يمكن تدريبها على ذلك).
• تعبيرها المفضل "أفعلها بنفسي"، وتبكي بسهولة إن لم تستطع ذلك، أو حتى إذا أخفقت في إتمام ما ترغب (دعها من فضلك تمارس بنفسها ما يمكنها فهذا يخدم نموها جدًّا، كما يخدم نمو كثير من الصفات الإيجابية، ولكن أيضًا حاول تعليمها خطوة خطوة ولا تعرضها لكثير من الإحباطات؛ شجع قدر إمكانك. ومهِّد للفطام الحقيقي بالاعتماد على النفس. فقد كان الشيخ الشعراوي رحمه الله يقول بأننا يجب أن نفطم الطفل عند العامين، وليس كما ألفنا في كثير من الأسر لا يتحقق الفطام إلا بعد العشرين. والقصد بطبيعة الحال هو الاعتماد على النفس لما في ذلك من مزايا عديدة).
• يحب الطفل الشعور بأهميته وقيمته المستمدة من اعتماد الأهل عليه في عدد من المهام التي يمكنه أداؤها.
• يرفض الإمساك بيد الوالدين حتى مع ضرورة ذلك (وليس دائمًا ما يحدث ذلك، فالطفل الذي نقنعه ونتعامل معه بهدوء يكون أكثر طاعة في مثل هذه المواقف وإن كان يظل هذا متوقعًا).
• يحب السير في المحلات بدلاً من ركوب العربة الخاصة بالأطفال.
• يصيبه خوف مفاجئ.
• بعض الحركات السيئة مثل (اللعب في الأنف - قضم الأظافر).
وما يحتاجه الطفل في هذا العمر هو:
* الصبر عليه بتعليمه بهدوء، والسماح له بعمل كل ما يمكنه، بل تفويض بعض المهام الأسرية كمساعد رائع للأب والأم.
* طفلتك ما زالت صغيرة، فأعطها وقتًا لتنمو فيه، ولا تدفعها لتكبر وتبدو أنضج مما تقدر فعلاً عليه.
- كما يحتاج لبيئة سهلة. بما يعني سهولة وصوله لما يريد من أدوات (لعبه – ملابسه –مفتاح الإضاءة – المِشْجَب "شماعة" – كوبه الخاص – كتبه...). وهذا يعلمه النظام بسهولة. كما يعلم الطفل الاعتماد على نفسه بدون إحباط، إضافة لتقليل التوترات بين الطفل والأهل من جراء الطلبات الكثيرة أو الفوضى في البيت. كل المطلوب أن يوضع في الاعتبار ونحن نؤثث منازلنا أن لدينا كائنات صغيرة جميلة اسمها أطفال.
- الطفل في هذا العمر يريد أن يكون جيدًا فساعده على ذلك بالحب والحزم (ضع نظامًا ثابتًا نظامًا للمكان والوقت). وكن حازمًا محبًّا في التربية. (علمها الصواب وشجعها وكافئها حين تفعله ودعها تدرك تبعات السلوك السيئ)، ولهذا تفصيله بالطبع.
وسأراجع شقّي رسالتك:
أولاً: ضعف موهبة ابنتك (هكذا سميتها): لدي عدة نقاط أريد أن أناقشها معك:
- ما لدى ابنتك من تمييز ملحوظ عضّضه من اهتمامكم بها. ولا أظن أنها ضعفت بالفعل، وإنما ربما صار لديها عدم الإقبال على نفس الأدوات التي تستخدمونها معها لإزكاء تمييزها اللغوي. فقد تكون في حاجة لتغيير النشاطات المعهودة لتمارس غيرها. فابدأ معها بالكتب المصورة وحكي الحكايات، ودعها تمثل مشهدًا وتمثل أنت ووالدتها مشهدًا آخر. كما يمكنك اللعب معها بالبازل (الأجزاء المقطعة)، وغيرها الكثير من الأنشطة (سأورد لك استشارة بها تفصيلات هذا الأمر).
- ألاحظ اهتمامك الكبير بالناحية اللغوية، وهو مما لا شك فيه أمر هام جدًّا، ولكن لا تغفل بقية النواحي كما أسلفنا.
- لا تسمّ وتحير نفسك الآن في مسمى ما عليه طفلتك (عبقرية أم ذكاء أم موهبة أم تمييز)، فما يعنينا هو الأداء المتميز في أكثر من ناحية من نواحي النشاط الإنساني.
- ولا أعني بذلك مطلقًا أني أنكر على ابنتك حفظها الله تعالى تمييزها بالفعل، ولكن ما أحب أن أوجه نظرك إليه هو أن اهتمامك بالناحية اللغوية قد أتى ثمرة طيبة، فاستمر في هذا الاهتمام الواعي في بقية النواحي.
- وربما احتجت إلى إجراء بعض الاختبارات للكشف عن مستوى الذكاء أو حتى للكشف عن موهبة ابنتك. هذا أمر طيب جدًّا ويؤهل بلا شك للاهتمام المكثف الموجه. وهو ما لا يمكننا عبر الإنترنت أداؤه، فإن استطعت ذلك فخير، لكن حتى يتم ذلك فما هو هام جدًّا هو الاهتمام المتكامل بابنتك. وإدراك أننا يمكننا صنع الأداء المتميز عن طريق التعلم والتدريب عبر كل ما يتاح لدينا من أنشطة.
الشق الثاني في رسالتك: كيف تستفيد من موهبة ابنتك:
أضف إليها مواهب أخرى (أداء متميز في نواحي أخرى). وساعد على تضافر كل هذه المواهب معًا. لتعلي أداء ابنتك لأعلى حيز ممكن في أكثر من حيز.
وراجعنا في كل ما تحتاج من تفصيلات لأي نقطة، فنحن نسعد بذلك، ونرجو متابعة زوارنا ليعم النفع.
أما عن المواقع التي تتناول مثل هذه الموضوعات فهي كثيرة، وإن كان أغلبها باللغة الإنجليزية. ويمكنك مطالعة هذين الموقعين:
- familyeducation .net
- americanbaby.com
وستجد على كل منهما عددًا من الموضوعات والاختبارات التي يمكنك إجراؤها بنفسك.
ويمكنك أيضًا مطالعة:
تعليم مهارات التفكير (رابط مع موضوع في أب وأم أو من ساحة الحوار للكاتب أستاذ خلف).
ويمكنك مطالعة عدد من الاستشارات التي تحدثت عن الغيرة الأخوية. هداهم الله لك ورزقك برهما.
أما عن العناد فأرجو أن يكون الأمر قد اتضح بأنه طبيعة مرحلة الانفصال والمسؤولية. ويمكننا دائمًا رد العناد بالحب وإفساح المجال لأبنائنا للإنجاز والإبداع. وشغلهم فيما يفيد، وفي ذلك بُعد حقيقي عن مسببات العند والكدر من قبل الأهل، فللحق أننا من ينبت العند في قلب الصغار بالإصرار على التعامل معهم على أنهم دمية لا رأى لها، ولا رغبات استقلالية لديها، بل ولا نملك الإيمان في كثير من الأحيان بأنهم يمكنهم أداء كثير من الأشياء بما يفوق توقعاتنا. وكأن الوسيلة الوحيدة للتعبير عن حبنا واهتمامنا أن نقوم بدلاً عنهم بكل شيء وعدم السماح أبدًا بالتجربة، فنقول "سيخطئ - لن يعرف"، متناسين أنه إن لم يجرب ويخطئ فلن يتعلم مطلقًا، فالخطأ جزء هام وأساسي في الخبرة والتعلم.
وقد ختمت رسالتك الكريمة بذكر عدم استخدام التلفاز، بل المذياع والإنترنت. وكأنك أردت التأكيد على اهتمامكم بالجانب اللغوي الهام جدًّا. فمستمع المذياع يحظى بنسبة عالية من استثارة حاسة السمع، وهي الوجه الآخر للكلام بلا شك. وهو ما يمكن أن يكون ساهم بنسبة كبيرة في قدرة ابنتك اللغوية.
وإن كان يمكننا استخدام التلفاز بقدر أيضًا، فبعد عمر السنتين -كما يقول العلماء- يمكن أن يشاهد الطفل بعض البرامج الجيدة المعدة للطفل، على أن تكون المادة بالطبع مناسبة لعمرها، وكذلك خالية من المواد السيئة. هذا هو الرأي العلمي والتربوي بخصوص استخدام التلفاز للطفل.
أما إذا كان لديك أسباب أخرى لا أعلمها تجعلك ترفض استخدامه كقناعة بتحريمه أو شيء من هذا القبيل، فيمكنك مطالعة الفتاوى الخاصة بهذا الشأن على صفحة الفتاوى.
ويبقى لي رجاء بأن تساعد على خروج الاهتمام بهذا الموضوع، خاصة من النطاق الفردي للنطاق الجماعي، وما هذا إلا لأن نظمنا التربوية تتغافل كثيرًا عن تنمية مثل هذه القدرات والمهارات الهامة جدًّا. فربما استطعنا بتكاتفنا معًا أن نسد هذه الفجوة ونوجد قنوات متعددة للتعلم الموازي. وما نحتاجه في هذا الصدد هو نشر النفع والتكاتف للحصول على مزيد من النفع، فدعنا نفكر في جماعة، فإنما الأمة عدد غفير، ولا نريد اقتصارها في عدد من الأفراد ممن سنحت لهم الفرصة بالمعرفة تاركين البقية لا تعلم ولا تهتم بمثل هذه الأمور. يمكننا معًا -بإذن الله- أن ننهض كأمة في جماعة وليس شتات بين أفراد.
أرجو أن تنقل لغيرك ما وجدته ذات نفع، فنحن نأمل بحق أن يعين بعضنا بعضًا "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"، ومن أكثر ما نحتاجه بحق هو البدء بالاهتمام الواعي بأطفالنا؛ لأنهم هم أمة الغد القوية بحق، فإن تمكنت من ذلك فشكرًا جزيلاً لك وجزاك الله خير الجزاء، وإن احتجت عونًا لمزيد من عموم النفع فأهلاً بك ونحن معك بكل ما يسّر الله لنا من وسائل.
برجاء مطالعة الاستشارات الواردة عن موضوع سؤالك، ثم أنتظر منك المزيد من التساؤلات..
أرجو أن توافينا بتطوراتك ونحن معك.
ـــــــــــــــــ(104/293)
البيئة الذكية والأجيال العبقرية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً: أنا من أشد المعجبين بهذا الموقع المبارك، وهو الصفحة الرئيسية في جهازي.
ثانيًا: مشكلتي قد لا تكون تقليدية أو معتادة فهي غريبة نسبيًّا، وهي باختصار تتعلق بابنتي (3 سنوات)، فقد ظهرت فيها بوادر العبقرية منذ شهورها الأولى بدون مبالغة وكنت أنا ووالدتها قد أخفينا هذا الأمر عن كثير من الأقارب والجيران خوفًا عليها من العين أو الحسد، ساعدنا في ذلك بعد عملنا عن أهلنا وقلة معارفنا في بلدنا الراهن، ومن أوجه العبقرية عندها تكلمها بطلاقة وفصاحة وهي لم تبلغ السنتين، كذلك حفظها للأرقام ومعرفتها لجميع الألوان والأشكال الهندسية، كما تحفظ اسمها الخماسي وأسماء جميع أقاربها، وكذلك فهي قوية الذاكرة لدرجة أنها تعيد القصص التي سمعتها والمواقف العامة التي حدثت لنا قبل أكثر من سنة، وكذلك فهي تحفظ القرآن من سورة الناس وحتى سورة الضحى، وتحفظ آية الكرسي والفاتحة بكل طلاقة، وكذلك تحفظ كثيرًا من الأدعية، مثل دعاء النوم والطعام ودخول الخلاء والخروج منه... وعلى كل حال القائمة طويلة من القصص التي قد لا يصدقها أحد.
والمشكلة هي من شقين، الشق الأول: أنها منذ أشهر معدودة بدأت تضعف هذه الموهبة وتقل رويدًا.
أما الشق الثاني: وهو المهم كيف يتسنى لنا الاستفادة من هذه الموهبة، وكيف نطورها؟ وما هي النصائح التي توجهونها لنا والكتب والمواقع التي توصون بها.
للعلم:
1- البنت تغيرت بعد قدوم أخيها واشتعال الغيرة في قلبها رغم أننا نبذل كل السبل لتفادي إثارتها.
2- البنت تتميز بعناد شديد وبشكل لا يوصف، لكننا نمتص كثيرًا من عنادها.
للعلم فالبيت يخلو من أي وسيلة إعلامية كالتلفزيون أو الفيديو والمصدر الوحيد عندنا هو الإذاعة والإنترنت. شكرًا جزيلاً وآسف جدًّا للإطالة. ونرجو سماع الجواب الشافي، وثقتنا بكم كبيرة جدًّا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأخ الكريم،
بداية نشكر لك شكرين واجبين، أولهما: على تحيتك الكريمة وثقتك بنا، وندعو الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لنكون على قدر هذه الثقة. اللهم آمين.
أما الشكر الثاني فلما سببته لي رسالاتك من سعادة شخصية للسؤال عن أمر تزداد قناعتي يومًا بعد يوم بأنه ما تحتاجه أمتنا بحق للخروج من مأزقها لتعود لسالف العهد من رفعة وقوة. أنا أؤمن بحق أن الأمة الذكية تساوي ثروة حقيقية.
فشكرًا لك على اهتمامك بهذه الجزئية في تربية ابنتك على أني أحب أن أؤكد دائمًا على تكامل التربية. فأوجه النمو عديدة؛ ولذا يجب الاهتمام بكل منهم سواء (نمو عقلي – لغوي – وجداني – حركي وجسمي).
وقد وصلتني رسالتك وكنت قد انتهيت لتويّ من الرد على رسالة لأخت أخرى تسأل عن تنمية الذكاء أيضًا. ورغم اختلاف المرحلة العمرية لكل من الطفلين فإنه تظل الخطوط العريضة واحدة. وأرفق ردي لك بعدد من الاستشارات التي تناولت موضوع الذكاء والموهبة. (وهناك فرق بين كل منهما، وببساطة شديدة الذكاء يمكننا أن نعرفه بأنه كفاءة أداء العقل. وإنما الموهبة فهي أداء متميز في ناحية أو أكثر من مناحي الحياة الإنسانية)، ويمكنك أيضًا الاطلاع على الفرق بين كل من الذكاء والموهبة والتمييز في استشارة (موهبة أم تميز أم تفوق.. فض الاشتباك؟! ).
ولذا سأخص رسالتك بتوجيهك لطبيعة المرحلة العمرية لابنتك أعز الله تعالى بها الإسلام.
وكما أسلفنا فإن نمو الطفل يتكامل بين عدة مناحٍ. وعلى كل أم وأب معرفة طبيعة المرحلة التي يمر بها الطفل لنعرف ما الذي يمكننا توقعه من الطفل كعلامات نمو وما يتبعه من سلوك. ولتعرف بوضوح شديد هل تصرفات طفلتك تقع داخل حيز النمو أم أعلى أم أقل.
ونمو الطفل يقع داخل حيز له حد أعلى وحد أدنى. ولا يعرف هذا بدقة من مقارنة الأطفال فيما بينهم؛ وذلك لأن الاهتمام بكل طفل يختلف عن الآخر. ومثيرات البيئة بين كل أسرة وأخرى تختلف، فربما وجدنا أسر تقدر الأمانة ومقبلة على أطفالها فيتحدثون لوليدهم في مهده. ويقرءون له منذ سن مبكرة جدًّا (3 - 4) أشهر. ويسمعونهم القرآن؛ لتتم الألفة بينه وبين كتاب الله فضلاً عن استقامة اللغة وتيسير الحفظ بالتكرار. ويقدمون له الأوراق والألوان وغيره الكثير والكثير من المثيرات البيئية التي تسهم في زيادة تغصنات المخ (الوصلات بين خلايا المخ) فتكون النتيجة هي الفرحة بطفل في أعلى حيز النمو الممكن له. وعلى النقيض تمامًا من مثل هذه الأسر نجد أسرًا أخرى لا تعرف عن تربية الطفل إلا الأكل والملبس والنظافة. ولا يعرضون وليدهم في مراحل طفولته المختلفة لأي مثيرات محفزة. هل يكون الناتج واحد؟
بالطبع لا؛ ولذا فمطلبنا دائمًا في التربية هو البيئة الذكية التي تنتج أجيالاً تصل للعبقرية.
ونمو ذكاء الطفل يتطلب البيئة الآمنة والمثيرات لكل حواسه، وهو ما أعتقد أنكم أكرمك الله عز وجل قد استطعتم توفيره لطفلتكم الحبيبة، جزاكم الله عنها خير الجزاء. وأذاقكم ثمرة تربيتكم هنيئة طيبة.
فما حفظ القرآن في سن مبكرة إلا للاهتمام بهذا الجانب، فضلاً عن استعداد ابنتك، أي أن الاهتمام والرعاية هي المسئولة عن إعطائك مؤشرًا لتمييز ابنتك اللغوي.
متى أدركنا ذلك؟ حين عرضناها للسماع وحين اهتممنا بهذا الجانب. فلو لم نسمعها أصلاً ولم نصبر عليها ولم نشجعها؛ ماذا كنت تظن الفارق حتى لو كانت ابنتك مولودة فعلاً بكل العبقرية؟ سأجيبك.. غالبًا ما كانت الجذوة ستخبو قبل أن يقدر لها أن تكتشف.
ولذا دائمًا ما أحب أن أذكر أن قدرات العقل لا حدود لها وفرص تنميته أيضًا لا حدود لها. أي أننا يمكننا دائمًا بالحب والاهتمام صنع تمييز في أداء طفلنا. وأكررها (صنع). نعم يمكننا أن نعلم طفلنا مهارات التفكير المختلفة؛ ويمكننا أن نبحث عن كل علامات الموهبة ونجعل منها دليلاً لصنع هذه الموهبة (فكل طفل مشروع موهبة).
ويمكننا دائمًا البحث عن فرص لطفلنا ليمارس كل ما يمكنه من نشاطات وهوايات واهتمامات؛ ليكتشف الطفل نفسه في أكثر المناطق تمييزًا، مع عدم إغفال المناطق الأخرى، فكلما تضافر عدد من مناطق التميز كان الناتج أفضل وأثرى.
وأسوق إليك نقطة هامة جدًّا: هناك سبعة أنواع من الذكاءات هي ما عبر عنها العالم جاردنر بالذكاءات المتعددة، وما يعنينا في هذا الصدد هو أن إشعال شرارة كل من هذه الذكاءات أمر ممكن التحقيق. كما لا يجب الركون لما ألفنا من خطأ شائع بحصر الذكاء في نوع أو اثنين تمامًا كما تحصر الموهبة أحيانًا في الموهبة الفنية.. هذا خطأ كبير يرفضه العلم تمامًا. ويجب علينا تدارك هذا الخطأ قبل تفويت فرص هائلة على أطفال يمكن أن يحملوا لواء أمة ذكية مبدعة.
وكل إنسان يمتلك هذه الأنواع السبعة بنسب متفاوتة وتكامل كل هذه الذكاءات يعرف بالذكاء الشامل.
وقد كنت أود لو تشير في رسالتك إلى العمر الذي بدأت طفلتك فيه أيًّا من هذه الأنشطة التي ذكرتها مع تفصيل أكثر لطريقة الأداء ومستواه. فالتفصيلات هامة جدًّا حين نتحدث عن نمو أو سلوك. فأرجو في المرة القادمة ألا تبخل علينا بمزيد من التفصيلات، فهذا يسعدنا كثيرًا ويساعدنا لنقدم لكم أفضل عون ممكن؛ لأنه يوضح الرؤية التي نبني عليها، فلا أمتع لدينا من رسائل زوارنا، فتأكد من ذلك أنت وجميع زوار صفحتنا الكرام.
والآن ما الذي نتوقعه في عمر ثلاثة أعوام:
- النمو العقلي: (وتسمى مرحلة ما قبل العمليات).
* الطفل في هذه المرحلة يزيد من عرض أفكاره لفظيًّا.
* يمكنه التفكير في شيء ما دون أن يكون حاضرًا أمامه. مستخدمًا اللغة في ذلك.
النمو الحركي (3 - 4 سنوات):
* يمكنه الوقوف على رجل واحدة.
* القفز لأعلى.
* رسم الدوائر.
* الاعتماد على النفس في كثير من حياتها المنزلية (الأكل، واللبس - النظافة...).
النمو الوجداني:
* تبدأ غيرة الولد من أبيه وغيرة البنت من أمها.
* خوف من الظلام أو الإصابة أو... (3 – 5 سنوات).
* الاقتراب والترابط مع الوالد من الجنس المختلف (البنت وأبيها، الولد وأمه).
النمو الاجتماعي:
* تحب التشارك واللعب التعاوني.
* تمكن للطفل أن يلتحق بحضانة أو ما شابه من المدارس.
* تقليد الأهل.
* الفضول وحب الاستطلاع للجسد.
* تبدأ في اللعب مع رفيق خيال (أي تخيل صديق معه يحدثه ويلعب معه).
* تبدأ لعب الأدوار (بابا وماما و...).
وهناك أيضًا بعض ما يمكن أن نتوقع حدوثه في هذه السن:
• يمكنها أن تفتح السوستة والأزرار وتقفلها.
• لا تميز الحذاء الأيمن من الأيسر؛ ولا الوجه الأمامي للملابس من الوجه الخلفي (ولكن بالطبع يمكن تدريبها على ذلك).
• تعبيرها المفضل "أفعلها بنفسي"، وتبكي بسهولة إن لم تستطع ذلك، أو حتى إذا أخفقت في إتمام ما ترغب (دعها من فضلك تمارس بنفسها ما يمكنها فهذا يخدم نموها جدًّا، كما يخدم نمو كثير من الصفات الإيجابية، ولكن أيضًا حاول تعليمها خطوة خطوة ولا تعرضها لكثير من الإحباطات؛ شجع قدر إمكانك. ومهِّد للفطام الحقيقي بالاعتماد على النفس. فقد كان الشيخ الشعراوي رحمه الله يقول بأننا يجب أن نفطم الطفل عند العامين، وليس كما ألفنا في كثير من الأسر لا يتحقق الفطام إلا بعد العشرين. والقصد بطبيعة الحال هو الاعتماد على النفس لما في ذلك من مزايا عديدة).
• يحب الطفل الشعور بأهميته وقيمته المستمدة من اعتماد الأهل عليه في عدد من المهام التي يمكنه أداؤها.
• يرفض الإمساك بيد الوالدين حتى مع ضرورة ذلك (وليس دائمًا ما يحدث ذلك، فالطفل الذي نقنعه ونتعامل معه بهدوء يكون أكثر طاعة في مثل هذه المواقف وإن كان يظل هذا متوقعًا).
• يحب السير في المحلات بدلاً من ركوب العربة الخاصة بالأطفال.
• يصيبه خوف مفاجئ.
• بعض الحركات السيئة مثل (اللعب في الأنف - قضم الأظافر).
وما يحتاجه الطفل في هذا العمر هو:
* الصبر عليه بتعليمه بهدوء، والسماح له بعمل كل ما يمكنه، بل تفويض بعض المهام الأسرية كمساعد رائع للأب والأم.
* طفلتك ما زالت صغيرة، فأعطها وقتًا لتنمو فيه، ولا تدفعها لتكبر وتبدو أنضج مما تقدر فعلاً عليه.
- كما يحتاج لبيئة سهلة. بما يعني سهولة وصوله لما يريد من أدوات (لعبه – ملابسه –مفتاح الإضاءة – المِشْجَب "شماعة" – كوبه الخاص – كتبه...). وهذا يعلمه النظام بسهولة. كما يعلم الطفل الاعتماد على نفسه بدون إحباط، إضافة لتقليل التوترات بين الطفل والأهل من جراء الطلبات الكثيرة أو الفوضى في البيت. كل المطلوب أن يوضع في الاعتبار ونحن نؤثث منازلنا أن لدينا كائنات صغيرة جميلة اسمها أطفال.
- الطفل في هذا العمر يريد أن يكون جيدًا فساعده على ذلك بالحب والحزم (ضع نظامًا ثابتًا نظامًا للمكان والوقت). وكن حازمًا محبًّا في التربية. (علمها الصواب وشجعها وكافئها حين تفعله ودعها تدرك تبعات السلوك السيئ)، ولهذا تفصيله بالطبع.
وسأراجع شقّي رسالتك:
أولاً: ضعف موهبة ابنتك (هكذا سميتها): لدي عدة نقاط أريد أن أناقشها معك:
- ما لدى ابنتك من تمييز ملحوظ عضّضه من اهتمامكم بها. ولا أظن أنها ضعفت بالفعل، وإنما ربما صار لديها عدم الإقبال على نفس الأدوات التي تستخدمونها معها لإزكاء تمييزها اللغوي. فقد تكون في حاجة لتغيير النشاطات المعهودة لتمارس غيرها. فابدأ معها بالكتب المصورة وحكي الحكايات، ودعها تمثل مشهدًا وتمثل أنت ووالدتها مشهدًا آخر. كما يمكنك اللعب معها بالبازل (الأجزاء المقطعة)، وغيرها الكثير من الأنشطة (سأورد لك استشارة بها تفصيلات هذا الأمر).
- ألاحظ اهتمامك الكبير بالناحية اللغوية، وهو مما لا شك فيه أمر هام جدًّا، ولكن لا تغفل بقية النواحي كما أسلفنا.
- لا تسمّ وتحير نفسك الآن في مسمى ما عليه طفلتك (عبقرية أم ذكاء أم موهبة أم تمييز)، فما يعنينا هو الأداء المتميز في أكثر من ناحية من نواحي النشاط الإنساني.
- ولا أعني بذلك مطلقًا أني أنكر على ابنتك حفظها الله تعالى تمييزها بالفعل، ولكن ما أحب أن أوجه نظرك إليه هو أن اهتمامك بالناحية اللغوية قد أتى ثمرة طيبة، فاستمر في هذا الاهتمام الواعي في بقية النواحي.
- وربما احتجت إلى إجراء بعض الاختبارات للكشف عن مستوى الذكاء أو حتى للكشف عن موهبة ابنتك. هذا أمر طيب جدًّا ويؤهل بلا شك للاهتمام المكثف الموجه. وهو ما لا يمكننا عبر الإنترنت أداؤه، فإن استطعت ذلك فخير، لكن حتى يتم ذلك فما هو هام جدًّا هو الاهتمام المتكامل بابنتك. وإدراك أننا يمكننا صنع الأداء المتميز عن طريق التعلم والتدريب عبر كل ما يتاح لدينا من أنشطة.
الشق الثاني في رسالتك: كيف تستفيد من موهبة ابنتك:
أضف إليها مواهب أخرى (أداء متميز في نواحي أخرى). وساعد على تضافر كل هذه المواهب معًا. لتعلي أداء ابنتك لأعلى حيز ممكن في أكثر من حيز.
وراجعنا في كل ما تحتاج من تفصيلات لأي نقطة، فنحن نسعد بذلك، ونرجو متابعة زوارنا ليعم النفع.
أما عن المواقع التي تتناول مثل هذه الموضوعات فهي كثيرة، وإن كان أغلبها باللغة الإنجليزية. ويمكنك مطالعة هذين الموقعين:
- familyeducation .net
- americanbaby.com
وستجد على كل منهما عددًا من الموضوعات والاختبارات التي يمكنك إجراؤها بنفسك.
ويمكنك أيضًا مطالعة:
تعليم مهارات التفكير (رابط مع موضوع في أب وأم أو من ساحة الحوار للكاتب أستاذ خلف).
ويمكنك مطالعة عدد من الاستشارات التي تحدثت عن الغيرة الأخوية. هداهم الله لك ورزقك برهما.
أما عن العناد فأرجو أن يكون الأمر قد اتضح بأنه طبيعة مرحلة الانفصال والمسؤولية. ويمكننا دائمًا رد العناد بالحب وإفساح المجال لأبنائنا للإنجاز والإبداع. وشغلهم فيما يفيد، وفي ذلك بُعد حقيقي عن مسببات العند والكدر من قبل الأهل، فللحق أننا من ينبت العند في قلب الصغار بالإصرار على التعامل معهم على أنهم دمية لا رأى لها، ولا رغبات استقلالية لديها، بل ولا نملك الإيمان في كثير من الأحيان بأنهم يمكنهم أداء كثير من الأشياء بما يفوق توقعاتنا. وكأن الوسيلة الوحيدة للتعبير عن حبنا واهتمامنا أن نقوم بدلاً عنهم بكل شيء وعدم السماح أبدًا بالتجربة، فنقول "سيخطئ - لن يعرف"، متناسين أنه إن لم يجرب ويخطئ فلن يتعلم مطلقًا، فالخطأ جزء هام وأساسي في الخبرة والتعلم.
وقد ختمت رسالتك الكريمة بذكر عدم استخدام التلفاز، بل المذياع والإنترنت. وكأنك أردت التأكيد على اهتمامكم بالجانب اللغوي الهام جدًّا. فمستمع المذياع يحظى بنسبة عالية من استثارة حاسة السمع، وهي الوجه الآخر للكلام بلا شك. وهو ما يمكن أن يكون ساهم بنسبة كبيرة في قدرة ابنتك اللغوية.
وإن كان يمكننا استخدام التلفاز بقدر أيضًا، فبعد عمر السنتين -كما يقول العلماء- يمكن أن يشاهد الطفل بعض البرامج الجيدة المعدة للطفل، على أن تكون المادة بالطبع مناسبة لعمرها، وكذلك خالية من المواد السيئة. هذا هو الرأي العلمي والتربوي بخصوص استخدام التلفاز للطفل.
أما إذا كان لديك أسباب أخرى لا أعلمها تجعلك ترفض استخدامه كقناعة بتحريمه أو شيء من هذا القبيل، فيمكنك مطالعة الفتاوى الخاصة بهذا الشأن على صفحة الفتاوى.
ويبقى لي رجاء بأن تساعد على خروج الاهتمام بهذا الموضوع، خاصة من النطاق الفردي للنطاق الجماعي، وما هذا إلا لأن نظمنا التربوية تتغافل كثيرًا عن تنمية مثل هذه القدرات والمهارات الهامة جدًّا. فربما استطعنا بتكاتفنا معًا أن نسد هذه الفجوة ونوجد قنوات متعددة للتعلم الموازي. وما نحتاجه في هذا الصدد هو نشر النفع والتكاتف للحصول على مزيد من النفع، فدعنا نفكر في جماعة، فإنما الأمة عدد غفير، ولا نريد اقتصارها في عدد من الأفراد ممن سنحت لهم الفرصة بالمعرفة تاركين البقية لا تعلم ولا تهتم بمثل هذه الأمور. يمكننا معًا -بإذن الله- أن ننهض كأمة في جماعة وليس شتات بين أفراد.
أرجو أن تنقل لغيرك ما وجدته ذات نفع، فنحن نأمل بحق أن يعين بعضنا بعضًا "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"، ومن أكثر ما نحتاجه بحق هو البدء بالاهتمام الواعي بأطفالنا؛ لأنهم هم أمة الغد القوية بحق، فإن تمكنت من ذلك فشكرًا جزيلاً لك وجزاك الله خير الجزاء، وإن احتجت عونًا لمزيد من عموم النفع فأهلاً بك ونحن معك بكل ما يسّر الله لنا من وسائل.
ـــــــــــــــــ(104/294)
فهم احتياجات ابنتك النفسية أول العلاج ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا أحب أن أشكركم على هذه الجهود الرائعة والجبارة التي تبذلونها لتحقيق معنى "معا نربي أبناءنا"، وأعانكم الله ووفقكم لما هو أفضل وما فيه خير الإسلام والمسلمين.
ثانيا أود استشارتكم وإفادتي في كيفية التربية الإسلامية الصحيحة؛ فأنا لدي 3 أطفال بنتان وولد، وقد اتفقنا أنا وزوجي على تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة وتنشئتهم تنشئة سوية.
يبلغ عمر ابنتي الكبرى سنتين و5 أشهر، أما أختها فعمرها سنة و3 أشهر، أما أخوهم فقد أنجبته حديثا فعمره شهران ونصف الشهر.
والمشكلة تكمن في ابنتي الكبرى (فكما قيل إن تربية الابن الأكبر هي الأهم) فهي عصبية وحساسة جدا، وإذا غضبت منا فهي تحاول معاقبتنا بمثل ما نعاقبها به، فعندما تريد شيئا ولا نلبيه لها فهي تردد نفس العبارات التي نرددها خاصة ما يقوله أبوها، فتقول مثلا سوف أضربك أو سوف أغضب منك، وفي بعض الأحيان تضرب أو تقول اخرجي من الغرفة وهكذا.
وتعاملها مع أختها غالبا يكون بالضرب أو الصراخ في وجهها إذا أخذت شيئا من ألعابها أو رأت معها شيئا تريده، حتى تعاملها مع ألعابها غريب؛ فهي تقوم بالصراخ أو عض اللعبة إذا لم تستطع فتحها أو اللعب معها كما يجب.
وأيضا فهي تقاوم النعاس والنوم بشكل غريب، فعندما أحس أنها تريد النوم أحاول أخذها إلى فراشها لكي تنام أو أطلب منها ذلك، فهي في الغالب ترفض، وقد لاحظتها قبل فترة إذا أحست بالنعاس تضع عروستها أو الكرة أو أي شيء من ألعابها وتضعه تحتها وكأنها تفعل العادة السرية، وعندما أخذت منها العروسة والكرة لكي لا تكرر ذلك حاولت إيجاد شيء آخر بعدما تأسفت ووعدت بعدم فعل ذلك مرة أخرى، وعندما أحست أنني أراقبها أصبحت لا تفعل ذلك أمامي وتفعله خفية (مع العلم أنها كانت تفعل ذلك ولم تبلغ سنة من عمرها ولكن ليس كثيرا كما هي الآن).
وهي أيضا عند عقابنا لها تتأسف وتقول إنها لن تعود، ولكنها تعود لفعل أي خطأ ترتكبه مرة أخرى، وأحيانا تسمي نفسها اسما غير اسمها وتطلب منا مناداتها بهذا الاسم، وكذلك تسمي أختها باسم آخر (فهل هذا سلوك طبيعي أو يحتاج إلى توجيه)، وأيضا منبهرة بالمكياج فتطلب مني إعطاءها لكي تضع لنفسها (ما الحل الصحيح لهذا).
ومع أني ووالدها نعاملها بلطف وحنان ولكنها تتعلق بأختي مثلا وتناديها بأمي وهي متزوجة ولديها طفلان وتنادي زوجها بأبي، وكذلك الحال مع عمها وزوجته.
أما أخوها فهي تعامله كأنها أمه وتحاول أن ترضعه وأن تحمله وهي تحاول إرضاعه من سرتها، فكيف أتعامل معها؟ وكيف أوضح لها ألا تتكلم الكلام البذيء كالسب مثلا، مع أنها تسمعه من الكثيرين من الذين نتعايش معهم، سواء أكانوا صغارا أم كبارا؟ وكيف أوضح لها أن هذا شيء محرم، وأن الله يغضب منها إن فعلته كسماع الموسيقى ومشاهدة المسلسلات الهابطة (مع العلم أنه لا يوجد لدينا سوى قناة المجد وهي متعلقة بها جدا)؟ وهل الضرب كوسيلة تربوية في هذه المرحلة طريقة صحيحة مع العلم أنه ليس ضربا شديدا ولكنه ضرب خفيف للتأديب؟ وهل يمكنني في هذه السن تنظيم نومها؟.
شاكرة رحابة صدوركم لقراءة استشارتي، وعذرا عذرا للإطالة، ولكن مثلكم يعلم أهمية الموضوع. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، نشكر لك حسن الظن بنا وندعوه تعالى أن يعيننا على تحمل هذه الأمانة، كما أشكر لك ولزوجك اهتمامكما وحرصكما على تربية أبنائكما على النهج الصحيح، وأنه من النعم التي تستوجب شكر الله اتفاق الأبوين على أسلوب موحد لتوجيه الأبناء وهو من أهم عوامل نجاح التربية.
ولكن اسمحي لي -سيدتي- أن أنبهكما إلى أن حرصكما الشديد على تنشئة أطفالكما تنشئة إسلامية صحيحة جعلكما تركزان بطريقة مبالغ فيها على طفلتكما الأولى، فإن ما تشكين منه من ابنتك التي تبلغ من العمر سنتين و5 أشهر يعتبر من السمات الطبيعية لهذه المرحلة العمرية، ولكن رد فعلك أنت وزوجك تجاه سلوكيات طفلتكما هو الذي يجعل من هذه السمة الطبيعية مشكلة، وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا تعالي لنتناول أسئلتك الواردة باستشارتك سؤالا تلو الآخر:
1. ذكرت أن ابنتك عصبية وحساسة جدا وهذه العصبية -ربما يكون جزء منها وراثيا- لكن طريقة التعامل مع هذه العصبية أدت إلى تفاقمها، فينبغي ألا أعاقب ابنة في مثل هذه السن الصغيرة بالضرب مهما كان خفيفا أو حتى أهدد به أو الصراخ في وجهها، وأرجح أن عصبية الطفلة تحدث بسبب التركيز عليها في كل صغيرة وكبيرة، وهو خطأ يقع فيه كثير من الآباء والأمهات لطفلهما الأول -كما نوهت من قبل- لأنهما بحكم عدم الخبرة والرغبة الشديدة في التنشئة الصحيحة يرصدان سلوكيات طفلهما فيركزان عليه بشكل مبالغ فيه؛ خوفا وظنا منهما أنهما إذا تساهلا في أي شيء فإن الطفل سيعتاد على الخطأ، والواقع أن ما يحدث هو العكس، فكلما وضعنا أطفالنا تحت المجهر في كل تصرفاتهم وكانت حياتنا معهم تدور حول الأوامر والنواهي أدى ذلك إلى أن يضيقوا ذرعا بما نقول ويضربوا به عرض الحائط فضلا عن الشخصية غير السوية التي سيتسمون بها.
ولذا فأنا أنصح الآباء عندما يرتكب الطفل خطأ ما ألا يعيروه اهتماما إذا كان الطفل لا يدرك أن أحدا ينظر إليه، لكن عند إدراك الطفل بأن أحدا يراه عند ارتكاب الخطأ، فيمكن أن يُنظر إليه نظرة المغضب أو يُعبر بحزم -وليس بقسوة أو صراخ- عن عدم استحسانه لهذا الخطأ، ومثال ذلك حين تتلفظ الطفلة بألفاظ غير مهذبة وأدركتْ أنك تنظرين إليها وتسمعين ما تقول فانظري إليها بغضب أو قولي لها: الكلمات غير المهذبة تغضب ماما، ولا توجهي إليها الكلام -حين الخطأ- بضمير المخاطب، وإذا لم تدرك الطفلة أنك سمعتها أو نظرت إليها فتجاهلي الأمر تماما وكأنك لم تسمعي شيئا، ولا تظني أن هذا التجاهل سيجعلها تتمادى بل العكس هو الصحيح.
كما يجب ألا تذكري لها أن الله يغضب من الناس غير المهذبين أو تربطي الله عندها بالأشياء المنهي عنها والمحرمة كالمثال الذي ضربته: رؤية المسلسلات الهابطة - ومن أين لها هذه المسلسلات وأنت ليس لديك إلا قناة المجد كما ذكرت بالرسالة- ويمكنك بدلا من النهي وترديد كلمة حرام وأن الله يغضب من الذي يفعل كذا وكذا ضعي لها بديلا مثل أفلام الكرتون الهادفة أو شرائط أغاني الأطفال وهي كثيرة خاصة بالسعودية.
أعود مرة أخرى لربط كلمة الله بالأشياء المحرمة وبالغضب فهذا الربط يؤدي إلى نفور الطفلة من الله (عياذا بالله)؛ ولذا لا بد أن يرتبط الله عند الطفلة بكل شيء محبب مثل خلقه للأشياء الجميلة من حولها مثل بابا وماما أو خلق هؤلاء الأقارب الذين تحبهم ويحبونها وخلق الطعام.. والطبيعة الجميلة... إلى آخر ما هو ممتع وجميل حولها.
كل ما سبق من تركيز على الطفلة في معظم سلوكياتها وكثرة النواهي والأوامر أدى بالطفلة إلى العصبية والضيق فهونا ما -سيدتي- فأطفالنا كالأزهار الرقيقة ينبغي أن نراعي كيفية التعامل معها، ولا أقصد بذلك التدليل أو الإفساد ولكن المطلوب هو الحزم الودود.
ويمكن الاطلاع على المزيد من الموضوعات التي عالجت موضوع العصبية عند الطفل:
عصبية منذ الميلاد..فهل من علاج؟
أجندة أسرية لعلاج العصبية
نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
2. الطفل يتعلم بالمحاكاة والتقليد، فإذا وجد الأبوين يصرخان أو يضربان أو حتى يهددا بالضرب فسوف يقلد ذلك مهما أغدقنا عليه من حب وعطف في مواقف أخرى وسوف يتعامل معنا كما نتعامل معه، فلا عجب حينما نرى الطفلة تردد ما يقال لها عند غضب والديها منها، ولا عجب أيضا حين تصرخ في وجه أختها؛ فهي الطريقة التي تعلمتها عند عدم تنفيذ الأمر أو الطلب.
3. كما لا يزعجنا محاولة أخذها اللعب من أختها حتى ولو بالعنف... أولا لأن من سمات هذه المرحلة التمركز حول الذات التي يبدو الطفل فيها أنانيا، فهو لا يرى العالم إلا من خلاله؛ لذا فهو يرغب في الاستئثار بالأشياء، ثانيا لأن الشجار بين الإخوة أمر طبيعي أيضا، وأما كيفية التعامل مع هذه الأمور فيكون بعدم التدخل بين الطفلين إلا إذا حدث إيذاء بدنيا.
ثالثا وهو الأمر الذي يجب -سيدتي- أن تنتبها إليه هو أن الطفلة تشعر بالغيرة من أختها فقد تصدر بعض الهفوات من الآباء دون أن يدروا أنها تعزز الغيرة عند الأطفال، وذلك مثل: الشكوى من الطفل أمام الآخرين أو حتى الشكوى منه له كأن أقول له: أصبحت لا تطاق أو أصبحت طفلا سيئا، أو لماذا لا تعطي أختك أو أخاك هذه اللعبة فهو أصغر منك ولا يفهم، أو أدافع عن الصغير دائما عند الشجار؛ ما يزيد عدوانية الكبير وعصبيته وغيرته ورغبته في مشاكسة الطفل الأصغر؛ فأرجو مراعاة هذه الأمور التي تبدو صغيرة في نظر الآباء إلا أنها كبيرة عند الأطفال .
و لمزيد من التعرف على الغيرة وطبيعتها يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات تناولت الغيرة بشيء من التفصيل على هذه الصفحة، ومنها:
غيرة طفلي.. كيف أتعامل معها؟
الوعي بالغيرة أول العلاج
أمي لا تثيري غيرتي
4. من أهم سمات هذه المرحلة أيضا هي العند والرغبة في إثبات الذات، وطريقة تعامل الوالدين هي التي تعزز هذا العند أو تقومه وتعدله، ومثال ذلك: إن الطفل في هذه السن يبدأ ممارسة بعض الأشياء بمفرده مثل تناول الطعام أو ارتداء بعض الملابس ويسعد بذلك، ولكن بعض الآباء يحولون دون تنمية هذه الاستقلالية، فإذا بدأ الطفل يرتدي ملابسه بنفسه مثلا فإن الأب أو الأم يسرعان في مساعدته مبررين هذا بعدم قدرة الطفل على ذلك، أو تظل الأم تطعم طفلها في فمه حتى لا تتسخ ملابسه، وإذا حاول حمل بعض الأشياء يقال له: لا.. هذه ثقيلة عليك لا تستطيع حملها، ويحملانها نيابة عنه؛ وهو ما يؤدي إلى تدريب الطفل على الاعتمادية وعدم تحمل المسئولية وبالطبع عدم الثقة بالنفس والعصبية فضلا عن تعزيز العند.
وحتى نعالج مسألة العند عند الطفل أو الإصرار على تنفيذ طلبه لا بد ألا نقابل العند بعند مماثل أو أن ننفذ طلب الطفل بعد أن يبكي ويصرخ، ولكن علينا أن نعالج الأمر بحكمة كأن نلفت انتباه الطفل إلى أمر آخر، وسأضرب لك مثلا: أصر طفل عمره عامان على أن يأكل قطعة من الحلوى (شيكولاتة) ولكنها قد نفدت، والأم تعلم ذلك جيدا، ولكنها لم تخبره بذلك مباشرة لأنها لو فعلت لأخذ يبكي ويصرخ ويصر على تناول الشيكولاتة في الحال، فأخذته من يده وذهبت به إلى المكان الذي تضع فيه الشيكولاتة، فقال لها الطفل بتأثر وغضب: لقد نفدت الشيكولاتة، فأظهرت الأم تفاعلها مع ابنها وتأثرها قائلة: يا خسارة لقد نفدت فعلا، فقال لها الطفل وهو يبدأ البكاء: أنا أريد الشيكولاتة الآن، فقالت له: ما حجم الشيكولاتة التي تريدها، فقال: أريدها كبيرة جدا جدا، فقالت: ما لونها؟ قال: بني، قالت: هل تستطيع رسمها، فقال: نعم، فأحضرت الأم ورقة وقلما وبدأ الطفل يرسم الشيكولاتة وقد نسي تماما موضوع تناولها، وهذه هي الطريقة التي نتفادى بها أن ندخل في صدام مع أبنائنا في مرحلة العند.
5. حينما نريد أن نعلم أبناءنا أمرا ما أو ندربهم على عادة، لا بد أن نربط هذه العادة وهذا التعلم بشيء سار كموضوع النوم مثلا فيمكن أن تربطيه إما بقصة تحكينها لأطفالك قبل النوم أو أن يعقب تناول العشاء مع الأسرة حيث الالتفاف حول المائدة في جو عائلي يحيطه المرح والدفء.
أما بالنسبة لتنظيم موعد النوم فالطفل يكتسب عادات نومه من أهله، وكل المطلوب في هذه المرحلة ألا يكتسب الطفل عادة السهر وفي نفس الوقت لا يُرغم على النوم، بل كما ذكرت يمهد للنوم بشيء محبب للطفلة، ويمكن ترك الطفلة تنام إذا رغبت في ذلك أثناء النهار.
وأما بالنسبة لوضعها العروسة أو الدمية تحتها وكأنها تفعل العادة السرية -بحد تعبيرك- عند النوم، فأود أن أوضح لك بعض سمات النمو الجنسي في هذه المرحلة العمرية والتي تتلخص في: الفضول الجنسي والتعرف على أجسادهم؛ ولذا نجد الأطفال يتحسسون كل أعضائهم ولا ننتبه لهذا إلا حينما يتحسس الطفل عضوه الجنسي، كما أن لديهم الرغبة في معرفة الاختلاف بين أجساد الذكور والإناث؛ ولذا نجد الأبناء يتلصصون أحيانا حينما يقوم الكبار بتبديل ملابسهم، كما يتسم لعبهم بما يسمى باللعب الجنسي كأن يلعبون لعبة الزوج والزوجة أو لعبة الطبيب الذي يكشف على مرضاه، والغرض من ذلك هو التعرف على الاختلاف بين الأجساد كما ذكرت أو لعبة الأم التي ترضع طفلها، والطفلة في ذلك تحاول تقليدك باعتبار أن لها أخوين رضيعين وحينما تكبر قليلا (في الرابعة تقريبا) ستسأل بعض الأسئلة مثل كيف تحمل الأم وكيف تلد؟ ومن أين جاءت هي... إلخ؟ فكل هذا يدخل في إطار الطبيعي، ولكن الأمر غير الطبيعي هو انزعاج الأبوين من هذا بل ويحمّلانه أكثر مما يحتمل؛ ولذلك يبدآن في زجر ونهي بل وضرب أبنائهما على أي فعل مما سبق؛ الأمر الذي يزيد من رغبة الطفل العارمة لفعل ما نهي عنه ومن ذلك تحسس عضوه الجنسي حتى لو من وراء الآباء؛ ولذا فإن حل هذا الأمر يتمثل في:
• تجاهل هذا الفعل وعدم التركيز عليه.
• شغل يدي الطفلة بقدر المستطاع؛ فحاولي باستمرار حينما تلمحينها تحاول هذا الفعل أن تناديها لمساعدتك في حمل الطفل مثلا أو في إحضار بعض الأغراض لك أو في مساعدتك بالمطبخ أو بتحضير بعض الأدوات على مائدة الطعام... المهم أن تنشغل يدا الطفلة بأي شيء مفيد، وتدريجيا سوف ينتهي هذا الأمر خاصة عند علاج النقاط السابقة كلها.
6. وأما عن تسميتها باسم غير اسمها فهذا أيضا أمر طبيعي فالأطفال يتميزون بخيال خصب في هذه المرحلة ويشعرون بتآلف مع بعض الشخصيات؛ وهو ما يجعلهم يرغبون في أن يتقمصوها، وقد تكون هذه الشخصيات آدمية أو حيوانية أو غيرها فليس هناك ما يقلق بهذا الشأن بل يمكنك مجاراتها في ذلك.
7. وأما عن رغبتها في وضع المكياج فأعطيها ولا ضرر من هذا تربويا، إلا إذا كنت تبالغين في الإكثار من وضعه على وجهك فستفعل مثلك وهو مضر لبشرتكما معا.
8. وأما كونها تنادي كل من أختك وزوجها وعمها وزوجته بأبي وأمي فهذا أمر قد يكون طبيعيا حينما تحب الطفلة المذكورين كأبويها وتشعر بعطفهم نحوها، ويكون غير طبيعي حينما تشعر أن الوالدين برغم حبهما لها، فإنهما غير متفهمين طبيعتها ومشاعرها واحتياجاتها.
وفي آخر الرسالة أدعوك -سيدتي أنت وزوجك- للاطلاع على كتب تناولت خصائص وسمات وأهم الاحتياجات النفسية في هذه المرحلة العمرية، وهذه الخصائص ستجدينها في كتب علم نفس النمو وهي كثيرة ومتوفرة في جميع المكتبات ومن أشهرها كتاب علم نفس النمو للدكتور حامد زهران.
ـــــــــــــــــ(104/295)
خطوات لتفعيل دور الأمهات في المدارس ... العنوان
السلام عليكم، هل من توجيهات كريمة لديكم في مجال دور ومهام مجالس أمهات المدارس في المجالات التربوية والتعليمية والاجتماعية والصحية والنفسية أيضا؛ حيث نهدف لتفعيل دورنا كأعضاء في مجلس أمهات مدرسة ابنتي لنعزز دور المدرسة ونحقق التكامل المطلوب بين الأسرة والمدرسة وصولا لطالبات أكثر التزاما ووعيا وخلقا واستقرارا إن شاء الله؟ كل التقدير لآرائكم القيمة. ... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيك وفي أمثالك من الأمهات اللائي لا يفكرن فقط في الاهتمام بأبنائهن داخل إطار الأسرة، بل يشمل هذا الاهتمام المدرسة أيضا، والأمل معقود على أن تتسع هذه الدائرة لتشمل جميع المؤسسات التربوية التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تربية وتوجيه أبنائنا.
ورسالتك -سيدتي- ذكرتني بحلمي الذي راودني كثيرا عندما كنت أعمل بالتدريس في أن تكون المدرسة امتدادا للبيت في خلق جيل يتمتع بخلق قويم وسواء نفسي إلى جانب تميزه العلمي والتقني، وهناك بداية وبذرة طيبة في بعض المدارس لتحقيق هذا الحلم ووجدت الكثيرات من الأمهات المتحمسات يشاركن في هذه المجالس ويؤدين ما استطعن لتفعيل دورهن.
وسأحمل لك هذا الحلم الذي يمكن أن يتحقق -تدريجيا- على أيديكن في هيئة مشروع عملي حيوي ينبض بالحياة ليصبح نموذجا لغيره من مجالس الأمهات في المدارس المختلفة. ولكن قبل أن أبدأ في عرض هذا الحلم لا بد أن نعي أمرا غاية في الأهمية ألا وهو أن كل ما ستقومين به مع غيرك من الأمهات من مساهمات لا بد أن يكون الهدف منه أولا وأخيرا هو أن ننشئ أبناءنا على الاستقلالية والاعتماد على النفس وتحمل المسئولية، أي ليس الهدف من هذه المجالس هو قيام أو أداء الأمهات ببعض الأنشطة التي ترفع من شأن المدرسة بل الواجب عليهن -من خلال هذه المشاركة- أن يقمن بإعداد الطالبات للتفاعل والمشاركة بأنفسهن لتنمية المجتمع.
والآن تعالي لنحقق هذا الحلم الذي يتم على أربع مراحل:
أولا مرحلة التمهيد والتهيئة:
وهي مرحلة في غاية الأهمية والمشقة في نفس الوقت، وهي تقع على عاتق المتحمسات لهذا المشروع لتنظيم حملة توعية لأمهات المدرسة بوجه عام ولمجلس الأمهات بوجه خاص عن أهمية المشاركة الفعالة للتعاون مع المدرسة، وإذا كان هناك بعض الجمعيات الخيرية أو الأهلية يسعى الناس إلى الانضمام لها أملا في تحقيق الثواب والإصلاح والتنمية، فليس أفضل من استثمار هذه الجهود في المدارس، ويمكنك مشاركة ابنتك وزميلاتها في أخذ آرائهن في كيفية تنظيم هذه الحملة فستجدين آراء رائعة تستحق الدراسة والعمل بها.
ثانيا مرحلة الإعداد وفيها يتم:
1) الاجتماع بمجلس الأمهات لتحديد الرؤية والرسالة التي تسعى لتحقيقها كل من الأسرة والمدرسة، ومثال لهذه الرسالة: المساهمة في خلق جيل يتمتع بالخلق القويم والسواء النفسي يرضي ربه وينفع نفسه وأهله وبلده فضلا عن تميزه العلمي.
2) أن يحددن الأهداف ويقسمنها على مراحل بحسب الأولويات في المجالات التي تفضلت وذكرتها بالرسالة مثال: أهداف يرجى تحقيقها في المجال الصحي والمحافظة على البيئة – أهداف يرجى تحقيقها في المجال العلمي والتعليمي– في المجال الخلقي – النفسي – الاجتماعي... وبرغم تداخل بعض هذه الأهداف فإن هذا التصنيف يسهل عملية التنفيذ.
3) معرفة تخصص ومهارات وقدرات كل أم بمجلس الأمهات لتحديد مهامها ومسئوليتها.
والآن تعالي لنأخذ مثالا على أحد المجالات السابقة وليكن المجال الاجتماعي ونضع أمثلة من أهدافه (مع ترشيح الأمهات اللائي سيقمن بمتابعة هذا المجال):
• أن تشعر الطالبة بالانتماء وتسعى لخدمة الأسرة والمدرسة والوطن.
• أن تكتسب الطالبات مهارات اجتماعية تعينها على التكيف في المجتمع (مهارات التواصل – مهارات عرض الأفكار – مهارات إدارة الوقت – فن الطهي – التطريز...).
• أن تساهم الطالبات في المشاركة بالأنشطة المختلفة في المدرسة وتسعى لتطويرها، والأنشطة المقترحة لتحقيق هذه الأهداف هي:
1) تنظيم دورات خاصة بالطالبات لتنمية المهارات الاجتماعية السابق ذكرها، وهنا يأتي دور الأمهات في الإشراف على تنظيم هذه الدورات والاتفاق مع متخصصين في هذا المجال لإلقاء هذه الدورات.
2) عمل مجلس الفصول والذي ينتخب فيه عدة طالبات يسمين بالمقررات منهن المقرر الاجتماعي الذي يتسم بقدرات ومهارات اجتماعية (هذه المهارات لا بد أيضا من تنميتها من خلال الدورات السابقة) ويكون من مهمة المقرر الاجتماعي: مساعدة المشرف الاجتماعي بالمدرسة – حل المشكلات البسيطة التي تنتج عن الاحتكاك اليومي للطالبات – مساعدة مدرس الفصل في اكتشاف حالات الضعف في التحصيل الدراسي.
ويحدد اجتماع عام لكل المقررات من كل الفصول ويحضر هذا الاجتماع رواد الفصول وهم المدرسون المسئولون عن هذه الفصول إلى جانب الأمهات المرشحات للخدمة في هذا المجال، والهدف من حضور الأمهات هذه الاجتماعات أن يقمن بمحاولة تسهيل إجراءات العمل بالتوصيات التي يخرج بها هذا الاجتماع.
3) مساعدة الطالبات المدرسين في تنظيم وإدارة الأنشطة المختلفة بالمدرسة، مثل: الإذاعة المدرسية – نادي العلوم – نادي الصحافة – المسرح المدرسي....
والأمهات اللائي يكلفن بمتابعة هذه الأنشطة يساهمن بالمساعدات المادية إن أمكن ذلك وبالاتفاق مع متخصصين في مجالات الأنشطة المختلفة لتثقيف الطالبات المشتركات بهذه الأنشطة، كما يمكن العمل على استضافة شخصية بارزة في المجتمع في تخصصات الأنشطة المختلفة (كأن يستضاف صحفي مشهور أو إذاعية أو ممثل مسرحي يحترم فنه... إلخ).
4. أن تصدر الطالبات مجلة سنوية تضم كل أنواع الأنشطة وأخبار المدرسة، بالإضافة إلى الجانب المعرفي، ويمكن أن يكون دور الأمهات هو الاتفاق مع أحد الصحفيين لإعطاء الطالبات المشتركات بهذا النشاط المبادئ الأساسية للصحافة.
وهكذا نجد أن دور الأمهات في مجالس الأمهات هو مساعدة الطالبات على تنمية قدراتهن وفي نفس الوقت تعزيز استقلالهن.
وربما تتساءلين سيدتي إذا كان هذا دور الأمهات فما دور المدرسين وإدارة المدرسة؟ أقول لك إن مجالس الأمهات بها عدد من المدرسين ولا يحدث مثل هذه الأنشطة إلا بالاتفاق على المهام التي سيلعبها كل منكما (أمهات ومعلمون كل بحسب دوره ووقته ومكانه).
ولا تظني -سيدتي- أن هذه الأهداف لمن هم أكبر سنا من ابنتك، فقد قمت بهذه التجربة في الفصول التي كنت أدرس بها وستعجبين أن هؤلاء الأطفال كانوا في الصفين الأول والثاني الابتدائي، أي تتراوح أعمارهم بين السادسة والسابعة، وكنت أشرف فقط على ما يدور من مناقشات مع بعضهم البعض وأجيز في النهاية ما هو متاح عمله بالنسبة لهم ونؤجل غير المتاح، وبذلك استطاعوا التعرف على المهام المطلوبة منهم وكيفية تنفيذها، ولا تتخيلي مدى سعادتهم بهذه المسئوليات.
وللاستعانة بوضع الأهداف للمجالات الأخرى يمكنكن ذلك من خلال قراءاتكن في كيفية وضع الأهداف من الكتب التي أصبحت منتشرة جدا في مجال التنمية البشرية والمجال التربوي ومن خلال البحث على الإنترنت ومن خلال الأمهات اللائي تخصصن في هذا المجال.
4) تنسيق كيفية تعاون الأمهات بشكل عام -وليس المشتركات في مجالس الأمهات فقط- مع المدرسة في هذه المجالات، ويمكن أن يكون ذلك من خلال استبيانات ترسل مع الطالبات لأولياء الأمور لمعرفة المتخصصين في المجالات المختلفة ومن لديه استعداد للمشاركة.
ثالثا مرحلة التوعية والتثقيف:
وفيها يتم تنظيم دورات للتوعية في المجالات الاجتماعية والصحية والتعليمية... (والتي أشرت إليها في رسالتك) إلى جانب دورات خاصة في التربية وفهم المراحل العمرية المختلفة التي تضمها المدرسة وفن التعامل مع الطالبات وهذه الدورات لا تنظم للأمهات فقط بل تشمل المدرسين أيضا، بل هناك إحدى الأمهات قامت بتنظيم دورات للعاملين بالمدرسة من إداريين إلى سائقين وعمال النظافة بالمدرسة... لأن كل منهم له تأثير غير مباشر على الطالبات وعلى سلوكهن، ومثال لهذه الدورات: خصائص المرحلة العمرية وفن التعامل مع الطالبات إلى جانب فن التعامل مع المراهقين - النظافة والمحافظة على البيئة – الإسعافات الأولية – دورات في الكمبيوتر - الصحة النفسية والإرشاد النفسي – أهمية العمل الجماعي والمشاركة الفعالة في تنمية المجتمع – دور كل من المدرسة والأسرة في تنشئة جيل صالح – المؤسسات التربوية الأخرى وأهمية تفعيل دورها في التنشئة...
هذه أمثلة وليس بالضرورة أن تكون هي نفس الدورات التي تقمن بتنظيمها.
مع ملاحظة وضع جدول زمني لكل مرحلة، ويشرف على الالتزام بالجدول الزمني مجموعة منتخبة من مجلس الأمهات.
رابعا مرحلة التنفيذ:
تبدأ الأمهات في تنفيذ الخطط التي وضعنها في المراحل السابقة، وكما تقول القاعدة الفقهية: "ما لا يدرك كله لا يترك كله" فأتين من الاقتراحات السابقة ما استطعتن شريطة أن تكون مدروسة ومنظمة ومستمرة.
وأحب أن أعرض عليك اقتراحا يمكنه أن يكون نقطة البداية وهي أن تحاولي الاجتماع مع المشتركات بمجلس الأمهات ثم شرح وجهة نظرك وحماسك لهذا المشروع، وعند الاتفاق ابدأن في كتابة ما توصلتن إليه في هيئة اقتراح مقدم منكن لإدارة المدرسة بكيفية تفعيل دور مجلس الأمهات، وبعدها ابدأن في المراحل الأربع السابقة.
وأخيرا دعواتي لك بأداء هذه المهمة على خير وجه، ويكون لي الشرف حقا في متابعة الخطوات التي ستقومين بها من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل، فإلى الملتقى.
ـــــــــــــــــ(104/296)
ولدي سريع الغضب ... العنوان
ولدي 5 سنوات سريع الغضب لا يقبل من أي شخص ملامسته، حتى أنا (أمه)، لا بد أن يرد بنفس الطريقة، لا يسمع مني أي توجيه مطلقا إلا بعد معاناة شديدة، يحاول دائما إثارة غضبي وغضب إخوته، ويسيء إلى أخيه الصغير بشكل كبير كأن يضربه أو يضغط بقوة على أم رأسه، أو يضغط على يديه، علما أن أخاه لا يتجاوز 3 أشهر، وعدوانيته معي ومع الآخرين قبل أن يولد أخوه، وعدم سمعه للكلام حتى في المذاكرة، لا يستجيب إلا على حسب مزاجه.
يتعبني كثيرا في تربيته دائما، يحاول التسلط على أخته ومضايقتها باستمرار وهو في ظنه أنه يلعب معها، يضايق الآخرين بصورة مستمرة، ولا يسمع ما نوجهه إليه أنا وأبوه، أحيانا يلجأ أبوه إلى ضربه ولكن لا فائدة من ذلك فيرد على أبيه الضرب، لا يستطيع أن يفرق في المعاملة ولا يريد أن يفهم بأن الأم والأب من الواجب احترامهما وعدم رفع الصوت واليد عليهما.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الأستاذ رضا مسعودي من فريق الاستشارات التربوية:
أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يبارك في إياد وإخوته وأمه وأبيه، وأن يوفقكم وجميع المسلمين لحسن تربية أبنائكم وتنشئتهم التنشئة الصالحة.
يظهر من خلال رسالتك أن إياد يقوم بسلوكيات احتجاجية؛ لأنكما أنت وأباه تحاولان أن تفرضا عليه سلوكيات تريانها أنتما حسنة؛ فأنت تقولين: "إن إياد لا يسمع منك أي توجيه مطلقا إلا بعد معاناة شديدة"... "إنه حتى في المذاكرة لا يستجيب إلا على حسب مزاجه".. "لا يسمع ما نوجهه إليه أنا وأبوه، أحيانا يلجأ أبوه إلى ضربه".
وتصبح بذلك أفعاله مجرد استجابات لرغبات وإرادات الآخرين لا تنشأ عن تفكير وإرادة حرة.
لهذا فالمطلوب منكما أن توصلا إياه إلى مستوى قناعاتكما وتشرحا له أفكاركما والأسباب التي جعلتكما تتخذان هذا القرار وتطلبان منه أن يقوم بهذا السلوك، وكل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة عن طريق الحوار البناء الهادئ الحنون دون استعمال النتائج، وبهذه الطريقة تكونان قد حققتما أهدافا كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر أنكما جعلتماه يثق في قراراتكما لأنها منطقية وواقعية، يطيعكما حبا لا خوفا من الضرب، علمتماه بطريقة عملية كيف يدير الحوار دون منطق، إذا كنت معي فأنت قديس، وإذا كنت ضدي فإبليس، وبذلك يكون مفاوضا جيدا.
أما ما يتعلق بسرعة غضبه وعدوانيته وعدم سماعه للكلام ورفضه ملامستك له؛ فكل هذه سلوكيات احتجاجية يقوم بها تعبيرا عن رفضه لأسلوب تعاملكما معه من جهة وإثباتا للوجود من جهة أخرى؛ فهو لا يجد وسيلة لإغاظتكما إلا بضرب أخيه الصغير ومضايقة أخته، ورفض أوامركما.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فسلوك الطفل مرآة عاكسة لما يعيشه داخل البيت؛ فهو يعيد صياغة ما فهمه مما قد رآه وسمعه في محيطه؛ لهذا فهو يرد بنفس الطريقة.. ويرد على أبيه الضرب؛ فهو تعلم منكما أنت وأبيه أن يستجيب لكما، ولو لم تكن لديه رغبة "حتى المذاكرة لا يستجيب إلا على حسب مزاجه"، وإذ لم يستجب لكما فإن مصيره الضرب، "ولا يسمع ما نوجهه إليه أنا وأبوه، أحيانا يلجأ أبوه إلى ضربه"؛ فهو تعلم منكما أن يفرض على من يستطيع أوامره، فإذا لم يستجب لرغباته فالخطوة الثانية من القاعدة الذهبية هي الضرب.
ثم يا أم إياد، أود أن أقول لك: إنك تقارنين إياد بإخوته، وتتوقعين منه أن يتصرف مثل إخوته، ولكن هناك فروقات فردية بين الأشخاص لا بد ألا ننكرها، وعلينا أن نعترف بها ونتقبلها، وأرى أن إياد يتمتع باستقلالية عالية، وهذا النمط من الشخصيات صاحب أفق بعيد وتفكير إبداعي، وهو مندفع ومخاطر، ويخرق القواعد والنظم، ويحب المفاجآت والاستكشاف، ولا يحب الروتين والالتزام بالنظام.
لهذا فعليك محاولة التقرب إليه وملامسته من غير إعطاء أوامر والتركيز على سلوكياته الإيجابية ومدحها وإغفال سلبياته وعدم التكلم عنها وذمها؛ فالتركيز على إيجابياته ومدحها يشعره بالإنجاز، وبتقبل أكثر لذاته، ولك أنت كمصدر من مصادر شعوره بتقدير الإيجابي لذاته؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك عندما قال: "نعم الرجل عبد الله لو أنه كان يقوم الليل"؛ فالملاحظ من خلال الحديث الشريف أن المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم ركز على الإيجابيات، ولم يلتفت إلى السلبيات حتى في النهي، قال: "لو كان يقوم الليل"، ولم يقل: لا تكن مثل فلان لا يقوم الليل.
ويمكنك الاطلاع علي الموضوعات التالية:
أجندة أسرية لعلاج العصبية
نصائح ذهبية لعلاج العصبية
ولدي وأعاصير الغضب
ـــــــــــــــــ(104/297)
لعب الأطفال.. نمو ... العنوان
أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم جدا على هذه الزاوية الرائعة التي أتاحت لنا عرض تساؤلاتنا عن فلذات أكبادنا، جعلها الله في ميزان حسناتكم.
أما بعد فلدي بعض التساؤلات التي أرجو أن أجد الإجابة الشافية لديكم بإذن الله.
التساؤل الأول طفلي يبلغ من العمر عاما وتسعة أشهر أريد منكم بعض الخطوات العملية التي أتبعها مع ابني كي أنمي قدراته العقلية واللغوية.
التساؤل الثاني ما الألعاب المناسبة له في هذا العمر والتي تثير إعجابه وانتباهه وبالتالي تنمي من قدراته؟.
التساؤل الثالث أحيانا أجلس مع طفلي لأعلمه بعض المهارات كالألوان مثلا عن طريق المكعبات الملونة، ولكنه أحيانا يصغي إليّ وأحيانا لا يفعل.. فما الطريقة التي أجعله يصغي إليّ حينما أحاول تعليمه أمر ما؟ مع العلم أنه كثير الحركة ولا يريد أن يفعل إلا ما يراه هو، ولكم جزيل الشكر، وعذرا للإطالة.
... السؤال
الأنشطة والهوايات ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة وعلى اهتمامك بطفلك رعاه الله وحفظه.
أول ما أود ذكره لك عن تنمية طفلك هو ضرورة التنمية الشاملة للطفل، بمعنى الانتباه والالتفات بنفس القدر لكل نواحي النمو المختلفة للطفل، وهي كالآتي:
- النمو العقلي واللغوي.
- النمو الجسمي والحركي.
- النمو الوجداني والاجتماعي.
وذلك لأن مراعاة نواحي النمو المكتملة تعضد بعضها بعضا وتساعد على التوازن الصحي في قدرات الطفل.
وأولى خطوات هذه التنمية تبدأ بمعرفة طبيعة النمو في كل مرحلة من مراحل نموه طفلك، أي تعرفين بدقة سمات النمو في النواحي المختلفة في سن العامين وما بعدها تدريجيا.
هذه الخطوة مهمة جدا حتى تقفي على طبيعة ما يمر به طفلك خطوة فخطوة. يلي ذلك أن نعرف ما الطرق التي يمكننا بها تنمية كل جانب من جوانب النمو.
ولعل أكثر ما أجده مهما وحاسما في نمو الأطفال هو التوازن؛ فكثير من الآباء يهتمون كثيرا بالجانب الجسمي مثلا على حساب بقية الجوانب؛ أو تجدين منهم من يهتم بالجانب اللغوي أكثر من بقية الجوانب.. وهو ما عكسه سؤالك عن نمو لغوي وعقلي دون بقية الجوانب، خاصة النمو الوجداني والاجتماعي. فالسمة التي أشهدها لدى كثير من الآباء هو عدم الاهتمام الكافي بالنمو الوجداني والاجتماعي للطفل على أهميته الشديدة. فلقد أثبت كثير من الدارسات التي اهتمت بدراسة الجانب الوجداني لدى الأطفال أن نمو مثل هذه المهارات الوجدانية تعد مسألة حاسمة في النجاح والسعادة في الحياة، فضلا عن أهميتها الشديدة لتعزيز بقية جوانب النمو الأخرى.. ولذا أشدد عليك الاهتمام بهذا الجانب -أعزك الله- إضافة لبقية الجوانب التي ذكرتها لك.
ورسالتك تحمل أسئلة ثلاثة:
- كيف أنمي مهارات طفلي العقلية واللغوية في سن عامين تقريبا؟.
- كيف أختار الألعاب المناسبة للطفل في هذه السن؟.
- كيف أجعل طفلي ينتبه ويستمتع لما أعلمه إياه من معارف كالألوان وغيره؟.
ولا يمكنني في حقيقية الأمر الرد تفصيليا على الأسئلة الثلاثة ولكنني سأرد في هذه الاستشارة على السؤال الثالث، كما أني كتبت مقالا مفصلا نسبيا عن لعب الأطفال وهو ما يرد على السؤال الثاني، ويبقى لك سؤالك الأول سأحاول جاهدة أن أرفق لك من الاستشارات ما يمكن أن يجيب عنه.
وسأبدأ بثالثهم:
الطفل -أختي الحبيبة- يمل كما يمل الكبار بل أكثر؛ لأنه لا يمكنه التركيز لفترة طويلة، وهو ما يستدعي منا:
* الهدوء والمرح أثناء تعليمه.
* التنويع في الأنشطة المستخدمة.
* قصر المدة التي يؤدي فيها كل نشاط.
* الانطلاق مما يحب الطفل ليتعلم من خلاله ما نريد تعليمه له.
* الاستفادة من كل فرصة لتدعيم الهدف التنموي الواحد: (أثناء السير – من خلال الكتب – في المطبخ – في النادي...) فكل مكان ستجدين به فرصة لتعليمه معرفة ما وربما نفس المعرفة.
* مراعاة التدرج حسب نمو الطفل ورغبته وإقباله.
* تغيير الأوقات والظروف التي يقدم بها النشاط.
والطفل يعتبر اللعب وظيفته الأساسية في الحياة ولعل ما يضايقه أو يثيره تدخلنا الدائم في لعبه؛ فهو بحاجة للاستكشاف والبحث بمفرده بعض الوقت وعليك حينها أن تتابعي وتهيئي الأمان في بيئته وتدعيه لاستكشافه. على أن ترتبي للعب معه في أوقات أخرى، ولكني أؤكد أن الطفل بحاجة لاستكشاف عالمه دون دفع وضغط وملازمة من الكبار.. فوازني بين الأمرين: حرية لعبه؛ ومتابعته وترتيب لعب منظم معه.
كذلك من الأمور التي لا يلتفت إليها كثير من الأمهات حاجة الطفل للمرح وفقط المرح في اللعب في وقت من الأوقات فنراها تنظم اللعب كما لو أنه مدرسة وإلزام.. هذا مما تعافه نفس الطفل الحرة ومما يبغضه في ملازمة الأم له في اللعب وعزوفه عما تقدمه له من ألعاب يلمح جديتها الزائدة وتنظيمها المحكم؛ فعليها أن تراعي المرح والحرية فهما أهم ما يميز اللعب، وللعلم فهذان العنصران يمثلان عنصريين حيويين لوظيفة اللعب الأساسية حتى التنموية منها.
في سن العامين يبدأ الطفل في اللعب التخيلي: الأسرة والسائق والركاب والبائع.. ومن المفيد للأم أن تشاركه هذه الألعاب فتعلمه من خلالها العديد والعديد من الأشياء، على أن تلعب معه بروح الطفل ليس بروح الوصاية والتعليم المنظم.
من النقاط المهمة أيضا أن تهتمي اهتماما أساسيا بكل ما يثير حواس طفلك المختلفة؛ فالطفل ينمو عن طريق حواسه: السمع والبصر والشم واللمس والتذوق.. فاستثيري حواس طفلك حتى تنمي الوصلات بين الخلايا المختلفة للمخ، علما أن كثرة هذه الوصلات من العوامل المحددة لكفاءة عمل المخ.
هناك نقاط لا بد من مراعاتها عند اختيار لعبة الطفل؛ فاللعبة الجيدة يجب أن تكون:
* آمنة لسن الطفل ومتينة وكبيرة الحجم نسبيا وليس لها حواف وجيدة التركيب لا تنفصل أجزاؤها في يد الطفل.
* مقبولة وممتعة للطفل.
* مناسبة لقدرات الطفل الجسمانية ونموه العقلي والاجتماعي.
وهناك الكثير من الألعاب التي يمكن أن تسهم في تنمية الطفل، مثل:
المكعبات الخشبية.
البازل كبيرة الحجم.
الألوان والأوراق الكبيرة.
الألوان المائية والفرش والتلوين.
الخرز كبير الحجم.
القصص.
التمثيل.
الجري.
الكرة.
الألعاب التي تنمي الحواس.
القفز.
الأرجوحة.
الرمل.
الماء.
العجائن والصلصال (الأفضل العجائن التي تصنع من الدقيق والملح).
ـــــــــــــــــ(104/298)
الجدة.. هل تعوض غياب الأم؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية أود أن أشكر لكم ما تقومون به من جهد خالص في الرد على الاستفسارات جعله الله في ميزان حسناتكم بإذن الله. أنا أم لطفلتين رائعتين (سلمى 3 سنوات وهنا 6 شهور) أدعو دائمًا في صلاتي أن يحفظهما الله من كل سوء، وأن يكونا من الصالحين الطائعين. أترك ابنتي سلمى في دار الحضانة حوالي 10 ساعات، وقد انتقلت للإقامة مع والدتي، حيث انتقل زوجي للعمل خارج القاهرة، ثم رزقني الله طفلتي الثانية بعد ذلك بشهرين، والآن فقد عدت للعمل مرة ثانية بعد إجازة 4 أشهر، والطفلتان في رعاية والدتي، وهي تغدق عليهم من الحب والحنان والرعاية الكثير (والدتي تقيم بمفردها)، فهل يمكن أن يكون دور الجدة تعويضيا لغياب الأم؟
فالأطفال شديدو التعلق بوالدتي، ولكن بعد عودتي من العمل ترفض ابنتي الكبرى أن تقوم والدتي بعمل أي شيء لها؛ ولذلك فإن وقتي كله بعد عودتي من العمل للطفلتين (حيث أقضي معهم من الساعة 5.30 حتى 12.30) (الأطفال لا يستيقظون مبكرًا حتى تقل عدد ساعات غيابي عنهم)، فأحاول أن أقضي وقتًا مع ابنتي الكبرى في الرسم والتلوين أو قراءة بعض القصص البسيطة أو اللعب بالمكعبات ونذهب للنادي حوالي 3 مرات أسبوعيًّا (ابنتي تبلغ الآن 3 سنوات)، وأتولى أنا إطعام الطفلتين وإعطاء كل منهما حمامًا، أي أحاول بقدر استطاعتي أن تكون الساعات التي أقضيها معهم مثمرة وإيجابية، حتى إنني في بعض الأحيان أتمنى أن يكون يومي 48 ساعة.
ولكن حين تطلب مني ابنتي عدم الذهاب للشغل أقول لها إنني أذهب لكي أحضر فلوسًا لأشتري لها أشياء كثيرة، وفعلاً في أغلب الأحيان أشتري لها اللعب والقصص في طريق عودتي للعمل، ولكني لا أفعل ذلك يوميًّا حتى لا يكون ذلك في حكم العادة بالنسبة لها فهل ما فعلته صواب؟ وإن لم يكن فكيف أستطيع أن أتحدث لها عن ذهابي للعمل، مع العلم أني قد لاحظت أنه بمجرد عودتي من العمل تقوم ابنتي بارتداء حذائي والشنطة والنظارة وتقول لي إنها ذاهبة للعمل، فأقوم أنا بأخذ دورها وأرد عليها (لا تتأخري يا سلمى... أحضري لي معك أشياء جميلة... إلخ)، وهكذا فهل قيامها بذلك له أي مدلول إيجابي أو سلبي؟
ما زلت أشعر بالذنب؛ لأني ألحقت ابنتي بدار الحضانة (حوالي عشرة شهور)، ودائمًا أدعو الله عز وجل في صلاتي أن يغفر لي ذلك، وأن يوفقني في أن أعوضها عن هذه الفترة، وأيضًا أن أعوضها عن تركي لها أثناء العمل حتى وإن كان مع والدتي، وأن يلهمني دائمًا حسن التصرف، ولكني أخشى أن أتجه بدون قصد أن أدلل ابنتي أكثر من اللازم... (أود أن أخبركم أن ابنتي سوف تلتحق العام القادم بـ Baby Class بإحدى المدارس الإسلامية (8.00 am حتى 13.00 pm فهل ما زالت صغيرة أيضًا على ذلك؟).
استفسار آخر، لقد قرأت الكثير والكثير والكثير من الاستشارات والموضوعات الخاصة باستقبال الطفل الثاني وما زالت حتى الآن أتصفح وأحاول أن أطبق النصائح الواردة بها في التعامل مع الطفلتين، وأعتقد أنني قد قمت بإعداد سلمى لاستقبال شقيقتها، والحمد لله فهي (في أغلب الأحيان) لطيفة في التعامل مع شقيقتها، ولكنها مثلاً ترفض في بعض الأحيان أن تشاركها اللعب بألعابها، مع العلم أن والدها دائمًا يقوم بشراء اللعب للطفلتين معًا ترفض سلمى أن تلعب شقيقتها بألعابها، وتريد أن تأخذها لتعلب بها أو تقوم بإعطائها شيئًا واحدًا فقط.
ولا أدري كيف أتصرف في أغلب الأحيان أوافق أن تعطى سلمى اللعب بمعرفتها لشقيقتها، وأحيانًا أرفض ذلك وأطلب منها أن تترك لها كل اللعب أمامها، وأحيانًا أقول لها إذا لم تعطِ أختها لعبها سوف أقوم بإعطائها لعب سلمى؟ كيف أستطيع أن أوجهها فأنا لا أريد أن أفرق بين الطفلتين، ولا أريد لمشاعر الغيرة أن تنمو بينهما، ففي أغلب الأوقات أقوم بحمل الطفلتين معًا، وأقوم بضمهم وتقبليهم كثيرًا الواحدة تلو الأخرى، حيث إني قرأت في إحدى الاستشارات أنه يجب ألا أفرق حتى في الهمسة واللمسة، وأحاول جاهدة أن أقوم بذلك.
لي تساؤل أخير، ماذا أستطيع أن أخبر ابنتي إذا رأت أحدًا من الكبار يقوم بفعل أحد التصرفات التي أخبرنها من قبل أنها خاطئة (مثل الشرب من الزجاجة وعدم استعمال الكوب)، فهي تقوم بإخبار الكبار مباشرة أن هذا غير صحيح؟ أو عندما أخبرها أن أحد الألفاظ (مش كويس) وتسمعه في التلفزيون؟ فهي تسألني لقد أخبرتني أن هذه الكلمة عيب فأرد عليها بالإيجاب نعم ولا يجب أن تستعمليها؛ "لأن البنات الوحشين بس هم اللي بيقولو كلام وحش!!!"
وأخيرًا.. أريد إرشادي على بعض الكتب العلمية النافعة التي تساعدني في توجيه سلوك أطفالي، فأنا أفكر كثيرًا في أي شيء أفعله مع الأطفال، وهل هو صحيح أم خطأ ومن أين أعرف.. فأنا أشعر أن أي فعل أو كلمة مع ابنتي يجب أن تكون مدروسة الأبعاد.
وختامًا أود أن أرسل إليكم تحياتي ودعائي لكم أن يوفقكم الله سبحانه وتعالى في رسالتكم.
... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة, التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الفاضلة جزانا الله وإياك كل الخير، وشكرًا جزيلاً لثنائك الرقيق..
وفي الواقع لقد ظهر من الحروف الأولى من رسالتك حنانك الرائع ورقتك في التعامل مع ابنتيك وحبك لهما، وشعورك بمسئولية أمومتك وتقديرك لهذا الدور الهام في حياتك، فضلاً عن تفانيك في القيام به على خير وجه.. فهنيئًا لابنتيك بك وتقبل الله منك.
عزيزتي.. إن لديك كل الحق في شعورك بالقلق تجاه تركك لابنتك منذ سن صغيرة مع والدتك تحت ضغط ظروف العمل.. وما زال هذا الشعور يخامرني أنا حتى يومنا هذا مع ابنتي الكبرى التي كانت ظروف عملي تضطرني مثلك لتركها فترات طويلة مع والدتي، ولكن ما أود أن أطمئنك تجاهه أن ابنتي الكبرى تتمتع بقدر متميز من الانطلاق والنباهة وحب الناس بسبب هذا الأمر فقد كانت والدتي -وهكذا أرى والدتك- تصطحبها في رحلاتها للسوق، وكانت -وما زالت- ابنتي تستمتع بقصصها واللعب معها بشكل كبير، بل وتشتاق إليها فعلاً كلما غبنا عنها أو لم ترها أو تهاتفها لمدة طويلة.
أخلص من هذا إلى أن الجدة الحنون الواعية التي تتفق مع الأم في أسلوب وطريقة معاملة الطفل تقوم بدور رائع في حياته، بل إن محاولاتك لإكمال دورها في فترة تواجدك مع الأبناء ستساعد أكثر وأكثر في دعم الأثر الإيجابي لهذا الدور على شخصية طفلتيك بارك الله لك فيهما.. أهم ما ينبغي التنويه بشأنه هو ألا يكون هناك تناقض بين أسلوبيكما في التوجيه والتربية، بمعنى أن يكون ما ترفضه الجدة هو ما ترفضينه أنت وما تسمح به هو ما تسمحين به.. فليس هناك استثناءات في الحدود الموضحة للأطفال في التعامل أو اللعب أو الأكل أو الشرب.. أي أن منهج التعامل مع البنات في كل الأحوال لا يتغير، كما أنه من الهام جدًّا أن يكون هناك اتفاق مع الجدة على إبلاغك بكل ما يلفت نظرها من تصرفات البنات أو ألفاظهما أو غير ذلك، فضلاً عن حرصك على التنبيه عليها -جزاها الله كل خير- لبرامج التلفاز التي يشاهدونها أو المواد الإعلامية المختلفة التي يمكن أن يتعاملون معها في غيابك؛ لكي لا يكون هناك أي خلل فيما اعتادا عليه في وجودك.. وما يعتادان عليه في حياتهما بشكل عام.
ولن أوصيك بضرورة إشعار ابنتيك بدور جدتهما معك ومعهما والحديث عنها بشكل يزيد الحنان في قلبيهما تجاهها، فضلاً عن توجيههما لإهدائها الهدايا وإسعادها.. لكي لا يكون التعلق بها للمصلحة حال غيابك، بل لأنها تحبهما ويحبانها، وعسى الله سبحانه أن يرزقك بعمل تكون ظروفه أنسب لأسرتك من ناحية المواعيد وغيره بحيث لا يكون فراقك عن ابنتيك طويلاً ولا تجهدين لتعويضه، فالظروف ستتغير بلا شك مع انتظام ابنتك الكبرى في الدراسة واحتياجها لانتظام الاستذكار، ثم كبرها واحتياجها لصدر حنون تحكي له مشكلاتها مع صديقاتها ومدرساتها.. وغير ذلك مما سيتحتم معه بالضرورة اختلاف الوضع القائم حاليًّا؛ لأن العناية بالطفلتين ستتجاوز مسألة النظافة والطعام واللعب إلى مساحات أخرى أعمق وأدق كثيرًا.
وننتقل لمسألة العمر المناسب للالتحاق بالتمهيدي وما قبل المدرسة فلا أجد عمر الثلاث سنوات قليل، بل هو مناسب جدًّا لتبدأ الابنة بالتعرف على انتظام الدراسة ودنيا الصديقات والحروف والأرقام، وغير ذلك مما يؤهلها للدراسة بشكل لطيف يجعلها متقدمة في دراستها ومتوائمة مع جو الدراسة بشكل يحميها من مشكلات السنة الأولى في المدرسة، وأنصحك يا عزيزتي أن تجنبي شعورك بالذنب تجاه ابنتك جانبًا في تعاملك معها وفي التخطيط لمستقبلها حتى لا يؤدي بك لاجتناب مصلحتها بدلاً من جلبها خوفًا من إيذائها، بل فكري في مصلحتها بأسلوب مجرد من التحيز لأي شيء إلا نفعها واستفادتها.. ولا تعتقدي أنه إذا اتفقت مصلحتها مع راحتك فأنت هكذا أنانية وتقصرين في حقها وتهتمين بمصلحتك، بل من الطبيعي أن تتفق مصلحتها مع راحتك في الكثير من الخيارات ولا داعي أن يسبب لك ذلك شعورًا بالذنب مطلقًا.
ونعود لمسألة تقليدها لك وارتدائها ملابسك وتمثيلها أنها تذهب للعمل فهذا تصرف طبيعي جدًّا تفعله كل البنات وليس له أي مدلول سلبي، اللهم إلا أنه يعبّر عن كبت ما أو شعور ما أو انطباع ما كأن يكون تقليد ابنتك لك دائمًا هو تجسيدها لأم تصرخ وتتعصب وتقسو.. أو غير ذلك مما يدل على انطباع ما يرسخ في ذهن الطفلة عنك، ويحتاج للتغيير والتعديل من خلال تعديل أسلوب تعاملك معها وأمامها.
وكون الطفلة تحاول توجيه الكبار لخطأ ما يفعلون فهذا شيء محمود وممتاز يجب تنميته فيها أن تسعى باستمرار لإنكار المنكر والأمر بالمعروف، وتعديل ما لا تراه مناسبًا من أوضاع، لكن ما تحتاجه الابنة بهذا الصدد فقط هو تعليمها كيف يكون ذلك دون أن يتسبب في إحراج أو جرح الكبار، فمن سوء الأدب إحراجهم، ومن الأفضل التفكير في طريقة نفهمهم بها خطأ ما يفعلون مع احترامهم وعدم إحراجهم، وفكرا معًا في أمثلة ومخارج من هذه المواقف واحك لها قصة الحسن والحسين سبطي النبي صلى الله عليه وسلم، حينما أرادا توجيه الرجل لكيفية الوضوء الصحيح وكيف تصرفا وفكرا وابتكرا طريقة للنصح دون جرح للرجل.. فمثلاً عند الشرب من الزجاجة يمكن أن تسرع ابنتك لمن يفعل ذلك بكوب قائلة له: "وجدت لك الكوب لتشرب.. أكيد لم تجد واحدًا".. أو غير ذلك من الأفكار لتنصح وتصحح دون إحراج.
أما مسألة رغبتها في الاستئثار باللعب كلها ما لها وما لأختها فهو نزعة إنسانية طبيعية بها قدر من الأنانية والأثرة تحتاج للترشيد والتهذيب من خلال القصص والحوارات والمواقف التي تعلمها الكرم وتشعرها بمزايا العطاء وتستفز مشاعرها الحنون، فمثلاً وأنت تطعمينها تعطينها قطعة شهية من الطعام مثلاً قائلة: لأني وجدتها جميلة ففضلت أن تأكليها أنت لأني أحبك".. "سأعطيك من حلواي ليكون طعمها في فمي أحلى وأشبع منها... إلخ"، بحيث تشعر أنه تصرف جميل، وحين تنصحينها به برفق مع أختها تكون على علم مسبق بمزاياه.. بخلاف الحديث عن فرحة الشيطان من اختلاف الإخوة وحب الله لمن يحبون بعضًا.. وإنها الكبيرة والأذكى من أختها الصغيرة؛ لذا يمكن لها أن تسعدها وتفرحها، وهكذا...
ولمزيد من التفاصيل يمكنك مراجعة الموضوع التالي:
أحموا أبناءكم من الغيرة
أما عن الكتب التربوية التي تساعدك في تربية ابنتك فسأعطيك عناوين بعض الكتب المتوفرة في المكتبات:
- فن تربية الأولاد في الإسلام: ج1 - ج2 .للكاتب سعيد مرسي.
- سلسلة كتب أخبار اليوم المترجمة لمؤلفات د. سبوك. ومن عناوينها:
- تربية الأبناء في الزمن الصعب.
- حديث إلى الأمهات.
- مشاكل الآباء في تربية الأبناء
وبخصوص الكتب أفضل أن تتصفحي بنفسك فهارس الكتب في مكتبة كبيرة أو معرض الكتاب الدولي حين يقام.. بحيث لا يكون العنوان وحده هو ما يجذبك، بل محتويات الكتاب وما تصادفه لديك من رغبة في التعلم والاستطلاع فأنت الأدرى بما تحتاجين التعرف عليه بدقة، وبالتالي فما أفادني ربما لا يستهويك وما تحتاجينه ربما لا يكون لديّ فكرة وافية عما احتواه من كتب؛ لذا فتصفحك أنت لكمٍّ كبير من الكتب المعروضة بمكتبة أو معرض للكتاب سيكون أكثر إفادة بكثير.
وأخيرًا يا عزيزتي.. فأنا في انتظار المزيد من أسئلتك واستفساراتك ورسائلك الممتعة، ولا تنسينا باستمرار في صالح دعائك وإلى لقاء غير بعيد إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ(104/299)
طفلي والوسواس القهري ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السادة الأفاضل، جزاكم الله عنا خيرا، ابني في الحادية عشرة يسأل أسئلة غريبة تظهر ما في نفسه من خوف... وترافق هذه الأسئلة في بعض الأحيان البكاء.. ما هو شعورنا تحت التراب؟ إذا مات أبي وأمي مع من أحكي؟ ويقول إنه يشعر بالخوف بالذات صباحا، مع العلم أنه سألني هذه الأسئلة مساء.
لا بد من شرح بعض التفاصيل التي أعتقد أنها السبب الذي فجر شعور الخوف لديه: لقد شاهد أمه تحت تأثير انهيار عصبي قبل أن تعالج وكان ذلك قبل أسابيع، كما لاحظ أني أبكي عندما بلغني أن أمي مريضة وستدخل المستشفى، فشعر بخوف علينا كما خفنا على أمنا. (ابني يصلي ويصوم منذ سنوات، يخاف الله والله أعلم. كنا نعيش ببيت الأسرة قبل سنتين).
ولقد أثار ذلك زيادة الخوف لدى أخيه الأصغر والبالغ 7 سنوات لكن برد فعل آخر.. لا يستطيع دخول المرحاض دون أحد أمامه!! يخاف يروح على المدرسة حتى لا يؤذي رفاقه بدون قصد!! يصرخ ليلا "أبي"، فإذا قلت له لا تخف نم يكمل نومه، وإلا زاد صراخه حتى يسمع صوتي أو صوت أمه.
مع العلم أنه من قبل كلام أخيه كان يخاف بدرجة أقل وهو موسوس من أثر البول، يشعر بأن البول يخرج بعد التبول فيضع كومة من المحارم ثم يشتكي خوفا من أن يكون نجس نفسه أو مقعد المرحاض أو الأرض... أرجو توجيه النصح لي، كيف يمكن أن أخلص أولادي من الخوف والوسواس... أو بمعنى آخر كيف أعيد بناء شخصيتهم؟.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بك معنا على صفحتك معا نربي أبناءنا.
إن المقولة المشهورة لدينا في الطب النفسي هي "أم قلقة أطفال قلقون"، فما بالك إذا كان الأب أيضا قلقا، إن بيتا يسوده القلق سيكون أطفاله قلقين، والخوف والوسواس هما الأبناء الشرعيون للقلق وهذا ما حدث مع طفليك؛ فالطفل الذي شاهد أمه في حالة انهيار عصبي وأباه يبكي من أجل أمه المريضة لا بد أن تنتابه الوساوس والأفكار وهو ما حدث مع طفليك؛ فالاثنان يعانيان من القلق ومن الوسواس القهري.
فالأول يعبر عن خوفه وتسيطر عليه أفكار وسواسية في صورة الأسئلة الغريبة التي ذكرتها في رسالتك، والطفل الثاني أيضا يعاني من الخوف والوسواس القهري المتمثل في فكرة خوفه من أن يؤذي أحد زملاءه إذا ذهب للمدرسة، وهو ما نسميه وسواس الإيذاء وأيضا وسواس الطهارة والذي تعدى مرحلة الفكرة إلى مرحلة الفعل القهري المتمثل في وضع المحارم.
وقد تعدى الأمر بالنسبة للطفلين الأمر الطبيعي ليصبح مرضا يحتاج للعلاج، ولقد رأيت حالات وسواس قهري لدى أطفال في سن أطفالك، فليس غريبا أن يصاب الأطفال بالقلق أو الوسواس القهري بصورة تحتاج إلى لتدخل الطبي النفسي.
وعلاج الأطفال من الخوف والوسواس القهري يتم بنفس طريقة علاج الكبار على المستوى السلوكي وعلى المستوى الدوائي وإن كانوا يحتاجون لضبط الجرعة بما يناسب أعمارهم؛ فالأمر يحتاج إلى مراجعة الطبيب النفسي المختص وعرض الحالة عليه لتقييمها ورسم البرنامج العلاجي المناسب بشقيه.
إنه الوسواس القهري فلا تتواني في طلب العلاج، ولمزيد من التفاصيل نرجو أن تراجع إجاباتنا السابقة عن الوسواس القهري على صفحة مشاكل وحلول للشباب وعلى موقع مجانين حيث يوجد ملف كامل عن مرضى الوسواس القهري وطرق علاجه ليس لتقوم بتنفيذها بنفسك، ولكن لتشعر بالاطمئنان لإمكانية علاج هذا المرض، وأن الأمر يحتاج فقط إلى مراجعة الطبيب وتطبيق البرنامج العلاجي ليتحقق الشفاء بإذن الله.
ـــــــــــــــــ(104/300)
كيف يدافع ابني عن نفسه؟ ... العنوان
أود أن أعرف كيف أجعل ابني ذا السنوات الأربعة شجاعا مدافعا عن نفسه وليس عدوانيا أو عنيفا؟ أي إذا ضرب ابني من طفل آخر أو أسقطه أو أخذ شيئا منه.. فما التصرف السليم الذي يجب أن أعلمه لولدي تجاه مثل تلك التصرفات، خاصة أن ابني صغير الحجم بعض الشيء؟ أود أن أعرف بعض الكتب الجيدة عن تربية الأبناء؟. ... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بك معنا على صفحتك معا نربي أبناءنا،
وبارك الله لك في ابنك.
لا بد أن نعلم أبناءنا وأطفالنا احترام القوانين والنظم مهما فعل الآخرون ومهما تجاوزوا ومهما حدث من تغيرات؛ لأننا لن نوافق أن يتحول المجتمع إلى غابة يحصل فيها كل فرد على حقه باستخدام قوته وعضلاته.
ليست الشجاعة أن يضرب طفلك من ضربه، وليس جبنا أن يلجأ إلى من يتصور أنه يستطيع أن يأخذ له حقه في إطار من النظام واحترام القانون، قولي لابنك إذا ضربه أحد أو أسقطه أو أخذ منه شيئا أن يلجأ إليك إذا كنت موجودة أو يلجأ إلى أم الطفل إذا كانت موجودة أو يلجأ إلى مشرفته؛ لأنهن المسئولات عن حفظ النظام وتطبيق القانون.
ولا تقولي له اضرب من ضربك أو أسقط من أسقطك لأنك تعلمينه حينئذ منطق الغاب وستكونين أول من يشتكي به؛ لأنه سيطبق عليك نفس القاعدة وهي أخذ ما يتصور أنه حقه بيده.. وعندما يعلو صوته ويقوى ساعده فلن تستطيعي أن توجهيه بأي صورة لأنه قد تعلم أن يستخدم يده في حسم المواقف وألا يحترم نظاما أو قانونا.
إننا نعلمه ألا يسكت على الخطأ وألا يرضى بالظلم، ولكن في نفس الوقت أن يسلك في سبيل الحصول على حقه الطرق الشرعية، وألا يلجئه تجاوز الآخرين للحدود أن يتجاوزها.. حتى لو بدا هذا الطريق صعبا أو كما يدعي البعض غير مناسب لواقعنا الحالي الذي يحصل فيه الجميع على حقوقهم بالقوة.
فرق بين أن نعلمه احترام نفسه وحفظه لحقوقها وبين أن نعلمه مبدأ الطغيان والقوة الغاشمة، إننا لو علمنا أولادنا منطق الغاب فلا نلوم إلا أنفسنا إذا أكلهم من هو أقوى منهم أو حتى لو أكلونا هم أنفسهم لأننا أصبحنا ضعفاء.
سنظل بشرا محتفظين بإنسانيتنا ولن نجعل منطق الغاب يغلب أو يحكم مملكة الإنسان، ليكن ابنك إنسانا يعرف حقوقه وواجباته في إطار النظام والشرعية وسيعرف كيف يدافع عن حقه بغير تجاوز.
ـــــــــــــــــ(104/301)
من إرهاصات المراهقة ... العنوان
السلام عليكم.. إن ابني يبلغ من العمر 10 سنوات، والمشكلة هي أنه يضع أصابعه في فمه منذ ولادته وإلى الآن. ودائما يريد أن يضرب إخوته الأصغر بسبب وبدون سبب، يحب الديناصورات لدرجة عند اللعب مع إخوة يلعب أنه ديناصور ويأكل زي الديناصورات، وهو يحب أن يكون عالم ديناصورات، ويقلد بشكل غريب، وإني خائفة من هذا، وقد قلت له لا تفعل هذا إنك إنسان لا تفعل ذلك.
وهناك مشكلة في المدرسة أنه بطيء جدًّا في الكتابة، وعدم التركيز وفي بعض الوقت يسرح وهذه المشكلة منذ أن كان في الصف الأول، والمدرس يقول إنه إذا أسرع في الكتابة وركز فسوف يكون من الأوائل، وهو في بعض الأوقات يأخذ 100% وفي بعض الأوقات 60%، وعندما أقول له: افعل شيئًا، يقول: لا وهو ذاهب يفعل.. عاقبته بكل الطرق بالحرمان وبالمكافأة وبالضرب وهو أيضًا لا يظهر عواطف، أنا أعلم أن حبًّا بداخله لكن لا يظهر، وهو كسول ويحب أن يلعب ويجري كثيرًا، لكن لا يحب أن يجلس للمذاكرة.
أرجو أن أجد الحل عندكم وخصوصًا بالنسبة لضرب إخوته وأنا أحضرت لهم شيخًا يعلمهم القرآن واللغة العربية فماذا أفعل؟ أنا خائفة أن يدخل في سن المراهقة ويفعل أكثر من ذلك في إخوته. وهو مولود هنا في أمريكا، وينزل مصر في الإجازة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك.. ومرحبًا برجلك الصغير مهاب.. بارك الله لك فيه وفي إخوته وتقبل منك محاولاتك للحفاظ على هويته وإخوته في غربتكم بالقرآن الكريم، وعساه جهدا مكللا بكل توفيق إن شاء الله.
قبل أن نحاول مناقشة مشكلات طفلك لا بد أن نحاول تحديدها وتلخيصها :
أولاًً: عدوانية طفلك مع إخوته وضربه لهم.
ثانيًا: مص أصابعه منذ ولادته وإلى الآن.
ثالثًا: حب الديناصورات.
رابعًا: تشتت انتباهه وكسله.
خامسًا: عدم طاعته لك في كثير من الأحيان.
وعلى كل مشكلة من تلك المشكلات ستجدين ردًّا إن شاء الله تعالى. وتعالي نبدأ بمسألة الديناصورات، وهي شيء لا مشكلة فيه على الإطلاق، وخصوصًا أن الطفل يربط عشقه لها بطموحات مستقبلية ترتبط بمجال عمله وما يريده لنفسه من مجال للبحث والتعلم، ولعله وعي مبكر منه بنفسه وبرغباته يبشر بأن لديه إدراكًا مناسبًا لما يريد وما يتمنى، وهو ما يُعَدّ نموذجًا مبسطًا لما يسمى بـ: "الوعي بالذات" أو Self Awareness.. وفي مثل سنه تكثر مثل تلك النماذج، فالأبناء -وخصوصًا الذكور- تلفت انتباههم عناصر من الحياة حولهم فيهيمون بها إعجابًا وتعلقًا وتملأ كيانهم لفترة، وقد تؤثر فعلاً على اختيارهم لمجالات تخصصاتهم ودراستهم، فمنهم من يهيم بالخيول، ومنهم من يقرأ كثيرًا عن الكلاب، وآخرون يعشقون فك وتركيب المواتير والأجزاء الإلكترونية، وقد يزول هذا الإعجاب مع الوقت وقد يدوم أثره ليتخصص محب الأجهزة مثلاً في الهندسة الميكانيكية، وقد يصبح مخترعًا وقد يتطور ويأخذ منحى آخر، فيولد لدى الطفل جرأة مع الحيوانات مثلاً أو حنانًا زائدًا عليهم أو براعة في العناية بهم.. إلى غير ذلك مما هو محمود ولا يخيف إطلاقًا، ويمكنك مطالعة الكثير عن مسألة الوعي بالذات والتجول مع الأبناء في قصورهم لمعاونتهم على اكتشاف قدراتهم ورغباتهم بالاطلاع على الموقع التالي:
selfcreation
أما عدم طاعته لك في كثير من الأحيان فلا شك أن الأمر منطقي لكونه على أعتاب مرحلة التمايز عن أسرته والانفصال عنها والرغبة في الاستقلال والتمرد على الطفولة بكل ما مر به فيها من تبعية لك ولوالده وارتباط بكما.. إلى غير ذلك، والتعامل مع مثل هذا العمر يكون من خلال الصداقة والعلاقة الودودة، وستجدين ما يكفي للتعامل مع هذه المرحلة فيما يلي:
معاملة المراهق.. صداقة لا أوامر
التوجيه الناقد.. مأزق بنفس المراهق
وبشكل عام حاولي أن تتحلى أوامرك بما يلي لتزيد قابليتها للطاعة من قبل ولدك:
1 - لا بد أن يكون الأمر عادلاً وبه اختيارات لتأدية المهمة وليس على هيئة قرار لا يحترم رغبته في المواقف والأمور التي تسمح بذلك، بحيث تتاح للطفل الفرصة للشعور بذاته والاختيار والتجربة فتقولي: "هل تفضل اللحم أولاً أم المكرونة؟" بدلاً من "كل كذا ثم كذا"، أو "من سيلتزم بما اتفقنا عليه فله هدية كذا"، بدلاً من "من سيؤذي أخاه فله عقاب كذا... إلخ، وهكذا...
2 - لا بد أن تكون الأوامر واحدًا تلو الآخر، وليست مجتمعة في كتلة واحدة، مع تقدير الوقت اللازم لإتمام المهمة بشكل مرن لكي لا يصاب الطفل بما يسمّى time pressure نتيجة لشعوره بأن الوقت لا يكفي بأداء كل ما طلب منه، فيقال له "كم يكفيك لأداء كذا؟.. حسنًا وعليهم دقائق عشر من عندي.. وبعد الانتهاء لدينا فترة للراحة"، وهكذا...
3 - لا بد أن تضعي نفسك مكان أطفالك لتعرفي الطريقة الأنسب التي تطيعين بها من يأمرك فتتبعينها معهم.
4 - لا بد من الإكثار من الثناء على إيجابياته واستجابته لما تطلبينه منه (إن استجاب).
5 - تجنبي المقارنة بينه وبين إخوته، وكم هم مريحون وهو متعب إلى ما غير ذلك من هذا الكلام الذي يحبط ولا يفيد، فلعل هذا ما يبرر عدوانيته مع إخوته، فالتعامل مع الابن بشكل فيه نقد واستهانة أو ضيق أو رفض يعتبره الطفل نقدًا لاتفاق دون سابق إنذار فيهبّ للدفاع عن نفسه ويبدو عنيدًا وعدوانيًّا، بل وميَّالاً للتخريب ليرفض من يرفضونه، وهكذا تظل حلقة مفرغة من الضيق منه فيرد عليها بمزيد من الأخطاء ولا ينتهي هذا التراشق بحال.. وخيركما من يبدأ بالتصالح، ولعلك أنت هذا الطرف الذي ينبغي أن يوقف هذه الدائرة المرهقة بتحويل مسارها إلى الدعم والمدح والثناء ومنح الابن ميزات بداخلها مسئوليات كأن يكون رفيقك -دون إخوته- للسوق؛ لأنه الرجل والأكبر، أو أن يتولى كذا لأنه الأصلح، وهكذا...
6 - ولعل مسألة كسله وتشتت انتباهه تحتاج لنفس الشكل من التعامل اللين الرفيق وقد ذكرت الدكتورة إيمان السيد في موضع سابق خطوات عملية للتعامل مع تكاسل الأطفال وهي كما يلي:
للتغلب على مسألة الكسل لا بد من:
1 - امتناع جميع الأطراف عن إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة في حياة الابن؛ وذلك ليترسخ في داخله الإحساس بالمسئولية والانتظام.
2 - لا بد من وجود القدوة للابن في الوالدين وفي نظام حياة الأسرة في مسألة النظام واحترام الوقت؛ وهو ما يجعل وجود الدافع لديه للسرعة والإنجاز أمرًا تلقائيًّا.
3 - لا بد من اجتماع دوري تجتمع فيه الأسرة وترسي فيه قواعد أولية للسلوك الطيب المستحب لجميع الأفراد دون تخصيص، ويمكن أن يقال بشكل عام من الأم أو الأب مثلاً "أنا أعلم أن تذكيري لكم باستمرار بواجباتكم أمر يضايقكم؛ لذا فلن أفعل سوى أن أذكركم مرة واحدة إن كنتم في غفلة وأترك لكم الباقي". وانتبهي لضرورة الثبات على هذه السياسة فسوف تقضين أياما تختبرين فيها ابنك في صدق الاتفاق قبل أن يتخلى تمامًا عن مسألة التباطؤ، وخلال هذه الفترة لا بد من سعة الصبر، والأعصاب الباردة، والتشجيع القوي على النجاح ولو جزئيًّا في التغلب على الكسل وإنجاز المهام في مواعيدها.
4 - لا بد من الصداقة القوية مع الابن ومصاحبته، ولا مانع من التواجد معه أثناء تأديته المهام المنوط به القيام بها والانتقال معه من مكان لآخر متبادلين معًا الحوار وأنت تتجاهلين تمامًا ما تلمحينه من تباطؤ في أدائه، وهنا ستنتهي مسألة التكاسل تدريجيًّا، لكن بشرط أن تعلمي أن الطفل المتباطئ لا علاج له على الإطلاق مع أبوين كلاهما يتمتع بنفاد الصبر؛ لأن كليهما سيجد نفسه في موقف استفزازي مع الابن طوال الوقت؛ مما يدفع بهم للحلقة المفرغة من الضغط على الطفل لينشط وعناده لمقاومة السيطرة عليه بتعمد الكسل.
5 - يمكن إهداء ولدك منبِّهًا جميلاً له شكل لطيف يضبطه قبل البدء في شيء ما كمشاهدة التلفاز مثلاً ليرنّ عند انتهاء الوقت المحدد لذلك الفعل ليحين دور العمل التالي، وهو حل الواجبات المدرسية مثلاً والتي يُعَدّ إنهاؤها بدقة وإتقان قبل الوقت المحدد إنجازًا يستحق عليه منك المكافأة، وهكذا...؛ فيتعلم تدريجيًّا قيمة الوقت.
ويمكنك الاطلاع على مزيد من المقترحات المفيدة للتغلب على الكسل فيما يلي:
اهزم الساعة.. اهزم الكسل.
أول فنون التربية.. استثمار الإيجابيات.
وأخيرًا.. مسألة مص الأصابع وهي ما ترد عليك بشأنه د. إيمان السيد فتقول:
هذه العادة تندرج تحت ما يسمى اضطرابات التعود، ومن المفروض أن تزول بشكل طبيعي مع التقدم في عمر الطفل، أما ارتباطها بشيء معين كمحاولة استجلاب الهدوء أو التركيز إلى غير ذلك يتسبب في اعتيادها وصعوبة الاستغناء عنها، وعلاج هذه العادة يحتاج إلى رغبة من الطفل مع تصميم على التخلص منها؛ ليحاول اتخاذ الأسباب التي تؤدي لذلك، فالتخلص من تلك العادات يحتاج إلى نوع من التركيز والتفرغ الذهني مع العزيمة القوية على التخلص منها.
والتخلص من مثل تلك العادات يكون بالعلاج السلوكي الذي تجدين لشرحه تفاصيل هامة فيما يلي:
تذكرة مجانية: العلاج السلوكي لقضم الأظافر
وأخيرًا.. يا عزيزتي نختم الحديث بالدعاء لك بالسداد والتوفيق في التعامل مع طفلك، موصية إياك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: "قاربوا وسددوا".. فحاولي باستمرار الاستمساك بها.. وفي انتظار متابعاتك.
ـــــــــــــــــ(104/302)
خطوات لتعلق ابنك بالحضانة ... العنوان
السلام عليكم، شكرًا على هذا الاهتمام الرائع.. مشكلتي هي أنني أدخلت طفليّ (مهرة 3 سنوات و4 أشهر، وزايد سنتان و4 أشهر) إلى الحضانة وذلك تمهيدًا لإدخالهما إلى المدرسة في شهر سبتمبر القادم حيث ستدخل مهرة، أما زايد فسيكون في pre KG؛ وذلك لأن والدهما يحب أن يدخلهما إحدى المدارس المتخصصة والدولية والتي يتطلب نظامها أن يدخل الطفل في عمر مبكر عندهم..
وقد أكملا للآن تقريبا 10 أيام في هذه الحضانة الممتازة جدا من جميع النواحي.. فهم يهتمون بالأطفال بأحسن الطرق والأساليب، ولديهم أحسن المتخصصات في هذا المجال..
المشكلة تكمن في أن طفلي متعلقان بي بحكم مكوثهما معي في المنزل، فأنا متفرغة لهما ولأخيهم الذي يبلغ من العمر 6 أشهر بالرغم من أنني أكملت دراستي الجامعية ولم أعمل؛ لذلك فهما يبكيان بشدة عند الذهاب للحضانة خاصة إذا لم أوصلهما بنفسي، ولكن عندما يصلان للحضانة فإن الفتاة مهرة تسكت بعد مرور القليل من الوقت حيث يبذلون ما بوسعهم لإسكاتها، وعندما تعود مهرة للمنزل تكون طبيعية وتحكي لي ما فعلته هناك، وعندما أسألها: هل تريدين أن تعودي لها مرة ثانية؟ تقول: نعم وأنت معي.
ومشكلة مهرة أنها ترفض الكلام في الفصل، وترفض أن تلون أو حتى أن تمسك القلم وهي أيضا ترفض اللعب مع باقي الأطفال بالرغم من رغبتها في ذلك.. وتظل ملتصقة بمعلمتها ولكن بدون بكاء وتظل تسألهم عني.
أما الولد زايد فهو يسكت قليلا ويبكي قليلا ولكنه بدأ يهدأ أكثر في آخر يومين على حسب قول معلمته، ولكنه أيضا يرفض اللعب مع الأطفال أو التلوين بالرغم من أنه يلعب وحده في حديقة المدرسة مع معلمته.. أرجو مساعدتي مع هذين الطفلين بأسرع وقت ممكن.
ملاحظة: لاحظت أنهما يكونان هادئين عندما أذهب لرؤيتهما عن بعد دون أن يرياني.. ولكن عندما يراني الولد أو يرى والده ينخرط سريعا في البكاء ويطلب مغادرة المكان فورا.. بالرغم من هدوئه قبل أن يرانا.. أما أخته فلا تبكي ولكنها تكتفي بالابتسام وموادعة المعلمات.. ما الذي يجب علي عمله؟؟ وكيف أقنعهما بالمشاركة مع باقي الأطفال؟ علما أنني أقول للبنت: ما رأيك أن نشتري ألعابا لأصدقائك أو نشتري لهم قطع الحلوى وتعطيهم بنفسك؟.. ولكنها ترفض...
... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الأستاذ عبد السلام الاحمر :أود في البداية أن أطمئن السيدة الفاضلة؛ فأبدأ أولا حديثي إليها بشرح لسلوك ابنيها في الحضانة عبر نقاط محددة:
1- إن ما يلاحظ لدى طفليها من عدم الاندماج في مجال الحضانة أمر طبيعي جدا ومنتظر جدا؛ نظرا لكون الانتقال من أحضان الأم والمنزل إلى عالم الحضانة قد تم بشكل فجائي ودون تمهيد أو تدرج، وهو خطأ كثيرا ما يقع فيه الآباء لا سيما حينما يحصل في سن مبكرة كما هو الشأن في هذه الحالة.
2- لعل ما يؤكد ما ذكرناه فيما حكت الأم هو أن البنت مهرة التي تكبر أخاها بسنة أكثر استعدادا للتكيف مع الوضع الجديد في الحضانة من أخيها زايد الذي يبادر بالبكاء بمجرد رؤية أحد والديه.
3- إن فترة الأيام العشر الأولى في أجواء الحضانة غير المعهودة للطفلين من الطبيعي أن تعرف مثل ما شهدناه من مواقف معبرة عن عدم تقبل هذا الانقلاب الطارئ والمباغت الذي أخرجهما من المنزل وأحضان الأم الخالصين لهما وحدهما إلى بيئة الحضانة الغريبة عنهما والتي هما فيها ضيوف وافدون يفرض عليهما أن يعيشا مع غرباء عنهما من الأطفال والبالغين، ولو كان لهما سابق معرفة ببعض هؤلاء لهان عليهما الأمر وتيسر الاندماج.
4- إن ما لوحظ لديهما من الامتناع عن الكلام والتلوين وحتى إمساك القلم تعبير بليغ عن رفضهما مغادرة أجواء البيت ومفارقة الأم الحنونة ولو لساعات معدودة، هي زمن طويل في إحساسهما المرهف، والمشبع بحنو الوالدين وعطفهما الفياض.
5- لعل مما زاد من حدة هذه النقلة غير المتوقعة كونها تعمق لديهما إحساسهما باستيلاء أخيهما ابن الأشهر الستة على القسط الأكبر من حب الأم وعطفها وعنايتها والبقاء بقربها، بل والانفراد باهتمامها طيلة مكثهما خارج البيت.
إذن ما العمل في هذه الحالة؟
أرى أن هذا المشكل سوف يحل من تلقاء نفسه في الأيام القادمة بحول الله وتوفيقه وربما بأسرع مما يتصور، وأسوق فيما يلي التوجيهات الآتية التي من شأنها تيسير تجاوز هذه المرحلة في وقت قريب:
1- الحرص على أن يكون استقبالهما عند خروجهما من الحضانة في اتجاه المنزل بحفاوة غير زائدة عن المعتاد حتى لا يتأجج في نفوسهما الإحساس بالحرمان الأسري أثناء وجودهما بالحضانة.
2- يمكن استغلال انتقالهما المرتقب إلى المدرسة ليقال لهما إنهما سيغادران الحضانة إلى مدرسة أجمل وأفضل، لكن بشرط أن يتعلما التلوين ويمارسا الأعمال التي يقوم بها باقي الأطفال.
3- ترصد لهما جوائز مغرية يحصلان عليها بمجرد إنجازهما رسما أو عملا يدويا في الحضانة لأول مرة.
4- ترصد جائزة أخرى لمن كان هو الأول في التحدث والتلوين، ويتحدث لكل منهما في غياب الآخر لتحميسه وتشجيعه على أخذ المبادرة وعدم التأخر عن أخيه.
ـــــــــــــــــ(104/303)
تعديل السلوك ليس بالضرب ... العنوان
أنا أب لثلاثة أبناء، واجهتني مشكلة مع ابني الذي يبلغ من العمر 7 سنوات، لديه أخ يكبره بعامين وأخت تصغره بـ5 سنوات، والدته تعمل. وهو في الصف الأول الابتدائي يتمتع بشخصية جذابة، محبوب من أستاذه بالمدرسة وزملائه في الفصل، وكل من يتعامل معه يحبه ويتآلف معه بسرعة، حركته شديدة جدا ويعشق اللعب ولديه طاقة جبارة؛ فهو على استعداد أن يستيقظ من الفجر ويواصل اللعب إلى منتصف الليل دون راحة.
هذه الوضعية تسبب لنا إزعاجا دائما مستمرا، ولا تعطي لنا فرصة لالتقاط الأنفاس أو شحن طاقاتنا الروحية لنتعامل معه على الوجه المرضي والنهج الصحيح الذي أتبناه أنا ووالدته، وهو تربيتهم على الإسلام.
برنامجه اليومي: يستيقظ للذهاب إلى المدرسة، ويأتي من المدرسة ينتظر والدته تقريبا نصف ساعة إلى ساعة، ثم يتناول الغداء، ويجلس ليراجع حفظه ويعمل واجباته استعدادا لذهابه إلى حلقة تحفيظ القرآن بمسجدنا المجاور، يأتي من المسجد ليجلس معنا بعض الوقت، ويتناول العشاء، ثم يستمر حتى نجبره على النوم حوالي الساعة العاشرة مساء.
هذه الدورة اليومية له تتم بمعاناة شديدة، حيث كل عمل يقوم به لا بد أن يساق إليه سوقا، والحاجة الوحيدة التي لا تحتاج إلى توجيه وإرشاد وإجبار هي أن تقول له العب أو شاهد التليفزيون.
وهو في مشاحنات مستمرة مع أخيه الأكبر الذي يتمتع بعلاقة جيدة معه ويصادقه في أغلب الأحوال، ولكنهما دائما الشكوى من بعضهما البعض، ولديه غيرة شديدة جدا من هذا الأخ.
علاقتي به ليست مثالية لأني دائما أنا الذي أعاقبه، علاقته بأمه أيضا شبه معتدلة لأنها دائمة الغضب والخصام معه بسبب مشاغباته المستمرة، يرتكب مخالفات وأخطاء كبقية الأطفال، سواء كان مع أخيه أو أخته أو تعامله مع أثاث البيت، فنتعامل مع هذا الأمر بواقعية، ونلفت انتباهه مرة ونعنفه مرة ونضربه كثيرا، ونحبسه مرات.
نتيجة الضغوط التي تعيش فيها أمه بسبب ضغط العمل وضغط إداريات المنزل، لا تتحمله في معظم الأوقات، وتبكي منه، ودائما تهدده بي بأنني عندما آتي سأعاقبه. نتفهم الأمر مرة، ومرة نخرج عن شعورنا، ومرات نتودد له بالتحفيز والتشجيع بإبراز الصفات الإيجابية الممتازة فيه، وهي كثيرة ولله الحمد.
الأمر الخطير الذي بدأ يظهر كعلامات في شخصيته هو تثاقله في أداء الصلاة، ويؤدي الصلاة بسرعة خاطفة.
الأمر الأخطر الذي دعاني للكتابة أنه أخذ نقودا من المنزل، وخرج من المنزل قبل وصول والدته ليشتري حلوى من السوبر ماركت، وقد عاقبته بالضرب وعرفته بأن هذا يعد مالا حراما لأنك أخذته دون إذن صاحبه، وكذلك على نزوله بمفرده إلى الشارع دون إذن.
الغريب في الموضوع أنه في اليوم التالي أخذ جوال والدته دون علمها، وذهب به إلى المدرسة، وأعطاه لأستاذه عند وصوله إلى المدرسة، وقال للأستاذ.. خذه لك.. فهذا جوالي وأعطيه لك هدية.. وعلاقته بالأستاذ ليس فيها أي نوع من الخوف.. فقد تقابلت مع أستاذه مرات كثيرة، وهو يتمتع بعلاقة ودية كبيرة معه.
ندرك أن هذه أمور قد تكون طبيعية لمثل هذه السن، ونستعين بالله ونصبر عليها، ولكن تركها قد يؤدي إلى استفحالها وتبعث على القلق مستقبلا، فأرجو إرشادي إلى طريقة العلاج لمثل هذه الأمور في مثل هذه السن قبل استفحالها. شاكرا ومقدرا لكم تفضلكم بقراءة رسالتي والإجابة عليها.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، بارك الله فيك وفي أبنائك وجعلك نعم الأب لنعم الأبناء، وخيرا فعلت في التبكير بالاستشارة قبل أن يستفحل الأمر كما ذكرت في رسالتك.
واسمح لي أن أبدأ في الرد بجملة استرعت انتباهي في استشارتك وهي التي سننطلق منها إلى الحل إن شاء الله، وهذه الجملة هي: "ثم يأتي -أي طفلك حفظه الله- من المسجد ليجلس معنا بعض الوقت ويتناول العشاء".. فماذا تفعل أنت وزوجك مع أبنائك في هذه الفترة، هل تضيع في توجيه بعض الأوامر والنواهي أو تلهيانه بمشاهدة التلفاز، أم بعقابه على ما يقترفه من أخطاء؟.
هذه الفترة فرصة رائعة -بعد أن تكونا قد أخذتما قسطا من الراحة أثناء تغيب طفلكما في المسجد- لكي تبدآ في تحسين العلاقة بينكما وبينه وللتقرب من هذا الطفل الرائع الذي لا يفعل ما يفعله إلا لأنه يفتقد هذا القرب وتلك المودة والحب والدفء التي ذابت في خضم الكفاح اليومي من أجل كسب الرزق.
سيدي، ضع نفسك أنت وزوجك مكان هذا الطفل في كل موقف يمر به واكتبا مشاعركما تجاه هذا الموقف من وجهة نظر طفلكما، لقد أجريت هذه التجربة مع الآباء في إحدى ورش العمل الخاصة بتربية الأبناء فإذا بهم يعبرون عن مشاعر أبنائهم والتي كانت عبارة عن مشاعر سلبية يكتنفها التجاهل والقهر والإهمال والغضب والحزن والإحساس بفرض السيطرة والتسلط.
أعود مرة أخرى -سيدي- إلى رسالتك التي لم ألمح فيها هذا الرفق الذي من المفترض أنه يميز العلاقة بين الآباء وأبنائهم والذي أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شئوننا فما بالك بفلذات الأكباد؟ أليس هذا هو الرسول القدوة الذي تود أن تعلم ابنك أن يسير على نهجه؟!.
وحتى يكون الكلام عمليا بعيدا عن التأنيب تعال نضع الحل في خطوات:
أولا: تغافل تماما في هذه الفترة -أنت وزوجك- كل ما يقترفه ابنك من أخطاء بما فيها ما أسميته السرقة وكف أنت وزوجك عن ضربه.
ثانيا: ابدأ على الفور بالتعاون والاتفاق مع زوجك في اتباع الخطوات التالية التي سوف تؤتي ثمارها المرجوة إذا كان لديكما الإرادة على التغيير من أسلوبكما والاستعانة بالله والصبر والمثابرة، وهذه الخطوات هي:
بعد عودة ابنكما من المسجد اقضيا هذه الفترة في أحد هذه الأنشطة: اللعب مع أبنائكما – مناقشة موضوعات تهمهم – قراءة قصة أو سرد حكاية - مناقشة موضوع الساعة وما يجري حولهم من أحداث دون إثقالهم بهموم أكبر مما يتحملونه – إلقاء بعض النكات والألغاز التي تناسب أعمارهم – التسوق والتنزه معا (في يوم الإجازة) - الجلوس أمام الكمبيوتر للبحث عن بعض اللعب التي يمكن أن تلعبوها معا على أن تسود روح المرح أثناء هذه الجلسات - وعند تناول العشاء يمكنكما الحديث عن عملكما وأهميته وما هي بعض المشكلات التي تقابلكما وكيف تقومان بحلها أو عرض بعضها على ولديكما وتطلبان حلها من وجهة نظرهما.
وهكذا نعيش معا الحياة نستمتع بها، ولا داعي على الإطلاق أن تلعبا دور المعلم داخل المدرسة وخارجها.
كما يمكنك إشراكه في أحد الأندية لتفريغ طاقاته إن كان هذا متاحا أو إلحاقه بمسجد ينظم بعض الأنشطة الرياضية ومعسكرات ورحلات ومسابقات، وأنا أعلم أن هناك مساجد لديها هذه الأنشطة بالسعودية، وتشجيعه على الاشتراك بالأنشطة المدرسية.
إذا قمت أنت وزوجك بما سبق فستجد -إن شاء الله- تحولا كبيرا في سلوك ابنك (قد لا يبدو هذا التحسن سريعا فعليك بالصبر والمثابرة)، والأجمل أنك ستجده يعدل من سلوكيات أخرى لم تلحا عليه فيها مثل الالتزام بموعد النوم أو الالتزام بالروتين اليومي بما في ذلك الالتزام بالصلاة، وسيفعل الطفل ذلك من أجل "بابا" و"ماما" اللذين يلاعبانه ويحنوان عليه، وسيطيعهما للحصول على المزيد من اللعب والتنزه وغيرهما من المزايا وعلى رأسها الحب والأمن والاهتمام.
كما أنه لن يشعر بتفضيلكما أخيه الأكبر الذي يشعر بغيرة تجاهه (وهذا أمر غريب لأن الطفل الأكبر عادة هو الذي يغار من الأصغر)، ومعنى هذا أنكما تسلكان بعض السلوكيات التي أدت إلى إيجاد هذا الشعور كالمقارنة بينهما أو تفضيل الأكبر وتمييزه في بعض الأقوال أو الأفعال؛ فأرجو ملاحظة سلوككما والانتباه إلى الكف عن أي تمييز أو تفرقة ولو طفيفة بينه وبين أخيه.
أما موضوع السرقة فهذا يؤكد أن الطفل يحاول لفت انتباهكما لتهتما به؛ ولذا فإن العقاب لن يجدي هنا، وكل ما عليكما هو اتباع الخطوات السابقة حتى نبدأ في الطريق الصحيح.
وأخيرا -سيدي- أدعو الله أن يعينك ويوفقك لما يحب ويرضى، كما أرجو المتابعة.
ـــــــــــــــــ(104/304)
ابني يقلدنا ماذا أفعل؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية أود أن أشكركم على هذه الجهود، وأتمنى من الله أن ينفع بها ويجعلها في ميزان حسناتكم.
استشارتي تتعلق بولدي الذي يبلغ من العمر 3 أعوام و3 أشهر، وهو طفل ذو ذاكرة قوية شديد الملاحظة للتفاصيل، كثير التقليد حتى في أدق التفاصيل؛ فهو يقلدني حتى في أدق الحركات، وبالتالي فإنني أشعر بالمسئولية مضاعفة عن كل تحركاتي وكلماتي، حتى إنه عندما يخرج من البيت يحب أن يأخذ معه مشابها لكل ما آخذه معين، كالنظارة والجوال والمفاتيح والكمبيوتر المحمول، وكل شيء أملكه يحب أن يملك مثله، أو أن يستخدم الشيء الخاص بي.
ولا يقف الحد عند تقليدي فهو يقلد الأطفال من مثل عمره، فعندما يلتقيهم وبعد أن يعود للبيت نحس أنه قد فقد شخصيته وبدأ يتصرف كما كان يتصرف أولئك الأطفال، فيصبح يبكي كما كانوا يبكون ويلعب كما كانوا يلعبون، وبطريقة مختلفة تماما عن طريقته في اللعب أو سلوكه عند البكاء، وتبقى معه هذه "الحالة" إلى أن ينام ومن ثم يستيقظ وقد استعاد شخصيته (ربما لا يكون هذا سلوكه في كل مرة يرى فيها أطفالا لكنه في الأغلب الأعم).
ولدي بنت ثانية عمرها سنة و4 أشهر ألاحظ أنها تمشي على خطا أخيها في التقليد؛ فتقليد المشية والحركة والضحكة كل هذا طبيعي بالنسبة لهما.. وهنا لدي سؤالان:
1- هل هذا التقليد شيء طبيعي، أم أنه زائد عن الحدود، وكيف يجب علي التعامل معه؟ وهل تنصحونني بعرضه على مختص في علم نفس النمو أو في تربية الأطفال، أم أن "الحالة" أبسط من ذلك؟.
2- فيما يتعلق بناحية اختلاف الجنس بينه وبين أخته ماذا يجب علي فعله وماذا يجب علي عدم فعله في هذه المرحلة، مثلا هل يتوجب علي منعه من مشاهدة أخته "بدون ملابس" مثلا، وهل أمنعهما من الاستحمام معا، أم أترك الأمور على أريحيتها في هذه السن؟ علما أنه لم يبد حتى الآن أي ملاحظة تتعلق باختلاف أعضائهما أو ما نحو ذلك. وشكرا جزيلا لكم...
... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ السائل سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أشكرك على هذا الثناء والدعاء، جعلنا الله أهلا لهما، ومرحبا بك معنا سائلا وزائرا على صفحة معا نربي أبناءنا وبارك الله في ولديك وأعانك على تربيتهما.
سأبدأ في الإجابة عن أسئلتك من حيث انتهت رسالتك:
وسأقسم سؤالك الأخير عن اختلاف ولديك النوعي لشقين. الشق الأول يتعلق بما يجب مراعاته من الناحية الجنسية في توجيههما والذي بلورته في سؤال محدد، وهو: هل يجب ألا يرى طفلك أخته "بدون ملابس" أم تترك الأمور على طبيعتها في هذه السن؟ والشق الثاني عن كيفية التعامل مع طفليك باعتبارهما مختلفين في النوع.
فتعالى لنبدأ بالشق الأول:
برغم أن ولدك لم يبد -بعد- أي ملاحظة تتعلق باختلاف الجنس بينه وبين أخته فإن سن ولدك هي سن انتباه الأطفال للفروق الجسدية والجنسية بين الأفراد ولديهم حب استطلاع واكتشاف لأجسادهم هم وأجساد الآخرين؛ ولذا ستجده في بعض الأحيان يتحسس جسده ليعرف طبيعة هذا الجسد كما سيفعل ذلك مع الآخرين، فأقترح ألا تجعله يرى صغيرتك وهي تغير ملابسها مثلا وألا يستحما معا وكذلك الحال بالنسبة لك وللأم، وعليك أن تفعل ذلك بشكل تلقائي طبيعي دون نهر أو زجر، وبطريقة ملؤها الحب والحنان، فيمكن تفهيمه أنه كبر الآن ولا يصح أن يدخل في أي مكان دون استئذان ولا يدخل أثناء تغيير أحد ملابسه ولا يجوز أن يستحم مع أحد، ولا يقال كل هذا دفعة واحدة في جلسة واحدة ولكن في المواقف الطبيعية لكل موقف.
أما بالنسبة للرد على الشق الثاني من السؤال الخاص بمراعاة الفروق النوعية بينهما وكيف تتعامل معها في هذه المرحلة فهو:
هذه المرحلة (مرحلة الطفولة المبكرة) تتميز بما يسمى بالتنميط الجنسي، وتعريف التنميط الجنسي كما ورد في كتاب رعاية نمو الطفل للدكتور علاء الدين كفافي هو: "تبني الآباء للاتجاهات التي من شأنها أن تنشئ الطفل تنشئة الجنس الذي ينتمي إليه"، وهذا يعني أن طفلك في حاجة إلى أن يبدأ في التعرف على دوره الذي سيلعبه كرجل عندما يكبر، ولا أقصد بهذا أن أتعامل معه على أنه رجل صغير وحينما يسلك سلوك من هم في سنه ألومه أو أعاتبه على أن هذا مسلك لا يجوز للرجال، بالطبع لا، وإنما القصد من ذلك أن يتدرب على كونه صبيا وليس فتاة، وترجمة ذلك في هذه السن بشكل عملي كالتالي:
• في أثناء اللعب مثلا: يوجه إلى اللعب التي تبني عضلاته، فمثلا حينما تلعبان معا يمكن أن تتصارعا، وهذا ما لا تلعبه مع الطفلة بالطبع حتى بعد أن تكبر، هذا بالطبع إلى جانب الألعاب المشتركة مثل اللعب بالصلصال وبالألوان وبالصور المقطعة puzzle وغيرها من الألعاب التي يمكن أن يشترك فيها الجنسان.
• كما يمكن للأم حينما تحمل شيئا ثقيلا تطلب منه على سبيل المداعبة أن يحمل معها هذه الأشياء لأنه يكبر ويقوى، كما تبدأ في تدريبه على الشراء فتصحبه في المحال لكي يقوم بالتسوق وإعطاء المال للبائع.
• وكذلك يشترك مع الأم في رعاية أخته فيقوم أحيانا بمداعبتها واللعب معها وفي أحيان أخرى مناولة الأم بعض أغراض الطفلة كملابسها وطعامها؛ فهذا إلى جانب إشعاره بالمسئولية تجاه أخته -وهي إحدى مهامه كصبي ورجل فيما بعد- فهي تقلل شعوره بالغيرة من أخته الصغيرة، كما يمكن أن تسند له مهمة رعاية الطفلة تحت إشرافها كأن تقول له: انتبه لأختك حتى أجهز لها وجبتها فإذا بكت فداعبها، وهذا تمهيد لإعداده كرجل سيكون راعيا ومسئولا يوما ما عن زوجة وأبناء.
• وحينما يكبران لا بد أن يتدرب على أن تقسم المهام المنزلية بينهما فيكون من نصيبه المهام التي تحتاج إلى عضلات ومشقة أكبر، فمثلا يمكن أن يسند إليه مهمة كي الملابس وشراء مستلزمات البيت، وفي أثناء الخروج من البيت يعرف أنه مسئول عن أخته وحمايتها.
ولا يعني كل ذلك أن الابنة لا تتعلم ولا تتدرب على هذه المسئوليات ولكن تعلم أن مسئوليتها في المقام الأول للبيت ورعاية أسرتها؛ ولذا فإن اللعب بالعرائس ورعايتها من أهم اللعب التي تستهوي البنات في مرحلة الطفولة، ويجب أن تسير هذه الأمور بطبيعية وسلاسة بحيث لا يضيق أحد الطفلين ذرعا بنوعه والمهام المنوطة به.
أما سؤالك عن تقليده إياك في هذه المرحلة فهو أمر طبيعي؛ فهذه المرحلة تتسم أيضا بما يسمى بالتوحد الجنسي؛ فالطفل الذكر يتوحد مع والده ويقلده في كل صغيرة وكبيرة والفتاة تتوحد مع أمها، وهذه الخاصية تجعلنا في غاية الحذر وغاية الانتباه لكل ما نقول ونفعل -كما تفضلت وذكرت في رسالتك- وتجعلنا أمام مسئولية ضخمة ندعو الله أن نكون أهلا لها؛ لأن أطفالنا يلتقطون بالصوت والصورة كل ما نفعله ويحاكونه إما عاجلا أو آجلا عندما يكبرون.
وأما تقليده للأطفال الآخرين فهذا الأمر لا يستدعي القلق ولكن يستدعي تعديل هذا السلوك قليلا وسيكون ذلك من خلال القصص؛ فالأطفال في هذه المرحلة مولعون بالحكايات، فيمكنك أنت ووالدة الطفل أن تقصا عليه القصص التي توضح أثر التقليد الأعمى بما يتناسب مع سنه ودون المواعظ المباشرة، مثل قصة الغراب الراقص الذي أعجب بمشية الطاووس فحاول تقليده لكنه لم يفلح فأراد أن يعود لمشيته السابقة لكنه لم يتذكرها فأصبح يسير بطريقة مضحكة فلا هو بالطاووس ولا بالغراب، وغير هذه القصص الكثير.
كما يمكنك الاطلاع على العديد من القصص المناسبة لسن أطفالك وأرشح لك أسماء لبعض الكُتاب الذين يكتبون للأطفال، ولكن أقترح أن تقرأها أنت وزوجتك أولا ثم تقرآها لأطفالكما بعد ذلك؛ حتى يتسنى لكما إما تبسيط أو حذف ما تريانه لا يتناسب مع عقل أو طبيعة طفلك.
ومن هؤلاء الكتاب: أماني العشماوي، وكامل الكيلاني، ويعقوب الشاروني، وعبد التواب يوسف.
أما تقليد أخته له فهذا دأب الأطفال في هذه المرحلة في كل بيت؛ فالطفل الأكبر هو الذي يمثل القدوة بعد ذلك لأخوته؛ ولذا علينا أن نستثمر هذا في طريقة توجيه الصغير من خلال الأخ الأكبر، ولا أعني -على الإطلاق- أننا ننبه الطفل الكبير بأن يسلك سلوكا جيدا لأن أخاه الأصغر يقلده في كل شيء فإن هذا يحزن الأكبر لأنه سيظن أن الوالدين لا يهتمان بسلوكه إلا لكونه أداة لتعليم الأصغر وأنه بالتالي ليس بالشخص الذي يمكن الاهتمام به لذاته.
وأخيرا أود أن أحييك على هذا الاهتمام بأبنائك، ولكن أود قبل أن أنهي رسالتي أن أنوه فقط بأهمية تعاون الأبوين في التربية وإشراك الأم في كل ما سبق فلم ألمح الحديث عنها في رسالتك.
وإذا أردت المزيد من الاستفادة عن طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها أبناؤك فيمكنك الاطلاع على سمات وخصائص المراحل العمرية المختلفة من خلال كتب علم نفس النمو المتاحة في كل المكتبات. مع دعواتي لكما بالتوفيق، ورجاء بالمتابعة.
ـــــــــــــــــ(104/305)
التشخيص الدقيق لعلاج التأخر اللغوي ... العنوان
ابني يبلغ من العمر 4 سنوات تقريبًا. لديه مشكلة في الكلام لاحظتها منذ الصغر وعمره سنتان تقريبًا، أدخلته الحضانة في عمر تسعة أشهر، وقد عرضته على دكتور تخاطب في عمر 3 سنوات، وقال لى: المشكلة في أنه يتعلم لغتين في الحضانة العربية والإنجليزية؛ مما جعله يتأخر في اللغة، وطلب مني أن ألحقه بحضانة عربية فقط، ولكن للأسف لا توجد حضانة عربية فقط ذات مستوى جيد بالقرب مني؛ فغالبيتها حضانات لغات أو حضانة ملحقة بجامع لا يتم التعليم فيها، والمشرفة "دادة" غير متعلمة، وقد توقف عن الحضانة منذ أربعة أشهر في سن 3.11 سنة تقدمت به إلى دكتورة شهيرة في التخاطب د.وفاء علي وافي، وقد قامت بعمل 3 اختبارات له وهو اختبار الذكاء، وقالت إن ذكاءه أقل من المتوسط، وكانت الدرجة 87، وقالت: إنها ليست نسبة مئوية، كذلك اختبار نطق، وقالت: إن عنده مشاكل النطق الثلاثة وكذلك اختبار لغة، وتكوين الكلمات في جمل والمضاد والحال والمقارنات... إلخ.
وقالت: إن مستواه فيها أقل من ذكائه ولي ملاحظة على ذلك؛ إذ إنها قامت بجميع الاختبارات في يوم واحد ولمدة 4 ساعات يفصلها راحة ربع ساعة بين كل اختبار، كذلك أرى أن مستوى ذكائه أعلى مما تقول فهو يفهم ما أقوله، ويستطيع إذا شرحت له مكان شيء في غرفة أخرى أن يأتي به. كذلك تعلم كيفية إمساك الماوس في الكمبيوتر في فترة قصيرة جدًّا، ويعرف كيفية التعامل مع الجهاز وفتحه وقفله، ويستطيع أن يلعب بالبازل المكون من أربعة وستة وثمانية أشكال بسهولة، كما يستطيع تكوين أشكال بيوت وطيارة وفانوس... والكثير من أشكال المكعبات، ويفهم في ميكانيكية أشياء كثيرة كالريموت والساعة... إلخ.
وقد ذكرت أنه يحتاج أن ينضم إلى الحضانة الملحقة بالمركز الخاص بها، وهي مكلفة جدًّا، ولكني ألحقته اليوم بحضانة قريبة من عملي، وأكدت عليهم الملاحظات السابقة، الولد يجد صعوبة في الحفظ فهو لا يستطيع حفظ القرآن لا بد من ذكره أول كل آية من الفاتحة، ولا ينطقها كذلك بشكل سليم، ولا يستطيع حفظ الأغاني، ولا يستطيع أن يحكي حكاية أو فيلمًا أو حدثًا رآه بشكل واضح، كذلك لا يستطيع أن يعدّ من 1 : 10 فيقول من 1 : 5 عربي، ويكملها بشكل عشوائي بالإنجليزي بالرغم من أنه حينما كان في الحضانة أفضل؛ لذا أعدته إليها، ولكنه يستطيع التلوين ويعرف الأشكال مربع ودائرة... إلخ.
كما أنني إذا ضغطت عليه ليصحح كلمة فقد يستجيب ثم يعود ويقولها خطأ، كما أنني جعلته يقول معي الحروف الأبجدية ولم أجد حرفًا لا يستطيع أن ينطقه، كما أنه لا يستطيع التفريق في بعض الأحيان عندما ينادي إلى أحد بين الذكر والأثنى، كذلك يقول مثلا: "أنا عايز تاكل بدلا من آكل، أنت مش حبيبي، أنت زعلانة من أنا أو من كريم"... إلخ.
أرجو الاستشارة إذا كان من الأفضل إلحاقه بالحضانة المتخصصة أم حضانة عادية أم الاعتماد على جلسات تخاطب فقط، مع ملاحظة أنه عند سنة 9 شهور تعرض لسخونة شديدة 41 درجة لم تنزل تقريبًا لمدة يومين.
آسفة للإطالة، وأرجو المساعدة لما يمثله لي ذلك من تعب نفسي شديد يجعلني في بعض الأحيان أقسو عليه بدون ذنب.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة، أشكر لك تنبهك المبكر لوجود تأخر لغوي لدى الطفل ومحاولة إيجاد حلول لهذه المشكلة.
وكما أكرر دائمًا فإن التشخيص أو إعطاء حلول كاملة عبر الإنترنت أمر غير منطقي، لكن سوف أحاول أن أناقش معك بعض ما ورد في استشارتك والوصول معًا إلى قرار:
- بعض الأطفال يشكل تعلم لغتين في نفس الوقت لديهم عبئا، لكن البعض الآخر يستطيع اكتساب اللغتين بسهولة.
- إذا وجد أن هناك تأثيرًا على إحدى اللغتين أو صعوبة في اكتساب اللغتين يفضل التركيز على إحداهما.
- الدماغ البشري مجهز لاكتساب اللغة التي يتم الحديث إليه بها وأي لغة يتعرض لها.
- هل مستوى الطفل في اكتساب الإنجليزي أفضل من العربي؟؟ إذا كان الجواب "لا" فإن هناك تأخرًا كما يبدو في اكتساب المفاهيم اللغوية بغض النظر عن اللغة لدى كريم.
- الذكاء أمر معقد جدًّا وهو مترابط باللغة؛ بل إن اللغة هي جزء هام جدًّا في الذكاء، ولكن هناك ذكاءات مختلفة، ومنها الذكاء الأدائي والذي يمكن أن يكون ملاحظا لدى كريم من التعامل مع الإلكترونيات كما ذكرني، ولكن كونه جيدًا في التعامل مع الآلات لا يعني بالضرورة أن ذكاءه اللغوي سوف يكون بنفس المستوى.
- الذكاء اللغوي هام في مهارات التواصل الاجتماعي والدراسي.
- هناك أكثر من نوع من الذكاء منها الحسابي والفراغي والاجتماعي وغير ذلك.
- الذكاء لا يقاس بأن الطفل يستطيع إطاعة أمر إحضار شيء من غرفة أخرى أو فهم بعض أو كل ما نقوله له؛ لأن مستوى الجمل التي وجهت إليه بسيطة؛ فأي طفل في عمر سنتين ينبغي أن يكون قادرًا على فهم الحديث المنزلي وإطاعة الأوامر، ولكن هل يستطيع إطاعة أوامر في مستوى أربع سنوات؟؟
- قد يكون مستوى ذكاء الطفل الأدائي أفضل أو أسوأ من الذكاء اللغوي والعكس صحيح.
- يمكن قياس المهارات اللغوية والذكاء في جلسة واحدة طويلة إذا كان انتباه الطفل واستجاباته مقبولة، ولكن أنا شخصيًّا أفضل أن تكون على فترات.
- الأفضل تحت سن 6 - 7 سنوات ألا يتم إعطاء تشخيصات أو أسماء لمشاكل الطفل إلا إذا كانت هناك أشياء واضحة جدًّا، ولكن يفضل التعامل مع الحالة على أنها تأخر لغوي (بسيط - متوسط - شديد)، وذكر المهارات التي يستطيع الطفل عملها ومناسبة لعمره الزمني والمهارات التي لا يستطيع عملها والمفترض أن يكون قادرًا على ذلك حسب عمره الزمني وعمل برنامج تدريب وملاحظة التحسن.
- التأخر اللغوي قد يكون طبيعيًّا، وقد يكون مؤشرًا لمشاكل أخرى مثل ضعف السمع وصعوبات التعلم الدراسية وبطء التعلم وغير ذلك؛ لذا يفضل البدء بالتدريب في عمر مبكر لتلافي المشاكل المستقبلية أو التقليل منها.
- لا يمكنني إعطاء رأي حول إلحاق الطفل بروضة عادية أو خاصة؛ لأنني لم أرَ الطفل ولا أعرف قدراته، ولكن ما أؤكد عليه هو أنه يجب أن يلتحق ببرنامج تدريب لغوي؛ لأن الأمثلة التي ذكرتها في كلامك تعطي انطباعًا بتأخر لغوي واضح، وكذلك ما ذكرته من صعوبات الحفظ وتعلم المهارات العددية، وكما تعلمين فهذه المهارات هامة جدًّا للتعلم.
وأفضل أن يكون البرنامج مكثفًا بما لا يقل عن ثلاث جلسات أسبوعيًّا؛ لأن الطفل في سن الرابعة يكون تقريبًا قد اكتسب معظم المهارات اللغوية والكثير من المهارات ما قبل المدرسية. ويمكن أن تكون الروضة الملحقة بمركز الدكتورة يقدم برنامجًا لغويًّا؛ لذا فهو مرتفع السعر مقارنة بغيره، ولكن لا يمكنني أن أحدد هل هو أفضل أو لا.
- التدريب اللغوي ومهارات ما قبل المدرسة هامة جدًّا كما قلت، ويمكن إذا استمر التدريب لفترة ما قبل سن المدرسة أن يظهر الطفل تحسن واضح إن شاء الله، وخصوصًا إذا كان ما يظهره هو مظاهر تأخر لغوي عادي، ولكن لا ينبغي التأخر عن التدريب أكثر من ذلك.
- القسوة على الطفل بسبب شيء لا بد له به سوف يرسخ آثارًا نفسية سلبية، والضغط عليه للكلام سوف يؤدي إلى أن يكون صورة سلبية عن نفسه، وعن الكلام بأنه تجربة قاسية وصعبة، وتكرار الفشل في تقليد ما تريدينه أو قول أشياء سوف يرسخ هذه الأفكار السلبية، وقد يؤدي إلى سلوكيات غير مرغوبة مثل تحول الطفل إلى الانسحاب من النشاطات الاجتماعية أو التحول للعدوان الجسدي بالضرب والتخريب.
أرجو أن تقدري نتائج ذلك المستقبلية على الطفل وألا تكوني سببًا في بقاء آثار سلبية على نفسية الطفل طوال عمره، والبديل البسيط هو البدء ببرنامج التدريب والذي لا بد أن يتضمن إرشادات لكم في المنزل لتحفيز مهارات الطفل اللغوية والتواصلية بشكل علمي وصحيح بدل المحاولات العشوائية المتعبة لك وللطفل.
ـــــــــــــــــ(104/306)
التوحد.. أسئلة واستفسارات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أثابكم الله على جهودكم، المشكلة الرئيسية تأخر لغوي، عمر الطفلة الآن 5 سنوات و4 أشهر.
الفحوصات التي أجريت لها في هذه السن هي 1- مرورها بإخصائي الأطفال في البداية 2- لطبيب النفسي 3-إجراء تقييم واختبار ذكاء على مرحلتين 4- إخصائي الأذن والأنف الحنجرة 5- تخطيط للسمع 6- إخصائي التخاطب والنطق.
والنتائج كالتالي:
1- عدم وجود أي مشاكل عضوية 2- مستوى ذكاء يصل إلى ما بين 110-119 3، ووجود تشتت في الانتباه والتركيز، وهي الآن في تحسن مع البرامج تشخيص الحالة بعد كل الفحوصات.
والتقييم جاء كالتالي: اضطراب في اللغة التعبيرية مع اضطراب بسيط في اللغة الاستقبالية، واستفساراتي كالتالي 1- الاستفسار الرئيسي هو: ما سبب هذه المشكلة؟؟2- هل ما تشكو منه فلتي خطير؟؟3- هل ستتغلب على هذه المشكلة لاحقا؟4- وهو الأهم: أين مكانها في التعليم؟ مدرسة عادية مع وجود من يتفهم ويساعد في علاج المشكلة، أم مركز للرعاية الخاصة مع أطفال بمثل حالتها أيهما الأفضل؟ علما أن الطبيب النفسي نصح بوضعها في مدرسة عادية مع المتابعة المستمرة من البيت والمدرسة لأنها تحتاج لمن يتحدث معها من الأطفال.
5- السنة الدراسية المقبلة هي سن دخولها للمرحلة الابتدائية: بماذا تنصحونني؟ هل أدخلها الصف الأول مباشرة أم تدخل التمهيدي لسنة كاملة ثم تباشر الابتدائية؟.
أود التنويه بأنني لم أعرض طفلتي إلا على جهة واحدة فقط، وهي المركز الصحي الخاص بنا، ولم تعرض على أكثر من طبيب بل جهة واحدة فقط.
أيضا أود التنبيه بأنني قد تم تقييم طفلتي، وذلك قبل أخذها لأي طبيب من قبل أستاذة في التربية الخاصة، وقد كانت نتيجة التقييم التي قامت به هي أن ابنتي تشكو من أعراض طيف التوحد أو سمات التوحد، وقد استقبلتها في مركزها لمدة "تيرمين" متتاليين، وعملت لها بعض البرامج من تواصل لغوي وبصري وغير ذلك مما يتلقاه الطفل التوحدي، وقد أقنعتني بذلك، ولجهلنا بهذا المجال اضطررت على تسجيل ابنتي في المركز؛ حيث إن سبب إبقائي لطفلتي في هذا المركز هو تأخر مواعيدها في المستشفى التي استغرقت وقتا طويلا للكشف عن المشكلة وأيضا جهلنا التام لحقيقة الأمر.
وبعد التحقق من المشكلة على أيدي المختصين تكون ابنتي قد أكملت التيرم الثاني في هذا المركز الذي لم يكن المكان المناسب على حد قول إخصائية التخاطب والنطق وغيرها، وأنها لا تعاني من أي نوع من أنواع التوحد، ولكن لم يكن بمقدوري فعل أي شيء.
أتوجه إليكم بطلب النصح فيما يتعلق بأمر طفلتي، وسوف أرفق وصفا شاملا لحالة طفلتي وذلك في السنوات الماضية، ولكن كل ما سأرفقه لا ينطبق عليها تماما في هذه السن لأنها تحسنت كثيرا، والغاية من ذلك تزويدكم بكل المعلومات التي يمكن أن تساعدكم في فهم مشكلة ابنتي ورأيكم في تشخيص الأطباء؛ وهو وصف شامل لحالة ابنتي حتى سن الثالثة فقط، حيث كانت المشكلة الرئيسية التأخر في الكلام وقلة التركيز (هذا هو تشخيصي كأم مسبقا) ومن ثم تشخيص الطبيبة.
وسأكتب بعض الأمور لمعرفة الوضع 1- نشاط زائد.2- تشتت انتباه وعدم تركيز.3- عنيدة .4- ذكية جدا.5- شخصيتها قوية.6- قليلة النوم في السنوات الماضية (لا تنام خلال الليل).7- تبكي كثيرا وتصر على أخذ ما تريد.8- لا تنتبه أبدا لما نقول ولا تعيرنا أي اهتمام عند مخاطبتها ولا تلتفت عند مناداتها أبدا (وهذا ما جعلني أفحص حاسة السمع لديها وكانت النتيجة سليمة).
9- تحب مشاهدة التلفزيون كثيرا وأشرطة الفيديو التعليمية وقد حفظت معظمها من أناشيد أو جمل أو أذكار وسور قصيرة مع التكرار، ولكن يوجد أخطاء في النطق10- لا تخاف ولا تخجل ولا تعرف عواقب الأمور: مثلا تمشي في الشارع وإذا قدمت سيارة لا تخاف ولا تهرب بل تستمر في المشي، أو إذا أرادت الحمام تخلع ملابسها أمام الناس. 11- اجتماعية لدرجة أنها تذهب مع أي شخص أيا كان.
12- لا يمكن التحكم والسيطرة عليها أو جعلها تنتبه لما نقول، ولا يمكن إبقاؤها في مكان واحد أو أنها تبقى مع أي شخص لفترة طويلة13- أنانية وتأخذ ما في أيدي الأطفال بدون استئذان وتؤذي الأطفال الأصغر منها سنا14- لا تنطق بأية كلمة وهي تتمتم بألفاظ غريبة طوال الوقت15- لم ينفع معها العقاب ولم أكن أقسو عليها؛ لأنني أعلم أن هناك مشكلة وأنها لا تفهم ما يقال لها وكأنها لا تسمع16- لا تنظر إلى الشخص الذي يكلمها وتحاول الهرب من أي أحد يسيطر عليها.
كل هذه الأمور التي أدرجتها تصف ابنتي إلى سن الثالثة، ومع المثابرة والحزم في تغيير أساليب التعامل معها وتعليمها فقد تحسنت بشكل ملحوظ وبدون أي أدوية، مع أني فحصت السمع لديها وعمرها سنتان وعرضتها على إخصائية التحدث والنطق، وأخبرتني بكيفية التصرف معها، ولكن في جلسة واحدة بحضور غيري من الآباء والأمهات؛ يعني جلسة مشتركة وهي سليمة عضويا، وكنت أطبق ما قالته لي الطبيبة ولكن لا فائدة.
وكنت أود أن آخذ ابنتي لأكثر من عيادة أو عمل أي شيء أو إلحاقها بروضة، ولكن اضطررنا للسفر وعمرها سنتان و7 أشهر، وهذا ما زاد مشكلتي ومشكلتها. بصراحة كنت أبذل مجهودا كبيرا معها من كل النواحي، وقد تحسن عندها النطق لكنه تقدم ليس سريعا، يعني لا بد من التكرار والممل أحيانا، الحمد لله تحسنت بشكل لا بأس به والكل لاحظ، والمقصود في الحركة والانتباه واكتساب المفردات.
والمشكلة الآن هي أنها لا تحفظ الكلمات التي نقولها بسرعة، والأكثر من ذلك والذي يسبب لي القلق هو أنني أحس أنها لا تفهم ما أقول، أي أطلب منها أشياء أحيانا إذا أصغت لي، مثلا قلت لها: "افتحي الثلاجة وأحضري الحليب" تنظر إلي وتتلفت حولها وتحاول ثم تذهب، مع أني أردد الكلام عليها، ولكن ما زالت المشكلة متواجدة ولكن أخف من الأول لأنها تعلمت بعض مسميات الأشياء (هذا سابقا)...
وأظن أنها لو كانت تفهم لرددت ما نقول.. مع أنها ذكية مقارنة بمن هم في سنها، الآن تحفظ الأحرف والأرقام والألوان والأشكال الهندسية باللغتين، وتحب الألعاب الغريبة والمعقدة وتستمتع باللعب وتركب جملا، ولكن الأفعال أحيانا تكون خطأ أو الصفات، مثلا تطلب منديلا تقول "مسحي" يعني منديل، أو "اشربي" يعني أعطيني كأسا، أو افتحي الدرج تقول "سويها"، وأنا باستمرار أصحح الخطأ.
أدخلتها الروضة في الدولة التي كنا نقيم بها، وكان الهدف فقط مجالسة الأطفال، وهي كانت تقضي فيها ساعتين فقط، وهي روضة إنجليزية، مع العلم أن هذه الدولة لا تتحدث الإنجليزية، وبعد فترة رفضت الذهاب ولم أجبرها على العودة، تعلمت أشياء مفيدة وتمنيت لو تستمر، ولكن أصبحت تسبب لي المشاكل كل صباح لأنها لا تريد الذهاب.
كنت قلقة جدا لإلحاقها بتلك الروضة؛ لأنني لا أريدها أن تتشتت بسب اللغات، ولكن ذهابها أفضل من بقائها وحيدة في المنزل؛ لأنه لا يوجد أي مكان مناسب لها.
هي الآن تغيرت وبهذا التغيير إلى الأحسن طبعا، ومع ذلك لا أستغني عن توجيهكم.
اضطررت أن أراسل طبيبة عبر النت، وبفضل الله ثم بفضلها تمكنت من معرفة مشكله ابنتي، وكانت نفس تشخيص الأطباء، مع أنها على النت فقط، مع طلب بعض الفحوصات إذا عدت لبلدي، وللتأكد وتكلمت عن طرق تعليمها، وهنا بعض الاستفسارات التي أدرجتها في رسالتي لها:
ما هي مشكلة ابنتي الرئيسية في نظركم؟ وكيف أبتكر طريقة جديدة وسريعة لتعليمها؟ وما أحسن الطرق لها؟ وهل سوف تتكلم مثل بقية الأطفال؟ هل الأطفال المتأخرون في الكلام سيكون لديهم نقص في الحصيلة اللغوية فيما بعد، يعني لا يمكنهم أن يكونوا حوارا مع غيرهم؟ أحس أن ابنتي عندها مشكلة ولا أعلم ما هو السبب الرئيسي هل هذا الشيء يدل على وجود خلل بالدماغ؟.
ملاحظة: ولادتي كانت قيصرية؛ لأن الرحم لم ينفتح إلا 3سم لحظة الولادة فقط، أي أنني لا أعاني من أية مشاكل. ليس لديها إخوة فهي الوحيدة، أيضا لديها لحمية وتمت معالجتها، وهل يوجد غذاء أو أكل معين أو فيتامينات تساعد ابنتي على التركيز ويحسن من الفهم لديها؟.
الرجاء تزويدي بجميع المعلومات، والرجاء لو تكرمتم الإجابة على جميع الاستفسارات لأبدأ بالتطبيق الصحيح، وجزاكم الله خيرا، وجعله في موازين حسناتكم، وأنا الآن بدوري أوجه لكم هذه الأسئلة، وأريد رأي كل من له رأي سديد، بالإضافة إلى تقديم النصح لي في اختيار المدرسة كما أسلفت، آسفة للإطالة وشكرا جزيلا.
... السؤال
التوحد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة أم سمر، تحياتي لك وأشكرك جدا على التفاصيل الرائعة التي ذكرتها، وأحب أن أشارك معك بالتفكير بصوت عال والتركيز على بعض النقاط المهمة التي وردت برسالتك، وذلك لنحاول معا الوصول إلى اتخاذ قرارات مناسبة، وهذه النقاط هي:
- عمر الطفلة الآن تقريبا 6 سنوات، أي بحدود عمر المدرسة.
- تنبهكم المبكر للمشكلة واعترافكم بوجود مشكله وعدم المماطلة والتسويف، وهو أمر إيجابي جدا.
- بعض المظاهر التي ذكرتها عن الطفلة تعطي انطباعا بأن لديها سمات توحد، وللعلم فإن التوحد ليس تشخيصا واحدا بل هو أكثر من نوع أو تشخيص، ويتراوح من البسيط إلى الشديد ويسمى حاليا طيف التوحد.
وهذه السمات هي: عدم الاستجابة رغم أن القدرة السمعية جيدة، وعدم إدراك الخطر، وعدم استخدام الطرق الصحيحة للتعبير عن الحاجات مثل خلع الملابس للتعبير عن الحاجة لدخول الحمام، واستخدام ألفاظ غير واضحة والتمتمة بكلام غير مفهوم، وعدم اكتساب مفردات جديدة، وعدم تطور الكلام إلى المستوى اللغوي المناسب، وعدم أو ضعف التواصل البصري والاجتماعي، وأن قبولها لأن تذهب مع أي شخص ليس مهارة اجتماعية بل عدم إدراك لكون الشخص قريبا أو غريبا وهو أيضا لعدم إدراكها لمفهوم الخطر.
