رفض.. ضرب.. قرأ.. كره- متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في بداية حديثي عن مشكلتي مع ابني أود أن أشكر السيدة د. إيمان السيد على المبادرة في حل مشكلة ابني عبد الله (8 سنوات)، والتي كانت بعنوان:
- رفض.. ضرب.. قرأ.. كره
وفيما يخص الرد على الأسئلة التي قمت بطرحها عليّ للوصول إلى الحل الأمثل، فالإجابة كالتالي:
ابني عبد الله يدرس في مدرسة خاصة بالجالية الليبية ولا يوجد فيها إلا عدد قليل من الطلبة عددهم حوالي 15 تلميذًا ما بين ابتدائي وإعدادي وثانوي، ولا يوجد معه في صفه الثاني سوى تلميذة واحدة فقط.
أما عن المعلمة فهي شديدة إلى حد ما، وابني يجد صعوبة في فهم اللهجة الليبية. ويتم في هذه المدرسة تدريسه العربي والحساب والدين فقط، وهو ممتاز في الحساب.
ويتميز طفلي بالعنف وكثرة الحركة وحبه الشديد للعب ومتابعة برامج الأطفال (أفلام الكرتون التي تتميز بالعنف، مثل الدجيتل وهزيم الرعد)، ويقضي معظم وقته معها وكذلك البلايستيشن؛ وذلك بسبب الوحدة حيث لا يوجد معه من في سنه.
وليس لدى عبد الله أي عيوب خلقية أو عضوية ونطقه سليم ونموه كان طبيعيا، ولكن عنده مشكلة التبول الليلي اللإارادي.
أما بالنسبة لنطق الحروف فهو ينطقها بشكل صحيح، ولكن لا يستطيع تجميعها بشكل صحيح لتكون كلمة مفهومة، ينطق كل حرف وحده.
أما الكتابة فهو رديء الخط، ويكتب بخط مائل، ويستطيع الكتابة والنقل من الكتاب وحده، لكنه يرفض ويطلب وجودي معه.
في النهاية أرجو أن أكون قد أجبت على جميع استفساراتك، وأن تجدي لي الحل السليم، وشكرًا.
... السؤال
صعوبات التعلم, العنف والعدوانية ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم عبد الله، ونسأل الله أن يجعلنا أهلا لشكرك ودعائك، ونأمل أن يعيننا الله على التعاون معك بالشكل الذي تجني ثماره سريعا إن شاء الله، وندعو لعبد الله في تلك الأيام المباركات أن ينطلق لسانه بالقراءة وتنطلق أصابعه بالكتابة وأن يرزقه الله بسطة في العلم والجسم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أختي الحبيبة:
إن في ردك على ما استفسرنا بشأنه من معلومات ما أكد ما كان يساورني من شكوك حول حالة عبد الله، فإن لظروف الأسرة التي تقيم بعيدًا عن أرض الوطن ويختلطون بأبناء جالية مختلفة عن ثقافتهم ولهجتهم أثرا عظيما، ولا شك، على أطفال الأسرة وعلى رأسهم عبد الله، وهو ما يبرر حالته، وسيكون الكلام أكثر وضوحا فيما يلي:
1- اللهجة الليبية التي لا يجيدها الطفل ولا يحسن استيعابها في أغلب الأحيان، والتي تختلف بشكل واضح عن لهجة الأسرة تؤدي إلى شعور الطفل بالتشتت وسقوط الكلمات منه أثناء شرح المعلمة في الفصل بهذه اللغة، وهو ما يضيع عليه المتابعة في الفصل ويفقده التركيز وهو ما يبرر مستواه الدراسي وتأخره في القراءة والكتابة مع إجادته الحساب، حيث لا يحتاج الحساب في استيعابه للكثير من الكلام أو الحوار، وهو ما لا يتمكن عبد الله من فهمه أو متابعته.
2- من خلال زيارتي لإحدى دول العالم زرت مدرسة الجالية الليبية وهي كما تصفينها: غالبا ما تكون على شكل شقة تخلو من أي مكان للترفيه أو ملاعب واسعة أو أماكن لممارسة الأنشطة، فضلا عن قلة عدد التلاميذ لدرجة تجعل ميزة قلة العدد تنقلب إلى ضدها، وهو ما يجعل الطفل في مثل هذه المدرسة لا يشعر بالحياة الاجتماعية إطلاقا، ولا يفرغ طاقاته ولا يمارس التواصل مع أصدقائه وزملائه ولا يكون صداقات من أساسه.. وهو ما يبرر حركته الزائدة التي تشتكين منها، فضلا عن أنه في سن الطاقة والنشاط غير المقلق، ولكن للأسف فإن هذا النشاط لا يجد قناة يصرف فيها أو يتم استيعابه وتوظيفه فيها بشكل صحيح.
3- يزيد على ذلك كون المعلمة قاسية أو غير حنون، وهو ما يزيد من شعور الطفل بالغربة والتباعد عن عالم المدرسة بما فيه ومن فيه، وربما تطور هذا الشعور إلى الكراهية. وكون الطفل ممتازًا في الحساب كما سبق أن أشرنا، يؤكد أن ما يواجهه من صعوبات في القراءة أو الكتابة أو التحصيل في المدرسة كلها راجع لظروف المدرسة التي تفضلت بعرضها والتي يعاني منها الطفل.
إذن فسيدور بيننا الحوار على اعتبار أن المدرسة أمر ثانوي أو لا وجود له في حياة عبد الله -من الناحية التعليمية أو الترفيهية- وأن العملية التعليمية سيتم إدارتها معه بطريقة (واحد إلى واحد) في المنزل، باعتبار أن المدرسة بهذا الوضع غير صالحة تقريبا، وهو ما سيتضح أكثر في السطور التالية.
أولا: طريقة (واحد إلى واحد) هي طريقة لحل بعض المشكلات الدراسية لدى الأبناء، وهي عبارة عن إدارة العملية التعليمية بين طرفين: الطفل ومعلم، أو الطفل وأمه، أو الطفل ووالده، وتعتمد على إثارة حواس الطفل الثلاث: السمع والبصر واللمس، مع محاولة تشغيلها طيلة الفترة التي تتم فيها العملية التعليمية، مع ممارسة ما يسمى (eye to eye contact) أي: اتصال عيون طرفي العملية طيلة الوقت الذي يجري فيه الإرسال والاستقبال بينهما.
ثانيا: أما عن كيفية تحسين القراءة لدى الطفل عبد الله ومن ثم الكتابة: فيمكن الوصول إليها باتباع ما يلي من خطوات:
1– عند قراءة فقرة في كتاب، يجب تقسيمها إلى جمل صغيرة مكونة من ثلاث كلمات بحد أقصى حتى لو تكلف ذلك إعادة كتابة الفقرة مرة أخرى في مكان آخر أو بورقة أو على سبورة، بحيث تتم مباعدة الكلمات عن بعضها البعض وكذلك الجمل بحيث يكون هناك مسافة حول كل جملة من كل الاتجاهات: أعلى وأسفل ويمين ويسار، فلا بد أن تكون الكلمات بعيدة عن بعضها حتى نجنب العين الصغيرة التشتت ونساعد الطفل على التركيز والتلقي، ويجب جعل الجملة التي ستتم قراءتها واضحة ومتميزة عن باقي الفقرة حتى تنطبع في ذهن الطفل بشكل واضح ومميز.
2- مما يساعد على القراءة: استعمال أقلام ملونة أو سبورة وأقلام ملونة لتشد انتباه الطفل للحروف والكلمة.
3- يجب أن تتم القراءة جهريا مع الطفل لنوفر له سهولة الاستقبال سمعيا وبصريا فيزيد ذلك من تنبيهه. كما يجب تلخيص المعلومة الموجودة في كل جملة بشكل شفوي وواضح وممتع، ثم سؤال الطفل عما استوعبه للتأكد من أنه وصل إليه ولو جزء من المعلومة التي تعبر عنها الجملة.
4- بعد الانتهاء من كل جملة على حدة كما أسلفنا مع تلخيص وتوضيح ما بكل جملة من معلومات يمكن قراءة الفقرة مكتملة.
5- وكما سبق أن أوضحنا عن ضرورة تشغيل الحواس الثلاث: نعود ونؤكد على ضرورة ذلك أثناء عملية القراءة، فيمكن تنبيه السمع بالقراءة الجهرية وتغيير نبرات الصوت ارتفاعا وانخفاضا أثناء القراءة. أما اللمس فيتم استثارته عن طريق التلامس أو الربت الحاني أثناء القراءة أو تحصيل المعلومة لشد الانتباه.
أما النظر: فعن طريق التواصل بالنظرات وشد الانتباه بحركات اليدين وتعبيرات الوجه وحركات الأصابع على الحروف والكلمات والجمل التي يجب أن تكون لافتة بلونها وحجم الخط فيها عما حولها كما سبق أن أشرنا.
وهنا نؤكد على ضرورة وجود وسائل إيضاح تعليمية مختلفة من لوحات أو كروت ملونة أو كتب مجسمة أو غيرها من وسائل التعليم الجذابة والمعبرة.
6- لا بد من المكافأة السريعة حين ينجح الطفل في القراءة ولو كلمة أو حرفا، وحين يخطئ: يجب تجنب السخرية أو الاستهزاء أو التوبيخ، وإعادة المحاولة والتعامل مع الأمر بصبر وحلم. ولا بد من امتداح الطفل وتشجيعه أمام الأب أو الأقارب لتشجيعه على المزيد، واحذري من توبيخ الطفل أو معاملته بشكل قاس عند الإخفاق لأن ذلك قد يسبب له ضغطًا نفسيًا وقلقًا قد يظهر في صور متعددة، منها: الصراخ الذي يحدث في حالة ولدك عبد الله.
أما بالنسبة للكتابة وكيفية تحسين أدائها فيمكن ذلك بتنفيذ برنامج خطواته كالتالي:
1- لا بد من التأكد أولا أنه يمسك القلم بشكل سليم وصحيح؛ فالجهاز الحركي الذي يتحكم في أطراف الأصابع عادة ما يكون لديه مشكلة إن لم يستجب الطفل لمحاولات تحسين أدائه –المستمرة وطويلة المدى- في الكتابة. ويمكن اكتشاف هذا الأمر عن طريق إحضار طبق واسع وعميق مملوء بالرمل أو الدقيق ويبدأ الطفل بالكتابة عليه بواسطة سبابته، فلو كتب جيدا على الرمل يمكن إكمال ذلك بتعليمه الهجاء وتركيب الكلمات ثم الجمل بنفس الطريقة على الرمل أو الدقيق ثم لاحقا على الورق. أما لو لم يستطع الكتابة بهذه الطريقة فالأمر ها هنا في حاجة لأساليب أخرى.
ولهذا نجد أحواض الرمل في مدارس الخارج أمرا معروفا ومنتشرا في سن الحضانة والتمهيدي لتحسين وتطوير قدرات الأطفال ومهاراتهم في الكتابة قبل استخدام الأقلام.
2- بعد تحسن الطفل في القراءة وأثناء المحاولات معه بهذا الصدد ستتحسن قدراته في الكتابة أيضا وخاصة باستخدام طريقة حوض الرمل أو الدقيق التي يمكن بها تعليمه الهجاء وتكوين الحروف والكلمات بشكل أسهل وألطف وأحب من الورق والأقلام. وحينما سيتحسن خطه بهذه الطريقة وقدرته على الكتابة دون النقل من مصدر ما سيسهل عليه تطبيق ذلك على الورق.
أما بالنسبة للمذاكرة بوجه عام: فالأمر متعدد التفاصيل ويحتاج لكتب لتغطيته -نعدك وزوارنا بإتاحة هذه المركزات أو المعلومات في صورة مبسطة ومتخصصة في أقرب فرصة- لكن ما يمكن إجماله لك في نقاط هو ما يلي:
1- يجب أن تكون فترة تلقي الطفل للمعلومات فترة وجيزة لا تزيد عن نصف الساعة بالنسبة لسنه تلك، ويجب وجود فواصل للاستراحة واللعب أو المرح أو التقافز والحركة.
2- يجب المكافأة والتشجيع عند حدوث أي نجاح في أي محاولة ولو كان بسيطا.
3- يفضل استخدام وسائل جذابة من أقلام ملونة ووسائل إيضاح، كالبطاقات واللوحات الملونة، في توصيل المعلومات كما سبق أن أشرنا.
4- لا بد من محاولة اجتذابه وتحبيبه في القراءة والمذاكرة بهدوء ولطف وتشجيع.
5- يجب منع أي توبيخ أو عقاب مؤلم حال الإخفاق.
6- لا بد من إعانته على استعادة الثقة بنفسه حتى يستطيع لاحقا أن يستغني عن وجودك بجواره حين يتأكد أنه قادر على الإنجاز وحده وبكل مهارة كما عودته ودربته.
أختي الفاضلة:
أتمنى أن يتم حل الأمر سريعا وأن نتلقى المرة القادمة رسالة من عبد الله كتبها وحده يحكي لنا فيها عما وصل إليه من إنجاز وتقدم في القراءة والكتابة... وإلى هنا تنتهي معك جولتي على أمل بلقاء قريب إن شاء الله.
علّم الله ولدك كل ما يجهل وجعله من علماء الأمة وقائديها بإذن الله.
ـــــــــــــ(103/126)
قلق الانفصال.. أنواع ... العنوان
أنا أم لطفلين.. الأول يبلغ من العمر ست سنوات والثانية ثلاث سنوات. موضوع استشارتي يتعلق بابني الأول فقد لاحظت منذ فترة أنه يرفض أن أنام وقت القيلولة بحجة أنه يخاف إذا نمت فلن أستيقظ أو حتى الدخول إلى الحمام، فربما إذا دخلت لن أخرج، وكلما أردت الذهاب إلى الحمام يقول إنه سيدخل أولاً وعندما أدخل يظل يطرق الباب لكي يطمئن هل سأخرج بسرعة وبالفعل أطمئنه بالخروج، مع العلم أنه يذهب إلى المدرسة، وفي بعض الأحيان يطلب مني عدم اصطحابه، وأنه يستطيع الذهاب بمقدوره ويرفض أيضًا البقاء في المنزل مع أخته لوقت قصير، علمًا أيضًا أنا لا نستعمل أنا والده معه أسلوب التخويف.. أرشدوني أرشدكم الله، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا سيدتي الفاضلة.
تمثل حالة ابنك نوعًا من أنواع قلق الانفصال Anxiety Separationوالذي تعرضنا لشرحه وتوضيحه في كثير من المشاكل السابقة، ولكنه كان بخصوص المدرسة وهو النوع الأكثر انتشارًا، وهو أن يرتبط قلق الانفصال بالمدرسة، بمعنى أن الطفل يخاف أن يذهب للمدرسة لأنه يخاف أن يعود فلا يجد أبويه أو لا يحضر أبواه لأخذه، ولكن في حالة ابنك هو يخاف من نومك أو دخولك الحمام من أجل هذا السبب الذي يعبِّر عنه بوضوح، وقد يبدو غريبًا أنه بالرغم من خوفه أو قلقه من هذه المواقف فإنه يذهب للمدرسة، بل ويطلب أحيانًا أن يذهب وحده بالرغم أن هذا أولى بالقلق والخوف، ولكن الملاحظة الإكلينيكية أثبتت حدوث ذلك في بعض الأطفال وسجلت هذه الحالات على أنها قلق انفصال دون معرفة السبب لحدوثه في هذه الجزئية دون الجزئيات الأخرى...
الخلاصة حتى لا تتوهي في هذا الجدل العلمي الطبي أن حالة ابنك لا تقلق، وتحتاج إلى معاملة سلوكية بسيطة وطمأنة، بمعنى أن تتعاملي مع المسألة بهدوء بحيث تنامين في وقت الظهر، ولا تستجيبين لطلبه بعدم النوم، وعندما تستيقظين لا تعلقي على الأمر، حتى لو بكى قليلاً، وإذا ناقشك في الموضوع فحدثيه ببساطة.. ها أنا أنام وأستيقظ كل يوم ولا يحدث شيء، وهكذا أيضًا لدخول الحمام لا تهتمي بطرقه على الباب أو تعلقي عليه، وبمرور الوقت سيكتشف أن مخاوفه غير صحية وتنتهي القصة بأكملها.. المهم هو الهدوء وعدم الانفعال، والتعامل ببساطة حتى تأخذ وقتها وتنتهي، ولن يكون لها أي أثر في حياته بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/127)
التقليد وعودة الذكريات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي ابن عمره سنتان، أنا وأبوه منفصلان (بالطلاق) وأنا أقيم مع أبي وأمي ومعي ابني.. أختي الصغرى تقيم معنا حاليا لغياب زوجها للعمل خارج مصر ولها ابنة عمرها سنة.
المشكلة الآن أن ابني يغار بشدة من ابنة خالته التي تمكث معنا حاليا ولفترة طويلة (هذا الظاهر حتى الآن) ويقلدها في كل شيء في طريقة بكائها وعصبيتها (ابني والحمد لله غير عصبي ومطيع) ابنة أختي على العكس تماما: عصبية جدا وعنيدة جدا وغير مطيعة، وهذا واضح للكل منذ هذه السن الصغيرة.. فكيف أتعامل معه؟ بحنان زائد أم بخشونة عندما يقلدها في هذه الصفات المتعبة والسيئة؟ فهو لا يفهم عندما أكلمه وأقول له: إن هذا التصرف غلط.. أرجو الإفادة بأقصى سرعة.. وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء, أسر مضطربة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الغالية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعدني سؤالك كثيرًا وأرجعني ثماني سنوات، حيث كان عمر ابني في مثل عمر ابنك الغالي عمر.. أعز الله بهما الإسلام، وجعلهما كالعمرين: ابن الخطاب وابن عبد العزيز، اللهم آمين.
فقد كان ابني عمر شديد الالتصاق بابنة خالته وما يزال. وكان هذا يخيفني كثيرًا ويقلقني، لا لشيء إلا لاختلاف طريقة التربية.. وأهمني ذلك كثيرًا لسنوات طويلة.
وأنت الآن برسالتك تعودي بي على طريقة أفلام السينما "فلاش باك" لثماني سنوات إلى الوراء.
ولكن رسالتك بها بعض الأشياء غير الواضحة بالنسبة لي، وسأبدأ معك من حيث ذكرت:
* ابنك يغار بشدة من ابنة خالته: فما مظاهر هذه الغيرة وما مدى ارتباطهما؟ وما مدى تقارب طريقة تربية كل منهما؟
* يقلدها في كل شيء: طريقة بكائها، وعصبيتها. وأسأل: هل يقلدها في كل شيء فعلاً، كأن يعود ليحبو مثلاً؟ وهل يفعل هذا ليلاعبها أم أنه يفعله لفتًا للنظر ورغبة في إثارتك؟
وفي أي شيء يقلدها غير العصبية والبكاء؟
وهل يقلدها فعلاً في الطريقة أم أنه فقط يبكي ويتعصب على طريقته؟
* وما تأثير أفعاله هذه عليك وما رد فعلك تجاهها، بل وتجاه هذه الابنة الصغيرة؟
• منذ متى بدأ هذا التقليد، وكيف بدأ؟
* أرجو أيضًا أن تذكري لي ما طريقة تعامل أختك تجاه ابنتها وما طريقة تعامل أبيك وأمك مع كلا الطفلين، بل وتعامل أختك تجاه ابنك، خاصة حالة العصبية والبكاء؟
فما ذكرته في رسالتك عن غيرة ابنك أمر غير واضح.. فقد فسرتِ أنه يقلدها لأنه يغار منها، فما سبب هذه الغيرة: هل تجاب طلباتها أكثر منه؟ وهل تحصل على رعاية وحب وتدليل أكثر منه؟
ثم فسرتِ مرة أخرى عصبيته وبكاءه على أنه تقليد، فلماذا استبعدت احتمال أن يكون لديه ما يجعله عصبيًّا حتى بدون تقليد، ربما يقلد الطفل في طريقة البكاء، طريقة الحديث، ولكنه لا يبكي ويتعصب تقليدًا إلا إذا وجد في هذه الطريقة وسيلة لتلبية رغباته أو وسيلة للفت نظر المحيطين، فيتحدثون عنه ثم يصبح محل اهتمام، وهو ما يرمي إليه الطفل ويتخذ البكاء وسيلته أحيانًا – إن لم يجد متنفسًا آخر – للحصول على ما يحتاجه من حب ورعاية واهتمام.
وأؤكد مرة أخرى على أن ما أذكره لك احتمال ينتظر وضوحًا من خلال تفاصيلك، فالتفاصيل هامة في حياة الأطفال.
ويبقى لي أن أوضح أمرًا نقع فيه في رحلة تربيتها لأطفالنا، وهو التأويل الخاطئ أو الأحكام المسبقة. أعني أنه ربما يأتي الطفل بفعل فنفسره بطريقة أخرى ونتعامل مع الطفل على حسب هذا التفسير.
كذلك نحكم على الأطفال بأن هذا مطيع وهذا عصبي، وهذا على غير هذه الصفات.. على الرغم من أن الطفل يتغير في كل مرحلة عن الأخرى، والسلوك عجينة لينة تشكلها البيئة. فمن حكمنا عليه اليوم بأنه مطيع ولين يتغير غدًا وفق مؤثرات مختلفة.
لن أطيل عليك في هذه النقطة، وسأقف معك عند عبارتين هامتين في رسالتك:
"كيف أعامله: بحنان زائد أم خشونة"؟ "فهو لا يفهم عندما أكلمه ... ".
وأبدأ بالثانية:
الطفل يفهم جيدًا منذ فترة مبكرة جدًّا في حياته، وهو يفهم بنبرة الصوت، وتعبيرات الوجه حتى وإن لم يفهم مفردات اللغة، ولكنه يفهم التعبيرات جيدًا.
ولذا حين يسلك طفلك سلوكًا غير مقبول حدثيه مع تغيير نبرة صوتك عن نبرة الصوت العادية، على أن تكون عبارتك قصيرة وموجزة، فلا تطيلي في شرح وحديث لا يفهمه طفلك ولا يريده. الطفل بطبيعته يحب الاختصار فلا يحب الاستماع للتوجيهات المطولة. أفهميه بوضوح ما الذي لا ترغبينه في سلوكه.
وأنتقل لسؤالك الأهم "كيف أعامله: بحنان زائد أو خشونة؟":
والإجابة: بالتوسط والعدل، وهو ما يقال عنه "الحب الحازم"، أي أعطيه ما يحتاجه من الحب والحنان، عانقيه، قبليه، أسمعيه كلمات الحب، ربتي على رأسه، شاركيه لعبه ... كل ما يحمل إحساس الحب لطفلك بما يحقق له إشباعه العاطفي، فهذا الإشباع يحقق توازنًا في شخصية الطفل ويعد له زادًا في حياته.
ونأتي للحزم: وكثير من الآباء لا يدركون منه وجهه الطيب؛ فالحزم مع الطفل يعطيه الأمان، فالطفل الذي لديه قواعد ثابتة في التعامل يكون مستقرًا هادئًا، فهو يعرف تمامًا ما الصواب وما الخطأ. والأهل يقبلون ويرفضون طلباته وفقًا لأسباب معقولة، وليس وفقًا لحالتهم المزاجية.
ولكن الحزم لا يعني أبدًا القسوة أو العنف مع الطفل، ولكن يعني الثبات على القانون، وهذا القانون يوضع وفق الحلال والحرام، ودواعي الأمن. وما يخرج عن هذا النطاق يتفق عليه مع الطفل على أن يثاب مرة بعد مرة لتثبيت السلوك المرغوب فيه.
وأميل دائمًا لاستخدام الثواب قبل العقاب؛ فحين يغضب طفلك هكذا، وربما يرفس أو يصيح أو غيره من مظاهر غضب الأطفال: انتهزي الفرصة في أول مرة لا يفعل فيها ذلك وكافئيه؛ فالطفل في سنواته الأولى يحب المكافآت المعنوية كالقبلة، التربيت، التصفيق، الإشادة بتصرفه أمام الآخرين، اللعب معه، مشاركته في أغنية.. وغيره مما يؤكد الحب ويؤكد أنه طفل مقبول ومرغوب فيه.
كذلك ساعدي ابنة أختك على التخلص من عصبيتها وعنادها.
ابحثي مع أختك أسباب ذلك وحاولا التغلب عليه. ولا تذكرا على مسامعها صفاتها هذه (عصبية وعنيدة). فذكر هذه الصفات يؤكدها ويثبتها. على عكس ذكرنا للصفات الإيجابية، "فالمرء عند ظن الآخرين به"، فما بالنا بالطفلة الصغيرة.
ويمكنك مطالعة عدد من الاستشارات التي تناولت العصبية والعناد بالنقر هنا:
- شراسة وعصبية وتخريب ....برنامج للعلاج
- الطفل العدواني.. هل الضرب يردعه؟
- أسرع قطار لمحطة العناد
وفي انتظار رسالتين: رسالة بها إيضاح أكثر لحالة ابنك الغالي مع مزيد من التساؤلات، ورسالة من أختك الكريمة.
وفق الله الأمهات المسلمات لحمل الأمانة، وجعل الله سعيهن ودأبهن في ميزان الحسنات. اللهم آمين.
ـــــــــــــ(103/128)
الأب يكذب والابنة تقلد ... العنوان
السلام عليكم، تبدأ مشكلتي مع ابنتي ذات الأربعة عشر ربيعًا في الكذب، فهي ترى أباها يكذب كل يوم، وقد حاولت مرارًا وتكرارًا تغيير هذا الأسلوب من غير نجاح، ولا عجب أن ابنتي اتبعت نفس الأسلوب، وقد جرها هذا إلى الكثير من المشاكل التي يمكن أن يؤدي إليها الكذب. ولكن المشكلتين الرئيسيتين في التالي:
الأولى: أنها قد كذبت في المدرسة بطريقة جعلت كل صديقاتها يتهربن من صداقتها، وهذه مشكلة كبيرة عانيت معها منها خلال سنتين حتى اكتشفت سر هذا التهرب، بالإضافة إلى شكاوى صديقاتها عن أنها تتحرش بهن بطريقة غير مناسبة ولائقة وهذا مخيف بالنسبة لي، بالإضافة إلى أنها تصارحني بأنها تحب (حبا من نوع خاص) بنتا أصغر منها عمرًا، في البداية لم أرد أن أهول الموضوع لها لكي لا تكف عن إخباري بما يجري معها، أعرف أنها من الممكن أن تكون مرحلة مؤقتة، ولكن لا أعرف كيف أتعامل معها نفسيًّا.
المشكلة الثانية: أظن أنها مرتبطة بالأولى، تعرفون أنه يوجد حاجة الآن لوجود الإنترنت في البيت، وكوني أعمل يوميًّا لغاية الرابعة مساء، وكوني أنجبت طفلاً بعد هذه البنت بإحدى عشرة سنة، قد شغلني عنها بعض الشيء، لا أعطي لنفسي المبررات، ولكني من النوع الذي أحب أن أشعر بالثقة فيمن حولي، وهذا لم يساعدني كثيرًا؛ لأنني اكتشفت أنها تدخل إلى مواقع جنسية مختلفة، وتمضي الوقت الكبير في التعرف إلى هذه المواقع، وقد اكتشفت هذا قبل سنتين وجربت معها جميع أنواع التعامل ولم تُجدِ، فهي تدخل إلى الموقع مع علمها بأنني سأعرف عاجلاً أم آجلاً هذا، يمكن أن يكون الموضوع قد استحوذ على تفكيرها، أعرف أن الحل المبدئي هو عدم توفر الإنترنت في البيت، ولكن ماذا عن تأثير ما قد رأته عليها، إنني أشعر بالضياع، لقد بدأت معها بداية هذا الأسبوع عقاب من نوع خاص، وهو أنها تلتزم غرفتها، وأنا غاضبة عليها ولا أتكلم معها، وأخبرتها بأنني لا أريد أن تأكل معنا، وأنها ممنوعة من كل شيء حتى تثبت لي من خلال الدراسة وتحصيل علامات أفضل أنها تغيرت.
إنها المرة الأولى التي لا أتكلم معها لهذه الفترة، فعادة عندما تحصل أي مشكلة، أتفاهم معها، وأوضح لها الغلط وتستمر الأمور طبيعية. أحيطكم علمًا بأنه وقبل ثلاث أو أربع سنوات هي قد كانت في مدرسة راهبات، وكوني أعمل إدارية في مؤسسة تنمية اجتماعية فأنا أسمع عن مشاكل المراهقين، وقد أدركت حينها بأن شخصيتها قوية جدًّا، وأني بحاجة إلى مدرسة دينية لتعينني على تربية هذه البنت، وهذا ما حصل، وقد بدأت الأمور بشكل عادي وجيد جدًّا، وقد أحبت المدرسة جدًّا؛ لأن أسلوبهم محبب في الدين، مما أدى إلى طلبها ارتداء الحجاب، وكان لي بعض التحفظ، أردت منها أن تداوم على الصلاة أولاً لعدة شهور، ثم تلبس الحجاب لأني لا أطيق أن أرى محجبة وغير ملتزمة بالصلاة، ولكن كان لها ما أرادت، وهي محجبة منذ سنتين وملتزمة بدروس الدين الأسبوعية.
أفكر في عرضها على طبيب نفسي أو مرشد اجتماعي لمساعدتها على نسيان، أو بالأحرى تفهم تأثير هذه الأمور عليها، ولكني مترددة، أرجوكم أرشدوني. أرجو الأخذ بعين الاعتبار بأن البنت ذكية جدًّا، وأنضج من عمرها كثيرًا، حيث إنها تعرضت لظروف غير طبيعية بسبب طلاقي وأبوها لمدة ستة سنوات عندما كان عمرها من الثانية وحتى الثامنة.
وأيضا إنني أنا وحدي أتحمل مسؤولية تربية أولادي كون شخصية زوجي لا تساعده في لعب هذا الدور، حيث إنها لا تكنّ له أي احترام والدي بسبب طريقة معاملته معها والتي لا تتسم بالحزم ولا تتضمن أي من ملامح التربية المعقولة. بالإضافة إلى ذلك أنني قد تربيت مع ستة أخوات من غير أم، حيث إنها توفِّيت وأنا صغيرة جدًّا، وقد ربتنا زوجة أبي، وقد أوجد عندي هذا ردة فعل عكسية في تعاملي مع أولادي تتميز بالحنان الزائد والفائض، في حدود المعقول والمنطق من غير التعدي على الآخرين.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن سعداء برسالتك؛ لأنها تبين أن الثقة في صفحتنا أدت إلى أن الآباء والأمهات أصبحوا يتفاعلون معنا في مشاكلهم العادية مع أبنائهم، فحقيقة ما يحدث مع ابنتك هو أنها فتاة مراهقة تحتاج إلى تعامل مع هذه المرحلة في إطار من الصداقة والحوار والتفاهم، وكثير مما تفعليه معها صحيح مثل حوارك معها حول علاقة الحب التي من نوع خاص مع الفتاة التي تصغرها، ولكن الأمر يحتاج إلى حوار أطول ومصارحة أكثر، خاصة وأنك تذكرين بصورة مبهمة مسألة تحرشها بزميلاتها بصورة غير لائقة ولم نفهم ماذا تقصدين بهذا التحرش.
الأمر يحتاج ليس إلى ترهيب أو تخويف يؤدي بها إلى عدم الحديث معك في هذه الأمور مرة أخرى بل يحتاج إلى توضيح ونقل للمعلومة الصحيحة في هذا الشأن وما يترتب على هذا التحرش أو العلاقة من مخاطر حقيقية بصورة علمية، وليس مبالغ فيها أو بها نوع من التأنيب والرفض الذي يجعل لديها رد فعل رافض لكلامك بحيث يبدو الأمر في سياق حوار للتفاهم حول الأمر، وليس في صورة توجيه مباشر لإصلاح خطأ جسيم قد وقعت فيه، وفي هذا الصدد يمكنك الاستعانة بكثير من حلولنا السابقة حول الصداقة المرضية أو الحب المرضي في سن المراهقة على صفحة المشاكل والحلول للشباب على نفس موقعنا، والتي يمكنك مطالعتها بالنقر هنا:
- ليس حبًا في الله
- بل اكسري قلوبهن
- بين الفتيات : لا خلوة ، ولا قبلات
- القبلة الفرنسية بين البنات
بالنسبة لجزئية الإنترنت والدخول على المواقع الجنسية فلم نفهم أهمية وجود الإنترنت في بيتكم؛ لأن الإنترنت إما علم أو عمل، ولم نفهم من بياناتكم أن عملكم له علاقة بذلك؛ ولذا فإن إلغاء الإنترنت هو الحل الأمثل لأن فتاة في مثل سن ابنتك لا بد وأنه يدفعها فضولها وما يجري بداخلها من مشاعر جديدة عليها من الناحية الجنسية إلى الدخول على المواقع الجنسية لاكتشاف هذا العالم المجهول.. فلماذا نضعها في هذا الاختيار الصعب.
وبالنسبة لتأثير الصور السابقة عليها فهو محدود وسينتهي أثره مع مرور الوقت، خاصة إذا نجحت الموجهة الدينية في شغل وقتها بكل ما هو مفيد ونرجو أن تفتحي لها مجالات أخرى للنشاط سواء ثقافية أو رياضية، أو في مجال هوايتها بحيث يشغلها ذلك عن البحث على الإنترنت أو التفكير فيه.
ونظن أن طريقتك الجيدة في الحوار والتفاهم وطريقة معلمتها الدينية والتي حببت إليها الالتزام ستكون الدافع لتخلصها من الكذب بالتدرج مع نضج سنها وتجربتها وإحساسها بعدم حاجتها له سواء من الناحية الواقعية أو الدينية.. لا تقلقي فإنها المراهقة يا سيدتي، وراجعي حلولنا السابقة حول هذه المرحلة وطبيعتها، وستجدين فيها عونًا كبيرًا لك بإذن الله تعالى، ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/129)
التربية بين الطموح والواقعية ... العنوان
السلام عليكم.. وشكرًا على هذا الموقع الممتاز. أنا سيدة أعيش وهدفي تربية أبنائي تربية إسلامية صحيحة، وأحاول بكل وسيلة وأنا معهم طول اليوم، ولم أرضَ أن أضع مربية لهم رغم وجود فرصة حتى أكمل تعليمي العالي، ولكن أنا لست نادمة.. المهم زوجي أعانه الله وهو دائمًا مشغول في المستشفى. المشكلة الأولى هي في ابني البكر (4 سنوات) العصبية على كل شيء يريده، وخاصة في الأماكن العامة والبكاء دائمًا، وفي بعض الأحيان يستيقظ في الليل، وأجده بجانبي على السرير، ويقول أريد النوم بجانبك ماما، ورغم أني أذهب معه إلى غرفته، ولكن دون فائدة.
أما ابني الثاني وعمره سنتان ونصف وهو الحمد الله أكله ممتاز، ولكن عندي مشكلة في أنه لا يريد أن يذهب إلى الحمام؛ لأنه يخاف عندما أجلسه وما زال يستخدم الحفاظة، وثانيًا دائمًا وهو يجلس يدخل يده في حفاظته دائمًا لا يخرج يده إلا بتنبيةٍ مني، وفي الليل دائمًا يستيقظ، ويبكي وفي نفس الموعد، ويريد النوم معي ودائمًا هكذا، ولا أعرف ما عليّ أن أفعل؟ أرشدوني، وشكرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاك الله خيرًا على اهتمامك بتربية أبنائك، وألهمك الصواب، وجعل الله همك بهما في ميزان حسناتك.
رغم سعادتي بهدفك الرائع هذا ودعائي أن يبلغك الله تعالى رجاءك. فلقد انتابني إحساس وأنا أطالع كلماتك.. شعرت كأني أقرأ في حروف رسالتك أملا كبيرا وحرصا أكبر مما قد يحملك على رعاية صغيريك رعاية مفرطة نتيجة طموحك المفرط وتوقعاتك لما يمكن أن يكونا عليه في المستقبل، وهذا ما أخشاه وأخشى أن يكون سببًا رئيسيًّا في صفات أطفالك.
ودعيني أستعرض معك كلماتك المتناثرة التي حاولت جمعها كقطع البازل للوصول إلى ما وراء سلوك أطفالك: ".. أعيش طوال الوقت.. لم أرضَ أن أضع لهم مربية حتى أكمل دراساتي العليا.. زوجي مشغول دائمًا".
ثم جاءت شكواك بابن عصبي كثير البكاء راغب في الالتصاق بك حتى في النوم، كذلك الابن الأصغر.
وكنت أرغب لو حدثتني أكثر، فهناك تساؤلات كثيرة حتى نحدد أسبابا عصبية وبكاء ابنك كذلك رغبته الشديدة في الالتصاق بك هو وأخوه الأصغر، وهي:
- ما طبيعتك الخاصة مع أولادك هل العصبية أم الهدوء؟ وكذلك والدهم بالطبع؟
- متى بدأت هذه العصبية عند ابنك الأكبر؟ وما مظاهرها؟
- ما رد فعلك تجاه هذه العصبية؟
- ما مدى تأهيله لقدوم أخيه الأصغر؟
- ما طبيعة علاقته به؟ هل يشعر ببعض الغيرة؟ وما مداها؟
- ما مدى اتباعك لنظام ثابت في المنزل (مواعيد وكذلك قواعد للثواب والعقاب)؟
- ما مدى استقلالية طفلك واعتماده على نفسه في المأكل الملبس وأموره الأخرى؟
- هل يلتحق بأحد الروضات أو المدارس؟
- وحتى توافينا بالردود دعيني أستعرض معك بعضًا من الأسباب التي يمكن أن تؤدي لما عليه طفلك من العصبية والغضب والالتصاق الشديد بك:
1- الرعاية المفرطة المرافقة بالتدليل أو التسامح الزائد تؤدي لحدوث ثورات الغضب لأتفه الأسباب، فالإشباع العاطفي من الحب والعطف أمر لازم وضروري ولكن دون تدليل.
2 - كذلك منع الطفل أو الإصرار على مساعدته في التعلم يفقده لذة التعلم ويورثه التلكؤ والارتباك وعدم المهارة، مما يجعلهم يضيقون بأعمالهم في سن أكبر.
3 - فقدان أو نقص النظام في حياة الطفل، ففقدانه يجعل الطفل حائرًا مائعًا مترددًا، بطيئًا في اتخاذ القرارات، سريع الغضب.
وأعني بالنظام: القوانين الثابتة للتعامل، فالصواب يكافأ والخطأ يعاقب، فالمرفوض مرفوض دائمًا ولأسباب واضحة، والمقبول كذلك، وليس وقفًا على الحالة المزاجية للأهل وإنما القبول والرفض لسبب واضح ومعقول. ودائمًا ما أحب أن أذكر دائمًا اتباع منهج الحلال والحرام، ومنهج الأمن بالنسبة لقبول أو رفض متطلبات الطفل. وما لا يخضع لذلك فيوضع لها قانون ثابت بالتفاهم مع الطفل وأيضًا موافقته كأكل الحلوى بعد الطعام وليس قبله.
فحين يحاول الأكل "قبل" نحتكم للقانون. ولا بد أن نطبقه لكي يطمئن الطفل، ولا نصطدم دائمًا مع رغباته التي لا تنتهي.
نوع النظام الثاني الذي أقصده نظام الأشياء والمواعيد، أي وضع الأشياء في أماكن ثابتة، وضع مواعيد للأكل والنوم، باختصار وضع نظام يومي ثابت أو شبه ثابت حتى نكوّن لدى الطفل العادات الحسنة.
4 - الرغبة في لفت الانتباه فيكرر الطفل صراخه وغضبه وانفعاله إن وجد ذلك مساعدًا له في الحصول على ما يريد. وكذلك إن وجد أن ذلك يجعله محط اهتمام للأم، خاصة حين يدفعا الضيق إلى ذكر ذلك للآخرين.
5 - الغيرة فهو البكر فلا نستبعد الغيرة سببًا من أسباب عصبيته وبكائه، فربما كان ذلك تعبيرًا عن عدم استقراره النفسي وتعبيرًا عن غيرة لا يتحملها قلبه الصغير.
6 - كما تحدث ثورات الغضب نتيجة لكل ما يجلب للطفل فقدان الطمأنينة والاستقرار كالغيرة كما أسلفنا، أو كثرة النقد، أو كثرة الأوامر والنواهي، أو كثرة التهديدات، أو تضارب القوانين بين الأب والأم، أو عدم الثبات تجاه تربية الطفل فهو بين التدليل والتوبيخ دونما أسباب واضحة مفهومة بالنسبة له.
* مما يسبب أيضًا ثورات الغضب المبالغة في العناية بالطفل كذلك تلبية رغباته بشكل مستمر وإن كانت غير معقولة أو مقبولة؛ ولذا فهو يحتد ويغضب إذا ما قوم أو رفض طلبه.
ونأتي لرغبة الطفلين في النوم معك وعدم فصلهما ولعل السبب هو شدة التصاقهما بك وما يجدونه من دعم لرغبتهما بإذعانك لنومهما معك، مما يفاقم الأمر ولا ينهيه.
ما هما بحاجة إليه إعادة الفطام من الالتصاق بك بالتدريج. وقد عالجنا في الصفحة مشكلات فصل المنام كثيرًا وأرجو أن تطالعيها لمزيد من الاستفادة في نهاية الرد.
أما ابنك الثاني -رعاه الله- فربما كان وضع يده في الحفاظة لشعوره بعدم الارتياح لوجود الحفاظة خاصة بعد الإخراج.
وربما كانت حركة كلفت النظر وفي هذه الحالة عليك بعدم المبالاة حتى يقلع عن هذه العادة.
وربما كانت حركة لا إرادية ككثير من حركات الأطفال؛ فهذه المرحلة العمرية تتميز بالحسية، وأعني حاجة الطفل إلى استخدام حواسه الشديدة خاصة حاسة اللمس؛ ولذا عليك بشغل يديه في عمل آخر كاللعب باليد بألعاب مثل الصلصال أو عجينة الملح أو التصفيق أو الإمساك بشيء أول ألعاب الحلقات والمكعبات.. وغير ذلك مما يلهيه عن وضع يده في الحفاظ.
وأظن أن هذه العادة ستختفي تمامًا باعتياده على قضاء حاجته في الحمام، ويمكنك مطالعة هذين الموضوعين الخاصين بالتدريب على الإخراج:
- علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
- وداعًا.. أيتها الحفاظات
والآن وحتى تأتينا بالخبر اليقين بإجابتك عن تساؤلاتي ماذا يمكننا أن نفعل مع زهرتا حياتك رعاهما الله عز وجل، أوصيك بالآتي:
- الدعاء ولا أنفع منه في تربية الأبناء.
- الحب ثم الحب ثم الحب.
- الهدوء.
- أعطي أطفالك استقلالية كافية وعوديهم الاعتماد على النفس.
- حاولي وضع قواعد ثابتة وقوانين كما أسلفنا.
- تحدثي كثيرًا مع طفلك خاصة الأكبر. حاولي أن تعرفي مشاعره وأفكاره. اسأليه ودعيه يحبك.. حاوريه دائمًا وفي كل مناسبة وفي كل وقت. خاصة بعد أن يسلك سلوكًا عصبيًا اتركيه حتى يهدأ ثم حاولي أن تعرفي لماذا في هذا التوقيت بالذات، وفي هذا الموقف بالذات، مع هذه الكلمة بالذات – أصبح عصبيًّا؟ تعرفي على السبب وساعديه ليفرغ شحنته ويشعر أنك تتفهمين أن هناك سببًا يضايقه وأنك صديقته التي يمكنها مساعدته، واشرحي له أن كل الناس يغضبون، ولكن ساعديه أن يجد وسائل بديلة للتعبير عن غضبه.
- حاولي خلق عادة الكتابة لديه. فاحضري ورقة وقلمًا واجلسا سويًّا، ودعيه يعبر عن مشاعره وأفكاره فهذا سيساعده كثيرًا.
بانتظار ردك عن تساؤلاتي، وبانتظار المزيد من الاستفسارات.. فنحن دائمًا معك.
ـــــــــــــ(103/130)
قبل أن يضيع الابن- متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. قمت بإرسال مشكلتي من قبل وتم الرد عليها من قبل الدكتورة ليلى أحمد والأستاذة منى يونس تحت عنوان:
- قبل أن يضيع الابن
وكان للدكتورة ليلى رأي بالانفصال عن والدي والإقامة بدونهما، أما الأستاذة منى فنصحتني باتباع أسلوب مختلف مع الوالدة ومحاولة التقرب لها بطريقة أو بأخرى، وأقول للأستاذة منى إنني أفقد لغة الحوار مع والدتي، فهي دائمة الشجار معي والدعاء لي بالمرض، وتحملني نتيجة سوء اختياري للزوج فمنذ أسبوعين تم نقلي للمستشفى نتيجة انهيار عصبي لما أعاني من ضغوط نفسية وعصبية لا أقوى على تحمل المزيد منها.
إني أعمل وبذلك لا أقضي مع ولدي سوى قليل من الوقت يوميًّا ما يقرب إلى 4 ساعات عدا الجمعة والسبت، فمعه طوال الوقت وأحاول أن أعوضه غيابي طوال أيام الأسبوع علمًا أنه يذهب إلى مدرسة أولى روضة. والده منقطع عن إرسال أي مصروف، وفكرت في أن أرفع قضية لأحاول الحصول على دخل منتظم منه، ولكني مترددة خوفًا من أن عمر -ابني- يومًا من الأيام يعاتبني على فعلتي هذه.
ظروفي المادية الآن لا تسمح بالانفصال نظرًا للأعباء التي ستواجهني من توفير مسكن ومأكل لابني ولي، وأحاول قدر الإمكان أن أوفّر بيئة صحية نفسيًّا ومعنويًّا لابني على الرغم من افتقادي لهذه البيئة. أحاول التعايش مع الوضع، ولكن وجود ابني يعتصر قلبي ألمًا على أحواله وظروفه. ما أفعله أن أدعو الله عز وجل أن يبارك لي في ابني الشيء الوحيد الذي يدخل البهجة في صدري. دكتورة ليلى، أستاذة منى أرجو إفادتي في محاولة إيجاد حوار بيني وبين والدتي لمصلحة عمر على الرغم من محاولاتي العديدة التي باءت بالفشل. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أختي الفاضلة.. أم عمر، أولاً آسفة على تأخر ردي على استشارتك، ولكن الاستشارة ظلت في انتظار عودتي إلى أرض الوطن من رحلة إلى أرض المغرب الطيبة، ثم بعدها تعمدت عدم الرد على استشارتك إلا في رمضان عسى الله أن يستجيب دعائي في التوفيق فيما سأخط بقلمي، فقد أحسست بثقل همك وضيق صدرك من وضعك في ثنايا الجمل والسطور، فأحسست بالتالي بعظم الأمانة في أن تأتي الإجابة حاملة لأسباب زوال شيء من الحزن والضيق وإحساس القهر والظلم.
أختي العزيزة -أم عمر- بارك الله لك فيه، وأنبته نباتًا حسنًا، وقرَّت به عينيك في الدارين، وأدعو لك بدعاء أحبه: أن يجعله عونًا لك على الطاعة.
إجابتي لك سوف تنحى منحى مختلفًا عن ذلك الذي قرأته في إجابتي السابقة، ففي إجابتي السابقة حاولت جاهدة أن أخط "معك معالم طرق إعادة الحوار المفقود مع والدتك". ولكن رغم محاولاتك -والتي لا أشك للحظة أنها كانت صادقة ومخلصة- جاءت النتائج مخيبة للآمال، فلا الحوار عاد ولا الوالدة رضيت ولا الجو الأسري ساده الهدوء والسكينة.
أختي اسمحي لي أن أكلمك كلامًا من القلب، رغم أتلال الكتب المتراصة حولي -إلا إنني أؤثر أن أترك مشاعري ذكرياتي وخبراتي المتواضعة في الحياة هي التي تملي عليّ ما سأسطره لك.
فأنا مثلك عانيت يومًا من هذه المشكلة:
أخذ بالأسباب بإخلاص وصدق وعزيمة، ولكن دون جدوى. أفشل المرة تلو الأخرى. كان ذلك عندما حاولت إقناع والدتي -رحمها الله وأنزلها فسيح جناته- أن تغير "دينها" فقد تدين بالمسيحية الكاثوليكية؛ حاولت مرارًا إقناعها بعظم الإسلام وروعة تشريعاته، وحكمة الوحدانية... إلخ، ولكن دون جدوى. تمر السنون، تتعدد المحاولات.. دون جدوى.
حتى أفقت يومًا على قول أحد العلماء –الذين استشرتهم في أمر والدتي وسبل الوصول إلى قلبها وعقلها- (وهنا ما أريد أن أنبهك إليه) أن المرء في كثير من الأحيان يسرف في اعتماده على الأسباب ناسيًا ومتناسيًا اللجوء إلى السبب. يا أختاه. "القلب بيد الرحمن.. بين إصبعي مالك الملك مصرف الأمور مقلب الأحوال – يقلبها كيفما شاء" هو سبحانه وحده القادر على ذلك.
ونصحني ذلك العالم –جزاه الله عني كل خير- باللجوء إلى الله. توقعت أن يطلب مني أن ألجأ إلى الله بالدعاء... ولكنه لم يفعل.. نصحني باللجوء إلى الله بالابتهال.. أنا شخصيًّا في ذلك اليوم لم أكن أعرف الفرق بين الدعاء والابتهال.. أنت في أمس الحاجة إلى تعلم "الابتهال" الابتهال هو الاجتهاد في الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بإخلاص، وهو قمة الدعاء وأعلى درجاته، وقيل إن المبتهل هو الذاكر لله تعالى. ويسن في الابتهال رفع ومد اليدين جميعًا كما ورد في الحديث الشريف في سنن أبي داود: "... والابتهال أن تمد يدك جميعًا". أتدرين متى تصلين إلى درجة الابتهال؟ إذا ترقرقت الدموع من عظم التفكر في قدرة الله سبحانه ورحمته وحكمته في تسيير شئون خلقه.. عندما تحسين وتشعرين فعلاً بكل كيانك أن الله سبحانه وتعالى هو "وليك ووكيلك ومولاك ونصيرك وسندك ومبتغاك" ليس سهلاً، ولكن ألا أدلك على بعض ما يعينك:
أولاً: استغلي هذه الأيام المباركة وتعرضي لنفحات الله في أيام رمضان المباركة. فأكثري من الدعاء أثناء السجود في نهار رمضان.
ثانيًا: فرِّغي ساعات السحر للاختلاء والمناجاة والابتهال. بحيث لا يشغلك أثناء هذه الساعة أو الساعتين أي شاغل آخر.
ثالثًا: اجعلي هذه الساعة بعد قيام ليل فيه من التدبر والخشوع القدر الكبير.
رابعًا: استشعري أثناء ابتهالك: بالتواضع بين يدي الله تعالى، والذل على بابه والحياء منه سبحانه.
خامسًا: تذكري: "أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء". (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن اقترب إليّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن اقترب إليّ ذراعًا اقتربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"). وتذكري قول الله سبحانه: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وقوله تعالى: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ".
سادسًا: لا يكن كل دعائك مِحْوره: "أن يغيّر الله سبحانه من سلوك والدتك"، ولكن اجعلي من سؤالك أن يمنحك الله تعالى خلق الرضى والصبر بدرجاته (فالصبر درجات: اصبروا وصابروا ورابطوا) الحظ الأوفر والنصيب الأكبر. فالصبر ما هو إلا منحة ونعمة من الله يرزقها من يشاء وذلك مصداقًا لقوله: "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِالله". أختي.. "إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم".
المشكلة التي أراها فعلاً -واسمحي لي أن أكون صريحة معك- ليست سلوكيات والدتك، ولكن ردود فعلك أنت. أنا أعرف أن هذا يبدو كلامًا غير واقعي. كيف لي أن أطلب ممن تسمع ليل نهار والدتها تدعو عليها وتقرعها وتستهزئ منها وتحملها من الاتهامات ما لا تطيق أن أطلب منها أن تتناسى وتتغافل عن كل هذا، وتبحث عن سبب همها وحزنها في أمور أخرى. انتظري قليلاً سوف أشرح مقصدي.
ألا تؤمنين بأن الله "حكيم وعدل". حكمته وعدله شملت وتشمل الأمور كلها، أمور الدنيا والآخرة. ومن ضمن هذه الأمور: الابتلاءات. فهناك حكمة -ليس بالضرورة أن ندركها أن تبتلي أنت بهذا الابتلاء، وغيرك بالفقر، وأخرى بالعجز، وثالثة بهم الديون، ورابعة بفقد الزوج أو الولد.. كل منا يُبتلى بشيء مختلف.. "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" كل منا يرزق البلاء الذي يناسبه ويتحمله، ويُبتلى المرء على قدر دينه.
أتريدين أن تصدقيني فتحي عينك وانظري حولك. ليس هناك ابن آدم إلا وهو مبتلى. "إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَد"، ولا يرزق راحة البال إلا القوم المؤمنون.. كيف. ليس لخلو حياتهم من الابتلاءات والمصائب ولكن لأنهم "غَيَّرُوا ما بأنفسهم.." تحولوا إلى الإيمان الحق الصادق إلى الرضى بقضاء الله وقدره، ثم حولوا هذه الطاقة الإيمانية إلى حسن خلق وعمل صالح يُشِعّ هدى وضياء على كل من حولهم. "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" (سورة محمد: 2).
ثم يستطرد الله سبحانه بضرب الأمثال للناس، ويتحول الموضوع إلى جهاد المشركين، وكيف أن الله في هذه الدنيا يختبرنا "وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض"، أي شرع الجهاد [والجهاد ليس بالضرورة فقط الجهاد العسكري في ميادين الحروب، فتحمل أذى الوالدة والصبر عليها وعلى أذاها في سبيل مرضات الله وابتغاء ثوابه نوع من الجهاد] شرع الجهاد ليختبركم كما قال الله سبحانه وتعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ"، ثم يؤكد الله تعالى جزاء الصابرين المخلصين في جهادهم إلى آخر رمق.. "سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُم".
وأؤكد مرة أخرى "سيهديهم ويصلح بالهم" جاءت وكأنها جواب الشرط لما سبقها. "الذين آمنوا وعملوا الصالحات" تمامًا مثل الآية الثالثة في سورة الفتح: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"، بمعنى القلوب عامرة بحب وذكر الله طائعة عابدة شاكرة راضية حامدة جزاؤها: نزول السكينة والطمأنينة والرحمة والوقار.
أختاه.. "إن أعظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي له الرضا، ومن سخط فله السُّخط". احتمال الأذى ليس بالأمر الهين، ولكنه بضاعة الصدِّيقين. قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم من خالط الناس وصبر على أذاهم". فالمسلم الحق لا يرد السيئة بغير الحسنة ولا ينتقم لنفسه وذاته، ولا يتأثر لشخصيته ما دام في سبيل رضى الله تعالى ومرضاته وأسوتنا وقدوتنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ماذا قال عندما رماه أهل الطائف بالحجارة حتى أدمت قدماه وسال الدم: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
أختي الكريمة، الحديث معك لا يمل، ولكن لا أطيل عليك بقي شيء واحد لم أذكره لك، لا أعرف إن كان مهمًّا أم لا: الحمد لله رب العالمين.. تحول قلب أمي من ذلك الذي كانت عليه إلى الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، وأسلمت بعد أن تعلمت أنا أن اللجوء إلى المسبب القادر الرحمن الرحيم ضروري وأسبق على الأخذ بالأسباب. الحمد لله تحول قلبها من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والتصديق بدعوته.. أليس الله بقادر على تحويل قلب أمك من "القسوة إلى الرحمة والرفق والحنان"، ولكن "إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم".
ـــــــــــــ(103/131)
الخوف.. الآن وقت العلاج ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكركم على موقعكم المتميز الذي استفدت منه كثيرًا. مشكلة ابنتي (4 سنوات) بدأت عندما انغلق عليها المصعد وهي بصحبة بعض الأطفال قبل أن أستطيع الدخول معها. ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً؛ إذ قمت بفتح المصعد مرة أخرى بسرعة، ولكني وجدتها مذعورة هي والآخرين، ومن وقتها وابنتي تصاب بحالة هلع من ركوب المصعد، فهي لا تدري ماذا تفعل، تخاف أن تدخل قبلي فينغلق عليها المصعد وتخاف أن تدخل بعدي فينغلق عليّ المصعد وأتركها بمفردها. فتظل تمسك بملابسي وتدور حولي وتدفعني وتصرّ أن ندخل معًا في خطوة واحدة، وهكذا الحال عندما ننزل من المصعد.
حاولت تهدئتها كثيرًا، وشرحت لها كيف تتصرف إذا انغلق عليها المصعد بمفردها وأي أزرار تضغط عليها لينفتح الباب مرة أخرى. ولكن لا فائدة. المشكلة أن توترها هذا يأخذ الوقت فينغلق المصعد تلقائيًّا قبل أن تصعد، فتزداد توترًا.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة.. يسعدنا استفادتك من الموقع ويسعدنا أكثر مشاركتك معنا.. لقد تمت مناقشة مشكلة الخوف عند الأطفال في أكثر في مشكلة على الصفحة، ولكني سأركز معك على عدة نقاط:
أولاً: إن هذا الخوف يعتبر رد فعل طبيعيا في ابنتك نتيجة للتجربة المفزعة من وجهة نظرها التي مرت بها.
ثانياً: إن أفضل وقت للتدخل ومعالجة الأمر هو الآن؛ لأن ترك الأمر حتى سن كبيرة سيؤدي إلى تثبيت فكرة الخوف في نفسها وربما امتدت لتشمل كل الأماكن المغلقة، وهو ما يعرف بالـ “Agra Pbobia” ؛ ولذلك فإن معالجة الأمر الآن هو أفضل الأوقات ويمكن أن ينتهي تمامًا بإذن الله تعالى.
ثالثًا: لا بد أن تدركي أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت فلا تتعجلي النتائج.. كما أنه يحتاج إلى استخدام أكثر من أسلوب وليس أسلوب واحد، مثل الإقناع العقلي بالمناقشة والترغيب بالهدايا والجوائز، والتجربة، ومحاولة التغلب على الخوف.. المقارنة مع أطفال آخرين.. مع كثير من الصبر.
إن ما تفعلين معها ممتاز وهو يحتاج فقط لبعض الإضافات الخاصة:
1 - أعطها ثقة في نفسها بأن المشكلة بسيطة، وأنها قوية وشجاعة ولا تخاف وتستطيع مواجهة الموقف والتغلب عليه، ولكن طبعًا بأسلوب بسيط يناسب تفكيرها.
2 - احكي لها قصصًا عن الشجاعة، وامدحي سلوك الشجعان في القصة عكس سلوك الجبناء.
3 - لا تحكي لأحد عن أنها تخاف من المصاعد، بل العكس احكي دائمًا عن أنها فتاة ماهرة وذكية ومؤدبة وقد كبرت وتستطيع عمل كل شيء يطلب منها، ولا تذكري أبدًا مشكلة المصاعد.
4 - حاولي أن تجعلي الأمر معها في صورة لعبة عند ركوب المصعد، فأنتما تدخلان المصعد معًا في خطوة واحدة وكأنك تلعبين معها؛ لأنها بطبيعة الأمر تحتاج إلى وقت حتى تزول رهبتها من ركوب المصعد، وتنسى مشاعر الخوف التي تشعر بها؛ ولذلك لا نريد في كل مرة تركب المصعد تشعر ثانية بمشاعر الخوف والتوتر، بل العكس نحن نريدها أن تنسى الخوف؛ لذلك حاولي أن تجعليها مرتاحة ومشغولة بقصة أو لعبة عند ركوب المصاعد حتى تعتادها ثانية.
5 - كلما حققت تقدمًا في التغلب على مخاوفها ولو بسيطا جدًّا شجعيها وكافئيها على ذلك بهدية مع وعدها بهدية أكبر إذا كانت أفضل في المرة القادمة، واحكي لوالدها عن شجاعتها وحسن تصرفها في المصاعد.
6 - اجعليها ترى أطفالا آخرين يركبون المصعد بمفردهم دون خوف.
7 - وأخيرًا.. لا تعنفيها أبدًا أو تعاقبيها أو تستخدمي معها القسوة حتى لو استفزتك ببكائها؛ لأنها في سن صغيرة جدًّا والشدة لا تفيد أبدًا في هذه السن.
ومع كثير من الصبر والحكمة وتنوع الأساليب والهدايا والدعاء لها ستنتهي المشكلة بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/132)
إصبعان في مهمة غير مرغوبة- متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرًا لكم على الاهتمام وردكم على مشكلتي، وهي:
- إصبعان في مهمة غير مرغوبة
والخاصة بولدي (4 سنوات)، وأحب أن أخبركم أنه بفضل توجيهاتكم لي بالإضافة إلى استعمال مستحضر (Ecrinal) وهو يوضع على إصبع الطفل قد انتهت مشكلة وضع إصبعه في فمه، كما أنه لا يضع يده الأخرى على أعضائه الذكرية مباشرة، ولكنه أحيانًا يضع يده من فوق الملابس ليمسك بها، فهل هذا الشيء يمكن أن أتجاهله أم يحتاج العلاج؟
كما أن هناك بعض المشكلات التي تواجهني مع ابني وأحب أن أعرفكم أن ابني في السنة الثانية من الروضة في مدرسة إنجليزية.. من هذه المشكلات أن تركيزه ضعيف، فعند عمل أي واجبات دراسية لا يستطيع الاستمرار مدة طويلة، فهو يحب أن يتحرك كثيرًا، وهذه المشكلة ليست في عمل الواجب فقط، بل في كل شيء حتى عندما يأكل يتحرك كثيرًا، وقد تعبت معه كثيرًا حتى أعوده على عدم فعل ذلك ولكن دون جدوى.
ومن المشاكل الأخرى العصبية والعنف داخل البيت، ولكن خارج البيت عندما يتعرض له أحد أصدقائه لا يدافع عن نفسه، فهو عنيف مع أخته وهي أصغر منه، كما أنه يرمي بالأشياء، بعنف داخل البيت.
والمشكلة الأخيرة هي أنه أحيانًا يكذب ويطمع في بعض الأشياء، فأنا أخاف أن ينمو عنده هذا السلوك.
أرجوكم ساعدوني.. أعرف أني أطلت عليكم، ولكن أرجو أن تلتمسوا لي العذر، فأنا أتمنى أن أربي أولادي بطريقة سليمة إن شاء الله، وأن تساعدوني على ذلك. جزاكم الله كل خير على ما تبذلونه من أجل مساعدتنا، وشكرًا. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الفاضلة، وأشكرك على تلمسك الصواب في تربية أبنائك، أعانك الله سبحانه على مهمتك، وأعاننا على إعانتك ومساعدتك كما تأملين، فما أسمى وأبهى ما تفعلين، وأسوق إليك قول ماري كوريللي: "ما من مجتمع راقٍ استطاع أن يصل إلى تحقيق المثل العليا إلا اشتركت في تحقيقه ورفع صرحه أُم عظيمة"، فهنيئًا لمجتمعاتنا بأمهات مثلك يا أختاه، لديهن النية الصادقة والهمّة العالية لصياغة مستقبل أفضل لأمتنا.
ونبدأ الإجابة بتحديد الأسئلة أولاً للرد عليها بدقة:
- هل لمس الطفل أحمد لأعضائه من فوق الملابس ممكن تجاهله أم يحتاج لعلاج؟
- تركيزه ضعيف فعند عمل أي واجبات دراسية لا يستطيع الاستمرار مدة طويلة فهو يحب أن يتحرك كثيرًا؟
- العصبية والعنف داخل البيت، عنيف مع أخته وهي أصغر منه كما أنه يرمي بالأشياء ويعنف داخل البيت؟
- المشكلة الأخيرة هي أنه أحيانًا يكذب ويطمع؟
ونبدأ بالسؤال الأول:
من المؤكد أنه لا يمكن تجاهل هذا التصرف -لمس الطفل أحمد لأعضائه من فوق الملابس- برغم كونه أقل خطورة من رغبته في تحسس أعضائه مباشرة بدون حائل، ولكن في الحالتين فهي عادة مذمومة وخصلة غير حميدة، ويخشى أن يتحول الأمر لحركة عصبية ملازمة لأحمد (ticks) يصعب التخلص منها فيما بعد، وبالتالي فيجب محاولة نهيه عن فعلها بنفس الطريقة التي أشرنا إليها في الإجابة السابقة مع توجيه الطفل أن هذه الحركة لا يحب الناس من يفعلها، وقد لا يحترمونه؛ لذا فيجب ألا يعتادها أو يعتاد ما يقلّل من شأنه أمام الناس، فهو رجل مثل (بابا) ويجب أن يحبه ويحترمه كل الناس.
أما السؤال الثاني عن زيادة الحركة وقلة التركيز:
فالأمر لا يستدعي القلق أو الانزعاج حتى بلوغ الطفل سبع سنوات، فإن استمر الأمر يمكن هنا أن تبدئي في استشارة الأطباء والسعي لتحسين التركيز وعلاج الحركة الزائدة، أما الآن فالأمر ما زال مقبولاً. كما يجب الأخذ في الاعتبار أن الأبناء في سن ما قبل المدرسة (3-7) سنوات يشيع فيهم هذان الأمران بشكل واضح، وهو ما يرجح التعامل مع الطفل على أنه طبيعي وصحيح إلى أن يثبت غير ذلك (لا قدر الله).
أما سؤالك الثالث عن العصبية والعنف:
فيعتبر هذا الأمر في حاجة لمعرفة الأسباب قبل البدء بالعلاج، فهذه السلوكيات التي تسمى Anti social Behaviours عادة ما يكون لها جذور تسببت في إيجاد هذا السلوك، وهو ما يدفعني لأن أطلب منك ما يلي:
1- لا بد من المناقشة مع الطفل والحوار بلغة هادئة وحنونة ومفهومة له عن سبب هذه التصرفات.
2- لا بد من متابعة الطفل وملاحظته، وذلك لكي يمكن الحكم على تصرفاته بشكل صحيح.. فلا بد من متابعة ما إذا كان الطفل يتصرف بهذا العنف كرد فعل على الاعتداء عليه أو إغضابه أم لمجرد الاعتداء على الآخرين، كما يجب مراقبة رد فعله عند الفشل في لعبة أو غيرها هل يتقبل الفشل ويكرر المحاولة أم يثور ويغضب.
3- من غير المستبعد أن يكون رد فعلك أنت ووالده حين يفشل في أداء مهمة تكلفانه بها هو السبب فيما لديه من عنف وعصبية، وهو ما يحتاج منكما للتعامل مع الطفل بشكل جديد يسوده الهدوء والحب والتفاهم والبُعْد عن العنف والعصبية، فضلاً عن تشجيع الطفل دومًا لبذل الجهد للحصول على ما يريد، كما يجب مكافأته عند بذل أي جهد حتى لو أخفق في النتيجة.
فلو طلبتما منه ترتيب حجرته وحاول، فلا بد من تشجيعه ومكافأته حتى ولو لم تخرج الحجرة في أبهى صورة، وذلك ليعتاد بذل الجهد والمحاولة وتقبل الفشل بروح مثابرة تكرر المحاولة ولا تيئس، فلا بد من تعليم الطفل المثابرة وإعادة المحاولة عند الفشل. إن بذل الجهد في حد ذاته أمر يستحق المكافأة عليه بعيدًا عن النتيجة لبذل هذا الجهد، وذلك حتى لا يصبح العنف عنده بديلاً لبذل الجهد للحصول على ما يريد أحيانًا، فيجب أن يصل إليه اليقين بأن العنف لن يقوده للحصول على أي شيء مما يريد.
4- عدم المساواة بين الطفل وأخته أو مدح أخته أو عقد المقارنات بينهما أو إبداء الإعجاب بالأخت.. كل هذا مما يسبب ظهورا وتفاقما لعنف الطفل مع أخته كنوع من رد الفعل على هذه الأفعال التي تغضبه وتؤلمه ولا يستطيع أن يعبّر عن ألمه منها إلا في صورة هذا العنف والعدوان على أخته، وهو ما أناشدكما لتجنبه فورًا.
5- من غير المستبعد أن يكون عنف الطفل محاكاة لتصرفات أحد الوالدين العصبية أو كليهما، فالطفل يتعلم منكما كيف يتعامل مع مفردات الكون من حوله ووجود هذه العصبية لديكما تتسبب في تصرفه بهذا الشكل -بدون شك- كنوع من المحاكاة.
ولمزيد من النصائح المفيدة لتخفيف حدة العصبية لدى الأبناء سأورد لكما في نهاية الاستشارة مجموعة من الاستشارات السابقة عن علاج العصبية لدى الأبناء.
أما عن المشكلة الأخيرة وهي الكذب والطمع:
فالكذب أمر سبق أن عالجناه على الصفحة في مواضع كثيرة سابقة تصب معظمها في أن علاج الكذب يكمن في معرفة دوافعه، وهو ما سيتضح لك من متابعة هذه المعالجات السابقة، ولكن ما أضيفه في هذا الصدد أن الكذب عادة ما يتلازم مع اهتزاز الثقة بالنفس أو نقصها، وكذلك الخوف من العواقب لقول الصدق؛ ولذا فإن طفلك في حاجة لمحاولة إحياء ثقته بنفسه، وهو ما يمكنك السعي نحوه بتطبيق ما سنورده لك من نصائح من خلال الاستشارات والموضوعات السابقة عن الثقة وتنميتها لدى الأطفال والتي سنوردها لك في نهاية الاستشارة.
أما الطمع فسيزول بالمساواة بين الطفلين وإشعار الطفل أنه لا تميز لأخته عليه في أي شيء، وأنه لا يوجد لديها ما ينقصه هو ليطمع فيه ويحاول نزعه منها.
أختي الفاضلة:
إن الآباء الذين يصبرون على تربية أبنائهم ينشأ لديهم أطفال أقوياء قادرون على مواجهة ظروف الحياة والاعتماد على أنفسهم، وما هذا إلا ثمرة التنشئة الصالحة التي تلقوها من خلال الآباء. أعانك الله على إحسان تربية "شهد" ومن سيأتي بعدها من أبناء، وجعلها ذرية طيبة، إنه سميع الدعاء.
ـــــــــــــ(103/133)
أزمة التعليم.. والمعلمات ... العنوان
أعزائي فريق "إسلام أون لاين.نت" الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وكل عام وأنتم بخير..
إن أخي الصغير في العاشرة من عمره، وهو في الصف الرابع الابتدائي ولا يحب المدرسة. ودوما يقول لي: لا أحب الذهاب إليها. مع أنه كان يعشقها السنة الماضية، وأعتقد أن السبب هو أنه أكثر من مرة تلقى عقوبة الضرب من المعلمة، لكن ليس بسبب تقصيره في الدراسة فهو لم يقصر في كتابة الوظائف وحفظ الدروس.. ولكنه أصبح هذه السنة لا يحب الدراسة ولا كتابة الوظائف، ولأنهم يصادرون الكرات التي يلعبون بها.. ومع أنه كان يحب الدراسة جدا في الماضي والأوقات السعيدة هي التي يقضيها بصحبة الدراسة وكانت علاماته تامة.
وهذه السنة تراجع مستواه الدراسي كان معدله 98 من 100، وهذه السنة أصبح 92 من 100 أحاول أن أفهم السبب، لكن لا جدوى.. إنه أصبح يشرد في الدروس، ولا يركز في الدروس عندما تلقيها المعلمة، وعندما يكتب الدرس من على السبورة فإنه يريد أن ينتهي منه، وعندما يكون في الدرس يفكر طوال الوقت بالفرصة، ويريد أن يخرج للعب مع أصدقائه.. واليوم عندما ذهب إلى المدرسة، ولم يأخذ معه أوراق المذاكرة لأنها بقيت معي لأذهب إلى المدرسة، وأراجع المعلمة فيها التي غضبت منه، وقالت له: في المرة الثانية سأكسر يدك إذا لم تحضر الأوراق.. وهذه ليست أول مرة توجه له الإهانات مثل كلمات: حيوان.. حمار.. اخرس.. إلخ، وهو يتلقى العقوبات بسبب الكلام في الصف مع أنه لا يتكلم أثناء إعطاء الدرس.. وهو حساس جدا.. ولكن أعتقد أن المعلمات يبالغن أحيانا.. فهل أستطيع تحليل الوضع على أنه بدأ يشعر بالضغط في وجوده في الصف بسبب المعلمة، وهذا الضغط هو الذي أدى به إلى التراجع في الدراسة، كما أن الإهانات التي يتلقاها في الصف وأمام الطلاب تجعله يكره المعلمة!!
وإذا كان هذا هو السبب فما هو السبيل إلى تغيير الوضع؟ وهل من الممكن أن نغير سلوك المعلمة دون أن تعتبر هذا تدخلا في صميم عملها؟ أصلح الله المعلمات.. إنني أتساءل: أي شباب سيتخرج من هذا الجيل إذا كان يتربى على تلقي الإهانات والسكوت عنها؛ إذن من الطبيعي أن ينشأ جيل متخاذل ومتقاعس؛ لأنه منذ صغره لم يعرف قيمة نفسه، بل كانت محتقرة، وزاد هو في تحقيرها.
أعتقد يا أعزائي أن السبب الأساسي في فشل هذه الأجيال في الدراسة هو عدم كفاءة الكوادر التدريسية، وعدم رقيها في التعامل.. إن التعامل الراقي واحترام الطفل هو الذي يجعل منه إنسانا ذا قيمة ومعنى.
وإنني أتساءل الآن: كيف نستطيع أن نغير في هذا، إذا كان لا يوجد من بين كل 100 فتاة إلا واحدة واعية ومتفهمة؟ جزاكم الله خيرا، ووفقكم لما فيه خير الأمة. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بأخيك، ونوافق معك على أن توجيه الإهانات للطفل أو تهديده بكسر يده ليس أسلوبا تربويا صحيحا في التعامل مع الطفل.. وطبعا سيكون لذلك تأثير على أداء الطفل الدراسي وحبه للمدرسة.. ولكن تحويل مشكلة كل طفل يتعثر قليلا في دراسته إلى حديث عن أزمة التعليم، وعدم كفاءة الكوادر المدرسية، وإن كان فيه بعض من الصحة فإنه لن يحل مشكلة هذا الطفل، وأظن أن جزءا من مشكلة أخيك تكمن في البيت..
فأنت تحمّلين المدرسة كل المسئولية عن مشكلة أخيك، ولم تنظري إلى البيت.. الذي يبدو من بياناتك التي كتبتها أن علاقة الأبوين مضطربة.. ولا بد لهذا الاضطراب أن يكون له أثر على الأداء الدراسي بل والسلوكي لأخيك.. بحيث يبدو دور الأبوين غائبا، ويبدو أنك من أجل ذلك قد انتدبت نفسك للقيام بهذا الدور في توجيه أخيك دراسيا وهو سلوك محمود، ولكنك يبدو أنك في غمرة حماسك لأداء هذا الدور "ونحن لا نعرف سنك أو تعليمك" تتجاوزين حدود الدور بما يضر بأخيك؛ فأنت التي سببت له المشكلة الأخيرة مع مدرسته باحتفاظك بأوراقه؛ لأنك تريدين مناقشة المعلمة فيها.. وهذا ليس من حقك؛ فيجب أولا أن ينفذ تعليمات معلمته، ويحضر الأوراق في وقتها، وإن كان لك ملحوظة أو مناقشة فلتكن في إطار النظام الذي تضعه المعلمة.
وبدلا من أن تنبهي أخيك للالتزام بنظام الدارسة سواء في لعب الكرة في وقت الراحة فقط أو بعدم الحديث مع زملائه تذهبين للدفاع عنه. فهم يصادرون كراته وهم يعاقبونه وهو لا يتكلم وهذا أمر يبدو منطقيا.. فهو لو التزم بلعب الكرة في الوقت الصحيح ما صودرت الكور، ولو لم يتحدث مع زملائه لما عوقب؛ لأن الدفاع المستمر واتهام المدرسات بعدم الكفاءة أمامه سيجعله يستمرئ سلوكه ولا يصححه.. في حين أن التوجيه المناسب سيكون له أثره الإيجابي..
ثم مبالغتك في تقدير التراجع الدراسي؛ حيث نزلت درجاته من 98 إلى 92 بالمائة، وهذا تراجع طبيعي وعادي، ولا يحتاج كل هذا القلق والضجة والحديث عن أزمة التعليم.. لا يحتاج المعلمات إلى إعادة تأهيل تقومين به لهن بل يحتجن زيارات لطيفة تقومين فيها بالتفاهم والحوار الهادئ معهن في نقطة بعينها؛ فالمدرسة التي قالت له: سأكسر يدك، أو سبته بألفاظ معينة تذهبين لها، وتبينين لها كيف أن هذه اللفظة قد جرحت إحساسه؛ لأنه ما كان يتصور أن معلمته التي يحبها توجه له هذه الألفاظ عندها ستجدين آذانا صاغية وتفاعلا بعيدا عن أزمة التعليم والمعلمين.
اهدئي وتفاعلي مع أخيك بموضوعية، واتركي له مساحة يتحرك فيها، ولا تقومي عنه بكل الأدوار. ونحن معك
ـــــــــــــ(103/134)
علاج التبول اللاإرادي.. سلوكيا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أما بعد فعندي طفلي عمره(8 سنوات) يعاني من التبول اللاإرادي ليلا.. مع عدم التركيز في الدراسة، مثلا يقوم بتسميع فرائض الوضوء عليَّ بطريقة صحيحة، وعندما يفعل ذلك أمام أمه فإنه يكون في حالة عدم تركيز -بارك الله فيكم-، ويأتي إلى أمه وقد نسي ما قاله لي. ... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... اعتمدت صفحتنا العلاج السلوكي لمشكلة التبول اللاإرادي عند الأطفال الذي يعتمد على تدريب الأطفال لمدة 3 شهور على الأقل متواصلة بدون أي انقطاع عن شرب المياه أو المشروبات قبل النوم بساعتين، ودخول الحمام للتبول قبل النوم مباشرة، والاستيقاظ أثناء الليل لدخول الحمام مرة أخرى، ومكافأة الطفل بجدول النجوم المتصاعدة؛ حيث يتم عمل جدول للأيام يضع الطفل به علامة النجمة أو يلصقها كـ"إستيكر"، ويزيد عدد النجوم يوميا كلما كان جافا، ويكون عقابه هو عدم وضع النجوم لو تم التبول، ولا يُوبَّخ أو يُضرب ولا يتوقف هذا العلاج السلوكي في أي يوم خلال فترة العلاج الممتدة لعدة شهور..
ـــــــــــــ(103/135)
اللهم أنم عينه.. ... العنوان
أولاً.. تحية وسلام لكل الإخوة المشرفين على الموقع، وعلى هذا الباب بالأخص.. ومشكلتي باختصار شديد تتمثل في طريقة نوم ابني مروان (عمره سنة)، فهو عصبي بعض الشيء في حياته العادية، ويتميز بالذكاء وخفة الظل، ويمر يومه في اللعب وأمه تفعل كل ما في وسعها، وتتبع كل الإرشادات التي تأتي في هذا الباب من موقعكم المحترم، لكن الليل ووقت النوم هو بمثابة معركة تنطلق حتى بزوغ الفجر، فالطفل ينام ساعة ونصفًا إلى ساعتين وبعدها يكثر من التقلب وأحيانًا الصراخ، ولا يسكت ولا يستقر حاله إلا وهو يرضع من أمه، وتتكرر العملية عددًا كبيرًا من المرات بشكل أرهق الأم بشكل كبير، وطبعًا أفقدها القدرة على التحمل، وباستشارتنا للطبيب لم يجد أي مبرر عضوي، أي أن الطفل لا يعاني من أي شيء في جسده، فما سبب كل هذا التقلب في النوم والحركة الكثيرة؟ وما سر معاناته في نومه؟ لا أدري وللإشارة أيضًا فأكله عادي جدًّا مع بعض المشاكل في البراز أحيانًا، وأظنه أمرًا عاديًّا. ... السؤال
اضطرابات النوم, العناد والعصبية ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أبا مروان، وإليك تحية طيبة كما حييتنا، ونسأل الله العظيم أن يرزق ولدك الحبيب مروان نومًا هادئًا وعينًا قريرة إن شاء الله. ولقد ذكرني سؤالك عن مروان بشكوى خالد بن الوليد -قائد جيوش المسلمين ذو الصحة والقوة والبأس– لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرق، ذلك المهاجم الذي يطيّر النوم من العين حتى وإن كان سلطانًا كما يقولون عنه، وقد أرشده النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كيف يقوي عدته وعتاده ليقاوم هذا الأرق، وعلمه كلمات يقولهن ينتصر بهن عليه إن شاء الله، وسنوردها لك في نهاية الاستشارة إن شاء الله تعالى مع مأثورات أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن.
اعذرني أخي على حشد كل هذه الكلمات العسكرية، لكنك أنت من شبهت نوم مروان كل ليلة بالمعركة، وسأظل مستخدمة لهذا التشبيه حتى نهاية الإجابة لنحاول معًا الانتصار في هذه المعركة، وبالطبع فإن الخصم ليس مروان، وإنما هو أرض المعركة أما الخصم فهو الأرق أو بمعنى أدق مسببات الأرق، فهو بالطبع نتيجة لعوامل معينة وللانتصار عليه لا بد من علاج هذه العوامل، فهيا بنا نخطط للمعركة.
نعرض ما لدينا أيها القائد من معطيات أولاً؛ حيث إن مروان كل ليلة:
- ينام ساعة ونصفًا إلى ساعتين.
- وبعدها يكثر من التقلب أحيانًا والصراخ.
- لا يسكت ولا يستقر حاله إلا وهو يرضع من أمه، وتتكرر العملية عددًا كبيرًا من المرات.
- لم يجد الطبيب أي مبرر عضوي، (مع كون هذا الأمر متضاربًا في أنه يعاني مشاكل في التبرز كما أشرت).
فضلاً عن أنك تعتمد على ظنك في مسألة مشاكل الطفل في التبرز وظنك أنه أمر عادي، فتعالَ بنا نضع بعض الاحتمالات في ضوء ما لدينا من معطيات.
أولاً: الطفل الطبيعي في عمر مروان ينام من 8 - 10 ساعات يوميًّا متفرقة أو متتالية، وهذا ما يجعلني أضع احتمالاً أنه ربما يحصل على هذه الساعات نهارًا أو في القيلولة أو في وقت ما يسبق نوم الليل، وهو ما يجعل ساعتين من النوم تكفيانه فيبدأ بعدهما بالتقلب والرغبة في الاستيقاظ.
ثانيًا: وجود الصراخ أحيانًا يوجه احتمالاتنا لطريق آخر –وليس مختلف– وهو وجود ألم ما لدى الطفل، فالصراخ يعني الألم، وحيث إنك لم تذكر أي نوع من الفحوص أكدت لك أن طفلك خالٍ من المبررات العضوية لحالته فسأورد لك الاحتمالات للآلام العضوية التي قد تسبب هذه الحالة:
1 - وجود مشاكل في التبرز والإخراج، وهو ما يجب علاجه؛ لأن ما يسببه من الألم يؤثر على الراحة أثناء النوم؛ ولذا يجب على أمه –صديقة الصفحة الغالية- متابعة عدد مرات إخراجه والكميات التي يتخلص منها وقوامها، وهل هي مناسبة لسنه ولما يتناوله من غذاء، وذلك لموافاة طبيبه بهذه المعلومات لعلاج الأمر ووصف المناسب للطفل.
2 - السبب الآخر ليس مرضًا لكنه مشكلة تساعد عدونا –الأرق– في التقدم بقواته، وهي الجوع، فقد تكون كمية الطعام التي يتناولها قبل النوم غير كافية أو كمية لبن الرضاعة غير مشبعة، وهو ما يجعل الطفل يجوع ويحتاج المزيد فيبكي، وهو ما يتطلب تقديم وجبة مشبعة للطفل قبل نومه فضلاً عن العناية بتغذية الأم وقواعد الرضاعة الصحيحة للحفاظ على غزارة اللبن.
3 - من الممكن أن تكون الأم تتناول منبهات أو عقاقير طبية معينة تسبب للطفل هذا الأرق؛ لأنها تصله في لبن الأم.
ثالثًا: ولدينا احتمالات أخرى مرتبطة بالظروف المحيطة بالطفل مثل المكان الذي ينام فيه هل هو مريح وهادئ ويشعر فيه الطفل بالأمان، أم أنه بارد أو حار مثلاً أو غير مريح أو به إضاءة مزعجة أو مظلم جدًّا فيخيفه. كل هذه العوامل حين نراعي أن تسبب للطفل الراحة فنحن نساعده أن ينعم بنوم هادئ.
رابعًا: ويبقى لنا آخر احتمال وهو الاحتمال النفسي العصبي، وهو رجوع تلك الحالة لوجود نشاط زائد لدى الطفل أو زيادة في كهربة المخ، وهو ما يمكن أن يحدث في عمر صغير كعمر مروان، ولكن كيف نكتشفه؟
يمكن اكتشاف هذا النشاط الزائد بإجراء رسم مخ للطفل وهو مستيقظ وآخر وهو نائم –إن توفرت الإمكانات والأجهزة لرسم المخ نائمًا- ليتم تسجيل نشاط المخ أثناء الليل، وبتحديد هذا الأمر يمكن البدء في اتخاذ خطوات لعلاجه وهو ميسور ومتاح.
أخي الفاضل.. لقد بدأت المعركة الآن بمحاولة تتبع أسباب هذا الأرق لعلاجها، ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرزقك فيها النصر على أعداء نوم مروان.. أما دعاء الأرق الذي وعدتك أن أورده لك فهو:
عن محمد بن يحيى بن حَبَّان -بفتح الحاء والباء الموحدة- أن خالد بن الوليد رضي اللّه عنه أصابَه أرقٌ، فشكا ذلك إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأمره أن يتعوّذ عند منامه بكلماتِ اللَّه التَّامَّات من غضبه، ومن شرّ عباده، ومن همزات الشياطين وأنْ يَحضرون.
وهناك حديث آخر عن الأرق:
"عن خالد بن معدان، قال: سمعت عبد الملك بن مروان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت قال: أصابني أرق الليل فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "قل اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم يا حي يا قيوم أنم عيني، وأهدئ ليلي فقلتها فذهب عني".
ـــــــــــــ(103/136)
دراستي أم هوية طفلي (مشاركة من خبير) ... العنوان
مشاركة من الدكتورة إكرام ومحمد رضا بشير للاستشارة التي نُشرت تحت عنوان:
-في الغربة دراستي أم هوية طفلي؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د. رضا /د. إكرام بشير ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فنشكر الأخت السائلة لاهتمامها بالبيئة التي تحيط بابنها؛ لأن للبيئة أثرًا عظيمًا على تكوين شخصية الطفل خصوصًا في سني حياته الأولى.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
أرأيت أختي السائلة مدى خطورة البيئة المحيطة بالطفل؛ لأن الأبوين يمثلان أول دائرة من دوائر البيئة. وهذه الدائرة قد تصل خطورتها إلى تغيير الفطرة النقية التي ولد بها الوليد إلى اليهودية أو النصرانية أو الماجوسية.
وانطلاقًا من إدراكنا لخطورة البيئة على الطفل خصوصًا في سنوات حياته الأولى؛ فنحن نفضل أن تكون الأم مع ابنها على الأقل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره؛ لأنها من أحرج مراحل حياته، وهي التي يتم فيها غرس معظم المبادئ الطيبة، وتكوين جزء كبير من شخصيته.
إذا كانت هناك ضرورة قصوى للأم لأن تترك وليدها خلال هذه الفترة من حياته، فلا بد من ملاحظة وأخذ الأمور التالية في الاعتبار:
1 - وضع الطفل في حاضنة واحدة.. ولا تتبدل وتتغير عليه الحاضنات؛ فيكون تحت رعاية حاضنة مختلفة كل عدة أيام.
2 - التأكد من سلامة أفكار الحاضنة والجو المحيط بالطفل.
3 - التأكد من أن الحاضنة تهتم وترعى عددًا محدودًا من الأطفال (2 - 3).
4 - ألا يترك الطفل في الحضانة بصورة مستمرة أكثر من حوالي 4 ساعات في المرة الواحدة.
5 - أن يقضي الطفل مع أبويه وقتًا كافيًا بعد عودته من الحضانة. بمعنى أن الأبوين عليهما توفير الوقت الكافي لقضائه مع طفلهما في فترة نشاطه، ويكون هناك تفاعل بين الأبوين والطفل وليس مجرد تلبية لاحتياجاته المادية.
6 - أن تكون اللغة المستخدمة في البيت هي نفسها اللغة المستخدمة في الحضانة، وأيضًا يكون أسلوب التعامل في الحضانة متماثلاً مع الأسلوب في البيت.
7 - أخيرًا ومن المهم جدًّا ألا يخيم على بيئة وجو الحضانة أنشطة تعكس مبادئ عقيدة مخالفة للإسلام، ومثال ذلك أغاني واحتفالات وزينة الكريسماس والهلادين.
وبعد.. فهذه بعض الاحتياطات الهامة التي لا بد من أخذها في الاعتبار إذا اقتضت الضرورة خروج الأم وترك وليدها مع الحاضنة.
ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد لنا ولكم والله ولي التوفيق.
ـــــــــــــ(103/137)
اغضب بعيدًا عن شخص طفلك ... العنوان
طفلي (3 سنوات) مشاغب، ويريد الحصول على كل شيء، وأناني وعنيف ولحوح، ويفعل الأشياء التي تغضبني، فجرّبت معه جميع الأساليب بلا فائدة، بدءاً من المكافأة ورفض تلبية رغباته، منتهية بالضرب، وللأسف بلا فائدة.. فأرجو مساعدتي بإعطائي النصيحة والطريقة الصحيحة في تربيته. وشكرًا. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د. أحمد إبراهيم الهولي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائل الكريم بعد التحية، لعلّ مما يهون عليك أن تعلم أن شكواك شكوى كثير من الآباء في هذا العصر.
ودعنا نحدد شكواك في أن طفلك:
- أناني، وعنيف، ولحوح، ومستفز، وعنيد، ولم تفلح معه أي من وسائل التهذيب.. أليس كذلك؟ إذن فهو على ما يبدو طفل مزعج ومتعب للغاية- كما وصفت-، وعلى الرغم من عدم ذكرك لما قد يعيننا على فهم الأسباب وراء سلوك طفلك، فإن هناك سببًا أكيدًا وهو الوالدان في كيفية التعامل مع هذه السلوكيات، دون فهم لطبيعة المرحلة التي يمر بها الطفل وخصائصها التي يمكن أن تظهر بعض السلوكيات الطبيعية حسب المرحلة والتي تتحول دون فهمها وفهم كيفية التعامل معها إلى سلوكيات مزعجة مستمرة بدلاً من أن تكون مجرد سحابة صيف، وسوف أتناول الموضوع من عدة جهات علّها تساعدك في كيفية التعامل مع طفلك بناء على أسس تربوية حديثة.
تعتبر صفة الأنانية هي أحد السلوكيات التي يتخذها الطفل في التعبير عن حبه للشيء وامتلاكه لنفسه، فالطفل في هذه السن لا يدرك الفرق بين الملكية العامة والخاصة، ويتصور أن كل ما يشتهيه لا بد أن يحصل عليه، وقد ينزعج الآباء من هذا السلوك باعتباره سلوكًا غير محبب بين أفراد المجتمع أو كما يوصف في عالم الناضجين بـ(الأنانية) تلك الكلمة التي لا يعرفها الطفل، ولكن يجب أن نعرف أنه وضع طبيعي للأطفال وخاصة ممن هم دون الثالثة من العمر.
بمعنى أنه من الخطأ أن نحاول تغيير التصرف مع هذه الفئة من الأطفال بنفس طريقة محاولة تغييره مع الناضجين بالعنف والتوجيه اللفظي.. هل أدركت الآن لماذا لا يستجيب لك ويلح في الطلب لدرجة وصولك إلى الاعتقاد بأنه يتعمد فعل الأشياء التي تغضبك؟ ببساطة لأنه لا يفهم ما تتحدث عنه لأنه لا يعرفه، وكأنه تتحدث معه بلغة غير العربية.
ما يجب فعله هو السير في اتجاهين معًا؛ الأول تعليمه ثقافة العطاء وتوصيل مفهوم الملكية له بالتدريج، والثاني توجيه مواقف الأنانية بهدوء بما يخدم الاتجاه الأول مع وضع بعض النقاط في الحسبان
أولاً: لا تستخدم القوة والإلحاح في ترك الأنانية عنده.
ثانيًا: ساعد الطفل في مشاركة الآخرين باللعب بطريقة فنية، ويجب عليك أن تظهر الاهتمام عندما يلعب وتلمس اللعبة وهي بين يديه وتبدي إعجابك بها، وتحاول في الوقت نفسه أخذها منه، ثم إرجاعها في الوقت نفسه حتى لا يشعر بفقد اللعبة (تعلم المشاركة).
ثالثًا: عليك تنويع الألعاب التي يلعب بها الطفل، ونقصد بها هنا أن يتعود اللعب ومعه العطاء والأخذ. مثال على ذلك تعطيه الأم لعبتين أو قطعتين من الحلوى وتقول له واحدة لك والأخرى لأخيك، وبعدها تضمه وتلمه إلى صدرها كمكافأة لما فعل وتعطيه الشعور بالتقدير لعطائه.
رابعًا: المطلوب المرونة منكما –كوالدين- وعدم القلق والتوتر عندما تجدان أن طفلكما احتفظ بحاجياته ورفض أن يشاركه أحد فيها؛ لأنها صفة وطبيعة جُبل عليها الطفل. ومن الأفضل ألا نضغط عليه، وعلينا أن نتفهم طبيعة الطفل فيحتاج الطفل وقتًا لتعلم السلوك المطلوب في العطاء والتخلص من الأنانية، وبدلاً من ذلك قولا له بهدوء: "ربما لا تريد أحد مشاركتك ألعابك حسنًا، لكن هذا سوف يحزنهم، وربما يجعلهم يرفضون فيما بعد أن تشاركهم ألعابهم".
خامسًا: عليك أن تشعر الطفل أن لديه أشياء خاصة حتى نعلمه الفرق بين الملكية العامة والملكية الخاصة وحتى يتعلم كيفية المحافظة على ملكية الآخرين الخاصة، فخصّص أشياء من حاجياته اجعلها خاصة به لا تأخذها منه إلا بإذنه، واعتذر مرات أمامه لمن يطلبها بأنها لا تخصك ويجب استئذانه أولاً.
ويمكنك قبل حضور أطفال إلى بيتكم أن تناديه وتقول له بهدوء إن أطفالاً سيأتون لزيارتنا، وأنهم سوف يحبون اللعب معك بلعبك، فانظر اللعبة الخاصة التي لا تريد أن يلعب بها أحد وضعها في الخزانة حتى لا يرونها.
سادسًا: تمثل القدوة أمام الطفل، وضرب المثل في التعاطف والكرم والإيثار منكما كوالدين، فعلينا أن نشجّعه أن يتصرف تصرفات مماثلة، وينبغي ألا نعمد إلى تأنيب الطفل إذا لم يتصرف بالأسلوب نفسه.. تذكر أنها طبيعة مرحلة تحتاج إلى أن توجهه فيها.
سابعًا: علينا ألا نرفض أي شيء يقدمه الطفل لنا، وعلينا أن نشاركه فيه بكل ترحيب واهتمام وتشجيع كي يتعلم العطاء مع الحب للآخرين.
ونأتي لمشكلة إيذائه للآخرين؟
أحب أن ألفت نظرك إلى أنه لا يوجد طفل محب للأذى بطبعه، لكن ككل إنسان يولد وبداخله الدافع للخير وللشر، وسلوكنا مع الطفل يحدّد سلوكه، فحين استخدمت الضرب في توجيهه فإنه قد فهم أنه أحد أساليب التفاهم بين البشر المشروعة وإلا لماذا استخدمته أنت والده المحب له؟ إنه ببساطة يرد العنف بعنف مماثل مع من يستطيع القدرة عليه؛ ولهذا:
- علينا أولاً أن نشبع حاجات الأطفال الجسدية والنفسية؛ لما لها من دور كبير في إفراغ الطاقات الجسدية، وإشباع الرغبة النفسية، والإحساس بالراحة، والاطمئنان بالقرب من الأهل، وعدم استخدام القسوة أو العنف؛ فالقلق والغضب والتوتر في علاج مشكلات الأبناء قد يؤدي لعكس النتائج المرجوة من حل المشكلة.
- كذلك تأمين الجو العائلي الهادئ والتعرف إلى مشاكل الطفل ومساعدته ليتخطى المشاكل وتفهمه للواقع.
- الالتفات إلى وسائل الإعلام والتسلية المختلفة البصرية والسمعية والفنية والرياضية التي يتعرض لها الطفل، واختيار الملائم منها دون إشعاره بأنه مجبر على ما لا يريد، ودون تركه أمام النماذج السيئة التي تبث له ثقافة العنف والأذى.
والآن يمكن أن نبدأ معالجة المشكلة في أنفسنا أولاً في قضاء وقت طويل مع الطفل والتحدث إليه، ومحاولة التعرف إلى أسباب التهجم الدائم على الآخرين، ونعني هنا التعرف إلى الأسباب، وتجنب المشاكل في حضوره كي يشعر بالأمان والطمأنينة. أيضًا لنضع بعين الاعتبار عدم القيام بردة فعل عنيفة عندما يقوم بإيذاء الآخرين، بل علينا إقناعه بالخطأ ودفعه للاعتذار وإقناعه بضرورة ذلك. وأخيرًا العمل على مكافأة الطفل كلما لعب مع الآخرين دون إيذائهم.
- تجنب تدعيم سلوك الطفل العدواني، فالطفل يسعى بعدوانيته كما قلت: "يفعل الأشياء التي تغضبني" للفت الأنظار إليه وسرقتها عن غيره، وحين تواجهه -تحاول تعديل- سلوكياته بالعصبية والعنف والغضب الشديد فإنه بذلك يدرك بذكائه أنه نجح في استثاراتك ولفت انتباهك.
- وجّه نقدك إلى سلوك طفلك لا إلى شخصه، فالصورة العامة التي نراها أنه عندما يبدر الخطأ من الطفل فإن الكبير يوجهه بالحديث إلى ما كان يجب أن يفعل لكي يتفادى الخطأ. وهذا طبيعي لما فيه من دعم إيجابي لثقة الطفل بنفسه، وهو ما يؤدي إلى الرغبة في تعديل السلوك لمصلحة الكل في المجتمع. ولكن ماذا لو انصب العتب والانتقاد على شخصية الطفل نفسه، وهو ما يؤدي إلى توتر الطفل وعدم ثقته بنفسه والخوف المستقبلي لأي عمل قادم وغيرها من الأمور التي تترتب على الانتقاد السلبي للشخصية.
- فهناك فرق قد لا يلاحظ عند عامة الناس بين العتب للسلوك والعتب للشخصية، وأن هذا التصرف أصبح دارجًا بين الآباء لعدم الوعي بكيفية توجيه العتب في مساره السليم. انتقاد السلوك ما هو إلا دليل على وعي الوالدين في تصرفهما تجاه تربيتهما لأولادهما لما له من تأثيرات قوية على البناء الشخصي للطفل ومساعدته على استكمال نواحي التربية الإيجابية المتكاملة لديه.
أما إذا كان انفعالنا وانتقادنا على شخص الطفل نفسه، ونصبح كالأسود في التهجم عليه بسبب خطأ صغير قد بدر منه، وذلك لطبيعة مرحلته العمرية، بقصد أو دون قصد، فإننا بهذا الانفعال نبدأ بنسف كل شيء قد بنيناه في شخصية الطفل ونزرع فيها القهر والحقد والخوف والحرمان والغيرة وغيرها من الصفات التي قمنا باستبدالها من الإيجاب إلى السلب. وإذا لم يعِ الآباء كيفية التصرف مع الأبناء في توجيه الانتقاد، فإننا نكون قد فقدنا سلوك وشخصية أطفالنا.
والملاحظ في مشكلتك هو ابتعاد الوالد لفترات طويلة وانشغاله خارج المنزل؛ في حين أن الفترة التي يقضيها الطفل مع الوالد مهمة لما لها من مردود تربوي هام في حياة الطفل؛ فلا تكتمل التربية بدون أحد الوالدين، فكل منهما مكمل للآخر، حيث يتعاون كلاهما بسدّ ثغرات التربية التي يخلفها الآخر؛ فلا يمكن أن تسد الأم كل الثغرات التي يتركها الوالد.
- ابدآ أيها الوالدان معًا في تنظيم الإدارة مع الطفل وإدارة المسائل التربوية في المنزل. وأخيرًا لنتمالك أنفسنا عند الغضب، وليكن عقابنا بعيدًا عن شخص الطفل وإنما يكون العقاب لسلوك الطفل نفسه؛ حتى لا نهدم بلحظة شخصية الطفل ونفقد ما بنيناه في سنين. والله ولي التوفيق.
ـــــــــــــ(103/138)
باسل يثأر لقلبه الجريح ... العنوان
ابني عمره سنتان، وهو الحمد لله يدخل الحمام بعد أن يعطيني إشارة وهي كلمة خاصة قد عودناه عليها، ولكن نحاول معه فى الليل أن يقوم بحمام ماء، ولكنه يرفض تمامًا وتكون النتيجة أن يفعلها على نفسه، وحاولت والدته معه لدرجة أنها أحضرت له (القصرية) في السرير، ولكنه أيضًا يرفض. فهل أدخله الحمام عنوة أم أتركه. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا أبا باسل مرة أخرى ، ومرحبًا بباسل وأم باسل، وأحب أن أبدأ حديثي معكما بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه".
ولعلي قدمت للإجابة بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم للرد على سؤالك يا أبا باسل: "فهل أدخله الحمام عنوة؟".. وبعد أن أجبت عن هذا السؤال.. أبدأ في عرض البديل عن هذه العنوة.
قبل أن أقدم لكما أيها الوالدان الكريمان كيفية التعامل مع باسل إزاء هذا الموقف، أحب أن أعرض لكما أولاً تصوري عن سبب هذه المشكلة، فمعرفة السبب وعلاجه خير لنا بكثير من علاج النتائج.
وفي الحقيقة أنا أرى أن الطفل يأبى الانصياع لأوامركما بهذا الشأن كنوع من العقاب أو التمرد أو الرد على تركه في الحضانة.. كما ذكرت لنا في سؤالك السابق ، ويزيد الطين بلة إذا كان الأمر قد تزامن مع فصله حديثًا عن جوار الأم عند النوم، وبالتالي فهو يثأر لقلبه الجريح بعقابكما بالامتناع عن شيء تطلبانه منه.
وبالطبع فالحل لعلاج هذا الجرح هو مداواته، وهنا أسألكما: كيف يداوي الطبيب مريضه؟ إنه يداوي جراحه باللمس الرقيق وليس بمبضع الجرّاح، ولا يميل لاستخدامه إلا بإلحاح الحاجة لذلك، والطفل عند شعوره بالمودة والطمأنينة يشعر بالأمن والسعادة والاستقرار، وهو ما يساهم في حل مشاكله عندما يحس بهذه المشاعر.
وهنا نعود فنؤكد على ضرورة تلبية حاجة الطفل النفسية أولاً من احتضان وحب وإشباع وعدم استعجال أي خطوات للانفصال في الحضانة أو المنام قبل أن يبدي الطفل استعداده لها وقبوله بها، فهناك فروق فردية بين الأطفال، وهو ما يؤكد على ضرورة مراعاة هذا الأمر قبل التصميم على تطبيق تجارب الآخرين، والحصول على نتائجها كما حدث معهم.
ولذا فلا بد من وضع قاعدة هامة في التعامل مع الأطفال من سن ولدك، وهي أنهم حين لا يستجيبون فهم غالبًا لا يستطيعون.. هل فهمتما ما أعني؟ أعني أن إجبار الأطفال في هذه السن على شيء لا يطيقونه أو لا يحبونه قد يكون له العديد من الآثار السلبية، وهو ما يؤكد احتمالية رفض الطفل للتبول قبل النوم لإبداء اعتراضه ورفضه لشيء يكرهه، وغالبًا أنه الحضانة.
وبالتالي فبعدما عرفنا الأسباب.. يصبح العلاج أسهل، فقد وضعنا أيدينا على المشكلة الحقيقية وليس نتائجها، وهو ما يجعل خطواتنا في الطريق الصحيح ويجعل ما نحاول علاجه أمرًا محددًا.
وأعود فأؤكد أن ما أمدكم به من نصائح للتعامل مع باسل إزاء رفضه عمدًا للتبول قبل النوم هو مقترحات للمساعدة يتوقف نجاحها وسرعة إتيان نتائجها الطيبة على قدر ما تلبون من خلالها احتياجات باسل النفسية، فتغمرونه بالاحتواء، وتلبون له أمله في الحنان والحب، فالطفل بالفعل قد أصبح نظيفًا، فهو يطلب التبول في أثناء النهار بشكل عادي وطبيعي.. أما رفضه للأمر ليلاً فهو نوع من أنواع العند أو الغضب كما أشرنا؛ لذا فلا داعي للقسوة عليه أو إعادة تدريبه، فلا حاجة لذلك مطلقًا، كي لا يتراجع خطوات للخلف في العملية كلها حتى أثناء النهار، وإنما كل ما نحتاجه هو اجتياز هذه المرحلة من العند والغضب بحل أسباب ذلك.
وهذا يقودنا بالطبع إلى الإجابة على الاستشارة السابقة عن الحضانة لتكون الخطوة الأولى في العلاج، أو لنقل الخطوة الأولى في التعامل الصحيح مع باسل إزاء رفضه هذا وتمرده.
أما الخطوة الثانية: فهي محاولة التعزيز والترغيب للطفل بهدوء وتشجيع لكي يوافق، وذلك بالتلويح له بمكافأة يحبها، أو بقصة جميلة أو "حدوتة" تحكيها له الأم في هذه الأثناء، فلا بد أن تحاول الأم بإصرار ولكن بهدوء ولطف، وبنوع من المحايلة والتشجيع المعنوي (الابتسامة، التصفيق، الاحتضان)، والمادي كالحلوى أو لعبة صغيرة ... كما ذكرنا.
ولا بد من إقران عملية القبول دومًا بمكافأة.. ولا تظهر المكافأة إلا في حالة التبول في المكان المخصص لذلك، فهذا ينبِّه الطفل وجهازه العصبي.
وإذا كنا قد قلنا بأن عملية التدريب تحتاج إلى التشجيع، فحذارِ من التقريع وابتعدا تمامًا عنه، ولا تقومان بلومه إذا ما فشِل في إخراج بوله في المكان المخصص لذلك، بل يُكتفى بحرمانه من الهدية التي كانت مخصصة لإنجازه هذه المهمة، وإن كان هناك معاتبة فبأسلوب لطيف.
الخطوة الثالثة: يمكن بلّ قدَمي باسل ويديه مثلاً قبل النوم وإدخاله الحمام للتبول؛ لأن البرودة أو البلل يساعدان الطفل على التبول؛ فالبرودة تتسبب في وصول إشارات عصبية للمثانة للتخلص مما بداخلها.
الخطوة الرابعة: أؤكد لكما فيها أنه لا داعي للدخول مع الطفل في عنادٍ قد يؤدي به لإمساك مزمن.. لرغبته في أن يمنع فضلاته عنادًا.. فمن الممكن تجاهله مؤقتًا عسى أن يطلب هو كما اعتاد لو شعر برغبته في التبول، وخاصة أنه معتاد على هذا الأمر.
وأحب أن أورد حقيقة مهمة وهي أن حالة التبول الليلي لا تحدث فقط نتيجة لامتناعه عن التبول قبل النوم، وإنما لها أسباب عديدة ستطّلعا عليها في الموضوع الذي سأورده لكما في نهاية الاستشارة.. وغالبًا ما تنتهي وحدها في سن معينة وهي غالبًا الخامسة، كحد أقصى، وبالتالي فلا داعي للقلق الآن أو الشك في أن امتناعه عن التبول قبل النوم هو السبب الوحيد والرئيسي، وهو ما يجعلكما تضغطان عليه وتستعجلان النتائج، وبالتالي فلا داعي للضغط الشديد على باسل، ويفضل تركه كما اعتاد أن ينبهكما إذا احتاج للتبول.
أيها الوالدان الكريمان.. إن الأمر سينتهي حتمًا إن شاء الله، ولكن لن أقول سريعًا، فإن ما سيتحكم في سرعة حصولكما على نتيجة اتباعكما لما أشرت إليه من مقترحات هو حنانكما واحتضانكما وتلبية احتياجات الطفل النفسية من ضم واحتضان وملاعبة والتصاق.. وهو ما سينهي حالة العند هذه إن شاء الله.
أرجو أن أكون قد وفرت لكما ما يلزم من معلومات مفيدة.. ونحن معكما دائمًا في كل ما يخص باسل أو من سيأتي بعده من أحباب.. رزقكما الله الذرية الطيبة، وأعانكما على القيام بتربية باسل على خير وجه، وأرجو أن أسمع أخبارًا سعيدة قريبًا عن باسل.. كما أنتظر أن ينتهي استبساله في رفض إطاعة طلباتكما منه على كل خير وسلام.
ـــــــــــــ(103/139)
أمي أسألك البقاء بحضنك ... العنوان
عندي طفل عمره سنتان، وقد ذهب للحضانة من حوالي شهر، وهي حضانة عبارة عن شقة وليست مفتوحة وبها مشرفتان، ولكن نحسبهم على خير إن شاء الله، وكانت والدته تذهب به إلى الحضانة في البداية وكنا نتركه ساعة وساعتين على الأكثر بالتدريج، ولكنه في الفترة الأخيرة بدا أنه لا يريد أن يذهب إلى الحضانة، وخصوصًا بعد أن انتهت إجازة والدته وذهبت إلى العمل، وأصبح يقضي في الحضانة حوالي 4 أو 5 ساعات، فهو يبكي من أول أن أدخل الشارع الذي به الحضانة، ولكني أحاول أن أشغله في أي شيء فيسكت، ولكن عندما يفتح باب الحضانة فإنه يبكي وتأخذه المشرفة مني، وأنتظر على الباب، فما هي إلا لحظات ويسكت ابني.. فهل هذا خطأ أم أن بكاءه أول ما يدخل الحضانة شيء طبيعي؟ خصوصًا أنه أحيانًا يبكي عليّ عندما أغادر المنزل أنا أو والدته، ولكننا نشغله في أي شيء، فسرعان ما ينسى وينشغل.. أرجو الإفادة عن هذا الموضوع وما حوله، خصوصًا أنه أول طفل، وجزاكم الله عنا خير الجزاء. ... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم يا أخي الفاضل ومرحبًا بك وبباسل، وكل عام وأنت بخير. أعاد الله تعالى عليك شهر رمضان بكل خير.
في البداية.. أعتذر عن التأخر في الإجابة لظروف خارجة عن إرادتنا.. وأرجو أن تلتمس لي العذر في هذا التأخير.. وفقك الله وإيانا لكل خير.
في الحقيقة لقد احترت في البداية هل أقدم لك الرد على سؤالك هذا -الخاص بحضانة باسل– منفردًا عن سؤالك الآخر عن تبوله ليلاً، أم أقدمهما مندمجين وذلك لترابطهما في بعض الجزئيات؟ لكني آثرت أن أقدم كل واحد منهما منفردًا.
في بداية حديثنا عن الحضانة الذي سأوجهه لك ولأم باسل أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى أمور غاية في الأهمية:
1 - كيفية اختيار الحضانة الملائمة للطفل.
2 - كيفية إعداد الطفل للحضانة.
3 - التعامل مع الطفل بعد العودة من الحضانة.
أولاً: بالنسبة لاختيار الحضانة لا بد لتحديد الحضانة التي يُترك بها الطفل هذا العدد الكبير من الساعات (5 ساعات) وهو عدد كبير بالنسبة لسنه، فلا بد من مراعاة شروط معينة تجدها في الموضوع التالي:
- أم نحكوش تختار الحضانة
وأحب أن أضيف في هذه الجزئية أن الحضانة لا بد أن تكون مكانًا يمتلئ بالبهجة والسرور واللعب؛ فيفرح فيه الطفل ويبتهج ويبذل نشاطًا وطاقة، ويكتسب خبرات ويستمتع بوقته وليست مجرد مكان يُترك فيه الطفل كما تترك السيارة في مكانها الخاص بها.. وأعتقد أن هذه الإضافة كان لا بد منها للرد على الجزئية الخاصة بوصفك للحضانة التي تتركان فيها باسل من كونها شقة مغلقة (شقة ليست مفتوحة وبها مشرفتان).
وبالطبع فإن اختيار الحضانة أمر ذو أهمية كبيرة في إقبال الطفل عليها وحبه لها ولقضاء وقته فيها.
ونأتي للجزئية الأخرى كيفية إعداد الطفل للحضانة:
لا شك أن بكاء الطفل الحبيب باسل هو رفض للانفصال عنكما، واستبدال أي أحد ولو كانتا مشرفتين (تحسبهما على خير) كما تقول بكما.. كما أن سكوته بعد انصرافك إنما هو تسليم بالأمر الواقع وربما ليس رضا به، وهو ما يظهر في رفضه التبول قبل النوم كما سيأتي في ردنا على سؤالك الآخر، وهو ما يجب تدارك آثاره سريعًا بترغيب الطفل في الحضانة وإعداده إعدادًا جيدًا يجعله أهلاً لأن ينتقل من التربة التي نشأ فيها إلى تربة جديدة دون أن يذبل، ولعلنا استخدمنا هذا التشبيه في استشارة سابقة فقلنا: لو أن هناك نبتة صغيرة نريد أن ننقلها إلى تربة غير التي ترعرعت فيها.. فما الموعد المناسب لنقلها؟.. من المؤكد أن هذا الموعد لن يحين قبل أن يشتد عودها، وتقوى، وتصبح قادرة على أن تحيا وحدها في تربة جديدة بعد أن امتصت من التربة القديمة المغذيات، وما يكفيها لتواجه الحياة.
وماذا لو تم نقلها قبل ذلك؟ لا شك ستضعف وتذبل وربما تموت، وما تختلف فيه تلك النبتة التي سنتسرع في نقلها والنبتة الإنسانية التي نخطئ معها نفس الخطأ هو أن الأولى ستذبل وربما تموت، أما الثانية فستعيش لكنها ستعيش بدنًا وتموت نفسًا أو تتأزم وتضطرب على أقل تقدير.
نخلص من هذا أن الطفل لا بد له من إعداد جيد قبل الحضانة، وهو ما يجعله مقبلاً عليها متشوقًا لها، وستجد في الاستشارة التالية ما يفيدك في موضوع تأهيل الطفل للحضانة وترغيبه فيها:
- الحضانة الميلاد الثاني.
وهو ما أضيف عليه بعض المقترحات:
1- إعطاء المدرّسة في الحضانة بعض الألعاب الصغيرة والحلوى التي يحبها الطفل لتكافئه بها عندما ينتهي من طعامه مثلاً.
2- إغراؤه دائمًا بأن "الحضانة جميلة وبها مراجيح وألعاب.. يا حظك ستلعب بها.. هل ينفع أن يأتي فيها الكبار يلعبون مثلك؟"، وهنا أؤكد مرة أخرى على ضرورة اختيار حضانة ممتعة للطفل تتعدد بها الأنشطة ويستمتع فيها الأطفال بأوقاتهم بحيث يشعرون أنها نزهة ورحلة مبهجة.
3- من الممكن أن يتم إشراكه في جو من البهجة والسعادة في إعداد ملابسه للغد في الحضانة وحقيبته وزجاجة الماء الخاصة به؛ ليشعر بالمتعة وأنه مقبل على شيء جميل.
4- لا بد من غمره بالحب والحنان والالتصاق في البيت بعد عودته؛ وهو ما يعوضه عن فقد الأم بالنهار، وذلك في عدد من الساعات مساوٍ تقريبًا لما تتركه فيها في الحضانة.
وهنا ننتقل إلى كيفية التعامل مع الطفل بعد العودة من الحضانة:
1- لا بد من تعويضه عن ساعات الانفصال بالنهار في الحضانة بأنشطة وألعاب ومناغاة واحتضان من قبلكما معًا أو كل منكما على حدة.
ولمزيد من الأفكار عن هذه الأنشطة يمكنكما مطالعة الموضوعين التاليين:
- مفاجأة: ابن السنتين له أنشطته
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
2- لا بد من تلبية احتياجه للقرب من أمه فترة تواجده بالمنزل طالما أبدى هذه الرغبة دون أي امتعاض أو تقاعس لكي يستطيع أن يتماسك، (ويلملم مشاعره) في قربه من أمه لتصبح لديه القدرة على الانفصال بدون إجبار وببنية نفسية قوية متماسكة مدعمة.
أيها الوالدان الكريمان، إن دور الحضانة يحدث بها أشياء كثيرة قاسية على نفس الطفل أقلها حرمانه من احتضان أمه له؛ ولذا لا بد من تدعيم الطفل جيدًا وتقويته قبل تعريضه لهذه التجربة؛ وهو ما يشجعني أن أقول لكما: إنه من حق الطفل عليكما أن أستمر في رفض الحضانة –بعد التماسكم لأسباب ترغيبه فيها وحسن اختيارها– أن تحاول الأم قدر المستطاع مد إجازتها لإشباع ابنها من حضنها وتلبية احتياجاته، حتى يحين موعد الانفصال الذي يحدده هو.. فالطفل قد يقبل بالأمر الواقع؛ لأنه ليس بيديه حيلة، لكن مع مرور الوقت يؤثر ذلك عليه كثيرًا إزاء من قسوا عليه وتركوه، وتخلوا عنه حينما كان يحتاج قربهما، والخلاصة لا بد أن يذهب باسل للحضانة عن رغبة واقتناع وسعادة وليس مجبرًا.
أختم حديثي معكما بالمثل الروسي الذي يقول: "الجو مشرق في الشمس، ودافئ بالقرب من أمي". جعل الله عز وجل أيام باسل كلها مشرقة في حضنكما وبارك الله لكما فيه، وأنبته نباتًا حسنًا ووفقكما في تربيته.
ـــــــــــــ(103/140)
ثرثرة ابنتي.. من يوقف هذا الصداع؟ ... العنوان
ابنتنا (5 سنوات) ذكية جدًّا ولديها سرعة بديهة وقوة ملاحظة شديدة، بدأت الكلام مبكرًا (وهي بعمر سنة)، ومنذ ذلك الوقت لم تسكت أبدًا فهي كثيرة الكلام، والسؤال والثرثرة وكنا (أنا وأمها) في السابق نعاقبها بالضرب كثيرًا، ولكننا والحمد لله توقفنا عن ذلك منذ أكثر من سنة. كانت تذهب إلى مراكز تحفيظ القرآن منذ كان عمرها ثلاث سنوات ونصفًا، ثم دخلت السنة الماضية في الروضة وهي تحب المدرسة، ولكن ومنذ البداية كان هنالك شكوى من المدرسين أنها لا تلتزم بإرشادات المدرسين من حيث الهدوء وعدم الكلام بدون إذن، والسبب في ذلك أنها تتعلم وتفهم سريعًا، وتريد أن تقوم هي دائمًا بالإجابة وحل المسائل والتعليق على أي موضوع يطرح، وتقوم كذلك بإظهار أخطاء أي طالب في الصف والرد على من يسأل من الطلاب، المعلمة الحالية تقول لقد حاولت معها جميع الأساليب من ترغيب وترهيب لكن الفائدة تكون آنية ثم تعود إلى ما كانت عليه، وكما قالت معلمتها (إنها ليس لديها براءة أطفال؛ لأن عقلها ناضج أكثر من عمرها). وهي تحاول دائمًا لفت النظر إليها بأي طريقة سلبًا (عمل شيء تعرف أنه خطأ) أو إيجابيًّا.
لا أريد أن أطيل عليكم كثيرًا، ولكن إذا كان عندكم المزيد من الأسئلة فسأكون مسروراً للإجابة عنها.
... السؤال
إفشاء الأسرار والثرثرة ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل/ عامر.. أهلاً بك في صفحتنا وموقعنا وتقبل الله طاعتكم في هذا الشهر المبارك.
كنت أتمنى لو ذكرت بعض الصفات الاجتماعية المتعلقة بسلسبيل لكي أستطيع أن أحدد المشكلة بشكل أدق لدى سلسبيل صغيرتك الذكية النشيطة التي لا يعجبها الحال العادي وتريد أكثر دائمًا.
نحتاج أحياناً -نحن الآباء- لتحديد المشكلة إلى النظر في الجوانب الإيجابية لدى أطفالنا، وحصر الجوانب السلبية عن طريق الإجابة على مجموعة أسئلة نضعها نحن دون التأثير بالعواطف والقوانين التقليدية التي تصف الطفل الممتاز بالهادئ والمطيع.. من أمثلة ذلك: هل ابنتي متسامحة؟ عطوفة؟ لا تتكلم ببذاءة؟ هل تفشل في أداء المهمات؟ هل تتحرك لا إراديًّا وبلا ضوابط؟.. على كل من تحليلي للمشكلة حصرتها في (عدم السيطرة على الدوافع والتي ينتج عنها عدم احترام السلطة وفرض أسلوبها الشخصي ورغباتها على الكبار والصغار معًا)..
ومن المعروف أن أسلوب التربية له دور في سلوك الطفل خاصة الطفل الوحيد والذي يحتاج غالبًا إلى تعلم كيفية التواصل مع الآخرين، بحيث يشكل عدم وجود إخوة له عائقًا أمام تعلم المهارات المتعلقة بالتعايش مع غير الأبوين مثل احترام الكبار -أبويه بالنسبة له ليسا كالكبار الآخرين- و الالتزام، الالتزام بالوقت والدور والنظام وأهميته وانعكاسات ذلك.
وهي لا تعرف بالضبط ماذا تفعل بدافع الظهور ولفت النظر لها ويساعدها ذكاؤها وسرعة استيعابها على الخروج عن النظام، خاصة إذا وضعت المعلمة في موقف محرج أمام خروج الطفلة عن النظام وذكائها في الإجابة، فتضطر لتعزيرها على الإجابة، فيكون التعزير بالنسبة للطفلة على ذكائها وعلى خروجها عن النظام.
ومن المؤسف أن يحلل ويتعامل المعلمون أحيانًا بشكل غير عادل ويعطون لأنفسهم الحق بالحكم على الأطفال هكذا (ليس لديها براءة الأطفال) ما يعني ذلك؟ كان الأولى أن يحكم عليها بالذكاء ومستوى النشاط العالي وهذه إيجابية يتمناها كثير من الآباء لأطفالهم. أما إنها تحاول القيام بالعمل الخطأ للفت النظر إليها فهي تفتقر إلى الاهتمام بذكائها وتقبلها بحيث تكون توقعات الوالدين منها أكثر من قدراتها.. هنا يا أخي عامر اسأل نفسك مع والدتها هذه الأسئلة:
كم عدد المرات التي تحصل فيها سلسبيل على الدعم والتعزيز؟
كم عدد المرات التي نقوم بلومها في اليوم؟
كم هي العبارات التي تتضمن الأوامر فقط والتي تعطي لها في اليوم؟
كم مرة نقوم بانتقادها في اليوم؟
حدّد يومًا واحدًا وأجب كتابة ودوِّن عدد المرات كلما قمت باللوم أو النقد أو الأوامر، وحدّد كم مرة تعززها، وكم مرة تشاركها اهتماماتها، وهل تمارس حقها الكامل في اللعب والطفولة والحرية دون قوانين الكبار وأوامرهم؟
نخطئ أحيانًا حينما نريد من أطفالنا أن يتصرفوا كالكبار في كل شيء، فيحتارون بين طفولتهم وانطلاقتهم وحبهم للاكتشاف والتجربة واللعب وبين قوانيننا التي لم نلتزم نحن أصلاً بها حتى في كبرنا؛ لذلك تلاحظ أنها تتصرف بتناقض أحيانًا فهي لا تعرف ماذا يريد الكبار منها بالضبط؟
وأعود للتوقعات التي حتى لو لم تلفظ أمام الطفل فإنه يفهمها بأعمق مما تتصور فلا يصح أن تكون توقعاتنا من أطفالنا أكثر أو أقل من قدراتهم، ولكي أوضح هذه النقطة، فهي تفهم احترام الآخرين مثلاً بالتحادث معهم والثرثرة وكثرة الأسئلة، ونحن نعتقد أن الحديث المحدود والجلوس بأدب وعدم التدخل هو الصورة الإيجابية لذلك، فلا يعجبنا ما قامت به فتطلب المزيد كأنها شخص كبير، بينما بإمكاننا أن نشجعها –أو على الأقل نسكت- على هذا الحد ونقبل منها الثرثرة مع الكبار والأسئلة، ولكن لا نقبل عدم الاحترام مثلاً –ولكن بمقاييس عادلة ومحصورة في الكلام البذيء والتطاول والإزعاج والفوضى- ونصبر على البقية؛ لأننا في النهاية لا نريد قتل الجرأة والروح الاجتماعية وتعلم التواصل مع الآخرين بغض النظر عن موضوع هل هذا أكبر من عمرها أم لا. تأكد أن الطفل لا يتصرف إلا بعفوية ومحاولاتنا نحن الكبار لتحطيم عفويته بحجة أننا نريده مؤدبًا نظاميًّا طفولي التصرفات.
إن باحترامنا لعفوية الطفل نصنع منه طفلاً مبدعًا وذا شخصية لم يعتد عليها عالمنا العربي ولا تربية مجتمعاتنا المحلية.. نريده حرًّا واثقًا قوي الشخصية، وهذا يمكن أن يتحقق بقوة في طفلتك –ما شاء الله- ونحن دورنا تعليم الطفل وتنظيم إبداعاته الحياتية وإعطاؤه الفرصة ليكتشف الصحيح من الخطأ برعايتنا نحن، ولكن الرعاية التي تتمتع بسعة الصدر والأريحية وعدم الوقوع تحت ضغط المجتمع والمعلمين؛ لأنهم بشكل عام يفكرون بنمطية واحدة تقليدية تراعي الالتزام بالتقاليد (وماذا سيقول الناس)، وقولبة الطفل في الصورة القاتلة التي تمتاز بها مجتمعاتنا (ذكي، خلوق، وجريء، واثق من نفسه مبدع، ولكن لا يتحرك من مكانه، ويبقى منكبًّا على الكتب، وأصدقاؤه محددون، وقوانيننا صارمة... إلخ).
على كل حال -أخي الفاضل- أحصر لك مجموعة حلول وأدع تفاصيلها الصغيرة لك، وكل تحليل والحلول التي سأقترحها عليك هو توقعات خذ منها ما يناسب طفلتك، فأنت أعلم بالتفاصيل الصغيرة وأذكرك أنه لا يوجد حل سريع لأية مشكلة، فعليك بالصبر، ولا تدع المشكلة همًّا كبيرًا عليك وعلى والدتها.. تعامل معها براحة وسعة صدر وصبر، وأحب أن أخبرك بشيء مهم: أظن أن وراء سلسبيل والدين رائعين.. لنجد كل هذه الجرأة والتشجيع لكي تنطق من عمر السنة، وكل هذه الثقة بالنفس لتكون مع الآخرين جريئة وكل هذا النشاط، بل كل هذه السعادة فاحمد الله تعالى على ذلك.
والآن إلى الحلول المقترحة:
1- التقبل: تقبلها كما هي بلا شروط ولا تشعرها أنك تحبها إذا صمتت عن الأسئلة، ولا تجعل هذه المحبة مرتبطة بأي من السلوكيات التي لا ترغبها، بل افصل السلوك عن المحبة والتقبل، إن أفضل مشهد للتقبل، أن تستمع بصبر وابتسامة لسيل الأسئلة والثرثرة، وبعدما تنتهي تطلب منها أن تذهب للعب؛ لأن لديك ما يشغلك، حينما تشعر أنها مشبعة من التقبل ستخفف قليلاً من الثرثرة؛ لأن تجاوبك معها يجيب على أسئلتها ويعطيها ما تريد.
2- علّم طفلتك السيطرة على دوافعها، وأن تفكر قبل القيام بأي عمل، وأبدأ بالحديث مع النفس علمها أن تتحدث إيجابيًّا لتسيطر على سلوكها.. مثلاً إذا أرادت أن تسأل: أن تكتب مجموعة الأسئلة التي تريدها على ورقة قبل أن تبدأ بالسؤال، بالطبع عمر سلسبيل صغير على أن تتمكن من الكتابة لنفسها، ويمكنك أن تساعدها أو أمها في ذلك، أو أن تطلب منها محاولة رسم ما تريد قوله، وإذا همّت بالثرثرة أن تقول لنفسها: انتظري قليلاً وفكري يا سلسبيل الحلوة، وهكذا ينطبق أكثر على المواقف.
ثم ساعدها في أن تسجل يوميًّا عدد المرات التي تصرفت بها بشكل مناسب، وذلك عن طريق جدول الحوافز وقوما بتصميمه سويًّا في جلسة لطيفة بقصه على شكل حيوانها المفضل، مع رسم بعض الصور وتلوينها أو وضع ملصقات عليه، يرسم عليه جدول يقسم خانات توضع فيها علامات (مثلاً أحمر للسلوك الجيد. وأزرق للسلوك غير الجيد)، وقم أنت بمكافأتها بهدية بسيطة أو بتجميع عدد النقاط الإيجابية كل أسبوع ومكافأتها في نهايته، ويفضل أن تبدأ بالمتابعة اليومية والتعزيز اليومي مبدئيًّا حتى ينخفض عدد المرات، ويتعدل سلوكها غير المرغوب، باعتبار صغر سنها.
3- تجنب الضرب تمامًا فهو يفاقم المشكلة، وله سلبيات كبيرة على نفسها، أوقف اللوم المستمر والنقد والأوامر، وغيّر طريقتك في الاحتجاج على تصرفها مثل وقف الكلام معها لمدة ساعة، وأبلغها بذلك ولا تقم بعمل عقوبة مثل هذه دون تحديد الوقت وعدم المبالغة حتى لا تفقد قيمتها.
4- أشغل ذهنها بالقراءة لها والقصص واللعب والرسم والرياضة ومساعدة الأم وتكوين أصدقاء تثرثر معهم وتمارس هوايتها في الحديث، وربما كانت ذات شخصية قيادية فلتمارس ذلك على الأصدقاء فسوف يساعدونها على تقويم سلوكها لا شعوريًّا.
5- الاتفاق مع معلمتها على استخدام نظام النقاط المذكور في الحل رقم (2)، وأن تصنع لها جدولاً كلما مرت الحصة دون فوضى من سلسبيل أن تضع لها إشارة، ثم تجمع الإشارات يوميًّا، وتضع لها نجمة، ثم تجمع عدد النجوم نهاية الأسبوع، وتقدم هدية مكافأة لها على احترام النظام.
6- وأخيرًا.. فإن ووالدتها النموذج الأمثل في أي سلوك تريد تغييره لديها، فهي تتعلم منكما السيطرة على الذات واحترام الآخرين وتقدير السلطة، وهكذا...
ـــــــــــــ(103/141)
موسم الأمومة.. تعرفي على نفسك ... العنوان
لديّ طفل عمره (18 شهرًا).. ما هي الطريقة السليمة لتربيته؟ مع العلم بأنه عدواني قليل الكلام، بالإضافة إلى ذلك لا أجلس معه كثيرًا لأني سريعة الغضب.. أفيدوني بالحل، وشكرًا. ... السؤال
التربية الناجحة, العنف والعدوانية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الكريمة..
أعني كل حرف من حروف تحية الإسلام الرائعة، فأدعو لك بالسلام، وأن يهبك فيضًا أغزر من الرحمة، ويبارك لك في وليدك أعزّ الله به الإسلام وجعل جهادك معه في ميزان حسناتك.
أحسب أن هذا المحتوى الرائع في طي حروف تحية الإسلام تحتاج كثيرًا؛ لأن نتدبرها ونقف على معانيها ونتمثلها صفات تدب فيها الحياة في شخوصنا.
بدأت رسالتك: لديّ طفل عمره 18 شهرًا. إن وليدك الصغير -هبة الله لك- ما زال برعمًا في بواكير بواكير الطفولة.
فترى ماذا نعرف عن هذا البرعم؟ وماذا نعرف عن نموه؟ وماذا نعرف عن صفاته الفطرية المخلوق بها "فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"؟ وكيف أسعى لأصل بهذه الفطرة لأعلى درجات الصفاء والقوة؟
ثم سألتِ -هكذا جاءت حروف رسالتك- ما هي الطريقة السليمة لتربيته. ودعيني أقف عند هذه النقطة، ليس للتربية طريقة، ليس لها وصفة سحرية تناسب كل الظروف وكل الأطفال، وكل الأمهات وكل المتغيرات حولهم.
هذه مسألة هامة.. ليس هناك طريقة واحدة ثابتة. ودعينا نتساءل سويًّا: ما الذي أوجد هذه النظرة للتربية على أنها تعامل مع كائن ساكن بلا متغيرات وبلا هوية لصيقة به، وبلا فطرة أصلية فيه وكأن المطلوب منا حين وهبنا الله إياه أن نعيد تشكيله وصنعه من جديد.
هذه النظرة السلبية للطفل توقعنا في أخطاء كثيرة.. فنحن نريد صناعته في حين إن فطرته وطبيعته الخاصة تأبى أن توضع في قالب أعددناه له سلفًا، إننا يمكننا أن نتدخل لنصل بهذه الفطرة لأرقي وأجمل وأنبل وأقوى ما فيها.. ولكننا -دعيني أكرر- لا نصنع إنسانًا.
سلامة التعامل مع هذا البرعم رهن بمعرفة طبيعته وطبيعة نموها ووسائل تحفيز هذا النمو. ليس فقط، بل ومعرفة طبيعة الأرض التي ينبت فيها هذا البرعم.. وإن جاز لي أن أصف طريقة للتربية فاسمحي لي أن أقول: إنه الحب ولا شيء آخر. ولأنني تحدثت كثيرًا في مسألة الحب هذه فأرجو أن تطالعي الاستشارات الآتية:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
- افهم النغمة لتستمتع بها
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
- أسرع قطار لمحطة العناد
وأنقلك لهذه الاستشارات ليس لعدم أهمية هذه النقطة، ولكن لتسمح لي المساحة المحددة لي بأن أنتقل إلى نقاط أخرى أشارت لها رسالتك على نفس الدرجة من الأهمية.
• وصفتِ ابنك ذا الشهور القليلة بأنه عدواني وليتك وصفتِ مظاهر هذه العدوانية لنسميها تسميتها الصحيحة بدلاً من أن نظلم الطفل بصفات نلصقها به، وننعته بها بتسمية خاطئة وتأويل خاطئ فتُرى أتكون عدوانية ابن الثمانية عشر شهرًا تعاملاً باليد، أم صراخًا، أم قذفًا للأشياء.. أم ماذا؟
• وقد أضفت ما هو أهم من وصفه بأنه عدواني حين ذكرت أنني لا أجلس معه كثيرًا؛ لأني سريعة الغضب.
• ففسرتِ سيدتي.. سبب عدوانيته (وأنت من أطلق هذا الوصف وهذا المسمى) فلا تضعي لطفلك مسمى، ثم تتعاملي معه على أساس ما وضعتِ فهذا يوجِد تشويشًا في فهم رسائل طفلك الحقيقية، فهو يعبّر عن شيء وأنت تفسري تفسيرًا آخر، إضافة لأنه يوجِد تحفيزًا سلبيًّا جاه الطفل. جاء في البيانات المرفقة مع الاستشارة أنك طالبة جامعية.
• ووجدت أن نتساءل: أيكون تعدد الأدوار؟ فتدور إجابتنا عن رسالتك في فلك محاولة إعادة تنظيم للحياة بالنسبة لك.. فأنا أميل كثيرًا لأن نتعامل مع حياتنا في شكل منظومة مهام.. فنحن كأفراد كأمهات تتعدد مهامنا، وربما يكون السؤال الصحيح كيف ننظم هذه المهام دون طغيان أحدهما على الآخر، ومن ثَم يصبح التساؤل عن تربية الطفل جزءاً لا يتجزأ في منظومة حياتك (أرجو أن تسرعي بقلم وورقة) ولتسجلي الأسئلة القادمة:
-هل أنت سعيدة؟ لماذا؟
-ما أكثر ما يرهق أعصابك ويوترك؟
-ما هي أولوياتك في الحياة؟ (الأمومة ـ النجاح العملي ـ الشهرة ـ المال...).
-ما هي أدوارك في الحياة؟ (زوجة ـ أم ـ طالبة ـ ابنة...).
• حاولي أن تجيبي كتابة بوضوح وصراحة لتزدادي اقترابًا من شعورك وأفكارك، فهذا الوضوح سيعطيك في طياته طريقة التغيير.
• احصري أسباب عصبيتك وتوترك (راقبي نفسك حين يحدث ذلك ولا تترددي في تسجيله).
• احصري لماذا تغضبين من طفلك، متى بالتحديد تغضبين منه، وكيف تعبّرين عن هذا الغضب، وأظن أن الغضب يصبح أقوى منا ويتملكنا حين نعجز عن إيجاد تفسير لسلوك أو إيجاد وسيلة للحل، ولكن حين نكون على ثقة بأننا نملك تسيير الأمور بطريقة صحيحة، أو نثق في صحة ما نختاره من وسائل، ونعرف تمامًا ما هي نقاط اخفاقنا، ولماذا أخفقنا في هذا الموقف، في هذه اللحظة الواثقة نتجاوز الغضب؛ لأننا نعلم أننا أقوى من أسبابه.
• وفي ضوء تعدد المسئوليات يصبح لازمًا تحديد الأولويات.
"فالحياة مواسم"، واعلمي أن هذا هو موسم الأمومة، فاستمتعي به قدر طاقتك؛ لأنه ربما لا يعود مرة أخرى.
• وحتى تستمتعي به ابني حلمًا لك، تخيلي ابنك بعد عدد من السنين، وتخيلي ما الذي تتمنينه ليكون فيه.. ابني هذه الصورة الحالمة، ودعيها ترسخ في ذهنك لتكون بوصلة توجه تعاملك معه.
• واسمحي لي أن أشركك في حلمي الشخصي لابني، فالأمس وقبل أن أبدأ في الرد على رسالتك وقفت لأتخيل صورة هذا الابن العزيز وكيف أسعى لأصل لها.. وأنا أميل لتحليل الشخص لصفات، ومن ثَم مهارات ليتسنى أن أوجدها (ولكن ليس على طريقة التصنيع، وإنما على طريقة التنقيب والصقل).
• فتخيلته رجلاً على دين وخلق فتساءل كيف أصل لهذا، وكانت الإجابة بتحفيظ القرآن الكريم له، الاصطحاب للمسجد، القدوة في المنزل بجعل القرآن منهجًا فنتبع ما أمرنا به، وننتهي عما نهينا عنه، على أن نشرح باستمرار سبب فعلنا ونهينا ليرسخ لديه منهج يقيس عليه.
• ثم تخيلته بمهارات عديدة كامتلاك لغة أجنبية قوية، مهارات إدارية جيدة، مهارات تفكير جيدة، وهكذا...
• وضعت عددًا من المهارات لأعرف كيف أصل إليها، فاللغة عن طريق مدرسة جيدة، شرائط القصص الأطفال الأجنبية، دورات لغات للطفل.
• فبعد تحديد الأهداف والوسائل يجيء دور القياس هل وصلنا أم لا، هل نحن على الطريق أم حدنا كثيرًا.. واحصري مع كل مرحلة معوقات تقابلك، وسجِّلي ذلك دائمًا لتبحثي عن إجابة له، ودوني من يمكنك أن تسأليه، وأين تجدي هذه الإجابة.
• وحديثي هذا موجَّه لك ولأبيه بالفعل، فالابن ثمرة مشتركة ورعايتها حق على الطرفين؛ ولذا لا بد من الاتفاق حول الأدوار والمهمات ما دام حلمكما مشتركًا ورباطكما وثيقًا.
• أعود لمسألة تعدد الأدوار: حدّدي مهامك المختلفة التي تحضن كل دور وحلمك الخاص بكل دور، وحوّلي ذلك لخطوات عملية، وأقترح عليك عمل جدول لكل ما شرحته لك ليعينك على تنظيم حياتك.
• قومي بعمل جدول قسّميه إلى خانات ضعي في الخانة الأولى أدوارك التي تضطلعين بها كأم أو زوجة أو طالبة، وفي الخانة الثانية ضعي أحلامك التي تبغين تحقيقها من خلال هذه الأدوار واضعة في اعتبارك مسؤوليات كل دور، فمثلاً أنت كأم عليك أن تكوني مصدر للمعرفة بالنسبة لولدك، عليك أن تعامليه بهدوء وروية كي تحققي له الإشباع النفسي، وحتى تحققين هذه المسؤوليات عليك أن تضعيها في صورة أسئلة -ضعيها في الخانة الثالثة- مثلاً: من مسؤولياتك تحفيظ ولدك القرآن الكريم، فأولى تساؤلاتك ستكون عن كيفية تعليمه القرآن، وعن السن المثلى لبدء تعليمه إياه، وعن الشخص الأجدر بالقيام بهذه المهمة.
• بعد ذلك عليك أن تضعي هذه التساؤلات في صورة مهام -في الخانة الرابعة- عليك القيام بها مثل شراء شرائط القرآن الكريم، والبحث عن مسجد مناسب تصطحبين إليه ولدك. وتوجد مهام يمكن تفويضها –ضعيها في الخانة الرابعة- وبالطبع يمكنك إشراك الأب في هذه العملية كي يساعدك، كما أن مشاركة الأب ستقرب بينك وبينه، حيث تشتركان في عمل واحد وهو الوصول بابنكما إلى بر الأمان. ربما أوجدت جدولاً مختلفًا أو طريقة مختلفة.
باختصار تعرفي على نفسك، وتمكني من أدواتك، وحاولي أن تعيشي بسعادة ليتسرب ذلك لنفس طفلك، ويشعره بالتقبل والهدوء والسعادة فيما ينعكس عليك مرة أخرى رضى، وسكينة، وتمكن، وإيمان بالقدرة على النجاح في كل أدوارك إن شاء الله تعالى. استعيني بالله، فالله المستعان. ووافينا دائمًا بتطوراتك وتساؤلاتك ومحاولاتك فنحن معك.
ـــــــــــــ(103/142)
عاده حك الوجه - مشاركه من خبير ... العنوان
مشاركة من الدكتور فضل أبو هين المستشار بالصفحة للاستشارة التي نشرت تحت عنوان:
-عادة حك الوجه ... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/فضل أبوهين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عزيزتي السائلة..
بالنسبة لطفلتك فهي لديها عادتان أولهما: مص الأصابع ورغم أن المعلومات الموجودة غير كافية فإنني أستطيع القول إن مص الأصابع تشير إلى تعرض الطفلة للحرمان العاطفي في بواكير حياتها، وإلى توتر في علاقتها بك، وهي تحاول من خلال هذه العادة (مص الأصابع) إيجاد بديل ذاتي للإشباع .
ورغم محاولاتك لثنيها عن هذه العادة الذي وصل إلى حد تعرضها للضرب أو الإساءة لأجل ترك هذه العادة، لكن بفعل التوتر الداخلي وشعورها بالحرمان لم تتوقف عن عادة مص الأصابع، بل طوّرت عادة أخرى وهي حك الجلد بإصبع واحد، وبالتالي إحداث خدوش في الوجه؛ وطالما أن هذه العادة تجعلك والأهل تلتفتون كثيرًا لها وتعطونها اهتمامًا، فإن ذلك يُعَدّ بمثابة تعزيز أكبر لهذه العادة، بمعنى أن العقاب يقوم بوظيفة عكسية لما تهدفين إليه.
وقد لاحظت من البيانات أنها طفلتك الأولى وعمرها ست سنوات ولها أخ واحد يصغرها، وهنا قد يكون أحد أسباب المشكلة فبما أن الطفلة هي البكر فقد حصلت على اهتمام منك ومن والدها بصورة كبيرة لكن بعد ولادة طفل آخر ذكر -المعروف أن عادتنا وتقاليدنا تهتم أكثر بالأولاد من البنات- فقد يكون الأهل قد سحبوا اهتمامهم من البنت، ووجهوا الاهتمام بصورة فجائية للولد، وهو ما جعلها تشعر بأن الولد قد سحب كل الاهتمام ألوالدي منها؛ لذلك بدأت تغيرات متعددة تظهر عليها رغم أنها غير مذكورة، وقد تكون طفلتك قد امتنعت عن الأكل، وقد تكون زادت صحتها سوءاً أو زادت حالتها عصبية وتوترًا، وقلَّ نومها، وكثر بكاؤها، وزاد التصاقها بك بعد ميلاد أخيها، وهذه كلها علامات للتوتر الداخلي الذي يتعرض له الأطفال بعد ميلاد إخوة وانسحاب الاهتمام عنه.
لذلك أنصح عزيزتي السائلة بالتالي:
1-لا تعطوا ما تقوم به الطفلة من عادات الكثير من الاهتمام، بل حاولوا أن تتغافلوا عن ذلك.
2-حاولي الجلوس مع الطفلة واستخدام القصص معها؛ لأن الطفل في هذه السن ميَّال لسماع القصص، وبالتالي حاولي مكافأتها حين عدم تكرار هذا السلوك، وحاولي حرمانها أحيانًا من بعض الامتيازات إن تكررت المشكلة.
3-حاولي إيجاد جو العدالة والمساواة بينها وبين أخيها في كل شيء، فالطفل الذي كان مصدر اهتمام الأهل إن لم يأخذ كل شيء بعد ولادة أخ له، فإنه سيشعر أنه لا شيء، وبالتالي سيطور أعراضًا معينة.
4-حاولي التقرب من الطفلة واحتضانها دومًا، والمسح على رأسها، والربت على ظهرها، وإسماعها كلمات مدح لرفع روحها المعنوية.
5-حاولي مشاركة الطفلة في بعض أوقاتها واللعب معها بصورة حرة وسهلة، وحاولي النزول لمستواها والاستمتاع معها.
6-حاولي تنظيم بعض الأوقات الجماعية بينك وبين أطفالك وزوجك واللعب معًا؛ لأن الأطفال يستمتعون وينسون أنفسهم من خلال هذه المشاركة واللعب.
7-حاولي إعطاء الطفلة بعض الأنشطة والألعاب التي تملأ وقتها، وأن يمدحها حين العمل الجيد، وألا يكون وقتك مركزًا على مص الأصابع والحكة، وإن فعلت ذلك فحاولي التجاهل أو إن أردت التدخل حاولي بكل هدوء لفت نظرها؛ لأن التدخل في هذا الوقت خطأ.
ـــــــــــــ(103/143)
أطفال تحت الخطر ... العنوان
عزيزتي الدكتورة سناء.. سعدت جدًّا بردك عليّ في المرة السابقة، وقد عملت بنصيحتك وحولت سؤالي إلى قسم الاستشارات الصحية، أنا بانتظار ردّهم. وأردت أن أوجه لك سؤالي التربوي علني أجد من يساعدني.
إن طفلي(3 سنوات) كما ذكرت لك وُلِد في نهاية الشهر السادس وبوزن) 850 جرامًا) وظلّ في الحاضنة (5 أشهر) على التنفس الصناعي، وهو ما زال لا يتحكم بلعابه علمًا بأنه يستخدم المصاصة والكثير يستخدمها، ولكن لا يعانون من نفس المشكلة، بالإضافة أن طفلي كلما شرب الماء أو سوائل لا بد أن يشرق، وما زال حتى الآن على هذه الحالة، علمًا بأن الأطباء أكدوا لي أن طفلي طبيعي، ولا يعاني من حساسية شأنه كالكثير من الأطفال.
غير أن معلمته في playgroup تقول بأن ابني أقل عن أقرانه الذين معه في الفصل، علمًا بأن طفلي طبيعي جدًّا في البيت، ويعرف الحروف الإنجليزية والأعداد وبعض الألوان، وكذلك لديه مهارة في اللعب بالكرة، وقيادة السيارة الكهربائية تفوق من هم في سنه.. طفلي حركي، وأنا نتيجة لعملي أتركه للخادمة، رغم أنها تحرص على تعليمه، ولكن طبيعة طفلي كطبيعة والده وبعض أفراد عائلته، حيث إنهم حين تنادينهم لا يردون عليك بسرعة، وطفلي كذلك، ومع هذا فهم متفوقون في دراستهم.
عزيزتي أطلت عليك، ولكنه طفلي الأول وأحتاج لاستشارتك كثيرًا المهم تقول معلمته بأن طفلي لا يرد عليها في الفصل، وعليه فإدارة المدرسة طلبت مني تقريرًا بخصوص سمع طفلي وقد وفرته، فطفلي سمعه جيد وإلا كيف استطاع الكلام.. أعتقد أن طفلي يعاني من صعوبة التركيز وهي وراثية.
وأما استفسارهم الثاني هو طلب تقرير؛ وذلك لأن طفلي يضع كل شيء في فمه، وطبعًا هذه الوسيلة يستخدمها من هم أصغر منه سنًّا، علمًا بأن طفلي لا يفعل ذلك في المنزل لدرجة أننا نعطيه النقود المعدنية ولا يضعها في فمه ولا حتى الألوان التي في المنزل. ما تفسير ذلك؟ وهل فترة دوام أسبوعين في الحضانة تكفي للقول بأن هناك خللاً، علمًا بأن طفلي يستطيع ذكر أجزاء أعضاء الإنسان من أي رسمة حتى لو كانت رسمة غير واضحة.. ساعديني في أن أجعل طفلي طبيعيًّا، وأخلصه من هذا كله أرجوكِ.. أنتظر ردك بفارغ الصبر، علمًا بأن الأطباء يؤكدون أن دماغ ابني لم يتأثر وأنه طبيعي (وكل عام وأنت بأتم صحة وعافية). ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. حفظ الله تعالى لك أطفالك ومتعهم بموفور الصحة والعافية. إن وجود مشاكل في مرحلة الحمل والولادة تنذر باحتمالية وجود مشاكل في النمو والتطور لدى الأطفال، وهذه على كل حال ليست قاعدة، بل تعني بأن هؤلاء الأطفال يكونون أكثر عرضة من غيرهم للتعرض لمشاكل في النمو والتطور الحركي واللغوي والنطقي وغيرها، ويسمون الأطفال تحت احتمالية الخطر " children at risk"، ويحتاجون للمتابعة منذ الولادة للتأكد من عدم وجود مشاكل في التطور والتدخل المبكر إن وجد.
ومن هؤلاء الأطفال ذوو الوزن القليل عند الولادة والولادة المتعسرة ومن يتعرضون لدرجات عالية من اليرقان، ومن يتعرضون لارتفاع في درجات الحرارة في أول سنتين من حياتهم، أو من يتعرضون لنقص في الأوكسجين عند الولادة، وغيرهم. والمعلومات التي ذكرتها بخصوص ابنك مثل معرفته للألوان وأعضاء الجسم هي مؤشرات جيدة، ولكنها غير كافية.
أما أنه يضع الأشياء بفمه فهذا قد يكون سلوكا خاطئا له أسباب معينة. وحيث إنك ذكرت أنه يقوم به فقط في المدرسة، فيمكنك مراجعة المرشدة النفسية في المدرسة ومعلمة الصف، والتأكد من الظروف المحيطة بالطفل، فمثلاً قد يكون طفلاً مدللاً في المنزل، ولكنه لا يجد مثل هذا الدلال في المدرسة، أو أنه يغار من الأطفال الآخرين، ويعبّر بهذه الطريقة أو يحاول لفت انتباه المعلمة الدائم له، وغير ذلك من أسباب. ولا أدري هل هذا هو السبب الوحيد الذي دعا المعلمة للحكم عليه بأن أداءه أقل من أداء أقرانه أم أن هناك مؤشرات أخرى؟
وكما ذكرت لك قبل قليل فإن ما ذكرته عن الطفل مشجع، ولكن لا ينبغي أن نحكم على أداء الطفل من ملاحظات الأقارب، بل ينبغي التوجه إلى اختصاصي التطور لمراقبة تطور الطفل من جميع النواحي مثل طبيب الأطفال والطب التطوري، واختصاصي النطق واللغة والاختصاصيين النفسيين؛ حيث إن هناك جداول للتطور الطبيعي للأطفال تظهر مدى مناسبة تطور كل طفل مع سنه مقارنة بما هو متوقع له في هذه السن. أما بالنسبة لسيلان اللعاب فقد تكون الأسباب طبية، وعندها يصف لك الطبيب ما يجب عمله، أو قد تكون سلوكية بمعنى أيضًا سلوك خاطئ.
أو قد تكون مشكلة في السيطرة على أعضاء النطق (الفم والشفتان وعضلاتهما)، وهنا يمكن أن يساعدك اختصاصي النطق واللغة بعمل برنامج تمرينات حركية شفية، مع برنامج تعديل سلوك للتقليل من حدة هذه المشكلة أو التخلص منها.
وكنت أتمنى أن تذكري أي معلومة عن أكل الطفل، وهل يستطيع المضغ أم أنه يشرق فقط بالسوائل؟ وهل لديه مشكلة بالأسنان؟ وهل لديه مشاكل في التنفس؟ لأن هناك مشكلة تُدعى "aspiration "، وهي تعني أن الطعام أو الشراب يدخل كله أو جزء منه في مجرى التنفس؛ لذا "يشرق" الإنسان عند الشرب أو الأكل، وهذه مشكلة يجب سرعة الانتباه لها؛ لذا أنصحك بالتوجه إلى اختصاصي نطق ولغة "تخاطب أو تواصل" حسب اسمه في منطقتكم للتأكد من طبيعة الموضوع على الطبيعة، أرجو منك موافاتي بالتفاصيل بأقرب وقت. ولك صادق دعواتي.
ـــــــــــــ(103/144)
لماذا يكذب الأبناء؟ ... العنوان
بسم الله.. أعيش في مصر ولي أختي الوحيدة تعيش في الكويت هي وأسرتها، ولها طفلان أحدهما وهو الكبير موضوع الشكوى عمره 7 سنوات في الصف الثاني الابتدائي، ولظروف عمل الوالدين هناك اختلاف في مواعيد خروج الأب والأم من العمل عن مواعيد خروج الابن من المدرسة.. عهدوا إلى أب أحد زملاء الابن أن يأخذه معه في العودة إلى البيت، وفي يوم اتصل الولد بأمه (أختي)، وقال لها إن صديقه هذا لم يأتِ إلى المدرسة اليوم فاتصلت بوالده على الفور، وقالت له إن خالد وحده، ويجب المرور عليه لأخذه من المدرسة، وعند الوصول إليه تبين أنه آخر طالب موجود في المدرسة، فركب الولد وأثناء العودة قال الولد لأبيه إن أمه ذهبت إليه اليوم إلى المدرسة، فاستغربت الأم لهذا؛ لأنها لم تذهب إلى المدرسة، وأثناء حديثه تبين أن صديقه حضر ولم يَغِب عن المدرسة كما ادعى الولد طبعًا الأم والأب ساورهما القلق والاضطراب..
لماذا كذب الولد، فعند حديث أمه معي فكرت، وأريد منكم أن تساعدوني في عدة أشياء. هل الولد كان يتمنى حضور أمه إلى المدرسة وأن يأتي والده أيضًا إلى المدرسة ليأخذه مثل زميله الذي يأخذه والده من المدرسة؟ هل هذا التفسير منطقي وأسئلتي كالآتي: كيف يواجه الوالدان كذب الابن عليهم؟.. هل بالعنف والضرب والتهديد وخصوصًا أن الوالد هدَّده بأنه سيأتي بسكين ساخنة، وإذا كان كاذبًا ستحرق لسانه، وإذا كان صادقًا لا تحرق لسانه. أولاً هذا التصرف مناسب لهذا وعمومًا مشكلة الكذب عند الأطفال في هذه السن هل هي طبيعية؟ وكيف مواجهتها والتغلب عليها؟ وكيف يقوم الوالدان بتقويمه في هذه الناحية؟ ولو كانت من قبيل التخيلات هل لو ألغيتها أكون ألغى عنده ملكه قد تفيده في المستقبل؟ (كالقدرة على الابتكار والإبداع مثلاً).
ثانيًا: عندما سأل الأب ابنه عن السبب في فعل هذا لخوف الأب أن يكون أحد من الطلبة أو المدرسين قد طلب من الولد البقاء معه ومحاولة التصرف معه أي تصرف خاطئ لم يرد الولد عن سبب تصرفه هذا.. فكيف يستخرج الوالدان من الولد الحقيقة؟ وما هي الوسيلة المثلى لذلك؟ وشكرًا مع الاعتذار عن طول الرسالة. ... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الحبيبة.. وفي بداية الحديث لا بد لي من أن أشكرك على اهتمامك بأحوال أختك في غربتها وبأبنائها ومحاولاتك معاونتها في تربيتهم والتصدي لكل ما يحيط بهم من مشكلات.. تقبل الله منك هذا السعي الكريم، وأحب أن أقدم لحديثي معك والذي أوجهه أيضًا لوالدي الطفل.. بقصة الدبة التي قتلت صاحبها لتهش ذبابة من على وجهه.. ولا شك أنكم باعتباركم من مصر على علم جيد بهذه القصة، فالدبة التي كانت تهوى صاحبها، وتخاف عليه حينما رأت على جبينه ذبابة وهو مستغرق في نومه خافت عليه من الذبابة، وأرادت أن تزيحها عنه وتقتلها، فالتقطت حجرًا كبيرًا وقذفت به رأس الرجل لتقتل الذبابة فقتلت صاحبها.
أعتقد أن القصة ليست بعيدة عمّا فعله الأب الكريم مع ولده ظانًّا أنه يفعل ذلك لحمايته والحفاظ عليه، ولكن كيف أيها الأب الفاضل ستحميه من التعرض للتحرش حينما تكوي لسانه بسكين ساخن؟ كيف ستخيفه من الكذب، وقد لوحت له بعقاب أليم سيجعله حتمًا يتهرب كل مرة من العقاب بالكذب أو بغيره؟ كيف ستأمن على إخوته وأنت قد علمته أن السكين الساخن قد لا يؤذي من يقول الصدق.. ألا تخشى أن يجرب ذلك مع إخوته الذين يصغرونه؟
أختي الفاضلة.. إن ما حدث مع خالد جريمة حقيقية –وأظني بهذا قد أجبت على سؤالك الأول: "هل هذا التصرف مناسب؟"-، فلو كان قد كذب لتعرضه لإجرام أحد زملائه أو مدرسيه بمحاولة استبقائه وإقناعه بالكذب على والديه ليتحرشوا به جنسيًّا كما يخشى الأب –وهو أمر وارد-، فالتصرف الصحيح مع ما حدث هو ما ستحمله السطور التالية، وإن كان قد كذب لرغبته في حضور والديه للمدرسة مثل زملائه، فالأمر هنا مبرر، ويبقى لنا علاج أثر القسوة البالغة في التعامل مع الأمر، وعلى كلٍّ فعلاج الكذب ومحاولة معرفة مبرراته، ثم التعامل الصحيح مع الطفل إزاء ما حدث سيجد لتناولنا له متسع إن شاء الله، وإجمالاً لما ستدور حوله الإجابة ألخِّص لكم محاورها فيما يلي:
أولاً: كيفية التعامل مع الطفل باعتبار احتمال تعرضه للاعتداء أو التحرش الجنسي.
ثانيًا: مبررات الكذب وكيفية علاجه.
ثالثًا: كيفية التعامل مع الطفل بعدما تعرض لهذه القسوة الشديدة من قبل الأب.
أولاً: ونبدأ بمخاوف الأب على الابن أن يكون تعرض لاعتداء من قبل زملائه أو أحد مدرسيه فما كان -وما زال- ينبغي فعله هو ما يلي:
1 - يجب إشعار الابن بالأمان التام من العقاب، فحثّ الابن على الاعتراف أمر في غاية الأهمية لتدارك الأمر وحمايته سريعًا، وأعني بإشعاره بالأمان نقل الشعور إليه بأنه مجني عليه وليس جانيًا لينقل بصورة واضحة ما تعرض له بهدوء وفي جو من السكينة والطمأنينة؛ لأنه غالبًا إذا كان قد تعرض للاعتداء أو التحرش -وقد استفضنا في شرح معنى التحرش في استشارات سابقة– فهو من المؤكد تحت تهديد بعدم البوح من قبل المتحرش كأن يقول له مثلاً "إياك أن تخبر أحدًا وإلا ستتعرض لعقاب أبيك"، أو "إذا علم أحد بذلك فسوف يقتلك أبوك" أو غير ذلك.
وبالتالي فإن تأمينه مما تم تهديده به يدفعه للاعتراف، كأن يقول له الأب مثلاً: "أعلم أنك لم تكن تقصد" أو"ما حدث لم يكن بإرادتك، فأنت لا تحب الكذب، لكنك تعرف أنني أبوك الذي يحبك، والذي يحميك ويدافع عنك، فأخبرني بما حدث" أو غيرها من العبارات التي تبثه الشعور بالأمان والحماية، لكن جنبًا إلى جنب مع الشعور بفداحة الأمر إذا لم يحكِ ما حدث له؛ لأنه قد يعرض للأخطار، ولا تنسَ ألا تلوح له بالأمر بوضوح فربما لم يحدث من كل هذه المخاطر شيء فلا داعٍ للفت نظره إليه.
2 - يجب أن تزيد صداقة الوالدين الكريمين للابن عمقًا وحميمية، بحيث يصبحا المصدر الوحيد والموثوق منه لحصوله على أي معلومة وعلى أي رد لأي سؤال يجول بخاطره بغير نهر أو استنكار، ويزيد حتمًا دور الأب في هذه المسألة بالذات، فهو أعلم وأصدق من يمكن أن ينصح ولده.
3- لا بد من متابعة الطفل بدقة وملاحظته، وملاحظة تصرفاته، ونوعية ألعابه، وكيفية تعامله مع من حوله من أطفال وإخوة وزملاء.. وكذلك لا بد من عدم إشعاره بهذه الملاحظة.
4- إن كنت تخاف على ولدك من احتمال تعرضه للاعتداء فلا بد من إعداده وتوعيته بشكل غير مباشر لتفادي وقوع هذا الخطر:
5- فيجب أن يتم توعيته أن جسده به أماكن لها خصوصيتها لا يجب أن يلمسها أو يراها أحد، كما أنه يجب التعامل معها بأسس وقواعد تضمن الصحة والبعد عن المرض، فيجب غسل اليدين جيدًا بعد دخول الحمام أو لمس هذه الأماكن من الجسم، كذلك يجب توعيته بأن هذه الأماكن قد تنقل الأمراض أو تسبب الرائحة الكريهة.
6- يجب أن يتم ملء وقت الابن، فيمكن أن تحاولا أيها الوالدين الكريمين اكتشاف موهبة ما أو هواية لديه أو رياضة يليق لها جسمه أو كل ذلك معًا لينظم وقته بين ممارسة المواهب والرياضات محاولاً إحراز البطولات والتفوق في ذلك ملتمسًا لذلك كل الأسباب، ليصبح شغله الشاغل هو الوصول دائمًا للمعالي وإحراز التفوق في كل شيء، ويتم صرف انتباهه عن كل غثٍّ لا يفيد.
7-يجب أن يتم توجيه الابن بشكل محبب للحلال والحرام، وبثّه عظمة دينه في تنظيم المجتمع بالشرائع التي تحدث إحلال واستبدال لكل غث خبيث بكل طيب مبارك، وإن كان الحرام واحدًا فالحلال ألوف، إلى غير ذلك مما يساهم في بناء ضميره ووجدانه بالإقناع.
8- يجب غرس أسس قوية للصداقة والمصارحة بينه وبين الوالدين.. مع إعلامه أنه لا خوف إطلاقًا من أي أمر سيحكيه حتى لو كان خطأ؛ لأنكما ستعلمانه الصواب وتساعدانه دائمًا وتحميانه من كل مكروه.. بحيث يحكي كل ما مرَّ به في يومه أيًّا كان، وليكن ذلك من خلال جلسة يومية بعد العشاء أو على الغداء يحكي فيها الأب ما حدث له في يومه، وكذلك الأم ليبدأ الابن في سرد تفاصيل يومه هو الآخر لمسامرتكم، ولا مانع من اختلاق مواقف تنصح فيها الأم الأب أو العكس؛ ليعلم الابن أن هذا المسامرات يمكن فيها الحصول على النصائح المفيدة، ولا مانع من رواية الأخطاء، فكل ما سيحدث بشأنها هو التصحيح والنصح بدون تعرض لإيذاء بدني.
ولا مانع من تكرار هذه الجلسة أكثر من مرة في اليوم الواحد بأكثر من صورة، فتارة على شكل قصص لها مغزى أو ألعاب يمارسها أحد الوالدين مع الطفل على الكومبيوتر مثلاً أو في حديقة المنزل أو داخل المنزل، وذلك للاقتراب منه أكثر والالتحام به، وكذلك لمحاولة حثِّه على أن يبوح عن كل ما مر به.. فأنتم في مجتمع غير ما تعودتم العيش فيه، وهو ما يضع على عاتقكما كوالدين مسئولية أكبر ودور في الحفاظ على الأبناء أكثر دقة.
ثانيًا: ثم نأتي للكذب، وما هي الدوافع إليه، وكيفية التعامل مع الطفل حينما يظهر عليه هذا السلوك، وهنا نتناول الأمر على مستويين:
الأول: أسباب الكذب.
الثاني: كيف نتعامل مع الطفل حين يكذب.. وماذا لو تكرر منه الكذب.
يكذب الطفل لأحد الأسباب التالية:
1-الخوف من العواقب.. كأن يخاف أن يحدث شيء لا يحبه إذا قال الصدق، وهذا يثبت أن طريقة التعامل معه من قبل الوالدين خاطئة، وإلا لما خاف من عواقب أن يخبرهما بالحقيقة.
2-لا يعلم ما معنى الكذب، وهذا مستبعد إلى حد ما في حالة خالد؛ لأنه يفوق السن التي يمكن أن يكون الكذب فيها لهذا السبب.
3- يكذب لأن لديه خيالاً واسعًا خصبًا، وهذا شيء غير مقلق، بل علامة مبشرة بذكاء وقدرات ابتكارية عالية؛ لأنه لا بد للطفل من وقت يعيش فيه بالخيال بعيدًا عن الواقع.
4-يكذب لعدم شعوره بالأمان أو لأنه يعاني ضغوطًا نفسية معينة أو فقد لثقته بنفسه أو نقصها أو تعرضه لمعاملة خشنة أو لخلل ما داخل الأسرة، أو غيرها مما يسبب له ضغوطًا، كارتباكه في إرضاء الأم أو الأب لاختلاف آرائهما فلا يعلم أين الصواب ويصبح همه إرضاء أحدهما أو تجنب عقابه.
وعلى كلٍّ فلا يجب نهائيًّا التفكير في تقويم أي سلوك خاطئ للطفل -من كذب أو عنف أو عدوانية أو عناد أو غيرها– بالعقاب البدني أو الإيلام، فهناك طرق معينة ومدروسة لتعليم الطفل اجتناب هذه السلوكيات، فالإيلام الشديد لا يراه الطفل تقويمًا لسلوكه بقدر ما يعتبره أنه حدث لفارق القوة والسلطة بينكما، وهو ما يجعله محبًّا للعدوان على من يقل عنه سنًّا أو قوة، ويصبح ميالاً لإيذاء الحيوانات مثلاً أو أي شيء ضعيف لا يستطيع أن يرد عليه الإساءة.
أما عما ينصح به لتصحيح كل السلوكيات غير القويمة فهما طريقتان نلجأ للثانية بعدما لا تؤتي الأولى ثمارها كما يلي:
1- المكافأة والتشجيع.
2- العقاب.
ونعني بالعقاب إلغاء شيء يحبه الطفل كنزهة أسبوعية لطيفة أو حلوى بعد العشاء أو مشاهدة فيلم كارتون، ولا يتم اللجوء حتى لهذا العقاب إلا إذا أصرّ الطفل على سلوكياته الخاطئة رغم التعامل معه بأسلوب المكافأة والتشجيع. وذلك لأن الطفل يصيبه كثرة العقاب باهتزاز في ثقته بنفسه، ويصاب بإحباطات تكون سلوكياته السيئة التي نريد تقويمها خير منها كما أشرنا سالفًا.
وعن كيفية استخدام أسلوب المكافأة:
1- أولاً يجب الاتفاق مع الطفل أن تغيير الحقائق يسمّى كذبًا، وهو أمر لا يحبه الله، ولا يحبه الناس، ويجعل الإنسان بعيدًا عن الله وعن الناس؛ لذا فلا يجب فعله، وبالتالي يتم إقناعه لماذا الخطأ خطأ.
2- يجب الاتفاق معه على أنه سيقول الصدق دائمًا دون خوف من أي شيء، ويمكن دعم ذلك بالقصص التي أثّر فيها الصدق إيجابًا وحمى أصحابها أكثر مما لو كذبوا.
3- يجب الاتفاق معه أنه لو ذكر الصدق دائمًا سيحصل على مكافأة وأن يضع لنفسه جدولاً أسبوعيًّا يضع فيه علامات على الأيام التي التزم فيها بالصدق.. وعلى قدر العلامات تكون المكافأة.
4- يجب أن يتعلم أن الخطأ ممكن أن يقع فيه أي إنسان، لكن يجب ألا يكرره فهذا هو ما لا يصح، ولنأخذ مثالاً: لو أفسد مثلاً جهاز الكومبيوتر بشكل غير مقصود أو لرغبة منه في تعلم شيء مما سبب عطلاً معينًا في الجهاز.. كيف سنتناول معه الأمر؟؟.. أولاً سيعلمه الأب أو الأم في جو من الهدوء والحنان أن: "هذا الخطأ وارد أن يقع فيه حتى الشخص الكبير، لكن يجب ألا نكرره طالما عرفنا أنه خطأ، ويجب فيما بعد أن تتعلم كيف نحافظ على مقتنياتنا وأجهزتنا، وإن كنت تجهل قواعد المحافظة على الأشياء فيمكنك سؤال من يكبرك لتتعلم.. ويجب أن تكون أكثر حرصًا في المرات القادمة.. اتفقنا؟".
ثالثًا: أما عن علاج عواقب ما حدث من قسوة مع الطفل وعنف بالغ فيجب ما يلي:
1-يجب الاعتذار للطفل عما حدث ولا عيب في ذلك إطلاقًا فهو يعلمه أنه من أخطأ يعتذر، ولا ينقص ذلك من قدره، بل إن الرجوع للحق من حسن الخلق، فيقتدي بهذا السلوك.. كما يجب إفهامه أن النار تؤذي من تمسه لكيلا يحاول أن يجرب ما قاله الأب معه وأخوته أو مع نفسه فيما بعد، وأن الله يعاقب بالنار من لا يطيعونه ويصممون على العصيان ويُصِرّون على فعل الأخطاء، ولا يحاولون تصحيح هذه الأخطاء.
2-يجب إعلام الطفل أن الأب وكذلك الأم لا يحبون إيذاءه أو ضربه أو إيلامه، بل إنهما يحبانه ويحبان له كل خير، وأن العنف تصرف خاطئ لا يجب التعامل به؛ ولذا فهم لن يلجئون له.
3- لا بد من مد جسور الود والحب والصداقة مع الطفل كما أشرنا سالفًا في أكثر من موضع.
4-حاولا أيها الوالدان الكريمان زيارة خالد من وقت لآخر في المدرسة وإشعاره بلذة الانتساب إليكما والاعتزاز بكما أمام الأطفال من زملائه مثلما يفعلون.
وأخيرًا.. أطرح عليكم بعض الأسئلة، وأتمنى منكم الرد عليها، وأرجو منك أيتها الخالة الحنونة متابعتي بالرد لمزيد من المساعدة:
1 - ما هي أحوال الطفل بالمنزل؟
2 – هل صاحب مشكلة الكذب تلك أي مشاكل سلوكية أخرى لدى الطفل؟ وهل حدث منه الكذب في واقعة أخرى غير هذه؟ وما هي الظروف المحيطة بالواقعة الأخرى إن كانت قد حدثت؟
3 – هل تأثر مستوى الطفل في التركيز أو التحصيل الدراسي في هذه الأثناء؟
4 – هل يعاني أعراضًا غير مألوفة بالنسبة له.. أو مشكلات عضوية مجددًا؟
أختي الخالة الحنونة.. لقد اعتذرت عن طول السؤال وها أنا اعتذر لك عن طول الإجابة فهذه بتلك، ولكن الأمر احتاج للاستفاضة عسى أن تكون الإجابة قد وفت بكل ما أردت الاستفسار بشأنه.. أشكر لك اهتمامك بابن أختك مرة أخرى، وبارك الله تعالى في سعيك.
ـــــــــــــ(103/145)
أسمعك بوضوح.. اخفض صوتك ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. ولدي سامح هو أكبر أولادي وعمره 8 سنوات ونصف، وهو كثير الكلام بطريقة غير عادية لاحظها المقربون، وصوته عالٍ جدًّا أثناء الحديث لدرجة أنه يوتر أعصابي، وأفقدها أحيانًا معه بسبب الصوت؛ لدرجة أنني وضعت قطنا بهما ليصلني الصوت بدرجة أقل حتى لا أغضب منه؛ فهل هذا حل؟
كما أنه أناني يحب الشيء لنفسه فقط، ولا يعطي إخوانه لعبة إلا بعد جهد، مع العلم أنهم لا يبخلون عليه أبدًا، وإن كان مع أخته حلوى لا تأكلها وتحملها حتى ترجع البيت وتعطيه منها، وأذكره بكل هذه الأشياء ولكن دون جدوى، وهو يعطيها أحيانًا بعد تشاجري معه، ثم يعود إلى عادته؛ فماذا أفعل معه؟ وهو ذكي جدًّا ومتفوق بدراسته.. قل لي بالله عليك ماذا أفعل معه في هذه المشكلة؟ لأني احترت، وأخاف أن أكون متجهة إلى خطأ.. ولكم منا جزيل الشكر ... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. أم حسام حفظها الله تعالى، ما شاء الله على ولدك سامح: ذكي، جريء، واثق من نفسه، يحافظ على ممتلكاته، محبوب من قبل أخته.. أليست هذه الصورة هي الوجه الإيجابي لسامح؟
لكن بما أنك ترين أن رفع صوته مشكلة لدرجة الأذى لأذنيك؛ فسأساعدك بإذن الله تعالى، واعلمي بداية أنه لا تُحل أي مشكلة أصبحت عادة بسرعة؛ فعليك أن تصبري وتحاولي معي، ولا نريد منه أن يوقف ذلك نهائيًّا ولكن بالتدريج، وأمر آخر مهم: كلما تعاملنا مع مشكلة كهذه بالصراخ والعنف استفحلت، وكلما انتقدنا هذا التصرف تفاقمت المشكلة.. وبالمقابل: كلما تعاملنا بهدوء أكثر (بشكل مستمر ولا نفقد صبرنا) سحبنا تدريجيًّا هذا السلوك منه.
وأريد أن أوضح لك سيدتي أن الأطفال قد يولدون بطبيعة تكوينية؛ كالطفل المتهور، والطفل الحسّاس، والطفل الذي يحب استخدام طبقة صوت عالية، ويحب الضجيج أثناء الكلام.. وقد يكون من دوافعه أنه يحب إبراز نفسه، خاصة أنه ذكي ومتفوق، ويريد أن يثبت حضوره باستمرار، خاصة بوجود شقيق آخر له يقاسمه المحبة والاهتمام والعناية.
على كلٍّ سنتحدث الآن بالحلول المقترحة التي تحتاج منك أنت إلى ضبط أعصابك وتجنب الغضب؛ لأن هذه الأساليب لا تحل المشكلة، كما أن كثرة التعليمات لا تأتي بنتيجة، بل تدفعه إلى الملل والتمرد أكثر فأكثر، وإن لم يكن منتبهًا إلى المشكلة، ويتصرف على طبيعته فقد يكون أسلوبك سببًا في التنبه إلى ذلك، والاستمرار في هذا السلوك يضمن له على الأقل اهتمامك الدائم والتفاتك المستمر إليه.
أولاً: -ومرة أخرى- لا تصرخي أنت حتى يوقف هو صراخه، ولا تطلبي منه الهدوء الكامل دون أن تكوني أنت قد ملكت أعصابك وتتعاملين بهدوء مع المواقف.. ولا تطلبي منه أن يهدأ تمامًا ويخفض صوته كقولك "مش عاوزة أسمع صوتك خالص.. أو خفض صوتك بالمرة"، بل تقبلي منه أي تقدم مهما كان بسيطًا، وأشعريه بالتعزيز والمكافأة دون مبالغة.
ثانيًا: زوِّدي الطفل بالتعليمات الواضحة، وأشعريه أن هدفك ليس صوته بالذات، ولكن النتائج الصادرة عن هذا السلوك "صوتك المرتفع يمنعني من الاستماع إليك ... " ولا تقولي له "صوتك يزعج أذني"؛ لأنه سيعتقد أنك تكرهين صوته بغضّ النظر عن السبب. ولا تثيري موضوع "صوتك يزعج أختك"، ولكن احرصي على ربط الموضوع بذاته هو بشكل رئيسي كقولك "صوت أجمل وهو أخفض.. الصراخ لا يليق بولد ذكي مثلك.. بإمكان الجميع الاستماع إلى ما تريد بسهولة حينما يكون صوتك معتدلاً" ... وهكذا، ولا تقولي هذه العبارات أثناء صراخه، استغلي أوقات الهدوء بينك وبينه وتحدثي معه بالأمر. ولا تربطي ذلك بكل حادث أو موضوع كقولك "درجاتك المدرسية رائعة لولا صراخك.. أنت مؤدب ومحترم لولا صوتك العالي.. أنا محرجة عندما نذهب في زيارة من صوتك العالي.."، ولكن احصري المشكلة في وقتها وضمن حدودها فقط، ولا تتحدثي بها دون داعٍ لذلك.
ثالثًا: استخدمي أسلوب الإشارة باليد وبلطف كلما صرخ أشيري بيدك أن يخفض دون الاضطرار للغضب أو إعطاء عبارة تعليمات مملة بالنسبة له.
رابعًا: تعزيز الجوانب الحسنة والإيجابيات الأخرى في شخصيته، وعدم التركيز كما قلت على هذه السلبية فقط، إن تقوية الجوانب الأخرى والمكافأة عليها سيخفف تدريجيًّا من المشكلة. مثال: إذا كان صبورًا، أو يحسن الاستماع، أو رياضيًّا ممتازًا، أو مؤدبًا مع الآخرين، أو لديه القدرة على الاختيار الجيد... إلخ؛ فهذه صفات تستحق التعزيز والتقوية؛ لتغطي على الأخرى السلبية.
خامسًا: تنمية القدرة على ضبط الذات (ألعاب الكاراتيه تعلم ضبط الذات)، والحديث مع النفس وتدريبه على ذلك أثناء فترة الهدوء؛ كأن يقول لنفسه: أريد أن أتحدث بصوت معتدل، خفِّض صوتك (يقول ذلك كله لنفسه) لا تصرخ، عد للعشرة، وغيرها من العبارات التي تعزّز ضبطه لنفسه، وليس الاعتماد فقط على ضبطك أنت له.. علِّميه أن يعمل لنفسه برنامجًا يوميًّا لمدة محدودة، يسجل فيها بالإشارة عدد المرات التي خفّض فيها صوته، وأن يكافئ نفسه كلما جمع عددًا من النقاط بقراءة قصة أو شرب كوب من الشوكولاتة... إلخ.
سادسًا: أخيرًا فيما يتعلق بأنانيته فهو أمر عادي لدى الأولاد في هذه السن؛ فلم يطور بعد كيف يشارك الآخرين، ولم يحصل من والديه إلا على تعليمات فقط بهذا الشأن، ونصيحتي شجّعيه على الاهتمام والاحترام والحساسية تجاه الآخرين وتنمية التعاطف، وأن تكوني أنت ووالده نموذجًا لذلك، شجِّعيه على زيارة الفقراء، والصدقة، والعناية بالحيوانات وإطعامها، وتقديم الهدايا للأصدقاء في المدرسة.. فكلها تصرفات تعوّده على التعاطف مع أخته، ولا تعتمدي على النقد والموعظة المملة بالنسب إليه.. كوني صبورة، ودرّبيه؛ فسوف يصبح ولدًا رائعًا ما دام وراءه أم رائعة مثلك، أتمنى لك السعادة والتوفيق دائمًا.
ـــــــــــــ(103/146)
هل نبكي على اللبن المسكوب؟ ... العنوان
ابنتي تبلغ من العمر 15 عامًا.. غاية في الذكاء والجمال.. شخصية لطيفة وجذَّابة متدينة محجبة.. تواظب على الصلاة وقراءة القرآن والصدقات.. من عائلة كريمة وأسرة متحابة ومستقرة والحمد لله. مشكلتها الوحيدة ميلها الشديد للشباب.. تختلق الأكاذيب من أجل الخروج لمقابلتهم والجلوس معهم، فهي تحب جلساتهم، وترى أنها غير مخطئة ما داموا يتكلمون في أمور عادية، ويجلسون في الأماكن العامة.. حاولت إقناعها بكل الطرق أن ذلك قد يؤدي إلى أخطاء وأخطار دون أن تدري، ولكن لا فائدة.. ماذا أفعل؟ وكيف أتعامل معها؟ ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة.. ربما لا تطاوعني الكلمات أن أقدم للإجابة إلا بالدعاء لك بالثبات في المنزلق الخطير الذي تمر به تربيتك لابنتك التي تهيمين بحبها على قلبك، ويملأ وجدانك الإعجاب بها وبخصالها وطباعها وصفاتها.. أجازك الله يا أختاه أنت وابنتك الجميلة من هذا الخضم إلى بر الأمان بسلام.
أختي الغالية.. إن من ضروريات الحياة أن يتربى الشباب على التعود على مواجهة ظروف الحياة للتدريب العملي على التعامل مع المشكلات والأخطار التي يتعرضون لها، فالتدريب على تحمل المسئولية تجعل الابن يسمو على غرائزه وشهواته ويرتفع إلى العلياء والسمو، وتولد لديه الطموح الراقي الذي من خلاله يلتزم بعقيدته وقيمه ويبني علاقاته على أساس من الأخلاق الرفيعة السامية.
ولنا في قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- النبراس لكل شاب وفتاة، فبعدما تآمر عليه إخوته وألقوه في غيابات الجب جراء محبة أبيه له.. يتعرض لفتنة سافرة من امرأة العزيز، لكنه يثبت على وفائه وكرم أخلاقه وعفته، حتى أنه آثر السجن على أن يقع في معصية.. أردت أن أصل للقول بأنه ينبغي أن تكون المسئولية التي يتربى عليها الأبناء شاملة لكل مناحي الحياة، ومن أعظم المسئوليات التي يجب أن يتربى عليها أبناؤنا مسئولياتهم أمام ربهم الذي خلقهم لهدف وغاية سامية، ولكي تنجح الأسرة في تحقيق ما تصبو إليه فلا بد من إيجاد قاسم مشترك بين أفراد هذه الأسرة لتحقيق أحلامهم وأهدافهم، فكما تحكم الدولة بدستور لا بد من وجود ميثاق ودستور للأسرة أيضًا ينظم العلاقات بين أفرادها ويحدد مسئولياتهم، ويضع قواعد لتعاملاتهم خارج نطاق الأسرة.
وربما كنت في حاجة للبدء في خطوة وضع القوانين من خلال دستور العائلة منذ فترة.. في سن الحادية عشرة مثلاً أو قبل ذلك، لكن لا بأس، فالوقت لم ينفد بعد، وإن كنت لا أخفيك أن الأمر الآن أصعب.. ولكيلا نظل نبكي على اللبن المسكوب أقترح عليك ما يلي:
1- لا بد من تحديد أمور معينة في دستور العائلة تسري على جميع أفرادها بما فيهم الوالدين ليصبح الكل سواء في تطبيق الدستور، وعليكما أنت ووالدها الاجتماع بها وبإخوتها وتحديد موعد لهذا الاجتماع الأسبوعي –وليكن رمضان هو الانطلاقة وليكن الهدف من الخطة فيه العتق من النار مثلاً- بحيث يتم مناقشة أمور وأحوال أفراد الأسرة من خلاله، ووضع أهداف محددة لكل فترة زمنية معينة يتم متابعة تنفيذها كما يتم تحديد الآتي:
- ما هي المهام التي سيكلف بها الجميع؟
- ما هي القيم التي سيحاول كل فرد تحقيقها على حدة بخلاف الأهداف العامة؟
- ما هي الضوابط التي ينبغي ألا يتجاوزها أفراد الأسرة (كقواعد استقبال المكالمات، ولقاءات الأصدقاء، واختيار الأصدقاء، وحدود الاختلاط حتى مع أفراد العائلة...)؟
- كيف سنقضي الأوقات خارج المنزل؟
- ما هي القواعد العامة في التعامل التي لا يجب إغفالها، وعلى رأسها الصدق؟
- ما هي الأهداف العامة للأسرة؟ وما هي أهداف كل فرد؟
2 - في هذه السن 15 عامًا لا يكفي وضع القواعد –وخاصة أنها تظن أنها تضع لنفسها قواعد تظنها كافية فهي كما ذكرت "ترى أنها غير مخطئة ما داموا يتكلمون في أمور عادية ويجلسون في الأماكن العامة"- وبالتالي فإن وضع القواعد فقط لا يكفي، بل يجب أن ينبع الوازع من داخلها للانتهاء عن هذا الأمر.. واستثارة الوازع الديني داخلها هو الحل -في نظري– للمشكلة، فلا بد من توعيتها أن الإنسان قد يميل لأشياء وتستهويه أشياء كثيرة، لكن هذا لا يكفي لتبريرها وجعلها صحيحة.. ولسنا نحن من نضع القواعد، بل إن الله تعالى هو من يوضحها لنا في كتابه وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.. فمن أين جاءت بقواعدها؟؟ ومن أي شيء استمدتها؟ وكيف استدلت على صحتها؟
3 - وقد تبادر إلى ذهني سؤال وهو: كيف تعرفت على هؤلاء الشباب؟ هل مدرستها مختلطة؟
إذا كان الأمر كذلك فقد أصبح لزامًا وضع قواعد صارمة تنظم التعامل مع الزملاء مثل عدم تلقي مكالمات منهم، والاستعاضة بمصاحبة الصديقات عن صداقاتهم.. حتى وإن كانت الجلسة معهم تحقق لها الترفيه والاستمتاع، فهو أمر غير جائز ولا يبرره حبها له..
أما إذا كانت تعرفت عليهم من خلال صديقاتها فيمكنك دعوة صديقاتها ومداومة الحديث معهن ومع أمهاتهن وتبادل الحديث معهن باستمرار بما يشعرهن بصداقتك لتوجيههن بشكل غير مباشر أو مباشر إن استلزم الأمر ذلك.
4 - أرى أن تحاولي إيجاد شخصية قريبة من سن ابنتك مثلاً كعمة أو خالة أو جارة أو قريبة أو معلمة أو مربيتها في المسجد.. بشرط أن تكون قريبة إلى قلبها وتثقين بها، وتبدأ هي بالحديث مع الابنة عن الأمر لتتعدد الأصوات التي تدعوها لنبذ هذا الأمر عازفة على وتر التدين وما يرضي الله عز وجل، وإن من ترك أمرًا يحبه ولا يرضاه الله أبدله الله به خيرا منه... إلخ.
5 - يجب أن يتم توجيه الابنة بشكل محبب للحلال والحرام وبثها عظمة دينها في تنظيم المجتمع بالشرائع التي تحدث إحلالا واستبدالا لكل طيب مبارك بكل غث خبيث، وإن كان الحرام واحدا فالحلال ألوف، إلى غير ذلك مما يساهم في بناء ضميرها ووجدانها بالإقناع .
6- لا بد من ملاحظتها ملاحظة دقيقة دونما تشعر وذلك لمتابعة تأثرها بالتوجيه ومنعها بلطف من هذه المقابلات الخطيرة وكشف أكاذيبها التي تحدثت عنها – إن استمرت في اختلاق الأكاذيب بعد توعيتها بخطورة وحرمة الكذب.
7 - في الحقيقة قد أجلت هذه النصيحة لآخر الإجابة؛ لأن الأمر به لبس بسيط، وهو أنها تختلق الأكاذيب لتقابل الشباب في حين إنها ترى أنها غير مخطئة فكيف أنها مقتنعة بما تصنع وكيف أنها تكذب لتخفيه؟ وكيف أنها تصارحك باقتناعها بالأمر في حين تكذب عليك لتفعله؟
في الحقيقة إن الأمر في حاجة لتوضيح، لكن أستطيع أن أقول لك إن محاولة إخفاءها للأمر بالكذب في حد ذاته نقطة بداية هامة يمكنك منها استثارة الوازع الديني لديها للانتهاء عن الأمر، فالإثم ما حاك في الصدر وخفت أن يطلع عليه الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فيمكنك توجيهها إلى وزن كل أمر بهذا الميزان، وخاصة إن كان سيدخلها في إثم آخر وهو الكذب.
كما يجب أن أؤكد عليك على ضرورة تقوية الصداقة بينك وبينها على أساس من الصدق والمصارحة لتعرفي عنها وعن صديقاتها ما استطعت –حيث إنه سيظل هناك مساحات غامضة لديها لا تحكي لك عنها بمنتهى الصراحة فلا تركني إلى الصداقة فقط – ولا بد من توجيهها وسقيها من خبراتك وتوجيهاتك. وفي نهاية الاستشارة سأورد لك مجموعة هامة من الاستشارات السابقة التي تناولت الرد على أسئلة شبيهة بسؤالك واختارت الصداقة بين الأم والابنة كحل أساسي للمشكلة وأوصيك بالاطلاع عليها.
8 – لا بد أن تواظبي على الدعاء لها في أوقات الإجابة وبإلحاح أن يعيذها الله سبحانه من الشيطان الرجيم، كما دعت امرأة عمران لابنتها مريم، وأن يرزقها الهدى والتقى والعفاف والغنى، فالله هو خير معين لك على تربية أبنائك، والدعاء سيكون من الأسباب الهامة لدرء الأخطار عن أبنائك، وحفظهم، وحمايتهم إن شاء الله تعالى.
وأخيرًا.. أختم كلامي بقصة العالم عبد القادر الجيلاني حينما كان صبيًّا والذي تاب على يديه اللصوص حين أغاروا على القافلة التي كان يرحل فيها من مكة إلى بغداد فسألوه عما معه فقال: "معي أربعين دينارًا"، وهنا سأله كبير اللصوص عن سبب صدقه فقال: "عاهدت أمي على الصدق وأخاف أن أخون عهدها"، فيصرخ اللص قائلاً: "تخاف أن تخون عهد أمك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله".
ما أردت قوله أيتها الأم الغالية من تلك القصة هو ما أكد عليه الأستاذ محمد قطب في كتابه "منهج التربية الإسلامية"، وهو أن الإسلام يلجأ إلى إثارة الوجدان وإنشاء الرغبة في العمل لتتحول تلك الرغبة إلى عمل واقعي له صورة محددة واضحة السمات ليلتقي الظاهر والباطن، ويتطابقا ويتكافآ من مسألة فردية إلى رباط اجتماعي.
ـــــــــــــ(103/147)
أسرع قطار لمحطة العناد ... العنوان
كان فراس(سنتان) هادئًا وهو في السنة الأولى من حياته، ثم بدأنا بضربه والصياح عليه باستمرار، ثم أصبح الآن عصبيًّا وعنيدًا و"شقيًّا" لدرجة كبيرة، مع العلم أنه ذكي، فما هو الحل لتربيته تربية صحيحة ولتفادي الأخطاء التي حدثت في التربية؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأب العزيز..
بارك الله لك في حسام، ورزقك برّه، وجعل خطواتك معه في ميزان الحسنات.. آمين.
رسالتك ضمن ثلاث رسائل تحمل نفس الحيرة ونفس التساؤل جاءت بنفس الوقت.. وهي سمة رسائل الآباء لأول مرة فهي تحمل نكهة خاصة تختلط فيها الرغبة والرهبة...الرغبة في فعل الصواب دائمًا والرهبة من الوقوع في أي خطأ، ولا عجب، فهكذا الإنسان خاصة عندما يكون مسئولاً، وما أجملها وأعظمها مسؤولية حين تكون أبًا.
ولكن دعني أنبهك وأمه بالتأكيد -فرسالتي إليكما معًا- أن احتدام الرغبة والرهبة داخلنا أحيانًا يجعلنا نقع في "مطبات" التربية.. وأقولها "مطبات"؛ فكهذا رحلة التربية هي رحلة غير ممهدة، ولكننا يمكننا تجاوزها، والسير قدمًا بأقل العثرات.. ولا ينير هذا الطريق الطويل سوى المعرفة، ولا يدفعنا للسير بثبات أكثر من إيماننا بأننا أصحاب أمانة وحق علينا أن نؤديها مهما واجهنا من الصعاب.
وما دفعني لهذا التقديم إلا كلمتك "والسلوك يتزايد كلما كبر".. لمَ يا أخي هذا التوقع السلبي؟.. توقع الخير تجده. هذا ليس صحيحًا فكلما كبر ابنك وعى ونضج أكثر، الأمر ينحصر في تعريف خاطئ لهذا السلوك الذي يأتيه ابنك فأنت تقول عدوانية، وذو العشرين شهرًا يقصده استطلاعا لأثر هذا الرمي على الأرض أو يقصده استطلاعا لأثر هذا السلوك على والديه والمحيطين.
هكذا أنت ترى من جهة وتفسِّر وتسمي وابنك في جهة أخرى.. وموطن الخطر والخطأ هنا أننا نتعامل مع هذا الابن وفق تسميتنا وتفسيرنا نحن.. رغم خطئه.
ولذا لا بد أن نعرف كيف يفكر ويشعر هذا الابن.. وسأوضح لك أكثر... الأطفال في هذه السن خرجوا لتوِّهم لعالم أوسع وأرحب بعد أن تمكنوا من السير بمفردهم، والآن هو يريد أن يستطلع هذا العالم من حوله، وأن يلفت النظر لقدراته التي اكتسبها لتوِّه، هو يريد أن يوصل إليكم رسالة "أنا قادر" "أنا أفعل" "أنا موجود" "أنا كائن مختلف مستقل" "أنا أستطلع".. هذه هي رسائله التي تحملها تصرفاته، كأن يرمي الأشياء على الأرض، كأن يصرخ ويعلو صوته، كأن يجري هنا وهناك، كأن يقفز، كأن يحدث أصواتًا بلعبه، وهكذا...، ولكن رسائله هذه حين نفسرها يصيبها التشويش، فنقول: لماذا أصبح ولدنا عنيفًا، عدوانيًّا، شقيًّا.. وليتك أوضحت لي بصورة أوضح ما الذي تعنيه بالعنف والعدوانية لدى ابنك.. هل هو مجرد رمي الأشياء، فأسايرك وأقول إنها سلوك سيئ، وأقول لك ماذا تفعل؟
- أولاً أرجو أن تتابع هل هو يمارس قذف هذه الأشياء على أنها لعبة أم أنه تعبير عن الغضب.
في الحالة الأولى سأقول له مرة بعد مرة، وسأحاول أن أجعلها لعبة جماعية بالفعل. تمثل معي هذا الموقف:
"الآن ابنك ممسك بهاتفك الجوال ويريد أن يقذفه، أنت تجري لتحاول الإمساك به قبل قذفه، والنتيجة أن ابنك سرعته أكبر فيقذفه بالفعل، فتأتي وتصرخ فيه وتوبخه، وتعتقد أن هذا السلوك من جانبك سيجعله يكف عن قذف الأشياء مرة أخرى.. قد يخاف الابن وينتهي عن ذلك في حضورك، ونكون زرعنا بذرة الخوف الأولى وبذرة تحطيم الضمير الذاتي؛ لأنه في غيابك، سيمارس ما يمتّعه بغضّ النظر عن صوابه أو خطئه".
الموقف الثاني: "ابنك بدأ يأخذ الهاتف المحمول أنت تسرع بابتسامة وتقول له اقذف لي، فيسعد بأنه وجد رفيقًا للعبه، ثم تأتي وتقول له بعد أن تجلس على ركبتيك، وتحتضنه وتنظر في عينيه، وأرجو أن تلاحظ ملامح وجه طفلك في هذه الحالة" وتقول له: ما رأيك أن تحضر الكرة بدلاً من هذا التليفون... أتدري ما الذي يمكن أن يحدث لو وقع على الأرض... سينكسر.. أنا أحب هذا التليفون فلا أريد أن يكسر، ولكني أحب جدًّا أن أقذف معك الكرة.
من فضلك أسرع.. أتريد أن نلعب سويًّا بالكرة..".
في هذه الحالة ماذا تظن أنه فاعل؟
ظني الكبير أنه سيسرع فعلاً ليلعب بالبديل الذي أعطيته إياه، إضافة لأنه بدأ يعلم شيئًا عن طبيعة الأشياء فهذا يُكسر وهذا يتحمل، وهذا يرتد من الأرض بعد قذفه، وهذا لا يزيد.. وهكذا.
والأهم من ذلك أنه وجد صديقًا يثق به، ويشاركه رغبته في الاكتشاف واللعب، فضلاً عن بداية تعرفه على مشاعر المحيطين، فهذا يغضب بابا، وأنا أحبه ولا أريد أن أغضبه..، وهو يحبني ولا يريد أن يحرمني مما أحبه وهذه هي مربط الفرس كما يقولون.
بناء ثقة ابنك بك... "فالمحبُّ لمن يحبّ مطيع"
وهو سيسعى لإرضائك بكل قدرته، وإن كنت لا أرضى مجرد إرضاء الوالدين هدفًا معقولا نسعى إليه في التربية، ولكن لتعوّده الصواب لا بد أن تمر بمرحلة الحب أولاً، وبناء الثقة في أنك الشخص المناسب الذي يمكنه أن يسألك عن بدائل دون أن تحرمه مما يحب ولا تعطيه البديل.
وعساك تتبع ذلك في كل مواقفك مع الطفل، فهو يريد أن يتعلم ويعرف ويستكشف ويجرب فكن هذا الرفيق، وستنال بذلك الخير الكثير في المدى القريب والبعيد.
ويمكنك في هذا الصدد مطالعة الاستشارة التالية:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
هذا الحديث المستمر مع ابنك من شأنه أيضًا أن ينمي لديه اللغة ويسرع بحديثه.. فالطفل يحجم أحيانًا عن الكلام حين تكون البيئة المحيطة به بيئة ضاغطة، بمعنى كثيرة النقد، كثيرة التوبيخ أي لا يجد فيها داعمًا، فالطفل في طبيعته رغبة التعبير، ولكن في بيئة هادئة، محبة، مشجعة، داعمة.
