ابني يعلن العصيان!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
طفلي ذو العشر سنوات ولد طيب، وذو شخصية قوية ومشاعر فياضة، وإن كان لا يستطيع التعبير عنها.. إنه صورة من والده في كل شيء.
مشكلته أنه زائد الحركة لا يركز بالمدرسة، ويكره المذاكرة، ولا يطيع أوامري، وأشعر أنه يتعمد فعل كل ما يغضبني، ويثير أعصابي وللأسف ينجح بالفعل، ومع هذا أبذل قصارى جهدي في إقناعه بما أطلبه منه وأحيانًا يستجيب، وفي أغلب الأحيان لا يستجيب مع أنه على العكس يسمع كلام والده.
يضايقه أن أصرخ في وجهه، ورغم ذلك لا يعنني على ألا أصرخ فيه فهو دائمًا لا يصغي لي ومهمل في كل شيء. أحتاج إلى تذكيره بما يجب عليه فعله طوال الوقت حتى يفعله (رتب سريرك - اغسل أسنانك - مشط شعرك - ذاكر...) هو يكره الأوامر، ويكره صراخي به، حاولت تغيير طريقتي معه، لكن حين أكلمه بلطف يستجيب لكن بعد الاعتراض بالطبع.
أشعر أحيانًا بالإحباط، وأني أم فاشلة فوالده دائم الاتهام لي بأني لا أحسن التعامل معه، رغم أني أبحث عن وجوده في تربيته معه فلا أجده. أرجوكم ساعدوني. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
النشاط الزائد الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام Om Rakan يسعدني أن أتعرف عليك من خلال موقعنا وصفحتنا "معا نربي أبناءنا" فأهلاً بك.
سيدتي قد حوت رسالتك عدة "مشكلات" –إن صح هذا التعبير- وأعتقد أن مصدرها ومنبعها واحد قد ذكرته أنت في طي كلامك، وسأبدأ ببعض الأمور التي ذكرتِها في رسالتك أظن أنها أساس المشكلة ومفتاح الحل أيضًا، وهذه الأمور هي: إنه –أي طفلك- لا يعرف كيف يظهر حبه، وأنه يكره كثرة الأوامر، ويحاول بصفة مستمرة "استفزازك" وإغضابك.
ومن النقطة الأولى فيما سبق أود -أنا بدوري- أن أسألك: هل عرفت أنت –سيدتي– كيف تظهرين حبك لطفلك؟ من خلال رسالتك لاحظت أن العلاقة بينكما قائمة على إصدار الأوامر بصفة مستمرة من جهتك والرفض والتمرد من جهته.
سيدتي لن أعدد لك أهمية وفائدة أن تكون العلاقة دافئة وحميمة بينك وبين ابنك فهذا أمر غني عن التعريف به، بالطبع ليس عندي أدنى شك في حبك لابنك، وأعلم أيضًا أنك لا تفعلين ما تفعلينه إلا بسبب حبك وخوفك عليه، ولكن كيفية إظهار هذا الحب والتعبير عنه أيضًا في غاية الأهمية فلا يكفي أن نحب أبناءنا وفي الوقت نفسه نقوم بالصراخ والعويل وإصدار الأوامر طوال الوقت.
باختصار سيدتي إن كل ما تشكين منه أو جله يبدأ من إصلاح الأمر بينكما، وقد كتبت وكتب غيري على هذه الصفحة عشرات الموضوعات التي تناولت هذه المشكلة، وأنا لا أدري -سيدتي- مدى إتقانك للغة العربية حتى أنصحك بقراءتها، لكن على كل حال سأجمل لك بعضه في النقاط التالية:
1. عليك بإظهار المودة والحب لطفلك بل لأطفالك جميعًا (فعليك مثلاً أن تحتضنيه أحيانًا وتقبليه وتربتي على كتفه.. إلى آخر هذه السلوكيات التي تظهر للطفل أنه طفل محبوب مقبول).
2. أن تكفي تمامًا عن الصراخ في وجهه بصفة مستمرة.
3. أن تقللي نسبة الأوامر ولا تكون إلا في حدود ضيقة، فكثرة الأوامر –كما لاحظت– تغري برفضه بل والتمرد والعصيان. بالطبع ستسألين: وماذا عن كل المخالفات التي يفعلها، وماذا عن حجرته التي لا يرتبها وعدم غسله لأسنانه وعدم تمشيطه لشعره وفوضويته بصفة عامة، وعدم رغبته في المذاكرة بصفة خاصة. أقول لك هذه الأمور تحتاج إلى تفهم وعلاقة طيبة وأسلوب خاص في إصدار الأوامر حتى نضمن طاعة الأبناء إلى حد كبير، وهو ما نحاول مساعدتك فيه من خلال هذه الاقتراحات.
4. أن تساعدي ابنك في ممارسة بعض الأنشطة المختلفة داخل وخارج البيت، وهذه الأنشطة كثيرة جدًّا بالكتب وأكثر على المواقع العديدة للإنترنت، منها ما يستغرق دقائق معدودة (يمكن لعبها في أوقات الراحة في أثناء المذاكرة كما سيأتي لاحقًا)، ومنها ما يستغرق أكثر من ذلك؛ ولذا فعليك الاطلاع عليها، وثقي تمامًا أن الأطفال بل والكبار أيضًا إذا لم يكن أمامهم إلا مهمة واحدة في حياتهم وهي المذاكرة مثلاً فلن ينجزوها أبدًا؛ لذا فلا بد أن يكون لهم مهمات أخرى وأدوار أخرى يجب أن يمارسوها في حياتهم، كاللعب، وتحمل جزء من مسؤولية البيت، وشراء بعض الأغراض له، وتنظيم بعض الأثاث بالبيت، وممارسة الرياضة... إلخ.
5. أن تضفي على جو البيت الدفء والمرح، وأن تتبادلوا النقاش والفكاهات، ويمكنكم عمل لقاء أسبوعي لمناقشة موضوعات مختلفة.
6. أن تجتمعوا على تناول وجبة واحدة على الأقل في اليوم.
7. إذا أردت تعديل سلوك ابنك في أمر ما فعليك أن تتدرجي في هذا التعديل، فلا يجب أن تطلبي منه أن يرتب حجرته ويرتب سريره ويعلق ملابسه ويمشط شعره ويغسل أسنانه ويذاكر جيدًا دفعة واحدة، بل عليك أن تعقدي معه اتفاقًا على أن يلتزم بأحد هذه الأشياء، وليكن ترتيب سريره مرتين في الأسبوع، ولتكن مدة هذا التقويم والتعديل أسبوعين، وفي كل مرة يقوم بها بهذا السلوك المرغوب فيه عززيه وأخبريه كم أنت مسرورة منه وفخورة به، ولاحظي أنك لن تنجحي في هذا التعديل إذا لم تكن بينكما هذه العلاقة الجيدة التي تسمح بمثل هذا النوع من الاتفاق.. استمري في تعديل كل ما ترغبين فيه مع طفلك شريطة ألا تتعجلي الأمور، بل عليك بالصبر ولا تنتقلي من أمر إلى آخر إلا بعد أن يكون قد اعتاد على ما اتفقتما عليه أولاًَ.
وقبل أن تقومي بالمهام السابقة عليك أنت دور تجاه نفسك فدربيه على عدم الانفعال، وذكري نفسك بصفة مستمرة أن هذا الانفعال لم يجلب لك إلا الإحساس بالتوتر وعدم الراحة وسوء العلاقة بينك وبين طفلك، فضلاً عن إشاعة جو الشحناء بالبيت، واسألي نفسك أيضًا إذا كنت مكان طفلك هذا وأُصدرت لك كل هذه الأوامر بصفة مستمرة فماذا أنت فاعلة؟ لا بد وأنك تملين وتختنقين من كثرتها، ولن تقومي بفعلها حتى لو كانت لديك الرغبة في أدائها.
أما بالنسبة لعدم رغبته في المذاكرة وتدني مستواه التحصيلي ونشاطه الزائد فبالنسبة للمشكلتين الأوليين (عدم رغبته في المذاكرة وتدني مستواه التحصيلي) فأنا على يقين من أن ذلك سوف يعالج من خلال تجويد العلاقة بينكما إلى جانب مراعاة ما يلي:
• حددا معًا مكانًا للمذاكرة ثابتًا مريحًا.
• علمي ابنك كيف ينظم وقته ويقوم بعمل جدول للمذاكرة على أن يكون ذلك بالتدريج.
فمثلاً: قسِّما عدد المواد التي يجب أن يذاكرها في اليوم الواحد على عدد ساعات مذاكرته، واجعلا لكل مادة وقتًا محددًا، وبين كل مادة وأخرى وقت راحة يمارس فيها بعض الأنشطة التي سبق وأشرت إليها، ولا تقل مدة الراحة بين المادة والأخرى عن خمس دقائق ولا تزيد عن عشر، وبعد أن ينتهي من أداء كل واجباته يمكنه اللعب مدة أطول على حسب الوقت المحدد لنومه، وبالطبع كل هذا لا بد من التدرج فيه، بمعنى أنكما بعد تقسيمكما للمواد على عدد ساعات المذاكرة فلا يُطلب منه إتقان مذاكرة كل مادة من أول يوم أو حتى من أول أسبوع، بل يمكنكما الاتفاق على عمل الواجبات المطلوبة منه بالمدرسة، مع إتقان مادة واحدة فقط يختارها لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وهكذا حتى يكتسب مهارة الإتقان، ويمكنك بعد ذلك أن تتركيه ليقوم بعمل الجدول بمفرده، ولكن أيضًا بالتدريج فيمكنك تركه يعمل جدول يوم واحد بالأسبوع بعد أن تكونا قد اشتركتما معًا في عمله مدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم يقوم بعمل جدول ليومين، وهكذا...
• عليك أنت ووالده متابعة مستواه التعليمي بالمدرسة.
• عزّزيه بصفة مستمرة على إنجازه لواجباته أو لتقدمه الدراسي ولو تقدمًا طفيفًا على أن يكون التشجيع والتعزيز دون وعد مسبق.
أما بالنسبة لوصفك له بالنشاط الزائد فهذا الوصف غير محدد، فلم تذكري علامات أو أعراض هذا النشاط الزائد، فربما يكون نشاطه الزائد نتيجة لعدم استيعاب طاقته وعدم السماح له باللعب بشكل كافٍ، وربما كنوع من التمرد وإظهار الرفض لكثرة الأوامر؛ لذا فسوف يقل ويوجه التوجيه الصحيح إذا اتبعت كل ما سبق، أما إذا كان يعاني من النشاط الزائد الذي يصاحبه بعض أعراض صعوبات التعلم من قلة التركيز أو عدم الانتباه أو أي أعراض أخرى لصعوبات التعلم، فيمكنك هنا استشارة طبيب للمخ والأعصاب ومراكز صعوبات التعلم مع مساعدة ومساندة المدرسة بالطبع.
ويمكنك معرفة المزيد عن علاقة صعوبات التعلم وقلة التركيز بالدخول على الاستشارة التالية:
- الشرود وصعوبات التعلم
سيدتي كل ما ذكرته لك قد استعرضناه من قبل –كما ذكرت– في موضوعات عديدة يمكنك الاطلاع عليها إذا كنت ممن يقرأن باللغة العربية.
وأخيرًا أدعوك مرة أخرى للمتابعة معنا مع دعائي لك بالتوفيق.
ويمكن بالنقر هنا الاطلاع على المعالجات السابقة التي أشرنا إليها:
أولاً: الخاصة بالتعامل مع عناده وإعادة تطبيع العلاقة معه:
- بيت أم ثكنة عسكرية؟
- الفوضوي المستفز.. كيف نجعله قدوة؟؟
ثانيًا: الخاصة بالمذاكرة:
- شهرزاد وألف ليلة وليلة.. مذاكرة
- سوف والجيل الصاعد
- تصالح مع طفلك -متابعة
ــــــــــــــ(102/413)
في بيتنا مستبد صغير العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم إلى مستشاريي إسلام أون لاين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. فلدي مشكلة أعاني منها منذ زمن وأريد منكم مساعدتي.
والمشكلة هي أني عصبية، وأريد حلاًّ لهذه المشكلة، خاصة أن لدي طفلاً عمره سنة وخمسة أشهر، فدائمًا أعصب عليه لأنه -الله يهديه- كثير الحركة والطلبات فمنذ أن يستيقظ من النوم يبدأ يجرني من يدي إلى مكان ما أحيانًا يكون يريد شيئًا معقولاً فأعطيه إياه، وأكثر الأحيان يطلب أشياء خطره أو ممنوعة عنه فلا أعطيه إياه فيبكي، وكلما جلست صرخ حتى أمشي وراءه ثم يقف ويدور، فمثلاً يشير على الثلاجة فأفتحها ويقف أمامها ويبدأ يلعب يرمي الخضار ويقلب الأكل، وهكذا فأعصب وأغلق الثلاجة، وكلما جلست صرخ لأقوم وأمشي خلفه حيث يذهب، فكثرة هذا الصراخ "ينفرزني"، فبعد عدة مرات لا أستجيب له فيبكي فأقول له ابكِ لن أقوم خلفك لقد تعبت.
وكل يوم على هذه الحال، على فكرة هو لا يستطيع الكلام بعد، لكنه ما شاء الله عليه يفهم قد تقولون ذلك طبيعي أن يسحبني من يدي تعبيرًا عما يريده، لكنه أمر متعب فهو يستمر هكذا معي حتى ينام، فلا أستطيع أن أخلو بنفسي للقراءة أو المذاكرة لأني طالبة أو الطبخ فهو دائمًا يريدني معه، ألعب معه وأشاهد الفيديو معه دون كتاب، أي لا أستطيع أن أجلس بجانبه وأنا أقرأ وهو يشاهد الفيديو لازم أشاهد معه الفيديو، وهذا كله يتعبني فأشعر أن وقتي كله ضائع لم أستفد منه بشيء، فأقوم من السابعة صباحًا حتى السابعة ليلاً لا أشعر أني أنجزت شيئًا بسبب تعلق ابني بي وصراخه.
أنا أحاول أن ألعب معه وأضحك معه وأشاهد معه الفيديو بعض الوقت مع المرح والضحك، وأحاول أن أخرجه يلعب في الحديقة المجاورة لنا، لكن أشعر أنه يريدني أن أكون معه كل الوقت دون أن يشغلني شيء آخر وهذا صعب علي. وعندما يسمعني زوجي أعصب على ابني يخاصمني ويقول لي ستجعلينه ولد معقد، وإني لا أصلح للتربية، وهذا الذي أنا خائفة منه أن يصبح ولدي معقدًا أو لديه مشاكل نفسية؛ لذلك رأيت أن أراسلكم راجية من الله ثم منكم المساعدة، فأنا دائمًا أطلب منكم المشورة؛ لأني من أشد المعجبين بموقعكم المتميز أعانكم الله على فعل الخير
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/ليلى أحمد اسم الخبير
الحل
راودت خاطري وأنا أقرأ رسالتك بعض أبيات من الشعر لشعرائنا العظماء منها:
الأم مدرسة إذا أعددتها****أعددت شعبًا طيب الأعراق
ومنها:
والنفس كالطفل إن تهمله شبَّ على****حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فيا أختي العزيزة: أنت أم قبل أن تكوني أي شيء آخر، ويجب أن تكوني المدرسة التي يتربى فيها ابنك على الصفات الحسنة والأخلاق الفاضلة، ونحن الآن أمام مستبد صغير نحرص عليه ألا ينشأ معقدًا، ونقع في حيرة بين الأم وعواطفها وبين الطالبة ودراستها، والحل هو بأن نعطي كل ذي حق حقه، مع التأكيد على أن المهمة الأولى للأم هي الوالدية الحانية، ومعنى كلمة الوالدية هي الشعور بالمسؤولية التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: "والزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها".
هل فهمت من كلامي أن عليك التخلي عن دراستك لأجل طفلك؟ أبدًا لا أقصد هذا.. إنما أريدك أن تفهمي أولاً شيئًا مهمًّا وهو أن عليك أن تخففي من عصبيتك، وفي هذا إصلاح نفسك، ومن ثَم إصلاح طفلك؛ لأنك قدوة له، وأول من يقلده الطفل هو أقرب الناس إليه، وليس أقرب منك لطفلك في هذه المرحلة.
في حال قدرتك على تخفيف عصبيتك، فإنك تكونين قد بدأت في فطام نفسك عن هذا الطبع غير المرغوب، ومن ثَم تنتقلين إلى فطام طفلك عنك بكل هدوء وروية.. لكن كيف يتم هذا؟
عليك أولاً أن تنظمي وقتك.. وأنت تقولين إنك طالبة.. ولم يبدِ من رسالتك أنك تتركينه لأحد فكأنك تدرسين من المنزل، أي ما يسمونه في البلد الذي تقيمين به.. ثانوية منازل.. أو دراسة جامعية بالانتساب.. وهذا ما يزيد في تعلقه بك؛ لذلك سأبني حلولي المقترحة على هذا الفرض وهو أنك ووالده المسؤولان عنه بدون وجود خادمة أو مربية أو قريبة أكبر منك سنًّا تساعدك في تربيته، ولا بأس بهذا، فكثيرًا ما يؤدي اختلاف الأسلوب التربوي إلى خلل في شخصية الطفل أو نشوء بعض التناقضات في نفسه.
وتنظيم الوقت يكون بأن تنظمي له وقت نومه، وفي عمره يحتاج الطفل إلى 12 وحتى 14 ساعة نوم تقريبًا، أي بما يعادل زيادة عن نوم البالغ بخمس أو ست ساعات، فهذه الفترة يجب أن تستغليها في دراستك، ولا أظنك بحاجة إلى أكثر من دراسة ست ساعات يوميًّا، بشرط أن يقدر زوجك وضعك، فلا يبدأ بطلباته في الوقت الذي يكف فيها الصغير عن الطلبات بسبب نومه، وإلا فإنني أقول لك من الآن إنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تكملي دراستك إذا لم يكن زوجك مشجعًا لك ومقتنعًا بضرورتها، وأرجو أن يكون كذلك لأن المحنة التي تمر بها أمتنا تتطلب جهد كل فرد رجلاً كان أو امرأة، وما جهاد الدفع إلا هذا.. وفي جهاد الدفع لا يطلب من المرأة أن تأخذ إذن زوجها، بل عليه أن يدفعها دفعًا إلى جهادها.. وإذا لم نفهم هذا فمعنى ذلك أننا متخاذلون.. ولا يحق لنا وضع اللوم على أعدائنا، فنحن من سهّل لهم طريق استباحتنا!
إذن اجعلي صغيرك ينام 12 ساعة متواصلة ليلاً، من الساعة الثامنة مساء إلى الثامنة صباحًا مثلاً، ولديك أنت خمس ساعات هنا لتذاكري بها، وأترك لك حرية اختيار الوقت المناسب هل هو ليلاً بعد نومه أو صباحًا قبل استيقاظه أو تقسمينها ليلاً ونهارًا حسب ما يلائم ظروفك، وفي النهار يجب أن ينام بعد الظهر ساعتين مثلاً، تغتنمينها في المذاكرة؛ وتبقى أمامنا الفترة التي يكون الصغير فيها مستيقظًا فهنا عندك مهام البيت، من طبخ وكنس وغيره، فدعيه يساعدك منذ الآن.. وخاصة إنك تقولين إنه يفهم كل شيء.. حسنًا عندما تقومين بكنس أو مسح الأرضية مثلاً.. أعطيه ما يمسح به الخزانة (الدولاب).
طبعًا لن تعتمدي على النظافة التي يقوم بها طفل بعمر سنة ونصف، لكن المقصود أن تشغليه بأعمال من نفس الأعمال التي تقومين بها.. أحضري له لعبة أدوات المطبخ.. وعلميه كيف يستعمل الآنية للطبخ وصنع القهوة والشاي.. وما إلى ذلك، فحين تقومين بالطبخ.. أجلسيه إلى طاولة المطبخ، وأعطيه هذه الأدوات الصغيرة، واطلبي منه أن يقلي بيضًا، أو يصنع فطيرة، وهكذا تشغلينه عنك بما يسليه، وفي نفس الوقت تشغلين عقله الصغير وقد يصبح طباخًا ماهرًا في المستقبل.. أو كاتبًا رائعًا وذلك إذا خصصت له قلمًا ودفترًا وقصصًا، وفي الوقت الذي تذاكرين فيه أعطيه ما يذاكره هو أيضًا، ولاحظي أنك إذا كنت تقرئين بصوت عالٍ كيف يقلدك ويتصنع أنه يقرأ بصوت عالٍ أيضًا، وإلى الآن ما زلت أذكر كيف أن ابني البكر كان يضع قصصه في حقيبته، وهو بعمر طفلك.. وهو فخور بأن لديه ما يخصه، بينما الأصغر منه لم تكن تستهويه القصص بل الصحف، فيفتح الصحيفة ويضطجع فوقها ويتصنع أنه يقرأ، وكم من مرة التحف بها أو وجدته نائمًا فوقها!.
بالطبع عليك رويدًا رويدًا أن تغيري له هذه العادة فلا تسمحي له بأن يتملكك دائمًا، فيجب أن تعوديه أنه من حقك أن يكون لك بعض الوقت بعيدًا عنه، فلا تلبي طلباته دائمًا.. ولا تلتفتي إلى صراخه حين يريد أي شيء، وإلا فإنه سيكبر وقد كون شرخًا في شخصيته وهو أن الناس لا يلبون ما يريد إلا بالصراخ، فأرجو ألا تساعديه على تبني هذا الأسلوب الخاطئ، فنحن نريد أن يُبنى جيل يؤمن بالحوار وضرورة الأخذ والرد، والشخصية يتم بناؤها منذ الأيام الأولى؛ فعليك أن تشرحي له أن الخضار ليس للرمي، بل هو نعمة من الله سبحانه، وإذا تصرف كذلك فيكون العقاب بالتقطيب والنظرة القاسية وليس برد فعل غاضب من طرفك، وإذا كرر فعله مرة أخرى، فيمكنك أن تضربيه على يده بشكل يلسعه، وإذا بكى فلا تحاولي أن تضميه أو تعتذري منه، ولا تعلقي على أي فعل يأتيه بأي كلمة، بل تجاهلي تصرفاته وبكائه، بدون أن تقولي له ابكِ أو غير ذلك، فقط اخرجي من الغرفة وكأنك لا تسمعين صراخه، وإذا لحق بك وهو يبكي فلا تأبهي له ودعيه يبكي لأنه سيصمت أخيرًا؛ وهو يحاول أن يريك الآن في الحقيقة أنه يثبت شخصيته، ونحن نريد أن يبني شخصيته لكن ليس على حساب شخصيتك.
يجب فعلاً أن يكون زوجك سندًا لك، فينبغي أن تتفقا منذ الآن على أسلوب تربوي واحد، فلا يجوز أن يقطب في وجهه أحدكما بينما الآخر يبتسم له، ولا يصح أن يعزز أحدكما طلبًا له يمنعه عنه الآخر؛ ومن الأشياء التي لا أحبذها شخصيًّا أن يكون الفيديو هو كل تسليته، فلا بد من أن يعمل عقله بأن يكون أكثر من مجرد مستقبل لما يراه يعرض أمامه، ومما يساعد في ذلك التنويع في إمتاعه وإشغال وقته، وهناك ألعاب مناسبة لسنه يمكنه أن يقوم بها لوحده لتنمية مداركه، مثل اللعبة التي تعلمه الفرق بين المستطيل والدائرة والمربع والمثلث والتي لها فتحات عدة مختلفة، أو الفروق بين السيارات الصغيرة والكبيرة مثلاً، أو أن يقوم والده بتركيب لعبة من المكعبات أو البازل أمامه، ثم يشتركان في تركيبها، ثم يدعه لوحده يركبها، وفي هذا أكثر من فائدة أولها إشغاله عنك، وثانيها مشاركة والده في بناء شخصيته، وثالثها تنمية تفكيره الإبداعي.
وهذا في الحقيقة ما أود لفت انتباهك إليه فلا تحاولي أن تقيدي حركته إلا بقدر ما تمنعيه من أذى نفسه، أما غير ذلك فإن لحركة الطفل والتعرف على الأشياء أهمية خاصة في تطوره؛ إذ تتكون نتيجة لهذه الحركات ملايين الارتباطات الدماغية، الأمر الذي يزيد سرعة التفكير ويقوي الذاكرة وينمي القدرة على التعلم. كذلك فإن الأطفال الذين يتحدث إليهم الوالدان بكثرة يطورون مهارات لغوية أفضل من غيرهم، فلا تهملي هذا الجانب.
وأذكر لك أخيرًا ما يعتقده بعض خبراء التربية وعلماء النفس أنه مع إكمال الطفل للسنة الرابعة تكون الأطر الفكرية والارتباطات العقلية له قد تكونت لفرط حساسية الدماغ في هذه الفترة، وأن هامش التغيير والتبديل فيها مستقبلاً يصبح أصعب، مما يجعل لهذه المرحلة العمرية أكبر الأثر على حياة الطفل في المستقبل، فأنت الآن تعدّين ابنك للمستقبل فأحسني هذا الإعداد ما استطعت.
وفقك الله تعالى في دراستك، وحمى ابنك، وأقر به عينك، والسلام عليك.
أنصحك بالاطلاع على هذه الاستشارات:
- ارفق به في الصغر يبرك في الكبر.
- غربة وأمومة لأول مرة
- مبادئ محبة الله
ــــــــــــــ(102/414)
طريق الحمام.. مخاوف العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم جزيل الشكر على الموقع المميز جعله الله في موازين حسناتكم.
لدي طفلة عمرها 3 سنوات و3 شهور، ولديها أخ أكبر منها يبلغ من العمر 7 سنوات، ومشكلتي معها هي بكاؤها في الليل عند ذهابها للحمام؛ فهي تشعر بحاجتها لذهابها للحمام وتستيقظ، ولكنها تبكي، وعندما تنهض تتجول في الغرفة ذهابا وإيابا، وأحيانًا ترجع وتنام، ثم أخيراً تذهب للحمام مع أنها تنام معي في نفس الغرفة، ولكن في سرير مستقل.
وعمدت إلى إنارة الحمام والغرفة إنارة ضعيفة حتى لا تخاف، ووضعت أشكالا مضيئة في الليل في الغرفة والحمام ولكن دون فائدة.
لقد جربت أن أذهب معها للحمام وأساعدها وأكلمها، ولكن لا فائدة رغم أن حياتها بالنهار مستقرة ولا تعاني من مشكلات، وجربت أن أتجاهلها وأتركها حتى تذهب ولكن بلا فائدة.. أرشدوني ماذا أفعل معها؟
علما أني لا أوبخها إذا تبولت في الفراش، بل أتجاهل الأمر، وأشجعها على الذهاب للحمام. أرجو المعذرة للإطالة، ولكني أريد أن تتضح لديكم المشكلة وتساعدوني في حلها. وشكرًا.
السؤال
الخوف الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأم الكريمة، أناديك بالأمومة شكرًا لك على صبرك وسعة صدرك وتصرفاتك الحكيمة مع ابنتك وتحكمك في ردود أفعالك وخاصة في مسألة التبول في الفراش.. بكل صدق أشكرك.
أختي الكريمة، نحن معك أن خوف طفلتك على هذا النحو مزعج، وقد يبدو بحاجة إلى تفسير، فقد يكون مجرد مرحلة وتنتهي، وقد يكون وراءه عاملا نفسيا بحاجة إلى استجلاء أسبابه من توتر أو قلق ما تعانيه طفلتك أو حاجة نفسية غير مشبعة لديها؛ فالطفل يعيش ضمن منظومة تربوية تشكل الظروف البيئية فيها وتفاعله مع الأشخاص المسئولين عنه نفسيته ومن ثم تصرفاته وردود أفعاله، ولذا فإذا جزمنا بأن علاقتك بالطفل علاقة طيبة كما يبدو من حديثك؛ فإن علاقاتها بأخيها وأبيها يجب عدم إغفال أهميتها، كذلك أنا بحاجة إلى معرفة توقيت بدء هذه الأعراض لدى طفلتك.
ونظرا لعدم وجود ما يكفي من التفاصيل لتحديد حالة ابنتك، فسنلجأ في تحليلنا لهذه الحالة إلى افتراضات نظرية بناء على نظريات علم النفس، نتبعها ببعض الإرشادات التي نأمل أن تتحسن على إثر تطبيقها حالة الابنة، وأرجو موافاتي بالرد على الأسئلة المرفقة لمزيد من الاستيضاح عن حالة الابنة بما يعينني على الفهم الأفضل لأسباب خوفها، ومن ثم تقديم الإرشاد الأدق.
وتعالي نناقش هذه الافتراضات النظرية حسب هذه النظريات القائلة:
بأن المرحلة العمرية التي تمر بها ابنتك تتسم بملامح معينة في مسألة النمو (النفس جنسي) تسمى المرحلة الأوديبية -نسبة إلى أسطورة (أوديب) الشهيرة- إذ ينشأ ارتباط قوي بين الابنة وأبيها وبين الابن ووالدته، وينافس كل منهما غريمه (الأم في حالة الابنة والأب في حالة الصبي)، وتكون هذه المنافسة في كسب حب واهتمام ورعاية موضوع المنافسة (الأب أو الأم)، وهذا شيء طبيعي، وتكون طاقة الطفل النفسية موجهة للحصول على اهتمام من يتنافس عليه مع غريمه؛ فتسعى الابنة جاهدة لجذب اهتمام والدها ويسعى الابن جاهدًا ليحظى باحترام والدته مثلما تبجل أباه وتراه مهيبا أحيانا.
ومن هنا تصبح معرفة طبيعة ودرجة اهتمام والد الطفلة بها أمرًا مهمًّا في تحديد أسباب وعلاج هذا الخوف المبهم لديها؛ فالطفلة لديها هلع وفقدان للتوازن يحدث اضطرابا في سلوكها، ووفقا لهذه النظريات فإن هناك افتراضات يمكن أن يكون خوف الطفلة نابعًا من وقوعها تحت تأثير أي منها ودعمها المرحلة العمرية التي تعيشها:
الافتراض الأول: عطاء الأب النفسي الزائد عن عطاء الأم والذي يوحي فيه الأب للطفلة بشكل مباشر أو غير مباشر بعدم اهتمام الأم بها بنفس المقدار، إما عن قصد أو غير قصد للطفلة.
أو الافتراض الثاني: هو رفض الأب لها وعدم تجاوبه مع حاجتها إلى حنانه، فتحاول الاقتراب منه أكثر وهو ما يسبب لها (سقطة نفسية) أو فجوة نفسية بسبب لفظه لها، وهو ما يسبب لها الشعور بفقدان الهوية لعدم الحصول على جواز سفرها إلى مرحلة الأنوثة بشكل معتدل لتضعه في جيبها وتعيش مرحلة التعلم والمعرفة، ثم تخرجه عند مرحلة المراهقة لتعيش مراهقة سوية ضمنتها لها علاقتها القوية المتوازنة مع الأب والأم على حد سواء.
والافتراض الثالث: هو إهمال الأم لها في فترة سابقة فتجد الأب ملاذًا في هذه المرحلة يعوضها هذا الإهمال.
وهذه الافتراضات النظرية قد تكون وراء مخاوف الطفلة من الذهاب للحمام ليلا مبررة ما يلي:
- الاستمتاع بدفع البول؛ لأن ضغط المثانة يحقق لدى البنات لذة ما؛ فتميل البنات لتأجيل التبول كثيرًا لأطول فترة ممكنة لتحقيق هذه اللذة، وهذه اللذة مرتبطة بالإثارة التي تعيشها أثناء النهار في محاولات جذب انتباه الأب باعتبار ما سبق من احتمالات.
- الابنة تستيقظ من النوم برعبها الذي لا تقضي عليه الأنوار المضاءة بسبب رغباتها المكبوتة أثناء النهار.
وإليك بعض المقترحات للتعامل مع ابنتك تحت هذه الظروف، ونأمل أن توافينا بتطورات حالتها لنصحك باتخاذ ما يلزم:
1- احتضان الطفلة، وتوفير مناخ محبب لها أثناء النهار، توظف فيه قدراتها وفراغها وتمدح وتلعب وتمرح.
2- اهتمام الأب بها بشكل متوازن.
3- الحرص على الاطمئنان سواء على علاقتها بأخيها وعدم اضطهاده لها أو عراكه معها بشكل ضاغط على أعصابها.
4- وجودها معك أيتها الأم معظم الوقت حتى في المطبخ تساعدك وتمازحينها وتعلمينها ألوان وملمس الأشياء من ملح – شاي – سكر وتشعرينها بسعادتك برفقتها.
5-إعطاؤها الإحساس بتقبل هفواتها ورغباتها وخوفها وغضبها.
6- مشاركتها ممارسة الهوايات (رسم – تلوين – مكعبات... إلخ).
7-محاورتها والحديث معها عن آمالها وآلامها وأحلامها، وحثها على التعبير عن نفسها بالقصص والحكايات والرسوم.
يبقى لي بعض الأسئلة التي أتمنى أن توافينا بردها:
هل أعراض خوف الطفلة تفوق الحد المعقول؟
هل يستمر هذا الخوف لفترات طويلة؟
ما الظروف المحيطة بالطفلة؟ ما الذي يحزنها أو يبكيها؟ وما الجانب الطاغي على يومها؛ السعادة والمرح أم البكاء والحزن؟
لا تنسي يا عزيزتي أن ما سبق لم يكن تشخيصًا لحالة الطفلة ولا وصفًا لعلاجها بقدر ما هو محاولة للاقتراب من حالتها وفهمها –وفقا لنظريات علمية– مع اعتبار أهمية موافاتنا بالتفاصيل الكافية عن الحالة لتحديد أهمية زيارة إخصائي نفسي من عدمه.
أختي الكريمة، إن تربية الأبناء أمر صعب بل إنه من أشق الأعمال وأصعب معارك الحياة؛ لأنه تهذيب للنفس الإنسانية وترويض لها، لكن الثواب على قدر المشقة كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم.
وأحب أن أختم حديثي معك بقول الأحنف بن قيس لمعاوية بن أبي سفيان في حوار عن تربية الأبناء وجمال المعاناة في تنشئتهم وروعة الحنو عليهم: "يا أمير المؤمنين هم عماد ظهورنا، وثمرة قلوبنا وقرة أعيننا، بهم نصول على أعدائنا، وهم الخلف منا لمن بعدنا؛ فكن لهم أرضا ذليلة وسماء ظليلة إن سألوك فأعطهم وإن استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك –أي عطاءك – فيملوا قربك ويكرهوا حياتك ويستبطئوا وفاتك".
وللاستزادة في مسألة الأنشطة وقضاء وقت ممتع مع الطفلة راجعي ما يلي:
- فن تنمية الذكاء
- خرافة المخ الصغير
- بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية.
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
ــــــــــــــ(102/415)
أطفال سابقو التجهيز العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خير الجزاء، فأنا سعيدة جدًّا بمراسلتكم، وأتمنى أن أجد عندكم الجواب الشافي؛ لأني ولله الحمد أثناء قراءتي لبعض الاستشارات، رأيت وتلمست خبرة رائعة من المستشارين الكرام، فشكرًا لكم، وبارك الله في جهودكم الطيبة.
في البداية، أود أن أستسمحكم لأني سأسأل عدة أسئلة منها التربوية والنفسية والتعليمية، وربما صحية. وأدعو الله أن أجد عندكم الجواب الشافي.
أنا لي طفل عمره الآن سنتان هو طفلي الأول، أنجبته وأنا لا أملك أي خبرة عن التربية، وكيفيه تنميته نفسيًّا، واشتريت بعض الكتب التي تتكلم عن التربية، لكنها تركز على تربية الأطفال بعد سن الثالثة، وأنا بحاجة ماسة لمعرفة أي شيء عن التربية التي تخص عمر طفلي.
نحن في غربة، وعندي صداقات لكن لا ألتقي بهم؛ لأنهم في مناطق تبعد عنا كثيرًا، وغير أني لم تعجبني طريقة لعب أطفالهم فهم يملون للتخريب والضرب والعض فلا أريد طفلي يتعلم منهم هذا؛ لذلك فضلت الابتعاد.
أشعر به فهو يشعر بالوحدة كثيرا، ويطلب اللعب معي أنا وأبيه ويقوم بمشاكسة أبيه، لكن الأعباء والمسؤوليات والضغوط هذه الأيام كثيرة فانشغل عنه كثير، وأنا الآن أنتظر المولود الثاني، ولست متفرغة له وللأسف استخدمنا أسلوب الضرب والصراخ والتوبيخ؛ لأنه يقوم بالتخريب والشغب في البيت ولم نصبر عليه ونراعي فضوله، وهو أيضًا يقوم بالتخريب بطريقة تزعج، يترك ألعابه وهي بجانبه ويتجه للتخريب والتدمير، فالطفل عصبي جدًّا مع أنه كان رائعًا قبل أن يتم السنتين، وأصبح يبكي ويزن لأتفه الأشياء، حيث إنه يقوم بتفكيك اللعبة أكثر من مرة ويرجع لي في كل مرة أركبها له!!
وأحاول أن أصبر عليه لكن أفقد أعصابي وأقوم بنهره، وهو لا يعرف اللعب بهدوء كل شيء عنده التكسير بالألعاب ورميها.
هو يحب أن نقضي معه وقتًا ممتعًا يضحك ويمرح وأصبحت لديه حركة عندما أريد أن أخلد للنوم أو آخذ قسطًا من الراحة يقوم بالبكاء، ويحاول رفع الوسادة عني، وإن فشل يقوم بعمل أمور تجعلني أقوم كأن يتحجج بالماء أو يقوم برمي أي شيء يخصني أو يقوم بتخريب شيء، المهم يفعل شيئًا يزعجني لكي أقوم، حتى وإن قمت وكان مصيره الضرب.
عنده طاقة وأحاول التعاون مع أبيه بأن يخرجه كل أسبوع مرتين، لكن والده لا يحب الخروج ويمل وانشغالاته كثيرة، والله أشعر بأني ووالده غير واعين لاحتياجات طفلنا. أريد نصيحة معرفة كل شيء.
أشعر والله بتأنيب الضمير، ولاحظت عليه مؤخرًا بأنه يغار إن قدم إلينا طفل صغير يصغره ويلعب بألعابه يأخذها منه بقوة، وأيضًا يغار إن لعبت مع الصغير أو حملته، يصرخ ويرمي نفسه، ويقوم بحركة عنيفة كأن يضرب الطفل، والله أنا لاحظت ذلك لكن متأخرًا فأصبحت لا ألاعب أحدًا وأضعه في حجري فيقوم هو بشد يدي لكي أحتضنه هو.
متعلق بي كثيرًا أكثر من والده ربما لأن أبوه يضربه كثيرًا وبقوة أيضًا فيؤلمه ذلك، وحياتنا غير مستقرة، وشاهد لحظات عنف بيننا وصراخ، وكان يشعر بذلك ويبكي يحبني ويحتضنني ويريدني أن أتفرغ له هو فقط وألاعبه وأحتضنه وأقوم بكل شيء يريده، والله بسبب الحمل أشعر أني عاجزة بسبب التعب، فهل أنا مخطئة لأني دائمًا معه، وهل سيؤثر عليه عندما ألد ويجدني لست بجانبه كالسابق؟ وكيف لي أن أجعله يعتمد على اللعب بمفرده؟ ولكني الآن أريد تغير نفسي، وأساعد زوجي؛ لأني أخاف على طفلي من تأزم حالته بأن يصل إلى حالة نفسية أو عقدة!
أريد أن أفصل طفلي، أنا عودته أن ينام في سريره لكن داخل غرفتنا، وأود أن ينام في الغرفة الثانية وأحضر له سريرًا فكيف لي ذلك؟ وهل سيتأثر؟ وكيف أبدأ معه ومتى وهذا بسبب ضيق المكان، وهل عندما أعوده أن ينام بمفرده أتركه إلى أن يغمض عينيه أم أجلس معه حتى ينام. أنا أريد حلاًّ جذريًّا حتى لا أتعب أنا وهو بعد الولادة ومجيء الثاني. أنا لم أعلمه الذهاب إلى الحمام فهو ما زال يستخدم الحفاظ؟ فأود بإذن الله هذه الأيام أن أعوده فكيف لي ذلك؟
أشعر بأن الاتصال معه صعب، هو لا يتكلم كثيرًا، يجلس يثرثر كلامًا غير مفهوم أبدًا، ولكنه يفهم إذا تحدثت إليه، يحفظ الأشياء ومسمياتها لكن لا يرددها، فهل هذا تأخر لديه؟ وكيف أعالجه؟ هل يحتاج إلى طبيب؟
طفلي أشعر بأنه يستوعب بسرعة، ولاحظت ذلك عن طريق اللعب معه، وأيضًا يتذكر ألعابه حتى ولو أخفيتها عنه مدة شهر، ويعرف كيف يلعب بها ويفككها. هل هذا دليل جيد على أنه يستوعب جيدًا؟
طفلي بعد بلوغه عامه الأول لاحظت عند تغييري له الحفاظة يقوم بمسك عضوه فأنا أبعد يده، ولكن لا يستجيب فأصبحت أقوم بضربه ومؤخرًا علمت أن هذه الطريقة خاطئة فرجعت فقط أبعدها وأقول له (كخ)، وحدث موقف قبل يومين من الآن أنني قمت بتغسيله من الحفاظة فقام هو يجري كالعادة ويلهو ويمسك بعضوه، هذه المرة أصبح ينظر إلى المرآة فشاهد عضوه فقال لي (بو بو) يعني أنه طفل بيبي، فاستغربت فقلت له إنها (كخ)، وكان يكررها ويشير إليها فبقيت على ترديد كخ كخ إلى أن توقف وسكت أعلم أن هذا استكشاف لأعضائه، لكن هل طريقتي صحيحة؟ وهل سيبقى طويلاً يمسك عضوه؛ لأني أمسك أعصابي بصعوبة؟!! وهل إذا لم يتوقف هل سيتطور به الأمر؟ وأنا أي موضوع يتعلق بالأعضاء أو الجنس بصراحة لا أحتمل، وكثيرًا ما أفكر وأخاف عليه، بسبب ما نسمعه من المصائب التي تحدث من اعتداءات والعياذ بالله وفتن، والكثير التي لا تخفى عليكم وأصاب بإحباط عندما أتذكر ذلك، حفظه الله من كل سوء.
وأصبحت لديه عادة غريبة أنه شاهد ذات مرة من يقضم أظافره فأصبح يقلده، وإلى الآن أعاني منه حاولت تكرارًا ومرارًا بالترهيب والترغيب لم يفد فأصبحت أضربه على يده فيقوم يخفيها أمامي ويفعلها خلفي!! فماذا أفعل؟ وهو يقلد كثيرًا أي فعل أي أحد يقوم به، حتى إن شاهد رسومًا متحركة يقلدهم فهل هذا طبيعي؟ وكيف أوجهه للأفضل؟
ولاحظت أيضًا أنه يقوم باللعب بأثدائه بيده، ويفعلها كثيرًا في اليوم الواحد بالذات قبل النوم؛ لأني أجد يده داخل صدره إذا استيقظت قبله أو نام قبلي فماذا أفعل؟ أصبحت أضربه عليها، ثم رجعت وأصبحت أنهاه لكن لا فائدة؟ قمت بعمل ربطة على ذلك فتوقف لكن عندما أفك الربط يرجع يدخل يده "وكان ما صار؟" فأرشدوني رحمكم الله وبارك فيكم؟
ما هي الألعاب التي يمكنني أن ألعبها معه؟ وما هي الألعاب التي من الممكن أن أقتنيها له؟ هو يقوم بتكسير الألعاب عندما أشتري له، فما العمل؟
لاحظت عليه في الصيف الماضي إلى هذه اللحظة أنه يمرض (التهاب حلق/ سخونة/ زكام) شهريًّا فهل هذا دليل على ضعف مناعته؟
سامحوني على إطالتي، وأعلم أني سآخذ من وقتكم، لكن لساني لا يفتر من الدعاء لكم، فأغيثوا أما حائرة تريد الجواب الشافي والنصائح الثمينة من ذوي الخبرة ودمتم.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك يا سيدتي وباستشاراتك.. فنحن ليس لنا هدف إلا مساعدتكم على تربية أبنائكم بطريقة صحيحة، وتفهم نفسياتهم ومراحل نموهم، ولكن عندما تكون الاستشارة متشعبة ومتنوعة في كل المجالات يكون من الصعب علينا أن نوفي كل نقطة حقها؛ لذا نرجو التركيز، ولكن سنحاول تغطية كل جوانب الاستشارة.
إن الأم عادة تعاني مع طفلها الأول من عدم الخبرة وعدم التعود على التعامل مع طفل صغير، ولكن مع الحرص والحب والمحاولة والكثير من التضحيات وسؤال أهل الخبرة تتعلم الأم وتكتسب الخبرة الخاصة بها.
مشكلتك يا سيدتي أنك لم تتفهمي بعد معنى طفل رضيع له عالمه الخاص، يتعامل معك ومع الدنيا كلها بمنطق طفل عمره سنتان، ولكنك تطالبينه أن يكون رجلاً أو حتى شابًّا يفهم ويستجيب ويسمع الكلام، ويتحمل المسؤولية، ويلعب بهدوء ويحافظ على لعبه ولا يقلد غيره من الأطفال، إن كثيرًا من الرجال الناضجين يعجز أن يكون بهذه الصورة المثالية.
مع الأسف يا سيدتي ليس هناك أطفال سابقو التجهيز تم تربيتهم وتعليمهم، ونحن نستمتع بهم فقط.
سألت يومًا أمٌّ شابة والدتها وقد تعبت من تربية أولادها "متى يكبرون ويفهمون ويعتمدون على أنفسهم؟" فأجابت الأم بتلقائية "عندما ينحني ظهرك، ويشيب شعرك، ويرهقك سهر الليالي بجانبهم والقلق عليهم، عندها سيكبرون وستفرحين بهم".
إنه طفل صغير لا يكاد يفهم من الدنيا سوى احتياجاته وطلباته هو، لا يستطيع أن يفهم أنك مُرهَقة الآن، وتحتاجين للنوم فيتركك تنامين في هدوء، من الطبيعي جدًّا أن يحاول إيقاظك بكل الوسائل حتى وإن أدى ذلك لضربه في النهاية المهم أن تقومي وتتفاعلي معه ليس؛ لأنه يريد مضايقتك أو لأنه طفل مزعج، ولكن ببساطة لأنه يحتاج إليك، وإن لم يفعل ذلك لقلنا لك إنه طفل غير طبيعي.
هناك نقاط كثيرة أنت وضعت يديك على المشكلة فيها مثل أنك غير متفرغة له، وأنك مرهقة من الحمل، وأن والده أعباؤه كثيرة فضلاً عن أنه يمل منه، وأن الطفل يشعر بوحدة وفراغ، وأنكم تستخدمون معه الصراخ والضرب والتوبيخ وهذا يجعله عصبي، وأنكم لم تصبروا عليه وتراعوا فضوله الطبيعي، كل هذه المشاكل هي أخطاؤكم أنتم في التربية، وليس له ذنب فيها، بل بالعكس تؤثر فيه سلبًا وتجعله عصبيًّا ويفتقد الحنان والحب فيصبح عدوانيًّا.
والآن لا بد من خطوات عملية لتغيير أسلوب تعاملكم معه ومع أخيه عندما يولد بالسلامة باذن الله تعالى:
1. لا بد أن تتفهما أنت ووالده أنه إذا أردتما أطفالاً أسوياء وسعداء وناجحين فلا بد من التعب والتضحية والكثير من الحب والفهم.
2. من الممكن أن تكون بين الزوجين بعض الخلافات الشخصية الخاصة بهما ولكن يمكنهما أيضًا أن يتفقا على أسلوب وطريقة صحيحة لتربية أولادهم وعدم إظهار هذه الخلافات أمامهم؛ لأن هذا يشعرهم بعدم الأمان، وبالتالي بالعصبية والقلق.
3. لا بد أن تعرفي أن للطفل احتياجاته التي لا يستطيع التنازل عنها أو حتى تأجيلها، بينما نحن الكبار مهما كنا متعبين ومرهقين يمكننا التحامل على أنفسنا وتقديم ما يحتاجه أبناؤنا على ما نحتاجه نحن، وحتى إن كانت هذه الاحتياجات تبدو لنا تافهة مثل اللعب أو الخروج للنزهة.
4. إن الطفل يلعب كما يريد هو وليس كما نريد نحن فهو يتفاعل مع الألعاب ومع الأشياء كما يفهمها هو وليس نحن، فيفكها أو يقذفها أو يكلمها ولا علاقة له بطريقة الاستعمال المكتوبة على العلبة، وربما تكون أداة من أدوات المطبخ مثلاً ممتعة له أكثر من لعبة ملونة جميلة باهظة الثمن، فاتركيه يلعب كما يشاء طالما ليست هناك خطورة عليه، وحتى إن أثار فوضى في المنزل ترينها أنها ضريبة الأمومة، ولكن هذه الحرية تطلق خيال الطفل وإبداعاته وتنمي ذكاءه وشخصيته.
5. بالنسبة لإعداده لاستقبال الطفل القادم يمكنك الرجوع لمقالة "مرحبًا طفلي الثاني"، وكذلك بعض المشكلات في نفس الصدد (سأوردها لك بنهاية الاستشارة).
6. لا بد أن يتفهم والده بهدوء معنى وأهمية دوره كأب، فلا يحق أبدًا لأب أن يمل من ابنه، بل يلاعبه ويهتم به، ويتفاعل معه، ويحاول أن يتفهم احتياجاته، وعندما يتفهم هذا الدور ويؤديه سيدرك أنه كان يحرم نفسه من مشاعر جميلة جدًّا.
7. من المناسب الآن فصله في غرفة منفصلة تكون قريبة من غرفتك وتجلسين معه حتى يستغرق في النوم، ثم تقومين، وإذا استيقظ أثناء الليل تعيدين الكرة ثانية في غرفته، ولا تأخذيه إلى غرفتك، ولا بد أن تؤمني إضاءة مناسبة أمام غرفته حتى لا يشعر بالخوف، وأن تشعري به عندما يستيقظ وتسرعي إليه وتصبري حتى يعتاد على الوضع الجديد.
8. كل الأطفال عندما تنزع ملابسهم يقومون باستكشاف أعضائهم التناسلية، ليس لأن لهذه الأعضاء معنى أو شعور خاص، ولكن لأنه يقوم باستكشاف كل أعضائه مثل يديه وقدميه، ولكن لأن الأعضاء التناسلية مغطاة، وعندما تكشف يسارع بإمساكها وليس مطلوبًا إلا أن تبعدي يده بهدوء ودون أن تلفتي نظره إلى أن هناك مشكلة كبيرة وتلبسيه ملابسه بهدوء.
9. من الطبيعي أن يقلد الأطفال كل ما يحدث أمامهم وإلا كيف بالله عليك يتعلمون المشي والكلام واللعب وكل شيء وليس طبيعي أن نمنع أطفالنا من الاختلاط بأحد حتى لا يقلدوه، ولكن نتعامل مع كل مشكلة عندما تظهر ونصحح التصرفات الخاطئة ونعلمهم الصحيح، وهكذا سيستمر الأمر طوال حياتهم، فالتربية عملية مستمرة.
10. موضوع وضع اليد في صدره هذا غالبًا يكون نوعًا من الشعور بافتقاد العطف والحنان، فهو يحاول تعويض نفسه الحنان بهذه الوسيلة، وغالبًا ما تبدأ هذه العادة مع بعض الأطفال أثناء الفطام، ثم تختفي مع الوقت، ولكن إذا كان الطفل يفتقد الحب والحنان قد تستمر معه، وأظن أنه لو اهتممنا به بطريقة صحيحة وطبقتم ما قلته لكم ستختفي هذه التصرفات.
11. كثير من الأطفال لا يرتاحون إلا في النوم على بطنهم وهذا أمر طبيعي وليس به مشكلة.
أختي الكريمة.. لقد بدأت شكواك باعتراف شجاع عن نقص معرفتك وإرهاقك وانشغالك عن طفلك وعصبيتك أنت وزوجك التي وصلت إلى ما يحتاج معه طفلكم إلى كتيبة إنقاذ من قبضتكم الديناصورية (ومعذرة فما أقسو عليك إلا استنهاضًا لعزيمتك الصادقة نحو التغيير لما فيه صالح طفلك)، فمشاكل طفلك كلها ما هي إلا انعكاس لعصبيتكم وسوء مراعاتكم لاحتياجاته وفهم طبيعته وهو باعترافك، "مع أنه كان رائعًا قبل أن يتم السنتين".
فعدم مراعاة احتياجاته أصابته بالتوتر ومجابهته بالعنف مع ذكائه حوّله إلى عنف مضاد هو صرخة اعتراض صامتة سلبية أحيانًا (تحطيم الأشياء) وموجهة للآخر (كأن يضرب الطفل..) الذي يحظى بما يجب أن يحظى هو به من الرقة والصبر الجميل في المعاملة، فإذا لم تسرعا في تغيير أسلوبكما معه فسيرسخ التعامل العصبي والعدواني كمفهوم معتمد بممارستكم عنده، وسيصبه جحيمًا على أخيه القادم.
إعادة احتوائه ستقوي شخصيته في مواجهة التقليد، وستقضي على ظل توتره (قضم أظافره)، وستمكنك من التعامل الهادئ مع استكشافه لأعضائه، وعلى تدريبه على ضبط الإخراج وعلى فصله الهادئ في المنام، وعلى تأهيله نفسيًّا لاستقبال أخيه القادم، عبر وقت ممتع من الأنشطة والألعاب الداعمة لعلاقتكما ولنموه على كافة المستويات.
أختي الحبيبة.. كان هذا موجز الأنباء المطول، وأتركك مع تفصيله في معالجاتنا السابقة التي وعدتك بها:
أولاً: خصائص المرحلة التي يمر بها:
- افهم النغمة لتستمتع بها.
- منهج التعامل مع ابن السنتين.
- العدوانية.. كل إناء بما فيه ينضح
ثانيًا: أنشطة تدعيم ذكائه:
- مفاجأة.. ابن سنتين أيضا له أنشطته
- تنمية الذكاء من لحظة الميلاد
ثالثًا: تدريبه على ضبط الإخراج، واستكشافه لأعضائه، والتعامل مع قضم أظافره:
- نجاح التدريب بالترغيب
- أصبعان في مهمة غير مرغوبة.
رابعًا: تأهيله لاستقبال أخيه:
- استقبال المولود الثاني فن له أصوله
- عرش الأول ..هل يهدده الثاني؟؟
ــــــــــــــ(102/416)
طفلتي تسب.. انتبه واقرأ الكتالوج! العنوان
السلام عليكم.. شكرًا لكم على ما تقدمونه من خدمات جعلها الله في ميزان حسناتكم. ابنتي تبلغ من العمر سنتين وهي البكر. المشكلة تكمن في أنها تشتم الذي أمامها على أقل انفعال وبكثرة، مع العلم من أنها تتمتع بذكاء وسرعة التعلم، وأنا لا أستطيع أن أمنعها من ذلك بالرغم من جميع المحاولات مثلاً تخويفها بالفلفل إذا ما تلفظت بهذه الألفاظ أو حتى ضربها على فمها بحركة خفيفة حتى أمنعها.
وعلى الرغم من ذلك أنا مقدرة لحالتها لأن الطفل سرعان ما يتعلم التكلم من الآخرين وخاصة الأطفال الذين هم من سنه أو أكبر قليلاً وأنا أسكن في بيت حمولة، أي عند أقارب زوجي والبيت يعجّ بالأطفال الذين هم في سنها أو أكبر قليلاً، وأنا أعلم أنها تتعلم هذه الألفاظ منهم.
ملاحظة: إن تصرفاتها وحركاتها أكبر من سنها قليلاً فهي تحفظ الأرقام وكذلك جميع الألوان والكثير من الأغاني القصيرة، وتستطيع أن تقول لك قصة قبل النوم، وإذا مسكت القلم والورقة تستطيع أن تكتب الرقم واحد واثنان وثلاثة، وغالبًا ما تكون في رسمتها الكثير من الدوائر، وشكرًا. السؤال
التقليد والبذاءة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخت الكريمة.. شكرًا جزيلاً على ثقتك بنا ودعائك الكريم. نسأل الله تعالى السميع المجيب أن يلهمنا جميعًا الصواب، ويرزقنا علمًا ينفع ويكتب به لنا أجرًا. اللهم آمين.
رسالتك تضمنت أكثر من نقطة وسأوردهم لك بترتيب حديثك:
- السب على أقل انفعال (سب + عصبية).
- تتمتع بذكاء وسرعة تعلم.
- تخويف وضرب للصغيرة ذات العامين (كحل للسب).
- أكبر من سنها.
وسأبدأ بالأخيرة: أكبر من سنها:
وذلك لأنها من أكثر المشكلات الشائعة -ليس بالطبع لدى الطفل- وإنما لدى الراشدين المحيطين سواء من الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء. ودعيني أسألك: كيف يتسنى الحكم على شيء بأنه أصغر أو أكبر من العادي؟
الإجابة بطبيعة الحال أن نعرف ما هو العادي أصلاً. أليس كذلك؟
ونسأل مرة أخرى: كيف نعرف هذا العادي. أبمقارنة الطفل بالمحيطين، أم بسؤال الأقارب الذين حولنا أم...؟
اسمحي أن أجيبك: طريقة المعرفة الأدق والأصوب هي: القراءة العلمية في الكتب التي تتناول مراحل نمو الطفل وما أكثرها، أو سؤال أهل الاختصاص.
مع العلم دائمًا بأن ما يذكر كخصائص نمو لكل مرحلة عمرية ما هو إلا مدى للنمو في حيز له حد أدنى وحد أعلى في نفس الفترة الزمنية. على أن النمو له عدة مناحي (حركي - عقلي - لغوي - وجداني - جسمي).
ودعيني أسأل مرة أخرى: ما المشكلات التي يمكن أن تحدث لو لم نعرف خصائص نمو طفلنا في كل مرحلة عمرية؟
وسأجيبك:
- الأمر يشبه تمامًا التعامل مع جهاز دون الاطلاع على طريقة الاستعمال المرفقة معه (الكتالوج) بالطبع يؤدي ذلك إلى احتمالية تخريب الجهاز. وأعني هنا ونحن نتحدث عن طفل وليس جهاز أننا من الممكن أن نؤول تأويلاً خاطئًا لتصرفات الطفل.
فما نحسبه كذب يكون في حقيقته خيال خصب طبيعي لهذه المرحلة العمرية. وما نقوله أكبر من سنها يكون في حقيقته علامة جيدة على نمو لغوي أو عقلي. ما نقوله خجل وهو في حقيقته انطواء، وغيره الكثير من الأخطاء الشائعة بطبيعة الحال التي يدخل ضمن دائرتين أساسيتين:
* التأويل والتفسير الخاطئ للسلوك. وعدم معرفة إذا ما كان التصرف في هذه المرحلة طبيعي أم لا، وما يترتب على ذلك من معالجة خاطئة لسلوك ما.
* إغفال لعلامات أو مؤشرات يجب أن تدلنا على ناحية من نواحي القوة في الطفل بما يستدعي دعمها وتقويتها، وبذل كل الجهد في تقديم وسائل للتنمية ليصل طفلنا لأعلى حيّز نمو ممكن.
وهذا الأمر بطبيعة الحال من أكثر الأخطاء التربوية شيوعًا؛ ولذا أكررها ألف مرة (قراءة الكتالوج) اعرفي دائمًا خطوة بخطوة طبيعة المرحلة التي تمر بها طفلتك الحبيبة فجر. وقد ذكرت في رسالتك أنها ذكية وسريعة التعلم وهذا حق؛ ولذا فقد كان من الطبيعي (تبعًا لنموها العقلي واللغوي) أن ترسم الدوائر وتعد الأرقام خاصة إذا ما كنت -أكرمك الله- تهتمين بمتابعتها وتنميتها؛ ولذا أرجو منك أن تستمري فيمكنك إنجاز الكثير مما يكتب الله لك به أجرًا كبيرًا بإذن الله عز وجل.
فما أحوج أمتنا لتنمية الذكاء؛ لأنه السبيل الحق للأمة القوية. استمري فقد ذقت الثمرة بنفسك. وسأورد لك الكثير من الاستشارات التي تساعدك في تنمية قدرات ابنتك المختلفة. بارك الله لك فيها ورزقك برها بإذن الله تعالى.
ولعلّ من حسن الطالع أن الشمعة حين تضيء لا يقتصر ضوءها على مساحة محددة، بل يمتد الضوء لأوسع من حيّز هذه الشمعة. فحين تعملين على تنمية ذكاء وإبداع ابنتك، فإن هذا بطبيعة الحال يمر عبر عدة أنشطة تمارساها معًا. وهذا يضيء أكثر من مساحة الذكاء. فهو أيضًا يعني وقتًا دافئًا تمارسين فيه مع ابنتك الكثير من الأنشطة. وهذا الدفء في العلاقة أمر هام جدًّا في حد ذاته، حيث يعتبر البيئة الحاضنة لكل تعلم وكل نماء ممكن.
فضلاً عن دوره في بناء تقدير الذات لابنتك مع كل جديد تعلمه. إضافة لأن هذا الحب سبب أساسي يمهد لتمثل ابنتك لقيم أسرتها بما يساعد في رفض ما يخرج عن هذه القيم التي تشربتها مع الحب. وإضافة لكل ذلك ففي هذا الوقت المحبب لابنتك تلهى عن السلوكيات غير المرغوبة وبعدًا عن الأشياء التي تسبب لها الغضب. كذلك بعدًا عن الأطفال الذين تلتقط منهم بذاءة اللسان.
النقطة الثانية: السب:
- تبعًا لمرحلة ابنتك السنية فإن الطفل في هذا العمر يسعى بشتى الطرق للسيطرة على البيئة المحيطة. والسب والبذاءة أحد هذه الطرق. ولذا التعامل مع هذا السلوك بإثارة زائدة بالضحك أو العنف تحقق له ما أراد من الإحساس بأهمية وقوة كلماته.
- الطفل في هذا العمر لا يفهم معنى ما يقول. ولا يستوعب مفهوم "البذاءة" نفسه. ولا يمكنه الربط بدقة بين سلوكه وما يترتب عليه من عقاب. ولا يمكنه فهم أن ما تمارسيه هو عملية تأديب. فهو لم يفهم بعد معنى التأديب.
ولذا فإن اجتناب مسببات السب نفسها تكون هي أجدى الحلول الممكنة. وهو ما يضعنا أمام مسألة هامة: كيف تتشاركون أنت والأقارب ممن تعيشين بينهم في وضع خطة تربوية جماعية؟ وهذا أمر هام جدًّا حاولي بذل بعض الجهد فيه، فكثير من المشكلات تضطرنا أحيانًا من محاولة الحل الجماعي، وعسانا نقبل هذا طواعية فنحن نعيش جماعات وليس أفراد وما وصل مجتمعنا لما هو عليه إلا بسبب غلبة التفكير الفردي على التفكير الجماعي. (وسأناقش هذا معك لاحقًا).
- الطفل يحتاج باستمرار للفت انتباه واهتمام المحيطين. وإذا لم يتوفر له ذلك بالطريقة السليمة الطبيعية عبر المشاركة واللعب معًا. فإنه يبذل كل ما يتاح لديه من وسائل (صراخ – زن – سب..)، وغيره من السلوكيات السيئة؛ ولذا كل ما علينا هو الاهتمام بفجر واللعب معها وإشباعها حبًّا حازمًا (وليس تدليلاً والفرق شاسع بينهما).
- تأكدي أن من الصعوبة بمكان اقتلاع البذاءة من لسان ابنتك إذا ما كنت أو أبوها تستخدمون هذه الألفاظ أمامها سواء في غضب أو دعابة.
- كرري على طفلتك أن هذه الكلمات سيئة وماما لا ترضى بهذه الكلمات السيئة من حبيبتها فجر. وتذكري "المحب لمن يحب مطيع" فقد تمتنع طفلتك حبًّا وإرضاء لك.
ولكن العقاب مرفوض تمامًا فقد يزيد الأمر سوءاً خاصة هذا النوع من العقاب القاسي وإنما ما نحتاج إليه هو:
* تلهيتها عما يثير.
* تلهيتها عن المتلفظين بهذه الألفاظ.
* اللعب والحب إلى أن تمتنع طاعة وإرضاء لك.
* ربما جربت إعطاء ابنتك لفظًا بديلاً تستخدمه. وبطبيعة الحال يكون لفظًا لطيفًا مضحكًا حين تستخدميه أنت كبديل ويضحك منه الأطفال؛ فسيلفت انتباهها لاستخدامه بغرض إثارة الآخرين ولفت الانتباه بالضحك بدلاً من البذاءة.
* عرّفي ابنتك بدقة ما هي الكلمات السيئة. فلا تعاقبي أو ترفضي شيئًا لا تعلمه أصلاً طفلتك. لا تعتبرين أنها تعرف فهذا ليس حقيقيًّا. الطفل أحيانًا يستغرب لثورتنا على شيء لم نخبره من قبل بخطئه وعدم قبوله. على أن تكرار الإفهام الهادي مرة بعد مرة من الأمور الهامة جدًّا.
فهل نحن ككبار نمتنع عن الخطأ لمجرد معرفتنا أنه خطأ. لو كان الأمر كذلك لما امتلأت جهنم بالعاصين. ولما كتب الله أجرًا كبيرًا لجهاد النفس. فلنكن رحماء أثناء تأديبنا لأطفالنا.
* كافئي طفلتك في كل مرة تتخلى عن استخدام ما اتفقتم معًا على أنه كلمة سيئة.الطفل في هذا العمر يقلد كل ما يتعرض له من سلوكيات. وتبقى عند مرحلة التقليد ولا تتعداها لتكون ضمن عاداته إذا ما تخلصنا من مسبباتها الآنية والمستقبلية.
الطفل في عمر أكبر يستمر على عادة السب لأحد أسباب:
* الشعور القوة والغلبة. أي الإحساس العالي بتقدير الذات. وهذا يمنعه وجود مساحات أخرى للتميز يثبت فيها الطفل قوته بطريقة شرعية.
* المجاراة للمحيطين. وعدم اتباع قيم وأخلاق أسرته. ويمنع ذلك العلاقة المتينة بين الطفل وأهله، تلك التي بنيت دعائمها لحظة بلحظة عبر المشاركة والحب. وهو ما يجعل الطفل قانعًا بصحة ما لدى أسرته من قيم، ويحميه من المجاراة للخطأ، بل ينقله لمرحلة أبعد من مجرد عدم المجاراة للإيجابية بدعوة غيره للكف عن الخطأ. ولا يقدر على ذلك إلا الطفل أو المراهق أو الكبير مما يتمتع بتقدير عال للذات. (عبر الحب والتمييز في عدة مساحات).
ولذا اعملي على هذا منذ هذه اللحظة على منحها. (الحب وتقدير الذات) وإذا ما استمر الأمر بعد ما اتبعت بدقة أرجو أن توافينا بالتطورات؛ لأن حال عدم امتناع طفلتك بعد وصولها لسن أكبر ستفرض طبيعتها العمرية وسائل أخرى لعلاج الأمر. فمسببات بذاءة اللسان تختلف من حالة لحالة ومن عمر لعمر. وافينا بتطوراتك وجهودك أكرمك الله ونحن معك.
ويمكنك مطالعة هذه الاستشارات والتي ستعينك على فهم خصائص المرحلة العمرية التي تمر بها طفلتك وتطبيق ما طرحناه من أفكار للمعالجة:
- احترم طفلك يحترم نفسه
- بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات
- فن تنمية الذكاء
- أمة ذكية تساوى ثروة حقيقية
- بين سب عمان وحلم العقبة
- احذروا بذاءة أبطال الكرتون
-ــــــــــــــ(102/417)
أحلام ابنتي مخيفة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أحب أن أحييكم على الجهد العظيم والنصائح الغالية المفيدة، جزاكم الله خيرا، وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكم، وبعد:
ابنتي الكبيرة عمرها 7 سنين، وهي خجولة جدًّا، ولا تسلم على أحد، وهذا يحرجني كثيرًا، ولا أعلم كيف أغير من سلوكها هذا؟ كما أنها في بعض الأحيان تشتكي من أحلام مخيفة -على حد تعبيرها-، ولا أعلم سببًا لهذا؛ فأنا لا أجعلها تشاهد أفلامًا أو مسلسلات؛ لأنها إذا شاهدت مشهدًا بسيطًا مؤثرًا تبكي وتخاف، وفي بعض الأحيان يكون الفيلم كوميديا، مع العلم أني طيلة حياتها لم أسرد لها قصة مخيفة؛ لدرجة أنني أظن أني من كثرة حرصي على عدم سرد القصص المخيفة أتى معها بنتيجة عكسية.. فما هو الحل؟ وهي دائما تشتكي من أن أصدقاءها لا يلعبون معها، ويتركونها، وتبكي من هذا، وهذه المشكلة تؤرقها جدا. أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أيتها الأخت الفاضلة، وشكرًا لك على تحيتك الرقيقة وثنائك على ما نجتهد في تقديمه.
لا شك أن قلبك كأم ينخلع عندما ترين ابنتك خائفة، وترغبين في حماية ذلك الكائن الضعيف من هذا الخوف، ولكن لا تقلقي؛ فالطبيعة لا بد أن تعلم الإنسان أن هناك خوفًا من الحياة؛ لأن الخوف كإحساس لا بد أن يتكون لدى الطفل؛ ليتعلم كيف يحافظ على نفسه، وهو أحد الدوافع الأساسية لتقدم الإنسان، وعندما يتطور بشكل صحيح وسليم؛ فهو يتحول للحرص والحذر.
وهذا النوع من المشاكل المتمثلة في الخوف والأحلام المزعجة ترتبط بالنمو الانفعالي للطفل الذي يبلغ درجة عالية من التعقيد بعد عمر الثالثة، وغالبًا ما تمر هذه المرحلة بسلام وتوازن في الأسرة المتماسكة، وتعالي نحاول تحليل أسباب خوف ابنتك.
صحيح أن رؤية المشاهد المخيفة تسبب شكل الحلم المخيف، لكنها لا علاقة لها بمضامين هذه الأشكال المخيفة للأحلام.. بل إن محتوى الحلم المخيف يكون ذا علاقة بالمعارك الداخلية بين الأمنيات وما يتيسر تحقيقه، وبشكل أوضح بين الرغبات والضمير الذي قد يحول دون تنفيذ هذه الرغبات، والتناغم بين الضمير والرغبة هو ما يباعد هذه الأحلام المزعجة.
وتعالي نوضح الأمر بمثال:
- قد تتعرض ابنتك خلال يومها لاعتداء ما، أو تجاهل من أصحابها لها بالمدرسة مثلا، ورد الفعل الطبيعي الانتقام لنفسها ونرجسيتها وكرامتها بالعدوان عليهم والغضب منهم والحنق، لكنها في الواقع لا تفعل ذلك، ويعوقها الكثير من العوائق لفعل ذلك. لذا فعند نومها يبدأ هذا الصراع بين الرغبة والضمير في الظهور في شكل أحلام مخيفة.. فضميرها يؤنبها على أمنيتها السيئة التي تستحق عليها العقاب، وتبدأ الأحلام المخيفة في الظهور.. وفي هذه الظروف النفسية لن تعفيها احتياطاتك ضد كل شيء مخيف من تلك الأحلام المخيفة.
إذن ما هو التصرف المناسب حيال ذلك؛ باعتبار المثال السابق موقفا حقيقيا قد تتعرض له الطفلة في يومها؟
الإجابة هي أنه لا بد أن تتجنبي إحراج الابنة، كما ينبغي أن تفتحي لها الباب على مصراعيه لتحكي لك آلامها وآمالها ومشاعرها ورغباتها، حتى إن كانت تبدو شريرة أو غير مناسبة، وعندما تشكو من شيء فلا تلوميها.. بل أوجدي لها الحل؛ فمثلا لو شكت من إهمال أصحابها فأسرعي بطمأنتها أن هذا الإهمال لا يُقصد به إيذاؤها هي بقدر ما ينم عن عدم الفهم من أصحابها لها "هن لا يفهمونك جيدا، وربما نحتاج إلى أن نغير بعض الأشياء لتقتربي منهن أكثر أو نبحث عن صديقات جدد يكنّ أقرب إلى طباعك وشخصيتك".
حاولي إيجاد الحل لها بحثِّها على صداقات جديدة مثلا، أو محاولة تغير تصرفاتها التي تنفر الناس منها بخفة ودون لوم لها؛ فتدعيم سلوكها سيهدئ من خوفها، وقصي عليها ذكرياتك في سنها، وكيف كنت تكونين الصداقات، وتحافظين عليها، وكيف كانت تواجهك المشاكل في هذا؟... إلخ، كما يمكنك التزاور مع أهل الصديقات لتوطيد العلاقات معهن، والذهاب إلى المدرسة بنفسك للحديث معهن عن ابنتك، وكيف أنها تحبهن جميعا؛ لأنها طفلة ممتازة.
ويمكنك استحداث صديقات لها من فصلها أو حتى فصل مجاور لتلعب معهن، ولا تكون في حاجة لمن يؤلمنها من صديقاتها، وتأكدي أنهن سيسعين إليها إثر ذلك؛ فالقول الشهير يؤكد أن: "استغن عمن شئت تكن أميره، واحتج لمن شئت تكن أسيره"، كما يمكنك شراء هدايا لطيفة بسيطة تهادي بها صديقاتها، ولا بد من بثها ثقتها بنفسها؛ لأن شعور صديقاتها بضعفها واحتياجها لهن يجعلهن يتمادين في إيلامها.
واجعلي لها أصدقاء في كل مكان، أو بعبارة أخرى: وفري لها إمكانية ذلك؛ فلتكن لها صداقات في النادي والمكتبة المجاورة والجيران وأبناء صديقاتك والجيران، مع مراعاة أن تقضي معهم أوقاتًا ممتعة بشكل دوري؛ فهذا الأسبوع تزورين معها إحدى قريباتك التي لديها أطفال في مثل عمرها، والأسبوع التالي تذهب مع جارتها للمكتبة، والتالي تدعين إحدى أسر الأصدقاء لرحلة في حديقة عامة، وهكذا...
كما أوصيك بأن توفري لها مجالات للأنشطة المتنوعة والمرحة التي تعبر بها عن نفسها بالرسم أو التلوين أو كتابة القصص، واقتربي منها قدر المستطاع، مكونة معها صداقة قوية.
إن دور الأم هو لملمة المتناثر في حياة أبنائها، وتضميد الجراح، وتدعيم الحسن، وتقويم المعوج بلين حتى تتوفر للأبناء القوة الكافية لاتخاذ القرار والاختيار فيما بعد، وضبطك للأحوال حول الابنة سيسهم في أن تكون صورة جيدة عن نفسها، ومن ثم سيقضي على أي اضطرابات أيًّا كان شكل ظهورها على ابنتك.
إن خوف الأطفال الوهمي يا سيدتي ليس له أسلوب واحد يظهر به، وليس له في الغالب أسباب منطقية؛ فأعماق الطفل تضطرب بشدة في هذه الفترة من العمر 2-7 سنوات؛ ولذلك لا بد أن نقبلها على أنها من متاعب النمو، وليست ظواهر مرضية.
أرجو أن توافينا سريعا بأخبار ابنتك، ونتائج تطبيق مقترحاتنا على ابنتك، ونأمل أن نسمع عنك وعن أسرتك دائما كل خير.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ.
- الطفل الخجول.. مشكلة لها حل
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
- خجل أم حياء ؟- متابعة2
ــــــــــــــ(102/418)
قل:خوخ..ولاتقل:حوح العنوان
ابنتي مروة تتكلم بطلاقة باستثناء حرفي الخاء والغين فتنطقهما حاءً.. مثل كلمة خوخ فتقول: "حوح"، وكلمة غريب فتقول: "حريب"، وهي حساسة وذكية جدًّا. فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا. السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة اسم الخبير
الحل
الأخ العزيز..
إن الطفلة مروة صغيرة نوعًا ما في السن؛ وهو ما قد يجعل هذه المشكلة النطقية في نطاق التأخر في اكتساب أصوات كلامية معينة، وهذا يحدث لبعض الأطفال، ويمكنك استشارة اختصاصي نطق ليقدم لكم برنامجًا منزليًّا لتحفيز إصدار هذين الصوتين، مع أجمل أمنياتي لمروة بمستقبل باهر.
ــــــــــــــ(102/419)
تنمية الذكاء من لحظة الميلاد العنوان
السلام عليكم.. ابنتي عمرها 10 أشهر، ولدت ولادة طبيعية بدون متاعب، وهي طبيعية النمو تعتمد أساسًا على الرضاعة الطبيعية، وهي نشيطة، وقد تأخرت في التسنين، فهي حتى الآن لم يخرج لها سوى 3 سنات فقط، وهي تقف مسنودة على الطاولة، وتمشي باستخدام المشاية. لم تمر بأمراض معدية أو صعبة سوى نزلات برد خفيفة لم نستخدم فيها أية مضادات حيوية بناء على نصيحة الطبيب.
السؤال: أشعر أن ابنتي ذات ذكاء حاد، وأشعر بذلك من فهمها لبعض الكلمات والإشارات وتقليدها لبعض الحركات القليلة وربطها بين الكلمات والأفعال، مثلاً حين أقول سلمى تمد يدها اليمنى وتضعها في يدي وتحركها، ولكني أريد أن أتأكد من ذلك، وأريد أن أعرف ما هي الاختبارات النفسية والذهنية المناسبة لهذه السن؟ وهل هناك نوعية معينة من الألعاب التي يمكن أن تساعد في نمو ذكاء الطفل.
السؤال
التأخر العقلي الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخت الكريمة.. جزاك الله خير الجزاء على رعايتك واهتمامك بطفلتك الحبيبة جعلها الله تعالى نصرًا وعزة لهذا الدين. نسعد كثيرًا بمثل هذه الأسئلة الواعية التي بحق هي طريقنا لأمة ذكية قوية.
هناك بعض النقاط الهامة في مسألة الذكاء وتنميته سأعرضها لك بإيجاز على أن تنظر في تفصيلاتها في عدد من الاستشارات التي أوردها لك في نهاية حديثي:
- المخ كائن وجداني ينشطه الأمن ويحجمه التوتر؛ ولذا دعنا نؤكد مرارًا وتكرارًا على أهمية البيئة الهادئة التي تكفل للطفل وسطًا ملائمًا لتشبع ما يقدم له من أوجه تنمية، فالحب البداية الأولى بما يستشعره الطفل عبر ملامساتنا له ومناغاتنا معه والتربيت والملامح المبتسمة والهدهدة والمزاح واللعب وقضاء الوقت بانغماس ومشاركة حقيقية. المهم أن يفهم ويشعر ويسمع طفلنا أننا نحبه. هذه هي الخطوة الأولى والمستمرة في كل مراحل عمر ابنتك.
- علينا النظر لتربية متكاملة تهتم بالتنمية العقلية جنبًا إلى جنب مع التنمية الوجدانية والحركية، فلا مجال للتجزئة لننضج شخصية متكاملة.
- هناك عدد من الذكاوات التي توجد عند كل فرد بنسب متفاوتة. ولكن أؤكد على ضرورة تنمية كل الأنواع لأقص حيز ممكن للطفل. وفي نفس الوقت نولي اهتمامًا مضافًا لأنواع الذكاء العالية لديه على اعتبار أنها مؤشر لنقاط القوة والتمييز لدى هذا الطفل. وما يمكننا عمله دائمًا هو توسيع دائرة التجربة والخبرة أمام طفلنا من لحظة الميلاد.. وذلك لأنه هناك دائمًا إمكانية لنمو كل أنواع الذكاء لدى الإنسان على أن نعرف الطريق لذلك.
- تزداد الوصلات بين المخ بزيادة الخبرات التي يتعرض لها الطفل. وكثافة هذه الوصلات هي المسئولة عن كفاءة أداء المخ بما يعني ضرورة تعريض أطفالنا لعدد من الخبرات المختلفة عبر حواسه، ولكن أيضًا بدون استثارة زائدة.
- مرحلة ابنك العمرية هي مرحلة النمو الحسي الحركي، أي أن أي تنمية تكون عن طريق حواسه الخمس إضافة للحركة. بما يعني أن عليكم البحث عن عدد من الأنشطة والألعاب التي تستثير حواس طفلكم الحبيب. وسأورد لكم بعض هذه الأنشطة فضلاً عن أن أي حركة أو لعبة أو نشاط يقوم به الطفل يمكننا اعتباره أداة لنمو (المخ) وبالتالي نمو الذكاء.
أدرك شغف الوالدية للمرة الأولى بتتبع كل صغيرة وكبيرة يؤتيها الطفل. وهذا جيد بلا شك. والاهتمام والمتابعة أمر لهو نعم الوالدية الواعية. ودعني أقول كلمة واحدة في هذا الأمر: تابع وراقب واسأل عن كل ما تظنه وما لا تعرفه وما تريد التحقق بشأنه؛ ولكن على ألا تفرط في توقعاتك بما قد يثقل على طفلك نفسه. ولدينا دائمًا طرق لنتعرف مستوى أداء طفلنا ومستوى نموه في كل مناحي النمو (وليس العقلي وحده). وأول هذه الطرق:
- معرفة طبيعة النمو في كل مرحلة عمرية يمر بها الطفل. وهذا عن طريق القراءة والسؤال.
- الملاحظة الجيدة لطفلك وتدوين الملاحظات لتكون حاضرة وقت رغبتك في السؤال أو الاستفسار عن شيء.
- متابعة طبيب أطفال باستمرار خاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل.
وسأذكر لك بعض سمات النمو في مرحلة ابنتك العمرية: وهي في مناحٍ عدة:
نمو حركي - نمو جسمي - نمو وجداني - نمو عقلي - نمو لغوي.
وتبعًا لما أورده بياجيه كمظاهر نمو عقلي:
- فإن مرحلة (8 - 12 شهرًا) هي مرحلة تناسق ردود الفعل، أي أن الاستجابات تصبح متناسقة مع المثيرات. وتصبح الأفعال مقصودة، كوصول الطفل وراء الحاجز ليجد شيئًا مختفيًا.
- أما النمو الحركي: فإن الطفل تصبح لديه قدرة على التحكم في القدمين والساقين، ويمكنه أن يقف.