- إن وجود الطفلة في مركز التوحد باعتقادي كان من أسباب تطورها الذي ذكرته.
- من المظاهر المرافقة للتوحد فرط النشاط وضعف التركيز، ورغم وجود اضطراب منفصل الآن باسم فرط النشاط وضعف التركيز، فإن هناك فوارق بين التشخيصين.
- هناك بعض المختصين -نطق ولغة وتربيه خاصة- الذين يميلون للتشخيص بمتلازمة ضعف التركيز وفرط النشاط إذا كان الطفل لا يظهر صفات توحد كلاسيكي، وهناك من يميل إلى أن هناك درجات من التوحد منها ما هو بسيط ومماثل لصفات متلازمة ضعف التركيز وفرط النشاط.
- التشخيص وإعطاء المسميات لما يعاني منه الطفل ليست هدفا في حد ذاتها، المهم هو تحديد ما يعاني منه الطفل ووضع خطة عمل مناسبة للارتقاء بهذه المهارات.
- بعض الأطفال الذين لديهم توحد بسيط أو صفات توحد أو ذوو الأداء العالي يمكن أن يكون لديهم مهارات متفوقة مثل الأعداد الألوان التركيب وغير ذلك.
- أبرز مظاهر التوحد هو ضعف المهارات اللغوية واكتسابها بشكل مختلف عن الطبيعي مهما كان نوع التوحد.
- أطفال فرط النشاط يكون لديهم مشاكل في اكتساب اللغة، وقد يكون ذكاؤهم طبيعيا، ولكن أبرز مشاكله ضعف التركيز وكثرة الحركة بشكل يجعل استفادتهم من المثيرات حولهم ضعيفة، وبالتالي لا يتعلمون مما يمر عليهم من مثيرات مثل بقية الأطفال.
- أطفال فرط النشاط وأطفال طيف التوحد غالبا لا يعانون من أي مشاكل صحية أو عضوية (بالدماغ مثلا).
- بعض مظاهر فرط النشاط وضعف التركيز تكون بسبب نقص بعض الفيتامينات والحديد.
- ليس كل طفل لديه فرط نشاط وضعف تركيز هو طفل توحدي والعكس أيضا صحيح.
- قبل سن 6-7 سنوات يفضل ألا يتم إعطاء أسماء لمشاكل الطفل إلا إذا كان هناك أعراض واضحة، والهدف من تقييم قدرات الطفل يكون لمعرفة مواضع الضعف والقوة في مهاراته جميعا ومناسبتها أو اختلافها عن المفترض أن يكتسبه الطفل حسب عمره الزمني وبالتالي وضع خطة تدريب مناسبة له للارتقاء بهذه المهارات.
- الذكاء وكما أكرر في معظم الاستشارات ليس شيئا واحدا، الذكاء اسم يطلق على عدد من المهارات المختلفة، وقد يكون الطفل لديه مستوى ذكاء جيد في مهارة معينة وضعيف في مهارة أخرى.
- الطفل أيضا ينبغي عدم النظر له كأجزاء بل هو مجموعة من المهارات حيث هناك نقاط ضعف ونقاط قوة.
- الآن هل ينبغي إلحاق الطفلة بمركز متخصص أو مدرسة عادية؟ لا أستطيع أن آخذ القرار بدلا منكم وأيضا لا تكفي المعلومات مهما كانت مفصلة لأتخذ قرارا علميا؛ حيث يجب أن أعرف الطفلة جيدا قبل التقرير، ولكن ما أود قوله هو أنه ما دامت الطفلة تظهر تحسنا مع التدريب فلا بأس من إلحاقها بروضة عادية، مع التركيز على التدريب والخدمات المصاحبة من تدريب لغوي ومهارات مختلفة حسب حاجتها ووضع برنامج خاص بها، ويكون الهدف من إلحاقها بروضة عادية هو الدمج مع أطفال عاديين لإيجاد نموذج كلامي واجتماعي جيد مع التركيز على البرنامج المصاحب.
- وفي حال عدم القدرة على تحقيق ما سبق فلا بأس من إلحاقها بمركز متخصص، ولكن أيضا مع وضع أهداف لغوية واجتماعية مناسبة، ويفضل أن يكون الأطفال في المركز من نفس قدراتها أو أفضل.
- بالنسبة للسؤال عن أسباب هذه الحالة فليس هناك أسباب واضحة ومعروفة، ولكن هناك ما يعتقد بأنه قد يؤدي إلى العديد من الاضطرابات مثل نقص الأكسجين عند الولادة ارتفاع درجات الحرارة وغير ذلك.
- ما هو مستقبل الطفلة؟ هذا يتحدد حسب تحسنها مع التدريب ومدى استقبالها للمعلومات وثبات هذه المعلومات لديها واستخدامها بشكل مناسب في الحياة اليومية.
- ما هو تشخيص الطفلة؟ ببساطة لا يمكنني إعطاء تشخيص عبر الإنترنت، ولكن يمكن القول إن هناك تأخرا في مهاراتها، ويطلق علية تأخر نمائي (بسيط متوسط شديد حسب ما تظهره الطفلة من أعراض).
- الطفلة بحاجة الآن إلى التركيز على برامج التدريب وبذل جهد مناسب معها للارتقاء بمستواها ومهاراتها، ويتم التعامل مع أي شيء لاحقا حسب ما تظهره كما ذكرت من تحسن.
وأود أن أطمئنك فإن هناك العديد من حالات ضعف التركيز وفرط النشاط وكذلك عدد من حالات التوحد البسيط أو ذوي الأداء العالي قد أظهروا تحسنا ملحوظا في جميع مهاراتهم والتحقوا بمدارس عادية مع وجود اختلافات بين كل طفل وآخر وإمكانية أن يكون الطفل متأخرا سنه أو سنتين دراسيتين عن عمره الزمني، كما أن بعض الأطفال يبقى لديهم ضعف في المهارات اللغوية والاجتماعية، فيما البعض الآخر يمكن أن يكون تحسنه ملحوظا جدا.
إذًا لنترك التوقعات جانبا ونهتم الآن بالتدريب الذي ينبغي أن يكون قائما على أساس مستوى مهارات الطفلة وأن يشمل التدريب المباشر والمكثف وبرامج منزلية لكم، وإذا كانت الطفلة في روضة أو مدرسة عادية ينبغي وضع برنامج لكيفية استفادتها من التفاعل مع الأطفال العاديين، أي ينبغي ألا يكون ذلك عشوائيا.
- بالنسبة لسؤالك هل تدخل الصف الأول مباشرة أو مستوى التمهيدي هذا يقرره مستوى الطفلة الدراسي، أي هل مهاراتها الدراسية تمكنها من استقبال مستوى الصف الأول من معلومات قراءة وكتابة وحساب وغير ذلك، فإذا كانت غير مستعدة ينبغي أن تدرس منهج التمهيدي لحين تمكنها من مستوى يناسب مهارات الصف الأول ثم إلحاقها به.
وهناك برامج تقوم بما يسمى تحليل المنهج، أي أن الطفل لا يأخذ جميع مستوى الصف التمهيدي أو الأول، بل يأخذ ما يستطيع استيعابه منه، ثم يكمل في السنة اللاحقة، أي يمكن أن يبقى في الصف الأول أو مهارات الصف الأول سنتين أو أن يكتسب ما يستطيع من منهج الأول ثم يكمل الباقي في الصف الثاني (إذا كان مستواه بالعربي مثلا صفا ثانيا ولكن مهارات الرياضيات صف أول فيمكن أن ينتقل للصف الثاني ويكمل منهج الأول بالعربي وهكذا).
وذلك حسب ما تتبعه المدرسة وما يقرره المختصون عند تقييم قدرات الطفلة بشكل دوري متكرر.
وعلى كل حال لا يزال أمامكم طريق طويل، أرجو أن يكون موفقا، وإن شاء الله تحقق الطفلة إنجازا مرضيا لكم، وأرجو منك متابعتنا في التطورات.
ـــــــــــــــــ(104/307)
كيف أطور مهارات طفلي ؟ ... العنوان
الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله كل خير على ما تقدمونه لهذه الأمة من خدمات عظيمة وضرورية في ظل طغيان الفساد، وخصوصا على الإنترنت.
طفلتي الأولى "هيا" ما شاء الله عليها رائعة في كل شيء ما عدا عندما تنعس وتريد أن تنام؛ فيضيق خلقها، وتبدأ بالغلاظة، وأحيانا بالبكاء وإن كان ليس كثيرا. وحسب ما قرأته في صفحاتكم فهذا طبيعي لدى معظم الأولاد. والسؤال: هل من علاج لذلك؟ كما أريد أن أتأكد من نمو قدرات طفلتي في الذكاء: فهي تبلغ 28 شهرا، وهي ما شاء الله عليها، تعد للعشرة، وتحفظ الألوان، وتستطيع الكلام وقص القصص بشكل مفهوم، كما لاحظت عليها استخدامها الصحيح للضمائر المتصلة والتذكير والتأنيث والجمع والأفراد وغيرها؛ فمثلا تقول: نجمة للواحدة، ونجمات للكثرة، وتقول: تبعيتنا وتبعيتم أي خاصتنا وخاصتهم...إلخ.
والسؤال: ما هي أساليب تطوير الذكاء بأنواعه في هذه السن؟ وما هي الألعاب المفيدة والمساعدة للنمو في هذه السن؟ وبشكل عام: لو ترشدونا إلى موقع على الإنترنت يتحدث عن خصائص النمو؛ لأننا بحثنا عن الكتب التي كتبتموها سابقا حول هذا الموضوع ولم نجدها في مكتبة جرير مثلا.
وهناك أمر أخير: منذ أيام صارت تخاف من تقب قفل الباب مثلا، وتقول: فيه شيء، وأحيانا من الرد على الهاتف، حاولنا معرفة الأسباب ولم نستطع.. فما رأيكم؟
آسف للإطالة، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل، أشكر لكم ملاحظاتكم الجيدة حول الطفلة ومراقبة نموها بشكل دقيق.
وكما يبدو من المعلومات التي ذكرتها في الاستشارة فمهاراتها مناسبة لعمرها الزمني، وربما تكون أفضل من عدد من أقرانها، بارك الله لكم فيها، وجعلها من أبناء السعادة في الدارين.
أخي الفاضل حسب علمي المتواضع فالأطفال يمرون بمراحل من الخوف والقلق وغير ذلك، لكن مع بعض الحكمة في التعامل معهم واحتواء هذه المظاهر يمكن أن تختفي بدون ترك أثر يذكر.
ويمكنك الاطلاع على الموضوعات التالية:
خوف ابنك سلوك مكتسب
الخوف من الأصوات
أما بالنسبة لمشاكل النوم فيمكنك الاطلاع على مجموعة من الروابط التي تحدثت حول هذا الموضوع:
مشكلات وقت النوم... حب واحتياج
فصل المنام.. متى وكيف؟
فطام المنام.. بداية الاستقلال
أما عن الكتب أو المواقع فهي متوفرة ويمكن كتابة الكلمات الدالة مثل:
child development وستظهر لك قوائم من المهارات المناسبة للطفل في كل عمر سواء مهارات لغوية أو اجتماعية أو عددية أو غير ذلك؛ بل إن هناك مواقع متخصصة في شرح الألعاب المناسبة والنشاطات لكل عمر.
وهناك كتاب حصلت عليه مؤخرا مترجم للعربية وأعتقد أنه هام لكل أسرة واسمه
"ملف المعلومات الصحية.. دليل التعليم المبكر للأطفال"، تأليف د دوروثي أينون، ترجمة ونشر الدار العربية للعلوم.
وهو كتاب مصور ومبوب بشكل جيد جدا، وبه معلومات حول التطور في مختلف المهارات، وأظن أنه ربما يكون متوفرا في مكتبات جرير أو العبيكان وغيرها.
ـــــــــــــــــ(104/308)
القفاز لعلاج مص أصابع ابنك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ولدي يبلغ من العمر 4 سنوات، بدأ في سن الثالثة يمص إصبعه تقليدا لبنت أختي، وصرت أوبخه عليها وأحيانا أضربه ولم أتركه، ثم لجأت إلى الثواب والعقاب، أحضرت عددا من الألعاب، وقلت له: إذا لم تمص إصبعك تختار أي واحدة، ولكن ذلك لم يفد، صار يذهب لغرفته ويمص لوحده. الأمر الذي زاد الطين بلة أنه بدأ يلمس عضوه الذكري وهو في دورة المياه ثم في غرفته، والآن حتى وهو نائم يمص ويده الأخرى في عضوه، وكلما أبعدتها عاد إليها وهو نائم.
في النهاية صار كلما وبخته عليها قال آخر مرة، ويعود إليها بعد قليل!! أفيدوني بكيفية التعامل معه لأني بصراحة تعبت..
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة السلام عليكم.. وبارك الله لك في ولدك الغالي..
إن الأمر يحتاج إلى التفاهم ولا يحتاج إلى الضرب، فهي عادة عصبية تحتاج إلى الهدوء في التعامل والصبر والتدرج.
ومن الأساليب التي استخدمتها وجاءت بنتائج إيجابية هي فكرة القفاز، وهو أن يلبس الطفل القفاز من النوع السميك والمحكم بصورة مستمرة، ونخبره أن سبب لبسه للقفاز هو أن هذه العادة ضارة له، وهذا يساعده على التخلص منها، ونصر على لبسه القفاز في جميع الأوقات في حسم وحزم ودون عنف، وهذا الأمر يستمر ما بين شهر إلى ثلاثة شهور دون انقطاع مع إعطائه جائزة يومية قد تكون "جدول النجوم"، وهو أن يضع لنفسه نجمة من الإستيكرز الملون في جدول لأيام الأسبوع.
ثم يمنح جائزة أسبوعية بعدد هذه النجوم التي تعبر عن التزامه بلبس القفاز وعدم مصه لأصابعه، ثم جائزة شهرية أكبر عند نجاحه في الامتناع عن ذلك لمدة شهر، ثم احتفال وجائزة في نهاية المدة مع إقلاعه تماما عن هذه العادة والقفاز يمنع مصه لأصابعه كما يمنع عبثه بأعضائه التناسلية، ويعيقه في ممارسة أنشطته العادية فيشعر بالرغبة في التخلص من هذه العادة حتى يتخلص من هذا القفاز، ويعود لممارسة أنشطته العادية.
المهم هو الصبر والاستمرار وعدم الانقطاع، مع الحسم والحزم دون عنف أو ضرب ويمكنك الاطلاع على:
الحنان لعلاج مص الأصابع
التخلص من مص الأصابع بالميقات
مص الأصابع.. جملة
ـــــــــــــــــ(104/309)
ابنك والتلفاز.. مشكلة علاجها التحاور ... العنوان
أنا أم لأربعة أطفال أكبرهم في عامها الثاني عشر، والثاني يبلغ تسعة أعوام، وأنا أحاول تربيتهم تربية إسلامية حسبما أستطيع وما يسبب لي تحديا حقيقيا هو التلفاز.. فمعظم القنوات تعرض برامج لا تراعي الآداب الإسلامية؛ لذا فقد حددت لأطفالي مواعيد لمشاهدة برامج الأطفال في الحدود الدنيا– لا تتجاوز ساعة يوميا- مع مراعاة محتوى ما يشاهدون.. لكن الأمور لا تدوم على وتيرة واحدة؛ فأقرانهم يشاهدون المسلسلات العربية، ويتحدثون أمامهم عما شاهدوه؛ لذا بدأ أطفالي يطالبونني بالسماح لهم بمشاهدة المسلسلات؛ حيث إنني لا أسمح لهم بمشاهدتها عادة؛ بل إنني لا أتابع التلفاز إلا قليلا من أجل سلامة أطفالي، وعندما أتابع مسلسلا ما أحرص أن يكون وقت بثه أثناء نومهم أو وجودهم خارج البيت..
وفي الآونة الأخيرة بدأت أتساءل: هل ما أفعله صحيح؟ أم أنني أحجب عن أطفالي ما يحدث في المجتمع؟ وبالتالي ستقل قدرتهم على التعامل معه في المستقبل؟ وقد أثار في نفسي هذا التساؤل مسلسلا عُرض حديثا يتناول مشكلات عديدة مثل السرقة، والمخدرات، والزواج العرفي وغيرها وهو يبين عواقب هذه الأمور، ويهدف إلى توعية الناس بأسباب هذه المشكلات وطرق تفاديها.. لكنه قد يعلم الناشئة كيف يفعلون هذه الأمور ويطرح أمام ناظريهم أمورا لم يروها من قبل، وقد لا تناقش في البيت أمامهم.
فهل مشاهدة مثل هذا المسلسل بوجودي معهم وتوضيح الخطأ من الصواب أفضل، أم منعهم من مشاهدته مع أنهم يسمعون التفاصيل من أقرانهم في المدرسة والزيارات العائلية؟
أرجو منكم إفادتي بالرؤية التربوية والشرعية للموضوع، ولكم جزيل الشكر..
... السؤال
أطفالنا والتكنولوجيا ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وأهلا بك معنا على صفحتك "معا نربي أبناءنا"..
سيدتي الفاضلة عندما قرأت سؤالك بدر إلى ذهني السؤال الشهير: هل نفتح النافذة أم نغلقها؟ هل نجعل أولادنا يختلطون أم لا؟ هل نجعلهم يشاهدون التلفاز أم لا؟
إن أطفالنا خلقوا في هذا المجتمع ولهذا المجتمع بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات وهم سيعيشون فيه؛ فإن منعناهم اليوم فماذا سنفعل غدا؟ إن التربية في كبسولة معقمة أو في حضانة خاصة ربما تحميهم من الأمراض اليوم، ولكن عند فتح الحضانة وخروجهم من الكبسولة المعقمة لن يكونوا قادرين على مواجهة ما يتعرضون له؛ لأن جهازهم المناعي لم ينمُ ولم يتطور بصورة طبيعية متدرجة تجعلهم قادرين على مقاومة ما حولهم.
إذا أغلقت التلفاز.. فهل ستمنعهم من الحركة في الشارع؟ وإن وفرت لهم سيارة لا تجعلهم يسيرون في الشارع فهل ستمنعين ذهابهم للمدرسة واختلاطهم بزملائهم مع إحساسهم بالعجز عن مواكبة هؤلاء الزملاء في أحاديثهم، ويشعرون أنهم من كوكب آخر غريب، وينتظرون الفرصة من أجل أن يتحرروا ويدخلوا هذا العالم العجيب الذي حرموا منه؟
إن ما تقدمينه من خلال رسالتك هو السماح مع الجلوس والاطلاع على ما يشاهدونه، ثم الحوار والنقاش الهادئ الذكي الذي يسمح لهم فيه بعرض وجهات نظرهم فيما أعجبهم أو لم يعجبهم، خاصة أن أطفالك قد بلغوا السن التي يستطيعون فيها التعبير عن أنفسهم، وقد كان لأحد الأصدقاء تجربة مماثلة حيث لم يشترِ التلفاز إلا بعد أن وصل أطفاله لسن مقاربة لأطفالك لما شعر أن غياب التليفزيون سبب مشكلة لأطفاله، وبدأ الأمر في هدوء وتدرج مع الحوار والنقاش، وكانت النتيجة بعد عدة سنوات من التجربة إيجابية؛ حيث استطاع الأطفال اكتساب القدرة على تحديد ما يشاهدون، وأن ينفذوا ما يشاهدونه ويحددوا فائدته أو ضرره.
ويكون المنع في حالة ما تدركين تماما وجود مناظر خليعة به أو قيم فاسدة، وأيضا يكون ذلك من خلال الحوار والتفاهم، وأن هناك أمورا لا تخضع للتجربة ما دمنا متأكدين من ضررها.
إنه فتح الباب مع الحوار والتفاهم، خاصة أن أطفالك لم يعودوا أطفالا، ولكنهم في بدايات المراهقة؛ حيث إن الأمر يحتاج إلى الصداقة والاقتراب أكثر ما يحتاج إلى الصراع والمنع مع مراعاة ألا يصبح التلفاز هو اهتمامهم الأول، وذلك من خلال وضع خطة موازية لاهتمامات رياضية وثقافية وفنية تجعلهم يتوازنون في علاقتهم بالتلفاز؛ فلا يصبح مصدر الثقافة والمتعة الوحيد بالنسبة لهم؛ الأمر يحتاج إلى تركيز شديد من الآباء والأمهات، فالخطر ليس في التلفاز، ولكن الخطر أن نتركهم وحدهم يخوضون التجربة دون أن تكون هناك تحاور وتفاهم.
لأننا لو تركناهم وحدهم فسيجدون التوجيه عند الأقران بحلوه ومره، وعندها لا نلوم إلا أنفسنا لأننا الذين تقاعسنا عن أداء دورنا.
أعانك الله وساعدك على المهمة التي أنت مقدمة عليها ونحن معك..
ـــــــــــــــــ(104/310)
الحوار لتدعيم حب ابنتك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا أود تقديم بالغ الشكر لكم على إتاحتكم لنا هذه الفرصة لعرض ما نواجهه من مشاكل مع أبنائنا، فجزاكم الله خير الجزاء..
ابنتي 8 سنوات على قدر عالٍ من الذكاء بأنواعه المختلفة ومتفوقة دراسيا -والحمد لله- إلا أن عدم التركيز من سماتها، ويؤدي بها لأخطاء تافهة جدا، بالإضافة إلى ما تتسم به من كسل وعناد شديد، وأشعر أنها -إلى حد ما- ليس لديها ثقة بنفسها رغم أنها تحب أن تكون شخصية قيادية وسط قريناتها إلى جانب ذلك مشاكستها لإخوتها وصوتها المرتفع دائما وآمل في التغيير، ولكني من خلال قراءاتي في مجال التربية علمت أن شخصية الطفل يكتمل نموها عند سن 7 سنوات.. فهل من الصعب تغييرها الآن؟ وكيف؟
سؤال آخر هام جدا هو: ما مدى تأثير تدخل الآخرين في تربية الأبناء خاصة الأهل والأقارب كأن يعاقب العم أو الخال أو أي أحد الابن بالتوبيخ أو الزجر أو الصراخ في وجهه وأحيانا الضرب أيضا؟ فما تأثير ذلك في رأيكم؟
أخيرا أشعر أحيانا بعدم حب ابنتي لي، وحبها الأكثر لوالدها رغم انشغاله عنهم مع ذكر أنني وبكل أسف أنهرهم كثيرا وأتعصب عليهم، وأحيانا ألجأ لضربهم فلماذا هذا الإحساس؟ أفيدوني وجزاكم الله خيرا..
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكرك على ثقتك.. ونبدأ بالإجابة على سؤالك الأول الخاص بما قرأته في مجال التربية عن اكتمال شهية الطفل في سن السابعة فنقول إن هذا الكلام لا أساس له من الصحة؛ فشخصية الإنسان تتطور وتنمو بشكل مستمر، ولا يوجد مرحلة يمكن القول عندها: إن الشخصية قد اكتمل نموها، ولم تعد قابلة للتغيير والتطوير؛ لأن هذا الأمر منافٍ لطبيعة البشر... فالله حين بعث الرسل والأنبياء فإنما بعثهم ليغيروا من أفكار وسلوكيات البشر في مختلف الأعمار والأوضاع، ولم يقل أحد إن هؤلاء البشر قد وصلوا إلى مرحلة الاكتمال التي لا يمكن أن يتغيروا عندها.. والمدرسة السلوكية وهي من أكبر المدارس الآن في العلاج النفسي وفي الإرشاد السلوكي تقدم على تغيير سلوك البشر حتى المرَضي منه.
إذن فلا مجال للقول بأن هناك مرحلة أو وقتا لا يمكن تغيير سلوك أي إنسان به فضلا عن كونه طفلا ما زال في مرحلة النمو.
أما عن كيف؟ فإن الأمر يعتمد على تحديد السلوك المطلوب تغييره، ووضع خطة قائمة على تحفيز الطفل، وتشجيعه على اكتساب هذه السلوك بهدوء وتدرج، بشرط أن تكون المشكلة واضحة ومحددة في ذهنك؛ لأننا في بعض الأحيان نتوهم مشاكل غير موجودة في أطفالنا.
فمثلا في رسالتك عندما تصفين طفلتك بعدم الثقة في النفس، ثم تصفينها بأنها تحب أن تكون قيادية وسط زميلاتها.. فكيف يستقيم الأمر؟! أو أنها متفوقة دراسيا، ثم أنها تعاني من عدم التركيز! وهذا أيضا لا يستقيم؛ أي أننا نأخذ نقطة بسيطة ونحولها إلى مشكلة، في حين أن باقي الظواهر تدل على انتفائها؛ فوقوعها في أخطاء بسيطة لا يعني عدم التركيز، ولكنه أمر طبيعي لا بد أن نتقبله من طفلتنا الصغيرة ما دامت متفوقة دراسيا؛ لأنه من الطبيعي أن تخطئ وأيضا المشاكسة لأخواتها يجب أن نضعها في إطارها، فهناك مشاكسة عادية بين جميع الأخوات، وهناك سلوك عدواني، وهكذا تستقيم الأمور بالنسبة لتدخل الآخرين في التربية فنحن لا نفضله؛ لأننا نعتمد أسلوب القواعد في التربية أي النظام المتكامل الذي تضعه الأم والأب، ويطبق على الجميع في جميع الأوقات دون استثناءات؛ وهو ما يضعه الآباء والأمهات نتيجة معرفة بأبنائهم وقدراتهم، وما يؤثر فيهم من أنواع العقاب فنخشى عندما يتدخل الآخرون أن يتدخلوا بصورة غير مدروسة وغير تربوية تفسد ما يقوم به الآباء والأمهات سواء كان هذا التدخل تدليلا أم عقابا، فالأمر سواء.
لذا يجب التنبيه على الآخرين بهدوء بعدم التدخل؛ لأن "لنا طريقنا في التعامل المتفق عليها معهم لذا نرجو ألا تتدخلوا حتى لا تفسدوا الأمر، وإذا رأيتم شيئا فنرجو تنبيهنا ونحن نقوم بالتصرف بالصورة المتفق عليها".
أما بالنسبة لعلاقة الأطفال بأبيهم بصورة عامة والبنات بصورة خاصة فالكثير من الأمهات يتصورن أن الأطفال أكثر ارتباطا بأبيهم رغم انشغاله عنهم، وأنه لا يقوم بالأدوار التي تقوم بها الأم مع الأطفال، وتعتبر الأمهات ذلك تعبيرا عن قلة حب الأطفال لهن.
والحقيقة التي يجب أن تعيها الأمهات أن الأمر ليس متعلقا بالحب من قريب أو بعيد حتى ولو عبر عنه الأطفال بهذه الصورة؛ لأنهم في الحقيقة يستطيعون هذا التعبير منا لأنهم لا يدركون الأمر كما سنشرحه وهو أن الأمر متعلق بصورة أخرى للحب والتعلق بمعنى أن الأم بحكم أنها الأكثر تواجدا مع الأطفال والأكثر صداما معهم بحكم الأحداث اليومية التي تحتاج إلى التوجيه فتصبح العلاقة والحب فيها يظهر في التقارب الشديد والتفاعل الذي يبدو فيه الأطفال، وكأنهم لا يكترثون بأمهاتهم، والحقيقة أنهم يكترثون من خلال الحميمة، في حين أن الأب الغائب يعبر له الأطفال عن حبهم حين يرونه بإظهار التقدير والاحترام واعتباره الملاذ الذي يلجئون إليه عندما يختلفون مع أمهاتهم.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن الآباء قد يكونون أقل انفعالا في ردود أفعالهم، وبالتالي فإن مساحات الخلاف زمنيا ومكانيا ستتقلص فيكون التعبير عن العواطف له مساحة أكبر.
ولذا فإنه من الذكاء من الأم أن تقلص مساحات الاختلاف؛ بمعنى أن الخلاف على المذاكرة (وهي معظم مادة الخلاف) ليس معناه أن ينسحب أثره على كل علاقتي بأطفالي.. فلا بد من وجود أوقات للعب والضحك والتفاهم معهم بعيدا عن لحظات الخلاف وحتى في التعبير عن الخلاف يكون الأسلوب هادئا بمعنى أن يكون التوجيه خاليا من العنف والضرب قدر الإمكان ويتسم بالحوار والمناقشة والتفاهم.
بذلك تجد الأم وأطفالها مساحة للتعبير عن عواطفهم بشكل طبيعي، بعيدا عن التوتر الدائم بسبب استمرار المواجهة واتساعها وعدم أخذ أي هدنة منها.
الخلاصة أن إحساسك بعدم حب ابنتك لك إحساس خاطر وتحتاجين إلى التقليل من المشاحنات والتعصب والنهر لها.
ولا بد من إعطاء مساحة للحوار والتفاهم والتقارب، وستجدين تعبيرا جميلا لعواطفها نحوك بإذن الله.
ـــــــــــــــــ(104/311)
الضرب.. هل يعالج عناد طفلي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله كل خير. عندي ابني (5 سنوات) هو ذكي جدًّا، لكنه عنيد ولحوح ونعيش في ألمانيا وهنا الضرب ممنوع، ومشكلتي أن ابني قد أعلم مدرّسته بأني أضربه وأنا فعلاً أضربه لأني أصل معه إلى طريق مسدود، وأنا تعرضت إلى انهيار عصبي منذ عامين، وأنا عندما أضربه أفقد السيطرة طبعًا راقبت نفسي 3 أسابيع دون ضرب فزاد عناده وزاد عندي وتعصبي.
فأرجو إفادتي؛ لأن ابني انعكست عليه عصبيتي فأصبح مثلي جدًّا، فما الطريقة التي أتبعها معه ليطيعني؟ وأتمنى إعطائي نصائح عامة للتعامل معه؛ لأن أخته تقلده بكل شيء، وجزاكم الله كل خير.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د. مأمون المبيض ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... شكرًا لك أيتها الأخت السائلة، واطمئني فإن هناك حلاًّ لهذه المشكلة، وخاصة أن ابنك لا يزال في الخامسة من عمره، ولكن عليك فهم المشكلة واستيعاب طريقة الحل، ومن ثَم تطبيقها بالشكل المناسب والمطلوب.
لا أنصحك باستعمال الضرب؛ لأنه لن يحقق لك شيئًا مفيدًا في تربية هذا الطفل، ويمكنك أن تحسني تربيته بالشكل المناسب من غير اللجوء إلى الضرب.
هناك شيء من الصراع على السلطة بينك وبين ولدك، نعم ولا تستغربي من هذا. فهو يريد أن يعرف هل كلمته أم كلمتك هي التي ستسير في البيت. أكيد أنه لا يحاول نفس الشيء في مدرسته؛ لأنه يعلم علم اليقين أن المعلمة هي صاحبة الكلمة في المدرسة، وربما هو ليس على نفس الثقة معك في البيت.
وربما لما وصفت من انهيار عصبي أصبت منذ عامين، قد أضعف شيئًا من ثقتك بنفسك أمام التعامل مع المشكلات ومنها مشكلات سلوك طفلك هذا، وهو يعرف هذا ويشعر به، ولا يصدر هذا عن سوء في شخصيته، ولكن الله تعالى وضع فيه آلية استمراره في الحياة، وهي إن ضعف أمامه الشخص الذي من المفروض فيه رعايته فإنه في هذه الحال يحاول أن يمتلك بيده زمام أموره وحياته من أجل الحفاظ على نفسه.
حاولي اتباع الخطوات التالية:
- حاولي أن تضعي حدودًا وضوابط داخل البيت، مثلاً أن وقت نوم هذا الطفل الساعة الثامنة مثلاً (وهذا هو الأمر المتبع في كثير من بيوت الألمان حيث تقيمون).
- أخبريه بأنه من الآن فصاعدًا عليه أن يستعد للنوم ليكون في سريره مع الساعة الثامنة.
- يجب أن تتفقي وزوجك على هذا.
- يجب أن يشعر الطفل (وكذلك بقية الأطفال) بأن قاعدة وقت النوم هذه قد وضعت لتطبق من دون تهاون، إلا ربما في عطلة نهاية الأسبوع أو العطل المدرسية.
- كلما غادر الطفل سريره بعد وضعه فيه فما عليك إلا إعادته لسريره ليتأكد من عزمك على تنفيذ الأمر، بحزم ولكن من دون عنف، وإنما بكثير من المحبة والحنان، ولكن لا مساومة على تنفيذ القاعدة.
- استمري بتطبيق الأمر حتى ينضبط الطفل ويصبح الأمر عند عادة، وسيحصل هذا فلا تقلقي أو تشكي بهذا أبدًا فصبرًا.
- لا تبدئي بتطبيق كل هذا حتى تكوني مستعدة وقادرة على تطبيقه للآخر، فإذا كنت تعبة الآن فأخري الأمر حتى تكوني وزوجك في حالة راحة واستعداد للتطبيق؛ لأنه قد يكون صعبًا في البداية؛ لأن الطفل لم يعتد مثل هذا الحزم منك.
- بعد انضباط الطفل في موضوع النوم هذا ستلاحظين تغيرًا كبيرًا في موقفه منك، حيث سيبدأ يشعر بأنك أنت، الأم، سيدة البيت وصاحبة الكلمة، كما يشعر أمام المعلمة في المدرسة.
- حاولي أن تلتزمي بنفس الحزم في الأمور الأخرى التي تريدينها من طفلك طالما أنك تعلمين بأن الأمر لمصلحته وسلامته.
- تمسكي برأيك ولا تترددي ولا تتراجعي أو تستسلمي لطلباته التي لا توافقين عليها.
- أعطه الكثير من الانتباه والرعاية عندما ينفذ ويطبق ما هو مطلوب منه، أي عندما يكون سلوكه حسنًا.
- طبقي نفس الأمر مع بقية الأطفال، وبالتعاون بينك وبين زوجك.
واستعيني أيضًا بكتاب عملي لتربية الأطفال، حيث تجدين تفصيلات كثيرة ككتابي "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" د. مأمون مبيض. وهو متوفر عندكم في مكتبة بلال في مدينة آخن الألمانية.
ـــــــــــــــــ(104/312)
خطوات لعلاج الغيرة الأخوية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه للمسلمين من خدمات..
أنا متزوجة وعندي ابنة تبلغ من العمر سنتين، ومنذ شهرين رزقت بطفلي الثاني والحمد لله..
في البداية كانت ابنتي تظن أن أخاها لعبة، وبعد فترة لاحظت أنها أصبحت عصبية وتصرخ على كل شيء وتبكي ولا تريدني أن أحمله، وعندما يبكي تبكي هي أيضا.. والكثير.
أعلم أنه أمر طبيعي، ولكن أريد معرفة كيفية التعامل معها؟ وهل يجب أن أتوقف عن أن أعودها على الحمام الآن؛ ففي البداية كانت تسمع كلامي وتدخل معي الحمام ثم أصبحت ترفض. أفيدوني وجزاكم الله خيرا، أنا أريد أن أتعامل معها بما لا يؤثر على نفسيتها.
ملحوظة: هي الآن في الحضانة، فقط ثلاثة أيام في الأسبوع..
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أهلا بك ومرحبا -سيدتي- على صفحة "معا نربي أبناءنا" أسعدتني رسالتك لسببين:
أولهما: حرصك على تنشئة أبنائك تنشئة تربوية سليمة.
وثانيهما: أنك أدركت مبكرا أنه لا بد من علاج أمر الغيرة عند ابنتك قبل أن يتفاقم الأمر. فتعالي لنضع سويا القواعد الأساسية التي تجعل أمر الغيرة يمر بسلام على ولديك جميعا.
ولنبدأ أولا بالتعرف على الغيرة وأعراضها وأسبابها:
لا بد أن نعي تماما -كما ذكرت برسالتك سيدتي- أن الغيرة أمر طبيعي عند الأطفال، وهي مزيج بين عدة انفعالات، مثل القلق والخوف والغضب؛ فهي قلق وخوف من فقد المكانة التي كان يتمتع بها قبل ظهور الضيف الجديد الذي سحب عرشه من تحته، وغضب لأنه يشعر بالفعل أن من حوله يركزون اهتمامهم على هذا الصغير دون أن يدركوا أو يقصدوا أحيانا وبحكم عدم قدرة الصغير على تولي أمره في كل صغيرة و كبيرة.
وتظهر الغيرة في شكل سلوكيات مختلفة منها التبول اللاإرادي، أو مص الأصابع، أو قضم الأظافر، أو الرغبة في شد الانتباه وجلب العطف بشتى الطرق، أو الغضب والحدة والصراخ والعدوان أحيانا.
ومن أسباب الغيرة:
ضعف الثقة بالنفس: نتيجة إحساس الطفل بالنقص في شيء ما، أو تأخر طفل على آخر في التحصيل الدراسي، أو ولادة طفل جديد، أو تمييز في المعاملة بينه وبين غيره من إخوته، أو المقارنة بينه وبين أترابه..
أما كيف نتعامل مع الغيرة؟ فمن خلال قواعد تعديل السلوك التالية:
1. التخلص من التعزيز المصاحب لسلوك الغيرة:
أحيانا ودون أن ندري نعزز السلوك الذي نشكو منه من أطفالنا، وهذا التعزيز يبدو في التركيز على هذا السلوك؛ ولذا فعليك سيدتي ألا تنتقدي تصرف طفلتك؛ فعندما تبكي أو تصرخ لا تظهري تأففا أو ضيقا من هذا التصرف، ولا تُرددي على مسامع ابنتك أنها أصبحت لا تطاق من كثرة صراخها، أو تذكري هذه الصفة (صفة الغيرة) لأحد أمامها، ولا تقولي لها على سبيل المثال عندما ترغب في حملها كأخيها الصغير: "هل عدت طفلة صغيرة"، أو" فيه حد كبير يعمل كده؟"، بل تجاهلي الأمر، ولا تعلقي على صراخها، ولكن في الوقت نفسه أعلميها أنك لا تستطيعين سماع ما تقول أثناء صراخها؛ ولذا عليها أن تكف عن البكاء أو الصراخ حتى تفهمي على الأقل ما تقول أو حتى يتم التفاهم على ما ترغب، واتركيها حتى تهدأ دون تعليق آخر أو "محايلة".
2. تعديل البيئة للتقليل من سلوك الغيرة:
تجنبي وضع الابنة في مواقف تكون الغيرة هي الاستجابة الطبيعية؛ فعلى سبيل المثال:
• لا تمتدحي الصغير (أنت وزوجك) بشكل مبالغ فيه أو أن تركزا على كل حركاته.
• تجنبي عدم العدل في الحب والحنان وشراء الهدايا.
• لا تقارني بين ابنيك في سلوكهما.
3. تعزيز السلوك الجيد باستمرار:
أوجدي المواقف التي تسمح بتكرار سلوك عدم الغيرة مع تعزيز كل استجابة:
• اطلبي من الابنة أن تنتبه وترعى أخاها الصغير حتى تعدي له وجبته، ويكون ذلك تحت إشرافك، وعندما تنفذ ما طلبت اشكريها على معاونتها لك.
• احمليها في بعض الأوقات دون أن تطلب هي، واحتضنيها من آن لآخر.
• امتدحي كونها كبرت واستطاعت أن تقوم ببعض الأمور بنفسها، وأوضحي لها مزايا أن يعتمد الإنسان على نفسه بشكل أكبر، ولا يعني ذلك أن نذم الصغير لكونه صغيرا ولا يستطيع فعل شيء بمفرده؛ فهذا أيضا خطأ أرجو ألا تقعي فيه.
• اشتركا في مداعبة وملاعبة الطفل الصغير سويا.
• خصصي وقتا للعب مع الابنة في أثناء وجود الطفل الصغير بجواركما ولا تنتظري حتى ينام الصغير مثلا؛ لأن ذلك تعزيز لشعور الطفلة بأنكما منسجمتان بدونه، وعند لعبكما لعبة فيها مكسب وخسارة لا بد أن تتبادلا النصر والهزيمة.
• عند عودتها من الحضانة أظهري لها مدى شوقك وافتقادك لها، واصنعا معا بعض الوجبات الخفيفة.
• لا بد أن تتنزهوا جميعا وتظهري مدى سعادتك بأبنائك وبحياتك، وأن تضفي هذه السعادة على الجو العام لحياتكم بأسرها.
• للقصة أهمية كبيرة في حياة الطفل؛ فيمكنك الاستعانة ببعض القصص المسلية الهادفة، وأن يكون من بينها قصص عن أهمية الأخوة في حياتنا.
• عليك بالصبر عليها أثناء تدريبها على عملية الإخراج في هذه الفترة، وإن أبت إباء شديدا هذه العملية فيمكن التوقف عن التدريب لفترة (يمكن أن تمتد لشهر أو شهر ونصف) حتى تهدأ وتتحسن نسبيا ثم عاودي التدريب مرة أخرى (يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات على هذه الصفحة تناولت كيفية التدريب على عملية الإخراج سأحيلك إليها في نهاية الاستشارة).
وكلما أظهرت الطفلة استجابة مرجوة من عدم الغيرة بعد كل موقف من المواقف السابقة فعليك بتعزيزها فورا بالتقبيل أو الاحتضان أو بشراء هدية رمزية دون إفراط.
4. تعزيز السلوك الجيد بشكل عشوائي:
عندما يتكرر سلوك عدم الغيرة بشكل مطلوب فيعزز بطريقة عشوائية أي ليس في كل موقف يظهر فيه عدم غيرة الطفلة بل تعزز بعد عدة مواقف، وذلك لتثبيت السلوك الجيد بها.
- وأخيرا أدعو الله أن يعينك ويوفقك، كما أرجو مزيدا من المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/313)
التدريب لعلاج نطق الحروف ... العنوان
يبلغ طفلي محمد ثلاث سنوات وخمسة شهور. طفل جميل وحبّوب ومدلل من جميع الأهل والأقارب، ولكنه سريع الانفعال والعصبية ودائم الحركة، ومن الصعوبة التفاهم معه في حال غضبه؛ لأنه عنيد ويبكي، وهو ذكي ما شاء الله لا قوة إلا بالله وسريع البديهة.
السؤال الأول: حتى الآن محمد لا يستطيع النطق إلا حرفًًا بشكل صحيح، مع العلم أنه لا يعاني من أي مشاكل صحية ونموه سليم.
السؤال الثاني: في الآونة الأخيرة أصبح يركز على عضوه التناسلي ويقوم بخلع البنطال أو الشورت أمام أخته ذات الخمس السنوات والنصف أو أمام إخوته الأكبر ما عدا أخته الكبيرة التي لا يحب أن يتصرف أي تصرف أمامها؛ لأنه يخافها ويحبها، في الوقت ذاته نسيت أن أذكر لكم أنه عندما وعى لجسمه أول ما لفت انتباهه هي السرة، وكان يسألني لما هي موجودة وما فائدتها، وقد تضايق لفترة منها؛ لأنه يحسب أنه الوحيد الذي به سرة حتى أفهمته أن السرة توجد بكل إنسان، وقال حتى أنت يا ماما قلت نعم، وبابا؟ قلت نعم، والآن يسألني: كل الناس بهم سرة؟؟
أرجو أن تفيدوني وتنصحوني كيف أتعامل مع طفلي الجميل محمد، وأيضًا نسيت أن أذكر لكم أنه اجتماعي لا يخشى الغرباء هناك الكثير ممن يتكلم معهم يقولون نحن لا نستطيع أن نفهم ما تقوله يا محمد، فأخشى أن يؤثر ذلك على نفسيته.
وسامحوني على الإطالة، ولكن أحببت أن تكون الصورة واضحة، وجزاكم الله كل الخير على نصحكم وتوجهكم النبيل في إسلام أون لاين، ومساعدتنا نحن الآباء والأمهات في تربية أبنائنا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بطفلك الجميل المحبوب ونطمئنك عليه، فبالنسبة لنطق الحروف بشكل صحيح في هذه السن فإن الأمر يحتاج منك تدريبه بهدوء ودون تعنيف أو زجر على النطق الصحيح لها، مع الوضع في الاعتبار أن هناك مدى زمنيًّا سيتحسن خلاله نطقه للحروف تدريجيًّا مع النضج الطبيعي لمركز النطق بالمخ، ونحن لا نتحدث عن مشاكل النطق قبل سن السادسة، حيث لو استمرت المشكلة لأصبح الأمر مستدعيًا العرض على اختصاصي التخاطب لبيان سببها، أما قبل ذلك فإننا نعتبر أنفسنا في المجال العادي الذي ينمو خلاله النطق مع مراعاة الاختلافات الشخصية بين الأطفال.
بمعنى ألا يقارن بمن هو في مثل سنه وخاصة من البنات؛ لأن هذا الاختلاف الشخصي قد يصل مداه إلى ستة شهور أقل أو أكثر، أي أننا نتحدث في اختلاف زمني في حدود العام يكون فيه الاختلاف مقبولاً بين الأطفال. أما بالنسبة لرد فعل الناس على كلامه معهم فالحل أن تفهمي الناس بهدوء أنه ما زال في مرحلة نموه الكلامي، وأنهم يجب أن يراعوا ذلك، وأنهم بدلا من إبداء عدم الفهم عليهم تشجيعه ومساعدته في توصيل ما يريد كتدريب له على النطق السليم بدلا من الاكتفاء بإعلامه أنهم لا يفهمونه، فماذا يطلبون من الطفل الصغير إن فعل إزاء هذا النقد منهم؟
بالنسبة لاهتمامه بعضوه التناسلي في هذه السن فهو نوع من الاستكشاف العادي الذي ليس له دلالة أكثر من الاستكشاف، أي أنه بلمسِه باستمرار على اعتبار ذلك عادة سيئة وليس على أي اعتبار آخر، وأيضًا بالنسبة لخلعه الشورت أمام أخته ينبه عليه على أساس كونه سلوكًا لا يليق؛ لأنه ربما يفعله لمجرد جذب الانتباه أو كنوع من اللعب فيحفز على ترك ذلك الأمر، وعند خلع ملابسه أمام أحد يعاقب بالإبعاد أو الخصام إذا تكرر ذلك السلوك بهدوء ودون عنف؛ لأن الأمر لا يتعدى سلوكًا سيئًا نريد تقويمه.
ـــــــــــــــــ(104/314)
الهدوء الأسري لعلاج عصبية ابنك ... العنوان
مشكلتي خاصة بطفلي الذي أعاني بشدة من عصبيته الزائدة وذلك منذ حوالي العامين، أي منذ حملي بشقيقته، وعلى الرغم من اهتمامي الشديد به فإنه دائم العصبية والصوت العالي عند حدوث أي شيء لا يعجبه، كما أنني أشعر بأنه دائما غضبان ولا يشعر بالفرح عند تحقيق أي مطلب له، بل إنه يزيد في طلباته بشكل غريب.
طفلي في السنة الأولى بالمدرسة وتقييمه جاء جيدا جدا في نصف العام وله أصدقاء بالمدرسة، إلا أن مدرِّساته يشتكين من ثرثرته الدائمة. أنا أحاول مساعدته في تجنب العصبية، ومنعته من بعض أفلام الكرتون العنيفة التي تزيد الأمر معه، مع العلم أن والده شديد العصبية لأتفه الأسباب؛ فهل حالة ابني وراثية؟ كما أنه أخذ عني البطء الشديد في أداء واجباته وأكله وكافة أفعاله.
أشعر بالخوف على طفلي، ولا أريده أن ينهج نهج والده الذي يحاول أن يكف عن عصبيته أمامه، ولكنني ألاحظ أن الطفل يأتي بأفعال مماثلة لأفعال والده على الرغم من عدم مشاهدته لوالده في نفس المواقف، كأن يقذف بالأشياء حال نرفذته، علما بأن طفلي يعشق الرسم والتلوين، وأنا أحاول تنمية هذا الجانب فيه. بارك الله فيكم ووفقكم.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الاستاذة سها السمان مستشارة معا نربي ابناءنا:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأخت الفاضلة، أشكرك على ثقتك بنا وإشراكنا كإخوة لك في حياتك، وندعو الله أن يوفقنا في مساعدتك.
دعيني أختي قبل أن أبدأ في التحدث عن ابنك الغالي أن أتحدث معك ومع باقي القراء عن حياتنا وبيوتنا، قد تستغربين ولماذا التحدث عن حياتنا وأنت ترسلين في السؤال عن عصبية ابنك، ولكن هنا أهم جزء في مساعدتنا على فهم كيفية تنشئة أطفالنا.
فكما فهمت أن زوجك شديد العصبية وأن الأطفال بعض الوقت يرونه وهو متعصب؛ فدعيني أسألك وأجيب لك في نفس الوقت لماذا يصل بينكما حد النقاش في البيت إلى العصبية وأمام الأطفال؟
لأن الشيطان هيأ لنا أقل الأسباب والتي تكاد ألا يكون لها مكان من النقاش إلى أشياء تتوقف عليها حياة أسرة كاملة، منها مثلا كرامتي التي تهان وهي أبدا لم تهن إذا فكرنا أن نتجنب المشاكل ونفهم أن الرجل لا يريد أن تقف زوجته في وجهه وكأنها رجل مثله، والآخر مثلا أنه يريد أن يلغي وجودي وكأني جزء من المفروشات التي أتى بها للزواج، هذا ليس صحيحا؛ فأنت ملكة هذا البيت، وقد جهزه لك زوجك حتى تسعدي بوجودك فيه وتسعديه أيضا بذلك.
وأشياء كثيرة من المشاكل التي إذا فكرنا فيها بعد حدوثها فسنجد أنها لا تساوي كل هذا النكد، وأن كل امرأة أعطاها الله الصبر الوفير والذي يقل عند الرجال.
والشيء الآخر دعينا نفكر كم يتعب الرجل في عمله ولم أنكر عمل المرأة ومجهودها والذي يضاعف عمل الرجل، ولكن هل سألنا أنفسنا من الذي عليه تحمل مسئولية الإنفاق على هذا البيت؛ الزوجة أم الزوج؟ نعم هنا نقف ونقول إنه الزوج الذي يفكر دائما في عمله وفي بيته وفي أسرته، وكل هذا يضع ضغوطا هائلة عليه، وينتظر من زوجته التي يفكر فيها طوال الوقت ابتسامة رضا بعد أن يعود إلى البيت ويستريح.
فعلينا أن نحاول إرضاء الزوج، ولا تعتقد الزوجة أن هذا ينقص من شأنها أو يقلل من كرامتها أو أننا نجور عليها، ولكن هي راحة البيت والسعادة وعدم جعل الشيطان الفائز الوحيد، ومنها يأتي أهم جزء في حل مشكلة ابنك، ومن ناحية أخرى فأنا أطلب من الأب أن يتماسك أمام أولاده وعدم إظهار العصبية حتى يساعد الأم في تربية أولادهما.
ومن الجانب الإيماني في العلاج أن تنصحي طفلك أو زوجك -ولكن بعد أن تنتهي نوبة الغضب- أنه عندما يشعر بالغضب أو العصبية يتوجه للوضوء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع) رواه أحمد وأبو داود. (الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَإِنَّ الشَّيْطانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وإنَّمَا تُطْفأُ النَّارُ بالمَاءِ، فإذَا غَضِبَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأ).
أما بالنسبة إلى عصبية الأطفال فلا أستطيع القول: إن الطفل يولد عصبيا أو هادئا، ولكن هناك عوامل تساعد الطفل أن يكون عصبيا أو هادئا، منها:
- النقاش العائلي والذي تحدثنا عنه أعلى.
- الطعام: هناك بعض أنواع الطعام التي تساعد الطفل أن يكون عصبيا جدا، وهي الحلويات والشيكولاته والسكر إذا أكثر من تناولها، وبعض من الأهالي يعطون الأطفال قليلا من الشاي حتى يساعدهم على التنبيه وهذا معتقد خاطئ بالطبع.
- الألعاب: بعض الألعاب التي يصدر منها صوت عال وكثيرة الحركة تجعل الطفل متوترا طوال الوقت.
- تنظيم الوقت: أن تجعلي وقتا محددا لكل شيء، مثلا للأكل نصف ساعة، إن لم ينته فخذي الطعام ولا تعطيه شيئا حتى ميعاد الوجبة الأخرى، والدراسة إن لم ينته من عمل الواجبات المطلوبة منه يعاقب بحرمانه من وقت اللعب ومضاعفة الواجب له.
- تحديد وقت النوم: من المهم والضروري أن يتعود الطفل على وقت محدد للنوم ويكون على الأكثر الساعة الثامنة، حتى وإن جلس مستيقظا بعض الوقت في سريره، وقد يتطلب هذا الأمر بعض المجهود في الأول حتى يتعود الطفل عليه.
- تنفيذ طلبات الطفل: كثير منا يعتقد أن الحنان والعطف على أطفالنا هو تنفيذ الطلبات لهم وإحضار كافة الأشياء وكل ما يشيرون إليه.
- التدليل الزائد من بعض أفراد الأسرة وخاصة الأجداد.
وإليك بعض من النصائح والتي أتمنى أن تفيدك:
- اختيار الأكل الصحي له (الإكثار من تناول الفاكهة والخضراوات والتقليل من تناول الحلويات بكافة أنواعها).
وأن تجعليه متشوقا لهذا الطعام بأن تقطعيه في طبق وأن تصنعي له شجرة وأوراقا عليها اسمه، وعند أكله من الفواكه عليه أن يأخذ ورقة ويضعها على الشجرة، وفي النهاية يقوم بعدِّ الأوراق وتكافئيه عليها، ومنها أيضا أنها وسيلة تعليمية يتعلم منها الأعداد والأرقام والألوان وأنواع الفاكهة وأشياء كثيرة.
- اعملي على شغل وقت ابنك بالأنشطة المفيدة، منها ابتكاره للأشياء الفنية وقراءة القصص.
- أن يتعود على مشاركة الألعاب مع باقي الأطفال، وإن لم يوفق تؤخذ منه اللعبة وتعطى للطفل الآخر.
- الاتفاق على طريقة واحدة للتعامل مع الطفل، مثلا إذا عوقب من ناحية الأب فيحترم أنه معاقب ولا يسمح له بشيء حتى يقول له والده، وعدم النقاش في شيء يخصه أمامه بل الاتفاق الدائم وبعد ذهابه يمكن أن تتناقشا.
وفي النهاية تذكري أختي العزيزة أن العقاب يكون بوضعه في السرير أو حرمانه من شيء يحبه أو ضربه ضربا خفيفا وليس مبرحا، ولا يكون أمام أحد، بل تأخذيه في حجرة أخرى وتتكلمي معه أنه فعل خطأ وأنه سيعاقب.
وفي النهاية أدعو من الله أن يوفقك إلى ما فيه الخير، وأن يجعل من أولادك ذرية صالحة، ونحن على استعداد للرد على استفساراتك.
ـــــــــــــــــ(104/315)
الاتفاق على إدارة الاختلاف! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعتذر سلفًا عن كون استشارتي هذه مركبة ومتشعبة، ولكني سأحاول بقدر المستطاع ذكر ما يلزم ذكره حتى أختصر الوقت وأوفر جهدكم المبارك.
الجزء الأول من استشارتي متعلق بابني عبد الرحمن البالغ من العمر أربع سنوات ونصفا وعلاقته مع والده، حيث يعامله والده بشدة وغلظة فلا يكاد يسمع من والده إلا الزجر والأمر وبلهجة قوية جافة خالية من الترغيب والترهيب والثناء إلا فيما ندر (مع أن هذا مخالف لشخصية والده وهدوئه وتعامله اللطيف مع الجميع دون استثناء) هذا إذا لم تصل لحد القرص وهي العقوبة البدنية المستخدمة غالبًا من قبل والده، حيث يزعم أنها خير من الضرب مع أن عبد الرحمن طفل نبيه ومتفهم ومحاور جيد ما شاء الله، وقد سبق أن أرسلت لكم استشارة سابقة بشأنه أظنها إن لم أكن مخطئة بعنوان (الطفل الأول: عدواني.. كثير الحركة.. مكتشف!!
)، وهو الآن بفضل الله تعالى تخلص بدرجة كاملة تقريبًا من عدوانيته السابقة، ولكنه ما يزال كثير الحركة، ولكن بحدود طبيعية، كما أنه والحمد لله سريع الاستجابة خاصة إذا ما حاولت أن أصحح سلوكه بلطف ولين أو من خلال قصة وما إلى ذلك.
وإن كانت معلمته تشكو من أنه أحيانًا يقوم بدفع أصدقائه في الطابور ولا أعرف ما الذي يدفعه لذلك، ولكني أعاني من شدة والده معه فهو حتى في أوقات الصفاء والمداعبة يعمد إلى استفزازه بسحب لعبته من يده أو معاندته، كأن يطلب صنفا معينا من الطعام فيقول لا بل تأكل كذا، مما يجعله يثور ويغضب، فإذا ما نبهت والده لذلك أجابني ببرود: وما الذي يغضبه.
بل حتى إذا ما أراد تقبيله منعه من ذلك على سبيل المزاح مما يثير غضب الصغير.. وعندما أناقشه في كل ذلك إما أن يصمت وإما أن يقول لم تضرنا القسوة والضرب من قبل أهالينا، فلا أصل معه إلى نتيجة فكيف يمكنني حل هذه المشكلة التي أخشى أن تؤثر على طفلي؟ بل إن آثارها ظهرت من خلال تعامله مع أخيه الأصغر (سنة وثلاثة أشهر) فعلى الرغم من أني ألمس حبه له وابتهاجه به وانسجامه معه -ما شاء الله - رغم فارق السن إلا أنه يستمتع بمشاكسته فإذا رآه منهمكًا في اللعب اختطف منه لعبته أو وضع ساقه أمامه حتى يسقطه أرضًا أو منعه من المرور من جهة يريد المرور من خلالها مما يجعل الصغير دائم الصراخ والبكاء، فما يفعل الوالد مع الأكبر أصبح يقوم به الأكبر مع الأصغر.
فكيف أتصرف في مثل هذه الحالة؟ وإلى أي مرحلة يمكنني تركهم دون تدخل خاصة أني أحيانًا قد أثور وأعمد لضربه بسبب ما يفعله بأخيه؟ وهل يمكنني أن أقوم بعملية التربية ووالدهم يختلف معي في كثير من المبادئ والأسس التربوية؟. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا داعي للاعتذار فهذا هو شأن التربية بمفرداتها التي لا يمكن فصل أي منها عن الآخر.. وهو ما يجعل تعاملنا مع الأمور التربوية فيها نوع من الصعوبة على هذه الصفحة فدائمًا ما تبقى هناك تفصيلات لا يتسع المقام لذكرها. ولذا أختار أن أبين للسائل خريطة مشكلته بتشعبها ومفرداته؛ مع الإحالة لبعض الجزئيات التي استفضنا فيها من قبل، وتبقى نقاط أفصل فيها في الاستشارة التي بين يدي. فاقبلي مني ذلك وأرجو الله عز وجل أن يجعل فيه بعض النفع.
ولذا ستكون محاور استشارتنا كالآتي:
- تصرفات عنيفة نسبيًّا من عبد الرحمن مع الزملاء وأخيه الصغير. ونحتاج في هذا الصدد:
• تنمية التعاطف وفهم المشاعر والتعبير والتواصل السليم.
• تنمية بعض المهارات الاجتماعية وتعليم الطفل طرقًا بديلة للتعامل وحل مشكلاته.
أرجو أن تطالعي:
6 أنشطة لتنمية الذكاء الاجتماعي
اكتشاف الذات.. يبدأ منذ الصغر
مهارات حل المشكلات حتى 6 سنوات-
أول إيجابية الأطفال.. تعاطف
ضعف الشخصية والغيرة الأخوية!
التعاطف: وعيا بالذات والآخرين!!
بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات
- معاملة الوالد لعبد الرحمن معاملة قوية جافة.
- وإدارة الاختلاف في طرق التربية بينك وبين والدهم.
وكثيرًا ما تأتينا الرسائل بالسؤال والجواب معًا، فقد ذكرت أسباب حالة طفلك سواء مع أخيه أو مع زملاء الدراسة: التعامل العنيف معه، عدم تعليمه مهارات اجتماعية كافية سواء في البيت أو المدرسة.
ودعينا أولاً نفكر معًا كيف نتصرف مع الوالد لنقنعه بخطأ هذا التعامل:
ما هي مرجعية الأب؟ من أي الأبواب يمكننا أن ننفذ له: باب الدين، أم أنه يمتثل أكثر لرأي العلم أو غيره.. أيًّا كان: لمن يسمع؟ أعني من يمكن أن يكون الجسر بيننا وبينه سواء كان خطابنا دينيًّا أو علميًّا؟.
أحسب أن الجسر الوحيد بيننا وبينه هو أنت شخصيًّا. ولذا أول الدعوة إلى الحق: حب، فماذا عن الحب بينك وبينه؟ ماذا عن علاقتكما؟ هل هي مستقرة؟ هل تتفقان عامة في أمور حياتكما خارج مساحة التربية أم أن الاختلاف غالب على شئون حياتكما؟ وكيف تتعاملان مع هذا الاختلاف؟.
دعيني أرد على سؤالك الأخير في الرسالة: هل يمكن أن أقوم بالعملية التربوية ووالدهم يختلف معي في كثير من الأمور التربوية؟.
أجيبك نعم بكل تأكيد يمكن؛ فيرى بعض الباحثين في اختلاف أنماط الوالدية أن هذا الاختلاف لو أدير بطرق سليمة يكون ذا نفع كبير للطفل من أكثر من ناحية:
كرؤيته ومعايشته لنمطين مختلفين، بما يمهد له قبول الاختلاف أصلاً. وكذلك يثري خبرته في التعامل مع أشخاص مختلفين عنه.
النقطة التالية هي خبرته بطرق للاتفاق حول الاختلافات. فهو يرى الأب والأم وكيفية تفاوضهما على نقاط يختلفان فيها، أو يرى كيف يتنازل أي من الطرفين لحساب الآخر، وكيف يتبادلان هذا التنازل تباعًا، فيرى علاقة صحية تحقق مكسبًا للجميع.
أيضًا يرى الطفل كيفية الاحتكام في حالات الاختلاف لمرجعية معينة.. يتعلم عن طريق ذلك مهارات التفاوض وحل المشكلات.
إذن حبيبتي..
ليس المهم الاختلاف إنما الأهم هو الاتفاق على طرق للتعامل مع الاختلاف.
ليس هناك والدان على وجه الأرض متماثلين، فكل منهما حتمًا نما في بيئة تختلف عن الآخر وتكونت معتقداته واتجاهاته بطرق غير الآخر. ومع أنه لا يوجد والدان متماثلان فإن هناك والدين يديران الاختلاف بينهما بطرق سلمية لا تؤثر سلبيًّا على أطفالهم ولا على علاقتهما معًا.. هناك والدان يتفقان على أدوار لكل منهما في إطار التربية فيكون في بعض الأمور رأي الأم هو المقرر ورأي الأب رأيًا استشاريًّا غير ملزم، وفي بعض الأمور الأخرى يصبح رأي الأب هو المقرر ورأي الأم استشاريًّا غير ملزم..
وربما اتفق كل من الوالدين على طرق يتعاملان بها وقت الاختلاف.. كالاحتكام لطرف ثالث، أو مرجعية سواء دينية أو علمية، أو مناقشة التفاصيل بمزاياها وعيوبها معًا واتخاذ قرار وفق الأولويات المشتركة بينهما.
المشكلة أن أكثر المناطق تعتيمًا ولا يتناولها حوارنا مع الطرف الآخر وشريك الحياة: ماذا نفعل إن اختلفت آراؤنا؟ في أي الأمور سنلتزم برأي الأب وفي أيها سنلتزم برأي الأم؟.
ولذا أرجو منك حبيبتي أن تعودي لزوجك لبناء الدفء في علاقتكما، وبناء علاقة متينة متشبعة بالثقة والحب. هذا هو أصل التعامل بين الأزواج.. ابني العلاقة التي تسمح لكما بالتشاور والتفاوض والاتفاق على الاختلاف.. ومن سيكون مرجعكما الذي تعودان إليه إن اختلفتما لطلب المشورة وطلب الرأي السديد.
اقبلا أن تختلفا في الرأي والمزاج والتفكير والتوقعات، ولكن كوّنا علاقة تسمح بأن تتقاربا بدلاً من أن تتنافرا..
اقبلا الاختلاف؛ لأنه أصل الحياة.. هذه نقطة في غاية الأهمية: كثيرًا منا حقًّا لا يتصور أنه يختلف عن شريك الحياة وهذا التصور الخاطئ والتوقع الخاطئ لضرورة التماثل أحيانًا كثيرة تبنى عليه أخطاء في العلاقة، فيتصور البعض أن الاختلاف معناه لا حب، أو لا تفاهم.
الاتفاق ينمو بين المختلفين أيضًا إذا قبلا هذا الاختلاف وكانوا صرحاء بشأنه، بشأن المترتب عليه من تبعات في السلوك والتصرف وطريقة الحياة.
الاختلاف ممكن أن يحمل ثراء كبيرًا للعلاقة بدلاً من التماثل الممل.
الاختلاف لا يفضي إلى خلاف إلا إذا تشبث كل منا برأيه بديلاً عن تشبثه بالحق.
الاختلاف يصبح خلافًا إذا احتكم كل منا لهواه بدلاً من احتكامه لمرجعية ثابتة ملزمة للجميع.
نعود لزوجك فإذا ما كانت لديه قناعات خاطئة في التربية، كيف يمكننا أن نوصل له قناعات جديدة. كيف نقنعه بصحة هذه القناعات كرأي ديني وعلمي ليس كرأي شخصي؟.
أول الطريق بناء العلاقة بينك وبينه.
اغتنمي كل فرصة، بل اصنعي الفرص للتقارب بينك وبين زوجك، خاصة وأنا ألمح من حديثك عنه أنه خلوق طيب العشرة؛ إذن المسألة تبقى في حيز القناعات الخاطئة بطرق تربية الولد، وكذلك نمط التربية الذي غالبًا ما توارثه ويحتاج جهدًا للتخلص منه.
بعد هذا التقارب ابني الثقة بينك وبينه.. لا تحاولي فرض رأيك، بل حاولي أن تعرضي كل الآراء في هذا الأمر واسألي: ترى كيف نعرف أن أيًّا من هذه الآراء هو الصائب؟.
اسأليه: من نسأل حتى نعرف الصواب.
حاولي عمليًّا إثبات أنك لا ترغبين في فرض رأيك، بل كل الآراء مطروحة للمناقشة بمزاياها وعيوبها، والاحتكام لمرجعية يثق بها كل منكما، والرأي الأخير لا بد من أن يصب في هدفكما المشترك وهو غالبًا تربية الأولاد تربية صحيحة.
النقطة التالية هي البحث معًا عن طرق مختلفة للتعامل مع الطفل، فغالبًا ما يركن كل منا لنمط التربية الذي اعتاده ولا يعرف غيره، فحين تلحّ المشكلة لا يظهر لدينا على السطح إلا النمط المتوارث في التربية والتواصل. ذلك النمط الذي عايناه من تجاربنا السابقة مع المحيطين بنا، واعلمي أختي أن تغيير هذا النمط واجب على الجميع..
واجب علينا أن نورث أولادنا أنماطًا جديدة أكثر صحة في التواصل، واعلمي حبيبتي أن هذا ليس بالأمر اليسير.. التغيير ممكن ولكن علينا أن نعلم أنه ليس باليسير، وعلينا أن نأخذ بأسباب التغيير لنصل.
اغتنمي فرص أي تقدم من قبل الأب في تعامله مع طفله وأثني عليه ثناء وصفيًّا: "بارك الله لنا فيك، معاملتك لعبد الرحمن فيها كثير من الحنو، أرى ذلك سببًا كبيرًا في هدوئه وسعادته".
"لعبك مع عبد الرحمن نِعْم المثل له للتعامل الهادئ.. نِعْم القدوة".
"يسعدني كثيرًا اقترابك من عبد الرحمن بهذا الحوار اللطيف.. كم يسعده هذا ويسعدني...".
اغتنمي وقتًا يتحقق فيه هذا الذي ذكرت، واضبطي زوجك متلبسًا بما ترغبين، وأثني عليه كما ذكرنا، مع ذكر أثر هذا على مشاعرك ومشاعر الصغير.
تأكدي من أنه يود إسعادكما ورضاكما حتى وإن لم يذكر ذلك. فلم نعتد في ثقافتنا التعبير..
تابعي كيف سينسحب هذا التواصل الطيب على مساحات كثيرة من حياتكما. تذكري قول الله تعالى في كتابه الحكيم: "ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها...".
إنه كلام الله الحق: الكلمة الطيبة تؤتي أُكُلها، وبعض هذا الأُكُل الحياة في سلام مع الآخرين خاصة أقرب الأقربين إلينا، وبناء العلاقة المتينة معهم.
هذا الأكل أوله الحب وآخره إقناع من نحبهم بالحق الذي نريده لهم..
هكذا تقر أعينا بأزواجنا وأولادنا..
ادعي الله للمسلمين جميعًا: "ربَّنا هبْ لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا".
تابعينا بأخبارك ونحن معك والله مع الجميع..
ـــــــــــــــــ(104/316)
رضيعتي ترفض الاستقلال ... العنوان
السلام عليكم، مشكلة ابنتي 7 - 9 شهور تنام معنا حتى الآن في نفس السرير، ولكن خلال اليوم تنام بدون بكاء، والشيء الآخر عندما لا أكون في نفس مكانها بالمنزل تلعب بمفردها ولكنها بمجرد أن تراني تبدأ في البكاء، من فضلك أخبريني ما هي الطريقة المثلى للتغلب على هاتين المشكلتين فهي الآن تريدني طيلة الوقت معها أو أن أحملها؟ وشكرًا على مساعدتكم.
... السؤال
مشكلات شقية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا صديقتي، ومرحبًا بك، واسمحي لي أن أخبرك بشيء حدث عندما طالعت سؤالك فقد عاودت مطالعة العمر مرات بعد قراءة السؤال؛ إذ أوحت لي عبارة "حتى الآن" أنني أخطأت وقرأت شهرًا بدلاً من سنة، وأن عمر ابنتك سبع سنوات.. لكن تأكدت من أنها في شهرها السابع على سطح الأرض وليس عامها السابع؛ وهو ما أشعرني أنك تسعين لتطبيق القواعد المنصوص عليها بدقة -بحكم تجربتك في الأمومة لأول مرة- في مسائل تربية الأطفال من حيث التغذية والنوم وغير ذلك، وهو ما تفعله غالبًا كل أم جديدة؛ إذ تحاول أن تدير حياتها مع طفلها بشكل نموذجي مستوحى من معلوماتها وقراءاتها ونصائح ذوي الخبرة.
بالطبع إن تعويد الطفل على النوم في سرير خاص تمهيدًا لنقله لغرفة مستقلة أمر لا خلاف في أهميته وضرورته، ومحاولة الأم للتدرج في التدريب عليه من سن مبكرة شيء ضروري كي لا يفاجأ الطفل بإجباره على التأقلم مع وضع لم يجربه ويتعرض له طيلة فترة وجوده في الدنيا، ولكن هناك قاعدتين تحكمان المسألة:
1 - ما يرفضه الطفل -وخصوصًا في سن ابنتك- ويرفض فعله (والفرق معروف بين الادعاء وبين الحقيقة) فهو لا يستطيعه، وبالتالي فنوم رضيعتك ليلاً في حضنك وتحت مظلة من أنفاسك بعد رضعة مشبعة هو قمة سعادتها التي لا تستطيع التفريط فيها وربما لا تستطيع النوم ليلاً بغير هذه الطقوس، وبالتالي ترفض، أما في النهار فالنوم غالبًا ليس طويلاً وغالبًا ما يحدث بسبب إرهاق شديد مثلاً لا تفكر الطفلة خلاله في طريقة ترتاح بها وتهدأ لتنام، بل هي تسقط نائمة بغير إرادة في أي مكان.
2 - أما القاعدة الثانية فهي ما أكدناه سابقًا في أكثر من موضع أن احتياج الطفل لحضن أمه أو والديه أمر مباح ومشروع ومتوقع طول العمر، ويجب ألا يرفض لأي سبب حتى بعد اعتياد الفصل والاستقلال في النوم.
إذن فما عليك هو الموازنة بين تطبيق مسألة الفصل في المنام للطفلة، وبين حماية مشاعرها وإشعارها بالأمان والدفء، ويمكن مرحليًّا أن أقترح عليك ما يلي لتحقيق هذه الموازنة:
1 - يمكنك التبكير بالرضعة الليلية بحيث تصبح قبل موعد النوم بفترة مناسبة، بحيث يتم تهيئة الطفلة للنوم بشيء غير الرضاعة.. كالهدهدة أو الغناء أو التمليس على رأسها.. وتغيير العادة صعب في البداية؛ لذا يجب التدرج والمواظبة لتغييرها، ومنع الرضاعة التي تسبق النوم مباشرة (بشكل تدريجي) سيجعل رضيعتك الغالية تعتاد أشياء أخرى تجلب النعاس فيسهل تدريجيًّا تنويمها بلا رضاعة، وهذه خطوة مطلوبة لتسهيل الفصل وقت النوم.
2 - يمكنك جعل سرير أو فراش لرضيعتك في غرفتك بعيدًا عن سريرك.. ووضع طفلتك فيه كليلة وتنويمها بالهدهدة فيه مع الغناء الحاني والبسمة المطمئنة وأنت ممسكة بكفها حتى تنام في سعادة واطمئنان وتغلق عينيها على صورتك الباسمة بلا توتر أو خوف من تركك لها فجأة أو انصرافك غير المتوقع لديها أو غير ذلك، وبالطبع لا يصح أن تنام في حضنك، ثم تباغتيها بوضعها في سريرها؛ لأنها ستستيقظ طبعًا صارخة، وأنصحك أنه أثناء عملية التنويم إن أردت الانصراف للهاتف مثلاً أو لأي شيء أن تحمليها معك إلى مكانك، لمَ؟؟ كي لا تشعر أن هذا السرير هو سجنها الذي تتمتع فيه بزيارتك أحيانًا، لكنها يمكن أن تفقدك بلا إرادة منها في أي وقت أيضًا فتكره سريرها وتفتقد الشعور بالأمان، لكن اصطحابها معك مثلاً وأقصد تحديدًا حمايتها من المفاجآت غير المتوقعة أو المرغوبة يجعلها تتعامل بسلاسة دون قلق أو تشبث بشيء.
3 - سيحتاج الأمر وقتًا حتى تنام راضية في سريرها بلا مشكلات، فالتدرج والرفق يحتاجان لوقت كافٍ لإحداث الاختلاف، وعليك ألا تتعجلي الأمر لكيلا تباعدي المدة أكثر، فابنتك تلقائيًّا تتطور نحو الاستقلال بعد منتصف عامها الثاني (18 شهرًا)، ولكنها حين تشعر أنه يراد نزعها قبل أوانها من تربتها التي تتغذى منها وتقوى داخلها لتصبح قادرة على الاستقلال فإنها تمد جذورها أكثر داخل تلك التربة لتقاوم هذا الانتزاع وتتشبث أكثر لتحمي نفسها؛ لذا طبقي كل المقترحات بهدوء ودون إبداء صرامة أو إصرار وبلطف.
4 - بعدما تعتاد الفصل في سرير مستقل يمكن نقلها إلى حجرة أخرى بعد اختبار تقبلها لذلك مرة في الظهيرة وأخرى ليلاً وأنت جوارها، وهكذا... ألا تصنع السيدات اختبارًا لحساسية بشرتهن للصبغات والكريمات قبل استخدامها للتأكد من أن استخدامها مأمون العواقب.. هذا بالضبط ما أدعوك لفعله.. اختبار قابلية وليس حساسية.. اختبار قابلية ابنتك للانفصال والاستقلال وليس الإبعاد بعد كل هذا الإنضاج والإعداد والتهيئة؛ ليكون الفصل مأمون العواقب، وإن كان الأمر يحتاج لمزيد من التهيئة بأن تنامي لجوارها في حجرتها أو أن تتنوع إقامتها بين حجرتها وسريرها الصغير.. فلا مانع من الصبر.
5 - حاولي اللعب مع الطفلة -في فترات متقاربة أثناء اليوم ومتكررة- في حجرتها، مع تزيينها باللعب والألوان والعرائس والنجوم اللاصقة وغير ذلك.. لتحب المكان وتتعلق به، فكثيرًا ما يتعلق الأبناء بغرفة والديهم بسبب أنهم لا يجدون آباءهم إلا هناك، ولأن الأهل أحيانًا يقضون جل أوقاتهم في حجرتهم، وبالتالي يذهب الأبناء إليهم حيث يجدونهم ويرتبطون بهذا المكان المليء بالحيوية والحياة، وبالتالي فنقل مظاهر تلك الحيوية من قراءة جرائد ومشاهدة تلفاز وتناول المشروبات، فضلاً عن الحوارات واللعب مع الأطفال وغير ذلك إلى مكان إقامة الأطفال (حجرتهم) يزيل وحشتهم منها ويربطهم بها، فيصبح استقلالهم فيها أمرا غير مخيف ولا ينضوي على أي نوع من الإقصاء.
وننتقل للشق الثاني من سؤالك عن بكاء الطفلة كلما رأتك، ولعلي أشاركك نفس المشكلة -إن صحت تسميتها بذلك- فطفلي يلعب ويمرح ويجري عند والدتي طيلة اليوم مثلاً، وما إن يراني حتى يبدأ في البكاء والالتصاق بي لأحمله... وأنت تعرفين المشهد فلا داعي لتفاصيله.. ما أردت قوله: إن الطفل في عمر ما قبل العامين يكون مرتبطًا بأمه ولا يستطيع الحياة بغيرها فهي غذاؤه ونومه ونظافته وهكذا... وبالتالي فهو قد يتلهى عنها قليلاً، لكنه ما إن يراها إلا ويتذكر أنه كان قد فقدها فيبدأ بإشعارها أنه في حاجة لها وأنه ليس على أدنى استعداد لفقدها مرة أخرى. وما نحتاج التعامل معه أمران:
1 - تنظيم مسألة حمل الطفلة.
2 - محاولة التغلب على بكائها عند لقائك.
أولاً: لا بد من تنظيم رضعات الطفلة على أوقات اليوم كل 3 ساعات أو كما يرى طبيبها وفقًا لحالة جهازها الهضمي.
ثانيًا: مراعاة نظافتها وإخراج الغازات من بطنها بالتجشؤ.
ثالثًا: عند ممارسة أعمالك المنزلية مثلاً.. إما أن تضعي لها فرشة من القماش اللين تجلس فوقها وحولها الألعاب، وذلك في مكان تواجدك لتداعبيها من وقت لآخر وتتدخلي في لعبها وتشعر بتواجدك حولها طيلة الوقت (وهذا أفضل)، أو أن تتركيها في مكان لعبها وتطمئني عليها بين الفينة والأخرى وتشاركيها لعبها.. وأنا مع الخيار الأول بحيث تشعر أنها معك، لكنها في الواقع ليست معك، فتأمن وتبحث هي عن الاستقلال.
رابعًا: بادريها من وقت لآخر بالبسمة والضحكة، وحين تغيبين عن ناظريها عودي فاتحة ذراعيك مع صوت مرح "حبيبتي" واحتضنيها، فتتغلبين على موجة البكاء المتوقعة وتجلسين جوارها قليلاً ثم تتركينها، ولا مانع من اصطحابها إلى حيث ستختفين عنها فترة أو تخييرها "هيا..؟"، فإما أن تمد يدها أو تفضل ألعابها، لكنها ستشعر أنه ليس هناك ما يخيف وأن كل شيء متاح ومسموح فلا داعي للتشبث بشيء متوافر.
خامسًا: مسألة حملك للطفلة لا بد من تنظيمها، فإن أصرت على حملها بلا داعٍ فاحمليها مثلاً على ظهرك كلعبة الجمل وامشي بها قليلاً.. أو احمليها على رقبتك والعبي معها... أقصد أنه يجب أن تغيري من شكل الحمل وتجعليها فقرة ضاحكة لكيلا تعتاد على أن تكون محمولة طيلة الوقت، وأنت كأم سيمكنك معرفة الفرق بين احتياجها للحمل لكي تنام مثلاً أو لاحتياجها لشيء آخر، وبين الزن والدلال بغير سبب، بالتالي ففي الحالة الثانية سنحاول التغلب على الزن بالابتكار في تحقيق ما تطلب الطفلة بشكل لطيف دون تلبية حقيقية لذات الطلب (شغلها بشيء عن شيء) وفي الحالة الأولى تلبى حاجتها طبعًا.
أختي الكريمة.. أرجو أن أكون قد وفرت لك ما يلزم من مقترحات تفيدك في التغلب على مشكلاتك مع رضيعتك، وأؤكد مرة أخرى على أن ابنتك ما زالت صغيرة ومداها في التعود على العادات السليمة في النوم وغيره أمد ما زال مفتوحًا، وسيؤكد لك ذلك اطلاعك على الاستشارات السابقة التي سأوردها لك في نهاية الإجابة، ويسعدني تلقي متابعاتك وموافاتك لنا بأخبارك وأخبار ابنتك وتطورها واستجابتها لما أوردناه من مقترحات ودمت بألف خير.
لمزيد من المعلومات المفيدة يمكنك مراجعة ما يلي:
رضيعتي لا تحب الغرباء
فصل المنام حكاية كل بيت
للنوم طقوس أيضًا
فصل المنام.. حلول مقترحة
إن شبعوا غنوا.. وإن جاعوا زنوا – متابعة-
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً
فصل المنام.. متى وكيف؟
ـــــــــــــــــ(104/317)
خطوات لإعادة ثقة ابنتك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بادئ الأمر أشكر القائمين على هذا الموقع، وأدعو الله لهم بالتوفيق والعافية.
أما عن مشكلة ابنتي فسأحكي لكم إذا اتسعت صدوركم لي عن حياتنا أولا حتى تكون عندكم خلفية عن المشكلة التي بصدد السؤال عنها.
أنا تزوجت عن اختيار متبادل وظننت أننا سنكون متفهمين، وزوجي لا أنكر عليه حميد أخلاقه وصبره وتدينه فوق المتوسط وعطفه وحنانه وبره بوالديه.
أما عن فترة زواجنا الأولى فزوجي لم يشعرني كأي فتاة بأي نوع من أنواع الفرحة بذلك الارتباط، وزاد على ذلك عدم مبالاته الفظيعة بدوره كزوج عليه أن يسعد زوجته وخاصة في بادئ الأمر، وأيضا تجاهله لما أعانيه من سوء معاملة أهله (حيث إننا نسكن في شقة بمنزل أهله وهم يقطنون الشقة الأخرى) وتعمدهم إهانتي في وجوده وعدمه ومحاولتهم الدائمة في الاستخفاف بي وأيضا إجحافهم في معاملتي المعاملة الطيبة؛ إرضاء لأخيه وزوجته اللذين غارا من علاقتنا الطيبة في أول زواجي، وأخذا يحرضان حتى يسيئوا معاملتي وما كان منهم إلا أنهم ساروا على دربهما وتفننوا في إهانتي.
المهم أن زوجي كان سلبيا للغاية مقابل كل هذه المشاكل، وما زاد على ذلك من تطاول إخوته علي بل وتهجمهم علي أمام ابنتي التي أسألكم اليوم على مشكلتي معها، وكان عمرها عاما، وكنت أحملها على ذراعي، وكنت أحاول أن أحميها من أن يطولها أي أذى من عمها الذي تهجم علي وسبني بأفظع الألفاظ أمام والدته التي لم تفعل شيئا.
المهم ابنتي التي أتحدث عنها هي طفلة عمرها 4 سنوات ونصف وهي الآن في k.g.2، لا أقدر أن أصف مدى حزني وأنا أرى ابنتي تعاني من رؤية أمها مهانة من أهل أبيها وتعمدهم إهانتي أمامها وتجاهلهم لأي من قواعد الأخلاق والذوق والشرع، ومحاولتهم الدائمة لافتعال المشاكل معي وسبي بصوت مرتفع، حتى أصبحت أنا وهي حطاما؛ فأنا أصبحت عصبية بصورة فظيعة.
وانعكس ذلك على تربيتي لابنتي ومدى تهوري عليها فضربتها وعمرها عامان وشهران ضربا عنيفا من جراء تلك العصبية التي انتابتني لإحساسي بالفشل بل والقهر، فما وجدت أحدا يدافع عني وعن بيتي الذي تغاضيت عن كل شيء في سبيل المحافظة عليه، ليس حبا فيه ولكن حبا في أبنائي الذين خشيت عليهم من التشتت والضياع إذا انفصلت عن أبيهم.
المهم الآن ابنتي في منتهى العصبية ومنتهى العناد، حاولت أن أبتعد عن عصبيتي وعن استخدام الضرب في عقابها حتى صرت لا أضربها، ولكن حتى عقاب الوقت المستقطع لا يجدي كثيرا، وحاولت معها الخصام والحرمان مما تريد، وبعدما كانت مثالا للطفلة الرقيقة التي تتلفظ بأحسن ما يكون وحافظة لسور قرآنية قصيرة أصبحت تتحدث بأسلوب غير لائق بالمرة لا يتناسب ومستوانا الثقافي، وأصبحت تتخير الألفاظ السيئة لتتحدث بها وتسبني وتعامل أخاها بعنف فظيع، وتلاعب الأطفال الآخرين إذا وجدوا وتفضلهم على أخيها وتأخذ منه أي لعبة معه وتعضه وتصرخ فيه، وهي دائمة البكاء والصراخ.
وزوجي مسافر منذ أحد عشر شهرا ولا أجد من يعاونني عليها غير أمي التي تحاول أن تهدئها ولكن دون جدوى.
فكرت أن اشتركت لها في نشاط رياضي يدفعها ذلك لإخراج الشحنة العصبية التي بداخلها، وبالفعل اشتركت لها في السباحة.
والآن يا إخوة الخير من يساعدني في فهم مشكلة ابنتي وحلها، مع العلم أنني طالما قرأت في كتب علم النفس وتربية الأطفال، وما يحزنني أكثر هو فشلي سواء في حياتي الزوجية أو مع ابنتي التي تتعمد الآن مضايقتي والتي لا تتحمس لعمل الواجبات المدرسية، وبعد أن كانت في أول العام مجتهدة ومتفوقة أصبحت تأخذ درجات أقل. أما عن الواجبات المدرسية فهي تعملها عندما أهددها بالضرب فقط.
أعلم أن المشكلة من الممكن أن تكون في أنني استسلمت للإحباط والفشل، ولم يبق عندي من أرادة قوية لأنجح بها زواجي، ولكن أنا أستجمع كل ما تبقى من قوتي لأنجح في تربية أبنائي، شكرا جزيلا، وعفوا إذا أطلت.
... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا أجد دعاء أنسب من أعانك الله على ما أنت بصدده، وأهلا بك -سيدتي- على صفحة معا نربي أبناءنا.
إن مشكلة ابنتك -سيدتي- هي نتيجة طبيعية لهذه البيئة والظروف التي نشأت فيها والتي سردتها برسالتك، وحتى تستطيعي حلها لا بد من تعديل في هذه البيئة؛ وهو الأمر الذي سأحاوله معك في السطور التالية.
لكن اسمحي لي أولا فبرغم الصورة الكلية التي أوضحتها برسالتك فإن هناك بعض الأمور التي ما زالت غامضة، فعلى سبيل المثال لم توضحي لماذا تبدل زوجك هكذا بعد الزواج؟ ولماذا يتعمد أهل زوجك إهانتك ومعاملتك بهذا السوء حتى أمام ابنتك دون أن يبدر منك ولو بادرة واحدة تسيء إليهم كما هو وارد في رسالتك؟ وهل هذه الإساءة وصلت إلى حد الإيذاء البدني كما فهمت من الرسالة؟ وهل معنى تواجدكم في بناية سكنية واحدة يعني أنكم دائمو الاتصال والزيارات؟ وما هي علاقة زوجك بأبنائه؟
فكل هذه الأمور تحتاج إلى استيضاح، وسوف أبني ردي وفقا لما ورد من بيانات ومعلومات برسالتك، على أمل أن توافينا بالرد على التساؤلات السابقة.
وحتى لا نبتعد كثيرا عن فحوى الرسالة والهدف الأساسي منها وهو حل مشكلة ابنتك فهو -في وجهة نظري- يتلخص في استعادة الابنة الثقة بك كأم ومربية، ولن يحدث هذا إلا من خلال عدة خطوات تقومين بها مع كل الأطراف المتسببة في المشكلة:
أولا دورك مع نفسك ومع أهل زوجك:
- إنها فرصة ذهبية ساقها الله لك أن يكون زوجك في سفر في الوقت الحالي لاستعادة نفسك أمام نفسك وأمام الآخرين، وأن تنهضي من عثرتك وتستعيدي الثقة بنفسك، وعليك أن تشعري أنك لست بهذا الضعف وأنك من القوة بمكان لحزم أمرك؛ فرددي تكرارا -سيدتي- على مسامعك أنك لن تقبلي هذه الإهانات مرة أخرى، وعند أول لقاء بينك وبين أهل زوجك تتعرضين فيه لمثل هذه الإهانات قولي لهم وأنت هادئة لكنك حازمة (ويكون ذلك بعيدا عن أبنائك): أنا لا أدري ماذا يغضبكم مني هكذا وقد كنا يوما ما على وفاق وأنا على استعداد تام لأن نبدأ صفحة جديدة، ولكني لست على استعداد إطلاقا لتلقي مزيد من الإهانات"، واتركي المكان في الحال ودعيهم يفكروا فيما قلت.
وإذا كنت -سيدتي- ممن لا يستطعن أو لا يجرؤن على ذلك فعليك بالتدريب عليه حتى لو أمام المرآة (فأنا أعرف كثيرات في مثل ظروفك قد استطعن أن يفعلن ذلك بالتدريب).
- حينما تفعلين ذلك مع أهل زوجك فلن يكفوا عن إهانتك فجأة بل سيحاولون اختبار مدى رفضك لهذا الأسلوب بل ربما يشعرون بالحقد لهذه القوة المفاجئة، فعليك حينما يبالغون في إهانتك أن تكفي عن التعامل معهم وأن تغلقي عليك بابك وانأي بنفسك عن أن تقعي في مثل ما يقعون فيه.
- استمتعي بحياتك وابدئي في إيجاد اهتمامات أخرى لك من ممارسة رياضة المشي مثلا بالنادي الذي تشتركين فيه لابنتك، كوني علاقات جديدة مع أناس آخرين، حاولي الانضمام لبعض الجمعيات الخيرية لتشعري بمدى نفعك لغيرك، كل هذا سيؤدي بك حتما لعودة الهدوء إلى نفسك.
- لا تستسلمي لليأس أو الإحباط أبدا فهما العدو الأول للإنسان وإنجازاته.
ثانيا دورك مع زوجك:
1. لا بد من أن يشعر زوجك بعد عودته أنك امرأة جديدة لا تلقي باللوم عليه بسبب عدم الاهتمام بك، بل قومي أنت بالاهتمام بقدر ما تستطيعين وبقدر ما يجذبه إليك.
2. كوني مرحة ودودة ولا تهتمي بصغائر الأمور، ولا تظهري غضبك من أهل زوجك أمامه، ولا تمنعيه مودتهم وبرهم حتى لو كنت قررت عدم زيارتهم أنت.
ونأتي أخيرا لدورك مع ابنتك:
كما ذكرت لك في بداية الرسالة أن حل مشكلة "لمى" يكمن في استعادة ثقتها بك كأم قادرة على حمايتها تمنحها الحب والأمان، وسيحدث هذا من خلال:
- عند استعادتك الثقة بنفسك وحزمك مع أهل زوجك ستشعر الطفلة بذلك لكنها ستستمر في عصبيتها وعنادها (العند من سمات هذه المرحلة لكنه في ظل الظروف التي تعيشها ابنتك يأخذ شكلا عدوانيا ناقما على الأم والأب والأخ بل على الظروف المحيطة بها كلها)، أقول إن الطفلة ستستمر في عندها وفي تجرؤها عليك لكنها في داخلها ستشعر بالفخر بك.
ولذا عندما تبدأ في العصبية والرد غير المهذب فما عليك إلا أن تنبهيها بلطف في أول الأمر أن هذه الطريقة لا تصلح للحديث مع أمها، وعندما تتمادى فعليك أن تخبريها بحزم ولكن بود أنك لن تقبلي هذا الأسلوب في الحديث، وعليها أن تراجع نفسها حين تتحدث معك مرة أخرى، فإذا هي فعلت ذلك مرة أخرى فأعرضي عنها ولا تتحدثي معها لفترة تحددينها أنت وفقا للظروف التي تمر بها الطفلة وقتئذ.
- حاولي التقرب لولديك، العبوا وامرحوا معا؛ فهذه أجمل الفترات التي يمكنك الاستمتاع بها بأطفالك.
- احرصي أن يغلب على تعاملك مع ولديك الرفق والحب والعطف.
- أرجو ألا تُكرهي ابنتك في عملية المذاكرة خاصة وهي ما زالت في مرحلة رياض الأطفال حتى لا يترسخ كراهية المدرسة فيها مبكرا، وأيضا في الفترة التي تحاولين فيها تحسين علاقتك بها، ولا تستغلي فرصة أنها بدأت تلين لك حتى تبدئي في المساومة على المذاكرة فلا تنتهزي فرصة صفاء الحال بينكما وتقولي لها على سبيل المثال: "شفت ماما بتحبك إزاي وبتلعب معاك وبتعمل لك كل حاجة بتحبيها إنت كمان لازم تعملي الحاجات اللي ماما بتحبها وتذاكري كويس أو تعملي واجباتك"؛ فهذا أسلوب ابتزاز عاطفي لا يجوز لك أن تقومي به، كما أن ابنتك ستفهم من هذا أنك لا تحبينها لشخصها بل إنك تتقربين لها من أجل أن تنفذ لك ما ترغبين وستحاول استغلال ذلك فيما بعد وتساومك هي الأخرى، وخلاصة ذلك كله هو أن تجعلي حبك وعطفك على ولديك غير مشروط.
- حاولي أن تتصلي بمدرسة الطفلة وتتعاونا معا في إيجاد وسيلة لمساعدتها -أي الطفلة- على حب المدرسة وحب المدرسات، كما يمكنك من الآن أن تدريبيها على تحمل مسئولية المذاكرة وحدها.
وأخيرا -سيدتي- دعواتنا لك بالتوفيق، كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/318)
توءمي كيف أتعامل معهما؟ ... العنوان
عندي بنتان توءم عمرهما 8 سنوات، وأريد أن أعرف الطريقة المثلى للتعامل مع إحداهما فهي دائمًا تشعر بالغيرة من أختها؛ لأنهما مختلفتان في الشكل فأختها بيضاء، وذات شعر ناعم، وذات شخصية واثقة، وهي سمراء ذات شعر مجعد، ودائمًا تشعر بالنقص من ذلك، مع أنها جميلة ومحبوبة من الجميع، وهي أيضًا تتصرف كأنها أصغر من سنها الحقيقي، ودائمًا تحب اللعب مع الأطفال الأصغر منها سنًّا أكثر من حبها للعب مع الأطفال في مثل سنها.
أرجو منكم إرشادي إلى كيفية التعامل معها؛ حتى لا تكره أختها، وحتى تثق بنفسها أكثر، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء, التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة.. ألا نسمي أبناءنا ونصف أبناءنا بصفات ونتعامل معهم على أساسها وقد وصفت ابنتك بأنها تغير، وهذا تشخيص ربما يكون حقيقيًّا، وربما لا يكون؛ ولذا دعينا من التشخيص ولنفكر في كيفية صنع ثقتها وتقديرها لذاتها، وهذا أهم ما في الأمر وأهم هدية نهديها لأبنائنا.
وسألخصها لك في نقاط:
أولاً: أحبي طفلتك بمفرداتها أي بمفردات الحب التي تفهمها هي، شاركيها لعبها، شاركيها قصصها، شاركيها كل أوقاتها المحببة وكل الأنشطة التي تحبها هي، ثم عبّري لها عن هذا الحب لفظيًّا بالكلمات وغير لفظي باللمس والاحتضان والتربيت وغيره، وهذا اجعليه مستمرًّا طيلة اليوم.
ثانيًا: بعد الحب ينبغي تعيين نقاط القوة عندها، وضعيها في مواقف تشعر فيها أنها متميزة وقوية؛ وذلك بالأنشطة الكثيرة، ثم أشيري لكل نقطة جيدة تكون لديها وربما هي نفسها لا تشعر أنها موجودة فيها وربما اتبعت هذه التجربة فقد جربتها بنفسي، سطري معها جدول (والأمر خاص بالطفلتين وليس واحدة دون الأخرى)، ثم اجعلي هذا الجدول من 3 خانات في الأول – اجعلي طفلتك تعبر عن النقاط الجميلة التي تراها في نفسها والأشياء التي تعرفها وتجيدها، وربما تسمي نفسها خبيرة فيها.
والخانة الثانية اجعليها تضع الأشياء التي تحب وترغب أن تجيدها، ولكنها لا تجيدها فعليًّا في هذه اللحظة، والخانة الثالثة الأشياء التي تجدها صعبة التحقيق بالنسبة لها.
ثم ناقشي معها كيف يمكنها أن تصل لهذه الأشياء التي تراها صعبة، وأضيفي أنت أيضًا للخانة الأولى لخانة الخبيرة حتى تراك بحق تقدرين الأشياء أو الميزات التي فيها.
ـــــــــــــــــ(104/319)
ابني يسرقني.. ماذا أفعل؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أود أن أعرض عليكم مشكلة ابني الذي يبلغ من العمر 10 سنوات، وهي أنه يسرق فقط النقود مني ومن والدته ومن إخوته.
ويعيش مع أبويه و3 بنات أكبر منه وواحدة أصغر منه وأخ صغير، وكانت أول سرقة له منذ ما يقارب السنة وكان المبلغ 300 ريال، ولما علمت بذلك انتزعت منه الاعتراف بالضرب، وكان قصدي من الضرب ألا يكرر ذلك مرة أخرى، وبعدها بفترة كرر سرقة أمه وأخواته ولم تخبرني أمه بذلك، وكرر سرقتي بمبلغ 100 ريال، وعلمت بذلك، وجئت إليه متبسمًا، وانتزعت منه الاعتراف بسهولة، وقال لي: أنا أخذتها لمجرد أن أشاهدها وسأرجعها، واستغرقت هذه السرقة يوما كاملا، وقلت له أنا سأسامحك الآن، ولكن قل لي لو كررتها مرة أخرى ماذا تريد أن أفعل بك؟ قال: اكوني بالنار، ولم يمضِ على ذلك إلا يومان وكررها بسرقة مبلغ قليل مني أيضًا، وعلمت بذلك واعترف لي بذلك عندما ضغطت عليه، وأرجع لي نصف المبلغ فقط أما بقية المبلغ فقد اشترى به حلويات.
وهكذا دائمًا يكرر ذلك متناسيًا التهديد الذي أخوفه به وكذلك الضرب، وأخشى أن يلازمه ذلك حتى عندما يكبر.
أرجو إعطائي الحلول المناسبة، ولكم جزيل الشكر والتقدير.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل ابو هندي من فريق مشاكل وحلول:
الأب العزيز أهلاً وسهلاً بك وشكرًا على ثقتك، الحقيقة أن المشكلة التي تستشيرنا بشأنها لا تزال تستحق الكثير من البحث العلمي النفسي والتربوي، وأنت تتكلم عن طفل بدأ السرقة منذ عمر 9 سنوات، ورغم العقاب الجسدي الشديد الذي ناله بسبب أول سرقة يقوم بها وتكتشف من جانبكم؛ فإن ذلك العقاب لم يكن رادعًا، فاستمر الطفل يكرر نفس السلوك المذموم، وكلما واجهتموه به حاول الإنكار والتملص. فإذا أحكمتم عليه الخناق اعتذر، وكرر الأسف، وأبدى الرغبة في تدارك ما يمكن إدراكه حتى يرق قلبكم، وتظنوها الأخيرة، فإذا بها مجرد حلقة في سلسلة من السرقات المتتالية، وإذا بك تشعر أن العقاب والتهديد به يكاد يصبح بلا معنى؛ فالطفل سائر في غيه إذن، ومُصِرّ على الإساءة لا لنفسه فقط، بل للعائلة كلها!
وهكذا فالحالة التي تصفها أنت وإن أظهرت لنا منها عرضين هما السرقة المتكررة والكذب المتكرر، فإن الطبيب النفسي يستطيع أن يستنتج من نفس الرواية أيضًا علامتين نفسيتين تشخيصيتين هما الاستهانة الطفولية بقيم المجتمع ومعاييره الأخلاقية، وتكرار الخطأ مع عدم التعلم من الخبرات السابقة حتى وإن كانت مؤلمة، كما يمكن أن نشعر بانطباع عن الطيش والتهور والاندفاع، وهذا ما يجعلنا نجمع ما يلزم للطبيب النفسي ليتكلم عما نسميه باضطراب التصرف في الطفولة، والذي تستطيع أن تعرف معلومات كثيرة عنه على الرابط التالي: سرقة وكذب وعدوانية: اضطراب التصرف
ونحن نرى الحالة حتى الآن حسبما جاء في إفادتك أقرب ما تكون إلى اضطراب التصرف المقتصر على إطار العائلة، Conduct disorder confined to the family context والتي يقتصر فيها السلوك غير الطبيعي (تمامًا أو يكاد) على المنزل أو على التعامل مع أعضاء العائلة المصغرة Nuclear Family أو المعاشرين المباشرين للطفل أو على كليهما، ويستدعي الاضطراب استيفاء المعايير العامة للفئة، مع مراعاة أن أشد علاقات الآباء بالأبناء اضطرابًا لا تكفي في حد ذاتها للتشخيص، وقد تكون هناك سرقة من المنزل ترتكز دائمًا بشكل خاص على أموال وممتلكات فرد أو فردين بعينهما، وقد يصاحب ذلك سلوك تدميري عمدي، يركز مرة أخرى غالبًا على أفراد معينين من الأسرة، ويتضمن تكسير اللعب أو التحف، وقطع الملابس، ونحت الأثاث أو تدمير المقتنيات الثمينة؛ كذلك فإن العنف الموجه ضد أعضاء العائلة (دون غيرهم) وإشعال الحريق المتعمد والمقتصر على المنزل هي أيضًا من أسس التشخيص.
ويتطلب التشخيص أيضًا ألا يكون هناك اضطراب في التصرف له شأنه في خارج إطار العائلة السوي، وأن تكون علاقات الطفل الاجتماعية خارج إطار العائلة علاقات في النطاق السوي.
إلا أنه من المهم هنا أن أنبه إلى نقطة مهمة تتعلق بالمآل المرضي لمثل هذه الحالة، ليس رجمًا بالغيب، وإنما إحسانًا للظن بالله سبحانه وتعالى؛ فرغم استمرار ذلك السلوك غير السوي لمدة عام، ورغم عدم استجابته للطرق التي جربتها أنت حتى الآن، فإنني أقول لك استبشر خيرًا، واعلم أن لدينا احتمالات أخرى لتفسير سلوكيات السرقة المرضية في مثل المرحلة العمرية التي يمر بها ابنك وهو على مشارف البلوغ والمراهقة؛ فقد تكون السرقة تعبيرًا عن الاكتئاب، وقد تكون تعبيرًا عن عدم اتزان عابر بين الاندفاعية ومحاولة الضبط الذاتي لدى الولد، وهكذا فإنني أرى ضرورة عرض الحالة على طبيب نفسي مسلم لكي يستطيع الإلمام بأبعادها، وتصميم الخطة العلاجية المناسبة للولد أو للحركية النفسية للأسرة كوحدة للتعامل من خلال ما يسمى بالعلاج النفسي الأسري.
وأما ما يجعلني أشعر كثيرًا بالتفاؤل -رغم قلة ما يدعو للتفاؤل حولنا جميعًا- فهو معرفتي من خلال ممارستي للعلاج النفسي غير المنفصل عن الدين؛ فقد عرفت كثيرًا من الحالات التي ظهرت عليها أعراض تشبه ما وصفته أنت، وكان لتنمية الوازع الديني لدى الطفل أو المراهق نتائج أكثر من رائعة؛ فخير ما يُحَجِّم السلوك الاندفاعي أيًّا كان نوعه حسب خبرتي هو ذلك الوازع، إلا أن من المهم في حالة ابنك أن تتجنب أنت أو أيّ من أعضاء العائلة دفعه في ذلك الاتجاه بأنفسكم، لكي لا تجعلوا مهمة المعالج بعد ذلك أصعب! ذلك أن ابنك في المرحلة القادمة سيدخل في صراع الهوية الطبيعي الذي يحاول فيه أن يثبت ذاته وكينونته من خلال اختلافه عن والديه في الآراء والتوجهات وربما القيم، فمن الحكمة ألا ندخل الالتزام بأمور دينه في حلبة الصراع بيننا وبين المراهق، خاصة إذا عرفت أنه إذا وفقكم الله إلى معالج نفسي يتمكن من احتوائه وكسب ثقته فبإمكان ذلك المعالج أن يضعه على طريق الالتزام دون إدخال ذلك في حلبة الصراع، ولا بد أن تتوقع مشوارًا علاجيًّا قد يطول حسب ما يتضح لذلك المعالج النفسي، وإن شاء الله يكون معكم كل خير، فتابعنا بالتطورات.
ولمزيد من المعلومات يمكنك متابعة:
- لماذا يسرق الصغار أحيانًا؟!
- "لِصّ صغير" في بيتنا..!!
ـــــــــــــــــ(104/320)
كيف أضبط انفعالات ابنتي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا امرأة متزوجة منذ ما يقارب عشر سنوات ولي ثلاثة أطفال؛ ابنتي الكبرى في حوالي التاسعة من عمرها جميلة إلى حد ما.. مشكلتها أنها عصبية دائمًا وتصرخ في وجهنا (أنا أمها وجدتها وعماتها غير المتزوجات اللاتي يسكن معنا... أما أبوها فلا).
في الحقيقة أنا أسألها أحيانا عم يثيرها فتقول إن عماتها يلححن عليها بالكلام كثيرا وهذا يستفزها، ولكن أنا لا أتصرف معها هكذا، وبالتالي هي تصرخ في بنسبة أقل مما تصرخ فيهن، ولكنها في الوقت نفسه لا تستطيع البعد عن عماتها ولا التكيف مع إلحاحهن المتكرر ومديحهن الزائد بمناسبة وبغير مناسبة.
أبوها هو الوحيد لأهله ضمن أربع أخوات وكالعادة العائلة تعشق الذكور ووالد زوجي متوفى، ولكن هي لا تستطيع البعد عن عماتها؛ لأن الدلال معظمه منهن والمشتريات كذلك وهن لا يرفضن لها طلبا، فأغلى الأشياء يشترينها لها، ويتمنين أن تكون سعيدة.
وهي في المدرسة يحسدها أقرانها على ما تتمتع به من نعم، وهي مرحة تحب صديقاتها وتقضي معهن أوقاتا مرحة (بعكس البيت فهي دائما منقبضة الوجه ودائما ما تمتنع عن الأكل من فرط غضبها، مع علمها أن هذه هي نقطة ضعف عماتها لأنها نحيفة جدا ونحن نشكو من قلة إقبالها على الطعام)، ولكن صديقتها الحميمة تستغلها بعض الشيء؛ حيث تستخدم كاميرا ابنتي وتأخذ المجلات التي نشتريها لابنتنا وهي غالبا من النوع الغالي (مجلة سبيس تون مثلا) قبل أن تنتهي ابنتنا من قراءتها وقبل أن يمسك بها أحد إخوتها وتبقيها لديها إلى أن نقول لها نحن.
في الأسبوع الماضي ذهبن في سفرة مع المدرسة وأحضرت ابنتي كاميرا وأنهت الفيلم في يوم واحد، وذهبت به عمتها إلى التحميض، وعادت بالصور لنفاجأ بأن ابنتنا لم تلتقط صورة لنفسها وإنما أكثره صور لتلك الصديقة، وأيضا لم تكتف الصديقة بهذا بل أخذت الصور لنفسها ولم تقبل أن تعيدها لولا تدخلنا نحن الكبار، وتعجبت منها كثيرا، حيث إنها أعطتني إياهم بوجه ثقيل وتصرفات أنا الكبيرة لا أعرف كيف أتصرف هكذا.
هذه الصديقة ابنتي تتذبذب في علاقتها معها.. فمرة تريد وبشدة أن تذهب إلى بيتها وتقضي هنالك النهار بطوله ومرة أخرى تجلس تتذمر من تصرفاتها ويبلغ بها الأمر حد البكاء، وهذه الصديقة أهلها لا يأمرونها بصلاة ولا بحسن تعامل ولا يهمها إلا اللعب، أما ابنتي فأنا أريد إعدادها لتكون نافعة للمجتمع تصلي وتطيع الله.
ابنتي لا تسمع الأغاني كصاحباتها والله عز وجل قد وهبها عقلا صافيا تستطيع به أن تفهم الدروس بسرعة وتتلقى أي معلومة من أي مكان.
أنا متأسفة ولكن عندي ثلاثة أسئلة. الأول: لماذا هي عصبية وكيف العمل لتتخلص من عصبيتها؛ حيث إنها أحيانا تبكي وتقول إنها لا تستطيع السيطرة على عصبيتها؟.
الثاني: لماذا تخرج لسانها السليط علينا فقط، بينما تسمح لصديقاتها باستغلالها وهي تعلم ذلك ولا تقوى على ردهن؟.
الثالث: يقول لي بعض الناس إن ابنتي معقدة، والسبب أنني منذ أن كانت صغيرة أوضحت لها أن الأغاني حرام؛ ولهذا فهي لا تحفظ إلا الأغاني الهادفة التي على شاشة قنوات الأطفال ولا تعرف الرقص مثل صديقاتها، بالإضافة إلى أننا نعاني من الظروف الأمنية ولا نستطيع أن نخرجها كثيرا. شكرا جزيلا وأدامكم الله.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلا بك -سيدتي- وندعو الله أن يفرج كرب المسلمين وينصرنا على أعدائنا في مشارق الأرض ومغاربها، ونعتذر سيدتي على التأخير ونأسف لعدم وصول استشارتك الأولى لنا، وحمدا لله أنك استطعت أن تتواصلي معنا ونرحب بك دائما على صفحة معا نربي أبناءنا، كما أود أن أشكرك على اهتمامك ومحاولاتك اتباع الأسلوب الأفضل في توجيه وتنشئة أبنائك، فجزاك الله خيرا.
استشارتك -سيدتي- تتلخص في ثلاث نقاط أساسية:
1. لماذا تتسم ابنتك بالعصبية؟ والسؤال الأهم كيف تستطيع ضبط انفعالاتها؟.
2. لماذا تسلك هذه السلوكيات الفظة بالبيت بينما تتصف باللطف والدعة مع صديقاتها؟.
3. هل الابنة "معقدة" كما يزعم البعض نتيجة أنها حرمت سماع الأغاني منذ صغرها؟.
أولا بالنسبة للنقطة الأولى وهي عصبية ابنتك وعدم قدرتها على ضبط انفعالاتها وخاصة مع عماتها.
بداية ألم تسألي نفسك -سيدتي- لماذا لا تستطيع "عائشة" أن تتحكم وتضبط هذه الانفعالات مع عماتها بالذات؟ أنا واثقة من أنك سألت نفسك والإجابة واضحة تماما لأنهن يعززن عصبيتها بطريقة غير مباشرة فبرغم ما تفعله معهن من عصبية وحدة ولسان سليط -كما ذكرت- إلا أنهن يغدقن عليها الهدايا ويجزعن حين تتمنع عن الطعام ويلححن عليها بالكلام ويمدحنها بمناسبة وغير مناسبة فلماذا لا تتدلل عليهن وتفقد أعصابها معهن وهي من هي عندهن؟!.
من هنا سيدتي يتضح الحل جليا واضحا، وعليك أنت بالطبع العبء الأكبر في علاج الأمر، وذلك يعني إشراك الآخرين معك؛ فلكل دوره الذي سيتم من خلالك إن شاء الله ولنذكره في خطوات حتى يتسنى لك العمل به:
• أولا دورك أنت مع الفتاة:
- حينما يصدر من ابنتك سلوك العصبية تجاهك فلا بد من الحديث مع الابنة بمفردكما بأسلوب ودود حازم قائلة: "أنا أعرف أنك غاضبة وأنا أقدر ذلك تماما لكن الذي لن أقدره هو الطريقة التي تعبرين بها عن غضبك وقد حان الوقت لكي تغيري من هذا الأسلوب، وإذا كنت على استعداد لهذا التغيير فأنا هنا لأساعدك على هذا".
واتركي المكان ودعيها تفكر فيما قلت، فإذا أتت لك وحاولت مصالحتك أو أبدت ندما (وليس شرطا أن تعتذر لفظا) وفي نفس الوقت لم تسألك المساعدة فصالحيها دون أن تفتحي معها الموضوع مرة أخرى، فإذا عادت لعصبيتها فكرري معها نفس الموقف وأعطيها أكثر من فرصة (ثلاث أو أربع فرص) وبعدها إذا عادت لعصبيتها فأعرضي عنها بعد قولك: "لقد جاوزت الحد فاتركيني ولا تتحدثي معي الآن حتى تدركي كيف تتعاملين مع أمك"، واتركيها دون الحديث معها لفترة وأنت متجهمة ومعرضة عنها.
- أما إذا أتت إليك طالبة المساعدة في كيف تتخلص من هذه العصبية فهنا علميها أن الأمر يحتاج إلى صبر وإلى تدرج، ولا تنتهزي الفرصة وتصبي عليها كما هائلا من المواعظ والنصائح، بل ابدئي معها بشكل عملي في عمل جدول يومي تكتب فيه المواقف التي تتعرض لها في كل يوم وتحتاج منها ضبط الانفعال، وعدد المواقف التي استطاعت ضبط أعصابها فيها، وكل مرة تستطيع ضبط انفعالاتها عززيها بكلمة ثناء أو مدح أو احتضان أو تقبيل.
وإذا أخفقت في بعض المواقف فذكريها أن الأمر يحتاج إلى الصبر وقوة إرادة، كما وضحي لها نتيجة كل من السلوكين (ضبط وعدم ضبط انفعالاتها) على حياتها المستقبلية ولن يحدث هذا إلا من خلال علاقة جيدة بينكما ملؤها التفاهم والحب والاستيعاب.
ثانيا دورك مع زوجك:
- لا بد أن تتحدثي مع والد الفتاة وحدكما وتوضحي له ما تفعله الابنة وما سيجره عليها هذا السلوك من متاعب في المستقبل بل ما سيجره من متاعب عليكما أنتما كوالدين.
- عليه بمعاونتك في تعزيز الابنة كلما استطاعت ضبط انفعالاتها فاذكري له المواقف التي جاهدت نفسها فيها (إن لم يكن لديها مانع من معرفة الأب لهذه المواقف، أما إذا كانت لا تحبذ ذلك فيمكن فقط أن تذكري له أنك مسرورة منها)، وعليه حينئذ أن يثني عليها أو يفاجئها بهدية (لا تكثرا من الهدايا والأفضل التشجيع والتعزيز المعنوي).
- عليه أن يتعامل مع "عائشة" بشيء من الحزم أمام عماتها ليعرفن أنه لا بد من الحزم معها وأنه يرفض أسلوب التدليل.
- كما أنه لا بد -من آن لآخر- أن يوضح لعماتها بطريقة غير مباشرة أثر الهدايا والمدح المفرط للفتاة، فإن ذلك سيجعل منها شخصية مغرورة لا تقبل النقد أو إصلاح نفسها إلى جانب فقدانها الثقة بالنفس عندما تتعامل مع غيرها وتجد أنها ليست بهذه الصورة التي رسمنها (عماتها) لها مما يصعب عليها التواصل الجيد مع الآخرين وتعاليها عليهم، ناهيك عن الأمراض النفسية التي يمكن -لا قدر الله- أن تصاب بها لو ظللن على هذا المنوال.
- ثالثا دورك مع عمات الفتاة:
- يتضح من رسالتك أن عمات الابنة لا يجدن ما يشغلهن عن الفتاة؛ ولذا فقد صبت كل منهن جل حنانها وعطفها وحبها عليها؛ ولذا أقترح عليك بأن توجهي طاقاتهن وأوقاتهن إلى ما يفيد الغير وما أكثرها وخاصة في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق.
- أما بالنسبة للنقطة الثانية، وهي لماذا تتصف باللطف والدعة مع صديقاتها خاصة أن هناك من يستغلها، فذلك يرجع إلى طبيعة المرحلة العمرية التي تمر بها ابنتك، فمن سمات النمو الاجتماعي في هذه المرحلة هي أن يصبح الطفل اجتماعيا ويحاول أن يجد له الأصحاب بعيدا عن البيت ويحاول استرضاءهم بكل ما يملك من مال وجهد ووقت، ويتحمل منهم ما لا يتحمله من أهله أملا في قبوله كفرد في الجماعة بل ويتقرب إلى من يتزعمهم، وتتسم صفات الزعيم بالقدرة على السيطرة على الآخرين وبقوة الشخصية والتفوق الجسدي أو الرياضي.
ومن هنا يتضح لك لماذا تستجيب عائشة لصديقتها التي تستغلها أحيانا، وحتى يمكنك توعية ابنتك بنوعية الأصدقاء والصحبة التي تلتزمها، فلا بد أن يكون لك دور في بناء الثقة بينكما وإقامة علاقة حميمة وطيدة تسمح بمصارحتك والتحدث معك، فإن ذلك يمتعها بحصانة تحميها من أن تصاحب الصديقة السيئة، ويجعلها تتخير أصدقاءها بتمعن، ويمكنك الاطلاع على موضوعات عدة عن العلاقة الموجبة بين الآباء والأبناء طرحت على هذه الصفحة سأوردها لك في نهاية الاستشارة.
- لا تحاولي وعظها بشكل مباشر أو تشويه صورة صديقتها التي تستغلها فإن ذلك سيجعلها تتمسك بها وبصدقاتها أكثر، ولكن يمكن من خلال الحوار والعلاقة الجيدة -كما ذكرت- والصداقة بينكما أن توضحي لها الفرق بين الصداقة الحقيقية والصداقة القائمة على المنفعة والاستغلال، واحكي لها قصصا حقيقية صادقة عنك وعن صديقاتك وأنت صغيرة، فإن لم تجدي ما تثري به ابنتك من هذه القصص فيمكن من خلال قصص المعارف والأقارب وقصص الأنبياء والصالحين.
- أما بالنسبة للنقطة الثالثة وهي عما يقوله من حولك من أن ابنتك "معقدة" بسبب أنك حرمتها من سماع الأغاني كما تفعل صديقاتها.. فإنه من الواجب أن نربي أبناءنا على القيم والخلق الإسلامي الصحيح ولكن ليس بصورة فيها تشدد أو مبالغ فيها، وكثير من الآباء والأمهات يقعون في أخطاء عدة حينما يتجهون هذا التوجه الإسلامي فهم يبدءون بالمحرمات والممنوعات قبل البدء في تعليم الأخلاقيات الأساسية التي تحكم هذا الدين مثل الصدق الأمانة العدل الرحمة الرفق الشورى بر الوالدين الوفاء بالعهد الإخلاص حق الجار كف الأذى عن الناس السعي في قضاء حوائج المسلمين، وما إلى ذلك من هذه المبادئ القائم عليها الدين الإسلامي.
ولذا فأنا أفضل أن تقومي بتعليم هذه القيم أولا وتوفير القدوة الصالحة التي تتعلم منها الفتاة لتسير على نهجها وليس أفضل منك ومن والدها في هذه المرحلة العمرية لتقتدي بكما، وقص سير الأنبياء والصحابة والتابعين بطريقة شائقة، ويمكن أن تربطي الفتاة بجذورها وقص حكايات البطولات في بلدها وفي تاريخ أجدادها في الأمة الإسلامية.
ويمكنك أن تستعيني ببعض كتب الأشعار الراقية الخاصة بالأطفال مثل أشعار شوقي للأطفال لتتعلم كيف تفرق بين الذوق الرفيع وغيره من الغث، ومن ثم تختار بل وتتذوق فيما بعد الجيد الراقي مما تسمع وتشاهد وتقرأ- حتى إذا حادت قليلا عن هذا الطريق وهذه الآداب أو تمردت عليها فترة من عمرها خاصة في سن المراهقة فإنها ستعود لما تربت ونشأت عليه عما قريب.
ثم بعد ذلك علميها المعايير والمقاييس التي تختار على أساسها ما تشاهده وما تسمعه وما تقرأه، وهي تحدد بعد ذلك ما تختاره ومن هذه المعايير: الموضوع الذي تتناوله المادة المسموعة أو المرئية، العفة والاحترام، الرقي وحسن الذوق (وأنصح أن تستعيني بكتاب الحلال والحرام للدكتور يوسف القرضاوي).
وأخيرا وقبل أن أتركك نتواصى بالدعاء لأولادنا بل لعامة المسلمين، ونرجو منك مزيدا من التواصل والمتابعة معنا.
ويمكنك مطالعة:
وتبقى الصداقة هي الحل
مصاحبة الأبناء.. متى، كيف ولماذا؟؟
فتاتك المراهقة.. محاولة للفهم
ـــــــــــــــــ(104/321)
كيف أضبط انفعالات ابنتي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا امرأة متزوجة منذ ما يقارب عشر سنوات ولي ثلاثة أطفال؛ ابنتي الكبرى في حوالي التاسعة من عمرها جميلة إلى حد ما.. مشكلتها أنها عصبية دائمًا وتصرخ في وجهنا (أنا أمها وجدتها وعماتها غير المتزوجات اللاتي يسكن معنا... أما أبوها فلا).
في الحقيقة أنا أسألها أحيانا عم يثيرها فتقول إن عماتها يلححن عليها بالكلام كثيرا وهذا يستفزها، ولكن أنا لا أتصرف معها هكذا، وبالتالي هي تصرخ في بنسبة أقل مما تصرخ فيهن، ولكنها في الوقت نفسه لا تستطيع البعد عن عماتها ولا التكيف مع إلحاحهن المتكرر ومديحهن الزائد بمناسبة وبغير مناسبة.
أبوها هو الوحيد لأهله ضمن أربع أخوات وكالعادة العائلة تعشق الذكور ووالد زوجي متوفى، ولكن هي لا تستطيع البعد عن عماتها؛ لأن الدلال معظمه منهن والمشتريات كذلك وهن لا يرفضن لها طلبا، فأغلى الأشياء يشترينها لها، ويتمنين أن تكون سعيدة.
وهي في المدرسة يحسدها أقرانها على ما تتمتع به من نعم، وهي مرحة تحب صديقاتها وتقضي معهن أوقاتا مرحة (بعكس البيت فهي دائما منقبضة الوجه ودائما ما تمتنع عن الأكل من فرط غضبها، مع علمها أن هذه هي نقطة ضعف عماتها لأنها نحيفة جدا ونحن نشكو من قلة إقبالها على الطعام)، ولكن صديقتها الحميمة تستغلها بعض الشيء؛ حيث تستخدم كاميرا ابنتي وتأخذ المجلات التي نشتريها لابنتنا وهي غالبا من النوع الغالي (مجلة سبيس تون مثلا) قبل أن تنتهي ابنتنا من قراءتها وقبل أن يمسك بها أحد إخوتها وتبقيها لديها إلى أن نقول لها نحن.
في الأسبوع الماضي ذهبن في سفرة مع المدرسة وأحضرت ابنتي كاميرا وأنهت الفيلم في يوم واحد، وذهبت به عمتها إلى التحميض، وعادت بالصور لنفاجأ بأن ابنتنا لم تلتقط صورة لنفسها وإنما أكثره صور لتلك الصديقة، وأيضا لم تكتف الصديقة بهذا بل أخذت الصور لنفسها ولم تقبل أن تعيدها لولا تدخلنا نحن الكبار، وتعجبت منها كثيرا، حيث إنها أعطتني إياهم بوجه ثقيل وتصرفات أنا الكبيرة لا أعرف كيف أتصرف هكذا.
هذه الصديقة ابنتي تتذبذب في علاقتها معها.. فمرة تريد وبشدة أن تذهب إلى بيتها وتقضي هنالك النهار بطوله ومرة أخرى تجلس تتذمر من تصرفاتها ويبلغ بها الأمر حد البكاء، وهذه الصديقة أهلها لا يأمرونها بصلاة ولا بحسن تعامل ولا يهمها إلا اللعب، أما ابنتي فأنا أريد إعدادها لتكون نافعة للمجتمع تصلي وتطيع الله.
ابنتي لا تسمع الأغاني كصاحباتها والله عز وجل قد وهبها عقلا صافيا تستطيع به أن تفهم الدروس بسرعة وتتلقى أي معلومة من أي مكان.
أنا متأسفة ولكن عندي ثلاثة أسئلة. الأول: لماذا هي عصبية وكيف العمل لتتخلص من عصبيتها؛ حيث إنها أحيانا تبكي وتقول إنها لا تستطيع السيطرة على عصبيتها؟.
الثاني: لماذا تخرج لسانها السليط علينا فقط، بينما تسمح لصديقاتها باستغلالها وهي تعلم ذلك ولا تقوى على ردهن؟.
الثالث: يقول لي بعض الناس إن ابنتي معقدة، والسبب أنني منذ أن كانت صغيرة أوضحت لها أن الأغاني حرام؛ ولهذا فهي لا تحفظ إلا الأغاني الهادفة التي على شاشة قنوات الأطفال ولا تعرف الرقص مثل صديقاتها، بالإضافة إلى أننا نعاني من الظروف الأمنية ولا نستطيع أن نخرجها كثيرا. شكرا جزيلا وأدامكم الله.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلا بك -سيدتي- وندعو الله أن يفرج كرب المسلمين وينصرنا على أعدائنا في مشارق الأرض ومغاربها، ونعتذر سيدتي على التأخير ونأسف لعدم وصول استشارتك الأولى لنا، وحمدا لله أنك استطعت أن تتواصلي معنا ونرحب بك دائما على صفحة معا نربي أبناءنا، كما أود أن أشكرك على اهتمامك ومحاولاتك اتباع الأسلوب الأفضل في توجيه وتنشئة أبنائك، فجزاك الله خيرا.
استشارتك -سيدتي- تتلخص في ثلاث نقاط أساسية:
1. لماذا تتسم ابنتك بالعصبية؟ والسؤال الأهم كيف تستطيع ضبط انفعالاتها؟.
2. لماذا تسلك هذه السلوكيات الفظة بالبيت بينما تتصف باللطف والدعة مع صديقاتها؟.
3. هل الابنة "معقدة" كما يزعم البعض نتيجة أنها حرمت سماع الأغاني منذ صغرها؟.
أولا بالنسبة للنقطة الأولى وهي عصبية ابنتك وعدم قدرتها على ضبط انفعالاتها وخاصة مع عماتها.
بداية ألم تسألي نفسك -سيدتي- لماذا لا تستطيع "عائشة" أن تتحكم وتضبط هذه الانفعالات مع عماتها بالذات؟ أنا واثقة من أنك سألت نفسك والإجابة واضحة تماما لأنهن يعززن عصبيتها بطريقة غير مباشرة فبرغم ما تفعله معهن من عصبية وحدة ولسان سليط -كما ذكرت- إلا أنهن يغدقن عليها الهدايا ويجزعن حين تتمنع عن الطعام ويلححن عليها بالكلام ويمدحنها بمناسبة وغير مناسبة فلماذا لا تتدلل عليهن وتفقد أعصابها معهن وهي من هي عندهن؟!.
من هنا سيدتي يتضح الحل جليا واضحا، وعليك أنت بالطبع العبء الأكبر في علاج الأمر، وذلك يعني إشراك الآخرين معك؛ فلكل دوره الذي سيتم من خلالك إن شاء الله ولنذكره في خطوات حتى يتسنى لك العمل به:
• أولا دورك أنت مع الفتاة:
- حينما يصدر من ابنتك سلوك العصبية تجاهك فلا بد من الحديث مع الابنة بمفردكما بأسلوب ودود حازم قائلة: "أنا أعرف أنك غاضبة وأنا أقدر ذلك تماما لكن الذي لن أقدره هو الطريقة التي تعبرين بها عن غضبك وقد حان الوقت لكي تغيري من هذا الأسلوب، وإذا كنت على استعداد لهذا التغيير فأنا هنا لأساعدك على هذا".
واتركي المكان ودعيها تفكر فيما قلت، فإذا أتت لك وحاولت مصالحتك أو أبدت ندما (وليس شرطا أن تعتذر لفظا) وفي نفس الوقت لم تسألك المساعدة فصالحيها دون أن تفتحي معها الموضوع مرة أخرى، فإذا عادت لعصبيتها فكرري معها نفس الموقف وأعطيها أكثر من فرصة (ثلاث أو أربع فرص) وبعدها إذا عادت لعصبيتها فأعرضي عنها بعد قولك: "لقد جاوزت الحد فاتركيني ولا تتحدثي معي الآن حتى تدركي كيف تتعاملين مع أمك"، واتركيها دون الحديث معها لفترة وأنت متجهمة ومعرضة عنها.
- أما إذا أتت إليك طالبة المساعدة في كيف تتخلص من هذه العصبية فهنا علميها أن الأمر يحتاج إلى صبر وإلى تدرج، ولا تنتهزي الفرصة وتصبي عليها كما هائلا من المواعظ والنصائح، بل ابدئي معها بشكل عملي في عمل جدول يومي تكتب فيه المواقف التي تتعرض لها في كل يوم وتحتاج منها ضبط الانفعال، وعدد المواقف التي استطاعت ضبط أعصابها فيها، وكل مرة تستطيع ضبط انفعالاتها عززيها بكلمة ثناء أو مدح أو احتضان أو تقبيل.
وإذا أخفقت في بعض المواقف فذكريها أن الأمر يحتاج إلى الصبر وقوة إرادة، كما وضحي لها نتيجة كل من السلوكين (ضبط وعدم ضبط انفعالاتها) على حياتها المستقبلية ولن يحدث هذا إلا من خلال علاقة جيدة بينكما ملؤها التفاهم والحب والاستيعاب.
ثانيا دورك مع زوجك:
- لا بد أن تتحدثي مع والد الفتاة وحدكما وتوضحي له ما تفعله الابنة وما سيجره عليها هذا السلوك من متاعب في المستقبل بل ما سيجره من متاعب عليكما أنتما كوالدين.
- عليه بمعاونتك في تعزيز الابنة كلما استطاعت ضبط انفعالاتها فاذكري له المواقف التي جاهدت نفسها فيها (إن لم يكن لديها مانع من معرفة الأب لهذه المواقف، أما إذا كانت لا تحبذ ذلك فيمكن فقط أن تذكري له أنك مسرورة منها)، وعليه حينئذ أن يثني عليها أو يفاجئها بهدية (لا تكثرا من الهدايا والأفضل التشجيع والتعزيز المعنوي).
- عليه أن يتعامل مع "عائشة" بشيء من الحزم أمام عماتها ليعرفن أنه لا بد من الحزم معها وأنه يرفض أسلوب التدليل.
- كما أنه لا بد -من آن لآخر- أن يوضح لعماتها بطريقة غير مباشرة أثر الهدايا والمدح المفرط للفتاة، فإن ذلك سيجعل منها شخصية مغرورة لا تقبل النقد أو إصلاح نفسها إلى جانب فقدانها الثقة بالنفس عندما تتعامل مع غيرها وتجد أنها ليست بهذه الصورة التي رسمنها (عماتها) لها مما يصعب عليها التواصل الجيد مع الآخرين وتعاليها عليهم، ناهيك عن الأمراض النفسية التي يمكن -لا قدر الله- أن تصاب بها لو ظللن على هذا المنوال.
- ثالثا دورك مع عمات الفتاة:
- يتضح من رسالتك أن عمات الابنة لا يجدن ما يشغلهن عن الفتاة؛ ولذا فقد صبت كل منهن جل حنانها وعطفها وحبها عليها؛ ولذا أقترح عليك بأن توجهي طاقاتهن وأوقاتهن إلى ما يفيد الغير وما أكثرها وخاصة في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق.
- أما بالنسبة للنقطة الثانية، وهي لماذا تتصف باللطف والدعة مع صديقاتها خاصة أن هناك من يستغلها، فذلك يرجع إلى طبيعة المرحلة العمرية التي تمر بها ابنتك، فمن سمات النمو الاجتماعي في هذه المرحلة هي أن يصبح الطفل اجتماعيا ويحاول أن يجد له الأصحاب بعيدا عن البيت ويحاول استرضاءهم بكل ما يملك من مال وجهد ووقت، ويتحمل منهم ما لا يتحمله من أهله أملا في قبوله كفرد في الجماعة بل ويتقرب إلى من يتزعمهم، وتتسم صفات الزعيم بالقدرة على السيطرة على الآخرين وبقوة الشخصية والتفوق الجسدي أو الرياضي.
ومن هنا يتضح لك لماذا تستجيب عائشة لصديقتها التي تستغلها أحيانا، وحتى يمكنك توعية ابنتك بنوعية الأصدقاء والصحبة التي تلتزمها، فلا بد أن يكون لك دور في بناء الثقة بينكما وإقامة علاقة حميمة وطيدة تسمح بمصارحتك والتحدث معك، فإن ذلك يمتعها بحصانة تحميها من أن تصاحب الصديقة السيئة، ويجعلها تتخير أصدقاءها بتمعن، ويمكنك الاطلاع على موضوعات عدة عن العلاقة الموجبة بين الآباء والأبناء طرحت على هذه الصفحة سأوردها لك في نهاية الاستشارة.
- لا تحاولي وعظها بشكل مباشر أو تشويه صورة صديقتها التي تستغلها فإن ذلك سيجعلها تتمسك بها وبصدقاتها أكثر، ولكن يمكن من خلال الحوار والعلاقة الجيدة -كما ذكرت- والصداقة بينكما أن توضحي لها الفرق بين الصداقة الحقيقية والصداقة القائمة على المنفعة والاستغلال، واحكي لها قصصا حقيقية صادقة عنك وعن صديقاتك وأنت صغيرة، فإن لم تجدي ما تثري به ابنتك من هذه القصص فيمكن من خلال قصص المعارف والأقارب وقصص الأنبياء والصالحين.
- أما بالنسبة للنقطة الثالثة وهي عما يقوله من حولك من أن ابنتك "معقدة" بسبب أنك حرمتها من سماع الأغاني كما تفعل صديقاتها.. فإنه من الواجب أن نربي أبناءنا على القيم والخلق الإسلامي الصحيح ولكن ليس بصورة فيها تشدد أو مبالغ فيها، وكثير من الآباء والأمهات يقعون في أخطاء عدة حينما يتجهون هذا التوجه الإسلامي فهم يبدءون بالمحرمات والممنوعات قبل البدء في تعليم الأخلاقيات الأساسية التي تحكم هذا الدين مثل الصدق الأمانة العدل الرحمة الرفق الشورى بر الوالدين الوفاء بالعهد الإخلاص حق الجار كف الأذى عن الناس السعي في قضاء حوائج المسلمين، وما إلى ذلك من هذه المبادئ القائم عليها الدين الإسلامي.
ولذا فأنا أفضل أن تقومي بتعليم هذه القيم أولا وتوفير القدوة الصالحة التي تتعلم منها الفتاة لتسير على نهجها وليس أفضل منك ومن والدها في هذه المرحلة العمرية لتقتدي بكما، وقص سير الأنبياء والصحابة والتابعين بطريقة شائقة، ويمكن أن تربطي الفتاة بجذورها وقص حكايات البطولات في بلدها وفي تاريخ أجدادها في الأمة الإسلامية.
ويمكنك أن تستعيني ببعض كتب الأشعار الراقية الخاصة بالأطفال مثل أشعار شوقي للأطفال لتتعلم كيف تفرق بين الذوق الرفيع وغيره من الغث، ومن ثم تختار بل وتتذوق فيما بعد الجيد الراقي مما تسمع وتشاهد وتقرأ- حتى إذا حادت قليلا عن هذا الطريق وهذه الآداب أو تمردت عليها فترة من عمرها خاصة في سن المراهقة فإنها ستعود لما تربت ونشأت عليه عما قريب.
ثم بعد ذلك علميها المعايير والمقاييس التي تختار على أساسها ما تشاهده وما تسمعه وما تقرأه، وهي تحدد بعد ذلك ما تختاره ومن هذه المعايير: الموضوع الذي تتناوله المادة المسموعة أو المرئية، العفة والاحترام، الرقي وحسن الذوق (وأنصح أن تستعيني بكتاب الحلال والحرام للدكتور يوسف القرضاوي).
وأخيرا وقبل أن أتركك نتواصى بالدعاء لأولادنا بل لعامة المسلمين، ونرجو منك مزيدا من التواصل والمتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/322)
مشاغبة ولا تذاكر.. ماذا أفعل؟ ... العنوان
السلام عليكم.. أنا جد سعيدة لتمكني من الاتصال بكم، ولكم جزيل الشكر على مجهوداتكم الطيبة.
ابنتي عمرها 5 سنوات و7 أشهر، وهي ذكية ومحبوبة واجتماعية تستطيع الانسجام مع كل الناس. ولكن أنا دائمًا أحس بأنني مقصرة في بعض الجوانب من التربية مما أثر في بعض سلوكياتها. مثلاً عندما جاء أخوها الصغير كان عمرها سنة و9 أشهر وكنت مريضة جدًّا، وكان عبد الرحمن صعب جدًّا في تربيته؛ إذ لم يكن يكف عن البكاء لا بالليل ولا بالنهار.
وهذا الأمر كان يؤثر عليّ من الناحية الصحية والعصبية، فينعكس ذلك سلبًا على الصغيرة خولة التي حرمتها أولاً من الرضاعة الطبيعية بسبب الحمل، ثم من الحنان الكامل بسبب الولادة. بالنسبة إليها هي متفوقة في دراستها، ولكن معلماتها يقلن بأنها مشاغبة، وأخاف أن يؤثر هذا على مستواها.
وعندما أحاول أن أدرس معها في البيت أجد نوعًا من الصعوبة في استجابتها ولا تقوم بالواجب إلا بالضغط أو بالترغيب أو بالترهيب، فلا أعرف هل هذا أمر عادي في هذه السن.. أيضًا حاولت أن أدخلها لتتعلم وتحفظ القرآن مع صديقتين لها في المدرسة في بيت إحدى الأخوات، فسببت لهن مشكلة؛ إذ كانت تعرقل الدرس باستمرار بسبب مشاغبتها.
ففي أول حصة قالت لي الأم صاحبة البيت بأنها جاءتها هستيريا من الضحك والجرأة على الأستاذ، حسب تلك الأم، وقد وبّخت خولة ولم أكلمها بسبب هذا التصرف وبدأت تبكي وتعتذر وتقول بأنها لن تعيد الأمر ثانية، وبعد حصة أو حصتين من الانضباط استطاعت أن تحفظ 3 سور من الحزب الأخير بحماس واجتهاد، ثم عادت إلى المشاغبة، وعادت صاحبة البيت إلى الشكوى بدعوى أن خولة لا تترك الأخريين تتابعان الحفظ، مع العلم أنهما في نفس سنها ويضحكان لتصرفاتها.
المهم أنني اضطررت إلى توقيفها حتى لا يؤثر هذا الأمر في حبها للقرآن؛ إذ إنني كنت أعاقبها في كل مرة يشتكى منها، وهي أيضًا طلبت عدم الذهاب. وقد أثر في هذا الأمر تأثيرًا شديدًا؛ إذ الطفلتان الأخريان تتابعان الحفظ، فهل أنا قصرت في تربية ابنتي على الأخلاق الإسلامية، مع أنني أحرص كل الحرص على هذا الأمر.
آسفة جدًّا على الإطالة، ولكن أنا أحس بأنني تائهة في مسألة التربية، فأنا أسمع الكثير من الآراء المتناقضة في مجال التربية.. لا أعرف أيًّا منها الصحيح، مع أنني كثيرة النقاش مع إخوتي ومع الأصدقاء، مثلاً استشرت إخوتي الأكبر مني وعندهم أطفال وهم متدينون حول مسألة المشاركة في الحفلات المدرسية التي تكون برامجها مختلطة بالغث والثمين فأشاروا عليّ بتركها، ولكنها تشارك في بعض الأغاني والرقصات المحتشمة؛ لأنها كانت متحمسة جدًّا للمشاركة، حيث إن كل صديقاتها سيشاركن في الحفلة، وقد يؤثر عدم مشاركتها في نفسيتها فشاركت في حفل نهاية السنة، حيث يوزعون النتائج والجوائز، وكانت فرحة جدًّا؛ لأنني تركتها تشارك بعد منع.
وقد كنت أحدثها باستمرار عن رفضنا واستنكارنا لتلك الرقصات والأغاني التي لم نتعود على سماعها. بعد ذلك طرحت الأمر على أحد الإخوة فقال لي بأن ما فعلته منكر عظيم يجب أن أستغفر ربي منه. أنا حقًّا حائرة في كثير من الأمور، ولكني لا أود أن أثقل عليكم بتشتت أفكاري، وأرجو أن يتسع صدركم للإجابة على تساؤلاتي بالتفصيل، وإعطائي بعض الخطوط العريضة للطريقة المثلى لتنمية الجانب الديني في أطفالنا دون أن يحسوا بالملل أو بأنها فروض ثقيلة عليهم، ولكم مني كل الشكر والامتنان.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
بل نحن الذين نشكرك على الاتصال بنا، وسعداء بذلك، وندعو الله تعالى أن نكون وإياك على هدى ونور مبين.
سيدتي.. أوردت في رسالتك عدة نقاط أبلورها فيما يلي حتى يسهل الرد بشكل عملي:
1. تشكو المعلمات من "مشاغبة" خولة بالفصل.
2. لا تذاكر الطفلة إلا تحت ضغط أو بالترهيب والترغيب.
3. الآراء التربوية المتناقضة التي تسمعينها وبأي منها تأخذين؟.
أولاً: بالنسبة لشكوى المعلمات من "مشاغبة" الطفلة في الفصل
سيدتي من خلال رسالتك استنتجت طبيعة ابنتك النشطة الذكية التي ترفض أن تخضع لروتين أو برمجة آلية في التعامل فهي مرحة تحب الحركة والنشاط، وهذه علامات التفوق والنبوغ إذا ما أحسنا التصرف معها، كما أن الطفلة لا تحتاج أكثر من فهمها واستيعابها وقبولها، ويكون ذلك عن طريق:
• إظهار الحب والحنان والسعادة بها وذلك بالتقبيل والاحتضان من حين لآخر، خاصة قد ذكرت أنها حرمت من هذا لأسباب ذكرتها بمقدمة رسالتك.
• التأكيد والتركيز على الجوانب الإيجابية في الطفلة وهي كثيرة ورائعة، مع غض الطرف عن سلبياتها قليلاً، بمعنى: تعزيز سلوكياتها الإيجابية فحين تلاعب أخاها أو تمازحه -مثلاًً- فأثني عليها وقبليها، وأثني على تفوقها بالدراسة وعلى ذكائها وعلى كونها محبوبة من الناس وعلى مساعدتها لك في ترتيب المنزل وعلى حسن تصرفها في بعض المواقف... إلخ، واذكري لها كم أنت محظوظة لأن الله أنعم عليك بها، واذكري بعض هذه المزايا لأبيها على مسمع ومرأى منها (ولكن أرجو أن يكون ذلك كله في إطار الوسطية وعدم الإفراط فخير الأمور الوسط، مع الانتباه لعدم إغفال حق أخيها في كل هذا).
• امرحي معها واملئي البيت بالضحكات والنكات، فالطفل بطبيعته يحب المرح ومارسي معها بعض الأنشطة والألعاب بالمنزل وخارجه بمشاركة الأب والأخ بالطبع، وهذه الأنشطة ليس الهدف منها الإمتاع والتقارب بينكما فقط، بل هو أسلوب تعليمي أيضًا، وهو الأسلوب الأمثل الذي يناسب طبيعة ابنتك؛ ولهذا السبب تحديدًا لم تستمتع بدرس القرآن؛ لأنه رتيب ويسير على منوال واحد (يمكنك الاطلاع على العديد من هذه الأنشطة من خلال ملف صيف ذكي جدا! وكذلك يمكنك الاطلاع علي موضوعات عن أساليب حفظ القرآنتجدها في الروابط التالية:
التشجيع أولي خطوات حفظ القرآن
الترغيب في حفظ القرآن الكريم
المنهج السليم لتحفيظ القرآن الكريم
• حاولي الاطلاع على كتب متخصصة في فهم المراحل العمرية التي يمر بها أبناؤك لمساعدتك على إشباع احتياجاتهم وفهمهم والتعامل معهم بصورة أفضل، ويمكنك الاطلاع على أي كتاب يحمل عنوان علم نفس النمو أو سيكولوجية النمو.
• تحلي بالصبر -سيدتي- حتى تحصلي على النتيجة المرجوة، واعلمي أنك حين تبدئين في الخطوات السابقة لن تحصلي على النتيجة سريعًا، بل ستجدي من طفلتك عنادًا وتمسكًا بسلوكها السابق في بادئ الأمر؛ وذلك لأنها اعتادت على هذا السلوك، ومن ناحية أخرى أنها غير متأكدة من أنك بدأت استيعابها وفهمها وقبولها، فأرجو ألا ينفد صبرك وتعودي لأسلوبك السابق معها.
تأكدي سيدتي أنك إن فعلت ما ذكرته لك آنفًا فسوف تجدين تبدلاً عظيمًا في شخصية ابنتك مع احتفاظها بكل مزاياها، بل ستجدينها أيضًا تستجيب للمذاكرة دون ترهيب أو عقاب، وبالتالي لن تشكو المدرسات من مشاغبة ابنتك، وإن كنت لا أدري ماذا يقصدن تحديدًا بكلمة "مشاغبة".
ويمكنك الاطلاع على:
دليل الآباء لتفوق الأبناء
إستراتيجيات التركيز والانتباه
وأخيرًا سيدتي.. لم يتبق إلا الرد على نقطة التناقض في الآراء التربوية التي تسمعينها: وهذا بالطبع وارد حينما نسأل غير المتخصصين في المجال "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
فأنت على سبيل المثال إذا شكوت من ألم في جسدك -لا قدر الله- فإنك لن تذهبي للمهندس مثلاً لعلاجك وإنما ستذهبين إلى الطبيب؛ ولذا فإذا عنَّ لك أمر أو التبس عليك شيء تربوي فعليك اللجوء إلى المتخصصين في المجال التربوي، وأنا لا أزعم أنهم -أي التربويون- يتفقون على كل الآراء التربوية، بل ستجدين اختلافًا أيضًا، ولكن الفرق أن اختلاف التربويين مؤيد بحجج علمية عقلية لك أن تجريها على عقلك، وتأخذي منها ما يناسب ظروفك وبيئتك وثقافتك فتطبقيه مع الدعاء المستمر بأن يلهمك الله تعالى الصواب والرشاد.
وأما بالنسبة لمن أفتاك بحرمة اشتراك ابنتك في الحفلات المدرسية فهذا يتوقف على ما تقدمه المدرسة وطريقة التقديم، ولا أظن أن أية مدرسة ستقدم للأطفال أغاني ماجنة ورقصات خليعة، وهذا هو الفيصل في الحل والحرمة، فمن حق أبنائنا أن يمرحوا ويلعبوا ويتحركوا كغيرهم من الأطفال حتى لا ينشئوا أغرابًا منعزلين، وحتى تنمو شخصياتهم نموًّا سويًّا، بل عليك تشجيع ابنتك بالاشتراك في الأنشطة المختلفة بالمدرسة مثل الإلقاء والخطابة والصحافة والإذاعة المدرسية... إلخ إذا كان هذا متاحًا في مدرستها الآن إلى جانب الحفلات أو غير الحفلات -إذا كان في الحفلات ما لا يصح إسلاميًّا.
وأخيرًا.. أسأل الله عز وجل أن يلهمك الرشاد وحسن السداد، ويُسعدني ويُسعد القائمين على هذه الصفحة أن تلتقي بنا مرة أخرى للمتابعة ولمزيد من الاستفسارات.
ـــــــــــــــــ(104/323)
السرقة لدعم احترام الذات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. مشكلتي مع طفلتي (5 سنوات) ألاحظها منذ فترة ولا أعتبرها مشكلة إلا في آخر موقف حدث منها، فقد لاحظت منذ فترة أنها عندما يعجبها شيء ما تأخذه حتى لو كان من عند أحد من أقاربنا، وبالطبع يكون تافهًا وعندما أسألها تقول اشتريته أو طنط أعطته لي، ثم أسأل خفية هذه الصديقة فأعلم أنها لم تعطها شيئًا، وحاولت تدارك الأمر فيما أعلمه وشرحت لها الفرق بين ما نملك وما لا نملك، وأخبرتها أنها عندما يعجبها شيء ما تطلبه مني، ولكن حدث أن فوجئت بها تعطي جدتها هدية ثمنها قروش بسيطة، وعندما سألتها عنها مع المدح طبعًا للهدف النبيل وهو إهداء جدتها فقالت اشتريتها من محل يملكه عمها سألت عمها خلسة، فقال لم يحدث وظننت أنها أخذته من أدواتي، ولكن اكتشفت أنها وجدته في أدوات خالتها وأخذته وأعطته لجدتها.. لم أعلمها بالأمر ورحت أمدح سلوكها في إهداء جدتها وأخبرتها أن تطلب مني ما تريد لنشتري لجدتها هدية قيمة المرة القادمة، وهنا أشعر أنها تتهرب من هذا الموضوع.
أيضًا أجد أحيانًا أدوات غريبة في حقيبتها تقول لي إنها لزميلتها، وألاحظ حينها أنها تلفق القصص التي أشعر أنها ملفقة، وأتغاضى وأحاول أن أوصل لها ما أريد في حدوتة قبل النوم. كذلك هي تسرد مع صديقاتها قصصًا وهمية عن تميزها ومهاراتها ومدح المدرسين لها، وتكاد تبكي عندما تعلم أني علمت أو سمعت بهذه القصص، ولو أني لا أصدمها أبدًا وأحاول أن أمدحها رغم أنها تتكاسل في أداء واجباتها مؤخرًا فقط كما تتثاقل عن غسل الأسنان، والنظافة، وترتيب ملابسها رغم أنها تدرس ذلك لزميلاتها. كما أنها أصبحت عدائية قليلاً مع أخيها الصغير 3 سنوات، وهذا كله جديد عليها. جزاكم الله كل الخير. ... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة السائلة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أولاً: فإني أشكر الله إليكم هذا الحرص على أبنائكم، وكذلك اجتهادكم في تنشئتهم ورعايتهم ومتابعتهم.
ثانيًا: فإني أحييكم على هذا الأسلوب الراقي، والشرح الطيب الدقيق، وهذه المشاعر الوالدية الدفاقة.
ونعود لحالة طفلتنا الحبيبة الصغيرة، فهي من تساؤلكم تجمع بين مشكلتين سلوكيتين، وهما (السرقة والكذب).
وهما من المشاكل السلوكية التي ترتبط ببعضها، فالسارق دومًا يكذب؛ ليغطي على فعلته أو ليبررها!.
ولتوضيح ذلك، وللرد على استفساراتكم؛ ردًّا شافيًا، كافيًا، سنجعله بعونه سبحانه في نقاط منهجية؛ على هيئة أسئلة بسيطة، وإجابات عنها أبسط. وسيكون تركيزنا على السرقة. التي سنتناول أولاً أبرز دوافعها، ثم طرق الوقاية منها، ثم طرق العلاج لمن وقع فعلاً بالمشكلة.. فهيا بنا.
أولاًً: ما هي أبرز أسباب ودوافع السرقة عند الأطفال؟
1 - عدم فهم الأطفال أن للآخرين حق الملكية الخاصة، فلا يميز بين الاستعارة والسرقة.
2 - شعور الطفل بالحرمان؛ فيسرق ليعوض حرمانه من الحب الأبوي أو الحنان المفقود أو الاحترام الغائب، أو الجوع القاتل.
3 - التقليد؛ فقد ينفعل بنموذج سيئ فيقلده دون دراية، والخطر أن يكون هذا النموذج أحد الوالدين.
4 – السرقة بهدف تدعيم احترام الذات بين الأقران.
5 - التفاخر بما يمتلكه أمام الأقران.
6 - التخلص من مأزق معين؛ كعقاب الوالدين لتضييعه النقود.
7 - التوتر الداخلي عند الطفل؛ كالاكتئاب أو الغيرة من الطفل الجديد بالأسرة، فيحاول بالسرقة أن يكتسب الشعور الداخلي بالارتياح.
8 - الجهل بمعنى السرقة.
9 - سيطرة قرناء السوء، خاصة أطفال الأسر المفككة، أو الأطفال منخفضي الذكاء.
10 - التدليل الزائد، فأي منع له من الحصول على غرضٍ ما كما تعود؛ يدفعه للسرقة.
11 - البيئة غير السوية، فيكتسب منها القيم الإجرامية التي بها يستحل السرقة ويستمرئها.
12 - العناد للإساءة لوالديه.
13 - مجرد عادة منذ الصغر، لم تكتشف ولم تقوّم من قبل الوالدين.
ثانيًا: ما هي أبرز طرق الوقاية من السرقة عند الأطفال؟
1 - ازرع في طفلك القيم الطيبة.
2 - احترم خصوصيات الطفل قبل أن تطالبه باحترام خصوصيات الآخرين.
3 - ركّز على خلق الأمانة كخلق إسلامي أصيل.
4 - كُن قدوة صالحة أمام ولدك.
5 - كوِّن علاقة حميمية مع ولدك.
6 - كن صديقًا لولدك.
7 - اجعل لولدك مصروفًا منتظمًا.
8 - لا تترك محفظتك أمامه.
9 - علِّم ولدك معنى وكيفية استعارة أشياء الآخرين.
10 - راقب طفلك وتابع نشاطه اليومي.
11 - اهتم بمعرفة سمة المرحلة التي يمر بها طفلك.
12 - احرص على تطبيق فن التعامل مع سمات المرحلة التي يمر بها ولدك.
ثالثًا: ما هي الخطوات الثلاث المنهجية لعلاج داء السرقة عند الأطفال؟
الخطوة الأولى: الفهم؛ أي فقه المرحلة وفن التعامل معها:
وسنعطي مثالاً عمليًّا على ذلك بالمرحلة السنية لحبيبتنا ذات الخمس سنوات، فيما يتعلق بـ:
(1) فمن مظاهر وسمات الجانب العاطفي (النفسي والاجتماعي) للسن (5) سنوات والتي تتجلى عند الطفل في أنه:
1 - يبحث عن لفت الانتباه الفردي.
2 - يظهر الجدية أحيانًا.
3 - يظهر بعض اللحظات العصبية.
4 - غالبًا ما يكون الطفل حساسًا وانطوائيًّا.
5 - يحب المساعدة والتدخل.
6 - يعبر عن حبه للآخرين سواء بالكلمات أو القبل... إلخ.
7 - بداية التمتع بالمنافسة.
8 - حسّاس للتواضع والرحمة معه.
9 - يحب اللعب الخشن والفوضوي.
10 - يستجيب جيدًا للسلطة الضابطة (العدل، العقوبة، والنظام).
11 - لا يفهم المطلوب منه أو كيفية التنفيذ أو تبرير لماذا يفعل كذا، مما يسبب له حالة من القلق.
ويتطلب هذا مراعاة الأمور التالية في التعامل معه:
1 - تقديم الدعم الإيجابي المستمر له بمداومة التشجيع والتقدير.
2 - الإغداق عليه بالحب بصور الحب المادي والمعنوي (القبلة، الحضن، اللمس...).
3 - تذكيره بالقيم والمعايير. بالطرق المباشرة وغير المباشرة في أغلب الأوقات من خلال الحكاية والقدوة والمواقف التمثيلية.
(2) أما مظاهر وسمات الجانب الفكري للسن (5) سنوات فمنها:
1 - تعلم القراءة والكتابة والعد.
2 - يهتم ويعجب بالقدرات الجسمية، ودائمًا يسأل: (لماذا؟) عن حركات الجسم.
3 - بداية التعبير عن الآراء ووجهات النظر الشخصية.
4 - بداية فهم العمل الجماعي.
5 - لديه قدرة كبيرة على الإبداع.
6 - يحب ويندفع للتعلم ليرضي الآخرين.
7 - توسيع الاهتمامات (التلفزيون - ألعاب الإيقاع الحركي - والجمباز).
8 - يحب أن يكرر الحركات والأنشطة المعروفة والتي يمكن إتقانها.
ويتطلب هذا مراعاة الأمور التالية في التعامل معه:
1 - الدعم الإيجابي: بالتشجيع والتقدير لكل هذه الجوانب.
2 - العمل على اكتشاف مواهب الطفل وتنميتها.
3 - الاستماع الجيد له.
4 - خلق جو مستمر وحميمي من الحوار المستمر مع الطفل.
5 - بناء روح الفريق وإتاحة الأجواء له: تنمية اللعب والمشاركة الجماعية.
الخطوة الثانية: المصارحة:
وهي جلسة خاصة مع الصغير أو الصغيرة المبتلى بالسرقة؛ تتميز بالآتي:
1 - الهدوء.
2 - مراعاة فقه وفن التعامل مع مرحلته العمرية.
3 - سيطر على انفعالاتك، فلا تبالغ في غضبك أو شعورك بالصدمة، أو خيبة الأمل.
4 - تجنب الاتهام المباشر.
5 - الاستفسار عن مدى وعيه وإدراكه لفعله.
6 - السؤال عن الدافع أو السبب من وراء الفعل. (راجع الأسباب والدوافع)
7 - إذا اعترف كان العلاج سهلاً.
8 - إذا لم يعترف تكون المواجهة والمصارحة الكاملة.
الخطوة الثالثة: المواجهة:
1 - توضيح معنى السرقة وحكمها وعقوبتها بالطبع بما يتناسب مع فهم الطفل والمرحلة العمرية والعقلية التي يمر بها، وبلغة متناسبة مع كل ذلك.
2 - سد حاجة الطفل بتوازن دون إسراف أو تقتير، مع الحرص على إعطاء الطفل مصروف مناسب للمستوى الاجتماعي الذي يعيش فيه، وكذلك الذي يحتك به في المدرسة أو النادي.
3 - عالج السبب أو الدافع.
4 - وضع المعايير: أي الاتفاق على الحوافز أو العقوبات المتوقعة للفعل.
5 - المحافظة على سر الطفل أمام الآخرين.
6 - المتابعة والمراقبة اليومية.
7 - الحزم في المواجهة وفي تطبيق المعايير.
8 - اللجوء إلى اختصاصي نفسي في حالة استمرارية الفعل بدون نجاح العلاج أو تصميم الطفل على السرقة.
وأخيرًا.. سيدتي الفاضلة الدعاء؛ فلا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ:
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا". [الفرقان: 74]
فستكون بحول الله سبحانه، قرة أعين لوالديها ولأمتها، وستكون للمتقين إمامًا؛ علميًّا وخلقيًّا وسلوكيًّا.
وأخيرًا.. تقبلوا السلام والدعاء الخالص لكم. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ـــــــــــــــــ(104/324)
انتبهي أنت سبب عناد طفلك ... العنوان
ابنتي تبلغ من العمر 4 سنوات، وهي الكبرى، لوحظت منذ صغرها بهدوئها الزائد عن حده، وفي الوقت نفسه أنا أعاني من عنادها وعدم اهتمامها بممتلكاتها، مع أني أكرر دائما عن أهمية هذا الشيء وأعطيها في بعض الأحيان مكافأة وأمدح من هم في سنها من الأطفال الموجودين في المنزل، وهي لا تدافع عن نفسها أمام من يعتدي عليها من الأطفال الذين في سنها أو حتى أصغر منها ولا تملك سوى البكاء.
كلما وبختها على هذا السكوت لا ترد عليَّ، ولو طلبت منها مساعدتي أو حتى إعادة ما قامت بكركبته أو عبثت به ترفض ولا تستجيب لي إلا بعد التهديد والصراخ عليها؛ حتى أصبحتُ كثيرة التوبيخ والضرب لها.
وأنا ألوم أحيانا نفسي لقسوتي معها مع هدوئها، إلا أنني أفقد أعصابي لعدم استجابتها لي، وكلما رأيت الأطفال من حولها وهم ممن هم مع الشقاوة يستجيبون لكلام أمهاتهم زادت قسوتي عليها.. وأيضا كلما حاولت تعليمها القرآن أو الحروف أو الأرقام وجدتها لا تستجيب ولا تنصت مع أنها السن المناسبة لتعليمها فأجدها دائما تنفر ولا تنصت.
وأخيرا تتبول في نفسها دائما أثناء النهار، مع أنها في الليل تستيقظ لتذهب الحمام ولا تتبول في فراشها أبدا، وهي تعتدي على أختها الصغرى التي عمرها 10 شهور بطريقة مباشرة أحيانا وغير مباشرة في أحيان أخرى، مع أننا أحاول دائما تحبيبها فيها ولا نظهر أمامها أي اهتمام زائد بأختها.
وأعتذر للإطالة، وأرجو أن تتقبلوا رسالتي بصدر رحب وتفيدوني؛ فأنا ليست لدي خبرة في التربية، وشكرا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور عطاء الله قويدري من فريق الاستشارات التربوية:
الأخت الفاضلة/ أم البنات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أريد أن أطمئنك بالنسبة لطفلتك فهي لا تحتاج منك إلا إلى رعاية وعناية منها الحنان والحب، فلا تدخلي معها في عناد؛ فالعناد لا يولد إلا العناد.
اعلمي -أختي الكريمة- أن ظاهرة العناد عند الأطفال ظاهرة عادية مألوفة في المراحل الأولى من الطفولة، ومن مستلزماتها الأساسية؛ فهي وسيلة لإثبات الذات وبنائها، وشد أنظار الآخرين والتأثير عليهم، سواء كانوا من الأهل أو من غير الأهل، وتتطور أشكال العناد من مرحلة إلى أخرى، ويتم التخلص منها تدريجيا إذا أحسنت تربية الطفل، ونفذت طلباته المشروعة، وأشبعت حاجاته، وأهمها إشباع حاجته العاطفية، وقد ترجع أسباب العناد في مرحلة الطفولة إلى:
1- الرغبة في التأكيد الذات.
2- وضع قيود ضد رغبات الطفل في ممارسة اللعب، وتدخل الأهل في حياته الطفولية وإفسادها.