• تحدث بصوت هادئ واضح للطفل.
• اسأله كثيرًا وشجّعه لسؤالك.
• أسمعه القرآن الكريم (فترة قصيرة حسب قدرته).
• أسمعه الأغاني المحببة للأطفال.
• اقرأ له القصص وما أنفعها وسيلة.
• زوروا أماكن كثيرة وتحدث باستمرار لطفلك عن هذا الأماكن، وماذا تفعل فيها، وماذا يوجد فيها، وهكذا...
• تحدث.. تحدث.. تحدث إلى طفلك.
• اشرح أثناء عملك ماذا تفعل:
"الآن سنصنع فطائر، نحضر اللبن، هذا هو اللبن.. انظر إنها علبة اللبن.. هذا لبن ما أجمل لونه... إنه أبيض.. أبيض كعربة حسام الجديدة".
• دعنا نحضر الإناء الأحمر.. صب اللبن يا حسام.. أتريد مساعدتي.. باليد اليمنى أمسك.. صب رويدًا.. رويدًا.. هكذا صببنا اللبن. ممتاز "صفّق له" شجعه.. قد أتى عملاً عظيمًا، هكذا...
- ما الذي استفاده حسام من هذه المشاركة:
• وقت دافئ بالحب وهو أكثر ما يحتاجه الطفل.
• الصداقة الحميمة.
• شعوره بالثقة بالنفس والزهو فهو يشارك أباه وأمه في أعمالهما.. إنه قادر.. يستطيع وهذا الشعور بالقدرة يبني ثقته بنفسه ويشعره بأنه يمكنه عمل المزيد.
• هذا الشرح المتواصل والدائم والمتنوع الخبرات مختلفة يعطيه الخبرة ذاتها، فهو سيتعلم صنع العجائن، وصبّ اللبن مثلاً وغيره مما تمارسانه سويًّا، وهذه الخبرات هامة لبناء الطفل.
• في هذه التجربة البسيطة تعلم مفردات جديدة " لبن - عجائن - أحمر - أبيض"، وهكذا بدأ يكوّن خريطة المعارف وقاموس اللغة لديه.
• وتجربة بعد أخرى تضيف لهذا القاموس وهذه الخريطة.
• الأطفال الذين ينجحون في المرور بهذه الخبرات يتعلمون القراءة مبكرًا.. أتدري كيف؟
• القراءة عملية أساسها التمييز البصري، وحين نقول "لبن"، ويلمح كلمة لبن مكتوبة فهو يسجل في عقله علاقة هذه الكلمة المكتوبة بهذا الصوت "لبن" الذي يسمعه، وهكذا مع الوقت يتعلم القراءة لعلك تلاحظ أن الأطفال يعرفون علامات المرور وعلامات الماركات العالمية التي يستخدمونها، وفي ذلك إشارة لأن الطفل يميز بصريًّا، ويبني هذا التدافق بين الصوت والكلمة، أسأل الله عز وجل دائمًا أن يلهمنا الصواب.
ـــــــــــــ(103/148)
احذروا مطبات التربية ... العنوان
لديّ طفل سنه 20 شهرًا، هو يمشي ويأكل بشكل طبيعي، لكن لا يتكلم إلا قول ماما أو بابا، ولديه سلوك عدواني، خاصة في بعض الأحيان يكون عنيفًا يرمي في الأرض كل ما يجده أمامه، وكلما نبهته أو نهرته لن يستجيب، وربما يزيد عنفًا وأحيانًا أخرى يكون هادئًا والسلوك هذا يتزايد كلما كبر في السن، وللعلم إنه يمشي عاديًّا، وليس له إخوة. إننا نعيش في بيت مع الزوجة وحدنا، واختلاطه مع الأطفال قليل.
... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأب العزيز..
بارك الله لك في حسام، ورزقك برّه، وجعله خطواتك معه في ميزان الحسنات.. آمين.
رسالتك ضمن ثلاث رسائل تحمل نفس الحيرة ونفس التساؤل جاءت بنفس الوقت.. وهي سمة رسائل الآباء لأول مرة فهي تحمل نكهة خاصة تختلط فيها الرغبة والرهبة...الرغبة في فعل الصواب دائمًا والرهبة من الوقوع في أي خطأ، ولا عجب، فهكذا الإنسان خاصة عندما يكون مسئولاً، وما أجملها وأعظمها مسؤولية حين تكون أبًا.
ولكن دعني أنبهك وأمه بالتأكيد -فرسالتي إليكما معًا- أن احتدام الرغبة والرهبة داخلنا أحيانًا يجعلنا نقع في "مطبات" التربية.. وأقولها "مطبات"؛ لأن هي رحلة غير ممهدة، ولكننا يمكننا تجاوزها، والسير قدمًا بأقل العثرات.. ولا ينير هذا الطريق الطويل سوى المعرفة، ولا يدفعنا للسير بثبات أكثر من إيماننا بأننا أصحاب أمانة وحق علينا أن نؤديها مهما واجهنا من الصعاب.
وما دفعني لهذا التقديم إلا كلمتك "والسلوك يتزايد كلما كبر".. لمَ يا أخي هذا التوقع السلبي؟.. توقع الخير تجده. هذا ليس صحيحًا فكلما كبر ابنك وعى ونضج أكثر، الأمر ينحصر في تعريف خاطئ لهذا السلوك الذي يأتيه ابنك فأنت تقول عدوانية، وذو العشرين شهرًا يقصده استطلاعا لأثر هذا الرمي على الأرض أو يقصده استطلاعا لأثر هذا السلوك على والديه والمحيطين.
هكذا أنت ترى من جهة وتفسِّر وابنك في جهة أخرى.. وموطن الخطر والخطأ هنا أننا نتعامل مع هذا الابن وفق تسميتنا وتفسيرنا نحن.. رغم خطئه.
ولذا لا بد أن نعرف كيف يفكر ويشعر هذا الابن.. وسأوضح لك أكثر... الأطفال في هذه السن خرجوا لتوِّهم لعالم أوسع وأرحب بعد أن تمكنوا من السير بمفردهم، والآن هو يريد أن يستطلع هذا العالم من حوله، وأن يلفت النظر لقدراته التي اكتسبها لتوِّه، هو يريد أن يوصل إليكم رسالة "أنا قادر" "أنا أفعل" "أنا موجود" "أنا كائن مختلف مستقل" "أنا أستطلع".. هذه هي رسائله التي تحملها تصرفاته، كأن يرمي الأشياء على الأرض، كأن يصرخ ويعلو صوته، كأن يجري هنا وهناك، كأن يقفز، كأن يحدث أصواتًا بلعبه، وهكذا...، ولكن رسائله هذه حين نفسرها يصيبها التشويش، فنقول: لماذا أصبح ولدنا عنيفًا، عدوانيًّا، شقيًّا.. وليتك أوضحت لي بصورة أوضح ما الذي تعنيه بالعنف والعدوانية لدى ابنك.. هل هو مجرد رمي الأشياء، فأسايرك وأقول إنها سلوك سيئ، وأقول لك ماذا تفعل؟
- أولاً أرجو أن تتابع هل هو يمارس قذف هذه الأشياء على أنها لعبة أم أنه تعبير عن الغضب.
في الحالة الأولى سأقول له مرة بعد مرة، وسأحاول أن أجعلها لعبة جماعية بالفعل. تمثل معي هذا الموقف:
"الآن ابنك ممسك بهاتفك الجوال ويريد أن يقذفه، أنت تجري لتحاول الإمساك به قبل قذفه، والنتيجة أن ابنك سرعته أكبر فيقذفه بالفعل، فتأتي وتصرخ فيه وتوبخه، وتعتقد أن هذا السلوك من جانبك سيجعله يكف عن قذف الأشياء مرة أخرى.. قد يخاف الابن وينتهي عن ذلك في حضورك، ونكون زرعنا بذرة الخوف الأولى وبذرة تحطيم الضمير الذاتي؛ لأنه في غيابك، سيمارس ما يمتّعه بغضّ النظر عن صوابه أو خطئه".
الموقف الثاني: "ابنك بدأ يأخذ الهاتف المحمول أنت تسرع بابتسامة وتقول له اقذف لي، فيسعد بأنه وجد رفيقًا للعبه، ثم تأتي وتقول له بعد أن تجلس على ركبتيك، وتحتضنه وتنظر في عينيه، وأرجو أن تلاحظ ملامح وجه طفلك في هذه الحالة" وتقول له: ما رأيك أن تحضر الكرة بدلاً من هذا التليفون... أتدري ما الذي يمكن أن يحدث لو وقع على الأرض... سينكسر.. أنا أحب هذا التليفون فلا أريد أن يكسر، ولكني أحب جدًّا أن أقذف معك الكرة.
من فضلك أسرع.. أتريد أن نلعب سويًّا بالكرة..".
في هذه الحالة ماذا تظن أنه فاعل؟
ظني الكبير أنه سيسرع فعلاً ليلعب بالبديل الذي أعطيته إياه، إضافة لأنه بدأ يعلم شيئًا عن طبيعة الأشياء فهذا يُكسر وهذا يتحمل، وهذا يرتد من الأرض بعد قذفه، وهذا لا يزيد.. وهكذا.
والأهم من ذلك أنه وجد صديقًا يثق به، ويشاركه رغبته في الاكتشاف واللعب، فضلاً عن بداية تعرفه على مشاعر المحيطين، فهذا يغضب بابا، وأنا أحبه ولا أريد أن أغضبه..، وهو يحبني ولا يريد أن يحرمني مما أحبه وهذه هي مربط الفرس كما يقولون.
بناء ثقة ابنك بك... "فالمحبُّ لمن يحبّ مطيع"
وهو سيسعى لإرضائك بكل قدرته، وإن كنت لا أرضى مجرد إرضاء الوالدين هدفًا معقولا نسعى إليه في التربية، ولكن لتعوّده الصواب لا بد أن تمر بمرحلة الحب أولاً، وبناء الثقة في أنك الشخص المناسب الذي يمكنه أن يسألك عن بدائل دون أن تحرمه مما يحب أن تعطيه البديل.
وعساك تتبع ذلك في كل مواقفك مع الطفل، فهو يريد أن يتعلم ويعرف ويستكشف ويجرب فكن هذا الرفيق، وستنال بذلك الخير الكثير في المدى القريب والبعيد.
ويمكنك في هذا الصدد مطالعة الاستشارة التالية:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
هذا الحديث المستمر مع ابنك من شأنه أيضًا أن ينمي لديه اللغة ويسرع بحديثه.. فالطفل يحجم أحيانًا عن الكلام حين تكون البيئة المحيطة به بيئة ضاغطة، بمعنى كثيرة النقد، كثيرة التوبيخ أي لا يجد فيها داعمًا، فالطفل في طبيعته رغبة التعبير، ولكن في بيئة هادئة، محبة، مشجعة، داعمة.
• تحدث بصوت هادئ واضح للطفل.
• اسأله كثيرًا وشجّعه لسؤالك.
• أسمعه القرآن الكريم (فترة قصيرة حسب قدرته).
• أسمعه الأغاني المحببة للأطفال.
• اقرأ له القصص وما أنفعها وسيلة.
• زوروا أماكن كثيرة وتحدث باستمرار لطفلك عن هذا الأماكن، وماذا تفعل فيها، وماذا يوجد فيها، وهكذا...
• تحدث.. تحدث.. تحدث إلى طفلك.
• اشرح أثناء عملك ماذا تفعل:
"الآن سنصنع فطائر، نحضر اللبن، هذا هو اللبن.. انظر إنها علبة اللبن.. هذا لبن ما أجمل لونه... إنه أبيض.. أبيض كعربة حسام الجديدة".
• دعنا نحضر الإناء الأحمر.. صب اللبن يا حسام.. أتريد مساعدتي.. باليد اليمنى أمسك.. صب رويدًا.. رويدًا.. هكذا صببنا اللبن. ممتاز "صفّق له" شجعه.. قد أتى عملاً عظيمًا، هكذا...
- ما الذي استفاده حسام من هذه المشاركة:
• وقت دافئ بالحب وهو أكثر ما يحتاجه الطفل.
• الصداقة الحميمة.
• شعوره بالثقة بالنفس والزهو فهو يشارك أباه وأمه في أعمالهما.. إنه قادر.. يستطيع وهذا الشعور بالقدرة يبني ثقته بنفسه ويشعره بأنه يمكنه عمل المزيد.
• هذا الشرح المتواصل والدائم والمتنوع الخبرات مختلفة.
• يعطيه الخبرة ذاتها، فهو سيتعلم صنع العجائن، وصبّ اللبن مثلاً وغيره مما تمارسانه سويًّا، وهذه الخبرات هامة لبناء الطفل.
• في هذه التجربة البسيطة تعلم مفردات جديدة " لبن - عجائن - أحمر - أبيض"، وهكذا بدأ يكوّن خريطة المعارف وقاموس اللغة لديه.
• وتجربة بعد أخرى تضيف لهذا القاموس وهذه الخريطة.
• الأطفال الذين ينجحون في المرور بهذه الخبرات يتعلمون القراءة مبكرًا.. أتدري كيف؟
• القراءة عملية أساسها التمييز البصري، وحين نقول "لبن"، ويلمح كلمة لبن مكتوبة فهو يسجل في عقله علاقة هذه الكلمة المكتوبة بهذا الصوت "لبن" الذي يسمعه، وهكذا مع الوقت يتعلم القراءة لعلك تلاحظ أن الأطفال يعرفون علامات المرور وعلامات الماركات العالمية التي يستخدمونها، وفي ذلك إشارة لأن الطفل يميز بصريًّا، ويبني هذا التدافق بين الصوت والكلمة، أسأل الله عز وجل دائمًا أن يلهمنا الصواب.
ـــــــــــــ(103/149)
كيف أعرف مستوى ذكاء ابنتي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. لي ابنتي الوسطى عندها 4 سنوات ونصف عند ولادتها لم تبك إلا بعد لحظات، عاقلة حنونة مع أخواتها، ولكن دائمة الشك في أنها قليلة الذكاء، وهذا يقلقني عليها، وهي الآن في أولى حضانة، ومعلمة الفصل ممتازة، وإن بقي لي مدة مع المعلمة أحفظها في شكل حرف أ، ب، ت، ث...، ولكن لا تعرفهم.. هي تكتبهم فقط وأيضًا بعدما أعيتني الحيل بالتدليل واللعب والأشياء المجسمة و... و.. تسألها أين حرف الألف تشاور على الباء، وهكذا... فقط في أربع حروف من أول العام الدراسي، والآن أشعر أن هذا تأكيد لشكوكي الماضية، فكيف أستطيع أن أعرف أنها ذكية أم...؟ وكيف أعرف مستوى ذكائها؟ أرجوكم ساعدوني. ... السؤال
تعليمي ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. حسنًا فعلت باهتمامك المبكر بموضوع البنت، ففي هذه السن (سن الحضانة) يبدأ الأطفال في البدء بالتدريب على مهارات دراسية بسيطة (كما ذكرت مثل معرفة الحروف والتمييز بينها وكذلك الأرقام)، وعلى الرغم من كونها مهارات تبدو بسيطة بالنسبة لنا نحن الكبار، ولكنها ذات أهمية بالغة لتوجيه مستقبل الطفل التعليمي؛ بحيث إن وجود مشاكل تعليمية قد يواجهها الطفل أثناء تدريبه على هذه المهارات قد تكون مؤشرًا على وجود مؤشرات على مشاكل مستقبلية قد يواجهها الطفل تعليميًّا، ولا أريد هنا أن أخيفك، لكن أعتقد أن "خوفك" حيال تعثرها في التمييز بين الحروف في محله "إذا صح التعبير خصوصًا وأن الطفلة لم تستجب للتدريب رغم التكرار".
إذن ما الحل؟ الحل هو اللجوء إلى الاختصاصيين لحسم الأمر، والوقوف على المشاكل التي يمكن أن تكون الطفلة تعاني منها فعلاً، ولهذا لا بد من رجوعك إلى:
- اختصاصي يقوم بقياس ذكاء الطفلة للتأكد من أن قدراتها الذهنية سليمة، وإذا كان ذلك -إن شاء الله- فهنا نلجأ إلى:
- اختصاصي نطق ولغة أو اختصاصي صعوبات، وهذا للتأكد من قدرات الطفلة اللغوية -(لم تذكري هل لديها مشاكل في النطق أو اللغة التعبيرية)-.
- وكذلك قياس أدائها في مهارات الإدراك السمعي والبصري، مثل التحليل والتمييز والذاكرة السمعية والبصرية، وهي مهارات قد يوجد بها ضعف رغم أن القدرات الفسيولوجية السمعية والبصرية تكون جيدة (أي أن الطفل لا يعاني من وجود مشاكل في السمع والبصر، ولكنه رغم ذلك يجد صعوبة في مهارات التحليل والتمييز والذاكرة والتي هي مهارات مهمة سابقة للكتابة والقراءة).
فإذا تأكدنا أن القدرة الذهنية للطفلة سليمة، وكذلك السمع والبصر من ناحية طبية، فإننا نتأكد من المهارات التي ذكرتها سابقًا، وهنا قد تكون الطفلة تعاني من صعوبات تعلم وفي هذه الحال فإن الموضوع مطمئن أكثر؛ لأنه مع الاكتشاف المبكر والتدريب المبكر والمناسب فإن معظم الأطفال يستطيعون التعايش مع الصعوبات ويكملون دراستهم. أرجو منك سرعة التوجه للاختصاصيين المناسبين –تربية خاصة أو علم نفس وأطباء السمع والبصر- والتأكد إذا كانت الطفلة تعاني من إحدى هذه المشاكل. ونرجو منك موافاتنا بالتطورات التي تحصل معك.
ـــــــــــــ(103/150)
المهنة السامية تفتح أبوابها للعضوات الجديدات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيكم على جهودكم الطيبة في مساعدتنا بأمور أبنائنا، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
سؤالي بخصوص طفلي وهو الطفل الأول وعمره سنة وشهر وأريد تعويده على ترك الحفاظات، فكيف يمكنني عمل ذلك دون أن أسبب له إزعاجًا وأكرهه في ذلك؟ مع خالص الشكر. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله خيرًا على ثنائك ودعائك الذي نأمل أن يجعلنا الله أهلاً له دومًا، ومرحبًا بك وبعليّ الذي نأمل أن يكون في الدنيا والآخرة عليًّا إن شاء الله؛ فقلبك له مدرسة تعلمه كل ما ينفعه؛ فكما قيل: "قلب الأم مدرسة الطفل".
لقد تم معالجة موضوع التدريب على الإخراج على صفحتنا في أكثر من موضع سابق، وسأورد لك في نهاية الإجابة هذه المعالجات بإذن الله تعالى للاستزادة، ومع ذلك سأحاول إجمال وتوضيح الأمر لك في نقاط:
أولاً: من حسن حظ طفلك أنك تتواجدين معه معظم اليوم، وهو ما سيسهل عملية التدريب؛ لعدم وجود اختلاف في التعامل معه حيال هذا الأمر من قبل أكثر من طرف.
ثانيًا: لا بد من أن نوقن أن هذا الأمر (التحكم في الإخراج) صعب على الطفل في بداية تدريبه؛ حيث إن هذا الأمر هو عكس استجابة الجسم الطبيعية على خط مستقيم، فكما يورد الدكتور "محمد عماد الدين إسماعيل" في كتابه (دليل الوالدين إلى تنشئة الطفل) "بأنه من طبيعة العضلات أن تنفرج حين يمتلئ المكان بمواد الإخراج، والمطلوب من الطفل يقتضي عكس ذلك تمامًا، أي أن يقبض عضلاته عندما تضغط عليها مواد الإخراج حتى يذهب للمكان المخصص ويقضي حاجته، وبالتالي فالأمر ليس سهلاً، ولو أدرك الوالدان ذلك لالتمسوا العذر للطفل، وترفقوا به عند بداية تدريبه على التحكم".
ثالثًا: هناك صعوبة أخرى تواجه الأزهار الصغار في تعلم هذه العملية، وهي أن التدريب عليها عادة ما يتم في سن لا تكون لغتهم فيه قد اتضحت أو اكتملت إلى الحد الذي يفهمون به التعليمات بدقة أو يعبِّرون عن احتياجاتهم بدقة، حيث إن الأمر يحتاج إلى أن يتعلم الطفل أن يقبض عضلاته، حتى ينادي من يقوم بمساعدته، ثم يذهب للمكان المخصص، ثم يخلع ملابسه، كل هذا وهو يقبض عضلاته التي تلح عليه بالانفراج، فضلاً عن اللغة التي قد تشكِّل له أيضًا عائقًا أمام تنفيذ المهمة المطلوبة بنجاح كل مرة، وبالتالي فهذه الصعوبة قد تسبب إخفاقًا للحبيب الغالي في بعض المرات، ويجب علينا تقدير هذه الصعوبة، والتعامل مع هذا الإخفاق بشكل سليم لتجنب المتاعب والمضاعفات، وسنورد ذلك فيما بعد.
رابعًا: أن استعداد الطفل إدراكيًّا وجسميًّا للنجاح في هذه العملية طبقًا لنضج جهازه العصبي، والمناطق اللازمة للقيام بهذه العملية فيه يتم بعد العام والنصف، وعادة ما يكون التحكم في التبرز في مرحلة تسبق التبول الذي تزيد فيه فرص الفشل نسبيًّا، وخاصة لانهماك الطفل في اللعب، كما أنه لا يمكن أن تتوقع من الطفل أن يكون نظيفًا أثناء الليل ولا يبلل فراشه بشكل منتظم ودائم قبل 5 - 6 سنوات بعدها يصبح الأمر مقلقًا، أما في النهار فلا يكون الأمر مقلقًا قبل عمر ثلاث سنوات، وفي حالة التبرز فإن الوضع يعتبر مشكلة إذا كان الطفل يستطيع استعمال الوعاء المخصص أو المرحاض، ولكنه يُصِرّ على التبرز في ثيابه.
خامسًا: هناك فروق فردية بين الأبناء وهو ما يجعل استجابة كل طفل لمتطلبات النمو تختلف عن الآخر، وربما حدث ذلك بين أبناء الأسرة الواحدة، فقد يمشي طفل في عمر يسبق الآخر الذي له نفس العمر، بينما سبقه الآخر في التحكم في الإخراج، وفاقهما ثالث في الكلام وهكذا...
ويقول الأستاذ مهدي عبيد في هذا الصدد ما وجدته مناسبًا لكونك أمًّا جديدة في مهنة الأمومة الرائعة، حيث يقول في كتابه (تربية الأطفال من الناحية العضوية والنفسية في العام الثاني): "إن بعض الأمهات من الأسرة والصديقات اللاتي كبر أولادهن ينسين أو يتناسين متاعب تلك الفترة، ويتفاخرن أمام الأم الجديدة في المهنة أن أطفالهن تعلموا استعمال الوعاء الخاص بالإخراج منذ الشهور الأولى، وأنهن لم يغسلن لفة واحدة منذ بلغ أطفالهن عامهم الأول، وتلك العوامل قد تدفع إلى محاولة تدريب طفلها على استعمال الأصيص منذ الشهور الأولى، ثم تصاب بخيبة أمل شديدة إذا فشلت في تدريبه، ويصيبها القلق وانعدام الثقة في كفاءتها كأم.."، وهو ما يدفعني للتأكيد على أن الحقائق تشير أنه ليس هنالك اثنان من الأطفال يمكن أن يتساويا في حدود سرعة النمو لدى كل منهما.
سادسًا: لا بد من اختبار استجابة على للأمر بلطف وحنان؛ بمعنى أنه لو أصرّ على رفض هذا التدريب في الوقت الحالي فينبغي عدم إجباره عليه عاجلاً، ويمكن المعاودة في وقت لاحق باستخدام شكل مختلف للوعاء.. أو التدريب فيما بعد، ولا تنسي أنك تدربينه على عكس ما تطالبه به عضلاته كما أشرنا وهو ما يشكل لها أمرًا شاقًّا.
سابعًا: تدريب الطفل في هذا التوقيت وبالهدوء والسلاسة، كما أشرت، يضيف إليه الميل للنظافة والترتيب وحب النظام، كما أنه يجعل بُعد الوقت لديه واضحًا غير مشوش، ولكن ينبغي أن يتم تطبيق هذا التدريب في جو من الحنان والسعادة والهدوء، وبدون أي زجر أو عنف أو تهديد أو ضغط، حيث يؤكد علماء النفس أن من المواقف البارزة في حياة الطفل التي يكون لها أعظم الآثار في شخصيته بعد حدث الرضاعة هو التدريب على الإخراج، حيث تؤثر ظروف هذا التدريب في بنيته النفسية؛ إذ يعتبر ما يخرجه جزءاً من جسده؛ إذ إنه حتى هذا العمر لا يميز بين ما يملك وما لا يملك أو ما بداخله وما هو خارجه، وتدريبه على إخراجه بهدوء وحنان وحب وعدم اشمئزاز مما هو جزء منه، من وجهة نظره، يخلق لديه التفاؤل والثقة بالنفس التي تجعل منه شخصية سلسة، كما تعلو كفاءته بالتدريج. وربما خير ما نؤكد به هذه المعلومة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه"، وإلا فإن القسوة وإظهار الاشمئزاز في هذا الأمر وغيره قد تؤدي إلى تكوين صفات وسواسية لدى الطفل مع اهتزاز ثقته بنفسه.
أختي الكريمة.. لقد قصدت الاستفاضة والتفصيل فيما سردته لك من معلومات وحقائق باعتبارك في حاجة أكيدة لها؛ لأنك ما زلت في سنة أولى أمومة التي تحتاجين فيها لكل معاونة ونصيحة، ثم أنتقل من الحقائق والمعلومات إلى برنامج التدريب وهو ما يجب أن يتسم بثلاث سمات أساسية، وهي: الثبات – الإيجابية – الاستمرارية.
الاستمرارية: بمعنى أن يكون هناك تكثيف لعملية التمرين بصورة غير متقطعة على مدار اليوم والليلة. الثبات: ينبغي الثبات في التعامل مع الطفل حيال هذا الموضوع، فلا يصح أن تتشددي معه عندما يتبول في ملابسه، ويقابله والده مثلاً بنوع من اللين ورد فعل يخلو تمامًا من التوجيه، فهذا الاضطراب يترك أثره السلبي على الطفل الذي في النهاية لا يدرك ولا يستوعب المطلوب بالضبط. الإيجابية: إن عملية التمرين كأي تدريب على سلوك جديد يحتاج إلى حافز ودافع، ويحتاج إلى الكثير من التشجيع والثناء عند الإنجاز.
أما خطوات التدريب:
1 - نبدأ خطواتنا مع بداية اليوم.. إذ تقومين بغسل وجه الطفل برفق، وتبليل رجليه أو يديه، ثم تقومين بإجلاسه على المكان المخصص لهذه العملية الذي ينبغي أن يكون شكله جميلاً جذابًا محببًا، كما ينبغي أن يكون الجو المحيط بهذه العملية جوًّا تشيع فيه البهجة والضحكات والأغاني وبسمات الأم الحنونة ومداعباتها، فعندما تبدئين في تعويده حسب البرنامج المقترح، لا بد أن تكوني مستعدة لقضاء أحلى الأوقات معه، وهو جالس على وعاء التبول أو التغوط تلعبين بلعبه وتغنين، بل تحكين له الحكايات، وعندما ينتهي من عملية التغوط أو التبول يكون الاحتفال الكبير، والتصفيق الحاد والضحكة التي تنير الوجه، مع الإشارة باليد والكلام ليشعر أن ما عمله إنجاز عظيم، بحيث يعرف أن قضاء الحاجة في هذا المكان حدث باهر وأمر يستحق عليه الشكر والثناء، وليس الإخراج فقط هو العمل الذي فرحت لأجله، بل هو الإخراج في هذا الوعاء.
2 - يمكن بعد الإفطار إجلاسه مرة أخرى بنفس الطريقة.
3 - يتم إجلاسه بشكل دوري بعد الوجبات، وكل فترة زمنية معينة ولتكن من ساعتين إلى ثلاث.
4 - يمكن استخدام لفظ معين باستمرار عند إجراء هذه العملية ليتعرف على اسم سهل النطق لهذا الأمر، بحيث يمكنه أن يطلبه بسهولة فيما بعد حينما يحتاج، وتكون لديه القدرة على التلفظ بهذا اللفظ.
5 - عليك أن تبذلي قصارى جهدك، وتُصرِّي على إجلاسه على المكان المخصص للإخراج حتى لو رفض هو الانصياع لذلك -طالما أن برنامج التدريب قد بدأ-، فلا بد أن تحاولي بإصرار ولكن بهدوء ولطف، وبنوع من المحايلة والتشجيع المعنوي (الابتسامة، التصفيق، الاحتضان)، والمادي كالحلوى أو لعبة صغيرة..
6 - لا بد من إقران عملية التبول دومًا بمكافأة.. ولا تظهر المكافأة إلا في حالة التبول في المكان المخصص لذلك، فهذا ينبِّه الطفل وجهازه العصبي. كما سيؤثر بشكل إيجابي أن تبلغي أباه عند عودته من العمل وبلغة مليئة بالزهو كم كان عليّ جميل و(شاطر)، وأخرج في المكان المخصص لذلك، وماما سعدت به وصفقت له، وهكذا...، فالطفل يسعد جدًّا حينما يتحدث عنه أهله، ويمتدحونه، ويكون ذلك حافز له على أداء ما يدعو الآخرين لامتداحه بشكل أكبر، فمثل هذه الأفعال المليئة بالمرح والحيوية والسعادة ستدفعه لحب هذه العملية حتمًا، بل السعي لفعل ما يدعو الآخرين لامتداحها.
7 - إذا حدث ولم يتحكم وتبول أو تبرز في ملابسه فلا ينبغي النهر أو الاشمئزاز أو إظهار التقزز بتاتًا، بل ينبغي الإشارة بهدوء إلى أن الوضع الصحيح هو أن يتحكم، ويقوم بالإخراج في الوعاء المخصص، وذلك بعبارات بسيطة، مثل: "الشاطر يعمل في البوتي" أو "ابني الجميل لن يفعل ذلك مرة أخرى؛ لكي يكون نظيفًا، وجميلاً، ورائحته جميلة، ولتحضر له أمه الحلوى والمكافآت"، وحذارِ من القسوة التي تجعل من هذا الأمر بالنسبة له نوعًا من العذاب والضغط أو تجعله يشعر أن ما يخرج منه يضايق منه أمه التي تحبه، فيسعى لعدم إخراجه، وقد يصيبه إمساك مزمن، فالطفل لا يستوعب أن هذا عمل سيئ، فقد اعتاد منذ رأى الدنيا أن جسمه يتخلص من تلك الفضلات بشكل مباشر ولا إرادي وغير محكوم بأي ضوابط، فما الداعي لتأنيبه الآن أو توبيخه أو ضربه؛ إذ لم يفعل شيئًا جديدًا أو شيئًا سيئًا من (وجهة نظره)، فلطالما غيَّرت له الأم حفاظته وهي تداعبه وتضحك له، ما الذي جد؟ وبالتالي فأنت وحدك التي تعلمين ما الذي جد، ولا بد لك من إيصال تلك المعلومات للطفل برفق، فالعديد من الآثار الجانبية غير المرغوبة نهائيًّا قد تحدث كنتيجة طبيعية ملازمة للقسوة والعنف أو التهديد في هذا الأمر الصعب جدًّا على الطفل.
8 - وهكذا يتم الاستمرار في التدريب حتى يبدأ الطفل بأن يطلب هو هذا الأمر حينما يشعر بالرغبة في ذلك.
9 - لا شك أن احترام البرنامج السابق أمر في منتهى الأهمية يجب الالتزام به حتى لا ينشأ الطفل فوضويًّا، وإن كنت ستحتاجين لتركه -لو فرض احتياجك لهذا- فيمكن لمن يتولى رعايته في عدم وجودك - سواء أكانت جدة أو مربية أو في الحضانة - أن تتولى متابعة الأمر في مواعيده المحددة وبالقوانين التي اتفقنا عليها.
10 - عليك بالدعاء، فصدقيني يا أختي الغالية ما من شيء في تربية أبنائك يمكنك تأديته بنجاح ويؤتي ثماره أسرع مما تتخيلي إلا بالدعاء الصادق في أوقات الإجابة، والتوكل على الله عز وجل، والاستعانة به تعالى؛ لينبت الله ذريتك نباتًا حسنًا، فالزارع يبذر البذور، ويرويها، ويأخذ بالأسباب، ولا ينمِّي له زرعه ويحفظه إلا الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا فما من شيء تؤدّينه لأبنائك إلا استعنتِ على أدائه بالدعاء.
وأخيرًا يا أختي الفاضلة، أرجو أن أكون قد وفّرت لك ما يلزم من معلومات مفيدة.. ونحن معك دائمًا في كل ما يخص عليّا أو من سيأتي بعده من أحباب.. رزقك الله تعالى الذرية الطيبة، وأعانك على القيام بمهامك الغالية على خير وجه، ونحن في انتظار أخبار نجاحك في امتحان السنة الأولى للأمومة استعدادًا للسنة التالية... رزقنا الله عز وجل وإياك العمر حتى نشهد حفل التتويج لك بنجاح ولدك وإخوته بما يجعلهم لعينيك وقلبك بهجة وسعادة.
ـــــــــــــ(103/151)
في الغربة دراستي أم هوية طفلي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. اسمحوا لي بداية أن أشكركم على كل ما تقدمونه، وأنا من المتابعات لصفحتكم دائمًا. في الحقيقة أنا أرغب بمتابعة دراستي الجامعية التي توقفت عنها عندما حملت بطفلي. وطفلي الآن عمره 8 أشهر، وسأبدأ الدراسة بعد 3 أشهر إن شاء الله، يعني سيكون عمره 11 شهرًا.
أودّ أن أستشيركم حول مسألة الحضانة، فهي المكان الوحيد الذي أستطيع وضع ابني به. ستكون ساعات دراستي 12 ساعة أسبوعيًّا، ويمكنني تقسيمها على أن تكون يومًا أو يومين بالأسبوع أو ثلاثة أيام. أنا أميل لأخذ يومين أسبوعيًّا على أن يكون كل يوم 6 ساعات، وهذا حتى أتفرغ لابني تمامًا في باقي الأيام. وبهذا يكون ابني يقضي يومين فقط في الحضانة. ولكن إن كنتم ترون أنه من الأفضل للصغير أن أقسم الدراسة بشكل مختلف، فأرجو الإفادة. كما أنني قلقة جدًّا بالنسبة للغة؛ فنحن نكلمه بالعربية بالبيت، أما الحضانة فستكون باللغة الإنكليزية.
وأمر آخر: هل يمكن أن تؤثر الحضانة على عقليته في هذا العمر الصغير؟ يعني في الحضانة سيغنون لهم أغاني الميلاد (الكريسماس)، وبابا نويل، ويقيمون لهم الحفلات وغيرها من عادات الأمريكيين النصارى.
يعني باختصار أرجو إفادتي بكل ما يتعلق بالحضانة من سلبيات وإيجابيات. مع الملاحظة أن ابني ولد مرح جدًّا ويحب الناس واجتماعي، ولكن المشكلة أنه لا يرى إلا وجهي ووجه والده وهو يفرح كثيرًا عندما نذهب لمكان فيه ناس كثر. بانتظار إجابتكم. والسلام عليكم. ... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. يا أم الحبيب عمر، بارك الله لك فيه وأنبته نباتًا حسنًا، وأبدأ حديثي معك بتحيتي لك، وتشجيعي على رغبتك بمتابعة تعليمك، فالحكمة دائمًا ضالة كل مؤمن ينشدها ويبحث عنها حيثما وجدها كما ورد في الأثر "اطلبوا العلم ولو في الصين"، ونرجو أن يتيسر لك الأمر بنجاح ويسر إن شاء الله تعالى.
وعما يخص موضوع الحضانة أبدأ أولاً بالحديث عن البيئة المزدوجة الثقافة التي تعيشين فيها والتي ستضطرك الظروف حتمًا للتعامل معها والتفاعل فيها، فأقول لك: لا بد أنك تعرفين أن كل إناء بما فيه ينضح، وأن فاقد الشيء لا يعطيه؛ فإذا لم تكن لديك القناعة التامة بأسباب سفرك وأهميتها.. فكيف يصل لولدك الشعور بالأمان؟ إذ يخشى على ولدك أن ينتقل إليه قلقك وخوفك من الآثار السلبية لإقامتك في بيئة مختلفة، فيتم شحنه بأجسام مضادة رافضة لهذة البيئة مسبقًا بشكل غير مباشر، ولا شك أن سن "عمر" حاليًا ربما يقل عما يمكن أن يتأثر بشكل واضح بهذا الأمر، لكني أقصد بوجه عام توجيهك لأمر هام في تربيتك لولدك من الآن فصاعدًا بعيدًا عن بيئتكم الأصلية؛ حيث لا بد من مراعاة هذه النقطة.
كما أود أن أهمس في أذنيك بأن التعامل مع البيئة المزدوجة لا يوجد به ما يزعج أو يرعب (كما يبدو من سؤالك)، طالما أن التعامل مع هذا الأمر يتم على دراية وتحكم، وهذا ما تأكد لديّ من الحياة في الغربة لمدة تسع سنوات متصلة؛ ولذا فإليك بعض النصائح العملية التي طبقتها أنا شخصيًّا حينما اضطرتني الظروف إلى السفر والإقامة بالخارج:
أولاً: لا بد لك من تحديد أهدافك من السفر على مستواك الشخصي والأسري؛ وذلك لتحديد الإيجابيات التي ستستمتعين بها أنت وأسرتك من خلال السفر؛ فأنت ستعيشين في مجتمع متقدم، ومستوى معيشي مختلف، وطرق تعليم جديدة ومختلفة، وطرق تعامل ولغة وخبرات جديدة، واقتناعك بالجوانب الإيجابية لهذا السفر سيمكنك من إيصال هذا الاقتناع لولدك ليسهل عليه التعامل باتزان وثقة مع البيئة الجديدة.
ثانيًا: من المؤكد أن لكل مجتمع عاداته وصفاته الحسنة والسيئة أو غير المقبولة، وبالتالي فتحديدك للجوانب الحسنة لا بد أن يتبع بتحديدك للجوانب السلبية التي تريد أن تتفادى آثارها على ولدك وأسرتك، وفي الأغلب ستجدين الإيجابيات أكثر مع السلبيات أو على الأقل تتساوى معها، وخاصة إذا نظرت للجزء المملوء من الكوب.
وبوضعك للجوانب السلبية في نقاط يمكنك أن تحددي ما هي وسائلك لمعادلة هذه الجوانب وتلافي آثارها والتوازن معها؛ يعني لو أنك نجحت في معادلة تأثير البيئة الخارجية المختلفة عن البيئة الأم –كما سنوضح لك فيما سيأتي من نقاط- فما المشكلة حينئذ في أن "في الحضانة سيغنون لهم أغاني الميلاد (الكريسماس)، وبابا نويل، ويقيمون لهم الحفلات وغيرها من عادات الأمريكيين النصارى"؟ لن تكون هناك مشكلة، بل سيرى الطفل أشياء جديدة وثقافة مختلفة؛ مما يضيف إليه ويثريه.
وقد بدا من سؤالك أن أكثر ما تخافينه من نقاط السلب التأثير السلبي للبيئة الجديدة على الثقافة والدين والهوية واللغة، وفي محاولتي للتعاون معك لتفادي هذا الأثر السلبي.. لا بد من توضيح أمر مهم في البداية، وهو أن جهدك في التعامل مع ولدك في البيئة الجديدة لا بد أن يسير في خطين متوازيين بدون تميز لأحدهما على الآخر: الخط الأول هو توفير عوامل ارتباط الطفل ببيئته الأصلية ولغته وارتباطه بهما حتى لا يفقد هويته. والثاني هو توفير عوامل اندماج الطفل في البيئة الجديدة، وتجنب انعزاله عنها أو خوفه منها؛ لما يؤدي إليه ذلك من عواقب غير مرغوبة.
وسأقسم حديثي معك على حسب سؤالك إلى نقاط رئيسية:
1 - تأثير الحضانة -باعتبارها نموذجًا للبيئة الجديدة- على عقلية الصغير عمر.
2 - الطريقة المثلى لتأهيله للترك في الحضانة.
3 - كيفية معادلة تأثير الحضانة عليه.
أولاً: فعن تأثير الحضانة على عقلية الصغير عمر:
لا خوف من تأثير الحضانة على عقلية الصغير ما دمت تعادلين أي تأثير للثقافة الأخرى بجرعة مساوية من الثقافة الأصلية، وسيظهر ذلك جليًّا فيما سأسرده لك من نقاط حينما نتناول "ثالثًا".
ثانيًا: وعن الطريقة المثلى لتأهيله للترك في الحضانة:
قد يسبب انفصال الطفل عنك بعد اعتياده ملازمتك ما يسمّى بقلق الانفصال.. وذلك في بداية تركك له في الحضانة، ولكي نتفادى هذا الأمر لا بد من تركه بشكل تدريجي لعدد معين من الساعات تزداد تدريجيًّا بحيث تصل لحد أقصى 5 - 6 ساعات في اليوم غير قابلة للزيادة لأي سبب. ولمزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع سنورد لك في نهاية الاستشارة مجموعة من المعالجات السابقة لموضوع الحضانة.
ثالثًا: أما عن كيفية معادلة تأثير الحضانة عليه:
في سن طفلك الذي ستتركينه فيه في الحضانة (11 شهرًا) فإنه لا خوف من اختلاف لغة التعامل معه في المنزل عن لغة الحضانة.. بل على العكس فإنه تدريجيا سيكتسب ويجيد اللغتين، ولكن بمراعاة الآتي:
-ينبغي ألا يتم تركه في الحضانة أكثر من 6 ساعات كحد أقصى.
-حينما يعود للمنزل يجب قضاء عدد من الساعات مساوٍ للساعات التي قضاها في الحضانة في لعب مع الوالدين أو الأم والحديث والملاغاة، وهو ما يعوضه عن فقدان الأم في الصباح.
-لا بد من الحديث داخل المنزل باللغة الأصلية، وعدم الخلط بين اللغتين، أو تركه أمام التلفاز الذي يتحدث باللغة الأخرى، أو الحديث بلغة تخلط بين اللغتين العربية والإنجليزية؛ كي لا يحدث للطفل ارتباك بين اللغتين، وفي سنه الحالية لا يمكن الجزم بوجود ما يقلق، لكن القلق يبدأ حينما يبلغ الطفل 18 شهرًا؛ حيث يمكن أن يحدث للطفل ارتباك بين اللغتين.
والخلاصة يجب أن يكون ما يسمعه الطفل طيلة وجوده بالمنزل هو اللغة الأصلية لتجنب هذا الخلط والإرباك؛ فيسمع 5 ساعات اللغة الإنجليزية، ويسمع 6 أو 5 ساعات مثلها اللغة الأم (العربية). إذا أردت أن تعلميه مفردات باللغة الانجليزية فلا بد أن يعلم ترجمتها باللغة العربية.
تأكدي أن الغلبة للثقافة التي يقضي في أحضانها الطفل وقتًا أكثر؛ فلو كان ما يمكثه الطفل في المنزل وقتًا أطول من وقت الحضانة، ومليئًا بالأنشطة واللعب معك والحديث والحكايات مثل التي يقضيها في الحضانة؛ فستكون الغلبة لثقافتك التي تبثينها إن شاء الله، وخاصة أنه صغير.
حذارِ من الحديث عن سلبيات الغربة أمامه، أو إبداء ضيقك أمامه من الآن فصاعدًا حتى ينمو بشكل سليم دون شعور بضغط على أعصابه؛ لأن هذا سيدفعه حتمًا للتساؤل: "فلمَ جئتما بنا إلى هنا إذن، طالما أنكما غير متآلفين مع المكان؟"، وهو ما سيؤثر عليه لاحقًا، وخاصة في سن المراهقة.
في فترة فتح التلفاز يمكنك عن طريق أطباق الاستقبال فتح قنوات بلدك الأصلي أو القنوات العربية التي تأمنين برامجها ليستمع ويشاهد برامج بلغة البلد، ويرى تقاليده ووجوه منه.
لا بد من إحضار كتاب قصص مناسب لسنّه باللغة العربية؛ لأن غالبًا ما تحكي لهم مدرِّسة الحضانة قصصًا من كتاب –فهذا من التقاليد المعروفة المتبعة لتسلية هذه السن من الأطفال في الحضانات بالخارج- وأكيد أنه بلغتها، وقراءتك قصص له بلغتكم مع جعله يشاهد الحروف العربية، ويطّلع عليها وعلى شكل الكلام يجعله يدرك أن هناك لغتين، لكل منهما شكل يستطيع تمييزه وتمييز حروفه وشكل كتابة كلماته.
أختي الحبيبة.. سعدت بك وبمتابعتك لصفحتنا وحرصك على الاستفادة مما يقدم من خلالها وتطبيقه، ولعله من سعة رزق ابنك الغالي أن يهبه الله عز وجل أمًّا حريصة على كل ما ينفعه، أمًّا تشعر بما استحفظها الله سبحانه عليه، وبالمسئولية التي يسألها سبحانه عنها، بارك الله تعالى في جهدك هذا وحرصك على صناعة جيل صالح يصنع الحياة.
ـــــــــــــ(103/152)
تغير سلوك الطفل المفاجئ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابنتي الكبرى 6 سنوات وهي في التمهيدي بإحدى المدارس الأجنبية، كانت العام الماضي متميزة ومتجاوبة مع معلمتها بشكل طيب، إلا أن العام الجديد قد بدأ منذ شهر تقريبًا، وقد لاحظت أن حالها تبدل فلم تَعُد سريعة الاستجابة كما كانت وأصبحت كثيرة النسيان، ولاحظت أيضًا أن يديها كثيرًا ما تتصبب عرقًا، وأنها شديدة الانفعال وعنيدة جدًّا وتشبك يديها في حركة انفعالية، وتخاف الجلوس وحيدة حتى في الحمام، ولا تنام إلا إذا نمت معها، وعندما تستيقظ ولا تجدني تهرول إليّ.
هذا مع العلم أنها شديدة الذكاء ولبقة ومتحدثة وقوية الشخصية، ولديها قدرة هائلة للتعبير عن نفسها، إلا أنها أحيانًا كثيرة كتومة ولا تبوح إلا بالقليل، وأحيانًا تنسى بسرعة كبيرة، رغم إني عندما كنت أحفّظها القرآن في الصيف المنقضي كنت أقرأ السورة مرة واحدة أو اثنتين وأجدها قد حفظتها تمامًا.
أنا متحيرة من أمري؛ حيث إنني أجد صعوبة في التعامل معها؛ لذا أرجو منكم نصحي باستفاضة ماذا بها؟ كيف أتعامل معها؟ وكيف يمكنني مساعدتها؟ رعاكم الله وحفظ أبناءنا وأبناء الأمة جميعًا. ... السؤال
صعوبات التعلم, العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا صح وصفك وكان دقيقًا في تبدل حال طفلتك المفاجئ مختلفًا ليس فقط عن العام الماضي، ولكن حتى عن فترة الصيف والذي كانت فيه تستوعب حفظ القرآن بسرعة وتبدل حالها إلى حالة نسيان مع شدة الانفعال وتشابك الأيدي في بعضها، والخوف من الجلوس وحدها، وعدم النوم وحدها...
إذا كان كل ذلك عمره شهر واحد فقط وكانت منذ شهر لا تعاني إطلاقًا من أي من هذه الأشياء، فالأمر يحتاج إلى وقفة بحث وتحليل تبدأ من المدرسة وتنتهي في البيت؛ لأن ارتباط هذه التغيرات ببداية هذا العام الدراسي تدل على وقوع حدث كبير أزعج هذه الطفلة الصغيرة، ولا يكفي ما نسميه بقلق الانفصال أو الخوف من المدرسة لتفسير ذلك (راجعي مشكلة أخاف أرجع لا أجدك على نفس الصفحة).
وإن كان يبقى أحد التفسيرات إذا كان قد حدث لها حدثٌ له علاقة بخوفها من عدم وجودكم في البيت عندما تعود، ولكن يبدو الأمر أكبر من ذلك خاصة أنها في السنة الثانية ومن المفترض أن تكون قد تجاوزت ذلك الأمر؛ لذا فإن حدثًا خطيرًا قد وقع في المدرسة أو في البيت؛ حيث إن التدهور الدراسي يكون هو أهم علامات اضطراب الأطفال نفسيًّا.
قد يكون الأمر ببساطة أن بعض المدارس في السنة الثانية التمهيدية تضغط على الأطفال فجأة بكم من الواجبات والمعلومات التي هي فوق استيعابهم وقدرتهم، ويفاجأ الأطفال بذلك، بل وبتغير طريقة المعاملة عن السنة الأولى التي ربما كانت تتميز بمزيد من الحرية والحركة واللعب.
وقد يكون الأمر بخطورة تعرض الطفل لأي نوع من الاعتداء والذي لا يستطيع البوح به أو ذكره... أو تعرضه للضغط أيضًا في البيت في أداء واجباته على أساس أنه قد كبر وأصبح في السنة الثانية.
الخلاصة أن طفلتك تحتاج حالتها إلى بحث دقيق، وقد يكون الأفضل أن يكون بمساعدة طبيب نفسي متخصص حتى نصل إلى سر هذا التغير السلوكي المفاجئ؛ لأنه ليس من الأمور التي تمر بسلام، بل لا بد من البحث حتى الوصول للسبب وإزالته أو علاجه حسب الأحوال. حلّلي ودققي وابحثي عن الأسباب، ونحن معك حتى تصلي إلى النتيجة.
ـــــــــــــ(103/153)
مص الأصابع.. جملة ... العنوان
أعاني من مص ابنتي لأصابعها مرة منفردة ومرة اليد بأكملها؛ فهل هناك خطورة في مص الأصابع في هذه الفترة (عمرها أربعة أشهر تقريبًا)، وكيف أتخلص من هذه المشكلة؟ علمًا أني عندما أراها أخرج أصابعها من فمها وأمنعها مع محاولتها المتكررة للمص، وفي بعض المرات تقوم بالصياح، وشكرًا لكم على هذه الجهود، ووفقكم الله لكل خير. ... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا أبا أمامة ومرحبًا بها، جعلها الله تعالى لك قرّة عين وبارك لك فيها، وعساها تكون لك ولأمها حجابًا من النار، وجزاكم الله خيرًا يا أخي على كلماتك الرقيقة، ونسألك ألا تنقطع عن الدعاء لنا بأن يرزقنا الله سبحانه الإخلاص والإحسان في القول والعمل في السر والعلن.
وعن المعاناة التي تتحدث عنها بسبب مص ابنتك لأصابعها أحب أن أقول لك: إن الأمر لا ينبغي أن يشكل لك أي نوع من المعاناة، وقد تم تناول الموضوع (مص الأصابع) لدى الأطفال في مواضيع عديدة أفضِّل أن ألخص لك ما جاء بها بدلاً من إحالتك إليها لمطالعتها.. فهيا بنا سويًّا نستعرض ما جاء على صفحتنا من آراء في موضوع مص الأصابع:
1 - إن عادة مصِّ الأصابع من أشهر حركات الأطفال، وهي مقبولة في الطفل كسلوك طبيعي حتى نهاية السنة الأولى من عمره، وفي الواقع فإن مصّ الأصابع يبدأ مع الطفل كحركة عشوائية، لكن ملامسة الإصبع للأغشية سقف الفم العلوية يثير هذه الأغشية، ويشعر الطفل بلذة (لذة المص) تمامًا كاللذة التي يحصل عليها الطفل من مصِّه لثدي أمه (فمص الأصابع عند الأطفال بديل لمص الثدي). وهذا الإحساس باللذة المكتشفة هو ما يجعل الطفل يعاود هذا المص مرة ثانية.
2 - عادة إذا كانت الأم منتبهة جيدًا لتطور سلوكيات طفلها، واستطاعت شغله عن هذه الحركة بأشياء أخرى تكفّه عنها مع بداية اكتشافه لها، فإن الأمر في الغالب ينتهي وتنتهي معه قصة مص الأصابع بسلام. لكن إذا تُرِكَ الطفل لممارسة هذه الحركة، وانشغلت الأم عن منعه بشغله عنها، يتثبت عنده هذا الإحساس باللذة التي يحصل عليها من المص؛ ليتحول من مجرد حركة إلى عادة.
3 - وعن خبرتي أنا كأم فإن لجوء رضيعي -الذي هو قريب من سن ابنتك- لمص إصبعه عادة ما يكون نوعًا من أنواع تعبيره عن حاجته للرضاعة إما لجوعه أو لرغبته في النوم، حيث إنه ما إن أحقق له رغبته فإنه لا حاجة له بالمص إطلاقًا. ولقد بدأ هذه الحركة بعد ساعة من ولادته، كمحاولة منه لسدّ جوعه أو التعبير عنه.
4 - وبالتالي فهي عادة يمارسها أطفال كثيرون، ورفض هذه العادة إنما يسود في مجتمعاتنا العربية، أما بالخارج فالأمر يترك حتى يزول وحده لثبوت خلوه مما يقلق بخلاف الحرص على نظافة أصابع الطفل لكيلا تنقل له الميكروبات؛ فالأمر من العادات التي لا تضر بالطفل، ولا حاجة لأن يقلق جميع أفراد العائلة ويسعون لإيقافها لدى الطفل فورًا، وهذا ما أكدته دكتورة إيمان السيد في استشارة سابقة لها حول ذات الموضوع، سنوردها لك بنهاية الاستشارة.
5 - وكما تكونت هذه العادة بالتدريج.. من مجرد حركة أدت إلى إحساس بسيط باللذة، ثم تكرار للحركة أدى إلى تأكيد هذا الإحساس، ثم استمراره حتى يصل إلى حد العادة؛ فإن إزالة الارتباط بين المص والإحساس اللذيذ الذي تشعر به طفلتك من ذاكرتها لن يكون إلا بالتدريج.
6 - وعلى كلٍّ فلا يجب زجرها إطلاقا؛ لأنها أحيانًا ما تلجأ لهذه العادة لتشعر بالحنان أو الأمان فنزيد حينئذ الطين بلة حينما نعاقبها على افتقادها الحنان بمزيد من القسوة والعقاب والنهر.
أما لإيقاف تلك العادة لدى الطفلة الغالية فهناك بعض المقترحات والنصائح لك ولأم أمامة:
1- يكون دور الأم في هذا الوقت هو محاولة شغل أمامة عن هذه العادة، فتبعد إصبعها بحنان وهدوء وملاعبة وبسمة عن فمها كلما رأتها تمص إصبعها أو تعطيه اللعبة تتلهى بها، ولتكن لعبة ملائمة لسنها كـ(شُخشيخة) أو شيء يصدر صوتًا وله ألوان لافتة لنظرها، مع كونه مؤمَّنًا صحيًّا.
2- هناك مواد تباع بالصيدليات لإيقاف هذه العادة وهي توضع على إصبع الطفل فتجعل طعمه مرًّا فيكره مصه مرة بعد مرة، وتسمّى stop sucking، ومع الاستمرار على هذا الحال لمدة يوم أو يومين، وانقطاع مُباشرة بشرة الإصبع مع بشرة الفم ستتلاشى اللذة التي يسببها المص من ذاكرة الطفل.
3 - عند النوم يمكن إعطاء الطفلة –في سن أكبر قليلاً إذا كانت تلك العادة ما زالت تلازمها- ألعابًا من الفرو تحتضنها لتشعرها بالدفء والحنان، وإذا رجعت الطفلة إلى مصِّ إصبعها مرة ثانية عند النوم ففي هذه الحالة من الممكن نزعه منها بهدوء، مع شغلها برواية قصة طريفة أو أغنية رقيقة.. إلخ.
والخلاصة.. فإن لم تستطع إيقاف هذه العادة فورًا فلا داعي للقلق؛ فستزول يومًا ما من عند الطفلة -طالما أنها تحيا حياة طبيعية ومستقرة وآمنة، ولا يوجد لديها أي ضغوط من عنف في المعاملة من قبل الوالدين أو غيرة بسبب التفرقة بينها وبين أشقائها في المعاملة أو غير ذلك–، وعسى ألا تخلف على فمها أي تغيرات أو تشوهات.
أخي الكريم.. أبا إمامة، أرجو أن ينفعك الله عز وجل بما قدمناه لك من خلال معلومات علمية تم عرضها على الصفحة آنفًا في أكثر من استشارة تناولت موضوع مص الأصابع، فضلاً عن خبرات عملية وشخصية نرجو أن تصادف بتطبيقها إزاء حالة أمامة النجاح.
وفي النهاية.. نرجو أن نكون قد وُفّقنا في التخفيف من معاناتك وقلقك بشأن أمامة.. بارك الله لك فيها، وفي انتظار المزيد من الأخبار السعيدة عنها.
ـــــــــــــ(103/154)
"أخاف أرجع لا أجدك" ... العنوان
عندي ابنة عمرها 6 سنوات، بدأت الدراسة منذ شهر ونصف، خلال الشهر الأول كانت سعيدة جدًّا بها، وأثبتت تفوقها الدراسي بشهادة جميع مدرساتها، ولكن منذ أسبوعين بدأت تبكي في المدرسة بكاء شديدًا، وتريد الرجوع للبيت، وعند سؤالها تقول (أخاف أرجع لا أجدك)، وعندما أقول لها بأن هذا لم يحدث أبدًا ولن يحدث.. لا تجيب.
أرى في عينيها نظرة خوف رهيبة وسرحانًا، وعند سؤالها فيما تفكرين؟ تقول: "لا شيء"، مع العلم أني سألتها هل يوجد شيء يضايقك في المدرسة؟ قالت: "لا أبدًا إني أحبها". وهي حتى الآن عندما تستعد مساء للمدرسة تقول: "مش ممكن نؤجل موضوع المدرسة الآن"، مع العلم أنها في بعض الأحيان تستيقظ وحدها مبكرًا، وتأتي لتوقظني للذهاب للمدرسة؛ فأنا في حيرة من أمرها، ومع ذلك فهي تحب المذاكرة جدًّا. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بارك الله لك في ابنتك.. فهي بعبارتك الصغيرة المختصرة والتي أجابتك بها عن سؤالك.. "أخاف أرجع لا أجدك" قد شخصت حالتها ووضحت مشكلتها.. إنها ما نسميه في الطب النفسي "قلق الانفصال" Separation Anxiety- - وهي حالة نفسية من القلق والخوف تنتاب الأطفال في بداية دخولهم المدرسة نتيجة لانفصالهم عن أهلهم؛ حيث ينتابهم القلق من أن الأهل لن يحضروا لأخذهم من المدرسة وينسوهم هناك، أو أنهم سيعودون من المدرسة فلا يجدون الأب أو الأم أو هما معًا.
وقد ينتج ذلك بسبب واضح أو بسبب غير واضح، بمعنى أنه قد يعقب حادثة يتأخر فيها الأب أو الأم عن إحضار طفلهما، أو يذهب الأطفال للبيت ولا يجدون الأب أو الأم لسبب أو لآخر... أو وجود خلافات عائلية يحضرها الأطفال ويشعرون فيها بخطر مغادرة الأم للبيت، وعندما يذهبون للمدرسة يشعرون بالخوف أن يحدث ذلك في غيابهم، أو ربما يبدو الأمر بغير سبب واضح لمجرد الارتباط الشديد بالأب والأم، حيث ينفصل الطفل عنهما لأول مرة وهو لم يتعود على ذلك.
قد يبرز التساؤل في حالة ابنتك في أنها قد قضت شهرًا سعيدًا، وظهر ذلك الأمر منذ أسبوعين ولكنها عبّرت عنه بوضوح.. إن ذلك يجعلنا نتحاور معها بهدوء عن سبب دخول هذه الفكرة في ذهنها، وما سبب شعورها باحتمال حدوث ذلك، وهل سمعت شيئًا أو رأته هو الذي دفعها لهذا التفكير، مع طمأنتها وتهدئة روعها وتشجيعها وإزالة أسباب الخوف لو عرفت في أن تكون قد رأت خلافًا أسريًّا أو غير ذلك مما أوضحناه سابقًا.
ما نود قوله هو أن الطمأنة والتشجيع وعدم الغضب والثورة على الطفل عند شعوره بالقلق أو عند إبداء رغبته في عدم الذهاب للمدرسة، بل الحوار معه بهدوء، وإظهار التفهم، مع التأكيد على ضرورة الذهاب للمدرسة... مع الذهاب للمدرسة بنفسك والاطمئنان لعدم وجود ما يضايقها سواء في علاقتها مع مدرساتها أو زميلاتها، وهو ما يدفعها لعدم الرغبة في الذهاب للمدرسة والبحث عن سبب بعيد لتبرير ذلك.
حلّلي الموقف بهدوء وناقشيه معها بدون توتر، وابحثي كل الأسباب، وفي النهاية ستكون الطمأنة وسيكون التشجيع والإحساس بالتفهم هو الحل الناجع، ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/155)
التوحد.. التنسيق على طريق الحل ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين.. تحية طيبة.. وبعد، أود معرفة علامات أو أعراض التوحد البسيط وطريقة التعامل مع الطالب الذي يعاني من هذه المشكلة كاختصاصية اجتماعية، حيث لدينا طالب (7 سنوات) بالمدرسة يعاني من عدة مشاكل، منها: النشاط الزائد/ إصدار الأصوات الغريبة أثناء الحصص/ العدوانية/ عدم القدرة على التواصل البصري/ عدم تكوين العلاقات الاجتماعية، سواء بالفصل أو خارجه، كما أن ليس لديه علاقات الصداقة في محيط الأسرة أيضًا، كما أنه لا يهوى اللعب إلا بـ"البلاي ستيشن"، علمًا بأن والدته تعامله بقسوة وتتركه مع الخادمة لفترات طويلة، وهي غير متعاونة مع إدارة لمدرسة لحل مشكلته، فأرجو من سيادتكم إفادتي بكيفية مساعدة الطالب على حل مشكلته، علمًا بأنه نجح في الصف الأول بتفوق. ... السؤال
التوحد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. يسعدني أن أجد أناسًا في مثل أخلاقك الكريمة أولئك الذين يؤكدون أنه ما زال على الأرض ما يستحق الحياة، وأن الأمة بخير، بارك الله تعالى لك في وقتك وعلمك وصحتك.
أختي الفاضلة التوحد اسم جامع للعديد من الاضطرابات، التي تتشارك معًا في ثلاثة أمور رئيسية (أي أن هذا الثلاثي من الأعراض هو القاسم المشترك بين جميع أطفال التوحد)، وهي:
- ضعف التواصل اللفظي.
- ضعف التواصل الاجتماعي.
- ضعف قدرات التخيل.
وبعد ذلك يظهر لدى كل طفل سلوكيات نمطية تتكرر بدون سبب واضح. كما أنه قد يكون مترافقًا بدرجات مختلفة من التأخر العقلي. وتختلف حدة الإصابة من طفل لآخر، وللرجوع إلى تفاصيل أفضل أرجو مراجعة الاستشارات السابقة حول التوحد وإعراضه، والتي سنوردها لك بنهاية الاستشارة.
أما كيف يتم التشخيص فهو: بالملاحظة وبعض الاختبارات الرسمية التي تحدد قدرات الطفل، وتحدد أهداف برنامج التدريب التي تختلف من طفل لآخر تبعًا لاختلاف الحدة وطبيعة المشكلة عند كل طفل.
ويشترك في التعامل مع الطفل اختصاصي التربية الخاصة والنطق واللغة (التواصل) وعلم النفس، ويحتاج معظم الأطفال إلى برنامج تعديل سلوك للتخفيف من حدة السلوكيات المصاحبة. والنصيحة الممكنة هو إجراء تقييم للطفل في المدرسة إما بإحضار الاختصاصيين أو الذهاب بالطفل إلى مركز خاص، وذلك بالاتفاق مع الإدارة، ويمكن أن يساعدكم في وضع طرق للتعامل مع الطفل، وأن تكونوا في المدرسة جزءاً من برنامج تعديل السلوك. كما ينبغي الاستعانة باختصاصي إرشاد أسري لشرح طبيعة المشكلة للأهل وطريقة التعامل مع الطفل.
لي رجاء خاص (وهو أمنية) أن ترسلي لي الطريقة التي اتبعتموها في شرح المواد الدراسية لهذا الطفل، وكذلك اختبار الطفل النهائي الذي تم على أساسه تقييم الطفل وانتقاله إلى الصف الثاني؛ فقط أثارت فضولي العلمي كلمة "أنه أنهى السنة الأولى بتفوق" رغم كل الملابسات المحيطة بالطفل؛ ولعل هذا يفتح حوارًا علميًّا حول التجربة وتطويرها وإمكانية استخدام نتائجها فيما قد يساعد في التعامل مع الأطفال الآخرين، ولك الشكر الجزيل. وفي انتظار أخبارك.
ـــــــــــــ(103/156)
عادة حك الوجه ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابنتي عمرها 6 سنوات، ولديها عادة مص إصبعين في فمها منذ أن كان عمرها 4 أشهر، ولم تتركها، إضافة إلى أنه قبل حوالي سنتين، هناك عادة حك الوجه بإصبع في منطقة الخد بحيث يبدو وكأنه قد خدش. ورغم المحاولات جميعها بالترغيب والترهيب لترك العادتين وخاصة الأخيرة فإنها بلا إرادة منها تعود إليها في أي وقت حتى إذا كانت تلعب.
وهي الآن قد تركت علامة (كالحبة الكبيرة في خدها)، ولا أدري ماذا أفعل أو ما سببها؟ أحاول توفير العناية والرعاية والحنان لها ولكن بلا أي جدوى، ولا تبتعد عنها بضعة أيام إلا بالضرب، وتراني قد جن جنوني عندما أرى خدها الصغير كأنه قد خدش. أفيدوني أفادكم الله مع الشكر الجزيل. ... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عما يعبر مص الأصابع أو حك الوجه بالإصبع؟ الإجابة عن هذا السؤال هي بداية حل المشكلة. إنه يعبر عن حالة من التوتر والقلق يعبر عنها الطفل بهذه الصورة، ونحن عندما يجن جنوننا ونستخدم كل المحاولات من الترغيب والترهيب فإنما نضغط نفسيًا على هذا الطفل المسكين فيزيد توتره وقلقه فيزداد احتياجه إلى هذا التعبير والتنفيس عن طريق هذه العادات العصبية، وبذلك نساهم نحن في زيادة الحالة ونحن نتصور أننا نعالجها.
ولذا فإن الحل هو ترك هذه البوابة المفتوحة للتنفيس عن القلق، ومحاولة علاج السبب الأصلي وهو التوتر والقلق أو إيجاد منفذ آخر تخرج فيه هذه الطاقة، والأفضل أن نستخدم الأمرين معًا.
والكلام بطريقة عملية: هو إظهار عدم الاهتمام وعدم الانتباه لهذه العادات سواء مص الأصابع أو حك الوجه، وفي نفس الوقت إيجاد أنشطة بدنية بديلة للطفل كالانخراط في لعبة في النادي أو هواية كالرسم أو العزف أو غيرها من الهوايات التي تخرج طاقة الطفل وتحولها إلى صورة إبداعية أو صورة مفيدة.
ويكون ذلك في إطار من الحب والحنان وإزالة أسباب القلق والتوتر، ويكون هذا من خلال هدوء الأم وعدم قلقها هي؛ لأن قلق الطفل إنما هو مرآة لقلق الأم؛ فالطفل القلق هو ناتج أم قلوقة.
إن قلقنا وتوترنا الزائد عن الحد على أطفالنا ومراقبتنا المستمرة لهم وتعليقنا على كل تصرف لهم هو الذي ينتقل إلى أطفالنا، ويظهر في صورة هذه العادات العصابية.
لذا فالبداية من عندنا؛ فلا يصح أن يجن جنوننا أو أن نضرب أطفالنا من أجل التخلص من عادات عصابية نحن السبب في إصابتهم بها.
اهدئي وتخلصي أنت من توترك وقلقك يتخلص طفلك من قلقه، ولا تهتمي بهذه العادات، ولا تولي لها اهتمامًا، واشغلي وقته بكل مفيد فستنتهي المشكلة بكل هدوء من غير جنون أو ضرب.
ـــــــــــــ(103/157)
رشاد عصبي.. لماذا!؟ ... العنوان
رشاد يعيش في أسرة بسيطة متواضعة، وله أخت في سن الرابعة، عندما بلغت أخته سنتين ظهرت على رشاد سمات العصبية الشديدة وسرعة الانفعال. رجاء الرد السريع بتفسير حالته وعلاجها. جعلكم الله عونا في قضاء حوائج الناس. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك برشاد ورغبتك في تفسير عصبيته وعلاجها، ولكن ما أوردته في رسالتك من معلومات لا يكفي لتفسير الحالة فضلا عن علاجها، فبرغم محاولتك ربط عصبية رشاد بولادة أخته فإن هذا لا يكفي ولا يصلح تفسيرًا لهذه العصبية التي ظهرت بعد عامين من ولادتها، ولو كانت ظهرت بعد الولادة مباشرة لكانت الغيرة من الطفل الثاني تصلح مبررا.
لذا فإننا سنوجه لك بعض الأسئلة التي تعطينا المزيد من المعلومات التي تساعدنا في فهم سبب عصبية رشاد وبالتالي مساعدتك وإرشادك بإذن الله للعلاج:
1- هل ولادة رشاد كانت طبيعية أم أنه تعرض لأي مشاكل أثناء الحمل أو الولادة أو بقي في الحضانة فترة بعد الولادة.. أم حدثت له أي مشاكل صحية في سنته الأولى؟
2- هل أصيب رشاد بأي نوبة تشنج مع ارتفاع حرارته أو بدون ارتفاع الحرارة.. أو تعرض لحادث اصطدام في رأسه أو أي نوع من الحوادث؟
3- هل كان نمو رشاد طبيعيا سواء في المشي أو الكلام أو حدث أي تأخر؟
4- يبدو أن عصبية رشاد قد بدأت منذ سنتين، أي في سن السادسة، فهل ذلك مرتبط بدخول المدرسة أو حدوث أي مشاكل له فيها؟ وما مدى استيعابه في المدرسة وما هي درجاته وعلاقته بمدرسيه وزملائه؟ وهل هو يحب المدرسة أم يكرهها أم يشكو منها؟ وهل توجد متابعة لرشاد في المدرسة من قبل الأسرة؟
5- ما هي علاقة رشاد بأخته؟ وهل يلعبان معا؟
6- هل شعر رشاد بأي فقدان للاهتمام منذ مجيء أخته؟ وهل يتم المقارنة بينه وبينها باستمرار؟
7- هل يوجه النقد واللوم دائما لرشاد، وهل يعاقب دائما؟ وما هي صور هذا العقاب؟
8- ما علاقة رشاد بوالديه؟ وهل هي متوترة بسبب الدراسة أم بسبب غيرته من أخيه أم لأسباب أخرى؟
ـــــــــــــ(103/158)
من العادة السرية إلى الصحبة الرجولية ... العنوان
السلام عليكم أيها المستشار.. سوف أستشيرك في شيء غريب هو أن ابني -16 عامًا- يقوم بفعل العادة السرية في خفاء، ولا أعلم كيف وقع ذلك، وإنما رأيته مرة وهو في غرفته وهو يفعلها، ولم يرني، ولم يعرف أني قد علمت بذلك.. فهل من الممكن أن تعطوني الحل لكي أحاول منعه من هذه العادة لما فيها من مضرات لا ينكرها أحد؟
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الأستاذة الأستاذة سمر عبده المستشارة بصفحة مشاكل وحلول الشباب بالموقع:
أخي الفاضل..
أحمد فيك حكمتك وصبرك عندما رأيت ابنك يمارس العادة السرية، فلم تتعجل ولم تترك غضبك وانفعالك يدفعك نحو تصرف تندم عليه، بل التزمت جانب الحلم لتفسح لعقلك أن يعمل وللحكمة أن تتصرف.
وأكثر من هذا طلبت العون حين أعيتك الحيلة، فيما يسعد به ولدك أو رَجُلك القادم. ولكن قبل أن أجيب عليك كان لا بد من وجود تساؤلات هامة ومبدئية ننطلق منها، هي تساؤلات يجب أن يسألها كل أب وكل أم لأنفسهم عند دخول أبنائهم مرحلة المراهقة، وهي:
هل أعددت ابنك للبلوغ؟ وكيف أعددته؟
هل تعرف أصدقاء ولدك؟
هل شجّعته على الصوم والاهتمام بالصلاة؟
هل أشعرته بمعنى المراقبة مراقبة الله لعمله؟
أخي.. يخطئ كثير من الآباء والأمهات في إهمالهم التربية الجنسية في سن المراهقة والإعداد لها من بداية الطفولة، وهو مع كل أسف ما يجهل أهميته الكثيرون، بل والأخطر أننا نجد أن من بين من يدركون أهمية هذا الأمر من الآباء والأمهات من يحجم عن فتح الحوار مع ولده أو ابنته حول الأمور الجنسية لجهله بأنسب الطرق لفتح هذا الحوار أو خوفه من أن يخطئ في التناول فيحدث ما لا تحمد عقباه، ومنهم من لا يفعل خجلاً، متجاهلين أو غير مدركين.
إن الأبناء بحكم التغيرات الجسدية والنفسية التي تطرأ عليهم يبدءون في البحث عن مصدر للمعلومات –أي مصدر- يطفئ بركان التساؤلات المُلِحّة التي تصرخ بها التغييرات التي يمرون بها.
وإن لم يكن الأهل على القدر الكافي لإدراك هذه الحقيقة، فإن المراهق يبحث عن الري ليأخذه من أي مصدر دون تحقق، ليتلقف الرد من الأصدقاء أو الإعلام أو الفضائيات أو المواقع الجنسية والمجلات الجنسية.. المهم أن يحصل على الإجابة، أما مراجعتها فهو ما لا يملك المراهق أدواته؛ لأنه ببساطة خالي الذهن عن هذا الموضوع.
ومهما كانت رقابة الأسرة فالرغبة في المعرفة تدفع الأبناء للتحايل في أحيان كثيرة، وتكون النتيجة أنهم يستقون من هذه المصادر كمًّا كبيرًا جدًّا من هذه المعلومات نسبة كبيرة منها خاطئ، والأدق وَهْمٌ يُباع للشباب ولا يزيد إلا من فوران الشهوة، فيتساقط نسبة كبيرة ضحايا العادة السرية، وبعضهم قد يقع في الزنى أو يصل الأمر إلى حد الشذوذ.. عافى الله تعالى أبناءنا جميعًا منها.
أخي الكريم.. أنا لا أبالغ، لكن هذا هو الواقع الذي يجب أن نتعامل مع أبنائنا بناء على أساسه؛ فمن لنبتنا الصالح يرعاه ويراه يكبر إلا نحن، وبصراحة إن لم نتصدَ –نحن الآباء والأمهات- لتكون مصدر المعلومات الجنسية لأبنائنا فهناك من لن ينتظر ليقوم بهذا الدور عنا وبلا مقابل يطلبه. وأما عن العادة السرية لدى المراهقين فلعلنا تحدثنا عنها كثيرًا في صفحة "
-مشاكل وحلول الشباب " : ووضحنا عدة طرق لتخلص من العادة ومن هذه المشاكل:
-الاستغناء عن الاستمناء
-المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان
كما تناولنا هذه المشكلة في "معًا نربي أبناءنا"، ويمكنك بالنقر هنا الاطلاع عليها:
- ابني يمارس العادة السرية
ونصيحتي لك أخي الفاضل:
- أن تحرص ألا يعرف ولدك أنك رأيته، حتى يشعر أنك تحترم خصوصيته، وحتى يكون أكثر استجابة لما ستفعله معه لتعالج هذه المشكلة.
- حاول أن تقضي معه وقتًا أكبر، فكلما كبر الابن شعر بالرغبة في المصاحبة والمعية مع والده، وهذا يجعله يشعر أنه بلغ مراتب الرجال، ولا يصح منه إلا أفعال الرجال.
- أن تبدأ في التحدث إليه عن ثقافته الجنسية –إن لم تكن بدأت حتى الآن– تناقشه في تحاور الصديق للصديق وليس الأب للابن.. تسأله عما يعرف، وهل لديه أسئلة لا يعرف إجابة عنها سواء من الناحية الصحية أو الجنسية أو حتى في حول الموضوع و لو لم تخصه، وليكن مدخلك معه المدخل الفقهي في التأكيد على آداب الاغتسال والاحتلام والاستمناء وأحكام هذه الأمور.
- أن تشجّعه على الصوم والصلاة والنوافل منها خاصة، وتشجيعه يبدأ بمشاركته والتسابق معه في الطاعة، وليس أمره بالصوم أو الصلاة.
- اتبع معه سياسة "هدّ الحيل"، وأقصد بها لا تجعل له دقيقة من الوقت يكون فيها ذهنه فارغًا لا يوجد ما يشغله بل اشغله طوال اليوم بالممتع من الأنشطة، والرياضة، والأعمال العامة والتطوعية، بل وحتى لو فكّرت في أن تجعله يعمل في الصيف، فينضج أكثر بالاحتكاك بالمجتمع، ويتعلم الكثير، وتشغل وقته بحيث لا يفكر بالعادة السرية، ولا يجد لها وقتًا وصدق القائل: "نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالباطل".
- تابع أخباره وتعرف إلى أصدقائه، ولا تحتد معه بهدف إصلاحه فلا جدوى من الصراخ أو الشجار في مثل سنه، وليحل محلهما الدعاء له والنقاش الهادئ.
أيضًا فلماذا لا ترشد ولدك وتوجهه نحو موقعنا ليطلع على ما فيه من مادة تعليمية، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يبارك لك في أولادك ويجعلهم قرة عين لك.
ـــــــــــــ(103/159)
رفض.. ضرب.. قرأ.. كره ... العنوان
ابني -8 سنوات- لا يحب المدرسة، وأجد صعوبة في المذاكرة معه، ولا يستطيع القراءة بالرغم من معرفته للحروف وهو في الصف الثاني. وعندما أطلب منه القراءة يرفض رفضًا باتًّا، ويقول: "لا أعرف"، ويبدأ بالصراخ. كيف أجعله يستطيع القراءة ويتقبل المذاكرة دون استخدام العنف معه؟ أرجو مساعدتي.
... السؤال
تعليمي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الغالية أم عبد الله، ومرحبًا بنعم العبد -إن شاء الله- عبد الله، ولعلّ ما حضرني حين قرأت سؤالك وهممت بكتابة الإجابة الموقف الأول للقاء نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- برسول السماء جبريل -عليه السلام-، حين جاء جبريل -عليه السلام- إلى خاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم- في غار ثور في مشهد مهيب، آمرًا إياه بالقراءة، وهو -صلى الله عليه وسلم- يخبره أنه ليس بقارئ؛ لتكون أول آية في قرآننا المجيد الأمر بالقراءة: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق"، فالقراءة التي يهابها عبد الله ويرفضها رفضًا باتًّا؛ لأنه لا يستطيعها هي أول ما وجِّه إليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أول لحظة من لحظات اتصاله بالملأ الأعلى. وما نحن بصدده في حديثنا هذا هو كيف تزول تلك المهابة؟ وكيف ينقشع هذا الخوف الذي يحجب الغالي عبد الله عن هذه المتعة؟ فهيا نبدأ معًا جولتنا.
وفي بداية الرحلة هيا بنا نحدد عناصر المشكلة لنستطيع إدراك العلاقة بينها وكيفية حلها ومن أين نبدأ:
أولاً: عبد الله لا يحب المدرسة.
ثانيًا: لا يستطيع القراءة ويرفضها رفضًا باتًّا.
ثالثًا: ليس لديك برنامج واضح للتعامل معه بشأن المذاكرة.
رابعًا: حينما تطلبين منه القراءة يصرخ.. وهذا التصرف مخيف إلى حد كبير.
ولعلّ العلاقة بين عنصري المشكلة أولاً وثانيًا تشبه الحلقة المفرغة التي لا نعرف لها نقطة بداية، حيث يتداخلان لدرجة ألا نعرف من بدأ منهما أولاً ومن كان سببًا في الآخر، وفيما يلي سنحاول استعراض بعض المعلومات معًا وفي طيات المعلومات ستجدين أسئلة واستفسارات أوجهها إليك علنًا نستطيع فك التشابك.
أولاً: حب الطفل للمدرسة يترتب على عدة عوامل، وقد تكون أسباب كره الطفل للمدرسة أسباب خاصة بالمدرسة أو أسباب لديه هو شخصيًّا.
وقبل أن نبدأ بحل المشكلة لا بد أن نستبعد وجود أي أسباب خاصة بالمدرسة أو البدء في علاجها إن كانت موجودة، وذلك بأن تحددي لنا:
1 - هل المدرسة مناسبة للطفل اجتماعيًّا؟
2 – ما هو متوسط عدد الأطفال في الفصل؟
3 - هل لدى عبد الله القدرة على التعامل معهم؟
4 – هل تحسن المعلمة التعامل مع عبد الله وزملائه؟
5 – متى حدثت كراهية الابن للمدرسة؟ هل مع بداية التحاقه بها أم مجددًا؟ وكم هي المدة التي ظل فيها محبًّا للمدرسة؟
6 - هل يستطيع الطفل تكوين صداقات ومجموعات في المدرسة؟
7 – هل تعرض لتوبيخ أو معاملة سيئة من مدرّسيه جراء تأخر دراسي؟
8 – هل تعرض لاعتداء بالسخرية أو الضرب أو غير ذلك من زملائه؟ وكيف كان رد فعله؟
9 - هل يجيد اللغة المستخدمة في المدرسة أو يفهمها؟ حيث ذكرت بلدًا للإقامة غير الموطن الأصلي.
وبردك على هذه الاستفسارات وتحليلك لهذه الجوانب يمكنك تحديد من أين تبدئين، فلو كانت مشكلة الطفل ليس لها علاقة بالمدرسة أو المدرسين أو عدم قدرة الطفل على تكوين علاقات وصداقات ناجحة مع زملائه توجهنا معًا لنبحث فيما يخص الطفل نفسه.
ثانيًا: كما قلنا في أولاً فقد تكون أسباب كره الطفل للمدرسة أسبابًا خاصة بالمدرسة أو أسبابًا لديه هو شخصيًّا، وباستبعاد أسباب المدرسة يبقى لنا الطفل الذي يحتمل أن تكون مشكلاته مع المدرسة -إن وجدت- صنفًا من اثنين:
1 - مشكلات تعليمية.
2 - مشكلات اجتماعية.
ونبدأ بالمشكلات الاجتماعية التي يمكن أن نضع أيدينا عليها فنصل لحل بإجابتك على الاستفسارات التالية:
1 - ما هي السمة الغالبة على طفلك الهدوء أم العنف؟
2 - هل يجيد اللغة التي يتم التعامل بها في المدرسة؟
3 – هل المتعاملون معه من الأطفال أو المعلمين من نفس ثقافته (من أبناء الجالية العربية)، حيث ذكرت بلدًا للإقامة غير الموطن الأصلي؟
4 - ماذا عن علاقاته مع أقاربه وأقرانه خارج المدرسة؟
5 - هل يلعب الابن في مجموعات؟
6 - هل لديه قواعد التعامل مع مجموعات مثل انتظار الدور واحترام أدوار الآخرين.
7 - هل يلعب مع مجموعات بشكل كافٍ لسنه، بمعنى عدد كافٍ من الساعات أسبوعيًّا.
8 - هل لديه عيب في النطق كاللعثمة أو التأتأة، وهو ما قد لا يظهر إلا في شكل عدم القدرة على تكوين صداقات، لا تستغربي فالطفل حين يتلعثم أمام أقرانه قد يسخرون منه فيفقد الثقة بنفسه فيبتعد، ويؤثر عدم تكوين صداقات ويصبح بلا أصحاب.
فإن كان الطفل من الناحية الاجتماعية بالمقارنة مع أقرانه –وأنت أقدر من يستطيع الحكم– لا قصور لديه في شيء فنستطيع حينئذ استبعاد الصنف الاجتماعي من المشكلات، ونتحدث معًا عن الصنف التعليمي للمشكلة:
وأبدأ حديثي بمعلومة –وأرجو أن تكوني ما زلت مستمتعة معي بجولتنا– فأقول: إن العملية التعليمية عبارة عن إرسال واستقبال، ويقوم كل من المرسل والمستقبل خلال تلك العملية بالأمرين معًا في ذات الوقت، وهو ما يجعل هناك احتمالية في كون المشكلة لدى الطرف الآخر للعملية -وأعني المعلم- في إرساله أو استقباله.
ثم أردف لك تلك المعلومة بحقيقة علمية مؤكدة وهي أن عملية القراءة عملية معقدة؛ لذا فصعوبات القراءة عديدة لدى الأطفال، ودون الخوض في تفاصيل حدوث عملية القراءة من الناحية العلمية أكتفي أن أذكر لك بعض مظاهر هذه الصعوبات:
- عدم القدرة على نطق الحروف، منها على سبيل المثال:
- نطق حروف الكلمة معكوسة.
- نطق الحروف سليمة مع إسقاط بعضها.
- نطق الحروف سليمة، ولكن الجمل تنقصها بعض الكلمات.
ونخلص من هذه الحقيقة إلى ضرورة أن تحددي أي نوع من هذه المشكلات هي ما يحدث لابنك عند القراءة.
وقبل أن ننتقل إلى ثالثًا في جولتنا التي آمل أن تكوني مستمتعة بها أطرح عليك بعض الأسئلة:
- ما نوع مشكلة ابنك مع القراءة في ضوء الأمثلة التي عرضتها لك؟
- هل لديه القدرة على الكتابة؟ وهل يمسك القلم بشكل صحيح؟
- هل عنده القدرة على كتابة الحروف؟ وهل ينسخها طبق الأصل؟
- هل يستطيع الكتابة وحده؟
5 - هل لديه مشكلة ما في الكتابة؟ وما هي؟
ثالثًا: بصدد سرد معلومات، لكنها تتعلق بكيفية وقواعد القراءة المذاكرة بشكل سليم.
أولاً: القراءة:
- لا بد أن تكون الكلمات بعيدة عن بعضها حتى نجنّب العين الصغيرة التشتت، ونساعد الطفل على التركيز والتلقي.
- مما يساعد على القراءة استعمال أقلام ملوّنة أو سبورة وأقلام ملونة؛ لتشد انتباه الطفل للحروف والكلمات.
- يجب أن تتم القراءة جهريًّا مع الطفل لنوفّر له الاستقبال سمعيًّا وبصريًّا، فيزيد ذلك من تنبيهه.
- لا بد من المكافأة السريعة حين ينجح في القراءة ولو كلمة أو حرف، وحين يخطئ يجب تجنب السخرية والاستهزاء أو التوبيخ، وإعادة المحاولة والتعامل مع الأمر بصبر وحلم؛ لأن توبيخ الطفل أو معاملته بشكل قاسٍ عند الإخفاق قد يسبب له ضغطًا نفسيًّا وقلقًا يظهر في صور متعددة، منها الصراخ الذي يحدث في حالة ولدك عبد الله.
- لا بد من امتداح الطفل وتشجيعه أمام الأب أو الأقارب لتشجيعه على المزيد.
- أما بالنسبة للمذاكرة بوجه عام فالأمر متعدد التفاصيل، ويحتاج لكتب لتغطيته -نعدك وزوارنا بإتاحة هذه المعلومات في صورة مبسطة ومتخصصة في أقرب فرصة-، لكن ما يمكن إجماله لك في نقاط هو ما يلي:
- يجب أن تكون فترة تلقي الطفل للمعلومات فترة وجيزة لا تزيد عن نصف الساعة بالنسبة لسنه تلك، ويجب وجود فواصل للاستراحة واللعب أو المرح أو التقافز والحركة.
- يجب المكافأة والتشجيع عند حدوث أي نجاح في أي محاولة ولو بسيط.
- يفضل استخدام وسائل جذّابة من أقلام ملونة ووسائل إيضاح -كالكروت واللوحات الملونة- في توصيل المعلومات.
- لا بد من محاولة اجتذابه وتحبيبه في القراءة والمذاكرة بهدوء ولطف وتشجيع.
- يجب منع أي توبيخ أو عقاب مؤلم حال الإخفاق.
رابعًا: ستكون رابعًا مجموعة من الأسئلة تضاف إلى ما سبق من استفسارات نرجو منك الإجابة عليها كلها وموافاتنا بالرد؛ حتى أتمكن من مساعدتك بشكل أكبر، وأرجو ألا تتواني في الرد، فالعلاج كلما تم تبكيره كان أسهل.
هذه الأسئلة هي:
- هل لدى الطفل صعوبات في مادة الحساب؟
- هل طرأت عليه تصرفات غريبة؟
- هل لديه مشكلات تبول لاإرادي؟
- هل كان نموه واستجابته لمتطلبات النمو من مشي وفطام وتحكم في الإخراج وغيرها سليمًا وقريبًا من المعدلات الطبيعية؟
- هل يعاني الطفل أي نوع من الأمراض العضوية؟
- هل مشكلته مع القراءة من النوع الأولي أم الثانوي، وأعني بالأولي أنه لم يستطع القراءة قط منذ دخوله المدرسة، أما الثانوي فأعني به تدنيا وتراجعا في مستواه بعدما اعتدت منه مستوى معين من القدرة على القراءة؟
إذا كان الأمر ثانويًّا فمتى طرأ؟ وهل تصاحب مع أعراض أخرى؟
أعتذر يا أختي عن الإطالة، ولكن الأمر يحتاج للإيضاح لك والاستيضاح منك عما سألتك عنه، وأنا في انتظار ردك، وموافاتك لنا بكل ما استفسرت منك بشأنه، وأتمنى أن يتم حل الأمر على كل خير.. وإلى هنا تنتهي معك جولتي على أمل بلقاء قريب إن شاء الله تعالى.
علّم الله عز وجل ولدك كل ما يجهل، وجعله من علماء الأمة وقائديها.. اللهم آمين.
ـــــــــــــ(103/160)
الرفق زينة الأبوة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، آمل أن يوفقكم الله في حل مشكلة ابنتي، طفلتي التي تبلغ من العمر 4 أعوام ذكية جدًّا، ودرجة الاستيعاب عندها عالية جدًّا، وذاكرتها قوية جدًّا، بالإضافة إلى ذلك بدأت الكلام مبكرًا؛ فهي منذ كان عمرها 8 أشهر وبدون مبالغة كانت تقوم بهجاء بعض الحروف مثل "ضو، ماما، بابا"، وفي منتصف العام الثاني كانت تتحدث بطلاقة بدون أن تخطئ في أي حرف من الحروف، خصوصًا حرف السين والراء كانت تنطقهما صحيحين جدًّا.
المشكلة أن كل هذا التفوق وهي في هذا العمر المبكر. أما الآن وبعد أن أصبح عمرها 4 سنوات أو عندما أتمت الثلاث سنوات بدأت ألاحظ عليها أنها تعيد الحرف أكثر من مرة، وهو ما نسميه "التأتأة"، ولا أعرف السبب. مثلاً عندما تطلب "ساندويشة" تقول "س س ساندويشة"، وهو ما يقلقني بشدة، لن أنكر أنني عصبية جدًّا ووالدها كذلك، نحن عصبيّان ونضربها إذا أخطأت، وأحيانًا أكون عنيفة معها؛ ربما بسبب أعباء العمل، عندما ألاحظ مشكلتها أحاول أن أخفف من حدتي وأتعامل معها بهدوء وأغني لها بعض الأغنيات، ولكن يعود طبعي يغلبني، بالإضافة لذلك هي تتبول لاإراديًّا، بعد أن تتبول تأتي لإخباري لتغيير ملابسها وتطلبها مني بكل بساطة؛ يعني بدلاً من أن تطلب مني أن أصطحبها للحمام، تطلب مني أن أغيّر ملابسها؛ لأنها تبولت فيها، أتعامل معها بهدوء، وأحاول أن أجعلها تفهم الصحيح، ولكن تقريبًا بدون جدوى، هل عليّ أن أعرضها على طبيب أعصاب؟ أرجو الإفادة، ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختنا الكريمة من الأرض الغالية، ومرحبًا بابنتك الحبيبة "ريم" التي لدي بشأنها معك الكثير من الكلام أو لنقل العتاب، وقبل أن أبدأ كلامي معك أقول لك ما قاله "إتيان راي" عن حب الأم: "حب الأم يهب كل شيء، ولا يطمع في أي شيء".
لعلني أحببت أن أقدم لكلامي معك بهذه المقولة كنوع من التعقيب على قولك في سؤالك "لن أنكر أنني عصبية جدًّا أنا ووالدها.. إننا عصبيّان ونضربها إذا أخطأت"، ثم تعزين هذا إلى "أعباء العمل"، ولكي يتضح أكثر ما قصدته أسألك سؤالاً أكثر دقة: لم تعملين يا أختاه أنت وزوجك؟ أليس سعيكم وجدكم من أجل توفير حياة كريمة وسعيدة لكما ولأبنائكما، أم تراكما تعملان لغير ذلك؟ وهل على ابنتكما تحمل تبعات هذا العمل من عصبية وعنف يقضيان شيئًا فشيئًا على ما وهبه الله لها من قدرات عالية ومواهب فذة؟
إن سؤالك الخاص بريم يا أختي الحبيبة –من وجهة نظري- يحمل بين سطوره الإجابة، فأنت قد اعترفت تقريبًا بالسبب وراء كل مشاكل المسكينة ريم وهو عصبيتك وعصبية والدها وعنفكما معها وضربكما لها، وكل ذلك لن يجعل لأي علاج لمشاكل ابنتك جدوى ما لم تتوقفا تمامًا عن مثل هذه الأمور وتحاولا رأب الصدوع والشروخ التي أحدثتها هذه المعاملة، وسأورد لك يا أختاه في نهاية الاستشارة معالجات سابقة لموضوع عصبية الأم وكيفية التغلب عليها لتفادي إضاعة الأبناء، وهو ما ينبغي التركيز عليه أكثر من الاستفاضة في الإجابة على أسئلتك الخاصة بمشكلات ريم، فكلها مشكلات تحتاج لعلاج جذورها أولاً وأسبابها، كي لا نحاول إصلاح النتيجة في حين نتجاهل علاج السبب، وقبل أن ننتقل للحديث عن استفساراتك حول حالة ريم أود أن أنقل إليك شكًّا يساورني عن احتمال كون ما طرأ على ريم من تغيرات بعد سن الثالثة من أسبابه -إلى جانب عصبيتكما- مقدم أخيها الصغير وسوء إعدادها له، وهو ما لم تذكري بشأنه أي شيء؛ لذا فسأورد لك بعض الإجابات السابقة التي تفيدك في التعامل الصحيح مع ابنتك بعد قدوم ضيف جديد قاسمها المكانة.
ثم نلخص معًا ما استفسرت بشأنه:
1 - التبول النهاري لريم.
2 - التأتأة والتلعثم.
3 - التخصص المطلوب لعلاجها.
وأبدأ الحديث معك عن التبول النهاري وهو ما سأورد لك في نهاية الاستشارة مزيدًا من المعالجات السابقة للصفحة حوله مما سيفيدك أكثر لحل مشكلة الطفلة، وعن هذا الأمر أقول لك:
إن قلقك على ابنتك (4 سنوات) لعدم تحكمها في عملية التبول نهارًا لا يمكن أن يُطلق عليه من الناحية العلمية اسم "مرض"، أو تشخيص الحالة على أنها مشكلة مرضية، فهذا المصطلح لا يطلق إلا بعد بلوغ الأطفال سن السادسة، فلا داعي للقلق، ولكن في حالة زيادة كمية التبول (مثلاً تتبول الطفلة كل ساعتين والكميات كبيرة) ننصح بالتالي:
1- تحليل بول للتأكد من خلو البول من التهابات المجاري البولية، وهو ما يحدث بنسبة أكبر في البنات عنه في الأولاد.
2- تحليل سكر صائم.
3- كمية البول في 24 ساعة مع قياس الكثافة النوعية في البول.
ويمكنك إرسال نتائج التحاليل في حالة القيام بها، وسأقوم بمساعدتك في الاتجاه السليم.
وبعد استبعاد كل الأسباب العضوية يبقى لنا محاولة التغلب على الأمر بإعادة تمرين الطفلة على التحكم في التبول، وهناك ثلاثة شروط للتمرين الصحيح.
هي: الاستمرارية - الثبات - الإيجابية.
أولاً: الاستمرارية: بمعنى أن يكون هناك تكثيف لعملية التمرين بصورة غير متقطعة على مدار اليوم والليلة، فإذا كنت سيدة عاملة وتقومين أنت بالتمرين خلال فترة تواجدك معها "بعد الرجوع من عملك"، بينما تبقى دونما تمرين خلال فترة النهار "فترة تواجدها مع جدتها مثلاً، أو في حضانة"، فلا بد من الاتفاق حول السياسة التربوية التي تتبع مع الطفلة حيال هذا الأمر بينك وبين جدتها أو من يقوم على رعايتها في تلك الفترة، ولا بد من أن تقوم هي أيضًا باتباع نفس طريقتك في التدريب خلال النهار، وهي الطريقة التي سنشرحها لك فيما يلي.
ثانيًا: الثبات: ينبغي الثبات في التعامل مع الطفلة حيال هذا الموضوع، فلا يصح أن تتشددي معها عندما تتبول في ملابسها، بينما تقابلها جدتها مثلاً بنوع من اللين ورد فعل يخلو تمامًا من التوجيه، فهذا الاضطراب يترك أثره السلبي على الطفلة التي في النهاية لا تدرك ولا تستوعب المطلوب بالضبط.
ثالثًا: الإيجابية: إن عملية التمرين كأي تدريب على سلوك جديد يحتاج إلى حافز ودافع، ويحتاج إلى الكثير من التشجيع والثناء عند الإنجاز.
ونأتي إلى طريقة التمرين:
1 - لا بد من اختيار وتثبيت مكان قضاء الحاجة الخاصة بالطفلة (المرحاض)؛ لأن إجلاس الطفلة على المكان المخصص لقضاء الحاجة ينتج عنه لمس الجسم لمكان قضاء الحاجة فيحدث ما يعرف برد فعل انعكاسي، فيشعر الطفل بالرغبة في الإخراج.
2 - عليك بإجلاس الطفلة كل ثلاث ساعات على المكان الخاص بقضاء الحاجة، وقد تحتاجين في بعض الأحيان إلى إغرائها لإلزامها بالجلوس مدة معينة كأن تضعي حولها بعض اللعب المحبَّبة لها، أو تجلسي بجوارها مدة بقائها تحكين لها بعض القصص أو تنشدين لها بعض الأناشيد.
3 - عليك أن تبذلي قصارى جهدك، وأن تُصرِّي على جلوسها على المرحاض حتى لو رفضت الانصياع لذلك، لا بد أن تحاولي بإصرار ولكن بهدوء ولطف، وبنوع من المحايلة والتشجيع المعنوي (الابتسامة، التصفيق، الاحتضان)، والمادي كالحلوى أو لعبة صغيرة.
4 - لا بد من إقران عملية التبول دومًا بمكافأة، ولا تظهر المكافأة إلا في حالة التبول في المكان المخصص لذلك، فهذا ينبِّه الطفل وجهازه العصبي. ومع كل هذا هناك احتياطات عادة لا بد من مراعاتها، وهي:
- تقليل نسبة السوائل وبخاصة مدرات البول كعصير القصب والبرتقال، وكذلك الأطعمة المحتوية على نسبة عالية من المياه مثل الخيار.
- إذا كنا قد قلنا بأن عملية التدريب تحتاج إلى التشجيع، فحذارِ من التقريع وابتعدي عنه، ولا تقومي بلومها إذا ما فشلت في إخراج بولها في المكان المخصص لذلك، بل يُكتفى بحرمانها من الهدية التي كانت مخصصة لإنجازها هذه المهمة، وإن كان هناك معاتبة فبأسلوب لطيف، وليكن الأمر سرًّا بينكما.
ثم ننتقل لموضوع التأتأة وهو ما تم طرحه في العديد من الاستشارات السابقة سأوردها لك في نهاية الاستشارة، ويمكنني أن ألخص لك الأمر في بعض النقاط:
1 - مثل هذه الحالات تُعَدّ طبيعية حتى بلوغ سن 6 سنوات، ويصعب قبل ذلك تحديد احتياج الطفل لبرنامج أو تدريبات علاجية، فضلاً عن أن برنامج العلاج والتدريبات لا يبدأ قبل بلوغ الطفل ست سنوات في حالة ثبوت كون الحالة في حاجة فعلية للعلاج، أو إذا لم تزل وحدها قبل هذه السن، أما التخصص المطلوب لعلاجها فهو طبيب تخاطب.
2 - تعددت في تحديد أسبابها النظريات، فهناك النظرية النفسية والتي ترجع تلك الحالة لأسباب نفسية أو ظروف معينة مرت بالطفل، فانعكست آثارها عليه في صورة تأتأة أو تلعثم في الكلام، والبعض يرجعه لعوامل وراثية.
3 - أكثر المشاهدات تشير إلى كون الطفل الذي تعرض للتأتأة غالبًا ذكي، وهو ما يجعل أفكاره متسارعة ومتلاحقة وعديدة، فتزدحم حينما يريد الكلام أو الإجابة على سؤال ما، وتقافز الأفكار في رأسه بتلك الطريقة تجعله يحتاج لوقفات أثناء الكلام -تظهر في صورة تأتأة أو تلعثم- لحاجته لتنظيم وتجميع الأفكار المتدافعة وترتيب الكلام.
4 - لا بد من برنامج للتعامل الصحيح مع لعثمة الطفلة ريم داخل الأسرة ومع الأقارب والأصدقاء، وهو ما يحتم عليّ أولاً التأكيد على أن الطفلة ليست في حاجة أن تعامل على أنها مريضة؛ لذا وجب عدم لفت نظرها إلى كونها تعاني اضطرابًا ما أو اختلافًا عن باقي أفراد الأسرة باتباع ما يلي:
أ - عدم إشعارها بشكل سلبي أو إيجابي أنها غير طبيعية والمقصود بالشكل السلبي تهديدها بالعقاب إن لم تتحدث بشكل سليم، أما الإيجابي فهو إغراؤها بالمكافأة والتشجيع لتتكلم بشكل سليم، فكلا الطريقتين ستؤديان حتمًا لترسيخ الشعور لديها بأن هناك أمرًا ما مختلفًا فيها عن غيرها تحتاج للتخلص منه، وهو ما يزيد من توترها والضغط العصبي الذي يساهم في زيادة الحالة بدلاً من حلها، وبالتالي فالهدوء واللامبالاة أثناء حديث الطفلة بهذه الطريقة من أهم ما يجب تحريه مع الطفلة للتعامل مع حالتها تلك.
ب - التعامل معها بشكل ليس فيه تعاطف زائد عن الطبيعي، فمثلاً حين تبدأ بالكلام وتبدأ في التأتأة بتكرار حرف السين مثلاً لتقول (ساندويتش) فيجب ألا تقولي لها: "حاولي وستستطيعين"، أو "مهلاً وستنطقينها"، أو "بهدوء وستنجحين"... كل هذه العبارات التشجيعية ستؤصل عندها شعورها بالمشكلة، بل يجب أن يقال لها: (ساندويتش؟ أي نوع تريدين؟) فهمت قصدك ماذا تريدين يا حبيبتي؟ "كما يدور الحوار العادي مع باقي المحيطين بها".
ج - منع أقرانها من أطفال وأبناء العائلة من السخرية منها، مع محاولة تجنب لفت نظر الآخرين لحالتها أو لفت نظرها لشعورهم بالتعاطف معها لاختلافها عمن حولها.
د - توجيه أفراد العائلة ومن تختلط بهم الأسرة إلى أهمية عدم إثارة الموضوع أو التعليق على الطفلة أو لفت نظرها.
هـ – محاولة منع تعرض الطفلة لموقف مفاجئ يربكها ويزيد تلعثمها وخاصة أمام الناس، كأن يسألها أحد سؤالاً مفاجئًا لم تستعد له، فالشخص الكبير يسهم عنصر المفاجأة في إرباكه وانزعاجه وبعثرة أفكاره أحيانًا، وهو ما يتطلب منه برهة لإعادة تنظيم أفكاره وإجابته.. فكيف الحال مع الطفل الصغير؟
أما مسألة طبيب الأعصاب فهو أمر غير وارد حاليًّا، والتخصص المطلوب لعلاج اللعثمة بعد العمر الذي وضّحناه هو طبيب التخاطب، ولكن ما زال الأمر في غير حاجة لعلاج في هذه السن بخلاف ما ذكرنا.
أختنا الكريمة.. إن العلاج الناجع والأكيد والفعّال والذي لا غنى عنه لحالة ابنتك هو الرفق بالابنة المسكينة الضعيفة، وغرسها في حضنك الوثير، وإشعارها بالحب غير المشروط بأي شرط، فأنت تحبينها فقط لأنها ابنتك وأمانتك وحجابك -إن شاء الله- من النار كما دلنا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقبل ذلك كله إشعارها بالأمان من أمواج الغضب العاتية التي تجرفها من جذورها وترمي بها في قفر مخيف، فأنت لها ووالدها تعنيان الأمان والحنان والعطاء والقوة والدفاع، ولتتخيلي شعورها حين تفقد كل هذا فجأة، وهي الضعيفة التي لم يستقم عودها بعد.. ألا يجعلها ذلك تتقهقر في كل قدراتها وإمكاناتها؟! وأردف حديثي هذا بمثال مثلته أختنا الفاضلة أ/ مي حجازي في استشارة سابقة فقالت:
لو أن لدينا نبتة غالية الثمن داهمتها حرارة يوم شديد القيظ فأصابتها بالذبول أو الهزال.. ماذا سنفعل؟
لا شك أننا سنوليها اهتمامًا زائدًا ورعاية مركزة لتخطي هذا الذبول والعودة للحالة الطبيعية وإلا ماتت وخسرناها للأبد.. أليس كذلك؟
وقبل أن تجيبي بكلمة "بلى" يا أم ريم.. أقول لك إن هذا الاهتمام الزائد والرعاية المركزة هما واجب الوقت الذي يفترض أن تؤديه الآن وبدون أي تراخٍ؛ لتنقذي ابنتك من مصير لا تحبينه لها ولا تحبه أم لابنتها الأولى والحبيبة التي لا ذنب لها في الحياة.
أختي الحبيبة.. "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزِع من شيء إلا شانه" كما قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-. وقال شوقي:
فإذا رحمت فأنت أم أو أب***هذان في الدنيا هم الرحماء
أعانك الله تعالى على تحري هذا الرفق وإظهار كل ما يحمله قلبك من رحمة تجاه ريم الحبيبة، وفي انتظار إرسالك نتائج التحاليل وموافاتنا بأجمل الأخبار عن ريم التي ستتطور بحبكما لها أنت وأبيها وبرفقكما ستتقدم إلى كل نجاح وسعادة إن شاء الله عز وجل.
ـــــــــــــ(103/161)
الشرود وصعوبات التعلم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد طفلتي آية -عمرها 6 سنوات- دخلت الصف الأول الابتدائي، مشكلتها أنها عندما أدرسها تنسى بسرعة، وهي دائمة الشرود، ولكنها في الحياة اليومية شديدة الملاحظة، وفى الدراسة نشعر أن عندها الشرود، وتنسى بسرعة.. أفيدونا أفادكم الله. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة أم آية، بارك الله لك في ابنتيك، وجعلهما من أبناء السعادة. أختي إنه من الصعب إعطاء أي رد على استشارة مقتضبة جدا كاستشارتك.. فهي تذكر فقط أن الفتاة تنسى وتشرد أثناء الاستذكار. وهذه معلومة لا تكفي لمعرفة ما تعاني منه الطفلة؛ فالطفل في الصف الأول قد يجد الدراسة نشاطًا مملا ومجهدًا، وبالتالي يحاول التهرب منه بالشرود، وادعاء النسيان. كما أن الأطفال في هذه السن الصغيرة لا تثبت الكثير من المعلومات لديهم؛ ولذا فهم دائما بحاجة للمراجعة وإعادة تأكيد المعلومات.
أما إذا كان ذلك النسيان والشرود لافتًا للنظر وأكثر من الطبيعي؛ بحيث –مثلا- المعلمات أيضا يشكين من شرود البنت وكثرة نسيانها، مقارنة بزميلاتها في الصف. أو أنها تنسى أشياءها في الصف مثلا أو تضيع منها.. فقد تكون هذه مؤشرًا لمشكلة صعوبة تعلم.
وينبغي هنا التأكد من وجود بعض المظاهر الأخرى، مثل:
- كثرة المحو.
- صعوبة تذكر الحرف أو الرقم رغم تكرار التدريب عليه.
- الخلط بين الأحرف والأرقام المتشابهة في الشكل.
- كثرة فرك العينين أثناء الدراسة.
- عدم الثبات في المكان لفترة مناسبة لإنهاء الدرس ...
وغير ذلك من مظاهر صعوبات التعلم؛ فينبغي عرض الطفلة على إخصائي صعوبات للتأكد، والبدء ببرنامج تدريب مناسب. أرجو أن يتوفر مثل هؤلاء الإخصائيين في ليبيا، ونرجو منك موافاتنا بالتطورات.
ـــــــــــــ(103/162)
مُحال أن يكون كل الأبناء سواء ... العنوان
ابني (6 سنوات)، خجول ومتأثر بأخته (7 سنوات)، هي ذكية ونشيطة جدا وسريعة وتحب القراءة واللعب وعندما تعرف شيئا ولا يعرفه يقول: كيف عرفته أختي هي ذكية؟
إنني لا أستطيع اكتشاف مواهبه، إنه يمل بسرعة وخجول. مثلا عندما يقرأ لا أدري هل يخجل أن يخطئ أم أنه لا يحب القراءة؟
أشعر أنه يخجل أن يخطئ رغم تشجيعي له.
أيضا الألعاب الإلكترونية لا يحب أن يجربها خجلا منه ألا يعرف أمام أقربائه ويفضل أن يشاهد فقط، ولكن عندما يتعلم لعبة فإنه يلعبها أمام الأقارب.
هو ذكي ومتفوق بالمدرسة، وهذا بشهادة مدرّسيه.. مخاوفي كأم أن يشعر أنه أقل من أخته معرفة وذكاء وهذا ما يعبر عنه أحيانا. إنني أحاول اكتشاف مواهبه، ولكن لا أعرف كيف، وإنني أريد أن أقوي ثقته بنفسه، سامحوني على الإطالة والرجاء المساعدة. ... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة، مرحبا بك ضيفة كريمة على صفحتنا التي نأمل أن تحقق لك زيارتها الإفادة، وأن تعينك على أداء مهامك مع أبنائك جميعا، ثم أردف هذه الكلمات بقول أحد الفلاسفة: "لو نظرنا لتاريخ أصحاب المواهب لتبين لنا أن البشرية مدينة باكتشاف مواهبهم لأمهاتهم وليس لآبائهم؛ فالأم هي التي تلاحظ أبناءها وتلمس مواهبهم وتعمل على توجيههم وتنمية هذه المواهب فيهم، فتقدم للبشرية نتاجا ممتازا يؤدي لها أجلّ الخدمات".
وألتقط الخيط من المقدمة لأقسم ما استفسرت عنه بشأن ابنك (6 سنوات) في نقاط:
أولا: خجول ومتأثر بأخته.
ثانيا: أخته نشيطة جدا وهو خجول.. حتى إنه يشعر أنها تفوقه ذكاء.
ثالثا: لا يحب القراءة.
رابعا: كيفية اكتشاف مواهبه وتنمية ثقته بنفسه.
ولنبدأ بتأثره بأخته، التي ذكرتها عقب كلمة خجول (خجول ومتأثر بأخته).. فما هو التأثر الذي تقصدينه.. هل هو الإعجاب؟ لأنها تكبره فيراها له مثلا وقائدا؟ أم أنها تؤثر عليه بآرائها؟
وما المشكلة في تأثره بأخته؟
في الحقيقة العبارة تحتاج لتوضيح نوع التأثر وما ترين له من سلبيات.
ثم ننتقل إلى نقطة القراءة مباشرة؛ لأن الرد على ثانيا ورابعا سيأتي فيما بعد في شكل متصل:
فبشأن هذه النقطة أسألك: هل لديه بشأن القراءة مشاكل أو صعوبات محددة؟ إنه فقط يمل منها كما يبدو في سؤالك.
تشكين أنه يخجل أن يخطئ فيتراجع عن الأمر برمته، وهو ما يحتاج لأن نتناول كيفية تنمية ثقته بنفسه. ولكن ما يطمئن هو أن مستواه الدراسي جيد وأن مدرسيه يشهدون له بالذكاء. إذن فكما يبدو ليس لديه صعوبات خاصة بالقراءة أو الدراسة.
ونأتي لكون أخته نشيطة وسريعة وتحب اللعب. فما مشكلته هو في ذلك؟ يبدو أن مشكلته –كما تصفينها- تكمن في شعوره بإعجاب الجميع بقدراتها الفذة، وهو ما شكل لديه شعورا بأنها تفوقه بمراحل رغم أن العام الذي يفرق بينهما في العمر يبرر العديد من الفروق بينهما، وهو ما يجب أن يصله كما سنوضح لك فيما يلي.
وفي النقاط التالية سنورد لك بعض المعلومات ثم النصائح عن كيفية تنمية الثقة بالنفس لدى طفلك الحبيب، وإعانته على تجاوز الشعور بتفوق أخته عليه:
أولا: لعلنا استفضنا في الحديث على صفحتنا تلك عن الفروق الفردية بين الأبناء، وأن القدرات الحياتية والاجتماعية والتعليمية تختلف من طفل لآخر حتى داخل الأسرة الواحدة، ولا يعيب أحدهم أن تقل لديه إحدى القدرات عن الآخر، فتلك هي الحقيقة التي يجب أن نضعها في أذهاننا كآباء وأمهات ومربين.
فما ينبغ فيه أحد الأبناء لا يصير لزاما على غيره أن يوجدوه في أنفسهم وأن يبدوه، وإلا كان عدم الإعجاب –حتى من والديهم- هو نصيبهم. ولا بد أن نتأكد أن ما غاب في طفل من قدرات معينة فهناك أمور أخرى تعوضه. فالله تعالى لم يخلقنا نسخا متكررة، وإنما نحن مختلفون. وما يجب علينا فعله إزاء هذا الاختلاف أن نتكامل. هذا بالنسبة للأطفال من نفس العمر، فما بالك وابنتك تفوق أخاها سنا، وبالتالي فلديها رصيد مهارات وقدرات اكتسبتها في عام كامل عاشته قبله في هذه الدنيا.
ثانيا: لا يعني الاختلاف وجود تأخر ما أو قصور -لا قدر الله- في الطفل يشكل مشكلة تحتاج للعلاج، أو أن هذا الاختلاف سيستمر معه طيلة العمر أو ينعكس على مستقبله التعليمي، فمن الممكن أن يكون الطفل متأخرا عن أقرانه حتى عمر 11 سنة ثم يحدث له ما يسمى (catch up) أي المواكبة لأقرانه أو اللحاق بهم والتفوق عليهم، وهذا شيء معروف. والعكس وارد أيضا، فقد يبدأ الطفل بداية قوية وفائقة لأقرانه ثم تحدث له وقفة مفاجئة لظروف معينة أو حتى بدون أسباب واضحة.
ونخرج من هذه المعلومات بتوصياتي لك لتنمية ثقة الطفل بنفسه وتوجيه قدراته، ولقد تم تناول الأمر كثيرا على الصفحة، وسأورد لك في نهاية الاستشارة هذه المعالجات السابقة. ولنبدأ معا جولتنا نحو تنمية الثقة بالنفس لدى طفلك التي سأجملها لك في نقاط:
1- إن الفرق بين ابنيك الحبيبين أمر وارد جدا ولا يدعو للإعجاب بأحدهما والإشفاق على الآخر، كما يجب عليك عدم عقد أي مقارنات بينهما أمام الناس أو الوالد أو أمامهما أو تكرار الحديث عن قدرات ابنتك أمام الطفل الذي يشعر أنه أبدا لن يصل لما وصلت إليه من مكانة وذكاء فيصيبه الإحباط.
فما أخشاه أن هذا الشعور قد وصل الطفل بالفعل بشكل أو بآخر، وقد يتطور ليفقد الطفل ثقته بنفسه ويصبح انطوائيا يعتزل التواجد مع الناس أو مع الأسرة لما يشعر به معهم من عدم إعجاب بقدراته وإمكانياته، ومن اكتساح أخته له بقدراتها، مع العلم بأن لديه هو الآخر قدرات عالية وصفات طيبة عديدة، لكنها للآسف لا تجلب له إعجاب الآخرين كما يحدث لأخته.
إن ما يجب عليك يا صديقتي للتعامل مع هذا الاختلاف هو حثهما على الوحدة والتكامل والإبداع، واستثمار قدرات كل منهما دائما، وإشعار كل منهما بأن له شخصيته المستقلة وقدراته المتميزة، وحينما يقول: "كيف عرفته أختي هي ذكية؟" تقولين له: أنت الآخر ذكي ومتميز، وحينما تصير في سن أختك ستكون مثلها وربما أفضل، فكلما كبرنا في السن استطعنا أن نفعل ونجيد أشياء أكثر من الوقت السابق". فالإشارة إلى أننا كل يوم نتطور ونكتسب الجديد يعطيه أملا وتفاؤلا ورغبة في الاستزادة من كل يوم في حياته.
2- إن الثقة بالنفس هي نتاج القدرة على الاعتماد على النفس في جو من التقدير والشعور بالإنجاز والنجاح، فالاعتماد على النفس والثقة بها طريقهما يمرُّ بجسر اسمه "تحمل المسئولية"، ووسيلة العبور على هذا الجسر هي التحفيز والتشجيع وتدعيم كل سلوك إيجابي.
فلا بد أن يدرَّب الطفل على تحمل بعض هذه المسئوليات البسيطة المتوافقة وقدراته ومرحلته السنية كترتيب حجرته - غسل جوربه - شراء شيء - تركيب "بازل" خشبي.
وعندما نحمله مسئولية جديدة لأول مرة فلا بد أن يكون ذلك:
- بكلمات رقيقة مفادها "نحن نثق بك وبقدراتك".
- لا بد أن يشعر الصغير بالأمان، فإذا أخفق لا يلام، بل يُشرح له لماذا أخفق، ويُشجع على مجرد قبوله بتحمل المسئولية، ويحفز عند التحسن والتطور والإجادة. فلو نجح في لبس سرواله بطريقة صحيحة دونما مساعدة يُصفَّق له. وعندما يلبس حذاءه ويحاول ربطه وحده يُثْنى على محاولته ويُشكر عليها.
- يجب تقبل الفشل من الطفل بصدر رحب، ومكافأة ما نجح في تأديته من المهمات المطلوبة منه أيًّا كانت نسبته، ومحاولة تجاهل الفشل أو التقصير من المهمة المؤداة، مع بثه دائمًا الشعور بأن الفشل ليس أبديًّا. وحتمًا مع الجهد سيتطور الطفل وتتطور إمكانياته، وبالتالي فيجب تشجيعه على الجهد المبذول وليس على النتائج، كما يجب أن تكون المكافأة والثناء منبهة لكل حواسه. بمعنى أن تشتمل على اللمس، والاحتضان، والتصفيق، والضحك بحيث تتنبه كل حواسه إلى أنه قادر على فعل الكثير.
3- لا بد من السماح له بتكوين صداقات مع أطفال من سنه، وهذا يزيد كثيرًا من ثقته بنفسه.
4- يجب محاولة تحسين العلاقة بين الطفلين دائما، وغرس الحب بينهما. والأفكار لأجل ذلك كثيرة، كأن تكوّني منهما فريقا لأداء أمر ما، كصناعة شكل معين بالمكعبات مثلا، أو تلوين صورة معينة معا، أو التعاون في عمل منزلي يؤديانه، ثم تمتدحي بذلهما للجهد لأدائه، حتى إن لم يؤدياه على أكمل وجه، فبذل الجهد في حد ذاته أمر عالي القيمة.
5- سيكون من الجميل أن تسردي على زوجك وأفراد العائلة أو الأصدقاء -بفخر وأنت تنظرين إلى ابنك- بعض ما قام به خلال اليوم من أعمال وأنشطة جميلة دون مقارنات بينه وبين أخته. كما يفضل فعل المثل مع أخته كي لا تتأثر هي الأخرى سلبا من مدح أخيها دون مدحها.
6- يمكنك ممارسة الأنشطة واللعب معهما؛ لأن هذا من شأنه أن يكسب الأطفال الثقة بالنفس مع الثناء على بعض الصفات لدى كل منهما والقدرات التي يتمتع بها كل منهما، كأن تقولين لهما مثلا: أنا مسرورة منكما جدًّا، فأنت يا حبيبي تستطيع فعل كذا وكذا ... أو كم أشعر بالفخر بك لأنك مهذب ... أو لأنك تحب أن تتعلم أشياء كثيرة. وكذلك أنت يا حبيبتي بارعة في كذا وكذا. الحقيقة كلاكما بارعان وأنا أحبكما كثيرا، ثم تحتضنيهما معا... وهكذا.
7- من الواضح أن ابنك الحبيب لا يحب أن يظهر في صورة أقل مما يطمح أن يعرفه الناس عنه، وهذا أمر لا يعيبه، فهو لا يحب أن يجرب لأول مرة أمام الناس. فالشخص الكبير يسهم عنصر المفاجأة في إرباكه وانزعاجه وبعثرة أفكاره أحيانا، وهو ما يتطلب منه برهة لإعادة تنظيم أفكاره وإجابته، فكيف الحال مع الطفل الصغير.
وهذا شيء لا مشكلة فيه، فهو يعلم أن التجربة بها نسبة خطأ، لذا فهو يحب أن يستعرض قدراته عندما يتقن الأمر ويطمئن لبراعته به كي لا يسبب له الخطأ أي حرج.
وفي الحقيقة لا مشكلة في أنه (يكتفي بأن يشاهد)، لكن المشكلة في إجباره على استعراض قدراته وهو غير مستعد أمام أقربائه. وما أفضله أن يتعلم أمرين:
أ- أن بذل الجهد في حد ذاته شيء مشرف ويمثل نجاحا، بعيدا عن النتائج لبذل هذا الجهد.
ب - أن ما أعطانا الله من قدرات يجب أن نحمده عليها وألا نتكبر بها على أحد، بل نعين من حولنا على اكتساب ما ليس لديهم، وألا نفرط في استعراضها والتفاخر بها.
8 - يجب محاولة اكتشاف ما يميزه من صفات حميدة ومواهب وتنميتها واستغلالها، والبحث عن شيء يجيده ويحبه -كرياضة معينة أو ألعاب الكمبيوتر- لتنمية مهاراته فيها بالتدريب والمتابعة وتوفير المناخ المناسب لتطوره فيها بشكل كبير.
أختنا الحبيبة، أرجو أن تكون الإجابة قد ألقت الضوء بشكل كاف على ما أردت الاستفسار عنه، وبانتظار مزيد من أخبارك واستفساراتك، وإلى لقاء قريب تحكين لنا فيه عن بطلك الصغير وعن حصوله على ميدالية في رياضة معينة أو عن مركز متميز أحرزه في دورة للتدريب على الحاسب الآلي مناسبة لسنه. جعله الله وأخته في طليعة هذا الجيل.
وللاستزادة في هذا الموضوع يمكنك الاطلاع على الموضوعات التالية:
-الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
- استعادة الثقة بالفن والألوان
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
-الطفل الخجول.. مشكلة لها حل
-الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً !!
... ...
... جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية.. ...
ـــــــــــــ(103/163)
حقي في قلبك.. أمي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. طفلتي (5 سنوات) لديها مشكلتان: الأولى في البيت والأخرى في المدرسة:
1- هي حريصة جدًّا على ألعابها ولا تترك مجالاً لأختها (سنتان) لتشاركها اللعب، في حين إنها قد تهدي نفس اللعبة لطفل آخر دون تردد. بالإضافة إلى ذلك فإنها أصبحت كثيرة الكذب حتى أنك تظن أنها صادقة، وفي الآونة الأخيرة أصبح والدها متضايقًا جدًّا من ذلك ويهددها بالضرب إن كذبت، ولكنني أهددها بغضب الله عليها وأنها بهذا الفعل تطيع الشيطان، مما يؤثر في نفسها لبعض الوقت.
2 - السنة الماضية كانت في الروضة الأولى، ولم تكن تشكو من المدرسة كثيرًا، أما في هذا العام فهي تشكو كثيرًا من صعوبة الدراسة، ليس ذلك فقط بل تشكو من بطنها، وتلحّ على المعلمة أن تتصل بي، وقد لاحظت المعلمة شدت تعلقها بالبيت وبي خاصة. ... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د. أحمد إبراهيم الهولي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة، بارك الله تعالى في طفلتك الجميلة، وأنعم عليها وعلينا جميعًا براحة البال، تلك الطفلة المسكينة التي تعاني في صمت وتحاول أن ترفع معاناتها إليك في صورة المشاكل التي ذكرتها، وهي في الحقيقة ما هي إلا رسائل مضمنة، فلا توجد مشكلة خاصة في الطفلة والتي قسمتها إلى قسمين، بل هي مشكلة واحدة ولكن بعدة اتجاهات.
وترجع مشكلة "شما" إلى عامل واحد فقط وهو الغيرة.. نعم الغيرة، فالغيرة مشكلة واضحة عند الصغار كما هي موجودة أيضًا عند الكبار، تلك المشكلة ذات الأثر البالغ في تحويل حياة الطفل في سنيه الأولى، والتأثير في التكوين الشخصي للطفل في المستقبل بشكل كبير ربما أبعد مما قد نتخيله.
وتتفاوت تلك الأنواع من المشاكل التي تنشأ كعرض لمشكلة الغيرة بين الأسر اعتمادًا على تعامل الأسرة معها والتي تقل حدتها مع تثقيف الأسرة في كيفية التعامل مع الطفل استنادًا إلى فهم أصل المشاكل (الغيرة)، والأولى الوقاية منها بمراعاة نفسية الطفل وتأهيله قبل قدوم أخيه/ أو أخته الأصغر، ثم مواصلة الاهتمام والرعاية به بعد قدوم المولود الجديد بحيث يعمل الوالدان على تحويل الطفل إلى مشارك في العناية بأخيه/ أخته المولود بدلاً من تركه فريسة الإحساس بأن القادم غريم جاء لمنافسته على عرش قلب الوالدين. وهو الأمر الذي سيتطلب منك ومن والدها مزيدًا من الاهتمام والتفرغ لاحتوائها بشكل أكبر، رغم الأعباء الملقاة على عاتقك من رعاية أختها الصغرى ومراعاة شئون المنزل... إلخ.
اعلمي عزيزتي الأم أن الاهتمام بطفلتك الكبرى ليس معناه التفرغ لها والانصراف عن الصغيرة، ولكن الاهتمام بها ومراعاة أزمتها النفسية التي نشأت عن غيرتها من أختها سيُعَدّ تغييرًا في سلوكياتكم في نظرها على أساس يجعلها تتيقن أنها ما زالت محل اعتبار من جذب الأنظار إليها من خلال الاهتمام بها، وهذا بالضبط (لفت النظر) هو ما كنت أقصده بالرسائل المتضمنة، فهي لا تريد أن تعطي أختها بينما تعطي الغرباء أغراضها، فهي تحاول أن تدافع عن بعض ممتلكاتها من إغارة أختها، فهي لم تتمكن من الدفاع عن مكانتها في الاهتمام التي سلبتها الصغيرة منها، لكن هناك ساحة تستطيع أن ترفع فيها صوتها بأن لها خصوصيات ترفض الإغارة عليها (وهي ألعابها)، بينما لا تفعل ذلك مع الأطفال الغرباء.. أتعلمين لماذا؟ هنا أذكر كلمة للدكتور سبوك في أحد كتبه التربوية بأن الطفل حين يتأكد من مكانته عند والديه فإنه لا يبالي بمكانة إخوته الآخرين عند الوالدين، وهي مدركة أن الأطفال الآخرين لن يمسوا مكانتها في قلبيكما، وبالتالي لن يغيروا عليها ولا على ممتلكاتها المادية والمعنوية، إذن فهي تعطيهم عن ثقة.
وهذا بالضبط ما يجب أن تحاولا توصيله لها بكل الطرق، وهي رسالة مفادها أن حبنا لك لن يتأثر بحبنا لأختك، ولن يؤثر حبنا لك على مكانتها، لكل مكانته، بمعنى تشبعاها عاطفيًّا من حنانكما، فأساس ما تعانيه من مشكلات هو ما تشعر به من فراغ عاطفي والملاحظ من سلوكيات الطفلة بأن الخطأ وارد من كلا الوالدين، حيث انصب الاهتمام إلى الصغيرة في آنٍ واحد، وهو ما جعل طفلتكم تشعر بالفراغ العاطفي الذي زاد من عملية الغيرة عندها.
- لن يقوم بملء هذا الفراغ إلا احتضانك أنت ووالدها لها، واعلمي أن أكثر من يعرف الطفل هم الآباء، وباستطاعتكما أن تحددا الأسلوب المناسب في التعامل مع صغيرتكما وطرق الاقتراب منها، وسنورد لك في نهاية الاستشارة معالجات سابقة للصفحة تضمنت العديد من الأفكار حول تجاوز مشكلة الغيرة.
- اعملا على إيجاد وسائل في تحبيب الطفلة بأختها، وذلك بإحضار هدايا لها واتركي أختها الصغيرة تقدمها لها.
- رواية قصص محببة، فالقصص في هذه السن لها مفعول سحري في إيصال ما نريده لأبنائنا، قصص عن معنى الأخوة، ويمكن أن تكون قصة من تأليفكم بحيث تخترعون شخصية لفتاة جميلة طيبة في سن طفلتكم.. هذه الطفلة كانت تعيش وحيدة حزينة في الغابة مع والديها وفي يوم من الأيام جاء وجلس إليها والداها ليخبراها أنهما شعرا بحزنها؛ لكونها لا تجد أصدقاء لها، وأنهما قد دعوا الله عز وجل أن يرزقهما بطفل آخر ليأنس وحدة صغيرتهما التي يحبانها جدًّا، وفعلاً استجاب الله سبحانه لهما. أو قصة طفلة تاهت في الغابة، لكنها بمعاونة أختها قد تمكنا من العودة إلى والديهما الحبيبين.
- اجعلا منها مشاركًا في رعاية أختها تشارك في التغيير لها أو أخذ حمامها.. أو اطلبي منها أن تنتبه لأختها ريثما تقومين بأعمال المطبخ وراقبيهما من بعيد... إلخ، وتتم تلك العمليات تحت إشراف الوالدين حتى تبدأ الطفلة في بناء الثقة بالكبار وبأختها الصغرى.
- لا تشعري الطفلة بأنك مهتمة لما هو في البيت دونها، خاصة عند ذهابها إلى المدرسة، فهي تتمارض بالمدرسة لتسرع بالرجوع إلى المنزل، من أجل إشباع شعورها بأن الأم لن تهتم بأختها وهي متفرغة لها بالمنزل. واعلمي عزيزتي المربية أنه يتحتم عليك الاهتمام بالمشكلة، وإيجاد الحلول لها لكي لا تتفاقم حدة الغيرة التي تكون عواقبها كبيرة على الطفلة والأسرة والطفلة الصغير. فعلينا تجنب تلك الآثار التي قد تهدم البيوت بسبب جهلنا في كيفية التعامل مع صغارنا وتربية الكبار منهم.
وأخيرًا، إن وسيلة الضرب التي تتخذ مع الأطفال ليست الوسيلة الناجحة في كل الأحوال، وإنما عليكم في تغيير وسائل العقاب التي تتطلب صبرًا وموقفًا لا تتراجعين فيه عند اتخاذه، فالتهديد بالضرب أو الضرب نفسه قد لا يغير في السلوك شيئًا؛ لأنه أوجد عند الطفلة عدم الالتزام إلا بالضرب، وفي المستقبل سيوجد عندها ما هو أخطر من ذلك ألا وهو فقدان الضرب تأثيره كوسيلة للعقاب؛ لأنها ببسطة تعوّدت عليه فلن يضيره شيئًا عند تكراره، وبدلاً من ذلك ليكن العقاب بحرمانها مما تحب مع التوضيح لها أن خطأها هو من حرمها مما تحب ولستم أنتم، فأنتم تحبون الخير لها وتتمنون أن تتمتع بكل ما تريد لكن الخطأ حرمها من ذلك.
ـــــــــــــ(103/164)
شقاوة × شقاوة ... العنوان
السادة الأفاضل، ولدي الأول والبالغ من العمر سنة ونصف سنة ألاحظ عليه النشاط الزائد وغير المسيطر عليه.. بمعنى أن ولدي يتحرك بشكل كبير وبطريقة مزعجة وفي بعض الأحيان تكون خطرة. كما أنه ما دام مستيقظا يكون بحاجة للمراقبة الدائمة. ونعاني في التعامل معه من عدم التجاوب مع التوجيه والزجر في حال ارتكابه أخطاء (أشعر أحيانا أنه لا يفهم التوجيه وأحيانا أخرى أشعر أنه يعاند وفي بعض الأحيان أشعر أنه يتجاهل التوجيه عن قصد)، كما أن الصفة الغالبة على سلوكه العناد.
أرجو التكرم بتوجيهي لأفضل الطرق في التعامل مع هذا الموضوع بما يساعد على إيجاد طرق للتوجيه الصحيح والناجح (أقصد بالتوجيه هنا تصحيح السلوكيات والتصرفات الخاطئة أو المزعجة أو الخطرة) دون التأثير سلبا على الطفل والحصول على نتائج إيجابية ... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أخي الفاضل من الأرض الحبيبة.. ومرحبا بولدك الحبيب عبد القادر الذي نأمل أن يجعله الله ابنا بارا حبيبا وقرة عين.
وكما أشرنا آنفا في استشارات سابقة أن "شقاوة" الأطفال ونشاطهم غير المسيطر عليه أمر طبيعي وربما يزيد في الذكور عن الإناث أحيانا، فقد يختلف الصبيان عن البنات في زيادة طاقاتهم عنهن وكذلك زيادة جرأتهم ورغبتهم في الاكتشاف والتعرف على كل ما حولهم، وكذلك قد يختلف الأشقاء عن بعضهم البعض في أمور عديدة. وهو ما ينبغي أن يوضع في أذهاننا حال التعامل مع الأبناء لإحسان استثمار طاقاتهم وإمكاناتهم المتنوعة والمختلفة وتوجيهها في الاتجاه الصحيح وتجنب إهدارها. ويؤكد حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه "عراقة الصبي في صغره زيادة في عقله عند كبره"، أن الحركة والانطلاق وما نطلق عليه (شقاوة الأطفال) كل هذا من علامات الذكاء.
ونأتي للحديث عن عدم استجابته للأوامر وهو ما ينبغي أن أؤكد قبل البدء في الحديث عنه على أمرين:
1 - يجب ألا تكون علاقة الطفل بمن حوله طيلة النهار في صورة أوامر ونواهٍ وتوجيهات وتحذيرات كي لا يمل الأمر ويحدث لديه إلفا لعادة الأوامر التي تتحول إلى أمور غير مؤثرة في حياته ولا تحقق لديه أي استجابة أو مبالاة.
2 - يجب عدم زجر الطفل قدر المستطاع في هذه السن الحساسة والخطيرة والمؤثر على تكوين شخصيته وصورته لذاته.
3 - عادة ما يكون السبب في عدم إطاعة أبنائنا للأوامر هو عدم التزامنا بقوانين إعطائهم الأوامر.. فهناك لإعطاء الأوامر آداب وقوانين تضمن لنا الطاعة، وأوجه هنا حديثي لك ولأمه بصفتكما المتعاملين معه أغلب الوقت. وهي:
أولا: يجب أن يكون الأمر لمن في مثل سن ابنكما - سنة ونصف(أو سنتان كما ورد في بيانات السؤال) - في جمل قصيرة لا تزيد عن ثلاث كلمات وبنبرة صوت واضحة تعلو قليلا على المعدل الطبيعي المعتاد في معاملات اليوم.. وأقول لا تزيد عن ثلاث كلمات لأن الطفل في هذه السن لا يستطيع أن يكون جملة أكثر من ثلاث كلمات حتى برغم وجود حصيلة لغوية وفيرة لديه من كلمات منفصلة.
ثانيا: يجب إعادة الأمر مرات عدة للتأكد من فهمه لهذا الأمر ولمزيد من التأكد يمكن سؤاله.
ثالثا: يجب احترام رغبة الطفل بمعنى أنه حينما تأمرانه بشيء يصرفه عن لعبة يحبها مثلا فلا ينبغي أن يكون الأمر في صورة: "هيا البس بسرعة كي نخرج واترك لعبتك"؛ فهو بذلك يشعر بعدم احترامكما لما يحبه واهتمامكما بأن يفعل ما تريدانه فقط.
ولكن الصواب لكي نوجه له أمرا كهذا فيه إخراج له مما يريد إلى ما تريدانه هو فعل الآتي:
• القرب من الطفل والجلوس في مستواه ليشعر بتساويه معكما في القوة والمنزلة.
• يجب أن تكون نبرة الصوت معبرة عن اضطراركما مثله لفعل هذا الأمر وليس اضطراره وحده فمثلا "هيا يا حبيبي وإلا سنتأخر ولا نلعب كثيرا في الحديقة".
• يجب إشعاره باحترامكما لحبه للعبته التي تشغله أو ما يفعله: "أعلم أنك مبسوط بهذه اللعبة ولكن أنا مضطر أن أقول لك: إننا يجب أن نتركها الآن لنعود ونلعب بها معا، وسوف ألعب معك حين نعود".
• إذا لم يستجب من الممكن إعادة الأمر بنبرة صوت أعلى وأبطأ قليلا.
• الصبر قليلا حتى يعتاد الطفل هذا النظام في التعامل ويتعلم الطاعة التي تسبب له المكافآت والسعادة.
• يجب التزام الصدق والوفاء بالوعد فإذا وعدتاه بالعودة واللعب معه إذا ترك اللعبة وذهب معكما إلى الوعاء المخصص للإخراج مثلا.. فيجب عليكما الوفاء بهذا الوعد؛ لأن خلف الوعد مرة واحدة سيفقده النظام الذي يجب أن يعتاده.
• يجب أن يكافأ فعلا عندما يطيع ليعلم الفرق بين الطاعة وعدم الطاعة.
ثم نتحول للحديث عن طاقته التي ترى يا أخي أنها زائدة وربما تراها مشكلة تحتاج لحل في حين أنها نعمة منحها الله لابنك يستطيع بها فعل الكثير.
وللتعامل مع هذه الطاقة يجب التصرف إزاءها كما يلي:
• محاولة امتصاص طاقته قدر المستطاع فيما يفيده ولا يشكل له خطورة وذلك عن طريق توفير لعبة مثلا داخل البيت يجري خلفها أو كرة السرعة مثلا التي يظل يحركها طيلة الوقت دون أن يؤذي نفسه أو من حوله، أو كرة سلة صغيرة بحيث يظل يحاول إدخال الكرة في السلة وينجح تارة فتصفق له ويخفق تارة فتعلمه وتشجعه أو غير ذلك من أفكار داخل المنزل لاستنفاد طاقته قدر المستطاع، كما يجب أن توفر له ما يقوم بتدميره.. لا أقصد التخريب بالمعنى المعروف بل أقصد أن توفر له أشياء آمنة غير مؤذيه يمارس فيها ما يهوى من فك أو حتى تكسير.
• من الممكن توجيه نشاطه خارج المنزل أيضا بإلحاقه بحضانة مضمونة وجيدة يستطيع فيها استنفاد طاقته في اللعب مع الأطفال من سنه وأداء نشاطات مختلفة ومتنوعة وممتعة وذلك بشكل تدريجي عددا معينا من الساعات تزيد تدريجيا حتى يعتاد الأمر دون أن يشعر بقلق أو وحشة أو غربة، بل يشعر أن هذا الأمر نوع من المتعة والترفيه تكافئانه به ليلعب ويستمتع بوقته بعيدا عن الجدران، ولعله يعود للبيت في حاجة إلى الراحة بعد يوم من النشاط والانطلاق لتستقبله أمه باشتياق واحتضان وترحاب فيهدئ ذلك من شقاوة تصرفاته داخل المنزل.. كما يمكن لاحقا إلحاقه بلعبة رياضية يمارسها بانتظام ويشارك في مباريات لها.
وأعود فأؤكد أنه ليس عيبا في ولدك أن لديه رصيدا عاليا من الطاقة والانطلاق، لكن العيب أن تهدر هذه الطاقة أو تحاول كبتها أو منعه من استغلالها.. بل يجب عليك أن تسمح لها بالانطلاق والانتشار، وإذا كانت نصيحتنا لكل أم إزاء ابنتها هي الاحتضان والالتصاق فنصيحتنا لكل أم إزاء ولدها أن تمنحه الانطلاق بلا حدود، فلا مآخذ على لعبه أو انطلاقته إطلاقا.
أما عن أمثل الطرق لتوجيهه وتصحيح السلوكيات والتصرفات الخاطئة أو المزعجة أو الخطرة دون التأثير سلبا على الطفل والحصول على نتائج إيجابية فإليك ما يلي:
• تعد طريقة "الضرب المائل" أو "الكرة المائلة".. هي من أفضل الطرق للتوجيه في هذا السن والتي تناولناها في استشارة أخرى شبيهة بحالة ولدك.
ولشرحها فلنطبقها على موقف نتخيله معا: "نتخيل أن عبد القادر قد ذهب ليضع إصبعه في الفيشة.. حينئذ هو مقبل على خطر محقق.. ماذا نفعل ؟؟ لا صراخ ولا نهر أو زجر، وإنما نقول له بحماس شديد: "ما رأيك في هذه اللعبة؟؟ أو في الآيس كريم؟؟ أو هيا نجرِ معا.. أو أيا شيء نلهيه به عما يفعل لنجذب به انتباهه بعيدا عما ينتوي فعله.. ثم في أقرب فرصة فيما بعد نتكلم أمامه عن خطورة هذا الفعل وأن من يفعله قد يموت أو يمرض أو يتألم ألما شديدا... كما يمكن دعم هذا الأمر ببعض الحواديت المبسطة لتأكيد الفكرة، أو ذكر مثل حقيقي لشخص حدث له مكروه من جراء هذا الفعل الخاطئ؛ وذلك لضمان عدم الوصول للحلقة المفرغة من العناد والأوامر غير المطاعة والعنف..الخ، وبهذا فأنت تسحبه مما تخافه بهدوء ثم توضح له في هدوء أيضا وبشكل قاطع خطورة الأمر دون الوقوع في مواجهات تؤدي حتما للعند.
• يعد أسلوب حكايات قبل النوم من أفضل طرق التوجيه غير المباشر للأطفال، فمن خلال حواديت تستقيها الأم من أحداث اليوم تجعل لها أبطالا من طيور أو حيوانات أو أشخاص وتنسجها من أخطاء وتصرفات الطفل غير الصحيحة وتصرفاته الحسنة- التي تود تشجيعها وحفزه على الاستمرار فيها - خلال اليوم مع بعض الخيال مع الكثير من الحب نستطيع توجيه الطفل إلى ما يجب فعله وما لا يجب فعله مما سيظهر أثره في اليوم التالي.
وأؤكد في نهاية حديثي أيها الأب الكريم أن دورك مع ولدك دور كبير؛ لأنه ذكر، والأبناء أكثر حبا لآبائهم والتصاقا بهم وتقليدا لهم من البنات فهم أكثر تقليدا له ولتصرفاته من الأم فهو بالنسبة لهم شريعة.. فما يفعله أو يقوله أو يتعامل به مع بعض المواقف هو بالنسبة لهم منهاج يسيرون على دربه، كما أن تعليماته التي تصلهم في غلاف من الحنان والحب والاحترام هي دستور يقيمون أنفسهم عليه ليشعروا برجولتهم وحبه لهم، مما يضع على عاتقك مسئولية تشكيل رجل ذي بنية نفسية سليمة وقوية؛ لذا أقول لك حاول استثمار هذا الأمر مع طاقة ولدك التي وهبها الله إياها في تنمية قدرته على الإنجاز والابتكار والعمل.
الأب الكريم.. بارك الله لك في عبد القادر وأخته ومن سيأتي بعدهما من أبناء، ونأمل أن نتلقى عنهم وعن الأسرة أخبارا سعيدة في أقرب فرصة.
ـــــــــــــ(103/165)
مشاكل الإدراك.. رجاء الاكتشاف المبكر ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. المشكلة ليست خاصة بي، ولكن بشقيقتي الصغرى -14 سنة- التي تدل تصرفاتها على صغر عمرها العقلي بالنسبة لعمرها الزمني، هي الآن في الصف الثامن الأساسي، درجاتها في المدرسة متدنية جدا، حاولنا جاهدين معها لتدريسها حيث هي الأخت الصغرى (نحن عائلة مكونة من 7 بنات وأخوين، جميعنا أنهينا الدراسة الجامعية). بالنسبة لها أملنا الوحيد أن تنهي المرحلة الأساسية.
كانت في الصغر مثالا للنظافة والذكاء، أما الآن فإن همها الوحيد هو اللعب، وليس مع من في مثل جيلها بل الأصغر منها بكثير! لا ندري كيفية التصرف معها، وقد حاولنا جهدنا معها. أرجو مساعدتي في كيفية فهم المشكلة الخاصة بها. نسيت أن أذكر أننا عندما نقوم بتدريسها نقوم بذلك لساعات دون أن نصل إلى نتيجة معها، وشكرا لكم. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة، شكر الله لك اهتمامك بأختك، ولو أنني أعتقد أنه جاء متأخرا.. فقد استغربت أنكم لم تلاحظوا على أختكم تأخر قدراتها إلا في هذه المرحلة -أي بعد أن وصلت إلى الصف الثامن- إذ إن معظم الأطفال الذين لديهم مشاكل دراسية أو إدراكية تبدأ بالظهور مبكرا، وعلى أبعد تقدير في الصف الثاني الأساسي.
على كل حال ما ينبغي عمله -وهذا ما نتمناه على كل الأهالي- هو التوجه لاستشاره إخصائي تربية خاصة وصعوبات تعلم وتخاطب (نطق ولغة) بمجرد الشك بوجود مشكله لدى أي طفل أو تأخر عن أقرانه أو ما هو متوقع منه.
وذلك حتى يقوم الإخصائيون بإجراء تقييم شامل لقدرات الطفل، وتحديد برنامج التدريب المناسب له حسب قدراته العقلية والإدراكية والدراسية؛ إذ إن الاستمرار في التشديد على الطفل في موضوع الدراسة بشكل يفوق قدراته يسبب الإحباط وفقد الثقة بالنفس للطفل، وكذلك الأهل؛ مما يؤدي إلى العديد من المشاكل السلوكية؛ ومن ثم الاجتماعية، مثل الانسحاب الاجتماعي والاكتئاب أو العدوانية، وإذا دخل الطفل مرحلة المراهقة يزداد الأمر سوءا؛ حيث تظهر مشاكل كثيرة، مثل الهروب من المدرسة أو البيت، والتعرض للأذى الجسدي والنفسي، وغيرها الكثير مما لا يسمح المجال هنا بذكره.
إذن المهم هو التشخيص المناسب للطفل؛ ومن ثم تقديم خدمات تناسب قدراته. وفهم قدرات الطفل يجعل توقعات الأهل أكثر منطقية، وبالتالي الجهد المبذول مع الطفل أكثر فائدة.
وفقكم الله للحصول على التشخيص المناسب، ونرجو موافاتنا بالتطورات.
ـــــــــــــ(103/166)
العصفور الوحيد.. متى يغادر العش؟ ... العنوان
أنا أم عاملة، ولي ابن يبلغ من العمر سنة وشهرين، يذهب إلى الحضانة من عمر ستة أشهر. مشكلتي أنه مرتبط بي إلى أقصى درجة، ويكاد لا يذهب إلى أي أحد حتى والده. وفي الحضانة دائمًا يبكي عندما أتركه، ثم يتمسك بمدرِّسته كما يفعل معي تماما إلى أن أحضر.
أتركه من التاسعة صباحا إلى الرابعة مساء ما عدا يومي الجمعة والسبت، أنا أسكن بعيدا عن أسرتي.. فلا يراهم إلا مرة واحدة أسبوعيا.
هو طبيعي جدًّا، ولكن مشكلته الوحيدة أنه يهاب الناس، وملتصق بي جدا (مش عشري).. هل يوجد حل لتغيير طبيعته؛ حيث إن التصاقه بي وعدم تجاوبه مع الناس حتى الجدود يسبب لي الحزن، مع عدم القدرة على الحركة وعمل شيء براحتي؛ فدائما أحمل همه؟ ماذا أنا فاعلة معه؟ وأين سأتركه؟ ... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الصغيرة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ربما يكون لك العذر؛ لأنك تجربين الأمومة لأول مرة، إضافة إلى طبيعة عملك التي لا تتيح لك الاستعانة بمن حولك من أقارب أو أصدقاء لديهم خبرة في تربية الأولاد ليُسْدُوا إليك النصح والإرشاد، أو يقدموا لك العون في رعاية الصغير.
يا سيدتي.. إن الطفل مثل العصفور الصغير أو الزهور الرقيقة يحتاج إلى العناية والرعاية.. لا تتخيلي أن الطفل بمجرد أن يولد فهو كيان منفصل يمكنه الاعتماد على نفسه.. إن الإسلام جعل رضاعة الطفل عامين كاملين حتى يظل الطفل في حضن أمه ينهل من حبها وحنانها لمدة عامين؛ لأن الرضاعة تتيح للطفل هذه الاستمرارية في العلاقة اللصيقة مع الأم.. وهذا القرب من الأم ورعايتها له وحنانها وحبها الضمان الوحيد لنشأة إنسان سوي نفسيا، عنده ثقة بنفسه، وعنده قدرة على التعامل مع المجتمع.. فأحيانا نجد في الناس من يقول: إن الطفل إذا لم يذهب للحضانة مبكرا يصبح انطوائيًّا وغير اجتماعي، ويخاف من الناس.
الواقع أن هذا خطأ تماما؛ لأن ذهاب الطفل إلى الحضانة في سن صغيرة جدا قبل نضجه النفسي والاجتماعي يجعله أكثر خوفا من الناس وأكثر انطوائية، ويجعل شخصيته مهزوزة وثقته بنفسه ضعيفة، وهو ما يُعرف بـ"Separation- anxiety"، أو الخوف من الانفصال عن الأم؛ وذلك أن غياب الأم عن الطفل لساعات طويلة وهو في سن صغيرة يجعل عنده شعورًا دائمًا بالخوف من أن تتركه، والقلق من بعده عنها.. وعندما يراها يكون أكثر تمسكا بها ويتعلق بها تعلقا شديدا.. فلا يريد أن تغيب عن نظره، أو تنشغل بغيره؛ وذلك خوفا من أن تتركه ثانيا.
وهذه الحالة من القلق والخوف تؤثر بشدة في نفسية الطفل، ولا تساعده على التفاعل مع الآخرين والتعامل معهم بثقة؛ ولذلك فنحن لا ننصح أبدا بذهاب الطفل للحضانة قبل 3 سنوات حتى يكون قد أخذ كفايته من رعاية أمه وحنانها، وتصبح عنده القدرة على التعامل مع الآخرين.
ولذلك فان الحالة التي يعاني منها ابنك طبيعية جدا، مع الأخذ في الاعتبار أن الطفل في سنيه الأولى أصلا يكون شديد الالتصاق بأمه، وعادة يهاب من الذهاب للآخرين، خاصة لو كان لا يتعامل معهم كثيرا أو يراهم باستمرار، ولكن ذهاب ابنك للحضانة مبكرا وعدم وجود أجداده بالقرب منه زاد من حالة الالتصاق بك وعدم التجاوب مع الناس.
إذا كنت تسألينني عن حل؛ فأجدني أقول لك: خذي إجازة من عملك حتى يبلغ ابنك عامين، واجلسي معه، وأعطيه الحب والحنان والرعاية التي يحتاجها، واستمتعي أنت بأمومتك له.. ولكن إذا كان هذا مستحيلا.. فحاولي أن تزيدي من عدد مرات ذهابك إلى والديك.. واحرصي عندما تعودين من العمل أن يكون وقتك كله له.. تتكلمين معه وتغنين وتلعبين معه، وتأخذينه في نزهات إلى النادي أو إلى الحدائق حتى يرى الناس ويتعامل معهم، ولكن وأنت بجانبه حتى يشعر بالأمان والثقة، وحتى تكتسب شخصيته قوة.. ولا بد من إشراك والده إشراكا كاملا في تربيته واللعب معه.. وبارك الله لكما فيه.
ـــــــــــــ(103/167)
"معًا" والله العظيم "معًا" ... العنوان
أحبتي في الله وددت أن أشكركم وأعبّر لكم عن امتناني لبابكم، فلقد استفدت منه كثيرًا ووجدت أني أريد أن أقول لكم جزاكم الله خيرًا، فكلما احتجت إلى استشارة أدخل فأجد ما يقاربها ويفسّر لي ما كنت قلقة بشأنه.
وإتمامًا لعرفاني بجميلكم وددت أن أخبركم بأن "عمّورة" حبيبي ولله الحمد ينام الآن في حجرته، وإذا استيقظ ليلاً فإنه يأتي لينام معي، ولقد بدأت كما تفضلتم بتزيين حجرته والمكوث معه فيها نهارًا، ثم النوم فيها نهارًا حتى أحبها ، كما اطمأننت إلى أنه يستطيع أن ينزل من على سريره بمفرده، حتى يأتي إليّ والحمد لله كان هذا منذ فترة.
كما أنه تعود على قضاء حاجته بالحب والتشجيع والمكافأة ، ثم عدم لبس الحفاظة نهارًا ثم ليلاً، وهو بفضل الله اجتماعي إلى حد معقول بالنسبة لسنه، فلقد تعلمت منكم وبخبرتي المتواضعة - أن الطفل يجب التعامل معه بالهدوء واللين ، كما أنه يتأثر جدًّا لتوتر الأم وعصبيتها.ففي فترة كنت أمر بظرف صعبة ولم أستطع التعامل معه بهدوء.. لاحظت عصبيته الشديدة ورميه لكل ما يقع في يده، لكن الحمد لله أدركت أن العيب يكمن في تعاملي معه وبالفعل عندما عالجت هذا الأمر اختفت تلك العصبية.
أرجو من كل أم أن تقترب من طفلها ، ولكن لتتركه كذلك يعتمد على نفسه أكثر ، ولا تبالغ في خوفها عليه فيفقد الكثير من مهارات التعامل مع الآخرين ، وشدة التصاقه بها قد تؤثر عليه سلبيًّا حينما تضطره الحياة للابتعاد عنها، فلتكسبه هذه المهارة وهو لا يزال يتمتع بدفء حضنها.
أكرّر شكري فجزاكم الله خير الجزاء.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة/
ما أسعدنا عندما تصلنا مشاركة أو قصة نجاح من إحدى الزائرات .. إنه -بالنسبة لنا هنا- أثمن وأغلى من شهادات التقدير وكلمات الشكر والعرفان. بارك الله لك في "عمورة" الحبيب وأنبته نباتًا حسنًا، وجعله قرة عين الدنيا والآخرة.
ولأننا فعلاً نقدر كل المشاركات وقصص النجاح التي تصلنا فسوف نرد على رسالتك بشيء من "الدردشة" علّها تكون مفيدة؛ لأن كلامي سوف ينصب على أمر أراه في هذه المرحلة غاية في الأهمية.
أختي الحبيبة.. أشكر لك أن أتحت لنا هذه الفرصة الذهبية لنبوح بما في صدورنا. الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات فقد استطعت أن أمرّ أنا أيضًا ببعض مشاكل ابنتي التربوية عن طريق الإنترنت.. كان هذا في أواخر عقد التسعينيات. قبل إطلاق "إسلام أون لاين.نت" كنت أعاني من مشكلة "عدم إحساس ابنتي بالاكتفاء" هكذا أسمي المشكلة التي يسميها الآخرون مشكلة "السرقة"، وكان عمرها 5 سنوات. كدت أجن؛ لأنها كانت تأخذ الأشياء من الجيران والأقارب وحتى المحال.
كدت أجنّ فعلاً حتى منّ الله عليّ بالتواصل عبر الإنترنت مع طبيبة أطفال في الولايات المتحدة، تراسلنا أكثر من مرة. ساعدتني كثيرًا في فهم المشكلة والبدء في الأخذ بأسباب العلاج.
الحمد لله رب العالمين مرت المشكلة وبقيت الفكرة عالقة في الذهن، والهم لا يفارقني. أنا الحمد لله وجدت ضالتي لمعرفتي باللغة الإنجليزية وعلاقتي القديمة بالطبيبة الأمريكية، ولكن ماذا "عنا" بعد ذلك، نحن الأمهات في مشارق عالمنا العربي والإسلامي نعاني من مشاكل لا حصر لها وليس هناك من معين.. اللهم إلا نصيحة هنا، كلمة طيبة هناك ... فالاهتمام بالجانب التربوي في عالمنا العربي يئن تحت وطأة مناهج الأكاديميين العتيقة وأسلوب تناولهم النظري للأمور، وتحت تحديات جارفة كالفيضان من إعلام وثقافة تغريبية وافدة، ومدارس أسقطت همّ التربية من قائمة أولوياتها للتفرغ لمهمة حشو العقول بما هو معقول وغير معقول.
الحمد لله رب العالمين الذي وفقني لأن أشاهد انطلاق هذه الخدمة بعد أن كانت مجرد فكرة وتخطيط وتصميم على ورق.
لماذا أسرد لك هذه التجربة؟
حتى أقول لجميع زوارنا وقرائنا: إن كلاًّ منا عليه دور آن الأوان أن يقوم به.. لماذا تبخلون علينا بتجاربكم الحياتية الناجحة فيستفيد الباقون؟
لماذا لا تشاركوننا بالآراء وحتى النقد، فوالله نحن نتقبله؟
لماذا لا تتواصلون معنا بالمتابعات والتعليقات؟
لماذا لا تساعدوننا بمدنا بأخباركم وأخبار أهم الفاعليات التربوية في دولكم، فقد نستطيع متابعتها وتغطيتها عن طريق مراسلينا، أو تصبحون أنتم مراسلونا في دول العالم كله.
الإنترنت قرّب فيما بيننا المسافات وأزال كافة الفوارق، فلماذا هذا الانقطاع إلا من تساؤلات ومشكلات؟
نحن نرحب بها وننتظرها، ولكن أليس خدمتنا اسمها "معًا نربي أبناءنا"؟ "ومعًا" تفيد تلاقي أكثر من طرف في عمل مشترك.
نحن في انتظار تفاعلكم معنا وتواصلكم معنا، فربّ موقف تربوي صغير تحكيه أم من إندونيسيا تستفيد منه أمهات في المغرب، ورب متابعة لندوة ثقافية تربوية في لندن تكون كلماتها، إذا أرسلت إلينا، نبراسًا لمعلمة في أقاصي اليمن.
وفي النهاية شكرًا لك، وأهلاً بك.
وما زلنا في انتظار طرف المعادلة الثاني في كلمة "معًا".
ـــــــــــــ(103/168)
مغامرات سنة ثانية حياة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أودّ أن أشكر لكم جهودكم المبذولة في مساعدتنا على تربية النشء الصالح؛ فجزاكم الله عنا كل خير أيها السادة الكرام، أتمنى ألا يطول انتظاري.. أنا أم لطفل يبلغ سنة ونصفًا، وقد بدأت مغامراته في الازدياد؛ فتارة يتعلق بيديه على كرسي المطبخ العالي، وتارة يجلس على الطاولة أو يقف أمام التلفاز.. أحاول ردعه بالحسنى والكلمة اللطيفة، إلا أنه أحيانًا لا يأبه وأخاف أن أزجره؛ لأنه يتعاند أحيانًا.. فكيف السبيل؟ وهو أيضًا لا يزال على الرضاعة الطبيعية، وأشعر أنه يتعلق بي يومًا بعد يوم بازدياد.. فكيف يمكن فطامه؟ مع العلم أن أسنانه لم تكتمل بعد.. فهل من الأفضل الانتظار أم أنه لا بأس بفطامه الآن؟؟ وشكرًا لكم. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم محمد، وجزاك الله خيرًا على ثنائك ودعائك، ونأمل أن يجعلنا الله له أهلاً، ونعتذر لك يا أختنا عن التأخير؛ فهو لظروف خارجة عن إرادتنا، ونأمل أن تشفع الإجابة عن التأخير.
وأبدأ حديثي معك بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: "عراقة الصبي في صغره زيادة في عقله عند كبره"؛ فالحركة والانطلاق وما نطلق عليه "شقاوة الأطفال" كل هذا من علامات الذكاء -إن شاء الله- ودلالات النباهة.
ومن الطبيعي جدًّا وجود فروق فردية بين الأطفال؛ فقد يختلف الصبيان عن البنات في زيادة طاقاتهم عنهن، وكذلك زيادة جرأتهم ورغبتهم في الاكتشاف والتعرف على كل ما حولهم، وكذلك قد يختلف الأشقاء عن بعضهم البعض في أمور عديدة. وهو ما ينبغي أن يوضع في أذهاننا حال التعامل مع الأبناء لإحسان استثمار طاقاتهم وإمكاناتهم المتنوعة والمختلفة، وتوجيهها الاتجاه الصحيح وتجنب إهدارها.
وطفلك محمد ما زال عمره سنة ونصفًا، وهو ما يجعلني أبدأ حديثي معك بالحديث عن بعض خصائص مرحلته العمرية ذات العلاقة بأسئلتك:
1 - طفلك محمد ما زالت استجابته لتوجيهاتك في حدود إمكاناته الصغيرة، أما محاولات "ردعه" كما تذكرين فهي أمر ربما يكون مستبعدًا؛ فهو ما زال لا يرتدع كما تأملين، ويبدو أنك تتوسمين فيه شابًّا يافعًا في سن العام والنصف، وندعو الله عز وجل أن يحقق لك فيه كل ما تأملين، لكن كل شيء في حينه.
2 - محمد في هذه السن لا يستطيع أن يكوّن جملة أو يستوعب جملة أكثر من ثلاث كلمات (كحد أقصى) -وللاستزادة عن مراحل التطور اللغوي للأطفال سأورد لك في نهاية الاستشارة استشارة سابقة عن هذا الموضوع- وذلك برغم وجود حصيلة لغوية لديه من كلمات منفصلة؛ لذا يجب أن يكون الأمر لمن في مثل سن ابنك (سنة ونصف) في جمل قصيرة لا تزيد عن ثلاث كلمات، وبنبرة صوت واضحة تعلو قليلاً على المعدل الطبيعي المعتاد في معاملات اليوم، وعدم استجابته أو كونه أحيانًا لا يأبه أمر متوقع وطبيعي؛ فهو لا يستطيع أن يدرك ما الخطورة في أن يعبث بما يحب أو يكتشف ما يريد أو لعب لعبة يحبها.
ثم ننتقل معًا إلى ما يجب عليك فعله حيال هذا المكتشف الصغير:
1- محاولة امتصاص طاقته قدر المستطاع فيما يفيده ولا يشكل له خطورة؛ وذلك عن طريق توفير لعبة مثلاً داخل البيت يجري خلفها، أو كرة السرعة مثلاً التي يظل يحركها طيلة الوقت دون أن يؤذي نفسه أو شيئًا حوله، أو كرة سلة صغيرة بحيث يظل يحاول إدخال الكرة في السلة وينجح تارة فتصفقين له، ويخفق تارة فتعلمينه وتشجعينه... أو غير ذلك من أفكار داخل المنزل لاستنفاد طاقته قدر المستطاع، وسأورد لك في نهاية الاستشارة استشارات سابقة تفيدك في الحصول على ترشيحات للألعاب المناسبة لهذا العمر.
2- كما يجب أن توفّري له ما يقوم بتدميره وتكسيره لامتصاص هذه الطاقة لديه.. ولا أقصد التخريب بالمعنى المعروف، بل أقصد أن توفِّري له أشياء آمنة غير مؤذية يمارس فيها ما يهوى من فك أو حتى تكسير؛ فبدلاً من عبثه بمقتنياتك الزجاجية أو الخزفية القابلة للكسر يمكن أن يقوم بقذف ورمي والعبث ببدائل بلاستيكية لها مثلاً.
3 - من الممكن توجيه نشاطه خارج المنزل أيضًا بإلحاقه بحضانة مضمونة وجيدة يستطيع فيها استنفاد طاقته في اللعب مع الأطفال من سنه، وأداء نشاطات مختلفة ومتنوعة وممتعة، وذلك بشكل تدريجي في عدد معين من الساعات يزيد تدريجيًّا حتى يعتاد الأمر دون أن يشعر بقلق أو وحشة أو غربة، بل يشعر أن هذا الأمر نوع من المتعة والترفيه تكافئينه به ليلعب ويستمتع بوقته بعيدًا عن الجدران. ولعله يعود للبيت في حاجة إلى الراحة بعد يوم من النشاط والانطلاق لتستقبليه باشتياق واحتضان وترحاب؛ فيهدئ ذلك من شقاوة تصرفاته داخل المنزل.
ولاختيار الحضانة الجيدة ستجدين رابطًا في نهاية الاستشارة بمقال سبق نشره على الموقع عن كيفية اختيار الحضانة المناسبة، فضلاً عن بعض الاستشارات السابقة عن الحضانة، وكيفية تأهيل الطفل للالتحاق بها والاستفادة منها.
4 - استمري على أسلوبك في عدم زجره (وأخاف أن أزجره) فإن لك الحق كل الحق أن تخافي من هذا الزجر؛ فكل ما يصدر عن الأم في هذه السن الحرجة للطفل يرسم خطًّا في اللوحة البيضاء الأبدية لدى الطفل التي تسمى لوحة الذات؛ فكل حركة أو تعليق أو لوم أو تأفف أو لفظ له يكون في منتهى الخطورة.
فصورة ذات الطفل تتشكل من خلال مرآة الأم، وبعدما يتخطى السنوات الثلاث الأولى في أمان تكون لديه القدرة على أن ينطلق في علاقة ثلاثية مع الأب والأم معًا، طالما نجحت معه في أن يجتاز هذه المرحلة بأمان، ولا تنسي أن حبنا لأبنائنا الذين نرغب أن يكونوا سعداء وأسوياء طيلة العمر حب غير مشروط؛ فنحن لا نحب أبناءنا لأنهم مطيعون أو مريحون أو لا يخطئون، بل نحبهم لأنهم أبناؤنا، وهذا يكفي، وهذا ما يجب أن يصل إلى قلوبهم.
5 - طريقة "الضرب المائل" أو "الكرة المائلة".. هي من أفضل الطرق للتوجيه في هذه السن، ولشرحها نطبقها على موقف نتخيله معًا: "نتخيل أن محمد قد ذهب ليضع إصبعه في الكهرباء.. حينئذ هو مقبل على خطر محقق.. ماذا تفعلين؟
لا تصرخي، ولا تنهريه، ولا تزجريه، وإنما قولي له بحماس شديد: ما رأيك في هذه اللعبة أو في الآيس كريم؟ أو نجري معًا... أو أي شيء تلهينه به عما يفعل، وتجذبين به انتباهه بعيدًا عما ينتوي فعله، ثم في أقرب جلسة فيما بعد مع الأب مثلاً تتكلمين أمامه عن خطورة هذا الفعل، وأن من يفعله قد يموت أو يمرض أو يتألم ألمًا شديدًا.. كما يمكن دعم هذا الأمر ببعض الحكايات السهلة؛ لتأكيد الفكرة وعدم الوصول للحلقة المفرغة من العناد والأوامر غير المطاعة والعنف.. إلخ، وبهذا فأنت تسحبينه مما تخافينه بهدوء، ثم توضحين له في هدوء أيضًا وبشكل قاطع خطورة الأمر دون الوقوع في مواجهات تؤدي حتما للعناد.
وأعود فأؤكد أنه ليس عيبًا في ولدك أن لديه رصيدًا عاليًا من الطاقة والانطلاق، لكن العيب أن تهدري هذه الطاقة أو تحاولي كبتها أو تمنعيه من استغلالها، بل يجب عليك أن تسمحي لها بالانطلاق والانتشار معك وبعيدًا عنك أحيانًا، فأنت لن تكوني سعيدة بالتصاقه بك وخسرانه لجرأته وإيجابيته، (وإن تعلق بك يومًا بعد يوم بازدياد)، وإذا كانت نصيحتنا لكل أم إزاء ابنتها هي الاحتضان والالتصاق؛ فنصيحتنا لكل أم إزاء ولدها أن تمنحه الانطلاق بلا حدود.. فلا مآخذ على لعبه أو انطلاقته إطلاقًا.
ثم ننتقل لنقطة الفطام التي سبق الحديث عنها في استشارات سابقة سأوردها لك في نهاية الاستشارة؛ فيمكنك الاطلاع عليها، وما سأركز كلامي معك بشأن الأمر هو نقاط محددة:
1 - إذا رفض الطفل الفطام فامنحيه سنتين كاملتين؛ فالرضاعة تقوية للطفل جسديًّا ونفسيًّا.
2 - مرحلة الفطام مرحلة دقيقة يجب التعامل معها بكل حذر؛ تحاشيًا لأي مشاكل قد تحدث نتيجة للتعامل الخاطئ في هذه المرحلة؛ فالفطام الآمن من المشاكل الذي يتم برحمة وحب يمنح الابن الاطمئنان والاستقرار في مرحلة رشده، فالفصل بين الأم وابنها في هذه المرحلة أمر حاسم.
3 - من المفترض أن الطفل لا يرضع في هذه السن (1.5) للجوع؛ فمن الطبيعي والمؤكد أنه يأكل طعامًا كافيًا ومشبعًا، وأن الرضاعة هي -في سنه الحالي- للاستئناس بالأم، والشعور بحنانها والاطمئنان بين أحضانها، وبحرارة أنفاسها ونظراتها التي تمنحه الأمان والتدليل، وبالتالي فالفطام ليس هو منع الرضاعة، بل إدخال أغذية بجانب الرضاعة، ثم زيادتها تدريجيًّا لتحل محل الرضاعة؛ فتغني الطفل عنها تدريجيًّا.
أختي الفاضلة.. أسأل الله -عز وجل- أن تكون الإجابة قد وفرت لك المعلومات اللازمة عن كل ما طلبت الاستزادة بشأنه.. وفي انتظار سماع أخبارك السعيدة وأخبار محمد.. أقر الله تعالى به عينيك، وأختم حديثي معك بقول شوقي عن حب الأم: "حب الأم أشهر وسنون، وبنات وبنون، وأشغال وشئون، ويبقى مع الثكل، ويتقد عند حشرجة الصدور، ولا ينطفئ إلا بانطفاء القلب".
ـــــــــــــ(103/169)
عدم الطلاقة.. العلاج قائم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابني يتلعثم في الكلام وهو ابن خمس عشرة سنة، ولا أدري كيف أعالج هذا التلعثم، خاصة أنه يتكلم بسرعة ولا يكاد يفهم كلامه، أرجو أن تخبروني كيف أعالج هذه المشكلة، هل هناك طبيب خاص لمثل حالات ابني؟ وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. رغم أنني أعتقد أنكم تأخرتم في محاولة الوصول إلى حل لمشكلة ابنكم العزيز؛ إذ إنه كان من الممكن اكتشاف المشكلة منذ سن 5 سنوات، والتنبه إلى أنها ليست عدم طلاقة، بل مشكلة حقيقية (انظري الاستشارات السابقة حول الفرق بين عدم الطلاقة والتأتأة الحقيقية)، فإن الحل إن شاء الله تعالى ليس مستحيلاً، ولا أقول ذلك تقريعًا لكم لا سمح الله، بل هو تذكير لجميع الأهل بعدم التساهل في حال ظهور أية مظاهر لوجود مشاكل في مهارات النطق واللغة والصوت والطلاقة واللجوء إلى استشارة اختصاصي نطق ولغة.
عزيزتي.. بما أن المشكلة موجودة عند ابنك العزيز منذ الصغر فهي غالبًا عدم طلاقة، بل مشكلة حقيقية ( إذ إنها لو ظهرت فجأة لكنا توجهنا إلى أنها تأتأة نفسية ). والحل هو مراجعة اختصاصي نطق ولغة أو تخاطب كما يسمونهم في مصر، وأعتقد أنهم يقدمون خدماتهم في المستشفيات أو عيادات التخاطب، علمًا بأن التدريب يحتاج إلى وقت وصبر، وعدم استعجال النتائج، وعدم انقطاع التدريب، بل الصبر حتى نهايته ليظهر لكم التقدم الحقيقي، كما أن الاختصاصي سوف يقدم لكم برنامجًا مساعدًا في البيت والمدرسة لتحقيق أفضل النتائج.
ـــــــــــــ(103/170)
خائفة على ابنتي من والدها ... العنوان
أنا في الشهر التاسع لطفلي الأول، وخائفة على تربية ابنتي من قبل والدها، فهو متزوج بأخرى وله ابن وبنت ولا يعجبني طريقة تربيته، فهو غير حريص على ما يتفوه به أمامهم، وأيضًا ينفّذ جميع طلباته بعد إصرار منهم، فهو طيب القلب ولا يستطيع قول لا، ويتصرف تصرفات لا أحب أن تتعلمها ابنتي كعدم أكل الأكل الذي في الصحن كله على سبيل المثال وغيره من الأمور.
فبماذا تنصحني.. هل أقوم أنا بتربيتها بمفردي، وأخبرها أن ما يفعله أبوها خطأ وعيب، ولكن صورته بذلك سوف تهتز أمامها، أم أقلل وقت جلوسها معه؟ مع العلم أن زوجته الأولى دائمًا تنبهه بأخطائه، وليس هناك جدوى. وفي نفس الوقت لم يرفض لي طلبًا فإذا طلبت أن يفعل شيئًا يفعله، فبماذا تنصحونني؟ ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا أم سارة.. مرحبًا بك وباستشارتك.. أتعجب أحيانًا من أننا نتعامل مع العلاقات الإنسانية كما لو كانت آلات ميكانيكية يمكننا التحكم فيها.
إن الطفل هو قطعة من والديه.. هو مرآة لهما.. جزء منهما.. فأصله هو جزء من الأم وجزء من الأب، ثم يكمل باقي أجزاء جسمه في رحم أمه لمدة 9 أشهر، ثم يقضي بقية حياته يتعلم منهما ويتمثل شخصيهما وتصرفاتهما، فكيف يمكن أن تفصلي بين ابنتك ووالدها؟
كيف تريدين تربيتها بمفردك.. إنه والدها.. مثلها الأعلى.
إن كل بنت يكون والدها هو مثلها الأعلى.. إذا كنت لا ترضين عن أي من تصرفاته فلماذا تزوجته وارتضيته أصلاً أبًا لأبنائك؟!
خاصة إنه مع كبر الأبناء في السن وتفهمهم للحياة، سيكون عدم رضاك عن أسلوب والدهم واضحًا لهم، وهو ما يسبب لهم تشتتًا شديدًا؛ لأنه في النهاية والدهم وسيحبونه مهما كانت تصرفاته.
وليس الحل في أن تفصلي بينه وبين أبنائه وتربيهم بمفردك؛ لأنهم في الواقع يحتاجون لأب وأم.
وكيف تتخيلين أن تقولي لابنتك إن تصرفات والدها خطأ.. فكيف ستحترم أو تسمع كلامه بعد ذلك.. كيف نهدم عندها نموذج الأب؟!..
يا سيدتي.. إن عملية تربية الأبناء هي عملية حيوية جدًّا يشترك فيها الأب والأم والأبناء، ويتفاعلون معًا ليكون عندنا في النهاية أسرة واحدة.
ولذلك عليك أن تكثري من المناقشة مع والدها بأسلوب هادئ جدًّا ورقيق حول تربية ابنتكما والوسائل التي ستتبعانها، واجعلي حديثك من منطلق الحرص على ابنتك وحسن تربيتها، وليس من منطلق مهاجمته هو شخصيًّا، ولو أن تقولي له إنك تقرئين في كتب عن تربية الأولاد، واقرئي فعلاً كثيرًا في هذا الموضوع، وحاولي نقل ما تقرئين له، وحاولا أن تنفذا معًا ما تتفقان عليه بحيث تكوِّنين عنده أصلاً رؤية لما تريدان أن تربيا ابنتكما عليه. ويتكون عنده أصلاً حرص على أهمية تربية أبنائه تربية صحيحة، فتصبح النصيحة منك مقبولة بأنه أمام الأبناء لا يتصرف هذه التصرفات.. من منطلق الحب والحرص على الأبناء، وليس من أي منطلق آخر، وثقي أنه كلما كان أسلوبك رقيقًا ودبلوماسيًّا كانت استجابته عالية.
ثم إنك يا سيدتي أنت المتواجدة مع ابنتك طوال الوقت، فهو بحكم أنه متزوج من أخرى فإن ساعات تواجده معكم بالطبع قليلة، فأنت الأصل وأنت التي ستربين ابنتك كما تريدين، فاغرسي فيها كل العادات التي تريدينها، ولكن إياك أن تحاولي أن تفصلي بينها وبين أبيها أو تقللي وقت تواجده معها، بل العكس أثيري حماسه لأن تكون هذه الأوقات التي يقضيها معها هي فرصة ليغرس فيها الفضائل والصفات الطيبة، وتناقشا دائمًا حول تربيتها والمشاكل التي تصادفك معها، وهكذا...
ثقي يا سيدتي أنك بهذه الطريقة تستطيعين أن تغيري الكثير من سلوكياته على الأقل عندك أنت في البيت، ثم ارضي عن باقي تصرفاته؛ لأنه في النهاية زوجك وأبو أبنائك، وأرجو لك التوفيق.
ـــــــــــــ(103/171)
عصبية وأصرخ في أطفالي.. ماذا أفعل؟ ... العنوان
عندي طفلان مريم أربع سنوات وعمر سنة وشهران.. أنا بطبعي عصبية وأحب زوجي كثيرًا وهو أيضًا، ولكن بيننا بعض الاختلافات في الطباع؛ مما يؤدي إلى كثير من المشاجرات فتزيد عصبيتي، ولكي أقلل من المشاجرات أصمت فأكون مضغوطة، فلا أجد أمامي سوى مريم فأجد نفسي أصرخ فيها كثيرًا وأحيانًا أضربها، ولكني بعد ذلك أندم بشدة وأبكي، فلا أستطيع أن أسيطر على تصرفاتي معها، فأنا خائفة.
إن أسلوبي معها يؤثر على شخصيتها، مع العلم أني في العادي ألعب معها، ومع ابني كثيرًا، وأدللهم كثيرًا، وأقول لابنتي إنها أجمل بنوتة في العالم، وأيضًا لأن شعرها ليس ناعمًا وتشعر بذلك؛ لأنها تجد فرقا بين شعرها وشعري أو أي واحدة في التلفزيون، فأحاول أن أبدد ذلك بذكر محاسنها وحلاوة شعرها.
وأحب أن أسأل أيضًا في أني أجدها تكلم نفسها كثيرًا كأنها تلعب مع أحد أو كأنها تكلم أحدًا في التليفون، وتكرّر كلامي مع إحدى صاحباتي فهل هذا طبيعي؟ وأجدها أيضًا أثناء نومها تقوم وتبكي كثيرًا يكاد يكون يوميًّا، وأحيانًا قليلة لا، وأحيانًا تقوم وتصرخ بشدة حتى أني عندما أذهب إليها لأخذها في حضني لا تعرف أني أمها. فهل لهذا سبب؟ أو أنه شيء خطر أو عادي أحب أن تطمئنونني وتساعدونني في مشاكلي، فأنا لا أعرف أحد آخر لكي أستشيره، وشكرًا كثيرًا وأنتظر الرد، وأحب أن أكون صديقة دائمة لكم وشكرًا. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... اختي العزيزة أم مورو، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن أطفالنا هم أغلى ما نملك في الحياة وهم كل آمالنا.. وإذا
كانت تربيتنا لهم تحتاج منا أن نغيّر بعض عاداتنا وتصرفاتنا فإنهم يستحقون ذلك؛ لأننا أحيانًا نبذل أقصى ما نستطيع لنوفر لهم كل أسباب الراحة والسعادة، ثم نأتي بتصرف بسيط منا لنفسد كل ذلك.. يا سيدتي ربما ليس هذا مجال مناقشة مشاكلك مع زوجك، ولكن اسمحي لي بكلمة.. إذا كنتما تحبان بعضكما فماذا لا تتفقان على أسلوب للتعامل في المواقف التي تختلف فيها طباعكم (وهو أمر طبيعي لا يخلو منه بيت) لا يؤدي بك إلى الصمت والكبت والعصبية؛ لأنه في الواقع الأم الهادئة المطمئنة هي أساس استقرار البيت، ولكن استقرار الأطفال نفسيًّا هو انعكاس لاستقراركما أنتما معًا.
ولأن الحياة أقصر من أن نضيعها في المشاكل والضغوط النفسية، خاصة مع وجود قاعدة من الحب والتفاهم بينكما.. حاولي ذلك حتى لا يكون بابًا للمشاكل بينكما بعد ذلك.. حاولي..
والآن إلى مشكلة مريم.. الواقع أن الأسلوب الذي تتبعينه مع مريم يؤدي بها إلى حالة من عدم الاستقرار؛ لأن من أسوأ أساليب التعامل مع الأطفال هو الأسلوب المتردد أو المتذبذب. الذي يتأرجح في الحنان الشديد والحب واللعب معها والتدليل الشديد، وفجأة ينقلب إلى العصبية الشديدة والصراخ والضرب دون أن تدرك مريم السبب؛ لأن الواقع أن السبب عندك أنت لأنك مضغوطة وعصبية، ولكن ما يصل إلى مريم هي حالة التخبط والتردد هذه.. وهذا يؤدي إلى اضطراب المفاهيم عند الطفل فهو لا يعرف ما هو التصرف الصحيح، وما هو التصرف الخطأ.. فنفس التصرف يمكن أن تكافئيها عليه مرة وتضربيها عليه مرة.. وهذا يجعل الطفل في حالة من الاضطراب والقلق والترقب للثورة في أي لحظة، ويزيد من شعوره بالخوف وعدم الاستقرار، وهذا يتضح من استيقاظها في الليل تبكي وتصرخ؛ لأن كل ما اختزنته من خوف وضغط نفسي بالنهار يخرج ويعبّر عن نفسه أثناء النوم هذه أول مشكلة.
الثانية: إن مريم ستعتاد أسلوب الصراخ والعصبية كأسلوب لحل المشاكل وستجدينها بعد ذلك دائمًا عصبية وتصرخ لأقل مشكلة.
لا بد لك من التوقف فورًا عن هذا الأسلوب:
1 - حاولي أولاً حل مشاكلك مع زوجك بحيث لا تصلي لهذه المرحلة من الضغط النفسي.
2 - ذكري نفسك دائمًا بالأثر السيئ الذي يمكن أن تتركه عصبيتك على مريم.
3 - لا تستسلمي للصراخ والعصبية، أي لا تتمادي فيها حتى تصلي إلى الضرب، ولكن مع أول صرخة أوقفي نفسك، وقومي من الغرفة تمامًا.. اذهبي للوضوء مثلاً.. افعلي أي شيء لتوقفي حالة العصبية والصراخ.
4 - ضعي لمريم قواعد واضحة حتى تفهم ما هو الخطأ وما هو الصواب، واتفقي معها أنها ستعاقب فقط إذا أخطأت، والعقاب ليس بالضرب ولا الصراخ، ولكن بالمخاصمة أو تتجنبي الكلام معها لمدة 10 دقائق، أو تحرم من الحلوى، أو النزهة...
5 - اتخذي قرارًا صارمًا بعدم ضرب مريم، وعاقبي نفسك بشدة إذا تجاوزت ذلك.
6 - ذكّري نفسك بأن مريم طفلة صغيرة لا بد أن يكون لها بعض التجاوزات والأخطاء المقبولة فاسمحي لها بها...
وثقي أنك لو داومت على ذلك ستستطيعين التغلب على عصبيتك، وأما عن لعبها الخيالي والحديث في الهاتف فهو أمر طبيعي في هذه السن، فهو ينم عن نمو الخيال والإدراك لدى الطفل.
وملحوظة أخيرة بشأن موضوع شعر مريم.. إن الأطفال أذكياء جدًّا وهي تعلم أن شعرها ليس جميلاً؛ ولذلك قولك لها إن شعرها جميل يفقدها الثقة في كلامك، وبالتالي يقلل ثقتها في نفسها، ولكن كلميها عن باقي جوانب التميز في شكلها وشخصيتها، ولا تتحدثي مطلقًا عن شعرها.. أعطيها الثقة بنفسها في باقي الجوانب كلها دون كذب؛ لأنها تفهمك جدًّا.. وصدقك معها هو مفتاح صدقها بعد ذلك، وبارك الله لك في "موري وميرو".
ـــــــــــــ(103/172)
طفلة الثامنة وطفل السادسة يمارسان الجنس ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نشكر لكم جهودكم، ونتمنى لكم التوفيق، أتمنى أن تساعدوني في حل هذه المشكلة، وهي أن أختي شاهدت ابنة أختي(8سنوات) وهي تقوم بممارسات جنسية مع ابن عمتها الذي يبلغ من العمر 6 سنوات، وأقصد بأختي خالتها ولا أقصد أمها، فهددتها أختي بإخبار أمها، ولكنها انهارت بالبكاء، وكانت تردد: أنا لم أفعل شيئًا، وعندما ذهبت للحديث معها قالت لي: لا أرغب في الحديث عن أي شيء، ولم أفعل شيئًا.
فقلت لها: هل ارتكبت خطأ؟ فقالت: نعم، فقلت لها: هل تعلمين أن هذا الشيء يغضب الله، وأن من يفعل ذلك يدخل النار، فقالت: نعم، ثم أخذت تبكي، وتقول: "لا أحد يحبني.. كلكم تضربونني"، ثم قالت: "إنني خائفة أن يدخلني الله النار"، فأخبرتها أنها إذا لم تكرر ذلك فلن يدخلها الله النار.
المهم أنها وعدتني بعدم التكرار، ونحن وعدناها بعدم إخبار أمها.. فماذا نفعل؟ هل نخبر والدتها أم لا؟ وكيف نتصرف معها؟ وهل كنت مخطئة في حواري معها أم لا؟ وهناك بعض المعلومات التي أرى من الضروري إخباركم بها، وهي أنها تتابع العديد من المسلسلات، وعندما تنصحها أمها لا تبالي، وتنام مع إخوتها في غرفة واحدة؛ وذلك لأن أختي تعيش مع أهل زوجها، وهي تلعب كثيرًا مع الأولاد، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بالرغم من أننا شبعنا قولاً على هذه الصفحة بأن وصفنا لما يقوم به الأطفال من ممارسات أو أفعال أو سلوكيات تشبه أفعال الكبار الجنسية بـ"الممارسات الجنسية".. وصف خاطئ وغير صحيح، ويؤدي إلى التعامل مع الأمر بصورة غير صحيحة.. فإن صاحبة الرسالة لم تكتفِ بذلك، ولكنها لم تصف لنا هذه الممارسات أو شكلها أو نوعها حتى نستطيع الإجابة على باقي أسئلتها؛ لأن هذا التعميم في الوصف لا يجعلنا قادرين على التعامل مع المشكلة بوضوح.
لذا فنحن نحتاج إلى وصف تفصيلي لما أسميته في رسالتك "ممارسات جنسية"، وواضح في الرسالة هذا التأثر بهذا الوصف؛ حيث تتصور مرسلة الرسالة أن هذه الممارسات لها علاقة بلعبها مع الأولاد، ونومها مع إخوتها في غرفة واحدة؛ فهي تربط هذه الأمور ببعضها حتى تصبح الجريمة الجنسية مكتملة، ثم هي تسمع المسلسلات وتشاهدها ولا تستجيب للأم في رفضها لذلك.
والحقيقة أن ما يثير الانتباه في الرسالة أكثر من مسألة الممارسة الجنسية مع طفل السادسة.. هو شعور هذه الطفلة أن الجميع يضربونها، ولا أحد يحبها، وتصريحها بذلك؛ لأنه في النهاية ستكون هذه الممارسة الجنسية المزعومة هي نوع من السلوك السيئ الذي إذا أضفناه إلى رفض توجيهات الأم؛ فسنرى أننا أمام طفلة تشعر بالحرمان العاطفي، وتعبّر عنه بهذه السلوكيات السيئة.
هذه هي الحقيقة، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تحدث مع كثير من الأطفال الذين يتواجدون في بيت عائلة كبيرة؛ حيث يكثر التوجيه والنقد والضرب، بل والمجاملة؛ بمعنى أن الأم تجامل الآخرين على حساب طفلتها، فإذا ما أبدى أحدهم ملاحظة سارعت الأم بعقاب الطفلة؛ لأنها أحرجتها، وحتى لا تبدو الأم في صورة من لم يستطع تربية الطفلة.
بلّغوا الأم، ولكن بعد أن تفهموا أبعاد القضية الحقيقية من خلال إجابتنا؛ فلا توصلوا لها الأمر على أنه ممارسة جنسية كما تدعون وتصفون في رسالتكم، ولكن على أنها مشكلة حرمان عاطفي تشعر به الطفلة، ظهر في هذا السلوك الضار. ويكون الحوار معها ليس في عقابها أو في ستر الفضيحة التي سببتها، ولكن في كيفية إشعارها بالحنان، والحب، والدفء حتى يذهب عنها هذا الشعور بعدم الحب. وتتم متابعة ذكية بدون شعور الطفلة لعدم تكرار هذا السلوك منها، ولا تخبرها الأم بعلمها بهذا الأمر حتى تظل الثقة بينك وبينها قائمة، ويفضل أن تفصل في غرفة منفصلة ليس كرد فعل لهذا السلوك، ولكن لأن هذا هو التوجيه من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالفصل بينهم في المضاجع في هذه السن، وتوجه بهدوء للعب مع زميلاتها من البنات دون عقاب أو عصبية في التوجيه، ونرجو مراجعة مشاكلنا السابقة في هذا الأمر.
ـــــــــــــ(103/173)
هل الأطفال يسرقون؟! ... العنوان
السلام عليكم.. منذ عدة أيام لاحظت أن ابنتي ابنة السنوات السبع تسرق بعض النقود من المنزل، وهي نقود تعادل ثلاثة أضعاف مصروفها اليومي، علمًا بأنها متفوقة دراسيًّا، ونحن نحرص على تربيتها تربية إسلامية؛ فقمت بضربها بشدة وتوبيخها. وفي اليوم التالي قامت بنفس الفعلة، فقمت بالتحدث إليها، ونصحها، وتهديدها بمنعها من الذهاب إلى المدرسة، وإبلاغ مدرِّستها؛ لأنها تحب المدرِّسة كثيرًا، فبكت وتعهدت بعدم فعل ذلك ثانية، ولكنها عادت في اليوم التالي، وسرقت أضعاف المرات السابقة، علمًا بأن هذا السلوك جديد عليها.. فما الحل؟ ... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة وبركاته.
أخي الكريم، إن إطلاق وصف السرقة على ما يقوم به الأطفال من الحصول على أشياء لا تخصهم بما في ذلك النقود وصف غير صحيح؛ لأن السرقة تتم ممن يعرف حدود الملكية، ويعرف خطأ ما يقوم به من أنه اعتداء على خصوصية الغير، وهي أمور لا يدركها طفل السابعة.
إنها تعرف أن هناك شيئًا تريد أن تشتريه، وأن النقود التي تُعطى لها كمصروف لا تكفي، وأن الأب غاضب عندما تحصل على ذلك، سواء بأن يضربها أو يهددها بإبلاغ مدرستها، وهو لم يحاول أن يتفاهم معها في سبب حدوث ذلك، وفيما تفعل بالنقود التي تحصل عليها.
إن الأمر يسير لو تعاملنا معه بعيدًا عن مفهوم السرقة الذي يثير أعصابنا ويجعلنا نتفاعل مع طفلنا على أنه سارق يجب أن تقطع يده.. إنه طفل لا يستطيع التحكم في رغباته في الحصول على ما يريد، وهو ما زال لا يفهم حدود الملكية والخصوصية؛ لذلك يجب التفاهم معه بهدوء فيما يفعله بالنقود التي يحصل عليها.
فإذا كان للحصول على شيء أو حلويات يحبها فيجب التفاهم معه بأننا سنعطيه النقود التي يريدها لكي يحصل على ذلك، ولكن بشرط أن يستأذن وأننا غاضبون؛ لأنه لم يستأذن قبل الحصول على النقود، وأن ما يريد الحصول عليه نتفاهم أيضًا في ضرره ونفعه، أو في حصوله عليه يوميًّا، فيمكن توجيهه بهدوء لضرر تلك الحلوى مثلاً أو ضرورة أن تكون يوما بعد يوم.
ويكون ذلك مع مراعاة السبب الذي أدى إلى ارتباطه بهذا الشيء؛ لأنه في الغالب سيكون تقليدًا لأصحابه أو رغبة في مجاراتهم. المهم التعامل مع مسألة من منظور واسع يبحث في الأسباب ويفتش عنها بهدوء، ثم يتفاهم مع الطفل للوصول لحل لتخلصه من هذا السلوك السيئ كسلوك وليس كسرقة؛ لأن هذا يؤدي إلى اختلاف التعامل مع المسألة، ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/174)
تسريح بإحسان ... العنوان
أنا منفصلة عن زوجي الذي لم أعش معه سوى 6 أشهر، وقد أنجبت طفلي (عمره شهور) وأنا عند أهلي، والآن أنا أعيش عند أهلي منذ 6 أشهر، وقد تمّ الطلاق منذ 3 أسابيع وأبو الطفل لم يرَ ابنه حتى الآن؛ بسبب إصرار أهلي ألا يدخل بيتنا، وأصروا أن تتم المشاهدة عن طريق المحكمة، وأنا خائفة على الطفل وأخاف على نفسيته أن تصبح مريضة.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لماذا نعتبر الطلاق هو إعلان للحرب تستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة.. لماذا لا نعتبره حلاًّ أقره الشارع الحكيم حتى يعالج وضعًا مرضيًّا ليس له علاج إلا الإنهاء.. فيكون بداية لمرحلة جديدة في العلاقة بين طرفين قد عاشا في يوم من الأيام تحت سقف واحد وقد أفضى بعضهم إلى بعض.. ربما يكونان قد فشلا في أن يتفاهما كزوجين، فما المانع أن يكونا صديقين كمطلقين؟ خاصة إذا كان هذا الزواج قد أثمر ثمرة مشتركة لا يمكن التنصل منها أو إلغاؤها وهي طفل بريء لا علاقة له بما حدث بين الأبوين.
والقرآن الكريم عندما تحدث عن هذه اللحظة الفارقة في حياة الزوجين تحدث عن أعظم معنى وأرقى قيمة في الإسلام وهي "الإحسان"، فوصف أو وجَّه أن يكون لك بالإحسان "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان".. إنه وصف يضع الزوج والزوجة في هذه اللحظة الخطيرة التي قد تمتلئ فيها النفوس بغضًا أو حقدًا أو رغبة في الانتقام يضعهم أمام توجيه رباني يتسامى بهم عن كل ذلك؛ لأن البغض والحقد والانتقام لن ينتجا إلا خرابًا ودمارًا، ويكون الضحية الكبرى له هو هذا الطفل المشترك بين الطرفين.. سيظل الأب هو الأب وستظل الأم هي الأم، ولن يستطيع نزع أبوة وأمومة أب أو أم لطفلهما مهما زرعنا من أحقاد وكراهية.
لقد فعل الزوج كذا وكذا، ولقد فعلت الزوجة كذا وكذا، ولا بد أن أعذبه ولا بد أن أكوي قلبه، ولا بد أن أدوخه في المحاكم ثم ماذا بعد؟ لا شيء إلا الحصاد المر الذي يحصده هذا الطفل المسكين.. إن الله عز وجل وهو يتحدث عن التسريح بإحسان يعلم كل ما سيقوله البشر تبريرًا لبغضائهم وتجاوزهم وشططهم، ومع ذلك لم يختر الله لهذا الانفصال إلا أن يكون بإحسان.. إنه يريد أن يهزّ كيان الرجل حتى لا يظلم، وكيان المرأة حتى لا تتجاوز هي أو أهلها، فيحرمون الرجل حقه في رؤية طفله مثلاً؛ لأن الإحسان في معناه الذي ذكره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل –عليه السلام- الشهير هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإن الله يراك.. يا أيها الزوج لا تظلم طليقتك فإن الله يراك إن لم تكن تراه، وبأهل الزوجة، ويا أيتها الزوجة لا تظلمي طليقك فإن الله يراك إن لم تكوني تريه.. وتحت هذا البند قولي كما تشائين وافعلي وأنت موقنة بأن الله يراك.. نعم الطفل يحتاج إلى أبيه.. يحتاج أن يعرف له أبًا.. يحتاج إلى رعايته قدر الإمكان حتى لو كنتما منفصلين.
لا تجعلي عناد أهلك يفسد حياة طفلك وعلاقته بأبيه، فالرؤية عن طريق المحكمة تتم في مجتمعاتنا في أجواء مرضية غير سوية، وعندما يصل الأمر لأن يرى الطفل أباه بأمر المحكمة فكل شيء يكون قد انتهى ولا يوجد أي طريق للتفاهم.
إن الإحسان يقتضي أنه حتى لو تم الطلاق فلا بد من إيجاد صيغة للتفاهم في كيفية رعاية هذا الطفل منذ الآن، وهو وليد صغير وعبر مراحل حياته المختلفة.. ومبادرة طيبة نمد أيدينا فيها للزوج بالسماح له برؤية طفله ستكون بداية لوضع ميثاق للتفاهم حول كل ما يخص هذا الطفل من نفقة أو رعاية.. ربما لا تكون المشكلة في النفقة، ولكن رعاية الأب أمر لا غنى عنه.. اقنعي أهلك بهدوء واجعلي روح الإحسان تسرد وسيكون الخير للطفل، فالله هو الذي أمرنا بالإحسان ولسنا نحن الذين أمرنا به.