- النمو اللغوي: يمكنه أن يقول كلمة أو كلمتين، يقلد الأصوات ويستجيب لبعض الأوامر البسيطة. ويمكننا أن نساعد النمو اللغوي لدى الطفل بعدد من الوسائل:
* تأكد تمامًا من عدم التهاب الأذن. وعالجا الأمر بدقة إذا ما أصيبت به سلمى لا قدر الله.
* تحدث تحدث تحدث: اروِ لطفلتك كل ما يحدث حوله ونوِّع في نغمات صوتك لتكسبه حساسية أعلى للإحساس بالمحيطين وفهمهم. وكذلك لتساعدها أن يتعرف الانفعالات المختلفة. اسألها دومًا وإن لم يمكنها إجابتك: هل تري ما أفعل؟.. إننا نُعِدّ حمامًا دافئًا لسلمى. مدي يديك.. هل تشعرين أن الماء دافئًا.. حاولا وضوح النطق السليم معها. وحاولا ربط الشيء باسمه. أو الحركة باسمها أو الوصف. وهكذا ساعدوها لتتعرف على عدد من المسميات والأفعال والأوصاف والمشاعر، أؤكد: حاولا تعريفها مسميات المشاعر المختلفة. هذا يساعدها كثيرًا في تعبيرها عن نفسها فيما بعد، بل وتعرف إحساس الآخرين بدقة، وهذا نوع من الذكاء الذي تفرد له في بلاد كثيرة مناهج للتعلم. نحن كمسلمين أولى بها لكونها ديننا الذي نزل به على أرحم العباد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
*اقرأ اقرأ اقرأ: هذا أحد الأنشطة الهامة جدًّا مع الطفل. فتساعد في عدد من الأشياء في وقت واحد: التنمية اللغوية - ازدياد المعارف - النمو العقلي - تخصيص وقت للمشاركة مع الطفل - اعتياد القراءة يساعد جدًّا في التفوق الدراسي...
ولذا حاولا ربط طفلتكم الحبيبة بالكتاب. اختارا لها بعض الكتب المصورة ذات الغلاف السميك من قصص صغيرة ملونة، ثم قصص طويلة، وهكذا... وربما يمكنكما اصطحابها لشراء بعض الكتب أو لاستعاراتها من المكتبة العامة. وهناك عدد من المكتبات العامة التي تعير كتب الأطفال (وحيث إنكما من مصر فيمكنني أن أنصحكما بمكتبة مبارك العامة في الجيزة، إضافة لفروع عدة من مكتبات جمعية الرعاية المتكاملة).
* أسمعا سلمى القرآن الكريم بانتظام. وربما استمتعت طفلتكم بالقرآن المرتل أكثر. (هذه هي تجربتي الشخصية مع أولادي)، ويمكن أيضًا شراء شرائط المصحف المعلم، فصوت أطفال يرتلون القرآن يجذب انتباهها، فضلاً عن تحفيزها فيما بعد للحفظ.
* احكِ لطفلتك قصصًا كثيرة. نغّم صوتك، عبّر بوجهك، وربما صاحبت ذلك ببعض العرائس أو الحركات التمثيلية.
* اتبعا قيادة سلمى. فإذا أبدت اهتمامًا بصورة معينة في كتاب استمرا في الحديث عنها. وحاولا أن تريا مجسمًا لما تعبر عنه الصورة (مركب - حيوان - سيارة...)، واسألا حول ما تراه واربطاه لفظيًّا. ويمكن أن تسجلا كلمات الطفل أو محاولات نطقه ليسمعها بنفسه.
* اقتصدا جدًّا قدر الإمكان من تعرض سلمى للتليفزيون والكمبيوتر. فقد أوصت الأكاديمية الأمريكية بعدم السماح للطفل قبل العامين من مشاهدة التليفزيون. وتحديد المدة الزمنية فيما بعد السنتين بما لا يتعدى ساعتين غير متواصلتين على مدار اليوم. على أن تكون المادة التي يتعرض لها الطفل مما يناسب سنه. ومما يعتبر آمنًا وخاليًا من العنف أو الخروج عن الآداب.
ومن ناحية أخرى فإن التليفزيون لا يتفاعل مع الطفل ولا يستجيب له. والتفاعل والاستجابة أهم محفزين في عملية التعلم. اذهبا في رحلات لحديقة الحيوان والمتاحف وغيره، ولا تنسَ دور المعلق الرياضي الذي تقومان به مع سلمى. تذكرا دائمًا المعلق الرياضي.
- النمو الوجداني: يخاف الطفل في هذه المرحلة من الغرباء، يلوح بيديه مسلمًا على أحد. يفهم كلمة لا. يأخذ الأشياء ويعطيها. ولديه حب استطلاع وفضول وحب استكشاف. وهذا يضع ضمن مسئوليات الأهل إفساح المجال وتوفير بيئة آمنة للطفل ليمارس هذه العملية التي تعتبر المحفز الأول على التعلم والتنمية بالتالي. ويمكن أن يتم ذلك بدون توتر وملاحقة دائمة للطفل:
* اترك بعض الأدراج في متناول يده يمكنه فتحها واستكشاف محتوياتها. على أن تكون آمنة بالطبع، ومما لا يخاف الأهل عليه. كما يمكنك إغلاق بقية الأدراج بالمفاتيح.
* اترك في الخزانات السفلية من المطبخ بعض الأدوات التي يمكن للطفل أن يلعب بها. عدد من الأطباق البلاستيكية. عدد من العلب المتدرجة، دقاقة صغيرة يمكنها الطرق بها واستكشاف الأصوات الناتجة عن الطرق على الأشياء المختلفة. زجاجات يمكنه فتح غطائها ولفه في الاتجاهين، وغير ذلك الكثير.
المهم أن نعلم أن كل ما يصل ليد الطفل هو بمثابة لعبة رائعة ومجالاً جيدًا للاستكشاف والتعلم والتنمية؛ ولذا لا تحرم هذه الفرصة، بل نظمها لها.
هناك نقطة أخيرة أردت أن ألفت إليها الانتباه: هناك بعض الأنشطة التي تنمي شيئًا ما على أن هذا النشاط في أغلب الحالات يمكن أن ينمي عدة مساحات في وقت واحد. ليس هناك فصل بين جزئيات الإنسان. فما نورده أحيانًا على أنه لتنمية نوع من الذكاء، للحق فهو يسهم في تنمية أنواع أخرى وصفات أخرى.
ولذا إذا ما علمنا كنه ما نحن بصدد تنميته أمكننا دائمًا ابتداع عدد لا نهائي من الأنشطة؛ فضلاً عن الاستفادة المركبة من كل نشاط نؤديه مع أطفالنا.
الوالدية فطرة وعلم يعلم وإبداع يجب البحث دائمًا في سبل تنميته.
نحن دائمًا معك لمزيد من الاستفسارات. وها هي الاستشارات التي تضمنت حديثًا أكثر استفاضة عن مسألة الذكاء وطرق تنميته:
- اللعب في الصغر ذكاء في الكبر
- دروس لتنمية الذكاء
- فلنستثمر ذكاءهم باللعب
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- الذكاء الوجداني نظرية قديمة حديثة
- موهبة أم تميز أم تفوق.. فض الاشتباك؟!
- أطلقي إبداع ابنك بالحكايات
- خرافة المخ الصغير
- ــــــــــــــ(102/420)
مشكلات الطفل الأول كيف تتفاقم؟.. متابعة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكركم على الرد أولاً حاولت أن أدرب ابني محمد(3سنوات) على التحكم في التبرز والتبول كثيرًا، وأحيانًا قليلة يتبرز في الحمام، يتبرز حوالي ثلاث مرات على نفسه، ويتبول في ملابسه أكثر من 10 مرات على مدار اليوم وأثناء النوم أيضًا، وغالبًا يكون إسهالاً بسيطًا وأعطيه دواء للإسهال فيتوقف الإسهال، ومع ذلك يتبرز على نفسه، وبالنسبة للنوم أنظفه وأطعمه، ولكنه يستيقظ في الليل يصرخ ويبكي أحاول أن أعطيه العصير أو ماء أو طعاما أحيانًا يأخذه ويظل يبكي، والسلام عليكم. السؤال
التبول اللاإرادي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأخت الكريمة، ونشكرك على ثقتك وتواصلك معنا، وكما قلت لك في ردي السابق فإن مشكلة ابنك ليست مشكلة صعبة الحل، بل على العكس فإنها حالة مما يسهل علاجها بإذن الله تعالى، لكن بشرط التعامل الصحيح معها والوصول لمعرفة أسبابها، وهذا مما أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن الله تعالى لم يخلق داء إلا وخلق دواءه.. أذهب الله عز وجل عن ولدك كل سوء.
أختي الكريمة أكدت لي توضيحاتك بشأن محمد من كونه لم يتحكم بعد في التبرز حتى الآن أن المسألة تحتاج في علاجها لما يلي:
1- لا بد من إعادة تمرين طفلك مرة أخرى على التحكم في الإخراج بشكل لطيف ومحبب؛ لأن عدم تحكمه قبل ذلك يجعل التفكير في المسألة يقودنا إلى التصور بأنه في حاجة للتدريب أولاً، والذي يمكن أن يستمر مداه إلى 4 سنوات كحد أقصى بعدها يمكن القلق أو الحكم بوجود شيء عضوي يمنع قدرة الطفل على التحكم؛ لأنه لا يمكن التسرع بالحكم قبل هذه السن.
2- في مسألة إعادة التدريب مرة أخرى فلا بد من اجتناب الضرب والعقاب نهائيًّا واستخدام المكافأة، وما يسمى بجدول الحافز الذي تعلم فيه (تضع علامات) على كل يوم بعدد من النجوم مثلاً بحسب التزام طفلك بالأمر، ومع حصد عدد معين من النجوم يحصل على مكافأة تتزايد بزيادة عدد النجوم، ولا يحصل على شيء بحصد عدد من النجوم أقل من 5 نجوم مثلاً على مدار الأسبوع، وهكذا...
3- لا بد من مراجعتك لقواعد التدريب السليمة وكيفية ترغيب الأطفال في هذه العملية بمطالعة الاستشارات التالية:
- نجاح التدريب بالترغيب.
- خطوات لضبط عملية الإخراج
- علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
- وداعًا ... أيتها الحفاظات
4- لا بد من الحديث مع الطفل برفق عن أن الأمر يشوه رائحته، ويقلل من فرص خروجكم للنزهة، ولا بد من أن يكون نظيفًا ومطيعًا، وأن يبادر بالذهاب للحمام بمجرد الشعور بالرغبة في ذلك ودون الصبر حتى ينهي اللعب مثلاً أو غيره، ويجب أن تعاونيه على ذلك بأن تدفعيه للحمام لإفراغ مثانته من وقت لآخر.
5- لا بد من إحاطة الطفل بجو من الحنان والحب والمرح داخل المنزل تهيئه للتغلب على أي مشكلات نفسية قد يكون من تداعياتها ما تلمسيه عليه من بكاء و (زن) وعدم استجابة للتدريب... إلخ، فمعظم مشكلات أطفالنا هي مظاهر لمشكلات أكبر تحتاج للعلاج بدقة أولاً.
6- مسألة دواء الإسهال مسألة تحتاج لمراجعة طبيب وإجراء تحاليل للطفل، للتأكد من وجود ما يستدعي الدواء من ميكروب أو غيره، ووجود الميكروب يؤكد وجوده القيء أو الرائحة الكريهة للبراز أو المخاط، وهو شيء لا يمكنك الحكم عليه بدون تحاليل أيضًا، واحذري أن عقاقير علاج الإسهال بدون تشخيص تؤثر سلبًا على الحركة الدودية للأمعاء.
7- لا بد من الصبر حتى تمام النجاح في التحكم لدى الطفل مع الاستمرارية في تدريبه بشكل منتظم ومحبب جدًّا، دون جذبه من شيء محبب له يجذبه كمشاهدة فيلم كارتون مثلاً، بل حمل الوعاء إليه في مكان مشاهدته أو إجلاسه قبل ارتباطه بلعبة ما، مع استغلال فرصة ممارسة هذه العملية في الغناء أو قص الحواديت أو اللعب بلعبة يحبها لكي يكون الأمر ممتعًا للطفل وجذابًا له.
8- لا بد من متابعة وتقييم نموه الجسماني والوظيفي، فأحيانًا ما تتصاحب حالات التأخر في التحكم بالتأخر في النمو الجسماني والوظيفي واللغوي بشكل خاص، ويمكنك الاستعانة بطبيب في هذا الخصوص، ويسعدني جدًّا تقديم العون لك بهذه المسألة بفحص الطفل وتقييم نمو الطفل العقلي والجسماني والوظيفي.
الأخت الكريمة.. أعانك الله عز وجل على إحسان تربية ولدك، وتأكدي أن مشاقك في تربية طفلك ومن بعده من إخوة إن شاء الله تعالى مما يدعمك في طريقك للجنة المحفوف بالمكاره، ويرفع درجاتك إن شاء الله سبحانه، فأبشري وتفاءلي وأقبلي بكل حب على التعامل بصبر جميل مع طفلك ومشكلات تربيته.. وفي انتظار أخبارك ومزيد من استفسارات، ويسعدني مساعدتك بكل كيفية، وشكرًا لك.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا لموضوع يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- حسن التربية.. سؤال كل أم جديدة
- نعم التربية شاقة.. ولكن
- نوط الواجب والنظام.. يبدأ من هنا
ــــــــــــــ(102/421)
في الغربة كيف تندمج وتحفظ هويتك؟ - متابعة العنوان
السلام عليكم، جزاكم الله خيرًا على ردكم" في الغربة.. كيف تندمج وتحفظ هويتك؟
"، والواقع أني أشعر بالحاجة لهذا الموقع، فلقد كنت أجهل الكثير في التربية، وكنت موقنة أن الأسلوب الذي تربينا عليه يجب أن يتغير لاختلاف الزمان والظروف.. وأن أملي في ابنتي أن أراها من الصالحات، في الدين والدنيا، أما بعد..
فلدي بعض الأسئلة، وهي أسئلة طويلة ولكن أحتاج إليها، وجزاكم الله خيرًا..
أولاً: إنها منذ شهرها السابع، راحت تفضل النوم معنا بالفراش، وهي الآن عمرها عام وأربعة أشهر، وهي تستيقظ أكثر من مرة بالليل.. فهل نطاوعها أم لا؟ وما هي السن المناسبة لبداية الاستقلال في الفراش؟
ثانيًا: بالنسبة للرضاعة والفطام، لقد بقيت قرب الستة أشهر على الرضاعة الطبيعية، ثم بدأت في الطعام الجانبي، لكنها كانت قد تعلقت جدًّا بالرضاعة، ولا تميل للطعام، وصارت مشكلة، لكنها بعد مرور عامها الأول كان يمكن أن تقضي النهار بدون رضاعة.. وكنت أخشى من مشاكل الفطام لدى الأطفال المتعلقين بالرضاعة، ولم أكن أدري هل أطاوعها تمامًا أم أحاول أن أحد من تعلقها بالرضاعة؟ لقد علمت أنه يجب الفطام بالتدريج، لكن لا أفهم، هل أبدأ بهذا الفطام التدريجي من الآن وحتى نهاية العام الثاني أم أطاوعها حتى تقترب مدة الرضاعة من نهايتها، ثم أبدأ في مرحلة الفطام التدريجي لمدة شهر واحد مثلاً؟
أمر آخر أني قد قابلت بعض مشكلة في الرضاعة، فأقللت منها حتى كادت تتوقف، وتقريبًا لم تشعر طفلتي حتى أنه كان يمكن فطامها بسهولة، وبعد العلاج عدت للرضاعة كما كنت من قبل، ولكنها تعلقت بالرضاعة أكثر مما كانت، وأفشل في إلهائها بأي شيء آخر، حتى إنها قد تبقى بالساعات في حالة عصبية، خاصة إن كانت تريد النوم، فهي لا تنام بسهولة، وقد يصعب نومها جدًّا بدون رضاعة، وأحيانًا حتى مع الرضاعة، ونومها أحيانًا متقطع، وتحب أن تطمئن أننا بجوارها، ولكنها إن كانت متعبة فعلاً ولم تنم منذ فترة، فإنها تنام بسهولة ونوم جيد.. وفي أيام إجازات زوجي من العمل، تقل رضاعتها كثيرًا، حيث إن والدها لا يشجعها على ذلك، ولكن عندما يعود زوجي للعمل، "تعود ريمة لعادتها القديمة"، فأنا لا أقدر عليها وحدي، وأضعف أمامها في النهاية، فهي في النهاية طفلة مسكينة، ويكفيها انفصالها عني في الحضانة، لكني لا أحب ذلك التخبط والعشوائية، خاصة إن علمت أن للرضاعة والفطام أثرا على شخصية الطفل، وربما لهذا فقد أطلت وأفصلت في هذا الموضوع، وأريد أن أقدم على ما أفعله عن معرفة وثقة، فبماذا تنصحوني؟
ثالثًا: لقد صارت تتعامل أحيانًا بأسلوب الصراخ والبكاء والزن، وقد تصرخ إن لم ألبي لها طلباتها التي لا يمكن تلبيتها، فمثلا تصرّ على تناول الطعام شبه السائل وحدها بالمسجد، هذا مثال.. وقد لا تجدي بالمرة محاولة إلهائها بأي شيء آخر، وهي طبعًا لا تفهم معنى الكلام بما يسمح لي أن أفهمها لماذا هذا خطأ. فهل هناك إرشادات للتعامل مع هذا؟
رابعًا: أحيانًا أمام تلك المشاكل، لا أستطيع أن أحدد، هل السبب أنها تشكو من شيء أو مرض، فأطاوعها، أم الأمر مجرد دلال؟ فأحيانًا أتوقع شيئا ثم أكتشف العكس، فأخشى أن تكون مريضة، وأحاول أن أريحها تم أكتشف أنه ليس هناك مرض، وأحيانًا أكتشف مؤخرًا أن تصرفاتها بسبب المرض فأندم أن لم أريحها من البداية.
والسؤال: هل يوجد قواعد ثابتة للتعامل معها في كل الأحوال؟
خامسًا: ربما كان للحضانة دور في هذه المشاكل، وأنا أتمنى أن أحاول وسائل بديلة للعلاج، بدون أن أتوقف عن الحضانة.. ولا أخفي (معذرة) أني قد استأت من شيء في الرد، فأنا لا أسعى بالطبع للتخلص من ابنتي، ولم أكن أحب ذلك بالمرة، وليست الدراسة ممتعة بالنسبة لي، ولكني أرى أني أحتاج للدراسة لظروف معينة، والله أعلم، وكذلك إقامتنا هنا مؤقتة لدراسة زوجي، وليس الأمر متيسرًا كثيرًا في بلدي، ولم أقصد أن للحضانة فوائد جمة لها، وما قلته إن هذا قد يفيدها، فهذا ما آمله، حيث إنها كانت تقضي معظم وقتها معي بالمنزل وحدنا، وربما هكذا الغربة، ولهذا فربما تفيدها الحضانة في رؤية أطفال وأناس آخرين، ورؤية عالم جديد بدلاً من التقوقع والملل بالمنزل، خاصة أن ظروف الجو هنا لا تشجع بالإكثار من النزهات.
أمر آخر قد يجعلني أحيانًا أشك في سياستي مع ابنتي، فأنا أرى ممن حولي من الأمهات، وهم من العرب المسلمين يتعاملن بنوع من الشدة، وأطفالهن لا يرهقون الأهل مثل ابنتي، ويقول كثيرون إن ابنتي مدللة، وأن التدليل مفسد للأطفال، ولكني لا أستسيغ الشدة في التربية، والحمد لله أن تعرفت على هذا الموقع على الإنترنت؛ لأني كان يمكن أن أحتار فعلاً في التعامل مع ابنتي، أمام آراء من حولي، وخوفي من إفساد ابنتي. والحمد لله أن وفرتم كثيرًا من المعلومات عن احتياجات ابنتي ومرحلتها العمرية، ولكني كذلك أحتاج للمزيد.. وربما هذا يكون عذرًا لي، لتلك الرسالة الطويلة التي كتبتها، وجزاكم الله خيرًا على جهودكم واهتماماتكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
تربوي الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول الأستاذة دعاء ممدوح من فريق الاستشارات:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الحبيبة، ونشكر لك أنك لم تطيلي علينا الانتظار لمتابعتك لنا، وإشعارنا بتواصلك معنا ومدى استفادتك مما قدمناه لك.
أختي الكريمة من خلال قراءتي لسؤالك السابق استطعت أن أحدد أنك أم لأول مرة وتحتاجين لكمّ هائل من المعلومات، وقد وضحت متابعتك مجالات هذه المعلومات، وهو ما سيسهل مهمتي، وسأبدأ بالإجابة عليها بترتيب ذكرك لها، مع توفير ما سبق من إجابات بصدد بعض هذه الأسئلة على صفحتنا.
أولاً: مسألة النوم والسن المناسبة لفصل الطفل في منامه:
من حق ابنتك أن تتمتع بحضن والديها عند النوم، والدفء بينهما، وقد اختلف المتخصصون في تحديد السن المناسبة لفصل المنام، والخلاصة في هذا الأمر أنه ما دام الطفل يرفض الاستجابة لهذا الفصل فيجب عدم إجباره عليه، فإن له كل الحق في هذا، وذلك في كل سن ومن الخطأ إشعاره بأنه قد حرم عليه هذا الحضن وهذا الجوار مهما كانت الظروف.
وإن كان فصل الطفل في حجرة خاصة به يشعره بهويته وخصوصيته، لكن من الخطأ الكبير التغيير المفاجئ لوضع اعتاده الطفل بدون إعداد وتدريج؛ إذ قد يؤدي هذا الأمر إلى ما يسمى بقلق الانفصال Separation Anxiety، وطريقة الفصل هي الفيصل في نجاح هذا الأمر وجعله إيجابيًّا في تأثيره على الطفل.
ويمكنك للتدريج في هذا الفصل أن تقومي بوضع سرير صغير لابنتك في حجرتك، وتحكي لها الحكايات والأغاني الهادئة الحنون قبل النوم وتضعي في حضنها لعبتها التي تحبها، ثم تنام في هدوء وسعادة إن شاء الله.
ثم بعد ذلك يمكنك تخصيص حجرة لطيفة لها جذابة بألوانها الجميلة واللعب التي تملؤها ولا بد من قربها من حجرتك، وستجدين تفاصيل عملية الفصل في الاستشارات التالية:
- فطام المنام.. بداية الاستقلال
- المولود المرتقب.. أين ينام؟
-
href"http://www.islamonline.net/Tarbia/Arabic/display.asp?hquestionID1652"> استقلال بلا نية انفصال
- فصل المنام.. حلول مقترحة
- فصل المنام.. حكاية كل بيت
ثانيًا: الطعام والرضاعة والفطام:
أختي الحبيبة.. مسألة الفطام لا تعني الامتناع عن الرضاعة بقدر ما تعني إيجاد بدائل للرضاعة من الأغذية المناسبة تزداد مساحتها تدريجيًّا في حياة الطفل حتى تطغى على الرضاعة التي تنتهي بشكل طبيعي، وتدريجي لوجود ما يسد فراغها ويقوم بدورها، وبالتالي فكيفية الفطام عبارة عن إدخال الطعام الكافي للطفلة بدلاً من بعض الرضعات، ولعلّ استيقاظها ليلاً سببه عدم إشباعها وعدم كفاية رضعتك لها في إشباعها وهذا متوقع في هذه السن، ولا تعتقدي أن إلهاء زوجك لها عن الرضاعة يعني الفطام بل يعني التجويع، والأجدى إطعامها وإشباعها فتتقلص حاجتها للرضاعة تدريجيًّا، وهذا بإيجاز معنى التدريج في الفطام، ويمكنك الحصول على مزيد من التفاصيل بالاطلاع بدقة على الاستشارات التالية:
- حتى لا يصبح الفطام أزمة
- من الرضاعة إلى الفطام.. إطعام الصغار متعة
واقرأ أيضًا:
- الطفل الأول حقل التجارب
- تساؤلات أم لأول مرة
- ان شبعوا غنوا وإن جاعوا..
ثالثًا: مسألة الزن والبكاء:
أولاً البكاء والزن غالبًا ما يكون له سبب، فإما ألم أو جوع أو حاجة للنظافة أو إحساس بالحر مثلاً أو البرد... إلخ، وما كان لغير سبب فهو بكاء يجب أن تتعامل معه الأم على أنه سلوك سيئ من الطفل يجب تعويده على التخلي عنه بعدم إجابة ما يطلبه بالزن والبكاء، كأن تضحك الأم الطفلة مثلاً وتقول: "بدون بكاء لأفعل ما تريدين"، "ما ستطلبينه بالزن لن أفعله"، وحيث إن ابنتك صغيرة وقد لا تعي ذلك الكلام، فيمكنك رفعها بهدوء لمعرفة سبب بكائها أولاً وتلبية طلبها إن كان طبيعيًّا، أما مسألة أن تطلب أن تطعم نفسها بالمسجد، فهذا طلب طبيعي من طفلة تشعر بالملل وسط جمع من الناس وأمامها حقيبة الأم تعبث بها وتخرج محتوياتها، وتبدأ بالبحث عن كيفية التسلية بها، وبالتالي فالأولى أن تجلبي معك إلى المسجد لعبة تحبها مثلاً، وأن تطعميها وجبة مشبعة قبل الخروج من المنزل حتى لا تجوع حتى ميعاد العودة.
ومسألة حبها لإطعام نفسها أمر طبيعي وجميل ودليل نجابة، والمشكلة أن الأمهات ينتظرن المواقف التي يضيق فيها المجال ليصفن من خلالها أبناءهن كأنهن لا يعاشرونهم في البيوت ولا يربونهم إلا أمام الناس ووسط الآخرين، والأولى تربية أبنائنا في البيت، ويمكنك اتباع المقترحات التالية للحفاظ على هدوء أعصاب ابنتك والتقليل من توترها بشكل عام:
1- يمكنك محاولة إيجاد حيوان أليف في المنزل: قطة – كتكوت – أرنب - قفص للعصافير؛ فوجود مثل هذه الحيوانات تمتص العنف والعصبية لحد كبير.
2– لا بد من جعل البيئة من حول الطفلة بيئة سعيدة ومضحكة بعيدة عن التوتر والضغوط والصراخ والنهر والعصبية.
3– لا بد من غمرها بالحنان والحب والاحتضان والتعبير لها عن هذه المشاعر قدر المستطاع بالكلمة والاحتضان والبسمة الحانية والصوت الخفيض والربت العطوف.
4– لا بد من الالتفات لها عندما تحاول لفت نظرك. ويجب إعطاؤها قدرًا كافيًا من الاهتمام والمشاركة في بعض الأنشطة والألعاب والمرح.
5– لا بد من توفير القدوة المناسبة لها في الأب والأم وما يسود تصرفاتهما وحواراتهما من هدوء وتفاهم.
6- يمكن المواظبة على إسماعها شرائط للقرآن الكريم أو موسيقى هادئة، وهو ما يمنح أعصابها الارتخاء والطمأنينة.
7– لا بد من إتاحة الفرصة لها للعب وتنفيس طاقاتها في أماكن مفتوحة مبهجة، مع مشاركتها في البيت في اللعب والمرح والمكعبات وألعاب الاختباء وغيرها.
ولكي يكون ردنا على مسألة البكاء والزن والإصرار وصراخ الأطفال كافيًا فيمكنك الاطلاع على ما يلي من استشارات:
-
>افهم النغمة لتستمتع بها
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
رابعًا: مسألة القوانين الثابتة للتعامل مع الأطفال:
وهنا تجيبك - الدكتورة إيمان السيد فتقول:
أسألك هل أنت في كل أحوالك لك مزاج واحد وحالة واحدة؟ بالطبع لا؛ وكذلك الطفل الذي تتأثر حالته المزاجية والنفسية كثيرًا بحالته العضوية وبالظروف من حوله، وكما قيل: "الأطفال كالخضراوات" من فرط تأثرهم كالخضر بأحوال الطقس وغيرها وسرعة تعرضها للتلف بعدم العناية الفائقة بهم، والخلاصة أن ابنتك في حاجة لمن يفهمها؛ ليستطيع تحديد ما تريد، وتلبيته دون تدليل ودون إهمال لها ودفعها للبكاء، ومسألة كونها مريضة من عدمه يحدده الطبيب والأعراض التي تلم بها من سخونة مثلاً أو ذبول أو اصفرار أو شحوب أو غير ذلك، والمرض –وإن كان يؤثر على مزاجها– فلا أعتقد أنه يحتاج لأسلوب معين في التعامل مع الطفلة؛ فحنانك ورعايتك وإراحتك للطفلة أمر يفترض ديمومته مع الطفلة.
أما عن مسألة الحضانة فأعتقد أننا قد استفضنا في الحديث عنها في الاستشارة السابقة، ولا زلت مُصرّة على أن الابنة تحتاج لحضانة بشروط معينة هي ما ذكر في الاستشارة السابقة ووفقًا لقواعد معينة، وأنت بنفسك من تبدين شفقة على الطفلة لتركها في الحضانة في هذه السن، وأعتقد أن ما ذكرته لك من قواعد للانفصال عنك في الحضانة في إجابتي السابقة وفي استشارة:
- في الغربة.. دراستي أم هوية طفلي؟
يُعَدّ مناسبًا بشرط تطبيقه بدقة لتفادي أي أثر سلبي على الابنة إثر اتخاذ هذه الخطوة.
أما مسألة عدم إرهاق أبناء الآخرين لآبائهم كما تفعل بك ابنتك فهذه المقارنة لا مجال لها؛ فكل طفل له خصوصيته ومميزاته وصفاته، وليس هناك مقياس يحدد مواصفات قياسية للأطفال، وذكاء الأم وبراعتها في إدارة علاقتها بأبنائها هي الفيصل في مسألة راحتها في تربيتهم من عدمها، ويمكنك الاطلاع على ما يلي بدقة للحصول على مزيد من التفاصيل حول هذا الشأن:
- http://www.islamonline.net/Tarbia/Arabic/display.asp?hquestionID2555""> أمومة لأول مرة
- دعي فطرتك تجاه طفلك تنطلق
ونصيحتي لك عدم الالتفات كثيرًا لمسألة مقارنة ابنتك بغيرها أو الاستجابة لمقارنة الأخريات لابنتك بأبنائهن الذين كانوا (مريحين وغير مدللين و... و...)؛ فكل أم أدرى بطفلها عمن سواها، والأطفال ليسوا نماذج مكررة، وأفضل أن ترسلي لنا نماذج من المواقف التي تحكمين بها على أن الأمهات الأخريات يتسمن بالشدة على أبنائهن، وكذلك ما يجعلهن يصفن ابنتك بالمدللة ويحذرنك من الإفساد بالتدليل؛ لكي يكون حكمنا أكثر دقة.
أختنا الكريمة.. أسعدنا تواصلنا معك، وفي انتظار المزيد من رسائلك وأسئلتك وأخبارك، وإلى لقاء قريب ننتظره بشوق.
ولمزيد من المعلومات المفيدة لا يفوتك الاطلاع بدقة على الموضوعات التالية:
- دليلك إلى عالم الوالدية
- سنة أولى أمومة.. حيرة ومتعة
- دروس في تنمية الذكاء
ــــــــــــــ(102/422)
ضعف الشخصية بين الوراثة والتربية العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لقد بعثت إليكم من قبل مشكلة ابنتي (3 سنوات)، وأود شكركم على ما قدمتموه لي من نصائح، وأريد أن أسألكم عن بعض التخوفات التي أراها في ابنتي: فهي شديدة الخوف من الناس، ودائما تريدني معها، ولا تريد أن تذهب إلى أي مكان بدوني حتى لو أرادت أن تشرب فلا تستطيع الذهاب لوحدها لتحضر الترمس الخاص بها وتشرب منه.
تريدني أن أرافقها في كل مكان حتى عندما آخذها لكي تعوم في حوض السباحة لا تحب أن تلعب مع باقي الأطفال وتريدني أن أنزل معها، وكذلك لا تستطيع أن تأخد حقها من أي طفل، وإذا أخذ طفل لعبتها فإنها تصرخ وتأتي إلي لكي أردها لها حتى من أختها الأصغر منها، وأنا جد متضايقة من هذا الوضع.
وأريد أيضا إخباركم بأنني مثل ابنتي لا أستطيع أخذ حقي من أحد، وكذلك والدها خجول جدا، ولا أريد أن تكون ابنتي مثلي ومثل والدها؛ فإنني جد متضايقة من وضعي، ولا أريد أن تعيش ابنتي مأساتي، فأرجوكم ساعدوني بنصائحكم، وهل للوراثة دور في هذا، وأنه ليس هناك أمل في أن تكون ابنتي جريئة؛ لأن أيضا أم زوجي خجولة، وكذلك أمي وأيضًا؟
هناك ملاحظة أخرى، وهي: أنني عندما أكون في مجمع مع كثير من النساء، وعندما تعمل ابنتي أي شيء فإنني أنهرها بشدة وأضربها أحيانًا، وكذلك إذا ضربت ابن أي من الصديقات أضربها حتى "لا تزعل أمه، بينما عندما يضرب طفل ابنتي أقول لها معليش اسكتي وأمه لا تقوم بضربه عقابًا له لفعلته فأصاب أنا بالغضب".
وأصبحت أكره الذهاب إلى المناسبات التي فيها تجمع من النساء حتى لا أرجع إلى البيت وأنا في قمة التوتر. ومتآسفة للإطالة، وأتمنى منكم مساعدتي. السؤال
الخوف, الخجل والانطواء الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أولا آسفة سيدتي لتأخري عليك في الرد؛ وذلك نظرًا لظروف كثيرة مرت حالت دون أن يأتي الرد على متابعتك الغالية في موعده، وحرصي أيضًا على متابعة مراحل نمو وتفتح زهرتيك الجميلتين معك شخصيًا؛ فأشكرك على هذا التواصل، وأحيي فيك حرصك على أدق التفاصيل التربوية معهما، بارك الله لك فيهما، وأعانك على حسن تربيتهما، ورزقك برهما.
بداية وقبل أن نتطرق للحلول يا سيدتي أريد أن أوضح لك بعض الحقائق المهمة، التي سأذكر بعضها لك بالتفصيل، وبعضها مجملاً مما قد قمنا بتفصيله في ردود سابقة سأرودها لك للاطلاع عليها:
أولا: إن كل صفات الإنسان الجسمية والنفسية والشخصية وحتى الصحية تتحكم فيها مجموعة من العوامل في ترابط وتداخل وتناغم عجيب، مثل: الوراثة، والقدوة أو التقليد، وأسلوب التربية، والأصدقاء، والمدرسة، والمجتمع، وغيرها.
ولا يمكننا أن نجزم بأن أي صفة أو خاصية من خواص الإنسان ترجع أو تعتمد على أحد هذه العوامل فقط، ولكنها دائمًا خليط من هذه العوامل، ولكن بنسب مختلفة؛ فمثلا الصفات الجسمية وملامح الإنسان تتحكم فيها الوراثة بصورة أساسية، بينما الصفات الشخصية والأخلاقية تلعب فيها التربية والاحتكاك بالمجتمع والقدوة الدور الرئيسي، في حين أن صحة الإنسان وأمراضه تكاد تكون مناصفة بين الوراثة والعوامل البيئية والاجتماعية... وهكذا.
وعلى هذا فإن قوة أو ضعف الشخصية هو موضوع تربية بالدرجة الأولى، إذن فالأمر يمكننا التحكم فيه.
ثانيًا: إن طفلتك الآن في المراحل الأولى لتشكيل وتكوين شخصيتها، ولا نستطيع أن نحكم الآن عليها أنها قوية الإرادة أو ضعيفة الشخصية، ولكننا الآن نربي ونوجه ونعالج العيوب، وعلى هذا فالوقت مناسب جدًّا للتدخل.
ثالثًا: علينا نحن الكبار أن نسمي الأشياء بمسمياتها، وأن نفرق في تصرفاتنا بين ما هو أدب وذوق ومجاملة طيبة للناس وبين تضييع حقوقنا أو التهاون فيها أو الجور على أبنائنا وظلمهم؛ فمن غير المعقول أن تراك ابنتك تظلمينها ولا تثبتين لها حقها أمام الناس ثم تطلبين منها أن تدافع وهي الطفلة الصغيرة عن هذا الحق، ثم تجعلين هذا السلوك سببًا في أن تتجنبي الزيارات والتجمعات حتى لا تتوتري ثم بعد ذلك تطلبين من ابنتك ألا تخشى الناس وتحسن التعامل معهم، ألا تري معي أن هناك الكثير من التناقض، وأنكم أنتم الذين سوف تزرعون هذه السلوكيات في ابنتك؟
والآن: ما هو الحل؟
1- أن تعلمي أن جانبًا كبيرًا من تربية طفلتك على الجرأة والشجاعة يعتمد على المواقف والتصرفات التي تراها منك ومن والدها؛ ولذلك احرصي أنت ووالدها أمامها أن تحاولا التغلب على هذا الخجل، وتحرصا على الدفاع عن حقوقكما أو المطالبة بها بأسلوب هادئ، وربما تكون هذه بداية لتغيير فيكما أنتما مما تشتكي منه، ولا تتعجبي فقد نضطر أحيانا لتغيير وتبني سلوكيات جديدة من أجل مصلحة أطفالنا، وهذا مما تناولناه في برامج عملية للقيام به في استشارة " سبحان الله.. "يعملها الكبار ويقع فيها الصغار" ".
2- أن تكُفي تمامًا عن الجور على حقها أمام الأطفال الآخرين وعقابها هي من أجلهم، بينما تتهاونين في الدفاع عنها، فأما ألا نتدخل إطلاقا باعتبار أنهم أطفال، وأما أن نتدخل بينهم بالعدل، ولا تقلقي من زعل أمهات الأطفال الآخرين؛ لأنه لا داعي للزعل فهم أطفال يلعبون معا؛ لأن أطفالنا وشخصياتهم أهم من الناس، ولا بد أن تكوني أنت مقتنعة بذلك وتُفهميه للناس، وستجدين في بعض المعالجات السابقة مزيدًا من التفصيل حول هذه النقطة وكيفية حل هذه الخلافات.
3- عندما تحدث مشكلة بينها وبين أختها أو بينها وبين أحد الأطفال لا تكتفي بفض الخلاف، ولكن اسمعي منها جيدًا وأفهميها كيف تتعامل؟ وكيف تحل مشاكلها بهدوء وتفاهم دون عنف وكذلك دون ضعف واستسلام؟ وستجدين تفاصيل حول القيام بهذا في استشارة " بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات ".
4- دائما أفهميها أن لها حقوقًا وكذلك للناس حقوق، فلا هي تأخذ حق غيرها ولا تفرط في حقها، وطبعا توصلين لها هذا الكلام ببساطة تفهمها مع ضرب أمثلة بسيطة، مثل لعبها ولعب الآخرين أو حلواها وحلوى باقي الأطفال أو حلوى أختها.
5- أن تفهمي أن جزءًا من الأمر يتمثل في أن طفلتك لا تزال صغيرة فهي ليست ضعيفة كما تتصورين، ولكنها في الثالثة من عمرها، ولا نتوقع منها أن تجيد التصرف في المواقف المختلفة دون أن نعلمها ونربيها وندربها.
6- أن خوفها وعدم تعاملها بسهولة مع الأطفال في حمام السباحة ربما يكون لصغر سنها، وعدم تعودها على التعامل مع الأطفال الآخرين، خاصة أنك تقولين إنك تتجنبين الزيارات؛ ولذلك كوني معها وحاولي تعويدها بهدوء اللعب مع الأطفال دون تدخل منك، واحرصي على أن تتواجدي معها في تجمعات من الأطفال، سواء كانت ناديا أو أصدقاء أو أهلا حتى تتعود هي التآلف مع الأطفال في جو طبيعي، وحاولي أنت أن تتغلبي على خجلك الاجتماعي وربما كنت في حاجة للمساعدة على التخلص منه بطريقة صحيحة.. وإن أردت العون في هذا فأهلا بك.
7- لا تستسلمي أبدا لفكرة الوراثة منك أو من الوالد أو الجدة، ولكن اجعلي عندك حرصًا وقوة وعزيمة لتربي بناتك كما تتمنين.
أعانك الله. ونحن معك ننتظر تجربتك وخبرتك.
من فضلك انقري هنا لمطالعة الاستشارات التي أشرنا إليها:
- سبحان الله.. "يعملها الكبار ويقع فيها الصغار"
- كلام الناس يقتل روح المبادرة
- بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- عشاق الحرية
- التأقلم مع الغرباء..مسألة وقت
- خوف الأطفال الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه
- علميه الطيران وراقبيه من بعيد
- قاضي الأطفال شنق نفسه
ــــــــــــــ(102/423)
تسريح بإحسان.. متابعة العنوان
الأعزاء بصفحة معًا نربي أبناءنا.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا صاحبة استشارة: تسريح بإحسان
وعلى كل حال حتى تتذكروا مشكلتي فقصتي باختصار أنني عشت مع زوجي 6 شهور، وكنت حاملا وقتها بالشهر السادس، وأنجبت ابني أحمد عند أهلي، ولسوء أخلاق زوجي رفض أبي أن يستقبله في بيتنا مرة أخرى ليرى ابنه، فتم الأمر عن طريق المحكمة.
أنا الآن أعيش ضغطًا نفسيًّا كبيرًا؛ فقد بدأ ما يسمى بجلسات المشاهدة بين طفلي (9 شهور) ووالده -وهي عبارة عما يشبه لعبة عض الأصابع- فطفلي قد بدأ الآن المرحلة التي يطلق عليها التربويون مرحلة الخوف من الانفصال، وهو يبكي كثيرًا عندما أتركه وحيدًا مع أبيه؛ لأنه لا يعرفه ويعود إليَّ بعد ساعتين حزينًا ومستغربًا وخائفًا، وهذه المشاهدة حددتها المحكمة كل أسبوع. وكل أسبوع يصيبني من الهم والحزن ما الله به عليم؛ فالأب لا يقدر حساسية نفسية الطفل في هذه المرحلة، ولا يرضى أن يخفف من الساعتين ولو دقيقة واحدة، وعندما يعود الطفل إليّ أرى على ملابسه آثار أغذية أجنبها لطفلي؛ لأنها غير مناسبة لسنه مثل حليب البقر العادي والبسكويت الرخيص المليء بالمواد الحافظة. تدور في ذهني كثير من الأسئلة التي أرجو أن تجيبوا عليها، وهي:
1. هل يتأثر الطفل نفسيًّا بهذا الوضع؟
2. الأب من النوع الذي إذا طلبت منه طلبًا يفعل عكسه ليغيظني حتى لو كان الأمر في مصلحة الطفل.. فماذا أفعل؟
3. كيف يمكن أن أعرف أن الزيارة قد مضت على خير لطفل في عمر ابني الذي لا يتكلم (9 أشهر).. هل التعرف على الأب مهم للطفل في هذا العمر، وبهذه الطريقة؟
4. أين أجد الاختصاصي النفسي المناسب الذي قد يساعدني على احتواء أي مشكلة نفسية تطرأ على الطفل نتيجة ذلك؟
وأخيرًا.. لا تنسوني من دعائكم. وآسفة للإطالة، وشكرًا.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول الأستاذة دعاء ممدوح من فريق الاستشارات:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأخت العزيزة، ثبتك الله تعالى وأعانك، ولا بد أن أقول في بداية حديثي معك: إن الطلاق قد يكون أحيانًا خيرا للطفل، وأخف وقعًا على صحته النفسية من أن يعيش مع أبوين يكره كل منهما الآخر، ولكن لا بد أنك تعلمين أن أولى حاجات الطفل في هذه الحياة أن يكون له أب وأم؛ لأن الاثنين هما أساس حياته.. والطفل يرغب أن يكون له عالمه الخاص به متماسكًا لا تمزق فيه ولا تصدع، وبالتالي فإن كان الوالدان قد اتفقا على استحالة العيش معًا؛ فلا بد من أن يتوفر للطفل كل الظروف التي تساعده على إيمانه بالأب والأم على حد سواء؛ لأن هذا يجعله قويًّا يتحمل صدمة الطلاق.
أختي الكريمة.. إن الطفل نفسه يفهم أنه جاء إلى الدنيا بإرادة من يحبونه (أبواه)، ويشعر بشكل فطري أنه قطعة من كل منهما، وكلاهما يتمتع عنده بالمكانة ذاتها -مكانة المثل الأعلى- فإذا حاول أحد أن يقنع الطفل أن أباه مليء بالعيوب، فلا بد أن الطفل سيقتنع أنه شخصيًّا يحمل هذه العيوب وتلك النقائص؛ لأن الولد كوالده، وكما تكون أخلاق الوالد تكون صفات وأخلاق الابن.. هذا ما يعرفه الابن تمامًا.. ونفس الأمر للأم التي إن فقد الطفل ثقته بها إن حاول الطرف الآخر ذلك فسوف يفقد الإيمان بنفسه وبكل امرأة بعد ذلك.
ماذا يمكن أن يستفيد ولدك إن علم أن أباه سيء الخلق، وإذا سقيته أن أباه هو السبب في الطلاق باستهتاره وسوء خلقه؟ إن مستقبل الطفل لن يضاء بسماعه الاتهامات لأبيه منك ومن عائلتك باستمرار، فإهانة أبيه هي إهانة له عاجلا أم آجلا، سيتحطم مثله الأعلى ويحتقر نفسه لأن أسرته بهذه الصورة.
إن طفلك ليست لديه قدرة على فهم الأسباب الخفية التي رسمت هذا الجو الخانق المتأزم من الخلافات العائلية، وكل ما سيفعله هو أن يفقد الإحساس بالاطمئنان، ويشعر أن الكارثة التي سيواجهها سببها الحقيقي أن الكبار فقدوا القدرة على إدارة الحياة بنجاح.
يبقى لي بعدما سبق أن أوضح لك بعض المقترحات بشأن مسألة التعامل مع طفلك في ظل الطلاق:
أولا: يجب عليك أن تتفاهمي مع والديك لكي يتم التضحية من أجل ولدك بتحمل طليقك لساعتين كل أسبوع داخل المنزل ليرى ولده -طفلك- في جو آمن راق دافئ.
إن المرارة والحزن والكراهية بين المطلقين قد تعمي العيون عن مصلحة الطفل، فقد يكون الوالدان يفهمان نظريًّا أهمية احتفاظ الطفل بثقته في كليهما من أجل مستقبله وصحته النفسية، لكن أحدهما قد يتعامى عن ذلك وهو يفسر أسباب الطلاق، وخصوصًا عندما يتشاجر الوالدان بخصوص الوصاية على الطفل ورعايته، وهذا ما يفسر شعورك العميق بالشك في أخلاق زوجك وسلوكه مع ولدك أثناء رؤيته له حتى في نوع الحلوى التي يتناولها، برغم أنه من الممكن جدًّا أن تتفاهمي مع طليقك بشكل هادئ مهذب أن طبيب الطفل قد نصحك باجتناب إطعامه كذا وكذا، وأن البسكوت الفلاني قد سبّب له كذا فيفضل استبدال كذا به.. بمنتهى الهدوء والرقي.
ثانيًا: يمكن أن تكون زيارة الأب للطفل -وابتعدي تمامًا عن جلسات المحكمة- على شكل الذهاب لمنتزه أو نادٍ أو ركوب السيارة إلى مكان به ألعاب أطفال مثلاً، وبعد ذلك يمكن أن يتطور الأمر في السن الكبرى، فيمكن أن يقضي الطفل مع الأب ليلة كل أسبوعين مثلاً، وبعد ذلك يمكن أن يقضي جزءاً من إجازته الصيفية أو غيرها.
أما في المسائل المتعلقة بمستقبل الابن ودراسته فلا بد أن يستشار الأب ولو بشكل اعتباري ليعلم أن له دورًا في تخطيط حياة ولده، وليعلم الطفل أيضًا أن له أسرة متكاملة تبحث شئونه، وأيضًا في حالة مرض الطفل بمرض ما يجب أن يخطر والده ويأتي لزيارته.
ثالثًا: أنت لا تحتاجين الآن أو آجلا أن تقيمي تحقيقًا مع طفلك لسؤاله عما تم بينه وبين أبيه، فهو والده وليس عدوًّا له، فلا تنقلي لطفلك هذا الإحساس بخوفك عليه من والده ولا تقعي في هذا الفخ من وضع ابنك في حلقة مفرغة بين إرضائك وميله نحو أبيه الذي تنفرينه منه، أخلص من هذا إلى أن ردي على سؤالك بخصوص الاطمئنان على ولدك بعد الزيارة هو أن اطمئني فستمر الزيارة على خير، ولكن لا بد أن تتم في أجواء مناسبة.
رابعًا: يمكن تضييق المجالات التي يمكن أن يدور حولها الخلاف بينك وبين طليقك إلى أقل درجة ممكنة طالما أنكما ستتفقان أن الهدف المشترك لكما هو مصلحة الابن، وطالما أن كل منكما سيعمل قدر استطاعته على التنازل عن الإحساس بالكرامة المجروحة في سبيل مصلحة الابن، وفي بعض الأحيان تكون هناك بعض الصعاب في ذلك، لكن يجب أن تستخدمي ذكاءك الكامل لكي يستمتع ابنك بحب أبيه وأمه، ولكي يرضى ويسعد وتكون زيارة أبيه له طريقة تعوضه نفسيًّا عن فقده وعدم وجوده معه في بيت واحد.
ولعلك بذلك تتغلبين على ما تشعرين به من تلذذ زوجك بإغاظتك بفعل ما لا تطلبيه منه؛ لأنه بالتفاهم في هدوء على مصلحة الطفل لأنه يخصكما، وبإدارة الحديث بشكل لا يشعر معه الأب أنه مأمور وأنت الآمرة وأنك أنت من تمنين عليه برؤية ابنه، سيتحسن الوضع أكيد.
ويمكنك الاطلاع على الاستشارة التالية وإجابة دكتورة منى البصيلي على أم تخشى على ابنتها من والدها، وقد فصلت لها بكل دقة كيف تجتاز هذه المسألة:
- خائفة على ابنتي من والدها
وتكمل الرد على أسئلتك الدكتورة وتكمل الرد على أسئلتك الدكتورة إيمان السيد مستشارة الصفحة فتقول:
أختي الكريمة.. إن التجارب تعلمنا أن الطفل يعرف أنه لا شيء في العالم يعوضه حنان حب الأب والأم واجتماعه بينهما في بيت دافئ، وتؤكد مؤسسات توجيه الأطفال والعيادات النفسية أن الطفل الذي يفقد حب الأب فعلاً يعاني من القلق النفسي والتوتر، وعليك أن تعرفي أنه بعد الطلاق تكون لدى الطفل ما يسمى بالـ"قطيعة نفسية" تحدث بين الطفل والطرف الذي غادر المنزل -وهو في حالة طفلك الأب- وهي تطلب أن يتجاوزها الأب والابن معًا لمصلحة الابن، وهي تحتاج لوقت للانتصار عليها. لذلك من الأفضل أن يكون اللقاء في المنزل أو حتى في مكان إقامة الأب ولو كان فندقًا ليقوما معًا بقراءة القصص مثلاً ومشاهدة الكتب الملونة، والتعاون في أداء بعض الأعمال المنزلية مثلا.
وبالنسبة لسن ابنك فممكن مثلا اللعب بالمكعبات والألعاب البلاستيكية الملونة، باختصار ممارسة الحياة الطبيعية المفترض أن يعيشها الطفل. ومن الجميل أن يحمل الطفل ألعابه وهو ذاهب لزيارة أبيه، وأن يستعد لهذا الحدث على أنه نزهة لطيفة، ولعلي بذلك أكون قد أكدت لك أهمية رؤية طليقك لولده، وكيفية هذه الرؤية.. وكذلك الأثر النفسي المتوقع على الطفل لفقدانه رؤية أبيه أو لمشاهدته له في ظروف تعيسة كالمحكمة وأقسام الشرطة وما إلى ذلك، ويسعدني أن أكون لك عونًا عبر صفحتنا وكذلك لطفلك الذي أتمنى ألا يتعرض لأي شيء مما تخشينه عليه، ومما قد يجعلك في حاجة لطبيب نفسي؛ فذكاؤك وحنكتك هي ما ستحتوي أي عثرة تعترض ولدك إن شاء الله عز وجل؛ فتابعنا دائما.
إن موقفي الواضح من سؤالك يا عزيزتي هو أن مصلحة الطفل فوق كل خلاف، وتأكدي أن فكرة الأب عن أبيه هي نفس الفكرة التي يتخذها عن نفسه، وفكرته عن أمه هي ما سوف ينظر به إلى امرأته في المستقبل؛ ولهذا فيجب ألا يقف الطلاق عائقًا في سبيل تكوين أحاسيس الحب والاحترام في قلوب الأبناء لآبائهم.
نستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك إلى لقاء ليس بالبعيد إن شاء الله توافينا فيه بأخبارك وأخبار ولدك ومزيد من استفساراتك، ونرجو أن تحاولي تنفيذ ما أوردناه لك من توجيهات؛ فكما يبدو أنك لم تستجيبي لنصيحة د. عمرو في رده على رسالتك بشأن زيارة الطفل في المحكمة، وها نحن مرة أخرى نعيد عليك ما نصحك به عساك تتأكدين من ضرورته لمصلحة ابنك.. وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/424)
بيضاء.. سمراء.. في عين أمها حسناء العنوان
جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه من هذا المنبر، مشكلتي مع ابنتي التي عمرها 6 سنوات؛ حيث تُصِر على لبس ما يغطي أرجلها وذراعيها عند الذهاب إلى المدرسة فقط، بغض النظر عن طبيعة الجو الذي بدأ الآن يميل إلى الصيفي؛ بحجة أن لون بشرتها ليس جميلا؛ لأنه ليس أبيض، بل لون بشرتها حنطي كلون بشرة العائلة في الأغلب، مع العلم أنها محور اهتمامنا، وعندها ثقة بالنفس، وشخصيتها قوية متزنة. لا أدري ما أفعل معها، وهي مصرة على موقفها، وأنا لم أستخدم معها للآن إلا أسلوب النقاش والحوار، أرجوكم أفيدونا وفقكم الله؟ السؤال
السمات الشخصية الموضوع
أ. صفاء فريد اسم الخبير
الحل
الأخت السائلة المحترمة، أهلا بك ومرحبًا، وشكرًا لك على تحيتك الرقيقة.
عند قراءتي لما بعثت حول ابنتك الصغيرة ذات الست سنوات استوقفتني ملاحظات عدة؛ أولاها أن البنت "تُصِرّ على تغطية أرجلها وذراعيها في المدرسة فقط"، وهذا يعني أن هنالك سببًا يدعوها لذلك في المدرسة، ويؤكد ذلك ما تقولينه عن ابنتك أنها ذات شخصية قوية ومتزنة؛ فأنت أمام احتمالين وراء هذا الإصرار:
فإما أن السبب يوجد في المدرسة فقط (وهو الأقرب للترجيح على خلفية ما ذكرت)، أو أن هذه الطفلة لا تمتلك الثقة الكافية بنفسها وقدراتها كما تعتقدين، وتعبر عن ذلك من خلال هذا التصرف. وعلى كلٍ أنصحك بما يلي:
1 – معرفة من سبب ذلك في المدرسة؛ فلا بد أن هنالك موقفًا ما حصل معها فترتب عليه ردة الفعل هذه، من خلال الحديث مع مدرستها الأثيرة لديها أو الحديث مع مدرسة فاضلة تثقين في حسن تقديرها للأمور وحسن تصرفها، ومن خلال الحديث غير المباشر مع صديقاتها بالمدرسة حين يأتين للبيت، أو وأنت تحضرين ابنتك من المدرسة مرة.. وأؤكد دون أن يشعرن بالأمر أو حتى ابنتك، فإن علمت السبب كان وصولك للحل أسرع.
2 - الْفتي انتباه ابنتك في مناسبات عدة بشكل عفوي إلى بعض الشخصيات حولها ممن تحبهم وتبدي إعجابها بهم، والفتي انتباهها إلى بعض الصفات الجسمية عندهم، والتي قد يحكم عليها البعض بالسوء إلا أننا نحبهم ونراهم أناسًا رائعين، واحكي لها عن قصص الصحابة والصحابيات -رضوان الله عليهم جميعًا- ممن كانت لهم أيضًا صفات جسمية تبعد قليلا عن مقايس الجمال التي وضعها البشر وعلا قدرهم، ومنهم المبشرون بالجنة، وأن الله تعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسامنا، وإنما ينظر إلى أعمال كما أخبرنا بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
3 - عزّزي ابنتك أمام الناس بإيجابيات في أفعالها وأقوالها وبعض أعمالها المدرسية؛ كأن تشيري إلى جمال خطها أو حسن رسمها أو ترتيب دفاترها، وليكن ذلك باستمرار مع الحرص الشديد على عدم ذكر ما تفعله من تغطية جسمها في المدرسة، وحتى نستطيع أن نمحو هذا الشعور لديها أظهري لها قلة اهتمامك بما تفعله وعظم اهتمامك بإيجابياتها. ففي بعض الأحيان يكون تعليقنا المستمر على موضوع معين أو سلبية معينة لدى أطفالنا له الدور الأكبر في غرس هذا السلوك السلبي لديهم، وإذا بقينا نقول له "أنت سيء لأنك تفعل كذا وكذا"، و"أنت مخطئ بتصرفك هذا"؛ فبعد فترة وطول تكرار يقتنع هذا الابن بأنه مخطئ؛ فيتصرف مع الخطأ وكأنه ملازم لشخصيته، وهو ما يعرف بصورة الذات، "وهي الصورة الموجودة لدى الفرد عن نفسه، وهي تتكون عبر خبراتنا، وتتأثر بقوة بالرسائل التي يرسلها لنا الآخرون عبر تعاملاتنا.
والطفل يكوّن صورته عن ذاته من خلال تفاعلنا اليومي بل اللحظي معه. فإذا لقناهم أنهم محبوبون ومقبولون ولديهم نقاط تميز فسيصدقون ذلك. وللحق إن تقدير الطفل لذاته يعكس في كثير من الأحيان تقدير الأهل لذواتهم بصورة جيدة. وهو ما يجعلنا نقول دون مواربة: علينا جميعًا بناء الذات جنبًا إلى جنب مع بناء تقدير الذات لدى أطفالنا. وللحظ الحسن أن هذا من الأمور التي تدخل في دائرة الممكن"، كما ذكرت الأستاذة نيفين عبد الله صلاح في استشارة "بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات ".
4- لا تعلقي على تصرفها بقول: "إنك تلبسين هذا والجو حار جدًّا"؛ لأنها يمكن أن تُصِرّ على لبسه لتؤكد قناعتها أكثر وتعاندك، بل اتركيها؛ ففي لحظة من اللحظات لا بد أن ندع الفرصة للطفل ليدرك بنفسه الأثر السلبي المترتب على سلوكه، فلا داعي للقلق من أن الصيف قادم، فبعد قليل ستبحث هي عن منفذ ومهرب لتتخلص من هذا اللباس؛ لأنها -ولا بد- ستشعر بالحر الشديد، وسيجعل من هذا تطبيق الإجراءات التي ذكرتها سالفًا.
5 - يمكن أن نحول سلوك الطفل في لحظة من اللحظات من الموقف السلبي إلى الايجابي مع التكرار والتعزيز والمحاورة، فما رأيك أن تثني عليها؛ لأنها تغطي رجليها ويديها؛ لأنها فتاة مهذبة ذات حياء وتحب أن تستر جسدها، ولأنه جميل فهي تحب ألا يراه أحد لذلك فهي تستره، وكأنها تعود نفسها على لبس الحجاب منذ الصغر، وهذا يمكن أن يكون له ردان: إما أن تغير قناعتها بأنها تلبسه لأنها تستحي أن يرى الناس لون بشرتها، أو لن تلبسه؛ لأنها لا تفكر بالحجاب وليست مضطرة للتفكير به الآن، فقد تفكر في تغييره في كلا الحالين.
طفلة ذات ست سنوات من السهل الوصول معها إلى قناعات مشتركة، لكنها بحاجة إلى مستوى مشترك من التفكير مع الأم لتغيير قناعاتها، وهذا يذكرني بقول أحد الحكماء: خاطب الناس بحاجاتهم لا بحاجاتك، وهذا يعني أنك يجب أن تتحدثي معها بتفكيرها لا بتفكيرك أنت، مثلا: نعم يا ماما كل البنات في صفك لونهم أبيض إلا أنت ماذا نفعل؟ هل نغير لوننا؟ لماذا يُصِِرّ الناس على أن لونهم أجمل من لونك؟ أرجو أن تثبتي لهم أن اللون الحنطي برضاك عنه لا يقل جمالا؛ فهو خلق الله وهبته لنا.
6- ويمكنك إيصال بعض المعلومات العلمية المبسطة والميسرة لها بأن لون البشرة الحنطي يقي الجسم من بعض الأشعة الضارة في الجو، إلا أن البشرة البيضاء حساسة جدًّا ومقاومتها لهذه الأشعة ضعيفة.
أرجو أن أكون قد قدمت لك ما تستفيدين منه، آملة لك حسن التوفيق في التربية، ولابنتك تربية صالحة هانئة.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- ابنتى تزيني بجمال الروح
- الحضن الدافئ يذيب جبال الثلج
- اجعلوا شعارهم.. التفوق على الذات لا الغير
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
ــــــــــــــ(102/425)
مهاد الوليد بأرض المهد العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية شكر الله لكم جهدكم المبارك الذي تبذلونه في القيام بأهم عمل تحتاجه أمتنا، وهو تربية النشء.
رزقت والحمد لله بطفل منذ أيام، ولدي سؤالان:
الأول: هو أننا بصفتنا فلسطينيين لدينا عادة "المهاد"، وتعني أننا نلف الطفل في قطعة قماش كبيرة بحيث تحيط جسده بشكل كامل، ومن ثَم لا يمكنه تحريك يديه أو قدميه طالما هو في هذا المهاد، ويكون هذا الأمر عند النوم، أو بمعنى أدق عندما نريده أن ينام، حيث تعتبر هذه الطريقة من أسرع الطرق التي تجعل الطفل ينام، وإن كان ليس هذا هو الغرض منها بشكل أساسي، بل إنها قد تفيد في استقامة الظهر والرجلين. فهل لهذه الطريقة أي أثر نفسي سلبي على الطفل؟
الثاني: أن الطفل ينام عدد ساعات يصل إلى 16 ساعة، ولا يستيقظ إلا للرضاعة فقط، فهل هذا طبيعي أيضًا؟ وشكر الله لكم مجهودكم الطيب المبارك.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
يقول الأستاذ درداح حسن إسماعيل الشاعر محاضر مساقات علم نفس الطفل في التفكير المنطقي بوزارة الصحة بفلسطين:
أخي السائل:
أهلاً ومرحبًا بك زائرًا جديدًا لصفحتنا، ومبارك انضمامك لعالم الوالدية (يا أبا يوسف)؛ فبارك الله لك في الموهوب، ورزقت بره، وبلغ أشده، وأعانك على حسن تربيته ليكون شبيه سميه (يوسف الصديق).. اللهم آمين.
أما بخصوص عدد ساعات نوم الطفل فيجب أن نعلم أن الحاجة للنوم من الحاجات البيولوجية الضرورية، والنوم يريح الطفل ويبطئ من الدورة الدموية، ويساعد على إعادة توازن الطفل، كما يحقق الاسترخاء العضلي والنفسي، ويزيل التوتر النفسي ويريح الطفل من الإرهاق، كما أن النوم دليل على استقرار عملية النمو وتمتع الطفل بقدر عال من الصحة. وفترة النوم الضرورية للفرد وهي تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، ويتعلم الطفل عادات النوم من خلال النمط السائد في بيئته، وذلك فيما يتعلق بأوقات النوم وساعاته.
ويقضي الطفل معظم الوقت نائمًا وخاصة في الأشهر الأولى من عمره، ولا يستيقظ إلا لتناول الغذاء أو البحث عن الحاجات الفسيولوجية، أو غير ذلك من الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب النوم عند الطفل.
وتبدأ ساعات النوم بالتناقص عند تقدم عمر الطفل، ولا يمكن تحديد ساعات النوم لدى جميع الأطفال؛ إذ تختلف مدة النوم من طفل لآخر حسب اختلاف حاجاتهم للنوم.
وفيما يلي معدل ساعات النوم اللازم للطفل حسب العمر.
• منذ الميلاد وحتى 3 أشهر: يقضي معظم الوقت نائمًا أثناء الليل والنهار باستثناء أوقات تناول الوجبات أو التبول.
• 3 - 6 أشهر: 18 - 20 ساعة على الأقل.
• سنة واحدة: 15 - 16 ساعة على الأقل.
• سنتان: 13 - 14 ساعة على الأقل.
• 3 سنوات: 10 - 12 ساعة على الأقل.
• 5 سنوات: 8 - 10 ساعات على الأقل.
• ويمكن أن يستيقظ الطفل فجأة من نومه بسبب الجوع، أو التبول، أو التبرز، أو الحر، أو البرد الشديد، أو ضيق التنفس، أو التألم.
وعليك أخي السائل مراعاة الآتي:
1- مكان نوم الطفل يجب أن يتوفر فيه الأمن والهدوء.
2- فراش الطفل وملابسه: يراعى أن يكون فراشه ناعمًا ومريحًا وجافا وليس مبللاً، وأن يكون ثوبه ناعما وفضفاضا يسمح له بالحركة.
3- أن تكون غرفة نوم الطفل وما تحتويه من مثيرات مبهجةً ومريحة لنفسيته.
4- مراعاة عادات النوم، وذلك بأن يتعود الطفل النوم في مكانه المعد لذلك، وليس في أمكنة متعددة من البيت.
5- نفض فراش الطفل ليتم التخلص من عثة الفراش، والعثث كائنات حية لا ترى بالعين المجردة وهي موجودة في غبار المنازل، وعلى أغطية الفراش، استشهادًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه".
أما فيما يتعلق بالسؤال الثاني عن لف الطفل بقطعة قماش وتقييد حركته استعدادًا للنوم فيجب ملاحظة أن هذه العادة غير صحيحة وغير صحية للأسباب الآتية:
1- أن أغطية الطفل يجب أن تسمح له بالحركة؛ لأن الحركة حاجة جسمية بيولوجية، ولحركة الطفل آثار جسمية وانفعالية وعقلية واجتماعية عليه.
2- تقييد حركة الطفل تعيق استرخاءه العضلي والجسمي، ولا تساعده على نوم هادئ.
3- لا يساعد هذا الغطاء على نمو العظام والعضلات في وضعها الطبيعي، ومثال ذلك: الجنين في الرحم يصحو وينام دون أربطة، فالنوم ليس تعبيرًا عن قلة الحركة، ولكنه حاجة جسمية، فمتى شعر الطفل بالنعاس سوف ينام وربما ساعده القيد على اليقظة.
4- ربما ساعدت الأربطة على تشويه العظام وظهور الاحمرار على جسم الطفل؛ نظرًا لانعدام الأكسجين بسبب عدم الحركة.
5- شعور الطفل بالضيق والتوتر وكثرة البكاء؛ نظرًا لانعدام الحركة.
6- ربما تقيأ الطفل أثناء نومه، فسبب له ذلك اختناقًا؛ وعليه فلا ينصح الأطباء بتقييد حركة الطفل بحجة النوم.
لذا يجب أن يسمح غطاء الطفل له بحرية الحركة مع تقليل المنبهات التي تساعده على اليقظة. وينتهي كلام الأستاذ درداح حسن إسماعيل الشاعر محاضر مساقات علم نفس الطفل في التفكير المنطقي بوزارة الصحة بفلسطين، والشاهد من أهلها.
وإليك هديتنا المتواضعة لمولودنا السعيد بإذن الله:
- الرضاعة الطبيعية.. أرضعيه ولو بماء عينيك
- ..نعم لحمل الرضيع.. لا
- إن شبعوا غنوا.. وإن جاعوا زنوا - متابعة
- ماذا يرى وليدي؟
- تنمية مدارك الوليد.. كيف؟
- تساؤلات سنة أولى تربية
- رضيعي عصبي.. هل هذا طبيعي؟
ــــــــــــــ(102/426)
طمع وغيرة وأنانية.. أشواك في الزهرة البرية العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم،، سيدي/ سيدتي.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لكم جهودكم، وأتمنى من الله أن يجزيكم خير الجزاء، وفي البداية أطلب منكم سعة الصدر؛ حيث إن مشكلتي هي ابني 4.3 سنوات؛ حيث يسبب لنا الكثير من الإحراج في كثير من الأماكن، فإذا دخلنا إلى محل لنبتاع شيئًا يريد أن يشتري أي شيء، وإذا قلنا له اصبر قليلا يبكي ويقول "معنديش حاجة"، ونحن -والحمد لله- كل ما تتمناه أي أسرة موجود عندنا، ولا نحرم من أي شيء، وزوجي كريم معنا، وأطفالي لديهم من الألعاب والملابس وكل ما يتمناه أي طفل الكثير والكثير والحمد لله، وإذا ذهبنا لزيارة أحد يريد أخذ شيء من عند هؤلاء الناس، مما يسبب لنا الحرج، كما أنه دائم الطمع والغيرة من أخته التي تليه، وأحيانًا يكذب؛ مما يجعلني لا أصدق أحاديثه في بعض الأحيان.
عنيف في تصرفاته، يخرب كل ألعابه، لا يسمع الكلام إلا إذا ضرب في بعض الأحيان. مهمل في رمي ملابسه وأشيائه الخاصة. الذي في مثل سنه معه في إحدى المدارس الأجنبية أشطر منه في أداء الواجبات مع إنه ذكي جدًّا، ولكن يستعمل ذكاءه في أشياء تضر ولا تنفع، وإذا أخذه والده للمسجد لا يستقر في مكانه دائم الحركة، وتقول إحدى مدرساته: "ابنك عامل زي المكوك"، ولا أخفي عليكم فابني اكتسب الكثير من هذه الصفات من ولد يكبره بسنتين جار لنا، وحاولت كثيرًا أن أبعده عن ذلك الطفل، ولكن بعد أن تعلم ابني منه الكثير، إضافة إلى أنه تعلم منه الأنانية، مع أن أي أحد ينظر إلى ابني يحبه جدًّا ويتعلق به؛ حيث إن وجهه بريء بشوش مرح، ولكن شقاوته تضفي على جمال روحه، كما أن ابنتي التي تليه -3.1 سنوات- اكتسبت منه بعض الصفات؛ فمثلا إذا أرادت شيئًا تبكي وتصرخ ولا تكف عن ذلك إلا إذا نالت ما تريد، فأرجو منكم مساعدتي، وأعتذر عن الإطالة.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
أهلا بك يا أم أحمد وباستشارتك.
من أكبر سلبيات الاغتراب وإنجاب وتربية الأولاد في غير البلد الأصلي هو انقطاع حبل انتقال خبرة وتجارب تربية الأولاد من الأجداد الذين يملكون ثروة منها أكثر من الأم والأب الحديثَين؛ فالأطفال في أشد الحاجة لها.
إن كل ما تصفينه من تصرفات أحمد هي تصرفات طبيعية وعادية من طفل في الرابعة من عمره، ليس معنى ذلك أننا نقبلها ونوافق عليها، ولكننا نقول: إن دورنا ليس رصد هذه التصرفات والانزعاج منها، ولكن دورنا هو التدخل بهدوء وحكمة لتصحيح وتعديل هذه التصرفات، وغرس ما نراه صحيحًا ومناسبًا.
وحتى نستطيع ذلك لا بد أن نتفهم طبيعة وخصائص كل مرحلة يمر بها أطفالنا.. إن الغيرة والأنانية والطمع إنما هي مثل الأشواك الجارحة في الزهرة البرية الجميلة، علينا التعامل معها بحرص.
إن الأطفال في سنوات عمرهم الأولى وحتى حوالي 6 أو 7 سنوات تكون من خصائصهم النفسية ما يسمى بالتمركز حول الذات؛ أي أن الطفل في هذه المرحلة لا يهتم إلا بما يريده هو، ويقدم مصلحته وطلباته على أي شيء وأي شخص حتى أشقائه، ليس لأنه أناني أو طماع، ولكن لأنه لم يتفهم بعد، ولم يتعلم العطاء ومراعاة الآخرين.
أحمد لا يمكنه أن يفهم الآن معنى أن طلبه شراء شيء في المحل يسبب لكم الإحراج، ولا يفهم أنه عند زيارة الأصدقاء ليس من حقه أخذ لعبهم وأشيائهم معه، ولكن أحمد يمكنه أن يبدأ أن يتعود أنه لا بد من سماع كلام ماما وبابا، يمكننا أن نبدأ تعلمه معنى الملكية الخاصة، وأنه لا يحق له أخذ أشياء الآخرين، كما لا يحب أن يأخذ أحد أشياءه، أعلم أن الكلام سهل، ولكن التنفيذ صعب، ولكن هذه هي التربية، كوني حاسمة وحازمة بعد أن تشرحي له الأمر، ولا تجعلي إحراجك من صراخه أمام الناس يدفعك للاستسلام لطلباته حتى يسكت، عند زيارة أحد اشرحي له أنه لا يحق له أخذ شيء، ثم أصري على موقفك مهما صرخ أو بكى.
في هذه المرحلة المبكرة من الطفولة نحن نعوّد الأطفال على التصرفات الصحيحة؛ فهو لا يمكنه أن يفهم الآن أنه لا بد أن يسمع الكلام؛ لأن هذه هو الصح، إنه لا يأخذ أشياء الآخرين؛ لأنها ليست ملكه: هذه المعاني هو لا يستوعبها بعد، ولكنه يمكن أن يتصرف بطريقة صحيحة؛ لأننا عودناه على ذلك.
وهذا التعويد يحتاج إلى صبر وتكرار وإعادة مع كل غلطة، كما يحتاج إلى حزم هادئ؛ بمعنى أنه لا داعي للضرب أو الصراخ، ولكن فقط أصري على موقفك حتى يتعلم أن هناك أشياء لا يمكن التهاون فيها.
ويمكنك مراجعة لهاتين المشكلتين:
- فن وضع القواعد في البيت
- فن حل المشكلات
هذا الوقت مبكر جدًّا للحكم على شطارته وأدائه للواجبات في المدرسة. إن هدف المدرسة في مرحلة الحضانة هو تعويده الالتزام والتعامل مع معلمته ومع أصدقائه والاعتماد على نفسه، وبعض المبادئ في كل مادة، ولكنه ليس في سن يفهم معنى الشطارة أو التفوق، يكفينا أن يحب المدرسة، ويحب مدرساته، ويحسن التعامل معهن ومع زملائه، ويتعلم أنه لا بد أن يؤدي واجباته، وكل ذلك بهدوء وصبر دون عنف أنه لا يزال طفلا صغيرًا؛ فلا يخدعك دخوله المدرسة أو أن له أخوات أصغر منه، ونجاحه في المدرسة بعد ذلك يعتمد على الحب والتشجيع وليس الإحباط والهجوم.
كذلك عند ذهابهم للمسجد نحن لا نريده أن يأخذ ثواب صلاة الجماعة مثلا، ولكن هدفنا أن يحب المسجد ويتعلق به ويرتبط قلبه بالعبادة، وعندما يكبر فسوف يفهم معنى العبادة التي تعود عليها، ولا بد أن يفهم الجميع ذلك ويتحملوا شقاوة الأطفال، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقصر ويخفف في صلاته عندما يسمع بكاء طفل في المسجد، ولكنه لم ينه أمه عن اصطحابه للمسجد.
ولا بد أن تعلمي أن أولادك سيحتكون بالمجتمع كله، وسيقلدون غيرهم بطبيعة الحال، فليس الحل هو عدم اختلاطهم بالأطفال، ولكن أن نجد أسلوبا وصيغة بيننا وبين أبنائنا لتفهيمهم وتعويدهم الصحيح، وستجدين تفاصيل لهذه الصيغة بالاستشارة التالية:
- عبور التقليد..ليس مستحيلا
إن شقاوة الأطفال هي التي تعطيهم الطعم والروح، وتعلق قلوبنا بهم، ولا تطغى على جمال وبراءة الوجه.. إنها أشواك الزهرة البرية.
ــــــــــــــ(102/427)
الطفل المشكل.. علاجه دراسة حاله العنوان
أشعر بالامتنان الشديد لدقة استشاراتكم وإقناعها. مشكلتي مع ابنتي -9 سنوات- أنني لا أستطيع السيطرة عليها بسبب طباعها التي لا أستطيع تحملها؛ فهي عصبية، ودائمًا "طفشانة"، وترغب في الخروج من المنزل، وطلباتها لا تنتهي، حتى أني عندما ألاطفها أو أتحدث معها في شيء يخصها تقاطعني بطلباتها من مكتبة إلى ألعاب إلى...
كذلك أراها تفتقر للحنان أو محبة إخوانها أو أحد من الناس، دائمًا تكرر "ما علي من أحد" أراها أنانية، شرسة، صعب التعامل معها.. أحاول تعويدها على الصلاة، ولا أجد استجابة حتى أصبحت خائفة عليها أخشى أن تنحرف، مع العلم أننا نحن والديها ليس هذه صفاتنا. فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا. السؤال
العناد والعصبية الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
سيدتي سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.. يسعدني مقابلتك على صفحة " معًا نربي أبناءنا "، ونشكرك على ثقتك بنا، وندعو الله عز وجل أن يوفقنا لما يحب ويرضى. وأبدأ بكلمتك الرقيقة الجميلة عن امتنانك لدقة ردنا على الاستشارات، وما كانت لتتحقق هذه الدقة لولا دقة من يرسل لنا الاستشارة نفسه؛ بمعنى أن صاحب الاستشارة يفصل ويرسل لنا بعض الظروف والمواقف التي تحدث من "الطفل المشكل" -إذا صح هذا التعبير- حتى نستطيع أن نعرف الأسباب والدوافع التي أدت بالطفل لأن يسلك سلوكيات غير مرغوب فيها، وبالتالي نستطيع أن نتوصل للحل الدقيق كما تفضلت وذكرت.
أما في رسالتك -سيدتي- فلم تذكري إلا الصفات والسلوكيات التي بدرت من طفلتك دون تفصيل أو حتى إشارة لبعض الظروف التي تحياها الطفلة، وما الأسلوب المتبع معها في التربية والتوجيه والإرشاد وطبيعة العلاقة بينك وبينها أو بينها وبين أخويها، وبينها وبين والدها...؟ وما هو رد فعلك تجاه ما تفعله من سلوكيات غير مرغوب فيها؟ فلا يكفي -سيدتي- أن تصفي لنا أعراضًا لبعض السلوكيات التي تسلكها طفلتك، ثم نصف لك الطريقة أو العلاج، فالنواحي النفسية والسلوكية تختلف عن الطب الجسمي؛ حيث يمكن وصف علاج واحد لكل مرضى الكبد مثلا أو الكُلْيَة أو القلب... إلى آخر هذه الأمراض كما يقول دكتور علاء الدين كفافي في كتابه "رعاية نمو الطفل". ويضيف أيضًا في نفس الكتاب: "إن التشابه في الأعراض (في المجال النفسي والسلوكي) لا يعني التشابه في الأسباب والعوامل المؤدية لهذه الأعراض؛ فقد نجد مجموعة من الأطفال يسرقون أو يكذبون، ولكن كل منهم يسرق أو يكذب لأسباب ودوافع تختلف عن الدوافع الموجودة عند الآخرين".
ولذا سيدتي فأنا أنتظر منك رسالة أخرى أكثر تفصيلا ببعض الظروف المحيطة بالطفلة، مع ضرب بعض الأمثلة ونماذج ومواقف من حياتها وحياتكم معها حتى تكون الإجابة بالدقة التي تنتظرينها.. فإلى لقاء آخر.. أرجو أن يكون قريبًا.
ــــــــــــــ(102/428)
أبناؤنا بين الحرام والعيب وعقاب الله العنوان
السلام عليكم.. كل الشكر لكل شخص يعمل في هذا الموقع الناجح بحق.
أرجو أن تساعدوني في مشكلة ابنتي ذات السنوات الخمسة. فنحن نعيش في المملكة المتحدة بعيدًا عن ديارنا وهي تذهب إلى مدرسة بريطانية ولها زميل في الفصل من أسرة إنجليزية صديقة، رأيتها وهي تحتضنه وتريد أن تقبّله. في هذه اللحظة التي رأيتها تملكني الغضب. مع العلم بأنني ووالدها لم نقم بمثل هذا الفعل أمامها في البيت، إذا كنت تريد أن القول بأنها ربما قامت بتقليدي أنا ووالدها، وفي نفس الوقت هي تحت مراقبتي طوال الوقت.
أنا في شدة الحيرة من تصرفها الغريب، فابنتي تحفظ في سنها هذا (12 سورة من القرآن عن ظهر قلب). سوف أخبركم بما فعلته عندما رأيتها لتخبروني إن كنت قد تصرفت بطريقة صحيحة أم لا؟
ذات مرة سقطت على الأرض وأصيب ذراعها، فقلت لها إن هذا عقاب الله على ما فعلته، فما كان ينبغي أن تفعلي هذا وتقبلي هذا الولد؛ لأنه ليس بنتًا فهذا عيب وحرام.
آسفة على الإطالة، لكن أرجو أن تخبروني على ما يجب أن أفعله معها، ولكم جزيل الشكر على مساعدتكم. السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأخت الفاضلة، ومرحبًا بابنتك الحبيبة، وأسرتك جميعًا، ولكم سعدنا باعتبارك لنا سندًا وعونًا، وأسرة في غربتك تعرضين علينا استفساراتك وحيرتك وتولينا الثقة وهو ما نعتز به، وأقدم لحديثي معك ببعض أبيات الشعر لابن سينا الطبيب الشهير من أرجوزة (الطب) التي تبلغ 1326 بيتًا منها ما يلي عن الأم وطفلها، وما يجب أن يقدمه المربي لولده لكي يقضي وقته وطفولته بشكل سليم فيقول:
ألزمه إذا أردت أن يناما****مهدًا وطيئًا يرى الظلاما
ألزمه في يقظته الضياء****كيما يرى النجوم والسماء
كثّر له الألوان بالنهار****لكي تدربه على الإبصار
حبيبتي إن وجودك مع أبنائك في غربة بعيدًا عن مجتمعكم الذي ألفتم قيمه إلى مجتمع جديد مختلف له قيم مختلفة يضاعف -بلا شك- من أهمية دورك في تربية أبنائك، فابنتك ذات السنوات الخمس المسلمة حافظة القرآن تختلط بمن ليسوا كذلك من أبناء الأسر المختلفة -مسلمة كانت أو غير ذلك- دون إعداد لهذا الاختلاط، فلا عجب من أن تسلك سلوكًا مثلما حدث قد يفاجئك، لكنك أنت سبب المفاجأة؛ لأنك لم تعدي ابنتك بشكل كافٍ لتفادي هذه المفاجأة التي كان رد فعلك نحوها أن تشفيت في سقوط ابنتك، وقلت لها إن هذا عقاب من الله تعالى على سلوكها.