3- إهمال الوالدين للطفل، وتركه في البيت وحيدا أو مع الآخرين، وعدم اصطحابه معهم في الزيارات أو النزهات.
ولإنهاء مشكلة العناد عند طفلتك يجب عمل ما يلي:
1- إشباع حاجات طفلتك، واحتواء مطالبها الأساسية المشروعة.
2- يجب التخفيف بل التخلي عن كل أساليب القسوة المتبعة في تربية طفلتك.
3- لا تحاولي أن تقاومي العناد بالعناد، ولا تضعي نفسك في مجابهة مباشرة مع طفلتك.
4- أقنعي طفلتك باللين لامتصاص العناد، وذلك يحتاج إلى هدوء أعصاب وقليل من الصبر.
5- يجب خلق جو أسري هادئ خال من الاضطرابات والصراعات.
وبهذه الخطوات إن شاء الله تعالى تستطيعين أن تسيطري على ابنتك وتغيري من طبعها، وتصبح طفلة عادية. وبالله التوفيق.. وينتهي كلام الدكتور عطا الله.
سيدتي الفاضلة، إن كنت أنكر عليك قسوتك فلا تعتبري نصيحتي لك هذه وكلماتي قسوة عليك، وإنما هي صراحة المحب الشفوق عليك مما تفوتينه على نفسك من متعة الأمومة وما تضعين نفسك به تحت مساءلة الله تعالى حين تضيعين أمانة الله في رعاية طفلك.
مشاكل طفلتك ما هي إلا رد فعل لقسوتك عليها، فحين تنصفين نفسك بعودتك للهدوء، ومعرفة أن التربية هي عملية توجيه للأبناء وليس تشكيلا لهم على حسب ما نرغب وكأنهم ممتلكات لنا وكأنهم آلات من العجين نريدها هكذا فيكونون كذلك، ولتقفي مع نفسك لدقائق وتخيلي أن زوجك يمارس معك نفس الأمر يخضعك بالقوة لتكوني المرأة التي يريد دون مراعاة لنفسيتك وخصائصك والظروف التي تمرين بها.. هل تقبلين منه ذلك؟ وهل يمكن أن تستجيبي له؟.
لن أطيل عليك في هذه الرسالة بملاحظات أو نصائح كثيرة؛ فأساس الحل أتركك مع اكتشافه عبر هذه المعالجات التالية التي سبق بالشكوى فيها أمهات مثلك يعانين من نفس ظروفك فربما تعينك وبعدها تتضح الصورة أمامك ليبدأ الحديث بيننا من جديد وأنت من سيديره بإذن الله...المحررة.
ـــــــــــــــــ(104/325)
عشرون طريقة لمواجهة تمرد الطفل ... العنوان
ابني -8 سنوات- عاطفي وحنون جدا، ولكن لديه الكثير من السلوكيات الصعبة التي أفقد معها السيطرة على نفسي، مع أني امرأة قوية، وأقصد بذلك أني أمتلك من الإرادة والإيمان ما جعلني أتفوق وأتميز في أمور عديدة، إلا أني أشعر بإحباط وألم عميق عندما أجد نفسي أفشل أمام صغيري الذي جعل الله له في قلبي حبا يختلف عن الآخرين، ولكنه بتصرفاته لا يسمح لي أن أعبر عن حبي هذا في جميع الأوقات، فتنقلب إلى جدل وصوت عال وغضب لسلوكه الذي يتركز على الإهمال وعدم الجدية في أعماله أو بشخصيته؛ فهو يحاول أن يجعل نفسه مهرجا أغلب الأوقات ولا يتصرف بشكل عادي، لا أريد منه أن يكون متزنا وحكيما، ولكن طفلا عاديا.
ثم إنه لا يتحمل مسئولية أي عمل وينسى ولا يهتم بما يجب عليه؛ فواجباته يجب أن أذكره بها عدة مرات لكي يؤديها، وفراشه وملابسه وكل صغيرة وكبيرة يجب أن أنبهه عليها، مع أني علمته وأخته النظام والمسئولية منذ الصغر حسب ما يتوافق مع أعمارهما، وغالبا ما أجد أخته وهي أكبر منه بسنتين تستجيب بشكل جيد، في حين تكاد استجابته تكون صفرا في أغلب الأمور.
وهذا الملاحظات لا تنطبق في البيت فقط وإنما في المدرسة أيضا؛ فهو لا يتبع النظام والروتين وغالبا ما يقوم بسلوكيات غير مسموح بها سواء بالمدرسة أو البيت أو خارج البيت، كأن يرفض أداء واجب معين في المدرسة أو يرفض القراءة في البيت وأمور عديدة أخرى.
حاولت معه مختلف أنواع الترغيب من خلال جداول المكافآت أو حتى العقاب كحرمانه من بعض الأمور التي يحبها ولكن لم أجد نتيجة إيجابية، وحتى عندما أحاول أن أنذره بالعقاب كأن يحرم من مشاهدة التلفزيون يكون جوابه مثيرا؛ فيقول لا يهمني أنا أستطيع أن أفعل كذا وكذا.
وإذا ما اشتد الأمر بيننا فإنه يفقد أعصابه ويتجاوز حدود الأدب في الكلام، وهذا ما يرعبني؛ لأن الطفل عادة يخاف ويهدأ عندما يثور الكبير أمامه سواء كان والديه أو معلمته أو أي شخص آخر، ولكن ابني يتجاوز كل شيء ولا يدرك مع من يتكلم وماذا يقول ثم يندم بعد فترة قصيرة ويعتذر، وغالبا ما أكون في قمة الحزن، فلا أستطيع أن أشعر به أو حتى أن أتكلم معه.
أنا خائفة عليه كثيرا وأكثر ما يؤلمني هو عدم مقدرتي في السيطرة على أعصابي أمام هذه التحديات، أراجع نفسي كثيرا وأقويها بالدعاء والإيمان، إلا أني غالبا ما أفشل، مزاجي أصبح حادا، وأصبحت لا أستطيع أن أمارس بقية أعمالي بشكل طبيعي كواجباتي نحو زوجي وابنتي وأيضا عملي وحتى علاقاتي الخارجية أصبحت أتهرب منها.
أنا أقرأ كثيرا وأحب أن أتعلم وأثقف نفسي في كل مجال، ولكن تبقى أمنيتي الأولى أن أكون أما ناجحة وصالحة؛ فصناعة الإنسان أمر صعب ونبيل في نفس الوقت، وأنا أريد أن أكون مربية ومصلحة قبل أن أكون أما، ولكني لست راضية عن نفسي لعدم قدرتي السيطرة على غضبي وعصبيتي بالشكل الذي يريحني وينفع ولدي وعائلتي.
أسأل الله لكم التوفيق والسداد والعون على تقديم الحلول، وإن أردتم المزيد من الاستفسار والتوضيح فإني على أتم الاستعداد لذلك.
ملاحظه أود استشارة د/حمدي عبد الحفيظ شعيب إن كان ممكنا أو أي استشاري آخر إن لم يكن ممكنا.
... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة السائلة الأستاذة/ سما السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لكم استشارتنا.
فلقد تساءلتم عن حالة ولدكم الحبيب؛ والذي يعاني من حالة (العناد والتمرد)؛ كما ورد في رسالتكم الطيبة.
أولا: فإني أشكر الله إليكم حرصكم على أبنائكم، واجتهادكم في تنشئتهم ورعايتهم ومتابعتهم.
ثانيا: فإني أحييكم على هذا الأسلوب الراقي، والشرح الطيب الدقيق، وهذه المشاعر الوالدية الفائقة، ولِمَ لا وقد جعلكم الحق سبحانه أحق الناس بصحبة الأبناء، وأن الجنان تجري تحت أقدامكن؟!!.فهنيئا لأبنائكم هذه الوالدية الراقية. وهنيئا لكنَّ تلك المنزلة الربانية الخالدة.
ثالثا: فمعذرة؛ لتأخر ردي؛ وذلك لأنني عادة ما أتمهل في أي قضية أكتب عنها؛ لأفيد إخواني بحق، ولأمر آخر هو طلبكم استشارة شخصي وبالاسم؛ لذا فإنني أسأله سبحانه التوفيق.
ونعود لحالة ولدكم الحبيب؛ فهي من تساؤلكم تجمع بين حالة "الطفل العنيد والمتمرد".
ولتوضيح ذلك، وللرد على استفساراتكم؛ ردا شافيا، كافيا، سنجعله بعونه سبحانه في نقاط منهجية؛ على هيئة أسئلة بسيطة، وإجابات عنها أبسط.
وهو ملخص لرسالتين بعنوان "ولدي.. عنيدا!" و"ولدي.. متمردا!"، وهما من الرسائل التي يصدرها مركز ولدي الذي أرؤسه تحت سلسلة "منهجية الاستثمار في الأبناء".
أولا: ما هي أبرز أسباب العناد والتمرد عند الأطفال؟
إن أصعب الأعباء التي يواجهها الوالدان؛ هي سلوكيات الأبناء الغريبة.
ومن أخطر الأعباء التي يتحملها الوالدان؛ هي سوء التعامل مع هذه السلوكيات.
فقد تنزل من قدر الوالدين، ويستشعر الأبناء هذه الندية، فتقوى في نفوسهم ملكة العناد والتمرد، فينسحب الوالدان وتنكمش سلطتهما، فيبادر الأبناء بمحاولة كسب المعركة وملء هذا الفراغ التربوي، ويتجاوزون حدود مسئولية الوالدين، ويمتدون إلى منطقة سلطة الوالدين، وتنشأ روح التمرد.
وهذه من أخطر الأخطاء التربوية في علاقة الوالدين بالأبناء؛ وهي "ظاهرة الندية والتمرد التربوية".
والتي من أبرز ظواهرها؛ هو ضعف قدر الوالدين.
ومن أبرز نتائجها؛ هو تمرد الأبناء.
وتأملي هذه المتوالية أو المعادلة التربوية:
سلوك غريب(من الابن) + خطأ والدي تربوي -> ضعف قدر الوالدين -> ظاهرة الندية التربوية -> التمرد.
وتعالي نتناول الموضوع على أقسام:
القسم الأول: أسباب ظاهرة الندية التربوية؟ وهما نوعان من الأسباب:
الأول: أسباب والدية:
أي أسباب تعود إلى خلل في علاقة الوالدين بعضهما البعض وروافدها التالي:
1- صراع الديكة الوالدي:
حيث ينشأ الأبناء وكأنهم في حظيرة للدواجن؛ يتصارع فيها الوالدان، ويتناحران كالديكة أمام الأبناء.
2- الأسرة الخماسينية:
وهي الحالة المرضية الاجتماعية؛ التي ينشأ الأبناء فيها في أجواء مغبرة عاصفة متربة بالخلافات الأسرية، كرياح الخماسين المؤذية.
3- الازدواجية التربوية:
وتنشأ من تضارب قرارات الوالدين والكبار عموما أمام الصغار؛ فالأم تعطي قرارا، والأب يعطي قرارا. والابن لا يعرف أي قرار سينفذ فهذه التضاربات قد تجعل للابن قوة وعدم الطاعة لكليهما.
الثاني: أسباب والدية أبنائية:
أي أسباب تعود إلى خلل في علاقة الوالدين بالأبناء وطريقة تعاملهما معهم، وروافدها:
1- السلطوية أو الدكتاتورية:
عندما يفرض الوالدان القضايا والآراء على الأطفال بتعسف؛ دون محاولة سماع أرائهم.
2- التنابز بالألقاب:
أي يضع الوالدان تعريفا أو صفة سيئة للطفل؛ فيعرف بها، ويتعايشها وتصبح جزءا من شخصيته.
3- النشأة داخل الصوبة الزراعية:
وهو الأسلوب التربوي الوالدي الذي يربي الأطفال على الحماية الزائدة.
4- الإسراف في التدليل:
فلا يجرؤ الوالدان على قول: لا للطفل ولمطالبه.
5- البيزنطيات:
ونقصد بها اللقاءات كثيرة الجدال؛ فيكون حوارك مع أبنائك؛ بأسلوب المهاترات بين الأخذ والرد. وتكثر من ترديد: أنا قلت لك كذا!. ولماذا لم تفعل كذا؟. ولماذا تقول كذا؟.
فهذه جميعها مهاترات لا تؤدي إلى نتيجة سليمة بتعاملك مع ابنك.
6- حوار الطرشان:
حيث يكون الحوار بنبرة الصوت المرتفعة، أو الصراخ بلا ضوابط.
فإن الصراخ بوجه الابن ومواجهته بكل شدة سيعطيه هذا الأسلوب قوة وستصبح ندا له كلما استعملت معه هذه الطريقة وهذا الأسلوب الخاطئ.
7- القرقعة بدون طحن:
فتكثر من التهديد مع عدم إمضاء العزيمة، ومعنى هذا لا تهدد بأمر لن تنفذه.
8- صواريخ الغضب:
فيكون الموجه لرد أفعالك؛ هو الغضب والانفعال، والتصرف بموجبه لا بموجب العدالة.
وتكثر من ترديد: سأضربك!. سأحرمك!. سأقتلك؟ وتنساق وراء انفعالاتك النفسية في لحظات الغضب لا بموجب التفكير السليم.
9- الاستعقاق التربوي:
بأن تستهدف ابنا محددا بالنقد والتجريح، أو أن تستأثر أحدهم بكرمك وعطفك دون الآخرين.
10- تساقط الزلات:
فتحاسب الأبناء على كل الأخطاء سواء كانت كبيرة أم تافهة، فقولك دائما: لا تفعل كذا. قد يربك نضج شخصيته.
القسم الثاني: أسباب طبيعية تعود إلى سمات مرحلة الطفل العمرية:
وسنركز هنا على أبرز سمات المرحلة السنية لولدكم الحبيب (مرحلة الطفولة المتوسطة) وكيف نجيد فن التعامل معها.
أولا من الجانب العاطفي (النفسي والاجتماعي)؛ فمن مظاهر وسمات الطفولة المتوسطة في هذا الجانب، أن الطفل:
1- يظهر الحاجة إلى استحسان وموافقة الزميل والكبير، وهذا يتطلب تقديم الدعم الإيجابي للطفل بالتشجيع والتقدير.
2- لديه زيادة في الوعي الاجتماعي، وارتباطه بالمحيطين، وهذا يتطلب الاهتمام بتوفير البيئة الاجتماعية الطيبة.
3- يستمتع بالمدح والغبطة والعمل الجيد.
4- يتأثر كثيرا عندما ينهزم أو يخسر، وهذا يتطلب تجنب الملاومة.
5- يعترف بالخطأ.
6- يبدأ كل من الفتيان والفتيات بالانشغال بألعاب خاصة بهم.
7- لديه خوف من الحرج، وهذا يتطلب تجنب إحراجه أمام الآخرين.
8- يظهر الغيرة تجاه ولى الأمر، أو من يقوم مقامه.
ثانيا الجانب الفكري، ومن أبرز مظاهره وسماته أن الطفل يكون في هذه المرحلة:
1- قادرا على التعبير عن النفس بالكلام جيدا.
2- ذاكرته السمعية جيدة.
3- لديه قدرات التمييز توازى الكبار.
4- يستمتع بالمنافسة والتحدي.
5- يظهر تقدما في استعمال اللغة وفن الخطابة.
6- يظهر القدرة على التخطيط للذات والآخرين.
7- قادرا ومستعدا لقبول زيادة في المسئوليات الشخصية.
8- يكثر من الأسئلة.
ولتنمية هذا الجانب الفكري فلا بد من الاهتمام بـ:
1- تنمية مهارات الاتصال لديه.
2- الدعم الإيجابي لكل قدراته المتفتحة.
3- تنمية المهارات والمواهب.
4- تأسيس الحوار معه على أساس من الحوار والشورى.
القسم الثالث: أسباب مرضية تعود إلى ردة فعل الطفل للمؤثرات الوالدية والبيئية، وتتمثل في:
1- عدم فهم الطفل أو الانتباه له؛ فقد يساء فهم موقف الطفل وسلوكه، ولو سئل لعلمنا أنه لا يفهم ما يقوله أو ما يأمره به ولي الأمر.
2- لفت الانتباه لطلب الحافز، فقد يجد الطفل أنه كلما تمادى في موقفه وجد رعاية واهتماما من الآخرين، فيستمرئ هذه المواقف.
3- الرغبة في الحرية ورفض مظلة الوالدين الخانقة؛ وكأنه يصرخ بهذه الرسالة الصامتة: (أعطني حريتي أطلق يديَّ؟؟؟!!!).
4- الانتقام والتشفي؛ وكأن الطفل يسر برد فعل الوالدين لتمرده، ويعجبه هذه الحيرة والقلق والنكد الذي يسببه لوالديه، وكأن لسان حاله يقول: "ها أنذا، ولم يزل في جعبتي التمردية العنادية الكثير".
5- توتر الطفل، وهي حالة عصبية تنتاب بعض الأطفال عندما يغضبهم أحد فتتملكهم حركات عصبية لاإرادية.
6- الشعور بالحرمان العاطفي داخل الأسرة.
7- الأمراض الجسمية والوراثية: مثل اضطرابات الغدد، وسوء الهضم. وهذه يلزمها أن نتأكد من أن الطفل لا يعاني من مرض عضوي.
8- محاولة إثبات الذات.
9- الرفض المقنع، وهي حالة العناد التي يواجه بها حالات الإحباط من معاملة الآخرين فيرفض النوم أو الأكل أو النظافة أو غيرها من التعاليم الأسرية والوالدية المقيدة.
وبعد الاطلاع على أسباب عناد الطفل نأتي للجانب الثاني:
ثانيا: الوقاية:
وتتمثل في هذه النقاط المختصرة للوالدين:
1- لا تنفعلي أمام ولدكم.
2- أشبعي الحاجات الفسيولوجية عنده.
3- لا تسرفي في التدليل.
4- ابتعدي عن القسوة.
5- تجنبي السلطوية الوالدية.
6- تقبلي الخطأ المسموح لبناء الشخصية؛ فالخطأ طريق التجربة والرصيد.
ثالثا: العلاج:
ويتمثل في هذه الطرق العشرين الذهبية التربوية في مواجهة حالات العناد والتمرد العصبية عند الأبناء:
1- استخدمي أسلوب التجاهل، أثناء نوبة غضب الطفل، وغيري مكانك والأفضل أن تذهبي للحمام حيث لن يتبعك.
2- كافئي السلوك الحسن.
3- عاقبي بحزم وببساطة بقاعدة العزل البسيطة من 5-10 دقائق في غرفة خاصة، عند حدوث الحالة.
4- اهتمي به.
5- عوديه على الحديث إلى الذات ومخاطبة النفس.
6- لا تطيعي رغباته عند غضبه واشترطي معه على هذا عندما يكون هادئاً.
7- حافظي على هدوء أعصابك فلا يستفزك بغضبه.
8- كوني قدوة حسنة.
9- لا تجعليه ينتصر بهذا السلوك.
10- أبعديه عن المكان.
11- لا تسرفي في التدخل في شئونه.
12- لا تنظري إليه بتهاون أو استهزاء.
13- لا تخربي ممتلكاته.
14- لا تستثيريه.
15- ساعديه على تحقيق رغباته المشروعة؛ خاصة الهوايات، فيوجه طاقاته واهتماماته إلى العمل النافع.
16- هيئي جوا من الحب والدفء العاطفي الأسري.
17- شاركيه في الترفيه واللعب.
18- شاركيه في اللعب الجماعي، والاختلاط بالأقران.
19- لا تحمليه ما لا يطيق؛ وتذكري الرسالة الرائعة التي أوردها "ديل كارنيجي" في كتابه "كيف تكسب الأصدقاء" بعنوان "بابا ينسى" وتذكري "إنه طفل".
20- أسرفي في تقدير آرائه وشجعيه على الحوار والمناقشة.
رابعا: نصائح أخوية:
(1) اقرئي مع ولدك الحبيب ومع نفسك بعض المراجع المفيدة حول هذا الموضوع:
1- طفلك الصغير هل هو مشكلة: محمد كامل عبد الصمد ـ القاهرة ـ دار الوفاء ـ 1989.
2- سيكولوجية التوافق النفسي في الطفولة المبكرة: أميرة عبد العزيز الديب ـ الكويت ـ مكتبة الفلاح ـ 1990.
3- ابني لا يكفي أن أحبك: سلوى يوسف المؤيد ـ القاهرة ـ دار المعارف ـ 1995.
4- تشاجر الأشقاء: محمد ديماس ـ لبنان ـ دار ابن حزم ـ 1999.
5- كيف تخلص أبناءك من العناد والكذب؟!: د. محمد فهد الثويني ـ القاهرة ـ دار اقرأ ـ 2003م.
(2) الدعاء:
لا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ:
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" (الفرقان 74).
فسيكون بحول الله سبحانه، قرة أعين لوالديه ولأمته، وسيكون للمتقين إماما؛ علميا وخلقيا وسلوكيا.
خامسا: رجاء حار:
وبعد؛...
فإن أفادكم هذا الرد، وإن شئتم؛ أن تدعو الله سبحانه عن ظهر الغيب؛ أن يثيبني وكذلك كل العاملين على موقعنا الموقر:
1- بأن يغفر لي ما لا يعلمون، ولا يؤاخذني بما يقولون، ويجعلني خيرا مما يظنون.
2- وبأن يحشرني مع من أغاث ملهوفا.
3- وأن يكون في عوني، بأن جعلني دوما فيمن كان في عون أخيه.
4- وأن يجعلني ممن دلوا على الخير.
5- وأن أكون ممن أدخلوا السرور على بيت مسلم؛ فليس له جزاء -كما بشرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم- إلا الجنة.
ـــــــــــــــــ(104/326)
حتى لا تكون الأمومة رتقا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابنتي بلغت العامين، وقد تم فطامها والحمد لله بدون مشاكل تذكر، ولكني أشعر أني فشلت فيما دون ذلك، فلا أستطيع تنظيم أمورها، ولا تدريبها على التحكم في الإخراج، وهي متعلقة بي وتريدني دائمًا بجانبها، وهي معذورة لأنها لا ترى غيري تقريبًا، إلا أن هذا يربك لي حياتي تمامًا، فلا أستطيع تنظيم أموري ولا الالتفات لشئوني.
ففي بعض أعمال المنزل مثلاً، تود مشاركتي، وقد تفسد أكثر مما تصلح، ولا أمانع إلا أن ذلك يعطلني، فأنا كذلك أحضر دورات دراسية، ولا يمكن أن تدعني أذاكر نصف ساعة "على بعضها"، أو حتى عشر دقائق، بل تأتي كل عدة دقائق، وتظل تجذبني من يدي لأبقى معها، ولا أستطيع أن أجلس لقراءة كتاب في هدوء، ولا أشرب الشاي، ولقد أثر ذلك على نفسيتي، حيث إنه لم يَعُد هناك مجال للترفيه بالنسبة لي، وظروف زوجي تحتم عليه البقاء خارج المنزل تقريبًا من الثامنة صباحًا للثامنة مساء، فيما عدا الإجازة الأسبوعية التي يضيع جزء منها في مهام أخرى.
المشكلة أني تعبت، وصارت ابنتي تذهب للحضانة منذ حوالي عام، ولقد صرت أتنفس الصعداء في تلك الساعات الأربع التي تغيبها، ولكن يضيع منها حوالي ساعة في طريق ذهابها ومجيئها من الحضانة، ويبقى حوالي 3 ساعات، لا أدرى هل ألتفت فيها لأمور المنزل، أم أذاكر فيها، أم أمارس أي هواية أرفه عن نفسي كالقراءة، والجلوس في هدوء؟
الوضع صار -بصراحة- صعبًا، وهي لا تنام كثيرًا حتى أستغل ساعات نومها، ولقد صرت أنا التي قد أعاني من قلة النوم؛ بسبب أنني أحاول ألا أنام حينما تنام، بل أريد أن أستغل نومها في أي شيء، لكن زوجي لا يشجعني على ذلك. ولقد تأخرت في دراستي بعد أن كنت متفوقة فيها، وتأخرت في كل شيء.
وكذلك لقد أرهقتني كثيرًا في تعويدها على تناول الطعام بدلاً من الرضاعة، حتى مللت، ولم أعد أهتم بها، فإن طلبت الطعام أحضره لها، وإن أصرت على رفضه لا ألح عليها وأحاول أن أكون حازمة، ولكنها تعود وتشكو أنها جوعانة، وهذا ما يصعب علي أن أكون حازمة فيه، وتطلب مثلاً صنفًا معينًا، فإن كان سهل التحضير، أحضره لها، ولكن قد لا تأكل منه سوى لقيمات، حتى إنني أشك أنها تدعي الجوع حتى أظل بجوارها ولا أنشغل عنها، وإن تركتها تأكل وحدها، فأحيانًا تأكل، وأحيانًا "توسخ" المكان، وتلعب بالطعام بدلاً من أن تأكله. وقد تعود بعد قليل تشكو، ويمر اليوم على هذا الحال، حتى يعود والدها في المساء، ويطعمها هو ولو بالإكراه.
وتأتي مشكلة تدريبها على الإخراج، فأنا أحاول معها (وإن كنت غير منتظمة تمامًا) لكن مر حوالي شهرين، وربما لم يتحقق فيهما تقدم سوى أنها فهمت أنه يجب أن تقوم بهذا في المرحاض، وليس على ملابسها، وأنها ستحصل على حلوى إن أصابت، ولكن المشكلة أن والدها لا يتحملها، وعندما تخطئ في هذا الأمر فقد يؤنبها بعنف أو يصرخ فيها أو يضربها، حتى إنه حبسها ذات مرة في الحمام، وأنا لا أصبر على ذلك فكنت أغضب، ويكون هذا الكلام طبعًا أمامها، ونحن نختلف بشأنها.
وأعلم أن هذا خطأ، لكني أخشى عليها وعلى علاقتها بوالدها، ولا أستطيع أن أتحمل العنف معها، لأني أعرف كيف يعاني الأبناء من هذا. ولكن هذه النقطة صارت مصدر خلاف بيني وبين زوجي.
أرجو ألا تلقوا المسئولية على ذهابها للحضانة، فإنها كانت ترهقني من قبل أن تذهب لأي حضانات، ولقد شعرت أن الحضانة تريحني، إلى جانب أنها -لا شك- تحتاج للخروج وتغيير الجو ومصاحبة الأطفال، وهذا ما لا أستطيع توفيره، كما أنها تحب الحضانة، وتستمتع بالوقت هناك، والحضانة جيدة، والإشراف تربوي جدًّا، إلى جانب أنها تغيب عن الحضانة كثيرًا، لكن اليوم الذي تغيب فيه يكون ارتباك وقلق بالنسبة لي؛ لأنها لا تدعني، وكذلك بعد عودتها من الحضانة، خاصة إن جلست على الإنترنت أو على الكمبيوتر أذاكر، فإنها تظل تجذبني إليها وتسبب لي إزعاجًا شديدًا. أنا لا أمانع أن ألعب معها نصف ساعة وتتركني وشأني نصف ساعة، لكنها لا ترضى حتى بذلك.
أنا فعلاً في حاجة لمن يرشدني؛ لأني تعبت، والحياة في الغربة طبيعتها صعبة، والوحدة صعبة، والملل صعب. لا أستطيع أن يمر كل يومي ما بين مسئوليات ومهام، ولا أن يمر وقتي في لعب الأطفال؛ لأن الإنسان طاقة، وأنا إلى جانب ابنتي وبيتي ودراستي، أحتاج للترفيه وممارسة نشاطات أو هوايات كالقراءة، لكني لم أنجح في شيء، وحياتي مرتبكة وتأخرت في دراستي بعد أن كنت متفوقة. والشيء الوحيد الذي أعتقد أني أتممته بنجاح ورفع ذلك من معنوياتي والحمد لله هو فطامها، وفي غير ذلك فأنا فاشلة.
أرجو مساعدتي، ومعذرة على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
التبول اللاإرادي, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -سيدتي، سعدت برسالتك، وأدعو الله تعالى أن يوفقني للرد عليها، وأن تجدي بغيتك في الأسطر التالية، ولا داعي للاعتذار عن الإطالة فكلما كانت هناك تفاصيل كان الرد أدق وأشمل.
إن موضوع رسالتك -سيدتي- من أكثر الموضوعات المطروحة على الساحة التربوية في الوقت الراهن، وقد تعرضت لها في إحدى ورش العمل التي قمت بتنظيمها وكانت عن دعم الأمهات. وسوف أتناول مضمون ما تم فيها من خلال الرد على استشارتك.
المشكلة -سيدتي- لا تكمن في أنك لا تجدين الوقت الكافي للمذاكرة أو للاستمتاع بالراحة أو لممارسة هواية من هواياتك، وإنما المشكلة في كونك غير مهيأة لاستقبال ضيف جديد في حياتك، والذي تشعرين مع وجوده بأنه عرقل وأخّر كل خططك التي رسمتها لنفسك.
سيدتي.. إنه من المؤسف حقًّا أننا نجد من الأزواج من يخطط لحياته بعد الزواج بطريقة مثالية وخاصة في أمور توجيه وتربية الأبناء حينما يرزق بهم، فإذا لم يتطابق الواقع مع خططه يشعر باليأس والإحباط والفشل، ونجد آخرين من هؤلاء الأزواج لم يدركوا أن الحياة الزوجية خطوة لا بد أن يتبعها تغير في أمور كثيرة من حياته، منها: عاداته، وقبول الاختلاف، وأنه لم يَعُد منفردًا في اتخاذ القرارات، وكذلك إعادة ترتيب الأولويات والطموحات، فإن ظل على تمسكه بكل ما كان يفعله قبل الزواج ولم يدرك مدى أهمية هذا التغير فإنه يظل يشعر بالعجز وخيبة الأمل والإحباط والعصبية؛ بسبب إصراره على نفس خططه السابقة.
وهذا بالضبط ما حدث معك -سيدتي- فلم تدركي أن أولوياتك لا بد أن تعدل بعد زواجك وإنجابك، ولا أعني بذلك ألا يكون لديك طموحاتك الخاصة ولا اهتمامات أو هوايات تمارسينها بعد الزواج وكأنك انعزلت عن الحياة بمجرد الزواج فهذا بالطبع غير مقبول، بل كل ما أعنيه أن تعيدي ترتيب هذه الأولويات وفقًا لظروف حياتك الجديدة، وأن تدركي أن أهم أولوياتك في الوقت الحالي هو دورك كأم وربة بيت، فإنك إن فعلت فلن تشعري أنك مقصرة في تحصيلك الدراسي أو في استمتاعك بالراحة وممارسة هواياتك، ولن تملي أو تشعري بثقل وعبء من طفلتك أو أنها مصدر إزعاج وعرقلة، وحتى نكون أكثر عملية فسأقترح عليك عدة اقتراحات لتنفيذها، ولكن قبل ذلك أود أن أشير إلى نقطتين هامتين وهما:
• أولاً لا بد أن تدركي أن سلوكيات ابنتك من تمسكها الشديد بك ومن لعبها بالطعام أحيانًا ومن رغبتها في أن تشاركك في الأعمال المنزلية كل هذه السلوكيات طبيعية في هذه المرحلة العمرية، ولا بد من التعامل معها برفق، وطالعي معي:
• ثانيًا لا داعي على الإطلاق للشعور بالفشل والإحباط، وعند استعراض الاقتراحات ستجدين أن الأمر سهل يسير -بإذن الله- وهي:
1. ضعي قائمة بأولوياتك الجديدة وفقًا لظروفك الحالية.
2. نظمي وقتك بعمل جدول زمني للمهام المطلوبة منك يوميًّا (يمكنك الاطلاع على كتب في فن إدارة الوقت، وسنورد لك بنهاية الرد بعض المقالات المعينة).
3. استثمري مدة الساعات الثلاث التي تتغيب فيها طفلتك بالحضانة في أداء مهمة من المهمات التي وضعتها في جدولك، وليكن مثلاً نصف ساعة لاحتساء الشاي باسترخاء شديد، ثم إنجاز مهمتين أخريين فقط، على أن تكون مدة إنجاز أي منهما لا تزيد عن الساعة مثل القراءة مع أعمال المنزل، أو المذاكرة مع الأعمال الضرورية بالمنزل، ويمكن قضاء الساعات الثلاث مثلاً في المذاكرة وهذا يرجع إلى تقديرك أنت.
4. عند عودة ابنتك ستكونين في حالة معنوية مرتفعة بسبب ما أنجزته، فاستقبلي ابنتك بالحفاوة والترحاب والدفء وأشعريها بأنك تشتاقين إليها.
5. تناولا وجبة الغداء سويًّا، ودعيها تساعدك في إعداد المائدة، بل وفي شئون المنزل حتى لو كانت تفسد أكثر مما تصلح على حد تعبيرك، فهكذا يتعلم الأبناء وتنمو قدراتهم، وفوق هذا فإنها توطد العلاقة بينكما.
6. بعد أن تنتهيا من الوجبة الْعبي معها بلُعبها أو على الكمبيوتر أو مَثِّلا سويًّا قصة تروينها لها.
7. عند إعدادك وجبة العشاء دعيها تلعب بمفردها أو بصحبة والدها، وحاولي أن تستقبلي الأب بأخبارها السارة وما فعلتما معًا من أنشطة مختلفة.. احك هذا وأنت تنظرين إليها بفخر وحب.
8. عند النوم احتضنيها واقرئي لها قصة حتى تنام.
9. حاولي أنت أيضًا أن تأخذي قسطًا وافيًا من النوم، ولا تؤدي بعض الأعمال أثناء نومها إذا غلبك النعاس؛ فإن لبدنك عليك حقًّا، وعدد ساعات النوم غير الكافية تقلل من كفاءة ما تفعلين إلى جانب أنها تؤدي إلى العصبية.
10. احرصي في يوم إجازة الأب أن تقضوا يومًا ممتعًا في نزهة أو في التسوق.
11. حينما تشعر ابنتك بدفئك وحنانك وأنها ضيف مرحب به مقبول في أسرته فإنها لن تتشبث بك مثل هذا التشبث، وربما يمكنك -أحيانًا- تركها هي ووالدها يتسوقا معًا، لتحاولي أنت إنجاز بعض مهامك وعندما تكبر قليلاً يمكنها اللعب بمفردها، وفي هذه الحالة أيضًا يمكنك إنجاز بعض المهام.
نأتي لأمر تدريب الطفلة على عملية الإخراج:
1. لا تتخيلي أنت ووالد الطفلة أن عمر طفلتك متأخر على التدريب على هذه العملية فهذا سن مناسب جدًّا.
2. التخلي تمامًا عن أسلوب العنف في هذه العملية.
3. لا بد أن يصاحب هذه العملية جو من المرح واللعب، فعند دخولك بها إلى الحمام لا بد من مداعبتها والضحك معها حتى يرتبط عندها بشيء سار.
4. عززي فورًا كل مرة تقوم بقضاء حاجتها في المكان المخصص بالتقبيل والاحتضان ولا تعاقبيها أو حتى تلوميها على أنها فعلت ذلك في المكان غير المخصص، وكل ما عليك أن تغيري لها ملابسها وأنت صامتة دون تعليق.
5. يمكنك في بادئ الأمر أن تدربيها على هذه العملية بأن تجلسيها في المكان المخصص لهذا الغرض بعد عدد ساعات معين تحددينه وفقًا لطبيعتها، فمثلاً بعض الأطفال يرغبون في قضاء الحاجة بعد تناول وجبة من الوجبات أو عند الاستيقاظ من النوم.
6. ينصح بعض الأطباء بترك تدريب الأطفال على هذه العملية بعد أسبوع أو عشرة أيام إذا لم يستجب الطفل لهذه العملية لمدة شهر.. هذا يعني أنه إذا لم تستجب طفلتك للتدريب على عملية الإخراج -بشرط أن يتم هذا التدريب بالطريقة الصحيحة السابقة- فتوقفي عن تعويدها وتدريبها لمدة شهر؛ لأن معنى ذلك أن طفلتك لم تستعد بعدُ لهذا التدريب.
- ويمكنك الإطلاع على الاستشارتين التاليتين لما فيهما من معلومات عن عملية التدريب بالتفصيل:
- المهنة السامية تفتح أبوابها للعضوات الجديدات
-التحكم في الإخراج.. عندما يسبق الصغير
وأخيرًا.. أدعو لك الله عز وجل أن يوفقك ويمتعك بابنتك ويقر بها عينك، كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/327)
ضحايا التحرش في ملجأ أيتام ... العنوان
أبعث إليكم برسالة لزميلة لي في العمل راجية أن أجد الحل المناسب لتلك المشكلة وكيفية التعامل في مثل هذا الوضع.
زميلتي تخصص بكالوريوس رياض أطفال، وتعمل إخصائية تربوية في إحدى الجمعيات التي تقوم بإيواء الأطفال ذوي الظروف الخاصة (مجهولي الأبوين).
المشكلة: فتاة في الصف الخامس الابتدائي تبلغ من العمر 11 سنة، وهي فتاة انطوائية وخجولة، وقد حدث لي موقف مع هذه الفتاة كنت أتحدث وأتناقش معها عندما طلبت مني أن أنام معها في السرير فاعتذرت لها عن ذلك، وقلت لها إن لدي مهام يجب أن أقوم بها، وقد أصرت أن أنام معها فقلت لها سوف أقوم بإنهاء بعض أعمالي وأعود إليك.
وعندما عدت إليها وجدتها تنتظرني فقلت لها سوف أنام معك حتى تطمئني أنني بجانبك. وقد تمددت بجانبها في السرير فقالت لي نامي مثلي فنمت ولم أغمض عيني عند ذلك سمعت صوت جرس الباب فقالت لي هل تخافي من الحاضنة (السيدة المسئولة عنها في الغرفة) فقلت لها لا، ولماذا أخاف؟
ثم نظرت من دق جرس الباب وعادت إلي بأن نامت فوقي فقلت لها لماذا فعلت ذلك فقالت عادي أن تنام البنت مع البنت بهذا الشكل فقلت لها طيب "لو عورتني في بطني وأنت كده نائمة علي فقالت عادي ممكن تنام صغيرة مع صغيرة كده" فقلت هل فعل أحد ذلك من قبل فلم ترد على السؤال. وبعد يومين طلبت مني أن أنام معها فأخبرتها أني مشغولة جدا في العمل.
أرجو من سيادتكم التكرم بإرشاد زميلتي إلى الخطوات السليمة التي يجب أن تتبعها في مثل هذه الأمور ولكم جزيل الشكر..
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على صفحتنا "معا نربي أبناءنا" وشكرا على ثقتك، الحقيقة أن استشارتك هذه بالرغم من أهميتها الشديدة إلا أنها تضعنا في وضع حرج إذا لم يتم التعامل مع ما نقول هنا بمنتهى الحكمة والتعقل مع وضع حقيقة أننا نتخاطب عبر الإنترنت دائما في الاعتبار، فقد تصح التخمينات بعضها أو كلها وقد لا تصح، فإذا قرأت هذا الرد عليك أن تشرحي لصديقتك كيفية التصرف إذا تيقنت من حكمتها في التصرف فقط.
تخلف عندنا مما ذكرت انطباعٌ بأن البنت موضوع الاستشارة إما أن تكونَ تعرضت للضرار الجنسي sexual abuse (أو التحرش الجنسي)، أو أنها جربت اللعب الجنسي Sexual Play مع إحدى رفيقاتها، وبينما تستدعي الحالة الأولى استقصاء جيدا وتقصيا لمعرفة الجاني وإيقاف الضرار، تستدعي الحالة الثانية تعريف البنت ورفيقاتها بالصحيح والخطأ دون كثير من الإشعار بالذنب.
لست أدري بالطبع أنا شيئا عن ظروف الدار الخاصة بتلك الجمعية الخيرية، ولا أدري هل الغرف مشتركة أو منفردة، وإن كانت على الأرجح منفردة، ولكن ما يشير إليه سؤال البنت لصديقتك عن ما إذا كانت تخاف من الحاضنة يبدو ملتبسا بعض الشيء:
فإما أن السؤال إشارة إلى أن البنت نفسها تخاف الحاضنة؛ لأنها تتصرف معها بشكل غير مناسب (ومن ضمن ذلك أن تكون هي الجاني!!؟)، أو أن تكونَ هي من يمنعها أو ينهاها عن اللعب الجنسي مع رفيقاتها!
وإما أنه مدخل لمعرفة مدى التزام صديقتك بالمعايير الصحيحة للتعامل بين المربي والأطفال! فمثلا إذا أجابت صديقتك بأنها تخاف الحاضنة أو لا تحبها فإن البنت كانت ستحتضنها وتبدأ في التعبير عن رغبتها في الفعل الجنسي، أو يحدث السيناريو الآخر الذي وصفته لك صديقتك، أي عندما تكونُ إجابة صديقتك كما كانت في نص الاستشارة.
ثم يأتي بعد ذلك ما تقدم عليه البنت من سلوك جسدي حميم صريح وواضح، وبمبررات حمَّالة أوجه أيضا كقولها أنه عادي لما البنت الصغيرة تنام على البنت الصغيرة،... إلخ، رغم أنها "فتاة انطوائية وخجولة" لتبدو لنا كأنها تغري صديقتك بالتقاط زمام المبادأة الجنسية من خلال طمأنتها بأنه عادي، وهو ما يبدو خارج السياق الطبيعي لتصرف الطفل مع إخصائية التربية، وإن بدا متوقعا من طفلة تحاول إيقاع طفلة أخرى أصغر منها أو في مثل سنها في الفعل الجنسي، لكن ذلك في نفس الوقت لا ينفي احتمال أن تكونَ البنت ضحية من ضحايا الضرار الجنسي وهي في هذا الموقف تحاول البوح وبأكثر الطرق فجاجة كأن تجتاز حدود الخصوصية الجسدية لأحد الكبار، فهذا أحد أساليب الطفل في البوح أو الإفشاء لسر تعرضه للضرار الجنسي، وهو في نفس الوقت ما يبدو متناقضا بعض الشيء مع وصفها بأنها "فتاة انطوائية وخجولة"، وإن كنا نعرف أن الضرار الجنسي -خاصة المزمن- في الطفولة قد يسبب مثل هذا التناقض في الكيان النفسي المعرفي للطفل.
معنى هذا الكلام أن البنت الصغيرة تلك قد تكونُ ضحيةً للضرار الجنسي ويكونُ ما فعلته تعبيرا من النوع الصريح عن تعرضها للاستثارة الجنسية قبل الأوان، سواء كان ذلك في الدار أو خارجها فأنا كما قلت لك لا أعرف ظروف أو نظام العيش في تلك الدار، فهي تبوح بما تعرضت له من ضرار بطريقة السلوك الجنسي المنفلت مع صديقتك.
وقد تكونُ البنت على العكس عابثة صغيرة، وتود تجريب ما يحدث مع صديقاتها الصغيرات أيضًا مع الإخصائية الكبيرة!، ولست أدري لماذا أرجح الاحتمال الثاني، ولكن تخمينا فقط، فالواضح لي من أحداث السيناريو والحوار في وصف صديقتك لما حدث هو أن هذه البنت الصغيرة تبدو كأنها الفاعل الذي يحرك الأحداث ويوجه الحوار، أي أنها تتقمص دور الجاني في الفعل الجنسي Perpetrator of Sexual Abuse ، وأكرر هذا تخمين، والله أعلم!
وما يعنينا بعد هذا التخمين التحليلي سواء صح الاحتمال الأول أو الثاني، هو أن هذه البنت وغيرها من الموجودات في دار رعاية الأيتام في حاجة إلى توعية عن السلوك الجنسي بوجه عام بما يتناسب مع مرحلتهن السنية، وهذه التوعية هي مشروع أنصح صديقتك بعرضه على المسئولين عن تلك الدار، ويمكنها الاستعانة بصفحتنا وما تم إنتاجه من ملف خاص عن التحرش الجنسي والذي يمكنك الاطلاع عليه بنهاية الرد، وكذلك بالعدد الأخير (عدد فبراير 2005) من مجلة المعرفة التي تصدر عن وزارة المعارف في المملكة العربية السعودية.
وأنصح في نفس الوقت صديقتك بألا تتحاشى تلك البنت بالشكل الذي وصلنا انطباع عنه منذ بداية وصف صديقتك لطريقتها في التعامل مع البنت، فعندما طلبت منها أن تنام بجوارها تعللت صديقتك بأنها مشغولة، وعندما حدث ما حدث، وجاءت تطلب البنت منها تكراره بعد يومين أخبرتها أنها مشغولة جدا في العمل.
تبدو المربية هنا وكأنها تخاف من التورط وليس هذا برد الفعل الصحيح؛ لأن دور المربي يجبُ أن يكونَ غير ذلك في مثل تلك الحالات؛ لأن عليه أن يدرك أن رسالة ما يود الطفل إيصالها وأن علينا كمربين أن نشجعه على إيصالها بشكل لائق من خلال الحث على البوح لا الهروب منه، وهنا أجدني في حاجة لمعرفة الطريقة التي سألتها صديقتك بها سؤال: هل فعل أحد ذلك من قبل؟ والذي لم تجب البنت عليه، فهل كانت تسألها وهي مرتبكة أم وهي مستنكرة متجهمة أم وهي مستفهمة أم خائفة أم بلهجة متهمة للبنت؟ وفي انتظار ردك ومتابعتك معنا.
ـــــــــــــــــ(104/328)
صرخة أبناء العنف والانفصال ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندي طفل عمره الآن خمس سنوات، نشأ في ظروف صعبة بيني وبين والده حيث المشاكل الدائمة التي كثيرا ما كان يراها، وبعدها أراه تغير حيث أحيانا كان يقول: من شان الله خلاص بلاش تتقاتلوا.
ولكن المشاكل لم تهدأ وتوالت كثيرا، وللأسف كان يرى كل شيء بسبب عصبية الزوج حيث إن البيت صغير ولا توجد غرفة أخرى نذهب إليها لتكملة المشكلة حتى لا يراها الطفل لذا كل شيء كان يحصل أمامه وهو لم يكن يرضى أن يذهب إلى المطبخ أو غرفة ألعابه أو إلى دار سيده (جده) إذا حصلت المشكلة بل يتسمر في مكانه ويراقب ما يحصل وغالبا ما كانت تنتهي المشاكل إما بأن يمد الأب يده ويضربني وأنا أدافع عن نفسي بأن أدفعه أو بتمزيق ملابسي.
وكنت في نهاية المشكلة أجلس وأبكي، ولكن الطفل لم أكن أحس بأنه يتعاطف معي بل بالعكس يذهب لأبيه أو يذهب معه حيث يخرج ويغريه بالحلوى وبأنه سيأخذه في نزهة وسيشتري له أغراضه، ومرة قلت له تعال معي فرفض وقال بأنه سيظل مع أبيه وبعد رجوعي حيث لم أبعد -فقط ذهبت إلى الدكان، فلا أستطيع الذهاب لأهلي دون طفلي- أخذ طفلي يبكي ويصرخ ويقول لي: رحت وتركتني وأنا قلت له تعال ولكن لم يرض وأخذ يبكي ويصرخ ولم يهدأ.
وكان أبوه دائما يحتجزه بعد أي مشكلة حتى لا آخذه واحرد (أذهب) عند أهلي، هذا حاله معي أما مع الطفل فكان يضربه بعنف ويرميه أحيانا على الأرض وأحيانا يدللة بكثرة.. وهكذا استمر حالنا حتى صار طفلي عمره ثلاث سنوات ونصفا.. وهنا حصل تحول، وفي آخر مشكلة بعد أن مد الزوج يده لضربي وازرقّ وجهي قررت الذهاب إلى أهلي وطلب الطلاق.
وكانت الدنيا ليلا انتظرت حتى الصباح وأخذت ولدي من المدرسة وتوجهت إلى بيت أهلي. ومن هنا ابتدأت إجراءات الطلاق من جهتي حيث وكل أهلي لي محاميا وكان الزوج أكثر من مرة يسعى للإصلاح، ولكن لما لم يفلح بدأ بالتهديد والوعيد إما بسرقة الطفل أو بترجيعي مذلولة له. وهذا الأمر الذي منعني من الرجوع إليه خوفا من أن يكون سيرجعني للانتقام وهو يبدي الأسف والندم والرضا بأي مقابل أو أي شيء أريده ولكن على أن لا أتركه فهو يحبني وأنا متأكدة من ذلك ولكن لا يعرف كيف يصون الحب ولا يتمالك نفسه عند العصبية، والأهم تهديده بإرجاعي مذلولة.
تم الطلاق والحمد لله وأخذت حضانة ابني وهو معي للآن أشتغل وأصرف عليه وهو في المدرسة بالصف التمهيدي. طفلي ذكي جدا ولماح ولكنه خبيث، لا أحس براءة الأطفال في عينيه، كثير اللمس لجسدي والنظر إلي وأنا أغير ملابسي، وكثير السؤال عن أعضاء الجسم خصوصا الجنسية.
المشكلة في تصرفاته؛ فهو حاليا لا يرى والده إلا بالصدف حيث خلال السنتين رآه ثلاث مرات وهذا بسبب أن أبي رافض لفكرة رؤيته لابنه دون أن يدفع نفقته ومصاريفه.. أبوه يتصل بالهاتف الجوال الذي مع ابنه ويسأل عنه وعن أحواله (وإذا سألت طفلي ماذا قال لك أبوك يقول لا أتذكر أو أنا نعسان علما بأنه لا ينسى أبدا ولكن لا يريد أن يقول) وابني يبدأ بتوطية (خفض) صوته معه ويبدأ بالقول له كل شيء يحصل بالبيت، ويقول له بأن جدي لا يريد أن أراك إلا إذا دفعت النفقة.
وأنا والله لا أحب أن يتدخل ابني في هذا الجو، ولكن أبي يبدأ بالصراخ على طليقي أمام ابنه ويشتمه و"يبهدله" مع العلم بأن أبي حنون جدا جدا وأهلي متفهمون لوضعي ولكنهم مغاظون لأن أبا الطفل لا يدفع ولا فلسا واحدا لابنه وهو غير مستعد للإنفاق على طفله.
وكل هذه التكاليف على عاتق والدي الذي ينفق عليه بالمأكل والمشرب والدواء وغيرها وأنا أحاول أن لا أجعلهم يدفعون فلسا واحدا ولكن بسبب أنه متواجد بالبيت وأنا بالعمل فيشتري له والدي أغراضا، وكل شيء يشتهيه يشتريه له، وأمي كذلك تشتري له ملابس وأغراضا كثيرة وألعابا.
ابني عنيد جدا جدا جدا.. أحيانا لا يسمع من أحد كلاما، ومن أتفه أشياء تراه يبكي ويصرخ ويرمي الفلوس أو "الزاكي" على الأرض ويصرخ بالشارع أو بالدكان ولا يسكت حتى لو قلت له اسكت.. لا يسكت ولا يسمع الكلام ويقفل على حاله الباب ولا يرضى أن يفتح وأظل وراء الباب لمدة ربع ساعة أحيانا أترجاه أن يفتح أو أهدده ولكن لا حياة لمن تنادي حتى قرر والدي إزالة المفتاح.
ذكي جدا يفهم كل شيء يدور حوله، وإذا غضبت منه لا يسكت وإنما يستمر بالصراخ فأسكته بأن أضع يدي على فمه فلا يسكت ويصرخ أعلى وأعلى فأضربه على سائر جسده وبقوة -وأندم وأبكي بقوة- ولا يهدأ بل يظل يثرثر ويقول: "أنا أريد أن أموت، أريد أن تدعسني سيارة وأتريح منكم ولا أراكم، أنا أريد والدي، والدي لن يجعلني أذهب للمدرسة، وسيخليني أبقى بالبيت وأحضر تلفزيون... الخ".
وهو ثرثار درجة أولى، فإذا سأل سؤالا لا ينتهي إنما ستعاني من ألف سؤال يلقيه عليك وهي أسئلة ليست صعبة مثلا: لماذا تلبس الممثلة لونا أحمر؟ لماذا اسم الطفل كذا؟ يعشق التلفزيون ولو ظل 24 ساعة "ما زهق"، أو عندما يرى كرتونا: لماذا القط يأكل الفار ولماذا ولماذا ولماذا وأسئلة لا تنتهي ويمل من يسمعه ولا يمل هو، فتقول له خلاص لا تسأل فلا يسكت ويظل يطرح الأسئلة حتى تمل وتقوم من مكانك وتتركه وحده.
طفلي أحاول جاهدة أن لا أقحمه في المشاكل ولكن أبي سلمه الله يقول له أبوك لا يدفع لك ولا يحبك وكان يضربك دائما فيوافق طفلي ويسكت ويغير الموضوع. أنا أحس نفسي الآن من فترة ثلاث سنوات بأنني عصبية وحساسة وأبكي لأتفه الأسباب وأتشاجر أنا وإخوتي دائما حول معاملتهم لطفلي، حيث إن لي ثلاث إخوة عزاب، واحد 25 سنة والثاني 23 سنة والثالث 15 سنة. والثاني دائم السب والشتم لطفلي وأحيانا تراه يدلله ويشتري له أغراضا كثيرة وأحيانا يعطيه الكثير الكثير من النقود، ولكن يحب مناوشته فتجده ينكشه ويضحك عليه.
ودائما أنا أصرخ عليه وأقول له بأن لا يتدخل في طفلي ولا يضربه حيث إن أخي هكذا يحب مناوشة الصغار بشكل عام. أما أخي الأكبر فيدلل طفلي ويلاعبه وأحيانا يزهق منه من كثرة أسئلته فينهره.
أما أمي فعطوفة جدا جدا وتعطف على ابني وتعامله بحنان أكثر مني وتشتري له وتدلله وتجلسه في حضنها وتلاعبه وتقول لي إنها تحزن عليه لأنه كاليتيم ولكن ذلك لا يخلو من التقريع والتذكير بأن أباه لا يحبه. ودائما يحاولون تكريهه بأبيه، وأنا أحاول جاهدة أن لا يقولوا له ذلك، لكن إن حصل وقلت يقول لي والدي هل حنيت لزوجك؟ هل تريدين الرجوع إليه؟ هل اشتقت لضربك... ومن هذا الكلام الذي يدمر نفسيتي؛ لذا إذا تكلموا عن والد طفلي أفضل أن أبقى ساكتة حتى لا يقال لي هذا الكلام.
وأحيانا إذا بكى طفلي بدون سبب وصرخ وهو ذو لسان طويل جدا وسليط ويغلط كثيرا على أخي ذي الـ15 عاما أهدده وأبهدله ولكن يأتي أخي أو أبي أو أمي فتقول إحنا أحسن نبعثه لأبيه يعيش هناك علشان أبوه يظل يضرب فيه.
أنا أعلم أن المطلقين يجب أن يحافظا على الذكرى الجميلة ولكن هذا مستحيل في ظروفي وأنا أرغب في أن يتم الهدوء وتنتهي المشاكل وأن لا يقحموا الطفل في دوامة المشاكل.
من هنا تبدأ مشكلتي هو أنني خائفة جدا على طفلي وعدم سماعه لكلامي وتفضيله الذهاب لأبيه، وعندما أتكلم معه بهدوء وأضعه في حضني يرفض ويقول أنت لا تحبينني، أنت تريدين أن أموت، فأسكته وأقول له أنا أحبك وأعمل وأجلب نقودا لك وأشتري لك كل ما تريد وآخذك رحلات، وأبكي فيقول لي لا تبكي أنا أريد أن أبقى معك ولكن لا أحسه حنونا علي إنما يحكي (يقول) ذلك فقط.
لا أريد أن افقد ابني وكيف سأربيه؟ أنا قرأت الكثير من موقعكم الكريم واستفدت وحاولت تطبيق المذكور ولكن لا أحس أنه يأتي بنتيجة مع طفلي؛ فهو لا يلين مع الهدوء بالعكس يزيد، وإذا نرفزني وضربته يبدأ بدفع يدي ويرفس ويلقي بنفسه على الأرض، وعندما يهدأ أتكلم معه بهدوء وأمسك أعصابي وأقول له أنت حبيبي أنا لو ما أحبك لا آخذك معي إنما أخليك مع والدك وأنا أريد أن تعيش معي وأن تبقى معي وكلنا نحبك، فيقول لا، أنتم لا تحبونني ويصرخ ويرمي نفسه على الأرض ويظل هكذا حتى أتركه لحاله. وبعد أن يهدأ أقول له بأنني أحبه ولكن زعلانة منه فيقول أنا متأسف ما راح أعمل هيك، وتعود الكرة من جديد؟..
هل أعرضه على طبيب نفسي؟ وهو أحيانا يبول بالليل وأحيانا لا.. أحيانا أسبوع كامل جاف ويومين مبلل والعكس، وأنا لا أوبخه لأنني مقدرة ظروفه ولكن كلي أمل أن يتحسن طفلي وأن يعلم أنني أحبه أكثر من نفسي؟ أتمنى أن ينصلح حاله، وأنا حاليا أدلله وألاعبه ولا أعاقبه بالمرة وإذا أخطأ أهمله، ولكنه لا يكل ولا ييأس فيظل يزن ويبرم ويصيح "حتى يطلع خلقك منه حتى تضربه وهو يقول: اضربيني أنا بحب تضربيني وأنا بدي تقتليني وأنت بدك تخنقيني؟".
ومن هذا الكلام الذي يقوله: أنا لا أحب الحياة؟ وليش الله خلقنا؟ ولماذا الله يتحكم بحياتنا -أستغفر الله- أهدئه وأقول له هل تعرف قصة الطفل الذي لم يسمع كلام أمه أو الذي لم يصل فيسكت فأخترع له قصة وبعدها يعود للعند والصراخ العالي جدا الذي يفيق الميت فيغضب جميع أهل البيت منه.
بالله عليكم دلوني وأرشدوني، أعانكم الله وهداكم وأصلح بالكم. وإذا ارتأيتم طبيبا نفسيا مناسبا من فلسطين (أنا من القدس) وقريبا من سكناي فلا أتوانى في أن أتوجه إليه ليصلح حال ولدي الحبيب.
... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
د/فضل أبوهين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عزيزتي السائلة: كان الله في عونك على هذا الوضع وكان الله في عون ولدك على هذا الوضع المتأزم والصعب والذي إن دل على شيء فإنما يدل على حجم ما تعرض له من مسببات لحالته وحجم المعاناة النفسية التي يعانيها هذا الطفل الذي أعتبره ضحية ظروف صعبة مرت به وهو بين الوالدين، غرست داخله بذور اليأس والتوتر وظهر واضحا في كراهيته للحياة، فحب الحياة يأتي من حب من حوله وهم الذين يعطونه هذا الشعور من خلال تصرفاتهم معه وأمامه.
فالطفل عاش ظرفا متناقضا من الشد والإرخاء أدى في النهاية إلى الفراق وهو الحدث الصعب والصادم، أي إن يفقد الطفل والده بعد مرحلة من التعلق به والميل إليه ولو بصورة إجبارية وقهرية، وهو الآن بنفس الصورة ضحية بين الإخوة والأهل رغم العطف الشديد والاحترام إلا أن الطفل يعيش جوا من التناقض؛ فهو لم يألف العطف بصورته الطبيعية بل عاش ظروفا بدايتها قاسية، وأظن أن محاولة إسماعه سلبيات والده أو جعله يكره والده من الأمور المدمرة لنفسية الطفل.
فالنصيحة الأولى: تفادوا غرس كراهية الأب في نفس الطفل لأن الطفل أصلا لا يعرف الكراهية وإن علمتموه إياها سوف تعانون منها أنتم أولا وسوف تنعكس عليكم ويمارسها الطفل ضد نفسه وضدكم.
ثانيا: يحتاج الطفل بالفعل إلى عرض على متخصص نفسي وسأرسل لكم أسماء اثنين من المتخصصين على البريد الخاص بكم إلى جانب وسيلة اتصال مباشرة، وحتى تساعدوا الطفل استمعوا له للنهاية فهو ليس كثير الكلام بل طبيعة مرحلته وحبه في المعرفة هو الذي يجعله كثير السؤال وإن كثرة كلامه من إحدى علامات الضغط النفسي والتوتر فالكلام الكثير هو متنفس للإنسان المتوتر عن توتره.
لذلك أنصح بسعة الصدر تجاه الطفل وألا تكونوا متناقضين معه وألا تظهروا له الود والاهتمام وفجأة تنسحبون ضجرا من أسئلته، مرة تظهرون له الحب وأخرى ضربا ونهرا، بالتالي حبذا لو أن هذا التناقض ينتهي وبسرعة حتى تساعدوا الطفل. وأتمنى لكم التوفيق.
هذه نصائح عامة بالنسبة لك ونؤكد مرة ثانية على ضرورة عرض الطفل على متخصص نفسي وسوف يساعدك ويساعد طفلك بإذن الله ببرامج ونصائح تساعدك على إدارة الأمر مع طفلك ومع أهلك.
ـــــــــــــــــ(104/329)
ابني والنوم.. حكاية مرهقة ... العنوان
السلام عليكم.. ابني أحمد (30 شهرًا) لا يقبل أن ينام بمفرده على سريره وأظل معه حتى ينام، وبعدها أترك الغرفة بهدوء. أخته (13 شهرًا) تنام بمفردها دون أي مشاكل، ولكن أحمد يستيقظ من نومه، ويظل يبكي ولا يتوقف إلا وأنا بجواره.. ماذا أفعل لحل هذه المشكلة؟ وماذا أفعل لكي أعرف إذا كان يبكي؛ لأنه يريدني بجواره فعلاً أم لأنه يريدني أن أهتم به؟
وخلال اليوم نلعب ونضحك سويًّا، وكل شيء يكون على ما يرام، ولكن بالليل تكون المشاكل ويجعلني مرهقة.
أرجوكم أخبروني ماذا أفعل لقد قرأت الكثير من المشكلات على موقعكم حول هذا الموضوع، ولكني لا أعرف ماذا أفعل معه.. شكرًا لكم وبارك الله فيكم.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الكريمة ومرحبًا بأسرتك جميعًا ولعلكم جميعًا بخير، وسأبدأ حديثي معك بقصة تختصر الكثير من الكلمات التي يجب أن تقال لك.
إنها قصة حقل الألماس وتحكي عن مزارع ناجح عمل في مزرعته بجد ونشاط إلى أن تقدم به العمر.. وذات يوم سمع هذا المزارع أن بعض الناس يسافرون بحثًا عن الألماس والذي يجده منهم يصبح غنيًّا جدًّا، فراقت له الفكرة وباع حقله وانطلق باحثًا عن الألماس، وظل المزارع يبحث عن الألماس طيلة ثلاثة عشر عامًا، ولكن محاولاته باءت بالفشل، ولم يجد شيئًا حتى أدركه اليأس ولم يحقق حلمه، فما كان منه إلا أن ألقى نفسه في البحر حتى يكون طعامًا للأسماك، غير أن المزارع الجديد الذي كان قد اشترى حقل صديقنا المزارع بدأ يعمل بجد ونشاط في حقله، فقام باقتلاع الأعشاب الضارة، وقام بغرس شجيرات جديدة، وخلال فترة وجيزة أصبح الحقل من أغزر حقول المنطقة إنتاجًا، وفي أحد الأيام وبينما هو يعمل في حقله.. وجد شيئًا يلمع، ولما التقطه فإذا هي قطعة ألماس صغيرة، فتحمس أكثر وبدأ يحفر وينقب فوجد ثانية وثالثة، ويا للمفاجأة فقد اكتشف تحت هذا الحقل منجمًا من الألماس.
ما أردته أن يصلك من تلك القصة هو أن طفلك كالنبتة في مثل هذا الحقل يحتاج لأن تشعرين بمزاياه وربحية رعايته لتمارسي ذلك بهمة ونشاط يثمران فيه الكثير، ولعل ما أريد إيضاحه كذلك هو أن المكسب السهل والجني السريع في حقل تربية الأطفال أمر غير واقعي، وإنما التعامل مع أطفالنا ومشكلاتهم أمر يطول أمده والتخطيط له والمعاناة في سبيله، والأهم من كل ذلك هو ألا تتعاملي مع طفلك على أن لديه مشكلة أو أنك تعانين بسببه من مشكلة، أو أنه يشكل مشكلة تؤرقك؛ ليسهل لك استخراج ما بداخله من ألماس وكنوز تسعدين به ويسعد هو أيضًا باكتشافها.
أعتقد أن هذا التمهيد كان ضروريًّا لرفع درجة استعدادك للدرجة البرتقالية -مع تفاؤل وصبر ومرح- للتعامل مع طفليك ومشكلاتهما في ظل الفارق السني البسيط بينهما، وفي ظل غياب المعونة والمشورة من أسرتك في الغربة، فكلها أمور يمكنك بعزيمتك واجتهادك التغلب عليها واستخراج كل الألماس.
إذن وبعد رفع درجة الاستعداد ما هو المطلوب منك؟
أولاً: أعتقد أن الفارق بين أحمد وأخته في مسألة النوم -وهو أمر أعتقده في ظل نقص البيانات- راجع إلى أن لدى الطفل قلقًا ما ربما منشؤه تغيير بيئته فجأة من بلدكم وأهلكم إلى أمريكا في مكان مختلف ووجوه مختلفة، هذا إن كان الانتقال للإقامة في أمريكا حدث بعد ولادته، ثم ولادة أخته وجذبها للبساط المتين من الاهتمام والحب من تحت قدميه شيئًا فشيئًا، وكلها أشياء قد لا تحتملها نفوس الأطفال بما لبعضها من رقة وحساسية ورهافة، وهناك احتمال آخر يبرر هذا الموضوع وهو ما ذكره د. سبوك في باب "في الثانية من العمر هناك مشكلات وقت النوم" من كتاب "مشاكل الآباء في تربية الأبناء"، وهذا الاحتمال هو اعتياد الطفل على نوع زائد -بل مفرط- في الرعاية مما ينشأ عنه ارتباط شديد بين الطفل وأمه يسبب له هذا القلق والشعور بالضياع والخوف عند الافتراق عنها ولو عند النوم... ولأن طفلك في عمر لا يملك فيه إحساس واعٍ بالزمن فهو لا يفرق بين الليل ولزوم النوم فيه والنهار وأحداثه، فلا يفهم عند النوم إلا أنك ستتركينه وربما لا يراك ثانية.. فيخاف ولا ينضج لديه الإدراك والوعي بالزمن إلا عندما يصل الرابعة أو الخامسة.
ولعل إدراكك كنه هذا الخوف بحيث ستكون أدواتك للتغلب على المشكلة هي أدوات للتغلب على السبب وهو الخوف، إذن فعليك العمل الدائب والدائم على إشعار الطفل بالأمان والاطمئنان، ولعل ما تفعلينه من غناء ولعب ومصادقة يوميًّا أمور رائعة تحتاج لمزيد من التكثيف والمواظبة.
ثانيًا: ما تفعلينه عند نومه من مرافقة في سريره حتى يستغرق في النوم أمر جميل.. وقد يحتاج منك لمزيد من الطقوس كغناء بصوت حنون أو قراءة لقصة لطيفة مع ربت على الجسم وتمليس على الشعر وإمساك بكفه، ولكن حذار من التسلل قبل أن يغوص في نومه تمامًا لكيلا يستيقظ على أثر تسللك ويظل يحارب النوم لا لشيء إلا الاحتفاظ بك وهو ما يرهقك أكثر ويشعرك بالضيق.
ثالثًا: تأكدي أن المدة التي تمكثينها بجوار طفلك حتى يسقط في النوم ستقل تدريجيًّا، وإن كانت كل فترة ستستغرق وقتًا حتى تقل، بمعنى لو كان ما يحتاجه طفلك هو 40 دقيقة في البداية فقد يستمر الوضع على ذلك شهرين مثلاً، ثم تقل إلى 30 دقيقة مثلاً ويستمر الوضع شهرًا آخر، وهكذا...
رابعًا: يفضل أن ينام شبعان ونظيفًا كي تقل فرص استيقاظه ليلاً، ويفضل أن تكون لجواره زجاجة بلاستيكية بها ماء إذا استيقظ يريد الشرب مع إضاءة مناسبة لا تزعج نومه، لكنها لا تخيف عندما يستيقظ.
خامسًا: مسألة تحديد سبب استيقاظه ليلاً بعد نومه تحتاج منك لملاحظة دقيقة، فهل هو يستيقظ عطشًا أم ألمًا أم مجرد قلق؟ وهل يصرخ صرخات غريبة مثلاً بلا استجابة لتهدئتك له؟ وكم مرة تتكرر هذه المسألة على مدار الأسبوع هل في كل الليالي أم كل فترة؟ وبعد تدوين ملاحظاتك لا بد من عرض الأمر على طبيب إن كان بها ما يتجاوز الطبيعي لإجراء ما يلزم من الفحوص.. كأن يكون الأمر مصحوبًا بصراخ عنيف أو لا يستجيب للتهدئة أو غير ذلك.
سادسًا: لا شك أنني أنصحك بالحنان والرفق مع الطفل، ولكن دون أن تبدي له قلقًا عليه أو تدعمي شعوره بأنه فعلاً في حاجة لوجودك وإلا ضاع؛ لكيلا يشعر أنك أيضًا لا تطمئنين عليه عند بعده عنك فيتأكد لديه أن الفراق عنك مهلك.
والخلاصة أن تكون أعصابك هادئة ولديك حزم كاف يشعر الطفل أن هذا الهلع لا مبرر له فالأمر لا مشكلة فيه، وتدريجيًّا سينتقل له هذا الشعور بالثبات.
سابعًا: حينما يستيقظ ليلاً فعليك الذهاب إليه بهدوء وطمأنته واحتضانه بلا قلق، وتلبية طلبه إن كان له طلب، ثم الربت عليه مثلاً والإمساك بيديه حتى يهدأ وينام دون أن تنامي لجواره فقط أفهميه أنك بجواره حتى ينام وبعدها تذهبي للنوم في حجرتك؛ لأن كلاًّ منا لا بد أن ينام في مكانه، فإن بكى وتذمر فأفهميه أنك قد تغضبين منه لذلك، وحاولي إقناعه أن من يفعل ذلك هو طفل غير جميل، وهكذا... كل هذا برفق ومراعاة لخوفه، ثم حاولي شغله بقصة لطيفة أو شيء يساعده على النوم مرة أخرى، وحاولي أن يكون مكان نوم أخته في نفس مكان نومه لكي لا تكون الغيرة من قرب أخته منك دونه هي السبب في هذا الأرق، ولكي يؤنسا بعضهما البعض.
سيدتي الكريمة.. تأكدي أن الأمر لن ينتهي غدا، أو أن ما عرضته عليك هو علاج سريع المفعول لمشكلة طفلك عند النوم، ولكن الأمر سيستغرق وقتًا لتعديل وتغيير ما اعتاده طفلك وملأه بالأمان الذي يطرد مخاوفه ويزيلها إلى غير رجعة.
وأخيرًا.. أستودعك رعاية الله تعالى على أمل بلقاء قريب، وأتمنى أن أتلقى متابعتك قريبًا بأخبارك وأخبار طفلك وتطوراته واستجابته لما عرضته عليك من مقترحات.
ـــــــــــــــــ(104/330)
طفلي عنيف كيف أتعامل معه؟ ... العنوان
أريد أن أطرح مشكلتي عليكم التي لم أتمكن من حلها مع ابني إلى الآن، مع العلم أني لم أتأخر ولو للحظة بأن أسأل أي شخص ولم تكن المرة الأولى التي أسأل بها طبيبا نفسيا ولم تبق طريقة إلا اتبعتها معه في حل المشكلة، لكنني لم أنجح.
طفلي الوحيد عمره الآن سنتان وثلاثة أشهر وهو عنيف جدا يعض الكبار والصغار، عض الكبار يكون أحيانا للفت الأنظار ويظن أنه نوع من اللعب معهم لكنه أصبح يعرف أنه عيب وغلط وأنه يؤلم.. والصغار يعضهم ويضربهم كلما سنحت له الفرصة، إن كان أمام أهلهم أم من ورائهم، لكنه لا يحسب حسابا لأحد (يختفي العض منه أحيانا لمدة أسبوع أو أكثر لكن سرعان ما يرجع ويعض ويضرب فيها طوال الوقت وأحيانا يرمي أي شيء أمامه على الشخص الذي أمامه حتى لو كان يحبه جدا).
بدأ العنف معه منذ كان صغيرا وأنا لا أعرف لماذا، ربما لأنه عندما ولد كنا أنا وهو فقط في المنزل وزوجي كان مسافرا وبعدها حضر الأقارب والأطفال وهو يحبهم كثيرا ولما أصبح عمره 8 أشهر أصبح يعض ويشد الشعر طوال الوقت، وبعدها سافرنا إلى بيت أهلي في السعودية وفي بيت أهلي الذي يكون فيه كل إجازة أطفال العائلة كلهم (لأنني لا يمكنني أن أسافر إلى المكان الذي يعيش فيه زوجي لعدم حصولي على لم شمل فلسطيني وهو لا يرى أباه إلا كل 9 شهور وتكون فتره قصيرة).
أحيانا تزداد الحالة وأحيانا بقدومهم تختفي، لكن لا أخفيك أنه دائما يحاول أن يضربهم وأنا عندما أرى ذلك أنهال عليه بالضرب وأحيانا أتبع معه أسلوب أنك ولد جيد، وأنك لا تعض الذي يعض هو فقط الكلب وينجح الموضوع إلا أنه يخيب أملي بعد أن يعض أحدا، واتبعت معه أيضا التايم أوت.
وأيضا اتبعت معه أن أحرمه من الشيء الذي يحبه إن عض أحدا وأقول له إنك تؤلمهم إنك جيد العض غلط جلبت له أوراقا وكتبا وألعابا كثيرة لأشغله فيها وأنسيه عادة العض.
باسل أكثر طفل مدلل في عائلتنا الكل يحبه ويجلب له الهدايا، وهو منذ كان صغيرا يستطيع أن يميز الناس والعائلة ويحبهم ويتفقدهم ويعرف كل عائلة مما تتكون من أفراد هو ذكي جدا يستطيع أن يستخدم جملا طويلة وأن يخبرك ماذا حدث معه ومن فعل كذا وكذا يستطيع الإمساك بالقلم ويحب الكتب والصور كثيرا ويحب الألوان ويستطيع التميز الأحرف التي علمته إياها.
وهو لا يسمح لأحد أن يلعب بألعابه الخاصة وأحيانا لا يكترث، وهو لا يحب التلفاز كثيرا، يمكن أن يلفت نظره أغنية أو أي شيء فيه عنف وأحيانا لا يكترث ويحب السيارات التي تقاد، ويتمنى أن يسوق سيارة الكبار يتصرف مثل الكبار ويحبهم يعرف جميع الحيوانات ويمكنه تقليد أصواتها ويستمتع جدا عندما يذهب إلى حديقة الحيوانات أو الحديقة العامة والملاهي ويحب دائما أن يكون خارج المنزل، ولاحظت أنه عندما يكون في بيتنا أو بيت أحد يمكن أن يضرب لكن عندما نكون في الخارج للتنزه لا يضرب.
أنا أقضي معظم وقتي معه ألعب معه أحاول أن أشغله بأي شيء إلا أنه يخدعني ويعضني بعدها أحيانا وطبعا هو الأغلب يفضل اللعب مع والدي والعاملة وأحس أنه يحبهم أكثر مني إلا أنه يستخدم معهم العنف أيضا وخاصة أنا ووالدي.
الرجاء منكم حل مشكلتي بأسرع وقت؛ لأني بدأت أفقد صوابي منه، وأحيانا أنهال عليه بالضرب لعدم قدرتي على السيطرة عليه أحيانا يخاف مني وأحيانا لا يخاف.. إذا كان هناك مشكلة بي وبابني فالرجاء إعلامي، ولكم مني جزيل الشكر.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور حمدي شعيب :
الأخت الفاضلة السائلة/ (أم باسل ـ من السعودية).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وشكر الله لكم استشارتنا
وأسأل الله عز وجل أن يجري الحكمة على قلبي ولساني ويدي؛ فيوفقني في الرد الوافي بالجواب الشافي الكافي.
وبعد..
فإني أشكر الله إليكم حرصكم على ابنكم الحبيب، واجتهادكم في تنشئته ورعايته ومتابعته.
ولكن حالة ابنك الحبيب تثير قضية "الأساليب التربوية الخاطئة للوالدين وأثرها على سلوك الأبناء".
ولتوضيح ذلك، وللرد على استفساراتكم ردا شافيا، كافيا، سنجعله بعونه سبحانه في نقاط منهجية؛ على هيئة أسئلة بسيطة، وإجابات عنها أبسط.
وهي ملخص لرسالة تربوية بعنوان "ولدي.. عدوانيا!؟"، وهي إحدى الرسائل التي يصدرها "مركز ولدي الطبي للأطفال بدمنهور"، تحت سلسلة "منهجية الاستثمار في الأبناء".
أولا: ما هي أبرز الأسباب المؤدية إلى السلوك العدواني عند الأطفال؟
القسم الأول: أسباب خارجية والدية:
وهي الأساليب التربوية الوالدية الخاطئة والتي تثمر طفلا عدوانيا:
الأسلوب الأول: الحماية الزائدة، وكأنهما يربيان طفلهما داخل صوبة زراعية!.
(أ) من مظاهر هذا الأسلوب:
1- ممنوع التنفس إلا بالهواء الذي تختارانه.
2- ممنوع الاحتكاك إلا بمن تختارانه من الناس.
3- ممنوع الأكل إلا بما تختارانه من الطعام.
4- ممنوع لبس أي ملبس إلا بما تختارانه من السوق.
5- ممنوع دخول المدرسة إلا بما توافقان عليها.
6- ممنوع الزواج إلا بالتي تقبلانها.
(ب) من نتائجه الخطيرة:
1- الخوف والتردد.
2- عدم القدرة على تحمل المسئولية.
3- عدم الاعتماد على النفس.
4- الاعتماد على الآخرين.
5- عدم القدرة على التكيف الاجتماعي.
6- عدم القدرة على تكوين علاقات مع غير الوالدين.
7- الشعور بعدم تقبل الآخرين.
8- عدم القدرة على حل المشاكل.
9- استشعار الطفل بالعدوانية لغير الوالدين.
الأسلوب الثاني: الإسراف في التدليل؛ وكأنهما لا يستطيعان أن يقولا له: لا!.
(أ) من مظاهره:
1- إجابة كل طلباته.
2- عدم تحمل بكائه.
3- الخوف من إغضابه.
(ب) من أخطر نتائجه:
1- عدم تحمله للمسئولية؛ فغيره يخدمه تحت رجليه.
2- الغرور والكبر؛ لأنه الملك غير المتوج.
3- الطمع؛ فليس هناك من يرفض مطالبه، أو يجرؤ على الاستفادة من حاجياته.
4- التحكم في الوالدين.
5- عدم احترام الوالدين.
6- التمرد على الوالدين.
7- عدم احترام الآخرين ومشاعرهم.
8- الشعور بالعدوانية للآخرين.
الأسلوب الثالث: فرض رأي الوالدين بتعسف، والتعامل معه بدكتاتورية وسلطوية؛ وبأسلوب: (ما أريكم إلا ما أرى).
(أ) ومن مظاهره البارزة:
1- فرض المعايير والضوابط القاسية.
2- إهمال مشاركته في وضع المعايير الأسرية.
3- عدم الاهتمام برأيه.
4- رفض رغباته.
5- التدخل في اختياراته؛ سواء الطعام أو الملبس أو اختيار الصحبة.
6- عدم الاستماع إليه.
(ب) ومن نتائجه:
1- الخوف من إبداء الرأي.
2- التردد.
3- عدم الثقة بالنفس.
4- الغضب الدفين من الوالدين.
5- الانسحاب من الواقع ورفض التعامل مع المحيطين.
6- العدوانية تجاه الآخرين.
القسم الثاني: أسباب داخلية نفسية عند الطفل:
وهي الأسباب الأخرى التي تعود إلى رد فعل الطفل فتثمر طفلا عدوانيا:
1- رغبة الطفل في الإثارة؛ للحصول على إعجاب الرفاق والآخرين.
2- رغبة الطفل في الاستقلالية والبعد عن مظلة الحماية الوالدية الخانقة.
3- شعور الطفل بالإحباط.
4- الرغبة في إغاظة الوالدين وإحراجهم.
5- رغبة الطفل في حب الاستطلاع لمعرفة رد فعل الآخرين.
6- الرغبة في تفريغ الطاقة والنشاط الزائد؛ خاصة في حالة عدم وجود مصارف لهذه الطاقة.
7- الرغبة في إظهار الذات.
8- الرغبة في الانتقام.
9- غياب أحد الوالدين.
10- الشعور بالحرمان.
11- التقليد.
ثانيا: ما هي أبرز الأساليب التربوية لعلاج السلوك العدواني؟
1- المواجهة:
وهو العمل الفوري الحازم لوقف السلوك العدواني.
(1) أوقفي فورا سلوكه العدواني.
(2) أصدري أمرا لفظيا مفهوما وحازما له: (لا تفعل هذا الآن!).
(3) اشرحي له سبب المنع: (هذا يؤذي أخاك ـ هذا تعد على أحبابك ـ هذا يغضب الله سبحانه).
(4) ضعيه في منطقة العزل مدة (2-5) دقائق حتى يهدأ.
(5) امتدحي هدوءه، وأثني عليه.
(6) عاونيه في التعويض وإزالة آثار الضرر والعدوان: (هيا أصلح ما كسرته - اعتذر لأخيك).
(عاونيه على تفريغ طاقته؛ خاصة عند غضبه: (شارك إخوتك في اللعب - هيا لاكم هذه الوسادة).
2- المعالجة السببية:
حاولي أن تفهمي أو تعرفي السبب، ثم حاولي معالجته.
(1) حاوري الطفل في ساعة صفاء؛ أي بعيدا عن حالات غضبه.
(2) مارسي مهارة الاستماع والإنصات الجيد.
(3) ادفعي الطفل دفعا للحديث والتعبير عن مشاعره.
(4) مارسي الإنصات الانعكاسي (Reflecting Listening)؛ ويقصد به الإنصات الفعَّال النشط؛ أي أنصتي إليه جيدا، وكرري مشاعره وأعيدي ذكر كلماته بعد إعادة صياغتها. (أشعر أنك منزعج ـ أشعر أنك حزين ـ أشعر أنك غاضب من أخيك ـ تخيل أنني كنت مثلك وأنا صغيرة، ولكن أبي نصحني كثيرا حتى تحسنت أفعالي وانفعالاتي).
3- علميه منهجية أو مهارة التنفيس عن الغضب:
وهناك طرق كثيرة تفيد الكبير قبل الصغير؛ مثل:
(1) لكْم وسادة بقوة.
(2) لكم لعبة بلاستيكية منفوخة.
(3) قطع الأخشاب.
(4) طرْق الأخشاب.
(5) تمزيق صور المجلات.
(6) الرسم والتلوين.
(7) اللعب بالصلصال.
4- وفري بدائل الغضب:
اكتشفي هواياته، واعرفي ما يحبه، واشغليه به.
5- الدعم الإيجابي:
أي كافئي ولدك بمنهجية الثواب والعقاب؛ وما يهمنا هنا:
(1) راقبيه بعناية.
(2) سجلي عدد مرات الغضب اليومي.
(4) ضعي خطا بيانيا أمامه يسجل الانخفاض في عدد مرات غضبه.
(5) شجعيه على التحسن والاستمرارية.
(6) كافئي طفلك على كل تقدم يحرزه.
ثالثا: نصائح أخوية للوالدين:
والآن جاء دوركما:
1- عليكِ أيتها الأخت الفاضلة أن تجلسي مع نفسك، ثم مع زوجك الفاضل، وكل من يحيط بهذا الحبيب وتحاولوا معا إصلاح ما في علاقتكم من أخطاء، وما في أساليبكم من خلل، ثم ما في علاقتكم بولدكم الحبيب المسكين من عيوب؛ مسترشدين بما ذكرناه في الأسباب والعلاج.
وستجدين كل خير وتقدم في سلوكيات هذا الحبيب الصغير.
2- ولقد لاحظت بعض النقاط المهمة في أسباب عدوانية طفلك الحبيب المسكين؛ والتي تعتبر مفتاحا لحل مشكلة طفلكما الغض:
(1) أسلوب الحماية الزائدة.
(2) أسلوب التدليل.
(3) البيئة الأسرية.
(4) غياب أحد الوالدين.
3- لا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ:
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74).
فسيكون بحول الله سبحانه، قرة أعين لوالديه ولأمته، وستكونون جميعا للمتقين إماما.
4- حاولي الاطلاع على بعض مراجع هذه الحالة؛ وأهمها:
(1) كيف تعالج متاعبك من سلوك ولدك (الدليل العلمي لمعالجة السلوكيات المتعبة للأبناء): لين كلارك ـ ترجمة د. محمد حجار ـ دمشق دار طلاس 1990م.
(2) تشاجر الأشقاء: محمد ديماس ـ دار ابن حزم ـ 1420هـ1999م.
وإلى هنا ينتهي كلام الدكتور حمدي شعيب ويضيف إليك الدكتور عمرو أبو خليل:
نشكو من عنف أطفالنا سواء كان في صورة ضرب أو عض أو ما شابه ذلك ثم نذهب لننهاهم عن استخدام العنف فنضربهم ونستخدم العنف معهم ليكون لسان حالنا ضد لسان مقالتنا فها نحن نأتي بالسلوك الذي نمنعهم منه.. فنحن نمنعهم من الضرب والعنف ثم نضربهم فيقعون في الحيرة والارتباك إذا كان الضرب مرفوضا كسلوك فلماذا تضربني أمي وأبي؟.
إنك في رسالتك تذكرين أنك استخدمت أسلوب التفاهم والتعريف بأن الذي يعض يصبح طفلا سيئا، وأنه فعلا ينجح.. ولكن مشكلتك هو أنك تتصورين أن النجاح يعني ألا يعود الطفل مطلقا إلى هذا السلوك السيئ، وأن أسبوعا أو أسبوعين كافيان لإقلاع الطفل تماما عن سلوكه السيئ فتعتبرين أن طفلك قد فشل في التخلص من سلوكه السيئ وتعودين إلى الضرب فتهدمين كل ما بنيته في الأسبوعين السابقين لتعود الدائرة من جديد وهذا هو سبب فشل العلاج السلوكي في السابق وهو أنك لا تعتبرين المدة الكافية والتي قد تمتد إلى ستة أشهر وتصل إلى سنة من استخدام أسلوب التحفيز والتشجيع والامتناع تماما عن الضرب في معالجة الأمر ولو احتاج الأمر عقابا فليكن بصورة أخرى غير الضرب بدءا من إظهار الغضب ومرورا بالخصام وانتهاء بالإبعاد الآمن لمدة محدودة.
والخلاصة..
أن علاج العنف لا يصلح بالعنف، ولكن العلاج السلوكي الهادئ الصبور القائم على التحفيز والتشجيع مع استبعاد الضرب كعقاب واتباع درجات العقاب الأخرى هو الحل لمشكلة ابنك.
ـــــــــــــــــ(104/331)
خوف أبنك سلوك مكتسب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود في البداية أن أشكر لكم جهودكم في إرشاد وتوجيه المسلمين، جعلها الله في ميزان حسناتكم.
أود أن أسأل عن مفهوم الخوف عند الأطفال؛ إذ إن ابني ذا الثمانية أشهر بدأ ينظر بخوف وذعر إلى سلسلة معلقة في سقف المطبخ ويبكي وليس هناك ما يخيفه، كما أنه أثناء نومه يظل يتقلب ويبكي وعندما نوقظه يكون بخير.. فما السبب؟.
كما أريد أن أعرف ما هي الفترة الزمنية المناسبة لاستقبال أخ له ويكون مستعدا لذلك؟ وما أفضل الطرق للتعامل مع مشكلة "الشبطان" في كل شيء يراه في هذه السن؟ ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك بطفلك وبحثك وراء كل تصرف يقوم به والذي نرجو أن يكون باعتدال لا يؤدي إلى حالة من القلق الزائد عليه، والذي من الطبيعي أن ينتقل إليه.
لا ندري ما هو شكل الخوف أو الذعر الذي ظهر في عيني طفلك ذي الثمانية أشهر.. ولماذا ترجمت هذه النظرات بالخوف والذعر؟ ولماذا فسرت بكاءه أنه بسبب الخوف من السلسلة المعلقة؟.
من المبكر الحديث عن الخوف والذعر في هذه السن، وإن كان هذا أمرا غير محسوم.. هل يخاف الأطفال في هذه السن أم لا، ولكنني أنا مع الذين يعتبرون الخوف أمرا مكتسبا أو سلوكا يكتسبه الطفل ممن حوله، سواء برؤيته ومراقبته لسلوكهم أو بتخويفهم من أمر، بحيث يمكن القول إننا نولد ونحن لا نخاف.. ولكننا نتعلم الخوف.
لماذا يستيقظ الأطفال أثناء النوم باكين؟... ولماذا يتقلبون؟... تتعدد التفسيرات ولكن لا يوجد منها ما يخيف أو يقلق... فأبسطها أن تكون هناك بعض الغازات التي تدور في بطنه والتي تجعل نومه قلقا فيصحو باكيا ثم يعود لهدوئه لزوال السبب.. وقد تكون رؤيته لحلم أزعجه سببا أيضا لبكائه؛ حيث ثبت الآن أن الأطفال يحلمون منذ شهورهم الأولى من خلال دراسة التغيرات الكهربائية والنشاط الكهربائي للمخ للأطفال أثناء نومهم.
وبالنسبة لقدوم الطفل الثاني فإن الأمر يتعلق بقدرة الأم الصحية أكثر مما يتعلق باستعداد الطفل لاستقبال أخيه، ويرى أطباء النساء والتوليد أن مرور عامين على الولادة فترة كافية تكون الأم قد استعادت فيها لياقتها البدنية والنفسية التي تسمح لها بالحمل مرة أخرى، والتي عندها سيصبح الطفل قد قارب عمره على ثلاث سنوات عند مقدم أخيه، حيث يصبح قادرا على الاعتماد على نفسه في كثير من الأمور، بحيث تستطيع الأم منح رعايتها لطفلها الجديد بصورة لا تؤثر على رعايتها للطفل الأول، وهذا لا يجعل الطفل منزعجا من مقدم أخيه.
وللمزيد من التفاصيل حول كيفية إعداد طفلك الأول لاستقبال الطفل الثاني نرجو عودتك إلى المقال المعنون مرحبا طفلي الثاني .
أما شبطان (تعلق) الطفل في هذه السن بكل ما يراه فهذا ليس مشكلة تحتاج إلى حل، بل هو سلوك طبيعي ناتج عن دافع فطري يولد مع الإنسان، وهو دافع التناول والاستكشاف، وهو من الدوافع المهمة للنمو السوي للطفل؛ لأنه يمكنه من التعرف على البيئة المحيطة به والتعامل معها...
ـــــــــــــــــ(104/332)
التأخر النمائي.. كيف نتعامل معه؟ ... العنوان
السلام عليكم..
لدي ابن أخ عمره الآن سنتان إلا نصف شهر لم يتكلم إلى الآن أي كلمة، مع العلم أنه يسمعنا عندما نتكلم معه، ويرد على الكلام والأوامر..
أريد أن أخبركم ببعض المعلومات التي يمكن أن تساعدني في حل مشكلته.. عندما ولد هذا الصغير تأخرت أمه فيه 3 أيام وهي تطلق فيه، وعندما ولدته استخدم الدكتور الشفاط لكبر حجمه ورأسه أتى وزنه تقريبا 4 كيلوجرامات ونصفا أو أكثر، كان طويلا جدا، دائما يلبس أكبر من مقاسه، كما أنه لما ولد أصابه الصفار عند الولادة، وكانت نسبته عالية جدا، ونام في المستشفى إلى أن تعالج بعدها، كان في البداية كسولا جدا ودائما كان نائما، وأيضا تأخر في كل شيء لا أدري لكبر حجمه ووزنه وطوله أم لشيء؟ آخر تأخر بالمشي، وما استطاع أن يمشي إلا بعد أن أصبح عمره سنة ونصف، لكنه أيضا لا يتكلم حتى "ماما وبابا" لا ينطقهما، يحب أمه كثيرا، وهو متعلق بها.
الآن بدأ بعدم الخمول مثل السابق، أصبح يخرب ويلعب مثل باقي الأطفال، وإذا أمرته بشيء أحيانا يفهم ويرد عليك وأحيانا يطنشك!! لا أدري إن كان يطنش أم لا يفهمنا..
إذا أراد شيئا يأخذك من يدك للحصول على الشيء، عنيد أحيانا، وألاحظ أنه لا ينسى بسهولة، هو طفل جميل يحب الناس أيضا كلهم يخاف على نفسه، ويحسب حسابا من أن يقع، وأحيانا ألاحظ أنه لا يخاف أن يمسك الأشياء الساخنة، مع أنه يعرف أنها ممكن أن تؤذيه، يحب أن يقلد العاملة التي تعمل في المنزل، ومعظم الوقت ينظف ويمسح الغبار، ويحب جر أي شيء له حبل ويحب العصا كثيرا لا يحب التلفاز..
أريد منكم إعلامي ما يمكن أن نفعل معه حتى نعالجه أريد منكم، أيضا إعلامي كيفيه إخبار أهله ماذا يجب عليهم أن يعملوا معه مع الطريقة المثالية حتى لا يغضبوا.. وشكرا جزيلا..
... السؤال
الإعاقات الجسدية والمركبة ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. شكرا لاهتمامك والمعلومات التي قدمتها فهي جيده جدا..
عزيزتي.. إن الأطفال الذين مروا بمشاكل أثناء الولادة مثل عسر الولادة أو نقص الأكسجين أو استعمال أدوات مثل الشفاط أو الإصابة بالصفار بعد الولادة أو ارتفاع درجة الحرارة وغير ذلك يطلق عليهم اسم الأطفال تحت الخطر أو المعرضين للخطر children at risk.
وهذا يعني أن الطفل يحتاج للمتابعة المستمرة من قبل الطبيب، ويفضل أن يكون طبيبا خاصا بطب الأطفال التطوري؛ أي أن يكون لديه علم بمراحل التطور المناسبة لكل عمر زمني -مراحل التطور الطبيعي- وذلك للتنبه إلى أي مؤشرات تأخر نمائي يظهرها الطفل وتحويله في الوقت المناسب لإخصائيي التأهيل عند الحاجة (إخصائيي العلاج الطبيعي - الوظيفي - النطق واللغة والتريبة الخاصة وغيرهم).
وما يبدو لي من المعلومات التي أوردتها برسالتك أن الطفل، ورغم صغر سنه لديه تأخر نمائي، وخصوصا في مجال اللغة، ولكن لا أستطيع أن أحدد درجة هذا التأخر ومداه، وكذلك هل هو مترافق مع تأخر إدراكي ومعرفي وغير ذلك.
لذا النصيحة التي أكررها دائما لا يمكن الحكم على أي علامات عن طريق قراءتها فقط بل يجب أن تتم مشاهدة الطفل مباشرة وتقييم حالته.
وأكرر النصيحة أيضا ودائما.. ليس هناك سن مبكرة لوجود مؤشر هام بأن هناك تأخرا نمائيا معينا لدى الطفل؛ بحيث نحتاج إلى استشارة إخصائي بخصوصه. ويجب عدم الاستهانة بوجود مثل هذه المؤشرات بسبب صغر سن الطفل؛ فالاكتشاف المبكر لأي أعراض أو مؤشرات لمشاكل نمائية هو من أفضل الطرق للمساهمة في الحد من الأثر الذي سيتعرض له الطفل مع التقدم بالعمر، وعدم التنبه إلى وجود أعراض تأخر نمائي لدية في الوقت المناسب.
عزيزتي..
ما فهمته من رسالتك أيضا أن الوالدين متعلمان، ويمكنك مناقشة الموضوع معهما بطريقة علمية مبسطة، واقتراح استشارة إخصائي نطق ولغة أو طبيب طب أطفال متخصص بعلم نمو الطفل وعرض ما نراه من مظاهر لدى الطفل، وهل هذا يعد في حدود الطبيعي من تطور لغوي وإدراكي لديه أم أن هناك مؤشرات تأخر لدية تحتاج للتدخل؟
ويمكن أن تقوم أختك (باقتراح منك) بقراءة مواضيع أو إرسال استشارات حول الموضوع عبر الإنترنت، ويمكن أن تبدأ بالاستشارة حول حجم رأس الطفل ومهارته الحركية وحالته الصحية. وأيضا قراءة مواضيع حول ما هي المهارات المناسبة لكم: عمر زمني من حركية ولغوية وإدراكية وغير ذلك للوصول إلى جميع المهارات، وشكرا مرة أخرى لاهتمامك.
ـــــــــــــــــ(104/333)
المتابعة المستمرة لنجاح العلاج ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في الحقيقة دائما أسمع عن موقعكم الرائع، ولكن لم تسنح لي الفرصة لزيارته، وخلال تجولي في المكتبة استرعى انتباهي روعة إخراج سلسلة "معا نربي أبناءنا"، وأعجبني جدا عنوان الكتاب فوجدتني أشتريه بلا أي تردد، وأثناء قراءتي للكتاب كنت أركز على أسماء المستشارين وردودهم، كما أنني أقرأ نبذة عن المستشار.
ولا أستطيع أن أصف سعادتي حتى أعرض مشكلة بنيتي الحبيبة وفلذة كبدي التي طالما كانت تؤرقني وأفكر مليا بمن يتوجب علي أن أستشير، ولكن عسى أن يكون ذلك خيرا لي أن أكتب مشكلتها لديكم.
ابنتي من مواليد 31-3-2003 وكانت ولادتها طبيعية NVD ومحيط رأسها 33سم وطولها 52سم، لاحظ الأطباء صغر محيط رأسها ونصحوني بعمل CT scan، ولكنني رفضت بناء على خوفي من تعرضها للأشعة وهي حديثة الولادة ولم تشتك من شيء، غير أن والدتي لاحظت حركة عينيها التي اتضح فيما بعد أنها nystagmus، وأصيبت بالتشنج عندما كان عمرها 5 شهور، ولله الحمد منذ أن استمرت على العلاج وهو فينوباربيتون لم تتعرض لأي نوبة أخرى.
وسؤالي هو: ما هي نسبة تأخرها عمن هم في مثل عمرها؟ ومتى في مثل حالتها تستطيع المشي والكلام بإذن الله؟ وما مدى حاجتها لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة؟ وما مدى إمكانية انضمامها لمدارس عادية، أقصد أن تدرس مثلا في مدارس خاصة حتى عمر معين ثم أدمجها مع مدارس عادية (يعني للأطفال الطبيعيين)؟ وهل أستمر على العلاج الطبيعي لأني متوقفة حاليا منذ شهرين بسبب ظروفي الخاصة؟.
علما أن ابنتي انقلبت من بطنها لظهرها عند عمر 11 شهرا بعد أن داومت على العلاج الطبيعي عند عمر 10 شهور أي في غضون شهر... وتعلمت الجلوس بمساعدتي في نفس الفترة، والآن عمرها سنة وسبعة أشهر تزحف على بطنها وتحاول الحبو والاتكاء على أي شيء للوقوف، ولكن لا تستطيع ربما بسبب ضعف عضلاتها.
والآن تصفق وتحاول الكلام وتنصت جيدا، مراقبة تحركات فم متحدثها، كما أنها تفتقدني وتبكي عندما يصرخ أحد بوجهها وتضحك عندما ترى الأطفال وتلاعبهم.. علمتها أختي أنشودة خاصة بها من تأليفها وتصفق حال سماعها الأنشودة حتى لو كانت تبكي.. أنا أحس أنها ذكية ولكن تحتاج للتعليم.
نسيت أن أذكر أن أول سن ظهرت عند عمر سنة و3 أشهر، الآن لديها 4 أسنان فقط.. فهل يا ترى أجد إجابات عند فريق الاستشارة؟ أخص الدكتورة سناء جميل أبو نبعة كونها مشرفة على قسم النطق في مدرسة خاصة؟ أكون شاكرة حسن تعاونكم معي وسرعة ردكم الذي بناء عليه سيتحدد وضع ابنتي.
... السؤال
التأخر العقلي ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أختي الفاضلة في الحالات المشابهة لحالة ابنتك حفظها الله يطلق على الأطفال "أطفال تحت الخطر" children at risk، وهذا يعني ببساطة أنه يجب متابعة الطفل وتطوره أولا بأول.
عزيزتي، إن حدوث تشنج في هذه الفترة الحرجة من عمر الطفل قد -وأكرر قد- يترك أثرا على مناطق معينة بالدماغ وهذا لا يظهر إلا مستقبلا ويظهر على شكل أعراض معينة مثل صعوبات الحركة أو النطق أو غيرهما، أي أنه حاليا لا يمكن التنبؤ بماهية المشكلة التي سوف تظهر مستقبلا ودرجتها؛ لأن تأثر كل طفل يختلف عن الطفل الآخر.
لكن كما ذكرت لك فإن الطفل يبقى بحاجة للمتابعة المستمرة من الإخصائيين وعن قرب (لأنه لا يمكن تشخيص أي حالة من معلومات عبر الهاتف أو الإنترنت) حتى يكونوا قادرين على تحديد ماهية التأخر ودرجته والمتابعة المطلوبة في كل مرحلة.
عزيزتي، هذا يعني أنه ينبغي متابعة الطفلة طبيا، وكذلك لدى إخصائيي العلاج الطبيعي والوظيفي والنطق واللغة حتى يتم التأكد من مراحل نمو الطفلة وهل هناك تأخر، وإذا كان هناك تأخر فما هو مداه، وبالتالي ما هي النصائح والإرشادات التي يمكنهم تزويدك بها سواء برامج منزلية أو تدريبا مباشرا.
نصيحتي لك هي الاستمرار على متابعة الطفلة لدى الإخصائيين وخصوصا في هذه السن الحرجة؛ حيث إنها السن الذهبية لاكتساب جميع المهارات.
ويمكن بعد متابعة الطفلة لفترات كافية (سنة أو سنتين مثلا) التنبؤ بوجود تأخر في مهارة معينة أو أكثر والحاجة إلى التدريب ثم التوقع المستقبلي لها من الحاجة للالتحاق بمدرسة خاصة أو القدرة على الالتحاق بالمدارس العادية.
وما أنصحك به حاليا هو المتابعة المستمرة مع الإخصائيين والقراءة حول الموضوع عبر الكتب أو الإنترنت، تحياتي لك، وأرجو أن تستمري بالتواصل.
-ـــــــــــــــــ(104/334)
الكبر وحب السيطرة.. مشكلاتي مع ابنتي ... العنوان
السلام عليكم..
لا أريد أن أطيل عليكم، أريد أن أستشيركم في ابنتي 11 سنة، ما الأسلوب الأمثل في التعامل معها؟ فهي كالتالي: فيها شيء من الكبر وحب السيطرة على إخوتها وحتى على أصحابها؛ فهي مثلا تحب أن تستهزئ بإخوانها وهذا شيء مرفوض في أسرتنا.
وعندما يريد أحد إخوتها قول قصة تقاطعه بقولها "أعرف ذلك"، أو تقولها هي عنه إذا كان يحدثنا بها. أيضا نظراتها لوالديها وإخوانها وحركاتها فنحن عندما نكلمها أو نأمرها بشيء تفعل حركات بوجهها أو يديها تدل على استنقاص المتكلم وهي دائما في خصام مع صديقاتها؛ فعندما تشتكي لي تقول هذه متكبرة حتى عندما نمشي في الشارع وتصادف فتيات في عمرها وأكبر لا تلاحظ فيهن غير كبرهن، وهي لا ترى عند أحد شي لا يوجد عندها مثله تزعل أو تدعي على هذا الشيء.
أحيانا أشياء لا تخصها تكون للأولاد أو لنساء.. ونحن لا نقصر معها بشيء في حدود المعقول والمجتمع. لقد حاولنا معها بكل ما نعرف من طرق: بالتفاهم وبيان خطر ذلك عند الله وعند الأصدقاء أيضا. ثم بالحرمان من بعض الأشياء ثم بالضرب.
أرجو أن أجد حلا عندكم. فكما تعلمون نحن في غربة وأريدها صالحة في مجتمعها وبيتها. وعند ربها. بالمناسبة فهي كثيرة الصراخ. وجزاكم الله خيرا..
... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
مرحبا بك -سيدتي- على صفحة معا نربي أبناءنا، وندعو الله أن نكون عند حسن الظن بنا,
استشارتك سيدتي تتبلور في نقطة محددة وهي: الأسلوب التربوي الصحيح لتعديل سلوك ابنتك التي تبلغ من العمر أحد عشر عاما والذي يتصف -كما ذكرت في رسالتك- بالسيطرة والكبر والاستهزاء والسخرية من الآخرين.
وكما هو واضح من بيانات الاستشارة فالابنة هي الطفل الأول لكما، وهذا يفسر كثيرا من السلوكيات التي تسلكها ابنتك؛ فكل ما وصفت به ابنتك إنما هو في الواقع ناتج عن إحساس بالغيرة من إخوتها الذين أتوا بعدها واستأثروا بالاهتمام والرعاية، فأحبت لفت الانتباه إليها مرة أخرى فلجأت لمثل هذه السلوكيات.
ومراعاة مشاعر الطفل الأكبر والاهتمام به بعد ميلاد طفل جديد أمر لا يلتفت إليه كثير من الآباء والأمهات إلا بعد ظهور بعض الأعراض التي تؤرق الآباء بل والأبناء على حد سواء، وعلاج هذا الأمر يتلخص في تحقيق هدف واحد غاية في الأهمية ألا وهو: استعادة الابنة مكانتها والشعور بأنها فرد مرغوب فيه له قدره ووضعه بين أسرته ولا يقل أهمية عن باقي الإخوة، وأما كيف يتحقق هذا الهدف فعن طريق الآتي:
1. أن تكفي تماما عن ضربها أو توبيخها بسبب ما تأتي به من تصرفات.
2. كما أرجو الكف عن إبداء النصح المباشر عن أضرار ما تفعله من سيطرة وكبر مع غيرها.
3. إذا كانت هناك مقارنة بينها وبين غيرها من الأبناء أو الأصدقاء فيجب التوقف عن ذلك تماما.
4. أن تتغاضى في الفترة الحالية عن سلوكياتها المتعجرفة مع أصدقائها وإخوتها، ودعي كلا من الأصدقاء والإخوة يتصرفون معها بما تمليه عليهم طبيعة الموقف ولا تعلقي أنت عليها، والأفضل ألا تتواجدي في نفس المكان الذي تحدث فيه مثل هذه المواقف قدر استطاعتك. أما إذا حدثت أمامك فكل ما عليك -في هذه المرحلة- أن تنظري إليها نظرة المغضب وتتركي المكان. أما إذا كانت تتعامل بهذه السلوكيات معك ومع والدها فحينئذ لا بد أن تكوني على قدر كبير من الحزم والحسم وتخبريها أنك لن تسمحي على الإطلاق أن تتحدث أو تتعامل بهذا الأسلوب معكما مرة أخرى، وبالطبع لن تكف عن هذا الأسلوب معكما بمجرد تحذيرك هذا، بل ربما تتمادى؛ وذلك لسببين: الأول لأنها اعتادت فترة على هذا السلوك. والأمر الثاني أنها تختبر مدى جديتك وحزمك فيما تقولين ولتعرف ما العقاب الذي سيحل بها عندما تعيد الكرة مرة أخرى، ولذا فعليك بالصبر وعدم التراجع عن موقفك الحازم إذا صدر منها هذا التصرف معك أو مع والدها، ويكون العقاب ألا تتحدثي معها إلا إذا انتبهت إلى من تتحدث وتعدل من أسلوبها هذا، وعندما تأتي إليك معتذرة (ولا أعني بهذا أنه يجب عليها أن تقول لك آسفة أو سامحيني، ولكن يكفي أن تتصرف معك على أنها نادمة على ما بدر منها، أو تأتي للتحدث معك بشكل عادي) فاقبلي عذرها، فإذا تكرر سلوكها أكثر من مرتين أو ثلاث فكرري تنبيهك وتحذيرك لها، فإن عادت فأخبريها أنك لن تسامحيها إلا إذا قدمت اعتذارا فعليا وليس اعتذارا قوليا، وعندما يبدو منها ولو تحسنا طفيفا في طريقة التعامل، فعليك بتعزيزها فورا بابتسامة رضا أو بالتربيت عليها أو بتقبيلها.. واستمري على هذا حتى تعي الفتاة أنك على استعداد لاستيعابها وفهمها، وأنك تعطينها أكثر من فرصة للإصلاح، وحتى تعي أن الأبوين يختلفان في طريقة وأسلوب التعامل عن الإخوة والأصدقاء.
5. أن تنتهزي أي فرصة تقوم بها بسلوك جيد مثل ترتيب حجرتها أو أدائها لواجباتها لتقومي بالثناء عليها وتشجيعها.
6. عليك بكثرة الاطلاع والقراءة في مجالات متعددة خاصة ما تهتم به ابنتك، وأقيمي معها حوارات ومناقشات في هذه الموضوعات، فهذا يكسبها مزيدا من الثقة والفخر بك وفي نفس الوقت توطد العلاقة بينكما.
7. حاولي في هذه الفترة أن تقتربي من ابنتك وتصادقيها وتحسني علاقتك بها، ولا تنسي أن ابنتك على مشارف مرحلة المراهقة، وهي مرحلة تحتاج الابنة فيها إلى أم صديقة تشعر بالدفء والأمان والحب معها كما تشعر بقوة العلاقة التي تسمح بأن تبوح لها بكل ما يختلج في نفسها لمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على موضوعات متعددة على هذه الصفحة تناولت كيفية توطيد العلاقة بين الوالدين والأبناء :
مصاحبة الأبناء..متى، كيف و لماذا؟؟
المراهقة ...مشكلات حلولها الصداقة
الصداقة..الحوار..التفاهم ..مفاتيح المراهق
8. بعد هذه المرحلة (التي يتوقف طولها أو قصرها على مدى صبرك واستيعابك لابنتك، وتوطيد العلاقة بينكما، واكتساب ثقتها بك وبآرائك) أقول بعد هذه المرحلة ابدئي معها من خلال الحوار والمناقشة -وليست بأسلوب الوعظ المباشر- توضيح الأضرار الناجمة عن سلوك الكبر والتعجرف على الإنسان في الدنيا والآخرة.
9. برغم أنك لم تذكري شيئا عن مدرسة ابنتك فإنه يمكن أن تساهم المدرسة بشكل فعال في تعديل سلوك ابنتك إذا تم التعاون والتواصل بين البيت والمدرسة بشكل جيد وإقامة علاقة طيبة مع مدرسات الابنة.
10. أن يتعاون معك زوجك فيما سبق لتتفق سياستكما في التصرف معها.
وأخيرا.. أدعو لك الله بالبصيرة وحسن التوجيه. كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/335)
الفطام..الصراع بين العقل والقلب ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الإخوة الكرام، جزاكم الله على هذا الموقع البالغ الروعة أعظم الأجر؛ فنحن هنا في الغربة بأمس الحاجة لهذه المعلومات القيمة، وأعتذر لأني أرسلت استشارتي مرتين لإدارة للموقع.
المهم ابنتي تبلغ من العمر سنة وخمسة أشهر، ولأن وزنها 9 كجم وطولها 83سم طلب مني الدكتور الخاص بها فطمها رغم أني كنت مقررة وزوجي أن أستمر في إرضاعها سنتين، ولكني فطمتها منذ شهر وإلى الآن أعاني وإياها من العذاب.
أنا لدي رغبه شديدة في إرضاعها من جديد، لكن أريد أن أسألكم عن صحة هذا العمل من الناحية الصحية والنفسية، وسألت أمي وحماتي، لكن طبعا الجميع يريد مني فطمها كي أحمل ثانية، والجميع يقول لي "حرام ترجعي ترضعيها"، ولكنها مفطومة منذ شهر وما زالت تريده طبعا، أنا لا أدعها تراه أبدا، علما أنه ما زال فيه حليب، وكانت ترضع من جهة واحدة.
وأرجو منكم إجابتي بسرعة؛ والله إني أعاني من اكتئاب لشعوري بظلمي لابنتي، ولرؤيتي لها كل يوم وهي تعاني عندما تريد النوم وترفض أن أضمها لصدري، وأخيرا شكرا لكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت الفاضلة السائلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لكم استشارتنا. وأسأل الله عز وجل أن يجري الحكمة على قلبي ولساني ويدي؛ فيوفقني في الرد الوافي؛ بالجواب الشافي الكافي، وبعد،...
فلقد تساءلتم عن حالة ابنتكم الحبيبة التي تعاني من حالة (أزمة أو آلام الفطام)؛ كما ورد في رسالتكم الطيبة.
وإني أشكر الله إليكم حرصكم على ابنتكم الحبيبة، واجتهادكم في تنشئتها ورعايتها ومتابعتها، كما أعلن عن تقديري وسعادتي بهذه المشاعر الرقيقة الحانية من أم جعل الله الجنة تحت قدميها، ثم جعلها أحق الناس بصحبة الأبناء، فهنيئا لك هذه المنزلة وهنيئا للأبناء بهذه العاطفة السامية.
ولكن حالة ابنتك تفتح لنا ملف "الصراع بين العقل والقلب أو الصراع بين المنطقي والعاطفي في تربية وتنشئة الأبناء".
ولتوضيح ذلك، وللرد على استفساراتكم؛ ردا شافيا، كافيا، سنجعله بعونه سبحانه في نقاط منهجية؛ على هيئة أسئلة بسيطة، وإجابات عنها أبسط. وهي ملخص لرسالة بعنوان "الفطام.. لماذا؟.. ومتى؟.. وكيف؟؟؟!"، وهي إحدى الرسائل التي يصدرها "مركز ولدي الطبي للأطفال بدمنهور"، تحت سلسلة "رسائل ولدي الطبية"، والذي أشرف برئاسته.
ويمكنك بالنقر هنا الاطلاع الجزء الخاص بخطوات الفطام الصحيح:
- افطمي طفلك فطاما نموذجيًّا
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (البقرة: 233) "هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة؛ وهي سنتان فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك، ولهذا قال: "لمن أراد أن يتم الرضاعة" (تفسير القرآن العظيم: الحافظ بن كثير ـ تفسير آية البقرة 233).
{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثلاثُونَ شَهْرًا} (الأحقاف: 15)، وقد استدل علي رضي الله عنه بهذه الآية مع التي في لقمان: "وفصاله في عامين"، وقوله تبارك وتعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"، على أن أقل مدة للحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوي صحيح، ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر كفاه من الرضاع أحد وعشرون شهرا، وإذا وضعته لسبعة أشهر كفاه من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا، وإذا وضعته لستة أشهر فحولين كاملين". (تفسير القرآن العظيم: الحافظ بن كثير ـ تفسير آية الأحقاف 15 بتصرف).
هكذا وردت هذه القضية في القرآن الكريم، وهكذا فقهها السابقون من جيل الخيرية الأول، ليفقه اللاحقون من بعدهم؛ أسس تلك القضية المهمة، وإن دلت فإنما تدل على قدسيتها شرعيا، وأهميتها اجتماعيا وطبيا وصحيا، ومكانتها في دعم أواصر الأسر التي هي وحدات بناء المجتمع؛ لأن صلاح الأسرة من صلاح المجتمع.
وعندما يتأمل الإنسان هذا الأمر، يتذكر معه تلك النصيحة الغالية، الجليلة من عالم جليل، أوصلها إلينا عبر القرون المديدة، وصلت إلينا لتفتح أبوابا من الخير، والأمل والرغبة فيما يقدره الحق سبحانه، وفيما يقضيه، فتمتلئ النفوس رضى وقناعة وإشراق:
"فرغ خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضمن لك، فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان.
فما دام الأجل باقيا، كان الرزق آتيا.
وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه، فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه.
فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه، وهو الدم، من طريق واحد وهو السرة، فلما خرج من بطن الأم، وانقطع ذلك الطريق، فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقا أطيب وألذ من الأول، لبنا خالصا سائغا.
فإذا تمت مدة الرضاع وانقطع الطريقان بالفطام فتح طرقا أربعة أكمل منها: طعامان وشرابان؛ فالطعامان من الحيوان والنبات، والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ.
فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة. لكنه سبحانه فتح له -إن كان سعيدا- طرقا ثمانية، وهي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له.
وليس ذلك لغير المؤمن. فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس، ولا يرضى له به فيعطيه الحظ الأعلى النفيس.
والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ادخر له. بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا". (الفوائد: ابن القيم ـ 103-104).
ما هو المغزى التربوي الطيب للفطام؟
الفطام إذن هو منعطف في حياة الطفل، وقد يستشعر الوالدان خاصة الأم، الألم لبكاء الطفل من أجل ثدي أمه، أو لعدم تقبله الغذاء الجديد البديل.
ولكن يجب أن يكون في ذهنهما أن هذه مرحلة أساسية وضرورية في حياة الطفل، وأن الخير سيكثر والرزق سيفيض، بل ويتضاعف؛ كما علمتنا النصيحة السابقة.
فقط يجب أن تكون هذه المرحلة؛ أو خطة الفطام حكيمة؛ أي صحيحة شرعيا، وصحية غذائيا وطبيا.
والفطام في معناه التربوي البعيد، أنه رسالة للطفل والوالدين؛ بأنه الخطوة الأولى في استقلالية الطفل، وتكوين شخصيته الخاصة المستقلة، وبداية للاعتماد على نفسه في معركة الحياة.
ولا ننسى أن الحق سبحانه قد نبهنا إلى طبيعة الحياة؛ فهي كبد وتعب ونصب، لا ينجو منه أحد، ولا يسلم منه حي: "لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي كَبَدٍ" (البلد: 4).
ولا ننسى أيضا أنه سبحانه قد أعلن أن الإنسان مخلوق مبتلى: {إنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} (الإنسان: 2).
وينتهي كلام الدكتور حمدي شعيب، وأضيف إليك سيدتي... لعل في هذا الكلام سيدتي تطيبا لخاطرك وتهدئة لنفس الأم المتأملة. فطيبي نفسا وأنت تأخذين بيد طفلتك الجميلة نحو أول خطوات الاستقلال، والأمر لا يحتاج إلا إلى قدر من الهدوء والصبر من جانبك والتوقف عن الشعور بالذنب لأنه يصل منك إلى طفلتك الحبيبة، عندها يمكن البدء في رحلة المرحلة الجديدة مع طفلتك لتأخذي بيدها نحو عالم الاستقلال.
وسوف تجدين في الاستشارات التالية مزيدا من العون حول إدارة التغذية بعد الفطام:
- نصائح لرفض الطعام بعد الفطام
- من الرضاعة إلى الفطام...إطعام الصغار متعة
- الفطام بداية الاستقلال لا الهجر
أما ما يتعلق ببعد طفلتك ومعاناتها النفسية فالأمر كما أشرت يتطلب أن تنزعي من نفسك أولا هذا الشعور بالذنب، مع تفهم مشاعر طفلتك وتحملها، ثم البدء في إيجاد أنواع أخرى من النشاط الذي يبني العلاقة بينكما في تجاه الصداقة والبناء لا في تجاه التعويض عن ذنب لم يرتكب.
ـــــــــــــــــ(104/336)
الحنان لعلاج مص الأصابع ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. ابني عمره 3سنوات و3 أشهر يضع إصبعه الإبهام في فمه، وقد اتبعت معه أسلوب العقاب والثواب فأحرمه من لعبة يحبها وأعده بأشياء يحبها إذا نام ولم يضعها بفمه، ولكنه يعدني فقط وأحكي له الحكايات وماذا حدث للقطة التي تضع يدها بفمها. اشتريت له سيارة كبيرة وقلت له هذه لك، ولكن بشرط أن تترك هذه العادة السيئة في النهار فيعدني بذلك، وعند النوم يقول لي أعيدها عند البائع لا أريدها وأحاول أن أفهمه أنني أريد أن أساعده في ترك هذه العادة السيئة.
وقد بدأ بهذه العادة منذ أن كان عمره 4 أشهر، وحاولت معه في البداية، ولكن دون جدوى فتركته حتى أصبح عمره سنتين عندما بدأت أفطمه عن الرضاعة الطبيعية، وأول شيء بدأت فيه هو الدواء المر الذي أحضرته من الصيدلية وقد تركها ما يقارب الشهرين، وعاد إليها بعد ذلك، ولم أدع طريقة إلا جربتها معه، فقمت بلف إصبعه بلاصق طبي، وإلى الآن أحاول بالدواء بين فترة وأخرى، ولكنه يرفض أن يضع الدواء على يده، ويبكي ويخبئ يده عندما يراه، وإذا وضعته فيمسحه ويضع يده بفمه، وإلى الآن أحاول معه، وقد ركزت على موضوع الثواب والعقاب، وهذه المعاناة عمرها سنة وثلاثة أشهر، وهذه إجابات قد طلبتها مني باستشارة سابقة ولم تسنح لي الفرصة قبل ذلك رغم محاولاتي الكثيرة، وأرجو الإجابة السريعة، وآسفة للإطالة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك معنا على صفحتك معًا نربي أبناءنا.
نحن نشكر لك حرصك على البحث والاستشارة من أجل مساعدة طفلك، ولقد ذكرت في رسالتك أنك جربت مع طفلك الصغير الدواء المر الذي نجح في وقف العادة لمدة شهرين لتعود الأمور كما كانت وليفشل اللاصق الطبي، ولتفشل محاولة العودة لاستخدام الدواء المر، وأيضًا فشلت اللعبة الكبيرة في إقناعه بالإقلاع، وطلب إعادتها إلى البائع.. ماذا يريد أن يقول لك هذا الطفل؟
إن اللعبة ليست هي ما أريد، وليست المرارة هي ما أتضايق منه، فمرارة القلق وعدم الإحساس بالأمان أشد من مرارة الدواء، والحب الذي أريده والحنان الذي أبحث عنه والدفء الذي أبتغيه أفضل من كل اللعب الكبيرة والصغيرة التي تعطينها لي.. هذا الطفل يريد أن يشعر بحبك بصورة عامة، وعند نومه بصورة خاصة.
إنه يريد أن تصغي إليه عندما يتكلم، وتتفاعلين عندما يطلب، وتحبين عندما يسأل، وأن يفخر بقبلاتك وأحضانك ولمساتك الحانية وكلماتك المشجعة المليئة بالتقدير، وأن تشعريه بأنه رغم غضبك من بعض أخطائه بما فيها مص الأصابع، فإن حبك هذا أمر دائم مستمر لا علاقة له بأخطائه، وأن تلعبي معه وقتًا كافيًا له تتشاركان في الأنشطة تستمتعين به ويستمتع بك، وعند النوم بدلاً من التحذير من وضع الأصابع في فمه، أو بالوعد بالمكافأة إن لم يفعل.
لماذا لا تأخذيه في أحضانك فيشعر بدفء مشاعرك؟ تهمسي إليه في أذنيه بقصة جميلة ليست عن القطة التي وضعت يدها في فمها، بل عن الطفل الجميل الذي يقوم بالمغامرات الشيقة، فلا يصبح النوم لحظة توتر، بل لحظات سعيدة ينتظرها لكمّ الحب الذي يغمره، وكم الدفء الذي يحصل عليه، فلا يصبح له حاجة لأن يعوض هذا النقص في الحب بهذه الحركة العصابية، طفلك ما زال صغيرًا، فلا تتعاملي مع هذه العادة بصورة قلقة تزيد من توتر طفلك فندخل في دائرة خبيثة لا تخرج منها.
الحب عامة في كل همسة وسكنة وتعامل، والحب خاصة أثناء توجهه للوم وعند نومه سيحلان المشكلة، مع العلم أن هذا الأمر يحتاج إلى صبر وهدوء ووقت فلا تتعجلي الأمر، ونحن في انتظار النتيجة المبشرة بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــ(104/337)
أولادنا ليسوا ممتلكات خاصة- مشاركة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم..
الإخوة والأخوات في صفحة معا نربي أبناءنا/ الأخت waffa - المملكة المتحدة (صاحبة الاستشارة المعنونة أولادنا ليسوا ممتلكات خاصة
)..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد أثارت استشارتك فيَّ الكثير من الذكريات حين بدأ أبنائي في الالتحاق بالمدرسة وهم الآن في أعمار متقاربة مع أعمار أبنائك، حينها كان ينتابني وزوجتي الكثير من القلق على مستقبلهم التعليمي، وكنا في غاية الحرص على متابعتهم يوميا، وكان ينتابنا الكثير من القلق قبل وبعد كل تقرير شهري أو فصلي أو سنوي.
ثم حبانا الله سبحانه وتعالى بنعمة الهدوء بعد أن صححنا مفاهيمنا في مسائل أساسية، منها التوكل الكامل على الله سبحانه وتعالى، والقيام بكل جهد ممكن، وترك النتائج على مصرف الأمر جل وعلا.
لقد تعلمنا أن نعلمهم السباحة جيدا ثم نلقيهم في البحر متوكلين على من رزقنا براءتهم وعفويتهم وطهارة طفولتهم.
نعم لقد انتابنا شيء مما ذكرت، فكنا نحس بأن نجاحهم هو نجاحنا، بل إن لنا نصيبا من شهادتهم مثل ما لهم، وكذلك كنا نرد أي تعثر لهم بأنه سوء تقدير منا، ثم عرفنا أننا في طريق غير سليم.
فكيف لنا أن نسرق تفوقهم؟ وكيف لنا أن نتحمل تقصيرهم أو خطأهم؟ لعل في ذلك سلبا لشخصهم وكما عبرت عنه الأستاذة عزة تهامي وذلك في قولها بأنهم ليسوا ممتلكات لنا.
يا عزيزتي، من الصحي بل من الواجب أن نقدم لهم كل شيء يعينهم على حياتهم، ولكن يتحول الأمر إلى وضع غير صحي حين نريد أن نحقق ذاتنا من خلال الغير (وإن كان الغير هنا هم الأبناء).
نعم أبناؤنا هم حياتنا ومستقبلنا وأملنا، ولكن قد تحمل هذه التعابير في طياتها معاني عكس ما تعنيه وذلك حين نطالبهم بغير ما هو مطلوب منهم.
يا عزيزتي، مع أنك ذكرت بأنك لا تبحثين عن حلول لمشكلتهم التعليمية فإن ذلك هو سبب تأزمك حسب قولك أيضا.. إذًا كيف السبيل؟ إذًا اسمحي لي أن أستعرض بعض الأمور معك لعلها تعيننا للوصول إلى الهدف المنشود وهو نجاح أبنائنا وراحة بالنا..
أولا: قدمي لأبنائك ثلاثة أمور، وهي: حب غير مشروط، واعتزاز بهم لشخصهم لا لإنجازاتهم، وثقة غير محدودة إلا بحدود سنهم وخبرتهم.
ثانيا: اجعلي تواصلك معهم ذا مسارين، أي استمعي لهم بمقدار ما تحدثينهم أو أكثر، ففي ذلك ومن خلاله تعطينهم الفرصة للتعبير عن ذاتهم وميولهم والصعوبات التي يواجهونها وكذلك مقدار فهمهم لإرشاداتك وتفاعلهم معها أو عدم تفاعلهم وأسباب ذلك.
ثالثا: اغرسي فيهم معاني العلم والبحث وأهمية ذلك في تحقيق طموحهم وإن كان طموحهم محدودا أو غير واضح لهم، ثم علميهم الاستمتاع بذلك، فإن هم أحبوا الشيء أتقنوه.
رابعا: تواصلي مع أهل الخبرة -أي المدرسة- وتقبلي ملاحظاتهم وتعاملي معها ومع الحلول المقترحة بشكل إيجابي، ثم تواصلي مع أهل الشأن -أي أبناءك- وصوريها لهم بأنها مسألة مثلها مثل أي مسألة أخرى تحتاج إلى تحليل وفهم ثم تفاعل وتعاون لحلها.
استبدلي بالمصطلحات السلبية أخرى إيجابية، فعلى سبيل المثال بدلا من قولك "خطأ" قولي "حسنا.. دعنا نتأكد من صحة استنتاجنا".
إن فعلت كل ذلك وعرفت أن لكل منا ميولا وقدرات متفاوتة فابدئي في فحص الأمور العائلية الأخرى، ومنها:
- علاقة الأبناء بالأب ومشاركته لكم في أمور الدراسة والبيت والترويح.
- علاقتك بالأب وتواصلك معه وإشراكه في الأمر وليس الاكتفاء بالتعليق أو اللوم، والأخذ برأيه حين تقديمه وعدم إهمال ذلك أو عزله حين يأتي دور تفعيل الحلول. أيضا عدم إهمال العلاقة الحميمة بينكما والانشغال عنها بأمور الأبناء.
أخيرا لا تنسي نصيبك من الدنيا فإن لنفسك عليك حقا، فعليك بمكافأتك لنفسك وعدم تضييع الفرص المقدمة لك لأخذ يوم أو أيام إجازة.
أيضا القيام بأمور محببة لنفسك والعمل على اكتشاف نفسك وتحقيق طموحك الشخصي وليس العائلي فقط، فليس في ذلك أي أنانية فأنت من حمل ووضع وأرضع وأنت من سهر وداوى وربى، وأبناؤك الآن في سن يمكن لغيرك رعايتهم فترة استجمامك، فقومي بحق نفسك وأخلصي في ذلك مثلما أخلصت في رعاية شئون أسرتك.
وأختم بأن أذكرك ونفسي بأن الأبناء نعمة يفتقدها الكثير من الناس، وهم (أي الأبناء) لا شك أكثر من لا شيء؛ فلنحمد الواهب على ما وهب، والله المستعان.
أخوك
د. جمال عبد الواحد طاشكندي
والينجتن/ نيوزيلاندا ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأستاذ الفاضل الدكتور جمال عبد الواحد، كما عودتنا دائما على مشاركاتك القيمة التي تأتي بين الحين والحين، ومع طول الفترة بين المشاركة وأخواتها يذهب بي الظن أنكم انشغلتم عن متابعة الصفحة وترقبها، لكن حين تأتي المشاركة وأقرأ ما بها أعلم أن هذا ليس بصحيح وأنكم تنظرون فيها كل لحظة وثانية.
آمل ألا تحرم جمهور الصفحة من مشاركاتك القيمة أنت وزوجتك الفاضلة، وأن تتاح الظروف التي تجعلك مستشارا دائما للصفحة.
وأنتهز الفرصة لأجدد الدعوة إلى كل زوار صفحتنا إلى الانضمام إلى إدارة رسالة الصفحة عبر مشاركاتهم الثمينة والمهمة.
ـــــــــــــــــ(104/338)
من يربي أولادي في بيت العائلة؟ ... العنوان
بعد السلام والتحية للإخوان الاستشاريين والقائمين على الموقع خير الجزاء والله ولي التوفيق حقيقة نحن نتعلم في الحياة وإلى أن نموت نتعلم لأن "فوق كل ذي علم عليم"، لا أطيلكم.
قصتي باختصار أني أقطن مع إخواني ووالدي في مجمع سكني حالي حال العوائل الشرقية ورزقت بولدي الأكبر، وكنت شديد الحرص عليه وأفرطت في دلاله إلى حد لا يصدق حيث إني في بعض الأحيان كنت أخطئ في وقفتي أمام أمه لكي لا تشد عليه، حيث إنها عصبية المزاج وأعترف أنه خطأ ولا أبرئ نفسي؛ وبالتالي أصبح مدللا جدا، ومن المعروف لدينا ما هو المدلل بجميع المقاييس. هذا جانب وأريد منكم النصيحة.
النقطة الأخرى وهي الأصعب في نظري وهي أن ولدي متعلق بولد عمه الذي يكبره بسبع سنين، وهنا تكمن المشكلة، حيث إن ولد عمه كان في السابق قبل برهة من الزمن يلاعبه، ولكنه كبر وولدي ما زال متعلقا به يريد أن يقلد في كل شيء بالرغم أن ولد عمه لا يميل له؛ لأنه أكبر سنا حتى أن تصرفات ولدي أكبر من سنه وكأنه يتقمص أقوال ولد عمه وأحيانا يشتغل معه مثل الخادم لكي لا يبعد عنه، أي أوامر يلبيها فرارة، مثل صبي القهوة، ويريد بأي طريقة كانت يريد مودته ومحبته أيا كانت وعندما نواجهه بالحقيقة، وعدم المشي معه يصرخ وكأنا نقول له ارمِ نفسك مع الملاحظة أنا نسكن أمامهم، وهذا التعلق ليس وليد الساعة لكن كنا نتركه في بيتهم بالساعات دون السؤال عنه لم ندرك أن للأمر كل هذا التأثير، وأنَّا سنواجه المشكلة، وكنت أحاول الوصول لاتفاق مع ولد أخي لكي أشعره أنه أخ له، ولكن دون جدوى؛ لأنه ليس أخاه.
مع العلم أن ولد أخي في الثاني المتوسط وولدي في الصف الأول الابتدائي مع العلم أني حاولت إدماجه في آخرين، لكن دون فائدة لأني لست متفرغا لهذا الشيء.
الرجاء الإفادة أريد توجيهكم الكبير لأن ابني يتصرف في كل شيء مثل ولد عمه، وإني لا أستطيع معالجة الموضوع.
الموضوع الثالث كيف أحافظ على أولادي من لؤم العيال الآخرين الكبار في العمارة حيث إنهم يتصرفون بنوع مع المكيدة، ويفرضون شخصية الأقوى والأكبر.
الشيء الثاني أن لدي بنتا ومعها بنت عمها في نفس العمر إلا أن البنات الأكبر سنا تحرض البنت الأخرى بالابتعاد وتؤذيها.
كيف علاج مشكلة تعدي الأكبر سنا بأي شكل من الأشكال عليهم؟ كنت أعلم أن سكني مع أهلي شيء جميل، ولكن أعاني من ناحية أولادي ... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكرك سيدي على رغبتك الملحة في تربية وتوجيه أبنائك بأسلوب صحيح، كما أشكرك على عزمك على تعديل أسلوبك السابق معهم.
والآن وكما اعتدنا على هذه الصفحة أن نبلور النقاط التي وردت في الرسالة حتى يسهل تناولها وعلاجها إن شاء الله:
• أسلوب التدليل الذي سلكته مع ابنك وكيفية التراجع عنه
• عبد الله وتعلقه بولد عمه الذي يكبره بسبع سنوات
• حماية أبنائك من لؤم -على حد تعبيرك- أطفال أقاربهم الأكبر سنا
سأبدأ بما بدأت وأنهيت به رسالتك من كونك تسكن مع أهلك في مجمع سكني واحد ويبدو أنك نادم على هذا الأمر، وقد بدا ذلك واضحا من خلال رسالتك، لكن اسمح لي أن أسألك: ألم يكن أبناؤك معرضين لمثل هذه المواقف وغيرها مع غير الأقارب والأهل من جيران ومعارف وأصدقاء بالمدرسة وغيرهم في المجتمع؟
إن ما يحدث لأبنائك مع أطفال أقاربهم أمر طبيعي جدا بل يجعلهم أفضل من غيرهم ممن لا يجدون مثل هذا الجو العائلي ليتعلموا من خلاله التواصل مع الأهل والتعايش مع الآخر، ولكن ربما يكون الفرق بين أبناء أهلك وغيرهم من الأبناء هو تحرجك من أن تنزل بأحد هؤلاء الأولاد العقاب أو حتى تعامله بخشونة حينما يضايقون أبناءك فتضطرب علاقتك بأهلك نتيجة لهذا، ولكن الأمر لا يحتاج منك إلا حسن تصرف وحكمة وصبر في معالجة مثل هذه الأمور، ولا يحتاج منك أبدا أن تنوب عن أولادك في حل المشكلات التي تظهر أثناء تعاملهم مع أبناء أعمامهم، ولا يحتاج أن توبخ ابنك أو تلومه على تقليده ابن عمه أو لتنفيذ رغباته، ولا أن تحمي أبناءك من لؤم الكبار كما تقول، ولا يجعلك في النهاية تندم على سكنك مع أهلك بل هي مزية كبرى، وليتنا -كأمة إسلامية- نعود مرة أخرى لهذا التقليد الرائع نستثمر مزاياه ونعالج مساوئه، وكل الذي تحتاج إليه سيدي هو أن تتعرف على أمرين مهمين: أولهما طبيعة المرحلة العمرية التي يعيشها أبناؤك، والآخر أن تتصرف مع أبنائك وأبناء عائلتك بناء على هذه المعرفة.
وإليك هذه الإرشادات التي تحقق لك الأمرين:
• الأطفال في سن عبد الله يحتاجون لقدوة وشخصية يحتذون بها وهو ما يسمى عملية التوحد، وفي الغالب تكون هذه الشخصية هي الأب بالنسبة للذكر والأم بالنسبة للأنثى، ولكن في حالة ابنك وجد أن الأقرب إليه قلبا وقالبا هو ولد عمه فاتخذه قدوة له، وكلما كبر الطفل بعد ذلك تغير معه شكل تقليد هذه القدوة، فلن يكون هذا التقليد في الحركات والسكنات والهيئة الخارجية، أو أن يكون له تابعا كما يحدث الآن لابنك مع ولد عمه، بل سيتمثل في تبني أفكار تلك الشخصية وأسلوبها في الحياة، وحتى تضمن لابنك قدوة صالحة يحتذي بها في المراحل التالية من حياته فيمكنك:
• أن تقص عليه -بل على أبنائك كلهم- سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليتخذوه قدوة في مواقفه المختلفة.
• أن تتمثل أخلاقيات الرسول في سلوكك وخاصة مع أهل بيتك وزوجك ليرى ابنك النموذج العملي لأقوال وأفعال الرسول فيحتذي به.
• أن تتحدث عن عملك وأهميته بالنسبة للمجتمع بتواضع وفي نفس الوقت باعتزاز وفخر ليشعر أبناؤك بالفخر بك وبما تقدمه لرقي المجتمع.
• أن تكف عن تدليلك لعبد الله، وليس معنى ذلك أن تقسو عليه بل خير الأمور الوسط ويتحقق ذلك: بألا تحقق له كل رغباته وحينما يخطئ يعاقب على خطئه بعقاب يتناسب مع ما اقترفه، وأن يكافأ على سلوكه الجيد بطريقة غير مبالغ فيها، وأن تتركه ليتحمل نتيجة أفعاله.
أما كيف تحمي أبناءك من لؤم أطفال العائلة الأكبر سنا فعن طريق:
• أن تعلم أنه ليس من واجبك أن تحمي أبناءك من كل شيء بل إن واجبك أن تعلمهم كيف يحمون أنفسهم، وأن تكف عن قلقك عليهم وعلى تصرفاتهم مع غيرهم، فهم أكثر قدرة ودبلوماسية على مواجهة المواقف مما نظن، وهم يتعلمون من هذه المواقف التكيف والتعايش مع الآخر بذكاء شديد، كما سبق أن ذكرت، فلا تحاول حمايتهم من غيرهم بل دعهم هم الذين يقومون بهذا بطريقتهم، وكل ما عليك أن تلاحظهم بطريقة غير مباشرة في كيفية التصرف ولا تتدخل إلا إذا أتوا لاستشارتك.
• التدخل في شأن هؤلاء الأطفال لا يكون إلا في حالة الشجار الشديد الذي يؤدي إلى إيذاء بدني حدث لأحدهم أو حينما يأتون إليك يشكون بعضهم بعضا، ويمكن الاطلاع على الموضوعات التالية:
- شِجار الصغار كيف يدار؟
- تحصينات البيئة وحلم العائلة الكبيرة
- الثلاثي الفعال لمواجهة البيئة السلبية
• أن تخصص أنت وزوجك وقتا للعب الموجه مع أطفالك وقص القصص الهادف الذي من خلاله يمكن أن يعرف أطفالك كيف يحمون أنفسهم، وخاصة قصص البطولات، ويمكنك إدارة الحوار والنقاش معهم بأسلوب يتناسب مع سنهم، ودلهم على ما يشغل أوقاتهم من ألعاب وأنشطة، وأعني بكلمة "دلهم" أن تتركهم يبحثون بأنفسهم عن هذه الألعاب سواء من الإنترنت أو من أصدقاء ابنك بالمدرسة أو من أطفال العائلة.
• أن تشرك أطفال العائلة في سماعهم القصص التي سترويها على أبنائك وأشركهم في بعض الأنشطة والألعاب التي ستقوم بها مع أبنائك فإن ذلك أدعى لعلاج الأخطاء بطريق غير مباشر إلى جانب مزيد من الترابط الصحي الذي يجمع بين أفراد العائلة.
• أن توسع دائرة معارفكم، فإلى جانب مجتمع الأهل يكون مجتمع المعارف والأصدقاء، فكل هذه الدوائر تتيح الفرصة أمام أبنائك للنمو الاجتماعي الصحي السليم شريطة أن توضح لأبنائك الصواب من الخطأ وتناقشهم في أهمية أن نسلك السلوك الصحيح وأهمية أن نعين غيرنا على ذلك، وأن هذا مما يدعونا إليه ديننا، "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر".
وأخيرا سيدي أرجو أن يلهمك الله الرشاد في أمرك كله كما أرجو المتابعة معنا..
ولمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكن الاطلاع على الموضوعات التالية:
- بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات
- الأبناء ومهارات اختيار الصديق
- قبول الآخر.. إرشادات تربوية
- ضحايا التدليل يتذمرون
ـــــــــــــــــ(104/339)
عصبية منذ الميلاد..فهل من علاج؟ ... العنوان
أشكركم على هذا الموقع الرائع وجزى الله خيرا جميع العاملين به.. طفلتي (3سنوات ونصف) كانت تعاني من العصبية الشديدة منذ سنتها الأولى وبدأت تتزايد معها على الرغم من دلالها الزائد الذي تلقاه من جميع الأهل والأقارب.
كانت تحب الأطفال، ما أن ترى طفلا حتى تقبله لافتقادها الإخوة فهي الابنة البكر ولكن كل ذلك تحول في سنتها الثانية فبدأت تضرب الأطفال.. وتطلب الشيء فإن لم تحصل عليه جن جنونها.
بدأت بـ"تطنيشها" وزجرها فاعتدل سلوكها لفترة ليست بالطويلة ثم عادت مرة أخرى لتصرفاتها حتى أثارت الضيق لكل من كان يدللها.
أدخلتها الحضانة فخفت عصبيتها ولكنها مازالت تمارس الضرب مع أقاربها وأقرانها من الأطفال، وهي كثيرة الحركة، وتحاول مقاومة النوم لآخر لحظة.
متى مارست معها نوعا من التعلم المعرفي أو الإدراكي وجدت انزعاجها وتبرمها، وحين تأتي بواجباتها تحاول حلها وإن أخطأت حولت كل ما في الورقة إلى شخبطات. لا تكتب عندي ما تعلمته وتبين لي أنها لا تعرف وأتفاجأ بعد ذلك من معلمتها بأنها تجيب وتكتب في الفصل.
أريد أن أجعل منها طفلة متميزة مبدعة، ولكن مع كل هذا يصعب علي الأمر، مع أن لها أختا صغرى لم تبلغ السنة ولا أعيرها الاهتمام الذي أعيره إياها.
أرجو مساعدتي في ذلك.. أي استفسار تطلبونه سأرسله لكم. وشكرا لكم
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور عطاء الله قويدري: الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حفظك الله. وبعد:
اطمئني -أيتها الأخت الكريمة- ولا تقلقي، فالمشكلة التي تتكلمين عليها هي ظاهرة عادية مألوفة في المراحل الأولى وهي من لوازمها الأساسية، وهي وسيلة يقوم بها الطفل لإثبات ذاته وشد أنظار الآخرين له والتأثير عليهم، سواء كانوا من الأهل أو من غير الأهل.
وربما أهم سبب يولد هذه المشكلة هو نقص العطف والحنان، فطفلتك تحتاج إلى عطف وحنان منكما، وما دمت قد قلت بأن والدها يعاملها معاملة قاسية فسيؤثر عليها هذا سلبا، فتلجأ إلى أسلوب العصبية والعناد، وهذا سيضعف من إرادتها وعزيمتها، ويؤدي بها إلى الخضوع والخنوع، وعدم التأقلم مع الجو الأسري.
ولعلاج هذه الظاهرة، يجب ما يلي:
1- محاولة التخفيف من أساليب القسوة المتبعة في تربية طفلتك.
2- لا يقاوم العناد بالعناد، ولكن الأفضل هو محاولة الإقناع باللطف واللين لامتصاص العناد، وهذا يحتاج إلى هدوء أعصاب وقليل من الصبر.
3- لا تعرضي طفلتك لمواقف إحباطية تخلق لديها ردود فعل متمثلة في العناد والتمرد.
4- لا بد من أن يكون الجو الأسري خاليا من الاضطرابات والمشاكل؛ لأن هذا يقود إلى ردود فعل سلبية، تتمثل تارة في العناد والتمرد، وتارة في الكذب والسرقة أو التخريب، وأحيانا أخرى في التبول اللاإرادي، وما شابه ذلك.
5- حاولي أن تصاحبي طفلتك، ولا تستعملي معها الشدة، بل يكون أسلوبك في التربية اللين والرفق.
6- حاولي أن توضحي لوالدها أن المعاملة القاسية لطفلته هي سبب في تطور عصبيتها وعنادها، وقد يجعلها تكره الجو الأسري بأكمله.
7- عززي كلامك ونصائحك لابنتك بهدايا تدخل السرور على قلبها، وهذا سيزيل عنها المشكلة شيئا فشيئا، ويجعلها تتقرب منك أكثر، وتستمع إلى كلامك ونصائحك.
8- يجب أن تكون معاملتك عادلة في البيت إذا كان لديك أطفال غيرها؛ حتى لا تؤثر معاملتك هذه على إخوتها.
وتضيف الأستاذة سها السمان:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أختي العزيزة أشكرك على ثقتك بنا وإشراكنا في جزء من حياتك وأدعو الله أن يعيننا على مساعدتك.
قبل أن أبدأ دعيني أذكر نفسي قبل أن أذكر غيري بأن الأطفال أمانة يعطيها الله لنا وعلينا أن نراعيها على أكمل وجه. والمراعاة ليست فقط بأن نلبي طلبات الطفل أو أن نأتي بما هو أحسن وأغلى لهم، لا، بل المراعاة هي كيفية تربية الطفل وجعله إنسانا صالحا.
ولا نستطيع أن نقول بأن هذا الطفل مولود عصبيا وأن هذا الطفل مولود هادئا، ولكن هناك عوامل تساعد الطفل على أن يكون عصبيا أو هادئا. وكما ذكرت أنت فابنتك تدللت دلالا زائدا، وهذا ما جعلها تزيد من عصبيتها لأنها تعودت على أن تأخذ كل ما تريد وأن تحظى على اهتمام كافة المحيطين بها، وهذا ما جعلها تحس بأنها المالكة الوحيدة لكل شيء.
وبعد مضى فترة يمل الأهل من التدليل لأن الطفل بدأ يكبر فينقلب اهتمامهم بالأطفال الصغار في العائلة، وهنا رد على استفسارك بأنها بدأت في ضرب باقي الأطفال لأنه إحساس طبيعي بالغيرة وبداية استقلال بشخصيتها ولا تحب مشاركة الآخرين لها. كما ظهر من كلامك أنها لا تريد أن تشاهدي ما تكتبه أو ما تفعله وسريعا ما تقلبه إلى شخبطة وأشياء غير مفهومة. ونحمد الله أن طفلتك مازالت صغيرة وأمامك الفرصة لتصلحي أي شيء بها إن شاء الله.
وإليك بعض الاقتراحات التي أتمنى من الله أن تفيدك:
1- لا تدعيها تنفرد بالألعاب وحدها ولكن يجب أن تشارك أختها أو من حولها فإن رفضت فأحضري شيئا تحبه وابدئي اللعب به مع أختها، فإن طلبته فقولي لها: لا؛ لأنك رفضت أن تشاركيها معك. وعند شرائك شيئا لها أخبريها بأنه لها هي وأختها وإن لم تفعل فستحرم منه.
2- قللي من إعطائها حلوى لأنها تزيد من حركتها وعدم قدرتها على النوم، وحاولي إبعادها عن مشاهدة أفلام الكرتون وألعاب الفيديو التي تدفع إلى العنف.
3- اعملي على جذب انتباهها في الكتابة والقراءة بأن تأتي بكتب ووسائل تعليمية ملونة وكثيرة الصور والملصقات.
4- حفزيها على الكتابة أمامك بأن تريها أنك مبهورة بما تفعله وأن تعلقي لها ما ترسمه أو تكتبه بجانب سريرها وأن تخبريها بأن تذهب وتريه لأبيها.
5- حاولي أن تستخدمي طريقة تعليم الأطفال الكتابة والقراءة من خلال الابتكار والألعاب وليس الاعتماد على إمساك القلم والكتابة طوال الوقت.
6- لا تقارني بينها وبين أختها ولا تقولي أمامها بأنها عصبية لأن الطفل يعي أن هذا يتيح له الفرصة أن يفعل ما يريد.
وفى النهاية أدعو الله أن يوفقك إلى ما فيه الخير. وأرجو أن يدوم التواصل والتناصح بيننا.
-ـــــــــــــــــ(104/340)
أولادنا ليسوا ممتلكات خاصة ... العنوان
السلام عليكم.. أنا أم لثلاثة أبناء (5-8-12 سنة) ومنذ أن رُزقت بهم وهم كل حياتي ومستقبلي وأملي ووضعت كل طاقتي لتنشئتهم في صحة جيدة...، المشكلة التي أعانيها منهم على مستواهم الدراسي وأنا لا أكتب هذه الرسالة، لكي أجد الوسيلة لرفع مستواهم؛ لأني فعلت كل ما هو ممكن في هذا الأمر، ولكني أريد طريقة لأساير هذا الأمر لأني أصبحت امرأة عصبية داخل المنزل، وأنظر إليهم على أنهم لا شيء، أستيقظ في منتصف الليل وأبكي، وعندما أرى التقرير الدراسي أمرض لعدة أيام ويخبرني زوجي دائمًا أن الله خلقهم وهو الذي يتولاهم.
وأن الأمر ليس بالأهمية التي أعتقدها، وأنا أعلم أنني بما أفعله سيزداد الأمر سوءاً، أرجوكم أريد طريقة لأتفهم بها أولادي والتعامل معهم، وقد أخبرني زوجي مؤخرًا ألا أتعامل معهم ودائمًا، وهو يخبرني أني سيدة أنانية؛ لأني أريد أن يكون أولادي على أفضل صورة ليس لها وضع عند الآخرين، فهل إن فعلت ذلك فأنا أمٌّ طبيعية أم لا؟
فأريد مساندتكم ومساعدتكم.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله، مرحبًا بك -سيدتي- على صفحة معًا نربي أبناءنا، ووفقنا الله وإياك للوصول إلى الحل المناسب لاستشارتك، كما أود أن أشكرك على معرفتك أين الداء بالضبط وأن سلوك الحدة الذي تشكين منه لا يزيد الأمر إلا سوءاً، ولكن اسمحي لي -سيدتي- قبل أن أبدأ في الرد على رسالتك أن أقص عليك قصة صغيرة تشبه قصتك إلى حد كبير، ولكن الفرق أن الأبناء الثلاثة لصاحبة تلك القصة أكبر من أبنائك سنًّا.
فمنذ عدة أيام اتصلت بي إحدى المعارف وهي منهارة تبكي بحرقة؛ لأنها اكتشفت أن ابنها الأصغر وعمره 12 عامًا قد سرق من والده بعض المال، وأن ابنتها الكبرى وهي في الجامعة تكذب بشأن مواعيد المحاضرات؛ لتواعد شابًّا بعيدًا عن الجامعة. وأما ابنتها الوسطى فلا ملامح لشخصيتها فهي دائمًا في حالة رعب وخوف، منطوية تعيش في عالمها الخاص بها، وبالطبع تتعجبين ما وجه الشبه بينك وبين هذه المرأة فهذه مقارنة ظالمة، بل ومرعبة لك في آن واحد، السبب في أنني ذكرت لك هذه القصة أن تلك المرأة كانت تعامل أبناءها بحدة وعصبية تصرخ طوال الوقت، وحينما كنت أناقشها في أسلوب توجيهها وتربيتها كانت تعترف أنها تبالغ في ردود أفعالها تجاه سلوكيات أبنائها وأخطائهم.
وكل ذلك تفعله باسم الحب فقد كانت تحبهم حبًّا شديدًا وتخاف عليهم وترغب في أن تنشئهم أولادًا صالحين يواجهون الحياة ولديهم من الخبرة والحنكة ما يضمن لهم حياة أفضل ومعيشة هنيئة، ومن أجل ذلك كانت لا تسمح لهم بأخطاء يرتكبها الأطفال في مثل سنهم ولا تسمح لهم إلا بمستوى معين في التحصيل الدراسي.
باختصار.. كانت تحاول أن تصل بهم إلى قالب قد رسمته في ذهنها؛ بحجة أنها تُعدهم للخوض في مثل هذه الحياة، وكلما حاول زوجها أن يثنيها عما تفعل كانت تتهمه بالتقصير وعدم إدراكه للواقع الذي يعيشونه، وأنه لا يعرف شيئًا عن الأولاد، فالأفضل أن يترك لها مهمة التربية.
وكانت النتيجة أن لجأ أبناؤها للكذب وعدم الوضوح؛ ليتفادوا صراخها وعقابها أو ليتفادوا هذا الجو الكئيب المتوتر بالبيت، وكلما كبروا كبرت هذه الآفات معهم وأصبح لديهم قدرة عالية على قلب الحقائق والمداراة والكذب، هذا إلى جانب تطاولهم وجرأتهم في الخطاب والتعامل مع أبويهم حتى وصلوا إلى النتيجة التي أوردتها في بداية الرسالة.
وأنا حينما أقص عليك هذه القصة لا أبغي من ورائها إخافتك، لكن لتحاولي أن تتداركي الأمر قبل أن يكبروا، وتبدئي في حصد ما زرعته باسم الحب والخوف على الأبناء، فإذا كان أولادك هم كل حياتك فعليك أن توجهي هذا الحب بطريقة صحيحة وهذه الطريقة تتلخص في:
1- عليك أولاً أن تعيدي التفكير في الهدف من تربيتك لأولادك.. هل تربينهم لأنفسهم أم من أجلك أنت؟ كما يجب أن تذكري نفسك كل حين أن أولادنا ليسوا ممتلكات خاصة بنا نفعل بهم ما نشاء، بل هم بشر لهم طبيعتهم الخاصة بهم ولهم احتياجات وأفكار تختلف عنا، وهناك مقولة حكيمة من أحد الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا تقول "لا تكرهوا أولادكم على آثاركم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم".
2- عليك بالاطلاع على كتب تتناول خصائص وسمات المرحلة العمرية حتى تعرفي كيف تتعاملين مع كل مرحلة بما يناسبها وتلبي حاجاتهم النفسية (كتب علم نفس النمو).
3- دربي نفسك على أن تتقبلي الأخطاء دون انفعال بأن تضعي نصب عينيك أن قولبة أبنائك لن تؤدي إلا لنتيجة تشبه القصة التي سردتها لك.
4-لا بد أن يكون لك اهتمامات خاصة بك وأنشطة تؤدينها.
5- حينما يخطئ أبناؤك في أمر ولا تتحملينه اتركي المكان حتى تهدئي ثم عودي لتناقشيه بموضوعية ورفق (يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات تناولت عصبية الأم وكيف تتغلب عليها على هذه الصفحة).
6- عليك بتدريبات الاسترخاء وهي تدريبات تساعد على الهدوء النفسي وعدم التوتر وضبط النفس، وهي متوفرة على مواقع كثيرة بالإنترنت.
7-وأخيرًا.. اسعدي -سيدتي- بأولادك وامرحي معهم واغمريهم بدفئك وحنانك وتقبليهم كما هم فإنك إن فعلت وجدت أنهم وصلوا إلى أفضل مما تبغين لهم دون اللجوء إلى الصراخ والعصبية.
وفي ختام رسالتي لك.. أدعو الله عز وجل أن يلهمك سواء السبيل، وأن يمتعك بأبنائك في الدنيا والآخرة.
ولمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع علي :
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
أسرار التفوق الدراسي للأبناء
الأسباب الخفية وراء الإخفاقات الدراسية
نصائح ذهبية لعلاج العصبية
ـــــــــــــــــ(104/341)
علاج تقيأ طفلك في خطوات ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أرجو منكم مساعدتي في مشكلتي، لي ابن عمره 4 سنوات و8 أشهر، ومنذ بداية إطعامه في سن 6 أشهر وإلى الآن أعاني من كثرة تقيؤه، وعندما كان صغيرا جدا كانت عنده مشكلة في البلع، حيث إن أي تكتل في الأكل ولو كان صغيرا جدا يسبب له التقيؤ، وكان أكله مقتصرا على الشوربات المهروسة جيدا، وكنت أحيانا أوبخه وأحيانا أضربه عله يترك هذه العادة ويحاول مضغ الطعام، ولو أني أسمع من جدته أن أباه في سنه كان كذلك لا يعرف البلع.
ولكن الآن أراه أحيانا يأكل جيدا وحتى لو كانت اللقمة كبيرة أحيانا يأكلها، وأحيانا من قطعة لحم صغيرة يتقيأ، وأنا أحاول بشتى الوسائل منعه من ذلك، وخاصة في وجبة الفطور ليس لديه أي شهيه للأكل، فبالرغم من استعمال فاتح الشهية أحيانا.
ومشكلته الآن أعتقد أنها نفسية؛ فهو يتخوف من الأكل كي لا يتقيأ فأضربه وأعاقبه، ولكن أنا أضربه أحيانا بشدة؛ لأني أعاني من هذه المشكلة منذ أربع سنوات، فكلما تقيأ شعرت أن تعبي في تحضير الأكل ومحاولة إطعامه قد ذهب هباء، وتذكرت كل المرات التي تقيأ فيها وما سببه لي خلال الأربع سنوات، وشعرت برغبة في عقابه عقابا شديدا عله يرتجع عن فعلها مرة أخرى، مع علمي أن هذا الأسلوب لا يأتي بنتيجة مرضية، لكن الغيظ يدفعني للضرب.
وكذلك أفتقد الطريقة الصحيحة الناجحة في جعله يغير هذه العادة رغم أني عندما كنت صغيرة كنت لا أتناول وجبة الفطور قبل الذهاب للمدرسة، ولكني أريد تغيير هذه العادة عند أبنائي، فأرشدوني ماذا أفعل؟ وشكرا جزيلا لكم.
... السؤال
فقدان الشهية ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك على صفحتنا "معا نربي أبناءنا"، الحقيقة أنني وجدت في إفادتك هذه ما أثار قلقي، ولعل هذا ما دفعني إلى التأخر في الرد عليك.
سيدتي الفاضلة، هناك أسباب عضوية كثيرة يمكن أن تؤدي إلى تكرار التقيؤ في الأطفال الصغار، وهي في أغلب الأحيان عابرة، ولا نستطيع طبعا تحديد نوعية المشكلة التي عانى منها ابنك في سنوات العمر الأولى، ولا أحسب أن هذا سيفيدنا لأن المشكلة الآن كما قلت أنت بنفسك أصبحت مشكلة نفسية.
من الواضح يا سيدتي أن الجزء الأكبر من المشكلة يكمن في الطريقة التي تفكرين بها، فكيف بالله عليك يصل الأمر بك إلى الغيظ من تقيؤه ثم تقومين بضربه وأنت مغتاظة؟ إن مثل هذا الأسلوب ينقل للطفل شعورا بأنك تنتقمين منه لا تعلمينه، وهذا خطأ تربوي كبير، فحتى في الحالات التي يسمح فيها باللجوء إلى الضرب يجب ألا يكون ذلك والمربي في غمرة انفعاله وغيظه؛ لأن ذلك يفقد الرسالة التربوية معناها ويضيف إليها ما يشوبها أيضًا، وهنا أنصحك أن تقرئي من على صفحتنا:
الضرب.. هل يعالج عناد طفلي؟
أنا وابنتي والأكل والماكياج
إطعام الصغار.. أزمة كل بيت
كما أنصح بأن تقرئي ملف الأمومة علمٌ أم فطرة ؟ ، الذي تستطيعين تتبع محاوره من خلال الروابط التي تجدينها داخل الرابط التالي الأمومة علم وفن: أبناء العنف والغضب مشاركة2 وأيضًا من خلال مشاركة الأستاذة نيفين عبد الله في نفس المشكلة الأمومة علم أم فطرة! مشاركة
ومن هذه الإحالات أحسب أن الأمور قد تتضح لك بعض الشيء؛ فالمطلوب منك وما أنصحك به هو أولا أن تهدئي من روعك، وأن تغيري من طريقة تفكيرك؛ فلا يمكن أن يدفعك شعورك بأنك تعبت في الطبخ إلى ضرب ابنك؛ لأنه لم يأكل منه أو لأنه تقيأه، هذا ما لم أسمعه في حياتي، وأحسب أنك لو راجعت نفسك قليلا لأدركت أن هذا غير معقول، إما أن عملية الطبخ بالنسبة لك عملية شاقة كأنها كفاح طويل مرهق مثلا أو أنك تبالغين، ثم هل تطبخين فقط من أجل الولد؟ ألا يأكل زوجك؟ وألا تأكلين؟ عليك أن تغيري هذه الطريقة في التفكير، حتى لو استدعى الأمر أن تطلبي أنت العلاج النفسي.
وأما كيفية التصرف مع الطفل فكما يلي:
- حاولي أن تجعلي تناول الوجبات في نفس الوقت للأسرة كلها؛ فهذا سلوك إسلامي؛ لأنه يستحب الاجتماع على الأكل، ومعنى هذا أن ابنك سينصح بالجلوس معك أنت ووالده أثناء الأكل.
- اهتمي أنت بإطعام والده وحاولي ألا تظهري للولد انتباهك لما يأكل وما لا يأكل، لا من ناحية النوع ولا الكمية، ومعنى هذا أنك ستتغيرين إلى نقيض ما أنت عليه الآن، فهل تستطيعين؟
- اعلمي أن أفضل الأساليب لعلاج رفض الطفل للطعام -لأسباب نفسية- هو أن نضع الطعام أمام الطفل في الأوقات المناسبة وبالأصناف المناسبة أيضًا، وأن نرفع السُّفرة بعد مرور الوقت المناسب (لا تزيدي عن 45 دقيقة).