ـــــــــــــ(103/175)
ثقي في طفلك يثق في نفسه ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أودّ أن أسأل عن مشكلة خاصة بابني محمد -سنة ونصف تقريبًا- المشكلة عندما كنا في إحدى الحدائق وحاولنا وضعه على "مرجيحة"، وهي مقفلة من الجوانب للحفاظ على الأطفال الصغار، ولكنه بكى بشدة وتعلق بي وأصرّ على ألا يظل بها، وتكرر الموقف كثيرًا حتى أننا حاولنا البُعْد عنه حتى لا يمسك بنا، ويظل يتأرجح بها فترة فقد يألفها، ولكن ذلك لم يُجدِ وزاد في البكاء، وقد ذهبنا عدة مرات وفي كل مرة يفعل نفس الشيء، وحتى جهاز التزحلق فإنه اعتاده بعد فترة، ولكن عاد ثانية للخوف منه.
وأجد الأطفال في سنه يلعبون بمنتهى السهولة، كما أنه يخاف من الأطفال، ولكن أقاربه من الأطفال يخاف منهم في البداية اللقاء، ثم يعتادهم بعد فترة، وهو أيضًا يخاف من الأصوات العالية لأجهزة المطبخ جميعها، والمكنسة، وصوت السيارات في الشارع، كما أني أجده يميل للعرائس مع أنه ولد ولا أدري هل أخفيهم منه أم أن ذلك ليس عيبًا فيه؟
وأخيرًا فللعلم إن محمدًا لم يختلط كثيرًا بالأطفال؛ لأننا لا نخرج بمعدلات كبيرة للتسوق، وحتى في الفسح فلا نتركه مع الأطفال وحده، فغالبًا ما يؤذي نفسه أو يسقط، فلا بد أن أظلّ أراقبه حتى لا يقع ويصاب، أو أمسك بيده أو أكون بالقرب منه، وهو ليس له إخوة إلى الآن، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... دائمًا يشكو الآباء أن الأطفال يريدون أن يلعبوا باستمرار وبكل شيء، ولكنك في حالتك تعكسين الوضع، حيث تريدين أن تجبري طفلك على اللعب على غير رغبة منه، وعندما يرفض الطفل هذا اللعب الإجباري لا نستسلم ونحاول أن نجد حلاًّ للمشكلة.. والتي هي في الحقيقة ليست مشكلة الطفل، ولكنها مشكلتنا مع أطفالنا بصورة عامة ومع الطفل الأول بصورة خاصة، وهو أننا نريده أن يكبر بسرعة ويسبق سنه ونقارن بينه وبين الآخرين، سواء كانوا في سنه أو في غير سنه غير مدركين للفوارق الطبيعية بين الأطفال، سواء في رغباتهم أو اهتماماتهم فيما يلعبون أو يحبون، فطالما ركب الأطفال المرجيحة فلا بد أن يركب طفلي المرجيحة ويتزحلق، وإذا لم يفعل فهو خائف ويجب علاجه من هذا الخوف.
والحقيقة ببساطة أنه لا يهتم بهذه اللعبة ولا يحبها؛ لأنه قد يميل للعب بأشياء أخرى، ولأنه لعب فلماذا التعجل منه.. سيأتي يوم ويطلب هو أن يركب المرجيحة أو يتزحلق بدون ضغط أو إجبار وليس عيبًا فيه أنه لم يحب المرجيحة، وليست مشكلة أنه يحب لعبة أخرى.. لنعرض عليه الأمر فإذا قبله وأحبه فأهلاً وسهلاً، وإن رفض فلا داعي لإجباره؛ لأن الأصل أننا نريدهم أن يلعبوا من أجل أن يمرحوا ويستمتعوا وليس من أجل أن يتكدروا ويبكوا.
وبالنسبة لانزعاج الطفل لصوت أجهزة المطبخ العالية أو المكنسة أو السيارات فهو انزعاج طبيعي، حيث لم تعتد أذنه التلوث الصوتي المرعب الذي تعتاده آذاننا؛ ولذا فإنه بعد فترة ستتعود أذنه هذه الأصوات المزعجة، وليس في هذا أي نوع من الخوف، ولكنه التكيف مع الأصوات المزعجة التي حولنا والتي كان من الطبيعي أن ننزعج منها نحن أيضًا، ولكننا تعايشنا معها، وأصبح الغريب أن يفزع الطفل منها وليس الغريب أننا اعتدناها.
وسلوكه مع أقاربه من الأطفال سلوك عادي، فالطفل يعتاد أولاً من حوله، ثم يبدأ في التفاعل معهم؛ لأن الطفل في هذه السن لا يستطيع التكيف بسرعة مع ما حوله من المتغيرات والمؤثرات. وبالنسبة للعرائس فيفضل أن تُخفى منه وتقدم له الألعاب الأخرى، مثل الحيوانات والمكعبات وغيرها؛ لأن ذلك يؤثر في ذاتيته الجنسية، فمن الأفضل أن يلعب بما يناسبه من لعب الأطفال الذكور فهذا يؤكد على هويته الذكورية.
واتركي طفلك يلعب ويسقط ويصاب في بعض الأحيان بعض الإصابات الطفيفة خيرًا من أن يكون تحت الرقابة دائمًا، فيخرج خائفًا مترددًا غير واثق في نفسه، فلا بد له أن يقع حتى يستطيع أن يقف وينمو بصورة سوية.
إنك تراقبينه دائمًا ولا تجعلينه يلعب مع الأطفال، ثم تشتكين أنه يخاف ولا يندمج مع الآخرين.. إن رقابتك الدائمة له تشعره أنه ضعيف وأنه لا يستطيع التعامل مع من حوله بمفرده، ويزداد هذا الشعور عنده حتى يجعله فعلاً خائفًا غير واثق من نفسه، في حين أنه إذا ترك مع الأطفال يتفاعل، ويلعب، ويجري، ويسقط، ويقوم، ويتصرف من تلقاء نفسه، فسيكبر واثقًا من نفسه شاعرًا بقدرته على حل مشاكله، وسيدرك أنه يستطيع التفاعل مع الآخرين فلا يخاف منهم أو ينزعج منهم بعد ذلك.. اتركيه ولا تخافي.. ثقي في طفلك يثق طفلك في نفسه.
ـــــــــــــ(103/176)
دليلك التربوي في أرض الغربة- مشاركة من خبير ... العنوان
مشاركة للدكتور رضا بشير والدكتورة إكرام بشير على استشارة:
- دليلك التربوي في أرض الغربة. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د. رضا /د. إكرام بشير ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يصبح دومًا من دواعي حماس واستبشار التربويين رؤية آباء وأمهات مهتمين بشئون أولادهم التربوية، وخاصة عندما ينتقلون من بيئة لأخرى؛ كما هو في المثال الذي بين أيدينا.
فليس هناك أهم وأجدى بالبحث عن بيئة صالحة ينشأ ويترعرع في ربوعها فلذات أكبادنا، وقد أوضح رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في حديثه الذي أقرّ فيه أن كل ابن آدم يولد على الفطرة، ولكن الآباء والأمهات هم الذين يحولونه إلى اليهودية، أو النصرانية، أو المجوسية.
وقد استنتج علماء المسلمين من ذلك الحديث ما يلي:
أولاً: أن للبيئة المحيطة بالطفل أهمية بالغة تؤثر على نشأته وتربيته.
ثانيًا: يعتبر الأب والأم الدائرة الأولى التي يواجهها الطفل، وتأثير هذه الدائرة كبير إلى حد أنه قد يحوِّل فطرة الطفل النقية التي وُلِد بها.
بالإضافة إلى البيئات الأخرى التي يواجهها الطفل وهي: المدرسة والجيران والأصدقاء، أو ما يمكن تسميته (بالمجتمع المحلي).
والمجتمع يمكن اعتباره كل الأحداث وكل المعلومات وكل الأفكار التي يتعرض لها الطفل من خلال الإعلام، وبالطبع يمثل التلفاز أول هذه الوسائل الإعلامية تأثيرًا.
وهنا أوافقك الرأى أن الأطفال يتأثرون أيما تأثر بمدرسيهم في مدارسهم، ولكن مدرسيهم ليسوا هم كل مجتمعهم المدرسي؛ فهناك أطفال آخرون يجاورونهم في فصولهم، فهم مصدر تقليد وتشبه لأولادنا أيضا.
وإذا كان المدرس أو المدرسة في الفصل يحمل خلقًا طيبًا وقيمًا صالحة، ففي هذه الحالة لن يتعرض الطفل لمشكلة، ففي النظام المدرسي في كندا، بصورة عامة، يتعامل المعلمون مع تلاميذهم بصورة عادلة، يساعدون كل طفل محاولين بصدق تلبية حاجات الطفل الأساسية، لكن على الجانب الآخر فإن سلوكهم الشخصي قد لا يتماشى مع نظامنا الإسلامي الخلقي أو القيمي. ومثال ذلك أسلوبهم في الملبس... إلخ.
وبالإضافة إلى ذلك قد يتعرض الطفل إلى العديد من القيم غير الإسلامية، ومن أبرز هذه الأمثلة:
- العديد من الاحتفالات (عيد الحب، كريسماس، يوم الشكر...)
وكما هو واضح تغطي هذه الاحتفالات كل شهور العام الدراسي، كما أن العديد من الدروس تتمحور حول هذه الاحتفالات.
- سلوكيات أصدقاء الفصل (طريقة ملابسهم، اللغة التي يستخدمونها في أحسن الأحوال يمكن وصفها بعدم المناسبة، كذلك سلوكياتهم بصورة عامة...).
- إدراك كل هذه التحديات هو السلوك الوالدي المطلوب، فإن من واجب الآباء تقليل التأثير السلبي للبيئة قدر المستطاع، والحيلولة دون أن تؤدي هذه السلبيات إلى التأثير على شخصية الطفل خلال مراحل نموه المختلفة.
وبناء على كل ما سبق يمكن تلخيص أبرز النصائح (التي أفرزتها الخبرة العملية الطويلة - الحياة أكثر من ربع قرن بعيدًا عن أرض الوطن) كما يلي:
1- تسجيل الابن أو الابنة في إحدى المدارس الإسلامية الخاصة، ليكن شغلكم الشاغل هو البحث عن مدرسة تتميز بالمستوى التعليمي الجيد، وفي نفس الوقت تسألون عن المستوى الخلقي في داخل أسوار تلك المدرسة.
2- إن تعثر - لأي سبب من الأسباب - إدخال الابن أو الابنة مدرسة إسلامية، وكان قراركم إدخالهم مدرسة عامة، ففي هذه الحالة حاولوا من تقليل التأثيرات السلبية التي قد تصل إلى أولادكم، وإليكم بعض الإرشادات السريعة:
- لا تتخلوا أبدًا عن بيئة أسرية سعيدة وصالحة.
- لا تتغافلوا عن الأساليب التربوية الإسلامية.
- أقيموا جوًّا من الحوار والمصارحة مع أبنائكم.
- ليكن لكم دور فاعل ونشيط في مدرسة الأبناء.
- كونوا أعضاء فاعلين في وسط الجالية الإسلامية التي تحيط بكم، ففي وسط تلك الجالية سوف يتاح للأبناء الفرصة للتعرف على أبناء مسلمين في نفس سنهم، ويمرون بنفس ظروفهم، وهو ما يبني عندهم الإدراك بأنهم جزء من مجتمع أوسع.
- تسجيل الأبناء في مدرسة (كمدارس نهاية الأسبوع)؛ لتعليم العربية والدين الإسلامي أمر في غاية الأهمية.
- كونوا فاعلين وإيجابيين في تعليم الأبناء العربية والقرآن الكريم ومبادئ السنة المطهرة حتى يصبح الأبناء بمستوى مرضٍ لكم.
جدير بالذكر أن النقاط سالفة الذكر ينصح بها في حالة وجود الآباء مع أبنائهم في بيئة يمثل المسلمون فيها أقلية، سواء كان الأبناء يذهبون إلى مدرسة إسلامية أو مدرسة عامة، فذهاب الابن أو الابنة إلى مدرسة إسلامية ما هو إلا عامل مساعد وداعم لاتجاهات الأهل، بينما تقوم المدارس العامة بدور معاكس للدور الذي يقوم الأهل به.
ولكن مع ذلك قد رأينا نماذج ناجحة في كلا البيئتين.
ـــــــــــــ(103/177)
أزمة الشوكولاتة.. الحزم والحب والثقة ... العنوان
تعرض ابني(9سنوات ) إلى مشاكل صحية في طفولته المبكرة في سن سنتين حرمته من أكل الشوكولاتة، مما أدى إلى أن يأكلها بالخفاء، مع علمه أنها تضره، وكان يشعر بذلك عندما تسوء حالته ويضطر للمبيت بالمستشفى، وكان الطبيب يطمئنه دائمًا بأنه سيشفى تمامًا عندما يسمع الكلام ويقلع عن أكل الدهون التي من بينها الشوكولاته، إلا أنه كطفل صغير لا يعرف مصلحته عانى كثيرًا بسبب حبه الشديد للشوكولاتة التي كانت بالنسبة إليه كالمحرمات لا تدخل بيتنا إلا بالمناسبات، مما أدى به إلى سرقة النقود من جيب والده أو إخوته ليشتري بها شوكولاتة مع إنكاره الشديد أنه سرق، وفي النهاية يعترف ويعتذر ويندم، ولكنه لا يتوقف عن تكرار عمله.
وبعد أربع سنوات من العلاج لمرضه منَّ الله عليه بالشفاء فكانت فرحتنا كبيرة جدًّا أصبح يأكل الشوكولاتة دون خوف من مرض وأصبح طفلاً سليمًا معافى، إلا أنه ظلّ يكذب ويسرق ويندم ويعتذر ويكرّر عمله.. استخدمت معه أنا ووالده وإخوته جميع الطرق لأن يكون كباقي إخوته فلم ننجح معه.. حالته الصحية جيدة، ذكي جدًّا، متفوق في المدرسة، نشيط، كثير الحركة، يحب مساعدة الغير، محبوب.. الرجاء مساعدتي.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الحمد لله كثيرًا أن منَّ على محمد بالشفاء.. اللهم بارك لكم فيه وفي إخوته.
المشكلة مع محمد هي طول المدة التي عانى فيها من أزمة الشوكولاتة التي بدأ ونما فيها سلوك الكذب والسرقة، وهو ما أدى إلى ثبات هذا السلوك عنده.. الواقع أن هناك عدة عوامل أدت إلى ظهور هذا السلوك عند محمد.. أولاً إحساسه بالحرمان من شيء محبب مثل الشوكولاتة وهو في سن صغيرة جدًّا لا يعي ولا يدرك معنى خطورة الأمر على صحته، ويرى في منعها من ظلم شديد؛ ولهذا بدأ يسرق ويكذب ليحصل على ما يريد، وطبعًا لأنه كان مريضًا، فإن خوفكم عليه منعكم من الوقوف لهذه المشكلة بشدة والتصدي لها في بدايتها، وطبعًا أنا مقدرة شعور الأهل تجاه طفلهم المريض وإشفاقهم عليه.
ولكن المشكلة أن الأطفال في منتهى الذكاء فهو أدرك ذلك وعلم أن مرضه هو نقطة ضعف عندكم ونقطة قوة لديه؛ ولذلك تمادى في الأمر، وثانيًا: أن الأمراض المزمنة عند الأطفال وكثرة التردد على المستشفى والمكوث فيها هي من أكثر العوامل التي تمثّل ضغطًا نفسيًّا على الطفل، حيث إنه يشعر أنه مختلف عند باقي أقرانه وليس من حقه أن يتمتع مثلهم، وهذا يؤدي إلى زعزعة ثقة الطفل بنفسه واضطراب مشاعره، وطبعًا هذا يزيد في الأخطاء السلوكية لدى الطفل.
أنا أدرك أن كل هذا ليس لكم ذنب فيه، ولكن محمدًا الآن كبير وواعٍ، ويتفهم الأمور جيدًا، ويحتاج منكم إلى وقفة حازمة وقوية، وفي نفس الوقت الكثير من التفاهم، والحب، والثقة ليس معنى الحزم هو العقاب أو العنف، ولكن أقصد بالحزم هو التصدي للمشكلة بجدية، وإصرار يشعر بها محمد، ويدرك أن زمن التدليل والدلع قد انقضى، وفي نفس الوقت الكثير من التفاهم، والمناقشة معه، وإعطاؤه الثقة في نفسه، وفي قدرته على التغلب على المشكلة، مع العلم أن العلاج يحتاج إلى وقت طويل وصبر وإصرار، وألخص لك عدة نقاط هامة:
1 - المناقشة الهادئة والتفاهم معه حول معنى أن الله تعالى أنعم علينا بالشفاء، وكان يمكن أن تظل العمر كله محرومًا في أكل الحلويات، ولكن الله سبحانه رحمته واسعة ويحبك، والمعنى التالي هو الاتفاق على أن هذه السلوكيات -الكذب والسرقة- هي سلوكيات مرفوضة وسيئة، ولا يتحلى بها الأولاد المؤدبون؛ ولذلك علينا أن نضع برنامجًا للإقلاع عنها نهائيًّا، ونتفق معه هو على الخطوات، وندع له الفرصة ليتكلم، ويقول ما هي مشاكله، ولماذا يفعل ذلك، ثم نحدد معه وسائل العقاب التي يرتضيها إذا أخطأ، وكذلك ما هي المكافآت التي يجب أن يحصل عليها كلما امتنع عن هذا السلوك.
2 - الجدية والحزم دون عنف أو تجريح، بمعنى ألا نهادنه بعد الآن في أي واقعة تحدث.. لا ضرب.. لا إهانة، ولكن مناقشة وتطبيق للوائح التي اتفقنا عليها معه في صيغة العقاب أو الجائزة.
3 - إعادة بناء ثقته في نفسه أنه إنسان قوي، ويستطيع مواجهة أزمة والتغلب عليها، وأننا جميعًا نثق فيه ونصدقه ونحبه.
4 - عدم ذكر هذه المشكلة أبدًا أمام أحد.. لا الأصدقاء ولا العائلة ولا المدرسين ولا حتى إخوته، وعدم مقارنته أبدًا بأخواته.
5 - البحث عن مواطن القوة والتميز في شخصيته، وتنميتها وذكرها للناس، ومساعدته على ممارسة رياضة أو هواية يحبها ويتميز فيها.
6 - عدم التهاون في أي واقعة سرقة أو كذب، وكذلك الحرص على المكافآت عندما يحسن.
7 - جعل الأمر سرًّا بينكما وبينه لا يعرفه أحد ولا حتى إخوته.
وأخيرًا بعض الصبر؛ لأن الأمر يأخذ بعض الوقت، ولكن ستنتهي الأزمة بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/178)
في الحضانة أدب وفي البيت نكد ... العنوان
ابني عمره 3 سنوات، وهو عنيف جدًّا ولعبي بدرجة كبيرة في المنزل، وعند ذهابه للمدرسة - هذا العام تمهيدي - يجلس في المدرسة لا يتكلم مع المدرّسة أو مع أصدقائه، ودائمًا لوحده، ولا يردد معها في الفصل، مع العلم أنه كان في حضانة قبل ذلك ويحفظ كمية كبيرة جدًّا من الكلمات العربية والإنجليزية، ويحفظ أجزاء من القرآن، لكنه لا يتكلم أمام أحد، وحاولت أن أشرح ذلك للمدرّسة المشرفة في المدرسة، ودائما يأتي الرد: لا يوجد أي استجابة منه، ماذا أفعل؟ جزاك الله خيرًا. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الحبيبة ندى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يبدو من البيانات المرفقة أن لسيف أخوين يصغرانه على الرغم من أن سنه 3 سنوات.. ولا أدري هل لهذا علاقة بعنفه الشديد بالمنزل، أم أن هذه طبيعته منذ وُلِد؟
فلم توضّح كلماتك القليلة الكثير عن الأسباب وراء ما وصفت به "سيف" الجميل وكيف هي العلاقة بينكما، وما الفارق السني بينه وبين أخويه؟ وهل تمت تهيئته لاستقبال إخوته أم لا؟ وكيف يعامل أخويه الصغيرين؟ وهل ظهر هذا العنف عليه قريبًا أم أنه مجرد (لعب أطفال) كما يكون في باقي الأطفال؟ وهل كانت هذه طبيعته في الحضانة السابقة أم أنه مرتبط بدخوله هذه الحضانة الجديدة؟
لأن بعض الأطفال لهم شخصيتان، بمعنى أنه قد يكون في المدرسة بشخصية عكس التي يكون بها في المنزل. ففي المنزل مثلاً تجدينه هادئ الطبع في حين أنه في الحضانة أو المدرسة لعوب جدًّا، أو العكس كما تصفين حال طفلك.
ويكون السبب وراء كمون الطفل في الفصل غالبًا هو عدم تقبله للمكان الجديد (الحضانة الجديدة)؛ لأن المُدرّسة غير قادرة على التواصل معه، وأعني عدم القدرة على التواصل وليس الرفض للمدرسة.
وقد يعينك في هذا معرفة حالته في الحضانة السابقة، فإذا كان منطلقًا بالحضانة السابقة فهو بصمته يعبّر عن رفضه للحضانة الحالية لسبب أو لآخر، إما لافتقاده حضانته السابقة أو معلمته في هذه الحضانة أو لافتقاده إلى أصدقائه.
أما إذا كانت حالة الصمت الحالية معه في حضانته السابقة، فمعنى هذا أنه يعاني من حالة انقطاع التواصل بينه وبين الحضانة الحالية، وبالتحديد مع معلمته في الحضانة.
ويكون الحل هو مجهود مضاعف لا بد أن يبذل من قبل معلمة فصله وليس مشرفة الدور، أو يتم مساعدة معلمة الفصل لمحاولة الاهتمام به واحتوائه واحتضانه بشكل أكبر، بحيث تحاول الوصول إليه، وبالتالي تعمل على إدماجه في جو الحضانة شيئًا فشيئًا.
قد يأخذ هذا الأمر شهرًا أو شهرين، وأحيانًا مع بعض الأطفال 6 أشهر لإظهار التحسن الملحوظ، فلا تيئسوا ولا تملوا من المحاولة معه، فكل ما هو بحاجة له هو أن تمنحوه الوقت والاهتمام الكافي.
لكن كيف يكون هذا؟
عليك أن تخبري مدرسته (الأساسية بالفصل) بطبيعته وبسبب انغلاقه في الحضانة الذي تظنيه، وأنه بحاجة إلى الاهتمام به بشكل أكبر ليس بالطبع بصورة لافتة للأطفال الآخرين، مما يثير غيرتهم عليه، وإليك بعض الأفكار:
- من الممكن أن تحاول المعلمة اكتساب ثقته بأن تجعل بينه وبينها دائمًا وعود توفي بها، بمعنى أن تَعِدَه أن تعطيه هدية لو عمل الأمر الفلاني، وفي نهاية اليوم بالفعل تعطيه الهدية حتى ولو لم ينجز الأمر كله، ساعتها من الممكن أن تعطيه شيئًا أقل مما وعدته به، لكن لا بد أن تعطيه شيئًا وتبين له السبب.
- ويتفق مع هذه الوعود أن يشعر الطفل بأن ثمة اتصالا بين البيت والمدرسة، فمثلاً تقول له المعلمة وقد قام بعمل جيد: ماما سوف تكون مسرورة منك كثيرًا وسوف تعطيك هدية. وبالفعل تعطيه أنت هدية.
وتخبرك المعلمة بالأمر سواء بالهاتف أو عندما تقدمين لأخذه من المدرسة، وهذا كله دون أن يشعر الطفل بأن المعلمة قد أخبرتك بالأمر، وتفعلين أنت العكس.
بمعنى أنه لو عمل شيئًا طيبًا في البيت تقولين له معلمتك سوف تكون سعيدة منك جدًّا وسوف تعطيك هدية غدًا في الفصل، وبالفعل تخبرين معلمته بالهاتف مثلاً -دون أن يشعر أيضًا- وتقابله المعلمة في اليوم التالي معلنة ترحيبها به وسرورها مما عمله بالأمس، وتعطيه الهدية مكافأة له على فعلته الطيبة.
طبعًا من الممكن أن يندهش الطفل بالأمر وساعتها تقول له: لقد قالت لي العصفورة ذلك!!
- إنها حيلة قديمة قد ننساها، لكنها حيلة ذكية جدًّا ومفيدة وستجدين تفاصيلها كاملة في استشارة: العصفورة الحيلة المنسية.
- لا بد أن تشجعه المعلمة باستمرار حتى لو لم يتكلم، ومن الممكن أن تلعب معه لعبة لطيفة تشعره بها أنه قد تكلم. مثلاً تسأل سؤالاً وتجعل طفلين ممن يعرفون الإجابة ويتكلمون في الفصل، واحد منهما يقول الإجابة قبله، ثم تشير إليه وتسأله، ربما يجيب بصوت منخفض وربما لا يجيب أصلاً، فتبادر المدرسة إلى القول: ها شاطر سيف قلت: كذا (الإجابة)، ثم تسأل الطفل الذي بعده، وهكذا...
والهدف من هذه اللعبة أن يشعر الطفل بأن المعلمة تحبه لذاته كما هو بدون شروط، فهي تحبه لو تكلم وتحبه لو صمت، ورغبتها في حديثه إنما لأجله هو وليس شرطًا لحبها له.
ولأجل ضمان استمرار المعلمة في أداء دورها في التقرب إلى الطفل ومحاولة احتوائه لا بد من استمرار التواصل معها، بالإضافة إلى تجنيبها أي تكاليف مادية، وذلك بأن تحضري لها الهدايا التي ستعطيها لسيف دفعة واحدة مثلاً أو على فترات كما يتراءى لك، وتشتري لها بطاقة هاتف (كارت اتصال) لتتصل بك، وهكذا...
كل هذا مع استمرار تواصلك مع إدارة الحضانة، ومحاولة الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية بها لتنميتها وتطوير أدائها.
والآن جاء دور الاستشارة التي أشرت إليها:
- العصفورة.. الحيلة المنسية
ولمزيد من التفاصيل حول نفس الموضوع يمكنك مطالعة المعالجات التالية:
- عندما يصمت الصغير بالفصل
- ملف نحكوش في الحضانة
- تنمية القدرات.. التوجيه لا الضغط
- عدم مشاركة الصغيرة في الفصل..الأسباب والعلاج
ـــــــــــــ(103/179)
سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟ ... العنوان
ابني عمره سنة ونصف.. كيف أستطيع أن أجعل منه شخصية قوية وقادرة على اتخاذ قرار، وذلك بمشيئة الله تعالى؟ ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي الكريم، أسعد دائمًا بكل سؤال، ولكن سعادتي تكون مضاعفة حين يكون السؤال خارجًا عن إطار المشكلة المُلِحَّة، ويتعداها إلى محاولة لرسم سياسة تربوية سليمة، أو محاولة لبناء وجهة نظر تربوية.
ولا أدري لماذا أثار السؤال مخيلتي لأرسم صورة لشخصية هذا السائل؟ أتكون شخصية قوية؛ فينتابها الرغبة في أن يكون ابنها قوي الشخصية تمامًا مثلها؛ فتنساق على غير رغبة منها لمحاولة القولبة؟ أم يكون ممن يشعرون بضرورة بناء شخصية قوية فحسب؟ وهو أمر محمود لا ريب.. أيًّا كان الأمر فإنني أدعو لك بالتوفيق.
ودعنا نحاول سويًّا أن نضع إطارًا يتضمن بعض صفات الشخصية القوية؛ حتى يتسنى لنا من ثَم أن نعرف كيف نبنيها.
فنقول مثلاً: إن الشخصية القوية لديها ضمن ما لديها هذه الصفات:
- يدرك بوضوح الصواب والخطأ.
- لديه قدرة على اتخاذ قرار سليم.
- لديه ثقة عالية بالنفس دون إفراط أو تفريط.
- لديه قدرة على التأثير في المحيطين به.
- لديه قدرة على الإقناع بوجهة نظره.
- لديه نظرة فلسفة واضحة للحياة.
- لديه سعة أفق وثقافة قوية.
هذا بعض مما جال بذهني حين أردت أن أحدد بعض -وليس كل- ملامح الشخصية التي تتسم بالقوة، وأظنك قادرة على إضافة العديد من الصفات الأخرى، وإن أردت فتمثل صورة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في ذهنك لتقف على صفات لا تنتهي، وهي بلا ريب مما يندرج تحت "الشخصية القوية" إذا صح التعبير، وصدق الله العظيم حين قال في كتابه العزيز: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة}، فهذا أقصر الطرق سيدي لنعرف ما هي الصفات التي ننشئ عليها برعمًا مسلمًا، جزاك الله عنه خير ثواب.
وأترك لك دراسة متأنية لحياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأعود بك حيث وقفنا على بعض صفات الشخصية القوية.. وكيف نبنيها..
* اغمر طفلك بالحب والحنان؛ لأن هذا الإشباع العاطفي من شأنه أن يجعله ثابتًا قويًّا، ولكن دون تدليل، ودع هذا الحب ينطلق تجاه ابنك بمفرداته؛ أي بما يشعره في كل مرحلة عمرية بالحب والاهتمام، وأنه شخص مرغوب ومحبوب ومقبول؛ فالبسمة والضحكة والتربيت على الشعر والكتف، والتصفيق حين النجاح في إنجاز شيء، والجري وراءه، والغناء معه، والرقص معه، واللعب بكل قلبك معه... وهكذا مما يفهمه الطفل ويحبه ويعشق مشاركة الكبار فيه.
• ساعده أن ينتصر في معركة بناء الذات.
الطفل عادة يبدأ بالرغبة في الاعتماد على نفسه في كل شئونه الخاصة منذ سن مبكرة، وربما قبل قدرته التامة على فعل ذلك، ولكن لن تنمو هذه القدرة التامة إلا بالتجريب والخطأ حينًا حتى الوصول إلى الصواب.
ما الذي يحدث حين يخفق الطفل مرة ومرة؛ فتبادر بفعل الشيء بدلاً منه؟
الذي يحدث أن الطفل تصله رسالة أنه عاجز وغير قادر على إتمام ما أراد عمله.
وما أصعبها رسالة حين تتراكم هذه الرسائل مع كل محاولة خاطئة وإسراع منا لإتمام العمل بدلاً منه، يركن الطفل حينها لإحساسه بالعجز، ويلازمه هذا الإحساس فترة طويلة، إلا أن تجيئه الفرصة ليتم عملاً ناجحًا.
- وبالطبع لن ينجح الطفل في كل مرة ومن أول مرة؛ ولذا علينا أن نجعله يرانا بتركيز حين نفعل أشياءنا، ونصف له ذلك أثناء عملنا، فإذا ما كنت مثلاً تقطع الخبز فاشرح هذا أثناء عملك:
- بابا أخرج الخبز من الثلاجة.
- إنه جامد، دعه فترة حتى يصبح طريًّا.
- هو الآن مستعد لتقطيعه.
- عاونّي يا (فلان).
- هيا نمسك السكين هكذا (دعه يرى جيدًا).
ودعه يجرب.. نعم دعه يجرب في إطار الأمان.
لا مانع أن تمسك بيده أول الأمر.
لا مانع أن توفر له سكينًا بلاستيكيًّا.
دعه يجرب.. هذا أمر هام.
لن أطيل في تفاصيل هذا الأمر رغم أهميته، ولكني سأسوق لكِ الخلاصة: دعه يجرب وينجح ويشعر بلذة النجاح؛ فيمتلئ ثقة في نفسه وفي الآخرين.
كثيرًا من بذور العجز نزرعها نحن في أبنائنا على غير وعي منا، ثم نتبادل في دهشة غير بريئة: ما الذي حوَّل أطفالنا إلى ضفادع؟
* ساعديه على تكوين صورة جيدة عن نفسه.
لا تبالغ في مدحه، ولكن حين يصنع شيئًا جميلاً ولو قليلاً، وطبيعي أن يكون قليلاً؛ فهؤلاء هم الأطفال، شجّعه وأبدي له الاهتمام بعمله، وشجعه لأن ينميه ويزيد خطوة بعد التي خطاها.
- النقد يكسر صورة الطفل من ذاته.
- لا تذكر على مسامعه صفات سيئة (مثلاً) عنه.
- لا تذكر على مسامعه مقارنات، كثيرًا ما نظلم بها الأطفال لعدم إدراكنا أن الطفل كبصمة الإصبع لا يتكرر مرتين.
- أعطيه الفرصة للاختيار، ودرّبيه على ذلك.
كثير من الصدامات تحدث نتيجة فرض آرائنا على الطفل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق به، بدءاً من أنواع الطعام التي يحبها، والملابس التي يريد أن يلبسها والألعاب، بل كل حاجياته، وكأننا نفهم الأبوة والأمومة على أنها امتلاك، وهي أبعد ما تكون عن ذلك.
* ابني معه منظومة قيمه الخاصة من الآن.. لا تتعجبي فالطفل منذ وقت مبكر جدًّا يعتبر بمثابة رادار حسَّاس يلتقط كل ما يحدث أمامه ويخزنه، ثم يصنفه فيما بعد، وما نفعله أمام الطفل هو القانون الثابت بالنسبة له؛ ولذا لا بد أن يتطابق العمل مع القول.
* كون حازمة ولا تخاف؛ فالحزم لا يتنافى مطلقًا مع الحب، ولكن دعه يشعر باطمئنان أن المرفوض مرفوض دائمًا ولأسباب معروفة له، والمقبول مقبول دائمًا ولأسباب معروفة له.
وليكن معيارك في ذلك الحلال والحرام، إضافة لدواعي الأمان.
كل ما هو حلال مقبول، وكل ما هو حرام مرفوض.
وكل ما يؤذيه مرفوض، أفهمه على قدر عمره مع كل موقف يمر بكما أن هذا شيء جميل لكذا، وهذا شيء لكذا...
لا تبخل بالشرح الدقيق الوافي للقوانين أغلب الوقت، ولا تظن أن مرة أو مرتين كافيتان ليعلم الصواب والخطأ وليكوّن ضميره الذاتي، بل رحلة التربية طويلة والتكرار فيها كثير.
* علِّمه الاستماع بإنصات للآخرين أثناء الحديث، وهذا يتعلمه الطفل حين نفعل معه هذا؛ فحين نستمع له بإنصات واهتمام واحترام يعرف أن هذا حق له وواجب عليه بالمثل.
* اشرح له كل ما يمر به من أحداث.
* وسِّع مداركه بالكتب ووسائل الثقافة الكثيرة والمتاحة كالمسرح، والتلفاز (دون إفراط)، والكتاب يظلّ من أفضل الوسائل.
* ساعده ليعبِّر عن نفسه بالكلام أو الرسم أو أي وسيلة يراها، ولاحظي أنت حبه لها.
* التعبير عن النفس يولِّد قوة.
ويمكنك أن تجلسه معك، وتكتب له في كراسة خاصة عن نفسه: "اليوم صحا من نومه الساعة..."
"فلان يحب...".
"فلان يكره...".
* درِّبيه على التعبير وعلى التعرف على إحساسه (ماذا يحب؟ ماذا يكره؟ بماذا يشعر؟..)، هكذا يتعلم أن يعبّر عن نفسه، وأن ينصت لتعبير الآخرين عن أنفسهم.
* تغريني رسالتك بكتابة المزيد، ولكنهم دائمًا يقولون لي: كفى.
أتمنى لك التوفيق.
وجعل الله عز وجل عنايتك بطفلك القوي في ميزان حسناتك؛ فنحن بحق بحاجة لمسلم قوي.
أنتظر المزيد من رسائلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــ(103/180)
لسان هارون يشرح صدر موسى ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي ابن يبلغ من العمر 4 سنوات، وله أخت توءم، وأحيانًا عندما يريد أن يتكلم يتأخر في نطق الكلمة التي يريد أن يقولها ويتلعثم ويتأتئ، وهو هادئ الطبع يستحي دائمًا.. خجول.. شديد الذكاء، على العكس من أخته التي تتكلم ما شاء الله بطلاقة كبيرة لدرجة أن الكل يحسدها على هذه الطلاقة، وهي أشد منه ذكاء واجتماعية بدرجة كبيرة وحسنة التصرف. أفيدوني عن حالة ولدي.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... حينما قرأت سؤالك يا أختي الحبيبة تذكرت قول نبي الله موسى -عليه السلام- لرب العالمين وهو يطلب منه سبحانه أن يشد أزره بأخيه هارون حين يذهب إلى فرعون قائلاً: "قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُون" (الشعراء: 12،13)، وفي السطور التالية سأوضح لك لماذا هاتين الآيتين بالتحديد.
أختي الحبيبة.. إن الفصاحة واللباقة والطلاقة من القدرات التي تختلف من طفل لآخر، ولا يعيب أحدهم أن تقل لديه عن الآخر، والاختلاف في أبناء نفس الأسرة أمر وارد، فهناك فروق فردية بين الأبناء، وهي الحقيقة التي يجب أن نضعها في أذهاننا كآباء وأمهات ومربين، فما ينبُغ فيه أحدهم لا يصير لزامًا على غيره أن يوجدوه في أنفسهم وأن يبدوه، وإلا كان عدم الإعجاب -حتى من والديهم- هو نصيبهم، ولا بد أن نتأكد أن ما غاب في طفل من قدرات معينة فهناك أمور أخرى تعوضه، فالله سبحانه لم يخلقنا نسخًا متكررة وإنما نحن مختلفون، وما يجب علينا فعله إزاء هذا الاختلاف أن نتكامل، فمن لديه الذكاء يعبّر عنه فصيح اللسان، وينفّذ أفكارهما قوي الساعد.. ألم يطلب النبي موسى -عليه السلام- أخاه هارون -عليه السلام- ليعينه على أمره إذا لم ينطلق لسانه.. هل عاب ذلك سيدنا موسى -عليه السلام-؟ هل كان اختلافه عن أخيه في طلاقة اللسان مما ينقص قدره؟
أظنك يا أختي الحبيبة قد أدركت ما أريد أن أقوله لك، وما عنيته بالربط بين الآيتين وبين حالة ولدك، وأعود فألخصه لك في النقاط التالية:
1- إن الفرق بين توءميك الحبيبين أمر وارد جدًّا، ولا يدعو للإعجاب بأحدهما والإشفاق على الآخر لمجرد أنه كما تقولين (على العكس من أخته) في الطلاقة التي يحسدها الناس عليها.
2- إن أنس الحبيب كما ذكرت (شديد الذكاء)، لكن يبدو من سؤالك أن إعجابك بطلاقة ابنتك واجتماعياتها جعلك تصفينها بأنها (أشد منه ذكاء)، فكيف حكمت على ذكائه بأنه أقل منها؟
وما أخشاه أن هذا الشعور قد وصل الطفل بشكل أو بآخر، فسبّب له هذه الحالة من التلعثم والتأتأة كرد فعل لاختلاف التعامل معه عن أخته، وقد يتطور ليفقد الطفل ثقته بنفسه ويصبح انطوائيًّا يعتزل التواجد مع الناس أو مع الأسرة لما يشعر به معهم من عدم إعجاب بقدراته وإمكانياته، ومن اكتساح توءمته له بقدراتها التي تنال (الحسد) عليها كما ذكرت في سؤالك.. مع العلم بأن لديه هو الآخر قدرات عالية وصفات طيبة عديدة كما ذكرت (كالهدوء والذكاء الحاد والحياء)، لكنها للأسف لا تجلب له إعجاب الآخرين و(حسدهم) كأخته.
3- إن ما يجب عليك للتعامل مع هذا الاختلاف هو حثّهما على الوحدة والتكامل والإبداع، واستثمار قدرات كل منهما دائمًا.
يبقى لنا الحديث عما يجب فعله مع أنس فيما يخص موضوع التأتأة، وقبل أن أتحدث عن التأتأة أتحدث أولاً عن تنمية ثقته بنفسه وتحسين الجو من حوله، وذلك للعمل على علاج الأسباب التي يحتمل أن تكون سببت هذه الحالة وليس النتيجة، وهنا أعرض لك بعض النقاط التي تساهم في ذلك:
1- أبدأ بالتوضيح أن الثقة بالنفس هي نتاج القدرة على الاعتماد على النفس في جو من التقدير والشعور بالإنجاز والنجاح، فالاعتماد على النفس والثقة بها طريقهما يمرُّ بجسر اسمه "تحمل المسئولية"، ووسيلة العبور على هذا الجسر هو التحفيز والتشجيع وتدعيم كل سلوك إيجابي، فلا بد أن يدرَّب الطفل على تحمل بعض هذه المسئوليات اليسيرة المتوافقة وقدراته ومرحلته السنية كترتيب حجرته –غسل جوربه – شراء شيء.
وعندما نحمله مسئولية جديدة لأول مرة فلا بد أن يكون ذلك:
- بكلمات رقيقة مفادها "نحن نثق بك وبقدراتك".
- لا بد أن يشعر الصغير بالأمان، فإذا أخفق لا يُلام، بل يُشرح له لماذا أخفق، ويُشجع على مجرد قبوله بتحدٍّ تحمل المسئولية، ويحفز عند التحسن والتطور والإجادة، فلو نجح في لبس سرواله بطريقة صحيحة دونما مساعدة يُصفَّق له، وعندما يلبس حذاءه ويحاول ربطه وحده يُثْنى على محاولته، ويُشكر عليها.
- يجب تقبل الفشل من الطفل بصدر رحب ومكافأة ما نجح في تأديته من المهمات المطلوبة منه أيًّا كانت نسبته، ومحاولة تجاهل الفشل أو التقصير من المهمة المؤداة، مع بثه دائمًا الشعور بأن الفشل ليس أبديًّا، وحتمًا مع الجهد سيتطور الطفل وتتطور إمكانياته، وبالتالي فيجب تشجيعه على الجهد المبذول وليس على النتائج، كما يجب أن تكون المكافأة والثناء منبّهة لكل حواسه، بمعنى أن تشتمل على اللمس، والاحتضان، والتصفيق، والضحك بحيث تتنبه كل حواسه إلى أنه قادر على فعل الكثير.
2 - لا بد من السماح له بتكوين صداقات مع أطفال من سنه، وهذا يزيد كثيرًا من ثقته بنفسه.
3 - يجب محاولة تحسين العلاقة بين الطفلين دائمًا، وغرس الحب بينهما والأفكار لأجل ذلك كثيرة: كأن تكوِّني منهما فريقًا لأداء أمر ما، كصناعة شكل معين بالمكعبات مثلاً، أو تلوين صورة معينة معًا، أو التعاون في عمل منزلي يؤديانه، ثم تمتدحين بذلهما للجهد لأدائه حتى وإن لم يؤدياه على أكمل وجه، فبذل الجهد في حد ذاته أمر عالي القيمة.
4 - يجب عدم مقارنة الطفلين ببعضهما إطلاقًا حتى داخل نفسك.. كي لا يصل إلى أنس شعورك باختلافهما وافتقار أنس لقدرات أخته، فالأمر فعلاً ليس كذلك.
5 - سيكون من الجميل أن تسردي على زوجك وأفراد العائلة أو الأصدقاء -بفخر وأنت تنظرين إلى أنس- بعض ما قام به خلال اليوم من أعمال وأنشطة جميلة دون مقارنات بينه وبين أخته، كما يفضل فعل المثل مع أخته كي لا تتأثر هي الأخرى سلبًا من مدح أخيها دون مدحها.
6 - يمكنك ممارسة الأنشطة واللعب معهما؛ لأن هذا من شأنه أن يكسب الأطفال الثقة بالنفس مع الثناء على بعض الصفات لدى كل منهما والقدرات التي يتمتع بها كل منهما، كأن تقولين لها مثلاً "أنا مسرورة منكما جدًّا؛ فأنت يا أنس تستطيع فعل كذا وكذا، أو كم أشعر بالفخر بك؛ لأنك مهذب أو لأنك تحب أن تتعلم أشياء كثيرة، وكذلك أنت يا حبيبتي بارعة في كذا وكذا.. الحقيقة كلاكما بارعان وأنا أحبكما كثيرًا"، ثم تحتضنيهما معًا، وهكذا ... ، ولكن يجب أن يكون المدح والثناء بقدر ودون مبالغة.
ثم نأتي للحديث عن التأتأة والتلعثم، وهنا أقول:
1 - مثل هذه الحالات تُعَدّ طبيعية حتى بلوغ سن 6 سنوات، ويصعب قبل ذلك تحديد احتياج الطفل لبرنامج أو تدريبات علاجية، فضلاً عن أن برنامج العلاج والتدريبات لا يبدأ قبل بلوغ الطفل ست سنوات في حالة ثبوت كون الحالة في حاجة فعلية للعلاج أو إذا لم تَزُلْ وحدها قبل هذه السن، أما التخصص المطلوب لعلاجها فهو طبيب تخاطب.
2 - تعددت في تحديد أسبابها النظريات، فهناك النظرية النفسية التي ترجع تلك الحالة لأسباب نفسية أو ظروف معينة مرت بالطفل، فانعكست آثارها عليه في صورة تأتأة أو تلعثم في الكلام، والبعض يرجعه لعوامل وراثية.
3 - أكثر المشاهدات تشير إلى كون الطفل الذي تعرض للتأتأة غالبًا ذكيًّا، وهو ما يجعل أفكاره متسارعة ومتلاحقة وعديدة، فتزدحم حينما يريد الكلام أو الإجابة على سؤال ما، وتقافز الأفكار في رأسه بتلك الطريقة تجعله يحتاج لوقفات في أثناء الكلام -تظهر في صورة تأتأة أو تلعثم- لحاجته لتنظيم وتجميع الأفكار المتدافعة وترتيب الكلام.
4 - لا بد من برنامج للتعامل الصحيح مع لعثمة الطفل داخل الأسرة ومع الأقارب والأصدقاء، وهو ما يحتم عليّ أولاً التأكيد على أن الطفل ليس في حاجة أن يعامل على أنه مريض؛ لذا وجب عدم لفت نظر أنس إلى كونه يعاني اضطرابًا ما أو اختلافًا عن باقي أفراد الأسرة باتباع ما يلي:
أ - يجب عدم المقارنة إطلاقًا بينه وبين أخته في هذه المسألة بالذات (مسألة الطلاقة) وعدم إشعاره بوجود فروق بينهما.
ب - عدم إشعاره بشكل سلبي أو إيجابي أنه غير طبيعي، والمقصود بالشكل السلبي تهديده بالعقاب إن لم يتحدث بشكل سليم، أما الإيجابي فهو إغراؤه بالمكافأة والتشجيع ليتكلم بشكل سليم، فكلا الشكلين سيؤديان حتمًا لترسيخ الشعور لديه بأن هناك أمرًا ما مختلفًا فيه عن غيره يحتاج التخلص منه، وهو ما يزيد من توتره والضغط العصبي الذي يساهم في زيادة الحالة بدلاً من حلها، وبالتالي فالهدوء واللامبالاة أثناء حديث الطفل بهذه الطريقة من أهم ما يجب تحريه مع الطفل للتعامل مع حالته تلك.
ج - التعامل معه بشكل ليس فيه تعاطف زائد عن الطبيعي، فمثلاً حين يبدأ بالكلام ويبدأ في التأتأة بتكرار حرف الألف مثلاً ليقول (أنا) فيجب ألا نقول له: "حاول وستستطيع"، أو "مهلاً وستنطقها"، أو "بهدوء وستنجح".. كل هذه العبارات التشجيعية ستؤصل عنده شعوره بالمشكلة، بل يجب أن يقال له: "(أنت ماذا؟) فهمت قصدك ماذا تريد يا حبيبي" كما يدور الحوار العادي مع باقي إخوته والمحيطين به.
- منع إخوانه أو أقرانه من أطفال وأبناء العائلة من السخرية منه، مع محاولة تجنب لفت نظر الآخرين لحالته، أو لفت نظره لشعورهم بالتعاطف معه لاختلافه عمن حوله.
د - توجيه أفراد العائلة ومن تختلط بهم الأسرة إلى أهمية عدم إثارة الموضوع أو التعليق على الطفل أو لفت نظره.
هـ – محاولة منع تعرض الطفل لموقف مفاجئ يربكه ويزيد تلعثمه، وخاصة أمام الناس كأن يسأله أحد سؤالاً مفاجئًا لم يستعد له، فالشخص الكبير يسهم عنصر المفاجأة في إرباكه، وانزعاجه، وبعثرة أفكاره أحيانًا، وهو ما يتطلب منه برهة لإعادة تنظيم أفكاره وإجابته، فكيف الحال مع الطفل الصغير.
أختي الحبيبة..
اعذريني إن كنت قد أطلت عليك، ولكن الأمر يستحق، وأرجو أن أستقبل منك رسالة جديدة في أقرب وقت توافيني فيها بأخبار أنس السعيدة. بارك الله تعالى لك فيه وفي إخوته، وأعانك على إحسان تربيتهم.
ـــــــــــــ(103/181)
رفض المدرسة غضبا ... العنوان
تعاني أختي من كثرة نوبات الغضب أثناء الدراسة، وهي في الصف الثاني الأساسي، وطالما عانت المعلمة من كثرة الغضب الذي يعتريها. فما الحل الذي يجب أن تتبعه المعلمة بالأخص مع هذه الطفلة؟.. ولكم جزيل الشكر، ووفقكم الله لما فيه الخير.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة نوال.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلاً بك ومرحبًا، وإن كنت لا أعلم سنك، لكن يبدو أن عمر حنانك أكبر بكثير من سنك بسبب باهتمامك بأختك وشئونها وسط هذه الكوكبة من الإخوة والأخوات التي تكمل في مجموعها إذا أضفنا إليها الوالد والوالدة نفس العدد الذي رآه يوسف الصديق عليه السلام في رؤياه: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} (يوسف: 4)، جعلكم الله تعالى جميعًا من النجوم الزاهرة، وأدام بفضله ومنِّه بينكم الود والعطف والرحمة.
أختي الكريمة.. معذرة إن كان الرد على أسئلتك بأسئلة مثلها، فحديثك كان مقتضبًا جدًّا، ولعله من شدة قلقك على أختك الصغيرة، فمسألة الغضب الذي يعتريها أثناء الدراسة يضع علامة استفهام كبيرة بحثًا عن الأسباب الحقيقة وراءه، فما هو إلا مظهر أو عرض لما وراءه، وهناك العديد من الاحتمالات توضحها الأسئلة التالية:
- أولاً: هل تدرس لها بالفصل مدرّسة واحدة أم أكثر؟ فقد قلت: "ولطالما عانت المعلمة من كثرة الغضب الذي يعتريها.."، فإذا كان يدرس لها أكثر من مدرسة، ويعتريها الغضب من المعلمة المذكورة فقط فإن السبب يكون في هذه المدرّسة، فربما لا تستطيع استيعاب أختك أو تعاملها بطريقة لا تقبلها أختك ولا تستطيع التعايش معها؟
وإذا كان غضبها فعلاً من هذه المدرسة دون غيرها فلا بد من التحدث مع الطفلة والسماع منها حول شعورها نحو هذه المدرسة وانطباعها عن معاملتها لها، ومدى إنجاز الطفلة في مادة هذه المدرّسة، وكذلك الحديث مع المدرّسة نفسها دون توجيه اتهام لها وبطريقة لطيفة. وسنورد تفاصيل لذلك في رابط بنهاية الاستشارة.
أما إذا كانت الطفلة تعطيها هذه المعلمة فقط، فهنا بالإضافة إلى معرفة ما قلته سابقًا حول المعلمة وعلاقتها بالطفلة، يجب الإجابة عن هذا السؤال أيضًا:
قلت: "تعاني أختي من كثرة نوبات الغضب أثناء الدراسة"، وهنا أسأل: ماذا تعنين بقولك "أثناء الدراسة" هل أثناء اليوم الدراسي فقط، في حين أن حياتها خارج المدرسة هادئة ولا يعتريها فيها نوبات الغضب هذه؟
وبمعنى آخر: ما طبيعتها خارج المدرسة؟
فإذا كانت هادئة خارج المدرسة فمعنى هذا أنها ربما تعاني من مشكلة دراسية ما، هي التي تسبب لها هذا الغضب حين تشعر بعدم القدرة على الفهم أو الإنجاز في النواحي الدراسية. ولا أعني أنها تعاني من نقص في الذكاء، لكن ربما تعاني نقصًا في القدرة على الاستيعاب، وهذا أمر لا يحسمه إلا المختصون.
فبعض الأطفال يعانون من صعوبات في التعلم، بمعنى أن قدرتهم على استيعاب مادة معينة تعوزها مشكلة بينما يكونون قادرين على استيعاب باقي المواد، بل ومتفوقين فيها، وبعد تقييمهم بعد إجراء بعض الاختبارات عليهم وخضوعهم لتدريبات معينة يتحسن أداؤهم الدراسي بشكل كبير ويتحسنون سلوكيًّا بعد علاج السبب لضيقهم.
وربما كانت أختك تعاني من مشاكل تحصيلية أو صعوبات في التعلم.
وسنورد لك في نهاية الاستشارة استشارة أخرى قمنا بالتعريف فيها بصعوبات التعلم.
وحتى توافينا بإجابة هذه الاستفسارات، يمكنك الحديث مع مدرّسة الفصل والتفاهم معها حول محاولتها التقرب أكثر من أختك إذا كان الأمر يتعلق بغضبها بسبب الدراسة فقط، بأن تعمل على تشجيعها دائمًا كلما أحرزت تقدمًا دراسيًّا.
مثلاً تقول لها: سوف أحضر لك هدية (كذا) وتسمِّي الهدية إذا أنجزت هذا الامتحان كله صحيحًا، فإذا أنجزته أختك كله تعطيها الهدية، وإذا أنجزت بعضه تعطيها هدية أقل من التي كانت وعدتها به.. المهم أن تشجّع أي قدر من الإنجاز قامت به ولو كان صغيرًا جدًّا.
أو أن تعدها - بالاتفاق معكم طبعًا - أن تذهب بها إلى الملاهي (مدينة الألعاب) إذا اجتازت امتحان الشهر بنسبة فوق 85% مثلاً، وبالفعل تذهب بها إذا أنجزته، وإذا لم تتمكن من إنجازها تبحث عن مكافأة أقل لكن لا بد أن تكافئها. وبالطبع لا بد أن تتحملوا أنتم كافة المصاريف.
هذه مجرد محاولة على طريق فهم الأسباب الحقيقة وراء نوبات الغضب التي تعتريها. وأنا بانتظار الأخبار.
ـــــــــــــ(103/182)
مهرجان المراهقة الإبداعي ... العنوان
بسم الله.. في البداية جزاكم الله خيرًا على هذه الجهود المباركة التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيكم بها أعلى الدرجات يوم القيامة.
أنا أم لثلاثة أطفال أعمارهم: 12 و11 و7، ولديّ مشكلة مع الأوسط منهم.
ولدِي هذا ذكي جدًّا، ولديه قدرة عالية على الحفظ وعلى تذكر الأحداث السابقة، ولكنه دائمًا غير راضٍ ويمل من كل شيء، لا يطيع الأوامر أو يتباطأ في تأديتها وكلمته التقليدية: لا أريد أن أفعل ذلك.
لا يتقبل تناول الإفطار أو شرب الحليب، لا يقبل بعض أنواع الطعام وإن كان يرغبها في وقت سابق، يريد معرفة كل كلمة تقال بيني وبين أبيه، يلقبه البعض بـ(رويترز)؛ لأنه لا يسمع كلمة إلا أخبر بها من حوله ولو لم يكن لهم علاقة بالأمر، يؤذي أخته الصغرى دون سبب حتى تفقد أعصابها، يرفض حفظ القرآن برغم التحفيز والترغيب الشديدين، كل همّه لعب الكرة ومتابعة المباريات، ثم اللعب على الحاسوب.. يتسبب كل ذلك في غضبنا والصياح عليه وأحيانًا معاقبته بالضرب، ونحن معه في معاناة يومية.
أفيدونا بارك الله فيكم.
... السؤال
فقدان الشهية ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة.. أم أحمد حفظها الله تعالى/
لا شكر على واجب، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم، وأن يرزقنا معًا أعلى الدرجات.. إنه سميع مجيب.
ولدك الأوسط بطل الاستشارة، هذا الطفل المبدع النشيط الذي لا يعجبه أي شيء بشكله العادي، إنه يريد كل شيء مختلفًا، ويريد أن يكون مختلفًا، هكذا هم الأذكياء والمبدعون.
قد تستغربين كلامي عنه بهذا الشكل، فكل ما شكوتِه عنه من سلبياته هي دلائل على أنه طفل لا يقبل بالقليل، ولا بالتقليدي، إنه يريد المزيد، وهو لا يعرف كيف، ولا أهله يعرفون كيف، فيحاول أن يعبّر لك عن طبيعته الثورية الإبداعية، وأنت كأي أم تفسرينها بالعناد، والعصيان، وتضييع الأوقات، والفوضى، والمزاجية!.
ليتك ذكرت إيجابيات له غير السلبيات، حتى يمكنك أن تبدئي منها الحل، فأنا أتوقع أنه طفل حنون نشيط، ومشاكساته مع أخته لا تعني بالضرورة عدوانيته، ويحب العمل الجماعي والتعاون والمشاركة مع الآخرين، لكن قد يفوت بعض الأمهات والآباء أن يعلّموا أبناءهم مهارات العيش اليومي، من انسجام، وتعاطف، وتبادل الاحترام، والمحبة، والتفهم، وغيرها...
ونريد أبناءنا أن يكونوا مطيعين، يعيشون كالآلة المبرمجة: يأكل، ويشرب، ويلعب، ويتكلم، وينام، ويدرس كما نريد نحن فقط. وننسى ما يريد هو وما تريده طبيعته، وما حباه الله تعالى من إمكانيات.
أختي أم أحمد:
أشير لك بأمر هام، وهو أن التغيير الذي ننشده لا يأتي بتلك السرعة؛ لأن تربية النفوس من أصعب المهمات؛ لأنها متعلقة بالنفس الإنسانية العميقة التفاصيل، والمحتاجة لكل حساسية واهتمام وتفتح بالتعامل معها...
علينا أولاً أن نتفق على الصورة التي نريد عليها ولدًا كابنك؛ لأن بعض التصرفات بلا شك هي غير مقبولة.
وعلينا أن نقبل منه الحد الأدنى من التغيير في البداية. ولا يصح أن نطالبه بالكثير أو أن يتصرف كالكبار تمامًا، فنحن لم نكن نتصرف كالكبار ونحن في مثل سنه.
أليس كذلك يا أم أحمد؟
ثم إن كثرة النقد المتواصل للسلوك غير الناضج الذي نشاهد ولدنا يتصرف به يفاقم المشكلة، فلا بد أنك منذ زمن غير قليل وأنت تقدمين له حزمة كبيرة من النصائح، والأوامر، والانتقادات، والتعليمات.. هل عدل ذلك في سلوكه شيئًا؟؟
في إحدى المرات سألت بعض الأطفال في سن ولدك (كتابة) عن أكثر الكلمات التي تقال لهم من قبل والديهم يوميًا؟
تصوّري أن كل واحد منهم كتب حوالي عشرين كلمة كلها أوامر:
(اجلس، نم، كل، لا تخرج، لا تأكل هذا، البس جيدًا، اغسل يديك، لا تصرخ، رتب شعرك، ارفع ألعابك، هل أديت واجباتك... إلخ).
ثم قال لي أحدهم: أنا إن جلست قالت أمي اجلس جيدًا، وإن جلست جيدًا قالت لي: قم إلى دروسك، وإذا خرجت قالت: ادخل الآن، وإذا دخلت قالت لي: اخرج لأخذ القمامة، وهكذا!...
إن عالم أفكار الأطفال يختلف تمامًا عما نفكر فيه نحن، وهم مقتنعون كليًّا أنهم على حق، وأن الكبار مزعجون وكثيرو الأوامر، بغضِّ النظر عن ميزان الصحيح والخطأ الذي يسيطر على أذهاننا نحن الكبار.
جاءني بالأمس فتى عمره 12 عامًا، معدله المدرسي 98% يشكو لي من والديه أنهم وبّخوه؛ لأن معدله كان العام الماضي 99% واليوم هو 98%، وهم دائمًا يشعرونه أنه مقصر ولا يؤدي المطلوب!.
وأعرف جيدًا أنه ولد خلوق ومتدين وذكي، ولكن والديه قد يقضيان على كل ذلك إذا بقوا يطلبون منه المزيد بلا حدود.
أعود للصورة التي نريد عليها ولدك العزيز:
نريده أن يبقى نشيطًا يتابع المباريات، ونريده لاعبًا جيدًا، ومتفوقًا في دراسته لأنه ذكي، يحترمنا ونحترمه، يحب أخته ويشاركها اللعب، يحب الحياة الاجتماعية والجلوس إلى الوالدين...
ما رأيك بهذه الصورة التي أخذتها من استشارتك؟!
أولاً: علينا أن نوقف سيل "الاتهامات" والانتقادات والأوامر المباشرة له.
لا أعني ترك حبله على الغارب، ولكن كما أسلفت لك، تفْقِد أوامرنا ونواهينا قيمتها عندما تزيد عن حدها.
اتركي له مساحة حرية عالية.. أن يأكل أو لا يأكل ما يريد، ولكن حددي أوقاتًا للطعام العائلي لا يسمح بعدها بدخول المطبخ لوضع وجبة فطور أخرى. وسيحترم أوقات الطعام والإفطار حتمًا إذا جعلنا هذا وقتًا جميلاً تجلس فيه الأسرة تتكلم وتتضاحك، وهو يحب الاستماع للكلام، ومشاركة الأبوين لشرب الحليب والفطور مع الجميع يجعل من وقت الطعام فترة جميلة ينتظرها الابن.
واقبلي منه أن يأكل ولو شيئًا يسيرًا ما دام يشارك، وتوقفي تمامًا عن تعليماتك الصباحية حول ضرورة الحليب للأسنان، والطعام للدماغ، ودعيه على راحته، ستجدين بإذن الله سبحانه أنه سيشارك عائلته، فكلما شعر أنك ترضين سوف يقبل أكثر، رغم طبيعته المشاكسة والمعاكسة، ولا تشعريه بأنك حزينة لأنه لا يأكل، فبعض الأطفال يتمتعون وهم يشاهدون مظاهر الحزن على وجه الأم بسبب عدم تناولهم للطعام؛ لأنه يضمن الحصول على كامل اهتمامك تلك الساعة، خاصة إذا كنت تدللين إخوانه.
وعادة يبحث الطفل الأوسط عن التميز ويحاول إثبات وجوده، ويكون أكثر ثورية ومحاولة ليكون شيئًا مختلفًا عن إخوته وملفتًا للنظر.
ثانيًا: صاحبيه أنت ووالده، واحترمي رأيه وخذيه معك إلى بعض الزيارات التي يحبها، أو السوق وخذي برأيه أحيانًا، ووضّحي له عدم الأخذ برأيه إن حصل ذلك، وجّهي والده ليعطيه بعض الاهتمام، كاصطحابه للمسجد أو النادي أو للزيارات وجلسات الرجال، وليكن وحده، فهو يريد اهتمامًا خاصًّا.
ويمكن الخروج معه وحده إلى المطعم أو أي مكان يحبه، وأعطه الفرصة للسهر معكما أحيانًا، ولا تجعلي النوم المبكر قضية خطيرة، تجاوزي ذلك، وتدريجيًّا سوف يذهب للنوم وحده بعدما يتخلص من قلقه ويطمئن أكثر إليكما.
ثالثًا: لا تجعلي توقعاتك أكثر من إمكانياته، ولا تطلبي منه أكثر مما يستطيع سواء في العلاقات أو الطعام أو حفظ القرآن الكريم، أو غيره ولا تقولي أعرف أنه يستطيع؛ لأن المشكلة لا تكون دائمًا مسألة استطاعة وقدرات بقدر ما تكون مسألة حالة نفسية ورغبة، وكلاهما يحتاجان إلى مراعاة كبيرة وتفهم وتقبل بلا شروط، فلا تجعليه يشعر أنك تحبينه ما دام هادئًا متفوقًا، ثم لا تقدمين له المحبة والقبلة في غير ذلك، لا تحرميه أبدًا محبتك وعطفك في كل الأوقات فقد يتصرف بمشاكسة؛ لأنه لا يحصل بسهولة على محبتك فيشعر باليأس.
رابعًا: عندما تجلسين معه أنت ووالده في وقت هدوء، قوما بمناقشته ببعض سلوكياته، ولكن ليس بعقد محاكمة وتحقيق وتأنيب.
إن ولدك لديه الذكاء الكافي لتتفاهمي معه، ناقشيه باحترام الآخرين، والعطف على إخوته، ومشاركته للآخرين، وسلوكه غير الناضج...
استمعي له بإنصات لتتفهمي وجهة نظره، ودعيه يستنتج الحلول بنفسه معك، ولكن لا تجعلي كل سهرة حديثك حول ذلك، وإذا تمت مناقشة مشكلة ما فلا تعودي تؤنبيه وتعطيه المواعظ مرة أخرى وثانية وثالثة؛ لئلا تفقد تأثيرها عليه، وكلما قلّلت من وقت النصائح كان أثرها أكثر. ولا أقترح إعطاء موعظة أو تأنيب لأكثر من ثلاث دقائق.
خامسًا: الطفل الملول وغير الصبور لا يشعر بأهمية إتمام الأعمال، وهو يقول لنفسه دائمًا: "أريد أن أفعل شيئًا آخر"، ويفتقد إلى الصبر والمثابرة والحماس. إن خير ما يُعلِّم الابن المثابرة والصبر تعلّم الرياضة باحتراف، والانضمام إلى مدرِّب، خاصة الرياضة اليابانية (كراتيه، تايكوندو... إلخ)، فهي تنظم الطفل المشتت وغير الناضج والملول والمشاكس، وتهذّب أحاسيسه، وتمنح ذهنه قدرة أعلى على الرغبة بالإنجاز وإتمام الأعمال والتعاطف مع الآخرين، وتفريغ الطاقات.
سادسًا: تدريبه بشكل فردي على الحديث مع نفسه بشكل إيجابي، فإذا ما تهوّر في عمل ما فعليه أن يقول لنفسه: "اهدأ وعدّ للعشرة ... " أو: "أنت شخص ذكي لا تتصرف بشكل غير مقبول". ويمكن أن تجلسي معه وتضعا قائمة من العبارات الإيجابية التي يمكن أن يقولها لنفسه في المواقف المختلفة، خاصة فيما يختص بمضايقته لأخته.
سابعًا: إشعاره بالاحتجاج والرفض لبعض التصرفات وعدم قبولها، ولكن دون ضرب أو توبيخ، ويكفي أن تظهري احتجاجك وتقاطعيه بالكلام، وتعطي تعاطفك لشقيقته عندما يضايقها، فهذا أبلغ أثرًا من ضربه أو غيره من الوسائل التي ينتظرها ليتمتع بمشهد غضبك أحيانًا!.
ثامنًا: تشجيعه على تكوين صداقات واحترام أصدقائه ودعوتهم للمنزل، فالأصحاب يساهمون بشكل كبير في تعديل سلوك بعضهم البعض (إذا كانوا غير منحرفين)، ويوفّرون لبعضهم البعض طرقًا للتنفيس، والكلام، والدعم، والتشجيع، وتنتظم الطاقات العاطفية والاجتماعية.
وأخيرًا.. أختي الغالية أم أحمد:
إن ولدك يحتاج إليك كثيرًا فصاحبيه أولاً لتكسبيه. أرجو منك تزويدنا بنتائج أعمالك مع ولدك بعد فترة كافية من التجربة، ولا أشك أن ولدك سيصبح مميزًا بإذن الله تعالى، فوراءه والدان مميزان كذلك.
ـــــــــــــ(103/183)
أصحاب الحق في الحياة ... العنوان
أنا مدرس بدولة الإمارات لديّ طالب يعاني من إعاقة في يده وقدمه اليمنى، وبمناقشة أهله في سيرته السابقة اتضح أنه لم يتم تدريبه من الصغر على استخدام اليد اليسرى لتكون عوضًا عن إعاقته، بل ترك يحاول تارة استخدام اليد اليمنى أو اليسرى، حسبما تتاح له ظروفه، وكذلك هو راسب بالصف الأول، وأسرته ترفض إلحاقه بفصول ذوي الاحتياجات الخاصة.. أرجو إرشادي لكيفية التعامل مع هذه الحالة.
... السؤال
ذوو الاحتياجات الخاصة ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل.. يسعدني اهتمام المعلمين والمعلمات بأمور الطلاب والطالبات.. بارك الله لك، وجزاك خير الجزاء، وأكثرَ من أمثالك.
أخي الفاضل.. للمشكلة التي تطرقت إليها شقان:
الأول: التعامل مع الطفل مباشرة، فحسب وصفك يبدو أنه يعاني من شلل دماغي -إذا كانت الإصابة منذ الولادة أو خلال أول سنتين من الحياة- أو أن ما حدث له هو نتيجة جلطة على الجزء المعاكس من الدماغ -الأيمن-، وإذا كان التشخيص الأول فأعتقد أنه هناك أمور أخرى غير مهارات الحركة، فأصيبت أيضًا مثل: النطق، واللغة، والتفكير، والذاكرة، وسواها.
أما إذا كانت إثر جلطة أو حادث، وكانت الإصابة فقط بالجزء الأيمن من الدماغ، وحدثت الإصابة بعد اكتساب اللغة فقد يكون الأثر محصورًا في الحركة -اليد والقدم- وبعض المهارات، مثل: الذاكرة، والمهارات الرياضية الحسابية، وغيرها.
على كل حال الطفل يجب أن يقيم تقييمًا شاملاً يشمل مهارات النطق، واللغة، والذكاء، والذاكرة، والمهارات اليدوية الدقيقة مثل: الأكل، والشرب، وارتداء الملابس، والرسم والكتابة، والجسدية الكبيرة مثل: المشي، والركض، وصعود الدرج. وبعد التقييم من قبل اختصاصين يتم وضع برنامج تدريب حسب ما ينقص الطفل من مهارات.
ودورك كمعلم هو الطلب من الإدارة التعاون معكم في ذلك أو الطلب من أي مركز يقدم هذه الخدمات أن يجري هذه الاختبارات للطفل. وإرشادكم لما تستطيعون تقديمه في المدرسة حسب إمكاناتكم المتوفرة.
أما في حال صعوبة تحقيق ذلك فيمكنك مشكورًا زيارة أي مركز يقدم مثل هذه الخدمات، وطلب المساعدة منهم في شرح طرق تساعدك في التعامل مع الطفل.
وباختصار شديد هذه بعض الأفكار:
بالنسبة لمهارات استخدام اليدين فيمكن استخدام المعجون، والعجين، والرغوة، والرمل، والتراب، وغيرها لعمل أشكال مثل الدوائر والأحرف وغيرها، وذلك بوضع التراب أو الرمل على صينية مع رش قليل من ماء على الرمل؛ لتكون مقاومته أكبر عند الكتابة عليه، وتقوم بإحضار الصينية أمام الطالب، وأن تحملها بكل هدوء بكلتا يديك، ثم تضعها على منضدة وتجلس الطالب بجوارك على عكس اليد التي تستخدمها فإذا كنت تكتب بديك اليمنى أجلسه على شمالك والعكس؛ لتكون الرؤية واضحة بالنسبة له، ثم قم بكل هدوء وباستخدام إصبعي الكتابة برسم الحرف على الرمل عن طريق حفره، ثم بعد أن تنتهي قم بتسوية الرمل وقل له جاء دورك، واتبع ذلك في كل الحروف.
- يمكن التدريب باستخدام:
1- ملاقط الغسيل: وهدف هذا التمرين هو تدريب عضلات اليد الدقيقة المستخدمة في الكتابة، وذلك باستخدام ملاقط الغسيل الكبيرة وطبق من الخوص، مثل الذي يوضع فيه الخبز، وبنفس الطريقة احمل الطبق بكلتا يديك وضعه على المنضدة، ثم امسك الملقاط بأصابع الكتابة الثلاثة، وقم بفتحه ثم تثبيته بشكل رأسي في حافة الطبق.. وهكذا حتى تتم تثبيت كل الملاقط،، ثم بعد الانتهاء من تثبيتها قم بنزعها واحدة واحدة بنفس الهدوء وباستخدام أصابع الكتابة الثلاثة، وبعد نزع الملقط قم بوضعه في وسط الطبق حتى تمام نزعهم جميعًا، ثم قل للطالب جاء دورك ليقوم بكل الخطوات تثبيت الملاقط ثم نزعها.
2- الخرز: وهدف هذا التمرين تمرين عضلات القبض، قم بإحضار طبقين متساوين في الحجم عميقين وضعهم على صينية ثم ضع في أحدهما خرز من حجم متوسط نسبيًّا، وقم باتباع نفس قواعد التمرين السابقة، قم بنقل الخرز من الطبق الممتلئ إلى الطبق الفارغ على دفعات عن طريق القبض أو الاغتراف، وهكذا حتى تنقله كله إلى الطبق الفارغ، ثم قم بإعادته مرة ثانية إلى الطبق الأول، ثم اطلب من الطالب القيام بذلك.
3- المربعات التي تدخل ببعضها والحلقات.
- تدريب الطفل على مهارات التنظيف وارتداء الملابس وخلعها، مثل فك الأزرار والسّحابة.
- مهارات ما قبل الكتابة مثل التلوين داخل حيّز واتباع الخطوط المنقطة تمهيدًا للتدرب على كتابة الأرقام والحروف.
أما بالنسبة للمهارات المدرسية فيجب استعمال الشرح بطريقة مبسطة، واستعمال تقديم المعلومات عن طريق جميع الحواس وليس السمع فقط، وتحليل المنهج بشكل مناسب لقدرات الطفل، وعدم الانتقال من مهارته قبل تثبيت التي قبلها، والإعادة والتكرار، وإعادة صياغة المعلومة.
أما الشق الثاني: من المشكلة فهو الأهل فيجب عمل برنامج إرشاد أسري لهم بحيث يتم شرح طبيعة مشكلة الطفل وقدراته، وما هو متوقع منه، والخدمات التي يحتاجها، ويمكنك الاستعانة بالمرشد الاجتماعي في المدرسة إذا توفر والمدير وبعض المختصين إذا استطعتم توفيرهم والحصول على مساعدتهم في هذا المجال.
وأخيرًا..
أعانك الله عز وجل على هذه المسئولية، وأكثر الله تعالى من أمثالك الذين لا يهتمون فقط بأنفسهم، بل يكونون عونًا لكل من يحتاج العون. بارك الله لك في علمك وعملك، ووافينا بالتطورات.
ـــــــــــــ(103/184)
التدريس بين الرسالة والفرض ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. أستاذي: أطلب نصحك وإرشادك. إنني مدرس للسنة الأولى بالمرحلة المتوسطة (13 سنة). ولله الحمد استطعت أن أكسب ود الكثير من الطلاب. وإنني أحاول دائمًا بجانب مهمتي التدريسية (العلمية) أن أنصح الطلاب في السلوكيات الخاطئة، وأتخذ دائمًا أسلوب القصص في تعديل قدواتهم الغربية التافهة، وأربطهم بماضيهم الإسلامي العظيم. هل هذا الأسلوب جيد؟ مع العلم أنني أدرس في مرحلة متوسطة، فكثيرًا ما أفكر بأن هذا الأسلوب كبير عليهم. لا تحرمني من بعض النصائح فقد أحاطت بي المثبطات. وأنا دائمًا أسعى في النهوض بهؤلاء الشباب الصالحين.
... السؤال
تعليمي ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يا أخي الفاضل، وأودّ أن أبدأ حديثي معك بأن أهنئك على عملك العظيم الذي أسأل الله عز وجل أن يتقبله منك ويجعله في ميزان حسناتك، فعساه أن يكون مما لا ينقطع عنك أجره وثوابه حتى قيام الساعة، فقد ورد في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".. ويقول الشاعر عن ضرورة ما تفعل:
وينفع الأدب الأحداث في صغر******وليس ينفع عند الشيبة الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت******ولن يلين إذا قومته الخشب
وكما هنأتك على عملك العظيم أحب أن أهنئك على كسبك لقلوب طلابك كما أشرت في سؤالك، فتلك هي الجولة الأولى التي اجتزتها بنجاح والحمد لله، فأنت الآن على أرض صلبة يمكنك الانطلاق منها بكل قوة لترسيخ وغرس كل خير في نفوس طلابك. كل ما نحتاج لمناقشته سويًّا هو الطرق المتعددة والمختلفة لتنفيذ هذه المهمة.
ويُعَدّ أسلوب القصص من أنجح الوسائل التي تصلح لجميع الأعمار لتوصيل المعلومة في إطار شيق؛ فالقصة وسيلة لتحقيق الهدف، ولكن قبل استخدامها لا بد من أن نطرح سؤالين:
1 - لماذا نحكي القصة؟
2 - كيف نحكي القصة؟
فكيفية رواية القصة أمر هام في جذب انتباه المتلقي واستدراجه لما نريد قوله، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، حيث كان يستخدم هذا الأسلوب ببراعة في مواقف مختلفة.
ومن أبرع الطرق لاستخدام القصة في النصح بعيدًا عن التوجيه المباشر هو أن تبث طلابك ما تريد من خلالهم هم أنفسهم، وذلك عن طريق استدراجهم بالأسئلة قبل وأثناء رواية القصة حتى تنطق ألسنتهم هم أنفسهم بما تريد أنت أن تقوله.
ولا يشترط للقصة أن تكون من السيرة، بل من الممكن أن تكون قصة لرمز من رموز الطموح أو النجاح في التاريخ الحديث لغرس هذا المعنى في أذهانهم، كما يمكن أن تطلب أنت منهم أن يشاركوا في رواية قصص عن النجاح أو الصدق أو العطاء أو الجدية في العمل أو غيرها من القيم التي يمكن أن تستخدم القصة المستمدة من مواقف الحياة اليومية أو الحقيقية في غرسها وإبرازها.
أخي الكريم.. إن السن الذي تتعامل معها فيه تتضح شخصيات الأبناء، وتظهر سلوكياتهم بوضوح؛ لذا فإن التعامل معه يحتاج لمراعاة بعض الأمور:
أولاً: يجب عدم الفصل بين المادة العلمية التي تقوم بتدريسها وبين النصح، بحيث تصبح فقرة النصح فقرة منفصلة يمكنهم ألا يتابعوها أو ألا ينتبهوا لها حين يحين موعدها، أما الدمج بين الأمرين يسهل استيعابهم لكل ما يقال، فيمكن أن تكون القيمة التي تريد لهم استيعابها هي مقدمة تمهيدك لدرسك ومدخلك إليه، فيكون المدخل مثلاً لشرح شيء عن الطفو (فيزياء) هو الحديث عن قصة سيدنا نوح –عليه السلام- مثلاً وصناعته للسفينة التي لم ينجُ من الطوفان إلا من ركبها وآمن بالله تعالى، وأن من ظن أن جبلاً يعصمه من أمر الله هلك برغم كونه ابن نبي، فلا وساطة إلا لعمل الإنسان وصلاحه وتقواه، لتدخل من ذلك إلى الدرس عن الطفو، وهكذا...، واعذرني على إعطاء مثالاً بالفيزياء فأنت لم تحدد المادة التي تقوم بتدريسها.
ثانيًا: التدرج أمر لا غنى عنه لاجتناب الإحباط الذي تحدثت عنه، فلكي تجتنب شعورك بالإحباط -وهو عدم تحقيقك لما كنت ترجوه- لا بد لك أن تتدرج مع طلابك فيما تعلمهم إياه، ولا تنتقل من معلومة لأخرى حتى يهضموا الأولى جيدًا فتأخذ منهم هم أنفسهم الإشارة للاستمرار، فلو لاحظت القبول.. استمر، ولو شعرت منهم بالملل أو الاكتفاء.. توقف، وتعامل بكل دقة مع ردود أفعال الأبناء.
ثالثًا: إن النجاح في التعامل مع هذه السن تحتاج لثلاثة أمور:
1 - الإخلاص.
2 - الاستعانة بالله تعالى.
3 - الأخذ بالأسباب.
ومما يظهر في سؤالك أن الإخلاص لديك موجود –جعل الله سرك خيرًا من علانيتك وجعل كليهما خيرًا–، والأخذ بالأسباب هو ما نحاول فعله معًا من خلال هذه الإجابة، أما الاستعانة بالله عز وجل فهي ما أوصيك به، فالدعاء والتماس توفيق الله سبحانه وعونه هما من أهم أسباب نجاح مهمتك إن شاء الله تعالى.
رابعًا: لا تنسَ أن أبناءنا في حاجة إلى المدح والثناء لما يقومون به من عمل في غير مبالغة أو مداهنة، وقد قيل "حدث عن الخير ينتشر"، وتذكر براعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أراد أن ينصح عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- بقيام الليل، وهو أمر قد غفل عنه، فقال بأسلوب محبب للنفس: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل"، فكان بعدها لا ينام من الليل إلا قليلاً، ولاحظ أن يكون الثناء محددًا ليتصف بمصداقية أكثر، فمدح العمل الطيب خير من مدح الذات نفسها، فنثني على ما يقوم به الابن وليس على شخصه؛ ليسعى لفعل المزيد والمزيد من الأعمال الطيبة التي تلقى الإعجاب والتقدير.
خامسًا: حاول دائمًا أن توجد لديهم أو تساعدهم في إيجاد هدف يربطون به كافة تصرفاتهم، فالتفكير في الهدف يمنح دافعية وقوة في محاولة الوصول إليه، والتعرف على مشاعر الابن، وانطباعاته، وآماله، ومشاركته التخطيط لأهدافه بما يتناسب مع قدراته وطاقاته ومواهبه، وتوجيه هذه الطاقات مع مناقشة الصعوبات معه في هذا الطريق.. كل ذلك يعمل على تطوير الوعي الذاتي، وهو ما يؤدي للنجاح والشعور بالقبول في حياته ممن حوله، وهو ما ينمّي مفهوم الذات الإيجابي، ويمنح القدرة على استثمار كل طاقة، ويجعل نظرته للمستقبل قائمة على التخطيط والتنظيم بعيدًا عن التيه والحيرة التي يسببها عدم وجود هدف.
أخي الفاضل.. ما زلت في انتظار مزيد من استفساراتك، وأرحب بمشاركتك في عملك العظيم وهو النهوض بتلاميذك الذين تصفهم بالشباب الصالحين.. فيالها من رسالة عظيمة أشرف بمشاركتك في أدائها، ويسعدني المساهمة في حل أي مشكلات تواجهها أو التغلب على المحبطات التي ذكرتها في رسالتك، والله أدعو أن يوفقك لكل خير.
ـــــــــــــ(103/185)
الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟ ... العنوان
كيف لي أن أقيم جسر صراحة وصداقة مع طفلتي(سنتان )؟ ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عزيزتي..
تسألين عن الصداقة مع بنت السنتين وكان سؤالك: كيف؟ وهذا بالتأكيد يدل على عبورك نقطة مهمة في حياة الأم لأول مرة: هل أصادق ابنتي أم أظل لها أمًّا لها هيبتها، وأتعامل معها على أنها طفلة دائمًا؟ وشتان بين الفلسفتين: فلسفة الترافق والصداقة في الحياة، وفلسفة التحكم في سير الحياة.
وأظن الإجابة ستكون كالآتي:
* إبداء الحب بمفردات طفلتك وليس بمفرداتك أنت، فالطفل يصله الحب حين أربت بحنان على كتفه، أو أتلمس شعره، أو أضمه إلى قلبي، أو أبتسم ابتسامة صادقة له، أو أغني معه، أو أندهش مثله، أو ألعب معه ما يحبه من ألعاب أو أرقص معه، أو أمثل له أو أعطيه ما يجب (دون إفراط).. بهذه المفردات البسيطة الرقيقة نقول للطفل: نحن نحبك. وليس كما يتصور البعض، بل ويرددون على مسامع الطفل: نحن نلبسك أفخم الملابس، ونحضر لك أغلى الأطعمة، وندخلك أغلى المدارس... الطفل خاصة في سنوات عمره الأولى لم تدخل مفردات المادة في حياته وعساها لا تدخل أبدًا.
* وحاولي من البداية فهم طفلتك، فلكل طفل طبيعة خاصة، فلا تحاولي فرض تصرفات بعينها عليها في طريقة الكلام، الملابس، اللعب... أعطيها قدرًا مناسبًا للحرية لتنمو شخصيتها الأصلية؛ حتى لا تتحول لدمية تتحرك لإرضائك فقط، وليكن حدود توجيهك بميزان واحد لا يختل (الحلال والحرام - الأمن والسلامة) ودون مغالاة في الأمر ودون تفريط.
* الصداقة تنمو مع الكلمات الرقيقة والتعبيرات الرقيقة التي تحمل معنى الحب والتقدير لكل تصرف جميل. فعلّمي ابنتك الكلمات الرقيقة.. علِّميها أن تعبّر لك وللآخرين عن حبها فقد أمرنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- بذلك، علّميها أن تشكر وتقدر ما يقدم لها، وتعبر باللفظ والحركة والإيماءة واللفتة عن ذلك.. فالتقدير والتعبير عن الحب يقوي العلاقة بين أي شخصين، فما بالك بين الأم وابنتها.
* أشعريها دائمًا بالاهتمام والمشاركة. ابحثي من الآن عن هوايات مشتركة، فلا تقحميها على اهتماماتك، فلعلها غير راغبة فيها، ولكن إن أبدت اهتمامًا بجزئية فيما تفعلين فاجعلي هذه الجزئية هي جسر للتواصل بينكما.
* اشرحي لها دائمًا وصف ما تفعلين، كأن تقولي: ماما الآن ستذهب لفعل كذا، كم أتمنى أن أجد صديقة جميلة تشاركني هذا.. ودعي لها قبول عرضك بالصداقة وكذلك المشاركة..
* أشعريها أنها صاحبة رأي وقرار يحترم، فاحكي لها عن شيء ضايقك أو أسعدك، واتركي لها الفرصة لتخفف عنك. كذلك اسأليها عن تصرف مناسب، واسأليها: أتصرف بهذه الطريقة أم بتلك؟ بالطبع اختاري المواقف السهلة والتي تكوني أعطيتها خبرة سابقة بها، ولا مانع بالطبع لو اختلقت الموقف.
* اصطحبيها معك للمطبخ، واشرحي لها ودعيها تشاركك، وكذلك أثناء الشراء، وأعمال المنزل.. على ألا يكون بينكما صمت أبدًا، بل تبادل حوار مستمر لا ينقطع.
* ابتعدي عزيزتي عن النقد، فلا شيء يهدم مثله، فهو يهدم شخصية الطفلة، كذلك يهدم الصداقة بينكما.
الإنصات الجيد وسيلة رائعة لفهم الآخرين وعلاقتنا بأبنائنا. يفعل الإنصات الكثير؛ فهو فضلاً عن إتاحة الفرصة للاستماع دون مقاطعة بفهم، وتفهم لشخصية هذا الابن، فإنه يعطي الابنة إحساسًا بالأهمية، وبأن لديها شيئًا مهمًّا يستمع إليه الآخرون. وهذا يبين كثيرًا ثقتها في نفسها والآخرين. كذلك يعلمها أن تستمع للآخرين، وأن تحاول فهمهم فهمًا صحيحًا.
* أجلسي ابنتك وضميها إليك ضمًّا حانيًا، ثم انظري في عينيها وكلميها كلمات فيها بعض النغم.. دعيها دائمًا تستمع لصوتك وأنت تغنين لها أو تقرئين لها آيات قصيرة من القرآن الكريم، أو تحكين لها قصة صغيرة، ومثلي القصة، وانفعلي معها، وتحركي.. طيري مع طفلتك وبها.. نعم مع الأطفال تنمو الأجنحة.
* الطفل يحب الموسيقى، كما تنميه الموسيقى..اسمعيها.. ودعيها تستمع بها.
* أمسكي بيدها وضعيها في الألوان.. وأخرجي لها عناصر الدهشة والبهجة.. واتركي يدها متحركة تشكّل باللون ما تراه هي في عالمها لمسات صغيرة، فخطوط، فأشكال مسماة، وهكذا...، فعساها تصبح فنانة رائعة.. فكم نحتاج لفنانين مسلمين حقًّا.
خلاصة القول: حب خالص أطلقيه مع الابنة، ومشاركة حقيقية تنمو زهور الصداقة..
ـــــــــــــ(103/186)
صغيري والتعليم في بلاد الغربة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. أحييكم أولاً على هذه الخدمة الطيبة التي تقومون بها، وجزاكم الله خيرًا، أما استشارتي فتتعلق بابني البالغ 4 سنوات، حيث كان يحضر دار حضانة أكثر من سنة تعلم خلالها الحروف والأرقام وحفظ بعض سور القرآن، وهو الآن معي في بلد خليجي.. فهل من الأفضل إرساله لمدرسة أو حضانة السنتين القادمتين أم الاقتصار على تعليمه ما قد يدرسه في المدارس المخصصة لهذا الغرض؟ ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
تعليمي ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في أول الأمر أريد أن أتأسف بشدة لهذا التأخير، ولكن يرجع ذلك إلى شيء قد تسعد به معنا ألا وهو نجاح "شخصية نحكوش" الذي انطلق مع ملف نحكوش يوم 15-9-2002م واستمر لعدة أسابيع، وحقّق النجاح الذي كنا نصبو إليه منذ زمن، فانهالت علينا الاستشارات من كل حدب وصوب حتى كدنا نغرق، ولكن الله سبحانه سلّم وأمسكنا سريعًا بطوق النجاة ألا وهو الـ Counter، وهي تقنية حديثة يمكن من خلالها السيطرة على العدد المتدفق من الأسئلة بحيث لا نستقبل إلا ما يتوافق مع إمكانياتنا الإنتاجية، وهناك في نفس الوقت خطة لزيادة هذه الإنتاجية.
فأحببت فقط بهذه المقدمة أن أستميحك عذرًا لهذا التأخير، ولعلّ هذه الأيام المباركة التي تمر بها تشفع لنا تقصيرنا.
ثم نتمنى ثانيًا أن تكون فترة الانتقال من مصر إلى ذلك البلد الخليجي الذي سافرت إليه قد مرت بسلام. وأهمس في أذنك قبل الدخول في الموضوع بنصيحة سريعة. الطفل في مثل سن ابنك الصغير يحتاج إلى دعم نفسي لا يستهان به بعد نقله من بيئة إلى بيئة جديدة، فبالنسبة له كل شيء جديد بل ومجهول. والمجهول يواجهه الصغير بشيء من الريبة والخوف والحذر. فلا تضغط عليه ليقيم علاقات صداقة سريعًا، ولا تتوقع منه أن يبدي حبه للمنزل الجديد لأول وهلة أو انسجامه مع جيرانه منذ أول أسبوع. هو بحاجة أولاً وأخيرًا إلى دعمه بالحب والحنان والتفهم.
احكِ –إن أحس بشيء من الغربة وعبّر لك عن ذلك- له عن صعوبة التأقلم التي يحس بها البالغون قبل الصغار، ولكن نعمة "شمل الأسرة" نعمة كبيرة؛ ولذا علينا أن يساعد بعضنا بعضًا على المرور من هذه المرحلة.
أما الآن فقد آن الأوان للدخول في غمار الاستشارة:
كما فهمت من الاستشارة أن أمامك 3 اختيارات لا تدري أيًّا منها أنسب لابنك الحبيب: إدخاله حضانة تابعة لمدرسة، بمعنى إدخاله "سلك التعليم المنتظم، وخطوته الأولى الحضانة (المدرسية)، أما الاختيار الثاني إدخال الابن العزيز حضانة مستقلة عن أي مدرسة، حيث يقضي وقتًا مفيدًا طيبًا مع بعض الاستفادة التعليمية كتعلم الحروف والأرقام، وحفظ لقصار السور (إن كانت الحضانة تقدم هذه النوعية من "التعليم").
والاختيار الثالث هو إبقاء الصغير بالمنزل، وقيامك أنت بالعملية التعليمية حتى يصل إلى السن التي يسمح له معها دخول المدرسة بصورة منتظمة (الصف الأول الابتدائي).
لكل اختيار من هذه الاختيارات مميزاته وعيوبه: نعرضها ثم أحاول النظر بصورة موضوعية لأنسب هذه الاختيارات، وإن كانت معرفتك بشخصية الصغير تلعب دورًا في هذا الصدر.
أولاً: اختيار البدء في دخول غمار التعليم المنتظم (رياض الأطفال التابع لمدرسة) سن الابن العزيز مناسب جدًّا لدخول رياض الأطفال الخاص بالمدارسة، فهذا سيتيح له التأقلم منذ فترة مبكرة على إدراك "النظام المدرسي" والتأقلم عليه؛ فهناك دروس، حصص، معلمات، تلاميذ في مثل سنه ستساعده في هذه السن على تعلم فنون مشاركة الآخرين في اللعب والتعلم، فنون العطاء، وفنون الإصغاء واحترامه الآخرين.
وهذا مناسب له لأنه كان قد مرّ بتجربة (دار الحضانة) من ذي قبل ومن الواضح -الحمد لله رب العالمين، بارك الله لك فيه- قد كان "مجتهدًا" وتعلم الكثير بالنسبة لسنه، فهو قد مر بتجربة "التعلم" من قبل. وما عليه الآن هو التعلم بصورة منتظمة في وسط نظام قائم وثابت وسط بيئة محبة رفيقة به يجد فيها كل ما يحتاجه من احترام وقبول.
هناك بعض الأمور لا أحب أن أطلق عليها "عيوب" لهذا الاختيار، ولكنها أمور يوضع في الذهن أن اخترت هذا الاختيار:
أولاً: اختلاف طفلك عن الأطفال الذين حوله، من حيث "اللكنة، اللهجة" التي يتكلم بها، من حيث العادات والتقاليد، وقد يكون من حيث الشكل كالملبس، وإن كانت معظم المدارس توحد زيها لتلافي هذا الاختلاف الشكلي بين التلاميذ.
وبالتالي لا بد من التأكد أن طفلك يملك القدرة على التأقلم مع الآخرين والتعامل معهم بكل سلاسة ويسر بالرغم من ذلك الاختلاف. هذا يقتضي منك أن تضعه في تلك البيئة الخليجية المختلفة بالتدريج.
قم بعدد من الزيارات لجيرانك الخليجيين ليختلط بأولادهم مرتين في الأسبوع مثلاً قبل إقحامه الحياة المدرسية. تجول معه في المتنزهات وساعده على القيام بصداقات جديدة مع "أولاد البلد" الذي تقطن فيه.
وتأكد من قدرته على التواصل مع معلميه، وأن اختلاف اللكنة المصرية لن تمثل له عائقًا.
الاختيار الثاني: إدخال الصغير دار حضانة مستقلة عن النظام المدرسي.. هذا الاختيار فيه ميزة أنه يدرج الصغير في تعرفه وتأقلمه على البيئة الجديدة؛ لأنه يتيح له فرصة التعرف على البيئة الجديدة دون قيود الالتزام المدرسي. وهذا قد يحتاجه طفلك لو كان خجولاً وغير اجتماعي وممن يجدون صعوبة على إقامة صداقات جديدة دون مساعدة من أحد الوالدين. ويكون هذا الاختيار هو الأنسب لو وجدت من طفلك ردود فعل سلبية فيما يتعلق بتأقلمه مع البيئة الجديدة، كأن يعبر لك عن كره لهذه النقلة، وانكماشه في البيت والخوف من الآخرين... إلخ، وكما ذكرت في أول الأمر أنت أدرى بشخصية وطبيعة صغيرك.
أما مشكلات هذا الاختيار هو:
(1) يفوت على الصغير فرصة الدخول في مضمار منظم في هذه السن المناسبة لذلك. ويتم تأجيل هذه الخطوة للسنة القادمة أو التي تليها، ولكن تأجيلها إلى الصف الأول الابتدائي له عيوبه وسلبياته "الضخمة" على شخصية الابن؛ لأننا في هذه الحالة نطالبه بما لا يطيق:
تعلم، والتأقلم على نظام مدرسي صارم حازم مرة واحدة، مطالبته بمتابعة دروس وحصص بنيت في تصميمها على ما تعلمه في رياض الأطفال، ونطالبه احترام المعلمين ومشاركة الآخرين دفعة واحدة دون تدرج.. دون تمهيد.. دون فترة مناسبة للتعرف على مفهوم "الحياة وسط نظام ثابت".
(2) تأكيد أن ابنك سوف يجد له مقعدًا في المدرسة المناسبة التي تختارها إن لم يكن من تلاميذ تلك المدرسة في رياض الأطفال. كما هو الحال في مصر. فلتلاميذ المدرسة الملتحقين في النظام المدرسي منذ رياض الأطفال الأولوية في مقاعد الصفوف الابتدائية.
أما بالنسبة للاختيار الثالث:
إبقاء الصغير بالمنزل وقيام الأم بالعملية التعليمية. هذا الاختيار تلجأ إليه الآن العديد من الأسر في كلا شطري العالم: الغني المتقدم، الفقير النامي.
في العالم الغني هناك تيار جديد ظهر منذ عدة سنوات، يرى في إبقاء الأطفال بالمنزل وتدرب المناهج المدرسية بالمنازل ميزة "عودة العلاقات الأسرية الحميمة" التي قتلتها الحياة المدنية الصاخبة الحديثة التي لا تبقي للأم وقتًا ولا جهدًا لمتابعة أطفالها المتابعة الصحية من الناحية النفسية، كما أن عددًا من الأسر المحافظة ترى في ذلك حفاظًا على الصغار من أضرار "التيار المنحرف" الذي عمّ المدارس في بلادهم.
أما في دولنا النامية فتلجأ الأمهات إلى هذه الطريقة توفيرًا لمصروفات عامين دراسيين، ولكنهن يضعن أنفسهن في مخاطرة عدم وجود مقاعد لابنهم إذا ما وصل إلى الصفوف الابتدائية في المدرسة التي تناسبه.
هذا الاختيار هو الاختيار الأصعب من حيث "التطبيق العملي"؛ لأنه يحتاج إلى مجهود جبار من الأم لتدريس كافة المناهج التي تدرس في صفوف رياض الأطفال (الأول والثاني) من تعليم مهارات الرياضيات الأولية، ومهارات اللغة العربية، ومبادئ اللغة الإنجليزية إن كان الصغير سيتم إلحاقه بمدرسة لغات فيما بعد. هل أنت لها؟
هذا الاختيار يحتاج إلى تنظيم دقيق للوقت، تنظيم دقيق لتدريس المواد، أسلوب تدريس شيق جدًّا، ودراية كافية بمهارات معلم رياض الأطفال، ووجود لعدد كبير من الوسائل التوضيحية التي تساعد المعلم على توصيل المعلومة.
ثم بعد ذلك لا بد من إدراك أن الأم سيقع عليها بعد اليوم "التعليمي المنزلي" مهمة أخرى ألا وهي التغلب على الوحدة والملل الذي قد يحس به الصغير من خلال نزهات خلوية، زيارات للجيران، وينصح هنا أن يمارس الصغير رياضة بجانب الاهتمام بالجانب التعليمي. حتى لا يختل الميزان فنهتم بتعليم الصغير مهارات اللغة والرياضات، وننسى أن لبدنه ونفسه علينا حقًّا.
سيدي.. قد تعاهدنا في الصفحات الخدمية أن نساعد زوارنا على الاختيار بعرض الصورة كاملة واضحة دون غموض أو إيهام وألا نختار له أبدأ؛ لأن زوارنا أدرى منا بما يناسبهم ويناسب ظروفهم.
نتمنى أن نكون وصلنا إلى مرادك ومرادنا.
لك منا أطيب تحية، ولا تنسنا من صالح دعائك قبل وفي وبعد رمضان.
ـــــــــــــ(103/187)
أمنيتي.. صداقة ابنتي ... العنوان
أنا أب لولد وأربع بنات، والترتيب على الشكل التالي: 1 - بنت عمرها 16 سنة في الصف الثاني الثانوي. 2 - بنت عمرها 14 سنة في الصف التاسع. 3 - ولد عمره 11 سنة في الصف الخامس الابتدائي. 4 - بنت عمرها 3 سنوات. 5 - بنت عمرها شهران.
المشكلة مع البنتين الأوليين(16، 14 سنة)؛ فأنا أحب أن تكون علاقتي معهما علاقة أب وصديق وأخ، وأن تكون بيننا اندماجية بكل معنى الكلمة، ولكن أشعر أن هناك بعض الجفاف في العلاقة، وأحيانًا تمر الساعات ولا نتكلم مع بعض، وعندما أطلب من إحداهما طلبًا من أعمال البيت تقوم وهي كارهة، فأرجو الإفادة. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم محمد حفظه الله تعالى ما شاء الله على العائلة الجميلة بارك الله لك فيها، وأقرّ عينك بصلاحها.
مشكلتك مع البنت (16 عامًا) والأخرى (14 عامًا) ومحاولاتك لكسب ودهما وصداقتهما، ولكنهما تنفران كما يبدو. أخي محمد نحن نكتسب صداقة أبنائنا وثقتهم ليس بعدما يكبرون، ولكن منذ صغرهم.. في أشهرهم الأولى وسنواتهم الأولى؛ فالطفل إذا منحته ثقتك واحترامك، وقدّرته، وشجعته، ومنحته الحرية الكافية، ولم تحطم عفويته وإبداعه وإقدامه تكسبه صديقًا رائعًا.
ونحن الكبار نخسر صداقة أبنائنا أحيانًا بسبب القوانين والأنظمة التي نعطيها أحيانًا صفة "القداسة" لا تناقش ويجب طاعتها تحت أي ظرف. وعلى الطفل الصغير أن يخضع لها مهما كانت ميوله وظروفه الشخصية النفسية.. إن السيطرة الكاملة أو الإهمال كلاهما يعطي نفس النتيجة من ضعف الثقة بالوالدين وضعف الشعور بالأمان معهما؛ لذلك نسأل أنفسنا يا أخي لماذا يثق أبناؤنا بأصدقائهم أكثر ويشعرون معهم بكامل حريتهم وعفويتهم؟
1 - لأن الصديق يستمع إلى صديقه بكل هدوء وإنصات ولا يثور؛ لأن صديقه يتحدث بخطأ غير مقبول وقع فيه، بل يستمع إليه للآخر مهما كان الحديث الذي يتفوه به.
2 - لأن الصديق غالبًا يشجِّع ويقوي الأزر، ولا يضع مبررات لمعارضة صديقه، مثل الحرص على مصلحته وغير ذلك.
3 - لأن مساحة الحرية مع الأصدقاء أوسع بكثير جدًّا من الأسرة؛ لذلك ينطلقون معًا في حرية مطلقة.
4 - لأن الصديق يوفِّر لصديقه السند العاطفي والصدر الدافئ، ويمثل دور المستمع للأحزان.
5 - لأن الصديق يقوّم سلوك صديقه بكل محبة ومودة دون تجريح أو نقد أو تحطيم للمعنويات.
بغضّ النظر عن مبررات الأصدقاء ودوافعهم في ذلك كله، لكن مَن من الآباء حاول أن يوفِّر الصديق (أعلاه) لولده أو ابنته؟ مَن منا يستمع لابنته للنهاية حينما تقول له خطأ حساسًا مثل مشاكل الحب والشباب والدورة الشهرية ورسائل الغرام؟ بل مَن منا يستمع بمنتهى الحكمة لشكوى ابنته المراهقة تجاه نقد زميلاتها لها أو فشلها الدراسي، أو تقديرها الضعيف لذاتها، أو أي مشكلة يمكن أن تمر بها؟ مَن منا يعترف بحساسية المراهقين وأحزانهم ومخاوفهم وأفراحهم؟ إننا نستكثر عليهم انطلاقتهم وضحكاتهم وملابسهم، وكل ما يقومون به من أعمال نعتقد أنها شاذة وغريبة، طبعًا أتحدث معك عن شؤون عادية داخل المنزل وليس عن شواذ الشوارع بالطبع.
إن ابنتيك العزيزتين تمران بمرحلة البلوغ، وتكونان في حاجة ماسة لصداقة الوالدين، وحكمتهما واحترامهما وتقدير خصوصياتهما، واستقلالهما، وكل ما تمران به من مشكلات.
أخي أقترح عليك ما يلي:
1 - تعزيز صداقتهما معًا.. فهما أختان، وخير من يكون وفيًّا وصادقًا لأخيه هو الأخ نفسه، ولأن صداقتهما ستعطي لهما فرصة للتنفيس والحديث، وهذا خير لهما من الصداقات الخارجية غير المعروفة.
2 - أن تحترم أنت والوالدة خصوصياتهما مهما كان ذوقهما في اللباس أو الطعام أو النوم أو غيره، ما دام في حدود شرع الله -عز وجل-، وخفف من قوانينك وأنظمتك. فاسمح لهما بالسهر معكما أو الخروج في زيارة أو السوق، وثق برأيهما، وخذ به، واستشرهما في الشؤون المختلفة.
3 - كن أنت والوالدة مستمعين جيدين لكل ما تمران به، وبادر أنت بالحديث معهما عن مشكلة تواجهك واطلب رأيهما، وأذكرك أن الحل لن يكون سريعًا، عليك بالتدرج والصبر.
4 - اخرج معهما في نزهة رياضية.. تناولوا معًا المثلجات، وتحدثوا فيما هو مفرح.. فهذا يزيد من ثقتهما بك وبوالدتهما.
5 - عزِّز قدراتهما الدراسية مهما كانت متواضعة، ولا تتوقع منهما أكثر من إمكاناتهما، ولا تطلب منهما أكثر مما تستطيعان سواء في عمل المنزل أو الدراسة أو غيره.
6 - احرص على الجو العائلي السعيد بالسهر معًا –ولنكسر أحيانًا قانون النوم المبكر لطلبة المدارس-، أو تناول الطعام في المطعم أو الذهاب في رحلة. إن الجو العائلي السعيد ينعكس على الجميع بالمحبة والثقة بالوالدين والشعور بأمان ودفء أسري، وهو أحوج ما يحتاجه المراهق.
7 - لا تفرض نفسك على صداقتهما، وتدرج في ذلك، وبادر إلى كسب صداقة الأصغر سنًّا.. فهو بحاجة كبرى لك كأب له وصديق، وتعرُّفه على رفاق المجتمع أسرع وأكثر حرية من البنات فاحرص عليه كل الحرص.
8 - تجنّب وأوقف أي شكل من أشكال النقد أو السخرية لهما ولبقية الإخوة، ولا تضعهما دائمًا تحت الملاحظة والتعليق والنقد.
9 - شجِّعهما على قضاء وقت ممتع في غرفتهما، وارتداء ما يحلو لهما من الملابس داخل المنزل والتزين بما أحل الله سبحانه.. فهذا يفرح البنات، ويمنحهن ثقة بالنفس وبالأهل، ولا تضيق عليهما في ذلك.
10 - لا تحملهما مسؤوليات أكثر من اللازم، كالاعتناء بإخوتهما دائمًا أو عمل المنزل المرهق.. فهذا كله لا تحبه الكثير من البنات، ويشعرن أنهن أصبحن مهملات، ودورهن هو دور العناية والخدمة، ولكن قد يتطوعن لذلك في حالة مشاركة الوالدين المسؤولية في جو محبة ودفء.
وأخيرًا.. أتمنى لأسرتك السعادة والمحبة، وبإمكانك الابتكار في وسائل جذبهما، ولكن نصيحتي: أعطهما مساحة حرية أكبر في البيت، ودفئًا، وحنانًا، وتوقفًا عن النقد.
ـــــــــــــ(103/188)
التبرز.. أعراض عدم التحكم ... العنوان
طفلي -9 سنوات- لديه عادة التبرز على نفسه، وقد بدأت هذه العادة منذ أن ولدت طفلي الثالث، وقد استخدمنا أنا ووالده جميع الأساليب، ولكن دون جدوى. أرجو مساعدتنا أو إعطاءنا اسم المختص لهذه الحالة؛ لأنها بدأت تؤثر عليه حتى في المدرسة، ولكم خالص الشكر، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الشاعر حين ماتت له أباعر كثيرة:
لولا شماتة أعداء ذوي إحن.........لا والذي أنا عبد في عبادته
وأن شيئًا قضاه الله لم يكن ... ... ......ما سرّني أن إبلي في مباركها
نعم يا أختي الحبيبة فإن الفرق بين الرضا والصبر -كما ورد في كتاب البحر الرائق في الزهد والرقائق- أن الصبر حبس النفس وكفها عن السخط مع وجود الألم وتمني زواله، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع، أما الرضا فهو انشراح الصدر وسعته بالقضاء فيخفف الرضا الألم حتى يزول.
كان لا بد من هذه المقدمة لكيلا تشعري أن مشكلة ابنك مشكلة صعبة الحل، بل على العكس فإنها حالة مما يسهل علاجها بإذن الله تعالى، لكن بشرط التعامل الصحيح معها والوصول لمعرفة أسبابها، وفيما يلي سأعرض لك بعض الحقائق العلمية الهامة التي ستسهل لك بإذن الله عز وجل الوصول لحل، وعلاج المسألة تمامًا:
أولاً: يتوقف الحكم على هذه الحالة على معرفة الآتي(وهو ما أرجو أن توافينا به ):
1 - السن التي ظهر فيها على الطفل هذا العرض.
2 - هل أصيب بهذا العرض بعد سن التحكم التام في البراز (2.5 عام - 3 أعوام وحتى سن الرابعة يظل الأمر غير مقلق )، أم أنه لم يتحكم أبدًا طيلة حياته.
3 - ظروف ظهور هذه الحالة لديه؛ بمعنى هل صاحب ظهور الحالة ظروف خاصة كالانتقال من مدرسة لمدرسة، أو من فصل لفصل، أو تعثر دراسي، أو عقاب بالمدرسة حل به لعدم التفوق أو رسوب، ويمكنك ملاحظة أن كل الظروف التي أوردتها لك لها علاقة بالدراسة.. أتعرفين لماذا؟ لأن الطفل قد يكون لديه صعوبات تعلم لا يكشفها للوالدين إلا ظهور حالة التبرز اللاإرادي لديه، ولا تستغربي فهذه الحالة لها علاقة وطيدة بسوء معاملة من حول الطفل في المدرسة أو البيت باعتباره بليدًا أو غير متفوق؛ فيكون أول ما يظهر عليه من آثار لهذه المعاملة التبرز اللاإرادي.
4 - يجب معرفة ما إذا كان بصاحب ذلك تبول لا إرادي-قيء-مغص شديد وآلام أسفل البطن -آلام في منطقة الشرج نفسها-نزول نقاط من الدم تدل على أن الطفل قد جرح من شدة الامساك-التهابات في مجرى البول.
5 - يجب ملاحظة ما إذا صاحب الحالة أي تغير في السلوك:هل ظهر عليه نوع من النشاط الزائد او الاندفاعية او حدث تغير في علاقاته الاجتماعية او داخل الأسرة.
6 - يجب ملاحظة مرات تكراره، وهل يصاحبه إمساك أو إسهال لمعرفة حالة العضلة العاصرة المتحكمة في البراز. فمعدل تكرار الأمر عامل هام؛ حيث يحكم على كونه حالة في حاجة للعلاج من عدمه إذا تكرر ثلاث مرات في الشهر الواحد أو مرة في كل شهر لثلاثة أشهر متوالية.
7 - يجب معرفة هل يصاحبه إمساك أو إسهال، أو إمساك يصاحبه إسهال وهو ما يسمّى Conspitation with overflow ، وهو ما يحدث نتيجة لمحاولة إخراج الفضلات الصلبة المختلطة بسوائل داخل المستقيم، ونتيجة للضغط على العضلة المتحكمة نتيجة امتلاء المستقيم بالفضلات فتخرج السوائل لينة القوام التي تشبه الإسهال، في حين أن الحالة إمساك –حيث يصاحب حالة التبرز اللاإرادي عادة إمساك – ويحكم بالإمساك على من يقل عدد مرات التبرز لديه عن 3 مرات أسبوعيًّا.
ثانيًا- عدم التحكم في البراز عرض له نوعان:
الأوّلي: وهو ما يكون في الأغلب له سبب عضوي، وهو ما يحكم به إذا كان الطفل لم يتحكم في البراز أبدًا أو لم يكمل عامًا كاملاً متحكمًا في برازه بعد سن التحكم (2.5 - 3 سنوات ومن الممكن اربع سنوات)، وهو عرض قابل للعلاج، وقد تدخلت في علاجه الجراحة، ولكنه يحتاج لعدة فحوص. أما الطبيب الذي نتوجه له بنتائج هذه الفحوص فهو: طبيب جراحة أطفال – طبيب أطفال، ثم يبقى الطفل في حاجة للعلاج النفسي لدى طبيب نفسي أطفال.
وانتبهي يا سيدتي لحقيقة غاية في الأهمية: وهي أن من ستتوجهين إليهم من الأطباء سيكون الهدف الأول للتوجه إليهم هو تشخيص الحالة بدقة، وليس من أجل عمل جراحة، وتوجهك لطبيب جراحة الأطفال ليس معناه إجراء جراحة للطفل، ولكنه يعني أن تشخيصه -أعني الجراح- في هذه الحالة يكون أكثر دقة من تشخيص طبيب الأطفال، وهو ما يوصله لنتائج واضحة.
الثانوي: وهو ما يحكم به إذا كان الطفل قد أمضى عامًا بعد سن التحكم متحكمًا تمامًا في الإخراج، ثم طرأت عليه هذه الحالة؛ نتيجة لضغوط نفسية مثلاً أو حادث ما، وهنا يجب استبعاد الأمور التالية:
- تعرض الطفل للتحرش الجنسي أو الاعتداء الذي يمكن أن يكون هذا العرض نتيجة له.
- يجب استبعاد أي سبب عضوي؛ وذلك بإجراء منظار شرجي وتحليلات وأشعة بالصبغة على الجهاز الهضمي؛ للتأكد من عدم وجود عيوب به.
ويكون علاج هذه الحالة علاجًا نفسيًّا مع متخصص، طالما تم التأكد من خلوه من الأسباب العضوية، ويدخل في هذا العلاج إعادة تدريب الطفل على الإخراج مرة أخرى لإعادة تمرين العضلة مرة أخرى.
أرجو أن أكون قد ألقيت الضوء على معلومات تعينك أكثر على التعامل مع الأمر، كما يسعدني تقديم أي مساعدة لك تسهم في علاج الطفل.
وفي انتظار متابعتك لنا بالرد على الاستفسارات السابقة ؛ والله أسأل أن يجعلنا ممن قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، ولا تنسينا في دعائك.
ـــــــــــــ(103/189)
إصبعان في مهمة غير مرغوبة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. منذ أن كان ابني (4 سنوات) في سن الستة أشهر بدأ في عادة مص إصبع (الإبهام)، حاولت بكل الطرق منعه دون جدوى، ولكن المشكلة الكبرى وهي أنه منذ بداية عامه الثالث قد بدأ في عادة أخرى وهي العبث في أعضائه الذكرية، فهو معظم الوقت وخاصة عند النوم يضع يده اليمنى في فمه ويده الأخرى داخل ملابسه ليعبث بأعضائه الذكرية.. حاولت بكل الطرق علاج هذا الموضوع، ولكني لم أستطع، وهذا يؤرقني جدًّا، فأنا خائفة من أن يؤثر هذا الأمر على مستوى ذكائه ونشاطه، علمًا بأنه تأخر في الكلام. أرجوكم ساعدوني في حل مشكلتي فأنا قلقة جدًّا عليه. أرجوكم أتمنى من الله أن أجد عندكم العلاج، وشكرًا.
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الحبيبة، ومرحبًا بك وبسميّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ولدك الحبيب أحمد.. بارك الله لك فيه، وأعانك على حسن رعايته هو وأخته مع بعدك عن العائلة، وهو ما أعلم أنه سبب أرقك وشعورك بالقلق الشديد على ابنك، لكنك إن شاء الله ستنجزين مهمتك بكل نجاح وتوفيق وستقر عيناك بأبنائك فمن سار على الدرب وصل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
ونبدأ الحديث عن مص الأصابع وهي عادة يمارسها أطفال كثيرون و ينتقدها كل من يراها حتى السيدات في المتاجر، ولا أخفيك فإن هذا الإلحاح هو ما يدفع للاعتقاد بأن الأمر تكمن وراءه المشاكل، لكن أحب أن أعلمك أن رفض هذه العادة إنما يسود في مجتمعاتنا العربية فقط أما بالخارج فالأمر يترك حتى يزول وحده لثبوت خلوه مما يقلق سوى الحرص على نظافة أصابعه لكيلا تنقل له الميكروبات، فالأمر من العادات التي لا تضر بالطفل نفسيًّا، ولا حاجة لأن يجري جميع أفراد العائلة لإيقافها لدى الطفل فورًا، ولكن يجب التنبيه على الطفل بهدوء شديد.. إنها قد تسبب له تغيرات في شكل أسنانه تحتاج لتعديلها بالتقويم، وهو ما قد يؤلمه أو يسبب التكلفة العالية وإنفاق أموال كثيرة والتي يمكن أن نشتري له بها ألعابًا كثيرة، ويجب ألا نزجره إطلاقًا؛ لأنه غالبًا ما يلجأ لها ليشعر بالحنان أو الأمان.
وهناك مواد تباع بالصيدليات لإيقاف هذه العادة وهي توضع على إصبع الطفل فتجعل طعمه مرا فيكره مصه مرة بعد مرة، وتسمَّى stop sucking، وعند النوم يمكن إعطاؤه ألعابًا من الفرو يحتضنها لتشعره بالدفء والحنان، وهو ما سيقلل موضوع المص عند النوم.
والخلاصة فإن لم تستطيعي إيقاف هذه العادة فلا داعي للقلق، فستزول يومًا ما من عند الطفل، وعسى ألا تخلف على فكه أي تغيرات أو تشوهات.
أما عن العبث في أعضائه الذكرية فهي ما يجب محاولة إيقافه فورًا والتعامل معه سريعًا، وأحب أن أؤكد على حقيقة هامة أن الطفل من يوم الولادة وحتى عمر الثلاث سنوات يشعر بشعور غريب عند ملامسة أعضائه التناسلية، حتى إنه يبتسم لأمه وهي تغير له مثلاً، لكن هذا الشعور الغريب لا علاقة له باللذة الجنسية المعروفة لدى الكبار، ولا يدفع إليه أي ميول جنسية، وبالتالي فمحاولة الطفل لاكتشاف نفسه أو العبث بأعضائه ليس إلا سلوك ينبغي صرف انتباهه عن فعله، وتوعيته بقواعد التعامل مع هذا الجزء من جسده.
وكون الأمر طبيعيًّا أمر مرجّح لدي فعلاً لصغر سن الطفل، لكن التعامل السيئ مع أي عرض يمكن أن يحوله لمرض، والتعامل مع الطفل على أنه مختلف أو غير طبيعي يمكن أن يؤصل المشكلة لديه ويزيدها تعقيدًا ويصنع مشكلة من لا شيء.
ولكي نستطيع أن نحدد العلاج لأي مشكلة لا بد من تحديد أسبابها، ووفقًا للمعطيات في سؤالك فإن سن الطفل تقوي احتمال كون الأمر تقليدًا أو محاكاة أو عادة، ويمكنك الحكم من خلال أمرين:
أولهما: ملاحظة الطفل أثناء ممارسة هذا الأمر هل تبدو عليه علامات اهتمام أو أعراض عرق واحمرار بالوجه أو غير ذلك أم لا، ومراقبته في خلوته وعند اختلاطه بالأطفال، ومراقبته عند اللعب لمعرفة نوعية الألعاب التي تستهويه.
ثانيهما: الحوار معه بهدوء لسؤاله عن السبب لممارسته هذا الأمر.. هل يقلّد أحدًا مثلاً أم هل علمه له أحد يريد أن يؤذيه ويسبب له الأمراض.
وفي حالة ما إذا ثبت أن الأمر تقليد وغير مصحوب بأي أعراض استغراق أو تركيز، فهناك خطوات معينة لإقناعه ومنعه:
1 - لفت انتباهه إلى شيء آخر حين تلاحظين عليه استغراقه في فعل هذا الأمر، كجذبه لمشاهدة برنامج لطيف أو اللعب بلعبة يحبها، ودون تكرار الحديث عن هذا الأمر معه، ودون زجره أو عقابه.
2 - يجب تعليمه أصول النظافة الشخصية ولفت نظره إلى خصوصية هذا المكان في أنه يجب غسل اليدين جيدًا بعد دخول الحمام أو لمسه بأي صورة من الصور، كذلك يجب ربط أصابته بالمرض بإساءة تطبيقه لهذه القواعد، وتوعيته بأن هذا المكان قد ينقل الأمراض أو يسبب الرائحة الكريهة.
3 - إقناع الطفل بشكل غير مباشر بأن هذا الأمر قد يسبب له أمراضًا تؤدي به إلى ضرورة تناول أدوية غير محببة الطعم وملازمة الفراش وعدم التمكن من اللعب والجري، ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبه لربطها بالأمر كان يقال له: "أرأيت لا بد أنك لم تلتزم بقواعد النظافة والصحة، ولم تسمع كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع هذا المكان".
4 - التأكد من أنه لم يحدث هذا التصرف من أي شخص كبير أمامه، وإن كان ذلك قد حدث فيجب ملاحظته ومنعه من التعرض لهذا الموقف مرة أخرى، كما يجب ملاحظته ملاحظة دقيقة دون أن يشعر؛ وذلك لمنعه من التعرض لأي مثيرات، وكذلك تسجيل أي غريب في سلوكياته وتصرفاته.
5 - يمكن استخدام أسلوب المكافأة، بمعنى أن يوعد بجائزة إذا التزم بالقواعد الصحية والنظافة، وابتعد عن ممارسة ما يعرضه لخطر الإصابة بالمرض والتلوث، وذلك لمدة يوم، ثم يومين، ثم ثلاثة، وهكذا...، حتى يصير الأمر طبيعيًّا، ويمكن أن يتم جعل هذا الأمر في قائمة طويلة من الأعمال التي سيكافأ عليها حتى لا يتم لفت نظره إليه بشكل خاص، فيمكن أن يكون ضمن قائمة من أعمال الطاعة للوالدين، وتناول الوجبات الغذائية بانتظام للحفاظ على الصحة، ومراعاة نظافة الحجرة... إلخ؛ لينال درجة عن كل عمل وبجمع الدرجات يصبح ذا أحقية للحصول على الجائزة إذا نال ما يزيد عن كذا من الدرجات، وهكذا...
6 - لا تستعجلي النتائج أو تتوقفي عن العلاج، فمعظم برامج التعامل مع الأطفال تحتاج للنفس الطويل، وأرجو ألا تعتقدي في كلمة "لا جدوى".
هناك أمر آخر يجدر بنا الإشارة إليه وهو مراقبة من يتولون رعايته إن كان هناك مربية أو سائق أو صديق يقضي معه فترات طويلة؛ وذلك لاستبعاد احتمال تعرضه للتحرش، وكذلك فحصه عضويًّا للتأكد من عدم وجود التهابات أو أمراض جلدية أو عضوية.
أما عن تأخره في الكلام فلا علاقة له إطلاقًا بأي عادة، والعكس هو الصحيح فتأخر الكلام هو ما يمكن أن يسبب للطفل ضغطًا وارتباكًا يؤدي لظهور بعض العادات (كحركات الأعين العصبية أو قبض اليدين أو غير ذلك)، وهو ما يجب علاجه فورًا لكيلا يزيد، أما مص الأصابع فلا علاقة له إطلاقًا بما ذكرت.
وعن ذكائه فلا علاقة له بمص الأصابع أو العبث اللذين ذكرتهما، ولن يتأثر إن شاء الله، وكما يقولون في مصر "أرينا همتك"، فعليك تنمية هذا الذكاء بما يتاح لك من وسائل، وسنورد لك في نهاية الإجابة استشارة سابقة عن استثمار ذكاء الأطفال وتنميته.
لا شك أنك يملأ صدرك القلق الذي نتمنى أن تذهب الإجابة بعضًا منه، وتأكدي يا أختي نحن معك دائمًا لمساعدتك في كل المشكلات التي يمكن أن تواجهيها في هذا الدرب الطويل المسمَّى بالتربية، ودائمًا رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وندعو الله تعالى أن تنتهي بك إلى كل سعادة وخير.
ـــــــــــــ(103/190)
إذا المتروكة سئلت: بأي ذنب تركت؟ ... العنوان
ابتني عمرها تسعة أشهر، ولي صديقة ابنتها في الشهر الثامن، وقد اضطرت منذ أيام أن تترك لي ابنتها لمدة حوالي أربع ساعات يوميا، واستمر الوضع هكذا لمدة ربما تصل لشهرين أو ثلاثة شهور، ولكن ابنتها تصرخ معظم الوقت بصورة شبه متواصلة، ولا أعرف كيف أهدئها.. فهي لا تتفاعل معي كثيرا مثل ابنتي.
أما ابنتي فلا تدعني أتفرغ للطفلة الأخرى، فقد تغار حينما أحمل الطفلة الأخرى وتبكي وتأتي نحوي لأحملها، ويصعب عليّ حملهما معا، وهما قد تبكيان معا وتسببان ضجة كبيرة.
كيف أتصرف معهما؟ وأنا أخشى أن تتأثر نفسية الطفلة لغياب أمها عنها خلال تلك الفترة، مع العلم أن صديقتي تشكو من صراخ ابنتها الكثير حتى وهي معها، لكنها متعلقة بأمها، وأعتقد أن غياب أمها عنها لم يمر مرور الكرام؛ فهي تهدأ حينما تراها، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختنا الفاضلة في الاستشارة الثانية لك.. فكما يتضح من بيانات الرسالة أنك صاحبة استشارة ( حبيبة أمها تأبى أن تفارقها ) والخاصة بابنتك الحبيبة فاطمة التي تأبى إلا أن تترعرع وتشب في أحضانك وتُسقى من أنفاسك، وها هي مشكلة ابنة صديقتك، التي أدعو الله لك أن يأجرك على اهتمامك بها، وحبك الخير لها كما أحببته لابنتك، التي تكاد تتقارب من مشكلة ابنتك؛ فكلتا النبتتين الصغيرتين الضعيفتين لم تكوّن بعدُ جذورا لتزرع في تربة أخرى، ولم تشتد ساق أي منهما لتستقيم وحدها؛ فالحياة بالنسبة لهما لا طعم لها بعيدا عن الأم، فكما قال المثل الروسي: "الجو مشرق في الشمس، ودافئ بالقرب من أمي".
وأبدأ أيتها الصديقة الحبيبة موجهة كلامي لك ولصديقتك معًا في آن واحد؛ فابنتاكما رفيقتا المستقبل إن شاء الله في نفس العمر، وهو ما سيجعل الكلام مفيدا لكليكما، كما أنكما طرفان مهمان في المسألة.
وأبدأ كلامي بسرد الحقائق التالية:
1- يؤثر الهدوء والاستقرار النفسي الذي تكون عليه الأم حال حملها ثم استقبالها لوليدها وتربيتها له على تكوين الوعي الوليد لهذا المخلوق الجميل الوديع الصغير، وبقدر ما تتمتع به الأم من الهدوء والاستقرار، وبقدر ما يسود هذا الاستقرار الجو المحيط بالطفل بقدر ما نضمن سلامة نمو هذا الوعي لديه، وبقدر ما نضمن هدوءه ووداعته واستجابته لمتطلبات النمو كالتدريب على الإخراج والفطام وغيرهما.
2- من بعد الشهر الثامن تبدأ الاحتياجات الإنسانية (وهي ما يتميز به طفل الإنسان عن الحيوان) تضاف إلى الاحتياجات البيولوجية.. وعلى رأس هذه الاحتياجات الإنسانية الالتصاق بالأم ورغبته ألا يُحرم منها ولو قدر طرفة عين وانتباهتها، وتبدأ تتكون لديه الذات وعلاقاته بالآخرين، وعلى رأسهم الأم موضوع الإشباع الإنساني لديه، ومصدر الإشباع البيولوجي من قبل؛ فهي الكيان الذي يستقي منه كيانه الوليد.
3- هناك فروق فردية بين الأطفال، وهو ما يؤكد على ضرورة مراعاة هذا الأمر قبل التصميم على تطبيق تجارب الآخرين والحصول على نتائجها كما حدث معهم، فليس معنى أن استجابت طفلة أخرى للانفصال بسلاسة عن أمها في مثل سن ابنتك أن يمر الأمر على ابنتك بنفس الطريقة دون مخاطر أو آثار جانبية، فالطفل حينما لا يقبل فهو حتما لا يستطيع.
4- تسمى ظروف نشأة الطفل، التي أشرنا إليها في النقطة الأولى، من استقرار عائلي وهدوء للأم وغيرها ... من الظروف المصاحبة لتكوين وعيه ونموه النفسي بـ (قدر الطفل)؛ فهي ظروف مفروضة عليه ومؤثرة أشد التأثير على حياته؛ إذ تؤكد نظريات علم النفس أن هناك العديد من الأزمات والمعابر التي يمر بها كل إنسان في حياته، والتي لا بد أن يتخطاها بمؤازرة الآخر، وبقدر ما كان يتمتع بالحب والحنان والعطاء غير المشروط في أيامه وشهوره الأولى بقدر ما تكون صلابته وسهولة تخطيه لكل المشكلات التي تواجهه في حياته، وحينما يحرم من هذا الحب يصبح عرضة للوقوع في مشكلات الفصام والاكتئاب وغيرها.
والخلاصة أنه حينما نعطي لأبنائنا الحضن الدافئ فنحن نحميهم من كل المخاطر.
ونلتقط طرف الخيط من النقطة الرابعة لنستأنف معا حديثنا، فنقول:
ماذا لو حدث ما يؤثر سلبا في تكوين وعي الطفل الوليد؟
ماذا لو كان ما تم تخزينه في ذاكرته في المرحلة السابقة لميلاد هذا الوعي هو ما يؤثر سلبا على تكوين هذا الوعي، ومن ثم على سلامة بنية الطفل النفسية؟
وللإجابة على هذا السؤال أعود لاستخدام النبات في التمثيل والتوضيح فأقول:
لو أن لدينا نبتة غالية الثمن داهمتها حرارة يوم شديد القيظ، وأصابتها بالذبول أو الهزال فماذا سنفعل؟
لا شك أننا سنوليها اهتماما زائدا ورعاية مركزة لتخطي هذا الذبول والعودة للحالة الطبيعية، وإلا ماتت وخسرناها للأبد.. أليس كذلك؟
وقبل أن تجيبانني بكلمة "بلى".. أقول لأختي أم زينب:
إن هذا الاهتمام الزائد والرعاية المركزة هما واجب الوقت الذي يفترض أن تؤديه الآن، وبدون أي تراخ، لتنقذي ابنتك من مصير لا تحبينه لها، ولا تحبه أم لابنتها الأولى الحبيبة التي لا ذنب لها في الحياة.
فما دخلها هي بأي ظروف تضطرك لتركها؟
وما ذنبها لتحرم من حقها في التمتع بأمومتك وحضنك ورعايتك؟
وأي قلب يتحمل ما تتحمله هي من انفصال وحرمان وإحباط؟
وكيف تتحمل المسكينة وجودها مع طفلة في نفس سنها في حضن أمها تنعم فيه بالرعاية والحب بينما تنتظر هي، في حرمان، حضورك لتنال حقها في الحياة؟
ثم أعود إلى الأخت أم فاطمة التي أرسلت السؤال لأقول لها في حضور أم المسكينة "زينب":
إن ما تفعلينه بابنتك التي تقولين عنها: "أما ابنتي فلا تدعني أتفرغ للطفلة الأخرى فقد تغار حينما أحمل الطفلة الأخرى وتبكي وتأتي نحوي لأحملها، ويصعب عليّ حملهما معا".. ما يحدث لا يسمى غيرة، بل يسمى "انتهاكا للذات"؛ فالغيرة شيء مختلف، ويكون في سن أكبر، أما هاتان المسكينتان فإن أقل ما يوصف به ما يتعرضان له هو: الانتهاك.
ففاطمة تطالب بأمها وعنايتها بها وهذا حقها. أما زينب فهي ترى أمامها طفلة لها أُم تتمتع بها وبحبها وترى نفسها متروكة مهملة بلا أم وبلا حب ولا تدري لماذا!
ويقينا لا سبيل لإرضائهما معا، وحينما تبكي إحداهما فالأخرى لا بد أن تبكي طبقا لما أشرنا إليه في استشارة سابقة عما يسمى بالعَبرية (بفتح العين)، وهي أن يرى الطفل نفسه في الآخر فيقلده.
فمن سترضين منهما؟ أم أنك ستتركينهما تصرخان؟
وأعود لأم زينب فأقول:
إنني أناشدك يا صديقتي ويا أختي الحبيبة أن تعملي على إعادة الحياة والسعادة إلى زينب بالحب والحنان، بل بزيادتهما عن أي عهد سابق لتتجاوزا معا هذه العثرة التي تؤدي بها للصراخ وكثرة البكاء، وقد تؤدي بها لاحقا للفصام.. نعم، فالخواء في الشهور الأولى والحرمان من الحب يؤدي لنتائج غير طيبة، والفصام هو انفصال عن الواقع الذي لفظها حين التقت به، والذي حرمها مما احتاجت إليه، بل إنها قد تخاف من الحب والقرب من أي شيء طالما أن ما تحبه يتخلص منها ويحرمها مما تحتاج.
وأخيرا أختي الحبيبة أقول لك:
1- عليك تأجيل أي شيء يضطرك لترك ابنتك، فلو كان هذا الشيء دراسة فلا مشكلة من تأجيلها قليلا، وإن كان عملا فيمكنك أخذ إجازة؛ فمهما كان عائد العمل فلن يعوض فقدك لابنتك، ولتكن إجازتك تلك فرصتكما للحب والسعادة والحنان.
2- لا تنسي أن زينب بنت، أي أنها في حاجة للحب والحنان والالتصاق بك أكثر من الأبناء الذكور.
3- حينما ترفض ابنتك الانفصال عنك.. فهي لا تستطيع، وعدم استطاعتها لا يعني أنها لا بد أن تعتاد أو أنها تتدلل، بل يعني أنها تعاني مما لا تطيق.
4- حينما تحتاجين لترك ابنتك لأمر جلل، فلا تصلح أم فاطمة لهذه المهمة في سن ابنتيكما الصغيرة هذه، بل ربما فيما بعد حينما تكبران وتصبحان صديقتين تلعبان وتسلي كل منهما الأخرى، أما من تصلح لحضانة ابنتك في غيابك الطارئ فهي سيدة حنون لا أبناء لها من سن ابنتك.. كجارة أو صديقة لكما.. وأعرف أن الأمر قد يتعذر في الغربة، لكن الحاجة إلى ذلك حتمية.
أختي الفاضلة، إن أبناءنا أمانة في أعناقنا.. فقد دخلت النار امرأة حبست قطة صغيرة فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض.. ودخل رجل آخر الجنة لرحمته كلبًا سقاه حين رآه يلهث من العطش -كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم-، وحينما يكون هذا شأن الحيوان الذي يجوب الطرقات.. فما بالنا بما استحفظنا الله عليه من أنفس كرمها وخلقها في أحسن تقويم، ثم وهبها لنا وحرم غيرنا منها ليختبر الجميع.. فهل سنحفظ ونرحم ونراعي ونصون ما وهبنا الله؟ أم نقصر ونضيع أجيالا بهذا التقصير؟
ـــــــــــــ(103/191)
مراحل التطور اللغوي للأطفال ... العنوان
ابنتي (3 سنوات) حتى الآن لا تستطيع تكوين جمل مفيدة تتكون أكثر من كلمتين مع أن نطقها للحروف تقريبًا عادي باستثناء الراء، وهي عندما تريد شيئًا تعبِّر عنه بكلمات غير مترابطة، وإن كانت هذه الكلمات مفهومة بالنسبة لي، ولكني أتمنى لو تستطيع الكلام مع الجميع بطريقه سلسة ومفهومة، علمًا بأني أعيش مع أهل زوجي وهم يحبونها. وقد كنت في البداية لا أتحدث معها كثيرًا، وعندما نبهني البعض حاولت تدارك الأمر، وهناك تحسن في كمية الكلمات، ولكن الجمل قليلة وقصيرة، فهل عند ابنتي مشكلة؟ مع العلم أني ولدتها بعملية قيصرية بعد تعرضي لتسمم الحمل، وخرجت وهي في بداية الشهر التاسع. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة..
أقدر لك قلقك واهتمامك حول التطور اللغوي لطفلتك حماها الله عز وجل، الذي فهمته من رسالتك أن عمر شهد 3 سنوات، وأن كلامها معظمه واضح نطقيًّا، ولكن الشكوى الأساسية هي تكوين جمل مفهومة ومتسلسلة، وأحب هنا أن أوضح لك بأن التطور الطبيعي للأطفال يختلف من طفل لآخر؛ لذا لا ينبغي المقارنة بين طفل وآخر إلا إذا كان الفرق واضحًا أو شديدًا. ولمعرفة خطوات التطور الطبيعي للطفل يمكنك شراء بعض الكتب ذات العلاقة.
وباختصار فإن أهم مراحل التطور اللغوي تشمل:
1-المناغاة بعمر 6 - 8 أشهر
2-أول كلمة ذات معنى بعمر (9 - 12) شهرًا.
3-مرحلة الكلمة الجملة (12 - 15) شهرًا.
4-مرحلة الكلمتين ( 20-24) شهرا.
5-مرحلة ثلاث كلمات تقريبا بعمر( 3-3,5 ) سنوات.
6-وتقريبا يساوي عدد الكلمات في الجملة العمر الزمني حتى 5-6 سنوات، ثم يصبح كلام الطفل قريبا من كلام البالغين.
فإذا كان هناك تأخر بحدود 6 أشهر عن العمر اللغوي هنا ينبغي مراجعة أخصائي نطق ولغة للتأكد من سبب التأخر. وأيضا أؤكد لك بأن الطفل تبقى لديه صعوبات في التعبير وربط الأفكار، وتوضيح ما يريد لحدود 5 سنوات تقريبا. رغم وجود استثناءات طبعا من أطفال يصبح كلامهم واضحا بعمر 3-4 سنوات.
إذن الخلاصة يبدو أن تطور شهد طبيعي. ولكنها ربما لأنها الأولى، وأيضا عدم وجود المثيرات اللغوية الكثيرة حولها ( كما ذكرت بأنك كنت لا تتحدثين معها كثيرا) ربما كان كل هذا سببا في ميل الطفلة إلى قلة الكلام. وربما تكون الطفلة بطبيعتها هادئة وقليلة الكلام.
وما أنصحك به هو زيادة التحفيز اللغوي بالحديث مع الطفلة، وتقديم الكثير من المعلومات والنماذج اللغوية الصحيحة، والاستعانة بالصور والكتب المصورة وبرامج الأطفال التعليمية ودمج الطفلة مع أطفال آخرين فهذا قد يساعدها ويقدم النموذج المثالي لها. وراقبي تطورها لمدة 3 إلى 6 أشهر، ثم وافينا بالتطورات. وأخيرا تحياتي لك.
ـــــــــــــ(103/192)
تألق اليقين رغم تأخر الاستيعاب ... العنوان
إخواني الأعزاء، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، ابنتي تبلغ من العمر 5 سنوات، تعاني شللا في أطرافها السفلية منذ الولادة، وثقلا في نطق مخارج الحروف، وتأخرا في الاستيعاب عمن في سنها، ولكنها والحمد لله ذكية وتفهم ما يدور حولها.
مشكلتي أنها عندما تريد شيئا تبدأ في البكاء المتواصل الذي لا يتوقف إلا عندما نلبي لها ما تريد، فمثلا هي تريد ارتداء أحد ملابسها فيبدأ البكاء الذي يمكن أن يستمر أكثر من ساعة إلى أن نحضر لها كل الملابس حتى تعثر على ما تفكر فيه، وهكذا في جميع الأمور.
والمشكلة الأخرى هي أني حاولت إلحاقها بمدارس لذوي الاحتياجات الخاصة فباءت بالفشل؛ لأنها من وجهة نظرهم لديها إعاقه مزدوجة (حركية وذهنية).
بدأت أعلمها استعمال الكمبيوتر من خلال الألعاب والبرامج التعليمية للأطفال، وهى الآن تستخدم الفأرة بطريقة جيدة، وتشغل قرص الليزر الخاص بها، وتفهم كل ما فيه من ألعاب ترفيهية وتعليمية.
ماذا أستطيع أن أساعدها لأزيد من تقدمها الذهني لعلها يوما تلتحق بمدارس الأطفال الطبيعيين؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سلوى محمد أبو السعود ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة أم سلمى، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من عادتي كلما ألمّ بي ضيق أن أهرع إلى سورة يوسف أقرأ فيها وأتأمل ما حدث له منذ أن كان طفلا، وأجدني مبهورة بيقينه الذي ظل متألقا وهو وراء جدران السجن يذكّر بالله من جهلوه ويبصر بفضله من جحدوه، وهكذا أولو الفضل من الناس لا يفقدون صفاء دينهم إن فقدوا صفاء دنياهم. ولعلني أغبطك في الله على ما أستشعر من أنك لم تفقدي صفاء الاثنين، ولعلها روح الأم الملهمة.
ولنأت لطفلتنا الجميلة سلمى، وسأبدأ معك بالبشرى التي تنطوي على استخدامها لجهاز الكمبيوتر كما أوضحت، وبراعتها التي حملتها كلماتك، ونعمة الله أيضا أنها تستخدم يديها بكفاءة.
ويمكنك استخدام الكمبيوتر كمدخل ووسيلة لما تطمحين إليه وتعليمها؛ فيمكنك البدء في تعليمها الحروف ثم الكلمات فالأرقام باستخدام البرامج التعليمية الموجودة على الأقراص الممغنطة والمنتجة لهذا الغرض للأطفال العاديين، وذلك عن طريق تدريب طويل مكثف للطفلة بواسطة معلم خاص مؤهل للتعامل مع حالة سلمى؛ فالأطفال ذوو الإعاقة المزوجة يحتاجون فعلا إلى رعاية مكثفة وخاصة، وكثير من مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة يرفضون رعايتهم بسبب ذلك، لكن الأمر متيسر مع الرعاية المنزلية بواسطة معلم مؤهل، وسيجعلها تظهر تحسنا بإذن الله.
ولا أكتمك هنا أمرا أن إلحاقها بالمدارس العادية قد لا يكون مستحيلا لكنه ربما تجدينه صعبا بعض الشيء. وعلى كل فلا داعي لسبق الأحداث، وعليك تدريبها بانتظام وبشكل مكثف، وهو ما سوف يوضح ما يمكن أن تصل بها قدراتها التي منحها الله تعالى.
وكما قلنا في استشارات سابقة فإن مهمة التدريب - وإن لم يُظهر تحسنا ملحوظا سريعا - لنحافظ على ما لديها من إمكانيات وقدرات، ونطورها إلى أقصى ما تسمح بها هذه الإمكانيات.
وبالتالي لا بد من المتابعة مع إخصائي تخاطب لبدء جلسات التخاطب مع الطفل، ولا بد من الديمومة والاستمرار في التمارين وعدم الاغترار بأي تحسن؛ فتدريبات التخاطب تشبه تمرينات العلاج الطبيعي في حاجتها للتراكم لتعطي نتائجها المرجوة.
كنت أحب لو أوضحت لي بعض الأمور، وهي:
1-هل هي طبيعية في الأشياء الأخرى؟
2-ما هو ترتيبها بالنسبة لأخواتها؟
3-وهل بينك وبين والدها صلة قرابة؟
4-وما طبيعة الولادة؟ وهل ما حدث لها كان بسبب حادث بالولادة أم أنها مولودة هكذا؟
5-متى عرفت بوجود تأخر في الاستيعاب لديها، وكيف عرفت بهذا؟
أختي الكريمة أنا بانتظار أخبارك ومتابعتك. فأهلا بك دائما.
ـــــــــــــ(103/193)
"الجيل الصاعد" قارئا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً جزاكم الله خيرًا على ما قدمتم لي من النصيحة القيمة في الرسالة السابقة، والرد الذي كان بعنوان ("سوف" والجيل الصاعد) فقد استفدت منها كثيرا.
وأخص بالشكر الأخت أ.عزة تهامي زادك الله عزة ورفعة، وفتح الله لك مفاتيح الخير كلها أمين.
رسالتك القيمة غيرت مجرى حياتي في تعاملي مع ابني ووجدت ثمارها بأسرع مما كنت أتوقع، ولقد جدّ في دراسته إذ أصبح من بداية العام الدراسي أبدع، وكان في بعض المواد الدراسية في هذه الفترة هو الأول، وذلك بعدما أخذت نصيحتك القيمة بحذافيرها، الله يجازيك خير الجزاء على ما قدمت لي من النصيحة بكل سخاء.
واليوم عندي سؤال أريد له الإجابة الشافية كما عودتمونا:
ابني، 9 سنوات، مدمن في قراءة الكتب، وهذا في حد ذاته جيد، ولكن ما أراه كمشكلة في نظري هو أنه مستعد لأن يقرأ كتابا دون أن يمل أو يتحرك ساعات، مشكلتي فيما يقرأ، هو يحب قراءة القصص الخيالية أو الكرتون أو كل ما يشبه لعبا.
وأنا كأب لا أرى في هذه الكتب أي فائدة علمية أو دينية، فهو لا يحب مثلا الكتب الإسلامية كثيرا، ولا كتب التاريخ، فأنا خائف من أن يدمن هذا، وألا يكون له حب استطلاع على الكتب القيمة، وأنا أولا وأخيرا مسئول عن نشأته الفكرية فيما يقرأ؛ فكيف أستطيع أن أرشد طريقة قراءته للكتب بطريقة صحيحة؟
فهل منعه من قراءة الكتب التي يحبها طريقة مثلى أم أنها تعقده في القراءة؟ رجاء أن تفيدوني بطريقة أتعامل بها معه حتى لا أسيء التصرف وأعقده في القراءة.
جزاكم الله خير الجزاء، وأملي كبير عند الله ثم عندكم. أرجو ألا أكون ضيفا ثقيلا، وما دفعني إليكم إلا ما رأيته عندكم من حسن توجيه من هذا الباب، أنا دائما بعد الله سأستعين بكم في كل ما يجول من خواطر وهموم، ولكم جزيل الشكر على حسن تعاونكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أبا سلمان ضيفا عزيزا على موقع "إسلام أون لاين.نت"، بصفة عامة وعلى صفحة "معا نربي أبناءنا" بصفة خاصة، ونحن سعداء بمتابعتك معنا، بل نحن نأمل أن يكون كل زوار هذه الصفحة مثلك في التعاون والمتابعة، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا دائما عند حسن ظنكم بنا وينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا.
وقبل الرد على استشارتك الكريمة، أود أن أوضح لك أمرين:
أولا: إن المرحلة التي يمر بها ابنك تتميز بميله لقراءة الكتب التي تتناول الإثارة والمغامرات والخيال، ومع الأسف فإن من هذه الكتب ما يتناول هذه الموضوعات بسطحية وبطريقة غير جادة أو تافهة على حد تعبيرك؛ ولذا فلا تعتب على ابنك فيما لا ذنب له فيه.
ثانيا: ستجده بعد فترة، في المرحلة العمرية القادمة، أي من 14 أو 15 سنة إلى 18 وما بعدها، تستهويه نوعية أخرى من الكتب أكثر جدية؛ ولذا فلا داعي للقلق، والاقتراحات التي سأذكرها في النقاط التالية تخدم غرضين أساسيين هما:
إتاحة فرصة أكبر لمزيد من التواصل بينك وبين ابنك، بل بين جميع أفراد الأسرة، إلى جانب توجيهه لاختيار نوعية أفضل من الكتب.
والآن اسمح لي أن أبدأ في عرض المقترحات:
- لا تنه ابنك عن قراءة الكتب التي يختارها بنفسه حتى لو كانت من وجهة نظرك تافهة وغير مفيدة.
- ليس بالضرورة أن تكون الصبغة الأساسية لكل الكتب التي يقرؤها ابنك هي الصبغة الإسلامية، وإنما الأفضل أن تتنوع الكتب التي يقرؤها في المجالات المختلفة، وأنا أعلم أن هذا ما تريد، ولكن الأمر يحتاج إلى تدرج كما سأوضح.
- حاول أن تكون بعض هداياك لابنك (وليس كلها) كتبا أو مجلات تناسب سنه ويحب الاطلاع عليها، ولتكن قصص الخيال العلمي، فهي تقوم على أسس علمية صحيحة وهي مفيدة، إلى جانب أنها تشبع خاصية الخيال لديه، أو قصص البطولات الإسلامية لكثير من الفاتحين المسلمين فهي تشبع رغبته في الإثارة والمتعة، وفي نفس الوقت يشعر بالفخر لانتمائه لهذه الفئة المشرفة، وتفتح مجالا خصبا لمعرفة المزيد عن الإسلام والمسلمين.
وإذا لم يقرأ ما أهديته له فلا تلمه أو تعتب عليه، ولا تسأله عما إذا كان قرأه أم لا أو هل أعجبه أم لا، بل اتركه حتى يأتي بنفسه ليقول لك رأيه، فإذا لم يفعل فلا تعلق.
- اقترح على أسرتك فكرة "مشروع الكتاب والقصة والمسرحية"، وهو عبارة عن تخصيص صندوق صغير أو "حصالة" يضع كل فرد من الأسرة جزءا من مدخراته أو مصروفه أو دخله، وفي نهاية الشهر يُشترى بما تم ادخاره كتاب أو قصة أو مسرحية يختاره أحد أفراد الأسرة بالتناوب على أن يقرأه، ثم يستعرض ما فيه في اجتماع للأسرة يخصص لهذا الغرض، ويناقشه فيه باقي أفراد الأسرة.
وهذا الاجتماع لا بد أن يتوفر فيه عدة شروط هي:
- أن يكون مرحا يحيط به جو الدفء والمودة والرغبة في التواصل الجيد مع الأبناء.
- أن يكون له (أي الاجتماع) موعد محدد في الشهر يلتزم به الجميع، ويكون موعد بدايته ونهايته محددا.
- عند استعراض أحد أفراد الأسرة للكتاب أو القصة أو المسرحية ينصت الآخرون دون مقاطعة ثم يُسمح بعد ذلك بالنقاش والتعليق.
- لا يكون التعليق ساخرا أو به لهجة استخفاف، بل على الجميع أن يحترم رأي الآخرين، وارفع شعار الرأي والرأي الآخر مهما كان رأي الآخر هذا مخالفا لرأي الأسرة أو أحد أفرادها.
- عند اختيارك أنت لأول كتاب تستعرضه احذر أن يحتوي على نصائح ومواعظ (وأنا أفضل ألا يكون كتابا متخصصا في العلوم الإسلامية)، بل اختر كتابا يدل على مواقف طريفة مثلا أو قصص الخيال العلمي كما ذكرت.
- عندما يأتي دورك في استعراض الكتب أو القصص لا بد أن تكون طريقة العرض جذابة شائقة تستخدم فيها نبرات صوتك المختلفة والمناسبة لما تحكي، والإيماءات والإشارات، وتكون لغتك مفهومة للجميع، فيمكنك تكرار الجملة بأكثر من أسلوب ليفهمها الكبير والصغير، وتنتقل ببصرك بين أعضاء أسرتك لترى تأثير هذا عليهم.
- وعند اختيار ابنك لكتاب يحبه ويستعرضه ثم وجدت أنه غير مناسب أو غير مفيد كما ذكرت، لا تصرح له بذلك، بل حاول أن تستمع لما يستعرضه ثم عند التعليق استنبط أفضل ما في الكتاب وركز عليه في تعليقك.
يمكن أن تُرسم لوحة تشترك فيها الأسرة كلها، تعبر عن موضوع الكتاب أو القصة أو المسرحية، بل يمكن تمثيلها، وأن توزع الأدوار عليكم جميعا أو يُكتب تلخيص لأهم أفكار الكتاب/القصة/المسرحية.
وأخيرا، سيدي، حاول أن تعلم وتدرب ابنك على أن الحياة ليست مقتصرة على نشاط واحد فقط مهما كان هذا النشاط رائعا ومفيدا؛ ولذا عليك أن تمارس معه عدة أنشطة أخرى متنوعة غير القراءة.. رياضية وفنية ويدوية وتجارية وزراعية ... إلخ.
ويمكنك الاطلاع على موضوعات تناولت كثيرا من الأنشطة التي يمارسها الآباء مع أولادهم على هذا الموقع بالنقر هنا:
- كل صيف وأنتم مستمتعون.. مستفيدون - مشاركة من خبيرة
- برنامج مميز للوقت المميز
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
كما يمكنك، سيدي، الاطلاع على هذه الاستشارة وبها العديد من الكتب التي يمكن أن تستعين بها:
- دليل قصص الأطفال
- ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارتين التاليتين:
- القراءة بداية الحفظ الجيد
- القراءة.. أسرار الحب والكره
ولك مني خالص الدعوات بأن يعينك الله على التربية الصالحة، ونحن في انتظار رسائلك الكريمة والمتابعة معنا إن شاء الله.
ـــــــــــــ(103/194)
قل: استعارة.. ولا تقل: سرقة ... العنوان
يبلغ ابني من العمر أربع سنوات، وكانت مشكلتي أنني ليس لديّ وقت طويل أقضيه معهم بالمنزل؛ وذلك لأن لديّ عملاً خاصًّا أذهب إليه بعد انتهاء الدوام الخاص بي؛ ولذلك أعترف أنني كنت أهمل بعض الجوانب الأسرية مثل أخذ الأولاد في نزهات خارجية لنقضي الوقت معًا؛ ولذلك كان ابني منطويًا بعض الشيء.
ولكن اكتشفت مشكلة نزلت عليّ مثل الصاعقة وهي أن هذا العام بدأ ابني سنوات الدراسة بالالتحاق بالروضة، وكان يبكي صباحًا رافضًا الذهاب إلى المدرسة، واعتقدت أن هذا شيء طبيعي بالنسبة لهذه المرحلة، ولكن عند عودته من المدرسة اكتشفنا داخل حقيبته بعض الألعاب التي لا تخصه، وعند سؤاله عن مصدرها أجاب أن أحد أصدقائه أعطاها له، وعند ذهاب والدته في أحد الأيام لإحضاره أخبرتها المدرسة المسئولة عنه أنهم اكتشفوا أنه يأخذ الألعاب من زملائه بالمدرسة ويخفيها داخل حقيبته، وعند السؤال عنها يكذب ويبكي.
وأنا الآن في منتهى الحيرة من التصرف معه، وكيف أقوِّم هذا العيب الخطير فيه وفي الوقت نفسه أجنبه الإحراج بين زملائه، وعلى الرغم من أننا والحمد الله ميسوري الحال. ... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا أبا محمد يقولون دائمًا "رُبّ ضارة نافعة"؛ لأن أجمل ما في رسالتك هو اعترافك بإهمال بعض الجوانب الأسرية.. وأودّ أن أهمس لك إنها ليست بعض الجوانب الأسرية، ولكن كل الجوانب الأسرية؛ فأنت يا سيدي لديك 3 زهور جميلة أكبرهم عمره 4 سنوات، وهم في أشد الاحتياج لرعاية الأم واهتمامها -أعانها الله عليهم- وهم أيضًا بحاجة إلى عناية الأب حزمه وتواصله معهم، ودائمًا نقول للآباء والأمهات: اهتموا بأولادكم وأعطوهم حقهم في الرعاية والاهتمام والتربية وهم طبيعيون قبل أن يجبروكم على الاهتمام بهم بإحداث المشاكل والأزمات.
فإذا كنت يا سيدي تنظر إلى مشاكل محمد وهو في الروضة على أنها كارثة وصاعقة، فماذا ستقول عن مشاكل المراهقة والشباب ومشاكل الدراسة والأصدقاء. يا سيدي، إن الأمر بسيط وليس بالحجم أو الكارثة التي تتخيلها، إن محمدًا لأول مرة يواجه العالم الخارجي، لأول مرة يحتك ويتعامل مع أناس غرباء تمامًا، مثل الزهرة الجميلة عندما تكون داخل أكمامها تحفظها وتحميها، ولكن عندما تتفتح وتخرج من الأكمام تواجه الرياح والأعاصير والشمس والمطر.
إن محمدًا لم يسرق أو يأخذ الألعاب من أصدقائه بسوء قصد.. إنه مجرد طفل رأى لعبة أعجبته وليس عنده مثلها في البيت فشعر برغبة في الاحتفاظ بها، إن الأطفال في هذه السن المبكرة لا يفرقون بين الملكية الخاصة والملكية العامة، بمعنى أنهم لا يدركون معنى أن هذه الألعاب تخص زملاءه وليس من حقه الاحتفاظ بها، وحتى إن كان يبدو أمامنا أنه يفهم المعنى ويستوعبه، إنه في الحقيقة لا يريد أن يفهمه؛ لأنه يريد أخذ اللعبة، فإن إحدى أهم صفات الطفل في "مرحلة من 3 – 7 سنوات هو "التمركز حول الذات"، أي أن محور اهتمام الطفل هو نفسه ورغباته ليس لأنه أناني أو طماع، أبدًا، ولكن لأنه طفل لا يرى في العالم من حوله إلا نفسه فقط، ودورنا هنا هو تقويم هذه السلوكيات وتوجيهها بهدوء وصبر ورفق حتى نعوّد الطفل ونساعده على تفهم ما يدور حوله وكيف يتعامل معه، ولكن دون عصبية أو تشنج أو اتهامات للطفل بأنه يسرق أو يكذب.
علينا أولاً أن نطلب منه بهدوء ورقة أن يعيد هذه الألعاب إلى أصحابها، ويفعل ذلك بنفسه وليس الأم أو المدرسة، ثم نفتح معه حوارًا هادئًا جدًّا وبسيطًا حول معنى الملكية، وكما أنك لا تحب أن يأخذ أحد ما تملك من ألعاب أو حلويات، كذلك الآخرون لا يحبون ذلك، وأنك إذا أردت شيئًا عليك أن تأتي إلى والدك أو والدتك وتطلب منها ما تريد، ولكن لا بد أن يكون الوالدان في هذه اللحظة على درجة من الكياسة والفطنة بحيث تجاب طلباته في حدود المعقول، فلا ترفض كلها ولا تجاب كلها.
وليس مسموحًا أبدًا لأحد باتهامه بالسرقة أو الكذب، ولا بد من التفاهم مع المدرسات على ذلك، بل على العكس تقول له المدرسة أنت يا أحمد لم تأخذ بالك ونسيت ووضعت لعبة صديقك في حقيبتك أنت لا بأس عليك بإعادتها له، ولا تقوموا أنتم برواية القصة لأي أحد من الأهل أو الأصدقاء.
ومع بعض الصبر والهدوء ستنتهي القصة، وهي قصة عادية جدًّا ومتكررة في رياض الأطفال، خاصة مع الأطفال الذين يحتكون بأقرانهم لأول مرة، وفي حالات نادرة جدًّا إذا استمرت المشكلة نضطر للجوء للعقاب المعنوي وليس البدني مثل الحرمان من الحلوى، أو الحرمان من النزهة، أو مخاصمة الطفل حتى يمتنع عن هذا السلوك.. أرجو لك التوفيق وأن توافينا بالنتائج المُرضية إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/195)
ليس بالإكراه تكون التربية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي في ابني، 8 سنوات، حيث إنه لأتفه الأسباب يبكي، وإذا سألته عن سبب بكائه يقول: إنك منذ زمن بكيت. فأقول له: يجب أن نتفاهم دون بكاء. لكنه لا يستجيب. وإذا عوقب بعدم الخروج مثلا يأخذ بالبكاء والصراخ وضرب أخواته، فأحاول تهدئته، وأقول له بأن أسلوبه ليس أسلوبا للتفاهم، فيعتذر لأخواته ولي.
ويكرر طلبه في بعض الأحيان فأقبل طلبه، وأحيانا أرفضه، وفي حالة الرفض يعود للصراخ بصورة غير طبيعية ويضرب أخواته ويضرب نفسه مع التذمر من جلوسه في البيت، وأحيانا أتركه ليهدأ وحده، وأحيانا أقوم بضربه فيهدأ بعدها، فكيف يكون التعامل معه؟
حتى عندما أهدده بأبيه لا يخاف، ولكن عند عودة أبيه للبيت تجده مختلفا، مع العلم أن أخته التي تصغره تحبه وهو يكرهها ويغار منها بشدة رغم أنني وأباهم نعدل بينهم في كل شيء.
... السؤال
مفاتيح تربوية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الغالية.
ومرحبا بك زائرة غالية لصفحتنا، وأبدأ حديثي معك بحكاية يرويها الأستاذ "محمد عبد الرحيم عدس" في كتابه "الآباء وتربية الأبناء"، عمان، دار الفكر: "جلست مرة في مطعم وبجانبي زوجان معهما طفلتهما في عمر 6 سنوات تقريبا، ولما أحضرت المرطبات مدت الطفلة يدها لتأخذ منها فتسابق الوالدان يمطرها كل منهما بالإرشادات والتعليمات حتى تبدو مهذبة أمام الناس، وحتى لا ينسكب الشراب على ثيابها، وكأنهما يفترضان منها ألا تقوم بأي عمل دون أن تتلقى منهما الإرشادات أولا.. وهنا ارتبكت الطفلة ولم تدر ماذا تفعل.. وأخيرا قررت الامتناع عن تناول أي شيء وأصرت على ذلك، وعندها تبادل الزوجان نظرات اللوم والعتاب، كل منهما يلقي اللوم على صاحبه".
إن أبناءنا يا أختي الغالية حين يشعرون بالمودة والطمأنينة تبث في نفوسهم مشاعر طيبة ويدفعهم الارتياح إلى المصارحة بكل ما يدور داخلهم، فيتشجعون على مناقشة مشاكلهم مع آبائهم لما يجدونه لديهم من استعداد للاستماع والإنصات.
فإذا أردنا أن يقتنع أبناؤنا بأفكارنا ويستفيدوا من خبراتنا فلا بد من الإقناع والابتعاد عن الإكراه والقوة في التوجيه ليشعروا بالمشاركة في صنع القرار، وهو ما يشعرهم بأهميتهم ووجودهم.
إنه كما يبدو من كلامك يا أختنا الغالية أن المشكلة ليست لدى الطفل بقدر ما هي في حيرتك في التعامل معه: "فكيف يكون التعامل معه؟"، وإن كنت قد بادرت باستخدام بعض الأساليب التي ربما زادت تعقيد المشكلة: "وأحيانا أقوم بضربه"، "وأحيانا أتركه"...
كذلك فإن هناك العديد من الأحكام التي حكمتها على ابنك دون أن تخبرينا لماذا حكمت عليه بها؟ وما دليلك عليها؟ وما المواقف التي أوصلتك لهذا الحكم؟ كقولك: "مع العلم بأن أخته التي تصغره تحبه وهو يكرهها، ويغار منها بشدة رغم أني وأباهم نعدل بينهم في كل شيء".
كذلك قولك: "في حالة الرفض يعود للصراخ بصورة غير طبيعية"، ولم توضحي لنا أي نوع من المطالب يطلبها الصغير وترفضينها، ولِم ترفضينها؟ وهل تبررين له رفضها؟ وماذا يقول عندما يصرخ؟ ولِم حكمت على الصراخ بكونه غير طبيعي؟
ثم نأتي لضرب أخواته، فهل يبدأ بالعدوان عليهن لمجرد رفض طلباته؟ أم أنهن يقمن باستفزازه أو يعيرنه أو يسخرن منه؟
ولماذا تهددينه بأبيه؟ هل يخافه ويهاب عقابه أم يحبه ويحترمه ويخشى إغضابه حبا فيه وخوفا على سلامة العلاقة بينهما؟
كما أنك تقولين: "إنه لأتفه الأسباب يبكي" فما هذه الأسباب التافهة من وجهة نظرك؟
إن ابنك، كما يبدو من كلامك، يريدك أن تلتمسين له العذر، وأن تعتبري تصرفاته عادية، وأن تضعي نفسك مكانه، فهو يقول لك: "إنك منذ زمن بكيت"، إنه يريد أن يقول لك بأنك كنت طفلة مثله، فما الذي تستنكرينه بالتحديد في هذا الرد؟
إننا في حاجة لمعرفة الرد على كل هذه التساؤلات قبل الإجابة على سؤالك لنحدد المشكلة فيسهل الحل، كما أن هناك عددا من الاستفسارات الأخرى ننتظر متابعتك لنا بالرد عليها وهي:
- ما هي طبيعة علاقتك بالطفل وعلاقته بوالده وأخواته؟
- ما الذي يسودها وما الذي يغلب على تعاملاته معكم، وكيف تديران أنت وأبوه خلافاته مع أخواته؟ مع ذكر أمثلة ودون إطلاق أحكام بدون أدلة.
- هل كانت ولادة الطفل طبيعية أم غير ذلك؟
- هل كانت سهلة أم شابها بعض الصعوبات؟
- هل كانت رضاعته طبيعية أم صناعية؟ وهل كان يتخللها النظرات الحنونة المتبادلة والمداعبات والمناغاة...إلخ؟
- الفطام.. كيف تم وفي أي سن؟
- ما الفرق في العمر بينه وبين أخواته.. وكيف كان استقباله لهن؟
وحتى توافينا بالرد أقول لك: حاولي دائما أن تجدي لابنك المبرر لتصرفاته حتى إن لم يرق لك هذا التصرف، وذلك لتبعدي عن نفسك وعنه اليأس والقنوط اللذين قد يقتلان الرغبة داخله للتحسن، وتذكري أن التربية هي المعين لتنمية شخصية الطفل، وإثارة انتباهه وليس إلغاءها، فعندما نتجنب الرقابة المباشرة في متابعة أبنائنا ولا نحاسبهم على كل حركة وسكنة نستطيع توجيههم بأسلوب غير مؤذ لشخصياتهم لتعديل وعلاج كل ما لا نرضاه من تصرفاتهم.
أرجو أن أتلقى ردك سريعا، ولا تنسينا من صالح دعائك في تلك الأيام المباركة المليئة بالنفحات والتي ترفع فيها الأعمال.
ـــــــــــــ(103/196)
التأخر العقلي.. والبلوغ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. بداية أود التقدم بالشكر للسادة القائمين على هذا الموقع، وأن يكون هذا الجهد في ميزان الحسنات. المشكلة هي وصول شقيقي(16 سنة) لمرحلة البلوغ، وهو مصاب بتأخر عقلي ولا أدري كيفية الحديث معه عن هذه المرحلة ومتطلباتها كالاعتناء بالنظافة وما إلى ذلك، فأرجو الإفادة في هذا الموضوع الشائك، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
التأخر العقلي ... الموضوع
د/إيهاب خليفة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلا بك ومرحبا. وجزاكم الله خيرا على تحيتك ودعواتك الكريمة التي لا نملك إلا أن نقول معها: "اللهم آمين..اللهم تقبل".
لي سؤال: من أين علمت أنه مصاب بتأخر عقلي؟ هل تم هذا التشخيص بناء على تقرير طبي؟ وإن كان فما هي درجته.
فطريقة المحادثة والتعليم وإكساب السلوك ستعتمد على درجة الاستيعاب والقدرة على التعلم.
وهذا الأمر له شقان:
الشق الأول: وهو إكساب المعلومات، وهذا ممكن في حالات التخلف العقلي البسيط أو الحالات التي لا تدخل تحت بند التخلف العقلي، وتشخص على أنها حالات بينية.. لا هي ذات حد أدنى من الذكاء، ولا تدخل في إطار التخلف العقلي، والمرشح لإكسابه هذه المعلومات بصورة مبسطة هو أحد الخبراء التربويين أو المعالجين النفسيين، أو أحد الإخوة الذكور أو الأب أو أحد الأصدقاء الثقة، ويفضل التركيز معه على الحقائق البسيطة، مثل: أمور العفة، والأخلاقيات، والتحذير من الوقوع في الانحرافات الجنسية، فما أسهل تعرضهم لذلك، ووجوب الغسل عند الجنابة، مع الاهتمام بشغل وقته بصفة مستمرة وإفراغ ما عنده من طاقة في أعمال مختلفة.
والشق الثاني: وهو الخاص بتقويم السلوك دون الاهتمام بإكسابه المعلومات، وهذا يتم في حالات التخلف العقلي التي ليس معها قدرة على الاستيعاب، مثل: التركيز على ضرورة الاستحمام بصورة دورية، وإشراكه في بعض النشاطات المسلية التي تشغل وقت فراغه، وعند حدوث بعض نوبات من العنف والتهيج يفضل إعطاؤه بعض العقاقير المناسبة بمعرفة أحد الأطباء النفسيين، فقد يكون وراء هذا العنف والتهيج شهوة جنسية مكبوتة.
هذا ما يمكن أن أقوله في حدود المعلومات المتوافرة في السؤال. وأهلا بك دائما. وتابعينا بأخبارك.
ـــــــــــــ(103/197)
متى يغادر العصفور الصغير العش؟ ... العنوان
السلام عليكم.. مشكلتي مع صغيرتي(وهي ابنتنا الوحيدة ) أنها منذ كان عمرها سنتين ونصفًا وهي تنام معنا أنا ووالدها أو على الأقل مع واحد منا.. وقد حاولت معها كل شيء لتنام وحدها لكن دون فائدة.. جهزت لها غرفة مليئة بالألعاب والملصقات الجميلة.. وجعلتها تختار الشكل الذي تحب أن تكون به غرفتها، وكانت تقول لي إنها ستنام فيها، ولكن ما إن يأتِ الليل حتى تقرر ألا تنام إلا في سريرنا.. تقول: إنها تخاف.
وفي أكثر من مرة أرغمتها على أن تنام وحدها، فبكت طوال الليل، وجئت إليها وهي ترتعش، وتقول: إنها خائفة.. حاولت أن أنام على الأرض بجانب سريرها.. ووافقت هي على النوم في سريرها بعد بكاء دام الساعة.. حكيت لها القصص.. فغفت قليلا، لكن ما لبثت أن صحت من النوم، وبكت حينما حاولت أن أخرج مختلسة من غرفتها.. وحاولت مرارا نفس الأسلوب، ولكن دون جدوى حتى أصبح أمر نومها معنا واقعًا.. وعمرها الآن 3 سنوات ونصف.. لا أدري ماذا أفعل لها؟ هل فات الأوان لتدارك المشكلة؟ أتمنى أن ترشدوني. ... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أحيانا تكون مشاعرنا تجاه أطفالنا وإشفاقنا وخوفنا عليهم قيدًا على نموهم، وتصورنا أنهم ما زالوا صغارا ضعفاء يجعلنا نؤخر تعويدهم على بعض السلوكيات، وإعطاءهم الثقة والاعتماد على النفس إلى سن أكبر، ونتخيل أنهم عندما يكبرون سيكونون أقوى وأقدر على التحمل ومواجهة المواقف، ولكن ذلك بعض الأحيان يعطل طاقاتهم وقدراتهم؟
هناك بعض الأمور يكون تعويد الطفل عليها وتعليمها له في سن صغيرة أسهل وأرسى كثيرا من السن الكبيرة، ومن هذه الأشياء التحكم في قضاء الحاجة.. وكذلك النوم في سرير منفصل ثم غرفة منفصلة.. فأنت قد بدأت تنتبهين للمشكلة وتحاولين التعامل معها وتعويدها على النوم في غرفة مستقلة عند سن سنتين ونصف، وهي سن متأخرة جدا؛ لأنها تكون قد كبرت وفهمت وتعودت على النوم معكما، ولا تتخيل أبداً أن تجد نفسها في غرفة منفصلة في منتصف الليل، وهي قد تعودت منذ بدأت تعي الدنيا أن تمد يدها أثناء النوم فتمسكك.. أن تفتح عينيها فتراك أو ترى والدها.. فكيف الآن تستيقظ فتجد نفسها في غرفة وحدها؟
إنها عندما كانت صغيرة لم تكن تعرف معنى الخوف ولا حتى الظلام ولا معنى الوحدة.. ولكن اليوم هي تعرف كل هذه المعاني، وعندها القوة لترفض، وتقول: لا، وتبكي وتضغط عليكما.. ولذلك فإن من المناسب جدا أن يبدأ فصل الطفل في غرفة منفصلة عندما يبلغ السنة الأولى من عمره حتى وإن كان ما يزال يرضع.. تقوم والدته وتذهب إليه لترضعه في غرفته، ثم تعود لغرفتها ثانية؛ فهذا هو أنسب شيء لذلك؛ لأنه لم يعِ ويدرك بعدُ حتى وإن بكى في البداية فسرعان ما سيعتاد على الأمر، وسيصبح أمرا طبيعيا.. بل بالعكس سينظم نومه ويصبح أكثر هدوءًا.
ولكن ما دمنا نتعامل الآن مع المشكلة وقد تفاقمت.. فاعلمي أن الأمر يحتاج منك إلى كثير من الحزم والقوة؛ لأنها لن توافق أبدًا بإرادتها حتى ولو أحضرت لها لعب الدنيا كلها في غرفتها؛ لأن خوفها واعتيادها النوم بجانبك أقوى من أي إغراء آخر.
كوني حازمة جدا معها، وأخبريها أنها منذ اليوم ستنام في غرفتها، ولا بد أن تشعر في كلامك بالجدية والإصرار، ولكن في نفس الوقت قدمي لها الأمر بالحديث عن أنها كبرت وصار لها غرفة وحدها، وأنها إذا نامت دون بكاء في غرفتها فستكون لها هدية كبيرة، وأخبري والدها وأجدادها والعائلة أنها منذ اليوم ستنام في غرفتها.. وربما توافقك أثناء النهار، ولكن عندما يأتي الليل ستبكى وترفض.. كوني حازمة جدا، وذكريها بالاتفاق.
قولي لها: إنك ستدخلين معها غرفتها وستنام هي في السرير وستقفين أنت بجانبها كي تحكي لها قصة أو تغني لها أغنية جميلة، ثم غادري الغرفة مهما بكت حتى لو بكت طوال الليل.. اصبري.. ولا تتراجعي أبداً أبداً، ولا مانع طبعا في البداية من ترك نور الغرفة مضاء طوال الليل أو جعل ضوء مناسب خارج الغرفة، وقولي لها: أنا في غرفتي ناديني سوف آتي إليك فورا.. ولا بد أن تنظمي لها أوقات النوم؛ بمعنى أن تستيقظ مبكرة ولا تنام ثانية أثناء النهار، كذلك احرصي على الخروج حتى لو بكت قليلا فستنام بعد ذلك بعمق.. المهم ألا تتراجعي مهما حدث وبعد حوالي أسبوع أو 10 أيام ستنتهي المشكلة بإذن الله.
ـــــــــــــ(103/198)
فشلتما كزوجين.. فلتنجحا كمطلقين ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أحببت أن أرسل لكم مشكلتي، عسى -وكلي أمل- أن أتلقى منكم جوابًا يريحني.. شكرًا لكم مسبقًا.
أنا أم عندي ولد واحد عمره 11 سنة.. أنا ووالده قررنا أن ننفصل عن بعضنا لاستحالة تكملة مشوار حياتنا مع بعضنا. المشكلة ابني الذي أعشقه أنا، وهو بالنسبة لي كل شيء، ونفس الشيء بالنسبة لوالده. قررت أن أترك له ابني وهذا من شدة تعلق الولد بوالده ولظروف صعبة لديّ.
المشكلة هي أنني كيف أنفصل عن البيت بدون أن أثير مشاكل نفسية بالنسبة لابني. فهو متفوق بدراسته وسعيد، ولكن السعادة لا تدوم.. أريد أن أعرف كيف أقنعه، أو بأي طريقة أتكلم فيها مع ابني وحيدي بدون أن يكرهني ولا تُربى له عقدة من الانفصال. أريده أن يكمل حياته بسعادة نوعًا ما. إنه سوف يزورني كل أسبوع يومين في العطلة.. هكذا اتفقنا أنا ووالده. كيف أدعمه نفسيًّا؟.. كيف؟ أرجوكم دلوني على الطريق الصحيح.. إني خائفة عليه جدًّا. عفوًا لإطالة رسالتي، ولكنني مضطرة، والسلام عليكم. ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأخت الفاضلة.
كثيرًا ما ننفعل مع المشاكل التي تصلنا؛ فنفرح لفرح قرائنا، ونحزن لحزنهم، ونتألم لألمهم، ولكن هذه أول مرة أشعر بكل هذا الألم والحزن عندما قرأت رسالتك.. إنه حقًّا أبغض الحلال عند الله، ولكنه في النهاية الحكمة في شرع الله تعالى؛ حيث إنه أحيانًا يكون صمام الأمان الوحيد لحياة تمتلئ بالمشاكل.. أدعو الله فقط أن يكون قراركما بالانفصال قرارًا صائبًا ومدروسًا، سبقته محاولات للإصلاح واستشارة واستخارة خالصة لله تعالى؛ لأنه في النهاية هدم لبيت فيه ملاك بريء اسمه "أنور"، ولكن مع حرصك الشديد على توصيل الأمر لأنور بصورة صحيحة ومراعاة لمستقبله، ومع حبك الشديد له وحب أبيه له وارتباطه به.. أعتقد أنكما لو حرصتما لأمكنكما أن تقدما لنا نموذجًا ناجحًا لأب وأم فشلا أن يكونا زوجين ناجحين؛ فكانا مطلقين ناجحين!!
نعم يا سيدتي هناك طلاق ناجح وهو الطلاق الذي يفصم عرى العلاقة الزوجية، ولكنه لا يهدم الأسرة، ويظل هناك أبناء وأم وأب. وأهم شيء أن يظل هناك احترام وتفاهم بين أب وأم لمصلحة الأبناء.
1- يا سيدتي عليك بالدعاء واللجوء لله تعالى أن يلهمك الصواب، وأن ييسر الأمر على أنور.
2- هناك عدد من المفاهيم المهمة والنقاط التي لا بد من مراعاتها:
أولاً: الصراحة والوضوح دون تجريح في أنكما لأسباب كثيرة لن تستطيعا إكمال حياتكما معًا؛ ولهذا سيتم الانفصال، ولكن دون أن يجرّح كل طرف في الآخر، ولا داعي لذكر تفاصيل المشاكل أو إساءة أحدكما للآخر.
ثانيًا: عدم إعطاء الأمل بأن هذا وضع مؤقت حتى لا يظل عنده أمل في عودة الأمور لطبيعتها، ولكي يدرك أن هذا وضع نهائي.
ثالثًا: التأكيد.. ثم التأكيد أولاً وأخيرًا على معنى الحب الذي تُكنّونه له، وأنه أهم شيء في الدنيا عندك وعند والده، وأن مصلحته عندكما مقدمة على كل شيء.
رابعًا: التأكيد على معنى الاحترام والثقة الذي يكنّه كل منكما للآخر؛ أي أنا أحترم والدك جدًّا وأثق في حسن رعايته لك، وكذلك الأب يؤكد هذا المعنى، وطبعًا أهم شيء في هذه النقطة هو الصدق الشديد؛ لأن الأطفال عندهم حساسية شديدة ضد الكذب والنفاق، عليكما -أنتما الاثنين- أن تحاولا أن تكونا صادقين تمامًا مع نفسيكما في إرساء هذه المشاعر داخلكما، فما دام قرار الطلاق قد تم اتخاذه والاتفاق على إقامة أنور كذلك، فلا داعي أبدًا لأي صراعات بينكما، ولتبدآ عهدًا جديدًا في العلاقة الواعية الراقية كأب وأم.
خامسًا: التأكيد على معنى أن الطلاق ليس معناه أنه سيفقد أحد أبويه، ولكن فقط نظام الحياة سيتغير، ولكنه يستطيع أن يرى والدته في أي وقت، ويستطيع أن يتحدث معها في الهاتف في أي وقت، ولا مانع من أن تتفقا على أنه يتصل بك كل يوم قبل النوم مثلاً، وأنه في مناسبات حياته كلها مثل: يوم ميلاده، وحفلات نجاحه، حفلاته في المدرسة أو النادي سيجد بجانبه دائمًا أبًا وأمًّا.
سادسًا: تعريف الطفل كيف يرد على أي شخص يسأله عن هذا الموضوع، خاصة أصدقاءه ومدرسيه في المدرسة، حتى لا يشعر أنور بأن عنده نقطة ضعف أو موضوع يخجل دائمًا في تذكره فتقل بذلك ثقته في نفسه.
سابعًا: إبعاد الطفل تمامًا عن أي نوع من المشاكل بينكما في المستقبل، ولا يُستغل فيها أبدًا أبدًا كورقة ضغط، وكذلك إبعاده عن أي تعليقات سيئة أو كلام غير مقبول قد تقوله أطراف أخرى مثل الأجداد أو الأعمام أو الخالات.. وعليكما أن تفهماه أن الحديث عند الطرف الآخر لا بد أن يكون له احترام واعتزاز؛ لأنكما في النهاية والده ووالدته، ولا يمكنه أبدًا الاستغناء عن أحدكما أو أن يكره أحدكما.. فلا تضعاه أبدًا في هذا الصراع.
وأخيرًا يا سيدتي صدقيني وثقي تمامًا أنه يمكنكما النجاح في هذا، ويمكنك أن تعطي لأنور –حقًّا-حياة سعيدة ومستقرة لو صدقت نيتكما أنت ووالده في ذلك.
ـــــــــــــ(103/199)
استجواب طفل بمحاكمة عسكرية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابني عمره 6 سنوات، وفي رمضان الماضي في إحدى اجتماعات الإفطار ادعت طفلة في نفس السن والمرحلة الدراسية أنه قام بنزع ملابسه الخارجية (السروال الخارجي) أمامها، وحيث إنهما كانا بوجود عدد كبير من الأطفال من غير وجود بالغين لم يحدث ارتباك بين الأطفال، وعند عودتي إلى البيت اتصل والد الطفلة، وعاتب زوجي على ما بدر من طفلنا، مع أني لم ألاحظ أي شيء من هذا، مع العلم أنه صريح جدا معي.
وفي اليوم التالي قام زوجي باستجواب الابن، فسأله: هل بدر أي شيء مهين من أي من الأطفال؟ فقال: لا. ثم سأله عما إذا كان قد بدر منه هو أي شيء غير لائق؟ عندما لم يعترف اتهمه بالكذب واللف والدوران، ثم قام بضربه ضربا مبرحا.
وحيث إن الولد يحب والده جدا تأثر وكان يصارحني بأنه لم يفعلها.. ومن بعدها أشعر أن الابن يخاف من والده، ويحسب حساب كل حركة، ويسألني إذا كانت تغضب والده أم لا؟ ولاحظت أنه بعد هذا، وبعد ولادة أخته قبل 6 أشهر صار يأكل أظافره.
عندي عدة أسئلة:
1-هل سيؤثر ذلك الموقف على شخصية طفلي أو ثقته من نفسه؟
2-كيف يمكن تدارك أي أثر سلبي لذلك؟
3-كيف ننصح الأب بطريقة صحيحة للتعامل مع ولده؟ وهل استخدام الشدة عموما طريقة للتربية؟ (مع العلم أن علاقة الولد بوالده ما زالت عادية).
4-هل هذا التصرف طبيعي من الطفل إن كان قد صدر منه؟ (مع العلم أني حريصة جدا في اختيار الأصدقاء لطفلي، وأراقب كل ما يشاهده من برامج تلفزيونية).
عذرا على الإطالة، وجزاكم الله خيرا. ... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة أم حمزة/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن النداء الأكبر الذي نحاول أن نبثه من خلال صفحتنا إلى كل الآباء والأمهات والمربين: "لا تنسوا أنكم تتعاملون مع أطفال".. هو أمر إذا نسيناه جاءت المشاكل، وحدثت الاستجوابات، ونتج عنها الضرب المبرح دون سبب أو طائل من وراء هذا الضرب.. ادعت طفلة أن طفلك قد خلع سرواله، وكانوا كلهم أطفالا.. ماذا حدث في الدنيا؟ ولكنه الغباء التربوي الذي يؤدي إلى أسوأ النتائج.. هل لأنه خدش حياء ابنته؟ لا ندري! المهم أنه عاتبه، فأسرع الأب باستجواب ابنه استجوابا ديكتاتوريا لا يريد فيه أن يعرف الحقيقة، ولكنه يريد من المجرم الآثم أن يعترف بجرمه الفظيع الذي تسبب في إحراج الأب أمام والد الطفلة؛ ولذا فإن إنكار الطفل -وهو أمر وارد في مثل هذا الاستجواب المرعب- لم يقابَل من الأب إلا بالضرب المبرح حتى يعلم الطفل أنه سواء اعترف أو لم يعترف فالنتيجة واحدة.
فهذا الاستجواب مثله مثل المحاكمات العسكرية التي تصدر فيها الأحكام مسبقة، ولا يكون أمام القضاة إلا نطق الأحكام، وليس أمام المتهمين إلا الانصياع، فلا إبرام ولا نقض ولا حوار ولا نقاش.. بافتراض أن الولد قد فعلها.. فهو محض تصرف خاطئ يحتاج إلى التنبيه برفق إلى خطئه، وعدم العودة له؛ لأنه ليس له أي دلالة من أي نوع سوى أنه ربما أراد أن يُضحك زملاءه بتصرف غريب يلفت الانتباه.. هذا كل ما في الأمر بدون استجوابات أو محاكمات.
تسألين: هل سيؤثر هذا الموقف على نفسية الطفل؟ أنت تصفين في رسالتك حالة من الخوف والهلع من الابن ناحية الأب.. وهي على ما يبدو ليست نتاج هذا التصرف فقط الذي يبدو أنه كان جزءًا من سياق عام لطبيعة تصرف الأب مع طفله؛ ولذا كان سؤالك التالي عن استخدام الشدة طريقة للتربية.. فالأمر ليس متعلقًا بهذا الموقف أو حتى باستخدام الشدة، ولكن بمفهومنا لتربية أطفالنا، وماذا نريد منهم؟ وهل من مصلحتنا أن ننشئهم خائفين مرتعبين، ثم نسأل لماذا هم غير واثقين من أنفسهم أو مهتزون في قراراتهم؟
توجد منظومة متكاملة للتعامل مع أطفالنا، يكون العطف والحب والحنان والدفء إطارها، ويكون الحزم والحسم وليس الشدة أحد أهم أساليبها، ولكن في الموضع الصحيح والوقت المناسب في إطار من الفهم لدوافع الطفل في تصرفاته وأفعاله.
وإذا تتبعت حلولنا لما يرد إلينا من مشاكل فستجدينها السياسة العامة في التعامل مع الأطفال وتربيتهم، فليقرأ والد طفلك صفحتنا، وليحدد هدفه من تربية طفله، وليكف عن الاستجوابات والمحاكمات حتى تعود لطفلك ثقته المفقودة.
ـــــــــــــ(103/200)
للعصبية أسباب ... العنوان
ابني(11 سنة) خجول جدا خارج البيت وفي المدرسة، لكن في البيت عصبي، ويضرب إخوته الذين هم أصغر منه، ولا يتفاهم مع إخوته إلا بالضرب، وفي الليل يستيقظ فزعا ويصرخ!! وفي الصباح لا يتذكر شيئا مما حدث، وفي بعض الأحيان يتبول في الفراش أثناء النوم. استشرنا طبيبا متخصصا، وقمنا ببعض التحاليل، ولم نجد عنده شيئا. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لم توضح في رسالتك تخصص الطبيب الذي عرضت عليه طفلك؛ لأن الصورة التي تصفها في رسالتك من قيام الطفل فزعا أثناء الليل وعدم تذكره لما حدث صباحا مع عصبيته والتي لم توضح مداها إلا أنه خلال ضربه لأخوته الأصغر، وعدم تفاهمه مع إخوته إلا بالضرب ... ولا نستطيع أن نحكم عن مدى حالته من خلال كلمات رسالتك، ولكن الأمر حسب ما وصلنا من انطباع يحتاج إلى عرض على إخصائي عصبية حتى يقوم بعمل رسم المخ اللازم لطفلك وبيان وجود نشاط كهربائي زائد يؤدي لهذا الفزع بالليل، وعدم التذكر صباحا، والعصبية غير المحتملة مع إخوانه.
هذا أمر وارد يحتاج بعد ذلك إلى استبعاد أسبابه أولا من خلال رسم المخ.. فإذا تم استبعاد الأسباب العضوية لهذه العصبية فإن الأمر يحتاج بعد ذلك في البحث عن الأسباب النفسية لذلك السلوك.. والتي لا تتضح من رسالتك المقتضبة حيث اكتفيت بوصفه بالخجل الشديد ووصفت ضربه لإخوته.. ولكنك لم توضح ما يسوقه هو من أسباب لضربه لإخوته وكيف تتفاعلون أنتم مع عصبيته... هل تضربونه أم تتعاملون بصورة أخرى؟ وهل شكا المدرسون وزملاؤه في المدرسة من عصبيته؟ وهل أنتم تكثرون من نقده ووصفه بالخجل الشديد أو الضعف وتضغطون عليه لتغيير سلوكه؟ وهل تكثرون من المقارنة بينه وبين إخوته أو أقرانه؟ وهل القيام فزعا بالليل مرتبط بنومه في هذه الليلة متوترا أو غاضبا أو باكيا أم أنه أمر يحدث بغير سبب؟
كل هذه التساؤلات قد تساعدك وتساعدنا في بيان أسباب عصبية هذا الطفل إذا استبعدنا الأسباب العصبية أولا كما ذكرنا في بداية ردنا... فنرجو أن تتوجه إلى إخصائي العصبية أولا لعمل رسم المخ اللازم.. فإذا كان سلبيا فلنناقش الأسباب النفسية بعد إجابتك على هذه الأسئلة ونحن معك
ـــــــــــــ(103/201)
طفل الثانية يوجه النصح ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. هذه ليست استشارتي الأولى لكم؛ فقد كنتم عونًا لي في التعامل مع طفلي الأول والوحيد منذ أول يوم رزقني الله به، فجزاكم الله عني كل خير. سؤالي حول علاقة طفلي بأبناء أعمامه عند عودتنا لوطننا في الإجازة بعد عدة أشهر، فقد أتم السنة وهو على أبواب الانطلاق في الكلام بإذن الله تعالى. المشكلة أن أبناء أعمامه كثيرًا ما يتلفظون بالسباب والشتائم –وهذا ما لا أريده لطفلي الذي أبذل معه مجهودًا كبيرًا منذ ولادته ليكون لسانه رطبًا بالقرآن والذكر-، وكثيرًا ما يضربون ويؤذون بعضهم البعض.
أريد أن تكون علاقته طيبة بهم، وأن يلعب معهم ويحبهم، ولكني أخشى من أن يكتسب سلوكهم وألفاظهم، دون أي صدامات معهم أو مع أمهاتهم! فقد تتحسس الأمهات عند نهي الطفل أو حتى تمعر الوجه! وهذا ما لا نتمناه، فكم ساءت العلاقة بين الكبار بسبب الأطفال!!
قد أنمي فيه استنكار هذه الألفاظ وتوجيه النصح لهم بأنها ألفاظ غير مهذبة، ليكون الرفض نابعًا من ذاته، ولكن هل يمكن أن يستجيب لذلك طفل لم يتم العامين!! أعتقد أن هذا الأسلوب لطفل أكبر من ذلك.. ما رأيكم؟ أرجوكم أرشدوني كيف أضبط هذا الأمر بحيث نجني أكبر فائدة ودون أي خسائر؟ فالموضوع يقلقني وما زال على سفرنا عدة أشهر! ... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلا بالزائرة الدائمة، وبطفلك الجميل "طفل الصفحة" . قد يبدو سؤالك مبكرًا جدًّا لطفل لم يكن قد أتم الثانية من عمره، عندما يلتقي بأبناء عمومته.. وطبعًا هذا نابع من أنه طفلك الوحيد والأول، وبالتالي أنت مشغولة به، وتتصورين وتريدين أن تجري الأيام بسرعة ليصبح السوبرمان الذي يتمتع بكل الميزات ولا يخطئ أبدًا، والذي تتحقق له الإيجابيات ولا تصيبه أي سلبية، وهذا ليس كلامًا من عندنا، بل هي كلمات رسالتك.. "كيف أضبط الأمر بحيث نجني أكبر فائدة دون أي خسائر؟"، وهو أمر مستحيل في كل اختياراتنا ورغباتنا حتى ولو كان الاختيار لأولادنا وأطفالنا، وهو أمر مهم أن نعيه ونحن نربي أولادنا.. أن نعي ماذا نريد منهم حتى لا نتعب أنفسنا ونتعبهم معنا.
إنهم لن يكونوا ملائكة، ولن نربيهم في حضانات معقمة.. إنهم سيكونون بشرًا عاديين نحاول أن يكونوا أسوياء قدر إمكاننا، ولكنهم يخطئون ويصيبون.. يرفضون ويقبلون.. ينجحون ويفشلون مثلنا ومثل كل أبناء الناس الآخرين؛ لأنهم بشر أبناء بشر وسيظلون كذلك.
قضيتك ببساطة هي ما نسميه عندنا في التربية مشكلة الاختلاط. هل نجعل أطفالنا يختلطون بالآخرين أم نعزلهم؟ لكل أمر إيجابياته وسلبياته، ولكننا نرى ببساطة أن إيجابيات الاختلاط أكثر وأهم لتربية الطفل ونفسيته، وسيظل هناك سلبيات نحاول علاجها وقد نستطيع ذلك وقد لا نستطيع، وربما ظلت هناك سلبيات بغير علاج، ولكن كل ذلك أهون من مخاطر أن نعزل أطفالنا عن غيرهم أو عن الاحتكاك بالمجتمعات المختلفة من الأقارب، والجيران، والنادي، وغيره خوفًا أن يلتقطوا بعض السلبيات مثل الألفاظ السيئة وغيرها.
اتركي طفلك مع أبناء عمومته حتى ينطلق ويلعب ويمرح ويتفاعل اجتماعيًّا، ويتعلم كيف يتعامل مع من هم أصغر وأكبر منه، وكيف يأخذ حقه وكيف يدافع عنه... و... و... من الأمور التي لن يتعلمها إلا في وسط الآخرين، وعندما يعود لك بلفظ علّميه أنه خطأ، وشجعيه إن أحسن، وعاقبيه بهدوء وحكمة بعد حوار وتفاهم إن كرر الخطأ.
واعلمي أنه لا بد أن يخطئ حتى يتعلم من خطئه، ولا بد أن يعرف السيئ حتى يدرك الصحيح.. هذا هو ناموس الحياة الذي لن يشذّ عنه ابنك مهما فعلت.. لن يكون ملاكًا ولن يصبح شيطانًا، ولكنه سيكون بشرًا على ما ارتضاه الله، يتعلم ويصلح على قدر ما يخطئ ويفسد، ولكنه سرعان ما يعود للصواب ويستمر عليه.
ـــــــــــــ(103/202)
عندما نصف الصغار بصفات الكبار ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه من نصائح مفيدة مشكلة ابني(7 سنوات) تتلخص في الآتي: لا يحفظ ودًّا ولا يعترف بالجميل + لا يسامح أحدًا على الخطأ + عدم الاعتراف بالخطأ والتمسك به + الإصرار على عدم الاعتذار + عدم الاكتراث بالعقاب. نرجو الإفادة بكيفية التعامل معه وتقويمه قبل أن يكبر، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم أبو الحارث/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إحدى مشاكلنا الكبرى في تعاملنا مع أطفالنا هي عدم إدراكنا أنهم أطفال ينتمون إلى عالم آخر هو عالم الصغار.. هو عالم مختلف تمامًا عن عالم الكبار في كل شيء حتى في دلالات التصرفات وعمق ما تنم عنه، وبالتالي في الصفات التي نضفيها على هؤلاء الأطفال وسلوكياتهم؛ وذلك لسبب بسيط ولكنه خطير هو أن ما نسميه نحن بالتفكير التجريدي أو الدلالات المعنوية للأمور أو الرمزية...
كل هذه أمور يكون تفكير الأطفال بعيدًا عنها وعن إدراكها، وتبدأ في الظهور والاكتمال في نهاية سن الطفولة، بحيث إننا عندما نصف طفلاً بأنه لا يحفظ ودًّا ولا يعترف بالجميل ونواجهه بذلك وندعوه لحفظ الود والاعتراف بالجميل، فهذا أمر صعب على إدراك الطفل؛ لأن هذا الود شيء معنوي لا يدركه الطفل بحواسه المادية، وبالتالي لا يستطيع فهم مغزاه أو معناه.
هذه هي النقطة الأولى التي تثيرها رسالتك وهي وصف الصغار بصفات ونعوت الكبار بحيث نفسّر تصرفاتهم على محمل لا تحتمله.
النقطة الثانية: هي أنه إذا كنت ترى كل هذا الخطأ في طفلك، فهل سألت نفسك لماذا وصل طفلي إلى هذا الحال، لماذا لا يكترث بالعقاب، أليس واردًا أن يكون العقاب قد بولغ فيه وفي إيقاعه حتى فقد معناه وقيمته، ولماذا لا يعترف بالخطأ، أليس واردًا أن يكون ذلك من النتائج السلبية غير التربوية المترتبة على هذا الاعتراف.
إن هذه الصفات تحتاج إلى مراجعة لأنفسنا أولاً في كيفية التعامل معه وتوجيهه؛ لأن الطفل في النهاية مرآة لتصرفاتنا وسلوكياتنا معه.. قد نبالغ في طلب الاعتذار منه على الصغيرة والكبيرة، وأمام الغير دون مراعاة لمشاعره أو ذاته، وهو ما جعله ينفر من ذلك، وهل نعترف نحن أمامه بأخطائنا ونعتذر عنها حتى يتعلم منا؟!
إن التوجيه بالقدوة والموقف العملي هو الأساس في تربية أطفالنا، وليس الكلام المرسل والمواعظ المباشرة.. فهل سلوك الاعتذار عن الخطأ سلوك شائع في الأسرة حتى يقلده هذا الطفل؟.. إن وصفك لطفلك بهذه الصورة يدل على موقف نفسي سلبي تجاهه وهو وضع لا يسمح لك بتوجيهه بصورة صحيحة.
انظر إلى إيجابياته وعامله على أنه طفل، ولا تصفه بصفات الكبار، وابحث عن أسباب المشاكل في طريقة توجيهك، واعتمد القدوة وسيلة للتربية، واعلم أن الطفل الأول طفل مسكين؛ لأننا نتصور أننا سنحقق فيه المستحيل، وذلك بغير خبرة كافية لكيفية التوجيه والتعامل، فاهدأ وتعامل معه كبشر يخطئ ويصيب، وسيظل بشرًا ولن يكون ملاكًا، ونحن معك لمزيد من التفصيل والتوضيح.