كيف تفهم ابنتك مسألة "عيب" أو "حرام"؟ "حرام" على من أو "عيب" وفقًا لماذا؟ إنني لا أتحدث معك الآن بخصوص هذا الموقف بالتحديد، لكني أتحدث معك حول ما يجب أن يكون عليه حالك مع ابنتك في غربتك، وخصوصًا أنه كما يبدو أنكم تختلطون بأسر بريطانية، وللابنة أصدقاء من البريطانيين في المدرسة، وبالتالي فأنت تزجين بها إلى خضم كبير ولم تعلميها بعد السباحة ثم تطالبيها أن تنجو.. بالله عليك كيف؟
ومن قال لك: إن الابنة لم تحتضن صديقها وتقبله بناء على طلبه هو وليس رغبة منها؟ أو لأنها تحبه وترى أن مثل هذه الأفعال يستخدمها الناس للتعبير عن الحب؟ ولماذا اقتصر شكك على أن الطفلة قد شاهدت -وهو ما نفيتِه بالقطع- مثل هذا المشهد في المنزل؟ ولم لا تكون الشوارع أو المدرسة أو الحدائق أو أفلام التلفزيون هي ما ألحت على عينيها بهذا المشهد لتدفعها لمحاكاته؟
ما أريد أن أقوله إنه لا بد من تزويد الابنة بما يكفيها لتحقيق المعادلة الصعبة من الاندماج في المجتمع مع تفادي الآثار السلبية لهذا الاندماج، ويمكنك الاطلاع على ما يلي بهذا الصدد:
- في الغربة: كيف تندمج وتحافظ على هويتك ؟
وأزيد على ما ستجدينه في الاستشارة المذكورة من نصائح ما يلي:
1- الطفل يملك رادارا حساسا يلتقط به ما في أعماق الأب والأم من قلق، وبالتالي فإن ما يرى قلقهم مرتبط به دون وجاهة يفهمها، يحاول بلا شك أن يختفي بعيدًا دون أن يراه أحد ليستمر في فعله كيلا يسبب الصدام بينه وبينهما، وبالتالي فالتصرف الصحيح هو الإقناع المهذب للابنة بأنه لا داعي -بصفتها طفلة مسلمة محترمة لها كرامة- أن تتصرف بشكل غير لائق، فهذا السلوك غير لائق؛ لأنه لا يثير احترام الآخرين، كما أن البنات يجب ألا يقبلن إلا بنات، وكذلك الأولاد لا يقبلوا إلا أصدقاءهم من الأولاد.. ويفضل التحية بدون تقبيل أصلاً لما قد يسببه من نقل الجراثيم، فتكفي المصافحة".
2 - حاولي ربط كل تصرفاتك وكلامك وأفعال الخير بإرضاء الله تعالى، فمثلاً حين تنظفين شيئًا تقولي لها: "انظري يا حبيبتي كيف أتقن غسل هذا الصحن؟ لأن الله يحب إتقان العمل وأداءه على أفضل وجه.. ما رأيكم في طعم الغذاء؟ لقد صنعته بإتقان ليرضى عني الله سبحانه ويحبني؟.. أنت شاطرة ومتفوقة وستكونين بهذا النبوغ من المؤمنين الأقوياء الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، فشحن الجو حولها بهذا الارتباط بالله تعالى ورضاه سيسهل مهمتك في توصيف الحلال والحرام واللائق والفروض والفضائل وغيرها؛ لأن الغاية في كل حركة وسكنة هي رضا الله لتكون الحياة سعيدة.
3 - اجتنبي التهديد تمامًا في نهيها عن مثل تلك الأمور واستخدمي التعزيز الإيجابي لدعمها بدلاً من التهديد، فقولي لها: "أنا واثقة أنك ستبذلين كل ما في وسعك لعدم تكرار هذا الفعل بعدما عرفت أنه غير لائق، ولعدم تقليد شيء تعرفين أنه غير لائق ولا يرضي الله؛ لأنك حريصة أن تكون حياتك سعيدة برضا الله عنك".
4 - حاولي أن تجعليها تحت ملاحظتك -دون ملاحقة لها- لمتابعة حواراتها وما تفكر فيه من خلال محادثاتها مع أصدقائها، وهو ما يختلف حتمًا عما تتحدث به معك، ثم ناقشيها وكلميها وأنت مبتسمة، واسأليها عن أحلامها وآمالها وأسباب أي تصرف.. لاحظت أنها قامت به كما حدث مع زميلها، باختصار كوِّني معها صداقة قوية لكن احذري صداقة وكلاء النيابة مع المتهمين التي من المفترض أن نتائج الحوارات بينهما من خلال هذه الصداقة هي عقاب من يتحدث بصراحة أو يعترف أو يثق بأن وكيل النيابة صديقه.
5 - أكثري من احتضانها والربت على شعرها، والتبسم لها وكذلك والدها والنوم معها في سريرها أحيانًا وأنت تحتضنينها.
6 - أفسحي المجال لأنشطة عديدة تمارسها من الألعاب والهوايات وأشغال الإبرة والتطريز والطهي وغيرها، وأرجو من ذلك أمرين:
- شغل الابنة بالحق عن الباطل.
- توطيد الصداقة بينكما، لمرافقتك لها أثناء ممارسة العديد مما سبق، بل ومشاركتك لها في ممارسة أغلبها.
7 - حاولي أن تكون الرحلات أو غيرها من فرص الاجتماع مع الأسر غير العربية قصيرة نسبيًّا مع تيقظ منك لخطوط سير أبنائك ويفضل مشاركتك لهم مع أصدقائهم في لعبة ما، ثم تركهم يستأنفون لعبهم في مكان واضح أمام عينيك متعللة بالحفاظ عليهم من التيه مثلاً، ثم بعد العودة وأثناءها يمكنك سؤال الطفلة بمرح عن مدى سعادتها بتلك الرحلة وأكثر ما أعجبها، وألطف من لعبت معهم... إلخ؛ لتشجعيها على صداقتك وتفريغ ما لديها من انفعالات.
8 - أكثري من فرص التواجد في تجمعات لأسر مسلمة، ومراكز إسلامية وخلافه؛ لتعتاد الابنة على هذا الجو وتألفه وتحبه، وتشعر أنها جزء منه وتنمي إليه.
9 - بشكل عام احرصي في توجيهها على اجتناب مسألة الحرام والعقاب والعذاب واجعلي تركيزك على الثواب والسعادة في كنف الله برضا الله، و الجنة وحب الله للعباد، ونعمه... إلخ.
أختي الكريمة.. انتظر المزيد من استفساراتك وتساؤلاتك وأختم كلامي معك بالتأكيد على ضرورة مواظبتك على الدعاء لذريتك أن "يُنْبِتَهُم الله نباتًا حسنًا" وأن "يعيذهم وذرياتهم من الشيطان الرجيم"، وفي انتظار موافاتك لنا بأخبار ابنتك وأسرتك وسلامنا لهم جميعًا.
ولمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- دليلك التربوي في أرض الغربة
- عبور التقليد.. ليس مستحيلا
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
- برنامج مميز للوقت المميز
- أول فنون التربية.. استثمار الإيجابيات
- مطبخ الصغيرات.. دروس في فن الطهي والثقة!!
ــــــــــــــ(102/429)
علاج الغيرة بالغيرة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. في البداية أود أن أشكركم على المجهود الكبير الذي تقومون به في هذا العمل النبيل.. وأود إخباركم أيضًا أنني استفدت منكم كثيرًا في استشارات سابقة.. وكانت نصائحكم صائبة.. منذ ما يقارب العام تقريبًا لاحظت أن ابنتي وهي البكر -4 سنوات- تصك أو تُصِرّ بأسنانها أثناء نومها.. وفي بعض الأوقات بشكل تقريبًا متواصل كل دقيقة.. وأحيانًا كل ساعة وفي بعض الأوقات كل كم ساعة.. وهذا الأمر بصراحة يزعجني جدًّا ويوقظني حتى من نومي من شدة قلقي عليها.. هذا الأمر الأول.
أما الأمر الثاني.. فهو أختها التي تصغرها بسنتين، فمنذ أن ولدتها وهي هادئة جدًّا عكس أختها الكبرى؛ فقد كانت في مثل سنها عصبية جدًّا وكثيرة البكاء والعناد، ولكن منذ أن بلغت الصغرى السنة الثانية من عمرها أصبحت عدوانية جدًّا، وتتلفظ بألفاظ بذيئة، ولا ينفع معها أي شيء. فقد جربت معها الكلام، فالنظرة ثم الحرمان من شيء تحبه، واضطررت إلى الضرب، ولم ينفع ذلك معها إطلاقًا.. ولا أعلم هل السبب في ذلك الغيرة من أختها التي تكبرها لأن اهتمامي بالكبرى بدأ يزيد قليلا؛ لأنها كانت تعاني من الغيرة تجاه أختها الصغرى، فقيل لي أعطيها اهتماما أكثر؟؟ أرجو مساعدتي، وجزاكم الله ألف خير.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نشكر لك إعادة تواصلك معنا، ونسأل الله عز وجل أن تأتي نصائحنا هذه المرة بالثمرة المرجوة كما في المرات السابقة، بالنسبة لصكّ الأسنان فإنه لا يدعو إلى أي قلق؛ حيث إن الأمر يتعلق بالحالة النفسية أثناء النهار بحيث إذا تعرض إلى أي نوع من التوتر فإن ذلك يظهر أثناء نومه في صورة هذا الصك للأسنان؛ ولذا فإنك ترينه في بعض الأحيان متكررًا وأقل تكرارًا في مرات أخرى، وطالما أن الأمر لا يصحبه أي تشنجات في جسم الطفل أو فقدان للوعي فإنه ما يحدث يعتبر من أحداث النوم العادية لدى بعض الأطفال، وقد يكون مفيدًا إعطاؤها كوبًا من اللبن المحلى بملعقة من عسل النحل حتى يساعد على هدوء نومها، مع ملاحظة عدم مشاهدتها لأي مشاهد مثيرة أو مخيفة في أفلام الكارتون حتى لا تؤدي لتوترها أو قلقها أو ظهور ذلك في أحلامها مما يحدث الآثار السابقة.
الأخت الكبيرة كانت تغار من الصغيرة فأعطيتها اهتمامًا أكبر فغارت الصغرى من الكبرى بالطبع، وكانت العدوانية هي صورة تعبيرها عن هذه الغيرة؛ لأنه لا يصح علاج طفلة على حساب طفلة أخرى؛ لأنهما في الحقيقة طفلتان لهما نفس رد الفعل تجاه إحساسهما أنك تهتم بإحداهما أكثر من الأخرى.. والحل ببساطة هو ألا تعالجي الغيرة بالغيرة، ولكن بالمساواة الحقيقية في كل شيء، اهتمي بالاثنتين معًا.. أوصلي لهما رسالة تقول: أحبكما معًا بنفس الدرجة وبنفس الأسلوب.. لا تفرقي حتى في الهمسة واللمسة، ولا يوجد في هذا الأمر صغير أو كبير.. وابحثي لكل منهما عن نقاط تميز لتكافئيهما سويًّا، ولا تقارني بينهما بأي صورة؛ فالمقارنة قاتلة وتزرع العداوة بين الأختين.. قارني كل واحدة بنفسها، أي شجعيها على فعل السلوك الجيد، معلنة ثقتك فيها دون مقارنة بأختها، وأن أختها تفعل أو لا تفعل فهذا يزيد من غصبهم وعدوانيتهم.
ولا تتدخلي في خلافاتهما الصغيرة ولا تجعليهما يدخلانك طرفًا في معاركهما، فأسوأ دور تلعبينه معهم هو دور الحكم.. اجعليهما يحلان خلافاتهما بطريقتهما، معلنة أن من يلعب لا يشكو من أخيه، وأن من يشكو لا يلعب مع أخيه.. عندها سيلعبان ولا يشعران أنك قد تدخلت لصالح أحدهما.. الاهتمام والانتباه واللعب معهما وقضاء وقت كافٍ معهما، وألفاظ الحب وإشارات الحب البدنية من قبلة وأحضان، وعدم المقارنة، وعدم استخدام الحب وسيلة للعقاب أو الثواب.. كل ذلك للأختين معًا سيقضي على الغيرة بينهما، وبالتالي يقضي على العدوانية.
ودعينا نراهن على صداقتك للصفحة، وأدعوك لقراءة كل الروابط التالية التي ستعينك بإذن الله تعالى على فهم أكبر لطفليك وتدعمك بوصفات لعلاج غيرتهما وما نتج عنها من أعراض:
أولا: فيما يتعلق بفهم الغيرة:
- مقاتل من أجل الحب
- لا تسرقوا طفولتها لأجل أخيها
- مبارك لقد أصبح عندك توءمان
- علاج الغيرة بإعادة ترتيب الأولويات
ثانيًا: توفيق علاقتها:
- قاضي الأطفال شنق نفسه
- فن حل المشكلات
- برنامج مميز للوقت المميز
ثالثًا: الأنشطة التي يمكن ممارستها مع كل منهما:
- يوميات أديبة في الحضانة
- ابن السنتين له أيضًا أنشطته
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
ــــــــــــــ(102/430)
ما أحلى الاستمتاع بطفولة الأطفال العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود طرح مشكلة تتعلق بابن أختي البالغ من العمر 6 سنوات، وهي عن ولعه الشديد بألعاب الكمبيوتر. فإن عائلة أختي لا تملك كمبيوتر، وعندما أحضروه 15 يومًا في العطلة كان يجلس أمامه للعب أكثر من 10 ساعات وهو ذاهل عن الدنيا ولا يستطيع الأكل، وإذا كان ينظر إليه فإنه لا يسمع من يتكلم معه، وعندما بدأ يذهب للمدرسة كان يرجع وينهي دروسه في أقل من نصف ساعة، وعندما أعادوا الكمبيوتر إلى أصحابه ضاق جدًّا، وكأنه فقد شيئًًا كان مدمنًا عليه.
وأصبح والده يأخذه في بعض الأحيان معه إلى مكتبه ليلعب بالكمبيوتر، فإذا عرف أحمد أنه ذاهب هذا المساء للعب بالكمبيوتر فلا يستطيع أن يأكل أو يفعل أي شيء، ويبقى في انتظار ذلك الموعد بفارغ الصبر، وفي إحدى المرات تغيرت مخططات والده فلم يستطع أخذه، فتحول الطفل الصغير إلى وحش كاسر يتفوه بالكلام البذيء، ويضرب إخوته بكل عدوانية ويهين جدته، ولم يَعُد يرى أمامه، وعندما يأتي عندنا (أي بيت جده) فإنه يجلس للعب عليه ولا يشعر بشيء أو بأحد، ما سر هذا التعلق الشديد؟ وهل هو بالألعاب أو الجهاز؟
هذا الطفل لديه نبوغ رياضي وفكري شديدان.. فكيف نوجّه هذا النبوغ لنخرج عالمًا في الرياضيات أو شيئًا ينفع الأمة وأنا جادة في هذا الطموح.. وأحب أن أعطيكم نبذة عن معاملة أهله معه فإن أبويه شديدا العصبية، وأقل الأمور يتعاملان معها بالصراخ والشتم وكثيرًا بالضرب بقسوة، ولكن أختي بدأت تستجيب للنصائح التي نوليها إياها، وبدأت تتغير نوعًا ما، ولكن أريد خطوات عملية أكثر في ذلك، أما والده فإنه لا يستجيب.
والمشكلة أن الوالد بعد أن يضرب أولاده لذنب ما فإنه بعد خمس دقائق يحضنهم ويقبلهم وكأنه يشعر بتأنيب الضمير؛ لأنه ضربهم. والحقيقة أن طريقة ضربه تدل على أن وراء ذلك عقدة نفسية ما؛ لأنه ما يلبث أن يسمع بوجود مشكلة ما حتى يسارع إلى إحضار العصا حتى قبل تفهُّم الموضوع بشكل كامل؛ مما يوقعه أحيانًا في الظلم؛ فمرة عاد أحمد من مدرسته، وكان قد خبط وجهه في الجدار فتوّرم أنفه، فأخبرت الأم الأب ليذهب به إلى الطبيب خوفًا على أنفه، ولكن الأب تسرّع حتى إنه لم يفهم أن السبب في الخبطة هو الجدار، بل حسب أن أحد زملائه هو الذي ضربه، فتسرّع الأب بضرب أحمد وهو يصرخ في وجهه: كيف تسمح لأحد أن يضربك؟ من ضربك اضربه ولا تكن ضعيفًا...
واليوم كنت أتكلم معه على الهاتف بطلب من أمه لكي أنصحه بألا يضرب أخاه وأخته، فجعلت أتكلم معه في مواضيع كثيرة، منها ماذا يحب؟ وماذا يفعل هذه الأيام؟ فكان ما لاحظته في كلامه هو العنف والضرب، ليس الضرب العادي، بل الضربة القاضية التي لا بد أن يخرج بسببها الدم مثل النافورة، طبعًا هو لم يتكلم عن أخته وأخيه، بل عن الأعداء الذين سيقاتلهم في المستقبل.. الدم كلمة تكررت كثيرًا في حديثه.. هل هذا طبيعي؟
وعندما يزعجه أحدهم فإنه يتحول إلى وحش يريد الانتقام، وتقول أمه: إنه لا يمل العند، بل هو أكثر الأطفال مسايرة لما يطلبه منه الكبار، وهو يخترع النكات، وكان لا يمزح إلا في الأمور المعيبة والكلام البذيء، وكلما أمرته أمه أن يبطله يزيد فيه، أما بعد أن علمته أن ذلك لا يدخله إلى الجنة ولا يجعل الله يحبه أصبح يتحرى في كل كلمة يقولها هل هي حرام أو عيب، وأصبح يصلي...
وعنده إبداع فكري جميل جدًّا، فمرة كان يلعب بالكرة مع أخي الصغير فأصابت الكرة رأسي، فقال لي: "لقد ضربت أفكارك".. ضحكت كثيرًا لهذه النكتة.. وقلت له مرة: أنا أحبك بحجم المجرة، فسألني ما هي المجرة فرسمتها له وأنقصت القمر، فقال لي يوجد القمر ورسمته بشكله الدائري، فقال لي بل شكله هكذا ورسم الهلال، فقلت: كيف إن الكرة تدور حول نفسها والقمر يدور حولها ليظهر هلالاً فدائريًّا، ففهمها بشكل كبير جدًّا مما أدهشني وأصبح يناقشني في هذا الأمر، ويتخيل النجوم؛ مما دلني على أن مخه كبير جدًّا، وأنا حزينة على مثل هذا الطفل ذي الأفكار الرائعة أن يلقى هذه المعاملة التي إن استمرت فإنها ستبدد طاقاته وتنهي إبداعه..
المهم الآن.. أنا حقًّا أريد أن أقدم لهذا الصغير النابغة شيئًا ما.. ما أحلى الاستمتاع بطفولة الأطفال ولكن لمن يقدّر قيمتهم .. وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
فقدان الشهية, أطفالنا والتكنولوجيا الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكر لك شعورك الراقي ناحية ابن أختك وتقديرك لإمكانياته ورغبتك في تطويرها، وبالطبع فإن إيمانك بهذا الطفل وقدراته تجعلك تستطيعين فعل الكثير له، خاصة أنه يبدو من رسالتك أنك قريبة منه وتلتقينه بصفة دورية أو تتصلين به عبر الهاتف.. والذي يمكن فعله ببساطة قبل أن نرد على استفساراتك هو استمرار فتح باب الحوار والتفاهم معه بحيث يجد دائمًا أذنًا صاغية تسمع أفكاره وتقدرها وتجيب على تساؤلاته، وتشرح له ما خفي عنه، ثم بعد ذلك تقومين بمدّه بصورة دورية بكمّ من الكتيبات الصغيرة (عندما يبدأ إجادة القراءة) التي تحوي المعلومات بصورة مبسطة أو تتحدث عن قصص العلماء والمشاهير، وهو ما يحفز عنده حبه للعلم والابتكار والرغبة في أن يكون مثل هؤلاء الذين يقرأ قصصهم.
وبصورة متوازية يمكن أن تصحبيه معك في رحلات قصيرة إلى الأماكن المتميزة في بلدكم بحيث تتسع مداركه وآفاق تفكيره، وتستغلين شغفه الشديد بالكمبيوتر في هذا الاتجاه أيضًا بحيث يكتشف أن الكمبيوتر ليس لعبا فقط أو أفلام كرتون، ولكن يمكن أيضًا أن يزيد معلوماته فتحضرين له الأسطوانات المدمجة (C.D) التي تقدم أيضا المعلومات للأطفال بصورة شيقة من خلال المسابقات والألغاز... وأيضًا التي تحتوي القصص العلمي والديني بصورة تناسب سنه.
الخلاصة ببساطة إذا أردت وأرادت كل أم أن ترقى بمستوى أولادها وتكتشف مواهبهم وتنميها فعليها أن تجعل البيئة حولهم ثرية دائفة.. ثرية بمختلف وسائل توصيل المعلومة.. دافئة بالإحساس بالاهتمام والحب، وذلك من خلال الحوار والتفاهم الذي يشعرهم بذاتهم بصورة تجعلهم هم أولا يخرجون كل مكنون إمكانياتهم، وتجعلنا بالتالي نستطيع أن نتعرف على اتجاهاتهم، وبالتالي نوفر لهم السبل المناسبة لإنمائها وتحويلها من موهبة فطرية إلى موهبة يصقلها العلم والتجربة. والآن إلى تساؤلاتك:
بالنسبة لشغف ابن أختك بالكمبيوتر فهذا طبعًا شيء عادي، خاصة أنه اكتشفه فجأة واكتشف ما به من إمكانات نقلته إلى عوالم جديدة عليه.. فهو مجال جديد عليه، وبالتالي عندما تتاح الفرصة أمامه لاستغلاله فلن يضيعها، خاصة أنه يشعر أن الأمر غير متاح له باستمرار؛ لأن الكمبيوتر غير موجود بالبيت، وبالتالي فالتعلق عادي، وإحساسه بالآثار عندما يعرف أنه سيذهب للعب عليه أيضًا عادي، والأمر يحتاج إلى استفادة من هذا الشغف بحيث ينظم ذهابه للعب بالكمبيوتر، ويربط بسلوكيات تربوية نريد أن نكسبه إياها؛ بمعنى أن يحدد له مرة أو مرتين في الأسبوع للذهاب، ويكون معلومًا الوقت له، ومتفقًا عليه، ويتم ربط ذلك مثلاً بإنجازه لعدد معين من ساعات المذاكرة غير مبالغ فيه، أو بسلوكياته نحو إخوانه، أو بتخلصه من سلوك معين نريده أن يتخلص منه بحيث يتحول الأمر إلى مكافأة يعلم أنه باستطاعته الوصول لها، وفي نفس الوقت نفي له بوعدنا، وإذا حدث طارئ نعوض له الأمر بالتفاهم والحوار، ثم نوجّه الكمبيوتر بعد ذلك إلى عوالم أخرى من الاستفادة وتنمية المهارات والقدرات كما أسلفنا سابقا.
بالنسبة للأب وتعامله مع ابنه.. أتصور أنه مثلما استجابت أختك للتوجيه، فلو تحدثت للأب أيضًا بصورة هادئة مبينة خطر ما أسميه أنا بالتطرف التربوي بين الضرب الشديد ثم الحنان الشديد، في تذبذب نفسية الأطفال، وأنهم يصبحون في حالة عدم فهم لردود أفعال الأب، وأن الحزم الواضح المحدد مسبقًا بقواعد تحكم السلوك والتصرفات أفضل من ردود الأفعال الوقتية التي يتبعها ندم، وربما لو اطلع على بعض حلولنا السابقة بشأن هذا الأمر حول "العواقب خير من العقاب" وغيرها التي ترسم صورة التعامل المتوازن المعتدل مع الأطفال؛ فسيكون مستعدا للتغير.
بالنسبة لحديث العنف في كلام طفلك، فهو أيضًا كلام عادي، خاصة أن هذا ما يراه في أفلام الكرتون التي يشاهدها أو الألعاب التي يمارسها وشيء طبيعي أن يوجه ذلك في خياله نحو الأعداء، ولكن الأفضل -كما أوضحنا سابقًا- أن نحول هذه الأفلام والألعاب العنيفة بالتدريج وبصورة طبيعية إلى أفلام وألعاب هادفة، وعندها ستتغير اتجاهاته، وسيخفت حديث العنف في كلامه.. مع الحوار في إظهار أن القوة ليست فقط بالضربة القاضية التي تخرج نافورة الدم، ولكن هناك قوة العقل في التفكير وقوة العلم.
وهكذا من أنواع القوى المختلفة، ويكون ذلك أيضًا بصورة مبسطة تناسب سنه وقدرته على الاستيعاب.. نكرر شكرًا لك على اهتمامك بابن أختك، ونحن نرحب بكل استفساراتك، وستجدين الكثير من الحلول السابقة على صفحتنا في وسائل تشجيع الإبداع بصورة تفضيلية؛ حيث أردنا أن نرسم لك الخطوط الرئيسية التي تسيرين عليها، ثم تحصلين على التفاصيل مما أوضحناه وفصلناه على صفحتنا في حلول سابقة، ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/431)
الغيرة.. هل تعجل باكتشاف عالم الجنس؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مشكلتي تتعلق بولدي الذي يبلغ من العمر 3 سنوات.. علمًا أن لديّ طفلة عمرها 10 أشهر. طفلي حمد بعد ولادة أخته كان عمره سنتين وشهرين، وكنت أحاول ألا يشعر باهتمامي بأخته الصغيرة أكثر منه، والحمد لله لم يشعر بالغيرة إلا في الأيام الأولى فقط، وبعد ذلك الحمد لله كان الوضع طبيعيًّا، إلا أنني لاحظت عليه أنه يدخل يده في صدره ويلعب بحلمة الصدر، وعانيت كثيرًا كي أبعده عن ذلك وبشتى الطرق ولكن دون جدوى، والآن ومنذ يومين بدأ يلعب في أعضائه التناسلية.
وأنا قلت ممكن تكون مرحلة اكتشاف بالنسبة له؛ لأنه عندما ينتصب عضوه التناسلي يخبرني عن فخر ممزوج بالاستغراب بتغير حجم عضوه، ولكن لا أعرف كيف أجعله يترك هذا قبل أن تصبح عادة؟ علمًا أنه قليل الاختلاط، والذين يلعب معهم غالبًا من الإناث، وهن أكبر منه سنًّا أرجو مساعدتي، ولكم منا جزيل الشكر
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أختنا الكريمة مرحبًا بولدك الذي أعطاني سؤالك عنه انطباعات كثيرة، وربما مآخذ على أسلوب استمتاعه بوقته وقضاء أجمل مراحل طفولته..
وقبل أن أبين لك ما أقصد أود أن أذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"، فدعيني أتحدث معك من هذا المنطلق، فنحن لا نتعامل مع أمر واقع لا حيلة لك فيه بقدر ما نتعامل مع نفس إنسانية لها قواعد وأصول في التعامل معها وفي توعيتها وتربيتها بشكل سليم واستثمار قدراتها وإمكاناتها لصالح مستقبلها ومستقبل أمتها، فأنت الموجه والمايسترو لهذه العملية، ولست مجرد طرف مشاهد أو مراقب بلا حيلة.
أختي الكريمة.. إن الحافز الأساسي والموقظ للهاجس الفكري لدى طفل الثالثة حول أصل الأطفال والفارق التشريحي بين الجنسين –وهو ما يشيع السؤال عنه من قبل أطفال السنة الثالثة– قد يدعمه القلق الذي يثيره بروز منافس للطفل الأول الذي ينتزع منه مركزه المحوري داخل الأسرة، وكأنه يتطلع إلى أن يعرف: "من أين يأتي الأطفال"، وفي حوالي الثانية والنصف إلى الثالثة من العمر يبدأ مفهوم الفارق بين الجنسين في التبلور في ذهن الأطفال، فيلاحظ الفرق بين طريقة التبول مثلا، ويبدأ هذا الاكتشاف يتلون شيئًا فشيئًا بما يختبره الولد من خصائص جنسية صرفة تتميز بها المنطقة التناسلية، كانتصاب القضيب المصحوب بشعور غريب لديه، وتثير هذه المسألة فضول الولد إذا كان نبيهًا من الثالثة من عمره، فهو يبدأ في الاستفهام عن سبب وجود هذه الأعضاء ودورها، وهل كان والده مثله حين كان في عمره؟ وهل سيصبح رجلا؟.. إلى غير ذلك.
ما سبق كان توضيحا لطبيعة المرحلة الممتدة من 3-6 سنوات في النمو الجنسي للأطفال، أما عن مسئوليتك عن رعيتك وما أعنيه هنا بالذات فهو مسألة الإعلام الجنسي لطفلك في هذه المرحلة، فدورك يتمثل فيما يلي:
1- بعد تفهمك لحاجة الطفل لتحسس أعضائه التناسلية باللمس ينبغي أن تبدي للطفل عدم اهتمام أو التفات لهذا التصرف على أنه جريمة، وهو ما يساهم في تجاوز الطفل لهذه التصرفات تلقائيًّا إلى نشاطات أخرى بدلا من أن يتركز اهتمامه عليها نتيجة لما تثيره من انفعالات واهتمام من حوله، فضلا عن كونها ممنوعة، وبالتالي فهي لديه مرغوبة.
2- ما قصدته بالمآخذ على وسائل استمتاع طفلك بوقته، كان اعتقادي –شبه المؤكد– من أن طفلك يشكو الملل وعدم توفر مجال كافٍ للنشاط أمامه؛ مما يغريه بممارسة هذا الأمر ليجد فيه ملاذًا من الملل، وبالتالي فلا بد من وضع برنامج ممتع لقضاء وقته، ما بين لعب بالمكعبات، والصلصال، والرياضة، والرسم، والتلوين، وقراءة القصص الملونة معك، وحتى مشاركتك في صنع الحلوى، أو غير ذلك من وسائل قضاء الفراغ المفيدة.
وسيفيدك الاطلاع على ما يلي:
- مهارات ماهر كيف ننميها
- فن تنمية الذكاء
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
3- بخصوص التعامل السليم مع طفلك بشكل لا يؤذيه وجود أخته فيه يمكنك مطالعة ما يلي:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- أمي ارحمي غيرتي وغربتي
- الغيرة وأشياء أخرى.
ولا تعتبري أنه تجاوز مسألة الغيرة بعد خمسة أيام من مجيء أخته؛ فليس شرطًا أن تكون غيرته في صورة التصاق بك أو بكاء أو عدوان على الصغيرة، بل من الممكن أن يعبر عنها هذا التوجه اللافت تجاه هذه الممارسات غير المرغوبة.
4 - يجب لفت انتباه الطفل إلى شيء آخر حين تلاحظين عليه استغراقه في فعل هذا الأمر كجذبه لمشاهدة برنامج لطيف أو اللعب بلعبة يحبها، ودون تكرار الحديث عن هذا الأمر معها ودون زجره أو عقابه.
5 - يجب تعليمه أصول النظافة الشخصية، ولفت نظره إلى خصوصية هذا المكان في أنه يجب غسل اليدين جيدًا بعد دخول الحمام أو لمسه بأي صورة من الصور، كذلك يجب ربط إصابتها بالمرض بإساءة تطبيقه لهذه القواعد، وتوعيته بأن هذا المكان قد ينقل الأمراض أو يسبب الرائحة الكريهة، ولكن حذارِ من وصف هذا المكان بالقبيح أو الكريه أو البشع؛ لتفادي مشاكل أخرى فيما يترسخ في ذهنه عن نفسه وعن هذه الأجزاء من جسده، وهو ما يسبب له المشاكل في حياته لاحقًا.
6 - إقناع الطفل بشكل غير مباشر بأن هذا الأمر –العبث بهذه الأماكن- قد يسبب له أمراضًا تؤدي به إلى ضرورة تناول أدوية غير محببة الطعم، وملازمة الفراش، وعدم التمكن من اللعب والجري، ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبه لربطها بالأمر كأن يقال له: "أرأيت.. لا بد أنك لم تلتزم بقواعد النظافة والصحة ولم تسمع كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع هذا المكان".
أختي الكريمة.. أرجو أن أكون قد وضحت لك ما يجب أن تفعليه إزاء ما حدثتنا عنه في سؤالك.. كما أرجو أن أتلقى متابعتك لنا بنتائج تطبيق هذه المقترحات، ومزيد من استفساراتك وتساؤلاتك وأخبارك.. وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/432)
حتى لا تبتلع الغربة مراهقاتك؟ العنوان
في ميزان حسناتكم. مشكلتي أنني أعيش في الغربة، وعندي أربعة أطفال، وتعبت في تربيتهم من حيث الحفاظ على دينهم ولغتهم وأخلاقهم، حيث نعيش ونسير في عالم عكس التيار، والحمد لله عندي بنتان أعمارهما (13 و11) ولبستا الحجاب ولله الحمد، مع أننا نعيش في مكان عدد المسلمين قليل جدا، ويوجد بنات في أعمارهن، ولكن لا يلبسن الحجاب، وأريد الحفاظ على بناتي من التأثر بالآخرين وأخذ العادات السيئة.
وابنتي الكبيرة أخذت تأخذ من حاجبيها، مع أنني لم أفعل ذلك في حياتي سوى قبل الزواج أو بعده، ويمكن تقولون إن ابنتي تختلف عني أو تقولون اختلاف الفقهاء في ذلك.. أقول صحيح ولكن ليس في هذا العمر، وتكلمت معها مرارًا ومن الذي علمها، وبأي شيء تستعمل "تسكت" ولا تجيب، وأخشى عليها أن تتعلم أشياء أخرى.وتعرف أننا نعيش في بلد الحريات ليست فيه لها حدود والله المعين. انصحوني كيف أتعامل معها؟ وكيف أعلمها الطريق الصحيح؟ وجزاكم الله ألف خير.
السؤال
تربوي الموضوع
د/ليلى أحمد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لم تشرحي لنا يا أختي العزيزة ما الذي يجبرك على هذه الغربة، فلهذا الأمر أهميته الشديدة على تربية بناتك كما فصلت القول في ذلك الدكتورة إيمان السيد في استشارة(دليلك التربوي في أرض الغربة )، ولن أجادل فيما أفتى به الفقهاء أنه على المسلم ألا يعيش بين ظهراني المشركين ما لم يكن متأكدًا من أنه لن يخسر دينه وعائلته، فهذا حق لأن خسران الدنيا كلها لا تعادل خسران شيء من الدين.
ورغم صعوبة تطبيق الإسلام في الغرب، فإنني شخصيًّا لا أحبذ تسمية دار الكفر ودار الإسلام في هذا العصر؛ إذ إنه في بلاد الغرب يتاح للمسلم من الحرية في الدعوة وإبلاغ رسالة الله ما لا يتاح للمسلمين في ديار الإسلام، وإن كنت لا أتجاهل أن الوضع ربما أصبح أصعب قليلا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول).
ذكرت أن ابنتيك -حماهما الله- عمر الكبيرة 13 سنة وعمر الصغيرة 11 سنة، وهما يضعان الحجاب، فأقدر هذا تمامًا وأدعو الله أن يثيبك عليه، لكن أسألك: هل علمتهما معنى الحجاب الحقيقي قبل أن يضعا الحجاب الظاهري؟ هل غرست في قلبيهما حجاب تقوى الله سبحانه والخوف منه ومحبته وشكره على نعمه؟ هل شرحت لهما أن شكر الله سبحانه يقتضي العمل بما أمر والابتعاد عما نهى عنه؟
ألوم كثيرًا كل أم وأب يسعيان إلى تطبيق أولادهما لفرائض الإسلام قبل أن يوضحا لهما الغاية منها، وكمثال أسألك: هل تستطيعين في هذا العصر وخاصة وأنت في بلاد الغرب أن تضربي ابنتك إذا بلغت العاشرة ولم تصلي، حتى لو كان ضربًا غير مبرح كما أمرنا ديننا (ضرب التهذيب)؟ إذا كان من السهولة عليها أن تتصل بجمعيات حقوق الأطفال وتشتكيك، فهل ترين الضرب مثلاً وسيلة محمودة لإجبار الطفل على الصلاة؟ وإذا لم تكوني في بلد غربي بل في بلد شرقي فهل تظنين أن الضرب وسيلة ناجعة؟ لقد رأيت في حياتي الكثير من الأطفال يصلون خشية عقاب والدهم، ثم ما إن يكبروا ويستقلوا عن أهلهم خاصة عند اختلاطهم بغيرهم ممن لا يهتمون بهذه الفريضة حتى يرفعوا الإبريق عاليًا -كما يقال- وينسوا الوضوء والصلاة والصوم وغيره، فلماذا نُصِرّ على أن يكون تطبيق الأولاد أو البنات لفرائض الله ليس نابعًا من اقتناعهم وفهمهم لمعاني هذه الفرائض العظيمة؟
لقد أصبحنا في زمن نحتاج معه أن نربي أبناءنا على الحرية المنطلقة من العبودية الخالصة لله وحده، وإلا فإنهم سيصبحون أحرارًا على هواهم بمجرد ابتعادهم عنا، أو أنهم سيكونون عبيدًا لغيرهم؛ فلماذا لا نشرح لهم أن الصلاة للروح كالغذاء للجسد؟ ولماذا لا أعدد نعم الله سبحانه لطفلي كل يوم وأعرفه بها؛ كي يحبه ويرتبط بخالقه أكثر مما يرتبط بي؟ ولماذا لا أخوفه منه سبحانه -طبعًا عندما يصل إلى سن كسن فتياتك- كي يقبل على عبادته طالبًا رضاه خائفًا من عقابه بدل أن يقبل عليها إرضاء لي وخشية مني؟
لماذا لا أشرح له معنى كونك مسلمًا يقتضي أن تكون محبًّا لله وخلقه، عاملا على نشر العدل والفضيلة؟ لماذا لا أفهمه أن الله هو من خلق الإنسان، وأنه يعرف ما يصلحه وما يسيء إليه؟
لماذا لا أقول له: إن الدين هو كتيب التعليمات الذي أوجده الله سبحانه ليعمل به الإنسان فينال خير الدنيا والآخرة؟
أحكي لك قصة أخت داعية في بلدها اضطرتها الديكتاتورية التي سيطرت آنذاك أن تعيش في بلاد الغرب واستمرت بالدعوة هناك، وبلغت ابنتها سن المحيض، لكنها لم تجبرها على وضع الحجاب، بل على العكس كانت الفتاة تريد أن تضعه والأم تمنعها طالبة منها ألا تفعل إلا عندما تجد أنها تستطيع أن تدافع عنه كقناعة من قناعاتها. ووضعته الفتاة واستطاعت أن تستمر على طريق والدتها في الدعوة، وقد يعترض البعض على هذا الكلام، ويقول: على فرض أنها لم تقتنع به فهل نسمح لها بالخروج بدون حجاب؟ ولهؤلاء أقول: كم رأيت في حياتي فتيات فرض عليهن الحجاب من قبل عائلاتهن، ولكنهن ما إن يتجاوزن الشارع حيث منزلهن حتى يختفي الحجاب من على رؤوسهن، فإذا كنتم تريدون حجاب التقليد فهذا هو ما تريدون، أما إذا كنتم تريدون حجابًا يملأ القلب جلالا ويضفي على الوجه جمالا؛ فهو حجاب الباطن الذي ينسكب على الظاهر فيكون شعارًا على رأس المسلمة تفخر به، لا قماشًا تخجل منه وترفعه في أول مناسبة.
إذن أرجو يا أختي العزيزة أن تعيدي شرح معاني الحجاب لفتاتيْك، وتوضحي لمن بلغت المحيض منهما الحكمة منه بأن تختفي المظاهر الأنثوية عن أعين الرجال فلا يستثيرهم من الفتاة ما يمنعهم من التعامل معها كأخت قريبة وليس كأنثى مرغوبة، وعليك أن تضربي لها المثل بما يحصل أمامها في المجتمعات الغربية، حيث تقوم علاقات الصداقة الدائمة أو المؤقتة مكان علاقات الزواج، بعد أن تخلت الأنثى عن حيائها الفطري، وأصبحت تطلب الرجل قبل أن يطلبها، وأفهميها أن في هذا ضياعا للشاب وخسارة للفتاة وتهدما لمؤسسة الزواج، واحكي لها عن ظاهرة الأمهات العازبات في الغرب، وأوضحي لها عدد اللقطاء في الشوارع، وانتشار المخدرات والجرائم وما إلى ذلك من تفكك أسري وانحدار أخلاقي، وكله بسبب البعد عن الله سبحانه والتعدي على حدوده، وبيّني لها فضل الله علينا سبحانه؛ إذ خلقنا مسلمين؛ فديننا دين الفطرة، وقد قدس الجنس عندما وضعه في إطار الزواج بحيث يجمع بين روحين في متعة حلال.
وأما الغرب فقد هوى بالإنسان إلى درك الحيوانية عندما أصبح الجنس هدفًا بحد ذاته، واذكري لها أن البلاء الأكبر وهو الإيدز رغم أنه قد عرف منذ أكثر من عشرين عامًا فإن الطب ما زال عاجزًا عن اكتشاف علاج له، وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى عندما يمنح الإنسان نعمة الجسد والصحة والعافية ليستعملها في مرضاته فيستخدمها في مرضاة الشيطان فإن الله سبحانه يسلبها منه، ومن لم يعرف نعم الله تعالى بدوامها عرفه الله إياها بزوالها.
كل هذا وأكثر منه يجب أن تناقشيه مع ابنتك وتستمعي إلى آرائها؛ فليس من حل لهذه المشكلة إلا أن تكوني صديقتها وتفهمي دوافعها وتحاولي أن توضحي لها -بشكل معتدل وبدون مبالغة أو تهويل- كل شيء يمكن لها أن تسمعه من غيرك، فأن تعلمه منك بشكل صحيح خير من أن تدركه من غيرك بشكل خاطئ، وامنحيها ثقتها بنفسها، وأكدي لها أنك تثقين بها، ولا تظهري لها أي مبالغة في الخوف عليها، فتأتي النتائج معاكسة لما تريدين، بل على العكس شجّعيها أن تختلط بالبنات الغربيات، وأن تصطحب منهن إلى المنزل من تراها مناسبة لها، فهناك عائلات غربية تتمسك بالمسيحية وبتعاليمها المشتركة مع تعاليم الإسلام كالوصايا العشر وغيرها، وتحدثي مع صديقاتها كأنك صديقة لهن، ولكن أرجو ألا تكوني جاهلة للغة البلد الذي تعيشين به كما هو حال النساء غير العاملات المسلمات المعزولات عن المجتمع؛ لأن هذا الانعزال والتقوقع ضرره أكثر من نفعه، فكيف نتعامل مع الناس إذا كنا نجهل لغتهم؟ وكيف نقدم لهم الإسلام على أنه دين الانفتاح والمحبة ونحن بعيدون عنهم؟ وكيف يقبل الناس على الإسلام وهم يرون هذا الإسلام الانعزالي المتخوف؟
يجب أن ينطلق حديثنا مع الغرب أيًّا كان من مبدأ أننا إخوة في الإنسانية شركاء في هذه الأرض، وأنهم إذا كانوا يفضلوننا بعلمهم وتقنيتهم وتقدمهم فإننا نفضلهم بأننا حملة أفضل رسالة للعالم أجمع: رسالة الإيمان الذي يعالج أمراضهم النفسية، ورسالة المحبة التي تقلب أعداءنا أصدقاء لنا، ورسالة الرحمة للعالمين أجمعين.
وأما موضوع أنها تأخذ من حواجبها وتخشين عليها أن تتعلم ما هو أكبر فتوقعي ذلك يا أختي العزيزة إذا لم تبادري من الآن فتحتضنينها وتستوعبين عمرها والجو المحيط بها، وأنها في مجتمع تمارس فيه الفتاة الجنس منذ بلوغها العاشرة، وتتعلم كيف تمنع الحمل، وكيف ترفض من أهلها التدخل بحياتها بمجرد بلوغها الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، فدول الغرب -على ما أعلم- تهيئ للمراهقين مساعدات إذا أحبوا أن يستقلوا عن أهلهم، فإياك أن تخسري ابنتك، وابحثي لها عن الصحبة الصالحة، ولعلك تجدينها في مركز إسلامي قريب، وإذا لم تجدي فأعيدي تثبيت مفاهيم الإيمان في قلبها؛ فهي الطريق لتثبيت الحجاب على رأسها، ولا تنسي الدعاء لها ولأختها، وكذلك ليكن والدها قريبًا منها بحيث تتفقان معًا على أسلوب واحد فلا يرخي أحدكما الحبل بينما يشده الآخر؛ فتقع في تناقضات أنتم جميعًا في غنى عنها، وكوني دومًا قدوة لها، واغمريها بحبك وعطفك وقربك حتى تأنس إليك فتبث لك همومها ومشاكلها، وبذلك تكسبين نفسًا فتحيينها في نعيم الإسلام بدل أن تخسريها بأن تتركيها عاجزة عن مواجهة جحيم الغرب، وتذكري أن الله سائلك عن أولادك وبناتك، وأنه كما قال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، والسلام عليك.
ــــــــــــــ(102/433)
حبيبة أمها تأبى أن تكبر – متابعة2 العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أنا آسفة للتأخير على ردي عليكم في السؤال عن وصاحبة مشكلة "أنصف نفسك تنصف طفلك - متابعة ثانية ".. هذا التشابه يتمثل في العصبية التي تصل إلى حد الضرب. أنا الآن لا أنكر أنني أحاول أن أهدئ من عصبيتي عليها(ابنتي عمرها11سنة) وأحاول ألا أضربها؛ لأنني مؤمنة أن الضرب يولِّد إنسانًا خائفًا من كل شيء، كما أن الصراخ والعصبية أيضًا يربيان فيها الخوف من كل شيء، وأحاول أن أجد فرصًا كثيرة للتعامل معها مثل تشجيعها أو مكافأتها، ولكنها لا تستمر حتى تكمل يومًا على هذه الطريقة، ولكن تعود لاستفزازها مرة أخرى. أنا أتمنى أن أحكي لغيري خطوة بخطوة لكي لا تضيع مني ابنتي علشان كده.
يومنا يكون كالآتي: نقوم في الصباح الباكر لكي نذهب إلى أعمالنا وهي وأختها إلى مدرستهم، في هذه الفترة أجدها تدخل الحمام علشان تغسل وشها تقف متعملش أي حاجة، وأنا إما أن أذهب لكي أساعدها أو هي دائمًا تقول كلمتها المعهودة ثانية واحدة، وأنا أنده بدل المرة 100 مرة، حتى تحضر وأحاول تشجيعها بالكلمة الكويسة وأقول لها إنني من الممكن مساعدتها أيضًا بس تيجي بهذه الطريقة.
أيضًا في اللبس وفي كل تصرفاتها يعني من الآخر هذه الفترة بتكون كلها تنشنة (عصبية)؛ لأن وقت الصبح لا يكفي، وبالتالي ننزل منكدين هما يروحوا المدرسة وأنا إلى العمل وطول الطريق أحاول أن أفكر فيما حدث، لدرجة أنني من الممكن أن أبكي مما حدث لأني نفسي لما ننزل أحضنها وأبوسها.
وأختها أحيانًا تيجي وتقول لي بأن آية كان شكلها متضايق ومش بتلعب مع أصحابها، وده برضه موضوع تاني؛ لأنني أشعر أن ليس لها أصحاب (أشعر أحيانًا أن دفعتها غريبة لا يحبون بعضهم)، وهي يمكن تيجي تكلمهم، وتسأل عليهم ولو حد غاب تهتم أن تكتب أو تمليه في التليفون ما فاته، على العكس لو محتاجة حاجة مش بحس أنهم ملهوفين عليها، والله أعلم.
تيجى من المدرسة متعملش أي حاجة لغاية لما أنا آجي، وطبعًا الوقت بيكون غير كاف أن نعمل واجبا أو نستذكر ما أخذوه، هذا بالإضافة إلى إذا كان عندها درس (على فكرة هما لما بيرجعوا من المدرسة يقعدوا مع جدهم لحين عودتي ومن الممكن أن أجد شد وجذب؛ لأنهم يقولون لها ذاكري وهي لا ترد ولا تعمل أي شيء، وطبعًا هي تعتقد أنهم يقولون لي، وبالتالي أنا أزعل منها، وتحاول أن تقنعني أنها عملت حاجة مرة أصدقها حتى لو معملتش ومرة أخرى أعاقبها.
نيجي بقى للمذاكرة لوحدها مينفعش، ونقعد باقي اليوم نطلع بحاجة بسيطة ولما نوضب الشنطة نقعد برضه وقت طويل، وبالتالي نزعق والعشاء نفس الكلام في كل هذا تعتمد علي أو على أختها وأصبحنا جميعًا نتضايق من كتر الزعيق والنكد يعني هذا لغاية ما نام حاولت كتير أدخل والدها، ولكن يصل أيضًا لحائط سد حيث إنها عنيدة جدًّا وتقول هو أنا عملت حاجة، وعلى فكرة أنا أعتقد أن من داخلها بتكون متضايقة برضه هذا، بالإضافة أن تصرفاتها طفولية يعني أجدها لا يوجد عندها أي اهتمامات مثلاً عند درس لا تهتم بأن تفكر فيما تريد أن تلبسه وتختار أقرب شيء حتى لو كان لا يصلح للمشوار ولا تهتم بأن تخرج أحلى واحدة زي البنات، وكل حاجة تقول وإيه يعني.
أنا أتمنى أن أصاحبها، أنا أحيانًا كثيرة أشعر أنها لا تحبني، على الرغم من أنني أموت فيها والتفكير في هذا الموضوع يكاد يشغل كل تفكيري لدرجة أن هذا يؤثر على أختها؛ لأنني لا أقدر أن أميزها في شيء، حيث إن آية تشعر بأنني أميزها عنها، ومن الآخر يومنا كله نكد بسببها لدرجة أنني بدأت أشعر أنه سوف يؤثر على أختها؛ لأن لها ستايل(نموذج) حلو ورقيق وترفض هذه التصرفات كما نرفضها جميعًا.. آسفة للتأخير وللإطالة وشكرًا. السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
بسم الله الرحمن الرحيم، سيدتي.. أسعد وأشرف بمتابعة استشارتك، كما يسعدني إقبالك على موقعنا وثقتك بنا، ولنبدأ الآن فيما ورد برسالتك الأخيرة، وقبل الرد عليها دعيني أولاً أحدد في نقاط ما تجدينه مشكلة مع "آية".
فقد ذكرت –سيدتي- نظام يومكم معها وكيف يتحول إلى "نكد" بسبب سلوكياتها، والتي تتلخص في:
1- تباطؤها الشديد في كل شيء (لبسها وتناولها للوجبات ومذاكرتها وتلبيتها لأي أمر من الأوامر).
2- استفزازها المستمر لكم.
3- عدم وجود أصدقاء لها بالمدرسة.
4- عدم وجود اهتمامات أو هوايات خاصة بها.
5- عدم اهتمامها بنفسها كأنثى.
قبل أن نبدأ في تناول النقاط السابقة سأسرد لك قصة قصيرة قد حدثت ونحن نتدرب على أيدي أحد المدربين التربويين، فقد كنا في إحدى ورش العمل الخاصة بالتربية وسأَلنا المدرب (وكان أجنبيًّا) عن أخطر شيء يفعله القائمون على التربية بصفة عامة والآباء بصفة خاصة في ممارستهم التربوية، فأخذ كل منا يدلي بدلوه، إلى أن أجاب هو في النهاية بجملة قصيرة ربما دارت حولها إجابتنا، وكانت: إن أخطر شيء يفعله المربون هو ما يسمىQuick fix ، أي أننا نتعجل النتائج ونرغب في حل سريع ينهي المشكلات بينا وبين أبنائنا.
وحتى لا نقع في نفس الخطأ ونتعجل النتائج لا بد أن نسير بطريقة تدريجية؛ ولذا يمكن أن نتناول الحل بالطريقة التالية، وهي تتمثل في أمرين يسيران متوازيين جنبًا إلى جنب ألا وهما:
أولاً: محاولة كسب ابنتك وإيجاد علاقة حميمية بينك وبينها، وقد ورد في الردود السابقة على هذه الاستشارة ما يغني عن إعادته هنا، وأذكرك مرة أخرى أن هذه العلاقة لا تبنى بين يوم وليلة، بل تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين ورغبة أكيدة، بل مستميتة في الإصلاح.
وأحب فقط أن أضيف أمرين قد ذكرا بالاستشارات الأخرى، لكن وددت أن أركز عليهما:
1- عند إقامة الحوار بينك وبين ابنتك لا بد أن يكون له شروط حتى يكون حوارًا ناجحًا ويؤتي الثمرة المرجوة منه، وهذه الشروط هي:
* أن يتسم بالمرح والدفء والحب.
* أن يكون في الموضوعات التي تهتم بها ابنتك.
* ألا يكون الغرض منه إلقاء النصح والوعظ ولا تصيد الأخطاء.
* أن يكون حوارًا بين طرفين وليس من طرف واحد فقد روت لي إحدى الصديقات عن الحوارات القائمة بينها وبين ابنتها فاكتشفت أنها هي التي تتحدث وابنتها تستمع إليها وترد بكلمات مقتضبة قصيرة وعندما جلست مع الابنة اعترفت لي بأنها توافق "تهاود" أمها فيما تقول لسببين، أولهما أن الأم لا تنسى أبدًا أنها أم فيغلب على حديثها التوجيه والوعظ بشكل سافر، والأمر الثاني أنها -أي الابنة- حينما تستمع لأمها يضمن لها هذا الاستماع تنفيذ طلباتها بعد أن تنتهي الأم من محاضرتها لها، فانظري كيف يتصرف أبناؤنا معنا بذكاء.
2- لا بد أن تهتمي بابنتك من حيث كونها أنثى، وذلك يكون عن طريق:
* أن تهتمي بإهدائها بعض الهدايا التي تعزز هذا الإحساس عندها (الحلي بأنواعه المختلفة، وبالطبع لا بد من المساواة بينها وبين أختها في هذا، بل وفي كل تصرفاتك تجاههما).
* أن تهتمي بأن تأخذي رأيها فيما تريدين أنت من ملابس وتناسق الألوان.
* أن تذهب معك لشراء بعض ملابسك وتستشيريها فيما تختارين.
* حينما ترتدي ملابسها بشكل منسق أثني عليها وامدحيها.
* اجعليها تنسق أو تغير بعض أثاث البيت.
* عند إعداد مائدة الطعام لا بد من مراعاة الذوق الرفيع والإعداد الجيد لها.
هذه نماذج ويمكنك إضافة الكثيرهذا عن كيفية إقامة العلاقة الحميمية بينك وبين ابنتك، وأرجو الرجوع إلى كل ما قيل في الاستشارات السابقة الخاصة بهذا الموضوع(سأوردها لك بنهاية الاستشارة).
ثانيًا: تجزئة المشكلات التي بدأنا في تحديدها أول الرسالة:
قبل أن نتناول حل المشكلات لا بد أن تدركي أن معظم المشكلات السابقة ناجمة عن هذه العلاقة المتوترة بينكما، فإذا ما تحسنت العلاقة قمت بحل الجزء الأكبر من المشكلات، وسيبقى منها التعود على السلوك غير المرغوب فيه، وحتى نزيل هذا التعود أو نبدله بعادات أخرى سليمة فعليك أن تتناولي كل مشكلة على حدة وتحدديها وتحددي زمنًا لعلاجها (يمكنك الاطلاع على عدة استشارات تناولت كيفية التعامل مع المشكلات وطرق تعديل السلوك، وأتذكر منها استشارتين هما: يا حي يا قيوم.. أنقذ مراهقا، وشهر زاد وألف ليلة وليلة- أوردهم لك بنهاية الاستشارة-).
ويبقى فقط مشكلة عدم وجود أصدقاء لها بالمدرسة، ومشكلة عدم وجود اهتمامات وهوايات خاصة بها، والمشكلة الأخيرة -أي عدم وجود اهتمامات خاصة بها- يمكنك الاطلاع على كثير من الموضوعات التي نشرت على هذه الصفحة والتي تناولت الأنشطة المختلفة التي يمكن أن نمارسها مع أبنائنا، ومن ثَم يصبح لديهم مهارات واهتمامات لها صلة بهذه الأنشطة.
أما مشكلة عدم وجود أصدقاء لها فإليك بعض الاقتراحات بشأنها:
* أن تكوني أنت على صلة ببعض أمهات زميلات ابنتك بالمدرسة.
* أن تنظمي مع ابنتك بعض الرحلات البسيطة لها ولزميلاتها في أيام الإجازات.
* دعوة بعضهن لزيارة ابنتك بالبيت.
* من خلال علاقة الود التي تحاولين تكوينها بينكما لا بد أن توضحي لابنتك الأسس الصحيحة لكسب الأصدقاء (دون وعظ كما أشرت من قبل).
* أن تكوني على معرفة جيدة بمستواها الدراسي وعلى صلة جيدة بمدرسيها.
ملحوظة: معذرة أنني أحلتك لقراءة كثير من موضوعات خاصة بمشكلتك، ولكن هذا سيعينك بلا شك في فهمك لطبيعة ابنتك، ومن ثَم في حل مشكلاتها.
حبيبة أمها تأبى أن تكبر – متابعة2 العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أنا آسفة للتأخير على ردي عليكم في السؤال عن وصاحبة مشكلة "أنصف نفسك تنصف طفلك - متابعة ثانية ".. هذا التشابه يتمثل في العصبية التي تصل إلى حد الضرب. أنا الآن لا أنكر أنني أحاول أن أهدئ من عصبيتي عليها(ابنتي عمرها11سنة) وأحاول ألا أضربها؛ لأنني مؤمنة أن الضرب يولِّد إنسانًا خائفًا من كل شيء، كما أن الصراخ والعصبية أيضًا يربيان فيها الخوف من كل شيء، وأحاول أن أجد فرصًا كثيرة للتعامل معها مثل تشجيعها أو مكافأتها، ولكنها لا تستمر حتى تكمل يومًا على هذه الطريقة، ولكن تعود لاستفزازها مرة أخرى. أنا أتمنى أن أحكي لغيري خطوة بخطوة لكي لا تضيع مني ابنتي علشان كده.
يومنا يكون كالآتي: نقوم في الصباح الباكر لكي نذهب إلى أعمالنا وهي وأختها إلى مدرستهم، في هذه الفترة أجدها تدخل الحمام علشان تغسل وشها تقف متعملش أي حاجة، وأنا إما أن أذهب لكي أساعدها أو هي دائمًا تقول كلمتها المعهودة ثانية واحدة، وأنا أنده بدل المرة 100 مرة، حتى تحضر وأحاول تشجيعها بالكلمة الكويسة وأقول لها إنني من الممكن مساعدتها أيضًا بس تيجي بهذه الطريقة.
أيضًا في اللبس وفي كل تصرفاتها يعني من الآخر هذه الفترة بتكون كلها تنشنة (عصبية)؛ لأن وقت الصبح لا يكفي، وبالتالي ننزل منكدين هما يروحوا المدرسة وأنا إلى العمل وطول الطريق أحاول أن أفكر فيما حدث، لدرجة أنني من الممكن أن أبكي مما حدث لأني نفسي لما ننزل أحضنها وأبوسها.
وأختها أحيانًا تيجي وتقول لي بأن آية كان شكلها متضايق ومش بتلعب مع أصحابها، وده برضه موضوع تاني؛ لأنني أشعر أن ليس لها أصحاب (أشعر أحيانًا أن دفعتها غريبة لا يحبون بعضهم)، وهي يمكن تيجي تكلمهم، وتسأل عليهم ولو حد غاب تهتم أن تكتب أو تمليه في التليفون ما فاته، على العكس لو محتاجة حاجة مش بحس أنهم ملهوفين عليها، والله أعلم.
تيجى من المدرسة متعملش أي حاجة لغاية لما أنا آجي، وطبعًا الوقت بيكون غير كاف أن نعمل واجبا أو نستذكر ما أخذوه، هذا بالإضافة إلى إذا كان عندها درس (على فكرة هما لما بيرجعوا من المدرسة يقعدوا مع جدهم لحين عودتي ومن الممكن أن أجد شد وجذب؛ لأنهم يقولون لها ذاكري وهي لا ترد ولا تعمل أي شيء، وطبعًا هي تعتقد أنهم يقولون لي، وبالتالي أنا أزعل منها، وتحاول أن تقنعني أنها عملت حاجة مرة أصدقها حتى لو معملتش ومرة أخرى أعاقبها.
نيجي بقى للمذاكرة لوحدها مينفعش، ونقعد باقي اليوم نطلع بحاجة بسيطة ولما نوضب الشنطة نقعد برضه وقت طويل، وبالتالي نزعق والعشاء نفس الكلام في كل هذا تعتمد علي أو على أختها وأصبحنا جميعًا نتضايق من كتر الزعيق والنكد يعني هذا لغاية ما نام حاولت كتير أدخل والدها، ولكن يصل أيضًا لحائط سد حيث إنها عنيدة جدًّا وتقول هو أنا عملت حاجة، وعلى فكرة أنا أعتقد أن من داخلها بتكون متضايقة برضه هذا، بالإضافة أن تصرفاتها طفولية يعني أجدها لا يوجد عندها أي اهتمامات مثلاً عند درس لا تهتم بأن تفكر فيما تريد أن تلبسه وتختار أقرب شيء حتى لو كان لا يصلح للمشوار ولا تهتم بأن تخرج أحلى واحدة زي البنات، وكل حاجة تقول وإيه يعني.
أنا أتمنى أن أصاحبها، أنا أحيانًا كثيرة أشعر أنها لا تحبني، على الرغم من أنني أموت فيها والتفكير في هذا الموضوع يكاد يشغل كل تفكيري لدرجة أن هذا يؤثر على أختها؛ لأنني لا أقدر أن أميزها في شيء، حيث إن آية تشعر بأنني أميزها عنها، ومن الآخر يومنا كله نكد بسببها لدرجة أنني بدأت أشعر أنه سوف يؤثر على أختها؛ لأن لها ستايل(نموذج) حلو ورقيق وترفض هذه التصرفات كما نرفضها جميعًا.. آسفة للتأخير وللإطالة وشكرًا. السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
بسم الله الرحمن الرحيم، سيدتي.. أسعد وأشرف بمتابعة استشارتك، كما يسعدني إقبالك على موقعنا وثقتك بنا، ولنبدأ الآن فيما ورد برسالتك الأخيرة، وقبل الرد عليها دعيني أولاً أحدد في نقاط ما تجدينه مشكلة مع "آية".
فقد ذكرت –سيدتي- نظام يومكم معها وكيف يتحول إلى "نكد" بسبب سلوكياتها، والتي تتلخص في:
1- تباطؤها الشديد في كل شيء (لبسها وتناولها للوجبات ومذاكرتها وتلبيتها لأي أمر من الأوامر).
2- استفزازها المستمر لكم.
3- عدم وجود أصدقاء لها بالمدرسة.
4- عدم وجود اهتمامات أو هوايات خاصة بها.
5- عدم اهتمامها بنفسها كأنثى.
قبل أن نبدأ في تناول النقاط السابقة سأسرد لك قصة قصيرة قد حدثت ونحن نتدرب على أيدي أحد المدربين التربويين، فقد كنا في إحدى ورش العمل الخاصة بالتربية وسأَلنا المدرب (وكان أجنبيًّا) عن أخطر شيء يفعله القائمون على التربية بصفة عامة والآباء بصفة خاصة في ممارستهم التربوية، فأخذ كل منا يدلي بدلوه، إلى أن أجاب هو في النهاية بجملة قصيرة ربما دارت حولها إجابتنا، وكانت: إن أخطر شيء يفعله المربون هو ما يسمىQuick fix ، أي أننا نتعجل النتائج ونرغب في حل سريع ينهي المشكلات بينا وبين أبنائنا.
وحتى لا نقع في نفس الخطأ ونتعجل النتائج لا بد أن نسير بطريقة تدريجية؛ ولذا يمكن أن نتناول الحل بالطريقة التالية، وهي تتمثل في أمرين يسيران متوازيين جنبًا إلى جنب ألا وهما:
أولاً: محاولة كسب ابنتك وإيجاد علاقة حميمية بينك وبينها، وقد ورد في الردود السابقة على هذه الاستشارة ما يغني عن إعادته هنا، وأذكرك مرة أخرى أن هذه العلاقة لا تبنى بين يوم وليلة، بل تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين ورغبة أكيدة، بل مستميتة في الإصلاح.
وأحب فقط أن أضيف أمرين قد ذكرا بالاستشارات الأخرى، لكن وددت أن أركز عليهما:
1- عند إقامة الحوار بينك وبين ابنتك لا بد أن يكون له شروط حتى يكون حوارًا ناجحًا ويؤتي الثمرة المرجوة منه، وهذه الشروط هي:
* أن يتسم بالمرح والدفء والحب.
* أن يكون في الموضوعات التي تهتم بها ابنتك.
* ألا يكون الغرض منه إلقاء النصح والوعظ ولا تصيد الأخطاء.
* أن يكون حوارًا بين طرفين وليس من طرف واحد فقد روت لي إحدى الصديقات عن الحوارات القائمة بينها وبين ابنتها فاكتشفت أنها هي التي تتحدث وابنتها تستمع إليها وترد بكلمات مقتضبة قصيرة وعندما جلست مع الابنة اعترفت لي بأنها توافق "تهاود" أمها فيما تقول لسببين، أولهما أن الأم لا تنسى أبدًا أنها أم فيغلب على حديثها التوجيه والوعظ بشكل سافر، والأمر الثاني أنها -أي الابنة- حينما تستمع لأمها يضمن لها هذا الاستماع تنفيذ طلباتها بعد أن تنتهي الأم من محاضرتها لها، فانظري كيف يتصرف أبناؤنا معنا بذكاء.
2- لا بد أن تهتمي بابنتك من حيث كونها أنثى، وذلك يكون عن طريق:
* أن تهتمي بإهدائها بعض الهدايا التي تعزز هذا الإحساس عندها (الحلي بأنواعه المختلفة، وبالطبع لا بد من المساواة بينها وبين أختها في هذا، بل وفي كل تصرفاتك تجاههما).
* أن تهتمي بأن تأخذي رأيها فيما تريدين أنت من ملابس وتناسق الألوان.
* أن تذهب معك لشراء بعض ملابسك وتستشيريها فيما تختارين.
* حينما ترتدي ملابسها بشكل منسق أثني عليها وامدحيها.
* اجعليها تنسق أو تغير بعض أثاث البيت.
* عند إعداد مائدة الطعام لا بد من مراعاة الذوق الرفيع والإعداد الجيد لها.
هذه نماذج ويمكنك إضافة الكثيرهذا عن كيفية إقامة العلاقة الحميمية بينك وبين ابنتك، وأرجو الرجوع إلى كل ما قيل في الاستشارات السابقة الخاصة بهذا الموضوع(سأوردها لك بنهاية الاستشارة).
ثانيًا: تجزئة المشكلات التي بدأنا في تحديدها أول الرسالة:
قبل أن نتناول حل المشكلات لا بد أن تدركي أن معظم المشكلات السابقة ناجمة عن هذه العلاقة المتوترة بينكما، فإذا ما تحسنت العلاقة قمت بحل الجزء الأكبر من المشكلات، وسيبقى منها التعود على السلوك غير المرغوب فيه، وحتى نزيل هذا التعود أو نبدله بعادات أخرى سليمة فعليك أن تتناولي كل مشكلة على حدة وتحدديها وتحددي زمنًا لعلاجها (يمكنك الاطلاع على عدة استشارات تناولت كيفية التعامل مع المشكلات وطرق تعديل السلوك، وأتذكر منها استشارتين هما: يا حي يا قيوم.. أنقذ مراهقا، وشهر زاد وألف ليلة وليلة- أوردهم لك بنهاية الاستشارة-).
ويبقى فقط مشكلة عدم وجود أصدقاء لها بالمدرسة، ومشكلة عدم وجود اهتمامات وهوايات خاصة بها، والمشكلة الأخيرة -أي عدم وجود اهتمامات خاصة بها- يمكنك الاطلاع على كثير من الموضوعات التي نشرت على هذه الصفحة والتي تناولت الأنشطة المختلفة التي يمكن أن نمارسها مع أبنائنا، ومن ثَم يصبح لديهم مهارات واهتمامات لها صلة بهذه الأنشطة.
أما مشكلة عدم وجود أصدقاء لها فإليك بعض الاقتراحات بشأنها:
* أن تكوني أنت على صلة ببعض أمهات زميلات ابنتك بالمدرسة.
* أن تنظمي مع ابنتك بعض الرحلات البسيطة لها ولزميلاتها في أيام الإجازات.
* دعوة بعضهن لزيارة ابنتك بالبيت.
* من خلال علاقة الود التي تحاولين تكوينها بينكما لا بد أن توضحي لابنتك الأسس الصحيحة لكسب الأصدقاء (دون وعظ كما أشرت من قبل).
* أن تكوني على معرفة جيدة بمستواها الدراسي وعلى صلة جيدة بمدرسيها.
ملحوظة: معذرة أنني أحلتك لقراءة كثير من موضوعات خاصة بمشكلتك، ولكن هذا سيعينك بلا شك في فهمك لطبيعة ابنتك، ومن ثَم في حل مشكلاتها.
ــــــــــــــ(102/434)
عندما يخطئ الآباء العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..سؤالي يخص الطفل صاحب استشارة أزمة التعليم والمعلمات.. متابعة2
في الحقيقة سؤالي هذه المرة ينحصرفي نقطتين :الأولى: كيف أكتشف موهبة أخي الصغير البالغ من العمر 10 سنوات؟ فهو متفوق في دراسته، وقد مرت عليه أيام كره فيها المدرسة والدراسة واحترت في أمره كثيرًا، ثم ربطت له أن الدراسة الهدف منها هو نصرة الإسلام والنهوض بالأمة، فعادت الحيوية إلى دروسه، وعاد يحب الدراسة لرغبته الشديدة بتحرير فلسطين، وأن يكون في مقدمة الجيوش المحررة، وأنا قلت له إنه لن يحرر فلسطين إلا الجيوش الإسلامية صاحبة العلم، وهو مقتنع تمامًا بالفكرة، لكنه مع ذلك يبقى أحيانًا يقول لي متى سيأتي الصيف لألعب، ولا أحس أنه يستمتع بما يتعلمه ربما لأنه لا يطبقه على الواقع، وهو متفوق في مواد العربي والاجتماعية أكثر من الرياضيات.. فهل من هنا أستطيع الانطلاق لمعرفة أين يجب أن أوجه اهتمامه في المستقبل كي يتعلم علومًا تفيد الأمة وتساهم بنهضتها؟
أنا أكتب لكم مباشرة بعد حلقة العلم للأستاذ عمرو خالد في برنامجه "حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وأريد أن أجعله يستمتع وهو يدرس، ولكنني لا أجد لذلك سبيلاً فهو يبقى يفكر باللعب. أحيانًا أعتقد أن وضعه المكبوت في المنزل هو السبب.
بالنسبة لأبي وأمي فهما يكبتاننا، وهو دومًا يقول لي إنني أتمنى أن أموت لأتخلص من هذه الحياة، فهل يعقل أن طفلاً في العاشرة يجب أن يكون ممتلئًا حيوية ونشاطًا يتمنى الموت؟! أخاف أن يكون هذا بداية السقوط، وحتى أنه عندما يدافع عن أبسط حقوقه مع أمي مثل أن له الحرية أن يلبس ما يريد أو يأكل ما يريد تبدأ بالصراخ في وجهه وأنه عقها، ثم تنهال عليّ بالتوبيخ بحجة أنني أنا التي أعلمه التمرد عليها، مع أنني والله لا أفعل ذلك، ولكنني أقول لها بيني وبينها: إنها بتعاملها معه هكذا تحُدّ من إمكانياته وتجعله يتخلف عن أن يكون رجلا مفيدًا للأمة ويستغل طاقاته في المفيد، وأنا سعيدة؛ لأنه يدافع عن حقوقه فهي وأبي يحرماننا من أبسط حقوقنا، ويجب أن نكون عبيدًا لهما وليس أبناء، وأنا أتساءل كيف تنمو وتبرز المواهب بجو مليء بالكبت والخوف؟ وعلى فكرة فإن اعتراضه يكون بمنتهى الأدب، وأحد الحوارات كان حول رغبته في لبس حذاء بعينه؛ لأنه بالنسبة له يشعره بالراحة فرفضت أمي إلا أن يلبس آخر يؤلمه رغم محاولاته المؤدبة لتوضيح السبب.. وفي النهاية اتهمتني بإفساده.
أنا عندي قناعة أن الإنسان يجب أن يدافع عن حقوقه حتى مع أهله لكن بأدب؛ لأنهم يمنعوننا عن الذي سينهض بالأمة، ووالله إننا لا نعقهم، ولكنني ألاحظ أن الجميع مهتم بعقوق الأبناء للآباء، ولا أحد ينبه الآباء لعقوقهم لأبنائهم.. رغم أن الصحابة كانوا يربون أبناءهم على العزة والحرية حتى خرج من بينهم قائد جيوش عمره 16 سنة.. دائمًا أفهم أخي أنه يجب أن يدافع عن حقه ولكن بأدب شديد حتى لا يكون خنوعًا وذليلا.. أمي عصبية من النوع الذي يميل للسيطرة.
كيف أجعل العلم يتغلغل في كيانه ويتشربه عقله فلا يبقى عليه همًّا ثقيلاً؟ هل إهانات المعلمة له واستهزاؤها به في الصف أثّر عليه؟ فهو يزعجها بثرثرته، ولكن عندما أحاوره بأن يمتنع عن ذلك يقول لي إنني لا أعرف لماذا أحب أن أفعل ذلك؟
هو حنون ولطيف، ولقد قرأت أن الطفل عندما يسلك سلوك العناد مع أحد بالغ فإنه ينتقم منه؛ لأنه أزعجه والطفل لا يعلم ذلك.. أنا لا أريد لروح السلبية أن تشيع فيه.
اليوم جاء من مدرسته وهو حزين بعد مذاكرته التي كتب فيها بشكل ممتاز، ولكنه غش فيها مع أنني واثقة تمام الثقة أنه درسها بشكل ممتاز.. فقد ذاكرنا جيدًا.. وعندما جاء يعترف لي كان الندم يعتصر قلبه وصار يبكي لأنه فعل ذلك، ولأنه لا يعرف ما الذي يجعله يفعل ذلك؟ وأنا أريد أن أعرف الأسباب الحقيقية وراء فعله أشياء يعرف أنها خطأ ولا يريدها فهو متفوق ويدرس بجد.. فلا بد أن أسبابًا نفسية قوية تدفعه للغش لا بد من معرفتها ومعالجتها.. ولقد اعترف لأختي الكبرى بأنني السبب في غشه؛ لأنني عندما أغضب عليه وأصرخ في وجهه يدفعه ذلك إلى عدم التركيز في الدراسة، وبالتالي ينسى المعلومات فيبدأ بالغش خوفًا، رغم أنني لم أنتهره ولا مرة مطلقًا عندما يحضر علامة قليلة، فلماذا يظن أنني سأفعل ذلك؟ ولقد عانى فترة من الشرود بسبب سفر أختي الكبرى التي كان متعلقًا بها.
دائمًا يقول لي إنه سيتبرأ من أبيه وأمه على أفعالهما.. غضب جدًّا من أسلوب أبي المليء بالقسوة، فيذهب ويفرغ ضغطه بأن يكسر ساعته أو يرمي ما بيده على الأرض، وهو الطفل الهادئ الطباع الرزين لكن أفعالهما معه تدفعانه لذلك.
سؤالي الآن: هل من الممكن أن يبقى مرتبطًا بأخته هكذا للأبد أم أنه سينفصل عنها نفسيًّا عندما يكبر؟ وارتباطه هذا لدرجة أنها عندما خُطبت اكتأب وصار يبكي ولا يرديها أن تتزوج، وهذه الحادثة من 3 سنوات.
أريد أن أعرف ما الذي يعانيه أخي بالضبط فأنا أريد أن أصنع صلاح الدين، ولو كلفني ذلك حياتي.وأنا مستعدة لأبدأ التغيير في نفسي بكل شيء حتى أؤمن له الأمان والاطمئنان، وأريد الخطوات لذلك فهو يعلم أنني أحبه، فكيف أستطيع أن أستغل هذه الأشياء في سبيل تنميته أكثر؟
المشكلة الثانية مشكلة الخوف فإنه كان في السنة الماضية يشاهد الأفلام البوليسية مع أبي وشاهد مرة فيلم رعب.. وبذلك تضاعف الخوف عنده، مع أنه كان يخاف من قبل، لكنه أصبح يخاف ضعفين فلا يستطيع النوم وحده، وإذا نامت أختي قبله وهي تنام معه بنفس الغرفة لم يستطع النوم، ويخاف أن يبقى وحده في أي مكان.
وبعد ذلك اتفقنا معه أنا وأختي أن يلغي الأفلام بعد أن رأى نتائجها السلبية، وفعلاً حدث ذلك حتى برامج الأطفال التي تجسد العنف والحروب لم يَعُد يشاهدها، لكن لم أجبره على ذلك؛ لأنني أحاول أن أريه تجريبيًّا الآثار الضارة لمثل هذه البرامج على حياته، فإن أول ما يفكر فيه هو القتل والضرب بالرصاص والسكين والقتال وهو يقتنع، لكن منذ شهرين لم يتخلص من هذا الخوف، فهل هذه مدة طبيعية أم أن وضعه في المنزل يعزز عنده هذه الظاهرة؟ وكيف أتخلص منها، ولكم جزيل الشكر.
وهنا نقطة ثالثة تذكرتها الآن وهي أن ابن أختي البالغ من العمر 13 سنة يتابع برنامج عمرو خالد الأخير، وعندما سمع حلقة الإيجابية فكّر بفكرة جميلة، وهي أنه قام بنسخ كاريكاتير عن موضوع تفاهة الشباب في ملاحقتهم للبنات، وصوّر منها العديد من الصور، وقام بلصقها في الشوارع وإلى جانب مدرسته حتى يفيد الناس ويصحو الشباب، وكان موقف أمه منه سلبيًّا قبل أن يفعل ذلك، واعتبرت ذلك مسخرة، ولكننا أنا وأختي شجعناه على هذه الإيجابية، وأعتقد أن هكذا خطوة ستؤدي به إلى خطوات أخرى، ولكن عندما لصق إحدى هذه الصور على عمارتنا وجدتها ممزقة وملقاة في الأرض وهو لصقها وهرب حتى لا يعرف الناس أنه فعل ذلك، فهل يبقى ويواجه الناس وانتقاداتهم؟ وإذا كان الجواب نعم، فماذا يقول؟ وهل أتكلم مع جيراني في العمارة لإخبارهم بأن هذا العمل غير لائق فالجيران فقط ستة شقق وهم عائلات محترمة، ولكن كيف نقنع الكبار بذلك؟ ولكم جزيل الشكر.
السؤال
أطفالنا والأحداث الجارية الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
الشابة الدؤوب.. أكرّر شكري وتقديري على اهتمامك بإخوتك وعلى المتابعة معنا، واسمحي لي قبل أن أبدأ في تناول النقاط التي تسألين عنها أن أهمس في أذنك بأمر ربما -من فرط حماسك والظروف التي مررت بها ورغبتك في تعويض أخيك ما يفتقده من حب ورعاية- جعلك تنسينه وتغفلين عنه ألا وهو الاهتمام بسماح نفسها بجوانبها المتعددة.. فأين هي من اهتماماتك؟!
صغيرتي الشابة لو كانت هذه رسالتك الوحيدة التي أرسلتها للصفحة لكنت أثنيت عليك ثناء حارًّا لما تبدينه من اهتمام ورعاية بإخوتك وبالقضايا العامة وعدم سطحيتك، لكني قد تابعت كل استشاراتك السابقة؛ مما جعلني أتأكد أنك قد بخست حق نفسك، ولا يعني كلامي هذا أن أدعوك للأنانية أو للتفكير في نفسك فقط ولا تهتمين بشؤون الآخرين، حاشا لله أن أفعل، ولكن خير الأمور الوسط، وقد أمرنا بعدم الإفراط أو التفريط في أي شيء، وديننا هو دين الوسطية "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا"؛ ولذا فإن المبالغة في أي شيء -حتى العبادة نفسها- غير مقبول، فلماذا نتعنت مع أنفسنا ونبالغ في أشياء لو نظرنا إليها بمنظار آخر لاختلف الأمر كثيرًا؟! فعليك وأنت الشابة الصغيرة أن تهتمي قليلاً بأمرك من النواحي المتعددة الثقافية والنفسية والاجتماعية والدراسية والجمالية... إلخ، بالطبع في حدود ما شرع الله، فكّري قليلاً سماح في هذا الأمر، وأنا أظن أن معظم ما تعانين منه سواء في حيرتك في التعامل مع أخيك أو مع والديك يبدأ حله بالمصالحة والهدوء مع نفسك أولاً.
والأمر الثاني الذي أرغب في تناوله معك هو أمر والديك، وأنا بالطبع لا أُقرّ بأي حال من الأحوال قسوة وغلظة الأبوين وتسلطهما وعدم مراعاتهما للأحوال النفسية للأبناء وعدم تقديرهما لمشاعرهم.. إلى آخر الممارسات التربوية الخاطئة التي يمارسها الآباء على أبنائهم مستغلين في ذلك المكانة -ولا أقول السلطة- التي منحها الله سبحانه لهم، وهذا أمر أردت أن أوضحه لك قبل أن أتناول هذا الموضوع، لكني لاحظت في رسالتك ثمّة خطأ في طريقة التواصل تزيد من الفجوة بينكما؛ فقصة الحذاء التي ذكرتها، وطريقة ردك على والدتك، والطريقة التي تعلمينها لأخيك، وسرورك من أنه يستطيع أن يأخذ حقه منهما لا بد من التوقف عندها قليلا، ولا أقصد بكلمة الطريقة أنك -معاذ الله- تسيئين الأدب أو تعلمين أخاك هذا، بل أقصد الحدة والاندفاع في رد الفعل تجاه المواقف المختلفة معهما.