- لا تسألي الطفل بعد ذلك عن موضوع الأكل، ولا تربطي مثلا أي سلوك يصدر عنه بعد ذلك ويشير إلى ضعفه أو عدم تركيزه بأن ذلك لأنه لم يأكل، ثقي يا سيدتي أن بداخل الكائن البشري ما يدفعه للأكل؛ فطلب الأكل غريزة، وما أريد أن تصلي إليه مع طفلك هو فك الارتباط الشَّرطي الذي تكوَّنَ لديه فجعله يخاف من الأكل، وكذلك تضييع الفرصة عليه لأنه كطفل قد يكون تقيؤه نوعا من الاعتراض غير الواعي على الأسلوب المتبع معه.
أحسب أنك إذا استطعت فعلا أن تكملي هذه التجربة فإن الولد سيقبل بالتدريج على الأكل، وحبذا لو تابعت معنا فبشرتنا بالتطورات الطيبة.
-ـــــــــــــــــ(104/342)
مجاملات الأغراب.. كيف يقبلها طفلك؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا أب لبنت عمرها الآن عامان ونصف العام هي أول مولود لي وأنتظر آخر إن شاء الله في منتصف العام.. ابنتي ككل الأطفال لا بد من وجود أخطاء عندها.
وجدت حلول بعضها في استشارات سابقة. أما التي أريد أن أستشير فيها هي أننا (أنا ووالدتها) حينما نذهب في نزهة إلى الخارج في حديقة أو منتزه أو شيء من هذا القبيل فأي مخلوق يعرض عليها أي شيء، سواء كان شربا أو أكلا فهي لا تتردد أن تأخذه منه، مما يسبب لي إحراجًا شديدًا، خصوصًا أن هؤلاء الناس لا نعرفهم فهم يروا أنها فتاة صغيرة جميلة فيعطونها مثل هذه الأشياء. رجاء أعطوني حلاًّ جذريًّا وسريعًا لهذه المشكلة.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك سيدي الفاضل، واسمح لي أن أثني على تفهمك وسعة صدرك في تعاملك مع ابنتك، فقولك إن الخطأ هو السمة الغالبة على تصرفات الأطفال أمر جذب انتباهي بشدة إلى وعيك الواضح بطبيعة الأطفال، ومن ثَم إحسانك التصرف مع تلك الأخطاء بعدم الملل من تقويمها واللين والمرونة في ذلك والاستعداد للتعامل مع تكرارها..
وفي الحقيقة.. فإن مشكلتك مع ابنتك أمر نشكو منه جميعًا -كآباء وأمهات- فأطفالنا تزيغ أعينهم باستمرار على كل ما يجدونه خارج المنزل، حتى وإن كان شبيهه في المنزل يبكي الهجر، فالحلوى التي يأخذونها من الناس أجمل في أعينهم من تلك التي تملأ إدراج الثلاجة بلا آكلين، والطعام الذي يقدمه لهم أي مخلوق (كما قلت).. أجمل وأشهى من ذلك الذي أتقنته الأم لأقصى درجة ثم لم تجد عليه نفس الإقبال.. إنها طبيعة مشتركة لكثير من الأطفال، وإن كانت في حاجة للضبط والتقنين لحماية الأطفال من مضار ما يتناولونه ليس إلا.
نعم إن الهدف من ضبط مسألة قبول العطايا من حلوى أو طعام وشراب هو حماية الطفل من الأمراض أو تسوس الأسنان أو الشيء غير الصحي إلى غير ذلك، وليس تفادي الإحراج، والمطلوب أن يقتنع الطفل بما يفعل ليفعله، ولن يفعل الطفل إلا ما يقتنع به، وإن فعل غير ذلك فهو يمثل أو يتحايل لتفادي العقاب، والطفل لا يقتنع بالعصبية والتوتر اللذين يحدثان وقت الحرج من سلوكه وتصرفاته.
يقول د. سبوك عالم التربية الشهير: "إن الطفل في سن الثالثة أو الرابعة يريد أن يأخذ فرصة كاملة ليصاحب الناس بطريقته الخاصة"، وما أردته من الاستشهاد بمقولة د. سبوك هو أن أؤكد على أن نترك للطفل فرصة للاستمتاع بالتعرف على الناس بدلاً من أن نرسم له طريقًا محددًا ينبهه إلى نقائصه حين يقصر فيما نحدده له، وبالتالي قد يخجل ويتعامل مع الناس بإحجام وارتياب.
وقد حدث معي موقف أحب أن أرويه لك -وإن كانت ابنتي تكبر طفلتك بعامين ونصف- ففيه نموذج عملي للتعامل مع مثل هذه المواقف بما لا يحرج الناس وفي نفس الوقت يحمي الأطفال من أي مضار، فقد كنت في الحديقة وذهبت بابنتي للحمام وأثناء خروجنا منه لاطفت ابنتي امرأة عجوز، وعرضت عليها نصف رغيف من الخبز، فنظرت لي ابنتي لتستأذنني بعينيها، فأذنت لها وأخذت الخبز، لكنها لم تتناوله بعد أن شكرنا المرأة حتى ابتعدنا عنها قليلاً، فقلت لها: "يا حبيبتي نحن أخذناه من هذه الجدة لكيلا تتضايق لرفضنا هديتها، لكن لا أظنه نظيفًا أو آمن لتناوله، فهو غير مسخن ويحتمل عدم نظافة يديها أو أيدينا.. فتعالي نتخلص منه ونتناول غيره مما نحمل معنا"، وفعلت بكل رضا ما اتفقنا عليه..، أخلص من ذلك أنه لا مانع أن يأخذ الطفل هدايا ممن حوله، لكن لا بد من:
- الاستئذان أولاً من والديه.
- عدم تناولها مباشرة حتى يتم عرضها على الأب أو الأم للتأكد من سلامتها.
إذن فالمطلوب:
1- أن تتعلم ابنتك أنه ينبغي لها عدم قبول أي هدية -وخصوصًا مما يؤكل- قبل استئذان "بابا" أو "ماما"، وذلك بتوجيهها بشكل لطيف لتلك النقطة.
2- أن يتكرر أمام الطفل مواقف ملاطفة منكما للأطفال الغرباء وعرض الحلوى عليهم، وذلك بالطريقة الصحيحة، فتعطي للطفل حلوى أمامها مثلاً وتقول له: "استأذن ماما يا حبيبي قبل أن تأخذ مني الحلوى".. أو تستأذن أنت أم الطفل مثلاً أمام ابنتك وتقول: "ممكن أعطيها له.. تفضل يا عزيزي"، فيصل لابنتك أنه لا أخذ ولا عطاء دون موافقة الكبار.
3- الاتفاق مع الطفلة قبل كل نزهة على ما تريده من حلوى ومشروبات لتحمله في حقيبتها، مع التأكيد عليها أن ما تريده تطلبه منك ومن والدتها؛ لأنكما تختارا لها أفضل الأنواع النظيفة الصحية، ويمكنها شراؤها بنفسها من المحل مع تعليمها قواعد الاختيار، ثم بعد ذلك الاتفاق معها على أن ما يعرضه عليها أي شخص تشكره عليه، وتعتذر بأدب عن أخذه، وإن ألحَّ فلا مانع من قبول هديته لإرضائه، ثم الاحتفاظ بها في الحقيبة للنظر فيها فيما بعد.
وأخيرًا.. فالطفلة تحتاج لأن تتعود أي قاعدة من قواعد السلوك المهذب تود أن تغرسها فيها، والتعود يعني مرات عديدة من التكرار قد يكون خلال بعضها إخفاق، وهنا يكون لسعة صدرك وتقبلك دور فعَّال في شحذ همة ابنتك لتفادي هذا الإخفاق في المرات التالية.
سيدي الفاضل.. أعتقد أنه ليس هناك حلول جذرية لأي مشكلة من مشكلات الأطفال، وإنما تكون نتيجة أي تقويم لسلوكهم تراكمية حتى تختفي المشكلة تدريجيًّا.. فلا تتعجل النتائج وإن كانت لن تتأخر إن شاء الله تعالى في ظل تعاملك الواعي مع ابنتك البادي من كلامك.. بارك الله لك في أسرتك جميعًا، وإلى لقاء قريب، لك ولأسرتك مني أطيب التحيات.
ولمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الأمر يمكنك مراجعة ما يلي:
كلام الناس يقتل روح المبادرة
العادات تصنع المعجزات
إلى كل مرب: قدم الحب تجد الطاعة
علموهم الكرم.. بالقصص
ـــــــــــــــــ(104/343)
خوف ابنتي كيف أتعامل معه؟ ... العنوان
السلام عليكم، تحية طيبة لكل القائمين على تربية أجيال النصر، أرجو مساعدتي في مشكلة ظهرت واتضحت معالمها قريبا مع ابنتي النجيبة المتميزة تسنيم 5 سنوات؛ فهي مطيعة ذكية ومميزة في حضانتها في الصف الأول، ولكن ما يؤرقني هو الخوف الدائم من الخطأ ومن العقاب؛ فهي تخشى أن تخطئ في أي عمل تقوم به وتبكي خشية عقاب والدها لها، رغم أنه يدللها كثيرا ونادرا ما يعاقبها.
ولكن أصدقك القول أن التهديد بالعقاب كان يحدث مع تمردها في بداية الروضة منذ عامين، ربما كنت أنا سببا رئيسا؛ لأنها تخشى غضبي وعصبيتي التي أحاول تحجيمها أو إعدامها نهائيا.. أخوها -3 سنوات- منطلق ولا يقيده شيء ويفرض وجوده، وهذا يوضح ذكاءه وقدراته العالية.
لا أريد أن أكون سببا في قتل الإبداع لديها؛ فهي ذات خيال واسع جدا، ولكن يميزها الخوف الدائم وتوقع الأسوأ من والديها رغم محاولتي مدحها ومكافأتها دائما أنا وأبوها.
أرجو أن تنصحوني كيف أتعامل معها وأحجم هذا الخوف المرضى من كل شيء حتى استعمال الكمبيوتر خشيه فساد شيء فيه، حتى عندما أصرخ في أخيها عندما يخطئ تبكي مع أنها لم تفعل شيئا؟ وكيف أوظف هذا الخيال الواسع في اختلاق القصص والحكايات؟ وجزاكم الله كل الخير.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... شكرا لك سيدتي على ثقتك بنا، وأهلا بك على صفحتك "معا نربي أبناءنا"، ونشكر فيك صراحتك وانتباهك إلى أصل المشكلة؛ لأن الكثير من الآباء والأمهات يشكون نفس شكوتك وينسون البداية.. فهم يتذكرون خوف الطفل من العقاب ثم يتحدثون عن حالهم الآن بعد ظهور المشكلة وكيف أنهم يشجعونه ولا يخوفونه وينكرون تماما أنهم كانوا هم السبب.. نعم هم الآن يشجعون ويدللون ولكن بعد المشكلة...
ولكن من سطّر أحرف الخوف المرتعشة السوداء على صفحة نفوس أبنائنا البيضاء؟ إنه في الحقيقة نحن من فعل ذلك بأطفالنا وفعلناه حتى وهم في سن صغيرة جدًا في بدايات الروضة، حيث لا مجال للقلق على أي شيء، ولكننا في منتهى القلق والتوتر على أطفالنا فننقله لهم ولا تتحمله نفوسهم الصغيرة فيتعمق داخلهم ويضرب بجذوره في نفوسهم...
وعندما يكبرون ويبدءون في التفاعل مع الواقع تظهر أعراض الخوف والقلق، ونذهب نحن نتساءل في منتهى البراءة: ماذا ألمّ بأطفالنا؟ لماذا يخافون؟.
وحتى نثبت براءتنا نقارن بين أطفالنا ونقول إننا تعاملنا مع الأطفال جميعهم بنفس الكيفية، فلماذا هذا الطفل بالذات هو الذي نشأ خائفا قلقا؟ رغم أننا نعلم أن أطفالنا مختلفون في قدراتهم على التفاعل والتحمل.. فليس معنى أن أحدهم قد تحمل قلقنا وعصبيتنا أن السبب فيمن لم يتحمل؛ فالعصبية والقلق هما الخطأ في كل الأحوال وربما لم تظهر المشكلة في طفلنا الثاني على صورة خوف وتظهر في وقت لاحق على أي صورة أخرى.
المهم أن الحل هو أن نتوقف تماما عن التعبير عن قلقنا وانزعاجنا أمامها ليس فيما يخصها فقط ولكن في أمور حياتنا بصورة عامة؛ فالقلق والخوف مكتسب وتنتقل عدواه من الأم القلقة والعصبية إلى أطفالها؛ فهو منهج حياة يراه الأطفال أمام أعينهم في جميع تصرفاتنا ثم نعيب عليهم قلقهم.
أعدمي العصبية والقلق عندك وستهدأ طفلتك بالتدريج عندما ترى ردود أفعال طبيعية، وخيالها الواسع هو جزء من طبيعة سنها، ولم نفهم ما تقصدينه بسؤالك عن توظيفه في خلق القصص والحكايات.. أي قصص وحكايات ولماذا القصص والحكايات وليس شيئا آخر، نرجو التوضيح والتفسير.
ـــــــــــــــــ(104/344)
الطفل الأوسط.. مشكلة علاجها الحنان ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، جزاكم الله خيرًا على هذا المجهود الرائع والمبذول في خدمة المسلمين، ونسأل الله أن يكثر من أمثالكم، أما بعد:
فأنا أب لثلاثة أبناء أكبرهم عمره 4 سنوات وشهران (بنت)، وأصغرهم عمره سنة وأربعة أشهر (ولد)، ومشكلتي في الطفل الأوسط ويبلغ من العمر عامين ونصف العام، ومشكلته أنا المتسبب فيها على الأغلب، حيث إنه انفعالي جدًّا، وحينما يغضب يضرب رأسه ووجهه بشدة، وهو لا يحب الخلطة مع الأطفال رغم ذهابه إلى الحضانة منذ حوالي ستة أشهر، وهو متأخر في الكلام وينطق جملا غير مفهومة ويعاند أيضًا، حيث يمكن أن يدندن خلف أغنية أو نشيد، ولكن لا يتكلم أمامنا إلا قليلا.
وهو حينما نجتمع في بيت العائلة لا يجلس مع الأطفال، ولكن يجلس منفردًا بعيدًا عنا وعنهم، وهو كثير البكاء ولا نستطيع التعرف على كثير من كلامه، وعاد إلى الحفاظة بعد خلعها بفترة رغم أن مدرِّسة الحضانة تقول إنه ينبهها عندما يريد الذهاب للحمام، ولكن لا يفعل كذلك بالمنزل، وهو عنيف جدًّا عندما يضرب أخاه الأصغر أو أخته الكبرى.
قلبي يعتصر عليه، أخشى أن يكبر ويكون غير سويّ أو معقدًا، أما سبب ذلك فهو أنني في بداية مولده وحتى سن 20 شهرًا مثلاً لم أكن منتبهًا له تمامًا، ولكن هذا لم يكن يحدث مع أخته الأكبر منه، حيث إني أحبها حبًّا جمًّا، وهي جميلة وكثيرة الكلام وذكية وكانت تجذبني إليها بشدة وأتركه هو، فكيف لي أن أترك من يتفاعل معي ويحدثني وأهتم بطفل أصغر لا يتحرك ولا يتكلم، ومن هنا بدأت المشكلة في تصاعد هذه الظاهرة بيني وبينه، ولكني كنت أنظر إلى أمه كتعويض، حيث كانت تهتم به كثيرًا أكثر من أخته بحكم سنه.
واستمر هذا حتى مقدم الطفل الثالث فانتقل اهتمام الأم الأكبر بالطفل الوليد، ولسوء حظه أن الطفل الثالث جاء جميل الشكل جدًّا وكثير الحركة وجذابًا أيضًا، وبهذا أصبح لكل من أخويه ميزة تجذب له الانتباه؛ أخته الكبيرة بكثرة الكلام والحركة والذكاء، والطفل الصغير بالشكل الجميل والشعر الناعم الأصفر وأيضًا الحركات الجذابة.. أنا لا أنكر أن طفلي جميل وذكي، ولكن أخته الكبرى وأخاه الأصغر يجذبان انتباه أي شخص عنه بميزات كل منهما.
أنا الآن أحاول تعويضه ما مضى، ولكن أحس أن بيني وبينه هوة كبيرة فهو لا يطيق أحضاني أو قبلاتي، ولا يقبل أن يقبلنا مطلقًا أنا ووالدته، وكلما أحاول تدريبه على الكلام ضربني على وجهي.
أنا الآن أحاول إرضاءه وتميزه عن إخوته عسى أن أعوض ما تسببت فيه، وتسبب فيه القدر والجهل، حيث إنه لم ينعم بعطف الأم أو الأب لولادة الأطفال الثلاثة خلال 4 سنوات فقط، وكان هو الضحية. هناك حدث آخر حيث كانت أخته الأكبر منه تضربه بعنف وبشدة من غيرتها، واستمر هذا الحال حوالي 10 أشهر بعد ولادته.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك سيدي معنا على صفحتك معًا نربي أبناءنا.
أتساءل معك.. هل المشكلة حقا في ولادة الأطفال الثلاثة خلال السنوات الأربع؟!.
لو رأيك هذا صحيح لكان الطفل الأصغر هو الأولى بظهور المشاكل ولعانى الأطفال الثلاثة من هذا الإهمال الذي تدعيه.. المشكلة الحقيقية تكمن في تساؤلك: "كيف لي أن أترك من يتفاعل معي ويحدثني وأهتم بطفل أصغر لا يتحرك ولا يتكلم؟"، حيث يتصور الآباء والأمهات أن أطفالهم الرضع لا يشعرون باهتمامهم وحبهم، والحقيقة غير ذلك.. إن الطفل منذ لحظة ولادته يشعر بمن يهتم به، ويشعر بالأمان من خلال حصوله على ما يحتاجه من حب وحنان ودفء، إنه يشعر بالثقة فيما حوله عندما يرى أنه مرغوب فيه، والعكس صحيح أن الطفل الذي يشعر منذ لحظة ولادته أنه غير مرغوب فيه، وأنه لا يوجد من يهتم به فإنه يشعر بعدم الأمان، بل ويشعر بالرفض لما حوله ليكون ذلك بداية العدوانية ناحية ما حوله.
وتزداد الكارثة وتتفاقم مع المقارنة؛ فالأخت الكبرى كثيرة الكلام والحركة والذكاء، والطفل الأصغر شكله جميل وشعره ناعم أصفر وحركاته جذابة.. ليشعر الطفل الأوسط بمزيد من النبذ والرفض يراه في أعيننا ويلمحه في إشارات أيدينا وربما سمعه حتى في كلامنا الصريح، فإذا أضفنا إلى ذلك أن يُضرب هذا الطفل من قبل أخته الكبرى بعنف وشدة منذ ولادته، فأي طفل نتوقع؟.. وأي انفعالات سلبية ستحملها نفسه؟ وأي ثقة يملكها تجعله يتفاعل مع الآخرين ويختلط بهم؟.
إننا كما نقول دائمًا يمثل الأهل (الأب والأم) العمق الإستراتيجي للطفل الذي يجعل الطفل ينطلق إلى المجتمع الخارجي بحرية وشجاعة وثقة، ليست الحضانة هي الحل الذي نتصوره من أجل طفلنا الذي لا يختلط بالأطفال، بل ربما تسببت الحضانة في تفاقم مشكلته؛ لأنها ستزيد شعوره بالإحباط عندما لا يجد نفسه قادرًا على التفاعل مع الأطفال.. إن الحل يحتاج إلى وقت وصبر.
إن تغير هذا الطفل وعودته إلى حالته الطبيعية لن يتم بين يوم وليلة، بل سيحتاج إلى عمل دءوب وهادئ من الأبوين من أجل إعادة ثقة هذا الطفل في نفسه أولاً وفيمن حوله ثانيًا.. ولن يكون ذلك بتمييزه على إخوته؛ فنحن لا نعالج المشكلة بخلق مشكلة جديدة.. إن الطفل لا يريد تمييزا إنه يريد أن يرى تشجيعًا حقيقيا.. يريد أن يسمع مدحا.. لا تدربه على الكلام.. اتركه على طبيعته.. لا تجبره على الاختلاط بالأطفال.. ليست القصة قصة أحضان وقبلات خارج سياق يشعر فيه هذا الطفل بالاهتمام.
العب معه بصورة طبيعية وليس كواجب تؤديه، امتدح صفاته وشكله.. أشركه معك في أنشطة تناسب سنه.. اقض وقتا كافيا معه... لا تميز أحدا عليه.. لا تستخدم الحب في الثواب والعقاب... انتبه له عندما يسألك.. لا تمل من فعل ذلك ولا تستعجل النتائج؛ فالأمر يحتاج إلى وقت؛ فرسالة الحب لا بد أن تصل له؛ لأنها هي الحل الوحيد.
علاج طفلك في الحب والتشجيع وإعطائه الثقة في نفسه... لا تنهره كثيرا ولا تنتقد كل تصرف يفعله، بل ناده بأحب الأسماء إليه، واملأ أذنه بكلمات التشجيع؛ فعندها سينطلق إلى الآخرين يتعامل ويتفاعل وستهدأ انفعالاته، ولكن لا تتعجل وأعط الأمر وقته المناسب وسترى النتائج الإيجابية بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــ(104/345)
كسل طفلك.. ابدئي بتغيير نفسك ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم.. أود أن أشكر جهودكم وأن أتحدث معكم عن مشكلتي الخاصة قبل أن تكون مشكلة أبنائي، فأنا والحمد لله نشأت في أسرة سليمة ومتحابة ومتدينة، ولكنها أسرة تعاني من الكسل والتأجيل، فكل شيء في بيتنا كان مؤجلاً ولا يوجد قيمة للوقت بتاتًا حتى أعمال المنزل لم نكن نقوم بها بالشكل المطلوب، حيث كان كل ركن من منزلنا يشكو من الإهمال، من أجل ذلك كله نشأنا أنا وإخوتي نعاني من كل ما سبق، ولكن بشكل أوضح فقد حصلنا جميعًا على علامات متوسطة في مراحلنا الدراسية رغم أننا نتمتع بذكاء جيد، أما إخوتي الذكور وقد غدوا شبابًا الآن ومنهم من تزوج فإنهم وللأسف غير قادرين على تحمل المسئولية أو العمل بشكل جاد لإعالة أسرهم.
أما أنا فإنني دائمة التفكير في أحوالي وأحوال أبنائي أخاف أن يصلوا لنفس المصير فهم كسالى ويكرهون أي التزام، وغير قادرين على القيام بأي عمل بشكل كامل، وأشعر أن الفرصة ما زالت متوفرة للقيام بإصلاحات سلوكية.. أتمنى أن يشب أبنائي مقدرين لقيمة العمل والنشاط فهم ولله الحمد جميعهم أذكياء، ولكنهم كما كنا نحن لا يحصلون على أكثر من تقدير جيد، فأنا أبذل معهم جهدًا كبيرًا صباحًا أثناء إيقاظهم للمدرسة، وعند عودتهم فإنهم إما يجلسون إلى التلفاز دون تبديل ملابسهم إلا بعد إلحاح مني، أما مذكراتهم فتتم على عجل ودون تركيز كافٍ ولا يلتفتون إلى نظافتهم أو نظافة غرفهم، وحتى إنهم لا يقدرون قيمة المال فمهما أضاعوا من مال فإن ذلك لا يهمهم أو يشعرهم كمن فقد شيئًا. أرجو منكم إفادتي قبل فوات الأوان، وجزاكم الله عنا كل خير.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ. صفاء فريد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كما يقال ويتردد على ألسنة الناس: يبدأ حل أي مشكلة من شعورنا بأنها مشكلة، ما لم نقتنع بأنها كذلك استحال حلها وعلاجها، وثقي تمامًا أختي أنه بقدر شعورك بالحاجة للحل، كان دافعك قويًّا للتغيير، أما إن كان الدافع ضعيفًا أو حتى متوسطًا فستبقى المشكلة قائمة. الأمر يحتاج إلى وقت وتدريب وبعدها تنعمين إن شاء الله بالحل.
اسمحي لي أن أخاطب عقلك وروحك معًا دون حواجز.. أشرت في بداية رسالتك بأنك من أسرة سليمة ومتحابة ومتدينة. والحمد لله على ذلك، إلا أن هذه الأسرة وللأسف نقضت عهدًا دعانا إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم، أو أخلت به فما عادت أمورها تسير مع دولاب الحياة، فالحياة الكريمة تحتاج إلى عمل ونشاط وجد واجتهاد، ولا تريد كسلاً وإهمالاً، فالحياة مع الكسل والإهمال مزعجة للأسرة نفسها، ولكل من يتعامل معها، فيغدو كل فرد فيها -وكما هو الواقع- عالة على نفسه وعالة على مجتمعه، وهذا ما حذر منه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث وموقف، كما أن هذه الأسرة ستكون مثلاً غير جيد أمام الناس حين تُقرَن هذه الصفات السلبية بأسرة متدينة، فكيف سيكون المثل مشوشًا لكثير من الناس، وقد يتخذ هذا مثلاً للتنفير من الدين، حيث يقال: انظروا إلى هؤلاء المتدينين، كيف يصلون ويتعبدون في بيوتهم، ويتركون عملهم ويهملون أبناءهم!!
لن أطيل في هذه المقدمة؛ لأنك تدركين خطورتها وإليك بعض الإرشادات والنصائح التي أسأل الله تعالى أن تكون البلسم الشافي لك ولأسرتك الطيبة:
1 - ابدئي التغيير بنفسك كأم، بنشاط وإقبال وحركة، قومي كل يوم لصلاة الفجر وافتحي المسجل على صوت قرآن كريم بصوت معتدل وابدئي الحركة في المنزل والمطبخ، ولا تضطري لإيقاظ أحد، والأغلب سيصحون على الصوت وهذا عمل يحتاج إلى إرادة وتصميم وصبر وطول متابعة، وكلما شعرت بحاجتك للتغيير كان إصرارك ومتابعتك أكثر ولا تستهيني بالأمر، فالقدوة في المنزل جد مهمة، وخاصة منك أنت لأنك تعلمين أبناءك بتصرفاتك وتحاولين تغيير ما هو موجود، فإن لم يشعر أبناؤك بالنشاط والحيوية منك أنت، فمن الصعب استجابتهم لذلك، ابدئي بقوة وهمة وتوكلي على الله سبحانه.
2 - حاولي أن يكون بثك لأبنائك طوال اليوم إيجابيًّا، بمعنى ألا يكون تعليقك على سلبيتهم وكسلهم بقدر ما يكون تركيزك على رفع معنوياتهم، ومكافأة أي تطور مهما كان صغيرًا لدى أبنائك، واجعلي المكافأة مما يحب أبناؤك إن كان ممكنًا، وبنفس الوقت لا تبالغي في المكافأة حتى لا يكتفي الابن بما وصل إليه من تغيير. ابحثي عن الجوانب المضيئة والإيجابية في تصرفاتهم وعلّقي عليها.
3 - اربطي أبناءك بأشخاص نشطين، وهذا الربط إما لشخصيات موجودة الآن، أو شخصيات كانت موجودة وتركت آثارًا واضحة، ابدئي بالبحث عن شخصيات يحبها أبناؤك، وابحثي عما تريدين من همة وعمل ونشاط في حياتهم، وعلقي عليها وأثيريها مع أبنائك، وعلقي عبارات وصورًا جميلة ومشرقة في غرفهم، واختاري الألوان المثيرة لطاقة الإنسان مثل اللون الأحمر والبرتقالي، فهذه ألوان تثير طاقة الإنسان وتحركه وتنشطه.
4 - تحدثي مع أبنائك في وقت تخصصونه يوميًّا، بحيث يشعر أبناؤك بالحوار بينكم والذي يوصلهم إلى تغيير، ففتح قنوات الحوار بينك وبينهم أول طريق المعرفة والتغير، ولكن انتبهي:
ليكن استماعك لأبنائك أكثر من حديثك أنتِ، احرصي أن تسمعي كل ما لديهم وأن تشعريهم بحاجاتهم هم لا بحاجاتك أنتِ، على سبيل المثال لا تقولي لهم أثناء الحوار: أريدك أن تكوني هكذا أريد منك أن تفعلي هذا، أحب أن أشعر بالفخر والسعادة وأنا أراك هكذا، بل قولي لها: أنت فتاة رائعة تبحثين عن التميز وتريدين أن تصلي إلى نقطة عن التميز وتريدين أن تصلي إلى نقطة تحول في حياتك، أنتِِ عليكِ أن تقرري كيف ستتغير حياتك، وهكذا...
5 - عليك بدوام المطالعة والقراءة حول خصائص المرحلة العمرية لكل ابن من أبنائك، يجب أن تعرفي كل ما يخص ابنك وابنتك من خصائص وصفات ترافق عمره طبيعيًّا، وبناء عليها يكون دخولك لهذا الابن أو البنت من المداخل الصحيحة لشخصيته من أجل الوصول إلى التغيير المناسب بأقل وقت وأقل جهد، وعليك بالصحبة الصالحة من الأمهات حولك، ومن الأخوات الصالحات من الأمهات الفضليات.
6 - اعملي على بث روح الجماعة والتعاون والمحبة داخل الأسرة، بمعنى أن يكون العمل في البداية جماعيًّا لإنجاز أي شيء، هذا الأمر يسهل على الابن تلقي التغيير؛ لأنه لن يشعر بثقل أو صعوبة عندما يقوم بالعمل وحده، فبالجماعة يكون العمل سهلاً سريع التنفيذ خفيفًا؛ ولذلك ابدئي بإنجاز الأعمال جماعيًّا، ثم بعد ذلك إنجاز الأعمال فرديًّا.
7 - استعيني بالله تعالى أختي الكريمة، فصدق التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء مع العمل الصادق الجاد المنجز خير ما يمكن أن يوصلك إلى ما تريدين.. ولا تنسي أن يبدأ التغيير من نفسك أنتِ.
8 - الفتي انتباه أبنائك إلى الصور السلبية في المجتمع والنماذج السيئة التي تكون فيها النتائج غير سارة، وركزي أنظارهم على أخطائهم نفسها لكن عن طريق الغير، أي على سبيل المثال:
انظر يا بني إلى فلان كيف يبدو بيته غير مرتب، انظر إلى هذا الولد كيف تبدو ملابسه غير نظيفة، أو كتبه غير مرتبة.. وغيرها من التعليقات التي تمس واقع أبنائك دون الإشارة الصريحة إلى أخطائهم إلا إذا هم أثاروها أمامك.
9 - أرجو أن تكوني مقتنعة أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل حتى يتغير؛ لأن التغير الاجتماعي وتغيير ما انطبع في الإنسان منذ صغره يحتاج إلى وقت وجهد، لكنه بسهولة يتغير طالما الإرادة موجودة، والتصميم موجود، لكن الأمل موجود في التغيير وهو حاصل بإذن الله سبحانه، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
مع دعائي لك بالتوفيق في حياتك.
ـــــــــــــــــ(104/346)
كيف أعيد ثقة أختي؟ ... العنوان
أختي 16 سنة واحدة من توءمين بنات هي أقصر من الأخرى، ولديها نقص في أصابع قدميها ومشيتها ليست تمامًا، ولكنها ليست سيئة، هي خجولة جدًّا وغير واثقة من نفسها وكانت تتمنى لو تستطيع أن تطول قليلاً (أختها أطول منها بحدود 13 سم)، ولكن بعد استشارة طبيب مختص تبين أنه فات الأوان على أي مساعدة هي تملك صفات أخرى بالأخلاق والخلق جميلة، ولكنها ذات شخصية مهتزة كيف أستطيع مساعدتها في الوقوف على قدميها في هذا المجتمع وأن تكون أكثر ثقة بنفسها؟ أنا أختها أكبر منها، ولكني لست الأكبر متخرجة من الجامعة ومتزوجة، وأعمل، وشخصيتي مستقرة إلى حد كبير وقوية، ولي تأثير كبير على كلا التوءمين.
أختي في المرحلة الثانوية هي جيدة دراسيًّا وعلاقاتها الاجتماعية جيدة جدًّا حتى إنها اجتماعية أكثر من أختها؛ نظرًا للطفها بالتعامل مع أن أختها جذابة للآخرين أكثر منها، لا أرى تميزاً واضحًا إلا أنها تمتلك الحد الجيد من كل من المستوى الدراسي والعلاقات الاجتماعية، ليس لديها هوايات متميزة.
هي غالبًا لا تعبر بوضوح عن مشكلتها بأنها أقصر، بل تتجنب الخروج برفقة أختها والصديقات إن كن طويلات مثل أختها كي لا تبدو غريبة عنهن، ولكنها في بعض الأحيان قد تبوح لي بانزعاجها. هي لا تسمع أي تهكم أو تعليق من العائلة على طولها وعلى مشيتها وأصابعها، ولكنها تتحرج من أن يظهر ما يشير على أصابعها فهي ترتدي جوارب سميكة.
كانت تسمع بعض التعليقات عندما كانت صغيرة، حيث كانت لا تهتم بلبس الجوارب فكانت تسمع كلمات استنكار واستغراب، لكن لا أظنها الآن تسمح لأحد برؤية قدميها، وبالتالي التعليق عليهم. هي بالمناسبة متدينة وراقية بالتعامل مع الآخرين إلى حد كبير. علاقتها بجميع أفراد العائلة جيدة بما فيهم أختها التوءم. بالنسبة لوالدي فهو صعب المزاج وليس لطيفًا جدًّا مع الجميع، ولكنه لا يسيء إليها بالنسبة لهذه المشاكل، ولكنه وبدافع من رغبته بأن تخرج من عدم الثقة بالنفس قد يحرجها أمام الناس.
أمي متعاطفة معها إلى حد كبير، ولكن دون منهج محدد بالتعامل. والدي ووالدتي من المتعلمين وكلاهما مدرس. بالنسبة للوقت فأنا أستطيع تخصيص الوقت اللازم لها وأستطيع الاستعانة بأختها التوءم إلى حد كبير، وقد أستطيع الاستعانة بأمي أيضًا.
علاقتي بها جيدة وهي تثق بي كثيرًا. أحاول أن أجعلها تضع خطة لحياتها، ولكن ليست طموحة كفاية فهي تقول يكفيها أن تنجح بالشهادة الثانوية ثم تقرر ماذا ستدرس. بالنسبة لملامح اهتزاز الشخصية فهي تبدو واضحة في حساسيتها الزائدة من أي كلمة تسمعها في عدم مشاركتها بالأنشطة الاجتماعية التي تحتاج إلى الظهور بمفردها، ومثلاً قد لا تدخل لتسلم على ضيوف في المنزل خجلاً، وقد ترفض الرقص في حفلة نسائية مثل غيرها من الفتيات خجلاً. مع ملاحظة أنها مؤخراً وبعد أن قامت بتنحيف نفسها (كانت ممتلئة الجسم) أصبحت توافق على شيء من هذا في أحيان قليلة.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك على صفحتك معًا نربي أبناءنا، وأشكر لك حرصك على أختك.
أختك جيدة في مستواها الدراسي وفي علاقاتها الاجتماعية، بل هي اجتماعية أكثر من أختها؛ نظرًا للطفها في التعامل مع الآخرين وعلاقتها بجميع أفراد العائلة جيدة بما فيهم أختها التوءم، وهي تجنب نفسها المواقف التي قد تظهر فيها مشكلتها في القصر...، وهذا كله يتعارض مع وصفها بعدم الثقة في النفس أو اهتزاز الشخصية.. ما تصفينه بحساسيتها الزائدة من أي كلمة تسمعها لم يمنعها من إقامة علاقات اجتماعية ناجحة سواء في المنزل أو المدرسة، ولم يؤثر على مستواها الدراسي، وما ضربته من أمثله بخصوص خجلها من السلام على الضيوف في المنزل أو الرقص في حفلة نسائية لا يعني اهتزاز شخصيتها بدليل أنها عندما قامت بتنحيف نفسها وافقت على القيام ببعض هذه الأنشطة.
أرى أن دورك المطلوب منك ومن الأسرة هو معاملتها بصورة طبيعية عادية لا تشعرها أن لديها أي نقص مع تزكية صفاتها الطيبة كمستواها الدراسي أو علاقاتها الاجتماعية، ولكن دون مبالغة.
إن الجو الصحي الدافئ المليء بالحب والاهتمام يكفي لأن تنمو هذه الأخت بصورة سوية...
نحن نعيد الشكر لك لاهتمامك بأختك، ونرى أن هذا الاهتمام والقرب والثقة فيك أمور يجب أن تحرصي عليها ولا تتخلي عنها تجاه أختك، وستكون النتائج طيبة بإذن الله تعالى..
ـــــــــــــــــ(104/347)
بناء الثقة في خطوات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أعرض عليكم مشكلتي مع ابني البكر10 سنوات والتي تتلخص في معاناته من عدم الثقة في النفس مع كثرة المحاولة معه في إعطائه الثقة في نفسه، وولعه الشديد باللعب وعدم المذاكرة رغم ذكائه وسرعة استيعابه، ورفع صوته على الآخرين وخاصة على إخوانه ووالديه.
في إحدى المرات وفي فترة الامتحانات أبدى عدم الاكتراث بالمذاكرة والتحضير للامتحان رغم محاولتي معه المتكررة حتى يئست منه وقمت بإبلاغ والده، وعبّر عن عدم رضاه وحبه لهذا التصرف من قبلي بأن رسم صورة لنفسه معبرا بكلمات مفادها "أنا ما أحب ماما"، "أنا ما أبغي شيكولاتة".
ومن فترة يعاني من التبرز في ملابسه الداخلية، طبعا تم عرضه على دكتور متخصص على اعتبار أن هناك مرضا عضويا يعاني منه ولكن لم يتبين شيء، بعدها حاولت تفهيمه أن هذا السلوك غير لائق بولد كبير، وتعذر بأنه لا يستطيع أن يتماسك ولكنه لفترة معينة تجاوز هذا السلوك، ولكن يرجع له في بعض الأحيان.
أود منكم إعطائي الحلول المناسبة لهذه المشكلات، وبيان الطريقة المثالية في التعامل مع الأبناء، وكيفية الحوار معهم في حل مشاكلهم، شاكرين صادق تعاونكم معنا، آمل أن ألقى الرد في أسرع وقت.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا بك -سيدتي- على صفحة "معا نربي أبناءنا"، أسعد بك وأشرف بالرد على رسالتك.
فتعالي لنبلور معا أهم النقاط بها:
1. معاناة محمد من عدم الثقة.
2. ولعه الشديد باللعب وعدم رغبته في المذاكرة رغم ذكائه وسرعة استيعابه.
3. رفع صوته على إخوته.
4. التبرز -أحيانا- في ملابسه.
5. وأخيرا سؤالك عن كيفية التعامل مع الأبناء والحوار معهم.
اسمحي لي في البداية أن أنوه إلى أنك -سيدتي- لم توضحي ما هي المحاولات التي قمت بها لعلاج عدم ثقة ابنك بنفسه؟ ومتى قمت بها؟ ومدة هذه المحاولات؟.
على أية حال قد فهمت من خلال رسالتك أنك حاولت -بشكل مباشر- تنمية ثقة ابنك بنفسه، إلا أن هذا الأسلوب المباشر وأسلوب إلحاحك وطريقة تعاملك معه أدى لفقده الثقة بنفسه، ويتضح ذلك في الأسلوب الذي تتبعينه معه في المذاكرة.
فتعالي الآن لنضع الأسس الصحيحة التي من خلالها تنمين ثقة ابنك بنفسه، وهي:
1. أن تكفي تماما عن تذكيره بأنه يجب عليه أن يثق بنفسه أو أن تقولي له على سبيل المثال: أنت ولد رائع.. فلماذا لا تفعل مثل فلان وفلان من أصدقائك أو لماذا أنت متردد هكذا... لأن مثل هذه الجمل تضعف ثقة ابنك بنفسه.
2. لا تقارني بينه وبين زملائه أو إخوته.
3. أسندي إليه بعض المهام الخاصة به ومهام أخرى للمساعدة بالمنزل حتى لو كان هناك خدم يقومون بهذه المهام، على سبيل المثال: ترتيب حجرته - العناية بملابسه وكيها - أن يقوم بالمشاركة في تجهيز المائدة - أن يساهم في إعداد بعض الأطعمة البسيطة وعمل السلطات - أن يقوم بشراء بعض المشتريات اللازمة للبيت...
وإذا لم يكن يقوم بهذه المهام من قبل فعليك -سيدتي- أن تسندي إليه بعضها بشكل تدريجي حتى يعتاد على ذلك مع تعزيزه وتشجيعه بالثناء والمدح بعد إنجازه أيا من هذه المهام، مع ملاحظة هامة جدا وهي: لا بد من ترك محمد للقيام بهذه المهام حتى لو لم يتقنها في بادئ الأمر دون أن تعيدي ما فعله، فإذا لم يرتب سريره بإتقان مثلا فيجب ألا تعيدي ترتيبه أو تطلبي من الخادم أن يعيده؛ لأن ذلك يؤدي إلى فقده الثقة بنفسه إلى جانب أنه لن يتقن عملا بعد ذلك أبدا.
4. إشراكه في ناد رياضي يمارس به رياضة ما.
5. تشجيعه على أن يشارك في الأنشطة المدرسية.
6. أن يسند إليه والده بعض المهام الخاصة بعمل الوالد، فلو كان مهندسا مثلا فيطلب منه أن ينسخ له بعض التقارير على الكمبيوتر أو يأخذه معه في موقع عمله ويسند إليه مهام تتفق مع سنه...
ثانيا: ولعه الشديد باللعب وعدم رغبته في المذاكرة:
هذا أمر طبيعي في هذه المرحلة وخاصة الصبية، وما ينبغي فعله هو:
• تخصيص وقت للعب، كما أن هناك وقتا لكل شيء: النوم – تناول الطعام – الصلاة – المذاكرة...
• كما لا بد من ربط المذاكرة بأهداف الصبي وطموحاته المستقبلية، فإذا كانت رغبته أن يصبح ضابطا مثلا أو صحفيا أو مدرسا... فلا بد له أن يعرف أنه لن يستطيع تحقيق ما يصبو إليه دون الجد والاجتهاد في المذاكرة.
• إلى جانب ربط المذاكرة بأشياء يحبها في الوقت الحاضر كأن يتفق معه على أنه إذا أتم مذاكرته في موعد مقبول فسوف يسمح له باللعب على الكمبيوتر مدة نصف ساعة أو الوقت الذي تحددينه.
• عمل جدول للمذاكرة، وربط المواد الدراسية بالحياة اليومية ويمكنك الاطلاع على موضوعات طرحت على هذه الصفحة تناولت موضوع المذاكرة بالتفصيل، ومنها:
إستراتيجيات التركيز والانتباه
جدول للمذاكرة لي ولابنتي
التركيز.. مهارة
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟
ثالثا رفع صوته على إخوته وأحيانا على والديه: أما بالنسبة لإخوته فاتركي ذلك لإخوته يتصرفون كيفما يتراءى لهم حتى لو أدى الأمر إلى مشاجرة بينهم؛ فهم يتعلمون بذلك كيف يحلون مشكلاتهم بأنفسهم وكيف يتكيفون مع بعضهم البعض .
أما إذا حدث رفع الصوت عليك وعلى والد الصبي فهذا الأمر لا بد من التوقف عنده ولا بد أن يكون الوالد صارما حازما لا يتغاضى عنه، وذلك كأن ينبه محمدا حين يرفع صوته عليه إلى أنه إذا كرر هذا فسينال منه عقابا، ولا يذكر له هذا العقاب وعند تكراره لا بد ألا يتكلم معه لمدة يومين؛ ففي الوقت الذي يعود الأب فيه من عمله ويحيي الجميع ويسلم عليهم ويتفقد أحوالهم لا يفعل ذلك مع محمد حتى يبدي محمد أسفا أو ندما على ما بدر منه ولا يعود لمثلها، وكذلك الحال معك؛ فلا تهاون فيما يخص احترام الأبوين وتوقيرهما، فإن كان يريد الاعتراض على أمر ما فله أن يفعل ذلك بأدب واحترام وعدم تجاوز اللياقة.
وأما عن سؤالك عن طرق وأساليب التعامل مع الأبناء فإليك بعض الإرشادات:
أنا أشبه دائما أسلوب التعامل مع الأبناء بلعبة الصور المقطعة الـ(puzzle)؛ وذلك لأن عدم وجود قطعة منها يؤثر على اكتمال الصورة وكذلك وضع قطعة مكان قطعة أخرى لا يصل بنا إلى الشكل المطلوب، وما أعنيه أن أي خطأ أو تقصير في طريقة التعامل أو التوجيه والتربية يؤثر بالطبع على الشخصية بشكل عام؛ فطريقتك -سيدتي- في توجيه ابنك طريقة قائمة على أسلوبين النصح والإرشاد بشكل مباشر وأسلوب الإلحاح وكثرة الأوامر والنواهي، وكلا الأسلوبين إذا لم يؤديا إلى نتائج عكسية فإنهما على الأقل لا يأتيان بالثمرة المرجوة، وأما عن أهم الأساليب الأخرى التي يمكن أن نستعين بها هي: التعزيز – التوجيه غير المباشر – القدوة.
وسأتناول كل أسلوب مما سبق باختصار:
أما عن أسلوب التعزيز وهو مكافأة الطفل على سلوكياته المرغوبة بشكل عشوائي، فلا يصح على الإطلاق أن أنتبه إلى تصرفات ابني الخطأ دون الالتفات إلى تصرفاته وسلوكياته الجيدة، فكما يعاقب على الخطأ لا بد أن يثاب على ما يأتي من سلوكيات حميدة جيدة، ويمكن استخدام جداول التعزيز في هذا، ويمكنك الاطلاع على :
تعديل السلوك.. قواعد وفنون
تعديل السلوك ليس مستحيلا
جداول تعزيز السلوك المرغوب
أما عن أسلوب القدوة فهو غني عن التعريف، فكلما نشأ الطفل في أسرة لا تناقض أقوالها أفعالها وتعمل بما تنصح به أبناءها كان ذلك أدعى لأن يشب الطفل على هذه السلوكيات حتى لو تمرد عليها في فترة من فترات حياته (خاصة فترة المراهقة).
أما أسلوب التوجيه غير المباشر والذي يدخل في إطاره عدد لا حصر له من الأساليب التي يستخدمها الآباء منها: الحوار والمناقشة – القصص – اللعب ويمكن تطبيق ذلك عن طريق:
• الحرص على اللعب مع الأبناء لتنمية كثير من مهارات الطفل الذاتية وعلى رأسها مهارات التفكير.
• زيارة الأهل والأقارب والمعارف لتنمية الجانب الاجتماعي.
• دعوة بعض أصدقاء ابنك في المنزل.
• التنزه والتسوق مع الأبناء وإضفاء روح المرح والحب والدفء في البيت كله.
• ترك حرية الاختيار في أمور تخصهم، كاختيار الملابس واللعب وبعض أنواع الأطعمة...
• مشاورتهم في أمور تخص العائلة والأسرة: كشراء بعض الأثاث بالمنزل أو الانتقال من منزل لآخر أو الأماكن التي يرغبون التنزه بها...
• الحرص على أن يلعب كل منهم دوره الجنسي؛ فلا بد أن يعلم الصبي كيف يكون قواما على أهل بيته، وكيف تكون الفتاة امرأة مهمتها الأولى تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة صالحة.
• عمل لقاء أسبوعي أو دوري تقوم الأسرة بمناقشة موضوع معين: كتاب تم قراءته أو موضوعات الساعة...
• اجتماع الأسرة على المائدة (وجبة واحدة على الأقل في اليوم) تتبادل فيه الأسرة الحديث والفكاهة والطرف، ويكون وقتا ممتعا بالنسبة للجميع.
• قراءة بعض القصص والحكايات على الأبناء (قبل النوم مثلا أو أثناء فترة اللعب، ويمكن تمثيل هذه الحكايات أمام الأب في يوم الإجازة أو أمام الأقارب والمعارف).
إذا تم كل ما سبق فسيعين ابنك على التخلص من عملية التبرز إن شاء الله.
وأخيرا -سيدتي- إذا حاولت تطبيق كل النقاط السابقة أو جلها وتوفير هذا الجو لأبنائك فلن تتخلصي من السلبيات التي ذكرتها في رسالتك فحسب، بل ستنشئين أبناءك تنشئة سوية وتفرزين للمجتمع شخصيات صالحة نافعة نفسها وغيرها، ولا تنسي الدعاء الدائم لله فهو نعم المولى ونعم النصير.
ننتظر منك -سيدتي- مزيدا من المتابعة، وإلى لقاء قريب، وسلام الله عليك ورحمته وبركاته.
ـــــــــــــــــ(104/348)
ولدي.. متمردا ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، ابني ذو العشر سنوات حنون ومحب، ولكن هوايته المفضلة إزعاج إخوته وأصدقائه وحتى أخته الصغيرة التي تصغره بثماني سنوات يستمتع عندما يقطع عليها الطريق، وتبدأ هي بالصراخ ويبتسم هو ابتسامته العريضة.
والأمر الآخر أنه لا يعلم ما يريد ولا يحب القراءة بالرغم من أنه إن أمسك كتابا -وقلما يمسك- فهو يسترسل بقراءته، ولا يكون إلا عبارة عن قصص كرتونية، وهو لا يدرس ولكنه جيد في المدرسة.
وابني يعاود فعل الأشياء المحظورة عليه دون مبالاة، مثلا مرة قلت له إن أختك التي عمرها أربع سنوات انتبه لها وخاصة عندما نكون عند أحد، وإذا فعلت شيئا فلا تركض وتشكوها أمام جميع الموجودين، قام بهذا العمل أول مرة، قلت له ألم أنبهك وأذكرك؟ فسكت.
والمرة التي بعدها أعاد نفس الشيء، ركض وصرخ تعالوا وانظروا ماذا فعلت أختي، قلت له كان بوسعك أن تضع كل شيء مكانه وتفهم أختك أن ما فعلته كان غير جيد، ولا تشعر أحدا بما حصل وكن أخا محبا لها، ولا أخفي أنني غضبت عليه.
أمر آخر –رغم أني أطلت- وهو إن كان هناك مسابقة ما يعطونهم مهلة، وفي هذه المهلة لا يفعل شيئا أبدا بل يقول سأكون من الناجحين، وأحاول أن أساعده ولكن لا يريد، وبالأخير لا ينجح، وبالرغم من هذا فإنني لا أشعر بحزنه.
تكلمت عنه، ولكن لم أتكلم لكم عن نفسي أنا معه، هذا الولد يحب القبل والضم كثيرا، يحب أن أشعره بهذا، وأنا صراحة لم أحرمه من كل هذا الحنان بصغره، ولكن بعدما رزقني الله بعده بأختين فإنني صراحة أهملته كما أهملت الأكبر منه، ودائما أنا غاضبة عليهم طبعا ليس دائما دائما.
وبشكل عام أولادي كلهم -ما شاء الله- من الأولاد النشيطين؛ وبالتالي فأنا منهكة وليس عندي الوقت لهذه المشاعر التي يحب أن يشعر بها كل واحد منا.. أرجو أن تكونوا قد تفهمتم رسالتي، وأرجو أن أجد عندكم بعض الحلول، والسلام عليكم.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لكم استشارتنا..
فإني أشكر الله إليكم حرصكم على أبنائكم، واجتهادكم في تنشئتهم ورعايتهم ومتابعتهم، وأسأل الله عز وجل أن يجري الحكمة على قلبي ولساني ويدي؛ فيوفقني في الرد الوافي؛ بالجواب الشافي الكافي، وبعد:
في ملخص لرسالة بعنوان "ولدي.. متمردًا!"، وهي إحدى الرسائل التي يصدرها "مركز ولدي الطبي للأطفال بدمنهور"، تحت سلسلة "منهجية الاستثمار في الأبناء" كشفت عن أهم أسباب تمرد الأبناء، وهي صعوبة تحمل الوالدين للسلوكيات الغريبة، وسوء التعامل مع هذه السلوكيات، وهذا ما ينزل من قدر الوالدين، ويستشعر الأبناء هذه الندية، فتقوى في نفوسهم ملكة العناد والتمرد، فينسحب الوالدان وتنكمش سلطتهما، فيبادر الأبناء بمحاولة كسب المعركة وملء هذا الفراغ التربوي، ويتجاوزون حدود مسئولية الوالدين، ويمتدون إلى منطقة سلطة الوالدين، وتنشأ روح التمرد، وهذه من أخطر الأخطاء التربوية في علاقة الوالدين بالأبناء.
وإذا بادرنا بسؤال وهو: ما هي أبرز أسباب ضعف قدرك ومكانتك الوالدية؟ أو ما هي أسباب ظاهرة الندية التربوية؟ وكيف تعالج أخطاءك التربوية؟
فنقول إن الأسباب نوعان:
أولاً: أسباب والدية:
أي أسباب تعود إلى خلل في علاقة الوالدين بعضهما البعض.
1- الخلاف بين الوالدين أمام الأبناء:
حيث ينشأ الأبناء في بيئة يتصارع فيها الوالدان؛ ولذلك حاولي أن تسيطري على أعصابك أمام أبنائك، واجعلي النقاشات الحامية خلف الأبواب.
2- الازدواجية التربوية:
تضارب قرارات الوالدين والكبار عموما أمام الصغار؛ فالأم تعطي قرارًا، والأب يعطي قرارًا. والابن لا يعرف أي قرار سينفذ؛ فهذه التضاربات قد تجعل للابن قوة وعدم الطاعة لكليهما.
ثانيا: أسباب والدية أبنائية:
أي أسباب تعود إلى خلل في علاقة الوالدين بالأبناء.
1- كثرة الجدال:
فيكون حوارك مع أبنائك؛ بأسلوب المهاترات بين الأخذ والرد، وتكثرين من ترديد: أنا قلت لك كذا!. ولماذا لم تفعل كذا؟. ولماذا تقول كذا؟. فهذه جميعها مهاترات لا تؤدي إلى نتيجة سليمة بتعاملك مع ابنك؛ فلا بد أن تكوني حازمة، مع المرونة في السماح بالخطأ المقبول.
2- الصوت المرتفع:
حيث يكون الحوار بنبرة الصوت المرتفعة، أو الصراخ بلا ضوابط. فإن أسلوب الصراخ بوجه الابن ومواجهته بكل شدة سيعطيه قوة وستصبحين ندا له كلما استعملت معه هذه الطريقة وهذا الأسلوب الخاطئ؛ فلا تصرخي في وجه أبنائك؛ فأنت القدوة لسلوكهم، فإن سلوكك هذا من شأنه أن يجعلهم في حالة رفض وتمرد عليك.
3- الغضب:
فيكون الموجه لرد أفعالك؛ هو الغضب والانفعال، والتصرف بموجبه لا بموجب العدالة، وتكثرين من ترديد: سأضربك!. سأحرمك!. سأقتلك!، وتنساقين وراء انفعالاتك النفسية في لحظات الغضب لا بموجب التفكير السليم؛ ولذلك لا بد أن تكوني عادلة في عقابك لأبنائك، ولا تجعلي لحظة الغضب تؤدي بك لإطلاق أحكام وعقوبات قاسية، غير منصفة بحق الأبناء.
4- الاستعقاق التربوي:
بأن تستهدفي ابنا محددا بالنقد والتجريح، أو أن تستأثري أحدهم بكرمك وعطفك دون الآخرين.
فعليك أن:
- تعدلي بين أبنائك ونساوي بينهم، فلا تتخذي ابنا محددا لتنتقديه.
- تحذري من أن تستعقي أولادك فتبنين فيهم روح العقوق.
5- تساقط الزلات:
فتحاسبين الأبناء على كل الأخطاء، سواء كانت كبيرة أم تافهة.
فقولك دائما: لا تفعل كذا.. قد يربك نضج شخصيته.
- فدعي ابنك يكتسب خبراته الشخصية من الحياة؛ فيتعلم من أخطائه، وكوني صديقه.
وبذلك سيدتي:
فإني أهيب بك أيتها الأخت أن تجلسي مع نفسك، ثم مع زوجك الفاضل، وتحاولا إصلاح ما في علاقتكما من خلل، ثم ما في علاقتكما بأبنائكما؛ كما بينا في الأسباب والعلاج، وستجدين كل خير وتقدم في سلوكيات هذا الحبيب المتمرد الصغير، لا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. [الفرقان 74]
فسيكون بحول الله سبحانه، قرة أعين لوالديه ولأمته، وستكونون جميعا للمتقين إماما، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ـــــــــــــــــ(104/349)
يوميات طفلي في انتظار أخيه ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود أولاً أن أحيي جهودكم البناءة بارك الله فيكم. أما عن المشكلة فهي أن عبد الرحمن الآن قد بلغ السنتين وثمانية شهور، وينطق كلمات بسيطة جدًّا مثل (عربية، تعالي بابا وماما)، ولكنه لا ينادينا بها. هو يعرف الأشياء مثل الثلاجة والحذاء والفرشاة وألعابه التي يحبها هذه أولاً.
وثانيًا: عند تدريبه على ضبط الإخراج فقد ضبطه عند السنة والنصف لمدة أسبوع، ثم أصبح يختبئ ويفعل في الحفاض وإلى الآن. إن لم أنتبه إليه لا يشير إلى ذلك، وأنا أدربه فقط على التبرز، والصراحة أني الآن ومنذ فترة بدأت أعنفه وأحيانًا أضربه.
ثالثًا: هو يستجيب جيدًا للأوامر التي يحبها وبسرعة مثلاً "نخرج باي"، وننزل عند تيتا "يلا نسقي الزرع"، أما هات كذا أو ضع المهملات في الصندوق ينفذ أحيانًا والأخرى يتعصب ويرمي ما في يده ناحيتي، ولم تظهر هذه العصبية إلا قريبًا بعدما بدأت أضغط عليه لينفذ ما أريده؛ لأني أريد منه الحد الأدنى من التفاهم قبل أن يأتي مولودي الثاني بعد فترة قصيرة.
من الملاحظات أنه يحب العربات ويلعب بها كثيرًا حتى عندما يلعب بالمكعبات يعمل منها عربة، هو جيد الملاحظة يكفي أن يشاهد الشيء مرة واحدة ليقلده ويستطيع تركيب البازل بعد فترة قصيرة من تركيبه أمامه، لكنه "يزهق" منه بعد فترة قصيرة ومن الممكن أن يلعب وحده فترة طويلة، وعندما يشاهد طفلاً أول شيء يفعله أنه يدفعه ليقع، مع الملاحظ أنه لا يختلط بأطفال إلا نادرًا، وهو عنده استعداد أن يشاهد الكارتون طيلة الوقت، والآن قللت كثيرًا جدًّا من مشاهدته له، وأبوه يقضي معنا فترة قصيرة جدًّا ويلعب معه قليلاً جدًّا، والآن أنا قلقة عليه وأسأل.. هل ابني طبيعي أم متأخر عن سنه ويحتاج معاملة خاصة؟ علمًا بأنه لا يستطيع أحد التفاهم معه إلا أنا حيث أفهمه جيدًا في كل شيء.
وبالمناسبة هو يريد أن يفعل كل شيء يريده وإذا لم نرضَ يرمي كل شيء يقابله على الأرض ونفسه أيضًا. هل يحتاج عبد الرحمن إلى طبيب تخاطب أو التشخيص في أي اتجاه؟ وإذا أشرتم عليّ بذلك فهل من الممكن أن تشيروا عليّ بدكتور في القاهرة؟ وجزاكم الله خيرًا، وعذرًا إن أطلت عليكم فقد حاولت أن أعطيكم الصورة كاملة، وأرجو أن تكون واضحة، ولكم جزيل شكري.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. ومرحبًا بك وبطفلك الغالي عبد الرحمن واسمحي لي أن أبدأ حديثي معك من حيث ختمت سؤالك، فبرغم أني ذهبت معك هنا وهناك متتبعة تفاصيل يومياتك مع عبد الرحمن وما حاولت توضيحه بشكل جيد من سمات وصفات له إلا أنني استشعرت في سؤالك أنك تشعرين بشيء ما يقلقك على طفلك، ولأن الأم تمتلك "رادارًا" لاقطًا لا يشبهه في حساسيته الفائقة شيء، فلا أريد أن أسهب في طمأنتك دون أن أطمئن أنا شخصيًّا على عبد الرحمن.
نعم يا عزيزتي.. فعبد الرحمن كما وصفته لا يبدو بتطوره ونموه مشكلة محددة، كما أن قدراته في فك وتركيب البازل والألعاب وصنع السيارات والمكعبات لا تؤكد سوى قدراته العالية في هذه الناحية.. وأعني تلك الناحية فقط، وذلك بحكم أن شخصية الطفل هي مزيج من المهارات والقدرات، وبالتالي فإن تفوقه في بعضها لا يعني إجادته للباقي ولا يعكس إلا بقدر ما ينبغي أن يعكس، بمعنى أن قدرته على الحفظ مثلاً لا تعني الذكاء الكامل وإنما تعني مهارة عالية في الحفظ، ليس من الضروري أن يكون لدى الطفل بسبب هذه المهارة قدرة عالية مثلها على الفك والتركيب مثلاً، كما أن الذكاء ذاته له أنواع قد يتميز الطفل في بعضها عن الآخر بحسب ظروف نموه وغير ذلك، ولكن المهم وجود حد أدنى معين من هذه المهارات تضمن للطفل تعاملاً سليمًا مع الحياة ومكوناتها من حوله، وحينها يمكن الحكم بأنه سليم وطبيعي، وحينها أيضًا يمكن تنمية أكثر الجوانب تميزًا لديه واستثمارها بتهيئة ظروف مواتية تنعش وتنمي هذا الجانب. ويمكنك الاطلاع على ما يلي للاستزادة حول تلك النقطة:
الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة
إذن فبشكل شفوي لا يمكن الحكم على ذكاء طفلك وقدراته، بل لا بد من اختبار ذلك، وأعود فأؤكد أن سؤالك هو ما يثير رغبتي في نصحك بالاطمئنان على طفلك لدحض أي شكوك أو مخاوف لديك حوله، وإن كانت تفاصيل سؤالك ليس بها شيء محدد يقلق عن طفلك باستثناء استفسارك عن شكك في تأخره وقولك "يحتاج معاملة خاصة".
وبشكل عام فتعالي نرصد تفاصيل سؤالك ونتناولها بالتدريج:
أولاً: مسألة النطق.
ثانيًا: مسألة التحكم.
ثالثًا: العصبية وصعوبة التفاهم معه.
رابعًا: العدوانية ومبادرة الأطفال بالضرب.
خامسًا: قدرات طفلك والحكم عليها وكيفية ذلك.
أما مسألة النطق فقد وسعناها طرحًا قبل ذلك على الصفحة في أكثر من موضع، وكان خلاصة ما سأسرد لك تفاصيله فيما يلي -وبحسب د. سحر صلاح طبيبة التخاطب- هو أن محاولة الطفل لإخراج أي مقاطع من الكلام يعتبر في حد ذاته كلام، فكما أن الطفل يحبو ثم "يتسند" حتى يمشي.. فهو ينطق بمقاطع أولاً، ثم كلمات غير مفهومة ومراحل متعددة حتى ينطق الكلام بشكل سليم، ويقلق على الطفل أثناء تطوره بين تلك المراحل تأخره عما يجب أن يكون عليه بفترة تزيد عن ستة أشهر، بمعنى أن يتقن الشيء في عمر يفوق موعد إتقانه بمدة تزيد عن 6 أشهر فلا ينطق بمقاطع إلا بعد انقضاء العامين مثلاً، وهو ما كان يجب اجتيازه في عمر العام والنصف مثلاً، وهكذا...
وفي عمر طفلك يكفي للحكم بأنه طبيعي من ناحية النطق أن يكون لديه القدرة على النطق بما لا يقل عن 10 مقاطع لها معنى مفهوم ودال بالنسبة له، مثل "بو ماء، مم طعام... إلخ"، مع قدرته على فهم كلمات أكثر بكثير عما يستطيع نطقه فيفهم الحديث الموجه له مثلاً، ثم تتطور مقاطعه لكلمات تدريجيًّا ثم جمل تلغرافية من كلمتين ثم 3، وهكذا...
كما أنه في هذه السن لا بد أن يكون لديه القدرة على التعامل بما يسمىNON VERBAL LANGUAGE أو اللغة غير المنطوقة، أي أنه يرسل ويستقبل مع من حوله بدون نطق واضح لكثير من الكلمات؛ فكما أنه يفهم "أحضر الكوب"، لا بد أن تكون لديه القدرة على طلب الكوب مثلاً عند حاجته إليه بالإيماء برأسه أو الإشارة للكوب أو غير ذلك، مما يدل على أن لديه الإرسال والاستقبال والفهم لمعاني بعض أو كثير من المفردات الدالة على ما يحيط به من أشياء.
ويمكن أن تلح الحاجة لطبيب التخاطب إن كان هناك ما يقلق في لغته المنطوقة كأن يتأخر بشكل واضح -كما أسلفنا- عن المفروض لسنه أو غير المنطوقة التي تحدثنا عنها سابقًا، أو إذا كان الطفل لا يفهم تعابير الوجه ولا يتبادلها مع أمه بالذات، كأن لا يضحك لها حين تضحك له أو لا يبادلها ما تنطقه العيون من لوم يقابله خجل أو تشجيع يقابله تبسم... إلى غير ذلك، وقد تكون الحالة حينها في حاجة لطبيب نفسي أطفال أيضًا لتدارك المشكلة سريعًا وتشخيصها.
أما بالنسبة للتحكم فمعاودة التدريب مرات ومرات مع الصبر والرفق وعدم التعجل هي الحل، وتفاصيل هذا الأمر تجدينها فيما يلي:
نجاح التدريب بالترغيب.
ريحانة البيت في طريقها للتحكم
أما مسألة عصبية طفلك وعدم تفاهمه معك أو طاعته الكاملة فيعزيها أسلوب التفاهم الذي تحاولين إرساءه في هذا التوقيت الحرج من حياة طفلك -في انتظار غريمه الذي في بطنك- وهو أسلوب العنف والزجر والضرب كما تقولين.. وصدقيني أنا لا أشك لحظة في إرهاقك وتوترك بسبب الحمل ومسئوليات أسرتك وطفلك وهو ما قد يجعلك تستسهلين مسألة الضرب والعنف كحل سريع وقريب للمواقف السخيفة من طفلك.. ولكن يا عزيزتي الأمر حقًّا خطر من حيث نتائجه القريبة والبعيدة على سلوكيات ونفسية طفلك، وبدلاً من أن أوضح لك تلك الآثار سأوفر وقتك وأنصحك بالامتناع عن العنف والضرب مع طفلك ومحاولة التحلم وتجنب العصبية باتباع ما تجدينه مفصلاً فيما يلي:
نصائح ذهبية لعلاج العصبية.
نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد.
في الحوار مع الطفل.. قل ولا تقل
وكلما قللت من عصبيتك مع طفلك واستجابتك لاستثارته لك بتصرفاته غير اللطيفة كلما أفسحت المجال للتفاهم المنشود بينكما والتعامل المريح لكليكما بهدوء ورفق وحنان وطاعة من قبله، ولا تنسي في هذا الصدد جملة هامة اجعليها لك شعارًا -وهي لإحدى متخصصات تربية الأطفال وهي جوانة الخياط رئيسة المعلمين السابقة بحضانة مستشفى الأطفال ببوسطن- وهي:
"يجب أن تضعي في اعتبارك أنه تمامًا مثلما تتوقعين من طفلك اتباع النظام دون مساءلة يجب أيضًا أن تسمحي له بمساحة من الحرية لاتخاذ القرارات الخاصة به".
ويقلقني على طفلك آثار الغيرة المؤكدة التي ستنال منه بمقدم أخيه أو أخته، وهو ما يحتاج إعدادًا لا يمكن إغفاله أو الاستهانة به، وتجدين تفاصيل هذا الإعداد فيما يلي:
احموا أبناءكم من الغيرة.
علاج الغيرة بإعادة ترتيب الأولويات
وفيما يخص عدوانيته -وقد ذكرت الحل تقريبًا في كلامك- فدعينا نعتبرها أسلوبه الخاص في التعارف، فهو يدفع من يراهم من أطفال ربما كنوع من التعارف أو حث لهم على التعارف أو ربما لأنه فعلاً لا يستهويه التعامل مع الأطفال.. وتعالي نحاول مداواته بالتي كانت هي الداء.. فنوفر له فرصة أكبر لرؤية الأطفال والتعامل معهم بحرية وتلقائية في دار حضانة متميزة ولطيفة يقضي فيها وقتًا لطيفًا -يتزايد تدريجيًّا- يتعلم من خلاله التعامل بروح الفريق والتعامل مع الأطفال والنظام، وكثير من الصفات التي لا يكتسبها الطفل إلا في الحضانة ووسط الأطفال، ولكن احذري تأجيل الموضوع إلى موعد الولادة فيتزامن قدوم الضيف الجديد مع إخراج النزيل القديم من البيت إلى الحضانة، وعليك تنفيذ القرار قبل الولادة بفترة كافية هذا إن اتخذت قرارك بذلك.
وأختم معك الحديث بما بدأت به وهو ضرورة قطع الشك باليقين بعرض الطفل على مختص لتحديد نسبة ذكائه، وتحديد قدراته وحاجته للتخاطب من عدمه، ولا يسعني إلا عرض مساعدتي عليك في هذا الصدد والترحيب بك على السعة في عيادتي بالقاهرة لنتعاون في هذا الموضوع، ويمكنك الوصول من خلال بريد الصفحة إلى كيفية التواصل معي بشكل شخصي إن شاء الله.
وأخيرًا يا عزيزتي ألقاك قريبًا على خير وشكرًا لك.
ـــــــــــــــــ(104/350)
ابنتي المحبوبة لا تحب الناس ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أم لي 5 أبناء، أوسطهم ابنتي زينب عمرها 7 أعوام، وهي موضوع استشارتي اليوم.
مشكلة زينب أنها هادئة جدا مع الغرباء أو حتى الأقارب، لكنها غير لطيفة معهم بالمرة؛ فعندما يحادثها شخص ما تنظر إليه بغضب، ولا ترد عليه، ثم تشيح بوجهها عنه وتذهب، وعندما يلاطفها أي أحد أو يلاعبها تبتعد عنه ، ومشكلتي تكبر حينما أذهب لبيت أهلي أو صديقاتي؛ فحينما أطلب منها أن تسلم على الحاضرين تهرب راكضة، ونظرات الجد تملأ عينيها، وإذا طلب منها أحد الأطفال اللعب معه لا ترد عليه، لكنها لا تفعل ما تفعله مع الكبار، والأشخاص الوحيدون الذين تعاملهم جيدا وبلطف شديد هم أفراد الأسرة وجدتاها ومعلماتها ومن تحبهن من الصديقات وكذلك الأطفال الذين يصغرونها بالسن، علما بأنها متفوقة وذكية جدا ما شاء الله، وتشيد بها معلماتها دوما، كما أن أسلوبها رائع في الكلام، وأثبتت لي أنها تتصرف بطريقة أكبر من سنها في كثير من المواقف.
وعلى الرغم مما تفعله مع أقرانها فإنها محبوبة جدا بينهم. ولطالما جلست معها في جلسات ودية وحدثتها عن سلوكها الغريب مع الناس، إلا أنها لا ترد علي بل تطرق برأسها نحو الأرض. وأجابت مرة واحدة فقط قائلة: "أنا لا أحبهم"، وبعدها لم تتكلم.
أرجو إفادتي في مشكلتي مع طفلتي زينب، وأود أن أسألكم: كيف أجعلها اجتماعية مع الناس؟ وكيف بإمكانها أن تجاري أقرانها؟ ولكم مني فائق الاحترام والتقدير. والسلام عليكم ورحمة الله.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأم الكريمة، ومرحبا بك وببنيك الخمسة وبأسرتك بارك الله لك فيها.
وفي الحقيقة فإن سؤالك ذكرني بكلمات سمعتها من تربوي شهير يقول: "لأننا بشر فإن نصف حياتنا عقل، ونصفها عواطف ومشاعر وأحاسيس.. ولأننا بشر فكل منا يجد نفسه تلقائيا منحازا إلى شيء أو ضد شيء.. قد نقع في حب فئة، ونكره فئة أخرى من الناس، وأساس ذلك خبرة قديمة مرت بنا أو تصديق لكلمات تقال ضد من نكره".. ولعل هذين السببين أو أحدهما هما مفتاح حل مشكلتك مع ابنتك.
دعيني أفكر معك بارتجال ما الذي عساه يكون وراء تمايز الناس في عيني ابنتك؟؟ لماذا تحب أفراد الأسرة والمعلمات والمنتخب من الصديقات ولا تقبل بالآخرين؟؟
-ربما لأن من يحاول التقرب إليها من صديقاتها -ما عد المنتخبات والأثيرات لديها- تنبعث منهم رائحة كريهة، أو غير متفوقات، أو لديهم بشرة داكنة، أو لديهم مواصفات كثرة الكلام أمامها، إنها مبعث للسخرية والنفور، فصار حاملو هذه الصفات لديها مكروهين.
-ربما تعرضت لمضايقة من الكبار أو من الأقارب، أو شهدت مشكلة بينهم وبين والدها، أو حاول أحدهم الاعتداء عليها -مثلا- ربما نعتها أحدهم مرة بما لا تحب أو عاب عليها أو على إخوتها أو على أحد تحبه شيئا.
-ربما دار أمامها حديث بينك وبين والدها عن إيذاء أحد الكبار لأحد أو شيء ما جعلها تتقوقع حرصا على نفسها.. بما أنها تتصرف بشكل واع.
إنها احتمالات، لكن الحل وخطوات العلاج ستكون أكثر تحديدا:
1- حديثك معها عن سبب تصرفاتها الغريبة مبادرة طيبة، لكنها أديرت بشكل غير مجد.. فابنتك ليست بحاجة لأن تسمع أنها تعامل الناس بشكل غريب.. لأنها أكيد تعرف ذلك.. لكنها بحاجة ماسة لأن تقف مع نفسها ومعك، وتُخرج مكنون صدرها، وما يسبب لها هذا الانحياز والتعصب؛ أي أنها توقفت عند نقطة الانطلاق في الكلام.. وهذا غير مطلوب..
إذن الأحرى أن تبدئي معها الحديث بداية من إشعارها بتفهمك لموقفها؛ وهو ما يسمى "الارتجاع الشعوري"، ويقصد به إشعار المخاطب بأن محدثه حليف له، يفهم مشاعره الغريبة التي يستحيي أن يظهرها بالصيغة الكلامية المناسبة؛ فتنعكس له -نقصد الطفل- شاعرا أن أهله حلفاء له؛ مما يشكل أفضل تشجيع يعين الطفل على التغلب على مشكلته، وهو أسلوب علاجي للمعالج النفسي الشهير كارل روجرز يسمى feed back .. وبعيدا عن النظرية نفكر معا في التطبيق:
سيكون كلامك معها بادئا بإفهامها أنك معها: "أعرف أنك لا تحبين بعض الناس من أقاربنا وأصدقائك.."، وابتعدي عن النصائح والمواعظ.. ثم أردفي: "هلا فكرنا سويا لم لا تحبينهم..". وهنا تتوقفين عن الكلام المباح ليصبح الحديث كله من نصيبها.. تتكلم وتبوح وتحكي وتستطرد فقط، تجاوبي معها بالعين وتعبيرات الوجه وبعض الغمغمة والهمهمة دون قطع للحديث.. حتى لو حكت مصائب أو مواقف تعرضت لها.. لا توقفيها.. امنحيها فرصة لتتكلم وتبوح وتخرج ما بداخلها، ربما رأت هي نفسها أن كل ما حكته أشياء بسيطة لا تستحق كل هذا الضيق من هؤلاء الأشخاص فتحل المشكلة تلقائيا..
فقط أوصيك أن تحاولي مرارا وتكرارا لإفساح المجال أمامها للحديث من خلالك أو من خلال مدرّسة عزيزة عندها أو حتى من خلال إهدائها شريط كاسيت تسجل عليه، والخيار الأخير هو الإخصائية النفسية -الودودة- بالمدرسة أو بأي مركز للصحة النفسية.. المهم أن تتكلم وتفصح وتنفث ما بداخلها.. ولاحقا يمكن تصحيح المغلوط من مفاهيمها أو نصحها أو تعديل ما تشعر به.. لكن بعد خروج ما لديها كاملا.
2-جربي أن يكون لقاؤكم بالناس في بيتكم بعض المرات مع التمهيد لها بأن عائلة فلان ستزورنا اليوم.. أو حدثيها ذات مرة أننا نرغب بأن ننال ثواب دعوة أحد على العشاء.. فمن تختارين؟ وقومي بدعوة من تختار ابنتك.. ومن خلال إعداد اليوم لاستقبالهم، وترتيب المكان، وإعداد الطعام، حدثيها وأشركيها معك: "هل ستسعدين بهم؟؟ أرجو أن تقضي ليلة لطيفة.. إنهم مشتاقون لك..."؛ فتتهيأ نفسيا وتشارك بدنيا في الإعداد لاستقبالهم.. فيتحسن رد فعلها تجاه القادمين.. وهو ما يختلف عن المفاجأة التي تحدث لها عند لقاء الناس -غير المتوقعين بالنسبة لها- في بيوت الجدود أو الأقارب.. فعنصر المفاجأة في أي موقف يسبب إرباكا حقيقيا.
3-قبل زيارة أحد مهدي لها بلطف أن هناك فلانا وفلانا.. سيعجبونك إن شاء الله، وأبناؤهم لطفاء.. حاولي أن توحي لها بما يطمئنها.
عزيزتي سأحكي لك موقفا متكررا مع ابنتي (5 سنوات): أحيانا حين نتحاور إذ تقول: "لن أحكي لك كذا"؛ فأقول: "لم؟"، تقول: "لأنك ستغضبين".. فأعدها بألا أغضب، فتقول: "إذن ستقولين: إن هذا خطأ، ولا تفعلي ذلك مرة أخرى..".
فأعدها ألا أفعل.. وحينها فقط تحكي.. ويكون لزاما علي أن أفي بوعدي، وأؤجل التعليق لاحقا بعدما أفكر في صياغته بشكل لا يخرق وعدي.. أردت من ذلك أن أوضح لك أن الطفل يكون لديه شعور بأن ما يفعله غير مناسب، لكنه يريد البوح، ولا يعوقه عن البوح سوى قلقه من عواقب هذا البوح، ولو كان مجرد نظرة لائمة.. وبالتالي ففي حالة ابنتك لا بد من إغلاق هذا الباب نهائيا مؤقتا.. ومنع التوجيه تماما، ومنع نصحها بالمثالي من التصرفات.. فلا أنسى قول أحدهم: "نحن دائما نتحدث مع أبنائنا عن الأمثل، لكننا لا نتحدث عما كنا نفعله في الواقع ونحن أطفال، وهذا ما يحدث بيننا وبينهم الفجوة، ويقطع خطوط الاتصال بيننا وبينهم".
وأخيرا فأنا أحتاج لموافاتك لي بنتائج محاوراتك أو محاورات أي طرف مع الابنة لنصل معا للحل الأمثل والأصوب في تهيئتها للتعامل مع الغرباء، وأرجو ألا يطول انتظاري..
وفي النهاية أستودعك رعاية الله وحفظه وكل عام وأنت بخير.
ـــــــــــــــــ(104/351)
التعامل مع المراهقات..الحيلة مطلوبة ... العنوان
أنا مدرسة ولدي طالبات في الصف الثاني الإعدادي يُعلنّ تمردهن، وقد كنت أدرّس لهن في المرحلة الابتدائية؛ وقد كنّ حينها في منتهى الأدب والاحترام. أما الآن فقد انضمت للفصل طالبة جديدة قدمت من مدرسة أخرى.. وكما سمعت من المدرسات؛ فإن هذه الطالبة أخلاقها ليست طيبة، بمعنى أن لها علاقات، وقد تم ضبطها من قبل وهي تُوزِّع أرقام هواتف الشباب على الطالبات..
منذ مجيء هذه الطالبة والطالبات المتأثرات يحاولن إظهار مفاتنهن وأنوثتهن، وهمهن الأكبر هو التزين، وقد تدنى مستواهن الدراسي أيضا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بالرغم من البعد المكاني وآلاف الكيلومترات التي تفصل بين مصر وبلدك، فإنني أحسست بالقرب الشديد منك أيتها السائلة الفاضلة، وكما يقول الإنجليز في التعبير الدارج لديهم: It is the same old story ؛ فالموقف الذي وصفته نجد له نماذج متكررة هنا وهناك، وفي كل عام دراسي جديد.
فهذا الوضع؛ تحوُّل البنات مع بداية البلوغ والدخول في سن المراهقة من سلوكيات الأدب والاحترام إلى التمرد مع شيء من الانفلات إذا جاز التعبير، هذا الوضع طبيعي جدا، وبصفة خاصة إذا وجدت الفتيات من يشجعهن على ذلك، ويرسم لهن الطريق، ويصف لهن السبيل إلى تلك السلوكيات الجديدة؛ فنصاب نحن -المربين- بالإحباط لإحساسنا بأننا فشلنا مع أول مواجهة، وعند أول تحدٍّ للبنات في هذه السن الحرجة التي يملن فيها إلى الإعجاب بنماذج الشخصيات المتمردة الجريئة..
وبالنسبة لهن تمثل هذه الطالبة الوافدة الجديدة النموذج المنطلق لذاته من خلال شخصيتها الفريدة، والمشكلة تصل إلى مداها حينما ندرك مدى تأثير هذه الفتاة ومدى انقياد الطالبات لها؛ وفي المقابل مدى بعدهن عنا نحن من ربيناهن منذ الصغر، بل وقد يصل الأمر إلى نفورهن منا.
وهنا نرى ضرورة "تعلم فن معاملة المراهقات"، وذلك من خلال عدة دروس منها:
الدرس الأول: إدراك فداحة المواجهة العلنية:
وهذا يعني أنه لا يجوز إطلاقا مواجهة هذه الطالبة علنا بأخطائها وأفعالها، مهما كانت خارجة عن الأدب واللياقة، بل وخارجة عن القواعد المعمول بها في المدرسة.
فهذا خطأ فادح؛ لأن الطالبات إن رأين صديقتهن في موقف مواجهة واتهام فسوف يقفن في صفها لا محالة، مدعين (مقتنعين بذلك فعلا من داخلهن لعظم ارتباطهن بها) أنها مظلومة (و غلبانة) والكل متحيز ضدها.
وهذا يعني بالطبع التحلي بأعلى درجات ضبط النفس والصبر والحلم والصفح والعفو، هذا هو التكتيك الأول.
الدرس الثاني: إقامة علاقات وطيدة وحميمة مع الطالبات:
هذا بالطبع يحتاج إلى وقت وجهود وتفكير دءوب لاختراع حجج التقرب منهن؛ فاليوم أعد حفلة لأوائل امتحان الشهر، وغدا أخترع لإعداد حفلة نهاية العام، ثم أقوم عند نجاح الحفل بدعوة الطالبات لتناول وجبة الغذاء في البيت، وبعد أسبوع- نزور أنا وجموع الطالبات- إحدى الطالبات المريضة، وهكذا ... على أن تكون هذه الطالبة المتسببة في المشكلة واحدة من ضمن مجموع الطالبات؛ فلا أبعدها ولا أعزلها، بل أضمها مع باقي الطالبات؛ فالإبعاد والعزل لن يزيدها إلا قوة وتمردا من ناحية، ومن ناحية أخرى لن يزيدها إلا تأثيرا في الطالبات ؛ فهي في حالتي النبذ والإبعاد ستظهر بمظهر "المضطهد المظلوم".
لا داعي للقلق؛ فهذا هو التكتيك الثاني إلى حين.
الدرس الثالث: تدعيم كل تصرف إيجابي وسلوك حسن صادر عن الطالبات (دون الالتفات إلى الطالبات المتسببات في المشكلة):
وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تشجيع وتدعيم كل فعل مهما صغر من قِبَل الطالبات؛ فهذه تمتاز باختيار متميز وفريد لملابسها، وهذه مرتبة في كافة شئونها. أما هذه فذاكرتها فذة، وتلك تعرف كيف تستفيد من وقتها.. وهنا نحذر من الوقوع في فخ تقييم النتائج الدراسية؛ فالطالبات في أمّس الحاجة للإحساس والشعور بأنك تقدرينهن، ومعجبة بشخصياتهن وسلوكياتهن، وليس بدرجاتهن ونتائجهن الدراسية.
في هذه المرحلة، هذا التصرف في قمة الأهمية؛ لأن ذلك سيعيد للطلبات الثقة بأن هناك أمورا أكثر أهمية وجديرة بالاهتمام والإعجاب غير التمرد والجراءة وسوء الأدب والخلق.وهذه المرحلة تحتاج إلى وقت لا يقل عن 4 أسابيع مع الاستمرار في توطيد العلاقة مع مجموع الطالبات.
أما بالنسبة للطالبة المتمردة؛ فلا يتم مواجهتها بأعمالها وأخطائها، بل يتم إغفالها، ولا يلتفت إليها.. وهنا- إن كانت من أصل طيب- فسوف ترجع إلى صوابها لكسبك في صفها، ولتنال الرضى مثل الأخريات، ولكن هذا قد لا يحدث، وكذا قد تحتاجين إلى التكتيك التالي.
الدرس الرابع: توبيخ وتنبيه الطالبة المتسببة في المشكلة بصورة غير علنية:
وذلك لا يكون على مسمع ومرأى من الطالبات، بل في جلسات ثنائية هادئة، يتم فيها تنبيه المراهقة بكلام شديد الحزم والقوة.. الجمل قصيرة.. النبرة حازمة.. الموقف لا يتعدى الدقائق بلا جدال أو حوارات مطولة، مثال:
- "احذري عاقبة ما تفعلين. وأنت تفهمين ما أقصد!!".
- "وصل إلى مسامعي ما فعلت بالأمس. أحذرك من نفسك!!".
وفي الوقت نفسه تظل واحدة "مهملة" وسط المجموع؛ فالطالبات سيبدأن مع الوقت يدركن أن هذه الطالبة ليست بالتميز الذي رأينها فيه من قبل و سيبدأن-بإذن الله- في استرجاع صفاتهن الإيجابية الطيبة (بالتشجيع والتذكير والتدعيم)، وسيبدأ نجم الطالبة (اللحن الشاذ) يأفل شيئا فشيئا.
ـــــــــــــــــ(104/352)
جداول تعزيز السلوك المرغوب ... العنوان
السلام عليكم، إلى السادة الأفاضل في "إسلام أون لاين.نت"، الأستاذة عزة، الموضوع "تفعيل دور الجداول في تعزيز السلوكيات والواجبات"، كنت قد قرأت عن أهمية الجداول في غرس السلوكيات الحميدة في نفوس أطفالنا بطريقة شيقة، ولكن أحتار أحيانًا في: 1- شكل النموذج. 2- السلوكيات التي سأدونها في النموذج. 3- عدد الأيام والأسابيع. 4- كيفية التعزيز في نهاية النموذج. 5- هل لكل عمر نموذج خاص به؛ فلدي أعمار 2 و4 و6 و8 و10؟. 6- هل يتم المداومة على تلك الجداول أم لا؟.
لذلك أرجو تزويدي بأفضل النماذج وكيفية التعامل معها، وهل لها دور في تعديل وتعزيز السلوك؟ وما هي السلبيات حتى نتفاداها؟ وفي النهاية أقدم شكري وتقديري، ولكم جزيل الشكر والعرفان.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... قد أصبت في حيرة حينما قرأت سطور رسالتك القليلة؛ فما ورد في رسالتك -سيدتي- يحتاج إلى الخوض في مادة غزيرة عن جداول التعزيز، وهو أمر ربما أدى إلى التوغل في الناحية الأكاديمية بشيء من التفصيل، لكن على أي حال سأحاول تبسيط واختصار الأمر حتى يسهل التنفيذ والتطبيق العملي.
أولاً تستخدم جداول التعزيز إما لتعديل سلوك غير مرغوب فيه أو لتعليم سلوك جديد مرغوب فيه.
أما عن أنواع جداول التعزيز فهناك:
جدول التعزيز المستمر وفيه يتلقى الفرد التعزيز في كل مرة تحصل منه استجابة، وهذا النوع من الجداول يستخدم عندما يراد تعليم الفرد (الطفل) نمطًا جديدًا من أنماط السلوك المرغوب فيه مثل ترتيب حجرته أو غسل أسنانه أو جمع لعبه ووضعها في مكانها أو الاعتماد على نفسه في المذاكرة... إلخ.
وشكل هذا النموذج يكون برسم خطين أحدهما رأسي والآخر أفقي (كما هو الحال في الرسم البياني)، أما الخط الرأسي فيمثل عدد الاستجابات (وتبدأ بالرقم 10، و20، و30 وهكذا...)، والخط الأفقي فيمثل الوقت (ويبدأ بـ10 دقائق، و15، و20 وهكذا...)، فكلما استجاب الطفل للسلوك الجديد وليكن ترتيب حجرته مثلاً داخل إطار عدد الدقائق المحددة بالجدول عزز في كل مرة يرتب فيها الحجرة، وبالتالي توضع له نقاط بكل مرة يستجيب فيها الاستجابة المطلوبة.
وهناك أربعة أنواع أساسية أخرى من الجداول التي تبين التعزيز وهي إما مقسمة حسب الفترات الزمنية التي يتم بها التعزيز، وهو ما يعرف بالجدول الفاصلي (وتصميمه مثل الجدول السابق) أو حسب عدد الاستجابات المنبثقة عنها، وهو ما يسمى بالجدول النسبي، وكل منهما يقسم بدوره لثابت ومتحول (متغير)؛ فالجدول الفاصلي الثابت يبين أن الاستجابة يتم تعزيزها بعد مرور فاصل زمني ثابت.
ولنعطِ مثالاً تطبيقيًّا على ذلك، وهو نفس المثال الأول: ترتيب الحجرة، فيمكن أن أطلب من ابني ترتيب حجرته في عشر دقائق، وبعد استجابته لهذا الطلب في الوقت الذي حددته سأكافئه بالثناء أو المدح أو الابتسامة الحانية أو بذكر هذا العمل -بفخر- لوالده عندما يعود من عمله، ولكن ما يعيب هذا الجدول -في بعض الحالات- هو أن الطفل قد يترك هذا العمل لآخر الوقت المحدد له، بمعنى أنه -بحسب المثال السابق- يمكن اللعب أو التغافل أو عن الأمر إلى آخر دقيقتين أو ثلاث دقائق متبقية من العشر المحددة.
ولمزيد من الإيضاح تعالي لنرى نماذج من النشاط الإنساني فهو يسير حسب الجدول الفاصلي الثابت؛ فالطلاب في بداية السنة الدراسية لا يبذلون جهدًا كبيرًا؛ لأنهم لم يكونوا قد تلقوا أي مكافأة تعزز نشاطهم، لكن بعد الاختبار الأول يبدءون بالعمل بجد ونشاط، ويكررون هذا السلوك عند قرب موعد الاختبارات فهم يكثفون الجهد قبل الوقت المحدد للاختبار.
ولذا فالأفضل -في هذه الحالة- هو الجدول الفاصلي المتغير، وفيه يعزز الطفل لاستجاباته بطريقة عشوائية فيقال له مثلاً سترتب الحجرة بعد عشر دقائق، ولكن لا يعزز بعد هذه المرة وإنما يعزز بعد مرات لا يستطيع الطفل التكهن بها أو معرفتها، وهنا برغم أن النتائج من هذا الجدول وهذا التعزيز تكون متواضعة فإنها ثابتة وعميقة في نفس الطفل.
وأما الجدول النسبي الثابت فهو الذي يعزز بعد حدوث عدد محدد من الاستجابات، كأن أعزز طفلي بعد أن يقوم بترتيب حجرته ثلاث مرات متتالية بغض النظر عن الوقت (هل تم ذلك في ثلاثة أيام أو في أسبوع، لا يهم، المهم هو أنه قام بالمرات الثلاث التي حددتُها).
أما الجدول النسبي المتغير فهو الذي ينص على أن عدد الاستجابات المطلوبة لتحقيق التعزيز يتباين من حالة لأخرى، بمعنى أنني يمكن أن أعزز طفلي على ترتيبه لحجرته بعد ثلاث مرات، وفي مرة أخرى أعززه بعد مرتين، وفي مرة ثالثة بعد خمس مرات.
ويمكن إذا أردت أن تعلمي أبناءك سلوكيات جديدة أو تعدلي من سلوكيات غير مطلوبة أن تبدئي بجدول التعزيز المستمر إلى أن تصبح ممارسة السلوك المرغوب فيه في المستوى المطلوب من التكرار، عندئذ يمكن استخدام جدول التعزيز الفاصلي المتغير أو جدول التعزيز النسبي المتغير.
وأما السلوكيات التي يمكن أن تعلميها لأبنائك فهذا يحتاج إلى أن تطلعي على علم نفس النمو حتى تتعرفي على أي السلوكيات التي تناسب كل مرحلة عمرية، فمثلاً في السن الصغيرة إلى 4 سنوات يمكن ترسيخ سلوكيات وقيم (وأقول ترسيخ لأن الأطفال في هذه المرحلة لديهم استعداد فطري لهذه القيم منها: النظام - النظافة - حب العلم - تحمل المسئولية - الاعتماد على النفس - الإتقان - مهارات التفكير...، وهناك قيم يمكن بذرها وتعلمها في هذه المرحلة، مثل: الصبر، والمثابرة، والأمانة...).
أما بالنسبة للمرحلة من 5: 10 سنوات وربما 12 فالقيم التي يمكن ترسيخها في هذه المرحلة مثل: الصدق - الأمانة - الإخلاص - الانتماء - الإيثار - المثابرة - التواصل مع الآخرين - التعاون - مراقبة الله... وكل هذا يمكن التعرف عليه من خلال القراءة في مجال علم نفس النمو كما ذكرت (وكتب هذا العلم متوفرة في كل مكان وبجميع المكتبات التربوية)، وكذلك معرفته من الملاحظة الدقيقة لأبنائك وتبادل الخبرات مع معارفك وأقاربك وحضور ندوات أو دورات تربوية إن أمكنك ذلك.
أما عن عدد الأيام والأسابيع التي تستخدمين فيها تعزيز سلوك ما وفقًا لهذه الجداول فتحديدها يختلف من فرد لآخر، ويرجع ذلك لعدة عوامل، من أهمها: الاستعداد الشخصي لكل فرد، ومدى تضافر الأطراف الأخرى المعنية بتربية وتنشئة هؤلاء الأفراد، والمرحلة العمرية؛ فكلما كان الفرد صغيرًا كان الأمر أيسر في تعلم سلوك جديد أو تعديل سلوكيات خطأ غير مرغوب فيها، ومدى تشبث الطفل بعاداته وسلوكياته القديمة التي تحتاج إلى تعديل...
ومما سبق يمكن استنتاج أنه ليس هناك نموذج لجدول خاص بكل مرحلة عمرية في تعزيز السلوكيات.
وأما عن المعززات والمكافآت التي يمكن أن تستخدمها الأم فهذا يتوقف على طبيعة كل ابن وما يناسبه، وبالطبع كل أمٍّ تعرف ما نوع التعزيز الذي يناسب أبناءها؛ فهناك من يُسَرّ أيما سرور بقضاء بعض الوقت في صحبة أمه أو التسوق أو اللعب معها، وهناك من تكفيه الابتسامة الحانية، وهناك من يسعد بالهدايا، وهكذا...
ولكن مما لا شك فيه أن التعزيز المعنوي أعمق أثرًا من التعزيز المادي، ولا يعني هذا ألا نكافئ أبناءنا بالمكافآت المادية، بل يمكن ذلك ولكن بشكل أقل من التعزيز المعنوي، كما لا بد من الاعتدال في المعززات، فينبغي عدم إعطاء مكافأة كبيرة بحيث يصاب الطفل بالإشباع إلى حد التخمة فيعطل سلوكه عن العمل.
وأما المداومة على جداول التعزيز فهذا أمر محمود إذا أمكنك ذلك، والمطلوب بشكل مُلِحّ هو ألا تغفلي التعزيز كلية، وإذا لاحظت نفسك فستجدين أنك -دون أن تدري- تقومين بعملية التعزيز الفاصلي أو النسبي المتغير.
وأخيرًا.. أرجو أن أكون قد أفدتك، كما أرجو المتابعة معنا، وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى، وسلام الله عليك ورحمته وبركاته.
ـــــــــــــــــ(104/353)
ابنتي عنيدة وكسولة.. ما الحل؟ ... العنوان
"يقين" طفلة عمرها 5 سنوات، ذكية ومرحة وجميلة، هي الأولى ويليها "علي" عمره سنة وثلاثة شهور، المشكلة أنها عنيدة وكسولة أحيانًا، تبكي أحيانًا لتنال عطفي أنا وأمها، وأحيانًا من أجل المصروف اليومي في حالة عقابها بخصمه، رغم أنها تؤدي واجباتها بانتظام وتحب أخاها "عليًّا" كثيرًا.
أرجو إفادتنا عن علاج ما ورد بالاستشارة بعاليه، وتقبلوا عظيم شكري وامتناني لمجهوداتكم.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل، أشكر الله إليكم حرصكم على أبنائكم، واجتهادكم في تنشئتهم ورعايتهم ومتابعتهم. في ملخص لرسالة بعنوان "ولدي.. عصبيا!"، وهي إحدى الرسائل التى يصدرها "مركز ولدي الطبي للأطفال بدمنهور"، تحت سلسلة "منهجية الاستثمار في الأبناء"، ورد بها الأسباب وطرق العلاج سأوردها لك:
أولاً: الأسباب:
1 - توتر الطفلة: وهي حالة عصبية تنتاب بعض الأطفال عندما يغضبهم أحد فتتملكهم حركات عصبية لاإرادية.
2 - الشعور بالحرمان العاطفي داخل الأسرة.
3 - الأمراض الجسمية والوراثية، مثل اضطرابات الغدد، وسوء الهضم.
وهذه يلزمها أن نتأكد من أن الطفلة لا تعاني من مرض عضوي.
4 - القسوة الزائدة.
5 - التدليل الزائد.
6 - محاولة إثبات الذات.
7 - الكبت والتضييق.
8 - عدم التسوية بين الأبناء.
9 - غياب الحرية داخل الأسرة.
10 - غياب الحب داخل الأسرة.
11 - غياب أحد الوالدين.
12 - حالة العناد التي يواجه بها حالات الإحباط من معاملة الآخرين فيرفض النوم أو الأكل أو النظافة أو غيرها من التعاليم الأسرية والوالدية المقيدة.
ثانيًا: الوقاية:
وتتمثل في هذه النقاط المختصرة:
1 - لا تنفعل أمام حالات ابنتكم.
2 - أشبع الحاجات الفسيولوجية عندها.
3 - لا تسرف في التدليل.
4 - لا تسرف في القسوة.
5 - لا تسرف في السلطوية الوالدية.
6 - تقبل الخطأ المسموح لبناء الشخصية، فالخطأ طريق التجربة والرصيد.
ثالثًا: العلاج:
ويتمثل في هذه الطرق العشرين الذهبية التربوية في مواجهة حالات العناد العصبية عند الأبناء:
1 - استخدم أسلوب التجاهل، أثناء نوبة غضبها، وغيّر مكانك والأفضل أن تذهب للحمام حيث لن تتبعك.
2 - كافئ السلوك الحسن.
3 - عاقب بحزم وببساطة بقاعدة العزل البسيطة من 5 - 10 دقائق في غرفة خاصة، عند حدوث الحالة.
4 - اهتم بها.
5 - عوّدها على الحديث إلى الذات ومخاطبة النفس.
6 - لا تطيع رغباتها عند غضبها، واشترط معها على هذا عندما تكون هادئة.
7 - حافظ على هدوء أعصابك فلا تستفزك بغضبها.
8 - كن قدوة حسنة.
9 - لا تجعلها تنتصر بهذا السلوك.
10 - أبعدها عن المكان.
11 - لا تسرف بالتدخل في شئونها.
12 - لا تنظر إليها بتهاون أو استهزاء.
13 - لا تخرب ممتلكاتها.
14 - لا تستثيرها.
15 - ساعدها على تحقيق رغباتها المشروعة، خاصة الهوايات، فتوجه طاقاتها واهتماماتها إلى العمل النافع.
16 - هيئ جوًّا من الحب والدفء العاطفي الأسري.
17 - شاركها في الترفيه واللعب.
18 - شاركها على اللعب الجماعي، والاختلاط بالأقران.
19 - لا تحمّلها ما لا تطيق، وتذكر الرسالة الرائعة التي أوردها "ديل كارنيجي" في كتابه "كيف تكسب الأصدقاء؟" بعنوان "بابا ينسى" وتذكر "أنها طفلة".
20 - أسرف في تقدير آرائها وشجعها على الحوار والمناقشة.
وأرشح لك سيدي بعض المراجع في هذا الموضوع:
1 - طفلك الصغير.. هل هو مشكلة؟: محمد كامل عبد الصمد - القاهرة - دار الوفاء - 1989.
2 - سيكولوجية التوافق النفسي في الطفولة المبكرة: أميرة عبد العزيز الديب - الكويت - مكتبة الفلاح - 1990.
3 - ابني لا يكفي أن أحبك: سلوى يوسف المؤيد - القاهرة - دار المعارف - 1995.
4 - تشاجر الأشقاء: محمد ديماس - لبنان - دار ابن حزم - 1999.
لا تنس دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. (الفرقان: 74).
فستكون بحول الله سبحانه، قرة أعين لوالديها ولأمتها، وستكون للمتقين إمامًا؛ علميًّا وخلقيًّا وسلوكيًّا، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ـــــــــــــــــ(104/354)
كذب الأطفال أحيانا لعب بريء ... العنوان
لاحظت في الفترة الأخيرة أن ابني(9 سنوات) يلجأ إلى الكذب بدون أي مبرر، يعني يلجأ للكذب في مواضيع ليس منها ضرر عليه، كأن يختلق قصة عن تميزه في المدرسة، أو أن يشتري شيئًا من مصروفه ويزعم أنه كسبه في لعبة من اللعب أو مثل ذلك من الأمور.
وابني هذا هو الثاني في الترتيب بعد أخته.. أرجو الإفادة عن كيفية توجيهه والتعامل معه بهذا الخصوص، ولكم كل الشكر.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز أبو عمر، أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا "معًا نربي أبناءنا"، وأشكرك على ثقتك، كما أحييك على انتباهك واهتمامك بأولادك، ذلك الواجب الذي قلّ من الآباء من يهتمون بأدائه، وأحييك كذلك على إفادتك التي ستتيح لنا شرح أسباب وأنواع الكذب في الأطفال في سن ابنك رعاه الله وبارك لك فيه.
من المهم عندما نناقش لجوء طفل دون سن التكليف للكذب أن نتساءل أولاً عن دوافع الطفل التي جعلته يكذب؟ وكذلك عن كيفية التعامل مع ذلك الكذب من المحيطين؟ وماذا إذا تكرر الكذب؟ فدافع الكذب قد يكون خوفًا من العواقب الناتجة عن الصدق.. عندما يخاف الطفل أن يحدث شيء لا يحبه إذا قال الصدق، وقد يكون الدافع عدم شعور الطفل بالأمان أو لكونه يعاني ضغوطًا نفسية معينة أو معاملة خشنة داخل الأسرة، أو المدرسة أو غير ذلك مما يسبب له ضغوطًا، وبعض الأطفال يكذب ببساطة؛ لأنه لا يعرف معنى الكذب (وهذا كله مستبعد في حالة ابنك، مثلما أستطيع استبعاد كل ما سبق من دوافع معهودة)، إذن ما هو الدافع للكذب في حالة ابنك؟.
الحقيقة يا أخي الفاضل أن دافع الكذب في حالة ابنك كما نستطيع استنتاجه من خلال إفادتك يبدو من أقل دوافع الكذب إثارة للقلق خاصة في مثل سنه هذه؛ لأنه لا بد للطفل من وقت يعيش فيه بالخيال بعيدًا عن الواقع، وكثيرًا ما يكذب الطفل لهذا السبب حتى إن أحد أهم أنواع اللعب في الأطفال يقوم على اختلاق التصديق make- belief play، ولدى الطفل عادة خيال واسع خصب يفيده في ذلك.
وما أستشعره هو أن الكذب الذي أتاه ابنك إنما يندرج تحت هذا النوع من الكذب، فهو كما تقول في إفادتك: "يكذب في مواضيع ليس منها ضرر عليه كأن يختلق قصة عن تميزه في المدرسة أو أن يشتري شيئًا من مصروفه ويزعم أنه كسبه في لعبة من اللعب أو مثل ذلك من الأمور"، إذن فالطفل يختلق قصة تعبر عن أمنية لديه ويحكيها ويصدقها، وهنا لا بد لنا من وقفة لكي نحسن التعامل مع الموقف فيستفيد منه الطفل ويتعلم.
فمثلاً ماذا يا ترى يكون التصرف إذا عرفنا أنه يكذب باختلاق "قصة عن تميزه في المدرسة، أو أن يشترى شيئًا من مصروفه ويزعم أنه كسبه في لعبة من اللعب أو مثل ذلك من الأمور"؟ ما هي المعاني النفسية التي يستشعرها الطفل وهو يحكي مثل هذا النوع من القصص الكاذبة؟ ألا ترى معي أنه رغبة في أن يكون متميزًا يشار إليه بالبنان ويحظى برضا الآخرين خاصة أنت ووالدته أكرمها الله؟
قد يكون هذا الكذب شكلاً إذن من أشكال اللعب مخلوطًا بالخيال وأحلام اليقظة، واللعب في مثل هذه السن ضروري، ولكننا لا نستطيع فصله عن الكذب والخيال، ولا أود أن أقول لك إن الطفلة التي تمسك بالعروس الصغيرة وتشعر بأنها ابنتها الصغيرة فتقبلها وتهدهدها وأحيانًا تعطيها حمامًا دافئًا هذه الطفلة مكذوب عليها، ألا ترى أن شيئًا من الكذب والخيال مقبول في لعب الأطفال؟.
ما رأيك إن قلت لك إن عليك أولاً أن تحاول مساعدته على إبراز ما هو متميز فيه بالفعل، وتنمية ما يمكن أن يتميز فيه، وما رأيك بدلاً من أن تكتفي بإعلان غضبك من لجوئه للكذب، ذكّره بأحاديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدِّيقًا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا" رواه أحمد في مسنده والبخاري في الأدب وصحيح مسلم والترمذي.
وثانيًا ما رأيك أن تفرد ساعة تجلس معه فيها لتعلمه كيف يستطيع أن يكون متميزًا في مادة ما بشرط أن يكون محبًّا لها أو أن تستعين بمن يستطيع مساعدته في ذلك؟ أحسب أن لجوء الولد هنا لمثل هذا النوع البريء من الكذب فرصة أنصحك باستغلالها لتفهم احتياجات الولد النفسية ومحاولة تنميتها.
فماذا لو وجدت أن الأمر تكرر مع الأعوام أو زاد بشكل أو بآخر لا قدر الله، فإن عليك هنا أولاً أن تقرأ الرابط التالي: وأن حكي له مثلاً بعضًا مما تجد في الرابط التالي البنت الشقية والكذب القهري، ثم إن تراجع ما قمت به من محاولات علاجية سلوكية، وربما استعنت بأحد المعالجين المعرفيين السلوكيين أو أحد الأطباء النفسيين، ولكن هذا في ظني أنا شخصيًّا أمر مستبعد، فلا تقلق، وتوكل على الله تعالى منفذًا ما نصحناك به، وتابعنا بالتطورات الطيبة إن شاء الله، ولا تنسنا من الدعاء.
ـــــــــــــــــ(104/355)
القدوة و المشاركة سلم المعالي ... العنوان
عندي 4 أطفال، ولدان وبنتان، ثلاثة منهم يذهبون إلى المدرسة. أولادي الثلاثة: الولد الأكبر 12 سنة، والولد الأصغر 7 سنوات ونصف، وأختهما 6 سنوات ونصف، وهم منصرفون عن دراستهم إلى لا شيء تقريبًا، وأنا أحرص على تحفيظهم القرآن الكريم وتربيتهم تربية إسلامية.
وأنا أحاول أن تكون تربية أولادي صحيحة ولكني أشعر معهم بالفشل، فلا شيء يستهويهم بالرغم من أنهم أطفال ذوو قدرات طبيعية. وأبوهم لا يساعدني في تربيتهم، مما يجعلني عصبية معهم أحيانًا، وهذا شيء لا أحبه. علاقتي بهم ممتازة. ولكني لا أعرف كيف أزرع في نفوسهم حب الدراسة والتفوق والنجاح لينشغلوا بالعلم عن توافه الأمور.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة وبركاته، في البداية أدعو الله تعالى أن يعينك في حمل أمانتك فهي ليست بالأمانة الهينة، ولكن علّمنا ديننا الحنيف أن الأجر يكون على قدر المشقة، ومن كانت أجرها جنة تحت قدميها؛ فلا بد إذن أن قدر المشقة لن يكون هينًا ولا سهلاً.
أردت أن أستهلّ هذه الاستشارة بهذه الكلمات لأهوِّن عليك إحساسك "بالفشل"، بالرغم من عدم وضوح ما المقصود بالفشل؟ وما معياره عندك؟. هل لأن أولادك لا يميلون إلى الدراسة والعلم لا يستهويهم.. نعتبر ذلك فشلاً؟!
ثم اللفظ الغامض الثاني كان "توافه الأمور". هل اللعب وممارسة الرياضة أو الاتصال بالأصدقاء داخل في إطار توافه الأمور، أم أن الأمور أعم من ذلك ويدخل فيها كل ما ليس مرتبطًا بالعلم والدراسة؟ وهذا فهم خاطئ، فالحياة تحتاج إلى مهارات عديدة لمجابهتها، منها على سبيل المثال: الاتصال الاجتماعي، فلقاء الأصدقاء وقضاء بعض الوقت في النادي مع الأقران - بشرط كونهم ذوي أخلاق بالطبع - ينمي مهارة التعامل الاجتماعي والقدرة على فهم الآخرين، والتعايش مع العالم الخارجي.
والدراسة – وإن كنا لا ننكر أهميتها، إلا أنها ليست بالضرورة على قمة الأولويات التربوية، فللأسف الشديد مناهجنا في العالم العربي تتسم بالملل والجفاء والاعتماد شبه الكامل على الحفظ والتلقين، مما يضفي عليها صورة الكابوس بالنسبة للمساكين الصغار، فلا نكون نحن ونظم التعليم عوامل ضاغطة على أعصاب الصغار نحرمهم الحياة السعيدة واللحظات الطيبة بسبب عدم حبهم للدراسة والعلم.
وحب الدراسة والعلم إن لم يكن نابعًا من الداخل فلا طائل وراء الإرشادات والنصائح، وكل ما أرجوه منك هو قراءة مقالة: "أسرار التفوق الدراسي"، والاستشارتين المعنويتين: "دليل الآباء لتفوق الأبناء"، و"قدرات الأبناء مدخل النجاح". أما العبارة التي استوقفتني فعلاً، وأخذت أتأملها مرارًا وتكرارًا هي عبارة "منصرفون عن دراستهم إلى لا شيء...".
هذه ليست حالة أولادك يا سيدتي بل حال الغالبية العظمي من أطفالنا جميعًا، إذا سألت واحدًا منهم فيما قضيت إجازة الصيف أو نصف العام أو حتى إجازة العيد لقال لك على الفور: "لا شيء"، سافرت إلى أوروبا وتعمدت أن أسأل معظم الأطفال والشباب الذي قابلتهم هذا السؤال نفسه، وكانت الإجابة مختلفة تمامًا: هذا يحكي لي عن رحلة في الجبال، وذاك كتب بحثًا في المكتبة عن البراكين، وهذه تحدثك عن الطائرة الخشبية التي صنعتها بيديها... إلخ. أين الخلل؟! أين الخلل؟!
الخلل فينا نحن الأمهات والآباء، نحن - وأقولها بكل صراحة - لا نبذل الجهد الكافي لتوجيه طاقة أولادنا أو لإرشاد الصغار والمراهقين إلى كيفية استغلال الطاقات والأوقات، نحن نبذل مجهودًا مضاعفًا في النصح والإرشاد الجاف: اقرأ كتابًا مفيدًا، لا تشاهد في التلفاز إلا المفيد القيم، احفظ قرآن.
يا سيدتي هذا مجهود مضاعف في غير مكانه، هذه التوجيهات إن لم تكن مصحوبة بمشاركة فعلية للأم أو الأب لهذه الهوايات في أول الأمر، و"استغراق في الاستمتاع المشترك" في هذه الأشياء البسيطة فلا طائل وراءها. فبدلاً من "اقرأ كتابًا مفيدًا"، تعالَ لأقرأ معك هذه القصة، فأنا كنت في سنك وقد قرأتها وأعجبتني فلنقرأها سويًّا.
أنت تحتاجين إلى معرفة أولادك بصورة أعمق. كل إنسان على وجه الأرض له ميوله، والأشياء التي يفضلها ويحبها إن لم تكتشفيها أنتِ، فمن إذن؟!!. هذا قد تكتشفين فيه هواية رياضية، وذلك حب للرسم، واحتمال أن تكتشفي القدرة على الكتابة والتأليف. هناك هوايات للأسف أخذت في الاندثار مثل جمع الطوابع والعملات القديمة التي يتعرف من خلالها الولد على أسماء الدول، وقد تجدين بعد فترة أن من بين أبنائك من له ميول علمية كاللعب، ثم اكتشاف الكمبيوتر والإنترنت.
لن يتم ذلك إلا إذا - فعلاً - استمتعي بصحبة أولادك في جو من الود لا الإرشاد والوعظ، جو من الألفة لا الأداء والإرشادات.
لما لا تتجولان سويًّا في شوارع القاهرة الفاطمية، يشاركك الأولاد في شراء بعض التحف من "خان الخليلي"، وتجلسان سويًّا في ساحة "الأزهر" تتكلمين معهم عن عزّة الإسلام "أيام زمان"، ثم تتجولان قليلاً في الأحياء الفقيرة، وأثناء السير تتكلمان عن كيفية مساعدة الفقراء وتقومان بالتخطيط المشترك، هذا ستجدينه يقترح من تلقاء نفسه أن يأتي بملابسه القديمة، وهذا سيقترح بأن يثير فكرة مساعدة الفقراء وسط أصحابه.
وهكذا سيتحول الأبناء الأربعة إلى جنود مجندين "لمعالي الأمور" لمساعدة الناس والمشي في حاجاتهم. الأمور ليست صعبة، الكلمتان السحريتان في هذا الموضوع "القدوة والمشاركة"، كوني لهم في هذه الأمور قدوة صامتة، نشاطك، وهمتك، ذهابك وإيابك سيؤثر فيهم، سيدفعهم ويشجعهم ويحفّزهم، ومشاركتك لهم هي العجلة الدافعة. المجهود الذي ستبذلينه في أول الأمر مثل نفخ البالونة - وذلك أشق ما في الموضوع - ثم اتركيها لتنطلق وحدها في الفضاء الرحب، تنطلق إلى أعلى لتعانق "المعالي".
كيف أحافظ على أنوثة ابنتي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، ولدي ذكي ما شاء الله يحفظ لا بأس من الصور القصيرة، وبنفس الوقت تعلم للأسف كلمات بذيئة لا تستطيع الأذن المسلمة سماعها، تعلمها من قريب له، لا أستطيع أبدا إبعاده عنه، ولا أستطيع إلا النصيحة للشخص الآخر التي لن تفيد، وبالتالي فإن إخوته الذين يكبرونه سنا يتكلمون أشياء، ووالله أنا لا أقولها بالبيت مطلقا، والحمد لله لم أتعود على ذكرها، وحتى إن غضبت منهم أقول لهم الله يهديكم الله يصلحكم، وأدعو لهم بدل ما أدعو عليهم...
إذن المختصر أن طفلي الصغير هذا يتكلم ما يتكلمه وهو لا يعرف ما معناه ولكن يعرف تماما أنه كلام سيئ، ووالله لا أقوله حتى في حالة الغضب أو الانزعاج.
الآن أنا في حالة إحباط تام فقد حلمت بأطفال مهذبين لا يتكلمون الكلام البذيء الذي أسمعه بالشوارع، والآن وللأسف أسمعه منهم وأسمعه من غيرهم وأسمعه من أقرب المقربين.. فماذا أفعل لأنقذ صغيري؟ وماذا أفعل لأنقذ الباقي من أولادي طبعا؟ هذه مشكلة الكلام البذيء فهل عندكم حل إن شاء الله؟
الأمر الذي يهمني أيضا هو بابنتي الصغيرة التي هي آخر العنقود الوحيدة التي تتربى مع الصبيان، وما أدراكم ما الصبيان -حماهم الله وجعلهم صالحين- كيف أحافظ لها على أنوثتها التي تهمني جدا، إن لاعبها إخوتها فسيلاعبونها لعب أولاد، وإن رأت إخوتها كيف يلعبون فستتعلم العراك منهم، هذا فضلا عن الأصوات العالية والقتال الصبياني وغير ذلك، فأرشدوني لأحافظ على أنوثة صغيرتي.
واسمحوا لي إن أطلت، بالرغم أنني أحببت أن أطيل أكثر، ولكن برسالة قادمة إن شاء الله، ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم.
... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيك -سيدتي- وفي أولادك وجعلهم ذرية صالحة مهتدين هادين.
أما عن استشارتك والتي تتضمن نقطتين أساسيتين، وهما:
• كيف يكف ابنك عن الألفاظ البذيئة السيئة التي يتعلمها من أحد الأقارب؟
• كيف تحافظين على أنوثة ابنتك وهي تنشأ بين إخوة (صبيان)؟
بالنسبة للنقطة الأولى كيف يكف ابنك عن البذاءة في ألفاظه:
لا بد أن تعرفي -سيدتي- أن ابنك في مرحلة يحاكي فيها اللغة التي حوله ولا يقصد إيذاء أو بذاءة ولكنه يقصد استعراض ثروته اللغوية التي يسعد بتحصيلها، وكل ما عليك أن توضحي له الألفاظ المهذبة من غيرها وهذا ما فعلته من قبل -ولكن مع الأسف بإلحاح وتكرار- ولذا عليك الآن اتباع الخطوات التالية:
أولا: لا تعلقي مرة أخرى على هذه الألفاظ البذيئة وتجاهلي هذه الألفاظ تماما حينما يتلفظ بها ابنك هذا أو أحد أبنائك، ولا تشتكي من سوء ألفاظهم لأحد خاصة أمامهم، عند تجاهلك لهذه الألفاظ سيكفون عنها أو عن معظمها؛ لأن التركيز على الشيء يؤكده ويعززه.
ثانيا: كلما تحدثوا بألفاظ عادية مهذبة فعليك بتعزيز ذلك فورا إما بنظرة استحسان أو ابتسامة رضا أو تربتين على كتف من تحدث بأسلوب مهذب.
ثالثا: أما بالنسبة للقريب الذي تعلموا منه هذه الألفاظ، فإن كان صغيرا فيمكنك الحديث مع أهله لاتباع هذه الخطوات إذا أمكنك هذا، أو أن تشغليه عندما يأتي لزيارتكم باللعب مع أبنائك وتشتركي أنت أيضا معهم أو أن تقصي عليهم بعض القصص وتقوموا بتمثيلها، ويمكنك أن تبدي استياءك الشديد حينما يتحدث أحد بهذه الألفاظ البذيئة وتوضحي لهم أن الذي سيتلفظ بهذه الألفاظ سيكف عن اللعب معكم وتوضحي ذلك بشكل حازم. أما إذا كان هذا القريب كبيرا فلا بد أن توضحي له بطريقة لطيفة حازمة أن الأبناء يتأثرون بما يقول ويتلفظون بها وأنك غير راضية عن هذا على الإطلاق ويجب أن يكف عن هذه الألفاظ أمامهم على الأقل.
رابعا: وضحي لأبنائك أن المحاكاة والتقليد لا يكون إلا في السلوكيات الصحيحة وذلك من خلال قص بعض الحكايات لهم التي توضح لهم عاقبة المحاكاة في السلوكيات السيئة ويجب أن يكون ذلك بطريقة غير مباشرة لئلا يأتي بنتائج عكسية؛ فكثير من الأمهات حين يحكين بعض القصص ليعلموا أبناءهم بعض القيم يقصونها بطريقة فيها استخفاف بعقول أبنائهم والوعظ فيها مباشر؛ وهو ما يؤدي إلى نفور الأبناء مما يحكي الأمهات.
أما بالنسبة للنقطة الثانية وهي كيف تحافظين على أنوثة ابنتك التي تنشأ بين صبيان:
اعلمي -سيدتي- أن الأنوثة فطرة ستظهر وتتضح فيما بعد حينما تظهر علامات الأنوثة على ابنتك، لكن لا يغني ذلك عن تأثرها بالحركات الصبيانية خاصة في الوقت الحالي؛ لذا فيمكنك سيدتي أن تفعلي ما يلي على مراحل عمرها المختلفة:
1. شراء بعض اللعب التي تدعم أنوثتها مثل الدمى وعرفيها كيف تتعامل برقة ولطف معها، وشراء بعض أدوات المطبخ واطلبي منها أن تعد لكم بعض الأطعمة، وكذلك المكعبات وكيف تشكل منها أشكالا مختلفة، اتركيها تلون بعض الصور والعبي معها بعض الألعاب الهادئة.
2. اهتمي بشراء الملابس التي تناسبها كفتاة، وكلما كبرت عرفيها كيف تنتقي ملابسها وعلميها تناسق الألوان.
3. اشتري لها بعض الإكسسوارات (الحلي) الخاصة بالفتيات.
4. غني لها بعض الأغاني الرقيقة.
5. اتركيها تلعب مع إخوتها، ولكن حين يسلكون سلوكيات عنيفة معها ذكريهم أنها ليست صبيا مثلهم بل لا بد أن يتعاملوا معها بطريقة ألطف وأرق.
6. عرفي إخوتها أن مسئوليتهم تجاه أختهم هي حمايتها والقيام على شئونها وألا يتركوا أحدا يضايقها.
7. احذري احذري -سيدتي- أن تفرقي في التعامل بينهم أو أن تفضليها عليهم.
8. وفي نهاية رسالتي لك أذكرك بنصيحة أنصحها لكل أم تهتم بتربية أبنائها، وهي أن التركيز بشكل مكثف على كل تصرفات أبنائنا خاصة الخطأ منها يؤدي إلى مزيد من الأخطاء بل والتمسك بها.
وأخيرا أدعو لك الله أن يوفقك ويعينك على تربية أبنائك، كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/356)
تأخر الكلام والذكاء.. هل من علاقة؟ ... العنوان
الإخوة القائمون على الصفحة، السلام عليكم ورحمة الله.. في البداية نشكركم على هذا الجهد المتميز في مجال تربية الأطفال والذي ساهم بشكل جيد في حل الكثير من المشكلات التي تؤرق الكثير من الأمهات والآباء... فجزاكم الله خيرًا وسدد خطاكم.
المشكلة: لي طفل يبلغ من العمر 3 سنوات وإلى الآن لا يتكلم سوى كلمات قليلة جدًّا وغير سليمة النطق، وتم فحصه طبيًّا (لا مشاكل سمعية ولا مشاكل في الحنجرة)، ومقياس الذكاء حسب تقدير دكتور التخاطب 85%، وهو يتابع من قبل الدكتور منذ أكثر من شهرين في جلسات أسبوعية ولكن لا تقدم، ويذهب إلى الحضانة منذ شهر فقط، نشاطه الحركي قوي، يستعمل الإشارة في التعبير عن احتياجاته، فهل من برنامج يومي أستطيع أن أنفذه معه للنهوض به؟ وهل من مراجع وكتب ووسائل مساعدة لهذا الأمر؟.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. أعجبني اهتمامكم المبكر بالطفل والتنبه إلى أهمية مراجعة مختص في هذا العمر المبكر نوعًا ما. والحمد لله لأن سمع الطفل طبيعي ولا مشاكل طبية تسبب التأخر الكلامي، كما أن نسبة الذكاء التي ذكرتها 85 تبدو على حدود الذكاء الطبيعي، مع ملاحظة أنها ليست نسبة مئوية، أي ليست 85%.
فالذكاء لا يقاس بالنسب المئوية، بل هناك جدول متصل يترتب فيه الناس على هذا الخط المتصل حسب نسبة الذكاء التي يقيسها الاختبار المعد لذلك، والنسب الطبيعية تتراوح بين 85 إلى 110 .
ومن 85 - 80 يعتبر من فئة بطيء التعلم
ومن 80 - 70 إعاقة عقلية بسيطة
ومن 70 إلى 55 إعاقة عقلية متوسطة
ومن 55 فما دونها إعاقة عقلية شديدة
أما من 100 إلى 130 فمتفوقون
ومن 130 فما فوق تقع فئات الموهوبين والمتميزين
وقد أحببت أن أوضح هذا الأمر؛ لأن الناس تعتقد أن الذكاء يقاس بالنسبة المئوية وهذا خطأ شائع.
إذن طالما أن الطفل والحمد لله يبدو طبيعيًّا، فالحل هو الاستمرار في التدريب وذلك لأن التأخر اللغوي هو عرَض يجب التنبه له في وقت مبكر؛ لأن صعوبة تعلم اللغة الشفهية قد يؤثر في المستقبل على تعلم اللغة المكتوبة، أي يصبح صعوبات دراسية.
وطبعًا التدريب يأخذ وقتًا، وهناك عدة عوامل تساعد على نجاحه، منها الولد نفسه وتقبله للمعلومات، فهناك فروق فردية بين الأطفال وتعاون الأهل في تطبيق ما يطلب منهم في المنزل، حيث يفترض أن يضع لكم الاختصاصي إرشادات لتحفيز اللغة في المنزل، فاللغة هي نشاط حياة يومية، ولا يمكن أن يتم تعليمه فقط من خلال جلسات مدتها محدودة وفي أيام محدودة.
وطبعًا الطفل الآن لا يمكن أن يتعلم بطريقة التلقين، بل عن طريق اللعب ومحاكاة النشاطات اليومية العادية.
وهنا يدخل دور الاختصاصي الكفء من تقييم صحيح لقدرات الطفل وعمل برنامج للطفل وللأهل للعمل معًا كفريق عمل لتحقيق الأهداف الموضوعة في الخطة.
أما بالنسبة للكتب أو المراجع، فللأسف الكتب باللغة العربية قليلة ومعظمها مترجم عن الإنجليزية.
وليس لدي علم بما هو موجد لديكم في مصر، لكن يمكنك زيارة أي مكتبة تعنى بتربية الطفل والاطلاع على ما يوجد بها، وكذلك الإنترنت فهو مجال خصب للموضوع.
وأنصحك بشراء أي مرجع يتحدث بالتفصيل عن جداول التطور الطبيعي للأطفال حتى تعرفي المهارات التي تنقص طفلك، وتحاولي العمل عليها. وأتمنى أن يكون لدى الاختصاصي الذي تتعاملون معه مثل هذه الجداول توضح التطور اللغوي والحركي والاستقلالي وغيرها
ـــــــــــــــــ(104/357)
الذكاءات المتعددة..ما هي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سمعت عن نظرية الذكاءات المتعددة، ولكن الموضوع لم يتضح لي تماما.. الواقع أني أجد صعوبة في شرح سؤالي.. هل المقصود بالذكاءات المتعددة الذكاء في حد ذاته، أم يقصد المواهب المختلفة أو مجالات التفوق والتميز المختلفة، من آداب، أو فنون، أو علوم..الخ.
أقصد أننا حينما نسأل عن الذكاء، قد نسأل عن الذكاء بالمعنى المفهوم، من سرعة الفهم، أو القدرة على التصرف.. ولكن هناك أمور أخرى لا أدري هل لها علاقة بالذكاء أم لا؛ فأحيانا نشعر بأن الطفل الذي أمامنا يتحدث وكأنه رجل، ويفهم أمورا أكبر من سنه. وهناك من يقدر على جذب انتباه الآخرين، ويجلب احتراما لكلامه، وهناك من يتحدث بكلام أصغر من سنه.
فمثلا في المدارس، نلاحظ أن هناك من يجالس الأكبر منه، ويتحدث ويفهم مثلهم، ويحترمونه لذلك، وهناك العكس، ولا أحد يحب لابنه ذلك، ولا أحد يحب لابنه أن يعامل كالصغير في المجالس. وهناك المتفوق دراسيا، وهناك غير ذلك. فأين نضع كل تلك المواصفات.. وهل لها علاقة بالذكاءات المتعددة، وكيف نصنفها؟.
وأيضا مسألة مثل الذكاء الموسيقي أو البيئي، لا يبدو لها ارتباط بالأمور التي ذكرتها.. أو لا يبدو أنها ترتبط بالذكاء.. نظرية الذكاء المتعدد لا تبدو واضحة تماما.. أرجو الإفادة.
وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
الأنشطة والهوايات ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعدني سؤالك جدا فمنذ شهور تعرضنا لموضوع الذكاءات تفصيليا على صفحتنا؛ وعرضنا النظرية ونشأتها عبر محاضرة صوتية؛ ثم تعرضنا لكيفية اكتشاف كل ذكاء وكيفية تنميته ببعض الأنشطة وما الذي يحتاج إليه كل من هذه الذكاءات لينمو..
وأصدقك القول: كنت أتمنى لو يتفاعل القراء مع الملف ويمطروننا بأسئلتهم على ما ذكرنا والتي لا أعلم إلى يومي هذا مدى انتفاع الناس بها من عدمه.. خاصة أني ظللت عاكفة على هذا الملف بضعة أشهر.. وكنت أتوق لمعرفة مدى نفعه للناس.. والطريقة التي تفاعلوا بها معه؛ خاصة أننا لابد أن نعي تماما أن المعرفة تولد فجوة معرفة... أي أننا إذا علمنا جزءا ظهر لنا المزيد مما نود معرفته فنبدأ في السؤال ونبدأ في التفاعل مع المعرفة وهذه هي أكثر الطرق فعالية -من وجهة نظري- التي يتحول بها العلم إلى نور.. كم تمنيت أن يتحول من ورق أو حتى صفحات إلكترونية إلى نور.. فهل لهذه الأمنية من تحقيق؟!.
شاكرة لك أخي سؤالك، واسمح لي أن أحيلك للملف كاملا تتفحصه على مهل وتحاول تطبيق ما جاء فيه، ونحن معك إذا ما كان هناك عثرة في التنفيذ أو نما لذهنك سؤال بعد أو أثناء القراءة.
جزاك الله خيرا كثيرا على اهتمامك بتنمية الذكاءات لأولادك.. فهي منة الله لنا التي علينا حفظها في زمن أصبح الاهتمام الأساسي فيه بالإنسان، وصارت الثروة الحقيقية هي الثروة البشرية.. وماذا في الإنسان إذن من ثروة إذا لم نعتبر العقل وقدراته أعلى هذه الثروات؟؟.
كم أتمنى أن يصل للعالمين رسالة مفادها: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...".
ترى هل تتفق معي في أن القدرات العقلية من أهم المحددات الفاصلة في ميزان القوة؟؟.
بارك الله لك في أولادك وجميع أولاد المسلمين، فهم الثروة الحقيقية لهذه الأمة؛ وأعز الله بهم دينه.. اللهم آمين.
وأخيرا أود أن أذكر بأن الذكاءات لا تستخدم فقط في المجال التربوي مع الأطفال عن طريق الأسر والمدارس، وإنما أيضا تستخدم كوسيلة استكشافية للقدرات وما تؤهل له هذه القدرات من مجالات عمل ونشاط؛ ومجالات دراسة أيضا.. وكذلك ترشح مجالات للتنمية الذاتية ليستكملها كل فرد ممن فاته قدر من التنمية وممن خلف وراء ظهره قدرات أودعها الله فيه ولم يستفد بها في حياته.
ـــــــــــــــــ(104/358)
خطوات لاكتشاف قلة تركيز طفلك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا شكرا على هدا الموقع، وهذا الجهد الرائع الذي تبذلونه معنا..
سؤالي هو عن ابني البالغ من العمر 5 سنوات، وسأقسمه إلى ثلاثة أجزاء:
أولا: صغيري يحفظ شيئا لا بأس به من كتاب الله، ويعرف جميع حروف اللغة العربية قراءة وكتابة، كما أنه يحفظ الكثير من سير الأنبياء وجزءا لا بأس به من سيرة المصطفى، وحرصا على تعلمه اللغة العربية قبل التحاقه بالمدرسة في شهر "جانفى" ألحقته بالمسجد لتعلمها أكثر لأنه سيدرس باللغة الإنجليزية لا العربية، وفوجئت بأن المعلم يقول إنه قليل التركيز، فخفت أن يكون كلامه صحيحا فكيف يمكن أن أتأكد من ذلك؟ وما هو الحل؟
ثانيا: صغيري عندما يخطئ وأنبهه لذلك يطلب مني أن أعاقبه أو أن يفعل ذلك لنفسه بأن يطلب مني حرمانه من شيء معين، وهكذا وهذا يزعجني فهل هذا السلوك طبيعي؟
ثالثا: إنني عندما أدرسه ويخطئ فأصحح له ينزعج، ويقول إنني السبب في دفعه للخطأ؛ لأنني تعجلت رغم أن ذلك غير صحيح، وشكرا لكم على سعة الصدر وجعله الله في ميزان حسناتكم.
... السؤال
تعليمي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أم عبد الرحمن..
أنت من تستحقين الشكر والثناء -سيدتي- على تمسكك بدينك ولغتك في الغربة واهتمامك بتربية ابنك وتنشئته على الخلق القويم والمبادئ الإسلامية، فبوركت وبورك لك في أبنائك.
أما بالنسبة لسؤالك أو استفسارك الأول، وهو: كيف تعرفين ما إذا كان ابنك يعاني من قلة التركيز أم لا فيمكنك ذلك عن طريق:
1. أن تقصي عليه قصة بأداء حسن وصوت معبر، ثم تناقشي معه أحداث القصة وتديري معه حوارا حولها وعما أعجبه فيها وعن أبطالها، كما يمكن أن تطلبي منه أن يسرد عليك بعض أجزاء منها.
2. تسألينه عن بعض الأحداث في قصص الأنبياء التي يعرفها.
3. تفعلين ذلك أيضا عند مشاهدته لبعض البرامج أو المسلسلات بالتلفاز -إذا كان مسموحا له بمشاهدته- أو عند مشاهدته الكرتون مثلا.
4. تحاولين سؤاله عما دار في حلقة الدرس بالمسجد.
5. أعطه كتابا به قصة مصورة، واجعليه يحكي لك الأحداث من خلال الصور، ثم أغلقي الكتاب وناقشيه في القصة وتسلسل الأحداث بها.
6. اذكري له عدة أرقام واجعليه يرددها بعدك بنفس الترتيب وابدئي برقمين ثم ثلاثة وهكذا...
7. ارسمي مفتاحا صغيرا مثلا في وسط قصة بمجلة من مجلات القصص المصورة، واجعليه يبحث عن هذا المفتاح (مثل البحث عن شخصية فضولي في مجلة ماجد إذا كنت تعرفينها).
8. ضعي كلمات مختلفة بها حرف مشترك مثل: سمك – شم – فم – قلم، واسأليه عن الحرف المشترك مع ملاحظة أن تكتبي الكلمات بخط كبير واضح، والحرف المشترك يكتب بنفس الطريقة في الكلمات كلها، وأنا أعلم تماما أنه ربما لا يعرف قراءة الكلمات ففي هذه اللعبة غير مطالب بقراءة الكلمات، لكن المطلوب هو أن يركز في شكل الحرف المشترك ويخرجه أو يشير إليه.
9. أعطه صورتين متشابهتين بينهما اختلاف في بعض الأشياء مع ملاحظة أن تكون مكونات الصور كبيرة، وكذلك أوجه الاختلاف.
10. أعطه كوبين أو طبقين بينهما تشابه في أشياء، واجعليه يذكر أوجه التشابه.
11. ألقي عليه أمرين أو ثلاثة أوامر متتالية واطلبي منه تنفيذها بالترتيب الذي سمعه مثل: اجرِ إلى آخر الحجرة، واستدر ثلاث دورات (لف ثلاث مرات)، ثم ارجع إلى خط البداية، أو اطلبي منه إعداد بعض الأطباق على مائدة الطعام، ثم غلق أحد الأبواب المفتوحة، ثم اطلبي منه سقي النبات مثلا، وهكذا فإذا استطاع فعل هذه الأوامر بالترتيب اذكري له أربعة أوامر، وأضيفي بعد ثلاث أو أربع مرات من هذه اللعبة أمرا جديدا حتى تعرفي إلى أي حد يستطيع التركيز وتذكر أكثر من شيء.
12. وأخيرا عليك بملاحظة سلوكيات عبد الرحمن بصفة عامة مثل: هل يشرد كثيرا عندما يتحدث معه أي أحد؟ هل يفشل في إنهاء الأشياء؟ هل يبدو عليه غالبا أنه غير منصت؟ هل يتشتت بسهولة؟ (ولكن أرجو أن تكون هذه الملاحظة بطريقة لا يشعر عبد الرحمن معها أنه مراقب أو أن خطواته وحركاته مرصودة).
يمكنك عن طريق النماذج السابقة من ألعاب ومن ملاحظة سلوكه اكتشاف ما إذا كان ابنك يستطيع التركيز والتذكر أم لا؟ كما يمكنك ابتكار وسائل أخرى على غرار الأمثلة السابقة، فإذا تجاوب ابنك مع الألعاب السابقة وأداها أو أدى معظمها فهو يستطيع التركيز، وأنا أرجح أنه لا يعاني من قلة التركيز؛ وذلك لأنه بالفعل يحفظ بعض سور من القرآن، كما أنه يعرف عددا من قصص الأنبياء بل يعرف الحروف العربية قراءة وكتابة كما ذكرت برسالتك.
أما عن ملحوظة معلمه بالمسجد عن قلة تركيزه فربما يرجع لأسباب أخرى مثل: عدم انسجامه بالمكان أو عدم انسجامه مع مجموعة الأطفال الذي يصاحبهم أو أن أسلوب المعلم لا يناسب طبيعة الطفل نفسه فيشعر بالملل وبالتالي لا ينتبه ولا يركز.
تعالي الآن ننتقل للنقطة الثانية وهي: رغبة الطفل أن تعاقبيه أو يعاقب هو نفسه إذا ما أخطأ ربما يرجع السبب في ذلك أنه نشأ في بيئة تهول أو تضخم حجم الخطأ وتؤنبه دائما على أخطائه مهما كانت بسيطة.
والحل في مثل هذا الأمر أن نوضح له ببساطة قيمة العفو والتسامح، وأن أي إنسان معرض أن يخطئ في حق الآخرين، وكل ما يجب على المخطئ أن يحاول تصحيح ما أخطأ فيه وعلى الآخرين أن يعفوا في المقابل، بل نحن نخطئ في حق الله تعالى، ولكن الله يغفر أي يسامح عباده إذا ما تابوا أو استغفروا، ويمكن أن يعرف ذلك من خلال قصص يحوي هذا المضمون ولا بد أن يعرف أن من استغفر عن خطأ بصدق فكأنه لم يخطئ، لكن أرجو أن يكون ذلك في حدود الوسطية حتى لا يستهين فيما بعد بالأخطاء والذنوب.
وأما النقطة الثالثة -وهي مرتبطة بالنقطة السابقة- فهي: انزعاج "عبد الرحمن" حين يخطئ أثناء مساعدتك له في المذاكرة واتهامك بأنك أنت السبب في هذا الخطأ؛ لأنك تعجلته.
لا تجعلي هذا الأمر يزعجك فكثير من الأطفال لا يرغبون في أن يشعروا بأنهم مخطئون أو بأن خطأ وقع منهم، وفضلا عن ذلك فإن "عبد الرحمن" قرر أن يعاقب نفسه إذا أخطأ؛ ولذا فهو لا يرغب بل يكره أن يخطئ، ولذا فعليك عدم التعليق على اتهامه لك بأنك أنت السبب في هذا الخطأ، وأكملي شرحك أو حديثك معه، واتفقي معه على المهلة التي يرغب أن تتركيها له كفرصة للتفكير وعدم استعجاله، فإذا أخطأ بعدها فعليك بعدم الاهتمام بهذا الخطأ وانتقلي لنقطة تالية فيما تؤديانه سويا.
وأخيرا..
أدعو الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، ونحن ننتظر منك مزيدا من التواصل في لقاءات أخرى على صفحة "معا نربي أبناءنا".
ـــــــــــــــــ(104/359)
طفلي شقي.. ماذا أفعل معه؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. الإخوة والأخوات الأفاضل.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. إخوتي.. أحببت أن أرسل إليكم اليوم موضوعًا عن طبيعة ابني المزاجية فهو وعمره سنتان طفل كثير العناد والصراخ والشيء الذي يريده لا بد أن يأخذه، هذا غير أنه يحب أن يعرف كل شيء بالبيت حتى إنه يفعل أعمالاً خطرة جدًّا، ومنها أنه في مرة من المرات جلس على أعين الطباخ، وقام بفتحها جميعًا -الطباخ كهربائي-، والحمد لله أتيت قبل أن تسخن. قمت بتسجيله وهو بعمر السنة وسبعة أشهر بحضانة حتى يلعب ويفرغ طاقته، وأنا أهتم بالطفل الصغير، والدوام ثلاثة أيام في الأسبوع وكل يوم خمس ساعات.
حدثت مشكلة معه وهي تأخره بالكلام؛ حيث اختلطت عليه اللغة العربية والسويدية، مع العلم أني ألاحظه. إنه طفل ذكي وهو من أول مرة يعرف الحاجة، ويفهم كيف يعمل أي غرض، ألاحظ قوة تركيز عالية ومرات عندما يريد أن أفهمه شيئًا لا يريد ويرفض، وأنا في حيرة من أمري.. كيف أجعل طفلي هادئًا ومطيعًا؟ وكيف أساعده على تعلم اللغتين بإتقان؟
أرجو منكم أن تساعدوني وتساعدوا طفلي وهو الكبير ولديه أخ أصغر منه، وأحب أن أضيف أيضًا؛ هو أنه كثير الغيرة من أخيه، وغالبًا يحب أن يؤذيه مرات وأراه يحبه ويداري حتى أبسط أكلة لازم يتقاسمه مع أخيه، ومرات لا يحب أن يضربه ويصرخ عليه، وهذا أيضًا أمر يتعبني، وأنا آسفة على الإطالة، وشكرًا.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. أهلا بك على صفحتك معًا نربي أبناءنا، سيدتي كل الأمهات تتمنى الطفل الهادئ المطيع، ولكنك زدت عليهن أنك تريدين من طفل السنتين أن يتقن لغتين.. لغة يسمعها ويتعامل بها في البيت ولغة يتعامل بها في الحضانة التي ألحقته بها، وهو في سن السنة وسبعة شهور تخيلاً منك أنك تفرغين طاقته.
ابنك بالنسبة لمن هم في مثل سنه طفل طبيعي، فكل الأطفال في سنه يُصرّون على أخذ ما يريدونه، ونسمي ذلك عنادًا، وعندما لا يحصلون عليه يصرخون وهي طريقتهم في التعبير عن الاحتجاج... إذن بالنسبة لهم هذا طبيعي طريقة تعاملنا معهم هي التي تهمنا.. وهي التي تبدأ بسؤال هام هو: متى نتدخل؟ أي متى نتدخل لنمنع الطفل من شيء يريده أو يطلبه فيصرخ الطفل ولا نبالي عندئذ لصراخه أو عناده.
نقول: إننا نتدخل عند وجود خطر أو وجود قاعدة تربوية، أي قيمة تربوية أو سلوك تربوي محدد أريد من وراء رفضي أو تدخلي لمنع تصرف خاص به أن أعلمه إياه أو أمنعه عنه، وحالات الخطر معروفة مثل أن يمسك شيئًا ساخنًا أو يعبث بالكهرباء أو يجلس في مكان مرتفع غير مؤمن بصورة كافية.
وأما القاعدة التربوية فمثلا مثل تعويده عدم تناول الحلوى قبل الغداء حتى لا يمنعه ذلك من تناول وجبته بصورة كاملة، وهذا أمر يتفق معه عليه، ويكون بديله هو أن الحلوى تعطى بعد الوجبة مباشرة؛ أي تكون قاعدة منطقية لها وقتها ومبررها الواضح الذي نشرحه للطفل بهدوء حتى يتفهمه.
وهل يفهم طفل العامين؟ نعم يفهم إذا تحدثنا إليه بهدوء حتى يتفهمه وبساطة، وأشعرناه أننا نحترم رغبته وإرادته، ولكن في حدود المتفق عليه، ولا أزال أكرر قصتي مع طفلي الذي ربما كان لم يبلغ العامين والذي كان يقاوم إعطاء أمه له الدواء ويصرخ، فلما اشتكت أمه ذلك أوقفته بهدوء أمامي وأشرت له إلى الدواء شارحًا وموضحًا أن هذا الدواء هام له من أجل نمو عظامه، ثم طلبت من الأم ملعقة الدواء وكان سابقًا يأخذه باستخدام الحقنة التي تستخدم للحقن العضلي للتمكن من دخول الدواء في فمه، فما كان من الطفل إلا أن أخذ الدواء بهدوء ودون مقاومة.
إن الطفل لا يعاند ولكنه لا يفهم.. إنه يصرخ؛ لأننا نصرخ في وجهه وهو لا يدرك لماذا نصرخ في وجهه فيصرخ في وجهنا هو الآخر.
أما عن فضوله ورغبته في التعرف على كل شيء في البيت فهذا أيضًا أمر طبيعي، فهذا الطفل في هذه السن، وقد تمكن من المشي على قدميه والوصول لكل مكان بمفرده يحاول استكشاف هذا العالم.
ـــــــــــــــــ(104/360)
طفلي غيور ومشاكس وعنيد.. ماذا أفعل؟ ... العنوان
ثانيًا أطلب منكم مساعدتي على تربية أبنائي تربية إسلامية صالحة: لديّ طفلان الأول 4 سنوات ونصف والثاني 10 أشهر. مشكلتي في طفلي الأول حيث ينفد صبري منه من كثرة مشاغباته في المنزل ومع أخيه.. وقد لاحظت زيادته في الشغب وعدم سماع كلامي بعد ولادة أخيه على الرغم من أني عند الولادة أحضرت هدية قُدمت باسم أخيه الرضيع له عند ولادة أخيه.
وعلى الرغم من ذلك يتعامل بعنف أحيانًا كثيرة مع أخيه.. وكذلك بدأ يطلب مني طلبات لم يكن يطلبها من قبل مثل النوم بجانبي ليلاً، وإطعامه بنفسي.. وما إلى ذلك من أمور. وقد أشار عليّ بعض الأصدقاء أن أشركه في نشاط رياضي فأشركته في السباحة وكنت منتظمة معه طوال فترة الصيف، ولكن انقطع الموضوع بمجرد دخول المدرسة.
وعلى الرغم من ذكائه ومهارته في المدرسة وأنه الأول على صفه فإنه أيضًا مشاغب ومدرّسته تشتكي منه، ولكن تقول ما يشفع له أنه ممتاز دراسيًّا.
أفيدوني كيف أتعامل مع هذا الطفل المشاكس والعنيد والذي يفعل كل ما يدور بخاطره بغض النظر عن موافقتي من عدمها.. وعلى العكس مع والده فهو يهابه جدًّا ويخشى منه حتى في غيابه على الرغم من وجودي أنا معه في المنزل فترات أطول. وشكرًا لتعاونكم معنا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء, الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الكريمة.. وجزاك الله خيرا على ثقتك الغالية، ونأمل أن نكون لك خير عون كما أملت فينا على تربية أولادك على خير وجه.
وبالطبع لقد فحصت بيانات سؤالك بعناية لأتأكد أنه لا يوجد لديك بنات، وأن ما لديك هم ذكور -بارك الله لك فيهما؛ وذلك لأني وددت أن أتأكد أن حكمك على عمر هو من منطلق ما تؤملينه فيه، ولكن ليس من منطلق مقارنته بأنثى أو بنت، وقد تسألين لم فكرت في هذا الاتجاه، فأقول لك لأن ما ذكرته عن عمر لا يتعدى كونه من صفات الأولاد الذكور المميزة لهم عن البنات خصوصًا في هذه السن، وقد جربت هذا بنفسي حين كنت معلمة وحين أصبحت أمًّا.
فطفلتي -رغم شقاوتها- تختلف كلية عن أخيها الذكر الذي لا يختلف نهائيًّا عما ذكرته عن عمر رغم أنه يصغرها بعام تقريبًا، فهو عنيف ومشاكس ولا يقبل اللوم نهائيًّا ولا يستجيب للتقريع أو النهر، ولا يرضى إلا بأن أحترمه كأنه رجل. فنفس الطلب الذي أطلبه منه ينفذه إن طلبته منه باحترام ولا ينفذه إن طلبته منه كما تطلب الأم من ولدها.. بنهر أو صوت عال أو عدم احترام لرجولته النامية، واسمحي لي أني أعتبر هذا ميزة وليس عيبًا، فلله الحمد أن يظهر لدى أولادنا ميولاً للقيادة واعتزازًا بالنفس وعزة وحمية تستحق التنمية وليس القهر أو التسلط، فلم لا يكون لديه رأي وينفذ ما يريد؟؟ ولم لا يكون لديه ميوله ورغباته التي ينفذها؟.. إن ما عليك فقط هو إدارة هذه الأمور وليس المصادرة عليها، وتعالي نفكر كيف:
أولاً: لا تشعريه بأنك أضعف من أبيه أو أنك تلجئين للأب لحل مشكلاتك مع عمر من فرط ضعفك وقلة حيلتك، حتى لا يزيد في عدم الاهتمام بتوجيهاتك، ولكن عليك أن تحفري لنفسك في قلبه مكانة كمكانة أبيه بحيث يحرص على إرضائك ولا يهابك في نفس الوقت، بل فقط يسعى لإرضائك.
ثانيًا: احفري هذه المكانة بالمصادقة، وبالجلسات العائلية اللطيفة التي يعرف فيها أنك وأبيه وحدة واحدة وهو جزء من هذا الكيان، وتصرفاته الخطأ تجعله يشذ عنه ويفقد هذا الدفء، فاصحبيه في جولاتك، وأشعريه برجولته كأن تقولي له احمل عني هذا أو ذاك أو ادفع النقود للبائع تارة، وبمدحه أمام أبيه تارة وأمام الأسرة والثناء على قوته وطاعته ومعونته لك، وأنك بدونه لا تعرفي كيف يمكن أن تعيشي، وصدقيني أن المدح للأطفال كالسحر أو البلسم المعالج من كل ألم، فهو يغيرهم ويصنع بهم ما لا تصنعه آلاف الضربات أو الهدايا وخصوصًا أمام الناس أو من يحبون من الناس، ولكن احرصي أن يكون المدح على تصرفات حقيقية كيلا يشعر الطفل بأنك تكذبين أو تسخرين منه.
ثالثًا: لا تناديه إلا "يا حبيبي" أو باسم التدليل وببسمة حنون.. لكي تتقاربا من بعضكما، وافعلي كل ما تجدينه يؤثر في قربكما لبعضكما إيجابًا، وحينها ستجدينه يعمل لهذه الصداقة حسابًا ولا يستهين بها ولا يضيعها بتصرفات خاطئة إلا تحت ضغط قوي ويعود معتذرًا في أسرع وقت.
رابعًا: يبدو من كلامك أنك استشرت الأصدقاء أو شكوت إليهم ابنك وهو ما جرحه بالتأكيد، فحاولي إن فعلت ذلك أن يكون بمنأى عنه لكيلا يشعر بأنه محل شكوى ونبذ باستمرار فينفر منك ومن الذين يعلم أنه ذكر بسوء أمامهم؛ لأن ذلك يجرحه، بل اجعليه أهلاً لأن يعتز بنفسه أمام الناس ويقابلهم مرفوع الرأس.. وحذري مدرسته من نفس الشيء. وتفاهمي معها ألا تتحدث عنه بسوء أمامه معك أو حتى أمام زملائه، بل فقط توجهه برفق مثل "أنت ممتاز يا عمر.. وأتمنى أن تكمل شطارتك بالهدوء في الفصل".. أو تصنع له جدولاً للسلوك الحسن وتعطيه فيه نجوم مع التصرفات الحسنة، ومع كل 5 نجوم يأخذ هدية لطيفة بسيطة كحلوى أو لعبة رخيصة، ولكن مفرحة... إلخ.
وحاولي حتى أن توفري أنت هذه الهدايا.. وأفهمي المعلمة أن الشقاوة دليل ذكاء وأن كتم طاقة الأطفال لساعات متواصلة داخل الفصول شيء قاتل.. هي نفسها كمدرّسة لا تطيق ذلك، بل تخرج من الفصل وتتمشى قليلاً أو تنتقل من فصل لآخر.. ويبقى المساكين الأطفال مقيدين بالأغلال في الفصول دون حراك، ومن تحرك أو شاكس فهو مشاغب.
خامسًا: اتفقي مع مدرسته أن تفعل شيئًا يساعدها على تنفيس طاقة الأطفال من نوع ابنك في فصلها من خلال إيجاد فترات راحة بين المهمة والأخرى، في صورة وقفة للأطفال في أماكنهم، ثم يمارسون حركات رياضية معينة في المكان (مثل لعبة شمس قمر المعروفة، حيث يرفع الأبناء أيديهم للأعلى مع كلمة شمس، ثم يعقدونها تحت رءوسهم وكأنهم ينامون مع كلمة قمر).. أو غير ذلك من ألعاب تغير رتابة اليوم وتنفس الطاقة، وتجعلهم يتحركون بما يقلل من طاقتهم التي يستخدمونها في المشاكسة.
سادسًا: مسألة غيرته لا يعالجها هدية أهديتها له عند قدوم أخيه وحسب، بل يحتاج الأمر لعدل مستمر وأسلوب ثابت في التعامل بعدالة وشفقة مع الطفلين.
سابعًا: كما أن العناد -وهو سمة أساسية لدى الأطفال من عمر ابنك- له أساليب متنوعة في الترويض تجدين لها نماذج فيما يلي:
كنز الطاعة المفقود.. موجود
افهم النغمة لتسمتع بها
وأخيرًا أختي الكريمة.. أرجو أن أكون وفرت لك ما يفيدك من مقترحات للتعامل مع طفلك، وفي انتظار متابعاتك وملاحظاتك على جدوى اتباعك لما ورد في الإجابة من مقترحات، فإلي هذا اللقاء.
ولمزيد من المعلومات المفيدة يمكنك مراجعة ما يلي:
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا.
طفلي يصرخ ..افهموني أستجب لكم.. متابعة.
ـــــــــــــــــ(104/361)
الطفل الأول البريء من القهر - "متابعة" ... العنوان
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولاً أشكركم كثيرًا على سرعة ردكم على استشارتي الطفل الأول البريء من القهر
وثانيًا أوضح أمرين في استشارتي وبعيدًا عن التفاصيل الأمر الأول: في موضوع التبول اللاإرادي سؤالي ينقسم إلى شقين: هل من الطبيعي أن يعود الطفل لتبليل فراشه بعد أن توقف عن هذه العادة أكثر من عام؟ هل من الطبيعي أن يكون معدل دخول الطفل للتواليت من ثلاث لأربع مرات في الليلة الواحدة، أي أنه بين الساعة الثامنة والساعة السادسة يدخل التواليت ثلاث أو أربع مرات وإلا بلل فراشه.
أما في موضوع الدفاع عن النفس وربطه بالثقة بالنفس فإن ما يزعجني حقًّا ليس أنه لا يبادر بالدفاع عن نفسه بمقدار رده عليّ عندما أسأل لماذا لا تدافع عن نفسك يقول لي إن فلان عنده قوة وأنا لا، أو عندما أسأله أين ذهبت أدواتك يقول لي إن فلانا أخذها؛ لأن لديه قوته وأنا لا، ولا أعرف لماذا ينظر لنفسه هذه النظرة، مع العلم بأنه لا يفعل معنا هذا، ولقد قرأت استشارة بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات ، وجاء فيها التالي: من هو الطفل الذي يُعتدى عليه غالبًا؟ الطفل الضعيف جسمانيًّا -الطفل الخواف- الطفل القلق والمتوتر - الطفل الحساس أو الخجول...، أي الطفل الذي يبدو عليه الضعف.
ولعلّ الصفة الأهم للمعتدي والمعتدى عليه معًا هي: التقدير المتدني للذات. أولاً يوسف ليس ضعيفًا جسمانيًّا، بل على العكس تمامًا.
ثانيًا: هو ليس خوافًا ولقد كان تقبله لبداية المدرسة ولتركي له جيد جدًّا، وملحوظ من معلماته وتعامله مع الآخرين (الغرباء) جيد ويخاف فقط من الظلام، وهو أمر طبيعي بالنسبة لمن في عمره.
ثالثًا: هو ليس قلقا أو متوترا أو حساسا أو خجولا، حيث إن إحدى معلمات صفّه قالت لي إني إن أردت أن أسأل من يبيض وجهي ويشرفني أمام مديرة المدرسة فإني أسأل يوسف، حيث إنه مميز حتى في الطريقة التي يقف بها، كما أن معلمة أخرى تقول لي إنه طفل سعيد، وإنها إذا وضعت شريطًا تعليميًّا به موسيقى فإنه يقوم ويبدأ بالرقص، ونفس المعلمة تقول إنه على الرغم من أن يوسف شقي جدًّا فإنه يعرف متى يجب عليه أن يتوقف، وإنه يحترم معلميه إجمالاً.. إنه لا ينطبق عليه أي من هذه الصفات حتى في التقدير المتدني للذات هو لا يبدي ذلك إلا في مواقف الاعتداء عليه وعلى ممتلكاته، ولكنه يرفض أن يقول أحد عنه إنه صغير، بل هو كبير وعنده قوته أكبر أكبر بكثير وهذا تعبيره، وإنه البطل، وإنه أول واحد في العالم وهذا أيضًا تعبيره هو... لا أعرف أين المشكلة، ولكني أريده أن يبادر بالدفاع عن نفسه وعن ممتلكاته ولا أعتبر ذلك دعوة لتعليم قانون الغاب.
لي سؤال أخير.. ما هي الأضرار التي تلحق بالطفل عند تعليمه الكتابة في سن مبكرة (3 سنوات و9 أشهر)؟ حيث إن كل ما كتب أننا حين نعلمه الكتابة نطلب منه ما لا يتواءم مع نموه العضلي... إلى غير ذلك من المكتوب في موقعكم الرائع، ولكن يتم تعليمه الكتابة في المدرسة، فهل هناك ضرر على عضلاته؟ حيث إن مما قرأته لديكم أن ألمانيا تسمح بمقاضاة المدرس إذا أرغم الطفل على الكتابة بدقة أكثر من مرة أو مرتين. أشكركم كثيرًا وأعتذر بشدة عن التطويل مرة أخرى، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ونحن نشكرك على متابعتك لنا، وها هي الإجابة على أسئلتك الجديدة والتي لم تتضمنها رسالتك الأولى.
بالنسبة لتبليل الطفل لفراشه بعد أن توقف لمدة عام فلم يقل أحد إن هذا أمر طبيعي، ولكن قلنا إنها فعلاً مشكلة تبول لا إرادي، وإنك تسيرين في الطريق الصحيح بتطبيق البرنامج السلوكي، أي أن الأمر غير طبيعي ويسمى مشكلة تبول لا إرادي، ولكنك قد بدأت العلاج فعلاً فاستمري فيه، وبالنسبة لمعدل دخول الحمام أثناء الليل عدة مرات من أجل أن نضمن ألا يبلل فراشه فهذا أيضًا وارد أن يحدث مع بعض الأطفال؛ لأن سبب عودة التبول اللاإرادي للطفل وهل هو لأسباب نفسية فقط أم لأسباب عضوية متعلقة بحجم المثانة وقدرتها على استيعاب البول، ولماذا يحدث توقف في بعض الأحيان أو في بعض المواقف ليعود في مواقف أخرى، كل ذلك لم يُجزم فيه بإجابة قاطعة حاسمة وتتعدد فيه النظريات المفسرة للأمر والذي تصلح جميعها مجتمعة لتوضيحه، وبالتالي يصبح تعدد الدخول في أثناء الليلة يفسر بمسألة صغر حجم المثانة عند بعض الأطفال مع عدم تواؤم معدل إخراج الكلية للبول إلى المثانة، وهي مسألة طبية دقيقة لا داعي لأن تشغلي بالك بها؛ لأن الأمر في النهاية متعلق بالبرنامج السلوكي والاستمرار فيه؛ ولذا فإننا في إجاباتنا لا نحب أن ندخل مع الأمهات في تفاصيل لا علاقة لهم بها، وتجعلهن يدخلن في دوامة من الأسئلة التي لن تجدي في قضية علاج أبنائهم من المشكلة.
وفي قضية ما تسميه رد الاعتداء فإن التفاصيل الجديدة التي أوردتها في رسالتك جعلتنا لا نجد إلا ما قلناه في ردنا السابق سواء في مقدمة الرد عن الطفل الأول ووضعه تحت المجهر، أو في أن هذا الطفل واثق من نفسه فعلاً ولا يعتبر هذه الجزئية عن مشكلة ثقة، ونعود فنقول لك لا تتعجلي فسيكبر يوسف ويدافع عن نفسه، ولكن بالطريقة الصحيحة، وليس شرطًا بالصورة التي تتصورينها أو تتمنيها لهذا الطفل ذو الأربع سنوات.
وبالنسبة للكتابة في سن مبكرة فإن القضية تكمن في قهر الطفل على الكتابة، أما إذا قام بها مختارًا راضيًا فمعنى ذلك أن عضلاته وتوافقه الحركي قد وصل إلى المرحلة التي تسمح له بتعلم الكتابة ولا ضرر عند ذلك.. المشكلة في القهر على ذلك، وحيث يكون ذلك عبئًا على العضلات، أما في غير ذلك فلا مشكلة.