ـــــــــــــ(103/203)
اختلاط البراعم في الرياض ... العنوان
ما رأيكم في إدخال ابنتي(4 سنوات)الروضة وهي مختلطة؟ فأنا أتخوف منها.. أي هل يؤثر ذلك على أخلاقها ودينها وسلوكها في الروضة بسبب الاختلاط؟ ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن وضع تعريف محدد للمصطلحات هو الذي يغنينا عن كثير من المشاكل، وإن غيوم التعريف أو خطأه يتسبب في كثير من الخلط، ومن هذه المصطلحات مصطلح "الاختلاط"؛ حيث يتحدث الجميع عن الاختلاط وأضراره، وكل له تعريفه الخاص. فالبعض يتصور أن مجرد وجود الولد والبنت في مكان واحد اختلاط، وقد يضع حدًّا لسن هذا الولد والبنت، وقد لا يضع حتى يصل بنا الأمر إلى أن نتصور أن هناك اختلاطًا بين الأطفال في سن الروضة، طالما أن التعميم لم يخصص أي وضع أو سن أو ظروف أو حدود لهذا الاختلاط، وكما قلنا في عالم الكبار فإن الاختلاط ليس هو ذلك التواجد المكاني سواء للعلم أو العمل أو غيرهما مجتمعين. وأن ما يحيط بهذا التواجد من ظروف وسلوكيات تخرج عن الأصول والقواعد في علاقة الولد والبنت أو الرجل والمرأة سواء كانت عرفية أو شرعية أو أخلاقية..
هذا التجاوز للحدود هو ما يسمَّى بالاختلاط، أما التواجد في مكان واحد مع زمالة منضبطة في الحديث والكلام والتصرفات مع غض للبصر، فهذا لا يُسمَّى اختلاطًا، وبالتالي فإن تواجد أطفال ذكور مع أطفال إناث في سن الروضة (ما بين 4 - 6 سنوات) لا علاقة له بالاختلاط من قريب أو بعيد، ولا يناقش الأمر تحت هذا البند من أساسه؛ لأن إدراك الأطفال للمسألة بصورة الاختلاط أو تجاوز حدود السلوكيات والأخلاقيات أمر غير وارد بالمرة؛ لأن هذا الطفل والطفلة عندما يلعبان سويًّا ويلهوان ويضحكان فإنما يضحكان كأطفال بغير أي نظر لذواتهم الجنسية حتى لو تحدثوا في ذلك، وقال أحدهم: أنا ولد وأنت بنت فهو يعبِّر عن إدراك شكلي سطحي للمسألة ليس له أبعاد عنده.
لذا فإدخال الطفلة الروضة بها أطفال ذكور وإناث -ولن نقول روضة مختلطة- لا خطر فيه ولا تأثير على أي أخلاق أو دين أو سلوك.
ـــــــــــــ(103/204)
مخاوف سينمائية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر صفحتكم هذه التي لا ترد لنا طلبًا ولا استشارة. شكرًا لكم، أما بعد.. لي بنت عمرها 8 سنوات تعاني من مشكلة أرقتني منذ كانت صغيرة وهي استيقاظها بالليل مفزوعة، وتبكي بشدة، ولا أعرف ماذا تريد. حتى من حوالي سنتين رأت فيلمًا على الفيديو مرعبًا نوعًا ما.
ومنذ ذلك الوقت وهي كل يوم تستيقظ من نومها مفزوعة بشكل غريب وتبكي بشدة حتى أقوم وأحضنها حتى تعاود النوم. قالت لي: إن منظر الشخص الذي رأته في الفيلم لا يُمسح من ذهنها لهذا السبب تبكي، ولكنها منذ كانت صغيرة وهي على هذا المنوال، ولكنها الآن أكثر بكثير. ساعدوني أرجوكم. هل أعرضها على طبيب نفسي أم ماذا أفعل؟ اعذروني لإطالة الرسالة. شكرًا لكم. ... السؤال
اضطرابات النوم ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بل نحن يا سيدتي الذين نشكركم على تواصلكم معنا، وإشعارنا بأن كل ما نبذله من جهد بفضل الله تعالى يؤتي ثماره، ويوقظ لدى القراء الأعزاء الوعي بأساليب وثغرات ومشاكل تربية أولادنا، فأنتم الذين تعينونا على أن نحقق شعارنا الغالي "معًا نربي أبناءنا".
من الطبيعي جدًّا عند الأطفال في السن الصغيرة حتى 3 سنوات مثلاً أن يستيقظ الطفل خوفًا أثناء النوم ويبكي، وفي البداية يتكرر ذلك كثيرًا، ثم يخف تدريجيًّا حتى يختفي؛ لأن الطفل الصغير قد يفزعه أي صوت أو حركة بجانبه، أو ألم في بطنه مثلاً، أو رغبة في قضاء الحاجة، أو جوع، أو حلم مفزع، وهو يعبّر عن كل ذلك بالبكاء حتى يستدعي والدته لتذهب إليه وتعرف المشكلة وتحاول حلها..
ولكن مع مرور الوقت لا بد أن يصبح الطفل أكثر وعيًا ليحدد بنفسه ما هي المشكلة، ويتعلم كيف يعبِّر عنها بأسلوب آخر غير البكاء، فمثلاً يستيقظ ويطلب الذهاب لدورة المياه أو يذهب بنفسه، أو يقول إنه جائع أو أن عنده مغص، وهكذا...، وعلى الأم في هذه الفترة أن تعلمه ذلك وتدربه عليه، حتى يتعلم أن هناك طريقة أخرى لطلب المساعدة غير البكاء، ولكن عندما تستمر هذه المشكلة وهذا السلوك حتى سن كبيرة فلا بد أن هناك مشكلة لم يتم حلها مع الطفل، فمثلاً لا بد من وجود إضاءة كافية خارج غرفة الطفل حتى عندما يستيقظ يستطيع الذهاب بمفرده إلى الحمام أو الذهاب إلى والدته في غرفتها.
ثانيًا: لا بد من تنظيم مواعيد ونظام يوم الطفل؛ لأن الطفل الذي ينام كثيرًا وبصورة منقطعة طوال اليوم يكون نومه في الليل قلقًا وغير مطمئن، ويتخلله كثير من الفزع والأحلام.
ثالثًا: الحكايات المرعبة والمشاهد المفزعة في التلفاز أو القصص يكون لها تأثير كبير في صياغة تخيلات وأحلام الطفل في السن الصغيرة؛ ولذلك لا بد من منعها تمامًا، وإذا حدثت بالصدفة لا بد من توضيح الأمر للطفل، وأن هذا تمثيل وماكياج فقط وليس حقيقة، ونتأكد أنه فهمنا وصدقنا وأستوعب ما نقول.
رابعًا: عندما يبدأ الطفل في الوعي والفهم في سن 4 سنوات مثلاً نبدأ نعلمه أن يقول دعاء النوم قبل النوم، وإذا قام مفزوعًا على حلم سيئ أن يذكر الله تعالى، ونبدأ في تحفيظه بعض الأدعية البسيطة حتى يتعلم كيف يتحكم في خوفه، وكيف يزرع الطمأنينة في نفسه، ولا مانع إذا كان الطفل كثير البكاء في الليل أن نجلس معه قبل أن ينام، ونقرأ بعض الأدعية وبعض آيات القرآن الكريم حتى ينام.
خامسًا: مناقشة أحلامه وأفكاره التي تخوفه وتفزعه نناقشها معه بهدوء ونحللها، ونثبت له أنها كلها أوهام في عقله وليست حقيقة، ونعوّده على مواجهتها مثل الخوف في الظلام أو الحيوانات أو أي شيء.
سادسًا: عند مشاهدة منظر مرعب فإن شيئًا محددًا يكون هو مصدر الخوف، مثل مثلاً منظر الشخص الذي رأته ابنتك.. علينا أن نفهمها أن هذا مجرد ماكياج أو قناع، وأنه ليس هناك وحوش ولا أشباح، ويمكن أن نصطحبها لمحل لعب أطفال ونريها الأقنعة والوجوه المرعبة التي تباع هناك، وكيف أنها مصنوعة من المطاط وملونة، ولكنها عند ارتدائها على وجه إنسان تبدو وكأنها حقيقة.
وأنت يا سيدتي تحتاجين الآن أن تنفذي كل هذه الخطوات مع ابنتك تمامًا كما لو كنت تبدئين مع طفل صغير، مع إعطائها ثقة في نفسها، وكذلك استخدام أسلوب الهداية والمكافآت عندما تتغلب على مخاوفها، وتكف عن البكاء بالليل، وأكثري في الحديث والمناقشة معها، وكذلك حاولي أن تحكي لها حكايات جميلة أو تقرأ قصصًا فكاهية أو خفيفة قبل النوم، ومع بعض الصبر والوقت ستكف عن الخوف إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/205)
ثورة الغيرة ... العنوان
لقد لاحظت في الفترة الأخيرة أن ابني(3 سنوات) يقوم بقضم اظافره، ولقد نبهته كثيرًا ولكن لا جدوى. ومن ناحية أخرى يقوم أحيانًا برمي الألعاب بقوة في المنزل، وأحيانًا يضرب أخاه الأصغر منه البالغ عمره سنة وثمانية أشهر بدون سبب. أرجو أن تفيدوني، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... طفلك ببساطة يغار من أخيه الصغير ومن اهتمامكم به، وهو يشعر بالقلق والتوتر لعدم شعوركم واكتراثكم لهذه الغيرة، ويعبر عن قلقه بقضم أظافره، وسيظل يقضمها مهما نبهته طالما أن سبب قلقه وتوتره قائم، وهو عدم إعطائه الاهتمام الكافي والحب، والحنان الذي كان يحصل عليه قبل مجيء أخيه الصغير. وهو يعبّر عن غضبه برمي ألعابه بشدة، وهو يريد لفت انتباهكم إليه.. أنا موجود.. أنا غاضب، ولكنكم لا تريدون أن تفهموا، فإذا ما عجزت كل الوسائل عن إفهامكم لجأ إلى الحل المباشر، وهو أن يعبِّر عن غيرته بطريقة واضحة جدًّا ومباشرة جدًّا، وهي أن يضرب هذا المنافس له.
إن الحل ليس أن نشكو منه، وأن ننهره عندما يضرب أخاه أو يقضم أظافره أو يلقي لعبه بعيدًا.. الحل هو أن يشعر بالاهتمام، وأنه لم يفقد مكانته، بل لقد زادت مكانته؛ فهو قد أصبح الكبير الذي يرعى الطفل الصغير.. نجعله يشاركنا في رعاية الطفل في خلع ملابسه عندما تبتل.. في تصفيف شعره.. في الاهتمام بوضعه على حجره، ويهدهده حتى ينام.. بالاهتمام به من قِبل الأب عندما تكون الأم مشغولة مع الطفل الصغير.. باللعب معه والحديث إليه والانتباه له.. عندها سيدرك طفلنا أنه لم يفقد مكانته فلن يقلق، ولن يقضم أظافره، ولن يغضب فيلقي ألعابه، ولن يغار؛ فيضرب أخاه الصغير.
إننا لا ندرك أو ننسى أن لأطفالنا مشاعر يجب أن تُراعى وأن يهتم بها، ونتصور أنهم أصغر من أن يفهموا ذلك. والحقيقة أنهم أكبر مما نتصور في مشاعرهم وأحاسيسهم، وبالتالي ردود أفعالهم تجاه ما يجرح هذه المشاعر.
ـــــــــــــ(103/206)
ماذا يرى وليدي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سؤالي عن: ما هو تأثير ممارسة الأب والأم أي علاقة بينهما بداية من القبلة وانتهاءً بالجماع أمام طفلهم حديث الولادة؟ وما هو العلاج إن كان التأثير ضارًّا؟ وشكرًا. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائل الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نحن نشكرك حرصك على طفلك وإدراكك أنه يجب أن تراعي مشاعره ونفسيته منذ أيامه الأولى؛ لأن البعض يعتقد أن الطفل حديث الولادة بدون أحاسيس أو مشاعر، وأنه لا يفهم شيئًا، والحقيقة أن الأمر غير ذلك، وأن الطفل منذ أول يوم وهو يشعر ويحس ويتأثر بما حوله، حتى أن أريك أريكسون عالم النفس الأمريكي الشهير اعتبر أن الفترة الأولى منذ لحظة الولادة وحتى نهاية العام الأول هي أخطر مرحلة في حياة الإنسان، وأن شعور الوليد فيها بالأمان وأنه مرغوب فيه، وأن طلباته تجاب، وأنه عندما يبكي يجد من يهتم به ويطعمه، وإذا ما ابتلّ هناك من يغيّر ملابسه، وإذا شعر بالبرد فهناك من يدفئه فإنه يشعر بالثقة في المجتمع المحيط به، ويكون ذلك سببًا لانتقاله عبر المراحل النفسية للنمو في حالة استواء واستقرار.
والعكس بالعكس إذا شعر أنه غير مرغوب فيه وأنه لا يحصل على احتياجاته، وأنه لا يوجد من يهتم به فإنه يشعر بالوحدة والكراهية نحو من حوله، ويكون ذلك هو البذرة لكل الأمراض والمشاكل النفسية في مستقبله.. إذن فشعور الطفل وإحساسه منذ لحظة ولادته ومراعاة ذلك أمر مقطوع به عندنا، ويجب مراعاته والاهتمام به، وبالنسبة لسؤالك فإن هناك مستويين للعلاقة بين الزوجين مستوى التعبير عن المشاعر والحب عن طريق القبلة، واللمسة، والأحضان، والكلمات الدافئة، ومستوى الجماع بمقدماته أيضًا من قبلة، وأحضان، وكلمات، ثم الجماع نفسه...
المستوى الأول عن التعبير عن الحب لا نقول مقبول، بل نقول مطلوب أن يراه الطفل ويشعر به منذ ولادته وطوال مراحل حياته؛ لأنها رسالة حب بين الأبوين تشعره بالاطمئنان والأمان الذي يسود هذا البيت الذي يعيش في كنفه، فكلما رأى دلالات استقرار العلاقة العاطفية بين أبويه ازداد إحساسه بالأمان.
أما بالنسبة للجماع بمقدماته فالأولى ألا يطلع الطفل عليها؛ لأنها تضع الطفل في حالة إدراك مبكر للمسائل الجنسية قد تؤدي به إلى محاولة التقليد دون إدراك لماهية الأمر، ويكون ذلك ضروريًّا منذ بداية استيعاب الطفل لما حوله، خاصة بعد عامه الأول.
ولكن يفضل أنه حتى بالنسبة للطفل الرضيع إذا أمكن عدم حدوث ذلك أمامه فذلك أولى؛ لأننا لا يمكن أن نتصور ما هو أدراك الطفل لما يشاهد؛ لذا فيفضل أن يكون الطفل نائمًا أو إذا كان مستيقظًا أن يتم ذلك في غرفة أخرى حتى يتعود الآباء على ذلك ولا يسنوا أنفسهم حتى يكبر الطفل ويمارسوا ذلك أمامه، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوجيهه المعجز منذ 14 قرنًا تساير أحدث النظريات لعلم النفس في التعامل مع نفسيات الأطفال.
ـــــــــــــ(103/207)
العناد.. طبيعة مرحلة أم مؤشر لاضطراب؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. أرجو الرد على استشارتي التالية: عندي طفل عمره 5 سنوات وأربعة أشهر، كثير الحركة واللعب لا يحبذ الجلوس لفترة طويلة حتى أثناء وقت تناول الطعام كثير الحركة أو حتى عندما يذهب معي للصلاة لا يكمل الصلاة ويذهب لمشاكسة المصلين.. كثير العناد لا يستجيب للأوامر من والديه بسهولة كثيرًا ما يفرض رأيه فمثلاً يُصِرّ على أن يأكل شيئًا معينًا، وإذا رفضنا قام بسكب الماء على فراشه أو بكسر الأثاث أو إتلاف أي شيء أمامه لحظة الرفض.. كثيرًا ما يخالفنا في رأيه، فمثلاً ندخل البيت مع باب معين، وهو يُصِرّ على أن يدخل مع الباب الآخر، وإذا رفضنا قام بالبكاء والانتقام بالضرب. سريع الملل فمثلاً عندما يبدأ بتركيب لعبة ويفشل مباشرة يطلب المساعدة أو حتى عندما يلبس حذاءه ويتأخر مباشرة يطلب المساعدة، وعندما نرفض ونريده أن يعتمد على نفسه يرفض هو لبس الحذاء بتاتًا، وكثيرًا ما ينتصر علينا ويفرض رأيه. علمًا بأن أخاه الأكبر 7 سنوات على النقيض منه تمامًا.
أرجو إعطائي النصائح لكيفية التعامل مع طفلي، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
الطفل المشاكس, العناد والعصبية ... الموضوع
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل/ أبا ياسر..
رغم ذكرك لبعض الأمثلة عن تصرفات ياسر -حفظه الله- فإن المعلومات التي أوردتها تحمل صفة عمومية، وتحتمل الكثير من الاحتمالات؛ لذا أرجو أن ترسل بتفاصيل أدق، مثل:
• هل هناك أي شيء يستحق الذكر في مرحلة الحمل والولادة؟
• هل كان تطور ياسر الحركي والنطقي واللغوي طبيعيًّا؟
• هل هناك أي مشاكل أخرى غير هذه السلوكيات الذي تضايقكم؟
• هل هذه التصرفات جديدة أم أنها قديمة؟
• هل هناك تصرفات غريبة مثل التعلق بنوع من الطعام أو نوع واحد من الملابس؟
• هل التصرفات بنفس الحدة؟ أم أنها تزداد سوءًا؟
• كيف يتصرف مع أخيه والأطفال الآخرين، وكذلك مع الكبار الآخرين من أقارب وغرباء؟
• هل سبق واستشرتم أي مختص للتأكد من القدرات السمعية مثلاً والحالة الصحية بشكل عام؟
• هل هناك مشاكل أسرية حدثت للطفل مثل الانتقال من المنزل أو أي مشاكل أو خلافات يحضرها بين الأبوين أو غيرهم من الأقارب؟
والحقيقة فإن ما تصفه قد يكون مجرد سلوك خاطئ يطلق عليه الأهل غالبًا "العناد"، وهو في الواقع يكون رد فعل لطريقة تعاملنا مع سلوكيات الأطفال بطريقة غير حكيمة أحيانًا، وهو ما يؤدي إلى فقد السيطرة على هذه التصرفات، ويمكنك بهذا الخصوص مراجعة العديد من الاستشارات التي تساعدكم في التعامل مع الطفل "العنيد".
أما إذا كان الموضوع له علاقة بعرض اسمه فرط النشاط و/ أو ضعف التركيز أو مؤشرًا إلى مشاكل في المهارات اللغوية و/ أو الإدراكية والعقلية، فالأمر يحتاج إلى مراجعة اختصاصيين للتأكد والتدخل في الوقت المناسب بوضع برنامج للطفل والأهل، وعلى كل حال أعتقد أنه إذا توفرت لديّ المزيد من المعلومات، فيمكنني أن أقدم لكم نصيحة أدق، وشكرًا لك.
ـــــــــــــ(103/208)
مراهقون في دائرة النسيان - متابعة ثالثة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرًا على جهودكم المبرورة. أنا صاحبة استشارة:
"مراهقون في دائرة النسيان - تعقيب ومتابعة"، وأتوجه بالشكر الجزيل للدكتور عمرو أبو خليل، وأحب أن أوضح شيئًا بسيطًا فقط، هو أن سؤال أختي عن: ماذا أقول لهذه الصغيرة من عبارات مديح؟ ليس سؤالاً غبيًّا، اعذروني في التعبير، قد تجدون مثل هذا السؤال غريبًا، ولكن حين تعلمون السبب ستعذرونها. لم يتوجه يومًا أحد لنا حتى والديّ بالمديح أو التشجيع؛ ولهذا فنحن لا نعرف كيف نمدح أو نشجِّع، ولهذا نسأل، بل إننا نجد أننا نعمل خيرًا عظيمًا حين لا نعامل من حولنا من أطفال كما عاملنا أهلنا حين كنا أطفالاً: التقريع الدائم، والانتقاص، والتحقير، والاستسخاف و...، ناهيك عن الحرمان من الشعور بأن لنا أمًّا وأبًا في هذه الدنيا.
ومن الطبيعي في هذه الحالة أن نعامل من سيكون تحت أيدينا من أطفال كما عامَلنا أهلُنا، ولكن وبما أننا تألمنا كثيرًا جدًّا لهذه المعاملة القاسية، فنحن في محاولات جاهدة لأن نكف شرَّنا عن الآخرين والحمد لله نجحنا، وبقي أن نسير في طريق المعاملة الجيدة، وأنتم نبراسنا الذي نهتدي به في دروبنا؛ ولهذا سألت أختي: ماذا أقول لها؟؟
لقد تساءلت أيها الطبيب عن مؤهلاتي لأقوم بدور الأم البديلة، أولاً: من الصعب جدًّا حين ترى إنسانًا تعيسًا في هذه الدنيا، وبمقدورك أن تساعده أن تقف وتتفرّج عليه أو أن تتسلى بعذابه، هذا ما دفعنا دفعًا لأتبوّأ أنا وأختي هذه المكانة في حياة هذه الطفلة، فلا أحد يقدّر ألم الآخرين إلا الذي تألم مثلهم؛ ولذلك هذه الطفلة تحبنا كثيرًا، بل عندما نغضب منها لأمر سيئ فعلته فإنها تكتئب وتفقد الرغبة في الحياة، وتقول: أنا ليس لي غيركم، وإذا غضبتم مني فسأموت، أنا ليست لي تجارب تربوية مع أطفال لي: فأنا لست متزوجة مع أنني أقارب الثلاثين من العمر، ولكن لي أخ صغير يصغرني بـ 19 عامًا، وقد تعلّمت فيه فنون التربية، وأستطيع أن أقول إنه ابني، ويستطيع أن يقول إنني أمه، هذا ليس كلامًا، بل أحسّه من لهفته عليّ ومن حبه الشديد لي.
بل إنني في حفل خطوبتي الذي كان منذ حوالي السنتين والنصف كان مأتمًا بالنسبة لأخي؛ حيث بقي يبكي طوال فترة الحفلة التي كانت 3 ساعات، وفشلت كل محاولاتنا في تهدئته، بل إنني الآن كلما جاءت سيرة زواجي فإن ردة فعله الأولى هي الرفض والاعتراض، ولكنه يتدارك نفسه ويقول: نعم حبيبتي تزوجي واسعدي في حياتك، فأقول له: ولكنك ستحزن كثيرًا إذا تركتك، فيقول: لن أحزن لأنني سآتي معك!! طبعًا أنا أعذره، فهو لم يشعر بالحنان في هذا البيت إلا من طرفي أنا، وسؤالي الآن: كيف أهيئه نفسيًّا لتجاوز مثل هذه الأزمة؟؟ وهل هو يشعر بالتمزق النفسي بيني وبين أمه الحقيقية التي لا يشعر منها إلا بالبرود والجفاء؟؟ ولهذا أجد نفسي مندفعة إلى تعلم كل ما له علاقة بالتربية وبعلم النفس، مع أن مؤهلي الجامعي هو إجازة في الشريعة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابنتي الحبيبة جعلك الله تعالى هالة من النور والضياء تشعّ على كل من حولك وليس فقط على ابنة خالتك. هالني ما قرأت في متابعتك الأخيرة من تلك القسوة والغلظة التي أحاطت بك وما زالت في جو من المفترض أنه يسمّى "أُسريا"، ومن المفترض أن يكون موصوفًا بالدفء والحنان والأضواء وقبل كل ذلك بالأمان.
حبيبتي الصغيرة هذه متابعتك الثالثة، وعلى قدر حرصك ودأبك المحمود في مواصلتنا بالأخبار والاستفسار على قدر رغبتي الداخلية في أن أصف لك خواطري ومشاعري حينما قرأت رسالتك الأخيرة.
أحسست عندما قرأت متابعتك الأخيرة بأنك حقًّا "أم" وإن لم تتزوجي بعد! وابنة خالتك ما هي إلا "يتيمة".. لماذا اعتدنا على إطلاق الألفاظ على الأشياء دون تدقيق النظر في مدلولاتها الحقيقة ومعانيها الأصلية؟ معذرة إن أطلت المقدمة في توضيح بعض المفاهيم: من هي الأم؟ أهي بالضرورة حقًّا الأم البيولوجية التي تحمل الطفل في أحشائها أيامًا وشهورًا ثم تلد وتتحمل آلام المخاض، ثم ترضع أيامًا وشهورًا، أم أن للأمومة معانيَ أخرى ودلالات أكثر عمقًا.. أنا شخصيًّا ممن يحب أن يرجع الأمور لأصولها، وأرى أن من أجمل تعريفات الأمومة ذلك الذي ذكر ضمنًا وبصورة غير مباشرة، وإن ظلت واضحة في مغزاها ودلالاتها في الحديث الوارد في البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك فقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله، هو ابنها، فقضى به للصغرى" (رواه البخاري ومسلم).
وهناك فارق بن لفظ "الوالدة" و"الأم"؛ فعندما ذكر الله سبحانه من فوق سبع سماوات رحمة وشفقة أم موسى -عليه السلام- على ولدها عبّر عنها بلفظ أم موسى، وعندما كان هناك ذكر للحقوق والواجبات البيولوجية كان التعبير بلفظ الوالدة "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنّ".
وهذا يعني أن هناك اختلافًا بين اللفظين، فهناك ارتباط واضح بين الأمومة وصفات الرحمة، والحنان، والرفق، واللين.
إذن الأم هي التي حباها الله الرحمة والشفقة الفطرية على ذلك الكائن الصغير الذي بين يديها، ولا أرى بالضرورة رابطة بين الرحمة والشفقة والأدوار البيولوجية لتلك المرأة التي نعرفها بالأم.. لا أقصد بالمرة -إطلاقًا- المساس بشخصية دور أو ظروف الأم الحقيقة المريضة طريحة الفراش، ولكن ما قصدته هو اتصافك بالرحمة والشفقة والرغبة لرعاية هذه المسكينة جعل منك "أمًّا" حقًّا. يسمونها أمًّا بديلة، قائمة بمقام الأم، أمًّا مستعارة.. فأنا لا تعنيني المسميات، ولكن حقائق الأمور.
قد يتعجب القراء عند قراءتهم تلك المتابعة الأخيرة، والتي شرحت فيها مدى القسوة والغلظة التي عانيت منها أيام طفولتك أنت وأختك -رعاكما الله وحفظكما-، وقد يتطرق لبعض الأذهان سؤال: كيف يمكن لهما أن تقدما الرحمة وتحوطا الصغيرة بالأمان والحب والحنان، وهما لم تطعما مذاقها من قبل؟ ألا تقول القاعدة الأزلية: فاقد الشيء لا يعطيه. نعم، فاقد الشيء لا يعطيه، ولكن هذه القاعدة لا تنطبق عليكما؛ لأن الرحمة ببساطة هي منَّة ونعمة وهبة من الله تعالى لا يرزقها سبحانه إلا لمن يشاء، ولا حائل دون رزقه، وأسأل الله تعالى أن تكونا ممن ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الطبراني: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء".
ومن أجمل التعريفات التي قرأتها للفظ الرحمة ما ورد في كتاب أبو بكر الجزائري "منهاج المسلم"، "الرحمة وإن كانت حقيقتها رقة القلب وانعطاف النفس المقتضي للمغفرة والإحسان.. فإنها لن تكون دائمًا مجرد عاطفة نفسية لا أثر لها في الخارج، ولكن هي ذات آثار خارجية ومظاهر حقيقية تتجسم فيها في عالم الشهادة، ومن آثار الرحمة الخارجية إغاثة الملهوف، ومساعدة الضعيف، وإطعام الجائع، وكسوة العاري، ومداواة المريض، ومواساة الحزين.. كل هذه من آثار الرحمة، وغيرها".
وما تفعلانه هو هذا ما ذكر:
إغاثة الملهوف: فهذه الصغيرة ذات السنوات العشر تتلهف لكسب مشاعر الأمان والحب والحنان التي تحتاجها مثل أي طفلة أخرى. هي ضعيفة بلا أم قادرة على مدها بسبل القوة من ثقة بالنفس، واعتماد على الذات، وفهم صحيح للحياة ومتطلباتها، جائعة لصنوف السكينة والأمان والطمأنينة وسط حياة، كل ما فيها يتصف بالاضطراب والتعثر والكآبة، عارية من كل أنواع الحماية النفسية التي يمكن أن تزين روحها أو تدفئ قلبها الحزين المجروح.
هي في نظري "يتيمة" وإن مدّ الله في عمر والديها..
ليس اليتيم من انتهى أبواه.....من همّ الدنيا وخلفاه ذليلا
إنما اليتيم من تلقى له ........ أمًّا تخلت أو أبًا مشغولا
ولا نقصد هنا تجريح الأم المريضة -شفاها الله وعافاها من كل سوء- فما تخليها بإرادتها، ولكن لمرضها وحالتها النفسية التي شرحت من قبل، وأنت تعرفين ثواب كافل اليتيم، وما تقومان به من أعظم وأعلى درجات الكفالة.
آسفة مرة أخرى على الإطالة، ولكن كما قلت في البداية 3 متابعات لا تنم إلا على محاولة صادقة مخلصة ودؤوبة لمساعدة هذه المسكينة، فأحببت فقط أن أشرح عظم هذا الدور وعظيم أجره، رزقكما الله سبحانه وتعالى الثبات على هذا العمل الصالح.
لا يا حبيبتي سؤالك في عبارات المديح والثناء ليس سؤالاً غبيًّا بالمرة، ونأسف إن كانت عبارة الاستشارة السابقة قلَّبت مواجع الطفولة القاسية، ومشاعر الجفاء والبرودة الأسرية التي عشت فيها. أتدرين أن سؤالك هذا كان مادة لورش عمل كاملة موجودة على الإنترنت بعنوان فنون "التواصل الجيد مع الأبناء". تعجبت في أول الأمر أن يقوم عدد من كبار المتخصصين في تصميم ورشة كاملة في أمر ظننته أول الأمر سهلاً ويسيرًا، ولكن مع القراءة للحالة المعروضة أدركت أن الثناء والتشجيع فن قائم بذاته له مداخله وأصوله، وقواعده الخاصة به، بل وله وسائله وأساليبه.
سوف أذكر لك هنا ملخصًا مترجمًا لهذه الورشة:
كان اسم الورش: "إرشادات للتواصل الجدي مع الأبناء". انقسمت المادة إلى 3 محاضرات: الأولى: عن مبادئ الحوار الوالدي، الثانية: بعنوان المديح، الثالثة: عبارة عن شعر عنوانه "اللمسة الأخيرة". ما يهمنا هنا من مادة المحاضرة الأولى يمكن إيجازه فيما يلي:
• لا تنتقدي الصغيرة أبدًا أمام الآخرين، فإن هذا يفقدها ثقتها بنفسها ويحرجها، ومن المتوقع أن يفسد العلاقة بينك وبينها.
• عندما تريدين نقدها أو مدحها.. انزلي إلى مستواها، لا تكلميها من أعلى.
• لا تتكلمي بكلمة واحدة وأنت في قمة "الغيظ" من خطأ أو سوء سلوك اقترفته. انتظري اهدئي. أمهلي نفسك فترة لاسترجاع حكمتك وهدوئك.
• لا تنسي الإنصات الجدي في قمة الأهمية؛ فلا تقاطعي الصغيرة حينما تحكي عن مشاعرها مهما كان رأيك في تلك المشاعر.
• ليكن سؤالك عندما تحكي عن تجربة مرت بها، "ماذا حدث بالضبط؟"، ولا تبادريها بسؤال: "لماذا حدث ما حدث؟"، سؤالك عن التفاصيل يشعرها باهتمامك وبالأمان أن هناك من يهتم بها ويريد فعلاً مساعدتها.
• عبارات غير مجدية، بل محبطة و"محطمة":
- أنا أعرف ما ينفعك.
- لا داعي لأن تكملي حديثك.. أستطيع توقع ما حدث.
- فلتنصتي إليّ الآن دون أن تقاطعيني.
- اسمعي كلامي ولا تناقشيني.
- يا للغباء.. أخطأت مرة أخرى.
- يا كسولة.. يا أنانية.. أهناك غباء أكثر من هذا.
- إنك طفلة لا تعرفين مصلحتك.
• عندما تحكي الصغيرة عن مشكلة وقعت بها اتركي لها مساحة لاقتراح طرق العلاج والخروج من المشكلة.
أما المحاضرة الثانية فقد شرحت أهمية عبارات المديح وضرورتها لبناء الثقة بالنفس واحترام الذات، والتشجيع والمديح يجده كثير من الآباء أصعب من النقد والتقريع، ولكن على المربين أن يدركوا أن الطفل في جميع مراحل عمره لا يستغني عن الإحساس بأن مجهوداته ومحاولاته للإصلاح مقدّرة، وأن من حوله يحيطونه بمشاعر الحب الصادق والرغبة الحقيقية في مد يد العون.
أثبتت الدراسات أن عبارات المديح كان لها أثر إيجابي في تحسين مستوى التحصيل الدراسي لأطفال يعانون من صعوبات التعلم ونقص التركيز.
أتمنى أن يوفقني الله عز وجل في ترجمة هذه القائمة الطويلة من عبارات المديح؛ فهي قائمة طويلة للعبارات اللفظية:
ممتاز – بارك الله فيك – جيد – جيد جدًا – رائع - يا لك من فتاة – أحسنت – ما قمت به الصواب – هذا أفضل من ذي قبل – صحيح – هذه هي الطريقة المثلى – ليس هناك أجمل من هذا – أفكارك رائعة - جميل – إنجاز رائع – فكرة ليس لها مثل - ألا تفتخرين بإنجازك؟ – تعجبني أساليبك في انتقاء ملابسك في كذا وكذا – استمري – أحس بالسعادة معك – أنت تتحسنين – إنجاز غير متوقع – أنا فخورة بك – واو – يا سلام – عمل ممتاز – أثبت بنفسك: "من جد وجد" – أحسست برغبتك الصادقة في تحمل المسئولية، وقد كنت أهل ثقتنا بك – أنت ممتازة وماهرة في هذا العمل – لم أرَ ما هو أقدر منك على إنجاز هذا العمل – تعجبني ملابسك، حذاؤك الجديد – ممتاز.. قمت بالعمل دون أن أذكرك به – أفتخر أن ابنة خالتي هي.. (لحظة تفكير) هي أنت – أحبك (ولكن لا يستحب الإسراف في هذه العبارة.. فرعايتك لها انعكاس كافٍ لهذا الحب).
أساليب التشجيع والثناء الجسدية:
الابتسامة – مسك الأيدي – أن تربتي على كتفها – الغمزة – رفع الإبهام لأعلى – المسح على الرأس – التصفيق – إبراز علامات الإعجاب بالعين.
ولكن هناك ملحوظة هامة:
عليك دومًا اختيار العبارة أو الأسلوب الذي يتناسب والإنجاز أو العمل الذي قامت به.. احذري التكلف والإسراف، ولا تستخدمي التشجيع المادي (شراء الحلوى) إلا في أضيق الحدود حتى لا تربط بين الإنجاز والماديات، وبصفة خاصة أنك ذكرت أنها تميل إلى صفة "الأنانية" أو لنقل لتتربى على قيمة "العمل والإنجاز"، ولم تتكون عندها الدافعية الكافية للنجاح والتفوق.
هنا فقط تعليق نهائي أحب أن أتطرق إليه: ماذا بعد زواجك؟ هل فكرت كيف ستديرين أمورك معها؟ لا بد من أن تمهدي لها أن رعايتك لها قد يطرأ عليها بعض التغيير "كمًّا"، ولكن لن يؤثر هذا عليها "كيفًا".
أما ستتولى أختك المهمة؟ هي تحتاج إلى تمهيد جيد؛ فهي مسكينة تحتاج إلى الاستقرار النفسي، ولا بد أن يتم إعداده تدريجيًّا لسن المراهقة، ولن أطيل هنا فلنا في هذا الموضوع العديد من الاستشارات يمكن الرجوع إليها- كنا قد أوردنا بعضها في الرد السابق-.
وفي النهاية.. أذكرك ونفسي بما أحب أن أطلق عليه "التوءم" الصبر والرحمة، "ثُمَّ كَانَ مَنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوا بِالمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَة".. اللهم ارزقنا الصبر والرحمة، واحشرنا مع أصحاب الميمنة أوصيك بالصبر والمصابرة والثبات على المرحمة.
ـــــــــــــ(103/209)
حبيبة أمها تأبى أن تفارقها ... العنوان
ابنتي عمرها تسعة أشهر، وقد تعلقت بي جدًّا أكثر من ذي قبل.. وقد كانت تنام في فراشها، فقد كنا ندعها بجانبنا حتى تروح في النوم، (غالبًا لا تنام إلا وهي ترضع)، ثم ننقلها إلى فراشها، وكلما استيقظت آخذها وأرضعها حتى تنام ثم أعيدها مرة أخرى، وهكذا...
لكنها الآن صارت ترفض فراشها، وإن حملناها إلى فراشها تستيقظ وتبكي، جرّب والدها أن نتركها تصيح في الفراش، واستسلمت لذلك رغم صعوبة هذا عليّ، ولكنها تظل تبكي، بل وقد تزيد، وأنا بصراحة لا أحب أن ينام الطفل ولا الكبير وهو يبكي.. وزوجي يشكو من عدم قدرته على النوم؛ لأن فراشنا ليس واسعًا بما يكفينا نحن الثلاثة، وكذلك لأن وجودها يمنعنا من الحرية في العلاقة بيننا، وهي لا تكاد تتركنا ننفرد أبدًا، والدها أحيانًا يتعامل معها بعصبية، ويدور بيننا الحوار من أجلها، وأنا حائرة بين زوجي وابنتي.
فهل هناك حل؟ جزاكم الله خيرًا.
ملحوظة: الفتاة ليس لديها إخوة. ... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. أحب أن أخصك بتصريح ربما كان غريبًا وهو أنني كلما أردت أن أبحث عن مَثل ما أضربه عن الأبناء وتربيتهم.. أجد النبات يأبى إلا أن يلازم ذهني، فالنبات أقرب ما يكون بالأبناء.. نرعاه ونسقيه ونحسن تعهده، ثم نرقبه وهو ينمو شيئًا فشيئًا في هدوء وحب وصبر.. وهكذا أبناؤنا، فحفظ ما هو حي لا يكون إلا بإنمائه في بيئة وظروف ملائمة. وما يؤلم نبتتك الصغيرة من نزعها قبل أوانها من تربة خصبة لم تمتص بعدُ منها المغذيات الكافية التي تؤهلها للانفصال والاستقلال، وهو ما جعل النبات أقرب ما تبادر إلى ذهني لأجعل منه وسيلةً أصِل بها إليك وأنقل إليك بها أفكاري.
ونعود للنبات مرة أخرى، فأقول لك: لو أن هناك نبتة صغيرة نريد أن ننقلها إلى تربة غير التي ترعرعت فيها، فما الموعد المناسب لنقلها؟ من المؤكد أن هذا الموعد لن يحين قبل أن يشتد عودها وتقوى، وتصبح قادرة على أن تحيا وحدها في تربة جديدة، بعد أن امتصت من التربة القديمة المغذيات وما يكفيها لتواجه الحياة.
وماذا لو تم نقلها قبل ذلك؟ لا شك أنها ستضعف وتذبل، وربما تموت، وما تختلف فيه تلك النبتة التي سنتسرع في نقلها والنبتة الإنسانية التي نخطئ معها نفس الخطأ هو أن الأولى ستذبل وربما تموت، أما الثانية فستعيش لكنها ستعيش بدنًا وتموت نفسًا أو تتأزم وتضطرب على أقل تقدير.
أخلص من هذا إلى سرد مجموعة من الحقائق غاية في الأهمية:
1- الطفل عند ولادته وحتى سن 8 أشهر تقريبًا يكون هائمًا في أمه، ومرتبطًا بها إلى أقصى حد، فهو لم يحدد بعدُ علاقته بالآخر ولا بذاته، ولم يحدد معالم نفسه ولم تتكون بعد لديه مشاعر محددة تجاه الآخرين من حوله، فاحتياجاته البيولوجية هي المسيطرة.
2- من بعد الشهر الثامن تبدأ الاحتياجات الإنسانية -وهي ما يتميز به طفل الإنسان عن الحيوان- تضاف إلى الاحتياجات البيولوجية، وعلى رأس هذه الاحتياجات الإنسانية الالتصاق بالأم ورغبته ألا يُحرم منها ولو قدر طرفة عين وانتباهتها، وتبدأ تتكون لديه الذات وعلاقاته بالآخرين، وعلى رأسهم الأم موضوع الإشباع الإنساني لديه ومصدر الإشباع البيولوجي من قبل، فهي الكيان الذي يستقي منه كيانه الوليد.
3- هناك فروق فردية بين الأطفال، وهو ما يؤكد ضرورة مراعاة هذا الأمر قبل التصميم على تطبيق تجارب الآخرين والحصول على نتائجها كما حدث معهم.
والخلاصة يا سيدتي أنك تسرعت في فصل ابنتك المسكينة عن حضنك، فاقتلعت النبتة قبل أن تمد لنفسها جذورًا في تربة الحب وقبل أن يشتد عودها، وقبل أن تمتص ما يكفيها من المغذيات. وقد كانت تستجيب في السابق لعدم وعيها؛ فلما نما عندها الوعي تولد الاحتياج.. نعم.. إنه الاحتياج إليك.. إنها تستغيث بصرخاتها لاحتياجها لك ولحضنك وأنفاسك طول الليل، ولا تحاولي أن ترفضي هذه الحقيقة؛ لأن إحداهن انفصلت عن ابنتها في النوم في سن قبل هذا، فهناك - كما قلت - فروق فردية تجعل الفترة من 6 أشهر إلى 4 سنوات كلها صالحة للانفصال، كل على قدر استجابته.
أختي الفاضلة: إن كان استعجالك على فصل ابنتك أمر قد دفعك إليه طبيعة المجتمع الذي تعيشين فيه، وهو المجتمع الغربي الذي كان من أحدث صيحاته التربوية لفترة ليست بالبعيدة منع الرضاعة الطبيعية، ثم عاد وأكد ضرورتها، والذي خرج منه من يؤكد على ضرورة عدم السماح للطفل بالنوم مع الأم بعد إتمامه 6 أشهر، ثم عقدت فيه المؤتمرات لنقض هذا المبدأ والإقرار بتلبية احتياجات الطفل في الحب والاحتضان متى احتاج إليهما.. والذي يزجّ بالابن زجًّا بعيدًا عن البيت من سن 16 سنة أو أقل ... إن كان تأثرك بهذا المجتمع هو ما دفعك لهذا فلا تنتظري من ابنتك ما ننتظره نحن الشرقيين من أبنائنا.. من حب وحنان ورحمة وتواصل، نزرعها فيهم في طفولتهم ليهدوهم لنا في كبرنا.. نعم يا أختي الفاضلة فمن لا يَرْحَم لا يُرْحَم.
إذن فالحل الذي تطلبينه لمشكلتك هو أن تغيثي من تستغيثك بصرخاتها.. أغيثيها بحنانك واحتضانك وأنفاسك قبل لبنك.. أشبعيها، بل وحاولي تأجيل إنجاب غيرها حتى تهدأ تمامًا، وحتى تلاحظين عليها تغيرًا ملحوظًا إلى الضحك والمرح والاندماج مع الآخرين، وسلاسة التعامل معهم والاستجابة لمتطلبات النمو، كالتدريب على الإخراج والفطام وغيرهما. حينئذ تكونين قد عبَرت بها إلى بر الأمان.. فلا قضم أظافر ولا تبولاً ليليًّا ولا صراخًا، فبين رحم الأم ورحم الأرض يكون الاختبار للآباء.
أما عن مشكلتك مع زوجك فالتوفيق بين رعيتك أمر ميسور بالاستعانة بالله تعالى، وسيأجرك سبحانه على محاولاتك تلك، حيث يمكن أن تنامي أنت معها مثلاً حتى تستغرق في النوم، ثم تنتقلين لفراشك الموجود بجوارها، كما أن اجتهادك في إقناعه بأهمية احتضانك لابنتك كي لا تفقداها أمر ستؤجرين عليه من الله تعالى عظيم الأجر.. ويا حبذا لو قرأ معك الإجابة ليعلم أن ابنته وقرة عينه يمكن أن تصل لحالة من اليقظة الدائمة خوفًا من نوم يؤدي بها لانفصال تُبغضه وتبعد عنه، وهو ما يحتاج لعلاج نفسي معقّد.. وهو ما لا نرجوه لها أبدًا، بل نرجو لها السعادة والحب والتناغم في أسرة سعيدة لتنطلق منها لحياة أوسع فتكون مؤهلة للتكيف والتعامل معها لأنها سقيت حبًّا وسعادة واحتضانًا.
وتأكدي أنه حتمًا سيحين موعد الانفصال وموعد استقلالها عنك وتركها لكما أنت وأبيها، لكن ذلك سيحدث حين تصبح قادرة على ذلك.. حين تكون لديها القدرة على الحياة وحدها بعدما امتصت كل ما يلزمها لذلك من تربة أمها الخصبة إن شاء الله.
أختم حديثي معك بقول شكسبير: "لا توجد في العالم وسادة أنعم من حضن الأم، ولا وردة أجمل من ثغرها".. فهيّا إلى فاطمة.. اغرسيها في حضنك وارويها من قبلاتك ولمساتك الحانية على رأسها وخديها ونظراتك المحبة. ويسعدنا تلقي المزيد من استفساراتك.
ـــــــــــــ(103/210)
تجربة الكويت في رعاية الصم ... العنوان
السلام عليكم.. الإخوة الكرام:
أنا باحثة مهتمة بأمور الصم والبكم، فهلا ساعدتموني، فلقد طرقت أكثر من باب، لكن وجدت بابكم يسير الفتح.
أرجو مساعدتي في المحاور الآتية وبالتفصيل:
1– ما هي المناهج التي تدرس للصم والبكم؟ وما هي ضوابطها بشكل عام؟
2– ما هي الأجهزة الواجب توفرها لهم ليتعلموا؟
3– ما هي مؤهلات الذين يدرسونهم؟
4– ما هي ضوابط المبنى المدرسي؟
5– ما هو مستقبلهم كمعوقين؟ هل تؤمن لهم وظائف في السعودية مثلاً؟
6- ما هي آخر الإنجازات في مجال تعلم الصم والبكم؟
8- إلى أي حد وصلت أمريكا في هذا المجال؟
أرجوكم الموضوع ضروري. ... السؤال
ذوو الاحتياجات الخاصة ... الموضوع
د. أحمد إبراهيم الهولي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إلى الأخت.. أمل البحري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظرا لعمومية استفساركم وأهميته في نفس الوقت فقد بحثنا عن من من يملك تجربة في هذا الأمر من بين مستشارينا، وقد وجدنا ضالتنا عند الدكتور أحمد الهولي الذي ينقل تجربة الكويت في التعامل مع هذه الفئة؛ ولهذا نعتذر عن تقديم الإجابة عن بعض أسئلتكم، ونفتح المجال أمام القراء لتقديم ما لديهم في هذا الصدد. المحررة.
يقول الدكتور أحمد الهولي:
تعتبر حالات الصم من الحالات الشائعة في دول العالم، وهناك اهتمام خاص كما للإعاقات الأخرى. ويعتبر الطالب الأصم من الأشخاص الذين يحتاجون إلى تربية ورعاية خاصة، وتسعى الدول إلى تطوير وسائل التربية والتعليم وتثقيف الآباء في كيفية التعامل معهم.
واتخذت الكويت منحى جديدًا في رعاية الصم، حيث شكّلت لجنة من اختصاصيين تربويين وغيرهم من المختصين في الرعاية الخاصة للصم بدولة الكويت. وقد كنت أحد المشاركين في اللجنة التي أُعدت من قبل الوزارة في المشاركة في إدارة اللجنة بشكل علمي سليم والتوفيق بيد الله.
ومن دواعي تكوين اللجنة أنه في دولة الكويت عملت على تطبيق تجربة حديثة في تدريس الطلاب الصم مناهج التعليم العام مع بعض التعديل، وكان التعديل في مواءمة المنهج في تخفيف المنهج للسنة الدراسية وتمديد سنوات تدريس المرحلة الابتدائية من أربع إلى ست سنوات، أي بتأخير سنتين عن الطالب العادي.
وأخذت خلال الدراسة جوانب عديدة لتقييم العمل في التحصيل الدراسي للطلاب، فكان هناك فرق واضح في استحسان قبول المنهج من قبل الطلبة والمعلمين والآباء.
وكانت نتائج الدراسة من خلال أخذ آراء المعلمين والمعلمات بالقبول الإيجابي، وأن هناك بعضًا من المشاكل التي أمكنهم تجاوزها بسهولة في تطبيقها، وأنها قد زادت من اطلاعاتهم، وزادت في التنسيق مع أولياء الأمور في كيفية المتابعة معهم.
أما بالنسبة للآباء فكان الانطباع واضح جدا في ارتياحهم من العلوم التي حصلوا عليها من خلال تعميق المنهج أكثر من السابق ومشاركتهم المحدودة مع المعلمين في كيفية المساعدة في المنزل.
وبالنسبة للأطفال فكان قياس التحصيل العلمي كبيرًا، ولم توجد دالات إحصائية كبيرة من خلال قياس الدرجات؛ نظرًا لقلة عدد العينة التي يصعب أن نوجد فروقا إحصائية فيها. وكذلك يرجع السبب إلى أن الاختبارات تكون مناسبة كالسابق، ولكن بكثافة معلوماتية أكبر، ولأن الطالب قد حصل على نفس المعدل في المناهج السابقة.
ولرفع كفاءة التعليم تسعى الكويت كغيرها من الدول في تكثيف الجهود على المهتمين في برامج الصم والاستعانة بمدرسين أكْفاء متخصصين في الرعاية الخاصة وذوي خبرات عالية في التعامل النفسي مع الأطفال.
وكذلك نظرًا لمحدودية الوسائل فعلى الإدارة تزويد العاملين بوسائل متطورة تفي بالتطور العلمي، وكذلك مناسبة للمناهج الموائمة في الدولة وفي العالم لمواكبة تطورات العصر التي تعتمد على لغة الإشارة كأداة رئيسية في التعلم.
أما بالنسبة لدوام الطلبة فهو كاليوم العادي من حيث المواد الأساسية، ويضاف إليها مواد مهنية خاصة لتطوير أعمالهم اليدوية لتهيئتهم للعمل الميداني في المستقبل.
وفي إحدى الندوات التي أقيمت بالمدرسة الخاصة للصم شارك أحد أعضاء اللجنة في ورقة مقدمة في اللقاء، بيَّن فيها أن اللغة المستخدمة للتعلم هي اللغة العامية، وأنها الأفضل في التعلم لضرورتها في المجتمع. بينما بيَّن كذلك أهمية اللغة العربية في التعلم أيضًا لتوحيد تعلم الصم لغة أساسية واحدة، ووضع حلاًّ لها في أن كل دولة تحتاج أن تعلم أطفالها اللغة العامية، وأن تخصص حصصًا دراسية للغة العربية خلال اليوم الدراسي، وكان هذا النقاش اعتمادًا على دراسات أمريكية حديثة حول الموضوع.
التأهيل:
يقبل الطلاب المؤهلون من حملة الدبلوم كأدنى مستوى تعليمي مع تخصص لرعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. ويشارك أيضًا اختصاصيون من حمَلة دراسات عليا، ويناط بهم عمليات الإشراف والقيام بالدراسات ومتابعة الحالات الخاصة أو استحداث دراسات حديثة تخص المتعلمين والمناهج والبرامج التعليمية، هذا بالإضافة إلى عمله الأساسي في التعليم.
والمبنى كأي مبنى مدرسي، ويضاف إليه مختبرات خاصة لأنشطة السمع والمهني، وتشكل الكراسي في وضعها بشكل مناسب للجميع في متابعة المحاضر.
وتؤمن وظائف حسب شواغر الدولة كأي حالة عادية. وتتصف وظائفهم في تعيينهم في أماكن لا تحتاج إلى مخالطات مع المراجعين في حالة فقد السمع الكلي كالعمل في الأرشيف. وأما في حالة السمع الجزئي فيمكنه أن يعمل في معامل تحتاج إلى قليل من اللغة، مثل عملية التصوير على آلات النسخ؛ لهذا نجد بعض التمارين المهنية التي يمارسها المتعلم أثناء الدراسة لتهيئته إلى سوق العمل.
وعمومًا كان هذا من خلال خبرتي المحدودة في العمل مع جهاز فني من العاملين مع الطلبة الصم.
ـــــــــــــ(103/211)
صعوبات التعلم ... طرق مساعده للتغلب عليها ... العنوان
تحية طيبة، وبعد.. أنا مدرسة فصل لديّ طلاب ذوو الاحتياجات الخاصة (7-8 سنوات) من الذين يعانون من صعوبات التعلم.. لديّ طالبة تعاني من صعوبة في كتابة بعض الحروف، مثل حرف (ح، ع، ص، ي).
أريد معرفة بعض البرامج والتدريبات التي قد تساعدني في حل المشكلة، وأتمنى أن تضم علاج المشكلة بصفة عامة، وأكون شاكرة لو تم إرسال بعض عناوين لمواقع تساعدني، وشكرًا لحسن التلبية. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. أشكر لك عظيم الشكر اهتمامك بطلابك وطالباتك جزاك الله خير الجزاء.
بالنسبة لمشاكل الكتابة فقد يكون السبب ضعف بالمهارات الدقيقة، أي التحكم في الاستخدام الأمثل لليدين، وهنا يحتاج الطفل إلى تدريب من قبل اختصاصي علاج وظيفي.أما إذا كان السبب هو صعوبات في الكتابة فهي جزء من صعوبات التعلم، وتحتاج إلى تدريب من قبل اختصاصي صعوبات التعلم.
ويمكنك الدخول على المواقع التالية للحصول على المعلومات التى تحتاجين:
- ldonline.org
الموقع الرسمي للجنة تمثل مجموعة المنظمات المهتمة بتطوير الوسائل التعليمية للأشخاص الذين يعانون من معوقات في التعلم.
الموقع يوفر أحدث التقارير في هذا المجال ويعرض الأساليب والطرق التي يمكن للآباء والمدرسين والمتخصصين في مجالي التربية والتعليم أن يستخدموها للتعامل مع أطفالهم أو ذويهم الذين يعانون مشاكل في التعليم.
- ncld.org
الموقع الرسمي للمركز القومي لصعوبات التعليم، وهو يوفر المساعدة للآباء والمدرسين والخبراء بكيفية التعامل مع ذويهم الذين يعانون هذه المشكلة.
- ldresources.com
لمن يعانون صعوبات تعليمية، يوفر لهم ساحات الحوار لعرض تجاربهم، ويوفر لهم مصادر معلومات ووسائل الاتصال بالخبراء في هذا المجال.
- National Institute of Neurological Disorders and Stroke
المركز القومي للصدمات واضطرابات الخلايا العصبية بالمخ. ويقوم الموقع بتقديم المساعدة لمن يعانون من الأمراض السالف ذكرها وكيفية التأقلم مع الحياة، وعرض المعلومات المتعلقة بالحالات السابقة وتوفير معلومات عن العيادات المختلفة المتخصصة في علاجها.
- Accommodations and Modifications for Students with Handwriting Problems and/or Dysgraphia
مقالة عن كيفية تطوير قدرات مَن يعانون صعوبة في الكتابة أو التعليم. يرجع تاريخ المقالة إلى عام 1998.
- Developing Fine Motor Skills
يعرض وسائل تعليم الطفل لإحداث التوافق العضلي العقلي بين يديه وعينيه وعقله حتى يستطيع أن يكتب ويتغلب على صعوبات الكتابة.
- Fine motor skills
يشير إلى عدد من الوسائل يمكن استخدامها لتحويل عملية التغلب على صعوبات الكتابة عند الأطفال إلى عملية ممتعة، مرحة ومبهجة.
- familyfun.go.com
يخاطب الأسرة ويعرض الوسائل التي يمكن استخدامها للارتفاع بقدرة الطفل الذي يعاني صعوبات في التعلم والكتابة والوصول بها إلى الحد الأقصى.
صعوبات التعلم:
- صعوبات التعلم
مقال يقوم بتعريف القراء باللغة العربية بماهية صعوبات التعليم أو إعاقات التعليم وكيفية التعرف على أعراض المرض على الأطفال.
ولمزيد من المعلومات يقدم الموقع عددًا آخر من المواقع الأجنبية التي توفر مزيدًا من الشرح للحالة وكيفية التعامل معها.
- صعوبات التعلم
يخاطب المعلمين باللغة العربية، ويعرض عليهم الأساليب التربوية المثلي وماهية صعوبات التعلم والكتابة وكيفية التعامل تربويا معهما.
- صعوبات التعلم LEARNING DISORDER
كتاب عن صعوبات التعلم باللغة العربية، وهو يوفر كافة المعلومات المتخصصة وكيفية تعامل المدرسين والآباء مع المرض.
و لمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على الاستشارات ألتاليه :
-صعوبات التعلم :العلاج في سرعة التشخيص
-صعوبة التعلم والفروق الفردية ...الخط الفاصل
وإذا احتجت للمزيد من المعلومات فأرجو ألا تترددي في الكتابة إلينا مرة أخرى، وأهلاً بك دائما.
ـــــــــــــ(103/212)
تحيا أمريكا...تسقط أمريكا ... العنوان
ابني يبلغ من العمر 7 سنوات. نحن نعيش في أمريكا منذ 10 سنوات، بمعنى أن ابني لا يعرف له وطنا وموطنا إلا أمريكا. أحاول دومًا ألا أفقده انتماءه إلى بلدي مصر، أحكي له عنها، أرسم معي صورًا عن مصر، ونزور مصر كل صيف... إلخ. عندي مشكلة أثارتها أحداث 11 من سبتمبر.
ابني يذهب إلى مدرسة عادية (ليست إسلامية)، ويحيي العلم الأمريكي كل صباح، ولكن عندما جئنا إلى مصر هذا الصيف سمع الأقارب والأصدقاء يلعنون أمريكا، ويصفونها بأقبح الألفاظ، ورأى مشاهد تليفزيونية للطلبة في مصر وهم يحقرون العلم الأمريكي.
هو يسأل سؤالا بريئا جدًّا. هل عليَّ احترام أمريكا أم لا؟ هل أحبها؟! هو "داخليًّا" يحب أمريكا فهناك الإمكانيات والألعاب والأصدقاء.. والتعليم الجيد، ولكن كيف يحبها ويحترمها وهي محتقرة إلى حد حرق علمها الذي هو "رمز الدولة، رمز النموذج الأمريكي، ورمز الشعب الأمريكي.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د. رضا /د. إكرام بشير ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا شك أن هذا سؤال جيد؛ لأنه يتعرض لقضية الولاء، ويجب على المسلمين في بلاد الغرب شرح هذه القضية بوضوح لأبنائهم، وعدم تركهم ليذوبوا ذوبانًا تامًّا في المجتمع بحسناته وسيئاته، ويجب على الآباء أيضًا انتهاز كل فرصة لتثبيت مفهوم أن الحب والكره يكون تبعًا لما أمرنا وأوصانا الله تعالى به، وفسَّره لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان".
ويجب على الآباء أيضًا توضيح قضية أنه لا يوجد مكان واحد كله خير وكله شر، فمثلاً هناك أمور كثيرة في أمريكا يمكن لطفلك أن يحبها؛ لأنه خير مثال للنظام الجيد والتزام المواعيد والإمكانيات المتاحة للتعليم في مدرسته، والأصدقاء الذين يعاونونه على الخير، ويقضي معهم وقتًا بريئًا طيبًا، واحترام الناس بعضهم لبعض، والتعامل بالحسنى مع الجار، والأنشطة، والخدمات، وأماكن التنزه التي توفرها المستويات المختلفة الحكومية لأفراد الشعب... إلخ.. كل هذه أشياء جيدة لا مانع من أن نعلم أطفالنا حبها والتعامل معها؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما حرم بنص، ولعلّ هذا هو ما يمثله العلم الأمريكي بالنسبة لابنك الصغير.. إنه يمثل هذه الأشياء الجميلة في نفس طفلك والتي لا مانع من حبها، بل على العكس يجب علينا غرس حبها في نفوس أطفالنا.
وفي الجانب الآخر لا بد أيضًا أن نوضِّح للطفل أن هناك أمورًا في أمريكا لا ينبغي علينا أن نحبها فقط لأنها أمريكا، وأيضًا هناك أمور طيبة في بلاد العالم الأخرى يجب علينا أن نحبها، وأمورًا سيئة لا ينبغي أن نحبها حتى ولو كنا في بلاد المسلمين؛ لأن المؤمن يجب أن يكون هواه تبعًا لما جاء به رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به".
ولعلَّ من الأمور السيئة التي يجب علينا توضيحها لأطفالنا هي أن الحكومة الأمريكية لا تعامل الناس جميعًا بمكيال واحد، وأنها تنحاز إلى بعض البلاد والحكومات الظالمة، وأنها مثلاً تعين إسرائيل على إيقاع الظلم على أهالي فلسطين، وهذا ظلم لا ينبغي أن نحبه ونشجعه.. إنها أيضًا تؤيد بعض الحكومات الظالمة في بلدان كثيرة في العالم، وشعوب هذه البلدان تحس بهذا الظلم؛ ولذا فالعلم الأمريكي في هذه البلاد يمثل أمام الناس رمزًا للظلم؛ لذا كان طبيعيًّا أن يعامله بعض الناس باحتقار.
يجب إفهام أبنائنا أنه يجب علينا ألا نحب ولا نشجع الظلم، سواء كان هذا الظلم واقعًا من قبل فرد أو حكومة، وسواء كان هذا الفرد أو الحكومة مسلمة أو غير مسلمة، فالظلم قد حرَّمه الأهل كما ورد في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظّالموا".
إذا فهمنا وضع هؤلاء الناس الذين يحتقرون العَلَم ويحرقونه فقد نعذرهم، فهم لا يعرفون عن أمريكا النظام الذي تعرفه أنت يا ولدي، ولا يعرفون الخدمات التي تستمتع أنت بها يا ولدي، ولا نظام التعليم الجيد الذي تعيش أنت فيه يا ولدي...، ولا...، ولا...، ولكن كل ما يعرفونه عن أمريكا هو الحكومة التي لا تتعامل مع الناس والتي تكيل بأكثر من مكيال حسب مصالحها؛ ولذا فعَلَم أمريكا بالنسبة لهم هو رمز للذل والطغيان، وعدم العدل، ومساعدة الظالمين.
أخي السائل.. نعم إنها قضية معقدة، ولكن يجب عليك كأب أن تنتهز كل فرصة وتستخدم كل أسلوب مبسط لتعرّف ابنك حقيقة الأمور وحقيقة ما يحدث من الحكومة الأمريكية من جرائم ضد البشرية وضد حقوق الإنسان، خصوصًا غير الأمريكي، وقد يعينك على ذلك أن تستخدم الآتي:
- شرائط الفيديو التي تنتجها المؤسسات الإغاثية عن أوضاع بعض الذين يعانون في أماكن متعددة من العالم.
- الإحصائيات المريعة لقتلى الحروب التي شنتها أمريكا على بعض الشعوب، أو بعض الحكومات الغاشمة ساعدت أمريكا على شنِّها، مثال حكومة إسرائيل وطريقتها في التعامل مع الفلسطينيين.
- الضغوط غير الإنسانية التي تضغط بها أمريكا على بعض بلدان العالم للمقاطعة الاقتصادية التي تقودها ضد العراق والتي تسببت في قتل أكثر من نصف مليون طفل صغير خلال العشر سنوات الماضية.
لا يمكننا أن نعزل أبناءنا عما يدور في العالم، ويجب علينا إطلالهم على حقائق الأمور بصورة تدريجية وبأسلوب مبسط دون أن نثقل عليهم، ولتكن الجرعات صغيرة وعلى فترات متباعدة حتى لا تؤثر عليهم نفسيًّا، ومن الممكن أن يكون المقياس في ذلك هو مدى اهتمام الطفل بأمر والسؤال عنه، فتكون الإجابة بشرح وتوضيح المفاهيم المتعلقة بهذا السؤال، وعدم التغافل عنه بحجة أن الطفل صغير، فما دام يسأل عن أمر ما فهذا يدل على استعداده لمعرفة الإجابة إن شاء الله تعالى.
لا يجب علينا أن نعزل أولادنا عما يحدث حولهم، وإلا فنحن مقصرون في حق تربيتهم التربية المتزنة التي تجعلهم يتفكرون في عواقب الأمور، ويزنونها بمقياس الحق ومقياس الولاء لله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-، والله ولي التوفيق.
ـــــــــــــ(103/213)
فن تدريس المسائل اللفظية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. أنا معلم رياضيات حديث عهد بالتدريس أواجه صعوبة في تدريس المسائل اللفظية للطلاب في مادة الرياضيات. أرجو تبصيري بطرق وإرشادات مناسبة لتدريس المسائل اللفظية، وشكرًا. ... السؤال
تعليمي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الكريم.. فعلى قدر اجتهادنا بألا نرد سائلاً، وألا نهمل رسالة ترد إلينا على قدر الحيرة والفرحة التي نقع فيها وتغمرنا حين يأتينا بين الحين والحين سؤال جديد لا نجد من بين مستشارينا من يمكنه الإجابة عنه لتخصصه الشديد، وعلى قدر الحيرة في البحث والسؤال عن مجيب خارج دائرة مستشارينا على قدر الفرحة حين نكسب مستشارًا جديدًا يكون السائل سببًا له، وحين نستطيع الوفاء بعهدنا ألا نرد سائلاً. أسأل الله عز وجل أن يكون لك أجر الدال على الخير.
وقد وفقنا الله تعالى إلى الأستاذة ليلى سامي مشرفة مادة الرياضيات بالصف الخامس الابتدائي بإحدى المدارس المصرية، وهي تقوم بتدريس مادة الرياضيات منذ عام 1989م.
وأتركك مع ردها الكريم. المحررة.
تقول الأستاذة ليلى:
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي السائل.. أحيي فيك اختيارك لمهنة التدريس، وهي أشرف وأسمى مهنة في الوجود، نمضي بها على سنة النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أعظم معلم في التاريخ. وإذا كان الصانع يُقَدّر على قدر سلعته، فما بالك بمن يصنع الأجيال، يصنع مستقبل الأمة.
لقد وضع الله سبحانه في أيدينا أمانة عظمى ألا وهي الأطفال، نشكلها كيف نشاء. في زمن تحارب فيه المثل والقيم، وفي وسط مجتمع آخذ في البُعْد عن هويته.. يقف المدرس مجاهدًا لغرس القيم والأخلاق في قلوب ونفوس براعم هذه الأمة.
وعملية التربية -أخي الفاضل- تنقسم إلى جزأين هما: الإرسال، والاستقبال. إرسال من المدرس المربي واستقبال من التلميذ. وأنت كي تربي عليك أن تتعلم بقراءة كتب التربية، وتطبق ما تتعلمه حتى لا تناقض أفعالك أقوالك؛ ولذلك أنصحك بقراءة كتب في التربية- سنوردها لك بنهاية الاستشارة .
أخي الفاضل: أبشر فإن فيه صفات المربي كما قالها علماء التربية والتي نذكر منها:
1- أن يكون مثقفًا.
2- أن يكون صاحب مبدأ.
3- أن يكون عنده رغبة في تطوير نفسه.
4- أن يتعلم ويتعاون مع الآخرين ذوي الخبرة في مجاله.
وأنت أخي المدرس.. تبدو عندك الرغبة في تطوير نفسك، وأيضًا التعاون والتعلم من الزملاء ذوي الخبرة في مجالك، فبارك الله فيك، وتقبل منك.
وقبل أن أبدأ في سرد بعض النقاط التي تساعدك في حل مشكلة شرح المسائل الكلامية للأولاد.. أحب أن أذكرك بأننا نربّي الأطفال لا نبتغي إلا وجه الله سبحانه وتعالى، وأنك إذا اجتهدت وتعلمت وطبقت ما تعلمته، فإن هذا هو ما سيسألك الله عنه، ولا تقل أبدًا أنا أحاول مع الأولاد ولكن ليس هناك نتيجة، ولا تسمع أبدًا لمن يقول: وهل نحن الذين سنصلح الكون ، أو من يقول: إن أهل هؤلاء الأولاد لا يقومون بدورهم في التربية.. فماذا أفعل أنا أمام كل هذا الطوفان الذي يقاوم جهدي البسيط؟ ولكن قل حسبي الله عليه توكلت، وإن عليك العمل والنتيجة على الله تعالى، فقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- قومه، فآمن به من آمن، وكفر به من كفر، فهل رأيت إيمان أبي بكر الصديق لقد آمن وحسن إيمانه حتى أصبح يزن إيمان الأمة، وطبّق ما تعلمه وما آمن به فانطلق يدعو الناس إلى الله، ويعتق العبيد الذين يعذبهم الكافرون.. إنه التطبيق.
وكفر أبو لهب عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكتفِ بالكفر، بل سبَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "تبًا لك"، فأنزل الله فيه "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتب... السورة"، فهل سيحاسب الله تعالى النبي المصطفى على عدم إيمان أبي لهب.. كلا والله. فقد دعا.. ونشهد أنه فعل.. -صلى الله عليه وسلم- وجزاه خير ما جازى نبيًّا عن أمته.
آسفة أخي السائل إن كنت قد أطلت عليك، والآن أقدم لك بعض النصائح التي قد تفيدك وتسهّل عليك شرح المسائل الكلامية إن شاء الله:
أولاً: علِّم الأولاد أن يقرءوا جملة جملة في المسألة بتأنٍّ شديد، ولا ينتقلون من جملة إلى أخرى إلا بعد فهم الأولى.
ثانيًا: اطلب منهم أن يضعوا دائرة حول الرقم والاسم يميزه، مثلاً 50 جنيهًا أو30 كتابًا، وهكذا...
ثالثًا: علِّمهم أنه من القواعد ألا نجمع أو نطرح نوعين مختلفين من الأشياء، مثلاً لا نستطيع جمع قلمين + ولد.. ولا تفاحة + موزتين.
إذن قاعدة مهمة: لكي نجمع أو نطرح لا بد أن يكون التمييزين متجانسين: تفاحتين + تفاحتين.
50 جنيهًا – 30 جنيهًا، وهكذا...
رابعًا: في حالة وجود رقمين فقط في المسألة فهي من خطوة واحدة.
خامسًا: في حالة وجود أكثر من رقمين.. إذا كانوا جميعًا من نفس التمييز فقد نقوم بالجمع.
أما إذا كانوا مختلفين في التمييز فهي أكثر من خطوة.
سادسًا: في حالة وجود رقمين غير متجانسين في التمييز فإننا لن نطرح ولن نجمع.. إذن سنقوم بالضرب أو القسمة.
سابعًا:
أ - متى نقسم؟ إذا كان المعطى هو ذا القيمة الكبيرة ومطلوب القيمة الصغيرة فإننا نقسم.
ب - متى نضرب؟ إذا كان المعطى هو ذا القيمة الصغيرة ومطلوب القيمة الكبيرة فإننا نقوم بعملية الضرب.
واشرح لأولادك كيف. مثال: إذا كان عندي رقمان، مثل: 10 ، 5
في حالة الضرب 10 × 5 50 أصبح الناتج أكبر.
في حالة القسمة 10 ÷ 5 2 أصبح الناتج أصغر.
وأخيرًا أخي العزيز..
استعمل دائمًا المجسمات والأشياء المادية في الشرح لأولادك.. استخدم بعض الحلوى الصغيرة.. استخدم بعض النقود لشرح الشراء والبيع.. قم بتمثيل وجود محل والأولاد تشتري وتبيع من بعضها البعض.. حتى يتمرسوا على البيع والشراء.
وقبل كل شيء استعن بالله سبحانه وتعالى، فإنه نعم المولى ونعم النصير، وجزاكم الله خيرًا.
ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكن الاطلاع على الاستشارات التالية:
-المعلمون ..حتى في العطلة يسألون
-جدول الضرب.. الحفظ بابتكار
-التفوق في الرياضيات بالألعاب
وإليك أسماء الكتب المرشحة:
1– تربية الأولاد في الإسلام (جزأين) للأستاذ عبد الله ناصح علوان.
2- من أساليب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التربية.
3- أطفالنا خطة عملية للتربية الجمالية سلوكًا وأخلاقًا للأستاذ عبد الله محمد عبد المعطي.
ـــــــــــــ(103/214)
حياة طفل السادسة لعبة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرًا على هذا المجهود ابنتي عمرها 6 أشهر. أرجو استشارتكم في نوع الألعاب التي يمكن أن تفيدها، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
الأنشطة والهوايات ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
بارك الله لك في طفلتك، ورزقك برها، وبلغت أشدها، تحية إلى أمومتك الرقيقة الشفافة التي لا تنتظر مني التحية، ولا تنتظر أجرًا إلا من الله تعالى.
قد يبدو السؤال بسيطًا، وقد ينطلق من أفواه كثير من الآباء والأمهات عن عدم إنكار له، لكن.. قليلٌ هم من الآباء من يسأل هذا السؤال بوعي وبنظرة ممتدة نحو المستقبل، ونحو عمق الأمانة المعلقة برقبة كل والد ووالدة نحو من سيحمل مسؤولية جيل من ورائه، ومسؤولية تطوير أمة ينتمي إليها في حاضره ومستقبله؛ ولهذا "فقد بذل علماء النفس والتربية قدرًا كبيرًا من الاهتمام لدراسة التفكير الابتكاري والمبتكرين خلال السنوات الأخيرة، باعتبار أن هذا النوع من التفكير يمثل حاجة من الحاجات المهمة والمُلِحَّة لدى المجتمعات، من أجل تنمية وازدهار واستغلال ثرواتها، وطاقات أبنائها، وقدراتهم الكامنة في شتى المجالات" كما يقول الدكتور علي الراشد في مقدمة كتابه "تنمية قدرات الابتكار لدى الأطفال".
إن هذا يتطلب أمرين:
- الأول: التأكد من سلامة حواس طفلنا، والحفاظ على هذه السلامة، وعلى سلامة بنيته النفسية دون إفراط أو تفريط.
- والثاني معرفة خصائص المرحلة العمرية التي يمر بها طفلنا، وخصائص نموه على كافة المستويات ومراعاتها.
من المعروف أن وزن الدماغ في الطفل الرضيع يتضاعف، وخلال السنة الأولى من العمر، ويعود السبب إلى تكاثر خلايا الدماغ من جهة، وإلى نمو نقاط الاتصال بين الخلايا ومختلف أجزاء الدماغ. ولنقاط الاتصال هذه أهمية بالغة؛ إذ بدونها لا نستطيع التفكير والتعلم.
فعندما يبدأ الطفل الصغير اهتمامًا بشيء ما يبدأ ببذل مجهود فكري يحرِّض نقاط الاتصال في الدماغ إلى تشكيل شبكة معقدة. يحدث هذا منذ ميلاد الطفل، واستيقاظ حواسه، وتنبهه للأصوات، والصور، واللمس، والشعور، والتذوق، ولتنمية الإدراك العام يستلزم تضافر عدة أشياء، لنأخذ مثالاً:
يجب أن يتضافر كل من حاسة البصر والسمع والذاكرة في سبيل مواصلة النمو الفكري. ويعتمد الذكاء على هذه الحواس، وعلى حركة الجسم ليكون الطفل على دراية بما يجري حوله، فبدون حاسة البصر لا يستطيع الطفل أن يرى اللعبة، وبدون الذاكرة لا يفرح بلقاء تلك اللعبة، وبدون التنسيق بين الدماغ والعضلات لا يستطيع السعي وراء اللعبة، بالإضافة إلى أنه بدون التنسيق بين اليد والعين أيضًا لا يستطيع الإمساك باللعبة، وبدون الإمساك واللعب باللعبة لا يستطيع تشكيل فكرة عن ماهية هذه اللعبة.
كل هذه المهارات يبدأ الطفل في اكتسابها منذ بلوغه الأسبوع السادس -كما يذكر علماء نفس النمو-، ومع ازدياد درجة انتباهه للأشياء من حوله وقدرته على تحريك رأسه نحو مصدر الصوت تزداد قدرته على التعلم، وكلما تعرض الطفل لمزيد من المؤثرات ساعد هذا عقله على النمو والتطور، وتعلم بشكل أسرع، واستطاع أن يوفِّق بين الأشياء مستقبلاً، لكن لا يعني هذا أن نعرض الطفل لمؤثرات زائدة بشكل مبالغ أو مقحم، فالطفل في هذه السن لا يزال يحتاج إلى أوقات من الراحة والهدوء رغم ازدياد فترة يقظته، المطلوب الاعتدال فلا مؤثرات زائدة تشعره بالغضب وعدم الارتياح، ولا نتركه بلا إثارة كافية فيشعر بالملل.
وبشكل عام فإن أي فرصة للملاعبة والمداعبة والتقرب من طفلتك باللمس، والمناغاة والتحدث تبقى فرصة جيدة ومدخلاً تلقائيًّا لمساعدتها على النمو النفسي، والعقلي، والحركي المتوازن، وبالتالي فإن:
- أهم ما يجب أن تفعليه لطفلتك أن تتحدثي إليها باستمرار بلسانك، وبنظرات عيونك، ولمحات وجهك بكلمات حقيقية وأحيانًا هزلية، فكلما اعتادت طفلتك على استماع الأصوات الموجهة إليه زادت مقدرتها على التكلم في وقت مبكر.
- ومن المألوف أن تكون طفلتك في هذه السن قادرة على الجلوس، تلك المهارة التي يكتسبها الطفل عادة في الشهر السادس، وتمثل إحدى المهارات المهمة في حياته، فهو قد أصبح قادرًا على رؤية الأشخاص من حوله وهم يتحركون، كما يمكنه من التعرف على جسده.. شكل ساقيه وقدميه وأصابعه، وسوف تجدينه يحاول دائمًا جذب قدميه نحو فمه محاولاً فحصها الذي لا يزال خلال شهوره الأولى وسيلته الوحيدة لفحص الأشياء.
من هنا نستطيع فهم أن الطفل في هذه السن يستطيع القيام بكثير من الحركات المتوافقة بكفاءة كبيرة والتي يمكن تنميتها عبر مجموعة من الألعاب المرفقة، مثل:
- الرؤية والسمع: فهو يلتفت لمصدر الصوت، ويهتم بالبحث عنه، ويبدي انفعالاً لدى سماعه قدوم شخص إليه، خاصة والديه، ويبدأ برفع يديه ليُحمل، وبالتالي: عليك إجابة كل محاولة منه لجذب انتباهك، أجيبيه عندما يريك أنه بحاجة إليك.. اذهبي إليه ومُدِّي يدك نحوه حاملة إياه منادية إياه باسمه ليعلم أنك في طريقك إليه.
- الرؤية والإمساك: بمعنى أنه يستطيع التركيز بنظره على الأشياء جيدًا، ويستطيع تحديد أماكنها بالرؤية، وتجدينه يحاول الوصول إليها والإمساك بها، ودفعها إلى الأرض؛ ولهذا تسمَّى هذه الفترة من حياة الطفل بفترة إسقاط الأشياء.. وتدريجيًّا يتعلم من ذلك مفهوم الجاذبية، حيث يدرك أن أي شيء يلقي به يسقط على الأرض؛
ولهذا:
1 – الْعَبي معها لعبة إسقاط الشيء والتقاطه مرة أخرى أو لعبة الأخذ والعطاء، بألعاب تصدر أصواتًا لطيفة أو مصنوعة من المطاط بأحجام مختلفة، بحيث تحقق لها المتعة وهي تصدر أصواتها حال السقوط؛ ولهذا فائدة أخرى ستعرفينها بعد قليل.
2 – وفِّري لها الألعاب ذات الأصوات المختلفة؛ لتدرك طفلتك كيفية انبعاث الأصوات ونغماتها المختلفة، وارتباطها بالحركة حين تقوم بهزّها –وسنورد لك في نهاية الاستشارة استشارة أخرى تحتوي على مزيد من هذه الألعاب-.
3 – وفِّري لها ألعابًا مختلفة من حيث الشكل ودرجة التماسك (ليِّنة أو صلبة من البلاستيك)؛ لتبدأ في التعرف على الأشكال ودرجة التماسك المختلفة للأشياء، ولا أقصد شراء ألعاب غالية الثمن فهذا أمر غير مفضل، فطفلتك في هذا العمر لا تعرف قيمة الأشياء، ويمكن أن تسبِّب تلفها ضيقًا لك ينعكس على تعاملك معها، بل من خامات البيت (أغطية علب فارغة، أكواب، أوعية فارغة، بشرط أن تكون نظيفة دائمًا وآمنة، كبيرة الحجم إلى حد ما، وليس لها حواف أو شيء يمكن أن يؤذي الطفلة).
4 – الْعَبي معها بعض الألعاب المفيدة، مثل أن تخفي وجهك بين يديك، ثم تظهريه لها، ثم انتقلي تدريجيًّا إلى الاختفاء وراء باب أو جدار مثلاً، ثم عودي ثانية للظهور، فمثل هذه الألعاب تجعل طفلتك تدرك معنى الانفصال المؤقت، وهو ما يزيد من ثقتها بنفسها، ويقلِّل من إحساسها بالخوف؛ فالطفل خلال الشهور الأولى يبدأ في إدراك حقيقة مهمة بالنسبة له، وهي أن هناك انفصالاً بينه وبين الأشياء، فأنت –أمه- لست جزءاً منها، وإنما جسم منفصل عنها، لكنها لا تستطيع إدراك أن بعض الأشياء تتميز بصفة الاختفاء المؤقت، فهي تحسب أن اللعبة مثلاً عندما تختفي عن ناظريها أنها اختفت للأبد، ولم تَعُد موجودة، لكن مع الوقت وبمساعدتك لها بمثل هذه الألعاب تتعلم أن تبدأ في البحث عنها بعد أن تدرك تدريجيًّا أن بعض الأشياء قد تظهر وتختفي بشكل مؤقت.
وبالتالي فمن الضروري أن تعوِّديها تدريجيًّا الانفصال المؤقت عنها، وتركها في رعاية أحد آخر مثل والدها، على شرط أن تخبريها بأنك ستعودين إليها مرة ثانية، وعندما تعودين عبِّري لها عن سعادتك بعودتك إليها، معبِّرة عن ذلك بيدك الممدودة لحملها، وبنبرات صوتك منادية إياها باسمها.. عندما تعودين ستدرك أن غيابك كان مؤقتًا، وستتعود بالتدريج على الانفصال المؤقت عنك؛ ولهذا أهمية كبيرة في عملية التعلم فيما بعد، فالطفل الذي يعتاد الانفصال المؤقت عن الأم سيكون بلا شك أكثر استجابة للتعلم لغياب الأم عنه أثناء عملية التعلم، على ألا يتم ذلك بشكل متعسف أو لفترات طويلة، بل يكون فرصة لتدخل والدها في رعايتها والارتباط بها بما يعين طفلتك ويؤهلها للدخول بهدوء في مرحلة الاستقلال المقبلة، والانفتاح على المحيط الاجتماعي من حولها.
5 – علِّميها فكرة الهدف والغاية من الشيء أو الفعل ورد الفعل بدحرجة كرة مثلاً أمامها، وقولي له: انظري إنها تتدحرج.
فمثل هذه الألعاب ستساعد طفلتك على إنماء نموها الذهني، إلى جانب نموها الحركي الملحوظ، حيث ستساعدها على أن تتعلم بالتدريج وعلى المدى البعيد أن تفكر، وأن تقوم بأفعال مرتبة للوصول إلى أهداف محددة، وتبدأ في إدراك علاقة الفراغ أي العلو والانخفاض، والداخل والخارج، ودائمًا استخدمي الألفاظ المعبِّرة عن ذلك (فوق، تحت، خارج، داخل..).
- ولتنمية مفهوم الحركة عندها:
1 - استبدلي الأشياء البرَّاقة المستخدمة في تزيين فراشها -إن كانت موجودة- بأخرى مطاطية متنوعة الأشكال والأحجام؛ فسوف يساعدها هذا على تعلم مفهوم الحركة حين تدفع بها أو ترتطم بها، فتتحرك أمامها، ويزيد أيضًا من تعرفها على أشكال الأشياء وطرق القيام بتحريكها.
2 – لا تجعلي فراش طفلتك موجهًا تجاه الحائط، بل دعي أمامها مجالاً للرؤية، وقومي بوضع صور ملوَّنة على الحائط، ومرآة بالقرب من فراشها؛ بحيث يمكنها رؤية حركاتها المختلفة؛ فسوف يوسع هذا من مداركها ويعزِّز من إدراك الذات لديها، فعندما ترى نفسها في المرآة أشيري إليها واذكري اسمها عاليًا، وكرّريه على مسامعها قولي: هذه مريم، هذه أنت.
3 – اجعليها تنظر إلى شيء برَّاق جذَّاب، ثم قومي بتحريكه في اتجاه معين لتري مدى قدرتها على متابعة هذا الجسم أو مدى نجاحها في الوصول إليه، ففي هذا تدريب لحواسها على العمل والتضافر، وتنمية لإدراكه العام وذكائه.
4 – اصحبيها معك من حجرة لأخرى، ولا تخصِّصي لها حجرة دائمة، بل الأفضل تغيير مكان فراشه من وقت لآخر؛ لتزيدي من قدرتها على التعرف على الأشكال، والأصوات، والروائح المختلفة، ومعرفتها بالأشياء من حوله بما يزيد مداركه.
ويمكنك ملاحظة تقدم طفلتك عبر بعض علامات النمو الذهني المهمة، والتي يكتسبها الطفل خلال شهوره الأولى:
- فمن تطور نموه، تعلمها القيام بأفعال مرتبة للوصول إلى أهداف محددة، فمثلاً ستجدينها بعد فترة تزيح بعض الأشياء لتلتقط لعبتها التي سقطت منها على الأرض.. أو تدفع بيدك لتستمري في أداء عمل يسعده.
– وبتطور فهمها لفكرة الانفصال المؤقت، ستجدينها تدريجيًّا تبدأ بالبحث عن لعبتها التي اختفت عن عينها، بعد أن كانت تظن من قبل أنها اختفت.
– وكذلك ومن العلامات الهامة على تطور نموها الذهني أن تبدأ في ممارسة ألعاب التقليد بتقليد صوتك وحركتك مثلاً، فهي من العلامات الدالة على قدرة الطفل على الاستيعاب والتذكر.
سيدتي.. لا تنسي أن طفلتك طرفًا أساسيًّا في كل ما اقترحته عليك؛ فرغباتها وميولها شرط هام لنجاحها في تحقيق المرجو من ورائها.. حاولي أن توقظي فيها استجابتها للفاعليات التي اقترحتها، ولا تتوقعي انقيادها لهذه الاقتراحات بين ليلة وضحاها، فربما سار التغيير ببطء، ولكن النتيجة حتمية بإذن الله تعالى، فالحقائق تشير إلى أنه ما من طفلين يمكن أن يتساويا في حدود سرعة النمو لدى كل منهما.
وفي النهاية.. أحب أن أختم كلامي بمقولة للدكتورة ميريام في الجزء الأول من كتابها "ذكاء الطفل":
"لكي تمنح طفلك المساعدة المناسبة في الوقت المناسب بهدف زيادة الفرص أمامه للوصول إلى طاقاته وقدراته الكامنة، يجب عليك أن توافق بين ما تقدمه له من مساعدة وبين طور النمو الذي يمر فيه.
إن مساعدتك لطفلك في إكسابه المهارات بسهولة وسرعة يجب ألا يدفعك لأن تقسو وتضغط عليه للوصول إلى مستويات اعتباطية، بل كن واقعيًّا ولا تبالي".
أختي الكريمة.. أخيرًا أذكرك بالمقولة الشهيرة "ما ربَّى إلا ربِّي"، فليكن دعائك الذي لا ينقطع قوله تعالى:
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"، وتذكري أن صلاح الآباء هو أساس لقبول هذا الدعاء صلاحًا فيهم، فالله الذي أرسل الخضر الصالح ونبيًّا كريمًا ليبني جدارًا يحفظ به مال يتيمين لصلاح والدهما "وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا" هو وحده القادر على حفظ أبنائنا وطفلتك الغالية، تحياتي لك، وفي انتظار اقتراحاتك بألعاب أخرى.
ـــــــــــــ(103/215)
عودة الطيور خوفًا من الذوبان ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله.. أتوجه إليكم في البداية بالشكر على مجهوداتكم في الرد على استشارات القراء وجزاكم الله خيرًا. مشكلتي هي أن لي بنتًا لها 3 سنوات من العمر وهي نيشطة وذكية. أنا لا أريد تسجيلها بالروضة الفرنسية( نحن نعيش حاليا بفرنسا) خوفًا من التعود على اللغة الفرنسية ونسيان اللغة العربية، وتتعود ربما على بعض العادات السيئة، مع العلم بأننا منذ ولادة ابنتنا لا نتكلم إلا اللغة العربية في المنزل، وهي تفهمها جيدًا، وتتكلمها بطلاقة، أنا حائر ولا أدري ما هو الحل الأمثل.. مع العلم أننا ننوي العودة إلى البلد بعد 3 سنوات للعيش هناك، وبالتالي تسجيلها في المدارس الحكومية؛ لأني غير مستعد لتربية أبنائي في المجتمع الغربي. فأرجو نصحي وإرشادي، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الفاضل صاحب الاستشارة.. بارك الله فيك وفي ولديك، وأعانك على تربيتهما تربية صالحة تثقل موازينك يوم القيامة.
سيدي.. إنه من الصعوبة بمكان أن يتخذ إنسان قرارًا عن إنسان آخر حتى لو كان هذا الإنسان أكثر دراية وعلمًا فيما يُتخذ في شأنه القرار، واستشارتك هذه ذكرتني بالمثل الصيني القائل: "أرجوك لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد"، وعليه فسوف أخط معك خطوطًا وأفكارًا وخطوات عملية تعينك -إن شاء الله- على اتخاذ القرار المناسب الخاص بشأن مدرسة ابنتك.
ولأن ما تسأل عنه مرتبط بحياة ومصير طفلتك فأنت مطالب بجهد حتى تصل –إن شاء الله- إلى القرار الصحيح.
أولاً: سجِّلا بورقة وقلم المعايير والشروط التي يجب أن تتوفر بالمدرسة التي ستلحق ابنتك بها (سواء الفرنسية أو مدرسة تابعة للجالية العربية أو إسلامية إن وجد)، وذلك بمشاركة والدة الطفلة بالطبع وربما تساعدك العناصر التالية في هذه المهمة:
•تتفق المدرسة وإمكانياتك المادية.
•تساهم في بناء الشخصية وتحافظ على التكوين النفسي للطفلة.
•تسهم في الحفاظ على هوية الطفلة وانتمائها، وتربي أخلاقًا تتفق مع المبادئ الإسلامية.
•تُعلّم على أسس تربوية صحيحة تنمي بها مهارات الطفلة وفي نفس الوقت تحبب إليها العلم ولا تنفرها منه.
•النظر إلى سوق العمل واحتياجاته، بمعنى آخر: هل نوعية الخبرات التعليمية التي ستمر بها ابنتك خلال سنوات دراستها سيحتاجها سوق العمل؟
•قريبة إلى حد ما من مكان السكن.
رتّب هذه المعايير حسب أولوياتها بالنسبة لك ولظروفك (وهي على كل حال مرتبة من الناحية التربوية من الأهم فالمهم)، وصحيح أنك لن تجد مدرسة تجمع كل هذه المعايير والمزايا، لكن ستبحث بجدية عن مدرسة تتوفر فيها أكبر قدر وأفضل هذه المعايير.
ثانيًا: سجّلا في ورقة أخرى عيوبًا ومزايا المدرسة الفرنسية أو المدرسة العربية هناك بناء على المعايير السابقة والتي وضعتها أنت وزوجك.
ثالثًا: بعد مناقشة وتحليل ما كتبتما اتخذا القرار الذي يتناسب مع ظروفكما، مع مراعاة ألا تطغى اتجاهاتكما الفكرية على مصلحة ابنتكما.
رابعًا: عند عودتكما إلى مصر تقوم بنفس الخطوات السابقة مع خطوة هامة جدًّا تسبق هذه الخطوات وهي السؤال (وبتأنٍّ) عن المدارس بمصر (المدارس بأنواعها المتعددة الحكومية والتجريبية والخاصة العربي والخاصة الأجنبية ولا تقصر تفكيرك في نوعية واحدة من المدارس حتى تتبين عيوبها ومزاياها)، وتتعرف على هذه المدارس من حيث أحوالها وطرق تعليمها ومصاريفها، ولا تتخذا قرارًا إلا بعد هذا السؤال وبعد التفكير بالطريقة السابقة، وأنصحك أن تبدأ في السؤال عن هذه المدارس من الآن إما عند نزولك بإجازات أو تفوض من تثق فيه وفي حكمه ليأتيك بالخبر اليقين عنها.
وأخيرًا أذكرك –فإن الذكرى تنفع المؤمنين- بالاستعانة في كل خطوة بالله تعالى، وتدعوه وندعو معك بأن يوفقك الله عز وجل لما يحب ويرضى.
ـــــــــــــ(103/216)
الانطباع الأول عن المدرسة.. يدوم ... العنوان
كانت نفسيتي متعبة، خاصة أني حامل في الشهر الأخير ولا أدري كيف وفقني الله ووجدت هذا الموقع الرائع. المشكلة بدأت بدخول ابنتي (4 سنوات) الوحيدة إلى الروضة، وقد كانت مهيأة للدخول إلى الروضة، وذهبت فعلاً، وفي اليوم الأول كانت مندهشة قليلاً لكن سعيدة، وعندما شاهدت بعض الأمهات قد بقين مع أطفالهن طلبت مني البقاء فبقيت معها لمدة ساعتين، ثم ذهبت بعد إقناعها بأني سوف أرجع لأخذها.
في اليوم الثاني طلبت مني نفس الشيء فبقيت، واليوم الثالث طلبت نفس الشيء، ولكن هذه المرة تركت يدها وذهبت فإذا بصراخ عالٍ جدًّا وبكاء فطلبت مني المدرسة أن أخبرها بأني سوف أبقى وإنما في غرفة أخرى، ومنذ ذلك اليوم وهي لا تكف عن القول بأني سوف أذهب إلى المدرسة، ولكن بشرط أن تبقى معي في الغرفة المجاورة فتخرج ولا تجدني فتبكي طوال اليوم وذلك منذ 10 أيام، مع العلم أنها كانت اجتماعية جدًّا، وتندمج بسرعة مع الأطفال الذين لم تعرفهم من قبل، أما الآن فقد أصبحت انطوائية ولا يوجد عندها طوال اليوم إلا القول بأن أبقى معها، فماذا أفعل تجاه ما تقول وتفعل؟ ... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة: إبتسام/
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنهى الله شهور حملك على خير حال، ومتَّعك ومتع أطفالك وأطفالنا جميعًا بالصحة والعافية النفسية والعضوية.. اللهم آمين.
سنتجاوز المقدمات إلى الدخول في صلب الموضوع وصولاً إلى ما يريحك بإذن الله تعالى.
أختي.. المشكلة واضحة وضوح الشمس، وهي حدثت منذ اللحظة التي أخبرت فيها المدرسة طفلتك أول مرة بأنك في الحجرة المجاورة ولم تجدك، ومع تكرر هذه الحادث تأكدت المشكلة.
المشكلة هنا في هذه الكذبة؛ فقد تسببت في فقدانها لمصداقيتك ومصداقية المدرسة في نفسيتها، وبالتالي فقد فقدت الثقة فيكما، وهو الأمر الأخطر وهو ما كان السبب في تحولها من الاجتماعية إلى الانطوائية.
كان -وقدر الله وما شاء فعل- المفروض أن تقولوا لها الحقيقة، وإنك سوف تذهبين ثم تعودين لأخذها بعد فترة تحددينها.
أَمَا وقد حدث ما حدث فكيف يكون الحل؟
لا بد من العمل على استعادة الطفلة الثقة فيكما أنتما الاثنان من جديد؛ حتى تعيدا لها إحساس الأمان الذي فقدته بفقد الثقة فيكما.
ويمكنك فعل هذا بطريقين:
- الأول: تغيير الحضانة نفسها، والبدء مع مدرسة جديدة لا تعرفها الطفلة.
أما إذا كان هذا متعذرًا فيمكنك البدء من جديد مع مدرستها السابقة، وذلك عن طريق الآتي:
قبل الذهاب مرة ثانية إلى الحضانة قومي بالاتصال بالمدرسة، واشرحي لها الأمر، واتفقي معها على الأسلوب الذي يمكن أن تعيدا به ثقة الطفل فيها، وذلك عن طريق الاتفاق على أن تكون هناك سلسلة من الوعود التي تعيدون بها للطفلة ثقتها، وتوفون بها على أن يكون الوفاء بعد فترة قصيرة من الوعد.
- بعد ذلك تعود الطفلة إلى الحضانة على أن تعود بالتدريج، بمعنى أن تكون الفترات التي تقضيها في الحضانة متدرجة في الصعود.
- مثلاً في اليوم الأول تتركيها لمدة ساعة واحدة فقط وتكوني قبلها قد أخبرت المدرسة بأنك ستعودين لأخذها بعد ساعة واحدة فقط، بالطبع ستبكي لكن قولي لها إني سوف أذهب وأعود سريعًا فتقوم المدرسة بحملها، وتقول لها انظري "ماما" ذهبت وستعود لأخذك بعد ساعة واحدة، ثم تريها الساعة وتريها عقاربها مثلاً العقارب كانت على 9 فتقول ستعود بعد ساعة عندما تكون هذه الذراع الصغيرة على 10، وتشير لها وبالفعل لا بد أن تعودي لأخذها الساعة 10، وأنت قادمة من بعيد تقول لها المدرسة دون أن تشير إلى أنك أتيت: الساعة الآن 10 انظري للعقرب "ماما" إذن ستأتي الآن، ثم تشير لك من النافذة، وتقول ماما جاءت ألم أقل لك، ثم تحملها وتريك لها.
- وفي اليوم التالي من الممكن أن نزيد المدة إلى ساعتين، ثم في اليوم الثالث إلى 3 ساعات، وهكذا...
- وبالتوازي مع هذا لا بد أن تكونوا على اتصال دائم بينكما دون أن تشعر الطفلة أن بينكما اتصال؛ لتكثيف نفس الفكرة مثلاً في البيت تقولين لها وقد عملت شيئًا جميلاً.. ممتازة.. مدرستك ستكون سعيدة جدًّا وستعطيك غدًا هدية جميلة.
- ثم تخبرين مدرستها بالهاتف وتخبرينها بالأمر لتعطيها الهدية في اليوم التالي، ويمكنك إما أن تعطي الهدية للمدرسة في الصباح دون أن تراك الطفلة أو أن تعطي المدرسة مجموعة من الهدايا مرة واحدة لتكون عندها جاهزة؛ حتى لا تسبب الهدايا كلفة مالية للمدرسة فتتكاسل عن إعطائها للطفلة أو تتأخر حتى في تحضريها لها.
- وفي اليوم التالي تقول المدرسة للطفلة أنا سعيدة منك جدًّا؛ لأنك عملت شيئًا جميلاً بالأمس، وإذا رأت نظرات الاستغراب في وجه الطفلة تقول لها لقد عرفت من العصفورة ... العصفورة قالت لي.
- وبالعكس تخبر المدرسة الطفلة عندما تعمل شيئًا جميلاً في الفصل بأن ماما سوف تعطيها هدية عندما تعود إلى البيت، ثم تخبرك بطريقة ما، مثلاً عندما تحضري لأخذها -بعيدًا طبعًا عن الطفلة– وبالفعل عندما تعود تعطيها الهدية، وتفعلي معها نفس الشيء، وبهذا تشعر الطفلة بأن هناك عاملاً مشتركًا بينك وبين المدرسة، وبأنكما الاثنتان مهتمان بها.
أختي الكريمة..
إن الانطباع الأول عن المدرسة يعلق في ذهن الطفلة، ورغم أنه ليس من المستحيل إزالته فإن إزالته تحتاج إلى جهد مكثف من قبلكما أنتما الاثنتان وإلا كانت عواقبه وخيمة. وبالتالي لا بد من تكثيف محاولاتكما لاستعادة الثقة في نفس الطفلة.
لا بد من المحاولة، وكما قلت لك فإن تغيير الحضانة سيكون الأفضل، أما إذا تعذر ذلك عليك فعليك المحاولة مع هذه المدرسة، أما إذا فشلت المحاولة فلا بد من تغيير الحضانة.
بارك الله فيك، وأنبت طفلتك نباتًا حسنًا. وتابعينا بأخبارك.
ـــــــــــــ(103/217)
"عدنان ولينا".. رسول العولمة ... العنوان
يعرض على التلفزيون الإماراتي مسلسل كرتوني اسمه (عدنان ولينا)، وأنا أريد معرفة حقيقة هذا المسلسل الذي يشاهده أطفالنا؛ حيث تحكي قصته عن الطفلة لينا التي تبحث عن جدها الرجل الغامض عظيم الجثة أعور العين الذي كان دائمًا مكبلاً بالحديد، حيث تريده أن يذهب بها إلى أرض الأمل [أرض الميعاد عند اليهود]، وفي نهاية الفيلم تجد جدها الأعور، حيث يذهبون إلى أرض الأمل فيضغط زرًّا فينزل المطر، وينبت الأرض، ويأتي النهار.. هي قصة يهودية تُعرض بمعدل مرة كل 5 سنوات، وهذا خطر عظيم على أطفالنا، حيث العقل الباطن في هذه المرحلة العمرية يختزن كل ما يعرض عليه ويتأثر به. أريد معرفة مدى خطورة مثل هذه الأفلام فعلاً على الطفل وتفكيره، ومدى مصداقية هذا الموضوع. أريد الدليل. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/منذر الحاج حسن ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بداية لا بد أن أحيي الأخت السائلة على غيرتها واهتمامها بما يعرض لأعزائنا وأحبائنا الأطفال، وهم أبناؤنا ومستقبلنا الذي ننشد، وحرصها على معرفة الآثار المترتبة على مشاهده مثل تلك البرامج، ولا بد أن أشير إلى أن جميع الدراسات أثبتت الأثر البالغ للتلفاز على أطفالنا وبخاصة البرامج الموجهة للأطفال.
فلقد نجح التلفاز في جذب الصغار والصغيرات -بل وحتى الكبار- وذلك يما يمتلكه من عناصر إثارة، وحركة تداعب نفوسهم المتعطشة للحركة والمليئة بالحيوية والأحلام وروح المغامرة والفضول، ومن خلال اعتماده على عنصرين أساسيين هما: الصورة المتحركة بألوانها وإيقاع حركاتها المثيرة، والصوت القوي المعالج، وإذا ما علمنا أن الطفل يقضي من الساعات أمام شاشة التلفاز ما يوازي ما يقضيه في المدرسة أو يزيد، مع ملاحظة الفروق في الأداء والوسائل، وهو وقت يفوق كثيرًا ما يقضيه في الصلاة في المسجد أو مع والديه ندرك مدى تأثير التلفاز وقدرته على جذب الطفل وشد انتباهه، خصوصًا أن الطفل يبدأ بالتلقي من جهاز التلفاز منذ سن الثالثة.
والبرنامج الذي أشارت إليه الأخت الفاضلة (عدنان ولينا) هو أحد العشرات بل المئات من البرامج التي تصلنا مدبلجة عبر شاشة التلفاز وتعرض على أطفالنا بصورة جذابة ومثيرة تلفت انتباههم وتستدرج اهتماماتهم، وللأسف فإن دراسة متأنية لمحتوى تلك البرامج ومضامينها يكشف لنا مدى ما تحمله تلك البرامج من موجات ثقافية واجتماعية وفكرية مغايرة للإطار الثقافي والاجتماعي والفكري كمجتمعات إسلامية لها خصوصيتها وتطلعاتها وتحدياتها، وفي صورة أخرى يمكن أن نسميها غزوًا ثقافيًّا.
وقد أشارت الكثير من الدراسات والأبحاث بأن عمليات الدبلجة التي تجريها شركات تجارية لا تراعي المحتوى الذي يتضمنه البرنامج، بقدر ما تسعى لتحقيق الأرباح من خلال تقليل التكاليف، وهو ما يجعل تلك البرامج لا تعتني فقط بالمحتوى، بل وإن هناك أخطاء كثيرة على مستوى اللغة وطريقة تقديم المادة التي يطرحها البرنامج أو الفيلم الكارتوني والتي تحمل الكثير من الآثار السلبية حتى على مستوى النطق، كلجوء الطفل لعدم نطق بعض الحروف أو نطقها نطقًا غير سليم لمحاكات إحدى شخصيات تلك الأفلام.
بل والمفاهيم التي تحملها حينما تتعمد بعض تلك الشركات إلى تحويل بعض أشكال الشراب (الخمر) الذي تشربه الشخصيات المعروضة وتقدمه على أنه عصير، ليتساءل الطفل عن نوعية العصير الذي يجعل تلك الشخصيات تتلوى أو تأتي بتصرفات غير سوية، وهو مثال أوردناه لا للحصر على تعامل تلك الشركات مع الدبلجة، ويكفي أن نعرف أن ما أشارت إليه بعض الدراسات من أن الأطفال يتعرفون على الشخصيات المشهورة في أفلام الكرتون أكثر من الشخصيات العامة والشخصيات التاريخية، لنعرف مدى حجم تأثير تلك البرامج على أطفالنا.
أما بالنسبة للمضمون الذي تحدثت عنه الأخت السائلة وهو قصة الأعور الدجَّال وعلاقة الفيلم أو البرنامج بالتلمود فأنا للأسف لم أراجع هذا البرنامج، وأتمنى من الأخت تزويدنا بتفاصيل عن الموضوع، علمًا بأن ما تحدثت به عن إعادة هذا البرنامج فهو ملفت للنظر؛ إذ فعلاً إنني شاهدت قدرًا إحدى تلك الحلقات قريبًا على إحدى الفضائيات، وتساءلت عن سبب إعادة مثل هذا البرنامج القديم والذي لا يحمل قدرًا كبيرًا من المستوى الفني بما يوازي البرامج والأفلام الكرتونية الجديدة.
لكنني أرى أننا قبل أن نحكم أو نوجّه أي اتهام أو نقد يجب أن ندرس القضية دراسة موضوعية ونخضعها للتحليل؛ حتى نستطيع أن نحكم على مثل تلك البرامج وهو أمر ضروري جدًّا؛ لأننا لا نريد دائمًا فقط أن نصدر حكمًا، لكن لعلنا إذا وجدنا فعلاً أن مثل تلك القضية تعرض يمكن أن نتعامل معها إيجابيًّا بأن نوجّه خطابًا إلى المحطات الفضائية نشرح لها خطورة مثل ذلك البرنامج أو غيره، فهؤلاء أبناؤنا ويجب فعلاً أن نحميهم مما قد يشوِّه أفكارهم ويتعارض مع قيمنا ومفاهيمنا، وخصوصًا المفاهيم العقائدية التي تشكِّل الأساسيات لمسيرة الأمة ونهضتها وتميزها.
ـــــــــــــ(103/218)
مسرح منزلي للعناية بالزهور ... العنوان
إخوتي الأعزاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لديّ ابنة تبلغ من العمر 10 سنوات متفوقة في دراستها ومحبة لأخواتها، وأنا ووالدها نعاملها على أنها كبيرة، ونأخذ رأيها في كثير من الأحيان. مشكلتي الوحيدة معها أن دموعها قريبة جدًّا مجرد سؤال مني عن شيء خطأ فعلته تسبق دموعها الإجابة، وهي لا تفتعل البكاء؛ لأني عندما طلبت منها عدم البكاء لمجرد شيء تافه وجدت أنها في المواقف التالية تحاول إخفاء دموعها فيختنق صوتها ولا تستطيع الرد بمنطقية يخالطها شيء من العصبية.
أخاف مستقبلاً أن تكون هذه طريقتها في مواجهة المشكلات الكبيرة، فلا تستطيع رد الظلم عن نفسها بقوة وثبات.
أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.
... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت العزيزة: أم إسراء.. حفظكم الله جميعًا.
تختلف طبيعة الأطفال في القدرة على تحمل المواقف والنقد والتوجيه، حتى لو كانوا إخوة تربوا في نفس المنزل، ويظهرون استجابات متنوعة حيال الأحداث المختلفة، ولكنْ هناك أسباب تظهر وتعزز الحساسية الزائدة لدى أطفال العاشرة، نذكر منها ما يلي:
1 - انخفاض اعتبار الذات، والخوف من أن النقد أو المعلومة التي تقال له سوف تثبت عدم كفاءته، وإدراك التعليقات المختلفة بشكل خاطئ وسلبي. وقد يكون منشأ عدم الكفاءة كشعور ولادة الطفل التالي للأسرة، بحيث يعتبر الأول أن هذا كفيل بحرمانه من العناية والانتباه، وأن ذلك حصل بسبب خطأ قام هو به، وهو يعاقَب عليه، ويزيد الأهل من هذا الشعور إذا تم التعامل مع مشكلات الغيرة بشكل غير متوازن.
2 - الآباء الكماليون الذين يريدون المثالية في كل شيء، وأن تسير الأمور على طريقتهم بحيث يكون أبناؤهم مثلهم، وهؤلاء الآباء يتوقعون من أبنائهم أكثر من طاقتهم وقدراتهم.. وفي حالة (إسراء) استشارتها في أمور الكبار واحترام رأيها يفرض عليها أن تعيش أكبر من عمرها، فتخشى أن تخيب أمل الوالدين وتتوقع أن يُنتقد رأيها، فتطور لديها الحساسية من كل موقف أمام والديها، ويزداد الأمر سوءًا إذا ما قوبل بشكل سلبي من الوالدين، مثل النقد، والسخرية، والتوجيه المبطن باللوم.
وهناك أمر آخر يتعلق بطريقة استجابة الآباء للنقد بشكل عنيف وبأقل تسامح، ويقومون بدورهم بنقد الآخرين ووصفهم بالخسة أو الخبث، فيتوقع الأطفال أن الناس هكذا أو أن عليه أن ينتبه إلى ما يقصدونه ودائمًا يتوقع الأسوأ.
والآن أختي أم إسراء لا شك أن هناك أسبابًا أخرى، وكثرة الاطلاع تجعلك أكثر قدرة على تحديد المشكلة. وإليك الآن حلول مقترحة أرجو دراستها مع والدها وتطبيق المناسب للحالة:
1- تحسين نظرتها لذاتها وتقوية شعورها بالثقة تجاه نفسها، حيث تعتبر الثقة بالقدرات الذاتية أفضل وسيلة لمواجهة الحساسية، ويمكن أن تكون نموذجًا جيدًا (من الوالدين) أمام أطفالك، كأن تظهر أمامهم كيف تتكلم تجاه نفسك حينما ينتقدك أحد كأن تقول: "تعتقد والدتي أنني غبية، لكنني أعرف أنني أكثر ذكاء مما تظن".
إن قدرتنا على تكوين مشاعر جيدة تجاه أنفسنا يجعل تعاملنا مع تعليقات الآخرين يجابه بلا مبالاة وبانفصال وبأقل حساسية.
كذلك طريقة تعاملنا مع الآخرين في المواقف المختلفة يعطي نموذجًا ممتازًا للطفل، فإذا قال لك شخص: "لا أستطيع أن أحتمل أسلوبك في الكلام أو صوتك العالي"، فقل له: "لم أكن أعرف أن أسلوبي يزعجك وسأعمل على تغييره للأفضل"، بدلا من الشعور بالحزن والعزلة، ويمكنك أن تمثل هذا الدور بين الدمى، وتلعب مع أطفالك وتمثل أنت بالتناوب معهم دور الدبدوب القوي الشخصية، وكيف يتصرف حيال المواقف المختلفة.
وأعتقد أننا يجب أن نربي أطفالنا على ألا يحرصوا على إرضاء الآخرين بشكل مطلق ولو على حساب مشاعرهم؛ إذ إن الآخرين رضاهم يصعب أحيانًا، وأن يستقلوا بآرائهم ويفعلوا أحيانًا ما يريحهم، ولكن بعدل وحق وليس على حساب راحة أحد.
2- علّمي إسراء طريقة حل المشكلات التي تواجهها، وألا تنخرط في المشكلة، وتتعامل معها بانفصال عنها، والنظر إليها بمنطق وتحليل بسيط وإيجاد الحلول الممكنة والبدائل.
إن هذا الأسلوب يمنح إسراء الثقة بأن كل مشكلة ليست نهاية العالم، وأنه من الممكن حلها، وأن تقوم بالحديث بنفسها إيجابيًّا أثناء التفكير في المشكلة.
مثال تطبيقي:
اطلبي من طفلتك تخيل مشكلة تزعجها مثل سخرية الأصدقاء من شعرها مثلاً، علِّميها أن تقول لنفسها فورًا: حسنًا شعري مجعّد، لكن ما تحت الشعر هو دماغ ذكي يتفوق عليهم جميعًا.
واجعليها تتخيل أن كل واحد منهم لديه عيوب أيضًا، قد تكون أكبر، هذا إذا اعتبر الشعر المجعد أصلاً عيبًا.
ولتقولوا: "إن الموضة تحرص على تجعيد الشعر كذلك". دعيها تتحدث وتتخيل تفاصيل الرد، سواء بالحديث المباشر والرد على الشخص الساخر، أو بالحديث مع نفسها دائمًا بشكل إيجابي.
3 - دعيها تمارس أحد أنواع الرياضة لتدعم الثقة بنفسها وقدرتها على الإنجاز، فتتحسن نظرتها لذاتها وتصبح أكثر جَرأة وقوة وحماسًا وثقة بالمواجهة المعقولة للمواقف المختلفة، ولا ننسى أن الرياضة تحسن القدرات الذهنية وترفع الشعور بالسعادة والكفاءة.
أختي أم إسراء أعتقد أن لدى إسراء والدين ممتازين يسعيان إلى تشكيل شخصية ناجحة، ولكن راعي طبيعتها وراعي أن الحلول المتعلقة بالنفس الإنسانية لا تأتي سريعًا، فأوقفا النقد وشجِّعاها ولا تحطما فيها العفوية التلقائية؛ لأنها (الكبيرة) وعليها تحمل المسؤولية.. لا، أبدًا، وخفِّفي أختي من تحميلها المسؤوليات المنزلية، مثل العناية بأختها الصغرى أو أي أمر أكبر من قدراتها.
ولا مانع من بعض المسؤوليات المتعلقة بالترتيب والمشاركة في بعض الأعمال، مع التشجيع والتعزيز والمديح.
ولا تنسي أنها طفلة، دعيها تعِش طفولتها بسعادة وحرية، فتركض، وتلعب، وتضحك بصوت عالٍ، وتغني وتقفز، فهي مقبلة على مرحلة مراهقة غير بعيدة، وسوف تتطور لديها الحساسية وتسبب لها مشاكل مضاعفة إذا لم ندركها الآن.
وأخيرًا أرجو مساعدتها على ابتكار طرق للتعبير عن ذاتها كالكتابة والرسم والقراءة والتمثل ... إلخ. أتمنى لأسرتكم حياة سعيدة.
وتنتهي كلمات الأستاذة أسماء.
وتتجدد الدعوة إلى ضرورة تشجيعك لطفلتك على التعبير عن نفسها بكل طرق التعبير الممكنة، وستجدين مساحة لنشرها على موقعنا في صفحة "نادي المبدعين" بالموقع.
-ـــــــــــــ(103/219)
السفر بحثًا عن إتقان اللغات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الإخوة الكرام، أريد مستقبليا أن يتعلم ابني (9 أعوام) أكثر من لغة غير العربية؛ لأهمية ذلك في عصرنا الحالي، ولمستقبل أي إنسان.. فما الطريقة المثلى لذلك؛ هل بالدخول إلى معاهد اللغات الخاصة، أم إحضار المدرسين الخصوصيين لتعليم اللغات، أما السفر لتعلم اللغة؟ وهل أعلمه لغة ثم عندما يتقنها أعلمه أخرى، أم أحاول في الصيف أن أجعله يسافر إلى الخارج مع اقتناعي بأن تعلم اللغة المثالي يكون في موطن اللغة الأصلي؟ وشكرا لكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخي الكريم، وبورك فيك من أب يطمح لولده في كل خير وفي الترقي والتعلم والتميز.. أعانك الله على أن تحقق مع ولدك كل ما تطمح له فيه من خير.
أولا: أريد أن أوضح لك بعض الأمور في نقاط:
1- لا يفضل للطفل أن يبدأ بتعلم لغة ثانية قبل سن الثالثة وإلا التبس عليه الأمر.
2- إذا أتقن الطفل فرعًا من اللغات اللاتينية (كالإنجليزية أو الإسبانية أو الفرنسية) أصبح تعلم فرع آخر من هذه اللغات أسهل، وبالتالي تصبح اللغة الثالثة ثم الرابعة أسهل مما قبلها في الإتقان والتعلم لاعتمادها على ما سبقها.
3- لا يمكن للطفل أن يتقن لغة ثانية قبل أن يعرف أن له لغة أولى وهي العربية، وأن يتقنها لتصبح قاعدة لتعلم ما بعدها من لغات.
4- لا بد من وجود هدف محدد من تعلم اللغة واضح في ذهن الطفل ليبدع في تعلمها وإتقانها وتلقيها.
ثانيا: لا بد أنك تعلم أن:
عملية تعليم اللغة -أي لغة أجنبية- ترتكز على 4 مهارات أساسية: الكتابة، القراءة، الاستماع، التعبير.
أما ما يعيق الأمر فهو تركيز عملية تعليم اللغات في عالمنا العربي بمهارة واحدة وفي بعض المدارس والمعاهد المتخصصة المتميزة بمهارتي: الكتابة والقراءة، مع إغفال مهارتي: الاستماع والتعبير.
ومما يدعم هذا الاتجاه -اتجاه التركيز على مهارتي الكتابة والقراءة فقط دون غيرهما- أن أسلوب الاختبارات المتبع في مدارسنا يعتمد على قدرة الطالب على حفظ المفردات، وكتابتها وقراءة الفقرات والأسئلة المكتوبة أمامه، ولا يعتمد بالقدر نفسه على قدرة الطالب على التعبير الشفهي الحر ولا على قدرته لفهم اللغة "المسموعة".
وقد يرجع هذا إلى أسلوب التدريس وإلى النقص الكبير في توافر مدرسين مهرة متدربين تدريبًا جيدًا على إدخال المهارات الأربع أثناء عملية التدريس، وتظهر آثار هذا النقص بصورة واضحة في استمرار المشكلة بالرغم من الاستعانة بمنهج أجنبي حديث يراعي كافة المهارات في بعض المدارس.
إذن فالمطلوب لإتقان اللغة -وهو ما ترجوه لابنك- إتقان المهارات الأربع الرئيسية لها (الكتابة، القراءة، الاستماع، التعبير).
وللوصول لهذا الهدف الذي سألت عن الطريقة المثلى لتحقيقه نبدأ في عرض الوسائل التي ذكرتها ومزايا وعيوب كل منها مدعمة باقتراحاتنا.. ولك الخيار فيما تفضله.. المهم أن تصل لتحقيق هدف إتقان المهارات الأربع وأن تكون قادرًا على التصدي لعيوب أي وسيلة سيقع عليها اختيارك والاستفادة من مميزاتها.
1- المعسكرات الصيفية:
فبالنسبة للمعسكرات الصيفية في الخارج، هي بلا شك لها تأثير إيجابي على الطالب من ناحية تحسين مستوى اللغة، ومن ناحية أخرى فهذه المعسكرات تُعود الطلاب على الثقة بالنفس والاعتماد على الذات وتقبل الآخرين على اختلاف جنسياتهم. ولكن (ونضع تحتها 3 خطوط حمراء) قبل اتخاذ مثل هذا القرار لا بد من مراعاة عدة أمور:
أولها وأهمها: معرفة الجهة التي سيسافر لها الطالب ويقضي فيها شهرا أو أكثر، هل هي جهة مشهود للقائمين عليها بخلقهم وسلوكهم الطيب والتزامهم بقيم ومبادئ الدين الإسلامي الأساسية أم لا؟
وهذا، رغم ذكرنا له على قائمة المحاذير، فإنه غير كاف؛ لأنه لا بد أن يصحبه تأكد تام بل يقين بأن القائمين لديهم القدرة والمهارة على التعامل مع الطلاب.
ثانيًا: ضرورة التأكد من انتماء الطالب لهويته الإسلامية العربية، فلا يُنصح بأن يسافر الطالب دون التأكد من أن لديه حصانة وثقافة، حتى لا يقع في شباك الانبهار الحضاري.
ثالثًا: عدم الإفراط في الطموح وتوقع بأن فترة شهر في الخارج سوف تقلب الموازين فيرجع الابن يتكلم اللغة بطلاقة متناهية. بل سيحدث نوع من أنواع التحسن والطلاقة ولكنها طلاقة نسبية ووقتية تزيد وتنقص حسب المدة التي سيقضيها هناك من ناحية، ومن ناحية أخرى مدى تعرضه لمواقف تستدعي منه التعبير باللغة الأجنبية، فلو سافر في صحبة عربية وكلمها بالعربية طوال الوقت خارج قاعات الدرس، فهذا يختلف بالطبع عن موقف يجد فيه الطالب نفسه محاطا بجنسيات مختلفة لا تربطها سوى اللغة الإنجليزية.
2- معاهد تعلم اللغات:
هناك معاهد منتشرة في كافة الدول العربية تقوم بتدريس اللغات للكبار، ولكن منذ عدة سنوات بدأت هذه المعاهد في فتح أبوابها لطلاب المدارس.
وحتى نتفادى الوقوع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه المدارس، فعلينا قبل اختيار المعهد إلقاء نظرة متفحصة على أسلوب التدريس، فإذا كان يعتمد على الحوار والتعبير الشفهي بالإضافة إلى إتاحة الفرصة "للسماع" كان ذلك دلالة على الاهتمام بمهارات التعامل التي يحتاجها الطالب.
وتمتاز هذه المعاهد أيضًا بوضع الطالب في فصول حسب مستواهم اللغوي (بغض النظر عن السن) فلا يحتاج إلى إعادة دراسة ما سبق أن درسه.
وهذا يحتاج من الآباء إلى مجهود وشيء من التفرغ؛ فالسؤال عن أحسن المعاهد وتفحص مناهج كل منها، ثم إرسال الطالب إلى المعهد 3 مرات أو مرتين أسبوعيًا واصطحابه في رحلة العودة إلى المنزل يحتاج إلى مجهود ووقت، ندعو الله تعالى أن يكون في ميزان حسناتهم يوم القيامة بتذكر إخلاص النية.
3- تعلم اللغة عبر الإنترنت:
هناك عدة مواقع على الإنترنت يمكن تعلم الإنجليزية من خلالها. فهناك online-courses لا حصر لها.
إلا أن هذا أيضاً له محاذيره، فإطلاق يد الطلاب في سن المراهقة على الإنترنت يحتاج إلى شيء من الرقابة الحكيمة وكثير من التوعية المتبصرة بمخاطر التجول على الإنترنت هنا وهناك؛ فقد يقع الطالب في شباك "ما لا يحمد عقباه".
ولذا ننصح بأن يستقطع الأب من وقته 3 ساعات يوميًا للجلوس مع ابنه جلسة دورية هادئة يتجولان معًا ويتعلمان اللغة معًا ويتجولان معًا في عالم الإنترنت؛ حتى لا يصبح هذا العالم "الممنوع المرغوب" بل المرغوب في خيره.
ولقد أمدنا دليل المواقع: بعدد من المواقع الخاصة بتعليم الإنجليزية:
- English Vocabulary Generator
موقع لتنمية مفردات اللغة عن طريق الألعاب المختلفة، مثل: البازل، والكلمات المتقاطعة.
- English Exercises Online
تدريبات للغة الإنجليزية عن طريق الإنترنت، كل أسبوع هناك درس جديد وتدريبات؛ لتنمية مهارات: الإملاء، والقراءة، والكتابة، والنحو.
- Learn English Online
تعلم الإنجليزية عن طريق المحادثة. هناك أيضًا التدريب لاجتياز بعض الاختبارات، مثل Toeic.
- Alpha Club
تعلم الإنجليزية عن بعد عن طريق الاشتراك. هناك دورات للأطفال والمراهقين والكبار، ولكن بمصروفات.
- Learn English Online
أيضًا يعطي شهادة ولكن بمصروفات.
- Education and Training Resources
موقع تعلم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، وهناك أيضًا اختبارات للمستوى، مراجع على الإنترنت، بالإضافة إلى 900 كتاب، وقسم خاص لتحسين اللغة عن طريق Internet Phone.
4-إحضار المدرسين:
وهنا يجب أن يعلم المدرس أنه ليس المطلوب منه أن ينجح ابنك في امتحان اللغة الثانية أو أن يكتب بها ويحل تمارين عديدة بقدر ما يهم أن يكون لسانه بها طليقا.. ولذا فإن ظني أن طريقة الدرس في البيت -بغير منهج محدد أو كتاب في إطار سلسلة من الكتب يضعها متخصصون تصل بالطالب لمستوى معرفي معين- لن تكون ذات عائد مجدٍ فيما تطمح إليه.. طالما أن ما نبغيه هو إتقان المهارات الأربع وهو ما يحتاج لجو وبيئة معينة وتواصل مع مجموعة من المتعلمين للغة للتدريب على مهارات المحادثة والاستماع ثم ترقى من مستوى إلى أعلى منه وهكذا.
أما ما اقترحه عليك فهو البدء بمعاهد تعليم اللغة العالمية أو غيرها من التي تركز على تعليم اللغة بشكل يشمل المهارات الأربع ويطلق بها لسان ولدك. ولكن إذا بدأت الأمر فينبغي عدم قطعه أو عدم إكماله لكيلا تفقد الأثر المرجو من الدورات في مسالة إتقان اللغة.
ثالثا: ردا على سؤالك عن الشيء الأفضل في تعليم الطفل أكثر من لغة.. فإن ما أفضله هو تعليم فرع من اللغة اللاتينية بعد إتقان فرع آخر بداية ليكون أساسا لتعليم التالي وهكذا...
فمثلا يتعلم الطفل الإنجليزية ليبدأ فيما بعد في تعلم الألمانية على أساس معرفته الجيدة بالإنجليزية ثم الفرنسية ثم الإسبانية وهكذا...
وأخيرًا يا أخي الكريم أحب أن أؤكد على أمر هام؛ ألا وهو أن تنقل لولدك المسئولية.. وأن تشعره بأهمية تعلم اللغة.. بحيث يكون الدافع نابعًا من داخله فيقوي ذلك من استيعابه وهمته للتعلم. فأشعره أنك اعتبرت الأمر مسئوليته من هذه اللحظة، وأخبره أن لديك القناعة الكافية بقدرته على إتقان هذه المهارة.. فالحكمة والمعرفة والعلم ومعالي الأمور هي ما ينشده المؤمن الكيس الفطن حيث وجدها.
ـــــــــــــ(103/220)
التأتأة والحركات اللاإرادية ... العنوان
عناية الدكتورة سحر صلاح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابني(5.5سنوات) يتمتع بذكاء كبير وقوة ذاكرة كبيرة جدا ولكن يجد صعوبة كبيرة في النطق أحيانا يتحسن أحيانا أخرى يستمر مدة طويلة يغمض عينية ويفتح فمه لنطق كلمة وصوته يعلو عند النطق هل أرسله لطبيب وما هو التخصص المطلوب وما هي الوسائل التي اتبعها في علاجه نفسيا ؟ وهل هناك تدريبات معينة تعينه على سرعة النطق وعدم التلعثم في الحديث ؟ ولكم جزيل الشرك.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته يا أخي أبو هاشم ....بارك الله لك فيه وزاده ذكاء و ألمعية ..وأبدأ حديثي معك حاملة لك البشرى ..نعم انها البشرى بأن نسبة الشفاء في حالة ابنك هي 95-98% ان شاء الله و خاصة أن عمره ما زال صغيرا و حالته لها برامج علاج ناجحة....فلله الفضل و المنة ان لم يجعل من داء إلا و له الدواء ....و عند الامر الشديد علمنا سيدنا عمر بن الخطاب ان نتلمس رحمة الله فيه في ثلاث مواضع :
اولها: انه لم يكن أشد مما جاء عليه .
الثاني :أنه لم يكن مصيبة في الدين.
الثالث :أنه حتما تكفيرا للذنوب ورفعا للدرجات .
ولاتزال يا سيدي أسباب التلعثم و التأتأة غير محددة ، فقد تعددت في تحديد اسبابها النظريات، فهناك النظرية النفسية والتي ترجع تلك الحالة لاسباب نفسية او ظروف معينه مرت بالطفل فانعكست آثارها عليه في صورة تاتاة او تلعثم في الكلام.والبعض يرجعه لعوامل وراثية.
واكثر المشاهدات تشير إلى كون الطفل الذي تعرض للتاتاة غالبا يتمتع بدرجة عالية من الذكاء –كما حكيت عن هاشم- مما يجعل افكاره متسارعة ومتلاحقة وعديدة فتزدحم حينما يريد الكلام أو الاجابة على سؤال ما، وتقافز الافكار في راسه بتلك الطريقة يجعله يحتاج لوقفات في اثناء الكلام -تظهر في صورة تاتاة او تلعثم- لحاجته لتنظيم وتجميع الافكار المتدافعة وترتيب الكلام.
وتعد حالة هاشم حالة متقدمة نسبيا و ذلك لتصاحب اللعثمة بحركات كما ذكرت (يغمض عينية ويفتح فمه لنطق كلمة وصوته يعلو عند النطق)...وبالتالي فاحتياجها للعلاج امر أكيد ..وبالتالي فسؤالك عن ارسال ابنك لطبيب أمر مفروغ منه ..و خاصة لملاءمة سنه لبرامج العلاج المتبع في مثل هذه الحالات و التي أؤكد عليك مرة أخرى على ارتفاع نسبة نجاحها إلى اكثر من 95%.
أما التخصص المطلوب فهو طبيب تخاطب..ولكونك من مصر فسأدلك على مكان حكومي (قليل التكاليف نسبيا) للتوجه إليه لعلاج الطفل ..كما يمكنك الذهاب لعيادة طبيب متخصص في هذه المسألة في عيادته الخاصة ان اردت ،و قد كان ترشيحي للمكان الحكومي توفيرا للتكاليف حيث تصل جلسة التخاطب الواحدة لمدة عشرين دقيقة إلى اربعين جنيها أحيانا في العيادات الخاصة لندرة التخصص..اما لو كان الامر من الناحية المادية بالنسبة لك لا اعتبار له ...فيصبح الخيار لك ..وكل ما اطلبه منك ان توافيني بمكان سكنك أو المكان الذي تفضل أن يكون فيه طبيبك ؛ لاوافيك ببعض الترشيحات لمن أعرف من الأطباء المهرة في التخصص والقريبين منك ليسهل عليك أمر المتابعة ...و نصيحتي الا تتاخر في التوجه للعلاج لان السن مناسبة و نسبة النجاح تزيد مع صغر السن و يقوى الامل في زوال الحالة بدون ترك أي أثر مستقبلا .
ولاعطائك نبذة عما تسير عليه الحالات الشبيهة بحالة هاشم أقول لك تأهب ان تكون الخطوات كالتالي :
1- يتم عرض هاشم على طبيب التخاطب ليتم تشخيص حالته .
2- تبدأ جلسات للعلاج من خلال كورس يتم تحديده من قبل الطبيب .
3- تنتهي الحالة ويشفى حبيبنا هاشم تماما من هذا العرض بدون أي آثار مع الانتظام في العلاج و المعاملة الصحيحة مع الطفل ..واستغلال صغر سنه و ذكاءه قبل فوات الاوان .
اما المكان الحكومي الذي أرشحه لك فهو معهد السمع و الكلام بامبابة –محافظة الجيزة –شارع الطيار فكري على كورنيش النيل .
ولازال برنامج التعامل مع هاشم داخل الاسرة امرا مهما في عملية العلاج ولعل جعله في نهاية الاجابة أمرا ضروريا ليظل عالقا بذهنك ...كما يجب علّي التأكيد على ان الطفل ليس في حاجة ان يعامل على انه مريضا نفسيا كما تذكر في سؤالك (وما هي الوسائل التي اتبعها في علاجة نفسيا) فسبب حالته لازال غير محدد بعد ..وأيا كان فعلاج أسباب الحالة سيتم عن طريق المختصين اما دورك و دور الاسرة فيتلخص فيما يلي :
• أولا :عدم لفت نظرهاشم إلى كونه يعان اضطرابا ما او اختلافا عن باقي افراد الاسرة باتباع مايلي:
-عدم اشعاره بشكل سلبي او ايجابي انه غير طبيعي و المقصود بالشكل السلبي تهديده بالعقاب إن لم يتحدث بشكل سليم ، اما الايجابي فهو اغراءه بالمكافاه والتشجيع ليتكلم بشكل سليم ...فكلا الطريقتين ستؤديا حتما لترسيخ الشعور لديه بان هناك امرا ما مختلفا فيه عن غيره يحتاج للتخلص منه مما يزيد من توتره والضغط العصبي الذي يساهم في زيادة الحالة بدلا من حلها .وبالتالي فالهدوء واللامبالاه اثناء حديث الطفل بهذه الطريقه من اهم ما يجب تحريه مع الطفل للتعامل مع حالته تلك .
- التعامل معه بشكل ليس فيه تعاطف زائد عن الطبيعي .. فمثلا حين يبدا بالكلام ويبدا في التاتاة بتكرار حرف الالف مثلا ليقول (أنا)فيجب الا نقول له :"حاول وستستطيع "أو"مهلا و ستنطقها"؟أو "بهدوء وستنجح"...كل هذه العبارات التشجيعية ستأصل عنده شعوره بالمشكلة بل يجب ان يقال له:" (أنت ماذا؟) فهمت قصدك ما ذا تريد يا حبيبي " كما يدور الحوار العادي مع باقي اخوته والمحيطين به .
-منع اخوانه او اقرانه من اطفال وابناء العائله من السخريه منه مع محاولة تجنب لفت نظر الاخرين لحالته او لفت نظره لشعورهم بالتعاطف معه لاختلافه عمن حوله
-توجيه افراد العائلة ومن تختلط بهم الاسرة إلى أهميه عدم إثارة الموضوع أو التعليق على الطفل أو لفت نظره.
• ثانيا:محاولة منع تعرض الطفل لموقف مفاجىء يربكه ويزيد تلعثمه وخاصة امام الناس كان يساله احد سؤال مفاجىء لم يستعد له ...فالشخص الكبير يسهم عنصر المفاجاة في ارباكه وانزعاجه و بعثرة افكاره احيانا مما يتطلب منه برهة لاعادة تنظيم افكاره واجابته ...فكيف الحال مع الطفل الصغير .
وأخيرا أؤكد على موافاتنا بالمكان الذي تفضل ان يكون فيه الطبيب ان فضلت العيادات الخاصة ....و في انتظار اخبارهاشم و اخوته بارك الله لك فيهم .
ـــــــــــــ(103/221)
فرط الحركة وصعوبات التعلم ... العنوان
قاسم (16 سنة) يعاني من صعوبة في التعلم، فمنذ أن دخل المدرسة جعلنا له مدرسين، وذلك بعد الدوام المدرسي إلى هذه السنة، فهو أنهى جميع السنوات بنجاح.
المشكلة تنحصر في أنه إذا اجتمع مع إخوته فإن الفوضى تعم المكان، بالإضافة إلى أنه إذا رأى أطفال الأقارب يرجع وكأنه أصغر منهم سنًّا، كذلك حين أتفاهم معه أكون قد فقدت السيطرة على أعصابي. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. إن كون الابن العزيز يعاني من صعوبات تعلم تعني في كثير من الأحيان وجود فرط حركة؛ لأنها قد تكون من مظاهر الصعوبات، وكل ما أستطيع أن أنصحك به هو محاولة عمل برنامج تعديل سلوك باستخدام وسائل التعزيز السلبي والإيجابي، وإذا كان ذلك صعبًا عليك فربما تحتاجين إلى اللجوء إلى اختصاصي علم نفس أو تربية خاصة ليضع لكم البرنامج، وتأكدي أنه ببعض الصبر وفهم طبيعة الطفل يمكن أن نحتوي هذه المشكلة، خصوصًا أنه الآن على أبواب المراهقة فهو بحاجة إلى "فهم" الوالدين ومصادقتهما له بدل الدور الإرشادي الفوقي الرئاسي الذي نتعامل به مع أبنائنا.
وستجدين في هذه الاستشارة تفصيلات لبرامج تعديل السلوك الناتج عن فرط الحركة:
- فرط الحركة.. أعراضه وتدريبات علاجه
ـــــــــــــ(103/222)
تبكير التعليم.. هل يؤثر على التفوق؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله.... مشكلتى تتلخص في أن ابني عمره اليوم 4 سنوات وشهر، وهو على مستوى جيد من الذكاء والحمد لله، وقد أدخلته هذه السنة إلى المدرسة ووضعته في صف kg2 أو الروضة الثانية، المشكلة أني حائرة بالنسبة لعمره، فهل عمره الآن مناسب لهذا الصف؟ فأنا لا أريد أن أحمل ابني ما لا يطيق من المعلومات، وأنا الآن أفكر جديا في سحبه من المدرسة، وإدخاله مجددا العام القادم.. فبماذا تنصحونني؟مع العلم أن المنهاج الذي يُدرَّس في مدرسته مزدوج اللغة، أي نصف النهار "عربي" ونصفه الآخر "إنجليزي". بقي أن أخبركم أن ابني الآن يحفظ الأرقام باللغتين، ويحفظ أغلب الحروف العربية، وهو من النوع الملول أي الذي يمل بسرعة من أي شيء.
وسؤالي الثاني هو: هل وضعه الآن في سن صغيرة في المدرسة سيؤثر مستقبلا على تفوقه الدراسي؟ أرجو أن أتلقى الرد منكم بسرعة نظرا للضرورة العاجلة، وجزاكم الله خيرا. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم.. سيدتي صاحبة الرسالة وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أشكرك لثقتك بنا، وأعانك الله على تربية وتعليم ابنك على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى، وأنا أقدر حيرتك وقلقك على ابنك، وأعاننا الله على أن نزيل عنك هذه الحيرة وهذا القلق.
والأمر بإذن الله سهل يسير على من يسره الله عليه ويسر على نفسه.
أما عن الرد على سؤاليك فهو:
أولا: بالنسبة لإلحاق ابنك بالروضة الثانية وهل هذا يعتبر غير مناسب لصغر سنه، فهناك كثير من البيانات والأمور التي لم توضحيها في رسالتك حتى يسهل الحل فمثلا:
لم توضحي أي نوع من المدارس ألحقت ابنك بها، فالمدارس الخاصة بالإمارات -على حد علمي- بها نظم متعددة تكاد تتعدد بتعدد المدارس نفسها، وكذلك لم تذكري الطريقة والأسلوب والنظام الذي تسير عليه المدرسة (سوى ذكرك أنها مدرسة مزدوجة اللغة)، وهل هذه المدرسة تحدد سن الالتحاق بها أم إنها تتساهل بعض الشيء في هذا الأمر؟
وهل سن ابنك هو نفس سن أترابه وزملائه في فصله أم لا؟
وهل سبق له دخول روضة أو ألحقته بأي نشاط جماعي أم لا؟
كل هذه المعلومات كان يجب أن تتضح في رسالتك سيدتي حتى يسهل الرد كما ذكرت.
على كل حال سأبني الرد على حسب ما ورد في رسالتك:
سيدتي، إن الشرط الأساسي لكي يستمر ابنك في الروضة الثانية هو سنه، وهل يتفق أو يقترب من سن أترابه وزملائه بنفس الفصل أم لا؟ فإذا كان في سنهم أو قريبا منهم (بفارق بينه وبينهم يصل إلى أربعة أو خمسة أشهر كحد أقصى) فأبقه بها حتى لو لم يلتحق بمدرسة من قبل، صحيح أنه سيأخذ فترة للتأقلم والتكيف مع نظام المدرسة، إلا أنك إذا قمت بدورك معه باحتوائه وتدريبه على هذا التكيف وذلك بالتعاون مع المدرسة بالطبع فسوف تمر هذه المرحلة بسلام دون مشاكل.
أما إذا كان أصغر من أترابه وزملائه بالفصل أو السن المتعارف عليها في البلد لدخول هذه المرحلة فلا داعي للاستعجال، ويمكنك والحالة هذه أن تؤجلي دخوله الروضة الثانية للعام القادم، على أن تلحقيه بالروضة الأولى هذا العام إن أمكن ذلك.
أما بالنسبة لسؤالك الثاني: هل إلحاق "عمر" بالمدرسة وهو صغير يؤثر على تفوقه الدراسي مستقبلا؟ وأنا أعدل وأصحح السؤال لأقول: هل إلحاقه بالمدرسة مبكرا يؤثر على نموه نموا سليما سويا من الناحية الانفعالية والاجتماعية والجسمية والعقلية وعلى تكوين شخصيته؟ وعموما الطفل إذا كان أكبر من زملائه بالفصل أو أصغر بفارق عام أو أكثر يؤثر ذلك سلبا على تأقلمه وتكيفه الاجتماعي، ويترك أثرا سيئا على نفسيته؛ وهذا بالطبع يؤثر على تحصيله الدراسي.
أدعو الله أن أكون قد أزلت حيرتك، وفي نهاية رسالتي أسأل الله تعالى أن يلهمك، ويهديك إلى ما فيه صلاح ابنك.
ـــــــــــــ(103/223)
آخر العنقود الدلوعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.جزاكم الله كل خير على هذا الموقع الممتاز وحتى لا أطيل عليكم فأنا لديّ أخت(11سنة) بالصف الخامس الابتدائي أشعر أحيانًا أنها تعيش في عالم آخر، تعمل الذي تريد بدون تفكير. هذا في المنزل.
أما في المدرسة فهي عدوانية لدرجة أن أي أحد ينظر إليها تظنه يقهرها ويتحداها.. غيورة بشكل كبير، ومدلّلة، وهذا وارد لأنها آخر العنقود. هذا بالإضافة إلى أنني عندما أقوم بتدريسها أجد صعوبة كبيرة في ذلك؛ لأنها لا تقوم بشيء من تلقاء نفسها أقصد الواجبات المدرسية حتى حفظ الدروس يجب أن أحفظها أنا!
وإذا ذهبت إلى المدرسة لا تجيب على أسئلة المعلمة، وتريد أن تحكم جميع الطالبات، وهذا يسبب نفورهن منها، مما يكون لها العداوة أكثر من الصداقة، وهذا يحزنني جدًّا. أرجو ألا أكون أطلت عليكم في رسالتي، وجزاكم الله كل خير.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بأختك وإرسالك في طلب المشورة، خاصة أنك تتحملين هذه المسئولية عن وعي بكبر أسرتك، وبوجود اضطراب في العلاقة بين الوالدين جعلتك تنتدبين نفسك من أجل القيام بشأن هذه الأخت.. آخر العنقود، وهذه مشكلتها، حيث نتحدث عن كونها آخر العنقود فيجب أن تكون مدللة، وهذه قاعدة يسلم بها في الكثير من البيوت، والحقيقة أن أول من يظلم فيها هذا المدلّل إن صح التعبير؛ لأن هذا التدليل يؤدي إلى اضطراب علاقاته مع الآخرين فمن تُلبى كل طلباته في البيت تنفيذًا لهذا التدليل، ولا يوجَّه بأي صورة واضحة حاسمة، ولا توجد قواعد تحكمه، يكون شخصًا أنانيًّا لا يرى إلا نفسه.. يقوم بأي تصرف من غير تفكير في العواقب.. يغير من الآخرين ويريد أن يتسلط عليهم؛ لأنه يرى أنه الأفضل.
وهذا إن جاز في البيت وتعود عليه فإنه يسعى إلى تحقيقه خارج البيت فيصطدم بالواقع وبالآخرين الذين يرفضون أنانيته ولا يلبون طلباته.. إن أختك ضحية التدليل في البيت، والبداية ستكون بالعودة إلى الاعتدال في المعاملة تدريجيًّا، وسيكون مثال المذاكرة الذي ذكرته في رسالتك هو البداية والنموذج في هذا العلاج التدريجي، فيجب أن تفطم دراسيًّا منك، فلا يوجد شيء اسمه أنها لا تقوم بفعل شيء من تلقاء نفسها.
عليك بإحضارها مع بداية هذا العام، وإخبارها بأنك ستصبحين مجرد مشرفة عليها في دروسها، وأنك ستقومين معها في أول العام بتنظيم وقتها وجدولها الدراسي، أما القيام بالواجبات والحفظ فستقوم هي به بنفسها، وأنك مراعاة لها ستقومين في أول الأمر بإفهامها كيف تذاكر وتحفظ، ثم تتركينها بالتدريج بحيث بعد مرور شهر من الدراسة تكون قد اعتمدت على نفسها تمامًا، ويكون دورك هو مجرد الاطمئنان على مستواها، أو تفهيمها ما صعب عليها، ولا تسمحي لها بجرك مرة أخرى للاعتماد الكامل عليك، وحمليها المسئولية تمامًا عن نفسها حتى لو أدى ذلك إلى هبوط مستواها لبعض الشيء، فهذا أفضل من استمرارها في هذه الاعتمادية المرضية..
وهكذا في كل الأمور الأخرى حتى تتعلم الاعتماد على نفسها، وتتعلم أنها دخلت مرحلة جديدة غير مرحلة الأنانية، فيتغير سلوكها حتى مع زميلاتها في المدرسة؛ وذلك لأنها سترى أنها يجب أن تتغير حتى تستطيع الاحتفاظ بصداقاتهن، فاتركي زميلاتها في المدرسة يعلمنها الدرس بأنفسهن، وعلّميها حين تسألك أو تستشيرك في ذلك، ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/224)
رجل آخر في المنزل ... العنوان
ابني(12 سنة) يعشق الدفاع عن النفس بشكل كبير جدا، وليس معنى هذا أنه يشاهد أفلام الكاراتية وغير ذلك.. على العكس، ولكنه يمارس الألعاب فعلا وبشكل كبير، وصل إلى حيز العشق.
المشكلة في الموضوع أنني أصبحت أشعر بأن رجلا آخر في المنزل، فأصبحت له شخصيته المتميزة وقراراته الخاصة، رغم أنه في الثانية عشرة، ورغم أنني لا أرى سلبية في كثير من تصرفاته ولكني كلما حاورته أجده دائمًا يتحدث عن الكونغوفو والكاراتيه وخلافه، وهذه المسألة تسبب لي إزعاجًا حقيقيًّا.. أرجو الإفادة. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم محمد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا ندري سبب انزعاجك.. فبدلا من أن تكون سعيدًا بأن الله رزقك طفلا لا يهتم بالتافه من الأمور، ولا يقضي وقته أمام التلفاز يستمع إلى أغاني الفيديو كليب.. بل عشق هواية مفيدة، وهي رياضة الدفاع عن النفس، وأكسبته هذه الرياضة شخصية متميزة في هذه السن المبكرة؛ بحيث أصبح له قراراته الخاصة، وأصبح حديثة في هذه الرياضة التي يحبها.. هل أنت منزعج أن هناك رجلا آخر في البيت على حد وصفك؟ وما الذي يزعج في ذلك؟
إن هذا أمر طبيعي لا بد أن يحدث وأطفالنا يسيرون نحو سن المراهقة، ويجب أن نسعى نحن نحو ذلك حتى تتكون شخصياتهم وتتميز، وتكون لهم القدرة على تشكيل آرائهم، والقدرة على تنظيم أمورهم؛ بحيث إذا وصلوا إلى سن اختيار توجهاتهم الحياتية سواء العلمية أو العملية يكونون قادرين على ذلك... فهل إذا فعلت الرياضة مع ابننا ذلك مبكرًا نتيجة لما تكسبه هذه الرياضة للطفل من ثقة بالنفس، واحتكاك بالآخرين، والقدرة على السيطرة على المشاعر والأفكار، وضرورة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.. هل إذا حدث ذلك انزعجنا قلنا هناك رجل آخر في البيت؟!!
إننا مثلما نتمنى لأبنائنا كليات مرموقة ووظائف متميزة.. يجب أن نسعى ونسعد بأن لهم شخصيات متميزة، وبأنهم أصبحوا رجالا حتى لو حاورونا وناقشونا وأتعبونا بعض الشيء..
الطفل لا يتحدث إلا عن الكاراتيه والكونغوفو.. إنه يتحدث عما يعرف، وعما يتقن، وعما يتميز فيه، وعن عالمه الذي يعيشه.. فهل أوجدنا له اهتمامات أخرى ومجالات بديلة مع هذا المجال؟
إن ابنك وجد نفسه في هذا المجال، فكان طبيعيًا أن يتحدث عنه ويشغل تفكيره، خاصة أنه لم يجد حوله ما يهتم به أو يستحق الاهتمام غير ذلك..
بدلا من الانزعاج تحاور وتفاهم معه.. ليس بالرفض غير المبرر لكلامه أو مجرد إبداء الانزعاج، ولكن بمحاولة التوصل المشترك لاهتمامات أخرى في حياته.. قد تكون القراءة.. قد تكون الشئون العامة أو أي شيء يردف له، ولكن في كل الأحوال الأمر لا يستحق الانزعاج؛ لأنه بصورة طبيعية ومع تقدم سنة ومع دخوله عالم المراهقة سيبدأ اهتمامات أخرى سواء دراسية أو علمية أو اجتماعية.. فهون عليك وشجعه وحفزه، وأظهر له الإعجاب بشخصيته، وساعد على مزيد من النمو بالحوار والتفاهم، واسعد بأن يكون معك رجل آخر في المنزل.
ـــــــــــــ(103/225)
علاج الإحباط في سيرك المرح ... العنوان
ابنتي (3,9) تصرخ بقوة عندما تريد أن تبدي رأيها في موضوع ما، وتريدنا أن نستمع إليها بالقوة، وأن نقطع حديثنا، وأن نطالعها عندما تتكلم، وهي تريد كل شيء أن يكون لها وكما تحب شئنا أم أبينا، وإلا تصرخ وتبكي وترجمنا بأي شيء؟ حاولنا أن نعدل من هذا السلوك ولم نفلح.. ما النصيحة؟ شاكرين لكم.
... السؤال
التوحد ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل: كيف يداوي الطبيب مريضه؟ إنه يداوي جراحه باللمس الرقيق، وليس بمبضع الجراح.. ولا يميل لاستخدامه إلا بإلحاح الحاجة لذلك. والطفل عند شعوره بالمودة والطمأنينة يشعر بالأمن؛ فيصارح أهله بما يختلج في صدره، وهو ما يساهم في حل مشاكله عندما يجد لديهم الاستعداد للاستماع والإنصات إليه.
أخي الفاضل، إن عصبية ابنتك وانفعالاتها الشديدة ليست هي المشكلة بقدر ما تعكس مجموعة من المشكلات تعاني منها ابنتك.. فمن الواضح أنها تعاني من إحباطات متتالية مرت بها، وما تعرضت له من إحباطات لا يعني الحرمان من شيء معين بقدر ما يعني افتقادها لشيء كانت ترجوه؛ فالفروق الفردية بين الأطفال تجعل ما يمر بسلاسة على طفل قد يسبب لآخر إحباطًا وألمًا لحساسيته الشديدة ومشاعره المرهفة أو درجة ذكائه العالية، وهو ما يجعل أعصابه تعاني ضغطًا شديدًا من أي تصرف قد يبدو بسيطًا، لكن أعصابه لا تحتمله.
فالاختلاف من أسرة لأسرة، ومن طفل لطفل، ومن نظام حياة لآخر.. تجعل هناك اختلافًا فيما يسبب الإحباط للأبناء أو ما يؤذي مشاعرهم، فضلاً عن أن الوراثة تشكِّل عاملاً عظيم الأهمية في مسألة العصبية، وفي مسألة رهافة الحس والحساسية العالية.
ولا أخفيك أني في حاجة إلى المزيد من المعلومات عن ابنتك، سأجملها لك في شكل أسئلة في نهاية الاستشارة، وحتى توافينا بالرد سأورد لك بعض النصائح بشكل عام للتخفيف من حدة العصبية لدى الابنة، وإن كان الأمر في حاجة لتفاصيل لكي تكون الإجابة لها خصوصيتها. فما أنصح به للتعامل مع "شهد":
1 - محاولة إيجاد حيوان أليف في المنزل: قطة – كتكوت – أرنب - قفص للعصافير.. وتدريبها للعناية به وتوكيلها لتولي أمره؛ فوجود مثل هذه الحيوانات يمتص العنف والعصبية لحد كبير، ولو وجد أنها ما زالت عنيفة معه لدرجة قتله -وإن كنت أستبعد هذا الأمر، فيبدو أن عنفها رغبة في إثارة الاهتمام وجلبه- فلا بد من إبعاده.
2 - لا بد من جعل البيئة من حولها بيئة سعيدة ومضحكة بعيدة عن التوتر والضغوط والصراخ والنهر والعصبية.
3 - لا بد من غمرها بالحنان، والحب، والاحتضان، والتعبير لها عن هذه المشاعر قدر المستطاع بالكلمة، والاحتضان، والبسمة الحانية، والصوت الخفيض، والربت العطوف.
4 - لا بد من الالتفات لها عندما تحاول الحديث، لكن مع تعليمها بهدوء أدب الحديث، وأنه يجب أن تنتظر حتى ننهي الكلام، أو تستأذن للتدخل في الحديث. ويجب الإنصات لكلامها، وإعطائها القدر الكافي من الاهتمام بما تقول، والتعقيب والتعليق عليه.
5 – كذلك توفير القدوة المناسبة لـ"شهد" في الأب والأم، وما يسود تصرفاتهما وحواراتهما من هدوء وتفاهم.
أما ما أحتاج أن تمدني به من معلومات فهو:
1 - متى بدأت شهد في هذه التصرفات؟ وهل تتزايد هذه المسألة أم هو سلوك ثابت في حدّته منذ أن ظهر عليها؟
2 – هل تتأثر بظروف معينة تدفعها لهذا السلوك؟
3 - هل تذهب شهد للحضانة؟
4 – هل تعيشون في أسرة نووية أم أسرة ممتدة؛ بمعنى: هل تعيشون في بيت للعائلة بحيث يسهل على الابنة رؤية الأقارب والأهل بشكل مستمر ويسير ومتكرر أم لا؟
5 – هل تقضي الابنة وقتًا بعيدًا عن الأسرة؟
6 – تقول: إنك حاولت أن تقوِّم هذا السلوك فلم تفلح.. فهل لنا أن نعرف كيف تم هذا التقويم؟
أخي الفاضل: إن الآباء الذين يصبرون على تربية أبنائهم ينشأ لديهم أطفال أقوياء قادرون على مواجهة ظروف الحياة والاعتماد على أنفسهم. وما هذا إلا ثمرة التنشئة الصالحة التي تلقوها من خلال الآباء. أعانك الله تعالى على إحسان تربية شهد، ومن سيأتي بعدها من أبناء، وجعلها ذرية طيبة.. إنه سميع الدعاء.
ـــــــــــــ(103/226)
الروضة حلقة في دائرة الاستقلال ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
1- لي ولد عمره (4,8 سنوات)، أدخلته هذا العام إلى الروضة أي المرحلة قبل التمهيدي، وكلي يقين أن زملاءه أصغر منه بعام أو أكثر، ولكن عندي قناعة بأن الطفل في هذا العمر يجب أن يأخذ كفايته من اللعب والحنان الأبوي.
2 - أريد أن أدخله المدرسة في عمر السابعة.
3 - هو ولد نبيه وذكي وسلوكه متزن.
4 - أخذ كفايته من الحب والتدليل؛ لأنه الأول.
المشكلة: له أخ عمره 3 سنوات و3 أشهر عندما أدخلت أخاه إلى الروضة أراد هو الذهاب معه إلى نفس المدرسة، وفي كل يوم يبكي يريد الذهاب، فذهبت وقيدته بمدرسة أخرى لتحفيظ القرآن الكريم، ففرح بداية، ولكنه مُصِرّ على أن يذهب إلى مدرسة أخيه؛ لأن بها يتعلمون السباحة وفي مدرسته لا يتعلمونها.
هو ما زال صغيرًا على التعليم، أخاف عليه المعاملة السيئة من المعلمات، واللائي أظن أنهن ليس عندهن الخبرة للتعامل معه، وكما تعلمون أنه عمر حسَّاس لعملية التلقي والنظام والوعي والإدراك.
1- لا يمانع في الذهاب إلى المدرسة، ولكنه يبكي عند ركوبه الحافلة.
2- عنده غيرة شديدة من أخيه. 3 - ما زال لا ينطق الحروف بفصاحة مقارنة بأخيه الأكبر عندما كان في عمره. 4 - متعلق بي كثيرًا. 5 - يريدني أن أوصله للمدرسة كأخيه الذي لا تأتيه الحافلة في الصباح، ولكن يرجعه. 6 - لا يشتكي من المدرسة ولا من معاملة الأطفال. 7 - ملتصق بالمدرسة التي تعلمه. 8 - عندما أحاوره في مسألة الحافلة يقتنع، وكذلك وعدته عندما يكبر سألحقه بمدرسة أخيه إن شاء الله.
9 - قبل دخوله المدرسة كان قد تعلم بعض الكلمات النابية، ولكن في المدرسة لا يقولها، وحتى في البيت أصبح لا يقولها. 10 - عنيف مع الأولاد خارج المدرسة هادئ في المدرسة. 11 - ذهبت بأخيه إلى المدرسة وسألت أخاه عن المدرسة أمامه هل هي جميلة أم لا؟ فأجاب بالإيجاب.
انتقلت إلى العاصمة لأواصل دراستي الجامعية، ومن ثَم الماجستير إن شاء الله. مؤمنٌ بأن التربية خير استثمار يستثمره المسلم في الحياة الدنيا والآخرة؛ لذا أحاول أن أوفِّر لهم قدرًا كبيرًا من التعليم الذي ينفعهم في حياتهم وآخرتهم. بماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أبدأ رسالتي لك -أيها الأب الفاضل- بتحية وتقدير لجهدك مع أبنائك، ورغبتك الصادقة في تنشئتهم تنشئة تربوية صحيحة، وأبدأ ردِّي على رسالتك بمقولة طالما رددتها لكثير من الآباء وهي: لا يوجد طفل مشكل –في الغالب-، ولكن تكمن المشكلة في القائمين على التربية، فبرغم أنك:
ترعى أبناءك وتمنحهم الحب والحنان.
وترى أنه من واجب المسلمين، بل من أهم أهدافهم تربية النشء تربية صحيحة صالحة.
وتراعي الجوانب النفسية لأبنائك، وتنفق من وقتك وجهدك في سبيل أن توفر لهم الرعاية والاهتمام، فهذا شيء رائع نادرًا ما نجده في الآباء لانشغالهم بطلب الرزق.
إلا أنني لاحظت –من خلال رسالتك- ثغرات تربوية سلكتها مع ولديك ربما تؤدي إلى عكس النتيجة التي تأمل تحقيقها فيهما، وهي السبب الرئيسي فيما تشكو منه برسالتك وبحسب ما ورد فيها فقد:
أرجأت إلحاق ابنك الأكبر سنًّا بالروضة إلى أن وصل إلى سن أربعة أعوام وثمانية أشهر وأنت تعلم أن معه بالفصل من هو أصغر منه بعام أو أكثر، وهذا من شأنه أن يؤثر عليه دراسيًّا فيما بعد، وبالتالي على نفسيته التي أنت حريص عليها كل الحرص، بل وإنك ترغب في أن يلتحق بالمدرسة في سن السابعة ولا أدري لِم؟ فإذا كانت حجتك من قبل أنك ألحقته بالروضة متأخرًا حتى يأخذ كفايته من رعاية والديه فما المبرر لأن تؤخره سنة أخرى للالتحاق بالمدرسة، وطبعًا ليس معنى كلامي هذا أنني من أنصار ذهاب الأطفال إلى الروضة أو التمهيدي في سن مبكرة (وأقصد بالسن المبكرة أقل من ثلاث سنوات).
كما أنك تفعل الشيء نفسه مع ابنك الأصغر وتعيد الكرة مرة أخرى، وهذه المرة تعلّل بأنه ما زال صغيرًا على التعليم.
اعلم سيدي أن الإنسان يتعلم منذ ولادته، ولكن تتوقف جدوى هذا التعليم على الأساليب التي يتعلم بها، فكلما كانت صحيحة تتفق مع احتياجاته ومظاهر نموه اقترب من السواء والاتزان النفسي.
أنا أعلم بل وأقدر تمامًا ما تشعر به من مخاوف وخاصة -مع الأسف وكما ذكرت - ندرة المعلمين الأكفاء الذين على دراية بالتعليم بأسلوب تربوي صحيح، ولكن إرجاء إلحاق أبنائك بالمدارس لن يحل المشكلة بل سيعقدها؛ لأنهم سيشعرون بأن كل ما يحصلون عليه من خبرات تعليمية أقل من إمكاناتهم وقدراتهم المعرفية والعقلية، فلن يستذكروا دروسهم، ولن يؤدوا واجباتهم ولن يشاركوا مشاركة حقيقية بالفصل، فيؤدي بهم إلى التأخر الدراسي، ويؤثر أيضًا على تكوينهم لصداقات وعلاقات طيبة مع أترابهم؛ ولذا أقترح عليك بدلاً من الخوف والقلق أن يكون لك دور أكثر إيجابية كأن تشارك في مجلس الآباء بالمدرسة، وتطالب حينئذ بتنظيم دورات للمعلمين حتى يتطور أداؤهم التعليمي، وتسهم في إيجاد نشاطات خاصة بالتلاميذ.. وبهذا تصبح فعّالاً إلى جانب أن ذلك سيؤثر إيجابيًّا على أبنائك وعلى نمو شخصيتهم.
سيدي.. أخشى أن يكون الدافع وراء تأجيلك لإلحاق أبنائك بالمدارس هو خوفك أنت لا من قلة الكفاءات فقط، بل لرغبتك بالاحتفاظ بأبنائك معك أطول فترة ممكنة، وربما كان هذا سببًا في تعلق ابنك الشديد بك.
ثِق أيها الأب الكريم أن ما تفعله يؤثر سلبيًّا على بناء شخصيتهما فيشبّان قليلي الثقة بنفسيهما، ضعافًا، غير قادرين على تحمل المسئولية أو اتخاذ أي قرار بدونك، وهذا بالطبع ما لا ترغب فيه ولا تتمناه لأبنائك، ولا لأحد من أبناء هذه الأمة.
كل المطلوب منك أن تمارس الحياة معهما دون خوف أو قلق وتحاول أن تمارس أنشطة معهما في أيام الإجازة من تنزه، والقيام برحلات، وزيارة الأهل، واللعب معًا، والتسوق أحيانًا معهما، وفي أثناء ذلك كله تقوم بتوجيههم، كل ذلك بالاشتراك مع الأم بالطبع التي لا بد أن يكون لها دور إيجابي فعَّال في التربية (يمكنك الاطلاع على موضوعات عديدة على هذا الموقع عن الأنشطة المختلفة التي يمارسها الوالدان مع أبنائهم سنوردها لك بنهاية الاستشارة).
وأما بالنسبة لموضوع عدم نطق ابنك الأصغر للكلمات بطريقة صحيحة كما فعل أخوه الأكبر فهناك ما يسمَّى بالفروق الفردية بين الأفراد حتى لو كانوا إخوة، وهو على كل حال –وكما ورد في رسالتك– هو في إطار نموه الطبيعي فلا تخشَ هذا الأمر، ولكن لا تحاول أن تعقد مقارنة بينهما في أي شيء حتى لو في نفسك؛ لأن ذلك ينعكس على سلوكك معه دون أن تدري، وربما كانت هذه المقارنة التي تعقدها هي السبب في إحساس ابنك بالغيرة من أخيه الأكبر، وربما تكون –أي الغيرة- بسبب تدليلك لابنك الأكبر باعتباره الأول كما ذكرت برسالتك، أو لأنك تقوم بتوصيله إلى المدرسة دونه، فحاول أن تراجع أسلوبك التربوي معهما حتى تعرف ما الذي دعا إلى الغيرة، وخاصة أنه ليس من الأمور الطبيعية أن يغار الطفل الأصغر من الأكبر إلا إذا كان هناك أنماط من السلوك تسلكها معهما تؤكد وتدعم عنده عملية الغيرة ربما لا تلاحظها بسهولة، ولكن بمراجعتك لنفسك ولأسلوبك معهما يجعلك تنتبه لهذا الأمر.
وأما بالنسبة لعنف ابنك الأصغر مع الأولاد خارج المدرسة، فكلمة عنيف هذه غير محددة، فهل تعني بها أنه يتشاجر مع أصحابه ويضربهم إذا صدر منهم ما يسوؤه؟ فإن كان الأمر كذلك فهذا أمر طبيعي، أما إذا كان عدوانيًّا شرسًا يبدأ دائمًا بالاعتداء على الآخرين، ويتصنع المواقف ليبدأ معركة حقيقية فإن كان كذلك، فهذا يحتاج إلى تعديل لسلوكه (ويمكنك الاطلاع على موضوعات كثيرة على هذا الموقع تناولت موضوع العدوان والغضب والعنف).
في نهاية رسالتي أودّ أن أذكرك بأنه: ليس إهمال الأولاد فقط وعدم الالتفات إلى رغباتهم واحتياجاتهم النفسية هو الذي يؤدي إلى إفساد الأبناء أو إلى تنشئتهم تنشئة غير سوية، بل أيضًا الحماية الزائدة والمبالغة في الحرص عليهم تؤدي إلى نفس النتيجة؛ ولذا فعلينا بالوسطية والاعتدال معهم.
وختامًا.. أدعو لك الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، ويعينك على تربية أبنائك.
ـــــــــــــ(103/227)
الشجار والفطرة.. هل من علاقة؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أنا أم لطفل عمره سنتان و8 أشهر، أودّ لو تكرمتم بإفادتي عن الأسلوب الأمثل لمواجهة عراك الأطفال، فلديّ ابني وأبناء عمومته أكبر منه.. يلعب معهم كثيرًا ولكنهم سريعو الغضب (نتيجة لتدليل والدتهم وعنف أبيهم معهم)، وأحيانًا يضربون ابني فيأتي لي باكيًا، كثيرًا ما أحاول أن أتغاضى عن التدخل أو أتدخل بالنصيحة، ولكن عندما يصل إلى حد الضرب لا أستطيع أن أمنع نفسي من التدخل.
أعلم أن الأطفال يتعاركون كثيرًا ويتخاصمون، ثم يتصالحون مع بعضهم، ولكن عندما يأتي إليّ باكيًا ماذا عليّ أن أقول له؟ لا أعلم حقيقة عن الأسلوب الأمثل للنصيحة، وكيفية توجيه ابني للتصرف في مواجهة اعتداء أقرانه عليه، وخصوصًا عندما يكبر ويذهب للمدرسة، هل أقول له "عيب" مثلاً لا تضربهم؟ أم أتركه يأخذ حقه بيده؟ باعتقادي أن كلا الطريقتين خطأ؛ لأن الأول يعلمه الانكسار والضعف، والثاني يعلمه العدوانية، فكيف أوجهه؟ ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... روى ابن عساكر عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: ردَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمير بن أبي وقاص عن مخرجه إلى بدر واستصغره، فبكى عمير رضي الله عنه.. فأجازه النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال سعد فعقدت عليه حمالة سيفه، فهل من علاقة بين حسين ولدك وعمير؟ لنحاول معًا أن نعرف.
أختي الفاضلة.. إن الطفل الذي يبقى تابعًا لأسرته يشعر دائمًا بالعجز، وضعف الاستقلالية، وضعف القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة.. كان لا بد من هذه العبارة قبل أن أقول لك ما يلي:
أولاً: إن رد الفعل الطبيعي لمن يُعتدى عليه أن يدفع عن نفسه العدوان.
ثانيًا: طالما أن العراك لا يصل إلى حد الشراسة أو الرغبة في الإيذاء فالأمر بعيد عن العدوانية.
ثالثًا: طالما أن حسينا ليس هو البادئ بالشجار فلا مشكلة أن يدافع عن نفسه ضد المعتدين.
وقد قلنا في استشارة سابقة عن صديق لحسين يتأثر أيضًا بأبناء العائلة في التلفظ بألفاظ نابية: إن مسئولية الأسرة تجاه تعديل هذا السلوك تكون على مستويين:
المستوى الأول: محاولة تقويم هؤلاء الأبناء على الأقل في فترة التواجد معهم وتدعيمهم للامتناع عن السلوك السيئ.
المستوى الثاني: التأكيد على الابن في التزام القويم من السلوك في كل وقت، بل وتشجيعه ليغيِّر أقرانه للأفضل بدلاً من أن يتأثر بهم.
وسنورد لك في نهاية الإجابة هذه الاستشارة التي ستفيدك كثيرًا في هذا الأمر بإذن الله تعالى.
وإن كان الأمر يختلف قليلاً بالنسبة لحسين؛ فهو لم يكتسب بعد سلوكًا سيئًا من هذه المخالطة بأبناء العمومة، ولكن يُخشى عليه من التأثر بهم على المدى.. وهذا ما يجعل أمر محاولة تعديل سلوك هؤلاء الأبناء أمرًا ضروريًّا.
بقي لنا أن نتحدث عن الأسلوب الأمثل للتعامل مع حسين حينما يتعرض لعدوان من يلعب معهم، ودورك في هذه الحالة يشبه طائرًا له جناحان لو اختل أحدهما سقط هذا الطائر؛ لذا وجب أن يكون جناحاه في نفس القوة والمستوى ليستطيع الطيران بهما.. فما يجب أن يصل لحسين من خلالك طباع الفطرة أي الوسطية، وليزيد المعنى وضوحًا أعني: أن يعطى حسين الفرصة لأخذ حقه والدفاع عن نفسه، لكن دون تعمد الإيذاء أو البدء بالعدوان، وفي إطار: "العين بالعين والسن بالسن"، أو "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم"، فلا يقال له: "عيب لا تأخذ حقك"، ولا يقال له: "خذ حقك بيديك"، بل يتم التنبيه عليه من البداية أن يدافع عن نفسه إذا تعرض للعدوان، ولكن دون إفراط.
أختي الفاضلة.. إن الوسطية التي هي طباع الفطرة هو ما يغلب على تصرفاتنا بشكل طبيعي، ولكن تحرفنا عنه الضغوط والإحباطات، وطالما أن ابنك غير مضغوط، وغير متأزم نفسيًّا فسيصل إلى هذه الوسطية في هذا الأمر، وهي أخذ حقه دون إفراط في العدوان، والدفاع عن نفسه دون إيذاء. ولعلَّ ما عناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وصيته للآباء أن "لاعبه سبعًا.." إمتاع الطفل في هذه السبع بالحب، والحنان، والعطاء، والحياة الأسرية المتوازنة البعيدة عن الضغوط والإحباطات؛ لتكون ممارسته للحياة على نهج وسطية الفطرة.
ولعلك تتساءلين عما أقصد بعدم الإحباط فأبدأ في توضيح ما أقصده بالتأكيد على حقيقة معينة، وهي أن العقل يؤول الأحداث بناء على المشاعر وليس العكس، فكلما استمتع ابنك بحنان أسرته ودفء مشاعر أفرادها، فسَّر كل ما حوله بحب واتزان، وكان تحمله أقوى، وتمتع بالحب والقبول في كل مراحله، ورأى الحياة بشكل وردي، فتسهل استجابته لكل توجيه ونصح وأمر.
وعدم الإحباط لا يعني التدليل الزائد أو توفير كل رغبات الطفل بقدر ما يعني الاتزان والهدوء والحب والإقناع، فحينما يُرفض للابن طلب لا بد من تأويل عقلي لهذا الرفض كأن يقال له: "أنت تعرف أننا نحبك ونحب إسعادك، لكن هذا الشيء لا ينفع الآن.. ربما كان صالحًا لك فيما بعد.."، بحيث لا يصاب بالإحباط.. ونخلص من هذا إلى التأكيد على أن البيئة غير الضاغطة وغير المسببة للإحباط ستصل به حتمًا للوسطية في كل شيء.
وفي النهاية.. نؤكد على ضرورة محاولة إصلاح أبناء العمومة، وطالما أنك قد وضعت يديك على بعض من أسباب عدوانيتهم (نتيجة لتدليل والدتهم وعنف أبيهم معهم)، فحاولي تنبيه أسرتهم إلى هذا الأمر برفق، مع توعية الأبناء أنفسهم بأن ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، ومحاولة حفزهم للسلوك الحسن المتزن بالمكافآت، فمثلاً يتم التنبيه أن من يحسن معاملة الصغار أو يحافظ على البُعْد عن العنف طيلة فترة اللعب ستكون له مكافأة جميلة، كما سنورد لك في نهاية الاستشارة بعض ما يفيد آباء هؤلاء الأبناء فيما يخص موضوع عدوانية أولادهم.
وأخيرًا.. هل اتضح لك ما عنيته بقصة عمير بن أبي وقاص -رضي الله عنه- وعلاقتها بحسين؟ إن ما قصدته أنه كلما كانت الأسرة تحترم كينونة الطفل وتنمي ثقته بنفسه، استطاع أن يعتمد على نفسه، ويوظف قدراته فيواجه الصعاب والشدائد بروح وثَّابة، وتشجَّع أكثر، فلا يأتِ لك باكيًا أنه ضُرب، بل يأتي متبسمًا كيف كان قادرًا على العقاب، ولكنه عفا.
ـــــــــــــ(103/228)
المدارس الأجنبية.. شهد بلا وخز ... العنوان
دخلت ابنتي - 5 سنوات - في سن الدراسة، ونصحوني بإدخالها المدارس المنتشرة الآن وهي مختلطة وعلى النظام الأمريكي أو البريطاني، ولسوء الأمر فالمدارس المجانية دراستها ضعيفة، ولكنني خائفة على دين ابنتي. إنني محتاجة إلى استشارتكم جدًّا، أعينوني على الاختيار، ماذا أفعل؟ ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الشاعر:
سأضرب في طول البلاد وعرضها.......لأطلب علمًا أو أموت غريبا
فإن تلفت نفسي فللّه درّها.......وإن سلمت كان الرجوع قريبا
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"..
هل وصلك يا أختاه ما أردت قوله من خلال هذه المقدمة؟
يتضح ما عنيته أكثر في السطور التالية.
لا شك يا أختاه أن طرق التدريس الحديثة في المدارس الدولية تتناول العلم من ثلاثة جوانب هي "المعرفة – المهارة – الإدراك"، والإدراك يعني إدراك أهمية ما درسوا في الحياة العملية وارتباطه بواقعهم، وهو ما يجعل الطفل قادرًا على الابتكار والتفكير وتحليل الأمور من حوله وهو ما نحتاجه بشدة كمسلمين، ونفتقده في مناهج مدارسنا التي تتناول العلم من الناحية المعرفية فقط، وهو ما يبطل القدرة على الابتكار، والتجديد، والتفكير، والإبداع.
أما ما يمكن أن يعتبر جانبًا سلبيًّا لهذه الصورة المضيئة للتدريس والتعليم فهو هدم الكثير من الجوانب العقائدية من خلال هذه المناهج أو طمس الهوية وإلغاء الاهتمام بالعديد من الشعائر التعبدية الدينية، وهو ما يدعم خوفك على دين ابنتك من التأثر بهذا الجو المحيط؛ فاليوم يتغير نظامه ويوضع له خطة مختلفة عما ترغبينها ليوم ابنتك من حيث الحفاظ على الصلوات مثلاً أو شعيرة الصيام في رمضان أو إحياء ذكرى مناسبات دينية معينة ... إلى غير ذلك مما قد يطمس أو يقل الاهتمام به في مثل هذا النوع من المدارس. وعلى الجانب الآخر فإن المدارس الأهلية مثلاً تعطيه بشكل غير كامل، لكنه موجود.
ولا بد من سرد حقيقة أخرى والتأكيد عليها لتصبح أطراف الخيوط كلها بين يديك لأستطيع أن أقول لك كما قال معاونو بلقيس ومستشاريها حين سألتهم عن حرب النبي سليمان عليه السلام: {والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين}.. وهذه الحقيقة هي أن المحيط المؤثر في الطفل لا بد أن يتكون من ثلاثة عناصر لضمان التأثير المرجو على عقلية وهوية ودين هذا الطفل:
أولاً: البيت والأسرة.
ثانيًا: المسجد.
ثالثًا: المدرسة.
ومتى غاب أحدها عن المنظومة قام الباقون بدوره، أما لو غاب المسجد والمدرسة فإن العبء كله يأتي على البيت، وهنا تكمن الخطورة.
وتسأليني لماذا؟ أقول لك: فكري معي.. لو أن الأوامر والنواهي والخلق والقواعد تُستقى كلها من مصدر واحد يختلف حتمًا عن العالم الخارجي.. ألن يشعر الابن، على أقل تقدير، بالملل؟
والأخطر أن يشعر أن العالم كله في اتجاه وأفراد هذه الأسرة يحيون وحدهم في عالم آخر لا يحيا فيه غيرهم؛ وذلك لأن منبع التوجيه واحد. إذن فلا بد من تعدد المنابع وتكاتفها حول الابن لتغذيته بما نأمل.
وإيجازًا لما سبق حتى نفكر بشكل أكثر وضوحًا فأنت أمام خيارين:
- الخيار الأول: متفوق من الناحية الدراسية والتعليمية والمهارية بشكل ملحوظ يصاحبه خلل في النواحي الدينية.
- الخيار الثاني: ضعيف من الناحية الدراسية والتعليمية والمهارية، ولكن يوجد به بعض النواحي الإيجابية من الناحية العقائدية والدينية.
وما أستشعره من رسالتك هو ميلك للخيار الأول، وهو ما سيجعل مجرى الحديث يتغير إلى اتجاه آخر، وهو كيف تقومين بدورك كما ينبغي داخل عش النحل؛ فلكي تحصلي على العسل فلا بد أن تحاولي تجنب قرص النحل.
وفي الواقع فإن دورك في هذه المسألة في غاية الأهمية، ولا أقصد دورك وحدك كأم، بل دور البيت والأسرة كمؤثر هام في المحيط الخارجي للطفلة، فالبيت قد يعمل وحده لغياب المؤثرَين الآخرَين السابق ذكرهما.. فما يقدمه هذا المؤثر (البيت) سيكون في كفة موازية لكفة مليئة بالإبهار والإبداع والمناهج البارعة، فلا بد أن يكون في نفس مستواها كي لا يختل الميزان وترجح الكفة الأخرى على حساب الأولى.
والكلام ما زال يحتاج لتوضيح، وأفضل طريقة للتوضيح إجمال الأمر في نقاط، فلنستعرضها معًا:
أولاً: لا بد من التأكد من أن لديك القدرة على التغيير والتطوير والتفهم والتفاعل، وأن لديك الوقت والقابلية لتصحيح ومتابعة الأوضاع بدون إشعار الطفلة أنك من عالم مختلف عن عالمها المتغير المنفتح المحبب لديها.. ولا بد من الاستعداد الجيد للمنافسة، وتأكدي أنك لا تنافسين ما تتعلمه الابنة بقدر ما أنك تنافسين في الأسلوب الذي تصححين به ما قد يفسد من معتقداتها أو انتماءاتها أو أفكارها.
ثانيًا: لا بد لك من إتقان مهارات التوصيل المناسب من العقائد والقرآن الكريم والأحاديث وغيرها مما يربط الطفلة بدينها، ويدعم الجانب العقائدي والديني في حياتها، ويعطيها المعلومات الدينية اللازمة والمناسبة لسنها، وذلك في قالب شائق وبطريقة محببة.
ثالثًا: لا بد من الدراية الكاملة بما يحدث خلال النهار من أحداث، وذلك بصداقة الطفلة وتعويدها رواية كل ما عاشته خلال النهار في حديث أسري حانٍ ولطيف على الغداء أو قبل النوم أو بعد صلاة المغرب، وذلك لتحليل كل ما مرَّ بها وتفنيده وتوضيح الخطأ والصواب فيه.
وأعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى التنبيه على ضرورة كون الأسلوب غير مباشر وغير مخيف أو ممل للابنة؛ حتى لا تمتنع عن هذه العادة التي ربما تصبح في نظرها مجلبة للمشاكل والنهر واللوم والتقريع.
أختي الحبيبة.. إن حرية الاختيار أحيانًا تكون سببًا في الحيرة، وقد فعلتِ الصواب باستشارتك، فما ندم من استشار ولا خاب من استخار، وقد فعلت الأولى وتبقى الثانية وهي صلاة الاستخارة.. لتستعيني بالله عز وجل في الاختيار الصحيح وليعينك على ما بعده، ولكل شيء مزاياه وعيوبه؛ لذا فلا بد للعاقل من الاستفادة من المزايا والتصدي للعيوب.
وفقك الله تعالى لما هو خير لك ولابنتك في الدين والدنيا وعاقبة الأمر. وفي انتظار أخبارك.
ولمزيد من المعلومات حول صلاة الاستخارة:
- صلاة الاستخارة وقضاء الحاجة
- ما هي صلاة الاستخارة وعدد ركعاتِها والدُّعاء الخاص بها
ـــــــــــــ(103/229)
السلام عليكم ورحمة الله.. سؤالي يدور حول سن ما بعد السنتين، فبعد أن تمت ابنتي عامها الثاني بدأت أواجه بعض الصعاب في التعامل معها، خاصة مع وجود أختها الصغرى، ولقد أرسلت لكم مسبقًا عن مشاكل الغيرة، واستفدت جدًّا من نصائحكم الثمينة فجزاكم الله خيرًا، ولكني بدأت ألاحظ أن ابنتي بدأت تفقد بعض مهاراتها، فأصبحت لا تتم ألعاب التركيب والمكعبات بنفس السرعة السابقة، وتبكي أحيانًا أثناء تركيب الأجزاء، وتطلب مني المساعدة، وقد فسّرت ذلك بأنه ليس انخفاضًا في الذكاء، ولكنه انخفاض في الثقة بالنفس، خاصة وقد تواكب حدوث هذا مع نقلنا إلى مسكن جديد، وانشغالي عنها لأيام معدودة، وتوتّري أنا ووالدها بسبب أعمال النقل.
وأيضًا لاحظت عليها بعد تمام العامين أنها اخترعت شخصية وهمية، واختارت لها اسم (لولا) وهو اسم لم يذكره لها أي أحد، وأخذت طوال الوقت تحكي لي عن هذه الشخصية، وقد تصورت أن عالمها الصغير قد ضاق على مشاعرها؛ لذا فكرت بإلحاقها بحضانة الأطفال ولو لمدة ساعة يوميًّا لكي تُكوِّن صداقات، ويحدث لها بعض التجديد في حياتها، ولكني صدمت بمشكلة كيف أتركها هناك، فقد مهدت لها كثيرًا وأخذتها مرات عديدة لترى دار الحضانة حتى أصبحت تشير إليها عندما نمر عليها وتقول (حضانتي).. عندها قدمت لها بها، لكنها رفضت أن أغادر المكان وأدعها، وكان ذلك صعبًا عليّ أيضًا.
وقد أخبرني الجميع أن عليّ أن أنصرف وأدعها فإنها سوف تبكي قليلاً، ثم تنشغل مع الأولاد، ولكني غير مقتنعة بذلك، فما هي الوسيلة المثلى لترك الأولاد في الحضانة دون التسبب في الإساءة إليهم؟ وهل كان قراري سليمًا في إرسالها للحضانة؟ وشكرًا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... جزانا الله وإياكم يا رشا، وقد شرفت بالإجابة عن سؤالك السابق عن جنة منذ عدة أشهر، ويسعدني جدًّا متابعة نموها وأخبارها معك.. بارك الله لك في زهرتيك الجميلتين.
أولاً: بخصوص لعب المكعبات، فقد فسَّرت أنت الأمر تفسيرًا صحيحًا فإن انشغالك، وتوترك، والانتقال إلى مسكن جديد كل ذلك من عوامل التوتر التي تؤثر في الأطفال، واعلمي أن تغير المسكن أو تغير المدرسة تعتبر من نقاط الضعف التي يحتاج الأطفال فيها إلى دعم نفسي واحتواء عاطفي؛ لما يثيره التغيير والتوتر من قلق وخوف في نفوس الأطفال، فلهذا نجد سرعتها وتركيزها أقل؛ لأن ذهنها مشتت، وكذلك هناك سبب آخر عبَّرت عنه جنة نفسها بالبكاء وطلب مساعدتك لها في تركيب الألعاب.. إنها تفتقدك وتريد منك أن تزيدي من الأوقات التي تقضينها معها.. ربما لانشغالك بالانتقال، وكذلك انشغالك الأساسي بأختها الصغيرة؛ ولذلك تحاول جنة أن تجد لنفسها مكانًا في قائمة اهتماماتك.
وكما قلنا مرارًا أطفالنا لو لم نهتم بهم بطريقة طبيعية لأجبرونا هم على الاهتمام بهم بافتعال المشاكل؛ لذلك أنا أتعجب جدًّا من لجوئك لحل المشكلة بذهابها للحضانة، فهي توجه لك رسالة حب واحتياج، وتقول لك يا أمي أريدك بجانبي.. أريدك أن تلعبي معي، وتتحدثي معي، فتقومي أنت بالبحث لها عن حضانة.. أنا أدرك حسن نيتك، ولكن جنة ما زالت صغيرة وثقتها بنفسها ما زالت في المرحلة التي تكتسبها منك ومن قربها منك، وتواصلها معك أنت، فأنت حجر الأساس في ثقتها بنفسها، وما دمت يا رشا لا تعملين فلا داعي لذهاب جنة للحضانة، فكما نقول دائمًا إن أطفالنا كما ينمون جسديًّا ينمون نفسيًّا واجتماعيًّا؛ ولذلك نقول إن السن المناسبة لبداية الذهاب إلى الحضانة هو من 3 - 4 سنوات، حيث يكون الطفل مؤهل نفسيًّا للتعامل مع أغراب، والاعتماد على نفسه في حل مشاكله، والانفصال عن والدته هذه السويعات.
أما موضوع "لولا" والشخصيات الخيالية فلا يعني أبدًا أن عالمها الصغير قد ضاق عليها، بل العكس.. إن جنة تنفتح على عالم الخيال الواسع هذا العالم السحري الذي يصنعه الأطفال بأنفسهم ويصيغونه هم حسب مشاعرهم، ومفاهيمهم، ورغباتهم، فيخترعون الشخصيات ويرتبون العلاقات.
وهذه يا سيدتي علامة صحية ومرحلة طبيعية من مراحل النمو النفسي والعاطفي والعقلي لدى الأطفال، وعند البنات خاصة تكون أوضح وتظهر مبكرًا عن الأولاد، وليس لها ارتباط بموقف الانشغال أو ليس نتيجة له.. إنما مجرد مرحلة نمو طبيعية تمر بها جنة ربما فقط أظهرها بوضوح انشغالك عنها، والمطلوب منك مشاركتها أحلامها وخيالها، وأن تستمعي لها ولا تسخري منها أو تسفّهي أفكارها.
وهذه المرحلة تستمر عادة من سن 2 - 5 سنوات، ويظن بعض الأهل أن الأطفال يكذبون، ويعنفونهم ويعاقبونهم على ذلك، وفي ذلك قتل لخيال الأطفال، ولكن على الأم أيضًا أن تربط طفلها دائمًا في هذه المرحلة بالواقع حتى لا يندمج في الخيال ويفقد صلته بالواقع، فتحاول الأم بعد أن تستمع إلى طفلها وتشاركه لعبه وخياله وأن تعود به إلى الواقع فتلعب معه ألعابًا واقعية، وتأخذه للنادي أو حديقة الحيوان، وتربطه بالعالم الواقعي حوله، وتشير دائمًا إلى نقاط التشابه بين خيال الطفل والواقع حتى لا ينفصل الطفل عن الواقع.. فكل المطلوب منك الآن يا أم جنة أن تزيدي من الوقت الذي تقضينه معها، وتشاركيها لعبها وأحلامها، وأجِّلى موضوع الحضانة هذا للعام المقبل بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/230)
في بيتنا قسم شرطة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أم لطفلين، الكبير 3 سنوات والصغير سنة وثمانية أشهر يحبان بعضهما كثيرًا، ولكن لا يخلو الأمر من بعض التشاجر، ويمكن أن يصل للضرب أحيانًا. فهل هذا يدل على اضطراب نفسي أو ما شابه؟ ومن ناحية أخرى أودُّ أن تشرحوا لي نفسية الأطفال في هذه المرحلة، وكيفية التعامل معهم؛ لأنني في بعض الأوقات أستعمل الضرب كوسيلة، ولكن ليس الضرب العنيف، وأتمنى أن تساعدوني في الإقلاع عن هذه العادة، وما هي الطريقة المثلى للتعامل معهما؟ خاصة أنهما عنيدان جدًّا، وإضافة لذلك أتمنى أن تعطوني عناوين لكتب تتحدث عن نفسية الأطفال في هذه المرحلة من العمر، وكيفية التعامل معهم، خاصة أن هذه المرحلة حسّاسة جدًّا في حياة الأطفال، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بالطبع إذا لم يتشاجر الشقيقان فإن ذلك يدل على اضطراب نفسي، فكيف يمكن لطفلين متقاربين في العمر ويعيشان في بيت واحد، ويلعبان بنفس الألعاب ألا يتشاجرا ويضربا بعضهما؟!! وإذا لم يحدث هذا التشاجر فلا بد أن أحد الطفلين أو كليهما يعاني اضطرابًا نفسيًّا...؟!!
إن نمو الطفل عملية حيوية جدًّا ونشيطة يتفاعل فيها الطفل مع كل ما حوله من أشخاص وأشياء حتى يفهم هذا العالم، فنجده في السنة الأولى يضع كل شيء في فمه حتى يتعرف عليه، ثم يبدأ مرحلة فك الألعاب وتركيبها حتى يفهم ويتعرف عليها، وهكذا ...
وأكثر شيء يساعد الطفل على النمو العاطفي والاجتماعي هو وجود أطفال حوله قريبين من سنه يتفاعل معهم ويلعب معهم ويتشاجر؛ لأن الأطفال لهم لغتهم الخاصة في التفاهم ولهم عالمهم الخاص الذي لا نستطيع نحن مهما فعلنا أن ندخله، وأكثر العلاقات صحية هي العلاقات بين الأشقاء؛ ولذلك يعتبر الطفل الوحيد مشكلة من مشاكل الأطفال النفسية؛ ولذلك فشجار الأطفال -وخاصة الأشقاء- ظاهرة صحية، على ألا تتجاوز الحدود المقبولة في العنف والعدوان، ولكن المشكلة أن شجار الأشقاء هو من أكثر الأمور إزعاجًا للأم، ويستثير أعصابها جدًّا إلى درجة أن تقوم وتتدخل لفضِّ المنازعات وعقاب المخطئ، وربما عقاب الاثنين معًا.
والمشكلة هنا أن الأم بتدخلها هذا تؤدي إلى توتر العلاقة بينها وبينهما، وتستنفد طاقتها وجهدها وأعصابها، والمطلوب من الأم في هذه الحالة هو عدم التدخل نهائيًّا وتركهما، وفقط مراقبتهما من بعيد، وستجدهما بعد قليل يتصالحان ويعاودان اللعب معًا، وهذه تجربة مهمة جدًّا؛ لأنهما بذلك يتعلمان مرة بعد مرة كيفية التفاهم فيما بينهما، وكيفية حل مشاكلهما، ويوجدان لغة وصيغة للتعامل مع بعضهما، فتزداد أواصر المحبة والصداقة بينهما، وليس العكس كما تتخيل بعض الأمهات.
ودور الأم فقط هو مراقبة الموقف ووضع قواعد ثابتة يحترمها جميع الأطراف، مثلاً: أي لعبة يتعاركان عليها يتم أخذها وحرمانهما منها معا.. أو لا بد أن يقوما هما الاثنان بإعادة ترتيب غرفتهما حتى يذهبا إلى النادي أو لزيارة الجدة، وهكذا نضع لهما مصلحة مشتركة يتعاونان في تحقيقها، وكذلك لا بد من التدخل ومعاقبة المخطئ في حالات العنف الشديد أو إساءة الأدب والتلفظ بألفاظ سيئة، فهذه أشياء لا يتهاون بشأنها.والعقاب ليس بالضرب؛ لأن الضرب يزيد عنف الأطفال ولا يعلمهم شيئًا، بل بالعكس يزيد العناء والتمرد داخلهم، ويثبت عندهم أن لغة التفاهم والحوار هي الضرب، فيتعودوا استخدام يدهم قبل لسانهم.
ليكن العقاب بالمخاصمة أو التهديد بالقول لبابا عندما يأتي، أو بالإبعاد في غرفة أخرى لمدة 5 - 10 دقائق حتى يأتي ويعتذر، أو بالحرمان من الحلوى أو الخروج لفترة معينة. وإذا أصلحا خطأهما وتصالحا أو أدَّيا ما طلبته منهما فسامحيهما فورًا، وأعطيهما اللعبة التي أخذتها منهما؛ لأنهما قد نجحا في حل مشاكلهما، وإيجاد لغة للتفاهم مع بعضهما، وهذا هو قمة نجاحك في التعامل مع مشاكلهما.
وقولي لهما دائمًا: أنا لن أتدخل بينكما، ولا يأتي أحدكما ليشتكي لي من أخيه، ولكن حلاّ مشاكلكما بنفسيكما، ولا تدعي غضبك وانفعالك يدفعك لتدخل أهوج فتقومي بمعاقبة من تظنينه مخطئًا فيهما؛ لأنه في الواقع أنت لا يمكن أن تعرفي أبدًا من منهما المظلوم ومن الظالم، وكل ما ستفعلينه هو تحطيم أعصابك وتوتير العلاقة بينهما.. أعانك الله تعالى عليهما، وبارك لك فيهما.
ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموضوعات التالية :
- شجار الأشقاء...مثلث الحل
- مشاجرات الأبناء.. ماذا تعني؟
- دوري شجار الأشقاء
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
- الحب بين الأخوة ..كيف نغرسه وننميه ؟؟
وبالنسبة للكتب، إليك الترشيحات التالية:
- الطفولة والصبا- محمد عودة، محمد رفقي عيسى- الكويت: دار القلم، 1984.- 284ص.- (في علم النمو رؤية إسلامية في النمو)
- تربية الأولاد في الإسلام- عبد الله علوان -القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، 1983، 124ص.
- دور الأم في تربية الطفل المسلم- خيرية حسن طه صابر- جدة: دار المجتمع، 1986.
- سجل الطفل السليم- عبد العزيز على الزامل-الرياض: دار العلوم، 1979.- 112ص.
- وحدة لتنمية الشعور الديني عند الأطفال- عواطف إبراهيم محمد -جدة: دار المجتمع العلمي، 1979، 168 ص.
- أبناؤنا..سلسة سفير التربوية- سفير للنشر والتوزيع- القاهرة- فاكس:3480299
- إصدارات مركز التفكير الإبداعيّ (27)، قواعد وفنون التعامل مع الأطفال (4 كتب) - دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع 1999- لبنان.
- فنُّ تربية الأولاد في الإسلام - محمد سعيد مرسي - دار التوزيع والنشر الإسلاميَّة 1998 – مصر.
- العِشْرة الطيِّبة مع الأولاد وتربيتهم - محمد حسين - دار التوزيع والنشر الإسلاميَّة 1998 – مصر.
والمحاور التي تطرَّقت لها هذه الكتب هي:
- إصدارات مركز التفكير الإبداعيّ (27)، قواعد وفنون التعامل مع الأطفال:
1- كيف تغيِّر سلوك طفلك؟
2- 213 وسيلةً لتغيير السلوك غير المرغوب.
3- الإنصات الانعكاسي (25 طريقة للتأثير في نفس الطفل وعقله).
4- تشاجر الأشقَّاء (المشكلات السلوكيَّة: أسبابها، علاجها، طرق الوقاية منها).
- فنُّ تربية الأولاد في الإسلام:
(صدقةٌ جارية - كيف تعامل طفلك؟ – كيف تحافظ على صحَّة طفلك؟ – سنة أولى مدرسة – بعيداً عن التليفزيون – الحفظ: قواعد وأصول – أساليب تربويَّة – التربية الفنيَّة – مع ابنك داخل البيت – مع ابنك خارج البيت – ابنك والذكاء – ابنك عنده ذوق – ابنك يعرف عدوَّه – صفات الطفل المسلم – ابنك البالغ – اختبارات – تقييمات – نصائح وتوجيهات).
- العِشْرة الطيِّبة مع الأولاد وتربيتهم:
(الولد هتاف البقاء – الرحم شحنةٌ من الرحمن – اللذَّة والألم المحرِّك الأوَّل للإنسان – على ماذا يتربَّى الصغار؟ – أساليب الثواب والعقاب مع الطفل – قضايا ومسائل ترتبط بطفل ما قبل المدرسة – طفل المدرسة واتِّساع مداركه وتعدُّد أنشطته – الطفل والعبادات ومسؤوليَّة الوالدين والمعلِّمين – كيف يكتسب الطفل الصفات؟ – أساليب مَعيبة في تربية الطفل – مرحلة المراهقة ومشكلاتها).
ـــــــــــــ(103/231)
جريمة في حق الطفولة اسمها.. "العفريت جاي" ... العنوان
سيدي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لقد كنت سيدة عاملة منذ فترة، وتركت عملي لشعوري بالتقصير في حق أولادي، ومشكلتي الآن أن لديّ طفلة تبلغ عامها الثالث، ولديّ خادمة استقدمتها لتهتم بأولادي في غيابي، واكتشفت أنها كانت تتبع أسلوبًا معينًا لتجعل ابنتي هذه تنام، وهو (نامي لأن العفريت هيجي)، وتشير لها إلى باب الشقة.
وإذا صادفت فيلمًا تليفزيونيًّا به مشاهد رعب قالت لها: (هذا هو العفريت)، ولقد علمت بهذا من ابنتي الكبرى في وقت متأخر -فقد وصلت طفلتي إلى حال متأخر من الخوف والرعب- إذا دقّ جرس الباب ترتعد خوفًا، وتبكي، وتمسك بي وجميع أطرافها ترتعش، وبعد فتح الباب تظل هكذا بعض الوقت إلى أن تنسى، كما أنها تقوم من النوم ليلاً تبكي وتطلب أن أفتح لها الضوء، وكذلك إذا سمعت أي أصوات في البيت يحدث لها نفس الحال. أفيدوني ماذا أفعل لأصلح ما أفسده إهمالي؟ وشكرًا. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن ما فعلته هذه الخادمة في حق ابنتك هو بكل المقاييس جريمة تستحق عليها أشد العقاب.. يا سيدتي إن من حق كل إنسان أن يقيم ظروفه ويختار ما يناسبه، وليس من حق أحد التدخل في شئون أحد، ولكني أسألك سؤالاً: عندما تعمل الأم هل تحضر الخادمة لتساعدها على تربية الأبناء أم تحضرها لتربي الأبناء بدلاً منها؟!!عندما يقضي الأب مع أبنائه 5 ساعات في اليوم فهذا كافٍ جدًّا، ولكن أن تقضي الأم مع أبنائها 5 ساعات فقط فهذا قليل جدًّا بالنسبة لأم عندها 3 بنات.