أعلم أنك تقولين: "إذا كنت حادة وغليظة معهما فهما السبب في ذلك"، أنا أقدر ذلك تمامًا، ولكننا الآن ندور في حلقة مفرغة لن تنتهي إذا ظللت تفكرين بهذه الطريقة، فهما قاسيان متسلطان؛ لذلك أنت تحاولين الاعتراض وإبداء وجهة نظرك، وهما يستفزهما هذا الاعتراض حتى لو كنت محقة، ويظل هذا الأمر بينكما دون نهاية ودون أن يتوقف أحدكما ليفكر متى تنتهي هذه الدائرة، وبالطبع هذا يزيد من التوتر بالبيت وكثرة الخلافات وهو جو لا يُنشئ إلا المرضى، وبالطبع إنه من العبث أن أوجه كلمة لهما لمحاولة أن يغيرا من نفسيهما، أو ليحاولا بِرّكما الآن؛ وذلك لا لكبر سنهما فقط ولكن لأنهما ليسا على استعداد لهذا التغيير ولم يطلباه، ولكني أتحدث إليك أنت لأنك أنت المستقبل من ناحية، ولأنك ترغبين في التغيير من ناحية أخرى، وأود أن أذكرك بمقولة في رسالتك أعجبتني جدًّا ألا وهي: "وأنا مستعدة لأبدأ التغيير في نفسي بكل شيء"، وهذا أمر رائع حقًّا، ولا يكون التغيير من أجل أخيك فقط، بل من أجلكم جميعًا، فابدئي الآن يا سماح (وليكن من اسمك نصيب كبير).
ابدئي في تحليل الموقف بشكل عملي، وواجهي نفسك بما يجب أن تواجهيها به، فاسألي نفسك لماذا أتحامل على والديّ وأتعامل معهما بقسوة وحدة وتحدٍّ؟ ولماذا أحس دائمًا أننا في جانب وهما في جانب آخر وكأننا أعداء؟ سيكون جوابك بالطبع: لأنهما هما اللذان زرعا فينا هذه القسوة والغلظة، ولأنهما من التسلط بحيث لا يسمحان بقدر من الحرية، ولم يتحابا قط حتى يفيضا علينا من هذا الحب، وأنهما أقاما بيننا وبينهما جبلا من الجليد. نعم كل هذا صحيح، ولكن بعد كل هذه السنوات ماذا يجب عليّ أن أفعل تجاه هذا الأمر "إذا واجهت نفسك بهذا السؤال -عزيزتي- فأنا على يقين من أنك ستجدين الإجابة تبرق في ذهنك قائلة: "لماذا لا أبدأ أنا في إذابة جزء من هذا الجليد؟ لماذا لا تكون أول خطوة مني أنا؟"، وخاصة أن لديك من الصفات والمؤهلات التي تسمح لك بذلك فلديك إصرار قد لمحته، بل رأيته في كل سطور استشاراتك ولديك قدرة على العطاء لا مثيل لها.
ابدئي -سماح- ولا تترددي، حاولي أن تتحدثي مع أمك برقة وحنان، وحاولي أن تفعلي ما لم تفعله هي من التقارب بينكما. حاولي أن تفتحي لها قلبك وعقلك واستوعبيها فأنا على يقين من أنها في أمسّ الحاجة إلى أن تسمع هذه الرقائق من أقرب الناس إليها، وخاصة بعد أن بلغت من الكبر عتيًّا.. ثقي أنك إن فعلت وجدت تلك الأم التي افتقدت وجودها ربما منذ ميلادك وأنت بلا شك تعرفين أجر ما ستفعلينه معها، كما أنك بذلك تكسبين أحد الجانبين، ومن يدري ربما بهذه الخطوة تستطيعون جميعًا بالحب والرفق والكلمة الطيبة انضمام الأب إليكم فيما بعد.. حاولي -سماح- وصدقيني فستجدين النتيجة مذهلة، ولكن الأمر يحتاج إلى قوة إرادة ونية صادقة وهما بلا شك متوفران لديك.
أما إذا حاولت كل المحاولات السابقة للصلح والتصالح والتقارب ولم يفلح هذا الأمر -وأنا أشك في ذلك كثيرًا وخاصة مع صدق النية في التغيير- على كل حال يمكنك في هذه الحالة أن تقللي نسبة الاحتكاك بينكم (أنت وإخوتك من ناحية ووالداك من ناحية أخرى)، وعند إصدار الأوامر لكم لا تحتدي، بل ذكري نفسك أنك يمكن أن تعترضي بهدوء ودون عصبية وبطريقة لائقة، ولكن حاولي قدر الاستطاعة أن يكون اعتراضك على هذه الأوامر في أقل حدود ممكنة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وبالنسبة لأخيك إذا وجدك تتصرفين بهذه الطريقة مع والديك فسيقلدك بلا شك، كما أنك ستحاولين إفهامه طبيعة السن الذي يمر بها الوالدان فلم يعودا في سن تسمح بهذه المناقشات والاعتراضات بتحدّ وحدة.
هذا جزء من الحل، وجزء آخر يتمثل في عدم خلط الأدوار، وأنا أكرر ما نصحك به الدكتور عمرو أبو خليل من عدم منازعتك للوالدين في دورهما، فهذا يثيرهما ويستفزهما مما يؤدي إلى مزيد من الشجار والخلاف؛ الأمر الذي يعرقلك في توجيه أخيك بالطريقة التي ترغبين فيها، ويضيع جهدك في الخلافات اليومية بلا طائل أو إفادة تذكر، وتذكري دائمًا أنك لم ولن تكوني يومًا ما أمًّا لأخيك، فحاولي أن تقومي بدور الأخت الحنون التي تساعد أخاها في المذاكرة أو في ممارسة بعض الأنشطة (يمكنك الاطلاع على موضوعات كثيرة تناولت الأنشطة المنزلية التي يمكن أن تمارسيها مع أخيك، إلى جانب أنها تساهم في اكتشاف مواهبه وتنميتها سأوردها لك بنهاية الرد) أو نصحه إذا احتاج لنصيحة، واللعب والمرح معه، ولكن ليس لك عليه إصدار أوامر أو تعنيفه حين يخطئ.
أخيرًا نصل إلى ما يخص أخاك من أمور تتلخص في هذه النقاط التالية:
1. كيف تكتشفين مواهبه؟
2. رغبته في اللعب برغم تحفيزك له على المذاكرة.
3. لجوئه للغش أحيانًا.
4. رغبته في أن يكون في مقدمة الجيوش التي تحرر فلسطين، وفي نفس الوقت يرغب في الموت ويطلبه من جراء ما يفعله والده به.
5. ارتباطه بأخته التي تكبره بعشرين عامًا.
6. الخوف.
وتفصيل هذه النقاط كما يلي:
1.بالنسبة لاكتشاف مواهب أخيك فقد ذكرت لك أن هناك العديد من الموضوعات على هذه الصفحة (وبخلاف موضوعات الأنشطة) التي تتناول المواهب وتنميتها يمكنك الاطلاع عليها سأوردها لك في نهاية الاستشارة:
2.بالنسبة لرغبته في العب برغم تحفيزك له وتشجيعه على المذاكرة فهذا أمر لا يقلق، بل العكس هو الذي يثير القلق؛ لأن هذه الفترة فترة اللعب والحركة، وخاصة عند البنين، فدعي أخاك يعبّر عن هذه الرغبة، بل ويمارس اللعب بعد الانتهاء من وظائفه المدرسية (يمكنك الاطلاع على بعض الموضوعات الخاصة بكيفية المذاكرة الصحيحة التي سأوردها لك بنهاية الاستشارة).
3.أما بالنسبة للجوئه للغش فقد ذكرت أنت في رسالتك السبب، وهو صراخك في وجهه وتعنيفك إياه أحيانًا عندما تساعدينه في المذاكرة، كما أنني لاحظت أنك -لرغبتك العارمة في تفوق أخيك وتميزه في الدراسة- تشكلين نوعًا من الضغط عليه، وكما نصحتك في بداية الرسالة علينا بالوسطية وعدم المبالغة في أي شيء مهما كان مفيدًا.
4.أما بالنسبة لتمنيه الموت برغم أنه يرغب في تحرير فلسطين؛ فهذا أمر طبيعي أيضًا بالنسبة لظروفه التي يعيش فيها؛ فما عليك تجاه هذا الأمر إلا أن:
• تضفي روح المرح على تعاملك معه بصفة عامة.
• أن يكون بينكما حوار دائم مفتوح يبث لك فيه ما يشعر، وعليك الاستماع إليه أكثر من وعظه وتوجيهه.
• أن تذكريه بأن عليه بدلا من تمني الموت والخلاص من حياته أن يركز فيما يرغب أن يكون عندما يكبر؛ حتى يستطيع أن يحقق كل ما يطمح إليه.
• وتذكري -سماح- أنك إذا قمت بإذابة جبل الجليد بينكم وبين والديكم؛ فسوف يتخلص "محمد" من هذا الشعور.
ونصيحة أخرى بشأن موضوع تحميس "محمد" وبث روح الغيرة على هذا الدين لنهضة هذه الأمة بعد كبوتها، فهذا أمر يدل على مدى صدقك وإخلاص نيتك، ونحن نأمل جميعًا، بل لا بد أن نعمل جاهدين لتحقيقه، كلٌّ بحسب قدرته وموقعه، وهذا أمر مما لا شك فيه يحمد لك، خاصة أن الأولاد في سن "محمد" يعشقون قصص البطولات، ويتخيلون أنفسهم فرسانًا وشجعانًا وأبطالا يصولون ويجولون، ولكن كما ذكرت لك مرارًا عليك بالوسطية، وترشيد هذه الحكايات، وخاصة مع وجود كثير من المحبطات المحيطة به، سواء على المستوى العام أو الخاص؛ فإن كثرة تحفيزه وتحميسه دون تفريغ هذه الشحنة، ولو على مستوى اللعب يجعله يفقد الحماس والثقة بمن حوله ويخيم عليه اليأس، ثم يفقد رغبته بعد ذلك في الاستماع لمثل هذه القصص التي سيعتبرها قصصًا خرافية.
5.وأما بالنسبة لارتباطه بأخته التي تكبره بعشرين عامًا، فلا يقلقك هذا؛ فهو يجد منها الحنان والرفق ما لا يجده عند والديه، فهذا أمر طبيعي، ولكن عليكم جميعًا التعامل معه بالحب والرفق حتى يتدرج في بُعده عنها، وخاصة أنها على وشك الزواج.
6.وبالنسبة للخوف فقد ذكرت أنت جزءا من العلاج وهو ألا يشاهد مثل هذه النوعية من الأفلام التي تثير الرعب ولا فائدة منها، ويمكنك الاطلاع على موضوعات كثيرة على هذه الصفحة عالجت موضوع الخوف سأوردها لك أيضًا.
7.وأخيرًا بالنسبة لموضوع ابن أختك والسلوك الإيجابي الذي قام به؛ فأنا أحييك على تشجيعك إياه، ويمكنه أن يواجه الناس إذا أراد ذلك، وأحس بأنه يستطيع مواجهتهم دون خوف، أما إذا أحس بالخوف فلا تدفعيه إلى المواجهة دفعًا، ولكن حيي فيه شجاعته على مجرد الفكرة التي ابتكرها وألصقها على الجدران، فإذا فعلت فإنه سوف يشعر بالشجاعة تدريجيًّا على المواجهة، ويمكنك بالطبع التحدث إلى الجيران، ولكن عليك مراعاة ثقافتهم والرفق بهم عند الحديث معهم.
وأخيرًا -صغيرتي الشابة- أدعو الله عز وجل أن يوفقك لما فيه خير لك ولأسرتك الحبيبة، وأرجو أن تستمري في متابعتنا. من فضلك انقري هنا لمطالعة المعالجات التي أشرنا إليها:
أولا: الخاصة بالأنشطة:
- برنامج مميز للوقت المميز
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
- وصفة لتبسيط الحرب على أطفال العرب
- مذكرات الإجازة الصيفية.. بذرة لأديب أو فنان
ثانيًا: الخاصة بالمذاكرة:
- شهرزاد وألف ليلة وليلة.. مذاكرة
- أسرار التفوق الدراسي للأبناء
- حول الاستذكار والامتحانات
ثالثًا: الخاصة باكتشاف المواهب وتنميتها:
- موهبة أم تميز أم تفوق.. فض الاشتباك؟!
- تنمية القدرات.. التوجيه لا الضغط
- دروس في تنمية الذكاء
- اللعب خير لا بد منه
- وأخيرًا الخاصة بعلاج المخاوف:
- العلاج السلوكي المتدرج والمخاوف
ــــــــــــــ(102/435)
لا تفارق أسرتك ولو في الصين العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الأستاذ الفاضل الإخوة القائمين على الموقع، جزاكم الله خير الجزاء على هذا الجهد الطيب. مشكلتي أنني لدي ثلاثة أطفال تعلقت بهم وتعلقوا بي، شأن أي أب مع أولاده، وقد عشت معهم فترة 3 سنوات في بلد غير بلدي بسبب ظروف دراستي، وعندما بلغ الطفل الأكبر سن المدرسة (6 سنوات) اضطررت؛ لأن أعيدهم إلى بلدي كي يلتحق بالمدرسة؛ لأن الدولة التي أعيش فيها ليست إسلامية، ولا يتوفر فيها مدارس إسلامية (الصين)، وخلال وجودهم معي في الصين حاولت أن أتعامل معهم خصوصًا الطفلين الأولين بأسلوب تربوي حتى أزرع الثقة في أنفسهم، وكنت أحرص كثيرًا على الاستماع لأشرطة الدكتور طارق السويدان، وكذلك متابعة موقعكم للاستعانة على تربيتهم.
ولكن بعد أن تركتهم في بلدي مدة ستة أشهر عدت إليهم وقد اكتسبوا سلوكيات سيئة من البيئة المحيطة، والأسوأ من ذلك أن الولد الأكبر البالغ من العمر 6 سنوات أصبحت ثقته بنفسه ضعيفة، ولم تَعُد عنده تلك الجرأة على التكلم وإبداء آرائه، ولا أخفيكم أنهم يفتقرون إلى من يحافظ على مهارتهم. ولقد حاولت أن أتدارك الأمر، وأوصلت خدمة الإنترنت إلى منزلي حتى أتمكن من متابعتهم عبر الأنترنت؛ لأن تكلفة الاتصالات باهظة، وسأحتاج إلى وقت طويل حتى أتحدث معهم، ولكن المفاجأة التي لم أكن أتوقعها أنه بسبب ضعف الشبكة في بلدي لم أستطع التحدث معهم عبر الـ"ماسنجر"، فاضطررت أن أكتفي بعملية الكتابة، وأمهم تقوم بعملية الرد على الكتابة.
عذرًا أساتذتي الأفاضل، أتمنى منكم أن ترشدوني ما هي الطريقة المناسبة التي من الممكن أن أتابعهم بها عبر الكتابة على الماسنجر. ثانيًا ما هو الشيء الذي بإمكاني أن أصنعه لهم وأنا بعيد عنهم وفي مثل هذه الحالة؟ أتمنى من الإخوة القائمين على الموقع أن يضيفوا إلى موقعهم اختبار تحديد الذكاء لدى الطفل وطرق تقويته.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أخي الكريم، ولا يسعني إلا الثناء على سعيك الدءوب لتحصيل العلم، وإحراز التفوق كما ينبغي لكل مسلم أن يفعل؛ فقد ورد في الأثر: "اطلبوا العلم ولو في الصين"، ولقد نفذت الوصية بحذافيرها، فهنيئًا لك الفوز بالعلم والأجر في طلبه ومشقة الحصول عليه، وندعو لك بالنجاة من المرض الذي تزعجنا أخباره بشأن كل من يهمنا أمره في تلك المنطقة التي تفشى بها المرض "سارس"، نسأل الله لك العافية.
أخي الفاضل.. لقد ذكرت في سؤالك معلومات غاية في الأهمية قد تجعل ردي على سؤالك في اتجاه مختلف تمامًا عما حددته من نقاط، ولا تندهش لكن فقط طالع معي ما ذكرته في سؤالك بدقة وروية:
أولا: أنت تقول إن أبناءك "يفتقرون إلى من ينمي مهاراتهم"، ورغم أن أمهم ربة منزل وتقضي معهم يومها كله بصفتها ربة منزل؛ فإنك همشت دورها تمامًا، اللهم إلا من كتابتها لك بلسانهم على الحاسب.
ثانيًا: أنت ترى انحدارًا ملحوظًا على كل المستويات (نفسيًّا وخلقيًّا) فيما غرسته في أبنائك.
ثالثًا: عدم سهولة تواصلك مع أبنائك.
رابعًا: السبب الوحيد لتلك الفُرقة هو أن الصين دولة تفتقر للمدارس الإسلامية كما ذكرت.
إذن بالفعل نحن أمام أسرة اعتادت أن يكون لها "مايسترو" أو قائد، ولا يستقيم حالها على وجه مُرضٍ بدونه، وما زالت أسباب المايسترو في ترك الفرقة مشتتة بلا قيادة غير كافية ولا تجلب من المصالح قدر ما لا تدرؤه من المفاسد.
إن المدرسة -يا أخي الكريم- على قدر ما لها من دور عظيم في تربية الأبناء، إلا أنها لا تقوم وحدها بتلك المهمة، بل إنها أحد العوامل المساعدة على استثمار وسقاية ما يتم انباته في البيت من قبل الأسرة في الأبناء، ويتكاتف معها المسجد ومكان ممارسة الرياضة والعائلة الممتدة من الجد والجدة والأخوال والأعمام، لكن كل ما سبق يمكن الاستعاضة عن دوره في حال الاضطرار إلا الأسرة، ولأكون دقيقة أكثر ففي حالتك يمكن أن نقول إلا الأب: نعم.. لقد عودت الأبناء على نمط معين من الحياة الأسرية، من الطبيعي أن تختل كل الموازين باختلاله، وبالتالي فلا بد من عودة المياه إلى مجاريها وعودة الأسرة إلى التفافها مرة أخرى، واجتماعها في مكان واحد، ودقق في مقترحاتي بهذا الخصوص:
1 - لا بد من اجتماع الشمل فورًا إما بعودة مرافقة الأسرة لك حتى تنجز دراستك على خير أو بعودتك إليهم إن كان ذلك مناسبًا، وما غير ذلك لن يكون حلا -صدقني فكلامي لك عن تجربة شخصية- وولدك الأكبر ذكر وأنت قدوته ومثله، ولعلّ ما لمحته عليه من انحدار بعد فراق 6 أشهر فقط يكفي ليبرهن على صدق كلامي.
2 - مسألة المدرسة الإسلامية التي لا توجد في محل إقامتك يمكن الاستعاضة عنها بتكثيف دور البيت ودورك بالأخص في تهيئة المناخ الإسلامي الذي يجب أن يستشعر منه الطفل هويته وانتماءه وأخلاقه كمسلم من خلال ممارسة الشعائر في المنزل بشكل منتظم وجماعي مثلا، وإعداد مجالس يومية لقراءة القرآن ومدارسته وتفسير آياته، وكذلك الأحاديث النبوية والسيرة، وتاريخ عظماء الإسلام من الصحابة والقواد والعلماء، فضلا عن الحرص على التواجد في المسجد والمراكز الإسلامية القريبة بشكل دوري أسبوعي مثلاً لحضور صلاة الجمعة والأعياد والإفطار في رمضان والفعاليات المختلفة لهذه المراكز سواء على مستوى الأسرة أو الأطفال، كذلك فإن الفضائيات يمكن أن تنقل له الكثير عن بلده وشعائر دينه والأذان وغير ذلك، والإنترنت وغيره من وسائل الاتصال التي تملأ الفراغ الناشئ عن عدم وجود مدرسة إسلامية مناسبة.
3 - في تلك الغربة -التي لا بد أن لها نهاية يومًا- يجب حديث قبل النوم يوميًّا في جلسة عائلية أو ثنائية تسأل أبناءك فيها -وابنك الأكبر بشكل خاص- عما رآه خلال اليوم، وكيف يشعر به، وعن سلبيات وإيجابيات المكان التي لمسها خلال يومه، وعن أصدقائه وعن واجباته المدرسية، وهكذا... وتفسر له خطأ بعض ما يرى من تصرفات مخالفة لقيمنا وديننا، وأن السبب في أن التصرف خطأ هو أنه لا يرضي الله تعالى، وأنه في مجتمعنا عند أقاربنا وعائلتنا مرفوض وغير مقبول، وربما يكون في مجتمعهم هم مقبول؛ لأنهم مختلفون عنا، وبالتالي فالطفل يتعلم التعامل مع البيئة المختلفة دون أن تمس هويته.
أخي الكريم.. لن أكون أمينة معك إن حاولت أن أنصحك بكيفية تربية أبنائك عن بعد أو بالمراسلة -وهو المستحيل- ذلك لأن الأب كان ولا يزال يُعتبر الركيزة الأساسية لكل بناء عائلي سليم، ودور الأب في التربية ليس دورًا إشرافيًّا، ولكنه دور حقيقي.. ولا تكفي الزيارات أو الرسائل أو الهواتف أو الجلسات للقيام بواجب التربية، وتأكد من كلامي بالاطلاع على ما يلي:
- بذور الانحراف يسقيها اغتراب الأب
- دور الأب والأم معًا مرفوض.
- التربية بالمراسلة.. هل تكفي؟
إنني أصرّ في رسالتي لك على جمع شمل أسرتك كلها تحت لوائك من جديد، وما يقوي إصراري أن ذلك كان متاحًا من ذي قبل، وقد قدرت أن المدرسة هي ما يعيق هذا الاجتماع؛ لذا فأنا أؤكد مرة أخرى أن مسألة المدرسة مسألة يمكن تعويضها، أما دورك أنت فلا وألف لا، وقد دعمت وجهة نظري الأستاذة - نيفين السويفي مستشارة الصفحة فقالت في جملة موجزة: "الأب يمكن أن ينشئ لطفله في البيت ألف مدرسة إن اضطرته الظروف لذلك، لكن المدرسة لن تخلق للطفل أبًا".
أعتقد أني بلغت.. اللهم فاشهد.. وأعتقد أنني قد نصحتك بصفتي أمًّا -لأطفال أرى تعلقهم الشديد بأبيهم، وأتخيل أبناءك مثلهم فلا أرضى لهم ما لا أرضاه لأبنائي- قبل أي صفة أخرى، وبالتالي فسؤالك عما "يجب عليك صنعه" قد فصلت الإجابة عليه، حتى ولو بعدت الإجابة عما أردت الاستفسار عنه وهو التواصل مع بنيك -لحمك ودمك ومستقبل أمتك- من خلال الـ"ماسنجر" بلا صوت ولا صورة، فقط بحروف لا تغني ولا تسمن من جوع!!.
* أما بخصوص اختبارات الذكاء فمن الصعب أن توفيها في حدود الخدمة التي نقدمها الآن.
أما عن مسألة تطوير قدرات الأطفال وتنمية ذكائهم، وحيث إنك لم تحدد سنًّا معينة فيمكنك الاطلاع على ما يلي للحصول على ما يلزمك من معلومات:
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية .
- فن تنمية الذكاء
- فارابي العصر
- بالخطوط و الألوان طفل ذكي وفنان
- التفوق في الرياضيات بالألعاب .
- أطلق إبداع ابنك بالحكايات .
- الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة .
أخي الكريم.. أرجو أن أتلقى سؤالك القادم منك وحولك أسرتك تتمتع بالقرب منك، وتتمتع أنت بحرارة أنفاس أبنائك ونظراتهم المشتاقة، وأكفهم الصغيرة تربت على ظهرك، وقد التفت الأذرع تحتضن رمز الأمان والحنان -ذلك الأب الذي لا تعوضه كنوز العالم، فإلى هذا اللقاء الذي أرجو أن تعلمنا به قريبًا جدًّا، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/436)
توابع القرارات المصيرية وفقه الواقع العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بعد التحية والشكر على هذا الموقع المفيد والممتع معًا أتمنى أنا ألاقي الحل لمشكلتي وهي أن عندي ثلاث بنات اضطررت لوضعهن بمدرسة فرنسية مما يناسب مستوى أبوهن الدراسي وعائلة والدهن لعدة سنوات، وبعد عدة سنوات من هذا التعليم اتضح أن البنات مثقلات جدًّا من هذا النظام الدراسي، حيث إن البنت الكبرى أعادت صفها للمرة الثانية وهي بالمرحلة المتوسطة، والبنت الوسطى أيضًا أعادت صفها بالمرحلة الأخيرة من السنة الابتدائية، أما الصغرى فكان خوفي أنا تتبع أخواتها وقد عملت أقصى جهدي لكي أساعدها إلا أنني لم أستطع بما فيه الكفاية، وخصوصًا أنني لا أجيد اللغة الفرنسية إلا القليل جدًّا.
وكنت في حوار دائم مع الوالد بتغيير المدرسة للبنات إلى اللغة الإنجليزية ولم يرضَ إلى هذا اليوم بالذات 12-4-2003 ذهبت إلى مدرسة إنجليزية مشهورة في البلد الذي نعيش فيه، وسجلت أطفالي الثلاثة وتم قبولهن من هذا اليوم نفسه، وداومن بالمدرسة في نفس اليوم، ولا ننسى أننا بآخر السنة الدراسية، ولكن لم أستطع أن أرى بناتي محبطات للمرة الألف بالمدرسة الفرنسية، ولكن أنا من يعاني الآن أعاني من عذاب الضمير.. لا أعلم ما فعلته خطأ أو صواب أو هو خوف من أن يواجه بناتي نفس المصير السابق في ثلاث سنوات متتالية بالمدرسة القديمة، أو أني جنيت على الصغيرة. كان يجب أن أبقيها أو أنهن سينجحن بهذه اللغة وسيتقدمن، أو أني أثقلت عليهن أكثر فأكثر لا أعلم، وخصوصًا أنني يوجد عندي ابنتان بعمر المراهقة، وهما بعمر صعب جدًّا أعاني منه شخصيًّا، ويصعب عليّ السيطرة أصلاً على هذه المرحلة، فما بالك مع مشاكل بالدراسة، أما البنت الثالثة فهي ما زالت في عمر التسع سنوات.
وفي الختام أرجو من الله أن يحفظ لنا أطفالنا، وينير عقولهم، وأرجو منكم الاهتمام بأمر رسالتي لكم، وموافاتي قدر المستطاع بالرد، ولكم جزيل الشكر.
السؤال
تعليمي الموضوع
أ/نيفين السويفي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأخت الكريمة، ومرحبًا بك وببناتك الثلاث اللائي تعرفنا عليهن من خلال حديثك ومن وجهة نظرك، ونأمل أن تتاح فرص أوسع للتعرف بهن من قريب والتواصل معك ومعهن، وتعالي نبدأ الحديث معًا بالقول الشهير: رحم الله امرأ عرف قدر نفسه، ودعينا نطورها وندعو ونقول: "رحم الله والدًا عرف قدر بنيه فلم يضغط عليهم أو يطالبهم بما لا يستطيعون".
إنني أحسب أن سبب الدعاء بالرحمة والمباركة لمن يعرف قدر نفسه سره أن من يعرف قدر نفسه يعرف كيف يسوسها، ويروضها، ويكتشف قدراتها؛ فيوظفها التوظيف السليم الذي يتيح له التقدم بما لديه من إمكانات؛ فلا يسعى في مجال لا يليق بقدراته ولا يهدر جهدًا فيما لا طائل تحته لكونه غير مناسب له، بل يبذل الجهد المناسب في الوقت المناسب والمجال المناسب.
ولعلني أستطيع أن أنطلق بعد هذا لأقول لك إن إجابتي عليك لن تكون في إطار تحديد صحة قرارك في نقل البنات من عدمه؛ لأن القرار قد اتخذته بالفعل ونفذته، فلا إعادة البنات لمدرستهن تكون نصيحة مناسبة، ولا تشجيع ما حدث هو ما تحتاجينه، وإنما أنت في حاجة للتعامل مع الأمر الواقع للحصول على أفضل ما يمكن من نتائج وتفادي كل ما لا يرغب فيه من الآثار السلبية.
أختي الكريمة.. لقد حدثتنا عن وجهة نظرك أنت في المدرسة القديمة، وأحاديثك المستمرة مع والدهن بشأن تغيير المدرسة، ولم يظهر خلال حديثك بالمرة أي إشارة من قريب أو بعيد لوجهة نظر البنات أنفسهن، ومدى تهيئهن لمثل هذه الخطوة. إن ما بدا من كلامك أنك اتخذت القرار بالنقل -وفي الحقيقة لقد تعجبت من قبول المدرسة لمثل هذا الاجراء في ختام العام الدراسي- دون الرجوع إليهن أو تهيئتهن أو مناقشتهن أو حتى استشعار سعادتهن بمثل تلك الخطوة -التي من المفترض أن تقضي على الإحباط لديهن، كما يتضح أن هناك مشاكل مع بنتيك الكبرى والوسطى- وخصوصًا في مسألة السيطرة كما ذكرت، مما يحتاج أن أحدد كلامي معك في نقاط محددة للتعامل السليم مع البنات إزاء الوقت والظرف الراهن والذي يتمثل في محورين:
أولاً: أنت تتعاملين مع بنات في سن المراهقة، وتلك المرحلة تحتاج لنوع خاص من التعامل يغلب عليه الاستماع من قبل المربي الواعي أكثر من الكلام والأوامر، والصداقة أكثر من السيطرة، ويمكنك مطالعة ما يلي للاستيضاح حول هذه النقطة:
- اكسب مراهقا واربح إخوته
- المراهقة مشكلات حلولها الصداقة .
- معاملة المراهق منظومة صداقة
- المراهقة العبور الصعب
- الصداقة.. الحوار.. التفاهم مفاتيح المراهق
ولأنك تتعاملين مع مراهقتين فنصائحي لك بهذا الصدد:
1 - لا تدعي لمشكلاتهما الدراسية أي علاقة بعلاقتك الشخصية معهما، فقلقك الزائد على مستواهما الدراسي وتوترك بهذا الشأن لا ينبغي أن يصل إليهما هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب ألا يؤثر هذا القلق على حميمية العلاقة معهما.
2 - كوني لبناتك كالمعبرة أو (السقالة) التي تنقلهن بأمان إلى تحقيق أهدافهن، بمعنى أن تكوني مساندة لهن بالتشجيع والتثبيت وبث اليقين لديهن بأن لديهن القدرة على النجاح والتفوق، ومؤازرتهن لتجاوز الإحباط، ولا تكوني مطالبة لهن وعنصر ضغط لتحقيق طموحات ربما لا يطمحن هن بها.
3 - لا تنسي أنهن في حاجة للثقة والدعم في تلك المرحلة من الانتقال التي لها ما لها من أثر نفسي ناهيك عن العراقيل الدراسية، وهو ما لا يكفي لإزالته عذاب الضمير، بل خطوات عملية لبث الثقة وإشعارهن بقدراتهن، وبأن الأمر سيتم تجاوزه بالسهولة، والأهم مشاركتهن في تحديد أهدافهن لكي يكون الوازع في التفوق نابعًا من داخل كل منهن لتحقيق طموحها بسعادة وإصرار وليس لتفادي التقريع أو الفشل.
4 - يمكنك مطالعة ما يلي لمزيد مما سيفيد بهذا الصدد:
- دليل الآباء لتفوق الأبناء .
- فلنتجاوز بالصداقة أزمة الدراسة .
- الإخفاق الدراسي.. الوالدان مفتاح الحل
ثانيًا: إن دورك الأساسي مع بناتك هو دور الأم قبل المعلمة، فأنت الملجأ الذي يحنون إليه، فلا تنفريهن من هذا الملجأ بالضغط على مسألة الدراسة بشكل متواصل كما يحدث من كثير من الأمهات؛ إذ تنسى الأم في خضم الدراسة واللهاث وراء الدرجات والامتحانات أنها أم، وأنها نبع الحنان الرئيسي لأبنائها، وأنها الحضن الذي يحتجن دفئه دائمًا ليدعمهن ويشد من أزرهن.
وبالتالي فعليك أن تحاولي ألا تغفلي أهمية هذا الدور وأن تحاولي فعل ما يلي:
1 - تقبل البنات على ما هن عليه وعدم مطالبتهن بما ليس متاحا لهن وفقًا لقدرات كل منهن؛ فهذا التقبل سيريحهن ويريحك ويجعل الصورة أوضح لاكتشاف القدرات التي يمكن تنميتها؛ فالاكتفاء بما يلائم قدراتهن أمر داعم بشكل قوي في اتجاه إحراز نجاح وتقدم.
2 - الانخراط معهن -ولكن دون توتر- في عملية التحصيل لمؤازرتهن معنويًّا ودعمهن بالبسمة الحانية والكلمة المشجعة.
3 - لا بد من التواصل المستمر مع بناتك وسماع آرائهن وإتاحة الفرصة لهن للتعبير عما يجيش بخواطرهن، وعدم اتخاذ قرارات مصيرية دون الرجوع إليهن، وعدم إشعارهن أنهن قطع من الشطرنج لا إرادة لها ولا احترام لرغباتها.
أختي الكريمة.. كما قلت لك آنفًا لست بصدد تحديد صحة قرارك من خطئه لإنقاذك من عذاب الضمير، فالأولى الآن إنقاذ البنات من عذاب الفشل أو الإحباط لمرة أخرى، وخصوصًا أن الخطوة التي اتخذت تجعل الأمر ليس سهلاً؛ فالعام الدراسي شارف على الانتهاء ومناهج عام كامل ليس من السهل تحصيلها بالكامل في الفترة المتبقية من العام، فالمجهود الذي ينتظركم قد يكون كبيرًا، لكن لا بد ألا تضاعفيه على بناتك بالتوتر والضغط.
أرجو أن أتلقى سريعًا منك البشرى بتجاوز هذه المرحلة بنجاح، ويسعدني تلقي المزيد من أسئلتك ومتابعاتك واستفساراتك، والله أسأل أن يهب لك من ذريتك قرة أعين، وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/437)
مغامرات مستكشف العنوان
في البداية أود أن أشكركم على إتاحة الفرصة، فجزاكم الله خيرًا.
ابني عمره سنة وشهران محبوب لدى الجميع، لكن يزعجني بمشاغبته وحبه الشديد لرمي الأشياء مثل كوب الماء إذا انتهى من الشرب، أحيانًا أتمنى أن أحبسه عقابًا له، وأحيانًا أضربه إلا أنه يغضبني بشدة مع الندم على ذلك.. لكن ما الحل؟ وأعتذر عن الإطالة.
السؤال
الطفل المشاكس الموضوع
أ/مديحة حسين اسم الخبير
الحل
أختي الكريمة حواء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله لك في طفلك وأعانك على حسن رعايته، وجزاك الله خيرًا أن قمت بإتاحة الفرصة لنا لنكون سببًا في عونك.
أما بخصوص شكايتك من طفلك فإن ما يفعله ليس بمشكلة فذلك أمر طبيعي؛ فهو في مرحلة الاكتشاف للعالم الجديد بما يحكمه من قوانين من بينها العلاقة بين السبب والنتيجة؛ فهو يرمي الكوب.. نعم لكنه لا يعلم أن رمي الكوب نتيجته كسره أو سكب ما به من سائل، لكننا من نعلمه ذلك بهدوء شديد فنقول له انظر أسقطت الكوب فانسكب ما فيه!
الأمر يتعلق بمحاولة فهمك لطبيعة المرحلة التي يمر بها طفلك لكي تستطيعي التعامل معها، ويكون رد فعلك لتصرفاته هادئا متفهما، ويكون استعدادك لاستثمار هذه الخصائص أكبر.
وهذا ما عالجناه كثيرًا في استشارات كثيرة سابقة اجتمع فيها على الأم نقص الخبرة لهذه التجربة العذبة الجديدة على الغربة، وانقطاع مدد مساندة الأهل من أم وعمة وخالة وجدة وصديقة.. لكن لا تقلقي فلعلك تجدين في المعالجات التالية بعض الفهم والعون فأدعوك لقراءتها:
أولًا: التي توضح خصائص المرحلة وكيفية استثمارها عبر مجموعة من الأنشطة:
- موسم الأمومة.. تعرفي على نفسك
- نعم التربية شاقة..ولكن
- احذروا مطبات التربية
- أولى أمومة.. لعب وجد وتعب
- احترم طفلك.. يحترم نفسه!
- بين الضرب والصراخ.. كيف نربي أبناءنا؟
ثانيًا: المتعلقة بالأنشطة الخاصة بتنمية مهارات الطفل:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
- انطلاقة الأطفال.. إبداع وتميز
- دروس في تنمية الذكاء
وبعد قراءتها هل وعيت ما بها.. أرجو ذلك وأدعوك لتطبيقه.. ونحن معك وفي انتظار كل استفسار جديد في هذه الرحلة العذبة.
ــــــــــــــ(102/438)
بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات العنوان
طفلي (6 سنوات) يخشى من الدفاع عن نفسه. أشعر أنه سلبي جدًّا تجاه أي اعتداء عليه من قبل أحد الأطفال، فلو ضربه أحد أقرانه يبكي ولا يتمكن من الضرب أو الدفاع عن نفسه.. هذا ما يشغل فكري. كيف سيواجه مستقبل المدرسة في بداية العام القادم؟.. أرشدوني وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
في ملعب كرة القدم يقف الأرانب الصغار صفًّا طويلا، وفي نهاية هذا الصف يقف الأرنب بندق ومن خلفه زميله شرشر.
وفي حركة سريعة ضرب شرشر بندق في ساقه، ثم تراجع خطوتين للخلف ليستمر في اللعب بالكرة التي في يديه.
استدار بندق ونظر في عيني شرشر بثقة وثبات، وقال له في جملة واحدة: شرشر لا تضرب هكذا، هذا يضايقني، لا تعجبني طريقتك هذه.
صوّب بندق الكرة نحو الهدف ورجع للصف مرة أخرى وللمرة الثانية كرّر شرشر حركته: ضرب بندق في قدميه.
استدار بندق ونظر في عيني شرشر وبصوت ثابت: "لا تكررها. لا تختر مضايقتي. لن أقبلها".
صفّر المدرب ليجتمع الفريق. قسّم الأرانب لفريقين: بندق وشرشر في فريق واحد. بدأت المباراة بين الفريقين.. جمهور الأرانب يصفق للفريقين، وصلت الكرة لشرشر مررها لبندق ليسجل الهدف الأول في المباراة.
أختي الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله.
أطفالنا جميعًا مثل هؤلاء الأرانب؛ أحيانًا ما يكون لديهم رغبة في التحكم وإبداء القوة، وهذا ما يحققه أحيانًا العدوان والسيطرة بصورة أو بأخرى؛ فهذا يشعر الطفل بتفوقه وقدرته على سحق الآخر، وما دام قد تمكن منه فهو الأفضل والأقوى. وهذا الشعور هو الذي يحتاجه الطفل أحيانًا ليثبت ذاته. كذلك يمكن أن تكون وسيلة لجذب الانتباه من قبل الكبار أو حتى تحقيق شعبية وسط الصغار.
على أن كل طفل معتدٍ مثل شرشر يختار ضحيته ويختبر صموده، وربما بالفعل انتهى الأمر بهما للصداقة وإحراز الهدف المشترك في فريق اللعب، كما حدث مع بندق الذي تعامل بصورة سليمة. كما يمكن أن ينتهي الأمر أن يصبح بندق ذات يوم معتديًا آخر مثل شرشر.
وهذا يتوقف على عدة عوامل، أهمها: طبيعة المعتدي، وطبيعة الضحية، ودور الأهل في التعامل معهما.
دعينا الآن نفصل في الأمر:
أولا: ما هي أنواع العدوان؟
ثانيًا: ما طبيعة الطفل الذي يتعرض للعدوان؟
ثالثًا: كيف نتصرف؟
أولا: ما هو العدوان؟ وما هي أنواعه؟
1 – بدنيًّا: يتمثل في الضرب أو الركل أو الدفع أو حتى التهديد بفعل ذلك..كل هذا يعتبر عدوانًا.
- السرقة أو الإخفاء للأشياء أو التدمير لأشياء الآخرين.
- دفع أحد لعمل شيء ما لا يرغبه.
2 - لفظيًّا: مثل التنابز بالألقاب (تسميته بلفظ غير محبب أو اسم غير محبب ) أو السخرية.
3 - عاطفيًّا: مثل: رفض التحدث مع أحد (التجاهل) - نشر الشائعات أو الأكاذيب.
باختصار الاعتداء هو كل ما يشعر بالألم أو الوحدة أو الخوف أو عدم الأمان أو عدم الراحة وغيره من الأحاسيس السلبية.
وقد أوضح عدد من الدراسات أن 70% من الأطفال يتعرضون للإيذاء من أقرانهم. وللحق يمكننا أن نقول: إنه صار نمطًا شائعًا في دوائر علاقتنا في أغلب مستوياتها حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، وبين أفراد جماعة العمل أو الأقران، ثم في الدائرة الأوسع بين الدول.. ألست معي أنه نموذج مكرر لشكل العلاقات السلبية التي زادت وشاعت واتسعت دائرتها؟!
ثانيًا: من هو الطفل الذي يُعتدى عليه غالبًا؟
- الطفل الضعيف جسمانيًّا.
- الطفل الخواف.
- الطفل القلق والمتوتر.
- الطفل الحساس أو الخجول.
.. أي الطفل الذي يبدو عليه الضعف.
ولعلّ الصفة الأهم للمعتدي والمعتدى عليه معًا هي: التقدير المتدني للذات.
ومن المهم أن ندرك كيف يشعر الطفل الذي يتعرض لهذا النوع من المضايقات والاعتداءات:
- يشعر أنه ليس جيدًا بدرجة كافية.
- يشعر بالوحدة.
- يشعر بعدم الأمان.
- يشعر بعدم الرغبة في ممارسة الأنشطة أو ارتياد الأماكن التي يهدد فيها.
الأكثر أهمية أنه ربما يشعر بعدم الحديث مطلقًا عن تعرضه لاعتداء وهو ما ينبغي أن نكون حذرين بشأنه حين نخاطب الطفل؛ لأن دفعنا له ليتحدث يزيد من الضغط عليه ويزيد من التوتر وإحساسه بالحرج حتى ولو كان من يحدثه هو الأب أو الأم.
ثالثًا: ماذا نفعل؟
اعملي على تغيير الصفات التي تؤهله للاعتداء، وهذا هو الحل الذي ينفعه حالا في هذا الموقف كما ينفعه في كل حياته المستقبلية.
ابني احترام وقبول الذات لدى طفلك (سأفصل هذا الأمر لاحقًا) فهذا أهم ما ينفع الإنسان ليكون ناجحًا وفعالا وإيجابيًّا وسعيدًا.
أما في الموقف الحالي فهناك بعض ما يمكنك فعله لدعم ابنك ومساعدته على اجتياز هذا الأمر:
أولا: أرجو ألا ينتقل لابنك هذا الشعور بأنه ضحية؛ فكم هو إحساس أليم. أرجو أن تتجاوزيه؛ لأنه بالفعل في مجال سيطرتنا وفي مجال قدرتنا على الحل بإذن الله تعالى.
لا تفرضي عليه حماية دائمة أو وصاية، بل اتركيه يدير أموره بنفسه ويكتسب ثقة في قدرته على حل مشكلاته، على أن تراقبي عن بُعد ما يحدث وطريقة ابنك في التصرف.
سأحكي لك مثالا لذلك: كنا جميعًا في النادي، وطلبت ابنتاي الصغيرتان (3 - 5 سنوات) الذهاب للأرجوحة. ذهبتا بالفعل وكنت ألمحهما من على بعد، فوجدت طفلين آخرين يتقدمان نحوهما. تركت ابنتاي الأرجوحة وتراجعتا للخلف، وظللت أتابع الموقف عن بُعد إلى أن رأيت الصغيرتين كما لو أنهما راجعا أنفسهما وتقدمتا نحو الطفلين الآخرين، ورأيت حوارًا دار بينهم جميعًا، وبالطبع لم أتبين الكلمات من موضعي، وكنت قد تقدمت نحوهما دون أن يرياني حتى أتيح لهما فرصة المحاولة لحل المشكلة، وفي نفس الوقت لأتدخل إذا ما تعرضتا لعدوان زائد؛ فهذا محتمل بالفعل مع فرق القوة بينهما وبين الولدين (الذكرين) الكبيرين.
ولكن رأيت فيما بعد أنهم جميعًا يتبادلون الأدوار. سعدت كثيرًا؛ فقد وعيا الدرس الذي كررناه مرارًا من قبل بضرورة التعبير عن مطالبهما، وعدم التنحي عن حقهما مع عدم إغفال حقوق الآخرين.
ما أود قوله لك أختي الحبيبة:
أفهمي خالد ودرّبيه على المطالبة بحقه والتعبير عن رغباته حتى غير المعقول منها.. علميه أن له حق القبول والرفض لتعاملات المحيطين بنا حتى أنت ووالده، وعلميه كيف يعبر عن رفضه. ويبدأ هذا في البيت أولا؛ فالتعبير مسألة لها أهمية كبيرة في حياة الأطفال والكبار جميعًا. (وهناك الكثير مما يمكننا تفصيله في هذا الأمر، ومما لا يتسع المقام حالا لتناوله، ولكن يظل رهن السؤال).
علميه أن يتواصل بعينيه مع من يحدثه؛ فلا يعتاد الهروب بعيدًا عن محدثه (مارسي هذا معه أولا؛ فانظري في عينيه حين تحدثينه، واجعليه ينظر في عينيك).
لا تحلي المشكلات بدلا عنه، ولا تفرضي الحماية دائمًا، بل ساعديه على اجتياز الأمر بنفسه، وبالطبع بعد إفهامه وتدريبه وإشعاره بأننا موجودون لمساعدته إن احتاج، ولكن دون تأكيد النموذج المرفوض من رد العدوان بالعدوان (الأكبر ضد الأصغر أو الأقوى ضد الأضعف...).
انقلي إليه إحساسك بقدرته على حل الأمر بنفسه، لا تمطريه بكمّ من المقترحات لحل المشكلة، بل دعيه يقترح، وناقشيه فيما يقترح، وذلك عبر قصة مماثله لما يتعرض له من مضايقات (أو قصة تتناول إحساس المعتدى عليه، وذلك ليشعر أنكم تتفهمون مشاعره وتقدروها)، وأن هذا الذي يشعره غير مخجل، وليس معناه أنه شخص سيئ، وساعديه ليصف ما يشعر به؛ فحين يعبر الطفل عن مشاعره السلبية يتخلص من أثرها السيئ، وكذلك يمكنه تغيير هذه المشاعر، وبالطبع هذا التعبير من قبل الطفل لا بد أن يقابَل بالتفهم والتعاطف دون نقد أو محاكمة.
من المفيد جدًّا أن تبدأ رحلة الذكريات للأم والأب، وتبدآ في سرد المضايقات التي تعرضتما لها في الطفولة؛ فمن المهم أن يشعر الطفل أنه ليس وحده الذي يتعرض لمثل هذه الأمور، بل كل الناس تقريبًا تعرضوا ويتعرضون لها، حتى بابا وماما.
حين يواجه ابنك موقف الاعتداء تخيليًّا من خلال القصة أو الحكي يمكنه في هذا الوقت أن يكون أقل توترًا ويناقش الأمر معك، ويبدأ في وضع مقترحات وحلول للموقف. هذا بالإضافة إلى أن معايشة الموقف تخيليًّا تعتبر كما لو أنها تجربة كاملة للحدث، وبالطبع معايشة الموقف فيما بعد في الواقع ستكون أسهل.
يمكنك تبادل الأدوار بينك وبين طفلك؛ فمرة تكونين المعتدي ومرة المعتدى عليه، ودعيه يفكر في الأمر ويعايش الحدث مرتين، ويضع حلولا له؛ مما سيجرئه أكثر في الموقف الحقيقي.
اسأليه: ما الخيارات الممكنة؟ رد العدوان بمثله، الالتجاء لكبير للاحتكام، وتوقيع العقاب على المخطئ، تجنب الموقف.. مر معه على كل حل من الحلول بالمناقشة إلى أن يصبح لديه عدد من الأفكار تمكنه من مواجهة الأمر.
لا تنسي الثناء على مقترحاته بهذا الشأن وغيره، وحين ينجح في حل ولو جزء بسيط أو يبدي تقدمًا ولو بسيطًا عليك بالدعم والتشجيع دون إفراط، على أن الثناء دائمًا يكون محددًا على جزئية محددة ليفهم الطفل ما هو الشيء الصائب الذي أتاه، وما الشيء الذي يحتاج للتحسن، وهذا يجعل لثنائنا مصداقية لدى الطفل.
ساعديه ليكوّن جماعة من الأصدقاء؛ فغالبًا ما لا يهاجم الطفل وسط جماعة من أصدقائه.
علّميه ألا يقبل بالاعتداء عليه أو على الآخرين أيضًا، فكما ذكرت من قبل العدوان حلقة، والمعتدى عليه اليوم من الممكن جدًّا أن يصبح معتديًا غدًا.
ويغذي هذه الحلقة بعض العوامل:
* اعتبار بعض الأهل أن هذا السلوك جزء طبيعي من النمو وهو ليس كذلك.
* تشجيع كثير من الأهل لأطفالهم على هذا العدوان، معتبرين أنه تعبير عن الشخصية القوية أو ما شابه وهو مما يرفضه ديننا، وبالطبع يؤثر سلبيًّا على الطفل الذي يعتاد العدوان ليشعر شعورًا جيدًا.
* نقل نموذج الاعتداء من المحيطين سواء الأب أو المدرس الذي يعتبر الاعتداء (بأي من أنواعه) وسيلة مشروعة للتعامل.
* تربية الأطفال بما يدني صورة الذات لديهم، وكما أسلفت فإن المعتدي والمعتدى عليه كلاهما لديه تقدير متدنٍ للذات؛ ولذا يمكننا التعامل مع هذه الجزئية كحلقة وسط في دائرة العدوان.
كيف نبني تقدير الذات لدى الطفل؟
صورة الذات هي الصورة التي الموجودة لدى الفرد عن نفسه، وهي تتكون عبر خبراتنا، وتتأثر بقوة بالرسائل التي يرسلها لنا الآخرون عبر تعاملاتنا. والطفل يكوّن صورته عن ذاته من خلال تفاعلنا اليومي بل اللحظي معه. فإذا لقناهم أنهم محبوبون ومقبولون ولديهم نقاط تمييز فسيصدقون ذلك. وللحق إن تقدير الطفل لذاته يعكس في كثير من الأحيان تقدير الأهل لذواتهم بصورة جيدة. وهو ما يجعلنا نقول دون مواربة علينا جميعا بناء الذات جنبًا إلى جنب مع بناء تقدير الذات لدى أطفالنا. وللحظ الحسن أن هذا من الأمور التي تدخل في دائرة الممكن.
ويمكننا إجمالا أن نعرض النقاط التي تبني تقديرًا جيدًا للذات لدى الطفل:
- الحب والقبول.
– الاتصال والتعبير الجيد.
- التعرف على نقاط القوة في نفسه.
– تنمية القدرات والمهارات.
– اتساع دوائر الاهتمام والمجالات التي يعرف فيها الطفل نفسه.
– فهم الذات بدرجة جيدة (مشاعر - أفكار).
– الاعتماد على النفس والمسؤولية والاستقلالية.
- القدرة على حل المشكلات.
- ساعد ابنك على الإنجاز والنجاح في مهمات صغيرة واحدة تلو الأخرى.
– التشجيع والإثابة باعتدال.
ساعد طفلك ليشعر أنه مقبول ومحبوب:
* أشارت الأبحاث إلى أن أحد العناصر الأساسية لتطور تقدير الطفل لذاته هو وجود شخص واحد على الأقل في محيط الطفل يشعره بالخصوصية والتقبل، ويركز طاقته على نواحي القوة في الطفل. وإحدى الطرق لذلك قضاء الوقت المنفرد لكل طفل، وممارسة نشاط يحبه ويتميز فيه الطفل على أن تشاركه هذا النشاط، وتثني على نواحي القوة لديه، وإشعار الطفل بالاهتمام والاحترام والتقدير كأن تقول له: "إني أستمتع كثيرًا باللعب معك هذه اللعبة.. إني أحب كثيرًا طريقتك في قذف الكرة.. كم يمتعني مشاركتك القراءة، أظنه من أجمل أوقات اليوم لدي...".
على أن تقضي هذا الوقت بدون مقاطعات، وأخبريه بذلك "هذا الوقت الجميل لن أرد فيه على الهاتف..."، هذه فرصة لطفلك ليسترخي، ويظهر نواحي قوته.
تجنبي التعبيرات والتعليقات السلبية والمحاكمات.
لا تهدديه أبدًا بسحب الحب؛ فهو أهم ما يحتاجه الطفل ليطمئن ويقدم على المحاولات الجديدة بثقة وأمان دون خوف من النتائج.
أعطي ابنك فرصة للخطأ دون أن يشعر دائمًا أنه مهدد، وأن الخطأ نهاية الحب ونهاية القبول من قبلك.
علِّمي طفلك دائمًا أن الخطأ معناه أنك حاولت مجرد المحاولة ولو فاشلة فهي خطوة للتعلم.
لا تقومي لأي شيء لطفلك يمكنه القيام به.
أعطيه مسؤوليات حقيقية (المشاركة في الأعمال المنزلية – رعاية نفسه كالأكل واللبس والنظافة وغيره مما يمكنه أن يقوم به بنفسه).
حاولي إشراك الطفل في عدد من الانشطة بحثًا عن مناطق جديدة للخبرة، وكذلك بحثًا عن نقاط الاهتمام والتمييز.
تحدثي مع طفلك وليس لطفلك.. تحدثي كثيرًا.. تحدثي باحترام.. تحدثي بحب.. تحدثي إيجابيًّا.. تحدثي.. تحدثي.. تحدثي.
استمعي لطفلك فلديه الكثير من الأشياء المهمة والممتعة.
لدي كلمة أخيرة: الحياة تصبح صعبة مع التقدير المتدني للذات؛ حيث لا حب لا احترام للذات، ولا محاولات جديدة، ولا نجاح...
ومعذرة على الإطالة، وفي انتظار أخباركم، ونرجو دوام التواصل.
العدوانية.. كل إناء بما فيه ينضح العنوان
جزاكم الله خيرًا على المجهود الرائع، وأوجه سؤالي للدكتورة إيمان السيد وشكرًا على إجاباتها السابقة عليّ فأقول: ابني عمر وعمره (28 شهرًا) لا يستطيع نطق الكلام بوضوح مثل أقرانه، وهو الابن الوحيد لدينا حتى الآن، ولديه عدد من الألعاب التي لا بأس بها ورغم ذلك فإنه لا يرى لعبة في يد أي طفل يجتمع معه في مكان، سواء من أقاربه أو أي طفل آخر إلا ويأخذها منه عنوة، وإن نهرته أمه أو حاولت أن تشغله بأي شيء آخر أو وعدته بأن تشتري له مثلها أخذ يبكى ويشتد في البكاء مع ازدياد الوقت وهو لم يأخذها، وإذا انصرفنا إلى بيتنا ظل يبكي في الطريق حتى نصل.
كما أنه في حالة تخليص اللعبة من بين يديه عند اشتباكه مع طفل آخر على لعبة ما يأخذ يضرب من يخلصه ضربًا شديدًا كما أنه إذا خرجنا لقضاء بعض حاجاتنا وعند الرجوع لا يريد الدخول إلى البيت، ويبكي كما أنه يتسم بالسلوك العدواني داخل البيت أيضًا. السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أخي الفاضل.. أشكرك على ثنائك الذي يقوي بداخلنا جميعًا الوازع على المزيد من الإجادة، ويحمل لنا رجع حبيب لصدى تواصلنا مع إخواننا وأخواتنا من المربين.. فشكرًا جزيلاً لك.
السائل الكريم.. إن سؤالك عن ولدك يشي بحيرة شديدة، وقلق على حالة ولدك، رغم أنه لا يوجد ما يقلق بشأنه، وتعال نفند معًا أسباب قلقك، ونضع أسلوبًا مناسبًا للتعامل معها:
1- تأخر ولدك في النطق مع بلوغه 28 شهرًا.
2- عدوانيته الواضحة وكثرة بكائه.
3- عدم حبه للبيت.
وقد تتفق معي أن هناك عاملاً مشتركًا بين تلك الأمور الثلاثة، ألا وهو كونها رد فعل أو بعبارة أخرى سلوكا مكتسبا، فاللغة تمرين وتدريب يزداد نجاحه بزيادة هذا التدريب والعدوانية غالبًا ما تكون محاكاة، وعدم حب البيت غالبًا نتيجة لعدم وجود ما يمتع بالنسبة لطفلك فيه، ولعل إدراكنا لهذا العامل المشترك يحدد نوع المنهج الذي يتبع لتعديل سلوك الطفل والذي ينصب جل خطواته عليك أنت ووالدته.
ونبدأ بالتأخر في النطق:
أولاً: من الطبيعي حتى سن 3 - 3.5 سنوات ألا ينطق الطفل جملاً تزيد عن كلمتين مفهومتين، مع صعوبة الجمل ذات المقاطع والعبارات المركبة.
ثانيًا: المهم في الطفل في عمر ولدك والذي يمكن القلق بشأنه، إتقان الطفل للغة التعبيرية ولغة التلقيFacial Expressions ، وأعني بتعبيرات الوجه أو اللغة التعبيرية ما يظهر على ملامح الوجه من تغيرات وتعبيرات توحي باستيعابه لما يوجه له من عبارات، وتلك اللغة تتم بعضلات الوجه (بسمة - تقطيب - حزن - عِند)، وتستطيع الأم أن تفهم ما إذا كان الطفل فهم جملتها أو أوامرها أم لا من خلال Eye contact التواصل بالعين؛ فإن كان الطفل يتقن هذا النوع من التعبير ويقرأ في وجهه استيعابه لما يتلقاه كان الأمر طبيعيًّا، ولو كان غير ذلك فالأمر هنا يحتاج للعلاج فعلاً.
ثالثًا: حتى عمر ثلاث سنوات ونصف يمكن أن يظل الطفل لا يتقن إيضاح الجمل، وبعد هذه السن يمكن أن نقلق.
رابعًا: إذا تصاحب التأخر في الكلام مع سيلان اللعاب من الفم أو أحد جانبي الفم يمكن أن يكون تأخر الكلام سببه مرضي.
وبعد هذا فما أوصيك به لتخطي مسألة التأخر في وضوح النطق:
1 - كثرة التحدث مع الطفل باستمرار، وما يسمّى بالملاغاة من قبل الأم له طوال مدة بقائها معه، وخصوصًا أنه طفل وحيد ليس لديه إخوة يلعب معهم أو أحد يسليه بخلاف الأم التي ينبغي أن تحاول ملء فراغه باستمرار حتى أثناء أدائها لواجباتها ومهامها اليومية، ومن خلال الاستشارة التالية يمكن للأم أن تعرف كيفية إدارة وقتها داخل المنزل مع الطفل أثناء أداء مهامها:
- طفلي يصرخ أفهموني.. أستجب لكم .
ثم نبدأ في تناول مسألة العدوانية التي نتسرع في اتهام أبنائنا بها، والتي غالبًا ما نكون نحن -كآباء- السبب في اتسام سلوك أبنائنا بهذه السمة، فالعنف لا يولد إلا عنفًا وكثرة الزجر والصراخ والتعنيف والنهر لا يخلق إلا طفلاً عدوانيًّا.
تعالَ نتخيل معًا موقفًا تستوحيه من طيات سؤالك نفسه:
يأخذ ولدك لعبة من أحد أبناء أحد الأقارب الذين تكونون في زيارة لهم، فيخضب وجه الأم بحمرة الخجل حين يشكو طفل الأقارب من هذا التصرف، فتحاول أمه محايلته ونزع اللعبة منه فيأبى فتعنفه وتزجره وتوبخه وهي تشعر بأشعة أعين المضيفين تخرق جسدها تحديقًا، ويلمس الطفل هذا بذكائه فيزيد عناده، فيصبح هنا البقاء للأقوى والأعنف في فرض رأيه، وبالطبع تلجأ الأم إلى سلاحها الحسام الذي يبتر الموقف وينهيه سريعًا (زجر ونهر وعنف وانتزاع اللعبة لإنهاء الموقف).
وكل هذا الموقف مسجل في ذهن الطفل ليكرره مرات ومرات مع تبديل الأدوار حين تسنح له الفرصة، فقد تعلم أن الغلبة للأعنف والأكثر عدوانية، فيظل يعنف ويضرب من يخلص اللعبة من يديه للإبقاء عليها بين يديه ما استطاع أو لانتزاعها من صاحبها، ثم نحزن أن أبناءنا عدوانيون ونحن نربيهم في قلب الأحداث وتحت رقابة الغرباء!!، وكان الأولى أن نربيهم في بيوتنا لكي يكونوا أسوياء وليس في بيوت الناس لنعفي أنفسنا من الحرج أمام الغرباء.
إن الطفل يريد أن يرى اللعبة ويفحصها، ومهما كان لديه من لعب فسيظل كل جديد على عينيه محطًّا لفضوله ورغبته في الفحص والاستكشاف، وبالتالي فأخذها منه عنوة أو غير عنوة غير مبرر بالنسبة له وليس مفهوم، والأولى تعليمه:
- قوانين الملكية بشكل مبسط.
- التعامل مع تلك المواقف بهدوء ودون انفعال مع تهدئة التوتر بين الطفلين لتكون البيئة مواتية لطفلك لأن يكتشف اللعبة ويقضي نهمه منها، ثم يتركها وحده.
إذن فالسطور التالية ستحمل مقترحاتي لك حول كيفية تعليمه قوانين الملكية وحدودها والتعامل مع بكاء الطفل:
أولاً: يجب أن تحاول أنت والأم تدريب نفسيكما على قوة الاحتمال والتحكم في النفس عند الغضب، والتعامل مع استفزاز الطفل -وابتزازه أحيانًا بالبكاء- بهدوء وروية بعيدًا عن الصراخ أو النهر أو الانفعال، وهنا أعمم دعوتي لكل الآباء للتحلي بهذا الخلق الهام جدًّا في تنشئة الأطفال وتدريبهم عليه لاحقًا؛ فكل إناء بما فيه ينضح، وملء أبنائنا بالانفعال والغضب والعصبية لن تجعلهم ينضحون هدوءاً وحلمًا وحبًّا.
ثانيًا: عندما يبكي لطفل لطلب شيء فينبغي عدم الاستجابة لهذا البكاء إيجابًا بتحقيق الطلب ولا سلبًا بالعقاب والنهر، كذلك يجب عدم تجاهله، فيمكن أن يقال للطفل بهدوء "عندما تكف عن البكاء تعالَ أفهمني ما تريد"، "لا أستطيع السماع بسبب البكاء"، "ما ستطلبه بالبكاء لن أفعله"، ثم يترك حتى يكف عن البكاء لتناقشيه بهدوء عما يريد وسبب بكائه بحنان، ثم تحلي ما أمكن حله.
ثالثًا: لا تستفزوا الطفل، ثم تستنكروا عليه البكاء والغضب والاعتراض على ما تستفزوه منه أو تنتزعوه منه.
رابعًا: لتعليمه حدود الملكية بهدوء يمكن أن تمثل معه الأم مواقف شبيهة لما يحدث خارج المنزل مع تقمص الأم لشخصيته، فتلعب معه، ثم تأخذ لعبته وتخرج خارج الحجرة، وعندما يعترض تجيبه: "أنا آسفة.. كان يجب أن أستأذنك أولاً لأنها ملكك"،"إنها ملكك فلن آخذها دون علمك أو إذنك"، "إن ما يملكه الآخرون لا يصح أن آخذه دون إذن"؛ وبالتالي يتعلم الطفل معنى وحدود الملكية، وضرورة أن يعامل الناس بما يحب أن يعامل به، وكذلك يمكنكما أنت ووالدته أن تبثه ما تريد من نصائح من خلال تلك المواقف التمثيلية أو المصطنعة.
خامسًا: عند زيارتكم لأحد يمكن لك شراء لعبتين بسيطتين جميلتين متشابهتين واحدة له والأخرى لابن الأقارب، ليعطيها له ويلعبا معًا؛ فيتعلم معنى الأخذ والعطاء.
سادسًا: عندما يبدي الطفل تطورًا إزاء أي مما سبق بمكافأة سريعة حبيبة إليه.
أما مسألة عدم حب طفلك للبيت فلا بد من جعله مكانًا حبيبًا بممارسة أنشطة ممتعة وصحبة شيقة مع الأم ومعك أيها الوالد الكريم، ويمكنكما الاسترشاد بما يلي لتحقيق هذا الأمر:
- رجل عمره 12 شهرًا
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان .
- مفاجأة.. ابن سنتين أيضا له أنشطته
- فن تنمية الذكاء
أخي الكريم لقد سعدت بالحديث معك، وأرغب في استمرار التواصل معك ومع والدة الطفل، ويسعدني الرد على استفساراتكم حول الحبيب الأول لكما، ومن سيليه من ضيوف وأحبة، وأنتظر منكما موافاتي بأخباركم، ومدى استجابة طفلكما لما أوردناه من مقترحات وشكرًا لكما.
ــــــــــــــ(102/439)
عندما تغيب المعايشة العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. لا أدرى من أين أبدأ، ولكن أولاً أدعو الله لكم بمزيد من التوفيق وأن ينفع الله الناس بعلمكم، أما بعد.. أنا في غاية الذهول والذعر والخوف والرهبة مما رأيت.
نعم لقد رأيت ما لم أكن أتخيل أو يخطر على بالي في يوم من الأيام. لقد رأيت الطامة الكبرى بعيني نعم رأيت واقعة زنى؟ ولكن ليست هذه هي المشكلة وليتها كانت عند هذا الحد، بل إن الكارثة أنها ليست بين شاب وفتاة أو رجل وامرأة، بل بين طفل وطفلة لا يتجاوز عمرهما الثامنة أو التاسعة.
أنا لا أستطيع التحكم في أعصابي منذ أن رأيتهما، ولم أصدق عيني عندما نظرت من النافذة وأنا في دور مرتفع لأجد أن طفلة تخلع سروالها وتنام فوق طفل عارٍ هو الآخر، وتقوم بحركة اهتزازية كالتي يفعلها الرجل بزوجته عند الجماع، فصدمت وجلست على الأرض فورًا لكي لا أسقط على الأرض من هول الصدمة، وعندما قمت إلى النافذة مرة أخرى كان الوضع قد تبدل فهو الذي ينام فوقها ويقوم بنفس الحركة، ثم بعد ذلك جلسا في ركن يتبادلان الأحضان والقبلات وتلامس الأعضاء التناسلية لكليهما.]
لم أستطع التفكير ماذا أفعل فهما أبناء أحد جيراني بالطبع، ولكن لا أعرف من هو بالضبط، فهذا المنزل يسكنه إخوة لرجل من مستوى اجتماعي منخفض، ومعرفتي به وبأولاده سطحية جدًّا لا تتعدى إلقاء السلام في أحسن الأحوال.
أعتقد أن هذين الطفلين أخ وأخته، ولكني غير متأكد، ولكن الشبه والطول متقارب جدًّا، فهما لا يتجاوزان المائة وعشرين سم، ولا يظهر عليهما أي آثار للبلوغ المبكر، فهما طفلان بريئان جدًّا حتى أنهما عندما شكّا بأني أراهما لم يستترا جيدًا وظنا أني لا أراهما.
لا أدري ماذا أفعل حيال تلك الكارثة؟ فأنا أشعر برعب شديد، فهل يمكن أن يفعل أبنائي هكذا؟ هل رأى هذان الطفلان أبويهما أثناء الجماع مثلاً؟ هل شاهدا فيلمًا جنسيًّا فأنا متيقن أنهما شاهدا هذا المنظر، بل أنا واثق فلا يمكن أن يقلدا الحركة الخاصة بالجماع دون أن يرياها، ومن أين لهما بهذا المنظر، فأنا أذكر أنني حتى سن البلوغ لم أكن أدري شيئًا عن العملية الجنسية، وعندما كنت أصبح محتلمًا لا أدري ما هذا.. هل تبولت في سروالي أثناء النوم أم ماذا؟ حتى علمت بالصدفة من أحد أصدقائي، وهذه زوجتي لم تكن تعلم شيئًا حتى بعد التخرج من الجامعة.
هل أتحرى وأعرف والدهما وأعرض عليه ما رأيت أم أتناسى الموقف؟ ولكن لا يمكن أن أنساه فهو يطاردني منذ أن شاهدته، وماذا يجب أن يفعل الأب حتى لو علم ما الحل؟ هل يعرضهما على طبيب نفسي أم يعزلهما تمامًا أم يكفي العقاب؟ وما الذي يضمن ألا يعودا لمثله؟ وهل يقبل الأب ما أقوله أم يظنني كاذبًا؟ وربما ظن أن لي هدفًا غير مشروع من وراء هذا الكلام، ولديه الحق فهذا الكلام لا يصدق، ولولا أني قرأت بعض المشاكل عن الأطفال في موقعكم هذا لما صدقت عيناي.
أنا في حيرة وفي خوف على أولادي وأولاد المسلمين.. أفيدوني كيف أتصرف وما زال ضميري يؤلمني لماذا لم أصح من النافذة ربما ارتجعا أو حتى أُلقي عليهما أي شيء يعلمهما أني أراهما لكي يمتنعا عن هذه الجريمة، ولكن أنا كنت في حالة صدمة، وخشيت أن يظن أحد الجيران أني أتجسس أو أقوم بمعاكسة إحدى النساء بالعمارة. أنا لم يكن لدي الجرأة لاتخاذ موقف، وخشيت أيضًا أن يراهما غيري فيعايرهما أو يعاير أهلهما، فأنا لدي أطفال وأعلم أنهم لا يدركون ما يفعلون.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
لك حق فيما أحسست به من صدمة، ولكن ما رأيته إن صح لنا أن نقف عند مغزاه الحقيقي فهو النتيجة الطبيعية لغياب الآباء والأمهات عن حياة أطفالهم، فكلٌّ لديه ما يشغله ولديه الأعذار التي يقدمها لغيابه عن أبنائه، وليتنا اكتفينا بغيابنا عنهم، ولكن ألقينا بهم أمام القنوات الفضائية حتى ينشغلوا عنا، ولا يسألوا عن سبب غيابنا فنفتح لهم التلفاز ونتركهم في عوالمه، ولا نبذل أي جهد في السؤال عما يروه وما هو تأثيره عليهم، ثم نتركهم وحدهم في البيوت ساعات طويلة يربون أنفسهم بأنفسهم يقلدون ما يرونه أمام أعينهم، فهم لم يجدوا من يمنعهم أو من يسألوه عما يرونه حتى يوجههم.
فما رأيته ليس واقعة زنى، ولكنه تقليد يقوم به طفلان لما رأياه سويًّا في قناة جنسية فذهبا يقلدانه دون وعي أو إدراك.. ربما حتى لا يدركا خطأهما كما تصف، فهما حتى عندما تصورا أنك رأيتهما لم يتواريا بما فيه الكفاية؛ لأنهما يتصوران أنهما يلعبان مثل الرجل والمرأة اللذَين يشاهداهما في التلفاز.. فلماذا يتواريان؟ هذه هي القضية الحقيقية التي ترد على مخاوفك وقلقك على أطفالك وأطفال المسلمين.. وهي أن نقضي وقتًا كافيًا مع أطفالنا نلعب معهم بلعبهم الحقيقية التي تناسب سنهم نجيب على أسلتهم.. نطالع ما يشاهدونه، ونمنع ما هو ضار، ونعلق على ما هو مفيد ونتحاور ونتفاهم.. ليس الحل أن نمنعهم تمامًا من مشاهدة التلفاز أو نمنع دخوله، ولكن الحل هو أن نتواجد ونتعايش ونتحاور ونتفاهم؛ لأننا إذا غبنا فسيكون هناك ألف شيطان آخر غير التلفاز.. هذه هي الرسالة الفعلية التي تنبهنا لها مشكلتك.
أما عن الفعل العملي المباشر فهو يحتاج منك لبعض الجهد في التحري عن أهل هذه الشقة التي رأيت الواقعة فيها، فإن علمت أن الأب والأم من النوعية التي يمكن التفاهم معها وإدراك الأمر بأبعاده الحقيقية وليس على أنه فضيحة يريدون الاستتار منها أو تهمة يدفعونها، فالحل هو أن تذهب وتتحدث إليهما بهدوء مناقشًا معهما أسباب المشكلة، وأنها ليست مشكلة جنسية كما يبدو للوهلة الأولى، ولكن مشكلة معايشة، وأنك لم تأتِ لتتهمهما بعدم الاكتراث، ولكن لكي تساعدهما في إدراك المشكلة، وأن الحل ليس بالعقاب البدني للأطفال، ولكن بإحضارهم وإجراء حوار معهم حول هذا الفعل، وإظهار خطئه كسلوك، ومعرفة مصدره، واعتبار الواقعة بداية لحالة من التفاهم والحوار بين الآباء وأطفالهم.. وليس لمعركة دموية يصرخ فيها الآباء في وجه الأبناء متهمين إياهم بالعقوق وعدم تقدير المجهودات التي يبذلونها من أجلهم وعقابهم العنيف؛ لأنهم ارتكبوا فعلاً فاحشًا.
إننا الآباء والأمهات المتهمون الأول في هذه القضية، ولا بد أن نحدد أولوياتنا ونقدرها؛ إن معايشة أطفالنا والتواجد معهم لو وضحناه في اهتماماتنا فسنجد الطريقة والوقت لفعل ذلك، أما الاستسلام للأمر الواقع وإيجاد المبررات لغيابنا فسيجعلنا دائمًا نفيق بعد أن تقع الكارثة.
إن حوارًا هادئًا مع الأب أو الأم لهذين الطفلين والتحدث معهم من منطلق المشاركة وليس الاتهام سيجعلهم يسمعونك بآذان صاغية، خاصة إذا شاركت معهم في البحث عن حل أو أشعرتهم باهتمامك.. ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/440)
واجتمع المرض والغربة على لغة طفلي العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أكتب إليكم من بعد تعب فكري قد أجهدني، فأنا عندي ولد عمره 4 سنوات، وقد قضى أول سنتين من عمره يعاني من التهاب في الأذن اليسرى، وخضع خلالها لأربع عمليات في أذنه ولعدد لا يقل عن 30 دواء التهاب، وأيضا لأشياء ولتجارب كثيرة حتى -والحمد لله- نجح الأطباء في وقف الإفراز الرهيب. وكان خلال تلك الفترة لا يسمع في الأذن اليسرى، أما الآن فسمعه والحمد لله 90%.
مشكلتي الآن هي في كلامه؛ فهو يتكلم بطريقة غير مفهومة للآخرين، إما أن يتكلم بسرعة أو لا يلفظ بعض الأحرف، لقد تكلمت مع إخصائي السمع وهو يظن أن ذلك نتيجة سماعه للغتين في نفس الوقت، أما مدرسة الحضانة فهي تقول: لا مشكلة لديها معه، أما أنا فأكاد أموت حزنا عليه؛ فابنتي قد تكلمت بطلاقة في سن سنة ونصف، وأيضا يوجد في عائلة زوجي بعض الأفراد لديهم تأتاة خفيفة.
أنا أفكر في عرضه على إخصائي نطق.. فما أريد أن أعرفه هل أنا محقة في رأيي؟ أم أن الطبيب محق وذلك في سماعه للغتين؟ عذرا لطول رسالتي وجزاكم الله ألف خير.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
د/سحر صلا ح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الحبيبة، وكم أشكر لك مصارحتك لنا بما سبب لك الحيرة وأجهدك من كثرة الفكر؛ فكم عكس ذلك من ثقة وحب وتواصل ندعو الله أن يستمر ويربو، ولكن لا داعيَ لحيرتك ولا لوجومك؛ فقد ظهرت لك قدرة الله تعالى ونعمه في شفاء ولدك ونجاح محاولات الأطباء معه، ألا يكفي ذلك لطمأنتك وحمل البشرى لك بأن الله أقرب إليك وإلى ولدك من حبل الوريد؟ وبأنه خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين؟ وبأنه سبحانه معكما يسمع ويرى ويشفي ويعين؟ يا صاحبة الحيرة أبشري فالهم منفرج؛ لأن الفارج الله.
أختي الحبيبة لقد آلمني كثيرا قولك: "أكاد أموت حزنا على ولدي"؛ فأنا أم وأقدر خوف الأم على ابنها وتألمها.. ولكن رويدك فولدك بخير، وهو في نعمة كبيرة؛ فراقبي معي ما يلي لنصل معا لرأي نتفق عليه:
1- طفلك لديه الأذن اليمنى سليمة، وهذا كافٍ ليلتقط اللغة ويتقنها بشكل طبيعي.
2- تصل نسبة السمع الآن إلى 90% في الأذن اليسرى، وهذا شيء ممتاز.
3- لا تشكو من الطفل معلمته.. بل تؤكد أنها لا مشكلة لها معه.
4- الطفل يتعرض للتعامل بلغتين.
5- إتقان أخته للكلام في سن مبكرة لا يحتم عليه ذلك؛ فالفروق بين الأطفال في الإمكانيات لا تعني تفوق أحد دون الآخر.. بل تعني أن لكل طفل مجال تميزه وإبداعه وتطوره.
وبعرض هذه المعطيات نصل إلى أن رأي إخصائي السمع الذي عرضت عليه الطفل كان صحيحا؛ وهو ما كان يجب أن أقوله لك في أول سطر من الإجابة، لكنني أحببت أن أدعم ترجيحي لهذا الرأي بما يقنعك من تفاصيل حالة طفلك التي ذكرتها.
أختي الكريمة..
إن تعرض الطفل للغتين قد يسبب له الارتباك في إتقان إحداهما أو كلتيهما، وهناك من الأطفال من تؤهلهم إمكانياتهم للتغلب على هذا الخلط، والعكس وارد؛ فربما لا يتمكن الطفل من تمام إتقان وإجادة اللغتين إلا بعد فترة، وهو ما لا داعي للقلق بشأنه؛ لأن طفلك سيتخطى هذا العرض كما تخطاه كثيرون إن شاء الله، وتأكدي أن لعثمته وتخطيه لبعض الحروف هي لعدم إجادته النطق بها بشكل صحيح وليس لأنه لم يسمعها جيدا -وخصوصا أن أذنه اليمنى سليمة تماما- فالسمع لا علاقة له نهائيا بالمسألة.
أما مسألة السرعةClattering فسببها تزاحم وتداعي الأفكار عليه فيعبر عنها بشكل متسرع قد يسبب له اللعثمة، ولعلاج هذه السرعة سأورد لك الأسلوب المناسب من التدريبات للتغلب عليها فيما يلي:
أولا: احذري أن يصل الإحباط والحزن اللذان لمستهما في حروف سؤالك لولدك وفي معاملتك له على أنه صاحب إعاقة، لا قدر الله.
ثانيًا: استخدمي معه في البيت لغة واحدة (ولتكن لغتكم الأم وهي العربية)، وتدريبك له لتخطي سرعة الكلام يكون عبارة عن جمل بالعربية مختلفة قصيرة مركزة تتكرر فيها كلمة واحدة ببطء بشكل مستمر كالآتي:
"تعالَ نغسل شعرك" - "شعرك سيصير نظيفا" - "بعد الغسل سنمشط شعرك"... وهكذا بحيث يلتقط منك موسيقى الكلمة وقافيتها tone، وكيفية نطقها بشكل صحيح ومعتدل، وستجدين تفاصيل معينة في الاستشارة التالية:
- ضوابط تعلم اللغة الثانية
ثالثا: طالما أن مدرسته لا تشكو منه شيئا فدعيها تتعامل معه بأسلوبها، ولا تقلقي بشأن ذلك.
أختي الغالية.. لا تنسي أن ابنك هو ثاني أبنائك، وقد قضى نصف عمره في عمليات جراحية وعلاجات متواصلة وزيارات دورية للأطباء؛ وهو ما جعل مسألة اللغة والنطق أمرا لا تنتبهين له مثلما كان الحال مع ابنتك الأولى التي نالت من اهتمامك وفرحتك بأمومتك بما في ذلك تواصلك اللغوي معها ما قد تكون ظروف ولدك لم تسمح لكما به.
حبيبتي.. تماسكي ولا تدعي للحيرة ولا القلق سبيلا إلى قلبك ما داما لا حاجة لك بهما، ولا توجد لهما أي دواعٍ؛ فالأمر إلى زوال بعد فترة لن تطول إن شاء الله، وقبل أن أتركك رغم استمتاعي بالحديث معك لا يفوتني أن أحملك سلامي وقبلاتي لطفليك، وسأنتظر متابعاتك لنا وموافاتك لنا بأخبارك واستفساراتك، وشكرا لك.
ــــــــــــــ(102/441)
احترم طفلك.. يحترم نفسه! العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم كتبت الاستشارة الأولى بعنوان: عائلة عنصرية جدا وسأوضح قصدي في هذه الاستشارة.
سؤالي هو لديّ ابنتان واحدة سنتان ونصف والثانية سنة. علاقتي مع أهل زوجي وخاصة حماتي ليست جيدة في غالب الأوقات، ولكنني أبقى أودهم وأواصل زيارتهم مع عائلتي دائمًا، وأنا أخاف جدًّا على بناتي؛ إذ ألاحظ بأن حماتي تتعمد دائمًا إغاظة الطفلة الصغيرة مثلاً: "أبوك حبيبي أنا، وهو ابني أنا"، وليس والدك على أساس المزاح، أو مثلاً أختك الصغيرة أحلى منك وأذكى منك بشكل يجعلها تسرح أو تبكي أحيانًا. أنت مدللة جدًّا. تقبيل الطفلة الثانية أمام الطفلة الكبيرة.
سؤالي هل تؤثر مثل هذه الأشياء على طفلة في هذا العمر أو في السنوات المقبلة؟ وكيفية التعامل مع هذه المواقف؟ وكيفية تعزيز ثقة الطفل بنفسه في جميع الأحوال وأمام أي كان.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخت الكريمة..
شكرًا كثيرًا على تواصلك معنا للمرة الثانية، وإن ظلت هناك بعض النقاط الهامة التي لم توافني بتفصيلاتها، خاصة فيما يتعلق بطريقة تعاملك مع أطفالك في وجود الآخرين، ورد فعلك تجاه ما يصدر من تمييز ضد طفلتك بينك وبينها وبينك وبين الجدة، والمهم أيضًا معرفة هل التمييز بناء على تفضيل لون على لون أو ولد على بنت أو لصفات معينة في هذا الطفل أو ذاك.