ـــــــــــــــــ(104/362)
وحدة وألفاظ بذيئة.. مشاكلي مع طفلي!! ... العنوان
السلام عليكم، أشكر لكم سعيكم الدائم لمساعدتنا في حل مشاكلنا، أما بخصوص مشكلتي فهي تتعلق بابني حسن 6سنوات، وخاصة فيما يتعلق بسلوكه في المدرسة ومع الأغراب. هو طفل واعٍ، حنون جدًّا، متعلق بي جدًّا ويهاب أباه ويحبه في نفس الوقت، يحب أخاه كثيرًا، أحيانًا يحس بالغيرة منه في حال اهتمامنا بالصغير أكثر منه، ولكنه يفصح عن إحساسه بالكلام رغم أننا لا نفرق في المعاملة بينهم أبدًا، ونجعله يحس بأنه أهم شيء لدينا، يحب تحمل المسئولية وشخصيته ليست ضعيفة، فإننا دائمًا نعطيه الفرصة لإبداء رأيه واختيار ألعابه وثيابه، حتى نأخذ رأيه فيما نريد شراؤه للمنزل أو لنا ولأخيه بالذات، فمثلاً هو يساعدني في شراء ثياب أخيه من حيث الموديل واللون وأيضًا الألعاب.
علاقتي مع أبيه أكثر من جيدة، ونحن والحمد لله عائلة مستقرة، المشكلة الوحيدة هي أنني عصبية جدًّا مع حسن أحاول أن أمسك نفسي، ولكنني أفشل في أكثر الأحيان فهو عنيد جدًّا ومزاجي، وخاصة في المذاكرة فهو يريد أن يدرس على هواه، وفي الفترة الأخيرة أصبح قليل الأدب معي فهو لا يحترمني ويتلفظ بألفاظ قبيحة، وأنا أحاول أن أخاصمه فيجن جنونه ويتأسف، ولكنه يعود لألفاظه تلك ثانية، عندما يفعل نفس الشيء مع أبيه فهو يضربه، ولكنني لا أريد استخدام الضرب معه.
المشكلة الأساسية هي أنه في المدرسة يكون على النقيض، أي أنه خجول جدًّا لا يلعب ولا يتحرك كبقية الأولاد، فإني أحيانًا أذهب وأراقبه في الملعب من دون أن يراني فأراه كالتمثال لا يتحرك، فالأولاد من حوله يركضون ويضحكون وهو جامد لا حراك ولا حياة فيه، كما أن المعلمات يشتكين من بطئه في الكتابة، وهو لا يشارك مع أنه مجتهد ويدرس بسرعة في البيت ويحب الدرس والمدرسة، لم يشتكِ يومًا من معلمته فأنا دائمًا أحاول استنطاقه، ولكنه يشتكي من زملائه، حيث إنهم يأخذون أغراضه كالقلم والممحاة؛ إذ إنه كل يوم يأتي إلى البيت من دونها.
ليس لديه أصحاب كثر فقط أبناء عمته يلعب معهم في نهاية الأسبوع، وهو أيضًا لا يخرج كثيرًا من البيت إلا ليلعب في أسفل العمارة، ويكون مع أخيه والخدامة لساعة من الوقت، وهو لم يتعود أن يرى أناسًا كثيرين، فربما لذلك علاقة بانطوائيته أو سلوكه، فنحن في غربة حتى إننا لم نسافر إلى موطننا منذ 4 سنوات، فأنا أعتقد أننا لو أخذناه إلى هناك كل سنة، حيث إن أقاربنا كثر ودائمًا نكون موجودين مع أناس كثر وغرباء، فربما هذا يحرك هذا الجمود فيه ويقلل من انطوائيته أو أن نشركه بنادٍ رياضي.
هذه حلول توصلنا إليها زوجي وأنا، فأرجو منكم إفادتي حيث إنكم أهل العلم وضليعون في هذه الأمور. كما إنني أحب أن أذكر أنني عندما كنت في المدرسة كنت أعاني من نفس المشكلة، حيث إنني كنت انطوائية وغير اجتماعية وحساسة جدًّا، فهل للوراثة تأثير في ذلك؟ شكرًا لسعة صدركم، وأرجو أن تعذروني على الإطالة في رسالتي.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمته وبركاته.. جزاك الله خيرًا، وأدعو الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
بداية أشكرك -سيدتي- على ما تحاولين فعله أنت وزوجك مع ولديكما من اهتمام ورعاية نفسية ومادية.
وأما عن استشارتك فسوف أبلور النقاط التي وردت بها، وهي:
• ما يشعر به من غيرة تجاه أخيه الصغير.
• تتعاملين معه بعصبية خاصة فيما يتعلق بمذاكرته.
• ألفاظه بذيئة معك.
• خجول وانطوائي ولا يلعب مع أصحابه بالمدرسة (غير اجتماعي).
• بطيء في أدائه بالمدرسة.
بالنسبة لموضوع الغيرة فلا بد أن تعرفا أنت ووالد الطفل أن الغيرة مشاعر طبيعية، وما تفعلانه لعلاج الغيرة أمر تحمدان عليه، ولا شيء ممكن أن أنصحك به سوى: ألا تحاولي حينما يتشاجر مع أخيه أو يضربه أن تدافعي عن الأخ الأصغر أو تنوبي عنه -أي عن الصغير- في بث مشاعر الحب لأخيه الأكبر، فلا تقولي لحسن مثلاً: "لماذا تفعل هذا بأخيك فهو يحبك ولا يؤذيك".
أما حرصكما على أن يكون لحسن رأي واختيار في أمور كثيرة كالتي ذكرتها في رسالتك فهو أمر رائع ومطلوب، ولكن دائمًا أقول: إن خير الأمور الوسط، بمعنى ألا أبالغ في أخذ رأيه للدرجة التي تجعله يشعر بعد قليل أنه مركز الكون، وألا شيء يسير دون مشورته ورأيه.
ويمكنك الاطلاع علي :
طفلتي تغار من أختها
غيرة طفلي.. كيف أتعامل معها؟
عندما يغير الطفل
علاج الغيرة برضعات الحنان.. متابعة 2
أما عن عصبيتك معه فجميل منك أن تعرفي هذا، ولكن الأجمل منه أن نتعلم ضبط النفس، ويمكنك أن تفعلي ذلك عن طريق:
1. أن تذكّري نفسك دائمًا بأنه أصغر بكثير من أن تنفعلي عليه وتحتدي عليه أو تتعاملي معه بأنه ندّ لك ويتحداك، بل تعاملي معه على أنك أنت المربي الموجه لسلوكياته وأنت التي تقومين باستيعابه واستيعاب ما يصدر منه.
2. أن تقومي ببعض تمرينات الاسترخاء والتي تساهم بشكل فعّال في التهدئة واستيعاب الأمور، ويمكنك معرفة الكثير عنها إما من كتب عن هذه التمرينات وما أكثرها الآن في الأسواق أو من بحثك عنها على مواقع البحث على الإنترنت.
3. أن تذكري نفسك دائمًا أن أسلوب الحدة والعصبية سيجعل من ابنك شخصية ضعيفة مهزوزة أو شخصية عدوانية عنيفة، وأن أول من سيتجرع هذا هو أنت ووالده، فضلاً عن أنه سيتعامل معك بنفس الأسلوب خاصة في مرحلة المراهقة.
4. وأولاً وأخيرًا أن تستعيني بالله سبحانه وتكثري من الدعاء.
كما يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات تناولت موضوع العصبية عند الأمهات وردت في هذه الصفحة:
أجندة أسرية لعلاج العصبية
عصبية الآباء والأبناء.. لكل داء دواء
رشاد عصبي.. لماذا!؟
عصبية وأصرخ في أطفالي.. ماذا أفعل؟
أما عن تطاوله عليك وتلفظه بألفاظ غير لائقة لك فأول خطوة هي علاجك للعصبية، فكيف بالله عليك نطالب الطفل بأن يتحكم في عصبيته وعدم تطاوله وأنا لا أستطيع ذلك، أما عن سائر الخطوات فهي:
حين يتلفظ مرة أخرى بلفظ سيئ فعليك بالجلوس أمامه ممسكة بكتفيه ناظرة مباشرة لعينيه في حزم قائلة له: "يمكنك أن تغضب، لكن لا يمكنك على الإطلاق أن تعبر عن هذا الغضب بهذا الأسلوب البذيء الذي لن أسمح به مرة أخرى"، واتركيه دون أن تنتظري تعليقًا منه، وعندما يتكرر الأمر قفي (ولا تجلسي) أمامه بنفس الحزم قائلة: "ألم أقل لك ألا تفعل ذلك"، وعندئذ لا تتحدثي معه لمدة قدريها بنفسك، وعند إحساسه بالندم حدثيه مباشرة ولا داعي لأن تنتظري منه اعتذارًا صريحًا، ولكن يكفي أن يتحدث إليك بطريقة تدل على الندم، فإذا تكرر فزيدي المدة الزمنية التي لا تحدثينه فيها مع بيان أنك في هذه المرة لن تتحدثي معه إلا إذا أتى بدليل على أنه سيكف عن هذه الألفاظ، وسوف تضعينه تحت الاختبار حتى لا يعود لمثلها، وعرفيه أنه بهذا الأسلوب سيفقد كل من يحب في حياته إذا لم يعرف كيف يضبط نفسه وينتقي ألفاظه.
ويمكنك الاطلاع علي:
البذاءة ...العلاج في معرفة السبب
فقه تغيير السلوكيات
القدوة ممحاة البذاءة
زلزال الغضب.....والبذاءة
أما انطواؤه بالمدرسة وعدم لعبه مع أصحابه، بل إنه ليس له أصحاب بالمدرسة فقد يرجع ذلك إلى أنه شخصية حساسة، ولم يعتد بعد على أن يكون عضوًا في جماعة، فقد كان إلى عهد قريب ملكًا متوجًا في أسرته يتلقى كل العناية وينصب عليه الاهتمام، والآن وبعد أن التحق بالمدرسة لم يَعُد العضو الوحيد، بل هو فرد في جماعة فبدأ يشعر بزعزعة مكانته وعدم التقدير، وازداد هذا الشعور مع وجود أخ يصغره، وهذه مرحلة يمر بها كل طفل وحتى تمر بسلام يمكنك أن:
تتصلي بمدرّسيه وتجعليهم يتعاونون معك على الطرق التي تؤدي بحسن لأن يكون طفلاً اجتماعيًّا بتشجيعه على الإجابة والحوار والمناقشة بالفصل، وتشجعيه -في مرحلة تالية- على الاشتراك بأنشطة المدرسة.
والأهم من ذلك ألا يركز على هذه الصفة، ولا يقال له على سبيل التشجيع: "لماذا لا تلعب مع أصحابك أو لماذا لا يكون لك أصحاب مثل فلان وفلان أو لماذا يشكو معلموك من عدم تجاوبك وعدم تفاعلك"، فكل هذه الجمل لا تؤدي إلا لنتيجة عكسية.
واقتراحاتك أنت وزوجك عن السفر للأقارب واشتراكه بنادٍ رياضي خطوات على الطريق الصحيح إلى جانب التزاور مع أصدقائكما ومعارفكما في بلد الغربة، وخاصة من لديهم أولاد في سن حسن، لكن يجب أن تنتبها إلى أنه لن يتجاوب مع الناس ويتفاعل معهم بمجرد أن تقدما على هذه الخطوات، بل سيستغرق هذا الأمر وقتًا غير قصير، وخاصة في حالة سفركما فهو لم يرَ أقاربه منذ أربع سنوات، وهذا كفيل بأن يشعره بالغربة والوحشة وعدم الرغبة في التجاوب معهم، لكن عليك أنت وزوجك بالصبر والمثابرة، ولا تجعلي الهدف والنية هي تفاعل حسن مع أسرته ليكون اجتماعيًّا فقط، بل ليتعلم معنى صلة الرحم ودفء العائلة، وهناك موضوعات عن الطفل المنطوي، وكيف يكون اجتماعيًّا طرحت أيضًا على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها.
أما عن شكوى مدرسيه عن البطء فهذا له أسباب عديدة، ولا يمكن تحديدها إلا إذا قمنا بتعديل السلوكيات السابقة، فلا شك أن كل ما سبق له أثر بالغ في تواجد هذا البطء عنده ويفقده الدافعية للمذاكرة، كما أود أن أنبهك ألا تستنطقي ابنك ليتحدث عن المدرسة، ولكن عليك أن تتركيه يتحدث عنها بتلقائية، وذلك عن طريق حديثك أنت عن ذكرياتك بمدرستك وأنت صغيرة في مثل سنه حديثًا صادقًا يحوي سلوكياتك ومشاعرك في تلك الفترة، وبعدها ستجدينه إما أن يسألك عن هذه الذكريات، وهذه التساؤلات هي عينها ما يهتم به أو يؤرقه بالمدرسة، وإما إن يبدأ هو أيضًا في سرد ما يحدث بمدرسته.
وأما عن تساؤلك عن أثر الوراثة فهناك جدال كبير بين علماء علم النفس حول أثر الوراثة والبيئة على الإنسان، ولكن أفضل الآراء التي اطلعت عليها: أن هذه الصفات تكون محمولة على الجينات بالفعل، لكن البيئة إما تعززها بمعنى أن طريقة التربية تجعل هذه الصفات تبرز وتتأصل في الفرد، أو أن تغيرها وذلك بحسب من يقوم بالعملية التربوية.
وقبل أن أتركك سيدتي أود فقط أن أنوّه إلى أمرين، أولهما في غاية الأهمية -من وجهة نظري- وهو ترك الأطفال مع الخادمات، فهذا أمر غير محبذ تربويًّا على الإطلاق، فأرجو تقليص فترة تواجد الخادمة مع ولديك، وأنا أفضل أن يكون تواجدها معهما تحت إشرافك وملاحظتك.
والأمر الثاني شعرت به في طي رسالتك وهو قلقك الشديد على ابنك وتركيزك على تصرفاته، وهذا من شأنه أن يزيد من حساسية الطفل، بل ويزيد من خطئه؛ لأنك لا تتركين تصرفًا إلا وتعلقين عليه وتوجهينه فيه، ولا أعني بذلك ألا نهتم بأولادنا وسلوكياتهم، بل يكون ذلك بطريقة لا تشعرهم فيها بأن كل حركاتهم مرصودة وتحت المجهر.
وأخيرًا.. أدعو لك الله عز وجل بالتوفيق والسداد،
ـــــــــــــــــ(104/363)
الاختلافات الفسيولوجية والبنية النفسية - (متابعة) ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قبل البدء أود أن أحيي فريق الاستشارات على جهوده الحثيثة وعمله الدؤوب في فتح أبواب الوعي والمعرفة أمامنا، ولما يقدمه من مساعدة كبيرة لنا في عملية التربية هذه المهمة العظيمة والشاقة في آن معًا. كنت قد استشرت فريقكم قبل عدة أعوام في استشارة نشرت بعنوان الاختلافات الفسيولوجية والبنية النفسية
وقد أخذت بما جاء في ردكم على المشكلة، وسارت الأمور بشكل جيد والحمد لله. فقد تركت طفلي يستعمل يده اليسرى بشكل طبيعي لكنني عودته على الأكل باليمنى، لكن قبل 3 شهور التحق بالروضة -في سن 4 سنوات و3 شهور- وبدأ يرسم ويكتب و.. وقد لاحظت منذ مدة أنه يمسك القلم باليد اليمنى، لكن مسكته غير متماسكة مما يجعل خطوطه متعرجة ومرتجفة، وقلت لنفسي لا بأس لن أطلب منه الكتابة باليسرى، فما دام يتعلم منذ الروضة الكتابة باليمنى فسينشأ على ذلك وليس في الأمر مشكلة طالما كان هذا اختياره، لكن بعد أيام تحدثت في الموضوع مع معلمته فراعني أن تشكو أنه لا يجيد مسك القلم كالأطفال الآخرين ولا يجيد بالتالي الكتابة ولا التلوين وطلبت مني أن أركز على تدريبه في البيت ليتمرن... وقد وقعت في حيرة هل أطلب منه أن يمسك القلم باليسرى طالما أنه متمكن من استعمالها أكثر من اليمنى أم أتابع معه مشوار تعلم الكتابة باليمنى.
علمًا أنه أحيانا يمسك القلم باليسرى ويلون لكن حتى في هذه الحالة لا تكون مسكته جيدة ربما لأنه لم يتدرب بما فيه الكفاية. فماذا أفعل؟
أتمنى ألا تتأخروا علي في الإجابة لأن الوقت يمضى ولا بد لي من تدريبه كيلا تزيد الفجوة بينه وبين أقرانه ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وشكر الله لكم استشارتنا وأسأل الله عز وجل أن يوفقني في الرد؛ بالجواب الشافي الوافي وأشكر الله إليكم حرصكم على أبنائكم، واجتهادكم في تنشئته ورعايته ومتابعته
وبعد،
بداية لا بد أن أطرح عليك عدة نقاط:
- الطفل الأعسر هو الطفل الذي يولد طبيعيًّا، ولكن الله عز وجل خلقه وجعل سلوكه الحركي ومهاراته اليدوية والحركية، تبدو أدق وأمهر في الجانب الأيسر من جسده؛ سواء اليدين أو القدمين. ولا يختلف ذهنيًّا أو حركيًّا أو ذكاء عن الذين يستخدمون الجانب الأيمن.
- إن الله سبحانه وببساطة شديدة جعل المنطقة المركزية بالمخ والتي تتحكم وتنظم السلوك الحركي للجانب الأيمن من الجسم في الفص المخي الأيسر.
وكذلك جعل سبحانه المنطقة المركزية بالمخ والتي تتحكم وتنظم السلوك الحركي للجانب الأيسر من الجسم في الفص المخي الأيمن.
ومن يستخدم الجانب الأيمن من الجسم، تكون السيادة المهارية للمركز المخي الأيسر على الأيمن.
وكذلك من يستخدم الجانب الأيسر من الجسم، تكون السيادة المهارية للمركز المخي الأيمن على الأيسر.. وذلك أمر فطري في كل البشر.
وللوالدين والمربين دور هام مع هذا الطفل يمكننا إيضاحه فيما يلي:
أولاً: تقبل إرادة الله عز وجل بالتسليم والرضا وحسن الظن؛ بأن سبحانه قد قدر وأراد له الخير.
ثانياً: أن نلتزم بالجانب الشرعي في الأمر، وهو قبول نصيحته صلى الله عليه وسلم؛ بأن نتبع سنته ونعلمها لأولادنا؛ فندرب الطفل منذ صغره على استخدام اليد اليمنى في تناول الطعام والشراب فقط.
ثالثاً: بالنسبة لبقية السلوك الحركي للطفل الأعسر، فيجب أن نتركه يستخدم اليد اليسرى في كل أموره الحياتية -عدا الأكل والشرب لأنه محظور شرعي- ولا نتدخل في منعه من استخدام اليد اليسرى في الكتابة وكل سلوكياته الحركية والمهارية، وكذلك القدم اليسرى في لعب الكرة.
رابعاً: عدم التعارض مع خلق الله عز وجل أي عدم تصادم إرادة البشر بإرادة الحق سبحانه، فلا نلزم الطفل الأعسر بحتمية استخدام يده اليمنى دون اليسرى في الأعمال الحركية الدقيقة.
فقد نمرن الطفل الأعسر على استخدام كلتا يديه، ولكن السلوكيات الحركية الدقيقة ستظل أدق وأكمل وأيسر له باليد اليسرى عن اليمنى.
فحذار أن نوقعه في المعاناة.
سيدتي الفاضلة ولدك الحبيب يعاني من حالة ارتباك سلوكي وحركي بسبب أمرين:
1) تصادم الإرادة البشرية مع الإرادة الإلهية؛ فلقد حملتموه ما لا يطيق، وأجبرتموه على استخدام اليمنى الأقل دقة من اليسرى في السلوكيات الحركية.
2) عدم التنسيق والتعاون بين البيت والمدرسة في تربية وتوجيه الطفل، فكل منكم يتعامل مع الطفل منفرداً.
وعليك سيدتي في هذه الحالة:
1) حاولي مساعدته على التدريب على العودة لاستخدام يده اليسرى في الكتابة.
2) تعاوني مع معلميه ومربيه بأن يتم التناسق بينكم في تدريبه؛ بنفس الطريقة.
3) اتركيه على راحته في استخدام اليد اليسرى في كل سلوكياته الحركية؛ عدا الطعام والشراب.
4) لا تزجريه إذا فشل في محاولاته الأولى.
5) مارسي معه التحفيز، فكافئيه عند نجاحاته.
6) ازرعي فيه الثقة بأنه طبيعي، بل قد يكون أفضل له مستقبلاً، وذكريه بندرة ومهارة وأهمية اللاعب الأعسر في الفريق، والقدرة المهارية للاعب الأعسر في مركز الجناح الأيسر.
7) قدمي له الدعم الإيجابي؛ أي شجعيه بأنه يملك ما لا يملكه غيره، وسيعطي بعونه تعالى ما لا يستطيع أن يعطيه غيره من أقرانه، وأن يمتلك قدرة وميزة وخصوصية ربانية لأمر مقدر ولحكمة إلهية.
8) الدعاء الدائم بأن يبارك فيه ويعينه على عودة التناسق لسلوكه الحركي؛ ولا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ:
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا". [الفرقان 74]
فسيكون بحوله وقوته سبحانه، قرة أعين لوالديه ولأمته، وسيكون للمتقين إماماً؛ علميًّا وخلقيًّا وسلوكيًّا وحركيًّا.
ـــــــــــــــــ(104/364)
نظام ونظافة.. إكساب العادة معنى ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. وجزاكم الله خير الجزاء. المشكلة بإيجاز شديد هي أن ابني طارق 6 سنوات في الصف الأول وذكي ورسام ماهر ودائم الابتكارات، لكنه مع ذلك لا يهتم بنفسه على الإطلاق لا في نظافته ولا في ملبسه، أي في مظهره وأناقته، مع أن والديه وإخوته جميعًا على النقيض من ذلك تمامًا، وأيضًا دائمًا كتبه وأدواته مبعثرة.. فما الحل؟ ولكم جزيل الشكر، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاك الله خيرًا على تحيتك واستهلالك الطيب؛ ولم يكن هناك أي داعٍ للاختصار فكلماتكم تسعدنا كثيرًا؛ وكما نذكر دومًا كلما كانت لدينا تفاصيل أكثر تمكنا من رسم صورة أوضح لما نتعامل معه من مشكلات.
أسعدني كثيرًا بداية كلماتك بذكر مآثر ومزايا طفلك الحبيب -هداه الله وباركه- فذكرت أنه ذكي وماهر ودائم الابتكارات. ما شاء الله بارك الله فيه ونفع به أمته.. اللهم آمين.
أحمد الله أنك تستطيعين رؤية المزايا في طفلك.. فاغتنمي هذه المزايا للوصول للمزيد، وذلك بالإبقاء عليه، وإظهارك لطفلك رؤيتك لها. فلا بد أن يعرف طفلك أنك ترين صفاته الجيدة وتقدرين مزاياه.
هناك مسألة مهمة أحب أن ترسخ لدى الوالدين، وهي ما أحب تسميتها بالأولويات في التربية، أي لا بد من التركيز على الأولويات حتى لا نخسرها بتفكيرنا المنتظم فيما ينقص أطفالنا وربما لم يكن أولوية. والأولوية دائمًا لما سيقابل به أولادنا ربهم من دين متين وعقيدة راسخة وعبادة مخلصة.
والهدف من التربية بوجه عام أن نُعِدّ إنسانًا طائعًا عابدًا، يسلك كل ما يرضاه الله، ونتخذ في هذا كل ما لدينا من وسائل ممكنة.
اعلمي حبيبتي.. أن هناك من مشكلات الأطفال ما يحسن الزمن علاجه ما دمنا قائمين عليه، أي ما دمنا لا نهمل تعليمه والتأكيد على أهميته.. من هذه المشكلات النظام والاهتمام بالمظهر الشخصي.. سيحدث بإذن الله تعالى تقدم ملحوظ ما دمنا نعلم ونوجه ونذكر دومًا بأهمية أن يكون مظهرنا جيدًا ونظافتنا الشخصية ونظامنا.
وهذا يسلمنا لنقطة مهمة جدًّا: هذه الأمور إذا ما ارتبطت عند طفلك بشيء مهم ذي قيمة فستجدينه يتقدم نحوها بمرونة وسلاسة. فإذا ما كان الشيء الذي نشدد عليه هو حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته، فماذا تعتقدين حين يرسخ هذا لدى الطفل، سيبدأ في قياس كل حركاته وسكناته على ما يحب الله ورسوله ستجدينه بإذن الله يسعى تلقائيًّا لأن يكون نظيفًا؛ لأنه يعلم أن الله جميل ويحب الجمال، وستجدينه يهتم بالنظافة؛ لأنه يعلم أن المسلم نظيف والله يحب هذه الصفات... إلى آخر قائمة العادات الطيبة التي نتمنى دومًا ترسيخها في أطفالنا.
ولكن ما يسقط منا هو وضعها في سياق مفهوم وذي معنى للطفل. وليس هناك سياق أعظم تأثيرًا من حب الله ورسوله، حينها تكتسب العادات معنى؛ فأنا أفعل ذلك لسبب، وأعلم أنه سيترتب عليه جزاء.. كل عادة ترتبط بعقيدة ترسخ للأبد.
وسنلخص تساؤلك في نقطتين:
مشكلته البسيطة الأولى: هي أنه لا يهتم بنظافته وملبسه ومظهره وأناقته.
المشكلة الثانية: هي عدم النظام كبعثرة أدواته وكتبه.
ويمكننا أن نعلِّم طفلنا هذه العادات الطيبة (النظام - النظافة والمظهر الطيب) بطرق عدة سأذكر لك بعضًا منها:
1 - القدوة:
عن طريق الإشارة للأثر الطيب لهذا السلوك كأن يذكر الأب: "الحمد لله لقد وجدت مفتاحي دون تعب؛ فقد وجدته في مكانه الذي خصصته بسهولة..."، وستجدين عشرات المواقف اليومية التي يمكنك استثمارها. ولكن دون أن يشعر طارق بأنك تقصدينه بهذا الحديث.
2 - إفهام الطفل ما الذي تعنيه كلمة "نظام" و"نظافة" و"مظهر جميل".
ومن الأفضل استثمار أول فرصة يظهر فيها طفلك قدرًا من التزامه (ولو غير المقصود) بأي من هذه العادات. حينها نثني ثناء وصفيًّا كأن نقول له: "ما شاء الله يا طارق.. ها أنت قد وضعت حذاءك في مكانه المخصص له في...؛ هذا ما يسمى نظامًا. ما شاء الله طارق منظم. وضع الحذاء في مكانه".
هذه الطريقة لها عدة مزايا: استثمار كل إيجابي من الطفل بالثناء عليه، وتركيز تفكيرنا نحن الأهل في الإيجابي مما يسلكه الطفل، إضافة لأنها تعلم الطفل معنى ما نطلقه نحن من مفاهيم وأوصاف ولا يفهم معناها حرفيًّا.
- تحديد أماكن واضحة ثابتة محددة للأشياء التي تخص طارق، وجعلها في متناول يده. كالمشاجب والرفوف وأماكن الكتب...
3 - التعليم بالخطوة خطوة:
حين تبدئين في تنظيم غرفة طارق؛ أجلسيه معك ثم دونا معًا: مهمات تنظيم غرفة طارق: (وضع الملابس على المشجب، ووضع الجوارب المتسخة في الغسّالة، ووضع الكتب على الرف والقصص في الصندوق، ووضع الحذاء... وتلميع سطح المنضدة...).
هذه الطريقة تعلم طفلك حرفيًّا خطوة خطوة بمرح ولطف ما الذي يعنيه ترتيب الغرفة. ولم تملي عليه ما يفعله، بل لقد خططتما معًا لما عليكما التشارك في فعله، وفي هذا احترام محفز للطفل.
- ثم يأتي مرة أخرى أهمية لاستثمار كل مرة يسلك طفلك السلوك المرغوب لتثني عليه ثناء وصفيًّا.
- يمكنك أيضًا أن تستخدمي بعض طرق التشجيع، مثل: طرق الجداول وفكرة صندوق الفول، وهي ببساطة فكرة تعتمد على تذكير الطفل بالإشارة لكل مرة يسلك سلوكًا طيبًا بوضع نجمة أو وجه ضاحك في جدوله، أو وضع حبة فول أو أي حبوب أخرى في صندوقه.
خططي جدولاً معه، وأخبريه أنه في كل مرة على مدار الأسبوع ستجدين ملابسه في مكانها وملابسه نظيفة وأشياءه مرتبة.... (إلى آخر هذه الأوصاف المحددة) ستضعين له نجمة في جدوله أو حبة فول في صندوقه.
وأحبذ فكرة الفول؛ لأنها حسية ملموسة مع الأطفال الصغار، وفيها حركة مرحة يحبها الأطفال. ويمكنه عد الفول آخر كل يوم ليعرف تقدمه في كل يوم عن اليوم السابق له.
وهذه الطريقة تساعد على تثبيت عادة طيبة والحفز الذاتي لها. يمكنك آخر اليوم إعطاؤه نوعًا من المكافآت المعنوية كأن تلعبي معه لعبة يحبها، وتزيدي قراءة قصة إضافية له، وتخرجا في نزهة.. وتشيري إلى أن نظامه كانت سببًا في توفير وقت للعب الإضافي بينكما.
ويمكنك أن تمنحيه قليلاً من الحلوى أو الهدايا البسيطة، ولكن دون إفراط.. ساعديه على أن يشعر بالسعادة مما فعل لذاته وليس للحلوى التي سيحصل عليها. هذا هو الحفز الذاتي الذي نعطله للأسف الشديد بإغراق أطفالنا بالحوافز الخارجية. دعي له فرصة الاستمتاع والفخر بتعلمه كيف يكون منظمًا نظيفًا ومرتبًا صادقًا.. مستشعرًا أيضًا رضي الله عنه لفعله الطيب.
اغتنمي أول فرصة يظهر طفلك فخرًا وسعادة بإنجازه، وشددي على أن الله الآن راضٍ عنك لأنك... (صفي ما فعل). واذكري ما لديك ببساطة من أحاديث أو آيات قرآنية.
اغتنمي أثرًا سلبيًّا لسلوك طفلك: ولكن دون توبيخه ونهره وعدم مراعاة شعوره، فمثلاً لو أن هناك قلمًا يحبه وضاع منه نتيجة عدم وضعه في مكانه الصحيح المخصص له؛ قولي له: "ضياع قلمك ضايقك كثيرًا؛ ماذا تفعل حتى لا يتكرر هذا مرة أخرى؛ ولا يضيع قلمك الذي تحبه، اطرح لي أفكارًا؛ ودوّني ما يقوله من أفكار في ورقة وعلقيها أمامه في حجرته بخط واضح".
هذه الطريقة تشعر طفلك بأنك عون له وداعمة. إضافة لأنها تشعر طفلك بمسئولية تجاه أشيائه، وبالتالي فعليه بالتفكير في حفظها وطلب العون منك إن رغب.
- كوني حريصة على ألا تنتزعي طفلك نزعًا مما يحب لتلقيه فيما لا يحب: مثلاً لا تطلبي منه حالاً وفورًا أن يترك لعبه ليضع حذاءه في مكانه. أو يترك قصة ينشغل بها ليقوم فيغتسل.
راعي شعور طفلك واحترميه، وأمهليه وقتًا ليقوم بما تريدين.
- سينسى طفلك ما عودته؛ ولذا يحتاج للتذكرة تمامًا كالكبار: " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ".
5- ولذا ذكري طفلك بطريقة لطيفة:
صفي ما ترين: "الحذاء في المطبخ" (هذه المعلومة القصيرة ستنبه طفلك إلى أن يأخذ الحذاء لمكانه مباشرة دون أن يشعر بملل التوجيه والأمر والذي يمكن أن يسبب في كثير من الأحيان عنادًا وغضبًا لدى الطفل، إضافة لأن ذكرك المعلومة بهذه الطريقة توفر عليك الشعور بالانفعال أثناء ذكرك لها، على عكس حالتك أثناء طرح أمر تعرفين مسبقًا أن طفلك ربما لا ينفذه مللاً وعنادًا).
6 - اذكري معلومات: "الحذاء في الطريق يمكن أن يتسبب في وقوع أحدنا على الأرض".
أ - باختصار كلمة واحدة: الحذاء.
ب - رسم كاريكاتير؛ ارسمي أي كاريكاتير يعبر عن الحذاء في منتصف الحجرة، أو الملابس المتسخة أو أي شيء آخر تودين الإشارة إليه، علقيه في مكان ظاهر.
وإن لم يمكنك الرسم فقصي صورة من مجلة أو جريدة، أو اكتبي كلمة واحدة ملونة لافتة تذكر طفلك.. المهم الإشارة المرحة لما تريدين.
هذه بعض المحاولات المحبة التي تحترم الطفل وتقدره، وتعي تمامًا الهدف التي تسير عملية التربية من أجله. وعليك بإبداع مزيد من الطرق والوسائل لترسخي ما تودين بثه من عادات طيبة، على أن نظل على وعي تام بالهدف من كل ما نقوم به. ونضع الأمور في نصابها من الأهمية، فلا ننزل الوسيلة منزلة أكبر من كونها وسيلة، ولا ننزل الهدف مرتبة أدنى من كونه هدفًا.
ضعي في ذهنك:
لماذا نربي؟
علام نربي؟
ثم كيف نربي؟
حينما نركز على هدفنا لن نضيعه أبدًا بتشديدنا على اتباع الوسيلة.
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"، وهيا معًا نربي على ما يحب الله ويرضى... والله الموفق والمستعان.
ـــــــــــــــــ(104/365)
شرود وعدم تركيز.. الحل في خطوات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. لديّ ولد عمره 9 سنوات بين أختين (8 و4 سنوات)، وحالتنا الأسرية -ولله الحمد- مستقرة ويجمع بينهم المحبة والمودة..
المهم هناك شكوى كنت ألاحظها من مدرّسة ابني وكذلك من محفظ القرآن، وأخيرًا من المدرب الرياضي؛ وهي أن ابني كثير السرحان وغير مبالٍ، ولا يهتم بما يقوله المدرب أو المدرسة؛ أي أنه لديه لامبالاة وعدم تركيز في التحصيل من المدرسة أو أثناء المذاكرة، مع أنه -والحمد لله- ذكي وعقله جيد جدًّا في الحفظ، لكنه أحيانًا ينسى، وأحيانًا أخرى لا يركز في المذاكرة إلا بالترغيب والترهيب.
أرجوكم أرشدوني عن حالة ابني، وهل هي حالة مرضية؟ وكيف أتكمن من دفعه للتركيز والانتباه للمدرسة والمدرب ومحفظ القرآن؟ وكيف أيضًا أستطيع أن أجعله يذاكر دروسه دون إلحاح مني؛ حيث إني يوميًّا يجب أن أذاكر له دروسه وأشرح له ما أخذه بالمدرسة.
وأخيرًا علاقته بأختيه على ما يرام رغم أنني أشعر أحيانًا أنه يفتقد إلى ولد مثله يلعب معه رغم أنه كثير اللعب مع أختيه ومع أصحابه في المدرسة.. وأحيانًا يشتكي عدم قدرته على إيجاد صديق له في النادي أو في حوض السباحة مثلاً.
وآخر الأمر شكري وتقديري لكم بمساعدتي.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أبا يوسف أهلا بك ومرحبًا على صفحة "معا نربي أبناءنا".
ندعو الله تعالى أن يبارك لك في أسرتك ويعينك أنت وزوجك على أداء مهمتكما التربوية أداء يرضي الله تبارك وتعالى، فلم تَعُد هذه بالمهمة السهلة خاصة في زمننا هذا.
أما بالنسبة للرد على استشارتك التي تتضمن ثلاث نقاط أساسية:
1. هل عدم تركيز "يوسف" وعدم انتباهه أمر مَرضي أم عادي؟
2. وكيف نوجد لديه الدافع للمذاكرة دون اللجوء للترهيب والعقاب؟
3. شكواه من عدم وجود صاحب لديه.
أما بالنسبة للنقطة الأولى وهي عدم تركيز يوسف وشروده الدائم فبرغم اجتماع مدرسي "يوسف" على أنه كذلك؛ فإن الأمر يحتاج إلى استشارة أحد المتخصصين في مجال صعوبات التعلم، أو أحد المراكز الخاصة بهذه الصعوبات بمكان إقامتك؛ فهما الفيصل فيما إذا كان يوسف يعاني من اضطراب في الانتباه، أو أن الأمر لا يتعدى أكثر من مجرد تغيير في أسلوب التوجيه والتعليم ليتحسن انتباهه، ويمكن أن تتعرف على المتخصص أو المركز من خلال مدرسة "يوسف" نفسها. وقد قمت بالبحث عن هذه المراكز بالسعودية عبر الإنترنت فلم أجد، ولكن هناك استشارة بعنوان الأسباب الخفية وراء الإخفاقات الدراسية. يمكنك الاطلاع عليها لتتعرف على مراكز للإبداع هناك، ويمكنك عن طريقها التعرف على مراكز صعوبات التعلم.
ثانيًا: كيف نوجد الدافع لدى "يوسف" للتعلم دون إكراه؟
وهذه النقطة مترتبة على سابقتها، فإذا كان يعاني من صعوبة في التركيز والانتباه فإن المتخصص سوف يشرح لك إستراتيجيات خاصة وأسلوبًا محددًا للتعامل مع هذه المشكلة. أما إذا كان الأمر لا يتعدى كون "يوسف يحتاج إلى تغيير في أسلوب التعليم -كما ذكرت- حتى يُقبل على المذاكرة والتعلم بشكل أفضل فيمكنك اتباع ما يلي:
1. تحدث إلى يوسف عن طموحاته وأحلامه، وماذا يريد أن يكون حينما يكبر، واربط له عملية المذاكرة بهذه الطموحات والأهداف.
2. اربط له المواد الدراسية بالحياة اليومية (كتطبيق بعض التجارب المقررة بمادة العلوم، وكذلك مادة الحساب في أمر الشراء والتسوق، واحكِ له قصصًا قبل النوم لها علاقة بما يأخذه بمادة التاريخ، وهكذا...).
3. لا تجعل الثواب والعقاب متوقفًا على المذاكرة، فلا تقل له مثلا: "إذا قمت بحل كذا أو بالحصول على درجة كذا في اختبار الشهر فسوف أشتري لك..."، فكل هذا مرفوض، وإنما اجعل الثواب والعقاب على سلوكياته وأخلاقياته، ولا يعني ذلك ألا تثيبه إذا أحرز تقدمًا في مذاكرته، بل المقصود ألا يكون شرطًا أو أن تكون المذاكرة هي المجال الوحيد الذي يدور حوله الثواب والعقاب.
4. لا تجلس بجواره في المذاكرة، ولا تشرح شيئًا تم شرحه بالمدرسة؛ فهذا تعزيز لعدم الانتباه، وإنما كل ما عليك هو أن تشرف على طريقة مذاكرته وتحددا معًا الوقت الذي يبدأ فيه المذاكرة وينتهي منها، ثم تقوم بسؤاله ومتابعة ما تم بمذاكرته، وعليك بالصبر عليه، وعندما تجده لم يحصل شيئًا يُذكر فلا تقسُ عليه، ولا ينفد صبرك، ولا تبدأ أنت في الجلوس بجواره حتى ينتهي، بل لا بد من إعطائه فرصًا أخرى حتى يعتاد الاعتماد على نفسه.
5. اكتبا معًا جدولا لتنظيم وقت المذاكرة، واجعل في هذا الجدول وقتًا للراحة بين كل مادة وأخرى على ألا تزيد على 10 دقائق بين كل مادة وأخرى. يمكنك الاطلاع على العديد من الموضوعات التي طرحت على هذه الصفحة، وتناولت كيف نساعد أبناءنا على المذاكرة، ومنها:
كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟
إستراتيجيات التركيز والانتباه
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟
6. لا بد من التدرج في وقت المذاكرة؛ فيبدأ في مذاكرة لمدة 15 دقيقة، ثم تزيد تدريجيًّا كلما تحسن تركيزه وزادت دافعيته.
ملاحظة: يمكن أن تستخدم نفس الأسلوب السابق حتى لو كان يوسف يعاني من اضطراب في الانتباه والتركيز؛ فهو أسلوب يشجع ويجعل الصبي يقبل على الاستذكار في كل الأحوال.
ثالثًا: أما شكواه من عدم وجود أصدقاء له فيمكنك:
1. أن تدير حوارًا مع ابنك عن كيفية كسب الأصدقاء، ودعه يفكر بنفسه في الطرق والأساليب التي تحقق له هذا الهدف، واجعله يحدد من خلال النقاش الأساليب والاقتراحات التي تصلح للتطبيق والأخرى التي لا تصلح.
2. وإذا وجدت أنه يدلي بكثير من الآراء أو على الأقل يفكر جديًّا في إيجاد حل لمشكلته فيمكنك أنت أيضًا أن تقترح قائلا: "ونحن بالبيت ليس لدينا مانع أن تدعو بعض زملائك لقضاء بعض الوقت معك هنا في اللعب أو نذهب للتنزه" إذا كان هذا الأمر متاحًا بالطبع، كما يمكن أن تذكره ببعض أسماء زملائه التي يرددها أحيانًا، واسأله عنهم وعن مدى علاقته بهم.
3. أما حينما يكثر من هذه الشكوى ولا يرغب في التفكير في إيجاد حلول؛ فحينئذ لا تعِر شكواه هذه اهتمامًا كبيرًا، فأحيانًا يرغب الأبناء في إثارة اهتمام الآباء عن طريق الشكوى؛ فإن أدت هذه الشكوى للفت نظر الأبوين فإنه يكثر منها حتى يجلب المزيد من الاهتمام، وكل ما عليكما أنت وزوجك هو أن تدعه يفكر ويجد الحل بنفسه كما ذكرت.
4. ولكن في الوقت ذاته يمكن عن طريق آخر، وليكن القصص مثلا أو التحدث مع زوجك على مرأى ومسمع من "يوسف" كيف أنك استطعت اكتساب أصدقائك بقصص حقيقية عن نفسك، ومن خلال هذه القصص تتعرض إلى أن: من أراد أن يكون له أصدقاء فعليه هو مسئولية التعرف على الآخرين، ويكون لديه من الجرأة أن يقدم نفسه ويكون مرحًا خفيف الظل جريئًا، والأهم من ذلك ألا يكون الغرض من كسب الأصدقاء هو الكم على حساب الكيف، فيكفي أن يكون لدينا صديق أو اثنان مخلصان على خُلق ودين أفضل من عشرة من أصدقاء السوء.
ـــــــــــــــــ(104/366)
متى نخبر الطفل بحقيقة الانفصال؟!- متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، هذه هي المشاركة الثانية لي في هذا الموقع، وجزاكم الله خيرا على حسن ردكم، أرجو متابعتي في تنظيم الوقت لولدي لتحسين انتباهه وتقوية تركيزه؛ حيث إن المدرسات يشتكين من عدم انتباهه وكثرة مزاحه خلال الحصة (وأعتقد أن ذلك يعود لحبه لجلب الانتباه إليه) مع العلم أنه الآن في الصف الثاني، ولا أعاني من أي مشكلة تذكر معه خلال تدريسي له؛ حيث إن درجاته كاملة تقريبا، ويستوعب الدرس بسرعة، ويقوم بحل الرياضيات؛ أي بعمليات الجمع والطرح بسرعة فائقة.
وبصراحة فأنا أستغرب من شكوى مدرساته عن عدم تركيزه ونقص انتباهه؛ فكيف يكون كذلك وهو يعود للبيت وهو فاهم للدرس وحافظ لكل المعلومات حتى في العلوم والاجتماعيات؟! ومن وجهة نظري فإن مشكلته تكمن في عدم النظام والتدليل؛ حيث إني أعيش مع والدي، ويعمل الجميع على تدليله وتلبية مطالبه، وأنا من خلال مطالعتي لموقعكم الرائع توصلت إلى ضرورة التنظيم لديه وعمل برنامج محدد له، ولكن كيف؟
هناك مشكلة أخرى؛ حيث أشعر بعدم وجود روح المبادرة لديه؛ حيث لا يقوم بأي عمل إلا إذا قمت بحثِّه أنا عليه، وقد قمت بتسجيله في تدريب لكرة السلة، ولكن أجد عدم اكتراثه باللعب، ولا يركض نحو الكرة، فتجده واقفا في الملعب كالمتفرج ولا يلحق بالكرة كباقي الأطفال!! جزاكم الله خيرا
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نشكرك على الإطراء، وبارك الله لك في ابنك، وأعانك على الإحسان في تربيته، والآن تعالي لنبدأ في الرد على النقاط التي وردت في رسالتك:
أولا بالنسبة لشكوى المعلمات من عدم انتباه ابنك وكثرة مزاحه بالفصل فهذا الأمر لا يحتاج إلى إستراتيجية لتنمية الانتباه والتركيز لدى ابنك؛ فهو -ما شاء الله- رغم مزاحه في الفصل فإنه يعود إلى البيت وهو مستوعب كل دروسه، ويحصل على الدرجات النهائية أو قريبة منها؛ فأي تركيز يحتاج أكثر من هذا؟! بل المعلمات هن اللائي يحتجن إلى إدارة جيدة للفصل تسمح بأن يتعلم التلاميذ في جو مرح، وفي نفس الوقت يتصرفن بطريقة منضبطة ملتزمة.
وما عليك أنت -إزاء ما يفعله ابنك بالفصل– إلا أن تنبهيه إلى أن يلتزم بالآداب المطلوبة داخل الفصل ولا يكثر من المزاح.
أما موضوع تدليله لأنكما تعيشان مع الجد والجدة فعليك:
• الحديث مع والديك وتوضيح عاقبة التدليل وما يؤدي إليه من فساد وانحراف.
• ألا تكثري من الأوامر والنواهي.
• ألا تكوني لحوحة عند أمرك أو نهيك له؛ فلا تكرري طلبك أو نهيك أكثر من مرة واحدة بطريقة حازمة (غير قاسية)، واتركي له فرصة لتنفيذ ما طلبته منه.
• أن تدربيه على تحمل المسئولية؛ بمعنى أن يكون مسئولا عن بعض المهام التي تكلفينه بها مثل: ترتيب حجرته – إعداد مائدة الطعام معك – أن يضع جدولا لمذاكرته – أن يضبط منبهه على موعد الاستيقاظ للمدرسة... على أن تساعديه في وضع هذه المهام في جدول أسبوعي، وكلما تذكر مهمة من هذه المهام ضعي له نجمة أو علامة محددة بحيث تكافئينه في نهاية الأسبوع بدعوته على الغداء في أحد المطاعم مثلا أو التنزه معه في مكان يحبه.. ولا ينبغي تذكيره بهذه المهام باستمرار؛ بل اتركيه لينفذ منها ما يتذكر، وبهذا يتعلم أيضا كيف يقوم بدوره ومسؤوليته المكلف بها في جل أموره دون أن يطلب أحد منه.
أما بالنسبة لتنظيم وقته وعمل جدول للمذاكرة فقد تناولنا هذا الموضوع كثيرا على هذه الصفحة (فأرجو الاطلاع عليها في نهاية الرد)، ويمكن تلخيصه في النقاط التالية:
• أن تحددا معا موعدا لبدء المذاكرة وموعدا للانتهاء منها.
• أن يكون بين كل مادتين فترة راحة لا تزيد عن عشر دقائق لا يشاهد فيها التلفاز ولا يلعب على الكمبيوتر؛ لأنهما يشتتان الانتباه، ولكن يمكن أن يلعب لعبة بسيطة أو يستريح بالطريقة التي يراها.
• أن يصمم هذا الجدول بطريقة جدول الحصص بالمدرسة بعدد أيام الأسبوع وبعدد المواد التي يدرسها، ويضع علامة معينة على كل مادة يقوم بأدائها أو يقوم بتلوين كل مادة بلون مختلف؛ فمثلا اللغة العربية بالأخضر، والحساب بالأحمر، والدين بالأزرق... وهكذا.
• ألا تجلسي بجواره وهو يذاكر؛ بل اتركيه، فإذا لم يعرف شيئا فعليك بتوضيحه، ثم اتركيه مرة أخرى.
ونأتي إلى اشتراكه في رياضة كرة السلة التي لا يرغب في الاشتراك بها:
فعليك بسؤاله عن اللعبة التي يرغب في ممارستها وأشركيه فيها، وإذا لم يستطع تحديد الرياضة التي يحبها الآن فيمكنك أن تجعليه يذهب لمشاهدة كل لعبة ويعرف بعض المعلومات عنها ثم يحدد بعدها أي هذه الألعاب يفضل.
وأخيرا – سيدتي– أدعو الله أن ينفعك بما قدمته لك، كما أرجو المتابعة.
ـــــــــــــــــ(104/367)
محاربة الاستفزاز والعناد بالاحترام ... العنوان
أولا: سلوك باسل:
1 - لديه غيرة شديدة من أخته الصغيرة التي تبلغ 10 أشهر، تصل إلى ضربها بحجة اللعب معها وأحيانًا لو هي جالسة يسحبها... إلخ، وأحيانًا تكون هذه الغيرة صريحة مثل ارفعني لفوق زي حبيبة أو لو بتشرب يقول عاوز أشرب ويأخذ الكوب قبلها.
2 - عنيد بشدة لدرجة أنه يكون عناد لمجرد العناد فقط ليس له سبب ورغم أننا نحاول أن نكلمه بهدوء ولكن يزال على عناده مما يضطرنا في النهاية لضربه، حيث إن العناد يكون أحيانًا في أشياء خطيرة على حياته مثل النظر من الشباك أو الخروج من الباب أو القفز من مكان مرتفع... إلخ.
3 - يحب أصدقاء الوالد ويسمع كلامهم ويريدهم أن يأتوا المنزل ويريد أن يخرج معهم، كذلك حب شديد لعمه ويسمع كلامه، ولكن إذا استمر لوقت طويل معنا عدة أيام في مصيف مثلا ويبدأ العم في تعديل سلوكه ولو بشكل بسيط يبدأ في عدم سماع كلامه.
4 - حب الأشياء التي مع الغير (قلم مع زميل أو لعبة بسيطة رغم أنه يكون عنده أفضل منها، وقد تكون هي ولكن لون مختلف مثلاً. فيقول لا بتعاته أجمل وأنا عاوز زيها) قد يتطور هذا الأمر إلى أخذ أشياء من زملائه وهو يقول (إنها تقع على الأرض فآخذها بسرعة وضعها في الشنطة).
5 - أحيانًا كثيرة يريد أن يقلد الأب وتكون صريحة (مثل في اللبس مثلا عاوز بانطلون جينز زي بتاعك أو قميص زي بتاعك، وينظر للبس الأب بصورة شديدة وكأنه يريد أن يقول أعطني هذا القميص الآن، وفعلاً أحيانًا يرتدي بعضها في المنزل)، مع العلم أنه عنده ملابس كثيرة ومتنوعة جدًّا، قد يفعل أفعالا مثل الوالد مثلاً ويقول أنا بقلدك. وأحيانًا يوجه لأخته الكلام مثل: سوف أحرمك من اللعب والكمبيوتر (بصوت عال).
6 - لاحظت أنه يكون خائفًا من زملائه في المدرسة بناء على حكاياته عندما يعود إلى المنزل فيقول مثلاً حسن ضربنى يا ماما، فتقول الأم ما قلتش للميس.. فيقول قلت لها أكثر من مرة وهي تقول يا حسن لو مسكتش هوديك عند العيال الوحشين، ولكن ضربني تانى يا ماما فتقول الأم وأنت ماضربتوش ليه زي ما ضربك فيقول أنا خايف، وأحيانًا يقول بابا قال لي متضربش حد (كان الوالد وهو متدين إلى حد ما يقول إذا ضربك أحد قول الله يسامحك، وقل له إذا عملت كده تاني هضربك ولو فعلها مرة ثانية يكون طفلاً وحش فاضربه)، ولكن حزن الأب لموقف حدث في النادي فتدخل (ذات مرة كان باسل في النادي يلعب بأحد اللعب وجاء طفل أصغر منه، وحاول أن يقف مكانه على اللعبة فرفض باسل، فقام الطفل بدفع باسل فوقع على الأرض ثم انصرف باسل).
كنت أتابع باسل فتدخلت وقلت للطفل (عيب كده بلهجة عالية وعنفت المربية التي كانت مع الطفل). ونتيجة لهذه المواقف غيّر الأب النصيحة وأصبح مع الأم في أن من يضربك اضربه وأصبحوا يتابعون هذا الموقف معه، فكان أحيانًا يقول لم يضربني أحد اليوم، وأحيانًا يقول فلان ضربني ولم أضربه، فتصرخ فيه الأم وتقول ألم أقل لك اضربه حتى لا يضربك مرة ثانية ويعرف أنك قوي ولست ضعيفًا، وأحيانًا يكذب ويقول ضربته، ولكن بعد كلامنا معه ومحاولة في توقيعه في الكلام يقول لا لم أضربه أنا خايف.
وفي الآونة الأخيرة سكب أحدهم الماء عليه، فقال: وأنا سكبت عليه الماء أيضًا وصمّم على ذلك. المدرّسة في المدرسة تقول إن باسل يأخذ الأشياء من أصحابه ولا يجلس في مكان واحد، وذات مرة عاقبته بإخراجه من الفصل، مع العلم أن باسل ودود جدًّا ويحب الأطفال بسرعة، ولكن أحيانًا يقابل برد فعل غير مرضٍ سواء من الطفل أو من الأهل.
ملحوظة هامة: باسل مع أولاد أعمامه وعماته يضربهم وقد يضرب من هو أكبر منه.
7 - أحيانًا كثيرة يكون بطيئًا وأحس أن ذهنه شارد، فمثلاً الفترة التي يستغرقها ليخلع ملابس المدرسة ويرتدي ملابس البيت حوالي ربع ساعة، ويشغل نفسه بأكثر من حاجة ويذهب هنا وهناك. وأحيانًا ليلبس شبشبا يظل دقائق. فهو ينظر إلى الشيء ويكون شبه سرحان حتى أصرخ فيه وأقول له: "ركز يا باسل بسرعة يا حبيبي عاوزك تكون سريع ونشيط، الولد القوي يكون نشيط وسريع ويركز"، وهكذا في أشياء كثيرة أطلب منه التركيز والسرعة، حتى أثناء اللعب ألاحظ أنه شارد الذهن ولا يركز في كلام المدرب، وينظر إلى من حوله ماذا يفعلون ويفعل مثلهم.. ويقلد من بجواره فقط. كما أنه مثلاً عندما يطلب المدرب أن يجروا فهو غالبًا يكون في المؤخرة.
8 - منذ الصغر وهو يحب أن يحضن الأب أو الأم أثناء تغيير ملابسهم مثلاً حتى يلتصق بجلدهم.
ثانيًا: رد فعل الأب والأم:
1 - الأب يحبه جدًّا ولكن يكون حازمًا معه إذا قال على شيء لا فهو لا وإذا أعطى أمرًا (مثل لبس الشبشب في المنزل خوفًا عليه من البرد) فلا بد أن ينفذ باسل الأمر، وإن نسي مرة ينذره الأب ثم يضربه ضربة خفيفة على يده ثم يضربه بشدة. وأحيانًا الأب يرى باسل قد نسي ولكن يتجاهل وكأنه لم يره حتى لا يضربه كثيرًا. ومواقف أخرى يكون التصرف فيها مثل هذا تقريبًا، إلا أنه أحيانًا لا يملك نفسه عند فعل باسل أمرًا معينًا فيضربه ضربًا شديدًا يندم عليه الأب بعد ذلك.
2 - الأم تعطي الأمر أو تقول على شيء لا، ولكن يلحّ باسل عليها ويلح فترجع فيه مرة ثانية. وبعد أن يفيض بها تضرب ضربًا شرسًا.
3 - يجلس الأب والأم ويقرران عدم الضرب واتباع أسلوب المنع من اللعب أو استخدام الكمبيوتر أو النادي... إلخ. ولكن نلاحظ أنها بدون جدوى وليس هناك نتيجة، بل الأخطاء على ما هي عليه فيرجعون للضرب مرة ثانية. وغالبًا يكون الضرب مع حرمان من أشياء أيضًا.
ملحوظة: في كل مرة تقريبًا يخطئ فيها يقول مش هعمل كدة تاني ولكن يعود ويفعل نفس الشيء.
4 - أحيانًا يحدث شجار بين الأب والأم في وجود باسل وهذا راجع إلى الأم؛ لأنها غالبًا لا تصبر على المشكلة حتى تناقش فيها الأب في وقت هادئ وأحيانًا الأب يعدل سلوك الأم مع الأولاد بشكل صريح وبعصبية.
5 - الأب يقضي معظم الوقت خارج البيت، ولكن يحاول أن يعوضهم في الوقت الذي معهم في البيت أو من خلال التليفونات ويحضر هدايا نوعًا ما.
6 - نظرًا لغياب الأب فالأم على المستوى الشخصي تشتكي دائمًا من هذا وأحيانًا تكون محقة وغالبا تكون زائدة عن اللزوم. سؤال إذا قال الأب له أنا زعلان منك ومش هكلمك علشان عملت كذا ولكن لا يعرف متى يبدأ في كلامه هل تطول المدة لعدة أيام أم بمجرد أن يقول باسل أنا آسف مش هعمل كدة يكلمه (مع العلم أنه استسهل هذا الكلمة ويقولها ويعود مرة ثانية)، وإذا حرمه أيضًا من لعبة ما هو الوقت الذي يظل يحرمه منها، مع العلم أننا نرى أن هذا الحرمان لا يؤثر.
من حوالي 5 أيام جربت مع باسل الخصام بعد فعل خاطئ كان فعله وكنت ضربته عليه وخاصمته وحاول مكالمتي بالهاتف في العمل (وهو معتاد على ذلك وزملائي في العمل يكلمونه ويداعبونه في التليفون)، ولكن أنا قلت له أنا مخصمك وإديني ماما. وكلمت والدته وقلت لها فهميه أني مخاصمه ومش هكلمه علشان هو لم يسمع الكلام. وبالفعل ذهبت للبيت وحاول أيضًا ولكن أنا لم أرد عليه وأحيانًا كنت أداعب أخته الصغيرة (10 شهور) وأقول لها يالا نلعب مع بعض، وأذكر أسماء بعض اللعبات التي يحبها باسل، وكان يحاول هو أن يتدخل معنا فأعرض عنه فيأتي من خلفي مثلاً ويلمس يدي أو ظهري أو أي شيء من جسدي -حقيقة كنت أتأثر من داخلي وأريد أن أحضنه وكنت سوف أضعف، ولكن تماسكت نفسي لأرى إن كان هذا سوف يعطي نتيجة أم لا.
ثم ثاني يوم بالليل قالت له والدته وهى ترى رغبته في مصالحتي اذهب واعتذر لبابا علشان يسامحك. وجاء بالفعل وقلت له أنت كل مرة بتقول كده وبترجع ما تسمعش الكلام. وقلت له أكمل حفظ سورة القارعة أولاً ثم نرى سلوكك هل ستسمع الكلام أم لا. فذهب لوالدته وحفظ نصف السورة تقريبًا. فبدأت أكلمه وبالفعل لاحظت أنه بدأ يسمع الكلام إلى حد كبير مع قليل من العناد. وعندما أقول له سوف أخاصمك ولن أكلمك لفترة أطول يعدل من سلوكه.. فهل أظل معه على هذه الطريقة أم ماذا أفعل؟ فأنا متخوف من أن يمل من هذا التهديد.. أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أبا باسل مرة أخرى، ولقد سعدنا بثقتك التي ظهرت في استشاراتك المتوالية للسؤال عن التعامل مع باسل الذي سبب لك التعامل معه كل تلك الحيرة البادية في سؤالك، وهو لا يتعدى كونه طفلاً طيب القلب، ولعل هذا هو مفتاح إجابتي على أسئلتك؛ وهو طفولة باسل وكيفية التعامل معها.
سأبدأ حديثي معك بتجربة شخصية حدثت معي، فابنتي (6 سنوات) نسخة من باسل في تصرفاتها وحركتها وقلة التركيز عند فعل الأشياء... إلخ، ولكن كل هذه المظاهر هي ما يبدو لنا وإن كان لها تبريرات أخرى، وقد اضطرتني الظروف لتركها عند إحدى الصديقات مدة 3 أيام وهذه الصديقة الغالية لها 6 من الأبناء أكبرهم 13 عامًا وأصغرهم 10 أشهر، وهي تعاملهم جميعًا باحتراف لم أشهد له مثيلاً، فهي تصادق الابنة الكبيرة وكأنها أخت لها أو صديقة حميمة منطلقة، وتتصابى للصغير وكأن ينقصها اللهاية في فمها لتصير مثله تمامًا، وفي الحقيقة لقد انبهرت ابنتي بهذا الجو الذي أشعرها بالأنوثة والانطلاق والحرية.
وقد حكت لي صديقتي أن ابنتي في أول يوم أو اثنين كانت على وضعها المعهود من الشقاوة والإزعاج، وتدريجيًّا نتيجة رغبتها في كسب ود ورضا صديقتي انقلبت لإنسانة مختلفة بها سكينة وأنوثة ورغبة في استرضاء من حولها بالطاعة والتعاون، ولما جاءت إلى البيت استغربتها أنا شخصيًّا فكأنما تبدلت وكان مفتاح كل هذا التغير هو المعاملة الحسنة واحترام طفولتها والإغداق عليها بالحنان والأحضان والحوارات الدافئة والسرية، والاكتفاء بخصامها عند الخطأ مما يجعلها تسعى فورًا لإصلاحه لكيلا تفقد كل هذه النعم والسعادة.
الخلاصة هي أنني أود التأكيد على ما أنهيت به رسالتك من طيبة باسل وفرحته بإرضائك ورغبته في تفادي خصامك، وأن مفتاح الشخصيات التي تشبه شخصية باسل هو الحنان والمصاحبة التي تلبي ما بداخلهم من مشاعر وتروّض ما بهم من أخطاء في نفس الوقت، ولكن تأكد أن المثابرة على هذا الأمر شيء حقًّا صعب، ولكنه مثمر، فلن أطلب منك كظم غيظك، ولن أطلب من أمه أن تنتظر حتى يفيض بها، ثم تكيلون له الضربات والإيذاء بعد ذلك، ولكن ما أنصحكم به هو التنفيس عن غضبكم من خطئه في لحظة الخطأ، ولكن بهدوء في شكل "سأخاصمك يا باسل.."، "تصرف على راحتك.. ولكن اعلم أنك هكذا تغضبني".. أو غير ذلك من الجمل الهادئة التي تحمل توبيخًا أو تهديدًا هادئ النبرة واضح الأثر في نفس الوقت مع التنوع، فمرة خصام ومرة نظرة بالعين تنم عن اللوم، وهكذا...
ويكفي إشعاره بفقده لمميزات هذه الصداقة التي بينه وبين أمه أو أبيه وليس فقدانه لحبكم أو صداقتكم، فأنتم لا تلومون على شخصه وإنما تكرهون العمل السيئ الذي قام به وتشفقون عليه من ممارسته ومما جره عليه من عقاب، وأحذركما من تهديده بأخته، بمعنى أن يشعر بإقصائه من حضنكما عند خطئه، بينما تنعم هي بالاستقرار فيه دائمًا على طول الخط دون أي زحزحة، فلا دخل لتعاملكما معه بها.. يكفي فقط مخاصمته دون تنغيصه بتدليلها أمامه... وصدقني مع تهدئة الجو في التعامل معه سيهدأ كثيرًا ويختلف في تصرفاته وعناده وأخطائه، ولا بد من إبداء الغضب من أخته أيضًا عندما تخطئ؛ ليعلم أنه ليس المستهدف بالعقاب لشخصه ولكن لخطئه.
وأهم ما أنصحك به:
1- تحسين العلاقة مع الزوجة -أعانها الله- لينعم الأطفال بهدوء العلاقة بينكما واستقرار الحب والحنان بين أركان المنزل؛ لأن اضطراب السلوك لدى الطفل لا ينفصل نهائيًّا عن الجو الذي يحيا فيه فهو يعكسه ويترجمه، وكلما كان الطفل حساسًا زاد تأثره بتوتر علاقات الأبوين سلبًا.
2- عدم توجيههم أمام الأطفال لكيلا تفقد السيطرة عليهم والتأثير فيهم في غيابك أو حتى في حضورك؛ لأن ثقتهم في أهليتها تهتز.
3- لا داعي للشكوى من باسل علنًا أمام من يحب كعمه أو جده... إلخ، فلن تفعل هذه الشكوى إلا إحراجه وترسيخ صورة سلبية عن ذاته في ذهنه وهز لثقته بنفسه أمام الناس؛ إذ يشعر دائمًا بالنقص وبأنه موضع للوم والتقريع والشكوى، بل لا بد من ذكر محاسنه أمام الناس، وحتى عندما تريد الأم الشكوى منه لأبيه فلتقل "لقد أحسن باسل اليوم في كذا وكذا، ولكنه يا بابا أغضبني في كذا، وأنا واثقة أنه لن يفعل ذلك ثانية؛ لأنه ولد شاطر"، وهكذا في هدوء وفي مجلس أسري هادئ، ولا تنسيا أنه طفل يعني دائم الخطأ، ومن الصعب أن تكون حياته فقط لوما وتقريعا وخصاما وعقابا.. فهذه فعلا أمر ممل ويعوده الخطأ ويفقده حساسيته ورهافته.
4- على الأب والأم أن يتعاونا لتهدئة أعصاب بعضهما البعض؛ ليكون تعاملهما مع الأبناء أهدأ، فيتحمل الزوج غضب زوجته محاولاً حل شكاواها، وتحاول الأم تخير الأوقات المناسبة للشكوى واختيار الكلام المناسب وحل ما يمكنها حله، فلو كانت أعمال البيت ترهقها فيمكن أن يتعاونا أو يستعينا بخادمة إن أمكن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، ولو كانت واجبات باسل.. فليؤدها مع أبيه أو جزء منها... فلكل شيء حل.. المهم تخفيف الضغط عن أعصابكما كزوجين؛ لينعكس ذلك على شكل هدوء ورحمة مع باسل المسكين.
أما مسألة لبس باسل للشبشب أو غيره من الاستفزازات اليومية لكل طفل، فكلها أمور بسيطة وقد ابتكرت مع ابنتي لها حلاًّ لطيفًا أقول لها لا ترتدي الشبشب، ولكن إن وجدت شبشبك في الأرض وليس في قدميك فسأخفيه منك للأبد لن تجديه ولن أشتري لك غيره، هكذا... بكل هدوء فما يكون منها إلا السعي وراءه خوفًا عليه من الرمي، ويمكن ابتكار غير ذلك مع باسل.
المقصد أن المعاندين يكون توجيههم للأمر بتوجيههم لحريتهم في فعل ضده.. فإن أردت أن يأكل قل له: إن كنت لا تريد الأكل فلا تأكل، وإن أردته يرتدي شيئًا فقل له يمكنك ألا ترتدي هذا لتمرض.. أنت حر.. وللمعاندين أساليب متنوعة في التوجيه والتعامل تجدها فيما يلي:
كنز الطاعة المفقود.. موجود
افهم النغمة لتستمتع بها
كيف تجعل طفلك يريد ما تطلب؟
وما أراه مناسبًا لحالة باسل تجنب ضربه نهائيًّا، فهو أحيانًا يعاند رغبة منه أن يضرب ليثبت لنفسه أنه محق في أنكما لا تحبانه وتفضلان أخته عليه، وليختبر حبكما له يفعل الأخطاء سواء قاصدًا أو غير ذلك، وبالتالي يكفي خصامه ومقاطعته والغضب منه، ولا داعي لضربه لا ضربات خفيفة ولا ثقيلة فهو ولد وسيكون رجلاً، ويحتاج لتربيته على الرجولة وليس على الخوف والذعر والقهر... ولا تنسيا أنه أمانة يسألكما الله تعالى عنها، وقد دخلت امرأة النار في هرّة... فكيف الحال مع طفل لا حول له ولا قوة وهو أعلى من القطة في المنزلة؟
وإن كان يعتذر ويعود، فلا مانع.. فخير الخطائين التوابون، ولكن يمكن تهذيب ذلك بألا تتم مصالحته قبل أن يثبت إقلاعه عن الخطأ.. يعني: "لن أسامحك حتى أرى أنك فعلاً لن تفعل ذلك ثانية"، وبعدها سيظل فترة يتحرى فيها ألا يفعل الخطأ لإرضائك، وقد أثبتت لك التجربة ذلك.
أما بالنسبة لغيرته كأن يطلب ما يعطى لأخته فهو أمر طبيعي فهو لا يغار، بل يطلب العدل، ومن الأساسي في التربية العدل بين الأبناء حتى في القبلات والبسمات، وبالتالي فطلباته مشروعة ومعقولة، بل لا بد من مراعاة شعوره وعدم استفزاز غيرته بتدليل أخته أمامه، وقد فصلنا في مسألة الغيرة ما تجده مجمعًا فيما يلي:
احموا أبناءكم من الغيرة
وأخيرًا.. أرجو أن أكون قد أجبت إجابة وافية على كل أجزاء سؤالك، كما أرجو الاطلاع بإمعان على ما وفرته لك من إجابات سابقة لتستفيد منها في إطار ما سألت عنه.. وأدعو الله عز وجل لبيتكم أن تعمه الرحمة والسكينة والألفة.. فتلك هي اللبنة التي تصنع المجد لأمتنا، وبالتالي فهي غاية وما حولها (عمل الزوج - مراعاة الزوجة لشئون الأسرة -... إلخ) وسائل لحفظها.. فاحذر أن تضيع الوسائل غايتك أو أن تنشغل بالوسائل عن الغاية، والله الموفق.
ـــــــــــــــــ(104/368)
الإثابة المادية.. مزايا وعيوب ... العنوان
السادة الأفاضل مستشارو الموقع التربويون، بداية ليس لدي من الكلمات ما يعبر عن حبي وتقديري وكل المشاعر الخالصة تجاه المجهود المبذول في الموقع فلكم منا كل التحية والإكبار، ولكم من الله عز وجل الثواب والأجر العظيم.
أود أن أستشيركم في تجربة قمنا بها أنا وزوجتي مع أولادنا. أنا أدرس الدكتوراة وأعيش مع أسرتي (زوجتي وثلاثة أبناء (ولدان: 12 و10 سنوات، وبنت 8) في أمريكا للدراسة. وقبل هذا أريد أن أشير أننا قبل هذه التجربة وكأي أبوين يريدان من أولادهما أن يكونوا على خلق حسن ومطواعين ومساعدين في البيت ومنظمين... إلخ.
وكنا نجد صعوبة في إيقاظهم صباحا للصلاة والمحافظة على النظافة الشخصية وتنظيف المائدة بعد الطعام وترتيب الوقت. ومن هنا بدأنا في وضع برنامج عبارة عن قائمة من الأعمال اليومية الأساسية (استيقاظ، وضوء، غسل أسنان، صلاة، ترتيب السرير والحجرة، قراءة حرة، حفظ آيتين من القرآن... إلخ. ووضعنا لكل عمل مجموعة من النقاط يدونها الولد/البنت في ورقة أسبوعية معلقة في حجرته/ها. وهذه الأعمال تتكون من أعمال يومية أساسية (مجموعها 110 نقطة)، ومجموعة أعمال حرة يختار منها إذا أراد/أرادت أن يكمل 150 (الحد الأقصى). ثم قبل النوم نعطيهم سنتا مقابل كل نقطة؛ فيكون لديهم دولار ونصف (إذا كان نشيطا وأتم النقاط كلها).
ومع هذا البرنامج طلبنا من كل واحد منهم أن يحسب المتطلبات المالية له/ لها في الشهر. ويقوم بدفع هذه المتطلبات مما يحصله من أعمال في المنزل. وهم أصلا يذهبون للتدريب على الكاراتيه (حزام أخضر وبرتقالي)، ويذهبون إلى حمام السياحة وكنا ندفع لهم.
أما الآن فيقومون بدفع مقابل حمام السباحة بأنفسهم عندما نذهب إلى الحمام وبدفع نصف مقابل الكاراتيه للمدرب (وأدفع النصف الباقي). وأيضا يدفعون لأنفسهم إذا ذهبنا للغداء في الخارج (وإن كان مرة في الشهر). وأيضا اتفقنا أن يضعوا ما تجود به أنفسهم وجيبهم للمسجد.
والنتيجة كانت أكبر مما توقعنا. الكل قام من النوم من أول نداء، وغسلوا، وصلوا، وأفطروا، ورتبوا الحجر والمطبخ، وقرءوا، وحفظوا القرآن قبل الثانية عشرة ظهرا. والكل يسارع في التقاط أي ورقة وترتيب أي شيء غير مرتب. نحن سعداء بهذا، ولكن السؤال هو: هل ما طبقناه ينمي الاتجاه المادي لدى الأطفال؛ بحيث لا يعملون إلا إذا كان هناك نتيجة مادية لعملهم أم أن هذا سيعودهم علو النظام وعندما يكبرون سيسعدون به؟.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، تحية من عند الله طيبة مباركة، فسلام الله عليك ورحمته وبركاته..
نشكرك سيدي على هذا الإطراء، وندعو الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا، وأن نكون دائما عند حسن الظن بنا.
كما أشكرك على اهتمامك أنت وزوجك بمحاولة اختيار الأسلوب الأمثل في التوجيه والتربية، فبارك الله فيك وفي زوجك وجعل ذريتكما ذرية صالحة تقر بها أعينكما.
بداية أوضح أن هناك أنواعا كثيرة لتعديل السلوك منها: الوعظ - العقاب - التعزيز والانطفاء -استخدام المكافأة المادية المؤجلة - استخدام المكافأة المادية المباشرة - استخدام التعاقد أو الالتزام بعقد (وهو الأسلوب الذي تستخدمه أنت وزوجك مع أبنائك) وكل أسلوب من الأساليب السابقة لها مزايا وعيوب، ومن أهم مزايا هذا الأسلوب:
1. تُجنى ثمرته سريعا وفي وقت وجيز.
2. يضمن التزام الأبناء بها إلى حد كبير.
3. يوضع في نقاط محددة واضحة لجميع الأطراف.
4. لا يستطيع أحد الأطراف المراوغة أو التفلت منه بسهولة.
لكن برغم هذه المزايا لهذا الأسلوب التي -ربما- لا نجدها في غيره من الأساليب الأخرى فإن له عيوبا، من أهمها:
1. كما تفضلت وأوضحت في رسالتك من تخوفك أن يغلب على الأبناء الجانب المادي؛ فهذا صحيح؛ فسوف يتعلم الأطفال أنهم لا يقومون بعمل إلا إذا أخذوا عليه مقابلا ماديا، ويرسخ في ذهنهم أن كل شيء له ثمن، وهذا ما نعيبه على الغرب؛ فالجانب المادي قد طغى على حياتهم إلى الدرجة التي لم يعد فيها للقيم والمبادئ مكان وهو معيارهم الأساسي في الحكم على الأشياء كما هو واضح لا على مستوى الأفراد بل على مستوى الدول.
2. إن ما يأخذون عليه مقابلا ماديا هو في الواقع أفعال واجب عليهم فعلها، والإثابة على الواجبات تعزز قيمة المكافأة لا السلوك نفسه؛ فأنت -على سبيل المثال- ترعى أبناءك وتحميهم وتنفق عليهم؛ لأن هذا واجب عليك، وكذلك تفعل الأم ولا تأخذان على ذلك أجرا أو راتبا.
3. وبناء على ما سبق فإن السلوكيات المرغوب فيها مثل الترتيب والتنظيم والالتزام... إلخ تقل القيمة المتعلمة من ورائها، وتكمن في المقابل المادي الذي يأخذه الأبناء.
4. كما أنها لا تتيح فرصة للأبناء أن يتعلموا التضحية أو البذل والعطاء أو تقديم خدمة دون مقابل أو دون جني منفعة من ورائها.
الآن قد عرفت مزايا وعيوب هذا الأسلوب، فإذا تراءى لك التراجع عنه؛ فلا بد أن يكون بطريقة لا تؤثر سلبا على نفسية الأبناء، خاصة بعد أن كان العائد المادي دافعا قويا للإنجاز؛ ولذا أنصحك بما يلي:
1. أن تجلسا أنت وزوجك مع أبنائك، وتوضحا لهم الأسباب التي من أجلها ستتخليان عن هذه الطريقة، وتتركا لهم فرصة للمناقشة معكما.
2. أن تربطا هذه الأعمال الواجبة عليهم بدافع أكبر من الجانب المادي، وهو سعادتكما بهم ورضاكما عنهم (أرجو عدم ذكر رضا الله في هذه الفترة؛ لأنه سيرتبط في ذهنهم بالحرمان من شيء كان يسعدهم، أما أنتما فلن يرتبط بكما هذا الحرمان؛ لأنكما -بالنسبة لهم- المصدر المباشر الذي يعرفونه للحنان والأمان والعطاء.
3. عدم التعامل معهم بعد ذلك بحساسية كأنكما مذنبان، وتحاولان التكفير عن هذا الذنب، أو بتعويضهما بأشياء أخرى بل عليكما التعامل معهما -بعد المناقشة- بشكل عادي، وأن تسير حياتكم على نفس المنوال من قبل.
4. ربما تجدان بعض الفتور وقلة الحماس بادئ الأمر في تنفيذ الأعمال التي كانوا يتقاضون عليها مبلغا ماليا، لكن عليكما بالصبر وربط هذه الأعمال بالقيم القائمة عليها.
وأخيرا دعواتي لكما بأن يلهمكما الصواب في أمركما كله، وأن يعينكما على تربية أبنائكما تربية ترضي الله ورسوله، كما أرجو المتابعة والتواصل معنا.
ـــــــــــــــــ(104/369)
طفلي والتحكم.. حكاية كل أم ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، قبل كل شيء أود أن أشكركم على رحابة صدوركم وتعاونكم معنا، وأسأل الله لكم دوام التوفيق. عندي طفل عمره ثلاث سنوات ونصف، ومشكلتي معه أنه لا يريد التخلص من الحفاظات، وإذا حاورته وطلبت منه أن يذهب إلى دورة المياه إذا احتاج ذلك فإنه يقول: "خلاص سوف أفعل".
في بداية المحاولة للتخلص من الحفاظات كان يشعر بالخجل حينما يفعلها على نفسه، ويعد أن يذهب إلى دورة المياه في حال الحاجة. أما الآن فإنه اعتاد فعلها دون أن يخجل.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختي الكريمة، وشكرا لك على ثنائك الرقيق، ونسأل الله أن نكون أهلا له وخيرا منه، وفي الحقيقة لقد صادفت مشكلتك مروري حاليا بنفس المرحلة التي تمرين بها من حيث الحيرة في تدريب طفلك على الإخراج؛ وهو ما سيجعل كلامي لك مدعوما بتجربة حاضرة حالية قريبة جدا من تجربتك إلا في أمرين:
1- طفلي يصغر طفلك بحوالي عام أو أقل.
2- طريقة تدريبي لطفلي مختلفة، ولعل هذا ما سأبدأ به إجابتي عليك.
أختي الحبيبة، إن الأطفال سريعو النسيان وعاجلا ما ينقضون مواثيقهم؛ لذا فهم أطفال؛ وبالتالي فطريقة تدريبك لطفلك المعتمدة على الاتفاق المسبق والعهد الموثق ليست -من وجهة نظري- كافية لحثه على الذهاب للحمام عند الحاجة، بل لا بد من إشرافك شخصيا ومتابعتك المتتالية بين الحين والآخر وملاحظتك الدقيقة لمواعيد طفلك في الإخراج أو ملامح وجهه التي يبدو منها أنه الآن في حالة تبرز أو تبول لتسرعي به إلى الحمام وتدفعيه دفعا برفق ولين للذهاب فورا.
أعلم أنك مشغولة مع أخويه، ولكن الأمر جد خطير فهو لم يعد صغيرا بل كبيرا وعلى وشك دخول المدرسة أو الحضانة ليبدأ عهدا جديدا في حياته، ولا بد حينها من أن يكون هذا الأمر قد استتب تماما؛ لذا عليك أن تدربيه لا أن تنصحيه فقط، فربما أنه يتلهى باللعب فينسى وربما لا يستطيع تبين الموعد المناسب لدخول الحمام عند الحاجة فتفلت منه الفضلات؛ فيفضل ارتداء الحفاظة ليتجنب الحرج، وبالتالي فأنت في حاجة لتدريبه بدقة ولمتابعته، وقد يفيدك في هذا الاطلاع على ما يلي:
علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
- خطوات لضبط عملية الإخراج
- نوط الواجب والنظام.. يبدأ من هنا
- التحكم.. تعلم
وتدريجيا ومع التدريب ستزيد قدرة عضلاته على التحكم، وتدريجيا سيستطيع الانتظار قليلا بين شعوره بالرغبة في الإخراج وبين ذهابه للحمام دون أن يفلت منه شيء، ولكن لا تنسي العضلات فلا بد من تدريبها كما سبق أن أسلفت فهي لن تتدرب وحدها.
واعلمي أن الخطوة الأولى والأساسية في التدريب على الإخراج هي نزع الحفاظة؛ لأن لهذه الحفاظة دورا كبيرا في تقليل الإحساس عند الطفل برغبته في التبول أو بالبلل فتجعله لا يتحكم نهائيا أو يحاول التحكم؛ فهو عندما يريد التبول يترك البول يخرج ولا يشعر به.. وبالتالي فلا قيمة لأي تدريب مع وجودها؛ لأنها تضيع لدى الطفل الشعور بهذه المسألة.
وإن كنت تخشين من عدم النظافة فمن الممكن استخدام شورت (إزار) بلاستيكي يمنع نزول الماء على الأرض لكن لا يمنع شعور الطفل بالبلل وبنفسه؛ لأن شعوره بالبلل أو ببداية البلل مع أول قطرة من البول ستجعله يمسك الباقي ويعلم أنه يتبول ويفهم أنه لا بد أن يتحكم إراديا حتى الذهاب للمكان المخصص، فضلا عن رغبته في عدم الشعور بالبلل وامتعاضه منه وهو ما سيحفزه لمنعه مرة بعد مرة.
تبقى جزئية واحدة أخشاها وهي أن يكون الطفل في حاجة لفحص طبي معين للتأكد من أن عدم تحكمه يرجع لأسباب عضوية، ولكن لن يظهر ذلك قبل أن تدربيه.
لا بد من تدريبه أولا فإن لم يستجب -بعد مدة طويلة من التدريب وليس غدا- يمكنك حينها التوجه لطبيب الأطفال تخصص مسالك بولية وحينها سيصف العلاج المناسب، ولكن كل هذا لن يظهر إلا بعد التدريب المنظم الذي لم ينل الطفل منه أي حظ أصلا، ولعل في الاستشارات التي نصحتك بالاطلاع عليها عاليا تفصيلا دقيقا لكيفية وخطوات التدريب، وآمل أن أتلقى متابعتك قريبا باستجابة طفلك إن شاء الله.
أنتظر متابعتك لنا وأتمنى أن تكون بالبشريات، وإلى هذا الحين أستودعك وأسرتك رعاية الله وحفظه، وأذكرك أننا الأمهات نستعجل أو نميل للتيسير على أنفسنا في تربية أبنائنا ثم نتهمهم بأنهم متعبون وليسوا مثل غيرهم من الأطفال، ولكن العيب هو غالبا في مجهوداتنا التي يجب ألا نتوقف عن بذلها في سنوات عمرهم الأولى حتى يجتازوها بأمان.. أعاننا الله وإياك وجميع المسلمين.
ـــــــــــــــــ(104/370)
أمور ديننا كيف نعلمها لأبنائنا؟ مشاركة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد تأملت الموضوع المتعلق بتعليم أبنائنا لأمور ديننا والملاحظ أن الأم السائلة تعيش في الغرب؛ الأمر الذي جعلني أرغب في المشاركة، خاصة أننا (أنا وزوجتي وأبنائي) قد مررنا بما هو مشابه.
إن من الأمور التي يجب أن تسبق أي تعليم أو تثقيف للأطفال هو موضوع تحديد الهوية.
فإذا نحن استطعنا أن نحدد هويتنا، ونقلناها بحكمة إلى الطفل لسهل علينا طرح بقية الأمور المتعلقة بالشكل أو الفكر، تزيد الحاجة لذلك (أي تحديد الهوية للفرد) في الغرب؛ حيث تعدد الاتجاهات والديانات والمذاهب.
وعادة يكثر التركيز على هذا الأمر في المدارس الغربية لأهميته في مسألة التعليم عمومًا، وللانسجام مع عادات المجتمع والمجتمعات الأخرى وللاعتزاز بالهوية المحلية.
وقد يقع البعض منا في إشكال سببه عدم التعمق في هذه المسألة، قبل أن يفاجئهم الأطفال بذلك من خلال أسئلة واستفسارات قد يصعب إجابتها أحيانًا لعنصر المفاجأة وعدم توقعها من طفل.
وأنا أتساءل: أليس من الممكن أن أكون مسلمًا غربيًّا من أصل شرقي؟ أو شرقيا مسلما يعيش في الغرب ويحمل هويته؟ هذه التعريفات أو أي تعريف شئنا وصف أنفسنا به مقبول ما دام بعيدًا عن الذوبان في الآخر، وبعيدًا عن التعصب أو نكران الواقع أو احتقار الغير.
وهنا يأتي دور الآباء ومدى فهمهم للمجتمع الذي يعيشونه، ومقدرتهم على الاندماج المحمود مع المجتمعات الأخرى، والحفاظ على هويتهم بشكل إيجابي، ونقل كل ذلك إلى الأبناء وبناء الاعتزاز في نفسه لكل ما هو متصل بهويته.
والمميز في الغرب هو أن الكثير من مدارسهم تركز على هوية الفرد واستقلالها، وبالتالي قد يعين هذا أبناءنا لو وظفناه بالشكل الصحيح.
الأمر الثاني هو مسألة أولويات الطفل ومنطقه وعمره ومواهبه وقدراته والفروق الفردية، وعلى الوالدين مراعاة كل ذلك وعدم تجاهل حاجات الطفل وأولوياته التي يراها؛ فليس من الصحي أن نملأ رأسه بما لم يبحث عنه، وفي الوقت غير المناسب، وبالتالي قد لا نجيب على أسئلته المهمة وحسب أولوياته وقدراته.
أما مسألة العمر فتثير فيّ أسئلة تزيد عن مسألة القدرة على الاستيعاب من عدمها، وهي: هل من المفيد ذكر الموت لمن هو من المفروض مقبل على الحياة؟
وهل من المفيد ذكر العقاب لمن هو غير مكلف؟
وهل من المعقول أن نتعامل بمنطق الكبار في شرح مبادئ الإسلام للصغار؟
ولا ننسى أن أكثر ما يميز ديننا الإسلامي هو التدرج في كل الأمور، خاصة مسألة الأعمار والتكاليف الشرعية والفهم لها.
الأمر الثالث هو طريقة عرض تراثنا وثقافتنا؛ حيث تكون عادة مملوءة بالشيء الكثير من العاطفة والمشاعر الجياشة والتي قد تؤثر بشكل غير مرغوب فيه عند طفلٍ، المفروض أنه متوازن المشاعر، وأنا لا أرى ضررًا في الاقتصاد في هذه المشاعر، خاصة في الأعمار الصغيرة، ثم زيادتها شيئًا فشيئًا.
ويجرنا هذا لمسألة أهمية التقيد بالنص في إلقاء القصص أو التعاليم الدينية عند طرحها على أطفال في أعمار صغيرة؛ فالأهم -والله أعلم- في هذه المرحلة هي الفكرة لا صياغة الجمل وتركيباتها.
وبالتالي يمكن اختصار وإعادة صياغة القصص من السيرة أو القصص النبوي بالشكل الذي ينمي عند الطفل أخلاقهم وصفاتهم للتمثل بها، ويبعد عنهم صعوبة تركيبات الجمل، خاصة أنهم مقبلون على تعلم أكثر من لغة في نفس الوقت.
الأمر الرابع وهو الأهم -في ظني- وهو مراعاة البيئة التي يعيشها الطفل، وفي الغرب خاصة؛ حيث يتم التركيز على أمور عندنا الكثير الكثير منها، مثل القيم الإنسانية الرفيعة والخير والحب والجمال وعمارة الأرض والإقبال على الحياة، وهذه الأمور هي الأهم لمن هم في مقتبل العمر، وتقدم ولا شك على أمور مثل الجهاد (بمفهومه القتالي) والشهادة في سبيل الله، خاصة أن الحاجة لذكرها غير واردة لمن هو غير مكلف بها شرعًا؛ فهي على أهميتها غير مناسبة لمن هم في مقتبل العمر، كما يمكن استبدال مفهوم أوسع وأكثر قبولا عند الطفل بهذه الأمور، مثل التضحية وحب المساعدة دون البحث عن مقابل مادي والتدريب على القيام بالواجبات مع المطالبة بالحقوق.
ويمكن زرع كل هذه الخصال عن طريق تدريبات صغيرة ومناسبة للعمر أثناء القيام بأعمال منزلية بسيطة لزرع المبدأ، ثم البناء على ذلك -كما ذكرنا- في مراحل عمرية مناسبة.
لقد أمرنا الله سبحانه بعمارة الأرض والإبداع في ذلك والتعرف على الشعوب، ونشر المبادئ الإنسانية الراقية؛ وهو ما يهم الإنسانية عمومًا، وهو أيضًا ما يربط بين مجتمعنا المسلم الصغير والبيئة التي نعيش فيها، وعند هذه الأمور تتلاقى المصالح وبها تبنى الجسور، وعلينا أن نبدأ بذكر الأمور المشتركة بيننا وبين الغير قبل ذكر الفروق تسهيلا لأبنائنا على التكيف مع المحيط الذي يعيشون فيه.
ولا ننسى أن الأطفال وبتلقائية بريئة يشاركون غيرهم المعرفة فإن وجد الأطفال الآخرون من أبناء الغرب حديث أبنائنا غريبًا ويتركز حول الموت والحساب والعقاب والنار لرفضوهم؛ لتعارض ذلك مع ثقافة مجتمعهم المقبل على الحياة وكأنها أبدية الوجود، وبالتالي قد يتعرض أطفالنا للعزل أو العداء مما سوف يؤثر عليهم سلبيًّا، ولا شك.
أخيرًا.. لا أملك إلا التوجه إلى الله سبحانه وتعالى على أن يعين المسلم في الشرق كان أو في الغرب وعلى هدايتنا لفهم أمور ديننا وبالشكل الصحيح، والله المستعان.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأستاذ الفاضل جمال عبد الواحد.. أهلاً بكم ومرحبًا مجددًا، وعودًا أحمد لمشاركتكم القيمة التي طالما سعدنا بثراء ما تحمل من خبرة من جهة، وجميل المتابعة والإحساس بالشراكة في تحمل مسئولية كل ما يعرض على هذه الصفحة، ومسئولية البناء عليه من كل زوار هذه الصفحة.
أدعو الله تعالى أن يكون عطاؤكم في ميزان حسناتكم، وأن يكون مرشدًا لكل زوارنا ليفضوا على إخوانهم من مخزون خبراتهم الجليلة والقيمة.
وأسال الله تعالى ألا يطول غياب قلمكم عنا، وأن توافونا بالمشاركات باستمرار.
الموضوع فتح النقاش، وهو ما يزال يحتاج، وأتركك مع أول الغيث تعقيبًا من الأستاذة عزة تهامي على مداخلتكم، داعية كل زوارنا خاصة المقيمين في الغرب إلى الإدلاء بخبراتهم فيما اجتهدوا فيه أو وصل إليهم علمهم. ولكم منا وافر الاحترام.
المحررة
تعقيب الأستاذة عزة تهامي :
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أسعدني مشاركتك معنا في موضوع أمور ديننا كيف نعلمها لأبنائنا أتفق معك تمامًا -سيدي- في النقاط التي أثرتها بالمشاركة، خاصة مسألة الهوية والاندماج المحمود في المجتمعات الغربية مع الحفاظ على الهوية بشكل إيجابي، والبحث عن أرضية مشتركة بيننا وبين الآخر، ولا أرى تعارضًا جوهريًّا بين ما ذكر في الرد على الاستشارة وما ذكرته في المشاركة.
ولكن اسمح لي أن أوضح بعض الأمور التي أشعر أنه تم الالتباس في فهمها أو تناولها:
أولا: إن الاستشارة كانت ردًّا على بعض النقاط والمواقف المحددة التي تعرضت لها الأم -بالفعل- مع ابنتها، ولم يكن موضوعًا لتناول كيفية التعامل مع النشء وتربيتهم في الغرب بشكل عام.
ثانيًا: موضوع الموت وذكره لمن هو مقبل على الحياة. الموت حقيقة يراها الأطفال -خاصة في أيامنا هذه- كل يوم، بل كل ساعة في كل مكان، ولا أدري ما التعارض الذي نراه بين إنسان مقبل على الحياة مقبل على عمارة الأرض والخلافة عليها، وذكر الموت، على أن يذكر له أنه انتقال بين حياة إلى حياة رائعة أبدية أخرى، وخاصة بالطريقة التي ذكرتها في قصة الصديقة، وما الضير في أن يقال للطفل هذا الأمر بمنتهى البساطة، فإذا نحن فعلنا ذلك فسوف يستقبله الطفل بنفس الطريقة التي قيلت له.
كما أن فكرة الموت لدينا -نحن المسلمين- تختلف إلى حد كبير عن فكرة الموت عند الغرب؛ حيث الخوف والفزع الذي يصحب هذه الفكرة، فضلا عن تشوش فكرة مآل الناس وحالهم بعد الموت لديهم، وعن طريق الملاحظة العلمية على مجموعة عشوائية وجدت أن حوالي 90% ممن يخافون بل يصابون برعب إلى حد الفوبيا من الموت.. هم من كان يخشى أهلوهم ذكر الموت لهم في الصغر، أو كان الأهل أنفسهم يخشون الموت وذكره، وعكس هؤلاء الذين ذكر لهم الموت ببساطة كحقيقة وواقع يرونه بأعينهم رأي العين.
ثالثًا: وهو الأهم في وجهة نظري أن الاهتمام بموضوع الموت والحساب والعقاب والجنة والنار اهتمام عارض لا يثار إلا حين يسأل الطفل عن تلك الموضوعات، أو لو تعرضنا لها في المواقف الحياتية غير المفتعلة، ولم نقصد على الإطلاق أن يكون هو محور حديثنا مع أطفالنا في النواحي والأمور الدينية، وأظن أن ذلك كان واضحًا في الرد على استشارة الأخت الكريمة.
وأخيرًا -سيدي- أشكر لك اهتمامك مرة أخرى، وأنا أيضًا أتوجه إلى الله عز وجل بقلب خالص أن يعين المسلم في كل بقاع الدنيا على تفهم أمر دينه وبالشكل الصحيح.
ـــــــــــــــــ(104/371)
مظاهر التأخر.. لا للتسويف في الاكتشاف ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد الشكر على تعاونكم معنا في تربية أطفالنا..
أعاني من مشكلة تعكر صفو حياتي؛ ابنتي الطفلة الأولى عمرها ثلاث سنوات وخمسة أشهر، متأخرة في الكلام، حيث إنها تقول بعض الكلمات بشكل واضح وبعضها بشكل غير واضح، وتقول بعض الجمل القليلة مثل طلبها لشيء تريده مثلا "أعطيني عصيرا"، وعندما تريد أن تعبر تقول كلاما غير مفهوم.
قمت بعمل اختبار ذكاء لها عند دكتور متخصص نفسي وكانت النتيجة 93، وأيضا السمع جيد، وهي تفهم كل ما أقول لها وأطلبه منها، كما لو أنني أتكلم مع إنسان كبير، ولكنها كثيرة الحركة وعصبية لعدم قدرتها على التعبير، خاصة في الأماكن العامة فهي تصر على شيء معين تريده، وتقوم بعمل تصرفات عصبية مع البكاء.
كما ألاحظ عدم تركيزها في اللعب مثلا أو التلوين فهي ملولة، وقد تم عرضها على دكتورة تخاطب، وقالت إن عندها تأخرا قد يكون سنة ونصف سنة، ولكن لم أتمكن من متابعة جلسات التخاطب مع الدكتورة لكلفتها المادية العالية جدا؛ لذلك قمت بعمل جلسات في المنزل بتكرار الكلمات والجمل ومحاولة إلزام ابنتي بقول ما تريد، وعدم التكلم بكلام غير مفهوم، وهذا أعطى نتيجة طيبة، حتى أنني سجلت لها شريطا بصوتي وصوتها لترديد الكلمات أفتحه عندما أكون مشغولة عنها وأحضرت لها صورا كثيرة (Flash cards) فهي تستطيع الآن بعد تركيزي عليها أن تقول مسمى صور كثيرة، ولكن عندما تريد الكلام لا تستطيع وتتعلثم بكلام غير مفهوم.
علما بأنني كنت أعمل وكانت ابنتي تمضي الوقت الأكبر مع الخادمة إلى أن بلغت السنتين والنصف، وكانت قليلة الاختلاط بأطفال، أما الآن فهي تداوم في مدرسة روضة، وأنا متواجدة معها دائما وألاحظ معها بالتطور في اللغة والإدراك أيضا، فهي تستطيع أن تطلب ما تريد بكلمة (مثلا ماء أو عصير)، وأحيانا تقول: "نانس" (وهي تقصد سندوتش)، ولكنها عندما أحاول تعليمها كلمات معينة بعض الأحيان تكرر كلامي، مثلا عندما أسألها سؤالا ترد بنفس السؤال أو الكلمة التي أقولها، ولكن بعد توجيهي لها وتدريبي لها بعدم التكرار أصبحت ترد علي ولو بكلمة غير مفهومة أحيانا فهي محبة، ودائما الحيوية حتى في الروضة يحبونها؛ لأنها مطيعة وتظهر محاولات حتى تطور من تعبيراتها والتزامها، كما أنني دائمة القراءة على طريقة الثواب والعقاب وطرق التربية والتعامل مع الأطفال، خاصة المتأخرين في الكلام ومتابعة لجميع مقالات الموقع، جزاكم ألف خير على هذا الموقع الممتاز، أتمنى منكم النصح، وما علي عمله.
سؤالي هل عدم ذهاب ابنتي لجلسات التخاطب يؤدي إلى عدم كلامها أم تأخيره؟ وإلى أي حد حالتها خطرة، ومن خلال خبرتكم متى يمكن أن تتكلم جملا مفيدة؟ وهل يمكن أن تؤثر على أخيها فعمره عشرة أشهر فهو يقول بابا وتاتا، ويصدر أصواتا مثل دا دا وكا كا، ولكنه لا يقول ماما، ربما لتركيزنا عليه بقول بابا حتى أننا أحضرنا له لعبة تقول بابا باستمرار يلعب بها.
فما هو الأسلوب الصحيح في اتباع تدريبات الكلام لابنتي وابني في المنزل؟ وهل ابني يعتبر طبيعيا في تطور كلامه ونطقه؟ أشكر لكم تعاونكم، وجزاكم الله عنا كل الخير. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أختي الفاضلة أم محمد، يسعدني دائما أن أشعر أن هناك أهلا مهتمين بأي مظاهر تأخر يظهرها الطفل؛ لأنه وللأسف هناك أهالي يحاولون دائما التسويف في عرض الطفل على إخصائي عند ملاحظة وجود تأخر ما.
أختي الفاضلة كما يبدو من وصفك.. فالطفلة متأخرة وفعلتِ خيرا عند عرضها على إخصائية للتأكد من أن هذا التأخير في اللغة التعبيرية لا يعود إلى تأخر في اللغة الاستقبالية أو السمع أو غير ذلك.
ورغم ذلك فهناك تأخر واضح في مستوى لغة البنت التعبيرية عما هو مفترض في سنها. فهي في سن يفترض أن تتكلم فيها بجمل واضحة وكلام مفهوم بما لا يقل عن 80% من مجموع كلامها.
ونحن هنا إذن في حالة تأخر لغوي تعبيري متوسط إلى شديد. وقد يكون هذا تأخرا طبيعيا لكنه ملاحظ أو قد يكون مؤشر لصعوبات تعلم أكاديمية (قراءة وكتابة) في المستقبل.
أي أن الصعوبة التي تواجهها الطفلة الآن هي صعوبة تعلم لغة شفهية قد تكون كما ذكرت مؤشرا لصعوبات تعلم أكاديمية مستقبلا. ولتفادي ذلك أولا ولتفادي الأثر النفسي الذي سوف يترتب على كون البنت متأخرة كلاميا - خصوصا أمام زملائها الأطفال أو الأقارب أو المعلمات وغير ذلك فإن أفضل نصيحة هي إدراج الطفلة في برنامج تدريب نطقي لغوي على الأقل مرتين إلى ثلاث أسبوعيا.
والهدف من التدريب هو تحفيز اللغة لدى الطفلة بأسلوب علمي مناسب لعمرها وقدراتها.
أما إذا كانت ظروفكم لا تسمح بإدراجها في برنامج متواصل فلا أقل من متابعة تطورها مع إخصائي بمراجعته على الأقل مرة بالأسبوع أو الأسبوعين بحيث يضع برنامج أهداف ويشرحه لك لتتابعيه في المنزل، ثم مراقبة التطور وتعديل البرنامج أو الإضافة إليه حسب تطور الطفلة واستجابتها للتدريب.
والسبب في مراجعة الإخصائي ليس أن الطفلة لن تتكلم إلا على يديه بل إنه سوف يكون أقدر منكم كأهل على وضع أهداف علمية وتطبيقها بطريقة تحفز إصدار اللغة بطريقة غير مباشرة (صور وألعاب) بما يناسب المرحلة العمرية للطفلة، وبما يناسب أيضا قدراتها الحالية. وإن شاء الله سوف تطور الطفلة لغة تعبيرية، لكن التدريب يساعد في تسريع وتحفيز التطور اللغوي وأن يكون ذلك بشكل علمي صحيح.
طبعا محاولاتك في البيت مشكورة، لكن أؤكد أن تكون تحت إشراف مختص. أما بالنسبة لطريقتك في التدريب فأؤكد لك أن أي إنسان لا يحب أن يتم الضغط عليه لعمل أي شيء فما بالك بالطفل؟ إن الضغط على الطفلة قد يؤدي إلى أن يصبح الكلام تجربة سيئة بالنسبة لها فتحاول تجنبه. لذا أعتقد أن التحفيز اللغوي يجب أن يكون ضمن تجارب مفرحة وفي إطار من اللعب والنشاطات الحياتية المعتادة أي بشكل غير مباشر.
وسوف أرفق لك بنهاية الاستشارة نسخة من برنامج التحفيز اللغوي الذي يمكن أن تتبعيه مع طفلتنا الجميلة.
وأعتقد أن وجود الطفلة في الروضة سوف يساعدها إن شاء الله، مع رجائي لك بالانتباه لمهارتها الأخرى من رسم ومسك القلم وتلوين وألعاب حركية حتى لا تكون لديها كما ذكرنا سابقا مظاهر صعوبات تعلم كتابة. مع التأكيد على أن يكون جو الروضة مشجعا ومرحا وآمنا. أما بالنسبة للطفل الصغير فأعتقد أن ما يصدره الآن كافٍ بالنسبة لعمره، ويمكن تشجيعه على اكتساب المزيد بالحديث إليه وإشراك النشاط اللفظي مع أي نشاط نقوم له به من: أكل - لبس- حمام- لعب وغير ذلك.
ويمكن أن يكون لعب الصغيرة مع أخيها جوا رائعا لتحفيز اللغة لديها. أرجو أن تبقينا على علم بالتطورات. مع تحياتي..
ـــــــــــــــــ(104/372)
الطفل الأول..البريء من القهر
... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا مش عارفة أشكركم إزاي على إعانتكم الرائعة لينا. جزاكم الله عنا خيرا وأعانكم الله.
أريد استشارتكم في أمر يخص ابنكم (يوسف 3 سنوات وثمانية أشهر) وصدقا هو ابنكم فقد كنتم معنا طوال رحلتنا في السنوات الثلاث الماضية وكثيرا ما أردت أن أكتب لكم ولكن كنت أجد إجاباتي في البحث قبل السؤال.
يوسف طفل رائع حنون جدا ومحب وعطوف (إلى حد ما هو كذلك معي أنا فقط) لا أقصد بذلك أنه سيئ مع أبيه، ولكن مع أبيه ترى حبا مختلفا فهو يريد أن يلعب معه ولا يريده أن يذهب إلى العمل لكن، مثلا، نادرا ما يقبله أو يحتضنه على الرغم من أن أباه حنون جدا أيضا ويدللُه كثيرا.
المهم أن لدى يوسف مشكلتين: الأولى أنه لا يستيقظ أبدا ليتبول ليلا ويجب أن أدخله أنا ولقد قرأت كل ما كتب في موقعكم في التبول اللاإرادي، فأنا لا أعطيه أية سوائل قبل النوم بفترة طويلة وأدخله "التواليت" قبل أن ينام وأحمله بعد نومه بساعتين وأدخله مرة أخرى ويدخله أبوه بعدها بثلاث ساعات ثم عند استيقاظه يدخل مباشرة إلى التواليت أي أنه بين الساعة الثامنة مساء والسادسة صباحا قد يدخل إلى التواليت من ثلاث إلى أربع مرات وإذا تركته فإنه يبلل فراشه، علما بأنه عندما كان عمره عامين وبضعة أشهر توقف تماما عن تبليل فراشه وحده بدون معاونة مني، وكنت لا أزال أضع له الحفاض، وكان يستيقظ مرة واحدة فقط وينام إلى الصباح بعدها بدون أي مشاكل حتى لو أعطيته لبنا قبل نومه مباشرة. وفي أثناء عطلتنا في مصر حتى يوليو الماضي كان ينام الليل بدون أن يستيقظ مرة واحدة وبدون أن يبلل فراشه حتى لو شرب اللبن أيضا. وبدأت معاناتي معه بعد عودتنا من مصر.
وقد قرأت فيما يخص الحالة النفسية ولكني لا أعتقد أنه كان تعيسا لسفرنا؛ لأنه كان يطلب مني أن نعود باستمرار، وعندما أخبره أننا سنسافر مرة أخرى يرفض تماما، بالإضافة إلى أنك تستطيع أن تلمس أنه طفل سعيد.
أيضا أريد أن أوضح أن لي علاقات اجتماعية جيدة بما يتيح له فرصة اللعب مع أصدقائه إلى جانب لعبنا معا أنا وهو وأبوه (نسيت أن أوضح أنه فيما يخص الساعات التي يقضيها والده معه أن يوسف يقضي 6 ساعات يوميا بعد المدرسة قبل أن ينام يمضي أبوه منها معنا 3 ساعات فقط بالإضافة إلى يوم الجمعة).
أعرف من خلالكم أنه من الطبيعي أن يظل الطفل يبلل فراشه حتى الخامسة ولكن يوسف امتنع تماما سنة كاملة إلا من حوادث عرضية بسيطة نادرة، كذلك هذا المعدل ثلاث مرات هل هو طبيعي؟
المشكلة الثانية في تعامله مع الآخرين عندما يضربه أحد فإنه يبكي ولا يحاول ولا يبادر أبدا لرد العدوان حتى لو كان ممن هم دون سنه أو حتى مع الغرباء، ولقد قرأت كل ما كتب في موقعكم بهذا الشأن، ولكن كانت المواضيع كلها تدور في فلك ماذا نعلم أبناءنا.. اللي ضربك اضربه وإلا سامحه بس أنا مش عاوزة يوسف يكون شريرا ويضرب الناس بس أنا بتقهر وبتجنن لما أشوفه قاعد على الأرض بيعيط لا يحاول أبدا الدفاع عن نفسه؛ لا لأنه طفل وحيد يعتمد علينا في حياته أو ليس لديه ثقة في نفسه.. إطلاقا أنا متبعة تعليماتكم تماما فيما يخص أني بخليه يعتمد على نفسه في كل اللي يقدر عليه وله مهام فيما يخص المنزل من تجهيز السفرة وأيضا بعض الأعمال المنزلية البسيطة وعندما نذهب للسوبر ماركت يأخذ سلة له يضع فيها احتياجاته ويضعها أمام الكاشير ويحاسب هو ويطلب من البائع أن يضعها في كيس يحمله هو وأيضا كان يتمرن على الكاراتيه ولكن لظروف خارج إرادتنا توقف التمرين، كما أننا لا نعامله بعنف أحيانا أكون أنا عصبية معه لكن لا أضربه إلا نادرا.. ومش علقه لأن هو يتأثر بغضبي منه ويكفينا العتاب.
هو لا يسلك هذا السلوك معنا فهو يضربنا وجريء معنا لكن مع الآخرين غير ذلك.
طلبت منه مرة ضرب الولد الذي ضربه وكان حوالي 9 أعوام فأجابني معرفش أو لأن عنده قوة. أريده فقط أن يكون عنده ثقة في نفسه وقدراته ويبادر بالدفاع عن نفسه، إنه يدافع عني لو أظهرت غضبي من أحد معارفنا بينما لا يدافع.. قرأت كل ما لديكم عن زرع الثقة بالنفس وأطبقها.. سامحوني على الإطالة فأنا مقهورة ولو كنت في مصر لاصطحبته لطبيب نفسي. وجزاكم الله عنا خيرا.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بطفلك، الذي أدى إلى متابعتك الدءوبة لصفحتنا، ونشكر لك اعتبارك أن طفلك هو ابن لنا لأن هذا شعور حقيقي نشعر به ناحية كل الأطفال الذين نرد على تساؤلات ذويهم على صفحتنا، فسعدنا أن يصل هذا الشعور إليكم.
ورغم التفاصيل الكثيرة التي أفضت فيها وكنا سعداء بمعرفتها فإنها تفاصيل عادية اكتسبت طابعا ضخما جعلك تصلين إلى حد القهر ليس لأنها ضخمة ولكن لأنه طفلك الأول. وحالك في ذلك حال كل أم تخوض التجربة لأول مرة والضحية أعصابها وطفلنا المسكين الأول. فهذا الحرص يجعلنا نضعه تحت المجهر ونظل نفحص فيه وندقق حتى إذا لم نجد فيه عيبا قلنا له يا أحمر الخدين.. بينما مشاكله هي مشاكل أي طفل، مجرد مظاهر لخصائص عمرية يمر بها مع غيره وسوف تلحظين قولي هذا مع هدوئك وأنت تخوضين تجربة الطفل الثاني.
بالنسبة لمشكلة التبول اللاإرادي فنحن ننصحك بالاستمرار في البرنامج السلوكي الذي تطبقينه وألا تغفلي عليه، والمسألة مسألة وقت ستجدين بعدها طفلك الذي وصل الآن إلى معدل ثلاث مرات أسبوعيا، سيقل هذا المعدل تدريجيا حتى إذا وصل إلى سن الخامسة تجدينه قد توقف إلا من مرات نادرة؛ لأي ظروف خارجة عن الطبيعي.
فطالما أنه يستجيب للبرنامج السلوكي ويصحو جافا عند تطبيق بنوده فلا مشكلة والأمر يحتاج لانتظار حتى يصل إلى التعود التام على الجفاف بإذن الله تعالى.
بالنسبة للثقة بالنفس فطفلك على حسب وصفك في رسالتك واثق من نفسه بما يناسب سنه بل وربما يفوق سنه في تصرفه في شراء أشيائه بنفس وحسابه عليها وحملة لكيسه الخاص...
ولا علاقة بمسألة أن يضرب من ضربه بالثقة في النفس.. خاصة أنه سلوك غير مطلوب؛ لأن المطلوب هو أن يتعلم كيف يتصرف عندما يضربه أحدهم فإن كان في البيت فليشكُ إلى ذويه وإن كان في الحضانة فيشكُ للمشرفة.
لا بد من تعليمه النظام واحترام القانون وهذه أول خطوة فيه وإلا فالبديل هو أن يتعلم أخلاق الغاب لنكون أول من يعاني منها عندما يطبق نفس القاعدة علينا فيرد علينا عندما يقوى ساعده.
الحل أن نعلمه كيف يتصرف لا كيف يضرب، ولا داعي للقهر أو غيره. بارك الله لك في طفلك وأعانك عليه.
ـــــــــــــــــ(104/373)
وحدة وألفاظ بذيئة.. مشاكلي مع طفلي!! ... العنوان
السلام عليكم، أشكر لكم سعيكم الدائم لمساعدتنا في حل مشاكلنا، أما بخصوص مشكلتي فهي تتعلق بابني حسن 6سنوات، وخاصة فيما يتعلق بسلوكه في المدرسة ومع الأغراب. هو طفل واعٍ، حنون جدًّا، متعلق بي جدًّا ويهاب أباه ويحبه في نفس الوقت، يحب أخاه كثيرًا، أحيانًا يحس بالغيرة منه في حال اهتمامنا بالصغير أكثر منه، ولكنه يفصح عن إحساسه بالكلام رغم أننا لا نفرق في المعاملة بينهم أبدًا، ونجعله يحس بأنه أهم شيء لدينا، يحب تحمل المسئولية وشخصيته ليست ضعيفة، فإننا دائمًا نعطيه الفرصة لإبداء رأيه واختيار ألعابه وثيابه، حتى نأخذ رأيه فيما نريد شراؤه للمنزل أو لنا ولأخيه بالذات، فمثلاً هو يساعدني في شراء ثياب أخيه من حيث الموديل واللون وأيضًا الألعاب.
علاقتي مع أبيه أكثر من جيدة، ونحن والحمد لله عائلة مستقرة، المشكلة الوحيدة هي أنني عصبية جدًّا مع حسن أحاول أن أمسك نفسي، ولكنني أفشل في أكثر الأحيان فهو عنيد جدًّا ومزاجي، وخاصة في المذاكرة فهو يريد أن يدرس على هواه، وفي الفترة الأخيرة أصبح قليل الأدب معي فهو لا يحترمني ويتلفظ بألفاظ قبيحة، وأنا أحاول أن أخاصمه فيجن جنونه ويتأسف، ولكنه يعود لألفاظه تلك ثانية، عندما يفعل نفس الشيء مع أبيه فهو يضربه، ولكنني لا أريد استخدام الضرب معه.
المشكلة الأساسية هي أنه في المدرسة يكون على النقيض، أي أنه خجول جدًّا لا يلعب ولا يتحرك كبقية الأولاد، فإني أحيانًا أذهب وأراقبه في الملعب من دون أن يراني فأراه كالتمثال لا يتحرك، فالأولاد من حوله يركضون ويضحكون وهو جامد لا حراك ولا حياة فيه، كما أن المعلمات يشتكين من بطئه في الكتابة، وهو لا يشارك مع أنه مجتهد ويدرس بسرعة في البيت ويحب الدرس والمدرسة، لم يشتكِ يومًا من معلمته فأنا دائمًا أحاول استنطاقه، ولكنه يشتكي من زملائه، حيث إنهم يأخذون أغراضه كالقلم والممحاة؛ إذ إنه كل يوم يأتي إلى البيت من دونها.
ليس لديه أصحاب كثر فقط أبناء عمته يلعب معهم في نهاية الأسبوع، وهو أيضًا لا يخرج كثيرًا من البيت إلا ليلعب في أسفل العمارة، ويكون مع أخيه والخدامة لساعة من الوقت، وهو لم يتعود أن يرى أناسًا كثيرين، فربما لذلك علاقة بانطوائيته أو سلوكه، فنحن في غربة حتى إننا لم نسافر إلى موطننا منذ 4 سنوات، فأنا أعتقد أننا لو أخذناه إلى هناك كل سنة، حيث إن أقاربنا كثر ودائمًا نكون موجودين مع أناس كثر وغرباء، فربما هذا يحرك هذا الجمود فيه ويقلل من انطوائيته أو أن نشركه بنادٍ رياضي.
هذه حلول توصلنا إليها زوجي وأنا، فأرجو منكم إفادتي حيث إنكم أهل العلم وضليعون في هذه الأمور. كما إنني أحب أن أذكر أنني عندما كنت في المدرسة كنت أعاني من نفس المشكلة، حيث إنني كنت انطوائية وغير اجتماعية وحساسة جدًّا، فهل للوراثة تأثير في ذلك؟ شكرًا لسعة صدركم، وأرجو أن تعذروني على الإطالة في رسالتي.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمته وبركاته.. جزاك الله خيرًا، وأدعو الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
بداية أشكرك -سيدتي- على ما تحاولين فعله أنت وزوجك مع ولديكما من اهتمام ورعاية نفسية ومادية.
وأما عن استشارتك فسوف أبلور النقاط التي وردت بها، وهي:
• ما يشعر به من غيرة تجاه أخيه الصغير.
• تتعاملين معه بعصبية خاصة فيما يتعلق بمذاكرته.
• ألفاظه بذيئة معك.
• خجول وانطوائي ولا يلعب مع أصحابه بالمدرسة (غير اجتماعي).
• بطيء في أدائه بالمدرسة.
بالنسبة لموضوع الغيرة فلا بد أن تعرفا أنت ووالد الطفل أن الغيرة مشاعر طبيعية، وما تفعلانه لعلاج الغيرة أمر تحمدان عليه، ولا شيء ممكن أن أنصحك به سوى: ألا تحاولي حينما يتشاجر مع أخيه أو يضربه أن تدافعي عن الأخ الأصغر أو تنوبي عنه -أي عن الصغير- في بث مشاعر الحب لأخيه الأكبر، فلا تقولي لحسن مثلاً: "لماذا تفعل هذا بأخيك فهو يحبك ولا يؤذيك".
أما حرصكما على أن يكون لحسن رأي واختيار في أمور كثيرة كالتي ذكرتها في رسالتك فهو أمر رائع ومطلوب، ولكن دائمًا أقول: إن خير الأمور الوسط، بمعنى ألا أبالغ في أخذ رأيه للدرجة التي تجعله يشعر بعد قليل أنه مركز الكون، وألا شيء يسير دون مشورته ورأيه.
ويمكنك الاطلاع علي :
طفلتي تغار من أختها
غيرة طفلي.. كيف أتعامل معها؟
عندما يغير الطفل
علاج الغيرة برضعات الحنان.. متابعة 2
أما عن عصبيتك معه فجميل منك أن تعرفي هذا، ولكن الأجمل منه أن نتعلم ضبط النفس، ويمكنك أن تفعلي ذلك عن طريق:
1. أن تذكّري نفسك دائمًا بأنه أصغر بكثير من أن تنفعلي عليه وتحتدي عليه أو تتعاملي معه بأنه ندّ لك ويتحداك، بل تعاملي معه على أنك أنت المربي الموجه لسلوكياته وأنت التي تقومين باستيعابه واستيعاب ما يصدر منه.
2. أن تقومي ببعض تمرينات الاسترخاء والتي تساهم بشكل فعّال في التهدئة واستيعاب الأمور، ويمكنك معرفة الكثير عنها إما من كتب عن هذه التمرينات وما أكثرها الآن في الأسواق أو من بحثك عنها على مواقع البحث على الإنترنت.
3. أن تذكري نفسك دائمًا أن أسلوب الحدة والعصبية سيجعل من ابنك شخصية ضعيفة مهزوزة أو شخصية عدوانية عنيفة، وأن أول من سيتجرع هذا هو أنت ووالده، فضلاً عن أنه سيتعامل معك بنفس الأسلوب خاصة في مرحلة المراهقة.
4. وأولاً وأخيرًا أن تستعيني بالله سبحانه وتكثري من الدعاء.
كما يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات تناولت موضوع العصبية عند الأمهات وردت في هذه الصفحة:
أجندة أسرية لعلاج العصبية
عصبية الآباء والأبناء.. لكل داء دواء
رشاد عصبي.. لماذا!؟
عصبية وأصرخ في أطفالي.. ماذا أفعل؟
أما عن تطاوله عليك وتلفظه بألفاظ غير لائقة لك فأول خطوة هي علاجك للعصبية، فكيف بالله عليك نطالب الطفل بأن يتحكم في عصبيته وعدم تطاوله وأنا لا أستطيع ذلك، أما عن سائر الخطوات فهي:
حين يتلفظ مرة أخرى بلفظ سيئ فعليك بالجلوس أمامه ممسكة بكتفيه ناظرة مباشرة لعينيه في حزم قائلة له: "يمكنك أن تغضب، لكن لا يمكنك على الإطلاق أن تعبر عن هذا الغضب بهذا الأسلوب البذيء الذي لن أسمح به مرة أخرى"، واتركيه دون أن تنتظري تعليقًا منه، وعندما يتكرر الأمر قفي (ولا تجلسي) أمامه بنفس الحزم قائلة: "ألم أقل لك ألا تفعل ذلك"، وعندئذ لا تتحدثي معه لمدة قدريها بنفسك، وعند إحساسه بالندم حدثيه مباشرة ولا داعي لأن تنتظري منه اعتذارًا صريحًا، ولكن يكفي أن يتحدث إليك بطريقة تدل على الندم، فإذا تكرر فزيدي المدة الزمنية التي لا تحدثينه فيها مع بيان أنك في هذه المرة لن تتحدثي معه إلا إذا أتى بدليل على أنه سيكف عن هذه الألفاظ، وسوف تضعينه تحت الاختبار حتى لا يعود لمثلها، وعرفيه أنه بهذا الأسلوب سيفقد كل من يحب في حياته إذا لم يعرف كيف يضبط نفسه وينتقي ألفاظه.
ويمكنك الاطلاع علي:
البذاءة ...العلاج في معرفة السبب
فقه تغيير السلوكيات
القدوة ممحاة البذاءة
زلزال الغضب.....والبذاءة
أما انطواؤه بالمدرسة وعدم لعبه مع أصحابه، بل إنه ليس له أصحاب بالمدرسة فقد يرجع ذلك إلى أنه شخصية حساسة، ولم يعتد بعد على أن يكون عضوًا في جماعة، فقد كان إلى عهد قريب ملكًا متوجًا في أسرته يتلقى كل العناية وينصب عليه الاهتمام، والآن وبعد أن التحق بالمدرسة لم يَعُد العضو الوحيد، بل هو فرد في جماعة فبدأ يشعر بزعزعة مكانته وعدم التقدير، وازداد هذا الشعور مع وجود أخ يصغره، وهذه مرحلة يمر بها كل طفل وحتى تمر بسلام يمكنك أن:
تتصلي بمدرّسيه وتجعليهم يتعاونون معك على الطرق التي تؤدي بحسن لأن يكون طفلاً اجتماعيًّا بتشجيعه على الإجابة والحوار والمناقشة بالفصل، وتشجعيه -في مرحلة تالية- على الاشتراك بأنشطة المدرسة.
والأهم من ذلك ألا يركز على هذه الصفة، ولا يقال له على سبيل التشجيع: "لماذا لا تلعب مع أصحابك أو لماذا لا يكون لك أصحاب مثل فلان وفلان أو لماذا يشكو معلموك من عدم تجاوبك وعدم تفاعلك"، فكل هذه الجمل لا تؤدي إلا لنتيجة عكسية.
واقتراحاتك أنت وزوجك عن السفر للأقارب واشتراكه بنادٍ رياضي خطوات على الطريق الصحيح إلى جانب التزاور مع أصدقائكما ومعارفكما في بلد الغربة، وخاصة من لديهم أولاد في سن حسن، لكن يجب أن تنتبها إلى أنه لن يتجاوب مع الناس ويتفاعل معهم بمجرد أن تقدما على هذه الخطوات، بل سيستغرق هذا الأمر وقتًا غير قصير، وخاصة في حالة سفركما فهو لم يرَ أقاربه منذ أربع سنوات، وهذا كفيل بأن يشعره بالغربة والوحشة وعدم الرغبة في التجاوب معهم، لكن عليك أنت وزوجك بالصبر والمثابرة، ولا تجعلي الهدف والنية هي تفاعل حسن مع أسرته ليكون اجتماعيًّا فقط، بل ليتعلم معنى صلة الرحم ودفء العائلة، وهناك موضوعات عن الطفل المنطوي، وكيف يكون اجتماعيًّا طرحت أيضًا على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها.
أما عن شكوى مدرسيه عن البطء فهذا له أسباب عديدة، ولا يمكن تحديدها إلا إذا قمنا بتعديل السلوكيات السابقة، فلا شك أن كل ما سبق له أثر بالغ في تواجد هذا البطء عنده ويفقده الدافعية للمذاكرة، كما أود أن أنبهك ألا تستنطقي ابنك ليتحدث عن المدرسة، ولكن عليك أن تتركيه يتحدث عنها بتلقائية، وذلك عن طريق حديثك أنت عن ذكرياتك بمدرستك وأنت صغيرة في مثل سنه حديثًا صادقًا يحوي سلوكياتك ومشاعرك في تلك الفترة، وبعدها ستجدينه إما أن يسألك عن هذه الذكريات، وهذه التساؤلات هي عينها ما يهتم به أو يؤرقه بالمدرسة، وإما إن يبدأ هو أيضًا في سرد ما يحدث بمدرسته.
وأما عن تساؤلك عن أثر الوراثة فهناك جدال كبير بين علماء علم النفس حول أثر الوراثة والبيئة على الإنسان، ولكن أفضل الآراء التي اطلعت عليها: أن هذه الصفات تكون محمولة على الجينات بالفعل، لكن البيئة إما تعززها بمعنى أن طريقة التربية تجعل هذه الصفات تبرز وتتأصل في الفرد، أو أن تغيرها وذلك بحسب من يقوم بالعملية التربوية.
وقبل أن أتركك سيدتي أود فقط أن أنوّه إلى أمرين، أولهما في غاية الأهمية -من وجهة نظري- وهو ترك الأطفال مع الخادمات، فهذا أمر غير محبذ تربويًّا على الإطلاق، فأرجو تقليص فترة تواجد الخادمة مع ولديك، وأنا أفضل أن يكون تواجدها معهما تحت إشرافك وملاحظتك.
والأمر الثاني شعرت به في طي رسالتك وهو قلقك الشديد على ابنك وتركيزك على تصرفاته، وهذا من شأنه أن يزيد من حساسية الطفل، بل ويزيد من خطئه؛ لأنك لا تتركين تصرفًا إلا وتعلقين عليه وتوجهينه فيه، ولا أعني بذلك ألا نهتم بأولادنا وسلوكياتهم، بل يكون ذلك بطريقة لا تشعرهم فيها بأن كل حركاتهم مرصودة وتحت المجهر.
ـــــــــــــــــ(104/374)
الاختلافات الفسيولوجية والبنية النفسية - (متابعة) ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قبل البدء أود أن أحيي فريق الاستشارات على جهوده الحثيثة وعمله الدؤوب في فتح أبواب الوعي والمعرفة أمامنا، ولما يقدمه من مساعدة كبيرة لنا في عملية التربية هذه المهمة العظيمة والشاقة في آن معًا. كنت قد استشرت فريقكم قبل عدة أعوام في استشارة نشرت بعنوان الاختلافات الفسيولوجية والبنية النفسية
وقد أخذت بما جاء في ردكم على المشكلة، وسارت الأمور بشكل جيد والحمد لله. فقد تركت طفلي يستعمل يده اليسرى بشكل طبيعي لكنني عودته على الأكل باليمنى، لكن قبل 3 شهور التحق بالروضة -في سن 4 سنوات و3 شهور- وبدأ يرسم ويكتب و.. وقد لاحظت منذ مدة أنه يمسك القلم باليد اليمنى، لكن مسكته غير متماسكة مما يجعل خطوطه متعرجة ومرتجفة، وقلت لنفسي لا بأس لن أطلب منه الكتابة باليسرى، فما دام يتعلم منذ الروضة الكتابة باليمنى فسينشأ على ذلك وليس في الأمر مشكلة طالما كان هذا اختياره، لكن بعد أيام تحدثت في الموضوع مع معلمته فراعني أن تشكو أنه لا يجيد مسك القلم كالأطفال الآخرين ولا يجيد بالتالي الكتابة ولا التلوين وطلبت مني أن أركز على تدريبه في البيت ليتمرن... وقد وقعت في حيرة هل أطلب منه أن يمسك القلم باليسرى طالما أنه متمكن من استعمالها أكثر من اليمنى أم أتابع معه مشوار تعلم الكتابة باليمنى.
علمًا أنه أحيانا يمسك القلم باليسرى ويلون لكن حتى في هذه الحالة لا تكون مسكته جيدة ربما لأنه لم يتدرب بما فيه الكفاية. فماذا أفعل؟
أتمنى ألا تتأخروا علي في الإجابة لأن الوقت يمضى ولا بد لي من تدريبه كيلا تزيد الفجوة بينه وبين أقرانه ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وشكر الله لكم استشارتنا وأسأل الله عز وجل أن يوفقني في الرد؛ بالجواب الشافي الوافي وأشكر الله إليكم حرصكم على أبنائكم، واجتهادكم في تنشئته ورعايته ومتابعته
وبعد،
بداية لا بد أن أطرح عليك عدة نقاط:
- الطفل الأعسر هو الطفل الذي يولد طبيعيًّا، ولكن الله عز وجل خلقه وجعل سلوكه الحركي ومهاراته اليدوية والحركية، تبدو أدق وأمهر في الجانب الأيسر من جسده؛ سواء اليدين أو القدمين. ولا يختلف ذهنيًّا أو حركيًّا أو ذكاء عن الذين يستخدمون الجانب الأيمن.
- إن الله سبحانه وببساطة شديدة جعل المنطقة المركزية بالمخ والتي تتحكم وتنظم السلوك الحركي للجانب الأيمن من الجسم في الفص المخي الأيسر.
وكذلك جعل سبحانه المنطقة المركزية بالمخ والتي تتحكم وتنظم السلوك الحركي للجانب الأيسر من الجسم في الفص المخي الأيمن.
ومن يستخدم الجانب الأيمن من الجسم، تكون السيادة المهارية للمركز المخي الأيسر على الأيمن.
وكذلك من يستخدم الجانب الأيسر من الجسم، تكون السيادة المهارية للمركز المخي الأيمن على الأيسر.. وذلك أمر فطري في كل البشر.
وللوالدين والمربين دور هام مع هذا الطفل يمكننا إيضاحه فيما يلي:
أولاً: تقبل إرادة الله عز وجل بالتسليم والرضا وحسن الظن؛ بأن سبحانه قد قدر وأراد له الخير.
ثانياً: أن نلتزم بالجانب الشرعي في الأمر، وهو قبول نصيحته صلى الله عليه وسلم؛ بأن نتبع سنته ونعلمها لأولادنا؛ فندرب الطفل منذ صغره على استخدام اليد اليمنى في تناول الطعام والشراب فقط.
ثالثاً: بالنسبة لبقية السلوك الحركي للطفل الأعسر، فيجب أن نتركه يستخدم اليد اليسرى في كل أموره الحياتية -عدا الأكل والشرب لأنه محظور شرعي- ولا نتدخل في منعه من استخدام اليد اليسرى في الكتابة وكل سلوكياته الحركية والمهارية، وكذلك القدم اليسرى في لعب الكرة.
رابعاً: عدم التعارض مع خلق الله عز وجل أي عدم تصادم إرادة البشر بإرادة الحق سبحانه، فلا نلزم الطفل الأعسر بحتمية استخدام يده اليمنى دون اليسرى في الأعمال الحركية الدقيقة.
فقد نمرن الطفل الأعسر على استخدام كلتا يديه، ولكن السلوكيات الحركية الدقيقة ستظل أدق وأكمل وأيسر له باليد اليسرى عن اليمنى.
فحذار أن نوقعه في المعاناة.
سيدتي الفاضلة ولدك الحبيب يعاني من حالة ارتباك سلوكي وحركي بسبب أمرين:
1) تصادم الإرادة البشرية مع الإرادة الإلهية؛ فلقد حملتموه ما لا يطيق، وأجبرتموه على استخدام اليمنى الأقل دقة من اليسرى في السلوكيات الحركية.
2) عدم التنسيق والتعاون بين البيت والمدرسة في تربية وتوجيه الطفل، فكل منكم يتعامل مع الطفل منفرداً.
وعليك سيدتي في هذه الحالة:
1) حاولي مساعدته على التدريب على العودة لاستخدام يده اليسرى في الكتابة.
2) تعاوني مع معلميه ومربيه بأن يتم التناسق بينكم في تدريبه؛ بنفس الطريقة.
3) اتركيه على راحته في استخدام اليد اليسرى في كل سلوكياته الحركية؛ عدا الطعام والشراب.
4) لا تزجريه إذا فشل في محاولاته الأولى.
5) مارسي معه التحفيز، فكافئيه عند نجاحاته.
6) ازرعي فيه الثقة بأنه طبيعي، بل قد يكون أفضل له مستقبلاً، وذكريه بندرة ومهارة وأهمية اللاعب الأعسر في الفريق، والقدرة المهارية للاعب الأعسر في مركز الجناح الأيسر.
7) قدمي له الدعم الإيجابي؛ أي شجعيه بأنه يملك ما لا يملكه غيره، وسيعطي بعونه تعالى ما لا يستطيع أن يعطيه غيره من أقرانه، وأن يمتلك قدرة وميزة وخصوصية ربانية لأمر مقدر ولحكمة إلهية.
8) الدعاء الدائم بأن يبارك فيه ويعينه على عودة التناسق لسلوكه الحركي؛ ولا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ:
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا". [الفرقان 74]
فسيكون بحوله وقوته سبحانه، قرة أعين لوالديه ولأمته، وسيكون للمتقين إماماً؛ علميًّا وخلقيًّا وسلوكيًّا وحركيًّا.
ـــــــــــــــــ(104/375)
نظام ونظافة.. إكساب العادة معنى ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. وجزاكم الله خير الجزاء. المشكلة بإيجاز شديد هي أن ابني طارق 6 سنوات في الصف الأول وذكي ورسام ماهر ودائم الابتكارات، لكنه مع ذلك لا يهتم بنفسه على الإطلاق لا في نظافته ولا في ملبسه، أي في مظهره وأناقته، مع أن والديه وإخوته جميعًا على النقيض من ذلك تمامًا، وأيضًا دائمًا كتبه وأدواته مبعثرة.. فما الحل؟ ولكم جزيل الشكر، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاك الله خيرًا على تحيتك واستهلالك الطيب؛ ولم يكن هناك أي داعٍ للاختصار فكلماتكم تسعدنا كثيرًا؛ وكما نذكر دومًا كلما كانت لدينا تفاصيل أكثر تمكنا من رسم صورة أوضح لما نتعامل معه من مشكلات.
أسعدني كثيرًا بداية كلماتك بذكر مآثر ومزايا طفلك الحبيب -هداه الله وباركه- فذكرت أنه ذكي وماهر ودائم الابتكارات. ما شاء الله بارك الله فيه ونفع به أمته.. اللهم آمين.
أحمد الله أنك تستطيعين رؤية المزايا في طفلك.. فاغتنمي هذه المزايا للوصول للمزيد، وذلك بالإبقاء عليه، وإظهارك لطفلك رؤيتك لها. فلا بد أن يعرف طفلك أنك ترين صفاته الجيدة وتقدرين مزاياه.
هناك مسألة مهمة أحب أن ترسخ لدى الوالدين، وهي ما أحب تسميتها بالأولويات في التربية، أي لا بد من التركيز على الأولويات حتى لا نخسرها بتفكيرنا المنتظم فيما ينقص أطفالنا وربما لم يكن أولوية. والأولوية دائمًا لما سيقابل به أولادنا ربهم من دين متين وعقيدة راسخة وعبادة مخلصة.
والهدف من التربية بوجه عام أن نُعِدّ إنسانًا طائعًا عابدًا، يسلك كل ما يرضاه الله، ونتخذ في هذا كل ما لدينا من وسائل ممكنة.
اعلمي حبيبتي.. أن هناك من مشكلات الأطفال ما يحسن الزمن علاجه ما دمنا قائمين عليه، أي ما دمنا لا نهمل تعليمه والتأكيد على أهميته.. من هذه المشكلات النظام والاهتمام بالمظهر الشخصي.. سيحدث بإذن الله تعالى تقدم ملحوظ ما دمنا نعلم ونوجه ونذكر دومًا بأهمية أن يكون مظهرنا جيدًا ونظافتنا الشخصية ونظامنا.
وهذا يسلمنا لنقطة مهمة جدًّا: هذه الأمور إذا ما ارتبطت عند طفلك بشيء مهم ذي قيمة فستجدينه يتقدم نحوها بمرونة وسلاسة. فإذا ما كان الشيء الذي نشدد عليه هو حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته، فماذا تعتقدين حين يرسخ هذا لدى الطفل، سيبدأ في قياس كل حركاته وسكناته على ما يحب الله ورسوله ستجدينه بإذن الله يسعى تلقائيًّا لأن يكون نظيفًا؛ لأنه يعلم أن الله جميل ويحب الجمال، وستجدينه يهتم بالنظافة؛ لأنه يعلم أن المسلم نظيف والله يحب هذه الصفات... إلى آخر قائمة العادات الطيبة التي نتمنى دومًا ترسيخها في أطفالنا.
ولكن ما يسقط منا هو وضعها في سياق مفهوم وذي معنى للطفل. وليس هناك سياق أعظم تأثيرًا من حب الله ورسوله، حينها تكتسب العادات معنى؛ فأنا أفعل ذلك لسبب، وأعلم أنه سيترتب عليه جزاء.. كل عادة ترتبط بعقيدة ترسخ للأبد.
وسنلخص تساؤلك في نقطتين:
مشكلته البسيطة الأولى: هي أنه لا يهتم بنظافته وملبسه ومظهره وأناقته.
المشكلة الثانية: هي عدم النظام كبعثرة أدواته وكتبه.
ويمكننا أن نعلِّم طفلنا هذه العادات الطيبة (النظام - النظافة والمظهر الطيب) بطرق عدة سأذكر لك بعضًا منها:
1 - القدوة:
عن طريق الإشارة للأثر الطيب لهذا السلوك كأن يذكر الأب: "الحمد لله لقد وجدت مفتاحي دون تعب؛ فقد وجدته في مكانه الذي خصصته بسهولة..."، وستجدين عشرات المواقف اليومية التي يمكنك استثمارها. ولكن دون أن يشعر طارق بأنك تقصدينه بهذا الحديث.
2 - إفهام الطفل ما الذي تعنيه كلمة "نظام" و"نظافة" و"مظهر جميل".
ومن الأفضل استثمار أول فرصة يظهر فيها طفلك قدرًا من التزامه (ولو غير المقصود) بأي من هذه العادات. حينها نثني ثناء وصفيًّا كأن نقول له: "ما شاء الله يا طارق.. ها أنت قد وضعت حذاءك في مكانه المخصص له في...؛ هذا ما يسمى نظامًا. ما شاء الله طارق منظم. وضع الحذاء في مكانه".
هذه الطريقة لها عدة مزايا: استثمار كل إيجابي من الطفل بالثناء عليه، وتركيز تفكيرنا نحن الأهل في الإيجابي مما يسلكه الطفل، إضافة لأنها تعلم الطفل معنى ما نطلقه نحن من مفاهيم وأوصاف ولا يفهم معناها حرفيًّا.
- تحديد أماكن واضحة ثابتة محددة للأشياء التي تخص طارق، وجعلها في متناول يده. كالمشاجب والرفوف وأماكن الكتب...
3 - التعليم بالخطوة خطوة:
حين تبدئين في تنظيم غرفة طارق؛ أجلسيه معك ثم دونا معًا: مهمات تنظيم غرفة طارق: (وضع الملابس على المشجب، ووضع الجوارب المتسخة في الغسّالة، ووضع الكتب على الرف والقصص في الصندوق، ووضع الحذاء... وتلميع سطح المنضدة...).
هذه الطريقة تعلم طفلك حرفيًّا خطوة خطوة بمرح ولطف ما الذي يعنيه ترتيب الغرفة. ولم تملي عليه ما يفعله، بل لقد خططتما معًا لما عليكما التشارك في فعله، وفي هذا احترام محفز للطفل.
- ثم يأتي مرة أخرى أهمية لاستثمار كل مرة يسلك طفلك السلوك المرغوب لتثني عليه ثناء وصفيًّا.
- يمكنك أيضًا أن تستخدمي بعض طرق التشجيع، مثل: طرق الجداول وفكرة صندوق الفول، وهي ببساطة فكرة تعتمد على تذكير الطفل بالإشارة لكل مرة يسلك سلوكًا طيبًا بوضع نجمة أو وجه ضاحك في جدوله، أو وضع حبة فول أو أي حبوب أخرى في صندوقه.
خططي جدولاً معه، وأخبريه أنه في كل مرة على مدار الأسبوع ستجدين ملابسه في مكانها وملابسه نظيفة وأشياءه مرتبة.... (إلى آخر هذه الأوصاف المحددة) ستضعين له نجمة في جدوله أو حبة فول في صندوقه.
وأحبذ فكرة الفول؛ لأنها حسية ملموسة مع الأطفال الصغار، وفيها حركة مرحة يحبها الأطفال. ويمكنه عد الفول آخر كل يوم ليعرف تقدمه في كل يوم عن اليوم السابق له.
وهذه الطريقة تساعد على تثبيت عادة طيبة والحفز الذاتي لها. يمكنك آخر اليوم إعطاؤه نوعًا من المكافآت المعنوية كأن تلعبي معه لعبة يحبها، وتزيدي قراءة قصة إضافية له، وتخرجا في نزهة.. وتشيري إلى أن نظامه كانت سببًا في توفير وقت للعب الإضافي بينكما.
ويمكنك أن تمنحيه قليلاً من الحلوى أو الهدايا البسيطة، ولكن دون إفراط.. ساعديه على أن يشعر بالسعادة مما فعل لذاته وليس للحلوى التي سيحصل عليها. هذا هو الحفز الذاتي الذي نعطله للأسف الشديد بإغراق أطفالنا بالحوافز الخارجية. دعي له فرصة الاستمتاع والفخر بتعلمه كيف يكون منظمًا نظيفًا ومرتبًا صادقًا.. مستشعرًا أيضًا رضي الله عنه لفعله الطيب.
اغتنمي أول فرصة يظهر طفلك فخرًا وسعادة بإنجازه، وشددي على أن الله الآن راضٍ عنك لأنك... (صفي ما فعل). واذكري ما لديك ببساطة من أحاديث أو آيات قرآنية.
اغتنمي أثرًا سلبيًّا لسلوك طفلك: ولكن دون توبيخه ونهره وعدم مراعاة شعوره، فمثلاً لو أن هناك قلمًا يحبه وضاع منه نتيجة عدم وضعه في مكانه الصحيح المخصص له؛ قولي له: "ضياع قلمك ضايقك كثيرًا؛ ماذا تفعل حتى لا يتكرر هذا مرة أخرى؛ ولا يضيع قلمك الذي تحبه، اطرح لي أفكارًا؛ ودوّني ما يقوله من أفكار في ورقة وعلقيها أمامه في حجرته بخط واضح".
هذه الطريقة تشعر طفلك بأنك عون له وداعمة. إضافة لأنها تشعر طفلك بمسئولية تجاه أشيائه، وبالتالي فعليه بالتفكير في حفظها وطلب العون منك إن رغب.
- كوني حريصة على ألا تنتزعي طفلك نزعًا مما يحب لتلقيه فيما لا يحب: مثلاً لا تطلبي منه حالاً وفورًا أن يترك لعبه ليضع حذاءه في مكانه. أو يترك قصة ينشغل بها ليقوم فيغتسل.
راعي شعور طفلك واحترميه، وأمهليه وقتًا ليقوم بما تريدين.
- سينسى طفلك ما عودته؛ ولذا يحتاج للتذكرة تمامًا كالكبار: " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ".
5- ولذا ذكري طفلك بطريقة لطيفة:
صفي ما ترين: "الحذاء في المطبخ" (هذه المعلومة القصيرة ستنبه طفلك إلى أن يأخذ الحذاء لمكانه مباشرة دون أن يشعر بملل التوجيه والأمر والذي يمكن أن يسبب في كثير من الأحيان عنادًا وغضبًا لدى الطفل، إضافة لأن ذكرك المعلومة بهذه الطريقة توفر عليك الشعور بالانفعال أثناء ذكرك لها، على عكس حالتك أثناء طرح أمر تعرفين مسبقًا أن طفلك ربما لا ينفذه مللاً وعنادًا).
6 - اذكري معلومات: "الحذاء في الطريق يمكن أن يتسبب في وقوع أحدنا على الأرض".
أ - باختصار كلمة واحدة: الحذاء.
ب - رسم كاريكاتير؛ ارسمي أي كاريكاتير يعبر عن الحذاء في منتصف الحجرة، أو الملابس المتسخة أو أي شيء آخر تودين الإشارة إليه، علقيه في مكان ظاهر.
وإن لم يمكنك الرسم فقصي صورة من مجلة أو جريدة، أو اكتبي كلمة واحدة ملونة لافتة تذكر طفلك.. المهم الإشارة المرحة لما تريدين.
هذه بعض المحاولات المحبة التي تحترم الطفل وتقدره، وتعي تمامًا الهدف التي تسير عملية التربية من أجله. وعليك بإبداع مزيد من الطرق والوسائل لترسخي ما تودين بثه من عادات طيبة، على أن نظل على وعي تام بالهدف من كل ما نقوم به. ونضع الأمور في نصابها من الأهمية، فلا ننزل الوسيلة منزلة أكبر من كونها وسيلة، ولا ننزل الهدف مرتبة أدنى من كونه هدفًا.
ضعي في ذهنك:
لماذا نربي؟
علام نربي؟
ثم كيف نربي؟
حينما نركز على هدفنا لن نضيعه أبدًا بتشديدنا على اتباع الوسيلة.
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"، وهيا معًا نربي على ما يحب الله ويرضى... والله الموفق والمستعان.
ـــــــــــــــــ(104/376)
شرود وعدم تركيز.. الحل في خطوات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. لديّ ولد عمره 9 سنوات بين أختين (8 و4 سنوات)، وحالتنا الأسرية -ولله الحمد- مستقرة ويجمع بينهم المحبة والمودة..
المهم هناك شكوى كنت ألاحظها من مدرّسة ابني وكذلك من محفظ القرآن، وأخيرًا من المدرب الرياضي؛ وهي أن ابني كثير السرحان وغير مبالٍ، ولا يهتم بما يقوله المدرب أو المدرسة؛ أي أنه لديه لامبالاة وعدم تركيز في التحصيل من المدرسة أو أثناء المذاكرة، مع أنه -والحمد لله- ذكي وعقله جيد جدًّا في الحفظ، لكنه أحيانًا ينسى، وأحيانًا أخرى لا يركز في المذاكرة إلا بالترغيب والترهيب.
أرجوكم أرشدوني عن حالة ابني، وهل هي حالة مرضية؟ وكيف أتكمن من دفعه للتركيز والانتباه للمدرسة والمدرب ومحفظ القرآن؟ وكيف أيضًا أستطيع أن أجعله يذاكر دروسه دون إلحاح مني؛ حيث إني يوميًّا يجب أن أذاكر له دروسه وأشرح له ما أخذه بالمدرسة.
وأخيرًا علاقته بأختيه على ما يرام رغم أنني أشعر أحيانًا أنه يفتقد إلى ولد مثله يلعب معه رغم أنه كثير اللعب مع أختيه ومع أصحابه في المدرسة.. وأحيانًا يشتكي عدم قدرته على إيجاد صديق له في النادي أو في حوض السباحة مثلاً.
وآخر الأمر شكري وتقديري لكم بمساعدتي.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أبا يوسف أهلا بك ومرحبًا على صفحة "معا نربي أبناءنا".
ندعو الله تعالى أن يبارك لك في أسرتك ويعينك أنت وزوجك على أداء مهمتكما التربوية أداء يرضي الله تبارك وتعالى، فلم تَعُد هذه بالمهمة السهلة خاصة في زمننا هذا.
أما بالنسبة للرد على استشارتك التي تتضمن ثلاث نقاط أساسية:
1. هل عدم تركيز "يوسف" وعدم انتباهه أمر مَرضي أم عادي؟
2. وكيف نوجد لديه الدافع للمذاكرة دون اللجوء للترهيب والعقاب؟
3. شكواه من عدم وجود صاحب لديه.
أما بالنسبة للنقطة الأولى وهي عدم تركيز يوسف وشروده الدائم فبرغم اجتماع مدرسي "يوسف" على أنه كذلك؛ فإن الأمر يحتاج إلى استشارة أحد المتخصصين في مجال صعوبات التعلم، أو أحد المراكز الخاصة بهذه الصعوبات بمكان إقامتك؛ فهما الفيصل فيما إذا كان يوسف يعاني من اضطراب في الانتباه، أو أن الأمر لا يتعدى أكثر من مجرد تغيير في أسلوب التوجيه والتعليم ليتحسن انتباهه، ويمكن أن تتعرف على المتخصص أو المركز من خلال مدرسة "يوسف" نفسها. وقد قمت بالبحث عن هذه المراكز بالسعودية عبر الإنترنت فلم أجد، ولكن هناك استشارة بعنوان الأسباب الخفية وراء الإخفاقات الدراسية. يمكنك الاطلاع عليها لتتعرف على مراكز للإبداع هناك، ويمكنك عن طريقها التعرف على مراكز صعوبات التعلم.
ثانيًا: كيف نوجد الدافع لدى "يوسف" للتعلم دون إكراه؟
وهذه النقطة مترتبة على سابقتها، فإذا كان يعاني من صعوبة في التركيز والانتباه فإن المتخصص سوف يشرح لك إستراتيجيات خاصة وأسلوبًا محددًا للتعامل مع هذه المشكلة. أما إذا كان الأمر لا يتعدى كون "يوسف يحتاج إلى تغيير في أسلوب التعليم -كما ذكرت- حتى يُقبل على المذاكرة والتعلم بشكل أفضل فيمكنك اتباع ما يلي:
1. تحدث إلى يوسف عن طموحاته وأحلامه، وماذا يريد أن يكون حينما يكبر، واربط له عملية المذاكرة بهذه الطموحات والأهداف.
2. اربط له المواد الدراسية بالحياة اليومية (كتطبيق بعض التجارب المقررة بمادة العلوم، وكذلك مادة الحساب في أمر الشراء والتسوق، واحكِ له قصصًا قبل النوم لها علاقة بما يأخذه بمادة التاريخ، وهكذا...).
3. لا تجعل الثواب والعقاب متوقفًا على المذاكرة، فلا تقل له مثلا: "إذا قمت بحل كذا أو بالحصول على درجة كذا في اختبار الشهر فسوف أشتري لك..."، فكل هذا مرفوض، وإنما اجعل الثواب والعقاب على سلوكياته وأخلاقياته، ولا يعني ذلك ألا تثيبه إذا أحرز تقدمًا في مذاكرته، بل المقصود ألا يكون شرطًا أو أن تكون المذاكرة هي المجال الوحيد الذي يدور حوله الثواب والعقاب.
4. لا تجلس بجواره في المذاكرة، ولا تشرح شيئًا تم شرحه بالمدرسة؛ فهذا تعزيز لعدم الانتباه، وإنما كل ما عليك هو أن تشرف على طريقة مذاكرته وتحددا معًا الوقت الذي يبدأ فيه المذاكرة وينتهي منها، ثم تقوم بسؤاله ومتابعة ما تم بمذاكرته، وعليك بالصبر عليه، وعندما تجده لم يحصل شيئًا يُذكر فلا تقسُ عليه، ولا ينفد صبرك، ولا تبدأ أنت في الجلوس بجواره حتى ينتهي، بل لا بد من إعطائه فرصًا أخرى حتى يعتاد الاعتماد على نفسه.
5. اكتبا معًا جدولا لتنظيم وقت المذاكرة، واجعل في هذا الجدول وقتًا للراحة بين كل مادة وأخرى على ألا تزيد على 10 دقائق بين كل مادة وأخرى. يمكنك الاطلاع على العديد من الموضوعات التي طرحت على هذه الصفحة، وتناولت كيف نساعد أبناءنا على المذاكرة، ومنها:
كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟
إستراتيجيات التركيز والانتباه
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟
6. لا بد من التدرج في وقت المذاكرة؛ فيبدأ في مذاكرة لمدة 15 دقيقة، ثم تزيد تدريجيًّا كلما تحسن تركيزه وزادت دافعيته.
ملاحظة: يمكن أن تستخدم نفس الأسلوب السابق حتى لو كان يوسف يعاني من اضطراب في الانتباه والتركيز؛ فهو أسلوب يشجع ويجعل الصبي يقبل على الاستذكار في كل الأحوال.
ثالثًا: أما شكواه من عدم وجود أصدقاء له فيمكنك:
1. أن تدير حوارًا مع ابنك عن كيفية كسب الأصدقاء، ودعه يفكر بنفسه في الطرق والأساليب التي تحقق له هذا الهدف، واجعله يحدد من خلال النقاش الأساليب والاقتراحات التي تصلح للتطبيق والأخرى التي لا تصلح.
2. وإذا وجدت أنه يدلي بكثير من الآراء أو على الأقل يفكر جديًّا في إيجاد حل لمشكلته فيمكنك أنت أيضًا أن تقترح قائلا: "ونحن بالبيت ليس لدينا مانع أن تدعو بعض زملائك لقضاء بعض الوقت معك هنا في اللعب أو نذهب للتنزه" إذا كان هذا الأمر متاحًا بالطبع، كما يمكن أن تذكره ببعض أسماء زملائه التي يرددها أحيانًا، واسأله عنهم وعن مدى علاقته بهم.
3. أما حينما يكثر من هذه الشكوى ولا يرغب في التفكير في إيجاد حلول؛ فحينئذ لا تعِر شكواه هذه اهتمامًا كبيرًا، فأحيانًا يرغب الأبناء في إثارة اهتمام الآباء عن طريق الشكوى؛ فإن أدت هذه الشكوى للفت نظر الأبوين فإنه يكثر منها حتى يجلب المزيد من الاهتمام، وكل ما عليكما أنت وزوجك هو أن تدعه يفكر ويجد الحل بنفسه كما ذكرت.
4. ولكن في الوقت ذاته يمكن عن طريق آخر، وليكن القصص مثلا أو التحدث مع زوجك على مرأى ومسمع من "يوسف" كيف أنك استطعت اكتساب أصدقائك بقصص حقيقية عن نفسك، ومن خلال هذه القصص تتعرض إلى أن: من أراد أن يكون له أصدقاء فعليه هو مسئولية التعرف على الآخرين، ويكون لديه من الجرأة أن يقدم نفسه ويكون مرحًا خفيف الظل جريئًا، والأهم من ذلك ألا يكون الغرض من كسب الأصدقاء هو الكم على حساب الكيف، فيكفي أن يكون لدينا صديق أو اثنان مخلصان على خُلق ودين أفضل من عشرة من أصدقاء السوء.
ـــــــــــــــــ(104/377)
متى نخبر الطفل بحقيقة الانفصال؟!- متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، هذه هي المشاركة الثانية لي في هذا الموقع، وجزاكم الله خيرا على حسن ردكم، أرجو متابعتي في تنظيم الوقت لولدي لتحسين انتباهه وتقوية تركيزه؛ حيث إن المدرسات يشتكين من عدم انتباهه وكثرة مزاحه خلال الحصة (وأعتقد أن ذلك يعود لحبه لجلب الانتباه إليه) مع العلم أنه الآن في الصف الثاني، ولا أعاني من أي مشكلة تذكر معه خلال تدريسي له؛ حيث إن درجاته كاملة تقريبا، ويستوعب الدرس بسرعة، ويقوم بحل الرياضيات؛ أي بعمليات الجمع والطرح بسرعة فائقة.
وبصراحة فأنا أستغرب من شكوى مدرساته عن عدم تركيزه ونقص انتباهه؛ فكيف يكون كذلك وهو يعود للبيت وهو فاهم للدرس وحافظ لكل المعلومات حتى في العلوم والاجتماعيات؟! ومن وجهة نظري فإن مشكلته تكمن في عدم النظام والتدليل؛ حيث إني أعيش مع والدي، ويعمل الجميع على تدليله وتلبية مطالبه، وأنا من خلال مطالعتي لموقعكم الرائع توصلت إلى ضرورة التنظيم لديه وعمل برنامج محدد له، ولكن كيف؟
هناك مشكلة أخرى؛ حيث أشعر بعدم وجود روح المبادرة لديه؛ حيث لا يقوم بأي عمل إلا إذا قمت بحثِّه أنا عليه، وقد قمت بتسجيله في تدريب لكرة السلة، ولكن أجد عدم اكتراثه باللعب، ولا يركض نحو الكرة، فتجده واقفا في الملعب كالمتفرج ولا يلحق بالكرة كباقي الأطفال!! جزاكم الله خيرا
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نشكرك على الإطراء، وبارك الله لك في ابنك، وأعانك على الإحسان في تربيته، والآن تعالي لنبدأ في الرد على النقاط التي وردت في رسالتك:
أولا بالنسبة لشكوى المعلمات من عدم انتباه ابنك وكثرة مزاحه بالفصل فهذا الأمر لا يحتاج إلى إستراتيجية لتنمية الانتباه والتركيز لدى ابنك؛ فهو -ما شاء الله- رغم مزاحه في الفصل فإنه يعود إلى البيت وهو مستوعب كل دروسه، ويحصل على الدرجات النهائية أو قريبة منها؛ فأي تركيز يحتاج أكثر من هذا؟! بل المعلمات هن اللائي يحتجن إلى إدارة جيدة للفصل تسمح بأن يتعلم التلاميذ في جو مرح، وفي نفس الوقت يتصرفن بطريقة منضبطة ملتزمة.
وما عليك أنت -إزاء ما يفعله ابنك بالفصل– إلا أن تنبهيه إلى أن يلتزم بالآداب المطلوبة داخل الفصل ولا يكثر من المزاح.
أما موضوع تدليله لأنكما تعيشان مع الجد والجدة فعليك:
• الحديث مع والديك وتوضيح عاقبة التدليل وما يؤدي إليه من فساد وانحراف.
• ألا تكثري من الأوامر والنواهي.
• ألا تكوني لحوحة عند أمرك أو نهيك له؛ فلا تكرري طلبك أو نهيك أكثر من مرة واحدة بطريقة حازمة (غير قاسية)، واتركي له فرصة لتنفيذ ما طلبته منه.
• أن تدربيه على تحمل المسئولية؛ بمعنى أن يكون مسئولا عن بعض المهام التي تكلفينه بها مثل: ترتيب حجرته – إعداد مائدة الطعام معك – أن يضع جدولا لمذاكرته – أن يضبط منبهه على موعد الاستيقاظ للمدرسة... على أن تساعديه في وضع هذه المهام في جدول أسبوعي، وكلما تذكر مهمة من هذه المهام ضعي له نجمة أو علامة محددة بحيث تكافئينه في نهاية الأسبوع بدعوته على الغداء في أحد المطاعم مثلا أو التنزه معه في مكان يحبه.. ولا ينبغي تذكيره بهذه المهام باستمرار؛ بل اتركيه لينفذ منها ما يتذكر، وبهذا يتعلم أيضا كيف يقوم بدوره ومسؤوليته المكلف بها في جل أموره دون أن يطلب أحد منه.
أما بالنسبة لتنظيم وقته وعمل جدول للمذاكرة فقد تناولنا هذا الموضوع كثيرا على هذه الصفحة (فأرجو الاطلاع عليها في نهاية الرد)، ويمكن تلخيصه في النقاط التالية:
• أن تحددا معا موعدا لبدء المذاكرة وموعدا للانتهاء منها.
• أن يكون بين كل مادتين فترة راحة لا تزيد عن عشر دقائق لا يشاهد فيها التلفاز ولا يلعب على الكمبيوتر؛ لأنهما يشتتان الانتباه، ولكن يمكن أن يلعب لعبة بسيطة أو يستريح بالطريقة التي يراها.
• أن يصمم هذا الجدول بطريقة جدول الحصص بالمدرسة بعدد أيام الأسبوع وبعدد المواد التي يدرسها، ويضع علامة معينة على كل مادة يقوم بأدائها أو يقوم بتلوين كل مادة بلون مختلف؛ فمثلا اللغة العربية بالأخضر، والحساب بالأحمر، والدين بالأزرق... وهكذا.
• ألا تجلسي بجواره وهو يذاكر؛ بل اتركيه، فإذا لم يعرف شيئا فعليك بتوضيحه، ثم اتركيه مرة أخرى.
ونأتي إلى اشتراكه في رياضة كرة السلة التي لا يرغب في الاشتراك بها:
فعليك بسؤاله عن اللعبة التي يرغب في ممارستها وأشركيه فيها، وإذا لم يستطع تحديد الرياضة التي يحبها الآن فيمكنك أن تجعليه يذهب لمشاهدة كل لعبة ويعرف بعض المعلومات عنها ثم يحدد بعدها أي هذه الألعاب يفضل.
وأخيرا – سيدتي– أدعو الله أن ينفعك بما قدمته لك، كما أرجو المتابعة.
ـــــــــــــــــ(104/378)
محاربة الاستفزاز والعناد بالاحترام ... العنوان
أولا: سلوك باسل:
1 - لديه غيرة شديدة من أخته الصغيرة التي تبلغ 10 أشهر، تصل إلى ضربها بحجة اللعب معها وأحيانًا لو هي جالسة يسحبها... إلخ، وأحيانًا تكون هذه الغيرة صريحة مثل ارفعني لفوق زي حبيبة أو لو بتشرب يقول عاوز أشرب ويأخذ الكوب قبلها.
2 - عنيد بشدة لدرجة أنه يكون عناد لمجرد العناد فقط ليس له سبب ورغم أننا نحاول أن نكلمه بهدوء ولكن يزال على عناده مما يضطرنا في النهاية لضربه، حيث إن العناد يكون أحيانًا في أشياء خطيرة على حياته مثل النظر من الشباك أو الخروج من الباب أو القفز من مكان مرتفع... إلخ.
3 - يحب أصدقاء الوالد ويسمع كلامهم ويريدهم أن يأتوا المنزل ويريد أن يخرج معهم، كذلك حب شديد لعمه ويسمع كلامه، ولكن إذا استمر لوقت طويل معنا عدة أيام في مصيف مثلا ويبدأ العم في تعديل سلوكه ولو بشكل بسيط يبدأ في عدم سماع كلامه.
4 - حب الأشياء التي مع الغير (قلم مع زميل أو لعبة بسيطة رغم أنه يكون عنده أفضل منها، وقد تكون هي ولكن لون مختلف مثلاً. فيقول لا بتعاته أجمل وأنا عاوز زيها) قد يتطور هذا الأمر إلى أخذ أشياء من زملائه وهو يقول (إنها تقع على الأرض فآخذها بسرعة وضعها في الشنطة).
5 - أحيانًا كثيرة يريد أن يقلد الأب وتكون صريحة (مثل في اللبس مثلا عاوز بانطلون جينز زي بتاعك أو قميص زي بتاعك، وينظر للبس الأب بصورة شديدة وكأنه يريد أن يقول أعطني هذا القميص الآن، وفعلاً أحيانًا يرتدي بعضها في المنزل)، مع العلم أنه عنده ملابس كثيرة ومتنوعة جدًّا، قد يفعل أفعالا مثل الوالد مثلاً ويقول أنا بقلدك. وأحيانًا يوجه لأخته الكلام مثل: سوف أحرمك من اللعب والكمبيوتر (بصوت عال).