إن الخوف يا سيدتي الزائد عن الحدود الطبيعية هو شعور مدمر لنفسية الأطفال، خاصة لو استمر لفترات طويلة متتابعة؛ لأنه يسلب من الطفل شعوره بالأمان، وثقته بنفسه وبالعالم المحيط به، ولا يدع له فرصة لينطلق وينمو ويبدع، بل يظل دائمًا أسير مخاوفه وهواجسه.
إن الأطفال في السن الصغيرة يعبٍّرون عن خوفهم وفزعهم في صورة أعراض، مثل: البكاء الكثير، والنوم المتقطع غير المستقر، وفقدان الثقة بالنفس، فكيف لم تلاحظي كل هذه الأعراض على ابنتك إلا عندما أخبرتك أختها الكبرى وبعد فترة زمنية طويلة؟!
أنا سعيدة باعترافك بالإهمال وهذا هو أول طريق العلاج.. الآن "يُمنى" بحاجة إلى إعادة ثقتها بنفسها ومساعدتها على التغلب على الخوف والفزع الذي تخاف منه، وهذا يزيد جدًّا في شعورها بالأمان. عليك أن تشعري أنت بأنك بجانبها بالكلام والفعل، فتقولي لها أنا معك لا تخافي.. أنا لن أتركك، وهكذا ... ، وكذلك بالفعل أمسكي بيدها حتى تشعر بالأمان، وحاولي بالتدريج مواجهة المواقف التي تخاف منها وأنت معها، فعندما يدق جرس الباب قولي لها سنقوم معًا أنا وأنت نفتح الباب، وعليك الإكثار في المناقشة معها حول مخاوفها، فلماذا تشعرين بالخوف يا يمنى من جرس الباب؟.. أليس أي أحد يأتي لزيارتنا لا بد أن يدق الباب؟ تعالي نخرج أنا وأنت، ثم ندق جرس الباب وسيفتح لنا إخوتك، وهكذا ...
كذلك لا بد من تأكيد معنى أنه لا يوجد شيء اسمه عفريت، وعدم استعمال أي وسيلة أخرى للتخويف، مثل: العسكري، أو الحقنة، أو الكلب، أو أي شيء؛ لأن إثارة مخاوف الطفل أصلاً في أي شيء يؤدي إلى اهتزاز ثقته بنفسه وضعف شخصيته.
كذلك الخوف من الظلام لا بد من تعويدها تدريجيًّا على عدم الخوف منه، وذلك بأن نتحدث معها حول الظلام، وأنه عبارة عن أننا أطفأنا نور الغرفة، ونحاول أن نجعل الضوء خافتًا، ثم نذهب معها إلى الغرفة مرة بعد مرة، ثم نجعل الغرفة مظلمة، ونحاول نحن معها دخول الغرفة، وهكذا...، ولكن طبعًا ليس كل شيء في نفس الوقت، ولكن بالتدريج.
كذلك من المهم عدم جعل غرفتها مظلمة أثناء النوم، بل لا بد من وجود ضوء صغير حتى إذا استيقظت لا تشعر بالخوف، وتستطيع أن تأتي إليك إذا أرادت، وحاولي أن تجلسي معها في غرفتها قبل النوم لتحكي لها القصص، وتغني لها، وتقرئي لها القرآن الكريم حتى تنام، وإذا قامت بالليل مفزوعة فأعيدي القصص والأغاني مرة أخرى، كذلك من المفيد تعويدها على بعض الأدعية الصغيرة أو على ذكر اسم الله عز وجل عند شعورها بالخوف.
وشجِّعيها دائمًا كلما تغلبت على مخاوفها بأن تحكي ذلك للأهل والأصدقاء، وتحضري لها الهدايا والمكافآت، وابتعدي تمامًا عن العقاب ألبدني أو الضرب أو الصراخ في وجهها، وكوني دائمًا هادئة معها، وبإذن الله تعالى ستنتهي المشكلة.
ـــــــــــــ(103/232)
عدم الطلاقة.. معلومات هامة - متابعة 2 ... العنوان
الإخوة الكرام والأخوات الكريمات في هذا الموقع الرائع. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكر الله لكم كريم صنيعكم، وبارك فيكم، وأكثر من أمثالكم وجعل كل ذلك يوم القيامة في موازين أعمالكم.
كنت قد استشرتكم مرات عديدة عن حالة ابنتي المتعلقة: بعدم الطلاقة في الكلام وكنتم مشكورين قد أجبتموني على أسئلتي.
أودّ أن أوجِّه لكم سؤالاً عاجلاً عن حالة ابنتي (ثلاث سنوات وأربعة أشهر) حفظها الله ورعاها هي وأبناءنا جميعًا.
كما تعلمون أن موسم الدراسة على الأبواب، وقد فكرت أن أجعل ابنتي تذهب إلى حضانة تتعلم القرآن والأبجدية العربية والأعداد، فهل سيكون ذلك مناسبًا لها، وهي بعد لا تزال في فترة عدم الطلاقة؟ عمرها الآن ثلاث سنوات وأربعة أشهر، أخشى في حال إلحاقها بحضانة الآن، أن تتلفت حولها فتجد جميع الأطفال يتكلمون (ولا سيما أنه حتمًا سيوجد معها من هو أكبر منها سنًّا)، وهي لا تستطيع الكلام بسهولة مما يسبب لها إحباطًا، الأمر الذي قد يعوق محاولاتنا معها بألا تشعر بأن عندها مشكلة.
ومن المتوقع جدًّا أنها ستجد من الأطفال من يسألها لماذا لا تستطيعين الكلام مثلي، ومن المتوقع والطبيعي في مثل هذه السن أن تجد هي بين الأطفال الذين سوف تقابلهم في الحضانة من ينظر إليها باستغراب وربما يضحك عليها وربما يتهكم عليها مع غيره. فما هي نصيحتكم؟ بارك الله فيكم. وتفضلوا بقبول وافر التحية والاحترام.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تحية طيبة وبعد.
أعتقد -وهذا رأيي الشخصي- بأن إدخال ابنتكم العزيزة إلى حضانة أو روضة لا بأس به إن شاء الله تعالى، بل قد يزيد من ثقتها بنفسها، ويعزز مهاراتها الاجتماعية.
أما بخصوص خوفك من التفاف الأطفال حولها وتقليدها فأعتقد أنه أمر مبالغ فيه قليلاً، فالطفلة في الثالثة من العمر المديد إن شاء الله، والأطفال في هذه المرحلة لا يملكون العقلية الاستهزائية إذا صح التعبير، بل هم منفتحون على علاقاتهم مع بعضهم والآخرين من الكبار، وحتى في سن الروضة –من سن 4 سنوات إلى 5 سنوات-، فغالبًا الأطفال لا يستخدمون الاستهزاء إلا من قبيل اللعب، ولا يأخذونه بالجدية التي يأخذها بها الكبار، إلا إذا كان الطفل يتعرض في بيته ومن أسرته إلى الاستهزاء أو يرى ذلك متبعا في العلاقات بين الأبوين أو الإخوة أو إذا سمعه ممن هم أكبر منه، وغالبًا لا يكون الهدف منه التجريح أو الانتقام، فالأطفال في هذه السن أنقياء، وهم فعلاً أقرب إلى الصفحة البيضاء التي تنقل ما يكتب فيها. وكما سبق وقلت أرجو ألا يكون اهتمامك بمشكلة البنت زائدًا عن الحد الطبيعي إلى الدرجة التي تنقل إليها الشعور بحدة المشكلة، وأن لديها شيئًا يمكن أن يكون مخجلاً ويستدعي الانطواء.
وما أعتقده شخصيًّا هو أنه مع اتباع التدريبات التي سبق ذكرها، وتعديل طريقة الأهل في الحديث معًا أو مع الطفلة، يمكن أن يكون له أثر فاعل في التغلب على المشكلة أو التخفيف من حدتها.
أخي الفاضل.. اترك الأمور تجري ببساطة بين الطفلة والآخرين، ولا تتدخل إلا إذا شعرت بأن هناك حاجة حقيقية، وأرجو ألا يكون ذلك بسحب الطفلة من الحياة الاجتماعية، بل بتشجيعها وتحفيزها على كيفية التعامل مع ما تواجهه.
لا تزرع في نفس الطفلة الخجل من مشكلتها أو تهويلها أو الاعتماد على الآخرين في حلها. وإذا حدث وتعرضت الطفلة للاستهزاء أو التقليد من الآخرين أو المعلمات -وهذا ممكن- فيمكن التحدث إلى المعلمة أو المديرة، وإعلامها بأن الطفلة لديها مشكلة بسيطة، وهي تخضع لبرنامج تدريبي، ويمكن لاختصاصي النطق أن يقدم بعض الإرشادات للمعلمة تساعدها في -تعديل- البيئة الصفية؛ وذلك أيضًا بتخفيف العبء اللغوي وإعطائها الفرصة لإتمام كلامها، وعدم إنهاء الجمل عنها، وعدم الامتعاض أو منعها من المشاركة الشفهية في الصف، سواء شفقة عليها أو تضايق من الوقت الذي تأخذه في الكلام، وغيرها من إرشادات. وفقك الله تعالى وتابعنا بأخبارك.
ـــــــــــــ(103/233)
دعوا أطفالكم يخافون - ثاني مرة ... العنوان
السلام عليكم.. مشكلتي قريبة جدًّا من التي بعنوان:" دعوا أولادكم يخافون "، إلا أن الفرق هو أن طفلي يبلغ من العمر سبعة أشهر، ومن حوالي الشهر بينما كنت أكنس بمكنسة السجاد أراد زوجي أن يعرف إن كان ابني سيخاف من المكنسة، فجعله يقترب منها ويحاول لمسها بيده وهي تعمل. وطبعًا فابني حاول لمسها للفضول، ولكنه فجأة وقبل أن تصل يده إليها بدأ بالبكاء والخوف، وأصبح يتعلق بوالده كي يضمه.
المهم بعد حوالي أسبوعين، أحضرت المكنسة من جديد، ولكن ابني بمجرد رؤيتها حتى قبل أن تدور بدأ يصدر أصواتًا ويريدني أن أحمله، ثم ينظر إليها بخوف ويعود ليخبئ وجهه في صدري. المؤكد الآن أن ابني يخاف منها بشدة، فماذا أفعل؟؟ لا أستطيع استعمالها أمامه حتى لا يخاف. ومن هنا أريد أن أعرف: هل من الممكن أن يخاف لو سمع صراخًا في التلفاز أو سمع موسيقى مخيفة بعض الشيء؟ ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة أم أحمد.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما دمت قرأت مشكلة " دعوا أولادكم يخافون " فلا داعي لإعادة مراحل نمو الخوف لدى الأطفال.
ولكننا تحدثنا عن أن الخوف هو صورة من صور التعبير عن نمو الإدراك لدى الطفل، وأن تطور الخوف وتغيير صوره إنما هو انعكاس لفهم الطفل لما يدور حوله من أحداث، ففي قصة جميلة من قصص الأطفال كان الأولاد يلعبون في حديقة، ومعهم طفل صغير، وفجأة جاء أحد الأولاد يجري وهو خائف جدًّا ويقول أنا خائف، فهناك كلب كبير في الحديقة فنظر الطفل الصغير، وقال ما معنى خائف؟ ولماذا ترتعد؟... وفجأة ظهر الكلب وهو ينبح، فانطلق الأطفال كلهم يجرون ويهربون منه ومعهم الطفل، وعندما ابتعدوا عن المكان وهدأت مخاوفهم نظر الطفل إلى الولد وقال له الآن فهمت معنى الخوف.
فالطفل لا يفهم الإحساس إلا عندما يختبره ويجربه بنفسه، ولكن علينا دائمًا أن ندرك أن نمو الطفل في كافة المجالات الصحية، والنفسية، والاجتماعية، وغيرها يسير وفقًا لجدول زمني إلهي، وخطة ربانية هي سر من أسرار الله في الخلق أودعها في الأطفال.
فلماذا يجلس عند 6 أشهر، ويقف عند 9 أشهر، ويمشى عند 12 شهرًا، ويتحدث عند 18 شهرًا؟؟ هكذا خلقه ربه، وكذلك النمو النفسي والمعرفي لدى الطفل تمامًا كما يضره محاولة جعله يمشي في سن 6 أشهر فتعوج ساقاه؛ لأنه ليس مؤهلاً بعد لهذا المجهود، وكما قلنا إن الطفل في السنة الأولى تكون مخاوفه نابعة من مشاعره هو الداخلية، فهو يبكي عند إحساسه بالجوع أو بالبرد أو بغياب الأم؛ لأن هذا هو ما يدركه ويفهمه بعد في العالم.
أما البيئة الخارجية مثل الظلام والأصوات العالية والصور المفزعة فهي أشياء لا يفهمها ولا يدرك وجودها؛ ولذلك لا يخاف منها.. فهو قد يكون جالسًا يلعب بجانبك وهو غير مدرك لصوت المكنسة، ودخل صوتها العالي في مجال إدراكه، وكذلك لمسه لها واهتزازها الشديد أثناء المستقبل.. كل ذلك أصابه بالخوف والفزع منها تمامًا كما يفزع أي شخص إذا فوجئ بشيء لا يتوقعه، ولكن مشكلة أحمد أنه صغير وغير مؤهل بعد للتعامل مع هذا الشعور الجديد.
ولذلك نقول دائمًا لا تجعلوا أطفالكم حقل تجارب، فلماذا يريد والده معرفة إن كان سيخاف أم لا؟ لماذا لا تدعون مشاعر وإدراك أطفالكم تنمو طبيعيًّا كما أرادها خالقها؟ المهم الآن أن أحمد ارتبط عنده شكل المكنسة بالخوف، وقد تنعكس هذه التجربة على أي أصوات عالية أخرى؛ ولذلك أنصحك بإخفاء المكنسة عنه بعض الوقت، حيث إن ذاكرة الأطفال في هذه السن ما زالت في بداية تكوينها.
احرصي على استعمال المكنسة في عدم وجوده أو في غرفة بعيدة مغلقة لمدة شهرين أو ثلاثة حتى ينسى تجربة الخوف هذه، وسينساها بإذن الله تعالى، فلا تقلقي، وكذلك احرصي على عدم وجود أصوات عالية مثل الصراخ أو الموسيقى العالية حوله، أو في وجوده حتى لا تثبت عنده تجربة الخوف أو تتعمم فيخاف من كل شيء، ولكن بعد السنة الأولى سيعتاد تدريجيًّا على الأصوات العالية، وبارك الله لك فيه، وأنبته نباتًا حسنًا.
ـــــــــــــ(103/234)
الزائرون يتنافسون وعن النجاح يتحدثون ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. أنا صاحبة استشارة "فصل المنام.. حكاية كل بيت "، وأتوجه بالشكر العميق للدكتورة إيمان السيد على ردها المفصل والوافي.
وكذلك أشكر الأخت أمينة على مشاركتها القيمة .
أود أن أخبركم بنجاحي ولله الحمد. في الحقيقة يا دكتورة، لم أفعل تمامًا كما أشرت عليّ من إعطائه العصير والأعشاب ليلاً؛ وذلك لأن طفلي لا يستيقظ بسبب الجوع، وإنما لأنه يريد أن يرضع من الثدي تحديدًا، ولن يقبل أي شيء آخر لو حملته. حتى أنه يرضع لأقل من 5 دقائق فقط.
المهم إليك تجربتي، طفلي بطبعه هادئ ولله الحمد، وعنده أرجوحة من تلك التي تُهزّ وحدها؛ لذلك كان كلما استيقظ ليلاً أضعه بها فيغفو من جديد، وهكذا لمدة 3 أيام. وقد تعوَّد بهذه الطريقة ألا يرضع ليلاً، وهو الآن ينام أكثر من 8 ساعات متواصلة. الحمد لله كان الأمر أسهل بكثير مما توقعت، حتى إنه لم يبكِ أبدًا.
أما بالنسبة للأخت أمنية فعندي تعليق على كلامها. هنالك في أمريكا ينصحون بعدم إرضاع الطفل ليلاً ابتداء من عمر الـ 8 أسابيع. ولا يجدون ضيرًا في أن يبكي الطفل، ولكن طبعًا في هذه الحالة يجب أن نرضيه ونلاعبه، ولا نتركه يبكي وحده.
وأيضًا فإن نوم الطفل لساعات متواصلة خلال الليل جيد لتنمية ذكائه. كما أنني لا أحرمه من حضني وحناني، وأنا معه طوال النهار ألاعبه وأسعده.
وأخيرًا أنصح كل أم أن تفطم طفلها ليلاً منذ شهره الثاني؛ لأن الأمر سيكون أسهل، وإذا أمكن إحضار أرجوحة؛ لأن الأطفال غالبًا ما يغفون فيها.
دكتورة.. لقد بدأت بتحضير غرفة طفلي، وأرجو منك بعض النصائح.. ماذا تقصدين بشيء يحضنه؟ مثل ماذا يعني؟ هل الدببة والأرانب جيدة أم أنه قد يبتلع وبرها الناعم؟ ثم بالنسبة للإضاءة.. هل من الجيد أن أبقي له ضوءاً خفيفًا؟ ألن يكون هذا سببًا في خوفه من العتمة عندما يكبر؟ بانتظار الإجابة.. أكرر شكري الجزيل، والسلام عليك.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أختي الفاضلة، في البداية نعتذر لك عن التأخير في الرد؛ وذلك لسفر الدكتورة إيمان السيد لاستكمال بعض الأمور بشأن دراساتها، والتي حاولنا جاهدين الوصول إليها عبر بريدها الشخصي لتوصيل استفساراتك إليها دون جدوى؛ فتوجهنا بسؤالك إلى الأستاذة مي حجازي حتى لا يزيد التأخير عن ذلك؛ فنرجو أن تقبلي الاعتذار. وأتركك مع رد الأستاذة مي حجازي. المحررة.
تقول الأستاذة مي:
مرحبًا بك يا أختي الفاضلة، وبارك لك في ولدك الغالي الذي أدعو الله تعالى له أن يكون من السعداء في الدنيا والآخرة، وأن يكون لك سببًا في السعادة والإيناس في غربتك، وإبعاد أي همٍّ عن قلبك، فكما قال الشاعر مخاطبًا ولده:
ولكن شم شذاك الرطيب.............يزيح عن الصدر صخر الكروب
واستكمالاً لكلام الدكتورة إيمان بشأن طقوس النوم أودّ أن أؤكد أولاً على جعل الأحداث قبل النوم أحداثًا سعيدة، والمشاعر السابقة للنوم رقيقة وسعيدة وطيبة؛ لأن أحلام النوم تستقي مثيراتها من أحداث اليوم السابق وما قبل النوم؛ فيستحسن أن يكون ما يسبق النوم ضحك ولعب واحتضان قدر المستطاع، مع ضرورة حل وتصفية أي مشكلة حدثت خلال النهار (كتبرير عقاب نزل به من الأب مثلاً أو غير ذلك) قبل النوم بحيث ينام راضيًا ومطيب الخاطر -وهذا لاحقًا حينما يكبر قليلاً- بحيث تكون خير أحداث النهار خواتيمها.
ثم نتكلم معًا عن موضوع الإضاءة، وهنا نحب أن نؤكد أن ميل الأفراد للإضاءة من عدمها لا تتعدّ كونها ميولاً وطباعًا شخصية وفردية؛ فهناك من يحب النوم في إضاءة خافتة أو قوية أو ظلام دامس.. كل على حسب تفضيله وما اعتاده.
وبالنسبة للأطفال فيفضل الإضاءة الخافتة حتى إذا أراد الطفل أن يشرب أو يتحرك أو يذهب للحمام ليلاً فلا يصطدم أو يتعرض لأي مشكلة. وكلما كانت الإضاءة خافته ساعد ذلك على ارتخاء أعصاب الطفل، ومنع شدها أو جذبها لأي مؤثر خارجي.
وعلى كل فالأمر يرجع لتفضيل الأسرة، وعادات أفرادها فضلاً عن استجابة طفلك وتفضيله، ولا علاقة بين الأمر وبين أن ينشأ طفلك هيّابًا للظلام ويخاف العتمة، فالمخاوف يكون لها مسببات شعورية: كإخافة الطفل من شيء معين، أو تهديده بشيء، أو مشاهدته لمناظر مرعبة في فيلم رعب مثلاً به مشاهد صاعقة لمنطقية تفكير الطفل، فتضغط على أعصابه بشدة، فتسبب له الخوف الذي يظهر في صورة خوف من الظلام أو الأماكن الواسعة أو غير ذلك.
وقد يكون للخوف أسباب غير شعورية كالخوف من فقد الأم الحبيبة أو الأب.. أو غير ذلك. والخلاصة أن الخوف من الظلام مظهر من مظاهر الخوف الذي له حتمًا أسباب شعورية أو غير شعورية لا علاقة لها بعادة اعتادها عند نومه من إضاءة خافتة أو غيره.
وبظهور هذه المخاوف لا بد من البحث عن أسبابها لعلاجها، فالتعامل الطبيعي للطفل الطبيعي مع الظلام أن يطلب إضاءة النور مثلاً، أما الخوف من الظلام فيؤكد وجود أسباب للخوف يجب علاجها.
أما عن الألعاب الفرو، فهناك أنواع مؤمنة صحيًّا للأطفال كل على حسب عمره، أو من الممكن استبدالها بألعاب من القماش. والمقصود من وجود شيء يحتضنه إشعاره بالأمان والاحتضان أثناء النوم.
أختي الفاضلة: أرجو أن تهدي عمر مني قبلة على وجنته. وبورك له فيك من أم تحسن رعاية رعيتها. وفي انتظار أخبارك وأخبار عمر السعيدة.
ـــــــــــــ(103/235)
افهم النغمة لتستمتع بها ... العنوان
السلام عليكم، أريد حلاًّ.. طفلي الصغير (سنتان ونصف) يسب عندما يغضب!! وطبعه عنيد، يمكن لأنني أجبره على عدم فعل شيء خطأ بأسلوب الصراخ!! يتأسف لكنه يعود مره أخرى. طفلي ذكي برغم صغر سنه، أحيانًا يكون لطيفًا يقبلني ويدللني، فهو يحبني أكثر من والده، عنيد لدرجة أنه يأبى الذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة!! ملاحظة تعلم السبّ من أولاد الجيران. أفيدوني ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
العناد والعصبية, التقليد والبذاءة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
دائمًا ما أحب أن أوجِّه شكري لكل صاحب سؤال؛ وذلك لأن المعرفة الصحيحة وتفادي الأخطاء لا يتمان إلا بالسؤال؛ ولذا جعله الرسول -عليه الصلاة والسلام- دواء، ورسالتك على صغرها تحمل أكثر من نقطة للحديث، وسأفصل لك، ولكن من واقع الرسالة:
1 - طفلي الصغير يسبّ عندما يغضب.
2 - طبعه عنيد لدرجة أنه يأبى الذهاب إلى الحمام.
3 - ذكي.
4 - أحيانًا لطيف.
5 - يحبني أكثر من والده.
6 - أجبره بأسلوب الصراخ.
7 - يتأسف، ولكنه يعود.
8 - له أخت صغرى.
ويغريني البدء بالنقطة السادسة؛ حيث الإجبار بأسلوب الصراخ. دعينا نتساءل سويًّا: هل ابن الثانية في حاجة للإجبار؟ وإذا ما كان فهل الصراخ هو أمثل الوسائل؟ لماذا تجبرينه سيدتي؟ بل ولماذا تصرخين؟!!
كثيرًا ما تحمل تساؤلات الأمهات طلبًا خفيًّا للدعم لذواتهن وليس لأطفالهن، وأحسب أن رسالتك واحدة من هذه الرسائل.
واعذريني لقولي: إن الصراخ ليس إلا إعلانًا عن العجز.. نعم فالصراخ وجه آخر للعجز؛ فحين نعجز عن التفاهم وننفذ كل أساليبنا الودية نصرخ بشكل أو بآخر، وحين لا نجد من نصرخ فيه ويحتمل هذا الصراخ نجد أمامنا صغيرًا عاجزًا عن رد صراخنا، وعاجزًا عن أن يواجهنا، ويقول: "انظر لنفسك أولاً".
كم حاولت تصور لو أن طفلاً صغيرًا يصف شعوره لحظة صراخ الأهل، وأساليبه في الرد الأمثل.
أتعرفين سيدتي أسلوب الطفل في رد الصراخ إنه صراخ مماثل، وعناد ورفض لكل طلب أو أمر، بل تحفز لكل مناسبة يمكنه منها استثارتك، بل والعدوان عليك وعلى غيرك أيضًا.
ثم تقولين إنه يأسف، والأولى بالأسف نحن الكبار وليس ابن الثانية، ولكن الأسف بشكل عملي يشبه التوبة.
وصدقيني أحدثك -ونفسي- فلا يوجد معصوم، خاصة في حق الطفل الصغير الذي لا يعبِّر عن نفسه إلا من خلال سلوكيات يصعب تفسيرها أحيانًا إلا في ضوء تفسير سلوك الكبار الذين يحيطون به.
والصغير صفحة بيضاء كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "كل مولود يولد الطفل على الفطرة...".
والفطرة سوية؛ لأنها صنع الخالق عز وجل، وسلوك الأهل مع الطفل هو المسئول عن الخطوط في الصفحة البيضاء، فإما لوحة زاهرة عامرة تسرُّ الناظرين، أو خطوط معرجة متداخلة يصعب التماس تفاصيلها. وأول خطوط التربية القدوة، فحين جعل القرآن الكريم منهجًا للمسلمين كان من رحمة الله تعالى أن جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشرًا يسير بالمنهج، فيتمثله الناس، فحين سئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن خلق الرسول -عليه الصلاة والسلام- قالت: "كان خلقه القرآن"، ما معنى هذا؟
معناه أن الله سبحانه أراد لنا الرحمة بجعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- قدوة لنا "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة"، فهذا أيسر الطرق الدينية البشرية أن ننظر فنرى، فنتمثل، فيرسخ لدينا السلوك على وعي أو على غير وعي منا.
والذي يعنيني من وراء هذا الحديث أن أقول لك: إن أردت ألا يصرخ طفلك فلا تصرخي فيه، وإن أردت أن يكون لطيفًا هادئًا وديعًا فكوني كذلك، إن أردت ألا يشتم ويسب فلا تعرضيه للبيئة التي بها سباب وشتائم، وهكذا في كل أمر... بعد ذلك يكفي أن يراني أفعل الأمر فيفعل مثلي.
أقول لك أختي الكريمة: إن هذه أولى الخطوات.
- إذن ما الذي يجعل طفلاً يتمثل سلوك والديه؟
أجيبك بكل صدق: "إنه الحب"؛ فالمحب لمن يحب مطيع.
كلنا يحب أولاده.. لا شك في ذلك، ولكن هل نوصل هذا الحب جيدا لأبنائنا؟ هل لديهم اليقين بهذا الحب؟
هذه هي المسألة أن توصل الحب بمفردات الطفل وليست بمفرداتك، ومفردات الطفل جد بريئة رائعة فهي: القبلة، البسمة، اللمسة، المشاركة من القلب، محاولة النظر للعالم بعينه، محاولة الإحساس بالحياة كما يحسها هو، مشاركته الدهشة والفرحة بالاكتشاف، الانطلاق الحقيقي من القلب معه.. بالجملة: استمتاعنا الحقيقي بالطفل ومعه.
ويتوقف مدى استمتاعنا بالطفل على مدى فهمنا له، فنحن نستمتع بالألوان والموسيقى ولكن هذا الاستمتاع يزيد حين نفهم شيئًا عن الألوان والموسيقى، وهكذا الأطفال لا فرق بينهم وبين اللون والنغم، فهذه هي دهشتهم بالحياة، وهذه هي براءتهم التي لا يعكرها سوى تدخلنا المستمر وقوانيننا الصارمة بلا علم؛ ولذا علينا أن نعلم شيئًا عن مراحل نمو الطفل المختلفة، وعلينا أن نعلم شيئًا عن خيال الطفل، وعلينا أن نعلم شيئًا عن نفسية الطفل وطبعه الخاص.
علينا ألا نفرط في توقعاتنا، خاصة مقارنة بغيرهم؛ فلكل طفل طبيعة خاصة جدًّا كبصمة الأصابع لا تتكرر، وثراء البشر في تفردهم.
علينا أن نعرف متى نتدخل؟ ولماذا نتدخل؟ وكيف نتدخل؟ ولإيجازها لك: "خذي الطريق الأيسر والأقرب والأكثر أمانًا.. لا تضعي لطفلك إلا قوانين الحلال والحرام، ثم الأمان، وما عدا ذلك اتركي له الحرية حتى لا تربكيه بكثير من القوانين، بل وتربكي نفسك ضمن متاهات النظريات التي لم نجد كمالاً فيها".
أقترح عليك أن تمسكي بورقة وقلم، وتحللي مشكلتك بنفسك، حلِّليها لأسئلة (متى - كيف - ماذا - لماذا - أين - من؟).
- لماذا أصرخ؟ (لأني لا أجد ما أقوله - لأني كررت ملاحظاتي أكثر من عشر مرات - لأني أخشى الاتهام بسوء التربية - لأني متعبة).
- أين أصرخ في طفلي عادة؟ (في البيت غالبًا – في المتاجر – عند الأهل والأصدقاء - ... ).
- كيف أجعله يطيع أمرًا محددًا وفق الحلال والحرام والأمان؟ (أقرأ له قصة - ألاعبه فأكسب وده ثم أحدثه -...).
من يمكنه معاونتي في حل مشكلاته أولاً بأول؟ (الأب – أحد الأقارب – فريق معًا نربي أبناءنا - ... ).
من يمكنني تفويض بعض مسئولياتي إليه؟
(يمكنني ترك الابن لفترة عند الجدة – يمكنني الاستعانة بأحد لإنجاز أعمالي المنزلية - يمكنني أن أحظى بأمسية مع ترك أبنائي لدى أحد الأقارب، على أن أقوم بنفس الشيء فيما بعد - ... ).
- ماذا يمكنني أن أقدم لطفلي؟ (نرسم سويًّا - نخرج سويًّا - نلعب ... ).
- ضعي كل الإمكانيات، ودوِّني كل شيء لتكون الحلول بين يديك حين تحتاجينها.
- اسعي من وراء ذلك لأن تتحسّسي مشاعرك متى تغضبين؟ ولماذا؟ وكيف تتعاملين مع هذا الغضب؟ فهذا التفهم أولى الخطوات للتعامل الجاد مع المشكلة، بل يعتبر التعبير عن المشكلة وحصرها نصف الحل.
أراك سيدتي وعلى كاهلك مسئولية طفلين متقاربين جدًّا في العمر، مع عدم وجود الأب، وهو ما يمثل جزءاً حقيقيًّا من المشكلة، فعسى الأب يستطيع مكوث بعض الوقت مع أطفاله حسب استطاعته، على أن يكون هذا الوقت القليل مركزًا، فقد نقدم في ساعتين منظمتين دافئتين ما نعجز عن تقديمه في عشر ساعات بلا نظام، وبلا دفء، وبلا مشاركة جادة للطفل.
نقطة أخرى أودّ أن أنبهك إليها وهي الغيرة، فطفلك سيدتي يغار فهو صغير وجاء من يشاركه حضنك الدافئ قبل التأكد من حبك له؛ ولذا عوِّضي ذلك بالحب غير المشروط لطفلك أي بلا مقابل.
- قدمي للحب أولاً، وأكدي في كل مناسبة أنك تحبينه رغم أخطائه الصغيرة. انقلي إليه إحساسك بأنك متأكدة من إصلاح هذه الصغائر، فلا تعظمي لديه الإحساس بالذنب الذي يجعل صورة الذات متدنية؛ وهو ما يفقده الثقة في نفسه.
أول بواعث الضد لدى الطفل هو إكراهه على عمل شيء لا يريده ولا يحبه، كنوع معين من الطعام أو الملابس أو حتى الذهاب للحمام، كذلك القيام عنه بما بدأ لإتمامه بنفسه كإطعام نفسه أو إلباس نفسه، وغيرها من الأمور.
ما أسلفت ذكره مجرد محاولة لأن تتعرفي بنفسك على المشكلة، ثم انتظري أسئلة كثيرة عن كل جزئية فيما يتعلق بطفلك.
استعيني بالله عز وجل بالصبر والدعاء، فالجنة تحت قدميك تستحق بذل كل ما في وسعك لتصلي إليها إن شاء الله تعالى.
نحن معك دائما، وأدعو الله سبحانه لك بالتوفيق.
وستجدين في هذه المعالجات برامج تفصيلية للتعامل مع كل مشاكل طفلك التي أشرت إليها، كلاًّ على حدة:
علاج العند بقوانين الكرة
العند.. الحل السحري في القصص
طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
ارفق في الصغر يبرّك في كبرك
نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
-ـــــــــــــ(103/236)
رسالة غيرة من حفصة وعائشة ... العنوان
أنا متزوج من زوجتين، زوجتي الأولى هي أم طفلي أيوب (4 سنوات). المشكلة أنها تطلب منه دائمًا ألا يحب زوجتي الثانية، وتخبره أنها قد قامت بالاستيلاء عليّ، وجعلتك تنام وحيدًا بالليل، وعلى الرغم من ذلك فهما ملتزمتان وطيبتان.
كيف أستطيع إقناع ولدي بأن ما تقوله والدته غير صحيح دون التأثير على علاقتهما؟ فهذا مهم جدًّا بالنسبة لي حتى تصبح عائلتي عائلة مستقرة. ومن فضلكم تحدثوا أيضًا لزوجتي للتوقف عن ذلك. وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن رزينة -رضي الله عنها- مولاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أن سودة اليمانية جاءت عائشة تزورها وعندها حفصة بنت عمر رضي الله عنهما، فجاءت سودة في هيئة وفي حالة حسنة، عليها برد من دروع اليمن وخمار كذلك، وعليها نقطتان مثل الفرستين من صبر وزعفران إلى عينها، قالت إحدى راويات الحديث: وكانت النساء يتزين به، فقالت حفصة لعائشة: يا أم المؤمنين يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه بيننا تبرق، قالت أم المؤمنين: "اتقِ الله يا حفصة"، فقالت: لأفسدن عليها زينتها، قالت سودة: ما تقلن؟ –وكان في أذنها ثقل– قالت لها حفصة: يا سودة خرج الأعور –أي المسيح الدجال– قالت: نعم، ففزعت فزعًا شديدًا، فجعلت تنتفض، قالت: أين أختبئ؟ قالت: عليك بالخيمة –خيمة لهم من سعف النخل يختبئون فيها– فذهبت فاختبأت فيها (وكانت متربة)، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما لا يستطيعان أن يتكلما من الضحك، فقال: "ماذا الضحك؟" ثلاث مرات، فأومأتا بأيديهما إلى الخيمة، فذهب فإذا سودة تُرعد، فقال لها:.. "ما لك؟" قالت: يا رسول الله خرج الأعور!! قال: "ما خرج وليخرجن، ما خرج وليخرجن"، فأخرجها وجعل ينفض عنها الغبار..".
فهذه الغيرة تنال من أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن-، وهي إنما تدل على أنها شيء من طبع البشر، ومما ابْتُلي به البشر.
لقد تزوجت ثانية لظروف تخصك ولحسابات لا نعرفها.. قد تكون منها أنك تحب زوجتك الثانية، ولكن ليس معنى هذا أن تلزم الآخرين أن يحبوها، سواء في ذلك زوجتك الأولى أو أبناؤك من زوجتك الأولى.
إن أم أيوب تَغير الغيرة الطبيعية، قد يكون من الأفضل ألا تعلم طفلها الكراهية بصورة عامة.. وكراهية شخص بعينه بصورة خاصة، سواء كان هذا الشخص زوجة أبيه أو غيرها، ولكن هذا أمر تنبّه هي إليه برفق وهدوء قائلاً: أنا لا أطلب منك أن تحبيها أو تجعلي طفلك يحبها، ولكن التوجيه بالكراهية توجيه ضار لنفسية الطفل؛ لأننا يجب أن نعلِّم أبناءنا حب الآخرين بصورة عامة، وألا نوجههم للكراهية إلا كراهية أعداء الله تعالى.
هذا التوجيه يخصك مع زوجتك الأولى بعيدًا عن الطفل تمامًا، بمعنى ألا تحاول أن يكون رد فعلك هو ما تطلبه في رسالتك من أن يكون تأثيرك أقوى من الأم على الطفل، فنحن لسنا بصدد معركة حربية ميدانها هذا الطفل المسكين.. إن تأثير الأم قوي لا محالة، فلا تحاول أن تضعف هذا التأثير وتضاده.
اصرف فكرك عن هذه القضية تمامًا، وركِّز تفكيرك في زيادة تأثيرك على طفلك من أجل أن توجهه تربويًّا، وتعلمه، وتؤدبه، وليس من أجل أن يحب أو يكره زوجتك الثانية.. حتى لو لم تستجب الأولى لتوجيهك بهذا الشأن، فإن الآثار السلبية الناتجة عن توجيهها الخاطئ لطفلك في هذا الأمر أقل بكثير من أن تدخلا في معركة من أجل تغيير الطفل في هذه القضية، فالأم تشدّ وأنت تجذب والطفل المسكين يقع ضحية هذا الصراع غير المجدي.
اقترب من طفلك.. أشعره بالحب والحنان.. اقضِ وقتًا كافيًا للتفاعل معه.. العب معه، واحكِ له قصصًا، واسأله عن أحواله.. تفاعل مع مشاكله، عندها سيكون لك تأثير عليه ليس من أجل أن يحب زوجتك الثانية فهو ليس مطالب بذلك، ولا ضرورة لذلك، ولكن من أجل أن ينشأ طفلاً سويًّا سليمًا يحب والده ويقدر له ما بذله من مجهود في تربيته، فليكن تركيزك أن يحبك أنت لا أن يحب زوجتك من غير صراعٍ أو معارك وهمية لا داعي لها.
ـــــــــــــ(103/237)
مراهقون في دائرة النسيان - تعقيب ومتابعة ... العنوان
أردت أن أعلق على استشارة "مراهقون في دائرة النسيان". لقد تفضلتم بأن قلتم لنا ماذا نفعل، لكن لم تقولوا كيف نفعل ذلك. أريد أن أعرف ما هي الكلمات المشجعة التي من الممكن أن نطرحها على مَسْمَعيها مثلاً، وقلتم لنا أن نشجعها على الدراسة، فكيف نجعل ذلك مهمًّا حقًّا لها.
إن الكلام وحده لا يكفي.. أنا أخت التي بعثت لكم الاستشارة، وأريد أن أدلي أنا أيضًا بمدى معرفتي للفتاة إنها ليست فقط مراهقة، بل إنها تبحث عن الحرية ولا تجدها؛ ولذلك فهي تستغل أي فرصة تتاح أمامها، وهذا أمر طبيعي، ولا أحد يستطيع لومها.
إنها تبحث عن حقها الطبيعي، وإنها أيضًا تبحث عن الاستقرار العاطفي، لكن المشكلة أنها تحتاج إلى شخص راشد يدير تصرفاتها لا ينتقدها فقط.. إنها أحيانًا لا تخطئ وتواجه بانتقادات حادة. وأردت القول إنني أعرف أن أحد أسباب الفشل الدراسي هو الحرمان من الرعاية الوالدية في الصغر، وهذا ما تشرحه لي، فهي تقول إنها مهما حاولت تركيز انتباهها فإنها لا تستطيع.. إنها دومًا مشتتة وشاردة الذهن.. إنها أحيانًا تكون جالسة دون أي مشكلة وفجأة تبكي.. أنا أكبُرها بـ 10 سنوات وأقرب لها من أي شخص آخر، لكنني أريد أن أعرف كيف أضع الدوافع بداخلها حتى أختي حفظها الله مهتمة جدًّا لهذا الموضوع، وأريد رأيكم الذي يهمنا، لكن أتمنى أن تكونوا عرفتم ما أردت بالضبط، وألف شكر لكم.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت السائلة.. أهلاً بك مجددًا.. لعلك قرأت في أحد روابط الاستشارة السابقة هذه العبارة: "دعنا ننظر إلى نصف الكأس الممتلئة؛ لنستلهم منها العزم على ملء الجزء المتبقي منها؛ ولهذا أريد أولاً أن أصيغ استشارتك على طريقة "استثمار الإيجابيات".
والسؤال: ألم نَعُد قادرين على أن نرى في الآخرين محاسنهم فنشجعهم ونمدحهم بكلمات التشجيع والاستحسان.. إن ذكر مزايا الإنسان مجرد ذكرها واستحسانها هذا تشجيع وحفز، فالأمر لا يحتاج إلى قاموس لكلمات التشجيع حتى نبحث سائلين عنها، ونقول ما هي كلمات التشجيع التي تقال.
إنك تتحدثين عن الراشد الذي يدير تصرفات هذه الفتاة ولا ينتقدها، حتى إنها تنتقد وهي غير مخطئة.. من سيكون هذا الراشد غيرك أنت وأختك وأنتما تعرفان الطريق، ولكن يبدو أنكما لا تتصورا أن تتعاملا مع هذه الفتاة بغير نقد.. إن أضعف الإيمان هو أن تكفّا عن النقد إذا لم تكونا مستطيعين للمديح وما أسهله.. إن كلمة شكر.. إن نظرة امتنان.. إن كلمة تقدير لتصرف بسيط.. إن ذكر خصلة طيبة هي بها، وما أكثر الخصال الطيبة في الإنسان.. يكفي حتى تشعر هذه الطفلة بالحنان والحب والتشجيع الذي تفتقده.
إن المدخل الرئيسي لدافعية الدراسة هو أنها الطريق لتغيير حياتها والخروج مما هي فيها، فكلما اجتهدت زادت فرحتها في الاستقلال والخروج مما هي فيه، وهو أمر يختلف من بيئة لبيئة، ولا يصلح تعميمه، حيث إن تعليم البنات ليس سبيلاً لتغيير حياتهم في كل البيئات، فلا أقل من أن تدرك أن التعليم سيكون سبيلاً لتغيير عقلها وتوسيع أفقه؛ حتى تعيش حياة مختلفة مما تعيشه أمها وأبوها ولا تكون مثل أبيها في تصرفاته وأفعاله.
أي أن تدرك أن التعليم تقوم به من أجلها وليس من أجل أبيها أو وأهلها؛ لأن بعض الأطفال في حالة افتقاد الحنان الأسري يكون الفشل الدراسي وسيلتهم لعقاب آبائهم بسبب قسوتهم؛ لذا فيجب التعليم والدراسة عن إطار التقدير العائلي إلى إطار تقدير الذات واحترامها، ورفع مكانتها، وشكرًا لاهتمامكم ورعايتكم.. جزاكم الله خيرًا عن ذلك ونحن معكم.
ـــــــــــــ(103/238)
سنة واحدة فقط ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. المشكلة تكمن في أن لنا ظروفًا خاصة، حيث سنتواجد في السعودية لعمل زوجي هذه السنة فقط، وجاء سن المدرسة لابني(6 سنوات) وقدمت له بالفعل في مصر في مدرسة خاصة، وأحضرت له الكتب معي هنا لدراستها معي في البيت، ولم أرغب في دخوله مدرسة بالسعودية لعدم تشتيت الولد، والكثير يقولون لي الجو الاجتماعي، ولكن ذلك سيكون وضعًا مؤقتًا. فماذا أفعل؟ أرجو الإفادة.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالطبع للمدرسة دور في تنمية المهارات الاجتماعية للطفل، وفي خروجه من دائرة علاقات المنزل المحدودة بوالديه وإخوته إلى دائرة أوسع وأرحب يتعامل فيها مع أقرانه وأترابه من مختلف المستويات الاجتماعية، ويتعامل فيها مع مدرسيه، ويكتسب خبرات اجتماعية في كيفية التواصل والتوافق والتكيف في عالم جديد غير الذي اعتاده.
عالم لا يلبي كل طلباته، ولا يقوم بتدليله.. عالم له نظام وقوانين يجب أن تحترم ويلتزم بها.. كل هذه مهارات اجتماعية يكتسبها الطفل من خلال ذهابه للمدرسة، بالإضافة إلى التزام بميعاد استيقاظه من النوم، واستعداد للذهاب للمدرسة، ثم التزام بميعاد المدرسة وطابور الصباح، وتعوده على كل هذه الأنظمة في التزام صارم لا يستطيع أن يتفلت منه.. مع قدرته على حل مشاكله التي تنشأ بينه وبين الآخرين أو تنشأ له هو شخصيًّا، سواء في التعامل مع كتبه وكراساته، أو التوجه لدخول الحمام، أو شراء ما يحتاجه من حلويات.
يحل مشاكله بنفسه دون اعتماد على والديه لتقديم الحلول الجاهزة لمشاكله.. كل هذه مهارات جديدة لا يمكن أن يكتسبها الطفل إلا من خلال عالم المدرسة والتفاعل معه، ولكن إذا كان الأمر يتعلق بعام واحد فقط يتم فيه التأجيل لظروف خاصة بكم ترون فيها أنه من الأفضل عدم تعريض الطفل لتجربة دخول المدرسة، ثم اضطراره لتغيير المدرسة في العام التالي في جو مختلف قد يحتاج إلى مجهود مضاعف من أجل التكيف معها، في حين أنه لو خاض التجربة الجديدة لدخول المدرسة مباشرة في بيئته التي سوف يستمر فيها فسيكون ذلك أفضل له.
المهم أن التأجيل لا يكون أكثر من عام واحد فقط، بمعنى أنه لو أدت الظروف إلى امتداد فترة التواجد خارج الوطن فإن التفاعل مع مجتمع المدرسة حتى في بيئة مغايرة يكون أفضل من مكوث الطفل في منزله دون الخروج إلى عالم جديد يكتسب فيه الخبرات الجديدة.
الخلاصة أن الأمر لو كان يتعلق بعام واحد فلا مانع من تأجيل دخول الطفل للمدرسة، ولكن إذا طال الأمر عن ذلك فحرمان الطفل من التفاعل مع مدرسته يفقده اكتساب خبرات كثيرة.
ـــــــــــــ(103/239)
أنا مسئول.. أنا مغموم - متابعة ... العنوان
شكرًا لكم على مساعدتي والرد على سؤالي السابق تحت عنوان:
- أنا مسئول.. أنا مغموم
وقد عرضتم في الإجابة لبعض الاستفسارات وفيما يلي الإجابة عليها:
- لقد كانت ولادته طبيعية وكانت والحمد لله سهلة.
- رضع رضاعة طبيعية لمدة 6 أشهر دون أن يأخذ معها شيئًا آخر، ثم بعد ذلك أدخلت الرضاعة الصناعية إلى جانب الرضاعة الطبيعية، فكان يأخذ اللبن بالرضّاعة، ونتيجة لذلك فمع وصول عمره 11 شهرًا بدأ لبني يقل، وظلَّ يرضع بالرضاعة حتى بلوغه العامين.
- بدأ التدريب على عملية الإخراج وهو في عمر 18 شهرًا، وبعد يومين من عملية التدريب أصبح قادرًا على التحكم في عملية التبرز، لكنه ظلَّ لمدة عام لا يستطيع التحكم في التبول ليلاً.
- علاقته بوالده جيدة، لكنه أحيانًا ما يقول إنه خائف من والده عندما يكون والده غاضبًا. نحن لسنا آباء استبداديين، ونحاول دائمًا أن نناقش معه ما نريده منه، ونحاول إقناعه به. لكم جزيل الشكر. وآسفة على الإطلالة.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال******يعش أبد الدهر بين الحفر
وكما يبدو أختي الفاضلة أن ولدك يعشق صعود الجبال، ولكنه ينقصه بعض الدعم، وهذا ما سنحاول الاقتراب منه من خلال إجابتنا على سؤالك. وقبل أن نبدأ في الإجابة أحب أن أحيي فيك اهتمامك بأمر ولدك الحبيب، وأن أشكر متابعتك لنا، وأرجو أن تعينك الإجابة على الوصول لأفضل طريقة للتعامل مع طفلك.
أختي الفاضلة..
إن أسلم الحلول وأهداها كما أشرنا سلفًا للتعامل مع بكاء طفلك وثورته عندما يخفق هو التغافل عن هذا البكاء قدر الإمكان، ولا أعني بذلك أن تهمليه بقدر ما أعني ألا تعاقبيه أو تنهريه أو تغضبي وتنفعلي عليه.
وكما اتفقنا فأنت تبادرين بعرض المساعدة فإن قبلها فلا بأس، وإن رفضها فيمكنك التنحي وتوجيهه من بعيد، واتباع ما سلف ذكره للتعامل مع الأمر في الاستشارة السابقة.
ولكن هناك حاجة لأمر آخر غاية في الأهمية أشير إليه راغبة في صنع بسمة على شفتيك، وعزيمة صادقة على استثمار قدرات طفلك ألا وهو إعداد الطفل لصعود الجبال الذي ذكره الشاعر، بمعنى إعداده للنجاح مع تقبل الفشل في المهام التي يحب أن يفعلها بنفسه، فهو كما يبدو صاحب همة، ولكي تحسني التعامل مع همته إليك ما يلي:
أولاً: لا بد من تعليمه أن هناك أشياء يستطيع فعلها وأشياء أخرى سيستطيع فعلها حينما يكبر؛ فالتدريج في القدرة على الإنجاز والفعل شيء مهم يجب تعليمه إياه؛ لكي لا ينال منه الإحباط أو الشعور بالفشل، بل ويتم تشجيعه بمثل هذه العبارات: "جميل جدًّا أنك وصلت في سنك هذه إلى هذه المرحلة، وكلما كبرت زادت قدرتك واستطعت فعل أكثر وأكثر".
ثانيًا: لا بد من تدعيم كل إنجازاته ومدحها ومساعدته على تكوين صورة مستقبلية جميلة تدعم حاضره وتوجد وتنمي لديه طموحات لمستقبله وصورة ذاته؛ فصورة الذات تتكون من خلال الأم، فيمكن أن يقال له: "أنت حينما تكبر ستكون متفوقًا، وستكون لديك همة وعزيمة وأخلاق عالية، وبعزمك هذا وتصميمك على صنع كل شيء بنفسك ستصل لنتائج طيبة وستتعلم أشياء كثيرة، وستحقق النجاح دائمًا؛ فما ستقولينه له يجب أن يشعره بعظمة إنجازاته وجمال همته في حد ذاتها، كما يجب أن يتم التركيز على أن أمله وهدفه هو القيمة (الخلق – التفوق – النجاح... إلخ)، وليس نتاج القيمة كلقب أو مهنة (دكتور – طبيب - مهندس...)، فيسعى لتحقيق هذا النتاج بكل وأي وسيلة.
ثالثًا: قد يكون الطفل في منافسة لا شعورية مع الأب لينال إعجابك به وشعورك بقدراته العالية وانبهارك بإنجازاته. وحتى لا يكوِّن له الفشل إحباطًا لعدم وصوله لمستوى الأب في الإنجاز ورضا الأم، فلا بد من إظهار إعجابك به باستمرار، وسعادتك بما وصل إليه من إنجاز، وإبداء انبهارك بقدراته التي يحاول تنميتها وإظهارها، كما أنه يفضل مكافآتك له، فالمكافأة تعطيه الحافز لمزيد من العطاء.
رابعًا: أقترح عليك إيجاد شخصية من أولاد الجيران أو الأصدقاء أو الأقارب المحيطين الذين تثقون بهم.. ليشاركه لعبه من وقت لآخر –وليس باستمرار-، مع التأكيد على أصول التعامل.
أختي الغالية.. إن الثقة بالنفس ترتبط بإحساس الطفل بالسعادة، والسعادة ترتكز على الشعور بالأمن والطمأنينة، وعندما يفقد الطفل الثقة بنفسه يكون عرضة للاضطراب، واعتقاد الطفل أن قدراته وطاقاته ضعيفة يجعله يعتمد على والديه أو إخوته أو زملائه؛ إذ يتوقع لنفسه الفشل فيتهرب من المسئولية مهما كانت بسيطة وسهلة فلا يستطيع الصمود، ويتراجع بسرعة عما يقدم إليه من أعمال، كما أن بروز ثقته بنفسه وتدعيمها تساهم في تدعيم سلوكه وتمده بالنجاح في الأعمال التي يقوم بها.
أختي الفاضلة..
الكلام معك شيق، ولكن لا أودّ أن أطيل عليك، فهيا بعد قراءة الإجابة قبِّلي ولدك الحبيب، وأعلني إطلاق شرارة البدء في السياسة الجديدة من دعمه، والتعامل مع همته وطموحه، وأتركك له الآن على موعد بلقاء قريب توافينا فيه بأخبارك وأخبار ولدك الحبيب التي نأمل أن تكون أخبارًا كلها سعيدة.
ـــــــــــــ(103/240)
بين سب عمان وحلم العقبة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج منذ 4 سنوات، لي طفل عمره 3 سنوات و4 أشهر، وطفلة عمرها سنتان و3 أشهر. علاقة الطفلين طبيعية، يحب كلاهما الآخر، وكذلك مع الوالدين. المشكلة هي أن ابني قبل 7 أشهر بدأ يتعلم السبَّ، وقمنا بمحاولة تخويفه فقط من خلال التهديد بوضع الفلفل في فمه إذا قام بالسب، وهو ما أدى إلى انضباطه تماما.
قامت العائلة بالانتقال إلى مدينة أخرى وأصبحنا لا نرى الأهل إلا لفترة أسبوع كل شهرين، وهنا بدأت المشكلة تعود، حيث بمجرد وصولنا إلى عمّان - حيث يقيم الأهل - يبدأ الطفل بالسب والشتم لأي سبب ولا يفرق في ذلك بين كبير وصغير، وبمجرد العودة إلى العقبة - حيث نسكن - يعود الطفل ويلتزم بعدم السب.
من المشاكل أننا لا نستطيع أن نضبط هذا الأمر في عمان، والسبب في ذلك وجود أطفال يسبون ويشتمون، ولهذا لا نقوم بتأديب الطفل فترة وجودنا عند أجداده حتى لا نسبب له إرباكا.. فلماذا هو ممنوع من السب وغيره من الأطفال مسموح لهم؟ يرجى المساعدة. ... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول رسولنا القدوة صلى الله عليه وسلم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".. فبارك الله في صلتك لرحمك يا أخي الفاضل، وأعانك على إحسان تربية أبنائك.. فكما قلنا - ونقول دائما - لكل من يسلك طريق التربية المليء بالأشواك: "شمر واجتهد".
أخي الكريم، بعد قراءة سؤالك أكثر من مرة خلصت إلى بعض الأمور أحب أن أسردها لك أولا، ثم نتناول بعض المقترحات لحل هذه المشكلة سويا فيما بعد:
أولا: ليس من السهل منع أطفالك من الاختلاط بأقرانهم من الأقارب عند بيت الأجداد.
ثانيا: من الطبيعي محاكاة ابنك لأقرانه في موضوع السب والشتم؛ فهو في سن المحاكاة، ولدى الطفل في هذه السن ما يسمى بالـ"عَبرية" بفتح العين، وهو مفهوم علمي يعني أن الطفل يرى صورته في أطفال آخرين ويرى الآخر في نفسه، بمعنى أنه عبور للذات من وإلى الآخر.. كأن هناك معبرا يعبرون عليه لبعضهم البعض.. لدرجة أن هذا الأمر يزيد عند البعض فيصل لدرجة عالية من المحاكاة كالبكاء لضرب الآخر أو ألمه ... إلخ، وهو ما يؤكد أنه ليس بالسهل المعاتبة أو محاولة منع هذه المحاكاة.
والآن هيا بنا نفكر سويا في الأمر في ضوء هذه المعطيات. فالمطلوب منك يا أخي الفاضل:
- إقناع الطفل بخطأ هذه التصرفات في أي مكان وفي أي وقت، وهو بالفعل لديه انضباط في هذا الأمر عندكم بالمنزل، بمعنى تثبيت موقفك من السلوك باعتباره خطأ في حد ذاته.
- تدعيم الآخرين للامتناع عن هذه التصرفات لخلق بيئة مناسبة حول الطفل.
ومن المقترحات لتنفيذ هذين الأمرين:
1- لا بد من التركيز على انتقاد السلوك وليس الطفل وشخصيته، فما يهمنا هو أفعاله وتصرفاته، أما ذاته وكرامته فهما في مأمن من الإهانة أو النقد، فمثلا نقول: "إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش.. والتلفظ بالكلام السيئ يبعد عنا الملائكة وتفرح به الشياطين.. كما أنه قد يجعل الناس يغضبون منا.. لذا فلا أحبك أن تفعل هذا الأمر.. لأنك ولد ممتاز...." طبعا هذه المعاني لا بد من توصيلها لطفلك بلغة مناسبة متناسبة مع فهمه وإدراكه.
2- بقيامك بالثناء على الطفل فإنك تقوم بإخراج أفضل ما فيه من مشاعر، وبالتالي يكون متفهما لك أكثر عندما توجه له توجيها أو انتقادا معينا، فمثلا: "أنا أعلم يا بني أنك تحب أن يرضى عنك الله، وأنك تحب والديك.. وأنا متأكد أنك سوف تنجح في الحفاظ على لسانك من أن يقول كلاما سيئا".
3- لكي نهيئ البيئة من حول الطفل فلا بد من محاولة تدعيم من حوله للامتناع عن هذا الخلق السيئ، فمثلا تقوم بجمع الأبناء وتقول لهم: "لقد جئناكم لأننا نحبكم ونريد أن نقضي معكم أجمل الأوقات.. لكن لي عندكم طلب أعلم أنكم ستنجحون في أدائه.. وهو ألا تتلفظوا بأي ألفاظ سيئة، ومن ينجح في ذلك لمدة أربع ساعات له عندي جائزة عظيمة"، بحيث تعطي جوائز مرتين أو ثلاثا على مدار اليوم.. فيزيد ذلك من حفزهم وتسابقهم للحصول على الجائزة ولتكن نزهة أو حلوى أو قصة أو لعبة ...
4- قبل الذهاب لبيت الأقارب يمكنك تهيئة الطفل لتحمل مسئولية تغيير من حوله معك.. بمعنى أن تهيئه ليساعدك ويكون معك فريقا لإصلاح هذا العيب لدى من يحبه من أقرانه.. ليتعلم أن يكون من الهداة المهتدين.. كما يمكنك أن تسأله في ختام الرحلة: "من كان في رأيك أفضلهم في الالتزام بما اتفقنا عليه؟".
إذن فهناك معادلتان يجب تحقيقهما: تعليم الصحيح من الفعل والخلق، وإصلاح الآخر الذي يصطبغ به ابنك عند الاختلاط به.. وكلاهما يحتاج في البداية لتواجدك في الموقف لدعم الصحيح ونبذ السيئ من الخلق والتقليل من وجوده.
أرجو أن توافينا قريبا بأخبار ولدك الغالي ونجاحه ونجاحك في تغيير من حوله من الأقران.. ولا تنس أن للكلمات الرقيقة أثرها الهام في جعل الطفل يتصرف بارتياح؛ فالشخص الذي نود نقده وتجريحه لن يعطينا الفرصة ليكون تفكيره ووجدانه صافيا ولن يكون لديه الاستعداد لتقبل ما يقال.
ـــــــــــــ(103/241)
!لا أحب ابنتي؟ ... العنوان
أنا متزوجة وعمري 25 عامًا.. عندي 4 أطفال.. عصبية جدًّا، حتى إن عصبيتي كرهتني في نفسي.. إذا ما نفَّست عن نفسي أعض شفتيَّ أو أصرخ في أي أحد.. المهم أن أصرخ.. ولست أدري ما الحل؟ وهل هذا طبيعي؟ والمشكلة الثانية: أحس أنني لا أحب ابنتي البكر، عمرها 5 سنوات، لا أدري؟ أحب ضربها! وأحب أني أُفشلها وأهينها!
أرجوك.. أرجوك.. أصبحت أحس أني مجنونة.. أبغي الرد السريع والمريح لحالتي الميئوس منها لأني متعبة؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن عصبيتك الزائدة إلى درجة عض الشفتين والصراخ في أي أحد إلى
درجة أنك كرهت نفسك دلالة على وجود اضطراب نفسي يحتاج في البحث وراء أسبابه النفسية أو العضوية، حيث إن هذه العصبية قد تكون لاضطراب في كهربية المخ تحتاج إلى رسم مخ EEG لتشخصيها ثم علاجها.
وقد تكون ناتجة عن اضطراب في الشخصية يحتاج إلى علاج سلوكي ونفسي، وما يرجح الاحتمال الثاني (اضطراب الشخصية) هو شعورك نحو ابنتك البالغ عمرها 5 سنوات وحبك لضربها وإفشالها وإهانتها، حيث إن هذه المشاعر والتصرفات غير طبيعية أو سوية وتدل على خلل شديد في تكوين الشخصية، فالطبيعي هو الإحساس بالحب والتعاطف نحو أطفالنا، والرغبة في إكرامهم، وحتى إذا اضطررنا لضربهم فإننا نتألم لذلك، ونعود فنندم على ذلك؛ لأننا لم نتحكم في أنفسنا بما فيه الكفاية.
الخلاصة أن عصبيتك الشديدة مع كراهيتك لابنتك ورغبتك في إيذائها يدلان على اضطراب شديد في الشخصية، وهو من المشاكل النفسية التي تحتاج إلى العرض على الطبيب النفسي للتعامل معها ومع جذورها، وعلاجها نفسيًّا وسلوكيًّا؛ حتى تتخلصي من هذه المشاعر السلبية نحو نفسك ونحو ابنتك. وتابعينا بأخبارك.
ـــــــــــــ(103/242)
الشكوى من كونهم أطفالا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أم ولي خمسة من الأبناء.. مشكلتي أن أبنائي مفْرِطون في الحركة، لا يقر لهم قرار في أي مكان، يعرِّضون أنفسهم للمخاطر منها الصعود على الغسالة عند دخولهم للحمام واللعب بالكهرباء والصعود على النافذة، وما إلى ذلك من الإفساد في المنزل وكسر ما أمكن لهم كسره...
لم أستطع تدبير أمور المنزل لكثرة انشغالي بهم، ليس لديَّ أحد يساعدني لا خادمة ولا أهل، وزوجي يعمل في الخارج من الصباح حتى المساء، كيف أستطيع أن أقلل مما يفعلوه في المنزل من إفساد بالأثاث وإيذاء لأنفسهم؟
وقد لاحظت فيهم الفرح والسرور عند إصابتهم بمرض ما، ويتباهون به أمام بعضهم البعض.. أرجو من الدكتور أن يشرح لي حالتهم هذه؟ وكيف التعامل معهم؟ وأشكر لكم هذا الاهتمام.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بارك الله لك في أطفالك الخمسة الذين لم تذكري لنا أعمارهم المختلفة وفارق السن بينهم ومراحلهم التعليمية وإن كانوا قد انتظموا في المدارس.
وعلى أي حال أنت تشتكين في رسالتك من أن لديك أطفالا.. هذه هي الشكوى الحقيقية؛ لأن ما تذكريه في رسالتك أمور طبيعية في وجود خمسة أطفال في مراحل سنية مختلفة مع أم تقوم على رعايتهم بمفردها لانشغال الزوج ووجودها في الغربة بعيدا عن الأهل.
الحل هو أن تدركي في البداية هذه الحقيقة؛ إنهم أطفال مجتمعون معا فلابد من الحركة والشغب واللعب، هذا اللعب الذي إذا لم نوجد لهم مجالا طبيعيا سواء في النادي أو الحديقة أو المنتزه ... فإن البديل سيكون المنزل والثلاجة والكهرباء والأثاث.
وأيضا في المنزل إذا لم نوجد لهم ما يشغلهم من ألعاب ننظمها لهم، سواء ألعاب حقيقية من عرائس ودبابات وسيارات ومسدسات أو ألعاب على الكمبيوتر، أو قصص مفيدة سواء بالقراءة أو أيضا على الكمبيوتر... إذا لم نوجد لهؤلاء الأطفال مجالا لامتصاص نشاطهم، سواء بشكل منظم داخل البيت أو خارج البيت.. فسيصبح غريبا أن نشكو منهم؛ لأن هذه هي الوظيفة الطبيعية للأطفال وهي أن يلعبوا ويتحركوا. وما نسميه نحن تدميرا وتخريبا إنما هو ناتج من أننا لم نوجد لهم البديل المناسب الذي يستوعب طاقاتهم.
أما افتخارهم بالمرض فيبدو أنه في وجود الخمسة من الأطفال يبدو أن الرعاية الموزعة عليهم لا تكفيهم، فإذا مرِض أحدهم أخذ قدرا أكبر من الرعاية يجعله يفتخر على أقرانه بمرضه وبالرعاية التي يحصل عليها.
ـــــــــــــ(103/243)
هل يتأثر ولدي بوالدي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا مهندسة أعمل حوالي 8 ساعات يوميًّا، زوجي مهندس يسافر لعمله أسبوعًا ويأتي للبيت أسبوعًا، عند سفر زوجي أذهب أنا والأولاد لنقيم في بيت والدي.
والمشكلة أن والدي للأسف تعرض لفترة مرض طويلة، وبعدها أصبح غير سوي نفسيًّا، هذا تقدير الأطباء، وهو الآن يتعاطى علاجًا نفسيًّا لضبط السلوك، ولكن مع هذا العلاج أحيانًا يكون له تصرفات غير لائقة وغير مسئولة، مع العلم أنه يحب الأولاد جدا، وهم يحبونه، ويفضلون اللعب والخروج معه لفترات طويلة.
فكرت ألا أقيم معهم، وأن أظل في بيتي عند سفر زوجي، ولكني أخاف على والدتي من الوحدة والاكتئاب، فلقد نصحني الطبيب أن أراعيها نفسيًّا على الأقل؛ لأن مرض الاكتئاب مرض مُعدٍ؛ فأبي مريض بالاكتئاب العقلي، وهذا المرض يجعله يهمل في مظهره، ويتصرف تصرفات غير لائقة مثل الطفل المتمرد، وأحيانا يكذب أو يسرق بدون هدف لمجرد أن يأخذ الشيء!! أخاف على أولادي من تصرفات جدهم، وأخاف على أبي وأمي من الوحدة والإهمال؛ فمن حقهم علي الرعاية، وأبسطها الناحية النفسية.
لا أعرف كيف أتصرف مع ابني(5.5 ) إذا لاحظ تصرفًا خطأ لجده؟ هل أشرح له الوضع أم أحاول تبرير موقف الجد؟ وهل سيفهم؟
أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
أسر مضطربة, النشاط الزائد ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أثابك الله على رعايتك لوالديك.
سيدتي الفاضلة تقولين: "أخاف على أولادي من تصرفات جدهم، وأخاف على أبي وأمي من الوحدة والإهمال؛ فمن حقهم علي الرعاية، وأبسطها الناحية النفسية".
وماذا تفعل أمك في الأسبوع الذي تتواجدين فيه مع زوجك؟ وكيف تراعين أمك في هذا الوقت، أم أنك تهملينها أسبوعًا وتهتمين بها أسبوعًا؟!
الحقيقة أن الأطفال الصغار يتأثرون بتصرفات الكبار بصورة عامة، وتصرفات الأجداد بصورة خاصة. إن الجد يكون أقرب إلى نفس الطفل الصغير من أي أحد؛ لأن الجدَّ في الغالب يحقق له كل طلباته.. يلعب معه كثيرًا.. يقضي معه وقتًا يلاعبه ويداعبه ويضاحكه، وهو ما قد لا يتوافر للأب أو الأم نتيجة الانشغال.
إذن فالجد شخصية مؤثرة جدًّا في حياة الحفيد، والطفل يتمثل من يحبه ويقلده، ويكون صعبًا أن يفرق هذا الطفل ذو السنوات الخمس بين التصرفات الصحيحة والخاطئة لهذا الجد، حتى لو قدمنا المبررات أو شرحنا له الوضع.. لأن هذا يحتاج إلى قدر من التمييز في التفكير؛ وهو ما لم يتوفر لطفل في هذه السن.
إذا فقضاء أسبوع مع الجد ليلا ونهارًا، والجد في حالته المرضية التي تجعله يقوم ببعض التصرفات غير المسئولة.. سيكون ضارًّا بهذا الطفل، ويفضل أن يجنب هذا الموقف قدر الإمكان.
وليس معنى هذا أن نهمل الأم أو نتركها للوحدة والاكتئاب.. بل الحل الوسط هو أن تقومي برعايتها كما تراعينها في أسبوع وجود زوجك، وإذا اضطررت لقضاء بعض الوقت لمساعدتها أو مواساتها فلا يكون وقتًا طويلا مستمرًا يسمح برؤية الطفل، والتقاطه لبعض تصرفات الجد، ولو حدثت هذه الرؤية فيكون التفسير هو أن (الجد مريض وغير مسئول) - هكذا بوضوح.
وتصحيحًا لبعض المعلومات العلمية في رسالتك فإن ما قصده الطبيب من أن الاكتئاب مُعدٍ ليس معناه أن ينتقل عن طريق عدوى الأمراض الأخرى، لكنه يقصد أن الجو الذي يشيعه مريض الاكتئاب حوله يجعل مَن حوله في اكتئاب أيضًا، إذا لم يكن هناك من يتفاعلون ويتعاملون معه.
أردنا توضيح ذلك حتى لا يفهم البعض أنه مرض مُعدٍ كالأمراض المُعدية الأخرى.
ـــــــــــــ(103/244)
رامي يحل مشكلة الراء ... العنوان
لي ابن عمره (4.5 سنوات) ينطق حرف الراء يبدله بحرف الفاء، ولا أريد التشديد، وملاحظة ذلك له. ما هي الطرق العلمية والصحيحة في تصحيح مخرج الحرف دون مساس بشعوره وإحراجه؟.. ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل سبق وذكرت في استشارة سابقة بأن صوت الراء (نتعامل مع الكلام كأصوات أما الحروف فهي الرموز المكتوبة والممثلة للأصوات الكلامية) هو من الأصوات التي يتأخر اكتسابها، وقد يكون ذلك حتى سن السادسة؛ لذا فليس هناك قلق شديد لعدم اكتساب الابن لهذا الصوت إلى الآن.
أما عن بعض الإرشادات المفيدة لتعزيز الاكتساب الطبيعي لهذا الصوت، فهي:
- المبالغة في نطقه في الكلمات باستعمال علو صوت ونبر مميز مثل، رامي. وأيضًا استخدام التكرار مثل رررامي.
- وهناك طريقة اسمها "التمييز السمعي" بأن تعطي كلمتين متشابهتين تمامًا في الأصوات وترتيبها في الكلمة باستثناء صوت واحد؛ ليتضح أن الصوت يغير معنى الكلمة، مثل: فأر – فأس، غسيل – رسيل، وهكذا...
وينبغي أن تكون مهارة الإدراك الصوتي -أي اللعب بالأصوات والتعرف على ترتيبها في الكلمات، وأن الصوت الفلاني هو أول صوت من الكلمة الفلانية على سبيل المثال لا الحصر- ينبغي أن تكون جيدة حتى يستطيع الاستفادة من التدريب.
- وأعود للتذكير بأن مراجعة اختصاصي نطق ولغة مباشرة أفضل لتحديد قدرات كل طفل على حدة، وما يناسبه من برامج.. مع أصدق دعواتي. ورجاء موافاتنا بالتطورات، وشكرًا.
ـــــــــــــ(103/245)
دعوا أطفالكم يخافون ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم على هذه المعلومات القيمة التي أستفيد منها دائمًا، وأحاول تطبيقها في تربية ولدي الأول، حيث إن عمره سنة ونصف، ومشكلتي تكمن في أني عندما أستخدم المكنسة الكهربائية يخاف منها كثيرًا ويبكي، وأحاول أن أفهمه بأنها لا تعمل شيئًا، وهي حلوة، وأطلب منه أن يساعدني في إمساكها، وفعلاً أحس أنه يتفهم بعض الشيء، إلا أنني عندما أسأله هل أُطفئها؟ يقول: نعم نعم بحرقة قلب، ويبتعد عنها ويقول: "خاف خاف ... ".
وهذه المشكلة جديدة، حيث إني بدأت استعمالها فقط منذ أسبوعين فقط، وأحيانًا يذهب للغرفة ويعود ويقول: "خاف خاف"، وهو بذلك يقصد المكنسة الكهربائية.
وسؤالي لحضرتكم هو: هل أداوم على حل هذه المشكلة بهذه الطريقة؟ أم أخفيها لفترة حتى ينساها وأعاود استخدامها لاحقًا؟ أم لكم رأي آخر؟
مع العلم أنه يخاف من الأصوات العالية منذ صغره، حتى الآن، واستطعنا بفضل الصبر عليه وإفهامه بحل كثير من المشاكل في الخوف معه، إلا أن هذه المشكلة أراها ليست سهلة، وجديرة بالتفكير، والسؤال عنها وحلها في هذا العمر لكي لا تصبح عنده عقدة فيما بعد. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا سيدتي الكريمة، بارك الله لك في محمد وأعانك على تربيته، وأحيي فيك اهتمامك بمعرفة الأساليب الصحيحة في التربية.
أولاً- يا سيدتي اسمحي لي أن أسألك أنتِ: هل تخافين؟ ألا تمرّين بمواقف تشعرين فيها بالخوف رغم نضجك وسنك؟
إن الخوف يا سيدتي شعور إنساني طبيعي يواجه به الإنسان المجهول، فلماذا دائمًا نثور على أطفالنا حين يخافون ونتهمهم بالجبن أو نخاف أن ينشئوا جبناء؟!!
إن الخوف ينمو ويتطور مع الطفل مع تطور إدراكه لما حوله من أشياء، وفهمه لما يدور في العالم المحيط به في أحداث وأشخاص، ففي السنة الأولى من عمر الطفل نلاحظ أنه في البداية لا يخاف من شيء، لا يخاف من الظلام، ولا من المناظر المفزعة في التليفزيون مثلاً؛ وذلك لأنه لا يفهم ولا يدرك معنى هذه المناظر ولا معنى الظلام.. ربما يبكي فقط ويخاف لدى شعوره بالجوع.
وفي خلال السنة الثانية والثالثة ومع نمو إدراكه يبدأ الطفل في الشعور بالخوف في الظلام، ومن الوجوه الغريبة التي لا يعرفها ومن الأصوات العالية.. حيث إنه في هذه المرحلة بدأ يفهم ويعتاد على البيئة المحيطة به، فهو يعلم أن الطبيعي أن المكان مضيء فعندما يظلم يشعر بالخوف، ومعتاد على أصوات معينة فعندما يفاجئه صوت عال يشعر بالخوف وهكذا.
وبعد ذلك في سن 8 - 10 سنوات يبدأ الخوف من الموت أو من موت أحد الأعزاء عليه مثل الوالدين أو الأجداد، وهكذا نلاحظ أن الخوف مرتبط بإدراك الطفل لمعنى الأشياء التي يراها ويتعامل معها، وكذلك مرتبط بمدى تطور ونمو إدراكه وفهمه.
ولا يعني أي نوع من الخوف في مراحله المختلفة أن الطفل جبان أو سيكون جبانًا عندما يكبر.. إنه فقط يتفاعل مع البيئة المحيطة به.
ونأتي الآن لمشكلة محمد.. إن خوف محمد من صوت المكنسة طبيعي جدًّا، ومتناسب مع سنه، والأسلوب الذي تتبعينه معه ممتاز جدًّا وصحيح، ومع قليل من التشجيع والمكافأة له عندما يتحكم في خوفه من صوت المكنسة ستنتهي المشكلة تمامًا، ولكن أنصحك بالصبر وبأن تمهدي له في كل مرة قبل تشغيل المكنسة، بمعنى ألا يفاجأ بصوت المكنسة يعلو في الشقة، ولكن دائمًا تناقشي معه وأخبريه أنك ستشغلين المكنسة الآن وله مكافأة إذا لم يخف ولم يبك، وهكذا شجعيه دائمًا وتفاهمي معه.
أما إخفاء المكنسة لبعض الوقت فلن يؤدي إلى نتيجة؛ لأن ذاكرة الطفل في هذه السن قوية وتستطيع تذكر الأشياء، وخاصة المواقف المرتبطة بشعور مؤلم مثل الخوف. وحتى تأتي بنتيجة لا بد أن تخفي المكنسة لمدة طويلة –عدة أشهر مثلاً-، وهذا أمر غير عملي وغير مطلوب؛ لأن تعويد الطفل أن يتحكم في خوفه بالتدريج شيء مفيد ومطلوب، ولا تخافي شيئًا فلن يؤدي الأمر لأي عُقد في المستقبل، فكما اتفقنا دعوا أطفالكم يخافون وساعدوهم فقط على التحكم في خوفهم، وشكرًا لك.
- ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموضوع التالي، والذي نشر على صفحة حواء وآدم :
- التعامل مع الطفل... المذعور الخائف
ـــــــــــــ(103/246)
يا حامل اللبن.. لا تفتني ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. جزاكم الله خيرًا على هذه الصفحة الرائعة.. "معًا نربي أبناءنا".. واستشارتي هي مشكلة تتكرر مع مجموعة من الأشبال(6-12 سنة) أقوم على تحفيظهم وتعليمهم السيرة وعمل أنشطة ترفيهية لهم، وهي كالتالي:
كنت أحكي لهم في بر الوالدين قصة الرجل الذي وقف بكوب اللبن لأبويه، وانتظر حتى يقوما من نومهما ليعطيهما اللبن فيشربا، ولم يقدم عنهما أبناءه رغم أنهم كانوا يبكون من الجوع.. عند هذا وجدت هجومًا عنيفًا من الأشبال -في إطار الأدب الذي تعلموه أيضًا-، وراحوا يطرحون هذه الأسئلة: وكيف يترك أبناءه يبكون دون أن تهتز مشاعره.. حرام عليه؟ ساخرون: هو لا يجيد التصرف، فلو كان فطنًا لسدَّ جوع أبنائه وجاء بكوب لبن آخر لوالديه.. أين عاطفة الأبوة؟!
صحيح.. الوالدان أهم، لكن المستيقظ الذي يبكي أولى أم النائم؟!! بالإضافة إلى كلام جانبي بينهم ينم عن عدم رضاهم عن فعل الابن وأب الأولاد في هذه القصة؟..
أصدقكم القول.. عجزت عن الرد؛ لأني فوجئت به؟ وبدأت أرد على تساؤلاتهم بردود غير مقنعة، وهنا تأتي استشارتي في هذا الموقف بصفة خاصة.. ما هو دور المشرف لاحتواء الموقف؟
وبصفة عامة ما هو دوره إذا حدث في الحلقة الآتي:
- كلام جانبي بين الأشبال بعضهم بعضًا.
- كثرة الاستئذان لدخول الخلاء أو للشرب.
- أن يقاطعني أحدهم ليشكو من زميله؛ فيعترض المشكو منه على الشاكي؛ مما يجبرك أحيانًا لإنهاء المشكلة، وهذا يؤثر سلبًا على أثر القصة التي تُحْكى أو التسميع... إلخ.
- تحرك أحدهم كثيرًا في جلوسه واستدارته وبسط قدميه وجذبهما -الجلوس على الأرض لأننا في مسجد-.
- اعتراض أحدهم على ما يقال.
- طلب أحدهم أن ننتقل إلى الفقرة التالية -وهي السمر واللعب- في حين يطالب آخرون باستكمال القصة.
الأساتذة الأفاضل أعتذر للإطالة.. وأرجو أن تكون الإجابة باستفاضة؛ فالأمر هام بالنسبة لي ولزملائي الذين يعملون في حقل الدعوة والتربية، كما أرجو أن تكون الإجابة على نقطة نقطة من النقاط السابقة وليس عليهم إجمالاً، وأرجو الله أن يتقبل منا ومنكم.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخي الفاضل.. وجزانا الله وإياك كل خير، وجعلك ممن تصلي عليهم الملائكة، وتستغفر لهم الحيتان في البحر؛ لأنهم يعلمون الناس الخير، وأعانك على كسب حب أشبالك لتصبح لهم قدوة وأخًا وصديقًا؛ فيصلح الله تعالى بوجودك بينهم أحوالهم، ويجعل أعمالهم الصالحة زيادة في حسناتك؛ فصداقتك لهم في سنوات عمرهم تلك هي –إن شاء الله– من أهم وأقوى الخطوات تأثيرًا في شخصياتهم، كما قال الشاعر:
وقلت: أخ!! قالوا: أخ من قرابة؟..............فقلت لهم: إن الشُّكُولَ أقارب
صديقي في حزمي وعزمي ومذهبي...........وإن باعدتنا في الأصول المناسب
أخي الكريم.. في البداية أعتذر لك عن التأخير في الرد، لكن التمس لنا العذر، وعسى أن تكون الإجابة مما يجعلك تقبل أعذارنا. ثم نأتي لموضوع سؤالك، فنقول: إن تناول الأمور الدينية مع الأبناء في سن (11 - 13) من أصعب وأعقد ما يمكن، على الرغم من أنهم في السن الصغيرة يكون لديهم القابلية لاستيعاب هذه الأمور بشكل أسهل، وإن ما يميز المرحلة التي يمرون بها الآن ما لديهم من روحانيات وميولا عاطفية ورهافة بالمشاعر تسهل وصول الكلام إلى القلب مباشرة؛ ولهذا فهناك أمران أريد أن أوصيك بهما قبل أن نبدأ الحديث عن أسئلتك:
أولاً: يجب ألا ينفصل السمر عن الجلسة؛ بحيث يكون له وقت منفصل في فقرة مستقلة عن الجلسة كما ذكرت في سؤالك فيما يخص بعض الأشبال "طلب أحدهم أن ننتقل إلى الفقرة التالية وهي السمر واللعب". بمعنى أن تتداخل المهارات والهوايات والسمر مع جلسة الحفظ أو الفقرات الدينية، وسيأتي فيما بعد تفصيل لكيفية إدارة هذا الأمر.
ثانيًا: يجب أن تحاول اختيار أنسب المواد التي تريد أن تصل من خلالها المعلومة إلى الأشبال؛ فإما أن يكون أمرًا عن معجزة غير معتادة تغذي العقيدة (كرحلة الإسراء والمعراج مثلاً) وهو ما لا علاقة له بواقعنا، أو يكون أمرًا له ارتباط بالواقع وسهل الحدوث. أما القصة كالتي اخترتها للحديث عن برِّ الوالدين فهي بها ما يثير الجدال والأسئلة بين شخصيات هذا العمر؛ وهو ما يجعلها أولى بالاجتناب مع هذه الأعمار، وإن كان لا بد من سردها، فلا بد أن يتم ذلك وفقًا لمعايير، أهمها:
أن تركِّز على الهدف الذي تروي من أجله القصة، ألا وهو بر الوالدين دون سرد تفاصيل مثيرة للتساؤل؛ إذ يصعب على عقلياتهم استيعابها أو التركيز على الأحداث التي قد تشرد بهم عن الهدف من القصة، كما يمكنك توفير أكثر من مادة للمفاضلة بينها، طالما أن الهدف مما تريدهم استيعابه واضح أمامك ومحدد.
- وإليك نموذج مقترح لإدارة الجلسة مع أشبالك بشكل مثمر وفعَّال -إن شاء الله- متضمنًا نصائح حول كيفية الرد على أنواع الأسئلة التي يطرحها عليك أشبالك في الجلسة، ومقترحات لتفادي ما شكوت منه من تصرفاتهم كالكلام الجانبي بين الأشبال بعضهم بعضًا، وكثرة الاستئذان لدخول الخلاء أو للشرب، ومقاطعتهم لك أثناء الدرس، وغيرها...
1 - يجب أن يقسم الدرس إلى ثلاث مراحل:
- الإعداد النفسي أو التمهيد للدرس.
- إعطاء الدرس.
– مرحلة ما بعد الدرس من إنتاج الأولاد، وسنتناول كل مرحلة بالتفصيل.
أولاً: مرحلة الإعداد التي من خلالها يتم تقديم الدرس بشيء يحضر الأبناء نفسيًّا ويشدّ انتباههم مرتبطًا بهدف الدرس؛ فمثلاً يمكن التقديم للموضوع بإحضار صورة حتى لو بعيدة عن الموضوع، فمثلاً تحضر صورة لأسرة كمدخل لموضوع الدعاء، ثم تبدأ في إدارة الحديث حول هذه الأسرة.. "ترى ما هي أحلام كل فرد في هذه الأسرة؟"، ثم "ترى ما هي وسائلهم لتحقيقها؟"، ثم تعقب "لا شك أن الدعاء من أفضل وسائلهم التي تساعدهم على نجاح مساعيهم نحو تحقيق كل ما يتمنون".
أو تسأل سؤالاً مثيرًا للانتباه للحديث عن الموضوع: "ماذا تفعل إذا تهت وكنت وحيدًا في الصحراء؟".
وبالتالي فأنت تحرك عقولهم بأسئلة تصل بها للموضوع وتحرك وجدانهم، وتؤهلهم لفهم ما تريد.
ثانيًا: مرحلة الشرح والتوضيح: يمكن أن تتم من خلال قصة أو حديث يتم اختياره بعناية، ويكون التركيز فيها على تأكيد الهدف لا تفاصيل القصة نفسها.
ثالثًا: مرحلة ما بعد الدرس: وهي للتأكد من استيعاب الأبناء لكل ما سبق شرحه، ويمكن ذلك عن طريق الأسئلة: "ماذا استفدتم أو تعلمتم من تلك القصة؟"، أو "ما أسوأ شيء في درس اليوم؟"، "ما الذي نويتم فعله بعد سماع هذا الكلام؟، أو "ما الفرق بين: قبل الدرس وبعده؟" ... إلخ.
2 - لا بد من الاشتراك في الحديث مع الأبناء أثناء الدرس، لا أن يكون أسلوب التفاعل هو التلقين من جانبك والسماع فقط من جانبهم، وستجد تفاصيل ذلك في استشارة كانت صفحة قد نشرتها استشارات دعوية ، سنوردها لك في نهاية الاستشارة.
3 - لا بد من حرصك على شدِّ انتباه الأبناء طوال فترة الدرس بنبرات الصوت المتنوعة، ونظرات العين، والإشارة بالأيدي، وكل ما تستطيع أن تحافظ به على ارتباط عيونهم بك طيلة فترة الدرس، وتأكد من شيء هام وهو: حينما تقع عين الأطفال بعيدًا عن مدرسهم، فهناك خطأ ما فعله قطع انتباههم؛ فلا تنس أن شدّ انتباههم إليك قدر استطاعتك بما ذكرنا من الأدوات (نبرات الصوت – نظرات العين الحازمة - الإشارة بالأيدي...) سيمنع كل المشاغبات التي ذكرتها.
4 - لا بد بين كل فترة وأخرى من إعطاء الأبناء فترات راحة -خمس دقائق مثلاً كل نصف ساعة- يشربون فيها، ويذهبون للخلاء ... إلى غير ذلك، دون أن يتجاوزوا المدة المقررة، مع ضرورة التأكيد أنه غير مسموح بالاستئذان في غير أوقات الراحة المقررة، ثم يعودون إليك ليجلسوا في هدوء ونظام؛ فلا تصبح لديهم حاجة للاستئذان، كما أنه لا بد من وضع قوانين لإدارة الجلسة يوافقون عليها، ومنها: أنه لا مكان للأطفال في الجلسة؛ فالأطفال لهم جلساتهم الخاصة بهم وبحل مشكلاتهم، أما الكبار الحريصون على الاستفادة وتحقيق المتعة والسعادة فمرحبًا بهم معنا، كما أنه لا مجال لأي تعليق أو شكوى إلا في موعدها؛ حيث تخصص آخر 10 دقائق في الجلسة للمقترحات والتعليقات والشكاوى وعقاب من يستحق العقاب، فضلاً عن تقييم من في الجلسة كلهم من خلال أمرين: الأول: السلوك: حيث تعطى جائزة لأفضلهم سلوكًا. والثاني: المسابقة التي سيرد ذكرها فيما بعد.
5 – لا بد من التأكيد على اختيار القصص المناسب لعقولهم؛ فإما أن يُغذّى وعيهم العقائدي من قصص المعجزات النبوية التي هي جزء من تصديقنا لرسالة المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، وغيرها من معجزات الأنبياء –عليهم السلام-، أو اختيار شيء واقعي من القصص التي تزخر بها كتب السيرة وتاريخ الحضارة الإسلامية، ويمكنهم قبوله بالعقل.
6 – أما عن كيفية التعامل مع مشكلة التعليقات والمهاترات.. فالحل الأمثل للتعامل مع هذه المواقف هو أمر من اثنين:
الأول: عدم الرد على هذه التعليقات الساخرة، وتجنب الدخول في مهاترات لا شك في نتائجها السلبية؛ فتسمع تعليقاتهم فتبتسم وتهز رأسك، ثم تسأل: هل انتهيتم..؟ ثم تنتقل لموضوع آخر؛ كالسؤال.. هيا بنا نتحدث عن درس اليوم: هل كان مفيدًا؟ ليقل كل واحد في دوره شيئًا جديدًا تعلمه اليوم.
وهناك خيار آخر للتعامل مع نفس المشكلة، وهو اتخاذ موقف حاسم وتغيير مجرى الكلام؛ بحيث يستوعب الأبناء أن هناك ما لا يجب الخوض فيه؛ فتقول مثلاً في حزم واضح موجهًا نظرك إلى الملتزمين منهم: (لأنهم سرعان ما يتراجعون؛ فيتراجع تبعًا لهم الآخرون): "انتهى الأمر" أو "لن تكتمل الجلسة بهذه الطريقة".
وأحيانًا ستحتاج إلى تنفيذ الخيارين معًا إن استلزم الأمر.
7 - من الممكن إعداد مسابقة على شكل أسئلة حول موضوع الدرس؛ بحيث يعدها فريق من الأبناء لطرحها على الفريق الآخر، ثم تبدل الأدوار هكذا، ويكون للفائز جائزة قيمة؛ فبذلك تضمن شد الانتباه، وربط السمر بالدرس، وهو ما يلهيهم عن التهريج، ويجنبك المهاترات وحل المشكلات.
8 – لا بد من الخروج بنشاط عملي يؤديه الأبناء مرتبط بموضوع الدرس؛ فلو كان الحديث عن النظافة فيمكن أن يشارك الأبناء في نشاط تنظيف المسجد أو التنظيف حوله، وهكذا...
9 - أما عن عبثهم أثناء التسميع فالمشكلة تكمن -في تصوري- في أنك تسمِّع لأحدهم وتترك الآخرين في ملل منتظرين دورهم فيبدءون بالمشاغبة. والأفضل لإدارة موضوع التسميع وغيره -كما سبق أن أسلفنا- هو شد انتباه كل الأبناء في الجلسة، وإشراكهم جميعًا في كل ما يدور خلالها من أنشطة؛ فعند التسميع مثلاً انتقل إلى شخص آخر بسرعة ليكمل آخر آية وقف عندها السابق له، ثم انتقل بسرعة إلى آخر ليقول لك تفسير الآية التي تلاها السابق، ثم فجأة إلى هذا ليقول حكم تجويد واضح وبارز في الآية السابقة التي تلاها زميله، وهكذا... بحيث يصبح الجميع مشدودًا ومتابعًا للآخرين؛ لأنه سيفاجأ بسؤال يحتاج منه لدقة المتابعة.
أخي الفاضل.. أخلص مما سبق إلى أن جذب انتباه الأبناء حل لمعظم –إن لم يكن كل- المشكلات، وبالتالي فتفنن وإبداع المعلم يبدو جليًّا في وسائله للحصول على انتباه الأبناء أطول فترة ممكنة. تقبل الله عز وجل منك صالح أعمالك، وأعانك على أدائها على أكمل وجه، ولا تنسَ أن الثواب دائمًا على قدر المشقة، وفي انتظار موافاتنا بأخبارك.
ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموضوعات التالية:
- مساجدنا أكثر إمتاعا
- حلقة القرآن.. مفتاح الدنيا والآخرة
- تخطيط العمل يدفع الملل
- كن صديقًا ولا تبالغ في صداقتك
- العقيدة.. الإقناع المطلق أم الخضوع المطبق
ـــــــــــــ(103/247)
عدم الطلاقة.. معلومات هامة - متابعة ... العنوان
الإخوة الكرام والأخوات الكريمات في هذا الموقع الرائع، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكر الله لكم كريم صنيعكم، وبارك فيكم، وأكثر من أمثالكم، وجعل كل ذلك يوم القيامة في موازين أعمالكم.
كنت قد استشرتكم مرات عديدة عن حالة ابنتي(3سنوات) المتعلقة بعدم الطلاقة في الكلام، وكنتم مشكورين قد أجبتموني على أسئلتي، تحت عنوان:- عدم الطلاقة.. معلومات هامة
أنا الآن أحب أن أشارككم ما وصل إليه علمي عن هذه الحالة، وعن شبيهاتها لسببين:
أولهما: أن أستنير برأيكم لتؤكدوا لي صحة ما وصلني.
وثانيهما: ليستفيد منه الآخرون بعون الله تعالى.
وإنني أتوق إلى ذلك اليوم الذي أرسل لكم فيه وأنا متهلل الأسارير منشرح الصدر، برسالة أبشركم فيها وأسعدكم بها بأن ابنتي -عافاها الله هي وجميع بناتنا وأبنائنا- قد أتم الله جل في علاه لها الشفاء.
فقد استشرت اختصاصيًّا في التخاطب عن طريق الهاتف عن ابنتي (وجعلته يكلم ابنتي عن طريق الهاتف ليعرف هو شخصيًّا الحالة بدقة)، وطمأنني بشدة وأعطاني بعض التعليمات التي يقول إنني إن اتبعتها فإن فيها الشفاء بعون الله تعالى. وهذه التعليمات تتلخص فيما يلي:
- أن نجعل البنت تنفخ بالونات كثيرًا (ربما لزيادة كمية الهواء لديها).
- أن نجعل البنت تمضع لبانًا (علكا) كثيرًا (ربما لتقوية عضلات الفكين).
- وصف حالتها بأنها تعاني من تكرار أول كلمة في الجملة، وتعاني أيضًا من تكرار الحرف، وعلى ذلك طلب مني أن أكتب حوالي خمسين كلمة، وأن أنطقها أمام البنت وتردد هي ورائي، وذلك لمدة نصف ساعة يوميًّا لفترة عشرة أيام، ثم بعد ذلك أكتب خمسين جملة (بدلاً من خمسين كلمة) كل جملة مكونة من كلمتين فقط، وأنطقها أمام البنت لتكررها البنت، وذلك أيضًا يوميًّا لمدة نصف ساعة ولفترة عشرة أيام أخرى، وبعد ذلك أكتب خمسين جملة، كل جملة مكونة من ثلاث كلمات (بدلاً من كلمتين وكلمة)، وأنطقها أمام البنت لتكررها البنت.
وكذلك أفاد بأنه طالما أن البنت تعاني من تكرار الحرف أيضًا (وليس تكرار أول كلمة في الجملة) فإنه إلى جانب ما سبق ذِكْره يجب عندما أنطق الكلمات أمامها أن أنطق حرف الألف قبل كل كلمة حتى لو كان أول حرف في الكلمة ليس هو الألف، وأن يكون تشكيل حرف الألف الذي أضيفه إلى كل كلمة مطابقًا لتشكيل أول حرف في الكلمة التي سوف أنطقها.
أي أنه إذا كانت الكلمة التي سوف أنطقها للبنت لكي ترددها خلفي هي كلمة "بنت"، وحرف الباء في كلمة بنت مكسور فيجب أن أضيف إلى الكلمة حرف الألف المكسور، ليتم نطق الكلمة كلها هكذا (إِبنت) بكسر الألف التي أضفناها في أول الكلمة، وأيضًا إذا كانت الكلمة هي (لبن) فيتم نطقها أمام البنت، لترددها البنت هكذا (أَلبن) بفتح الألف المضافة إلى أول كلمة لبن، وأيضًا إذا كان أول حرف في الكلمة التي سوف أنطقها لترددها البنت مرفوعًا مثل (أُمي) فيجب أن أنطقها هكذا (أُأمي) بضم الألف المضافة إلى كلمة أمي.
أرجو الإفادة. وبارك الله فيكم.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل سرني جدًّا موافاتك لنا بالتطورات التي حصلت معك. وهذا ما نتمناه من جميع الإخوة والأخوات، وخصوصًا أن وصفك الدقيق قد يساعد بعض الإخوة في تطبيق هذه الطريقة مع أطفالهم. أخي الفاضل إن ما وصفته في رسالتك هو جزء من طرق التدريب على التحكم بمشكلة التأتأة، ويمكن الاستعانة بالألعاب والصور أثناء التدريب لجعل التدريب ممتعًا للطفلة، خصوصًا في هذه السن الصغيرة، ولجعل الكلمات والجمل لها معنى:
1- بالألعاب، مثل لعبة الكيس السحري، وهو عبارة عن كيس من القماش يمكن أن تضع فيه مجموعة من الألعاب لمسميات الكلمات التي حضرتها لتقرأها عليها، وتقوم بتمثيل دور الساحر الذي يخرج الألعاب ويخرج لعبة لعبة بعد أن تلمسها دون أن تراها وتصفها مثلاً لها، وتقول لها مثلاً خرطوم طويل وأذن كبيرة، آه ماذا أخرج؟ ثم تخرجها وأنت تقول: آه فيل وتتركها تردد فيل، وهكذا ...
ويمكن أن تأخذ هي دورها في تحسس الألعاب وإخراجها من الكيس، وتسمية اللعبة التي تخرجها، مع ملاحظة أن يحتوي الكيس في كل مرة على عدد محدود، ويمكنك ابتكار أشياء أخرى من هذا القبيل، مثل: وضع اللعب في أوعية بلاستيكية ... إلخ.
2- الصور، ويمكنك الاستعانة بالفلاش كارت سواء الجاهزة أو أن تقوم أنت ووالدتها بعملها بأنفسكما، وهي شكل أكثر تجريدًا للعبة السابقة؛ حيث الصورة مسطحة غير ملموسة للطفلة، وأنصح بالبدء باللعبة السابقة، حيث إن الأطفال يدركون الملموس أولاً.
- ويمكنك الاستعانة بالصور أكثر عند الدخول لمرحلة الجمل عن طريق تأليف قصص تتكون من مشاهد مصورة وكل مشهد من كلمتين أو 3 كلمات حسب المرحلة التي أنتم بصددها، ثم تقوم بالقصص وجعل الطفلة تردد الكلمات وراءك بالطريقة التي أشار عليك بها الطبيب.
ولعلك تخرج علينا بأفكار أخرى من مبتكراتك.
وعند تطبيق البرنامج أرجو مراعاة ما يلي:
- يجب أن يكون هناك ما يُسمَّى بتعديل البيئة فلا يكفي تطبيق التدريبات فقط كبرنامج دراسي، بل يجب أيضًا أن يتم تعديل للبيئة المحيطة بالطفلة، ويتم ذلك بمراعاة أن يكون حديثكما أيها الوالدان -أنت وزوجتك- مع الطفلة ومع بعضكما بسرعة معتدلة وأبطأ من الاعتيادية؛ حتى نقدم للطفلة نمذجة مناسبة من التآزر بين التنفس والكلام، وكذلك حتى تشعر بتخفيف العبء اللغوي المطلوب منها، فهي ليست بحاجة إلى توصيل المعلومات للآخرين بسرعة، وهذه الطريقة تستعمل كما سبق وذكرت أثناء التدريب وأثناء الكلام العادي في المنزل، وهي ما وصفته بإضافة صوت الألف، وهي في الواقع إضافة مد قبل نطق الصوت الأول من الكلمة لتخفيف التقاء أعضاء النطق، وتسهيل البدء بالكلام، وتعديل السرعة؛ لتساعد على التآزر بين الكلام والتنفس.
- التمرينات التي ذكرتها وغيرها تعتبر تمرينات مساعدة، حيث يعتقد أن التدريب للتحكم في حدة التأتأة أو تخفيف أعراضها أو التخلص منها يحتاج إلى تدريبات على تكوين كمية هواء مناسبة للكلام (في الكلام تكون مدة الزفير أطول من التنفس العادي، وبالتالي يحتاج الشخص إلى كمية هواء مناسبة للقيام بنشاطين جسديين معًا هما الكلام والتنفس).
- يتم الانتقال من مستوى الكلمة الواحدة في التدريب الموجه إلى مستوى الكلمتين ثم ثلاث، وهكذا مع مراعاة عدم تقديم نشاطات تساعد الطفلة على الانفعال (مثل الغضب أو الارتباك.. السرور الزائد انفعال أيضًا)؛ وذلك حتى لا تزيد سرعة التنفس ويقل التآزر.
- هناك العديد من التقنيات للتدريب، ولكن أفضلها ما يتم تجهيزه حسب حاجة كل طفل على حدة، مع دراسة شاملة لظروف كل طفل تشمل دراسة الأسرة وسرعة الكلام والمستوى اللغوي، وغيرها...
وأخيرًا، كنت أتمنى أن يكون الاختصاصي قد تمكن من رؤية الصغيرة مباشرة فهذا يعطيه مجالاً أكبر لتحديد البرنامج الذي يناسبها فرديًّا، ولكنني لا أعرف الظرف الذي دعاكم للتواصل معه عبر الهاتف. على كل حال أرجو أن توافينا بما يحصل معك. ودعواتي للصغيرة. وتحياتي لها. شكرًا لك مرة أخرى، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــ(103/248)
التفاهم الأسري المفقود..ناقوس الخطر ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك مشكلة طالب(14 سنة) لديّ في المسجد يشكو انقسامًا داخل الأسرة، وأنه لا يطيق الجلوس في المنزل بسبب سوء معاملة الأم والأب له، فيقول لي: إن المنزل منقسم إلى جزأين.. جزء مع الأم وجزء مع الأب وهو الوحيد المنبوذ بين الطرفين، غير أن الأم كثيرًا ما تحدثه أنه ليس ابنها، غير أن العلاقة الزوجية كثيرًا ما تكون بها مشاحنات، وزاد الأمر تعقيدًا حينما علم الفتى أن ولي أمره والقدوة قد تزوج عرفيًّا، مع العلم أن الطالب متفوق دراسيًّا وخلقيًّا ودينيًّا، وأن الدولة تكرمه لحصوله على المركز الأول على المحافظة. نرجو من سيادتكم الحل، ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مع شكرنا لاهتمامك بمشكلة تلميذك في المسجد ومحاولة إيجاد الحل لها، فإننا لم نلمح في رسالتك ما يشير إلى اتصالك بأهل هذا الفتى أولاً من أجل استقصاء الوضع الحقيقي في المنزل والفهم الحقيقي لطبيعة ما يدور داخله خاصة سلوكيات هذا الفتى؛ لأن بعض الفتيان يميلون إلى أن يعيشوا دور الضحية المنبوذ من كل الأطراف، وهو ما يبدو أنه يريد أن ينقله لك، ويستمتع بعطف الآخرين على حاله، ويظل يسرد الحكايات التي تؤكد حاله، والتي قد تكون غير صحيحة أو حتى من وحي خياله، خاصة أن رواية أن الأم تخبره أنه ليس ابنها تبدو رواية مبالغًا فيها تحتاج إلى استقصاء للتأكد منها.
الخلاصة أنه عليك بداية التأكد من صحة المعلومات والصورة التي ينقلها الفتى، وذلك لن يكون إلا بالاتصال المباشر بالأهل، فإذا كانت الصورة صحيحة فهنا يكون دورك مع الأهل في توضيح الآثار النفسية لخلافاتهما وتصرفاتهما مع هذا الابن، وكيف أنها وصلت إليك؛ لأن الكثير من الآباء والأمهات يكونون غافلين عن ذلك، ومتصورين أنهم مثاليون خاصة إذا كان الابن متفوقًا ومن الأوائل، فيتصورن أنهم ناجحون في حياتهم الزوجية والتربوية مع أبنائهم، بدليل أن أبناءهم من المتفوقين دراسيًّا، ويغفلون الجانب النفسي تمامًا فإذا نبههم أحدهم إلى هذا الأمر فربما أفاقوا مما هم فيه من خلافات أو سوء معاملة.
ويجب أن تراعي الحكمة والفطنة وأنت تعرض هذا الأمر؛ حتى لا تتسبب في إحراجهم أو في اتخاذهم موقفًا دفاعيًّا مضادًّا يمنعك من توصيل رسالتك أو تحقيق هدفك الذي تسعى إليه، وهذه الخطوة التي ذكرناها لك يجب أن تتم بتخطيط.. بجمع للمعلومات حول الأسرة، وكيفية الاتصال بالأب أولاً، ثم طلب مقابلة الأم لاستكمال الصورة، ثم عقد لقاء مشترك مع الابن وأسرته؛ لاستجلاء الأمر وحل المشاكل.. هذه هي الطريقة التي تتأكد بها أولاً من حدث رواية الفتى، ثم تحل بها مشاكله إن كانت حقيقية، مع التحلي بالحكمة والفطنة في توصيل هذه الأمور؛ حتى لا تزيد المشكلة تعقيدًا، ونحن معك
ـــــــــــــ(103/249)
ضرب يضرب فهو مضروب ... العنوان
ابني الأكبر(6 سنوات) يعاند دائمًا فيما يُطلب منه، وأحيانًا يرد على والديه بطريقه تتنافى وما اعتاده من قبل، ولا يتقبل المناقشة أو الحوار ويُصِرّ على رأيه، ومع ذلك فهو يسمع الكلام في النهاية، ولكن بعد التهديد بالضرب أو العقاب بصفة عامة، وهو أيضًا يبكي بسرعة جدًّا سواء من الخوف من الضرب أو من العقاب، وأنا أعتبر نفسي من نوع الأمهات الشديد قليلاً مع أطفالها، ولكنني ألاطفهم دائمًا.. فهل أسلوب معاملتي له هو السبب في حالته تلك؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدتي الفاضلة، آسف على تأخري في الرد على استفسارك، ولكن للتأخير علاقة بسؤالك نفسه. حملت سؤالك معي أفكر فيه وفي أنسب طريقة للإجابة عليه، فمضمون الإجابة في حد ذاته لم يكن هو المشكلة، ولكن أحببت أن تكون هذه الإجابة مبتكرة مختلفة علَّها بذلك تكون جذَّابة ومقنعة لكل من يقرؤها، ولماذا هذه الاستشارة بالذات؟ لكونها تتعلق بخطأ شائع جدًّا في التربية وأسلوب نكاد نطلق عليه رغم خطورته وسلبيته "بالعادي".
وكلما استصعب عليَّ أمر أو فكرة أو فكرت في اتباع شيء مختلف يكون أكثر ابتكارًا، اتجهت بتلقائية إلى الإنترنت، وهكذا فعلت هذه المرة...
بحثت تحت كلمة "spanking" بمعنى ضرب أو صفع، وتستخدم في حالة صفع الأبناء (وبصفة خاصة عند الرجل)، فذهلت من عدد المواقع التي تتناول الموضوع، فهناك في الغرب مؤسسات أهلية مساندة لتيار anti-spanking لها أبحاثها التربوية النفسية، وحتى الجنسية المؤيدة لوجهة نظرها، وهناك فريق آخر يرى الضرب، ولكن بحدود، هناك مواقع لرصد الحالات المرضية التي تنتج عن عنف الأهل وتهديدهم لأبنائهم ليل نهار، هناك مواقع لرصد تاريخ تقنين الآباء بالأبناء والمدرسين في مجال العقاب وسبل العقاب البديلة...
لا أخفي عليك القول سيدتي.. قرأت وقرأت وقرأت، دخلت مواقع بداخل مواقع وروابط بداخل أبحاث، وعرضت لآراء بداخل الروابط، حتى تهت بداخل الشبكة العنكبوتية، حاولت الخروج من حيث دخلت فوجدت متاهة أبعد مسافة، استجمعت قوتي وإرادتي، وأغلقت الشاشة برمتها لأستنقذ نفسي من التيه والضلال
.
أتدرين سيدتي.. ماذا تذكرت لحظة إغلاق الجهاز، كأنه نداء خفي من بعيد ينادينا: "من لا يَرْحَم لا يُرْحَم.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
نعم الحل كله في كلمة واحدة: "الرحمة". لو تذكرنا أن رحمتنا يوم القيامة مرهونة فعلاً وحقًّا برحمتنا من حولنا وأولهم أبناؤنا؛ لعطفنا عليهم وكنا أكثر شفقة، وأكثر عونًا وأقل قسوة وأقل تهديدًا لهم، وأنجح في مهمتنا.
سيدتي، عندي رغبة شديدة أن أكلمك من قلبي. أتدرين متى اقتنعت تمامًا بقسوة "الضرب" وهول وقعها على صغارنا؟ عندما شبهت لي إحدى الصديقات ضربنا لهم ببطش ديناصور ضخم الجثة، عملاق يفوق حجمنا 50 مرة بإنسان لا يتعدى حجمه إصبع رجله الصغير.
كيف سيكون شعورك وقتها؟ الهلع، الخوف، الفزع، الاضطراب، ارتباك كل الأعضاء. شعور باختصار يحمل في طياته كل "الألم النفسي" الذي يعبِّر عنه الصغير بالبكاء.. والحمد لله رب العالمين؛ لأن التعبير عن ذلك لم يتعدَّ البكاء، فهناك من تصل حالته إلى التبول اللاإرادي، ومنهم من تسوء حالته فتصل إلى التأتأة والتلعثم... إلخ.
تأكدي سيدتي أنه حينما "يسمع الكلام في النهاية بعد التهديد بالضرب أو العقاب" فما ذلك إلا وسيلة دفاعية ليقي نفسه شر ما ينتظره من العقاب، ولكن هل هذا هو المطلوب؟ للأسف لا، فهو بهذه الطريقة لم يقتنع، بل لم يفهم أصلاً لماذا هذا السلوك أو ذاك مرفوض أو خطأ.
سيدتي - الشديدة قليلاً مع أطفالها (حسب قولك) الحنونة جدًّا والعطوفة إلى أبعد حد إن شاء الله مستقبلاً: الضرب له سلبيات كثيرة وليست له من إيجابية سوى "الرضوخ الفوري لأوامرك"، ولكن في المقابل:
- يقطع الضرب والأسلوب القاسي في المعاملة جسور الود والحب والرحمة بين طرفي العلاقة.
- يفقد الطفل الثقة في أن أمه سوف تفهم رغباته وسوف تتقهم قدراته البسيطة المتواضعة.
- يهدم البنية النفسية للصغير، ويحل الاضطراب وعدم الاستقرار والخوف والفزع مكان الهدوء والاستقرار.
- يفقد الطفل الفرصة في فهم "الخطأ والصواب"، فهو يعاقب لأن "ماما" لا تحب هذا السلوك، ولكن لماذا لا تحبه "ماما"؟ ويبقى السؤال: لماذا يعتبر هذا السلوك شرًّا أو خطأ - بدون إجابة؟
- لا ينتج عن القسوة والعنف سوى العناد، والعناد في هذه الحالة هو التعبير الطبيعي عن رفض الطفل لأوامر الكبار وتعليماتهم.
- سيدتي، بَرِّي ابنك ليبرك. هل تتوقعين ابنًا بارًّا بك رحيمًا بك عندما تبلغين من الكبر عتيًّا؟
الرحمة" تزرع كالفُل، تسقى بماء الحب وتتغذى بماء الأمومة الحانية. أعود وأقول: "من لا يَرْحَم لا يُرْحَم".
أعرف أن تعديل الأم لسلوكها وطريقة تربيتها التي مارستها على مدى 6 سنوات أمر ليس سهلاً، ولكن إليك بعض الخطوات علها تيسر مسيرتك:
1 - أوقفي فورًا كل أنواع الضرب والعنف والتهديد والقسوة.
2 - لا تستبدلي الصراخ بكل ما سبق، فالصراخ "أضل سبيلاً".
3 - حاولي أن تتعاملي مع طفلك بتفهم أكبر لرغباته وقدراته وإمكانياته ورغبته الطبيعية (في هذه السن) للاكتشاف والتجريب بما يترتب عليه من تخريب.
4 - اخرجي مع طفلك في نزهات على الأقل مرتين أو ثلاثًا أسبوعيًّا، فبذلك تتاح له فرصة الانطلاق في جو صحي، بعيدا عن أربعة جدران، كل ما بداخلها ممنوع لمسه أو اللعب أو العبث به.
5 - اشرحي له سبب غضبك وعدم رضائك عن كل سلوك لا يرضيك. لا عقاب بدون شرح، بل بدون اقتناع منه بأن ما قام به خطأ.
6 - استبدلي أسلوب الإقناع بأسلوب العقاب.
7 - استبدلي بيدك الصافعة الضاربة ملامح الوجه "الغاضبة".
أنا لا أمزح، ولكن هناك شرط لنجاح ذلك: ألا وهو وجود علاقة طيبة يسودها الحب والود والرغبة من قبل كل طرف في إسعاد وإرضاء الطرف الآخر. وهذا لا نصل له إلا بالرحمة والتفهم والهدوء في التعامل.
كلنا أمهات عاملات، لكن ما ذنب أبنائنا أننا اخترنا العمل خارج وداخل البيت. اخلعي كل هموم العمل وتوتراته ومشاكله مع خلعك لحذائك ساعة دخولك البيت. كوني أمًّا كاملة مع ابنك أثناء تواجدك معه.
لا تتذكري همومك أو متاعبك أثناء طعامه أو استحمامه، بل تذكري شيئًا واحدًا: الأمومة نعمة قلَّ من عرف كيف يستمتع بها، فكوني من هؤلاء القليلات
ـــــــــــــ(103/250)
هوامش على التبول اللاإرادي ... العنوان
السلام عليكم، أرجو منكم مساعدتي، حيث إن ابني(10 سنوات) ما زال يتبول ليلاً، رغم أني كشفت عليه وليس عنده أي مشكلة. وقد استخدمت معه كل الطرق بمنعه عن الشراب ليلاً. وقد استخدمت أسلوب التشجيع، لكنه يعود. أرجو مساعدتي، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بالرغم من أننا أشبعنا قضية التبول اللاإرادي بحثًا وإجابة، فإننا رأينا أن ننتهز الفرصة لرسالتك من أجل الإشارة إلى بعض الأخطاء التي يقع فيها الآباء، والتي تؤدي إلى فشل البرنامج العلاجي السلوكي الذي قدمناه، ثم يذهب الآباء للشكوى من عدم نفع العلاج مع أطفالهم.
أول أمر ننبِّه إليه هو أن البرنامج السلوكي يجب أن ينفذه كاملاً شاملاً، بمعنى أن الامتناع عن الشراب قبل النوم بساعتين على الأقل، مع دخول الحمام للتبول قبل النوم مباشرة مع الإيقاظ المتكرر أثناء الليل مرتين أو ثلاثة، مع عمل جدول للتشجيع.. كل ذلك يجب أن يتم بدون أي تقاعس أو تساهل لأي خطوة من الخطوات؛ لأن لكل خطوة دورها في تكامل العلاج السلوكي.
النقطة الثانية هي الاستمرارية، بمعنى أن هذا البرنامج السلوكي طالما بدأ فلا يصح أن ينقطع بأي صورة من الصور بحيث لا يصح أن يتم يومًا، ثم يتوقف يومين، ثم يعود يومًا، وهكذا...، فهذا لا يؤدي إلى حدوث الارتباط الشرطي المطلوب لحدوث العلاج.
النقطة الثالثة هي المدة الكافية لتنفيذ البرنامج، وهي على الأقل شهران، أي أن هذه الخطوات التي ذكرناها يجب أن تستمر لمدة شهرين متتاليين متتابعين يوميًّا دون انقطاع أو إغفال لأي خطوة من الخطوات.
إذا تم الأمر بهذه الصورة فإن الشفاء والتخلص من هذا الأمر سيكون النتيجة الطبيعية.
إن الأخطاء الشائعة التي ذكرناها سواء بتنفيذ بعض الخطوات دون الأخرى، أو بعدم الاستمرار، أو بعدم كفاية المدة هي سبب فشل البرنامج السلوكي.
ـــــــــــــ(103/251)
العناد..من يحل المشكلة؟! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختي(7 سنوات) هي الأصغر في أسرتنا، تصغرني بـ12 عامًا، والمشكلة هي أنها لا تجد من يفهمها، فكلنا نأمرها وننهرها، ووالدتي تنهرها أمام الأهل؛ لأنها عنيدة وتكذب، وأصيبت بالسمنة بسبب إفراطها الشديد في الطعام، وأنا أخاف أن تنشأ شخصية غير سوية، فبماذا تنصحونني؟ وهل هناك كتب معينة يمكنني الاستعانة بها، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك بأختك، ونشكر أكثر صراحتك ووضوحك، فأنت تدرك جيدًا أن سبب مشكلة أختك هو أنها لا تجد من يفهمها، وأن الكل يأمرها وينهرها، ولكنك أخطأت حين قلبت الأمور وحولت النتائج إلى أسباب، فأنت ترى أن مبرر والدتك لنهرها أمام الآخرين هو عنادها وكذبها، والحقيقة أن العكس هو الصحيح، وهو أن افتقاد هذه الطفلة للحب والحنان والشعور بوجود من يفهمها ويتعامل معها بوسيلة أخرى غير الأمر والنهر.. هذا الافتقاد هو الذي أدى إلى كذبها وعنادها، بل وإصابتها بالسمنة، حيث إن الكثيرين يجدون في النهم للطعام وسيلة تعويضية لافتقادهم للحب والحنان والدفء والشعور بالأمان.
إذن فكل ما تحتاجه هو أن تصحح تصورك للأمر، وهو ما سيؤدي إلى فهمك للحل المطلوب للمشكلة.. إنك الأخ الأكبر باثنتي عشرة سنة، وأنت تبعث مهتمًّا من أجل طريقة أفضل للتعامل مع الأخت، ونقول لك ببساطة: ألا تعاملها مثل الآخرين، ولا تجعل عنادها أو كذبها أو سمنتها مبررًا لك في إساءة معاملتها، بل اعتبر أنها ضحية هذه المعاملة، وغيِّر من أسلوبك معها إلى أن تكون صديقها الكبير الذي يحنو عليها ويحبها ويتفاهم معها بهدوء عندما تخطئ أو تكذب أو تعاند، ويشعرها أنه يشعر بها، ويتفهم أحاسيسها، ويكون ذلك بالجلوس إليها والاستماع منها، ويكون بشراء بعض الهدايا البسيطة لها، ويكون أيضا بإظهار الثقة فيها ومدحها بالكلمات الطيبة.
كل ذلك سيريك طفلة مختلفة ترتبط بك وتحبك ولا تريد إغضابك، وتجدها تلتزم السلوكيات الطيبة من أجل إرضائك، بل وتنتظم في طعامها، ولا مانع عندها من ممارسة الرياضة إذا أقنعتها بذلك.. ستقدم نموذجًا مختلفًا سيراه الآخرون، خاصة أمك، عندما تجدها تعاملك بطريقة مختلفة، وعندها ستقتنع الأم هي الأخرى بطريقتك في معاملتها وتغيرها، وعندها ستجد طفلة رائعة ومطيعة.
ما نقوله ليس حلمًا أو كلامًا إنشائيًّا، ولكنه حقيقة.. إننا جميعًا نرى مشكلة طفلتنا، ولكننا نقلب الآية، ونقدم لأنفسنا الأعذار في إساءة التصرف، وننسى أنها الطفلة التي تحتاج الرعاية والعناية، وأننا المسؤولون عن تربيتها وتقويمها بالتفاهم والحب وليس بالإهانة والأمر
ـــــــــــــ(103/252)
فرط الحركة والتوحد.. التوءمان ... العنوان
استشارتي تتمثل في طفلي عبد العزيز (3 سنوات)، وهو يعاني من فرط الحركة الشديد مما يجعله لا يركز. قد عرضته على الكثير من الاستشاريين فقالوا: إنه نسبة فرط حركة عنده 90%، ولكنه يحمل بعض الصفات التوحدية. لا يتكلم عندما أقول له: هل تريد ماء؟ يذهب بسرعة إلى برادة الماء عندما أنادي أخاه يتلفت باحثًا عنه.. يحب الكتب ويتصفحها بشغف حتى وإن كانت من غير صور.. يحب النظر للمرآة، ويتحدث إليها إذا أراد أي شيء يحضره بنفسه أو يشدني، ويشد ملابسي لأذهب معه.
المشكلة العظمى الآن أنه يتضايق من لبس الحفاظة ويخلعها، ولكن ليس لديه أي استعداد للذهاب للحمام.. حاولت معه بكل الطرق من خلال كرسي الأطفال، ولكن دون جدوى.. كيف أتعامل معه، وأجعله يذهب للحمام؟
أرجو مساعدتي والرد بأسرع وقت، حيث إنني أعاني من فكِّه للحفاظات. وشكرًا.
... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة أم عبد العزيز.. أعانك الله تعالى على تحمل المسئولية المناطة بك. أختي سواء كان تشخيص عبد العزيز فرط نشاط أو صفات توحد فإن برنامج التدريب على دخول الحمام يجب أن يكون فرديًّا أي مُعَدّ خصيصًا لعبد العزيز تحت إشراف اختصاصي تربية خاصة لتحديد قدرات عبد العزيز وطريقته في التعلم وتقبل الأوامر، وأنصحك بالتوجه به فورًا لاختصاصي تربية خاصة للتعامل مع التدريب على النظافة والتقليل من فرط النشاط، وكذلك اختصاصي تواصل للبدء بالتدريب على النطق واللغة أو وسائل التواصل المساعدة حسب حالة عبد العزيز، وكما سبق وقلت طريقته في التعلم، ويمكن الرجوع لاستشارات سابقة عن التدريب على النظافة كي تفيدك بعض الشيء، لكن تحتاجين إلى مساعدة اختصاصي لوضع برنامج فردي خاص بعبد العزيز. أرجو أن تجدي الاختصاصيين المناسبين، وأن توافينا بالتطورات، وشكرًا.
ـــــــــــــ(103/253)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
كيف نربي أبناءنا4
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
غربتي جنت على ابنتي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
لدي طفلتان آية: ثلاث سنوات، وإيمان ثمانية أشهر..
منذ سنوات سافرت مع وزجي إلى بلد عربي وأقمنا هناك، وكنت أقضي كل وقتي مع ابنتي آية نلعب، وكانت مرحة وجميلة، ثم قدر الله لي أن أحمل، وألزمني الطبيب الفراش فأصبحت لا ألعب مع آية كما كنت، ووالدها طوال اليوم في العمل، وليس بجواري أحد.
تعبت أعصابي وبدأت أتضايق من التصاق ابنتي بي، وعند الولادة مكثت فى المستشفى أسبوعين واضطررت لترك ابنتي عند أصدقاء تعرف عليهم زوجي، لكن ابنتي لم تشاهدهم من قبل، فصامت عن الطعام وعن الحمام، لا شيء سوى الصراخ: ماما ماما..
بعد عودتي بدأت غيرة فظيعة لدرجة أن آية كانت تقتلع شعر أختها الجديدة والتصقت بي التصاقا شديدا تلازمني في كل مكان حتى الحمام، عدت إلى بلدي وجلست وسط أهلي فخفت كثيرا حدة غيرة آية من أختها، لكنها ما زالت تبكي باستمرار، ولا تقول السبب، وعليّ أن أبحث عن سبب البكاء (تشربي حبيبتي؟ تقول لا بعصبية شديدة وتتشنج) أظل أهدئ فيها وهي تدفعني لأبتعد عنها ولا تكف عن كلمة لا، ثم تشرب وهي تردد لا لا.. ولا تمضي دقائق معدودة حتى تعيد الكرة لأنها تريد شيئاً آخر وعليّ اكتشاف ما تبكي من أجله مرة أخرى.
أعترف أني ظلمتها ولكن لم يكن لدي حيلة.. والآن ما الحل؟؟
أرجوكم أنا أبكي بكاء مريرا من أجلها -رحماك يا ربي- وأنا على استعداد لبذل كل طاقتي ودفع كل حياتي لتعود طبيعية... لكن أين الطريق وكيف أخطو فيه؟؟
أرجوكم أرجوكم ساعدوني بأسرع ما يمكن..
... السؤال
أطفالنا في الغربة, غيرة وشجار الأشقاء, مشكلات شقية ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي..
يصعب علي أقول لك: "إن هذه إحدى ضرائب الغربة".. ولكنها الحقيقة!
ينشأ الأبناء في الغربة دون العائلة الكبيرة، ودون أصحاب (الأب والأم) في الدراسة أو العمل، ودون مجتمع خاص، فلا يعرفون إلا الأم، وحتى الأب فمعرفتهم به سطحية حيث يكون دوما في العمل ولا يظهر إلا في أوقات محددة.
أنت لم تظلميها يا ابنتي فلم تكن لك حيلة في أن كان حملك صعبا فاضطررت لملازمة الفراش، ولا أن كانت ولادتك متعثرة فبقيت في المستشفى أسبوعين، ولكن آية كان كل عمرها سنتين وبضعة أشهر حين وجدت نفسها في مواجهة غرباء لا تعرفهم ولا تحبهم ولا تأمنهم.
أخطر شيء في الوجود بالنسبة لأي طفل هو نزع الأمان منه، فهذه جريمة يا ابنتي ولكن ما باليد حيلة.
بالطبع ستكون أفضل في مصر في بيت الجد والجدة والخالات والأعمام، فهم يشبهونك شكلا خاصة أهلك أو يشبهون أباها، وهم يسعون لإرضائها وتدليلها، ولكنها لا زالت يا ابنتي تعاني من فراغ أسود مخيف داخل صدرها، إنها تمر بعقلها في ممر مظلم يوميا، هل ستراك؟، هل ستتركينها هل ستعود عند هؤلاء الناس وحدها مرة أخرى ومن كان السبب في ذلك؟ إنها تلك الصغيرة التي تشبه العروسة، بالقطع هي تكرهها ولا تريدها.
أنت تحتاجين وقتا طويلا يا ابنتي لتمسحي هذا الممر من ذاكرتها وهذه ضريبة أخرى ولكن هذه المرة للأمومة..
فأنت مسئولة عنها مهما تعبت ومهما ضاقت بك الأوقات وشعرت برغبة كبيرة في الصراخ، وكلما شعرت بذلك تذكري فكرة واحدة، هي: أنه لو حرمك رب العباد نعمة الولد كنت ستدعينه ليل نهار أن يمن عليك به حتى لو دفعت عمرك ونور عينيك ثمنا لكلمة "ماما"، أحيانا تهون المتاعب حين نتصور ثمن حرماننا منها.
عليك أن تحتضنيها بدون سبب أغلب الأوقات، وضعي الصغيرة في مكان بعيد آمن واحتفظي بآية في حضنك، وقبليها ولاعبيها ودعيها تنام بين ذراعيك، وتحدثي إليها عن حبك لها، وأنك اشتقت إليها جدا حين كنت في المستشفى وكانت عند معارفكم، وأنك كنت تتساءلين يا ترى: أأكلتِ يا آية؟؟ يا ترى مع من تلعبين يا آية؟؟
حدثيها عن تلك الفترة، وعبري لها عن حبك واشتياقك.. ثم اشرحي لها وبكلمات بسيطة أن ما جعلك تتحملين فكرة بعدها عنك هو أنك ستحصلين لها على أخت لطيفة، ثم اشرحي لها معنى وجود أخت في حياتها.. وإذا كان لك أنت أخت فستكون مثالا رائعا على الشرح، مثل: "شايفة ماما وخالتو بيحبوا بعض ازاي؟ شايفة خالتو بتطبخ لي اللي بحبه إزاي؟ شايفة خالتو..."، أمثلة كثيرة ومن الواقع.. ومما تشاهد..
تحمليها واصبري يا ابنتي فستتخطى المرحلة، وبرغم دعوتي لإرسال أبناء السنة الثالثة إلى حضانات لفترة قصيرة نهارًا من أجل الحصول على حياة اجتماعية منفصلة عن أهلهم في هذه المرحلة الانتقالية بين الرضاعة والمدرسة إلا أني أنصحك أن تتريثي قليلا بالنسبة لآية حتى يعود لها شعورها بالأمان.
أعانك الله يا ابنتي، واجعلي زوجك يشاركك ولو بالقليل فيما يتبقى لديه من وقت في إشعار آية أنها أهم إنسان في حياته، أو في ملاعبة الصغيرة التي لا ذنب لها في القضية كلها.
ـــــــــــــــــ(104/1)
"بطء القراءة" محاولة للفت الانتباه! ... العنوان
السلام عليكم
ولدي لديه بطء في القراءة والكتابة، وملل من الدراسة رغم صغر سنه، فهو لا زال في السابعة.
بدأت المشكلة منذ ولادة أخيه الصغير بتصرفات كانت معلماته يشتكين منها، ككثرة حركته، وقلة انتباهه، وانشغاله بإلهاء زملائه وعدم سماع الكلام.
والآن رغم هدوئه نسبيا في الروضة وفي البيت وفي المدرسة، إلا أنه لا يركز في دراسته ويترك الكثير من الإجابات التي تتطلب كتابة فارغة، رغم فهمه للحساب وعلاماته مرتفعة فيه، وذكائه في أمور أخرى.
أريد طريقة أساعده بها بدلا من المعاناة.
... السؤال
مشكلات شقية, غيرة وشجار الأشقاء, الحضانة والاستعداد للدراسة, عالم الدراسة ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة أم قصي..
تحية لك على اهتمامك بالسؤال حول موضوع ابنك بهذا الوقت المبكر من عمره. وسوف أذكر هنا بعض النقاط الأساسية حول موضوع التعلم، وهي معلومات عامة أرجو أن تكون مفيدة لك، وقد يكون لك فيها إرشادات، لكن أود أن أذكرك بأنها ليست حصرية حول قصي؛ لأنني لا يمكن أن أقيم قدراته، وهل هو بطيء فعلا أم مجرد فرق فردي لديه عن الأطفال في مثل عمره؟ إلا بتقييم الطفل نفسه وليس معلومات عامه عنه فقط.
على كل حال هناك فروق فردية بين جميع الناس والأطفال في قدراتهم، فهناك من هو سريع في اكتساب المعلومة، ومن هو متوسط، ومن هو أبطأ من أقرانه، ولا يمكن أن نطلق مصطلح مثل بطيء في القراءة والكتابة إلا إذا كان هناك فرق واضح جدا لدى الطفل عن قدرات أقرانه، وأن يكون هذا الفرق ملاحظا من الوالدة والمعلمة.
وأؤكد أن هناك أشخاصا أبطأ من غيرهم، ويحتاجون وقتا أكثر من غيرهم؛ ولذلك يجب علينا تقدير قدرات أطفالنا بدلا من محاولة جعلهم يلحقون بتوقعاتنا، وإعطاؤهم الوقت المناسب ليستجيبوا، وأن نعزز محاولاتهم.
وهنا أريد أيضا أن أذكرك بأنه لا ينبغي أن نكرر على مسامع الطفل أنه بطيء وأنه يأخذ وقتا طويلا في الإجابة والكتابة وغير ذلك؛ لأن ذلك يرسخ لديه مفهوم أن لديه مشكلة، وقد تؤدي إلى أن تقل ثقته بنفسه ويظل يدور في دائرة: "لماذا أنا بطيء؟".
أما إذا كانت قدرات الطفل مختلفة بشكل واضح عن متوسط مستوى أقرانه فيجب عرض الطفل على اختصاصي صعوبات تعلم لتقييم قدراته بشكل عام، وهل هذا البطء في الاستجابة له أعراض أخرى أم أنه مجرد عرض طارئ.
لفت انتباهي ذكرك أن الطفل بدأ يُظهر هذا البطء بعد ولادة طفل جديد في الأسرة، فهل هذا يعني أنه كان أفضل في الأداء قبل ذلك؟ أم أنك بدأت بملاحظة ذلك فقط بعد وجود الطفل الجديد؟
لأنه إذا كان أداء الطفل أفضل قبل ولادة الطفل الجديد فقد يكون ما يظهره هو أسلوب للفت انتباهكم له بسبب اعتقاده أن جزءا كبيرا من اهتمامكم موجه الآن إلى الطفل الجديد.
وهنا أنصحك باستشارة مختص بالطفولة المبكرة، وقراءة أشياء حول طرق التعامل مع الأطفال عند وجود طفل جديد في الأسرة، وعلى صفحتنا العديد من هذه الإرشادات التي يمكنك مراجعة بعضها أسفل الاستشارة
ـــــــــــــــــ(104/2)
الحياة.. ليست كلها دراسة ... العنوان
ابني أدهم 8 سنوات، لا يسبب مشاكل بالبيت، ولكن مستواه بالمذاكرة مذبذب أحيانا رائع وأحيانا ينسى كل شيء ولا أدري ماذا أفعل معه؟
في البيت مستواه أعلى من المدرسة فمثلا عند الاختبارات يذاكر بشكل ممتاز، ويذهب للامتحان ولا يحل كما يجب! ودائما درجاته ناقصة. وأيام الامتحانات الأولى تكون جيدة، ولكن من ثالث يوم امتحانات يقل مستوى المذاكرة في البيت جدا وكأنه نسي كل شيء..
أرجوكم أفيدوني ماذا أفعل معه؟ وكيف أتعامل معه في سنين التعليم القادمة؟..
... السؤال
الأنشطة والهوايات, نمي طفلك, صعوبات التعلم, عالم الدراسة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ارفعي يدك سيدتي عن هذا الطفل، فما تصفيه هو حالة من القلق يعاني منها نتيجة لضغطك عليه. تخلصي من مذاكرتك له بالتدريج وكوني مجرد مشرفة عليه؛ لأنك تضعينه تحت ضغط نفسي شديد يجعله يصاب بخوف شديد عندما يذهب إلى الامتحانات من أن يقع في الخطأ؛ وبالتالي تهرب المعلومات منه، ليس لمشكلة في ذاكرته، ولكن لإحساسه الشديد بالخوف من الخطأ خوفًا من ردود فعلك.
إننا نصيب أبناءنا بالخوف والقلق ثم نذهب ونتساءل ماذا حدث ونحن الذين ذرعنا فيهم الخوف.
اهدئي وتقبلي ابنك كما هو، وتقبلي بعض النقص في درجاته فليست الحياة كلها دراسة، ولكن هناك محاور أخرى ثقافية واجتماعية وفنية ورياضية، اجعلي اهتمامك بابنك على كل المحاور بنفس القدر وعندها سيهدأ ويعود إلى طبيعته وسيتحسن مستواه الدراسي.
ـــــــــــــــــ(104/3)
باللمس والتذوق نموا ذكاء أطفالكم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ابنتي ملك البالغة من العمر عاما واحدا.. أرغب في معرفة إن كان هناك ما أقوم به تجاهها لتنمية ذكائها حتى تكون نافعة للإسلام والمسلمين.. علما بأنني والحمد لله ألمس فيها الذكاء والقدرة الجيدة على الربط بين الأشياء فكيف أنمي هذه المهارات..
وجزاكم الله خيرا كثيرا..
... السؤال
نمي طفلك, الإبداع والمهارات ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
مرحبا بك أختنا أم ملك..
أثلج مقصدك النبيل صدورنا برغبتك الصادقة في تنمية ذكاء ابنتك "حتى تكون نافعة للإسلام والمسلمين" نسأل الله لها ذلك...
بداية يلعب الاكتشاف المبكر للذكاء دورا أساسيا في تحديد أساليب الرعاية والتنمية، فقد أثبتت الدراسات والبحوث أن العقل البشري يكون في أقصى حالات المرونة والقابلية للتشكيل في السنوات الأولى من عمر الطفل خاصة قبل سن العاشرة، بما يؤكد أنه كلما تم اكتشاف ذكاء الطفل مبكرا ازدادت فرصة تنميتها وتحقيق أكبر قدر من فاعليتها.
ويمكنك وبشكل مبسط ان تنمي ذكاء ابنتك فى هذه السن من خلال:
استثارة حواسها الخمس (السمع – البصر – اللمس – الشم – التذوق)، ففي حاسة السمع لا مانع من تعريض ملك لأصوات مختلفة ومساعدتها على التمييز بينها: "الحيوانات – الماء– تحديد اتجاه الصوت – تقليد الأصوات المختلفة – أداء تعبيرات صوتية مختلفة كالفرح – الخوف – تمييز أصوات معينة" وغيره من الألعاب التي تحفز حاسة السمع.
ويمكن فى حاسة البصر يتم تنمية ذكائها عبر الألوان والضوء، كرؤيتها للوحات فنية طبيعة، وتمييزها للألوان المتعددة والدرجات للون الواحد.
ولحاسة الشم وفِّرى لملك فرصة شم الأشياء المختلفة (في المطبخ مثلا وتمييزها ووصفها وغير ذلك، وفي اللمس: دعيها تميز (الناعم – الخشن)، (ساخن – بارد). وفي التذوق: ساعديها على تذوق الأشياء المختلفة (ملح – سكر).
ومن المهم أختنا أم ملك أن توفري لابنتك الغالية بيئة هادئة آمنة لينمو ذكاؤها، مع ضرورة أن يكون الاهتمام بالذكاء مع الاهتمام بنواحي النمو الأخرى؛ لأنها لدى الطفل تتشابك وتصب في قناة واحدة وهي قناة الأداء المتميز. ويمكنك مراجعة ملفنا صيف ذكي جدا ، فسوف تجدي فيه مايفيدك إن شاء الله
ـــــــــــــــــ(104/4)
الخجل الاجتماعي.. متى يكون طبيعيا؟ ... العنوان
السادة الأفاضل..
أنا أم لطفلين أكمل (ثلاث سنوات ونصف) وكرمة (سنة ونصف)، وأحتاج إلى مشورتكم في مشكلة تتعلق بأكمل، وهي الخجل الزائد والذي ربما يصل إلى حد ما يطلق عليه (selective mutism).
ربما من المهم أن أقول إنني كنت أعاني من خجل مرضي في طفولتي وكان يؤثر على تقدمي الدراسي؛ فبينما كنت أحصل على الدرجات الكاملة في التحريري كنت لا أجاوب على الشفوي إلا بصعوبة بالغة. والداي لم يكن لديهما الوعي الكافي لحل مشكلتي وكانا يسخران مني حتى تخلصت بمفردي من الخجل عن طريق التدريب الذاتي والحمد لله.
لا أريد لـ"أكمل" أن يعاني مثلي؛ فخسارة أن يضيع الذكاء وراء الخجل. ولأوضح أكثر إليكم بعض التفاصيل عن نشأة أكمل وتطوره:
بداية نسكن في نفس العمارة مع والدي، وكنت أتركه معهما عندما كنت أذهب إلى العمل (تركت العمل بعد أن رزقنا بكرمة)، في هذه الفترة ازداد تعلق أكمل بوالدي والعكس، كان والدي يخرج به ويكلمه ويفرجه على أشياء تلفت نظره. وقد أثمر هذا ثمارا طيبة؛ فأكمل بدأ الكلام وعمره ثمانية أشهر تقريبا. وبعمر سنة ونصف كان يُكِّون جملا طويلة نسبيا.
في الحقيقة إن مهاراته اللغوية متقدمة، فيلفت نظره أي كلمة جديدة ويسأل عن معناها ويستطيع استنتاج بعض التصاريف اللغوية بمفرده، مثلا يسألني (هل الذي يدهن دهان) هو كذلك قوي الملاحظة، وعلى قدر كبير من التركيز، يستطيع بمفرده أن يسترجع أحداثا جرت منذ فترة، وأن يؤلف نهايات جديدة لبعض القصص...
بقي أن أقول إن أكمل هو موضع حب جميع أفراد العائلتين؛ فدائما للطفل الأول مكانة خاصة، وهو بالمناسبة أول طفل ترزق به العائلتان.
لقد أحسنا إعداد أكمل لاستقبال أخته واستطعنا أن نعبر به هذه الفترة بأمان وهو يحب أخته للغاية وغيرته منها في الحدود العادية. باختصار أحسبه طفلا ذكيا وخصوصا في المجال اللغوي والذي هو نفسه مشكلة أكمل. بدأ هذا ربما في فترة حملي عندما تركت العمل وجلست مع أكمل فازداد تعلقا بي حتى إنه بدأ يرفض النزول لوالدي بعد أن كان ينزل لوحده.
لاحظت كذلك أنه لا يتكلم خارج المنزل إطلاقا ولا حتى معي، حاولت أن أشجعه، لكن الموضوع زاد وبدأت دائرة الخجل تزيد؛ فأحيانا لا يسلم على والدي ولا يرد عليه إذا كلمه، يزداد الموقف سوءا إذا حضر بعض الزوار ممن لا يراهم كثيرا ولكنه يعرفهم (خالي مثلا)؛ فيدخل في نوبة بكاء وصراخ ويضعني هذا في موقف محرج.
عندما بلغ أكمل ثلاث سنوات رأينا أنا ووالده أنه ربما من الأفضل له أن يذهب إلى حضانة فيختلط مع الأطفال ويلعب ويدع الخجل، انتقيت حضانة جيدة وأعددته نفسيا لفترة كافية للذهاب إلى الحضانة. في اليوم الأول لم يكلم أحدا حتى ظنت المدرسة أنه يعاني تأخرا في الكلام مع الوقت بدأ يندمج قليلا وأصبح يقول "السلام عليكم" عندما يدخل الحضانة وهذا إنجاز.
في البيت أيضا أصبح يسلم على الزوار دون فزع. والغريب أنه لا يحكي أي شيء يحدث في الحضانة، أسمعه يهمس بنشيد أو دعاء أو سورة قرآن، وأحاول بطرق مختلفة أن أسأله أخذت كذا؟ حفظت كذا فيقول لا، لا أعرفها.. مع أني متأكدة أنه يحفظها.
عندما بلغت كرمة العام الأول احتجت بشدة أن ألحقها بالحضانة لأنها شقية جدا وكثيرة الحركة وشديدة التعلق بي؛ وهو ما جعل من المستحيل متابعة أعمال المنزل وهي معي. شيئا فشيئا تأقلمت مع الحضانة وهي بالطبع تذهب مع أكمل ويكونان في مكان واحد بعض الوقت حتى يدخل الأطفال الأكبر إلى حجرة الدراسة. أكمل اعترض في البداية على ذهاب أخته وكان يذهب إليها ليسكتها إذا بكت؛ فقلتُ له المعلمة تسكتها وأنت العب مع أصحابك..
إنني ووالده نغدق عليه من حبنا وكل وقتنا في المنزل يقضيه في أنشطة ممتعة نشاركه فيها وننمي لديه الثقة بالنفس ونشركه في بعض القرارات. وباختصار أرى أننا نعامله باحترام ولا أرى تقصيرا يدفعه إلى الخجل المفرط حتى من المقربين له.
يذهب أكمل الآن إلى الحضانة منذ 6 أشهر، ولكنه أصبح يبكي يوميا عندما أذهب ولم يعد يسلم عندما يدخل، في حين أن كرمة تعلقت بمدرستها وتلوح لها ونحن ذاهبون، بينما يرفض أكمل الدخول إلى حجرة الدراسة ويقول صوتهم عال ويوجع دماغي. في البيت أحيانا لا يتكلم مع والدي وإخوتي أو يخبئ وجهه بيديه ويقول لا أريد أن يراني أحدًا.
مازال لا يتكلم خارج البيت مع أحد، لكنه أحيانا يكون شقيا في محل مثلا، إذا سأله أحد عن اسمه لا يرد وكأنه لا يسمعه. إذا سألته عن شيء ونحن بالخارج كذلك فلا يكلمني أو يرد بالإشارات فقط.
اعذروني على الإطالة، ولكني أردت أن أوضح لكم الصورة؛ فأنا قلقة، خصوصا أن أكمل سيلتحق بالمدرسة هذا العام. أشكر لكم جهدكم المأجور بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله.
... السؤال
مشكلات شقية, الخجل والانطواء ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
من الواضح مما ذكرت في رسالتك يا سيدتي أن أكمل والحمد لله طفل طبيعي وفي غاية الذكاء وسرعة البديهة وليس عنده أي نوع من مشاكل النطق أو التخاطب، وأنت نفسك ذكرت أنه شديد التركيز وذو خيال واسع وأنه يتفاعل داخل البيت معكم بطريقة طبيعية.
إذن نحن نتعامل مع صورة من صور الخجل الاجتماعي، وفي هذه السن يعتبر طبيعيا وليس مرضيا، ونحن الذين بيدنا أن نساعد الطفل على تجاوزه والتغلب عليه أو استمراره معه للكبر...
ليس السبب مهمًّا؛ فقد يكون ميلاد أخته أشعره أن هناك ما يهدد مكانته المتميزة التي حصل عليها لديكم ولدى أجداده، وقد يكون لشدة ذكائه شعر أن التوقعات المطلوبة منه في التفاعل والكلام كبيرة؛ وهو ما أصابه بحالة من الخوف والخجل، أيا كان السبب.
المهم والأكيد أن إشعار أكمل أن هناك مشكلة لديه تسمى الخجل أو الخوف أو الكسوف من الأغراب ليس مما يساعدنا في العلاج، بل بالعكس تماما فإن ذلك يزيد الأمر سوءا أو يشعر أكمل بمشكلة لديه فيزداد خجلا وعدم ثقة بالنفس خاصة مع مقارنته بأخته.
ولذلك كل المطلوب منكم الآن هو نسيان الأمر تماما وتجاهله وعدم التعليق عليه وألا تطلبوا منه أبدا أن يسلم على أحد أو يتحدث أمامه ولا داعي أبدا لشعوركم بالإحراج؛ فهذا طفل صغير ليس مطلوبا منه بعد مجاملة الكبار، ولا بد أن تدركوا أن أكمل سوف يتحسن بالتدريج البطيء حتى يصبح طبيعيا، وأنه لن يتجاوز المشكلة أبدا بالضغط عليه أو بإشعاره بها ولكنه سيتجاوز بإرادته هو إذا شعر بالأمان وعدم الخوف من الضغط منكم أو شعر بأنه يسبب لكم إحراجا أو إحباطا وأنه لا يستطيع أن يكون كما تحبون؛ فهذه المشاعر السلبية تزيد من شعوره بالخوف والخجل.
المطلوب الآن عدم التحدث عن الأمر تماما ولا حتى بينكم وبين بعض، وأن تشعروا أنتم أن الأمر طبيعي لا يدعو للقلق، وأن تُشعروا أكمل بالثقة بأن تثنوا على كل تصرفاته بأنه ولد ممتاز وشاطر وأنكم سعداء به، واتركوه يتعامل مع الناس بحرية عندما يريد ويسلم على من يريد ويتحدث عن الحضانة وقتما يحب وثقوا تماما أن الصورة ستتحسن تدريجيا أو نجحتم أنتم في ذلك.
ـــــــــــــــــ(104/5)
الحضانة: التعود بخطوات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أود الاستفسار من حضرتكم عن الوقت الملائم لإرسال الطفل إلى الروضة أو البستان.. أي: هل من مصلحة الطفل إرساله بسن الثلاث سنوات مثلا أم بعد ذلك؟ خاصة إذا كانت الأم عاملة.
... السؤال
عالم الدراسة, الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتى،
نعم.. يجب أن يحصل الطفل فى الثالثة على مجتمع شخصي، ولذلك ننصح بحضانة يدخلها لفترات بسيطة أثناء النهار، وذلك لمجرد أن يتعود على التعامل مع أمثاله وأقرانه، وأم بديلة لا تهلل لكل حركة وكل لعبة وهى المدرسة، فيكتسب خبرات ومهارات اجتماعية جديدة تساعد فى تنمية شخصيته وفكره.
وهذا يجب أن يحدث سواء كانت الأم عاملة أم ربة بيت؛ لأن الهدف من الحضانة ليس التخلص من الطفل بل مساعدته على تكوين شخصية اجتماعية متوازنة.
ومن هذا المنطلق يجب إعداد الطفل لذلك، فالطفل الذي يسمع فى البيت حوارا حول أنه يجب أن يذهب للحضانة لنرتاح من إزعاجه، غير الطفل الذي تعده أمه لهذه المرحلة بالشرح والتوضيح: إنك كبرت يا ولدي، وأصبحت تحتاج إلى أصدقاء من نفس سنك، وتحتاج أن تتعلم بعض الأشياء الجديدة، ليست كلها مما تستطيع ماما أو بابا توفيرها لك، وكما ترى فكل الأطفال حين تكبر تذهب للحضانة والمدرسة ثم الجامعة، وأنت الآن أصبحت فى مرحلة الحضانة.
وكما أشرت فى البداية، يجب أن يحدث ذلك بالتدريج، أي أن يتم تركه في البداية لمدة بسيطة ساعتين أو ثلاثة، ثم تزداد المدة تدريجيا حتى تصبح نهارا كاملا حسب جدول الحضانة الملحق بها، على شرط ألا تتأخري في الوصول لأخذه؛ حتى لا ننزع منه الإحساس بالأمان؛ فالطفل الذي يرى كل زملائه قد رحلوا مع أمهاتهم ولم تصل أمه بعد لا يستطيع أن يفهم أن المرور له مشاكله وأن رئيسها المباشر قد عطلها بطلب أخير. كل ما يعرفه هذا الصغير أن أمه تركته، نسيته، تخلصت منه. ولا يرد هذا الشعور وصولها بعد ذلك، فما يتم حفره فى العقل يظل فى العقل مهما تعقل الإنسان فى فهمه بعد ذلك.
ـــــــــــــــــ(104/6)
طول النفس.. سر التربية ... العنوان
السلام عليكم، وجزاكم الله عنا كل الخير بالدنيا والآخرة..
حيرتي هي بابنتي الكبرى ذات الـ12 عاما، فهي ذكية جدا، لها ذاكرة مذهلة، متفوقة بالدراسة، أو على الأقل في أول 3 صفوف كانت كذلك، أما الآن فمعدلها بالتسعين.. والرياضيات 87، حيث إني أتابعها بدراستها من بعيد، فأنا أحاول جعلها تعتمد على نفسها بالدراسة.
المشكلة أنها لا تلتزم بالصلاة إلا إذا تابعتها فرضا بفرض، وأحيانا أشك أنها تصلي بدون وضوء أو تصلي وعيونها على باب الغرفة لترى إذا مررت تركع أو تسجد، أي أنها تتظاهر بالصلاة خوفا مني، مع أني شرحت لها بأكثر من وسيلة أن الصلاة لله وليست لي.
عززت وكافأت وعاقبت منذ سن التاسعة وحتى الآن، ولكن وبما أنها بلغت منذ شهرين، وهي لا تزال على نفس السلوك، لذلك حاولت بشتى الطرق أن أفهمها أنها لم تعد كما كانت، وأن سن البلوغ قد بدأ عندها، واحتفلت معها ببلوغها لما قرأت بإحدى استشاراتكم من قبل بما فعله رسولنا الكريم بأن أعطى إحدى الفتيات نصيبا من غنائم إحدى الغزوات لما علم ببلوغها قبل أن يكلفها بتعاليم الدين الحنيف، إلا أن ابنتي تلتزم أمامي، وبمجرد أن أدير ظهري تعود للهوها وتهربها، وهكذا.
آمرها بأكثر الأمور التي أكلفها بها، حتى دراستها وواجباتها البيتية!
بقي أن أقول: إن مدرستها للأسف متدنية المستوى، والمدرسات لا دخل لشهاداتهن بمهنة التدريس، لكن لا يوجد بمنطقتنا سواها، وقد شكت إحدى المدرسات منذ سنتين من نشاط ابنتي، وأنها عندها مشكلة حب الظهور والثقة الزائدة بالنفس، والآن حاولت مع المدرسة لأجعلهم يوظفون نشاط ابنتي وقوة حفظها، ولكن دون فائدة.
ابنتي مشتركة الآن بحلقة تحفيظ القرآن، وهي تسير بشكل ممتاز، لكني عاقبتها بمنعها من الذهاب للتحفيظ؛ إذ إن من لا يصلي لا داعي لأن يحفظ القرآن كنوع من التهديد، وبكت لهذا كثيرا.
وأخيرا..
ماذا أفعل معها لتتوقف عن الكذب؟، وهو أمر -لا أخفيكم سرا- يخيفني جدا.. كيف أجعلها تصلي وحدها مع العلم أني أحضرت لها كتبا وأشرطة تتحدث عن الصلاة، وسمعناها معا، وقرأناها مع كل أفراد الأسرة؟، والأهم من هذا كله أن أخاها (10سنوات) يمشي على خطاها تماما، إذا صلينا مع أبينا جماعة صلى الأولاد معنا، وإذا لم نصل بقوا بلا صلاة.
فماذا أفعل رجاء؟
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, مفاتيح تربوية, أبناؤنا والإيمان, عالم المراهقة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول أ.حنان طقش من فريق الاستشارات التربوية:
السلام عليكم..
أعانك الله على حمل الأمانة فالتربية ليست بالأمر الهين ولكنها تحتاج لأمرين لا بد منهما كي تستقيم:
*الأول: التكرار والثبات للقواعد والقيم بالقول والفعل دون شدة، مع تقبل شيء من الخطأ والذي يعتبر جزءا من الطبيعة البشرية.
*الثاني: هو الأكثر صعوبة، وهو الصبر أو كما نقول بالعامية النفس الطويل.
لمساعدة طفلتك على التخلص من الكذب يجب أن تتجنبي الشدة في التعامل معها، وتذكري عزيزتي أن الكذب في جوهره دليل خوف، والتربية الناجحة لن تدفع أحد للكذب؛ لأنها لا تتبع القسوة. وتملص طفلتك من الالتزام صورة لمقاومتك من خلال رفض ما يعنيك، وإتباع الطفل الآخر لنفس الخطوات يجب أن ينبهك لمراجعة علاقتك بطفليك فالكذب في هذه المرحلة دليل تمرد على سلطتك.
أنت منزعجة لمقاومة طفلتك تبني قيمنا الدينية، ولكن تذكري أننا نتبنى قيم من نحبهم بتلقائية، نبتناها كي نشاركهم، فإن أردت أن تنشأ ابنتك على تعاليم ديننا عليك البدء بإصلاح علاقتك بها؛ فزودي العلاقة بما تحتاجه من حب وود وتقبل أكثر من العقوبات والدروس. فالتربية كالزراعة تحتاج لوقت كي تؤتي ثمارها وفي المراهقة نرى تباشير لما زرع من قيم.
من المجدي عقاب الأولاد بحرمانهم من بعض الامتيازات ولكن ألا تعرفين أن الطاعات تشد بعضها بعضا؟ فكيف بالله تحرمينها من القرآن كي تدفعيها للصلاة!!
لماذا لا نعكس الصورة ونستثمر حبها وحرصها على القرآن بتوضيح أن أفضل وسيلة للحفاظ عليه ومراجعته تكون من خلال الصلاة النافلة والفريضة، وإن لم تفعل هذا يكفينا أنها ستكون في حالة من الذكر والعبادة وإن شئت عقابها فلا بأس لكن ليس فيما نسعى لتثبيته، ولكن عاقبيها بأن تقتطعي مثلا من وقت التلفاز أو الحديث على الهاتف.
عزيزتي..
لا تصفي صغيرتك بأنها محبة للظهور، فجميع البشر لديهم رغبة في التفوق والتباهي والحصول على رضا الآخرين وإعجابهم.. ألا ترين وصف الله تعالي للحياة الدنيا بأنها لعب ولهو وزينة وتفاخر.
خففي من غضبك وقلقك على التزام ابنتك، فهي وإن كانت مكلفة شرعًا إلا أنها ليست ناضجة معرفيا ووجدانيا لدرجة تساعدها على الالتزام باستقلالية -بسبب أساليب التربية المتسلطة- فلا بأس من الاستمرار في تشجيعها بمدحها أمام الناس والحفاظ على صلاة الجماعة مع والدهم أو معك.
بالنسبة لمسألة الدراسة فمعدل ابنتك يدل على تفوقها، ولا يبدو أنها تعاني مشكلة، فكون معدلها في التسعين فهذا أمر جيد، ولكن يمكنك مراجعة الروابط أسفل الاستشارة لمزيد من الفائدة.
لست وحدك في معركة الإرادات والقيم مع الأبناء، فهي مشكلة الكثير من الآباء ولكن ما زال أمامك الكثير من الوقت لتربحي فأنت أكثر خبرة وحنكة ونحن معك.
ـــــــــــــــــ(104/7)
ابني الذكي: عصبي ومهمل وجبان ... العنوان
السلام عليكم،
أود أولا، وقبل كل شيء أشكركم الشكر الجزيل على تواصلكم معنا، وذلك حتى نصل بهذا الجيل الذي هو أمانة في أعناقنا إلى أعلى المستويات فكريا وتربويا.
سؤالي ينقسم إلى عدة أوجه:
الوجه الأول:
لدي طفل واحد يبلغ من العمر سنة وعشرة أشهر، يتمتع بذكاء عال يحس به جميع من يختلط به، ويتفاجأ الجميع بمن فيهم أنا بحركاته وكلماته، وحتى ردود أفعاله مما يزيد علي صعوبة التعامل معه؛ لأني أخاف أن أتعامل معه بطريقة خاطئة يكون لها الأثر السلبي عليه.
المشكلة أنه عصبي جدا، وباله كما يقولون قصير جدا، ففي حالة أننا لم ننفذ طلبه، أو إذا كان يلعب بلعبة، ولم يجد فيها ما يتوقعه، فإنه يبدأ بعض أصبعه أو ضرب رأسه بالأرض، فهو عديم الصبر جدا، ولا أدري كيف أتعامل معه بهذا الشأن.
أحيانا أقوم بإهماله عندما يقوم بذلك، وأحيانا أسأله ما الذي يزعجه، وأشرح له كيف كان عليه التصرف حتى تستجيب له اللعبة كما يريد، وأحيانا أهدده بالذهاب إلى الطبيب لأنه يقوم بضرب رأسه بالأرض، وكل مرة أتصرف معه بأسلوب.. أحيانا ينفع وأحيانا لا.
فما هو الحل الأمثل لانعدام صبر ابني وعصبيته؟ وما هو العقاب المناسب في هذا العمر؟ وأود أن أسأل: كيف أنمي عند ابني دفاعه عن نفسه؟ لأني أحس بأنه يخاف أن يدافع عن نفسه أمام الأطفال بنفس عمره، مع العلم أن له ابن عم سلوكه عدواني يكبره بسنة ونصف تقريبا، وأخاف على ابني منه، فعندما أترك ابني عند أهل زوجي ويكون عندهم أشعر بعدم الأمان لأن ابن عمه لا يؤمن جانبه؛ فهو يضرب بأي شيء بيده، وأشعر في بعض الأحيان بأنه هو السبب في جعل ابني يخشى الدفاع عن نفسه، فعندما يقترب منه أحد الأطفال أو يمسك به يبدأ بالصراخ بطريقة تنم عن الرعب حتى لو كان هدف الطفل اللعب معه، فكيف أخلصه من هذه العقدة؟.
وأود أن أسأل عن قلة أكل ابني.. فإنه لا يحب الأكل مع أنه كثير الحركة ويصرف الكثير من الطاقة؟ كما أود أن أسأل متى أقوم بفصل ابني بغرفة خاصة عند النوم، خاصة أنني انتظر المولود الآخر؟ وما هو الأسلوب الأمثل لذلك؟.
الوجه الآخر:
هو أنني لا أحب ولا أحبذ أسلوب الضرب على الرغم من أني امرأة عاملة وعلى وشك الولادة، كما أني عصبية، ولكنها تظهر فقط إذا زاد الضغط علي كثيرا.
أحب أن أتفاهم مع ابني وأكره قيام أي شخص بأذيته ولو كان أباه كأن يضربه على يده أو يصرخ فيه، مع أني أضطر أحيانا للصراخ؛ لأنه لديه قدرة كبيرة على الإهمال، بل أحيانا أقوم بجذبه نحوي والنظر بعينيه لكي أطلب إليه القيام بعمل معين ونادرا ما يجيبني؛ لأنني -ولا أدري إن كنت على صواب أم لا؟- أترك له المجال للعب بكل شيء لا يضره حتى يكتشف وينمي ذكاءه، مما يجعلني أقوم بالعمل نفسه ما يزيد عن خمس مرات يوميا حتى أعيد ما قام بتناوله إلى مكانه.
السؤال هو: كيف أجعل ابني يستجيب لطلباتي ولا يهملني؟ وكيف أجعله يترك بعض التصرفات التي لا أريده أن يتصرفها مثل الكتابة على الجدران؟
فهو يحب الكتابة والرسم كثيرا حتى أنه على الرغم من عمره المبكر يجيد إمساك القلم ورسم الوجوه والأعين وبعض الأعداد، فكيف أنمي ذكاءه من خلال حبه للرسم والكتابة فإن القلم يعد عنده لعبته المفضلة، وكيف أصل به إلى جانب الإبداع حتى يكون له مستقبل مميز لما يمتلك من قدرات؟
وأخيرا.. أود أن أتساءل عن شعور ينتابني بأن ابني لا يكن لي المكانة التي تتمتع بها كل أم عند وليدها، وهذا الشعور ينبع من أني أغيب عنه وأتركه عادة عند أهلي أو عند أهل زوجي. ولا أدري هل هي أنانية الأمومة أم ماذا؟
وذلك يدفعني للبقاء معه وحدي في بعض الأحيان حتى يحس أني والدته، وذلك لأني أحس بأني أقل من تشاهده وتمكث معه وحتى الوقت الذي أقضيه بالبيت يكون الجزء الأكبر منه للقيام بأعمالي المنزلية مع أني أخصص له الوقت لألعب معه وأتكلم معه.
عفوا للإطالة وأرجو أن أجد عندكم الجواب الشافي لكل استفساراتي.
... السؤال
التربية الناجحة, مشكلات شقية, العناد والعصبية, فقدان الشهية, مفاتيح تربوية ... الموضوع
أ.عبدالرحمن خالد الحرمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
جميل جدا هذا الاهتمام والحرص على ابنك وهو في هذه السن المبكرة، وإن كنت أرى أنه لا داعي لكل هذا القلق والحيرة في التعامل معه كطفل في عمر سنة وعشرة أشهر، حسب ما ذكرت.
أود أن أثير انتباهك إلى نقطة، وهي أن كثيرا من الأمهات في بداية استشاراتهن ووصفهن لسلوك أبنائهن عادة ما يبدأن بتقرير أن (ابني ذكي جدا)، وهذا بالنسبة لي إخبار وليس حكما.
أما كونه عصبيا جدا كما تقولين، فأظن والله أعلم أن هذا من السلوكيات المكتسبة؛ حيث إن الولد في هذه السن عبارة عن كاميرا تصوير، تلتقط كل ما تراه؛ لذلك فهذه العصبية الصادرة عنه في الغالب أنها منك لما ذكرته من أنك عصبية بالذات تجاه تصرفاته، فالابن في هذه السن يقلد ما يراه من حوله حتى في المشاعر والسلوكيات والنظرات التي كنت ترمينه بها؛ لذلك أنصح كل أب وكل أم أن يكونوا لأبنائهم كما يحبون أن يكونوا لهم.
السلوك الثاني: أنه مُهمِل، وكان بودي أن أعرف مفهوم الإهمال لديك.. هل لأنه لا يقوم بترتيب الألعاب مثلا.. أو تنظيف مكان تناول طعامه...؟!!!.
فليست هذه هي السن المناسبة ليقوم هو بكل ذلك، بل العكس من ذلك، فتخريب الألعاب وكسر بعضها وإحداث الفوضى من خصائص الطفل في هذه السن، ونحن يمكن فقط من خلال سلوكنا العملي أمامه في ترتيب الألعاب، وتنظيف المكان، أن نساعده على اكتساب هذه الصفة، فهو سيقلدنا ويشترك معنا في هذا العمل.
أما قضية جبن ابنك وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه وخوفك عليه من ابن عمه، فبما أنه المولود الأول في البيت، فإنه لا يمتلك مهارة التعامل مع الطفل الآخر سواء في الدفاع عن نفسه أو في الاعتداء على الآخر، ولا داعي للقلق كثيرا حول هذه القضية، ويجب ألا نعبئ في الطفل العدوانية كما يفعل البعض وأنه يجب أن يرد الصاع صاعين.
وأما عن أفضل وسيلة للعقاب فأظن أن الوقت لم يحن بعد للعقاب، ولكن نصيحتي لك -وأرجو أن تقومي بها بتدرج وتواصل- هي القصص الهادفة قبل النوم، والتي من خلالها تستطيعين أن تقوّمي سلوك طفلك هذا وطفلك القادم بإذن الله تعالى.
وبالنسبة للكتابة على الجدران، فلماذا لا يكتب على الورق؟ وفري له علبة ألوان وكراسة رسم مثلا، وابدئي أنت بالكتابة والتلوين أمامه ودعيه يفرغ طاقته في هذه الأوراق.. فعندما تأتينا بعض الاستشارات أن ابني لا يقرأ فأطرح عليهم هذا السؤال: وهل أنتم تقرءون؟
مسألة نومه في غرفة مستقلة ومعزولة، فيقول ابن عباس رضي الله عنه، أنه إذا أراد أن يجامع أهله كان يخرج الرضيع من الحجرة، لذلك أرى أنه من الأفضل أن يتم تعويده على النوم بغرفة مستقلة بعد عمر سنتين، ويكون ذلك بالتدريج وبأسلوب محبب.
وبخصوص كمية الأكل التي يتناولها وأنها لا تتناسب مع حركته ونشاطه.. فيجب النظر في نوعية وأوقات تناوله للطعام، فمعظم الأطفال يحبون أكل الحلويات وهذا يسد الجوع لديهم؛ لذلك لا يقبلون على الأصناف الأخرى، أو أن أوقات تناولهم للطعام غير منتظمة وليس فيها تنوع وأصناف يحبها الطفل نفسه. ولا ننسى أن نزين الطعام المقدم له وحبذا لو نخصص له أطباقا وملاعق تتناسب مع سنه.
وأما وظيفتك فهي بلا شك تؤثر تأثيرا سلبيا على نفسية وسلوكيات الطفل، خاصة في هذه المرحلة، ولن يستطيع أحد أن يسد مكانك مهما كانت علاقته به، حيث من الثابت تربويا أن الطفل في هذا العمر إذا لم يشاهد وجه أمه عند استيقاظه من النوم يصاب بتوتر وخوف على أمه ويستمر هذا الخوف حتى يلتقي بها، وهذا يتكرر معه يوميا، وبلا شك أن هذا سيؤثر على نفسيته كما تلاحظين، فإن استطعت أن تتواصلي معه ولو بالهاتف فافعلي، ثم إذا رجعت إلى البيت فاجعلي جُل وقتك معه، وقومي بشرح وظيفتك اليومية وسبب خروجك من المنزل حتى يعلم أنك ستعودين إليه في نهاية اليوم، وكرري عليه هذا الشرح.
أسأل الله عز وجل لك كل التوفيق ولابنك النجاح، وأن يكون أحد المبرزين في الأمة
ـــــــــــــــــ(104/8)
الحزم في التربية.. علاج للفوضى ... العنوان
السلام عليكم
ابنتي وولدي متعلقان بي جدا، وجربت كل الطرق كي يناموا في غرفتهم، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل.
ابنتي "جوري" 5 سنوات تقوم تصرخ وتبكي؛ تريد أن أنام بجوارها، وأخوها عمرو 3 سنوات يقلدها.
ابنتي نومها قليل جدا، وتصحو ليلا بين مرتين وثلاثة.
أرجوكم ساعدوني، فقد تعبت، ما تركت شيئا إلا جربته، وهي ذات شخصية قوية وعصبية وتحب التحكم والسيطرة.
وشكرا لتعاونكم.
... السؤال
التربية الناجحة, مشكلات شقية, اضطرابات النوم, العناد والعصبية, مفاتيح تربوية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيدة الفاضلة أم جوري
على الرغم من أن سؤالك الأصلي كان عن مشكلة النوم واستقلال أبنائك في غرفتهم؛ فإن المشكلة الأكبر في تعاملك مع ابنتك هي عدم انضباطها وعدم قدرتك على التحكم فيها، حيث إنك ذكرت أنها عصبية وعنيدة، ولا تسمع الكلام، والواقع أنه لا يوجد طفل يولد بهذه المواصفات، ولكن طريقة تربيتنا له هي التي توصله لهذه الحالة.
فمن الواضح حتى من مشكلة النوم أنك لا تستطيعين التحكم فيها أو التفاهم معها، وأنا أعتقد أن هناك حالة من التدليل أو عدم الحزم في تعاملك مع أولادك مما يؤدي لعدم إطاعتهم لأوامرك، وعندما يفيض بك الكيل فإنك تعاقبينهم بشدة ثم تعودين لحالة عدم الانضباط والحزم، وهذا أسلوب خطير جدا في التربية؛ لأن ابنتك لا تعرف متى يجب أن تطيع أمرك، وأنت لا تعرفين أسلوبا يجعلها تنفذ ما تطلبينه منها دون عنف أو ضرب.
إن تربية الأطفال في هذا الزمن الصعب، وإن كانت ليست سهلة إلا أنها ليست مستحيلة، وبالتأكيد فإن المجهود الذي يمكن أن تبذليه لوضع نظام وقواعد ثابتة للبيت مهما كانت مرهقة ستكون أهون عليك من تحمل الكثير من المشاكل، ولهذا نقول لك:
بدلا من "نعم" و "لا" و "افعل" و "لا تفعل"، ضعي قواعد للبيت يحترمها ويخضع لها الجميع سواء.
أولا: ماذا نقصد بوضع قواعد في البيت؟
نعني بذلك وضع نظم ثابتة يسير عليها أفراد البيت جميعهم دون استثناء ويفهمها ويشارك في وضعها كل أفراد البيت، وعلى هذا فيجب أن تكون:
- غير خاضعة للمناقشة مع كل موقف؛ لأنها ثابتة ومتفق عليها.
- ليست طلبا من شخص إلى شخص يحتاج للإلحاح والرفض، ولكنه نظام.
- لا يتم تغييرها أو إيقافها أو تأجيلها.
هذه القواعد تساعد الأولاد والآباء على التفاهم وتأدية المهام المطلوبة بأقل قدر من الصراع والمشاكل؛ وذلك لأن هذه القواعد قد تم الاتفاق عليها معهم، فنحن ننفذ ما اتفقنا عليه، وليس في كل مرة علينا التفاوض من جديد، ولأن تعامل الطفل مع قاعدة ثابتة حتى ولو كانت لا ترضيه كل الرضا أفضل كثيرا من تعامله مع أم أو أب متقلبي المزاج والآراء لا يمكن التنبؤ بردود أفعالهم، فاليوم يمكن أن يرفضا ما قبلاه بالأمس، وغدا يوافقا على ما رفضاه اليوم.
إن ذلك يصيب الأطفال بالتشتت، كما أن هذه القواعد تطبق على الجميع دون استثناء، وبهذا يشعر الأبناء بالعدل والمساواة بين جميع أفراد الأسرة.
ولا بد من استخدام أسلوب الثواب والعقاب بطريقة هادفة وتربوية، فعندما تتصرف بطريقة صحيحة نكافئها عليها، وعندما تسيء التصرف نستخدم معها أسلوب الحرمان من الأشياء المفضلة والخصام، وهما يعتبران من الأساليب التربوية في عقاب الطفل وتوجيهه، ولكن لا بد من ترشيد استخدامهما، وعدم الإفراط فيهما لكي لا يفقدا معناهما، ولا بد ألا تزيد مدة الخصام عن نصف ساعة أو ساعة؛ لأنها بعد ذلك تفقد قيمتها ويمل الطفل ويبحث عن اهتمامات أخرى، فنفقد الفائدة المرجوة منها.
ولا بد ألا يعاقب الطفل أبدا قبل مناقشته وتوضيح خطئه وسماع دفاعه عن نفسه وأخذ موافقته على أسلوب العقاب وعلى أنه أخطأ ويستحق العقاب.
أما مشكلة النوم فقد كانت تحتاج إلى الحل من وقت طويل، فالطفل يحتاج إلى النوم بجوار أمه في شهوره الأولى لاحتياجه للرعاية المتواصلة والرضاعة بصورة مكثفة، ولكن مع نمو الطفل واستقرار نومه إلى حد ما، وقلة معدل الرضاعة، فيحتاج الطفل مع اقترابه من عامه الأول إلى أن ينام في سرير منفصل في غرفة منفصلة، وهذا مهم جدا للأم و للطفل.
فالأم تحتاج إلى الاستقلال في سريرها والنوم بصورة مريحة لتتمكن من مواصلة نشاطها اليومي؛ لأن نوم الطفل بجوار أمه يجعلها قلقة طوال الليل وتستيقظ لأقل حركة تصدر عن طفلها، كما أنها تتخذ أوضاعا غير مريحة في النوم تجعلها تستيقظ بآلام في كل جسدها.
وكذلك الطفل.. فإن أقل حركة أو تقلب للأم تجعله يستيقظ، وطالما أنه وجد أمه بجواره فتلقائيا يبحث عن الرضاعة، والنتيجة هي أنه لا الطفل ولا الأم أخذا كفايتهما من نوم هادئ مستقر.
والحل الصحيح والمثالي والمريح لجميع الأطراف هو فصل الأطفال كلهم في غرفتهم كلٍّ في سريره، وعندما يبكي الطفل تذهب إليه الأم ترضعه حتى ينام، ثم تعود إلى غرفتها، وهكذا تنال الأم والطفل والأب نوما مريحا مستقرا حتى ولو متقطعا، وبعد فترة يعتاد الطفل على ذلك، ويقل عدد مرات استيقاظه لمرتين أو ثلاثة فقط، كما أن هذه الخطوة من الخطوات المهمة جدا في حياة الطفل ليتعود على الاستقلال والشجاعة وعدم الخوف.
واليوم أنت تحتاجين لأخذ قرار نهائي بنوم الأطفال في غرفتهم وإفهامهم أن هذا قرار لا تراجع فيه، ثم تذهبين معهم قبل النوم إلى غرفتهم وتجلسين بجانب سريرهم تحكين لهم قصة أو تتحدثين معهم أو تغنين لهم حتى يناموا، وتُفهمِينهم أن من ينام في غرفته حتى الصباح له مكافأة، وإذا استيقظوا في الليل تعودي بهم فورا إلى غرفتهم ولا تسمحي لهم أبدا بالنوم معك.
في الصباح فقط أعطيهم مكافأة لأنهم استيقظوا في غرفتهم، ولم يأتوا إليك ليلا، واستمري على هذا الأسلوب حتى يعتادوا ولو بعد شهور أو سنة، المهم عدم التراجع ولو ليوم واحد.
الأمر يبدو في أوله وللوهلة الأولى صعبا، ولكن مع الصبر والإصرار تنجح الأسرة كلها معا في الوصول لهذا الوضع المستقر، ويجب الحذر تماما من التراجع لأي سبب من الأسباب؛ لأن هذا يجعل مقاومة الطفل للفكرة أشد.
ـــــــــــــــــ(104/9)
"طويل اللسان".. يتيم ويحتاج رعاية! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله
أنا قريبة للطفل محمد، هو يتيم، أمه توفيت وعمره 6 سنوات إثر مرض عضال وتزوج والده من امرأة مطلقة يكبرها بـ20 عاما ولديها طفل من زوجها السابق ويعيش مع والده وأنجبت من زوجها الحالي بنتا واحدة.
محمد لا يسمع الكلام ولا يريد من أحد أن "يتدخل به" وبالعامية (لسانه طويل) وأصبح لا يطاق بسبب قلة تربيته، وتحصيله العلمي سيئ حيث لا يوجد من يقوم بتدريسه سوى أخواته الأكبر منه ببضع سنين وهن أصلا بحاجة إلى من يدرسهن، مع العلم أن علاقته بزوجة أبيه سيئة وهو لا يسمع كلامها وهي بدورها لا تحبه.
والده يعمل ببلدة أخرى ويأتي إلى البيت كل 14 يوما مرة لمدة يومين ثم يعود لعمله، وعلاقته بزوجته ليست جيدة بسبب اضطراب العلاقات بين أولاده وبينها.
أنا أعلم أن الطفل مسكين، ولكن: ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع طفل بوضعه؟ هل أكون شديدة معه أم أكون سلسة أم ماذا؟؟.
أرجوكم أخبروني بالتفصيل كيف أساعده وكيف أتعامل معه؟ وهل مازال هناك أمل لجعله إنسانا صالحا أم أن الأوان قد فات؟
أرجوكم أخبروني.. وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
أسر مضطربة, مشكلات شقية, التقليد والبذاءة, مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/فضل أبوهين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لم يفت الأوان يا سيدتي، فهذا الطفل يحتاج إلى رعاية.
عليكأن تدركي أولاً أن هناك وضعا خاصا لهذا الطفل وهو حرمانه من الأم وحرمانه من الأب، وبالتالي: ليس اليتم من أنجبه ولداه وتركاه وحيدا إن اليتم من تلقى له أماً تخلت وأبا مشغولا.
يعيش محمد بين أب وأم.. ولكن، هذه الأم غير موجودة على أرض الواقع, والأب مشغول طوال الوقت وبالتالي زوجة الأب تحتاج إلى الاهتمام بذاتها وأولادها بصورة كبيرة, قد تظهر مشاكل لدى الأطفال لكنها ليست مقصودة، فلا يكون الإنسان عنيفا تجاه "زوجة الأب" أو قاسيا بلا سبب، إنما الذي يجعل هذا الطفل يفعل ذلك هو شعوره بأن هناك تمييزا صارخا من قبلك اتجاهه، في حين أنه يحتاج إلى من يسمعه الكلمة الجميلة ويشعره بالأمان والأمن.
إن أرادت زوجة الأب أن تصلح حالها وحال أبناء زوجها فعليها، أولاً أن تعدل بينهم وأن تتقي الله فيهم, لأن العدل بينهم يؤدي إلى هدوء داخل البيت من قبل الأولاد ويؤدي إلى راحتهم وراحة الزوج وتحسين علاقته مع الزوجة.
من هذا المنطلق يحتاج محمد إلى الهدوء، يحتاج إلى من يتفهمه ومن يتعامل معه بناء على المأساة التي يعيش بها، ومن يقف بجانبه لأجل أن يعزز شخصيته لأنه في بداية مرحلة المراهقة حاليا وهذا الوضع معناه أنه فقد الأم واهتمام الأب في فترة يحتاج فيها إلى وجود هذا السند العاطفي المهم في حياته.
محمد يحتاج من يوعيه ويغرس لديه المعلومات لأن الأم توفيت وهذا قدر الله فيه, والأب مشغول في أمور الدنيا لكي يوفر لقمة العيش الصالحة, ولهذا تبقى المسؤولية معلقة في رقبة زوجة الأب فعليها الهدوء مع الأبناء وألا تسخر منهم وأن تكون عادلة معهم وتعوضهم عما فقدوه من اهتمامات بعد ذلك، وأن تستشعر أنها تتعامل مع أيتام وتتذكر فضل ذلك وثوابه فسوف يعينها على الصبر والبذل إن شاء الله.
وتأكدوا أن الأمور استتبت واستقرت حياة محمد وسيتحسن مستواه الدراسي، ويصبح سلوكه أكثر هدوءا وتقبلا للإصلاح
ـــــــــــــــــ(104/10)
الدرس الأول في الانضباط ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ابني يبلغ من العمر سنة ونصفًا، وأريد أن أسأل عدة أسئلة جزاكم الله خيرًا.
كيف أتعامل معه إذا أخطأ في شيء وأردت تقويمه في هذا الشيء، كأن يلقي بالطعام من فمه على الأرض مثلاً دون ضغط مني عليه للأكل؟.
ابني لا يستجيب للزجر ويسكب الماء أو العصير على الأرض.. ماذا أفعل حين أريد تعويده على شيء أو كفه عن آخر؟.
كيف أدربه على التبول والتبرز مع أنه تعود على التبرز في الحمام، ولكن لظروف السفر نسي ذلك وأصبح لا يعطي أي إشارة تدل على أنه يريد ذلك، فما هي الخطوات التي أسلكها لتعليمه التبول اللاإرادي مرة أخرى؟.
نظرًا لأننا في غربة وهو لا يرى أمامه إلا أنا وأبيه أغلب الوقت أجده حين يرى أطفالاً لا يستطيع الاندماج معهم، بل ينزعج من الضوضاء فكيف أتعامل معه حتى لا يكون انطوائيًّا أو أنانيًّا، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
كثيرًا ما نتصور أن الطفل الرضيع في عامه الأول لا يستطيع أن يفهم رسالة الرفض أو الزجر أو الغضب من الأم؛ ولهذا فبعض الأمهات تتأخر كثيرًا في صياغة لغة للتفاهم بينها وبين طفلها من الصغر على ما توافق عليه الأم وما ترفضه، وكيف يفهم الطفل ذلك بينما البعض الآخر يتصور أن الطفل لن يفهم إلا إذا صرخت فيه الأم أو حتى ضربته ليفهم أن تصرفه هذا خطأ.
والواقع أن حدود فهم الطفل وإدراكه وإمكانياته في استيعاب انفعالات وتعبيرات وجه الآخرين ونبرات صوتهم أكبر وأوسع كثيرًا مما نتخيل، فالطفل يفهم جيدًا متى تكون أمه غاضبة ومتى تكون سعيدة، ومتى تكون متوترة ومتى تكون رافضة لما يفعله؛ ولهذا نجد الطفل حتى قبل أن يتم عامه الأول إذا أراد أن يفعل خطأ ما يعلم أنه مرفوض مثل وضع يده في الكهرباء مثلاً نجده ينظر إلى الأم ويتحين فرصة انشغالها ليفعل ذلك، وكذلك عندما تكون الأم غاضبة أو عصبية نجد الطفل يسكت وينظر إليها بحذر ينتظر رد فعلها؛ فالطفل يفهم جيدًا رسالة الرضا ورسالة الرفض أو الغضب من الأم.
المشكلة في قدرة الأم على الاستفادة من هذا الفهم لدى الطفل في إيجاد صيغة للتفاهم بينهما حول ما هو مقبول وما هو مرفوض، فمثلاً في حالة إلقاء الطفل للطعام من فمه أو سكب العصير على الأرض، على الأم في البداية أن تظهر للطفل الغضب والرفض فلا تبتسم له وتصدر له صوتًا تحذيريًّا، مع إشارة من أصبعها بأن هذا خطأ ومرفوض، فإذا استمر الطفل في تصرفاته وبدأ يعاند ويفعل ذلك عامدًا، على الأم أن تقوم وترفع الطعام من أمامه حتى ولو لم يكن قد أكمل غذاءه بعد، أو تحمل كوب العصير بعيدًا وتخبره بأنها غاضبة منه وأنها تخاصمه ولن تكلمه وتبتعد عنه فعلاً وعلى وجهها علامات الغضب، وترفض أن تتحدث إليه لمدة 10 دقائق مثلاً، ثم تأخذ الطفل من يده وتجعله يساعدها في مسح الأرض وإزالة أثر ما فعله. وعندما يستجيب لها ويساعدها تصالحه وتقبله وتفهمه أنه هكذا يكون ولدًا متميزًا وممتازًا، وكلما كرر الأخطاء تكرر نفس السيناريو: الرفض، الغضب، المخاصمة قليلاً، إصلاح ما أفسده، المصالحة مع الاتفاق على عدم تكرار الخطأ.
وثقي تمامًا أن الطفل يفهم كل ذلك ويستوعبه وينمي عنده حس التفريق بين الخطأ والصواب، والقدرة على التحكم في النفس، ومحاولة عدم تكرار الخطأ، وهذه أولى دروس الانضباط.
وانتبهي.. كل ذلك يجب أن يتم دون أي عصبية أو صوت عالٍ أو تهديد بالضرب.
أما بالنسبة للتعويد على التحكم في التبول والتبرز فالأمر ببساطة هو إعادة نفس الخطوات ونفس الأسلوب الذي اتخذ من قبل ونجح في المرة الأولى، والإكثار من أسلوب المكافآت والتشجيع والصبر وعدم الانقطاع ثانية حتى يتحكم في نفسه مرة أخرى.
ـــــــــــــــــ(104/11)
ابن العامين.. كيف أعاقبه؟! ... العنوان
السلام عليكم.
أرجو أن أجد من قبلكم التعاون المعهود، حيث إني أريد منكم إعطاءنا أفضل الأساليب للعقاب، خاصة للأطفال صغار السن، أي من عمر سنة ونصف إلى سنتين. وما هي إيجابيات وسلبيات كل طريقة؟
وهل طريقة الحبس بغرفة أو زاوية معينة من البيت لمدة زمنية محددة من الطرق المفيدة فعلا بهذا العمر أم لا؟ بالإضافة إلى كيفية التعامل مع من يتدخل بتربية الأبناء كالجد والجدة من غير أن نسبب المشاكل؟
وكيف أجعل ابني ينتظر بشوق حضور أخيه المرتقب، وألا تتأجج نار الغيرة عنده بعد قدوم أخيه؟ مع العلم أن عمر ابني سنة وعشرة أشهر.
لكم مني جزيل الشكر والعرفان.
... السؤال
مشكلات شقية, الطفل المشاكس, غيرة وشجار الأشقاء, مفاتيح تربوية, التربية الناجحة ... الموضوع
أ.وفاء أبو موسى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عزيزتي الأم:
سؤالك جاء واسعا جدا وكبيرا جدا، لا يمكن الرد عليه في استشارة. ولكن يمكن أن نقول:
إن الطفل في أعوامه الثلاثة الأولى يسعى للفت اهتمام الآخرين به ويحاول اكتشاف البيئة من حوله وتسمى مرحلة الاكتشاف، وتحدثنا عنها سابقا في ردود عدة تستطيعين العودة إليها.
هذه المرحلة يصعب استخدام العقاب فيها سواء باستخدام أسلوب الحرمان كأسلوب تربوي نستخدمه أحيانا، أو الضرب أو الحبس اللذان هما أسلوبان خاطئان بالتربية، وينعكسان على الطفل بالسلب في كل الأعمار، والتربية الحديثة فيها الكثير من الأساليب الناجحة.
لم تذكري برسالتك أيا من المواقف التي ترغبين معاقبة طفلك عليها، ولهذا فنحن في انتظار رسالة أخرى منك تذكرين فيها ما يستحق عليه العقاب وسأرد عليك بشكل متخصص.
بالنسبة لأساليب توجيه الطفل نحو الإيجاب ومعالجة السلبيات لديه، فأفضل الطرق هي أسلوب القصة الخيالية ويستحب استخدام الحيوانات أبطالا لها.
وهذه بعض الملاحظات حول الأطفال في هذا السن:
- يشعر الطفل بوالديه، وعندما يواجه الأهل طفلهما بخطئه ويعلمانه بحزنهما فإنه سيشعر بضيقهما فلا يكرر الخطأ.
- يحتاج الطفل أن نحتويه في الخطأ والصواب فلا تقابلي خطأه بالصراخ أو التوبيخ أو الضرب.
- في سن عامين تكون الألعاب هي عالم الطفل، فحاولي أن تقدمي له ألعاب الفك والتركيب والألوان والصور، فهما ينميان ذكاءه ويساعدانه على النمو السليم.
- يحتاج الطفل إلى أجواء أسرية سعيدة كي تقوى شخصيته وتتسم بالإيجاب، وتأكدي من أن الطفل مقلد أعمى، فكوني قدوة حسنة له في الألفاظ والسلوكيات وغيرها.
أما عن غيرة الطفل، فمن الطبيعي أن يغار من المولود الجديد؛ لأنه سينال الاهتمام الأكبر بحكم أنه صغير ويحتاج للعناية بشكل أكبر، وهذه الغيرة طبيعية وما يجعلها غير طبيعية هو ردود فعل والديه وسلوكياتهما، فعليكما الاهتمام به وإشراكه في انتظار أخيه بشوق من خلال الكلمات الجميلة والإيجابية، أو من خلال إشراكه في رعايته وملاعبته وتجهيز أغراضه بعد الولادة، وبهذا تستطيعان كسر حاجز الغيرة.
أخيرا:
فيما يتعلق بتدخل الآخرين في التربية، فالأمر منوط بالعائلة وحدودها والأفضل أن يكون للأم والأب حدود لا يتجاوزها أي أحد مهما كانت صفته، حتى يتربى الطفل بين والديه ويتلقى أسلوبا واحدا في التربية وليس أساليب متناقضة من شأنها أن تجعله شخصا سلبياته تفوق إيجابياته.
فحاولي أن تجعلي لطفلك برنامجا لحياته ما بين اللعب والمشاركة الاجتماعية والتنزه أو التعلم النشط من خلال الألعاب والطبيعة حتى لا يختلط كثيرا بالآخرين ويتدخلوا في تربيت
ـــــــــــــــــ(104/12)
اللعب الجنسي.. لا يعني سوء الخلق "متابعة" ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حضرة الدكتور المحترم وائل جزاك الله كل خير عن المجهود الذي تبذله..
أشكرك شكرا جزيلا لإجابتك عن رسالتي، ولكني للأسف لم أستطع أن أوصل لك سؤالي حيث حدث سوء فهم نتيجة عدم عرضي المشكلة بصورة واضحة واسمح لي أن أوضحها الآن بسرعة..
طبعا أنا أعرف أن زوجي كان متزوجا من تلك المرأة المسيحية وأن هذه ابنته منها ولكن الذي لم أكن أعرفه واكتشفته مؤخرا، وهذه المعلومات هي التي لا يعرف زوجي أني على علم بها، إنه كان على علاقة محرمة معها لمدة سنة وتزوجها فقط عندما علم بأنها حامل، وهذه المرأة، كانت تعاقر الخمر وتشرب السجائر بكثرة مما أدى إلى وفاتها.
هذه المعلومات جعلتني في رعب كبير لأني أخاف على هذه الطفلة اليتيمة التي أقوم بتربيتها وأعتبرها الآن ابنتي، وأدعو الله ليل نهار أن يجعلها قرة عين لي ولوالدها في الدارين. والسؤال الذي لم أستطع أن أوصله لك في الرسالة السابقة هو:
هل التربية ستجعل من هذه الطفلة شخصا صالحا أو أن الوراثة وأخلاق والدتها هو ما سيؤثر عليها في المستقبل؟
مع أني الآن ولله الحمد والشكر قد علمتها الصلاة وهي تؤديها معي في كل وقت وهي تتكلم معي وتقول لي مشاكلها في المدرسة، ولكن مشكلة اللعب الجنسي مع الأطفال الذين يأتون إليها لا تزال قائمة مع أني أبذل كل جهدي لكي لا أتركهم وحدهم وألعب معهم وقد آخذهم ونذهب إلى مكان قريب، ولكن مراقبتهم كل الوقت أمر مستحيل. مع أن الطفلة أخبرتني أن الأطفال يلعبون لعبات لا أخلاقية وأنها تكرههم من أجل ذلك وكان هذا الكلام قبل أن اكتشف أنها هي من تطلب من الأطفال أن يلعبوا معها تلك الألعاب.
أنا ولله الحمد مثقفة، ولي دراية بكيفية التعامل مع هذه المسائل وعدم تحويلها إلى عقدة نفسية لدى الطفل، ولكن الذي يرعبني هو عندما تكبر هذه الطفلة، ونحن نسكن في هذا المجتمع غير العربي.. هل ستنحرف؟ ماذا أفعل لأنقذها؟ هل يمكن أن تصبح مثل أمها؟
كنت قد وجدتها تلعب ألعابا جنسية مع ابن المربية الذي يبلغ من العمر 13 سنة، وقد تجاهلت الموضوع وتظاهرت بأني لم أشاهد أي شيء ودعوتهما لتناول طعام الغداء ثم منعت ذلك الطفل من الحضور إلى منزلنا.
هذا هو الموضوع الذي يؤرق ليلي ويشغل نهاري أخشى أن تصبح مثل أمها..
جزاك الله خيرا، وفي انتظار ردك..
... السؤال
عالم الجنس , أطفالنا في الغربة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت العزيزة..
أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك وإطرائك ومتابعتك..
تبين سطور هذه المتابعة فعلا أنك تقومين بدورك كأم لتلك البنت المسكينة على خير وجه بارك الله فيك، وأما سؤالك عن أثر أصل الشخص في تكوينه، فإن الإجابة عليه لا يمكن أن تكونَ كاملة ولا نهائية ولا حتى شبه مؤكدة؛ لأن المعروف هو أن الإنسان نتاج تفاعل الموروثات التي يولد بها مع البيئة التي يتربى فيها وتشمل الأسرة والعائلة والجوار والمجتمع الذي يتربى فيه الإنسان.
فإذا سألتني هل للوراثة دور في اضطرابات السلوك في الأطفال فإن الإجابة نعم، ونفس الإجابة نعم هي إجابة السؤال: هل للبيئة دور في اضطرابات السلوك في الأطفال، إلا أننا لا نستطيع أن نقول إن التأثير متساوٍ لكل منهما، وإنما نقول إنه كل ما صلحت البيئة وصلحت التربية كلما كان تأثير الموروثات السيئة أقل.
يولد الطفل ولديه صفات وراثية من الأم ومن الأب، ولكن لا أحد يقول إن كل السلوكيات أو النزوع إلى سلوكيات معينة يورث، فقط نستطيع إثبات ذلك أو نفيه حتى الآن من خلال ما يسمى بالدراسات الاسترجاعية (أي التي تبدأ مثلا من طفل أو مجموعة أطفال أو مراهقين منحرفين ثم يبين البحث في تواريخ عائلاتهم أن لهم أبا أو أما أو جدا أو جدة أو غير ذلك كان يمارس نفس السلوك الانحرافي مثلا) وهذا النوع من الدراسات ليس كبير القيمة علميا، لأنه كثيرا ما يعتمد على ذكريات آخرين إضافة إلى اختلاف أشكال الانحراف باختلاف الأزمنة.
إلا أن الدراسات التي تثبت دور التربية في تشكيل وتعديل سلوك الطفل هي دراسات مستقبلية تجنبت تلك المشكلات وتبين نتائجها أن لطريقة التربية أثرا كبيرا في تعديل سلوك الأطفال، ومعنى هذا أننا نستطيع نسيان مسألة أن أمها كانت تشرب الخمر أو غير ذلك، وأن نلجأ لربنا سبحانه وتعالى، جاعلين من تربيتنا لها دعوة إلى الله، عز وجل وهكذا هي التربية في الإسلام.
وأنا أراك هذه المرة أكثر هدوءًا وأقل قلقا... جعلك الله أما للمساكين... أراك بالفعل أقل قلقا؛ ولذلك أنصحك بأن تقرئي عن التربية الجنسية والطفولة، وتفائلي خيرا إن شاء الله
عنيدة وبذيئة.. أعينوني عليها ... العنوان
السلام عليكم..
مشكلتي في ابنتي البكر ذات السنوات الثماني، والتي بطبيعتها متمردة بشكل كبير، حيث إنني استخدمت معها جميع الوسائل التربوية من ثواب وعقاب لتحسين سلوكها، لكن دون فائدة.
من يراها خارج المنزل يعتقد أنها فتاة عاقلة ومؤدبة، ولكن في المنزل تتحول إلى بنت أخرى عنيدة لا تستمع إلى أحد وتتصرف بلا مبالاة، وعندما أقول لها إنها يجب أن تكون قدوة لإخوتها وإنها بذلك ستؤثر عليهم تزداد في العند، لدرجة وصلت إلى أنها أصبحت تتعامل مع الشغالات العاملات بالمنزل بطريقة مستفزة حتى مدرستها الخاصة أيضا لم تسلم منها.
وهي الآن بسن تفهم فيها الصواب من الخطأ، علما أن أخاها الذي يليها تختلف طبيعته عنها تماما، أما أختها الأخرى فتحاول أن تتطبع بها، وهذا ما يخيفني؛ لذلك أرجو منكم مساعدتي على تغير سلوكها.
فعلى سبيل المثال أجدها أحيانا تتلفظ بألفاظ غير لائقة مع مدرستها الخاصة التي تتحدث معها بهدوء وأفهمتها بأن هذا غير لائق، وأبوها أيضا تحدث معها بهدوء وأفهمها بأنه لا يريد استخدام الضرب معها؛ لأنها الآن كبيرة ويجب أن تفهم، وما كان منها إلا أن ذهبت في اليوم التالي إلى المدرسة، وقالت لها: لا تظني أني عندما أرتكب الخطأ يعاقبني والدي.. بل على العكس فهو يدللني!. على الرغم من أن والدها شديد وكان أحيانا يقوم بضربها وأحيانا يتحدث معها ولكن دون فائدة. أرجوكم ساعدوني لإيجاد حل مناسب معها.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, التقليد والبذاءة ... الموضوع
الاستاذة سها السمان ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أختنا الكريمة، أهلا ومرحبا بك معنا..
لقد كثرت الشكاوى من الأهالي بسبب عناد أبنائهم، وعند قراءتي أكثر لأعرف ما هي الأسباب وما هي طرق العلاج وجدت أن أغلب من تحدثوا في هذا الموضوع هم أساتذة علماء النفس وأساتذة تربويون، ولكن أغلبهم أجمع بأن الطفل يبدأ في عناده إما بسبب اضطرابات نفسية أو عصبية وأنه يعاند حتى يثبت وجوده ويجعل له رأيا.
وأتوا بأمثلة: فالطفل إما أن يريد أن يرتدي رداء خفيفا في وقت برد، أو أنه يريد اختيار لعبة مختلفة، أو أنه يريد تقليد الأب أو الأم في أشياء كثيرة، وهذا من وجهة نظري لخبرتي في التعامل مع الأطفال حق مشروع لهم ومساعد على تكوين شخصيتهم، وأنه لا عناد في ذلك بل هو تقليد وجميعنا يحب أن يكون أبناؤه مثله، وهي أمور جميعها لها حل، كأن نترك الطفل يرتدي ما يريد ونأخذ له معطفا ثقيلا معنا؛ وهكذا فهي أمور يمكن حلها بسهولة والاستفادة منها، ولكنها ليست القضية المهمة لنا.
وقد وجدت أن هناك أسبابا أخرى لم تذكر مثل:
* الإعلام الفاسد:
لو تذكرنا معا البرامج التي كانت تذاع على أيامنا للأطفال، نجد أنها كانت عبارة عن أفلام القط والفأر ميكي وبندق، وليس أكثر من ذلك، وكان القائم على هذه البرامج ندعوه بماما فلانة وكانت تتحدث مع الأطفال عن الصح والخطأ وتتعامل معهم بشكل جميل فيه رأفة بهم واحترام لمكانتها وكانت تبث فيهم سماع كلام الأبوين والحرص على عدم إغضابهما.
أما الآن فنرى البرامج بلا هدف ولا يوجد بها احترام للكبير، وإنما العمل على فساد الطفل، عن طريق الفيديو كليب الجديد والذي يدس للأطفال السم في العسل من خلال بث أغان للأطفال ويقوم بتمثيلها الصغار وتكون ألوانها جميلة والديكور أجمل والحركات تجذب الأطفال للانتباه.. ولكن هل علمنا في يوم ما هو مغزى هذه الأغنية؟.