وسأبدأ بسؤالك الأول: هل تؤثر هذه الأفعال على نور:
بالطبع تؤثر في اتجاهين:
أولهما حبها وارتباطها بهذه الجدة:
نحن بلا شك نحب دائمًا أن نعين الصغار على برّنا فلا نزرع كرهًا يحيل أو يصعب البر؛ ولهذا لك دور كبير في هذا الأمر. فلا تضخمي الأمر أمام طفلتك وتشعريها أن هناك ظلمًا كبيرًا، بل قولي إن جدتك تمزح معك.. إنها تحبك كثيرًا.. انظري إنها تقول لي إن نور بنت لطيفة وجميلة. كما يمكنك أن تشتري بعض الهدايا لطفلتك وتقولين إنها من جدتها؛ واصطحبي ابنتك لتشتروا معًا شيئًا للجدة. هذا يرقق قلب الجدة لا محالة، وربما كانت فرصة لتلطيف الأجواء بينكما وإفهامها بطريقة لطيفة أن "نور" صغيرة، ولا يمكنها تقبل هذا المزاح، فالصغار لبراءتهم يصدقون كل ما يقال لهم.
فلا تجعليها معركة، بل اجعليها محاولة لعقد صلح للعيش في سلام لاعتبارات عديدة، منها في حالتنا تلك أن الكبار خاصة أهل الزوج تؤثر علاقتنا بهم لحد كبير في طريقة تعاملهم مع أطفالنا، حتى وإن كانوا أطفالهم في ذات الوقت. والطفل بحاجة لحب أهله وتعلم برهم واستشعار السلام في العلاقات المحيطة به خاصة الأقارب؛ إذ إنه يتعلم من خلال هذه العلاقات الكثير من قيم الحب والبر والتعاون والتسامح. وهذا هو التعلم الحقيقي الذي يترجمه فعلنا، ويسري لعمق الطفل أكثر بكثير مما تفعله الكلمات.
ثانيهما تقدير الطفل لذاته:
لا شك أن صورة الذات لدى الطفل تتكون عبر تفاعلاته مع المحيطين به، والمحيطون هم الراسم الأول لهذه الصورة لدى الطفل خاصة الأب والأم؛ لأنهما مصدر الثقة والأمان لديه. فحتى إن كانت تتأثر نور ببعض من مزاح جدتها إلا أنه يظل بناء تقديرها الذاتي رهن بما تغرسينه أنت ووالدها فيها. وتجدر الإشارة إلى أن الطفل الذي لديه تقدير جيد للذات يرفض معاملته بطريقة غير لائقة لما يرى نفسه أهلاً له. فضلاً عن قدرته على التعبير عن رفضه لتصرف ما أو سلوك ما دون أن يجد صعوبة في ذلك، ودون اضطراره لقبول أي تصرف استجداء للحب المفقود أو عجزًا عن التعبير عن الرفض.
والذي يعنينا بالدرجة الأولى أن تقدير الذات يزرع بذرة بذرة عبر حياة الفرد وعبر التدريب لاكتساب كل ما من شأنه بناء صورة جيدة للذات، بما في ذلك التعبير والتواصل الإيجابي والقدرات والمهارات المختلفة. والثقة بالنفس إحدى النقاط المتضمنة في المفهوم الأوسع لتقدير الذات.
نور ما زالت في المرحلة الأولى لغرس بذور تقدير الذات عبر (الحب – التحادث الكثير – الاستماع لها – التشارك في اللعب والاهتمامات - التشجيع والدعم الإيجابي – تنمية مهاراتها وتعلمها للكثير من الأشياء خطوة خطوة – إعطاء مسؤوليات رعاية نفسها ومساعدتك في الأمور المنزلية وغيرها).
وسأفصل لك في بعض النقاط:
الحب:
- أخبريها كلما أمكن أنك تحبينها، وعبّري لها عن ذلك لفظيًّا (بالكلمات) وغير لفظي (المسح على رأسها - الابتسامة - الاحتضان - التقبيل)، وشجعيها على أن تبادلك هذا التعبير أثناء تواجدكم وحدكما، وأيضًا في وجود الأقارب أو الأصدقاء. فهذا يكون مدعاة لفخر الصغير بحب وتقدير واحترام والديه. وكذلك إشعارًا لها بالأمان.
التحادث:
أظهري لطفلتك أنك تستمتعين بحديثها.
- تحدثي معها حول كل ما يدور في عالمها من خلال كل ما يمكنك من وسائل (قصص - كتب - حكي - أحد يمر بكما - زيارة لمكان جديد أو حتى قديم - برنامج تليفزيوني – حلم رأيته - تخيل لابنتك...). اشرحي لها ماذا تفعلين ولماذا؟ ماذا تشعرين ولماذا؟ بم تفكرين؟ عبّري لها وساعديها على هذا التعبير. وهكذا تحدثي.
- تحادثك مع طفلتك يشعرها بالاهتمام والحب والتقدير ويساعدها أن تبني مفرداتها سريعًا وهو مما يؤثر كثيرًا في تقدير الطفل لذاته، خاصة إذا كان الأمر يحمل في ثناياه تدريبًا على تفهمها لمشاعرها ووصفها بدقة وإعطاء هذا الشعور اسمًا (متضايق – حزين - أشعر بملل – أشعر بسأم...)، وهناك بعض الكتب الصغيرة التي يمكن أن تعين في ذلك ويرسم فيها وجوه بتعبيرات مختلفة.
الاستماع:
- أنصتي لابنتك باهتمام.
- استماعك لابنتك يعني أن لديها شيئًا هامًّا يستحق الإنصات له، فاجعليها تفهم جيدًا أنك تريدين الاستماع لما لديها، فهذا ما نصنعه لأجل علاقة قوية مع طفلتنا الحبيبة، ولأجل اليوم الذي نتمنى نحن فيه أن يجيء أولادنا لنكون ممن يحبون الحديث إليهم.
- علّميها التواصل بالعين أثناء الحديث، انظري في عينها وعلميها أن تنظر فى عين من تحدث.
- واجهي ابنتك بكامل جسدك أثناء الحديث فلا تنظري بعيدًا عنها، ولا تديري ظهرك أو تنشغلي عنها مرددة كلمات تفهم منها طفلتك جيدًا أنك لا تستمعين بجدية لكلامها.
- لا تتعجلي ابنتك في الحديث فتقولي الكلام بدلاً منها أو تسكتيها بحجة أنك تفهمين وتعرفين ما تود قوله. فالطفل يتحدث ليستمع إليه وليظهر قدرته على استخدام ما تعلمه من مفردات ومفاهيم وأشياء جديدة.
- وساعديها بالأسئلة المفتوحة التي لا تكون إجابتها (نعم أو لا)، بل تدفع لمزيد من التساؤلات من قبلها والحوار الأطول والأمتع والأنفع لها.
الاندماج مع الطفل والتشارك في الأنشطة:
حاولي التشارك مع ابنتك في أنشطتها باعتدال، فمن المفيد أيضًا أن تتعلم قضاء الوقت بطريقتها دون الالتصاق تمامًا ودائمًا بك، ولكن ما أقصده هو وجودك معها في حياتها وفي اهتماماتها (اللعب معًا – التحادث معًا - الرسم معًا – الخروج معًا.. يساعد في ذلك النشاط الأسري المشترك في الرحلات – النزهات -...).
التشجيع:
- ليس فقط على النجاحات، بل على المجهودات والمحاولات، فاستخدمي الكلمات الإيجابية.. أثني على الشيء المحدد الذي فعلته ابنتك حتى تفهم المرغوب من الأفعال؛ فثناؤك على سلوك ما يدعمه ويثبته، ويفهمها بالتحديد المرغوب والمقبول من السلوكيات والأفعال، أي لا تشجعي تشجيعًا عامًّا واسعًا (أنت ممتازة)، ولكن قولي (رائع قد استطعت حمل الكوب بمفردك - نور استطاعت أن تضع الكتاب في موضعه...).
- انتبهي لنجاحاتها جيدًا وشجعيها بحماس (تصفيق – هتاف – تعليق شارة – رسم كاريكاتير – وضع لوحة على الحائط بإنجازاتها ومع صورة لنور...) على أن تعطي نور كامل الانتباه وقت التشجيع.
لكن لا تفرطي في التشجيع فيفقد قيمته ومصداقيته لدى الطفل، أي أنه تشجيع على تجربة ومحاولة محددة أو إنجاز أو سلوك محدد مفهوم من قبل نور.
المسؤولية:
- ساعدي طفلتك لتقوم بما تستطيعه بنفسها. اسمحي لها أن تأكل بنفسها وتنظف يديها، وتزر الأزرار وتفكها وغيره مما يمكنها القيام به بنفسها، بل اجعليها مساعدتك الأولى فنور يمكنها عمل الكثير (وضع الأشياء في مكانها – مسح المنضدة – كنس مساحة من الأرض - تقطيع الخيار – ترتيب اللعب – أعمال المناولة...) - هذا من أكثر ما يشعر الأطفال بقيمتهم. وأن لهم دورًا هامًّا مساويًا لدورنا فهو يحمل للطفل معنى ثقتنا في قدراته، وفي ذات الوقت فرصة لتنمية مهاراته وتعلمه المسؤولية والتعاون، بل يمنحه الأمان والثقة لتجريب الأشياء والمهمات الجديدة بإقبال أكثر وثقة أكبر في النجاح فيها، وعلى النقيض من ذلك حين نقوم للطفل بكل شيء حتى تلك الأشياء التي يمكنه أن يقوم بها بنفسه، فضلاً عن عدم إشراكه في أي شيء يخص الأسرة، فإن هذا يحمل له رسالة عدم القدرة والعجز وعدم الثقة، وبالتالي تدني القدرات والاعتماد المطلق على المحيطين، وعدم القدرة على رعاية نفسه أو المحيطين أو المشاركة أو التعاون، فضلاً عن نشأته مدللاً غير مُعَدٍّ للحياة الحقيقية.
علميها لغة التجربة والإنجاز:
- ساعدي ابنتك على زيادة إنجازاتها ونجاحاتها، ودعيها تجرب وتنجح في هدف صغير تلو الآخر. (اجعلي كلمة هدف من المفردات الهامة في حياة الطفل)، على أنه يجب علينا إدراك أن كل ما يحتاج الطفل تعلمه أو معرفته أو التمكن فيه يعتبر بالنسبة له هدفًا عظيمًا. (كالتمكن من التعرف على صور كتاب كامل – تزرير 4 أزرار في المرة الواحدة –رسم خط في ورقة -...) فمثلاً: القدرة على تقطيع الخيارة هدف عظيم حقًّا بالنسبة للطفل. لا بد أن يخطط له ويقسم لمراحل. فالخطوة الأولى لحقيق الهدف هو أن تعرف كيفية الإمساك بالسكين؛ الخطوة الثانية تقطيع الخيارة لجزأين؛ الخطوة الثالثة هي تقطيع الجزء لعدد من القطع الصغيرة (هذا ما يعرف في عالم الأعمال بالخطة).
- صدقيني هذه هي لغة الإنجاز التى نفتقدها جدًّا -حتى في عالم الكبار- فعلميها لطفلتك تكوني قد أهديتها طريقًا للسعادة والنجاح. ولا يهمنا الآن ماهية الهدف، ولكن ما يعنينا هو تعلم هذه اللغة ومفرداتها واستخدامها والتعود عليها.
- لا تحلي لها كل ما تواجهه من صعوبات، ولكن ساعديها أولاً على التعلم والتجربة بأمان، ثم حين تواجه صعوبة فيما بعد أكدي على أهمية التجربة (جربي – حاولي.. رائع محاولة جيدة – هل رأيت عندما جربت استطعت -...).
- ولكن دون أن تعرضيها لإحباطات متتالية؛ ولذا دعيها تقوم بما تقدر عليه وتجرب ما تبدي الرغبة في تجربته وزوّديها بما يمكنها من إتمام وإنجاز عملها جيدًا.
- تحاوري معها حول ما تقابله من صعوبة دون تقديم حلول جاهزة، بل ساعديها لتصل للحل من خلال حواركما واستخدام الأسئلة.
أبرزي نقاط القوة:
- نور في مرحلة بناء فعليك بصنع نقاط القوة وإبرازها.
- حاولي أن تشيري باعتدال إلى هذه النقاط في ابنتك؛ ولذا عليك قدر جهدك إفساح المجال لكثير من التجارب والأنشطة (مفردات كثيرة – حفظ ما تيسر من القرآن - قراءة –حكي – مطالعة صور – ألوان – عجائن – قص ولصق - ألعاب تركيبية – موسيقى – غناء - تمثيل – رياضة...).
- عليك بالتربية والتقوية المتوازنة (الجانب الروحي والأخلاقي - اللغة - الدافعية والإنجاز والمثابرة – العلاقات والصداقات...)، عليك بإضافة كل ما يخطر ببالك من قدرات نفسية وعقلية على أن تعلمي وتتأكدي أن كل شيء قابل للتعلم.
يبقى بعض النقاط التى أجملها لك:
* تجنبي المقارنة تمامًا بين طفلك وطفل آخر، فكل طفل بصمة إصبع لا تتكرر، وإنما المقارنة بين الطفل ونفسه بين إنجاز اليوم وأمس.
* المعتقدات نبوءات منجزة فاعتقدي في قدرة وكفاءة طفلتك تصلي لما تعتقدينه.
* عزّزي تقديرك لذاتك من خلال التنمية الذاتية وبناء قدراتك ومهاراتك وفهمك الجيد لنفسك (تفكيرك ومشاعرك)، وكذلك تعبيرك عن هذه المشاعر والأفكار. وتواصلك الإيجابي مع المحيطين، فالثقة مما ينقل لأطفالنا على غير وعي منا؛ ولذا فالتنمية لنا معًا.
* احترامنا الحق لأطفالنا يجعل الآخرين يحترمونهم، بل الأهم أنه يجعل الأطفال يحترمون أنفسهم ويرفضون كل ما يتعارض مع هذا الاحترام للنفس.
* الطفل الذي نهديه التقدير الجيد للذات نهديه في الحقيقة السعادة والإنجاز والقدرة، ونهدي المحيطين به في الدائرة الأقرب والأبعد على حد سواء شخصًا قادرًا على الحب والمسؤولية والعطاء شخصًا يشعر أنه جيد فلا يفعل إلا الجيد ولا يقبل بأقل من الجيد!
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- طفلي يصرخ أفهموني - متابعة
- فن تنمية الذكاء
- موهبة أم تميز أم تفوق.. فض الاشتباك؟!
- عندما يرى الطفل الأقارب عقارب
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
- فن استثمار المشاكل
- القاعدة الصدئة.. كبرى معززات الخجل
- سبحان الله.. "يعملها الكبار ويقع فيها الصغار"
ــــــــــــــ(102/442)
فم الطفل.. هل يرضخ لرغبة الأم؟ العنوان
أختي دعاء إن ابنتي (3 سنوات) في أغلب الأحيان ترفض تناول الطعام إلا صنفًا معينًا (خبز وجبن مثلاً) لمدة أسابيع وتتمادى في هذا الأمر.. ماذا أفعل لأجعلها تتناول الطعام بشكل جيد ولترضخ لرأيي في مسألة التغذية. هل هناك بعض التعليمات التي يمكن أن أجعل بها ابنتي تتناول ما يكفيها من الطعام بما يكفل لها صحة جيدة؟ وهل رفضها للطعام من قبيل العناد. السؤال
فقدان الشهية الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك يا أختي الحبيبة، وأشكر لك أن ناديتني بأختك.. لكم كان هذا الأمر حبيبًا إلى نفسي فقد حقت محبة الله للمتحابين فيه كما ورد في الحديث القدسي؛ فكأنك بشرتني بمنابر النور التي يجتمع عليها الإخوة في الله بهذا النداء الرقيق.
في الحقيقة.. لقد احترت في تحديد اسمك واسم ابنتك من خلال
البيانات الواردة في سؤالك؛ وذلك لتتبع حالة الطفلة منذ أول سؤال وجهته بخصوصها، ولكن على كل حال سأحاول أن تشمل الإجابة كل ما يمكن أن يفيدك في موضوع سؤالك في ضوء البيانات الواردة.
أختي الحبيبة.. إن من جمال الأمومة أنها مهنة تساعد كائنًا آخر على النمو والبلوغ واكتساب إنسانية كاملة، ولأن الأم تحب ابنها بكل نياط كيانها فهي أكثر أهبة واستعدادا من أي كائن آخر لبذل ما ينبغي من جهد لمعرفته وفهمه، ومن ثَم فإن جهدنا الذي سنحاول أن نبذله معًا سيكون غرضه:
أولاً: معرفة والاقتراب من أسباب رفض ابنتك للطعام.
ثانيًا: كيفية التغلب على ذلك.
ثالثًا: التعامل المناسب مع عناد الطفلة.
وتعالي نبذل جهدنا في معرفة الغرض الأول:
1 - لا أخفي عليك أننا جميعًا كأمهات نأمل أن يظل فم الطفل يتحرك ماضغًا للطعام طيلة اليوم، ولعلّّّ تغير إقباله على الطعام والتي تقل تدريجيًّا بعد عامه الأول تسبب لنا القلق في أغلب الأحوال؛ ولذا فإنه من الهام أن أورد لك بعض الحقائق العلمية عن مسألة الطعام ووزن الطفل -بعضها مما ورد في كتاب دكتور سبوك "مشاكل الآباء في تربية الأبناء"- لتحديد مدى كفاية تغذية ابنتك وتناسبها مع عمرها ومتطلبات جسمها للنمو:
- الطفل في حالته الطبيعية يزيد وزنه بمعدل خمسمائة جرام شهريًّا في العام الأول، وبعد ذلك تنخفض نسبة زيادته الشهرية لتصبح 250 جرامًا شهريًّا في العام الثاني، وبالتالي فجسد الطفل يكون هدفه الرئيسي في العام الأول زيادة الحجم والقوة اعتمادًا على التغذية والنوم، وفي العام الثالث وحتى سن ما قبل المدرسة لا يزيد سوى كيلو جرامين في السنة.
- من بداية العام الثاني ينتبه إلى أشياء جديدة مثل محاولة اكتشاف العالم من حوله، والرغبة في تعلم الحروف والحركات، والرغبة في تأكيد الذات، فيبدأ في عدم الإقبال بالشهية ذاتها على الطعام من العام الثاني.
- شهية الطفل يعتريها التقلب لأنواع الطعام المختلفة؛ فالطفل قد يقبل اليوم على الخضراوات ويحجم عن تناولها تمامًا بعد فترة، وقد يظل على تفضيله للحوم والفاكهة دون غيرها فترة، وعلى كلٍّ فالطفل الذي لا يتمتع بقابلية جيدة للطعام ولا يتناول كميات مناسبة حسب وجهة نظرنا منه ليس هو الطفل الذي يسهل إصابته بالأمراض المختلفة، فهذا أمر يحدده الطبيب.
- لا بد أن تتأكد الأم من تواجد العناصر المفيدة واللازمة لنمو الطفل في أي طعام يحبه ويقبل على تناوله، فالفاكهة والخبز واللبن أغذية مفيدة، ولكن التركيز على أحدها دون العناصر الأخرى يحتاج لمكملات غذائية أحيانًا لتعويض النقص في العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل، بشرط مراجعة قائمة الطعام التي يتناولها الطفل فعلاً، وذلك بمراجعة طبيبه الخاص.
2- وننتقل إلى الافتراض الثاني أو السبب الثاني لعدم إقبال ابنتك على الطعام، وهو أن تناول الطعام فترة عصيبة في يومها تمتلئ بالتوتر والصراخ أو الضغط والإجبار أو التهديد والتضييق؛ وبالتالي فهي تكرهها وتتحايل للتهرب منها، والأولى أن يكون وقت تناول الطعام مليئًا بالسعادة يستمتع فيه الطفل بتناول ما يحبه من أصناف الطعام، ولعلّ ما ذكرته في السطور السابقة كان الغرض منه إزالة القلق من نفسك ليزول التوتر؛ لتكون حالتك النفسية مؤهلة لجعل وقت تناول الابنة الحبيبة لطعامها وقتًا مليئًا بالسعادة الحقيقية غير المصطنعة والتي يجب ألا يبددها رفض الطفلة للطعام الذي بذلت جهدًا في إعداده وجعله جذابًا دون جدوى، بل تحلي بضبط النفس وتغاضي عن هذا الرفض مؤقتًا، ثم عاودي الكرة مرة أخرى في وقت لاحق لتفادي الدخول في حلقة مفرغة من الرفض الذي يتبعه غضبك والذي سيؤدي حتمًا للعناد.
3- تأكدي أن الطفل على دراية كاملة وقدرة متميزة في التقاط إحساسك بالسرور أو الضيق، وهو ما يجعل مذاق الطعام في فمه غير مستحب عندما يشعر بتأزم الموقف بينه وبينك أو بسخطك عليه بأي صورة، وسأحكي لك عن ابنتي -التي يتحاكى أفراد أسرتنا عن قدرتها على الحياة دون طعام أيًّا كان مذاقه وجمال طعمه- أنها ترفض الطعام ما دمت ألحّ عليها -أو يلح عليها غيري- في تناوله، في حين تنطلق حين تجوع للمطبخ تبحث عن ثمرة فاكهة تحبها أو تطلب مني شطيرة بداخلها شيء معين تحبه وحين أعطيه لها تتناوله كله، ولما تأملت موقفها ووضعت نفسي مكانها -وقد كنت مثلها إلى حد كبير- وجدت أنه أمر خانق أن يجلس بجوارك عملاق متوتر متضايق كثير الصراخ والاستنكار لتصرفاتك، ويضع أمامك طعامًا لا تحبينه ليجبرك على تناوله وعندما تعترضين يزداد حنقًا.. لا شك أنك ستفقدين شهيتك للطعام أصلاً بسبب هذا الشخص.
4- عناد الأطفال في سن ابنتك أمر طبيعي، وبالتالي فكون رفضها للطعام من قبيل العناد أمر وارد جدًّا، وخصوصًا في سنها تلك التي ينضج فيها العناد والذي لا شك يسبب لك الضيق، ولكن احذري من الضيق الذي يؤدي حتمًا لمزيد من العناد والرفض.
وتعالي ننتقل إلى محاولة التغلب على هذا الأمر:
1 - لا بد من عرض النظام الغذائي للطفلة على طبيبها لتحديد ما إذا كانت تعاني نقصًا في عنصر معين من العناصر الغذائية المهمة لنمو سليم من عدمه، ولكي يصف بعض المكملات الغذائية المناسبة إن كان لذلك حاجة.
2 - لا بد ألا تضعي أمام الطفلة من الطعام إلا ما تحبه، بشرط أن تكون مفيدة وشاملة لكل ألوان العناصر المفيدة، ويمكنك سؤالها -وقد أفادني ذلك مع ابنتي كثيرًا- عما تحب أن تأكل، أو أن تخيريها بين أصناف مختلفة تختار أحبها لقلبها قبل إعداد أي وجبة.
3 - اجعلي طهي الطعام مناسبًا لسهولة المضغ والبلع الذي قد تقلل صعوبته شهية الطفل.
4 - لا بد من التحكم في أعصابك والتحلي بضبط النفس -وهو مصطلح شائع هذه الأيام- إزاء رفض ابنتك للطعام حتى بعدما تعديه على النحو الذي طلبته، بل ارفعيه من أمامها بكل هدوء.. وابتسمي ابتسامة -بغير اصطناع- وقولي لها بهدوء: "كما تحبين.. عندما تحتاجين الطعام اطلبيه.. سأضعه في المطبخ حتى تحتاجيه".
5 - حاولي أن تضعي لها -بيد خفيفة- فيما تقبل عليه من أنواع الطعام مع أنواع أخرى تحتاجها، فضعي لها مع اللبن مثلاً الحبوب المطحونة ومع الخبز والجبن صفار بيضة مسلوقة مثلاً تهرسيها مع الجبن، ومع الأرز بعض اللحم المفروم الذي يسهل مضغه وابتلاعه، وهكذا...
6 - تابعي وزنها ومعدلات أدائها الذهني والعضلي ومناعتها ضد الأمراض؛ للتأكد أنها بصحة جيدة، دون الاعتماد على البدانة أو امتلاء الوجه كدليل على ذلك.
7 - قدمي لها العصائر التي تمتلئ بالفيتامينات والمغذيات ويسهل تناولها، ويطيب مذاقها كعصير البرتقال، واللبن بالموز أو الفراولة أو الشيكولاتة.
8 - قدمي لها الطعام والعصائر في آنية مبهجة عليها رسوم مثلاً، وملعقة خاصة بها لتشعر بمتعة أثناء تناول طعامها في طبقها وبملعقتها، وأثناء تناول العصير في كوبها الجميل المبهج، ويفضل أن تكون الأكواب بغطاء به ثقب للماصة، كي تتفادي إسقاط شيء مما يسبب اتساخ البيت وثورة أعصابك وملازمتك لها بعصبية حتى تنهي تناول العصير، وهو ما لا نريده؛ فالأفضل أن تتركيها تتناول عصيرها وحدها وهي تشاهد الكارتون مثلاً أو تلعب بألعاب الحاسب أو غيرها.
وأخيرًا فإن التعامل مع عناد الطفل أمر ميسور إن شاء الله تعالى يمكنك التعرف على برنامج متكامل له باطلاعك على الاستشارة التالية:
- عندما يعاندون هكذا نعاملهم
أختي الكريمة أسعدني حقيقةً الحديث معك، وأرجو أن يستمر تواصلنا معًا وموافاتك لنا بكل أخبارك واستفساراتك وتساؤلاتك، وما آلت إليه الأمور بتنفيذ ما نورده لك من مقترحات. دعواتي لك بكل خير وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/443)
مقاتل من أجل الحب العنوان
مشكلتي تتعلق بابني البكر سعود فهو يبلغ من العمر سنتين، وفي هذا العمر بدأت مشاغبته.. المشكلة أن جدته لأبيه تضربه كلما غبت عنه، وتمتدح أخاه الأصغر وعمره ستة أشهر وتلاعبه؛ وهو ما يثير الغيرة عند سعود ويجعله يزداد مشاغبة وصراخا، وهو ما يدفع أباه أحيانًا لضربه أو توبيخه.
"يا ربي محتارة"!! ولدي صار عدوانيًّا سريع البكاء شديد التأثر، وكلما يرى أخاه يضربه.
كيف أحل هذه المشكلة؟ لا الكلام نفع مع أم زوجي ولا أي شيء، وإذا كلمت زوجي عن أمه وأنها تضرّ الولد، وأنه يتعقد، قال اتركيها تربِّيه فهذه أمي و... إلخ، عمومًا ما فيه أحد مع ولدي سواي بعد الله (تكفون) .. أعطوني حلاًّ فإني لا أريد أن أخسر ابني ويتعقد، ولكم جزيل الشكر. السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
أسعدتني متابعتك للمرة الثانية وقد كنت شرفت- بالرد عليك منذ شهور قليلة مضت وقد ظهر في متابعتك بعدٌ آخر أظنه نتيجة لتفاقم الحال بينك وبين ابنك هداه الله تعالى ورزقك بره. وهذا الذي أقصده هو ضرب جدته له أيضًا، فصار التكتل كالآتي: أب وأم جدة، في مقابل طفل ذي عامين!
والغريب في الأمر أنكم مستمرون على نفس الطريقة من الضرب الذي لا أدري كيف تطاوعكم قلوبكم عليه! أدعو الله الرحمن الرحيم أن يجعلنا ممن يرحمهم ويرزقنا فيضًا من اسمه.
ولا أعتقد أنه قناعة منكم بأن الضرب وسيلة من وسائل التربية. خاصة أنكم رأيتم بأم أعينكم أنه يزيد الأمر سوءاً على سوء. ولكن أحسبه الطريقة السهلة لإلجام الطفل والتي نلجأ إليها حين تكف عقولنا عن القدرة عن تدبر الأمر، وتكف قلوبنا عن الإحساس بما يعتمل في قلب هذا الصغير من ألم.
سأشرح لك ولأبيه وجدته ما يمر به سعود مرة أخرى.. أسأل الله عز وجل أن يلهمنا جميعًا الصواب:
- طفلك البكر جاء لهذه الدنيا وقد وجد بالطبع أحضانًا تنتظره، وعيونًا متعلقة بكل ما يفعله. ثم لم يمهله الحظ كثيرًا، فقد حملت بأخيه فارس بما يتبع هذا من تعب ووهن وضيق أحيانًا، وأول من تأثر بهذا الحال الجديد هو سعود! فلم نَعُد نستطيع اللعب معه كالسابق، ولم يَعُد لدينا الصبر على دلاله كالسابق.. أصحيح هذا؟
ثم مرت الأيام سريعًا وجاء لدنياه شخص غريب اسمه فارس، وبالطبع لم يأخذ التمهيد لمجيئه وقتًا كافيًا، كان سعود يتوقع أن يظل متربعًا على عرشه لفترة مشبعة. والصغير ينظر مستغربًا: من هذا الذي تحتضنه أمي بدلاً مني؟ من هذا الذي تتعلق العيون المبتسمة به هكذا بدلاً مني؟ من هذا الذي جاء ليأخذ مكاني في قلب أمي أهم إنسان في حياتي؟ أنا مهدد وعليّ أن أرد هذا العدوان.
هذا السيناريو هو ما اعتمل في قلب وعقل حبيبك الصغير! أتصدقين هذا؟!!
وقد زاد على كل هذا وتزامن معه أنك لم تأخذي وقتًا كافيًا لتنضجك تجربة الأمومة الأولى، خاصة أن الأم لأول مرة تحتاج لفترة لتتدرب على مهامها الجديدة كأم؛ تحتاج لفترة لتتعلم رعاية الصغار، ولا أعني الأكل والشرب والنظافة وغيره مما هو فطري في الأم، ولكن ما أعنيه هو الإدراك لمهام الأمومة من تدريب النفس على احتمال ما تكره أحيانًا؛ تعلم كيفية نمو الصغار نفسيًّا وعقليًّا وجسميًّا، تعرفك على طبيعة طفلك الخاصة.. وغيره مما قد نفصله فيما بعد.
ما كان علينا عمله قبل وبعد مجيء فارس هو طمأنة سعود أن مكانه في قلوبنا غير مهدد، وأننا نحبه، كان وما زال علينا أن نثبت له هذا الحب لفظيًّا وعمليًّا، كان وما زال علينا أن نقرب إليه هذا الوافد الجديد. لا نطالبه بحبه بل بمجرد قبول وجوده في مساحة خالية تخصه وحده، وبالطبع ليست مساحة سعود في قلوبكم وعقولكم ووقتكم، على أن تفهموه برفق وعمليًّا أن هذا الصغير لم يؤثر مطلقًا على مكانته وحبه والاهتمام الذي يخصه، وهذا هو التمهيد للقبول وليس للحب، ولكن دعونا خطوة خطوة.
لا تطالبي الصغير بأكثر مما يطيق، ولا تتعجلي فالحب يمهد له بالقبول ولا يفرض أبدًا.
ولكن للأسف ما حدث غير هذا تمامًا.. فلم يمهد لسعود تمهيدًا كافيًا، بل زيد على ذلك أن تحقق ما كان يخشاه، وسلبه الجديد الاهتمام والحب والتقدير، وأصبحتم تتناسون تمامًا أن كل عمره ينحصر في زهرتين! طفلك حبيبتي عمره سنتين! فقط فقط سنتين!
ولم تتناسوا فقط صغر عمره بل تجاهلتم أيضًا ألم الغيرة الذي يلهب قلبه، وبدلاً من إثبات عكس توقعاته بسحب البساط من تحت قدميه.. فقد سارعتم بعنف بسحب البساط؛ بما أخل بتوازن الصغير.. ولم يجد بدًّا من شن الحرب على الجميع!.. فعض.. وضرب.. ورفس.
ألا تري معي كم هو مدمر أن تفرض الحرب على هذا الصغير؟ ألستم معي أنه ظلم كبير أن يتحول هذا الصغير لمقاتل من أجل الحب؟ أتصدقين أنه يقاتل من أجل الحب؟
ألست معي أنه حرام أن نمدّ هذا الصغير بأسلحة الدمار الشامل التي يستخدمها ضد نفسه أولاً ثم ضد الآخرين؟
أتعرفون جميعًا -أيها الأب والأم والجدة- ما هي هذه الأسلحة؟
إنها العنف والضرب والإيذاء الذي أمددتم "سعود" بها عبْر تعاملكم غير السليم معه، إنه يرد العدوان بالعدوان، ولكن لسوء الطالع أسلحته تؤذيه إيذاء بالغًا ولا تنال منكم أكثر من مجرد بعض الضيق والحنق أحيانًا، وربما - بحكم فارق السن والقدرة والإمكانيات- تستطيعون الرد بالكثير والكثير، الذي ربما وصل لسحقه.. معذرة هذه هي الحقيقة التي ربما تكون غائبة.
الضرب استسهالاً هو نمط من أنماط السحق غير المتعمد لأطفالنا.. فأرجو أن تكفوا فورًا وحالاً عن اعتبارها وسيلة من وسائل التربية. فهي لم ولن تكون كذلك -على الأقل في مثل هذا العمر-، بل الحق أنها وسيلة للتنفيس عن الغضب من قبل الآباء الذين لا يعلمون كيف سيصبح الأمر بعد تغير موازيين القوة لصالح الابن في مستقبل أيامه، وبدلا من أن نكون قد زرعنا حبا وبرا في قلوب أبنائنا.. نكون قد زرعنا القسوة والعنف الذي يرتد أثره علينا قبل أي طرف آخر.
بالطبع كل منا يتمنى أن يكون أبناؤه أفضل خلق الله، ولكن التربية لا تكفيها النوايا الحسنه، بل تتطلب معرفة وقدرة على التخلي عما استقر لدينا من خطأ لصالح ما علمنا أنه صواب، كذلك تتطلب فيضا من حب ورفق ورحمة وتوطين النفس على الصبر واحتمال بعض ما لا نقوى عليه أحيانا، ولكن تفرضه علينا مسؤولية الأبوة علينا.. إنه جهاد النفس لتغييرها لما يرضى الله، ونحن نستمسك بالدعاء ليقوينا الله ويلهمنا الصواب، هذا هو حق الأمانة وحق شكر النعمة.
دعونا نتواصى بذلك حين تخور عزيمتنا أحيانا ونركن للمألوف لدينا من خطأ.
والآن ماذا نعمل؟
1-الدعاء.
2-المعرفة.
3- البيئة المثمرة.
* الدعاء:
- الدعاء أن ينزل الله علينا السكينة، ويعمر قلوبنا جميعا بالرفق والرحمة، وأن يلهمنا صوابا ويقوي عزيمتنا.. اللهم آمين.
* المعرفة:
-علينا أن نعرف طبيعة ما يمر به أطفالك من مراحل النمو وما تفرضه هذه المرحلة من متطلبات والطرق والأنشطة التي يمكننا بها حفز هذا النمو لأعلى حيز ممكن.
كذلك بدء التمهيد للحب بين سعود وأخيه بلا تعجل.. علينا فهم ومعرفة ما يمر به طفلنا الغالي سعود، وهناك معالجات كثيرة يمكنك الإطلاع عليها. وسأوردها لك في نهاية الرد.
* البيئة المثمرة:
- كفوا تماما عن ضرب سعود وتوجيه النقد والتعليق بشأن ممارساته ضد أخيه أو شقاوته أو أي شيء سلبي ترونه في سعود، بل أحلوا محل ذلك دوما التعبيرات الإيجابية، مع انتهاز أول فرصة يبدي فيها تصرفا لطيفا أو صحيحا وامتدحوا ذلك بلا مبالغة وبلا خطبة طويلة عن الفرق بين هذا الجميل الذي تفعله الآن وما كنت تفعله بالأمس، فالحديث مع الطفل خاصة الصغار منهم مثل حبيبكم سعود يجب أن يكون قليلا ومركزا وواضحا وإيجابيا (ألفاظ تدل على الحب والتقبل).
-هناك إمكانية للحيلولة دون كثير من المشاكل قبل وقوعها.. فليس من الحكمة أن نعرض الطفل لضغوط دائمة ونطالبه بالهدوء والسلوك الجيد؛ ولذا قللوا التوترات التي يتعرض لها طفلك قدر إمكانك. وهذا يتضمن ما تعرفينه أنت أنه يثير ضيق وغضب طفلك.
-كذلك عدم إثارة غيرته باللعب مع الصغير وامتداحه وغير ذلك مما يثيره بلا شك.
- إعطاء الطفل مقدارا كافيا من النوم والطعام والنظافة.
- استثمار وقت الطفل في أنشطة مفيدة: قصص- ألوان – لعب – نزهات ولو قصيرة – قراءة كتب وقصص- مطالعة رسومات – عجائن- إسماعه القرآن لفترة ولو قصيرة حسب طاقته وقدرته وساعديه ليكرر ما يسمعه- إسماعه الموسيقى....
- وهناك الكثير من الأنشطة في عدد من الاستشارات سأوردها لك في نهاية الرد.
الهدف مما أسوقه إليك:
* بناء قدرات طفلك، وعدم إغفالها في خضم التوتر الذي يسود علاقته بكل من حوله.
* وشغل وقته بما هو مفيد.
* وإشغاله عما يضايقه ويثيره من مشاعر الغيرة.
* التواجد معا في بيئة تيسر الهدوء بدلا من التوتر للجميع.
* التواجد معا والتشارك ولو لفترات قليلة ينقل له رسالة الحب الذي يحتاج إليه بشدة؛ ويبني لديه أولى لبنات تقدير الذات.
* مع تقدم الوقت والثبات ستجدون تحسنا في مساحات أوسع من مجرد خفض التوترات، فطفلك سيبدأ في الإحساس بالتقبل والحب، كذلك ستزداد الرابطة بينكم وبينه؛ وهو ما يمكن معه التمهيد لقبول أخيه وحبه أيضا، ولكن بعد أن يطمأن تماما إلى عدم زعزعة مكانته بسبب وجود أخيه.
* كلما تعلم شيئا جديدا أو خطا خطوة جديدة أو سلك سلوكا مقبولا فسيؤثر هذا على ثقته بنفسه وكذلك على ثقته بكم، ولا أخفيك أن هذا يؤثر أيضا على تقديرنا لأنفسنا كآباء..
وتذكروا دائما "المرء عند ظن أخيه" فإن ظننتم به خيرا سعى بالفعل للوصول إلى هذا الخير، وإذا ظننتم به سوءا ثبت لديه اليأس من التغيير، ويصدق هذا بدرجة أكبر على الطفل، خاصة إذا كان في علاقة مع أهله، ففطريا يسعى الطفل للحصول على القبول والرضا من المحيطين، خاصة من يمثلون له أهمية كبيرة في حياته كالأب والأم.. ساعدوه ليصل للسلوك المقبول؛ وذلك بأن نعلمه أولا وبوضوح ما هو السلوك المقبول وما هو السلوك غير المقبول.
- لا تميلي كليا تجاه التدليل كمقابل لما أنتم فيه الآن من الشدة.. ولكن الحزم مع الحنان، فنحن نعلم أولا ونحول دون وقوع المشكلات قدر إمكاننا.. ثانيا: حين يقع الخطأ نصوب، ثم في نهاية المطاف نعاقب عقابا مؤثرا وليس مدمرا.. عقابا يعلم الطفل أنه مسئول عن اختياره وتصرفه.
- يبقى لي أن أؤكد على ضرورة العمل معا كفريق في عملية التربية، وهذا الفريق مكون من الأم والأب كأعضاء أساسيين، وفي حالتكم الجدة عضو استشاري (صاحب رأي غير ملزم)، ولذا اعملوا معا لأن الثمرة ستكون لكم معا، ولأن البذور تثمر أكثر في البيئة الدافئة.
أرجو أن تقرءوا هذا الرد معا وتتناقشوا فيه معا وتبدءوا بكتابة التساؤل الجديد معا.. ونحن معكم.. نسال الله تعالى أن يلهمنا الصواب، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ــــــــــــــ(102/444)
من ينقذ ابنتي من عدوان أختها؟ العنوان
ما هو التصرف المناسب للتعامل مع عدوان طفلة (3 سنوات) على أختها الصغيرة؟ إنها تحتضنها حتى تعصر أضلاعها أو تقرصها.. هل أضربها أم كيف أفهمها أن أختها طفلة ولا تحتمل تصرفاتها المؤذية؟ وشكرًا. السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم يا أختي الكريمة، ومرحبًا بك وبابنتيك الحبيبتين اللدودتين، ولا تستغربي من تلك التسمية؛ فستوضح لك سطوري التالية معنى الخصم الحميم والصديق اللدود الذي تمثله ابنتك الصغرى لأختها، ولكي لا نتطرق للحديث مباشرة دون أن نأخذ الفرصة لتهدئة الأجواء المتوترة بينك وبين طفلتك بحديث هادئ يلطف من حدة غضبك من (عدوان) ابنتك على أختها كما تسميه، دعينا نحاول هذا التلطيف بقول للشاعر أحمد شوقي في (أسواق الذهب) عن الأمومة؛ إذ يقول: "هل غير الأمومة تاج للمرأة تلبسه من مختلف الشعر ألوانًا؟".
هل تعرفين يا أختي متى تنال المرأة تاج الأمومة؟ تناله بموهبتها الخارقة التي تحس أن كائنًا غيرها مستقلاًّ عنها، لكنه لحمها ودمها وقطعة منها، وبموهبتها تلك تخلق حول أطفالها جوًّا من الأمان والرفق يعمل على تنمية المشاعر الودية، وتفتحهم في مناخ من محبة الأشياء والصداقة والود، ولكن كيف؟ بوجودها بقرب أبنائها ترصد انفعالاتهم وتعرفها، ومحاولتها توفير سبل للتعبير عن تلك الانفعالات.
هل أنت الآن أكثر هدوءاً واستعدادًا للفوز بالتاج؟ هل أصبحت أكثر استعدادًا لكي أقول لك إن ابنتك الكبرى هي المظلومة وليست أختها الصغيرة، ومن ثَم فهي الأحوج لبرنامج متكامل من الرعاية يعوضها عما فقدت بميلاد أختها، ويقلل من غلّها لحظة احتضانها؟، وإلى جانب ما سأورده لك من استشارات سابقة تناولت باستفاضة خطوات مثل هذا البرنامج لتجاوز غيرة الأطفال، سأزيد عليها ما يلي:
1 - شجّعي طفلتك أن تلعب مع أختها دور الأم، مما سيجعلها أكثر نضجًا وأكثر قدرة على تحمل المسئولية، -وبالطبع فلا بد أن يكون الأمر تحت ملاحظتك كي لا يؤدي لأذى- وسيجعلها أنها تشعر أنها فوق مستوى المنافسة مع أختها؛ لأنها تجاوزت هذه المرحلة وهذه المكانة.
2 - أكثري من التعبير عن أن الطفلة الصغرى "ابنتنا نحن الثلاثة أنا وأنت وبابا"، واطلبي منها رقابة الطفلة عند انشغالك في المطبخ ومعاونتك في مسئولية رعايتها كمناولة شيء أو غير ذلك، مما يجعل ابنتك الكبرى تشعر بمشاركتها لك فعلاً في تربية أختها، مع مفاخرتك بدورها الهام في ذلك أمام الناس والأقارب والأب والجدين.
3 - لا بد من حدود لا يجب تخطيها عندما تلعب الابنة دور الأم؛ فلا ينبغي أن يسمح للطفلة بحمل أختها مثلاً، ولكن يمكن أن تفرشي لهما بساطًا على الأرض يجلسان عليه معًا، ويلعبان معًا بحيث حتى لو تعرضت الصغرى للسقوط فلن يكون السقوط من مكان مرتفع مع
تأمين المكان من الأخطار.
4 - يتوقف نجاح جهدك مع الابنة لتجاوز مسألة الغيرة على حرارة العلاقة بينكما، والصداقة والبسمة والاحتضان الذي يغلب على معاملاتكما والذي يكفل شعورها بضمان ولائك لها وعدم خيانتك لها مع أختها.
5 - عندما تحتضن الابنة أختها بعنف كما تقولين، ففكي ذراعيها برفق وقولي لها: "وأين حضن ماما؟؟"، ثم احتضنيها حضنًا دافئًا طويلاً تطمئنيها فيه بكل حرارة أنك لها وأنها لن تخسرك أبدًا.
6 - تحدثي معها بود وتفهم، واسمحي لها بالتعبير عن كل مشاعرها بكل حرية وانطلاق.
7 - تأكدي أن ابنتك تحب أختها فعلاً، ولكن زلزالاً يعصف بشعورها بالاستقرار في مكانتها في قلبك، وهو ما يصنع ذاك التضارب بين مشاعر الغيرة والضيق من أختها مع الحب الأكيد لها، فيجعل حضنها عاصرًا كما وصفته، فساعديها على تجاوز هذا التضارب ولا تؤصليه في نفسها بالتعامل معه بشكل خاطئ أو باستنكار طبيعيته في مثل تلك الظروف.
8 - طالعي بكل دقة الاستشارات التالية واعملي على تطبيق ما فيها من نصائح ومقترحات بكل عزيمة:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- أمي ارحمي غيرتي وغربتي
- الغيرة وأشياء أخرى
أختي الكريمة.. حاولي استثمار غيرة طفلتك وتحويلها لتجربة بناءة، وأرجو أن يستمر تواصلنا، وأن توافينا بأخبارك وأخبار ابنتك واستفساراتك، ومدى استفادتك مما اطلعت عليه من نصائح ومقترحات، وأختم حديثي معك بدعاء عباد الرحمن "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".
ــــــــــــــ(102/445)
فن حل المشكلات العنوان
أحمد ابني (3 أعوام) طفل طيب، إلا أنني إلى الآن لا أعرف كيف أتعامل معه. أعترف أنني عصبية لكنني لم أكن كذلك. كل ما يفعله يضايقني، نقضي كل الوقت معًا هذا ما يجعل كل أفعاله تحت بصري حتى ولو تجاهلتها. أحاول منع نفسي من ضربه دون فائدة. أصبح صوتي عاليًا ولكن دون فائدة، لا يحب اللعب باللعب بعكس أخيه الصغير (عمره عام).. إذا أخرجته من الغرفة حتى لا أنفعل عليه يتركني ويجلس بالغرفة الثانية دون لعب بأي حاجة فماذا تشيرون علي؟ وجزاكم الله عنا خيرًا.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
أختي الكريمة، ليس هناك إلا أطفال طيبون، أما أنك لا تعرفين كيف تتعاملين مع ابنك فهذا ما يمكننا مناقشته والتواصل بشأنه.
حبيبتي.. تعاملنا مع طفلنا بشكل إيجابي (وهذه وظيفة الأمومة) أمر يسبقه ويمهد له الكثير من التعلم والتدريب. وهذا إن لم يكن مدرجًا على خريطة تعاملنا مع وظيفتنا (الأمومية) فيجب أن يدرج حالاً وفورًا في هذه اللحظة قبل تاليتها؛ ولذا هيا سطري معي الخط الأول في رسالتنا: التعلم والتدريب.
وحيث إن هذا التعلم والتدريب لا تسري نتائجه إلا في بيئة ملائمة فسطري معي الخط الثاني: البيئة.
ونظرًا لأني لا أعرف تفاصيل مشكلتك فسيكون الخط الثالث هو: إستراتيجية عامة لحل المشكلات.
والآن نتناول نقطة تلو أخرى.
أولاً: التعلم والتدريب:
سأذكر لك بعض ما يجب معرفته:
1 - طبيعة مرحلة نمو ابنك، وتشمل: (النمو النفسي - النمو العقلي - النمو الحركي - النمو اللغوي).
2 - طبيعة ابنك الخاصة:
فكل طفل كبصمة الإصبع التي لا تتكرر؛ ولذا علينا التعرف على طبيعة الطفل الخاصة وذلك عبر تفاعلك معه، واستكشافك الفطري لهذه الطبيعة الخاصة، على أن تسألي عن أي تصرف يعتريه الغموض بالنسبة لك لتعرفي بدقة سببه، وهل هو طبيعي أم غير طبيعي لمرحلته السنية، وكيف يمكننا التعامل مع هذا التصرف، وهكذا... (وهو ما بدأته بالفعل برسالتك إلينا)، وتبقى للأم فطرتها التي نادرًا ما تضللها في التعرف على طبيعة طفلها؛ فاعتمدي على كليهما معًا كوسائل لتلمس طبيعة طفلك الخاصة به: (فطرتك، وعلمك).
3 - الطرق والوسائل:
بما تتضمنه من وسائل جديدة وأنشطة يمكن ممارستها، ومعرفة جديدة توصلت إليها يمكنها أن تحسن حيزًا من حياة ابنك.. وغيرها من تلك الطرق والوسائل التي تمكننا من الصعود بنمو طفلنا لأعلى حيز ممكن.
4 - التدريب:
فمعرفة الطرق والوسائل والأنشطة الجديدة والتي يجب اتباعها لا تكفل وحدها الأداء الجيد، وإنما التدريب على تنفيذ ما تعلمناه ضرورة ليتمكن منا ويصير جزءًا من سلوكنا وعاداتنا، ومن ثَم يمكننا من ابتكار وسائل أخرى مع ما يستجد من مواقف ومشكلات تتغير تبعًا لطبيعة مرحلة الطفل العمرية.
ثانيًا: البيئة الصحية:
فهي بمثابة التربة التي تثمر فيها البذور، وكل إيجابيات الطفولة لا تؤتي ثمارها إلا في بيئة هادئة سعيدة.
ولذا أنتقل معك إلى جملتك الثانية (أعترف أنني عصبية)، وقد ذكرت أعراض هذه العصبية (الضرب - الصوت العالي – عدم قبولك لكل تصرفات ابنك) وهو ما ردّ عليه طفلك بالانسحاب التام والكامل -"يتركني ويجلس دون لعب بأي شيء"- وهو الرد الأخطر من قبل الطفل إزاء تعاملاتنا الخاطئة معه؛ حيث ينسف الجسور الممتدة بيننا وبينه ويظل في خطر وحده ويصعب حينها الوصول إليه لإنقاذه حتى مع نوايانا الحسنة لذلك، ولن أناقش تفصيل هذا معك الآن، ولكن لزامًا عليّ أن أنبهك، وأرجو فقط أن تضعي نفسك مكان هذا الصغير (فهل يمكنك أن يُصرخ في وجهك وتضربي وتعاملي بمثل ما تعاملينه به الآن، ثم تدخلي حجرتك مبتسمة سعيدة بما وجّه إليك من إهانة ورسائل عدم التقبل!!).
عم تسألين؟ هل تريدين بحق أن يسعد ويبتسم بعد تعاملك (...) معه؟ كيف وقد لقنته وأقنعته بكل وسائلك الشفهية وغير الشفهية أنك لا تقبلين كل تصرفاته!! هل تسألين عن علاج لسلوكيات ابنك غير المرغوبة؟ التي عفوًا.. لم تذكري أيا منها، فكل ما ذكرته هو تفسيرات من جانبك لعدم القبول كما قلت: "كأنكما تقضيان طيلة الوقت معًا" (ولا تقبلين تصرفاته إن تجاهلتها)! معذرة هذه مغالطة فأنت غير مطالبة بأن تتجاهلي تصرفات ابنك غير المرغوبة، ولا أن تقبليها على عيبها فمن يربيه إذن؟ من يرسل له رسائل الحب والقبول والإيمان به، ومن يبني لديه احترامه لنفسه ومن يعلمه ويصوب له ويحبه؟
أصدقك القول: أرى هذا الذي ذكرته مجرد تأويلات وأعراض لحالة اللاسعادة التي تعيشينها الآن، وطفلك في هذه الحالة ليس إلا شاهدًا عليها أو متضررًا بها، وليس بطبيعة الحال سببًا فيها.
اخرجي من وراء تأويلاتك تلك، وواجهي نفسك بأسباب المشكلة وليس أعراضها، فمن الأفضل دائمًا مواجهة المشكلة الأساسية بدلاً من مواجهة الصعاب المترتبة عليها، خاصة إذا كان "التوالد" صفة أصيلة للمشكلات.. ولحسن الحظ أن التوالد أيضًا صفة أساسية لحل المشكلات. فالشمعة التي نضيئها على المشكلة الواحدة تلقي بأشعتها على المشاكل المحيطة.
ابذلي جهدك للحول دون توالد المشكلة الأصلية إلى عدد من المشكلات، خاصة أن مشكلاتنا مع أبنائنا من الممكن أن تصبح أزمة كبيرة بدلاً من مشكلة صغيرة إن لم ننتبه إليها مبكرًا، ولأن معظمنا ينظر لأطفاله على أنهم محور الحياة وجل الآمال، فعلينا ألا نهدد هذه المنطقة، ولا نشحنها بالتوترات التي يمكننا تلافيها.
ولأنني لا يمكنني التكهن بما لديك من مشكلات (حتى إن كانت بالفعل هي تفاصيل لم تذكريها لتعاملك مع أولادك) يظل ما في وسعي عمله هو تقديم ما يمكن تسميته: فن حل المشكلات.
وللحق أنه أمر سهل ويسير للدرجة التي يمكننا أن نتجاهله تمامًا، كما نستمر في فك "المسامير القلاووظ" بأظافرنا في حين يمكننا أن نستخدم المفك.
الخطوة الأولى تحديد المشكلة:
تصوري معي أنك دخلت حجرة مظلمة وتريدين جذب عدد من الأشياء للتعامل معها. هل يمكنك ذلك؟ بالطبع لا. هذا هو تمامًا الإحساس الغامض بعدم الارتياح. لا يمكننا التعامل معه؛ ولذا علينا أن نحدد بوضوح ما هي المشكلة التي نتعامل معها، وحين تدخلين الغرفة المظلمة اجذبي شيئًا واحدًا منها وتعاملي معه، وشيئًا فشيئًا سيمكنك فصل الأشياء عن بعضها وتصنيفها معًا حتى نتناول منها شيئًا واحدًا أو مشكلة واحدة نراها أهم واحدة في وقتنا الحالي أو هي المشكلة الأصلية التي تندرج تحتها مجموعة من المشكلات الفرعية، وربما كانت هي المشكلة الأكثر إلحاحًا لنبدأ بها.
المهم الوضوح التام للمشكلة التي نتعامل معها، وعلى أن نتناول علاج مشكلة واحدة في المرة.
ماذا بعد: اكتبي وصف المشكلة في جملة مركزة واضحة، وأعطها اسمًا، مثلاً (المكوث بمفردي لفترة طويلة - عدم معرفتي الكافية عن التربية - علاقة غير طيبة مع...).
الخطوة الثانية: طرح الحلول:
فكّري في أكبر عدد ممكن من الحلول، ولا تحاكمي أفكارك في هذه المرحلة. المهم الآن أن تدعي لنفسك حرية وضع كل ما يخطر في ذهنك من أفكار. فلنفترض الآن أن المشكلة التي سنتعامل معها هي (عدم المعرفة الكافية عن تربية الأطفال).
اطرحي كل ما يمكنك من أفكار، مثل:
- قراءة كتب.
- سؤال الأهل.
- سؤال الأصدقاء.
- المحادثة مع الزوج.
- إرسال رسالة لفريق معًا نربي أبناءنا.
- الالتحاق بدراسة منظمة.
- الحصول على دورات تدريبية... إلخ.
الخطوة الثالثة: اختاري حلاًّ
(ربما كان واحدًا مما سبق – أو تركيبًا لحلين معًا - أو بناء على أحدهما...) مع عدم إهمال بقية الحلول فربما استخدمتها فيما بعد.
الخطوة الرابعة: خططي لتنفيذه:
بتقسيمه لعدد من الخطوات الصغيرة. مع استخدام ما يسمّى بالخدم الجيدين ليساعدوك على وضوح الرؤية: (ماذا – لماذا – أين – كيف - من – متى). مثلاً لو أنك اخترت الكتابة لفريق معًا نربي أبناءنا. حددي ماذا سأكتب أولاً -متى سأكتب هذه الرسالة- من يمكنه أن يساعدني في تحديد المشكلة...). وهذا لتزداد الخطوات وضوحًا وتقسم لعدد من الخطوات يسهل أداؤها واحدة بعد أخرى. تذكري ورددي لنفسك دائمًا: الإنجاز الواحد بمثابة طرف الخيط لمجموعة من الإنجازات المتلاحقة.
الخطوة الخامسة: قيمي ما اخترته من حلول.
هل حقق بعض النتائج، هل تحتاجين لإضافة حل آخر معه... واصلي العمل على حل المشكلة حتى تشعري بتحسن حقيقي فيها؛ فالمثابرة أمر ضروري ولا تنسي (أن البذرة تحتاج لتربة جيدة، وتعهد ورعاية حتى تؤتي ثمرها ولا طريق مختصرًا لذلك).
ويبقى لدي أدوات أجدها دائمًا حلاًّ لكثير من المشكلات أوجزها لك على أهمية التفصيل فيها:
- علاقة قوية مع الله تعالى.
- علاقة قوية مع الزوج.
- علاقة قوية مع المحيطين.
أمامك الآن عدد من الأبواب توصل كلها لمساحة من النجاح والرضا. عليك أن تختاري من أيهم ستدلفين أولاً. استعيني بالله وتحركي فورًا. ونحن معك لكل تفصيلة تحتاجين فيها لصديق.. والله المستعان.
ــــــــــــــ(102/446)
عندما تدير الأميرة الصغيرة شئون المملكة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أعرض عليكم مشكلتي مع ابنتي، راجية أن ترشدوني إلى الحل المناسب.
ابنتي شيماء (عامان) تمتلك شخصية قوية وتتعامل مع باقي الأطفال بصفة القائد، وفي بعض الأحيان تتوجه بالأوامر لي ولوالدها وهي عنيدة جدًّا وفي أغلب الأوقات لا تحب أن تشارك أبناء الجيران في لعبها، فهل إذا أرسلتها مبكرًا إلى المدرسة تتعلم اللعب الجماعي؟
إضافة إلى ذلك فالمشكلة الكبيرة أنها تتعلق ببعض أفلام الكرتون، وتظل تشاهد نفس الفيلم طوال النهار، ولقد اكتشفت ووالدها أنها تعلمت أن تخربش بأظافرها كل من يضايقها للدفاع عن نفسها، وهذا تعلمته من شريط "الأسد الملك"، وحاولت إبعادها عن هذا الشريط لكنها تظل تبكي وتُصِرّ على أن تشاهده. واشتريت لها العديد من الأشرطة التعليمية والهادفة لكن لم تعجبها.
فأرجو أن تطلعوني على ما يمكن أن يفيدها ولا يؤذي سلوكها. وهل شراء الألعاب الدائم وكل ما تطلبه يؤثر على سلوكها فيصبح عندها حب التملك؟ مع العلم أنني لا أوافق على اصطحابها كل يوم إلى الملاهي أو لتشتري ألعابًا، لكن والدها يقول لا بأس "بتطلع عينها شبعانة" بلغتنا فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله كل خير، ونفعنا وإياكم بعلمكم وتوجيهاتكم الحليمة، والسلام عليكم.
السؤال
تربوي الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..أختى السائلة..
عندما قرأت الرسالة عدت ثانية لأتأكد من السن فقد ظننت أنني قرأته خطأ، ولكني وجدته فعلاً سنتين، ولكن عندما لاحظت أنها ابنتكم الأولى -بارك الله لكم فيها- قلت إنها تساؤلات سنة أولى تربية.
أحيانًا نبالغ في إطلاق الصفات والمسميات مع أطفالنا، خاصة في السن الصغيرة جدًّا مثل شيماء. فعندما تطلب منك أنت ووالدها طلبًا وتسرعا بالاستجابة له فهي في الواقع لم تأمركما، ولكن أنتم استجبتم لها حبًّا وحرصًا ورعاية وليس هذا خطأ نلومكم عليه، بل العكس ولكن لا نسميه أنها تتوجه لكم بالأوامر. إنها فقط تطلب فإن طفلة عمرها سنتان، أي أنها لتوّها أتقنت الكلام منذ شهور معدودة، فهي لم تتعلم بعد الأسلوب الذي تطلب به من الوالدين وتتحدث به معهما، وواجبنا أن نعلمه لها بهدوء ورفق لا أن نستسلم لها، ونقول إن شخصيتها قوية.
إن أي طفل في العالم يعتبر شخصية قوية لو اعتبرنا أن سرعة تنفيذنا لطلباته -وأقول طلباته وليس أوامره- وحرصنا عليه وقلقنا عليه وعدم رغبتنا في إغضابه والحرص على سعادته ورضاه لو اعتبرنا كل هذا مقومات قوة الشخصية، فكل طفل في العالم شخصية قوية.
إنها فقط متطلبات الطفولة، ولكن الشخصية لا تزال تتكون وتصاغ وتنمو، ونحن الذين نتحكم فيها بتوجيهاتنا وتربيتنا لأطفالنا.
وكذلك لا يمكن وصف لعبها مع الأطفال أنها تكون القائد أو أنهم يخافون منها.. إنه مجرد لعب أطفال خاضع لقوانينهم هم، وهم الوحيدون القادرون على فهمه وتفسيره، وكذلك العناد وعدم الرغبة في أن يشاركها أحد اللعب بلعبها.. كل هذه التصرفات طبيعية جدًّا في هذه السن.
وكذلك تعلقها وإصرارها على فيلم معين لمشاهدته في كل مرة، وطلبها بالنزول للملاهي أو لشراء اللعب كل يوم، فليس هناك طفل لا يتصرف هكذا...
ولهذا أقول لك لا تبالغي في وصف طفلتك بالعناد والشخصية القوية المسيطرة التي يصعب التعامل معها، وهكذا.. إن شيماء طفلة عادية تتصرف مثل كل الأطفال في سنها، وإذا وجدت طفلاً في سنها هادئًا ومطيعًا فهو استثناء وليس القاعدة.
بقي لنا أن نحسن التعامل مع شيماء وندرك أن دورنا مع كل هذه التصرفات هو التربية والتوجيه وليس الاستسلام لها، وقضية الاستجابة لها في كل ما تطلب حتى تكون عينها شبعانة كما تقولين هو فخ تربوي يقع فيه الكثير من الآباء، فهل رأيت أنت إنسانًا كبيرًا ناضجًا إذا أخذ كل ما يريد ويتمنى من الدنيا شبع ولم تَعُد له طلبات؟
يا سيدتي إن هذا الأسلوب لا ينتج لنا إلا طفلاً مدللاً لا يمكن التحكم فيه أو توجيهه بعد ذلك.
ليس هناك ما يسمى بالشبع أو العين الممتلئة، ولكن هناك طفل سوي لا يشعر بالحرمان؛ لأنه ينال من كل شيء جزءًا بسيطًا وفي أوقات مناسبة، ولكنه يدرك ويتعلم أن لكل شيء نظامًا وقانونًا وأوقات مناسبة لطلب الأشياء وتنفيذها وأسلوب مهذب تطلب به الأشياء.
أما عن إرسالها مبكرًا إلى المدرسة لتعلم اللعب الجماعي، أودّ أن أقول لك إن اللعب الجماعي مرحلة طبيعية في النمو الذهني والعاطفي والسلوكي لدى الطفل، فشيماء تنمو نموًّا طبيعيًّا من خلال التعامل مع الأطفال في جو طبيعي، ويترك الأطفال ليتفاعلوا معًا دون رقابة أو تدخل وتنمو بينهم علاقات ولغة تفاهم.
وتأتي المدرسة في موعدها الطبيعي ليمارس فيها الطفل ما تعلمه سابقًا في حياته الاجتماعية الطبيعية مع الأهل والجيران، ولا داعي للمدرسة مبكرًا؛ لأن الشيء السابق لموعده.. لا يكون طبيعيًّا ولا صحيحًا.
بارك الله لك فيها، وأعانك على تربيتها، ورزقك بإخوة لها.
ــــــــــــــ(102/447)
عشاق الحرية العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أسأل الله أن يجزيكم عنّا خير الجزاء، وقوّاكم وأعانكم على تقديم النصح والمعونة دومًا.
لي طفلان الأول عمره (4 سنوات) والثانية عمرها عامان. أما سؤالي فهو عن طفلي الأول، حيث أجد في خجله الاجتماعي غرابة، فهو في المنزل ذكي ولمّاح وقوي الملاحظة وشديد الحساسية وحنون، وهو فنّان؛ إذ يجيد الرسم وله أذن موسيقية مرهفة، ولا يقبل الاعتماد على أبيه أو أمه في حاجاته من لبس أو دخول حمام أو أكل أو ما شابه، ويغار أحيانًا من أخته ويقتتل معها (يضربها وتضربه) ويغيظها، غير أنه طيب ويشفق عليها إذا ما بكت من إصابة ما ويقبّلها.
ولكن حين يأتي الأمر عند تلبية طلب مثل: (مدّ يدك وصافح)، أو (قل السلام عليكم لجدّك)، أو (أجب حين تسأل عن اسمك أو عمرك ولا تبقَ صامتًا).. فإنه يفعل العكس تمامًا، أشعر بالخزي؛ لأن من يلتقيهم من الأقارب يعتقدون أنه متأخر الفهم ولا يجيد النطق ولا يتفاعل مع البيئة المحيطة، كما لو أن لديه إعاقة ما. وهذا يؤلمني كثيرًا؛ لأنه عكس ذلك تمامًا، ولكنه خجول وعنيد في آن واحد. ولم يتسنّ لي إدخاله المدرسة بعد. كما أنه يحب والده ولكنه بعيد عنه بمشاغله.
أقرأ الكثير في هذا الخصوص، ولكنني لم أعثر بعد على ما يشفي غليلي. طفلي يمتنع عن التجاوب اجتماعيًّا، ويتصرف وكأنه في معزل ويتخيل نفسه في مركبة ما فيبدأ بإصدار الأصوات، وكأن لا أحد من الأقارب حوله يسأله أو يحدثه!! أرجو تحليل تصرفاته وإرشادي إلى التصرف الصحيح، وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
أهلاً بك يا أم براء، وجزاك الله خيرًا على دعواتك التي نحن بحق نحتاج إليها. عندما كان آينشتين طفلاً كان الجميع يعتقدون أن قدراته العقلية بسيطة، وكان فاشلاً في المدرسة وخاصة في الرياضيات، ولم يكن أحد ممن يتعامل معه يمكن أن يتصور أنه سيكون أحد عباقرة العالم في الرياضيات، ولكن مع الأسف لم يذكر لنا أحد كيف كان رد فعل والدته، ربما تقبلت الأمر على أن ولدها متأخر عقليًّا.
ما أريد أن أقوله إننا أحيانًا نشق على أنفسنا وعلى أولادنا حين نهتم كثيرًا لرأي الآخرين في أطفالنا؛ لأننا في الحقيقة يكون اهتمامنا برأي الناس فينا نحن من خلال أولادنا، وهذا يجعلنا نتصرف بطريقة أحيانًا تؤذي أطفالنا نفسيًّا من أجل سماع كلمة إطراء من الناس؛ ولهذا نقول دائمًا لكل الآباء والأمهات المهم دائمًا وأولاً مصلحة طفلك وتربيته في البيت وأمام الناس، وعلينا أن نعلم الناس ذلك، ولا بد أن ننشر هذا الوعي التربوي بين الناس: لا تعليق على شكل وملامح الأطفال ومقارنتهم بالأهل أو الأخوات ولا تعليق على كثرة حركتهم أو هدوئهم أو مدى ذكائهم أو العكس بطيء فهمهم؛ لأن الأطفال حساسون جدًّا للتعليقات عليهم خاصة السلبي منها.
من الواضح جدًّا من كلامك أن براء شخصية قوية وشديدة الذكاء والثقة بالنفس، وهذه الصفات عامة تتواجد في كل الأطفال، ولكن بدرجات متفاوتة في قوتها، ومن الواضح أن اعتزاز براء بنفسه ورغبته في الاعتماد على نفسه رغم صغر سنه ورغم كونه الطفل الأول صاحب الحظ الأوفر في الاهتمام والتدليل، ولكنه يفضل الاعتماد على نفسه؛ ولهذا يظهر العند في تصرفاته، فمع ذكاء الطفل وثقته بنفسه يحب أن يأخذ مساحة من الحرية، ولا يطيق الضغط عليه أو إجباره على ما لا يريد فعله.
ولهذا فهو لا يمتنع عن التجاوب اجتماعيًّا، ولكنه يرفض أن يكون التجاوب بالطريقة التي ترسمونها له أنتم.. لا يمكن أن يقبل أن يوجهه أحد بالريموت كنترول سلم.. ابتسم.. قل اسمك.. جاوب على السؤال.. وهكذا...، والحل الوحيد عنده هو الرفض الهادئ بالصمت، وهذا طبعًا يجعلك تشعرين بالخجل والإحباط؛ لأن الناس ستظنه متأخر عقليًّا، وأنت تعلمين تمامًا كم هو ذكي ومتميز، ويؤلمك ألا يعرف الناس ذلك فتضغطي عليه فيزداد عنادًا، وهكذا يتوالى الأمر.
إن براء يعتز جدًّا باستقلاله وحريته ويثق في قدراته ونفسه، ويحب أن تكون تصرفاته نابعة من داخله وليست مفروضة عليه. إن التعامل معه يحتاج لباقة وذكاء وتفهمًا لطبيعته حتى نحسن استغلال هذه الصفات الجميلة، بل وننميها ونحافظ عليها بدلاً من كسرها أو الدخول معه في دائرة العناد المرهقة لك وله.
لا تضغطي عليه واحترمي جدًّا رأيه وإرادته وحريته في الاختيار، وإذا أردت توجيهه إلى شيء لا تأمريه مباشرة، ولكن تفاهمي معه واشرحي له الأمر ووضحي له أن الإنسان الجيد يتصرف هكذا، ودعيه هو يختار الصواب وسوف يختاره ويتمسك به، ولا تهتمي أبدًا بآراء الناس ولا تضعيه في هذا الموقف: سلّم أو قل اسمك، بل لا تتدخلي في طريقة تعامله مع الناس وطريقة تعبيره عن نفسه؛ لذا إذا سأله أحد عن اسمه فلا تقفي متوترة حتي يجاوب، بل ابتعدي ولا تنظري نحوه، واتركيه هو يتصرف، وبعد فترة سوف يجاوب هو من نفسه ويتفاعل كما يرى ويحب هو، ولا تنسي أبدًا أنه في النهاية طفل من حقه أن يتصرف بطفولية بريئة.
ربما كان ما أقوله لك يحتاج بعض المجهود منك، ولكنك في النهاية سوف تكسبين ابنًا ناجحًا وقوي الشخصية، والأهم من ذلك سوف تكسبين علاقة ناجحة وقوية وصحية مع ابنك، وهو المهم في كل مراحل التربية.
واستغلي دائمًا ثقته بنفسه واعتزازه برأيه، ورغبته في الاعتماد على نفسه في أن تجعليه يختار التصرفات الصحيحة ويتحمل المسؤولية، واستخدمي معه دائمًا التشجيع والإطراء وليس التوبيخ أبدًا، بل يكفيك معه عتاب رقيق؛ لأنه حساس ويحرص على حريته وكرامته، فلا تكسري فيه هذه الصفات الجميلة بكثرة العتاب والتوبيخ، وإياك من توجيه اللوم له أمام الناس أو أمام إخوته، واجعلي عتابك له دائمًا بينك وبينه.
لأنه يحرص على صورته أمام الناس، فساعديه على ذلك وعندئذ سيكون شديد التفاهم معك والطاعة لك. بارك الله لك فيهما وأعانك عليهما.
ــــــــــــــ(102/448)
من فضلك..استمعي لطفلك العنوان
ابني الأكبر 4 سنوات يتحدث كثيرًا جدًّا، ولا يتوقف عن الحديث مهما طلبت، وإن لم يجد شيئًا يتحدث عنه يؤذّن، ولا يهتم باللعب كالأطفال؛ فنادرًا ما تجده يمكث للعب بلعبة لوقت معين، وهو شديد الالتصاق بي وبوالده لا يترك لنا مجالاً حتى للحديث؛ فتجده يعيد الكلام محاولاً الدخول في الحديث حتى لو كان كلامًا للكبار.
وبحكم الغربة لا نخرج كثيرًا؛ ولذلك اهتمامات ابني محدودة؛ فهو يهتم بالخروج مع والده للصلاة كأقصى أمنية، وينحصر حديثه في ذلك أيضًا، والآن أصبح يتحدث مع أشخاص لهم أسماء اختارها هو ويتوهم وجودهم، ويقول: إنهم أصحابي، ولا أعرف ماذا أفعل؟
السؤال
التقليد والبذاءة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختي الكريمة، وأرجو أن تهديك إجابتنا إلى ما ينبغي عليك فعله وتلبي حاجتك لمعرفة الدور المناسب الذي ينبغي عليك أداؤه -كما سألت- إزاء ثرثرة ولدك، ولكن لا بد من أن تهدئي من روعك؛ فالتعامل مع الأطفال ومشكلاتهم هي مهنة أشبه بالطب؛ فانظري ما يجب أن يتحلى به الطبيب من الهدوء والصبر والحنكة والاستبشار؛ ليخفف عن مرضاه آلامهم، ويدعم معنوياتهم.
أختي الكريمة تعالي نقترب من صورة ولدك بشكل أكثر؛ فنقول -وفقًا لبيانات سؤالك- بأن الطفل ذا السنوات الأربع:
1- لا يحيط به الأهل ولا الجد والجدة ولا الأقارب لاغترابكم.
2- لا يحصل على القدر الكافي من الترفيه والخروج للمتنزهات بما يتناسب مع سنه وانطلاقته وكونه ذكرًا.
3- لا يحصل على اهتمامك أنت ولا والده ولا التفات أحدكما لحديثه وكلامه، والدليل محاولاته لاقتحام أحاديثكما.
4- لا يقضي معه الأب سوى ساعتين.
5- تقضين أنت معه 14 ساعة، وبخصم ساعات النوم وأعمال المنزل ستجدين أنه لا يوجد على خريطة يومك بالشكل المناسب لاحتياجاته وسنه وظروف الغربة.
وبناء على ما سبق فإن مشكلة طفلك ليست إلا معاناة.. إنه يعاني من طاقة لا تجد ما يصرفها فيه، ومن انطلاق ومرح واستكشاف تحرمه منه الظروف، ويعاني من عدم وجود علاقات اجتماعية تشبع احتياجاته العاطفية والنفسية، وتعمل على نضوج شخصيته.. ثم ترسلين لنا سؤالك حائرة تريدين إسكاته.. حتى لسانه الشيء الوحيد الذي استطاع أن يخرج فيه طاقته الحبيسة تريدين له أن يتوقف هو أيضًا!! إن الراحمين يرحمهم الله، يا أختاه.
لا ذنب لطفلك في الغربة، ولا ذنب له في انشغالكما عنه أنت ووالده، ولا ذنب له في عدم وجود فرص للخروج والانطلاق، ويجب عدم مطالبته بالاستجابة لكل هذه الظروف.. بل المطلوب منكما أنت ووالده أن تغيرا من تلك الظروف؛ باعتباركما مسئولين عن رعيتكما؛ والاعتبار بأن امرأة دخلت النار في قطة حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، وأن رجلاً دخل النار لرحمته بكلب، فما بالكما بنفس بشرية تنتظر منها الأمة الكثير وتتعلق برقبتك ورقبة أبيه مسئولية ذلك؟
أختي الكريمة، إن ثرثرة الأطفال أمر طبيعي.. بل وعلامة ذكاء، حتى إن كان ذلك مزعجًا -وهو لا شك كذلك- فهذه الثرثرة تنم عن رغبة في المعرفة والتواصل، وأحيانًا كثيرة هي وسيلة لطلب الإيناس ولفت الانتباه، وما أطلبه منك أنت ووالد الطفل ما يلي:
1- تخصيص وقت ثابت متسع للطفل تمارسان فيه معه اللعب بالمكعبات، أو الصلصال، أو قراءة قصة، أو مراجعة القرآن وتفسيره، أو حتى مجرد الحديث والرد على أسئلته، والحوار المفيد المشبع لتطلعه وفضوله في المعرفة.
2- ينبغي التزام آداب الحديث معه -فأنتما له قدوة- فتلتفتين إليه بوجهك كله مبتسمة تستمعين لكلامه في هدوء وسعادة، وتردين عليه باهتمام، وأنت تداعبين شعره بيد وتلفين خصره باليد الأخرى.. إن ولدك يحتاج لكميات مضاعفة من الحنان والحب تعوضه فقدان الأهل والأقارب، وبفرض أنك مشغولة يا عزيزتي -أو الأب- أثناء توجيه الحديث؛ فلا مانع من الاستدارة لولدك بابتسامة أثناء ممارسة ما تمارسينه من أعمال أثناء حديثه، والرد عليه وتجاذب أطراف الحديث معه والتعليق على ما يقول أو الرد على أسئلته.
أما إن كان ما يشغلكما عنه مشاهدة مباراة أو مسلسلا تلفزيونيا أو غيره؛ فنصيحتي أن يغلق التلفاز تمامًا حتى ينتهي الابن من حواره الذي يمكنكما تحويله في مسار صحيح؛ ليكون ذا قيمة وذا فائدة، ويعود عليه بالتطور، وبذلك يتحقق أمران:
* إعطاء الطفل الاهتمام الذي ينشده بثرثرته.
* رفع مستوى أحاديثه وتطوير وتنمية قدراته، وبثه قدرًا ممتازًا من المعلومات.
3- لا بد من العمل على توفير فرص عديدة لنزهة الطفل وخروجه وانطلاقته ولعبه في مساحات واسعة وبشكل متكرر، ولا بد من المواظبة على اصطحاب أبيه له في الخروج للصلاة؛ فإن من شأن ذلك دعم ثقته بنفسه بإحساسه باحترام أبيه له ودعم علاقته وصداقته بأبيه، ولهذا الأمر أهميته الشديدة التي لا يمكن التجاوز عنها.
4- لا بد من إيجاد أنشطة كثيرة يمارسها داخل المنزل ويعبر بها عن ذاته كالرسم أو القص واللصق لقصاصات الورق الملون، فيمكنك أن تطلبي منه أن يرسم المسجد الذي يحب مرافقة أبيه إليه، أو أن يرسم قصة قبل النوم التي حكيتها له الليلة الماضية.. أو غير ذلك مما تجدينه مناسبًا من أفكار تسهم في حثه على التعبير عن نفسه.
5- لا بد من تنظيم مواعيد نوم الطفل واستيقاظه لكي تتاح لك الفرصة أنت وزوجك للحديث بعيدًا عن إزعاج الأبناء.. مع الوفاء بحق الأطفال في الرعاية والاهتمام حال وجودهم.
6- لا بد من تعليم الطفل آداب الحديث وعدم التدخل في الكلام دون استئذان، وذلك بعدما تستمعين لمداخلته بكل اهتمام ومتابعة، ثم في هدوء تخبرينه أن ذلك تصرف غير صحيح، ويجب أن يتكلم الإنسان حين ينتهي الآخرون من حديثهم، وبصوت غير عال، وفي كلام مفيد ومهم.
7- لا بد من تنويع أنشطته وعدم تركه وقتًا طويلا يشاهد التلفاز بدون مشاركة له وتعليق على ما يشاهد حتى لو أفلام كارتون؛ فهو جليس السوء للأطفال، كما أنه يعلم الأطفال الثرثرة.
8- لا بد من توفير رفيق يلعب معه من أبناء الجيران أو في حضانة أو في أي مكان يمكن أن تتوفر له فيه صحبة من الأطفال تحت ملاحظة وعناية.
بقي لي أن أخبرك أن تخيلات الطفل لوجود أشخاص يكلمونه ويلعبون معه يُعتبر مؤشرًا خطيرًا على شعوره بالوحدة، ومحاولاته للتغلب عليها بالانفصال عن الواقع، وما كان يمكن أن يشعرني بالقلق ونفاه سن الطفل (4 سنوات) هو أن يكون الطفل يعاني اضطرابًا ما يدعم الجزم به أعراض معينة، وبشكل عام لكي يمكننا الاطمئنان على الطفل يهمني الرد على الأسئلة التالية:
1- هل ثرثرة الطفل غير مفهومة أم أنه ينطق بكلام مفهوم وواضح؟
2- هل ينطق كلمات واضحة لكنها لا علاقة لها ببعضها ولا تكون جملاً ذات معنى -نرجو ذكر مثال؟
3- هل تخيلات الطفل ثابتة؟ بمعنى هل يتخيل نفس الشخصيات؟ وهل يتحدث نفس الحديث معهم يوميا؟
4- هل يرى فعلا أحدًا أو يسمع صوتًا أم أنه يتخيل فقط ويمثل؟
5- هل له حركات روتينية غير مبررة ثابتة، يفعلها كل يوم بدون داع كاللف حول كرسي معين قبل الذهاب للحمام مثلا، أو غير ذلك؟
6- هل يتجاوب مع ما يدار معه من حوارات، ويرد ردودًا مفهومة ومناسبة؟
7- كم عمره العقلي من وجهة نظريكما أنت ووالده طبقا لما تلحظانه من تصرفاته داخل المنزل وبمقارنته بأقرانه؟
8- هل ينام بشكل منتظم؟ كم ساعة ينام يوميا؟
9- هل هو سريع في الكلام ولا يمكن إيقافه؟ ولو كان كذلك؛ فمنذ متى ظهرت هذه الحالة (حديث مستمر بلا توقف مع عدم نوم ولا يمكن إيقافه عن الكلام)؟ وهو أمر مستبعد في عمر ابنك تمامًا.
أختي الكريمة، اعملي على الاستمتاع بأمومتك؛ فهي أيام من عمر طفلك لن تتكرر ولن تعوض، واعملي على وضع برنامج منظم لهذا الاستمتاع، وفي انتظار ردك على أسئلتنا ومتابعتك لنا بأخبارك وأخبار طفلك وأسرتك، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/449)
أختي لا تخرج من البيت العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو مساعدتكم في مشكلة أختي مريم -16 عامًا- وهي باختصار أن مريم كانت في الصف السادس الابتدائي تذهب إلى المدرسة، وتقريبًا بعد شهرين من الدوام في المدرسة بدأت تتهرب من الذهاب إليها؛ فيومًا تذهب وعشرة لا تذهب، استعملنا معها كل الطرق بأسلوب الكلام وأسلوب التهديد ولم يُجدِ معها شيئا.