6 - لاحظت أنه يكون خائفًا من زملائه في المدرسة بناء على حكاياته عندما يعود إلى المنزل فيقول مثلاً حسن ضربنى يا ماما، فتقول الأم ما قلتش للميس.. فيقول قلت لها أكثر من مرة وهي تقول يا حسن لو مسكتش هوديك عند العيال الوحشين، ولكن ضربني تانى يا ماما فتقول الأم وأنت ماضربتوش ليه زي ما ضربك فيقول أنا خايف، وأحيانًا يقول بابا قال لي متضربش حد (كان الوالد وهو متدين إلى حد ما يقول إذا ضربك أحد قول الله يسامحك، وقل له إذا عملت كده تاني هضربك ولو فعلها مرة ثانية يكون طفلاً وحش فاضربه)، ولكن حزن الأب لموقف حدث في النادي فتدخل (ذات مرة كان باسل في النادي يلعب بأحد اللعب وجاء طفل أصغر منه، وحاول أن يقف مكانه على اللعبة فرفض باسل، فقام الطفل بدفع باسل فوقع على الأرض ثم انصرف باسل).
كنت أتابع باسل فتدخلت وقلت للطفل (عيب كده بلهجة عالية وعنفت المربية التي كانت مع الطفل). ونتيجة لهذه المواقف غيّر الأب النصيحة وأصبح مع الأم في أن من يضربك اضربه وأصبحوا يتابعون هذا الموقف معه، فكان أحيانًا يقول لم يضربني أحد اليوم، وأحيانًا يقول فلان ضربني ولم أضربه، فتصرخ فيه الأم وتقول ألم أقل لك اضربه حتى لا يضربك مرة ثانية ويعرف أنك قوي ولست ضعيفًا، وأحيانًا يكذب ويقول ضربته، ولكن بعد كلامنا معه ومحاولة في توقيعه في الكلام يقول لا لم أضربه أنا خايف.
وفي الآونة الأخيرة سكب أحدهم الماء عليه، فقال: وأنا سكبت عليه الماء أيضًا وصمّم على ذلك. المدرّسة في المدرسة تقول إن باسل يأخذ الأشياء من أصحابه ولا يجلس في مكان واحد، وذات مرة عاقبته بإخراجه من الفصل، مع العلم أن باسل ودود جدًّا ويحب الأطفال بسرعة، ولكن أحيانًا يقابل برد فعل غير مرضٍ سواء من الطفل أو من الأهل.
ملحوظة هامة: باسل مع أولاد أعمامه وعماته يضربهم وقد يضرب من هو أكبر منه.
7 - أحيانًا كثيرة يكون بطيئًا وأحس أن ذهنه شارد، فمثلاً الفترة التي يستغرقها ليخلع ملابس المدرسة ويرتدي ملابس البيت حوالي ربع ساعة، ويشغل نفسه بأكثر من حاجة ويذهب هنا وهناك. وأحيانًا ليلبس شبشبا يظل دقائق. فهو ينظر إلى الشيء ويكون شبه سرحان حتى أصرخ فيه وأقول له: "ركز يا باسل بسرعة يا حبيبي عاوزك تكون سريع ونشيط، الولد القوي يكون نشيط وسريع ويركز"، وهكذا في أشياء كثيرة أطلب منه التركيز والسرعة، حتى أثناء اللعب ألاحظ أنه شارد الذهن ولا يركز في كلام المدرب، وينظر إلى من حوله ماذا يفعلون ويفعل مثلهم.. ويقلد من بجواره فقط. كما أنه مثلاً عندما يطلب المدرب أن يجروا فهو غالبًا يكون في المؤخرة.
8 - منذ الصغر وهو يحب أن يحضن الأب أو الأم أثناء تغيير ملابسهم مثلاً حتى يلتصق بجلدهم.
ثانيًا: رد فعل الأب والأم:
1 - الأب يحبه جدًّا ولكن يكون حازمًا معه إذا قال على شيء لا فهو لا وإذا أعطى أمرًا (مثل لبس الشبشب في المنزل خوفًا عليه من البرد) فلا بد أن ينفذ باسل الأمر، وإن نسي مرة ينذره الأب ثم يضربه ضربة خفيفة على يده ثم يضربه بشدة. وأحيانًا الأب يرى باسل قد نسي ولكن يتجاهل وكأنه لم يره حتى لا يضربه كثيرًا. ومواقف أخرى يكون التصرف فيها مثل هذا تقريبًا، إلا أنه أحيانًا لا يملك نفسه عند فعل باسل أمرًا معينًا فيضربه ضربًا شديدًا يندم عليه الأب بعد ذلك.
2 - الأم تعطي الأمر أو تقول على شيء لا، ولكن يلحّ باسل عليها ويلح فترجع فيه مرة ثانية. وبعد أن يفيض بها تضرب ضربًا شرسًا.
3 - يجلس الأب والأم ويقرران عدم الضرب واتباع أسلوب المنع من اللعب أو استخدام الكمبيوتر أو النادي... إلخ. ولكن نلاحظ أنها بدون جدوى وليس هناك نتيجة، بل الأخطاء على ما هي عليه فيرجعون للضرب مرة ثانية. وغالبًا يكون الضرب مع حرمان من أشياء أيضًا.
ملحوظة: في كل مرة تقريبًا يخطئ فيها يقول مش هعمل كدة تاني ولكن يعود ويفعل نفس الشيء.
4 - أحيانًا يحدث شجار بين الأب والأم في وجود باسل وهذا راجع إلى الأم؛ لأنها غالبًا لا تصبر على المشكلة حتى تناقش فيها الأب في وقت هادئ وأحيانًا الأب يعدل سلوك الأم مع الأولاد بشكل صريح وبعصبية.
5 - الأب يقضي معظم الوقت خارج البيت، ولكن يحاول أن يعوضهم في الوقت الذي معهم في البيت أو من خلال التليفونات ويحضر هدايا نوعًا ما.
6 - نظرًا لغياب الأب فالأم على المستوى الشخصي تشتكي دائمًا من هذا وأحيانًا تكون محقة وغالبا تكون زائدة عن اللزوم. سؤال إذا قال الأب له أنا زعلان منك ومش هكلمك علشان عملت كذا ولكن لا يعرف متى يبدأ في كلامه هل تطول المدة لعدة أيام أم بمجرد أن يقول باسل أنا آسف مش هعمل كدة يكلمه (مع العلم أنه استسهل هذا الكلمة ويقولها ويعود مرة ثانية)، وإذا حرمه أيضًا من لعبة ما هو الوقت الذي يظل يحرمه منها، مع العلم أننا نرى أن هذا الحرمان لا يؤثر.
من حوالي 5 أيام جربت مع باسل الخصام بعد فعل خاطئ كان فعله وكنت ضربته عليه وخاصمته وحاول مكالمتي بالهاتف في العمل (وهو معتاد على ذلك وزملائي في العمل يكلمونه ويداعبونه في التليفون)، ولكن أنا قلت له أنا مخصمك وإديني ماما. وكلمت والدته وقلت لها فهميه أني مخاصمه ومش هكلمه علشان هو لم يسمع الكلام. وبالفعل ذهبت للبيت وحاول أيضًا ولكن أنا لم أرد عليه وأحيانًا كنت أداعب أخته الصغيرة (10 شهور) وأقول لها يالا نلعب مع بعض، وأذكر أسماء بعض اللعبات التي يحبها باسل، وكان يحاول هو أن يتدخل معنا فأعرض عنه فيأتي من خلفي مثلاً ويلمس يدي أو ظهري أو أي شيء من جسدي -حقيقة كنت أتأثر من داخلي وأريد أن أحضنه وكنت سوف أضعف، ولكن تماسكت نفسي لأرى إن كان هذا سوف يعطي نتيجة أم لا.
ثم ثاني يوم بالليل قالت له والدته وهى ترى رغبته في مصالحتي اذهب واعتذر لبابا علشان يسامحك. وجاء بالفعل وقلت له أنت كل مرة بتقول كده وبترجع ما تسمعش الكلام. وقلت له أكمل حفظ سورة القارعة أولاً ثم نرى سلوكك هل ستسمع الكلام أم لا. فذهب لوالدته وحفظ نصف السورة تقريبًا. فبدأت أكلمه وبالفعل لاحظت أنه بدأ يسمع الكلام إلى حد كبير مع قليل من العناد. وعندما أقول له سوف أخاصمك ولن أكلمك لفترة أطول يعدل من سلوكه.. فهل أظل معه على هذه الطريقة أم ماذا أفعل؟ فأنا متخوف من أن يمل من هذا التهديد.. أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أبا باسل مرة أخرى، ولقد سعدنا بثقتك التي ظهرت في استشاراتك المتوالية للسؤال عن التعامل مع باسل الذي سبب لك التعامل معه كل تلك الحيرة البادية في سؤالك، وهو لا يتعدى كونه طفلاً طيب القلب، ولعل هذا هو مفتاح إجابتي على أسئلتك؛ وهو طفولة باسل وكيفية التعامل معها.
سأبدأ حديثي معك بتجربة شخصية حدثت معي، فابنتي (6 سنوات) نسخة من باسل في تصرفاتها وحركتها وقلة التركيز عند فعل الأشياء... إلخ، ولكن كل هذه المظاهر هي ما يبدو لنا وإن كان لها تبريرات أخرى، وقد اضطرتني الظروف لتركها عند إحدى الصديقات مدة 3 أيام وهذه الصديقة الغالية لها 6 من الأبناء أكبرهم 13 عامًا وأصغرهم 10 أشهر، وهي تعاملهم جميعًا باحتراف لم أشهد له مثيلاً، فهي تصادق الابنة الكبيرة وكأنها أخت لها أو صديقة حميمة منطلقة، وتتصابى للصغير وكأن ينقصها اللهاية في فمها لتصير مثله تمامًا، وفي الحقيقة لقد انبهرت ابنتي بهذا الجو الذي أشعرها بالأنوثة والانطلاق والحرية.
وقد حكت لي صديقتي أن ابنتي في أول يوم أو اثنين كانت على وضعها المعهود من الشقاوة والإزعاج، وتدريجيًّا نتيجة رغبتها في كسب ود ورضا صديقتي انقلبت لإنسانة مختلفة بها سكينة وأنوثة ورغبة في استرضاء من حولها بالطاعة والتعاون، ولما جاءت إلى البيت استغربتها أنا شخصيًّا فكأنما تبدلت وكان مفتاح كل هذا التغير هو المعاملة الحسنة واحترام طفولتها والإغداق عليها بالحنان والأحضان والحوارات الدافئة والسرية، والاكتفاء بخصامها عند الخطأ مما يجعلها تسعى فورًا لإصلاحه لكيلا تفقد كل هذه النعم والسعادة.
الخلاصة هي أنني أود التأكيد على ما أنهيت به رسالتك من طيبة باسل وفرحته بإرضائك ورغبته في تفادي خصامك، وأن مفتاح الشخصيات التي تشبه شخصية باسل هو الحنان والمصاحبة التي تلبي ما بداخلهم من مشاعر وتروّض ما بهم من أخطاء في نفس الوقت، ولكن تأكد أن المثابرة على هذا الأمر شيء حقًّا صعب، ولكنه مثمر، فلن أطلب منك كظم غيظك، ولن أطلب من أمه أن تنتظر حتى يفيض بها، ثم تكيلون له الضربات والإيذاء بعد ذلك، ولكن ما أنصحكم به هو التنفيس عن غضبكم من خطئه في لحظة الخطأ، ولكن بهدوء في شكل "سأخاصمك يا باسل.."، "تصرف على راحتك.. ولكن اعلم أنك هكذا تغضبني".. أو غير ذلك من الجمل الهادئة التي تحمل توبيخًا أو تهديدًا هادئ النبرة واضح الأثر في نفس الوقت مع التنوع، فمرة خصام ومرة نظرة بالعين تنم عن اللوم، وهكذا...
ويكفي إشعاره بفقده لمميزات هذه الصداقة التي بينه وبين أمه أو أبيه وليس فقدانه لحبكم أو صداقتكم، فأنتم لا تلومون على شخصه وإنما تكرهون العمل السيئ الذي قام به وتشفقون عليه من ممارسته ومما جره عليه من عقاب، وأحذركما من تهديده بأخته، بمعنى أن يشعر بإقصائه من حضنكما عند خطئه، بينما تنعم هي بالاستقرار فيه دائمًا على طول الخط دون أي زحزحة، فلا دخل لتعاملكما معه بها.. يكفي فقط مخاصمته دون تنغيصه بتدليلها أمامه... وصدقني مع تهدئة الجو في التعامل معه سيهدأ كثيرًا ويختلف في تصرفاته وعناده وأخطائه، ولا بد من إبداء الغضب من أخته أيضًا عندما تخطئ؛ ليعلم أنه ليس المستهدف بالعقاب لشخصه ولكن لخطئه.
وأهم ما أنصحك به:
1- تحسين العلاقة مع الزوجة -أعانها الله- لينعم الأطفال بهدوء العلاقة بينكما واستقرار الحب والحنان بين أركان المنزل؛ لأن اضطراب السلوك لدى الطفل لا ينفصل نهائيًّا عن الجو الذي يحيا فيه فهو يعكسه ويترجمه، وكلما كان الطفل حساسًا زاد تأثره بتوتر علاقات الأبوين سلبًا.
2- عدم توجيههم أمام الأطفال لكيلا تفقد السيطرة عليهم والتأثير فيهم في غيابك أو حتى في حضورك؛ لأن ثقتهم في أهليتها تهتز.
3- لا داعي للشكوى من باسل علنًا أمام من يحب كعمه أو جده... إلخ، فلن تفعل هذه الشكوى إلا إحراجه وترسيخ صورة سلبية عن ذاته في ذهنه وهز لثقته بنفسه أمام الناس؛ إذ يشعر دائمًا بالنقص وبأنه موضع للوم والتقريع والشكوى، بل لا بد من ذكر محاسنه أمام الناس، وحتى عندما تريد الأم الشكوى منه لأبيه فلتقل "لقد أحسن باسل اليوم في كذا وكذا، ولكنه يا بابا أغضبني في كذا، وأنا واثقة أنه لن يفعل ذلك ثانية؛ لأنه ولد شاطر"، وهكذا في هدوء وفي مجلس أسري هادئ، ولا تنسيا أنه طفل يعني دائم الخطأ، ومن الصعب أن تكون حياته فقط لوما وتقريعا وخصاما وعقابا.. فهذه فعلا أمر ممل ويعوده الخطأ ويفقده حساسيته ورهافته.
4- على الأب والأم أن يتعاونا لتهدئة أعصاب بعضهما البعض؛ ليكون تعاملهما مع الأبناء أهدأ، فيتحمل الزوج غضب زوجته محاولاً حل شكاواها، وتحاول الأم تخير الأوقات المناسبة للشكوى واختيار الكلام المناسب وحل ما يمكنها حله، فلو كانت أعمال البيت ترهقها فيمكن أن يتعاونا أو يستعينا بخادمة إن أمكن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، ولو كانت واجبات باسل.. فليؤدها مع أبيه أو جزء منها... فلكل شيء حل.. المهم تخفيف الضغط عن أعصابكما كزوجين؛ لينعكس ذلك على شكل هدوء ورحمة مع باسل المسكين.
أما مسألة لبس باسل للشبشب أو غيره من الاستفزازات اليومية لكل طفل، فكلها أمور بسيطة وقد ابتكرت مع ابنتي لها حلاًّ لطيفًا أقول لها لا ترتدي الشبشب، ولكن إن وجدت شبشبك في الأرض وليس في قدميك فسأخفيه منك للأبد لن تجديه ولن أشتري لك غيره، هكذا... بكل هدوء فما يكون منها إلا السعي وراءه خوفًا عليه من الرمي، ويمكن ابتكار غير ذلك مع باسل.
المقصد أن المعاندين يكون توجيههم للأمر بتوجيههم لحريتهم في فعل ضده.. فإن أردت أن يأكل قل له: إن كنت لا تريد الأكل فلا تأكل، وإن أردته يرتدي شيئًا فقل له يمكنك ألا ترتدي هذا لتمرض.. أنت حر.. وللمعاندين أساليب متنوعة في التوجيه والتعامل تجدها فيما يلي:
كنز الطاعة المفقود.. موجود
افهم النغمة لتستمتع بها
كيف تجعل طفلك يريد ما تطلب؟
وما أراه مناسبًا لحالة باسل تجنب ضربه نهائيًّا، فهو أحيانًا يعاند رغبة منه أن يضرب ليثبت لنفسه أنه محق في أنكما لا تحبانه وتفضلان أخته عليه، وليختبر حبكما له يفعل الأخطاء سواء قاصدًا أو غير ذلك، وبالتالي يكفي خصامه ومقاطعته والغضب منه، ولا داعي لضربه لا ضربات خفيفة ولا ثقيلة فهو ولد وسيكون رجلاً، ويحتاج لتربيته على الرجولة وليس على الخوف والذعر والقهر... ولا تنسيا أنه أمانة يسألكما الله تعالى عنها، وقد دخلت امرأة النار في هرّة... فكيف الحال مع طفل لا حول له ولا قوة وهو أعلى من القطة في المنزلة؟
وإن كان يعتذر ويعود، فلا مانع.. فخير الخطائين التوابون، ولكن يمكن تهذيب ذلك بألا تتم مصالحته قبل أن يثبت إقلاعه عن الخطأ.. يعني: "لن أسامحك حتى أرى أنك فعلاً لن تفعل ذلك ثانية"، وبعدها سيظل فترة يتحرى فيها ألا يفعل الخطأ لإرضائك، وقد أثبتت لك التجربة ذلك.
أما بالنسبة لغيرته كأن يطلب ما يعطى لأخته فهو أمر طبيعي فهو لا يغار، بل يطلب العدل، ومن الأساسي في التربية العدل بين الأبناء حتى في القبلات والبسمات، وبالتالي فطلباته مشروعة ومعقولة، بل لا بد من مراعاة شعوره وعدم استفزاز غيرته بتدليل أخته أمامه، وقد فصلنا في مسألة الغيرة ما تجده مجمعًا فيما يلي:
احموا أبناءكم من الغيرة
وأخيرًا.. أرجو أن أكون قد أجبت إجابة وافية على كل أجزاء سؤالك، كما أرجو الاطلاع بإمعان على ما وفرته لك من إجابات سابقة لتستفيد منها في إطار ما سألت عنه.. وأدعو الله عز وجل لبيتكم أن تعمه الرحمة والسكينة والألفة.. فتلك هي اللبنة التي تصنع المجد لأمتنا، وبالتالي فهي غاية وما حولها (عمل الزوج - مراعاة الزوجة لشئون الأسرة -... إلخ) وسائل لحفظها.. فاحذر أن تضيع الوسائل غايتك أو أن تنشغل بالوسائل عن الغاية، والله الموفق.
ـــــــــــــــــ(104/379)
الإثابة المادية.. مزايا وعيوب ... العنوان
السادة الأفاضل مستشارو الموقع التربويون، بداية ليس لدي من الكلمات ما يعبر عن حبي وتقديري وكل المشاعر الخالصة تجاه المجهود المبذول في الموقع فلكم منا كل التحية والإكبار، ولكم من الله عز وجل الثواب والأجر العظيم.
أود أن أستشيركم في تجربة قمنا بها أنا وزوجتي مع أولادنا. أنا أدرس الدكتوراة وأعيش مع أسرتي (زوجتي وثلاثة أبناء (ولدان: 12 و10 سنوات، وبنت 8) في أمريكا للدراسة. وقبل هذا أريد أن أشير أننا قبل هذه التجربة وكأي أبوين يريدان من أولادهما أن يكونوا على خلق حسن ومطواعين ومساعدين في البيت ومنظمين... إلخ.
وكنا نجد صعوبة في إيقاظهم صباحا للصلاة والمحافظة على النظافة الشخصية وتنظيف المائدة بعد الطعام وترتيب الوقت. ومن هنا بدأنا في وضع برنامج عبارة عن قائمة من الأعمال اليومية الأساسية (استيقاظ، وضوء، غسل أسنان، صلاة، ترتيب السرير والحجرة، قراءة حرة، حفظ آيتين من القرآن... إلخ. ووضعنا لكل عمل مجموعة من النقاط يدونها الولد/البنت في ورقة أسبوعية معلقة في حجرته/ها. وهذه الأعمال تتكون من أعمال يومية أساسية (مجموعها 110 نقطة)، ومجموعة أعمال حرة يختار منها إذا أراد/أرادت أن يكمل 150 (الحد الأقصى). ثم قبل النوم نعطيهم سنتا مقابل كل نقطة؛ فيكون لديهم دولار ونصف (إذا كان نشيطا وأتم النقاط كلها).
ومع هذا البرنامج طلبنا من كل واحد منهم أن يحسب المتطلبات المالية له/ لها في الشهر. ويقوم بدفع هذه المتطلبات مما يحصله من أعمال في المنزل. وهم أصلا يذهبون للتدريب على الكاراتيه (حزام أخضر وبرتقالي)، ويذهبون إلى حمام السياحة وكنا ندفع لهم.
أما الآن فيقومون بدفع مقابل حمام السباحة بأنفسهم عندما نذهب إلى الحمام وبدفع نصف مقابل الكاراتيه للمدرب (وأدفع النصف الباقي). وأيضا يدفعون لأنفسهم إذا ذهبنا للغداء في الخارج (وإن كان مرة في الشهر). وأيضا اتفقنا أن يضعوا ما تجود به أنفسهم وجيبهم للمسجد.
والنتيجة كانت أكبر مما توقعنا. الكل قام من النوم من أول نداء، وغسلوا، وصلوا، وأفطروا، ورتبوا الحجر والمطبخ، وقرءوا، وحفظوا القرآن قبل الثانية عشرة ظهرا. والكل يسارع في التقاط أي ورقة وترتيب أي شيء غير مرتب. نحن سعداء بهذا، ولكن السؤال هو: هل ما طبقناه ينمي الاتجاه المادي لدى الأطفال؛ بحيث لا يعملون إلا إذا كان هناك نتيجة مادية لعملهم أم أن هذا سيعودهم علو النظام وعندما يكبرون سيسعدون به؟.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، تحية من عند الله طيبة مباركة، فسلام الله عليك ورحمته وبركاته..
نشكرك سيدي على هذا الإطراء، وندعو الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا، وأن نكون دائما عند حسن الظن بنا.
كما أشكرك على اهتمامك أنت وزوجك بمحاولة اختيار الأسلوب الأمثل في التوجيه والتربية، فبارك الله فيك وفي زوجك وجعل ذريتكما ذرية صالحة تقر بها أعينكما.
بداية أوضح أن هناك أنواعا كثيرة لتعديل السلوك منها: الوعظ - العقاب - التعزيز والانطفاء -استخدام المكافأة المادية المؤجلة - استخدام المكافأة المادية المباشرة - استخدام التعاقد أو الالتزام بعقد (وهو الأسلوب الذي تستخدمه أنت وزوجك مع أبنائك) وكل أسلوب من الأساليب السابقة لها مزايا وعيوب، ومن أهم مزايا هذا الأسلوب:
1. تُجنى ثمرته سريعا وفي وقت وجيز.
2. يضمن التزام الأبناء بها إلى حد كبير.
3. يوضع في نقاط محددة واضحة لجميع الأطراف.
4. لا يستطيع أحد الأطراف المراوغة أو التفلت منه بسهولة.
لكن برغم هذه المزايا لهذا الأسلوب التي -ربما- لا نجدها في غيره من الأساليب الأخرى فإن له عيوبا، من أهمها:
1. كما تفضلت وأوضحت في رسالتك من تخوفك أن يغلب على الأبناء الجانب المادي؛ فهذا صحيح؛ فسوف يتعلم الأطفال أنهم لا يقومون بعمل إلا إذا أخذوا عليه مقابلا ماديا، ويرسخ في ذهنهم أن كل شيء له ثمن، وهذا ما نعيبه على الغرب؛ فالجانب المادي قد طغى على حياتهم إلى الدرجة التي لم يعد فيها للقيم والمبادئ مكان وهو معيارهم الأساسي في الحكم على الأشياء كما هو واضح لا على مستوى الأفراد بل على مستوى الدول.
2. إن ما يأخذون عليه مقابلا ماديا هو في الواقع أفعال واجب عليهم فعلها، والإثابة على الواجبات تعزز قيمة المكافأة لا السلوك نفسه؛ فأنت -على سبيل المثال- ترعى أبناءك وتحميهم وتنفق عليهم؛ لأن هذا واجب عليك، وكذلك تفعل الأم ولا تأخذان على ذلك أجرا أو راتبا.
3. وبناء على ما سبق فإن السلوكيات المرغوب فيها مثل الترتيب والتنظيم والالتزام... إلخ تقل القيمة المتعلمة من ورائها، وتكمن في المقابل المادي الذي يأخذه الأبناء.
4. كما أنها لا تتيح فرصة للأبناء أن يتعلموا التضحية أو البذل والعطاء أو تقديم خدمة دون مقابل أو دون جني منفعة من ورائها.
الآن قد عرفت مزايا وعيوب هذا الأسلوب، فإذا تراءى لك التراجع عنه؛ فلا بد أن يكون بطريقة لا تؤثر سلبا على نفسية الأبناء، خاصة بعد أن كان العائد المادي دافعا قويا للإنجاز؛ ولذا أنصحك بما يلي:
1. أن تجلسا أنت وزوجك مع أبنائك، وتوضحا لهم الأسباب التي من أجلها ستتخليان عن هذه الطريقة، وتتركا لهم فرصة للمناقشة معكما.
2. أن تربطا هذه الأعمال الواجبة عليهم بدافع أكبر من الجانب المادي، وهو سعادتكما بهم ورضاكما عنهم (أرجو عدم ذكر رضا الله في هذه الفترة؛ لأنه سيرتبط في ذهنهم بالحرمان من شيء كان يسعدهم، أما أنتما فلن يرتبط بكما هذا الحرمان؛ لأنكما -بالنسبة لهم- المصدر المباشر الذي يعرفونه للحنان والأمان والعطاء.
3. عدم التعامل معهم بعد ذلك بحساسية كأنكما مذنبان، وتحاولان التكفير عن هذا الذنب، أو بتعويضهما بأشياء أخرى بل عليكما التعامل معهما -بعد المناقشة- بشكل عادي، وأن تسير حياتكم على نفس المنوال من قبل.
4. ربما تجدان بعض الفتور وقلة الحماس بادئ الأمر في تنفيذ الأعمال التي كانوا يتقاضون عليها مبلغا ماليا، لكن عليكما بالصبر وربط هذه الأعمال بالقيم القائمة عليها.
وأخيرا دعواتي لكما بأن يلهمكما الصواب في أمركما كله، وأن يعينكما على تربية أبنائكما تربية ترضي الله ورسوله، كما أرجو المتابعة والتواصل معنا.
-ـــــــــــــــــ(104/380)
طفلي والتحكم.. حكاية كل أم ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، قبل كل شيء أود أن أشكركم على رحابة صدوركم وتعاونكم معنا، وأسأل الله لكم دوام التوفيق. عندي طفل عمره ثلاث سنوات ونصف، ومشكلتي معه أنه لا يريد التخلص من الحفاظات، وإذا حاورته وطلبت منه أن يذهب إلى دورة المياه إذا احتاج ذلك فإنه يقول: "خلاص سوف أفعل".
في بداية المحاولة للتخلص من الحفاظات كان يشعر بالخجل حينما يفعلها على نفسه، ويعد أن يذهب إلى دورة المياه في حال الحاجة. أما الآن فإنه اعتاد فعلها دون أن يخجل.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختي الكريمة، وشكرا لك على ثنائك الرقيق، ونسأل الله أن نكون أهلا له وخيرا منه، وفي الحقيقة لقد صادفت مشكلتك مروري حاليا بنفس المرحلة التي تمرين بها من حيث الحيرة في تدريب طفلك على الإخراج؛ وهو ما سيجعل كلامي لك مدعوما بتجربة حاضرة حالية قريبة جدا من تجربتك إلا في أمرين:
1- طفلي يصغر طفلك بحوالي عام أو أقل.
2- طريقة تدريبي لطفلي مختلفة، ولعل هذا ما سأبدأ به إجابتي عليك.
أختي الحبيبة، إن الأطفال سريعو النسيان وعاجلا ما ينقضون مواثيقهم؛ لذا فهم أطفال؛ وبالتالي فطريقة تدريبك لطفلك المعتمدة على الاتفاق المسبق والعهد الموثق ليست -من وجهة نظري- كافية لحثه على الذهاب للحمام عند الحاجة، بل لا بد من إشرافك شخصيا ومتابعتك المتتالية بين الحين والآخر وملاحظتك الدقيقة لمواعيد طفلك في الإخراج أو ملامح وجهه التي يبدو منها أنه الآن في حالة تبرز أو تبول لتسرعي به إلى الحمام وتدفعيه دفعا برفق ولين للذهاب فورا.
أعلم أنك مشغولة مع أخويه، ولكن الأمر جد خطير فهو لم يعد صغيرا بل كبيرا وعلى وشك دخول المدرسة أو الحضانة ليبدأ عهدا جديدا في حياته، ولا بد حينها من أن يكون هذا الأمر قد استتب تماما؛ لذا عليك أن تدربيه لا أن تنصحيه فقط، فربما أنه يتلهى باللعب فينسى وربما لا يستطيع تبين الموعد المناسب لدخول الحمام عند الحاجة فتفلت منه الفضلات؛ فيفضل ارتداء الحفاظة ليتجنب الحرج، وبالتالي فأنت في حاجة لتدريبه بدقة ولمتابعته، وقد يفيدك في هذا الاطلاع على ما يلي:
علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
- خطوات لضبط عملية الإخراج
- نوط الواجب والنظام.. يبدأ من هنا
- التحكم.. تعلم
وتدريجيا ومع التدريب ستزيد قدرة عضلاته على التحكم، وتدريجيا سيستطيع الانتظار قليلا بين شعوره بالرغبة في الإخراج وبين ذهابه للحمام دون أن يفلت منه شيء، ولكن لا تنسي العضلات فلا بد من تدريبها كما سبق أن أسلفت فهي لن تتدرب وحدها.
واعلمي أن الخطوة الأولى والأساسية في التدريب على الإخراج هي نزع الحفاظة؛ لأن لهذه الحفاظة دورا كبيرا في تقليل الإحساس عند الطفل برغبته في التبول أو بالبلل فتجعله لا يتحكم نهائيا أو يحاول التحكم؛ فهو عندما يريد التبول يترك البول يخرج ولا يشعر به.. وبالتالي فلا قيمة لأي تدريب مع وجودها؛ لأنها تضيع لدى الطفل الشعور بهذه المسألة.
وإن كنت تخشين من عدم النظافة فمن الممكن استخدام شورت (إزار) بلاستيكي يمنع نزول الماء على الأرض لكن لا يمنع شعور الطفل بالبلل وبنفسه؛ لأن شعوره بالبلل أو ببداية البلل مع أول قطرة من البول ستجعله يمسك الباقي ويعلم أنه يتبول ويفهم أنه لا بد أن يتحكم إراديا حتى الذهاب للمكان المخصص، فضلا عن رغبته في عدم الشعور بالبلل وامتعاضه منه وهو ما سيحفزه لمنعه مرة بعد مرة.
تبقى جزئية واحدة أخشاها وهي أن يكون الطفل في حاجة لفحص طبي معين للتأكد من أن عدم تحكمه يرجع لأسباب عضوية، ولكن لن يظهر ذلك قبل أن تدربيه.
لا بد من تدريبه أولا فإن لم يستجب -بعد مدة طويلة من التدريب وليس غدا- يمكنك حينها التوجه لطبيب الأطفال تخصص مسالك بولية وحينها سيصف العلاج المناسب، ولكن كل هذا لن يظهر إلا بعد التدريب المنظم الذي لم ينل الطفل منه أي حظ أصلا، ولعل في الاستشارات التي نصحتك بالاطلاع عليها عاليا تفصيلا دقيقا لكيفية وخطوات التدريب، وآمل أن أتلقى متابعتك قريبا باستجابة طفلك إن شاء الله.
أنتظر متابعتك لنا وأتمنى أن تكون بالبشريات، وإلى هذا الحين أستودعك وأسرتك رعاية الله وحفظه، وأذكرك أننا الأمهات نستعجل أو نميل للتيسير على أنفسنا في تربية أبنائنا ثم نتهمهم بأنهم متعبون وليسوا مثل غيرهم من الأطفال، ولكن العيب هو غالبا في مجهوداتنا التي يجب ألا نتوقف عن بذلها في سنوات عمرهم الأولى حتى يجتازوها بأمان.. أعاننا الله وإياك وجميع المسلمين.
ـــــــــــــــــ(104/381)
أمور ديننا كيف نعلمها لأبنائنا؟ مشاركة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد تأملت الموضوع المتعلق بتعليم أبنائنا لأمور ديننا والملاحظ أن الأم السائلة تعيش في الغرب؛ الأمر الذي جعلني أرغب في المشاركة، خاصة أننا (أنا وزوجتي وأبنائي) قد مررنا بما هو مشابه.
إن من الأمور التي يجب أن تسبق أي تعليم أو تثقيف للأطفال هو موضوع تحديد الهوية.
فإذا نحن استطعنا أن نحدد هويتنا، ونقلناها بحكمة إلى الطفل لسهل علينا طرح بقية الأمور المتعلقة بالشكل أو الفكر، تزيد الحاجة لذلك (أي تحديد الهوية للفرد) في الغرب؛ حيث تعدد الاتجاهات والديانات والمذاهب.
وعادة يكثر التركيز على هذا الأمر في المدارس الغربية لأهميته في مسألة التعليم عمومًا، وللانسجام مع عادات المجتمع والمجتمعات الأخرى وللاعتزاز بالهوية المحلية.
وقد يقع البعض منا في إشكال سببه عدم التعمق في هذه المسألة، قبل أن يفاجئهم الأطفال بذلك من خلال أسئلة واستفسارات قد يصعب إجابتها أحيانًا لعنصر المفاجأة وعدم توقعها من طفل.
وأنا أتساءل: أليس من الممكن أن أكون مسلمًا غربيًّا من أصل شرقي؟ أو شرقيا مسلما يعيش في الغرب ويحمل هويته؟ هذه التعريفات أو أي تعريف شئنا وصف أنفسنا به مقبول ما دام بعيدًا عن الذوبان في الآخر، وبعيدًا عن التعصب أو نكران الواقع أو احتقار الغير.
وهنا يأتي دور الآباء ومدى فهمهم للمجتمع الذي يعيشونه، ومقدرتهم على الاندماج المحمود مع المجتمعات الأخرى، والحفاظ على هويتهم بشكل إيجابي، ونقل كل ذلك إلى الأبناء وبناء الاعتزاز في نفسه لكل ما هو متصل بهويته.
والمميز في الغرب هو أن الكثير من مدارسهم تركز على هوية الفرد واستقلالها، وبالتالي قد يعين هذا أبناءنا لو وظفناه بالشكل الصحيح.
الأمر الثاني هو مسألة أولويات الطفل ومنطقه وعمره ومواهبه وقدراته والفروق الفردية، وعلى الوالدين مراعاة كل ذلك وعدم تجاهل حاجات الطفل وأولوياته التي يراها؛ فليس من الصحي أن نملأ رأسه بما لم يبحث عنه، وفي الوقت غير المناسب، وبالتالي قد لا نجيب على أسئلته المهمة وحسب أولوياته وقدراته.
أما مسألة العمر فتثير فيّ أسئلة تزيد عن مسألة القدرة على الاستيعاب من عدمها، وهي: هل من المفيد ذكر الموت لمن هو من المفروض مقبل على الحياة؟
وهل من المفيد ذكر العقاب لمن هو غير مكلف؟
وهل من المعقول أن نتعامل بمنطق الكبار في شرح مبادئ الإسلام للصغار؟
ولا ننسى أن أكثر ما يميز ديننا الإسلامي هو التدرج في كل الأمور، خاصة مسألة الأعمار والتكاليف الشرعية والفهم لها.
الأمر الثالث هو طريقة عرض تراثنا وثقافتنا؛ حيث تكون عادة مملوءة بالشيء الكثير من العاطفة والمشاعر الجياشة والتي قد تؤثر بشكل غير مرغوب فيه عند طفلٍ، المفروض أنه متوازن المشاعر، وأنا لا أرى ضررًا في الاقتصاد في هذه المشاعر، خاصة في الأعمار الصغيرة، ثم زيادتها شيئًا فشيئًا.
ويجرنا هذا لمسألة أهمية التقيد بالنص في إلقاء القصص أو التعاليم الدينية عند طرحها على أطفال في أعمار صغيرة؛ فالأهم -والله أعلم- في هذه المرحلة هي الفكرة لا صياغة الجمل وتركيباتها.
وبالتالي يمكن اختصار وإعادة صياغة القصص من السيرة أو القصص النبوي بالشكل الذي ينمي عند الطفل أخلاقهم وصفاتهم للتمثل بها، ويبعد عنهم صعوبة تركيبات الجمل، خاصة أنهم مقبلون على تعلم أكثر من لغة في نفس الوقت.
الأمر الرابع وهو الأهم -في ظني- وهو مراعاة البيئة التي يعيشها الطفل، وفي الغرب خاصة؛ حيث يتم التركيز على أمور عندنا الكثير الكثير منها، مثل القيم الإنسانية الرفيعة والخير والحب والجمال وعمارة الأرض والإقبال على الحياة، وهذه الأمور هي الأهم لمن هم في مقتبل العمر، وتقدم ولا شك على أمور مثل الجهاد (بمفهومه القتالي) والشهادة في سبيل الله، خاصة أن الحاجة لذكرها غير واردة لمن هو غير مكلف بها شرعًا؛ فهي على أهميتها غير مناسبة لمن هم في مقتبل العمر، كما يمكن استبدال مفهوم أوسع وأكثر قبولا عند الطفل بهذه الأمور، مثل التضحية وحب المساعدة دون البحث عن مقابل مادي والتدريب على القيام بالواجبات مع المطالبة بالحقوق.
ويمكن زرع كل هذه الخصال عن طريق تدريبات صغيرة ومناسبة للعمر أثناء القيام بأعمال منزلية بسيطة لزرع المبدأ، ثم البناء على ذلك -كما ذكرنا- في مراحل عمرية مناسبة.
لقد أمرنا الله سبحانه بعمارة الأرض والإبداع في ذلك والتعرف على الشعوب، ونشر المبادئ الإنسانية الراقية؛ وهو ما يهم الإنسانية عمومًا، وهو أيضًا ما يربط بين مجتمعنا المسلم الصغير والبيئة التي نعيش فيها، وعند هذه الأمور تتلاقى المصالح وبها تبنى الجسور، وعلينا أن نبدأ بذكر الأمور المشتركة بيننا وبين الغير قبل ذكر الفروق تسهيلا لأبنائنا على التكيف مع المحيط الذي يعيشون فيه.
ولا ننسى أن الأطفال وبتلقائية بريئة يشاركون غيرهم المعرفة فإن وجد الأطفال الآخرون من أبناء الغرب حديث أبنائنا غريبًا ويتركز حول الموت والحساب والعقاب والنار لرفضوهم؛ لتعارض ذلك مع ثقافة مجتمعهم المقبل على الحياة وكأنها أبدية الوجود، وبالتالي قد يتعرض أطفالنا للعزل أو العداء مما سوف يؤثر عليهم سلبيًّا، ولا شك.
أخيرًا.. لا أملك إلا التوجه إلى الله سبحانه وتعالى على أن يعين المسلم في الشرق كان أو في الغرب وعلى هدايتنا لفهم أمور ديننا وبالشكل الصحيح، والله المستعان.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأستاذ الفاضل جمال عبد الواحد.. أهلاً بكم ومرحبًا مجددًا، وعودًا أحمد لمشاركتكم القيمة التي طالما سعدنا بثراء ما تحمل من خبرة من جهة، وجميل المتابعة والإحساس بالشراكة في تحمل مسئولية كل ما يعرض على هذه الصفحة، ومسئولية البناء عليه من كل زوار هذه الصفحة.
أدعو الله تعالى أن يكون عطاؤكم في ميزان حسناتكم، وأن يكون مرشدًا لكل زوارنا ليفضوا على إخوانهم من مخزون خبراتهم الجليلة والقيمة.
وأسال الله تعالى ألا يطول غياب قلمكم عنا، وأن توافونا بالمشاركات باستمرار.
الموضوع فتح النقاش، وهو ما يزال يحتاج، وأتركك مع أول الغيث تعقيبًا من الأستاذة عزة تهامي على مداخلتكم، داعية كل زوارنا خاصة المقيمين في الغرب إلى الإدلاء بخبراتهم فيما اجتهدوا فيه أو وصل إليهم علمهم. ولكم منا وافر الاحترام.
المحررة
تعقيب الأستاذة عزة تهامي :
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أسعدني مشاركتك معنا في موضوع أمور ديننا كيف نعلمها لأبنائنا أتفق معك تمامًا -سيدي- في النقاط التي أثرتها بالمشاركة، خاصة مسألة الهوية والاندماج المحمود في المجتمعات الغربية مع الحفاظ على الهوية بشكل إيجابي، والبحث عن أرضية مشتركة بيننا وبين الآخر، ولا أرى تعارضًا جوهريًّا بين ما ذكر في الرد على الاستشارة وما ذكرته في المشاركة.
ولكن اسمح لي أن أوضح بعض الأمور التي أشعر أنه تم الالتباس في فهمها أو تناولها:
أولا: إن الاستشارة كانت ردًّا على بعض النقاط والمواقف المحددة التي تعرضت لها الأم -بالفعل- مع ابنتها، ولم يكن موضوعًا لتناول كيفية التعامل مع النشء وتربيتهم في الغرب بشكل عام.
ثانيًا: موضوع الموت وذكره لمن هو مقبل على الحياة. الموت حقيقة يراها الأطفال -خاصة في أيامنا هذه- كل يوم، بل كل ساعة في كل مكان، ولا أدري ما التعارض الذي نراه بين إنسان مقبل على الحياة مقبل على عمارة الأرض والخلافة عليها، وذكر الموت، على أن يذكر له أنه انتقال بين حياة إلى حياة رائعة أبدية أخرى، وخاصة بالطريقة التي ذكرتها في قصة الصديقة، وما الضير في أن يقال للطفل هذا الأمر بمنتهى البساطة، فإذا نحن فعلنا ذلك فسوف يستقبله الطفل بنفس الطريقة التي قيلت له.
كما أن فكرة الموت لدينا -نحن المسلمين- تختلف إلى حد كبير عن فكرة الموت عند الغرب؛ حيث الخوف والفزع الذي يصحب هذه الفكرة، فضلا عن تشوش فكرة مآل الناس وحالهم بعد الموت لديهم، وعن طريق الملاحظة العلمية على مجموعة عشوائية وجدت أن حوالي 90% ممن يخافون بل يصابون برعب إلى حد الفوبيا من الموت.. هم من كان يخشى أهلوهم ذكر الموت لهم في الصغر، أو كان الأهل أنفسهم يخشون الموت وذكره، وعكس هؤلاء الذين ذكر لهم الموت ببساطة كحقيقة وواقع يرونه بأعينهم رأي العين.
ثالثًا: وهو الأهم في وجهة نظري أن الاهتمام بموضوع الموت والحساب والعقاب والجنة والنار اهتمام عارض لا يثار إلا حين يسأل الطفل عن تلك الموضوعات، أو لو تعرضنا لها في المواقف الحياتية غير المفتعلة، ولم نقصد على الإطلاق أن يكون هو محور حديثنا مع أطفالنا في النواحي والأمور الدينية، وأظن أن ذلك كان واضحًا في الرد على استشارة الأخت الكريمة.
وأخيرًا -سيدي- أشكر لك اهتمامك مرة أخرى، وأنا أيضًا أتوجه إلى الله عز وجل بقلب خالص أن يعين المسلم في كل بقاع الدنيا على تفهم أمر دينه وبالشكل الصحيح.
ـــــــــــــــــ(104/382)
مظاهر التأخر.. لا للتسويف في الاكتشاف ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد الشكر على تعاونكم معنا في تربية أطفالنا..
أعاني من مشكلة تعكر صفو حياتي؛ ابنتي الطفلة الأولى عمرها ثلاث سنوات وخمسة أشهر، متأخرة في الكلام، حيث إنها تقول بعض الكلمات بشكل واضح وبعضها بشكل غير واضح، وتقول بعض الجمل القليلة مثل طلبها لشيء تريده مثلا "أعطيني عصيرا"، وعندما تريد أن تعبر تقول كلاما غير مفهوم.
قمت بعمل اختبار ذكاء لها عند دكتور متخصص نفسي وكانت النتيجة 93، وأيضا السمع جيد، وهي تفهم كل ما أقول لها وأطلبه منها، كما لو أنني أتكلم مع إنسان كبير، ولكنها كثيرة الحركة وعصبية لعدم قدرتها على التعبير، خاصة في الأماكن العامة فهي تصر على شيء معين تريده، وتقوم بعمل تصرفات عصبية مع البكاء.
كما ألاحظ عدم تركيزها في اللعب مثلا أو التلوين فهي ملولة، وقد تم عرضها على دكتورة تخاطب، وقالت إن عندها تأخرا قد يكون سنة ونصف سنة، ولكن لم أتمكن من متابعة جلسات التخاطب مع الدكتورة لكلفتها المادية العالية جدا؛ لذلك قمت بعمل جلسات في المنزل بتكرار الكلمات والجمل ومحاولة إلزام ابنتي بقول ما تريد، وعدم التكلم بكلام غير مفهوم، وهذا أعطى نتيجة طيبة، حتى أنني سجلت لها شريطا بصوتي وصوتها لترديد الكلمات أفتحه عندما أكون مشغولة عنها وأحضرت لها صورا كثيرة (Flash cards) فهي تستطيع الآن بعد تركيزي عليها أن تقول مسمى صور كثيرة، ولكن عندما تريد الكلام لا تستطيع وتتعلثم بكلام غير مفهوم.
علما بأنني كنت أعمل وكانت ابنتي تمضي الوقت الأكبر مع الخادمة إلى أن بلغت السنتين والنصف، وكانت قليلة الاختلاط بأطفال، أما الآن فهي تداوم في مدرسة روضة، وأنا متواجدة معها دائما وألاحظ معها بالتطور في اللغة والإدراك أيضا، فهي تستطيع أن تطلب ما تريد بكلمة (مثلا ماء أو عصير)، وأحيانا تقول: "نانس" (وهي تقصد سندوتش)، ولكنها عندما أحاول تعليمها كلمات معينة بعض الأحيان تكرر كلامي، مثلا عندما أسألها سؤالا ترد بنفس السؤال أو الكلمة التي أقولها، ولكن بعد توجيهي لها وتدريبي لها بعدم التكرار أصبحت ترد علي ولو بكلمة غير مفهومة أحيانا فهي محبة، ودائما الحيوية حتى في الروضة يحبونها؛ لأنها مطيعة وتظهر محاولات حتى تطور من تعبيراتها والتزامها، كما أنني دائمة القراءة على طريقة الثواب والعقاب وطرق التربية والتعامل مع الأطفال، خاصة المتأخرين في الكلام ومتابعة لجميع مقالات الموقع، جزاكم ألف خير على هذا الموقع الممتاز، أتمنى منكم النصح، وما علي عمله.
سؤالي هل عدم ذهاب ابنتي لجلسات التخاطب يؤدي إلى عدم كلامها أم تأخيره؟ وإلى أي حد حالتها خطرة، ومن خلال خبرتكم متى يمكن أن تتكلم جملا مفيدة؟ وهل يمكن أن تؤثر على أخيها فعمره عشرة أشهر فهو يقول بابا وتاتا، ويصدر أصواتا مثل دا دا وكا كا، ولكنه لا يقول ماما، ربما لتركيزنا عليه بقول بابا حتى أننا أحضرنا له لعبة تقول بابا باستمرار يلعب بها.
فما هو الأسلوب الصحيح في اتباع تدريبات الكلام لابنتي وابني في المنزل؟ وهل ابني يعتبر طبيعيا في تطور كلامه ونطقه؟ أشكر لكم تعاونكم، وجزاكم الله عنا كل الخير. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أختي الفاضلة أم محمد، يسعدني دائما أن أشعر أن هناك أهلا مهتمين بأي مظاهر تأخر يظهرها الطفل؛ لأنه وللأسف هناك أهالي يحاولون دائما التسويف في عرض الطفل على إخصائي عند ملاحظة وجود تأخر ما.
أختي الفاضلة كما يبدو من وصفك.. فالطفلة متأخرة وفعلتِ خيرا عند عرضها على إخصائية للتأكد من أن هذا التأخير في اللغة التعبيرية لا يعود إلى تأخر في اللغة الاستقبالية أو السمع أو غير ذلك.
ورغم ذلك فهناك تأخر واضح في مستوى لغة البنت التعبيرية عما هو مفترض في سنها. فهي في سن يفترض أن تتكلم فيها بجمل واضحة وكلام مفهوم بما لا يقل عن 80% من مجموع كلامها.
ونحن هنا إذن في حالة تأخر لغوي تعبيري متوسط إلى شديد. وقد يكون هذا تأخرا طبيعيا لكنه ملاحظ أو قد يكون مؤشر لصعوبات تعلم أكاديمية (قراءة وكتابة) في المستقبل.
أي أن الصعوبة التي تواجهها الطفلة الآن هي صعوبة تعلم لغة شفهية قد تكون كما ذكرت مؤشرا لصعوبات تعلم أكاديمية مستقبلا. ولتفادي ذلك أولا ولتفادي الأثر النفسي الذي سوف يترتب على كون البنت متأخرة كلاميا - خصوصا أمام زملائها الأطفال أو الأقارب أو المعلمات وغير ذلك فإن أفضل نصيحة هي إدراج الطفلة في برنامج تدريب نطقي لغوي على الأقل مرتين إلى ثلاث أسبوعيا.
والهدف من التدريب هو تحفيز اللغة لدى الطفلة بأسلوب علمي مناسب لعمرها وقدراتها.
أما إذا كانت ظروفكم لا تسمح بإدراجها في برنامج متواصل فلا أقل من متابعة تطورها مع إخصائي بمراجعته على الأقل مرة بالأسبوع أو الأسبوعين بحيث يضع برنامج أهداف ويشرحه لك لتتابعيه في المنزل، ثم مراقبة التطور وتعديل البرنامج أو الإضافة إليه حسب تطور الطفلة واستجابتها للتدريب.
والسبب في مراجعة الإخصائي ليس أن الطفلة لن تتكلم إلا على يديه بل إنه سوف يكون أقدر منكم كأهل على وضع أهداف علمية وتطبيقها بطريقة تحفز إصدار اللغة بطريقة غير مباشرة (صور وألعاب) بما يناسب المرحلة العمرية للطفلة، وبما يناسب أيضا قدراتها الحالية. وإن شاء الله سوف تطور الطفلة لغة تعبيرية، لكن التدريب يساعد في تسريع وتحفيز التطور اللغوي وأن يكون ذلك بشكل علمي صحيح.
طبعا محاولاتك في البيت مشكورة، لكن أؤكد أن تكون تحت إشراف مختص. أما بالنسبة لطريقتك في التدريب فأؤكد لك أن أي إنسان لا يحب أن يتم الضغط عليه لعمل أي شيء فما بالك بالطفل؟ إن الضغط على الطفلة قد يؤدي إلى أن يصبح الكلام تجربة سيئة بالنسبة لها فتحاول تجنبه. لذا أعتقد أن التحفيز اللغوي يجب أن يكون ضمن تجارب مفرحة وفي إطار من اللعب والنشاطات الحياتية المعتادة أي بشكل غير مباشر.
وسوف أرفق لك بنهاية الاستشارة نسخة من برنامج التحفيز اللغوي الذي يمكن أن تتبعيه مع طفلتنا الجميلة.
وأعتقد أن وجود الطفلة في الروضة سوف يساعدها إن شاء الله، مع رجائي لك بالانتباه لمهارتها الأخرى من رسم ومسك القلم وتلوين وألعاب حركية حتى لا تكون لديها كما ذكرنا سابقا مظاهر صعوبات تعلم كتابة. مع التأكيد على أن يكون جو الروضة مشجعا ومرحا وآمنا. أما بالنسبة للطفل الصغير فأعتقد أن ما يصدره الآن كافٍ بالنسبة لعمره، ويمكن تشجيعه على اكتساب المزيد بالحديث إليه وإشراك النشاط اللفظي مع أي نشاط نقوم له به من: أكل - لبس- حمام- لعب وغير ذلك.
ويمكن أن يكون لعب الصغيرة مع أخيها جوا رائعا لتحفيز اللغة لديها. أرجو أن تبقينا على علم بالتطورات. مع تحياتي..
ـــــــــــــــــ(104/383)
الطفل الأول..البريء من القهر ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا مش عارفة أشكركم إزاي على إعانتكم الرائعة لينا. جزاكم الله عنا خيرا وأعانكم الله.
أريد استشارتكم في أمر يخص ابنكم (يوسف 3 سنوات وثمانية أشهر) وصدقا هو ابنكم فقد كنتم معنا طوال رحلتنا في السنوات الثلاث الماضية وكثيرا ما أردت أن أكتب لكم ولكن كنت أجد إجاباتي في البحث قبل السؤال.
يوسف طفل رائع حنون جدا ومحب وعطوف (إلى حد ما هو كذلك معي أنا فقط) لا أقصد بذلك أنه سيئ مع أبيه، ولكن مع أبيه ترى حبا مختلفا فهو يريد أن يلعب معه ولا يريده أن يذهب إلى العمل لكن، مثلا، نادرا ما يقبله أو يحتضنه على الرغم من أن أباه حنون جدا أيضا ويدللُه كثيرا.
المهم أن لدى يوسف مشكلتين: الأولى أنه لا يستيقظ أبدا ليتبول ليلا ويجب أن أدخله أنا ولقد قرأت كل ما كتب في موقعكم في التبول اللاإرادي، فأنا لا أعطيه أية سوائل قبل النوم بفترة طويلة وأدخله "التواليت" قبل أن ينام وأحمله بعد نومه بساعتين وأدخله مرة أخرى ويدخله أبوه بعدها بثلاث ساعات ثم عند استيقاظه يدخل مباشرة إلى التواليت أي أنه بين الساعة الثامنة مساء والسادسة صباحا قد يدخل إلى التواليت من ثلاث إلى أربع مرات وإذا تركته فإنه يبلل فراشه، علما بأنه عندما كان عمره عامين وبضعة أشهر توقف تماما عن تبليل فراشه وحده بدون معاونة مني، وكنت لا أزال أضع له الحفاض، وكان يستيقظ مرة واحدة فقط وينام إلى الصباح بعدها بدون أي مشاكل حتى لو أعطيته لبنا قبل نومه مباشرة. وفي أثناء عطلتنا في مصر حتى يوليو الماضي كان ينام الليل بدون أن يستيقظ مرة واحدة وبدون أن يبلل فراشه حتى لو شرب اللبن أيضا. وبدأت معاناتي معه بعد عودتنا من مصر.
وقد قرأت فيما يخص الحالة النفسية ولكني لا أعتقد أنه كان تعيسا لسفرنا؛ لأنه كان يطلب مني أن نعود باستمرار، وعندما أخبره أننا سنسافر مرة أخرى يرفض تماما، بالإضافة إلى أنك تستطيع أن تلمس أنه طفل سعيد.
أيضا أريد أن أوضح أن لي علاقات اجتماعية جيدة بما يتيح له فرصة اللعب مع أصدقائه إلى جانب لعبنا معا أنا وهو وأبوه (نسيت أن أوضح أنه فيما يخص الساعات التي يقضيها والده معه أن يوسف يقضي 6 ساعات يوميا بعد المدرسة قبل أن ينام يمضي أبوه منها معنا 3 ساعات فقط بالإضافة إلى يوم الجمعة).
أعرف من خلالكم أنه من الطبيعي أن يظل الطفل يبلل فراشه حتى الخامسة ولكن يوسف امتنع تماما سنة كاملة إلا من حوادث عرضية بسيطة نادرة، كذلك هذا المعدل ثلاث مرات هل هو طبيعي؟
المشكلة الثانية في تعامله مع الآخرين عندما يضربه أحد فإنه يبكي ولا يحاول ولا يبادر أبدا لرد العدوان حتى لو كان ممن هم دون سنه أو حتى مع الغرباء، ولقد قرأت كل ما كتب في موقعكم بهذا الشأن، ولكن كانت المواضيع كلها تدور في فلك ماذا نعلم أبناءنا.. اللي ضربك اضربه وإلا سامحه بس أنا مش عاوزة يوسف يكون شريرا ويضرب الناس بس أنا بتقهر وبتجنن لما أشوفه قاعد على الأرض بيعيط لا يحاول أبدا الدفاع عن نفسه؛ لا لأنه طفل وحيد يعتمد علينا في حياته أو ليس لديه ثقة في نفسه.. إطلاقا أنا متبعة تعليماتكم تماما فيما يخص أني بخليه يعتمد على نفسه في كل اللي يقدر عليه وله مهام فيما يخص المنزل من تجهيز السفرة وأيضا بعض الأعمال المنزلية البسيطة وعندما نذهب للسوبر ماركت يأخذ سلة له يضع فيها احتياجاته ويضعها أمام الكاشير ويحاسب هو ويطلب من البائع أن يضعها في كيس يحمله هو وأيضا كان يتمرن على الكاراتيه ولكن لظروف خارج إرادتنا توقف التمرين، كما أننا لا نعامله بعنف أحيانا أكون أنا عصبية معه لكن لا أضربه إلا نادرا.. ومش علقه لأن هو يتأثر بغضبي منه ويكفينا العتاب.
هو لا يسلك هذا السلوك معنا فهو يضربنا وجريء معنا لكن مع الآخرين غير ذلك.
طلبت منه مرة ضرب الولد الذي ضربه وكان حوالي 9 أعوام فأجابني معرفش أو لأن عنده قوة. أريده فقط أن يكون عنده ثقة في نفسه وقدراته ويبادر بالدفاع عن نفسه، إنه يدافع عني لو أظهرت غضبي من أحد معارفنا بينما لا يدافع.. قرأت كل ما لديكم عن زرع الثقة بالنفس وأطبقها.. سامحوني على الإطالة فأنا مقهورة ولو كنت في مصر لاصطحبته لطبيب نفسي. وجزاكم الله عنا خيرا.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بطفلك، الذي أدى إلى متابعتك الدءوبة لصفحتنا، ونشكر لك اعتبارك أن طفلك هو ابن لنا لأن هذا شعور حقيقي نشعر به ناحية كل الأطفال الذين نرد على تساؤلات ذويهم على صفحتنا، فسعدنا أن يصل هذا الشعور إليكم.
ورغم التفاصيل الكثيرة التي أفضت فيها وكنا سعداء بمعرفتها فإنها تفاصيل عادية اكتسبت طابعا ضخما جعلك تصلين إلى حد القهر ليس لأنها ضخمة ولكن لأنه طفلك الأول. وحالك في ذلك حال كل أم تخوض التجربة لأول مرة والضحية أعصابها وطفلنا المسكين الأول. فهذا الحرص يجعلنا نضعه تحت المجهر ونظل نفحص فيه وندقق حتى إذا لم نجد فيه عيبا قلنا له يا أحمر الخدين.. بينما مشاكله هي مشاكل أي طفل، مجرد مظاهر لخصائص عمرية يمر بها مع غيره وسوف تلحظين قولي هذا مع هدوئك وأنت تخوضين تجربة الطفل الثاني.
بالنسبة لمشكلة التبول اللاإرادي فنحن ننصحك بالاستمرار في البرنامج السلوكي الذي تطبقينه وألا تغفلي عليه، والمسألة مسألة وقت ستجدين بعدها طفلك الذي وصل الآن إلى معدل ثلاث مرات أسبوعيا، سيقل هذا المعدل تدريجيا حتى إذا وصل إلى سن الخامسة تجدينه قد توقف إلا من مرات نادرة؛ لأي ظروف خارجة عن الطبيعي.
فطالما أنه يستجيب للبرنامج السلوكي ويصحو جافا عند تطبيق بنوده فلا مشكلة والأمر يحتاج لانتظار حتى يصل إلى التعود التام على الجفاف بإذن الله تعالى.
بالنسبة للثقة بالنفس فطفلك على حسب وصفك في رسالتك واثق من نفسه بما يناسب سنه بل وربما يفوق سنه في تصرفه في شراء أشيائه بنفس وحسابه عليها وحملة لكيسه الخاص...
ولا علاقة بمسألة أن يضرب من ضربه بالثقة في النفس.. خاصة أنه سلوك غير مطلوب؛ لأن المطلوب هو أن يتعلم كيف يتصرف عندما يضربه أحدهم فإن كان في البيت فليشكُ إلى ذويه وإن كان في الحضانة فيشكُ للمشرفة.
لا بد من تعليمه النظام واحترام القانون وهذه أول خطوة فيه وإلا فالبديل هو أن يتعلم أخلاق الغاب لنكون أول من يعاني منها عندما يطبق نفس القاعدة علينا فيرد علينا عندما يقوى ساعده.
الحل أن نعلمه كيف يتصرف لا كيف يضرب، ولا داعي للقهر أو غيره. بارك الله لك في طفلك وأعانك عليه.
ـــــــــــــــــ(104/384)
ليس شذوذا.. ولا يفلح الضرب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
تتخلص مشكلتي في ابني الثاني الذي عمره (6 سنين)، حدث أن رآه أخوه الأكبر هو وابن الجيران وهما عاريين، ويعبث ابني بفتحة الشرج لصديقه، ويحاول إدخال عودٍ من الخشب فثارت ثائرتي، وسألته من علمك هذا؟ فقال إن ابن عمه قال له هيا نلعب لعبة الطبيب (وعادة الطبيب أنه يحقن بحقنة في الفخذ).
المهم هددته -إن عاد- بالضرب وبأمور أخرى، ثم ما لبث أن عاود هذه الفعلة مرارا وعاقبته ومنعته من الخروج والالتقاء بأولئك الأطفال إلا تحت مراقبتي..
الآن أتساءل هل هذه هي بداية للشذوذ والعياذ بالله؟ وكيف أصرف طفلي عن ممارسة مثل هذه الفعلة القبيحة؟ ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلا بك سيدي الفاضل..
بالرغم من فهمك أن الطفل وهو يفعل ما يفعل كان لديه مبرراته الطفولية فيما فعل حيث تصور أنه يقلد الطبيب كما فهم من ابن عمه، ويعطي زميله حقنة، وأن الأمر لا يتعدى "لعبة" مع زميله، فإنك لجأت إلى الضرب وأمور أخرى، رغم أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، والسبب هو أنك تعاملت مع الأمر بحساسية شديدة وتوتر على أساس أن ما تم هو دلالة على الشذوذ وبداياته ولذا كان رد الفعل عصبيا ملائما لهذه الفكرة التي تصورت فيها أن طفلك معرض للوقوع في الشذوذ في حين أن الأمر بعيد تماما عن هذا الأمر، ولا يخطر ولا يمكن أن يخطر في ذهن هذا الطفل الصغير تحت الظروف الطبيعية؛ فالأمر لا يتعدى لعبة واستكشافا لهذا المكان يحتاج إلى التنبيه الهادئ إلى خطأ هذا السلوك، وأنه سلوك قبيح، حيث لا يصح أن يكشف الإنسان هذا المكان أو يعبث به بأي صورة من الصور... لأنه سلوك سيئ فقط وليس أي شيء آخر، ولا مانع أن ننبه أهالي الأطفال الآخرين أيضا بهدوء شديد إلى هذا السلوك الخاطئ... لأنه ليس الحل هو أن نمنعه من التعامل مع الأطفال الآخرين وكأنهم أطفال منحرفون قد تسببوا في انحراف طفلنا فهؤلاء الأطفال أيضا لا يدركون ما يتم ولا يتعاملون معه من منطلق جنس، ويحتاجون إلى من ينبههم ويعلمهم بهدوء بدون انفعال في غير موضعه؛ لأن المصلحة مشتركة للجميع، ولن يجدي إبعاد الطفل عن الأطفال إذا لم يفهم ما هو الخطأ، وينبغي تشجيعه على الابتعاد عن هذا السلوك... هكذا بهدوء وبساطة.. وتابعينا بأخبارك.
ـــــــــــــــــ(104/385)
انضم للتائبين.. التربية عملية حيوية ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أقدم السؤال لطبيب نفسي، عندي أطفال أكبرهم عمره 13 سنة وأصغرهم عمره 6 سنوات، هل أستطيع بعد هذه السن تعديل بعض الأخطاء في التربية التي فعلتها معهم؟ وكيف يتم تعديلها؛ لأني أخطأت في أشياء مثل استخدام الضرب والشتم معهم؟ والسلام عليكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلا بك يا أخي الكريم، فكم سعدت بك وبمن سبقك إلى محاولة تصحيح أخطائه التربوية مع أبنائه شفقة عليهم وعلى نفسه من حساب ربه على تقصيره في حقهم عن غير نية سوء، حتى أصبح الأمر من كثرة الحاملين للواء هذه التوبة بشرى تعمر القلب؛ فهنيئا لتوبتك النصوح التي تؤدي فيها حق الله وحق عباده.
إن من المقولات التي أحاول أن أثبتها في أذهان عملائي الذين يحضرون معي دورات تربية الأولاد... مقولة: "إن التربية عملية صعبة مستمرة"، وأقول لهم إن كل كلمة في هذه المقولة لها دلالتها.
ومعنى كلمة "عملية" تعني أنها تحتاج إلى إعداد وتخطيط فهي ليست أمرا عشوائيا.
وكلمة "صعبة" تعني أنها تحتاج إلى مجهود مشترك من الأبوين وبها معاناة في التعامل مع النفس البشرية حتى يسلس قيادها.
ومستمرة" تعني أنها لا توجد فترة معينة يمكن أن نقول فيها إن التربية قد توقفت أو إنه لا يمكن الإصلاح أو فات أوان الإصلاح فهي عملية حيوية متحركة تسير مع حياة الإنسان ما دام أنه إنسان يعيش ويتفاعل...
وعلى ذلك فإن الكثير من الآباء والأمهات بعدما يحضرون الدورات التدريبية لتربية الأولاد ويكتشفون بعض أخطائهم في التعامل مع أطفالهم يكون سؤالهم: وهل يمكن إصلاح الأخطاء وتدراكها؟ فتكون الإجابة بالطبع يمكن تداركها، وأول خطوة في ذلك أسميها (الانسحاب) من حالة المواجهة القائمة بسبب بعض الأساليب التربوية الخاطئة مثل الضرب أو الشتم أو النقد المستمر، وهذا يعني أن تتوقف حيث تهدأ الأوضاع وتصل إلى حالة حيادية تسمح بتنفيذ الخطة التربوية الجديدة القائمة على الحوار والتفاهم والتفاعل... والتي سيتعامل معها الأطفال في بداية الأمر بنوع من التوجس والريبة حيث يلاحظون توقف الأساليب الخاطئة على غير ما تعودوا فيعتبرون ذلك حالة طارئة سرعان ما ستزول...
فإذا استمر الأسلوب الجديد في التعامل فإنهم يبدءون في التعامل معه دون إعطائه الثقة الكاملة، فإذا مرت 3 أشهر على ذلك أعطوا ثقتهم وتأكدوا أن هناك طريقة جديدة للتعامل تتم معهم تستحق أن يتجاوبوا معها....
إذن فخلاصة ما أقوله للأهالي إن أمر التعديل في التعامل مع الأطفال لا بد أن يتم في إطار منظومة شاملة لا تتعامل مع جزئيات وتغفل أخرى، وأن هذا يحتاج إلى وقت وصبر واستمرار بحيث لا يكون أمرا مؤقتا ننتظر نتائجه السريعة، فإذا لم نحصل عليها فورا عدنا إلى أساليبنا القديمة لتزداد الهوة بيننا وبين أبنائنا...
وكما أقول دائما فالتربية ليست حبة تحت اللسان تعطى من أجل وقف الأزمة القلبية، حيث يطبق الأهالي ما فهموه من الدورة التربوية لمدى أسبوع، وفي نهاية الأسبوع يقول الأهل للطفل لقد صبرنا عليك ولكن لا فائدة منك، وتكون النتيجة علقة ساخنة جدا يعوض فيها الأهالي صبرهم طوال أسبوع الهدنة... لا تسير الأمور ولا تستقيم بهذه الصورة فالتربية عملية صعبة طويلة مستمرة تحتاج إلى الصبر والفهم حتى تؤتى ثمارها.
إن في صفحتنا الكثير من المعالجات السابقة التي شرحت برامج عملية لعملية التوبة التربوية، سنوردها لك للاطلاع عليها، فحاول تجربة بعضها فإن وجدت أنك ما زلت بحاجة إلى مساعدة ومتابعة فنحن معك نتابع، ويمكنك أيضا أن تطلب المساعدة من خبير تربوي أو تبارد بالاشتراك في بعض هذه الدورات التدريبية في أحد المراكز التي تثق بها.
ـــــــــــــــــ(104/386)
بكاء طفلك لجذب انتباهك ... العنوان
السلام عليكم.. أنا متزوج وأعيش في ألمانيا لدراسة الدكتوراة. بيتي والحمد لله بيت ملتزم. منذ كانت طفلتي الصغيرة والتي عمرها الآن (4 أعوام) -في السنة الثانية من عمرها- أو أصغر كانت تبكي عندما يبكي أو يتباكى شخص أمامها. إذا قرئ القرآن بصوت خاشع أو باكٍ فإنها تبكي.
والآن إذا شغلت الراديو بالقرآن فإنها تطفئه، وإذا جلست أقرأ القرآن فإنها تأتي إليّ وتحاول أن تشغلني بأن ألعب معها، وتريد أن توقفني عن قراءة القرآن. أما إذا قرأت القرآن بدون تجويد فإنها طبيعية. هي تحفظ بعض سور القرآن. ما عدا ذلك الأمر فالبنت طبيعية. هل يعتبر ذلك مشكلة؟ هل يمكن أن يكون مرضًا نفسيًّا أو مسًّا من الجن؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن. وبارك الله فيك.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل.. أهلاً بك معنا على صفحتك معًا نربي أبناءنا.
سيدي الفاضل.. لا علاقة للأمر بالقرآن خصوصًا، ولكن لأن ما يشغلك عن اللعب معها والاهتمام بها هو سماع القرآن أو قراءته، وبالتالي فهي تحاول لفت انتباهك إليها.. هي تريدك لها فقط تهتم بها وتلاعبها... هذه الصورة عامة.
أما بالنسبة لمسألة عدم قطعها لك عندما تقرأ القرآن بغير تجويد فربما لأنه كما ذكرت في رسالتك أن قراءة القرآن بتجويد مرتبط عندها ببكائك أو ما تعتقده بكاء عند خشوعك بالقراءة مما كان يبكيها، وهي لا تحب بكاءك أو بكاءها؛ لأنها لا تفهم لماذا تبكي ولا تفهم أن هذا خشوع.
فهي تحاول منعك في الدخول فيما يبكيك من وجهة نظرها... في حين ترى أن قراءتك بغير تجويد لا تؤدي بك لهذه الحالة فلا تمنعك في كل الأحوال لا علاقة للأمر بأي اضطراب نفسي أو مس للجن، فالأمر متعلق إما بجذب للانتباه وعدم رغبة في أن يستحوذ أي شيء على اهتمامك غيرها، أو محاولة لمنعك من تجربة ما يجعلك تبكي. هي لا تفهم سبب بكائك عندها وهي لا تحب بكاءك.
نشكر لك اهتمامك وسؤالك.. حفظها الله لك.. عليك أن تشعرها باهتمامك وحبك، وأن تلعب معها وتقضي وقتًا كافيًا معها يوصل رسالة الحب إليها، وبالتدريج ستفهم ما معنى قراءتك القرآن بخشوع فلا تقلق
ـــــــــــــــــ(104/387)
إستراتيجيات التركيز والانتباه – متابعة 4 ... العنوان
السيدة الفاضلة: أ/ عزة تهامي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أشكر سيادتكم على التوجيهات العظيمة التي أرسلت بها ، وأحيط سيادتكم علما بالآتي:
بالنسبة للنقاط التي قد تم تحديدها من قبل سيادتكم بالنسبة للضرب فقد قل بنسبة 80%، وقد لاحظت بالفعل تغييرا في أسلوب محمد(7 سنوات) كثيرا؛ فالآن أكتفي أنا ووالده بأن نعاقبه بالخصام.
وملحوظة أخرى فإذا فعل محمد شيئا من الأفعال السابقة فأنا أقول له سوف أذهب إلى جدتك (أمي) وأجلس عندها فإذا به يغير فورا من سلوكه، ولاحظت يا سيدتي أن هذا العقاب غير أي عقاب سابق ما عدا الضرب يأتي بنتيجة حسنة، ولكن هل أستمر إذا فعل أي شيء خطأ في القول له سوف أذهب إلى جدتك؟ فأنا خائفة من أن يفقد حناني له إذا استمررت في هذا التهديد، ولكنه يأتي بتحسين كبير في سلوكياته.
أما عن عمل الجدول فقد تم عمله ولكن بطريقة شفهية، وهي أن أحدد له مدة معينة لحل الواجبات، وإذا أنهى واجباته في الميعاد المحدد له أكافئه على ذلك بالتصفيق والقبلات، كما حدد سيادتكم.. أما من جهة والده فإنه الآن لا يضربه إلا قليلا...
ولكن سيدتي توجد نقطه مهمة وأريد استشارة سيادتكم بها، وهي أنه لحفظ محمد أو لمذاكرته فإنه يحل أو يحفظ أي شيء صعب وأيضا تفكيره جيد جدا، ولكن في أشياء صغيرة لا تحتاج المجهود الذي لا يبذله في الأشياء الصعبة يقف تماما ولا يعرفها ولا أعرف لماذا.. وهذه الملحوظة بالفعل لاحظها عليه مدرسوه بالمدرسة، فإنهم في استغراب شديد منه ويقولون له أن تحفظ الصعب ولا تعرف السهل.
أما من جهة الأشياء التي كان يفعلها وهي الضرب والعنف فقد لاحظت أنه بدأ يتغير، فإذا غضب من شيء سابقا كان يحطمه أو يضرب زملاءه أو المقربين لنا مثل أولاد خاله وأولاد عمه، ولكن الآن لا يضرب بنفس العنف، ولكني أريد أن يكون متسامحا مع الآخرين على ألا يكون خائفا؛ فأنا كثيرا ما أحكي له عن صفات سيدنا محمد وعن أفعاله مع من كان يعذبونه، فيستمع، ولكن يقول لي لا بد يا ماما أن أضرب من يضربني، أم تريدينني أن أكون ضعيفا، فكيف أتصرف بهذا؟
وتوجد أيضا مشكلة في حالة عدم تركيزه بشيء، فقد رجع كما كان سابقا يبكي بشدة، وإذا قلت له قل بسم الله الرحمن الرحيم وابدأ من جديد، فإذا به يثور أكثر، ويقول (قلت أكثر من مرة ولكن لا فائدة يا ماما، ربنا لم يعمل لي شيئا)، وإذا أخذت منه الكتاب لكي يهدأ ثم يذاكر مرة أخرى فإذا به يبكي أشد من ذي قبل ويقول أريد أن أكمل الواجب والحفظ، فماذا أفعل يا سيدتي؟ وأشكر لسيادتكم وافر احترامي وتقديري لما تقدمينه من إرشادات للأمهات والآباء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أشكرك على محاولة اتباع ما يرد من حلول في الاستشارات، كما أشكرك على المتابعة، وذلك إن دل فإنما يدل على الرغبة الصادقة والمثابرة على حسن التربية والتوجيه فأعانك الله على ذلك. وتعالي الآن لنتناول النقاط الجديدة في رسالتك الأخيرة:
• أولا التهديد بالذهاب إلى الجدة إذا أخطأ محمد.
• عمل الجدول بطريقة شفهية.
• محمد يتذكر ويعرف ما يصعب في المذاكرة وليس الحال كذلك بالنسبة للأمور السهلة.
• ترغبين أن يكون متسامحا.
• إذا لم يتمكن من التركيز في أمر ما فإنه يثور ويبكي بكاء شديدا.
أولا: بداية أوضح أن من أشد الأمور سوءا في التعامل مع الأطفال هي التي تثير مخاوفهم وتجعلهم لا يشعرون بالأمان وفقد مصدر الحنان والحب، وهو المتمثل في شخص الأم خاصة في مرحلة الطفولة، فإذا قمنا بتهديد الطفل بإبعاد الأم عنه تجدينه يشعر بالذعر والرعب إلى الحد الذي يجعل منه شخصية عدوانية شديدة العدوان أو جبانا رعديدا يمتثل للأوامر سريعا، وهذا ما يفسر تحسن سلوكياته عند تهديدك إياه بتركه، فقد كف عن الخطأ لا لأنه أدرك خطأه وتعلم منه، بل لأنه يخشى أن يفقدك، لكنه عما قليل سيشعر بالعدوانية والرغبة في الانتقام ممن سبب له هذه المشاعر السلبية السيئة التي تثير مخاوفه وقلقه وتوتره، والتمرد الشديد على كل الأوامر والنواهي، فأرجو -سيدتي- ألا تلجئي مرة أخرى لهذا التهديد أبدا، بل إنني لن أبالغ إذا قلت لك إن كل ما يعاني منه ابنك في الوقت الحالي يرجع إلى عدم شعوره بالأمان، ولكن يمكنك إذا أخطأ أن تعرضي عنه قليلا دون تركه أو التهديد بذلك.
ثانيا: بالنسبة لعمل الجدول شفهيا فالأفضل أن يكون مكتوبا؛ لأنه أدعى للالتزام ولتحديد المطلوب بدقة، لكن لا بأس أن يكون شفهيا في الوقت الحالي حتى لا يُثقل على محمد بكثرة المطالب.
ثالثا: أما بالنسبة لتذكره ومعرفته الأشياء الأكثر صعوبة بينما يخطئ في الأمور البسيطة السهلة فربما يرجع ذلك إلى أمرين؛ أولهما: أن الأمور السهلة لا تتحدى ذكاء محمد فبالتالي لا يعتني بها كثيرا فيتسبب ذلك إلى خطئه فيها. والآخر لأنه يستنفد جهده الذهني والفكري في الأمور الصعبة ولا يدخر جهدا للأمور السهلة؛ ولذا فيجب ألا يركز على الأمور البسيطة أو السهلة في إجاباته أو في مذاكرته إذا كان حصيلة الإجابة على الأشياء الصعبة مُرضية ومقبولة، بمعنى ألا يكون طموحاتك أن يحصل على الدرجات النهائية أو قريبة منها طالما أن مستواه التحصيلي مقبول؛ فالنجاح في الحياة لا يتوقف على التفوق في الدراسة.
رابعا: نأتي لرغبتك في أن يكون محمد متسامحا: أرجو أن تسألي نفسك أولا سؤالا في غاية الأهمية: لماذا دائما نلاحق محمد رغبة في الوصول للكمال، وكلما أحرز تقدما في سلوك معين طالبناه بالمزيد وبشكل سريع؟! فبعد أن قل عنفه عن ذي قبل أجدك تطالبينه الآن وقبل أن يتمكن منه السلوك الجيد الجديد (وهو قلة العنف) بأن يكون متسامحا، فمهلا -سيدتي- على ابنك، خاصة أن ما يقوله صحيح، فلماذا لا يرد العدوان عنه حينما يتعرض للضرب من زملائه بالمدرسة مثلا، وخاصة إذا لم يجد من يأخذ له حقه من المدرسين (أرجو الاطلاع على استشارة شجار الصغار كيف يدار للأستاذة مي حجازي ففيها ستعرفين مع من يتسامح الطفل ومع من يرد العدوان عن نفسه، على أية حال حتى إذا أردنا أن نعلمه التسامح فليس هذا بالوقت المناسب، ويكفينا في الوقت الحالي أنه أصبح أقل عدوانا بل -وكما بدا في رسالتك- أنه يضرب من ضربه ولا يبدأ بالعدوان على أحد. وأيضًا استشارة بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات للأستاذة نفين عبد الله ففيها ستعرفين مع محمد على كيفية إدارة هذه الخلافات بعيدا عن العنف.
خامسا: بالنسبة لبكائه وثورته عند عدم تركيزه في شيء ما، فلك أن تتركيه حتى يهدأ من نفسه إلا إذا جاء إليك باكيا أثناء مذاكرته فعليك أن تحضنيه دون كلام ولا تطلبي منه أن يذكر الله في أثناء بكائه أو ثورته فهذا يجعله يتفوه بأشياء لا تليق كما حدث.
واسمحي لي -سيدتي- أن أختم رسالتي لك بتذكري إياك بل وكل القائمين على التربية بأن رغبتنا الملحة الشديدة في تربية أبنائنا تربية صحيحة وخوفنا عليهم يجعلنا في كثير من الأحيان نرصد ونترصد كل صغيرة وكبيرة لأطفالنا إلى الحد الذي نفقدهم الحرية وتلقائية التعلم من أخطائهم، فأرجو -سيدتي- أن تمنحي طفلك متعة التعلم من الخطأ بنفسه فهذا أدعى للتمسك بما تعلم.
وأخيرا أدعو الله أن يبصرنا بما فيه خير الدنيا والآخرة، كما أرجو مزيدا من المتابعة.
ـــــــــــــــــ(104/388)
إبداع رغم حجر مناهج التعليم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع الرائع وأعانكم على المضي قدمًا في هذا المشروع الرائع، وبعد.. فإن مشكلتي تتلخص في أنني أتمنى أن أربي بناتي تربية سليمة، وأن أعمل على اكتشاف قدراتهن وتنميتها، وإعطائهن الفرصة للإبداع والابتكار، ولكنني أواجه صعوبة شديدة في ذلك نظرًا لظروف التعليم هنا في مصر والتى لا تعطينا الفرصة لعمل أي شيء، ورغم أن ابنتي الكبرى لا تزال في الصف الأول الابتدائي فإننا مثقلون يوميًّا بالواجبات الكثيرة، وبكم هائل من الحفظ والمذاكرة التي ترهقها وترهقني في آن معًا، وهذا بجانب طول اليوم الدراسي، حيث يذهبن إلى المدرسة في السابعة صباحًا، ويعدن في الرابعة عصرًا، ويجب أن يذهبن إلى الفراش في التاسعة على الأكثر حتى ينلن قسطًا كافيًا من الراحة.
وأنا أحاول أن أحفظهن القرآن أيضًا وأشجعهن على ممارسة الرياضة بجانب الدراسة، والمشكلة هي أن الدراسة هنا تركز على تلقي العلم من الناحية النظرية فقط، وتعتمد على الحفظ وحشو المعلومات، وأنا أتألم حين أجد ابنتي عاجزة عن حل بعض المشكلات البسيطة التي تواجهها أحيانًا، وكذلك حين أجدها ترفض أن أشرح لها الدرس بأي طريقة أخرى غير التي درستها في المدرسة مهما كانت درجة صعوبتها، أي أنها باختصار تخشى الإبداع والابتكار، ولا تعرف كيف تفعل ذلك.
ولذلك أرجو منكم أن توجهوني لكيفية تشجيعها وأختها التي تصغرها بعام، مع العلم أنهما والحمد لله تتمتعان بقدر كبير من الذكاء، كما أرجو إرشادي إلى كيفية استغلال الوقت استغلالاً جيدًا، وماذا أفعل للتغلب على جمود الأسلوب المدرسي، وهل يكفي أن أجعلها تشاهد بعض برامج الأطفال التعليمية والجذابة بصفة يومية في فترة الدراسة؟ أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم، وجزاكم الله خيرًا كثيرًا.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أشكرك سيدتي على موضوع استشارتك فنحن في أمسّ الحاجة إلى تنمية مهارات أبنائنا وإعطائهم الفرصة للإبداع والابتكار، وأنا معك تمامًا في أن الواجبات والالتزامات المدرسية قد طغت على هذا الأمر، وسوف أعرض عليك بعض الاقتراحات التي قامت بتنفيذها بعض الأمهات اللائي تعرضن لهذه المشكلة، وكانت أفكارًا ناجحة لأولادهن ولله الحمد، ولكن قبل أن أبدأ في الرد تعالي نبلور ونحدد النقاط التي أردت الاستشارة بشأنها وهي:
1. اكتشاف مهارات بناتك وتنمية هذه المهارات والإبداعات.
2. كيف يحدث هذا في ظل ثقل ابنتك بالواجبات والالتزامات المدرسية؟
3. هل يمكن أن تكتفي بأن ترى ابنتك البرامج التعليمية الجذابة بالتلفاز أثناء الدراسة؟
4. تحفيظ القرآن.
هذه هي النقاط التي وردت في رسالتك الكريمة، وأهم النقاط هما النقطتان الأوليان -من وجهة نظري- فإذا عولجتا عولجت النقاط الأخرى.
ولنبدأ الآن سيدتي واسمحي لي أن أبدأ بكيف نتعامل مع المدرسة؛ لأنها ستسهل بإذن الله تعالى القضية الأساسية وهي اكتشاف القدرات والمهارات:
حينما كنت أعمل بالتدريس كنت أجد نماذج مختلفة من أولياء الأمور من حيث الاهتمام بأبنائهم فمنهم الذي يبالغ في متابعة ابنه لدرجة مرضية، ومنهم من يترك أبناءه وكأنه لم ينجبهم فلا يعرف حتى في أي الصفوف الدراسية هم، ومنهم من يتخذ موقفًا بين هؤلاء وأولئك؛ ونصيحتي لك سيدتي أن تكوني مثل الفريق الثالث وسأحدد لك أهم ما تفعلينه مع المدرسة ومعلمي بناتك حتى نستفيد أقصى استفادة ممكنة من المدرسة، ونحجم أكبر قدر من الضرر الواقع على الأبناء بسبب ثقل الواجبات والالتزامات والاهتمام بالكم على حساب الكيف:
أقيمي علاقة طيبة مع معلمي ابنتك عن طريق:
1. قبل بداية العام الدراسي -بأسبوع مثلاً- اصحبي بناتك للمدرسة (من التحقت ومن لم تلتحق منهن بها ليتعرفن على هذه المؤسسة التعليمية وما دورها)، وتعرفي على معلمي ابنتك وعرفي ابنتك على معلميها، واستأذني في أن تأخذي جولة ببناتك في المدرسة ليتعرفن على أبنيتها والنشاطات التي تقدم بها وحجراتها المختلفة.
2. احرصي على مجالس الآباء واجتماع أولياء الأمور، وساهمي بشكل فعَّال وإيجابي في بعض الاقتراحات التي تفيد الأبناء بالمدرسة مثل الاهتمام بالأنشطة أو تدريب الأبناء على البحث أو الاهتمام بالدورات التربوية ينظمها متخصصون في هذا المجال ويجتمع فيها كل من المعلمين وأولياء الأمور (طرفي العملية التربوية)، واحذري أن تقعي في الشَّرَك الذي يقع فيه معظم أولياء الأمور من قلب هذه الاجتماعات إلى مجال للشكوى من أخطاء المدرسة والمعلمين أو تبادل الاتهامات بين الطرفين.
3. يمكنك أن تقدمي بعض المساعدات للمدرسة وليس شرطًا أن تكون مساعدات مادية، بل اعرضي بعض الخدمات التي تجيدينها، مثل تدريب الأولاد على كيفية المحافظة على البيئة، أو تعليمهم بعض الإسعافات الأولية، أو سلسلة من اللقاءات التي تتناول مواقف حياتية مختلفة ومشكلات يتعرض لها الأبناء وإثارة خيالهم في كيفية حل هذه المشكلات، أو كيف تخدم المدرسة البيئة حولها... إلى آخر هذه الخدمات، المهم أن تكوني على الاستعداد للمثابرة من أجل تنفيذ هذه الخدمات.
4. أن تكوني على صلة ببعض الأمهات اللائي لهن نفس أهدافك ويمكنك آنذاك عرض فكرة نادي المبدعين والمبتكرين في المجالات المختلفة الأدبية والعلمية والرياضية والاجتماعية والفنية... بحيث تتبنين هذا المشروع مع بعض المدرسين الذين سيكون لديهم بعض الأفكار التي تخدم مشروعك، وفتح مجال الاقتراحات من التلاميذ أنفسهم، وستجدين أنهم يشاركون بآراء تذهلك، وبهذا لن يعم الخير على ابنتك فقط، بل على كل أبناء المدرسة، وتذكري أن الدال على الخير كفاعله فسيكون لك أجر كل طفل يُكتشف إبداعه بالمدرسة.
5. ضعي في الحسبان أن تتفقدي أحوال ابنتك في المدرسة بشكل دوري (كل أسبوعين مثلاً أو ثلاثة)، وأن تسألي عن ابنتك ومدى التزامها الخلقي والدراسي، واحرصي على أن تكون زياراتك للمدرسة يسعد بها المعلمون؛ لأن ذلك سينعكس على ثقة ابنتك بنفسها وفخرها بأدائها، مع ملاحظة أنه لا يجب أن تعلم ابنتك بكل زيارة لك للمدرسة حتى لا تشعر بالمراقبة والملاحقة أو تعتمد عليك في حل مشكلاتها بالمدرسة بسبب علاقاتك الجيدة بمعلميها.
6. إذا فعلت ما سبق بطريقة لطيفة هادئة تأكدي أن كلمتك ستكون مسموعة بالمدرسة، فإذا أبديت ملحوظة عن الواجبات الثقيلة على الأطفال فسينظر إلى ملاحظتك بعين الاعتبار.
هذا من ناحية المدرسة وكيفية التعامل معها نأتي للنقطة المهمة التالية وهي اكتشاف إبداع بناتك وتنمية مهاراتهن: اعلمي -سيدتي- أن كل طفل مبدع ما لم يعانِ من قصور أو إعاقة ذهنية، وأذكر أن معظم الأجانب الذين درَّسوا لتلاميذنا بالمدرسة التي كنت أعمل بها كانوا مبهورين بمستوى ذكاء هؤلاء التلاميذ، خاصة في المرحلة الأولى (سن ست أو سبع سنوات)، ولكن مع الأسف يتدهور الحال بعد ذلك نتيجة للأسباب التي ذكرتِها برسالتك والتي حاولنا علاجها بالأسطر السابقة، على أية حال سوف أنصحك ببعض الأنشطة التي من خلال ممارستها ستنمين قدرات ومهارات بناتك وتستطيعين اكتشاف إبداعهن، وهناك عشرات من الموضوعات التي عرضت على هذه الصفحة تناولت كيفية الاكتشاف بما أغنى عن إعادته هنا، وخاصة ما تناولته الأستاذة نيفين عبد الله عن هذا الموضوع، وأما الأنشطة فهي:
1. استثمار وقت الإجازة الأسبوعية لممارسة بعض الأنشطة إلى أن يتم إقامة العلاقة الجيدة مع المعلمين، فبعدها نأمل أن تخفف الواجبات -إن شاء الله بالصبر والمثابرة- بحيث تستطيعين ممارسة هذه الأنشطة مع بناتك بين كل مادة وأخرى وبعد الانتهاء من المذاكرة، ومن خلال هذه الأنشطة لن تنمي مهارات وقدرات بناتك فقط، بل سترسخين المبادئ والأخلاق أيضًا والأنشطة التي أقترحها عليك في الأسطر التالية مصدرها بعض الكتب التي سأرشح لك بعضها في نهاية الاستشارة والمرجع الآخر من استشارات متعددة طرحت على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها بشكل أكثر تفصيلاً في نهاية الاستشارة وهذه الأنشطة هي:
• ازرعي مع بناتك بعض النباتات بالمنزل وعلميهن كيف يعتنين بها مع كتابة ملاحظات على كل تطور يحدث للنبات.
• اجعليهن يرتدين بعض الملابس الغريبة والتقطي لهن صورًا مرحة مضحكة وعلميهن مهارة استخدام الكاميرا.
• اصحبي كل واحدة منهن للتسوق على أن تقومي بعمل اقتراع بينهن بحيث يكون لكل واحدة منهن نصيب في الخروج معك على حدة، وهي فرصة رائعة للحوار والمناقشة فيما تهتم به كل واحدة.
• اجعليهن يساعدنك في تصنيف وترتيب ملابس الشتاء والصيف.
• اصنعي معهن بعض أنواع من الأطعمة.
• تحدي ذكاءهن بإلقاء بعض الألغاز التي تناسب سنهن.
• اقرئي لهن قصصًا وحاولن تمثيلها أمام العائلة مع إعداد وعمل ملابس الأبطال واستمعي منهن لكيفية تنفيذ هذه الملابس أو الوجوه الخاصة بالشخصيات، كما يمكنك ترك نهاية القصة مفتوحة لتحكي لك كل واحدة نهاية من خيالها.
• اتركي لكل واحدة الفرصة للتعبير عن نفسها بالرسم، وعلقي ما ترسمه في حجرتها، وبعد أن تغطي الحائط برسوماتهن اقترحي عمل معرض يزوره الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء بالمدرسة.
• اصنعي معهن بعض الزينة للمناسبات السعيدة لتعليقها.
• يحب الأطفال في هذه المرحلة تركيب الصور المتقطعة (puzzle).
• اتركيهن يلعبن بالمكعبات ويقمن بعمل أشكال متعددة تناقشيهن فيها.
• ساعديهن في صنع بعض اللعب بأنفسهن فأفضل اللعب عند الأطفال هي التي يصنعنها بأيديهن وذلك مثل الأعمال الورقية (صنع المراكب - الطيارات - الكاميرا - الفانوس).
• تكوين أشكال بالصلصال دون وجود نماذج لتقليدها، بل اتركيهن يبتكرن أشكالاً متعددة من وحي تفكيرهن.
• اطلعي على بعض كتب العلوم المبسطة لإجراء بعض التجارب العلمية البسيطة مثل (قانون الطفو - الجاذبية الأرضية - لكل فعل رد فعل).
• عمل مكتبة خاصة بهن (يمكنهن صنعها بأنفسهن بعمل أرفف من الكرتون المقوى) مع اختيارهن للكتب التي يرغبن في الاطلاع عليها.
• زيارة معرض الكتاب معهن.
• عمل مسابقات فيما يقرأن ومنح جوائز.
• تنظيم رحلات للحدائق والمتنزهات على أن يساهمن في إعداد وتنفيذ الرحلة.
• اجعليهن يشاركن في تدبير مصروف البيت (كأن تعلمينهن في يوم من أيام الأسبوع ما المطلوب شراؤه في هذا اليوم وبكم ستشترين هذه الأشياء..).
ملاحظة:
1. كل الاقتراحات السابقة يمكن أن يشترك فيها بناتك الثلاثة حتى الصغرى فهي ستستمتع بتواجدها واللعب معكن، ويمكنها ممارسة بعض اللعب والأنشطة التي تناسب سنها.
2. يمكنك أن تديري شرائط تسجيل للسور القرآنية التي يحفظها بناتك أثناء انشغالهن بالأعمال اليدوية (وفي نهاية الأسبوع يمكنك تسميع السورة التي سمعنها من تكرار تشغيل الشريط لهذه السورة)، ولمزيد الاستفادة عن نشاط حفظ القرآن يمكنك الاطلاع على العديد من الاستشارات التي تناولت كيفية تحفيظ القرآن بطريقة تضمن المتابعة -بإذن الله- وعدم الملل.
كانت هذه بعض الأنشطة، وهناك المزيد الذي يمكنك الاطلاع عليه من خلال هذه الكتب:
لعب الأطفال من الخامات البيئية: عزة خليل/ دار الكتاب المصري اللبناني
لعب الأطفال من الخامات البيئية: كاميليا عبد الفتاح/ دار الكتاب المصري اللبناني
الأنشطة في رياض الأطفال: عزة خليل/ دار الكتاب المصري اللبناني
دليل ألعاب البيت/ مدبولي
سلسلة علمية باسم (لماذا)/ دار أبي الهول للنشر
وهذه بعض القصص التي يمكن أن تقرئيها لبناتك أو تحاول الكبرى قراءتها بنفسها:
مجموعة كامل الكيلاني العلمية والفكاهية/ دار المعارف
مجموعة لون قصتك/ دار المعارف
جولة في الغابة/ دار المعارف
مجموعة يحكى أن/ دار المعارف
مجموعة مكتبتي/ دار المعارف
مجموعة ألوان في ألوان/ دار المعارف
اختبر ذكاءك "العب وتعلم"/ دار المعارف
موسوعة الصق وامرح/ دار الكتاب المصري اللبناني
هيا بنا نلون/ مدبولي
مجموعة قصص تحكى للسن الصغيرة بما يتناسب مع نموه العقلي، ويقرؤها السن الأكبر من 8 : 12
رحلات عصفور وعصفورة: عبد التواب يوسف/ دار الكتاب المصري اللبناني
أطفال أبطال: عبد التواب يوسف/ دار الكتاب المصري اللبناني
مجموعة قصصية: أماني العشماوي/ دار الشروق
سلسلة أحلى الحكايات: ناصف مصطفى/ دار الثقافية للنشر
سلسلة الحيوان: يكتب مذكراته - يتحدث عن نفسه/ دار الكتاب المصري اللبناني
عجائب الحيوان والنبات/ دار الكتاب المصري اللبناني
سلسلة علوم جاء ذكرها في القرآن/ دار الكتاب المصري اللبناني
مجموعة كليلة ودمنة للأطفال
سلسلة نظرة داخل الأشياء دار الشروق
تسالي الأذكياء (سن فوق التاسعة) أطفالنا
ألغاز الأذكياء أطفالنا
سلسلة الأذكياء أطفالنا
سلسلة خلق الله أطفالنا
مغامرات في جسم الإنسان أطفالنا
إلى جانب كتب وألعاب دار الفاروق (معظم ما تنشره هذه الدار جيد)
ـــــــــــــــــ(104/389)
أنا وابنتي والأكل والماكياج ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد.. فلديّ ثلاث مشكلات مع ابنتي وعمرها خمس سنوات ونصف: المشكلة الأولى هي أنها تقضي ساعة أو ساعتين، وربما أكثر على الأكل وأظل أنتظرها رغم أنه ينفد صبري، لكن والدها يقول إنه يجب أن أحدد لها وقتًا محددًا بعدها يجب أن أرفع الأكل إلى الوجبة التالية، لكن إذا فعلت ذلك فهو من دواعي سرورها؛ فهي لا ترغب في الأكل، ولا تطلب الأكل حتى لو بقيت اليوم كاملا دون طعام، مع أن المفروض أنها تكون جائعة؛ لأن وجبة الفطور تكون مبكرة في الروضة، ولا تتناول حلوى بين الوقتين.. فماذا أفعل؟
المشكلة الثانية هي في الماكياج فقد اشترت لعبة تحتوي على أدوات ماكياج للأطفال؛ فتراها تضعه في كل وقت وتحرص ألا يذهب منها، والحقيقة أنها تستأذن مني قبل أن تضعه فأسمح لها في البيت فقط؛ لأني أعتقد أنها فترة شغف ستذهب سريعًا لكثرة استخدامها له. مع أني فهمتها أنه مُضِرّ ببشرة الأطفال وأنه يجعلها مضحكة وبشعة، لكنها لا تقتنع.
أما المشكلة الثالثة فهي التبول الليلي فقد كان بشكل يومي وأكثر من مرة في اليوم الواحد، مع أنها تذهب للحمام قبل النوم أكثر من مرة، وإذا فعلتها لا أنهرها أبدًا.
أما بعد أن دخلت الروضة فقد خفّ كثيرًا بمعدل مرة واحدة في الأسبوع أو مرتين، وعلاقتي بها ممتازة وحنونة جدًّا معها، أما والدها فيقسو عليها أحيانا كثيرة، لكني أعوضها عن ذلك، وأخفف عليها. أرشدوني للحل، وجزاكم الله كل خير.
... السؤال
فقدان الشهية ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة.. أهلا وسهلا بك على صفحتنا "معًا نربي أبناءنا"، وشكرًا جزيلا على ثقتك، أبدأ في ردي عليك بالمشكلة الثالثة حسب ترتيبك؛ لأطمئنك من ناحيتين: الأولى أن السن التي يبدأ الأطباء فيها تشخيص اضطراب البول غير عضوي المنشأ Non-organic Enuresis أو التبول اللاإرادي هي بالكاد سن ابنتك؛ أي خمس سنوات، وما قبل ذلك يعتبر الطفل لا يزال في مرحلة النمو، فإذا نظرنا إلى تناقص عدد مرات حدوث ذلك مع دخولها الروضة وبعد أن دخلت الخامسة من العمر فإننا نستطيع الاطمئنان إلى أن الحالة آخذة في التحسن.
وأما الثانية فهي ما ورد في ملاحظتك من وجود عامل وراثي؛ فصحيح أن للوراثة أثرًا في اضطراب البول في الأطفال، إلا أن ذلك لا يعني أن الحالة ستكون صعبة العلاج ولا يعني أنه لا يمكنك عمل شيء، بل يمكنك ويمكن طبيبها النفسي -إذا لم تنجح كل أساليبك- عمل الكثير لمساعدتها على الشفاء بإذن الله تعالى، ولمزيد من الاطلاع حول التبول اللاإرادي في الأطفال وأساليب التعامل المبدئي معه، أنصحك بتتبع الروابط التالية:
التبول في الفراش.. مشكلة أم نذير؟
التشجيع والتحفيز لعلاج التبول اللاإرادي
التبول اللاإرادي.. أسباب وحلول
علاج التبول اللاإرادي.. سلوكيا
هوامش على التبول اللاإرادي
التبول الليلي.. الفرق بين الطبيعي والمرضي
وأما المشكلة الثانية فلا أراها في الحقيقة مشكلة كبيرة، ولا أراك أيضًا تصرفت بغير الطريقة الصحيحة؛ بل كان تصرفك تصرفًا سليمًا تمامًا؛ إذ لم تمنعي البنت من ممارسة هذا الشكل من أشكال اللعب بالماكياج، وخاطبت عقلها الصغير في نفس الوقت بأن لذلك ضررًا على بشرتها الرقيقة، إذن أحسنت، ويبقى فقط عليك أن تهملي اهتمامك الفكري والسلوكي بهذا الموضوع، وستجدين بالفعل أنها فترة شغف ستزول بالتدريج، وإن كنت أنصح من تشتكي لي من الأمهات من مثل هذا الإسراف الطفولي في اللعب بالمساحيق بتقليل عدد ساعات تعرض الطفلة لشاشات الفضائيات المعروفة بإسرافها في عرض إعلانات المساحيق وبرامج التجميل وما تعرفين من مواد إعلامية، إضافة إلى عدم إبداء الاهتمام الشديد بالأمر.
ونفس هذا الإهمال الواعي هو ما أطلبه منك للتعامل مع مشكلة جلوسها الطويل أمام الأكل دون أن تطعم ما يكفي من وجهة نظرك؛ بمعنى آخر سأسألك عن معنى (أنها تقضي ساعة أو ساعتين وربما أكثر على الأكل وأبقى أنتظرها رغم أنه ينفد صبري)؟؟ هل تقصدين أنها تأكل ببطء شديد؟ إن كان هذا هو المقصود فقد بينت أنت بعد ذلك أنها لا ترغب في الأكل، فهل واقع الأمر هو أنها لا ترغب في الأكل أم أنها مرغمة على البقاء على المائدة حتى ترضي أنت عن أكلها؟
إنني أراك تفترضين فيها الجوع وقد لا يكون موجودًا، أو يكون موجودًا لكنها اعتادت منك على الترغيب والتدلل من أجل أن تأكل، وتبقين في انتظار أن تأكل ما يقنعك أنت لا هي! حتى أصبح الأكل دون تدليل وترغيب ماما غير مرغوب فيه!
وتذكري أن البنت تتناول وجبة الإفطار في الروضة، ولم تذكري لنا شيئًا عن كون تلك الوجبة مناسبة أم لا، وهل تناولها إفطارها بين صديقاتها يجعلها تأكل أكثر؟ فهذا احتمال كبير، كذلك لم أجد في إفادتك ما يشير إلى قلة وزن البنت أو ضعفها أو ما إلى ذلك، بل هي في منتهى الحيوية على أغلب الظن، وإلا ما اتخذ والدها الفاضل موقفه من الأمر بأن ينصحك بعدم انتظارها طويلا؛ فلا بد هنا أنه مطمئن على صحة ابنته الجسدية، وكذلك هو ربما يراك تعطين الأمر اهتمامًا أكثر من اللازم؛ فهلا اكتفيت من فضلك بوضع الوجبة المناسبة لها وعدم الانتباه ولو ظاهريًّا لكمية أكلها وما أكلت وما لم تأكلْ؟ وبعد نصف ساعة من وضع الطعام قومي بحمله دون تعليق على ما أكلت وما لم تأكل، واستمري على ذلك، فستجدين تحسنًا كبيرًا في سلوك الأكل لديها، جرّبي ذلك وتابعينا.
ـــــــــــــــــ(104/390)
معالجة البيئة المحيطة أول العلاج ... العنوان
السلام عليكم.. شكرا لكم على هذه الجهود التي تبذلونها من أجل تربية أولادنا وفهمنا لكيفية التعامل مع مشاكلنا معهم. عمار ولدي طفل 3سنوات يتيم والده تُوفي منذ أن كان عمره 7 أيام فقط، وبعد ذلك تزوجت من عمه لتربيته ورزقت بابنتي زينة الفرق بينهم سنتان وشهران.
من البداية كانت تظهر على عمار علامات ذكاء كثيرة جدا، وكان هادئ الطبع جدا، ولكن هو الآن مختلف كثيرا عن الأول فأصبح عصبيا جدا لا يريد الأكل مطلقا يريد أن يكون طوال الوقت أمام شاشة التلفزيون دائما شارد الانتباه لا يمكن أن يتذكر أين وضع لعبته أو قلمه أو أي شيء خاص به، ولو فعل شيئا يسألني ماما ليه أنا عملت كده علشان إيه.
يعاندني طوال الوقت ويغار من أخته غيرة شديدة، أي عمل أقوم به لها يجب أن أعمله له، وهذا شيء طبيعي. يريد الذهاب للمدرسة، ولكن في هذا البلد صعب جدا؛ لبعد المدرسة العربية عنا والمدارس القريبة كلها هندية تدرس دين الهندوس، ويوجد مدرسة لا تدرس أي نوع من أنواع الأديان، ولكن زوجي لديه اعتراض في دخوله أي روضة أو مدرسة هنا، وأحس أنه انطوائي بعض الشيء فهو عندما يرى أطفالا كثيرين يبتعد ويريدني أن أتحدث أنا معهم، ويخاف من أي شيء.
ولا يريد النوم وحده مطلقا؛ لأنه جرب أن ينام مرة في غرفته ورأى رجلا جاءه وهو يحمل عصا وهذا كما يقول هو، وقد يكون حقيقة؛ لأن هذا البلد تكثر بها هذه الحوادث مع الأطفال لكثرة السحرة والجن وغير ذلك، وحاولت معه كثيرا أن ينام، لا يريد، يخاف جدا من غرفته منذ ذلك اليوم. وإليكم بعض الأسباب التي قد تكون صحيحة لهذه المشاكل، وهو أننا كثيرا ما نسافر لوالدي ولوالدي والده أيضا ليراه الجميع ويطمئن عليه، فهو لا يحس بالراحة هنا في بيتنا هذا؛ لأنه متعلق جدا بوالدتي وعندما نعود يكون رافضا للأكل جدا وكثير البكاء على أي شيء، ولأنني أستجيب لكل طلباته، ولا أستطيع أن أقول له لا لإحساسي الدائم أنه يتيم، وإني محاسبة على أي تصرف معه، ولكن الفترة الأخيرة أصبحت كثيرا ما أعاقبه وأعنفه ليعود، ولكن طبعا بدون فائدة، فأرجو مساعدتي في الحل.
ومن ضمن الأسباب أن زوجي حازم جدا معه، ويقول ليكون رجلا ويعامل أخته برفق؛ لأنها صغيرة وكثيرا ما يتم المشاجرة بيني وبين والده لهذه الأسباب، وأكثر ما تكون أمامه لدرجة أنه يقول لنا: أنا بقول لكم لا تتشاجرون بس خلاص، وأنا أحاول بقدر الإمكان تجنب هذا الأمر، لكن بدون فائدة فهو يتعلم هنا لغتين في وقت واحد من أصحابه؛ لأن بعضهم يتحدث الإنجليزية وهم القريبون جدا منه هنا في السكن، والبعض الآخر يتحدث الإندونيسية وهو يعلم بعض الكلمات من هنا وبعضها الآخر من هناك، وقد يكون ذلك سببا لتأخره في مهارات كثيرة جدا من في سنه سبقوه إليها، وقد تعرض للتحرش من الشغالة فهو الآن كثيرا ما يضع يده على أعضائه، وأحدثه أن هذا المكان مليء بالميكروبات التي من الممكن أن تمرضه.
وهو عنده نقص في الهيموجلوبين لديه (أنيميا)، فأرجو مساعدتي في حل هذه المشاكل التي تجعلني كثيرا ما أبكي على ولدي عندما أراه هكذا، وبهذه الصورة لدرجة أنني أصبحت أفكر في العودة للعيش في مصر؛ لأن بيتنا هناك وأدخله روضته، وأشركه في نشاطات كثيرة سواء في النادي أو المسجد؛ لأن هنا حياته لا تحتوي إلا على التلفزيون فقط، ولكن بهذا سيبتعد هو وأخته عن حضن والدهما وتواجده معهما، وشكرا لكم، وعذرا على الإطالة.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بك معنا على صفحتك معا نربي أبناءنا.
في كثير من الأحيان لا تكون المشكلة في الطفل، ولكن في البيئة المحيطة به التي لو انصلح حالها لانصلح حال الطفل.. وأنت في رسالتك ترسمين صورة واضحة لهذه البيئة التي يعيشها هذا الابن، فليس أمامه من وسائل النشاط والترفيه إلا التلفاز بآثاره السلبية على انتباه الأطفال وتركيزهم، وإدمانهم للجلوس أمامه وعدم قيامهم بأي نشاط مفيد، وزوجك يرفض ذهابه للروضة للقيام بأي نشاط مختلف، وأقرانه الذين حوله لا يستطيع التواصل معهم؛ لأنهم يتحدثون لغتين مختلفتين عنه، والأب يعامله بشدة -وهو صاحب السنوات الثلاثة من العمر- من أجل أن يصبح رجلا، والطفل يراه يعامل أخته برفق؛ لأنها الأصغر ولأنها البنت التي لن تصبح رجلا وهو لا يفهم ذلك، ولكن يفهم أن أباه يفرق في المعاملة فتكون الغيرة الشديدة ويكون العناء بالطبع.
وبالتالي فإننا نرى أن كل ما حول هذا الطفل يسبب توتره وقلقه وعدم ثقته فيما حوله يحتاج للعلاج إن صح التعبير بدءا منك، حيث تحتاجين لمعاملته بطريقة هادئة متوازنة بعيدا عن الإحساس المتطرف بأنه يتيم، والشدة غير المبررة في التعامل كرد فعل لتصرفات هي في الحقيقة ردود أفعال لشعور بعدم الأمان والدفء اللازم له.
تحتاجين أنت وزوجك لوقفة صريحة مع النفس من أجل أن توفرا للطفل بيئة يمارس فيها أنشطة مختلفة ويتواصل فيها مع أقرانه بصورة صحيحة.. وتبحثا ما هو المناسب لظروفكما فأنتما الأدرى بها، فإما أن تطورا بيئة إندونيسيا أو تتحملا العودة للوطن.. المهم أن تراعى مصلحة الطفل وتوزن مع مصالحكما، وتتواجد أنشطة صيفية توفر بيئة مناسبة لتربية الطفل بصورة سوية قبل أن نشكو من غيرته أو عناده أو عدم تركيزه.
ـــــــــــــــــ(104/391)
تهيئة الأبناء لغياب الوالدين للحج ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. ننوي أنا وزوجتي أن نسافر لقضاء مناسك الحج إن شاء الله هذا العام. ارتأينا أن نترك ابننا -(يبلغ الآن 24 شهرا)- مع جدته وخالاته في مدينة أخرى. الذي يحيرنا هو كيف يمكن أن نعده نفسيّا لغيابنا؟ هل نغادر في حضوره أم في غيابه؟ هل نكلمه في الهاتف أثناء غيابنا أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لكما فطنتكما واهتمامكما بابنكما، حيث اعتبرتما التهيئة النفسية لهذا الابن جزءا من إعدادكما للحج من أجل أن يتحمل غيابكما أثناء أدائكما للمناسك بإذن الله تعالى.. ونرى أن أول خطوة في هذا السبيل تكون بتعود طفلكما على جدته وخالاته الذين يقطنون في مدينة أخرى، وبالتالي فهو إن كان يعرفهم من خلال اللقاءات المتباعدة التي تمت معه فهو لم يتعود أن يعيش معهم.
لذا فالخطوة الأولى هو أنكما تكثفان الزيارات مبدئيّا للجدة والخالات، وفي الشهر الأخير قبل الحج تنتقلان للإقامة معهم، ثم تبدآن في تركه لفترات قصيرة معهم (عدة ساعات)، ثم يبيت بمفرده لليلة، ثم تزيد المدة حتى إذا جاء ميعاد السفر يكون قد تعود على تركه لعدة ليال وعودتكما، فإذا ما تم السفر اعتبر ذلك مثل سابقه، وتقومان في فترات الغياب الأولى بالاتصال به تليفونيّا حتى يتعود على هذه الوسيلة في التواصل معكما بحيث عندما تتصلان به عند سفركما يكون أيضا قد اعتاد ذلك.
وعند السفر يكون الذهاب من البيت عاديّا وكأنه مماثل للمرات السابقة بحيث لا يلاحظ طقوسا خاصة أو حركة غريبة يشعر معها أنكما ستطيلان السفر. الخلاصة أن التدرج والتواصل عبر الهاتف، وتقصير المدة قدر الإمكان، وتعوده على جدته وخالاته بصورة كافية، كل ذلك سيقلل الآثار السلبية لهذه التجربة إن شاء الله؛ لأنه مع كل هذه الاحتياطات لن يخلو الأمر من شعوره بافتقادكما ورغبته في رؤيتكما والتواصل معكما.
ـــــــــــــــــ(104/392)
الاحتواء لعلاج الانطواء ... العنوان
ابني الآن عمرة سنة و4 شهور 1- له طبيعة انطوائية: مع أقاربه و هم في نفس عمره (ابن خالته أكبر منه بشهر، وبنت خالته الأخرى أصغر بأسبوع) يجلس بعيدا عنهم و ينفرد بلعبه، ولا يتجاذب معهم اللعب كما يفعلون وإن نازعه أحدهم في لعبه لا يمانع إلا قليلا بدون بكاء
2- لا يجذبه شيء: وذلك بمعنى أنى أرى أقرانه قد ينجذبون إلى لعبة أو إلى شيء يحدث، ولكن هذا يحدث عنده بصورة قليلة. 3-مسالم لدرجة غريبة: فإن حاول أحد أقرانه ضربه يقف صامتا ولا يحاول الدفاع عن نفسه، ولا يملك سوى البكاء مع تواجد هذه الصفات، ومع ظروف عمل الزوجة قررنا أن يدخل دار حضانة، ولكن هل هذا مناسب له في هذه السن؟
وهل هذا سيكسبه مهارات التعامل؟ ولو كان هناك اضطرار للذهاب للحضانة فكم مرة في الأسبوع يمكن أن يذهب دون أن تؤثر على نفسيته؟ وهل هناك أخطاء في التربية أدت إلى هذه الصفات؟ هل يمكن أن تكون هذه الصفات موروثة؛ حيث إن أمي تقول إنني كنت مثله وكيف تقوَّم؟ ملحوظة: النمو العقلي للطفل جيد جدا والحمد لله؛ فهو يميز بين الأشياء، وينطق بعض الكلمات، ويحدد بعض المطالب كالأكل والشرب، وجزاكم الله كل خير.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الاستاذ عبد السلام الاحمر :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أود بداية أن ألفت انتباه السائل الكريم إلى بعض الحقائق الهامة قبل الدخول في التفاصيل، وهي كما يلي:
- تتميز مرحلة الطفولة المبكرة بنزوع الطفل إلى الأنانية المفرطة؛ حيث يرى نفسه أهم شيء في نظره، ويرى أن الحياة كلها في خدمته، وأن والديه ملك له وحده، وهو ما يعرف في علم النفس بالتمركز حول الذات egocentricity وكلما شعر بخطر يزعزع هذا الإحساس عبر عن ضيقه بذلك، وبدأ يغير سلوكه العادي في صور مختلفة، سمتها البارزة هي التمرد والعناد أحيانا.
-لا شيء يعدل علاقة الطفل بوالديه في هذه المرحلة؛ فإذا تدهورت لسبب من الأسباب لم يعوضها عنه شيء من علاقات الأقارب والأقران أو اللعب كيفما كان.
-كل طفل حالة خاصة قد يضيق الاختلاف وقد يتسع بينه وبين غيره من الأطفال الآخرين، دون أن يعني ذلك وجود خلل ما لديه يدعو للقلق.
ومن الخطأ أن يروم الآباء والمربون تنميط الأطفال؛ بل إن المناهج الدراسية نفسها تنحو هذا المنحى المجافي للحقيقة، ولا توفر إلا مجالا محدودا للتنمية الذاتية في أبعادها اللامحدودة.
-الآباء حديثو العهد بالإنجاب نظرا لقلة خبرتهم بتربية الوليد، غالبا ما يكون تصرفهم معه منطويا على أخطاء تنعكس في وتيرة نموه وسلوكه، كما أن اهتمامهم الزائد بالمولود الأول يحملهم أحيانا بدافع الخوف عليه إلى استعظام كل فرق يلاحظونه بينه وبين الأطفال الآخرين.
وإذا عدنا إلى حالة ابنك وبتحليل بسيط لها نجد أن:
1 ـ حالة الانطوائية المعاينة لدى طفلكم لا تدل بالضرورة على اختلال في نفسيته، أو أنها راجعة إلى شيء غير عادي في التعامل معه؛ حيث إن مثل هذه الظاهرة قد تكون بسبب عوامل وراثية؛ أي راجعة إلى خصائص جسمية جينية تغلب القابلية للانطوائية في مرحلة مبكرة من حياة الطفل، لكنها سرعان ما تتغير إلى انفتاح واسع ومخالطة فاعلة.
وقد يكون السبب المباشر هو زيادة الارتباط بوالديه، وخاصة أمه نتيجة استشعار بعدها عنه لمدة طويلة أو مرات متكررة؛ مما جعله لا يرتاح للانشغال عنها بأي علاقة أخرى، أو حتى باللعب الذي يفقد جاذبيته في ظل التشبث القوي بعلاقة الوالدين، والاحتجاج بشتى أنواع السلوك لأدنى مؤشر على تغيرها.
2- بهذا يتضح سلوك هذا الطفل وتزول عنه الغرابة؛ فهو ضعيف الحرص على لعبه، ولا يبكي لسلبها منه، ولا تستهويه الأشياء العجيبة؛ لأنها لم تعد ذات قيمة كبيرة في نفسه المنشغلة بعلاقته بأبويه، وما طرأ عليها من تراجع قد لا يدركانه أو يستطيعان معرفة كيف ومتى حصل، ولكنه هو شعر بذلك شعورا قلب مواقفه كلية، وجعله يستسلم للبكاء أمام من أساء إليه لعله يثير حنان أبويه وشفقتهما عليه؛ ليزيدا في جرعة الحب والعطف الذي يغذقانه عليه.
3- إن حالة هذا الطفل الذي نحسبه يناضل عن نفسه بما استعرضنا من تصرفاته ليسترجع ما يفقده من قرب أمه بسبب عملها خارج المنزل لن يتحسن حاله في الحضانة إلا إذا كان ما يلقاه فيه من عناية أفضل من حاله عندما تغادره أمه وتتجه إلى عملها.
ولذا فإنني أنصح الأبوين ألا يذهبا به إلى دار الحضانة إلا حين تكون أمه في العمل، وأنه يستحسن تركه بين يدي إحدى قريباته من جهة أمه (جدته، خالته) أو من جهة أبيه (جدته عمته)، وإذا لم يتأت ذلك فلا بد من إخبار الحاضنة بحالته والعمل على أن تراعيها في معاملته.
وختاما فإن ما أنصح به الأبوين هو استغلال وجودهما معه في كثرة مداعبته؛ لأن ذلك خير ما يُرجع له الثقة في متانة العلاقة معه إن كان تغيرها هو السبب الحقيقي وراء انطوائيته.
وفقكم الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــ(104/393)
إعادة الثقة لبناء شخصية قوية ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
الأساتذة الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكركم شكرًا بالغ المقام على إعانتكم لنا، وفقكم الله لما فيه الخير لكم، وللأمة الإسلامية.
ابني 9 سنوات دائم الخوف أمامي وشخصيته غير مستقرة، أحمد الله أنه مهذب جدًّا وعلى درجة من النباهة والذكاء، ولكنه يخاف مني، ولا يستطيع التعبير عما داخله أمامي، وكذلك عند استذكاري معه يتلعثم في الكلام نتيجة تسرعه في الإجابة.
أشعر أحيانًا أنه مهزوز في شخصيته، وأحاول تنمية شخصيته لكن دون جدوى، أرجو أن تدلوني على الطريق الصحيح لتقوية شخصية ابني، علمًا بأن شخصية أخته أقوى منه، وهي في الصف الأول الابتدائي، وأعترف أني كنت أعاقبه بشدة في طفولته ووالدته تخاف عليه بشكل جنوني، وكان بعيدًا عني لمدة ثلاث سنوات، والآن نحن استقر بنا الحال، والتألم شمل الأسرة، أرجو الإفادة حتى ولو باسم كتاب أستطيع قراءته، وشكرًا لقراءتكم رسالتي، ولكم تحياتي.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. نشكرك على إطرائك ونسعد دائمًا بمشاركتكم معنا، وندعو الله تعالى أن نكون خير عون لإخواننا في كل مكان.
وردًّا على استشارتك:
كنت أفضل -سيدي- أن تذكر لنا المحاولات التي قمت بها لمساعدة ابنك لتعديل فكرته عن ذاته؛ حتى يتخطى مشكلة الخوف والتردد لنعرف ما الجيد فيها نقرك عليه وما الذي يحتاج إلى تحسين فيها، لكن على أية حال لقد ذكرت في رسالتك الأسباب التي جعلت من ابنك هذه الشخصية المترددة الخائفة، وهذا في حد ذاته يجعل الحل يسيرًا إن شاء الله على من صبر وكانت له عزيمة قوية في التغيير، والأسباب التي ذكرتها هي:
• عقابك له عقابًا شديدًا من قبل.
• غيابك عنه مدة ثلاث سنوات.
• والدته تخاف عليه بجنون.
• هذا بخلاف أن الطفل نفسه ربما سمع ممن حوله أن أخته أفضل منه وشخصيتها أقوى من شخصيته.
وحلاًّ لهذه المشكلة يمكنك أن:
1. تعيد بناء العلاقة بينك وبين ابنك على أساس من الحب والطمأنينة، وأن تشعره بالأمان معك عن طريق التلطف معه في الحديث وعدم مباغته بسؤال مفاجئ مثلاً، وعليك باللعب والتنزه معه بمفردكما (على أن تمارس هذا التقليد مع الابنة أيضًا حتى لا تشعر بتفرقة في المعاملة)، وفي أثناء التنزه تبسط معه في الحديث وتبادلا النكات سويًّا.
2. أضف جو المرح والدفء في البيت كله، ولير فيك هذا الأب الحنون البشوش مع أهل بيته جميعًا.
3. اصحبه في شراء بعض الملابس الخاصة بك، وخذ رأيه فيها (ألوانها - طرازها...).
4. اصحبه معك إلى الصلاة وأثناء الذهاب والإياب تبادلا الحوار وكأنك تخاطب صديقًا لك.
5. اجعله يساعدك في عملك كأن ينسخ لك بعض الأوراق أو ينظمها لك...
6. أثنِ على مزاياه وأخلاقه المهذبة أمام أصدقائك ومعارفك، وأظهر له كم أنت فخور به وبهذه المزايا، لكن لا تبالغ في ذلك كثيرًا فخير الأمور الوسط.
7. لا تردد له نصائح أو تعليقات خاصة بشخصيته وضعفه وخوفه كأن تقول له: "أنا عايزك قوي أو أنت مالك خايف كده ليه أو شايف فلان أو فلانة ما بيخافوش إزاي..."، فكل هذا يجعله أكثر ترددًا وحزنًا على أنه بمثل هذه الشخصية، مما يثبت ويعزز ما هو عليه.
8. كف عن مقارنته بأخته إن كان يحدث هذا، ولا تذكر أمامه أو أمام الآخرين على الإطلاق أنه يخاف أو شخصيته ضعيفة أو أن أخته أقوى منه؛ لأن ذلك يثبت هذه الفكرة عن نفسه.
9. احذر تمامًا -سيدي- في هذه المرحلة من عقابه أو حتى تأنيبه على خطأ فعله، بل عليك تنبيهه بهدوء شديد وبأسلوب لطيف للخطأ الذي وقع فيه.
10. عند مساعدته في المذاكرة لا تتعجل إجابته، وإذا أخطأ أعطه فرصة أخرى، وتحل بالصبر الشديد معه.
11. شجعه على أن يكون له أصدقاء بأسلوب غير مباشر، كأن تقول له: حينما كنت في مثل سنك كنت أفعل كذا وكذا مع أصدقائي، وكنا نضحك كثيرًا ونلعب كثيرًا...
وكذلك شجعه على الاشتراك في بعض الأنشطة المدرسية.
12. اجعل هناك لقاء أسريًّا بشكل دوري تتبادلون فيه الآراء والمقترحات حول قضايا تهم الأسرة: من تغيير في الأثاث مثلاً، أو شراء مستلزمات خاصة بالبيت...
13. أعطه الفرصة أن يلعب دوره كذكر -بعد أن يكون اكتسب قدرًا من الثقة بنفسه- بأن يتحمل مسئولية العناية بأخته مثلاً، واجعلها تذهب معه لشراء بعض مستلزمات البيت، وأوصه بها على أن يلتفت إليها ويعتني بها أثناء الطريق.
14. أن تناقش مع الأم أسباب خوفها على طفلها، وأنها بهذا الخوف تدمر شخصيته، وتساهم بشكل فعّال في أن تجعل منه هذه الشخصية المهزوزة التي لن تستطيع مواجهة الحياة، ويومًا ما سيحملكما مسئولية هذا الضعف، فعليها أن تكف عن ذلك، وساعدها على أن تتخلص من هذه المخاوف تدريجيًّا، وعليها أن تتعاون معك في تنفيذ كل ما سبق.
15. عليك بالصبر حتى يتخلص ابنك من خوفه؛ لأنك إن فقدت حلمك في هذه المرحلة فإنه من الصعب جدًّا أن تعيد لابنك الثقة فيك أو في نفسه بعد ذلك.
16. لا تنسيا ابنتكما في خضم علاجكما لمشكلة الابن حتى لا تشعر بالتميز وعدم المساواة بينهما، بل عليكما أن تفعلا معها ما تفعلاه مع ابنكما دون محاباة أو تميز.
وأخيرًا.. وفقكما الله عز وجل لما يحب ويرضى، وأقر عينكما بولديكما في الدنيا والآخرة.
ـــــــــــــــــ(104/394)
العربية أم الإنجليزية.. حيرة تحسمها المصلحة (مشاركة 2) ... العنوان
الأخت الكريمة مي من أمريكا صاحبة استشارة العربية أم الإنجليزية.. حيرة تحسمها المصلحة ، الإخوة العاملون بصفحة "معا نربي أبناءنا".
اسمحوا أن أقدم لك هذه الخبرة مشاركة على مشكلتك التي قامت الدكتورة سحر صلاح طبيبة التخاطب والخبيرة بالصفحة بالرد عليها، وذلك من واقع خبرة صديقة مرت تقريبا بمثل مشكلتك.
أختي الكريمة، إن وجودك في الولايات المتحدة في بيئة تتعامل بلغة معينة سيتحتم على طفلك التعامل معها عاجلا أو آجلا تجعل هناك أولوية لهذه اللغة لكي يستطيع الطفل التعامل مع مَن حوله، وهو ما سيحدث في غضون شهور بالتحاقه بحضانة ثم المدرسة، وعدم إتقانه للغة مَن يتعامل معهم قد يسبب له إحجامًا عن التعامل، ومن ثَم فقْد للثقة بنفسه، ثم الانطواء أو غيره كنتيجة حتمية وطبيعية للحواجز التي تمنعه عمن حوله وعن الاندماج معهم وعلى رأسها اللغة.
إذن فوجودك في أمريكا -إن كان سيطول- يحتم عليك لمصلحة طفلك إكسابه لغة من حوله وهي الإنجليزية، وبالتالي فجلسات علاجه عند اختصاصي التخاطب لا بد أن تكون بالإنجليزية، ومن ثَم فإن تدريبات المنزل المطلوبة منك لجانب جلسات التخاطب لا يمكن أن تكون بالعربية؛ فهل يصلح أن نؤكد على شرح درس العلوم الذي تم شرحه للطفل بالعربية في مدرسته بالإنجليزية عند عودته للمنزل؟ بالطبع لا فهو لن يستفيد شيئًا لسبب بسيط؛ أنه لا علاقة بين ما درسه وما نشرحه له، والأولى التأكيد على الشرح والمذاكرة بنفس اللغة التي تم بها شرح الدرس أولا.
والخلاصة أن طفلك لا بد أن يتحدث أولا بالإنجليزية ليتواصل مع من حوله من الناس والأطفال، وذلك من خلال تدريبات التخاطب ومعاونتك المنزلية، ثم حين يتقن الإنجليزية تبدئين معه اللغة العربية، وما أنصحك به أن تبدئي جلسات التخاطب من الآن وليس عند بلوغ السنوات الثلاث.
تبقى لنا جزئية مهمة، وهي كيفية تعلم اللغة العربية، ولحسن الحظ فقد مرت صديقة لي بنفس الموقف؛ إذ تأخر طفلها في اكتساب اللغتين العربية والإنجليزية، وكانت مقيمة في الولايات المتحدة، وكان ما نصحه بها الأطباء هو ما نصحتك به، إلا أنها زادت على ذلك مشروعًا متميزًا لتعلم اللغة العربية -بعدما انطلق لسان طفلها بالإنجليزية- وهو أن تقضي إجازتها السنوية (3 شهور) في بلدها الأصلي بين الأهل والأقارب مع الذهاب بالأبناء لمركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها 3 مرات أسبوعيًّا في شكل دورة مكثفة، وما زالت تفعل ذلك إلى الآن في كل إجازة ليتقن أطفالها الفصحى وليس فقط لغة الحديث بالعربية، ومن ثَم يظل قرآنهم ودينهم وتراثهم مفهومًا ومستوعبًا بشكل ممتاز بالنسبة لهم؛ وبالتالي فما أود أن أجمله لك من هذه التجربة أن تعملي على تطبيق ما فيها من أفكار ليتقن طفلك العربية، ولا مانع لديّ مطلقًا من التواصل معك في إجازتك السنوية، ومدك باسم المركز الذي تعاملت معه تلك الصديقة لتتعاملين معه أيضًا.
أما بالنسبة لي فأنا طبيبة عامة في الأربعين من العمر أعيش في فرنسا وعندي أربعة أطفال... بارك الله بكم وسدد خطاكم ..
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة الدكتورة لينة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلا بك وبمشاركتك التي تحمل خبرة أردتِ أن تشاركي بها الأخت السائلة، والله نسأله أن يجعل مشاركتك صدقة علم تنفع الأخت السائلة وغيرها ممن يمرون بنفس التجربة.
ـــــــــــــــــ(104/395)
طفلتي تغار من أختها ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي طفلة تكاد تبلغ الثالثة، ورزقنا الله حديثا بمولودة لا تزال في شهرها الأول.. الصغيرة قد تحب الحمل أحيانا، وأحيانا يصيبها المغص، وأشعر أنه من الصعب إرضاء الطفلتين معا.. ينصحني البعض بترك الصغيرة تبكي ما دامت شبعانة ونظيفة وما إلى ذلك؛ لأنها لا تعي، وأهتم بالكبيرة لأنها هي التي تفهم وتتأثر.. لكني لا أستطيع ذلك، فما رأيكم؟
وما التصرف المناسب حينما تؤذي الابنة الكبرى أختها؟ هل أعاقبها، أم أكتفي بالنصح الهادئ رغم ما في ذلك ما إيذاء للصغيرة؟ أحيانا لا يكفي النصح، ولا بد من العقاب.
مع العلم أني اطلعت على كثير من النصائح الواردة بشأن الغيرة، وقد أحاول تشجيع الكبرى على التعبير عن مشاعرها، لا أجد فائدة، فأحيانا نسألها إن كانت تحب أختها، فتجيب بالإيجاب، وإن سألناها لماذا تضربها مثلا، فقد تقول لأنها "وحشة" أو أي شيء من هذا القبيل، لكن لا نجد كلاما مفيدا.
وهل الغيرة تعتبر مرحلة قصيرة وتمر أم تمتد آثارها فيما بعد؟ وهل تؤثر على علاقتهما كأختين؟ أم هل تؤثر على السلوك أم الشخصية في المستقبل؟ وكيف نستطيع أن نحكم على ذلك؟ أرجو إفادتنا، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت الفاضلة السائلة/ أم الطفلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير وطاعة دائمة وسعادة تامة.
فلقد تساءلت عن طفلتكم الحبيبة الغيورة من أختها، وهذه المشكلة تفتح ملف "الغيرة بين الأبناء".
وللرد الشافي نجعله في نقاط منهجية بسيطة:
1-ماذا عن الغيرة بين الأبناء؟
الغيرة شعور فطري يؤدي إلى سلوك ظاهري معين، وهي أمر فطري في أي تجمع خاصة التجمع الإنساني، وحتى بين الأشقاء.
ولعل من أبرز أسبابه التي حذرنا منها الحبيب صلى الله عليه وسلم هو عدم العدل والتسوية بين الأبناء.
عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُول: إِنَّ أَبِي بَشِيرًا وَهَبَ لِي هِبَةً فَقَالَتْ أُمِّي: أَشْهِدْ عَلَيْهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمَّ هَذَا الْغُلامِ سَأَلَتْنِي أَنْ أَهَبَ لَهُ هِبَةً فَوَهَبْتُهَا لَهُ فَقَالَتْ: أَشْهِدْ عَلَيْهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُكَ لِأُشْهِدَكَ.
فَقَالَ: رُوَيْدَكَ أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: كُلُّهُمْ أَعْطَيْتَهُ كَمَا أَعْطَيْتَهُ؟
قَال:َ لا.
قَالَ: فََلا تُشْهِدْنِي إِذًا، إِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ، إِنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ. [مسند الإمام أحمد ـ مسند الكوفيين ـ 17646].
"أعينوا أولادكم على البر؛ بالإحسان إليهم، وعدم التضييق عليهم، والتسوية بينهم في العطية، من شاء استخرج العقوق من ولده". [رواه الطبراني في الأوسط]
2-ماذا عن حالة هذه الطفلة؟
وهذه الطفلة التي طالما عاشت ردحا من الزمان بين والدين يحنوان عليها؛ بل وكل الأسرة تحيطها بالرعاية والاهتمام، وطالما شعرت بكل الأضواء تسلط عليها، ثم تفاجأ بدخيل يقتطف بعض وليس كل هذه الرعاية والأضواء؛ فشيء فطري أن تشعر بالغيرة ويظهر هذا الشعور في سلوكها الغاضب الرافض كما ظهر في قولها أو فعلها تجاه هذا الدخيل الصغير.
فلا عجب إذن ولا قلق من هذا الشعور المؤقت والممكن تقليله أو تحجيمه ولا نقوله منعه تماما؛ فذلك أمر فطري في كل الخلائق خاصة البشر.
3-ماذا عن الوقاية والعلاج؟
وهو كما ظهر من نصيحته صلى الله عليه وسلم لفن زراعة البر أو مهارة استخراج العقوق من قلوب الأبناء؛ وذلك بممارسة الآتي:
أ) الإحسان إلى الأبناء كلهم.
ب) عدم التضييق عليهم.
ج) التسوية بينهم في العطايا.
4-الإجابة عن التساؤلات؟
أ) هل الغيرة تعتبر مرحلة قصيرة وتمر، أم هل تمتد آثارها فيما بعد؟
ب) هل تؤثر على علاقتهما كأختين، أم هل تؤثر على السلوك أم الشخصية في المستقبل؟
ج) كيف نستطيع أن نحكم على ذلك؟
هذا يعود إلى اجتهاد الوالدين في مهارة وفن زراعة البر واستخراج العقوق من الأبناء؛ فقد تعالج بحكمة وتنتهي وقد تتجاهل من قبل الوالدين فتستمر وتظهر آثارها في المستقبل.
وتدبر ما اتهم به يعقوب عليه السلام من خير الأبناء: "إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ" [يوسف 8].
ـــــــــــــــــ(104/396)
من بيئة لبيئة يتوتر الأطفال ... العنوان
مشكلتي تتعلق بابنتي الكبرى التي تبلغ من العمر سبع سنوات وهي الثانية في ترتيبها بعد أخيها البالغ تسع سنوات. لقد كانت طفلة محبوبة من الجميع لمرحها -على عكس أخيها المذكور الذي كان عصبي المزاج بعض الشيء- إلى أن بلغت الخامسة من عمرها حيث أدخلتها إحدى رياض الأطفال. لاحظت عليها المعلمة أنها منطوية على نفسها ولا تحب مشاركة الأطفال الآخرين في اللعب. بالإضافة إلى أنها نادرا ما تتكلم في الصف مع أنها في البيت تتكلم وتحكي بلباقة وطلاقة.
المهم... بعد ذلك وبحكم دراستي ودراسة والدها سافرت كل العائلة إلى المملكة المتحدة. في مدرستها لاحظت المعلمة أيضا عليها الانعزال وعدم التحدث واللعب مع الأطفال الآخرين. وأيضا لا تحب أوقات الفسحة أو أوقات اللعب. فقط تحب دائما أن تقوم بنشاط دراسي.. وفي المنزل لاحظنا عليها الانفعال والصراخ لأتفه الأسباب والعناد الشديد. حتى صرنا نخاف على إخوتها منها. بالإضافة إلى أنها كثيرا ما تشعر بالملل مع وجود أنشطة كثيرة يمكن ممارستها... أنا ووالدها نعاملها وإخوتها على حد سواء، ونتبع معهم أساليب تربوية مرنة.
الرجاء مساعدتي في معرفة الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه الطفلة.. شاكرة لكم المعروف.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ،يسعدني أن أتلقى استشارتك والرد عليها.
بالنسبة لابنتك التي تبلغ من العمر سبع سنوات ولأول مرة تلتحق برياض الأطفال وهي في الخامسة من عمرها وترغب في الانعزال وعدم التفاعل مع الآخرين فهذا أمر طبيعي؛ فالطفلة كانت في وسط أسرة صغيرة تستطيع أن تعبر عن نفسها وتجد من يستمع إليها وتجد اهتماما من نوع خاص باعتبارها فردا في أسرة محبة تشعر بالقبول فيها ولها مكانتها، وعندما ذهبت إلى المدرسة أو إلى رياض الأطفال وجدت أن هناك عددا من الأطفال في مثل سنها يحتاج كل منهم إلى الاستئذان حتى يعبر عما يريد، لهم نفس متطلباتها في الاهتمام والرعاية والحب فأصبحت بذلك عضوا في مجتمع أكبر وفي مكان يكون الاهتمام فيه ليس بنفس الدرجة ولا بنفس الأسلوب الذي اعتادت عليه في البيت، وهذا ما يحدث لجميع الأطفال حين يلتحقون بالمدرسة أو برياض الأطفال خاصة من التحق بها في سن متأخرة نسبيا مثل سن ابنتك، هذا إلى جانب عامل آخر خاص بابنتك وهو عملية الانتقال لا من مدرسة إلى مدرسة في نفس البيئة بل من مدرسة في بيئة إلى مدرسة في بيئة أخرى مختلفة إلى حد كبير، مما أثر ذلك بلا شك عليها وعلى سرعة تجاوبها وتفاعلها في البيئة الجديدة؛ ولذا كل المطلوب منك -سيدتي- ما يلي:
- عدم دفع الطفلة للكلام أو التفاعل بالمدرسة أو التركيز على هذا الأمر.
- عدم ذكر ذلك في البيت أو سؤالها عن السبب في عدم رغبتها في المشاركة.
- الحرص على أن يكون هناك وقت للتنزه واللعب خارج وداخل البيت.
- إمهال الطفلة فترة حتى تتأقلم مع البيئة الجديدة، وكلما تعاملنا معها بسلاسة وطبيعية استجابت هي بشكل أفضل.
- الاتصال بمعلمة الطفلة والاتفاق معها على أن تحاول إشراك الطفلة في التفاعل مع زملائها بالفصل دون إكراه أو تركيز عليها بشكل خاص كأن تسند لها بعض المهام ضمن مجموعة الأطفال بالفصل كحمل بعض الأدوات والخامات وتوزعها معها على باقي الأطفال وكري الزرع الموجود بالفصل وهكذا...
أن تجعلها تجيب عن بعض الأسئلة البسيطة التي تعلم تماما أن الطفلة ستجيب عنها
وحين يخرج الأطفال في أوقات اللعب تحرص المعلمة على أن يشترك كل طفل في اللعب الجماعية، وهذا ما كنت أفعله مع تلاميذي بالصف الأول الابتدائي دون إكراه أو إجبار لكن إذا وجدت طفلا لا يرغب باللعب كنت أتركه ولا ألح عليه لكننا نلعب أمامه بنشاط وحيوية ومرح يشجعه على أن ينضم إلينا بعد قليل.
اعلمي سيدتي أن الأمر في غاية البساطة وأهم شيء فيه ألا تشعروا بالقلق منه أو التركيز عليه وأن تسيروا وفق الخطوات السابقة.
أما بالنسبة لموضوع الملل فلا بد أن نعرف أن مدة انتباه الطفل وتركيزه في موضوع واحد تختلف عن مدته عندنا نحن الكبار، وهناك دراسات أثبتت أن طفل السبع سنوات تتراوح مدة انتباهه وتركيزه في موضوع معين ما بين 7 : 14 دقيقة وبعدها لا بد من تغيير النشاط حتى نضمن تركيزه وعدم تشتته، وبالتالي لا يتسرب الملل إلى نفسه نتيجة هذا التشتت.
أما سلوكياتها الحالية من عناد وصراخ مع أخوتها فأغلب الظن أنه نتيجة ما تمر به في المدرسة من خبرات جديدة متلاحقة عليها، وكل المطلوب منك ألا تقابلوا العند بعند مماثل أو بالامتثال الدائم لما تريد كما يجب أن يكون والدها حازما معها عند صراخها أو انفعالها مع إخوتها بأن يقول لها مثلا: كلنا يغضب وأنا كثيرا ما يصادفني أشياء تغضبني في عملي، وأنا أقدر أنك غاضبة أو زعلانة لكن هذا لا يعني أنه كلما غضبنا أو زعلنا نصرخ في الآخرين بهذه الطريقة ويتركها دون أن ينتظر منها تعليق أو حتى اعتذار.
ـــــــــــــــــ(104/397)
الاتفاق والتفاهم ضروريات بعد الانفصال ... العنوان
السلام عليكم.. طلقت زوجتي قبل 6 أشهر بعدما استحال استمرار الحياة الزوجية بيننا على النسق الطبيعي، وكان ثمرة هذا الزواج طفلا عمره 3 سنوات هو في حضانتي الآن، وتزوجت قبل 3 أشهر بأخرى عمرها 31 سنة وزوجتي الجديدة -بحسب كل ما ظهر لي- تحب ولدي جدا وترعاه وتتقبله ويتقبلها، وأنا آخذه الآن إلى أمه عندما تطلبه وينام عندها عدة ليال.
وأسئلتي من فضلكم هي ما يلي: ما هي أفضل طريقة بعلاقة الطفل بأمه من حيث الرؤية؟ فأنا أخاف إذا قمنا بتنظيم الطفل على عادات وسلوك معينة فأخاف عندما يذهب إلى أمه أن تخرب نظامه أو سلوكه، خاصة أن طبائعها وأهلها مختلفة عن طبائعنا، وكثير منها سيئ مما قد يؤدي إلى فشله دراسيا ومعاشيا مستقبلا -كأخواله-، فبدأت أفكر في أن أخصص له مرة أو مرتين في الشهر كي يزور أمه دون أن ينام عندها، فهل هذا الحل صحيح؟ وماذا تقترحون علي بهذا الموضوع؟ مع العلم أنها لا تريد أخذه لحضانتها كونها موظفة وظروفها لا تساعدها على تربيته.
وسؤال آخر يدور في ذهني وهو أن ولدي سيكبر يوما -إن شاء الله- ولا شك أنه سيسألني لماذا انفصلنا أنا وأمه، مع العلم أنني كتبت مذكرات السنة والنصف الأخيرة من حياتي وأمه، وكتبت فيها تفاصيل مشاكلنا بالتفاصيل والتواريخ... فإن أصر علي عندما يكبر فما هو السن المناسبة له حتى يطلع على حقيقة ما حدث؟ أم من الأفضل عدم إطلاعه على أي شيء، مع العلم أن أمه وأهلها سيعملون على تشويه صورتي أمامه مما قد يجعله ينفر مني إذا صدقهم، فأرجو إرشادي كيف أتعامل بموضوع ما بعد الطلاق مع ولدي من كافة الجوانب؛ كي لا يأتي يوم أندم فيه على التعامل بأسلوب خاطئ وكي ينجح ولدي في حياته ومستقبله.
وألاحظ أن ولدي لا يحب الذهاب عند أمه، حيث يبكي بشدة عند ذهابه إليها، وعندما أذهب لأخذه يأتي إلي مهرولا لا أعرف ما السبب، هل هذا مؤشر لشيء أم أن سببه أن الولد عندي يكون حر الحركة ويخرج برفقتي بالسيارة كثيرا أكثر مما يتوفر له عند أمه؟ وأكرر أني بحاجة لنصائحكم في كل جوانب الموضوع لصحة الولد النفسية وتكوين شخصيته.. شاكرا لكم نصيحتكم مقدما.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأب الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بك على صفحتك معا نربي أبناءنا.
سيدي الفاضل، لقد استحالت الحياة الزوجية فكان الحل هو الطلاق، فإذا كنتما قد اتفقتما لأول مرة على شيء وكان هو الطلاق فلا بد أن تتفقا لمرة أخيرة، ولكنها خطيرة وهامة على مصلحة الطفل الذي كان ثمرة هذا الزواج.
بمعنى أنه إذا كنت تريد تنشئة نفسية سوية لطفلك فهذا لن يكون إلا بتعاون مشترك مع أم طفلك.. لا يصلح أن تتخذ قرارات بمفردك ترى فيها مصلحة طفلك من وجهة نظرك فقط، خاصة أن الأمور يبدو فيها مقدمات للتفاهم، بدليل أنها قد تركت حضانة الطفل لك عندما رأت نفسها عاجزة عن القيام بمتطلبات هذه الحضانة.
وهكذا أيضا بالنسبة للرؤية فأنت الآن قد سمحت لابنك بالمبيت عند أمه، وعندما تريد أن توقف هذا الأمر فيجب أن يتم ذلك بالاتفاق وبمبررات مناسبة لا تجرح الأم ولا تحرجها، خاصة أنك لم توضح سبب مبيت الطفل، وهل هو اتفاق مسبق بينكما أم أن الأمور سارت بطبيعتها دون تخطيط.
في كل الأحوال ومهما كان حال الأم فحقها في رؤية طفلها لا يستطيع أحد أن يمنعها منه وحقه في رؤية أمه بالمثل، وأيضا الأمر يحتاج إلى اتفاق على صورة هذه الرؤية ومدتها وما يدور فيها، ونقاش صريح حول أسباب بكاء الطفل عند ذهابه أو فرحه عند عودته أيضا بغير أن يكون في صورة اتهام بالتقصير، ولكن في صورة محاولة الاتفاق على ما يريح الطفل، ومحاولة التغلب على أي صعوبات تواجه الأم في معاملة طفلها، أي أنك تمد يدك للأم لمساعدتها في إقامة علاقة سوية مع ابنها؛ لأن هذا جزء من التنشئة السوية الطبيعية لهذا الطفل، وهو أن تنشأ علاقة طبيعية مع أمه قدر الإمكان حتى إذا كانت الأم غير مؤهلة لذلك فيجب أن تساعدها من أجل أن تقوم به؛ لأن الأمر أمر تعاون من أجل المصلحة وليس صراعا من أجل أن نثبت فشل الطرف الآخر أو عجزه.
وهكذا أيضا بالنسبة لأسباب الطلاق فيجب أن تتفقا على صيغة مشتركة تحدثا بها الطفل عندما يسأل، وتتفقا على أن يتحدث كل طرف عن الآخر بكل احترام، وتكون الرسالة الواضحة البسيطة التي تصل للطفل هو أن الحياة لم تصلح للاستمرار لاختلاف الطباع وعدم القدرة على الاتفاق، وهذا لا يعني أنه بالضرورة أن هناك طرفا جانيا وآخر مجنيا عليه، بل إن الأب يحترم الأم ويقدرها والأم كذلك ولكن لم يتفقا، ولتجنب المشاكل كان الطلاق هو الحل مع مراعاة الطفل الذي بينهما، وأن الدليل على هذا الاحترام هو استمرار العلاقة والتنسيق من أجل الطفل.
إن هذه هي أفضل رسالة تصل للطفل عن أبويه المطلقين تجعله يشعر بالاستقرار والانتماء للوالدين معا دون أن يقع في التناقض والصراع.. لمن ينحاز ومن المخطئ ومن المصيب صراع لا داعي له وليس له أي نتيجة، خاصة أن هذا السؤال لن يطرح لدى الطفل قبل عدة سنوات لن يكون فيه من المصلحة النبش في الماضي أو الحديث عن ذكريات مؤلمة مر عليها سنون وأصبحت لا قيمة لها، وكل ما ستفعله أنها ستجعل هذا الطفل يتألم وتتشوه صورة والديه أمام عينه دون أي طائل إلا اهتزاز ثقته بكل من حوله، طالما أن المصدرين اللذين يستمد منهما ثقته بكل هذا التشوه.
الخلاصة أن الاتفاق والتفاهم الهادئ مع الأم في كل جزئية تخص الطفل هي الطريق الممهد إلى نفس سوية وحياة طبيعية لهذا الطفل.
ـــــــــــــــــ(104/398)
طفلة الرابعة تداعب نفسها ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختي الكبرى لها بنت عمرها 4 سنوات، ذكية جدًّا وتتحدث معها وكأنها 12 سنة. أختي لاحظت أن ابنتها تحب أن تبقى في الحمام لوحدها لكي تقوم بالتنظيف بالماء لوحدها بعد أن تتبول، كما أنها لاحظت أنها تضع يدها في منطة العانة كثيرًا وتحاول مداعبة نفسها قبل كل شيء.
وقد لاحظنا قبل فترة أن ابنتها تشعر بحرقة من الأسفل عندما نقوم بغسلها أثناء الاستحمام، ولا تحب أحدًا أن يحاول رؤية إذا كان هناك التهاب، حتى إن أختي لاحظت أنه تصدر من تلك المنطقة رائحة قوية وغريبة، ومرة من المرات قامت أختي بنزع الغطاء عن ابنتها وهي في الفراش؛ لأنها لاحظت أنها تداعب نفسها، وبالفعل وجدت يدها هناك، وقامت البنت مفزوعة وقالت لأمها نعم كانت يدي هناك، ورغم أنها ما زالت صغيرة فإنها لم ترفع عينها في أمها عندما عرفت ماذا كانت تعمل، أي أنها تعرف أنها تقوم بعمل خاطئ.
وفي مرة من المرات قالت لأمها إنها عندما تضع يدها هناك تحس بشيء غريب ويجعلها تضحك ويدغدغها، لكن أختي لم تعرف ماذا تقول لها، وقالت لا تفعلي ذلك حبيبتي لأنه عيب، وعندما تريدين الضحك قولي لي وأنا أدغدغك من ذراعيك وألاعبك، ولكن أختي دارت بها الدنيا وأخبرتني بذلك عندما قلت لها إن ابنتها جاءت إليّ وتقول لي إن ابنة خالتها الأخرى قامت بخلع بنطلونها وملابسها الداخلية السفلى، وبالفعل عندما ذهبت لرؤيتها وجدتها بدون لباسها الداخلي السفلي وتحت الغطاء، وعندما سألتها لماذا فعلت ذلك؟ قالت لي إن ابنة خالتها التي أخبرتكم عنها في السابق طلبت منها ذلك، وعندما سألتها هل قلت لها فعلاً ذلك؟ أخفضت عينها خجلاً؛ لأنها هي من قال لها فعلاً ذلك.
هل قالت لها ذلك فعلاً فقط لتجعلنا نغضب من ابنة خالتها؛ لأنها بطبيعتها غيورة جدًّا أم أنها كانت تحاول الاستكشاف بالنظر إلى تلك المنطقة عند ابنة خالتها؟ وأصبح هذا الموضوع مسيطر علينا جميعًا ونحاول ألا نتركهما يبقيان سويًّا لوحدهما أبدًا. أختي حائرة جدًّا وأنا أحاول إقناعها بالذهاب بابنتها للطبيب لتعرف إذا كانت هناك أي التهابات وتتأكد إذا قامت البنت بإيذاء نفسها أو لا، وأيضًا للذهاب إلى طبيب نفسي ونعرف ما هي مشكلتها، لكنها ترفض ذلك وخائفة جدًّا.
مع العلم أن أختي محافظة جدًّا ولا تسمح بمشاهدة أفلام هابطة أو شيء من هذا القبيل، كما أنها حريصة جدًّا فلا تقوم هي أو زوجها بأي شيء أمام الأطفال،
أرجوكم دلوني إلى الطريق الصحيح إذا أمكن أن يكون هناك حل أو طريق للعلاج.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك معنا على صفحتك معًا نربي أبناءنا.
أختي الفاضلة.. إن ما تفعله ابنة أختك والتي تبلغ من العمر أربع سنوات لا علاقة له بمشاهدة الأفلام الهابطة، وليس له أي دلالة جنسية، وهو عبارة عن عادة سيئة تكتسبها بعض البنات الصغيرات، حيث تلمس يدها منطقة العانة فتشعر بهذه الدغدغة على حد وصف ابنة أختك، فتحب هذا الشعور فتكرر الأمر فيتحول إلى عادة متكررة ليس لها أي دلالة أكثر من كونها سلوكًا سيئًا مثله مثل عادة قضم الأظافر.
بمعنى أننا نتعامل معها على نفس هذا المستوى بدون حساسية خاصة، وما فعلته طفلتنا الصغيرة مع ابنة خالتها هو من باب الاستكشاف أيضًا وليس له أي دلالة جنسية ولا يشير لأي نوع من الشذوذ أو غيره، فهي قضية استكشاف، والأمر في الحالين يحتاج إلى توجيه سلوكي هادئ توجه فيه الطفلة إلى أن ما تقوم به هو سلوك خاطئ تحتاج للإقلاع عنه وتكافأ إذا امتنعت عنه، وتبعد يدها بهدوء إذا رأيناها تقوم به مع تذكيرها أنه سلوك سيئ مع شغل أوقاتها بصورة دائمة بالأنشطة والتفاعل وعدم تركها لوحدها لفترات طويلة.
ولا يتوقع أن تكون قد آذت نفسها، بمعنى إصابة غشاء بكارتها، حيث إنه في هذه السن لا يكون قد أصبح في وضع يمكن إصابته به بمجرد الاحتكاك، وبالنسبة للرائحة الغريبة التي تصدر من منطقة العانة، فالأمر يحتاج للعرض على طبيب الأمراض الجلدية، وذلك لاكتشاف أي التهابات فطرية في هذه المنطقة هي التي تتسبب في هذه الرائحة مع العلاج ستختفي الالتهاب والرائحة.
الخلاصة أن الأمر يتم التعامل معه كمشكلة سلوكية تحتاج للعلاج كأي مشكلة سلوكية أخرى وليس كمشكلة جنسية تشعرنا بالتوتر والقلق فنخطئ في التعامل معها، ونرجو أن تعودي إلى حلولنا السابقة للمشاكل المشابهة والتي نؤكد فيها على أن سلوكيات الأطفال والتي قد تشبه تصرفات الكبار لا يكون لها نفس الدلالات التي تنم عنها في عالم الكبار؛ لأنهم ما زالوا أطفالاً.
ـــــــــــــــــ(104/399)
أمور ديننا كيف نعلمها لأبناءنا؟ ... العنوان
كنت أقرأ استشارة: "العقيدة: الإقناع المطلق أم الخضوع المطبق" ، ولدي بعض الاستفسارات بشأنها: أولا: بالنسبة للأوامر والنواهي الدينية، فإن الإسلام هو الاستسلام لأمر الله تعالى، وقبل السؤال عن الحكمة من أوامر الله، وعقل الإنسان قاصر، لكن كيف نوصل لأطفالنا بما يتناسب مع أعمارهم؟
لمزيد من التوضيح أذكر لكم تجربة لي مع ابنتي، وكان عمرها حوالي عامين ونصف، وأعطت لها إحداهن حلوى بالجيلاتين، ونحن هنا نتجنب تلك المواد خوفا من أن تكون مصنعة من الخنزير. ولما أخذتها منها اعترضت وبكت، وخفت أن أقول لها مباشرة إن هذا حرام أو لا يحبه الله، حتى لا يقترن ذكر الدين أمامها بالممنوعات، فقلت لها إن به خنزيرا، والخنزير حيوان سيئ وقذر، وتنبهت بعدها إلى تثبيت هذا المبدأ في ذهنها خاصة من خلال القصص وكتب الأطفال التي بها خنازير.
ولما استوعبت الأمر، بدأت مؤخرا أقول لها إن الله تعالى لا يحب أن نأكل الخنزير؛ لأنه حيوان سيئ وغير نظيف ويسبب الأمراض.. هذا مثال، وغير ذلك كثير، كأن يسأل طفل أمه: لماذا ترتدين الحجاب؟ أو لماذا لا نشرب الخمر؟ وأمور كثيرة يتطلع فيها الأطفال إلى زملائهم وأسرهم.. قد تكون هذه المشكلة أكثر وضوحا في الغرب، لكن الأمر لا يخلو، ولكل مجتمع عيوبه في أي مكان.
ولكني أود أن أربط كل ما أعلمه لابنتي بالله تعالى وليس بأسباب أو تعليلات أخرى، حتى يكون الله تعالى لديها هو الغاية والهدف، وترتبط كل أفعالها بالله تعالى، ومع ذلك فأخشى أن أبدأ منذ سنواتها الأولى أن يكون أول حديثنا عن الدين هو الأمر والنهي، فبم تنصحون؟ وجزاكم الله خيرا.
ثانيا: ابنتي، وهى تقترب الآن من الثالثة، وأريد أن أروي لها قصص الأنبياء، ولكني أعجز غالبا عن تبسيطها بما يمكنها استيعابه، فدائما تقابلني أمور لا أدري كيف أوصلها إليها.. مثلا ذكر الموت تكرر كثيرا.. مثلا في قصة رسولنا عليه الصلاة والسلام، رويت لها مرة أن والده قد مات ثم والدته ثم جده.. ثم خشيت أن أخيفها أو أفقدها الأمان..
ومرة أخرى رويت لها أنهم ذهبوا إلى الله تعالى، لكن قيل لي ألا أقول لها كلاما مثل هذا مما لا تستطيع فهمه أو تخيله.. ولكني أرى من المناسب أن تفهم أن مصيرنا إلى الله تعالى.. ثم إني أرى حتى الغربيين يروون قصة سيدنا نوح عليه السلام للأطفال بلا قلق من شيء، فلماذا نعقد الأمور؟
ثم إني أذكر موقفا منذ عدة شهور، حيث كنت أروي لها قصة الرسول عليه الصلاة والسلام، فوجدتها شاردة، ثم قالت كلمات شعرت منها أنها تريد أو أغني لها أغنية عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ففعلت، ثم راحت في النوم. فكيف يتأثر الأطفال بتلك الأمور؟
ثم إن هناك قصصا لا أدري هل تناسب الأطفال أم لا، كقصة قابيل وهابيل أخشى أن تشوه مفهوم الأخوة لديها، أو قصة فداء سيدنا إسماعيل عليه السلام، يقال إنها قد تخيف الأطفال أو قد لا يستوعبونها، حيث لا يستوعب الطفل الصغير مدى معزة الابن لدى والده، ليستطيع فهم القصة وحكمتها.. فهل حقا ذلك الكلام؟
ثالثا: يرى البعض أيضا ألا نحدث أبناءنا مطلقا عن الجنة والنار، قبل أن يبلغوا السابعة من العمر، وأن نكتفي مرحليا بربطهم بحب الله تعالى، وحديثهم عن نعم الله تعالى علينا واحتياجنا إليه وضرورة شكره وطاعته سبحانه والاستعانة به.
ولكني لا أفهم السبب.. لقد حدثت ابنتي من خلال قصة سيدنا آدم عليه السلام عن الجنة والنار بصورة مبسطة تناسب عقلها، وشعرت والله أعلم أنه تأثرت بهذا الكلام، ربما لأنه كلام محسوس عن قصص وأشخاص والجنة مكان جميل به ألعاب وحلوى جميلة، للناس الطيبين الذين يطيعون الله تعالى ولا يفعلون الأشياء السيئة... إلخ.
أما الحديث عن حب الله ونعمه... إلخ، فهو كلام جميل أيضا، لكنه من المعاني المجردة بعض الشيء، كما أن الأطفال بطبيعتهم يميلون إلى التشجيع والترغيب وكذلك الترهيب بلا مبالغة.. ألا نشجعهم على السلوك الحسن بالحلوى والمكافآت.. وألا نستخدم العقاب أحيانا.. فلماذا نأتي عند الناحية الدينية ونقف؟!