منها ما قامت بتعليم الطفل أن عليه أن ينتقم من الكبير لأنه سكب ماء على طفلة صغيرة، ومنها ما يدعو للتفكير في مضايقته لأنه رفض له طلبا مثلا، وبرنامج آخر يتحدث فيه الأطفال على الهاتف مع مقدمين البرنامج ونجد عدم احترام متبادل وألفاظ غير لائقة وأن مقدمين البرنامج فرحون بهذا النوع من الأطفال! وهناك من الأمثلة الكثير لا تحصى ولا تعد والضحية أبناؤنا!.
* تقليد الغرب في المساوئ وترك المحاسن:
ففي الغرب الآن لا يوجد احترام لا بين الطفل وأهله ولا في المدرسة، وهذا طبقا للقانون الغربي ونحن الآن نطبق هذا الشيء.. تركنا ما في الغرب من فوائد يمكن أن تفيدنا في تدريس أبنائنا وطرق جديدة لتوصيل المعلومات وأخذنا منهم ما هو ضار ألا وهو عدم الاحترام؛ فنجد الطفل يتفنن في مضايقة أهله أو مدرسته ويعلم أنهم لا يستطيعون عقابه لأنهم سيتعرضون للمساءلة القانونية، حتى المعلمون في المدارس يتعرضون للمساءلة في حالة منعهم الطفل من القيام بشيء ما، فليس من حق المدرسة أن تعاقب الطفل!.
والآن أختنا الفاضلة..
هاتان هما أهم نقطتين شعرت بأنهما سبب في عناد أبنائنا، وعليك أن تستخدمي وسيلة الثواب والعقاب مع ابنتك؛ فلولا خوف بني آدم من النار ما سعوا إلى نيل الجنة؛ ولا أقول أن يكون العقاب طوال الوقت بل يكون الثواب هو الشيء الأكثر وضوحا.
وعليك بالتصميم والحزم وقت العقاب، ولا تنسي أبدا إن عاقبتها بحرمانها من شيء أن تثبتي ولا تأخذك الرأفة بها وتتنازلي عن عقابك، مع ضرورة الاتفاق مع والدها على أن يتحدث أحد منكم وقت العقاب وأن يصدق الآخر على هذا الكلام؛ فلا يحدث تضارب بين الرأيين.
اشغلي وقتها بما هو مفيد لها، وحاولي أن تجعليها تساعدك وأبرزي هذا أمام الجميع، وأكدي على أنها أفضل من قام بمساعدتك في هذا الشيء، ولا ننسى أن كثيرا منا يقع في خطأ كبير دون أن يدري وهو أنه عندما يفعل أحد أبنائنا شيئا نقوم بتقبيله أمام إخوته ونقول هذا أحسن طفل عندي وقتها يحس الآخرون أن عليهم أن يفعلوا شيئا يوصلهم إلى هذه المكانة لكي يكيدوا الآخرين. ولكن عندما نكافئ أحد أبنائنا علينا أن نبرز أن كلا من الآخرين قد قام بفعل أشياء مماثلة في المساعدة من قبل.
اتفقي مع مدرسيها على التعامل معها بطريقة واحدة، وإن عاقبتها المدرسة واشتكت منها فلا تذهبي أمامها وتتحدثي مع مدرستها في هذا العقاب، بل قولي لها هي عاقبتك لأنك أكيد بالفعل فعلت شيئا خطأ وأن تفهميها أن عليها محاولة إرضاء المعلمة؛ لأنها لا تستحق منها إلا الاحترام، وأنها إن عوقبت مرة أخرى بالمدرسة فسوف تعاقب أيضا بالبيت.
إذا أتت في يوم وقالت معلومة سمعتها من معلمتها في المدرسة وأنت تقولين غير هذا الرأي فلا تكذبي المعلمة، حتى إن سألتك ابنتك فقولي لها إن للمعلمة وجهة نظر أخرى حتى لا تضيع هيبة المعلم؛ فعليك تعوديها على احترام الكبير، وإن أخطأت فعليك بعقابها، حتى إن كان أمام الآخرين، وأخبريها أنك لا تفضلين العقاب أمام الآخرين، ولكن إن اضطر الأمر فسوف تفعلين ذلك، ولا مانع من استخدام العصا لمن عصا، ولكن الضرب للتربية وليس للانتقام.
عمل روتين يومي للأطفال ومواعيد محددة للنوم والأكل، وحتى إن لم تنم في وقتها فعليها الذهاب إلى حجرتها تقرأ أو تفعل أي شيء.
اقرئي لها قصصا يوميا قبل النوم، ولا أرى أفضل من قراءة السيرة وقصص الأنبياء والصحابيات، وأن نبرز لها لماذا فضلهم الله على باقي الخلق، وأن علينا اتباع السنة.
وأخيرا سيدتي عليك أن تضعي لها برنامجا لتحفيظ القرآن والأدعية اليومية، وإنها أن بدأت في العناد فقولي لها استعيذي بالله من الشيطان؛ لأنه موجود الآن بيننا
ـــــــــــــــــ(104/13)
ابني يأخذ أشياء أصحابه.. متابعة ... العنوان
السلام عليكم.
أنا صاحبة مشكلة: ابني غيور و(يأخذ) أشياء أصحابه.
لقد عدنا للمشكلة مرة أخرى مع بداية العام الدراسي، وما زال ابني يرجع بلعب من أصحابه، وزادت المشكلة بأنه أصبح يضرب أي أحد يضايقه، وعندما سألته: لماذا ضربته؟ فقال إن واحدا كان يربت على كتفه فزهق منه فضربه. وآخر أخذ ابني لعبته وعندما أصر صاحبها على استعادتها ضربه.
كما أنه أصبح كثيرا ما يضع رجله أمام أصحابه وهم يركضون فيقعوا، ودائما دائما أُفهمه أنه قد أخطأ وأنه سيفقد أصحابه. ويستجيب وقتها فقط ثم يعود.
أحمد عنده مشكلة أخرى، إنه لا يجيد التعبير عن نفسه مع أني أشجعه على التصريح بمشاعره فأجده يتصرف بعنف، وعند السؤال عن السبب يقول لأنه ضايقني أو شتمني. فأنصحه أن يتكلم بدلا من يده.
أحمد متفوق في المدرسة، ويحصل على درجات نهائية، ولكنه يعذبني في المذاكرة؛ لأنه يريد أن يلعب طول الوقت، بمعنى أنه ممكن أن يضيع 3 ساعات للحصول على ساعة متقطعة راحة كل ربع ساعة والعودة للدراسة بصعوبة، ومن ثم يضيع اليوم بدون أن ننجز، وفي تمرين السباحة فإن الساعة والنصف الخاصة بالتمرين تضيع بدون تركيز مع الكابتن وفي النهاية يصالحنا بعمل التمرين مرتين بطريقة صحيحة جدا و"خلاص".
أخوه عمر دخل المدرسة ولا أتمكن من التركيز معه ولا أذاكر له فيقوم بعمل الواجب فقط بدون أي حفظ والنتيجة أنه ضعيف جدا وتحصيله ضعيف، ممكن يحفظ أغنية ولكنه لا يعرف كيف يحفظ الحروف والأرقام التي تعلمها إلى رقم 10 وحرف الضاد وحرف الهاء ولا يتذكر أي شيء عند الإملاء.
وفي النهاية أشعر أني مللت من كثرة التنبيهات والتعليمات والرجاءات التي لا تُنفذ من أحد منهما
أرجو توجيهي بسرعة لكيفية التعامل معهما؛ لأنني تعبت جدا.
ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
مشكلات شقية, الكذب والسرقة, عالم الدراسة, فنون المذاكرة ... الموضوع
أ.محمد عبدالجواد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سيدتي الكريمة.
أشكرك على تواصلك وأحييك على رغبتك في التواصل مع طفلك بشكل فعال، واسمحي لي أن أحدثك عن أعز إنسان لديك وهو أحمد من خلال رؤيتين:
الأولى: طريقته المثلى في التعلم. والثانية: عن طبيعة علاقتك به.
فأما عن المسألة الأولى:
فإنك لا بد أن تفهمي ابنك جيدًا وتدركين أن حركاته التي يبديها أثناء المذاكرة أو التعلم هي أشياء طبيعية؛ فوفقًا لأحدث الدراسات في مجال التعلم فإن نمط أحمد في التعلم هو النمط التفاعل الديناميكي النشط، وينطبق عليهم هذه الصفات:
• يجدون صعوبة في الجلوس ساكنين لأكثر من عدد محدود من الدقائق.
• يتعلمون بطريقة أفضل بالمشاركة الجسمانية فيما يتم تقديمه.
• غالبًا يكون هناك جزء في جسدهم في حالة حركة باستمرار.
• يفضلون قراءة كتب أو سماع قصص مملوءة بالإثارة.
• يتذكرون بطريقة أفضل إذا كان بإمكانهم أن يعملوا شيئا بما تعلموه من معلومات.
وواضح يا سيدتي أن النموذج الديناميكي هو الأقوى عند ابنك. وتعطينا إحدى الخبيرات في مجال التعلم، وهي (سينتيا أوليرش توبيا) فكرة عن هذا النمط فتقول:
"فإنك ربما تجده في حالة حركة دائمة وطوال حياته يلازمه اتهام بأنه متململ. إنه دودة تتلوى وهو دائما يسمع عبارات مثل: اجلس ساكنا. أو: ثبت قدميك على الأرض. أو: لن تذهب للشرب مرة أخرى.
رغم أن الوالدين والمدرسين يبذلون جهدا ليظل الصغار ساكنين، إلا أن الطفل الذي يحب الحركة يحتاج أن يستعين ببعض أنماط الحركة للتعلم، وإلا فإن التعلم لن يلصق في تفكيره، حتى لو استعان بحركة بسيطة مثل أن يتحرك أو يتنقل أثناء القراءة أو الحفظ، فهو سيكون قادرا على التذكر بطريقة أفضل عندما يتحرك".
وتطرح أحد التجارب في هذا الشأن بقولها:
"مي هي واحدة من هذه الشخصيات وهي صديقتي -هي الآن مدرسة فيزياء- وهي تعترف بأن والديها كانا محبطين للغاية بسبب حركتها التي كانت تبدو أنها لا تنتهي، وكانت أمها تصر أن تبقى في حجرة النوم إلى أن تنتهي من عمل الواجب. وهنا اخترعت تلك الفتاة التي لا تكف عن الحركة طريقة لكي تذاكر وتظل تتحرك. لقد كانت تستخدم السلم الداخلي. فعندما كانت تذاكر مفردات الكلمات أو الهجاء، كانت كل درجة من درجات السلم تمثل حرفا أو كلمة، أما التاريخ فكل درجة تمثل حدثا أو تاريخًا، وبالنسبة للجغرافيا كانت كل درجة تمثل موقعا مختلفا. وكانت أمها مندهشة لماذا تظل مي صاعدة نازلة على درجات السلم وكل ما كانت تعرفه أنها كانت تعمل الواجب بطريقة أفضل وأن درجاتها تتحسن.
إن الأطفال ذوي الحركة لا يستطيعون التركيز في شيء واحد أكثر من عشرة دقائق بدون أن يأخذوا راحة، ولأن النشاط الجسماني شيء مهم، فإذا كنت أبا أو أما لطفل من هذا النوع، فربما ترى أن يقوم بعمل واجبه المدرسي واضعا كراسته في مشبك حامل أوراق ويعمله وهو يجري.
كل ما عليك أن تقوم به ببساطة هو أن تحدد موعدًا يجب أن ينتهي فيه الواجب المدرسي ودع طفلك يشتعل بالحيوية والنشاط أثناء المذاكرة وعندما يكون مطلوب منه حفظ جزء هام فحاول أن تساعده بشيء من الحركة الجسمانية أثناء الحفظ".
وأفضل طريقة لتعليم أصحاب النمط الحركي في التعلم هي:
• تشجيعه على أخذ راحة أثناء المذاكرة.
• إعطاؤه مساحات كبيرة للرسم والكتابة.
• إعطاؤه بعض القصص يقرأها وتكون مملوءة بالأحداث.
• القيام بتوجيهه إلى كتابة ملاحظات أو يُعَلِّموا على المعلومات أثناء المذاكرة.
أما عن المشكلة الثانية: وهي علاقة أحمد بنفسه وبأصدقائه:
فأنا أعتقد أنه قد يعاني من قدر من التهديد يجعله في حالة دفاع عن نفسه يفسره الآخرون أنه هجوم. وأتمنى منك أن يتواصل حواره معك بشكل فعال وبصورة غير تقليدية.
وأوصيك بالابتعاد عن توجيهه بصورة مباشرة حتى لا يمل هذا التوجيه. ويمكن مناقشة الأمر مع معلميه. واختيار الألعاب الجماعية التي يستمتع بها في اللعب مع الآخرين. وتشجيعه على عمل صداقات من المجاورين له واستقبالهم في المنزل واللعب معهم لفترات ليست كبيرة.
وذلك قبل أن يصل كل منهم إلى حد الإشباع النفسي فيبادر بمعاملة صديقه الآخر بشكل غير جيد. وتشجيعه على الهوايات التي تجعله يقدر ذاته ويثق بنفسه بشكل أكبر.
أما عمر فلم نفهم ما معنى أنك لا تتمكنين من التركيز معه ولماذا؟ هل لانشغالك بأحمد؟ أم هل هناك أسباب أخرى؟ هل دخل المدرسة في سن مبكر؟ كيف كان أداؤه في مرحلة ما قبل المدرسة في الحضانة والتمهيدي؟
برجاء الإجابة على الأسئلة وموافاتنا بمزيد من التفاصيل عن عمر. وأتمنى لك دوام التوفيق وتطبيق ما ذكرته وطمأنتنا إلى ما وصلت إليه. وهل نكتفي بهذا القدر أم نطبق تقنيات جديدة؟
ـــــــــــــــــ(104/14)
وللغيرة أشكال أخرى..! ... العنوان
أشكركم على كل النصائح الموجودة على هذه الصفحة، وأرجو الإفادة عن مشكلتي:
محمد هو الابن الأول لي، يبلغ من العمر 4 سنوات، بدأ هذا العام في الذهاب إلى المدرسة له أخت صغرى تبلغ من العمر عامًا ونصفًا. بدأت علاقته بها كغيرة أخوية، ولكنها والحمد لله مستقرة الآن ولا يوجد بها مشاكل.
المشكلة تكمن في ردود أفعاله التي لا أعرف سببها من كثرة عنفها، فمجرد أن أطلب منه ألا يفعل شيئًا ما مع توضيح السبب له يبدأ في الغضب وقول نفس الكلمات التي تلقيها إليه أمه، مثل: لن أكلمك أو أنا زعلانة منك، أو يبدأ بالتهديد بأنه سيدخل غرفته وينام وحده، ويشرع في التنفيذ ويدخل الغرفة ويبدأ بالصراخ من الداخل، وغلق الباب وفتحه والمناجاة، والسؤال: لماذا لا يجيبني أحد، ولو حاولنا التجاهل يستمر الأمر لساعات، ولو حاولنا الدخول إليه لا يستجيب بسهولة ويتهم أمه بأنها هي التي أغلقت عليه الباب وتركته ولم تفتح له.
مع العلم بأن أمه ترعاه رعاية كاملة، وأنه ما زال ينام إلى جوارها، وأنه لا يهتم إذا خاصمه أبوه، ويغضب ويبكي كثيرًا إذا وبَّخته أمه ويجري لمصالحتها، ودائمًا يطلب من الأم أن يجلس ويضع رأسه على صدرها، وإذا كانت الأم مشغولة مع الصغيرة يبدأ البكاء وما إلى السيناريو السابق بالتكرار طول اليوم، مع العلم بأن كل هذه التصرفات جديدة عليه. كما أننا دائمًا نطلب منه أن يفعل كذا أو لا يفعل كذا، أحيانًا يضربنا ولكنه يخشى من زملائه في المدرسة.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لا شك سيدي الكريم أن غيرة محمد من أخته الصغيرة لم تنته، ولكنها غيرت صورتها من الشكل المباشر إلى أشكال أخرى غير مباشرة..
ولذا فإن حلَّنا يجب أن يكون على محورين:
الأول: هو إدراك هذا الأمر.. بمعنى أنه إذا كانت الأم مشغولة بالصغيرة فليحاول الأب إذا كان موجودًا أن يلفت انتباهه عن الأم وأن يعوضه عن هذا الغياب.. وإذا لم يكن موجودًا فلتشرع الأم في جذبه إلى دائرة الاهتمام بالصغيرة.
وهذه سياسة عامة.. بمعنى: أنه بدلاً من أن تكون أخته منافسة له، فليصبح هو راعيًا لها وهذا دور يرضيه جدًّا ويخفف عنه كثيرًا، فالأم دائمًا تستدعيه: تعالَ ننظف أختك الصغيرة.. تعالَ حتى نطعمها، ساعدني لأفعل لها كذا.. ساعدني من أجل فعل كذا.. وهكذا يصبح هو في دائرة اهتمام الأم بصورة مختلفة ولا يشعر بالغيرة من هذه التي يقوم برعايتها.. وبالتالي فعندما تكون الأم مشغولة بها فلن يطلب أن ينام على صدرها؛ لأنه هو الآخر سيكون له دور يؤديه معها..
أما المحور الثاني والذي إذا نجحنا في المحور الأول لن يحتاج إلى مجهود كبير هو: عندما يبدأ محمد في مسلسل الغضب فلا نكترث له ولا نعيره اهتمامًا؛ لأنه يريد جذب اهتمامنا بهذا السلوك عوضًا عن شعوره بعدم اهتمامنا به نتيجة وجود الطفلة؛ ولهذا قلنا إن الحلَّين مرتبطان ببعضهما البعض ويساعد كل منهما الآخر.
ولكن لعلاج هذه العادة السيئة التي اكتسبها بالصراخ والغضب للحصول على ما يريد وجذب الانتباه فإن التجاهل التام وعدم تنفيذ ما يطلبه والإصرار على ما نطلبه نحن منه سيكون الحل الناجح لوقف هذا المسلسل، مع الوضع في الاعتبار أن الحسم والحزم يكون هو قمة الحنان مع الطفل؛ لأنه يضع له الحدود التي يجب عليه الالتزام بها، ويساعده ذلك في مسيرة حياته المستقبلية.
ـــــــــــــــــ(104/15)
أم البنات تشكو أفعال المراهَقَة! ... العنوان
السلام عليكم.
أنا أم لستة بنات والمشكلة تكمن في ابنتي الثالثة التي عمرها 17 سنة؛ هي تقريبا لا تحترمني وكثيرا ما نتشاجر على ذلك، وأيضا هي مهملة بحق أختيها الصغيرتين وفي أعمال المنزل، إن خرجت وطلبت منها أن ترتب أو تنظف تهمل ولا تهتم وتبقى أمام التلفزيون أو الكمبيوتر، حاولت أن أتقرب منها فتدللت ولم يتغير الوضع.
ما أزعجني بالآونة الأخيرة أنني علمت أنها سرقت شيئا ما يتبع لتشغيل جهاز الكمبيوتر من بيت والدتي بعد ما عاقبتها وحرمتها من فتح الجهاز بالبيت بإزالة هذه القطعة. وقد بحثت والدتي عنه كثيرا. بالأمس علمت بالأمر وعاقبها والدها بالضرب.. وهذا أزعجني جدا.. وأشعر بالندم لأني أخبرته وسببت لها العقاب، وبنفس الوقت أنا أم ومن واجبي أن أربيها.
هل أخطأت بذلك؟
ولماذا تتصرف ابنتي هكذا؟
وماذا أفعل معها؟
... السؤال
عالم المراهقة, مفاتيح تربوية, التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيك وفي بناتك وأعانك على تربيتهن وهنيئا لك ولزوجك بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكما حيث قال: "من عال جاريتين (أي بنتين) حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" وضم أصابعه. رواه مسلم.
سيدتي:
إن قصر رسالتك وعدم وضوح كثير من الأمور أهمها:
هل شكواك من ابنتك الثالثة يعني أن علاقتك بأخواتها الأكبر منها علاقة طيبة؟
وما علاقتها هي بهن؟
ولماذا تشكل ابنتك هذه مشكلة دون أخواتها من وجهة نظرك؟
وما هي محاولات تقربك لها والتي ذكرتها برسالتك؟
وهل يقتصر دور الأب على العقاب حينما تخطئ إحدى بناتكما؟
وهل العلاقة بينك وبين والدهما قائمة على التفاهم والحوار ومناقشة مشاكلهن أم غير ذلك؟
وهل هي طالبة وتدرس؟ وفي أي السنوات الدراسية هي؟ وما مستواها الدراسي؟
وما علاقتها بزميلاتها ومدرسيها؟
هذا إلى جانب غياب بعض البيانات، مثل: عمل الأب وعملك (إن وجد) وبلدكم وموطنكم وعدد ساعات تواجده معهن وماذا يفعل في أثناء تواجده معهن؟
إن عدم وضوح كل ما سبق يجعل حل المشكلة بعيدا عن ظروفكم وواقعكم إلى حد كبير. وعلى الرغم من غياب كل هذه المعلومات لكن يمكن أن تكون هناك نصائح عامة لهذه المرحلة يمكنك الاستعانة بما يتوافق مع ظروفكم على أمل لقاء آخر لاستيفاء كل ما غمض في رسالتك هذه.
سيدتي:
نحن الآباء والأمهات لا نشعر كثيرا أن أولادنا يكبرون، فتواجدنا اليومي معهم وشعورنا الدائم بأنهم قليلو الخبرة يجعلنا لا ندرك إلى أي حد هم يكبرون ويدركون من أمور حياتهم أكثر مما ندرك نحن.
إن ثلاثة من بناتك -على الأقل- وصلن لمرحلة المراهقة وهي مرحلة رغم صعوبتها في زمننا هذا فإن لها جانبها المشرق، فالفتاة تصبح على مقربة من عالم الأنوثة والنضج، الأمر الذي كان من الممكن أن يكون عاملا أساسيا للتقريب بين الأم وابنتها وتكون العلاقة بينهما قائمة على التقدير والاحترام المتبادل، إلا أن العكس -مع الأسف- هو الذي يحدث، وأسباب ذلك كثيرة وعديدة لسنا بصدد الحديث عنها.
على أية حال دعيني أضع لك بعض الأسس التي يجب مراعاتها وكيفية التعامل مع هذه المرحلة بشكل عام، وأكرر أن هذه الاقتراحات والنصائح وفق ما ورد في رسالتك القصيرة التي أرجو أن تتبعيها برسالة أخرى أكثر تفصيلا تجيب عن كل الاستفسارات السابقة:
1- التقرب لأبنائنا في سن المراهقة لا بد أن يكون تقربا واعيا محسوبا، فالمراهق يرفض أن يدخل عالمه أحد دون تصريح مباشر منه فهو يرغب -غالبا- في العزلة والانفراد بنفسه، ويشعر دائما -خاصة الفتيات– أن غرفتهن هي مملكتهن الخاصة، ممنوع الاقتراب منها ومن أغراضها إلا باستئذان؛ لذا يجب أن تراعي الأوقات التي تخرج عليك ابنتك فيها وتتحدث معك فإن هي فعلت فتجاوبي معها وتجاذبي معها أطراف الحديث خاصة فيما تحب، أما إذا رغبت في الانفراد بنفسها -قليلا- بحجرتها أو حتى التزمت الصمت فاحترمي رغبتها في ذلك.
2- حينما يصل بعض المراهقين لهذه المرحلة يشعرون بأنهم كبروا وأن من حقهم التعامل بندية مع الآخرين فلا يفرقون ولا يميزون بين كبير وصغير، قريب أو غريب، ولذا نجدهم لا يبدون احتراما كبيرا في أسلوبهم وحديثهم مع الكبار خاصة إذا كان هؤلاء الكبار ممن يشكلون سلطة عليهم، ولذا فعليك حينما تبدي ابنتك عدم احترام في كلامها أو سلوكياتها معك أن تكوني حازمة وأن تبلغيها أنك لن تسمحي لها بمثل هذا التجاوز مرة أخرى وعليك بالإعراض عنها حتى تبدي سلوكا طيبا محترما.
3- يشعر المراهق أنه مسئول عن نفسه تماما ويرفض الوصاية عليه أو حتى النصح، كما يضيق ذرعا بكثرة الإلحاح والأوامر، أسمعك تقولين وماذا علي أن أفعل وهي ترفض رفضا تاما المشاركة في تحمل مسئوليتها بالمنزل.
حينما نسند مهمة ما للمراهق فلا بد أن تكون هذه المهمة:
- محددة، لها حد زمني للانتهاء منها.
- ولا يُلح على أدائها.
- ألا يُؤمر بشكل فظ غليظ لكن يطلب منه بشكل واضح حازم.
- لا يكلف بمهام كثيرة.
- لا يُكرر الطلب أكثر من مرة.
- توزيع المهام المطلوبة على أفراد الأسرة بما يتناسب مع قدرة وسن ودور كل فرد.
مثال ذلك:
إذا كانت المهمة المسندة إلى ابنتك هي ترتيب البيت أو غسل أطباق الغداء.. فعليك توضيح هذه المهمة وأنها عليها أن تنتهي من أدائها قبل المغرب مثلا، ولا تكرري الطلب مرة أخرى إلا إذا لمحت أو تيقنت أنها نسيت، فإذا لم تقم بما طلب منها فما عليك إلا أن تقومي بعملها أنت لكن في الوقت نفسه لا بد أن تعرضي عنها بل تتجاهلي حديثها معك فإن طلبت شيئا فلا تردي ولا تجبيها إلى طلبها، فإن احتدت أو تجاوزت حد الأدب فعليك أن تتحدثي إليها بحزم وبغضب قائلة: لا تتوقعي أن تُعاملي معاملة جيدة وأنت تسيئين التعامل مع الآخرين ولا تتوقعي أن يجاب لطلباتك وأنت لا تهتمين إلا بنفسك.
- دور الأب في هذه المرحلة غاية في الأهمية فعليه أن يكون ودودا حازما، الكلمة الأخيرة له في الأمور التي تختلفين مع بناتك فيها، وأرجو ألا يرجع إليه إلا في الأمور الكبيرة مثل ما ذكرته في رسالتك من سرقة ابنتك من جدتها، وعلى الرغم من أن الأمور لا تحل بالضرب كما فعل الأب خاصة في سن ابنتك إلا أن تدخله كان ضروريا وإخبارك إياه بهذه المسالة أمر يحمد لك، لكن كان لا بد أن تتناقشا في الأمر أولا ثم على الأب أن يتحدث إلى الابنة بمفردهما (ويبدو عليه أمارات الغضب والأسى لما حدث منها لكن عليه رغم كل شيء أن يستمع إليها) ثم يفرض عليها العقوبة المناسبة (غير الضرب) كأن تحذر من استخدام الكمبيوتر لمدة أسبوع وأن يحذر عليها دخول حجرته أو تحيته مدة هذا الأسبوع في حين أنه يسمح بذلك لباقي أخواتها.
سيدتي:
هناك العديد من الموضوعات طرحت عن المراهقة وخصائصها وطريقة فهم والتعامل مع هذه المرحلة على هذه الصفحة أرجو الاطلاع عليها، وقبل أن أتركك في رعاية الله لا بد أن أوضح لك:
إن أسلوب التعامل مع المراهقين هو أسلوب متكامل في منظومة التعامل مع أولادنا منذ ميلادهم بل لن أكون مبالغة إذا قلت منذ اختيار الزوجة لزوجها وأبي أولادها، وما نراه من تمرد وغضب وتطاول من أبنائنا في هذه المرحلة يعود -بعضه أو أغلبه- إلى أسلوبنا في توجيههم وتربيتهم في المراحل السابقة، وليس معنى كلامي هذا أن نكف عن إصلاح الأمر بل أعني أننا لا بد أن نصبر ونثابر لأنه أمر تراكمي يحتاج إلى جهد واستعانة بالله.
ـــــــــــــــــ(104/16)
ملك الحائرة.. والازدواجية التربوية الجائرة! ... العنوان
السلام عليكم، مشكلتي هي ابنتي ملك ذات العامين..
بدأنا إنزالها للحضانة منذ شهرين أو ثلاثة لمدة 3 ايام في الأسبوع بمعدل 4 أو 3 ساعات. وكنا نعاني في أول الأمر من عدم رغبتها في النزول ولكن مع إصرارنا وتغيير الفصل انتهت مشاكلها، تم تغيير الفصل بعد ملاحظتنا عدم استجابتها للمدرسة ووجود بعض الأطفال الأكبر منها سنا.
المشكلة الآن أنها -منذ فترة- عند تغيير أمها للحفاظة تجدها تقول (مش عايزة طنط تغيرلي) اعتبرنا أن هذا سبب المشكلة وتجاهلنا الموضوع، إلا أنها بالأمس وفي وسط ضحكنا ولعبنا وجدناها تقول ما معناه أن طنط (الدادة أو المدرسة) شدتها من أذنها لأنها عملت كاكا. فهنما عندها أن أحدا ما في الحضانة يضربها عندما تعمل في الحفاضة ولا أدري هل هذا لتتعود على استخدام الحمام أم لعدم رغبتهم في التغيير لها؟ هل أبدل الحضانة أم ماذا أفعل؟ خاصة أن الحضانة عندها من شكاوينا الكثير فتعتبر شكاوينا إفراطا في الخوف عليها.
... السؤال
مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أهلا ومرحبا بكم أبا (ملك) الغالية، ويسرنا أن نتعاون معا في فهم المهارات التربوية في التعامل مع الحبيبة الرائعة (ملك)!.
ونبشركم أولا بأن حالة (ملك) من المشاكل المشهورة؛ خاصة في هذه السن الجميلة الغضة، بل لا نعتبرها مشكلة، بل حالة من عدم الفهم لمرحلتها السنية ولخصائصها أو سماتها، ثم من عدم الفهم لكيفية التعامل مع مرحلتها الغضة!
أما إذا تحدثنا عن أصل المشكلة؛ فلنا معكم عدة وقفات؛ فاصبروا معي:
الوقفة الأولى:
أن (ملك) هي أول رزقكم من الحنان المنان سبحانه!
إذن فخبرتكم الوالدية التربوية؛ قليلة وتحتاج إلى ناصح أمين يرشدكم، ويوجهكم، ويعاونكم! وها نحن نبدأ معا الخطوة الأولى على الطريق الصحيح!.
الوقفة الثانية:
هي عدم التكيف مع الوضع الجديد؛ بخروجها بعيدا عنكم ولأول مرة في حياتها؛ فمتوقع جدا أن تغضب وتبكي، وترفض الانفصال الوقتي عنكم ولو لساعات؛ فلماذا تلومونها؟!
الوقفة الثالثة:
هي طريقة تعامل المربيات في الحضانة مع إحدى المعارك أو الصراعات الخالدة في حياة الأطفال؛ وهي (معركة أو صراع قضاء الحاجة الخالد)! ولقد تحدثنا عن هذا الأمر في استشارات كثيرة سابقة؛ يمكنكم الرجوع إليها.
ولكننا سنحاول أن نعطيكم لمحات بسيطة ملخصة، ستفيدكم كثيرا، ثم لعلكم تتعاونون في تطبيقها، مع المربيات أو ترشدوهن في لطف وكياسة دون شكوى أو عصبية!.
فما هي الشروط الـ(12)الذهبية لعملية التدريب ولإدارة صراع قضاء الحاجة الخالد؟
1- فهم العمر الطبيعي المتوقع عنده القدرة على التحكم في التبول؛ هو من (2-4) سنوات، فلا يمكن أن نقول إنها مشكلة قبل عمر أربع سنوات، والطفل الطبيعي يتحكم في عملية التبرز مع بلوغه 30 شهرا، وذلك لاكتمال نمو العضلة المسئولة عن التحكم في التبرز في مثل هذه السن. وهناك اختلافات شديدة بين الأطفال فلا تقارن طفلا بطفل، فلكلٍ طبيعته، ولكلٍ ظروفه.
2- الجدية: فلا تؤخذ بتراخي.
3- التعاون: سواء الوالدين بعضهما البعض أو الوالدين مع الطفل، أو كل المحيطين به.
4- الاستمرارية: فلا تقطع لأي طارئ؛ حتى لا تحدث الانتكاسة.
5- الثبات: أي تثبيت وقت التدريب اليومي، وتثبيت موعد ذهابه قبل النوم وتثبيت وقت إيقاظه من النوم للذهاب للحمام، وتثبيت مكان الحمام، وتثبيت مكان نومه؛ فعملية التثبيت كلها تبني ما يعرف بالرابط الذهني؛ وبرد فعل انعكاسي، فيشعر الطفل بالرغبة في الإخراج عند هذا الوقت الثابت والمكان الثابت.
6- الرفق: فلا يعاقب معنويا أو ماديا أو حتى قوليا لأي خطأ، ويكفي حرمانه من المكافأة.
7- الصبر: فلا نفقد الأمل، وعلى الأم أن تبذل قصارى جهدها، ولا تستسلم لرفض الأبناء التدريب.
8- التهيئة الإيجابية: فنحبب إليه مكان التدريب؛ بوضع بعض اللعب المحبَّبة له، وتجلس الأم بجواره مدة بقائه وتحكي له بعض القصص أو تنشد له بعض الأناشيد.
9- الإيجابية: أي إشعار الطفل بمسؤوليته الفردية ودوره الشخصي والهام في التدريب.
10- الدعم والتعزيز الإيجابي: ويقصد بالتدعيم ويقصد بالتدعيم هو أي رسالة قولية أو فعلية تنشئ أو تقوي سلوكا، ويشمل هنا كل الرسائل التربوية اللفظية والحركية؛ المباشرة وغير المباشرة؛ المعنوية والمادية؛ والتي تبني روح المبادرة والإيجابية والتحفيز في نفوس الأطفال، ومكافأتهم على كل مرة يعلنون رغبتهم في قضاء الحاجة.
إن عملية التمرين كأي تدريب على سلوك جديد يحتاج إلى حافز ودافع؛ فيحتاج عند الإنجاز والاستجابة إلى الكثير من التعزيز والتشجيع سواء كان التشجيع معنويا "الابتسامة، التصفيق، الاحتضان، القبلة، مسح الرأس وفرك الشعر، المداعبة والممازحة، الثناء..." أو تشجيعا ماديا: "الهدايا والعطايا، الحلوى، اللعب الصغيرة"
والتعزيز الفعال هو أن يتم في التو ولا يؤجل وإلا أصبح جزاء، فلا تظهر المكافأة إلا في حالة التبول في المكان المخصص لذلك، لخلق رابط عصبي؛ فهذا ينبِّه الطفل وجهازه العصبي، وكأنها ردود فعل انعكاسية.
11- التصميم: إن معركة أو صراع قضاء الحاجة الخالد؛ هو صراع سلوكي لمصلحة الأبناء.
12- الدعاء.
أما المشكلة الكبرى؛ أو بيت القصيد في رسالتكم؛ فهي ليست في تغيير الحضانة أو في كثرة الشكوى من المربين والمدرسين والمشرفين بل هي في الدور الحيوي والهام والمطلوب من البيت والحضانة والمدرسة والنادي وكل من يتعامل مع (ملك) خاصة ومع الأبناء عامة!.
فما هو هذا الدور الحيوي المطلوب؟.
إن ما ننشده دوما من كل المتعاملين مع الأبناء؛ هو التعاون والتواصل والتوافق والمتابعة، وذلك خوفا من بروز أحد الأخطاء الوالدية القاتلة ضد الأبناء؛ ألا وهو (الازدواجية التربوية)!.
ومن الجميل أنني في عدد من الدورات؛ التي ينظمها (مركز ولدي الطبي للأطفال بدمنهور)؛ والتي كانت بعنوان: (أخطائي مع أبنائي)؛ وكان هناك استبيان على هيئة سؤال سري؛ للآباء والأمهات؛ وهو (اذكر أخطر ثلاثة أخطاء ارتكبتها في حق أبنائك)، وكان من بين أخطر وأكثر هذه الأخطاء كما ورد في الإجابات؛ هو هذا الخطأ!.
وإليكم مقتطفات مختصرة حول هذا الخطأ الوالدي التربوي القاتل، كما ورد أثناء الدورة:
بداية، تدبروا معي حديث الذكريات الذي دار بين أنس بن مالك وثابت البناني رضي الله عنهما:
روى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ، قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟!. قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟. قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدا. قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدا لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ". [صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابة ـ 4533]
وتأمل هذا التناغم والتوافق، بين المؤسسة التربوية وبين المنزل؛ بين دور الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ وهو يرتب برقي أساسيات بناء شخصية هذا الغلام العظيم، رضوان الله عليه، وبين دور الأم رضوان الله عليها؛ وهي تكمل هذه الصياغة التربوية الراقية! وذلك بأن تتأمل قولتها الواعية: "لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدا".
ثم تأمل هذا الخطأ الوالدي القاتل؛ وهو أن يواجه الأبناء تضاربا بين ما يلقاه في البيت وفي باقي المؤسسات الأخرى؛ في التوجيهات، وفي القرارات، وفي طريقة التعامل، وفي التدريب، وفي المعاملة، وفي القيم، و... و... و...
والكارثة أن ينتقل هذا التضارب داخل المنزل؛ على هيئة التناقض في قرارات الوالدين، والكبار عموما أمامهم! فالأم تعطي قرارا، والأب يعطي قرارا! والابن حائرٌ، حائرٌ، حائرٌ؛ لا يعرف أي قرار سينفذ؟ وتبدأ بذور (ظاهرة الانفصام التربوي).
فما هي أبرز مظاهر هذا الخطأ؟!
أو ما هي أخطر صور ظاهرة الانفصام التربوي؟!:
1-الأب يعطي قرارا معينا يخص الأسرة عامة، ثم تأتي الأم لتعطي قرارا مخالفا، والعكس بالعكس!.
2-الأب يعطي جزاء وعقابا للأبناء، ثم تأتي الأم وترفع هذه الجزاءات من خلف ظهره، والأخطر إذا كانت تمارس هذا السلوك سرا!!!.
3-يتفق الوالدان على قرارٍ يخص الأبناء، ثم يأتي الجد ـ أو الجدة ـ لتخالفه، ولو بدعوى الحنان والعطف على الأحفاد، تجاه هذا التعسف الوالدي!.
4-تتفق الأسرة على معايير معينة لتنظم سلوكيات الأبناء، ثم يأتي الأقارب ليكسروها، حتى ولو على سبيل النقد!.
5-أن يواجه الأبناء معايير أو مبادئ أو قيما في المدرسة أو النادي، تتعارض أو تناقض معايير وقيم المنزل والأسرة!.
6-ثم يأتي دور الشارع والآلة الإعلامية الجبارة بكل وسائلها؛ لتهدم قيم الأسرة والمجتمع، بدعوى الجذب والتشويق والتسويق!.
لذا ندعوك لتقارن بين هذه الصور الكريهة المشوهة؛ وبين حالة أنس رضي الله عنه؛ وهو يتلقى زاده التربوي اليومي؛ على يد معلمه صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي دور البيت ليرسخ هذه القيم!.
وتدبر كيف توحي القصة بالملمح التربوي العظيم؛ وهو احتفاظ الغلام الغض بأمر مهمته السرية العظيمة، في صدره، وفي صدره فقط، ثم يموت أنس العظيم، ويدفن معه سره العظيم!!!.
أما عن أبرز الرسائل السلبية لهذه الصور التربوية المشوهة، فعندما يلاحظ الأبناء هذه التناقضات القرارية، ستشعرون عمق هذا الانفصام الأسري الداخلي؛ أو الانفصام التربوي الخارجي بين الأسرة والمدرسة أو الحضانة، أو أي مؤسسة أخرى؛ تترسخ في عقلهم الباطن واللاوعي؛ بعض الرسائل السلبية الخطيرة؛ منها:
1-يا الله؛ أيها الأبناء الأعزاء؛ احذروا فهناك: (ريسان في سفينتنا)!!!؟.
2-وقد يأتي للأبناء هذا الإحساس: (هؤلاء الناس مختلفون؛ فَلِمَ لا ألعب على هذا الاختلاف؛ فأستفيد، وأهرب من أي عقاب؟؟؟!) فأبشروا إن (اختلافهم رحمة)!!!.
ما هي أبرز الأسباب؟:
عندما نتفرس في (ظاهرة الانفصام التربوي)، أو خطأ الازدواجية التربوية؛ يصيبنا العجب، وذلك لأننا نجد أن أسباب وجود هذه الظاهرة؛ في أي مجال لأي تجمع بشري، سواء الأسري أو المؤسسي؛ هي نفس الأسباب، ومن أبرزها:
1- غياب المعايير والقيم والضوابط التي تحكم أي مؤسسة؛ خاصة الأسرة، وهي القيم التي يتفق عليها الجميع للتربية أو للتدريب على سلوك معين.
2-عدم التفاهم: وذلك عندما لا يتفق ولا يتفاهم الجميع على المعايير التي ارتضوها، ويفتقد التواصل والتعاون.
3-غياب الاحترام، فكل طرف يكسر ويخترق ما يفعله الطرف الآخر.
4-عدم الخشية من الله: فالقائم على تربية الأبناء لا يتق الله عز وجل فيما استأمنه عليه من قِبَل الله عز وجل، ثم من قِبَل الوالدين. والأخطر أن تنعدم الخشية عند الوالدين,
5-التخلف الثقافي: وهو أن يعارض الوالدان أو القائمون على تربية الأبناء أساليب التربية الجديدة، ويرفضون حضور أي دورة في تربية الأبناء، أو لا يقرؤون في هذا المجال، أو لا يتساءلون، أو لا ... !!!؟.
ما هو الحل؟!
أو كيف نجيد فن التعامل مع ملك الحبيبة الحائرة من الازدواجية التربوية الجائرة؟
1-المعالجة السببية: ونسميها (حاسبوا أنفسكم)!.
أي على الوالدين العزيزين أن يراجعا الأسباب ويحاولا تصحيح أخطائهما. ثم وبالتعاون لا الشكوى يتم التواصل والفاهم والتنسيق مع مشرفي الحضانة للاتفاق على كيفية معينة للتعامل مع (ملك) الحائرة المشتتة بين طريقتين في التدريب!
وليت هذا التواصل لا ينقطع عند أسوار الحضانة؛ بل يمتد ليتواصل مع كل المؤسسات؛ مثل المدرسة والنادي والمسجد و...
2-الدعاء الخالص:
على كل والد ألا ينسى هذا السلاح الراقي والرائع؛ لحل كل مشاكلنا، وإزاحة كل همومنا، وتفريج كل كروبنا، وتيسير كل مصاعبنا!.
فلِمَ لا نصلي ركعتين في جوف الليل ونناجيه سبحانه؛ بأن يوفقنا في المهمة التي حملنا إياها!.
فمنا العمل ومعالجة الأسباب الأرضية ومنه سبحانه العون بالتوفيق الإلهي
ـــــــــــــــــ(104/17)
على أعتاب المراهقة.. ولازال يقضم أظافره! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني في الحادية عشرة من عمره وما يزال يقضم أظافره دائما.
دلوني على الطريقة المناسبة التي تمنعه من ذلك.
وجزاكم الله خيرا
... السؤال
مشكلات شقية, قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ الفاضل
سؤالك جاء قصيرا ومختصرا جدا، ولكن على كل حال، في مثل حالة طفلك يتم الأمر بالاتفاق الهادئ القائم على التفاهم والحوار.
فنحن نتحدث إليه بهدوء مظهرين أضرار هذا الأمر على شكل أصابعه وعلى أسنانه وعلى مظهره بصورة عامة في المجتمعات، ثم نتفق معه على أن هذه العادة تحتاج للتخلص منها بالتدرج وبهدوء وبالاتفاق، وأن الأمر يتطلب منه لبس قفاز في معظم الأوقات التي يمكنه فيها فعل ذلك، وأن إجازة نصف العام في الطريق وبالتالي فيمكنه لبس القفاز طوال الوقت حيث لا يحتاج للكتابة في المدرسة أو غيرها وأنه سيكافأ يوما بعمل جدول للنجوم، يترجم إلى جائزة في نهاية الأسبوع يختارها هو، وأن الجائزة الكبرى ستكون عندما يلجأ إلى قص أظافره لأول مرة عندما تطول.
المهم هو الاستمرار في هذه الطريقة لمدة ثلاثة شهور على الأقل. ولقد نجحت هذه الطريقة مع حالات عديدة واحتفل الأطفال فعلا بقص أظافرهم ربما لأول مرة في حياتهم.
المهم المثابرة والاستمرار وأن يكون الأمر بالاتفاق والتفاهم
ـــــــــــــــــ(104/18)
استقلال الأبناء.. يبدأ من الفراش ... العنوان
السلام عليكم..
نشكر لكم بداية جهودكم القيمة.
مشكلتي تكمن في ابني الذي يبلغ من العمر عامين وثمانية أشهر، حيث إنه عندما يحين موعد النوم ينام هو وأخته الصغرى في غرفتهما، وينام بكل هدوء وبدون مشاكل، ولكن في منتصف الليل يأتي لينام في غرفتي، ويرفض أن يرجع إلى غرفته، ويقاوم ويصرخ ويبكي لدرجة أنه يسعل بشدة حتى "يستفرغ"، فأضطر إلى أن أعيده إلى غرفتي، وأحيانا أخرى من تعبي أدعه ينام في غرفتي.
ومشكلة أخرى أنه عدائي جدا، يضرب جميع الأولاد في الحضانة، وفي البيت يضرب أخته وأبناء عمه، ويضرب الكبار أيضا، حاولت معه بكل الطرق حتى لا يضرب أحدا ولكن لم أنجح، استعملت معه أسلوب الضرب والعقاب والحرمان ولكن دون جدوى، ولا أدري ماذا أفعل معه.
أفيدوني أفادكم الله، ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
مشكلات شقية, اضطرابات النوم ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سيدتي العزيزة..
من الواضح من بيانات رسالتك أن عدد ساعات وجودك مع أطفالك 6 ساعات يوميا، ومن شدة تعلق الأطفال بك في الليل أنهم يشعرون بافتقادك بشدة، ويشعرون بالاحتياج للبقاء معك أطول وقت ممكن خاصة بالليل؛ لأنهم يشعرون أنهم في الصباح سيفتقدونك ثانية، ولهذا يكونون شديدي التعلق بك، وهذا ما يطلق عليه قلق الانفصال أو(separation anxiety).
ولذلك أنصحك بأن تجعلي الفترة التي تقضينها مع أولادك وقتا مميزا جدا، ليس من حيث الكم فقط- أي طول الوقت- ولكن أيضا من حيث الكيف- أي نوعية التفاعل والأنشطة التي تمارسينها معهم- فأنا أدرك أنك كامرأة عاملة يكون لديك الكثير من المهام المنزلية التي تحتاج أن تقضى، ولكن نظمي وقتك بحيث يكون ذلك في وقت نوم الأطفال، أو في الصباح الباكر، ويكون وقتك مع الأطفال عبارة عن تعايش كامل تتحدثين معهم وتلعبين معهم وتحكين لهم وتغنين معهم، وتشاهدين معهم أفلام الكرتون، وتتنزهين معهم وتحكين لهم عن أحداث يومك، ويحكون لك ماذا فعلوا بالنهار... أي يشعرون أنهم يتشبعون من حبك وحنانك واهتمامك بهم.
كل هذا أساسي جدا في علاقتك بهم واستقرارهم النفسي والعاطفي ولتنمو علاقة صحية وقوية بينك وبينهم تسمح لك بتوجيههم وتربيتهم بأسلوب هادئ وطبيعي.
وأما عن نومهم في غرفتهم فالأمر ببساطة يحتاج إلى حزم وصبر وإلى مكافآت وتشجيع، بمعنى أن يفهم الأطفال أن نومهم يجب أن يكون في غرفتهم، وأنه مرفوض تماما نومهم في غرفتك، وعند النوم تذهبين معهم إلى غرفتهم، وتدخلينهم إلى السرير، وتحكين لهم حكاية أو تغنين لهم، مجرد أن تبقي معهم، ولكن ليس في السرير بل تكونين أنت على كرسي مثلا، بحيث يشعرون بالتدريج بعدم الخوف والاستقلال النفسي عنك عند النوم، ثم تتفقين معهم أن من ينام طول الليل في غرفته دون أن يأتي إليك له مكافأة في الصباح، وعندما يأتي أحدهما أو كلاهما إليك في الليل عليك أن تقومي وتصحبيهم ثانية إلى غرفتهم، وتصري على أن يناموا فيها، ولا تسمحي لهم أبدا بالنوم في غرفتك ولا مرة واحدة حتى يحسم هذا الأمر، ومع الوقت والصبر والحزم، ولكن دون أي عنف أو قسوة، سيستقر الأمر، وسيصبح طبيعيا أن يناموا في غرفتهم.
المهم أن تصبري أنت حتى ينجح هذا الأسلوب، وتستمري في المكافآت، وتحكي للأهل والأصدقاء عن ذلك حتى يشعروا بالثقة والتشجيع، وأن تستمري في قضاء وقتك معهم، وسوف تجدين نتيجة رائعة في علاقتك بهم.. وأهلا بك وبهم
ـــــــــــــــــ(104/19)
ولداي.. أحدهما خجول والآخر مهتم بالجنس! ... العنوان
الإخوة الأفاضل
لدي ولدان أحمد 6 سنوات ونصف، وعاصم 5 سنوات.
مشكلة الأول حبه الشديد للهندسة والصناعة وما إلى ذلك، أرهقني كثيرا وهو ينام متأخرا ويستيقظ مبكرا من أجل ذلك، وسأحكي لكم عنه من البداية:
هو حساس جدا، وقد تعرض لضغوط نفسيه بداية من حملي به حيث إنني أعاني من الوسواس والاكتئاب، ثم سفر أبيه وهو في عمر 4 سنوات، ثم تعرض لحادث مروع نجاه الله منه بمعجزه.
أحاول قدر استطاعتي أن أحتويه لكن بسبب تعبي النفسي فأنا لا أعطيه حقه، ليست لديه مشاكل في التعلم فهو والحمد لله ذكي في دراسته، فأنا أدرسه في البيت لصعوبة اللغة في هذا البلد ولأننا قد قاربنا على الرجوع إلى وطننا.
سؤالي هو: هل أشجعه على الهندسة والاختراعات وما إلى ذلك أم ألهيه عنها؟ وهل اهتمامه بها شيء طبيعي أم لا؟
الحمد لله، فبفضل الله أولا ثم بفضلكم استطعت مع والده أن نجعله يتجاوز الكثير من الأمور والمشاكل، فكان دائم الإمساك بشعره ولفه على أصابعه وكان يقضم أظافره وكان ضعيفا في شخصيته وخجولا، لكن الآن الحمد لله هناك فرق كبير ولكن مع وجود بعض المشاكل منها ما ذكرت لكم، وكذلك مسألة التبول في الليل، لكنني أحاول مساعدته بما استفدته من موقعكم.
أما مشكلة ابني الصغير فهي اهتمامه بما يتعلق بالجنس إن صح التعبير، فعندما كان عمره 3 سنوات كان دائم الإمساك بذكره إلى أن اختفت هذه العادة، وفي عمر أربع سنوات وجدته يحاول أن يكتشف مثل هذه الأمور، ويسأل لماذا ليس للبنات عضو كالرجال؟.
وعندما أرتدي فوطه يحاول أن يدخل من تحتها ليرى ما يريد ويظل يلاحقني بأسئلته في هذه المواضيع ولا يسمح لأبيه حتى باحتضاني بطريقة عادية وبريئة فيضحك ويقول عيب!.
أشعر أن هذا الموضوع مسيطر عليه كثيرا لا أدري ما السبب وما العلاج؟ أحيانا أجيب عن تساؤلاته وأحيانا أحاول أن أجعله يتناسى.. أما من حيث صفاته الأخرى فهو ذكي جدا وشخصيته قوية وهو لا يخفي أي تساؤل في نفسه أو حيرة على عكس أخيه الأكبر.. لكن الأخير بدأ يتشجع بالكلام والفضفضة عندما يرى الأصغر.
سؤال أخير مع الاعتذار على الإطالة: هل القبلات البريئة بيني وبين زوجي -كان يقبلني عند سفره- وما إلى ذلك محظورة أمام الأولاد؟ وما هي الملابس التي لي أن ألبسها أمام أولادي؟ وجزاكم الله خيرا
... السؤال
عالم الجنس , نمي طفلك, الأنشطة والهوايات ... الموضوع
د/ليلى أحمد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أهلا وسهلا بك يا أختي الكريمة..
شكرا لثقتك وكلماتك الطيبة عن استفادتك بما نقدمه في الموقع وخاصة فيما يتعلق بولديك اللذين ندعو الله أن يكونا قرة عين لك ولأبيهما ويعينكما على تربيتهما التربية الصالحة سواء كان ذلك في وطنكما الأصلي أم حيث تقيمان الآن.
بالنسبة للاختلاف بين ولديك من حيث طبع الجرأة وشجاعة الأسئلة وعدم الخجل فهو شيء طبيعي وأسبابه تعود غالبا إلى الوراثة حيث إن الولد يرث من أبويه -أحدهما أو كلاهما- كثيرا من الطباع والأخلاق كما يرث كثيرا من الصفات الجسدية من لون العينين والشعر والطول وامتلاء البدن وغير ذلك وتأتي البيئة لترسخ هذه الصفات الطبعية أو تعاكسها وبما أن الأسرة هي البيئة الأولى بالنسبة للطفل لذلك تظهر هذه الصفات الموروثة بشكل حاد في الطفولة ثم رويدا رويدا مع دخول الطفل في المدرسة واحتكاكه بالناس الآخرين من تلاميذ ومعلمين فإنه يكتسب عادات وأخلاقا أخرى قد تكون متفقة مع ما طبع عليه وراثيا ومتسقة مع ما اعتاد عليه في بيئته الأولى أو مختلفة كليا وهكذا فإن بإمكان التربية سواء في المدرسة أو الأسرة أن تبدل الصفات وتغيرها وخاصة أن العادات بالتكرار غالبا ما تتحول إلى طباع وعندها تصبح مستحكمة ويصعب تغييرها في الكبر إلا إذا صمم الإنسان بنفسه على تغيير نفسه فهنا لا شيء يصعب على العزيمة والإيمان والعقل والإرادة.
من هذه المقدمة يا أختي الكريمة نستطيع أن نقول إنه من واجبك تقبل الولدين كما هما دون إجراء مقارنة بينهما خاصة إذا كانت هذه المقارنة سينتج عنها تفضيل ولد على الآخر أما إذا كانت لتعليم كل واحد أن يتقبل اختلاف أخيه عنه فلا مانع لأن هذا التقبل بالاختلاف منذ الصغر يساعدهما على تقبل المختلفين عنهم من بني البشر في الكبر وفي نفس الوقت أيضا يتوجب عليك المحاولة على الأقل –وهو ما ذكرت أنك تفعلينه مع زوجك– لتهذيب أي طباع أو عادات سيئة في الولد وتشجيع أي طباع أو عادات حسنة.
بالنسبة للطفل الكبير فإنه شيء طيب أن يكون ميالا للهندسة والصناعة والاختراعات لذلك فإنه ينبغي تشجيعه في هذه الناحية دون أن يؤثر على دراسته حاليا ومستقبلا ولو أن بعض المخترعين كانوا فاشلين دراسيا كأديسون مثلا لكن من المفضل دائما أن تكون الدراسة النظرية متفقة مع التجارب العملية فإذا كانت المدرسة لا تجري هذه التجارب فلا مانع من القيام بها في البيت تحت مراقبة الأبوين لأنه من الواجب إشباع فضول التلميذ علميا وعمليا وقد ذكرني هذا الكلام بقصة سأحكيها لك كمثال شخصي وهي أني كنت في الصف الخامس أو السادس الابتدائي وكان لدينا في كتاب العلوم درس عن الحشرات كالصراصير وغيرها وهناك عبارة تشير إلى أن ما يغطي جسد هذه الحشرات مادة قرنية (كيراتين) وأن هذه المادة تشبه مكونات الأظافر البشرية وأنها إذا حرقت فلها نفس رائحة الأظافر المحروقة فما كان مني إلا أن قصصت أظافري وحرقتها لأعرف ما هي هذه الرائحة المقصودة وأنا الآن لدى كتابتي لك هذا المثل أتساءل عن سبب وضع هذه الجملة الغريبة في كتاب العلوم فماذا يهم التلميذ من رائحة غطاء جسم الصراصير؟! ولكن على كل حال كانت دافعا لي للقيام بتجربة علمية في المنزل والحمد لله أنه لم ينتبه لها أحد من أهلي سوى أخي الذي يكبرني بعامين والذي ظن أني سأصبح ساحرة في المستقبل!.
أما الطبع الذي يجب تهذيبه في طفلك الكبير فهو الخجل وذلك بإذكاء روح الثقة بالنفس وإعلاء التقييم الذاتي لديه ويكون ذلك بتشجيعه بالكلام للقيام بشيء يخشى من عواقبه والثناء عليه بعد قيامه بها إذا نجح به وعدم ذمه إذا لم ينجح تماما بل تشجيعه على تكراره الأمر بعد مدة مقبولة على سبيل المثال نفرض أن أمامكم أو قربكم محل بقالة وهو يخجل من الذهاب للحديث مع البقال فيمكن تشجيعه للذهاب إليها مع وعده أن أحدا ما –أباه أو أمه –سينتظره على الباب وتلقينه ما يجب أن يقول وهو ينظر في عيون من يحدثه ويطلب ما يريد بثقة وإذا كان خوفه يتغلب على خجله فيمكن اصطناع موقف مماثل في المنزل بأن تمثلي مثلا -أنت أو والده– أنك البائع وأن ابنك يريد أن يشتري منه شيئا والمقصود أن تكون إزالة الخوف أو الخجل بشكل تدريجي ومشجع ومتعاطف ودون أن يترسخ في ذهنه أي قيمة سلبية عن نفسه.
أنصحك هنا بالاطلاع على كتابي ألف باء الحب والجنس ففيه فصل كامل أعتقد أنه يفيدك عن التربية المعتمدة على التقييم الإيجابي للناشئ كما أنه يفيدك مع طفلك الأصغر في أسئلته الجنسية وفضوله المعرفي عن الجنس ومبدئيا أطمئنك إلى أن وضعه طبيعي بما فيه إمساكه بعضوه فهي عادة تظهر عند الأولاد وقد ترافقها ممارسة للعادة السرية أحيانا ليس بقصد الشعور باللذة بقدر ما هي شعور بالذات الذي يزيد من شعور الطفل بالأمان وهذا الموضوع يكون أكثر وضوحا إذا كانت هناك علاقة بين الأبوين غير مستقرة ولا أدري إن كان مرضك النفسي ذا تأثير على علاقتك مع زوجك تنعكس على ولديك لكن على كل حال فإن تصرفات طفلك طبيعية برأيي لأن بعض الأطفال يكون إحساسهم بالجنس الآخر أكثر من بعض الأطفال ولا توجد أي مشكلة من ذلك ما دام الأهل يستطيعون إشباع فضول أطفالهم بإجابات تتوازى مع نموهم العقلي فمثلا يمكنك الإجابة إلى أن البنت لها أعضاء داخلية كي تحمل الجنين وتصبح أما. أما الولد فأعضاؤه الخارجية هي التي تساعده كي يصبح أبا وقد يكتفي بعض الأولاد بالإجابة وقد يتمادون بالأسئلة فيجب أن يوجد لدى الآباء والأمهات الأجوبة المناسبة حسب المرحلة العمرية وهو ما تناولته بالتفصيل في كتابي المشار إليه.
لا أعتقد أن هناك مشكلة من تبادل الحب أمام الطفل ما دام مقتصرا على مواضيع عمومية غير حميمية كالكلمات الطيبة والتقبيل من الخد بل على العكس إن شعور الطفل بالمحبة بين والديه ترسخ شعوره بالاستقرار والأمان لكن إذا كان طفلك ينتقد هذا الوضع بينك وبين زوجك فلا مانع أن تشرحي له أن هذا ليس عيبا بين الرجل وزوجته لأنها أم أولاده والأفضل أن تقبليه أيضا وقتها وتشرحي له أن تبادل القبل بين أفراد العائلة الواحدة شيء طبيعي وليس عيبا.
بالنسبة لسؤالك عما تلبسينه أمام طفليك فلا مانع من أن تلبسي ما تريدين في حدود المعقول والمتعارف عليه أخلاقيا وإن كانت تغطية العورة المغلظة ضرورية حتى في حالة استحمامك – أو زوجك – معهما أما بعد بلوغهما عشر سنوات فالأفضل أن تغطي ما بين السرة والركبتين على الأقل ويزداد هذا الأمر تأكيدا بعد وصول أحدهما سن البلوغ؛ وقد تناولت ذلك في استشارة سابقة بعنوان: الحياء..غرس من الصغر. واطلعي على الروابط أسفل الاستشارة، وفي انتظار متابعتك.
ـــــــــــــــــ(104/20)
تجاهلوا عناده.. فالطفل لن يؤذيه البكاء ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله
أختي لها ولد وبنت، ثم رزقها الله منذ عام بتوأم، "مهند" أحدهما، والآخر "سيف".
المشكلة أن "مهند" عندما نمنعه من أي شيء مثل العبث بشيء، أو نأخذ شيئا منه فإنه يقوم بخبط رأسه في أقرب ما يجده حوله، فإن لم يجد وضع رأسه بين قدميه ليخبطها في الأرض، أختي تمنعه بـ"الشخط" (تصرخ فيه)، فهل هذا سليم أم توجد طرق أخرى أكثر نفعا؟
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
إن تجاهل ما يفعله الطفل مع الإصرار على تنفيذ المنع الذي بسببه يقوم الطفل بهذا السلوك هو الحل الصحيح لهذا الموقف.
إنه لا يريد إلا لفت الانتباه والضغط من أجل تحقيق ما يريد، فإذا ما التفتنا إلى ما يفعل بالصياح عليه، أو تراجعنا فيما طلبنا تنفيذه فإننا بذلك نثبت السلوك عنده، ونشجعه على الاستمرار والتمادي في هذا السلوك، الذي سينظر إليه على أنه سلاح أو وسيلة ضغط ليصل لما يريد.
ولقد جاءتني إحدى الأمهات في المركز بنفس الشكوى مصطحبة معها طفلها، وعندما طلب أن يقوم بفعل معين ورفضت شرع في خبط رأسه، فما كان من الأم إلا أن نفذت ما طلبته منها من التجاهل التام له، فضرب رأسه في الأرض، ونظر حوله ينتظر الصياح عليه كما اعتاد فلم يجد شيئا، فما كان منه إلا أن اعتدل في جلسته وهو يبكي وكأنه يشكو التجاهل.
حينها أكدت للأم أنه مع تكرار هذا التجاهل سيفقد هذا الفعل أهميته بالنسبة له، ولن يحقق له غرضه فيتوقف عنه تماما، بشرط أن تصبر الأم على ذلك، ولا تقطع ذلك أبدا بأي استجابة له من أي نوع تحت دعوى الخوف عليه أو على بكائه، فالبكاء والصراخ لن يضرا الطفل أبدا، ولكن يضره التدليل الذي يجعله لا يتعلم ولا يعرف الحدود التي يجب ألا يتجاوزها، وراجعي روابط العناد التي نشرت على صفحتنا، فما يفعل ابنك صورة من صور العناد،
ـــــــــــــــــ(104/21)
العادات العصابية" علاجها الحب ... العنوان
السلام عليكم..
ابنتي داليا تعاني من مشكلتين:
الأولى: المص المستمر لإصبعين حتى أصبح بهما مثل الكالو.
والثانية: قيامها بحركة كالعادة السرية.
وكلتاهما بدأت منذ السنة الأولى من عمرها، وحاولت معها جميع المحاولات كالمس لإصبعها بأنواع مختلفة من المسات، والضرب، والشرح لها بمدى سوء ذلك، و"النرفزة" عليها، واحتوائها باللين والحب... مرات قليلة تستجيب، والأغلب تستمر.
والحركة التي تأتيها قد تنساها فترة، وفجأة تتذكرها وبتصميم، وقد تبتعد عن نظري أو نظر الجدة- حيث إننا في نفس العمارة- لتقوم بذلك، وأنا قلقة جدا من استمرار المشكلتين مع ملاحظة أن علاقتنا معها- أنا وأبوها- بها كثير من الحب و"الدلع" مع حزم، وأعترف بأني أكون عصبية أحيانا في توجيهي والتلويح بالضرب، حتى إنها تخفف الضغط عنها بقولها: "طبطبي علي وبوسيني"، وعلى الفور أستجيب لها مع تصميمي على ما أريده منها.
أرجو المساعدة لأوقف نزيف القلق الذي أعانيه، مع جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع.
... السؤال
مشكلات شقية, قضم الأظافر ومص الأصابع, عالم الجنس ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لا داعي للقلق يا سيدتي، فنحن نتعامل مع ما نسميه "العادة العصابية". وبالنسبة للأمرين فلا فرق بينهما، فمص الأصابع مثل احتكاك الأعضاء التناسلية، وهما يحتاجان إلى الهدوء في التعامل خاصة المشكلة الثانية؛ لأن البعض يتعامل معها كمشكلة جنسية فيصاب بالتوتر والعصبية في التعامل مع الأمر، مع أنه كما ذكرنا لا يختلف فعليا عن مص الأصابع؛ فكلاهما دلالة على حالة من التوتر والقلق الذي يعاني منه الطفل، والذي يحتاج مبدئيا إلى حالة من إظهار الحب لهذه الطفلة الصغيرة.
ويبدو هذا الاحتياج وهي تطلب منك الطبطبة والقبلة (البوسة) عندما تكونين عصبية؛ لأن هذه هي أشد اللحظات التي تشعر فيها بالقلق وبافتقاد الحب والحنان، وتصلها رسالة سلبية أنها تحتاج لأن تنتبهي لها وتجلسي معها وتلاعبيها وتناديها بأحب أسمائها، وتمطريها بالقبلات والعناق والأحضان دون أن تطلب هي ذلك، وألا تكافئيها أو تعاقبيها باستخدام الحب، فلا تقولي: سأحبك إن فعلت، أو سأكرهك إن لم تفعلي أو لأنك فعلت؛ فهذا يزيد قلقها وتوترها لأن حبك شيء هام جدا في حياتها.
هذا الإطار من الحب والحنان والدفء في العلاقة هو ما يتم بداخله العلاج السلوكي لهاتين العادتين؛ لأنه بدونه سيصبح الأمر مسببا لمزيد من التوتر؛ لأنه يمثل ضغطا على الطفل لأنه خارج إطار الرصيد العاطفي بينك وبين ابنتك، وستشعر أن هذا البرنامج السلوكي هو نموذج جديد لعدم حبك لها، بل وتزداد تمسكا بعاداتها لأنها سبيلها لجذب انتباهك، وقد فشلتْ في الحصول عليه بصورة طبيعية.
سيكون البرنامج السلوكي ممتدا لمدة 3 شهور على الأقل، توضع فيه يد الطفلة في قفاز لا تستطيع خلعه، مع تشجيعها وتحفيزها بالكلمات والأحضان والجوائز عند عدم مصها لأصابعها وعدم الانقطاع طوال الوقت عن هذا الأمر سواء كان لبس القفاز أو التشجيع عند النجاح.
وبالنسبة للأمر الثاني- الاحتكاك- فإن صرف انتباه الطفلة بسرعة إلى نشاط بديل، وعدم تركها بمفردها بعيدا عن الأعين، مع التنبيه بلطف وهدوء شديد على رفض هذا الأمر دون إشعارها أننا بصدد أمر خطير سيجعلها تنسى الأمر ليختفي تدريجيا ولا يعود، خاصة أنه لا يعبر عن أي سلوك جنسي، وليس له أي آثار في المستقبل من أي نوع.
ـــــــــــــــــ(104/22)
دعوا أطفالكم ينضجون "على نار هادئة" ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً أبدأ بجزيل الشكر والامتنان للساهرين على هذا الموقع، وخصوصًا المستشارين بصفحة معًا نربي أبناءنا..
لديّ ابن عمره ثلاث سنوات ونصف تقريبًا، كثير الحركة.. ألمس فيه حسًّا عاليًا في الفهم وسرعة في البديهة.. يتجاوب بسرعة مع ما أشرحه له، يعني مثلاً ممكن أوجهه إلى طريقة استعمال الـ"ماوس"، ثم يسأل ما يريد حتى يستوضح جيدًا، ثم يبدأ بالانطلاق والاكتشاف، لكنه بالمقابل إذا واجهته مشكلة مثلاً في اللعب وفاته الوقت وفشل في الوصول إلى هدفه يرمي اللعبة منزعجًا، ثم يعود ويطالب أحدنا باللعب والفوز وكأنه يريد أن نحقق له ما فشل هو في تحقيقه...
وهذا الموضوع بدأ يخيفنا كثيرًا ويجعلني أخشى على قدرات ابني أن تموت؛ بسبب عدم تقبله للفشل، مع العلم أني أقدم له التشجيعات والجوائز كلما فاز أو قدم سلوكًا حسنًا أو درسًا جيدًا بالمدرسة.. وإذا فشل أقول له لا بأس نحاول مرة أخرى، لكنه في الغالب يرفض ولا يحاول إلا إذا نسي الخسارة التي لحقت به أو إذا عرضت عليه أن نلعب بالدور، ولكن بعد إلحاح شديد مني..
أعتذرعن الإطالة، ولكني أحاول فقط تقريب واقع ابني حتى يتسنى لكم تحديد المشكلة الحقيقية.. هل هو أن ابني يمل بسرعة أم أنه لا يحب الفشل؟ وملاحظة أخيرة نسيتها هي أنني حين ألعب وأصل إلى لعبة صعبة يغطي رأسه متوقعًا فشلي ويخشى أن يرى ذلك بعينيه..
والسلام عليكم ورحمة الله.
... السؤال
مفاتيح تربوية, التربية الناجحة ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي العزيزة:
أقول لك كما قلت لابنتي من قبل: يصبح الطفل الأول دائمًا حقل التجارب الخصب لأبويه، وأنت بصفتك معلمة حاولت وضع ابنك في حلة بريستو (قِدْر ضاغط)؛ لتسرعي بإنضاجه... وكان ذلك على حساب استوائه النفسي.. فالطعام في البريستو أو حلة الضغط يكون تام النضج، ولكنه أبدًا ليس في طعامة ذلك الذي تركناه على نار هادئة ليتم نضجه وتسبيكه.
وطفل الثالثة يا ابنتي لا يعرف للفشل أو للنجاح معنى غير ما علمناه... فهل تظهر عليك أمارات السعادة والفخر إذا نجح ويظهر عكسها مع الفشل؟؟؟ هل أثناء تعليمه ترددي أن هذا شيء سهل وبسيط وأنه يستطيع أن يحققه؟؟؟ هل وضعته مع نفسك في دورة منافسه ولو لفترة من باب التشجيع؟؟؟
أعني.. أننا من يصور له الفشل على أنه شيء مُرّ صعب هضمه وقبوله.. أو أنه مرحلي يمر ويأتي بعده نجاح واستمرار. يجب أن تراجعي تصرفاتك حوله... وليس بالكلام وحده سيتم إقناعه... بل بالفعل الحقيقي.
لماذا نقدم الجوائز التشجيعية عند الفوز؟؟؟ أليس هذا معناه أن الحصول على التقدير مرتبط بالنجاح؟؟ كيف تتصوري أن طفلاً في الثالثة سيتقبل الفشل ويتفهمه لمجرد أن تقولي له لا بأس؟؟
ابنك لا يمل... وهو أصغر من كل ما يمر به، إذا أردت أن تعلميه بسرعة فليكن تعليمك كله ألعابًا... لا يوجد نجاح فيها ولا فشل ولا إنجاز... وإذا أردت أن تكافئيه فكافئيه على السلوك وليس على النتائج... كافئيه على بذل المجهود المخلص.. كافئيه على الإتقان... بغضّ النظر إلى أين وصل وماذا حقق، شاركيه اللعب على شرط أن تفشلي من آن لآخر وتضحكي من ذلك... إنه ما زال طفلاً فلا تتعجلي بلوغه مبلغ الرجال... وإذا كنت تجدين عنده قابلية للتعلم... فحفظيه القرآن الكريم بأسلوب التلقين
ـــــــــــــــــ(104/23)
مع أبنائك.. لا تجعلي مميزاتك معوقاتك ... العنوان
السلام عليكم أستاذة نجلاء..
أرجو أن يسمح وقتك لقراءة رسالتي والتي فكرت بكتابتها بعد قراءة مقالك في تربية الأبناء، كما أرجو الله أن يكون لديك حلا مناسبا، وتتلخص مشكلتي -وأنا أتردد في إعطائها هذه التسمية – كالتالي:
أنا أم لثلاثة أبناء: ولدان (18و14 سنة) وبنت (11 سنة) وعمري 40 سنة، أعمل مبرمجة كمبيوتر في مؤسسة حكومية، وزوجي مهندس مدني يعمل مدير مشروع في أحد مشاريع المؤسسات الدولية هنا في الأردن.
حاولت قدر الإمكان وبحمد الله تربيتهم التربية المناسبة (نفسيًّا وجسديًّا) وكانت فترة الطفولة عندهم بالنسبة لي ناجحة إلى أبعد حد، كما أتصور طبعاً فقد تفرغت من عملي مع كل طفل لمدة سنة أترك خلالها عملي بإجازة من دون راتب فكانوا هم خياري الأول في كل شيء مع تأثير ذلك على عملي وما يترتب عليه من تأخير في منجزاتي وترقيتي.
كبرالأولاد الآن نسبيًّا وأنهى ابني الأكبر الثانوية العامة، بمعدل ممتاز وهو الآن يدرس هندسة الكهرباء في أفضل جامعة بحمد الله.
لقد انتهت سنة الثانوية العامة ولم تكن سنة سهلة علينا كعائلة ولكنها انتهت على خير، وقد كنا نكمل بناء البيت الذي نحن فيه فقد شاءت إرادة الله أن يتزامن البناء مع الثانوية العامة لظروف خارجة عن إرادتنا جميعاً.
هنالك العديد من النقاط التي أعاني منها وأرجو معرفة رأيك فيها:
- عدم التزام الأولاد بالصلاة، بالرغم من جو المنزل الملتزم وشدة تأكيدي على الموضوع وكذلك والدهم.
- كثرة المشاكل بين الولدين، ففي الفترة التي يوجدان فيها بالبيت فلا بد أن تشتعل نار الخناقات في كل مكان، وتكون في أغلب الأحيان لأسباب غاية في التفاهة، وحتى بوجودنا.
- عدم احترامهما لبعضهما فمن الممكن سماع بعض الألفاظ التي لا تعجبني، طبعاً لا أقصد كلمات لا أخلاقية أو ما شابه ذلك، ولكن كلمات لا يجب أن تصدر عن أولاد تمت تربيتهم بطريقة محترمة، مع العلم أنهم خارج البيت يتميزون بأخلاق عالية جدا وهذا بشهادة الجميع، وهي حقيقية فانا لا أشعر أنهم يتصنعونها.
- مشكلة الولد الثاني هي التأخير في إنجاز أي شيء مع أنه ولد ذكي جدًّا وهو الأول على صفه، ولكن كل ذلك بجهد جبار منا في البيت، لا أقصد تدريسه واستذكارالدروس معه ولكن يجب أن يكون لديك صبر الجِمال لتبقى تحث على الدراسة والتهديد والوعيد في حالة التقصير، وذلك لكي يقوم بعمل فروضه ودراسة الدروس، وفي فترة الامتحانات تنهار أعصابي؛ لأنه يؤجل الدراسة حتى ساعة متأخرة ومن ثم يبدأ، طبعاً يقضي ساعات النهار إما على التلفزيون أو الكمبيوتر أو أي شيء سخيف المهم أن يضيع وقته ثم يبدأ بحدود التاسعة مساء، بالطبع أنا لا أسكت فأنا أتحدث معه باستمرار وأبين له خطر تأجيل الدروس وأهمية الوقت واستثماره بشكل أمثل، كما أنني أقاصصه في أحيان أخري وأحرمه من أشياء يحبها وهكذا ولكن النتيجة صفر ففي اليوم التالي يعود كما كان ولا ادري في السنوات القادمة الأصعب ماذا أعمل معه.
- عدم تعاون الأولاد في عمل البيت بشكل سلبي جدًّا حتى أبسط الأمور من ترتيب الأسرة أو وضع الملابس في الخزانة، وهكذا مع أنها أمور مهمة وجف حلقي من ترديد نفس الكلام منذ صغرهم وللآن بلا كلل ولا ملل ولكن لا فائدة، مع العلم أن والدهم إنسان رائع ومتعاون ولا يتورع في المساعدة في أي شيء مهما كان فلا أدري لماذا الأولاد هكذا، أنا الآن أفكر في إحضار شغالة لتساعدني فقد كبر البيت علي، وأشعر بالتعب كما أنني يئست من مساعدتهم لي، وأريد رأي حضرتك في هذا الموضوع، حيث إنني عارضت فكرة الشغالة طول عمري فبالإضافة إلى تكلفتها المرتفعة هنا إلا أنني أخاف على الأولاد أن يتأثروا من وجود شخص مختلف تماماً في كل شيء، ويصبح يعيش معنا كما أنني أخاف أن يصبحوا اتكاليين أكثر.
أرجو أن تخبريني كيف أتعامل الآن مع الأولاد؟ لأنني أشعر فعلاً بتعب نفسي من هذه الأشياء، وأريد أن أعرف لماذا يتغيرون في هذه المرحلة من أطفال رائعين يتمنى الجميع أن يكونوا أولاده إلى هؤلاء العصابة، أنا أعرف أنها فترة المراهقة فهل هذا كل شيء؟ ومتى سينتهي هذا الكابوس؟ وهل من الممكن أن نعيش هذه الفترة بسلام؟
أرجو أن تتكرمي بالرد على أسئلتي، وأنا لك من الشاكرين.
... السؤال
عالم المراهقة, مفاتيح تربوية, أبناؤنا والإيمان, التربية الناجحة ... الموضوع
أ.نجلاء محفوظ ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أسعدتني رسالتك كثيرا ودعوت لك ولأسرتك بكل الخير في الدين والدنيا تمنيت من كل قلبي أن تكوني نموذجا للأمهات العربيات...
وفي الوقت نفسه أشفقت عليك من العبء النفسي الهائل الذي تحملينه في عقلك وقلبك وهو بمثابة أحمال زائدة ترهقك وتقوم بشحنك نفسيا ضد أولادك مما يؤثر في علاقتك بهم –لا قدر الله- ويقلل من قدرتك على الوصول إلى أفضل نتائج ممكنة في تربيتهم كما تستحقين وكما أدعو لك أيضا..
وأبدأ بأن أتمنى أن تطردي فورا وإلى الأبد أي إحساس بالخسارة لتفرغك لمدة سنة لكل طفل وابتعادك عن عملك وما ترتب عليه من تأخير في المنجزات والترقيات وأن تستبدليه بالشعور بالرضا والارتياح لما فعلته فلا شك أن هذا التفرغ كان وسيلة (لحمايتك) وليس حمايتهم فقط من مخاطر انشغال الأم في عملها وابتعادها عن أطفالها في الأعوام الأولى ووفر عليك أعباء نفسية وصحية ودعم علاقتك العاطفية بأولادك ولاشك أن كل هذه المكاسب (تهون) وتصغر أمامها أي تأخير في منجزات العمل.
وأصدقك القول وأنا سيدة عاملة وقد أكرمني ربي بإنجازات كثيرة في مجالات متعددة أن أفضل إنجاز يرضي قلب الأم هو رؤية أبنائها ناجحين دينيا ونفسيا واجتماعيا وعلميا وعمليا، فأولادك هم (مشروعك) الرئيسي في الدنيا، ولا أحد في الكون يستطيع أن يقوم بدورك معهم كما تفعلين، بينما يمكن أن يقوم واحد أو 2 أو أكتر بما تفعلينه، ولكن لا يوجد نجاح يقترب من رؤية الأولاد وهم في حالة ارتواء عاطفي ونفسي ونجاح على كل المستويات فتذكري ذلك دائما واسعدي به واعتبري كل عطاء تقدمينه لهم بمثابة خطوات تقربك إلى الجنة التي وعدنا بها رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه بأنها تحت أقدام الأمهات، وإلى الشعور بالهناء والرضا عن النفس في الدنيا فلا تحرمي نفسك من كل هذه الجوائز الرائعة وتذكري أن الأمومة بها أعباء، ولكنها تتضمن الكثير من المتع أيضا فانعمي بالأخيرة لتساعدك على الأولى ولتجدد طاقاتك النفسية والذهنية والجسدية أيضا مما يعود بالخير عليك وعلى أسرتك ويساعدك على القيام بأدوارك المختلفة في الحياة على أفضل وجه..
وأذكرك أن سنة الثانوية العامة لم تكن أبدًا عامًا سهلاً على أي أسرة حتى لو كان أولادها من المتفوقين، فلابد أن توجد مخاوف ونسبة من القلق سواء للابن أو للأسرة لأنها سنة مصيرية تحدد مستقبل الابن ويمكن تقليل صعوبتها من خلال حسن الظن بالرحمن عز وجل أولا وتهدئة النفس ثانيا ومساعدة الابن على تنظيم أوقاته وعلى إمداده بكل ما يفيده في المذاكرة سواء من الناحية العلمية أو الغذائية أو النفسية وفعل ذلك بهدوء وضبط للنفس حتى لا يتسرب القلق إلى نفس الطالب إن كان حساسا وحتى لا نثير عناده إن كان مشاغبا.
وأهنئك على تفوق ابنك الأكبر وأدعو له بالمزيد من التوفيق ولك براحة البال حتى تحمي نفسك من الأضرار البشعة الصحية والنفسية الناتجة عن بقائك في حالة الانشغال المستمر والقلق المتواصل وتذكري ضرورة تفادي ذلك حتى تحتفلي بنجاح أولادك وأحفادك أيضا وأنت في أفضل صحة ولا تنسي ذلك أبدا..
وسأخبرك عن الحِمل النفسي الذي تضعينه على كاهلك ويتعبك وأقصد به البحث عن الكمال وهو أمر يعاني منه الكثير من الشخصيات فيتعبون ويتعبون من حولهم وقد (يحرضونهم) على الضيق منهم فتنبهي لذلك.. وأقول لك ذلك لأذكرك وأذكر نفسي وكل الأمهات أن أولادنا ليسوا قطعا من العجين نقوم بتشكيلها كما نحب بل هم كائنات (مستقلة) لها عقول وقلوب وطموحات ورغبات مختلفة، مما يدفعهم إلى التصرف بطرق غير الطرق التي (نريدها) نحن لهم..
وأكاد أسمعك تقاطعينني:
ولكننا نعرف مصلحتهم بأكثر مما يعرفونها ونحبهم بصورة لا يتخيلونها ونريد لهم كل الخير ونتمنى من كل قلوبنا أن يتجنبوا كل الثغرات التي تورطنا فيها لقلة خبرتنا في الحياة ونحن صغار السن لذا نريد حمايتهم منهم (وتصدير) هذه الخبرات لهم بأسرع ما يمكن ليفوز بكل الخيرات ويتجنبوا كل الأضرار..
وأتفق معك تماما وأؤكد لك أن الوصول إلى ذلك لا يأتي أبدًا عبر الإلحاح وإلقاء الخطب والحصار و(تجاهل) اختلاف شخصياتنا، بحكم اختلاف الأجيال على الأقل، وبأن كل إنسان يفعل بإرادته المستقلة أضعاف ما يمكن أن يفعله تحت الإجبار أو الإلحاح، وأن علينا الاستماتة في (التفتيش) عن أساليب جذابة لإقناعهم بما نثق أنه يصب في صالحهم عن طريق الترغيب والتشويق وذكر الفوائد والمكاسب إذا ما فعلوه والأضرار والخسائر إذا ما ابتعدوا عن تنفيذه وأن نؤكد لهم بلطف وهدوء أننا نثق في ذكائهم وأنهم سيختارون الأفضل دائما؛ لأنهم يستحقونه، وأن عليهم أن يسعدوا بأنهم محظوظون ولديهم أسرة تهتم بهم وهو ما يفتقده الكثيرون في هذه الأيام التي يهتم –مع الأسف- الكثير من الأهل بتحقيق النجاحات العلمية والمادية ويتناسون أن نجاحهم يكمن في تحسين نشأة أولادهم، ثم نتركهم ونغادر المكان حتى لا يشعرون أننا نقوم بتضييق الخناق عليهم أو أن تحاول إلغاء شخصياتهم وإجبارهم من فعل ما نقول، مما قد يدفعهم إلى التبرم أو الضيق والتزام العناد وكراهية ما تقوله لهم..
وأذكرك بضرورة ألا تتوقعي تغييرات (جذرية) بعد إلقاء النصائح حتى لا تؤذي نفسك وتعرضيها للإحباط، وتذكري أن أولادك يمرون بفترة المراهقة ومن سماتها رفض النصيحة والاعتزاز الزائد بالنفس والرغبة في الاستقلال عن الأهل، ولذا يجب التفنن في البحث عن وسائل غير مباشرة بعيدا عن إلقاء النصيحة والحرص على إشعارهم بالاحترام وبأخذ رأيهم في بعض الأمور التي تخصك أنت ووالدهم، حتى لو لم تنفذونها، وبتوسيع الحرية الممنوحة لهم في بعض الاختيارات المتعلقة بالملبس والمأكل وما شابه ذلك وإبداء الفرح بأنهم كبروا ومعاملتهم بنوع من الصداقة اللطيفة وإشاعة جو من المرح في البيت وقضاء بعض الأوقات معهم خارج البيت وبعيدا عن أي نصائح أو توجيهات حتى ولا يرتبط وجودك معهم بالأوامر والنواهي ولا بد من إشباع احتياجاتهم العاطفية واحتضانهم بحب وود والاستمتاع إليهم وإلى أحلامهم بكل احترام ومدح أي تصرف جيد يقومون به ولو كان بسيطا ومحاولة ضبط النفس –قدر الإمكان- مع تصرفاتهم السيئة وإشعارهم بأنهم أذكياء بصورة تجعلهم لا يكررونها..
وتذكري دائما البيت الشعري الرائع:
إذا لم يكن من الله عون للفتى *** فأول ما يقضي عليه اجتهاده
واطلبي العون من الخالق عز وجل ولا تقولي أبدا لقد فعلت كذا كذا ولم أحصل على ما يوازي مجهودي وأكثري من السعي وتوكلي على الخالق وحده لأن ترك الأخذ بالأسباب معصية والتوكل عليها شرك فاحذري هذا (الفخ) القاتل الذي نقع فيه جميعا من آن لآخر، واعلمي أن لكل شيء قدرًا، وأننا مجرد (وسيلة) لمساعدة أولادنا على حياة أفضل، وأن علينا بذل كل ما في طاقاتنا البشرية والتوجه بقلوبنا إلى الخالق ليبارك لهم ويوجههم إلى ما يفيدهم في الدين والدنيا..
وبالنسبة لعدم التزامهم بالصلاة، فأتمنى أن تجعلي حديثك إيجابيا، وأن تبشري ولا تنفري، كأن تقولي له أنت شاب رائع وستكون أفضل متى التزمت بالصلاة، وأن الله يحب الشاب المطيع أكثر وأنت تستحق ذلك وأن الصلاة ستفيدك دينيا ودنيويا، واطلبي منه أن يكون إماما لك ولأخته عند غياب الأب، وافعلي ذلك بلطف وبهدوء وبلا انفعال أو زائد حتى لا يلجأ إلى العناد وأخبريه أنك (تذكرينه) بالصلاة؛ لأنك تحبينه كثيرا وتريدين له (الفوز) بمكاسبها وأكثري من الدعاء لهم بالهداية وأوضحي لهم أنك تفوزين بالصلاة أنت ووالدهم وبإمكانك (ضربهم) ليصلوا أو تجاهلهم تماما والانشغال بأمورك الخاصة، ولكنك لم ولن تفعلي لأنك تثقين في أنهم (يستحقون) ثواب الصلاة..
ولا تظهري حماسًا زائدا حتى لا يتعاملوا مع الصلاة وكأنهم يؤدون شيئا من أجلك، وذكريهم بمسئوليتهم أمام الله عز وجل، ولا تطيلي الحديث وكثفي الكلام ولا تنتظري الرد وغادري المكان وأحسني الظن بالله عز وجل وأثق بمشيئة الله وفضله أنهم يتحسنون بأسرع وأفضل مما تتخيلين..
أما عن المشاكل التي تثار بين الولدين فهي أمر شائع في هذه السن وما ترينه تافها قد لا يكون كذلك بالنسبة إليهما، وعليك الامتناع عن التدخل بينهما وتذكيرهما بأنهما قد (كبرا) ويستطيعان التصرف في أمورها الخاصة، ولا تبالغي في (امتصاص) هذه المشاكل ولا تتعاملي معها على أنها مؤشر على أنهما لا يحبان بعضهما البعض فهي مجرد دليل على اختلاف وجهات النظر أو تضارب بعض الرغبات الشخصية، واعملي على إحداث نوع من التقارب بينهما قدر استطاعتك وإشعار كل منهما –على حدة- بحب الآخر له، وقولي لهما بحزم وبهدوء لن أقبل أي تجاوزات في الحديث بينكما فهذا البيت مبني على الاحترام المتبادل بين جميع أفراده وإنهم يتعاملون بأفضل صورة خارج البيت، وعليهم أن يكونوا في أحسن حالاتهم داخله لأنكم أولى برؤية مزاياهم ولأنك ووالدهم لن تسمحا بهذه التجاوزات، خاصة ما كان منهما أمامكما، وإن لم يلتزما بذلك فإن العقاب سيكون بانتظارهما..
ويفضل العقاب بالحرمان من شيء يحبانه مثل الجلوس أمام الكمبيوتر أو مشاهدة التلفزيون أو لعب الكرة أو الخروج مع الأصدقاء، فقد كبرا على العقاب الجسدي والمالي..
أما الولد الثاني فأتمنى أن تكفي عن الحديث معه عن المذاكرة باستمرار –كما ذكرت- لأن ذلك يؤدي إلى نتائج عكسية، واسمحي لي أن أقول لك إن مشاهدته للتلفزيون أو قضائه بعض الوقت ليس شيئا سخيفا بل هو أمر يهمه ويمتعه أيضا، وعليك إظهار الاحترام لما يسعده وأخبريه أنك لا تعترضين على ذلك وإنما تفضلين اختيار أوقات أفضل ليحقق أحسن نتائج دراسية بأمل قدر ممكن من المجهود..
وأتمنى أن تقومي بمتابعته بقدر أكبر من الهدوء وبالفرح بأنه ذكي ومجتهد وإن اختلفت طريقته في المذاكرة عما تريدين وأن تحتفظي بهدوء أعصابك في الامتحانات حتى لا تؤذي نفسك ولا تدفعينه إلى العناد وأطمئنك بأن السنوات الأصعب ستكون أفضل لأنه سيزداد –بمشيئة الرحمن- نضجا وفكرا وقدرة على المذاكرة في وقت أقل وسينمو عقله، ولا يهم كيف يذاكر فالمهم أنه يذاكر وتذكري أن سنوات المذاكرة هي جزء هام من حياته وأنها ستمضي على خير فلا تفسدي علاقتك به وأقيمي صداقة معه واحترمي اهتماماته،وإن لم تعجبك لتستطيعي التوصل معه إلى أفضل تنظيم ممكن للوقت..
أما عن عدم تعاون الأولاد في المنزل فيمكنك اتباع أسلوب الثواب والعقاب معهم ولا تتوقعي أن يتصرفوا كما تريدين بالضبط ويكفي تحسن الأمور إلى حد معقول وذكريهم بأنكم شركاء في بيت واحد وأنك لن تسمحي بالأنانية أو بالاتكالية وأن والدهم إنسان متعاون؛ لأنه رجل بمعنى الكلمة وعليهم أن يكونوا مثله.. ويمكنك إحضار خادمة لتساعدك في شؤون المنزل بشرط عدم الإقامة معكم أي أن تأتي ساعة أو أكثر يوميا أو يوم بعد يوم وبذا لا تكون هناك تكلفة مرتفعة، وأيضا لا يتأثر الأبناء سلبيا من وجودها معكم..
أخيرا تذكري دائما أنه لا يوجد أبناء مثاليون لأننا جميعا نعيش في الدنيا وليس في الجنة، فجميعنا لدينا عيوب وأتمنى أن ترحمي نفسك وأن تنظري إلى النصف المملوء في أولادك وأن تسعدي به حتى تهدئي نفسيا وتقر عينيك ويطمئن قلبك لها يساعدك على التعامل معهم بأفضل الطرق للفوز بأحسن النتائج..
ومن الطبيعي أن يتغير الأبناء بعد مرحلة الطفولة ليس ليصبحوا عصابة –كما ذكرت- ولكن لتتكون شخصياتهم المستقلة ويمكنك أن تعيشي هذه الفترة بسلام متى توقفت عن توقع اختفاء المشاكل من حياتك، وأقصد بها الخاصة بالأولاد وأن تقولي لنفسك: المشاكل لن تختفي لأنها جزء من الحياة ولكنني سأتعلم فن احتوائها أولا بأول وبكل هدوء و(تقبل) حقيقي لفكرة وجودها وسأتعامل مع أولادي بود وصداقة واحترام وسأحصد المكاسب الوفيرة ولن أطلب الحد الأقصى لسبب بسيط لأنه غير واقعي ولم يحصل عليه أحد. وسأفرح بكل تقدم ولو كان طفيفا وأبدي إعجابي به –دون مبالغة- وأمدحهم حتى أشجعهم على بذل المزيد ولن أكثر التفكير في عيوبهم حتى لا أنهك نفسي وأؤذيها وأصبح أقل قدرة على تحمل أخطائهم (الطبيعية تماما) وسأكون واقعية وأنعم أنا بالسلام حتى أستطيع تدبير أموري معهم وقيادتهم إلى ما هو أفضل وسأتجنب الإكثار من لومهم أو توجيه الانتقادات حتى لا يلجئون إلى رفض كل ما أقوله وسأكثر من الاسترخاء الذهني والجسدي خلال اليوم حتى أفرغ شحنات التوتر أولا بأول وأمارس أي قدر من الرياضة البدنية واهتم بباقي جوانب حياتي وأحسن من علاقتي بزوجي وأسعد بها وأفرح بكل إنجازاتي في الحياة فالإنسان السعيد أكثر قدرة على النجاح في علاقاته الأسرية وأكثر نجاحا في احتواء أولاده عاطفيا وإنسانيا وإشعارهم بأهميتهم من حياته وبأنهم خياره الأول ويدفعهم برفق وذكاء وبصورة غير مباشرة إلى (اختيار) التفوق في كل أمور الحياة ويؤمن بالتدرج ولا يطلب المستحيل ويعترف بالضعف البشري ولا ينكره (ويتحايل) عليه بالترغيب اللطيف..
وفقك الله وأسعدك أنت وأسرتك وحفظكم دائما..
ـــــــــــــــــ(104/24)
فطمتِهِ مبكرا من الحنان.. فاستعيديه! ... العنوان
السلام عليكم.
أنا أم لطفلين الأول عبد الرحمن وعمره 4 سنوات ونصف وأخيه عمره عام واحد.
ومشكلتي مع عبد الرحمن أن شخصيته ضعيفة ينساق وراء صديقه الأكبر دائما، ودائما يذكره في حديثه فيقول لي: هل وليد يحب ذلك؟ فيعمله وهكذا.
ومشكلة أخرى عندما يضربه أصحابه فإنه يخاف منهم ولا يضربهم مع أنه قوي فعندما يضربني يؤلمني.
كما أنه متردد غير واثق من نفسه، يسألني في كل شيء كذا مرة، حتى أنه مثلا عندما يدخل الحمام يقول: لي خلصت يا ماما ماذا أفعل؟ أأغتسل؟
لا أعرف إن كنت وأبوه السبب فدائما ما نوجه له الأوامر.. افعل كذا وإياك عمل كذا.
مشكلته الأخيرة غيرته من أخيه الصغير فهو دائما يريد أن يلبس ما يلبسه ولا يلاعبه بلعبه، وينظر إليه نظرات غريبة.
برجاء الإفادة وعذرا على الإطالة.
وشكرا.
... السؤال
مشكلات شقية, غيرة وشجار الأشقاء, مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي العزيزة:
عادة ما يصبح الطفل الأول حقل التجارب الخصب لأبويه، فهو أول شيء في كل شيء، أول مرة في الأكل.. المشي.. اللعب.. المدرسة.. العلاقات الاجتماعية وكلنا -أي هذا ليس حكرا عليك وعلى زوجك الكريم الذي ألمح من رسالتك وجود استقرار عائلي وأسري بينكما- نقف في حيرة في مواجهة ما تأتي به التجربة الأولى.
أجد أن من المبكر جدا الحكم على طفل في الرابعة بقوة الشخصية من ضعفها، قد تتكون أغلب الطباع في هذه المرحلة، ومرحلة الطفولة الأولى شديدة التأثير على الإنسان، ولكنها أبدا ليست الفيصل في شكل شخصيته وكيانه.
قلت إن لعبد الرحمن أخا عمره عام، أي أنه ظهر في حياته وعمره ثلاث سنوات، فهل هيأته لهذا التغيير الجذري الذي سيحدث في البيت؟
هل ذكرت له أنه لن يكون محور اهتمامكما الوحيد، وأن كائنا آخر سيحصل على جزء منه وسيشاركه هذا الاهتمام؟ أو حتى سيحصل لفترة ما على كل الاهتمام؟ سؤال يجب الإجابة عليه.
وإن كنت هيأته فهل كانت التهيئة من عينة: سيكون لك أخ صغير ضعيف يجب أن تحافظ عليه، وتهتم به، ولا تؤذه، و.. أي أنها كانت تهيئة في شكل مجموعة من الأوامر والنواهي؟
ذكرت يا ابنتي أنك تكثرين من قول افعل ولا تفعل. لهذا الطفل الجميل عبد الرحمن، ربما هذا أحد أسباب مشاكله التي ذكرتها وشعورك بضعفه، أخشى أن تكوني أرسلته إلى الحضانة لتتخلصي من وجوده في المنزل وتتفرغي للمولود. ربما يكون سمعك تقولين ذلك لزوجك أو لصديقتك في التليفون أو فهم هذا منك فأثر عليه.
من عيوبنا نحن الكبار أننا نتصور أن الأطفال لا تعي كثيرا أو لا تهتم بما نقول، ولكن الواقع أنهم يملكون ذاكرة قوية جدا وأذن مرهفة لكل ما يحدث حولهم، فهم صفحات خالية قادرة على استقبال كل أنواع المؤثرات الخارجية وهى ترتسم بوضوح شديد في عقولهم.
سقت إليك مجموعة سيناريوهات لأقول لك إن عبد الرحمن أصابه شيء من الخلخلة في كيانه، فقد وقف هذا الطفل الصغير ليجد فجأة أن كل شيء يهتز ويتغير من حوله، لم يعد المدلل الوحيد، أصبح يتلقى كثيرا من الأوامر والنواهي، أصبح طريد منزله الدافئ، من الطبيعي يا ابنتي أن يبحث عن صورة يراها قوية ليسير وراءها، فكان وليد زميله فيما يختص بالمدرسة وأخوه الأصغر في البيت.
فطمته مبكرا من حنانك ورعايتك، إنه ما زال طفلا، وليس من المفترض أن ترسمي له صورته التي ينبغي أن يكون عليها، بل المفروض أن تنمي شخصيته الموجودة فعلا، أي ليس من المفترض أن تدفعيه بالأوامر ليكون كذا وكذا وكذا، بل تابعي تصرفاته واكتشفي حدوده الحالية وابدئي في تنميتها
لقد فقد القدرة على اتخاذ أي قرار، وأصبح يرى أنه غير صالح لأي شيء، لا تتعجبي يا ابنتي، فهو لا يعجب أحدا، ولا يرضى عنه أحد، ولا يقدره أحد، وكأن ضرب رفقائه له هو نوع من المعاملة التي يستحقها فلا يدافع حتى عن نفسه.
بعد كل هذه القصص الطويلة ماذا ستفعلين؟ أشعريه بحبك وإعجابك وتقديرك وفخرك بكونه ولدك أولا وثانيا وثالثا ورابعا.
خامسا: إذا رأيت ما يحتاج إلى تصحيح أو تعديل في تصرفاته وحتما ستجدين، فساعديه على التعديل والتصحيح في صورة نصيحة قابلة للمناقشة، مثل: حبيبي، وأنت في الحمام تنادي علي وتقول: خلصت يا ماما ماذا أفعل؟ أأغتسل؟ ألم نعتد دائما على الاغتسال بعد الانتهاء؟ أم أن هناك شيء آخر تريد أن تقوم به؟
ومن المهم أن يكون صوتك دافئا حانيا متسائلا بحق، وليس مستهزئا، أو ساخرا أو متهكما، اتركيه يقول ما يشاء كأنه يتأكد، أو لا يعرف، أو أي شيء يخطر على باله. ثم أكملي كلامك بقبلة وحضن كبير قائلة: يا عبده، طبعا نغتسل يا حبيبي لنبقى طاهرين ونحافظ على نطافتنا، ألا تعرف أن المسلم يجب أن يكون طاهرا حتى يتوضأ ويصلي؟
لا أطلب منك يا ابنتي أن تستخدمي ألفاظي، فهي في النهاية ألفاظي أنا الشخصية التي كنت أستعملها، استعملي ما يروق لك، ولكن بنفس المعنى ونفس الفكرة.
أعيدي إليه توازنه يا ابنتي، أنا أرى أنه طفل شديد الذكاء بدليل لجوئه إلى تقليد من يراهم على قمة القوائم.
ـــــــــــــــــ(104/25)
لتوحد واحتمالات الشفاء ... العنوان
السلام عليكم
لدينا طفل يبلغ من العمر عامين، وهو مصاب بمرض التوحد. فهل توجد حالات تم فيها الشفاء التام من هذا المرض؟
وما هي أكبر المراكز المتخصصة في المرض الموجودة في القاهرة لذوي الدخل المنخفض؟
... السؤال
ذوو الاحتياجات الخاصة, التوحد ... الموضوع
أ,داليا مصطفى شيمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة، السلام عليكم.
وكل عام وأنت ومن تحبين والناس أجمعين بألف خير.
التوحد أو (الأوتيزم) من الاضطرابات التي زاد الحديث عنها في الفترة الأخيرة، وذلك لظهور حالات بعدد أكبر مما مضى، ويختلف المهتمين بالشأن الصحي حول أسباب زيادة الأعداد فالبعض يرجعها للزيادة الفعلية في الأعداد والبعض يرجعها لتقدم أساليب الاكتشاف.
على أية حال فإن أهم نتائج هذه الزيادة هو الاهتمام بالاكتشافات العلمية في سبيل علاجه، والعمل على تقليل آثاره على جوانب النمو المختلفة، وذلك من خلال ما يسمى بالتدخل المبكر الذي يقوم على الاكتشاف المبكر، والتدخل لتنمية المهارات التي يتوقع أن تتأثر بالإصابة بالأوتيزم. وقد نجحت العديد من التجارب في هذا المجال، وتحسنت حالات بدرجة كبيرة.
ويمكن أن تتوجهي إلى المركز القومي للبحوث بالقاهرة لمتابعة حالة طفلك، فقد أقام مشروعا لذلك يقوم على الاكتشاف والتدخل الدوائي والتأهيلي لهؤلاء الأطفال، وذلك ضمن وحدة ذوى الاحتياجات الخاصة.
واسمحي لي أن أنقل رأي أ.د/ نجوى عبد المجيد أستاذة الوراثة بالمركز والقائمة على هذه الوحدة في الرد على استفسارك:
"توجد فرص كبيرة للنجاح في علاج مرضى التوحد من خلال تناول المريض لبعض الأدوية، وهي تعطي نتائج فعالة جدا تمنح المريض القدرة الكاملة على الاندماج في المجتمع، ومن الأمثلة الشهيرة الممثل الأمريكي سلفستر ستالوني، والفنان العالمي بتهوفن، فمن المعروف عن مرضى التوحد أنهم ينجذبون تجاه أشياء معينة، ويعطونها جزءا كبيرا من تركيزهم، وعادة ما يبرعون فيها".
ـــــــــــــــــ(104/26)
شرود ومخاوف.. أشعروها ببهجة الحياة! ... العنوان
الإخوة الأفاضل..
جزاكم الله كل الخير لاهتمامكم بموضوع ابنتي التي كنت قد راسلتكم بشأنها سابقا، فهي في التاسعة من العمر وهي جد ذكية وأحيانا شغوفة بالمعرفة، ولكنها تعاني من مشكله هنا في البيت وفي المدرسة وهي عدم التركيز في ما في يدها من عمل والشرود الذهني اللا محدود.
وقد اشتكت لي مدرستها من هذا الأمر وعزت لي انخفاض بعض درجاتها في الامتحانات لنفس السبب، وقد زادت هذه الحالة جدا بعد تعرضها لحالة مرضية أدخلت على إثرها غرفة العناية المركزة، ظنت بعدها للحظات أنها ستفارق الحياة وسألتني بهذا المعنى عن أمور مثلا كيف يموت الإنسان؟ ولماذا حصل معي ذلك؟ وكيف ماتت أختي من قبل؟
وقبل عامين تعرضت لنوبة من نوبات مرض تحلل العضلات إثر إصابتها في التهاب في الحلق والحمد لله لم تتعرض إلى غيبوبة أو فقدان للوعي، ومنذ ذلك الوقت شرع لها الطبيب وسائل وقاية مثل التطعيم ضد الحمى، ولم تتعرض لحالة مشابهة بعد ذلك.
وتحلل العضلات هو مرض جيني وكنت قد استشرتكم في أمر مرضها من قبل على صفحة الاستشارات الصحية بموقعكم تحت عنوان تحلل العضلات.. الوقاية هي الحل. وبفضل الله فالمرض لم يكن له علاقة بالأعصاب على العكس فقد كانت بكامل وعيها في كل مراحل مرضها.
أما عن حالة الشرود الذهني والذي أريد أن أفهم سببه فهو معها من قبل هذه الحالة ولكنها ازدادت بعد تعرضها لتلك الوعكة.
بارك الله فيكم على ما تبذلون من جهود وجعله في ميزان حسناتكم وكل من شارك بعلمه أو بإشرافه أو بإدارته. نسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء، وتفضلوا بقبول شكرنا وتقديرنا..
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم, نمي طفلك, الأنشطة والهوايات ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة..
شكرا لاستجابتك لتساؤلاتنا والتي جعلت الصورة أكثر وضوحا، فمن الواضح أن شرود ابنتك الذهني سببه انشغالها بكم من الأسئلة التي يبدو أنها لم تحصل على إجابة كافية عنها.. عن وفاة أختها وعن كيف يموت الإنسان وعما تعرضت له من أزمة صحية شديدة أدخلت على إثرها العناية المركزة وعن مرضها الوراثي؛ وبالتالي فهي تحتاج إلى من يجلس إليها ويتحدث إليها بهدوء في مرات متكررة ومتوالية يتقرب إليها ويشعرها بالثقة فيه ثم ليستفرغ ما بداخلها من أسئلة وأفكار لتهدأ خواطرها ويشرح لها ببساطة ما حدث لها من أزمة صحية وما حدث لأختها وأنه لا علاقة لما حدث لأختها بما حدث بها.. وشرح مبسط لمعنى الموت ومع ذلك لا بد أن نساعدها على الخروج من هذا الشرود بأن نعطي لها هدفا محددا في المذاكرة أو كتابة الواجب، وأن يكون ذلك في مكان لا يسمح لها بالشرود وبالتدريج ستعود إلى حالتها الطبيعية.
ابنتك تحتاج إلى برامج للأنشطة خارج نطاق المذاكرة يعيد إليها الإحساس ببهجة الحياة.. لا يجب أن تركزي معها فقط على المذاكرة وتوجهي إليها النقد باستمرار بسبب هذا الشرود بل أخرجيها من عالم المذاكرة إلى عالم الأنشطة المختلفة من فنون وثقافة وعلاقات.. وستجد لها مكانا متميزا وستعيش حياتها بعيدا عن الأفكار السلبية التي تملأ رأسها الصغير بسبب ما عانته ورأته في حياتها القصيرة.
لا تتركي وقت فراغ للشرود مع الأفكار والهواجس واشغلي وقتها بكل ما هو مفيد وسعيد وعندها ستكسبين طفلة سوية في كل مناحي الحياة والتي تكون المذاكرة والدراسة هي أحد نواحيها وليس كل نواحيها، إننا بالتركيز على المذاكرة واستمرار نقدها سنزيد من شرودها وأفكارها السلبية، وفقك الله إلى مساعدة طفلتك لتخرج مما هي فيه ونحن معك.
ـــــــــــــــــ(104/27)
هل تكفي قصة الخلق للرد على أسئلة الجنس؟ ... العنوان
السلام عليكم..
أنا أخت لطفل في الثانية عشرة من عمره، وأكبره بعشر سنوات.. أهتم بشئونه؛ حيث إنه الأخ الأصغر لثلاث أخوات بنات.. ولاهتمامي به أثر كبير في نشأته، حتى إنه يأخذ الإذن مني غالبا ويستشيرني في كل أموره.
منذ فترة حكى لي أن صديقا له أخبره أن يبحث على الإنترنت عن كلمة "سكس"، وصديق آخر قال له: "إني أحلم بالبنات، وهذا معناه أني بلغت"، ومرة أخرى يحدث تعليق في الفصل؛ فكل التلاميذ يضحكون... وهو لا يفهم كل هذا؛ فجاء ليسألني ولكني لم أعرف كيف أجيبه!.
كنت قد قرأت على صفحتكم استشارة بعنوان: "قصة الخلق.. للرد على أسئلة الجنس"، وسؤالي الآن: هل يصح أن أقوم أنا كأخته الكبرى بحكاية قصة الخلق له بحيث لا أخوض في التفاصيل. أم أن هذا سيترك أثرا سيئا في نفسه؟.
يمكنني كتابة القصة مبسطة وأجعله يقرؤها، مع العلم أنه يستحيل إخبار أبي أو أمي بكل هذا؛ لأننا نشأنا ووجدنا أنفسنا لا نستطيع حتى الإشارة لمثل هذا المواضيع أمام أبي أو أمي أو حتى بيني أنا وأخواتي البنات... فأرجو أن يكون الحل بعيدا عنهما؛ لأني لن أستطيع مطلقا إخبارهما.. إني قلقة جدا على أخي من المرحلة القادمة ولا أعرف كيف أتصرف...
... السؤال
عالم المراهقة, عالم الجنس ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة..
نرحب بك معنا على صفحة معا نربي أبناءنا، ونحييك على اهتمامك الكبير بأخيك، ورغبتك في تربيته تربية سليمة، وشجاعتك على طرحك المسألة...
وجوهر استشارتك ليس في تعلمك كيف تناقشين معه "مسألة الجنس" خاصة أنه على مشارف مرحلة المراهقة. ولكن استشارتك كما حددتها هي: هل من الصواب أن تطرحي أنت معه هذه الحوارات حول "الجنس" حتى وإن لم تخوضي معه في التفاصيل؟.
بداية لا بد من وقفة سريعة مع ما تعتبرينه من أن إخبار الأب والأم بكل هذا مستحيل؛ لأنكم كما قلت نشأتم فوجدتم أنفسكم لا تستطيعون حتى الإشارة لمثل هذه المواضيع مع الأب والأم، ولا حتى بينك وبين أخواتك.
وهنا أنبهك إلى مسألة مهمة خاصة بك وهي ما تبادر إلى ذهني بمجرد قراءتي لفقرتك هذه وكأنك تظنين أن الحديث مع والديك أو علمهما بالنمو الطبيعي لكم ووصولكم إلى مرحلة البلوغ ومن ثم ظهور مسالة "الجنس" عند الأبناء وكأنه عيب كبير وخطأ فادح يستحيل أن يكون للأب والأم دور في التعامل معه.
وهذا فهم خاطئ؛ لأن مسألة "الجنس" ليست عيبا ولا فضيحة ولا خطأ لكنها مسألة كأي مسألة لا بد من معرفة ثم تعلم حدودها وضوابطها الشرعية والأخلاقية وحتى السلوكية، وهذا ما أشار إليه القرآن الذي علَّم المسلم حتى الممارسة العملية السليمة للجنس، فقال تعالى:
- {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ} (البقرة: 223).
- {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة: 187).
- {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (البقرة: 187).
- {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء: 21).
وهنا أنهي فقرتي تلك معك بنصيحة، وهي:
"لا تُحمّلي نفسك فوق طاقتك فتمارسين وحدك دور الأب والأم مع إخوتك دون أن تشاركي والديك معك في التربية؛ لأن دور الأب والأم أو أحدهما في هذه المسألة لا غنى عنه أبدا...".
وعودة إلى جوهر استشارتك فنقول:
إن مسألة الجنس عند أخيك في عمره هذا لا تعدو عنده غير رغبته في الحصول على معلومات حول الجنس؛ أي إن الجانب المعرفي هو الذي يشغله حول الجنس، وأخوك أمامه مصادر عدة يمكن أن يأخذ منها المعلومة الجنسية، ولكن الأقرب الآن في حالته ليعطيه المعلومة هو أنت، خاصة أنه إن لم يجد منفذا صحيحا يستقي منه المعلومة الجنسية فسيضطر للجوء إلى مصادر السوء لأخذها، وهنا يكمن الخطر.
ورغم أن المشهد الحالي يجعلك أنت الأقرب لإعطائه المعلومة الجنسية، فاعلمي أنك يجب ألا تكوني الوحيدة، بل لا بد بأي طريقة إدخال أبيه معك في "التربية الجنسية لابنه" أو توصية معلم في المدرسة (مشهود له بالخلق والانضباط السلوكي) بذلك؛ لأن بعد مرحلة المعلومة الجنسية ستأتي مرحلة التفاصيل والتي من الأفضل أن يناقشها مع أبيه أو معلمه كونهما "ذكورا"؛ وهو ما سيكون لحديثهما معه منطقية وكذلك ردودهما على أسئلته ستكون أفضل من ردودك أنت!!.
أما الآن فلا مانع تماما من الناحية النفسية أو الاجتماعية من أن يكون لك مع أخيك دور في تناول مسألة "الجنس" لاعتبارات أهمها ما وضح في استشارتك من كونك قريبة منه جدا، تهتمين بشئونه، لك أثر كبير في تنشئته؛ لدرجة أنه يأخذ الإذن منك ويستشيرك في كل أمورك، فأصبحت -رغم كونك أخته- تقومين بدور الأم بالنسبة له، ومن ثم فلا مانع من أن تناقشي معه المسألة فتعطيه المعلومة دون مزيد من التفاصيل ودون أن يبدو عليك أي قلق يشعره وكأنك تتحدثين عن المحرمات أو العيوب مما قد يدفعه فضوله إلى المزيد من المعلومات من مصادر أخرى.
تناولي معه المسألة من الناحية المعلوماتية أولا ثم تطرقي إلى الجانب الشرعي ثم الأخلاقي، مستخدمة في ذلك مثل الخلق مع الاستفادة من الاستشارات الموجودة لدينا وبعض المواضيع التي سنوردها لك أسفل الاستشارة
ـــــــــــــــــ(104/28)
يدخن أو لا يدخن.. ليست هي المشكلة ... العنوان
السلام عليكم..
أنا قلقه على ابني من أصدقائه، وكلما أحاول إبعاده عنهم يأتون إليه.. لا أعرف لماذا يرتبط ابني بمن هم أكبر منه أو أصغر. وقليل هم الذين يصاحبهم من أبناء جيله..
أشعر أنه يدخن وإن فاتحته طبعا ينفي ذلك، مع أني أشم رائحته ولكنه يدعي أن من معه يدخنون، فكيف لي أن أعرف؟ لقد وضعت مجلة تتكلم عن مضار التدخين على مكتبه ولم أتحدث عن ذلك.. وأمامه أذكر ما جرى لفلان وفلان بسبب التدخين، وحين يسمع ذلك يبدي أنه متفهم ولكن من سوابق ماضيه أعلم أنه يقول ويفعل ما لا يقول..
أقصد أنه يظهر تفهمه وبعدها يفعل كأن سمعناه مرة يحكي عن ركوبه لدراجة هوائية خطرة، فحدثناه وأظهر أنه سيمتنع، وذات مرة قال له والده لا تركب الدراجة الخطرة عند خروجك، وبنفس الليلة جاء به أصحابه محملا على الأيدي؛ لأنه ركب الدراجة، وكسرت ساقه ووضع في الجبس شهرا كاملا وتضايق جدا من بقائه بالمنزل، وأبدى الندم والتفهم وكأنه تعلم مما حصل..
بعد هذه الحادثة تقدم في عدة مواد بدراسته ومدحته المعلمة وقالت إنه تحول تحولا جذريا... أتمنى أن يكون قد تعلم من خطئه.. ولكن كيف لي أن أعرف بدون مراقبته؟ كما أني يستحيل أن أعرف أن كان يشاهد مواقع إباحية مع أصدقائه ويدخن أم لا.. كيف أطمئن؟
سؤال آخر قرأت بمقاله عن ابن 11 سنة الذي لا يستجيب لطلبات الأم وكتبتم ألا نكرر طلباتنا منهم أكثر من مرة، ولكن ابني الثاني ابن الـ12 سنة كثيرا ما أطلب منه وأكرر ولكنه لا ينفذ ما أريد، ويرمي ملابسه، ولا يستجيب لما أطلبه منه إلا بعد مماطلة وتأفف..
ماذا أفعل؟ تقولون ألا نكرر الطلب وألا نلح.. فكيف سينفذون ما أطلب إذن وهم ينسون ما طلبت منهم بعد لحظات؟
أنا يئست من إعادة طلب ما أريد من أولادي مرة واثنين وثلاثا فما الحل؟... حتى لو أمهلتهم ساعات فلا ينفذون لأنهم ينسون وأشعر أحيانا بأنني ببغاء، أعيد وأعيد حتى أضطر أحيانا لفرض عقاب لمن لا ينفذ وعندها فقط ينفذون.. فأين الخطأ؟.
زوجي يقول لي لا تلحي.. اطلبي وبعد وقت ذكريهم بأنهم لم ينفذوا، ولكن هذه الطريقة أيضا لم تجد معهم!
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ.عبدالرحمن خالد الحرمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السيدة الفاضلة..
أحب أن أوضح لك في البداية أن جميع ما ذكرت من أعراض وسلوكيات لابنك هى تصرفات عامه لهذه المرحلة من العمر وهي (مرحلة المراهقة).. وقبل أن نمر على النقاط التي ذكرتها في رسالتك أود أن أبين أهم خصائص هذه المرحلة والنمو الفكري الذي يطرأ عليها.. حتى يسهل علينا بالتالي التعامل معها.. لأن أغلب مشكلات الأسر مع أبنائهم في هذه المرحلة بالذات نتيجة عدم فهمهم وإلمامهم بخصائص هذه السن.
دعينا نتفق على قاعدة تربوية تقول باختصار ((إن الطفولة السوية تؤدي إلى مراهقة سوية، والمراهقة السوية تمهد إلى رشد سوي. فبقدر ما يكون التقصير في فترة الطفولة سنحتاج إلى إضعاف هذا الوقت لكي نصلح خلال فترة المراهقة)).
إن أول تغيير يطرأ على الابن خلال مرحلة المراهقة هو: الرغبة الشديدة في التفرد والانعزال، ولا نقصد بالانعزال عدم الاختلاط بمن حوله، وإنما الرغبة في الاختلاط بمن يقدرونه ويلبون رغباته وينظرون إليه على أنه رجل كبير يعتمد عليه.. عكس ما ينظر له في داخل الأسرة.. لذلك نراه ينعزل عن الأسرة.
والصفة الثانية لفترة المراهقة هى الرفض والعناد حيث أصبح على أعتاب مرحلة الرجولة ولا بد له أن يكون له رأي وصوت مسموع.. ولكنه في الحقيقة يعيش في هذه الفترة بين الطفولة والرجولة أو بمعنى أصح نهاية فترة الطفولة وبداية فترة الرجولة.. فعلينا ألا نتعامل معه كطفل وبالمقابل لا نتعامل معه كرجل.. وكما ذكرت أنه يوعد ولا يوفي.. في الحقيقة هو كثير الوعود في هذه المرحلة ولكنه لا يستطيع القيام بها.. وهذا أمر طبيعي..
نأتي إلى سؤالك.. أنك أبعدته عن أصحابه.. فلا أدري ما هي الوسائل وما هي البدائل التي استخدمتها في هذا المنع.. لأن المنع بالنسبة للمراهق هو تحدي له خاصة إذا لم يكن ذلك عن قناعة له.. وأحب أن أنتهز هذه الفرصة لأوضح أمرا هاما يتعلق بكيفية توجيه الأوامر للمراهق بصفة عامة.. وهي أن توجيه الأوامر لا يكون بطريقة مباشرة وفيها نوع من التهديد والوعيد له.. بل يكون توجيه الأوامر بطريقة التعريض أو الإثارة بطريقة غير مباشرة.. كأن نمدح سلوكا معينا أمامه.. فيبدأ هو بتقليد هذا السلوك للحصول على هذا المدح.. أو تطبيق أمر معين أمامه عدة مرات (كتقبيل رأس الوالد) دون مطالبته بتنفيذه.. وهكذا..
وبالنسبة لارتباطه بالكبار والصغار.. فرأيي أن ذلك قد يعود إلى حاجته للأمن مع الكبار وإثبات الذات وقد يكون مستوى تفكير عقله أكبر من سنه.. لذلك لا يجد نفسه إلا مع الكبار.. ولكنه أحياناً عندما لا يستطيع أن يجاري الكبار.. يلجأ إلى مرافقة الصغار لفرض آرائه وشخصيته عليهم.. فأرى أنه إذا كانت هذه الصحبة غير سيئة وليس منها أي ضرر على ابنك فلا داعي للقلق أو منعه من مصاحبتهم.. لأن في هذا السن من الصعب اختيار أصدقائهم وفرضهم عليهم.
ثانيا: لا تفاتحي ابنك بأمر التدخين إلا إذا كنت متأكدة من ذلك تماماً.. لأن النفي والإنكار سيكون سبيله الوحيد طالما أنك لست متأكدة ولا تملكين دليلاً قطعيًّا عليه.. ويمكنك أن تعرفي أنه يدخن أو لا.. عن طريق مراقبته عن بعد دون أن يشعر بذلك.. في حالة ثبوت التدخين عليه فهنا يأتي دور الأب ويكون العلاج بداية بكل سرية بينه وبين والده.. وأحبذ أن تعالج القضية خارج المنزل في جو هادئ مع الأب.. ويعقد معه اتفاقا بعدم التدخين، ويقوم الابن بوضع العقوبات التي تطبق عليه في حالة عودته للتدخين مرة أخرى.. وأنبه إلى أنه في حالة أن الأب مدخن فإن حل المشكلة سيكون أصعب ولكن بلا شك ليس مستحيلاً..
وأخيراً النصيحة التي أود أن أوجهها لك ولزوجك هي.. يجب عليكما أن تتحليا بالصبر واتباع سياسة النفس الطويل.. ولا تظهرا الاختلاف.. وأن تكون هناك منهجية تربوية واضحة تسيران من خلالها .
ـــــــــــــــــ(104/29)
ابن الـ12 يبحث عن صور الجنس! ... العنوان
السادة الأفاضل..
ابني عمره 12 سنة وهو طفل نشط محبوب من الأهل والمدرسين وأخواته في البيت، هادئ الطباع، حدث أمر قد أقلقني كثيرا، فمنذ عدة شهور تركته في البيت لمدة ساعة فقط، وعندما عدت فتحت النت لا تصفحه فتفاجأت بوجود صور جنسية أرسلها له ابن عمته عن طريق الماسينجر، مع أن استخدامه له في العادة يكون تحت نظرنا، واعترف بذلك ووعدني بعدم تكرارها.
وقبل يومين تقريبًا من الآن حدث أن اضطررت للخروج وعدت بعد وقت قصير وتفاجأت أخته وهي تعد بحثا على النت بوجود كلمات إباحية للبحث على محرك البحث، صور بحث عنها وصفحات لم تفتح، وفاجأتني هذه الكلمات كما فاجأني طريقة بحثه عنها، وعن عدد الصور التي تخدش الحياء، وطبعا حدثته، فأخبرني بأن زميله في الفصل قد أعطاها إياه.
وقد بكى طويلا واعتذر وعاقبته بأن أجلت عيد ميلاده الذي كنا نعد له، وحرمته لعدة أيام من لعبته المفضلة، وإلى الآن طبعا أنا قلقة جدا عليه.. لا أعرف كيف أحميه مع أنه يذهب لدورات في المسجد، ومحيطه الذي يعيش فيه هادئ وتوعوي..
أنا قلقة جدا، وأتمنى أن أجد المساعدة..
... السؤال
عالم المراهقة, مفاتيح تربوية, أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ.عبدالرحمن خالد الحرمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
نحمد الله ونصلي ونسلم على رسوله الكريم ..
هذه المشكلة يعاني منها الكثير من الأسر بعد دخول شبكة الإنترنت إلى بيوتنا، وهي سلاح ذو حدين كما نعلم، وللأسف البعض يسيء استخدامها..
بداية ذكرت بأن لديك طفل (وعمره 12 سنة)، واليوم مع الثورة التكنولوجية والمعلوماتية الهائلة أصبح سن البلوغ والمراهقة يتقدم شيئا فشيئاً، معنى ذلك أن ابنك ليس طفلاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأيضا هو لم يبلغ مرحلة الرجولة بالكامل، لذلك يجب علينا أن نعرف خصائص وسمات ومداخل هذه المرحلة، وأن نفهم هذه النقطة لتكون انطلاقتنا في التعامل مع أبنائنا.
وأما كونه محبوباً من الأهل وهادئ الطباع فهذا أمر جيد.. وأرجو ألا يستخدم هذا الحب للوصول إلى ما يريده هو.. حيث إن الأبناء في كثير من الأحيان لديهم ذكاء حاد ويعرفون كيف يستغلون ويستثمرون حبنا لهم .
ويمكن إيجاز بعض الحلول في النقاط التالية :
1- أولا وآخر الدعاء.
2- أن يكون جهاز الكمبيوتر وكذلك التلفزيون في مكان عام في البيت (الصالة) مثلا.. وألا يكون في زاوية عامة ولكنها شبه مهجورة .
3- التواصل مع أسر أصدقاء أبنائنا، بحيث يكون العلاج من الجميع شريطة السرية التامة في علاج مثل هذه القضايا ..
4-تفعيل دور الابن في المنزل ومتابعته وذلك بتكليفه إنجاز بعض الأعمال وقضاء حاجات الأسرة.. وأذكر هنا قول سيدنا عمر بن الخطاب لسيدنا أبو هريرة -رضي الله عنهما-: ((إن الأيدي قد خلقت لكي تعمل، فإن لم تشغلها بالحلال شغلت بالحرام)).
5- إن الابن في هذه السن أحوج ما يكون إلى أب يستمد منه شخصيته وقيمه، ويشرف أيضاً على تربيته.. وبما أنه غير موجود كما كان واضحاً في السؤال أن وجوده في البيت حوالي ساعة واحدة فقط، فحتى هذه الساعة يجب أن يكون حاضراً ولا يكون موجوداً فقط، والفرق بينهما واضح.. وأن يتواصل مع ابنه حتى ولو عن طريق الهاتف بالسؤال عن إنجازات وأعمال الابن.
6- لا بد من تحديد ساعات معينة لدخول الابن للإنترنت ويفضل أن تكون في النهار وتحت إشراف الأبوين .
7- إذا كان للابن رغبة شديدة في الإبحار في عالم النت فيمكن استغلال ذلك بتكليفه بعمل بحوث في مختلف المواضيع التي تكون قريبة من ميوله ..
8-بما أنه بحمد الله يحضر الدورات في المساجد فيمكن تشجيعه على المواظبة على ذلك بمكافأته وتشجعيه لتفعيل هذا الحضور .
ـــــــــــــــــ(104/30)
تعلق الابنة بالصديقة.. متابعة ... العنوان
سيدتي الحبيبة: السيدة /عزة تهامي..
سلام الله عليك ورحمته وبركاته..
بداية، أود أن أعبر عن خالص سعادتي بتشريفك لي بأن أكون صديقة لمثلكم وأدعو المولى عز وجل أن يجمعنا -كما تفضلت وذكرت- على خيري الدنيا والآخرة، وأن ينعم علينا دائما بنعمة الحب في الله.
أما بالنسبة لردك -سيدتي- على استشارتي فجزاك الله خيرا كثيرا، ولكنني وددت توضيح بعض النقاط التي أشرت إليها في ردك:
• أنا لا أترك آية تذهب لزيارة صديقتيها إلا نادرا جدا، ويكون ذلك لفترة وجيزة جدا، وإنما عادة ما يكون لقاؤهن جميعا عندي مع باقي إخوة آية.
• طيلة الفترة التي يقضينها معا يكن في مكان مفتوح دائما يلعبن جميعا ألعابا مختلفة إما على الكمبيوتر أو ألعابا حركية أو قراءة أو حفظ قرآن أو مشاهدة الكرتون، ويكون كل ذلك تحت سمعي وبصري بشكل مباشر (أي بالجلوس معهم) أو بشكل غير مباشر (وأنا أقوم بشئون المنزل)؛ أي إنه لا مجال على الإطلاق لانفرادهن ببعضهن البعض بعيدا عن سمعي وبصري، وعندما أضطر في بعض الأوقات لمغادرة البيت تأتي والدتي (الجدة) للجلوس معهن.
• هاتان الجارتان الصديقتان تسكنان بجوارنا تماما في نفس المنزل وهذا ما أتاح لي معرفتهما جيدا، ومع تحفظي على بعض ما أراه فيهما من سلوكيات فإنني من خلال جلساتي معهما جميعا -هما وأبنائي- وتحاوري معهما أحاول مستعينة بالله تعديل بعض من هذه السلوكيات، وأجد والحمد لله القبول والاستجابة منهما؛ فأنا وبفضل الله أحظى بحبهما واحترامهما.
• بدأت منذ فترة في تحفيظهما القرآن معا.. أولا بنية نيل الثواب من الله تعالى ومن ناحية أخرى لتشجيع كلا الطرفين -أبنائي وهما- على الحفظ وهذا ما تحقق بالفعل ولله الحمد.
• أنا بالفعل أقنن من تواجدهما معا فليس الأمر بصفة يومية -فيما عدا وقت التحفيظ- وإنما يقتصر على يوم في الأسبوع، ولكن الذي يقلقني هو شعورها بالملل والوحدة كثيرا، وربما كان ذلك لعدم توافر الأنشطة المختلفة التي من شأنها أن تفرغ فيها طاقتها المتجددة وتمنحها المتعة المرجوة.. وهذا ما أشرت إليه سيدتي الكريمة.
• أحيانا ألاحظ أنها تترك صديقتيها وهما عندها وتأتي لتتحدث معي، وتجلس بجواري وأنا معهما، وتسعد جدا بجلوسي معهما برغم إلحاحها في أن تأتيا إليها ورغم سعادتها هي وأخواها بتواجدهما؛ وهو ما يثير دهشتي أنا ووالدها كذلك من هذا الأمر.
معذرة -سيدتي الحبيبة- إن كنت قد أطلت عليك في تفاصيل كثيرة قد لا تهم كثيرا، فإنني استشعرت من طيات كلماتك الرقيقة المحذرة بشأن هذا الأمر شيئا ما لذلك أردت التوضيح.
وأخيرا أتمنى ألا يحرمني الله تعالى صحبتك الغالية، ولا يسعني إلا أن أقول إني أحبك في الله، وسلام الله عليك ورحمته وبركاته.
... السؤال
نمي طفلك, الأنشطة والهوايات ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الصديقة الحميمة: أم عمرو
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بداية أود أن أهنئك بعيد الأضحى أعاده الله علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين في كل مكان بالخير والعزة والكرامة.
صديقتي..
حينما نستمع ونتحاور مع الأحبة فلا مجال للاعتذار عن الإطالة، وأدام الله المحبة فيه بيننا.
واسمحي لي -صديقتي- أن أشكرك مرتين:
أولا لهذا التواصل وهذه الدعوات الكريمة منك والتي أدعو الله أن يجيبها، إنه قريب مجيب الدعاء.
وثانيا لما تقومين به ليس مع ابنتك فقط بل مع صديقتيها، وأدعو الله أن يجعل عملك هذا خالصا لوجهه، ولا أجد كلمات إلا أن أدعوك للاستمرار فيما بدأت فيه معهما، وأعانك الله.
وأما بالنسبة لملل آية فعلاجه أمران:
أولهما تنظيم الوقت وتحديد زمن معين في كل أسبوع لممارسة أنشطة متعددة معها، وأظنك تتابعين كثيرًا من الاستشارات والموضوعات التي تناولت هذه الأنشطة وأرشح لك بشكل خاص موضوع صيف ذكي جدا للزميلة الأستاذة نيفين عبد الله إذا لم تكوني قد اطلعت عليه.
ولكن لا يعني هذا أن تمارسي معها هذا النشاط يوميا بل يكفي يومين أو ثلاثة حسب ظروفكم، وقومي في أثناء اللعب معها بتدريبها على إنتاج أفكار أخرى تقوم هي بتنفيذها في أوقات أخرى دون أن تتواجدي معها حتى تتعلم أن تقوم بشئون نفسها بنفسها وأن تستطيع الاستمتاع والاستفادة من وقتها حتى لو لم يكن هناك من يشجعها على ذلك، وهذا أمر في غاية الأهمية.
والأمر الثاني لعلاج ملل آية هو عدم الالتفات والاهتمام الدائم لشكواها من الملل، وكما ذكرت لك آنفا أنها لا بد أن تقوم هي بحل هذه المشكلة من نفسها.
ـــــــــــــــــ(104/31)
... الاسم ...
14 وسيلة للتعامل مع الطفل البطيء ... العنوان
أنا صاحبة رسالة الطفل البطيء ما بين الطبيعي والمرضي، وإليكم إجابة الاسئلة التي طلبتم الرد عليها
1- أحمد بطيء منذ الصغر ومن الممكن أن تضييعه الزائد للوقت الآن هو ما يعطيني إحساسا بأنه يزداد بطئا.
2- هو عادة بطيء في كل تصرفاته فإذا أردت أن يشتري لي شيئا يغيب وقتا طويلا حتى يحضر ولكن عندي هنا ملاحظة: أني عندما أراقبه في أمر كهذا مثلا ألاحظ أنه يسرح مع الناس وينظر إليهم ولا يركز فيما جاء من أجله فيقضيه وينصرف فليس عنده إحساس جيد بالوقت.
3- نمو أحمد الجسماني جيد وصحته كذلك وإن كان ينقصه أن يلعب رياضة حتى يكون قوامه أحسن من ذلك وهو لا يعاني من أي أمراض.
4- أحمد لم تظهر عليه علامات البلوغ ولكن تصرفاته فيها كثير من الاهتمام بهذه الشئون.
5- فيما يتعلق بتعاملات أحمد معنا: أنا لا يعجبني أداؤه منذ فترة ليست بالقليلة فمعي أنا يكون طيعا ثم إذا حدث شيء لا يعجبه مهما كان بسيطا ينقلب تماما وقد تصدر منه بعض الألفاظ التي يحاسب عليها فهو سريع الغضب وأنا دائما أحمل هم التعامل معه حتى لا يغضب.. ومع والده لا يفعل ذلك لأنه يهابه.
عموما ليست هناك علاقه قوية بينهما.. مع إخوته يحبهم ويلعب معهم كثيرا وخصوصا أخاه الصغير (ثلاث سنوات).. مع أصحابه يحبونه كثيرا وله حضور وتأثير فيهم وفي المدرسة كثيرا ما أسمع من معظم المدرسين أن أحمد شخصية محترمة ومختلف عن باقي زملائه.
... السؤال
عالم الدراسة, فنون المذاكرة, مشكلات شقية, الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأم الفاضلة
مرحبا بك مرة أخرى معنا على صفحة معا نربي أبناءنا ونحييك على رغبتك الصادقة فى المتابعة معنا حول ما تعانيه من ابنك الغالي.
ويمكننا أن نجمل لك 14 وسيلة للتعامل مع ابنك بناء على ما وردنا من متابعتك أولها روح المسئولية وآخرها الصبر الجميل:
1- بين الحين والآخر وانتهازا للمواقف والأحداث اغرسي روح المسئولية لدى ابنك من خلال البدء في إعطائه مسئوليات تناسب قدراته وقدمي له حافزا ما في حال تنفيذ تلك المسئولية فى الوقت والزمن وبالأداء الجيد.
2- مراعاة الفروق الفردية بينه وبين غيره من إخوته وقرنائه ومدى استعداد كل منهم للقيام بدور معين، فما يصلح اتباعه من أساليب مع طفل، قد لا يصلح مع آخر.
3- تعويده على ممارسة الرياضة لتنشيط قدراته البدنية والفكرية والنفسية.
4- منع بعض الأشياء التي تزيد من بطء حركته بنصيحته بترك الجلوس على الحاسوب مع اللعب لساعات طويلة.
5- تعويده على الالتزام بالواجبات الدينية، والتطوع في واجبات أخرى.
6- تسود بينك وبينه روح التعاون والمشاركة في إنجاز عمل ما، كأن تتعاونا في الذهاب معا لأداء مهمة ما فيرى منك أو من والده النشاط والهمة العالية.
7- التشجيع والتحفيز له كلما فعل شيئا بأداء عمل بسرعة ودقة ولا يقتصر التحفيز على المكافأة المالية فقط أو الهدايا وإنما يمكن أن يكون في شكل ابتسامة صادقة في وجهه أو لمسة يد حنونة على رأسه.
8- أن تكوني أمام أولادك أنت وزوجك القدوة في الهمة والنشاط الكبير والمنظم.
9- لا تركزي معه على ما فيه من مشكلة حتى لا يعتادها أو يظن من كثرة تركيزك عليها أن لا أمل فى العلاج فيصاب بحالة من الإحباط واليأس.
10- اجعلي دائما -وفى كل مشكلة يتعرض لها ابنك- الحوار لغة التفاهم فيما بينكما.. الحوار الهادئ الذي تختلط فيها عاطفة الأمومة بالحرص على مصلحته واجعليه يستشعر تلك العاطفة وهذه المصلحة التي ترغبينها.
11- إذا طلبت منه شيئا فلا تعتمدي على أسلوب العموميات الذي يحير ابنك فيما طلبت منه ولكن اطلبي منه شيئا محددا يفهم ماذا تريدين منه.
12- أعيدى بناء العلاقة بينك وبين ابنك على أساس من الحب والطمأنينة، وأن تشعريه بالأمان معك عن طريق التلطف معه في الحديث وعدم مباغتته بسؤال مفاجئ مثلاً، وعليك باللعب والتنزه معه بمفردكما وفي أثناء التنزه تبسطي معه في الحديث وتبادلا النكات سويًّا.
13- تخيرى أفضل ما يميزه ثم امدحيه على مزاياه وأخلاقه المهذبة أمام أصدقائك ومعارفك.
14. عليك بالصبر حتى يتخلص ابنك من السلبيات التى ترينها فيه لأن الزمن جزء من العلاج.
ونسأل الله أن يريك فى أولادك ما تقر به عينك.
ـــــــــــــــــ(104/32)
"كفاية" قمع لأطفالنا.. ولنكن أكثر إيجابية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله
أنا لا أدري كيف أتصرف مع ابني حتى يحفظ كتاب الله؟ فهو يمل بسرعة من كل شيء، من المدرسة، ومن اللعب، ومن كل شيء..
هو كثير الحركة، يحب اللعب في أماكن منفتحة، ويكره الجلوس في مكان معين، يرى المنزل كأنه سجن صغير يبحث عن أي فرصة كي يهرب مني ويخرج للعب مع الجيران.
خياله واسع جدا يحب الألعاب البوليصة لدرجة مرعبة رغم أني يوميا أحدثه عن الله والجنة، وحين يخطئ أقول له إن الشيطان هو الذي حثه على ذلك.
أربيه على الحلال والحرام، لكن الطفل يحتك بزملائه في المدرسة التي لا تعلمه سوى الفرنسية؛ فلابد أنه سيواجه مشاكل كثيرة لأنه كثير الملاحظة ويلاحظ أخطاء وسلبيات الآخرين أكثر من إيجابياتهم وأكثر شيء يزعجني أنه حين أرافقه للمدرسة يكون خجولا جدا ولا يتكلم حتى مع المعلمة، وإذا ذهبت فجأة أجده شقيا لدرجة أنها تصرخ في وجه وتتذمر منه، وجل ما أخشاه أن تؤثر شقاوته على دراسته أو أن يتحول إلى طفل انطوائي نظرا لكثرة القمع والتوبيخ من الآخرين.
... السؤال
مشكلات شقية, الطفل المشاكس, مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ.عبدالصمد خنجار ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سيدتي الفاضلة سهام..
نشكرك بداية على هذه الثقة التي منحتها فينا، وأيضا على هذا الخروج من الصمت إلى البوح بما تعاني منه حيال ابنك، وكم من مشاكل تبدأ صغيرة وبالإهمال والصمت تصير كبيرة كالجبال. حفظك الله وأسرتك من كل سوء.
إن التحدي الماثل أمامنا يكاد يكون هو الغالب في ما تواجهه أي أسرة في تربية أبنائها، حيث إن الجميع يريد أبناءه بما يشتهي هو لا بما يوافق إمكانيات واستعدادات الأبناء. وهنا أود الإشارة إلى مجموعة من المسائل كانت غائبة عن أختنا سهام بخصوص الصغير رضا، ثم أخلص إلى إرشادات أراها مهمة و محفزة لابنك أكثر ولتحقيق تقارب بينكما، أبدأ وبالله التوفيق.
سيدتي.. من خلال بياناتك ورسالتك وجدت أن:
- الساعات التي تقضينها مع ابنك غير كافية لخلق ألفة كبيرة بينكما، فهي كما ذكرت 4 ساعات فقط.
- كل تركيزك منصب على ما تريدين من ابنك لا ما يريد ابنك، ولم تركزي على ما تريدين باستثمار ما يحب ابنك فأنت تطالبينه دون أن تمنحيه المقابل.
- الملل صفة تغلب على أغلب الأطفال في هذه السن فدرجة النشاط عندهم كبيرة ومتفاوتة وقد تكون بدرجة تثير أعصابنا مع أنها استجابة عادية لسنهم.
- قلت إنه يعتبر المنزل سجنا.. اسألي نفسك أمن ضيق المنزل أم من تصرفك معه؟.
- قلت إنه يهرب منك ومن الواضح أنك تعلمينه كل جميل، لكن السؤال هل يرتاح ويستسيغ ما تعلمينه؟ لا نشك فيما تريدين تعليمه لكن أسألك هل تجدين طريقتك في التعليم هي المثلى؟
- أنت تنظرين لما يحب بعدم رضا وهذا واضح من كلمة "مرعبة"وتنتظرين أن ينظر لما تحبين بعين رضا.
- قلت إنك تعلمينه يوميا وتلقنينه يوميا . والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه من وقت لآخر خشية السأم وهذا وارد في الحديث وهم الأكابر فما بالك بصغير.. فإذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.. عندما ننظر إلى ما نفعل أنه صح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن الآخر هو المخطئ نقع في كثير من الخطأ.
- الأطفال يؤمنون في سنواتهم الأولى بالمحسوس وأنت إذا كلمته عن الشيطان فسوف يجسده حتما في مخيلته وسيلصق به الكثير من الأشياء وليس الأخطاء فقط.
- أنت تخافين عليه من المدرسة ومن جو المدرسة لأن ما تزرعينه فيه ليس هو ما يعيش في المدرسة وهنا تكمن الصعوبة بين ما تلقنينه وما يراه عيانا.
-ابنك له من المميزات الكثير فاهتمي بتنمية مقدراته لا بمحاربتها وأقصد الحيوية والطاقة الكبيرة والانطلاق وقوة الملاحظة.
-تقولين عن تصرفه أمامك عند مرافقتك له للمدرسة إنه الخجل.. أهو خجل أم خوف أم أنه تلك الصورة التي يريد أن يرضيك بها من خلال ما تفرضينه عليه؟؟ .
- ما يفعله رضا في المدرسة هو تفريغ لما هو مكبوت فيه ورسالة لإثبات وجوده ..وواضح من خلال ما تعاملينه أن شخصيته مغيبة شيئا ما والشخص يعارض ما نفرضه عليه ليس لكونه غير صائب أو غير حسن لكن لأنه بذلك يربط قبوله بأنه انهزم و مست كرامته و نجد هذا في الصغار بشكل عفوي وغير مفكر فيه
أما عن كيفية التعامل معه فأقترح عليك ما يلي:
- يستحسن أن تجالسي ابنك أكثر ودعيه يتكلم لك عن نفسه أكثر وشجعيه أكثر وأظهري له الإعجاب من خلال تصرفك و إيماءاتك ونظرات عينيك.. و إن تحدثت عنه أمام الناس فتحدثي عنه بلقب كالناجح أو لقب جميل غيره..لأنك إن فعلت هذا ستكسبينه وسيكون استماعه لك أكبر أولا حبا لك..ثم كرد لجميل ما فعلت من أجله.
- لاعبيه في الحديقة أو في أي مكان متسع.. لا تنسي أن الأطفال في هذه السن يتعلمون باللعب وانظري للحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم كيف كان يلاعب الحسن والحسين ويجعلهما فوق كتفيه بل إنه يطيل السجود إن صعدوا فوق رأسه رحمة بهم ومعرفة بهم.
- تذكري دائما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان رحيما و محبوبا قبل أن يكون مربيا وقد أثنى عليه الله فقال:"ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"..صدق الله العظيم.
- تقربك وتفهمك لرغبات ابنك سيقربك له أكثر ولن يهرب منك .. وأرجوك لا تثقلي عليه وهو مازال صغير السن " ثلاث سنوات".. العبي معه ألعابه البوليسية بشكل ينميه وسيستمع لك أكثر فأكثر .
- احضنيه أكثر وأظهري له حبك أكثر.. ركزي أولا لأجل أن يحبك واشتري له هدايا فالهدايا لها وقع السحر.
- لا تعقبي على كل فعل لأن ذلك يجلب الضجر فلو كنت مكانه ما تمالكت أن يرافقك أحد ويعقب على كل فعل تفعلينه مهما كان مصيبا فيما يفعل.
- يستحسن أن يلمس تغيره في أسلوبك معه.. وأن تظهري له ذلك لكي تحل الصورة الجديدة أمام الصورة القديمة فالصغار غالبا ما يتعاملون بالصور .
- لا تقمعيه واستثمري فعله الخاطئ واعلمي أننا نتعلم من الأخطاء أكثر من النتائج الحسنة فرب ضارة نافعة.. فإن ضربته اتجهت إلى آخر أسلوب يمكن أن يتبعه أي شخص يحاول تغطية فشله في التربية.
- غيري قناعتك السلبية تجاه ابنك لأنك تعاملينه بما تمليه عليك واجعلي قناعات أخرى إيجابية محفزة أكثر واعلمي أن أي فعل له العديد من الشروحات وليس بالضرورة الشرح الذي نراه سليما وصائبا.
وفي الأخير آمل أن أكون بكلامي هذا قد أسديت لك نصحا تنتفعين به ونحن في انتظار متابعتك معنا، والله الموفق
والسلام عليكم
ـــــــــــــــــ(104/33)
"عدم التركيز".. برجاء استكمال البيانات ... العنوان
السلام عليكم.
أواجه مشكلة مع طفلتي البالغة من العمر 7 سنوات ونصف، بالصف الثالث الابتدائي، وابنتي الكبرى 11 سنة بالصف السادس الابتدائي.
المشكلة هي أنهم لا يركزون بالدراسة جيدا، هم بمدارس "إنترناشونال" يبدءون الدراسة من الساعة 3 عصرا حتى موعد النوم الساعة 8 مساء، ومع ذلك لا أرى علامات مشجعة.
فما أن تبدأ الصغرى أو الكبرى حتى تقول لي: خلصت المادة.
وعند الامتحان الأسبوعي لا أرى علامات تدل على أنها قد درست أصلا.. هذه المشكلة الأولى.
المشكلة الثانية هي أنه عند الاجتماع الفصلي بالمعلمات اكتشفت أن ابنتي الصغيرة قد امتنعت عن أداء بعض الاختبارات الأسبوعية في عدة مواد، ففي مادة العلوم مثلا لم تمتحن معللة ذلك للمعلمة بأنها لم تدرس مع أنها قد درست بالبيت، ونحن الآن نقوم بمراجعة المواد استعدادا
للامتحانات الفصلية وأقوم بتدريسها وأشعر وكأنها لم تر هذه المادة ولم تفهمها من قبل.
الرجاء مساعدتي.
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيدة الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وأهلا بك ضيفا عزيزا على صفحة "معا نربي أبناءنا"
جاءت رسالتك مختصرة للغاية؛ فلم يتضح بها نقاط كثيرة نحتاجها لوضع الحلول المناسبة وأولها: عدم إكمال البيانات (مستوى تعليم كل من الوالدين ومهنة كل منكما وعدد ساعات تواجد كل منكما مع البنتين.. إلى آخر هذه البيانات التي تعطي صورة عن الظروف العامة للطفلتين التي لا يمكن التوصل للحل دون معرفتها) هذا فضلا عن ظروف الطفلتين في المدرسة والبيت.
فمثلا ذكرت أن بنتيك حفظهما الله تبدءان مذاكرة من 3 عصرا حتى 8 مساء وبغض النظر عن طول هذه الفترة على الطفلتين لكن حصيلة هذه الخمس ساعات لا شيء! فماذا يجري في أثناء هذه المدة هل يحدث شجار بينكن على الانتهاء من الواجب؟ أم يحدث نوع من المماطلة من جانبهما والإلحاح والاستعطاف من جانبك حتى تكملا واجبهما.. أم ماذا؟
كما أرجو توضيح طبيعة العلاقة بينك وبين بنتيك؟ وكيف تقضون وقت فراغكم جميعا أنت وزوجك والبنتان أيام الدراسة والإجازة؟ والعلاقة بينهما وبين والدهما؟ والعلاقة بينك وبين والدهما.
وما هي سلوكيات البنتين بالمدرسة وهل لهما أصدقاء أم لا؟ وهل تشكو المعلمات من مستوى بنتيك الدراسي أم يستطعن التعامل معهما؟ وهل هناك مشكلات بالمدرسة تقابل الطفلتين؟ وهل التحاقهما بالمدرسة الإنترناشيونال كان مؤخرا أم كانتا بها منذ رياض الأطفال؟
كما أنك ختمت رسالتك بجملة عابرة ومبهمة في نفس الوقت وهي أنك حين تراجعين مع الابنة الصغرى مادة تم مذاكرتها من قبل فإنها لا تفهمها وتشعرين أنها ترى هذه المادة لأول مرة، فهل يعني هذا أن طفلتك تجد صعوبة في التذكر أم في التركيز أم في الفهم؟ وهل هي كذلك في كل المواد أم مواد بعينها؟
كل ما سبق لا بد من إيضاحه وتفصيله حتى يتسنى لنا الحل على ضوئها، فكلما كانت الصورة أوضح عن المشكلة وعن صاحبها كان الحل أكثر دقة وأشمل وأيسر إن شاء الله
ـــــــــــــــــ(104/34)
أنا عصبية.. وطفلي عنيد! ... العنوان
السادة الأفاضل، السلام عليكم..
عندي ولد عصبي جدا معي أنا فقط، فدائما يقابل كل شيء معي بالرفض وعدم الموافقة، ولكنه في المقابل دائما ما يسمع كلام أبيه.
أحيانا كثيرة أقوم بضربه بسبب عناده الشديد معي، ممكن يصرخ ويبكي، كما أنه يرتمي على الأرض دائما حين نكون معا في الشارع، ويرمي الطعام على الأرض، وهذه الأيام دائما يريد أن أحمله ويرفض أن يمشي معي.
حقيقة أنا دائما عصبية جدا جدا مع هذا الطفل، ولكني أريد حلا لهذا الموضوع؟
وهل هذا طبيعي بالنسبة لطفل مثله؟
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقول د.عمار عبد الرزاق من فريق الاستشارات التربوية:
السيدة الفاضلة منى.
اعترافك بأنك عصبية، لا يعتبر نصف الحل فقط، بل هو الحل كله؛ لأنك يبدو من خلال كلامك أنك تضجرين بسرعة عالية، وينعكس هذا الضجر والتوتر على طفلك.
وبينما أنت في حالة من التوتر تطلبين من ابنك أن يشرب أو يأكل أو يغير ملابسه مثلا، فأنت حقيقة لا تطلبين منه وإنما تأمرينه، وهناك فرق واضح بين الأمر والطلب ونرى أن الفرق يبدو جليا من نوع الاستجابة.
فعندما تقولين لابنك: ممكن يا حبيبي تغير ملابسك؟ أو: إذا كنت تحب ماما فساعدها في عمل كذا. فهذه العبارة مختلفة تماما عن قولك له: البس وغير ملابسك، أو افعل كذا.
وأنت الآن أمام حل من جزأين:
الأول: أن تغيري من نفسك ولا تتوتري وحاولي دائما الاسترخاء والحصول على الهدوء النفسي.
الثاني: أن تغيري أنت طريقة كلامك، وتنتبهي إلى عباراتك وتحافظي على الطلب الجميل وتتجنبي الأمر؛ لأن الطفل حساس جدا جدا، وقد لا تتصوري شدة حساسيته، ولا تقولي لنفسك أنا أمه لي أن أطاع، ولكن قولي هو ابني علي أن أساعده. وهذا باعتقادي فرق سوف يصنع الفرق.
وفي الختام: أريد أن أرفع من ذهنك أن ابنك يتصرف هذه التصرفات بواقع العند وبسبب أنك أمه، فهو لا يقصدك، ولكن هو يمثل انعكاسا لبعض الأخطاء التربوية التي يقع فيها الآباء، وأنا بصراحة لا أضع اللوم عليك، وإنما أحاول أن أرشدك لتكوني أفضل ولتحصلي على رد فعل أفضل من ابنك.
وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقك إلى الخير في القول والعمل..
كان هذا شق من الإجابة، والشق الآخر هو أن تتعرفي على كيفية التعامل مع الطفل العنيد أثناء ثورة عناده، ولهذا فعليك الرجوع للروابط التالية وما نشر على صفحتنا: معا نربي
ـــــــــــــــــ(104/35)
طفل طبيعي وأب مفرط القلق ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم على حسن تعاونكم وجزاكم الله خيرا..
آسف على أسئلتي الكثيرة، ولكن لعلها تكون مخرجا لما أنا فيه..
باسل ابني 6 سنوات بعد كل ما قلت عنه في الاستشارات السابقة، أحب أن أذكر شيئا كنت أظنه انتهى، ولكن أمه لفتت نظري إليه مرة ثانية، وهو أن باسل ما زال يكتب أحيانا الكلمات بطريقة عكسية، وقد كان ذلك في الصغر من سن 4 سنوات عندما بدأ يكتب، كان يكتب الكلام معكوسا، بمعنى أن كملة باسل يكتبها من اليسار بدلا من اليمين مثل كلمة إسعاف التي تكون موجودة على سيارات الإسعاف، ويكتبها بمهارة شديدة لدرجة أننا كنا أحيانا نملي عليه 10 كلمات مثلا، فيكتبها كلها بهذه الطريقة، وكان يكتب الإنجليزية أيضا بنفس الشكل بطريقة معكوسة من اليمين.
وكنت أحيانا ألفت نظرة وأوجهه وأحذره من النسيان وأحيانا أخرى أضربه لكثرة تكرار نفس الخطأ، ولكن مع الوقت تقريبا اختفت هذه الظاهرة، ولكن أمه قالت لي إنه أحيانا يفعلها، وأنا شاهدته منذ أيام يفعلها مرة ثانية ما لفت نظري لأني بصراحة قررت -إن شاء الله- ألا أضربه مرة ثانية أبدا مهما فعل من أخطاء وأكتفي بالخصام أو لفت النظر أو توبيخه على أقصى تقدير.
والدته قالت إنها سمعت طبيبة في التلفزيون تقول إن مثل هؤلاء الأطفال الذين مثل باسل يكتبون بالعكس ويريدون أن يظلون واقفين دون أن يجلسوا مثل باسل، فكثيرا أطلب منه الجلوس، ولكن هو يريد أن يظل واقفا، كما أن مدرسته في المدرسة دائمة الشكوى أنه كثير الحركة، لا يريد أن يجلس، لدرجة أننا طلبنا منها أن تجلسه بجوارها ليكتب وتلاحظه؛ لأننا لاحظنا أنه لا يكتب إلا القليل، فاستجابت مدرسة العربي، وبدأ يكتب، ولكن يوم يكتب بسهولة، ويوم يكتب بعد أن "يطلع عين المدرسة" وأنا طلبت منها أن تكتب لي، ووالدته تتابع معها، ولكن مدرسة اللغة الإنجليزية لم ترغب في ذلك، وهم كلهم يقولون إن مستوى باسل الدراسي ممتاز، وغالبا يحصل على الدرجات النهائية في الاختبارات، وأيضا في البيت يكون استيعابه معي أو مع والدته ممتازا، مع ملاحظة أنه من وقت لآخر ينسى بعض الكلمات، ولكن أنا أظن أن هذا أمر طبيعي خاصة أني عندما أطلب منه الجلوس لإنجاز واجب معين، وبسرعة معينة، فغالبا ما يفعل ذلك خصوصا مع المتابعة.
آسف للإطالة، ولكن هل فعلا باسل لا يعتبر سوي، ويحتاج إلى معاملة من نوع خاص؟
أرجو الإفادة والتوجيه، وإن كان الأمر سيكون من خلالنا نحن فقط الأم والأب دون اللجوء إلى متخصص. أرجو الإجابة على هذه الأسئلة بشكل مباشر وماذا أفعل معه؟
مثال:
ماذا أفعل عندما تخبرني المدرسة أنه:
- كثير الحركة، ولم يكتب أي شيء.
- يأخذ أحيانا لعب ويلعب بها في المدرسة.
- لا يريد حفظ القرآن ولا حتى المراجعة.
- إذا أسدت له أمه أو أنا نصيحة، يقول: لا. ويصمم على رأيه رغم أن رأيه يكون طبعا خطأ، ونحاول أن نفهمه بكل الطرق، ولكنه يصمم غالبا على رأيه، وإذا تنازلنا عن آرائنا من أجل إرضائه، يكون هذا مضر له، فأحيانا يريد لبس ملابس الصيف في الشتاء، وأحيانا يريد لبس ملابس الشتاء في الصيف.
وأشياء كثيرة جدا غير ذلك، يريد أن يظل يلعب طول اليوم مع قليل من المذاكرة، ولكن بنوع من التشجيع والمتابعة المباشرة يعطي نتيجة جيدة.
يضرب أخته حبيبة (سنتين و9 أشهر) و"يعاكس" فيها طوال اليوم، وأحيانا كانت تدخل الحجرة أو المطبخ فكان يغلق عليها الباب، وكانت أمه تحذره من هذا الفعل، وتقول له: "حرام ربنا لن يحبك وسيزعل منك".
ولكن كان يكرر ذلك كلما حانت له الفرصة مما دفعني مرة إلى أن أدخلته الغرفة، وأغلقت عليه الباب مثلما كان يفعل وأغلقت النور فقال: لا يهم لا أخاف.
فقمت بإخافته، فخاف جدا فأسرعت وفتحت الباب وقلت له: أرأيت؟
وأظن أنه بعدها لم يفعل ذلك مجددا أو على الأقل أصبح يفعلها نادرا، وكان غالبا يقول أنا أحب سهيلة (سنة و3 أشهر) أكثر من حبية، بل أحيانا يقول أنا لا أحب حبيبة، وأحب سهيلة فقط، ولكن من يومين تقريبا دخلت أخته سهيلة الحمام، فأغلق عليها الباب أيضا.
ماذا أفعل تجاه تلك التصرفات أو ما شابها؟
وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ العزيز أبا باسل..
أهلا وسهلا بك على صفحتنا وشكرا على ثقتك..
من الواضح يا أيها الوالد العزيز أنك كثير القلق بشأن نمو ابنك وتطوره، وهذا القلق قد يكونُ مفيدا في حدود ألا يؤثر على معاملتك مع الطفل أو على أدائك أنت شخصيا سواء في مجال العمل أو اجتماعيا أو داخل الأسرة.
يبدو ابنك في نقاط عديدة مما ذكرت طبيعيا ولكنك قلقٌ بشأنه أكثر مما يلزم وهو ما قد يضرُّ في حالة التربية أكثر مما ينفع مع الأسف، فإذا تناولنا النقاط التي ذكرتها نجد:
بداية قلقا مفرطا من الكتابة المرآتية أي كتابة الكلمات كما تظهرها المرآة وهذا في أغلب الأحوال يكون مرحلة من مراحل النمو المخي عابرة وأكثر ما تكون في الأولاد الذكور، صحيح أنها في بعض الأحيان تكونُ علامة على أحد الاضطرابات النفسية في الأطفال لكنها في تلك الحالة تكون مستمرة ومصحوبة باضطرابات أخرى واضحة في السلوك.
ثم نجد تلميحا إلى كثرة حركته وأحد أهم التشخيصات الفارقة في حالة شكوى الأهل من طفل كثير الحركة هو أن يكتشف الطبيب النفسي أبوين مفرطي الحساسية كثيري القلق وطفل طبيعي! وأغلب الظن أن هكذا ابنك.
هناك أيضًا ما قد يشير لولا كثرة رسائلك السابقة إلى اضطراب العناد الشارد في الأطفال لكن ذلك غالبا غير صحيح في ضوء ما استشعرناه من قلقك المفرط ورغبتك في إنشاء الطفل على مقاييس خاصة بك أنت، فيكون عناد الطفل معك علامة على صلابته وقوة شخصيته وهو يريد أن يفرض نفسه!
ابنك على أغلب الظن يا أبا باسل طفل طبيعي لكنك تحتاج إلى مساعدة متخصص في التربية للتعامل معه وربما رأى ذلك المتخصص أنك شخصيا تحتاج إلى مساعدة من طبيب نفسي للتخلص من فرط القلق الذي تعاني منه،
ـــــــــــــــــ(104/36)
صعوبة تركيز.. أم عدم رغبة في التركيز؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جزيل الشكر على مناقشتكم موضوع تربية الأطفال الذي في الحقيقة أصبح يؤرقني نفسيا ويحسسني بالعجز، أتمنى أن تجدوا لي حلا للمشاكل التي أتخبط فيها مع أطفالي والتي هي كالتالي:
ابني عمره 6 سنوات وهو في سنة أولى ابتدائي أساتذته بدون استثناء يشتكون من عدم قدرته على التركيز، وأنه لا يشارك زملاءه في القسم إلا بأمر من معلمته، حاولت أن أعالج الأمر بمساعدته بالبيت، حاولت أن أعلمه بعض الحروف الهجائية م ك ب هـ تعرف عليها، لكن مشكلته الرئيسية لما أضيف للحرف حركة كالضمة أو الفتحة فإنه ينطق بحرف آخر مثلا كتبت له ك مع الضمة وطلبت منه أن يقرأ حينها قرأ ب بالضمة.
أرجو أن تدلوني على طريقة أتمكن من خلالها أن أفهمه فيستوعب أن كل حرف له نطق خاص به.
المشكلة الثانية هي بنتي ذات الـ10 سنوات وهي والحمد لله متفوقة في دراستها إلا أن الغيرة بينها وبين أخيها مازالت قائمة ليس بنفس الحدة ولكنها موجودة وغالبا ما تصل إلى شجار بالضرب والركل فما العمل أرجوكم.
وأخيرا أتمنى لكم التوفيق في أعمالكم، وأن يجعلها الله في ميزان حسناتكم وشكرا جزيلا على اهتمامكم بأطفالنا الذين هم مستقبلنا الذي نتمناه زاهرا للجميع إن شاء الله.
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم, مشكلات شقية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ,داليا مصطفى شيمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة/ السلام عليكم
شكرا على كلماتك ونتمنى أن نكون عند حسن ظنكم، فهذا ما نأمل فيه ونجتهد لتحقيقه..
أما عن ابنك ذي الست سنوات، والذي يعاني من عدم تركيز، ثم هو يعاني من مشكلات في القراءة، فأنا أنصح سيادتك كخطوة أولى بأن تقومي بتقييم قدراته المعرفية، فقد يكون لديه مشكلة في التركيز أو الانتباه أو قد يكون لديه مشكلة في الاستيعاب، أو قد يكون لديه نوع من صعوبات التعلم التي تشمل صعوبات القراءة أو الكتابة أو الحساب..
وهناك مقياس يقوم بهذا الغرض، وهو "مقياس ستانفورد بينيه - الصورة الرابعة" وهو مقياس ليس فقط لتحديد مقابل لنسبة لذكاء وإنما يغطي أيضاً القدرات الفرعية المختلفة من خلال الصفحة النفسية للقدرات والتأثيرات، والتي تتضمن التركيز والانتباه، وغيرها من القدرات.. وهو مقياس متوفر في التأمين الصحي وفي معظم المستشفيات الحكومية بالإضافة إلى العيادات الخاصة والمراكز المنتشرة في كل مكان..
هذا من ناحية القدرة على التركيز والتعلم .. ولكن عزيزتي التعلم ليس قدرة فقط، فقد يتضح من المقياس أن ابنك حفظه الله ليس لديه مشكلة في أي من القدرات .. ويظهر لنا هنا الاحتمال الثاني ، وهو أن ابنك ليس لديه رغبة في التركيز، وربما يرجع ذلك لعدم تأقلمه على المدرسة، أو عدم القدرة على التواصل مع المعلمين، أو أن لديه مشكلة مثل ضعف النظر أو عدم رؤية المعلم أو غيرها من المشكلات التي لا تتعلق بقدرته العقلية ولكنها تتعلق برغبته.. ومعرفة هذا أو ذاك سوف تتوقف بدرجة كبيرة على نتيجة المقياس..
أما ابنتك.. والتي عبرتي عن تفوقها، إلا أنها تعاني من الغيرة .. مما قد يدفعها إلى الشجار والضرب.. فبداية الغيرة بين الإخوة هي أمر طبيعي حيث يحل طفل محل آخر ويأخذ منه اهتمام الأسرة، خاصة في حالة عدم تنبه الأسرة لذلك وسحب كل الاهتمام من الطفل الأكبر إلى الطفل الذي يليه..
ولكن مع الوقت ومع إدارة الأسرة لهذه المشاعر فإنها تقل وتنحسر، وهو ما عبرتي عنه سيادتك بأن هذه المشاعر لم تعد بنفس الحدة، ويبقى عليك أنت ووالدهما أن تدعمي بينهما الحب، وذلك بأن تقلصي من اهتمام بأحدهما على حساب الآخر وتوزعي اهتمامك بينهما، كذلك عوديهم على مسؤولية الكبير عن الصغير، واحترام الصغير للكبير.
ادعمي فيهما مساندتهما لبعضهما بحيث لا يلجئون لك أو لوالدهم في كل صغيرة وكبيرة بل يتوجها إلى بعضهما بالنصح والتعاون.. وأشركيهم معاً في الاختيارات الخاصة بالأسرة، وشجعيهم مادياً ومعنوياً على كل تصرف إيجابي يقوم به أحدهما تجاه الآخر.
ـــــــــــــــــ(104/37)
شروق المتمردة.. وسلوكياتها المتعمدة ... العنوان
ابنتي شروق فوضوية كثيرا؛ فهي لا ترتب أشياءها المدرسية ولا ترتب ملابسها المدرسية وتبعثر أشياءها الخاصة، ولا تسمع الكلام مني أو من والدها، مع أن كل طلباتها مستجابة. وهي تغار من أخيها كثيرا رغم فارق السن بينهما؛ فهي تكبره بأربع سنوات، وهي مدللة من قبل والدها كثيرا، وإن طلبت منها شيئا تقول حاضر، ولكن لا تفعل، وعندما أسألها لماذا لم تفعلي تقول نسيت.
والمشكلة الثانية أنها تتبول على نفسها وهي مستيقظة، علما أنها لا تتبول على نفسها في أثناء النوم، واستعملت معها شتى الطرق إلا أني أجد نتيجة مدة 5 أيام إلى أسبوع وبعدها تعود أكثر من السابق؛ حتى أصبحت أشعر أني بدأت أكرهها، علما أنها كانت مدللة كثيرا، ولكن لا أعرف ما الذي جرى لها؛ فأرجو منكم أن تنصحوني بالمفيد؛ فأنا تعبت كثيرا ولم أعد أعرف ماذا أفعل، علما أنني أصبحت عصبية جدا بشكل لا يوصف. جزاكم الله كل خير، وشكرا.
أم فادي.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء, مشكلات شقية, التبول اللاإرادي, العناد والعصبية, الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يسرنا هذا التواصل الطيب منكِ أيتها الأخت الفاضلة، وندعوه سبحانه أن يعيننا جميعا أن نتعاون معا في حسن التعامل مع (شروق) الغالية الصغيرة!.
ويسرنا كذلك أن نطمئنكم أن حالة (شروق) الحبيبة من السهل فهمها وحلها إذا تعاونا معا بعونه تعالى. ولو استعرضنا حالة الغالية (شروق) ذات السنوات التسع وذلك كما أوضحتم في رسالتكم الطيبة؛ فهي تدور حول بعض السلوكيات المقلقة لكم؛ وأهمها:
(1) الفوضوية.
(2) الغيرة.
(3) العناد.
(4) التبول النهاري.
لذا سنحاول معا تحليل هذه الحالة؛ لنجيب على هذا الأسئلة:
* هل سلوكيات "شروق" تعتبر سلوكيات طبيعية لمرحلتها الغضة، أم هي من المشاكل السلوكية المرضية؟؟؟!.
* هل (شروق) الحبيبة الصغيرة ظالمة أم مظلومة؟؟؟!.
* ما هو الرابط الذي يجمع بين كل هذه السلوكيات؟!.
وسنبدأ معكِ تحليل حالتها طبقا لمنهجيتنا التي ذكرناها في كثير من الاستشارات التربوية السابقة. الخطوة الأولى: تذكري هذه القاعدة الذهبية:
"إن أي سلوك غير سوي عند الأبناء قد يكون مجرد سلوك طبيعي لمن هم في مثل سنهم، أو قد يكون مجرد رسالة رفض أو تمرد ضد خلل تربوي والدي أو بيئي يواجهونه، أو قد يكون مجرد مخرج للهروب من واقع نفسي أو أسري أو بيئي يواجهونه، أو قد يكون مجرد طريقة أو وسيلة دفاعية تجاه تعامل الآخر معهم، أو قد يكون مجرد سلاح هجومي ضد تعامل الآخر معهم".
ثانيا: لا تنسوا هذه النظرية الماسية:
"إن سلوكيات الأبناء ما هي إلا ترمومتر لأحوال الأسرة ووضع البيئة المحيطة بهم".
ثالثا: معرفة ما هي أهم سمات وخصائص الطفل ذي التسع سنوات؟!.
(1) الجانب العاطفي (النفسي والاجتماعي):
1- القدرة على التحكم بالعواطف والمشاعر.
2- أكثر اعتمادًا على النفس.
3- الحساسية من النقد.
4- زيادة في الاستقلالية وظهور الهوية في اختيار الصديق أو الزملاء.
5-الاستمتاع بالألعاب الجماعية.
6- حرص الفتيان على إظهار القوة والمهارة العالية.
7- حرص الفتيات على المظهر والأنشطة الرشيقة والحركات الإبداعية.
8- التفنن في الرفض لقوانين ومعايير الكبار.
9-كثرة القلق.
10- كسب الأقران أكثر أهمية من كسب الكبار، خاصة الوالدين.
11- سرعة وسهولة الإثارة العصبية.
12- ظهور الغبطة والحسد للقدرات الرياضية، عند الآخرين.
13- المشاعر متأرجحة بين الحب والكره.
(2) الجانب الفكري:
1- القدرة على التفكير المنطقي.
2- القدرة على حل المشكلات.
3- مدة الانتباه تصل إلى ثلاث دقائق تقريبا.
4- زيادة في الفضول الفكري والمعرفي.
5- تحسن في مهارات الاتصال.
6- زيادة في مستوى حفظ الكلمات وتكوين الجمل.
7- فهم الجمل الطويلة.
8- كثرة الأسئلة.
رابعا: كيفية أو فن التعامل مع هذه المرحلة السنية، ومهارة إشباع هذه الاحتياجات، أو ما هو المطلوب من الوالدين تجاه "شروق"؟!.
1- عدم النقد.
2- معاونتهم في اختيار نوعية الصحبة.
3- عدم دفعهم للتمرد.
4- تنمية الحوار.
5- تنمية مبدأ الشورى.
6- تنمية مهارات الاتصال.
خامسا: كيف نفهم الظروف أو التغيرات البيئية غير الطبيعية التي مرت بها أسرة "شروق" عامة وهي خاصة، والتي أدت إلى تغير سلوكها؛ فأوجدت المشكلة؟؟؟!:
ولعلنا من الخطوتين السابقتين، ومن قراءتنا لسلوكيات (شروق) الغالية عامة نلاحظ أن هناك شيئا من:
1- عدم فهم مرحلتها السنية وسماتها.
2- نلاحظ في تعامل "أم فادي" مع صغيرتها الحبيبة:
(أ) عدم إشباع احتياجاتها النفسية. وأهمها الحب، وكيفية التعبير عنها.
ولاحظوا معي: الأب يدلل وتحبه ابنته، والأم تعنف بل وتزعم أنها تكرهها؟!.
(ب) عدم الحوار والسماع.
وهذه من أخطر الاحتياجات النفسية عند مرحلة "شروق".
(ج) عدم المشاركة في القرار.
ولهذا السبب ندرك: لماذا ترفض البنت أوامر الأم؟!.
(د) استخدام أساليب القسر والضغط و(العصبية)!؛ لهذا ترد "شروق" بالتمرد، ورفض القوانين والمعايير!.
3- نلاحظ أيضا أن "شروق" هي الكبرى بين الأبناء، والكبير يحتاج إلى احترام وتقدير!.
4- نلاحظ أيضا وجود الاضطرابات الأسرية!. وهذا من أخطر السلبيات البيئية التي تؤثر على سلوكيات الأبناء!.
5- فما هو رد فعل (شروق) الحبيبة الصغيرة أمام هذه الأساليب الوالدية العصبية وتجاهل احتياجاتها؟!. إنها مجموعة من رسائل التمرد والعناد!!!.
ولنحاول قراءة رسائل "شروق" إلى والدتها!!!؟:
(1) الندية والتمرد: لا لن أطيعك؟. سأفعل كل ما هو مثير لعصبيتك؛ لأستمتع بمنظرك المتوتر أمام أبنائك!!!؟.
(2) الغيرة من الإخوة:
سأظهر غيرتي وكراهيتي لكل من اغتصب اهتمام أمي الحبيبة؛ ولو كانوا أبناءها الأحباب؟!.
(3) التبول النهاري:
لقد انعكست المشكلة؛ فالمفروض والمتوقع أنها تتبول ليلاً وليس نهارًا!!!؟. ولكنها رسالة شروقية غريبة مفادها:
* سأقلد أخي الصغير وأختي الصغيرة التي تتبول على نفسها؛ فتسرعين لرعايتها والاهتمام بها، ولا تعنفيها!.
* ولماذا أتبول فتلومونني، ويتبول الصغار فتقومون برعايتهم!.
إنها ازدواجية من وجهة نظر "شروق"!. والآن؛ آن لنا أن نترك لكم الإجابة على تساؤلاتنا التي ذكرناها في البداية:
* هل سلوكيات "شروق" تعتبر سلوكيات طبيعية لمرحلتها الغضة، أم هي من المشاكل السلوكية المرضية؟؟؟!.
* هل (شروق) الحبيبة الصغير ظالمة أم مظلومة؟؟؟!.
لا شك أن الرابط القوي الذي يجمع بين هذه السلوكيات والمحور الذي تدور حوله هو التمرد على تصرفات الوالدة العزيزة (أم فادي)!!!؟. والخطورة أن تمر الرسائل الشروقية التمردية دون فهم أو بسوء فهم؛ فتضيع الحلول ومحاولات العلاج!؟. ثم تزداد الفجوة بين "شروق" وأمها الحبيبة؛ فتزداد الرسائل الشروقية التمردية وتزداد صرخات (أم فادي) العصبية؟؟!!.
والآن.. كيف نقي أبناءنا عامة من رسائل التمرد هذه!!!؟. وكيف نتعامل مع سلوكيات "شروق" المقلقة لوالديها والمقصودة منها؛ لنغيرها ونعالجها؟؟؟!. إنها تبدأ بمجرد مراجعة ما ألمحنا إليه في الخطوات السابقة!. ثم مع التركيز على هذه النقاط:
1- محاولة فهم مراحل أبنائنا العمرية وفهم سماتها وخصائصها واحتياجاتها النفسية.
2- حسن التعامل مع هذه السمات المرحلية.
3- محاولة إشباع احتياجات الأبناء النفسية، وأهمها الحب والتقدير والسماع والحوار والأمن والتشجيع.
4- محاولة علاج سلوكياتنا وأخطائنا التربوية المتكررة تجاه أولادنا!؟.
5- محاولة قراءة رسائل أبنائنا الصامتة والتي تترجمها سلوكياتهم تجاهنا وتجاه الآخرين.
6- محاولة التنظيف التربوي لأوضاع الواقع المحيط بأبنائنا.
7- محاولة التعاون بين كل من يتعامل مع أبنائنا في المنزل والمدرسة والنادي، بل ووسائل الآلة الإعلامية الجبارة والرهيبة
ـــــــــــــــــ(104/38)
أفكار لتجاوز هموم رحيل الأب.. متابعة ... العنوان
الأستاذة الفاضلة عزة تهامي
أشكرك الشكر الجزيل على ردك على رسالتي السابقة بعض الأفكار لتجاوز هموم رحيل الأب، فقد أفدت من ردك الكثير. فابني ولله الحمد بدأ في الانتظام في صلاته وخاصة صلاة الجمعة، أما عن الدراسة فلقد تحدثت مع أحد مدرسيه كما نصحتني وبدأ في تشجيعه وبدأت درجاته ترتفع واتصلت بي إحدى المدرسات وطلبت منى أن تتحدث معه في وجودي حيث أنها لاحظت تدني مستواه الدراسي وبالفعل تم اللقاء وكانت نعم المدرسة الموجهة وكان لكلامها بعض الأثر عليه فبالطبع لم يهتم ويعمل بكل ما قالت في حينه بل أخذ يناقشني في كلامها على مدار أسبوع كامل وفى النهاية لاحظت التغيير نحو الأحسن ولله الحمد.
إلا أنه مازال مهملا في تنظيم وقته وترتيب أولوياته. وكما قلت في ردك علي فأنا أشرك أبنائي معي في التسوق وشراء مستلزمات البيت ولم أتعجب يا سيدتي من اقتراحك بالبحث له عن عمل بل حمدت الله أني وجدت أخيرا من يشاركني الرأي في هذا الشأن, فلقد بحثت بالفعل أثناء الإجازة الصيفية وكان هو متحمسا جداً إلا أني قوبلت بالتهكم والسخرية ولم أوفق حتى الآن
.
أما عن علاقته بأخته فعلاقتهما متأرجحة بين الصداقة والعداء فهما مازالا يتشاجران ويتفنن أحدهما في استفزاز الآخر وهذا أكثر ما يتعبني. هي تحاول أن تحسن من أسلوبها في الكلام ولكن أحياناً ما تعود للطريقة التي لا أرضاها ولكني أعلم أنه بالصبر سوف يتحسن كل شيء.
أما عن سؤالك عن دور الأعمام والأخوال والأجداد فللأسف يا سيدتي كل مشغول بأسرته وحياته فمنهم المقيم بالخارج ويأتي كل عدة أشهر لمدة أسبوع فنقوم نحن بالزيارة في بيت الجد. وبالطبع مثل هذه الزيارات لا مجال فيها للتوجيه. ويقتصر توجيههم جميعاً على وجوب طاعتي وما إلى ذلك. لكن لا يوجد من يجلس معهم ويحادثهم ويعرف ما يجول بخاطرهم وأحلامهم سواي، وأدعو الله أن يعينني على تربيتهم وتنشئتهم على النحو الذي يرضيه تعالى.
وأخيرا أشكرك على ردك على رسالتي فلقد لاحظت أن موضوع الأم التي تربي أبناءها بمفردها بعد رحيل الأب من الموضوعات التي يكاد المرء لا يجد لها أي كتب أو مقالات أو برامج بخلاف الأم المطلقة مثلا, في حين أني واثقة من أن هناك الكثيرات مثلي ممن يحتجن إلى مراجع وآراء المتخصصين في التربية.
جزاك الله يا سيدتي عنا جميعاً كل خير.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيدة الفاضلة: سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أنا التي يجب أن تتوجه لك بالشكر ولكل من يعطي لنا الفرصة لالتقاط هذا الثواب الذي نرجو من الله تعالى أن يكون حجة لنا يوم القيامة وأن ينفعنا وإياكم بما نسعى لتقديمه.
ثانيا، لله الحمد أولا وأخيرا بأنك استطعت أن تنفذي الاقتراحات التي قدمتها لك في الرد على استشارتك الأولى. واسمحي لي ببعض التعليقات على رسالتك الحالية:
أولا أحييك على سعة صدرك مع ابنك حينما أخذ يناقشك فيما قالته معلمته التي تستحق هي الأخرى الشكر والدعاء لها بالثبات، فهذا الأسلوب –أسلوب المناقشة– هو الذي يجدي مع الأبناء في هذه المرحلة فجزاك الله خيرا.
أما عن أنه ما زال يعاني من الإهمال وعدم تنظيم وقته وتنظيم أولوياته فأنا أدعوك للصبر والتمهل وتعزيز ما تم إنجازه بالفعل في هذه الفترة ولا تبدئي معه أية خطوة إصلاحية جديدة في الوقت الحالي لكن عليك فقط بمزيد من توطيد العلاقة بينكما.
وأما البحث عن عمل له فهذا شيء رائع أدعو الله لك بالتوفيق ولا تستمري وحدك في البحث بل عليه هو أيضا أن يبحث بل هي مهمته بالدرجة الأولى ولا تلقي بالا لمن يتهكم حولك أو يسخر من هذه الفكرة، وإلى أن يتم حصوله على العمل يمكنك إسناد بعض المهام له -هذا بخلاف ما أشرت عليك به في الاستشارة الأولى- فمثلا يمكن أن تطلبي منه أن يكتب لك بعض التقارير الخاصة بعملك أو يقوم بنسخ بعض الأعمال الكتابية لك من على الكمبيوتر أو بالبحث عن موضوع ما تودين الاطلاع عليه...
حاولي أن تناقشيه في بعض مشكلاتك بالعمل وتأخذي رأيه في الحلول المناسبة على ألا تكثري من هذه المشكلات ولا تحوليها إلى شكل درامي حزين يجعله ينفر من مشاركتك إياها.
أما بالنسبة للشجار بين ولديك فسيقل حدته كلما انشغلا في شيء مفيد وعليك بتجربة إشغال الابنة أيضا مثل إلحاقها بإحدى معاهد التفصيل وأشغال الإبرة والتطريز، وسن ابنتك مناسب لتعلم مثل هذه المهارات كما يمكنها حياكة بعض الملابس معك وبعد أن تتقن هذه المهارة يمكنها تصميم وتفصيل أزيائها وأزيائك.
وقبل أن أتركك في رعاية الله أود أن أحييك مرة أخرى على وثوقك بالله أولا على أنه سيعينك لا شك في تحمل عبء التربية، وثانيا أنك تعلمين أن الصبر هو جوهر العملية التربوية وأنك بالصبر ستحصلين إن شاء الله على ثمرة تعبك وجهدك.
وأخيرا أود أن أطمئنك فرغم قلة ما يقدم للمرأة التي توفي عنها زوجها من نصائح واقتراحات خاصة بالتربية كما ذكرت فإننا هنا معك نؤازرك وندعمك وننتظر مشاركتك الدائمة معنا فلا تبخلي علينا بهذا العطاء الرباني.
ـــــــــــــــــ(104/39)
يارب احرق المدرسة" دعوة طفل غاضب! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أطلب منكم العون على مشكلتي أعاننا وأعانكم الله.
أنا أم لـ يارا 11 سنة، ورشاد 9سنوات، مشكلتي هي رشاد، دائما كاره للمدرسة وللمدرسين.
مشكلته أنه لا يحب المذاكرة ولا يحب أن يركز في أي شيء.
كل المدرسين يقولون: إنه ليس غبيا، لكنه يرفض التركيز ودائما يحاول أن يشغل نفسه بأي شيء آخر حتى وإن كانت نملة على الحائط، أو صوت أحد يتكلم، أي شيء يمنعه عن التركيز فحسب.
اتفقت مع والده أن نحضر له مدرسا في البيت، وبالفعل أتى المدرس ووجد نفس المشكلة، وبدأ المدرس يحاول معه بالحب والمزاح والتحفيز ولكن دون جدوى، ثم وجد الضرب هو الوسيلة الوحيدة التي تؤثر معه، وفعلا بدأ مستواه يتحسن ببطء شديد، لكن ليس المستوى الذي نحلم به، مع العلم أن أخته متفوقة.
أحاول أن أربي أولادي على الثقة بالنفس، وألا يخافوا من أي شيء حتى لو أخطئوا عليهم أن يحكوا ولا يخافوا، وأنا سأوجههم، لكن لو علمت أنهم أخفوا شيئا عني يكون عقابي شديدا خاصة لو كذبوا علي.
يارا شخصيتها قوية، وتحكي لي كل شيء، تدخل من الباب فتركض نحوي وتحكى كل ما حصل في المدرسة، على العكس من رشاد الذي لا يحكي أي شيء حتى لو سألته يقول: "مش فاكر".
دائما ينسى كل شيء حتى لو عنده امتحان ينسى أن يخبرني بالموعد.
كل يوم يقول عندما أوقظه صباحا: يا رب المدرسة تتحرق. حتى لا يذهب، أو يتمنى أن يصاب المدرس بالمغص، فلا يحضر.
هو يهوى الكمبيوتر وأفلام الكرتون، وقد اشتركت له ولأخته في النادي ليلعبوا الكاراتيه، لكن أيضا هناك يشكو منه المدرب ويقول إنه لا يركز وإنه "بيدلع" وإن هذه الرياضة تحتاج إلى قوة، مع العلم أن أخته من المتميزات في النادي.
لا تقولوا لي: إن رشاد يغار من أخته؛ لأن رشاد حتى يذهب إلى مكان ما يشترط أن تكون أخته معه لدرجة أننا كنا سننقله لمدرسة أفضل من التي هو فيها إلا أنه رفض لأن يارا لن تنقل معه.
هو حنون جدا وعاطفي جدا ويقول عنه الناس إن لديه طاقة وحركة كبيرة جدا كما أنه يحب أخته جدا ومرتبط بها جدا، لدرجة أنه دائما يسأل: ماذا سأفعل حين تترك يارا المدرسة؟ ولو اشتريت له شيئا يشترط علي أن أحضر ليارا مثله.
أعتذر لطول رسالتي، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
هدى أم رشاد.
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم, مشكلات شقية, الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ.عبد السلام الأحمر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
بداية أشكرك على اهتمامك بتربية أبنائك وإرسالك لنا للاستفسار عما تواجهينه من صعوبات في تربية رشاد.
وفيما يخص حال رشاد الذي يكره المدرسة وما يتصل بها، فإن هذه الظاهرة تلاحظ لدى بعض الأطفال نتيجة لأسباب عديدة قد يكون من أبرزها حدوث ما ينفر الطفل من المدرسة مثل افتقاد عناصر التشويق في المقررات الدراسية، وبعدها عن واقع الأطفال وعدم تجاوبها مع حاجاتهم النفسية، أو تدني مستوى ملاءمتها لمداركهم العقلية، كما أن سلوك بعض المدرسين الذين يحصرون همهم في نقل المعلومات الجاهزة من الكراسات، دون أن يكلفوا أنفسهم شيئا من العناء لتكييفها مع واقع الفصل، والعمل على جعلها مثيرة لاهتمامه ومتفاعلة مع ظروفه.
وقد تكون كلمة نابية من فم المعلم، أو ملاحظة غير موزونة أو حركة موحية سلبيا، ما يقطع صلة الطفل مع المدرسة برمتها ومع باقي المعلمين الآخرين. وقد تتضافر عدة عوامل لتحسم الموقف من المدرسة وتحمل التلميذ على جفائها بلا هوادة.
ومن الأسباب المعتادة في هذا الصدد، وجود أخ أو أخت متفوقة في دراستها وتحظى من طرف الوالدين بالتنويه والإشادة والإعجاب حينا بعد حين إن لم يكن ذلك في كل يوم أو عدة مرات في اليوم، ما يجعل الطفل الآخر يقف على حقيقة نفسه مرات عديدة مذكرا إياها بعجزها عن رفع التحدي، الذي يطرحه عليه تفوق أحد إخوانه واستئثاره بالمدح والتقدير دونه، وما يعطي لهذا الشعور أبعادا خطيرة وعميقة اقترانه بإجراء مقارنة بينه وبين المتفوق من إخوانه، والذي قد ينطوي على قدر غير هين من التوبيخ والتأنيب والتقريع والتحقير على نحو مباشر أو غير مباشر، وهو ما يعتبر طامة كبرى في التربية الأسرية، وعلى الآباء أن يتفادوا وقوعها وتحطيمها الماحق لشخصية الطفل الذي يواجه بالإهانة ولا يستطيع لها دفعا.
وقد يجرب مضاعفة الجهد واقتفاء أثر أخيه أو أخته المثابرة، فيكون نصيبه النجاح وتحقيق المراد، لكن قد يفشل ويتكرس في نفسه العجز عن مجاراة أخته في درجاتها وإنجازاتها فيصاب بالنكوص إلى الوراء، ويتجه إلى رفض هذه المدرسة التي ارتبط بها إحساسه بالدونية والعجز والضيق الشديد من نفسه، وهو حين يلتجئ لذلك إنما يبحث عن الخلاص وراحة الضمير حسب تقديره.
وتمنيت لو قدمت لنا معلومات إضافية حول دراسة رشاد في المراحل السابقة وكيف انتهى به الأمر إلى الوضع الحالي؟ وهل أخته تملك مثل براعته في التعامل مع الحاسوب أم أقل؟ وحالة الشرود التي تغلب عليه هل تلازمه أثناء اشتغاله على الحاسوب أم لا؟ فمثل هذه المعلومات تعين كثيرا في تشخيص الحالة.
وانطلاقا مما أدليت به، أرى أن نفور رشاد من المدرسة يرجع إلى إحساسه بعدم القدرة على إحراز نفس درجة أخته يارا الأكبر منه سنا والأكثر حيوية وتحصيلا، ما أدى به إلى اهتزاز ثقته بنفسه، والنزوع إلى مفارقة المدرسة ليخرج نفسه من حلبة المنافسة التي سيكون فيها دائما هو الخاسر، بناء على ما تشكل لديه من قناعة ثابتة على مدى زمني ليس باليسير.
وخير ما يتصدى به لهذه الظاهرة هو فتح حوار صريح مع الابن يتوصل خلاله إلى معرفة الأسباب الحقيقية الباعثة على هذا النفور حيث سيقود إلى تحديد طريقة العلاج، وقد ذكرت سيدتي أنك تسعين إلى اعتماد الصراحة في التواصل مع أولادك، فأدعوك مجددا لمحاورة ولدك بالكيفية التي تصل بك إلى الوقوف على المشاكل الحقيقية التي أفرزت مواقفه الغريبة إلى حد ما.
وأعود إلى إعطاء مزيد الإيضاح للسبب الذي رَجَح لدي بالنسبة لسلوك رشاد، فأضيف أنه بالرغم من معرفته بأن أخته المتفوقة هي سبب محنته، فإنه لم يتخذها هدفا لرفضه وحنقه، وإنما واصل تقديره لها وارتباطه بها، وصب جام غضبه على المدرسة التي هي ميدان المنافسة المهينة له.
ومع ذلك فأنصحك بزيادة توسيع دائرة الحوار، وأن تحسني توظيف علاقته المتميزة مع أخته لحمله على تغيير موقفه من المدرسة، ووضع حد لظاهرة عدم التركيز بأن تجعليه يعتقد بأنها تريد أن يكون لها نفس الموقف وإياه من المدرسة، وحاولي التأثير عليه بإيعاز وتوجيه منك لأخته في هذا الاتجاه، لعله ينضم إلى موقف أخته المحبوبة، فيعيد النظر في كرهه للمدرسة.
والله الموفق لما فيه الخير والصلاح
ـــــــــــــــــ(104/40)
"هونا ما" لعلاج تعلق الابنة بصديقتها ... العنوان
الأخت الفضلى الأستاذة/ عزة تهامي
سلام الله عليك ورحمته وبركاته ومغفرته..
سيدتي..
أشعر بالوحشة تجاهك رغم أنني لم أرك، وأتمنى أن تستقبلي استشارتي وأنت في خير حال وأهنأ بال وأتم صحة ونعمة.
سيدتي الكريمة..
أعاني هذه الأيام من حالة عدم التركيز الشديدة التي تنتاب ابنتي آية ذات العشر سنوات، وتتزايد معها بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، ولكي تتضح الصورة أكثر فليست هذه الحالة أثناء الدراسة وأداء الواجبات فقط، وإنما أصبحت تنتابها حتى في معاملاتها اليومية مع من حولها، وطالما نبهتها بهدوء وصبر إلى ضرورة التركيز والهدوء في التعامل، إلا أنني لا أجد استجابة فعلية، وهو ما يجعلني أحيانا أخرج عن هدوئي وأشتاط غضبا وأثور عليها وأوبخها، وأحيانا أخرى ألجأ إلى عقابها إما بالحرمان من شيء تحبه، أو بالخصام.
فمثلا تخرج من غرفتها قاصدة شيئا ما، فإذا بها تتجه لشيء آخر مختلف، لدرجة أنها هي نفسها تستغرب من نفسها، أو أنها تأتي لتقول لي شيئا ما، فإذا بها تنسى ما كانت آتية له، حتى أثناء كتابتها لواجباتها أجدها تخطئ كثيرا رغم أنها ممتازة في الكتابة والحمد لله، وعندما أسألها: لماذا كل هذه الأخطاء؟ تعلل قائلة: "ما كانش قصدي أو ما أخدتش بالي"، هذا دائما هو ردها الجاهز والحاضر في كل مرة، وفي ذات الوقت أجدها تكون في حالة تركيز عالية عند مشاهدتها لمسلسل أو سماعها لحكايات تافهة من صديقاتها.
سيدتي الحبيبة..
أحيانا أشك في ضعف ذاكرتها، ولكن سرعان ما أرفض هذا الاحتمال لأنها –للحق- تحفظ القرآن بشكل جيد، وتحفظ دروسها التي تحتاج للحفظ بشكل ممتاز، أي أنها لا تعاني من ضعف ذاكرة والحمد لله، هذا حسبما أظن، وهي والحمد لله تتمتع بمستوى عال في دراستها، هذا ما ألحظه أنا في البيت ويحدثني به مدرسوها، فما هو سبب هذه الحالة من وجهة نظركم؟
لي ملحوظة أود ذكرها، وهي أن ابنتي الحبيبة قد تفكر في أكثر من موضوع في ذات الوقت، وأظن أن هذا قد يكون أحد عوامل عدم تركيزها وتشتتها، فما سبيل علاج هذا الأمر؟
اسمحي لي سيدتي بسؤال آخر، وهو عن تعلق آية الشديد بجارتيها، واحدة تكبرها بعام وهي الأكثر ارتباطا وحبا وتأثرا بها، والأخرى تصغرها بشهور ولكنها في نفس الصف الدراسي (الصف الرابع)، ودائما تلح في أن تحضرهما ليجلسن معا ويلعبن سويا، ولكن بات هذا الأمر –وهو الارتباط الشديد بهما– زائدا عن الحد المعقول، فلو أنهما بقيا معها طوال اليوم ما ملت ولا اكتفت، ورغم أنني قرأت كثيرا عن أن هذه المرحلة من العمر يكون فيها للصداقة والأصدقاء في حياة الطفل مكانة كبيرة تسبق أي شيء آخر فإنني -رغم ذلك- أشعر بقلق حيال هذا الأمر، فهل قلقي مبرر أم لا؟ فأنا أعلم أننا كأمهات وبدافع الحب والخوف قد نخطئ في تقدير المواقف التي تواجهنا مع أبنائنا، أو أن نعطي الأمور أكثر مما تستحق، ولكن كما قال المولى عز وجل: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم.
وأخيرا -سيدتي- وليس بآخر، أدعو الله دائما لك بأن يتم عليك نعمته، ويرزقك الرضا والتقى والعفاف والغنى.. آمين يا رب العالمين.
وإلى لقاء قريب بإذن الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
مفاتيح تربوية, التربية الناجحة, عالم الدراسة, صعوبات التعلم, عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيدة الحبيبة: أم عمرو..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أنا أيضا أفتقدك كثيرا، وأشعر حينما أقرأ رسائلك أنني أقرأ رسالة من إحدى صديقاتي القريبات إلى قلبي، وأدعو الله أن يجمعنا وإياك على خيري الدنيا والآخرة، وجزاك الله خيرا على دعائك الذي أسرني وأثر فيّ، وأنعم عليك بمثله.
ولنبدأ معا الآن في تناول رسالتك الكريمة:
• أما عن مشكلة عدم تركيز آية فما سيقطع الشك باليقين هو عرضها على أحد المتخصصين في هذا المجال.
• أما بالنسبة للجارتين اللتين تلعب معهما آية وتحبهما حبا جما، فكما ذكرت –صديقتي- أن هذه السن هي بداية تكوين الصداقات والتعلق بالأصدقاء، لكن على أية حال لا بد أن تقنن هذه العلاقة وهذا التعلق، ولا تترك دون رقابة أو تحديد، والمطلوب منك تحديد مواعيد الزيارات حسب الوقت والظروف المناسبة، وألا يسمح بغيرها مهما استعطفتك أو ألحت عليك آية، وأن يكون تواجدهن الثلاث في مكان مفتوح غير مغلق عليهن حتى لو جلسن في حجرة آية، مع تعرفك أنت أيضا على هاتين الجارتين، وقضاء بعض الوقت في محادثتهما والحوار معهما، والأهم من ذلك أن تشغل آية وقت فراغها بأشياء ممتعة ومفيدة تستوعب طاقاتها، وهذا ما تعرضنا له في استشارات عديدة عن كيفية استثمار أوقاتنا مع أبنائنا فيما يفيد وينفع ويمتع في الوقت نفسه، حتى لا يكون شغل آية الشاغل هو كيف تحاول نزع الموافقة منك على زيارتهما، أو التواجد معهما أطول فترة ممكنة.