وجاءت المرشدة الاجتماعية إلى مريم لكي تعرف سبب عدم ذهابها إلى المدرسة، لكنها رفضت الكلام معها، وبقيت على حالها هذا إلى أن أصبحت لا تذهب إلى المدرسة بالمرة، مع أن مستواها كان جيدا في المدرسة، وحتى الآن لا نعرف ما سبب هذا كله.
والمشكلة الكبرى الآن أنها لا تخرج من البيت، ولا تتكلم مع أحد من خارج المنزل، ونقول لها: "اذهبي للخياطة لتتعلمي شيئا ينفعك" فلا تقبل، وتصبح عصبية، ولا تريد أن يتكلم معها أحد في هذا الموضوع، وإذا تكلم معها أحد من خارج المنزل أو نصحها بأن تذهب لتتعلم شيئًا فلا تتقبل ذلك.
أنا أشفق علي مريم؛ فقد مر الآن خمس سنوات وهي لا تخرج من المنزل، ومثلا إذا أردنا أن نأكل شيئًا خارج البيت أو نشتري ملابس ونقول لها: "تعالي معنا"، فإنها لا تقبل.
أرجو مساعدتكم ورأيكم في هذا الموضوع، مع خالص الاحترام.
السؤال
صعوبات التعلم, أمراض التخاطب الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نشكر لك اهتمامك بأختك.. فإن ما تصفينه في رسالتك عن حالة أختك ينبئ عن حالة مرضية؛ فالانقطاع عن الدراسة، والمكوث في البيت لمدة خمس سنوات، ورفض الخروج دون أسباب واضحة.. كل ذلك من علامات المرض النفسي، ولكن كمية المعلومات الواردة في رسالتك لا تكفي لتشخيص الحالة.
فمثلا نحن نحتاج أن نعلم المزيد عما تفعله هذه الأخت خلال يومها؟ ما هي الأنشطة التي تمارسها؟ هل هي فقط ترفض الخروج والذهاب للمدرسة أم أنها أيضًا ترفض القيام أو المشاركة في أي نشاط في المنزل؟ وما هي طبيعة علاقتها بأفراد أسرتها من أب وأم وأخوات؟ وهل عصبيتها هي بسبب الحديث معها عن الدراسة أم أنها عصبية بصورة عامة؟ وما مدى حفاظها على نظافتها الشخصية؟ وهل تهتم بمظهرها والاستحمام بصورة دورية؟ وهل تغلق على نفسها باب غرفتها مدة طويلة وتتحدث إلى نفسها بصوت عال أو تضحك بغير سبب مفهوم؟ وهل تشكو من وجود أصوات تحدثها أو أشخاص يتتبعونها أو يتجسسون عليها؟ وهل تلقت علاجات نفسية أو عرضت حالتها على طبب نفسي؟ وما هو التشخيص الذي قدمه؟
ما نود قوله بأن لدى أختك مشكلة نفسية تحتاج للتشخيص، وحتى لو أجبت على هذه الأسئلة؛ فكل ما سنفعله أننا سنوجهك إلى الذهاب للطبيب النفسي؛ لأنه في النهاية لا بد من المقابلة الشخصية مع أختك حتى يضع التقييم النهائي لحالتها.
ــــــــــــــ(102/450)
الماء المغلي في القدور - متابعة لأخواتها العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: جزاكم الله كل خير على الجهد الذي تبذلون للرد على رسائلنا ، وأرجو ألا نكون قد أثقلنا عليكم برسائلنا.
عندما أنجبت ابنتي الأخيرة كانت مشكلتي مع أختها -كانت تبلغ من العمر وقتها سنتين- ومشاكلها مع الغيرة، أما اليوم فمشكلتي أصبحت معقدة أكثر؛ إذ إن ابنتي الصغيرة بدأت تفهم وتدرك وأصبحت متعلقة بي أكثر، وهذا مما زاد الطين بلة؛ لأنني أردت أن أعوض ابنتي الكبيرة الحنان والحضن الذي فقدته بسبب ولادة أختها الصغيرة، ولكن ابنتي الصغيرة بأمس الحاجة إلى الحضن والحنان وهو ما يثير غيرة أختها الكبيرة عليها.
ولا يحسد حالي عندما تجلس ابنتي "رؤى" في حضني، فتأتي الصغيرة وترمي نفسها في حضني أيضًا، وتضرب أختها الكبيرة، وكم يسبب هذا لي المشقة والعناء؛ فهذا يحدث على مدار اليوم، والحقيقة أنني أشعر بمرارة كبيرة لإهمالي ابنتي الصغيرة؛ لأنني كنت مشغولة عنها، واليوم أريد أن أعوض عنها ما فاتها.
انصحوني كيف أعطي الحنان والرعاية لكل واحدة في وقت واحد لأنهما دائما معًا، وهل أخطئ عندما أحضن الصغيرة وأقبلها وألاعبها في حضور الكبيرة أو العكس؟ وما هي الألعاب التي أستطيع أن أفعلها لكلتيهما معا؟
أشعر أن لدي استفسارات كثيرة في هذا الإطار، أرجو من حضرتكم مساعدتي وإرشادي؛ فأنا أشعر بالذنب تجاههما، في نفس الوقت كل من يراني يحزن لحالي. والسلام عليكم.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/فضل أبوهين اسم الخبير
الحل
الأخت السائلة أم شهاب، أختي تحيتي، وأرجو أن يعينك الله على هذا الثقل والحمل وأمور التربية.
أولاً يجب العلم بأن الغيرة إحساس وحال طبيعية لدى الأطفال والصغار، وتحديدًا لدى الكبرى ذات الثلاث أو الأربع سنوات، خاصة أنها كانت تنعم بكل الاهتمام والتقدير بلا منافس أو بلا منازع، ولكن بعد قدوم الطفلة الثانية زاد تعلق الكبرى بك، وأنت أعطيت الكبرى من الاهتمام خاصة أن الصغرى كانت لا تفهم الكثير من العواطف والسلوك المتجه للكبرى، ولكنها اليوم تفهم وتعرف، وأصبحت الطفلتان اليوم متعلقتين أكثر بك، ويريد كل منهما أن ينفرد ويستأثر بك، وهذا يقلل من اهتمامك تجاه الطفل الصغير.
لكن بما أن هناك اهتمامًا بالطفلتين فأنصحك أولا بمشاركتهما لعبة معينة، أي أن تلعبوا أنتم الثلاثة معًا، كأن تحضروا كرة أو طابة وتبدءوا باللعب بها وتوزيع الأدوار، وأن يكون توزيع اللعبة مع الجميع بالتساوي، أي أن تقذفي اللعبة على كلتيهما حتى تخلقي لديهما حب التشارك، وحاولي أن تشجعي كلا منهما في إحضار أي شيء للطفل الأصغر، وأن تقولي لهما هيا جميعنا نطعم أخاكم الأصغر، أي أن يكون هناك مشاركة حتى في بعض الأعمال البيتية البسيطة، فكلما كان هناك تشارك خفت حدة الغيرة واستطعت بذلك خلق أنشطة تبعد فكر الطفلتين عنك وعن الغيرة وعن التنافس بين بعضهما البعض عليك.
حاولي وأنت جالسة أن تجلس كل واحدة في مكان معين بجوارك وليس في حضنك حتى تقللي تنافس الطفلتين على ذلك، لكن أقول لك في النهاية بأن لكل مرحلة سلوكها وتصرفاتها الطبيعية، وأن هذا التصرف في هذه السن طبيعي ومنطقي، خاصة أن أهم سمة للأطفال في هذه السن هي الاستحواذ أو حب الامتلاك؛ فهو يريد أن يكون كل شيء له وحده ولا ينافسه أحد فيه حتى والداه، وفي النهاية أتمنى لك التوفيق والنجاح.
ــــــــــــــ(102/451)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
كيف نربي أبناءنا 3
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
تأخر النطق ماذا يعني؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً لكم على ما تقدمونه من خدمات جعلها الله في ميزان حسناتكم، أخي الصغير آخر العنقود (12 سنة) عنده صعوبة في الكلام، لا نعلم السبب، وكل الكشوفات الطبية تثبت سلامته من حيث السمع، وجميع ما يتعلق بالكلام مع أنه يدرس في المرحلة الابتدائية ومستواه متدنٍ في الدراسة، جيد في مادة الرياضيات، وصل إلى الصف الخامس الابتدائي بمساعدة المدرسة والمدرسين مراعاة لحالته. تصرفه في البيت ليس جيدا فهو يتصرف بطفولية لا تناسب سنه.
السنون تمضي.. ونحن خائفون لئلا نستطيع مساعدته أو لا يستطيع هو مساعدة نفسه بعد تقدم العمر، أرجو منكم مساعدتي قدر الإمكان وتوضيح هل هذه المشكلة طبيعية وتوجد حالات كثيرة مثلها أم أنها حالة خاصة؟! ونأسف على الإطالة شاكرين ومقدرين لكم ذلك.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل
إن وجود تأخر لغوي وتأخر بالأداء المدرسي يعني بالطبع أن هناك مشكلة، وعندما نتأكد من عدم وجود سبب عضوي لذلك، مثل مشاكل السمع أو غيرها فإن الأمر يستدعي سرعة التوجه إلى استشارة إخصائي نطق ولغة وصعوبات تعلم وتربية خاصة.
وقد تتساءل: لماذا كل هؤلاء المختصين؟ والسبب بسيط وهو أن الوصف الذي وصفته لمشكلة أخيك قد يكون مؤشرا للعديد من المشاكل (من التأخر اللغوي إلى صعوبات أو بطء التعلم أو الإعاقة العقلية)، ولا يقطع الشك باليقين إلا هؤلاء المختصون. مع التأكيد على أن معظم هذه المشاكل (التأخر اللغوي- صعوبات وبطء التعلم- الإعاقة العقلية) لا يكون لها دائما سبب عضوي ظاهر، ويتم التعامل مع المصابين بها بالتدريب من قبل الإخصائيين الذين ذكرتهم لك.
وأعتقد أن الأمر جاد جدا، خصوصا أن عمر الطفل نوعا ما كبير؛ مما ينبغي عدم التراخي وانتظار المستقبل والأمل في التحسن التلقائي؛ لأن هذه السنوات تضيع من عمر الإنسان سدى، أما إذا تلقى الخدمات المناسبة فيمكن أن تتحسن حالته إلى الدرجة الممكنة حسب قدراته بإذن الله تعالى.
أما بخصوص قولكم إن أخيك يتصرف في البيت بطريقة طفولية فهو ما يحتاج إلى بعض الإيضاح من قبلكم بإعطاء التفاصيل عن هذه التصرفات وأمثلة منها، وما الذي جعلكم تحكمون عليه بهذا؟ فهذه التفاصيل بالإضافة إلى نتائج تشخيص الإخصائيين سيمكننا من فهم الأمر.
ـــــــــــــ(103/1)
أنت الأوسط...أعظم الله أجرك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أود أن أقدم لكم عظيم شكري على ما تقدمونه في هذه الصفحة والذي كان عونًا لي في تجاوز الكثير من العقبات في مشوار تربية أبنائي الثلاثة الذين منَّ الله علي بهم.
وأود استشارتكم في موضوع التأتأة عند صغيري أحمد الذي يبلغ من العمر عامين والتي بدأت معه فقط منذ مدة قصيرة، مع العلم أنه شديد الذكاء وفصيح اللسان، تكلم مبكرًا جدًّا ويصوغ جملا صحيحة ويتمتع بقدرة عالية على الإدراك والفهم، لكن هذا الأمر بدأ يضايقني، خاصة أن أبناء إخوتي الصغار بدءوا يلاحظون الأمر، وأحيانًا يسألونه لماذا تتكلم هكذا، علمًا بأن هذا لا يحدث دائمًا.
أنا أعلم أنه ما زال صغيرًا على عرضه على طبيب، ولكن المشكلة حتى لو أنني فعلا قررت ذلك فلا المكان ولا الزمان يسمحان بذلك في بلدنا الذي نعيش فيه والظروف القاسية التي نمر بها، كما لا يوجد في المدينة التي نسكنها طبيب تخاطب.
أتمنى عليكم أن ترشدوني إلى بعض التمارين أو الوسائل التي يمكن أن أساعد بها صغيري الحبيب. ربما لأنه الابن الأوسط؛ فأخوه الصغير يبلغ من العمر ستة أشهر، وهو بدأ حديثا يغار منه، أو ربما لأن أخته الكبرى نوار ( 4 سنوات) تمارس عليه دور الأخت الكبرى بشخصيتها القيادية كما أرى، لا أدري بالضبط ما هو السبب، مع أنني أحاول جهدي أن أعدل بين أبنائي في المحبة والاهتمام كما أمرنا رسولنا الكريم.
وأتمنى عليكم أيضًا أن تفيدوني كيف أستطيع أن أنمي في (نوار) شخصيتها القيادية، وأن أضع خطا أحمد على نفس الطريق، وإن شئتم دللتموني على طريقة أقنع بها نوار أن تشرب كوب الحليب، علما أنني حاولت معها بشتى الوسائل لترغيبها وقدمته لها بعدة طرق ونكهات لكنها تظل ترفضه.
أعلم أنني أطلت عليكم، وأرجو أن يتسع صدركم لنا، وأعاننا الله وإياكم على بناء هذا الجيل على الصلاح التقوى، ولكم جزيل شكري وامتناني. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختنا الحبيبة في أرض الرباط "فلسطين" الحبيبة، ومرحبًا بك، نشكرك على تحيتك الرقيقة وكلماتك التي بثتنا من السعادة والعزم على مواصلة الاجتهاد ما نسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتك.
أختي الحبيبة، إن كون أحمد أوسط أبنائك يبرر ما تحدثت عنه من مشكلات في نطقه، وإن كان الأمر ما زال بعيدًا عن وصفه بالمشكلة؛ بل إن أحمد -ما شاء الله- كما يبدو من سؤالك يتمتع بقدرات عالية ونبوغ واضح وتقدم بالنسبة لعمره قد لا يشاركه فيه إلا أصحاب الذكاء الواضح مثله؛ فالطفل الأوسط لا ينال ما يناله الطفل الأول من اهتمام ولا الطفل الأصغر من تدليل، وتزيد المشكلة إن كان الطفل التالي له من نفس نوعه. وعلى الرغم من اجتهادك في العدل بين أبنائك، فإن هذا الاجتهاد كثيرًا ما لا يصل للطفل؛ فالعدل وحده لا يكفي؛ بل يجب أن يصاحبه محاولات شتى لإشعار الطفل بهذا العدل؛ بل وبالحب المتميز بحيث يشعر كل طفل أنه الأثير لدى والديه.
وقد أوردنا من المقترحات في مسألة التغلب على غيرة الأطفال وتجاوزها وتحويلها لعامل بناء لشخصية الأطفال في استشارات عديدة سابقة يمكنك الاطلاع عليها فيما يلي:
- ابنتي.. تتفنن في تعذيبي
- أمي ارحمي غيرتي وغربتي
- الغيرة وأشياء أخرى
وقد ذكرت بنفسك في سؤالك تعدد الاحتمالات التي قد تكون وراء إصابته بالتأتاة من غيرة من أخيه الصغير أو ضيق من أخته الكبرى، وأنا أضيف على ذلك ما تعيشون فيه -ثبتكم الله- من ظروف يومية قاسية على نفس الأطفال.
وفي كل الأحوال، وأيا كان السبب وراء هذا العرض فإن التعامل معه له فنونه وقواعده البعيدة عن العلاج الطبي؛ فالعلاج لدى إخصائي التخاطب خطوة لا يأتي موعدها قبل بلوغ الطفل 6 سنوات، ولا يوجد أي تدريبات يمكن اتباعها للتغلب على المشكلة حتى هذه السن؛ فلا تقلقي بهذا الخصوص، وتأكدي أن تلك التأتأة إلى زوال قبل هذه السن ما دمت تتعاملين مع الطفل بشكل صحيح؛ لذا فاهتمي بتهيئة الجو المناسب لطفلك للتغلب على هذه المسألة وذلك كما يلي:
1- لا بد من العمل على تحسين العلاقة بينه وبين أخته وغرس علاقة الحب والمودة بسنهما، والاستمتاع بوقتهما معًا وبالمشاركة في ممارسة الأنشطة والألعاب والأفكار لأجل ذلك كثيرة؛ كأن تكوني منهما فريقًا لأداء أمر ما كصناعة شكل معين بالمكعبات مثلاً، أو تلوين صورة معينة معًا، أو التعاون في عمل منزلي يؤديانه ثم تمتدحي بذلهما للجهد لأدائه حتى إن لم يؤدياه على أكمل وجه فبذل الجهد في حد ذاته أمر عالي القيمة، كما ينبغي ألا تسمحي لأيهما بممارسة أي سلطات على الآخر بالتنبيه عليهما بضرورة الاحتكام إليك عند حدوث مشكلة.
2- لا بد من العمل على غرس ثقة طفلك بنفسه وإشعاره بأن له مكانة عالية في نفسك ونفس أبيه، وإشعار الطفل دومًا بأنه مرغوب فيه، بل إنه من أسباب السعادة لك ولوالده، ولا يحتاج ذلك لكثير من الكلام؛ فالابتسامة والاحتضان دون إفراط واللعب مع الابن باستمتاع دون ضجر أو أوامر ضمان لوصول هذه الرسالة: "نحن نحبك وأنت تعني بالنسبة لنا الكثير".
وستفيدك الاستشارات التالية في الوصول لمنهج مفصل لتنمية الثقة بنفس طفلك:
- تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
- كلام الناس يقتل روح المبادرة
3- الاعتراف بالقدرات الذاتية لأحمد، وإتاحة الفرصة له للتعبير عن هذه القدرات والمهارات، والإشادة بنجاحه وتفوقه ومدحه والتصفيق له، والفخر به أمام والده وجده وجميع أفراد العائلة.
4- يجب أن تتعاملي معه على أنه طفل سليم وطبيعي ولا يعاني أي شيء غير طبيعي؛ بل إن أكثر حالات التأتأة لا توجد إلا في أكثر الأطفال ذكاء وألمعية كما تشير أغلب المشاهدات.
5- لا بد من برنامج للتعامل الصحيح مع لعثمة الطفل داخل الأسرة ومع الأقارب والأصدقاء كما يلي:
- يجب عدم لفت نظر أحمد إلى كونه يعاني اضطرابًا ما أو اختلافًا عن باقي أفراد الأسرة.
- يجب عدم إشعاره بشكل سلبي أو إيجابي أنه غير طبيعي، والمقصود بالشكل السلبي تهديده بالعقاب إن لم يتحدث بشكل سليم، أما الايجابي فهو إغراءه بالمكافأة والتشجيع ليتكلم بشكل سليم... فكلتا الطريقتين ستؤدي حتمًا لترسيخ الشعور لديه بأن هناك أمرًا ما مختلفًا فيه عن غيره يحتاج للتخلص منه؛ وهو ما يزيد من توتره والضغط العصبي الذي يساهم في زيادة الحالة بدلا من حلها. وبالتالي فالهدوء واللامبالاة أثناء حديث الطفل بهذه الطريقة من أهم ما يجب تحريه مع الطفل للتعامل مع حالته تلك.
- التعامل معه بشكل ليس فيه تعاطف زائد عن الطبيعي.. فمثلا حين يبدأ بالكلام ويبدأ في التأتأة بتكرار حرف الألف مثلا ليقول (أنا) فيجب ألا نقول له: "حاول وستستطيع" أو" مهلاً وستنطقها"؟ أو "بهدوء وستنجح"... كل هذه العبارات التشجيعية ستتأصل عنده شعوره بالمشكلة، بل يجب أن يقال له: "(أنت ماذا؟) فهمت قصدك ما ذا تريد يا حبيبي"، كما يدور الحوار العادي مع باقي إخوته والمحيطين به.
- منع إخوانه أو أقرانه من أطفال وأبناء العائلة من السخرية منه، مع محاولة تجنب لفت نظر الآخرين لحالته أو لفت نظره لشعورهم بالتعاطف معه لاختلافه عمن حوله... كما يجب أن تردي على من يسأله من الأطفال عن سبب تأتأته -أو أن تعلميه هو الرد- بأن تقولي: "لأن أحمد ذكي جدًّا، ويريد أن يقول أفكارًا كثيرًا فتتشاجر الكلمات مع بعضها من سيخرج أولاً، فتلخبطه".
- توجيه أفراد العائلة ومن تختلط بهم الأسرة إلى أهمية عدم إثارة الموضوع أو التعليق على الطفل أو لفت نظره.
- محاولة منع تعرض الطفل لموقف مفاجئ يربكه ويزيد تلعثمه وخاصة أمام الناس؛ كأن يسأله أحد سؤالاً مفاجئًا لم يستعد له... فالشخص الكبير يسهم عنصر المفاجأة في إرباكه وانزعاجه وبعثرة أفكاره أحيانًا؛ وهو ما يتطلب منه برهة لإعادة تنظيم أفكاره وإجابته... فكيف الحال مع الطفل الصغير.
أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك ورقتك، وأختم كلامي معك بأبيات من شعر الشيماء مادحة أخيها محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما زال طفلاً صغيرًا في بادية بني سعد؛ لتلاعبي بها أحمد وأنت تحتضنينه وتبتسمين في وجهه وتبثينه كل المشاعر الدافئة التي تضمن صلابة عوده وتجاوزه كل العقبات:
يا ربنا أبق لنا محمدا (غيريها إلى أحمدا)
حتى أراه يافعا وأمردا
ثم أراه سيدا مسودا
وأكبت أعاديه معا والحُسدا
وأعطه عزا يدوم أبدا
ـــــــــــــ(103/2)
التربية وأهل العزم ... العنوان
ولدي -5 سنوات- صعب التداخل مع الآخرين غير الأقارب من الأطفال، قمت بتدليله، كما أنه لا يرد على الكبار ولا يتجاوب معهم رغم أنهم في نفس المبنى. وأنا حريص على أن أجعله اجتماعيًا شجاعًا يستطيع أن يرد عن نفسه اعتداء الآخرين. وأنا لا أستطيع إجلاسه لمدة 5 دقائق في وقت الدراسة؛ فكل ما يريده اللعب والخروج والشراء.
أريد أن أغرس فيه الصفات الطيبة، أريد الطريقة ليكون اجتماعيًا، شجاعًا، ويرد عن نفسه اعتداء الآخرين، وأريد طريقة سهلة لتدريسه مع صعوبة جلوسه، ولتحبيبه في أخته.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا أبا عبد الله، ومرحبًا بأكبر أبنائك الذي تمتلئ عزيمة وإصرارًا على تقويمه وتعديل ما لا تجده مناسبًا من صفاته -كما يبدو من سؤالك- وعلى قدر همتك في درب تربية الأبناء وإحسان توظيفها واستغلالها سيكون نجاحك الذي ستسعد به في الدنيا والآخرة إن شاء الله، فكما قال الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم****وتأتي على قدر الكرام المكارم
ولا تنس يا أخي الكريم قول الشاعر في التأكيد على عدم اليأس والنفس الطويل ومداومة بذل الجهد دائما لتحصيل النتائج والصبر عليها وعدم تعجلها؛ إذ يقول:
فأدم جر الحبال****تقطع الصخر الثخينا
وتعال معي نعرف كيف نقطع الصخر الثخين مع عبد الله فقد حددت بنفسك مشكلاتك معه فيما يلي:
1- غرس الثقة بنفسه ليكون (اجتماعيًّا – شجاعًا – يدفع عن نفسه العدوان).
2- غيرته من أخته.
3- طريقة مناسبة -ودعك من وصفها بالسهلة- لحفزه على التعلم والتحصيل.
ودعني أرتب الكلام بشكل مختلف، فأبدأ معك من حيث انتهيت بالحديث عن التفوق والاستذكار، والذي على إثره راجعت سن الطفل مرارًا لأتأكد أنه 5 وليس 15 عامًا لكي تلتاع على مسألة (إجلاسه) كما تقول للمذاكرة... فأي مذاكرة تلك المطلوبة من طفل في رياض الأطفال في سن الخامسة من عمره؟ وأي أسلوب ذاك الذي يتبع معه للتدريس؟
إن مسألة أسلوب تعليم الطفل قد تكون مفتاح كل ما بقي من أجزاء سؤالك؛ فإحساس الطفل بصعوبة الدروس التي يتلقاها أو التعامل مع إخفاقه بإهانة له أو دحض لقدراته، كل هذا يدفعه إلى الإحساس بالضيق وعدم الثقة بالنفس؛ فيخاف أن يسخر منه أحد -وهو ما قد يفسر إحجامه عن الحديث مع الآخرين- ويدفعه هذا الإحساس أيضًا إلى العدوان في حدود علاقاته بأفراد أسرته أو الأضعف منه -أخته- ولذا فمسألة استذكاره هذه تحتاج لوقفة.
لقد أثبتت دراسات -تحدثنا عن نتائجها في أكثر من موضع على صفحتنا- أن عدد الدقائق التي يمكن أن يجلس فيها الطفل منتبها -ما يتلقاه من معلومات في شكل مرسل ومتلقٍ- تتناسب مع سنوات عمره؛ فذو السنوات الخمس تكفيه خمس دقائق، وذو السنوات الأربع تكفيه أربع دقائق وهكذا... وبالتالي فلا أعتقد أن عدم رغبة طفلك -الذكر- في الجلوس والثبات أمر غير طبيعي، لكن المهم:
أولاً: طريقة وكيفية تعليمه.
ثانيًا: ما الذي يتعلمه.
ونأتي لطريقة تعليمه، وهي ما يجب أن تشتمل على:
1- المتعة (صوتية – بصرية).
2- التنوع.
3- التواصل المباشر.
4- جذب الانتباه و تنبيه الحواس.
أما المتعة الصوتية فهي عن طريق نبرات الصوت المرحة التي تعبر بانفعال عما يتم دراسته، فلو كانت قصة مثلا يتحدث فيها حيوان ضخم يتم تغليظ الصوت، ولو كان الحديث عن زهرة مثلا يتم ترقيق الصوت وهكذا، ولو كان الحديث –مثلا– عن الحروف المتحركة في اللغة الإنجليزية التي توضع بعدها أداة التنكير (AN) نحكيها في شكل أن هذه الأداة لها خمسة أصحاب تحب أن تخرج معهم فقط هم كذا وكذا... إلى غير ذلك من ابتكارات لإمتاع الطفل وتحويل المادة الدراسية لقصة لطيفة أو عمل مشوق يحب الطفل الاستمتاع به.
أما التنوع فيتم تحقيقه بتحديد ما سيتم تدريسه قبل البدء بالتدريس، ومراعاة التنوع فيما سيتم تدريسه بحيث نتفادى الملل؛ فبين الرياضيات إلى المفردات ثم الكلمة وعكسها مع التمثيل باليد، وهكذا.
ويتم تحقيق جذب الانتباه وتنبيه الحواس عن طريق التواصل بالعين وتجنب المشتتات واستخدام الربت بالكف على الشعر –لتنبيه حاسة اللمس– والتصفيق أحيانًا واستخدام تعابير الوجه، وقبل ذلك كله لا بد من التعامل مع الطفل بقدر طاقته وعمره، ويجب التعامل مع إخفاقاته بهدوء وصبر ودون زجر، والمحاولة مرات أخرى بأشكال مختلفة لإيصال المعلومة إليه... ومكافأته عند إحراز أي تقدم.
ولا تنس أن يكون جو التعلم مرحًا ومليئًا بالأنشطة؛ فالطفل يتلقى حينًا ويشارك أحيانًا أكثر، ولنأخذ مثالاً بتعليمه الأشكال الهندسية مثلاً، فبعد أن تعلمه شكل المثلث الذي له ثلاثة أضلاع أصحاب متماسكون، اسأله ماذا يرى حوله مثلثًا؟ وهل يأكل شيئا مثلثًا؟ وما شكل سطح البيت؟... إلخ ثم يكون المثلث بالصلصال ويرسم إنسانًا آليًّا باستخدام الأشكال الهندسية؛ فالوجه مربع والعينان مثلثان والفم مستطيل... إلخ.
كما يمكنك استغلال كل الفرص لكي يتعلم طفلك شيئًا جديدًا أثناء تحضير مائدة الطعام وأثناء التجول في الحديقة وغيرها، ولكي تتوفر لك الصورة مكتملة فيما يخص هذه الجزئية يمكنك مطالعة ما يلي:
- التفوق في الرياضيات بالألعاب
- برنامج مميز للطفل المميز
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
- كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟
- حب الدراسة.. متابعة وأنشطة
وننتقل لمسألة دعم ثقة طفلك بنفسه وتنشئته على أن يكون اجتماعيًّا، وقبل أن نورد لك خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف ينبغي أن أقول لك بأنه كثيرًا ما يعتقد الأهل أنه سيحكم عليهم وفقًا للمظهر المؤدب الذي يبديه أولادهم، وهو ما أظنه يزعجك بشأن ولدك الذي لا يرد على جيرانكم؛ وهو ما يسبب لك حرجًا وضيقًا، ولا شك أن لك الحق في ذلك، لكن ينبغي أن يكون دافعك لتغيير ولدك بعيدًا كل البعد عن الاحتكام لرأي الناس فيه؛ لئلا يكون الابن أسير الناس وآرائهم.
وننتقل لخطوات محددة للتغلب على خجل الطفل وإحجامه عن التفاعل مع من حوله:
1- لا بد من مد جسور للصداقة القوية بينك وبينه من جهة وبينه وبين والدته من جهة أخرى، وتشجيعه والتباهي به أمام والدته والأقارب، وإشعاره بذاته وسؤاله عن رأيه في الطعام – قضاء عطلة نهاية الأسبوع – ألوان الملابس – ترتيب قطع الأثاث في حجرته ليشعر أن له كيانًا يحترم ورأيًا له وزنه.
2- اسمح له بشراء الحاجيات لك في مكان التسوق وأن يحاسب هو مثلاً البائع، واسمح له بمجالسة أصدقائك وأن يصحبك إلى المسجد وجلسات الرجال التي يشعر بحضوره لها باحترامه وبالثقة بنفسه.
3- يعد أسلوب الارتكاس أو الارتجاع الشعوري من أفضل الوسائل ليتجاوز الطفل أي مشاعر سلبية يمر بها كما يقرر المعالج النفسي الأمريكي الشهير كارل روجرز، وهو ما يفضل في مسألة التجاهل أو التظاهر بتجاهل خجل الطفل وإحجامه عن الاندماج مع الآخرين، وممارسة هذا الأسلوب تكون عن طريق التعبير للطفل عن إدراكك لخجله مع التعبير بالصياغة الكلامية المناسبة التي تشعره بمحالفتك له، فمثلا تقول له: "أعرف يا عبد الله أنك قد تخجل من الحديث مع العم فلان.. لا تقلق كلنا كنا نهاب الكبار حين كنا صغارًا".
4- لا بد من تحاشي الحديث عن خجل الطفل أمام الآخرين أو ذمه كذلك يجب عدم تجاهله، فكلاهما يرسخ لدى الطفل الشعور بعجزه، بل يجب الحديث مع الطفل بشأنه لاحقًا باعتباره عائقًا يمكن مقاومته والتغلب عليه كما أشرت سابقًا.
5- لا بد من إتاحة الفرصة لعبد الله لتحقيق نجاحات ملموسة وإنجازات فعلية يشهد عليها الآخرون ويمتدح عليها صنيعه فيدعم ذلك تشجيعه كلاميا –والذي لا يكفي وحده للتغلب على عدم الثقة أو الخجل- فشعور الطفل بنجاحه يؤكد له أنه قادر على فعل الكثير وعلى انتزاع اعتراف الآخرين بقدراته... ومن الأمثلة التي يمكن أن تتاح من خلالها الفرصة لعبد الله لإحراز النجاح والتميز موهبة رياضية -مسئولية منزلية كشراء العيش يوميا مثلا- النشاط الكشفي... إلخ.
6- لا بد من إتاحة الفرصة لولدك للتعبير عن نفسه بوسائل شتى ليتوثق بذلك علاقاته بالمحيط الخارجي، وذلك بالرسم أو اللعب بالصلصال والمكعبات، والرياضة التي تكسب البدن مرونة تنعكس على النفس فتسهل تفاعلها مع المحيط الاجتماعي، كما ستتيح له فرصة الاندماج مع آخرين بشكل عفوي وطبيعي؛ وهو ما يساعد على تأمين شروط النمو السوي بشكل عام وتفادي الخجل بشكل خاص.
7- يجب محاولة تعريضه للحياة الاجتماعية خطوة بخطوة، وإظهار السعادة له ولو على القليل
من الاستجابة لهذا التفاعل، ومدح تطوره لحثه على المزيد، والإكثار من التباهي به أمام الآخرين.. وتجنب محاصرته بالأسئلة أو بضرورة الرد عليها، فلو أبى أن يجيب على سؤال أحد فبادر بالدفاع عنه أمام هذا الشخص بأنه استيقظ لتوه من النوم أو يريد أن يأكل ليتقوى قليلا... أو غير ذلك مما لا يزيد المسالة تعقيدًا ويجعل الزائر لا يتبرع بقول "أنا زعلان منك" أو غير ذلك مما يسهم في تعقيد الحالة والإمعان في إضعاف ثقته بنفسه؛ فمثل ولدك شديد الحساسية لآراء الآخرين فيه وسريع العطب أمامها، وبالتالي فانتقاد خجله لن يزيده إلا خجلا.
8- علمه الإيجابية وكن أنت وأمه قدوة له في ذلك؛ فاصطحباه إلى دور رعاية الأيتام لإدخال السرور على الأيتام وإبهاجهم، وإلى أماكن رعاية المسنين لإهدائهم باقات الزهور في المناسبات التي يفتقدون فيها من يسأل عنهم، وتعاون معه في تكوين أجندة بها تواريخ المناسبات المهمة لأفراد العائلة الممتدة ليذكرك بالاتصال بهم وتهنئتهم والتواصل معهم وصلة الرحم..
وهكذا وينتهي كلام الأستاذة نيفين.
ويمكنك الاطلاع على المزيد بمطالعة الاستشارة التالية:
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
- تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
وأختم معك بالحديث عن تنمية وغرس الحب بين الإخوة، وهو ما تحدثك بشأنه الأستاذة مي حجازي، فتقول:
مرحبا أخي الفاضل، وشكرًا لثقتك الغالية، وأنتقل مباشرة للحديث عن الغيرة الأخوية التي تسببت في قتل قابيل لهابيل، ومحاولة قتل إخوة يوسف له.. أتدري لماذا وصل التفكير بإخوة يوسف للقتل؟ لأنهم أساءوا فهم عناية أبيهم بالصغير -الذي يحتاج رعاية أكثر بشكل تلقائي- وهو ما ترجمته عقولهم أنه "أحب إلى أبينا منا"، وهو ما ينبغي أن يكون لكل مرب درسًا واضحًا، فلا يكفي أن يكون العدل داخل نفس الأب أو المربي بل يجب أن يشعر به الطفل في كل بسمة ومجاملة وضحكة ولعبة وتدليل، فكما قيل "اعدلوا ولو في القبلات"، وهذه هي النقطة المهمة والأولى والرئيسية في غرس المحبة بين الأبناء.
أما النقطة الثانية فهي إشعار الطفل بمسئوليته -بشكل محبب وفيه تشريف وليس تكليفًا- تجاه إخوته؛ لأنه الذكر القوي القوام الحنون الذي يحل محل الأب في غيابه -دون إفراط في منح السلطات- ولأنه هو من يدافع عنهم ضد الغرباء ولأنه أخوهم الكبير، ودعم ذلك بالقصص عن البطولة والشهامة والإيثار، ومساوئ الوحدة، وبالقصص من الواقع: "أرأيت كيف يزورنا خالك ونفرح بزيارته؟ وكيف تداعبك خالتك وتسعد باللعب مع أبنائها وكذلك عمك وعمتك وأبناؤهم... الحمد لله أن لي ولأمك إخوة يسعدوننا ويسعدون أبناءنا.. وكان الله في عون من لا إخوة لهم".
والنقطة الثالثة: لا بد من توفير جو أسري عائلي يشيع فيه الاحترام والهدوء والمرح والتواصل، ولا بد من إحاطة الأبناء بجو من الحنان والتلاحم والترابط والتواد؛ فتلتف الأسرة كلها حول المريض أو المتعب وتدعو الأسرة كلها دعاء جماعيًّا لمن هو مقبل على امتحان أو أمر مهم وغير ذلك من مظاهر الاتحاد والتآلف دون توجيه مباشر له هو بالذات، وهو ما سيغرس فيه الانتماء القوي لكل أعضاء هذه العصبة الحبيبة.
أخي الكريم، لقد كان سؤالك رغم اختصاره يحتاج لإجابة وافية نأمل أن تكون قد روت ظمأك للمعرفة فيما سبق من سطور.. وننتظر متابعتك بنتائج تطبيقك، كما يسعدنا تواصلك معنا دائمًا بمتابعاتك واستفساراتك وأخبارك وأخبار الصخر الثخين الذي تشق طريقك فيه لصناعة أحد قواد وطلائع الأمة، فلا تطيل انتظارنا.
ـــــــــــــ(103/3)
في الغربة.. كيف تندمج وتحفظ هويتك؟ ... العنوان
ابنتي عمرها عام وثلاثة أشهر، وأنا لا أدري إن كنت أسير معها على الطريق الصحيح أم لا؟ أحاول أن أعطيها مساحة كبيرة من الحرية لتلعب وتجرب، ولا أحب أن أنهرها ولا أتركها تبكي، وأقول لنفسي إنها عندما تبدأ تفهم معنى الكلام أستطيع أن أوجهها بالتشجيع والثواب، فصعب علي استخدام الشدة.. لكني صرت متعبة معها؛ فطلباتها كثيرة، وتقريبا لا تكاد تترك المنزل منظما، ولم أعد أستطيع الالتفات لنفسي ولا لبيتي كما يجب.
كذلك إني كنت أحتاج للدراسة، فاضطررت أن ألحقها بحضانة، رغم صغر سنها وتعلقها بي، وشعرت أن هذا قد يفيدها لتختلط بأطفال آخرين، وتخرج طاقتها في اللعب، مما لا يتاح لها كثيرا في هذا البلد، لكني أخشى من النواحي السلبية، مثل انفصالها المبكر عني رغم تعلقها بي، ورغم أني راعيت أن يكون انفصالا بالتدريج، ونتيجة لقلقي من هذا الأمر صرت أحاول تعويضها والتفرغ لها بالمنزل؛ فصار الأمر صعبا علي؛ حيث إن بعض الأطفال لا يشبعون من أمهاتهم.. وكذلك أخشى من تأثرها بالثقافة الغربية، فأحيانا مثلا تسمع الموسيقى مع الأطفال فيرقصون معا تلقائيا، وأخشى أن تتطبع بتلك الأمور أو تحبها أو يؤثر ذلك على حبها للقرآن، أو مثلا قد ينزع الأطفال ملابسهم للاستحمام في حمام السباحة، وأنا أحضر لابنتي "مايوها" فلا تكون مثلهم، لكن هذا لا يمنع أنها تعيش وسط هذا الجو 4 ساعات في اليوم.. وصعب الامتناع عن الحضانة، لكن أود أن أمنع عنها التأثيرات السيئة.
قد حاولت أن أشرح ظروف ابنتي، وأرجو توجيهي ببعض النصائح في كيفية التعامل معها حتى تنشأ متدينة متفوقة، وماذا أفعل حتى أحببها من هذه السن في القرآن الكريم؟ معذرة على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أيتها الأخت الحبيبة.. ومرحبا بأول فرحتك ذات الخمس عشرة شهرا، والطلبات الكثيرة كما وصفتها، وأول ما أحب أن أبدأ به حديثي معك هو قول دكتور سبوك -عالم التربية الشهير-: "إنني أطالب بأن تنبع فكرة تمضية وقت سعيد بروح الصداقة مع الأبناء من خلال رغبة الأم/الأب -نفسه/نفسها- والابن أيضا. إنني أكره أن يفتعل الأب/الأم صداقة مزيفة مع الأبناء".
ولعل هذه البداية أردت منها إلقاء الضوء على نقطة مهمة في سؤالك، وهي شعوري بأن تركك لابنتك في الحضانة في هذه السن لم يكن إلا للتخلص منها ومن طلباتها الكثيرة، والبحث عن شيء يشغل وقتك (الدراسة)، ولإرضاء ضميرك قررت أنك تحتاجين للدراسة، وأن للحضانة فوائد جمة على ابنتك. والأمران لا أخالفك فيهما إلا في تحديد توقيتهما المناسب، وسأكون أكثر تحديدا حين ألخص نقاط الإجابة فيما يلي:
1- التوقيت المناسب للحضانة ومدة ترك الطفل فيها.
2- كيفية تفادي الآثار السلبية للاختلاط بالمجتمع المختلف -بوجه عام- الذي تعيشون فيه، وتنشئة ابنتك على حب دينها والاستمساك بهويتها.
3- ضرورة اقتناعك بجدوى وفوائد سفر أسرتك، وانتقالكم إلى البلد الذي تقيمون فيه، واستمتاعك بوقتك فيه.
4- كيف تتعاملين مع ابنتك في هذه السن؟ وكيف تنشأ متفوقة؟
وسأبدأ بالنقطة الرابعة، وهي كيفية التعامل مع طفلتك في سنها هذه وتنمية مداركها وقدراتها -ودعينا من مسألة التفوق تلك في سنها هذه- ولا تنسي أن كلمة "متفوق" لا يوجد لها مرادف باللغة الإنجليزية.. أتدرين لماذا؟ لأن في مجتمعات الغرب يوجد نظم من التعليم تعمل على توظيف كل القدرات لدى كل طفل أيا كانت وكيفما كانت، وبالتالي فليس هناك ما يمكن أن يسمى طفلا "بليدا" وآخر "متفوقا"؛ فالكل له ما يبدع فيه.
إذن فما سأحدثك بشأنه هو كيفية تنمية مداركها من خلال اللعب -النشاط الأغلب على الطفلة في هذه السن- ونصائح عامة للعناية بالطفلة، وقد ظهر من حديثك وعي حقيقي بخصائص مرحلة ابنتك العمرية، وعشقها للاستكشاف والانطلاق؛ وهو ما تتيحينه لها، لكن ربما الأمر يحتاج لأكثر من مجرد السماح لها بالاستكشاف بل ومشاركتها فيه وتوظيفه، وهو ما ستجدينه جليا في إجابة أستاذة نيفين صلاح:
- ساحات الاستكشاف حيث التعلم متعة!
ولأن مسألة تنمية المدارك والمهارات مما استفضنا في الحديث عنهما في أكثر من موضع قبل ذلك؛ فسأورد لك الإجابات السابقة عن هذا الموضوع.. فقط انقري على العناوين التالية للاطلاع على الاستشارات:
- دروس في تنمية الذكاء
- بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
- خرافة المخ الصغير
- فن تنمية الذكاء
- منهج التعامل مع ابن السنتين
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته
ثم نعود للنقطة الأولى مرة أخرى وهي الحديث عن الحضانة والتوقيت المناسب للحضانة، والأمر يا أختاه ما لم يكن له داع مُلح فلا بد من تأجيله حتى يحين موعده المناسب -وهو من وجهة نظري- بعد تخطي النصف الأول من العام الثالث، وباختصار فإن الطفل يجب أن يشبع من التواجد في حضن أمه يمتص منها المغذيات والحنان والدفء؛ مما يمنحه القوة التي يستطيع بها الانفصال والاستقلال بدون مشكلات، وما دمت أنت تقررين أن ابنتك "لا تشبع منك"، فلماذا إذن التبكير بخطوة يمكن إرجاؤها قليلا؟ إن طفولتها وعمرها المبكر هذا لن يتكرر، ولن يعوض ما يمكن أن تكتسبه فيه من أمومتك وصياغتك لشخصيتها.
ثم ننتقل لمسألة أكثر أهمية، وهي أن الحضانة -باعتبارها فرصة الاستقلال الأولى للطفل- تعتبر لحظة الميلاد الثانية؛ إذ إن لحظة الميلاد الأولى هي الانفصال الأول للطفل عن أمه، وإن ظل انفصالاً جسديًّا وانفعاليًّا جزئيًّا؛ فإن الأم تظل هي عالم الطفل الأول إن لم يكن كل عالمه؛ حتى أنه يظل يرى الحياة من خلال انفعالات عينها، ومع نمو قدراته تدريجيا تبدأ نزعته إلى الاستقلال تتطور، وإن استطعت استثمار هذه النزعة بتهيئة الطفلة جيدا لهذا الانفصال ضمن ذلك نجاح هذا الانفصال، وتعالي إلى نقاط محددة يعينك تطبيقها على التهيئة المناسبة لابنتك لمسألة الحضانة ومعادلة التأثير السلبي للحضانة -وللمجتمع المختلف المحيط بكم- على هويتها وذلك قد استفضنا في شرحه في الاستشارة التالية:
- في الغربة دراستي أم هوية طفلي؟
وأزيد عليها:
1-أكثري من تشغيل شرائط القرآن الكريم في البيت لتسمع الآيات كثيرا فتلتصق بذهنها وتألفها وتكررها.
2- احكي لها قصص الحيوان في القرآن، ودعمي تلك القصص بالصور التي من المؤكد أنها تستوعبها أكثر، وكيف كان الفيل الكبير الرمادي ذو الأذن الكبيرة والذيل الصغير -مع التمثيل باليدين- مطيعا لله؟ ولم يوافق على هدم الكعبة -مع صورة للكعبة- فالطفل في هذه السن يحب صور الحيوانات ووصفها، وربط ذلك بالقرآن يؤصل حبها له واستمتاعها به.
3- اجعلي للأسرة جلسات قرآنية يتم تبادل القراءة والمدارسة لآيات القرآن فيها بينك ووالدها يوميا، وهي تجلس معكما أو تتقافز وتلعب حولكما، وتكرار هذا المشهد يوميا أمامها سيكون له من الأثر ما ستلمسينه بنفسك.
4-حاولي زيارة المركز الإسلامي أو المسجد القريب من مكان إقامتكم لتكوين صداقات مع أصدقاء من العرب والمسلمين؛ وهو ما سيتيح فرصا كبرى لمعادلة التأثير على الابنة.
5-يمكنك البحث عن حضانة تابعة للمركز الإسلامي أو لمدرسة إسلامية، وإن تعذر ذلك فلا بد أن يكون لك في حضانتها دور فاعل ومؤثر؛ فأحيانا تشاركين في يوم النشاط للأطفال بتجميع مواد عن البلد الذي تنتمي له، والتقدم للمدرسة بالتماس لعمل عرض لزملاء الطفلة عن ثقافتها وبلدها، أو التحدث مع مدرستها لتتولى هي هذه المهمة؛ وهو ما يعطي الفرصة لإشعار الطفلة بالثقة والاعتزاز بنفسها في هذا المجتمع.
6- حاولي باستمرار أن يكون للطفلة قواعد معينة من السلوك يجب عدم تخطيها -كالاحتشام مثلا وعدم كشف العورة- لأن ذلك ما يحبه الله، مع التأكيد أن من يخالف ذلك من أصدقائها يفعل شيئا خاطئا، لكنه ليس بالضرورة أنهم سيئون ويجب اجتنابهم، لكن ما تقبله عاداتهم وطباعهم ودينهم يختلف عما يصلح لنا، وبالتالي فلا تشعر بالانعزال أو الاغتراب بل تندمج، ولكن وفقا لقواعد. ولا تنسي أنني أحدثك بشكل عام عما يجب أن تستوعبه الطفلة بأسلوب يناسب سنها؛ فلو كان الرسم هو ما سيفهمها فاستخدميه، وإن كانت القصة تدعم ذلك فوظفيها... وهكذا.
7- لا بد من جلسة يومية مرحة مبهجة تحكي لك فيها الطفلة عن يومها وأحداثه وألعابه ومرحه، كما يجب أن يكون الطريق من الحضانة وإليها له طابع متميز من الحوار والانطلاق والتشجيع على حب الحضانة واللعب والمرح.
يبقى لي أن أحدثك عن ضرورة أن تستشعري الفائدة من انتقالك لبيئة جديدة ليغلب على تعاملك معها الاستمتاع والاستفادة وليس الملل والاغتراب ومحاولة تمضية الوقت، وتغلبي دائما على ما تشعرين أنه لا يرضيك؛ فلو كان لا يتاح لابنتك فرصة الخروج واللعب والمرح فاجعلي من الخروج للتسوق مثلا ما يعوض فقْد هذه الفرص، من خلال أن تسمحي لها أن تشتري بنفسها، ومداعبتها، واللعب معها في المراكز التجارية واسعة المساحة -فقد كان يلعب زوجي مع ابنتي "الاستغماية" في المتجر، ويجري خلفها، ويمسكها، وأنا أدفع عربة المشتريات-، وكذلك اجعلي من طلبات ابنتك الكثيرة ورغبتها في مرافقتك فرصا ذهبية لتعليمها وتنمية مهاراتها والحديث معها. وانقري على الاستشارة التالية لتعرفي كيف:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
وهكذا فإن كل إناء بما فيه ينضح، وفاقد الشيء لا يعطيه؛ فإذا لم تكن لديك القناعة التامة بأسباب سفرك وأهميته.. فكيف يصل لابنتك الشعور بالأمان إذن والقناعة بهذا السفر الذي ينقلها من بيئة إلى بيئة جديدة مختلفة؟ إذ يخشى على ابنتك أن ينتقل إليها قلقك وخوفك من الآثار السلبية لغربتكم؛ فيتم شحنها بأجسام مضادة رافضة لهذه البيئة بشكل غير مباشر، ما أريده منك هو التعامل مع كل المتغيرات حولك بتفاؤل وسعادة واستثمار لكل ما يتاح، وإن كان قليلا، وتوظيف كل الظروف المحيطة لصياغة شخصية ابنتك بشكل سليم، وأظنك تعرفين المثل المصري القائل: "الشاطرة تغزل بساق حمار".
وستجدين تفاصيل مفيدة حول هذا الأمر في الاستشارتين التاليتين:
- دليلك التربوي في أرض الغربة- مشاركة من خبير
- دليلك التربوي في أرض الغربة
لن أطيل عليك، ولكني أؤكد عليك ضرورة متابعتنا والتواصل معنا وموافاتنا بأخبارك واستفساراتك ونتائج تطبيقك لنصائحنا، وإلى لقاء قريب.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع:
- الحضانة....الميلاد الثاني
- نحكوش في الحضانة
ـــــــــــــ(103/4)
موهبة أم تميز أم تفوق.. فض الاشتباك؟! ... العنوان
من هو الطفل الموهوب؟ هل هناك أنواع من الموهوبين؟ هل الموهبة نفسها العبقرية؟ هل لكل الأطفال الموهوبين القدرات العقلية نفسها؟ ما هي معايير تحديد الطفل الموهوب؟ هل المقصود بالطفل الموهوب الطفل المتميز بالسرعة في التفكير أم أنه طفل يختلف في طريقة تفكيره؟
هل المقصود بالموهوب الحائز على قدرات التفوق؟ وما الذي يميز الطفل الموهوب عن الطفل المبتكر؟ وهل الطفل الموهوب هو نفسه الطفل المتفوق دراسيًا أم أن التفوق الدراسي يختلف عن الموهبة؟ هل الموهبة فطرية أم مكتسبة؟ ما هي علاقة الذكاء بالموهبة؟ ومن هو الطفل المتميز؟ ما المقصود بالمتميز؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكرًا لك على سؤالك الرائع الذي أتمنى أن يكون بداية لمزيد من الأسئلة التي تتعلق بهذه المسألة الخطيرة التي آن الأوان لتحتل مكانها من التعريف والاهتمام.
بداية أود أن أذكر نقطة أحسبها في غاية الأهمية: لن أسوق إليك تعريفًا للموهبة بل دعينا نسمه تعرفًا عليها؛ فنحن نحتاج لأن نتعرف الموهبة في أبنائنا جميعًا لا أن نذكر تعريفًا بقصد فصل أطفالنا لفريقين: أحدهما موهوب، والآخر غير موهوب؛ لأن هذا أمر غير سليم من الناحية العلمية؛ فضلاً عن أن تناول الموضوع بهذا الشكل يعوق ويستبعد كثيرًا من الأطفال الذين من الممكن أن يكونوا مشروع موهبة.
وسؤالك للحق يحتاج لتفصيلات كثيرة لتناول أكثر من مفهوم (الموهبة – الإبداع – التميز –التفوق الذكاء) بينها كثير من التشابك والتداخل، وسنحاول معا فك هذه التشابكات بما تسمح به المساحة المتاحة وبما يقرب المفهوم من أيدينا لنتناوله ونتعامل معه. وسأحاول الإجابة في نقاط:
أولا: (الموهبة- الإبداع- التميز) كل هذا أشكال مختلفة للأداء المتميز، وأهم ما اتفق عليه الباحثون أن الأداء المتميز يعني أن يكون جديدًا ليس له مثال سابق؛ وأن يكون مفيدًا بالطبع، وبالتأكيد فإن هذا الأداء أمر نسبي؛ ولذا بقدر الجدة والمنفعة يكون درجة تميز الأداء، ويظهر هذا الأداء المتميز في واحد أو أكثر من المجالات الآتية:
1- القدرة العقلية العامة.
2- الاستعدادات الأكاديمية الخاصة.
3- التفكير المنتج الإبداعي.
4- القدرة القيادية.
5- المواهب الفنية الخاصة (البصرية – أو الأدائية).
6- الاستعدادات الحركية (الرياضة البدنية).
ثانيًا: باختصار كل هذه التعريفات تصف الطفل مرتفع الذكاء، على أن الذكاء يمكن تنميته في السنوات الأولى من حياة الطفل بقدر تعريضه لإثراء جيد للبيئة.
ثالثًا: هناك اعتقاد شائع بوجود علاقة بين التفوق الدراسي والذكاء المرتفع، وأن عدم التفوق المدرسي دليل على عدم الذكاء وغياب الموهبة والتميز؛ وهذا أمر يرفضه العلم والواقع معًا، والأمثلة على ذلك كثيرة؛ حيث يذكر التاريخ عددًا من الأسماء البارزة ممن لم ينالوا حظًا من التعليم النظامي المتعارف عليه بشكله الحالي، وبالطبع هذا لا ينفي أن التفوق المدرسي بداية جيدة للأداء الجيد نسعى لتحقيقها.
رابعًا: يمكننا ببساطة ودون خوض في الكثير من التعريفات النظرية أن نقول: إن الطفل الموهوب هو من يمتلك قدرة استثنائية أو استعدادًا غير عادي في مجال أو أكثر من المجالات العقلية والإبداعية والاجتماعية والانفعالية والنفسية.
خامسًا: أما عن قوائم صفات الموهوبين فالمراجع والأبحاث العلمية التي تناولت هذا الأمر تذكر العديد منها، ولكن يعنينا في هذا أن نشير إلى أنه لا يشترط اجتماع كل الخصائص والصفات في شخص واحد لنصفه بأنه موهوب؛ وذلك لتشابك محددات الموهبة فبعضها اكتشف بالفعل وبعضها قيد البحث.
وأوضح بمعنى أدق: ليس كل من تتوفر فيه الصفات الموجودة في القوائم موهوبًا، وليس كل من لم تنطبق عليه الصفات غير موهوب. ولذا يعنينا في هذا الأمر أن نعتبر هذه الصفات مجرد إشارة لإمكانية وجود موهبة لنسرع بتعهدها ونسعى لاكتشاف المزيد منها بل وغرس بعض ما يمكننا غرسه لإثمار الأداء المتميز. وهذا ما يعبر عنه دائما بقول: "كل طفل مشروع موهبة، خاصة إذا كانت مجالات الموهبة تتسع لتشمل كل مجالات النشاط الإنساني؛ ولذا فمن حق الطفل الحصول على أفضل فرص للنمو".
وهناك فرق واسع بين أن نحكم على أطفالنا ونصنفهم لموهوب وغير موهوب، وأن نتناول الخصائص المميزة كبوصلة تدل على المساحات التي يجب الاهتمام بها ونتجه فورًا للبحث عن الوسائل التي تكفل التنمية لأقصى حيز ممكن. ولا يعنينا فقط عملية التصنيف التي كثيرًا ما تكون جائرة وغير سليمة، بل دعوني أقل بأن ضمير الأمومة يأباها ويرفضها.
- ومن السمات التي ذكرت ضمن قوائم تعرف الموهوبين وقد يظهر بعضها أو تتفاوت في درجتها بين طفل وآخر،امتلاك ثروة لغوية كبيرة، واستخدام مرادفات لا تنتشر بين أقرانه من نفس العمر.
ودورنا هنا التساؤل: كيف يمكننا بناء هذه الثروة اللغوية؟ وهذا السؤال له إجابة عبر الكثير الذي يمكننا فعله -وأرجو أن نتمكن من التفصيل فيه على أثر سؤال آخر- لكن الآن دعينا نعد إلى السمات الدالة على الموهبة لدى الطفل، منها:
* بناء الطفل لجملة مركبة، والبدء مبكرًا بالكلام مقارنة بأقرانه.
* سهولة التعلم وسط ظروف مناسبة.
* استياء الطفل من عدم الحصول على إجابات مقنعة وكافية.
* القدرة على القراءة المبكرة أو النضج المبكر للقراءة قبل أقرانه.
* امتلاك ذاكرة قوية وقوة ملاحظة للتفاصيل.
* الشغف بالمعرفة وطرح العديد من التساؤلات: كيف – لماذا – متى – أين...
وأول أدوارنا عدم الاستياء من الأسئلة الكثيرة لأبنائنا، ومحاولة تقديم محتوى يفكر فيه الطفل لنشعل لديه شرارة التساؤلات على أن نجيب إجابات سليمة وغير مغلقة النهاية لتشجع الطفل على مزيد من التساؤلات، الأمر الثاني هو تدريب الطفل على استخدام الأسئلة، ولهذا أيضا تفصيل مؤجل:
* استياء من عدم الحصول على إجابات مقنعة وكافية.
* التفكير بشكل منطقي لافت للنظر.
* إمكانية التفكير في الأشياء المجردة؛ ويمكنه تعميم التعلم.
* الاستقلالية وربما تصل لعدم الامتثال بصعوبة.
* المرونة والتكيف مع الأوضاع الجديدة.
* ممارسة الألعاب التي تستند على والفك والتركيب والتحليل والربط أكثر من استخدام الألعاب التي تستند على الحظ.
* إبداء قدرة عالية على التعامل مع الألعاب التركيبية المعقدة.
* العمل لفترة طويلة في مجال يهتم به.
* التمييز المبكر بين اليمين واليسار.
* إدراك مبكر لمفاهيم السببية؛ والقياس والحجم والوقت ومقارنة الأشياء مستخدمًا هذه المفاهيم.
* امتلاك ذاكرة مكانية قوية، والقدرة على تحديد الاتجاهات بدقة.
* العد المبكر لأعداد فوق العشرة والعشرين.
* حل المسائل الحسابية البسيطة بشكل مبكر.
كذلك يوجد عدد من الصفات النفسية الإيجابية والسلبية التي يشترك فيها الموهوب والمتفوق نذكر منها أولا الصفات الإيجابية:
* مهارة في التعبير عن أفكاره ومشاعره.
* الإنجاز السريع لما يطلب منه من أعمال.
* العمل بعناية وضمير.
* حب التعلم والاستكشاف والسعي دائما وراء المعلومات، ودقة ملاحظة ما يدور حوله واكتساب الخبرات من هذه الملاحظات.
* الحساسية لاحترام مشاعر الآخرين واحترام حقوقهم.
* الاشتراك في المنافسات، وإثراؤه لها بآرائه.
* سرعة وإدراك العلاقات التي تربط الظواهر أو المشكلات بأسبابها أو العوامل التي تؤثر فيها.
* القدرة الفائقة على استخدام مهارات القراءة، واكتساب معارف ومعلومات جديدة للإسهام في خلق جو من المرح والبهجة وإسعاد الآخرين.
هذا بالإضافة لعدد من الخصائص النفسية السلبية منها:
* السعي بإصرار للتحكم في المناقشات التي يشترك فيها.
* قلة الصبر أحيانًا في الانتقال من مرحلة إلى أخرى في عمله أنشطته.
* إمكانية التهور بذكر ملاحظات كبيرة غير قائمة على أساس سليم من المعلومات والخبرة.
* احتمال تفضيل القراءة على حساب الأنشطة الاجتماعية الأخرى، والتفاعل مع الآخرين.
* معارضة أو تجاوز النظم والقواعد والتعليمات أو المعايير.
* المعاناة من إحباطات نتيجة غياب المنطق أو تجاوزه في ممارسة الحياة اليومية.
* احتمال الاندماج لفترات طويلة في أحلام اليقظة التي تبعده عن الواقع المحيط به وتحول بينه وبين التركيز والانتباه.
* إمكانية الشطط والخروج عن الموضوع أثناء المناقشة لجوانب لا علاقة لها به.
* الشعور بالملل بسبب التكرار والإطالة في شرح قواعد أو بديهيات أو مفاهيم.
* تجاوز الحدود في سرد النكات أو المرح.
* مقاومة الالتزام بجدول أو نظام قائم على الوقت وليس على العمل نفسه.
* سرعة فقد الاهتمام بالأشياء أو الهوايات.
* أخطاء في الهجاء ورداءة الخط.
* الاندماج في أنشطة حركية زائدة مثل الانتقال من عمل غير مكتمل لآخر خاصة حين الافتقاد لمتنفس لطاقاته العالية في أعمال تتصل باهتماماته وتتحدى ذكاءه العالي.
* المعاناة من اضطراب النوم والقلق.
* الإحساس بالغرور وما يترتب عليه من عزلة اجتماعية أو تهاون يؤدي للفشل في أعمال بسيطة.
وإجمالاً علينا بإثراء بيئة الطفل بكثير من الأنشطة والاهتمامات التي تتيح التعرف على مواطن القوة والضعف في أداء الطفل، وكذلك تتيح التعرف على اهتماماته لأنها البوصلة الأولى التي توجه رعايتنا له، بما يعني ضرورة التعمق في اهتمامات الطفل وتعقيد الأنشطة المقدمة له لحفز مهارات التفكير العليا لديه، ويراعى التنوع والمرونة في هذه الأنشطة والتي تستثير التفكير وتكشف عن القدرات الإبداعية لدى الطفل، إضافة للسماح للطفل بالتفاعل الإيجابي مع بيئته والتواصل الاجتماعي.
على أن نعلم أن هذا الذي عرضته هو مجرد طريق لتعرف على ما يمكن أن يمتلكه أطفالنا من صفات تؤهلهم ليؤدوا أداء عاليًا في مجال أو أكثر من المجالات، وعرضنا له كما أسلفت ليس بغرض التصنيف وإنما بغرض التنمية المتاحة فعليًا لكل أطفالنا، وعلينا إذا ما وجدنا بعضًا منها في أي من أطفالنا أن تتسع الدائرة لاكتشاف أدق وتقديم برامج خاصة لهذه الفئة من الأطفال، وذلك عن طريق المراكز المتخصصة لذلك.
ما أوردته اختصارًا ينتظر مزيدًا من التساؤلات عن كيفية التنمية وهي الناحية التطبيقية من الموضوع، وهي الكيفية الوحيدة التي يتحول بها العلم إلى نور؛ فالعلم بلا تطبيق تمامًا كالمصباح بلا كهرباء.
في انتظار السؤال عن توصيل الكهرباء، ونحن دائمًا معكم.
ـــــــــــــ(103/5)
أمي.. ارحمي أنوثتي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. أود أن أحكي مشكلتي مع ابنتي البالغة من العمر 16 سنة، في الصف الثاني الثانوي، مشكلتها صعبة سوف أطرحها.
باختصار: منذ سفري للخارج مع أبيها تغيرت كثيرا؛ فأصبحت متمردة وعنيدة وعصبية لأتفه الأسباب، وعندما أكلمها تصرخ في وجهي، وأبوها الآن مسافر للخارج، وأنا لا أستطيع أن أحكي مشكلتي معه، فابنتي تغيرت كثيرا، عندما أدخل عليها الغرفة أراها تكتب رسائل، وعندما أريد أن أقرأ هذه الرسائل تصرخ في وجهي، ولا ترضى، ومن قبل كانت لا تسمع أغانيَ، أما الآن فتسمع، تقول لي:
كل الشباب في سني يسمعون أغاني، كلما أنصحها تقول لي: "نصائحك خليها لك.. احتفظي بها"، وهي في المدرسة قرأت بعض رسائلها فوجدتها تحتوي على حب وغرام، وهي تحتفظ بكتاب أسمته "مذكرات مراهقة" كل ما يحدث معها من أحداث حزينة أو سعيدة تحتفظ به في كتابها، وهي تتكلم مع الشغالة، تحكي لها همومها، ودراستها أهملتها كثيرا، حتى مستواها الدراسي ضعف، أراقبها بشدة، ولكنها تتمرد كثيرا.
وفي مرة ضربتها، كانت أول مرة أضربها في هذه السن، بكت كثيرا، وذهبت إلى غرفتها، واعترفت عند الخادمة أنها شربت 4 من الحبوب في يوم، حتى إنها أتت من المدرسة وحالتها مأساوية جدا، أرشدوني كيف أتصرف مع هذه الفتاة؟ أريد أن أصبح صديقتها.. كيف وهي لا تقبل؟ أرجوكم انصحوني.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام -أم ناصر- ورحمة الله وبركاته.. تحية لك من أرض الكنانة إلى أرض الحرمين الشريفين.
أبدأ رسالتي بآخر جملة ختمت بها رسالتك الكريمة وهي: "أريد أن أكون صديقة لابنتي، لكنها لا تقبل".. فهلا سألت نفسك عن سبب رفضها لهذه الصداقة؟ ولماذا كل هذا العناد والتمرد والعصبية الصادرة منها؟ وحتى لا تتحيري كثيرا في الرد على هذين السؤالين سأساعدك في الإجابة بما ورد في رسالتك:
ذكرت -سيدتي- أن "روان" لا تتقبل نصائحك للدرجة التي جعلتها تصرح لك بهذا بطريقة غير لائقة، كما ذكرت أنك حينما دخلت عليها حجرتها فوجدتها تكتب مذكراتها أردت قراءة هذه المذكرات؛ فما كان منها إلا أن صرخت في وجهك، ولم ترضَ –بالطبع- أن تقرئيها. كما ذكرت أنها لا تحكي لك ما بداخلها بل تلجأ للخادمة لتبث إليها شكواها. كما ذكرت أنك تراقبينها وبشدة، على حسب تعبيرك.
فهل هذا كله يتفق مع أدنى مبادئ الصداقة التي تريدين تكوينها مع ابنتك؟
معذرة سيدتي إذا قلت لك: إنك لا تبغين من "روان" الصداقة.. بل تبغين أن تكون ابنة مطيعة لا تعصي لك أمرا، ولا تعترض على شيء ضد رغبتها كما كانت تفعل وهي صغيرة.
باختصار-سيدتي- إن هذا التمرد، وهذا العناد، وهذه العصبية.. إنما هي تعبير من ابنتك عن مدى غضبها، وكأنها تريد أن تقول لك: "يا أمي لقد كبرت، وأصبحت أحمل من ملامح المرأة أكثر مما أحمل من ملامح الطفلة الصغيرة التي تصرين أن تتعاملي معي على أساسها".
سيدتي إنك لم تنتبهي إلى أن ابنتك قد كبرت، وأصبحت في مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة لها خصائص وسمات ومتطلبات معينة إذا أغفلناها كانت العواقب وخيمة وخطيرة. ومن أهم سمات هذه المرحلة: الاستقلالية، وإثبات الذات، والخصوصية. وأنت لم تقدري كل هذا في ابنتك، ولم تتفهي احتياجاتها في مثل هذه السن الحرجة.
وبالتالي سيدتي يتلخص حل المشكلة في أنك لا بد أن تتعرفي على طبيعة هذه المرحلة وتتعاملي مع "روان" على أنها أصبحت فتاة على وشك أن تصبح امرأة كاملة النضج تحتاج إلى الالتفات إليها في هذه الأمور، ولو كنت في مكانك وأردت حقا أن أسترد ابنتي وأكسب صداقتها؛ فسأفعل ما يلي:
• سأكف تماما عن تقديم النصح لها بهذا الشكل المباشر الذي يستفز الفتيات والأولاد في هذه السن.
• أحترم خصوصيتها، ولا أحاول أن أقتحم عالمها بهذا الأسلوب الذي استخدمتِه في محاولة قراءة مذكراتها.
• أن أتحدث إليها بصدق وود، قائلة لها: "أنا أعرف أنك ربما تكونين غاضبة مني؛ لأنني أتعامل معك على أنك طفلة صغيرة ما زالت تحتاج إلى التوجيه والنصح، ولكن هذا يرجع إلى خوفي عليك، وقد راجعت نفسي فوجدت أنه ما كان ينبغي لي أن أفعل هذا معك.. والآن تعالي لنفتح صفحة جديدة، وثقي أنك إذا أردت أن تتحدثي فستجدينني على أتم استعداد للاستماع إليك في أي شيء ترغبينه أنت"، وسأتركها بعد ذلك بابتسامة تفهم من خلالها أنني أشجعها على الحديث معي دون ممارسة أي ضغط، ولبداية عهد جديد بيني وبينها، قوامه الحب والتقدير والتفاهم والصداقة.
• حينما تقرر ابنتي أن تتحدث معي لن أنتهزها فرصة لأحول الحوار إلى نصح وإرشاد وما يصح وما لا يصح، بل سأستمع لها بصدر واسع، وبعقلية تتفهم طبيعة ما تمر به ابنة في مثل سنها في ظروف تختلف كثيرا عن الظروف التي تربيت أنا عليها.
• سأحاول أن أجعل الحوار الذي يدور بيني وبينها مرحا لطيفا بعيدا عن الاستجواب أو الاستدراج.. فلا يكون الهدف من الحوار هو معرفة ما إذا كانت تخفي عني شيئا، حتى إذا كشفته لي أبدأ إما في لومها وعتابها أو في النصائح بطريقة مباشرة؛ فتهرب مني مرة أخرى، وفي هذه الحالة لن تعود إلى الحديث معي مرة أخرى أبدا؛ لأنها ستتأكد أنني في وادٍ وهي في وادٍ آخر، وأنني لم أكن صادقة معها، حينما قلت لها: إنني أبتغي أن نكون أصدقاء.
• حينما أسمع منها أثناء حوارنا سويا ما يكدرني أو خطأ ما تفكر فيه أو ارتكبته بالفعل.. سأحاول أن أذكر نفسي بعدم التعليق على هذا الخطأ في أثناء هذا الحوار، وسأكتفي في بداية إصلاحي للعلاقة بيننا أن أستوعب فقط كل مشاعرها وكل أفكارها وكل سلوكياتها، مهما كانت خطأ؛ حتى تطمئن أنني لا أتصيد لها الأخطاء، وأن علاقة الصداقة التي حدثتها عنها وأردت أن تقام بيننا لم تكن فخًّا أو شَرَكًا لاستدراجها للاعتراف بأخطائها.
• وبعد أن أتأكد من متانة وقوة العلاقة بيننا (وهذه المرحلة ستستغرق وقتا ليس قليلا.. ربما تستغرق شهورا، فلا تتعجلي النتائج؛ فالإصلاح وترميم الأشياء -لا شك- يستغرقان وقتا أطول وجهدا أكثر من البناء والتشييد).. أبدأ في لعب دور الأم النصوح، لكن شريطة ألا يكون ما أقوله وعظًا مباشرًا أو نصيحة صارخة تفقدني كل مكسب كسبته في الفترة السابقة مع ابنتي، وسيكون ذلك من خلال تفهم وتقدير لما تصرح به؛ كأن أقول لها -تعليقا على بعض الأخطاء وليس كلها أو تعليقا على أمر ترغب ابنتي أن تستشيرني فيه-: "تعالي نفكر سويا هل ما ترينه (أو ما تفكرين فيه أو ما صدر منك) سليم أم لا؟ ولنفكر في عواقبه بطريقة منطقية بعيدة عن العصبية أو الحدة...". أو أقول لها: "ربما ما أقدمت عليه من فعل كذا هو من وجهة نظري ينقصه أن تفكري في نقاط أخرى هي...".
المهم أشعرها أن أفكارها ومشاعرها وعقلها وتصرفاتها محل تقدير واحترام، ولكن يحتاج لبعض التعديل، وهذا هو الفرق الجوهري بين حوارها وحديثها مع خادمة أو صديقة في مثل سنها وحديثها مع أمها.. فكل من الخادمة والصديقة ربما توافق الابنة بل وتشجعها على التصرفات والسلوكيات الخاطئة، أما الأم فلا.
• وقبل كل ذلك ومعه لا بد أن أطلع وأقرأ عن طبيعة هذه المرحلة وأهم سماتها؛ حتى أستطيع أن أفهم كيف تفكر ابنتي وكيف تشعر (من خلال أي كتاب في علم نفس النمو، وهذه الكتب متوفرة بكل مكان).
• سأبدأ في الاهتمام بها كأنثى؛ فنخرج سويا لنختار الملابس التي تحبها، وكذلك الحلي، وكل ما يتعلق بالأمور التي ترحب بها الفتيات في مثل هذه السن دون إخلال بدين أو قيم.
أرجو سيدتي أن تبدئي في هذه الخطوات في أسرع وقت ممكن، ولكن عليك بالصبر في أثناء تناولك وعلاجك للمشكلة التي لن تكون كذلك إن شاء الله بصبرك وحسن توكلك على الله، وتابعينا حتى نطمئن على ما توصلت إليه معها.
ـــــــــــــ(103/6)
مهارات "ماهر".. كيف ننميها؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ابني الحبيب ماهر البالغ من العمر 3 سنوات ودود ومحبوب من الجميع، وسؤالي حول اهتماماته؛ فهو كل فترة يهتم بشيء معين ويكون شغوفا جدا بهذا الشيء لعدة أشهر مما يصيبني بالملل الشديد.
وهذه أمثلة عما أقول: لقد أحضرت له قصصا وكتبا، وأصبح يطلب مني قراءة هذه القصص كلها كل يوم أكثر من مرة لأكثر من 15 يومًا، أحضرت له لعبة فيها أزرار لتعليم الحروف والأشكال والألوان؛ فكان يلعب بها كل يوم بشكل مستمر لمدة شهر حتى تعلم الحروف والأشكال وأسماء الحيوانات.
ثم ترك هذه اللعبة، وعندما كان عمره 2.5 تعلق بالكمبيوتر بشكل كبير، حتى صار يعرف كيف يفتح هذا الجهاز، ويفتح البرامج التي يحبها من ألعاب ورسم وتلوين ويغلق البرنامج ويطفئ الكومبيوتر وهو في عمر سنتين و10 أشهر.
الآن هو شغوف بالتلفزيون وآلة التحكم عن بُعد؛ فقد حفظ الأرقام بالعربي والإنجليزي وأسماء القنوات (20 قناة) من خلال هذا الاهتمام، على الرغم من الحظر الشديد على التلفزيون؛ فهناك برامج محددة لأطفالي لمتابعتها، وزمن محدد لا يتجاوز الساعتين يوميا، ومع ذلك كلما أتفقد ماهر أراه يقلب قنوات التلفزيون، وهو من اللحظات الأولى من الصباح يستأذن مني كي يفتح التلفزيون، أول لحظات دخولنا المنزل أراه يجلس ويقلب القنوات التلفزيونية على الرغم من أنه عند أطفالي العديد من الألعاب التركيبية والسيارات: التلوين بأشكاله العديدة، المعجون، ولكنه هذه الأيام لا ينجذب إلا إلى التلفزيون، ولولا الحظر المتواصل على هذا الجهاز لقضى جل وقته متابعا له.
أنا غير سعيدة أبدا بهذا الاهتمام، أرجو منكم توضيحا لهذه التصرفات، ونصحي بأفضل الألعاب له؛ حيث إن تركيزه جيد جدا، حيث يقضي 20 دقيقة تقريبا في متابعة القصص والكتب دون ملل.
أما الألعاب الحركية فهو قليل الاهتمام بها، مثل: الكرة، البالون، حركاته من ركض وتسلق بطيئة وغير مرنة بالنسبة لعمره، مؤخرا بدأ بمحاولات خلع ملابسه دون مساعدة، وهو يجد صعوبة شديدة في خلع جواربه، وهو يميل للهدوء منه للحركة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
الأنشطة والهوايات ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أيتها الأخت الحبيبة والأم الواعية، وقد شهدت لك بالوعي لما لمحته في سؤالك من اهتمامك ومتابعتك لنشاطات ولدك ومحاولة تحليل تصرفاته وميوله بما يمكنك من تنمية قدراته، وزيادة مداركه؛ ولذا يسعدني التعاون معك لتحقيق ما يلي:
- طمأنتك بشأن تعلق ابنك بأشياء معينة، وإصراره عليها لفترة، ثم تركها.
- الوصول لأفضل ما يمكنك من تنمية مداركه من ألعاب ونشاطات مختلفة.
ولنبدأ حديثنا عن ماهر الحبيب بالتأكيد على أنه يتمتع -بما يتوافق مع سنه- برغبة عارمة في الاستكشاف وفضول للمعرفة، يظهر جدا لدى الأطفال من سن 1-4 سنوات، وقد يستمر فيما بعد، لكن الفترة العمرية المذكورة تكون أكثر الفترات ازدهارا في ممارسة هذا الفضول والتطلع للمعرفة، وهذا ما يفسر إقباله على شيء معين وانخراطه في ممارسته ثم تركه له بعد أن يشبع نهمه منه ثم بحثه عن الجديد ليعرفه ويستكشفه، وهذا شيء لا يدعو للقلق.. بل يجب استثماره وتوجيهه بما ينمي هذا الذكاء والتطلع، وهو ما سنتحدث بشأنه لاحقا.
ولكي نتحدث عن الأمر من كل الجوانب؛ فإن ما يقلق بشأن تكرار تصرف معين لأكثر من مرة بنفس الطريقة لدى طفل ما هو أن يكون هذا التكرار غير مبرر (كأن يكرر الطفل مثلا الدوران حول كرسي معين كل يوم بنفس الطريقة)، مع رفض شديد للتنازل عن هذا التصرف، أو أن يتمسك بالإمساك بعروسة معينة كل يوم مثلا ويأبى تركها أبدا، مع توازي هذه التصرفات مع عدم إتقان النطق بما يناسب المرحلة العمرية، وكذلك عدم تناسب رد فعله وحركات عينيه وتواصله بالعين والكلام مع ما يوجه له من حوارات أو أسئلة بما لا يتفق مع عمره أيضا.
كل ما سبق من أعراض هو ما يمكن أن يدعو للقلق وهو ما لا أعتقد وجوده في حالة ماهر كما يبدو من معطيات وبيانات سؤالك.
يبقى لنا الرد على الجزء الثاني من السؤال بشأن تنمية مهارات وقدرات ماهر، وهو ما سأحاول إجماله في نقاط:
بالنسبة لعدم إتقان ابنك لخلع ملابسه وجواربه؛ فهو أمر يحتاج للتدريب حتى يتم إتقانه مع تشجيعه على كل نجاح يحرزه بهذا الصدد.. وكذلك لا يفوتني أن ألفت نظرك إلى ضرورة ملاءمة الملابس كي يتمكن من خلع يديه الصغيرتين من ملابسه؛ بحيث تكون غير ضيقة مثلا أو ملتصقة بجسمه أو عسيرة الفك لكثرة الأزرار مثلا؛ وبالتالي فالتمسي له العذر في إخفاقه أحيانا في خلع ملابسه، ولا تتوقفي عن تدريبه على ذلك ومكافأته على النجاح في هذا الأمر.
- يحتاج الطفل في سنه هذه إلى تعليمه عدة مهارات في وقت واحد (أي بالتوازي)، وما أراه أن ماهر يميل إلى التوالي؛ حيث يتوجه إلى شيء بعدما يشبع مما سبقه، وهنا تبرز أهمية دورك في جذبه وتوجيهه لمهارات مختلفة والتطوير فيما يجب ممارسته من هوايات؛ فمثلا يمكن أن تتحول القصص التي يحب قراءتها إلى قصص مصورة غنية بالألوان والرسوم؛ وهو ما يفتح آفاقا للحديث أثناء القصة عن الألوان: (ما هذا اللون؟ هل تعرف شيئا له نفس اللون؟ هل تأكل شيئا له نفس اللون... إلخ)- الأشكال: (هل تستطيع أن تجد الدائرة هنا؟ هل تعرف شيئا له شكل الدائرة؟ هل تستطيع رسم الدائرة؟... إلخ) – الحيوانات – الأصوات: (هذه صورة سيارة.. هل تعرف صوتها؟ هذه صورة أرنب.. هل تعرف صوت الثعلب الذي يطارده؟...إلخ).
- يجب توجيهه للمهارات التي يستخدم فيها يديه وأصابعه: كالتلوين – اللعب بالصلصال – الفك والتركيب، وهو ما يمكن أن تشاركيه فيه ليستمتع به.
- لا بد من عدم إشعار الطفل بالحظر والسلطة التي تمنع عنه ما يحب؛ فهو حتى السنة الخامسة من عمره لا يستطيع استيعاب النهي والحظر، ومنع أشياء معينة سوى في إطار أنه عند فعلها فإنك تغضبين وتصنعين كذا.. دون أن يفهم لم منع الممنوع، ولماذا هو خطأ؛ مما يوقعه في تكرار الأمر مرات ومرات، وقد يقوده لاحقا للعناد والتمسك الشديد بالممنوع الذي أصبح بحظره مرغوبا جدا لديه؛ لذا فما أراه أنسب كثيرا هو جذبه بشكل غير محسوس لممارسة نشاط آخر يصرفه عما تريدين له تركه؛ فعندما تريدين منه ترك التلفزيون يمكنك دعوته بمرح وسعادة لأن يرافقك في لعبة التركيب مثلا أو لعب المكعبات، أو تزيين الحجرة بلوحات يلونها بيديه أو غير ذلك مما لا يشعره بسلطتك عليه وتحكمك فيه؛ لأنك تملكين القوة دونه، وكذلك يمنع شعوره بالتمسك بما لا تريدين له التمسك به.
- لا بد من السعي في هذا العمر على تدريبه وتطوير مهاراته الاجتماعية وقدراته على تكوين العلاقات مع الآخرين؛ مما قد يتيحه أن يكون تعليمه ما سبق من مهارات مع من في سنه من الأقران في شكل مجموعات أو ثنائيات، سواء أكان ذلك مع أبناء الجيران أو الأصدقاء أو من خلال تعامله في حضانة جميلة -وسنعطيك شروط الحضانة المناسبة- مع أطفال ومعلمات ومجتمع زاخر ومملوء بالأنشطة والألعاب والحوارات، ولو لأيام معينة فقط في الأسبوع.