نعم يجب أن نحذر من ربط السلوك الحسن بالمكافأة دائما، لكن المكافأة موجودة مع ذلك.. أما ربط السلوك الحسن بالجنة أو النار، فهذا أمر مختلف عن المكافآت الدنيوية، وهو أمر أساسي في ديننا، والله تعالى أعلم بنا، وقد استخدم معنا سبحانه الترغيب والترهيب بالجنة والنار، رغم قدرتنا على فهم الأمور المعنوية اللامحسوسة، فما بال الأطفال، وهم كما قلتم لا يفهمون إلا المحسوسات؟ أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لكم كانت سعادتي -سيدتي- برسالتك لأنها تعينني وتعيدني في نفس الوقت -رغم تزاحم الأولويات- لمشروع الكتاب الذي أعده عن أسئلة الأطفال الدينية في مرحلة الطفولة والرد عليها، وقد أوحت لي استشارتك ببعض الأفكار التي يمكن الاستعانة بها في الكتاب، فجزاك الله خيرا.
والآن تعالي إلى الرد على ما ورد في الرسالة ونحددها في النقاط التالية:
1- كيف السبيل لربط كل أفعال ابنتك بالدين وأن يكون الله هو الغاية والهدف وفي نفس الوقت تخشين أن تبدئي بالنواهي والأوامر فيرتبط الدين عندها بالممنوعات والأوامر فتبغض الدين والالتزام به.
2- كيف تبسطين القصص الديني بما يمكنها الاستيعاب خاصة فكرة الموت التي سترتبط عندها بالخوف وبعدم الأمان، وما القصص التي تناسب الطفل في هذه المرحلة العمرية؟
3- وهل نذكر للأبناء الجنة والنار في هذه السن أم لا؟
وتعالي لنبدأ في الرد عن هذه التساؤلات:
أما عن السؤال الأول فإنك قد تعاملت معه بشكل رائع فابنتك أصبحت الآن تعلم علل بعض الأشياء، وذلك من خلال الأمثلة التي ضربتها في رسالتك (الخنزير والخمر والحجاب)، ثم ربطتِ لها هذه العلل بحكمة الله في المنع (الحرام) أو الإباحة (الحلال)، وأنا أرى أن تكتفي بهذا القدر من ذكر العلل.
وحين تتعرضين بعد ذلك لأمور ممنوعة أو مباحة فاذكري لها مباشرة أن هذا حلال أو هذا حرام أو هذا أمر يحبنا الله أن نفعله، وهذا أمر لا يحبنا الله أن نفعله، فإن سألتك عن العلة، فقولي لها: "قد عرفنا من قبل أن الله لا يقضي لنا إلا الخير ولا ينهانا إلا عما يضرنا"، وذكريها بأمر الخنزير والخمر والأشياء الأخرى التي ذكرت لها عللها من قبل.
ثم بعد أن تفهم وتعي هذا (والمدة الزمنية لفهم هذا المعنى تختلف من طفل لآخر ومن بيئة لأخرى، وعليك معرفة ذلك من خلال تعاملك مع ابنتك وأسئلتها وملاحظتك إياها، وأظن أن السن ما بين الرابعة والخامسة ستكون مناسبة لابنتك في ظل الظروف والبيئة التي تعيشون فيها)، عرفيها بعد ذلك أن هناك بعض الأمور قد أوضح الله لنا الحكمة من معرفة عللها وبعضها لا نعرفها، وهذا يجعلنا نمتثل لأمر الله طاعة وتعبدا.
كما أن الله يحب الإنسان المجتهد فإن وصل لعلة الأشياء فهذا خير، وإن لم يصل فنحن ممتثلون لأمر الله طاعة لله لا لمعرفة الأسباب والعلل، مع ملاحظة أن علة الأشياء التي نصل إليها هي غالب الظن واجتهاد منا؛ لأن أحدا لا يعرف العلل الحقيقية إلا الله، وكل هذا من خلال القصص والقدوة فهي تراك تمتثلين لأمر الله طاعة له.
ثانيا: كيف نبسط القصص الديني لأطفالنا بما يتناسب مع أعمارهم ومع خصائص المرحلة العمرية:
وسوف أستعرض معك بعض خصائص المرحلة العمرية لطفلتك حتى تعلمي كيف يمكن تبسيط القصص وما القصص المناسبة وغير المناسبة لهذه المرحلة.
* الطفل -كما عرفت- يدرك المحسوسات قبل المعنويات.
* له خيال واسع.
* يميل إلى المرح.
* تفكيره ولعبه متمركز حول ذاته أي يدرك ويفهم العالم من حوله من خلال نفسه ومن خلال خبراته الشخصية.
* يكثر السؤال وأحيانا لا يكون الغرض الرغبة في المعرفة، ولكن أحيانا لإبداء غضبه أو لاستعراض ثروته اللغوية.
* لديه حب استطلاع واكتشاف ما حوله.
* الطفل يتعلم الخوف مما يخاف منه الكبار من حوله، لكنه يخشى الصوت المرتفع والسقوط من المرتفعات وأشد ما يخافه النزاع بين الوالدين وفقد الأمان.
* تستهويه الحيوانات وأصواتها وحركاتها وأشكالها، ولكن بعض الأطفال يخافون منها وربما يكون خوفا مؤقتا (حسب أسلوب الكبار حوله).
* ذاكرته قصيرة المدى لا يتذكر الأحداث البعيدة إلا نادرا، وهي في نفس الوقت ذاكرة صماء، أي يردد أشياء من الذاكرة لا يفهمها بدليل قدرته الفائقة في حفظ القرآن أو الأغاني غير المفهومة لديه.
* يتعلم من الخبرة والمحاولة والخطأ؛ ولذا فإن أسلوب القصة يعلمه القيمة والمبدأ والخلق الصحيح بأسلوب شائق جميل، لكنها ليست كافية؛ لأن يسلك السلوك الصحيح، ومن هنا تأتي أهمية خبرته هو الخاصة ومحاولة الوصول للسلوك الصحيح من التجربة والخطأ كما تمثل القدوة في كل المراحل العمرية أهمية قصوى فبدونها يتهدم كل ما نحاول غرسه في أطفالنا وخاصة ما يصدر عن الوالدين من سلوكيات (وهناك الكثير من الخصائص التي لا تعيننا على فهم طريقة تفكير الطفل لنتوصل للأسلوب الأمثل لقص القصص فقط، بل تعيننا أيضا على فهم طبيعة هذه المرحلة ومن ثم يسهل التعامل معها، ويمكنك الاطلاع على أي كتاب من كتب علم نفس النمو لمعرفة ذلك ومنها كتاب علم نفس النمو للدكتور حامد زهران والذي سقت لك منه بعض النقاط السابقة).
نأتي الآن لكيف نستعمل هذه المعلومات في قص القصص:
يسعد الطفل بالقصص التي تحقق له:
* استعمال الخيال في القصص؛ ولذا فهو يحب كل قصص الخيال، وإذا كنا نتحدث عن القصص الديني فإن ما يستهوي الأطفال هو قصص المعجزات للأنبياء.
* تستهويه القصص المرحة والشائقة الممتعة.
* طريقة سرد القصة التي تجعله يفكر وتتحدى ذكاءه كأن نحكي له جزءا ونسأله وسط القصة: "تفتكر ممكن يكون حصل إيه بعد كده أو كيف تصرف فلان في هذا الأمر أو لو كنت أنت مكانه ماذا ستفعل...؟".
* إذا أردنا أن نزرع بعض القيم والمبادئ الخلقية مثل الأمانة والصدق والتعاون والوفاء... إلخ، فإن قصص الحيوانات تكون مناسبة جدا.
وهناك بعض قصص الأنبياء المبسطة يمكنك الاستعانة بها لكل من الأستاذين: عبد التواب يوسف وأحمد بهجت لتعرفي كيف تبسطين القصص على غرارها على أن تقرئي هذه القصص أولا قبل قراءتها على طفلتك؛ لأن هناك بعض الأمور التي ستجدين أنها تحتاج إلى بعض التعديل لتناسب فكر ابنتك.
يتبقى أن أذكرك أن ما سبق كان عن الخصائص العامة للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، ولكن يظل كل طفل له سماته الخاصة به والتي تستطيع الأم التعرف عليها من خلال الملاحظة القوية لأطفالها، فمثلا إذا كانت قصص الحيوانات تستهوي بعض الأطفال في هذه المرحلة؛ فالبعض الآخر يرفضها ويستخف بها ويرفض أن يصدق الكلام الذي يجري على لسان الحيوانات.
نأتي لمسألة الخوف وما يناسب الطفل من هذه القصص: كما ذكرت لك أن الخوف مكتسب سواء من الكبار حوله أو من تجربة أثارت مخاوفه، مع ملاحظة أن بعض الأطفال لديهم استعداد للخوف أعلى من غيرهم.
وأما عن نوعية القصص التي تناسب الأطفال في هذه المرحلة فقد انقسم أهل التخصص فيها لرأيين مختلفين: فالرأي الأول يرى أنه لا داعي لذكر الموضوعات والأمور التي تثير مخاوف الأطفال مثل قصص الموت أو ما يهدد أمن الطفل مثل قصة فداء إسماعيل وإلقاء موسى في اليم ومسألة فقد الرسول لوالديه... إلخ.
والرأي الآخر أنه لا يرى بأسا في الحديث عن هذه الأمور ما دام أننا لا نثير مخاوف الطفل أثناء السرد، وأنا أميل للرأي الثاني مع وضع عدة اعتبارات أثناء السرد:
* ألا يركز على الحدث المأساوي أو الحدث الذي نفترض أنه سيخيف الطفل ونمر عليه مرورا سريعا.
* ألا يكون هذا الحدث هو الهدف من سرد القصة، ولكن يكون حدثا عارضا، فحينما تقصين سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال فيكون أمر يتمه جزءا تمرين عليه لتصلي به إلى هدف آخر مثل تحمله المسؤولية وكيف كان يحبه عمه أبو طالب حتى إنه يقربه إليه، ويأخذه معه في رحلات التجارة دون أولاده، وكيف كان سيدنا محمد يبادل عمه حبا بحب؛ ولأنه يحفظ الجميل ولديه إحساس عال بالمسئولية قرر أن يساعد عمه في كسب الرزق فعمل راعيا للغنم وهو صبي ثم بالتجارة عندما أصبح شابا... وهكذا.
* طريقة إلقاء القصة والتلاعب بالأداء الصوتي والتعبير بالوجه له تأثير أكبر بكثير من كلمات وألفاظ القصة (تأثير لغة الجسد والتعبيرات بالوجه 55%، وتأثير نبرة الصوت 38%، والألفاظ والكلمات 7% فقط).
وسأقص عليك قصة تؤكد لك صحة هذا الرأي فقد ذهبت لزيارة إحدى صديقاتي فرأيت أولادها يلعبون "لعبة الاستغماية"، وهي عبارة عن أحد الأطفال يختبئ والآخر يبحث عنه، فلما لم يجده قال: أخي مات، فانزعجت لهذا القول فقلت سريعا: "أبعد الله عن أخيك كل سوء"، فإذا بالطفل الصغير -وعمره آنذاك أربع سنوات- يقول لي بمنتهى البساطة: ألسنا جميعا سنموت، فلما نظرت لصديقتي مستفهمة فقالت إنهم يعرفون تماما أن مآلنا جميعا الموت، وهذه الدنيا هي عبارة عن جسر نعبر عليه لنذهب إلى مكان أفضل وأجمل وهو الجنة وهذا لمن أطاع الله وعمل صالحا والذين يرتكبون الذنوب ويتوبون عنها، أما الذين يعملون السيئات ويصرون عليها بلا توبة فإن مآلهم إلى النار، ولم تتحدث صديقتي عن النار إلا في هذا المقام فقط لتعرفهم أنها خلق من خلق الله أعده لمن لا يؤمن به أو لمن يصر على المعاصي دون توبة.
وأما معظم حديثها فكان عن الجنة وما فيها من نعيم (أرجو أن ننتبه لمن يدخل الجنة ومن يدخل النار فلا يصح أن نرسخ في أذهان أطفالنا أن الصالحين هم الذين يفعلون الخير ولا يرتكبون المعاصي وهم الذين سيدخلون الجنة فهذا مخالف لطبيعة البشر، وفي المقابل لا يصح ترسيخ أن الذي يدخل النار هو الذي يعمل السيئات فربما تاب ولم يصر على معصيته).
أنا معك تماما -سيدتي- أن الأطفال يدركون المحسوسات (كما سبق أن ذكرت)؛ ولذا أنا لا أرى بأسا على الإطلاق في ذكر الجنة والنار لأطفالنا في هذه المرحلة ولكن بالطريقة التي سقتها لك في حكاية صديقتي وبالطريقة التي قصصت أنت بها قصة آدم عليه السلام لابنتك، هذا إلى جانب ربط الجنة أيضا برضا الله ومحبته وبهذا نكون ربطنا المحسوس بالمعنوي الذي ستدركه طفلتك بشكل أكثر عمقا في المرحلة السنية التالية.
وأما القصص التي تخشين أن تشوه لديها بعض المعاني والمبادئ كقصة قابيل وهابيل فإنها ستعرف أن هناك بعض الإخوة لديهم من الطباع السيئة التي تؤدي بهم لمثل هذه الأفعال، وهي ستجد ذلك في حياتها العملية فيما بعد، لكن لا بد أن تركزي في القصة أن ما فعله قابيل هذا فعل أغضب الله ولم يرض عنه، واجعليه حدثا عارضا أيضا لتبلغي به هدفا أقوى وأعمق وهو بداية عمارة الكون وسعي الإنسان وخلافته في الأرض.
وأخيرا سيدتي أود فقط أن أذكرك بأن هناك بعض الأمور العقائدية الأخرى التي يمكن أن نتعرض لها في الطفولة المبكرة:
* التعرف على بعض أسماء وصفات الله من خلال القصص ومن خلال التأمل والتفكر (لا تندهشي من مسألة التفكر والتأمل)، فيمكنك تدريب ابنتك منذ نعومة الأظفار على كيف تتأمل في خلق الله، فمثلا يمكن من خلال رحلة للتنزه في أحد الأماكن الجميلة بألمانيا تبدئين في تنمية إحساس طفلتك بالجمال والذوق والتأمل في إبداع الله وفي خلقه، وإليك بعض الأسماء والصفات التي يمكن أن تبدئي بها في هذه المرحلة معها: العالم – الرزاق - الرحمن – الخالق - الغفار - السميع – البصير – العدل – المحيي – المميت – المبدع.
* لا بد من ترسيخ أن ديار المؤمنين ومأواهم الأصلي هو الجنة وما فيها من ألوان النعيم الذي تستطيع ابنتك استيعابه الآن، وأن هذه الدنيا مثلها مثل الجسر -كما سبق أن أشرت في قصة الصديقة- الذي نعبر عليه للآخرة لنصل لديارنا؛ ولذا فإن نهاية هذا الجسر هو الانتقال من الدنيا إلى الجنة، وهو ما يسمى بمفارقة الحياة الدنيا أو الموت، وأن كل واحد منا له موعد لترك هذا الجسر، وأن كل ما نفعله على هذا الجسر محسوب علينا سواء أخطأنا أو أصبنا، والطبيعي أننا نخطئ، ولكن الجميل أن نعود ونستغفر ونعتذر لله، على ألا نعود لهذا الخطأ مرة أخرى ولا نستهين بفعل الخطأ؛ لأن هذا يعرضنا لغضب الله منا وبالتالي يؤدي لعدم دخول الجنة.
* إلى جانب ما تقومين به من التعريف بالأنبياء والرسل وكتبهم وأننا مطالبون بالإيمان بهم، لكن اعلمي سيدتي أن القلوب تمل فلا تكثري على طفلتك من هذه الموضوعات ونوعي لها في القصص والأغاني والأنشطة.
في نهاية رسالتي لك أرجو أن أكون قد وفيت الأسئلة والإجابات حقها، ولكن أرجو متابعة ما ستقومين به مع ابنتك؛ لأن هذا لن يفيد ابنتك فحسب بل مجموعة أخرى من أبناء المسلمين الذين سينتفعون بالكتاب الذي أحاول جاهدة إخراجه إن شاء الله مع خالص دعائي بأن نكون من عتقاء هذا الشهر الكريم.
ـــــــــــــــــ(104/400)
متى نخبر الطفل بحقيقة الانفصال؟! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا عن هذا الموقع لما تقدمونه من فائدة عظيمة للأمة الإسلامية، وأقول "الأمة الإسلامية"؛ لأن الأم مدرسة إذا عددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
ولا أخفي عليكم أنني قد استعنت بكم في كثير من المواقف التي حصلت معي وفي علاقتي مع ابني وفي تربيته، إضافة لمساعدة زميلاتي في العمل لتربية أبنائهن؛ وهو ما أسهم كثيرا في زيادة وعينا وتثقيفنا لتربية أطفالنا وحسن تصرفنا معهم، فجزاكم الله عنا كل الخير، خصوصا أن آخر ما يتم تعليمه للمرأة هو كيف تربي أبناءها اعتمادا على أن الأمومة تأتي بالفطرة!! وكأن كل ما يحتاج له الطفل هو الطعام والاهتمام بنظافته وحسن هندامه، ولا أريد الإطالة أكثر.
وما أريد عرضه عليكم هو أني أعيش مع والدي لأربي طفلي 8 سنوات منذ ما يقرب على 3 سنوات، في حين أن علاقتي بوالد طفلي ممتازة حيث يحاول الجميع الاحتفاظ بهذه العلاقة الطيبة لما فيها من أثر جيد على غسان، حيث يقوم والده بالاتصال به مرتين في الأسبوع ويقوم باصطحابه معه مرة في الأسبوع دون أن يبيت معه، مع العلم أني لا أتدخل في هذا الموضوع أبدا وأخبره بأنه يستطيع أخذه متى يشاء، لكن دون أن يبيت لديه؛ لأني لا أستطيع تحمل ذلك، والحمد لله فإنه يستجيب لرغبتي.
والمشكلة تكمن في أنه ولغاية الآن لا يعلم غسان بموضوع طلاقي من والده وذلك باتفاق بيننا، وما لا أخفيه عليكم أني متخوفة جدا من هذا الموضوع، وأخشى أن أنقل لابني هذا الإحساس فيشعر بصعوبة الموقف؛ فكيف أقوم بتبليغه بهذا الموضوع؟ وهل من الممكن أن يحصل له تأثيرات جانبية ويؤثر في شخصيته؟
مع العلم أن غسان لديه مشكلة بسيطة في الـ fine motorsوأقوم بإرساله حاليا إلى إخصائية في هذا الموضوع؛ حيث إنه يتقدم بشكل ممتاز وأخشى أن يؤثر عليه هذا الموضوع بشكل سلبي، مع العلم أن المشكلة تكمن في خطه وثقل حركته، حيث إنه يعتبر سمينا بعض الشيء نسبة لعمره، ولا أعلم هل السبب الرئيسي في هذا الموضوع هو الانفصال أم لا؟ أرجو إرشادي حول الموضوع وأرجو إفادتي بموضوع الـ(fine mottors) ، وجزاكم الله خيرا، وعذرا للطالة.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بك على صفحتك معا نربي أبناءنا.
سيدتي الفاضلة، إن طفلا عمره ثماني سنوات يرى في الواقع أن أبويه منفصلان؛ فهما لا يعيشان في بيت واحد والأب يصحبه مرة في الأسبوع دون أن يبيت معه ويتصل به بالتليفون إنه يدرك تماما أن هذا ليس هو الوضع الطبيعي في علاقات الآباء والأمهات ببعضهم؛ فهو من المؤكد يرى الأسر الأخرى ويرى زملاءه وكيف أنهم جميعا يمكثون في بيت واحد.
إذن فالواقع يفرض نفسه وغسان يعيشه بالفعل فيصبح ما تبقى هو إخباره بعنوان هذه الحالة وهو عنوان ربما أيضا يكون حاضرا في ذهنه بطريقة أو بأخرى عبر وسائل الإعلام أو عبر كلمة عابرة هنا أو هناك بدليل أنه لم يحتج للسؤال خاصة أن الأطفال في هذه السن لا يسكتون عما يستعصي على فهمهم.
المقصود هو أن الواقع الذي يعيشه ابنك كافٍ لإخباره بصورة عملية بأنك ووالده منفصلان وإعطاء عنوان للأمر مجرد تحصيل حاصل ولن يكون جديدا عليه، خاصة أنه لن يترتب عليه في الواقع أي تغيير؛ حيث إن علاقتك الجيدة بزوجك السابق واتفاقكما على رعاية الطفل تجعل الآثار السلبية لانفصالكما في أضيق الحدود.
عندما يسأل غسان عما يراه من واقع فنخبره بهدوء أنني وأباه لم نستطع العيش معا لاختلاف طباعنا وطريقتنا في الحياة، ولكننا اتفقنا على رعايته وحبه، وأن الانفصال لا يعني أن أحدنا سيئ؛ فنحن أبوه وأمه، وسنظل كذلك؛ فأبوه رجل محترم وفاضل ويقدم كل الرعاية له على قدر استطاعته، وأمر الانفصال لا يؤثر على علاقته بأبيه وأهله هذا عندما يسأل والغالب أنه لن يسأل ما دام لسان الواقع يجيب على كل تساؤلاته.
بالنسبة للـ fine motors فلا علاقة لها بأمر الانفصال، ونرجو أن تعودي لصفحة استشارات صحية بتفاصيل حالة طفلك، وكيف تم تشخيصه، وما هو الذي يتم في علاجه لمساعدتك في أي استفسار بهذا الشأن.
ـــــــــــــــــ(104/401)
التربية عبء.. لكنها الأمومة ... العنوان
أود أن أوضح أولا أن ابنتي هاجر 3 سنوات ليست مقيمة معي بل هي مع الجدة (أمي) وأنا آخذها فقط في نهاية الأسبوع يوم الجمعة وأعيدها لأمي يوم السبت، أي تجلس عندي فقط يومين. وهي طفلة ذكية جدا ومحبوبة من الجميع مع العلم أنها الطفلة الوحيدة بالعائلة فكلهم من الذكور وهي مدللة جدا من الجميع ولكن هي عصبية بشكل واضح إذا رغبت في شيء تريده، ولكن لها خالتها تعلمها كثيرا حتى إذا أخطأت تأخذها على انفراد وتوضح لها الصواب لكي لا تفعل ذلك مرة أخرى. ولكن المشلكة بي أنا وهي عندما تأتي لي ألبي لها كل شيء حتى إنها عندما ترجع ثانيا إلى أمي وخالتها تتمرد عليهم فهذه هي النقطة الأولى.
أما الثانية فهي ذكية جدا جدا ولماحة وأريد أن أعرف كيف أنمي هذا الذكاء وكيف أوجهها عندما تأتي لي فطبيعة عملي تقضي أن أتركها عند جدتها والأهم أن والدتي نفسها ترفض تماما أن آخذها منها إلا فقط في الإجازات ومعظم الوقت تقول لي ابقي أنت في الإجازة معي، حتى إذا دخلت المدرسة سوف أبحث لها عن مدرسه قريبة، فماذا أفعل يا سيدتي/ سيدي هل أستمع إلى كلام والدتي أم آخذ بنتي الآن وأنا في ظروف تسمح لي بأن تستقر الآن معي؟ وهل أرسلها إلى حضانة إلى أن يأتي ميعاد دخولها المدرسة حتى تتعود على الحياة الخارجية؟
علما بأن ابني محمد 7 سنوات قد حدث معه نفس الموضوع فقد أخذته في سن حوالي 5.3 ووضعته في حاضنة إلى ميعاد دخول المدارس ولكنه كان منطويا لا يكلم أحدا إلى أن تعود على الحياة الخارجية بعيدا عن حضن الجدة والجد رحمه الله فماذا أفعل يا سيدتي؟ فلا أريد أن يحدث لابنتي ما حدث مع ابني أرشدوني بالله عليكم. وكيفية تنمية الذكاء وتوجيهه التوجيه الجيد. أشكركم جزيل الشكر.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام أنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم.
جزى الله أمك كل الخير على تربيتها لأولادك ودعمها لك لهذا الحد.. وإن كان يكفي هذا الحد وأرجو أن تردي طفلتك إليك مع مراعاة شعور أمك والحفاظ على إحساس الوحدة الذي ربما خلفه لها وفاة الزوج رحمه الله.
الجدات من أحن وأرق البشر ومن أكثر الناس الذين يتعلق بهم الأطفال لا لشيء إلا لأنهم يتعاملون معهم بعيدا عن ضغوط الحياة الكثيرة التي تثقل كاهل الأب أو الأم أثناء تربيتهم لأطفالهم.. فحين يربون يكونون أهدأ وأرق وأقل توترا، وحين يوجهون لا يخلو توجيههم من حب.. ولكن في حالتك الوضع معكوس.. هل تعلمين لماذا؟
في حقيقة الأمر أعتقد أنك غير راضية وغير مرتاحة تماما لانسحابك من دور الأم والقيام به في الإجازات فقط.. فكان التعويض لأطفالك هو تلبية ما يريدون، وما تمنعه الجدة أحيانا لأنها هي التي تقوم التربية الكاملة وليس أنت.. وهذه طبيعة من يتعامل لفترة وجيزة مع الأطفال فتجده لطيفا ملبيا والوضع يختلف حين تكون كل التفاصيل معهم، فنمنع حين نجد المنع أصوب، ونعطي حين نجد العطاء أصوب ونصحح وننوجه وننتقد أيضا أحيانا.. فلا نكون باللطف الذي كنا نتخيله في أنفسنا. ولكن رغم ذلك نبقى كأمهات (رغم غلاستنا وسخافتنا) في بعض الأحيان أفضل حضن للطفل في هذه الحياة. هذه هي الأم الطبيعية التي تقوم بالأمومة كوظيفة ليس فيها إجازات.
لا أدرى بطبيعة الحال الظروف التي يمكن أن تكون دافعة لك لأن تتركي مسئولية تربية أطفالك لأمك، وتكتفي بيوم أو اثنين في الأسبوع.
كيف إذن تتكون رابطة الأم بأولادها.. كيف إذن يعتاد الأب والأم أيضا مسئولية الوالدين؟ خاصة إذا ما كبر الأطفال وصار تواجدهم الأكثر في المدرسة ووسط الواجبات المنزلية، ومن بعدها وسط الرفاق.
متى إذن نكون رابطة الأمومة والأبوة.
رائع بطبيعة الحال أن يكون للأطفال جدة محبة لهذا الحد ولكن الجدة لا تقوم مقام الأم.. خاصة أن الزمن تغير.. وهناك من المعطيات في هذا الزمن ما لم تسايره الجدة بطبيعة الحال.. فهي بالتأكيد تربيهم كما كانت تربيكم أنتم.. وهذا جيد ولكن ينقصه نكهة الأمومة، وينقصه بعض ملامح العصر الذي يعيشه أطفالك.
فليلعب كل منكما دوره الحقيقي، بدلا من تبادل الأدوار.
حبيبتي:
ردي أطفالك إلى حضنك واستمتعي بدفئهم.. ولا تنسى أبدا الشكر الوافر لأمك أكرمها الله.. وبلغيها تحياتي فعلا، وبلغيها كم هي رائعة.. بارك الله لك في عمرها ومتعك بها.
وأذكرك حبيبتي بالتدرج في هذه الخطوة لكل الأطراف:
الوالدان الذان سيصبح عبء التربية كاملا عليهما لأول مرة، الطفلان اللذان لم يعتادا العيش الكامل في بيئتهم الجديدة والتعايش الكامل مع والدين (full time)، والجدة التي ستشعر بالوحدة والوحشة غالبا بعد ترك حفيدتها.
فقدمي الموضوع لها خطوة خطوة وأظهري لها كم هو مفيد للأطفال ومن أجل مصلحتهم أن يعيشوا في كنف والديهما، وكم هو مفيد أيضا أن يعيش الأبوان تجربة الوالدين كاملة بكل مسئولياتها وكل أعبائها حتى ينعما بثمرة هانئة لاحقا إن شاء الله. وأعلميها أنك تقدرين كم هي مشاعرها لتركهما، ويمكن أن يكون هناك عدد من الحلول لتهدئة مشاعرها منها مثلا زيادة زياراتها لكم، ومكوث الأطفال لديها في الإجازة.. وغيرها من الأفكار والبدائل التي يمكنكم التفكير فيها معا.
بارك الله لك في أطفالك وأقر عينيك بهما.
أما عن تنمية الذكاء فهناك الكثير من التفصيلات أرجو أن تطلعي عليها في "ملف صيف ذكي جدا! "
-ـــــــــــــــــ(104/402)
إستراتيجيات التركيز والانتباه – متابعة 3 ... العنوان
الأستاذة الفاضلة/ أ. عزة تهامي، أشكر سيادتكم كثيرا على الاهتمام والرد على رسالتي، أعانكم الله لما تبذلون من جهد لإفادة الآباء والأمهات.
قبل أن أبدأ بمتابعة مشكلة محمد أود أن أوضح شيئا من الجائز أن يكون هو المشكلة الرئيسية ولا أعلم.. فقد قلت لسيادتكم سابقا إن محمدا انتقل لمدرسة أخرى قريبة من المنزل، وهو لا يعاني الآن من المجهود السابق في وصوله إلى المنزل متأخرا ومجهدا، وفي الأيام الأولى من الدراسة كان يشكر بالمدرسة والمدرسين، ومن أول يوم -لحفظه أشياء كثيرة- كان محل اهتمام جميع المدرسين.
ومن السؤال عليه كانت الإجابة من جميع المدرسين أنه ولد شاطر جدا وحافظ أشياء كثيرة، وذلك عند مراجعتهم لبعض أشياء على سبيل المثال في اللغة العربية والإنجليزية.
ولكن سيدتي تغير الحال تماما، وأنا أرجح أن يكون هذا لأن ارتباطه بمدرسته السابقة له تأثير واضح عليه؛ فأصبح يقارن كثيرا بين مدرس اللغة العربية مثلا ومدرسته السابقة له وكيف كانت تعامله وكيف كانت تحفظه مثلا القرآن وكذلك باقي المواد. أما في هذه المدرسة فيقول إنهم ليسوا جيدين ولا يعاملونني معاملة جيدا، وأوضحت له أن كل مدرس له أسلوب في التعامل وكذلك المدرسة أيضا.
ولاحظت فعلا يا سيدتي أن المدرسة السابقة أحسن كثيرا من جهة المدرسين والمدرسة معا، أما المدرسة الحالية فمعظم مدرسيها لا يتعاملون بالحسنى، فإذا أراد مثلا المدرس أن يقول للتلميذ قف فلا يقولها بالفم ولكن بالضرب.
وأنا أعرف يا سيدتي أنك ستقولين الآن إذن المدرسة تضرب وأنتم كذلك! أولا أود أن أوضح لسيادتك أن عملية تذكر الواجبات بالمدرسة، فقد قمت بعمل كراسة متابعة وفعلا أتت بنتيجة حسنة؛ فالآن يتذكر محمد عن ذي قبل ولكن ينسى في بعض الأحيان ويمكن أن نقول إنها انخفضت بنسبة 75% والحمد لله.
أما بخصوص مسألة البطء فأنا لاحظت كما ذكرت سيادتكم سابقا أنه فعلا يبطئ عن عمد، وترجيح سيادتكم فعلا كان صحيحا، وهذا لمتابعتي له لاحظت نقطتين، وهما أولا يبطئ لأنني ألح باستمرار بإنهاء عمل الواجب، والسبب الآخر أنني دائما أجعله ينهي الواجبات ثم يبدأ في الحفظ، وهذه هي المشكلة الكبرى بالنسبة لمحمد فهو لا يريد أن يحفظ أي نوع من أنواع الحفظ (إنجليزي - أناشيد - دين).
ويمكن أن أقول إن هذا خطأ فأنا على اعتبار التحفز أقول له عند الانتهاء من الواجب أو الحفظ ستلعب أو تشتري شيئا، سابقا كان هذا يفي بالأمر، ولكن الآن يا سيدتي لا ينفع أبدا، فإذا قلت له عندما تنتهي ستلعب أو تشتري شيئا لك يقول "بس كده"، فلا يرضيه هذا الآن، وبدأت بتغيير أسلوبي معه فأقول له إذا لم تعمل الواجب فأنت حر هو أنا من سيسأله المدرس أين الواجب أو أذهب إلى السبورة فلا أعرف؟ فإذا به يبكي بكاء شديدا؛ وإذا أخذت الكراسات والكتب من أمامه يقول أريد أن أعمل الواجب وأحفظ.. فهل هذا الأسلوب صحيح أم لا؟
لا أنكر يا سيدتي أننا أنا ووالده فعلا أصبحنا سيئين (فأنا أضربه وأعنفه من ناحية وكذلك والده) ولكن للسلوك السيئ المكتسب لدى محمد، وهو لا يعمل أي شيء إلا بالضرب، فإذا قلت له بالحسنى من فضلك افعل كذا؛ يرد ويقول لي لن أفعل، وإذا قلت على سبيل المثال ستعمل الواجب الآن أو الحفظ وإلا ستنال عقابا فإذا به ينهي هذا بسرعة.
لم أعد أعرف ما هو التعامل مع هذا الطفل، لا يأتي بالحسنى أبدا، وإذا عاقبته أندم وأبكي؛ فأنا فعلا لا أريده أن يصبح رجلا ليس له شخصية، وأنا أعلم تماما أن هذا يلغي شخصيته.
أما بالنسبة للكذب فلا أنكر يا سيدتي أنه أصبح صادقا بنسبة 90%، وإذا قال كلاما أحس به أنه فعلا صادق أمدحه حتى إذا كان ما فعله خطأ، ولكن ببعض التوجيهات مثل أنت ولد كويس، إنك لم تكذب ولكن لا تفعل هذا مرة أخرى؛ لأن الله يراك والملائكة وربنا سوف يغضب منك ولا يدخلك الجنة التي بها كذا وكذا، وأشرح له ما في الجنة من جمال، وكل الأشياء التي يحبها سوف يحرم منها إذا غضب منه الله.
مع العلم أنه أصبح صادقا؛ لأنني أخبره أن الملائكة تحكي لي ما يفعله من حسنات أو سيئات، ولكن سيدتي هو يصدق هذا لأنه صغير، ولكن مع مرور الوقت سوف يعرف الحقيقة، وهي أن الملائكة لا تحكي لي شيئا.. فهل أغير هذا الأسلوب معه؟ وكيف إذن أغيره؟
أما بخصوص أخته ففعلا بدأ يغير معاملته معها مرة يعاملها بالكلام ومرة أخرى يضربها، ولكني دائما أقول له إذا ضربتها فسوف تكرهك، أما إذا قلت لها لا تفعلي هذا فسوف تسمع كلامك.
أنا أعرف يا سيدتي أن كلامي هذا متناقض لما أفعله معه، ولكن ماذا أفعل؟ مرة بالحسنى وأخرى بالضرب، ولا أنكر يا سيدتي أن المرات الكثيرة هي الضرب، مع العلم أنني أعاقب أخته مثله ولكن بالضرب الخفيف لكي لا يشعر أنه فقط الذي يعاقب ولأنه الكبير مثلما يقول.
وأخيرا سيدتي سوف أقول لك ماذا اتفقنا عليه أنا ووالده؛ أولا: إذا عمل الواجب أو حفظ أعطيه قبلة وأصفق له أنا ووالده. ثانيا: نمدحه أمام الآخرين ونقول ولد شاطر ويعمل الواجب. ثالثا: نقول إنه يحب أخته ويشتري لها حلوى.
أخيرا أود أن أوضح شيئا مهما يا سيدتي أرجوك.. لا أريد أن ألجأ إلى الضرب لا أنا ولا والده فأرشديني بالله عليك ماذا أفعل؟ مع العلم أنه في بعض الأحيان يؤذي نفسه مثلا من تسرعه يجرح نفسه.
ملحوظة: في السنة السابقة كان محمد نظيفا ويهتم بنفسه وبغرفته، فأصبح شديد الإهمال في لبسه وغرفته وكذلك كتبه، وإذا عنفته يحافظ ويرتب ولكن قليلا جدا يا سيدتي، مع العلم أنني جربت سابقا أن أقول له إن الولد المنظم النظيف دائما الناس تحبه وتحترمه وتقول إنه ولد شاطر، ثم ألجأ ثانيا إلى التعنيف؛ لأنه يستجيب فقط يوما على الأكثر، ثم يعود كما كان؟
أعلم يا سيدتي أنني أثقلت كثيرا، ولكن أريد أن أوضح على قدر الإمكان ما يحدث لكي تتعرفي على كل المشاكل التي تواجهني مع ابني الوحيد الذي أتمنى من الله أن يكون أحسن الناس، كما تتمنى كل أم.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي شكرا لك على المتابعة وعلى ثقتك بي وأدعو الله أن أكون أهلا لها.
وكما تعودنا معا في الاستشارات السابقة، سوف نحدد ما تناولته في رسالتك في النقاط التالية:
1. عدم ارتياح محمد للمدرسة الجديدة ومقارنته بالمدرسة القديمة، واستخدام المعلمين أسلوب الضرب كوسيلة للعقاب بل للتفاهم مع الأطفال.
2. طريقة مساعدتك له في المذاكرة.
3. لا يؤدي شيئا مطلوبا منه إلا إذا ضرب.
4. الملائكة التي تخبرك بمدى كذبه وصدقه.
5. كان يهتم بغرفته وبنظافته وبكتبه، لكنه الآن أصبح مهملا في كل ما سبق.
قبل أن أبدأ في تناول النقاط السابقة، اسمحي لي أن أبدأ ردي على رسالتك الكريمة بمقدمة وجدت أنها لازمة في هذا المقام، وسأبدؤها بآخر جملة كتبتها، وهي: أنني أتمنى من الله أن يكون -أي محمد حفظه الله- أحسن الناس كما تتمنى كل أم.
وهنا بالتحديد سيدتي تكمن المشكلة وقبل أن تندهشي من هذا قائلة: أو ليست كل أم تتمنى هذا بالفعل؟ أقول لك: بلى، أنا معك تماما، لكن هذه الأمنية تتمكن منا للدرجة التي تجعلنا متربصين بأطفالنا في كل صغيرة وكبيرة، ولا نريد لهم أن يخطئوا أو تحدث منهم أي هفوة، وباعتبار أننا نكرس لهم كل شيء بل نكرس حياتنا نفسها لهم فليس أقل من أن يكونوا على أفضل حال خلقا ودينا وعلما كأننا نريد أن ننجب ملائكة تمشي على الأرض.
إن مشكلتنا الحقيقية -سيدتي- مع أبنائنا حتى نحقق هذه الأمنية أننا نقوم بالمهام بالنيابة عنهم بل نشتغل كضمائرهم التي من المفترض أن تنبههم لما يجب أن يقوموا به؛ فنحن الذين نوقظهم للمدرسة، ونحن الذين ننبههم للواجبات، ونحن الذين ننبههم للوضوء والصلاة، ونحن الذين ننبههم للاهتمام بنظافتهم، ونحن الذين نتحرى لهم الصواب ليفعلوه، ونحن الذين نجنبهم الخطأ، ونحن الذين نؤنبهم إذا أخطئوا؛ فأين هم بالله عليك؟! وما مهمتهم؟ أن يتحركوا وينفذوا ما نطلبه وكأنهم دمى؟!
سيدتي ليس الهدف من التربية -على الإطلاق- أن نجعل أبناءنا يتصرفون وفق ما نرسمه لهم أو يؤدون المهام المطلوبة منهم أو حتى أن يسلكوا ويتصرفوا بالشكل الصحيح اللائق المطلوب (تعاون في البيت، وأداء واجبات، ومحافظة على الهدوء، واللعب بشكل لائق مع الإخوة، وقول الصدق، والأمانة، وعدم الكذب، والحفاظ على الأخلاقيات السامية النبيلة... إلخ).
بل الهدف هو أن يتعلم الطفل كيف يكون مسئولا عن نفسه ويتحرى -من تلقاء نفسه- الصواب؛ لذا فالأمر يحتاج إلى تركيز مجهوداتنا في تعليم الأبناء المسئولية عن تصرفاتهم وسلوكياتهم؛ لأنهم هم في النهاية الذين سيخوضون معترك الحياة بمفردهم، فضلا عن أنهم هم الذين سيحاسبون أمام الله على أفعالهم وتصرفاتهم "كل بحسب ما قدم هو لا غيره".
إذا استطعنا استيعاب هذا الهدف جيدا فستتغير أمور كثيرة في حياتنا وطريقة توجيهنا لأبنائنا، أقلها هي ألا نتعامل معهم كآلات نحركها ونبرمجها كيفما شئنا، فإذا لم تنصع وتسر وفق "الكتالوج" بدأنا نصرخ وننهار، ونتساءل: لماذا لا تسير هذه الآلات وفق ما نريد برغم أننا كلفناها الكثير وقطع غيارها سليمة.
اعذريني -سيدتي- لهذه الإطالة وللقسوة التي قد تبدو في هذه المقدمة، لكننا لن نخطو خطوة واحدة نحو التربية المنشودة إلا إذا وعينا ما سبق وعيا يحركنا نحو الاتجاه الصحيح، ولكي نحقق هذا الهدف وهو أن نربي أشخاصا مسئولين سنستعرض نقاطا تشمل أمورا أقترح أن تنتهي عنها، وأمورا أخرى يجب مراعاتها؛ فتعالي لنبدأ ذلك معا يدا بيد، ولنبدأ على اسم الله وبركته:
1. كُفي تماما أنت ووالد الطفل عن ضربه، وحين يستفزكما وتهمان بضربه فتذكرا قدرة الله عليكما، وتذكرا أن طفلكما هذا هو نعمة من الله عليكما ينظر كيف تصنعان بها وأنكما بضربه تنشئان شخصا ضعيفا جبانا غير سوي نفسيا، كما أن هذا الضرب يبعدنا عن الهدف من تنشئة الشخصية المسئولة التي نسعى إليها، وأما كيف نتصرف معه إذا أخطأ فهذا ما سنستعرضه بعد قليل في الأسطر التالية.
2. كُفي عن الإلحاح عليه في المذاكرة أو إغرائه بمكافأة مشروطة لينتهي من واجبه ، ولا تأخذي كتبه وكراسته من أمامه؛ بل عليك باتباع طريقة الجدول حتى يتعلم أنه مسئول عن نفسه في أداء هذه الواجبات.
3. كفي عن الحديث عن الملائكة التي تخبرك بما يفعل؛ فكيف بالله عليك نعلم أبناءنا الصدق بالكذب؟! ويمكنك حل هذا الموقف عن طريق:
• حين يسألك عن هذه الملائكة التي تخبرك بما يفعل بعد أن تكفي عن ذكرها حدثيه عن الملائكة وما صفاتها وما وظائفها التي خلقها الله لها، ولا تذكري مسألة إخبار هذه الملائكة لك بما يفعله، وعندما يسألك عن هذا قولي له سوف نتحدث مرة أخرى عن هذا الأمر.
• وبالفعل لا بد أن تحدثيه مرة أخرى عن الملائكة؛ فاطلبي منه أن يعدد لك وظائف هذه الملائكة التي ذكرتها له من قبل، فإن سألك مرة أخرى عن إخبار الملائكة لك بأفعاله فقولي له هل ذكرت لك هذا في وظائفها التي تحدثنا عنها؟ فستكون الإجابة: لا، فردي عليه قائلة: فهي إذن لا تفعل، فإن واجهك بأنك أفهمته غير هذا من قبل، فقولي نعم أعترف أنني أخطأت فيما قلته لك من قبل، ثم لا تزيدي عن هذا الرد شيئا آخر.
4. لا تركزي على كل أفعال وتصرفات محمد، ولا تتعقبيه؛ فإن هذا يزيد من ارتكابه للأخطاء، فإذا أخطأ ولم يلحظ أنك ترينه فتصنعي عدم رؤيتك له. أما إذا لاحظ رؤيتك له أثناء ارتكاب الخطأ فإن كان خطأ وقع فيه لأول مرة فما عليك إلا أن تنبهيه بلطف وحزم في آن واحد بأن ما فعله خطأ لا يجوز فعله مرة أخرى. أما إذا كان خطأ متكررا فلا بد من أن تنظري إلى عينيه مباشرة بحزم وصرامة دون كلام، فإن تمادى فقفي أمامه بطريقة تجعله لا يراوغ ولا يتفلت منك قائلة: أنت تعلم أن ما تفعله خطأ؛ وانصرفي لكي يفكر من تلقاء نفسه فيما فعل، فإن تمادى فأبلغيه أنك ستبلغين والده عن هذا الخطأ، واتفقي مع الأب على أن يعاقبه دون أن يضربه، واعلمي أن الأمر لن يتم بهذه السهولة في بدايته، خاصة أن محمدا كان معتادا على الضرب من قبل؛ لذا فعليك بالصبر والمثابرة، ولا تجعليه يستدرجك لأسلوب الضرب مرة أخرى.
أما عن الأمور التي يجب مراعاتها:
1. أظهرا حبكما -أنت ووالد الطفل- غير المشروط أي دون أن يكون مرتبطا بمهمة يؤديها كالمذاكرة أو عدم ضربه لأخته أو الاهتمام بغرفته وأدواته بل أظهرا حبكما له كابن، كإنسان له مكانته وتقديره في نفسكما. وإنه لرائع ما اتفقتما عليه أنت ووالد محمد من نظام المكافآت المعنوية، شريطة ألا يكون هذا النظام خاصا بالمذاكرة فقط بل اجعلاه في سلوكيات محمد الصحيحة الأخرى.
2. حينما يتحدث عن مشاعره تجاه المدرسة الجديدة فلا تصادري مشاعره وتدافعي عن المدرسة والمدرسين؛ بل عليك فقط الإنصات له باهتمام وتقدير دون أن تبدي رأيا في أفعال مدرسيه، وإذا وجدت أنه ذكر أمرا قد ظُلم فيه من قبل مدرسيه فعليك أن تعقبي قائلة على سبيل المثال: "إنه أمر محزن ومؤسف أن يحدث هذا من الأستاذ فلان أو الأستاذة فلانة، ولكن كيف نتصرف في هذا الموقف من وجهة نظرك؟"، واتركيه يعدد لك حلولا، وستجدين لديه أفكارا تصلح للتنفيذ، أو توحي لك بأفكار أخرى أكثر عملية.
3. كوني على اتصال دائم بمدرسيه، ووضحي لهم بطريقة لطيفة غير مباشرة أن أسلوب الضرب لا يجدي مع الأطفال، وحاولي الاشتراك في مجلس الآباء، وتعرفي على الأنشطة والخدمات التي يقدمونها للتلاميذ، وساهمي ما استطعت في تقديم بعض الخدمات للمدرسة؛ فهذا له تأثير إيجابي رائع على ابنك والتزامه وحبه للمدرسة.
4. شجعي ابنك على الاشتراك في بعض الأنشطة بالمدرسة.
5. أرجو الاطلاع على موضوعات خاصة بالأنشطة والألعاب التي يمكن أن تمارسيها مع أبنائك؛ فمشاركتك ابنك اللعب والأنشطة لها فعل السحر في إقامة علاقة إيجابية رائعة بينكما تغنيك عن فرض الأوامر فرضا أو عقابه بالضرب، فضلا عن أنها تنمي قدراته وذكاءه.
6. تدرجي معه في تدريبه على مسئوليته عن نظامه وروتينه اليومي مثل النظام والنظافة والترتيب، ولنأخذ ترتيبه لحجرته كمثال، فاتفقي معه في البداية أن يرتب حجرته مرتين في الأسبوع وحددي معه (بالاتفاق) هذين اليومين، واجعليه يرسم جدولا ويضعه في حجرته وهو الذي يقوم بوضع علامة على اليوم الذي أتم فيه الترتيب، وعرفيه كيف يكون الترتيب الصحيح والذي على أساسه يتم تقييم نفسه ووضع علامة في جدوله، وبعد كل مرة امنحيه جائزة معنوية كأن تشكريه على ذلك أمام والده أو تقومي بعمل "كيك" أو بعض الحلوى له تشجيعا على ما قام به دون أن تخبريه عن هذه المكافأة قبل أدائه المهمة، ثم اتفقا بعد التزامه باليومين على ثلاثة أيام وهكذا، كما يمكنك منحه فرصة أن يعلم أخته كيف ترتب سريرها مثلا. استمري على هذا المنوال في كل أمر ليشعر ابنك أنه مسئول عن تصرفاته وتحريه الصواب الذي يتعلمه منكما بالقدوة.
7. ضعي نصب عينيك دائما الهدف الذي ذكرناه من التربية في كل أمر يستجد لك في توجيهك لمحمد بل وأخوته أيضا.
وفي نهاية رسالتي أدعوك لمزيد من المتابعة مع خالص دعائي لك بالتوفيق.
ـــــــــــــــــ(104/403)
الحب لعلاج كثرة الحركة وقضم الأظافر ... العنوان
السلام عليكم، رمضان كريم، ولدي 3 سنوات، هو من الأولاد المحبين للحركة جدا، وعنده مشاغبات كثيرة، غالبا أتبع معه أسلوب المحاكاة، وأبتعد عن الغضب، ذكي وعنده ذاكرة رائعة، في المدرسة عنده معلمة عصبية وصوتها عال، وتحب النظام بشكل كبير، مشكلته أنه من 3 شهور ليس عنده أظافر نتيجة أكله لها، والمشكلة الأخرى أنه لا يعرف ماذا يريد أن بفعل في البيت فإذا فعل يقوم بالأفعال المؤذية أو المزعجة، وحتى إذا أخذته للحديقة فهو لا يحب اللعب بالألعاب إلا إذا كنت بجانبه وأنا ألاعبه، بانتظار ردكم علني أستطيع أن أجعله يحب اللعب.
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع, النشاط الزائد ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بك معنا على صفحتك "معا نربي أبناءنا".
أختي الكريمة من من أطفالنا الصغار في سن الثالثة هذه السن الرائعة الجميلة لا يحب الحركة وليس لديه مشاغبات مستمرة.. هذه طبيعة الأطفال التي لو فقدوها لكانوا إما بسبب مرض عضوي وحرارتهم قد تجاوزت الأربعين أو مرض نفسيا ويستحق الأمر الوقوف والمراجعة.. فحركة الطفل ومشاغباته أمر لا بد منه.
بالنسبة لقضم الأظافر فهي مما نسميه بالعادة العصبية Neurotic trait وهي تعبر عن توتر لدى الطفل قد يكون بسبب هذه المعلمة العصبية ذات الصوت العالي التي تلزمه بالنظام بشكل مبالغ فيه فيتوتر الطفل ويظهر ذلك في هذه العادة العصبية -قضم الأظافر- ولذلك يكون العلاج الأصلي بإزالة سبب توتر الطفل، ومحاولة التفاهم مع هذه المدرسة حتى تفهم أنها تتعامل مع أطفال صغار، لا يتحملون هذه العصبية أو الصوت العالي.. وأن يتم التعامل بعد ذلك مع المشكلة سلوكيًّا بتوجيه الخطأ في هذا السلوك، وقد نحتاج إلى استخدام قفاز لفترة لمنعه من قضم أظافره وتشجيعه مع طول أظافره وإعطائه جائزة على ذلك مثل الحلوى التي يحبها أو إظهار الفرح بتخليه عن هذا السلوك، ويكون الأمر بهدوء وبالصبر أي إعطاء الأمر وقته الذي قد يمتد بشهرين حتى يتخلص من هذه العادة والأهم من ذلك هو غمره بالحب والحنان والدفء والذي من أهم مظاهره اللعب معه وعدم الضجر بذلك لأن الطفل في هذه السن يحب اللعب مع أمه ومشاركتها له في اللعب لأنه ليس طبيعيًّا أن يذهب الطفل إلى الحديقة لنتركه يلعب وحده فهو يحتاج من يشاركه وحبذا لو كانت أمه، حيث يشعر باهتمامها وانتباهها له وقضائها وقتا خاصا له معها؛ مما يجعل رسالة الحب تصل بصورة واضحة..
ولذا فلا تجعلي الأمر واجبًا تتضجرين منه بل اجعليه شيئا تقومين به بحب وتفاعل حقيقي سيكون ذلك ممتعا لك وللطفل، وستقوى العلاقة بينكما، وسيكون ذلك للتقليل من مشاغباته ومن تخلصه من قضم الأظافر، فليس هناك أعظم من الحب علاجًا لمشاكل أطفالنا!
ـــــــــــــــــ(104/404)
طفل منحرف أم ضحية مجتمع؟ ... العنوان
أستميحكم عذرا في الإطالة فأمر هذا الطفل يهمني جدا، وأدرج هذه المعلومات التي قد تعطيكم فكرة أدق عن المشكلة.. هذا الطفل الثاني (7 سنوات) في أسرته بعد أخت تكبره بحوالي سنتين ويليه أخ ومن ثم أختان.
بحكم تغيب الأب عن البيت لفترات طويلة لظروف العمل فإنه يغدق على أطفاله من حنانه وكرمه ولا يحب أن يغضبهم أو يوبخهم، في حين أن الأم من فرط حبها تقسو عليهم كثيرا، وتضرب أطفالها ضربا مبرحا، لدرجة أنها قامت بضرب هذا الطفل مرة في الحمام منذ حوالي 3 سنوات عقابا له على خطأ اقترفه من وجهة نظري أنه لا يستحق هذا العقاب.
المستوى المادي للأسرة مرتفع، ويوجد خدم من جنسيات أجنبية في البيت، فمنذ فترة من حوالي سنة لاحظت تغيرات في سلوكيات ابن أخي -عمره 7 سنوات- وهي:
أولا: تولد لديه خوف شديد من الظلام والوحدة، فمثلا لا يستطيع أن يقضي حاجته وحده، فلا بد أن يقف أحد عند باب الحمام المفتوح حتى يتأكد له وجود أحدهم عند الباب، كذلك لا يتنقل من غرفة إلى أخرى إلا بمرافقة أحدهم، ودائما يردد عبارة "أخاف، أخاف من شيء يأتيني" أحيانا يتبول على نفسه أو -أجلكم الله- يتبرز على نفسه خصوصا في الليل؛ لأنه يخاف أن يذهب للحمام، علما أن الحمام في غرفة النوم.
ليس هذا فقط ففي السابق لم يكن كذلك فقد كان طفلا كسائر الأطفال وأثناء المشاجرات كان يضرب ويُضرب، أما الآن فهو حتى لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
ثانيا: طرأ على كلامه ليونة وحركات، ويحب ارتداء أحذية أخته ولبس الخواتم والأقراط، وفي نفس الوقت يتصرف الولد تصرفات غير طبيعية ومناقضة مثل الالتصاق الجسدي الشديد بي أو بعمته الأخرى كأن يرمي بنفسه علي، تقبيل غريب ووضع يديه في أماكن حساسة للطرف الآخر، وغيرها من الحركات الجنسية التي حاولنا نهيه وزجره عنها، لكن في الوقت ذاته خفت أن يبحث عن البديل عند الخدم وما أدراك ما الخدم وجنسياتهم وتربيتهم وثقافاتهم، الله المستعان.
قد صرح الطفل لأبيه أنه يستثار عند مشاهدة أي منظر في الشارع (خصوصا في أوربا).. فهل هذا معقول في هذه السن الصغيرة؟
ثالثا: يقوم بسرقة الأغراض وإخفائها ليس من دافع احتياج.
وأخيرا وليس آخرا ولع وخوف في الوقت ذاته من مربيته الأجنبية، حاولت جاهدة أن أساعده عن طريق الحوار والتقرب إليه، سألت الطفل عن أسباب خوفه فلم أصل إلى نتيجة، استدرجته عما إذا كان يمارس تلك الحركات الجنسية مع أحد أو إذا كان قد تعرض لهذه الممارسات من أحد، تهرب، ولكن قال إنه فقط يفعلها معي ومع عمته الأخرى والمربية.
المهم ساعدته على الذهاب للحمام وحده على أن يبقي باب الحمام مواربا، وهو يستطيع التجول بين الغرف وحده، وأقنعت والديه بخطورة الأمر وتكثيف التواجد الذكوري في حياته باستبدال مدرس ذكر بالمدرسة الخصوصية، كذلك بتسجيل الطفل في مركز للكاراتيه وتكثيف الأنشطة الرياضية والاختلاط مع مجتمع الرجال ولكن بالطبع تحت مراقبة.
ولكن تظل المشكلة قائمة، وهي الخوف المرضي والسرقة والتناقض بين الليونة والتصرفات الجنسية المبكرة.. فهل من طرق وأساليب أو نصائح لديكم لمساعدة هذا الطفل المسكين على أن ينمو طفلا سويا؟
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على صفحتنا معا نربي أبناءنا وشكرا جزيلا على ثقتك. من الواضح في مشكلة ابن أخيك عافاه الله أن غياب الأب بسبب انشغاله قد أثر بشكل أو بآخر على نموه النفسي، وفي خضم حالة السيولة الأخلاقية التي انغمست فيها مجتمعاتنا تبدت بعض أعراض اضطراب نفسي سلوكي نسميه في الطب النفسي بالانحراف السلوكي أو اضطراب التصرف Conduct Disorder.
لكنني لكي أكون منصفا منذ البداية أوضح أنني لا أستطيع إرجاع تلك الأعراض لسبب أو عامل أسري أو اجتماعي واحد ولا أستطيع حتى أن أكون متأكدًا من كون ذلك العامل فاعلا أو غير فاعل، فكلها عوامل قد يتعرض لها أطفال آخرون في نفس مجتمعاتنا، ولا تبدو منهم أعراض مشابهة.
إذن فليس المهم هو أن نجيب على سؤال لماذا حدث كذا لأننا لن نعرف! وإنما المهم هو أن تجيبي أنت أو الأسرة صاحبة المشكلة على أسئلة مثل ماذا يحدث وكيف يحدث ذلك العرض أو غيره من الأعراض التي تظهر على الطفل، وعلى المعالج النفسي أن يجيب في المقابل على كيفية التصرف القويم من جانب الأسرة أو القائمين على رعاية ذلك الطفل.
ولكي تعرفي أعراض اضطراب السلوك (التصرف ) في الاطفال ، وكذلك عن السرقة وعن الكذب المرضيين كأشهر أعراضه، وبعض الفرضيات عن أسبابه المحتملة، فإنني أحيلك إلى ما ظهر على صفحتنا معا نربي ابناءنا قبل ذلك من ردود تتعلق بنفس الموضوع فراجعي:
ابني يسرقني.. ماذا أفعل؟
لماذا يسرق الصغار أحيانًا؟!
"لِصّ صغير" في بيتنا..!!
خمس سنوات في سرقة المحلات
طفلي يسرق..ماذا أفعل؟
السرقة المرضية وحدود الملكية
ابني يسرقني.. ماذا أفعل؟
وكذلك أحيلك إلى ما ظهر على موقع مجانين من ردود أو مقالات تتعلق بالموضوع، وكذلك بالخطوط الفاصلة بين القرب والالتصاق من الطفل وبين التحرش الجنسي به، فانقري العناوين التالية:
سرقةٌ وكذب وعدوانية : اضطراب التصرف
اضطراب السلوك المنحرف في الأطفال: هل له علاج؟
البنت الشقية والكذب القهري
تلغراف: ابن أختي يسرق وأختي تفتقد الحب
السرقة المرضية: استعادة الحب المفقود
احتضان الأطفال هل يثيرهم جنسيا متابعة
وأما الأعراض التي وصلتنا عن حالة ابن أخيك فتفيد أنه يسرق ويكذب ويتخنث، ويتحرش بإناث بالغات وهو طفل! وأنا هنا لا أستطيع الاكتفاء بأن أتهم الطفل، أقول لك ذلك لأسباب عديدة منها:
1- رؤيتي لطفل من أسرة منعمة بفضل الله فيها الخدم والحشم وفيها مربية أجنبية -لا أدري شيئا عن مؤهلاتها- ومن الغريب أنني أراها تفضل السكوت وسيلة لاتصال الرزق رغم ما تراه من سلوك منحرف في الطفل الذي تربيه، بل أراها تمادت (مثلما تمادت العمتان) مع الطفل كي لا تسبب مشكلة! وأظن أن سنة كاملة فترة طويلة، فلا يمكن أن تتحجج إحداهن -وأخص المربية التي يفترض أن لديها خلفية عن علم النفس ونمو الطفل والمراهق- بعدم الفهم أو عدم أخذ الفرصة الكافية للحكم على الانحراف بأنه دائم لا عارض وبأنه معرض للاستمرار لا الانحسار مع الأسف، فكيف ولماذا تسكت المربية؟ أم أنها مربية أجنبية كل مؤهلاتها أنها أجنبية "دادا يعني"؟.
2- أن ذلك الطفل الذكر الخواف ذا السنوات السبع إنما يظهر الليونة (أو ما سماه أجدادنا التخنث)، وهو علامة سلوكية منبوذة في مجتمعاتنا ولا تفلت من انتقاد أحد رجلا كان أو امرأة (ربما إلى حد كبير أقل من ظهور استرجال في طفلة "أنثى")، المهم أن أفعال البنات التي يفعلها ابن أخيك ظاهرة مستنكرة، وكان لا بد من سرعة التعامل معها لا مجرد مراقبتها، إلا أن لي عن حالة ابن أخيك انطباعا يشمل كلا من الخوف المبالغ فيه والليونة غير المتمشية مع الانفلات الجنسي الصحيح التوجه دون شذوذ (فهو ذكر ينفلت جنسيا مع إناث)، فأنا أرى كلا منهما وسيلة للاقتراب من الإناث المحيطات به، طمعا في الارتماء في الأحضان والعبث ربما بما في الأحضان.
3- إذا كان كون الخدم من جنسيات وثقافات مختلفة داعيا يكفيك ويكفي عمته الأخرى للسكوت وتحمل التصاق الولد بكما، لأنكما تخافان من اضطراره للالتصاق بالخدم وما أدرانا ما الخدم؟ وأذكرك بكلماتك نفسها: "تقبيل غريب ووضع يديه في أماكن حساسة للطرف الآخر وغيرها من الحركات الجنسية التي حاولنا نهيه وزجره عنها، لكن في الوقت ذاته خفت أن يبحث عن البديل عند الخدم وما أدراك ما الخدم وجنسياتهم وتربيتهم وثقافاتهم، الله المستعان)، كيف يستقيم ذلك يا أختي مع كون المربية التي يولع الولد بها ويخافها في نفس الوقت، أجنبية أيضًا هل أجنبية لكنها من نفس الثقافة والجنسية؟؟؟ ليست المشكلة إذن مشكلة الخدم؟ أم أن في الأمر ما لم أفهم؟!
أرجو ألا أكون قد أفرطت في اللوم والتقريع والانتقاد وأنا أعلم أنك طيبة النية لا تريدين إلا إصلاحا، لكنني والله يا أختي ما كتبت ما سبق إلا بعد محاولات لكبح جماح نفسي، وأجلت الرد عليك مرات ولكني اعتدت ألا أتأخر على "معا نربي أبناءنا"، رغم ذلك فإن أصابعي المسلمة انفلتت في غيرتها على محارم الله، وهي ترد عليك نقرا على مفاتيح الحروف العربية في لوحة المفاتيح "الصينية الصنع"، ورحت أتأمل ما أنا فيه وما أنت فيه وما يأتيه ابن أخيك، وغيرنا كذلك كثير، متناقضات في متناقضات تعيش وتشتبك، فهكذا نحن متناقضون مع أنفسنا ونعيش سلسلة من المتناقضات صباح مساء، فهل ابن أخيك طفل منحرف أم ضحية؟؟ وهل نحن كلنا كمجتمع منحرفون أم ضحايا؟؟ فض الاشتباك الذهني يكون بأننا جميعا مزيج من ذا وذا! وما ظهر على ابن أخيك ليس إلا أحد تجليات ما وصلنا إليه.
باختصار وكي لا أزيد فيما يؤلمني ويؤلم الجميع: ابن أخيك ذو السنوات السبع في رؤية الطبيب النفسي هو طفل ظهرت عليه علامات الانحراف السلوكي وهو يتعرض للتحرش الجنسي من إناث بالغات (رغم أنه هو البادئ بالتحرش، وراغب فيه ومعتاد عليه)، وهو يحتاج إلى معالج نفسي سلوكي Cognitive Behavioral Therapist ومعالج أسري Family Therapist، وتغيير في أشياء وأشياء في الأسرة منها مثلا ما يتعرض له من مثيرات جنسية فهذا الطفل يعاني (من بين ما يعاني منه ولم يتضح كاملا لنا على أغلب الظن)، من استثارة جنسية قبل أوانها ومصادرها أكثر من مجرد ما يراه في أوربا، خاصة أن أوربا تدخل بيوتنا وغرف نومنا كل ليلة عبر الشاشات والصور وذكريات الصور في عيوننا ورءوسنا، المهم أنني لا أرى مانعا من أن نضيف إلى المربية معالجا سلوكيا وإلى الحشم معالجا أسريا والله المستعان، فهذه أحوال أسرنا العربية في هذا الزمان!
وأما في رؤية الفقيه المسلم (ولست فقيها لكنني أحاول التفقه) فإن ابن أخيك يحتاج إلى تأديب لأنه دون سن التكليف، ويحتاج المكلفون في أسرته إلى أداء ما هم مكلفون به تجاهه وتجاه أنفسهم أمام الله، ومن ذلك إصلاح بيئة الطفل وتعليمه الدين والرجولة والأنشطة التي يمارسها الذكور في مثل سنه، وكذلك علاجه إذا احتاج علاجا، أما أن نسكت لنراقب الانحراف وهو يزيد انحرافا؛ لأن الولد صغير وغير معقول في هذه السن أن نعالجه نفسيا فتلك مصيبة مجتمع على وشك التفسخ الكامل مع الأسف!
ولعل ما بدأت به -وفقك الله- وأشرت إليه بقولك: "أقنعت والديه بخطورة الأمر وتكثيف التواجد الذكوري في حياته باستبدال مدرس ذكر بالمدرسة الخصوصية، كذلك بتسجيل الطفل في مركز للكاراتيه وتكثيف الأنشطة الرياضية والاختلاط مع مجتمع الرجال ولكن بالطبع تحت مراقبة) هذه بداية طيبة لكنَّ الطريق طويل -وإن لم يكن بالقطع صعبا فقد يكون كل ذلك عابرا في حياته- ولكن لا بد من الاستعانة بالمعالج السلوكي المعرفي.
كما أنصحك بعدم السكوت أبدًا على انفلاتاته الجنسية تجاهك أو تجاه عمته الأخرى أو المربية؛ لأن في ذلك السكوت ما يساعده على التمادي ويزيد من اختلاط الأمور عليه، كما يجعله عرضة لاستغلال من لا يخاف الله فيه، بارك الله فيك، ونحن في انتظار موافاتنا بالتطورات الطيبة.
ـــــــــــــــــ(104/405)
الانطواء.. أول العلاج احترام طبائع الأطفال ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله. أولاً نشكركم على عونكم لنا في تربية أبنائنا. بدأ العام الدراسي وبدأت المشاكل بالنسبة لي - فهذه ثالث مرة على مدار الثلاث سنوات السابقة أرسل مشكلة ابني سيف (5 سنوات).
مع بداية العام الدراسي تظهر نفس المشكلة (لا يتكلم في الفصل مع أحد، ولا يردد مع مدرّسة الفصل بالرغم من أن مستواه العلمي جيد جدًّا وعند التدريبات يأخذ الدرجات النهائية، ولكن لا يردد معها ولا مع باقي الفصل.
اشتكت المدرسة أكثر من مرة لدرجة أنها تريد أن تنقله لمستوى أقل لعدم استجابته معها.
ذهبت للمدرسة وشرحت لها طريقة سيف في التعامل كما ذكرتم لي سابقًًا في التمهيدي ولكن للأسف المدرسة هذا العام غير متعاونة معي والمشكلة الكبرى.. إلى متى سوف يظل سيف بهذه الطريقة: في البيت شقي جدًّا وفي المدرسة خجول ومنطوٍ ولا يتكلم إلا بحدود، والأكثر من ذلك صوته في البيت مرتفع جدًّا، وفي المدرسة وعند التسميع تكاد تخرج الكلمات بصعوبة رغم حفظه.
أعتذر عن الإطالة في سرد مشكلة سيف، ولكن هل سيظل بهذه الحالة كل عام؟ لماذا هو هكذا مع أننا في البيت والحمد لله مستقرون جدًّا أنا ووالده، وكما ذكرت سابقًا نهتم به وبإخوته. أرجوكم إذا كان هناك أي استفسار عن حالة سيف أرسلوا لي حتى أستطيع أن أعالج المشكلة التي تكررت للمرة الثالثة على التوالي، مع العلم أني متبعة نفس الأسلوب في الهدايا والمكافآت إذا أخذ الدرجات النهائية.
مع العلم أن سيفا ذهب للحضانة وعمره سنتان تقريبًا قبل دخوله المدرسة، أما عن نظام المدرسة فهي على ثلاث مراحل قبل مرحلة الابتدائي (تمهيدي، وكجي وان، وكجي تو) وهو الآن في كجي تو بنفس المدرسة، أي أن سيفا دخل حضانة واحدة قبل المدرسة، وهذا هو العام الثالث له بنفس المدرسة.
أما عن إخوته فالأخ الذي يصغره من مواليد 2001 وهو معه في المدرسة هذا العام في فصل تمهيدي، والأخت الصغرى (حنين) من مواليد 2003.
والده يعمل في محافظة أخرى ويأتي لزيارتنا كل أسبوع وأحيانًا كل أسبوعين، وعلاقتنا والحمد لله مستقرة ومرتبطان جدًّا ببعضنا، ونعاملهم جميعًا بنفس المعاملة بدون تفرقة أبدًا، ونراعي ذلك بدقة في كل صغيرة وكبيرة، ولكن هناك ملاحظة لا أدري إن كان يهم ذكرها أم لا، وهي عندما يدخل والدهم من السفر يجري عليه نور وحنين ويسلمان عليه بفرحة ولهفة وشوق وأحضان، أما سيف فيظل واقفًا مكانه يكتفي بالابتسامة إلى أن يذهب إليه والده ويسلم عليه، ولفت نظره أكثر من مرة بهدوء، ولكن بدون فائدة، وكذلك الحال بالضبط عندما نذهب لزيارة والدتي أو أخواتي يقف من بعيد بدون سلام عكس أخواته تمامًا وبعدها يلعب بشكل عادي وطبيعي.
أعتذر عن الإطالة وفي انتظار ردكم بسرعة حتى أستطيع أن أعالج أي خلل في شخصيته من الآن. جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
سعدت بمتابعتك معنا، ونرجو أن نفي لك بما تبغين.
الأخت الفاضلة -أم سيف- أشكرك على متابعتك وحرصك على حسن التوجيه والتربية أعانك الله تعالى وإيانا على أداء هذه الرسالة. ومرحبًا بك للمرة الثالثة على صفحة معا نربي أبناءنا.
بداية اسمحي لي أن أقول لك إنه لا يوجد مشكلة على الإطلاق عند سيف، والمشكلة الحقيقية تكمن في كونكم (الأبوان والمدرسة) تركزون عليه وعلى عدم رغبته في التفاعل المؤقت بالفصل، وأنا أقول: المؤقت؛ لأنكم إذا تعاملتم معه بطريقة عادية دون تسليط الأضواء عليه ودون قلق -والذي بدأ من أول رسالة أرسلتها وسيف ما زال في التمهيدي- فإنكم ستجدونه يشارك ويتفاعل بتلقائية. ولذا فاقتراحاتي لعلاج هذا الأمر ستنصب في المقام الأول على كيف نتعامل (في البيت والمدرسة) معه بأسلوب سلس يحترم طبيعته وفي نفس الوقت يعينه على التفاعل مع الآخرين دون هذا التوتر وذلك القلق.
وإليك هذه الاقتراحات:
1. عليك بالكف التام عن القلق عليه وعلى هدوئه بالمدرسة، وأن ترددي لنفسك ولغيرك ولسيف نفسه أن الله وهبك طفلاً رائعًا تتمنى كل أم أن يكون لها طفل مثله.
2. ألا تؤنبيه أو حتى تسأليه عن عدم رغبته في المشاركة، فلا تقولي له على سبيل المثال: لماذا لا تردد مع المعلمة؟ لماذا لا تجيب على أسئلة المعلمة مع أنك تقوم بعمل الواجب بالبيت؟ أو: أنت شاطر لكنك تعاكس إخوتك في البيت وفي المدرسة ساكت وليس لك صوت؟ مثل هذه الجمل وغيرها تؤدي إلى مزيد من انطواء الطفل وعدم رغبته في التفاعل بالمدرسة، بل وازدياد عنفه بالبيت.
3. ألا يكون محور الثواب أو العقاب متمركزًا حول عملية المذاكرة أو التفاعل والمشاركة بالفصل فلا يقال له على سبيل المثال: "إذا رددت مع المعلمة بالفصل وبقيت شاطر سأحضر لك كذا أو سنذهب للنزهة في المكان الفلاني...".
4. وأما عدم تفاعل سيف مع زملائه بالفصل فستعالجين الأمر من خلال اتصالك ببعض الأمهات بفصل ابنك والتعرف عليهن مع توطيد العلاقة بينكما بطريقة تسمح لسيف التعرف على زملائه بالفصل، فيكون بينهم علاقة طيبة، وابدئي بأم الطفل الذي يجلس بجوار ابنك بالفصل شريطة ألا توجهيه لتكوين هذه العلاقة فلا تقولي له مثلاً: لماذا لا تلعب مع فلان فهو ولد طيب.. وإنما كل ما عليك أن تتعرفي فقط على الأمهات فهذا سيشجع ابنك بعد فترة للتحدث مع أبنائهن ويكوّن صداقات ومن ثَم يشعر بالتآلف معهم والتفاعل بالفصل وخارجه.
5. أما عن عدم تفهم المعلمة لكيفية التعامل مع سيف فهو الأمر الذي يحتاج منك -سيدتي- مجهودا كبيرا، ومن ثَم ستعالجين هذا الأمر بحكمة شديدة وصبر وبطريقة غير مباشرة فيكون عن طريق توطيد علاقتك أنت بالمعلمة عن طريق اتصالك بها بين الحين والآخر واشكريها على المجهود الذي تبذله مع الأطفال، واسأليها عن رأيها في كيفية علاج الأمر مع سيف وكيف يتعاون البيت مع المدرسة في تخطي هذه العقبة، ووضحي لها أيضًا أن سيفا يحبها، ولكن بطريقته وبأسلوبه هو.. بدليل ما يفعله مع والده عند عودته من السفر، وبعد فترة وضحي لها أنها حين تشجع سيفا وتعززه فسوف تحصل على النتيجة المرجوة، وإذا أرادت أن تُسمّع له -مثلاً- فيمكن أن تقف بجواره حتى تتبين ما يقول مع ابتسامة حانية مشجعة له، على أن يكون حديثك معها بعيدًا عن سيف.
6. أعطي سيفًا بعض الحلوى ليسلمها للمعلمة لتوزعها على الأطفال بالفصل بعد الاتفاق مع المعلمة بالطبع.
7. عندما تجد المعلمة أنك مُصِرّة على التعاون معها بطريقة لطيفة لن تجد سبيلاً أمامها إلا أن تستجيب لك وتتعاون هي الأخرى في علاج الأمر.
8. يمكنك الاشتراك في مجلس الآباء وتقديم بعض الخدمات للمدرسة في بعض الأمور التي تتقنيها كمساعدتهم مثلاً في الإعداد للحفلات أو بعض الأنشطة.
أعلم أن المجهود الذي ستبذلينه ليس سهلا لكنه سيسهل -بإذن الله- أمام ما نهدف إليه من الوصول بسيف إلى شخصية متفاعلة مع الجميع سوية لا تعاني من انطواء أو إحساس بالاضطهاد أو عدم القبول.
7. وأخيرًا -سيدتي- أود أن أشير فقط للملاحظة التي وردت في رسالتك عن سيف عند استقباله لوالده بعد عودته من السفر وعدم حفاوته به مثلما يفعل أخواه، فأرجو أن نتبن أن هذه هي طبيعة سيف فلا يجب تنبيهه على أن يفعل غير ذلك، بل دعيه يعبر عن مشاعره بطريقته هو وليس بطريقتك أنت أو بالطريقة التي يحبها والده أو بالطريقة المتعارف عليها بين الناس.
ـــــــــــــــــ(104/406)
اكتساب المهارات اللغوية يحتاج إلى وقت ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، قبل كل شيء أود أن أشكركم على رحابة صدوركم وتعاونكم معنا، وأسأل الله لكم دوام التوفيق، وكل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله على الجميع باليمن والبركات.
أما بعد.. فلديّ عدة تساؤلات تتعلق بابني الأكبر عبد الله، وعمره 3 سنوات و7 أشهر، تأخر نسبيًّا في النطق؛ ففي الوقت الذي كنت أرى فيه أقرانه وحتى من هم أقل منه سنًّا ينطقون ويتكلمون لم يفعل هو ذلك إلا عندما أصبح عمره سنتين ونصف السنة، حيث انطلق لسانه بشكل لم أتوقعه، إلى درجة أنه أول ما بدأ بالكلام نطق باللغة العربية الفصحى تأثرًا ببرامج الأطفال التي كان يشاهدها، ومن ثَم بدأ بالكلام العامي، وقبل ذلك كانت لديه مفردات عديدة، والآن معظم حروفه سليمة النطق.
إلا أن المشكلة تكمن في أنه يقلب بعض الكلمات، مثلاً ورقة ينطقها وقرة، وهكذا لديه العديد من المفردات على هذا النمط، ولا يقبل مني أن أصحح له الكلمة، وحتى لو حاول يفشل في البداية، إلا أن هناك كلمات صحح نطقها تلقائيًّا.
والمشكلة الفعلية أنه يرفض أن يردد ورائي أي أنشودة أو سورة قرآنية مثل الإخلاص مثلاً، وإذا ردد ورائي فإنه يردد آخر كلمة من الجملة التي قلتها، مثلاً لو قلت له قل ورائي بسم الله الرحمن الرحيم، يقول الرحيم، ولا أدري هل هذا مؤشر لمشكلة ما؟ مع العلم أنه يردد وراء والده بشكل صحيح ولكن بصعوبة، أما أنا فلا يفعل.
علمًا بأنني عندما أحكي له حكاية وأطلب منه أن يعيد سردها عليّ فإنه يحكيها لي بتفاصيلها وربما بنفس نبرة الصوت، وكذلك تعلم العد لوحده باللغة الإنجليزية حتى عشرة جيدًا، وبقليل من التلعثم يعدّ إلى العشرين، وكل ذلك من خلال ألعابه التعليمية، ومن خلال المواقع التعليمية على الإنترنت؛ إذ إنه يعشق الكمبيوتر وذلك من سن الثالثة تقريبًا.
أما الأرقام العربية فلم يتعلمها إلا منذ مدة بسيطة، وأشعر بأنه يرفض أن أعلمه، ورغم أنني كنت أحاول أن أعلمه بعض الحروف العربية فإنني فشلت، ولم يتعلمها إلا عندما أصبح يشاهد بعض البرامج التعليمية في التلفزيون؛ فهو يميز جيدًا تسعة أحرف من الحروف العربية، ولكن دون تسلسل، أي أجد دائمًا صعوبة في تحفيظه أي شيء بالتسلسل.
وهو الآن في الروضة ولم يكتب إلا الرقم 1 والألف دون همزتها ويرسم دائرة، وهو شغوف بالدائرة وباللون الأحمر، كما أنه لا يجيد التلوين، فلو أعطيته أي صورة يلونها فلا أجد سوى خربشة ولا يراعي حدود الصورة أو الشكل الذي أمامه ويبذل مجهودًا كبيرًا في الإمساك بالقلم.
الرجاء إفادتي هل هذه كلها أمور طبيعية في مثل سن ابني؟ علمًا بأنني أرى أقرانه يحفظون ويكتبون.. فهل لدى ابني مشكلة ما؟ وماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله.
علمًا أنني ووالده من جنسيتين مختلفتين فهل لهذا أثر عليه؟ كما أننا رزقنا بمولود آخر عمره الآن 3 أشهر، وكان في البداية يغار منه، وتداركت الأمر نوعًا ما وأشركته في المسئولية والاهتمام معي بالصغير، وأصبح يحب أخاه، لكن أحيانًا لا يتوانى عن إيذائه إذا غفلت عنه، وأضطر إلى أن أصرخ في وجهه وأبعده عنه.
وأحيانًا أخرى يحاول عبد الله تقليد أخيه إذا تجشأ أو إذا عطس، وأصبح يهددني بأنه سيبكي إذا لم أفعل له ما يريد. وأحيانًا يطلب مني أن أحمله فلا أرفض، ولكن أخبره أنه كبير ويستطيع المشي مثلي ومثل والده.. فهل هذا التصرف سليم؟
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة أم عبد الله.. شكرًا لك على تحيتك الرقيقة ورمضان كريم، تقبل الله طاعاتنا وطاعاتكم.
أختي الفاضلة.. كما أكرر دائمًا من الصعب التشخيص من خلال الهاتف أو الإنترنت مهما كانت المعلومات دقيقة، وذلك يرجع لعدد من الأسباب، أهمها هو أن الأهل يستخدمون كلمات عامة، بل قد يستخدمون مصطلحات ويعنون بها شيئًا غير ما يراد به علميًّا. وأيضًا أن الطفل يجب أن يشخص بمراقبة العديد من المظاهر وليس فقط عبر موضوع أو اثنين، والذي يركز عليه غالبًا الأهل عند ذكر المعلومات هو ما يظنون أنه مشكلة، وقد يغفلون نقاطًا مهمة في تحديد وجود مشكلة من عدمه.
المهم الآن وتبعًا لما ذكرته من معلومات أن عبد الله يبدو بأنه قد تأخر عما هو متوقع لمن هم بعمره، لكن ما وصفته في الرسالة من تطور يبدو مطمئنًّا. فالطفل في حدود ثلاث سنوات يكون معظم كلامه (70%) واضحًا للغرباء. ويستخدم جملاً من 3 كلمات، وتكون لديه أخطاء نحوية، وقد يقلب الكلمات أحيانًا، كما أنه يستطيع حفظ بعض السور القصيرة والأناشيد المتكررة عادة في الروضة أو مما يشاهده على التلفاز.
ولا بأس من استشارة اختصاصي نطق ولغة لتحديد قدرات عبد الله اللغوية الاستقبالية والتعبيرية، ومتابعته كل فترة للتأكد من أن كل شيء على ما يرام.
أما ملاحظتي والتي أرجو أن تسمحي لي بتوجيهها لك فهي أنك كما يبدو من كثرة قلقك كون عبد الله تأخر في اكتساب المهارات اللغوية أصبحت مستحوذة بهذا القلق، لدرجة أنك تصلحين له كل كلمة وكل خطأ يقع به. وما أنصحك به هو هوني عليك. وكما ذكرت سابقًا لا بأس من استشارة اختصاصي، ولكن لا تكوني سببًا في وضع عبء على الطفل من كثرة الطلبات، لدرجة أنه قد يربط بينك وبين الأوامر الدائمة؛ وهو ما يجعله أقل تقبلاً للتوجيهات منك، وكما ذكرت أنه يقبل من والده أو يتفاعل معه بشكل أفضل.
ولا تنسي أن عبد الله لا يزال طفلاً، فاجعلي حياته ممتعة، وحتى التدريس في هذه المرحلة العمرية يعتمد على اللعب والصور ولا يكون بطريقة صارمة أو تقليدية.
عزيزتي، يمكن وضع عبد الله في رياض أطفال جيدة (وليست صارمة) لمتابعة التدريبات، مثل مهارات ما قبل الكتابة من لعب بالمعجون والقص واللصق والتلوين وغير ذلك، لكنني شخصيًّا أعتقد أن تعرف طفل في الثالثة على عدد من الأحرف مكتوبة أو كتابة أحرف أو أرقام أمر نوعًا ما "زائد عن حده".
أختي الفاضلة.. اتركي لعبد الله فرصة للاستمتاع بطفولته، وكما ذكرت لك يمكن التأكد من أنه يسير حسب مرحلته العمرية حسب جداول التطور الطبيعي ، ولكن بطريقة مريحة وبدون صرامة زائدة عن الحد.
أما بالنسبة للغيرة فهذا طبيعي من الطفل المولود حديثًا، ويمكنك الرجوع لعدد من الاستشارات الخاصة بغيرة الأطفال وطرق التعامل معها في الموقع.
ـــــــــــــــــ(104/407)
طفلي عد إلي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في البداية أشكركم على هذا المجهود الرائع في هذا الموقع الأكثر من رائع، جعله الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله، مشكلتي هي مع ابني زياد الذي يبلغ من العمر 4 سنوات و3 أشهر، وهي باختصار أنه بعيد عني جدًّا وذلك منذ أن انتقلنا للعيش مع أسرة زوجي -منذ عامين- في نفس العمارة، ولكن الشقق منفصلة، فقد كنت أذهب للجامعة وأتركه مع أبيه الذي كان يأخذه لجدته دائمًا طوال السنتين، والله وحده يعلم أن هذا لم يضايقني في شيء فهي جدته، وأنا أريده أن يتعلق بها.
ولكن المشكلة هي أنه أصبح يبعد عني ولا يريد أن يذهب للبيت، وعندما يكون عندهم وأطلبه أو حتى هم يرسلونه يبكي ويصرخ ولا يريد أبدًا أن يأتي لي، حتى إنه أصبح لا يريد أن يسمع كلامي وأصبح كل شيء بابا بس، حتى إنني مرة كنت عند جدته معه ووقع فذهبت لآخذه في حضني، ولكنه ذهب إلى جدته.
أنا الآن أتممت دراستي والحمد لله وذلك منذ سنة ومتفرغة له طوال هذه السنة، وأحاول باذلة كل ما في وسعي أن أتقرب إليه، ولكن بدون أي تقدم، مع العلم أنه ذو شخصية قوية ومستقلة من صغره، مع العلم أيضًا أنني كنت طوال فترة الدراسة أتقرب له وأحاول أن يتقرب مني وأن نكون على علاقة جيدة معًا، ولم أبعد عنه سوى فترات خروجي للجامعة التي لم تتعدّ ثلاث مرات في الأسبوع، وكما أنني أدخلته حضانة لكي يختلط بالأطفال ويلعب معهم؛ لأنه لم يكن لديه أخوات، وأنا الآن معي طفلة عمرها 6 أشهر، وهو الحمد لله على علاقة جيدة بها ويلعب معها ويحبها فأنا ووالده نعمل على ذلك.
أرجوكم.. أفيدوني في مشكلتي فأنا الآن في حالة سيئة للغاية حتى إنني في بعض الأحيان أجلس وحدي أبكي؛ لأنني دائمًا كنت أتمنى أن تكون علاقتي بابني قوية، ولا أعلم ماذا أفعل لأستعيده، مع العلم أنني قرأت كل المشاكل المشابهة لمشكلتي، ونفذت ما بها من حلول، ولكن دون جدوى، وجزاكم الله كل خير، ومعذرة على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. وشكرًا جزيلاً لثنائك الرقيق وإعجابك بما نقدم على صفحتنا، وهو ما نأمل أن يكون بداية لتواصل مستمر ودائم بيننا نعاونك فيه على تربية أبنائك وتمدينا من خلاله بملاحظاتك وخبراتك وتجاربك.. فصفحتنا لزوارها بهم ومنهم ولهم.
ولقد أثرت رسالتك في نفسي كثيرًا يا عزيزتي، فمن الصعب حقًّا على نفس الأم أن تحرم من شعورها باحتياج طفلها لها رغم كونه قطعة منها، ورغم احتياجها لأن تشعر بارتباطه بها دون غيرهما من الأطراف، ولكن هوِّني على نفسك فما رويته من ظروف يجعل تلك النتيجة أمرًا طبيعيًّا جدًّا، فالطفل يدين بالولاء لمن يرى منهم الاهتمام ويعيش معهم بسعادة، ويشعر معهم بالإيناس والألفة، ولكن المطلوب هو أن تدخلي إليه في عالمه وتشعريه بنفسك وبدورك، وبما يمكن له أن ينعم به في كنفك من سعادة ليعود إليك.
صحيح أن وجود طفلة أخرى يصعب عليك فعل كل هذا لالتفاتك للعناية بها، ولكن لا بد أن تجتهدي لاسترداد طفلك، وما سيكون مختلفًا عما قرأته سابقًا على صفحتنا من مقترحات للتغلب على مشكلات مشابهة هو أن ما سأنصحك به ليس لجذب طفلك إليك بقدر ما هو لاقتحامك أنت لعالمه، فلو دخلت إلى عالمه ورأبت الصدع الذي بينك وبينه، وأقنعته بمدى حبك له واحتياجك إليه وحرصك عليه وسعادتك به وبمن يحبونه، فإنك حتمًا ستلمسين تغيرًا في علاقته بك واقترابًا منه إلى حضنك، ولكن احذري أن تشعريه بالتدليل أو بالتغاضي عن أخطائه أو غير ذلك من مشاعر قد تتصاحب مع رغبتك في استعادته فتجعله يزيد في تمنعه، ويبالغ في الدلال ما دمت تحاولين استرضاءه بكل قوتك، وهذا ما لا ينبغي نهائيًّا أن يشعر به، بل إن ما نريد أن يحدث هو إصلاح ما أفسده افتراقكما أثناء الدراسة، والعمل على معالجة أي جراح تسبب فيها هذا الفراق.
وتعالي إلى المقترحات العملية التي هي مجرد محاولة لاستفزاز ابتكاراتك أنت أيضًا لاستعادة طفلك:
1 - حاولي التواجد بشكل كثيف عند بيت جدة الطفل معه، وقولي له مثلاً كل صباح "هيا بنا نذهب لتيتة؟ نلعب عندها قليلاً. ونفطر معها".. واذهبي معه إلى هناك ليرى أنه لا مشكلة في أن يذهب هناك، وأن هذا شيء لا يغضبك، بل إنك تقبليه وتحبيه وإنك تحبين الاندماج مع هذه الأطراف.. والعبي معه هناك، واضحكي مع الموجودين وتبادلوا الأحاديث.. وتعاملي معه هناك ليس على أنك أمه، بل على أنك صديقته التي تلعب معه، ولا تحاولي إجباره على الاعتناء به حتى يطلب هو منك ذلك، وعند خروجك من عند الجدة يمكن أن تخرجا معًا إلى البقالة أو متجر مجاور لشراء شيء معًا، ثم تعودا للبيت معًا وقد اشتريت له حلوى ما أو لعبة أو هدية أو حتى بالونة، ثم تعودان للبيت معًا.
2 - اتفقي مع زوجك أن يعاونك في هذه المسألة، وأن يظل يحدث طفلك عنك بصيغة (ماما حبيبتنا)، فمثلاً (ماذا أعدت لنا ماما حبيبتنا اليوم من طعام؟؟)، وحينما يصطحبه إلى مكان ما كالمسجد أو متجر أو أي مكان يقترح عليه أن نشتري لماما هدية في طريق العودة (وردة مثلاً أو قطعة علكة)، أي شيء يشعره من خلاله ارتباطه بك وحبه لك ورغبته في إسعادك ويحثه على ذلك، وحينما يكون معكم في المنزل احرصي على الجلوس جلسات عائلية لطيفة تلعبون جميعًا معًا بالمكعبات أو بالصلصال أو حتى بكُرة صغيرة، بحيث يشعر الطفل بالتناغم بين كل أطراف الأسرة ويحب البيت ويشعر بذوبان الأحزاب التي يعتقد أنها قائمة داخل الأسرة.
3 - اذهبي مع طفلك في رحلات خاصة بكما دون الصغيرة، ولتكن رحلات قصيرة لا تتعدّ الساعة.. واذهبا إلى مكتبة عامة أو حديقة قريبة أو متجر، وحاولي أن يكون ذلك يوميًّا ما أمكن، ومن الأفضل تحين هذا في أوقات نوم الصغيرة.. واقترحي عليه شراء هدية للجدة في أثناء العودة أو اشتريا لها بعض طلبات منزلها، وصرحي له كثيرًا أنك تحبينها؛ لأنها اعتنت بطفلك أثناء انشغالك، وأنه لولاها لم يتعلم كذا وكذا.. بحيث يشعر أنها ليست سبة في جبينك أن تركته لجدته وألا تخجلين من ذلك، وأنه لولا كونها جدته لما تركته لديها، وأنك تحبينها لأنها تحبه.. فتتناغم الذكريات في قلبه ولا يستشعر أنك وجدته قطبان متنافران تتنازعان عليه، بل إنكما تتعاونان للعناية به وإسعاده.
4 - احرصي على القراءة له، فتلك عادة تنمي أواصر المحبة والألفة مع الطفل وتيسر سبيلاً ممتازًا لبثه العديد من المعاني والقيم وقواعد السلوك، وكذلك قصة قبل النوم لها دور رائع في التربية والتهذيب والتواصل مع الطفل.
5 - لا بد أن تحاولي الاستفادة من وجودك مع ابنك طوال اليوم في تقوية أواصر العلاقة بينكما، والأفكار للاستفادة من التواجد مع الأطفال وإمتاعهم والاستمتاع بهم كثيرة تجدين نماذج منها فيما يلي:
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً
طفلي يصرخ.. أفهموني أستجب لكم.. متابعة.
6 - كلما هممت بحمل أخته قولي له وأنت صغير مثل أختك كنت أحب حملك وتقبيلك كثيرًا، وكنت أفعل كذا وكذا.. أنت كنت جميلاً وأنت صغير.. وشاهدي معه صوره وهو صغير واحكي له عن نفسه وعن حبك له منذ رأيته، وهكذا...
وأخيرًا يا عزيزتي.. أوصيك بالدعاء له كثيرًا ولأخته أن يجعلهما الله بك وبأبيهما من الأبرار، وأن يرزقهما رضاك عنهما، وتأكدي أنه بصلاح نيتك في تربيتهما فلن يبعدا عن حضنك أبدًا وسيكونان لك دومًا قرة عين.. أرجو أن أتلقى متابعتك في أقرب فرصة مدعومة بملاحظاتك على المقترحات وجدوى تطبيقها ومدى استفادتك منها.. وإلى هذا الحين أستودعك رعاية الله وشكرًا جزيلاً لك.
ـــــــــــــــــ(104/408)
في معادلة التغيير: الحب والتوقع الإيجابي والثناء ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، جزاكم الله على ما تقدمونه من خدمة خيرا كثيرا، ووفقكم دائما لما فيه خير وصلاح الأمة.
ابنتي ما زالت صغيرة على الزواج فهي مجرد 13 سنة، لكنني أفكر من الآن بما سيحدث مستقبلا، ومن أهم ما يقلقني هو كم أكون صريحا مع من يتقدم لخطبتها.. فهل أخبره أن ابنتي لديها مشكلة في جلدها؟ وهو ليس مرضا، ولكن جلدها خشن خاصة في ذراعيها وساقيها ورأسها، وعلى الرغم من عرض حالتها على عدة أطباء فلم يستطع أي منهم أن يساعد على علاجها.
أم هل أخبره ببعض طباعها السيئة مثل أنها قليلة الاكتراث بمن حولها ولا يهمها إلا نفسها، وأنها بليدة بعض الشيء فلا تمتثل للأمر إلا بعد تكراره مرات ومرات، أو أنها مبذرة فما أن تأخذ مصروفها حتى تكون قد صرفته على أتفه الأشياء، أو أن ترتيبها للأولويات يدفعنا للجنون فهي تهتم بالكماليات أكثر من الأساسيات، وأن شخصيتها مهزوزة فتغضب لأتفه الأسباب، وهذه الصفات فيها منذ صغرها ولست أرى أملا في تغيرها إلا أن يشاء الله؟
هذا علما بأنني وأمها نحاول جاهدين تربيتها تربية صحيحة، وإن كنت لا أزعم أننا نجحنا، ولكنها بفضل الله تعالى من أفضل من رأينا من بنات الناس؛ إذ إنها لا تتعرض لأحد بالأذى، وتحب النشاطات والتجمعات الإسلامية، وتحرص على زيارة جديها، ولا تتفوه بالكلام البذيء، وهي أمينة، صادقة، محجبة، تحب الخير للناس، ولا ترضى بما نراه من مجتمعاتنا من انفلات وتسيب في الأخلاق.. فما دوري كأب أريد الخير لابنتي، ولا أريد أن أظلم أحدا بزواجه منها؟ أرجو النصح جزاكم الله خيرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كل عام وأنت وأسرتك الكريمة بخير.. أعتذر عن تأخري في الرد عليك.. ولكن عسى أن يكون خيرا إن شاء الله.
قرأت رسالتك مرات ومرات.. وحيرتني سطورها المتناقضة تناقضا طبيعيا بين أب قلق في بداية السطور يخاف على مستقبل طفلته، ويرى سلبية واحدة فيها فإذا بها تنسحب على بقية ما يراه في ابنته.
ثم تهدأ الثورة في آخر الحديث فيبدأ يراجع نفسه ويشعر أنه ظلمها كثيرا بتلك الأوصاف التي وصفها بها.
وهذا هو شعور الآباء في كثير من الأحيان، وقسوة الآباء غير المقصودة أيضا في بعض الأحيان.. فيرى في الابنة عيبا فعيوبا، ثم يراجع نفسه فيرى أنه بالغ بعض الشيء فيدعوه ذلك إلى أن يسير إلى طرف النقيض فيلغي ما ذكره من عيوب ليحل محلها العديد والعديد من المميزات.
جزاك الله خيرا أخي على مراجعتك لنفسك حتى أثناء الرسالة الواحدة.. فهل لك أن تراجعها مرات ومرات على أرض الواقع وأنت تعاين طفلتك يوما بيوم؛ فتبدأ ترى ميزاتها أكثر وأكثر.. بلا مبالغة أيضا.. وتذكرها على مسمع منها فتشعر أنها حقيقة، وأن بالفعل لديها من المزايا ما يمكنها العيش به وإن كان جلدها خشنا.. وأن لديها ما تستحق به الحب والاحترام والأمن حتى مع جلدها الخشن.
ألست معي أخي أن الإنسان مجموعة من الصفات الشكلية، منها الطول والوزن وملامح الوجه ولون البشرة وملمس البشرة... وصفات عقلية وملامح خلقية ونفسية.. ترى ما نسبة عنصر "ملمس جزء من البشرة" ضمن مجموع الصفات؟!
أخي الكريم، تمنيت كثيرا أن يتعلم الناس أن يخبروا من يحبون بأنهم يحبونه حبا حقيقيا؛ فهذا ما أمرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام حين أمر الرجل أن يخبر أخاه بأنه يحبه.
هل تعلم لماذا؟ لأن الحب هو أساس العلاقة بين البشر عموما، وتزيد وظيفته في عالم الأسرة وبين الآباء والأبناء خصوصا.
ببساطة شديدة: الطفل الذي يشعر بالحب يشعر بالأمن؛ وشعوره بالأمن يقوده إلى أن يحيا حياة هادئة آمنة؛ يقبل على التجربة ولا يخشى الخطأ؛ يؤمن بأنه يستحق الحب وأنه إنسان له أهمية ومكانة، وله الحق في المطالبة بالحب والاحترام من الآخرين، فلا يقبل من السلوك السيئ ما يهز صورته هو الشخصية أمام نفسه، ولا يقبل من تصرفات الآخرين السيئة ما لا يتوافق مع صورته عن نفسه.
هل وعيت أخي الكريم كم هي حاجة أبنائنا للحب ثم الحب ثم الحب؟ أعلم تماما أنه ليس هناك أب على وجه الأرض لا يحب أطفاله إلا إن كان هناك خلل ما.. ولكن ما أقصده: التعبير عن الحب وتعريف من تحب بأنك تحبه مع إثبات عملي بأنك تحب تحب تحب.
والتعبير عن الحب يكون بثلاث طرق: التعبير اللفظي الذي تغتنم فيه كل فرصة لتقول: "أحبك".. ثم التعبير الحسي بالتربيت والقبلات؛ والاحتضان.. ثم التعبير العملي عن الحب بإظهار الفهم والتعاطف الاحترام والتقدير الاهتمام.
تخيل نفسك كل يوم تصب لرصيد الحب هذا بإحدى الطرق الثلاث التي ذكرناها.. والأخيرة على رأسهم من الأهمية.
ها نحن مددنا جسرا من التواصل بيننا وبين أبنائنا بالحب الذي ذكرت.. ماذا بعد؟
تذكر ما جاء في الأثر: "المرء عند ظن أخيه". ماذا تعني هذه المقولة في حالتنا مع أبنائنا؟ تعني أن الطفل الذي يعرف أن صورته لدينا جيدة سيحاول جاهدا الحفاظ على هذه الصورة.. فإن كان يعلم أن صورته عندنا هي صورة المجتهد فلن يتنازل عن هذه الصورة أبدا وسيحاول جاهدا أن يبقى عليها.. وإن علم أننا نعتقد فيه الصدق سيكون فعلا صادقا.. وسبحان الله العظيم الذي قال نبيه الحكيم الكريم: لا تعينوا الشيطان على أخيكم.. وكأننا بذكر سلبيات الشخص أمامه وإخباره أننا نراه سيئا كأننا ندفعه فعلا لأن يكون عند هذا الظن الوضيع به.. وكأننا ندفعه دفعا ليتصرف تصرفات سيئة.. هذه هي إعانة الشيطان على أبنائنا.. هل نقبل أن نكون كذلك؟! هل نقبل أن نعين الشيطان على فلذة أكبادنا وقرة أعيننا؟!
أخي الكريم، توقع الخير تجده.. توقع التصرف الجيد من طفلتك وأخبرها بذلك تجدها سباقة لأن تكون عند ظنك.
كم أتمنى أن تحاول أن تسألها هذا السؤال: ماذا تعتقدين رأي بابا وماما فيك؟ ما رأيك أنت في نفسك؟
هي تتصرف وفق الصورة التي في رأسها عن نفسها.. هل تعرف من أين تتكون صورة الإنسان عن نفسه؟ من والديه أولا.
هل لك أن تشارك طفلتك وتعينها وتهديها أعز ما يمكن أن يملكه الإنسان: صورة جيدة عن نفسه.. هل فجرت المكنون من كنوز الفطرة بداخلها؟؟
الطريق إلى ذلك بإذن الله يسير.
استخدم الثناء الوصفي: اغتنم الفرصة واضبط طفلتك متلبسة بفعل طيب. اثن عليها بوصف ما ترى: "ما شاء الله؛ إحساسك بهؤلاء الأيتام رائع".. "بارك الله فيك حبيبتي، كم يسعدني ويشعرني بالفخر حين أجدك بهذا الحجاب الجميل.. ربما يرضى عنك".. "أسعدني كثيرا حين ساعدت أمك في حمل الأطباق من المطبخ لحجرة الطعام".
أثق أنك ستجد آلافا وآلافا من الأشياء الجيدة الإيجابية التي يمكنك ذكرها عن طفلتك على مسمع ومرأى منها.
تأكد أنك حين تفعل ذلك فإنما فعليا تزيد مساحات الصفات الإيجابية التي ستقبل عليها طفلتك، كما أنها ستعرف أنك ترى الجيد منها وهذا هام جدا جدا جدا.. فحين نصف الجيد الذي نراه يتأكد طفلنا أننا لا نبالغ وأننا نتحدث حديث صدق، إضافة لأنه يدرك تماما ما هو الشيء الجيد تفصيلا؛ فيزيد قدرته على تلمسه والإقبال عليه.
الأب الكريم وفقك الله لما فيه الخير وأعانك على صحبة طفلتك صحبة صالحة طيبة في الدنيا والآخرة.. وجعلها الله قرة عين لك ولأمها.. اللهم آمين.
دعني ألخص لك معادلة التغيير في جملة واحدة:
الحب + التوقع الإيجابي + الثناء الوصفي.
حينها سيكون لدى طفلتك إن شاء الله الكثير والكثير من المزايا التي اغتنمناها وبفضل الله ومنته أضفنا إليها أيضا الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها، فإن شاء الله ستثمر كلماتك الطيبة معها خيرات وصفات كثيرة... وهذا وعد الله.
حينها سيكون لديها صورة جيدة عن نفسها يمكن أن تجتذب العديد من الأزواج الصالحين بإذن الله، كما أن صفاتها المتوازنة ستؤهلها إن شاء الله لتكون نعم الزوجة.. ولكن أذكرك: صورتها عن نفسها مربط الفرس في اختيار الزوج وفي سير الحياة وكل العلاقات مستقبلا.. بالله عليك أهدي طفلتك هذه الهدية.. فنحن نختار اختياراتنا على أساس ما نرى استحقاقنا له.
والزواج رزق من الله ولا يعلم أحد منا أين رزقه ومتى وكيف سيكتسبه.. ولكن علينا السعي وعلى الله الأرزاق.
تابعنا بأخبارك.. ولا تنسنا من صالح دعائك.
ـــــــــــــــــ(104/409)
سيناريوهات الحزم المرح ... العنوان
جزاكم الله خيرا على جهودكم. أرسلت من قبل عدة استشارات آخرها: "طفلي الأول.. قرآن وبازل وأشياء أخرى" ، و"ابنتي.. صراخ وبكاء وزن" ، وكنت أود المتابعة.
بداية: كنت من قبل شديدة الرفق والصبر مع ابنتي، أما الآن فقد صرت عصبية في كثير من الأحيان؛ فمسألة التأخر في التحكم إلى جانب العناد وعدم الطاعة أمر مزعج جدا.. لا أقصد العناد الذي يمكن التحايل عليه، كما ذكرتم في كثير من استشاراتكم، ولكن أقصد أن الطفل يجب ألا يسير على هواه دائما، وكأنه هو الذي يتحكم فينا نحن الأهل. وقد ذكرت لكم بعض الأمثلة؛ فابنتي مثلا عندما تدخل الحمام أو تستحم أو تبدل ملابسها قد ترفض معاودة ارتداء ملابسها، دون سبب مفهوم. وقد يكون لها طلب لا يمكن تحقيقه لها فتعاند معي من أجله، وقد نكون في الطريق أو في زيارة أو في الحضانة فترفض العودة وقت العودة، وأمور كثيرة مشابهة.
وقد اقترحتم عليّ مشكورين أن أعقد معها اتفاقا مبدئيا، وأكون حازمة وقت التنفيذ، لكن السؤال هو: كيف يكون ذلك الحزم؟ إنها قد تستمر في عدم الطاعة سواء بعناد أو بلا مبالاة؛ فهل يكون الحل هو أن أسحبها بالقوة، أم أكتفي بحركتها وأجعلها ترتدي الملابس، أم ماذا؟ أحيانا أتركها محبوسة حتى ترتدي ملابسها مثلا، ولكنها قد لا تمتثل إلا بعد فترة من الإصرار.
أنا فعلا أحمل هم الخروج معها، من أن تعاند في أي وقت وترفض استمرار المسير، وهي كذلك تحب البقاء وقتا أكبر في الحضانة، ولا تريد الرحيل معي على الفور، والأمور بتلك الصورة قد تكون صعبة جدا حينما يكون معي طفل آخر، يحتاج إلى العودة للمنزل مبكرا. كما أنني أعاني معها في مسألة الطعام والنوم؛ فلا بد من النظام وتنظيم الوقت. لكنها تظل على مدار اليوم تتناول وجبات صغيرة من الفاكهة والعصائر والشطائر، ولا تجلس على وجبة أساسية إلا في وجود والدها؛ فهو الذي يقدر عليها، وبالتالي فهي لا تتناول الغداء إلا في المساء حينما يأتي الوالد؛ فهل هذا طبيعي للأطفال؟ وأحيانا مثلا يكون لدي موعد بعد الظهر، وأريد أن تكون قد تناولت الغداء حتى لا تجوع، وأحيانا مثلا يتأخر والدها في العمل، مما يؤخر موعد نومها.
وبالنسبة للنوم فإنها تستيقظ مبكرا من أجل الحضانة، ولكنها تقاوم النوم إلى آخر لحظة ممكنة، حتى إنها أحيانا قد تكون في حالة حركة ونشاط، حتى في الفراش، ثم تسقط نائمة فجأة. وإن كانت هذه طبيعة الأطفال.. فما العمل؟ الأدهى أنها عندما تشتد حاجتها للنوم تكون عصبية بصورة غير محتملة، ويصعب التعامل معها إطلاقا، وقد تصرخ لأي سبب، وحتى وهي على تلك الحال قد يشتد رفضها للنوم بصورة أكثر هستيرية.
أما وقت النوم فهي مشكلة؛ فعندما تتوجه للفراش، قد نقوم بعدها أكثر من مرة، سواء لأنها تريد تناول الطعام، وقد نأتيها بالطعام ولا تأكل منه، أو تظل ممسكة بالساندوتش لفترة، ونحن ننتظر أن تنتهي حتى تنام، وإن كان والدها هو الذي يجعلها تنام في الفراش فإنها تطلبني أنا، وإن كان العكس تطلب والدها، وهكذا، حتى إن تنويمها يستغرق وقتا طويلا، ويسبب لنا معاناة كبيرة.
وبالنسبة لمسألة العشاء قبل النوم، فإنها طبعا لا تلتزم بها دائما؛ لأنها تتناول الغذاء في وقت متأخر عندما يعود والدها؛ ولذلك لا نستطيع أن نعطيها وجبة مشبعة تماما قبل النوم، وبالتالي لا نستطيع التحكم في الأمر، ونضطر لمطاوعتها كلما طلبت الطعام في الفراش.
أنا باختصار أريد تنظيم كل تلك الأمور؛ فهي تقترب من الثلاث سنوات، ولم يَعُد هناك مجال أن نتركها وشأنها كما كان يحدث من قبل، لكن ذلك دفعني لأكون عصبية، وهي كذلك قد تكون عصبية جدا، ولديها قدرة على مواصلة الصراخ لفترة طويلة، ولا أدري ما العمل؟
وللعلم هي أسهل كثيرا في التعامل مع والدها، ولكن والدها مشغول بالعمل، وأنا أحب أن أتعامل معها حتى ولو بمفردي؛ فبم تشيرون علي؟ كما أنها في بعض الأحيان تقول إنها "بيبي" وتقلد الصغار حتى إنها قد تشرب اللبن من الزجاجة، رغم أننا نراعي مسألة الغيرة، وقد اطلعت على استشاراتكم في هذا الشأن، وغالبا لا أشعر أنها تغار؛ فهي مقتنعة بتميز الكبار عن الصغار، إلا من ذلك التصرف في بعض الأحيان.
والدها يقول لها: إنه لن يلعب معها حتى تعود كبيرة؛ لأنه لا يحبها حينما تكون "بيبي"، ولا أدري ما الصواب للتعامل معها حينما تفعل هذا؟ هل نطاوعها أم نقنعها أن هذا تصرف خطأ؟ وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختنا الكريمة.. بارك الله فيك وفي ابنتك وأنبتها نباتا طيبا.. اللهم آمين.
شرفت بالرد عليك في استشارة "طفلي الأول .. قرآن وبازل وأشياء أخرى" ، وردت عليك بنفس المعنى والمفهوم أختي وصديقتي دعاء ممدوح .. وها نحن نضم لنا صديقة ثالثة في بلد ثالث.. جمعنا الله على الخير دوما.. وردكما إلى بلدكما آمنين سالمين.. اللهم آمين.
دعيني ألخص لك الأمر في نقاط:
1 - الأطفال يحتاجون إلى نظام يومي ثابت لتكوين عادات (روتين) للأكل والنوم وغيره من الأمور المتكررة التي تحدث كل يوم وبشكل ثابت. وطفلتك تفتقد لهذا الروتين اليومي؛ ولذا علينا أن نجتهد في تكوين عادات يومية (روتين).. فاعتياد الطفل والكبار أيضا على عادات ثابتة يساعد كثيرا في الشعور بالأمن والتكيف وسير الأمور بانسياب ويسر. بدلا من التعامل مع كل موقف على حدة.
وسأعطيك مثالا على تكوين روتين للنوم مثلا:
- حددي موعدا ثابتا للنوم والطفل.
- أعلمي طفلتك به مقدما: "عندما يجيء العقرب على... سنبدأ في دخول السرير لنحكي حكاية جميلة.. من فضلك تابعي معي عقرب الساعات..".
- قبل موعد النوم ابدئي بتحضير طفلتك للنوم؛ الحمام الدافئ يساعدها على الاسترخاء.. واجعليه وقتا ممتعا لطيفا.. ثم اذهبا فورا لحجرة النوم التي تنتظركما فيها القصة الجميلة.
- احتضنيها وقبليها وأشعريها بالدفء.
- لا تظلمي الغرفة كليا.. ولكن أغلقي المصباح العالي بالغرفة.. واتركي ضوءا خافتا يساعدها على الاسترخاء.. ويمهد للإظلام الكامل.
- أحضري معك الماء واللبن إن كانت تتناول اللبن مساء. وضعيه بجانب السرير. وأعلميها أن بعد دخولنا الحجرة: "لا يوجد طلبات من الخارج".
وبالنسبة للأكل مثلا:
- بالطبع لا بد من إشباع الطفل قبل موعد نومه بفترة كافية. وعدم السماح بتناول الوجبات في السرير.. حتى لو كانت لم تتناول طعامها كما تذكرين. أعرف أن قلب الأم لا يحتمل جوع الصغار، ولكن لا بد من إخبارها أن مكان الأكل في المطبخ مثلا أو حسب ما تقررين. ولا يمكننا أبدا تناول الطعام في السرير.
واعلمي أن مسألة الساندوتش الذي تطلبه إنما هو محاولة لتزيد في فترة يقظتها فترة جديدة وليس الجوع كما تتخيلين. خاصة أن نومها غير ممتلئة بالطعام سيتيح لك تنظيم مواعيد أكلها في اليوم التالي؛ فستتناول طعام الفطور بدون مشاكل.. وأخبريها أن الوجبة القادمة هي الغداء. ولن نتناول حلوى أبدا قبل الطعام. لو أرادت الحلوى فاجعليها بعد الفطور مباشرة وبكمية ليست كثيرة حتى يتسنى لها الشعور بالجوع في موعد الغداء.
- قللي تماما من الأغذية غير الصحية مثل حلوى الأطفال عموما والمياه الغازية وغيره مما تمتلئ به معدة الطفل دون أن يتناول كفايته من الغذاء الصحي.
خلاصة الأمر في تكوين هذه العادات أن تجعليها لطيفة قدر الإمكان، وأن تشركي طفلك فيها كما أشرنا أن ينبهك الطفل لموعد القصة، أو موعد الحمام.. اجعلي ما ينتظره شيئا محببا: القصة وقت محبب، الحمام الذي نلعب فيه سويا محبب. لعبة الاختباء تحت الغطاء محبب.. المهم أن تبحثي عن أشياء لطيفة تترافق مع النوم والأكل وغيره من العادات.
ويبقى الإصرار على التنفيذ: فليس هناك استثناءات في مواعيد النوم، وتناول الطعام الأساسي، وعدم تناول أطعمة بين الوجبات، عدم تناول الأكل في السرير وغيره...
يحتاج الطفل أيضا لقوانين ثابتة يمكنه أن يقيس عليها الصواب والخطأ وتبعات كل منهما بشكل دائم. فلا يجوز أن نقبل أمرا ما ثم نرفضه في موقف آخر.. أو نتحمله في مرة ونتأفف منه في موقف آخر؛ لأن هذا ببساطة يجعل الطفل مرتبكا في تمييز الصواب والخطأ وفيما هو مقبول من تصرفات وغير مقبول.. مما يدعوه لأن يختبرك في كثير من المواقف ويكرر نفس الفعل مرات ومرات إلى أن تقبليه.
2 - الطفل بطبعه يختبر القوانين ويظل يجرب ويجرب إلى أن يصل لأحد أمرين: إما أن يظل يراوغ حتى الوصول لما يريد إن كان يؤتي ثماره سواء بالزن أو الاستجداء أو غيره، أو أنه يقتنع تماما أن السلوك غير المقبول لا يمكن قبوله حتى لو راوغ وماطل وزن وتململ... وهذا الذي نسميه حزما. ولذا فالنقطة الثانية الهامة التي سنتحدث فيها هي التربية بالعواقب، ولقد ذكرنا الكثير من الأمثلة على هذا النوع من التربية والتي نسميها الحب الحازم؛ وسأفصل لك في بعض المواقف كيف يكون الحب مع الحزم.. هناك ملكة رائعة مميزة لدى الأمهات يمكنها في كثير من الأحيان أن تحل الكثير من المشكلات مع الطفل: المرح.
والمرح ينفع كحل لكثير من المشكلات، خاصة غير المنطقي منها أي التي نقف محتارين أمام الطفل لا نفهم تحديدا ما المنطق في طلباته هذه أو ما المنطق فيما يريد والذي ربما لا يعرفه هو شخصيا. فيكون الحل هو تحويل الدفة تماما في اتجاه المرح والفكاهة واللعب لنضحك معا بدلا من أن نصرخ معا.
هيا نفكر معا كيف يمكننا تحويل المعارك لسيناريوهات مرحة؟
ما رأيك لو قسمنا رسائلك الثلاث لسيناريوهات من مشاهد مختلفة.. نبحث كل منهم ونضع حلولا تنفيذية بالصوت والصورة لكل منها منفذين: "الحب الحازم المرح":
فلنبدأ:
المشهد الأول:
"طفلة في الثالثة من عمرها؛ تدخل الحمام وترفض تبديل ملابسها.. تحتار الأم ولا تدري سببا مفهوما لذلك..
إلا أنها رفعت شعارا رائعا كان حلا لكل المشاكل: "اللعب هو الحل".. ولحظات حتى رفعت صوتها بالشعار البتار "اللعب هو الحل.. اللعب هو الحل..".
ثوان قليلة حتى كانت الأم تدغدغ الصغيرة الرافضة للبس الملابس.. تحول الـ"تي شيرت" إلى نفق تدخل فيه الطفلة لتخرج من الناحية الثانية.. ويكون في انتظارها فم الأسد الذي يأكل كل ما يبدو من جسم الصغيرة فتضطر مسرعة للاختباء من فم الأسد.
دعينا نعلق على هذا السيناريو: الطفل خاصة في السن الصغيرة لا يمكنه دوما الاقتناع بالمنطق؛ فيكون التحايل على الموقف أنفع وأجدى، ويكون أحيانا تحويل الاهتمام لشيء آخر أو كما يقال: "إحداث ربكة لجذب الانتباه لشيء آخر".
- في موقف كهذا يمكنك استخدام الفكاهة كما وضحنا، ويمكنك أيضا أن تساعديها على الإقبال على ما تريد إن علمت أن هناك شيئا لطيفا ينتظرها بعد الخروج من الحمام. مثلا لو تحدثت بصوت عروستها المحببة: "هيا يا.. إنني أنتظرك؛ متى تجيئين لنلعب معا..." استمري في المرح قدر جهدك.. ثقي في أن الموقف سيتغير تماما. وأرجو منك أن تتابعينا بتجاربك المرحة الناجحة.
دعينا لنصيغ موقفا آخر بسيناريو آخر: "في رحلة العودة إلى المنزل.. تتابع الطفلة الحدائق والزهور على جانبي الطريق، لحسن الحظ الأم اليوم ليس لديها مواعيد؛ فليست متعجلة.. وجدتها فرصة رائعة لتشارك طفلتها التمتع بجمع بعض الفراشات، والزهور.. ودار هذا الحوار بينهما:
الأم: أراك تستمتعين جدا بالجري وسط الحديقة.. يمكننا اليوم اللعب لمدة ربع ساعة معا.. عندما يكون العقرب عند... سنبدأ بسرعة في السير السريع.. ما رأيك لو اختبأت وبحثت عني.. في لمح البصر أشرق وجه الصغيرة بابتسامة.. مهللة..
الوقت ممتع ودائما الممتع يمر سريعا..
ماما: بندقة سريعا..
في عقلها الصغير: "لو بكيت سننتظر أطول؛ لماذا لا أحاول أن أجرب.. أتحايل..
وقبل أن ينتهي حديثها في رأسها كانت حركت الأم أسرع.. بسرعة.. تعالي نَعُد كم حجرا سنقابل في طريقنا؛ الأشطر منا من يصل للحجر التالي أولا...".
إنها أيضا لعبة؛ ماذا تعتقدين؟
ما أظنه أنا أن الطفل ما دام لديه بدائل فسيختار منها دون محاولات لتحدي السلطة التي هي الأم في غالب المواقف.
وما دمنا نطلب منه التحويل من فعل لفعل آخر لطيف أيضا فإن هذا يشجعه كثيرا أن ينتقل بيسر دون تحد.
طفلتك إن وجدت أنك تقدرين مشاعرها وتحاولين إسعادها فستكون أكثر حرصا على الامتثال لأوامرك.
يمكننا أن نبدل السيناريو لتكون الأم منشغلة ولا يمكنها الانتظار في الطريق كثيرا..
هنا يكون عليها أن تخبر الطفلة بذلك: "حبيبتي.. أعرف أنك تتمنين أن نلعب كالمرة السابقة؛ هذا يسعدك كثيرا؛ أليس كذلك؟ أعرف حبيبتي.. كنت أتمنى لو أننا يمكننا هذا اليوم.. ولكن اليوم لدي... ماذا تقترحين من لعب عندما أنتهي من عملي؟ فكري وأخبريني بثلاثة أشياء لأختار من بينها لعبة أحبها أنا أيضا".
ما حدث في هذا السيناريو هو اعتراف بمشاعر الطفلة أولا؛ احترامها وإخبارها بأن الأم لديها ما يشغلها اليوم؛ ثم إعطاء بدائل بعد الانتهاء من العمل.. وهو ما يعطي الطفلة شيئا مختلفا لتفكر فيه: "البدائل بعد الانتهاء من العمل"، بدلا من استمرار تركيزها على أن الأم لن تلعب معها.
كما أنه ترك الكرة في ملعبها لتفكر في بدائل.. والأهم أنه أخبرها أن الأم تحب هذا اللعب معها بدليل أنها تريد منها أن تخبرها بثلاث لعبات مفضلة للطفلة تختار الأم منها ما تحبه هي أيضا.. إذن مع الوقت تفهم الطفلة أن اللعب موضوع مشترك: نحن نلعب معا لأني أستمتع بهذا اللعب. ويمكنني قبول ورفض لعبة ما.
حبيبتي.. لا تجعلي الحياة مع طفلتك معركة.. فهدف التربية في مجملها تعليم الطفل وتعويده على أن يختار الاختيارات الصحيحة.
وهذا كما يتضح من الكلمة: "تعليم"، ثم "تعويد".
استمتعي بهذه الرحلة وفكري فيها في ذهنك في صورة سيناريوهات.. فكم ييسر علينا هذا التصور التعامل مع كل موقف.. وعسانا نتداول هذه المواقف فيما بيننا؛ لأنها في جملتها هي رحلة الحياة بكل تفاصيلها وبكل نبضاتها.. فهل لنا أن نتشارك هذه النبضات الحية؟
ـــــــــــــــــ(104/410)
قضم الأظافر ابنتي.. ثم ابني.. ما الحل؟ ... العنوان
ابني 3 سنوات منذ حوالي شهر يقضم أظافره بشدة وفي كل وقت، ولا يوجد سبب واضح لذلك، أغدق عليه الحنان، وأحاول تعويضه عن غياب أخته الكبرى في الروضة عمرها 5 سنوات، وهي أيضًا تقضمها منذ الثالثة من عمرها، ولكن أقل منه بكثير حتى إني لا أراها، ولكن ألحظ أظافره أحاول توجيهه وتعنيفه وغمره بالحب ولا جدوى. وهذا الأمر يزعجني بشدة، خاصة مع علمي بأن هذه العادة تنقص الذكاء.
أرجو أن تفيدوني، أكرمكم الله، مع العلم أنه ذكي جدًّا، وأشغل له وقته بألعاب الكمبيوتر والألعاب الحركية والقصص والأصدقاء..
معذرة للإطالة، وجزاكم الله كل الخير..
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة.. أهلاً وسهلاً بك، وشكرًا على ثقتك، أحييك بداية على انتباهك واهتمامك بأطفالك والذي وصلني من خلال إفادتك التي تشير إلى وعيك الدءوب بسلوك أطفالك، بارك الله فيك.
إلا أنني عاتب عليك بسبب استعجالك واختصارك في إفادتك لنا، وأعتقد أن جزءًا كبيرًا من معلوماتك التي كان يمكن أن تفيدنا، قد حجب لهذا السبب، وأصبحنا مضطرين إلى الكلام بصورة عامة عن قضم الأظافر بالأسنان في مرحلة الطفولة، فمن ذلك السلوك في الأطفال أشكال عديدة ولكل شكل مآل، وتحديد الشكل هنا هو الذي نحتاج إليه والذي أظنه ممكنًا من خلال الأخت الكبرى التي تستطيع، إن هي كفت عن خوفها منك.
أن تصف لك مشاعرها قبل وأثناء وبعد القضم، فهذا يمكن جدًّا أن يساعدنا في تشخيص أو أخذ انطباع عن المآل المحتمل لحالة أخيها الصغير، فأنت تقولين إنها بدأت تقضم أظافرها في سن مشابهة لسنه (أي 3 سنوات)، وإنها لا تزال حتى الآن تقضم أظافرها وهي بنت الخامسة، ولكنها تخفي ذلك عنك.
أنصحك بداية بقراءة ما ظهر على صفحتنا معًا نربي أبناءنا عن الموضوع وعما هو في نطاقه من اضطرابات العادات والنزوات Habit and Impulse Disorders، فقط قومي بتتبع الروابط التالية:
زوجي وطفلي.. قضم الأظافر والعبث بالأعضاء (متابعة)
ومن على صفحة مشاكل وحلول للشباب اقرئي أيضا:
نتف الشعر وقضم الأظافر
بعض حالات قضم الأظافر Onychophagia، يكون مجرد تعبير أو انعكاس للقلق أو الاكتئاب في سن الطفولة أو عن الرغبة في جذب الانتباه فقضم الأظافر بالأسنان قد يكون أحد سلوكيات جذب الاهتمام Attention Seeking Behaviors، وأحيانًا يكون قضم الأظافر تعبيرًا عن رغبة في الاستثارة الذاتية Self Stimulation، ويكون ذلك من طفل يعيش في بيئة فقيرة من ناحية المثيرات التي تجذبه وتشغل انتباهه، وعادة ما يكون عابرًا في مثل تلك الحالات، ويستجيب لتغيير الظروف المحيطة أو بمعنى آخر تحسينها، ولكنني لا أظن أطفالك في بيئة كهذه، فعلى العكس من الواضح أنك -جزاك الله خيرًا- متفرغة لهم تمامًا، إذن ما هي المشكلة؟
لا أستطيع في الحقيقة أن أقول أكثر من أن ظهور عرض قضم الأظافر في ابنتك ثم في ابنك في نفس السن تقريبًا، وأن استمرار البنت مدة سنتين على تلك العادة، كل هذه أمور تستدعي علمًا أكثر بالظروف والملابسات، والتاريخ الأسري السلوكي للأبوين والأقارب -وأقصد تاريخ الإصابة بالمرض النفسي-، لكي نستطيع تحديد نوعية قضم الأظافر، ثم نبدأ بعدها في الحديث عن طريقة العلاج الأفضل.
ومن الممكن بشكل عام أن نقول إن ثلث هذه الحالات يُشفى تمامًا، والثلث الآخر يتحسن تدريجيًّا بصورة ملحوظة، أما الثلث الباقي فلا يستجيب للعلاج بسهولة، إلا أن الثلث الذي يتحسن تمامًا إنما يندرج تحت النوعية العابرة التي أشرت إليها، بينما ينتمي جزءٌ كبيرٌ من الثلثين الأخيرين إلى حالات تشخص ضمن اضطرابات العادات والنزوات والتي تقع في نطاق الوسواس القهري ، ولكن كنه وكيفية التصنيف والتوصيف وتحديد العلاج لا يمكن أن يتم من خلال الإنترنت.
ثم ما علاقة قضم الأظافر بالذكاء؟ من قال: إن ذلك السلوك يقلل الذكاء؟ أم أنها ملاحظة لاحظتها أنت وهي أن بعض ذوي الذكاء المحدود ينغمسون في تلك العادة؟ فهي ملاحظة صحيحة، لكنها تدخل من باب الرغبة في الاستثارة الذاتية التي نجدها في الأطفال المودعين في المؤسسات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة عندما لا تكون الرعاية داخلها بالمستوى المطلوب.
أعود إذن إلى حالة ابنك وابنتك أيضًا، لأحسن الظن أولاً وأعتبرها من الحالات العابرة، وأحسب أن عليك بداية أن تقللي من اكتراثك الظاهر بالأمر، فقد يكون مجرد الكف عن محاولات ثني الطفل عن سلوك ما دافعًا له لإيقاف ذلك السلوك، بينما تمثل محاولات منعه بأي شكل دافعًا للاستمرار في ذلك السلوك المرفوض.
وينطبق نفس الكلام على أخته.. جربي لمدة شهر أن توقفي كل اهتمامك بالأمر، وراقبي من طرف خفي، فإن لم تفلح تلك الطريقة فإن من المهم أن تسألي نفسك وزوجك عن وجود تاريخ شخصي لدى أي منكما لذلك السلوك، وكذلك حاولي معرفة ما إذا كان أحد أفراد أسرتيكما مصابا بالوسواس القهري؟؟
وإذا كان الأمر كذلك فإن اللجوء للطبيب النفسي المتخصص يصبح واجبًا، وحسب رؤيته للحالة وتوصيفه لها والطريقة التي يفكر بها سيتم تحديد العلاج، إلا أن من المهم في جميع الأحوال أن تنتقلي من موقف الصراع مع طفليك حول هذه العادة إلى موقف الراغبة في الفهم أولاً ثم الحل بإذن الله تعالى ثانيًا وبمساعدة المتخصصين، وتابعيني بالتطورات.
ـــــــــــــــــ(104/411)
ضحية انتكاسة الخوف ... العنوان
السلام عليكم، أولاً أشكر موقعكم المفيد جدًّا بالنسبة لي، حيث أتصفحه دائمًا خلال أوقات الراحة في الدوام، ولقد استفدت كثيرًا منه في جميع جوانب حياتي الأسرية.
سوف أدخل بمشكلتي مع طفلي الحبيب سامر، عمره سنتان وأربعة أشهر، من أهم صفاته أنه قوي الملاحظة جدًّا وسريع البديهة، لدرجة أنه يربط بين الأشياء من خلال شعار أو صورة أو كلمة، ومع كل هذا فإنه حتى هذه اللحظة لا يريد الذهاب إلى الحمام لقضاء حاجته، بل يقوم بطلب الحفاظ من أجل القيام بعملية التبرز فقط، وعند انتهائه يريدني أن أنظفه.
حاولت معه كثيرًا واتبعت جميع الطرق الموضحة من قبلكم في الاستشارات السابقة، ولكن دون فائدة تذكر.
أرجو التنويه إلى أنه عندما كان في سن سنة وسبعة أشهر عندما كنت أجلسه في الحمام كان يقوم بعملية التبرز والتبول واستمر حوالي ثلاثة أشهر، ومرة كنا في زيارة لعمه وقام أبوه بإدخاله الحمام، فجاء أولاد عمه وأطفئوا النور عليه وهو في الحمام، ومن وقتها أصبح يخاف الجلوس في الحمام فقط من أجل قضاء حاجة التبول عدة مرات في اليوم.
أرجوكم.. ساعدوني في إعطاء أي طريقة لإقناعه؛ حيث إنني امرأة عاملة (ربما يكون هذا السبب لعدم وجود وقت كاف)؛ حيث إن جميع الأعباء المنزلية عليّ، وأريد في نفس الوقت أن أجلس الوقت الكافي مع طفلي لإعطائه من الحنان.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة السائلة أم سامر.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير وطاعة دائمة وسعادة تامة. وبعد..
فلقد تساءلت عن طفلكم "ضحية انتكاسة الخوف"، وكما حيث جاء في استفسارك فإن
هذه المشكلة تتلخص في نقاط منهجية:
1 - الطفل الحبيب سامر لم يزل صغيرًا لطيفًا نشيطًا، ليس به أي موانع عضوية.
2 - وقد تدرب مبكرًا على قضاء الحاجة ونجحت المحاولة، وكان طبيعيًّا.
3 - ما به الآن هو انتكاسة نفسية استفحلت مع مر الأيام ولم يجد من يخرجه منها.
4 - وما به هو قصور في التدريب للعودة لسابق عهده في اتباع سلوك قضاء الحاجة.
5 - ومشكلته النفسية تتعلق بالخوف من قضاء الحاجة في الحمام؛ لأنه ربط هذا الأمر برابط يربطه بلحظات الخوف من الظلام.
6 - الطريقة: هو الآن يحتاج إلى تدريب تدريجي ولصبر، وعلى مراحل، وكل مرحلة تحتاج إلى وقت:
- أن يحبب إليه قضاء الحاجة، وذلك بالتحفيز بما يحبه لا العقاب والزجر.
- أن يبدأ بالتدريب خارج الحمام لفترة على القصرية.
- أن يحبب إليه دخول الحمام دون محاولة أمره بقضاء الحاجة.
- أن يكون مع أمه، ثم تحاول أن تطفئ النور وهما بالحمام.
- ثم تتم محاولة تدريبه على الجلوس بالحمام لقضاء الحاجة.
- تتم هذه المراحل مع التحفيز والتشجيع دون محاولة الزجر أو العقاب.
7 - على الأم ألا تقلق عليه؛ فالزمن كفيل بأن ينسيه هذه الحادثة، إذا حاولنا أن نخرجه منها ببطء وبالتدريج.
ثم أسأل الله عز وجل -بردي هذا على تساؤلاتكم- أن يحشرني مع من أغاث ملهوفًا، ومن كان في عون أخيه، ومن دلّ على الخير، أو أن أكون ممن أدخلوا السرور على بيت مسلم؛ فليس له جزاء -كما بشرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم- إلا الجنة.
أخيرًا.. تحياتي وتقديري لكل أسرة قسم "معا نربي أبناءنا" ولك ولطفلك الحبيب.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـــــــــــــــــ(104/412)
فرط الحركة والذكاء.. هل من علاقة؟ ... العنوان
الدكتور الفاضل.. بعد التحية،
أرجو منك يا دكتور أن تجيبني على سؤال بات يؤرقني طويلاً، وأتمنى ألا أكون قد أثقلت عليك، سؤالي حول طفلي البالغ أربع سنوات، فهو طفل كثير الحركة إلى درجة أن كل من حولي يشعرون بذلك، فهو لا يستطيع الجلوس لمدة دقيقتين متواصلتين، حتى إنه في أثناء وقوفه يقوم بالنط والقفز المتواصل، أي أنه لا يستطيع حتى الوقوف وإنما نشاطه يدفعه إلى القفز والشقلبة طوال الوقت. وقد بات الأهل يقلقوني بملاحظاتهم وتعليقهم حول هذا الموضوع باستمرار وتضايق كل من حولنا نتيجة نشاطه غير العادي.
فهل هذا الأمر طبيعي لطفل في مثل سنه؟ وما هي أسباب ذلك؟ وهل من الممكن أن يصبح كأي طفل عادي في المستقبل؟ وهل هذه الأعراض تدل على وجود مشكلة ما في إدراكه؟ أرجوك يا دكتور أجبني بسرعة فأنا قلقة جدًّا إزاء هذا الأمر فهو طفلي الوحيد.
مع العلم أنه في الروضة منذ فترة وهو يجيد المهارات التي يتعلمها كبقية زملائه في الروضة.
هذا مع خالص الشكر والامتنان.
... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم.. كيف الحال ورمضان كريم؟
أخي الفاضل.. الطفل الطبيعي يكون كثير الحركة بطبعه؛ لأن الحركة هي طريقة من طرق التعلم واكتساب المهارات والمعارف. وفي الحقيقة ليس هناك ما يحد من الحركة الطبيعية والزائدة عن الحد بشكل واضح، ولكن هناك مؤشرات إذا ما كانت هذه الحركة مفرطة أو ما بات (يشخص حاليًّا بمتلازمة فرط الحركة): وهو أن هذه الحركة الزائدة تحدّ الطفل من التعلم أي بشكل مبسط تؤثر على مفاهيمه ومداركه، ويكون هذا واضحًا من أن الطفل متأخر عن أقرانه في اكتساب المهارات المتنوعة، ويبدو أن طفلك لا يعاني من مشكلة بهذا الخصوص؛ حيث كما ذكرت أنه يسير بشكل طبيعي في الروضة. ويمكن لمزيد من التأكد استشارة اختصاصي تربية خاصة أو علم نفس أو طبيب أطفال تطوري لمزيد من التأكد.
وللمعلومة فقط فإن فرط الحركة قد يكون مؤشرًا على ذكاء زائد لدى الطفل؛ حيث لا يرضيه النشاطات العادية، فيسعى إلى أن يكون في حالة استثارة دائمة، ويمكن عمل برنامج لامتصاص هذه الحركة الزائدة بإعطاء الطفل نشاطات زائدة عن الأطفال الآخرين مثل نشاطات رياضية: كالركض - السباحة - تعلم أي رياضات أخرى حركية تناسب سنه. وكذلك التلوين والقص واللصق والمهارات اليدوية التي يميل إليها، ويمكن استشارة اختصاصي تربية طفل أو تربيه خاصة كما سبق، وذكرت لك لمساعدتك في عمل برنامج للطفل. تحياتي
ـــــــــــــــــ(104/413)
من أدب الأكل لعق الأصابع قبل غسلها- متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي الكريم الدكتور وائل أبو هندي ألف شكر على اهتمامك وعلى إجابتك في استشارة من أدب الأكل لعق الأصابع قبل غسلها التي نبهتني إلى أن طفلي يريد أن يذكرني بأنه طفل، فبارك الله في هذا الموقع وفي جهده الطيب. وبارك فيك.
أخي وائل لي عتاب صغير وهو أنك ظننت بنا غير الحق وهو أن منازل الغربة قد أنستنا هدي نبينا بقولك الجازم (لكنكم في البيت على ما يبدو تتبعون آداب المائدة الغربية...، وقولك مفاجأة أخرى أعرف أنها غائبة عنك وهي سنة لعق الأصابع).
فأنا ولله الحمد حاصلة على شهادة ليسانس في الشريعة الإسلامية، وأستاذة تعليم ثانوي لتدريس الشريعة وخوفا على عدم إتقان أولادي للغة العربية وأمور الدين أخذت عطلة تستمر منذ 5 سنوات وعطلت تحضير ماجستير في مقارنة الأديان أملا في أن أستطيع أن أنشئ أولادي على هدي محمد صلى الله عليه وسلم، والحمد لله ابني الأكبر يحفظ قرابة الجزء من كتاب الله وبعض الأحاديث، وهو لم يكمل خمس سنوات، ويعرف جزءا كبيرا من سيرة المصطفى عن ظهر قلب، وأغلب قصص الأنبياء، أما الثاني فهو يحفظ قدرا لا بأس به من كتاب الله كما أنهما يعرفان أغلب الأذكار.
ويشهد الله أننا نجتهد معهم بكل طاقتنا لإدراكنا ووعينا بأن المجتمع الذي نحيا فيه يختلف عن المجتمع الإسلامي، كما أنه وبتوفيق من الله سيلتحق الابن الأكبر بالمدرسة الإسلامية في شهر "جانفي" إن شاء الله. وأخيرا شكرا لك مرة ثانية، وبارك الله فيكم. والسلام عليكم.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة أهلا وسهلا بك مرةً أخرى على صفحتنا معا نربي أبناءنا، وشكرا على متابعتك، وثنائك الطيب، الحقيقة أنني لم أسئ الظن بكم كأسرة باعتبار أنكم تعيشون في الغرب وأعرف أن معظم إن لم يكن كل أصدقاء إسلام أون لاين.نت، هم من المسلمين المستمسكين بدينهم وثقافتهم أينما وجدوا على وجه الأرض، لكن الرسالة التي أردت إيصالها من خلال ردي عليك هي رسالة للجميع، لأسرنا كلنا، فقيمة المأكول بالفعل غائبة عن معظمنا، ونظرة إلى ما يخرج في سلة مهملات كل بيت تكفي لبيان ذلك.
وغريب أنك في متابعتك لم تجيبي على كل أسئلتي التي سألتها لك، صحيح أنني لم أسأل أسئلة مباشرة، لكنني كنت أنتظر معرفة الفارق السِّنيِّ بين ابنيك الأوسط والصغير، وإن كان من الممكن أن يكون التخمين الذي خمنته في ردي عليك جاء صحيحا أو قريبا من الصحة فلم تجدي داعيا لذكر تفاصيل أكثر، وإن كنت أعطيتني الفارق السني بين الأكبر والأوسط، المهم أن معظم متابعتك جاءت دفاعا عما تخيلت أنه اتهام، وفي غمرة انفعالك نسيت أن تقولي لي كيف ستتصرفين؟
ولم تقولي لي أيضا إن كنت مستعدة وزوجك للالتزام بلعق الأصابع بعد الأكل؟ أمام الولد الصغير الذي يمسح يديه من أثر ما علق بها من طعام بعد كل مرة يضع فيها طعاما بيده في فمه؟
هل أنت وزوجك مستعدان للحديث مع الولد عن بركة الطعام؟ لم تذكري لي شيئا من ذلك، وإنما اكتفيت بأن شكرتني على ما بينته لك من أن ابنك الأوسط يحتاج إلى تذكيرك بأنه طفل ما يزال بحاجة لك، عفوا لا شكر على واجب، ولكن كيف ستتصرفين؟
صحيح أن أسرتك أسرة بفضل الله ملتزمة وأنت شخصيا تفقهت كثيرا في الدين، وبتحفيظ القرآن لأبنائك تهتمين، ولكنك لم تجيبيني على سؤالي بخصوص طريقة الأكل، ودون أن تعتبريه اتهاما بأنكم تأثرتم بالغرب، فما أشير إليه هو أن أدب المائدة الإسلامي غائب عن معظم بيوتنا، وكلنا في الغرب وفي الشرق نسينا جزءًا كبيرا منه، بل إنني أحسب أن المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب أقل إسرافا في تعاملها مع الأكل من المسلمة التي تعيش في بلادنا، مَنْ ما تزال تحضُّ أبناءها على عدم ترك شيء في صحن الطعام، (الذي نضع فيه من البداية قدر حاجاتنا؟)، من تعلم أبناءها أن الوضوء قبل الأكل من السنة؟
باختصار..
أريدك أن تتابعي معي ولو النقاش حول الكيفية التي نعيد بها أدب الأكل الإسلامي إلى موائدنا؟ بمفاهيمه ومضامينه الأصيلة وليس فقط مجرد الشكل؟ وأن تطمئنيني على ما فعلته في مشكلة ابنك الأوسط، أليس كذلك تكون المتابعة، حتى ولو اخترت لها عنوان "شكر وعتاب"؟
بارك الله فيك، وكل عام وأنت والأسرة، وأمتنا كلها بخير كل رمضان، وأهلا بك دائما على صفحتنا معا نربي أبناءنا.
ـــــــــــــــــ(104/414)
صغيرتي تسرق!! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، ابنتي 10 سنوات شديدة الذكاء متفوقة دراسيا من الأوائل، وذات طاقة عالية،
ولكنني لاحظت في السنة الأخيرة هذه سلوكا غريبا على ابنتي، وهو "سرقة الفلوس"، تارة من المنزل، وأخرى من الفصل، وثالثة من دار التحفيظ التي تحفظ فيها.. لست أدري كيف أتعامل مع هذه المشكلة
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل، كل عام وأنتم بخير بمناسبة الشهر الكريم، وبارك اللهم لك في ذكاء ابنتك، وحفظها من كل سوء.
يحتاج استيضاح الأمر إلى بعض المعلومات التي لم تذكرها نذكرها فيما يلي:
- ذكرت أن هذا السلوك منذ سنة تقريبا؛ فكيف تم اكتشاف الأمر؟ وما هي الطرق المختلفة التي حاولت اتباعها للعلاج؟ وما مدى استجابة الطفلة لها؟
- كيف كان رد فعل الطفلة حالة مواجهتها بهذه الحوادث؛ هل الإنكار أم الاعتراف بالخطأ؟ -- وهل ذكرت جملة مثلا أنها تفعل هذا من غير أن تدري؟ ومدى تصديقكم لذلك؟
- ما هو مستواكم المادي والاجتماعي؟ وهل يوجد تباين بين مستواكم ومستوى الأطفال الذين تختلط بهم طفلتكم؟
- هل تحصل الطفلة على مصروف مناسب لمستواكم ومستوى الأطفال الذين تختلط بهم؟
- هل حدثت في هذه السنة أي تغيرات على حياة الطفلة (انتقال من سكن - تغيير مدرسة - حادث وفاة عزيز أو ميلاد أخ...).
- ما هي أوجه الإنفاق التي تنفق فيها الابنة هذه الأموال التي تحصل عليها؟
ـــــــــــــــــ(104/415)
بوابات المراهقة والمواقع الإباحية ... العنوان
بعد أن تصفحت معظم الاستشارات التربوية والنفسية الموجودة بموقعكم والتي تتحدث عن التحرش الجنسي لم أجد حلا لمشكلتي؛ نظرا لاختلاف ظروف كل حالة عن الأخرى، وعلمت أن الظروف المحيطة قد تغير أسلوب العلاج؛ لذا قررت أن أستنير برأيكم، وجزاكم الله خيرا.
يبلغ ابني من العمر 13 سنة ونصف السنة، ولكنه يبدو أصغر من سنه بكثير من الناحية الجسمانية فقط؛ لذا فإنني أميل إلى أنه لم يبلغ بعد، وهو طفل وحيد، ويعيش معي ومع أبيه ومع والدتي، وهو في مدرسة مختلطة، وقد وصل إلى الصف الثالث الإعدادي.
ولدى ابني أصدقاء من الجنسين، ولكنه مرتبط أكثر بأصدقائه الذكور، ويميل إلى تغيير أصدقائه من آن إلى آخر، كما يحب مصادقة من هم أكبر منه سنًّا.
ويلتقي بمجموعة من أصدقاء السكن يوميًّا في الإجازة ويوم الخميس أثناء الدراسة، حيث إننا نسكن في منطقة تحيط بها الحدائق والملاعب، يخرج بمفرده أحيانا، ويزور بعض أصدقائه من المدرسة في مساكنهم، وبدأ منذ فترة التمرد على محاولاتنا للنصح أو السؤال عن أحواله، خصوصا أن الأمر قد يتكرر مني ومن أبيه ومن جدته، وهو عنيد وسريع الانفعال وعصبي، ولكنه طيب القلب.
وهو يداوم على الصلاة منذ صغره، وإن كان لا يتقن صلاته، فهو ينقرها نقرا، ويحفظ أربعة أجزاء من القرآن، ولكنه توقف منذ فترة لظروف خارجة عن إرادتنا، وسيعاود قريبا حفظ القرآن بإذن الله، نضع له حدودا فيما يختاره من أفلام، حيث نحاول إبعاده عن الأفلام التافهة وغير الهادفة والتي يكثر فيها الشتائم أو المناظر غير اللائقة، ولكنه يلح علينا لرؤية الأفلام الكوميدية التافهة، ويعلق على اعتراضنا بأنه لن يتأثر بما فيها من أفكار سيئة؛ لأنه يستطيع التفرقة بين ما هو صحيح وما هو خطأ، وكل ما يهمه هو الضحك والتسلية فقط، ويقول لماذا كذا وكذا يرون هذه الأفلام؟
وهو متفوق في دراسته، وإن كان يكره المذاكرة جدًّا، ونحتاج إلى مجهود لجعله يستذكر، لديه هوايات متعددة، أهمها القراءة فهو يقرأ تقريبا طوال اليوم، في البداية كان يقرأ الكتب العلمية فقط مع بعض الكتب الدينية، أما الآن فهو يقرأ القصص والمغامرات وقصص الشباب الخيالية بالإضافة إلى بعض الكتب الدينية، كما أنه مولع بكتب السيارات، بالإضافة إلى أنه يمارس السباحة في الإجازة الصيفية بانتظام، وألعابا أخرى لكن بلا انتظام، حتى الآن يحب أن يأتي في حضني أو حضن أبيه ويقبلنا باستمرار.
سأل والده مرة واحدة فقط منذ فترة (حوالي سنتين) عن كيف يفرق الطبيب بين الولد والبنت عند الولادة؟ وللأسف لم تكن الإجابة معدة في ذهنه فأجلها على أساس أن يجيب عليه إذا سأله مرة أخرى، ولكنه منذ ذلك الحين لم يسأل أي أسئلة من هذه النوعية.
حدثت له واقعة لا أعرف إذا كان يذكرها أم لا، فقد كان عمره حوالي خمس سنوات، كنا وقتها في الخارج (عدنا من الخارج وهو في ثانية ابتدائي)، وعندما عاد من المدرسة وجدنا خطابا من مدرسته تبلغنا فيه أنه أظهر أجزاءه الخاصة لواحد من التلاميذ، وهذا التلميذ قام بإبلاغ المدرسة التي قامت بدورها بإبلاغنا، وعندما سألناه لِم فعل هذا؟ قال إنه لم يكن يقصد ولم يكن يعلم أن هذه أجزاء خاصة.
كل ما سبق كان معلومات مهمة ومفيدة للحكم على المشكلة التي سأرويها الآن.
المشكلة: نظرا لحب ابني للسيارات فإنه كان يدخل على الإنترنت لتصفح مواقع السيارات، ويبدو أنه (أو هكذا نرجو) دخل على أحد المواقع الإباحية عن طريق الخطأ، ومن الواضح أنه أغلقه مباشرة، لكنه لم يقل لنا، ونحن عادة نراقب المواقع التي يدخل عليها بطرقنا الخاصة بعد أن يترك جهاز الكمبيوتر.
ثم دخل على المواقع الإباحية مرة أخرى في مرة تالية ولا نعرف إذا كان دخل أيضا عن طريق الخطأ أم بمحض إرادته؟ ومن الواضح أنه ظل يتنقل بين تلك المواقع فترة ليست بالقصيرة، ولم يقل لنا أيضا، وقد أسقط في يدنا بعد أن اكتشفنا هذا الأمر، واحترنا هل الفضول وحب الاستطلاع كانا هما الدافع وراء فعلته هذه؟ وهل دخل عليها مصادفة أم أن أحد أصدقائه قال له عن هذه المواقع؟ وإن كان كذلك فكيف نعرف هذا الصاحب في الوقت الذي يرفض فيه ابني الحديث عن أصحابه إلا نادرا، وبعد محاولات شتى مني حتى أحصل على ما أريد من معلومات؟
ونحن لا نعرف ما هو التصرف الصحيح في مثل هذه الحالة، وما هي الآثار السلبية التي قد تلحق به وتنجم عن مثل هذا الحدث، وكيف نمحو هذه المناظر من ذاكرته.. أرجو إفادتي فإنني ووالده في غاية الحيرة والخوف والقلق.. أم الطفل.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ليست المشكلة هي كيف دخل ابنك إلى المواقع الإباحية؟ وهل كان صدفة أم بإيعاز من أحد أصحابه؟ وليست المشكلة في معرفة من هو هذا الصاحب؟ فلن يغير ذلك من الأمر شيئا... ولكن الأمر هو أنه طالما أننا سمحنا لأولادنا أن يتعاملوا مع النت فوارد جدا أن يتعرضوا لهذه المواقع الإباحية سواء صدفة أو من باب الفضول أو من أي باب آخر...
فيصبح السؤال هو: كيف نتعامل مع هذا الموقف المتوقع حدوثه أو عندما يحدث فعلا؟ وفي الحالتين يحتاج الأمر إلى حوار منا مفتوح...
إنني أعتقد أن ما حدث مع ابنك هو فرصة للأب لكي يخرج من حالة الحيرة والخوف والقلق إلى حالة الفعل الإيجابي.. هل جلس هذا الأب مع طفله الذي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما والذي لا تعلمون هل بلغ أم لا؛ ولذلك تتوقعين أنه لم يبلغ بعد وليس لديك معلومة مؤكدة؟
وفي كل الأحوال فهو إما أنه على أعتاب البلوغ أو أنه بلغ فعلا، والأمر يحتاج إلى جلسات بين الأب وابنه يعده لاستقبال هذه المرحلة المهمة في حياته، والتي أعتبر أن مسألة اكتشافكم لدخوله هذه المواقع الإباحية ليس من باب التفتيش والاستجواب البوليسي لكشف الخبايا المستورة، ولكن من باب التفهم والاستفهام عما يعنيه ذلك له.
ليصبح الموضوع الرئيسي بعد ذلك ليس هو دخول الموقع الإباحي من عدمه أو من أخبره به... بل المراهقة وماذا تعني؟ يتعامل مع العادات السيئة و... و... وغيرها من مواضيع المراهقة التي تجعل الأب هو المرجعية الطبيعية لابنه وهو على أعتابها... وبالتالي سيفتح الباب على مصراعيه للحوار المستمر في كل الأمور، وكل ما يستجد في حياة هذا المراهق الصغير... وعندها سيكون أمر المواقع الإباحية جزءًا من الحوار الكامل وليس قضية منفصلة، وسيدخل في المنظومة الشاملة للتعامل مع المراهقة أي سيفهمها المراهق في إطار فهمه لمشاعره وللرغبة التي بدأت تثور بين ضلوعه... عندها يعلم كيفية ارتباطها وإعمار الكون... عندها سيكون وضع كل تصرف.. نظرة إلى فتاة.. أو فتح لموقع إباحي في مكانه الصحيح أمرا تلقائيا مع توقع أن يخطئ هذا المراهق، فلا يكون دورنا معه هو الزجر والرفض، ولكن أن يجدنا هناك نسمع ونفهم ونشعر ونحاور في إطار من الصداقة...
نرجو العودة إلى مقالنا التربية الجنسية للمراهقين ، وحوارنا المفتوح المراهقة... كيف نجعلها متعة.
إنها المراهقة يا سيدتي بكل عالمها المفتوح، وليست المواقع الإباحية فقط، أعانك الله، وساعدك في تربية الأولاد.
ـــــــــــــــــ(104/416)
الوالدية..مهارات وخبرات ... العنوان
ما هي المهارات الوالدية التي يجب على الوالدين أن يتحلوا بها تجاه التعامل مع سلوك أطفالهم؟ مثال على بعض هذه المهارات أن يكون مستمعًا جيدًا لابنه، أن يكون عادلاً في تعامله مع جميع أبنائه. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كم كانت رسالتك حكيمة وآملة.. فسألت أمرًا هو بحق نحن بحاجة لمعرفته واختباره والتأكيد عليه..
المهارات الوالدية.. صدقت فإنما الوالدية الصحيحة مهارة، ومهارة ليست باليسيرة، فيصدق عليها أنها السهل الممتنع؛ لسهولتها لما في الأمر من فطرة، وصعوبتها لما تحتاجه من بناء مهارات، بل وتعديل سلوكيات الوالدين نفسهما.
وما سألت عنه إنما هو علوم التربية بكاملها، ولا يمكن أن يدعي أحد أنه أحاط بجميع جزئياته علمًا؛ ولذا سأجعل حديثي معك أشبه بالدردشة التي لا نبغي من ورائها حلولاً قاطعة لمشكلات محددة، وإنما الوقوف على بعض الجهات كما أسميتها لتسير رحلة الحياة مع أبنائنا كما نتمنى، وتثمر ما نسأل الله تعالى أن يعطينا من ثمرة نافعة.
دعيني أؤكد لك بداية أنه لا بد من أن يكون هناك هدف نربِّي لأجله، وهذه نقطة هامة؛ لأنه غالبًا ما نبدأ رحلة التربية مفتقدين لهدف نأتيه من بعد تربيتنا تلك، وبالتالي نجهل وسائل هذه التربية، ولكن حين يكون الهدف واضحًا نستطيع أن نحدِّد له من الوسائل الواضحة ما يحققه، فماذا عسانا أن يكون هدفنا الذي نربي لأجله؟
أستطيع أن أقول إنما نربِّي لوجه الله عز وجل، نربِّي طفلاً ليكون خير من يمثل الإسلام، نربِّي طفلاً يحب الله ورسوله، ويصبح هدفه في حياته رفعة الإسلام.
نربِّي طفلاً ليصبح مسلمًا عاملاً لبناء حضارة إسلامية، بل قل: ليعيد حضارة إسلامية عظيمة.. نربِّيه ليحقق عمارة الأرض التي أمر الله سبحانه بها آدم وبنيه.
لو حدَّدنا أهدافًا فسيكون من الأيسر علينا حينئذ تحديد الوسائل، حتى خطابنا مع الطفل سيكون أوضح، وقانوننا معه سيكون أوضح، وتعاملنا معه سيكون من خلال هدف واضح.
فمثلاً إذا أردنا أن يقبل على العلم فسنجد الكلمات المناسبة التي تدفعه لذلك، فقد بدأنا البناء من الهدف من وجوده في الحياة ودوره فيها.
وإذا أردناه أن يأكل جيدًا مثلاً وهي المعركة مع الطفل فسنقول له: "إن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".
هذه الجزئية هامة جدًّا: تحديد الهدف، وربط الطفل في كل حركاته وسكناته بالله تعالى؛ ليصبح لديه قانون يقيس عليه أفعاله، وهذا أصل التربية الثابتة الهادئة.
كم أتمنى أن أسترسل في هذه الجزئية وكيفيتها وطرق تحقيقها، ولكن للأسف لا يتسع المقام للحديث عن ذلك، وعسى أن تَجديه فيما بعد مفصلاً في موضوع آخر مستقل.
المهارة التي تطلبينها سيدتي إنما تكون في:
- القدوة:
فخط التربية الأول هو القدوة، مواجهة النفس بصدق بإيجابياتها وسلبياتها؛ ولا مجال للشك في ذلك؛ فإذا رغبنا أن يفعل الطفل سلوكًا ما علينا أن نريه هذا السلوك، ونحن نأتيه فينتقل إليه دون عناء.
- الصبر:
هي أعظم مهارة يمنّ الله سبحانه وتعالى بها على المربي، وما أعظم أثره في رحلة التربية، ونحن نحاول جميعًا أن نصل لهذا الصبر؛ ليسهل المسيرة! فالصبر يعلمنا أن نكرر مرة بعد مرة دون يأس. وهو ما يجعلنا نعلم الشيء الواحد مرة بعد مرة، وبطريقة وبأخرى إلى أن نصل.
كذلك هو الذي يجعلنا ننصت لأطفالنا إنصاتًا يبني لديهم الثقة بأنفسهم، ويشعرهم بأنهم أهل للاحترام، ويشعرهم بأنهم على درجة من الأهمية لأنكم تسمعون ما يقولونه.. وهذه النقطة الأساسية لتكوين صورة جيدة عن الذات؛ فالطفل يرى نفسه في مرآة الأهل، فإذا ما قلنا إنه طفل رائع اقتنع بذلك، وإذا ما وصمناه بالغباء والجبن وغيرها من الصفات السلبية صدَّق أنه كذلك، وتصرف على أساس قناعته تلك.
- الرحمة:
دعني أقُل: إنها المنة الثانية من الله -عز وجل- في رحلة التربية؛ فالرحمة تجعلنا نتسامح مع أطفالنا فيتعلمون التسامح، ورحمتنا بهم تعلمهم الرحمة بجميع مخلوقات الله تعالى؛ تعلمهم التعاطف، والحب، والرأفة، وذلك يدفعهم للتعامل السوي مع الناس، ويعول على ذلك جانب كبير من النجاح في الحياة، فضلاً عن العيش بنفس هادئة مطمئنة؛ فالراحمون يرحمهم الرحمن الرحيم سبحانه.
- العلم:
كلما نما علمنا وفهمنا بأطفالنا وطبيعتهم وسلوكهم ومبرراتها زاد ابتهاجنا بهم، وزادت قدرتنا على التعامل السليم معهم.
وقد يكون هذا محور ما سألت عنه: ما الذي ينبغي أن تعرفه كل أم، وهو ما أسميتِه بالمهارات؟
وقد يحتاج هذا لمؤلفات، ولكن دعيني أسُق لك نقاطًا قصيرة موجزة:
- إظهار الحب للطفل بمشاركته في أنشطته، واللعب معه، والحديث إليه؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك له الحبل على الغارب".
- أنصتي له جيدًا لتفهميه وتدركي ما يفكِّر به وما يعتمل في نفسه.
ابتكري الوسائل التي تبدئين بها الحديث واتركيه يتحدث هو، وأدلك على القصة؛ فالقصة أحد أهم الوسائل لصنع أحاديث مشتركة ولإيجاد موضوعات تتحدثان حولها، فضلاً عن أحاديث الأسرة الدافئة وعن أحوالها، وعن حكاياتك وذكرياتك وغيرها مما تزرعين أثناءه ما تودين من قيم، ومبادئ، وأخلاق، وسلوك.
- حاولي أن توفِّري لأولادك بيئة ثريَّة، ولا أقصد –بالطبع- الثراء المادي، وإنما أقصد أن يجدوا حولهم نشاطات متعددة، ووسائل تنمية متعددة تستطيعين من خلالها التعرف على ميولهم لتنميتها.
اسألي عما يصادفك من مشكلات أولا فأولا، ولا تدعيها تتراكم.
الأطفال يعشقون الابتسامة كما يعشقون خفَّة الظل؛ فإن استطعت ذلك كسبت قلوبهم، وعليك أن تفتحي بابًا للصداقة بينكم.
- دوِّني ملاحظاتك حول كل طفل وأسئلتك المتعلقة به، والهواية التي تودين تنميتها، وهكذا كل ما يدور بذهنك حول الطفل؛ فذلك ييسر عليك أن تصلي لحلول سريعة، كذلك لأفكار واضحة مرتبة.
سيدتي.. الدعاء، ثم الدعاء، ثم الدعاء.
إن كونك أمًّا منذ عشرة أعوام يؤكد أن لديك خبرة يمكن أن تنفعي بها؛ فليتك ترسلين لنا بعضًا منها، واعلمي أن الإنسان إنما ينصح بما نجح في اجتيازه من مشكلات، إضافة لنصحه بتجنب ما كان سببًا في بعض العثرات.
أرجو أن أكون قد نفعتك ببعض الأفكار، وأتمنى التواصل معك حول نقطة مفصلة سأترك لك تحديدها.. وبانتظار سؤالك القادم، وشكرًا.
ـــــــــــــــــ(104/417)
اضطراب العناد الشارد ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مشكلتي تكمن في ابنتي البالغة من العمر 8 سنوات ابنتي عنيدة جدًّا، ولا تسمع الكلام وتفعل ما يدور برأسها، ولا تراعي إن كان من تتعامل معه صغيرًا أو كبيرًا، ولا تحترمني أمام أحد، وتتصرف في بعض الأحيان وكأنها طفلة في عمر السنتين.