كما يمكنك -من خلال القصص- أن توضحي لها الأثر السلبي على الفرد عندما يتعلق تعلقا شديدا مبالغا فيه بأي شخص آخر حتى لو كان أحد والديه أو كليهما، وهناك كلمة رائعة في الأثر تقول: "أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما"، ربما لن تدرك آية المعنى الدقيق لهذا الأثر في الوقت الحالي، لكنها ستستوعبه فيما بعد، لكنها على أية حال ستفهم منه أن كل شيء لا بد أن يكون بقدر.
وقبل أن أختم رسالتي معك أصدّق على ما ورد في رسالتك بأن كثيرا من الأمهات يقعن فريسة للخوف والقلق على أبنائهن، لكن الذي يخفف من هذا القلق وذاك الخوف هو الاستعانة بالله تبارك وتعالى، وأن نستحفظه أبناءنا، إلى جانب الأخذ بالأسباب وسؤال أهل الذكر كما تفضلت وذكرت ذلك برسالتك، وأن ندرك تمام الإدراك أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وعلى الله التوكل.
وأخيرا -صديقتي- أدعو الله ألا يحرمنا هذه الصحبة الطيبة التي أرجو أن تكون لقاء حيا يوما ما، وفي انتظار لقاءات أخرى قريبة، إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ(104/41)
الطفل يخطئ ويعتذر ويعود.. ككل بني آدم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً أود أن أشكر لكم اهتمامكم وردكم على كل هذا الكم من الرسائل وجزاكم الله خيراً، وبعد،
لقد راسلتكم من شهرين تقريباً بخصوص ابنتي فاطمة وكانت الاستشارة تحت عنوان: "الغيرة من المولود.. عاصفة لن تدوم"، والحمد لله تخطينا موضوع الحليب والنوم، والآن ظهرت مشكلة ثانية معها تتخلص في الآتي:
فاطمة لا تستجيب لكل ما يطلب منها، ومستمرة في استعمال البكاء عند كل طلب، مع أنني أتبع كل النصائح والخطوات التي نصحتموني باتباعها إلاّ أنها لا تستجيب، وتعمل ما يحلو لها وعندما أخاصمها مثلا لمدة ساعة عقاباً لها تستمر في البكاء طالبةً مني أن أسامحها وألا أغضب منها، وبعدها بفترة قصيرة تعود لما كانت عليه.
الآن أصبح هذا التصرف في المدرسة كذلك (هي في الروضة KG1) كلمتني مشرفة الصف وقالت إنها لا تستجيب لأوامر المُدَرِّسَة ولا تلتزم بالجلوس في مقعدها، كثيرة الحركة ووصل بها الأمر بأن تضرب زملاءها في الصف وتشد كرساتهم، فهناك أطفال يكتفون بالبكاء والشكوى إلى المدرسة وآخرون يضربونها ويؤذونها أكثر مما تأذيهم، لا أعرف ما الحل.
حاولت إفهامها أنا ووالدها أننا على علم بما يدور في المدرسة وأننا غير راضين لما يحصل ولكنها لا تبالي، تطلب الاعتذار وتبكي كي نرضى عنها، ولكن تعود لما كانت عليه في فترة قصيرة، حتى في الصف، المُدَرِّسَة تعاقبها بأن لا تعطيها هديتها مثلا (يهدونهم حلويات وألعاب صغيرة للمتفوق في الدراسة) ولكن تستجيب لفترة قصيرة وتعود ثانية لنفس السلوك مع أنها "شاطرة جدًّا" في الدراسة، وتستوعب كل ما تأخذه، وتحفظ الحروف والأناشيد والسور القرآنية والأحاديث ولكن لا تريد أن تضبط سلوكها. فكرنا أنا ووالدنا أخذها لإخصائية نفسية ولكن لا ندري إذا كانت الفكرة جيدة أم لا؟ فما هو الحل، ننتظر النصيحة.
أم فاطمة..
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
مع تغيرات سلوك الطفلة بعد المولود الجديد اكتشفت فاطمة أسلوبا جديدا للضغط عليكم، وهو البكاء والعناد، خاصة لو شعرت أنكم تدللونها لمحاولة تعويضها عن وجود مولود جديد وكل المطلوب منا هو إلا نقع في هذا الفخ..
من الطبيعي أن تشعر فاطمة بالغيرة من أخيها وأن تكون لها بعض السلوكيات المزعجة.. حاولي أن تتجاهلي الأخطاء الصغيرة غير المقصود منها ولا تضغطي عليها بكثرة التوجيهات واللوم.
* حاولي أن تعطي فاطمة اهتماما أكبر ووقتا أطول ولكن بصورة طبيعية ليس فيها مبالغة أو شعورا بأنك تعوضيها.
* أشركيها معك في العناية بأختها وخذي رأيها في كل ما يخصها ونفذيه..
* أثني عليها دائما واذكري سلوكياتها الجيدة أمام الناس ووالدها والأقارب ولا تشتكي منها أمام أحد.
* عندما تبدأ بالبكاء بسبب أو بدون سبب تجاهليها تماما ولا تلتفت لها ولا تعلقي على بكائها وقومي بالانشغال بأمورك حتى تسكت وبمجرد أن تسكت وتأتي لتعتذر امنحيها حضن جميل وقبلة رائعة دون أي تعليق أو أي كلمة ثم تعاملي معها بطريقة طبيعية تماما ولا تعاتبيها على بكائها كأنها لم تبك أصلا.
* عندما تعود لنفس الخطأ استعملي نفس الخطوات فتكرار الخطأ ليس معناه فشل الأسلوب ولكن لأنها طفلة في الرابعة من عمرها ولأن كل البشر يخطئون ويتوبون ثم يعودون للخطأ ثانية فهذا أمر طبيعي ومع تكرار الخطأ وتكرار نفس الأسلوب الهادئ في معالجته تتحسن الصورة بالتدريج.
إن سلوكها العدواني في المدرسة يعكس حالة من القلق والضغط النفسي، والحل هو التعامل معها برفق وهدوء وبطريقة المكافآت والتشجيع، وحاولي إفهام مدرساتها الوضع ليتعاملوا معها بنفس الطريقة.
سيدتي..
تحتاج فاطمة لكثير من الحب والاحتواء العاطفي والحوار معها فكوني صديقتها والعبي معها وتحاوري معها دائما. اصبري على هذا الأسلوب في التعامل وستتغير فاطمة تدريجيا ونحن معك
ـــــــــــــــــ(104/42)
مراهقي يدخن! خطأ تربوي أم بداية انحراف ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله،
مشكلتي باختصار أن ابني الأكبر (13 سنة) مستهتر لأقصى درجة، وكل حياته لعب ومزاح، لا يفكر في عواقب أي فعل يفعله، وبعد ما يقوم به ونؤنبه يحس أنه أخطأ، ولكن لا يأتي هذا الإحساس إلا بعد القيام بأي شيء يخطر بباله.
آخرها اكتشفت أنه يدخن.
أقسم لي إنها المرة الأولى، ولكني جن جنوني ولا أعرف ماذا أفعل؟ أو كيف أتصرف معه؟
على الرغم من كلامي الدائم أنا ووالده معه، ودائما يعدنا بالتغيير ولا فائدة.
أفيدوني أرجوكم. أنا خائفة عليه جدا لأنه قد ينجرف وراء أي تصرف دون أن يعمل حسابا لعواقبه. كيف أتصرف معه؟
وجزاكم الله خير.
... السؤال
عالم المراهقة, مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سيدتي،
اسمحي لي أن أخبرك أني واثق من أنها ليست المرة الأولي التي يدخن ابنك فيها؛ لأنه من المستحيل أن يُكتشف الإنسان في أول مرة يمارس فيها أي سلوك، ومن يدعي ذلك فهو كاذب، وبالتالي فإن السؤال الذي أطرحه دائما على الأمهات والآباء عندما يشكون من اكتشافهم لسلوك سيئ لأبنائهم مثل التدخين:
وأين كنتم وهذا السلوك يحدث؟
إن المشكلة يا سيدتي في رأيي ليست التدخين، ولكن في انقطاع خط التواصل بين الوالدين وابنهما حتى ينخرط في التدخين، بدون أن يمثل ذلك بالنسبة له أزمة تحتاج إلى الرجوع إليهما، أو بلغة أخرى لم يعد الوالدان هما خط الاتصال أو مرجعية اللجوء عند حدوث أزمة، والأزمة هنا أن أحدهم عرض عليه التدخين والمؤكد أنه استشار أحدهم، ومن المؤكد أيضا أنه أحد زملائه وأقرانه ممن يرى فيهم أنهم الذين يمكن اللجوء إليهم.. حسب فكرة وسنه حيث لا يرى ذلك في والديه؛ لانقطاع خط التواصل أصلا من ناحية، ولرغبته في الاستقلال عنهم من ناحية أخرى لأنه على أعتاب سن المراهقة.
إنه الاحتواء والاستيعاب الذي يجعل كل شيء مطروحا للحوار والنقاش، وبالتالي لا نفاجأ ولا نخاف من أن يقوم ابننا بأي سلوك.
ليس معنى ذلك أن الآوان قد فات للتواصل معه، ولكن معناه أننا نحتاج إلى جهد مضاعف لإعادة هذا الخط مرة أخرى. نحتاج لأن نصادق هذا الابن ونكون قريبين منه، يحاورنا ونحاوره، فليست المسألة أمر نصائح ووعظ وكلام يقال، وبه نتصور أننا قد أدينا ما علينا.
انتبهي، إنها المراهقة كلها بحلوها ومرها. وما حدث هو تنبيه إلى أنك على أعتاب مرحلة جديدة تحتاج منك ومن والده لإعداد جيد للتعامل معها؛ لذا نرجو أن تعودي إلى كل مشاكلنا السابقة أسفل الاستشارة حول كيفية التعامل مع المراهق وإعداده لاستقبال المراهقة وملفنا ثورة المراهقة.. خصائص ومشكلات وحوارنا الحي حول رحلة البلوغ..كيف نجعلها متعة؟
ـــــــــــــــــ(104/43)
"أحسنت".. لم يجدها في المدرسة فكرهها! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله عنا خيرا على هذا الباب الرائع، واسمحوا لي أن أطيل عليكم في عدة أسئلة تخص ابني الحبيب:
في البداية أعرفكم به فهو طفل رائع، طيب وحنون وحساس وذكي.. وهنا تكمن مشكلتي!
فقد التحق بمدرسة جديدة هنا في مصر بعد عودتنا من سفرنا، ومع أني بحثت واخترت بفضل الله مدرسة جيدة وطيبة السمعة إلا أننا نواجه مشكلة مع المعلمات، فهن جافات جدا، ويوسف يترجم ذلك بأنهم لا يحبونه وأوقات أخرى يقول لي: المدرسة جيدة لكن ليس عندهم أشياء لطيفه مثل "برافو عليك" و"صفقوا له" وللأسف لا فائدة فيهم.. ولا أعرف كيف أعوضه عن هذا الجزء (ماذا أفعل مع طفل متفوق، في الصف الأول الابتدائي، لا يريد الذهاب إلى المدرسة لأنه يحب المديح والثناء)؟!
سؤالي الثاني بخصوص التبول الليلي اللا إرادي: عمْر يوسف الآن خمس سنوات وسبعة أشهر، يبقى نظيفا لمدة شهر ثم تأتي فترة يتبول فيها كل ليلة ولا أعرف هل أعرضه على طبيب أم لا؟ وكذلك هل أعرضه على طبيب أطفال أم مسالك بولية؟.
سؤالي الثالث هو أنه كثير النسيان، ويستغرق وقتا طويلا حتى يتمكن من حفظ شيء، ولكنه ذكي ودرجاته مرتفعة ويلعب ألعابا على الكمبيوتر تحتاج إلى تركيز شديد يلعبها شباب في العشرينيات.. والنسيان غير مقتصر على الدراسة فقط؛ بل في كل شيء. أريد أن أطمئن عليه وأتمنى أن ترشدوني لمركز من مراكز تقييم الذكاء وصعوبات التعلم.
سؤالي الرابع يعد موضوعا كبيرا اعذروني عليه وعلى التطويل، لكني في حيرة من أمري:
نحن الآن في مصر نعيش في بيت والدتي، والبيت مليء بالحب والناس، والجيران كلهم من العائلة.. اختلفت شخصية ابني فأصبح أكثر سعادة وانطلاقا؛ حيث إننا كنا في بلد عربي لا نرى أحدا ولا نختلط بأحد، وكنت أعيش معه وحدي تماما وأبوه منهمك بالعمل يقضي معه ساعتين فقط بالنهار، والآن يجب علي اتخاذ قرار أنفذه مع بدء العام الدراسي القادم إن شاء الله:
هل نعود للعيش مع أبيه؟ أم نظل هنا؟ أعرف أنكم تفضلون عيش الأبناء مع آبائهم لكني أراه أسعد حالا هنا وشخصيته أقوى وأكثر ثقة في نفسه ولا أعرف ماذا أختار؟ هو يفضل البقاء هنا مع العلم أن أباه حنون وطيب جدا، وهو يفتقده بشدة.
أشكركم كثيرا وجزاكم الله عنا خيرا وأعتذر عن التطويل
... السؤال
عالم الدراسة, مشكلات شقية, التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
مرحبا بك يا أم يوسف وبأسئلتك..
بالنسبة لمشكلة التشجيع في المدرسة -مع الأسف الشديد- فإن مشكلة كون المعلمات غير تربويات وغير ملمات بأهمية الحافز النفسي والتشجيع المعنوي للطفل هي مشكلة كبيرة، ولكنها مع الأسف أيضا متكررة كثيرا. والدور هنا عليك أنت في تعويض ذلك للطفل أولا بإفهامه أن المعلمة لا تكرهه ولا تتجاهله ولكنها فقط مشغولة بالأولاد ضعاف المستوى وأنها تعرف جيدا أنك متفوق.
عليك أنت تعوضي ذلك بالهدايا اليومية والفورية الصغيرة والبسيطة لكل أداء جيد يقوم به، واهتمي أيضا بالتشجيع المعنوي أكثر من المادي مثل التصفيق له، وتقبيله، واحتضانه، والتشجيع من الأجداد، وقول: سنخبر بابا في التليفون عن شطارتك، أو الوعد بنزهة جميلة آخر الأسبوع، أو تصميم شارة أو كارت جميل يعلق له على باب غرفته... هكذا يمكن تعويض هذا التقصير من المدرسة وفي نفس الوقت إيجاد تواصل بينك وبينه إيجابي وفعال ويمكن أن تحاولي التواصل مع المعلمات وإهداءهم بعض الأفكار التي استخدمتها ونجحت مع ابنك.
أما بالنسبة للتبول ليلا فأنت لم تذكري عدد الأيام التي يعاود فيها التبول على نفسه وهل يكون ذلك يوميا أم لا.. عموما إذا كان هذا لمدة يومين أو ثلاثة ثم ينتظم ثانية فذاك أمر عادي، ربما يكون مصابا بالبرد أو مرهق جداً فنام بعمق أو حدث شيء ضايقه أو أحزنه في المدرسة أو البيت.. وفي هذه الحالة نعاتبه بهدوء ورفق بعيدا عن الناس، أي تأخذينه في الغرفة وحدكما وتتحدثين معه وتتفقين على إجراءات لمنع تكرار الأمر كعدم شرب أي ماء أو سوائل قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل، ودخول الحمام قبل النوم. وقومي بإيقاظه ليدخل الحمام بعد النوم بحوالي ساعتين. وعندما يقوم من النوم مبتلا فلا بد أن تعلميه أن يقوم هو بتنظيف نفسه وفرش السرير وغسل ملابسه أي يتحمل هو مسؤولية ما فعل.
ويمكنك استخدام جدول المكافآت اليومي عندما يقوم دون أن يتبول على نفسه فيضع في خانة هذا اليوم نجمة أو صورة والعكس في اليوم الذي يتبول فيه يضع علامة خطأ وتتم مكافأته الجيدة. حاول أن تتابعي الأمر والبحث عن السبب المرتبط بذلك.
أما إذا كان الأمر يستمر لفترة أطول من ذلك أو يرتبط بحلم مزعج وقيامه مفزوعا من النوم فلا بد من مراجعة طبيب أطفال، وهو سوف يوجهك لما تفعلينه.
ثالثا بالنسبة للنسيان، فهذا أمر طبيعي تماما مع هذه السن، وليس هناك أي داع للقلق لأن الأطفال عادة ينشغلون بأكثر من فكرة أو نشاط في نفس الوقت مما يجعل تركيزهم ضعيفا في كل أمر على حدة وهذا الأمر أو هذه المهارة في التركيز تتحسن وتقوى مع الوقت ومع التدريب، أي أثناء مذاكرتك له حاولي أن تسأليه باستمرار وأن تجعليه يحفظ جزئيات صغيرة ثم يسمعها حتى يعتاد التركيز ولا داعي أبدا للذهاب لأي مراكز لقياس الذكاء أو صعوبات التعلم فيوسف والحمد لله طفل طبيعي ومتفوق فلا تدخلي هذه الدوامة واستمتعي بأمومتك لهذا الطفل الرائع دون قلق.
أما سؤالك الرابع فهو أصعب الأسئلة حيث أنك تحاولين الاختيار بين أمرين كلاهما صعب جدا بالبعد عن والد يوسف وتفكك الأسرة، وهو أمر مرفوض بكل المقاييس، وفي نفس الوقت نشوء الأطفال بعيدا عن بيئتهم الاجتماعية والثقافية الطبيعية والبعد عن حضن العائلة الكبيرة بكل ما تعطيه للطفل من حنان واستقرار نفسي وعاطفي وبعد اجتماعي وانتماء لأرضهم ووطنهم وتوسيع لمداركهم ونمو صحيح لذكائهم.
نعم مع الأسف لقد أثبتت التجارب والخبرات أننا نفقد الكثير من هذه الأشياء عندما نربي أبناءنا بعيدا عن جذورهم ونحاول إعادة زراعتهم في مكان آخر ونحول علاقتهم بالوطن إلى (آلو كيف حالك يا جدي).. (ألو كيف حالك يا جدة).. هذا القرار لا يستطيع أن يأخذه أحد إلا "أنت ووالد يوسف معا" وبمحاولة صعبة للموازنة حسب ظروفكما، ولكن في كل الأحوال لا تفرقي أسرتك.. حاولوا أن تقصروا سنوات الغربة وتحددوا أهدافكم من السفر وتحققوها في أقل عدد من السنوات وحاولوا أن تقللوا من أحلام الكماليات، وعودوا لتحققوا باقي الأحلام هنا وعلى مدار سنوات -كما فعل آباؤنا- لينمو أبناؤك في أحضان بيئتهم الطبيعية.
ـــــــــــــــــ(104/44)
"لاعبه سبعا".. هل تربي أبناءنا؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة ملؤها الامتنان لما تقومون به في هذا الموقع، وبعد:
لي ثلاثة من الأولاد, ابنان وبنت أعمارهم هي 13 و12 و10سنوات للبنت. وقد فهمت من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قسم عمر الفتى أو الفتاة لسبع للعب وسبع للتعليم وسبع للمصاحبة أن فترة السبع سنوات الثانية هي التي يمكن لي فيها تعليمهم المهارات التي تفيدهم في حياتهم بعد ذلك, سواء العملية أو الحياتية.
لكنى أود أن أسأل: ما هي هذه المهارات التي يمكنني أن أعلمهم إياها؟ مع الأخذ في الاعتبار أنها قد لا تكون لدي.. فأين وكيف يمكن أن أكسبهم إياها؟ مع رجاء التفصيل في الشرح.
وأخيرا أتمنى لكم ولموقعنا إسلام أون لاين مزيدا النجاح والازدهار
... السؤال
نمي طفلك, السمات الشخصية, مفاتيح تربوية, التربية الناجحة ... الموضوع
أ.عبدالرحمن خالد الحرمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الكريم .. أما بعد
في البداية نسأل الله عز وجل أن يبارك لك في أبنائك ويجعلهم قرة أعين لا تنقطع.. جميل منك هذا الاهتمام والحرص على تربية أبنائك وتعليمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
أما عن سؤالك والذي يدور حول ما يمكن إكسابه للأبناء من مهارات خلال السنوات السبع الثانية، فأود أن أنبه بداية أن هذا التقسيم الذي ذكرته في سؤالك ليس بحديث وارد عن الرسول –صلى الله عليه وسلم– بل قد يكون –حسب علمي– قولا لأحد الصحابة.
ولعلماء التربية اليوم تحفظ كبير على مضمون هذا التقسيم بخاصة السبع السنوات الأولى من عمر الطفل، حيث إن شخصية وقيم ومبادئ أي إنسان تتشكل في الست أو السبع السنوات الأولى من عمره، فبالتالي القول بأن (لاعب ابنك سبعا) على إطلاقه هو ضياع في بناء شخصية الأبناء، وقد نقول بأن هذا اللعب هو لعب موجه ومدروس على أسس ومبادئ تربوية هادفة، أو هو تحديد وقت معين خلال اليوم يلعب فيه الأطفال وليس كل الوقت .
أما عن المهارات والأمور التي يمكن إكسابها لأبنائنا في عمر المراهقة فهي كثيرة ومتنوعة وقد تختلف من بيئة لأخرى.. ولكن على العموم يمكن أن نلخصها فيما يأتي :
1- غرس العقيدة: من هو الله؟ علاقتنا بالله؟ لماذا خلقنا؟
2- غرس حب الرسول – صلى الله عليه وسلم – وحب الصحابة في نفوسهم .
3- تعوديهم على أداء العبادات بخاصة أنهم أصبحوا مكلفين بها بعد البلوغ (الوضوء - الصلاة – الصيام – صلاة الجماعة – التصدق – قراءة القرآن والأذكار...)
4- حب الوالدين واحترامهم وحب الإخوة بعضهم لبعض.
5- آداب الاستئذان – آداب الطعام – آداب اللباس وحدود العورة والحجاب بالنسبة للبنت.. الخ
6- توجيه المواهب واستغلال الطاقات.. وبما أنكم من حملة الشهادات العليا فلا يخفى عليكم أنه لا يمكن أن يبدع الإنسان إلا في المجال الذي يحبه ويستهويه.. وأنتم أقرب الناس لهم وبلا شك تعرفون ما هي ميولهم وهواياتهم المحببة لدى كل واحد منهم.. ومن هنا نبدأ.
فعليكم أن تقوموا بتشجيعهم مهما كانت هذه الموهبة بسيطة. فإذا كان يمكنكم تنمية هذه المهارات لدى أبنائكم فبها ونعمت. وإلا فإنه توجد مراكز متخصصة في مجالات مختلفة تساعد على إكسابهم هذه المهارات التي قد لا نستطيع نحن أن نقوم بها، ولا ننسى أن الشاب في هذه السن يميل إلى التقليد ويأتي دوركم المباشر في إعطاء أمثلة وذكر سير الناجحين والمبدعين في مختلف المجالات سواء القدماء أو المعاصرين ليتخذوها قدوة وربطهم بالصحبة الصالحة التي تعينهم للوصول ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
ـــــــــــــــــ(104/45)
تضربيها وتعند؟ ابحثي عن حل آخر! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا من الدائمين في هذه الصفحة والحمد لله.
لديّ ابنة عمرها 4 سنوات وشهرين تقريبًا هي ذكية وسريعة البديهة وأكبر من عمرها، لكن مشكلتها أنها تحب العناد فكل ما أطلبه منها تعانده وتعمل عكسه دائمًا، ولجأت أنا وأباها إلى عدة أساليب، منها الضرب والحرمان والصراخ والتهديد، لكن بدون فائدة، إضافة إلى أنها اتكالية لا تحب أن تعمل شيئًا وإن كان وضع ألعابها في مكانها.. لا أعرف ما الحل.. في انتظار ردكم.. ... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
أ.وفاء أبو موسى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عزيزتي الأم:
مشكلة العناد عند الأطفال تظهر منذ سن مبكرة، وابنتك في طور مرحلة الطفولة المبكرة وهي مرحلة الاكتشاف وبداية تحديد معالم الشخصية والتكوين النفسي والاجتماعي لدى الطفل، وفي هذه المرحلة يصعب بشكل أو بآخر فرض شيء على الطفل يتنافى مع متطلبات تلك المرحلة وهي الاكتشاف..
أنت لم تذكري مواقف محددة تعاندك طفلتك فيها، واكتفيت بذكر المشكلة بشكل عام، ولكن عليّ أن أنبهك أن الطفل في هذه المرحلة صفحة بيضاء تنقشين عليها ما تشائين من الأخلاقيات والعادات السلوكية والفكرية، أي إذا تعاملت مع طفلتك بأسلوب تربوي في كل مواقف حياتها استطاعت أن تنتقل من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة المسئولية ومرحلة إثبات الذات (المراهقة) بسلام، وهذه قضية تربوية في غاية الأهمية وبحاجة إلى والدَين متسعي الصدر وطويلي البال؛ لأن الطفل لا يحتاج لرعايتهما بشكل متخصص وبجهد كبير كما في هذا الوقت، وغالبًا نقول نحن التربويين كلما اجتهد الوالدان في تربية الأطفال في الصغر تنفَّسا الصعداء بعمق في الكبر؛ لأن أساس أي شخصية ناجحة لأبنائنا أساليب تعامل الوالدين لمواقف حياتها إما أن نعلمهم كيفية النجاح وقوة الثبات والعزم أو نصنع منهم اتكاليين انهازميين.
بالنسبة لعناد طفلتك أنصحك بالتالي كخطوة أولى:
* حددي أي المواقف التي تعاند فيها.
* حددي أسباب العناد من وجهة نظرك.
* ادرسيتلك الأمور جيدًا ربما تجدين سببًا متعلقًا بالبيئة أو المحيط أو بك أنت ووقتها سيكون الحل قريبًا لعقلك.
منالمهم أن تعرفي عزيزتي ما يلي:
- أغلب سلوكيات الطفل تستمد من عادات الكبار فكوني نموذجًا صالحًا تقلده، وعوِّديها بالتدريب والتكرار على أهمية ترتيب أشيائها الخاصة، وحدِّثيها بكل لطف عن جمال تلك الأشياء وهي في مكانها أو مبعثرة على الأرض، واتركيها تفكر وتختار.
- استخدمي أسلوب القصة الليلية قبل أن تنام طفلك، وحاولي توجيه سلوكياتها وتفكيرها لما هو إيجابي عن طريق بطل القصة، فالأطفال يستجيبون لما يُروى في القصة ويحبون أن يصبحوا أبطالاً في الحياة، وهذا يساعدهم في أن يكونوا أكثر إيجابية في حياتهم.
- إن أهم ما يعزز إيجابية الطفل هو شعوره بالنجاح في مهامه الصغيرة وثناء الكبار على سلوكياته.
- إن استخدام أسلوب الذم، الضرب، العنف بكل أشكاله (لفظي ومعنوي ومادي ولو كان بالنظرة).
- عليك أيضًا الوعي بأن معالجة عناد الطفل مؤلم للطفل ويزيده إصرارًا على العناد، ولا ننسى أنهم ما زلوا صغارًا وإنجازهم للأمور يكون بحجم بساطتهم وليس بحجم ما نتوقع؛ فالطفل بطبعه يحب اللعب فلا تغضبي من انشدادها لتلك الميول ونسيانها ما طلبت منها.
بشكل عام وهام:
- العناد سلوك سيئ ويستفز الوالدين وينشئ أجواء مشوشة في الأسرة، وإخفاق الوالدين في آليات التعامل مع الطفل تطور المشكلة وتزيد من حجمها، يعرف علماء النفس العناد بأنه موقف نظري أو تصرف تجاه مسألة أو موقف معين، بحيث يكون الشخص المعاند في موقع المعارضة أو الرفض، وهذا يعني أن العناد سلوك إنساني سوي؛ لأننا في الحياة اليومية قد نتخذ موقف الرفض تجاه عدة أمور. فإذا كان رفضًا غير مرغوب فيه من شخص آخر أو مضادًّا لموقف شخصي أو أنه رأي وسلوك مخالف فإننا نكون أمام صراع بين سلوكين، أو بالأحرى موقفين متقابلين والتمسك الشديد بأحدهما يطلق عليه العناد. وللتمسك الشديد به عند الأطفال أسباب عديدة، منها عدم قبولهم الوضع القائم، ورفضه يعني الإصرار على تحقيق وضع آخر يراه الطفل أكثر مناسبة وراحة.
ولمعالجةالعناد:
- يؤكد علماء النفس وعلماء الاجتماع على ضرورة التعامل مع الطفل العنيد بطريقة تجاهل طلبه وقت العناد، وبمراعاة أن يكون رد الفعل وفقًا لسلوكه، أي لا نقوم بالصراخ أكثر إذا كان يصرخ، وألا نبدي سخطًا أشد إن كان الطفل في حالة من السخط، وألا نوجّه له عبارات جارحة كرد على استخدامه عبارات عنيفة، بل يجب اللجوء إلى الكلام والحديث الذي يناسب الحوار والموقف.
- يجب أن يعرف الكبار أن للطفل حقوقًا لا تختلف عن حقوق البالغين وأنها ليست حقوقًا مع وقف التنفيذ، أي أنها مؤجلة حتى يكبر، فكثير من الأمور التي يصنفها الكبار بأنها عناد من الصغار تكون بسبب سياسة القمع والسيطرة والانقياد التي تربوا عليها، أو التي يظنون أنها من مقومات التربية الأفضل أو الأخلاق والتهذيب.
- وإن أكثر حالات سوء التفاهم الناشئة عن العناد بين الكبار والصغار هي بسبب ميل الكبار إلى عدم المخالفة.
ـــــــــــــــــ(104/46)
نحن وأبناؤنا.. القدوة خير من الكلام ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابني باسل 6 سنوات -أصبحتم تعرفون عنه الكثير الآن- لأكثر من مرة يذهب إلى السوبر ماركت ويأخذ أي شيء دون أن يحاسب ويمشي، مثلا آخر مرة أخذ شيكولاتة، ومرة قبلها دفع ثمن كيس شيبسي صغير، وأخذ كيسا كبيرا، الحمد لله أنه يخبرنا عند العودة إلى المنزل، فننصحه ونفهمه أن هذا حرام، وأن ربنا سوف يعاقبه، ويقول: لن أعاود مرة ثانية، ولكن للأسف ينسى ويعاود، وهذا شأنه في أشياء كثيرة، وأحيانا نعنفه ونضربه، ولكن أيضا دون جدوى.
لاحظت أمه شيئا وافقتها فيه، وهو أن سلوكه اختلف في الفترة الأخيرة، فقد أصبح عنيفا، ويضحك ويتصرف تصرفات ليست من عادته، فقالت أمه: إنه يقلد زميلا له في المدرسة، وهذا الزميل عنيف، ووالدته معلمة في المدرسة، وهي أيضا قالت لنا ذلك لأنه وحيد.
المهم أن باسل أصبح يقلده حتى في طريقة كلامه، فهو سريع التأثر بالغير على الرغم من أننا نحاول أن تكون له شخصية مستقلة ولا يقلد، بل إذا رأى أحدا يفعل خطأ يقول: إن هذا خطأ بدلا من أن يقلده في هذا الخطأ.
أنا الآن أحاول فعل شيء وأرجو نصيحتكم لي فيه:
أحاول أن أنظم الأوقات، فمثلا يوم الجمعة من الصبح حتى قبل صلاة العصر لعب ومذاكرة مدرسية خفيفة، وقبل صلاة العصر بنصف ساعة مراجعة ما سوف يُسمعه من قرآن كريم في المسجد بعد صلاة العصر، ثم بعد العودة يكون قد أخذ الجديد من القرآن، فيحفظ قدرا منه، ثم يلعب حتى النوم، ثم حكاية قبل النوم.
ويكون هناك يوم في الأسبوع -وليكن الأحد مثلا- أقوم بتناول حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحاول أن أختار حديثا يناسب باسل، وأبدأ بشرحه، وأسأله عما فهمه حتى يستوعب الحديث، ثم في اليوم الثاني مثلا نجلس نفس الجلسة، ويقوم باسل بشرح الحديث مرة أخرى لنا ونحن نستمع، وفي يوم آخر تقوم الأم بتناول حديث وتشرحه، وبذلك نكون كلنا قلنا حديثا، ونكون قد جلسنا جلسة عائلية.
أرجو إخباري هل هذا تصرف صحيح أم هناك ما هو أصح وأنسب منه؟ ويكون أفضل لو تحددون لي جدولا أو نظاما، وجزاكم الله خيرا.
مع نصحي بأوقات لعب باسل سواء على الكمبيوتر أو اللعب العادي، وما هي أحسن طريقة للعب؟
في أيام الإجازة كان -ما شاء الله- حفظه جيدا، ويحفظ مثلا سورة نوح في أسبوع أو اثنين على الأكثر، مع ممارسة حياة عادية جدا، ويجلس للحفظ فترات بسيطة، فلم نرد أن نشق عليه، أما بعد دخول المدرسة فلم يحفظ سورة نون، بمعنى أنه منذ شهرين تقريبا لم يحفظ سورة نون، ولا يريد أن يحفظ، كان في الإجازة أحيانا كذلك، ولكن ليس بهذه النسبة، فلو قارنا النسبة مثلا نقول بنسبة1: 5، فهل هناك طريقة لتحبيبه في حفظ القرآن تساعده على الحفظ؟ مع العلم أنه عندما يحفظ يكون سعيدا وهو يراني أحفظ وأسمع في المسجد على يد شيخ، وهو يعرف أهل المسجد ويحبهم ويحبونه، والكل يقول: "ما شاء الله هو كويس بس لو يركز شوية، ويجلس في مكان واحد مستقر"، فهو كثير الحركة، ويحب أن يقلد الكبار، وطبعا الغرباء قد تعجبهم هذه الشخصية؛ لأنهم يعاشرونها لفترة بسيطة، فيقول كلمة كأنه كبير، ويتصرف تصرفا معينا يعجبهم، وينبهرون به كطفل، ويتصرف هذا التصرف، أو يعجبهم لأنه يحفظ القرآن، وهم لا يعلمون كم نعاني حتى يستطيع الحفظ.
أرجو الإفادة، وأرجو ألا أكون أسرفت في استغلال كرمكم، وجزاكم الله خيرا.
سؤال أخير: هل تنصحونني بأن أعرض باسل على طبيب نفسي؟ وإن كان ذلك فهل أخبر باسل أننا سوف نذهب للطبيب؟ أم ماذا يكون التصرف المناسب؟
وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
مفاتيح تربوية, أبناؤنا والإيمان, التربية الناجحة, الكذب والسرقة, مشكلات شقية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيد الفاضل: أبو باسل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك -سيدي- ومرحبا على صفحة "معا نربي أبناءنا"، وأعتذر بشدة عن التأخير لعطل كان بالإنترنت لدي، وهو ما أثر على استقبال الرسائل، فأرجو قبول الاعتذار.
والآن تعال لنتعرف عن قرب على مشكلة باسل -بارك الله لك فيه وفي أختيه- واسمح لي أن أبدأ بموضوع الجدول والنظام الذي تحاول أن تسير عليه؛ لأنه لب الموضوع، وهو الذي سيعين على حل المشكلة الأولى وهي أخذ باسل بعض السلع دون دفع ثمنها، ودون معرفة صاحبها.
بداية أحييك على محاولة قضاء وقت مع ابنك، وهذا ما أرجو حدوثه مع بنتيك حتى لو كانتا صغيرتي السن، وجميل أيضا أن يكون هناك بعض هذا الوقت المخصص لحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو للثقافة الدينية بشكل عام -وأقول بعض الوقت وليس كله- فالطفل في هذه السن يحتاج إلى مناقشة أمور أخرى، فالجلسة العائلية هي جلسة مرحة طريفة؛ ولذا أقترح عليك أن تنوع الموضوع الذي تتناقش فيه مع أسرتك، وليكن عن عملك وما يحدث أحيانا فيه، وعن بعض المواقف التي تقابلك، وما رأي ابنك ورأي أمه في هذه المواقف، وبعض هذه المواقف تكون إيجابية، أي تتحدث فيها عن موقف طريف مرح حدث لك، أو عن موقف سيئ وكيف تصرفت فيه، وقبل أن تسرد كيف تصرفت اطرح على ابنك هذا السؤال: كيف يمكن أن تتصرف لو كنت مكاني؟ وبناء على ذلك وأسوة بك ستجد الطفل يبدأ في حكايات عن مدرسته وعما يحدث بها، ولكن أرجو إذا فعل ألا تنتهز هذه الفرصة وتلقي على ابنك كمًّا هائلا من المواعظ والإرشادات، فهذا سيجعله إما أن يتحدث معك بما ترغب أن تسمعه حتى لو لم يكن حقيقيا، أو يحجم تماما عن الحوار والحديث، ويمكن أن يكون الحوار والجلسة العائلية حول أشياء يهتم بها طفلك مثل: لعب الكرة أو أي هواية يحبها، أو سرد بعض المواقف الطريفة والألغاز.
وعليك أنت ووالدته أن تخصصا وقتا للعب معه ولممارسة الأنشطة، فهذا -إلى جانب توطيد العلاقة بينكم جميعا- سيجعل الطفل يتقبل المعايير الأخلاقية التي يتعلمها منكما، أرجو الاطلاع على الأنشطة التي يمكن أن تمارسها أنت ووالدة الطفل مع أولادكما من خلال صفحتنا هذه، وأرشح لك أيضا ملف "صيف ذكي جدا".
من ضمن الأنشطة التي أركز عليها بشكل خاص قراءة القصص للأطفال، فهذا النشاط من أكثر الأمور التي تعدل من السلوكيات غير المرغوب فيها، وأرشح لك مجموعة القصص للأستاذة أماني العشماوي، فهي مجموعة تربوية طيبة.
أما الجدول وتنظيمه فليس هناك جدول جاهز نعده للآباء، لكن على الآباء أن ينظموا أوقاتهم وفق أولوياتهم وأشغالهم واهتماماتهم ونظام حياتهم، على أن يكون في هذا الجدول يومان أو ثلاثة يخصص فيها وقت للعب وممارسة أنشطة مشتركة مع أبنائهم، وبالنسبة للعب على الكمبيوتر فلا يزيد عن الساعة في اليوم، وكلما قل هذا الوقت كان أفضل؛ نظرا للأضرار الجسمية والعصبية والنفسية والاجتماعية والعقلية التي يسببها هذا الجهاز على أطفالنا، أرجو أن تطلع على مثل هذه الأضرار أنت وطفلك من خلال استشارات صفحتنا، أو أي موقع آخر.
لا يتعلم أولادنا كثيرا من الوعظ المباشر، ولكن يتعلمون أكثر بالقدوة والمثل، ولذا حينما يرتكب باسل خطأ ما فلا تكثر من النهي أو التهديد أو حتى اللوم، ولكن يمكنك أن تُعرض عنه ولا تتحدث معه حتى يأتي إليك معتذرا، وهنا لا تعلق بأكثر من قولك: "قبلت اعتذارك لكن أرجو ألا يتكرر"، وأعطه أكثر من فرصة (وليكن ثلاث فرص) كي يصلح من خطئه، وكلما اعتذر تقبل منه، ولكن إذا أخطأ بعد هذه الفرص فلا بد أن يكون كلامك حاسما حازما في أنك أعطيته أكثر من فرصة ولن تقبل منه اعتذارا، حتى يتحول هذا الاعتذار القولي إلى اعتذار فعلي، ولا تتهاون في هذا، فعليك بإظهار الغضب والتجهم حتى يؤكد لك بالسلوك الفعلي أنه انتهى عن هذا الخطأ.
نأتي الآن لمشكلة أخذه الأشياء دون استئذان من صاحبها، وكل ما سبق سيجعل تناول وحل المشكلة أكثر يسرا إن شاء الله:
حينما يكرر باسل أخذه أي شيء دون استئذان أو كما وصفت بالرسالة فعليك أن تجلسه أمامك وتحدثه وأنت تنظر إلى عينيه مباشرة، وتقول له بصوت غاضب حازم: ماذا فعلت؟ (وأنت بالطبع تعلم ما صنع، لكن السؤال يجعله يسترجع ما فعله ويستشعره)، وعندما يحكي لك ما حدث فاسأله مرة ثانية بنفس نبرة الصوت: وهل ما فعلته هذا خطأ أم صواب؟" وعندما يجيبك اسأله: وهل أنت راضٍ عما فعلت؟ فسيقول لك إنه غير راض، فاسأله عن سبب عدم رضاه، فسيردد عليك ما قلته له من قبل بأن هذا فعل خطأ، وأن الله لا يرضى عن هذا، فاسأله: ما الذي يجعله يقدم على ارتكاب هذا الفعل رغم معرفته بكل هذا؟
هنا ربما يسكت الطفل ويحار، وربما أجاب بأنه يحاول في كل مرة ألا يفعل، لكنه يجد نفسه يرتكب هذا الخطأ، وفي كل الأحوال عليك أن توضح له عاقبة ما يفعله، وهذا التوضيح يكون عن طريق سؤال آخر وهو: هل تدري لماذا حرم الله ما فعلت؟ ثم اشرح له (بنفس نبرة الصوت الغاضبة): لأنه لو تعامل الناس بهذا السلوك لن يشعر الناس بالأمان، ولن يكون هناك ثقة بينهم، وسيشعر كل الناس بأنهم مهددون أن تؤخذ منهم أشياؤهم، وبالطبع كل هذا سيجعل الناس تسيء الظن بعضها ببعض، ويسوء التعامل بينهم جميعا، وتنتشر الكراهية والخوف والفزع وعدم الثقة، فهل تظن أن الله خلقنا لنكون هكذا أم خلقنا الله لنكون أفضل من ذلك؟ حتى نعمر الأرض وننشر فيها الخير بدلا من الشر.
وهنا انتظر قليلا لترى تأثير كلامك عليه، ثم تابع فكرتك بالسؤال: هل تحب أن يأتي أحد ويدخل بيتنا ليلا أو نهارا- ويأخذ شيئا منه دون استئذان منا؟! أوتحب أن يفعل أحد معك هذا بالمدرسة أو بالبيت؟! وانتظر قليلا حتى يجيب، ثم اسأله (بعد أن يظن كل الظن أنك ستوقع به العقاب): ما تظن أني فاعل بك الآن؟ سيخمن العقاب فأخبره بقولك: أنا اليوم لن أعقابك لأعطيك فرصة أخيرة (وركز على كلمة أخيرة) للتفكير وإصلاح الأمر، لكن (وهنا لا بد أن ترفع صوتك قليلا مع نبرة الصوت الغاضبة التي تزداد حدة) ثق تماما أن المرة القادمة لن يكون هناك عفو أو تسامح، ولا تذكر له ما العقاب الذي ستوقعه عليه.
أما إذا تكرر هذا الأمر – وأشك أنه سيتكرر إذا قمتما (أنت وزوجتك) بكل ما سبق-فعليك أن توقع عليه العقوبة التالية: أن تخبر والدته أمامه دون حتى النظر إليه بأن باسل غير مسموح له بالخروج من البيت سوى للمدرسة فحسب، وألا يتحدث ولا يلعب معه أحد من البيت على الإطلاق، وإذا كانت الأختان في سن تسمح لهما بالسؤال عن سبب هذه المقاطعة فيكون الرد أن بابا قرر هذا كما أنه حذر من السؤال عن السبب.
سيأتي إليك معتذرا وحالفا أنه لن يفعل ذلك مرة أخرى، فقل له: وما الذي يجعل هذه المرة مختلفة عن وعودك السابقة؟ وانتظر حتى يعطيك أي دليل –ولو كان دليلا ضعيفا- على أنه لن يعود، عندئذ قل له: "وأنا أيضا سأعينك وأساعدك بشيء يمكنك عمله حتى تكف عن هذه الفِعلة، فعندما ترى شيئا ترغب فيه بشدة وقبل أن تمد يدك لتأخذه تذكر في الحال أنك يمكن أن تحصل على أفضل منه بكثير في الجنة، وأنك إذا فعلت الصواب فإن الله سيرضى عنك، وكذلك بابا وماما والناس كلهم، وحينما تتذكر كل هذا تعال وأخبرني، وعندما يخبرك عليك بتقبيله والنظر إليه برضا، وأخبره أنك في غاية السرور منه، وبين الحين والآخر اشتر له هدية دون أن تعده بذلك، ودون أن يتوقعها.
وأخيرا -سيدي- أدعو الله أن يعينك أنت وزوجك على حسن التربية، وإلى لقاء آخر...
ـــــــــــــــــ(104/47)
توأمي: تبكيان.. تتشاجران معا ... العنوان
السلام عليكم..
1-لدي طفلتان توأم متطابق أواجه مشكلة أنا ووالدتهما وهي أننا كل ما ذهبنا إلى مكان يرفضان الخروج منه ويبدآن بالبكاء لدرجة إسماع كل من في المكان، سواء عند ضيوف أو في مجمعات تجارية أو أي مكان ويرتميان على الأرض ويرفضان الخروج.
2- شيء آخر هو أنهما دائما تضربان بعضهما بطريقة مخيفة، عجزت أنا ووالدتهما معهما واستخدمت أسلوب الهدايا والمكافئات لكن لا نتيجة!!
وجزاكم الله خيرا..
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
أ.وفاء أبو موسى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أخي الكريم..
بداية لك كل الاحترام لطلبك الاستشارة، فمن الواضح اهتمامك بأطفالك وهذه بداية النجاح لأي والدين، وأعلمك أن الطفل بسن الثالثة يحب اهتمام والديه بشكل كبير وإشعاره باللطف والقبول ويرغب في حب التملك والأنانية والغيرة من الآخرين، ويستخدم سلوكيات مختلفة للتعبير عن تلك الأشياء، واستخدام الطفل الصراخ والبكاء في تلك المواقف التي ذكرتها ما هو إلا أسلوب اعتاد عليه ليحقق ما يريد.
رسالتك ينقصها الكثير، وكنت أتمنى أن تذكر فيها شرحاً موجزاً عن مواقف حدثت مع الطفل نفسه مثلا: عندما تقومون بزيارة صديق، ما الذي يجذب الطفل للمكان؟ ماذا يريد الطفل من هذا المكان؟ ولماذا حسب إدراك الأب والأم سبب رفض العودة للمنزل؟
قد يكون السبب في الطفل أو في أسلوب التعامل معه أو في احتياجاته الخاصة أو بالآخرين، فلو ذهبتم مثلا لشراء بعض أشياء من سوبر ماركت واصطحبتم طفليتكما ماذا سيحدث عن انتهائكم من الشراء؟
أنا أعتقد حسب ما ذكرت أن الطفلتين ستنبطحان على الأرض وتبكيان رفضاً للخروج، وهذا سلوك غير طبيعي وممكن أن يكون قد نتج من رغبة الطفلتين في شراء شيء ما أو أشياء كثيرة ما ردة فعل الأب والأم من هنا تبدأ المشكلة ومن هنا أيضاً تنتهي .
أخي الكريم عند استخدام توأمكما الصراخ والبكاء لرفض للخروج من المكان فقط أهملا بكائهما وتوجها للخروج من المكان ولا تعطيا اهتماماً لصراخهما وحاولا الانشغال بالحديث معاً دون الاكثرات لهذا الاسلوب السيئ من الطفل وستجدان بالتدريج أن هذا الأسلوب السيئ سيزول نهائيًّا.
المهم استخدام أساليب تربوية للتعامل مع أبنائنا دون اللجوء للعنف أو الذم أو التوبيخ أو العكس التدليل الزائد والعطايا بلا حدود، أطفالنا بحاجة للنظام والتدريب على استخدام العقل في مواقف الحياة وليس استخدام الأهواء وتحقيق كل شيء بأي ثمن وإلا سيكون الثمن باهضاً عندما يكبرون ويكون الندم وقت لا ينفع الندم
وشكرا لاهتمامك وتابعنا بأخبارك.
وتقبل أطيب أمنياتي بالتوفيق..
ـــــــــــــــــ(104/48)
تربية المراهق: لين بغير ضعف وحزم بغير قسوة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أود أن أشكر كل فريق العمل على كل الجهود المبذولة لمساعدتنا على تنشئة أبنائنا على السلوك القويم وعلى تعاليم ومبادئ الدين الحنيف، جزاكم الله خيرا، وبعد:
مشكلتي تكمن في ابنتي البالغة من العمر 13 سنة، هي الآن في الصف الأول الإعدادي، من اليوم الذي بدأت فيه السنة الدراسية تغيرت تصرفاتها وأصبحت تتغيب عن الحصص وتأتي للبيت في المواعيد المحددة وكأنها حضرت كل الحصص (الوقت الذي تتغيب فيه كانت تقضيه مع شلة من صديقاتها عند باب المدرسة) ونتائج دراستها تدهورت بنسبة 60%.
بعد ما تداركنا الأمر (بعد أسبوعين من بداية تغير تصرفاتها) وكلمتها أنا وأختها الكبيرة -فهي أصغر بناتي وبينها وبين أختها التي تكبرها 12 سنة- تظاهرت بأنها تسمع الكلام وسوف تهتم أكثر بدراستها ولكن مستواها الدراسي لا يزال كما هو، مع أنها كانت من المتفوقات. فهي شاردة الذهن في معظم الأوقات حتى في الفصل الدراسي، وترد على أختها الكبيرة بعصبية ولا تقبل نصيحة من أحد.
كلمتها وكلمها والدها وعاقبها بأننا لن نحتفل بعيد ميلادها هذه السنة -والذي هو بعد أسبوع- كعقاب لها. ونذهب كل أسبوع إلى المدرسة للسؤال عنها ومتابعتها لكي لا تفلت منا خاصة وهي في هذه السن الحرجة.
أرجو مساعدتي في حل هذه المشكلة واسترجاع ابنتي من جديد.
... السؤال
عالم المراهقة, مشكلات شقية, الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أشكرك -سيدتي- على ثنائك ودعائك وتقبل الله منا جميعا.
في طي رسالتك عرفتُ أنك مدركة لطبيعة المرحلة المقدمة عليها ابنتك وهي مرحلة المراهقة، وما يدهشني حقا أن ابنتك هذه ليست هي الابنة الوحيدة التي دخلت مرحلة المراهقة فقد سبقها إخوة، فهل هذا يعني أن كل أولادك -بارك الله فيهم جميعا- مرت عليهم هذه المرحلة بسلام وبطريقة غير الطريقة التي تمر بها ابنتك الآن؟.
على كل حال ما علينا الآن إلا التعرف على كيفية التعامل مع مراهقة بالبيت ترفض النصح وأصبحت أكثر شرودا وتتصرف بعصبية مع أختها الكبرى، ولا تحضر كل حصصها بالمدرسة وقد أثر كل ذلك على مستواها الدراسي.
وسأبدأ معك الحديث بالرد على طلبك في آخر الرسالة وهو عن استرجاع ابنتك إليك كما كانت، فأقول لك -ودون أن أصدمك: إنه لن يحدث استعادة ابنتك كما كانت، لسبب بسيط للغاية لا يدركه -مع الأسف- كثير من الآباء حينما يشرف أبناؤهم على مرحلة المراهقة، وهو أن أبناءنا يكبرون ولن يعودوا لسن الطفولة أبدا بكل ما فيها من مزايا أو عيوب -إن صح هذا التعبير- وأنهم تخطوا هذه المرحلة التي ما يزال الآباء فيها يتعاملون مع أولادهم على أساسها، واسألي نفسك –سيدتي– هل أنت بتفكيرك وشعورك ومعلوماتك وخبراتك كما كنت منذ خمس سنوات مثلا أو حتى السنة الماضية؟ بالطبع لا فقد تغيرت فيك أشياء كثيرة وكذلك أولادنا.
ولذا لا بد أن نتعامل مع هذه الحقيقة البسيطة كالتالي:
أولا: اعلمي تماما أن هذه كلها أعراض هذه المرحلة حتى لو لم يمر بها أحد من أبنائك من قبل، فهناك دائما فروق فردية.
ثانيا: عليك دور مضاعف لأنك ستوجهين كل من يتعامل معها ليسير على نحو يجعل هذه المرحلة تمر دون مشكلات معضلات.
وأول من ستسدين له النصح وتوجهينه هو أنت:
- فعليك أن تتحلي بسعة صدر أكبر واستيعاب لهذه الفتاة التي هي على مشارف النضج والأنوثة أكثر منها طفلة.
- عليك معرفة ما الأشياء التي بدأت تهتم بها أكثر في هذه الفترة ( حلي – زينة – ملابس – أغاني... ) وعندما تعرفين ذلك، ابدئي في الحديث عن هذه الأشياء وشراء بعضها كهدايا لها في أوقات مختلفة وليس بالضرورة أن تكون هناك مناسبة لشراء الهدايا لأولادنا.
- عليك أن تبدئي في الاهتمام بما تهتم به دون مبالغة ودون تكلف، فمثلا إذا كانت معجبة بأغنية ما أو بطريقة ملابس معينة فعليك أن تناقشي معها ما تهتم به دون اعتراض أو تسفيه أو موعظة، ولكن اسمعي منها وعلقي على الجانب الإيجابي، أو بمعنى أدق على الصحيح والمقبول من كلامها ولا تعلقي على غير المقبول.
- عليك احترام خصوصياتها ورغبتها أحيانا بأن تجلس في غرفتها بمفردها على ألا يكون هذا هو الوضع الدائم.
- في كثير من الأحيان تأبى الفتيات الحديث والحوار مع أهلهن خاصة الوالدين وهنا يمكنك احترام هذه الرغبة لكن في الوقت نفسه أظهري لها استعدادك للحديث والحوار، بل المناقشة في أي شيء ترغب فيه.
أما دورك مع أختها الكبرى فوضحي لها أنكما معا تشاركان في توجيهها واستيعابها ولذا فعلى الأخت الكبرى:
- أن تكون أكثر قربا منك لها وأكثر تجاوبا معها وأكثر استيعابا لمشكلاتها.
- أن تتقرب إليها لتفتح مجالا وقناة للحوار معها.
- والأهم من كل ذلك ألا يكون مجال الحوار هو إلقاء النصائح والإرشاد بما يجب أن تفعل وما لا تفعل، بل عليها –أي الأخت الكبرى– أن تكون أكثر توددا وأكثر قربا وتفهما حتى تتحدث معها فيما لا تستطيع بوحه لك.
دورك مع المدرسة:
- عليك الاتصال الدائم بمدرسيها دون أن تعلم الفتاة بذلك لمعرفة ومتابعة أحوالها أولا بأول.
- حاولي مناقشة مشكلة الفتاة مع مدرسيها واسأليهم عن اقتراحاتهم للحلول التي يرونها مناسبة لالتزام الفتاة بالحضور، مع اقتراحك بأن تعاقب الفتاة العقاب المناسب إذا لم تحضر الحصص كلها.
أما دورك مع زوجك فهو:
- أن توضحي له أهمية استيعاب الفتاة في هذه المرحلة مع الوضع في الاعتبار ألا يتدخل في أمور الحياة اليومية والمشكلات الصغيرة مثل عصبيتها مع إخوتها أو ردود أفعالها معكم إلا إذا تجاوزت حد الأدب أكثر من مرة معك على وجه الخصوص، وعدم تدخله لا يعني على الإطلاق أنه لا يعرف أخبارها وأحوالها، بل عليك بمصارحة الأب بكل ما تفعله الفتاة وبكل تطورات أحوالها، وعليه أن يتدخل في الموضوعات الكبيرة فقط مثل موضوع عدم حضورها الحصص بالمدرسة ولكن يكون تدخله بعد أن تكوني فعلت ما سبق مع المدرسة ولم يفلح، وهنا لا بد من حزمه والحديث معها حديث المغضب، ويخبرها بأن عليها أن تختار بين أن تذهب إلى المدرسة وتنتظم وتلتزم بكل المطلوب منها، أو لا تذهب مطلقا وتقبع بالبيت دون خروج على الإطلاق.
فإذا وعدته بالالتزام فليخبرك أمامها أن عليك متابعة هذا الأمر مع المدرسين ويعلمها أن الثقة لا تمنح وإنما يكتسبها الناس من خلال التعامل وأنه لا يرغب في أي حال من الأحوال أن يفقد الثقة بها، وبالتالي عليها أن تسلك سلوكا يجعلها أهلا للثقة، فإذا التزمت كان خيرا وبركة، وإذا لم تلتزم فعليه أن ينفذ الاختيار الآخر موضحا لها أنها هي التي حكمت على نفسها وأنها لم تدع له مجالا للاختيار. وليجعلها بالفعل تجلس بالبيت إلى أن تأخذ على نفسها عهدا بالالتزام وهذا العهد سيراقب تنفيذه هو شخصيا ويتابعه مع المدرسين.
أرجو ألا تعتبري هذا أمرا غير ممكن، وأن هذا تضحية بمستقبل الفتاة، فالفتاة حينما تشعر بجدية والدها في الحديث سترتدع قبل أن ينفذ.
لعلك –سيدتي– قد لاحظت أنني في النقاط السابقة لعبت على وترين مهمين في التربية هما: اللين في غير ضعف من جانب، والحزم في غير قسوة من جانب آخر، حتى تشعر الفتاة بالاهتمام الحقيقي، وبأنكم تفعلون ذلك من أجل مصلحتها، ولن تقدر هذا في هذه الفترة، بل ستعي ذلك عندما تمر هذه المرحلة وتفكر بطريقة أكثر نضجا إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ(104/49)
أنا وابنتي.. الاتفاق قبل الإنفاق ... العنوان
السلام عليكم،
أوشكت ابنتي أن تبلغ العامين، وهي طفلة جميلة ولطيفة، إلا أني أشعر بحرج بالغ عندما آخذها معي إلى السوق؛ فهي تبدأ بالتعلق بالأشياء وتريد أخذها جميعا، وطبعا لا يمكنني شراء كل شيء، ولكن حين أعترض أو أحملها وأبتعد عن الشيء الذي تريده تبدأ في الصراخ والبكاء الشديدين، ماذا أفعل معها؟.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
رفقا بها يا ابنتي!! مم الحرج؟ أوليس كل من في السوق آباء ولهم أبناء فعلوا نفس الشيء في يوم من الأيام؟ نحن من نخلق الذي يصح ولا يصح يا ابنتي ونجعل أطفالنا يدفعون ثمنه.
لا أقول لك اشتري لها كل شيء؛ فهذا تصرف غير مسئول... أتحدث فقط عن هذا الشعور بالحرج الذي يجعلك تتصرفين بعصبية تجاه الصغيرة فتبادلك العصبية صراخا.
أولا تعلقها بكل ما ترى طبيعي جدا... نحن الكبار لو نملك لاشترينا السوق كلها.. فما الذي يمنعنا؟ شعورنا بالمسئولية تجاه القرش الذي لا نحصل عليه ببساطة، وله أولويات في أوجه الصرف... فهل تعرف هي ذلك؟.
تستطيعين يا ابنتي أن تشرحي لها بطريقة بسيطة قبل أن تنزلا إلى السوق أن المبلغ المسموح بإنفاقه اليوم هو كذا... وضعيه في جيب مستقل من حقيبتك... ونبهيها كلما أنفقت منه شيئا أن الباقي لن يكفيها إذا أرادت كذا مثلا... وإذا حدث أن أنهته وتعلقت بشيء آخر فلا تفزعي وناقشيها مرة أخرى... وفاوضيها على إعادة الأول لشراء الشيء الثاني... مرة بعد مرة ستعرف كيف تختار... وماذا تختار؟.
على فكرة.. لك ولكل من نصحتهم بالحوار والتفاهم.. هذا ليس عملا سهلا يا ابنتي؛ فالتربية تحتاج إلى مجهود وتركيز، أوليست أحد أبواب الجنة؟؟؟.
ـــــــــــــــــ(104/50)
التفتوا لي.. اهتموا بي.. على طريقتي!! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم،
وبعد.. بالمصادفة البحتة وجدت نفسي داخل موقعكم المحترم، وإليكم استشارتي علِّي أجد ضالتي عندكم إن شاء الله.
منار(9سنوات ) تربّت بعيدًا عني حتى عمر 3 سنوات؛ بسبب عملي في الإمارات والآن هم يعيشون معي، فهي تحب أن تكون مميزة في كل شيء، وتحب دائمًا أن تأخذ نصيب الأسد في كل شيء، وبالمناسبة فهي توءم غير متماثل لأختها منال يليهما عبد الرحمن 6 سنوات ومحمود سنتان ويعلم الله أنى لا أميز بين أولادي.
مشكلة منار أنها ضعيفة البنية وتأكل أشياء معينة، ولا تريد أن تجرب غير ما اعتادت عليه، وكأنها تريد أن تتميز بهذا الشيء، وقد تحرم نفسها من شيء حتى يقال إنها لا تحب هذا أو ذاك.
نأتي للدراسة: هي قليلة الثقة في نفسها جدًّا، وقد تكون تعرف الإجابة ولا تجيب، ودائمًا تفعل ما يثير غضبنا أنا وأمها، وغالبًا ما أذاكر معها دروسها أحيانًا.. أحس بذكائها وأحيانًا وكأنها لم يمر عليها هذا الدرس من قبل، ونحن تعبنا معها.. أخاف أن تتعثر في دراستها، وخاصة أن أختها متفوقة، وأشكركم على سعة صدركم، وأرجو الرد في أقرب فرصة.
... السؤال
فقدان الشهية, صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أيها السائل الكريم.. أبدأ رسالتي لك بتحية من عند الله طيبة مباركة، وتقدير على اهتمامك بابنتك أعانك الله -عز وجل- على تربية ولدك كلهم تربية صالحة تقر بها عينك.
قبل الرد على استشارتك أوضح أمرين:
أولهما: أن كل مشكلة وردت في رسالتك قد تفضلت بتوضيح السبب في وجودها، وهذا في حد ذاته يسهل الحل والعمل به إن شاء الله تعالى.
ثانيًا: إن كل ما ذكرته من مواقف يتفرع من مشكلة أساسية لدى ابنتك وهي فقدانها الاهتمام وعدم تكوين صورة إيجابية عن نفسها، بمعنى أن فكرتها عن نفسها ليست كما ينبغي أن تكون "فكرة مهزوزة"، فهي:
- ترغب في التمييز والمخالفة في كل شيء، حتى إنها ترفض بعض أنواع من الأطعمة ليقال "منار لا تحب كذا".
- قليلة الثقة بنفسها فهي لا تجيب عن أية أسئلة (في المدرسة) حتى التي تعرفها.
- تحب أن تستأثر بنصيب الأسد في كل شيء.
- دائمًا تفعل ما يثير غضبكما (أنت ووالدتها).
كل هذه السلوكيات لا تقصد بها منار الإساءة لأحد لكنها تحاول –بطريقتها الخاصة– أن تقول لكم "التفتوا لي.. اهتموا بي"، وأنا أصدقك تمامًا حينما قلت إنك تهتم بأبنائك كلهم ولا تميز بينهم في المعاملة، ولكن هناك أمران غابا عنك لا بد أن تلتفت لهما:
أولهما: أن هناك ما يسمَّى بالفروق الفردية، فرغم أنك ربيت أبناءك كلهم بطريقة واحدة، لكن استقبال هذه التربية يختلف من ابنٍ لابنٍ، وبالتالي رد فعل كل منهم يختلف عن الآخر حتى لو كانوا توائم.
ثانيًا: إن هناك بعض السلوكيات صدرت منك ومن والدة الطفلة هي التي أدت بها إلى هذا الشعور (فقدان الاهتمام والصورة غير الإيجابية عن نفسها)، وذلك دون قصد منكما بالطبع، ومن خلال الحل إن شاء الله ستعرف ما هي هذه السلوكيات.
وحل المواقف التي ذكرتها هي:
حينما ترفض الطفلة نوعًا معينًا من الطعام قُدّم لها، لا تعلق على ذلك أنت ووالدتها، ولا تُلحّا عليها في أكله، ولا توضّحا لها مدى أهمية هذا النوع من الطعام لبنيتها ولا أضرار ما تفعله بنفسها.. كل ما عليكما أن تستكملا أكلكما مع أبنائكما، وتستكملا حديثكما على مائدة الطعام والذي بالضرورة أن يكون حديثًا مرحًا لطيفًا يتناول موضوعات متعددة تدخل السرور على قلوب أولادكم جميعًا.
حينما تحاول "منار" أن تستأثر بشيء ليس من حقها، فعليك بكلمة حازمة فاصلة لحسم الموضوع دون إطناب أو "محايلة"، حتى تترك ما لديها لصاحبها.
عند المذاكرة حاول أن تكون هادئًا لطيفًا معها، ولا تذاكر بالنيابة عنها، ولكن اتركها تذاكر بمفردها فإذا تعذر عليها شيء فاشرحه لها، ثم اتركها تقوم هي بأداء الواجبات (يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات هامة جدًّا عن الاستذكار الناجح مع الأولاد على هذا الموقع، سنوردها لك بنهاية الاستشارة).
عندما تثير الطفلة غضبك أنت وزوجتك فلا تعلقا على هذا إلا إذا تمادت وبشكل مبالغ فيه، فإنك حينئذ تعقب تعقيبًا بسيطًا جدًّا وخاليا من اللوم أو التأنيب، وحازمًا في نفس الوقت بأن ما تفعله لا يصح وعليها أن تلتزم بالسلوك الجيد.
كل ما سبق هو حل للمواقف التي ذكرتَها في رسالتك، ولكنه لا يحل المشكلة من جذرها، وحل المشكلة يأتي أولاً باتباع كل ما سبق، مع الخطوات التالية حتى تضمن –إن شاء الله– تعديل سلوكها، وفي نفس الوقت لا يترك أثرًا سيئًا على الجانب النفسي، وهذه الخطوات هي:
حاول أن تعيد الثقة لابنتك بأن تستثمر فرصة أي تصرف أو سلوك مقبول تقوم به، ولو كان بسيطًا لتمدحه بطريقة معتدلة كأن تقول: "الله.. ما أجمل ما صنعت يا منار.. أنا مسرور منك".
ينبغي أن تمتدح الأم طريقة منار في اختيار الملابس المناسبة لها مثلاً أو اختيارها للألوان المتناسقة أو لذوقها الرفيع في اختيار الأشياء (أي في الأمور التي تتميز بها وتحبها الفتيات).
أن تذكرا بعض محاسنها أمام أصدقائكما (احذر أن تمتدحها بما ليس فيها فتتعلم حينئذ الكذب والنفاق).
لا تكثرا من الأوامر أو النواهي، واجعلا أسلوب التربية قائمًا في المقام الأول على القدوة والأسوة الحسنة.
أن تطلب منها الأم أن تخرج معها للتسوق لتختار ملابس خاصة بها (أي بالأم)، وأن تفعل الأم هذا مع أختها منال، وتفعل أنت نفس الشيء مع الولدين.
أن تحاولوا الخروج للتنزه جميعًا في أيام الإجازات.
أن تقوم الأم مع أبنائها بأنشطة مختلفة بالبيت كالحياكة، وتنسيق الزهور، والرسم، واللعب بالصلصال، والرسم على الزجاج، وعمل بعض أنواع الحلوى، وزراعة بعض أنواع الحبوب، وأعمال يدوية... هناك مئات الألعاب والأنشطة التي يمكن أن يمارسها الوالدان مع أبنائهم (يمكن الاطلاع على موضوعات كثيرة تناولت هذا الأمر على هذا الموقع، وموضوعات أخرى تناولت كيفية إيجاد علاقة إيجابية طيبة بين الآباء وأبنائهم، سنوردها لك أيضا بنهاية الاستشارة).
أن تحاول الاتصال بمدرسة الطفلة ومعرفة مستواها بالتحديد، وكيف يمكن أن يتعاون البيت مع المدرسة لتحصل الطفلة على درجات تتفق مع إمكاناتها، والدرجات ليست مهمة في حد ذاتها، وإنما تكمن أهميتها في تحسين صورة الطفلة عن نفسها، ولكي تكتسب مزيدًا من الثقة.
وأخيرًا -سيدي- لا بد من الاستعانة بالله سبحانه، والصبر، والمثابرة في تحقيق ما تصبو إليه، وهذا شأن التربية كله، كما أذكرك مرة أخرى بأن كل الخطوات السابقة لا بد وأن يكون لأبنائك نصيب منها.
ـــــــــــــــــ(104/51)
الطفل المتمرد ورسائله الصامتة ... العنوان
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته..
وجزاكم الله خيرا كنت عونا لي في كثير من مشاكله، الآن فيه عدة مشاكل..
المشكلة الأولى: باسل 6 سنوات في السنة الأولى الابتدائية ابني يحب أن يلبس شيئا معينا ويظل مرتديه طوال اليوم فمثلا هناك بنطال جينز يحب أن يلبسه، سواء في الخروج أو المدرسة أو في البيت ولا يريد أن يخلعه أبدا (مع العلم أنه بفضل الله عنده بدل منه الكثير وأحسن منه).. وحاولنا معه بكل الطرق أنا ووالدته، "ولكن اللى في دماغه في دماغه".
المهم في النهاية أخذت منه البنطال وقلت له لن تلبسه أبدا مرة ثانية، في نفس اليوم أو ثاني يوم والدته وجدته أخرج جلبابا كانت جدته قد أحضرته له منذ وقت طويل ولكنه كان طويلا (هذا الجلباب لم يكن جديدا) فلما لبسه الآن أصبح معقولا، المهم لبس الجلباب وذهب إلى المسجد لحفظ القرآن (وأيضا هذا من ضمن معاناتنا معه في الحفظ) واتسخ الجلباب فأخذته أمه وغسلته ونشرته على الحبل.. وإذ بها تفاجأ في الصباح أن باسل أحضر الجلباب من على حبل الغسيل بمفرده وأحضر المكواة وكوى الجلباب ولبسه... واتصلت بي في العمل وأخبرتني بذلك..
بصراحة قلت لازم أكتب لكم لترشدوني بخبراتكم إن شاء الله.. فأنا أصبحت متخوفا فقد أكون أمام طفل نابغ وأنا لا أعرف وبتصرفاتي معه أقلل من نباغته وأحدُّ من قدراته...
أريد إرشادي كيف أتعامل فأنا أحيانا ألجأ إلى الضرب وفي الفترة الأخيرة قلت له أنت لا ينفع معك أن نكون أصدقاء، ولا ينفع معك التعامل بشكل لطيف ومهذب ولا باحترام، إذن بعد الآن كل شيء سيكون بالضرب وليس لك عندي غير هذا...
وأناأحس بعد ضربه أنه بدأ يتحسن ولكن تحسنه يكون أمامي فقط فلو ضربته على شيء لا يفعله أمامي ولكن قد يفعله من ورائي، وعندما أعرف أضربه وأخبره أني عندما أقول شيئا يجب عليك ألا تفعله، سواء أنا موجود أم لا.
لكنغالباً لا ينتهي ويفعله أيضا من ورائي فتكون النتيجة أني أتغافل عنه وكأني لا أعلم لأني لو علمت وجب على ضربه.
المشكلة الثانية:
إنني كنت قد أقنعته مذ صغره أن الشبسي شيء سيئ وقد أصيب مرة بمخص في البطن وقيء وكان مؤلما جدا عليه، فقلت له إن سبب هذا أنا هناك أكلات غير صحية مثل الشبسى واللانشون. فاقتنع تماما ولكن مع دخول المدرسة بدأ يرى الأطفال يأكلون مثل هذه الأطعمة وغيرها فأمه خافت عليه أن ينظر إليهم فكل فترة كانت تحضر له شيئا وكانت مشرفة الباص تقول إنه أحيانا يأخد من أصدقائه هذه الأشياء.
المهم أصبحت أمه تحضر له هذه الأشياء بشكل أكثر، ولكن رغم هذا ما زال يفعل مع أصدقائه بل المشرفة قالت إنه أحيانا يأخذ من الأرض أكياس الشبسي الفارغة ويقوم بتذوقها بلسانه أكثر من مرة. وبرغم أننا نزيد له من كمية الشبسي إلا أنه لا يؤثر في سلوكه.
وأخيرا أيضا الكاتشب يأكله بشكل معتدل ولكن أمه اكتشفت أنه يقوم بنفس الفعل مع أكياس الكاتشب الصغيرة الموجودة في فناء المدرسة المتخلفة من الأولاد. وعلى فكرة حتى لو أن أمه أعطته معه فلا يؤثر في سلوكه بل هو قد لا يسأل عنها في البيت وقد تكون أمامه ولا يطلب، وأحيانا يطلبها بشكل شرس جدا.
المشكلةالثالثة:
أنهإذا كان معه أحسن لعبه وأحسن لبس ورأى آخر معه لعبه أقل بل قد يكون كيسا به ورق ويعلب به فإنه يريد أن يأخذ هذا الكيس ويترك لعبته.
عذراً للإطالة برغم أني لو ظَلِلْتُ أكتب عن باسل فقد أكتب مجلدات، ولكن مع علمي السابق لكم ولنصحكم أرجو إرشادي إلى كيفية التعامل مع باسل بشيء من التفصيل؟ وجزاكم الله خيرا على مجهوداتكم وجعلها الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, الطفل المشاكس ... الموضوع
د/حمدي عبد الحفيظ شعيب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
بسم الله الرحمن الرحيم..
الأخ الفاضل الأستاذ / أحمد
مرحباً بكم أيها الأخ الكريم (أبا باسل)، ويسرنا أن نعينكم ونتعاون معاً في حسن التعامل مع (باسل) الغالي الصغير!. ويسعدنا أن نطمئنكم أن حالة ولدكم الحبيب، من السهل فهمها وحلها إذا تعاونَّا معاً بعونه تعالى.
أما عن حالة الحبيب (باسل)، فهي تدور حول بعض المعارك والصراعات أقصد السلوكيات المقلقة لكم؛ وهي:
(1) معركة الملابس.
(2) معركة الأكل.
(3) معركة اللعب.
وسنحاول معاً تحليل هذه الحالة؛ لنجيب على هذا السؤال:
هل سلوكيات (باسل)؛ تعتبر سلوكيات طبيعية لمرحلته الغضة؛ أم هي من المشاكل السلوكية المرضية؟؟؟!.
هل (باسل) الحبيب الصغير ظالم أم مظلوم؟؟؟!.
وسنحللها طبقاً لهذه المنهجية المرتبة:
نقول أيها الوالد الغيور الفاضل؛ إننا عندما نبحث عن الحل المثالي لأي مشكلة سلوكية من مشاكل الطفولة؛ فإن علينا أن نتبع هذه المنهجية ذات الخطوات الأربع:
مع اعتبار هذه القاعدة الذهبية:
(إن أي سلوك غير سوي عند الأطفال؛ قد يكون مجرد سلوك طبيعي لمن هم في مثل سنه؛ أو قد يكون مجرد رسالة رفض أو تمرد ضد خلل تربوي والدي أو بيئي يواجهه، أو قد يكون مجرد مخرج للهروب من واقع نفسي أو أسري أو بيئي يواجهه، أو قد يكون مجرد طريقة أو وسيلة دفاعية تجاه تعامل الآخر معه، أو قد يكون مجرد سلاح هجومي ضد تعامل الآخر معه).
واحترامهذه النظرية الماسية: (إن سلوكيات الأبناء؛ ما هي إلا ترمومتر لأحوال الأسرة ووضع البيئة المحيطة به)..
ولنبدأ تحليلنا لشخصية وسلوكيات (باسل) الحبيب:
الخط الأول: ما هي أهم سمات وخصائص الطفل ذي الست سنوات؟!
(1)الجانبالعاطفي (النفسي والاجتماعي):
1-يبحث عن لفت الانتباه الفردي.
2-ينتقل بين الاعتماد على النفس تارة وعلى الغير تارة أخرى.
3-بداية فهم أهمية الدراسة.
4-يظهر الجدية أحياناً.
5-ظهور بعض اللحظات العصبية.
6-حساس وانطوائي.
7-يحب المساعدة والتدخل.
8-يعبر عن حبة للآخرين سواء بالكلمات أو القبل، ... إلخ.
9-بداية التمتع بالمنافسة.
10-حساس للتواضع والرحمة.
11-لا يصبر في الطوابير أو في الدور الطويل.
12-يحب اللعب الخشن والفوضوي.
13-سيطرة على اللعب في مجموعات صغيرة والعكس في المجموعات الكبيرة.
14-يستجيب جيداً للسلطة الضابطة (العدل، العقوبة، والنظام).
15-لا يفهم المطلوب منة أو كيفية التنفيذ أو تبرير لماذا يفعل كذا يسبب حالة قلق.
(2)الجانب الفكري:
1-تعلم القراءة والكتابة والعد.
2-فترة انتباه قصيرة (90) ثانية تقريباً.
3-استخدام منطقي لـ(الحجم، القياس، الأرقام، الوزن).
4-مستوى متوسط في القراءة للمرحلة الأولى ابتدائي.
5-يهتم ويعجب بالقدرات الجسمية، ودائماً يسأل: (لماذا؟) عن حركات الجسم.
6-بداية التعبير عن الآراء ووجهات النظر الشخصية.
7-بداية فهم العمل الجماعي.
8-لديه قدرة كبيرة على الإبداع.
9-يحب ويندفع للتعلم ليرضى الآخرين.
10-توسيع الاهتمامات (التلفزيون ـ ألعاب الإيقاع الحركي كالرقص ـ وألعاب الجمباز والشقلبة).
11-يحب أن يكرر الحركات والأنشطة المعروفة والتي يمكن إتقانها.
الخطوة الثانية: كيفية أو فن التعامل مع هذه المرحلة السنية، ومهارة إشباع هذه الاحتياجات:
1-الدعم الإيجابي: بالتشجيع والتقدير.
2-الإغداق عليه بالحب.
3-الملامسة؛ مثل الاحتضان، وفرك الشعر، مسك الأيدي.
4-تذكيره بالقيم والمعايير.
5-اكتشاف مواهبه وتنميتها.
6-الاستماع.
7-الحوار.
8-بناء روح الفريق: تنمية اللعب والمشاركة الجماعية.
الخطوة الثالثة: كيف نفهم الظروف أو التغيرات البيئية غير الطبيعية؛ التي مرت بها أسرة (باسل) عامة وهو خاصة، والتي أدت إلى تغير سلوكه؛ فأوجدت المشكلة؟؟؟!
ولعلنا من الخطوتين السابقتين، ومن قراءتنا لسلوكيات (باسل) الغالي عامة؛ نلاحظ أن هناك شيئا من:
1-عدم فهم مرحلته السنية وسماتها؛ ولعل أهمها وأبرزها بل أخطرها هنا: حب لفت الانتباه والحساسية المفرطة، والأنانية، والعصبية، وإرادة التعبير عن الرأي الشخصي.
2-نلاحظ في تعامل الوالدين العزيزين مع صغيرهما الحبيب:
(1) عدم احترام آرائه: ولاحظ معي هذه الأخطاء الوالدية القاتلة (البس ما يعجبنا)، (كُلْ ما يعجبنا)، (...)..
(2) عدم الحوار والسماع.
(3) تضخيم مشاكله، وكأنها دائمة وليست مؤقتة؛ بل وكأنها زلزالاً سيطيح بمستقبلهم!!! بل وكأنها قنبلة، ستودي بوضع الأسرة الاجتماعي!!!.
وتأمل كيف اتصلت الأم بالأب العزيز في عمله لتخبره بسلوكيات هذا الخطير الصغير؛ وكأنه خبر عاجل ولسان حالها يقول (في بيتنا تسونامي)! وتخيل ما هو رد فعل الأب وهو في عمله؛ وفجأة يرى أو يسمع هذا الخبر العاجل على الهواء مباشرة!؟ كيف يركز الوالد إذن في عمله؟! وكيف سيعد نفسه ليقابل هذا الصغير المزعج؟
بل لعله ينشر الخبر بين زملائه ومديره! ولعل الصغير توقع هذه الأحداث وفكر في هذا الكابوس القادم مساءً أقصد والده، وهذه الفضيحة التي انتشرت!؟.
(4) استخدام أساليب القسر والضغط و(الدكتاتورية)، مثل الضرب، وفرض الآراء المتعسفة الظالمة!.
(5) عدم الحرية؛ في كل شيء في الملبس وفي اللعب، وفي ... وفي ...
(6) عدم إشباع أهم وأخطر احتياجاته، ولعل أخطرها هنا هي السماع والحوار والحرية.
(7) عدم ستر عيوبه بل إذاعتها وفضحه على الملأ!. وراجع معي رقم (3).
3- فما هو رد فعل الحبيب الصغير أمام هذه الأساليب الوالدية القسرية والدكتاتورية؟ إنها مجموعة من رسائل التمرد والعناد، ولنحاول قراءة رسائل (باسل) الصامتة والغاضبة!!!؟:
(1) لا؛ لن ألبس ما تريدون بل سأقاتل وسأعاند لأفرض عليكم لبس ما أريد ولو أزعجكم؛ بل حتى ولو لم يروق لي!!!.
(2) فَلِمَ لا تلبسوني ما أحبه أو على الأقل اسألوني؛ وحاوروني، واحترموني؟!.
(3) أيها الوالدان العزيزان؛ لقد اهتديت أخيراً إلى السلاح الذي أرد به وأجعل من حولي في حيرة وفي انزعاج دائم؛ إنه إحراجكم أمام الغرباء!!!؟.
(4) سأظل أمارس هذه الهواية المزعجة لكم والمحرجة لكم؛ إنها التطفل على شيبسي وكاتشب الآخرين!؟؟؟.
(5) سأعلمكم من سيفضح الآخر!؟.
(6) لقد مللت كل شيء حولي؛ مللت عدم فهمي، مللت عدم إشباع احتياجاتي النفسية، مللت تدخلكم، مللت قهركم، مللت ... !!!.
(7) مع العلم؛ أن هذا الملل؛ يعتبر من سمات مرحلتي العمرية!!!.
(8) فكيف أشعركم يا أحبائي برسالة هذا الملل؛ إنه ملل اللعب، وسأحطم اللعب، لعلكم ترون بأعينكم ما لم تفهمه من نظراتي وصمتي، ولعلكم تفهمون رسالة مللي!؟.
وفي النهاية؛ لنا وقفة مهمة جدًّا:
لقد ذكرتم أن ترتيبه الأول! إذن هناك غرباء قدموا على مملكته! أي أنه عاش تجربة وصول إخوته؛ أقصد هؤلاء الدخلاء غير المرغوب فيهم؟! فكيف تعاملتم مع هذه التطورات القاسية في حياة (باسل) الصغير؟! ثم ما هي علاقته الآن مع هؤلاء الغرباء؟!
وماهي علاقتكم مع (باسل) بعد هذه الأحداث الأليمة؛ لمن هم في مثل سنه، ومن هم يحملون سمت تلك المرحلة الغضة؟! أخشى أن تكون سلوكيات (باسل) نتيجة لهذه التعاملات! كما اخشى أن تكون رسائله الصامتة الغاضبة؛ هي من نتاج تلك التعاملات؛ أقصد التغير في التعاملات معه بعد وصول هؤلاء الأحباب المنافسين له في منزلته ووضعه ومكانته!
والآن؛ آن لنا أن نترك لكم الإجابة على تساؤلاتنا التي ذكرناها في البداية:
هل سلوكيات (باسل)؛ تعتبر سلوكيات طبيعية لمرحلته الغضة؛ أم هي من المشاكل السلوكية المرضية؟؟؟!.
هل (باسل) الحبيب الصغير ظالم أم مظلوم؟؟؟!.
ولنقي أبناءنا عامة من هذه السلوكيات الغاضبة المتمردة ونتعامل مع سلوكيات (باسل) المقلقة لوالديه، والمقصودة منه؛ لنغيرها ونعالجها علينا مراجعة ما ألمحنا إليه في الخطوات السابقة مع التركيز على هذه النقاط:
1-محاولة فهم مراحل أبنائنا العمرية وفهم سماتها وخصائصها واحتياجاتها النفسية.
2-حسن التعامل مع هذه السمات المرحلية.
3-محاولة إشباع احتياجات الأبناء النفسية؛ وأهمها الحب والتقدير والسماع والحوار والأمن والتشجيع.
4-محاولة علاج سلوكياتنا وأخطائنا التربوية المتكررة تجاه أولادنا ولقد دفعني ذلك إلى نشر دورة تربوية في بعض النوادي والمدارس والمراكز الشبابية للآباء والأمهات؛ ينظمها (مركز ولدي الطبي للأطفال بدمنهور - مصر)؛ بعنوان (أخطائي مع أبنائي ـ سجل حماقاتي مع أولادي وبناتي!!!). وكانت من أنجح الدورات.
5-محاولة قراءة رسائل أبنائنا الصامتة والتي تترجمها سلوكياتهم تجاهنا وتجاه الآخرين.
6-محاولة التنظيف التربوي لأوضاع الواقع المحيط بأبنائنا.
7-محاولة التعاون بين كل من يتعامل مع أبنائنا في المنزل والمدرسة والنادي؛ بل ووسائل الآلة الإعلامية الجبارة والرهييبة
ـــــــــــــــــ(104/52)
في السابعة.. التبول اللاإرادي من جديد ... العنوان
السلام عليكم..
ابنتي في السابعة من عمرها الآن، وهي طفلة حساسة جدا وهادئة لحد ما، منذ عمر الرابعة والنصف تقريبا بدأت ابنتي تتبول في الليل بعد أن كانت قد توقفت عن هذا منذ عمر السنتين ونصف، حيث ولد لها أخ وهي في عمر الثلاث سنوات ونصف، ولم تظهر عليها بوادر الغيرة من أخيها إلا بعد 6 أشهر من ولادته.
في سن السادسة قمت بعمل جدول لليالي الجافة لمدة شهر وينتهي بجائزة ونجحت فيه، وبعده خلال أسبوعين رجعت لحالها السابق، وهي في أيام الشتاء تبتل أكثر من مرتين.
في عمر السابعة عملت الجدول مرة أخرى ونجحت أسبوعين وفي الثالث بدأت تعود كالسابق.. ما الحل وهي في هذه السن؟ هل أذهب بها لطبيب الأطفال ليعالجها دوائيا؟
... السؤال
مشكلات شقية, التبول اللاإرادي, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الحل ببساطة أن يستمر الجدول لمدة ثلاثة أشهر متتالية بدون انقطاع، وأن يضاف إلى هذا الجدول بعض التعليمات البسيطة مثل عدم شرب المياه أو السوائل قبل النوم بساعتين، ثم التأكيد على دخول الحمام قبل النوم مباشرة، ولا مانع إذا كان الأب والأم يسهران قليلا بعد نوم الطفل أن يوقظاه بعد ساعتين من النوم لدخول الحمام، ثم يكون الجدول هو الحافز.
من المهم ملاحظة أن وصول الأمر إلى مرتين أسبوعيا يعتبر تقدما ملحوظا، وأنه بعد الشفاء التام سيحدث هذا الأمر في مرات متفرقة ومتباعدة، وهذا أيضا يعتبر شيئا طبيعيا؛ لأن الطفل بهذه الليلة قد يكون مرهقا أو قد يكون شرب مياها كثيرة قبل نومه، فيجب أن يتم التعامل مع الأمر بحكمة وهدوء.
وبالنسبة لغيرتها من أخيها الصغير فالحل أن تدخل معكم في دائرة رعاية هذا الطفل، بحيث لا تشعر أنه يمثل نوعا من المنافسة لها، بل هي تكون راعية له وقائمة على شأنه، ونرجو أن تعودي إلى المقال المعنون بـ(مرحبا طفلي الثاني)
ـــــــــــــــــ(104/53)
الطفل البطيء ما بين الطبيعي والمرضي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجزاكم الله خيرا على هذا الباب؛ فكم فيه من متنفس لكل من يحمل همَّ التربية.
أحمد ابني الأكبر عنده 11عاما، كثير الفكر، قليل الحركة، بطيء في جميع تصرفاته، وأشعر أن هذا البطء يزداد يوما بعد يوم، وكثيرا ما أدفعه ليسرع من أدائه، ولكن دون جدوى؛ فهو يسرح كثيرا خصوصا في المذاكرة، أو وهو يحفظ القرآن، أعرف أن طبيعته هادئة؛ فهو هكذا منذ كان طفلا صغيرا، وأنا لا أريد أن أغير هذه الطبيعة، ولكن لا أريد أن تؤثر عليه.
وزاد على ذلك الآن -ومنذ فترة- تضييع الوقت؛ فهو ينشغل مع أي فرد في البيت وينسى ما عليه من مهام يجب أن يؤديها، على الرغم من أنه ذكي، وأي شيء يركز فيه يفهمه سريعا، ولكن ليست عنده الرغبة من نفسه لفعل شيء، وكثيرا ما أبين له أنه لم يعد أمامه وقت كثير؛ فالساعة الآن مثلا التاسعة، وأنه سينام في الحادية عشرة، وأرجوه أن يركز ويسرع قليلا حتى ينتهي، ولكن هذا لا يؤثر كثيرا في تغييره.
أريد أن يكون عنده رغبة في النجاح من داخله؛ فأنا التي أدفعه لعمل الواجبات، وأنا التي أدفعه لحفظ القرآن، وماذا بعد ذلك؟ فهو يعود من المدرسة ولا بد أن ينام، مع العلم أنه لا يقوم عادة بمجهود بدني رائع وهذا لقلة حركته، هذا في الوقت التي ترجع أختاه اللتان تصغرانه في نشاط لتقوما بإنجاز الواجبات والنوم مبكرا، ثم يقوم بعد ساعتين أو ثلاث ولا ينتهي من عمل واجباته -إن أتمها- إلا الساعة الثانية عشرة، وكثيرا ما أكتشف بعد ذلك أن كثيرا من واجباته لم يعملها، مع أنك تشعر وأنت تعامله أنه كبير ومتزن ورأيه عادة ما يكون موفقا في كثير من الأمور، وله وجهة نظر لا يمكن تجاهلها.
أرجو إفادتي.. كيف أخرج بهذا الكيان إلى رجل ناجح؟
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم, مشكلات شقية, الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيدة الفاضلة: أم أحمد
مرحبا بك على صفحة معا نربي أبناءنا، وشكرًا لك على ما ذكرته في بداية استشارتك من ثناء.
بعد قراءتي لرسالتك أحييك على وصفك الدقيق لشخصية ابنك أحمد؛ لأن دقة وصفك تدل على نموذج الأم القريبة جدا من أبنائها، الواعية بهم القادرة على وصف شخصياتهم.
وحين بحثت بين سطور رسالتك لم أجد فيها ما يبعث على شدة القلق على ابنك بل وجدت أن جزءا من المسألة ينحصر في تصحيح المعايير التي نميز بها بين (المرض واللامرض/ السواء واللاسواء/ الطبيعي وغير الطبيعي)، وذلك إن كنت تعتقدين أن المظاهر التي ذكرتها في رسالتك هي مبعث قلق لشخصية قد لا تكون ناجحة، ومع ما وصفت تثير رسالتك بعض التساؤلات التي ننتظر منك إجابة عليها:
هل هذا البطء شيء جديد الظهور على أحمد أم أنك تلاحظينه عليه منذ صغره؟
هل هو متعلق بالدراسة فقط أم أنه هكذا في كل جوانب حياته؟
وهل هذا يتعلق ببعض المواد الدراسية أم جميعها؟
كيف هو النمو الجسماني لأحمد؟ هل ظهرت عليه أي من مظاهر وعلامات البلوغ؟
وهل يبدو أكبر من سنه مثلا؟ وكيف هي صحته؟ هل يعاني من أي أمراض كالأنيميا أو أي من أشكال الضعف؟
كيف هو أحمد في معاملاته معكم ومع أصدقائه؟
هل يمارس أيا من الهوايات أو الأنشطة أو ما شابه؟
وحتى تصلنا إجاباتك على أسئلتنا سأعطيك الآن مواصفات شخصية، وأطلب منك أن تحكمي من خلالها على صاحبها، هل تلك المظاهر دالة على امتلاكها عوامل النجاح أم لا؟
(متزن– موفق الرأي– يحفظ القرآن– كثير الفكر) أليست كل هذه دلالات على امتلاكه عوامل النجاح؟! وماذا إن كانت هذه هي مظاهر شخصية أحمد؟
إن كنت تقلقين من بطء حركته، وسرحانه، وانشغاله أحيانا بغير اهتماماته، واعتراضه على دفع غيره له لعمل ما فإن ابنك ربما يعيش الآن مرحلة ما قبل المراهقة، وقد يكون وهذا وارد، وسوف نتحقق من هذا بعد ردك علينا.
تمعني معي الآن في قراءة أهم ما يميز طفل الحادية عشرة (ظهور علامات ابتداء المراهقة- عدم الاستقرار- حب الجدل- السلبية- محاولة تأكيد ذاته دون إدراك بأنه أصبح صعبا- متقلب المزاج- يتعب بسرعة- يتكيف بالمدرسة أسهل من تكيفه بالمنزل...).
وبسبب هذه الخصائص أو بعضها يمكننا تفسير بعض المظاهر التي ذكرتها عن ابنك أحمد، والتي هي طبيعية للمرحلة العمرية التي يعيشها الآن.
ابنك الغالي أحمد بحاجة إلى من يقترب منه، وينصت له ويحاوره، ويقدر مشاعره، ويحترم آراءه، وينصحه دون أن يأمره بعنف أو يتسلط عليه، استفيدي من قدراته المتميزة وإمكانياته التي وهبها الله له، والتي ذكرت بعضها في رسالتك، واغرسي أهم ثلاثة عوامل للوصول بهذا الكيان إلى رجل ناجح، وهي: تربيته على الإيمان، والإخلاص، وإتقان العمل، ثم -وهو الأهم- أن توفري مع الأب الجو الأسري المستقر المتسم بالتعاون والحب.
ـــــــــــــــــ(104/54)
أم البنات تشكو الغيرة والعناد ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزاكم الله خيرًا على هذا المجهود الرائع.
أنا أم لابنتين (خديجة 5 سنوات وعائشة 2.5 عام)، وأنا الآن حامل وأنتظر الوضع خلال 3 أشهر، مشكلتي لها أبعاد مختلفة وأحتاج إلى مشورتكم جدا، وجزاكم الله خيرًا.
ابنتي خديجة هي أكثر ما يقلقني الآن؛ فهي منذ نعومة أظافرها وهي ذات رأي في كل شيء وهي عنيدة جدا وتتشبث برأيها غالبا، ولكن الأمور كانت مستقرة وكنا نتفاهم وعلاقتي بها قوية، تعبر لي عن حبها وتعلقها الشديد بي.
وعلى الرغم من أني -ولا أنكر- كنت أفقد أعصابي أمام عنادها المتواصل أحيانا، وأستعمل أسلوب الثواب والعقاب أحيانا أخرى، فإنني كنت راضية عن مستوى العلاقة بيننا حتى الشهور الأخيرة.
مؤخرا أصبحت أكثر عندا وتشبثا برأيها وتمردا عليَّ ولا يجدي معها الثواب والعقاب ولا التايم أوت، وعند أوقات الغضب تقول لي إنها غاضبة مني ولا تريدني وأشعر أن علاقتي بها مهزوزة جدا؛ فهي تقول كلامًا أكبر من سنها وتقول لي كلامًا في غاية القسوة، وهذه الحالة تتكرر كلما طلبت منها أمرًا هي لا تريد عمله أو إذا حاولت تأديبها أو تغيير طريقة تصرفها وخاصة خارج المنزل، مع العلم أن هذه الحالة ليست دائمة؛ فهي لها أوقات صفاء تكون فيها وديعة ومسالمة وكأنها شخصية أخرى.
علاقتها بأختها جيدة ولكنها متقلبة أيضا؛ فأحيانا تكون أمًّا لها وأحيانا أخرى تكون شديدة العنف والقسوة معها وتكون في حالة غيرة منها.
أشعر أحيانا أن هذا التغير في سلوك خديجة هو خطأي أنا؛ بسبب الحمل الذي فوجئت به ولم أكن أخطط له؛ حيث إني في الشهور الأخيرة، وكنت متعبة في أوله ومطالب البيت كثيرة وكنت أشعر أني منهكة وأصبت بحالة من الاكتئاب يبدو أنها أثرت عليها، خصوصا أن ذلك كان في فترة الصيف وكانت في إجازة المدرسة فكانت تشعر بالملل وتصيبها حالات الغضب بسبب ذلك، وأيضا كنت للأسف أكثر عصبية مع البنات وأعترف بخطأي في ذلك، ولكني تداركت -والله- الأمر، واستعدت نفسي معهم وأعرف أنهم لا ذنب لهم وأن لهم عليَّ حقوقا.
البعد الثالث لمشكلة خديجة هي أختها وتعامل الجميع معها؛ فهي بالنسبة للكل الصغيرة الظريفة وتلفت الأنظار إليها بسهولة. أما بالنسبة لوالدها فهي تحبه كثيرا ومتعلقة به ولكنه مشغول جدا لا تراه غالبا إلا خلال عطلته الأسبوعية، وقد تراه لساعة قبل النوم في بعض أيام الأسبوع ولا يكون خلالها احتكاكات ساخنة كما يحدث معي.. فكيف أستعيد علاقتي بابنتي وفي نفس الوقت أستطيع تأديبها وتقويم طريقة سلوكها التي تسيئها في كثير من الأحيان؟.
آسفة للتطويل، ولكن أحتاج إلى سؤال آخر خاص بأختها التي كلما قدمت لها فكرة المولود الجديد تبدي رفضها لها وتقول لي "بيبي لا"؛ حتى إنها تجلس على حجري أحيانا وتقول لي "حأضرب البيبي"، وهي أيضا عنيدة جدا ولا أريد للأمور أن تسوء معها كما حدث مع أختها.
إلا أني أشعر أن عنادها أسوأ من أختها، وهي متعلقة بي جدا، ولكن إذا هددتها بغضبي منها إذا لم تسمع الكلام فإنها لا تتأثر؛ فهي مثلا كثيرا ما تضع أصبعها في أنفها وهي عادة سيئة جدا، واستعملت معها كل الوسائل مثل القصص وإبعاد يدها وحتى الصياح فيها ألا تفعل، ولا فائدة، وهي كذلك في معظم ما آمرها به.. أنا آسفة جدا للتطويل، ولكن أرجو الإفادة، وأسألكم الدعاء لأولادنا بالهداية، وجزكم الله خيرا.
... السؤال
مشكلات شقية, الطفل المشاكس, العناد والعصبية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
الاستاذة سها السمان ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أختنا الفاضلة، بارك الله لك في أولادك وجعلهم من الصالحين.
أول الأمر دعينا نتخيل بأن هناك من يطرق بابنا ويقول مبروك ربحتم مليون جنيه، فهل سيكون رد فعلنا وقتها أننا لسنا بحاجة إليها؟ أم أننا لم نخطط بأن نمتلك هذا المبلغ؟ أم أننا سنصاب بحالة إغماء من الفرحة ولن نصدق أنفسنا، وهذا هو رد الفعل الطبيعي الذي سيحدث معنا جميعا بالطبع.
فلماذا إذن عندما يهبنا الله طفلا نقول لم نفكر في هذا الأمر ولم نخطط له؟ فهذا رزق وذاك رزق، ولكننا نسينا أن المال فان وأن الطفل باق حتى بعد الممات، ولا ننسى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
وهذا ما أنظر إليه دائما أننا إذا أكرمنا الله بالولد الصالح فكأني تركت الصدقة الجارية والعلم النافع أيضا، وعند الرزق بالطفل أحس بأن الله يحبني وأنه أعطاني طريقا إلى الجنة وأنه أمرنا بألا نخشى عليهم من شيء؛ فالرازق هو الله، وأننا لا ننسى بأنه لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها، ويعلم الله أن هذه النفس تقدر على تحمل هذا الشيء؛ فبارك الله لك في أولادك وجعلهم من الصالحين.
أما عن مشكلة بناتك فهي طبيعية وتحدث لكل الأمهات؛ لأنها فترة من عمر الطفل والتي يبدأ فيها ببناء شخصيته، وعلينا أن نقومه وأن نوجه هذا التكوين إلى الطريق الصحيح؛ فلست مع من في الغرب ممن يرون أن نترك الطفل على حريته ولا نوجه؛ لأن النتيجة واضحة، ورأيت الفرق بين أبنائنا والأطفال هنا؛ حتى إنه يصل بهم الحد إلى عدم الرغبة في تكملة دراستهم ولا يضغط عليهم أحد؛ لأن هذا اختيارهم وكل منهم كون شخصيته حسبما رآها، وبالطبع هذا خطأ؛ لأنه لم يقم أحد بتقويمهم ولا بتعريفهم بأن مَن أكبر منهم يعرف أكثر.
وأما الاعتقاد الخاطئ والذي يقوله بعض من الناس بأن الطفل العنيد هو طفل ذكي أو أن شخصيته ستكون قوية أو أنه سيكون قائدا، وهذا كما قلت إنه اعتقاد خاطئ؛ فلِمَ يدخل العند في تكوين الشخصية أو الذكاء؟! بل بالعكس العند هو مدخل من مداخل الشيطان والعياذ بالله، كما قال بعض الدعاة ومنهم الشيخ وجدي غنيم بارك الله فيه؛ إذن علينا أن نغلق هذا الباب قبل أن يفتح.
وكما يقول بعض الباحثين إن الطفل طوال الوقت عند بناء شخصيته يقوم بتجربة حظه إما أن تصيب وإما أن تخطئ، وتجربة الحظ هذه هي أنه يكون ضد التيار على طوال الطريق، إما مع والديه أو مدرسيه في المدرسة، وعلى الرغم من أنهم في الغرب يعلمون هذا فإنهم يتركون الطفل يفعل ما يشاء دون ضغط، إنما بتوجيه بسيط لا يفلح في أغلب الأحيان.
وأما سبل الطفل في العناد فهي إما الصراخ أو البكاء أو الغضب وترك الشيء، وكانت لي صديقة رأيتها تجهز الطعام لابنها، وعندما نظر للطعام قال لها ليس له مزاج أن يأكله وإنها لم تسأله ماذا يحب أن يأكل وترك الطعام غاضبا، وعليها أن تقوم وتجهز له ما يريد.
ورأيتها تركض إلى المطبخ وتحاول أن تجهز له ما يريد وهي منهكة، وعلى قدر ما أشفقت عليها على قدر ما ضحكت، وقلت لها لِمَ هذا الشقاء؟ وسألتها هل الطعام الذي وضعته له ليس بالصحي أو أنه ليس نظيفا أو به شيء؟ قالت بالطبع لا، ولكن ابنها له شخصية وأنه يريد أن يختار لنفسه كل شيء وهذا ما تعود عليه وهو ما زال بالثامنة من عمره.
فقلت لها إن ابني فعل في يوم من الأيام مثل هذا وتركت الطعام مجهزا له، وقلت إنني لن أفعل غيره ولن يأكل اليوم إلا ما فعلته له، وأن عليه أن يشكرني لأنني تعبت في تجهيزه، وأنني أعرف ما هو المفيد والضار بالنسبة له وتركته طوال اليوم حتى المساء، وأنه ازداد جوعا، وعندما صرحت له بالطعام قلت له إن أمامه 10 دقائق، وإنه إذا لم يأكل سريعا فسيحرم من طعام الغد ورأيته خلسة يأكل بسرعة ويأكله باردا بالرغم من أنه يحب الطعام ساخنا، وبعد ذلك تعلم الدرس وليس هو فقط، بل إنه بدأ يخبر إخوته أيضا أن عليهم الأكل وأنه يأتي كل يوم يسألني عن الطعام الجميل الذي أعددته لهم.
والآن عليك أن تتحملي البكاء والصراخ لفترة قصيرة مع استخدام العد إلى الرقم 5، فإن لم يصغوا إلى كلامك يكون العقاب بأن توضع في حجرتها أو تجلس على الكرسي دون فعل شيء، وأن تثبتي على عقابك لها ولا تتنازلي مرة واحدة؛ لأنها ستحاول، وأن عليك أن تزيدي من العقاب إذا ازدادت هي في البكاء.
* عندما تسأل عن الطعام وعن ماذا ستأكل اليوم لا تخبريها حتى لا يكون هناك مجال لاعتراضها عليه، ولكن أخبريها أنك تجهزين طعاما طيبا وإنها ستحبه.
* إذا عاقبت فعلى الجميع احترام العقاب من الوالدين، وألا تتعود إذا عاقبها والدها أن تذهب إلى والدتها على أن تسامحها، بل من عاقبها هو الذي يسامحها وليس الطرف الآخر.
* استخدام لوحة عليها جدول للأعمال الجيدة والسيئة، وكلما فعلت شيئا حسنا ذهبت ووضعت نجمة تحت كلمة جيد، وعندما تقوم بعمل شيء خطأ تذهب وتضع علامة "x" تحت كلمة سيئ، وفي نهاية اليوم عليها أن تعد معك كم فعلا حسنا فعلته خلال اليوم وكم فعلا سيئا، وعليك أن تكافئيها ولو بإعطائها حلوى أو لاصقا عليه صورة جميلة، وأخبريها أنها إذا استمرت في فعل الأشياء الحسنة والإنصات إلى كلامك فسوف تكافئينها بلعبة جميلة بعد فترة والعكس.
وأما عن العلاقة بينكما فهي قوية ولن ترتخي أبدا، لا تقلقي وإنما عليك تقويتها بأن تشاركيها بعض الأنشطة بالبيت واللعب معها، ومنها مثلا أن تجعليها تساعدك في عمل كعكة أو شيء في المطبخ، وتشرحي لها وتتكلمي معها عما تفعلان، وأنك تقومين بخبز هذه الكعكة من أجلها، وعند الانتهاء منها أخبري والدها بأنها ساعدتك في عملها وأنك لن تستغني عن مساعدتها في مثل هذه الأشياء.
* أحضريها وأختها واجلسوا معا وأحضري صور الحيوانات والطيور من النت، على أن تحضري صور كل حيوان وابنه الصغير، وأن تقوموا بلصقها معا وعمل كتاب عن ذلك، وأن تتكلمي معهم في خلال عمل الكتاب عن الأطفال وأنهم يسمعون كلام الآباء، وأن للحيوان أكثر من ابن وأن جميع الإخوة يحبون البعض وأن الكبير يعطف على الصغير، وستجدين على النت كثيرًا من الأنشطة والصور التي يمكن أن تساعدك في عمل أشياء كثيرة معهم.
* استخدمي كلمة "لو سمحت" و"شكرا" عندما تتعاملين معها، وعندما تريد منك إحضار شيء لها قولي لها أحب أن تقولي لو سمحت كما أقول لك. إن اختيارنا للكلمات التي نستخدمها معهم مهم جدا؛ لأنهم يقلدوننا في كل شيء؛ فمثلا عندما يُكسر شيء أو يحدث أي شيء لنا نقول مثلا الحمد لله أو لا حول ولا قوة إلا بالله... وهكذا.
* لا تنسي الاستفادة من القصص والحكايات، فمن خلالهما يمكن توصيل الكثير من المعلومات والتوجيهات والسلوكيات من خلالها.
وأخيرا أدعو من الله أن يساعدك في تربية أبنائك ويعيننا جميعا عليهم.
ـــــــــــــــــ(104/55)
أم المساكين.. ووسواس الرعاية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
شكرا لكم على سعة صدركم وعلى هذه النافذة والمتنفس الرائع لنا والمنقذ لأبنائنا..
أرجو منكم ألا تجلدونني بأقلامكم على استشارتي.. وهي أني لا أريد أن أنجب مرة أخرى، لا أريد.. لا أريد.. لا أريد.
ولا أعرف تأثير ذلك على ابني في الحياة، فأنا متعبة كل الوقت، ومجهدة كل الوقت، ومشكلتي في ضميري؛ فكل شيء يؤرقني.. كل شيء.
أفكر في كل شيء، ولا أشعر أني يوما أعطيت لابني ما له من حقوق من حب، ورعاية، واهتمام، فأنا أحبه وفقط. ولكني أشعر بأني أجني عليه وأني لا أرعاه كما يجب من ناحية الأكل الصحي والرعاية النفسية، في حين أني أرى أمهات أسوأ مني حالا بكثير، لكن ضميري يؤرقني بشدة في كل شيء، فمثلا إذا سقطت مني ورقه صغيرة جدا سهوا في محل ومشيت أشعر بخوف من ربي وبأني أخطأت وأعود لأبحث عنها، وإذا نسيت أن أروي الزرع أنزعج بشدة وضميري يؤنبني إلى أن تأتيني فرصة جيدة وأستبدله بزرع صناعي حتى أريح ضميري.!
كما أني أنشد في ابني المثالية وأرهقه بها وأشعر بأنه مسكين معي ومبتلى بي ولا استطيع تغيير نفسي، ولا أريد أن أنجب مجني عليه آخر وخصوصا مع عدم رضاي عن نفسي مع ابني هذا.. فإذا كنت مقصرة مع طفل واحد فلماذا أنجب غيره؟ لكنه يريد أن يكون له أخوه وأنا الآن في الـ30 من عمري ولا أعرف أيهما أسوأ: أن يبقى وحده بدون إخوة، أم أن يصبح عندي أكثر من طفل مسكين؟
... السؤال
مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي..
كلنا مساكين يا ابنتي طامعين إلى الكمال، ولست أدري لماذا تصورت أننا سنجلدك؟! أبدا..
أولا الأبناء رزق من الله، فلا أحد يستطيع أن يمنعهم أو يحضرهم بنفسه، فوحده رب العباد إذا أراد لكائن أن يوجد في هذه الدنيا فسوف يوجد، وبالتالي فأنا لا أعاتب من يمنع نفسه من الإنجاب إذا كان قد سبق له أن أنجب ولو طفل واحد كما في حالتك.
ولقد شهدت بنفسي أثناء دراستي في مستشفى القصر العيني في القاهرة امرأة تصرخ وتسب والطبيب النائب يؤكد لها أنه قد ربط الأنابيب في العام الفائت وأنه علميا يستحيل حملها ولكنها حامل... فلا تشغلي نفسك بالفكرة، فهذا بيد الله.
نأتي لولدك.. هل اثنان مساكين أفضل أم مسكين واحد؟؟ سؤال وجيه..
ربما لو كانا اثنين لخف اهتمامك ومثاليتك قليلا؛ لأنك ستوزعينهما على اثنين بدلا من كونك تصبينهما على رأس مخلوق واحد!! ربما، وربما يصيبك أنت انهيار من كثرة محاولات الوصول للكمال وعدم الرضا عن المتاح، وربما تحتاج المسألة إذا كانت مؤرقة إلى هذا الحد إلى نوع من المهدئات والمسكنات حتى يكون رد فعلك تجاه الخطأ معقول وطبيعي.
آلاف الاحتمالات يا ابنتى... تنصب كلها في نقطتين أساسيتين:
النقطة الأولى: بيدك أن تستعملي موانع الإنجاب ولا حرج في ذلك، ولكن ثقي تماما أنه ليس بيدك أن تمنعي عبدا من عباد الله من الوصول للدنيا... وستحصلين على العدد المكتوب لك أزلا من الأبناء.
النقطة الثانية: بالنسبة لردود أفعالك تجاه ما أسميته الرغبة في المثالية وتأنيب الضمير، هل تندرج تحت المستوى الطبيعي؟
وأعني بالطبيعي يا ابنتي إن كلنا لا نحب أن نتسبب في موت الزرع مثلا وهو ومخلوق مثلنا يتنفس ويسبح، فلربما علقنا ورقة على باب الثلاجة بمواعيد الري حتى لا ننسى، ونجتهد في شراء بعض الأسمدة والمغذيات مرة واثنتين وثلاثا إلا إذا كان الزرع لا يفلح بعد كل هذه المحاولات... فقد نستبدل به زرعا صناعيا أو نلغي فكرة الزرع من البيت أصلا.. فالزرع الصناعي هو بلاستيك ميت لا فائدة منه... أما أن يكون السبب هو تأنيب الضمير لمجرد نسيان السقاية يوم أو مرة فهذا كثير.
من الطبيعى يا ابنتي أن نجتهد في أعطاء أبنائنا أفضل الأشياء... وأن نربيهم على الالتزام والكمال... ولكننا نعلم علم اليقين أنهم أطفال وأن الخطأ من طبيعتهم التي فطرهم الله عليها ليتعلموا... فنقبل بعض الأخطاء بل ونتجاوز عنها تماما وقد نضحك منها أيضا.
ما زاد عن ذلك أظن أنه يدخل في إطار نوع من الهوس أو وسواس الكمال... وأعتقد أن شيء من العلاج قد يفيد ويجعل أيامك أسهل وحياتك أظرف وأبنائك أكثر سعادة... وقلبك وعقلك أكثر راحة..
وكلنا معرضون لهذه الضغوط.. فمنا من تتحول عنده إلى اكتئاب ومنا من تصبح مدخله إلى إدمان الشاي أو القهوة أو السجائر ومنا من ينتابه هوس أو وسواس... ولكن أهم ما في الموضوع أن تتخذي قرارك بعد أن تتأكدي من تبعاته..
ـــــــــــــــــ(104/56)
اللدغة.. الإرادة سر العلاج ... العنوان
السلام عليكم..
ابنى لا يستطيع نطق حرف الراء بشكل جيد فينطقة غالبا غين وهو عنده 6 سنوات الآن فهل من حل نسطيع عمله الان.. مع العلم أني -والده- عندي نفس المشكلة. وجزاكم الله خيرا
... السؤال
ذوو الاحتياجات الخاصة, أمراض التخاطب ... الموضوع
أ,داليا مصطفى شيمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ الكريم / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة لسيادتك وأسرتك الكريمة، وبعد:
بخصوص حالة طفلك المتعلقة بنطق حرف الراء "غينا" فهي إحدى فئات اللدغات، والتي تمثل أحد عيوب النطق. وفيها يفشل الشخص في إخراج صوت الحرف كما يجب، فيبدل به صوتا آخر. وأكثر اللدغات شيوعاً هي لدغة الراء التي تنطق إما "غينا" أو " واوا" أو "ياء".
وهى ليست مشكلة عضوية في الأغلب، حيث يظهر أن الجهاز التشريحي والمختص بالكلام سليم تماما. ولكنه ناتج عن خطأ في التعلم، حيث ينطق الطفل الحرف كما يسمعه من الآخرين، فقد تفضلت حضرتك وذكرت أن نفس المشكلة لدى الوالدين وهذا ما يفسر حالة الطفل (وأكرر أنها ليست حالة وراثية) ولكنها ناتجة عن التفاعل الاجتماعي مع أشخاص (الوالدين) ينطقونها بنفس الطريقة.
أما عن العلاج فهو يتم من خلال جلسات يقوم بها أخصائي التخاطب، وهى من أسهل اضطرابات التخاطب وتتم من خلال عدة جلسات. وهناك العديد من الأماكن الحكومية التي تقوم بها في مصر، كما أن بعضها تابع للتأمين الصحي المدرسي، مثل وحدة التخاطب بالدمرداش أو معهد السمع والكلام -بما أنك من مصر. هذا بالإضافة إلى الأماكن الخاصة وهى منتشرة وتكاد تكون في كل منطقة.
بقي أن أوضح لحضرتك أن علاج اللدغات تحديدا يحتاج إلى إرادة، بمعنى أن يرغب الطفل في التخلص منها، لذلك تنصحنا بعض الكتابات -وأنا معهم- ألا نبدأ في علاج اللدغات تحديدا إلا بعد سن سبع سنوات، مثلها في ذلك مثل التلعثم، حتى يستطيع الطفل الاستجابة للجلسات وتفهم الأوامر والتدريبات التي تعطى له.
ـــــــــــــــــ(104/57)
طفلتي الجميلة.. كيف أحميها من الغرور؟ ... العنوان
السلام عليكم
لقد من الله تعالى علينا بالابنة الثانية (لونة)، والتي تبلغ من العمر الآن عاما، وهي آية في الجمال، سبحان الله، ولا تقع عين أحد عليها إلا ويندهش من جمالها من النظرة الأولى، ولعل هذه ميزة وليست مشكلة حتى الآن.
سؤالي ينقسم إلى قسمين:
أولا: كيف أحمي (لونة) من الإصابة بالغرور في المستقبل، لأني متأكدة من أنها عندما تكبر فستلاحظ اهتمام الناس بجمالها، وأنا لا أريد أن يكون هذا الجمال نقمة عليها بأن تعتمد عليه مثلا وتترك العمل والاجتهاد، أو أن تصاب بالغرور والكبر بسببه.
ثانيا: أختها التي تكبرها بعامين ونصف هي طفلة جميلة الشكل أيضا والحمد لله، لكن ليست كأختها الصغرى، فما هي الطريقة التي أمنع بها حدوث الغيرة بينهما بسبب تفاوت الجمال والذي ستلاحظه قريبا هي بنفسها؟ والأسوأ هو أن ردة فعل الناس هي التي بدأت تشعرها بأن أختها تتفوق عليها في الجمال!.
كما أني أخشى أنها قد تفقد شيئا من ثقتها بنفسها مع الوقت إذا شعرت بأن الناس يفضلون أختها لأنها تفوقها في الجمال، أرجو أني لم أطل عليكم، ولكم جزيل شكري.
... السؤال
مفاتيح تربوية, التربية الناجحة, مشكلات شقية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
كما ذكرتِ في رسالتك سيدتي، فالمشكلة لدى الناس وليست لدى الأطفال، فطفلتك الجميلة لم تلاحظ بنفسها شيئا، ولكن ما سيلفت انتباهها هو تعليقات الناس، ولذا فإن دورك سيكون على مستويين:
المستوى الأول: وهو الأهم، وهو الناس من حولك، وبالطبع أنت بدون أن تشعري واحدة من هؤلاء الناس، فعليك أن ترفضي تماما أي نوع من المقارنة بين الأختين، وأيضا أي نوع من الإشادة الزائدة بجمال الابنة الثانية، بمعنى أن توجهي نظر الناس دائما عندما يثيرون هذه النقطة إلى رفضك لهذه المقارنة ورفضك لوصف الطفلة الصغيرة بالجمال فقط، أي أن دائرة الأقارب والمقربين يجب أن ينتهوا عن هذا الأمر، وهذا يتم بشرح الموقف لهم وبإعلان الرفض التام، لأن ما يحدث في الغالب أن تتمادى الأم مع الآخرين فيما يفعلونه، أو تتحرج من أن ترفض سلوكهم حتى تتأزم الأمور وتشعر البنت الأولى بأن الجميع يأخذون هذا الموقف ضدها، وعندها يتنبه الأهل للمشكلة ويبدءون في علاجها ويكون الأوان قد فات، لذا فالأمر يقتضي اليقظة المبكرة وعدم السماح للآخرين بإفساد الأمر.
المستوى الثاني: وهو مستوى العلاقة بين البنتين، وذلك يكون بعدم التركيز على الفروقات الشكلية بينهما، والتركيز على مواطن التميز الأخرى في كل منهما، وإظهار أن تميز إحداهما لا يعني نفي التميز عن الأخرى، كما أن لكل ميزاتها وأن الميزات تتعدد، وأن مجال الشكل ربما لا يكون له اعتبار في ميزان تميز الإنسان، وهذا يقتضي أن يتم توسيع دوائر اهتمامهن منذ الصغر بالأنشطة المختلفة سواء أكانت رياضية أو ثقافية أو اجتماعية أو فنية، بحيث يؤدي الأمر إلى أن تنمو شخصياتهن بشكل طبيعي وسوي في جميع الاتجاهات، وبحيث ترى كل واحدة منهن أن تعدد مجالات تميزها يكسبها ثقة في نفسها ولكن دون غرور ودون غيرة من الطرف الآخر.
وهكذا تبدأ القصة من عندنا نحن، تبدأ بإدراك أن البنتين لنا ومن صلبنا، وأن الشكل ميزة ليست بيد إحداهما، أو حتى بيدنا، ولذا فيجب أن نصنع سياجا قويا ضد تعليقات الآخرين المؤذية.
والتربية بهذه الطريقة تحمي البنتين معا، وليس بنتا واحدة من أي مشاكل بإذن الله.
ـــــــــــــــــ(104/58)
عصبية الابن الأوسط.. العلاج بالتقدير ... العنوان
السلام عليكم
ابني الأوسط زكريا -6 سنوات- سريع الغضب والتأثر، ويصرخ لأتفه الأسباب، مثلا إذا أخطأ في الكتابة يصرخ ويرمي بأقلامه وكتبه على الأرض، وإذا وقع خلاف بينه وبين أخيه الصغير 3 سنوات ونصف سرعان ما يضربه ضربا عنيفا.
كما أنه يصرخ حتى في وجهي بكلمة: لا، لن أفعل ما تطلبين، وطبعا يبدأ العقاب، فأحيانا أكون صبورة وأعطيه عقابا مناسبا كحبسه في غرفته مدة 6 دقائق مع عدم إطفاء النور طبعا، أو أحرمه من مشاهدة أفلام الكرتون التي يحبها كثيرا أو ما شابه، وأحيانا أفقد أعصابي وأضربه، أما أبوه فيضربه دون نقاش.
لا يريد الذهاب إلى المدرسة ولا القيام بواجباته إلا بعد تهديد، لكنه أحيانا يكون هادئا طائعا طيبا، ويخبرني بأنه لن يعود لشقاوته، فلا يجد مني سوى المدح والثناء والتشجيع، لكن هيهات، سرعان ما ينقلب رأسا على عقب أمام استفزاز بسيط.
أرشدوني للتعامل الصحيح مع طفلي، وجزاكم الله خيرا عما تفعلوه لإصلاح الأمة.
والسلام عليكم.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأم الفاضلة..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا ومرحبا بك، بارك الله في أولادك جميعا، وأدعو الله أن يعينك على تنشئتهم تنشئة صالحة.
سيدتي..
حينما تشغلنا فكرة أو مشكلة ما لدرجة التشبع نظن حين نتكلم عنها مع غيرنا أنهم يعرفون كل التفاصيل التي مررنا بها دون أن نخبرهم بها، وأظن أن هذا هو سبب اختصار واقتضاب رسالتك، فكثير من الأمور لم تتضح، مثال ذلك: هل سلوك ابنك الانفعالي وسرعة غضبه وصراخه كان رد فعله منذ صغره أم أنه أمر مستجد عليه بعد مروره بخبرة ما مثل ميلاد أخيه الأصغر،أو التحاقه بالمدرسة؟ وماذا عن علاقتك به؟ هل هي قائمة على كثرة التوجيهات والأوامر (حتى لو كانت بشكل لطيف)؟ وهل هناك وقت للمرح واللعب معه ومع أبنائك جميعا؟ وهل هناك مساحة لتبادل الآراء والحوار؟ وهل قمت بعرضه على طبيب أطفال لفحصه بشكل عام، فربما لا تكون المشكلة سلوكية بالدرجة الأولى ولكن في زيادة نسبة الثيروكسين لديه، الأمر الذي يؤدي به إلى هذه العصبية وسرعة الغضب، ولذا فأول خطوة لا بد من اتخاذها هو عرض ابنك على طبيب الأطفال.
فإذا اتضح أنها مشكلة سلوكية فربما نتمكن من شم رائحة الحل من الأسئلة السابقة، فالطفل يحتاج إلى هذا النوع من التعامل القائم على التفاهم وتبادل الآراء واحترام المشاعر وتقديرها، ويحتاج إلى اللعب والمرح ليس بمفرده أو مع إخوته أو مع زملائه فحسب، بل يحتاج إلى ذلك مع والديه ليشعر بمدى محبتهما ومدى عطفهما واهتمامهما به، وليطمئن إلى مكانته عندهما التي لا تهتز بقدوم وليد جديد في الأسرة أو لأي سبب آخر.
قد يبدو ما ذكرته آنفا كلاما نظريا غير محدد الملامح، ولذا تعالي – سيدتي – لنضعه في إطار التطبيق والممارسة، وحتى يتحول هذا الكلام للجانب العملي فعليك أمران لا غنى لأحدهما عن الآخر:
أولهما: إعادة بناء العلاقة بينك وبين طفلك وزيادة رصيدك عنده:
دائما أنادي وسأظل أكرر النداء إلى كل الآباء والأمهات أن يدركوا أهمية هذه العلاقة الإيجابية بينهم وبين أولادهم، وربما يرجع سبب عدم إدراكهم هذا لأن كثيرا منهم يهتم في المقام الأول بالجانب المادي للأطفال، مثل: تهيئة المأكل والمشرب، والاهتمام بالتغذية، ربما على حساب الجانب النفسي والمعنوي، وأمثلهم طريقة ذلك الذي يبدأ غرس الجانب الروحي والديني والأخلاقي والقيمي، ولكن مع الأسف بشكل وعظي مباشر مُلِح متكرر يصيب الأبناء بالملل والزهد فيما يقولون، ولذا فأنا أدعوك – سيدتي – لإعادة بناء علاقتك بابنك بل بأولادك جميعا من خلال:
• تحديد وقت للعب مع أبنائك حتى لو كان يوما واحدا أو يومين في الأسبوع، ولا بد أن يكون الغرض من هذا اللعب إضفاء روح المرح، وبناء جسور المحبة والعلاقة الجيدة بينكما.
• تحديد وقت للتنزه.
• من مشكلات الطفل الأوسط أنه يشعر بأنه طفل مهمَل، فهو بين الطفل الأكبر الذي استحوذ على جُل اهتمام الوالدين ومحبتهما، وبين الطفل الأصغر (آخر العنقود)، وما استأثر به من تدليل ورعاية، لذا فعليك إبداء الحب والعطف بصورة حسية ملموسة لزكريا كالتربيت عليه وتقبيله واحتضانه، والحديث عنه بفخر أمام الأصدقاء والأقارب، وشراء بعض الهدايا الرمزية، ولا يشترط أن يكون ذلك في مناسبات بعينها، على ألا تكثري من هذه الهدايا، كما يجب ألا تكون مشروطة، فلا يصح مثلا أن تعديه بشراء لعبة أو هدية ما إذا ذاكر جيدا أو أنجز مهمة ما.
• عليك بتقدير مشاعره واحترامها فحينما لا يرغب في أداء واجباته المدرسية مثلا فيمكنك القول: ربما تجد أن هذه الواجبات متعبة أو غير مسلية لكن لا يعني هذا ألا تؤديها، وإذا تركتها فترة تراكمت عليك بحيث يصعب عليك أداؤها، وهو ما يزيدك نفورا منها، وربما يعرضك هذا لعقاب بالمدرسة، هذا إلى جانب شعوري أنا ووالدك بالاستياء لهذا الإهمال.
• إذا كنت من ذلك النوع من الأمهات اللائي يكثرن التوجيه والأوامر والنواهي، ولا يتركن صغيرة ولا كبيرة إلا ولفتن نظر الأبناء لها، فأرجو ترشيد هذه الممارسات لأن لها تأثيرا سلبيا على سلوكيات أطفالهن.
• عليك أن تسردي عليه القصص المتنوع كالقصص الاجتماعي، وقصص التراث الهادف، والقصص الديني، ومن بين هذه القصص احكي له عن ذلك الطفل اللطيف المؤدب الذي لا يعيبه سوى رد فعله الغاضب السريع مع من يتعامل معهم.
وبرغم المباشرة الشديدة في هذه القصة التي سيفهم زكريا أنه المقصود بها، فإن طريقة أدائك وعدم المبالغة في العواقب التي تحدث للطفل أثناء القصة ستؤثر فيه، وتجعله يفكر ويراجع سلوكياته، شرط ألا تبالغي في تلك العواقب التي تحدث للطفل بطل القصة مثل وقوع حوادث مؤلمة ومفجعة له، أو أن يضل الطريق مثلا لأنه يغضب والدته ويصرخ في وجهها، وإنما يكون الجزاء من جنس العمل، وإلى حد كبير تتساوى هذه العواقب مع حجم ما يفعل، كأن تكون إحداها أنه يخسر كثيرا من أصدقائه، أو أن يرفض بعض الأشخاص التعامل معه، وكيف أنه سيشعر بالوحدة لتجنب الناس له، فمثل هذه العواقب تحدث في الحياة حقا، وبالتالي سيحاول الطفل مراجعة نفسه بل ربما تكون مثل هذه القصص بداية للبوح بمشاعره وإدراكه للأسباب التي تجعله يسلك هذا السلوك.
ثانيهما: تعديل سلوك العصبية وسرعة الغضب:
• إذا قمنا بتنفيذ الخطوات السابقة فإن ذلك سييسر أمر تعديل سلوك العصبية لدى زكريا؛ لأن المكاسب التي سيحصل عليها من المعاملة الطيبة السابق ذكرها ستجعله حريصا إلى حد كبير على إرضائك.
• عليك بتدريبه على ضبط انفعالاته، وذلك عن طريق:
1. حينما يغضب زكريا ويرمي الأشياء ويصرخ فعليك فورا أخذه من يده وإجلاسه أمامك وأن تحدثيه بحزم وعينيك تنظران مباشرة لعينيه قائلة له بثبات وثقة: حينما تغضب من شيء ما عليك إلا أن تذكره دون أن تلجأ لمثل هذه الأفعال.
2. إذا كرر الفعل مرة ثانية كرري على مسامعه نفس الكلام بنفس الطريقة، فإذا كررها مرة ثالثة فخذيه من يده وأجلسيه في مكان محدد قائلة له: اجلس هنا وفكر في كيف تصلح الأمر، وحينما تفكر جيدا تعالى وأخبرني فيما فكرت، وكيف ستحل هذه المشكلة، ولا تتحدثي إليه وتجهمي في وجهه حتى يأتيك معتذرا نادما على ما فعل، ولكن أرجو ألا تحبسيه في أي غرفة بمفرده وتغلقي الباب عليه فهذا من شأنه أن يجعل الطفل أكثر عصبية وأكثر رغبة في استفزاز الآخرين، وحينما يكثر من العصبية ثم الاعتذار القولي فعليك حينئذ أن تخبريه بشكل حازم أنك مضطرة لعدم الحديث معه إلا إذا تحول الاعتذار هذا إلى سلوك فعلي وليس مجرد كلمة تقال.
3. في أوقات الحوار الهادئ مع ابنك حاولي أن تناقشيه في تصوره للحلول التي يراها تناسبه كي يتخلص من هذه العصبية، واكتبي الحلول التي يقترحها ثم تخيرا منها ما يصلح للتطبيق، وأعينيه على التنفيذ مع تشجيع وتعزيز كل محاولة منه، فإن لم ينفذ أيا من اقتراحاته وضحي له أنك ستلجئين للنقطة السابقة إذا عجز عن التنفيذ.
ملحوظة أخيرة مهمة، في أثناء علاجك السلوكي لزكريا يجب ألا تنسي ولديك الآخرَين خاصة في مسألة اللعب والتنزه، وأن تعدلي في التعامل معهم جميعا، كما أود أن يقرأ زوجك هذه الإرشادات ويتعاون معك في تنفيذها، فالأب له تأثير عجيب على أولاده إذا كان ودودا عطوفا حازما في غير قسوة.
وأخيرا، أدعو الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، مع رجائي بالمتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/59)
3 اقتراحات لنزع الحفاض ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أريد أن تساعدوني؛ فأنا أم لدي ولد وبنت، وأنا موظفة حتى الساعة 4 يوميا، كما تعلمون أرجع متعبة وبالإضافة إلى أعمال البيت من طبخ... إلخ.
أريد أن أعود ابني ذا السنة و8 أشهر على الحمام؛ أي نزع البامبرز، لكن لا أجد بيدي القدرة على ذلك كوني أرجع متعبة، ويحتاج هذا الموضوع إلى التفرغ وليس لدي أحد يساعدني بذلك؛ فأنا متغربة وليس لدي خادمة ولا أقدر بالوقت الحالي على جلبها، كما أني أترك طفلي عند والده في المنزل، وهذه المهمة صعبة على الرجال كما تعرفون.
... السؤال
مشكلات شقية, التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلا بك وبصغيرك الرقيقة.. وأعانك الله تعالى على حسن الأداء لكل المهام التي اخترت القيام بها (زوجة وأما، وامرأة عاملة تخدم وطنها وبيتها بكل ما تستطيع من زائد الجهد).
بالنسبة للمشكلة التي بين أيدينا والخاصة بتدريب الصغير على ضبط عملية الإخراج؛ فمما فهمت منك أن المشكلة تتعلق بوجود الوقت الكافي وليس في كيفية القيام بها؛ فمن الواضح أن لك سابق تجربة نجاح مع أخته.
وعلى الرغم من أني لم أفهم معنى تركه مع والده بالصباح.. فهل هو يعمل بالليل أم ماذا؟ ولماذا لم تودعيها دارا للحضانة بدلا من ذلك أم هناك مشكلة في إيجاد حضانة مناسبة؟.
على العموم أقدر فهمك لطبيعة أداء هذه المهمة والتي يتطلب نحاجها الصبر والاستمرار والتدريب لفترة زمنية معينة الذي يعني بذل جهد كبير أنا شخصيا أترقبه بقلق حين يكبر طفلي ويصل بعد شهرين إلى نفس الفرض.
لكن أظن أن كل شيء يأتي بحسن الاستعانة بالله تعالى، وتوفير المناخ المناسب لنا كأمهات قبل أطفالنا؛ لأن دون احتمالنا واستعدادنا لتحمل هذا الجهد فلن يصيبنا إلا الفشل ولن يصيب أطفالنا إلا مزيدًا من الإحباط والذكريات السيئة التي يمكن أن تؤثر على جانب مهم من سلوكه وشخصيته طوال حياته.
وأنت بالتأكيد تدركين أهمية عملية ضبط الطفل لعملية الإخراج باعتبارها واحدة من حلقات ارتقاء الطفل لسلم الاستقلال وتحمل المسئولية والتعود على النظام.
بالنسبة لمشكلة الوقت فهناك عدد من الاقتراحات التي تعمل على علاج عامل الوقت:
الاقتراح الأول: إيجاد حضانة مناسبة -إن كان هذا متاحا- تتكفل بتوفير رعاية كاملة للطفل، منها تدريبه على هذا الأمر، فإن لم يكن هذا الحل مناسبا لأي سبب من الأسباب فهناك الاقتراح الثاني.
الاقتراح الثاني: أن تقدمي على إجازة لمدة ولتكن 5 أيام عمل يسبقها ويليها مثلا يوما الإجازة الأسبوعية ليتحقق لك في حدود 9 أيام كاملة تتفرعين فيها لرعاية الطفل وإنجاز هذه المهمة، فإن لم يكن ذلك الحل متاحا فسنأتي للاقتراح الثالث.
الاقتراح الثالث: أن تعملي على تدريب الطفل بشكل متدرج كلما أتيح لك ذلك على أن تركزي التدريب يوم الإجازة الأسبوعية، وتحيطي هذا التدريب بشروط النجاح بأن يكون في جو من المرح، والمكافأة المادية والمعنوية كلما نجح في الإخراج في الوعاء المخصص لذلك، مع تثبيت هذا الوعاء أو مكان قضاء الحاجة؛ لأنه من المعروف أن أعصاب الطفل المحيطة بفتحة الشرج تكون نوعا من الارتباط بين وعاء قضاء الحاجة وإتمام عملية الإخراج بحيث يكون بينهما رد فعل.
وعليك أن تستمري على ذلك حتى موعد إجازة عيد الأضحى المبارك، حيث سيتاح لك حينها الحصول على إجازة طويلة نسبيا يمكن أن تلحقي بها إجازة من رصيد إجازاتك السنوية وتتمي المهمة على أكمل وجه بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــ(104/60)
قصة الخلق.. للرد على أسئلة الجنس ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
مشكلتي مع ابنتي البالغة من العمر عشر سنوات، فقد عرفت من صديقة لها ماهية العلاقة الجنسية بين الزوجين، ثم جاءت لتسألني هل هذا صحيح؟ وهل هذا يحدث بينك وبين أبي؟ فأجبتها بنعم، ولكن ذلك لا يحدث إلا إذا رغبنا في إنجاب أطفال، وذلك لما لاحظته من ضيق أو اشمئزاز ربما، فكانت النتيجة هي عدم رغبتها في أن يكون لها إخوة أو أخوات.
المشكلة في أنني أخشى أن يؤثر ذلك على حياتها فيما بعد، فكيف يمكنني أن أصلح ما فهمته وأن أقدمه في صورة أجمل؟ ولكم جزيل الشكر، وإن كان لا يكفيكم.
... السؤال
عالم الجنس ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
مرحبًا بك أختنا الفاضلة في صفحة معًا نربي أبناءنا..
بداية.. لا تنشغلي كثيرًا بطريقة ردك السابق على ابنتك، ولا تنزعجي من إثارة موضوع الجنس معها؛ لأن مسألة الجنس "وأقول مسألة الجنس لا مشكلة الجنس" والحديث فيها شيء فطري عند الإنسان، تبدأ معه من مرحلة الطفولة وتمتد... حتى وإن أخذت أشكالاً متعددة من الاهتمام حسب كل مرحلة عمرية.
وابنتك التي هي في العاشرة الآن تعيش مرحلة ما قبل البلوغ؛ ولذا فهي تحتاج إلى تربية جنسية سليمة، وما يكفل نجاح التربية الجنسية عنصر مهم جدًّا، وهو مصدر المعلومة الصحيحة حول مسألة الجنس.. فابنتك يمكن أن تحصل على تلك المعلومة من صديقتها أو صحيفة أو فضائية من الفضائيات أو الإنترنت، وهنا يكون القلق الحقيقي؛ لأنها قد تحصل على معلومات مشوّهة وغير حقيقية؛ ولهذا وبالنسبة للبنت يجب على الأم أن تكون أكثر قربًا منها حتى تكون هي مصدر المعلومة الجنسية لابنتها فتعطيها المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب وبالطريقة السليمة.
عنصر آخر مهم في التربية الجنسية لابنتك وهو تقريب وتبسيط مسألة الجنس لها والإجابة على سؤال "لماذا الجنس؟"، وهنا يمكن أن تحدثيها في جو من الدفء والحنان عن قصة سيدنا آدم عليه السلام وكيف كان الخلق، ثم نزوله على الأرض، وخلق حواء من آدم، وأن الله خلقها لتعيش معه وتؤنس وحدته وتشد من أزره، ويكوِّنان جماعة، ولو عاش كل واحد بمفرده لكان الإنسان فريسة للوحوش لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، وأنه إذا لم يكن للناس أبناء، فكيف يكون هناك بشر على الأرض بعد موتهم.
وأن الله حتى يجعل لهم أبناء ولأبنائهم أبناء حتى تعمر الأرض بالبشر، خلق فيهم أجهزة لتقويتهم، وجعلهم يجابهون الأخطار ويتكاثرون، وهذه الأجهزة من نعم الله علينا.
وقد خلق الله في آدم وحواء نفس الأجهزة إلا جهازًا واحدًا خلق نصفه في الذكر وخلق نصفه في المرأة حتى يبقيا سويًّا وينجبا الأطفال، ويكون لكل طفل أم وأب، أم ترعاه وتحمله وأب يحمل اسمه وينفق عليه...، وهكذا تسترسلين في هذه الحكم والنعم بنوع من أنواع التشويق الذي توجهين به عقل الطفل، وتهيئيه إيمانيًّا لاستقبال المعلومات البيولوجية وهي محاطة بسياج روحي.
ثم اشرحي لها بعض المعلومات الفسيولوجية والبيولوجية، وقومي بالتمهيد لها وبشكل عابر وبمعلومة سريعة عن الدورة الشهرية التي تمر بها كل بنت في سن معينة كتمهيد لها لدخول تلك المرحلة دون أن تنزعج، ثم اربطي شرحك لها بالجانب الإيماني باعتبار أن كل ما أعطاه الله للإنسان نعمة تستوجب الشكر، وشكر النعمة يكون بالطاعة، ويا حبذا لو ختمت معها جلسة التعريف تلك بعمل طاعة شكرًا لنعم الله عليها، وعليك بأن تقوما مثلاً بقراءة آيات من القرآن معًا أو صلاة ركعتين أو التصدق بصدقة لفقير، وهكذا...
ولا تنسي أن التربية الجنسية متواصلة؛ ولذا استغلالك للمواقف وقربك من ابنتك باستمرار يجعلك مصدرها لكل ما تريد أن تسأل ابنتك عنه.
أشعريها بالطمأنينة حتى تكوني أنت مرجعيتها الصادقة والآمنة في كل ما ترغب في معرفته عن مسألة الجنس... وراجعي الروابط أسفل الاستشارة، فستجدين فيها ما يفيد:
أبناؤنا والجنس.. أعيدوني إلى بطن أمي
ـــــــــــــــــ(104/61)
العادات العصابية.. اختلفت الأشكال والأصل واحد ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ابنتي تبلغ من العمر عامين، ولي ملاحظة عليها منذ كان عمرها عاما تقريبا، عندما بدأت في المشي بمفردها، وأنا وأمها لا نعرف إن كان هذا الموضوع شيئا طبيعيا أم لا، ولا نعرف كيف نتصرف معها.
المشكلة أو الملاحظة على ابنتي أنها تقوم بعمل ما يشبه العادة السرية عند الفتيات. حيث تقوم بحك منطقة التناسل في أي شيء كالمخدة أو الدبدوب. ننهرها أحيانا ونقول لها إن هذا غلط، ونهددها بالضرب أحيانا ونتركها أحيانا لأنها عنيدة، ولا تستجيب للكلام، والحل الأمثل الذي غالبا ما يعطي نتيجة هو أن نحاول أن نشغلها بشيء آخر.
أرجو الإفادة؛ هل من علاج؟ مع العلم أننا في بادئ الأمر كنا نظن أن هناك التهابا ناتجا من "الحفاضات" أو حساسية، ولكننا عندما نخلع الحفاضات لا نجد شيئا.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
العادات العصابية أو Neurotic Traits هي عادات أو سلوكيات خاطئة يعتادها الطفل ويمارسها بصورة مستمرة أثناء النهار أو وقت الانشغال بمشاهدة التليفزيون أو عند النوم ولا يستطيع التخلص منا بسهولة مثل قضم الأظافر أو مص الأصابع أو عض الشفاه أو جذب خصلات في الشعر أو وضع اليد تحت الملابس الداخلية أو حك المناطق التناسلية...الخ
كل هذه صور مختلفة لأصل واحد وهو العادة العصبية أو العصابية. وعادة ما تنشأ هذه العادة في فترة يكون الطفل فيها مضغوطا نفسيا لأي سبب، كقدوم طفل جديد أو تغيير الحضانة أو سفر الأب. وأحيانا كثيرة تنشأ بالصدفة، أي أن الطفل يكتشفها بالصدفة ثم يعتاد عليها حتى بعد انتهاء الضاغط النفسي يستمر مع الطفل تعوده عليها ويكون تخلصه منها صعبا ويمارسها غالبا عندما يكون غير منشغل بشيء أو عندما يشعر بالقلق أو الخوف أو التوتر.
وليس هناك فرق بين الأنواع أو الصور المختلفة لعادة العصابية ومع ذلك فأحيانا يقلق الآباء والأمهات من نموذج حك المناطق التناسلية ويخافون أن يكون له علاقة بالعادة السرية، ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق ولا فرق تماما بينه وبين قضم الأظافر.
ولعلاج مثل هذه الحالات عليك:
1- أن تدرك أن الطفل يمارسها رغما عنه ولا يعاند أو يفعل ذلك ليضايق الأهل.
2- أن العقاب أو الضرب يزيد المسالة سوءا ويؤدي للعناد.
3- أن هدف برنامج العلاج هو مساعدة الطفل على التخلص من العادة تدريجيا وبطريقة متصاعدة حتى نصل إلى المرحلة التي لا يمارس فيها هذه العادة تماما ونستمر في البرنامج حتى ينساها تماما ويعتاد وجهازه العصبي على عدم ممارستها.
4- أن هذا البرنامج يحتاج من 6 أشهر إلى سنة على الأقل قد يتخللها بعض الانتكاسات ولكن نستمر في البرنامج.
5- أن نتفاهم في بداية البرنامج مع الطفل على أن هذه عادة سيئة ونوضح له أخطارها الصحية مثل الالتهابات والاضطرابات والذهاب للطبيب.
6- أن نتفق مع الطفل على جدول أسبوعي نضع في الخانات اليومية علامة صح عند اليوم الذي لا يمارس فيه العادة وعلامة خطأ أمام اليوم الذي يمارسها فيه ويكون ملء الجدول من قبل الطفل نفسه وبيده هو أو بالتعاون معه ويراعى تجديد الجدول أسبوعيا.
7- أن يأخذ الطفل جائزة فورية يومية عن كل يوم لا يمارس فيه العادة في صورة نقود أو حلوى صغيرة.
8- في نهاية الأسبوع نقوم مع الطفل بِعدّ الأيام التي نجح فيها وأخذ علامة صح وبناء عليها له مكافأة وهكذا كل أسبوع.
9- يراعى أن التقدم يكون تدريجيا وتصاعديا حتى نصل للوقت الذي يمر فيه الأسبوع كاملاً دون أخطاء.
10- نستمر على الجدول لمدة 6 أشهر على الأقل.
11- تراعى المصداقية الشديدة في إعطاء الطفل المكافآت عند النجاح وحرمانه منها عند الخطأ.
12- يصمم الجدول بمساعدة الطفل ويكون جذابا، ملونا.
13- نشجع الطفل دائما بأنه ممتاز ويبلي بلاء حسنا.
14- عند حدوث انتكاسة نستمر في الجدول بنفس النظام.
15- أهم شيء لنجاح برنامج العلاج هو شغل وقت الطفل دائما بأشياء مفيدة وعدم تركه بمفرده وقتا طويلا وعدم دخوله الفراش إلا عندما يكون في حاجة شديدة للنوم، والمقصود البعد عن الأوقات التي يكون فيها الطفل غير منشغل.
ـــــــــــــــــ(104/62)
تجارب الأطفال السلبية.. الزمن جزء من العلاج ... العنوان
السلام عليكم..
ابنتي جميلة وذكية، ومنذ صغرها وهي محبوبة لدى الجميع، كانت اجتماعية جدا حتى أصبحت بالبستان -الروضة- وكانت تشكو كثيرا من أن البنات لا يلعبن معها، وكنت أقول لها باستمرار اذهبي أنت والعبي معهن، وكانت محبوبة جدا عند المعلمة.
المشكلة الآن أنها في أول يوم بالصف الأول صرخت المعلمة عليها؛ لأنها لم تحضر كتابا؛ فخافت كثيرا ومن يومها وهي لا تحب المدرسة، ولا تحب الذهاب إليها بحجة أن المعلمات يصرخن بالصف. علما أنني توجهت للمربية فقالت إنهن لا يصرخن عليها بالذات، ولكن الأولاد المشاغبين كثيرون؛ وهو ما يضطر المعلمة إلى الصراخ.
وكنت قد أفهمت ابنتي أنها شاطرة ومجتهدة، وأنهم لا يصرخون عليها، فلا تقتنع، هي لا تريد الصراخ أبدا، وهذا ما لا أستطيع منعه، وتبكي كل يوم وتختلق الحجج لتغيب عن المدرسة.. أرجوكم أريد طريقة لأحببها بها.
... السؤال
مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عندما يذهب الإنسان لمكان جديد لأول مرة أو يمر بتجربة جديدة فإنه ومنذ اللحظات الأولى يبدأ في تكوين انطباعاته عن المكان أو عن الأشخاص، ومع الوقت يغير الإنسان بعض هذه الانطباعات.. ولكن الأطفال عادة يكونون أكثر بطئا وأقل مرونة في تغيير انطباعاتهم الأولى عن الأمور.
المشكلة أن ابنتك تعرضت لتجربة سلبية في أول يوم لها في المدرسة، وهي صراخ المعلمة عليها، وهي لم تكن بعد قد اعتادت على المدرسة أو جو الفصل والمعلمات أو عرفت بعد أن عليها أن تحضر كتبها وكراساتها كل يوم؛ أي إنها حتى لا تعرف أو تفهم ما هو خطؤها .. لهذا تكون لديها انطباع سلبي عند المدرسة كلها، وأنها في أي لحظة يمكن أن تجد نفسها محل لوم أو عتاب أو حتى عقاب؛ فهي تشعر بعدم الأمان.
والحل بسيط، وهو عبارة عن كلمتين الصبر والاستمرارية.. من خلال الخطوات التالية:
1- الاستمرار في الذهاب للمدرسة يوميا مهما كانت الظروف أو الحجج التي تدعيها مثل المرض أو الخوف أو التعب، ومهما رفضت أو بكت لا بد أن تذهب للمدرسة.
2- التعاون مع المعلمات في المدرسة على تغيير الصورة السلبية أو الانطباع السيئ لديها عن طريق تشجعيها داخل الفصل باستمرار على كل عمل إيجابي تقوم به، وإعطائها هدايا ومكافآت من المدرسات والمعلمات متى يمكن أن تحضريها أنت لهن، وجعل الأطفال يصفقون لها في الفصل عندما تجيد، وإشعارها بالتميز والتفوق وأنها محبوبة منهم.
3- يمكن أن نزور المدرسة أو تدعي أنت معلماتها لحفلة في البيت أو رحلة ترفيهية حتى تتعامل معهن في مواقف هادئة؛ لتشجيعها على ممارسة أي نشاط المدرسة سواء نشاطا فنيا أو رياضيا أو رحلات أو حفلات يشعرها بالثقة في نفسها.
4- إفهامها لماذا بالضبط وبوضوح صرخت فيها المعلمة وأنها طالبة مجتهدة وحريصة على كتبها وكراساتها؛ ولذلك لن تصرخ فيها ثانية.
5- الصبر على هذه الخطوات والاستمرار فيها وعدم تغيبها أبدا عن المدرسة؛ حتى تعتاد على ذلك ويتغير انطباعها عن المدرسة تدريجيا.
6- عندما تكون شاطرة في المدرسة وتشكر المعلمات فيها؛ قومي أنت بمكافأتها في البيت بلعبة أو حلوى أو هدية أو نزهة.
7- تأكدي أن الأمر مجرد مسألة وقت، لو أحسنت التعامل مع المشكلة بهدوء وصبر فستنتهي تمامًا، وشكرًا.
ـــــــــــــــــ(104/63)
طفلي المنطوي .. ومخاوف المستقبل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله على الخير العميم الذي يفيض من نهركم الطيب.
أنا والد لطفلين (الكبير 3 أعوام والصغير عام ونصف)، في الحقيقة أنا مهتم جدا بموضوع تنمية الشخصية المميزة القوية عند أطفالي؛ فقد عانيت في صغري من هذه المشكلة، حيث كان والداي يعملان وكان الوقت المتاح للتربية ضيقا؛ فكان هناك بعض التشديد في الضوابط اليومية؛ وهو ما أدى إلى تنمية الشخصية المطاوعة المسالمة المترددة لأبعد الحدود، وقد عانيت في مراهقتي الكثير لكسر هذه الحواجز النفسية، وقد تغلبت على ذلك بمعونة من الله.
وأنا أرجو ألا يمر أولادي بنفس التجربة؛ فمثلا اتفقت مع زوجتي على ألا تعمل لتوفير الوقت والجهد اللازمين للتربية، كذلك أسعى دائما لإحضار الألعاب والقصص المنمية للمعرفة بشكل دوري. وأوصي نفسي وزوجتي دائما على أن نستخدم اللين في التربية؛ فلا صراخ ولا ضرب ولا تأنيب شديدًا.
وقد قرأت عن ثلاثية تربوية مهمة (الصبر اللانهائي، والاعتقاد بقدرات الطفل، والمواقف الإيجابية في التعامل)، وأنا أسعى دائما لتحقيقها من خلال التشجيع الدائم وعدم اللوم على الفشل وما شابه ذلك.
المشكلة هي أن ابني الأكبر، وهو المعني هنا، حساس جدًا، وإذا ما شعر أنه غير ناجح في فعل شيء معين (كأن يبول خلال النوم لليلة واحدة مع أنه نظيف الآن) فقد ينزوي ويطأطئ رأسه حزنا. وإذا كنا في زيارة لبعض الأقارب أجده لا يتشجع أن يقدم نفسه للكبار، وإنما قد يتابع غيره من الصغار وهم يتكلمون عن أنفسهم ويكتفي بالابتسام وكأنه يتمنى أن يفعل مثلهم، وهو أحيانا لا يفعل، وإن شجعته.
والأمر الآخر هو أنني أعيش مغتربا في إحدى الدول الخليجية حيث تغلب العمالة غير العربية، وهذا ما يشكل أزمة تواصل بينه وبين من حوله وقد يعزز من انطوائيته، فأتمنى عليكم أن ترشدوني إلى التصرفات الفضلى في التربية والتي تساعد على بناء طفل بشخصية قوية مميزة غير انطوائية وفاعلة جزاكم الله خيرا عني.
... السؤال
مشكلات شقية, الخجل والانطواء, نمي طفلك, السمات الشخصية ... الموضوع
أ.محمد عبدالجواد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سعدت جدًا برسالتك.. وحساسيتك الشديدة وحرصك المبكر على أن تربي ابًنا طبيعيًا يعيش في سلام مع نفسه.. يحسن فهم الحياة وفهم ذاته بلا عقد نفسية أو مشاعر نقص يحسها ويخفيها في قرارة نفسه ولكنه لا يستطيع أن يخفي صراعها داخل نفسه ومن ثم يعيش الاضطراب والقلق والتشويش.
وأحيي فيك إجراءاتك التي اتخذتها، بدءا من اتفاقك مع زوجتك ألا تعمل لتوفير الوقت والجهد اللازمين للتربية، وكذلك سعيك إلى إحضار الألعاب والقصص المنمية للمعرفة بشكل دوري. ووصيتك لنفسك ولزوجك باستخدام اللين في التربية؛ فلا صراخ ولا ضرب ولا تأنيب شديدًا. وقراءتك في مجال التربية بما يزود معارفك.
غير أني لا أريد أن يشكل الخوف من المستقبل كل رؤيتك.. فقد نفكر بأداة من أدوات التفكير ونعتبرها، وهي أداة النتائج المنطقية وما يتبعها.. ونقدر ما يمكن أن يحدث في المستقبل.
ولكن هناك فرق بين التفكير بهذه الأداة وبين أن يشكل الخوف من المستقبل كل رؤيتنا.. وأود منك بداية أن تبدو طبيعيًا في التعامل معه وتتذكر أن لكل سن ما يتبعها من عادات وتصرفات.. والطفل يتغير بشكل كبير من مرحلة إلى أخرى فلا تقلق لما تجده حاليًا...
ولكني أوصيك بحسن التفهم له والحديث والحوار معه.. وأن تحبه لذاته.. لمجرد أنه ابنك.. وأن يحس منك أنك تحبه كما هو.. وأن تصرفاته غير المقبولة لا تعني أنه شخص غير مقبول.. وعدم التعليق على تصرفاته أو أن يشعر أن هذه التصرفات تحت المجهر.. أو أن تصرخ في وجهه بلا مبرر مما يربك حركته.. دعه يتعامل مع الأشياء والأشخاص بلا وصاية.. ولا تجعل تخوفاتك من المستقبل تسيطر عليك وتملي عليك التصرف الذي قد يكون مناسبًا في مرحلة زمنية قديمة مورست معك وقد تكون غير مناسبة لهذه المرحلة والفترة من العمر.
وبصورة طبيعية حاول أن تعمل على إدماج طفلك في مجموعات سنية مماثلة في دور الحضانات ونوادي الطفل حتى وإن كانوا من غير جنسيته؛ فالحاجة إلى التواصل مع الآخرين والإحساس بالانتماء وهي حاجات أساسية لا يحول بينها ألا يكونوا من جنسيته.. والسن التي بها ابنك لا يقوى إدراكه فيها على فهم طبيعة هذا الخلاف الثقافي بين الجنسيات.
كما لا بد أن تدرك أن لكل إنسان ما يميزه في النهاية، ومن ثم لا بد أن نتقبل أبناءنا كما هم ولا نحاول تغيير ما لا يمكن تغييره.. فقد يكون في هذا الاختلاف التميز والثراء.. ودعه يتعامل مع أصدقائه وزملائه وينفتح معهم بلا أي تحفظات.
وبعد فترة يمكنه أن يتنبه إليك وأنت تتواصل مع أعمامه وأخواله على الإنترنت.. ويمكنه أن يقلدك في ذلك بأن يتحدث مع أبناء أعمامه وأخواله، على أن يتم هذا الأمر في وجودكم للمتابعة، كما يمكنك أن تعمل على بث الثقة في نفسه تدريجيًا ببعض الأعمال البسيطة وتشجيعه على حسن أدائها بالحوافز المتنوعة والمناسبة.
وإليك مجموعة من التصرفات يمكنك اتباعها مع المنطوي:
• اعتمد معه أسلوب التشجيع وبث الثقة وقم بالثناء على أعماله وآرائه ومواقفه.
• أسند إليه الأعمال البسيطة التي يتقنها.. ويسر له كيفية النجاح بشكل غير مباشر كأن تطلب منه أن يؤدي شيئا وتيسر له بشكل غير مباشر كيفية نجاحه.
• افتح معه جوانب الموضوعات ودعه يفكر فيها.. وحاول التقرب منه.
• وجه إليه الأسئلة التي تشعر أنه يستطيع الإجابة عليها وتجنب المواقف المحرجة له.
• ركز عينيك المملوءة بالثقة في إجابته، عندما توجه له سؤالا.
• استخدم معه الأسئلة المفتوحة (ماذا – كيف – متى – أين) حتى يشاركك الحوار بلا أي تحفظات.
• أشعره بأهمية وجودة آرائه وصادقه وتباسط معه، ووجِّه إليه أسئلة مباشرة، ولكن لا تتوقف عنده كثيرًا ولا تنتظر لحين قيامه بالإجابة عليها
ـــــــــــــــــ(104/64)
"حنان" تمسك شعرها بحثا عن الحنان! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر لكم جهودكم ومساهماتكم في إيجاد حلول لمشاكلنا ولتساؤلاتنا راجية منكم الآن مساعدتي في إيجاد حل لهذه المشكلة التي أظنها غريبة نوعا ما:
تبدأ القصة من ابنتي حنان التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات تقريبا وهي منذ أن كانت تبلغ من العمر أشهرا، وعندما كانت ترضع مني تحب أن تضع يدها على شعري أو أن تمسكه فكنت أمنعها من ذلك بإبعاد يدها فتمسك شعرها!
وكنت ألاحظ عليها أنها عندما تريد النوم دائما تضع يدها على شعرها، في البداية لم نعط الموضوع أهمية، رغم أننا في بعض الأحيان راودتنا فكرة أن نحلق لها شعرها حتى لا تتعلق به أكثر ولكننا لم ننفذ، وعندما وصلت لسن السنة وأربعة أشهر فطمتها عن الرضاعة لانتهاء الحليب عندي والحمد لله لم أجد صعوبة في ذلك أبدا؛ حيث إنني لم أواجه منها أي تصرفات غريبة أو انفعالات علما بأنها كانت هادئة جدا، وبعد الفطام أصبحت تنام مع أخيها في غرفة لوحدهما، عانيت قليلا عندما فصلتها لرفضها، ولكن بعدها تعودت على النوم في سريرها، وتذهب للنوم وحدها، ولكنها تعلقت أكثر بشعرها وصارت تحرك فمها وكأنها ترضع كلما تريد أن تنام وزادت معها أكثر حتى إنها أصبحت أكثر أوقاتها تمضيها وهي تجلس أو تتمدد وتمسك شعرها وترضع بفمها، علما أن هذين الأمرين متلازمان (الرضاعة ومسك الشعر) فإذا قلنا لها لا تمسكي شعرك توقف الرضاعة وترفع يدها عن شعرها والعكس صحيح، في الفترة تعاملنا معها بالتجاهل، لكن لما وجدنا الأمر طال نفد صبرنا وأصبحنا كلما رأيناها منعناها عن ذلك فتتوقف لكنها ما تلبث أن تعود.
وبصراحة نحن الآن لا نعرف ما هو الحل وماذا نفعل لأنها ليست رضّاعة أو مصاصة نخفيها أو نبعدها فيتوقف اعتمادها عليها، وتكرارها لهذه العادة يتزايد على عكس ما توقعنا.
نرجو منكم إسعافنا بالحل فبصراحة لا ندري إن كانت هذه مشكلة كبيرة؟ أم أنها ممكن أن تنسى لوحدها؟
وشكرا جزيلا لكم ونحن بانتظار إجابتكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
نحن نشكر لكم اهتمامكم بطفلتكم وملاحظتكم لأي شيء تتصورونه غريبا وسؤالكم عن التصرف المناسب تجاهه..
إن ما يحدث يمكن تسميته عادة عصابية، وهو تعبير عن شعور بالحاجة للحنان... وهي عندما بدأت بالتلامس مع شعرك... كان هذا لرغبتها في مزيد من التواصل الجسدي معك... فلما منعتها لجأت إلى نفسها لتحصل على نفس الشعور... وازداد شعورها بالحاجة إلى الحنان مع فطامها وانفصالها في غرفة مستقلة؛ فكان من الطبيعي أن يزيد شعورها بالرغبة في التواصل والتلامس...
ابنتك تحتاج لمزيد من التعبير عن الحب لها... هي تحتاج أن تلتفتي لها عندما تسأل... وتتكلمي معها لا إليها وتقضي وقتاً كافيا معها في اللعب وفي التواصل، وأن تعبري عن حبك بكلمات الحب وبلغة الجسد من الأحضان والقبلات واللمسات وأن تشعريها أنك تحبينها دائماً؛ فلا علاقة للحب بأي سلوك تنتهجه... فرفضك لسلوك معين لا يعني عدم حبك لها... فالحب ثابت لا يتغير ومن ثم فالعودة للتجاهل لهذا السلوك وعدم التعليق عليه مع إشعارها بالحب والحنان والدفء سينهي المسألة ببساطة وسهولة ودون إزعاج أو انزعاج.
ـــــــــــــــــ(104/65)
الطفل الرهيب.. فرط حركة أم تدليل؟ ... العنوان
بداية أشكر لكم هذا الموقع الرائع، نفع الله بكم سائر المسلمين، وبعد:
أنا خالة طفل رهيب وكلمة رهيب هي أقل ما تقال عنه فهو:
1- شقي للغاية وعدواني جدا، هو لا يكف عن الحركة بشكل غريب، لا يمكنه الاستقرار دقيقة في مكانه عندما يطلب منه ذلك وأكرر دقيقة، مثل أن نطلب منه الجلوس هادئا إلى حد ما، ونحن في المسجد نصلي التراويح فهو يضرب الأطفال وأحيانا يكون الضرب قويا ويرميهم ويرمي المصلين بالرمال ويشد خمارات المصليات فحينها تطلب منه والدته الجلوس وتهدده بالضرب ومنع الحلوى ولكنه لا يلتزم بأي اتفاق.
عندما يكون في بيتي أصبح في حالة استنفار؛ فأي شيء معرض للشد والكسر رغم معارضتي الشديدة لما يفعل، ولكن كأني لا أتكلم، وبالنسبة للعدوانية فيكفي أنه عندما نكون في جمع من النساء ومعنا أطفالنا يضربهم جميعا والجميع يخافون منه.
2- عنده للأسف قلة في ذوقيات التعامل، آخرها كنا نزور ناسا لأول مرة وقدموا لنا العصير، واعتذرت إحدانا فإذا به يأخذ الكوب الخاص بها أيضا، وأصبح ماسكا الاثنين، نحن نسير قرص ابنتها الرضيعة، وهكذا غيره الكثير والكثير.
3- محمد عنده نوع من التهتهة لا يتكلم بسرعة ولا يستطيع أن يجمع الكلام (وو وو).. هل هو عنده مرض معين يعالج منه؟ أرجو إفادتي وعذرًا على الإطالة.
... السؤال
ذوو الاحتياجات الخاصة, النشاط الزائد, مشكلات شقية, الطفل المشاكس ... الموضوع
أ,داليا مصطفى شيمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت السائلة الكريمة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وكل عام وأنت وأسرتك والمسلمون جميعا بألف خير، وشكرًا لك على رقيق كلماتك ونتمنى أن نكون عند حسن ظنكم بنا ونستطيع إفادتكم.. وبعد:
ابن أختك الصغير وبما تصفينه سيادتك في أثناء عرضك للمشكلة ربما يعاني مما يسمى "بفرط الحركة" وهو أحد الاضطرابات التي تظهر لدى الأطفال...
إذن كيف يتم التشخيص؟ ومن الذي يقوم به؟
يتم تشخيصه من خلال بعض المقاييس النفسية التي يقوم بها الأخصائي النفسي، سواء في التأمين الصحي الخاص بالأطفال بما أنك في مصر، وكذلك يتم في المستشفيات العامة التي تتضمن قسما نفسيا، بالإضافة إلى المراكز الخاصة...
وفي هذا الاضطراب "فرط الحركة" لا يستطيع الطفل أن يجلس على الكرسي أو المقعد لدقائق بسيطة، وحتى لو أجبر على الجلوس فهو يجلس غير مستقر فتجدينه يتحرك على الكرسي صعودًا وهبوطًا... بلغة المصريين "يفرك على الكرسي"، ليس ذلك فقط بل يتنقل من مكان لمكان، ومن حركة لأخرى...
وتظهر تلك التصرفات العدوانية التي تشتكي سيادتك منها، سواء بقصد منه أو دون قصد، نتيجة لسرعته وحركته غير المنظمة.. فربما يكسر ويخرب ويصاب لعدة مرات خلال النهار الواحد.
وقد يكون ذلك الاضطراب بمفرده أو يكون -وهذا في أغلب الحالات- مصحوبا بتشتت انتباه فتجدينه لا يركز في شيء، ولا يعير اهتماما لأي شيء.. ويبدو وكأنه شارد.. وينتقل من موضوع لآخر بسرعة، وهو ما يسمى "فرط الحركة مع تشتت الانتباه" والمعروف بـ"ADHD"، ويظهر ذلك أيضا من خلال الاختبار الذي يطبقه الأخصائي النفسي.
والآن ما هو العلاج وكيف يتم؟ ومن الذي يتولاه في حالة إن وجدنا هذا الاضطراب؟
يتم العلاج من خلال:
1- الأدوية، ويقوم بوصفها الطبيب النفسي حسب شدة الحالة.
2- جلسات تعديل السلوك، ويقوم بها الأخصائي النفسي المسئول عن تعيل السلوك، وذلك من خلال برنامج سلوكي يتم إعداده للطفل.
بقي أن أوضح لك أنه ربما تكون الحالة ليست اضطرابا، وتكون حالته صورة من صور الأطفال المدللين.. وظل يدلل حتى تفاقمت المشكلة وأصبحت مشكلة سلوكية، وفي هذه الحالة أيضا سوف يتعامل الأخصائي النفسي مع الحالة بوضع البرنامج السلوكي المناسب لتعديل هذه السلوكيات...
كل ما أرجوه هو عدم إهمال حالته، واكتشافها لوضع الأسس السليمة في التعامل معها... حفظه الله وإخوته لكم.. وطمئنينا عليه وعليكم.
ـــــــــــــــــ(104/66)
في الثامنة.. هل تحضر حصص الجنس؟! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
ابنتي تبلغ من العمر ثمانية أعوام، تدرس في مدارس أمريكية.. وقيل لي: إن من مناهج المدرسة الحديث عن الجنس في الصفوف الابتدائية، ومع أني كنت سأحاول تجنيب ابنتي مثل هذه الدروس، إلا أن خوفي من تلقيها مثل هذه المعلومات من الطلاب من حولها بطريقة خاطئة يدعوني إلى الحيرة، كما أن هذه الدروس إجبارية قد لا أستطيع منعها عن ابنتي.
كنت أتوقع أن يكون الحديث مع ابنتي في هذه الأمور عند البلوغ، لكن يبدو أنها ستتعرف على الجنس وخباياه في فترة مبكرة جدا، لذلك أرجو أن ترشدوني إلى طريقة سليمة لإعداد ابنتي وتسليحها بالمعلومات السليمة، دون أن يؤثر ذلك على براءة طفولتها وعفويتها. بارك الله فيكم وجزاكم عني كل خير.
... السؤال
عالم الجنس , أطفالنا في الغربة ... الموضوع
الاستاذة سها السمان ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أختي الكريمة،
أعانك الله وإيانا على تربية أبنائنا في هذه البلاد.
في البداية، أود أن أوضح أني قد تأخرت في الرد على إجابتك؛ لأن الموضوع ليس بالهين ولا هو رأي واحد أختص به، ولكنني رأيت أن من واجبنا أن نأخذ بآراء كثيرة نستفيد منها جميعا، واسمحي لي قبل أن أرد عليك برأيي الشخصي أن أحيلك لبعض هذه الآراء أولا ثم أرد عليك، وهذا أولهم: رأى الدكتور ممدوح العدل استشاري الطب النفسي وأمين جمعية الأطباء النفسانيين العرب البريطانية: إن تعليم الأطفال رسالة هامة ولكنها ليست سهلة، والطفل يحتاج أن تقدم له المعلومات بالطريقة التي تناسب قدرته على الإدراك، ويجب ألا تكون المعلومات معقدة حتى لا يصعب على الطفل فهمها. كما يجب أن تكون المعلومات متوافقة مع مبادئ الدين وثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه الطفل؛ حتى لا تؤدي إلى اضطراب في مفاهيم الطفل في مرحلة سنية مبكرة.
وقدرة الطفل على التمييز محدودة خاصة في المراحل المبكرة من العمر، ولهذا يحتاج الطفل إلى كثير من التوجيه حتى يتم غرس القيم والمبادئ في نفسه؛ فإذا تلقى الطفل معلومات غير واضحة أو تحتمل التأويل لأكثر من معنى فإن هذا قد يؤدي إلى اضطراب مفاهيم الطفل؛ وهو ما يؤثر على قدرته على الاختيار واتخاذ القرار. وأبسط مثل يمكن أن نذكره هنا هو جهاز الكمبيوتر؛ إذا تمت تغذيته بمعلومات خاطئة أو متناقضة، فإن هذا سيؤدي إلى نتائج غير مفهومه أو خاطئة.
أما بالنسبة لقضية تعليم الأطفال الثقافة الجنسية، فهذه المسألة قد يكون من الصعب تحقيقها بشكل صحي دون أن يؤدي إلى نتائج عكسية أو أضرار بعيدة المدى. فإذا كان منهج تعليم الثقافة الجنسية قاصرا على التركيب التشريحي للأجهزة التناسلية للذكر والأنثى إلى جانب شرح وظيفة هذا الجهاز فربما يمكن وصف هذا بأنه مسألة تعليمية لا تهدف إلى توجيه الطفل إلى مفهوم أو سلوك محدد، ولكن إذا اشتمل منهج أو برنامج الثقافة الجنسية على تفاصيل العلاقة بين الشاب والفتاة أو يتطرق إلى العلاقات المثلية، فإن هذا قد يؤدي إلى توجيه الطفل إلى مفهوم أو سلوك ما؛ وهو ما قد يؤدي إلى أضرار جسيمة بعيدة المدى، وقد يصعب معالجة هذه الأضرار.
ومما وضع كمبرر لبرنامج تعليم الأطفال الثقافة الجنسية أن هذا سيساعد على تقليل معدل حمل المراهقات، وخفض معدلات الإصابة بالأمراض الجنسية المعدية كالإيدز، إلى جانب تقليل معدل حدوث الاعتداءات الجنسية على الأطفال.
والحقيقة أنه حتى الآن لا توجد دراسة أو بحث يثبت أن برامج الثقافة الجنسية للأطفال قد نجحت في تحقيق ذلك، كما أن معدلات حمل المراهقات المتزايدة لا ترجع أساسا إلى الجهل بالثقافة الجنسية بقدر ما ترجع إلى التخلي عن القيم الدينية والأخلاقيات الإنسانية النبيلة، وقد ظهرت حديثا في المجتمعات الغربية مثل الولايات المتحدة الأمريكية دعوات من فتيات تتبنى المناداة بالمحافظة على العفة حتى يتم الزواج، وهذا يدل على أن ازدياد معدل الحمل بين المراهقات مرجعه إلى التفريط وليس إلى الجهل.
أما الوقاية من الإصابة بالأمراض الجنسية المعدية وعلى رأسها الإيدز، فإن أهم طرق الوقاية هو العفة والالتزام الأخلاقي، وتجنب العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وبالطبع تجنب العلاقات المثلية الشاذة. أما مشكلة الاعتداءات الجنسية على الأطفال والتي تشكل ظاهرة خطيرة، فترجع أساسا إلى وجود الأطفال تحت رعاية أشخاص غير أهل للمسئولية، ولا يتحلون بالقيم، وغالبا ما يكونون من مدمني الخمر أو العقاقير المخدرة أو من يعانون من سلوكيات شاذة.
ومن المعروف أن قدرة الأطفال على التمييز بين الصواب والخطأ قدرة محدودة نسبيا ويكتسبها الطفل من خلال التربية والتعلم في داخل نطاق الأسرة والمجتمع بما فيه من مؤثرات ومؤسسات تعليمية وإعلاميه، بالإضافة إلى تأثير الزملاء والأصدقاء والإنترنت، ولهذا من المهم جدا أن نتحرى الدقة في نوعية المعلومات وطريقة توصيلها للأطفال.
والطفل عموما لديه ميل قوي للفضول والاستطلاع، ورغبة في تقليد الأشخاص الذين يتأثر بهم، وحب الاستطلاع والرغبة في التقليد قد يتغلبا على قدرة الطفل على التمييز بين الصواب والخطأ، ولهذا يجب أن يهتم المشرفون على تعليم الأطفال بهذا الجانب؛ فإذا وجد الطفل نفسه معرضا لخبرة تثقيفية تتحدث عن علاقات تعد في مستواها أكبر من قدرته على الإدراك فربما تتغلب رغبته في التقليد أو ميله نحو الاستكشاف والفضول إلى أن يجرب دون أن يفكر في عواقب هذا السلوك، وهنا مصدر الخطر.
أما عن رأى الدين فيقول د. عبد العظيم المطعني، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: أنا ضد الاتجاه أو الدعوة التي تنادي بتدريس "الجنس" للطلاب في مراحل التعليم المختلفة في إطار مادة مستقلة اسمها "التربية الجنسية"؛ لأن هذه الدعوة ستؤدي إلى تنبيه الأطفال مبكرا وتشوقهم لممارسة هذه الغريزة، وسيترتب على هذا الأمر بطبيعة الحال كوارث كثيرة.
وإذا كان البعض يبرر دعوته لتدريس مادة التربية الجنسية للطلاب بأنهم في حاجة لتوسيع مداركهم خاصة وهم يشاهدون القنوات الفضائية، ويعيشون في عصر الفضائيات المفتوحة والعولمة، فإن هذا الأمر مردود عليه بأن البشرية الآن قد بلغت عمرا طويلا بدايته غير معروفة، وما احتاجت إلى تخصيص مادة للتربية الجنسية. وأرى أن هذه الدعوة هي مخطط من مخططات العولمة التي بدأت في مؤتمر السكان بالقاهرة.
والقرآن الكريم في آياته لم يتعرض للجنس وإنما يخاطب الأزواج في مسألة الجماع، ولم يخاطب النشء أو الأطفال، ويخاطب الزوجات، أما أن ندرس المواد الجنسية للطلاب الصغار فهذا خطأ كبير؛ لأن فيه تدميرا أخلاقيا لهذا الجيل والأجيال القادمة.
ويقول الشيخ فوزي فاضل الزفزاف، رئيس لجنة حوار الأديان بالأزهر الشريف: قبل أن نتحدث عن ضرورة تدريس الجنس في المدارس فلا بد أن نحدد ما هو المقصود بالجنس أو مادة التربية الجنسية قبل أن نطالب بتدريسه في المدارس، ولا داعي لخلط الأوراق؛ فالقرآن الكريم أو الفقه الإسلامي لا يوجد فيه جنس إنما هي أحكام شرعية تتعلق بالحيض والنفاث والجماع في عبارات راقية مهذبة، كما قال تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}، هل يعد "الرفث" هنا جنسا؟!.
إن الفقه الإسلامي عندما تعرض لهذه المسائل تعرض لها في حياء شديد، وتناولها بهدف تعريف الناس بالشروط الصحيحة التي تؤدي في النهاية إلى العبادة بطريقة صحيحة وسليمة.
ويرى د. محمد المسير، أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن جميع المسائل الخاصة بتشريح الجسم حتى الأعضاء الجنسية موجودة في المناهج التعليمية، وعمليات التكاثر والإنجاب ومسائل الجماع والحيض موجودة أيضا في المناهج الدينية.
ويقول د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر: "أنا لست مع تخصيص مادة للتربية الجنسية، بل أنا مع النظام التعليمي الذي يسير عليه الأزهر الشريف في تدريسه للمسائل المتعلقة بالجنس من أحكام؛ كالتي يتناولها كتاب الطهارة وآداب المعاشرة الزوجية.. فكل هذه الأمور تناولها الفقه الإسلامي بأسلوب راق، كما تناولها القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أما إذا درست هذه المواد بالشكل الذي تدرس به المواد الأخرى، فسيكون لهذا الأمر آثار سلبية وتعبيرات استفزازية مثيرة قد تؤدي إلى نتائج غير مأمونة العواقب.
وفي الأزهر الشريف يدرس الطلاب من الابتدائية في مواد الفقه الإسلامي وبأسلوب راق ما هو الطاهر وما النجس والمحرم في آداب المعاشرة الزوجية والجائز، وبشكل يحترم حياء الفتى والفتاة.. لذلك فنحن لسنا في حاجة إلى تدريس مادة تسمى التربية الجنسية؛ لأن الأمر سيلفت أنظار الصغار إلى أمور نحن في غنى عنها.. وأقترح أن يدرس طلاب المدارس أبواب الفقه الإسلامي التي يدرسها طلاب الأزهر، والتي تتناول أحكام الطهارة والمعاشرة الزوجية والحيض والنفاث إلى غير ذلك؛ لأن هذا أفضل للجميع.
أما عن رأيي الخاص، الذي أدعو من الله أن يساعدك، فهو: علينا أن نفكر في الرزق الذي أرسله الله لنا، ولا نعتقد بأن السعي وراء الرزق هو معناه أن نسعى وراء المال والأملاك، ولكن الرزق الذي لا يعوض ويبقى حتى بعد الممات، وسيحاسبنا الله عليه أشد الحساب أو يكافئنا عليه بجنات النعيم هو الأبناء، فعلينا التفكير في كيفية استثمار هذا الرزق.
ولذلك فأنا ضد إرسال أبنائنا إلى حضور مثل هذه الدروس، ولعلى كتبت رأيي بعد أن تقرئي الآراء الأخرى حتى لا أطيل عليك وأعيد في الكلام. كما أنه لا يعقل أن أدرس لطفل في المرحلة الابتدائية ما يقوم بدراسته طالب الثانوية العامة أو على الأقل طالب المرحلة الإعدادية، ولماذا يضع المشرفون على التعليم ما يفرقون به بين المراحل التعليمية من المواد المدروسة، ويحرصون على تطبيقها بالطرق الصحيحة ويتركون هنا من لديه مبادئ أو ليس لديه أخلاقيات يقوم بتدريس هذه المادة، والكل يدرسها من وجهة نظره.
فلماذا يريدون التدريس لطفل المرحلة الابتدائية ما يصعب فهمه على طالب المرحلة الإعدادية، وهل يعتقدون أن هذا الطفل سيكون بالإدراك الكافي لكي يميز الصحيح من الخطأ؟ كيف؟!! ولكن طبيعة الطفل هي التقليد، وإذا شاهد شيئا فسوف يقلده إن لم يكن أمام الكبار فسيكون من خلف ظهورهم؛ حتى لا ينهره أحد.
ولا أعرف ماذا يدرس في الولايات المتحدة، وما هي المواد التي سيشاهدها الطفل، ولكن هنا في المملكة المتحدة تحدثت إليَّ صديقة في يوم وأخبرتني أنها ذهبت إلى مدرسة ابنتها لكي تشاهد الأفلام التي ستعرض على طلاب الصف الخامس الابتدائي، ولن أطيل في شرح الأفلام، ولكن أحدهم كان عن تعليم الأطفال كيفية ممارسة العادة السرية، والآخر عن العلاقة الزوجية والجماع بالكرتون بين الذكر والأنثى، وشريط آخر عن أنواع العائلات، ومنهم بالطبع العائلة من النوع المماثل؛ إما رجلين أو امرأتين والعياذ بالله (اللواط أو السحاق)، وأن من حق كل إنسان أن يختار ماذا يحب أن يكون بالمستقبل.
ونرى الآن أنهم يقومون بتعليم الطفل كيفية ممارسة العادة السرية، فكيف لنا أن نقول لأبنائنا بعد مشاهدة هذا الفيلم إن هذا خطأ، فلم نتعود أن تخطئ المدرسة في أي معلومة، وإنما مصدر المعلومات يأتي منها، فكيف لي أن أقول في هذه إنها ليست صحيحة، والآن جاء دور الطفل ليكتشف بنفسه هل المدرسة مخطئة أم ربما والداه يمنعانه من عمل شيء مثير، وهنا مكمن الخطر، فعلى الطفل أن يقوم بالتجربة بنفسه حتى يتأكد من منهم على صواب؛ الآباء أم المدرسة، وبالطبع هذا الجزء من الجسد يخص الطفل ولن يراه أحد إن قام بفعله في أي مكان مغلق عليه وتقع الكارثة.
أما عن العلاقة الزوجية وكيفية تنفيذها فإن لم يستطع الطفل أن يحصل له على شريك -طبعا لرفض الأبوين هذا- فعليه أن يحاول أن يرى بنفسه كيف تحدث ولا سبيل إلا إذا قام بالتصنت على أبويه، ولهذا نتذكر جيدا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نعلم أبناءنا الاستئذان على الوالدين قبل الدخول عليهما، وإلا تفتحت أذهان الطفل على هذا، فلماذا الاستئذان إذن؟ ففي الغرب وفى بعض الحالات من السهل أن يرى الطفل أبويه يقومان بعملية الجماع والعياذ بالله.
والآن من منا يريد أن يمر أبناؤه بهذه التجارب؟ وللأسف الشديد في كثير من الأحيان بعد عرض هذه الشرائط على الأطفال وشرحها لهم قام الأطفال ليختار كل منهم رفيقا له لكي يقيم معه علاقة، وقالت لي صديقة: إن ابنتها أخبرتها بأن صديقتها ذات العشر سنوات تقول لها إنني أتمنى أن أتزوج، ولكن أعرف أن والدتي سترفض لأنني ما زلت صغيرة، ولكن من الجيد أن لي صديقا وأخرج معه ونفعل كل شيء.
إذن، فعلينا أن نجنب أبناءنا كل هذا حتى وإن تحججت بأنها مريضة في هذا الأسبوع على أن لا تخبري المدرسة برأيك في هذا الموضوع قبل ذلك، وإن خفنا أن يتلقى الطفل المعلومات من أصدقائه فنحن نستطيع أن نكذبهم وأن نقول إنهم لم يفهموا الذي درِّس لهم، ولكن لن نستطيع أن نكذب عين الطفل إذا شاهد هذه الأشياء بنفسه. وأما إذا تفتحت أذهان ابنتك وأرادت أن تعرف وتسأل فأجيبي عليها بمنتهى الصراحة، ولا تحاولي أن تقللي من شأن الرد على السؤال أو أنها لن تفهمك؛ فلكل طفل قابليته على فهم المعلومة، وإذا سأل فمعناه أنه يدور بداخله أشياء كثيرة، ومن الممكن أن يكون قد سمعها من الخارج، وعند الرد عليه علينا أن نبرز الضرر الناتج عنه قبل كل شيء.
والأهم من ذلك، عليك البحث عن مدرَسة دينية، فإن لم تجدي إسلامية فهناك من المدارس المسيحية الملتزمة بالأخلاق فابحثي عنها، وتحدثي معهم واعرفي وجهة نظرهم؛ لأن هؤلاء الأشخاص إذا التزموا بتعاليم دينهم فسنجدهم قريبين منا إلى حد بعيد.
امنعي طفلتك من الذهاب إلى المدرسة في كل هذا الأسبوع، وتحججي بأي شيء؛ أنت مريضة أو ابنتك، ولكن لا تلفتي نظر الطفلة إلى هذا الشيء، وأنك تريدين أن تجنبيها أي درس؛ لأنها إن فهمت ذلك فسوف تبحث عن المعلومات بنفسها.
الأمر الآخر الذي يمكن أن يكون بعضنا قد غفل عنه ألا وهو وسائل الإعلام والإنترنت، فعلينا جميعا مراقبته مراقبة جيدة، والاستماع إلى البرامج الغربية والإنصات إلى كل ما يدور فيها، حتى وإن كانت برامج الأطفال، فعلى الرغم من أنهم يقدمون برامج شيقة ومواد غنية بالمعلومات المفيدة، فإنهم في الوسط يدسون آراءهم التي يمكن أن تكون مخالفة لمعتقداتنا أو تقاليدنا.
وأدعو من الله أن أكون قد استطعت مساعدتك. وفقك الله إلى ما فيه الخير، وأعاننا جميعا على مثل هذه الظروف، ونحن معك دائما.
ـــــــــــــــــ(104/67)
أصرخ وتصرخ.. والضحية ابنتنا! ... العنوان
السلام عليكم..
ابنتي تبلغ من العمر سنتين ونصف وهي البكر ولدينا طفل عمره 1 سنة، المشكلة باختصار في أن ابنتي "حساسيتها مفرطة" في مشاعرها!!! بمعنى أنها لو رأت أي مشادة كلامية أو شجار سواء في الواقع أو في التليفزيون (تتوتر وتبكي وتخاف)، وأحاول بهدوء تهدئتها لكنها تكون مذعورة، وللعلم فإنني وزوجتي كنا دائمين الشجار والمشادات بل والضرب!!! وكانت هي ترى بعينيها هذا كله، لكننا اتفقنا أن ننتهي عن هذه التصرفات أمامها.
المشكلة الآن كيف نمحو هذه الذكريات السلبية لديها وكم سيستغرق هذا من الوقت؟ أم أنها قد اختزنت كل هذه المشاهد في اللاشعور ولن تنساها أبداً؟؟ وهل هناك علاج سلوكي معين يمكنني اتباعه معها؟
... السؤال
مفاتيح تربوية, أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سيدي الفاضل..
الحل ببساطة هو أن تتباعد هذه الأحداث ولا تعود أمامها أبداً؛ لأن ذاكرة الأطفال لها قدرة على الاختزان لفترة، فإذا لم يتم تجديد الحدث فإنه ينسى، ولا يستطيع الطفل تذكره ولكن لو حدث وتكرر الأمر حتى ولو لمرة واحدة فإن الأمور تعود أسوأ؛ لأن كل الذكريات تعود مرة أخرى إلى ذاكرة هذه الطفلة وبالتالي أيضاً انفعالاتها السلبية حول الأمر.
الأمر يحتاج منكما -أنت والأم- إلى تصميم حقيقي إلى عدم العودة لمثل هذه السلوكيات المدمرة لنفسية الأطفال، وإذا كان ثمة خلاف فليكن في غرفة مغلقة بعيداً عن الأطفال تماماً بحيث لا يعلو صوت يذكر الطفلة بما كان سابقاً، وقد تكون هذه فرصة بالنسبة لكما لكي تتعودا على كيفية تحلان بها خلافاتكما بهدوء وموضوعية حتى تحافظوا على نفسية أطفالكما.
وأرجو أن تستعينا في ذلك بمقالنا المعنون (آليات عملية لحل الخلافات الزوجية) على صفحة حواء وآدم، المشكلة ليست لدى الطفلة، ولكن المشكلة عندكم والعلاج بالتالي هو عندكم، ونرجو أن تلتزموا بذلك التزاماً قويًّا وحرفيًّا.
ـــــــــــــــــ(104/68)
يفلتر حياة ابنته خوفا من تقليد الآخرين ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
الدكتور الفاضل، كل عام وأنت بخير.
لدى خلاف حاد بيني وبين زوجتي من ناحية تربية الأولاد؛ فمثلا سمعت ابنتي البالغة من العمر 3 سنوات تقول لفظ "فلان حمار"، فقلت لزوجتي: من أين أتت بهذه الكلمة؟ فقالت لي: من أولاد أختي، فقلت لها: إن هذا لن ينفع!!.
فقالت: "هم في كل الأحوال سينزلون إلى الشارع ويعرفون هذه الألفاظ، سواء اليوم أو غدا سيعرفونها "يعني مش فارقة"!!.
دكتور، كيف أرد عليها وأقنعها؟ وكيف أستطيع أن "أفلتر" filtering الأشياء غير المرغوبة والسلوكيات السيئة التي يراها أولادي عند أولاد الآخرين حتى لا يتأثروا بها أو يقلدوها؟
... السؤال
مشكلات شقية, التقليد والبذاءة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم،
أقدر أهمية مشكلتك بالنسبة لك، لكننا فعليا لن نستطيع أن ننقي الواقع مما فيه، وسيتعرض أبناؤنا بالتأكيد للسلبيات الموجودة في هذا الواقع، فلا توجد طريقة تمنع الأبناء من أن يسمعوا أو يروا، ولكن توجد طريقة لأن نكون قريبين منهم متفاعلين معهم بحيث أننا أولاً فأولا نعرف ما يحدث ونتفاعل مع ما يسمعون ومع ما يرون، ونتيجة لحالة القرب ولحالة التواجد معهم نبدأ في توجيههم وتعليمهم الصواب من الخطأ مع الشرح لهم لماذا هذا خطأ، ولماذا هذا صواب، ولماذا لا نقول هذا اللفظ، ولماذا لا نقوم بهذا التصرف، وبالتالي يكون التوجيه عمليا ومتفاعلاً مع الواقع.
إن الحل بالمنع من الاختلاط لن يحل المشكلة؛ بل سيفقد هؤلاء الأطفال القدرة على التواصل مع المجتمع، ومهما طالت فترة إبعادنا لهم عن الواقع أو تربيتهم في حضانة مبسترة، فإن الحقيقة أنهم ولا بد سيخرجون للواقع إن عاجلاً أو آجلاً.
إن السلبيات الناتجة عن الاختلاط والتفاعل أقل بكثير من سلبيات الانعزال بشرط أن نكون هناك متفاعلين بهدوء وليس برد فعل غاضب وعنيف لا يؤدي إلى التعليم. لا بد أن نكون مع أطفالنا، نتفاهم معهم، نتحاور حول كل شيء يسمعونه أو يرونه، سواء مع الأقارب أو في الشارع أو في أجهزة الإعلام، فالمعركة في الحقيقة نقف فيها وحيدين مع أطفالنا، ولن يجدي الهروب منها أو تأجيلها بالانعزال أو رفض الاختلاط؛ فالأمر لن ينصلح إلا بالتفاعل التربوي الدءوب والمستمر، فالتربية عملية صعبة طويلة مستمرة، وهي على عاتقنا ولن نستطيع منها الفرار.
أعانك الله على مهمتك، وأهلا بك دائما
ـــــــــــــــــ(104/69)
اليتيم من التوجيه بالجملة للاحتواء ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله خيرًا على الخدمة الجليلة التي تؤدونها للمسلمين، ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه، أما بعد..
فمشكلتي مع أخي الصغير إسلام أنه عنيد جدًّا جدًّا جدًّا، وذكي جدًّا جدًّا أيضًا فهو آخر العنقود كما يقولون، وقد دلّله أبي -رحمه الله تعالى- كثيرًا لدرجة أنه لم تكن توجد قواعد يمشي عليها أو يتبعها، وبعد وفاة أبي نحاول أن نوجهه جميعًا وكلنا أكبر منه أصغرنا يكبره بـ10 سنوات، وأعتقد أن هذا أحد أسباب العناد فهو يشعر أنه بعد وفاة والدي أننا سننفرد به ونضربه، وكذلك لتضارب الآراء والأساليب، فهو يتعبنا جدًّا في الصلاة وحفظ القرآن ويعاند، ويقول "ملكوش دعوة وهو أنا اللي حخش النار ولا أنتو، أنا عايز ربنا يكرهني"، وهذا أشد ما يتعبني، ويحملني على الصراخ في وجهه وضربه في بعض الأحيان مع قلتها جدًّا؛ ولذلك قررت أن تقوم أمي وحدها بتربيته وإدخالي في الصورة -كأخيه الكبير-، ولا بد من وجود العنصر الرجالي في التربية مع عدم تدخل بقية أخوتي في أسلوب التربية نهائيًّا، وإن كان هناك رأي فليقولوه بعيدًا عنه تمامًا.
كما نريد أن نعرف هل في هذه السن 10 سنوات لا بد أن يصلي في المسجد أم نأخذه بالتدرج في الصلاة، وأعود وأكرر أنه في حياة أبي لم يكن هناك من يحاسبه أو يعاقبه. وسؤال أخير أريد أن أعرف خصال وخصائص هذه المرحلة العمرية العقلية والنفسية والسلوكية حتى يمكنني التعامل معه بشكل صحيح، ولكم جزيل الشكر والتقدير، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
وكأن هذا الطفل الصغير لم يكفِه أن يفقد أباه في هذه السن الصغيرة فجئتم لكي توجهوه جميعكم.. ليخرج كل منكم ما لديه من أجل إصلاح اعوجاج هذا اليتيم.. والذي بدلاً من أن نفكر كيف نحتويه عاطفيًّا ونفسيًّا من أجل ألا يفتقد أباه رمز الحماية والعطف، بل أصبح عُرضة لكل من يريد أن يربي أن يطبق عليه نظرياته، هذا الطفل الآن في حال رد فعل لتصوره أنكم تريدون أن تفرضوا أنفسكم عليه، وبالتالي فالرسالة الحقيقة التي تخرج هذا الطفل عن هذا الشعور هو أن يكون دورنا هو أن يشعر أنه لو فقد أبًا واحدًا فقد عوّضه الله بعدد من الآباء بعدد إخوانه، ولكن الأبوة بمعناها الحقيقي من حب وحنان وعطف واحتواء..
ما تحتاجه أنت مع هذا الطفل أن تعطيه حقوقه أولاً.. أن تمنحه ما يفتقده قبل أن تطالبه بالواجبات.. إن الأبناء يخضعون لسلطة الآباء، ولكن بعد أن يكون الآباء قد قدموا من الرصيد العاطفي والعطاء ما يسمح لهم بممارسة سلطاتهم، ولكن الحقيقة أنكم جميعًا دخلتم تطالبون بحقوقكم في ممارسة التوجيه لهذا الطفل دون أن يأخذ منكم حتى حق الأخوة.. وهكذا تتضح الصورة ببساطة..
لا تبدأ بالأوامر والطلبات حتى في الصلاة والقرآن؛ لأنك ستحصل على إجابات مشابهة لما سمعته وليس الأمر متعلقًا بالقرآن أو الصلاة في حد ذاتها، ولكنها بهذا الطلب والذي عندها لن يكون أمرًا جافًّا مجردًا، ولكن سيكون جزءًا من التفاعل والتواصل والتي سيكون بتدرج وبتفاهم وبحب، أي أنه سيفعل ما تطلبه منه؛ لأنه يحبك وليس لأنك الأكبر الذي يجب أن يطيعه.
أرى أن تطبقوا هذا الأمر أولاً وتبدءوا بتغيير سياستكم في التعامل معه، وأن تتواصلوا على ما اتفقتم عليه من توحيد سلطة التوجيه، وفي سياسة الاحتواء والتعويض عن هذه الصدمة النفسية والهزة النفسية التي تعرض لها بفقد الأب.
ـــــــــــــــــ(104/70)
جعلوني مجرما".. غياب العقاب السليم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابني يبلغ من العمر 7 سنوات -في الصف الثاني الابتدائي- وكل يوم يأتي من المدرسة ومعه أشياء ليست ملكه وكم من مرات أقول له لا تأخذ أشياء من أصدقائك في الفصل ولكن لا يسمع الكلام وآخر مرة فتح شنطة زميله وأخذ منها لعبة وعندما واجهته قال لي إنه سيلعب بها ويرجعها، وضحت له أن هذه سرقة وأن هذا حرام وتكرر الموضوع كثيرا.
الأمر الثاني أنه في منتهى "الشقاوة" ولا أستطيع السيطرة عليه، أيضا هو ذكي جدا الحمد لله ولكنه لا يحب الدراسة رغم تفوقه دراسيا؛ فمرات درجاته المدرسية في الامتحانات تكون النهائية وأحيانا تكون أقل من النصف. لا أعرف حلا لهذه المشكلة. وجزاكم الله خيرا
... السؤال
مشكلات شقية, الكذب والسرقة ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم أبا باسل، وبارك الله في ولدك.
بداية أطمئنك سيدي أن السرقة عند الطفل لها مدلول يختلف عن المدلول الذي لدينا نحن الكبار فهي غير مرتبطة باللصوصية التي نعرفها في المجال الأخلاقي.
- فقد يسرق شيئا لأن لديه الرغبة في امتلاك الأشياء (كالأدوات المدرسية التي تعجبه وهو لا يملك مثلها) وبعد استمتاعه بها يعيدها مرة ثانية إلى صاحبها.
- وقد يسرق لينتقم من صاحب الشيء المسروق الذي يكرهه.
- وقد يسرق نتيجة التدليل أو القسوة والشدة.
- وقد يسرق لافتقاده العطف والحنان والدفء الأسري.
- وقد يسرق ليحتل مكانة مرموقة بين زملائه يتفاخر بما يملك.
- وقد يسرق تقليدا للآخرين من أقرانه.
- وقد يسرق ليتخلص من مأزق وقع فيه.
- وقد يسرق ليشغل وقت فراغه
- ويمكن أن تكون سرقة ابنك لأشياء أصحابه على أحد شكلين :
إما سرقة بريئة أي أن يجهل ما نسميه الملكية الخاصة وأن لكل شخص فينا ما يمتلكه شخصيا ولا يمتلكه غيره واضرب له مثلا بنفسه وبأنه يملك (اللعبة الفلانية أو الشيء الفلاني) الذي لا يملكه فلان وفلان من زملائه "ولا يحق لهم أن يأخذوه منك يا حبيبي" وتوجه له سؤالا مباشرا" أليس هذا صحيحا؟!" وامش معه في الحوار ليقتنع بالفكرة المطروحة ثم أخبره "وكذلك زملاؤك والآخرون لا يجب عليّ ولا عليك أن نأخذ ملكياتهم الخاصة ".
أو إن سرقته تندرج تحت شعوره بالنقص في العاطفة والحنان والدفء الأسري ويبحث الطفل عمن يعطيه هذا الحنان فلا يجده فيعوض ذلك بالسرقة دون أن يعطى أهمية مادية للشيء المسروق بقدر ما هو تنفيس عما يعانيه من حرمان (رغم أنه تنفيس سلبي من وجهة نظر الكبار).