- لا بد من مكافأته بشكل محسوس ومسموع ومرئي عند إحراز كل نجاح، وكون المكافأة مسموعة يكون عن طريق صوتك المرح عند الثناء عليه، ومرئية من خلال تعابير وجهك المليئة بالبشر والسعادة، أما كونها ملموسة فعن طريق الاحتضان، وهو ما يثير وينبه حواس الطفل جميعا لنجاحه ليستمر عليه ويطمح للمزيد، وقد تكون المكافأة رغم بساطتها (ملصق مرح مثلا -أو نجمة ذهبية تلصق على دولابه من الداخل مثلا) محبوبة جدا للطفل؛ وأنت الأدرى بما يحبه طفلك، والخلاصة أن مسألة المكافآت للطفل لها من الأثر على حفزه وتوجيهه ما قد تستغربين له.
أختي الكريمة، سعدت جدا بالحديث عن ماهر (وهو ذو اسم ينطبق على المسمى)، وأسعد أكثر بتواصلك المستمر معنا ومزيد من استفساراتك وتساؤلاتك وأخبارك وإلى لقاء قريب، لك مني كل تحية وشكرًا لك.
ـــــــــــــ(103/7)
ابني في الدولاب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. بصراحة.. فإن الخوف هو صميم مشكلة ابني. فهو الابن الأكبر، عمره 5 سنوات، وله أخ وأخت أصغر منه.
ويخاف بشدة من الظلام ومن الأماكن المغلقة، والموضوع يتزايد معه؛ حيث إنه وهو صغير لم يكن يخاف من الظلام، وكان يمكنه النوم بطريقة عادية مع إخوته وحدهم والغرفة مظلمة.. والباب موارب.. والنور خارج الغرفة مضاء، وبالتالي النور الذي يدخل لهم مجرد بصيص من النور.
وبعد ذلك فجأة.. طلب فتح الباب على آخره، ويصاب بالرعب إذا أغلقت الباب أو واربته، ثم منذ الصيف الماضي طلب إضاءة نور غرفته الكبير، ورفض نور الأباجورة؛ لأن إضاءتها ضعيفة، وهكذا لا ينام إلا ونور غرفته مضاء والباب مفتوح، ولو حدث أن أغلقت النور بعد نومه يستيقظ من نومه مرعوبا ويبكي بفزع.
وبالتالي أنا أحترم رغبته، ولا أطفئ النور أو أغلق الباب. أما إذا نمت معه فلا مانع عنده من إطفاء النور وإغلاق الباب والنوم في الظلام طالما أنا معه.
وأما خوفه من الأماكن المغلقة فكل الأطفال يمكن وهي تلعب أن تدخل في الدولاب وتغلق على نفسها الدولاب أو تختفي تحت صندوق اللعب مثلا وهم يلعبون؛ فهذا شيء عادى. أما ابني فلا. فإنه يصاب بالرعب الشديد لذلك، رعب بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، وهناك شيء آخر غريب حدث منذ يومين؛ ألا وهو أنه بالأمس وهو نائم أخفى نفسه تحت البطانية، ونام مقرفصا (أي عاقدا رجليه ويديه تحته)، وكلما كنت أرفع البطانية من عليه وضعها مرة ثانية، وعندما سألته عن السبب فقال: إنه يريد أن يختبئ ولا يراه أحد. وسألته: لماذا؟ فرد علي: لأنه "خائف أن يدخل أحد الشقة ويأخذه".
مع العلم أنه كان نائما بجواري. وحاولت طمأنته بأن هذا لا يمكن أن يحدث، ونحن في منزلنا وباب الشقة مغلق وأنا معه، ولكنه ظل خائفا؛ فلا أدري ما هو الحل؟ فأرجو منكم إفادتي بالحل؛ لأنني أخشى أن تتفاقم المشكلة معه بحيث يصعب حلها. وأنا في انتظار الرد منكم على أحر من الجمر.
وأرجو منكم الاهتمام بمشكلتي؛ حيث إنها تؤرقني أنا ووالده بشدة، ولكم منا جزيل الشكر. وآسفة على الإطالة.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في البداية نطمئنك ونطمئن والد مهند أن حالة طفلكما العزيز مشكلة بسيطة؛ ولذا فإننا سنبدأ معكما بدعابة حتى تهدأ نفوسكما وتستقبلا الحل بهدوء وبساطة؛ فأنت عندما تتحدثين عن خوف ابنك من الدخول في الدولاب أثناء اللعب، رغم أنه أمر غير متكرر، جعلني أتساءل ضاحكا: ما الذي جعل هذه الأم تقلق من عدم لعب ابنها في الدولاب؟ قلت: لا بد أنها تنظر للمستقبل؛ حيث يبدو أنه عندما يأتي الدور على أطفالنا للزواج؛ فلن يجدوا شققا للسكنى، وسيكون أقصى ما يتمنونه هو دولاب يسكنون فيه؛ فلو خاف من الدولاب من الآن.. فأين سيسكن؟! انتهت الدعابة وندخل إلى الجد.
إنها أفلام الكارتون، وإنها الأفلام التي نترك أطفالنا أمامها بالساعات، سواء في القنوات الفضائية أو الفيديو أو الكمبيوتر، وليس لدينا الوقت لرؤية أو متابعة أو مراجعة ما تصبه هذه الأفلام من أفكار وتصورات في أذهان وعقول أطفالنا، أو كيف يستقبل أطفالنا أمورا قد تبدو عادية وبريئة، ولكن عقولهم الصغيرة تكبرها وتحللها، وتحول إلى مخاوف وأفكار مخيفة نرى فيها نحن تصرفات وردود أفعال تبدو لنا غير مبررة، في حين أنها منظومة متكاملة داخل عقولهم.
إن مشهدا عابرا قد لا يلفت انتباهنا، أو إضاءة بشكل معين في لقطة من فيلم.. ربما يتركان أثرا سلبيا في نفس المشهد، وقد يكون السؤال التالي بأنه هناك أطفال كثيرون ربما يشاهدون نفس المشهد ولا يكون رد فعلهم بهذه الصورة؛ لأن في الأمر اختلافات، وما يحدث في داخله من تفاعلات غير مرئية.
والعلاج يحتاج أولا إلى إدراك للأمر بهذه الصورة؛ بحيث لا ننزعج، ولا نقلق بما يؤدي إلى تفاقم الأمر، إذا تعاملنا معه بعصبية أو توتر. ثانيا: أن نتوقع أن تكون هذه المخاوف مؤقتة تختفي مع زوال المؤثر، وبمرور الزمن، وبالشرح الهادئ الموضوعي الذي يزيل مخاوف الطفل، وبتعديل أفكاره، وبمحاولة الوصول لأصل الفكرة، ولكن بصورة غير مباشرة في حوار لا يبدو مفتعلا أو أثناء اللعب، أو بمراقبة ما يشاهده لفترة، والتعليق على ما يجري أمامه بأنه مجرد تمثيل ولعب، ولا علاقة له بالحقيقة.
ـــــــــــــ(103/8)
ابني في الدولاب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. بصراحة.. فإن الخوف هو صميم مشكلة ابني. فهو الابن الأكبر، عمره 5 سنوات، وله أخ وأخت أصغر منه.
ويخاف بشدة من الظلام ومن الأماكن المغلقة، والموضوع يتزايد معه؛ حيث إنه وهو صغير لم يكن يخاف من الظلام، وكان يمكنه النوم بطريقة عادية مع إخوته وحدهم والغرفة مظلمة.. والباب موارب.. والنور خارج الغرفة مضاء، وبالتالي النور الذي يدخل لهم مجرد بصيص من النور.
وبعد ذلك فجأة.. طلب فتح الباب على آخره، ويصاب بالرعب إذا أغلقت الباب أو واربته، ثم منذ الصيف الماضي طلب إضاءة نور غرفته الكبير، ورفض نور الأباجورة؛ لأن إضاءتها ضعيفة، وهكذا لا ينام إلا ونور غرفته مضاء والباب مفتوح، ولو حدث أن أغلقت النور بعد نومه يستيقظ من نومه مرعوبا ويبكي بفزع.
وبالتالي أنا أحترم رغبته، ولا أطفئ النور أو أغلق الباب. أما إذا نمت معه فلا مانع عنده من إطفاء النور وإغلاق الباب والنوم في الظلام طالما أنا معه.
وأما خوفه من الأماكن المغلقة فكل الأطفال يمكن وهي تلعب أن تدخل في الدولاب وتغلق على نفسها الدولاب أو تختفي تحت صندوق اللعب مثلا وهم يلعبون؛ فهذا شيء عادى. أما ابني فلا. فإنه يصاب بالرعب الشديد لذلك، رعب بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، وهناك شيء آخر غريب حدث منذ يومين؛ ألا وهو أنه بالأمس وهو نائم أخفى نفسه تحت البطانية، ونام مقرفصا (أي عاقدا رجليه ويديه تحته)، وكلما كنت أرفع البطانية من عليه وضعها مرة ثانية، وعندما سألته عن السبب فقال: إنه يريد أن يختبئ ولا يراه أحد. وسألته: لماذا؟ فرد علي: لأنه "خائف أن يدخل أحد الشقة ويأخذه".
مع العلم أنه كان نائما بجواري. وحاولت طمأنته بأن هذا لا يمكن أن يحدث، ونحن في منزلنا وباب الشقة مغلق وأنا معه، ولكنه ظل خائفا؛ فلا أدري ما هو الحل؟ فأرجو منكم إفادتي بالحل؛ لأنني أخشى أن تتفاقم المشكلة معه بحيث يصعب حلها. وأنا في انتظار الرد منكم على أحر من الجمر.
وأرجو منكم الاهتمام بمشكلتي؛ حيث إنها تؤرقني أنا ووالده بشدة، ولكم منا جزيل الشكر. وآسفة على الإطالة.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في البداية نطمئنك ونطمئن والد مهند أن حالة طفلكما العزيز مشكلة بسيطة؛ ولذا فإننا سنبدأ معكما بدعابة حتى تهدأ نفوسكما وتستقبلا الحل بهدوء وبساطة؛ فأنت عندما تتحدثين عن خوف ابنك من الدخول في الدولاب أثناء اللعب، رغم أنه أمر غير متكرر، جعلني أتساءل ضاحكا: ما الذي جعل هذه الأم تقلق من عدم لعب ابنها في الدولاب؟ قلت: لا بد أنها تنظر للمستقبل؛ حيث يبدو أنه عندما يأتي الدور على أطفالنا للزواج؛ فلن يجدوا شققا للسكنى، وسيكون أقصى ما يتمنونه هو دولاب يسكنون فيه؛ فلو خاف من الدولاب من الآن.. فأين سيسكن؟! انتهت الدعابة وندخل إلى الجد.
إنها أفلام الكارتون، وإنها الأفلام التي نترك أطفالنا أمامها بالساعات، سواء في القنوات الفضائية أو الفيديو أو الكمبيوتر، وليس لدينا الوقت لرؤية أو متابعة أو مراجعة ما تصبه هذه الأفلام من أفكار وتصورات في أذهان وعقول أطفالنا، أو كيف يستقبل أطفالنا أمورا قد تبدو عادية وبريئة، ولكن عقولهم الصغيرة تكبرها وتحللها، وتحول إلى مخاوف وأفكار مخيفة نرى فيها نحن تصرفات وردود أفعال تبدو لنا غير مبررة، في حين أنها منظومة متكاملة داخل عقولهم.
إن مشهدا عابرا قد لا يلفت انتباهنا، أو إضاءة بشكل معين في لقطة من فيلم.. ربما يتركان أثرا سلبيا في نفس المشهد، وقد يكون السؤال التالي بأنه هناك أطفال كثيرون ربما يشاهدون نفس المشهد ولا يكون رد فعلهم بهذه الصورة؛ لأن في الأمر اختلافات، وما يحدث في داخله من تفاعلات غير مرئية.
والعلاج يحتاج أولا إلى إدراك للأمر بهذه الصورة؛ بحيث لا ننزعج، ولا نقلق بما يؤدي إلى تفاقم الأمر، إذا تعاملنا معه بعصبية أو توتر. ثانيا: أن نتوقع أن تكون هذه المخاوف مؤقتة تختفي مع زوال المؤثر، وبمرور الزمن، وبالشرح الهادئ الموضوعي الذي يزيل مخاوف الطفل، وبتعديل أفكاره، وبمحاولة الوصول لأصل الفكرة، ولكن بصورة غير مباشرة في حوار لا يبدو مفتعلا أو أثناء اللعب، أو بمراقبة ما يشاهده لفترة، والتعليق على ما يجري أمامه بأنه مجرد تمثيل ولعب، ولا علاقة له بالحقيقة.
ـــــــــــــ(103/9)
ديكتاتورية الشعوب تبدأ بكسر العود ... العنوان
السلام عليكم، المشكلة عندي أن ابنتي التي تبلغ الرابعة والنصف عند ذهابنا إلى بيت عمها في نهاية الأسبوع لا تستجيب لكلامي ولا كلام أبيها، حتى أنها تبكي؛ لأنها تريد النوم مع ابنة عمها التي في سنها.
هذه البنت الصغرى مدللة جدًّا من قبل أهلها حتى إنها تصر على أخذ ما تريد من ميكاج لأمها أو أخواتها ولعبها بالورق، ولا أريد أن تتعلم ابنتي هذه الأمور من الآن، وكذلك لا أريد أن تظن أننا أبوان ظالمان لها عندما ترى ابنة عمها تأخذ ما تريد.
ونحن لا نوفر لها كل ما تطلب حتى تشعر بالأطفال المحرومين، وأنا أقول لها بأننا نأكل والحمد لله، ونستطيع أن نشتري لها أشياء كثيرة، ولكن هناك أطفالا لا يجدون لقمة الطعام.. لا أدري هل نحن نتبع الأسلوب الخطأ في التعامل معها؟ أرشدونا جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأم الكريمة، وبادئ ذي بدء لا بد أن أعتذر لك وبشدة عن التأخر في الرد، ولكن التمسي لنا العذر، ونأمل أن تساهم الإجابة في أن تلتمسي لنا هذا العذر.
وقبل أن أبدأ كلامي معك أحب أن أقدم له بكلمات أرى أنه لا بد من ذكرها في هذا المقام، وهي قول جبران خليل جبران للآباء في رائعته "النبي"، معبرًا عن ضرورة تربية الطفل على أنه كيان مستقل متفرد، رغم كونه قطعة من والديه، فقال: "أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم؛ فإن رامي السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى".
وأفسر ما سبق بما سيتناوله ردي عليك وهو أن أبناءنا يا عزيزتي ليسوا كواكب تدور في مدارات نرسمها لهم بأيدينا، إنهم ببساطة ليسوا جمادا نملكه أو إنسانا آليا نبرمجه، بل إن مهمتنا أن نعدهم أفرادا مستقلين لكل منهم كيانه الخاص وحريته بعيدا عن الرقابة المباشرة الخانقة والتسلط المهين المجحف والترقب لكل سكنة وحركة؛ فهذا مدعاة لضعف الثقة بالنفس على نقيض ما نأمل من كيانات واعية لديها الحرية في اتخاذ القرار والقدرة على التصرف والعمل بما ينسجم مع السلوكيات الصحيحة والمواقف السليمة.
ولنكمل معا كلامنا بعد أن نتأمل معا قول نفس الشاعر جبران خليل جبران عن الأبناء إذ يقول: "أنتم تستطيعون أن تمنحوا أبناءكم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم؛ لأن لهم أفكارا خاصة بهم، وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم، إنها تقطن في مسكن الغد الذي لا تستطيعون أن تزوروه ولا في أحلامكم.. إن الحياة لا ترجع للوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس...".
أختي الكريمة.. إن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى بها، ولعل ما أراه في هذه الأقوال من حكمة أن تقديم العون لأبنائنا لا يكمن في تقديمهم ما يحتاجونه بل في تنمية روح المسئولية في نفوسهم، وإبراز شخصياتهم، وتنمية الثقة لديهم، وتشجيعهم على اتخاذ القرار المناسب، وتركهم يستمتعون بذاتهم، وبأن يكونوا أنفسهم لا مسخا مشوها من نموذج لا يفهمونه؛ لأنه لا يوجد إلا في أذهاننا.
وأفسر كلامي أكثر بأن أقول لك إن الأسلوب الإملائي والوصايا المباشرة والنقد واللوم وغيرها من وسائل التحدي للأطفال ولقدراتهم والقهر لإرادتهم والتدخل في شئونهم لا جدوى من ورائها، والأجدى لتوجيههم هو أسلوب النحلة التي وصفها النبي –صلى الله عليه وسلم- أنها لا تحط إلا على الطيب ولا تكسر عودا، وأقصد الخفة والرقة في الإقناع والاحترام والمودة عند التوجيه الذي يجب أن يكون خفيا في صورة قصص، ومن خلال أنشطة ومناسبات مواتية، على أساس متين من الصداقة والمرح، ولا تنسي أن طفلتك في حاجة منك للإصغاء والاستماع أكثر مما تحتاج أن تسمع منك.
وتعالي نتوغل أكثر في تفاصيل سؤالك، وهنا أقول لك:
هل تضمنين يا أختاه أن ابنتك لن تختلط إلا بنسخ لها نفس أسلوبك في التربية؟
ما الخطأ يا أختاه أن تطمع الابنة في محاكاة أمها واستخدام أدوات تجميلها؟
لماذا تربطين بين رؤية ابنتك للعالم الخارجي وبين شعورها بظلمك أنت وأبيها؟
أظن أن الإجابة على هذه الأسئلة هي أن المشكلة ليست في الابنة ولا في ابنة عمها، وإنما هي في أسلوبك أنت في تربيتها، عفوا أن شبهت ما شعرت به من خلال سؤالك بأني أمام دولة ديكتاتورية الحكم تفرض نوعا معينا من الحياة على مواطنيها، وخوفا من تمردهم فهي تريد حجبهم إعلاميا وثقافيا عما حولهم من دول وبشر وأنماط مختلفة في الحياة تشعرهم بما يقاسونه فينقلبوا عليها... لا تؤاخذيني في هذا التشبيه، لكن أريد أن أقول إن البناء المتين الذي تؤسسيه في نفس ابنتك من أخلاقيات وسلوكيات سوية لا يمكن أن يقوضه رؤيتها لغيره إن كان مبنيا على الحب والاقتناع والاحترام المتبادل بينكما وقبله الصداقة، بل إنه سيكون دافعا لها أن تقوم ما لا تراه لائقا من سلوك من حولها طالما أنها تدرك جيدا أنها ليست إمعة .
أختي الكريمة سلحي ابنتك -من غير إفراط في المحرمات والنواهي عليها- بقناعتها بالخير والحسن من السلوك، وتابعيها بهدوء واسمعي منها رأيها فيما تجد من سلوك من حولها وتقييمها لهذا السلوك، وكيف يمكن أن ننصح من يسلكونه باجتنابه، ليكون همها الإصلاح والتغيير -في حدود إمكانياتها واستيعابها– أكثر من التقليد والمحاكاة، ولا تجعلي استماعك لها تحقيقا واستجوابا بقدر ما هو مسامرة وحديث ودود تتقربان به لبعضكما البعض.
أختي الكريمة دعما لما سبق ستجدين المزيد من النصائح عن كيفية تطبيق القول الحكيم لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "أن تخالط الناس وتتحمل أذاهم خير من أن تتجنبهم و تتجنب أذاهم" في استشارة:
- بين سب عمان وحلم العقبة
أما عن أسلوبك في أن تغرسي في نفسها القناعة بإشعارها بغيرها من الأطفال المحرومين فأنا أراه أنه أمر غير مناسب لسنها المرح، ولا أقصد ألا تعملي على إشعارها بمعاناة من دونها، ولكن أقصد ألا يكون ذلك هو رد فعلك على طلبها لشيء تريده؛ فلكل مقام مقال، ويمكن أن تعملي على إشعارها بمعاناة من حولها في مناسبات أخرى كأن تحكي لها وأنت تلعبين معها بألعابها أن عليها أن تسعد الناس كما أنعم الله عليها بما يسعدها، فتعطي من تعرفون من أسر الفقراء ألعابها التي تزيد عن حاجتها وملابسها التي ضاقت عليها أو الزائدة لديها، ولا مانع أن تشتري ذات مرة من لعبة واحدة اثنتين لتعطي منها واحدة لطفلة محتاجة، والأجمل أن تعلميها العطاء بالذهاب لملجأ به يتيمات تحملان إليهن الحلوى وتلعبان معهن، وتعدان معا خطة لإسعادهن تشاركك في وضعها والابتكار فيها وتقضيان من وقتكم معهن ما يسعدهن ويعلم ابنتك العطاء بشكل عملي، ويشعرها بنعم الله عليها دون مجرد كلام عن المحرومين الذين لا يجدون اللقمة -كما تقولين- وهو ما قد لا تستوعب المغزى منه.
وإن أردت المزيد عن تعليم الأبناء القناعة فيمكنك مطالعة الاستشارة التالية:
- القناعة والرضا لدى الأطفال
- علموهم الكرم.. بالقصص
أختي الكريمة أختم قولي معك بقصة يمكنك أن تحكيها لابنتك بعد أن تغلقي جهاز الكمبيوتر وتنتهي من قراءة الإجابة، وتحكي القصة عن أمجد الذي بكى لوالده وهو يحكي عن طلال الذي يملك حجرة ملأى بشتى صنوف اللعب التي يأمل أمجد في امتلاكها، ولكن طلال كان يبكي؛ لأن صديقه أحمد يقيم في قصر منيف به من المتع ما يأمل طلال في امتلاكها، وكان أحمد يبكي هو الآخر؛ لأن صديقه بهاء لدى والده مزرعة بها كل ما يحتاجه الإنسان لكي يسعد، أما بهاء فكان يبكي، لأنه كان يريد أن يأتي أبوه ليقيم مع الأسرة في جو دافئ حنون كالذي رآه في بيت صديقه أمجد وأسرته.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية :
- بدلا من الصراخ في وجه الأطفال
- أعينوا أولادكم على بركم
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
- مهمة التربية.. التوجيه لا التشكيل
- لكل مولود شذا.. فارحم ترحم
ولكل زوارنا الكرام برجاء مطالعة هذا المقال حول ساحات النصرة والفعل الممكنة بين القيام بفعل مسلح والاشتباك بالقوة مع مصدر التهديد، أو القعود والاستسلام فريسة لليأس:
- الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف
وأقرأ أيضًا:
- ماذا نقول لأولادنا عن الحرب؟
والآن شاركوا بتجاربكم حول أطفالكم والأحداث في ساحة الحوار التالية:
- نداء من أم.. هل من معين؟
ـــــــــــــ(103/10)
عناد الأطفال.. فتش عن السبب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إننا من متابعي هذا الموقع المفيد والجميل، ونشكر لكم جهودكم.
ابنتي البالغة من العمر 3 سنوات و3 أشهر في حالة اعتراض دائم لجميع الطلبات حتى المرغوب لديها، ومهما كانت طريقة إصدار الأمر لها تبدأ بالبكاء وخصوصًا خارج المنزل؛ وهو ما يجعلنا نلجأ للصراخ أو الضرب في بعض الأحيان. أفيدونا مشكورين.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخي الفاضل، وشكرًا لتحيتك الرقيقة ومتابعتك الدقيقة لما يقدم على موقعنا، ومن الضروري أن أقدم لحديثي معك بقول النبي صلى الله عليه وسلم "رفقًا بالقوارير"، وذلك لكون من تحكي عنها هي قارورة وليس فقط قارورة بل قارورة صغيرة لم تتجاوز بعد السنة الثالثة من عمرها الا بثلاث أشهر، وهو سن بعيدة كل البعد عن إمكانية استخدام الضرب في العقاب أو التوجيه؛ فقد يجوز هذا النوع من التوجيه أو التعزير بعد سن العاشرة وفقًا لقواعد معينة -سأذكرها لك في نهاية الاستشارة للاستزادة-، أما في سنها تلك -سن الملاعبة والمداعبة- فلا مكان إلا للرحمة والحنان والعطف والتفهم والاحتضان.
ويمكنك مطالعة الاستشارتين التاليتين لتعلم أن الضرب قد يخلق من ابنتك نموذجًا كارهًا للمجتمع به من الاضطرابات ما لا يتمناه أحد لأبنائه، وهي ما تسمىAnti Social Disorders ويندرج تحتها تناول المخدرات والعدوان والاستمتاع بإيذاء الأضعف سواء كان بشرًا أو حيوانات، وتأكد أن الضرب يولد ضربًا والعنف يخلق عنفًا، كما ستعلم من مطالعة الاستشارتين ذاتهما ما يكفي من وسائل لتوجيه وعقاب الأطفال دون اللجوء لهذه الجريمة في حق الأطفال.
وانقر لمطالعة الاستشارتين المذكورتين:
- كبرياء جحا يمنعه من البكاء
- أولى أمومة.. لعب وجد وتعب
ونأتي للشق الثاني وهو عن عدم طاعة ابنتك بالشكل الذي يرضيك ويرضي أمها، وهو ما يسمى العناد، خصوصا أنها قد ترفض أمورًا قد تحبها لكنها ترفض أداءها استمتاعًا بالرفض في حد ذاته، وهو أمر طبيعي ومؤكد في سنها تلك وحتى ست سنوات؛ فالطفل يبدأ بالشعور بالاستقلال -المراهقة الأولى- في تلك المرحلة، ويكون اعتراضه وعناده هو إحدى محاولات انفكاكه عن عقال الارتباط بوالديه وخطواته الأولى نحو الاستقلال واكتشاف العالم حوله.
وطالع الاستشارة التالية التي تدعم الحقيقة نفسها:
- الخروج عن الطوق بالعناد
ويبقى لنا أن نتحدث بخصوص العناد عن مسألة مهمة وهي أن عناد الطفلة قد يكون انعكاسًا لمشكلة ما تعانيها؛ فهي بالعناد تحاول تمرير رسالة خفية تعبر من خلالها رغبتها في تغير أسلوب معاملة الوالدين لها بما يتناسب مع طبيعتها، وقد يكون انعكاسًا لظروف تحيط بها تسبب لها ضغطًا عصبيا، كإحساسها بعدم الاهتمام، أو غيرتها من أخيها، وبالتالي فالقسوة في التعامل مع هذا العناد يؤصله ويزيدها إصرارًا على ممارسته، ويصبح خنوعها لتنفيذ الأوامر بسبب القسوة قنبلة موقوته قد تنفجر في أي لحظة، وتهدد العلاقة مع الوالدين، ولا تنس قاعدة مهمة في المعاملة مع أطفالك وهي "عامل الناس كما تحب أن يعاملك الناس".
إذن فالمشكلة هي في كيفية إعطاء الأوامر للابنة وعدم تفهم طبيعة عمرها، وأعتقد أن النقطة الثانية قد تحدثنا بشأنها، أما النقطة الأولى وهي كيفية إعطاء الأوامر فهي ما ستجد عنه ما يكفي في الاستشارات التالية:
- علاج العند بقوانين الكرة
- العناد الحل السحري في القصص
- كنز الطاعة المفقود ..موجود
ومن النصائح التي يجب التزامها إلى جانب ما سبق:
1- غرس أسس متينة وعميقة لصداقة حميمة بين كل من الأم والابنة والأب مع الابنة.
2- الإكثار من المرح معها وإضحاكها ومداعبتها والاهتمام بها، ومحاولة التغلب على غيرتها من أخيها بتنفيذ المقترحات الموجودة في الاستشارتين التاليتين:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- أمي ارحمي غيرتي و غربتي
3- لا بد من التخلي عن إشعارها بالقوة والسلطة من قبل الوالدين، بل يجب إشعارها أنكما -أنت ووالدتها- تفهمانها جيدًا وتقدران رغبتها وتحترمان ما تميل إليه بل وتتساويا معها في القوة؛ حيث لن تفرضا رأيكما وأمركما بأي فعل تستطيعانه أنتما ولا تستطيعه هي؛ لذا فأنت أو الأم توجهان لها الأمر بلهجة حانية وصوت يخلو من العسكرية، ووجه متبسم وربما اضطر أحد منكما للانحناء قليلا ليكون في مستواها من حيث الطول ثم يوجه لها طلبه بلهجة تخلو من الندية. وماذا لو رفضت؟ الإجابة في النقطة التالية.
4- يمكنك تكرار الطلب بشكل آخر، فلو كان الطلب مثلا "يا حبيبتي تناولي طعامك" يصبح تكراره "جميلتي هل السيارة تسير بلا بنزين؟ فسترد مثلا: لا أو لن ترد إمعانا في العناد، وحينها قل لها "هيا كلي ليأخذ جسمك الوقود اللازم للحركة.. ثم ابتسم"، ولو أصرت على رأيها فدعها وتظاهر أن هناك شيئًا يدعوك للمغادرة كجرس التليفون أو طرق الباب أو أي شيء تخرج به من موقف الندية والمواجهة.. وسأترك لقريحتك أنت وأم الطفلة ابتكار المزيد من الجمل المرحة لتحوير الطلبات والأوامر إلى شيء محبب ومرح يضحك الطفلة ويشجعها على تنفيذ الأوامر، فمثلا بدلا من "ضعي ملابسك مكانها" تكون "من سيضع ملابسه مكانها؟ أو من أشطر من الملابس وسينتصر على شقاوتها ولخبطتها في الحجرة... إلخ".
5- إذا كان ما توجهه لها نهيًا عن فعل خاطئ فاتبع الأسلوب ذاته في عدم إرعابها واستخدام أسلوب "الصدمة والترويع"، وإنما كن صبورًا وهادئًا وحكيمًا وأنت تطلب منها -مثلا قذف شيء ثمين وقابل للكسر- اذهب إليها بهدوء وخلصه من بين يديها، وقل لها لا يصلح أن نلعبها بهذا الشيء، إنما سنلعبها بالكرة، هيا لنلعب... وأترك لك الفرصة للتفكير في المزيد من الابتكارات للوصول الى طاعة ابنتك لنواهيك وأوامرك.
6- إذا كنتم خارج المنزل فاحرص على مدحها والثناء عليها أمام الناس أو من يرافقونكم في نزهتكم، واحرص على إعطائها ما يضمن لها الشعور بكرامتها وذاتها من معاملة طيبة وقلل أوامرك قدر المستطاع، ويفضل الإعداد المسبق قبل الخروج من وعود واتفاقات بشكل محبب: "إنني أعد لك مفاجأة.. ما رأيك أن نخرج غدا في مكان كذا... لكن كي نذهب دائما وكثيرًا لا بد أن نلتزم جميعا بكذا وكذا، ومخالفة ذلك قد تؤدي لعدم ذهابنا مرة أخرى... إلخ".
ومع ذلك توقع منها الخطأ والمخالفة فهذه طبيعة الأطفال- وتظاهر بعدم مشاهدتك وبعد العودة للمنزل اسألها "ما رأيك في الرحلة؟ هل استمتعت بها؟ لكن أنا متضايق قليلا لأنه يبدو أنك نسيت اتفاقنا وعملت كذا وكذا لكنك في المرة القادمة قادرة ألا تفعلي ذلك... أنا واثق أنك ممتازة" وهكذا، والتدرج هو ما سيحدث التغيير؛ فأخطاء الأطفال لا تتغير بين عشية وضحاها بل هم –كسائر البشر- يحتاجون وقتا للتغيير والتطوير والتدريب والتحسن.
7-استعن بالله لتسارع إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين من أول صنوفهم الكاظمين الغيظ وثانيهما العافين عن الناس، ولا تنس أن ابنتك من أَولى الناس بكظم الغيظ عنها لضعفها وتفوقك عليها في القوة بعشرات الإضعاف.
أخي، إن التعامل مع أبنائنا فن وقد يكون أحاجي وفوازير أحيانا، ولكن تبقى الدفة في أيدي ربابنة السفينة المهرة الذين يستطيعون توجيهها وفقًا لرؤيتهم بحكمة ورزانة وليس بالانفعال والاندفاع الذي قد يفقدهم السيطرة نهائيا على السفينة.
في انتظار المزيد من أخبارك وأخبار ابنتك وأسرتك، وكذلك نتائج تطبيقك للنصائح السابقة ونسعد بمتابعتك لنا دائما، وشكرًا لك.
ـــــــــــــ(103/11)
بنت اللهلوبة مكروبة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. والله إني مع طلوع شمس كل فجر أدعو ربي أن يعينني على تربية أبنائي، ويجعلهم صالحين مسلمين حقًا في ظل الظروف العصيبة التي نعيشها عامة، والبلد الذي نسكنه خاصة، وأشعر أن الله بدأ يستجيب لي دعوتي أن سخر لي هذه الزاوية لأنهل من بحر علمهم.
مشكلة ابنتي وعمرها (12 سنة)، ولا أدري هل وصلتكم أم لا؟ ولكن لإلحاح المشكلة علي وعليها اضطررت للكتابة مرة أخرى.
مشكلة ابنتي أنها مهملة في كل شيء فغرفتها دائمًا في حالة فوضى، دائما مهملة في الأدوات المدرسية؛ فأنا أعطيها كل يوم قلمًا جديدًا وقليلا ما تجد معها مبراة أو ممحاة بالرغم من أنني أحذرها من أنني لن أعطيها المزيد وأوبخها عسى أن تحافظ على أغراضها من الضياع، لكن دون جدوى، معلمتها تشكو من أنها لا تحضر أوراق العمل والوظيفة البيتية إلى المدرسة.
دائما كتبها مرتع للعب أخواتها الصغريات، كسولة جدا، أتعب في إيقاظها صباحا، وتكون دائما آخر من يخرج إلى المدرسة صباحا -هذا طبعا مع استعجالها كل لحظة- تحب أن تشاهد برامج الأطفال لساعات طويلة. لديها خصال حميدة منها أنها هادئة جدا، ذكية أيضا، لا تحب الاستئثار بالشيء، ولكنها بطيئة جدا. ولاحظت عليها في الفترة القريبة أنها تتبول في سريرها ليلا.
أنا لا أستعمل العنف معها، أحاول بكل الطرق، لكن دون جدوى. اليوم نفد صبري عليها فضربتها ووبختها؛ لأنها تأخرت كثيرا عن المدرسة، وأشعر بتأنيب ضميري وسأسترضيها عندما تعود، ولكن سنرجع إلى نفس الدوامة.
أرجو مساعدتي لكي أساعدها أن تحسن من وضعها؛ فابنتي حساسة جدا، ولا أحب أن أستعمل أسلوب الضرب معها، اعذروني على الإطالة، فوالله لولا أنني واثقة أن في الجهة المقابلة أناس رحبوا بنا وفتحوا لنا صدورهم لما بدأت أسرد مشاكلي؛ لأنني كلي ثقة بكم والسلام عليكم.
... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أم سناء، وجزاك الله خيرًا على ثقتك بنا، وندعوه تعالى أن نكون عند حسن الظن بنا، وأن يكشف الغمة عن المسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها.
سيدتي، قد سعدت برسالتك لا لأنك وثقت بنا وأرسلت لنا فحسب، بل لأنك من الأمهات النادرات اللائي يرين الخصال الحميدة في أولادهن كما يرين السلبيات أيضا، فكثير من الأمهات حين يرسلن شكواهن يكتبن عن أبنائهن وكأنهم لا يتصفن بأي ميزة أو خصلة حميدة؛ ولذا فأنا أحييك، وأدعو معك الله أن يهدي أبناءنا جميعًا، ويصلح أحوالهم.
والآن تعالي نبدأ في تحليل المشكلة حتى نفهم أبعادها؛ ومن ثم يساهم ذلك في حلها إن شاء الله وستجدين الحل يسيرًا سهلا بإذنه تعالى إذا كان لديك الصبر والمثابرة.
أولا سنحدد ما تشكين منه في ابنتك "سناء" في النقاط التالية، وهي:
1- مهملة، ويتضح ذلك في:
* غرفتها دائما في حالة فوضى.
* لا تحافظ على أدواتها المدرسية، وتضيع منها نتيجة هذا الإهمال.
* كتبها مرتع للعب إخوتها الصغريات على حد تعبيرك.
* لا تعد أوراق العمل (الوظيفة البيتية) أو تنساها.
2- كسولة، ويتمثل ذلك في:
* لا تستيقظ في الصباح إلا بعد عناء.
* آخر من يخرج من البيت لتتوجه إلى المدرسة.
3- المشكلة التي حدثت مؤخرًا وهي (التبول الليلي).
4- بطيئة جدًّا.
وبرغم أنك لم توضحي مشكلة البطء هذه في أي الأمور وما مداها؟ فهل هي بطيئة في إنجاز الواجبات؟ أم بطيئة في إتمام أي مهمة تطلب منها، سواء خاصة بالدراسة أو بغيرها؟ وهل هي بطيئة بالنسبة لباقي إخوتها أو بطيئة بالنسبة لمن في سنها؟ والأهم من كل هذا هل هذا البطء كان سمة أساسية من سمات ابنتك منذ طفولتها أم هو أمر مستجد نتيجة للتغيرات الفسيولوجية الجسمية المصاحبة لمرحلة البلوغ؟ كل هذا كان لا بد أن يتضح في رسالتك سيدتي؛ لأن مسألة البطء هذه قد تكون هي المسببة لكل المشكلات الأخرى.
لكن على كل حال سنبدأ في وضع الحلول على كل الاحتمالات السابقة:
أولا: إذا كان البطء مستجدًا على ابنتك نتيجة للتغيرات الفسيولوجية المصاحبة للبنات في مثل هذا السن استعدادًا للبلوغ أو أنها بلغت بالفعل، فثقي أن مسألة الكسل والخمول أعراض طبيعية في هذه الحالة؛ ولذا كل ما عليك هو ألا تتعجليها في شيء أو تمارسي عليها نوعًا من الضغط حتى تنجز الأشياء بصورة أسرع؛ لأنك حينئذ تطلبين منها أمورًا ليس في استطاعتها، وبالتالي لن تؤديها على الوجه الذي يرضيك أو تكون النتيجة هي التوبيخ من جانبك ومزيد من البطء من جانبها. وفي هذه الحالة أنصحك بعدة أشياء حتى تمر هذه المرحلة بسلام ودون أن تفقد الابنة الثقة في نفسها من كثرة لومها وتوبيخها ودون أن تفقدي أنت هدوءك وحلمك:
أولا: عليك أن تقدري طبيعة المرحلة والتغيرات الجسمية والفسيولوجية كما ذكرت (عليك بقراءة بعض الكتب عن هذه المرحلة، وأهم خصائصها في كتب علم نفس النمو، وهذه كتب متوفرة في كل مكان، فضلا عن أن زوجك من الممكن أن يعينك في الحصول عليها بحكم مهنته كطبيب).
ثانيا: عليك أن تتيحي لها فرصة أكبر لإنجاز المطلوب منها فإذا كنت تتوقعين أن تنجز بعض المهام في ساعة مثلا فتابعي أداءها لهذه المهام كل نصف ساعة، ولا تطلبي منها إتمامها إلا بعد ساعة ونصف تقريبا، وهكذا في كل المهام سواء دراسية أو غير دراسية.
ثالثا: عليك أن تكفي عن توبيخها وتأنيبها، فإذا كان كثرة التأنيب والتوبيخ مرفوضين في أي مرحلة عمرية فهما بالقطع مرفوضان في بداية مرحلة المراهقة التي تمر بها ابنتك وبخاصة أنها حساسة كما وصفتها أنت.
رابعا: تقربي إلى ابنتك وحاولي أن تقيمي معها حوارًا ليس الغرض منه إبداء النصح أو الوعظ أو الاستجواب أو إلقاء الأوامر، لكن حوارا مرحا لطيفا كأنك تتحدثين مع صديقتك فيمكنك استشارتها مثلا في ألوان الملابس التي تحبها وأن تختار معك بعض الأشياء الخاصة بالمنزل أو بأغراضك أنت، ويمكنك الخروج معها بمفردك إن أمكنك ذلك حتى تتحدثا حديثا ودودا تبث من خلاله مشاعرها لك (وسأورد لك في نهاية الرد موضوعات توضح لك كيف يمكنك إقامة علاقة طيبة إيجابية بينك وبين ابنتك.. أرجو الاطلاع عليها فستجدين فيها عونا كبيرا، كما أنه سيحد من الساعات الطويلة التي تشاهد فيها التليفزيون).
خامسا: حاولي أن تعرفي نقاط ضعفها بالمدرسة، وتابعي مستواها مع مدرسيها وأقيمي علاقة طيبة معهم واستشيريهم في كيفية النهوض بمستوى الفتاة، بل ويمكنك أيضا معرفة صديقات "سناء" والاتصال بأمهاتهن لمناقشة أحوالهن دون أن تشكو كل واحدة من ابنتها أو من الوضع بالمدرسة، والاتصال بهن إن لم يكن بسبب النهوض بمستوى الطالبات والتعرف على بيئة كل منهن حتى تطمئن كل واحدة على المستوى الأخلاقي لديهن فلا داعي لإضاعة الوقت في ثرثرة لا طائل منها.
أما إذا كان بطء ابنتك سمة أساسية من سماتها فهذا أيضا خارج عن إرادتها فكثير من الناس طبيعتهم البطء في إنجاز الأشياء؛ ولذا نرى كثيرا من العلاقات تسوء بين الأمهات وأبنائهم بسبب أن الأمهات يرغبن في أداء بعض المهام على وجه أسرع فلا يجدن الاستجابة المرجوة فيؤدي ذلك إلى اتهام الأبناء بالتقاعس والخمول والكسل وبالتالي التوبيخ والتأنيب، وهذا من شأنه أن يستفز الطفل ويجعله يلجأ -دون إرادة منه- إلى مزيد من البطء والتكاسل بل وعدم الرغبة في إنجاز أو إتمام أي مهمة؛ لذلك سيدتي إذا كان البطء سمة من سمات ابنتك فحاولي أن:
* تقدري هذا فيها ولا تطلبي منها إتمام الأشياء بشكل أسرع، ولا تقولي إن هناك التزامات مدرسية وأسرية لا بد أن تقوم بها يوميا وهي لا تنجزها، أقول لك إنك جربت أن تحمليها على السرعة فلم يفلح هذا فعليك أن تجربي ما أنصحك به فسوف يؤتي ثماره إن شاء الله.
* ومع ذلك يمكنك أن تحاولي تحسين أدائها وسرعتها بصورة تدريجية وبدرجة مقبولة عن طريق:
- اختاري أمرا واحدا من الأمور التي تتسم فيها "سناء" بالبطء (كأن تختاري مثلا أن تؤدي واجب الحساب في ساعة إلا عشر دقائق بدلا من ساعة)، وذلك بعد عقد اتفاق بينكما على هذا الأمر، وتذكري جيدا أن ما تفعلينه من تعديل لسلوكها يذهب أدراج الرياح إذا لم تكن العلاقة بينكما طيبة، فحاولي سريعا أن تنفذي ما ستقرأينه عن هذا الموضوع حتى تستطيعي تعديل هذه السلوكيات السلبية في ابنتك بصورة طيبة.
* بعد أن تحاول ابنتك أن تنفذ اتفاقها معك شجعي وعززي كل محاولة تأتي بها فأثني عليها وأخبريها كم أنت مسرورة بها؛ ولذا من المهم أن تكتبي وتدوني الاتفاق الذي تم بينكما وتدوني كم مرة نفذت ما اتفقتما عليه.
* إذا كان واجب الحساب لا يأخذ أكثر من نصف الساعة مثلا (وطبعا تقدير هذه المدة يكون من خلال معرفة خبير وليس بحكمك أنت فقط كأن تسألي مدرس المادة الذي تثقين في قدرته على تقدير المدة التي يستغرقها هذا الواجب) يمكنك الاستمرار على خفض المدة التي تستغرقها "سناء" في كل اتفاق عشر أو خمس دقائق حتى تصل إلى المستوى المطلوب في الأداء والسرعة مع مراعاة طبيعتها البطيئة نسبيا، فمثلا إذا كان واجب مادة الحساب كما ذكرت يستغرق نصف الساعة فإن سناء لو أنجزته في ساعة إلا ربعًا يكون ذلك رائعا ولا يطلب منها الإسراع أكثر من هذا ولا أداؤه في نصف ساعة.
* استمري على هذا الاتفاق بهذا الشكل المبسط في كل مادة، ولا تتعجلي بأن تنتقلي من مادة لأخرى ولا من مدة زمنية لمدة زمنية أقل في المادة الواحدة، بل أتيحي لها فرصة كافية لتكتسب مهارة السرعة بشكل تدريجي هذا من ناحية ولتشعر بلذة النجاح فيما حققته من ناحية أخرى (وهذه الفترة تتراوح من ثلاثة أسابيع إلى شهر).
* عندما تجدين أنها بدأت تعود لعادتها القديمة في البطء أسرعي في معرفة السبب. فهل لأنك تغافلت عنها أو لأن طاقتها وقدرتها لا تحتمل أن تنجز كل المواد بالسرعة التي طالبتها بها؟ أو لأنها فقدت الحماس؟ فلا بد أن تكتشفي السبب وعلاجه في ضوء معرفتك بالأسباب.
* بالطبع يمكنك شراء هدية لها بعد عدة مرات من إحرازها التقدم، ولكن دون وعد مسبق بذلك فاجعليها مفاجأة لها.
وبالنسبة لباقي السلوكيات الأخرى التي تحتاج إلى تعديل (الإهمال والكسل) يمكنك أن تتخذي نفس الأسلوب في تعديلها بأن تقسمي كل مشكلة إلى مهمات صغيرة وتحددي لها توقيتا كما ذكرت في مشكلة:
- يا حي يا قيوم أنقذ مراهق
أما مسألة التبول الليلي فأنا على يقين أن هذه المشكلة حدثت بسبب التوتر النفسي الذي يصاحب التوبيخ والتأنيب، فإذا ما عالجنا المشكلات السابقة على نحو ما تقدم فسوف تنتهي هذه المشكلة نهائيا إن شاء الله.
ـــــــــــــ(103/12)
حجاب ابنتي في الغربة.. خطوة لها وقتها ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله كل الخير على كل ما تقدمونه من استشارات. استشارتي عن سؤال أرجو أن تساعدوني في إيجاد الحل له، نحن عائلة مغتربة، والحمد لله نحن سعداء أنا وزوجي وبناتي الثلاثة، أما الكبرى فعمرها 8 سنوات والوسطى 6 سنوات، والصغرى سنة واحدة؛ حماهم الله وهداهم.
وزوجي نعم الزوج من أخلاق ودين وعمل، أما أنا فقد شكرت الله على نعمه هذه كلها بطاعتي لله وتفرغي الكامل لزوجي وبيتي وبناتي، ودائما ندعو الله أنا وزوجي أن يعيننا على تربية بناتنا تربية دينية في هذه البلاد، فمثلا ابنتي الكبرى صامت رمضان كله، وهي تصلي جميع الفروض الخمسة حتى صلاة الصبح تستيقظ باكرًا وتصلي ثم تعود وتنام.
ولكن كما تعلمون أن الصيف عندنا نهاره طويل، وقريبا سنغير الساعة للتوقيت الصيفي، وسيكون وقت صلاتي المغرب والعشاء متأخرًا، فماذا أفعل مع ابنتي بالنسبة للصلاة؟
وسؤالي الآخر بالنسبة للحجاب، فأنا من الآن أكلمها عنه بأسلوب الترغيب وليس الترهيب، وهي سعيدة لذلك، ولكن هل أجعلها تضع الحجاب قبل البلوغ أم عندما تبلغ؟ أرجو أن تقدموا لي بعض النصائح العامة التي تعينني في تربية بناتي، ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أيتها الأم الحنون والأخت الفاضلة، وجزانا الله وإياكم الخير وشكرًا على إجزالك الثناء لنا بهذا الدعاء، وندعو الله أن يديم نعمته عليكم.. و لا تنسي أنك وزوجك -إن شاء الله- بصدد تأدية رسالة عظيمة أحلى نتائجها درء النار عنكم كما بشر النبي كل من كان له من البنات ثلاث أو اثنتان وحتى واحدة.
أختي الكريمة إن سؤالك ذو شقين:
1- توقيت الصلاة في بلد إقامتكم ومواقيته المغايرة عن بلاد العرب.
2- الموعد المناسب لحجاب ابنتك وكيفية إقناعها به.
بالنسبة للجزء الأول فلن أستطيع أن أقدم لك أكثر مما قدمه قسم الفتوى بالموقع بهذا الخصوص تحت عنوان:
- الصلاة و الصيام عند أهل القطبين
- تحديد مواقيت الصلاة في بلاد الغرب
- مواقيت الصلاة في البلاد غير المعتدلة
أما بالنسبة للجزء الثاني فقبل أن أجيبك بخصوصه أقول لك بأن ما يجب أن نربي عليه أبناءنا هو محبة الله، وأعني بتلك المحبة شعورهم بأن الله هو الغاية ورضاه هو أقصى ما يتمناه المرء في حياته فهو نجاح في الدنيا والآخرة، ومن ثم فإننا نتوجه بأعمالنا كلها لتحقيق هذا الهدف؛ فالأم تبث أبناءها الشعور بأنها تجيد لهم الطبخ لأن الله كتب الإحسان على كل شيء ويحب إتقان المرء لكل مهمة يؤديها، وتحدثهم من وقت لآخر عن فضل الله ونعمه، وأن طاعته تعبير بسيط عن هذا الامتنان، وتعلمهم أننا نأكل جيدا ليصبح جسدنا قويا فالله يحب المؤمن القوي... وهكذا؛ بحيث تتوجه أجهزة الإرسال والاستقبال في أذهان الأطفال إلى حب الله وطاعته وإرضائه بشكل طبيعي وعادي وغير متكلف بكل تصرف وبكل كيفية؛ فليست الصلاة والنسك هي ما يجب أن تكون وحدها لله رب العالمين بل إن معها المحيا والممات... وهو ما يفضل عن توجيه الأطفال إلى الصواب والخطأ والحلال والحرام الذي يشعرهم بالقيود والحدود، ويمنح تصرفاتهم الانقياد، وهو ما قد يستجيبون له في سني العمر المبكرة ثم لا يلبثون ينتفضون لرفضه مع أعتاب المراهقة؛ إذ ينتفضون على كل ما اعتادوا الانقياد في طفولتهم دون فهم أو اقتناع.. وما اعتادوا أن ينفذوه بطاعة عمياء.
ما سبق كان النقطة الأولى التي أردت لفت نظرك إليها، أما النقطة الثانية فهي أن مسألة الغيبيات غير واضحة بالنسبة للطفل حتى سن 10 سنوات؛ فهو ينفذ ما يقال له، ويبدأ هذا بالتغيير بعد هذه السن؛ إذ يبدأ الطفل بالتفكير في ثوابت حياته -كما وضحت سابقا- وما ترفضه منطقيته يتمرد عليه، وبالتالي فمناقشة الطفل منذ صغره فيما يجب أن يقتنع به من تصرفات يجب أن يكون هو السبيل لتوجيهه لضمان أمرين:
- تفادي نموذج الطاعة العمياء التي تحمل من الخطورة أضعاف ما تحمل من الراحة للمربين؛ إذ أن صاحب هذه الطاعة ينقاد لأي آمر ما كانت الطاعة عليه مفروضة (في المدرسة مثلا) أو محببة لديه مع الأصدقاء دون تفكير في سبب الطاعة أو ما يطاع.
- عدم تمرد الطفل على ما اعتاد طاعته حين تتوفر له القدرة على التفكير والاعتراض وتقييم الأمور.
وأعتقد أنني فيما سبق وضحت لك كيفية الحديث مع بناتك عن أوامر الله جميعا وسببها وسبب تنفيذهم لها.
ويبقى لنا الجزء الخاص بالتوقيت المناسب لخطوة ارتداء ابنتك الحجاب وهو ما سأتحدث عنه في السطور التالية:
أختي الكريمة أتوقع بناء على سن ابنتك أنها ذات شخصية من اثنتين:
- إما شخصية قوية قيادية.
- وإما شخصية ضعيفة منقادة .
وسيضعها ارتداء الحجاب في الوقت الحالي -عمر الطفولة- بين خيارين:
أما مرفوضة ومستغربة لأنها تفعل ما يخالف المحيطين بها، وهو ما قد يدفعها للانكماش والتقوقع والانعزال إذا كانت ذات شخصية ضعيفة، أو يضعها في احتكاكات متتالية للدفاع عن نفسها وعن وجهة نظرها إن كانت ذات شخصية قوية، وفي الحالتين فهي ما زالت صغيرة على الشعور بالقناعة التامة لخوض أحد الموقفين، فلا هي تستطيع الدفاع عن الحجاب وأهميته وضرورته قبل موعده، ولا هي ستستمتع بالتقوقع و الانعزال.
الخيار الثاني: أن تكون كمن حولها لكي تكون مقبولة من المحيطين بها، وهو ما سيكون أسهل لطفولتها واستيعابه، ويدعمه شعورها بالقيد دونًا عن غيرها من الأطفال.
وما أفضله أن توفري على ابنتك ذلك كله بألا تقبلي على اتخاذ خطوة غير مفروضة عليها أو عليك قبل موعدها وخصوصا في مجتمع تعيشين فيه مغتربة، ودعيها تنضج وتتطور بشكل طبيعي في بيئة تتنفس فيها طاعة الله وحبه حتى تطلب هي منك هذه الخطوة، وحتى لو طلبتها لا بد من نقاشها والتأكد من قناعتها التامة ودعم هذه القناعة وتشجيعها، والتأكد من قدرتها على الدفاع اللبق عن خطوتها تلك وعن دينها وعن نفسها؛ وهو ما يضمن أن تكون خطوة واثقة بلا رجعة. وصدقيني لو كان الأصح أن ترتدي الابنة الحجاب قبل البلوغ لأمرنا بذلك الله ورسوله لكن كل طاعة في ديننا موقوتة بميقات ينبغي ألا تؤدى قبل دخول وقتها ولا بعده.
أختي، إنه لأجل أبنائنا نبحث عن الأفضل لتربيتهم لأنهم هم أركان المجتمع وعماده الرصين، وأختم كلامي معك رغمًا عني لكن في فرص قريبة لا شك أننا سنلتقي من جديد، وبانتظار مزيد من متابعاتك واستفساراتك، وشكرًا لك.
ـــــــــــــ(103/13)
كيف نعلمهم أن الصدق منجاة؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يسعدني تواصلي معكم وحل المشكلات التي أواجهها في تربية أبنائها؛ فلقد استفدت من حلولكم كثيرًا وجزاكم الله خيرًا.
أما عن مشكلة هذه المرة فهي الكذب من ابنتي الصغيرة، وعمرها 8 سنوات، لا أدري لماذا تكذب دائمًا؟ وتؤلف من القصص التي نصدقها غالبًا، ثم نكتشف أن كلامها غير صحيح، مع العلم أني أربي أبنائي على عدم الكذب منذ الصغر، والذي أكتشف أنه يكذب من أبنائي ينال جزاء عسيرًا مني، وأنا أصلاً لا أكذب مهما كانت النتيجة.
لا أعرف لماذا هذه البنت تكذب بهذه الطريقة، مع أنها وعدتني عدة مرات بأن تكون آخر مرة لها؟ ولكني أفاجأ بغير ذلك. هل أجد عندكم الحل؟ وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختنا الفاضلة:جزاك الله خيرًا لكلماتك الرقيقة التي تدفعنا إلى مزيد من الاجتهاد؛ لنكون دومًا في عون زوارنا على أفضل ما يكون، ونحن الأولى بشكرك على تواصلك معنا، ومتابعتك للصفحة وما تحتويه.
أختنا الحبيبة:
يولد الطفل على الفطرة التي تحمل القدرة على فعل الصواب وفعل الخطأ، ولكنه قد لا يعرف الفرق بينهما، ثم يكتسب أنماط سلوكه من البيئة المحيطة به؛ فالطفل يُعلَّم الصدق ولا يولد صادقًا، ويعلَّم الكذب ولا يولد كاذبًا، ويتعلم التحكم في انفعالاته ولا يولد بهذه القدرة.. كل ما سبق وغيره من قدرات يكتسبه الطفل ويتعلمه من بيئته بالتربية، وكما قيل "العلم بالتعلم والحلم بالتحلم".
إن قولك بأنك تربين أبناءك على الصدق أمر لا نجادلك فيه، أما ما سنحدثك بشأنه فهو طريقة تعليمهم الصدق التي ربما تكون بشكل غير ناجح أو صحيح؛ فأدت إلى عكس المرجو من استخدامها؛ فكما قلت أنت بأنك تستخدمين "عقابًا عسيرًا" لتعويدهم الصدق؛ وهو ما قد ينأى عن الشكل الصحيح الناجح لتعليم الأطفال الصدق.
ولذا فسيكون حديثنا عن:
1 - الأسلوب السليم لتعليم الأبناء الصدق
2 - لماذا يكذب الطفل؟
3 - كيف نقوّم هذا السلوك في الطفل؟
ولا تنسي أن ما سنحدثك بشأنه هو كون الابنة تكذب فعلاً، أي تغير حقائق سيئة أو تحاول إخفاء تصرفات خاطئة لكي تتفادى العقاب أو التوبيخ مثلاً، أما كونها تتخيل أو تحكي قصصًا من وحي خيالاتها قد تكون للتعبير عن آمال تحلم بها فهو ما يسمّى "Fantasy" أو "الخيال"، وهو ما لا غبار عليه في هذه المرحلة العمرية، بل هو دليل على تطور في قدرات الطفل.. كأن تحكي لك عن حفلة أقيمت في المدرسة، وتم تكريمها فيها، أو هدايا تم توزيعها، أو شخصية مشهورة سلمت عليها، أو لص مخيف طاردها، أو شيء من هذا القبيل؛ "فتأليف القصص" -كما ذكرت- لا مشكلة فيه إطلاقًا ولا يمثل كذبًا، بل هي موهبة في الطفل، لا ننعتها بالكذب، بل نتوجه مباشرة لتوجيهها كما فصلنا في استشارتنا السابقة حول نفس الموضوع:
- يوميات أديبة في الحضانة
ونعود لما بدأنا به الحديث، وهو الأسلوب السليم لتعليم الأبناء الصدق:
1 - يجب أن يكون الوالدان قدوة في ذلك
2- الطفل من 3 - 5 سنوات لا يستطيع إدراك العلاقات بين الأفعال وردود الأفعال بشكل صحيح وكامل؛ فهو لا يعلم أن تلوين حوائط حجرته شيء خطأ، لكنه يفاجأ بالعقاب عليه، ولا يعلمه العقاب إلا:
- إذا غضبت فاضرب أو عاقب كما فعل الكبير ذو القوة والسلطة بك حين غضب
- يفقد ثقته بنفسه
وبالتالي فإنه يلجأ في المرات التالية لإخفاء هذا التصرف أو الكذب احتماء من رد فعل الشخص الكبير.. لا لأنه أدرك أن ما فعله خطأ، والأصح أن نعلمه أن هذا التصرف خطأ؛ لأنه يجعل شكل الحائط غير نظيف، وبذلك يكون تعلم عواقب هذا الخطأ. فيعي مثلاً أن نتيجة تكسير اللعبة هو فقدها، وأنه لن ينال غيرها، ولن يصبح عنده لعبة. والأصح الحفاظ عليها، لا أن يكون نتيجة التكسير صفعة أو ضربة أو عقابا ما، فيدرك عواقب الخطأ بشكل صحيح؛ فيتفادى الخطأ بدلاً من إخفائه. كما أنه سيمنح فرصة أخرى ليبدي قدراته في الحفاظ على لعبته من التكسير؛ فيتعلم الصحيح.
لماذا تم ذكر ما سبق رغم أن ابنتك تعدت الثالثة بكثير؟
لأن عدم تعليمك الصدق لأبنائك منذ الصغر بهذه الطريقة يؤدي لعدم نجاح جهودك و"الجزاء العسير" في إكسابهم هذا الخلق الحميد.. ومعرفة السبب نصف العلاج، وهذا التحليل يمنح الفرصة للتصحيح فيما بعد.
3 - يجب أن يُعلّم الطفل أنه من حق الإنسان أن يخطئ.. كما أن من حقه أن يغفر له، ويتم التسامح مع أخطائه، وأن يمنح الفرص لكي يتعلم تصحيح الخطأ لكيلا يقع فيه مرة أخرى، وأن وقوع الخطأ عمدًا منه هو ما يستوجب العقاب المناسب وغير المبالغ فيه؛ بحيث لا يضطر أن يكذب ويغير الواقع لكي يتفادى الإيلام أو الأذى أو العقاب دون أن يعرف كيف يتصرف بشكل صحيح من الأصل لكيلا يخطئ.
ولنأخذ مثالا بكوب زجاجي كسره الطفل؛ فبدلاً من الانطلاق لعقابه حين يعترف بخطئه أو فور سماعه لو جاء لإخبارهم أو لو سمعوا صوت تهشم الكوب.. فكروا في تعليمه كيفية الإمساك بالكوب بشكل صحيح يضمن عدم سقوطه مرة ثانية؛ ولهذا تتعلم طفلتك العلاقة بين الفعل (كسر الكوب) ورد الفعل (العقاب) -كما قلنا سابقًا. وسيجعلها بذكائها الطفولي تحاول تفادي ردة الفعل تلك بإخفاء الفعل وليس تصحيحه أو تفاديه؛ لأنه لم يعلم ذلك. وقيسي على هذا المثال كل التصرفات الخاطئة لابنتك التي قد تلجأ للكذب لإخفائها تفاديًا لرد الفعل.
فإذا كان الوجه المظلم من العملة هو كسر الكوب، وهناك الوجه المضيء أيضًا وهو التربية الطيبة؛ فيجب أن يعلم الطفل أن الأشياء الزجاجية مثلاً لا بد من إمساكها بحرص وتفادي سقوطها؛ لأنه يتشظى منها زجاج مؤذٍ وجارح يمكن أن يؤذيك، ويجب التعامل معها بهدوء ووضعها بشكل مستقر على المنضدة، وإذا حدث أن تكسرت فابتعد عن المكان ونادِ الأكبر لجمع الشظايا، وهكذا...
1 - يتعلم الصحيح
2 - يعرف الخطأ ونتيجته
3 - بقي أن يتعلم كيفية تصحيح الخطأ، وهو أن تكون أحرص في المرات التالية؛ لأن تكرار الخطأ شيء يدل على قلة المهارة، أما الماهر فهو من يتعلم من أخطائه فلا يكررها، وهو ما نعرفه بفن استثمار المشاكل
4 - كما يثور الآباء دائمًا عند التصرف الخاطئ لأبنائهم؛ فلا بد أن يكون انفعالهم السعيد بنفس القوة عندما يصنعون خيرًا أو يبدون تصرفات طيبة؛ ألا تعاقب الأم ابنتها إن ضايقتها في مشوار إلى السوق مثلاً، لكن هل تبدي استحسانها لتصرفاتها الصحيحة بنفس المستوى؟
وبالتالي فإن تعليم الصدق بالمكافأة عليه أقوى من تعليمه بالعقاب على تركه.
ونعود لمثال الكوب الذي نجح الطفل في ألا يكسره في المرة التالية؛ فإنه يجب أن يكافأ بالحلوى أو بالتصفيق أو بالمدح والتقبيل. ويذكر أن الحصان عندما يعلمه صاحبه القفز على الحواجز يعطيه السكر عندما ينجح ولا يضربه أبدًا إن فشل وإلا أسقطه من فوق ظهره.. أيكون الحصان أكثر رهافة من أبنائنا؟!
وننتقل للحديث عن أسباب الكذب، وإن كان جزء منها قد ذكر فيما سبق بشكل ضمني:
1 – الخوف من العقاب
2 - الرغبة في التجمل وتفادي الذم والحصول على المدح الذي نادرًا ما يستمتع به لكثرة أخطائه
3 - نقص الثقة بالنفس؛ وهو ما يسببه التعامل الخاطئ مع الطفل، وخصوصًا عند فشله في أداء مهمة أو عند صدور خطأ منه.
4 - يكذب لعدم شعوره بالأمان، أو لأنه يعاني ضغوطًا نفسية معينة، أو فقدان الثقة بنفسه، أو نقصها، أو تعرضه لمعاملة خشنة، أو لخلل ما داخل الأسرة أو غيرها؛ وهو ما يسبب له ضغوطًا كارتباكه في إرضاء الأم أو الأب لاختلاف آرائهما؛ فلا يعلم أين الصواب، ويصبح همه إرضاء أحدهما أو تجنب عقابه.
5 - الخيال الواسع، وهو ما أشك أنه السبب الأساسي لدى ابنتك؛ فقد ذكرت أنها تنسج قصصا تصدقونها، ثم تكتشفون عدم صحتها، وكما قلت آنفا: إن هذا الخيال شيء غير مقلق بل علامة مبشرة بذكاء وقدرات ابتكارية عالية؛ لأنه لا بد للطفل من وقت يعيش فيه بالخيال بعيدا عن الواقع، يحقق في هذا الخيال آماله، ويحلق مع أحلامه.
يبقى لنا أن نحدد خطواتنا لمعرفة كيف نتعامل مع كذب الابنة:
1- اتباع الخطوات السابقة في تعليمها الصدق
2- عقد اتفاق معها تكون أول بنوده الاعتذار عن استخدام العنف أو الضرب معها فيما مضى؛ مما يعلمها الاعتذار عند الخطأ، ويضمن طاعتها.
وثاني بنوده أن الصدق مُنجٍ، وأن أي تصرف خاطئ يجب أن نتعلم منه ألا نكرره، والعيب تعمد الخطأ، وأن روايتها لكل ما يحدث بصدق أثناء اليوم دون إخفاء لشيء لن يؤثر، إلا أنها ستستفيد من أخطائها إن كانت هناك أخطاء، ولن تعاقب إلا بتكرار الخطأ عمدا، وأن من يخفي شيئا فهو يخفي خطئا؛ فالإنسان دائما يفاخر بالحسن.
3- يجب استخدام القصص لترسيخ سمو الصدق والصادقين في نفسها، والتأكيد على مكانة الصادق عند الله، ومن ثم تدني الكاذب. ويمكن أن تقرأ هي بنفسها قصصا عن مكارم الأخلاق بشكل عام، وعلى رأسها الصدق.
4- يمكن عمل جدول لها تتابع فيه التزامها بالصدق، وتضع لنفسها علامات يوميا أو درجات بحسب التزامها بالصدق؛ فتحاول بمزيد من الجهد -إن كانت الدرجات قليلة- زيادتها أو الحفاظ عليها.. بحيث تحاول أن ترضي ربها وضميرها.
5- لا بد من مد جسور الود والصداقة والعلاقة الحميمة مع الابنة؛ وهو ما تحدثنا عنه كثيرا على صفحتنا، وسأورد لك بشأنه معالجات سابقة، ولا تنسي أنها أصغر أبنائك الأربعة؛ لذا فهي قد تعاني من عدم اهتمامك بها بشكل كافٍ لاحتياجاتها.
6- يجب مكافأتها عند الالتزام بالصدق، وعند التخلي عنه يكون العقاب بالمنع من شيء تحبه دون قسوة، ويجب أن تعرف أن العقاب على الكذب وليس على التصرف الخطأ الذي أخفته بكذبها؛ فالخطأ نتعلم منه ونصححه، أما الكذب فهو ما يجب أن نجتنبه دائما.
7- يجب الحديث عنها بسعادة، ومنحها الشعور بأنك راضية عنها، وتعتزين بأنها ابنتك، كما يجب منحها الثقة بنفسها، وبالقدرة على التغلب على مشكلاتها وأخطائها؛ فمثلا إن كان ما تخفيه خاصا بتأخر دراسي؛ فيجب أن تعالجي معها المشكلة كالتالي:
- لا بد من إشعارها أنك تفهمين مشاعرها: "أعلم أنك ربما تتضايقين من المذاكرة لوجود أمور بسيطة لا تفهمينها أو لا تحبينها".
- لا بد من نقل المسئولية إليها: "لكنك تستطيعين التغلب على هذه المشكلة ببعض الاهتمام".
- تقديم المساعدة: "سأساعدك وأتعاون معك؛ لتكوني من أفضل التلاميذ في فصلك".
- تنمية الثقة في نفسها: "أدرك أن لديك القدرة على تجاوز كل مشكلة.. وبالعمل الجاد ستحققين أملك".
أختي الفاضلة:
إن بناء الشخصية لا يأتي من كثرة المواعظ والنصح والإرشادات والتخويف، أو التحقير والضرب، وإنما يوجد من خلال تصرفاتنا نحن، وتمسكنا بالمنهج والطريقة التي نرتضيها لأطفالنا.. فيقبلون عليها بأرواح صافية ونفوس راضية؛ فغالبية الأبناء لا يحبون أن يؤمروا مهما صغرت سنهم.. والأمر غير المباشر هو الأنجح دائما.
نحن في انتظار مزيد من استفساراتك ونتائج تطبيق ما سبق، وأنا على يقين أني سأسمع في القريب عن تطور وتغير ابنتك الحبيبة بشكل متسارع ستعجبين أنت له إن شاء الله.
وعن مسألة الصداقة مع ابنتك وعلاقتك بها وخصوصا أنها على أعتاب المرحلة القادمة من عمرها؛ فيمكنك مطالعة ما يلي:
- حبيبة أمها تأبى أن تكبر
- المراهقون أيها الأباء انصتوا
- تصالح مع طفلك.. قبل فوات الأوان
- تعديل السلوك.. قواعد وفنون
- هل هيأت ابنتك لدخول المراهقة؟-متابعة
وعن مسألة الكذب في الأطفال يمكنك مطالعة المعالجات التالية:
- لماذا يكذب الأبناء
ـــــــــــــ(103/14)
الحلوة تحب الحلو ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أتمنى أن تساعدوني في حل مشكلة ابنتي الأولى عمرها أربع سنوات ونصف (4.5)، في الصف الثاني من الروضة، هي طيبة القلب جدا، لها أخت عمرها عامان، علاقتهما طيبة، لكنها لا تخلو من العراك والمشاحنات، وأظن أن هذا طبيعي حسب ما تعلمت من متابعتي لكم .
طبيعة ابنتي محبة للأكل ولها رغبة دائمة فيه، وكانت هذه مشكلتي معها في البداية خاصة أنه أصبح لديها زيادة في الوزن، لكني بفضل الله استطعت أن أتغلب على المشكلة من خلال تنظيم تناول الطعام والحلويات، والوضع أحسن الآن، مع العلم أن هذا الموضوع وراثي مني.
المشكلة الآن في المدرسة أن ابنتي تطلب من الأولاد حلويات بصفة شبه يومية، مع العلم أنها أسبوعيا تذهب معي لشراء حلويات للمدرسة خلال الأسبوع القادم، وتأخذ يوميا نوعا من الحلوى التي اختارتها بنفسها، سواء كيس بطاطس أو شيكولاتة أو مصاصة.
حاولت معها بهدوء أكثر من مرة أن أفهمها أن هذا تصرف غير سليم و"عيب نعمل كده" فتعتذر وتقول آخر مرة، لكنها تعود وتأخذ ثانية، وأعرف ذلك من الآثار الموجودة على ملابسها.
هل هذا وضع عادي لطبيعتها، ومع استمرار التوجيه وكبر سنها سوف تقلع عن هذه العادة السيئة؟ وقد حاولت تهديدها بأني سأحرمها من الحلويات في المدرسة وفعلا حرمتها يوما، لكنها أخذت من زميلتها في هذا اليوم، فعندما أعلنت المدرسة عن رحلة وكانت سعيدة جدا بها منعتها من الذهاب، وقلت لها إن هذا بسبب أنك أخذت من الأولاد ووعدتني أنها لن تكرر هذا التصرف.
مر على الموضوع أيام ولم ألاحظ عليها شيئا، وتقول لي لم آخذ من أحد، أحس أنها ممكن تأخذ ثانية، ولا أعرف كيف أتصرف معها حتى تقلع عن هذه العادة، أنا في انتظار ردكم، وجزاكم الله خيرا على نصائحكم. ... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيتها الأخت الكريمة، وشكرا لتحيتك وكلماتك الرقيقة التي نأمل أن تكون هي صدى للتأثير الطيب الإيجابي للنصائح التي يقدمها مستشارو الصفحة لزوارها؛ مما يدفعنا للمزيد إن شاء الله.
أختي الكريمة بمعاودة قراءة سؤالك أكثر من مرة توصلت لما يلي:
1- ابنتك -طيبة القلب- سهلة الاستجابة لمحاولاتك في تعديل سلوكها، ولو بعد حين كطبيعة الأطفال.. وقد توصلتِ معها لحل المشكلة الأولى المتعلقة بحبها لتناول الطعام بكثرة، وبشكل مبدئي نجحت في حل المشكلة الثانية وهي طمعها فيما في يد من حولها.
2- المشكلة التي تسألينا بشأنها هي خوفك من معاودة الابنة لنفس السلوك رغم عقابك لها بحرمانها من الرحلة المدرسية.
-وما نرد عليك بشأنه هو:
1-كيفية إقناع ابنتك بعدم طلب الحلوى من الآخرين بشكل عام.
2-كيفية ضمان عدم عودتها لذات السلوك.
أولا: كيفية إقناع الابنة بعدم طلب الحلوى من الآخرين بشكل عام:
من المتوقع أن تعاود ابنتك الخطأ نفسه، بالطبع وهو ما لا يخرج عن طبيعة الأطفال؛ إذ تتميز جل تصرفاتهم بالخطأ، وبالتالي فعليك ما يلي:
1- يمكنك استخدام القصص والحكايات التي تعبر عن مدى قبح الطمع، وعن استياء البطة من صديقتها الوزة؛ لأنها تريد أن تعطيها حلواها رغم أن لديها حلوى، ثم إن صديقاتها البطات خاصموها لأنها طماعة... إلى غير ذلك.
2- لا بد من الحديث معها عن سبب تصرفها بهذه الطريقة -إن حدث وتكرر هذا السلوك- ثم تبدئين في تفنيد أسبابها والرد عليها بهدوء؛ فإن كانت تحب هذه الحلوى التي تجلبها صديقتها فردي عليها: لكن أمها اشترتها لها لتأكلها هي، وأنا التي من المفترض أن أشتري لك ما تحبين، فتعالي نشتري من هذا النوع إن كان هو بالذات ما تفضلين، كما يجب أن نفهم الأطفال لماذا الخطأ يعد خطأ، فمثلا أنت عندما تأخذين الأشياء من أصدقائك تأخذين شيئا ليس ملكك، وقد يظن زملاؤك أنه ليس لديك أم جميلة تحبك وتشتري لك ما تريدين؛ لذا فيجب أن تطلبي ما تريدينه من أمك وأبيك فقط.
3- لا بد من الحديث معها ببساطة عن حدود الملكية، وإن كل إنسان من حقه الاستمتاع بما يملك فقط، وإن أشياء الآخرين ملكا لهم، وإن الآخرين لو يملكون شيئا غير موجود لدينا فإما أن نشتري لأنفسنا مثله بشرط أن نكون في حاجة إليه، وليس لمجرد التقليد، وإما أن نتأكد أن لدينا شيئا لا يملكونه فالأرزاق تتوزع بالعدل، ويمكن دعم ذلك بالقصص.
4- لا بد من استخدام أسلوب المكافأة عند تنفيذ الاتفاق، فحين تتأكدين أنها لم تأخذ شيئا من أحد وتوجهت إليك بطلبه، فلا بد من أن تشتريه لها بدلا من الأنواع الأخرى التي ربما ملت منها، كما يجب أن تكافئيها مكافأة لطيفة بتوكة شعر مثلا أو قلم جميل أو أي شيء يعجبها، ويفضل كونه خارج نطاق الطعام والحلوى، وكذلك يفضل أن تكون الهدية الأولى لالتزام هذا الأمر مغرية لتدعم استمرارها في تنفيذ الاتفاق، كما أنه يجب إشعارها بمدى سعادتك بتصرفاتها الحسنة.
5- لا بد من الاتفاق مع المعلمة في فصلها على أن تتكلم مع الأبناء عن هذا الأمر فتطلب منهم ألا يطلب أحد من زميله شيئا ليس من حقه، كما يمكنك الاتفاق معها على مراقبة ابنتك في هذا الشأن وموافاتك بما يحدث، كما يمكنك الاتفاق معها أن تسال ابنتك –إن رأتها تعاود هذا الفعل– عن سبب هذا الفعل، وأن الأفضل أن تطلب من الأم ما تريد.
6- يمكنك إعطاء ابنتك من الحلوى قطعتين لتعطي من صديقاتها من ليس لديها حلوى لتتعلم العطاء، وتتعلم أن من يستحق أن يأخذ الحلوى هو من لا يملك أو من نسي أن يحضر حلواه وذلك دون أن يطلب من أحد لا من يطمع بالمزيد، وإذا لم تجد زميلة ليس معها حلوى فلتحتفظ بها لليوم التالي حتى تجد من يحتاجها.
7-لا تحرميها من الحلوى كي لا تلجأ للآخرين للحصول على ما تريد، فهي طفلة ولا تستطيع التحكم في رغباتها وفي اشتهائها لما في أيدي الآخرين من أكياس براقة وحلوى تبدو شهية إلا بإشباع هذه الرغبات لديها باعتدال ودون إفراط، واجعلي عقابها هو حرمانها من المكافأة التي تعطيها لها لسلوكها الحسن، كما يمكن إعداد جدول أسبوعي تأخذ في كل يوم تلتزم فيه بهذا السلوك نجمة وتحرم من النجمة في اليوم الذي لا تلتزم فيه، ومع عدد النجوم الذي يزيد عن ثلاث نأخذ المكافأة، وتلغى المكافأة حين تقل النجوم عن ثلاث.
8-لا تكثري من الحديث المباشر معها عن هذا الأمر ولا تكثري من سؤالها عنه، كي لا يزيد الإصرار لديها على ممارسة هذا السلوك، بل يفضل أن تجعلي الحديث عن الموضوع في إطار إعطاء النجوم بعدما تتأكدين بطريقتك –بفحص ملابسها كما ذكرت– من أنها نجحت فعلا في التزام السلوك الطيب، وأعتقد أني لست في حاجة لأن أقول لك إنه يجب أن يكون الفحص وغيره من وسائل استكشافك بدون لفت نظرها وبدون أن تشعر وبدون سؤالها المباشر، وانتظري فربما جاءتك هي تطلب إضافة النجمة إلى جدول اليوم، وحينها لا بد من أن تعبري لها عن ثقتك بها وعن أنك كنت متأكدة من أنها كان لا بد أن تتصرف بشكل سليم لأنها طفلة شاطرة.
أختي الكريمة أرجو موافاتك لنا بكل جديد عن طفلتك، وبمزيد من أخبارك واستفساراتك، وكذلك بنتائج تطبيقك لنصائحنا.. وشكرا لك.
ـــــــــــــ(103/15)
"القدرات العقلية".. اختبر قبل الحكم بالضعف ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أسأل حضرة الاستشاري عن مشكلة ابنتي (وعمرها 5 سنوات ونصف)، ولكنها تعاني من ضعف في التحصيل الدراسي وفي الحفظ وبصفة عامة ضعف في استيعابها وقدرتها العقلية، وهي على وشك دخول المدرسة، ولا أدري ما هو الأسلوب الأمثل للتعامل معها؟ وكيفية زيادة نمو قدرتها العقلية، مع العلم أنها لا تعاني من أي خلل عضوي سوى أنها تأخرت في الكلام عن مثيلاتها؟ وجزاكم الله خيرا. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل.. لقد كانت رسالتك قصيرة جدا بحيث لم تحتو على الكثير من المعلومات، مثل: تاريخ الطفلة الصحي أثناء الحمل والولادة، وتطورها في المجالات الأخرى، مثل: الأكل والشرب بنفسها وارتداء ملابسها والتحكم بالإخراج والتبول وغيرها.
والأهم من ذلك كيف حكمتم على أن قدرتها العقلية ضعيفة وهي في هذه السن المبكرة؛ حيث إنك لم تذكر أنك عرضتها على إخصائيين من أي تخصص.
ونصيحتي لكم هي عرضها على إخصائي نطق ولغة وإخصائي تربية، خاصة لتقييم قدرات الطفلة وتشخيصها علميًّا؛ ومن ثم سوف يرشدونك إلى توجيهها إلى المكان المناسب.
وغالبا في هذه السن الصغيرة يفضل أن تلتحق الطفلة ببرنامج للتدخل المبكر في حالة ما إذا أقر المتخصصون بناء على الاختبارات المختلفة أنها فعلا تعاني من مشكلة ما سواء في مركز متخصص أو كجزء من روضة أطفال عادية، ولكنها تطبق برنامج خاص بالأطفال ذوي الحاجات الخاصة. وبعد ذلك يتم توجيهها إلى مدرسة أو مركز تربية خاصة تبعا لقدراتها الأدائية.
ـــــــــــــ(103/16)
طفل خلاق يعني أساليب خلاقة ... العنوان
الإخوة الأعزاء، إسلام أون لاين.نت، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طفل يحافظ على الصلاة، ويحفظ القرآن، ومتفوق دراسيًا... هذه هي الصفات الأولية التي نريد أن نغرسها في الأطفال الذين يأتون إلى المسجد لحفظ القرآن، وهم بين الصف الرابع الابتدائي والثالث الإعدادي، ما الدور الذي يجب علينا القيام به للوصول إلى هذه النتيجة؟ وكيفية تنفيذ هذا الدور؟ وما الذي يجب علينا أن نطلبه من أهلهم حيث إن التواصل مع الأهل ممكن في أغلب الأحوال؟
النقطة الثانية: هناك صعوبة بالغة في الحلقة الخاصة بسن الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي؛ حيث إنهم ذوو نشاط زائد، ولا يمتثلون لطلباتنا بالجلوس والاستماع للقراءة، ويقومون بالركض خلف بعضهم في صحن المسجد، ونحن نخاف من استخدام العنف لما لذلك من تأثير سيئ في جعل الطفل يكره المدرس بل ربما يكره صفته (محفظ القرآن)، فما ترشدوننا أن نفعل؟
وجزاكم الله كل خير؛ فأنتم تساعدوننا على إخراج شباب نشئوا في طاعة الله.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أخي الكريم، بارك الله في عملك مع الناشئة.. لا شك أن تحديد الأهداف -حفظ القرآن والمواظبة على الصلاة والتفوق- خطوة أساسية للوصول إليها، ولكن لا بد أولاً من تفقد موقع القدمين لتقرير ما إذا كانت الأرض التي تقف عليها تصلح كنقطة إنطلاق إلى الهدف الذى ترجوه أم لا؟
واقترح أن تتوافر فى هذه الأرض المواصفات الآتية:
1- الحب والاحترام المتبادل بينك وبين الأولاد.