تثير أعصابي وتغضبني وتستفزني لأقوم وأضربها، وقد حاولت كثيرًا أن أغير من سلوكياتها وأسلوبها، وبكل الطرق التي ألهمني الله بها، بالتفاهم وبالكلمة الحسنة الطيبة وباللين وبالضرب حينًا وبالتطنيش حينًا آخر، ولكن دون جدوى.
هذه مشكلتي مع ابنتي الغالية التي أتمنى من صميم قلبي أن تكون أحسن بنت في الدنيا، فساعدوني جزاكم الله خيرًا.
ملاحظة: ابنتي طويلة وتصرفاتها للذين لا يعرفونها تفسر بطريقة تضايقني وتجعلني أقسو عليها.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم العزيزة.. أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا معًا نربي أبناءنا، وشكرًا جزيلاً على ثقتك، يحتاج الوصول إلى انطباع معقول عن مشكلتك مع ابنتك إلى معرفة بتفاصيل أعمق بكثير من المتاح في إفادتك هذه، ذلك أن كون البنت عنيدة "جدًّا" في هذه السن قد يعبر عن مرحلة عابرة في نمو شخصيتها، ولا يشترط أن يتسبب في كل هذه المشكلات التي تشتكين منها، فمن المعروف أن هناك مرحلتين من مراحل النمو يظهر فيهما سلوك العناد والمخالفة كعلامات للنمو الطبيعي حين تكون في حدودها المعقولة:
المرحلة الأولى هي النصف الثاني من السنة الثانية من العمر، حين يبدأ الصراع بين الطفل والأم حول عملية ضبط التبرز، بالإضافة لبداية محاولات الطفل الاعتماد على نفسه في تناول الطعام أو اللعب.
أما المرحلة الثانية فهي فترة المراهقة حين يبدأ المراهق في تأكيد ذاته واستقلاله عن الأسرة، وتظهر خياراته المختلفة عن خيارات الوالدين، وأظن أن ابنتك أقرب إلى هذه المرحلة الثانية فهي على أبواب البلوغ.
وتعتبر استجابات الوالدين لسلوك الطفل في هاتين المرحلتين التطوريتين عاملاً مهمًّا في تحديد المآل الذي سيؤول إليه سلوك العناد، فإذا كانت الاستجابات هادئة ومتفهمة فإن الأمور تسير بسلام وتخف حدة السلوك العنيد شيئًا فشيئًا مع الوقت، أما إذا كانت الاستجابات غاضبة وعنيفة ومبالغ فيها هنا فقط تظهر الدرجات المرضية من العناد والمشاكسة.
وقد لوحظ بدراسة أسر هؤلاء الأطفال أن آباءهم (كلهم تقريبًا) يعطون اهتمامًا زائدًا بالسلطة والسيطرة والذاتية، وبعض الأسر يوجد بها أكثر من طفل عنيد، وكأن هناك ظروفًا مشتركة تنتج هذا السلوك في الأسرة، كما تتسم الأمهات بأنهن مكتئبات مرهقات لا يملكن القدرة على الحوار الهادئ ويردن أن تنفذ أوامرهن دون نقاش، أما الآباء فلديهم سمات العدوان السلبي والمكايدة فهم يجعلون من يتعامل معهم في حالة غيظ وغضب على الرغم من هدوئهم الظاهر.
وأنصحك أن تقرئي الروابط التالية من على موقع مجانين لأن فيها ما يفيدك إن شاء الله:
التهديد هل يحسن من سلوك الطفل؟
الطفلة المُرْهِقَةُ، وأمها الحائرة !
الطفلة المُرْهِقَةُ ، وأمها الحائرة! متابعة
طفل متذمر ولا مبالي
سرقةٌ وكذب وعدوانية: اضطراب التصرف
ما يظهر لي ليس مشكلة في البنت بذاتها بقدر ما أنها مشكلة في العلاقة بينكما، فهي كما فهمت من البيانات التي أدرجتها بنفسك ابنتك الوحيدة، ولها أخ أكبر منها، فهل هي عنيدة منذ سنوات عمرها الأولى أم أن صلابة رأيها وعدم طاعتها إنما هي ظواهر جديدة طرأت على سلوكياتها في المرحلة الأخيرة؟ الرأي عندي إذن وفي حدود ما لديّ من معلومات هو أن المشكلة إنما رجعت إلى كيفية تعاملك مع تمسكها برأيها وعدم طاعتها للأوامر، ولا أستطيع الحكم هل الأمر واصل إلى الحد الذي يسمح بتشخيص اضطراب العناد الشارد Oppositional Defiant Disorder والذي نحتاج إلى شروط لتشخيصه هي:
- نمط من السلبية والعدوانية والسلوك الشارد لمدة لا تقل عن 6 أشهر يوجد أثناءها أربع أو أكثر من الخصائص التالية:
1 - غالبًا يفقد مزاجه (ينفجر غاضبًا).
2 - غالبًا يجادل مع الكبار.
3 - يتحدى ويرفض أوامر الآخرين بشكل دائم.
4 - يغلب في تصرفاته تعمد فعل الأشياء التي تضايق الآخرين.
5 - غالبًا يلوم الآخرين على أخطائه هو.
6 - غالبًا يستفز الآخرين ويضايقهم.
7 - كثيرًا ما يغضب ويعاند.
8 - غالبًا حقود ومحب للانتقام.
9 - كثيرًا ما يحلف أو يستخدم ألفاظًا سوقية.
- وهذا الاضطراب يسبب خللاً إكلينيكيًّا واضحًا في النواحي الاجتماعية أو الدراسية أو الوظيفية.
- لا يحدث الاضطراب خلال مسار اضطراب ذهاني أو اضطراب وجداني.
- لا تتفق هذه الخصائص مع خصائص اضطراب السلوك، وإذا بلغ الشخص الثامنة عشرة من عمره فإن هذه الخصائص لا تتفق مع اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع.
- ويقسم اضطراب العناد الشارد حسب شدته إلى:
1 - خفيف: حيث تكون الأعراض قليلة تفي بالتشخيص والإعاقة الناشئة عن الاضطراب قليلة.
2 - متوسط: وهو الوسط بين الشديد والخفيف من حيث درجة الاضطراب فالإعاقة.
3 - شديد: حيث توجد أعراض عديدة والإعاقة مشوهة لأدائه الاجتماعي والمدرسي مع الرفاق والكبار.
فإذا كانت الأمور بالفعل تسمح بمثل هذا التشخيص فإن من المهم جدًّا أن تطلبي عون أحد المتخصصين في تشخيص وعلاج المشكلات السلوكية في الطفولة، وتابعينا بأخبارك.
ـــــــــــــــــ(104/418)
طاقة زائدة أم ذكاء ينتظر الإنماء؟ ... العنوان
مشكلتي مع طفلي (8 سنوات) هو أنه كثير الحركة على الرغم من هدوئه حتى في حالة أي طفل يتشاكس معه.
دائم عدم التركيز فهو يلتهي وينسى ما كان يفعله، ويجب في كل لحظة تذكيره بالانتباه إلى الدرس أو أي شيء آخر رغم أنه ذكي، وهو الأول في صفه، لكن هذه المشكلة إذا استمرت معه أخشى أن يرجع إلى الوراء. أعلم أن لديه طاقة زائدة، ولا أعلم كيف أتعامل معها؟ أرجو مساعدتي ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
صعوبات التعلم, الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. شعرت بسعادة كبيرة لاهتمامك بابنك رغم أنه والحمد لله متفوق دراسيًّا، وهذا يعني تنبهك للصغيرة والكبيرة.
أختي الفاضلة.. طالما أن الطفل لا يعاني من أي تأخر لغوي أو دراسي فهذا يعني أنه طبيعي والحمد لله، أما كثرة الحركة وخصوصًا إذا كانت بالصف أو أثناء الدراسة فهذا قد يكون مؤشرا على أن الطفل متفوق أو ذو ذكاء مرتفع، بمعنى أن المنهج الذي يدرس له أو الطريقة التقليدية للتدريس لا ترضي مستواه العقلي أو الإدراكي، بل هو يحتاج إلى أساليب أو مواضيع أكثر تحديًا وأرفع مستوى.
أقترح عرض الطفل على اختصاصي تربية خاصة تخصص متفوقين أو موهوبين أو أي اختصاصي متوفر لديكم، مثل اختصاصي قياس وتقويم؛ وذلك لتحديد ذكاء الطفل وتقديم برامج مساندة للمنهج بحيث ترضي مستواه. ولا أعرف هل يتوفر لديكم برنامج خاص بالمتفوقين أو برنامج تسريع؛ فمثلاً لدينا بالأردن برنامج يساعد الطفل المتفوق على الدراسة بصف أعلى من مستوى عمره الزمني إذا أكدت الأبحاث والاختبارات التي يخضع لها أن مستواه الدراسي أكبر من عمره الزمني، فمثلاً يمكن أن يكون عمره مناسب للصف الثاني، لكنه يدرس بالصف الثالث، وهكذا...
أما إذا لم تتوفر مثل هذه البرامج فيمكن استشارة مدرس قدير وله خبرة جيدة في التدريس بحيث يساعده في اكتساب مستوى دراسي أعلى من مستواه أو تقديم متطلبات أكثر من تلك الموجودة في منهاجه (مثل تقديم عدد أكثر من أسئلة الرياضيات من تلك الموجودة بالمنهاج)، وطبعًا يكون ذلك إما بالتعاون مع المدرسة أو في البيت إذا توفر ذلك.. أرجو أن توافينا بما يحدث معك، وإذا كانت هناك فرصة لزيارة الأردن فلا تترددي بالاتصال بي.. تحياتي.
وينتهي كلام الأستاذة سناء القيم، وفي نفس السياق فقد كان لصفحة ( أب وأم بالموقع ) سبق في عمل ملف كامل عن الذكاءات المتعددة عند الأطفال ستجدين من خلال تصفحه مقياس بسيطة مبدئية هي ملخص غير مُخلّ لمقياس كبير جدًّا يمكنك من خلاله التعرف على أنواع الذكاءات المختلفة عند طفلك، وبه أيضًا ملف صوتي عن تعريف هذه الذكاءات، كما ستجدين به مجموعة من الموضوعات عن خصائص كل نوع من هذه الذكاءات وبعض أنشطة تنميتها، مع إحالات إلى مجموعة من المواقع المتخصصة لبعض هذه الأنشطة، وأهلاً بك دائمًا.. المحررة.
ـــــــــــــــــ(104/419)
بعد التحرش..العودة للحياة الطبيعية ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله عليه وعلى آله ومن والاه.. أشكركم على جهودكم المباركة الطيبة.
موضوع المشكلة هو: أنني مشرف على مجموعة من التلاميذ في أحد المراكز التعليمية الإضافية، وتلاميذي ما بين الحادية عشرة والثانية عشرة من العمر، وقد تعرض أحدهم لحادث مؤلم جدًّا لا أعرف حتى اللحظة ما أفعل لمساعدته.
ذلك أنه -وفي غير وقت الدراسة- تعرض لمحاولة اغتصاب من تلميذ يكبره بست سنوات عمره 16 سنة، وحدثت هذه الجريمة في دورة المياه، وكان التلميذ برفقة والده في الصلاة، فلما رآه والده تأخر في دورة المياه ذهب للبحث عنه، فوجد المكان خاليًا والأبواب مشرعة إلا باب واحد فكتم أنفاسه حتى يعرف حقيقة ما يجري، وهنا ظن المجرم أن لا أحد في الخارج ففتح الباب ليهرب وليفاجأ بوالد الطفل المعتدى عليه أمامه، وهنا انهال الوالد المصدوم على المجرم ضربًا ريثما جاء الناس، ففضوا الأمر لحين، وانفضح الأمر في أرجاء الحي كله.
المهم.. التلميذ لم يَعُد للمركز وقد مرّ على الحادثة قرابة 20 يومًا، والحقيقة أن أداءه التعليمي غير مشجع، فالطفل أقل من عمره من ناحية الاستيعاب العقلي، وتلمس فيه براءة من يصغره في العمر ببضع سنوات، ولكنني مهتم بتقديم ما أقدر عليه من مساعدة كي يتخلص من آثار ما جرى له.
هل الحل أن يعود للمركز بغض النظر عن تحصيله العلمي وذلك بهدف تخطيه لأزمته، وهل هذا ممكن في ظل مجتمع فضولي، وزملاؤه يعرفون وربما يتهامسون أمامه؟ أم أن الحل هو في أن ينقل إلى مركز آخر؟ وكيف تكون الطريقة المثلى للتعامل مع الساقطين في هذا النوع من الممارسات وهم في سن المراهقة؟.
المخيف في الموضوع أن من يفتضح أمره في مثل هذه الحوادث يرفضه المجتمع ويلفظه ويتركه لقمة سائغة للشيطان، فيجنده ذلك الأخير في جنده، ما الواجب أن نفعله معهما المجرم والمعتدى عليه كي نحاول الإصلاح جهدنا وطاقتنا؟.
وأخيرًا.. أصارحكم بأنني أحس بألم شديد وضيق وحزن؛ لأنني أجد نفسي عاجزًا عن مساعدة تلميذي الذي أحبه جدًّا مساعدة فعَّالة، فأرشدونا بارك الله فيكم بالسرعة الممكنة، ودمتم ذخرًا لهذه الأمة. ... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك معنا على صفحتك معًا نربي أبناءنا.
أخي الكريم.. لم توضح في رسالتك ما مصير المعتدي، وهل تم الاكتفاء بضربه فقط ولم تتخذ ضده إجراءات قانونية مناسبة؟. إن هذا أمر هام جدًّا في علاج الطفل المعتدى عليه وهو إحساسه بأن المجتمع يقف بجانبه.. المجتمع كله بأفراده وبقانونه، بحيث يخرج من الإحساس بالذنب نتيجة لعجزه عن حماية نفسه ولإخراجه من صورة المذنب التي يكرسها المجتمع بهمساته ونظراته. عندما يعلم الطفل بأن المجتمع سيحصل له على حقه ممثلاً في القانون والشرطة فإنه يتأكد من سلامة موقفه ويتجاوز الألم، بل ويحكي قصته للجميع كيف أن المجرم قد نال جزاءه.
أما التعامل مع الأمر بمنطق الفضيحة التي يجب إخفاؤها فيزيد شعور الطفل بالذنب، ويجعله يشعر بالرغبة في الانعزال والتواري عن أعين الآخرين الذين يرونه هو المذنب وليس المعتدى عليه؛ لذا فإن ما تقدمه من مساعدة لهذا الطفل هو أن تنبه والده إلى هذه النقطة حتى يقدم بلاغًا رسميًّا ضد هذا المعتدي، ويقدم للحصول على جزائه، ويرى هذا الطفل هذه الإجراءات بنفسه ويعاينها.
الأمر الثاني هو أن يعود هذا الطفل إلى دروسه وانتظامه فيها وتجلس أنت معه، مؤكدًا له اعتزازك به، وأنه ليس مذنبًا، وتحكي معه القصة بحيث تبدو طبيعية ليس فيها ما يشينه، ونرجو أن
تراجع حلنا المعنون بـ "امسك.. متحرش جنسيا " ومعًا لإنقاذ البراءة..التحرش الجنسي بالأطفال.
ـــــــــــــــــ(104/420)
إستراتيجيات التركيز والانتباه – متابعة 2 ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا أود أن أشكر هذا الموقع المنفرد في حل مشاكل أبنائنا، سواء كانت نفسية أو تربية وما تبذلونه من مجهود لإفادة الأمهات والآباء. ولكن لي ملحوظة صغيرة هي أنه في حالة إرسال استشارة فنحن ننتظر طويلا في وصول الرد، وكذلك عند إرسال الرسالة نفسها وكما تعلمون أن هذه الاستشارات لها أهمية قصوى للأبوين.
السيدة الفاضلة أ. عزة تهامي:
حاولت الإرسال أكثر من مرة، لكن بدون جدوى.. بالنسبة لموضوع ابني محمد (إستراتيجيات) فقد تعاملت معه بتوجيهات سيادتكم وفعلا كما قلت لسيادتكم سابقا فقد تحسن كثيرا عن ذي قبل، ولكن طرأت عليه أفعال كثيرة مؤلمة بالنسبة لي ولوالده.
محمد الآن في السنة الثانية وبالنسبة للمذاكرة هو أفضل من العام الماضي فدرجة الاستيعاب أفضل، ولكن أيضا ما زال ينسى بعض الأشياء مثل ماذا أخذ في واجباته.. مرة يتذكر وأخرى ينسى، ولكن أنا أعالج هذا بالمتابعة المستمرة، ولم أعد بجانبه وهو يذاكر، ولكن أتابعه من قريب إلى أن ينهي بعض الواجبات البسيطة، والذي يحتاج إلى شرحه أجلس بجانبه إلى أن يعرفه جيدا ثم أنصرف مرة أخرى. ومشاكله الآن أنه بطيء جدا جدا، ويبرر هذا بأنه يريد أن يكتب بخط جميل، وأنا أيضا أتابعه منذ دخول المدارس. وبالمناسبة فقد تم نقله إلى مدرسة أخرى قريبة من المنزل وهو مرتاح جدا بها، ويشكر إلى الآن فيها وفي المدرسين، وكم هم ظرفاء جدا معه، ويقولون إنه شاطر جدا معهم، وقد تحدثت فعلا بهذا الخصوص مع مدرسيه وقالوا نفس كلام محمد بأنه ولد مؤدب وذكي ويحفظ كثيرا من كلمات اللغة الإنجليزية.
أما مشكلته الآن يا سيدتي أنه بدأ يكذب كثيرا، وإذا لفت انتباهه أنه يقول "كلام مش مضبوط" فيقول لي "أنا عارف أني بكذب لكن علشان بابا ميخصمنيش أو يضربني" مع أننا كما ذكرت لسيادتكم من قبل لا نضربه، ولكن في بعض الأحيان والده يضطر إلى ضربه لفعله شيئا من الممكن أن يؤذيه أو أنه أخذ شيئا ونسي أو ذهب إلى شراء أي شيء ولم يعرف "ثمنها كام" أو كان معه "كام من الفلوس" أو بعض من هذه الأشياء.
والكارثة الآن أنه إذا رأى أي طفل سواء من أولاد خاله أو أولاد عمه في غفلة من الجالسين يضربه أو يوقعه على الأرض أو ما شابه ذلك وإذا رأيته بالصدفة يقول لي أنا مثلا أحاول أن أنبه أنه سوف يقع أو أنه لا يريد أن يسمع الكلام، ويفعل نفس الشيء مع أخته.
وأخيرا يا سيدتي فإنه الآن معظم الوقت بل من الممكن أن يكون كل الوقت ما عدا الوقت الذي يكون والده معنا.. يمص إصبعه بل أربع أصابع مع بعض، وإذا نبهته يقول لي "أنا مرتاح كده يا ماما" وعندما أسأله لماذا أنت مرتاح يرد لا أعرف...
ودائما خائف ولا أنكر سيدتي أن والده في بعض الأحيان يضربه بعنف شديد على خديه بأذنيه لدرجة أنه يقول لي "أنا مش عارف دائما بابا يضربني ليه وانتم كل شويه بتقولوا لي أنت وحش ومبتسمعش الكلام..".
سيدتي الفاضلة..
أفيديني بالله عليك فأنا لا أعرف أن أتعامل مع محمد وبالله العظيم هذا حق.. إذا عاملته بحسن وصداقه وبدون أي تهديد فإنه لا يستمع إلي.. وعندما لا أحدثه يظل يبكي لمدة كبيرة مما يجعلني أذهب إليه وأرضيه في بعض الأحيان فقط.. فهو ابني أخاف عليه أن يكون به نقص في شيء ما بشخصية أو بسلوكه ككل.. ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام سيدتي ورحمة الله وبركاته.
أعتذر مرة أخرى عن التأخير في الرد نظرا لضيق الوقت وتزاحم الأولويات أعاننا الله وإياك على مواصلة الجهد والعمل وحسن البصيرة، كما أود أن أشكرك أولا على المتابعة وثانيا على اتباع التوجيهات التي وردت بالاستشارتين السابقتين، فبارك الله فيك وفي ذريتك وجعلها قرة عين لك.
وكما اعتدنا سويا وضع النقاط على الحروف وبلورة الاستشارة في نقاط محددة حتى يسهل الحل والعمل به إن شاء الله.. ونقاط هذه الاستشارة هي:
• طريقتك في علاج نسيان محمد بالمتابعة المستمرة.
• بطيء جدا في إنجازه الواجبات.
• يكذب كثيرا.
• يضرب أخته ويعتدي أيضا على الآخرين.
• مص أصابعه.
• دائم الخوف.
أولا:
بالنسبة لموضوع التذكر مرة أخرى فأقترح -سيدتي- طريقة لتدريب محمد على تذكر الواجبات الخاصة بكل مادة، وهذه الطريقة كانت ناجحة جدا مع تلاميذ في سن محمد، وهي أن يكون لديه كراسة متابعة لكتابة الواجب بكل مادة في نهاية الحصة على أن يترك مادة واحدة دون أن يكتب الواجب المطلوب فيها، ويحاول أن يتذكر واجب هذه المادة غير المكتوبة عنده، ثم يفعل ذلك لعدة أيام تسمح بتذكر هذه المادة بسهولة، ثم يبدأ في عدم كتابة واجبات مادتين، ويحاول تذكرهما، وهكذا حتى يتم تذكر الواجبات كلها أو أكثرها، وهذه الطريقة أفضل من المتابعة المستمرة منك أو ملاحقته بالسؤال حتى يتذكر ما عليه من واجبات فهذا في الواقع تعزيز للنسيان؛ لأنه أصبح يعي تماما بأنه إذا نسي فهناك من سيذكره فلماذا يجهد عقله بالتذكر ما دام هناك من يقوم بهذه المهمة بالنيابة عنه.
أما بالنسبة لشكواك من مسألة البطء فأرجو أولا أن نتأكد من أن الطفل بطيء فعلا فربما هو بطيء من وجهة نظرك؛ لأن الآباء والأمهات في عجالة من أمرهم، وخاصة في مسألة أداء الواجبات والانتهاء منها وكأنها هم وذنب عليهم، وحتى تتأكدي من بطئه فعليك ملاحظته في أداء كل الواجبات وطريقة مذاكرته في كل مادة مع سؤال مدرسيه بالمدرسة على هذه النقطة بالذات أو أنه يفعل ذلك لأنه يرغب في إتقان الخط كما يقول؟ أم لأنه لا يجد دافعا للانتهاء من الواجبات فيتباطأ في أدائه (وهذا ما أرجحه)؛ ولذا فيمكن ربط الانتهاء من الواجبات والمذاكرة بشيء سار، مثل اللعب أو حكاية قصة، وذلك عن طريق تحديد وقت معين للعب مع أبنائك بعد الانتهاء من المذاكرة، وهذا الوقت يحترم ولا يؤجل ولا يغفل، كما أنه في وقت الراحة بين كل مادة وأخرى يمكنه اللعب أيضا ألعابا بسيطة كما سبق أن ذكرت لك في الاستشارتين السابقتين. لكن احذري -سيدتي- أن تربطي اللعب بالانتهاء من المذاكرة على سبيل الشرط فلا تقولي مثلا: "إذا انتهيت من المذاكرة مبكرا سوف نلعب معا وإذا لم تنته فلن نلعب سويا".
أما بالنسبة للنقاط التالية وهي الخوف وضرب الآخرين ومص الأصابع والكذب فهي أعراض لإحساس الطفل بالاضطراب وعدم الارتياح وذلك بسبب ضرب والده بالطريقة التي وصفتها، هذا من ناحية، ولملاحقتك إياه بالأسئلة والتركيز عليه والإملاء عليه بما يجب وما لا يجب من ناحية أخرى. ولذا فأول الأساليب التي نتبعها حتى يكف ابنك عن السلوكيات الخطأ هو كف الأب نفسه عن ضربه بهذه القسوة التي وصفتها، وإن كان لا بد من تأديبه فكلمة واحدة بشكل غاضب حازم من الأب تكفي، وكذلك بالنسبة لك لا تركزي عليه في كل صغيرة وكبيرة ولا تلاحقيه بالأسئلة كأسئلتك له:
لماذا لم تتذكر الواجب أو لماذا تضرب أختك أو أبناء عمك؟
ولماذا تمص أصابعك ولماذا تكذب؟
فكل هذه الأسئلة خانقة للطفل؛ لأنه لا يعرف سببا وراء سلوكه هذا إلى جانب شعوره بأنه معرض للتحقيق معه في كل سلوكياته أو معظمها. هذه هي الخطوة الأولى لكي تعدلي سلوكيات ابنك..
أما باقي الخطوات فهي كالتالي:
عليك أولا تحديد سلوك واحد فقط من السلوكيات الخطأ (كذب – مص الأصابع – اعتداء على الآخرين) لتعديله وبعد الانتهاء منه وتعديله انتقلي للثاني وهكذا.
ولنبدأ بالكذب:
ولعلاجه لا بد أن تتبعي خطوات تعديل السلوك، وهذه الخطوات تستخدم مع أي سلوك ترغبين في تعديله، أي أنك ستستخدمين هذه الخطوات في تعديل سلوك مص الأصابع والاعتداء على الآخرين:
1. تحديد السلوك غير المرغوب فيه (وهو في هذه الحالة سلوك الكذب) في كراسة لديك تحتفظين بها لتعديل السلوكيات، ولكن أرجو ألا يراها أو يطلع عليها أحد أبنائك.
وتحديد السلوك يعني ملاحظة ابنك (دون أن يشعر) متى يحدث هذا السلوك؟ وكم مرة يحدث (بالتقريب)؟ ومع من يكثر هذا السلوك؟
2. التخلص من التعزير المصاحب للسلوك الرديء:
• عدم انتقاده أو ذكر هذه الصفة له أو نعته بها أمام الآخرين.
• لا يُشتكى من سلوكه هذا (الكذب) مع الأقارب أو المدرسين أو أحد المعارف.
• عدم عقاب الطفل عقابا شديدا فينتج عنه خوف فيكون أحد دوافع الكذب، فلا بد أن يكون العقاب مناسبا معتدلا ويعرف الطفل على أي شيء يعاقب بالتحديد.
3. تعديل البيئة للتقليل من السلوك الرديء:
تجنب وضع الطفل في موقف يستدعي الكذب مثل سؤاله الدائم من فعل هذا أو هل فعلت كذا.
4. تعزيز السلوك المرغوب فيه باستمرار:
أوجدي المواقف التي من شأنها تكرار الصدق مثل:
• تأكيد الجوانب الإيجابية الموجودة بالطفل، مثل: إنه طفل مؤدب، ومجتهد كما يذكر مدرسوه واذكري هذا أمام الآخرين.
• توفير جو المحبة والشعور بالأمن للطفل حتى لا تتولد لديه الكراهية التي تدفعه إلى الكذب.
• إشعاره بالتقدير والمكانة الاجتماعية، وأنه محبوب، ولا يصح ترديد كلمات "إنت وحش وما بتسمعش الكلام".
• وعند صدور أي بادرة من محمد للصدق فعززيها فورا، ومع كل موقف يصدق فيه عززيه بالابتسامة الحانية أو التربيت على كتفه أو تقبيله، ودوني ذلك في جدول عندك.
5. تعزيز السلوك المرغوب عشوائيا:
يعزز بطريقة عشوائية عندما يصل الصدق للمستوى المطلوب من التكرار بمعنى أنه يعزز بعد عدة مواقف يصدق فيها وليس في كل موقف كما هو الحال في الخطوة السابقة.
وكما ذكرت لك من قبل أنه يمكن استخدام هذه الخطوات في تعديل أي سلوك آخر، مثل مص الأصابع أو العنف أو الخوف، وهناك ملاحظة في علاج الخوف بالذات وهو ألا تتعجبي من مخاوفه بقولك: لماذا تخاف؟ أو هذا الشيء الذي تخاف منه شيء بسيط لا يستدعي الخوف فهذه العبارات يعتبرها الطفل مصادرة لمشاعره تجعله يحجم عن الكلام ويشعر بتفاهة هذه المشاعر، ولكن عليك بالاستماع لهذه المخاوف مع تقدير واهتمام بما يقول دون تعليق.
وأخيرا.. أدعو الله أن يعينك على حسن التربية والتوجيه، كما أرجو المزيد من المتابعة وفي انتظار رسائلك.
ـــــــــــــــــ(104/421)
مثلث التفاعل.. الأبوان والطفل والإخوة ... العنوان
السادة الأفاضل أشكر سيادتكم كثيرا باسم كل الأمهات والآباء على ما تقدمونه من استشارات لما فيه نفع لأبنائنا.
المشكلة الأولى:
ابني وعمره 7 سنوات بالصف الثاني الابتدائي عدواني بمعظم الأحيان، ويمكن أن يكون السبب في أنا أو في والده فإننا كثيرا ما كنا نقول له سابقا لا تدع أحدا يضربك أو يهينك، وذلك لنجعل منه إنسانا له كيان، فأدى به الحال الآن إلى أن أي شخص مهما كان كبيرا أم صغيرا يقول له شيئا ولو صغيرا يعتدي عليه، سواء باللفظ أو بالضرب، وقرأت كثيرا بهذا الموضوع بموقعكم بهذا الخصوص بل وحاولت كثيرا عمل الإرشادات التي قرأتها ولكن بدون جدوى.
المشكلة الثانية:
أنه كثير النسيان فحاولت معه بشتى الطرق وذلك أيضا عن طريق الردود على الاستفسارات الخاصة بهذا الموضوع، ولا أنكر أنه قد تحسن عن السابق، ولكن بعد أن ضربه والده على هذا، ولكني لا أريد أن يفعل أي شيء نتيجة الضرب، فأنا دائما أتناقش مع والده بهذا الخصوص، وفعلا بدأنا نعاقبه بطريقة الحرمان أو الخصام ويرجع كما كان بعد يومين أو أكثر.
المشكلة الثالثة:
وهي العداوة المستمرة مع أخته 3 سنوات، مع العلم أنها لا تقيم معنا، فهي مع والدتي، وتأتي معنا فقط في نهاية الأسبوع أو الإجازات وترجع ثانية.. مع العلم أيضا أنني أعطيه كثيرا من الحنان وليس محروما من أي شيء على الإطلاق.
ولكن لي ملحوظة وهي أن والده إذا كسر شيئا من أدواته أو نسي شيئا ما يقول له الآتي: "أنا بشتري لك كل شيء لم أحرمك من كذا.. أو كذا... أنا في مثل سنك لم يكن عندي كذا... أنا اشتريت لك ملابس مدرسية لم تكن لدى أحد" فأنا خائفة من أن هذا الكلام يربي عنده انطباعا خاطئا وهو أنه لن يكون إنسانا سويا كباقي الأطفال، مما سوف يؤثر بالسلب على شخصيته، ولكن كيف؟ لا أعرف. فقد حاولت كثيرا مع والده أن يكف عن هذا الحديث معه ولا يذكره دائما إن كسر شيئا أو فقد شيئا أنه اشتراها بكذا أو أنه دفع لها مبلغل كبيرل أو أنه كان محروما وهو صغير وأقول له دائما إنه طفل لا يستوعب هذا الكلام.
المشكلة الرابعة:
عندما يلعب مع أخته وتخطئ يضربها ويقول لها نفس الكلام الذي بالفعل نقوله نحن إليه وأنا أعرف يا سيدتي/سيدي أن الخطأ ليس عليه فقط، ولكن علينا نحن أيضا ولكن كيفية التعامل معه؟. محيرة فأنا. في بعض الأحيان ألجأ إلى أن أقول له مثلا سوف أترك البيت وأذهب إلى جدتك ولن أرجع له ثانيا.. وإذا به يتغير للحظات، ثم يرجع إلى مكان عليه من قبل مع العلم أن أخته هادئة الطبع وليس لها ميول عدوانية وتحب الضحك واللعب والمرح بعكس محمد تماما فهو يميل إلى أن يصبح رجلا وليس طفلا كما يقول. أرشدوني بالله عليكم أفادكم الله خيرا. ... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الوالدة الفاضلة: أهلا وسهلا بك. من الواضح أن الأزمة التي يمرُّ بها الولد الصغير هي أزمة عدم تناغم قبل كل شيء، بين تصرفاته التي قد تكون في الحدود العادية لطفل مشاكس؛ لأنه داخل على مرحلة المراهقة، وليس شرطا أن يكونَ لما سبق من تشجيعكم له على الرد وأخذ حقه أولا فأول دورٌ في ميوله العدوانية الآن فهي على أغلب الظن وإحسانه إنما هي ميول عابرة، فقط عليكم أن تحسنوا التصرف.
أيضًا سلوكه تجاه أخته -رغم عدم موافقتي بل ورفضي الشديد له- قد يكون مقبولا في صورته الأخف في ظل كثير من المفاهيم الاجتماعية السائدة التي تضفي على الطفل ما هو غير أهل له لمجرد أنه ذكر، فيتسيد أخته وربما يوما ما أمه أيضا في بعض الحالات المضحكة من فرط ما تحويه من الهم!
أما العداوة المستمرة لأخته ذات السنوات الثلاث فأمرٌ يحتاج إلى فحص وتدقيق لمثلث الأبوين الأخ أو الأخت والطفل المضطرب: فكثيرا ما يوجه الطفل عدوانيته تجاه الأخ أو الأخت اتقاء لعواقب تلك العدوانية حين يوجهها إلى وجهتها الأصلية وهي الأب والأم، بمعنى آخر فإن كيفية تصرف الأبوين (رد فعلهما) تجاه أفعاله وسلوكياته بوجه عام هو الصمام الذي يمكن عنده أن يتوقف سلوكه الضار لأخيه أو أخته، فإذا كان بمقدور الأبوين احتواء عدوانية الطفل تجاههما ما دامت في حدودها الطبيعية وعادةً ما تخرج في صورة أفعال يعرف هو أنها تضايقهم بشكل أو بآخر فإن كثيرا من هذه السلوكيات العدوانية يمرُّ عابرا على الأسرة، وأما إذا ما تميز الأبوان برد فعل عنيف مبالغ فيه لأن الطفل مثلا ضيع إحدى أدواته المدرسية، أو أهمل أحد واجباته، فإن الإحباط الناتج لديه يمكن أن يتحول إلى عدوانية تجاه بؤرة اهتمامهم المتمثلة في الأخ أو الأخت الأصغر.
وكي لا أطيل عليك فإن تعامل رأس المثلث (كوحدة واحدة) مع ما يبدر من فلتات من الطفل صاحب المشكلة هو المحدد الأساسي في معظم الأحوال لما يطال الأخ أو الأخت، فهل أنت وزوجك وحدةٌ واحدةٌ في هذا الدور؟ لعل معالجا نفسيا أسريا Family Therapist إن كان متاحا يفيدكما في ذلك.
وأنصحك أن تقرئي الروابط التالية من على موقع مجانين لأن فيها ما يفيدك إن شاء الله:
التهديد هل يحسن من سلوك الطفل؟
الطفلة المُرْهِقَةُ، وأمها الحائرة!
الطفلة المُرْهِقَةُ، وأمها الحائرة! متابعة
طفل متذمر ولا مبالي
سرقةٌ وكذب وعدوانية: اضطراب التصرف
وأما مسألة النسيان فهي غير واضحة بأي حال من الأحوال في إفادتك وتخميني أنه ليس نسيانا إلا للأوامر التي لا يقبل هو بها، أي أنه يدعي أنه لا يذكر أنكم قلتم لا تفعل كذا، وهذا بالطبع نسيان واعٍ على أغلب الظن، ذلك أن النسيان الحقيقي فضلا عن كونه لا يحدث لمن هم في مثل عمره ومستوى ذكائه، فإنه لا يعالج أبدًا بضرب الوالد له، وأنت تقولين بالحرف الواحد: "ولا أنكر أنه قد تحسن عن سابق ولكن بعد أن ضربه والده على هذا ولكني لا أريد أن يفعل أي شيء نتيجة الضرب فأنا دائما أتناقش مع والده بهذا الخصوص".
يتضح هنا وبعد ذلك أنك ووالده مختلفان في آرائكما حول كيف يجب أن نربي ذلك الولد، وهذه قد تكون مشكلة في حد ذاتها خاصة في مثل هذا الزمان، وإن كانت قدرة الأم على الاحتواء والشرح كثيرا ما تجنب الأبناء آثار تعسف وتجبر وتفرعن الآباء، مهم جدا رغم اعتراضنا الشديد على أسلوب المنِّ الذي ينتهجه الوالد -هداه الله- مع الولد، فصحيح أنه سيترك في نفسه آثارًا سيئة، لكنها قابلة للإصلاح في معظم الأحوال بإذن الله، وأجدر بالأب لو تفهم وتمثل أنه يستطيع أن يجعل من عملية تربيته لابنه دعوة للإسلام لا تنفيرا منه مثلما قد ينتج لفترة عند المراهق.
ولنقل إن منَّ أبيه عليه ولومه وتقريعه عندما يخطئ أخطاء الأطفال العاديين قد يتسبب بالفعل في مشكلات، ولكنها ما تزال قابلة للعلاج والمداواة النفسية إذا انتبهنا لها، وأدرك الأب نفسه حقيقة دوره في الحياة وحقيقة حقوق الأبناء على آبائهم وهي موجودة في كتب الفقه. ولنقل أيضًا إن الطفل الذي لن يفهم سيشعر، وإن أسوأ المشاعر تأثيرا في نفوس بني آدم هي تلك المؤلمة المصحوبة بمعنى مبهم غير واضح الأبعاد. ما عليك.. أرى أنكما -الأبوان- تحتاجان إلى مقابلة مع أنفسكما أولا! واتفاقٍ ثانيا.
ذلك أن من الواضح يا سيدتي الفاضلة أن كليكما أنت والوالد في حاجة إلى اتفاق على مبادئ لتربية الولد، وكذلك بحاجة إلى معرفة كيفية التصرف مع ما قد تقبلان عليه بسبب دخوله مرحلة البلوغ والمراهقة المتوسطة وما بعدها، هل عرفتكم كيف ستتصرفون؟ أنصحك إذن بأن تفاتحي زوجك بوضوح في أمر هذا الطفل، وأهمية الاتفاق معا وربما الاستعانة بمعالج نفسي أسري أو أحد خبراء التربية المتاحين، وتابعينا بالتطورات.
ـــــــــــــــــ(104/422)
المداعبة بين الزوجين أمام الأطفال ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. إن لي ابنًا عمره سنة وثلاثة أشهر، وهو في هذه المرحلة أصبح كثير الانتباه عندما يرى شيئًا ما، المسألة التي تحيرني هي التربية الجنسية عند الأطفال، كيف ذلك؟ فمثلاًً لا أدري إذا قبّل الزوج زوجته أمام ابنهما في مثل هذه السن فهل يمكن أن يؤثر عليه أم لا؟ ونفس الشيء إذا ضم أو داعب الزوج زوجته المداعبة الخفيفة.
فما هي حدود التعامل الجنسي بين الزوجين أمام الطفل؟ وما تأثير الطفل بذلك حسب السن؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك على صفحتنا معًا نربي أبناءنا.
نحن نشكر لك يقظتك ووعيك الذي جعلك ترسل هذا السؤال بحيث لا يكون هناك احتمال لآثار سلبية نتيجة بعض تصرفاتنا، ننتبه لها بعد فوات الأوان أو وقوع المشكلة فعلاً.
إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يضع القاعدة الرائعة منذ أربعة عشر قرنًا: "إذا أراد أحدكم بأهله شيئًا وبالغرفة رضيع فليخرجه" أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.. والمقصود بهذا الحديث هو الجماع الكامل بين الرجل وزوجته، بل إن إحدى حكم آيات الاستئذان المذكورة في سورة النور هي أيضًا رعاية خصوصية الآباء والأمهات في هذا الموقف الوارد حدوثه في الأوقات التي أمرنا أن نعلم أطفالنا فيها الاستئذان، حيث يضع الآباء والأمهات ثيابهم في هذه الإشارة القرآنية الرقيقة لاحتمالات هذا الأمر.
وجاءت البحوث النفسية الحديثة لتثبت أهمية حماية الأطفال من الرؤية لهذا الموقف، حيث يسبب لهم إيقاظًا مبكرًا وإدراكًا قبل الأوان للمسائل الجنسية يعرضهم لكثير من الآثار النفسية غير المستحبة.. هذا على مستوى اللقاء الجنسي الكامل أو الجماع، وبدأنا به لنوضح مساحة الخطر الواضحة والمحسومة في المسألة.
أما بالنسبة للقبلة أو المداعبة الخفيفة بين الزوجين، فهذا شيء مطلوب أن يراه الأطفال من سن مبكرة أولاً؛ لأن هذا يشعرهم بمدى الحب بين الزوجين أو الأبوين فيشعرهم بالاطمئنان والأمان على حياتهم، حيث يرون الحب يعشش في بيتهم فيزول لديهم أي قلق لانفصال الأبوين أو غيابهم.
والأمر الثاني أنه تعليم للأطفال في كيفية التعبير عن المشاعر، بل ووجود هذه المشاعر الإنسانية في قلوبهم فتكون الكلمة الطيبة والقبلة واللمسة الحانية مما يرونه ويعرفونه في تعاملات البشر مع بعضهم.
وأخيرًا.. فإننا نقدم لهم النموذج السليم الصحي للعلاقة بين الرجل والمرأة بحيث لو شاهدوا علاقة عاطفية في التلفاز ونبهناهم إلى أنها لا تجوز إلا بين الزوجين، وكان هذا غائبًا تمامًا في ناظرهم داخل البيت لكان السؤال لديهم: أي زوجين إذا كنا لا نرى ذلك بينكم أبدًا.
ـــــــــــــــــ(104/423)
من أدب الأكل لعق الأصابع قبل غسلها ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مرة أخرى أتقدم إليكم بالشكر، سائلة الله أن يجعل عملكم في ميزان حسناتكم يوم القيامة لما نجده من مساعدة مثمرة منكم.
سؤالي هو عن ابني الأوسط والبالغ من العمر 3 سنوات. حيوي ومرهف الأحاسيس ويتمتع بشخصية قوية؛ إذ يحب أن يقوم بأعماله بنفسه منذ الصغر، ونحن نشجعه على ذلك.
لكنني أعانى معه رفضه الأكل بمفرده فهو يقول لا أستطيع الأكل وحدي، لكن الشيء الذي لمسته هو أنه يكره الأكل؛ لأنه ينزعج إذا ابتلت يداه أو اتسخت، وإذا رفضت إطعامه طالبة منه أن يفعل ذلك بنفسه فإنه يتوقف عن الأكل قائلاً لقد شبعت، ولو كان أحب الطعام لنفسه.
وإذا أكل فإنه يمسح يديه بعد كل لقمة، فهل هذا التصرف طبيعي يزول بمرور الوقت أم أنه سلوك يحتاج لعلاج؟ وشكرًا لكم على سعة الصدر، وجزاكم الله عني خير الجزاء.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل أبو هندي من فريق الاستشارات التربوية :
الأم الفاضلة.. أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا معًا نربي أبناءنا. وشكرًا على ثقتك، تبدو مشكلة ابنك ناتجة عن عوامل متعددة، وهي بكل تأكيد سلوك يجب أن نعمل على تغييره تدريجيًّا، وإن شاء الله نصل سويًّا إلى ذلك، ولكن من المهم أولاً أن نحلل بعض ما يستلهم من إفادتك.
ولدك الأوسط بارك الله لك فيه، تصفينه بأنه مرهف الأحاسيس وحيوي وذو شخصية قوية؛ لأنه يحب القيام بأعماله بنفسه وأنتم تشجعونه على ذلك، كل هذا جيد جدًّا، ولكنه لا يستقيم مع ما يبديه ويؤكده من عجزه عن إطعام نفسه بنفسه! كيف ذلك؟.
أحسب أن الفارق الزمني بينه وبين مولودك الأصغر يهمني في هذه الحال، فهو/ هي غالبًا في السنة الأولى أو الثانية من العمر المبارك إن شاء الله، وموضوع الأكل موضوع مهم بشكل عام وبشكل خاص بالنسبة للأم فيما يتعلق بأبنائها، ومعروف أن الأم هي المطعم الأول لكل بني آدم، وإنما يبدأ الطفل في إطعام نفسه بنفسه بعد أن تفرغ أمه من عادة إطعامه؛ لأنه كبرَ ويجبُ أن يعتمد على نفسه إلى آخر الأسباب المعروفة.
إطعام الطفل نفسه يعني الاستقلال، فهل الاستقلال عنك مناسب لابنك الأوسط -في رأيه هو- الآن؟ أظنُّ لا، لسبب بسيط هو ذلك المنافس الجديد في الالتصاق بك، أي أحدثُ من ولدت.
من الواضح أن ابنك الأوسط استطاع أن يدرك بذكائه (وهو الحيوي الذي تعجبك استقلاليته وتكافئين فيه أنت وأبوه نزوعه لفعل الأشياء بنفسه) أن إطعامه نفسه بنفسه هو آخر قشة لو أمسكها لاعتبرته رجلاً كبيرًا وتفرغت لمنافسه كلية، ألا توافقين؟.
جزء من المشكلة فيما أخمن هو أن رغبتك في دفعه للاستقلال واعية وغير واعية قد مثلت نوعًا من الضغط عليه، وهو الآن يؤكد لك بصراحة أنه لم يزل طفلاً يحتاج إلى رعاية منك إذن ما الحل؟.
عليك أولاً بالتدرج معه في إظهار اهتمامك بأشياء أخرى يفعلها هو غير الأكل، في نفس الوقت الذي تتركينه فيه (بالتدريج) للجوع! نعم للجوع.. وتأكدي أنه سيختبر تماسكك وإصرارك أكثر مما تتخيلين، بمعنى أن: عليك أن تتماسكي وأن تجعلي طعامه في متناول يديه أو أن تضعيه أمامه في الأوقات التي تأكلون فيها جميعًا، واصبري فسيغير من نفسه إن شاء الله.
إلا أن هنالك نقطة في منتهى الأهمية أود بيانها لك؛ نظرًا لخطورة ما تحمل من معنى على الأقل بالنسبة لنا معشر الكبار، ويجب أن نتمثلها لنغرسها في أطفالنا، وهي:
أن للمأكول (أي الطعام) قيمة في الإسلام تستمد من أنه نعمة من الله، هذه القيمة قائمة بغض النظر عن سعر ذلك المأكول بالدولار أو الريال أو الدينار أو الجنيه. والأهم من ذلك هو أن في المأكول بركة يجب على المسلم أن يتحراها، وما دفعني إلى ذلك إلا قولك إن ابنك عافاه الله: (يكره الأكل لأنه ينزعج إذا ابتلت يداه أو اتسخت)، فهنا ما أخاف منه ولا أحسبه إلا سلوكًا متعلمًا.. أتدرين لماذا؟ لأن الطبيعي أو الفطري والشائع في الأطفال هو أنهم يلعقون أصابعهم بعد أكل ما يحبون! لكنكم في البيت على ما يبدو تتبعون آداب المائدة الغربية.
مفاجأة أخرى أعرف أنها غائبة عنك وهي سنة لعق الأصابع بعد الأكل، فمما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال : " إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وقعت لقمة أحدكم، فليأخذها وليمط ما كان بها من أذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه؛ فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى لهذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل أحدكم فلا يمسح يديه بالمنديل حتى يلعقَها أو يلْعِقها" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال النووي: المراد إلعاق غيره ممن لا يتقذر من زوجة وجارية وخادم وولد، وكذا من كان في معناه كتلميذ معتقد البركة بلعقها وكذا لو ألعقها شاة ونحوها، وقيل: في الحديث رد على من كره لعق الأصابع استقذارًا لفم يحصل ذلك إذا فعله في أثناء الأكل؛ لأنه يعيدها في الطعام وعليها أثر ريقه، وقال الخطابي: عاب قوم أفسد عقلهم الترفه فزعموا أن لعق الأصابع مستقبح كأنهم لم يعلموا أن الطعام الذي علق بالأصابع جزء من أجزاء ما أكلوه، فأي قذارة فيه؟.
وأحيلك هنا إلى مقال على موقع مجانين سيكمل مفاجأتك يا أختي هو: لعق الأصابع بعد الأكل/ لعق الأعضاء مع الجنس، لأريك كيف ترفعنا عن الاقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي تحايل فقهاؤنا فيه لكي نقلد الغزو السلوكي الغربي في سلوكياتنا.
عليك أن تستبدلي حرصك على تحري البركة فيما تأكلين بحرصك على أن يأكل الولد، وافعلي ذلك أمامه وحبذا لو أقنعت أباه أيضًا، فاجعلي ابنك يرى قيمة المأكول عند المسلمين، وكيف أنكم لا تستقذرون لعق أصابعكم بعد الأكل، جربي وتابعيني.
ويضيف الأستاذ مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع:
شكر الله تعالى لأخي العزيز الدكتور وائل أبو هندي، وفي الحقيقة أرى أنه أضاف شيئًا جديدًا أو شيئًا غائبًا عن كثير من الناس، غير أني أحب أن أوضح أن حث النبي صلى الله عليه وسلم على لعق الأصابع يجب أن يوضع في منظومة حتى يفهم بصورته الصحيحة وهي:
1- أن الله سبحانه وتعالى طلب منا أن نأكل أجود الطعام وأحسنه قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون"، وقال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات".
2- أن من السنة التنظيف قبل الأكل فيغسل الإنسان يده قبل الأكل وبعده حتى يزيل ما علق بها من أتربة وغير ذلك، وفي ذلك إبعاد للجراثيم والميكروبات عن الأيدي قدر الطاقة.
3- أن يأكل بثلاثة أصابع من يده وهي السبابة والوسطى والإبهام؛ لأن الأكل بالأصابع كلها يجعل الإنسان يأكل أكل النهم.. هذا إن لم يكن بملعقة.
4- أن يأكل مما يليه ولا يطيش بيده في الطبق الذي يأكل منه.
5- أن يضع أمامه مقدار ما يأكل حتى لا يسرف في الطعام، وقد قال تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"، فإذا وضع الإنسان أمامه ما يكفيه من أكله فلا يجوز له أن يستقذر لعق ما علق بأصابعه من الطعام؛ لأن عملية الأكل أن يمسك بالخبز بيده ويخرج به بعض الطعام، وفي الغالب أنه يعلق في يده بعضه، وهذا الطعام هو نعمة الله تعالى فكيف يستقذر الإنسان طعامًا وضعه في جوفه.. ألأن بعضه علق في يده يستقذره، كما أن الفارق الزمني بين إدخال الطعام وعلوقه باليد قصير جدًّا.
إن لعق الأصابع يدرب المرء على شكر نعمة الله والحفاظ عليها، كما يعلمه التواضع وألا يدخل الكبر في قلبه، وأحسب أن كثيرًا من الشعوب الغربية لا تأكل بمثل هذا الإسراف مثلنا، بل إنهم يضعون أمامهم من الطعام ما يكفيهم، وبالتالي يأكلون كل ما في الأطباق، وهذا يعني أنهم يطبقون السنة، وإن كانوا لا يؤمنون بها دينًا وعقيدة ، وما ذكره أخي الدكتور وائل فيه كفاية فإن المرء لا يدري أين البركة من الطعام.
ـــــــــــــــــ(104/424)
أسلوب هادئ يعيده ... العنوان
سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولاً شكرًا على هذا الموقع، وهذا الجهد الرائع الذي تبذلونه معنا، وجزاكم الله خير الجزاء لما تنفعون به المسلمين دائمًا.
لا أعلم من أين أبدأ، ولكن مهما شرحت لن أصل إلى الواقع. باختصار ابني الذي يبلغ من العمر 7 سنوات كان مطيعًا ويتفهم ما أقول له ويستمع إلى كلامي ويهابني عندما يخطئ.
وفجأة ومنذ العام الماضي أصبح متمردًا ولا يسمع الكلام وكثير التدمير والبكاء، وكأنه عاد طفلاً صغيرًا. والذي أزعجني جدًّا أنه أصبح يصرخ في وجهي ويشتمني، ولا يخاف من تهديدي له، فأصبحت أخاصمه يومًا كاملاً حتى يتأدب، ومن ثَم يأتي ويعتذر عن خطئه، ولكن يعود إلى هذه العادة من جديد.
وأنا حائرة كيف أتصرف معه، هل بلطف أم بعنف؟ مع أنني عاهدت نفسي ألا أستخدم العنف، وأريد أسلوبًا هادئًا يعيده كما كان.. أفيدوني أفادكم الله، وشكرًا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. إننا لا ندرك في بعض الأحيان أن أطفالنا وهم ينتقلون في عمرهم من سنة إلى سنة تختلف شخصياتهم ويزداد شعورهم بذاتهم فنعامل طفل السابعة، وكأننا نعامل طفل الثالثة في حين أن إدراك طفل السابعة يجعله أكثر شعورًا بذاته ورغبة في احترام الآخرين لها؛ فيحتاج إلى من يناقشه ويحاوره فيما يصدر إليه من توجيهات، وهذا قد يعتبره الآباء نوعًا من التطاول من هذا الطفل الذي كان يسمع الكلام بدون نقاش، وكان يهابنا عندما يخطئ، ولا ندرك أن هذا الطفل لم يتمرد، ولكن كل ما في الأمر أنه يريد أن يسمع ما يقنعه فيما يوجه إليه من أوامر وتعليمات.
والنتيجة أن الآباء يبدءون في وصف أطفالهم بالتمرد ونعتهم بالأوصاف السيئة، ويحل ذلك محل التشجيع، فيشعر الطفل بالإحباط لعجزه عن إرضاء أمه وأبيه، ويبدأ في جذب انتباههما عن طريق السلوكيات السيئة فهي سبيله الباقي للحصول على هذا الانتباه، وندخل في الدائرة الخبيثة التي لا تنتهي.
أطفال يسيئون التصرف.. فننعتهم بأسوأ الصفات فيزداد تمردهم، وهكذا.. لا بد أن يبدأ الآباء في الخروج من هذه الدائرة. والبداية أن يدركوا أن الأمر يتعلق بالتفاهم مع أطفالهم وإعطائهم مبررًا مناسبًا لتوجيهاتنا لهم، ثم إرسال رسالة الحب والحنان والاحترام والتشجيع والتقدير من خلال النظر إلى صفاتهم الجميلة، وبعدها سيعود الطفل إلى هدوئه، ولن نحتاج كثيرًا إلى عقابه أو نعته بالتمرد.
البداية عندك أيتها الأم.. اهدئي في التعامل.. افهمي طفلك واحتياجاته النفسية في هذه السن من بداية الرغبة في إثبات ذاته واحترام عقله، ثم الحب والحنان من خلال الإنصات له واللعب معه، واستخدام أدوات الحب اللفظية والبدنية من كلمات ولمسات حانية وتشجيع مستمر، وانتقاء أحسن الألفاظ في وصفه.
عندها ستجدين الاستجابة الجيدة التي تجعل طفلك يعود لسابق عهده، ونرى أن طريقة الخصام مناسبة كأسلوب للعقاب بعد اتباع ما شرحناه لك سابقًا.. ابدئي برسالة الحب والتشجيع والتفهم، وعندها سيصبح العقاب آخر العلاج وليس أوله، ونحن معك.
ـــــــــــــــــ(104/425)
صنع القادة.. الحب أولا!! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه أول مرة أتصفح موقع Islam on line حيث إني اعتدت على تفقد مواقع أخرى أجنبية، وكنت لا أجد فيها ما يناسب مجتمعاتنا الشرقية وديننا الحنيف، وقد وجدت في موقعكم هذا غايتي ووجدته جذابا في كل مواضيعه التي تهم الأسرة العربية؛ لذا أشكر كل القائمين عليه من مهندسين وفنيين ودكاترة أفاضل وشيوخ أجلاء.
مشكلتي قد تكون شبيهة بعدة مشاكل مجتمعة، ولكني أجد أن البيئة تختلف من أسرة لأخرى ومن والديه لآخرين؛ لذا أسمحوا لي أن أوضح لكم خلفية موجزة لمشكلاتي؛ فأنا أم ليوسف أربع سنوات وشهران، وعبد الرحمن سنة وشهران.. يوسف أول حفيد في عائلتي وهو مدلل من أبي وأمي وأخي، كما أنه مدلل مني ومن أبيه، وحبنا له يتمثل في شراء اللعب، وقراءة قصص له من آن لآخر، واصطحابه معنا في كل مكان، ونذهب معا للمسرح وللنادي.
كما أنه يملك من الألعاب ما قد يفوق فيه أقرانه، حتى إن والدة زوجي كثيرا ما نهرتنا عن ذلك، وتقول يكفي الطفل لعبة أو اثنتان والنقود هي التي سوف تفيده عندما يكبر.
كان يوسف ينام في حضني منذ ولادته حتى قبل مجيء أخيه بشهر حيث أصبح يرفض النوم في حضني، أما الآن فهو يستيقظ من النوم طالبا النوم في حضني، وما أن ينام في حضني حتى يبكي أخوه طالبا الرضاعة.
يوسف حنون جدا وعطوف لأقصى حد، ومشكلاتي معه تتلخص في الآتي:
1. قضم الأظافر، وقد بدأها منذ سنة أو ما يقرب من ثمانية أشهر.
2. أصبح لا ينصاع لأوامري، وأخاف أن يؤثر في تكوين شخصيته صراخي العالي له لتنفيذ أوامري، وأحاول جاهدة كبت زمام عصبيتي معه.
3. عنيف مع ابن أخي (سنة وعشرة شهور) فهو يحبه كثيرا ولكنه عنيف معه، وخوفي من غضب أخي وزوجة أخي يجعلني دائمة الصراخ فيه أمامهما، وفي بعض الأحيان قد أضربه أو أهدد بالحبس في الحجرة بمفرده.
4. يرفض شرب اللبن.
5. يخاف جدا عندما أعاقبه بالـ Time out.
6. يخاف دخول الحمام وأي حجرة بالمنزل بمفرده.
7. أما مشكلتي الرئيسية فهي حبه للأكل، وكلما وجد شخصا يأكل أراد أن يشاركه، وأنا في كثير من الأحيان أشعر أن حاسة الشبع عنده ميتة، وفي كثير من الأحيان أيضا أشعر أنه شبعان ولكنه يأكل خوفا من أن يخلص الأكل الذي يحبه (كالبطاطس)، وكثيرا ما أخبره بأنه عندما يشعر بالشبع يتوقف، ولكنه يقول (لا يا مامي الأكل هيخلص)، وعندما أخبره أنني سوف أشتري له مرة أخرى يقول "لا، أنت تضحكين علي".
هناك أمهات قد تشتكي من قلة أكل أبنائها وقد تحسدني على يوسف، ولكن للتوضيح أنه بحكم الجينات الوراثية فهو ممتلئ الجسم ولديه استعداد وراثي من والده للسمنة؛ حيث إنه الآن يزن 27 كيلوجراما، وقد عايره قبل ذلك طفل في الحضانة بأن لديه صدرا كبيرا ولديه بطنا ممتلئا.
كما أنني في بعض الأحيان عندما يكثر من الأكل ويرفض التوقف أخبط على بطنه وأشخط فيه بأن يتوقف وأنه أصبح سمينا، وذلك خوفا عليه من أن يدخل المدرسة ويعايره الأطفال بذلك، علما بأنه يكره الرياضة ويخاف من السباحة ولا يستطيع الحركة جيدا حيث يتعب سريعا.
وقد بدأت مؤخرا في عمل نظام غذائي له والمشي معه مساء (وذلك لأني أعمل) يوما بعد يوم لمدة 20 دقيقة، ولكني توقفت عندما سمعت في الفضائيات أن المشي صباحا يفقد الجسم الدهون الزائدة، أما المشي مساء يفقدها العضلات والماء.
أما بالنسبة لتعامله مع أخيه فقد أخبرته بأنه إذا أراد شيئا في يد أخيه فعليه أن يعطيه شيئا آخر ليأخذ ما بيده.
أعلم أني أطلت عليكم، ولكني أجد صعوبة في تربية ابني تربية صحيحة؛ حيث أجدني أجتهد للوصول إلى الصواب في التربية، وأخشى على يوسف جدا أن تؤثر تربيتي له في تكوين شخصيته، خاصة أن أباه سلبي ولا يتخذ أي قرار بخصوص أبنائه، سواء في اختيار المدارس أو أي شيء آخر، وعندما أسأله يجيب أنه يشتري دماغه وأنه بذلك زوج مثالي ينفذ ما أطلبه منه.. فهل لي أن أعرف منكم أيضا كيف لي أن أنمي شخصية طفلي ذي الأربع سنوات؟ مع العلم أن طفلي الآخر كل من يراه يقول لي إنه سوف يصبح ذا شخصية قيادية وقوية.
كما أريد أن أعرف ونحن على أبواب دخول المدرسة بعد أسبوعين إن شاء الله، هل أجلس معه أثناء عمل الواجب أم أتركه على أن أمر عليه كل 10 دقائق؟ وهل أتركه يذاكر في حجرة وحده؟ أشكركم لسعة صدركم لي، وأعتذر عن طول رسالتي، ولكني أردت أن أشرح لكم الخلفية والجو المحيط.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاك الله خيرا على ثنائك الطيب؛ ألهمنا جميعا الصواب وجعلنا عند الظن.. جزاك الله كل الخير على اهتمامك الواعي بأبنائك جعلهم الله ذخرا لهذه الأمة وأعاننا الله جميعا على فعل ما يحب ويرضى.
حبيبتي، التربية رحلة حياة، وأصعب ما في هذه الرحلة أنك دائما ما تشعرين أنك على الصراط.. فتخافين الانحراف يمنة أو يسرة فتقعين فيما لا ترغبين من أخطاء.
ولكن سبحان من جعل الإنسان خطاء؛ وجعله توابا.. والتربية تحمل نفس المعنى من هذا الخطأ الذي يليه التوبة.. وكلما قطعنا شوطا أبعد اكتسبنا من القدرات والخبرات ما يمكننا أن نستمر لوقت أطول على الصراط المستقيم دون الانحراف الذي نخشاه.
رسالتك بحق تمثل رحلة حياة.. ولأن السطور لا تتسع أبدا للتعبير عن هذه الرحلة بمفرداتها الكثيرة.. فأرى أن أعنون كل النقاط التي أريد أن أحدثك فيها؛ مع إحالتك للكثير من الموضوعات والاستشارات التي تمثل بعض أجزاء من هذه الرحلة.. ويبقى ما لا بد من تفصيله أيضا وسأحاول جاهدة أن أبلوره في نقاط تسمح بها المساحة المتاحة؛ ويبقى من بعد ذلك ما تدره إجابتي هذه من تساؤلات أخرى لديك؛ وتجاربك التنفيذية التي أنتظرها لأنها تمثل حقيقة أننا "معا نربي أبناءنا".. فهلا ننتظر هذا التواصل الحي ليعم النفع؟!!
اسمحي لي أن أعرض عليك الصورة التي أراها من رسالتك: في جانب من الصورة أرى طفلا يقضم أظافره؛ ويستيقظ طالبا النوم في حضن أمه؛ وهو عنيف مع قريب له (والذي أرجح أنه الطفل الوحيد لأبويه)؛ يرفض دخول الحمام؛ ولا يحب اللبن؛ ويخاف جدا عند عقابه بالحبس في مكان منفرد؛ ومحب جدا للأكل لدرجة أنه يأكل خوفا من انتهاء الأكل ولا يثق في أن أمه يمكن أن تشتري له غيره؛ ويكره الرياضة؛ ويخاف من السباحة ولا يستطيع الحركة حيث يتعب سريعا.
وفي جزء آخر من اللوحة أرى:
- أرى طفلا كان وحيدا في الأمس القريب؛ مدللا من الجميع لكونه الوحيد ولكونه الحفيد الأول؛ ثم أرى أمًّا عصبية تصرخ؛ وربما تضرب؛ أو تهدد بالحبس أو تحبس فعلا ثم تقع في أغلب ظني فريسة للندم.
ثم على الحدود من كل هذه العناصر أرى أمًّا تتمنى تربية أبناء رائعين؛ وترغب في أن يطيعوا الأوامر؛ كما أرى بعض الاتهام للأب بعدم التشارك في مسئولية الأبناء؛ وربما كان وراء هذا الاتهام بعض الخلافات أو عدم التوافق التام.
ثم يجيء سؤالك المهم واضعا إطارا ذهبيا للوحة: كيف أنمي ابني ليكون شخصية قوية وقيادية؟؟
هل رأيت ما رأيت كيف أن الأسباب والنتائج مجتمعة كلها في لوحتك؟!!
ابن مدلل وحيد يحبه الجميع ويدللونه ثم يجيء أخ ليحتل مكانا مميزا؛ وليشارك الأخ الأكبر عرش الحب والاهتمام؛ فيرفض ذلك -وطبيعي جدا أن يرفض- محاولا اجتذاب ما فقد من الاهتمام المفرد به ومحاولاته بالطبع محاولات طفل: الإصرار على النوم في حضن الأم ولو أنه كان رافضا لذلك من قبل؛ ولكن لِم لا؛ لِم لا ينام الآن بدلا من هذا الصغير السخيف الذي ينام دوما في حضن أمه؟! هذا هو لسان حال طفلك الحبيب.
هل أسرد عليك بقية محاولاته للفت الانتباه: العنف؛ العناد؛ الأكل الكثير؛ قضم الأظافر؛ رفض دخول الحمام...
هل تعرفين ما يزيد الأمر سوءا؟
أكثر ما يوتر الأمر أنك تبدئين في عقاب الطفل على إحساس وتصرف ليس له ذنب فيه؛ وهو ما يفقده الثقة والأمان الذي كان يتمناه.
لا أشكك لحظة في حبك المتفاني العارم لطفلك... ولكن ترى هل يشعر هو بهذا الحب؟ هل يشعر أنه ما زال طفلك المفضل المميز رغم وجود شريك في حياته؟
وفق الأولويات التي علينا العمل عليها يكون تلبية الاحتياجات الأساسية لطفلك من حب؛ وأمان على رأس هذه الأولويات.
كيف نبني هذا الشعور بالحب والأمان:
دعيني أحدثك أولا عن الحب؛ لأنه إكسير الحياة لهذا المخلوق المسمى إنسان... لا يمكن لأي إنسان أن يعيش بغير حب.. فما بالنا بالطفل الذي خرج لعالم جديد وحياة جديدة.. ماذا يحتاج هذا الصغير حتى يشعر بالأمان في هذا المكان الجديد الذي جاء إليه على غير رغبة منه.. بعد أن كان هانئا آمنا في رحم أمه.. فلا صراخ ولا عراك للحصول على ما يرغب من الحب والاهتمام.
ورغم أن الحب إحساس فطرى لدى كل من الأبوين فإنه يظل هناك مساحة بين ما في القلب وما يظهر من تصرفات.
لا أشكك أبدا في حب أي أب لأطفاله، ولكن ما أتساءل بشأنه دوما: ماذا لو سألنا أي طفل عن حب والديه له؛ بم يجيب؛ ما الذي يصل إليه؟؟
إذن المسألة مسألة تعبير عن الحب وليس الحب نفسه.
فكيف لنا إذن أن نعبر عن هذا الحب الذي يملأ جوارحنا بلا شك لفلذات أكبادنا؟
لدينا طرق ثلاثة:
- التعبير اللفظي: قولي أحبك يوميا وفي كل مناسبة لطفلك.. فكما أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام عن ضرورة إخبار من نحب أننا نحبه.. والأقربون أولى بإخبارنا لهم بأننا نحبهم؛ وكأنا بهذا الإعلان عن الحب نمهد الطريق لتلقى الحب؛ والشعور به.
- التعبير غير اللفظي عن الحب: كالتربيت؛ العناق؛ الملامسة الرقيقة؛ والطفل بحاجة ماسة لجرعات يومية من هذا التعبير عن الحب...
- الأهم على الإطلاق: فعل الحب: ولعل هذا أهم ما يمكننا فعله على الإطلاق لأطفالنا: أن نفعل كل ما يوصل لهم أننا نحبهم؛ كيف؟؟؟
- إظهار الاحترام والتقدير لهم بمراعاة مشاعرهم.
- ابني يفهم ويشعر بحبي له إن شاركته اللعب أكثر بكثير مما لو أهديته عشرات منها يوميا.
- طفلي يشعر ويعي حبي له إن احتضنته وربت على كتفه ودعوت له دعاء يسمعه أكثر بكثير مما لو أودعت في حسابه في البنك آلافا من الجنيهات.
- طفلي يشعر وينبض قلبه بالحب في كل موقف أحاول أن أظهر له أني أقدره؛ أراعي مشاعره؛ أضعه في اعتباري حين أقرر أمرا ما؛ أسأله باحترام عن رأيه؛ أتعاطف مع زلاته ونحاول معا تجاوزها بدلا من عقابه عليها؛ أتقرب منه تقربا حانيا بحديث عن كل ما يهمه وأسمع باحترام لكل ما يقول.
مئات المواقف يمكننا يوميا أن نستثمرها لنعبر فعليا عن حبنا لأطفالنا.. فهل لنا أن نركز على هذا الحب؟؟
طفلك يحتاج للتشارك والاهتمام والحب الذي يصله؛ أخرجي ما في قلبك تجاهه ليصله صافيا شافيا لما هو فيه من توتر.
دعينا نمهد البيئة التي سنضع فيها نبتتنا الصغيرة أولا لنبدأ بعد ذلك في غرس كل ما نتمنى أن يثمر في أطفالنا.. لو لم نمهد بالحب ثم الحب ثم الحب فلن نصنع الفرصة التي نربي فيها القادة الذين نتمناهم؛ ولا الشخصيات القوية التي نتمناها ولا المنجزين الناجحين الذين نتمناهم..
بيت القصيد واستهلالها هو الحب ثم الحب ثم الحب وليس لنا خيارات أخرى.
هل تعرفين لِم؟
لأن الحب طوق الأمان الوحيد في حياة الصغير؛ لأن الحب هو الذي يمهد لهذا الشعور بالانتماء لمجموعة (الأسرة)، كما يعطي الطفل الشعور بالأمان، ثم يدفع الطفل في هذا الجو الآمن لأن يتعلم ويجرب وينمي شخصيته؛ ويقبل على الحياة قويا متفائلا.
والأمان؛ التفاؤل؛ الانتماء يمثلون الدعامات الأساسية لتقدير الذات لدى الطفل.
وتقدير الذات هو جوهر الشخصية القوية الصحيحة التي يمكن أن نصنع منها القادة.
ومن بعد ذلك يظل الحب هو السياج الذي يحمي أولادنا من الانفلات في صداقات السوء وتمثل قيم مخالفة لقيم الأهل، بل هو الضامن الوحيد لأن يشعر أطفالنا شعورا جيدا عن أنفسهم، والقانون الإنساني يقول: من يشعر شعورا جيدا يتصرف تصرفات جيدة.
إذن من يشعر أنه جيد محبوب مهم فلا بد أن يختار ما يلائم هذه الصورة التي كونها عن نفسه.. كل من يقعون من مراهقينا وشبابنا في الأخطاء كالتدخين؛ والعلاقات العاطفية المتكررة؛ والإصرار على الموضة ولو غبية.. كل هؤلاء إنما يعكسون صورتهم السيئة عن أنفسهم.. وكأن الرسول عليه الصلاة والسلام حين أوصانا بألا نعين الشيطان على أخينا؛ كان عليه أفضل الصلاة السلام يرمي لئلا نشعره باليأس من رحمة الله؛ ألا نشعره أنه سيء؛ وغير قابل للإصلاح.. سبحان الله.. هل نعي الدرس ونذكر أنفسنا ألا نعين الشيطان على أولادنا؛ ألا نشعرهم أنهم سيئون فينفرد بهم الشيطان ليزين لهم سوء أفعالهم؛ وأن نظل دوما زراعا للأمل في أن يكونوا أفضل؟؟
والأمثلة كثيرة أكثر بكثير مما تعد وتحصى بين شاب وقع في الإدمان، وفتاة وقعت في علاقة آثمة... وحين تبحث في داخلهم تدرك جيدا باعترافات بعضهم أن الوالدين كانا دائمي النقد؛ والإهانة؛ والحط من شأنهم.
هل تقتنعين أن الحب بيت القصيد؟؟!!
والأهم هل حسن النوايا يكفى في التربية؟
بالطبع لا يكفى رحلة الصراط!!
سأذكر لك بعض الاستشارات أرجو أن تطالعيها، ودوني كل ما تودين السؤال عنه من تفصيلات؛ فلا أحب أن أكثر عليك المهام فتضيع كلها، فدعينا خطوة خطوة وأرحب كثيرا بمتابعتك لتصلي بعون الله وقدرته إلى ما نتمنى جميعا لأبناء هذه الأمة.
وخطوتنا الأولى كما ذكرنا: الحب وبناء الأمان والثقة لدى طفلك. هل نسير نحو هذا الهدف والذي سترين بنفسك أثره في تحسين أحوال طفلك عامة؛ وإحساسك أنت شخصيا بالإنجاز...
يبقى لي أن أعرض لك أمرا لا أود أن نقفز فوقه متجاهلين إياه: بناء العلاقة المتينة مع الزوج.. فاستقرار الحياة الزوجية بين زوجين متحابين متفاهمين أكثر ما يضمن حياة صحية للأبناء؛ وأكثر ما يوفر سبل النجاح لكل أفراد الأسرة...
فلا تظني أبدا أن أمورنا يمكن تجزئتها فإنما هي لوحة متكاملة إضاءة جزء منها يضيء حتما بقية أجزائها.
أتركك في رعاية الله وحفظه داعية الله أن يجعل من أبنائنا قادة الغد القادرين على حمل لواء الإسلام... بارك الله لك في أبنائك ورزقك برهم، وجعلهم سببا في بلوغك الجنة.. اللهم آمين.
ـــــــــــــــــ(104/426)
من أساليب تربية المراهق
تاريخ الفتوى : ... 24 محرم 1428 / 12-02-2007
السؤال
كيف أربي المراهق بعمر 20 عاماً، طموح جداً لحد الأنانية والغرور وإعجابه بذاته كبير وعدواني وشرس الطباع وغير متعاون بصمته ويفرض أو يحاول أن يفرض رأيه ويأخذ ما يريد بصوته ولؤمه في وجه أهله والدين لديه في أسوء صورة بسبب الشيوخ الذين يراهم في محيطه بأسوء صورة وتصرفات وطرق التعامل والتصرف في الجامعات فلا أدري كيف أصلح ما أصابه من اهتزاز صورة الدين من خلال الشيوخ وتمرده على والديه والفرض عليهم بتلبية رغباته عنوة بقدرة أو بغير قدرة؟ مع الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشباب في مستوى العمر الذي ذكرت قابل للتأثر والتقويم، فاحرصي على الدعاء له واستعطافه عن طريق الترغيب بنصوص الوحي، وإقناعه عن طريق الحوار والجدل بالتي هي أحسن، فحرضيه على سماع القرآن وتلاوته، وعلى المطالعة في كتب الترغيب والترهيب، وكتب السيرة وتاريخ الإسلام، وحدثيه عن الآخرة وعن مصير الناس، وأن أهل الإسلام مآلهم النعيم المقيم، وأن أهل الانحراف مصيرهم عذاب الجحيم، وحدثيه عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله وهديه في جميع شعب الحياة، وعن هدي خلفائه الراشدين وتعاملهم الحسن مع الناس، وحدثيه عن بر الوالدين وأن في رضاهما رضى الله، وأن في إسخاطهما سخط الله، وأن دعاءهما مستجاب إذا دعوا للولد أو دعوا عليه.
واحرصي على أن تكون له صحبة من أهل الخير يساعدونه على سلوك طريق الحق، ويدلونه عليها ويحرضونه على التمسك بها، وركزي له على الوعود الصادقة لمن تمسك بالطاعة، وقد بينا هذا الموضوع بأوضح من هذا وأكثر إسهاباً في كثير من الفتاوى، فراجعي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41016، 72546، 76425، 31768، 69967، 72037، 74500، 43675.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/427)
استشارة المختصين للتربية السليمة للأطفال
تاريخ الفتوى : ... 24 محرم 1428 / 12-02-2007
السؤال
سيدي الشيخ أنا أم لولد في التاسعة وستة أشهر من عمره مطلقة، الله يعلم أني منذ أول يوم في عمره أسعى ليكون هذا الولد صالحاً وممن سيكون بيده رفعة هذه الأمة، الآن أجد صعوبة في التعامل معه فهو عصبي المزاج وأناني بعض الشيء قد يكون ذلك بسبب تربيتي له مع أني حازمة معه، وكذلك إخواني وأبي بالرغم أن هناك قصورا بحكم بعد عائلتي عن الالتزام من سماع الأغاني وتفويت صلاة الفجر وهكذا، وأيضاً بسبب أن عائلتي والتعامل فيما بيننا مشحون وعصبي رغم أن كل واحد منا يحب الآخر وهذا أيضاً بسبب نشئتنا مع أمي العصبية كثيراً وبسبب أميتها وتربيتها مع خالتها زوجة أبيها والظلم الذي تعرضت له في طفولتها.. الحياة بيننا مترابطة بالماضي وبأحداثه لذلك نجد أنفسنا نعيد الماضي حتى أني أجد نفسي أكرر بعض أخطاء في التربية مع ولدي لأعود أدعو الله أن يساعدني، سيدي الشيخ نحن أسرة محافظة نحب بعضنا غير أننا لا نري بعضنا ذلك إلا ما ندر وابني يعيش معي في هذا الجو المهم في الموضوع: كيف أربي ابني التربية الإسلامية (مع العلم بأني أعمل فترتين 8 ساعات)، فكيف أحببه في صلاة الفجر حيث إنه كان يقوم الفجر يصلي أربع مرات ثم أصبح يتأفف ويتعصب ويرفض القيام قد أغريته بالهدايا وبالكلام الناعم والهادئ وبحديث مستمر عن الرسول والصحابه ولم ينفع فتوقفت عن الضغط عليه حتى تدلوني كي لا أخطئ وأكره ابني في الصلاة، وكيف أفعل كي أوقف عصبيته وطريقته الأنانية وقلة الأدب في التعامل معي وممن هم أكبر منه، أخشى كل ما أخشاه أن تركي الارتباط بأي رجل آخر لأجل ابني في نهاية الأمر أجده ولد عاقا أو عصبيا أو أن يتركني وحيدة كما يفعل الكثيرون؟ أطلت عليكم لكن ذلك من الرجاء والحاجة وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وصفته الأخت من إشكال يحتاج إلى رأي المتخصصين في التعامل مع الأطفال وكيفية تربيتهم، وما كان من هذا النوع فإن الجهة المناسبة له هي قسم الاستشارات، فهناك قسم خاص بالاستشارات على موقعنا ينبغي للأخت أن تراسلهم وستجد إن شاء الله بغيتها، ونحيل على سبيل المثال على الاستشارة رقم: 248578.
وقد سبقت لنا فتاوى عن وسائل وطرق تربية الأبناء، فتراجع وهي ذات الأرقام التالية: 18336، 19635، 20767، 13767.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/428)
خطوات تنشئة الأولاد على الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو القعدة 1427 / 29-11-2006
السؤال
ما هي كيفية النجاح في تكوين أبناء مسلمين في حالة الزواج من مسيحية؟ شكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا جواز نكاح الكتابيات العفيفات، وذكرنا أن الزواج بهن لا يسلم غالباً من جملة من المحاذير والمفاسد ولذا كرهه بعض أهل العلم درءاً لتلك المفاسد وتجنبا لتلك المحاذير، كما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36381، 58237، 69078.
ومن المفاسد التي تخشى عند الزواج منهن فساد الأولاد وعدم تربيتهم تربية إيمانية صحيحة، وذلك لمكانة أمهم وما قد تبذله من الجهد في تربيتهم على عقيدتها وسلوكها، فإذا كان للرجل قوامة وكلمة في بيته واستطاع أن يؤثر على الأم كي تسلم فبها ونعمت، وإلا فلا بد من الحذر كل الحذر من تنشئتها لأبنائها كما تريد، بل يسهر الأب على تربيتهم وتعليمهم العلم النافع والعمل الصالح، ولذلك خطوات ينبغي اتباعها:
أولها: مراقبة الأبناء وقضاء جل الوقت معهم ليروا سلوك الأب فيقتدوا به، وليكن سلوكه سلوكاً إسلامياً، ويحاول ربطهم بتعاليم الإسلام، فإذا أمر أحدهم بالأكل بيمينه -مثلا- فإنه يذكر له توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لربيبه عمر بن سلمة: يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. وهكذا في جميع الآداب سواء أكانت في الطعام أو اللباس أو اليقظة أو النوم أو الولوج أو الخروج أو في التعامل مع الناس سيما الوالدين والأقارب.... إلخ.
الخطوة الثانية: إذا بلغوا سن الدراسة أن يبدأهم بتعليم كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته، كما قال ابن أبي زيد في خطبة رسالته.
والخطوة الثالثة: أن تختار لهم من المدارس العصرية ما تعلمهم أحكام دينهم ولغة كتابهم العظيم مع ما تمدهم به من المعارف التي تفيدهم في أمور دنياهم.
والخطوة الرابعة: أن يسهر هو بنفسه عليهم فيراقب جميع خطواتهم ويغمرهم بفيض حنانه ليحبوه ويألفوه، ولا يكل أمرهم إلى غيره، ويختار لهم من الأصدقاء والخلان أصحاب السيما الحسنة والأخلاق الكريمة، فالصاحب ساحب، والقرين بالمقارن يقتدي، إلى غير ذلك مما يفيد في تقويم السلوك ويساعد على التربية الحسنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/429)
الفتوى : ... الترغيب في الإحسان إلى اليتامى
تاريخ الفتوى : ... 18 رمضان 1427 / 11-10-2006
السؤال
عندي خادمة صغيرة السن ( 11 عاما ) أتت إلي بها واحدة ممن يقومون بتشغيل الفتيات الريفيات كخادمات ، ولم يسأل عنها أحد منذ أتت من ستة أشهر لا أم ولا أب ولا أخ ، ومن الواضح أن هذه الفتاة قد تربت في بيئة فاسدة للغاية فهي تسرق الطعام وتغلظ الأيمان دائما أنها لم تفعل ، المهم وجدت أنها في حاجة إلي تقويم وإعادة تربية ولكنها دائما ما ترجع إلى عاداتها البذيئة من سرقة وتفوه بألفاظ سيئة مع العلم أني والله شهيد علي ما أقول دائما أضع لها أحسن الطعام وأطيبه وأشتري لها الملابس والهدايا وأتعامل معها على أنها يتيمة ولكنها لا تقابل الإحسان بالإحسان، ولكن وللعجب وبالرغم من صغر سنها إلا أنها تتمتع بقدر كبير من الكذب ولكن حدث أنها قامت بسرقة طعام من الثلاجة وأنا دائما ما أتغاضى عن هذا وأقول إنها صغيرة وتشتهي الطعام ولكن لاستمرار هذا التصرف قمت مؤخرا بضربها وأنذرتها إن هي لم تتراجع وتطلب مني ما تشاء دون أن تمد يدها وتسرق فسأعود لتأديبها ولكنها كررت هذا فقمت هذا المساء بتصرف أخرق وأنا نادمة عليه أشد الندم وهو ما أسأل عليه فقد قمت بإعطائها ملعقة من الشطة كي لا تعاود القسم بالله كذبا وهو أكثر شيء يضايقني وقد أنذرتها أن تقول الحقيقة وأن لا أفعل لها شيئا ولكنها ظلت تقسم بالله وبكتابه الكريم أنها لم تفعل وعندما وضعت لها الشطة قالت إنها فعلتها وأنها خافت أن أفعل بها شيئا أو لا أصدقها القول بأني لن أفعل لها شيئا إن هي قالت الحقيقة ، لقد عرفنا أن عقوبة السارق في الإسلام هي قطع اليد وأنا في المقابل أحاول تقويم هذه الفتاة السيئة ولكن لا فائدة وفي نفس الوقت لا أجد لها أحدا يأتي ليأخذها وإني والله أريد لها أن تصبح فتاة صالحة وأحاول تقويمها باللين والشدة كما أفعل مع أولادي ، فهل ما فعلته ذنب كبير ؟ وهل ما أفعله معها خطأ ؟ إني خائفة من الله عز وجل وخائفة من عقابه إذ أكون قد عاقبت هذه الفتاة بما ليس لي أن أفعله
ولكن ماذا أفعل وهي تحيا معي في مكان واحد ولا يوجد من يقومها ويصلحها غيري ؟
وأستغفر الله العلي العظيم ولله الأمر من قبل ومن بعد .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إحسانك إلى هذه البنت واعتبارك إياها يتيمة وسعيك في إصلاح أخلاقها أمر محمود شرعا، فقد رغب الله في الإحسان إلى اليتامى وأبناء السبيل، فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ {البقرة: 83 } ويلحق باليتامى وابن السبيل في أهمية العطف عليهم اللقطاء ومن لا يعرف أهله، وعليك أن ترحميها وتشفقي عليها ولا تهينيها، فالراحمون يرحمهم الرحمن؛ كما في حديث الترمذي، وعليك أن تحاولي إقناعها أولا بالأخلاق الحميدة، فحضيها على الصدق والعفة والأمانة والوفاء، ورهبيها وانهيها برفق عن أخلاق السوء كالكذب والحلف كذبا والسرقة والخيانة، وهذا لا يتم إلا إذا علمتيها ما تيسر من أمور الدين، وليس لك أن تعاقبيها بحد السرقة لأن حد السرقة لا يقيمة إلا سلطان المسلمين أو نائبه، فلا يقيمة الوالد على ابنه ولا على من أجره، ولك أن تؤدبيها بالضرب بعد استنفاد الوسائل الأخرى بقدر ما تضربين ولدك، فقد أفتت عائشة وسعيد بن المسيب بجواز ضرب اليتيم للأدب ، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 24777 ، 37091 ، 34860 ، 53765 ، 61344 ، 22128 ، 15991 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/430)
الفتوى : ... السن التي يشرع فيها تأديب الطفل بالضرب
تاريخ الفتوى : ... 02 رمضان 1427 / 25-09-2006
السؤال
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: علموهم على سبع واضربوهم على عشر. انطلاقا من هذا الحديث، هل يجب تعليم الأطفال ابتداء من السن السابعة أمور دينهم ودنياهم، لأن هناك مقولة أخرى تقول (لاعبه سبعا وعلمه سبعا وصاحبه سبعا)، فهل هي حديث أم مقولة لأحد الصحابة أو التابعين، وهل ملاعبة الطفل سبعا وأخذاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم علموهم على سبع وجب علينا عدم محاسبة الطفل على أخطائه عندما يكون في السن ما قبل السابعة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في هذا المعنى: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. أخرجه أحمد وأبو داود.
ومحاسبة الطفل على أخطائه تجوز بغير الضرب في أي سن يمكن أن يدرك فيها المعنى الذي يراد منه، وأما الضرب فلا ينبغي أن يكون إلا بعد بلوغه سن العاشرة، جاء في الموسوعة الفقهية: يؤدب الصبي بالأمر بأداء الفرائض والنهي عن المنكرات بالقول ثم الوعيد ثم التعنيف ثم الضرب إن لم تجد الطرق المذكورة قبله، والأصل في التأديب حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر. ويفهم من الحديث أن الضرب لا يكون إلا لمن بلغ عشر سنين فما فوق، وهو ما نص عليه صاحب مواهب الجليل بقوله: .. وأما العقوبة فبعد العشر. انتهى، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 16862.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/431)
الفتوى : ... اهتمام الآباء بتربية بناتهن حتى لا يقعن في الانحراف
تاريخ الفتوى : ... 27 شعبان 1427 / 21-09-2006
السؤال
لدي صديق يعمل في محل للمواد الغذائية وهذا المحل يوجد بالقرب منه عيادة صحية للعلاج وقد أخبرني صديقي بأنه هناك رجل كبير في السن يأتي بفتاة وعلى حسب ظن صديقي بأنها ابنة الرجل المسن وقد أخبرني صديقي بأن الفتاة عندما تدخل إلى العيادة يبقى أبوها في السيارة ولا ينزل معها ثم يأتي شاب في سيارة أخرى وتخرج الفتاة خلسة من أبيها وتركب مع هذا الشاب وتذهب لمدة ساعتين تقريبا ثم تعود وتدخل العيادة بدون أن ينظر إليها أبوها ثم تخرج منها وكأنها كانت فيها وتركب مع أبيها وتذهب معه وهذا يحدث تقريبا كل أسبوع، سألني صديق هل أخبر أباها بما يحدث أم لا، علما بأن الرجل مسن وقد يحدث له شيء من مرض أو غيره إذا أخبره، أفيدوني أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على صديقك أن يأتي للشاب ويكلمه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر ويهدده بأنه إن لم يترك الفتاة فسيخبر أباها وسيعطيه رقم السيارة، وعليه أن يحضه على التوبة والبعد عن المعاصي، ولا بأس أن يكلم أبا الفتاة تعريضاً ويحضه على الاهتمام بحضانة بنته، وأنه يلزم الدخول معها للعيادة ويدخل معها على الطبيب إن كان ذكراً لئلا تحصل خلوة للطبيب الذكر بها أو أن يأتي بأمها معها، ويمكن أن تخبره أنه لا يؤمَن على البنت أن يلتقي بها بعض أهل الفساد، فعليه أن يراقبها حتى لا تخرج من العيادة وهو لا يعلم، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23240، 56196، 8580.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/432)
لا حرج في ترك الطفل يقلد أبويه في حركات الصلاة
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1427 / 28-08-2006
السؤال
ما حكم أخذ الطفل معي إلى المسجد وطبعا هو طفل وليس طاهراً، وما الحكم إذا تركت الطفل يقلدني في الصلاة سواء في المسجد أو في البيت، علما بأنه يتصنع قراءة القرآن ويخلط بين ألفاظه ويكسره؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق التفصيل في حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد في الفتوى رقم: 2750 فالرجاء مراجعتها.
وعليه؛ فإذا كان طفلك من النوع الذي يجوز اصطحابه إلى المسجد جاز لك أخذه إلى المسجد، بل إن ذلك أولى ليتعود على الذهاب إلى المساجد، لكن ينبغي أن يكون طاهراً، مع أنه لا يمنع دخوله المسجد ولو كان غير طاهر إذا أمن تلوث المسجد، ولا حرج عليك في تركه يقلدك في الصلاة أو القراءة لأنه غير مخاطب شرعاً بما يصدر منه من التخليط في القرآن وغيره، وإن فعل ذلك عندك فحاول أن تصلح له، وللفائدة في الموضوع انظر الفتوى رقم: 28789.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/433)
الفتوى : ... البديل النافع لتحصين الأولاد من القبائح
تاريخ الفتوى : ... 25 رجب 1427 / 20-08-2006
السؤال
أود طرح سؤالي التالي: لي بنت عمرها تقريباً ست سنوات، ويقلقني أنها تحفظ الأغاني التي تذاع وترقص رقصاً مثيرا وتنقل كل ما يمر أمامها من حركات المغنيين والراقصين، هذا مع أن ليس لدي صحن للقنوات، فقط الإذاعات المحلية، ولكن تسمع ذلك من عند الجيران أو صديقات تردد أغاني رديئة، في الحقيقة هذا يقلقني وأخاف عليها كثيراً، هذا كما أحرص على أن تحفظ بعض السور من القرآن وأعلمها الصلاة وبعض الآداب، وأحذرها من مثل هذه الأغاني الساقطة، وأود لو تفيدوني بطريقة لتربيتها بطريقة سليمة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.. وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاهتمام بتربية الأبناء على الالتزام بالدين والأخلاق والبعد عن المعاصي والرذائل من آكد الأمور الشرعية، ولا بد لتحقيق ذلك من حماية الأولاد وتحصينهم من الفساد, وحضهم على الفضيلة والأخلاق الحسنة، وقد بينا تفصيل القول في التلفزيون والصحون والغناء المحرم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1886، 36084، 54316، 66001.
وأعظم وسيلة لمنع البنت مما تلاحظينه توفير وسائل ترفيه ممتعة مفيدة مشروعة, وعندنا في ركن الطفل في الشبكة الإسلامية بعض وسائل الترفيه المفيدة للأطفال يمكن الاستفادة منها. ومن الوسائل المساعدة في ذلك أيضاً شغلها بحفظ القرآن. وحاولوا أن تفتحوا لها بعض القنوات المفيدة في ذلك وبعض الشرائط أو الأقراص المساعدة في الموضوع كالمصحف المعلم وكقناة المجد للأطفال. وأكثروا لها الدعاء وترفقوا بها واحرصوا على أن لا تخالط من يؤثر على أخلاقها أثراً سيئاً، وراجعوا في بعض التوجيهات التربوية للأطفال وإبعادهم عن الانحرافات في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21752، 21907، 29770، 34846، 35308، 64312، 67272.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/434)
الفتوى : ... التمييز بين الأبناء - ثوابا أو عقابا -
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1427 / 02-04-2006
السؤال
لي سؤال يؤرقني ما حكم الشريعة في التمييز بين الأبناء حيث إن
لي أربعة بنات وكل واحدة منهن متفاوتة في الدراسة إذ إن الصغريات ينجحن كل سنة وبنتائج جيدة غير أن الكبرى رسبت السنة الماضية علما أنها في المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية هذا جعلني أغير من تصرفي معها على غير إخوتها وإن جرحت شعورها فهو لأدفعها إلى الأمام حتى تثابر وتنجح كباقي إخوتها أوعلي إتباع طريقة أخرى لهذا؟.
وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالد مطالب شرعاً بالعدل بين أبنائه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
هذا هو الأصل.. إلا أن للأب أن يخص بعض أبنائه بأمر ما - ثوابا كان أو عقابا - لسبب يقتضي تخصيصه، وسبق في الفتوى رقم: 66606، أقوال أهل العلم في ذلك، فإذا كان تعاملك القاسي والشديد مع إحدى بناتك لحاجة ولظروف معينة، فلا بأس بذلك، فليس على الأب أن يعامل جميع أبنائه المحسن منهم والمسيء سواء، غير أننا نحذرك من النقد السلبي الهدام، وننصحك بالرفق في الأمر كله، ونشير عليك بإرسال سؤالك إلى قسم استشارات الشبكة، وستجد عندهم توجيهات نافعة في طريقة التعامل مع ابنتك .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/435)
الفتوى : ... الحض على بر الوالدين ثوابه كبير
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1427 / 19-03-2006
السؤال
ابنتي الوحيدة بلغت 3 سنوات ذكية جداً الحمد لله رأت والدها 5 مرات وذلك بسبب انفصالنا وإقامتي بعيداً عن بلدي الأصلي طوال هذه المدة، حاولت قدر المستطاع تذكير ابنتي بوالدها ووضعت صورته بغرفتها، وأذكرها بأجمل الصفات وأنه يحبها، وكانت كثيراً ما تسر لذكره، أخذتها لرؤيته باعتبار أنه يقيم ببلدي الأصلي، وكان اللقاء الأول جيداً وكانت سعيدة ولا تكف عن ذكره، عند بلوغها 3 سنوات طلبت مني السفر لرؤيته لبيت طلبها خاصة أني أرغب بتوطيد علاقتها به، لكن خاب أملي لأنها كانت أكثر حذراً وخوفاً منه بدون سبب يذكر، إضافة إلى أنه كان أكثر بروداً معها وغير مهتم لها، وكانت ترفض البقاء معه، وطلبت مني العودة لبلد الإقامة، وبعد مرور 5 أشهر كلما ذكرته تصرخ بعصبية وتقول إنها لا تريده ولا تحب ذكره، أريد أن أشير أنها تعلقت بأخي الأكبر وتناديه بابا، وهو يحبها بجنون أخبروني كيف أتصرف مع ابنتي هل أتركها على حالها؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على سعيك في ربط ابنتك بوالدها، وتربيتها على حبه وصلته، فصلة الرحم من أوجب الواجبات، والوالد يأتي في مقدمة من يجب صلته، ونرجو أن تكوني من الذين قال الله فيهم: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21}.
فاعملي قدر استطاعتك على تحبيب والد ابنتك لديها حتى تستطيع بره في المستقبل، ولكي لا تقع في عقوقه، وسيكون ذلك في ميزان حسناتك إن شاء الله، واختاري الأسلوب الأمثل لذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، كما يجب على الوالد صلة ابنته والإنفاق عليها، وينبغي له أن يفعل ما يحببه لديها بالهدية والزيارة والحنو ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/436)
ضرب الآباء أولادهم أمام الأقارب مما لا ينبغي
تاريخ الفتوى : ... 04 صفر 1427 / 05-03-2006
السؤال
هل يجوز للأم أو للأب أن يضرب ابنه ويشتمه ويلعنه أمام الناس أو الأقارب بدون سبب ؟ وهل يجوز للولد أن يسأل أبويه لماذا يعاملانه بهذه الطريقة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب والأم فعل ذلك ، أما الضرب فإنما يباح للتأديب والإصلاح فقط ، فللوالد أن يضرب ولده على أداء الفرائض وللنهي عن المنكرات ، ولا يكون إلا بعد الأمر بالقول ثم الوعيد، ثم التعنيف ، ثم الضرب ، إن لم تجد الطرق المذكورة قبله ، ولا يضرب الصبي لترك الصلاة إلا إذا بلغ عشر سنين ، ولا يجاوز ثلاثا عند الحنفية والمالكية والحنابلة ، وهي أيضا على الترتيب ، فلا يرقى إلى مرتبة إذا كان ما قبلها يفي بالغرض وهو الإصلاح ، من الموسوعة الفقهية باختصار وتصرف يسير ، وتراجع الفتوى رقم : 14123 .
وأما الشتم واللعن فإنه حرام ، فقد نهى الشرع عن سب وأذية المسلم عموما ، فقال تعالى : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58 } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر . متفق عليه .
قال النووي : فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة ، وفاعله فاسق ، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى
فعلى الوالدين أن يتوبا إلى الله من هذا الذنب ، ومن حق الولد سؤال والديه عن سبب ضربهما وإيذائهما له ، ويمكن أن يستعين بأحد الأخيار أن ينصحهما ويذكرهما بحرمة هذا العمل ، وينبغي له أن يصبر ويعفو ، ويقابل السيئة بالحسنة ، ولا يجوز له أن يحمل في قلبه حقدا أو كراهية لوالديه ، وفي الأخير ننصح هذا الولد ببر والديه وطاعتهما وعدم إغضابهما والدعاء لهما بالمغفرة والهداية .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/437)
ضرب الطفل للتأديب
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1427 / 21-02-2006
السؤال
ما حكم ضرب أختي الصغيرة حيث إنها تضايقني كثيرا" وتغلط علي وبيني وبينها 12 سنة ولا تحترمني إلا بالحيلة ووالدي ينهيانها عن ذلك ولكن قليلا" جدا"ويدللانها حتى تتمادى علينا نحن الكبار، وأنا أتضايق لأني أضربها، دلوني أرجوكم كيف أتعامل معها ومع أهلي الذين يسكتون عن الموضوع أكثر الأوقات
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خلق الإسلام في هذا هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه . رواه أحمد
فينبغي أن يكون تعاملك مع أختك الصغيرة بالرحمة واللين، والكلمة الطيبة، لتتعلم من أخلاقك وحسن تصرفك، وبيني لها أهمية الأخلاق، واحترام الكبير ونحو ذلك. والضرب في الغالب لا يعود بفائدة، وإن حدث فينبغي أن يكون بإذن أبويك ويكون الضرب في أقل نطاق، وفي الحاجة القصوى، ويكون ضربا خفيفاً لا يشين جارحة ولا يجرح ولا يكسر، لأن الهدف منه التأديب، لا التنكيل.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/438)
الفتوى : ... دور الرقية الشرعية في علاج الشغب عند الأطفال
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو الحجة 1426 / 07-01-2006
السؤال
ابنة عمي لديها طفل مشاغب جداً جداً عمره حوالي أربعة سنين ويقوم بتصرفات يشعر أهله بأنها غير شعورية , فمثلا يقوم بإشعال النار في المنزل والعبث بكل شيء وأمور كثيرة... مع أنه طبيعي ولكنه مشاغب جداً جداً, فهل هناك أذكار وأدعية مأثورة لكي يقرأها أهله عليه ؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليهم أن يكثروا من الدعاء له بالهداية والصلاح ، وأن يسعوا في إصلاحه بالتربية المناسبة لمن في سنه ، ونوصي بتلاوة الفاتحة, وآية الكرسي, والإخلاص, والمعوذتين مع النفث عليه, فإن في ذلك بركة ستظهر بإذن الله تعالى على أخلاق الولد وتصرفاته ، ونوصي بالصبر عليه فإن هذا السن عند الأولاد هو سن النشاط وكثرة الحركة ، فيؤدب بالرفق واللين .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/439)
مدى مسئولية الأب عما يحدث بين أولاده من جنايات
تاريخ الفتوى : ... 24 ذو القعدة 1426 / 25-12-2005
السؤال
جزاكم الله خيراً وزادكم من فضله.. أما بعد: أحد الآباء له ولدان -5 و 7 سنوات عمر كل منهما- أثناء لعبهما وانشغال الأسرة قص الطفل الأصغر (بمقص ورق صغير) أذن أخيه الخارجية فجرحها جرحا كاد لولا فضل الله يؤدي إلى انفصال الأذن الخارجية ولقد تطلب حوالي الـ 10 غرز لإعادة الأذن لمكانها، والسؤال هو: هل هذا الأب عليه أي شيء شرعا من كفارة أو ما شابه، هل يتوب ويستغفر فقط، أم لا يوجد عليه أي شيء وأن ما حدث لا يعدو كونه لعب عيال وأننا لسنا مؤاخذين به! ......... المؤسف حقا أن كثير من الأدوات أو لعب الأطفال الحالية العادية ممكن أن تؤدي إلى إصابات شتى بسيطة وبليغة فما هى حدود مسؤولية الأب من الناحية الشرعية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسؤولية الأبوين معاً في تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة إسلامية صحيحة، وخاصة الأب باعتباره المسؤول الأول في الأسرة مسؤولية كبيرة جداً، فلا بد أن يغرس فيهم مبادئ الإسلام العظيمة، ويربيهم على التخلق بالأخلاق الحميدة، ولا بد أن يرعاهم ويرقب تصرفاتهم، ولا بد أن يسعى في تحبيب كل منهم إلى الآخر، ولا بد أن يجنبهم كل السبل المؤدية بهم إلى كافة أنواع الخطر.... إلى غير ذلك من الأمور التي تدخل في تربيتهم وحفظهم.
وأما ما يحدث بينهم من الجنايات وغيرها، فليس للأب مسؤولية عنه، طالما أنه لم يكن متسبباً فيه، ولم يتمكن من الحيلولة دونه، ولم يفرط في الحفظ ، فلا كفارة عليه في شيء من ذلك ولا دية، وأما التوبة والاستغفار فهما مطلوبان من المسلم في كل حال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/440)
تأديب الأطفال بالضرب.. نظرة تربوية
تاريخ الفتوى : ... 13 شوال 1426 / 15-11-2005
السؤال
لي طفل صغير عمره 3 سنوات لكنه عصبى جداً فى بعض الأحيان يضرب أمه أثناء غضبه. فهل عقاب هذا الطفل الضرب أم الإسلام يحرم ضرب الأطفال. ويفضل إرشادى لطريق التربية الإسلامية مع العلم أن هذا الطفل يتيم وأنا زوج والدته فهل ضرب الطفل اليتيم حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الإسلام الآباء بتربية أبنائهم تربية صحيحة ، بأن يدربوهم على الدين والأخلاق الفاضلة الحميدة ، وإن استدعى الأمر ضربهم في بعض الأحيان لذلك فلا مانع منه ، لكن بشرط أن يصل الطفل إلى سن التمييز ، لأن الضرب قبل ذلك لا يفيد .
ولا شك أن ضرب الطفل الصغير ابن ثلاث سنين ونحوها غير مشروع لأنه يضر الطفل أكثر مما ينفعه ، ولأنه ما زال في سن لا يعقل فيها معاني الزجر . وبالنسبة لليتيم فإنه يؤدب كما يؤدب غيره ، ولكن بشرط أن يصل إلى سن يعقل معها معنى العقوبة ، ويدرك المعنى الذي يراد منه الوصول إليه . ذكر عبد الرزاق في المصنف أن عائشة سئلت عن أدب اليتيم ؟ فقالت : إني لأضرب أحدهم حتى ينبسط . وسأل رجل سعيد بن المسيب مم يضرب الرجل يتيمه ؟ قال : مم يضرب الرجل ولده .
فضرب اليتيم جائز ، ولكن بشرط استحقاقه الضرب ومنفعته له . وبالنسبة لما سألت عنه من الإرشاد إلى طريق التربية الإسلامية ، فملخص ما نقول لك فيه هو أن القدوة في المراحل الأولى من حياة الطفل تلعب دورا هاما ورئيسا في توجيه سلوكه . فهو إذا شعر بحب والديه للقرآن والحرص على تطبيق أوامر الشرع من خلال تصرفاتهما ، فإن هذا الشعور سوف ينتقل إليه تلقائيا، ودون جهد منهما . وسيتولد لديه شعور بالارتياح نحو الدين ، وسيتعلم الاهتمام به وعدم تفضيل أشياء أخرى عليه . ويدرك مع مرور الزمن أن هذا الدين شيء عظيم ، جليل ، كريم ، يجب احترامه ، وحبه وتقديسه .
وأخطر شيء على تربية الطفل هو أن ينهاه والده عن الشيء مع ممارسة الوالد لما ينهى عنه . فحينئذ سيفقد الطفل الثقة بجدوائية أوامر الوالد ، ويعتقد أنه إنما ينهى عما ينهى عنه ليختص به نفسه . يقول بعض المربين : إن التهذيب بالأعمال خير من التهذيب بالأقوال .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/441)
الفتوى : ... لا بأس بضرب الأطفال على سبيل التأديب
تاريخ الفتوى : ... 28 شعبان 1426 / 02-10-2005
السؤال
أنا أم أخاف على أطفالي من نفسي وهناك شعور داخلي لا أستطيع السيطرة عليه ويجعلني أفكر في ضرب أبنائي خاصة عندما يثيرون غضبي وأنا لم أضرب أحدا منهم بعد ولكن التفكير بحد ذاته يخيفني أحاول أن أتغاضى عن التفكير بالاستيعاذ من الشيطان أو قراءة بعض سور القرآن القصيرة وسؤالي هل أنا طبيعية أم لا في تفكيري هذا وأحيانا يتبادر إلى ذهني صور أو مشاهد من أفلام عن أطفال عذبوا أو تم إيذاءهم وهذا يخيفني كثيرا وحتى أنني أحيانا لا أحب أن أبقى معهم وحدي في البيت، وأرجوكم مساعدتي وأنا أحب أولادي كثيرا وأخاف عليهم من نفسي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه أوهام لا حقيقة لها ولا تلتفتي إليها، واشغلي نفسك بأذكار الصباح والمساء ومطالعة النافع والمفيد ككتب السيرة النبوية، وكتب سير الصالحين ككتاب صفة الصفوة، وحضور دروس العلم إن تيسر لك ذلك، وفقك الله لمرضاته.
والأطفال إن صدر منهم ما يستدعي تأديبهم ولو بضرب غير مبرح فلا حرج في ضربهم وإن لم يصدر منهم سبب للتأديب فلا يجوز ضربهم، وتراجع الفتوى رقم: 24777، والفتوى رقم: 53765.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/442)
الهدي الإسلامي في تربية المراهقين والمراهقات
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1426 / 22-09-2005
السؤال
ما هي الطريقة الإسلامية لإبعاد الفتاه المراهقة عن الانحراف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التربية الإسلامية تبدأ في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان، بل تبدأ قبل ولادته بحسن اختيار أمه.
هذا، وإن الكلام في تربية المراهقين يطول ويحتاج إلى مختصين ولكننا نكتفي هنا ببعض الجمل:
أولا: ينبغي التعامل مع الفتاة المراهقة بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي يتعامل به مع الأطفال، فلا يحتقر شخصها ولا تسفه آراؤها؛ وإنما يحل النقاش الهادئ للأفكار الخاطئة محل الزجر والنهر.
ثانيا: ينبغي أن يوفر لها مساحة أوسع من وقت والديها وتعطى فرصة أكبر للتعبير عما بداخلها، وعلى الوالدين أن يكون استماعهم لها أكثر من حديثهم إليها.
ثالثا: ينبغي أن تشعر هذه الفتاة بأن أهلها يحبونها ويرحمونها وذلك لأنها إذا تشبعت في بيتها بالحنان والرحمة فلن يكون في قلبها فراغ عاطفي تحتاج لأن يملأه الأشخاص غير المرغوب فيهم كالشباب الذين يعاكسون الفتيات ويسمعونهن من كلمات الحب والحنان ما افتقدته الفتاة في بيتها.
رابعا: يجب على والديها أن يقطعوا عنها وسائل الانحراف فلا يمكنوها من مشاهدة الفضائيات ولا تصفح الإنترنت إلا برقابتهم وتحت إشرافهم، ولا يملكوها جهاز هاتف جوال، ولا يمكنوها من الخلوة مع المدرس أو السائق أو الطالب ونحوهم، ولكن ينبغي أن تكون طريقتهم في ذلك كله حكيمة.
خامسا: ينبغي أن توفر مكتبة متنوعة تحتوي كثيرا من المواد النافعة وليكن انتقاؤها بإشراف بعض طلاب العلم.
ولمزيد تفصيل حول التعامل مع المراهقين يمكنكم الاستماع إلى محاضرة بعنوان كيف نفهم المراهقين للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وهي على صفحة الشيخ في موقع طريق الإسلام www.islaway.com وكذلك محاضرة للدكتور عبد الكريم البكار بعنوان: آباء يربون، وانظروا كتاب منهج الترية الإسلامية للشيخ محمد قطب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/443)
ضرب الأطفال في غير محله يعود بالضرر عليهم
تاريخ الفتوى : ... 11 شعبان 1426 / 15-09-2005
السؤال
إلى الشيخ الفاضل
أنا أم لولد وبنت أرسل لك هذه الرساله لأنني تعبت من نفسي لأنني أضرب أولادي كثيراً لعدم سماع الكلام، والمشكله أنني أعرف أن هذا غلط وأنا الآن أبكي وأرسل لك هذه الرساله لأنني ضربت ابنتي وأنا أعرف أن السبب تافه جداً, وأتعب كثيراً بعدها, ولا أعرف لماذا مع أنني أقرأ كثيراً عن تربية الأطفال وأقرأ في الأحاديث كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الأطفال وأعرف أن الله سبحانه وتعالى يراقبني ولذلك أنا أخاف وأقول في نفسي أنا هكذا لأن الله ليس براضٍ عني، والمشكله الأكبر أنني أتغير عندما أخرج من باب المنزل مع أنني لا أريد أن أكون من المرائين ودائما أسأل الله أن يعلمني كيف أربي أولادي، وأنا أعلم أن هناك طرقا أخرى لعقاب الأطفال، ولكن عندما أراهم يفعلون ما يغضبني أضربهم وأكثر الأحيان على رأسهم من الخلف وعلى مؤخرتهم، وعمر ابنتي ثماني سنوات وابني أربع سنين؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج ذلك أيتها الأخت الكريمة بأن تلزمي نفسك الصبر والتحمل وكظم الغيظ، فإن ما يفعله أكثر الآباء من الضرب غير المتزن لا يعود إلا بنتائج سلبية في التربية، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16372، 24777، 37091.
ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات في موقعنا فهم أكثر اختصاصاً في هذا الموضوع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/444)
مدى مسئولية الأب عن ولده المنحرف والذي يتلفظ بألفاظ كفرية
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الأولى 1426 / 06-07-2005
السؤال
ما حكم الوالد الذي يترك ابنه يسب الجلالة -وليس الدين- الله أكبر- ويقوم بإزعاج الجيران ويتعاطون الحشيش والمسكرات، هل صحيح أن الملائكة تلعنه وحتى لو كان تقيا في الدنيا والآخرة، وإذا قالوا له رب أولادك فيقول لا أستيطع الأولاد لن يسمعوا كلامي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم سب الله تعالى فقد أجمع أهل العلم أنه كفر، وتراجع الفتوى رقم: 767، وتقدم حكم تناول المخدرات والمسكرات في الفتوى رقم: 1994، والفتوى رقم: 2750.
وأما بخصوص مسؤولية والد هذا الابن الذي يقوم بهذه الأمور، فلا شك أن الوالد مسؤول عن تربية أبنائه التربية الصالحة، وتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة، وإبعادهم عن مواطن الشر والفساد، وهذا واجب عليه بصفته وليهم، وبتقصيره فيه يأثم، لحديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...
فإذا بلغ الابن فلا ولاية للأب عليه إلا في حالة أن يكون مفسداً فللأب تأديبه حينئذ، قال الفقهاء: وتنتهي ولاية الأب على الغلام إذا بلغ وعقل واستغنى برأيه، إلا إذا لم يكن مأمونا على نفسه، بأن يكون مفسداً مخوفاً عليه، فللأب ولاية ضمه إليه لدفع فتنة أو عار، وتأديبه إذا وقع منه شيء. انتهى من الموسوعة.
فإذا كان الأب غير قادر على تأديبه ولا منعه من هذه التصرفات، فعليه أن ينكر عليه بحسب قدرته باليد إن استطاع، وإلا باللسان والقلب، وليس مسؤولاً أمام الله عن تصرفاته بعد أن يبذل الجهد في نصحه، لقول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، وأما بشأن هل الملائكة تلعنه وإن كان تقياً؟ فلا نعرف فيه شيئاً من نصوص الوحيين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/445)
عوامل حفظ الأبناء من الانحراف
تاريخ الفتوى : ... 27 جمادي الأولى 1426 / 04-07-2005
السؤال
أنا مسؤولة عن عيال أخواتي بعضهم مسافر وبعضهم متوفى والمشكلة أنني ألاحظ منهم بعض سلوكيات تشير إلى الانحراف رغم التربية والتوعية المستمرة، ومما يزيد مشكلتي هو أنه لا يوجد أي رجل في البيت يساعدنا على مرافقتهم في الخارج، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الأبناء من أهم الواجبات على المكلفين، والله سائل أولياء أمورهم هل حفظوا ما اؤتمنوا عليه أم ضيعوا؟ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم6}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
وإن أولى الناس برعاية هؤلاء الأبناء هم آباؤهم الأحياء، ولا ينبغي أن يمنعهم سفرهم عن القيام بما أوجبه الله تعالى عليهم من تربية أبنائهم إلا إذا اضطروا لذلك السفر وتعذر عليهم اصطحاب أبنائهم، إذ ما الفائدة في جمع المال مع تعريض دين الأبناء وأخلاقهم للخطر؟
وأما الأبناء الذين تقومين على رعايتهم، فعليك أولاً أن تعملي على تقوية إيمانهم بالله وربط قلوبهم به، وجعلهم يراقبونه في الخلوة والجلوة، فإن من علم يقيناً أن الله يراه ويسمع كلامه فسيستحي منه ويتقيه.
ثم عليك أن ترصدي تلك السلوكيات المنحرفة التي انتبهت لها وتناقشيها معهم وتخوفيهم بالله وتحذريهم من عواقبها.
وإذا كانوا صغاراً فامنعيهم عن أصدقاء السوء، ولا تسمحي لهم بالخروج من البيت إلا إلى جهة معلومة لديك، وراقبي صدقهم بقدر المستطاع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ولا تمكنيهم من استخدام وسائل قد تفسدهم مثل الفضائيات والهواتف الجوالة، ولا تعينيهم على الفساد أبداً بإعطائهم مالاً فوق ضرورتهم.
وحاولي أن توفري لهم صحبة صالحة، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، وإن الصاحب ساحب، واستعيني على ذلك بإمام المسجد أو مدير المركز الإسلامي القريب منكم، ولو رأيت أنك عاجزة عن القيام برعايتهم فأخبري آباءهم أو من هم أقدر على رعايتهم من أوليائهم قبل فوات الأوان، ولا تتركي الدعاء أبداً، فإن الله لا يعجزه شيء، وراجعي للأهمية كتاب: مسؤولية الأب المسلم. للشيخ عدنان حسن باحارث، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52681، 34320، 57690.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/446)
من وسائل تقويم الولد المنحرف
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الأولى 1426 / 25-06-2005
السؤال
أنا فتاة عمري 15 سنة أريد حلا لهذه المشكلة عندي أخت الآن سنها 19 سنة تدرس في الثانية من الثانوي منذ كان سنها 16 سنة وهي بدأت في المعاصي مثلا أحيانا لا تنام في المنزل دون علمنا، كان أبي وإخواني ينصحونها و ينهونها عن كل ما تفعله ولكن لم ينفع معها أي شيء اضطروا أن يضربوها مع أن أبي يخاف أن تمو ت في يد أحدهم ولكن حتى الضرب لم ينفع معها قط، نصحناها أكثر من 30 مرة ولكن لا فائدة ولا نتيجة بعد ذلك اقترح أخي الأكبر أن نحبسها في البيت وقمنا بإغلاق باب المنزل بالمفتاح لكن بعد يومين سرقت سلسلة ذهب من المنزل وقفزت من النافذة للطابق الثاني من المنزل وهربت هل إذا رجعت نحبسها في غرفة مع إعطائها الأكل والشرب؟
أفيدونا بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا أولاً لهذه الفتاة أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه المعاصي، ومن مخالفة والديها اللذين يجب عليها طاعتهما، ولتعلم أن ما تفعله سيكون وبالاً عليها في الدنيا والآخرة، وإن كانت تنقم من أهلها شيئاً أو تتضايق من شيء من تصرفات أهلها، فعليها أن تصارح أبويها بما تعانيه أو بما تحس به، وعلى والديها أن يحسنوا معاملتها، وأن يهتموا بها، ويلبوا مطالبها المشروعة.
وعلى هذه الفتاة أن تتقي الله في والديها اللذين أحسنا إليها وربياها صغيرة، وأن تطيعهما وتكف عن عصيانهما، وهل جزاء الإحسان إلى الإحسان.
ونذكر الآباء بمسؤوليتهم الكبيرة نحو أبنائهم، وما يجب عليهم من توجيه الأبناء وتربيتهم على الأخلاق والآداب الإسلامية وتجنيبهم كل ما يؤدي إلى سلوك هذه المسالك المنحرفة وربطهم بالمساجد وأهل الخير، وإبعاد كل الوسائل التي تشجعهم على هذا السلوك.
أما بشأن حبس الفتاة في غرفة، فنرى أن لا يلجأ إلى هذه الوسيلة إلا عند الضرورة القصوى، وعند استنفاد كل الوسائل الأخرى، وذلك أن الحبس ربما أدى إلى نتائج عكسية من حقد الفتاة وتمردها أكثر، وربما فعلت بنفسها مكروهاً لا سمح الله، والبديل هو أن لا يسمح لها بالخروج إلا مع العائلة أو أحد الأقارب، ونرى أن يبادر والدها إلى تزويجها متى تقدم لها الرجل المناسب، ولعل هذا يكون علاجاً لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/447)
وسائل إيضاح الأمور الدينية للأطفال
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1426 / 05-06-2005
السؤال
لى ابنة تبلغ من العمر 11 شهرا، فمتى أبدأ معها الحديث عن أن الله هو الذي خلقها وكل الأشياء الدينية، كما أريد أن أعرف كيف أشرح لها بطريقة دينية بسيطة تناسب عقلها كيف جاءت إلى الحياة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتبدئين الكلام مع ابنتك عن الأمور الدينية بمجرد أن تميز وتعقل، ولمعرفة وسائل إيضاح الأمور الدينية للأطفال، طالعي الكتب التالية:
1- مسؤولية الأب المسلم (مرحلة الطفولة) تأليف عدنان حسن با حارث.
2- منهج التربية النبوية للطفل.. تأليف محمد نور سويد.
3- منهج التربية الإسلامية (النظرية والتطبيق) تأليف محمد قطب.
واستمعي لمحاضرة بعنوان (آباء يربون) للدكتور عبد الكريم بكار، وكذلك مجموعة أشرطة بعنوان (نحو محو الأمية التربوية) للشيخ محمد إسماعيل المقدم وتجدينها على موقع طريق الإسلام www.islamway.com
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57690، 21752، 17078 وكذلك الفتاوى والاستشارات المتفرعة عنها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/448)
معنى التفرقة بين الأولاد في المضاجع
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الثاني 1426 / 12-05-2005
السؤال
هل المقصود من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفرقة بين الأبناء في المضاجع عند بلوغهم العاشرة التفرقة بين البنات والأولاد أو التفرقة بين الولد والولد وبين البنت والبنت.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من محاسن الإسلام الجليلة حرصه على العفة والطهارة وغرس ذلك في الناشئة من أتباعه، ومن ذلك أمره بالتفرقة بين الأولاد في المضاجع، أخرج أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. والعلة من التفريق نص عليها صاحب عون المعبود عند شرحه لهذا الحديث نقلا عن المناوي حيث قال: فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشرا حذرا من غوائل الشهوة وإن كن أخوات. اهـ.
وهذا التفريق شامل للجنسين معا، وأدنى مراتبه أن يحال بينهم باللباس، قال صاحب مواهب الجليل: معنى التفرقة في المضاجع قال المواق: قال اللخمي: أن يجعل لكل واحد منهم فراش على حدته. وقيل: أن يجعل بينهم ثوب حائل ولو كان على فراش واحد ـ ثم نقل عن ابن حبيب قوله: وأرى أن يفرق بينهما جملة وسواء كانوا ذكورا، أوإناثا، أو ذكورا وإناثا. اهـ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/449)
الفتوى : ... الأب مكلف شرعا بتربية عياله على الدين والفضيلة
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1426 / 27-02-2005
السؤال
لدينا شخص في العائلة متدين وحج.... ولكن بناته غير محجبات ويتبرجن يخرجن إلى
الأسواق ويقطعن الصلاة ويسمعن الأغاني.. ألخ، وقلت قبل أمس لقريبي أنه ليس مؤمنا 100% ولديه أخطاء كثيرة وهي أن هناك حديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وهو لم يحجب بناته ولا يجبرهن على الصلاة ويتركهن يفعلن ما يريدن (من الناحية الدينية)، فجأة انقلبت علي كل العائلة كأني شيطان أو كأني كفرت وقالوا إن الحجاب ليس من أركان الإسلام وإنه في زماننا هذا لا يستطيع الرجل أن يسيطر على بيته مثل ذاك الوقت فقلت لهم إن الذي لا يستطيع أن يسيطر على بيته ليس برجل، فهل أنا على صواب أم على خطأ، وهل آخذ إثما لأنهن من عرضي باعتبار أن أباهن موافق على بقائهن هكذا..... وهل أبوهم على صواب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التناصح بين المسلمين وتواصيهم بالحق والصبر من آكد الواجبات الشرعية، ولكنه يتعين أن يكون ذلك بحكمة ورفق وعدم تعنيف على من ليس تحت سلطتك، فقد قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125}، وقال لموسى وهارون في شأن فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:44}.
ولا شك أن الأب مكلف شرعا بتربية عياله على الدين والفضيلة وأنه مسؤول عنهم، ولكن الأولى في خطابك له أن تحرص على ما يزيد إيمانه ويرغبه في قيامه بمسؤوليته تجاه عياله.
وأما حكمك بنقص إيمانه فليس مما يزيد إيمانه بل يثير غضبه وتحصل ردة الفعل باتهام الأسرة بالكفر، وقد يكونون على علم بتكفير من كفر المسلم فظنوا أنك كفرته فأصبحت كافراً بسبب ذلك، ففي الحديث: أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما.
ثم إن الحجاب ليس من أركان الإسلام المبينة في حديث الصحيحين: بني الإسلام على خمس.... ولكنه من آكد الواجبات المتحتمة على النساء، فعليك أن تحرص على رأب الصدع بينكم، وبين لهم بحكمة أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه يسوغ شرعاً وصف غير المستقيم 100% بنقص إيمانه، كما في حديث الصحيحين: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..
وأنك لم ترد تكفيره وإنما أردت تنبيهه على الخطر المحدق به، ثم بين له بحكمة ما يجب عليه في الموضوع، وراجع في ذلك وفي ترك الحجاب لمجاراة العصر، وفي زيد الإيمان ونقصه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9044، 53230، 11344، 41016، 37729، 22101.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــ(104/450)
جواز تقبيل الأطفال مودة وشفقة
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1425 / 10-01-2005
السؤال
طفلتي تبلغ من العمر 6 أشهر فهل لو قبلت يديها وأرجلها حرام؟
أرجو الرد بسند.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك، فإن الأصل هو جواز تقبيل الأطفال مودة وشفقة ورحمة، وتقبيل الأطفال ثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نص بعض الفقهاء على استحبابه، ودليل استحبابه ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من لا يرحم لا يرحم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/451)
هل يلقن الولد الشهادتين عند البلوغ
تاريخ الفتوى : ... 05 شوال 1425 / 18-11-2004
السؤال
(1) إذا ولد المولود مسلما لأبوين مسلمين هل على الأبوين أن يقولا له الشهادتين عندما يبلغ؟
الفتوى
فالولد تابع للمسلم من أبويه، فإن كانا مسلمين أو أحدهما حكم بإسلامه، ولا يحتاج إلى أمره بالشهادة عند البلوغ، وإن كانا كافرين احتيج إلى ذلك.
قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: كل مولود يولد متهيئا للإسلام، فمن كان أبواه أو أحدهما مسلماً استمر على الإسلام في أحكام الآخرة، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما من أحكام الدنيا. هـ
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/452)
الطفل في صغره يحتاج إلى الحب والشفقة
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1425 / 19-08-2004
السؤال
أنا متزوج منذ أكثر من 10 سنوات لي طفلة واحدة عمرها الآن 8 سنوات، زوجتي كانت تعامل ابنتنا بطريقة لا أتحملها فكانت تضربها وعمرها لا يزال أشهراً واستمرت بذلك رغم رفضي وإرشادي إلى أن أتى يوم كان فيه عمر ابنتنا السنتين، قامت زوجتي بسحب ابنتنا من يدها بشدة لأنها فعلت خطأ، مما اضطرنا للذهاب إلى المستشفى وعمل الأشعة وظلت الطفلة لمدة أسبوعين لا تستخدم يدها من الألم الوالدة كفت عن الضرب بعد هذه الحادثة إلا أنها لا تتوانى في تعنيف الطفلة يومياً لأتفه الأسباب وبالصوت العالي والتهديد والوعيد، وهي لا ترى ما تفعله خطأ بل تقول هكذا تفعل كل الأمهات، ومن النادر أن أرى زوجتي تقبل ابنتي بل من الصعوبة أن تشتركا في أي نشاط والسبب هو رفض زوجتي أن تلاعب الطفلة أو أن تسايرها في عمرها، زوجتي الآن تريد طفلاً وأنا حائر بين الشرع الذي حسب ما لدي من معلومات لا يؤيدني في رفض طلبها، وبين إحساسي بل ويقيني أن طفلنا لن يكون سعيداً بسبب ما سيتحمله من والدته من قسوة وسوء معاملة، بالإضافة إلى الأيام العصيبة التي ستمر علي طيلة السنين القادمة حيث ستتكرر نفس الحياة القاسية التي مررت بها عند تربية طفلتي الأولى، خاصة وأن طبيعة عملي لا تترك لي وقتا كافيا لأعوض أولادي عن الحنان والرعاية المفقودة في البيت، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الشرع تأديب الطفل الذي في سن يعي فيها الغرض من التأديب، ومن تأديبه أن يضرب إذا لم يفد فيه غير الضرب، واستدل القائلون بهذا بحديث: مرو أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود. وراجع في كيفية الضرب وضوابطه الفتوى رقم: 14123.
وعليه، فقد أخطأت هذه الأم في ضرب ابنتها في سن لا تعي فيها أي شيء، وفي الشدة عليها والغلظة، وفي مجافاتها وعدم ملاعبتها وحرمانها من العطف والحنان، فإن الطفل في صغره يحتاج إلى الحب والشفقة، وأن يلاعب ويدرب على الأخلاق الفاضلة والحرف النافعة، ويؤخذ بالفضائل ويبتعد عن الرذائل، وكل ذلك في جو من المرح والسكينة، بعيداً عن التدليل والإهمال والشدة والعنف.
ومع هذا، فإن للأم الحق في الإنجاب وفي استكمال لذتها من الجماع، فلا تفكر في قطع ذلك عنها، فقد يطرأ لها من الرشد والتجربة ما يجعلها تحسن تربية أولادها في المستقبل، وعليك بنصحها وتبيين الطرق الصحيحة للتربية لها، ولا بأس بأن توفر لها الكتيبات والصحف التي تتحدث في هذا المجال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/453)
علاج الكذب عند الأبناء
تاريخ الفتوى : ... 27 جمادي الثانية 1425 / 14-08-2004
السؤال
أنا أم لفتاة عمرها 15 سنة، فعلت خطأ فظيعاً وضايقتني بالفعل، وهي تعلم أنني أحبها للغاية وأعطف عليها جداً، ولكنني في هذه المرة لم أستطع أن أسامحها وبخاصة أنها تصرّ على الكذب دائماً وتدعي أنها تقول الحقيقة، ثم تعترف بعد ذلك أنها كانت تكذب، لقد قلت لها في لحظة انفعال ذات مرة (أدعو الله أن يأخذك) إذ لم أتحمل ما فعلته وقتها ولا ما قالته لأن ذلك يؤثر على كل الأسرة، لقد ندمت على ذلك ولكن لا أدري ما أفعل، إنني أدعو الله عادة أن يحميها وأن يقيها شر كل سوء، فماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أوجب الله على الوالدين مسؤولية تجاه أبنائهم بتنشئتهم على الإيمان والتقوى والأخلاق الفاضلة والصدق وتجنب الكذب، فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}،
وأمرنا بالصبر عليهم والمجاهدة فيهم، فقال سبحانه: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132}، وينبغي أن لا يهمل جانب القدوة الحسنة، وجانب الدعاء الذي يهمله الكثير من الناس، وكذلك الأعمال الصالحة، فإنها تحفظ الأبناء.
قال ابن سيرين: أي بني، إني أطيل في الصلاة رجاء أن أحفظ فيك، وتلا قوله تعالى: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا.
واعلمي –رحمك الله- أن علاج الكذب بالقسوة أو التعنيف لا يفيد في هذا السن، فيجب معرفة دوافع الكذب والتغلب عليها، وزجر الأبناء بنصوص الشرع الواردة في ذم الكذب، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار.
وأنه من خصال المنافقين، وترغيبهم في الصدق، وأنه أساس الحسنات وجماعها، قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإنه يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة.
قال ابن القيم: الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر. انتهى.
وننصحك بالابتعاد عن الدعاء على ابنتك، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه مسلم.
وعليك بالدعاء لها بالصلاح والثبات بدل الدعاء عليها، وكان الأولى العفو عنها عند زلتها وعدم مؤاخذتها بها، قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}، وذلك مع توجيهها ونصحها كما قدمنا، وأما وقد دعوت عليها في حالة غضب، فنرجو ألا يلحقك بذلك إثم ولا يلحقها ضرر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/454)
مسائل أسرية وتربوية
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1425 / 26-07-2004
السؤال
أرجو من فضيلتكم التكرم بأن ترسلو رسالة خاصه لزوجي لأنه:
* يصرخ على الأولاد حتى ولو كان مجرد كلام فلا يتكلم إلا بالصراخ.
* لا يعدل بين الأولاد ...يفضل الصغير على الكبير مما نتج عنه الوجه الحزين للكبير.
* لا يتكلم كلام حلو فهو جاف نوعا ما.
* لا يتجمل لي حتى أحب معاشرته.
* يضرب الأولاد بأي سبب كان.
* يتدخل في أموري الخاصة بحجة أنه المسؤول عني ولا يخاف أنه هو السبب إذا ضعت عن جادة الصواب بسبب إهماله وتصرفاته هذه.
* لا يحبني أن أسمي الأولاد سبحان الله أتعب هذا التعب كله وفي الأخير هو يسمي علماً بأنني أموت في اسم لينة ونهى إذا أنجبت بنتا ولكنه غير راض ويقول لي ليس لك ذلك يريد تسميتها عائشة حتى تطلع مثل عائشة عليها السلام (أرأيتم العقلية كيف)!!
* لا يعاشرني بالمعروف ككل الأزواج كخروج إلى الحدائق أو الذهاب إلى أي مكان فأنا بصراحة كرهت الروتين
* أخاف على عيالي لا يطلعون مثله.
* يتهمني دائما بسلاطة اللسان .. علماً بأنني ولا شيء أمام زوجات إخوانه (الذين هم كخاتم في أصابع زوجاتهم) وفوق ذلك هم يمدحون زوجاتهم
* أهله وخالاته يتدخلون في حياتنا فيطلعون عيوباً فيّ أمام زوجي وهو لا يدافع عني لأنه يخاف من المشاكل تخيلوا بالله المأساة التي أعيشها معاهم
* علماً أنه ملتزم والحمد لله ولديه مميزات ولكنني أريد حلا لتصرفاته التي ذكرتها آنفاً..... وجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة هي مسؤولية الأبوين معاً وخاصة الأب باعتباره المسؤول الأول في الأسرة، ومن هنا فإنه لا بد أن يكون المربي على قدر كبير من الحكمة، بحيث يعرف كيف يغرس في الأولاد مبادئ الإسلام العظيمة ويربيهم على التخلق بالأخلاق الحميدة، ولا يتم هذا إلا باتخاذ المربي كل الطرق المشروعة وينوعها، فتارة يكون ذلك بالكلمة الطيبة، وتارة باستغلال المناسبات وهكذا، أما الضرب والتوبيخ فلا يلجأ إليهما إلا في نهاية الأمر عندما تفشل كل الطرق الأخرى، وانظري الفتوى رقم: 14123، والفتوى رقم: 24777.
ولا شك أن مما يؤثر على تربية الأبناء سلبا هو التفريق بينهم في المعاملة بما في ذلك تخصيص بعضهم بالعطايا د ون البعض، ولهذا ورد النهي عن ذلك في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه قال: نحلني أبي نحلاً، ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال أَكُلَّ ولدك أعطيته هذا؟ قال: لا، قال: أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا؟ قال: بلى، قال: فإني لا أشهد. وفي رواية لأحمد: فإني لا أشهد على جور. وراجعي الفتوى رقم: 19505، والفتوى رقم: 6242.
ومن الأمور التي لها علاقة بالتربية اختيار الاسم الطيب للولد أو البنت كعبد الله وعبد الرحمن ومحمد وأحمد وعائشة وفاطمة ونحو ذلك، وأولى بالأبوين باختيار الأسماء هو الأب، قال ابن القيم في تحفة المولود: التسمية حق للأب لا للأم إذا تنازعا في تسمية الولد، والأحاديث تدل على هذا. انتهى، ومع ذلك فينبغي التشاور بين الأبوين، وأن لا يتعسف الأب في ممارسة هذا الحق وانتزاعه من الأم، فهي لها حق وإن كان حق الأب مقدماً عن التنازع.
أما بخصوص المعاشرة بالمعروف فهي حق ثابت لكل من الزوجين على الآخر وقد مضى الكلام فيه في الفتوى رقم: 9560، والفتوى رقم: 15669.
وعلى كلٍ؛ فإننا ننصح بأتخاذ أسلوب الحوار والتفاهم بما يضمن بقاء الود ويجنب الطرفين الخصام والخلاف، وهذا يستدعي من الزوجين احترام بعضهما بعضا بعيدا عن التشدد في الرأي، ولا شك أن المرأة العاقلة الفطنة هي التي تحاول التقرب من زوجها وإشراكه في أمور حياتها فلا ترى لنفسها خصوصية دونه، وهذا مما يزيدها عند الله قدراً وعند زوجها مكانة، كما أن أحسن الرجال وأفضلهم هو ذلك الذي يعامل أهله بالحنان والتسامح والرفق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
ومما يدخل في هذا الترفيه عن الزوجة والأولاد بالطرق المشروعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعب الحسن والحسين؛ بل يداعب أطفال أصحابه، ففي الصحيحين من حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه فطيم، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير كان يلعب به. قال الحافظ ابن حجر فيه: جواز الممازحة وتكرير المزح وأنها إباحة سنة لا رخصة.
وإذا كان هذا في حق الغير فمن باب أولى أولاد المرء نفسه؛ بل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عدم تقبيل الأولاد نوعاً من انتزاع الرحمة من قبل الإنسان، روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتقبلون الصبيان!! فما نقبلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك.
وفي شأن ملاعبة الزوجة والترفيه عنها تقول عائشة رضي الله عنها: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا رهقني اللحم سابقني فسبقني، فقال: هذه بتلك. رواه أحمد في المسند وصححه الأرناؤوط.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد، وقالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية، فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/455)
المدرسة ومجالس العلم مكان عام بالنسبة للطلاب
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الأولى 1425 / 28-06-2004
السؤال
أنا معلم وفي أحيان كثيرة يتأخر بعض الأولاد في الحضور إلى المدرسة فيظن زملاؤهم أنهم غائبون هذا اليوم فيقوم طالب بالجلوس مكان زميله الغائب وخصوصاً إذا كان زميله يجلس في مكان متقدم في الصف وفي بعض الأحيان يحضر هذا الطالب المتأخر في منتصف الحصة الأولى مثلاً ويطالب زميله الذي جلس مكانه أن يقوم ليجلس هو في مكانه المعتاد فأنا عندها آمره بالجلوس في أي مكان فارغ حتى نهاية الحصة وأستدل بشيئين أولهما معاقبة المتأخر بأن لا يجلس في مكانه هذه الحصة، وثانياً بحديث "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه" متفق عليه من حديث ابن عمر، فهل ما أفعله صواب أم خطأ حتى يتسنى الرجوع إلى الحق؟ وجزاكم الله خيراً، ونفعنا وإياكم بالعلم النافع والعمل به.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلت هو الصواب –إن شاء الله تعالى- لأن منع الطالب مما يرغب من مكان أو غيره فيه تأديب وتعزير له على تأخيره، وعدم التزامه بالوقت، وخاصة إذا كان هذا المنع أمام زملائه، فيحمله ذلك على الالتزام دون اتخاذ الوسائل الأخرى من التأديب والتوبيخ.
وزيادة على ذلك، فهو يقلل من اضطراب الفصل عند دخول شخص جديد بعد استقرار كل طالب في مكانه، ومن آداب مجالس العلم أن يجلس الطالب حيث ينتهي به المجلس ولا يقيم غيره أو يضايقه.
وهو ما دل عليه الحديث الذي أشرت إليه وفيه: ولكن تفسحوا وتوسعوا وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه.
فينبغي للمعلم أن يعود طلبته على الآداب الشرعية عملياً حتى لا تبقى المعلومات التي يتلقونها مجرد نظريات لا يطبقونها في واقع حياتهم، وحتى يعلموا أن المدرسة ومجالس العلم مكان عام بالنسبة للطلاب يستوون فيه، وأن من تعود على الجلوس في مكان لا يجعله ذلك ملكاً خاصاً به، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18842.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/456)
قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام.. رؤية أدبية شرعية
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الأولى 1425 / 23-06-2004
السؤال
ما عقوبة الأب الذي يقول لأولاده أنهم أولاد الحرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يعود لسانه على القول الطيب، لقول الحق سبحانه وتعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. متفق عليه.
وخاصة إذا كان المتكلم أباً، لأن الأبناء في الغالب ينظرون إلى آبائهم على أنهم المثل الحسن من حيث القدوة والاتباع مما يحتم عليهم الحرص على الالتزام بالشرع والأخلاق الحميدة، والبعد عن الألفاظ البذيئة والمشينة حتى لا يتربى أبناؤهم على ما لا ينبغي قوله أو فعله، فيتسببوا في انحراف أبنائهم عن الدين والخلق الرفيع، فيكونوا بذلك قد فرطوا في المسؤولية التي أوكل الله إليهم في تربية أبنائهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
ولا شك أن من الألفاظ القبيحة المحرمة قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام، وذلك أن هذا اللفظ كناية، فإن قصد صاحبه القذف كان قذفاً، ولا يخفى ما في القذف من التحريم، وإن قصد به الشتم والسب فقط لا يعتبر قذفاً لأن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية.
قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حُلِّفَ أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حد، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد. كما لو قال له: يا ندل، فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/457)
الفتوى : ... أهم مظاهر عطف الآباء على أبنائهم
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الأول 1425 / 18-05-2004
السؤال
ما حكم الشرع في احترام الأبناء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد احترام الأبناء للآباء، فإن كان الأمر كذلك فإن احترام الأبناء للآباء فريضة فرضها الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي مما علم من الدين بالضرورة،
قال الله تعالى: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً] (الإسراء:24)
وأما إذا كان القصد احترام الآباء للأبناء: فإن الله سبحانه وتعالى جبل الآباء على العطف والحب لأولادهم بما يستوجب المودة والاحترام لهم، وربما أعطوهم فوق حقهم ورفعوهم فوق منزلتهم، ولهذا لا نجد القرآن الكريم يوصي الآباء على الأبناء كما أوصى الأبناء على الآباء.
وأهم مظاهر احترام الآباء لأبنائهم وأنفعها لهم في الدنيا والآخرة أن يحسنوا تربيتهم ويعلموهم مبادئ دينهم ويعودوهم على طاعة الله تعالى، وعمل كل خير، كما قال صلى الله عليه وسلم: مروا أبناء كم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود
ومن حسن معاملتهم واحترامهم العدل بينهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقو الله واعدلوا بين أبنائكم. متفق عليه
أما أن يطلقوا لهم العنان ويهملوا تربيتهم ويوفروا لهم ما يشتهون ثم بعد ذلك يسقطون فريسة الأهواء والشهوات فهذا ليس من الاحترام، وإنما هو تضيع للأمانة.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/458)
يجب على الأهل حصانة الأولاد وصيانتهم من الفساد
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الأول 1425 / 29-04-2004
السؤال
لدي أخت في ال23 من العمر. في غايه العقوق لوالديها. لا تسمع لهم كلام ولا تكن لهم أي احترام. لقد وصلت ِِبها الوقاحه إلى سب أمها. نحن نعيش في بلد أجنبي وقد استنفذوا كل السبل لمحاولة تربيتها وإصلاحها لكن بدون جدوى. يسألونكم ما حكم طرد ابنتهم من المنزل أو هل يوجد حد إسلامي لهذه المشكلة؟
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي هذه البنت لبر أمها، ولانتهاج الطريق المستقيم، واعلم أن طردها وهي على الصفة التي بينت لا يجوز، لأنه لا شك سيؤدي بها إلى ارتكاب المخالفات الشنيعة وإلى الشذوذ بكافة أنواعه، وهي تستحق على أهلها الحصانة والصيانة من الفساد، ولا بد أن تبقى في رعايتهم محمية من كل سوء حتى تتزوج ويدخل بها الزوج، ففي المدونة: والجارية حتى متى تكون الأم أولى بها إذا فارقها زوجها أو مات عنها؟ قال: قال مالك: حتى تبلغ النكاح ويخاف عليها، فإذا بلغت النكاح وخيف عليها نظر، فإن كانت أمها في حرز ومنعة وتحصين كانت أحق بها
أبدا حتى تنكح، وإن بلغت ابنتها ثلاثين سنة أو أربعين سنة ما كانت بكرا فأمها أحق بها ما لم تنكح الأم أو يخف عليها في موضعها، فإن خيف على البنت في موضع الأم ولم تكن الأم في تحصين ولا منعة أو تكون الأم لعلها ليست بمرضية في حالها ضم الجارية أبوها أو أولياؤها إذا كان في الموضع التي تصير إليه كفالة وحرز...
وإذا كان أهل العلم قد اختلفوا في السن التي تبقى فيها الجارية في حضانة أمها، فإنهم لم يختلفوا في أنها لا تكون حيث يخشى عليها الفساد، فالصواب أن لا تملوا من موعظة هذه البنت ومحاولة إصلاحها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/459)
من طرق نصح الابن الكبير
تاريخ الفتوى : ... 29 محرم 1425 / 21-03-2004
السؤال
أب نصح ابنه البالغ من العمر 26 عاماً بترك بعض المنكرات (الصغائر) وكرر هذا الطلب مرات ولكنه لم يستجب، هل يعتبر أنه قد أدى ما عليه أمام الله أم سوف يحاسبه الله على أفعال هذا الولد، مع العلم بأنه يربيه على ما يرضي الله منذ صغره؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تربية الأولاد مهمة عظيمة ومسؤولية جسيمة تحتاج إلى كثير من العلم والحكمة، والتروي وعدم العجلة، واتخاذ أحسن الأساليب التي تعين في الوصول إلى هذا الهدف السامي، ولا شك أن قيام الأب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قيام بواجب يثاب عليه، ويرفع عنه الإثم والحرج من هذه الجهة، ولكن ينبغي أن لا يقف عند هذا الحد، بل عليه مداراة ابنه في مثل هذه السن، وأن يظهر له من التودد والتطلف وحسن المعاملة ما يستطيع به أن يقوده إلى بر الأمان وإلى سبيل الهداية، وفي المقابل أن يبتعد عن أسلوب العنف والتجريح والإحراج.
ثم إنه ينبغي أن لا ينسى أن دعوة الوالد لولده مستجابة، روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
وننبه إلى أن على الوالد أن لا يفوت الفرصة الطيبة التي تثمر ثماراً طيبة ألا وهي مرحلة الصغر، في النصح والتوجيه، بل وقبل ذلك تنبغي محاولة إصلاح الأم حتى تكون عوناً للأب في هذا الأمر فهي الألصق بالأولاد الصغار، وأكثر وجوداً معهم في البيت، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 34320، والفتوى رقم: 18336.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/460)
آداب تأديب الأولاد وزجرهم
تاريخ الفتوى : ... 01 محرم 1425 / 22-02-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لدي أبناء صغار، وأحياناً كثيرة، أنهرهم وأصرخ عليهم إذا أخطأوا وطبعاً يرتفع صوتي ويكون هذا في بيتي، فهل حرام علي هذا، يعني إن سمع أحد صوتي، وهل حرام علي أن أرفع صوتي على أبنائي وزوجي في البيت وهو لا يحب أن ينهرهم لأن هذه هي وظيفتي، أناً أقصد طبعاً تربية الأبناء، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة في نهر ولدها عند الخطأ وزجره عنه، ويكون ذلك بحكمة مما يجعل الولد يحس بأن أمه ما رفعت صوتها عليه إلا لوقوع خطأ منه، لأن كثيراً من الأمهات تنهر ولدها وتردعه عن كل شيء، مما يجعل هذا النهر ورفع الصوت عنده من قبل أمه أمراً طبيعياً عادياً، وفي هذه الحالة لو سمعها رجل أجنبي فلا شيء عليها، لأنها نهيت عن الخضوع بالقول للأجنبي كما قال تعالى: لا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً(الأحزاب: من الآية32).
وننبه المرأة إلى أن المسلم في الأصل لا يرفع صوته لأن رفع الصوت أمر مستنكر ومزعج، فإذا كان زوجها ينزعج ويتأذى بذلك فلا تفعل ذلك بحضرته، ولتستعمل أسلوباً آخر للتأديب في هذه الحالة، كما ننبه الأخت الفاضلة وزوجها الكريم إلى أن تربية الأولاد مسؤوليتهما معاً وليست من وظيفة المرأة فقط، فهي راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والزوج راع في بيته ومسؤول عن رعيته، وفق الله الجميع لما في صلاح الدين والدنيا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/461)
حول تربية الأطفال وحضانتهم
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1424 / 10-02-2004
السؤال
انا سيده توفي زوجي قبل مدة قصيرة وأخشى من المجتمع من حولي أن يحولوا بيني وبين تربية أطفالي أرشدوني إلى طريقي جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعظم لك الأجر وأن يخلف عليك بخير وأن يصلح لك ذريتك، ولا نعلم كيف يحول المجتمع بينك وبين تربية أطفالك إلا إن كنت تقصدين فساد المجتمع، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في تربية الأولاد، فراجعي مثلاً الفتاوى التالية: 13767/16372/16834/17078/13607/39384.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/462)
الفتوى : ... قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1424 / 31-12-2003
السؤال
لي ولد في الثانية عشرة من عمره دخلت عليه ذات يوم فإذا هو يلوط بابن خالته فهل عليه شيء ؟؟ علما بأنه لم يبلغ بعد ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى في حكم الصغير إذا ارتكب كبيرة من الكبائر توجب حدا، فراجع منها الفتوى رقم: 12330، والفتوى رقم: 37005.
ونزيد هنا فنقول: إن الأبناء أمانة في عنق الآباء، فالواجب على الأب أن يحرص على تنشئة أبنائه تنشئة صحيحة، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6].
ولقوله صلى الله عليه وسلم: والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري.
فينبغي عليك أن تبحث عن الأسباب التي أدت بولدك لفعل هذا المنكر وطرق علاجها، فإنك مسؤول أمام الله عز وجل عن أبنائك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/463)
هل نلبي جميع رغبات الطفل؟
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو القعدة 1424 / 30-12-2003
السؤال
أعارض زوجتي في شراء مانيكير (طلاء أظافر) لطفلتناالبالغة من العمر عامين ونصف عام، فما الحيلة ونحن في زمن عزت فيه التربية السلوكية السليمة للبنين والبنات مع مستحدثات العصر، فهل نلبي لكل طفل رغباته ونقول حتى لا يكون عنده كبت حين يكبر، أفتونا مأجورين ورجاء توجيه رسالة للأمهات اللاتي يعتقدن أنهن أعلم بفنون التربية السليمة وجزاكم الله خيرا ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت معارضتك لزوجتك في شراء الطلاء المذكور لطفلتكم الصغيرة هو لكونك تعتقده محرما، ولا تريد أن تنشئ بنتك على ما ينافي الشرع، فلا شك أن معارضتك هذه تبنى على توجه حسن.
لكنا نخبرك أن هذا الطلاء إذا كان خاليا من ضرر يجلبه لمستعمله وليس معدا من مواد نجسة، فلا مانع من استعماله، وقد مضت لنا فتاوى في ذلك، فراجع منها الفتوى رقم: 664
وعما إذا كان ينبغي أن نلبي لكل طفل رغباته، فهذا أمر في غاية الإجمال، والصحيح عند أهل التربية أن الطفل ينبغي أن يساق إلى مصلحته من حيث لا يشعر أنه مكبوت، فنربيه على العقيدة الإسلامية والأخلاق الفاضلة والمثل العليا، ونهتم به بدنيا وروحيا، فننمي عواطفه وأحاسيسه، ونسعى لشحذ عبقريته وفتح قابلياته، ونراعي صحته.
والأم مسؤوليتها في كل هذا كبيرة جدا، فيلزم أن يمتلئ قلبها أولاً بالإيمان، ثم أن تتقي الله فيما أودعت من إعداد لأجيال المستقبل.
ثم تحذر هذه الفتن التي ماجت وراجت في أسواق المسلمين.
فهي كما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتهاأعددت شعبا طيب الأعراق
والأم نبت إن تعاهده الحيابالري أورق أيما إيراق
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/464)
حتى لا تقع الفاحشة بين الإخوة والأخوات
تاريخ الفتوى : ... 19 شعبان 1424 / 16-10-2003
السؤال
من داعب أخته مداعبة الزنا وهو في سن 14 سنة وهي في العشر سنوات دون حصول أي نوع من الوطء، ما حكم الشرع فيه خصوصا أن الاثنين كانا لا يدركان الأمر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل حرم الزنا وحرم ما يوصل إليه فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، وقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].
ويزداد الإثم جرماً والأمر خطورة إذا كان الزنا أو مقدماته مع إحدى المحارم، فالواجب على هذين التوبة إلى الله عز وجل من هذا الفعل القبيح الذي يدل على انتكاس الفطرة، إن كانا قد بلغا، ولا إثم عليهما إذا كانا في ذلك الوقت لم يبلغا.
ويجب على الوالدين أن يفرقا بين الإخوة والإخوات في المضاجع، إذا بلغوا سن العاشرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود.
وعلى الوالدين أيضاً أن يبعدا أبناءهما عن كل ما يفسد أخلاقهم ويقلب فطرتهم، لا سيما في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الرذيلة والفساد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/465)
كيفية تقوية الشخصية والثقة بالنفس
تاريخ الفتوى : ... 02 شعبان 1424 / 29-09-2003
السؤال
أنا إنسان أعاني من ضعف في الشخصية، وأنا أعمل مدرسا وتلاميذي يسخرون مني، وعندما أغضب عليهم يقولون عني إني سريع الغضب، فماذا أفعل كي أكون مدرسا محترما من قبل التلاميذ وذا شخصية مؤثرة وقوية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فخير ما يعين على علاج ضعف الشخصية هو تقوية الإيمان والثقة بالله، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة، ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر. وقد بينا بعض الوسائل التي تساعد المعلم على القيام بوظيفته خير قيام في الفتوى رقم: 26405. ويوجد في قسم استشارات الشبكة كثير من النصائح النافعة في كيفية تقوية الشخصية وتقوية الثقة بالنفس، تجدها في الاستشارة رقم : 2836، والاستشارات المحال عليها. وننصحك بالكتابة إليهم فهم أكثر اختصاصاً بحالتك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/466)
ضرب الأطفال حكمه وضوابطه
تاريخ الفتوى : ... 12 رجب 1424 / 09-09-2003
السؤال
هل يجوز عقاب الأطفال في سن مبكرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان المقصود بالسؤال: العقاب بالضرب فهو جائز في الجملة، إذا كان الطفل مميزا، وكان الضرب غير مبرح وبقدر الحاجة. وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14123، 18842، 24777، 33524. وإذا كان المقصود العقاب بالتهديد والتأنيب ونحو ذلك، فهو مشروع ما دام الطفل مميزا، ولم يخرج عن الحد المشروع. ومن أمثلة الخروج عن الحد المشروع تهديد الطفل بالقتل أو الحرق أو الذبح، ونحو ذلك مما يتضرر به الطفل ضرراً بالغاً وينعكس على شخصيته في المستقبل، وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16372، 34342، 30322. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/467)
الفتوى : ... لا يمكن أن يستوعب معاني صفات الله تعالى
تاريخ الفتوى : ... 06 رجب 1424 / 03-09-2003
السؤال
طفلي 4 سنوات عند تحفيظه سورة الفيل سأل والدته عمن هم أصحاب الفيل، فأجابت، ثم عن الطير الأبابيل، ثم لماذا يترك الله بيته حتى يتم هدمه، ولماذا لا يجلس فيه ليدافع عنه، وأخيراً ماذا يلبس الله من ملابس (سبحان الله)، ماذا نقول له، أعينونا؟ يجزيكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن طفلاً بهذا المستوى من العمر لا يمكن أن يستوعب معاني صفات الله تعالى، وعليه فيكتفى بصرف نظره إلى العموميات، وأن الله تعالى لا يمكن قياسه بخلقه، لأنه ليس كمثله شيء، فلا يتصور له لباس، ولا يمكن جلوسه في بيت، لأنه أكبر من كل شيء ومحيط بكل شيء وقادر على كل شيء، وأمره نافذ إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون، وهو قادر على إماتة سائر المخلوقات في لحظة وإحيائهم في لحظة، ثم نحاول كفه وصرفه عن مثل هذه الأسئلة، بتزويده بمعلومات مبسطة عن قصص الأنبياء وحياة الصحابة، ونحو ذلك مما لا يتعذر عليه فهمه. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/468)
دور الشاب في الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1424 / 07-08-2003
السؤال
ما هو دور الشاب في الإسلام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل فرد من المسلمين له دور يجب عليه أن يقوم به شابًّا كان أو شيخًا، رجلاً كان أو امرأة، غنيًّا كان أو فقيرًا؛ وذلك لأن الإسلام يحث على العمل ويدعو إليه. قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[التوبة:105]. وقال صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل مُيسَّر لما خُلق له... رواه البخاري وغيره.
لكن الإسلام قد أحاط الشباب بمزيد عناية لما لهم من تأثير في الحياة؛ إذ هم أداة الإنتاج، وحماة الأمة، وحُمَّال العلم، وجذوة نشاط الأمم. ومن أهم الجوانب التي اهتم الإسلام برعاية الشباب فيها:
1- حمايتهم من الآفات، ليحفظ عليهم دينهم، وينمي فيهم الولاء لله ولدينه، ولذلك أمرهم بغض البصر وحفظ الفرج، وحثهم على الزواج لأجل ذلك.
2- ترغيبهم في الفضائل ومحاسن الأخلاق، وبيان فضيلة ذلك وأثره، ففي الحديث: "إن اللّه يحب معالي الأخلاق ويكره سَفْسَافها. رواه البيهقي وصححه الألباني.
ولكي يتأهل الشباب للقيام بدوره المنوط به يجب عليه أن يسعى لاستكمال آلة العلم النافع، وأن يشفع ذلك بالعمل الصادق الخالص، وألا يتوانى في سبيل خدمة دينه ومجتمعه، وأن يحذر من الانحراف في تيارات الفتن والأهواء التي تقودها كثير من وسائل الإعلام المختلفة في كثير من البلاد، بإيعاز من أهل الشر والفساد، الذين قال الله عنهم: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً[النساء:27].
فالشباب الذين يريدون نفع أمتهم هم الذين يتأسون بالذين قال الله عنهم: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ[الأنعام:52]، وقال عنهم: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ[النور:36، 37].
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها:11465، 17670، 16541، 23391، 14258.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/469)
الفتوى : ... تنظيم أمور التربية مما ينبغي التوافق فيه بين الأبوين
تاريخ الفتوى : ... 26 جمادي الأولى 1424 / 26-07-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله أنا وزوجي نختلف في تربية ابننا في الأمور الدنيوية كالأكل واللباس و... فما أراه صوابا يراه غير صالح فهل لزوجي أن يتدخل في هذه الأمور التي تعتني بها الأمهات أصلا وليس الآباء؟ وإذا خالفته هل أنا آثمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان الخلاف الذي يجري بينك وبين زوجك في تربية ولدكما إنما هو في مأكله وملبسه ونحوهما، فالأمر سهل والحمد لله، وليكن الحكم بينكما في هذا هو المرجع إلى الدليل الشرعي وسؤال أهل العلم في ذلك، إذا كان الخلاف في حِلِّ المأكل والملبس أو حرمتهما. وإذا كان الخلاف في أنواع ذلك كلون الملبس - مثلاً - فالمرجع في ذلك إلى العرف السائد في لباس أبناء البلد ممن هم في سن ولدكما. وفي حالة إصرار الزوج على شيء معين فالقول قوله وعليك طاعته؛ لأنه الراعي والقائم على البيت كله. وينبغي لك أن تسعي برفق وحكمة في إقناع زوجك بما ترينه هو الأليق والأنسب. وعلى كل من الزوجين أن يعلم أن تسيير الأمور في البيت مما ينبغي أن يتنازل الواحد منهما للآخر فيه، ما دام الأمر في حدود المشروع، وبذلك تدوم المودة وتصلح الأحوال، وأما مع المشاحة وإمضاء الرأي من طرف كل واحد في كل شيء، فقد يعكر ذلك ويسبب سوء تربية الأبناء، لما يرونه من الشقاق بين أبويهما. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/470)
نصائح تربوية لتحلي الأولاد بالصدق والانتهاء عن ضده
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الأولى 1424 / 24-07-2003
السؤال
السلام عليكم،، عندي ابنة في الـ18 من عمرها وتدرس بكلية التربية وأعاني معها من فترة طويلة جداً من كثرة كذبها علي في أمور كثيرة وقد تكون غير ذات أهمية وأخرى في منتهى الأهمية وتعبت معها استخدمت الحوار والإقناع بأن الكذب لا يؤدي إلا إلى ضررها والضرب والآن لا أعرف ماذا أعمل معها؟ مع العلم بأنها ملتزمة دينيا ومنقبة وهي تعرف جيداً أن الكذب حرام فماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بالنصائح التالية:
1) الإكثار من الدعاء لها بالصلاح والاستقامة والصدق، خاصة في السجود، والثلث الأخير من الليل.
2) بناء جسر من المودة والتفاهم بينك وبينها، إذ عليه يمر العلاج، وبه يُسمع النصح والتوجيه، ويكون ذلك بوجوه البرّ والإحسان إليها، وقد حثَّنا النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى البنات خاصة فقال: من عال ثلاث بنات فأدبهنَّ ورحمهنَّ وأحسن إليهنَّ فله الجنة. رواه أحمد بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: إنما سموا الأبرار؛ لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقًا، كذلك لولدك عليك حق. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال.
3) الابتعاد عن مبدأ العقاب بالضرب، لا سيما أن ابنتك الآن قد جاوزت مرحلة الطفولة، كما أن الضرب ليس وسيلة تربية في أغلب الأحوال، بل قد يكون سببًا لتعثر العلاقة بينك وبينها، ويزيد المشكلة المراد حلّها، وفي ذلك يقول ابن خلدون في مقدمته: من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، وحمله على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره، خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلّمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقًا.
4) المحافظة على أن تكون قدوة في الصدق، وبما تأمر به من فضائل الأخلاق؛ إذ قد يكون المربي قدوة السوء من حيث لا يشعر؛ فكم من الآباء مثلاً يوصي ولده بأن يقول لمن يطلبه في الهاتف أنه غير موجود! أو يسمعه يعتذر لأحدٍ بأعذار غير صادقة، فيتعلم الولد الكذب، وبكل أسف في المنزل، وممن؟ ممن كان الأولى به أن يكون القدوة الحسنة، وفي ذلك يقول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه
5) اتباع الرفق في طريقة العلاج، وذلك بالتغاضي وترك التدقيق في كل ما تقوله، والمناقشة والحوار الهادئ، والإثارة والتلميح أحيانًا أخرى فيما يتبين فيه كذبها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. رواه ابن حبان.
وهذه الطريقة تحتاج إلى الصبر، واتساع الصدر.
وأخيرًا: إنصافها بعدم التقليل أو التهوين من صالح أعمالها، كالصلاة والحجاب وغير ذلك، بل تُشجّع ويثنى على محافظتها عليها، مقابل التنبيه على أخطائها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــ(104/471)