ويمكنك أن تعالج تلك المسألة مع ابنك من خلال الخطوات الآتية:
1- ابحث عن السبب الذي يدفعه لمثل هذا التصرف؛ لأن معرفة السبب ستساعدنا على تحديد أفضل وأقرب وسائل العلاج.
2- حاول أن يكون توجيهك له بوسائل متنوعة مرة بالكلمة ومرة بالنظرة ومرة بالفعل كأن تذهب معه مثلا ليعيد الشيء إلى زميله بنفسه بطريقة مقبولة لا تشعره بالإهابة حتى لا يفقد الثقة بنفسه.
3- أن يتربى من المحيطين به خاصة أسرته على القدوة الحسنة في محافظتهم على ملكية الآخرين والاستئذان عند طلبهم أشياء الآخرين ويمكنك أن تعلمه ذلك من خلال مواقف ولو تمثيلية منكم له حتى يتعلمها.
4- أن يفهم معنى الملكية الخاصة وحقوق الآخرين.
5- لا بد من تحقيق الإشباع العاطفي له منكم.
6- ربط الطفل بمجموعة من أصدقائه ذوي الخلق الطيب ودمجه معهم.
7- غرس الوازع الديني لديه الذي يحض على الأمانة والصدق واحترام حقوق الآخرين.
8- تعاون مع الأخصائي الاجتماعي والأخصائي النفسي بالمدرسة لكي يكون العلاج من طرفي التربية (البيت والمدرسة) فيكون علاجا ناجعا، مع التأكد بالطبع من حسن تفهمهم وتقديرهم للأمور وقدرتهم على العلاج.
9- معاقبته إن فعل ذلك التصرف السلبي مع تنوع وسائل العقاب واختيار الوسيلة الأكثر تأثيرا فيه دون أن تكون نتيجة العقاب تفوق الخطأ نفسه وتنعكس بالسلب على شاكلته فتذكرنا بعنوان الفيلم المصري (جعلوني مجرما).
ومع مزيد من الصبر والتأكد منك بأن الزمن جزء من العلاج تأكد أن ابنك سيكون من خير الأبناء وأفضلهم وسيكون لك ولأمه قرة عين.. نسأل الله ذلك.
ـــــــــــــــــ(104/71)
تربية الأبناء.. ضد تيار الأهل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شخص ملتزم، أحفظ القرآن والحمد لله، أعيش في منزل على ملك والدي، يبعد عن منزلهم حوالي 5دقائق، وأراهم يوميا لفترة قصيرة، وأذهب إليهم بصحبة زوجتي وابني مرتين كل أسبوع تقريبا للغداء عندهم، وأترك زوجتي تمضي معهم المساء.
والدي طبيب، وأمي معلمة، مشكلتي في أن والدي لا يصلي (أخشى أن يكون جحودًا) يشرب الخمر، أمي تصلي ولكنها غير ملتزمة، وقد انتقدت زوجتي مرات عديدة عندما تحجبت. وهما علاوة على ذلك كثيرا ما ينتقدان طريقة حياتي ويعتبران أن حفظي للقرآن والتزامي بالجماعة تطرفا ومبالغة في التدين وإضاعة للوقت وحرمانا لنفسي من متع الدنيا.
أنا الآن أخشى كثيرا تدخلهما في تربية ابني على الطريقة التي أريدها، أن يقوما بجهود عكسية، أو أن يقوما بانتقادي أمامه، مما قد يؤثر على نفسيته، ويؤدي إلى تذبذبه وشكه في صحة ما أريد حمله عليه، إلى حد اختياره لنمط عيشهم. وهذه الشكوك ليست مجانية، فمن الآن بدأا يقولان إن لهما الحرية في فعل ما يريدانه
معه، وأنه يجب علي أن أتركه حرا يختار الطريق التي يريد عندما يكبر، وأن محاولة تحفيظه القرآن منذ صغره تطرف وكبت له.
أفيدوني من فضلكم في كيفية التعامل مع هذه الحالة بدبلوماسية لا تستفزهم أو تؤدي لردود فعل لا نريدها جميعا مع العلم بأن عدد الساعات التي أقضيها معه هي ثلاث ساعات بدون اعتبار وجودي في المنزل وهو نائم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... السؤال
مفاتيح تربوية, التربية الناجحة, أسر مضطربة ... الموضوع
أ.محمد عبدالجواد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تقسو علينا الحياة ونحن نسبح فيها أحيانًا عندما تضع العراقيل أمامنا، فنعاني جهدين، جهد السباحة أولاً، وجهد مقاومة التيار ثانيًا، ولقد وضعتك الظروف في هذا الاختيار فأنت لا تسأل عن كيف تربي ابنك، بل تواجهك صعوبات كبرى تتمثل في تدخلات الأب والأم الذين يرون طريقك ليس هو الطريق المأمول.
وبداية يا صديقي، فإنني أوصيك كما أوصانا القرآن ببرهما ورعايتهما، ومعاملتهما المعاملة الحسنة التي تليق بإنسان متدين مثلك يعرف أحكام الإسلام ويحفظ القرآن الكريم، ومحاولة دعوتهما لطريق الصلاح بطريق غير مباشر يجعلهما يتقبلان التوجيه بصورة تدريجية، كأن تشاركهما مشاهدة بعض الفضائيات التي تدعو للالتزام وأنت جالس معهما في المنزل بصورة طبيعية، ويا حبذا أن تبدو بشكل هادئ، وأن تكون أقرب للتيسير منك إلى وضع الأحكام لو دار بينكما النقاش في أي موضوع من موضوعات الإسلام.
ثم لتهيئ نفسك لكسب الجولة في هذه المشكلة التي تعانيها وتتسلح بأسلحة الهدوء والصبر والوعي الكامل بمشكلتك حتى تحسن التعامل معها ووضعها في مكانها الصحيح، وبغير هذا الاستعداد النفسي الكافي لن توفق خطاك، ولن تتعامل مع مشكلتك أو تنجح في الوصول بسفينتك إلى بر الأمان.
ولا بد أن توصل لهما بشكل هادئ وغير مباشر رغبتك في تربية ابنك على ما تربيت عليه، ولا تفصح عن تفاصيل خطتك كلها معهم حتى لا تستثيرهم، فقد يكون سبب قلقهما هو الخوف مما يجره التدين الصحيح على صاحبه من إيذاء في الحياة لاسيما مع الحرب العالمية المستمرة في التخويف من التدين ومحاولة تجفيف منابعه.
ومن ناحية أخرى عليك أنت أن تراجع نفسك دائمًا وتحاول أن تبحث عن المنطقة التي تتفق فيها معهما، وحاول ألا تتجاوزها وأن تتقبل وجهة نظرهم في القضايا التي يحتملها النقاش ولا تقف دائمًا في المنطقة المختلف فيها معهم.
أما عن ابنك وسر تخوفك فإن هذا يستدعي منك أن تكون قريبًا منه وأن يكون الحنان مصدره منك بشكل أكبر، ويفضل عمل برنامج للطفل عن قصص الأنبياء وسيرة الرسول بحيث يشغل بذلك عن طريق الكمبيوتر والفيديو، فضلاً عن استصحاب الطفل إلى حضانات إسلامية وتحفيظه أناشيد ومأثورات إسلامية بالإضافة إلى الإصرار على تحفيظه للقرآن الكريم.
أما عن زوجتك فينبغي أن تحاول تقوية الوازع الديني لدى ابنكما وتعريفه بالمبادئ الإسلامية وكل ما يذكره بالله عز وجل، ومحاولة تقوية الوازع الداخلي لديه وأن الله سبحانه وتعالى مطلع عليه ومحاولة تحفيزه في ذلك، ومن الأهمية بمكان أن يكون هذا الأمر بالتنسيق بينكما كزوجين، مع ملاحظة أن هذه النقطة قد تعد أهم وأخطر نقطة في الموضوع حتى لا تصبح حصونك مهددة من الداخل.
إذا تحققت مخاوفك فكن واضحًا بشأن الطريقة التي تود أن تربي ابنك عليها، ويمكنك وقتها في حال تحقق مخاوفك أن تقلل من أوقات الزيارة إلى حد ما، ولا يترك وحده معهما ما أمكن ذلك، وأن تتجنب إثارة النقاش في أي قضايا، وتحاول تحصين ابنك بطريقة غير مباشرة كتحفيظه الآيات والأحاديث التي تدعو إلى النهي عن التصرفات التي تخشى أن يتأثر بها من خلالهم، وتحاول إقناعه بالعقل والمنطق وتجري معه الحوار بحيث يكتسب قناعة قوية في هذا المجال.
ومن النقاط الهامة بشأن استعدادك الداخلي للتعامل مع هذا الابتلاء الذي ستوفق إن شاء الله في التعامل معه واحتوائه أن تجهز ردودًا قوية ومقنعة وهادئة وسريعة لطفلك عن أسباب عدم تنفيذ الجدين لأحكام ومبادئ الإسلام مثل أن الوالدين تربيا في ظل ثقافة أجنبية، أو أنهما لم يتلقيا حظهما من هذه التعاليم في الصغر مثلك،الخ.
ومن ناحيتك أنت فحاول أن تقرأ قراءة عميقة بأسباب تخوفهما من التدين فإذا كان بيدك أشياء من الممكن أن تفعلها فلا تتردد في ذلك طالما أنها لا تضر بثوابتك الدينية وأعرافك المجتمعية. ودائمًا تفاءل خيرًا لعل الله سبحانه وتعالى أن يزيل تخوفك ولا تدري يا صديقي لعل ابنك الصغير هو الذي يغير تصرفات أجداده لأن كلماته البريئة التي سيتلقاها الجد تكون منطلقة من فطرته، وسيتلقاها الجدان بابتسامة ندية قد تفتح مغاليق قلوبهما.
ويمكنك الرجوع إلى الروابط أسفل الاستشارة، والتي تناولت أنماطا مختلفة من تدخل الأهل وتأثير البيئة المحيطة في تربية الطفل وكيفية التعامل مع هذا الأمر
ـــــــــــــــــ(104/72)
عاقبي ابنتك ولكن.. أشعريها بالأمان! ... العنوان
السلام عليكم..
ابنتي غادة فتاة ذكية جدا جدا، ومن الواضح أنها تستطيع أن تستوعب أمورا أكبر من سنها، لقد كانت في عمر سنة وسنتين كثيرة الحركة وكنا نقيم في بلد أجنبي، عدنا للوطن وكان عمرها سنتين، لكن للأسف بعض الأهل لم يتفهموا كثيرا حركتها التي ازدادت عند عودتنا وتفاجئها بوجود الأهل الذين لم تكن تتذكرهم..
المهم أن جدها كان يصرخ عليها ويهددها أحيانا عندما تزعجه بحركتها وما نتج عن ذلك رد نفسي أدى إلى تعلقها بي بشدة وبدأت تخاف الناس وكانت تبكي أحيانا في الليل وتبدو عليها التعاسة بشكل عام.
الآن وبعد عامين أقول بأنني ووالدها استطعنا والحمد لله بعد جهود مكثفة أن نعيدها للحيوية وللحياة الاجتماعية الجيدة.
المشكلة الآن بعد مرور شهر على ذهابها للمدرسة هو أنها كثيرة الصراخ ودائما تعنف أختها الصغيرة التي عمرها سنة ونصف وأحيانا تصرخ على بقلة تهذيب وأنا دائما أوجه لها الملاحظات بسبب ذلك وما من فائدة وأخشى أن الشدة قد تعيدها للحالة السابقة التي تجاوزتها بصعوبة فأرجو منكم إرشادي ولكم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع..
... السؤال
مفاتيح تربوية, التربية الناجحة ... الموضوع
أ.وفاء أبو موسى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عزيزتي الأم:
تنقش مرحلة الطفولة المبكرة في شخصية الطفل معالم سلوكية وانفعالية كثيرة، ويبدو أن طفلتك عاشت أعوام الطفولة المبكرة الأولى في أجواء تربوية جميلة بدت من ملاحظتك عليها بأنها ذكية وكثرة الحركة، وكثرة الحركة دليل على رغبة الطفل في التعلم وحب الاستطلاع والاكتشاف، واكتشاف البيئة هدف أساسي لتلك المرحلة..
أما عن صراخ الجد بالتأكيد هو أسلوب غير إيجابي مع الطفل وغالباً أشعرها بالخوف والقلق اللذين لم تعتد عليهما في أثناء اكتشافها للبيئة سابقاً، أي في عاميها الأولين، وهذا الأسلوب جديد عليها، وبالتالي سينعكس عليها سلباً، وتتعلق بأكثر الناس أمناً وهو أنت ووالدها، وقد ذكرت أنك حاولت مساعدتها لتخطي الأزمة وكنت أتمنى أن أعرف كيف؟
المهم عليك أن تدركي أن طفلتك ما زالت بأشد مراحل العمر حساسية في تكوين الشخصية وعملية تقويم السلوك السلبي عند الطفل، ولهذا أنصح المربين والأهل غالباً بألا يستخدموا أسلوبا واحدا بعينه لمعالجة وتقويم سلوك الطفل بل عدة أساليب، وقد يكون تنوعها هام للطفل، ليس لتقويم السلوك الخاطئ فقط، بل أيضا لتنشئته تنشئة سليمة، وتربيته تربية إسلامية أخلاقية تجعله شخصية قوية مستقبلاً، ومن تلك الأساليب قراءة القصة قبل النوم، حيث تؤلف الأم أو الأب قصة ذات مغزى لما يدور في حياة أطفالهما، ويوجها الطفل للخير وتعديل الخطأ خلال أبطال القصة، وتستطيعين استخدام الحيوانات في سن ما قبل السادسة والأشخاص ما بعد سن السادسة أي في مرحلة الطفولة المتأخرة وهي من سن 6-12 سنة وذكرت لك ذلك لأن هذه المرحلة خطيرة في التربية وأبنائنا في أشد الحاجة لرعايتنا فيها تربويًّا وفكريًّا.
من الأساليب أيضا مناقشة الطفل في الخطأ، في نفس وقت وقوعه مع مراعاة عدم وجود الغرباء، فالطفل حساس ويشعر بكل شيء، وعليك عند محاورتها النزول إلى الأرض أي اجلسي على ركبتيك ونظراتك متواصلة مع نظراتها ويديك في يدها، فهذا يشعر الطفل بالتقبل وبالإحساس بالمسئولية ومعرفة الخطأ، واستخدمي أسلوب المماثلة أي إذا مزقت دفتر أختها عند محاورتها "قولي لها هل تحبين أن تمزق أختك دفاترك أيهما أجمل الدفتر الممزق أم الدفتر الجميل هذا" وهكذا في الأخطاء الأخرى، والحوار مع الطفل لا يغني عن أسلوب القصة وتوجيهه فيها.
واهتمي بهوايتها وميولها، أي لو كان لديها موهبة الرسم أو أي شي آخر، شجعيها وأبدي إعجابك بسلوكياتها الجميلة، وأتيحي لها الفرصة والوقت كي تعبر عن تلك الميول، مثل أن تؤلف لك قصة عما رسمت أو لونت، أو تتحدث لك لماذا ركبت المكعبات بالشكل كذا أو كذا.
وأحيطك علماً أن الطفل يشعر بالضيق إذا شعر أن والدية يخاصمانه إذا أخطأ ويسعى لمصالحتهما فاستثمري ذلك لصالحها، واعرفي أسباب إيذائها لأختها أحيانا ربما يكون هذا العنف رسالة منها لتجذب انتباهك لها، أو تعبر عن غيرة تؤرقها بشأنها، وهنا حاولي إشعار الطفلتين بأنك تحبينهما سواء، وتشتري لكلتيهما الأشياء، وأنكم أسرة واحدة يسعى الجميع من أجل أن تكون تلك الأسرة أجمل أسرة بالعالم، وقربي الأخت الكبيرة من الصغيرة، مثل أن تلاعبيها، وحدثيها أن أختك الصغيرة تحبك، وعندما تكبر ستلعبان معاً، وتكونان وردتين في المنزل، واجعلي الأخت الكبيرة تقوم بعض الأعمال الصغيرة بالمنزل كسقاية الزرع في الفخار، أو ترتيب غرفتهما، أو أي شيء يساعدها على القرب منك ومن أختها ومن ثم ستجتاز أي شيء تعاني منه بداخلها سواء غيرة أو عنف ليس مبرر، وهي ما زلت في مرحلة الاكتشاف والتعرف على كل شيء فاجعليها تكتشف عالم أختها الصغيرة، وتكون سعيدة به، كملاحظتها لزحفها أو مشيها أو طريقة أكلها، أو ابتسامتها، أو بكائها، وهكذا ستشعر بالاهتمام والمسئولية وسينمو كليهما بشكل سليم.
وغالباً في هذه المرحلة ما يحتاج الوالدان لاتساع الصدر لأن الطفل لا يهتم بتوجيهات الأهل إلا إذا تكررت وتعلمها بالخبرة أي بالمواقف العملية التي يعيشها بشكل يومي، وأتمنى لك التوفيق ولأسرتك السعادة وتابعينا نحن سعداء بك.
ـــــــــــــــــ(104/73)
التوحد: التدخل المبكر يفيد ... العنوان
السلام عليكم أرجو إعطائي النصح لمشكلتي..
أنا وزوجي أقرباء من الدرجة الثانية لدينا طفلة واحدة عمرها سنتان ونصف بدأت المشكلة قبل عام تقريبا عندما لاحظنا أن ابنتي لا تتكلم ولم تظهر عليها تطورات في اللغة بالإضافة إلى عدم الاتصال البصري، وعدم الانتباه والتركيز، وعدم اللامبالاة باللعب وعدم مشاركة الآخرين في اللعب سواء أطفال أو كبار يرافقها، أيضا المزاجية..
الشيء الآخر الذي لا يزال يحيرني هو عدم الفهم لكلامنا فهي الآن سنتان ونصف لا تفهم إلا كلمات قليله جدا تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة أي أنها لا تفهم ما نقول إلا ما ندر وأنا أعلم أنه في هذه السن الطفل يفهم ويستوعب تقريبا كل الكلام والعبارات..
أما التعبير عما تريد فإما بالصراخ أو البكاء أو تحاول هي أن تصل إليه بمعنى هي لا تعرف الإشارة على الأشياء التي تريدها أو تحتاجها والشيء الآخر هو رفضها السير خارج المنزل وهذا ليس معناها أنها لا تريد الخروج من المنزل، ولكن حالما نخرج خارج المنزل بعدها بكم خطوة وتجلس على الأرض ولا تقبل أن تمشي إلا بعربة ولا نستطيع إجبارها على المشي لأنها ببساطه لا تسير أي تقاوم بالجلوس على الأرض.
عرضناها على أكثر من طبيب في البداية قالوا إن لديها تأخر عن أقرانها فقاموا بإعطائها أدوية محفزة ومنشطة للدماغ تحسنت أكثر فأصبحت تطيل الاتصال البصري والانتباه على بعض الأشياء ولكنها لا تزال ترفض المشي خارجا وعدم الكلام والإشارة وعدم التقليد مع وجود رفرفة في اليدين وصك الأسنان الدائم.
لم نقف عند هذا الحد وذهبنا إلى لندن للتشخيص وهناك أخبرونا أن ابنتنا لديها توحد لم أستغرب أو أتفاجأ عندما سمعت لأنه كانت لدي شكوكي فبعد أن لاحظتها هكذا قمت بمتابعة المواقع ولاحظت أن لديها أعراضا تتشابه والتوحد..
السؤال هو إن كانت ابنتي توحدية فهل هذا نتيجة الجينات المتوارثة بسبب درجة القرابة بيني وبين زوجي علما أنه لا توجد في عائلتي أي حالات متشابهة لهذا المرض أو غيره ولكن في عائله زوجي تكررت لديهم حالات تأخر عقلي فهل من الممكن أن تكون هي نتيجة الجينات؟ وهل يوجد فحص دم جيني شامل للتأكد؟ وهل يوجد تحليل دم لي ولزوجي للتأكد من خلونا من الأمراض المتوارثة أي لا نكون حاملين لها؟؟
وما الذي أفعله بخصوص ابنتي؟ هل أضعها في روضة خاصة أم عادية؟ وأيهما أصح لها؟ للعلم نحن نقيم في دولة أوربية فلا توجد مراكز عربية لعلاج التوحد وإنما محلية فقط والروضات العربية هي روضات عادية فماذا أفعل أرجو الرد بسرعة فأنا في حيرة وخوف وقلق جزاكم الله خيرا، وأرجو الرد المفصل حفظكم الله وجزاكم خيرا..
... السؤال
ذوو الاحتياجات الخاصة, التوحد ... الموضوع
أ,داليا مصطفى شيمي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حفظ الله ابنتك ورعاها.. وكل عام وأنت وأمة المسلمين بخير..
منذ الوصف الأول لحالة ابنتك ويبدو أن التوحد "الأوتيزم" هو التشخيص الأول لحالتها أو الاحتمال الأول لاضطرابها؛ حيث إن لديها مجموعة خصائص من تلك التي تظهر في اضطراب التوحد وأعراضه والتي تشمل تلك الأعراض أو الخصائص التي وضعتها الجمعية النفسية الأمريكية سنة (1978) وهي 16 خاصية تميز التوحيدية عند الأطفال يشترط تواجد 6 على الأقل منها وتنقسم إلى سمتين من المجموعة (أ) وواحدة من مجموعة (ب) وواحدة من مجموعة (ج) مع اشتراط حدوث هذه الخواص قبل عمر الثلاثين شهر الأولى للطفل.
- ويقع تحت المجموعة ( أ ) خصائص تتعلق بـ:
النقص النوعي في التعامل الاجتماعي (عدم القدرة على التقليد)- عدم الإحساس
بمشاعر الآخرين – صعوبة اللعب الجماعي...
- ويقع تحت مجموعة (ب) خصائص تتعلق بـ:
النقص في التخاطب اللفظي وغير اللفظي والنشاط التخيلي (عدم وجود وسيلة منطوقة أو غير منطوقة للحديث مع الآخرين مثل غياب المناغاة أو تغيرات الوجه)..
- ويقع تحت مجموعة (ج) خصائص تتعلق بـ:
تقلص أو قلة النشاطات والاهتمامات (الغضب عند أي تغيير في البيئة -الروتين الشديد – التعلق الشديد بأشياء معينة، حركات ثابتة)..
أما عن سؤالك المتعلق بأسباب الإصابة باضطراب التوحد، فمع كل الأبحاث التي أجريت وتجرى كل يوم في المراكز المتخصصة إلا أنه إلى الآن لا توجد أسباب واضحة قاطعة للإصابة بالأوتيزم؛ حيث يختلف العلماء في تحديد الأسباب، فالبعض يرجعه إلى ارتفاع نسبة الرصاص السائل حول الجنين – ضمور المخ- متلازمة هشاشة الكروموزم.
ولم ينكر العلماء والباحثون فكرة الوراثة ولكنها ليست السبب القاطع بدليل أن الكثير من حالات الأوتيزم لم يكن لديهم تاريخ أسرى لهذا الاضطراب كما أن الوالدين في ما يزيد عن 50% من الحالات لم يكونوا أقارب..
وسؤالك الآخر أختنا حول اختيار دور الحضانة، وأرى أنه من الأفضل إيجاد حضانة متخصصة، وذلك حتى تستفيد ابنتك من وجودها داخلها، فالحضانة "العادية" كما تصفينها لن تكون مفيدة بالنسبة لها إلا لو نظرنا لها بوصفها مكانا يتم إيداعها فيه؛ حيث إن هناك بعض البرامج المصممة لتعليم هؤلاء الأطفال وتدريبهم في دور الحضانة المتخصصة مما يمكنهم من تحقيق نتائج جيدة في مجالات النمو المختلفة.
لذلك أنصحك بألا تفوتي عليها فرصة التدريب المبكر من خلال تلك الحضانات.. خاصة أن تدريب طفل التوحد يحتاج إلى عدة تخصصات تشمل: الإخصائي النفسي - وإخصائي التربية الخاصة – وإخصائي التخاطب – وإخصائي العلاج الطبيعي- وإخصائي العلاج الوظيفي ويتعاون كل منهم في حدود تخصصه لتنمية الطفل في كافة نواحيه، وهذا لن يتوفر كما ذكرت لسيادتك سوى في الحضانات المتخصصة.
بقي أمر واحد أجد من الأمانة أن أبلغه لك، وهو: أنه مع تدريب هؤلاء الأطفال بالصورة المناسبة وفي مراحل باكرة، يؤدي إلى نتائج هائلة في تقدمهم الذي يشمل كافة مراحل النمو.. هذا من واقع ما قمت به بنفسي في مكان عملي وكذلك أراه مع زملائي في التخصص.
ـــــــــــــــــ(104/74)
الغربة.. كيف تؤثر على أبنائنا؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الحمد لله رب العالمين أن رزقني ببنت وولد، أرجو أن يكونا من الصالحين ويكونا قرة عين لأهلهما.
مشكلتي الأساسية في طفلتي الكبيرة خديجة التي تبلغ من العمر سنتين و3 أشهر والتي لا تكاد تنقطع عما نطلق عليه بالعامية المصرية "الزن" والبكاء والصراخ إلا قليلا. والحقيقة أني قرأت كثيرا في موقعكم هذا المفيد والممتع جزاكم الله عليه خير الثواب وفي كتب أخرى كثيرة من بعد ولادتها؛ لأن المشكلة لم تكد تنقطع منذ ولادتها حتى الآن.. ولكني فعلا أحتار في كيفية التعامل السليمة معها وسأحاول قدر استطاعتي سرد معظم التفاصيل عن حياتها حتى تساعدوني، جزاكم الله خيرا.
تزوجت وسافرت مع زوجي بعد شهر من زواجنا إلى ألمانيا حيث كان يدرس وكانت من أصعب شهور حياتي؛ حيث إني كنت للأسف مدللة إلى حد بعيد في بيت والدتي، ثم اضطررنا هنا في ألمانيا إلى تحمل بعض صعوبات المعيشة، بالإضافة إلى افتقادي أصدقائي وأهلي وبلدي واختلاف النمط العام المعيشي بين البلدين.
رزقت بخديجة بعد 9 أشهر من زواجي، والحقيقة أنها كانت أحلى لحظة في حياتي حتى الآن لحظة ولادتها، وظلت في مستشفى الأطفال بعد ولادتها أسبوعين تتلقى مضادا حيويا كنت أبيت خلالها على كرسي بجانب سريرها في مدينة غير التي كان يعمل ويسكن بها زوجي ولكنه كان يأتي إلينا كل يوم بعد العمل.
ومن الأسبوع الثاني ظلت تبكي بصوت مرتفع أعلى من باقي الأطفال في الغرفة، وكانت عندها مشكلة في تعلم كيفية الرضاعة لمدة أول شهر، وظلت تبكي باستمرار ليلا ونهارا ما عدا وهي نائمة، ولا أنسى أول مرة شهدتها تستيقظ دون أن تبكي وكان عمرها شهرين ونصف الشهر.
طبعا خلال هذه الفترة قرأت عن هذه الحالة التي تصيب نسبة من الأطفال وأحيانا تكون بسبب غازات في البطن وما إلى ذلك إلى آخر الأسباب، وفي الحقيقة كنا في غاية الصبر أحملها ليلا ساعتين أو ثلاثا ثم يستيقظ والدها ويحملها عني ساعتين أو ثلاثا، وكان كثيرا ما يربطها على بطنه برباط مخصوص لحمل الأطفال فتهدأ وتنام وهكذا.
وخلال هذه الفترة مررنا بعدة انتقالات من مكان إلى مكان وأمضينا في مرة من المرات 19 يوما نبيت كل ليلة في بيت من بيوت أحد الأصدقاء، كما أمضينا أكثر من شهر ضيوفا على عائلة مصرية صغيرة مكونة من زوج وزوجة ليس عندهما أطفال... وهكذا.
انتقلنا من مكان إلى مكان في فترة كانت خديجة عمرها شهرين ونصف الشهر إلى 5 أشهر ثم استقر بنا المقام في غرفة صغيرة في بلد لم نكد نعرف بها أحدا في أيام الشتاء القارس ونزول الثلج، فلم أكد أخرج بها أبدا هذه المدة حتى سافرنا إلى مصر في عطلة، ولقد تحسن وضع خديجة بعض الشيء من سن 6 أشهر إلى 9 أشهر.
نزلنا إلى مصر في عطلة لأول مرة بعد 16 شهرا لمدة أسبوع ورجعنا وكانت لا تزال على ما يرام وانتقلنا إلى مدينة أخرى أحب إلينا أنا وأبيها ولكن في غرفة أصغر من الغرف السابقة فكانت مساحتها كليا حوالي 16 مترا مربعا أي مجرد سرير وطاولة للكمبيوتر وحوض وعينين نسخن عليهما الطعام بالإضافة إلى الحمام، وقد كنا سابقا أيضا نسكن في غرفة واحدة ولكن أكبر قليلا.
وبدأت أزاول بعد الأنشطة سواء زيارات أو أنشطة في المسجد أو تعلم لغة لمدة أسبوعين ثم جاءت موجة عاتية من الصراخ المتعمد المستمر غير المنقطع من خديجة، ومرة أخرى انتبهت أن هناك شيئا لا بد من تغييره فأوقفت كل الانشغالات عنها، حتى إنها كانت تغضب لحديثي مع أمي أو أم زوجي في الإنترنت؛ فأوقفت درس اللغة لأنها لم تعد تجلس مع باقي الأطفال بالرغم من أنها أول مرتين لم تبك ثم أصبحت تصرخ حتى إنها في المرة الأخيرة صرخت لساعة ونصف متواصلة وظلت المربية تحاول تهدئتها واستحيت أن تناديني لأنها تأخذ مقابلا.
المهم أني انقطعت أيضا عن كلامي على الإنترنت وهي مستيقظة وأصبحت أتكلم مع خديجة لغويا أكثر وأقضي كل اليوم في اللعب معها والخروج معها، ولم تكن ترى أباها إلا نادرا في هذا الوقت لأنه كان يعمل كل أيام الأسبوع ويأتي متأخرا فقط.
ظللت أذهب إلى جلسة المسجد وهي جلسة تذهب إليها نساء لسن بالكثيرات ومعهن أطفال من سن خديجة، ولكن خديجة تظل ملتصقة بي طوال والوقت لا تتركني أبدا حني عندما كانت تتعلم الوقوف والمشي. وكنت حاملا في أثناء هذا الوقت، وظل الحال كما هو عليه إلى موعد ولادتي وكان عمرها حينئذ سنة وشهرين ونصف الشهر.
وانتقلنا إلى سكن مريح جدا فتعلمت خديجة المشي في بضعة أيام بعد انتقالنا وجاءت أمي كي تحضر الولادة وتساعدني قليلا، كل هذا في نفس الشهر وهنا حدث انقلاب إيجابي كبيرا جدا فلأول مرة تضحك خديجة وتلعب وتكون سعيدة لدرجة أن الزائرين في المستشفى من كل المدينة أخذوا يقسمون لأمي إنهم أول مرة يرون فيها خديجة تبتسم وهذا إنجاز، كذلك لاحظ الجميع حتى في مصر من خلال الصور والمحادثات أن خديجة بدأت تبتسم.
والحمد لله رزقني الله بإبراهيم هادئ الطبع ضحوك مسالم لا يبكي إلا إذا كانت له حاجة ملحة وهو عمره الآن سنة، وخديجة تحبه جدا وهو يحبها جدا وبفضل الله لم توجد حتى الآن بينهما غيرة الحمد لله رب العالمين فهما يلعبان كالأطفال العاديين وهي تعطيه دوما من طعامها وشرابها وتعطيه لعبة إذا أرادت أن تأخذ ما بيده وتنبهني إذا بكى أو رجع وتنتبه إليه وتعطف عليه وهو يبكي لبكائها إذا عاقبتها ويقف ببابها ويحب وجودها معه.
وعودة إلى ما تبقى من تفاصيل حياة خديجة فلقد تأخرت كثيرا بالنطق فنطقت ماما وبابا بعد حوالي سنة و7 أشهر ولم تزل كلماتها قليلة حتى الأسبوع الماضي وهي تحاول أن تنطق ولكن حفظها لمقاطع الكلمة يكون صعبا عليها، كما أن هناك بعض الحروف لا تستطيع نطقها كالسين والراء.
وكانت دائما تعبر عن نفسها بنغمة مميزة جدا من قبل أن تتم العام كل الكلمات تقولها بهذه النغمة ولا أدري إن كان هذا له علاقة بأسلوب الزن، وهي عندما يصيبها ألم أو تعب تعبر عن نفسها بصراخ عال جدا غير منقطع لمدة أيام، أما في الحالات العادية فبالبكاء والزن.
حاولت أن أبحث لها عن أنشطة كالسباحة وركوب الخيل والرياضة البدنية أو وما شابه ولكن كانت دائما الإجابة أنها ما زالت صغيرة، أما عن مجموعات الأطفال مع الآباء فهذا نفسه يتكرر في الجلسة الأسبوعية في المسجد حيث نجتمع حوالي سبع من الأمهات ونتكلم بنفس اللغة وهناك أطفال كثير من سنها طبعا هي الآن أفضل بكثير من ناحية التصاقها بي ولكن ليس كباقي الأطفال ولكن هذا الزن بدأ يزيد مؤخرا.
والحقيقة أني حاولت علاجه بأكثر من طريقة ولكني لا أعرف ما هي الطريقة المثلى.. فتارة أحكي قصة عن البطة الطيبة والبطة السيئة أو السمكة، وتارة عن خديجة الطيبة وخديجة السيئة، وتارة أقلد النغمة التي تفعلها فتضحك بخجل وتقول ما تريد جيدا ثم تكرر الزن في الجملة التالية لا إراديا، وتارة أعاملها بغضب وأقول لن أنفذ ما تطلبه بالزن أبدا وفعلا أنفذ ذلك، وتارة أحبسها في الغرفة وأقول لها عندما تكونين حلوة اطلعي وفعلا تطلع بعد فترة وهي تضحك.
وتفسيري لما تفعله أنها تعبر عن أي شيء يضايقها أو يؤلمها بشكل مكبر.. هذا بالنسبة للصراخ والبكاء، أما الزن فهو نوع من استدرار الحب والعطف ولكني لست متأكدة. لا أدري كيف أعتذر عن إطالتي ولكني أتمنى أن أجد لديكم المساعدة على فهم أسباب حالتها وكيفية التعامل معها، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
أطفالنا في الغربة ... الموضوع
الاستاذة سها السمان ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أختنا الفاضلة بارك الله لك في أولادك وجعلهم من الصالحين اللهم آمين.
عندما قرأت استشارتك أحسست وكأني أرى معظم ما يحدث لنا جميعا في الغربة مع أبنائنا ولكن نحس جميعا بالغربة، وننسى أن نسأل أنفسنا هل تؤثر الغربة بالفعل على أبنائنا أم لا؟
والإجابة هي نعم بالفعل للغربة تأثير فعلى على أبنائنا وخاصة الغربة في الدول الغربية؛ لأن المجتمعات مختلفة اختلافا تاما عن الدول العربية، ولكننا لا نحس بها أو نتجاهلها في بعض الأحيان وليس بالقصد لأنه ليس بأيدينا الكثير لنفعله.
وكل مرحلة في عمر الطفل تتأثر بطريقة مختلفة عن المراحل الأخرى، فمثلا كما تقولين بعد ولادتك لابنتك الكبرى أن أصدقاءكم رأوها لأول مرة تبتسم عند حضور والدتك إليك فهذا طبيعي؛ لأن وجودها بالبيت لوحدها لا ترى إلا والدها ووالدتها جعلها تحس بالوحدة حتى وإن كنتم تتزاورون مع الأصدقاء أو تأخذونها إلى المنتزهات، فما زال لم تر أحدا من أقاربها بجوارها كالجدة والجد والأعمام والخالات وغيرهم من الأقارب؛ لأن الزيارة للأصدقاء يحس بها الأطفال أنها مجرد زيارة وأنهم ليسوا بالأهل؛ لرؤيتهم لنا فقط نذهب ونجلس مع أصدقائنا لبضع ساعات ولم يروا تحركاتنا بالبيت كما لو كنا عند آبائنا أو أخواتنا، وهذا كما قلت ليس بأيدينا شيء لنفعله إلا ذهابنا إلى أرض الوطن إن أتيحت الفرصة لنا ذلك أو أن يأتينا الأهل لزيارتنا في هذه البلاد وفي النهاية تأخذ هذه المرحلة وقتها وتمضي.
والأهم هي المراحل الأخرى عند إدراك الطفل بالحياة المحيطة له وخاصة وهو في عمر المرحلة الابتدائية؛ لأنه يفتقد للاجتماعيات وتقاليدها والاحترامات المتبادلة للأقارب، فمثلا.. وهذا أبسط مثال؛ فالأطفال تربيتهم لا مثيل لها في الغربة (عند الرد على الهاتف يقولون مثل الأجانب عند سؤال أحد الأصدقاء العرب عن الوالد أو الوالدة يرد الطفل ويقول: من المتحدث؟)، وهي عبارة في منتهى الأدب ولكنها بعيدة عن طرقنا التي تعودنا عليها عند سماع أصدقاء الأهل بأن نسأل عنهم ونقول لهم من حضرتك وليس من المتحدث بهذا الجفاء، وليس الخطأ هنا قائم على التربية ولكنها رغم عنا؛ لأن كل من حولهم يرد بهذه الطريقة.
والمثال الآخر عدم وجود الاحترام بين الكبير والصغير، فلا يحب الناس في الغرب أن يدعوهم الأطفال بالخالة أو العم بل يطلبون أن ينادوهم بأسمائهم وهم في مثل عمر أجدادهم.
وهكذا الأمثال كثيرة وبالفعل يكون للغربة تأثيرها الكبير على أبنائنا وعلينا المحاولة معهم في كل وقت بأن نعلمهم أننا لسنا مثلهم وأننا مختلفون وأن علينا أن نتبع ما تعودنا عليه نحن وما أمرنا به ديننا، وأنا أعلم جيدا أنه ليس بالسهل علينا وكأننا نجدف ضد التيار.
فابنتك طبيعية جدا جدا وإن شاء الله سيكون أسهل لك التعامل معها عندما يكبر أخوها؛ لأنها سترى أحدا مثلها يتعلم معها.
وأما الشيء الآخر والذي تأثرت به هو توقفك عن الأنشطة التي بدأتها كتعليم اللغة وغيره لأنها تبكي ولا تريد أن تجلس بالحضانة أو أنها تتعلق بك، فليس لنا أن نرضخ لكل ما يطلبه أطفالنا كما يريدون ونقول بأنهم صغار أو بأننا علينا أن نضحي لأجلهم فهذا ليس صحيحا أختي الفاضلة؛ لأن لنا حياتنا أيضا التي يجب أن نحافظ عليها، ولا أطلب بأن تتركيهم مثلا وتذهبي إلى العمل، ولكن عليك أن تكوني جزءا من هذا المجتمع المحيط بك وأن تكون لك حياتك التي تعينك على هذه الغربة وفهم هذا المجتمع الجديد.
وفي الوقت ذاته على طفلتك أن تجلس في الحضانة وتتعامل مع الناس، ولا تخافي فمن الطبيعي أن يبكي الطفل وأنا أتذكر ابني الكبير عند دخوله الحضانة ظل يبكي لمدة عام كل يوم ولم يفعلوا له شيئا إلى أن تعود على المكان.
ووجود الطفل في الحضانة مفيد؛ لأن عليه هو الآخر أن يندمج في هذا المجتمع في حدود بالطبع وليس الانخراط فيه بكل مساوئه ومحاسنه بل نأخذ ما هو الأفضل لديننا.
وطفلتك الآن على مشارف دخول مدرسة للمرحلة التمهيدية طبقا لعمرها فلا تصغي لبكائها فهم يبكون في الأول وبعد قليل يقومون بالتعامل مع من حولهم وفهم كل شيء ولا يرق قلبك بأنها لن تستطيع التعامل مثلا مع باقي الأطفال؛ لأن اللغة مختلفة فهناك لغة خاصة بالأطفال يستطيعون أن يتفاهموا جيدا مع بعضهم البعض وسوف تتعود على اللغة سريعا.
لكن لا بد من المحافظة على التحدث باللغة العربية في البيت دون تهاون في ذلك؛ حتى لا تنسى لغتها الأصلية.
وأما ما تقوم به من زن فهو أمر طبيعي؛ فبعض الأطفال يختارون طريقة معينة تعبر عن مزاجهم من غضب أو أنهم يريدون هذا الشيء بسرعة، لكن حين تذهب إلي المدرسة بهذه الحالة فإنهم لن يفعلوا لها شيئا على الإطلاق لأنهم يعتبرون أن للطفل الحق في الطريقة الخاصة التي يختارها في التعبير عن نفسه.
وبالتالي فما تفعلينه معها هو الصحيح؛ فاستمري في هذا حتى تتركه ولا تتهاوني مرة واحدة في أن تتركيها تفعله وأعلم أنه سيكون صعبا عليك، ولكن لن يبعدها شيء عن فعل هذا إلا أن تستمري في فعل نفس الزنة التي تفعلها هي وأن تفعليها قبل أن تفعلها هي حين تطلب شيئا أن تقلدي هذه الزنة لا أن تردي عليها، وإذا تضايقت فقولي لها هكذا تفعلين فلماذا تتضايقين، ثم اطلبي منها أن تذهب إلى غرفتها إذا بدأت بالزن قبل أن تنتهي من ذكر ما تريده، وأخبريها بأن تذهب وتتماسك ثم تأتي بعد ذلك وتتحدث لك بطريقة طبيعية حتى تستطيعي فهمها والتحدث معها.
وهناك طريقة أخرى بأن تتجاهلي ما تطلبه بنرفزة، وقولي لها بأنها لم تتطلب الشيء بالطريقة الصحيحة، وهكذا مع الاستمرار في هذه الطريقة والدعاء لها.
وهناك طريقة التمثيل بأن تتفقي مع زوجك على التحدث أمامها مع زوجك بنفس نغمة الزن هذه، وأن تتفقا معا بألا يجيب عليك، وأن يقول لك بأن هذه الطريقة ليست جيدة وأن عليك التحدث معه بطريقه صحيحة وواضحة.
والشيء الآخر بأن تحاولي أن تشغلي وقتها بعمل أنشطة معا داخل البيت كالتلوين والقص والزق، وما أكثر هذه الأشياء على النت، وهذه الأنشطة سوف تقوم بشغل وقتها وسيكون لها الأثر في المساعدة على التقليل من هذه الطريقة التي تستخدمها.
وفقك الله إلى ما فيه الخير وأعانك على تربيتهم ونحن على استعداد تام للتواصل معك في أي وقت.
ـــــــــــــــــ(104/75)
تربية ابن الشهيد..زاد الرضا ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا امرأة أبلغ من العمر 25 عامًا، تزوجت من رجل أحببته حبًّا جمًّا وأنجبت منه طفلاً جميلاً ورائعًا مثله. إخوتي في موقع "إسلام أون لاين"، إني أناشدكم أن تقفوا معي في محنتي لقد لجأت إليكم إني بحاجة ماسة لكم ونصائحكم.
لقد أصبت بأعظم ابتلاء فقدت من عشت لأجله، فقدت حبيبي ووالد ابني. لقد استشهد وهو يقوم بواجبه الجهادي. إنا لله وإنا إليه راجعون، أنا والله الآن في محنة شديدة، وأول من فكرت أنه سيساعدني ويعينني على تربية ابني التربية الصحيحة والسليمة هم أنتم، فأتمنى ألا تخذلوني.
أنا قلقة جدًّا على تربية ابني، وفكرت أخيرًا أن أستشيركم في تربيته، في ذهني تساؤلات كثيرة حوله سأطرحها عليكم لاحقًا. لكنني الآن بحاجة للصبر والثبات، إنني أدعو الله كثيرًا أن يصبرني، وأعلم أن هذا ابتلاء من رب العالمين ليمتحن مدى إيماني وصبري، لكني بحاجة لمزيد من الصبر والثبات، أشعر بأني بحاجة ماسة للقراءة، القراءة عن أجر الصابرين، القراءة عن مكانة زوجة الشهيد عند الله وجل.
وفي ذهني العديد من التساؤلات التي أريد لها أجوبة والتي تزعجني فعلاً، فهل زوجة الشهيد تلقى زوجها في الجنة؟ هل الشهيد يرى أهله ويشعر بهم؟ قد لا يكون هذا المكان المناسب للإجابة عن أسئلتي، لكن أرجوكم ألا تتجاهلوها وتطلبوا مني إرسالها إلى المكان المناسب؛ لأنني أراسلكم حاليًّا بصعوبة. أتمنى منكم ألا تبخلوا عليّ بالرد. فأنا بانتظار ردكم على أحرّ من الجمر.. أرجوكم لا تخذلوني أنا بحاجة ماسة إليكم.
... السؤال
مفاتيح تربوية, التربية الناجحة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
يقول أ. مسعود صبري:
الأخت الفاضلة..
الحياة كلها بلاء، فليس هناك شيء في الدنيا يخرج عن البلاء، فالموت بلاء، والحياة بلاء، والسعادة بلاء، والشقاء بلاء، كما قال سبحانه وتعالى: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون".
والمقصود من كل ذلك أختي أن يتعلق القلب بالله وحده، فكل فانٍ لا يُتَعلق به، بل التعلق يجب أن يكون بالباقي، وهو سبحانه الباقي الذي لا يزول، سبحانه "كل شيء هالكٌ إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون".
أختي زوجة الشهيد..
الحياة لله، والممات لله، والخلق لله، فليس لنا أن نفعل إلا أن نصبر، إن الله تعالى خاطب رسوله صلى الله عليه وسلم قائلاً: "ليس لك من الأمر شيء"، وقال: "قل إن الأمر كله لله". فإذا كنا ملكًا لله، فلله أن يأخذ من يشاء، ويبقي من يشاء إلى حين، وما علينا إلا الصبر؛ لأن الصبر يعني الرضا عن قضاء الله، ويعني أننا نترجم بشكل واقعي عن التوحيد الخالص لله، نعم لنا أن نبكي ونحزن على فراق الأحبة؛ لأن هذا شيء فطري، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم لفراق ولده، فراجعه بعض الصحابة، فقال: "إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
إن الله جعل الفراق شيئًا من لوازم الحياة، وعلى الناس أن تصبر؛ لأنه ابتلاء، كما قال تعالى: "وَلَنَبْلُونَّكُم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموالِ والأنفسِ والثمراتِ وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
ولكن الله خفف عنا، فجعلنا قادرين على تحمل الابتلاء، كما قال سبحانه "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، فليس هناك إنسان يبتلى بشيء إلا وهو قادر على أن ينجح ويصبر، بل يجعل الله تعالى له المثوبة والأجر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهمّ يهمه إلا كُفّر من سيئاته".
والمطلوب أن يسترجع الإنسان عند مصابه، كما ورد عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعًا وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب".
ولعِلْم النبي صلى الله عليه وسلم بما يتأثر به الناس من مصاب، فإنه خفف عنهم بأن يتذكروا مصابهم فيه صلى الله عليه وسلم، جاء في الأثر عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي، فإنها من أعظم المصائب".
ولهذا قال أبو العتاهية الشاعر:
اصبر لكل مصيبة وتجلد واعلم بأن المرء غير مخلد
أو ما ترى أن المصائب جمة وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة هذا سبيل لست فيه بآخذ
فإذا ذكرت محمدًا ومصابه فاذكر مصابك بالنبي محمد
وتذكري أختي الفاضلة كم من امرأة مات زوجها على فراشه، ومنهم من مات على معصية، أما أنت فقد أكرمك الله باستشهاد زوجك، فوهبك الله ما لم يهب غيرك، وفضلك على غيرك تفضيلاً، والشهيد كما جاء في الحديث الذي يذكر خصاله يشفع في سبعين من أهله، ومثل هذه النعمة توجب الشكر والحمد والثناء، وهي تعطي دفعة قوية نحو الصبر الجميل الذي لا حد لثوابه، كما قال سبحانه وتعالى: "إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب".
فاستعيني بالصبر، فهو خير زاد، كما قال سبحانه: "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين * الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون"،
أما الموت والفراق فحتم على كل الخلق "كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون"، وهل نجزع على موت أحدنا، كيف ونحن ميتون، كما قال سبحانه "كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون".
ابكي أختي على فراق زوجك، واحزنيه، غير أن البكاء شيء والجزع والضجر شيء آخر، كوني مؤمنة محتسبة صابرة لله تعالى، عسى أن يجمعك بزوجك في جنته عند مليك مقتدر، فما نعيشها ليست الحياة الحقيقية الأبدية، لكن الحياة هي الآخرة، وداومي زيارة قبره، وكلميه بما شئت فإنه يسمع، لكنه لا يمكن له الرد، واهتمي بإيمانك وقوي عزيمتك واعتني بولدك، فكما أن الموت في سبيل الله شرف وغاية، فإن الحياة في سبيل الله شرف وغاية.
حافظي أختي على نفسك وولدك، وانظري من وسائل الدنيا ما يقيم حياتك سوية، ولزوجك عليك حقوق كالدعاء والترحم.
وتضيف لك أ. مديحة حسين محررة الصفحة:
لم نخذلك ولم نحوّل سؤالك إلى آخر؛ ذلك أن نجاحك في تربية تبدأ من استعادتك للتوازن النفسي الذي يستند إلى الرضا بقضاء الله تعالى، وإلى تحويل الحزن إلى طاقة للبناء في جيل يكون خير خلف لخير سلف. نحن ننتظر سؤالك عن طفلك فتابعينا بها.
ـــــــــــــــــ(104/76)
الموت خوفا على الأبناء.. مشاركة مستشار ... العنوان
إجابة د. نعمت: مشاركة على استشارة:
الموت خوفا على الأبناء يعيق التربية !
... السؤال
عالم الدراسة, فنون المذاكرة ... الموضوع
د.نعمت عوض الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
ابنتي..
هل أفهم من ذلك أن ابنتك تخطت الألم النفسي الذي سببته لها بضربها وهي في الثانية بعد أن أغدقت عليها الحنان والحب؟؟؟ ثم أصابها الفتور من فترة قريبة فتراجع مستواها الدراسي وحتى حفظ القرآن؟؟ فهذه معلومة غير واضحة أو محددة غير بكلمة بعد أن كانت متفوقة في رسالتك.
عمومًا أعتقد أنه كذلك، وقبل أن أنتقل إلى مشاكل الدراسة أحب أن أؤكد عليك أهمية احتواء أطفالك بحبك وحنانك... وإظهار الحب يا ابنتي لا يعنى تلبية كل الرغبات أو التدليل... إظهار الحب لا يحمل أكثر من معناه... أي أن تخبري ابنك وابنتك دائمًا أنك تحبينهم جدًّا وأنك تفتقدينهم إذا غابوا... وتحبين البقاء معهم... وهذه سياسة ضرورية لكل أم... وأنت تحتاجينها أكثر من غيرك بعد أن زرعت لفترة في قلب ابنتك أنها غير مرغوب فيها... فتداركي دائمًا هذه السقطة يا ابنتي.
نتحدث عن ابنتك أولاً... في سن الثماني سنوات هي على أعتاب فترة المراهقة... وهي فترة صعبة جدًّا... بكل تغييراتها وتغيراتها.. هي ليست مراهقة بعد.. وقد تكون ما زالت تحمل جسد طفلة، ولكنها يا ابنتي البداية والمدخل... فأنصحك أن تتسلحي بقراءة كل ما هو موجود على الموقع بخصوص البنات المراهقات.
بالنسبة لابنك ذي الست سنوات... سامحيني يا بنتي أي تفوق هذا الذي تتحدثين عنه وتبحثين عنه بالعقاب والترهيب والترغيب؟؟؟ وهو في الصف الأول الابتدائي؟؟؟
لست أعرف هل سأتمكن من الرد كاملاً عليك بهذا الخصوص فهذه فلسفة تربوية تحتاج إلى صفحات، ولكني سأحاول أن أختصرها فيما يلي:
* ليس كل الأطفال المتفوقين يظلون متفوقين حين يكونون بحاجة لهذا التفوق.
* عادة ما يكون الطفل المتفوق وراءه أم تحثه على المذاكرة، وتقوم بتصويب أخطائه قبل أن يسلم كراسته للمدرسة، وتراجع معه دروسه قبل الامتحان، وتسمع له، وتصحح له امتحانات منزلية؛ لتدربه على خوض امتحان المدرسة.
* أغلب هؤلاء الأطفال المتفوقين لو تركهم الأهل لما حصلوا على هذه النتائج الباهرة.
* قلة فقط من الأطفال يكون لديها هذه الحاسة والرغبة في الدراسة، سواء تابعهم الأهل أو تركوهم، سواء كان الأهل متعلمين أو جهلة.
* في المرحلة الإعدادية أو الثانوية يصبح هؤلاء الأطفال المتفوقين على فئات... بعضهم يظل شديد التفوق... أغلبهم يهبط مستواه للمتوسط.. وبعضهم يظل ذا نتائج ضعيفة.
أذكر حين كنت أقوم بتدريس الشباب في الثانوي والإعدادي كانت أمهاتهم تقابلني قائلة: والله يا ميس نعمت ده طول مرحلة ابتدائي وهو من الأوائل، فأقول لها: هو لم يكن أبدًا من الأوائل... أنت هي من كانت.
الخلاصة:
أريد أن أقول لك إنه لا يجوز إطلاقًا أن تضعي عبئًا على كتف طفل... لا ابنك ولا ابنتك... اتركيه وراقبيه من بعيد... ستقولين لن يذاكر... طيب وما المشكلة... فقط اشرحي له عواقب عدم أدائه للمطلوب منه، سواء كان واجبًا أو استعدادًا للامتحان... وإن ذلك قد يعرضه لسخرية المدرسة أو عقابها أو يحرمه من الهدية التي تعدينها له إذا تفوق، وهكذا...
تقولين كل ذلك وأنت مبتسمة... وأنت تؤكدين له أو لها أن في كل أحواله سيظل ابنك أو ابنتك الحبيبة ما دام يبذل أقصى طاقته ولا يقصر.. أما إذا قصّر في عمله فإنك لن تكوني سعيدة؛ لأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه... وأنك تتمنين أن يحبهم الله دائمًا.
واتركيهم يا ابنتي... لن يحل واجباته... ستعاقبه المدرسة ولا تتدخلي... بل أعلميه أنه مسئول عن تصرفاته وعواقبها... لن يستعد للامتحان وسيحصل على درجات سيئة؟؟؟ دعيه يرى الحرج والاستهزاء في عيون الآخرين وليس عينيك، بل كوني في صفّه حزينة من أجله حين تسأله خالته أو عمته: جبت كام في الامتحان يا فلان؟؟؟ فلان ابني جايب 10 من 10!! وهكذا...
ولكن راقبي أخلاقياته... فلا يكذب ولا يغش... ولا... ولا... هذا هو دورك يا ابنتي.. وما دمت تحاولين فستصلين... ما دامت نيتك صادقة في حسن تربيتهم وتجتهدين وتحاولين فسيعينك الله تعالى.
واقرئي كثيرًا في الموضوعات التربوية المنشورة على الموقع في باب معًا نربي أبناءنا فستكتسبين منها خبرة كبيرة جدًّا إن شاء الله.
وفقك الله سبحانه يا ابنتي وأكرمك بأبنائك.
ـــــــــــــــــ(104/77)
تقربي إليه لتشجعيه على الدراسة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
كل عام وأنتم بخير..
ابني في العاشرة ولا يحب كتابة الواجب ولا المذاكرة ولا يأبه بالتشجيع، ولا يجد الدراسة شيئا ممتعا كما يقول، ولو حاولت عقابه يثور وينام أو يزداد عندا ويتفنن في تضييع وقته؛ فمشكورين دلوني كيف أتعامل معه خاصة أني أتحمل مسئوليته وحدي. وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
عالم الدراسة, فنون المذاكرة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تقول أ.زينب النجاري من فريق الاستشارات التربوية:
أعانك الله أختي على هذه المهمة الصعبة وبارك الله في ابنك.
أختي الكريمة، بما أنك تتحملين هذه المسئولية وحدك فمهمتك مزدوجة؛ فأنت فيك الأب والأم، فعليك أن تكوني الأم الرحوم الحنون الرقيقة في معاملة ابنك وذلك من خلال ابتعادك عن القسوة والتخويف.. وأن تكوني الأب الحازم الذي يقف المواقف المناسبة في الأوقات المناسبة.
علمي ابنك كيف يعتمد على نفسه وكيف يضبط انفعالاته وكيف يهتم بدروسه لكي لا يقع في الفشل والإحباط والحرمان. حاولي أن تتقربي من طفلك أكثر وتفهمي الأسباب التي تجعله يثور وهو لا يزال في سن العاشرة. حاولي أن تضعي نفسك موضعه لتري الأمر من وجهة نظره وأن تدركي حالته النفسية.
حاولي أن تنفذي إلى مشاعره وآلامه ومتاعبه فهذه القدرة على التعامل الوجداني وعلى الاستشفاف تعينك على أن تغوصي إلى المشاعر التي يخفيها ابنك وإلى أغوار نفسه لكي تتعرفي عن قرب على ما يشكو منه.
تقربي إليه عاطفيا ووجدانيا وكذلك بمحاورته ومساءلته بالتي هي أحسن عما يهمه ويشغل باله.
وعموما الطفل أو المراهق يحب أن يرى في والديه صديقا يلتمس مشورته ويبوح إليه بأسراره ومشاكله، ويؤذيه كثيرا أن يجد والديه لا يكترثان له أو يتحكمان فيه أو يلومانه كثيرا أو يوبخانه كثيرا خاصة فيما يتعلق بنموه الجسمي والعاطفي وعلاقته الاجتماعية.
أختي الكريمة:
افتحي صدرك أكثر لابنك وحاولي أن تطلعي على علاقاته الخارجية داخل المؤسسة ومع الأصدقاء وعلى أنشطته الموازية حتى تتمكني من المعرفة الحقيقية لابنك ومقاربة سلوكه داخل البيت وخارجه. وحاولي أن تشركيه في مشاكلك واهتماماتك واستشارته في بعض أمور البيت والمجتمع، فحاولي أن تجعلي منه رجلا تستفيدين من خبرته كشاب في مقتبل العمر ويستفيد من خبراتك أنت.
حاولي كذلك أن تحمليه بعض المسئوليات التي تتعلق بالبيت أو بلوازمه حتى يتدرب منذ الآن على تحمل هذه المسئولية؛ لأنه من أسباب مشاكل الشباب اليوم إحساسهم بالعزلة وعدم الجدوى وشعورهم أنهم غير مفيدين، فكثير من مشاكل شبابنا تعود إلى أننا لا نقيم بيننا وبينهم حوارا يخفف عنهم ما يعانونه من توتر ويساعدهم على حل صراعاتهم النفسية.
لا شك أن اللعب بالنسبة للطفل حاجة يجدد به القوة ويجعل الطفل أكثر انشراحا وأكثر سعادة. أما بالنسبة للدراسة فهناك طرق مختلفة تجعل الطفل يقبل عليها ولا يمل منها:
معرفة دوافع الطفل وحاجاته الأساسية ومنطقه الخاص وطريقة تفكيره، وما يترتب على تلك الدوافع من أضرار.
فمرحلة الطفولة لها أهمية كبيرة وخطيرة في حياة الفرد كلها وفي تشكيل مصيره النفسي؛ فهذه المرحلة لها أثر كبير في تعيين وتحديد شخصية الفرد وتوجيهها إلى الصحة أو إلى المرض. وعلينا أن نبادر إلى غرس اتجاهات وعادات صحية وخلقية ومعالجة ما يبدو لنا من مشكلات سلوكية وخلقية خشية أن تعصى على التغيير.
ولذلك أختي الكريمة عودي ابنك على الاستمتاع بدروسها كلها كما يستمتع باللعب، وذلك وفق الشكل التالي:
- اختيار الأوقات المناسبة للمذاكرة، فكثيرا ما يكون البدء في المذاكرة صعبا ولكن حينما ننظم أوقاتها فإن ذلك يكون بمثابة صقل الذهن على المذاكرة.
- عدم إرهاق الطفل في ساعات تعبه.
- مشاركته في مناقشة بعض الدروس وخاصة الدروس التي قلت إنه يشعر بثقلها أو بعدم تجاوبه معها.
- تنظيم المواد في وحدات منطقية.
- التكرار والتدريب والاسترجاع.
- القيام بإجراء تجارب لمعرفة مدى الاستيعاب والتحصيل؛ لأن التذكر الجيد عملية تفكير تتطلب نشاطا ذاتيا يحاول فيه أن يجيب على أسئلة تتصل بموضوع درسه بمشاركة والديه أو لوحده أو بصورة تدريجية.
ومن الأفضل مراجعة أجزاء من مواد مختلفة كل يوم مع التركيز على مسألة التكرار؛ لأن ذلك أدعى إلى الثبات في الذهن وأمان له من النسيان، مع أخذ وقت كاف للراحة والاستجمام والرياضة والدعاء والحفاظ على الصلوات.
ـــــــــــــــــ(104/78)
الموت خوفا على الأبناء يعيق التربية! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
عندي مشكلة صعبة لا أعرف كيف أتعامل معها..
أنا أم لابنة في الثامنة وابن في السادسة، كانت عندي مشاكل مع أهل زوجي أثرت علي إلى درجة أنني كنت أفقد أعصابي على ابنتي وهي في الثانية من العمر أضربها وأتعصب عليها، وكانوا دائما يقولون إن ابنتي سيئة التربية وهي في هذه السن الصغيرة، وكنت أصدقهم لجهلي بطبيعة الأطفال وقلة خبرتي.
وكم عانيت وعانت ابنتي من جهلي بكيفية التعامل بالطريقة الصحيحة، ولهذا عاملت ابني الثاني بالهدوء والحنان الذي جهلت التعامل بهما مع ابنتي، ولكن الله يعلم كم أحاول إصلاح نفسي والمساواة بينهم وأعطيهم وقتي وحبي الشديد.
ولكن ألاحظ أن ابنتي تعاني من تراجع مستوى الدراسة قليلا، حتى إن الشيخ الذي يحفظها القرآن لاحظ فتورها في الحفظ بعد أن كانت متفوقة، أما ابني فهو ذكي ولكن لا يركز في المذاكرة، جربت كل الطرق الضرب والعقاب والحنان ولا شيء يفيد، أشعر أني أم فاشلة لا أعرف أن أربي أبنائي والمشكلة أني حامل في شهري الخامس والحمل يزيد من توتري فعندما أضربهم أبكي بشدة وأشعر بالندم، ولكن خوفي على مستواهم الدراسي يفقدني أعصابي ما افعل حتى أصل بهم إلى بر الأمان أنى أساعدهم على الاشتراك في الرياضيات المختلفة وأحفظهم القرآن وأعلمهم الصلاة، سامحوني على الإطالة، ولكنى أموت خوفا على أبنائي.
... السؤال
مفاتيح تربوية, أخطاء المربين الشائعة, أسر مضطربة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأم الحنون القلقة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا
أولا مبارك لك حملك وأسال الله تعالى أن يتم عليك فضله ومنّه بذرية تقر بها عينك في الدنيا والآخرة.
ثانيا أحييك على شجاعتك وعلى اعترافك بخطئك فيما كنت تفعلينه مع ابنتك الكبرى وأحييك مرة أخرى على التماسك الأسلوب الصحيح في التربية، ولكن اسمحي لي ألا أحيي هذا القلق والخوف الشديدين اللذين يضران أكثر مما ينفعان ويؤلمان أكثر مما يريحان ويقوضان أكثر مما يبنيان.
كما أعتب عليك هذا الشعور بالفشل واليأس أو العجز وقلة الحيلة تجاه تربيتك لابنيك وتوجيههما، ورغم أنك لم توضحي كثيرا من الأمور في رسالتك مثل: حالك مع أهل زوجك الآن وعلاقتك بزوجك كيف هي وعلاقة زوجك بالأبناء؟ إلا أنه من الواضح أن المشكلة تكمن في المقام الأول في السببين اللذين ذكرتهما لك من قبل (القلق الشديد وشعورك بالفشل الذي يصحبه - بالطبع - الشعور بالذنب)؛ ولذا سيكون تركيزنا في علاج ما تشكين منه برسالتك في كيفية التعامل مع هذين الأمرين، إذا تكونت لديك قناعة تامة بأنك كنت تجهلين أمر تربية ابنتك وأنك الآن تحاولين تصحيح الأسلوب والطريقة مع ولديك، فهذا يعني الكف تماما عن لوم نفسك وجلد ذاتك تجاه ولديك وهذا يتطلب منك أن:
• تذكري نفسك بأن كل إنسان يخطئ وخير الخطّائين التوابون كما قال صلى الله عليه وسلم خاصة أن خطأك هذا لم يكن عن عمد بل عن عدم معرفة.
• ألا تحاولي التهاون بالتدليل الزائد أو التسيب أو التساهل في الخطأ مع ابنتك أو ابنك كنوع من تعويضهما عن الفترة السابقة القاسية في حياتهما لإراحة ضميرك، ولا يعني في نفس الوقت أن تسيري على نفس النهج السابق ولكن بالطريقة التي سأقترحها عليك في الأسطر التالية .
أما عن قلقك ورعبك على مستوى أولادك الدراسي:
فاسمحي لي أن أقص عليك مشكلة إحدى الأمهات التي كانت تعاني من هذا النوع من القلق: فقد حكت لي إحدى الأمهات أنها كانت تود لابنتها الكبرى التفوق الدراسي – حال كل الأمهات – وفي أول عام دراسي لابنتها أي في الصف الأول الابتدائي حينما حُدد موعد اختبار آخر العام شعرت الأم بمسؤولية ضخمة وأنها لا بد أن تحرص كل الحرص على مستقبل هذه الطفلة، وأن تعد لها كل لوازم الاختبار وباتت ليلتها مؤرقة، وخافت أن يفوت ابنتها موعد الاختبار فظلت ساهرة حتى الفجر فإذا بها يغلبها النوم ويفوت موعد الاختبار فعلا ، صحيح أنها استطاعت حل هذه المشكلة مع إدارة المدرسة ومر الأمر بسلام وامتحنت الطفلة بعد بداية الموعد الرسمي بساعة، لكنها تعلمت درسا لن تنساه ما أحياها الله كما ذكرت لي: أن شدة حرصنا على شيء يفقدنا إياه، أظن أنك خمنت ما أود قوله، فكلماتك الأخيرة بالرسالة ( ولكني أموت خوفا على أبنائي ) هي أساس الداء ولا بد من التعامل مع هذا النوع من الخوف وعلاجه حتى لا نكون مثل الدبة التي قتلت صاحبها ولا مثل تلك الأم التي ذكرت لك حكايتها آنفا، وبناء على ذلك لابد أن:
• ترددي على مسامعك أن الخوف الشديد هو الذي سيجني على أطفالك مع تذكرك حكاية الأم وحكاية الدبة.
• في هذه الأيام المباركة عليك بالدعاء لنفسك أولا بأن يجعل كل أمرك يسرا وسهلا ويعينك على أداء هذه الرسالة، وأوصيك بالدعاء الذي افتتحت به رسالتي لك، ثم الدعاء لأبنائك بأن يحفظهم الله وأن يكون الخير فيهم وفي ذريتهم إلى يوم الدين.
• عليك أن تعي أن الشخصية السوية لا تعني تلك الشخصية المتفوقة دراسيا أو على الأقل لا تقتصر عليها، وكم من استشارة تم تناولها على هذه الصفحة تؤكد لك هذا المعنى فأرجو الرجوع إليها.
• وفي أكثر من استشارة أيضا ركزنا على العلاقة البناءة الودودة الحميمة التي عن طريقها يصلح أمر الأبناء كله وليس فقط من الناحية الدراسية، وقد قمت بإحدى التجارب مع طفلين أحدهما كنت أذاكر له بطريقة ودودة مرحة في إطار علاقة إيجابية دافئة، والآخر كنت أذاكر له بطريقة رسمية جافة ( لم تكن فظة أو غليظة ولكنها جافة تخلو تقريبا من المشاعر) وفيها حرص شديد على عدم الخطأ أو بمعنى أدق عدم تفويت أية هفوة أو خطأ مهما كان صغيرا فكانت النتيجة الطاعة بحب واحترام وسلاسة في التعامل مع الطفل الأول وعِند وتمرد وعنف من قِبل الطفل الثاني.
• وبناء على النقطة السابقة عليك أن تهتمي بأبنائك من حيث إنهم آدميون يستحقون العناية والاهتمام وليسوا - فقط - أدوات للتحصيل الدراسي، فخبرات الحياة اليومية أشمل وأعم وأهم بكثير من التحصيل المدرسي والمذاكرة.
• عليك بالاطلاع والقراءة في المجال التربوي حتى يعينك ذلك على استكمال مسيرتك في تصحيح أسلوبك التربوي مع أبنائك ونحن نرحب دائما بتلقي أية استشارات جديدة لإعانتك على ذلك، ويمكنك أيضا التثقيف التربوي من خلال دورات تربوية وما أكثرها الآن في مصر أو البرامج التربوية التي كثرت على القنوات الفضائية أو الكتب أو البحث على الإنترنت وأصبحت كلها مصادر متاحة، وستلاحظين أنني في معظم ردي عليك أحيلك إلى موضوعات متعددة لقراءتها على هذه الصفحة لمزيد من الاستفادة في هذا المجال.
سيدتي..
الاقتراحات السابقة هي الأساس الذي سنبني عليه طريقة وأسلوب التعامل مع أبنائك فإذا لم تطبقي ما سبق أو تهاونت فيه فلن يجدي ما سيتم اقتراحه في التعامل بشكل مباشر مع المشكلات التي أوردتها برسالتك ... وإليك الآن هذه الاقتراحات:
1. أما بالنسبة لفتور ابنتك للحفظ فهذا متوقع في هذه السن بغض النظر عن الظروف التي مرت بها الطفلة، فالأطفال تمل الحفظ لعدة أسباب منها: الرتابة وقلة الدافعية وعدم تنمية مهارة الاستماع والاقتصار على نشاط الحفظ فقط وعدم وجود التنافس؛ ولذا فأنا أفضل دائما أن يحفظ الأطفال بالمساجد ولا يتلقون القرآن في البيوت فحسب (عليك بالاطلاع على العديد من الموضوعات التي طرحت على هذه الصفحة تناولت حفظ القرآن للأطفال، ستجدي بعضها أسفل الاستشارة).
2. أما عن تراجع مستواها الدراسي، فلا بد أن يُدرب الطفل ويُعّلم أن لكلٍ مسؤولية ومهام لابد أن يؤديها، والطفل في المرحلة الصغيرة عليه عدة مسؤوليات منها: ترتيب غرفته – المساهمة في الأعمال المنزلية بحسب سنه وقدرته - المذاكرة، ويُفهّم الطفل ذلك بضرب المثل بالأب والأم فكلاهما لديه مسؤوليات يقوم بها ولا يتذمر، وإذا تعب فلابد له من أخذ قسط من الراحة، كما يمكن تدريب الطفلة على كيفية تنظيم الوقت وعمل جدول يتضمن وقتا للمذاكرة ووقتا للعب ووقتا لأداء المهام بالمنزل ووقتا لأداء الصلوات... وهكذا، مع العلم أن كل ما سبق يطبق مع طفليك وليس مع الابنة فقط، وكل هذا يحتاج لمزيد من الصبر والمثابرة فلن يستجيب الطفلان لهذا النظام بسهولة (يمكن الاطلاع أيضا على موضوعات عن كيفية مساعدة الأبناء في المذاكرة، ستجدي بعضها أسفل الاستشارة).
3. كما سبق وذكرت أن أطفالنا ليسوا آلات تنفذ ما يطلب منهم خاصة المذاكرة، لكن لابد من إعطائهم بعض الاهتمام والحب واللعب ولا يقتصر التعزيز والمكافآت على المستوى الدراسي فحسب بل يمكن إهداء بعض الهدايا بمناسبة قدوم رمضان مثلا أو في العيدين أو في أعياد الميلاد أو بدون سبب لكن لمجرد التعبير عن الحب والود والتقدير، وأنا أركز دائما على عدم لعب دور الموجه والناظر والمدرس مع أبنائنا بمعنى ألا يقتصر دورنا على التوجيه والوعظ بصفة مباشرة ومستمرة ( أرجو الاطلاع على الألعاب والأنشطة التي يمكن أن تمارسيها مع أبنائك، طرحت على هذه الصفحة وأحدد قراءة موضوع صيف ذكي جدا ).
4. ونصيحة أخيرة أود أن أنهي بها كل ما سبق وهي نصيحة غالية ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة حينما قال له أوصني يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم بكلمة جامعة: "لا تغضب"، ولا تصدقي نفسك أو بمعنى أدق لا تطاوعي نفسك في أنك لا تستطيعين ضبط انفعالاتك، وسوف أضرب لك مثلا بسيطا لتعرفي أنك يمكنك تملك نفسك عند الغضب، فإذا تذكرت نفسك في خلافاتك مع أهل زوجك فأنا على يقين من أنك كنت تضبطين انفعالاتك معهم في بعض الخلافات على الأقل مهما بلغ بك الغضب، والسبب في ذلك أننا مع الأسف نشعر بأن أبناءنا لن يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم أو أخذ حقهم كما يفعل الكبار، فنحن – سيدتي – ندعي أننا لا نملك زمام أنفسنا مع هؤلاء الذين نستضعفهم؛ ولذا عليك أن تتذكري قوة الله عليك حينما تستقوي نفسك على أبنائك، وحينئذ فقط ستشعرين أنك استطعت التغلب على هذه العادة السيئة وتحظين بتقدير لذاتك، ولن تلجئي إلى البكاء والإحساس البشع بالندم الذي يعقب ضربك إياهم. ( لمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على موضوعات تناولت العصبية عند الأمهات طرحت على هذه الصفحة، ستجدي بعضها أسفل الاستشارة).
سيدتي..
في ختام رسالتي لك أدعوك أن تنفضي عن نفسك حمل وعبء تأنيب الضمير، كما أدعو الله أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأنا في شوق للقائك مرة أخرى بل مرات للمتابعة معنا عن أي شيء مهما كان صغيرا؛ فلهذا أنشأنا هذه الصفحة،
ـــــــــــــــــ(104/79)
عصبية الأطفال.. الأسباب والعلاج ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابني يبلغ من العمر 4 سنوات، ليس لديه إخوة، وهو عصبي جدا وعنيف، يحب الجميع ولكنه عنيف جدا معهم.. فماذا أفعل؟ ... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
أ.محمود سعيد مهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سيدتي الفاضلة:
1- الانفعالات في تلك المرحلة العمرية عند الطفل تكون أكثر حدة من المعتاد.
2- يكون الطفل شديد العناد.
3- تظهر علامات شدة الانفعال خاصة في صورة حدة المزاج وشدة المخاوف وقوة الغيرة.
4- قد يكون سبب شدة الانفعال التعب الذي يشعر به الطفل من كثرة اللعب ورفضه للنوم والراحة، وتناول مقدار أقل مما يحتاجه من الطعام نتيجة الثورة على النظام الثابت لوجبات الطعام، وهي مشكلة شائعة في هذه السن.
5- شعوره الدائم بأنه يستطيع أن يقوم بكثير مما لا يسمح به الآباء له ويثور على القيود التي يفرضها عليه أبواه، ثم يغضب لأنه يجد نفسه عاجزا عن أداء ما يعتقد أنه قادر على أدائه بسهولة ونجاح.
إذن سيدتي فطفلك يمر بما وصفته من سلوكيات بمرحلة طبيعية، وحين نقول طبيعية نقصد أن نموه النفسي سليم، ولكنه يحتاج إلى مزيد من الدعم المعنوي والتصحيحي في طريقة تعبيراته عما يرغب فيه.
ولذا أنصحك في تعاملك مع طفلك بـ:
1- التغلب على أسباب الغضب:
فالطفل يغضب وينفعل لأسباب قد نراها تافهة كفقدان اللعبة أو الرغبة في اللعب الآن أو عدم النوم أو إهماله وعدم الاهتمام به... إلخ، وعليك عدم التهوين من شأن أسباب انفعاله هذه؛ فاللعبة بالنسبة له هي مصدر المتعة ولا يعرف متعة غيرها (فمثلا: يريد اللعب الآن؛ لأن الطفل يعيش "لحظته"، وليس مثلنا يدرك المستقبل ومتطلباته أو الماضي وذكرياته).
2- عليك الاستماع بعقل القاضي وروح الأم لأسباب انفعال الطفل بعد أن تهدئي من روعه، وتذكريه أنك على استعداد لسماعه وحل مشكلته وإزالة أسباب انفعاله.
3- قدمي له من خلال البروفة السلوكية الأسلوب السليم في التعبير عن انفعالاته، واطلبي منه أن يمثلها لك بعد تشجيعك له؛ فمثلا إن كان قد اعتاد أن يصرخ إذا لم يستجب لطلبه فقومي أنت وهو بتمثيل نفس الدور (هو يطلب منك مثلا أن تحضري له لعبته وأنت لا تنفذين له طلبه فيطلب منك بكل هدوء اللعبة مرة ثانية فإن لم تستجيبي له يقوم هو ويحضرها لنفسه بكل هدوء) هكذا مجرد تمثيل إلى أن يتعود على ممارسة التصرف الصحيح. وإن وجد طفلك صعوبة بتمثيل الدور فتبادلا الأدوار بحيث تقومين أنت بدوره هو والعكس إلى أن يتقن القيام بدوره الأصلي بعد أن يراك وأنت تؤدينه (ويرجى أن يكون ذلك في جو من المرح والحب والحنان).
4- مكافأة الطفل بالمدح والتشجيع عند تعبيره عن غضبه بالطريقة السوية التي تعلمينه إياها في لحظة هدوء وصفاء بينكما، وإن لم يستجب بعد 4- 6 مرات من التنبيه فعاقبيه بالحرمان من شيء يحبه كالنزهة مثلا.
5- احتضني ابنك الصغير بمزيد من المشاعر الفياضة والعواطف الجياشة التي يستشعر فيها الطفل حنان الأم فتنزل عليه وعلى غضبه بردا وسلاما.
أوجدي له منافذ صحيحة يفرغ فيها شحنات الغضب والانفعالات التي لديه بحيث تتناسب تلك المنافذ مع قدراته الفعلية، وهات له الألعاب والأدوات التي تنمي لديه تلك القدرات، ولا تطلبي منه أكبر مما يحتمل، واخرجي معه إلى النادي أو أي نزهة كما يمكن أن يساعدك في قضاء بعض الخدمات بالمنزل كمساعدتك في التنظيف أو الترتيب.
ـــــــــــــــــ(104/80)
ضعف الحفظ.. حقائق وإرشادات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير.
استفدت منكم كثيرا مع ابنتي الأولى وأسال اليوم عن الثانية (6 سنوات)، هي هادئة وخجولة جدا، علاقتها ممتازة مع أخواتها، وإن كانت تقلد الكبرى في كل شيء.
أمضت عامين في الروضة بمدرسة عربية، ونقلتها هذا العام (الأول الابتدائي) إلى مدرسة إنجليزية، ولاحظت فيها شيئا سأذكره بعد قليل، ولقد لاحظت هذا منذ الروضة وليس هذا العام فقط؛ ففي الروضة كنت أقول إنها ما زالت صغيرة.. المشكلة هي أن حفظ ابنتي ضعيف جدا؛ يعني الأطفال -مع فرق القدرات- من الممكن أن يحفظوا الكلمة بعد عشر مرات.. ابنتي تحفظها بعد خمسين مرة، وصدقوني لا أبالغ، وطبعا الخمسين مرة لا تأتي من يوم واحد.. والآن على مدار أسابيع؛ لأنها تحفظ اليوم، وتكتب الكلمة صحيحة، ونأتي غدا كأنها لم تسمع عن الكلمة نهائيا، وهكذا.
المحير أني لا أشتكي منها في الرياضيات؛ فهي تفهمها بسهولة وتحلها بسرعة، وهي من الناحية الاجتماعية عادية؛ أي تفهم الهزار ولماحة لأشياء كثيرة (وزى ما بنقول في مصر ذهنها حاضر)، وتنتبه بسرعة إلى أشياء كثيرة، أما في الحفظ فهي ضعيفة جدا.
وأسألكم: هل هذه طبيعتها أم عقلها رياضي، لكن الطفل في هذه المرحلة لا بد أن يحفظ سواء (القرآن، الكلمات، أناشيد المدرسة... إلخ)، فماذا أفعل معها حتى أقوي الحفظ عندها؟ لأني أحيانا أنفعل عليها؛ لأن المجهود المبذول كبير، وألاحظ أن الحفظ يأخذ فترة طويلة بعد أسابيع وهذا صعب؛ لأنها خلال هذا الوقت تكون قد أخذت كلمات وحاجات أخرى.
آسفة على الإطالة، لكني أحببت أن أشرح التفاصيل؛ حتى تتمكنوا من الإجابة على استشارتي، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
السيدة الفاضلة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
كل عام وأنتِ وجميع أمتنا بخير وعافية، وندعو الله دائما أن ينفعنا وينفعكم بما علمنا ويزيدنا وإياكم علما وهدى وتقى.
لم يكن هناك داع للاعتذار على الإطالة، فنحن نرحب دائما بالتفاصيل؛ لأنها في غاية الأهمية لنكون أكثر إحاطة بالمشكلة حتى نستطيع الرد بشكل أفضل، ومع ذلك فرسالتك -سيدتي- لم تكن طويلة؛ بل على العكس تفتقد بعض التفاصيل؛ فمثلا لم يتضح فيها: هل تدرس طفلتك مادة الرياضيات باللغة العربية أم الإنجليزية؟ وكيف يتعامل معها مدرسوها عند عدم استطاعتها الحفظ؟ وهل يتم المقارنة بينها وبين أختها التي تكبرها في أمر الحفظ تحديدا؟ وهل كانت ولادتها طبيعية؟ وهل كان هناك بعض المشكلات في أثناء الولادة حتى لو كانت الولادة طبيعية؟
على كل حال سأحاول أن أجيب وفق المعطيات بالرسالة على أن يتم التواصل بيننا لتوضيح ما سبق.
سيدتي، اتضح من رسالتك أن طفلتك تعاني من مشكلة في الذاكرة سواء باللغة العربية أو الإنجليزية، ولذا كان عبئا عليها انتقالها من نظام التعليم باللغة العربية إلى التعليم باللغة الإنجليزية على الأقل في الوقت الحالي، والأطفال الذين يعانون من صعوبة الحفظ هم أطفال أذكياء، مستوى ذكائهم متوسط؛ أي مثل معظم الأطفال أو فوق المتوسط؛ بل نجدهم متفوقين في بعض المجالات الأخرى كما هو الحال مع ابنتك في مجال الرياضيات.
وأسباب صعوبة الحفظ عند بعض الأطفال ترجع لعدة أسباب تناولها الدكتور عبد الفتاح غزالي وآخرون في كتاب "المدخل إلى صعوبات التعلم"، وسأذكرها لك باختصار هنا:
• أسباب عصبية: أي تصيب الجهاز العصبي سواء قبل أو أثناء أو بعد الولادة؛ فقد ترتبط صعوبة التعلم بنقص التغذية لدى الأم في فترة الحمل أو تصاب ببعض الأمراض مثل الحصبة الألمانية أو تناول بعض العقاقير أو سقوط الأم فيؤدي إلى تأثر رأس الجنين فيصاب المخ أو قد يتعرض الجنين في أثناء عملية الولادة إلى نقص الأكسجين، وقد يتعرض بعد الولادة إلى عدة أمراض تؤثر على المخ، مثل الحمى القرمزية. باختصار: أي تلف عصبي قد يؤدي إلى أي نوع من أنواع صعوبات التعلم (سواء صعوبات نمائية كالتركيز والتذكر والإدراك، أو صعوبات أكاديمية كالقراءة والكتابة والحساب).
• أسباب كيمائية حيوية: المفترض أن جسم الإنسان يحتوي على نسب محددة من العناصر الكيميائية الحيوية التي تحفظ توازن الجسم؛ وأي زيادة أو نقص في معدل هذه العناصر يؤثر على خلايا المخ فيما يعرف بالخلل الوظيفي البسيط للمخ.
• العوامل الوراثية: أشارت بعض نتائج الدراسات أن صعوبات التعلم تميل إلى التعاقب في الأسرة الواحدة.
• الحرمان البيئي والتغذية: هناك دلائل على أن الأطفال الذين يعانون من نقص في التغذية خاصة في السنة الأولى من عمرهم يؤدي ذلك إلى ظهور صعوبات التعلم.
• النمو البطيء: إن الأطفال الذين ينمون عصبيا بصورة أبطأ من ذويهم يكونون غير مستعدين للمهام الأكاديمية التي يواجهونها في المدرسة.
• قلة الخبرة التربوية: هناك بعض العلماء الذين أكدوا أن السبب يرجع إلى حصول التلاميذ على أسلوب وطريقة تعليمية سيئة؛ وهو ما يؤدي إلى ظهور مثل هذه الصعوبات.
وبناء على ما سبق لا بد أن تعرضي ابنتك على متخصصين في مجال صعوبات التعلم من خلال مراكز أنشئت لهذا الغرض، والإمارات من الدول الرائدة على مستوى الوطن العربي في الاهتمام بهذا المجال، ويمكنك التعرف عليها من خلال مدرسة ابنتك، وسأرشح لك مركزا قد قمت بالبحث عنه على الإنترنت -أي لم يتم التعامل معه بشكل مباشر- وهذا المركز للتفكير الإبداعي، وهو مركز متخصص في الاستشارات والتدريب الإداري والتربوي والاجتماعي والفني.
دبي. دولة الإمارات العربية المتحدة - ص.ب: 20142
ت:629629-4-00971
فاكس: 629699-4-00971.
البريد الإلكتروني:hammadi3@emirates.net.ae
وربما عن طريق هذا المركز قد تتوصلين لمركز آخر لصعوبات التعلم أو هو نفسه يقدم لك هذه الخدمة. ومهمة مراكز صعوبات التعلم أنها تقوم أولا بعمل اختبار لطفلتك ليتعرفوا على موضع الصعوبة بالتحديد لدى طفلتك، وثانيا تصف أسلوب التعامل مع الطفلة في البيت والمدرسة دون أي ضغوط عليها.
سيدتي، كثير من الأمهات يظنون أن مشكلة صعوبات التعلم هذه أمر صعب أو خطير، وأنا أطمئنك أنها مشكلة يسيرة جدا، ومن السهل التعامل معها إذا ما تناولناها بأسلوب علمي صحيح من أهل التخصص، وإلى أن يتم ذلك فأنصحك بعدة أمور لا بد من مراعاتها مع ابنتك:
1. عليك أولا أن تكفي تماما عن عقابها أو نهرها؛ لأن ما تعاني منه خارج تماما عن إرادتها.
2. عليك أن تربطي بين أشكال الكلمات المطلوب حفظها وبين أشياء تعرفها الطفلة تماما؛ فترسمي لها شكل كلمة كرسي على هيئة الكرسي مثلا، وكلمة سمكة على هيئة سمكة، وهكذا.
3. عليك أن تنغمي لها النشيد وأن تحفظه على مراحل، وليس شرطا أن تحفظه كله دفعة واحدة.
4. أن تربطي لها الأشياء المطلوب حفظها بصور ذهنية؛ فمثلا إذا كانت تحفظ نشيدا عن البحر، فيمكنك عرض صور للبحر مع التنغيم كما سبق.
5. أن تسجلي لها النص المطلوب حفظه لتسمعه في أثناء نومها (سواء أكان نشيدا أو قرآنا)، فقد ثبت علميا أن المخ يعمل في أثناء النوم، ويستطيع استرجاع معلومات قد مرت عليه في أثناء النوم.
6. التعاون مع المدرسة لتتفهم طريقة التعامل مع الطفلة، فلا تثقل عليها بمزيد من الواجبات خاصة التي تتطلب حفظا.
ـــــــــــــــــ(104/81)
تربية المراهق بين الترهيب والترغيب ... العنوان
لا بد في البداية أن أشيد بمناقب ابني أنس (11 سنة): أخلاق طيبة، حافظ لـ15 حزبا من القرآن، متفوق دراسيا، ولكن المشكل الأساسي الذي نعاني منه هو كالتالي:
1- العناد المفرط والذي يتجلى في الرفض المستمر للأوامر، برغم حرصنا على تبليغها بأدب وليونة.
2-الفوضى في البيت؛ بحيث إنه لا يرتب بيته ولا يغير ملابسه، ولا يحافظ على نظافته إلا بتذكير مستمر من والديه.
3- الانشغال المفرط بالتلفاز، برغم أن والديه لا يشاهدان التلفاز إلا نادرا، فهو من المولعين بالرياضة والرسوم المتحركة غير أننا وضعنا له ضوابط لذلك كالمدة الزمنية والبرامج.. غير أنه متفلت جدا.
4- الرفض التام للأنشطة الموازية كالرياضة والأنشطة الجمعوية رغم مشاركته فيها لمرات عدة بحيث يجد مللا بعد مدة.
5- الرفض القاطع للذهاب للمخيمات الصيفية، خصوصا أن تجربته الأولى كانت كارثية عليه بكل المقاييس.
6- عدم الإحساس والاعتراف بالنعم التي يعيش فيها والتضحية التي يبدلها أبواه لتوفير كل متطلباته مما يوتر العلاقة بيننا باستمرار وكثيرا ما تلومنا أمه بأننا ندلِله كثيرا ولا يعاقب بما فيه الكفاية.
نحن حائرون في التعامل معه بين منهج الترغيب والترهيب رغم أننا أصبحت أميل أكثر إلى أسلوب الترهيب والضرب في بعض الأحيان. أفيدونا يرحمكم الله.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
أشكرك على اهتمامك بولدك وبارك الله لك فيه وفي أبنائك جميعا..
سيدي علينا أن نعترف أن مرحلة المراهقة أصبحت أكثر إزعاجا عن ذي قبل للآباء والأبناء على حد سواء وواضح أنه كلما زادت المدنية والتكنولوجيا زادت صراعات وأزمة المراهقة ولن أتحدث عن أسباب ذلك فالمقام لا يتسع لهذا التفصيل وما يهمنا في النهاية كيف نتعامل مع هذه المرحلة، وكيف نواجه مشكلاتها حتى تمر بسلام، وإليك بعض الاقتراحات لتحقيق هذا الغرض:
•عدم فرض كثير من الأوامر فمثلا لا ينبغي أن يكون هناك إلحاح سواء من الأب أو الأم على الابن في تغيير ملابسه أو في تنظيف نفسه أو في ترتيب البيت، ولكن عليك أنت ووالدته التحدث معه على انفراد بشكل حازم ودود فتقول له مثلا: "أنا سعيد بأن لدينا ابن مثلك له شخصية جذابة ومهذبة ومتفوقة وحافظ لكتاب الله لكن يغضبنا كثيرا ما تفعله من استهتار بوقتك وبنظافتك وبعدم تنفيذك ما هو واجب عليك، وأظن أنك أيضا ستغضب إذا وجدت يوما ما أنني أرفض الصرف عليك أو أن ترفض والدتك طهي الطعام لك ولإخوتك أو نرفض أي شيء تريده؛ ولذا لا بد أن تعرف أن لكل فرد واجبا لا بد أن يؤديه وبناء على ذلك اقترحنا أنا ووالدتك أن نعلق ورقة كبيرة عليها المهام الواجبة عليك مع وضع مدى زمني لكل مهمة منعا للإلحاح الذي يغضبنا ويغضبك أنت أيضا".
وتبدأ أنت وابنك ووالدته في وضع جدول بالروتين اليومي والمهام المطلوبة منه بمدى زمني فمثلا: الاستيقاظ يمكن أن يكون من 7: 7.30 صباحا (أي أنه يمكنه أن يستيقظ في هذا المدى الزمني ما بين 7 و7.30 )، ترتيب الحجرة يمكن أن يكون من 8: 8.30 صباحا، مشاهدة التلفاز يمكن أن تكون بحد أقصى حتى الساعة التاسعة مساء بعد الانتهاء من المهام المدرسية، تغيير ملابسك الداخلية صباح كل يوم، الاستحمام مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.. وهكذا.
وتعلقوا هذا الجدول في حجرته وتتركانه دون تعليق طوال الأسبوع حتى لو لم ينفذ هذا الجدول، وفي نهاية الأسبوع عليه أن يقدم لكما ما استطاع عمله من هذه المهام وما لم يستطع عمله، وكل ما أداه يثنى عليه، ويعاتب على ما لم يؤده، وتستمر معه أنت وزوجتك على هذا المنوال مدة 3 أو 4 أسابيع، فإذا ظل يقوم ببعض الأعمال دون غيرها ولم يتقدم فلا بد أن تجلسا معه وتخبراه أنكما مسروران لتنفيذه بعض المهام، لكن في الوقت نفسه لا يرضيكما إهمال البعض الآخر، ومن ثم فعليه تنفيذ باقي الأعمال، وإذا كان لديه مشكلة ما في عدم القدرة على تنفيذ بعض المهام فعليكما مناقشة أسباب ذلك معه مع وضع حلول (باقتراحات منه أولا) لكيفية التخلص من المشكلات التي تواجهه، أما إذا لم ينفذ شيئا من المهام المطلوبة منه بعد إعطائه فرصا لمدة الثلاثة أسابيع أو الأربعة فناقشه أيضا – كما سبق وأشرت - في الأسباب التي أدت إلى ذلك قبل أن توقع أي عقاب، فإذا كان رد فعله الاستهتار واللامبالاة وأنه لم يخطر في باله أصلا أن ينفذ ما طلب منه، فما عليك إلا أن تقوم بحرمانه من أمر يحبه مثل عدم السماح له بمقابلة أصدقائه أو التحدث إليهم بالهاتف أو حرمانه من مشاهدة التلفاز لمدة يوم واحد... وبالطبع هذا العقاب لن يرضيه وربما يثور ويغضب لكن لا بد أن تعالج الأمر بهدوء قائلا: "لقد أعطيت أكثر من فرصة كما يجب عليك أن تعلم أنك لا تعيش بمفردك بالبيت، ولا بد من مراعاة الآخرين، وإذا كنت غاضبا حقا فحاول تصحيح الخطأ، ولا تزد الأمور سوءا" واتركه وانصرف ليفكر فيما قلت.
•عليك أنت وزوجك تجاهل بعض الأخطاء التي يقوم بها وعدم التعليق على كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته فلا يلتفت مثلا: لإهماله في أدواته وعدم تنظيم مكتبه في المذاكرة أو اختيار ألوان ملابسه غير المتناسقة والتي يمكن ألا ترضيكما أو مشاكسته أحيانا لإخوته.
•لا تطلبا منه شيئا وكأنكما تستعطفانه ليؤديه بل يكون الأمر حازما في غير قسوة ودودا في غير ضعف.
•حينما تضعان ضوابط لمشاهدة التلفاز ويخرقها كأن يشاهد عدد ساعات أكثر من المحدد له مثلا فلا تذكراه في الحال، ولكن انتظرا حصيلة وحصاد الأسبوع من خلال الجدول الذي وضعتموه جميعا.
•حينما يرفض رفضا تاما ممارسة بعض الأنشطة مثل الرياضة والاشتراك في المخيمات الصيفية وغيرها فعليكما أن تضعا أمامه كل مزايا الاستمرار في مثل هذه الأنشطة وعيوب تركها في الوقت الحالي وفي المستقبل، واذكرا له أنه سيتذكر يوما ما حين يكبر هذه الأنشطة ويفخر بأنه اشترك فيها فضلا عن المزايا التي سيجنيها مثل اللياقة البدنية العالية والحفاظ على الصحة والتخلص من الكسل واستثمار الوقت فيما يفيد والتواصل الاجتماعي... فإذا لم يقتنع بعد ذلك كله فعليكما توضيح أن رفضه لمثل هذه الأنشطة لن يعني بحال من الأحوال زيادة عدد ساعات مشاهدة التلفاز مثلا وإذا اختار عدم الاشتراك فلن يخسر سواه، واتركاه ولا تلحا عليه مرة أخرى، وحينما يتعلل بتجربته الأولى القاسية التي مر بها فاذكر له أننا لا نتعلم إلا من خلال مثل هذه التجارب وليس معنى أننا مررنا بتجربة قاسية ألا نحاول مرات أخرى، ولو كل إنسان ترك ما يفعله لفشله أو لألم من تجربة مرت به لما كان هناك معنى للنجاح الذي نصل إليه ولما توصلنا إلى مثل هذا التقدم التكنولوجي، ولم يكن هناك تلفاز لنشاهده الآن ولا الإنترنت ولا كثير من المخترعات الحديثة، واحك له بعض قصص الذين يحاولون ولا يملون المحاولة ولا ييأسون من تجاربهم مهما كانت قاسية مثل صلاح الدين واسترداده لبيت المقدس ومحاولاته التي قيل إنها وصلت لأكثر من مائة محاولة، وكذلك محاولات أديسون في اختراع المصباح الكهربي... إلخ.
•أما عدم إحساسه بالنعم التي يتمتع بها ولا بالتضحيات التي تقومان بها أنت ووالدته فهذا يرجع إلى سببين: طبيعة مرحلة المراهقة والتي يشعر فيها المراهق أن من حقه كل شيء وأي شيء، وأن ما يفعله الوالدان ما هو إلا الواجب المفروض عليهما، والسبب الآخر هو طريقة وأسلوب التعامل مع أبنائنا منذ صغرهم خاصة في بلادنا العربية التي تربي الطفل على التدليل والتي لا يربى فيها الطفل على تحمل المسئولية إلا في سن متأخرة وهذا بخلاف سنة رسول الله مع الصبية والفتيان في سن ابنك فها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه نام في فراش الرسول ليلة هجرته -صلى الله عليه وسلم- وسنه قريبة من سن ولدك، فعلينا أن نؤهل أبناءنا منذ نعومة الأظفار على الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية ولا يكون ذلك إلا من خلال غرس قيمة حب العمل والحث عليه وإسناد بعض الأعمال له مثل دهان البيت وإصلاح الأثاث ومعاونة الأب في مجال عمله.
•عليك أنت وزوجك أن تذهبا به إلى دور الأيتام ليس فقط ليتعظ ويرى أن غيره محرومون من أشياء يعتبرها هو حقا بديهيا مسلما به، بل ليتعلم أيضا كيف يتعاطف مع الآخرين ويشارك في رفع المعاناة عن غيره ويكون عضوا فعالا في مجتمعه، ولن يحدث هذا إلا إذا وجد أبويه يفعلان ذلك ويؤديان حق المجتمع بل حق الإنسانية عليهما.
•عليك في نفس الوقت أن تصاحب ابنك وتوطد العلاقة بينكما بالحديث فيما يهتم به ويحبه وبالخروج معا للمسجد وللتنزه ولزيارة معارفك وأصدقائك وتفعل ذلك مع ولدك كلهم.
سيدي إن مرحلة المراهقة تحتاج إلى مزيد من الصبر والتروي والحكمة حتى لا نخسر أبناءنا ونخسر كل ما زرعناه فيهم من قيم في صغرهم؛ ولذا أنا أدعوك للقراءة عن طبيعة هذه المرحلة من خلال كتب علم نفس النمو وهي متوفرة في المكتبات، ومن خلال صفحتنا هذه فقد تناولت موضوع المراهقة كثيرا فأرجو الاطلاع عليها.
وأخيرا أدعو الله أن يقر عينك بذريتك ويعينك على توجيههم، كما أرجو المتابعة معنا.
ـــــــــــــــــ(104/82)
في حفظ القران.. كل طفل وله طريقة! ... العنوان
أشكركم على الموقع المتميز هذا.. جزاكم الله خيرًا.
أنا أم لثلاث بنات، تتعلق مشكلتي بأوسطهن.
ندى تبلغ من العمر 6 سنوات، هي طفلة هادئة، لا تتكلم كثيرًا مقارنة بأختها الكبرى، متعتها في جمع ما لديها من لعب لتبدع معها القصص، فهي صاحبة خيال خصب، يستهويها أيضًا لعب البازل وهي تبهرني بسرعة إنجازها، ليس هذا رأيي الخاص، بل هو رأي معلماتها وبعض الأصدقاء.
لها قدرة استثنائية على الرسم وذلك منذ صغر سنها، أكدت ذلك إحدى معلماتها التي قالت إنها لم يسبق لها وأن درست طفلة مثلها، بينما أكدت معلمة أخرى سعة ثقافتها.
ستبدأ ابنتي الدراسة في المرحلة الابتدائية في سبتمبر 2006، وقد ذكرت لي المختصة النفسانية أنها أنجزت تمارين لا ينجزها الأطفال إلا في سن السابعة. أين هي المشكلة إذن؟
مشكلتي هي حفظ القرآن الكريم! فهي لا تريد أن تحفظ، وتنسى ما تحفظه.
تصوروا أنها تخطئ في قصار السور كالإخلاص؟!
حاولنا معها أنا وأبوها ولكن دون جدوى.. هل من حل لهذه المشكلة؟
هل ثمة علاقة بين الذكاء والحفظ.
نسيت أن أذكر أن ابنتي إلى حدود السنتين من عمرها كانت كثيرة البكاء، ولم يكن بإمكان أي أحد أن يقنعها بالكف عن البكاء.
عذرًا عن التطويل، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
عالم الدراسة, صعوبات التعلم, نمي طفلك, الإبداع والمهارات ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أختي الكريمة..
سبحان الله العظيم حين سوى البشر جميعًا، وخلقهم جميعًا مختلفين متباينين في الشكل والصفات والقدرات.. بل في تباين القدرات لدى الفرد الواحد للدرجة التي جعلتك تتعجبين كل العجب كيف لصغيرتك أن تكون بهذه القدرة في الرسم والبازل وغيره... ثم لا يمكنها الحفظ!.
أختي.. وكأنك تحدثينني عن حبيبتي الرائعة مِنة؛ هي أيضًا ابنتي الوسطى الرائعة في الفنون عمومًا، ولكن بينها وبين الحفظ مسافات.. ولكن دعيني أقص عليك موقفًا صغيرًا هو خلاصة جهدي في أن أشعرها بقيمتها الكبيرة وتميزها وإن كان بها بعض الضعف الذي هو حتمي على كل البشر..
كنا منذ أيام نحفظ القرآن -هي وأختها الصغرى رؤى (7 سنوات)- التي هي ما شاء الله تبارك الله سريعة الحفظ محبة له، أما منة فهي تحب الله كثيرًا ولولا هذا الحب ما أقدمت أبدًا على حفظ القرآن الكريم؛ المهم أن أختها كانت تراجع، فراجعت السور الكبيرة من جزء عم، أما منة فجلست لتراجع قصار قصار قصار السور.. فداخل أختها العجب بنفسها وقالت لها: "منة.. أنت تحفظين سورًا قصيرة جدًّا.. هذه تافهة جدًّا" تقصد في حفظها طبعًا..
شكرت الله شكرًا كثيرًا على رد منة الرائع عليها؛ انظري ما قالت: "رؤى هذه قدرة؛ أنت تحفظين بسرعة، وأنا أرسم بسرعة ورسمي جميل جدًّا!!!".
سبحان الله العظيم.. هذا حق فكل منا له قدراته ويظل من المهم أن يدرك أطفالنا هذه الحقيقة، ويؤمنوا بعدل الله تبارك وتعالى في منحه لعباده..
أذكر لك هذا؛ لأني أشعر بما يعتمل في صدرك، يهمني كثيرًا أن تدركي أن بابنتك قوة لن يمكنها استثمارها إلا بإيمانها الحقيقي بأنها تملك فعلاً قوة. وهذا دورنا كآباء أن نساعدهم في تعرف نقاط قوتهم والبناء عليها.
جعل الله لنا على الأقل ثماني قدرات متباينة، وهي ما بلورتها نظرية الذكاءات المتعددة حين استبعدت الذكاء بمفهومه الأحادي وطرقت فكرة تعدد الذكاءات لدى كل فرد.
أطلب منك أولاً أن تعودي لملف صيف ذكي جدا حتى تتعرفي على الذكاءات المختلفة لدى طفلتك والتي هي قدراتها الأعلى التي يمكننا الاستفادة منها في عملية التعلم..
ما أعنيه أن لكل منا قدرات عالية وقدرات أقل فنحاول حينها أن نستفيد من نقاط القوة للتغلب على نقاط الضعف أو لأداء المهام بطريقة مختلفة تتناسب مع قدراتنا.
من المعلومات القليلة التي طرحتها عن ابنتك أحسب أنها تتميز بذكاء بصري جيد (لتمتعها بالقدرة على الرسم؛ القيام بألعاب البازل)، وبالطبع ليس هذا قاطعًا بالنسبة لي؛ لأن المعلومات التي ذكرت قليلة.. ولكن يمكنني اعتبارها بشكل مبدئي..
ولكن ما الذي يعنيه هذا؟
أهم ما يعنيه تمتع ابنتك ببعض القدرات البصرية أنني أعرف أن بوابة العقل لديها هي البوابة البصرية، أي أن عقلها يتعامل مع المعلومات والمعرفة التي تدخل لها عن طريق البصر.
هل هذه نقطة هامة؟
جدًّا جدًّا.. لأني ببساطة يمكنني التركيز على هذا المدخل أثناء تعليم طفلتي.. وسأذكر لك كيف يتم ذلك، ولكن بعد أن توافيني بالمعلومات الناقصة لتظهر لنا الصورة أوضح.
النقطة التالية التي لا بد من معرفة بعض المعلومات بشأنها:
هل ابنتك يصعب عليها فقط حفظ القرآن أم أن لديها مشكلة بشكل الحفظ عمومًا؟
أي هل تحفظ الأغاني بسهولة مثلاً؛ هل يمكنها أن تعيد عليك أحداث قصة قرأتها لها؛ هل يمكنها تذكر الأحداث اليومية؛ هل يمكنها ترديد سلسة من الأرقام المتتالية..
كل هذه معلومات لنقف على حقيقة الأمر: هل نحن إزاء احتياج لتنمية الذاكرة قصيرة المدى أم أننا فقط بحاجة لتطوير طريقة الحفظ للقرآن واعتماد بوابتها الرئيسية للتعلم بدلاً من الطرق التقليدية التي غالبًا ما لا توافق غالبية الأطفال..
كثير من الأطفال لا يمكنهم الحفظ الأصم، أي حفظ الأشياء بدون معنى؛ ولذا فهم بحاجة لفهم ما يحفظون، وهنا أشير عليك باختيار الآيات التي يمكن لابنتك فهمها وليس هناك ضرورة شرعية تلزمنا بالبدء بجزء عم كما يفعل الغالبية، خاصة أن آيات العذاب به كثيرة جدًّا.. فلم لا نبدأ بسورة كالرحمن، أو اختيار آيات من كل سورة حسب ما يستسيغ الطفل ويفهم.. فالحفظ الأصم إلى جانب صعوبته ليس هو المطلوب أبدًا من أطفالنا، فالقرآن كتاب عمل فكيف يعملون بما لا يفهمون؟!!..
أعرف تمامًا أن هناك آراء عالية الصوت بأن الطفولة الفترة الذهبية للحفظ، ولا أعترض على ذلك، ولكن كل ما في الأمر لم لا نحفظ أولادنا ما يفهمون ونبدأ بما يستسيغون فتكون علاقتهم بالقرآن علاقة حب وعلاقة عمل وقدرة على إنزاله لواقع الحياة بدلاً من أن يظل ترتيلات لا يفقهون منها شيئًا!.
نضيف على هذه النقطة صعوبة حفظ بعض الأطفال فعليًّا للكلمات الصماء، وهم هؤلاء الذين يستعصى حفظهم دون معنى ليمكنهم نقل المعرفة من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى..
هنا تأتي أهمية اختيار الآيات مع بعض الشرح والتصوير للطفل لنعطي الآية معنى وصورًا يمكنه استخدامها لتخزين هذا المعنى..
الآن حبيبتي بعد هذه النقاط السريعة أود أن أسمع منك مرة أخرى لتستكملي بعض المعلومات:
أولاً بعد الاطلاع على الملف "صيف ذكي جدا" اذكري لي كل ما يمكن لطفلتك أن تؤديه بمهارة حتى أقف على نقاط القوة التي يمكننا الاستفادة منها.
ثانيًا: حاولي متابعتها في التذكر عمومًا: تذكر الأرقام؛ التليفونات؛ سرد عدة أرقام تذكر أمامها.. لنقف تقريبيًّا على قدراتها على التذكر..
ثالثًا: أود لو تذكري لي الطريقة التي تحفظينها بها؛ والجو العام الذي يتم فيه الحفظ..
أنتظرك لنتشارك معًا البناء على نقاط القوة.. والله المستعان.
ـــــــــــــــــ(104/83)
غيرة البنات ..وشغل البيت ... العنوان
أود أن أسأل: هل الغيرة بين بناتي طبيعية؟ واحدة عمرها 16 عاما، والثانية 17 وبصورة مستمرة... الغيرة حتى بعمل المنزل، كل واحدة تقول: لماذا أنا؟ وماذا تعمل هي؟ ولماذا هي لا تعمل؟ حتى أصبحت أعمل أكثر منهن.. وأعلم أن هذا طبيعي. ولكن أحيانا أختصر الجدال وأعمل أنا ولا أطلب منهن شيئا؛ لأن كلا منهما ستقول: لماذا أنا؟ ولا أستطيع أن أحفظ الذي أعطيته لكل واحدة من عمل، اليوم وبالأمس وووو... إلخ!!.
الكبيرة مجتهدة جدا ومتفوقة، والصغرى مجتهدة ولكن أقل ذكاء، ونحن لا نقارن ولا نقول شيئا حتى لا نضايق الصغرى مع أنها تعلم ذلك وتقول نيالها... والصغرى بالجمال أحلى وأبيض بشرة، وجسمها رشيق أكثر.
أهذا ممكن يكون سببا للغيرة؟ لأننا نعاملهما نفس المعاملة، وأنتم تعلمون أن من الصعب إرضاء الأولاد بكل شيء.
ما العمل؟ كيف أُفهمهما أنهما متساويات عندنا؟ وكيف أمنع الشجار والغيرة مع أنني أراهما أحيانا يجلسان بالغرفة وتتحدثان لوحدهما فأسعد؟
... السؤال
مشكلات شقية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د.نعمت عوض الله, أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي العزيزة،
الغيرة شعور طبيعي ينتاب كل إنسان منا ولو مرة في حياته... وهو شعور وصفوه بأنه (حارق حالق)، ولكنه شعور طبيعي يمر به كل واحد منا لسبب رئيسي هو: حين يرى غيره -مثيله- يأخذ ما لا يأخذه، أو ينعم بما حرم هو منه، أو حباه الله بما لم يسمح له به أو... أو... من هنا تنشأ الغيرة أو السؤال الأسود الذي يدور في القلب فيؤلم: إشمعنى؟
تقوله الزوجة إذا تكلم زوجها بلطف مع امرأة أخرى!! يقوله رجل لو رأى زميلا يختصه الرئيس أو المدير بالأفضل... وتقوله البنات الصغيرات إذا وجدن من أهلهم تحاملا عليهن؛ كأن يفضلوا الكبرى أو الصغرى، أو يميزوا بينهن في الملبس أو المأكل أو حتى بكلمات المقارنة التي تقتل بلا دم... فليس لأحد منا ذنب أن خلقه الله أسمر أو أفطس الأنف... وليس لأحد أن يتباهى بعطاء الله في لون العينين أو نقاء البشرة... وبالتالي فلا يجوز أن يرد هذا النوع من الكلام حتى في الغرف المغلقة؛ لأن الإحساس بالتباهي يظهر على وجه الأهل حتى ولو لم يتكلموا.
ولكن يا سيدتي في حالتك أرى -والله أعلم- أن بناتك يلعبن بطيبتك لعبة إشمعنى!! تقولين إنك لا ترصدي ما طلبت من أي منهما، وهذا طبيعي فأنا حين أطلب من إحدى ابنتي عملا لا أذكر متى وكيف كان آخر مرة طلبت منها.
ابنتاك صديقتان وتحب إحداهما الأخرى... والقضية كلها أنهن يتهربن من شغل البيت بإشعارك أنك تفرقي بينهن في توزيع المهام؛ لأنه كما يبدو من كلامك أن كانت الكبيرة أذكى وأكثر تفوقا فالصغرى أجمل شكلا وأكثر أنوثة.
إذن يا سيدتي كل منهما تمتلك ما يجعل الأخرى تغار، وبالتالي فهن يعرفن تماما أنهن مختلفات ولا مجال للتنافس بينهن؛ لأن الغيرة تكون بين المتنافسين.. بين المثيلين.. ولكن لا يعقل مثلا أن تغار من هي في سني من طفلة تأكل الحلوى على راحتها وهى محرومة من ذلك!! فلا مجال أصلا للكلام في الموضوع ويدخل ساعتها في باب العته والمرض النفسي.
ابنتك الكبيرة تعرف أنها ذكية ومتفوقة فهدا هو مجال تميزها الذي سيخلق لها شخصية ناجحة مستقلة.. والصغرى تعرف أنها جميلة ستدير الرؤوس بجمالها وتحصل على ما تريد ثمنا لهذا الجمال والدلال؛ فلا تقلقي ما دمت لا تأتي على ذكر هذا الفرق، أو تفضلي إحدى الميزات على الأخرى كما تقولين.
فإذا كان طلبك الرئيسي يتلخص في سؤالك عن الغيرة بينهن، فأنا أراها في الحدود الطبيعية بين البنات في أي بيت، وما يتردد من مظاهره بين البنات في كل بيت (فستان أختي أحلى - هديتها أغلى - أنا أعمل الأعمال السخيفة وهي تختارون لها الأعمال البسيطة، وهكذا)، وفى آخر اليوم يجلسن معا للكلام والضحك والدردشة.
أما إذا كانت شكواك من تعبك وحدك في العمل فأنصحك للتخلص من كيدهن بعمل جدول فعلي للأعمال المنزلية وكأنه سيتم توزيعه على موظفين... يتم تعليقه في المطبخ فعلا مثل أي مكتب عمل، ويتم توزيع المهام فيه بالعدل في النوعية والأيام وعدد المرات ويلتزمن به حرفيا؛ لأن ساعتها لن يستطيعا أن يلعبا على وتر النسيان أو على الظلم، وترتاحين يا سيدتي قليلا... ويتعلمن هن العمل والمساعدة من غير تهرب أو خداع.
وينتهي كلام الدكتورة نعمت عوض الله.
وتضيف لك أ. مديحة حسين محررة الصفحة:
لتسمح لي دكتورة نعمت أن أضيف على كلامها الطيب جزءا من خبرة شخصية كانت تتبعها معي أنا وأخواتي أختي الكبرى التي هي بمثابة أمي؛ فقد كانت تتبع معنا نفس ما أشارت به دكتورة نعمت ومعه بعض التفاصيل، أوردها لك مكملة صيغة الخطاب لك:
إذا اعترضت بناتك على توزيع الأعمال، فقولي لهن بهدوء: إنه يمكن تبادل الأدوار الموضوعة لكل واحدة، فإذا رفضن فقولي لهن بحزم أن يجلسن مع بعضهن ويقمن بإعادة توزيع المهام بينهن بالتفاوض دون إنقاص أي من هذه الأعمال في حدود ساعة واحدة، وإن لم يخرجن باتفاق فلا مجال إلا بالالتزام بما وضعت.
والأفضل أن يتبادلن الأدوار كل أسبوع حتى تشعر كل واحدة بكمِّ الأعمال الذي تقوم به الأخرى، وأنه مساوٍ في الجهد. وبعد استتباب الأمن بعد أسابيع ستجدين مرونة بينهن بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــ(104/84)
المصروف.. هل يعالج السرقة؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو منكم أن تنصحوني في طريقة معاملة ابنتي ريحانة(9 سنوات) التي أجد صعوبة كبيرة في تربيتها؛ حيث أنها ومن دون أخوانها الثلاثة هي من توترني وتقلقني من كثرة حركتها وصراخها إذا أقلقها أحدهم.
وتبدي حين أمانع في أمر ما غضب ونرفزة شديدة وتبدأ تخبط الأرض برجليها وترمي في الأشياء معبرة عن عصبية كبيرة ... زد على هذا أنها في السنة الرابعة وما زالت لا تعرف القراءة المسترسلة ولا تحب الحفظ أبدا..رغم كونها والحمد لله من الأوائل و هذا لأنني دائما وراءها في الدراسة وأحفظها وقت الامتحانات.
لا ترضى بأي أمر يعطى لها وتعبر عن رفضها له بالبكاء والصراخ والنرفزة...والشيء الذي أقلقني هذا العام أنني اكتشفت أنها أخذت من حقيبتي مبالغ مالية كي تشتري حلوى و(أيس كريم) لها ولزميلاتها حتى أنها أخذت في الأخير مبلغ معتبر وأودعته عند ابنة جارتي والتي هي في نفس عمرها.
عالجت الأمر بهدوء ...وعدتها إذا حكت لي كل شيء بالتفصيل أصفح عنها.وهذا ما فعلته وأخبرتني عن مكان في البيت أخفت فيه البعض من النقود، وأنها كانت تشتري الحلوى بالبعض الأخر وأنها أعطت بنت الجيران المبلغ المتبقي كي تشتري لها عروسة كانت قد وصفتها لها، مع الذكر أن بنات جارتي يملكون دائما نقودا في جيوبهم وأنا دائما ضد فكرة إعطاء المال للأبناء بمبالغ كبيرة وهذا لن ينفعهم بل سيفسد تربيتهم ولا بأس بإعطائهم من حين لآخر بعض الدنانير لكن لا يجب أن يكون هذا دائما.
جربت الحنان...جربت الضرب...و لكن شيئا لم ينفع ...عصبية كثيرا ...ما العمل ..بالرغم أنني اجتهد معهم لتربيتهم تربية أسلامية وأنا دائما استخلص معهم العبر من أي شيء يسمعونه أو يرونه كي أمرر لهم ما يجوز وما لا يجوز وما يليق وما لا يليق.
ملاحظة..في المدرسة المُدرسة دائما تشكرها وتقول لي أنها مؤدبة ومتخلقة ويا ريت كل الأطفال مثلها ..لكن في البيت شيبتني...أرجو منكم المساعدة والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
... السؤال
مشكلات شقية, الكذب والسرقة, عالم الدراسة, صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
كل عام وأنت وجميع المسلمين بخير وعزة وكرامة.
مرحبًابك على صفحتنا معًا نربي أبناءنا، وتحية لك على تحرِّيكِ الأسلوب الأفضل في تربية وتوجيه أبنائك.
سيدتي.. هناك بعض الإشكاليات التي وردت في رسالتك، فكل ما ذكرته عن ابنتك من العصبية الشديدة وكثرة الحركة وعدم قدرتها على القراءة المسترسلة -رغم أنها في السنة الرابعة- وعدم محبتها للحفظ، فكل هذا يشير إلى أن ابنتك ربما تعاني بما يسمى بصعوبات التعلم، ولكنك في نفس الوقت ذكرت أنها من الأوائل بالمدرسة وكل من بالمدرسة يشكر فيها ويثني عليها وعلى أخلاقها؛ لذا فأمامك عدة خطوات لتبين الأمر:
أولاً: ملاحظة وتذكر النقاط التالية:
1. كيف كانت ولادة ابنتك طبيعية أم لا؟ وهل حدثت أية مشكلات عند الولادة؟
2. هل لاحظ مدرسوها عدم قدرتها على القراءة المسترسلة؟
3. وهل عدم حبها للحفظ يعني أنها غير قادرة عليه أو أنها تحفظ بصعوبة؟
4. هل لاحظ مدرسوها حركتها الزائدة وهذا بالطبع لا ينفي كونها مؤدبة ومهذبة معهم فعليك بسؤالهم تحديدًا عن حركتها بالفصل؟
5. كما يجب ملاحظة هل تستطيع إنجاز مهمة محددة تُطلب منها في وقت محدد دون حركة كثيرة أو زائدة سواء بالمدرسة أو بالبيت؟
وحتى إذا لم يلاحظ المدرسون عليها شيئًا بالمدرسة، فللاطمئنان يمكنك عرض ابنتك على متخصصين في مجال صعوبات التعلم؛ لقياس القدرة على التركيز والقدرة على الإنجاز، وما هي الصعوبة في قراءتها بالتحديد، ولماذا تجد صعوبة في القراءة والحفظ، ولماذا هي كثيرة الحركة وعلاج كل هذا، فإذا كان كل شيء على ما يرام بعد عرضها على هؤلاء المتخصصين فخير وبركة.
وهذا يسلمنا للخطوة التالية فعليك ثانيًا:
عرضها على أحد الأطباء لقياس نسبة الثيروكسين لديها فإن ارتفاعها يؤدي إلى هذه العصبية، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك فهنا يأتي دورنا على هذه الصفحة من اقتراح تقنيات محددة لتعديل سلوك ابنتك العصبي، وإلى أن يتم كل ذلك فإليك إرشادات عامة يمكنك استخدامها مع ابنتك لتهدئة الموقف:
1. كما اتضح لك سالفًا أن عصبية ابنتك قد تكون أمرًا خارجًا عن إرادتها، وهذا من شأنه أن يجعلك تتعاملين معها بصبر وحلم أكبر ولا تحمليها فوق طاقتها.
2. إذا قامت برمي الأشياء أو برمي نفسها على الأرض فلا تعيري اهتمامًا لهذا ولا تلبي لها رغبتها أو ترفضيها، بل اتركي المكان مع قولك لها: حينما تهدئين يمكننا التفاهم فيما تريدين.
3. قلّلي من أوامرك ونواهيك لها، فيمكنك التغاضي عن بعض أخطائها حينما لا تدرك رؤيتك لها أثناء ارتكابها لهذا الخطأ.
4. تودّدي إليها في الأوقات الأخرى وحاولي التقرب منها، وبين الحين والآخر أظهري لها حبك وحنانك في شكل تربيت على الكتف أو التقبيل والاحتضان، دون أن تأتي بفعل تستحسنينه تستحق المكافأة عليه، بل افعلي ذلك بشكل تلقائي.
5. اجعلي اللعب والمرح والدفء الأسري هو السمة العامة التي تميز العلاقة بين أفراد أسرتك.
6. لا تكثري من العبر والعظات التي ذكرت أنك تقومين بها مع أولادك لكي يشبوا على القيم الإسلامية، فالإسلام قدوة وفعل قبل أن يكون كلامًا وعظة.
أما بالنسبة لموضوع أخذها النقود خفية ومن ورائك فهو أمر سينتهي إذا: ما تم علاج أسباب العصبية كما أشرت لك آنفًا، وإذا طبقت الإرشادات العامة السابقة، كما أود أن أنبّه على أنه من الضروري أن يأخذ الطفل مصروفًا يوميًّا -إذا كان هذا عرفًا سائدًا بين زملائها- لكن في حدود المعقول وليس مبالغًا فيه كما يحدث مع أبناء الجيران، ولكي أطمئنك من هذا الجانب فإن المرحلة التي تمر بها ابنتك هي مرحلة يكثر فيها مشكلة السرقة، ولكنها بالهدوء والحكمة ومعرفة الأسباب وعلاجها والاستعانة بالله تعالى تنتهي سريعًا إن شاء الله (ولمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على موضوعات عديدة طرحت على هذه الصفحة عن السرقة بالنسبة للأطفال).
وأخيرًا.. وفقك الله عز وجل وأعانك، ونحن في انتظار متابعتك معنا.
ـــــــــــــــــ(104/85)
السلوك النكوصى.. الأسباب النفسية والعقلية ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، ابنتي الكبرى عمرها 13 عاما لكني أشعر أن شخصيتها وتصرفاتها ما تزال في مرحلة عمرية أصغر فهي لا تهتم بما تهتم به صديقاتها من نفس العمر، وعندما آخذها للسوق لشراء ثيابها فإنها تقوم بانتقاء موديلات تصلح لمن هن أصغر منها ببضع سنوات، حتى إننا نجد صعوبة كبيرة لنجد أخيرا شيئا مشابها لما تختاره يكون على مقاسها، بالإضافة إلى ذلك فهي تحب أن أصطحبها لزيارة صديقاتي اللاتي لديهن بنات فى عمر 6 أو 7 سنوات، وعندما نكون في حفلة أو اجتماع عائلي فيه بنات من أعمار مختلفة أجدها ترافق من تصغرها ببضع أعوام بدل أن تندمج مع من هن في مثل سنها.
وهي لا تحب المطالعة رغم بذلي جهودا كثيرة على مدى سنوات لتحبيبها بالقراءة كي توسع آفاقها وقد أثمرت جهودي بقراءتها بضع قصص وروايات أطفال لكنها الآن إذا شجعتها على القراءة تقوم باعادة قراءة نفس القصص ولا تحب أن تقرأ شيئا جديدا، ولا تحب مشاهدة التلفاز لكنها تحب إعادة مشاهدة البرامج التي كانت تفضلها في عمر صغير، فمثلا تابعت مسلسل أطفال وهي في الصف الثالث ثم تابعته عندما أعيد وهي في الصف الخامس. وفي العام الماضي عندما أعيد بثه أرادت أن تعيد مشاهدته لكن والدها منعها؛ لأنه مسلسل لمن هم دون العاشرة وطلب منها أن تشاهد شيئا أخر لكنها رفضت.
وقد يمر عام كامل دون أن تتابع أي مسلسل أو تقرأ أي كتاب بل تقضي وقتها في رسم فتيات صغيرات بنفس الأسلوب الذي كانت ترسم به منذ 7 سنوات وكثيرا ما جلست معها أثني على رسوماتها وأعطيها أفكارا لتطوير رسوماتها لكنها لا تحب التغيير حتى إنني أشعر بأن الوجوه التي ترسمها مكررة ولا أكاد أكتشف الفرق بين رسم وأخر، وعندما نكون جالسين جميعا نتحدث في موضوع ما أنا وأبوها وإخوتها كثيرا ما تعبر عن عدم فهمها لأشياء يفهمها أخوها الذي يصغرها بعامين ونصف. حتى إن أخاها كثيرا ما يسخر منها فأمنعه وأفهمه أن تصرفه لا يليق.
ومنذ فترة قصيرة سمعت أن بنات عمها اللاتي في صفها يعتبرن صحبتها مملة ويحاولن التهرب من البقاء معها لأنها لا تشارك في أحاديثهن وليس لديها ما تحكيه لهن ولا تبدي رأيا فيما يفعلن بل تسير معهن كالتابع وإذا أخذن يلعبن لعبة تحتاج للركض والنشاط فإنها تنتحى جانبا أو تشارك ولكن على استحياء (مشاركة وجدانية).
بقي أن أقول إنها خجولة ومعلماتها يشتكين دوما من قلة مشاركتها وخفوت صوتها في الصف رغم تفوقها وأدبها وحتى في الزيارات العائلية لا تكاد تتحدث، وإذا سألتها إحدى الموجودات عن أحوالها احمر وجهها وتجيب بصوت خافت إجابة مقتضبة لا تكاد تسمع مع أنني أحاول تشجيعها وأبث فيها الثقة ولكن "دووووون جدوى".
لقد مللت وأصبح وضعها يؤرقني ويؤلمني خاصة أنها بدأت تفقد صديقاتها وأصبحت أخشى أن تكون في المدرسة موضع سخرية من أترابها وهذا بحد ذاته سيزيد وضعها سوءا. أرشدوني أرجوكم
... السؤال
مشكلات شقية, الخجل والانطواء ... الموضوع
د.محمد المهدي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخت الفاضلة، أم إيلاف، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما تفعله إيلاف يطلق عليه : "السلوك النكوصي" وهو يعني رغبتها دائما فى العودة إلى مراحل سابقة من نموها والتشبث بتلك المراحل مع عدم قدرتها على مواكبة مرحلة النمو الحالية أو المتوقعة فى مثل سنها. وقد يرجع ذلك إما لضعف فى قدراتها العقلية أو لعوامل نفسية.
ففي حالة ضعف القدرات العقلية يكون العمر العقلى أقل من العمر الزمني، والفتاة تتصرف طبقا لعمرها العقلي فى حين أن توقعاتنا منها أن تتصرف طبقا لعمرها الزمني، وهنا تحدث فجوة بين توقعاتنا وتصرفاتها. وهذا الاحتمال يتأكد بإجراء اختبارات ذكاء على يد متخصص لمعرفة نقاط الضعف ونقاط القوة فى قدراتها العقلية، ونتيجة الاختبار (خاصة إذا كان اختبارا تفصيليا مثل اختبار بينيه الصورة الرابعة) تشكل قاعدة لعمل برنامج لمساعدتها للتغلب على نقاط ضعفها. وهناك برامج لتنمية القدرات العقلية والمساعدة على التكيف مع القدرات التى يصعب تقويتها.
ومن المهم فى حالة وجود ضعف فى القدرات العقلية أن لا نضغط عليها أكثر مما تحتمل بهدف تحقيق توقعاتنا منها؛ لأن ذلك كفيل بأن يؤدي إلى اضطراب سلوكها واضطراب تكيفها، بل علينا أن نتقبل قدراتها ونحترمها ولا نقارنها بأخوتها أو بأقرانها، وفى ذات الوقت نساعدها على تنمية هذه القدرات بقدر ما تستطيع وليس بقدر ما نريد نحن.
أما العوامل النفسية التى يمكن أن تؤدى إلى السلوك النكوصي فهى تتلخص فى رغبة الفتاة فى التعلق بمرحلة الطفولة التى نعمت فيها بقدر أكبر من الرعاية والتدليل وهى تكره أو ترفض أن تكبر؛ لأن الكبر والنضج يحمل معه الكثير من الأعباء والمسئوليات. وقد يشجعها على سلوك هذا الطريق أن ترى أن إخوتها الأصغر ينالون حبا وتدليلا أكثر من الكبار لهذا تميل إلى البقاء صغيرة حتى تحتفظ بمميزات الصغر.
والحل في هذه الحالة أن نشعرها بميزة الكبر فكما أنه يتطلب تحمل مسؤوليات وأعباء فإنه يحمل ميزات أخرى مثل الاحترام والتقدير والاستقلال والكثير من الفرص للاستمتاع بالحياة بشكل أرقى وأفضل، وتشعر أن حبنا لها يزيد حين تعيش سنها الحقيقي وأننا نفرح بمراحل نضجها ولا نهملها بحجة أنها كبرت وأن إخوتها الأصغر فى حاجة لاهتمامنا أكثر منها.
وفى كل الحالات تحتاج إيلاف لأن نهيئ لها فرصا لتنمية قدراتها الاجتماعية من خلال ممارسة أنشطة ترفيهية جماعية تثق فيها بنفسها، ونساعدها بتشجيعنا والثناء عليها، ونصبر عليها حتى تنتقل بسلام من عالم الطفولة إلى عالم النضج.
ـــــــــــــــــ(104/86)
بعض الأفكار لتجاوز هموم رحيل الأب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله..
أدعو الله أن يجزيكم كل خير على عملكم هذا، وأن يجعله في ميزان حسناتكم إن شاء الله.
مشكلتي مع ابني (14 سنة) ليست كبيرة بالنسبة لما أسمعه من أمهات أخريات، فهو -ولله الحمد- يتسم بالأدب مع مدرسيه والمحيطين به، وهو محبوب من زملائه إلا أني قلقة عليه وعلى أخته كذلك (11) سنة؛ نظرا للسن الحرجة التي يمران بها، وتحملي وحدي المسئولية عنهما بعد وفاة والدهما رحمه الله.
تقلقني أولاً علاقتهما ببعضهما البعض، فهما دائِمَا الشجار، وهو يستفزها باستمرار فتبدأ هي بالصراخ ولا تنتهي المشاكل، حاولت أن أفهمه أنها مسئولة منه، ويجب عليه مراعاة الله في تعامله معها ورعايتها في المدرسة إن احتاجت ذلك، فيلتزم بذلك ليوم أو ساعات ثم تعود الأمور كما كانت.
أما بالنسبة لعلاقته معي فهو مؤدب ويعاملني باحترام، إلا أنه تفلت منه بعض الألفاظ التي يراها هو من منظوره عادية، مثل أن يصف رأيا لي بالتخلف أو يصفني بأني قلقة عليه أكثر من اللازم، وأحيانا يعتذر عن هذه الألفاظ التي بدرت منه (أحيانا يريد أن يمزح معي كما يمزح مع أصدقائه، ويتلفظ بألفاظ لا تقال للأم، فإذا نهيته عن ذلك اتهمني بأني كئيبة ولا أحب المزاح، وبالطبع تقلده أخته كذلك). هو أيضاً لا يلتزم بما أطلبه منه؛ أي إنه لا يطيعني في كثير من الأحيان، وأضطر للاستجابة لطلباته من كثرة إلحاحه، وإذا اشترطت تلبية طلبه بشيء ما يؤديه كأن يذاكر أو يرتب حجرته اعتبره إذلالاً له، ويبدأ في معاندتي واستفزازي أو مضايقة أخته. بصراحة أنا لا أستطيع أن أعاقبه بأي شيء؛ فالعقاب لا يجدي معه، أما أسلوب المكافأة فلا يستمر تأثيره عليه إلا ليوم أو ساعات.
يقول لي البعض: (لازم يعرف كذا وكذا...)، فأنا غير مقتنعة بأسلوب الجبر وفرض الرأي، كذلك لا أخفيكم أنى لا أستطيع فرض رأيي عليه وكثيرا ما نصل لحل وسط.
بالنسبة لدراسته فهو للأسف غير ملتزم أو مكترث بالدراسة، فهي آخر ما يفكر به وبعد عودته من المدرسة يبدأ بمشاهدة التلفاز ثم الإنترنت والبلاى ستيشن، وحاولت مرارا أن أقنعه أن هذه الأجهزة لها تأثير سلبي على تحصيله الدراسي ولكن دون فائدة، حاولت أيضا أن أقنعه بالاستذكار أولا ثم اللعب والمشاهدة فالتزم يوما أو بعض يوم ثم ما لبث أن عاد لعاداته مرة أخرى. والمشكلة أن هذا لم يكن طبعه حتى منتصف العام الدراسي الماضي، فلقد تغير بعد عطلة نصف العام الدراسي، أحمد الله أنه يحقق معدلات النجاح العادية بعد هذا الإهمال. كيف لي أن أقنعه أو أوصله إلى الطريق الأمثل لترتيب وتنظيم وقته وحياته؟
بالطبع وكطبيعة السن التي يمر بها يسألني أسئلة غيبية لم أتوقعها منه؛ كأن يسألني إن كانت هناك طريقة يعرف بها الإنسان متى سيموت؟ وعندما سألته: لماذا تسأل؟ أجاب بأنه يريد أن يحسن من نفسه قبل أن يحاسبه الله، فرددت عليه بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا".
عندما أتحدث مع أي من مدرسيه يمتدحون أخلاقه ولكنهم يأخذون عليه عدم الالتزام بدراسته، في حين أنه إذا ذاكر واجتهد يحقق درجات ممتازة. أما عن دينه فهو يراعى الله ولله الحمد في كثير من الأشياء إلا أنه غير منتظم في الصلاة، ولا يرغب في حفظ القرآن، فقد كنت داومت على إحضار شيخ محفظ له ولأخته، إلا أن الشيخ اعتذر لبعد سكننا عن سكنه، وبعدها رفضا هما الاثنان أن أحضر شيخا آخر، وبدلاً من ذلك اتفقا معي على أن نقرأ معا بعض الآيات يوميا، وبالطبع ليس هناك التزام.
أرجو ألا أطيل عليكم إن سألتكم كذلك عن شيء يخص صغيرتي، فهي تتسم بالطيبة والأدب كذلك إلا أنها عصبية جدا وتثور لأتفه الأسباب، وأحيانا تتحدث بطريقة غير مألوفة بالنسبة لي وبالطبع يستغل الابن هذا لمزيد من الاستفزاز ليكون هو البريء وهى المخطئة.
إنني مع صباح كل يوم أحلم بيوم سعيد وهادئ معهما فيه الكثير من البهجة والاستفادة، وأرسم في مخيلتي خطة لليوم مع العلم أن هذه الخطة أكون قد تحدثت عنها معهم في اليوم السابق، إلا أنه بعد لحظات من عودتي معهم من العمل والمدرسة تبدأ المناوشات والمشاحنات بينهما ويضيع كل تخطيط. أرجو أن أجد عندكم الحل والمشورة، والله هو وحده المستعان.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أولا: جزاكم الله أنتم خيرا على حسن ظنكم بنا، وندعو الله في هذا الشهر الكريم أن يجعل عملنا هذا مرضاة لله ومنفعة لكم.
ثانيا: تحية لك على صمودك وعكوفك على تحمل عبء تربية أبنائك، وأدعو الله أن يجعلهما قرة عين لك في الدنيا والآخرة.
وجدت أنه من الأفضل بلورة استشارتك في النقاط التالية:
• رغم أن ابنك -بارك الله لك فيه وفي أخته- مؤدب معك ومع مدرسيه ومحبوب من زملائه، فإنه –أحيانا- يتلفظ ببعض الألفاظ غير اللائقة كاتهامك بالتخلف أو بالكآبة عندما يمازحك مثلما يفعل مع أصدقائه.
• وهو دائم الشجار مع أخته.
• لا يلتزم كثيرا بالمطلوب منه سواء في المذاكرة أو المهام المنزلية أو الصلاة أو حفظ القرآن، ولا يفعل ذلك إلا بعد وعد بمكافأة، وإذا فعل فلا يلتزم إلا يوما أو بعض يوم.
• عندما يطلب شيئا تضطرين مساومته على تنفيذ أمر مطلوب منه في المقابل؛ وهو الأمر الذي يعتبره إذلالا له.
• تضطرين لتنفيذ ما يطلب لكثرة إلحاحه في الطلب.
• الابنة عصبية وتثور لأتفه الأسباب.
سيدتي، قد وضعت يدك أنت على سبب ما تعانين منه مع ولديك برسالتك؛ القلق الذي ينتابك على ولديك نتيجة غياب الأب، وتحملك المسئولية وحدك كاملة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى المرحلة العمرية التي يمران بها وهي مرحلة المراهقة.
والحل يكمن في التعاطي مع هذين السببين، وها هي الخطوات العملية لكيفية العلاج:
أولا عليك أن ترددي على مسامعك بأن القلق لا يجدي؛ بل العكس تماما فنتائجه السلبية أكثر بكثير من إيجابياته إن كان له إيجابيات، فحاولي دائما تذكر هذه السلبيات، منها:
أن هذا القلق يجعلك أكثر حماية لهما وأكثر "تحويطا" عليهما إن صح هذا التعبير، وهذا بالطبع يؤدي إلى خلق شخصية ضعيفة غير واثقة من نفسها لا تتحمل المسئولية وعصبية، هذا إلى جانب إلقاء اللوم عليك حينما يكبران لأنك لم تتيحي لهما فرصة حقيقية لممارسة المسئولية أو الاعتماد على النفس، ولا أعني بذلك مجرد المساعدة في البيت أو المذاكرة فحسب؛ بل على المستوى الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين.
وكي تنفذي النقطة السابقة أرجو ألا يقتصر توجيه وتربية أبنائك عليك وحدك، فأنا لم أسمعك تذكرين شيئا عن أهلكم، فأين الأخوال والأعمام والعمات والخالات وأبنائهم والأجداد والمعارف والأصدقاء، فكل هؤلاء لا بد أن يكون لهم دور في حياتكم، ولا تقتصر تعاملات أبنائك عليك وحدك... فحينما حاولت تعليم ولديك القرآن أحضرت لهما شيخا بالبيت ولم تلحقيهما بمسجد ليتفاعلا مع غيرك وليتعرفا على مجتمع آخر غير مجتمع المدرسة.
لا بد أن يكون هناك نموذج ذكري يقتدي به ابنك مع غياب الأب، وليكن مثلا أحد معلمي ابنك أو أحد أخواله أو أعمامه أو شيخه بالمسجد، المهم أن هذا اليافع لا بد له من أن يرى رجلا سلوكياته حسنة إلى حد كبير ليقتدي به.
3. لمحت من رسالتك سيدتي أن العلاقة بينك وبين ولديك لا تخرج عن إطار التوجيه والإرشاد والأوامر والنواهي، فأين المزاح وأين الفكاهة والمرح واللعب والتنزه والزيارات المتبادلة مع الأهل والأقارب والمعارف والتسوق معا؟! فأظن – سيدتي- أن مثل هذه الأمور لا تقل أهمية -إن لم تزد- عن التوجيه والإلزام بالمذاكرة وتنظيم الوقت وتلبية بعض الطلبات بالمنزل... إلى آخر هذا الروتين اليومي الذي يمله الصغار كما يمله الكبار أيضا (يمكنك الاطلاع على موضوعات عن إقامة العلاقة الإيجابية بين الآباء والأبناء والألعاب والأنشطة التي يمكن ممارستها مع الأبناء طرحت على هذه الصفحة).
4. كل ما سبق سيؤدي بالطبع إلى مزيد من الانفتاح على الآخرين مما يكسبهم مزيدا من الخبرة لكيفية التعامل وتخطي العقبات، وحل المشكلات وتحدي المواقف الصعبة التي لا يمكن أن يخبروها دون احتكاك حقيقي بالناس.
5. من الضروري أن تتحدثي مع ابنك عن قيمة العمل؛ بل والحث على البحث عن عمل مناسب له، أعلم أنك ربما تستنكرين هذا الاقتراح؛ لأننا لم نربِّ أبناءنا على هذا، فضلا عن عدم وجود العمل المناسب للأولاد في مثل هذه السن بمجمعاتنا، لكن من المهم أن ينشأ أبناؤنا على حب العمل منذ الصغر وإتقانه، وحتى إذا لم يجد ابنك عملا مناسبا في الوقت الحالي فعلى الأقل يتطرق إلى مسامعه هذا الكلام، ويعرف أنه يمكنه أن يبدأ العمل في أي وقت، ويمكن تشجيعه على ذلك من الآن؛ فمثلا إذا احتاج البيت إلى دهان فيمكنه أن يقوم بهذه المهمة أو يقوم بتصليح بعض الأثاث في مقابل مادي رمزي، لكن أرجو ألا تقومي بمكافأته ماديا (أو إعطائه أجرا) على عمل يقوم به في المنزل كشراء مستلزمات البيت أو ترتيب حجرته أو المذاكرة؛ لأن هذه الأشياء واجبة عليه.
6. ولا ننسى دور المدرسة ومحاولة حث كل من ولديك على الاشتراك في أنشطة المدرسة كالإذاعة المدرسية أو الصحافة أو التمثيل أو الموسيقى... إن وجدت مثل هذه الأنشطة، فإذا لم توجد فيمكنهما اقتراحها على إدارة المدرسة، فهذا يشجعهما على المذاكرة.
7. ومن الأمور التي تساهم في إقبال الابن على الدراسة هو أن تعهدي به لأحد معلميه الذي تتوسمي فيه الخير ويحبه ابنك فتحدثي معه على أن يشجع ابنك على التفوق وليخبره بأنه يلمح فيه الذكاء والتفوق، ولن يكلف هذا التشجيع المعلم سوى بضع كلمات يلقيها على مسامع ابنك ليشعره بالاهتمام والرعاية.
8. إذا تم ما سبق فسوف يجد ابنك نفسه مشغولا -إلى حد كبير- عن أخته فلن يحدث مثل هذا الشجار أو على الأقل سيحد منه، (لمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على موضوعات عدة تناولت الشجار بين الأخوة على هذه الصفحة)، كما أنه سيجد أن المذاكرة ليست عبئا ثقيلا على نفسه؛ لأنها ليست المهمة الوحيدة التي سيقوم بها.
9. لا تنفذي له أمرا ألح فيه؛ بل الأفضل من ذلك أن تشرحي له أسباب رفضك وسواء رآها وجيهة أو غير وجيهة فعليك التمسك برأيك، وبالطبع لا تكثري من رفض طلباته، فإذا كانت مقبولة ومعقولة فلا داع للرفض.
10. كما أرجو أن تتوقفي تماما عن تنفيذ طلباته في مقابل أن ينفذ هو الآخر طلبك كالمذاكرة أو ترتيب حجرته أو الصلاة أو أي شيء آخر، فهذا يشعره بالقهر إلى جانب أنه نوع من الرشوة، وأما كيف تجعلينه ينفذ ما تطلبين، فإنك إذا اتبعت كل ما سبق فسيحاول إرضاءك قدر استطاعته.
11. أما بالنسبة لعصبية ابنتك فعليك أن تدربيها على ضبط الانفعالات وذلك عن طريق:
• حينما تثور ابنتك لأمر ما فعليك النظر إليها بحزم دون أن تعلقي بأي تعليق واتركيها، فإن أتت وراءك تحاول مصالحتك فاستجيبي لها وتحدثي إليها كأن شيئا لم يكن.
• أعطيها أكثر من فرصة بنفس الطريقة السابقة، وفي المرة الثالثة التي تفعل ذلك قولي لها: "قد أعطيتك أكثر من فرصة حتى تراجعي نفسك، ولن يُجدي هذه المرة مجرد الأسف؛ بل عليك أن تحولي هذا الأسف اللفظي لسلوك فعلي"، ولا تتحدثي معها بالفعل إلا إذا ضبطت انفعالاتها معك، وإن عادت فعودي لنفس الطريقة حتى يرسخ في ذهنها أنها ستخسر كثيرا إذا لم تضبط انفعالاتها.
• إذا باحت لك عن عجزها على ضبط انفعالاتها، فهنا تحدثي إليها بود ووضحي لها أنك على استعداد لمساندتها في التخلص من هذه العادة السيئة، وأحضري ورقة وقلما وابدءا معا في وضع خطة في كيفية ضبط الانفعالات بحيث تكتبان اقتراحات كل منكما في الطريقة التي تساعدها على التخلص من هذه العادة، واجعليها تبدأ في اقتراحاتها أولا واكتبيها، ثم اقترحي أنت أيضا اقتراحات، مثل: كتابة الأضرار الحالية والمستقبلية التي يمكن أن تلحق بها إذا ظلت على عصبيتها ولم تستطع التخلص منها، وبعد كتابة هذه الورقة يمكن تعليقها في غرفتها لتتذكر دائما هذه الخسائر التي ستعود عليها إذا ظلت على هذه الحال، وحاولا معا كتابة أكثر من اقتراح وتجريب كل اقتراح حتى تتوصلي لطريقة أو أكثر للتدرج في التخلص من هذه العادة (يمكنك الاطلاع أيضا على ثورة الأبناء وعلاج هذه الثورات على هذه الصفحة).
ـــــــــــــــــ(104/87)
أسس استرداد المراهق.. عودة الأب ولم الشمل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية جزاكم الله خيرًا كثيرًا على هذا الموقع الرائع، وجعل الله أوقاتكم هذه في ميزان حسناتكم..
أرسل مشكلتي هذه إلى الأستاذة الفاضلة: عزة التهامي.. اعذروني بداية على الإطالة؛ لأني أعرف أهمية الخلفيات التربوية في تأثيرها على المشكلة الحالية وعلاقتها الهامة بحل هذه المشكلة بتوفيق من الله..
أسرتنا مكونة من أب وأم و5 من الأبناء أربع بنات وولد وأنا الابنة الكبرى عمري 23 عامًا.
أبي يعمل في دولة أخرى منذ فترة طويلة كنا معه أغلب سنوات العمر إلا في بعض السنوات عندما كان يوجد مشاكل في عمله، فكنا ننزل مع أمي إلى بلدنا حتى لا تتأثر دراستنا، ونضطر للسفر في نصف العام الدراسي فتضيع علينا السنة، وكان العام الذي يمر علينا بدون أبي قاس جدًّا علينا جميعًا. المهم منذ أحد عشر عامًا انتقل أبي لعمل أكثر استقرارًا وقضينا معه هناك 5 سنوات متواصلة، وكانت سنوات جميلة ولا يلغي ذلك المشاكل الاعتيادية لأي أسرة.
فالأسرةفي وجود أبي تكون هادئة مستقرة لنا عادة جلسة قرآن أسبوعية وخواطر وقراءة في رياض الصالحين لنخرج بعد كل ذلك بواجب عملي.. وكثيرًا كنا نجلس سويًّا لنقول الأذكار مع بعضنا، وأحيانًا أخرى كان أبي يجمعنا لنتناقش في مستجدات العالم من حولنا، كما أننا تعودنا معه على النقاش والديمقراطية فكثيرًا ما كان يجمعنا لنتناقش في أمر يخص أسرتنا الصغيرة ويأخذ آراءنا فيما يخص هذا الموضوع حتى أصغر واحدة فينا، ثم بعد ذلك يأخذ بالرأي الأرجح والأكثر صوابًا ويبرر لنا لماذا اختار هذا القرار.. تربينا منذ الصغر على حب الإسلام والغيرة عليه والالتزام به ووجوب الدعوة في سبيل الله..
منذ 6 سنوات عند دخولي الجامعة أخذنا القرار بأن تنزل أمي معي وكل إخوتي إلى بلدنا وكان العبء كبيرًا على أمي، وكذلك أبي لأنه يحبنا كثيرًا ولم يعتد على بعدنا عنه.
حاولنا أن نكون مع بعض، وكان أبي يتصل بنا يوميًّا، وكنا نحكي له عن أحداث اليوم ونستشيره فيما يريد فكان ذلك يقلل من أثر بعده، كما أننا كنا نسافر له في الإجازات، وكذلك هو يحاول أخذ إجازة كل فترة ليكون معنا بالإضافة لإجازته السنوية. ولكن المشاكل ازدادت تدريجيًّا فأخي أصبح عصبيًّا جدًّا.. نعم كان عصبيًّا قبل ذلك لكنه ازداد جدًّا كل حاجة يعمل منها مشكلة ويتشاجر ويصرخ ويشتم كان عندها في المرحلة الإعدادية. أعلم أن أمي لم تستطع التعامل معه كما يجب، فقد كان التواصل بينهما إلى حد كبير مقطوع أو منعدم كثيرًا ما كانت تهدده بأنها ستشتكي لأبي وفي كل مرة كان يأتيها الرد: (وهو بابا هيعمل إيه يعني هيكلمنى ويقول لي كده عيب أنت راجل البيت وميصحش تعمل كده بس ومش هيقدر يجي أو يعمل حاجه عايزة تقولي له قولي له). فهكذا كانت تنتهي دائمًا كل مشكلة وأحيانًا بالصراخ وأحيانًا أخرى بالضرب.
تعبت أمي كثيرًا بسبب هذا الشد العصبي وكذلك نحن لم نَعُد نطيق هذا الوضع، والأمور كانت لا تسمح عندها بنزول أبي وبقينا على هذا الوضع أربع سنوات فاض بعدها الأمر عن قدرة أمي في التحمل، وكان عندها أخي في ثاني ثانوي، وبعد نهاية العام الرابع ونهاية ثاني ثانوي التي انتهت بمجموع سيئ، طلب أخي أن ينتقل للعيش مع أبي ليأخذ الثانوية من هناك كنا مترددين كثيرًا في ذلك، وخاصة أنه كان سيضطر أن يعيد سنة يعني يكون هو وبابا لسه مضطرين يبعدوا عنا لمدة سنتين جلسنا وتناقشنا كثيرًا في ذلك كما هي عادتنا وتوصلنا إلى قرار بتحويل أخي لدراسته وعيشه مع أبي هناك وبقائنا نحن وأمي في بلدنا، وأن هذا الوضع سيبقى لمدة سنتين لحد ما أخي ينهي دراسته الثانوية لينزل بعد ذلك أبي وأخي إلينا ونستقر في بلدنا ويدخل أخي الجامعة تحت رعاية أبي وأمي وكان لهذا القرار خلفيتين الأولى: تحقيق مطلب أخي في أن ينقل دراسته، والثانية: (وأنا أرى أنها الأهم وصاحبة التأثير الأقوى) تخفيف الضغط عن أمي وأنها لم تَعُد تستطيع تحمل مشاكل أخي.
انتهت الآن السنتين، ولكن على ما يبدو لي أنها انتهت بكثير من المشاكل والخسائر فأرى أن أخي تضرر كثيرًا من الناحية النفسية فهو يشعر أننا تركناه هناك مع أبي؛ لأننا لا نريد أن نتحمله وأن وجوده بيننا كان غير مرغوب فيه؛ لأنه سبب المشاكل وتعب أمي وكان هذا واضحًا جدًّا لنا جميعًا، حيث كثيرًا ما كان يمتنع عن كلامنا في الهاتف كلما كان والدي يحدثنا، بل غالبًا ما كان يضغط عليه أبي حتى يحدثنا، ويعلم الله أننا جميعًا هنا افتقدنا وجوده بيننا جدًّا بما في ذلك أمي وظهرت قسوته أكثر عندما ذهبنا إليهم في الإجازة السنوية، أي بعد انتهاء السنة الأولى من وجوده هناك، فقد كان يثور ويتشاجر معنا جميعًا لأتفه الأسباب بما في ذلك أصغر واحدة فينا، ويرى أحيانًا أخرى أننا السبب في بعد أمي عنه، بل كان يصرح في أحيانًا أخرى أن ماما فضلت تقعد معكم وسابتني هنا مع بابا... حاولنا امتصاصه بأكثر من شكل فكنا نتغاضى كثيرًا عن كثير من المشاكل والمشاجرات التي يحدثها، وكنا نصرح له كثيرًا أننا نحبه ونشتاق لعودته معنا، وكذلك كانت تفعل أمي، بل وأحيانًا كانت تتركني لأنني الأخت الكبرى مع باقي إخوتي في بلدنا لتذهب إلى أخي وأبي وتقضي معهما بعض الوقت لتقلل عنهم صعوبة الأيام والغربة...
ثم بدأت مشكلة أخرى وهو أنه أصبح معترض جدًّا على سمت الأسرة الإسلامي، وأصبح يريد أن يخالف هذا السمة بأي شكل وكنا نتفهم أنه يمر بمرحلة المراهقة وأن هذا طبيعي، ولكن بدأ الأمر يزداد سوءًا منذ أن نزل إلى مصر وتعرف على أولاد خالي قضى معهم إجازة صغيرة لمدة أسبوعين اكتشفنا بعدها أنهم أثروا عليه كثيرا ذهب معهم لمشاهدة بعض الأفلام في السنيما، وتعلم منهم شرب الشيشة، ثم مرت السنة التالية كما كانت الأولى أصبح أخي من مدمنين سماع الأغاني وأبي غالبًا ما كان مشغول عنه في عمله؛ لذا كان لديه متسع من الوقت لسماع الأغاني والتقليب على الدش والفيديو كليب، حيث لا رقيب ولا أحد معه في البيت أغلب الأوقات.. وازداد مع ذلك الفجوة بينه وبين أبي فأصبح كثير الاعتراض على سلوك أبي ومظهره وأصدقائه، ولا يريد أن يكون مثلنا، وفي آخر شهرين من هذا العام سافرت لهم حتى أخفف عنهم حبه الغربة، ووجدت أن لكل واحد فيهم عالمه الخاص سواء كان بابا أو أخي وعندما سألت بابا عن هذه الفجوة قال إنه حاول كثيرًا معه أن يتقرب منه لكن دون جدوى، فغالبًا ما كان يقطع أخي هذه المحاولات وينهيها ولاحظت أنه يفعل كثيرًا عندما يخرج أبي من المنزل ويقوم من على المذاكرة ويقعد كثيرًا جدًّا على التلفزيون أو الشات، وكان عادة يخرج مع أصحابه مرة في الأسبوع للعب الكرة أحيانًا وأحيانًا أخرى إلى حيث لا ندري.
المهم عاد الآن إلى بلدنا دون أبي.. وعرفت أنه على اتصال ببنات على الشات وهو أيضًا يتعرف على ناس من كل العالم، كما أنه يحدث بنات على الموبايل، وأولاد خالي عرفوه على بنات وخرج معهم مرة على حد علمي وإن كنت لا أستطيع الجزم طبعًا... كل هذه الأشياء أنا عرفتها بدون علمه؛ محاولة مني في لمّ جوانب المشكلة كي نستطيع العلاج.
والصراحة مش كل المشاكل نقولها لماما فمثلاً منذ أسبوع اتصل بي خالي الآخر عنده ولد في سن أخي وقال إن ابنه قال له إن أخي له سنة بيشرب شيشة عشان أولاد خالي الآخرين بيشربوا، وكذلك كان بيشرب لما كان مع بابا بدون ما حد فينا يعرف وخالو كان عارف وحاول هو وابنه يسيطروا على الوضع ويصلحوا، وهو كلمني وقال عرفي بابا ومفيش داعي ماما تعرف عشان متحصلش مشكلة أكبر.
وأخيرًا منذ أسبوع قال لي خالي إن أخي بعد عدة محاولات قال إنه خلاص مش هيشرب شيشة تاني وإنه بطل خلاص. الآن لست أدري كيف السبيل للحفاظ على أخي من الانحراف أكثر من ذلك فسكة البنات والشرب سكة خطرة جدًّا وعواقبهما وخيمة إذا تطورت الأمور.
حاولنا إيجاد رفقة صالحة له، لكنه أول ما يعرف إن الناس دي ملتزمة يرفض التعامل وحتى التعرف عليهم رغم أن مدخل التعارف كان عن طريق رحلة؛ لأن المشرف لا يوافقه على كثير من الأمور مثل موضوع السينما والبنات نحن جميعًا نرى جانبين مشرقين في الأمر أولاً هو لا يزال يحافظ على الصلاة في المسجد وإن كان بينزل طبعًا بعد الإقامة بفترة وهو أيضًا بيعمل احترام ظاهري لبابا فهو يستحي في وجود أبي إنه يشغل أغاني بصوت عالي على عكس الحال في حالة عدم وجوده (أخي فاكر إننا مانعرفش عنه حاجه غير موضوع الأغاني)، كما أنه حساس جدًّا ويحب أمي كثيرًا، فكثيرًا ما دخل على الشات باسم I love my mum رغم أنه لا يصرح أبدًا بذلك، بل دائمًا ما يصرخ معها ويرفع صوته عليها.
تناقشت مع أبي فأنا أرى الحل في أسرة مستقرة من جديد في بلد واحدة حالاً،
لكن أبي يرى أنه مع بداية الدراسة سيتغير حال أخي بإذن الله للأحسن مع دخوله الجامعة لأنه سيتعرف على أوساط ومجتمعات جديدة؟؟؟ وأنا لست مقتنعة بذلك؛ لأن الجامعة فيها الحلو والحلو جدًّا كما فيها السيئ والسيئ جدًّا فما الضمان أن يتعرف على الحلو دون السيئ، وهو أصلاً رافض الآن يتعرف على الحلو كما أن الجامعة تتيح فرصة أكبر للاختلاط فما الضمان بعد كل ذلك أن يتحول للأحسن؟؟ أبي ليس على اقتناع كاف بأن وجوده سيغير من الأمر شيئًا، فهو يقول أنا أخي كان معاه سنتين وكان أخي يفعل ما يحلو له أيضًا!!! ولكني أرى أنه ربما كان ذلك بسبب بعدنا عنه وتشتت الأسرة وأرى أن أفعال أخي هذه منبعها الأساسي يرجع إلى سببين: سن المراهقة الذي يمر به وتشتت الأسرة رغم أني وأخوتي البنات لم ننحرف هكذا في سن المراهقة فما زال لي إخوة بنات في سن المراهقة، ولكن لم تظهر لديهن إحدى هذه المشاكل ما الحل؟ عمر أخي الآن (18 سنة) هل كلام أبي صحيح بأن يعود بعد أدائه للحج، علمًا بأنه قد أداه من قبل أم أن رأيي هو الصواب بضرورة عودته حالاً. أرجو أن يصلني رد في أقرب وقت ممكن، وأعتذر مرة أخرى على الإطالة.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أولاً كل عام وأنت وجميع أمتنا بخير، وندعو الله تعالى أن يجعل هذا الشهر العظيم بداية عهد جديد ونقطة تحول جادة حقيقية للمسلمين وللأمة العربية جميعًا، ثانيًا أشكرك على إطرائك وثنائك، وأدعو الله سبحانه أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، واسمحي لي -الأخت الحبيبة- قبل أن أبدأ في الرد أن أثني عليك أنا بدوري وأشكرك على هذا الاهتمام بأخيك ومستقبله والحرص على نجاحه ليس في الدنيا فقط، بل في الآخرة أيضًا.
للوهلة الأولى التي قرأت استشارتك فيها تساءلت... أين الخلل؟ لماذا تمرد هذا اليافع على أسرته كل هذا التمرد؟ ولماذا كل هذا القدر من البعد والنفور؟، فها هو أب يسير وفق الشورى والديمقراطية ويخصص وقتًا لأسرته ويتناقش معها في الأمور كلها، ولا ينفذ إلا ما تم الحوار والنقاش فيه، كما أن علاقته بأسرته فوق الممتاز فهو ليس ذلك الأب الذي ينحصر دوره في التمويل المالي فحسب، وهذا هو الأسلوب التربوي الذي ننصح به كل زوار صفحتنا لتطبيقه وممارسته فأين الخلل إذن؟!
عاودت قراءة المشكلة مرة أخرى ووجدت أنك أنت التي لخصت سبب ما آل إليه أخوك في أمرين أولهما طبيعة مرحلة المراهقة وثانيهما تشتت الأسرة، وهذا صحيح مائة بالمائة، ولكن تعالي لنفصل ما أجملته لعلنا نرى الصورة أوضح:
- نعم -صغيرتي- إن مرحلة المراهقة لها دور مهم جدًّا فيما وصل أخوك إليه والذي يجعل الأمر متفاقمًا أنه يجد على التمرد أعوانًا مثل أولاد خالك ورفاق السوء من ناحية والدش والنت من ناحية أخرى وهذا هو الوجه السيئ لمثل هذه العملات، لكن لن أنحي جانبًا دور الوالدين وظروف الأسرة فيما آل إليه أخوك.
وظروف الأسرة التي ساعدت على مزيد من تجرؤ الأخ تتمثل في:
- رغم أنني معجبة جدًّا بأسلوب والدك التربوي بارك الله فيه فإن سفره وبعده عنكم وعن ابنه أمر لم يمر دون خسائر كما ذكرتِ، فقد أدى ذلك بوالدك ألا يكون حازمًا بدرجة كافية مع ابنه في كثير من الأمور؛ ذلك لأن الوالد يشعر من داخله بأنه أخطأ في حق ولده بسفره هذا وبعده عنه في أشد اللحظات احتياجًا له حتى لو كان -أي الأب - يعلم أنه كان مضطرًّا للسفر، وعندما سافر الابن إليه لم يستطع -رغم محاولاته التي ذكرها لك- التقرب إليه ولم يسأل عن الوسيلة التي يفعل بها ذلك سواء في استشارتكم أنتم كما عودكم، أو حتى يحاول هو إرسال الاستشارة إلينا بدلاً منك أو غير ذلك من السبل التي تؤدي إلى عودة التواصل بينه وبين ابنه، واكتفى بأن هوّن عليك وعلى نفسه بأن الابن سيُصلَح حاله بعد دخوله الجامعة.
- لم يسافر الابن لأبيه إلا بعد أن ساءت الأحوال تمامًا بينه وبين والدته، الأمر الذي جعله يعتقد اعتقادًا راسخًا بأنه لم يكن شخصًا مرغوبًا فيه.
- أمر آخر لا بد أن نعيه في مرحلة المراهقة التي يمر بها أخوك أنها مرحلة يشعر المراهق فيها بالاضطهاد كما يكون في غاية الحساسية، فحينما سافر أخوك أخذ يشعركم بأنكم تخليتم عنه خاصة الأم وأنكم ارتحتم من مشاكله، ولو أنكم كنتم رفضتم سفره لجعلكم تشعرون بأنكم ضيعتم مستقبله وأن رغباته ليست محل اعتبار أو احترام، ولاتّهم والدته على الأخص بأنها تفعل ذلك؛ لأنها تنتقم منه لأنه شخص غير مريح، هكذا هم المراهقون دائمو الشكوى وعديمو الرضا..
- فهمت من رسالتك أن الغناء والسينما محرمين في مفهوم أسرتك الديني وأنا لست بصدد فتوى أو مناقشة الحلال والحرام في هذه الأمور، بل أنا أدعوك أنت لمزيد من التدقيق في هذا الأمر والتحري عنه فهل كل السينما حرام وهل كل الغناء حرام؟ (وأضم في ذلك الأغاني العاطفية بأنواعها وأشكال تقديمها وكم سماعها فهل كل الأغاني العاطفية حرام إذا ما قدمت بشكل يرقى بالمشاعر الإنسانية ويعليها؟!)، وأظن أنك لست في حاجة إلى أن أنبّه على أنني بالطبع لا أعني هذه الأنواع الهابطة من الفيديو كليب التي لا يختلف اثنان ليس على حرمتها فحسب، بل على عدم آدميتها إن صح هذا التعبير، أسمعك تقولين إن كل ما يذاع من أغاني من هذا النوع الأخير، فحتى لو سلمنا أن ما تقولين صحيح فلجوء أخيك لمثل هذا النوع من الأغاني لم يكن بسبب كثرتها وشيوعها، بل لأنه تمرد على كلمة حرام التي أطلقت على كل أنواع الأغاني والأفلام، وهو نفسه لم يَعُد يفرق بين الحلال والحرام؛ ولذا استسهل أن يستمع لكل شيء وأي شيء دون تمحيص أو تفكير.
- كنت أود أن أتعرف أكثر عن دور الأم قبل أن تتحمل هذا العبء الخطير في غياب الأب... هل كانت شخصية مرحة معكم؟ وهل كانت تقوم بالرعاية المعنوية كما تقوم بالرعاية المادية الملموسة؟ هل كان لها رأي واضح، خاصة في أثناء المناقشات والحوارات التي كان يعقدها الأب؟ لماذا -كما ذكرت- أن التواصل بين والدتك وأخيك كان مقطوعًا أو منعدمًا حتى قبل أن يتفاقم الأمر بينهما؟
والآن -صغيرتي- تعالي لنستعرض الحلول، وكما أجملت ولخصت الأسباب التي أدت بأخيك لمثل هذه السلوكيات أجملت الحل في جملة رائعة عن لمّ شمل الأسرة من جديد، فقرار عودة والدك إلى بدلكم قرار سليم تمامًا وعليه ستتحدد خطوات الحل التالية:
• إذا عاد والدك قبل الحج فيكون ذلك أفضل فكلما أسرع وتواجد معكم كان ذلك أدعى إلى تدارك الأمور قبل استفحالها، كما أنه يحاول إشعار الابن بأنه أسرع في العودة من أجلكم جميعًا بشكل عام ومن أجله بشكل خاص وأن يفعل ذلك دون منّ أو تفضل.
• أن يعاود والدك الجلسات والمناقشات في الأمور العامة والخاصة التي كان يعقدها معكم من قبل، ولا بد أن تدركي أن هذه الجلسات لن يحضرها أخوك، بل سينفر منها نفورًا تامًّا؛ ولذا فأنا أفضل أن يعلن عن هذه الجلسات للجميع بشكل عام وليس بشكل خاص كأن تكتب في شكل ملحوظة وتعلق في مكان يراه الجميع، وإذا حضر أخوك مثل هذه الجلسات فإنه سيعلق بتعليقات حادة مستفزة فأرجو أن يعالج الأب ذلك بهدوء وحكمة دون انفعال فإما أن يتجاهل التعليق حين يكون جريئًا وقحًا أو أن يوضح له أن وجهة نظره محل اعتبار، ولكن هناك وجهات نظر أخرى تقول كذا وكذا...
• أظن أنكم رغم قناعتكم بحرمة الغناء والسينما فإنكم تشاهدون التلفاز أو على الأقل بعض المسلسلات فإن كنتم تفعلون ذلك فأرجو أن تكون إحدى هذه المسلسلات محورًا للنقاش والنقد من الجوانب المختلفة الفنية وطريقة الأداء والإخراج والتصوير... إلخ، كما يمكن مناقشة علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع دون إفراط ولا تفريط، فمثل هذه الموضوعات تثير اهتمام هذا الجيل.
• أن يكون الأب حازمًا في إصدار قراراته عندما يرى الابن قد تجاوز الحد، فعلى سبيل المثال في تأخره خارج البيت أو استخدام النت أو في تجرؤه في الرد عليكم خاصة مع الأم، شرط أن تكون هذه القرارات نادرة جدًّا وألا ينتظر استجابة الابن أو بمعنى أدق ألا يتابع الأب بصفة مُلحّة تنفيذ الابن لهذه القرارات، بل يكتفي بأن ينفذ الابن ما قيل له أمام والده حتى لو بشكل ظاهري.
• أن تحاولوا جميعًا ألا يكون تقربكم لأخيك أو محاولة الحديث معه تقتصر على محاولة هدايته ووعظه، بل لا بد أن يكون بينكم حديثًا وموضوعات مشتركة في أمور مختلفة، خاصة ما يهتم به، فيمكن سؤاله عن أحدث ما توصل إليه العلم في مجال الكمبيوتر أو المحمول وإمكانياته.. وابتعدوا عما يصح وما لا يصح والحلال والحرام فهو قد تشرب هذه القيم جيدًا، ولم يَعُد في حاجة لسماع المزيد عنها.
• عليكم باحترام خصوصية أخيك ورغبته في عدم الاندماج معكم أحيانًا.
• إذا تمادى أخوك في تجرؤه بالقول أو الفعل فعلى الوالد أن يجلس معه في جلسة خاصة، ويوضح له بحزم أنه لا بد أن يحترم كل من بالبيت، وأن يلزم حدوده قولاً وفعلاً، وإذا كان هناك ما يضايقه فليس عليه سوى أن يعرب عن غضبه بأسلوب محترم وسيُسمع له، بل وتلبى رغباته إذا كان ذلك ممكنًا.
• كما عليه أن يوضح له -في حديث خاص آخر تحضره الأم ولا تبدي أسفًا أو حسرة أو ضعفًا أثناء الحديث، بل تؤيد كلام الأب بحزم وشيء من القوة- أن أمر غربته عنكم كل هذه السنين لم يكن أمرًا اختياريًّا، بل كانت الظروف لا تسمح إلا بهذا، كما أن سفره -أي سفر الابن نفسه لوالده حينما كان في الثانوية العامة- لم يكن تخليًا عنه من قِبل والدته أو رغبة في التخلص منه ومن مشاكله، بل لم يتم ذلك إلا بناء على رغبته وبعد مناقشة الأمر مع الأسرة كلها، وإذا كان الأمر تخليًا أو للراحة من المشاكل لأسرعت الأم دون نقاش بالاستجابة لطلبه، هذا مع توضيح أنه كان بالفعل يمثل مشكلة للأم، لكن هذا ليس مبررًا للتخلص منه وإلا كان من السهل على الآباء التخلص من أبنائهم عندما يشعرون بعبئهم وهذا بالطبع لا يحدث فتأباه الفطرة السليمة وغريزة الحب التي أودعها الله في قلوب الآباء..
• على والدك أن يشغل الابن بعمل جاد إما بمساعدة الابن له في مجال عمله، أو يحث الابن على السعي للعمل بجانب الدراسة أو على الأقل في شهور الصيف ويساهم الأب في هذا السعي أيضًا.
• أن يحاول الأب دعوة أبناء الخال الذين ساهموا إلى حد كبير فيما آل إليه أخوك، وأن يقيم علاقة معهم علّه يستطيع التواصل معهم على أمل أن يجد مفتاحًا للحوار والنقاش معهم في أسباب حياتهم المستهترة هذه، على أن يكون الأمر بتروٍّ وحكمة وعدم تعجل، ولا يكون ذلك إلا بعد فترة من التقرب إليهم.
• ألا يُعلّق على الأغاني التي يسمعها الأخ حتى من قِبل الأب، ويُكتفى بألا يرفع صوت هذه الأغاني احترامًا للآخرين.
• إذا عرف الأب أن ابنه يدخن عليه أن يتظاهر بعدم معرفته؛ لأن ذلك أدعى لأن ينتهي الابن عنها؛ لأنه إذا أدرك أن والده يعرف فهذا يعتبر تصريحًا ضمنيًّا بموافقته على ذلك، إلى جانب أنه لن يردعه شيء فالأمر الذي كان يخشاه -وهو معرفة الأب- قد حدث فليس هناك ما يجعله يتراجع.
• صغيرتي قبل أن أنهي رسالتي معك أريد فقط أن أطمئنك أن هذه المرحلة ستنتهي على خير إن شاء الله بعد عودة الأب ولمّ شمل الأسرة من جديد وتجاوز مرحلة المراهقة، ولن يحدث هذا إلا إذا عولجت هذه الفترة بعيدًا عن العصبية والتعصب وبحكمة الأب وحنان الأم وتفهم الأخوات والصبر من الجميع والاستعانة بالله تعالى أولاً وأخيرًا، خاصة أن بيئتكم بيئة طيبة فالنبت الصالح لا يخرج إلا صالحًا.
ـــــــــــــــــ(104/88)
الاكتشاف أهم احتياجات الطفولة المبكرة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، استشارتي والحمد لله بسيطة؛ فابني يوسف هو الطفل الأول لي وهو الآن يبلغ عشرة أشهر ونصف شهر، وهو طفل جميل وهادئ طوال الفترة السابقة ولكن الآن أصبح يضربنا ويعضنا وأعتقد أنه يأخذ هذا الموضوع بلعب ولكني أخاف أن يستمر الموضوع ويتطور حتى يصبح طفلا عدوانيا يضرب الأطفال حين يكبر ولا أعرف كيف أتعامل مع هذه الظاهرة.
الشيء الأخر هو أنني أتركه يلعب في كل شيء ما لم يكن خطرا ولا أعرف إن كان هذا هو الأسلوب الصحيح أم لا وأخشى أن يتعود على أن كل شيء مباح عنده ويتعود على عدم النظام؛ لأن هذا يترتب عليه عدم الترتيب في البيت.
وأشكركم على تعاونكم والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
... السؤال
مشكلات شقية, العنف والعدوانية ... الموضوع
أ.وفاء أبو موسى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عزيزتي الأم بداية أشكرك على اهتمامك الجيد بطفلك وبسعيك أن ينال باهتمامك أرقى طرق الرعاية والتوجيه. والطفل الأول غالبا ما ينال اهتماما بالغا من الوالدين ويعتبر التجربة العملية الأولى لهما بالتربية ومن الواضح أنك أم حريصة على نمو طفلك النفسي والاجتماعي بشكل سليم، ومن هنا أرد على استشارتك الطيبة وأحيطك علما أن عمر طفلك هو عمر الاكتشاف والفضولية فالطفل في سنواته الأولى يسعى بالفطرة لاكتشاف كل ما حوله ولتقليد كل ما حوله أيضا، بأي أسلوب يراه مناسبا فقد يعض وقت رؤيته أنه بحاجة للعض لاكتشاف ما يريد، وقد يبتسم عندما يرى أن ابتسامته ستبلغه ما يريد. فوقت أن يضربك أو يعضك وينظر إلى وجهك يكتشف وقتها ردود الفعل لديك، المشكلة لدى الأمهات والآباء عزيزتي أنهم لا يدركون طبيعة مراحل النمو عند الطفل وغالبا يواجهون عنف أطفالهم بالضرب أو الصراخ أو التوبيخ وهذه أساليب ضارة وغير مجدية مع طفل طبيعته العمرية تحتاج أن يعرف كل شيء بنفسه ويكتشف البارد والساخن والحلو والمر، وهكذا.
عزيزتي الأم:
إن ما تواجهينه مع طفلك من بعض العنف أحيانا أو الضرب لا يمثل له إلا وسيلة للاكتشاف ومع مرور سنوات الطفولة وتوجيهات الوالدين وأسلوب تعاملهم مع الطفل تنتهي سلوكيات الطفل العنيفة لأنها ما هي إلا وسيلة استخدمها في مرحلة ما كي يتعرف على البيئة من حوله وهو لا يدرك كما تظنين أن هذا الأسلوب عنيف. هو يستخدمه مع جملة من الأساليب الأخرى غايتها فقط الاكتشاف وتزول بانتهاء المرحلة. بمعنى أن تخوفك من أن يتحول هذا إلى عدوانية في المستقبل لا داعي منه. أما طريقة إدارة موقف العض والضرب فقد كانت للصفحة معالجات سابقة أدعوك للاطلاع عليها بنهاية الرد.
الحركة والنشاط والتجربة والاكتشاف دون مساعدة من الآخرين تجعل من طفلك ينمو نموا طبيعيا سليما سلسا لا يشوبه التعكير؛ فالطفل لديه كل ما لدى الكبار من حواس وإدراكات ولكن تكون في طور النمو وهو يتعامل معها وفق نموه البسيط الذي لا يعي به حقائق الأمور كالكبار مثال: عندما تقومين بكي ملابسك ويقترب طفلك من المكواة وتبعدينها عنه بفطرتك كأم وهو بفطرة طفولته تشتد رغبته في اكتشاف هذه المكواة. والأسلوب الجيد أن تدعيه يقترب منها وإن حاول لمسها فلا تمنعيه وبالطبع تكونين قد تحكمت في حرارتها، فعندما يلمسها الطفل ستلسع يده قليلا وبذلك سيكتشف أن المكواة تلسع اليد أو هي شيء ساخن فلن يكرر لمسها مرة ثانية فقد اكتشفها وانتهى الأمر به للتعرف عليها.
وتأكدي أن كل ممنوع مرغوب خاصة عند الأطفال. والأسلوب الجيد أن نتيح لهم المجال والأجواء ليكتشفوا ويجربوا ويتعلموا دون أن تنقطع ملاحظتنا الحريصة لهم وفي هذا العمر ينصح بشراء ألعاب الفك والتركيب الهادفة للطفل، والألعاب التي تصنع من الفلين أو الإسفنج ليسهل عليه شدها أو الضغط عليها، أو عضها إذا احتاج ذلك.
وأخيرا عزيزتي فلتعلمي أن مرحلة طفلك بحاجة لرعايتك وملاحظتك، والتجربة أهم أسس النمو لديه لمعرفة واقعه المحيط به، حيث يحصل الطفل جزءا كبيرا من تعلمه من خلال النشاط الحسي الحركي من التجربة لذا يحتاج إلى حرية كبيرة وإتاحة الفرصة له للمس الأشياء ودفعها وجذبها وتجميعها وفصلها وإلقائها وإعادة ترتيبها، بالإضافة إلى أنه يحتاج إلى التعلم عن طريق النظر والاستماع، وهذا التعلم لا نستطيع فرضه على الطفل ولكنه يكتسبه بنفسه عن طريق التجريب والاستكشاف والمحاولة والخطأ أحيانا.
ـــــــــــــــــ(104/89)
"الطريقة المثلى للمذاكرة" هل هي موجودة؟ ... العنوان
ابنتي في الصف الخامس الابتدائي، وهي والحمد لله من المتفوقات في الدراسة وترتيبها الأولى أو الثانية باستمرار، وأنا مثل كل الآباء أرغب في استمرار تفوق ابنتي في الدراسة، ولكني أرى ابنتي تذاكر فترة كبيرة جدا بالنسبة لسنها؛ فهي تستمر إلى الساعة الحادية عشرة مساء كل يوم تقريبا وأراها تحفظ المواد بشكل كبير وتعتمد على ذلك بعد أن تقوم بالفهم أولا.
وما أريد أن أستفسر عنه هو هل هناك طريقة مثلى للمذاكرة أوجه ابنتي إليها غير الحفظ الذي يأخذ منها وقتا كثيرا أو أتركها تحفظ المواد بهذا الشكل؛ حيث إن التعليم المصري يعتمد على ذلك؟.
وأرجو ألا تنسوا ابنتي الحبيبة من دعاء صالح منكم بدوام التفوق، وجزاكم الله خيرا، وجعلكم عونا لنا دائما على تنشئة أولادنا التنشئة الصحيحة.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،
أهلا بك ومرحبا على صفحتنا "معا نربي أبناءنا"، ونسأله تعالى أن يوفقنا وإياك لما فيه الخير لأمتنا، ويمنح ابنتك النجاح والتوفيق لا في الدراسة فحسب بل في حياتها كلها.
وأبدأ ردي على استشارتك بسؤال يطرح نفسه:
لِمَ تلجأ ابنتك إلى حفظ المواد بعد فهمها لها؟
هل لأن لديها مشكلة ما في أن تعيد ما فهمته بأسلوبها؟
أم أنه كان هناك تشجيع منك أو من أمها -دون قصد- لاستخدام هذا الأسلوب؟
أم لأنها مقتنعة بأنها إذا لم تسترجع المعلومة بنفس أسلوب الكتاب فسوف تخسر درجات أو يقل مستواها الدراسي؟.
وهل اقتناعها هذا كان مبنيا على ما خبرته من المعلمين بالمدرسة أم على قناعة شخصية بدأت تتكون لديها بعدما جربت بنفسها وأفلحت هذه التجربة من وجهة نظرها وأتت بثمارها وهي حصد الدرجات؟.
أرجو أن تطرح هذه الأسئلة على نفسك مع زوجتك لتحددا معا سبب استخدام ابنتكما هذا الأسلوب وبالتالي سيسهل عليكما بعدها تفادي أو معالجة هذا الأمر؛ لأنني أرى- سيدي- أن الاعتماد على أسلوب الحفظ بالطريقة التي وصفتها برسالتك قد يجعل ابنتك متفوقة دراسيا لكنه لن يجعلها يوما ما فتاة أو امرأة قادرة على التفكير بنفسها ولنفسها أو قادرة على حل مشكلة ما في حياتها أو اتخاذ قرار؛ لأنها اعتادت على أن تجد نموذجا لتحاكيه دون تفكير أو تقويم له.
والاتجاه الآن في كل بلاد الدنيا (مع تفاوت بينها) يرمي إلى تعليم وتدريب الأطفال على اكتساب مهارات ومعلومات تساعدهم على مواجهة الحياة ومتطلباتها، وهناك محاولات فردية بمصر تسعى نحو هذا الهدف عن طريق دورات أطلق عليها دورات للتنمية البشرية التي تسعى لتنمية مهارات الأفراد بما فيهم الأطفال كمحاولة لرأب الصدع الذي يحدث في التعليم، ورغم انتشار هذه الدورات انتشار النار في الهشيم؛ وهو ما أدى إلى أن يدخل هذا المجال الجاد والهازل العارف والجاهل، فإنها على أية حال ألقت الضوء على أهمية هذه المهارات وأهمية التدريب على اكتسابها.
وحتى نبدأ في تدريب ابنتك على عدم الاعتماد على الحفظ فقط أقترح ما يلي:
• أن يحدث الإشراف على مذاكرتها، ولا أعني بالإشراف أن تجلس بجوارها في أثناء المذاكرة بل ما أعنيه مناقشتها فيما تذاكر بعد فهمها له مع توجيهها لتحليل ونقد ما ذاكرت ومحاولة التوصل لكيفية الانتفاع بما تقرأ في حياتها العملية.
• أعلم تماما -بحكم خبرتي في مجال التربية والتعليم فقد كان لي شرف احتراف هذه المهنة النبيلة قبل عملي في مجال الاستشارات التربوية وبحكم اطلاعي على مناهج عدة وطرق تدريس متنوعة- أن المناهج في البلاد العربية بشكل عام والمصرية بوجه خاص لا تنمي ولا تتطلب المهارات السابقة، لكنها في نفس الوقت لا تمنع تفوق الأطفال عبر هذه المهارات؛ فليس الحفظ وحده هو المدخل الوحيد للتفوق حتى في ظل هذه المناهج وطرق التدريس التي نصفها بالجمود والعقم أحيانا؛ فقد كان لي تلاميذ نابهون متفوقون يعتمدون على قدراتهم الأخرى مثل التطبيق والتحليل والتركيب والتقويم... أكثر من اعتمادهم على الحفظ.
• الحفظ ليس شرا في كل أحواله كما نتوهم وكما نردد في الفترة الأخيرة، بل أنا أزعم أن معظم -إن لم تكن كل- القدرات الأخرى قائمة بطريقة أو أخرى على الحفظ؛ ولذا أنا أدعوك لاستثمار قدرة ابنتك الفائقة على الحفظ لتحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والشعر وروائع الأدب المنثور الذي سيكوّن لديها ملكة وحسا لغويا عاليا لتفرق به بين الغث والسمين فيما تقرأ، هذا فضلا عن تقويم لسانها بعربية صحيحة.
• لا بد أن تدرك الطفلة أن الحياة ليست كتابا مدرسيا تذاكره فقط وأن الفترة الزمنية (حتى الحادية عشرة مساء) التي تستغرقها في المذاكرة أطول مما ينبغي؛ فهناك أشياء أخرى لا بد أن تهتم بها وتنفق فيها وقتا وجهدا مثل التواصل معكم كأفراد أسرة واحدة وممارسة الأنشطة والهوايات المختلفة؛ فهي إن ظلت على هذا المنوال فسيأتي اليوم الذي تسأم فيه المدرسة والمذاكرة لكثرة ما تنفقه فيهما من وقت وجهد ولا يسمحان معهما لتكوين الصداقات ولا للتنزه أو الحوار مع الأسرة أو ممارسة الحياة بشكل عام...
• وأقترح عليك الاطلاع على موضوعات تنمية التفكير الإبداعي والقدرات المتعددة للأبناء لتكون لك معينا ومرشدا في طريقة توجيه تفكير ابنتك ليس في المذاكرة فحسب بل لتنمية مهاراتها الأخرى التي ربما لم تكتشفها فيها بعد؛ فعليك بقراءة كل ما كتب عن الذكاءات المتعددة للزميلة نيفين عبد الله وعن الأنشطة التي يمكن أن تمارس مع طفلتك طرحت على هذه الصفحة بل وطرحت أيضا على صفحات أخرى في مواقع متعددة يمكنك الحصول عليها من موقع البحث جوجل.
ـــــــــــــــــ(104/90)
لا تنجرفي مع ابنك في تيار العناد ... العنوان
السلام عليكم..
طفلي عنيد جدًّا، أتحاور معه كثيرًا لكن لا يستجيب، وينفذ ما برأيه هو، مثلاً أقول له لا تأكل ما يسقط على الأرض فقد يؤذي معدتك يرد عليّ أنا أريد أن تتأذى معدتي فيأكل الذي سقط على الأرض!.
في الآونة الأخيرة أصبح يغضبني فلجأت إلى الضرب؛ لأنه يضربني ويتكلم كلمات غير لائقة ككلمة "حمار" أعزكم الله، عندما يلعب مع الأطفال يريد أن يسيطر عليهم ويتحكم في كل شيء لدرجة أنهم يملون. يحب كثيرًا اللعب مع أطفال يكبرونه سنًّا بسبع سنوات أو أكثر..
أنا خائفة من أني أتبع معه أسلوبًا خاطئًا فأنا أقرأ كثيرًا في التربية، ولكن ما جعلني أضربه هو إصراره وعناده الشديدين.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
سيدتي الفاضلة..
العناد هو إحدى الصفات الأساسية لمرحلة الطفولة، فالطفل يريد أن يقول أنا هنا.. يريد أن يختبر ويثبت قوته وقدرته على تنفيذ ما يريد ورفض تنفيذ ما لا يريد.. وفي سبيل ذلك يستخدم كل الوسائل: الإصرار، الزن، إثارة المشاكل، البكاء والصراخ.. كل ذلك في محاولة لاستفزاز الأم والوصول بها لمرحلة الذروة من العصبية، وعندها إما أن تتركه يفعل ما يريد أو تضربه، ثم أيضًا بعد الضرب تتركه يفعل ما يريد وفي الحالتين هو يشعر أنه المنتصر، فقد وصل لما يريد.
لابد أن تدرك الأم جيدًا أن عجلة قيادة التربية بيدها هي لا بيده هو.. وأنها هي الأقوى والأقدر على تنفيذ ما تأمر به.. ولكن كيف؟؟ بكثير من الهدوء وبعض القوة والحزم... والحزم هنا ليس معناه كما تظن دائمًا معظم الأمهات العنف والقسوة والضرب.. بل بالعكس هذه التصرفات تضع الأم أمام الطفل في موقف الضعيف العاجز، فأولى مراحل انتصار الطفل عليك هو أن يوصلك لمرحلة العصبية والغضب التي تفقدين بعدها السيطرة على تصرفاتك.
عندما يعاند الطفل، على الأم ألا تنزلق معه إلى دائرة العناد وتتعامل معه على أنهما ندين أو خصمين كل منهم يحاول إجبار الآخر على تنفيذ مطالبه... كلا، فعلى الأم والأب دائمًا أن يكونا في موقف القوة الهادئة..
من الواضح يا سيدتي أنه مع كل موقف أو أزمة مع محمد يرفض تنفيذ الأمر ويُصِرّ على رأيه.. فتتعصبين وتضربينه.. ثم يبكي قليلاً ثم ينتهي الأمر على ذلك.. وبعد قليل يتكرر الموقف لأي سبب آخر وهكذا طوال اليوم؟؟
كل المطلوب منك هو أنك عندما تطلبين منه تنفيذ أمر ما أن تطلبي منه ذلك بهدوء ووضوح ودون أي عصبية أو صراخ، بل بالعكس مع كلمات الحب والحنان، فإذا رفض التنفيذ تخبرينه بنفس الهدوء والصوت العادي ونفس كلمات الحب أنه إذا لم ينفذ الأمر سيكون عقابه كذا.. ونبدأ بالتدرج بالعقاب وذلك لكل خطأ على حدة، بمعنى: أنه مع كل خطأ جديد أبدأ بالخصام، ثم الحرمان من الحلوى، ثم من الكومبيوتر أو التليفزيون لفترة محددة، ثم من الفسحة، وهكذا...
طبيعي أن يبدأ الطفل بالتحدي وإظهار عدم الاهتمام.. عندها فقط أعيدي عليه الكلام بهدوء، ثم نفذي العقاب فورًا بالخصام أو بالحرمان.. واتركي الطفل وقومي لقضاء شئونك في المنزل وإياك والثرثرة وكثرة الكلام، ولكن كوني هادئة وقوية.
في البداية سيستغرب محمد الأسلوب الجديد في التعامل ويحاول الالتفاف عليه واستفزازك، ولكن لا تقعي في هذا الخطأ، بعد قليل سيحاول التمسح بك وفك هذا الحصار عندها اجلسي معه بهدوء وأفهميه خطأه وصالحيه بشرط الاعتذار وعدم تكرار الخطأ، وبعد الاعتذار تعاملي معه بطريقة طبيعية تمامًا، وعند تكرار الخطأ كرري نفس الأسلوب دائمًا.
* امتنعي تمامًا عن الضرب والعنف، وتدرجي في العقاب لكل خطأ جديد.
* في فترات الصفاء عندما لا تكون هناك مشاكل احرصي على التقرب من أبنائك ومصادقتهم واللعب معهم والغناء وسرد الحكايات لتزداد وتقوى علاقتك بهم.
* عودي إلى استشارة فن وضع القواعد في البيت ستجدين فيها خطة كاملة للقضاء على العناد، وأيضًا راجعي الروابط أسفل الاستشارة.
* حاولي تطبيق طريقة كرسي العقاب أو الإبعاد المؤقت في غرفته لمدة 10 دقائق يعتذر بعدها عن خطئه كشرط لخروجه من الغرفة أو قيامه من على الكرسي، وكوني قوية وهادئة وحازمة في تنفيذ هذه الوسيلة.
وأخيرًا.. لا تتهاوني أبدًا في السلوكيات التي تنافي الأدب مثل محاولة ضرب الأم أو الأب أو سبهم بالألفاظ، وهذه السلوكيات يكون عقابها أطول وبدون أي تهاون.
ـــــــــــــــــ(104/91)
الغيرة من المولود.. عاصفة لن تدوم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أشكر لكم تعاونكم مع كل سائل وحائر في تربيته لأبنائه أو كيفية التعامل معهم، وجزاكم الله خيراً عن كل هذا، أما بعد..
أنا أم لابنتين (فاطمة) وعمرها 3 سنوات و10 شهور، و(إبتهال) حديثة الولادة عمرها شهران.
المشكلة تكمن في أن فاطمة لا تسمع الكلام، وتريد أن تصنع ما تريد، قبل ولادة أختها كنا نستطيع أنا ووالدها أن نسيطر على الوضع بمعاقبتها مثلاً بأن لا نشتري لها في اليوم الذي لا تكون فيه مطيعة حلويات أو نمنعها من الفسحة أو مشاهدة رسوم متحركة وكانت في معظم الأحيان تستجيب ولكن ليس دائماً. ولما تخطئ لا تعتذر إلاَّ وقت ما تريد هي أي ممكن بعد ساعة وتعود بعد ذلك وتعمل نفس الشيء (العناد ورفض كل ما يطلب منها).
فهي دائمة البكاء، تطلب كل ما تريده بالبكاء وإذا رفضنا تصرخ وترمي نفسها على الأرض، أو تذهب إلى غرفتها ولا تريد أن تكلم أحد مع الاستمرار في الصراخ والبكاء، علماً أنها كانت تذهب للحضانة وهذه السنة ستكون في صف kg1، ففي فترة الحضانة كانت أكثر استجابة خصوصاً أن المشرفة كانت تحفظهم الأحاديث التي تحث على طاعة الوالدين وحسن الخلق وغيرها، ولكن الآن (فترة الأجازة الصيفية وولادة أختها) المشكلة تفاقمت وأصبحت لا تسمع كلام أحد ولا تعمل أي شيء يطلب منها مع أننا لا نكلمها بلغة الأوامر بل دائماً افعلي كذا وكذا من فضلك ولو سمحت. وتريد كل شيء لها وحدها وهذا حتى من قبل ولادة أختها.
علماً بأننا نعيرها اهتماما كبيراً بعد ولادة أختها كي لا تحس بأن أخت ستأخذ منها والديها وكلما قبلنا أو حضنا إبتهال نفعل نفس الشيء، وفي الوقت نفسه مع فاطمة وطوال فترة الحمل كنا نهيئها بأنه سيكون لها أخت أو أخ، ودائماً تساعدني في أخذ حمام أختها أو تغيير ملابسها.
ولكن أحس أن كل هذا لا ينفع معها، إذ أنها أصبحت تطلب مني أن لا آخذ أختها بل هي بدال منها خصوصاً لما أكون أرضع الصغيرة، وفي خلال هذا الأسبوع رفضت رفضاً قاطعا ًأن تشرب الحليب وتقول لي إن الحليب لإبتهال بس وأنا كبيرة لا أشربه، حاولنا معها شتى الطريق وهي مستمرة في رفض الحليب لمدة أسبوعين ثم عادت وقالت لي أريد حليبك ماما وليس حليب البودرة الذي تعودت أن تشربه، إذ إنها طلبت مني أن أشفط لها حليبي كي تشربه هي. كما أنها تحاول أن تنام معنا في الغرفة بدلاً من غرفتها.
ساعدوني أرجوكم لا أعرف كيف أتعامل مع الموقف، علماً بأن فاطمة مريضة بمرض الربو وهذا ما يزيد من تفاقم المشكلة معي إذ لا أستطيع أن أتركها تبكي لمدة طويلة أخاف عليها من الأزمات فمرات عدة نستجيب لطلباتها لتجنب بكائها أو صراخها، وهي مقبلة على عملية جراحية إزالة اللوزتين بعد أسبوعين إن شاء الله.
... السؤال
مشكلات شقية, العناد والعصبية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
بارك الله لك في زهرتيك الجميلتين وألف سلامة لفاطمة..
يا سيدتي.. إن كل ما تفعلونه مع فاطمة صحيح وتربوي تماما بارك الله فيكم.. والأساليب العقابية التي تتخذونها عند الخطأ سليمة وتربوية تماما.. فقط احذري من أسلوب البكاء والزن والإصرار على تنفيذ ما تريد بالبكاء المتواصل فهذا السلوك إن لم يتم التعامل معه بطريقة صحيحة منذ البداية يتفاقم ويثبت ويصبح سلوك الطفل العام هو الحصول على ما يريد بالضغط أما بالبكاء أو برفض الأكل أو برفض الذهاب للمدرسة أو بالتمارض وهكذا..
وكل المطلوب منكم هو تجاهل الأمر تماما بمعنى عندما تبدأ بالبكاء تجاهليها تماما بل اخرجي واتركي الغرفة دون أي تعليق وتصرفي بطريقة طبيعية تماما قومي بمهام البيت أو شاهدي التلفزيون أو تحدثي في التليفون.. لا تجعليها تشعر أنها لفتت نظرك أو تسببت في توترك أو تعطيل أعمالك بحيث تضعفي وتستجيبي لها.. وعندما تهدأ لا تناقشيها ولا تسأليها لماذا كانت تبكي.. تجاهل تام... وعندما تطلب بأدب وهدوء استجيبي لها وهكذا مع تكرار الأمر ستمتنع عن هذا الأسلوب تدرجيا حتى تنساه وليس لهذا السلوك علاج آخر.
أما بالنسبة للتغير الذي طرأ عليها بعد ولادة أختها فهذا أمر طبيعي حتى مع كل الاحتياطات التي تتخذونها، ولكنها مرحلة مؤقتة وستنتهي سريعا، فقط لا تشعروها أنكم تلاحظون هذا التغيير، ولكن تعاملوا معها بصورة طبيعية وتصرفوا بنفس الأسلوب والطريقة التي ذكرتها في رسالتك دون قلق أو خوف وقللي قليلا من الاهتمام الزائد بها الذي يشعرها أنكم تحاولون تعويضها، ولكن حاولوا أن تهتموا بالأختين معا بنفس المعدل مع اختلاف الأسلوب وإعطاء فاطمة الشعور بأنها محظوظة؛ لأنها الكبيرة فهي صديقتك التي تتحدثين معها وتأخذي رأيها وصديقة والدها وهكذا:
* حاولي التغاضي عن بعض الأخطاء الصغيرة غير الملحوظة حتى لا تضغطي عليها وهي متوترة أصلا.
* تجاهلي عنادها في بعض الأمور الصغيرة، وثقي أن كل هذه التصرفات ستزول تدريجيا مع الوقت.
* حاولي إيجاد نقاط تميز في فاطمة وامتدحيها دائما أمام والدها والأهل والأصدقاء.
* كلما كبرت أختها في السن تعاملي معهما بقدر كبير من العدل والمساواة في الحقوق والواجبات والثواب والعقاب، ولا تكرري كلمات الانت الكبرى وهي أختك الصغيرة.
* تعاملي مع موضوع نومها في غرفتها بهدوء وحاولي أن تمكثي معها في غرفتها حتى تنام وبمجرد وصول أختها إلى 6 أو 8 أشهر ضعي لها سرير في غرفة فاطمة وابدئي تعويدها النوم في غرفتها لتنفصل تماما مع أختها عند بلوغها السنة.
ـــــــــــــــــ(104/92)