- كن صديقًا ولا تبالغ في صداقتك
2- الارتباط بك من جانبهم، والنظر إليك كصديق يقف فى صفهم لا كمصدر إضافي للسلطة والتوجيه بجانب البيت والمدرسة.
3- الارتباط بالمسجد والشعور بالأنس والارتياح للمكث فيه.
- تخطيط العمل يدفع الملل
4- الاستمتاع بالبرنامج المقدم لهم والمادة المعروضة أمامهم.
- مساجدنا أكثر إمتاعا
إذا انطلقت إلى الأهداف التي أشرت إليها دون توفر العناصر السابقة غالبًا فسيكون ما يشغل بالك: كم أية حفظها الولد اليوم؟ كم صلاة صلاها هذا الأسبوع؟ كم درجة حصل عليها فى امتحان الشهر؟ وعندها ستبدأ فى الضغط للإنجاز، وعندما لا تجد من الإنجاز ما يوازي المجهود المبذول ستصاب باليأس والإحباط وسيصاب الأولاد بالملل والارهاق وربما العناد.
- ..علموهم محبة الله
لذلك اجعل ما يشغل بالك الأسئلة الآتية: كيف أسعد الولد؟ كيف أجعله يحب الصلاة؟ كيف أساعده على تذوق القرآن؟ كيف أسهل عليه صعوبات التعلم وأدفعه إلى التفوق؟
وأثناء عملك تحصن بالقناعات الآتية:
1- ليس النجاح هو تحقيق أكبر كم ممكن، ولكن النجاح هو تحقيق الكم المناسب لشخصية الطفل وقدراته ومواهبه وظروفه.
2- ليس المقياس هو الوصول إلى مستوى معين، ولكن المقياس أن الطفل يتحسن باستمرار ويتقدم ولو ببطء.
3- ربط الحب والإشعار بالمقبولية بذات الطفل وما حباها الله من الخصائص والمواهب لا بقدر ما حفظ.
4- الحركة والكلام ليسا نشاطًا زائدًا بل هما نشاط طبيعي ضروري لتفريغ الطاقة والتعبير عن الذات لا بد من تشجيعه وإتاحة الفرصة له في برنامجك.
- محبة الصلاة..برامج للاقتراب
- اجعلوا شعارهم.. التفوق على الذات لا الغير
5- سر نجاح اللقاء حسن الإعداد له، وكل لقاء يتطلب إعدادا جديدًا وجيدًا.
6- كلما ازدادت المعرفة بالطفل ازدادت نسبة النجاح، وطالما أن قنوات الاتصال مفتوحة مع الأسرة فلا بد من حسن استغلالها.
7- لا يوجد نمط واحد لتحقيق كل هدف من الأهداف التى أشرت إليها، وإنما أنماط عديدة وخطوات متباينة؛ لذلك اجمع أكبر عدد من خبرات من سبقوك في هذا المجال، واستخدم العديد من طرق التدريس (المناقشة – القصة – المسابقة – التلقين – الرحلة – اللعبة)، والعديد من الوسائل التعليمية (الكتب - الحاسب – التسجيل – الفيديو – الجداول...إلخ) حتى تقع على الأفضل والأكثر فاعلية فى كل مما سبق، وقد يختلف من طفل إلى آخر.
8- المتابعة الجيدة تتطلب العدد القليل، وفي ظني من 3-5 أولاد لكل مشرف.
وأخيرًا ربما ترغب في إمدادك بخطوات محددة لتحقيق الأهداف المرجوة، ويمكنني مساعدتك في ذلك، ولكن هذا يتطلب أن تمدنا بتفصيلات أكثر عن عدد الأولاد ومستواهم الاجتماعى والبرنامج الحالى المقدم لهم ومدى استجابتهم ومدى توفر العناصر المشار إليها في بداية الإجابة، ولكن تذكر أنها -الخطوات المحددة- ستكون مجرد نموذج أو نمط من أنماط عديدة.
ـــــــــــــ(103/17)
طفل خلاق يعني أساليب خلاقة ... العنوان
الإخوة الأعزاء، إسلام أون لاين.نت، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طفل يحافظ على الصلاة، ويحفظ القرآن، ومتفوق دراسيًا... هذه هي الصفات الأولية التي نريد أن نغرسها في الأطفال الذين يأتون إلى المسجد لحفظ القرآن، وهم بين الصف الرابع الابتدائي والثالث الإعدادي، ما الدور الذي يجب علينا القيام به للوصول إلى هذه النتيجة؟ وكيفية تنفيذ هذا الدور؟ وما الذي يجب علينا أن نطلبه من أهلهم حيث إن التواصل مع الأهل ممكن في أغلب الأحوال؟
النقطة الثانية: هناك صعوبة بالغة في الحلقة الخاصة بسن الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي؛ حيث إنهم ذوو نشاط زائد، ولا يمتثلون لطلباتنا بالجلوس والاستماع للقراءة، ويقومون بالركض خلف بعضهم في صحن المسجد، ونحن نخاف من استخدام العنف لما لذلك من تأثير سيئ في جعل الطفل يكره المدرس بل ربما يكره صفته (محفظ القرآن)، فما ترشدوننا أن نفعل؟
وجزاكم الله كل خير؛ فأنتم تساعدوننا على إخراج شباب نشئوا في طاعة الله.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أخي الكريم، بارك الله في عملك مع الناشئة.. لا شك أن تحديد الأهداف -حفظ القرآن والمواظبة على الصلاة والتفوق- خطوة أساسية للوصول إليها، ولكن لا بد أولاً من تفقد موقع القدمين لتقرير ما إذا كانت الأرض التي تقف عليها تصلح كنقطة إنطلاق إلى الهدف الذى ترجوه أم لا؟
واقترح أن تتوافر فى هذه الأرض المواصفات الآتية:
1- الحب والاحترام المتبادل بينك وبين الأولاد.
- كن صديقًا ولا تبالغ في صداقتك
2- الارتباط بك من جانبهم، والنظر إليك كصديق يقف فى صفهم لا كمصدر إضافي للسلطة والتوجيه بجانب البيت والمدرسة.
3- الارتباط بالمسجد والشعور بالأنس والارتياح للمكث فيه.
- تخطيط العمل يدفع الملل
4- الاستمتاع بالبرنامج المقدم لهم والمادة المعروضة أمامهم.
- مساجدنا أكثر إمتاعا
إذا انطلقت إلى الأهداف التي أشرت إليها دون توفر العناصر السابقة غالبًا فسيكون ما يشغل بالك: كم أية حفظها الولد اليوم؟ كم صلاة صلاها هذا الأسبوع؟ كم درجة حصل عليها فى امتحان الشهر؟ وعندها ستبدأ فى الضغط للإنجاز، وعندما لا تجد من الإنجاز ما يوازي المجهود المبذول ستصاب باليأس والإحباط وسيصاب الأولاد بالملل والارهاق وربما العناد.
- ..علموهم محبة الله
لذلك اجعل ما يشغل بالك الأسئلة الآتية: كيف أسعد الولد؟ كيف أجعله يحب الصلاة؟ كيف أساعده على تذوق القرآن؟ كيف أسهل عليه صعوبات التعلم وأدفعه إلى التفوق؟
وأثناء عملك تحصن بالقناعات الآتية:
1- ليس النجاح هو تحقيق أكبر كم ممكن، ولكن النجاح هو تحقيق الكم المناسب لشخصية الطفل وقدراته ومواهبه وظروفه.
2- ليس المقياس هو الوصول إلى مستوى معين، ولكن المقياس أن الطفل يتحسن باستمرار ويتقدم ولو ببطء.
3- ربط الحب والإشعار بالمقبولية بذات الطفل وما حباها الله من الخصائص والمواهب لا بقدر ما حفظ.
4- الحركة والكلام ليسا نشاطًا زائدًا بل هما نشاط طبيعي ضروري لتفريغ الطاقة والتعبير عن الذات لا بد من تشجيعه وإتاحة الفرصة له في برنامجك.
- محبة الصلاة..برامج للاقتراب
- اجعلوا شعارهم.. التفوق على الذات لا الغير
5- سر نجاح اللقاء حسن الإعداد له، وكل لقاء يتطلب إعدادا جديدًا وجيدًا.
6- كلما ازدادت المعرفة بالطفل ازدادت نسبة النجاح، وطالما أن قنوات الاتصال مفتوحة مع الأسرة فلا بد من حسن استغلالها.
7- لا يوجد نمط واحد لتحقيق كل هدف من الأهداف التى أشرت إليها، وإنما أنماط عديدة وخطوات متباينة؛ لذلك اجمع أكبر عدد من خبرات من سبقوك في هذا المجال، واستخدم العديد من طرق التدريس (المناقشة – القصة – المسابقة – التلقين – الرحلة – اللعبة)، والعديد من الوسائل التعليمية (الكتب - الحاسب – التسجيل – الفيديو – الجداول...إلخ) حتى تقع على الأفضل والأكثر فاعلية فى كل مما سبق، وقد يختلف من طفل إلى آخر.
8- المتابعة الجيدة تتطلب العدد القليل، وفي ظني من 3-5 أولاد لكل مشرف.
وأخيرًا ربما ترغب في إمدادك بخطوات محددة لتحقيق الأهداف المرجوة، ويمكنني مساعدتك في ذلك، ولكن هذا يتطلب أن تمدنا بتفصيلات أكثر عن عدد الأولاد ومستواهم الاجتماعى والبرنامج الحالى المقدم لهم ومدى استجابتهم ومدى توفر العناصر المشار إليها في بداية الإجابة، ولكن تذكر أنها -الخطوات المحددة- ستكون مجرد نموذج أو نمط من أنماط عديدة.
ـــــــــــــ(103/18)
الماء المغلي في القدور ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، تحية ملؤها الشكر والعرفان إلى د.عمرو أبو خليل جزاك الله خيرًا على ردك علينا، فقد أعطاني دفعة إلى الأمام، وكم نحن محتاجون إليها في ظروفنا هذه فكأنها نزلت علينا من السماء.
وأيضا ابني شهاب فقد تأثر كثيرا، وسر لهذه الرسالة الموجه إليه شخصًيا ، وسأقول لكم شيئًا تفاجئون به وهو أن ابني أقلع عن عادة مص الإصبع من اللحظة التي قرأ فيها ردكم. وسأدعَه لكي يكتب إليكم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكر القائمين على هذه الزاوية، وبالأخص د.عمرو أبو خليل على دعمي ورفع معنوياتي وسأدع المجال لأمي.
أريد أن أستشيركم بالنسبة لابني الأصغر (عشر سنوات و11 شهرًا)، فإن علاقتي معه مضطربة، وقلما يسمع لنصحي، وإذا طلبت منه شيئا فلا يلبيه، مشكلته أنه عندما يغضب يفقد السيطرة على نفسه وألفاظه؛ وهو ما يجعلني أفقد أنا الأخرى أعصابي، حتى أننا الآن متخاصمان؛ لأنه أفشى سر أخيه أمام أقاربه، ولا أدري كيف أتعامل مع هذه الشخصية غريبة الأطوار؟
وهو لديه صفات حسنة؛ فهو ذكي وحبوب وعندما يحب شيئا يخلص له، ومع ذلك فهو يحب دائما أخذ الحصة الكبرى والأكثر، ودائما يحب إحداث الفوضى في البيت ويمشي عكس قواعد السلوك، والنظافة التي أفرضها في البيت، ويحب إغاظتي فهو دائما يثير غضبي حتى أصبح كالماء المغلي في القدر وحينها يسر جدًّا؛ فهو يحب أن يراني أصرخ وأتوعد، فهذا يسبب له نشوة لا تضاهى.
أرجو من حضرتكم مساعدتي، فقد أعجبني عنوان زاويتكم "معا نربي أبنائنا"، أي يوجد من يمد يد العون ويساعدني في تربية أبنائي، فكم تعرفون ماذا يكون أولادي بالنسبة لي؛ فأنا غريبة عن بلد زوجي، وهم كل حياتي وأُنسي في غربتي.
أرجو أن تحللوا معي شخصية ابني، ولو تكرمتم وحدثتموه عن بر الوالدين، ومن جهة أخرى لكي نرجح كفة الميزان فقد لعبت الغيرة عنده كثيرًا؛ وهو ما أثار حنقه على أخيه. وعذرًا على الإطالة، والسلام عليكم.
... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك هذه الرسالة الرقيقة التي تخبرنا بأثر ما نبذله من جهد، وهو أمر يدفعنا جميعا على الصفحة إلى بذل المزيد من أجل تحقيق الرسالة التي نصبو إليها. ونشكر شهاب على رسالته القصيرة الجميلة، ونتمنى له التوفيق في حياته.
وأما بشأن مهند فهو كما يبدو من رسالتك الطفل الثاني، وللطفل الثاني على صفحتنا ملف خاص.. ويبدو من رسالتك ووصفك أنه نموذج متجسد لهذا الطفل؛ فهذا الاستعراض المذهل الذي يفعله من أجل استفزازك حتى تصلي إلى درجة الغليان وهذه النشوة التي ترينها حين يصل بك إلى ذلك هو ما يريده، ولكن ليس لإغاظتك كما تتصورين أو لأنه غريب الأطوار كما تصفينه، ولكن لأنه يريد أن يأخذ مكانه ويعلن أنه موجود ويلفت انتباهك إليه.
فهو يحبك ويريد أن يستشعر قربك، ولكنه يراك مشغولة عنه بالأكبر أو بالأصغر ولكل مكانته وما يميزه أو يلفت الانتباه إليه.. إذن فليأخذ هو مكانه عنوة حتى ولو كان بإحداث الفوضى وكسر القواعد والنظام.. إنه لو احترم النظام فسيكون مثله مثل باقي إخوانه، وهم زائدون عليه بوصفهم كبارًا أو صغارًا أو بنات.. إذن فالحل ببساطة هو:
أولاً: أن نوصل له رسالة الحب والاهتمام بأن نصغي إليه ونتحدث معه وليس إليه.
ثانيًا: نلعب معه ونتلامس معه بالأحضان والقبلات واللمسات الحانية.
ثالثًا: نشكر صفاته الحسنة ونمدح فيه.
رابعًا: لا نكثر من نقده وتجريحه.
خامسا: نساويه مع إخوته في كل شيء حتى النظرة الحانية والكلمة الطيبة.
سادسا: ثم أهم شيء نحترم قدراته ونوجد له مجالاً للتميز نشجعه عليه، وسنجد قدراته في هوايته أو رياضة أو دراسة أو علاقات متميزة مع الآخرين أو... غيرها من مجالات التميز وسنجد ذلك لا محالة.
عندها سيجد مكانه وسيحصل على الحب الذي يريده فلا يجد في نفسه حاجة لما يفعل، لكن أود أن أذكر أن الأمر لن يتم بين ليلة وضحاها... بل يتطلب منك صبرًا على سلوكياته السيئة حتى يطمئن فعلا أنك تغيرت في تعاملك معه، وعندها سيعطي من نفسه ما يرضيك.
لا تتعجلي النتائج ولا تغلي كالقدر بل انسابي مع أبنائك كالماء الرقراق في يوم جميل، وسترين النتيجة بعد شهور من الصبر..
ـــــــــــــ(103/19)
يا حي يا قيوم أنقذ مراهق ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. أبعث إليكم بمشكلتي هذه بعد معاناة من ابني (16 سنة) منذ صغره، وهو أنه إنسان غير منظم في دروسه ولأغراضه الخاصة به، وأنه كثير الحركة وعنصر مشاغب بين إخوته، وكثير النسيان لا أغراضه الخاصة به، وكثير الضياع مع عدم المبالاة مما يجعله عرضه للتوبيخ من قبلي، والإلحاح وكثرة النصح والإرشاد لكن من غير فائدة، لكن الأمر ازداد في مرحلة المراهقة، وأنا الآن أعاني معاناة شديدة؛ لأنه لا يؤدي دروسه التي تطلب منه مما يعرضه للتوبيخ الشديد من قبل المدرسين ومدير المدرسة، ولا أدري ما هو الحل المناسب؛ لأنها السنة الثانية له في المرحلة الثانوية (الأول الثانوي)، وهو كثير الشعور بالملل، اندفاعي، إذا طلب شيئًا دائمًا بسرعة وأنا منذ صغره أفكر ليش (لماذا) محمد غير أصدقائه لكن لا أجد سببًا مقنعًا؟ أبوه يقول شَيْطَنة عيال لازم.
حتى دروسه يملّ منها بسرعة مما يجعل المعاناة عليه كبيرة، وأنه منذ صغره يحب الألعاب الخشنة هذا ما لاحظته عليه. أرجو إفادتي بالحل لهذه المشكلة التي أعانى منها من زمان. الله يسدد خطاكم ويجعله في ميزان حسناتكم إن شاء الله.
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.. اللهم آمين.
... السؤال
تعليمي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،
أعانك الله تعالى على توجيه ابنك خاصة في هذه المرحلة التي لها طبيعتها وخصائصها ومشكلاتها الخاصة. وكتب ما تعاني منه في ميزان حسناتك، ونسأله تعالى أن يعيننا نحن أيضًا أن نسهم ولو بقدر في رفع هذا الذي تعانين منه إنه سميع مجيب للدعاء.
وقبل الرد -سيدتي- على استشارتك أحب أن أوضح لك أمورًا فإذا ما تفهمناها سهل الحل إن شاء الله تعالى.
فمشكلتك سيدتي لها أبعاد ثلاث:
- فالبعد الأول: هو العلاقة الزواجية.
- والبعد الثاني: طبيعة الغلام منذ صغره.
- والبعد الثالث: طبيعة المرحلة السنية التي يمر بها.
وكل بعد من الأبعاد الثلاثة لا بد أن ينظر إليه على حدة، برغم تداخلها جميعًا، كما أن أي بعد من هذه الأبعاد كان كفيلاً بأن يصل بابنك لهذه الدرجة من الشغب وعدم المبالاة، فما بالك إذا اجتمعت الأبعاد الثلاثة.
والآن تعالي لنحاول أن نعالج الأمر دون أن نبكي على اللبن المسكوب.
-أولاً بالنسبة للبعد الأول وهو العلاقة الزواجية:
قد أثبتت الأبحاث التربوية مدى أهمية وجود التفاهم والاحترام والحب بين الوالدين؛ حتى ينشأ الأطفال في جو سوي سليم، يساعد على تكوين شخصية سوية محبوبة محبة، والعكس صحيح، فقد أجريت كثير من الأبحاث المقارنة على الأطفال الذين نشئوا في جو يحيطه الاضطراب والتوتر والخلافات بين الزوجين وبين أمثالهم من الأطفال الذين نشئوا بين أبوين متفهمين تقلّ بينهما هذه الصراعات، فوجدوا الفرق بينهما كبير في السلوك والخلق والاتجاهات وفي شخصيتهم بصفة عامة، وقد ذكرت -سيدتي- في بياناتك أن العلاقة الزواجية مضطربة وهذا من شأنه (دون وجود أي عناصر أخرى) أن يجعل ابنك بهذه الصفات التي ذكرتها، وبالطبع ستقولين وماذا عساي أن أفعل إذا لم أستطع إصلاح الأمر مع الزوج، فهل أخسر الزوج والولد معًا؟
الرد: بالطبع لا، لكن كل الذي أريد أن أذكرك به هو أن محاولتك للإصلاح مع ابنك سوف ينقصها هذا العنصر وهو التفاهم مع والد الفتى، وخاصة أن الذكور من الأبناء يتأثرون ويتقمصون تصرفات والدهم في سن ابنك (يتوحدون معهم بلغة أهل التخصص)؛ لذا فإن دور الوالد في غاية الأهمية في توجيه ابنه، فضلاً عن تأثيره عليه في هذه المرحلة.
أما والأمر غير ذلك فما هو الحل؟
*ألا يكون هناك خلافات وصراعات بين الوالدين أمام أبنائهم على الأقل، فاحرصي -سيدتي- قدر استطاعتك ألا تثيري موضوعات خلافية بينك وبين زوجك أمام أبنائك، ولا بد أن تتسم علاقاتكما بالاحترام والتقدير إن لم يكن عنصرا الود والحب موجودين.
*أن تحاولا صياغة أسلوب تربوي بينكما في توجيه الأبناء، فلا يصح على سبيل المثال أن تنهى أولادك عن شيء ويأمر الوالد به، أو يشجّع الأولاد على الإتيان به، وكذلك الحال بالنسبة لك، فلا تظهري عدم مبالاتك بما يأمر به الوالد أو ينهي عنه، فإذا اختلفتما على أمر ما فيجب مناقشته بعيدًا عن الأولاد حتى يتم الاتفاق على رأي واحد، أما إذا كان الاضطراب بينكما يصل إلى حد عدم الاتفاق على أسلوب موحد، فحاولي تجنب الموضوعات الخاصة بتربية الأبناء وتوجيههم على الأقل أمامهم.
- أما بالنسبة للبعدين الثاني والثالث وهو طبيعة ابنك الخاصة وطبيعة المرحلة السنية التي يمر بها (فكلاهما مرتبط ببعضهما أشد الارتباط؛ ولذا سنتناولهما معًا):
أولاً: إن كل ما نسبته من صفات وسلوكيات لابنك من كثرة الحركة، والنسيان، وضياع الأشياء منه، مع عدم مبالاته وعدم نظامه، وخاصة في دراسته، وضعف مستواه التحصيلي، وشكوى كثير من مدرسيه من ضعفه وسلوكه، فلا يمكن الحكم عليها بأنها سلوكيات طبيعية أو غير طبيعية، فقد يكون الغلام ممن يعانون من نشاط زائد وقصور الانتباه، وهناك مراكز متخصصة بالإمارات في هذا المجال تقوم بالاختبارات اللازمة، وسأرفق لك بنهاية الاستشارة معالجة سابقة توضح لك ماذا يعني قصور الانتباه فهذا احتمال وارد، وربما كانت هذه السلوكيات طبيعية في بادئ الأمر، ولكن عدم تقديرها وردعها بصفة مستمرة وزجر الطفل بسببها ومقارنته بإخوته الذين هم أهدأ حالاً منه أدى إلى تفاقم الأمر، وسواء كان الأمر طبيعيًّا أو معاناة من صعوبة التعلم فإن كل هذا أدى في النهاية إلى نفس النتيجة وهو استمراره في النسيان والحركة الزائدة وضعف مستواه الدراسي وعدم المبالاة... إلخ.
أذكرك مرة أخرى -سيدتي- أنا لا أبكتك على ما مضى، ولكننا نحاول أن نحلّل سويًّا ما حدث حتى نستطيع -على ضوئه- الوصول لما هو أنفع وأجدى لابنك في مرحلته الحالية والآن ما هو الحل في هذه الحالة:
- أولاً: أفضل أن تكون الخطوة الأولى هي الاتصال بأحد مراكز صعوبات التعلم في بلدتك؛ ليقوم باختبارات خاصة لابنك حتى يتعرف هل هناك صعوبة تعليمية ما يعاني منها أم لا.
وحتى يحدد لك ما هي هذه الصعوبة بالضبط، وبالتالي سيحدد طريقة تناولها وعلاجها على مستوى البيت والمدرسة، ويمكن التعرف على هذه المراكز من خلال المدرسة نفسها فربما كانت على اطلاع بها.
-ثانيًا: إذا لم يكن هناك صعوبة من صعوبات التعلم يعاني منها ابنك فمعنى هذا أننا لا بد أن نعيد النظر في أدواتنا التربوية ونصححها، ويكون ذلك عن طريق:
- أولاً على المستوى الشخصي:
الكف تمامًا عن تقريع أو توجيه اللوم للغلام على استهتاره أو نسيانه أو مستواه التعليمي.
1-ابدئي وعلى الفور تحسين علاقتك به، ولا يكون كل حديثك معه عن المذاكرة والدراسة فحسب، وحاولي اكتشاف مهارات ابنك وخاصة الرياضية، كما يجب أن يمارس رياضة ما تستوعب طاقته الحركية.
2-أن تستثمري طاقاته وطبيعة هذه المرحلة الحيوية بتشجيعه على البحث عن عمل ولو بسيط يميزه ويجعله يشعر بذاته وأهميته لنفسه ولمجتمعه ويشعره بالإنجاز في الوقت نفسه، ولا تتخيلي تأثير هذا العمل على إصلاح أمره من ناحية، وتجويد العلاقة بينكما من ناحية أخرى، وإحساسه بالمسئولية والاعتماد على النفس من ناحية ثالثة، كما أنه سيكون حافزًا ودافعًا للمذاكرة؛ فمزايا العمل لا تُحصى وخاصة في هذه السن، وأفضل أن يكون الراتب على عمله هذا راتبًا رمزيًّا في بادئ الأمر.
3-اعلمي -سيدتي- أن السبب الرئيسي من وجهة نظري لتواجد كل هذه العيوب في أبنائنا هو أننا أصبحنا نتحمل عنهم ما يجب أن يتحملوه هم، فبالله عليك إذا وجدت أنت من يفكر لك في مستقبلك فهل ستتكبدين عناء التفكير فيه! وهل إذا وجدت أحدًا يذكرك دائمًا بأدواتك وأشيائك فما الذي يجعلك تتذكرينها أنت! وهناك من يذكرك بها، فنحن الآن -مع الأسف- نفكر ونحدد ونتذكر نيابة عن الأبناء مما جعلهم يشبون على الاتكالية والاعتماد على الغير، فلا يصح أن نبكي على ما جنته أيدينا، ولكن آن لنا أن نراجع أساليبنا التربوية.
4-حاولي أن تتفهمي طبيعة هذه المرحلة وخصائصها والتي من أهمها:
1-الرغبة في الاستقلالية والتميز والاعتزاز بالنفس ومحاولة إثبات الذات (يجب الاطلاع على هذا الموضوع - خصائص المرحلة العمرية في سن المراهقة - من مصادر شتى: الكتب أو الموسوعات العلمية أو البحث عنها عن طريق الإنترنت والكتب التي تتناول هذه الموضوعات هي كتب علم نفس النمو وهي كثيرة جدًّا في كل المكتبات في كل مكان)، وسنرفق لك بالنهاية مجموعة من معالجتنا التي تشرح بعضًا من خصائص هذه المرحلة.
2-إحداث التواصل الجيد بينك وبين ابنك (يمكنك الاطلاع على العديد من الموضوعات التي تناولت هذا الأمر على هذه الصفحة أسفل الرد).
3-ذكِّري نفسك دائمًا بأن الله سبحانه أنعم عليك بنعمة الولد (ذكورًا وإناثًا) ولا يصدنك عن هذا الحمد واستشعاره جفوة ابنك أو عدم طاعته، فإن غلب عليك إحساس النعمة سيهدأ حالك وغضبك على ولدك وامتعاضك منه، بل ويجعلك تتصرفين مع ابنك بهدوء أكثر وتفهم أعمق.
4-عندما نرغب في أداء عمل كبير أو مهمة متشعبة علينا أن نقسمها إلى مهام صغيرة حتى يسهل إنجازها، وهذا ما أطلبه منك، فعليك بأن تحددي، بل وتدوّني ماذا تبغين من ابنك بالتحديد؟ مع الوضع في الاعتبار أن معظم مشكلات ابنك ستحل بعد إيجاده لعمل يناسبه ويناسب خبراته وبعد تحسين العلاقة بينكما، ولكن هذا لا يمنع أن يسير الحل بشكل متواز، وحتى أيسّر عليك الأمر سأضرب مثالاً على هذا:
فستحددين مثلاً أن الهدف هو إصلاح شأن ابنك وأن يكون إنسانًا ملتزمًا معتمدًا على نفسه نافعًا نفسه وغيره. وهذا هدف كل أم، لكنه هدف عريض واسع فكيف نحققه؟ الإجابة كما ذكرت لك من قبل لا بد أن تقسمي هذا الهدف إلى مهام صغيرة فمثلاً:
أنا أبغي من ابني أن يكون: منظمًا - يتذكر أشياءه ولا ينساها - يعتمد على نفسه - متحمسًا لدراسته.
وكل عنصر من العناصر السابقة لا بد أن أحدّد له آليته أو الوسائل التي تساعد في الحل، فإذا أخذنا على سبيل المثال كيف يكون ابني منظمًا:
لا بد أن أدوّن الأشياء التي يكون ابني فيها غير منظم، ولتكن مثلاً: لا يرتب أدواته المدرسية ومن أجل ذلك ينساها - لا يرتب حجرته - يعتاد على رمي أشيائه الخاصة (ملابسه ولا يضعها في مكانها...)، وهذا كله هو ما يسمّى بتحديد المشكلة ووصف الوضع الحالي، ثم نأتي للخطوات العملية لإتمام هذه المهمة:
*تناولي واحدة من العناصر السابقة، ولتكن رمي أشيائه الخاصة وعدم وضعها في مكانها المخصص لها، ثم اعقدي معه اتفاق كأن تقولي له: أنا أعلم أنك تبغي أن تكون إنسانًا مميزًا محبوبًا ومجدًّا، ولكن السبب -في وجهة نظري- لعدم تحقيق هذا هو عدم بذل جهد كافٍ لتحقيقه ولعدم وجود من يساعدك أو يشجعك على تحقيقه؛ ولذا فسوف نحاول سويًّا من جانبي التشجيع ومن جانبك بذل الجهد حتى ننمي مهارات عديدة تؤهلنا إلى حياة أسعد وفرص أفضل، وسنفعل هذا بالتدريج ولتكن أول مهمة نقوم بها أن تضع أشياءك في مكانها المخصص لها مرتين في الأسبوع.
*ثم دوِّني كل مرة يأتي الغلام بالفعل المرغوب فيه، وكافئيه عليها في نهاية الأسبوع مع ملاحظة: لا يشترط أن تكون المكافأة مادية، بل الأفضل أن تكون معنوية عن طريق مدحه مثلاً أمام الأهل والأصدقاء، لا يجب على الإطلاق أن تتفقي مع ابنك على المكافأة قبل التزامه بالمطلوب منه، فلا يجب أن تقولي مثلاً: إذا قمتَ بوضع ملابسك مرتين في مكانها هذا الأسبوع سأشتري لك كذا، أو سأعطيك مالاً قدره كذا، كما أنني أؤكد أنه لا بد من تحسين العلاقة بينك وبينه أولاً، فإنك لن تنجحي معه طالما بينكما جفوة أو فجوة.
*في نهاية الشهر يمكنك مكافأته بصورة أكبر وتعبِّر عن مدى سرورك منه كأن تدعينه لتناول الغداء خارج المنزل مع إخوته أو شراء هدية له أو التنزه في مكان يفضله.
*استمري في تجزئة كل مشكلة من مشكلات ابنك على هذا المنوال.
أسمعك تقولين إن هذه الطريقة بطيئة وطويلة تحتاج إلى سنوات لإصلاح الأمر، وردًّا على ذلك أقول لك: إن إصلاح أمر أولادنا يستحق هذا الجهد وهذا الوقت، ثانيًا أطمئنك بأن هناك نظرية في علم النفس التربوي تعرف بـ "انتقال أثر التعليم"، بمعنى أننا إذا تعلمنا وتدربنا على أمر ما فإن هذا التعليم سينسحب إلى مثيله، فإذا تعلمت القيادة مثلاً على سيارة صغيرة فأنا بلا شك أستطيع بهذه المبادئ التي تعلمتها عن القيادة أن أقود سيارة كبيرة أو مختلفة عن التي تعلمت عليها، وتطبيقًا لما أقول على حالة ابنك فإنه إذا تعلم النظام في أشيائه الخاصة فإنه وبالتدريج سأجده يعتني بأدواته المدرسية، وإذا اعتنى بها ونظمها، فهذا من شأنه أن يتذكرها في معظم الحالات ولا ينساها، وبهذا ينتقل أثر التعليم والتدريب إلى مواقف أخرى مشابهة.
ثانيًا: على المستوى الدراسي:
لن أعيب على نظم التعليم ولا على المناهج التي تمثل عبئًا حقيقيًّا على التلميذ، وعلى أولياء الأمور سواء بسواء، لكنني سأتعامل مع الواقع الذي نعيشه ومن أجل ذلك عليك:
*التواصل الجيد مع مدرسة غلامك، ومحاولة استشارة مدرسيه فيما يجب فعله مع الابن لعلاج ضعفه الدراسي، وكيفية التعاون الأمثل بين البيت والمدرسة حتى يحقق الطالب النتيجة المرجوة.
*متابعته بالمدرسة ومتابعة درجاته، ولكن ليس بصورة تبعث على الضيق من جانب ابنك، فكما ذكرت لك أن الأمر سيكون أفضل وأسلم إذا كانت العلاقة بينكما طيبة.
*تجنَّبي لومه أو عتابه على درجاته السيئة، ولكن تناولي الأمر بشكل موضوعي، بمعنى أنك إذا وجدت فيه الهمة والرغبة في تحقيق التقدم، ولكن درجاته ما زالت ضعيفة، فعليك والأمر كذلك أن تشجعيه وتثني عليه قائلة: "أنا أعرف أنك بذلت مجهودًا من أجل أن تحسن مستواك وهذا يكفيني، وأنا لست غاضبة على الإطلاق، بل على العكس أنا فخورة بك لأنك تؤدي ما عليك". لا تتخيلي كم ستكون سعادة ابنك بهذه الكلمات، وستمسح عنه أي نوع من الإحباط واليأس وسيحاول جاهدًا أن يبذل مزيدًا من الجهد ويحرز مزيدًا من التقدم.
*لا تقارني درجات ابنك بدرجات المتفوقين أو تقارنيه بأصحابه أو حتى بأخوته، بل دائمًا قارنيه بنفسه ومدى ما أحرزه من تقدم، واحرصي على عدم مقارنته بأحد في أي أمر حتى لو كنت تعقدين هذه المقارنة في نفسك، فكل إنسان نسيج وحده، وابنك هذا الذي تشكين منه إذا أُحسن إليه وأحسن توجيهه ستجدينه شخصية مميزة رائعة.
في نهاية رسالتي لك أوصيك بالرفق بابنك فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع عنه إلا شانه كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وعليك بالصبر كما تعودت أن أوصي به كل الآباء، وأودّ فقط أن أخبرك بأن كل الخطوات السابقة ستكون أسهل وأيسر وستستغرق وقتًا وجهدًا أقل إذا ما تعاون معك زوجك.
من فضلك انقري هنا لمطالعة المعالجات التي أشرت إليها:
- أولاً: استشارة ضعف الانتباه:
- صعوبات التعلم: العلاج في سرعة التشخيص
- نقص التروية وصعوبات التعلم
- !!!فرط الحركة.. عرض لأكثر من اضطراب
- فرط الحركة.. أعراضه وتدريبات علاجه
ثانيًا: الاستشارات الخاصة بالتعريف بطبيعة مرحلة المراهقة:
- المراهقة.. ثورة ميلاد
- بالهدوء والرياضة تُحتوى مشاكل المراهقة
- مهرجان المراهقة الإبداعي
- المراهقة وعالم الأسئلة المحرجة
- ثالثًا: الاستشارات الخاصة بإقامة جسور من الصداقة:
- المراهقة.. مشكلات حلولها الصداقة
- وتبقى الصداقة هي الحل
- رابعًا: استشارات بها مزيد من المعلومات عن موضوع الاستشارة:
- شهرزاد وألف ليلة وليلة.. مذاكرة
- أنصف نفسك تنصف طفلك
- تصالح مع طفلك.. قبل فوات الأوان
وأخيرًا لا أجد أفضل من الدعاء الذي ختمت به رسالتك، فاللهم أصلح أحوالنا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وفقك الله عز وجل لما يحب ويرضى في أمرك كله، كما أرجو أن تتابعينا للاطمئنان على أحوالك مع ابنك حفظه الله، وحفظ أبناءك جميعًا.
ـــــــــــــ(103/20)
ماذا نقول لأولادنا عن الحرب؟ ... العنوان
أنا أم لثلاثة أبناء أكبرهم في العاشرة من عمره وأصغرهم في الرابعة، وقد تعودت معهم دائمًا على الحوار المفتوح والمناقشة حول كل الأمور، ولكن اليوم أجد نفسي عاجزة عن مواصلة الحوار والإجابة عن كل أسئلتهم، فأنا أشعر أن الأحداث الجارية وأخبار الحرب ومشاهد الدمار والمصابين... كل ذلك أكبر من قدرة استيعابهم، ولا أعرف تأثير هذه الأحداث عليهم، ولا أعرف ماذا أقول لهم، وكيف أفسّر ما يحدث وأشرحه لهم، وأعتقد أن هذه مشكلة كثير من الأمهات والآباء اليوم. أرجوكم ساعدونا وأعينونا على التفاعل معهم بصورة صحيحة، فلم يَعُد باستطاعتنا تجاهل الموضوع، فمع الفضائيات ومتابعات المراسلين، الحرب أصبحت داخل بيوتنا، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أطفالنا والأحداث الجارية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا سيدتي الفاضلة نشكر لك اهتمامك وتواصلك معنا.. الواقع أن ما تطرحينه ليس مجرد مشكلة تربوية عادية كالتي اعتدنا التعامل معها في هذا الباب، ولكنه في الحقيقة تحدٍّ مصيري يواجهنا جميعًا كبارًا وصغارًا.. نساء ورجالًا وأطفالًا.. إنه تحدي الأمة كلها، ولكن الأطفال هم أكثر الفئات حساسية في هذا الموقف أولاً لما ذكرته أنت من عرض الأحداث كلها أمامهم ليل نهار، وضرورة تفسير ذلك بطريقة تقبلها عقولهم، وثانيًا لأنهم هم الجيل الحقيقي الذي سيواجه ما تسفر عنه الأحداث، فهم الجيل الذي سيرث هذه التركة المثقلة بالهموم التي سنتركها لهم، ولا بد لنا أن نعرف أن إعدادهم للتعامل مع المستقبل يبدأ من الآن والخيار لنا، فإما أن نؤهلهم لإحياء النصر من قلب الهزيمة أو يتابعوا عجزنا وانكسارنا.
فالسؤال الآن ليس كيف نحمي أطفالنا من الأحداث، ولكن كيف نستثمر الحدث لبناء جيل قوي واعٍ قادر على بناء وصياغة مستقبله كما يريد هو وليس كما يخطط له؟
وحتى يمكننا التعامل مع الموقف يلزمنا تفهم بعض الحقائق:
أولاً : إن مشاعر الأطفال وأفكارهم وردود أفعالهم تختلف باختلاف عمرهم وخلفيتهم الثقافية؛ ولهذا لا بد من اختلاف لغة وأسلوب التعامل والحوار مع الأعمار السنية المختلفة، فليس هناك لغة خطاب واحدة متفق عليها.
ثانيًا : إن الأطفال يصيغون أفكارهم ومشاعرهم كرد فعل لما نبديه نحن من مشاعر وأفكار، بل من ألفاظ أمامهم.
فالخوف أو القلق أو اليأس والإحباط أو الشعور بالهزيمة والانكسار عندما نراها على أطفالنا علينا أن ندرك أنهم يعيدون إنتاج ما أوحينا به لهم دون أن نشعر من خلال مناقشاتنا وكلامنا أمامهم، وكذلك الحال مع مشاعر الصمود والجهاد والتفاؤل والثقة بالنصر والأمل في غد؛ فالطفل ليس عنده القدرة على قراءة وتحليل ما يراه أو يسمعه من أخبار وصياغة رؤية وأفكار ومشاعر بناء على ذلك، ولكن هذا هو دورنا نحن معهم؛ ولهذا علينا أن نفكر قبل أن نتكلم معهم وأمامهم، ونسأل أنفسنا ما تأثير هذا عليهم( بناء.. هدمًا.. مفيدًا.. ضارًّا.. محبطًا.. يبعث الأمل.. يهزم ويكسر).
ثالثًا بالنسبة للأطفال الصغار حتى سن خمس سنوات :
1. تجنب إبداء الخوف أو القلق أو الفزع أمامهم وتجنب الألفاظ التي توحي بذلك.
2. تجنيبهم رؤية مناظر مفزعة لجرحى أو قتلى، وأن يكون ذلك بهدوء ودون إشعارهم أننا نخاف عليهم من رؤية هذه المناظر؛ لأن هذا يؤدي نفس رسالة الخوف، خاصة أن المشاهد تطالعنا ليل نهار على الشاشة، وكل ما علينا هو توجيه اهتمامهم لنشاط آخر عند عرض مثل هذه المشاهد.
3. في هذه السن يستجيب الأطفال لخطاب المشاعر والخطاب الإيماني أكثر من الخطاب العقلي مثلاً نعودهم على الجلوس معنا بعد كل صلاة للدعاء بالنصر للمسلمين، وكذلك الثقة بأن الله تعالى ينصر المسلمين الذين يطيعون الله عز وجل.
4. تثبيت معنى الأخوة والتفاعل مع إخواننا في العراق وفلسطين، والتحدث عن المقاطعة من منطلق نصرة الأطفال هناك، وكذلك ترك النمط الاستهلاكي والإسراف مشاركة لمن لا يجدون ما يأكلونه، وسنورد لك بنهاية الرد تفصيل ذلك.
5. "نحن لا نهاجم أحدًا، ولكن من يهاجمنا أو يضربنا نتصدى له بكل شجاعة ولا نسمح له بالاستيلاء على ممتلكاتنا" هذا تفسير بسيط لما يحدث ونضرب لهم أمثلة بسيطة من واقع الحياة لتقريب المثال.
6. التأكيد على معنى الشجاعة والقوة والدفاع عن أرضنا وعدم قبول الهزيمة أبدًا.
رابعًا بالنسبة للأطفال الكبار من بعد 7 سنوات :
1. هؤلاء الأطفال يحتاجون أن يفهموا ببساطة ما يحدث؛ ولهذا علينا أن نشرح لهم الأحداث كما هي بلغة بسيطة ومفهومة لنساعدهم على تفهم واقع ما يجري حولهم.
2. الجلوس معهم عند متابعة نشرات الأخبار وشرح الأحداث لهم.
3. تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بالرسم وكتابة القصص أو الشعر أو التمثيل.
4. المناقشة معهم باستمرار وإجابة كل أسئلتهم، وسؤالهم عن رأيهم وانطباعاتهم، ومحاولة إخراج كل ما في أنفسهم، والتعامل معهم، مع مراعاة الآتي:
أ. لا لروح الهزيمة والانكسار
ب . لا لليأس والإحباط
ج . التركيز على معاني الجهاد بمفهومه الواسع والشجاعة والقوة.
د. الثقة بنصر الله ولو بعد حين لكن هذا يتطلب الأخذ بأسباب النصرة.
ه. الأخذ بأسباب النصر (التمسك بدين الله - القوة - التقدم العلمي - التحضر ومقاومة التخلف- أن نمتلك الريادة في كل المجالات...ومع هذا كله الدعاء وطلب النصر من الله؛ فهذا هو الإحسان والتوكل).
ز- نحن لا نعادي شعبًا بعينه ابتداءً، ولكننا نقاوم من يهاجمنا، مع ضرب الأمثلة من سير الغزوات والتاريخ الحديث.
5 - التحدث معهم عن دورهم لنصرة الإسلام والمسلمين، وترك الفرصة لهم ليقترحوا، ونتناقش معهم حوله وستجدين اقتراحات لمساحات الفعل في موضوع:
- الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف
فالإسلام ليس دين تواكل وانتظار المعجزة من الله عز وجل، ولكن دين التخطيط والإعداد والأخذ بأسباب النصر والجهاد والتوكل على الله، مع شرح معنى العودة الواعية، وهي الأخذ بأسباب النصر كما شرحت سابقًا.
6 - ربما يكون من المفيد مراجعة خرائط الدول الإسلامية والعربية مع أولادنا فهي فرصة لتشكيل وعيهم بأمتهم، وفرصة ليتعرفوا على حجم الدول الإسلامية وأماكنها ووضعها في العالم.
7 - الثقة بأن النصر لدين الله مهما طال الزمن؛ لأنه دين العدالة والحق والخير للبشرية لكن النصرة لا تأتي إلا بأسبابها.
8 - فرصة للتوضيح والتأكيد على هويتنا واعتزازنا بها وفرصة جيدة للتعرف على العالم من حوله؛ فهناك معارضون للحرب في الشرق والغرب، وهناك على الجانب الآخر من يدفع بآلته العسكرية والإعلامية في سبيله.
9 - تشجيعهم على التفاعل الهادف الإيجابي مع الأحداث.. مراسلة الأطفال في العراق وفلسطين - مراسلة الرؤساء والأمم المتحدة - جمع التبرعات - جمع التوقيعات في رسائل جماعية - متابعة الأحداث وتنظيم أسابيع ثقافية في المدارس أو النوادي لنشر القضية.(ويمكنك التعرف على ذلك عبر صفحة ساحة مناهضة الحرب على موقعنا).
ـــــــــــــ(103/21)
ابنة السادسة حيرتني.. كيف أعاملها؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابنتي البالغ عمرها (6 سنوات) حيرتني كثيرًا، فأنا وسط معها في التربية فلا أنا بالقاسية، ولا أنا أدللها، ولكنها تقسو عليّ ولا تحن عليّ، مهملة في كل شيء يخصها (غرفتها، ملابسها، أدواتها المدرسية...).
دائمًا تثير غضبي، كسولة ولا تحب فعل شيء سوى مشاهدة التلفاز لساعات طويلة، دائمًا معلمتها تشكو من أنها لم تقم بأداء الوظائف البيتية. عندما أطلب منها القيام بعمل ما تبدأ بالتذمر.
هي ذكية ومؤدبة ولا تحب مخالطة الناس. تنهض في الصباح على وجه عابس مقطب، والله حيرتني فأرجو منكم أن تساعدوني أن أفهم ابنتي.
لديّ سؤال آخر أرجو -أن تسع صدوركم مشاكلنا- وهو ماذا على الأم كثيرة الأولاد أن تفعل في ظل الامتحانات، وكيف لها أن توفق في المذاكرة معهم؟ ولكم مني كل خير.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأم الحائرة مع ذات السنوات الست، وبارك الله لك فيها وفي إخوتها، وأعانك عليهم.
اسمحي لي أن أعبّر عن رأيي إزاء سؤالك الذي يخص ابنتك الرابعة في ترتيبها والتي تعيش بين عائلة كثيرة الأفراد -ما شاء الله- والتي أشبعتها ذمًّا في سؤالك، حيث أودّ أن أقول إن الطفل يتجاوب كثيرًا مع الانتقاد الإيجابي الذي يحفظ كرامته سواء في البيت أو المدرسة، والذي يركِّز على الفعل غير المرغوب لا ذات الشخص، ومن ثَم يسعى لتطوير ذاته بنفسه، والعكس فإنه ليس هناك قط فائدة تذكر من ذم الطفل وإهانته وتجريحه، ولا تنسي أن ابنتك ما زالت في مرحلة الاتفاق والتوجيه، بل إنها في بدايتها مما يجعلني أشعر أن شكواك المريرة تلك أكبر بكثير من تلك الصغيرة فلم يحن الوقت بعد لهذا الشعور، وإنما أظن أن ضغوط الحياة ومسئولياتك الكثيرة هي من تعظم من شأن هذه المشكلات في نظرك. ونأمل أن تعينك الكلمات التالية على إعادة ترتيب أوراقك والتغلب على مشكلاتك مع ابنتك وسائر أخوتها.
تعالي معي في هدوء نحاول تحديد نقاط السلب في شخصية ابنتك للتغلب عليها في تلك المرحلة المناسبة جدًّا للتوجيه من عمرها:
1- الكسل ولا تقولي كسولة.
2- الإهمال وعدم النظام ولا تصفيها بالمهملة.
3- القسوة وعدم رهافة المشاعر على النحو المأمول.
4- العبوس والتذمر عند طلب شيء منها.
5- عدم الاهتمام بدراستها.
ونبدأ بالكسل وهو ما يجب أن أؤكد عليك بشأنه أنه خصلة تزيد لدى الطفل كلما شعر أن هناك من يضغط عليه للتخلي عنه، وعادة تزيد درجة تكاسل الطفل في سنوات الدراسة الأولى، وغالبًا ما يسبب هذا الضيق للأسرة، لكن إذا ما استسلمت الأم للغضب ونفاذ الصبر فلن يقابل الطفل هذه الثورة إلا بالعناد؛ فكلمة (لا) هي الأسهل لمواجهة أي أمر يحمل صفة السيطرة على الطفل أو يهين كرامته أو لا يعبأ بخصوصيته؛ فهو ليس آلة يسهل توجيهها وبرمجتها، بل هو كائن مستقل يجب التعامل معه باحترام لرغبتها وخصوصيته وتوجيهه بهدوء، واستيعاب رأيه بسعة صدر.
وللتغلب على مسألة الكسل لا بد من:
1 - امتناع جميع الأطراف عن إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة في حياة الطفلة؛ وذلك ليترسخ في الطفلة الإحساس بالمسئولية والانتظام.
2 - لا بد من وجود القدوة للطفلة في الوالدين وفي نظام حياة الاسرة في مسألة النظام واحترام الوقت، مما يجعل وجود الدافع لكي تسرع تلقائيًّا.
3 - لا بد من اجتماع دوري تجتمع فيه الأسرة وترسي فيه قواعد أولية للسلوك الطيب المستحب لجميع الأفراد دون تخصيص، ويمكن أن يقال بشكل عام من الأم أو الأب مثلاً "أنا أعلم أن تذكيري لكم باستمرار بواجباتكم أمر يضايقكم؛ لذا فلن أفعل سوى أن أذكركم مرة واحدة إن كنتم في غفلة وأترك لكم الباقي". وانتبهي لضرورة الثبات على هذه السياسة فسوف تقضين أيام تختبرين فيها الطفلة في صدق الاتفاق قبل أن تتخلي تمامًا عن مسألة التباطؤ، وخلال هذه الفترة لا بد من سعة الصبر، والأعصاب الباردة، والتشجيع القوي على النجاح ولو جزئيًّا في التغلب على الكسل وإنجاز المهام في مواعيدها.
4 - لا بد من الصداقة القوية مع الابنة ومصاحبتها، ولا مانع من التواجد معها أثناء تأديتها المهام المنوطة لها القيام بها والانتقال معها من حجرة لحجرة متبادلين معًا الحوار وأنت تتجاهلين تمامًا ما تلمحينه من تباطؤ في أدائها، وهنا ستنتهي مسألة التكاسل تدريجيًّا، لكن بشرط أن تعلمي أن الطفل المتباطئ لا علاج له على الإطلاق مع أبوين كلاهما يتمتع بنفاد الصبر؛ لأن كليهما سيجد نفسه في موقف استفزازي مع الابن طوال الوقت مما يدفع بهم للحلقة المفرغة من الضغط على الطفل لينشط وعناده لمقاومة السيطرة عليه بتعمد الكسل.
5- يمكن إهداء الطفلة منبِّهًا جميلاً له شكل لطيف تضبطه قبل البدء في شيء ما كمشاهدة التلفاز مثلاً ليرنّ عند انتهاء الوقت المحدد لذلك الفعل ليحين دور العمل التالي، وهو حل الواجبات المدرسية مثلاً والتي يُعَدّ إنهاؤها بدقة وإتقان قبل الوقت المحدد إنجاز تستحق عليه منك المكافأة، وهكذا...؛ فتتعلم تدريجيًّا قيمة الوقت.
- وننتقل للمشكلة الثانية، وهي مشكلة الإهمال وعدم النظام:
وهو سلوك مكتسب من البيئة المحيطة فلا تطالبيها بأن تكون منظمة وحدها دون من حولها؛ فلكي يكون الطفل منظمًا لا بد أن يتسم برنامج الحياة حوله أصلاً بالنظام، وأن يكون لكل شيء مكانه ووقته خلال جدول اليوم، لا أن تسير الأمور بشكل عشوائي، ثم تطالبينها أن تكون هي نموذجية في النظام.
إنك تشكين من كثرة مشاهدتها للتلفاز، واسمحي لي أن أسأل من الذي ترك لها التلفاز مفتوحًا طيلة هذا الوقت؟ ولماذا لا يوجد وقت محدد -وخاصة في أيام الدراسة- لجميع أفراد الأسرة للترفيه ومشاهدة التلفاز لمدة محددة ولبرامج متفق عليها سلفًا، ثم استئناف ما كانوا يفعلون؟
نحن السبب الأساسي في إدمان أطفالنا للتليفزيون حين ننشغل عنهم ونتركهم له يلتهم وقتهم، أو نستخدمه كملهاة يخلصنا من إزعاجهم حال قيامنا ببعض الأعمال التي تحتاج إلى تركيز.
إن ابنتك تعاني ارتباكًا وهذا ما يسبب عبوسها؛ إذ تحتار بين ما يرضيها وما يرضيك، وما ينبغي فعله وما لا ينبغي. إن السبب -على أغلب الظن- هو عدم النظام في إدارة وقت الأسرة من الأساس.
- إذن ما الحل؟
أولاً: من خلال الجلسات العائلية التي اتفقنا عليها يتم تحديد مهام كل فرد في أسرتك من حيث مذاكرته وواجباته ومساهماته في الأعمال المنزلية معك كل بحسب تفرغه وحسب سنه، وبالعدل فيجب أن يساهم الكل لا أن تطالب الابنة مثلاً بترتيب حجرات الذكور في حين يتمتعون هم بقضاء أوقات فراغهم بالخارج، بل يجب أن تكون المهام عادلة وموزعة بما يراعي الشعور بالرضا لدى كل ابن.
ثانيًا: الاتفاق على أوقات للراحة والترفية وكيفية صرفها في هذا الترفيه "لعب - قراءة - تلوين - كارتون... إلخ"، ومواقيت الاستمتاع بها ومدتها لكيلا يكون الأمر سبهللا.
ثالثًا: منح الفرصة للتخيير في اختيار المهام، فمن الممكن تخيير الابنة مثلاً بين مهمتين لتختار بينهما -وهذا من الذكاء كي تشعر أنها اختارت بنفسها- وتلتزم بأدائها يوميًّا مثل متابعة ري الزهور، مع الثناء على نجاحها والتزامها بتأديتها، والإشادة بها.
رابعًا: حين تطلبين منها مهمة تنتزعها من شيء تحبه لا بد أن تعبري لها عن احترامك لرغبتها، فلو كانت مثلاً تتابع فيلم كارتون تحبه وأنت تريدين منها أداء شيء عاجل فيمكنك أن تعديها بتسجيل هذا الكارتون؛ لأنك تعرفين أنها تحبه مع إشعارها أنك مضطرة مثلها لنزعها مما تحب، وتذكري أنكما لا تتنافسان في إمضاء إرادتكما على بعضكما البعض، وأن الناجح هو من يرغم الآخر على الانصياع لرغبته، بل إنك تعلمينها وتوجهينها لتكون إنسانة نافعة، وتذكري شعورك حين يدخل عليك زوجك ليطفئ لك التلفاز وأنت تتابعين برنامجًا معينًا كيف يكون شعورك عنده؟
يمكن أيضًا تعليمها النظام في أدواتها وملابسها وغرفتها بمشاركتها في ذلك ومشاورتها في ترتيب الأشياء: "ما رأيك يا حبيبتي هذا المفرش شكله هكذا أفضل أم هكذا؟ وهذه الكتب نرتبها في وضع رأسي بجوار بعضها أم فوق بعضها البعض؟ طيب تعالي نرصهما سويًّا..."، وتدريجيًّا ستتعلم ترتيب أشيائها بهذه الطريقة، ولا مانع من مكافأتها ولو بالتصفيق عند تنسيق أشيائها وتشجيعها على المزيد لتظل حجرتها دائمًا أجمل الحجرات. ويمكنك عقد مسابقة بين الأبناء في النظام ليحصل على الجائزة أكثرهم حفاظًا على نظام حاجياته وترتيب ملابسه وحجرته وأدواته، وهكذا...
- أما مسألة التذمر عند توجيه الأوامر فيمكنك القضاء عليها بمهارتك في تطبيق قوانين إطاعة الأوامر التي تجدينها في الاستشارة التالية فانقري عليها لمطالعتها:
- العزف على أوتار المسئولية
- بقي لنا مسألة الإهمال في دراستها وعبوسها المستمر:
وبهذا الصدد أقول لك تخيلي نفسك وأنت تجابهين الذم على كل صعيد لأخطائك ودون انتباه أو شكر لحسناتك.. كيف سيكون رد فعلك؟
ابنتك لا تشعر بذاتها، ومن ثَم بسعادتها وإسعادها بمدحها والاهتمام بها وإشعارها بذاتها ومسامرتها والحديث اللطيف معها، ومشاركتها اللعب أو حتى مشاهدة الكارتون، والخروج للتسوق مثلاً وغيره سيزيل تجعدات جبينها المقطب ويشرح صدرها.
وبالنسبة لمسألة الدراسة فاسأليها عن سبب إهمالها لواجباتها، ولو كانت عسيرة عليها فحاولي مشاركتها في إفهامها ما يتعذر عليها فهمه، وحاولي زرع الوازع داخلها للتفوق وحب النجاح، وركّزي معها في أداء هذه الواجبات بحنان مشعرة لها بحرصك على معاونتها للحصول على أعلى منزلة، ولا بد من:
1 - الاتفاق مع المدرسات على تجنب توبيخها والثناء على أي تطور تحققه.
2 - أشعري الابنة بإعجابك بها على كل تطور، فالأبناء يحبون فخر آبائهم بهم.
3 - أشعريها أن تفوقها هو مسئوليتها، حتى وإن ساعدتها وأنك تثقين في قدرتها على تحقيق ذلك بنجاح.
يا حبيبتي.. إن الطفل يعتز بنفسه ولا يقبل بالتقليل من شأنه أمام الآخرين، فاحذري نعت ابنتك بصفات سلبية كي لا يؤدي ذلك لتأصيلها فيها فتصبح عادة من عاداتها، وتذكري قول الله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".
أما عن توفيقك في المذاكرة مع الأبناء فستجدين في المعالجات التالية برامج معينة، لكن قبل أن أتركك معها أو التأكيد على ضرورة مشاركة طرف آخر لك في مذاكرة أبنائك السبعة، وليكن الأب أو خال أو جد.
ـــــــــــــ(103/22)
كبرياء جحا يمنعه البكاء ... العنوان
لا أعرف كيف أعوّدابنتي(عامان) على طلب دخول الحمام عندما تحتاج إلى ذلك؟ كما أنها لا تبكي أبدًا عند تعنيفها أو حتى ضربها فهل هذا طبيعي؟ ... السؤال
التبول اللاإرادي, العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الكريمة، ومرحبًا بحبيبة الحبيبة ابنتك.. ولعلّ أول ما ينبغي أن أبدأ به كلامي معك هو سبب عنونة استشارتك بهذا العنوان، ولأنك من مصر فلعلّك تعرفين هذا المثل الشعبي الذي يقال عندما يختار الإنسان طريقًا طويلاً وملتفًّا ومعقدًا للوصول لهدف على مقربة قاب قوسين أو أدنى منه.. وسيتضح لك المزيد فيما يلي.
أختي الحبيبة.. إنك تسألين عن عدم بكاء ابنتك التي لم تتجاوز السنتين عند ضربها أو تعنيفها.. بالله عليك ألا ينبغي أن يرد على هذا السؤال بسؤال حاد اللهجة وهو كيف ولماذا تضرب طفلة في هذه السن أصلاً وتعنف إلى حد ينتظر معه بكاؤها؟ وهل سيطربك سماع بكائها؟ وهل ما يقلقك هو عدم بكائها ولا يقلقك ما سيترتب على استخدام هذه القسوة والعنف والضرب مع طفلة في هذه السن؟ لماذا تضربينها أنت أو أبيها؟ ولماذا تريدان منها أن تبكي؟
إن الضرب يا أختاه لا يجب استخدامه مع الأطفال إلا في أضيق الحدود وبقواعد متعددة، أهمها ألا يكون أكثر من منبه لحواسهم بواسطة اللمس طالما لم يستجيبوا بالسمع، والأطفال الذين اعني في هذا المقام هم من بعد سن العاشرة، فالضرب لا يؤدي دوره في الصلاح والتهذيب إلا إذا أحيط بسياج قوي من القيود والضمانات الكفيلة بذلك، فهو ليس غاية في حد ذاته وليس للتشفي والانتقام والتنفيس عن الغضب، وقد أمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم القاضي ألا يقضي وهو غضبان حتى يهدأ؛ لما للغضب من تأثير ظالم ومجحف على أي تصرف لحظته، ولا تنسي أنك تتعاملين مع كائن ضعيف لا يضاهيك قوة ولا ركن شديد تأوي إليه إلا حضنك الذي تخلعينها منه، ثم تعذبينها وتوجعينها وهي لا تستطيع الدفاع عن نفسها تجاه هذا العدوان عليها سوى بأن تتعمد ألا تشعر أو تحس لكي تنتقم ممن يؤذيها ويحاول إيلامها بألا تتألم.
هل تعرفين كيف يكون توجيه الأطفال وعقابهم عند إساءة التصرف:
1 - ثواب ومكافآت عند فعل الصواب وتهليل وتصفيق واحتضان، منذ الميلاد وحتى السنة الثانية دون استخدام أي نوع من العقاب حتى هذه السن.
2 - العقاب بتغيير ملامح الوجه تغييرًا طفيفًا مع طفل الثالثة الذي يبكي ألمًا حالما يرى الابتسامة غابت عن ثغر أمه الحبيبة.. ويمكن عقابه بحرمانه من مكافآت الحلوى مثلاً.
3 - حتى سن السابعة يمكن العقاب بالمنع عن شيء مرغوب كاللعب أو مشاهدة الكارتون أو نزهة لطيفة أو لعب بالكمبيوتر مثلاً.
4 - العقاب بالتأنيب اللفظي (والمقصود به ذم التصرف ومن يفعله) مع المنع من المرغوبات حتى العاشرة.
5 - يسمح بالضرب من بعد العاشرة عند التصرفات المشينة جدًّا وفقًا للقواعد المذكورة فيما سبق وفي الفتاوى التالية، مع تجنب الإيلام المبرح أو الأذى أو ضرب الوجه أو الرأس أو الركل:
- ضرب الأولاد
- ضرب التلاميذ بين الحظر والإباحة
6 - من سن الثانية عشرة يتحول العقاب إلى عتاب؛ لأن الصداقة هي التي يجب أن تغلب على العلاقة بين الطفل ووالديه في هذه المرحلة العمرية.
أختي الكريمة.. إن من المفترض أن علاقتك بابنتك في عمرها هذا هي عين المتعة، ومسألة العقاب في سنها تلك أمر ينبغي أن يكون شديد الندرة، وكونها أنثى يحتم ذلك فقد أوصى النبي بالقوارير، وما ضرب بيده خادمًا ولا دابة ولا شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى كما روى مسلم.. وقد يحسد أطفال يعاملون بهذه الطريقة الحيوانات الأليفة التي تلقى من العناية والتدليل والرفق والتجاوز عن الأخطاء ما لا يلقونه هم.
إن ابنتك بعدم بكائها عند إيلامك لها إنما تريد أن تنتقم لكرامتها المهانة، وأن تعاندك بعدم التألم الذي تُصرّين أن تشعريها به بضربك لها، وتأكدي أنك ستصنعين منها شخصية غير سوية بهذا الضرب، فمما ورد بمقدمة ابن خلدون في علم الاجتماع من مئات السنين ما يلي: "ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعا إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفًا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وصارت هذه له عادة وخلقًا".
وينتهي كلام الأستاذة دعاء.
أما ما أكدت عليه د/ إيمان السيد في هذه المسألة فهو ما يلي:
الأخت الفاضلة.. إن تحامل ابنتك وعدم بكائها مؤشر خطير جدًّا؛ إذ سيؤثر عليها سلبًا بشكل مخيف لاحقًا، فهي تعاني بهذا التحاملdouble pressure ، أي ضغطًا عصبيًّا مزدوجًا بالشعور بالألم، ثم كتمه وعدم التعبير عنه، وهو ما يجب إزاءه إيقاف هذا التعنيف، وهذا الضرب معها فورًا، فالمعاملة بهذه الطريقة تصنع نموذجًا كارهًا للمجتمع به من الاضطرابات ما لا تتمناه أم لطفلها، وهي ما تسمى Anti Social Disorders، ويندرج تحتها تناول المخدرات والعدوان والاستمتاع بإيذاء الأضعف، سواء كان بشرًا أو حيوانات وغيره، وتأكدي أن الضرب يولد ضربًا، والعنف يصنع عنفًا.. وتوجيه الأطفال في هذه السن له آدابه وقوانينه التي تبعد كل البعد عن العنف والزجر والتهديد ستجدينها في الاستشارة التالية:
- أولى أمومة.. لعب وجد وتعب
ولذا فعليك أختي الحبيبة الاستمتاع بأمومتك وبابنتك في سنها هذا وعامليها كما تحبين أن تعاملي.إلى هنا ينتهي كلام الدكتورة إيمان السيد.
أختنا الكريمة.. أعتقد أن ما سبق كان كافيًا للإجابة على الشق الثاني من سؤالك حول عدم بكاء ابنتك عند تعنيفها أو ضربها، وسأورد لك في نهاية الاستشارة ما سيفيدك كأم لأول مرة للتعامل مع ابنتك.. وبالنسبة للشق الأول من السؤال عن مسألة التدريب على الإخراج فسأورد لك معالجاتنا السابقة عن مسألة التدريب على الإخراج، وأرجو أن نتلقى المزيد من استفساراتك وأسئلتك عن كيفية التعامل مع ابنتك، كما أننا في انتظار أخبارك باستمرار، وشكرًا لك.
ـــــــــــــ(103/23)
كيف أتعامل مع أناقة ابنتي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إن كلماتكم والله كالبلسم عليّ أنا كأم، فجزاكم الله خيرًا. وكم استفدت من توصياتكم نحو الأطفال، فقد كنت نكدة المزاج بسبب الضغوطات من الأولاد، ولكن بفضل الله وبفضلكم تحسن الوضع، وأصبحت أفهم الأولاد أكثر في جو أهدأ قليلاً. وأما ابنتي بنت السنتين وتسعة أشهر، فقد كان وضعها يرثى لحاله بسبب الغيرة من أختها الصغرى، عندما اقترب ميعاد ميلاد الطفلة تركتها عند أمي في بلد أهلي، وهم بعيدون عنا نسبيًّا، وبقيت عندهم شهرين، وعند عودتها بدأت المشاكل فقد كانت عدوانية لدرجة كبيرة، الآن وضعها أفضل قليلاً؛ بسبب اهتمامي بها ولو أنه جاء متأخرًا نسبيًّا، علاقتها بأختها بدأت تتحسن.
المشكلة لدي أنها تحب خلع ملابسها، فطول النهار (أخلع، ألبس)، وهذا ما يسبب لي التعب والإرهاق الذي في غنى عنه. جربت كل المواضيع التي لديكم عن الغيرة، واستعملت معها أسلوب القصص دون جدوى. على الرغم من أنها تحب القصص حبًّا عظيمًا، ففي اليوم الواحد أحكي لها عشر قصص، ولو تعرفون حجم المعاناة التي أعيشها قبل أن تنام، فهي تطلب مني أن أضعها في فراشها، وأحكي لها القصة تلو الأخرى، حتى أمل -عدا إخوتها الذين ينتظرون دورهم، كل واحد يريد أن أحكي له قصة على انفراد- وعندما أنتهي تنهض من فراشها وكأن شيئًا لم يحدث، عندما تسافر إلى أمي ترجع وقد تعلمت عدم خلع ملابسها، وبعد يومين تعود إلى ما كانت عليه من قبل.
أمي تقول: إنني أنا السبب؛ إذ لا أقسو عليها لكي تقلع عن هذه العادة القبيحة. والذي يؤرقني أن خلعها لملابسها يعرضها للبرد، ومن ثَم المرض، فتبدأ بالسعال، والزكام، وأحيانًا كثيرة يصيبها ضيق في التنفس. إن خلع ملابسها يعتبر عملها معظم الوقت، لدرجة أن أفتح خزانتها وأجدها فارغة، وهذا يسبب لي عملاً إضافيًّا، غسل الملابس وإلباسها بعد الخلع. معذرة على الإطالة، فمن يقرأ المشكلة يراها تافهة، ولكنها خطيرة جدًّا، وأرجو أن تمدوا يد العون لي، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، والسلام عليكم.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم روان.. وأشكرك على كلماتك الرقيقة التي كانت أرق من البلسم كما وصفت، كما ندعو الله عز وجل أن يرزقك دائمًا القدرة على التعامل مع الضغوط والواجبات العديدة التي تفرضها عليك مهنة الأمومة ذات الشأن الرفيع، ولا يفوتني أن أقول لك ما قاله أحد الصالحين بهذا الصدد؛ إذ قال عن كظم الغيظ والتحكم فيه "ما تركت التقوى أحدًا يشفي غيظه"، فطول البال والصبر هما خير وسيلة لمواجهة المشكلات، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم كم يعفو المرء عن خادمه قال: "في اليوم سبعين مرة" رواه الترمذي.
كان لا بد من ذكر ما سبق عن كظم الغيظ.. أتعرفين لماذا؟ لأن أغلب تصرفات الأطفال تستفز الكبار وتثير أعصابهم، ولو اتبعنا ما سبق في ضبط النفس والسيطرة على الانفعالات ومواجهة الأخطاء بهدوء وحكمة لاستطعنا أن نتجنب الكثير من المشكلات وتقويم العديد من سلوكيات أطفالنا، المهم الاعتدال بين الحزم في التوجيه وإظهار الاستياء من الخطأ والسلوكيات السلبية والتدليل وترك الحبل على الغارب دون توجيه.
أختي الحبيبة.. كثيرًا ما نحتار في مشكلة ما، وكيفية علاجها برغم من أننا من الداخل نكاد نجزم بأسبابها وهذا نصف العلاج؛ فأنت قد ذكرت بنفسك أن مشكلات ابنتك -التي أبعدت بسبب مجيء أختها- بعد عودتها من عند جدتها قد اختفت بسبب اهتمامك بها؛ إذن فأنت تعرفين أن ابنتك متألمة من جراء إبعادها عنك رغم صغر سنها، وهذا أولاً، وثانيًا مجيء أختها الصغيرة وعدم إعدادها لاستقبالها، والثالث والأهم تزامن الحدثين معًا، وهذه هي المشكلة الحقيقية وهي احتياج ابنتك لحنانك واهتمامك ورعايتك وتدليلك والذي اعترفت بأنك تأخرت (نسبيًّا) في توفيرهم لها.
عزيزتي.. إن أسلوب القصص الذي اتبعته مع ابنتك ليس هو السبيل الوحيد لمنحها الاهتمام والرعاية -وإن كان مفيدًا جدًّا كما يبدو من استجابتها العظيمة الشغوفة له- بل هو أحد الطرق التي يمكن اتباعها لتشكيل وصياغة ضمائر وشخصيات الأطفال ومنحهم المعلومات والمفاهيم مبسطة، كما أنه إحدى وسائل التعبير عن الاهتمام وليس كل هذه الوسائل، فهناك العديد من الوسائل الأخرى يمكنك مطالعتها في الاستشارات التالية:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- أمي: ارحمي غيرتي وغربتي
كما أن القصص ليست منومًا للأطفال، بل هي أفضل ما يمكن أن ينام عليه الطفل في حضن والدته وعلى صوتها متمتعًا بدفء أنفاسها وعطف نظراتها وملامحها الحانية، وبالتالي فنهوض ابنتك من فراشها ليس دليلاً على (عدم جدوى*) القصص كما ذكرت في سؤالك، بل دليل على أنها تحب اللعب ولا يغلبها النوم بسهولة حتى يهدها التعب وتسقط سهوًا في النوم، وهذا بالضبط وصف ابنتي التي تقاوم النوم رغم احتياجها الشديد إليه حتى لا تفوتها دقيقة واحدة يمكن أن تلعب فيها، وبالتالي فلكي تنام بسهولة إن شاء الله لا بد من الآتي:
1- تهيئة المناخ الهادئ للنوم من نور خافت وهدوء.
2- تناولها وجبة عشاء مشبعة.
3- إيقاظها مبكرًا في الصباح، فلو استيقظت مثلاً في الثامنة صباحًا يصبح من الطبيعي استجابتها للنوم من العاشرة ليلاً وربما قبل ذلك، فالطفل يحتاج من 8 - 10 ساعات نوم تقريبًا، وضبط ساعته البيولوجية بتثبيت موعد للاستيقاظ وآخر للنوم قد يستغرق وقتًا، لكنه لا يلبث أن يؤتي بثمار طيبة من تنظيم لجدول اليوم ومواعيد النوم والاستيقاظ والطعام وغيرها.
4-لا بد من نوم جميع الأطفال في توقيت واحد، ومسألة حكاية القصص على انفراد لكل طفل يمكنك القضاء عليها بالاعتراض والإضراب عن حكاية أي قصة إلا للجميع مرة واحدة، وذلك بإفهامهم أن ذلك أمتع وأجمل أن نتشارك معًا في هذه المتعة، كما يمكنك الاتفاق مع روان على قصتين فقط -كما أتفق مع ابنتي كل ليلة- حتى لا تنتهي القصص ونجد يومًا أن القصص قد (خلصت) ولا يوجد ما نحكيه، ولن أحكي إلا قصتين.
ننتقل لمسألة تكرار خلع الملابس، وهي مسألة لا تعالجها القسوة، وربما كان ما تعنيه والدتك الحزم وليس القسوة، فالعصا كما قلنا آنفًا تصنع قردًا مدربًا ولا تصنع شخصًا واعيًا مطيعًا محبًّا، وكفى ما تعرضت له الابنة بتركها شهرين كاملين بعيدة عنك، وعن إخوتها مما كان له الأثر السلبي الذي لمسته بنفسك عليها.
وكون الابنة تمتنع عن هذا السلوك عند والدتك، ثم تعود إليه عند عودتها إليك ليس السبب فيه عدم قسوتك عليها، بل قد يكون السبب فيه حبها للأناقة والنظافة والشعور بذاتها وقدرتها على العناية بنفسها.. وهو ما أنصحك بشأنه بما يلي:
1- اجعلي خزانة ملابسها بعيدًا عن متناول يديها، إما بجعل ملابسها في مكان عالٍ عليها أو إغلاقها بمفتاح مثلاً.
2- أحضري لها عروسًا لها ملابس -ويمكنكما في أوقات الفراغ أن تصنعا ملابس للعروس من بقايا الأقمشة بأنفسكما- بحيث تعتني بالعروس وتلبسها وتغير لها ملابسها طيلة النهار.
3- حاولي إشغالها طيلة النهار في مشاركتك العناية بالطفلة الصغيرة تارة، وتارة أخرى في تشكيل العجين معك في المطبخ، أو كنس الأرض أو غيرها مما تحب الصغيرات المشاركة فيه بحيث تنشغل عن هذا الأمر.
4- اسأليها لِمَ تخلع ملابسها، ثم نبهي عليها أن تحضر إليك إذا أرادت تبديل ملابسها بسبب بللها أو اتساخها أو غيرهما؛ لتتولي أنت عملية تغيير الملابس كي لا تمرض وتتناول عقاقير لها طعم مر ولا تستطيع اللعب.
5- لا تلفتي نظرها أن مسألة تبديل الملابس شيئًا يزعجك أو يضايقك، ولا تحكي أمامها عنه مع والدتك أو غيرها، بل أظهري عدم اهتمامك به مع عدم إتاحته لها.. وإذا بكت مثلاً تريد إتاحة الفرصة لها فاسأليها عن سبب التغيير فإن لم يكن هناك سبب فأقنعيها بهدوء أنه طالما أن الملابس نظيفة وجميلة فلا داعي لخلعها وإلا فإن الملابس سيصبح شكلها سيئًا من كثرة الغسيل.
6- اجعلي لها مكافأة إذا حافظت على ملابسها طيلة اليوم نظيفة وبدون بلل.
أختي الكريمة.. تأكدي أن مشكلات الأطفال لا تنتهي بين يوم وليلة، وواهم من يعتقد أن شفاء طفل من سلوك سيئ انتابه يكون بصفعة على وجهه أو علقة ساخنة أو باردة، فالأمر يتطلب أكثر بكثير من هذا الحل المتعجل المنفعل، ولا تنسي موافاتنا بنتائج تطبيقك لهذه النصائح، ومدى تأثيرها على سلوكيات ابنتك.. وفي انتظار أخبارك ومزيد من استفساراتك.
ـــــــــــــ(103/24)
علميه الطيران وراقبيه من بعيد ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أرملة أعيش مع والدتي ولي ولد يبلغ من العمر خمس سنوات، وأنا أحاول ألا أضربه أو أهينه قدر الإمكان، غير أنني لاحظت أنه لا يستطيع التعامل مع الآخرين، فعندما يريد شيئًا من جدته أو حتى معلمته فإنه يلجأ إليّ لكي أتوجه إليهم بالسؤال بدلا منه.
كما أنه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه ضد من يعتدي عليه من الأطفال في مثل سنه، بل يلجأ إليّ أيضا لكي أقوم بالدفاع عنه، بل إنه يخشى أن يشكو إلى المعلمة، وعندما أسأله لماذا لم تخبر المعلمة؟ يقول أخشى أن تضربني أو لأنها لا تضربهم، فإن قلت له لماذا لم تضربهم كما ضربوك؟ يقول حتى لا يخبروا المعلمة.
أنا لا أريد أن يكون ولدي عدوانيا، ولكني أيضا لا أريد أن يكون ضعيفًا أو جبانًا، كما أنني أريده أن يعتمد على نفسه.
شيء آخر ألاحظه عليه وهو أنه ليس له شخصية مستقلة أو رأي خاص به لا بين أقرانه ولا حتى في البيت؛ فهو إما يقلد من يلعب معه أو يسألني عن رأيي ليأخذ به ويلح علي حتى أشير عليه بالرغم من إصراري في مثل هذه المواقف على أن يقرر هو لنفسه ما يريد. فأرجو المشورة، وشكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلا بك يا أم عبد الرحمن ونشكر لك تواصلك معنا..
أولا: أحييك على اهتمامك بتربية عبد الرحمن وتحديد المشاكل ونقاط الضعف بدقة، بارك الله لك فيه وقر عينيك به.
ثانيا: أود أن أوضح لك أن من الصعب أن نحدد أو نحكم على شخصية الطفل في سن خمس سنوات بأنه لا يستطيع التعامل مع الآخرين أو أن ليس له شخصية مستقلة أو أنه ضعيف أو جبان؛ لأن هذه الشخصية أصلاً لم تتكون بعد ولم تكتسب ملامحها الخاصة، فهو لا يزال في مرحلة التأمل ومحاولة فهم العالم حوله، وفهم الناس وطبائعهم ومشاهدة النماذج المختلفة من البشر وسلوكياتهم، وشيئا فشيئا يتأثر بهم ويختار من هذه النماذج ما يتصور أنه صحيح ومناسب له، وهذه العملية تستمر طوال حياة الإنسان؛ لقوله تعالى: {ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}.
ودورنا هنا مع أطفالنا هو ليس الحجر عليهم أو إكراههم ليكونوا نموذجًا بعينه نتمناه نحن لهم -أو بالأصح نتمناه لأنفسنا–، ولكن دورنا هو أن نساعدهم على فهم الحياة والأمور بطريقة صحيحة وصياغة معايير الخطأ والصواب معهم والمقبول وغير المقبول، ومن داخل هذا الإطار نراقب نموهم ونساعدهم في أن يكونوا الشخصية التي يريدونها هم والتي تعبر عن أنفسهم وتحتوي قدراتهم ومواهبهم وتراعي الفطرة الخاصة التي فطره الله عليها، وهذا لا يتحقق إلا بالتقارب الشديد معهم والحوار الدائم والمفتوح معهم والصداقة بيننا وبينهم وإتاحة جو من الحرية يتحركون فيه في ظل رعايتنا ونصائحنا وليس تحت أوامرنا وتوجيهاتنا.
وأخشى أن تكون ظروف عبد الرحمن من فقْد والده وهو صغير وشعورك أنت بهذا الحرمان وإحساسك بتحملك أنت وحدك المسئولة عنه يجعلك تبالغين -وهذا سلوك طبيعي- في رعايته وملاحظته ومساعدته كلما احتاج شيئا، وكذلك وجودكم في بيت الجدة يجعل مصدر هذه الرعاية الزائدة يتضاعف.. أنت والجدة، صحيح أن هذا العطف والحنان له آثاره الإيجابية الممتازة على المستوى العاطفي فهو يعطي للطفل جرعات من الحب والحنان يحتاجها بالفعل، ولكن في بعض الأحيان يكون له أثر سلبي على شخصيته وحرية نموها إذا كان مبالغًا فيه.
إن كل المطلوب منك يا سيدتي أن تشجعيه وتعطيه الثقة في نفسه وفي قدرته على مواجهة المواقف وحل مشاكله بنفسه وألا تقعي في الفخ الذي تقع فيه الكثير من الأمهات حين تحاول أن تستمد وجودها في الحياة والشعور بذاتها من خلال أبنائها بحجة أنهم صغار ويحتاجون لمن يؤدي عنهم بعض الأعباء.
كلا.. نحن ندعمهم ونعطيهم خبرتنا ونصائحنا، ولكن لا نتقمص أدوارهم ونسرق منهم شخصياتهم.
1- عوديه دائما أن يؤدي احتياجاته بنفسه، فإذا أراد أن يسأل في المدرسة عن شيء فشجعيه أن يذهب ويسأل بنفسه، ولا تذهبي أنت للسؤال حتى ولو أدى ذلك لبعض التعطيل.
2- لا تشعريه دائما بأنك تلاحقينه لأنك قلقة عليه، ولكن فقط عليه أن يخبرك بما حدث ويحكي لك لأنكما أصدقاء.
3- عوديه الاعتماد على نفسه داخل البيت، فمثلا ينظم حاجياته في الدولاب، يرتب مكتبته، يحضر لنفسه كوب الماء، يساعد في أعمال المنزل.
4- شجعيه على التحدث مع الجيران وإلقاء السلام عليهم واللعب مع أطفالهم.
5- إذا أردت إبلاغ أحد من الجيران شيئا فاطلبي منه ذلك وشجعيه بهدوء ورفق.
6- عندما تكونين معه في الشارع وأراد شراء حلوى أو لعبة ادخلي معه ودعيه يطلب ويختار هو ويدفع النقود، ولا تفرضي عليه اختيارا، شيئا فشيئا عوديه أن ينزل ليشتري لك بعض احتياجاتك من أقرب مكان ممكن.
7- اعلمي أن هذه التصرفات البسيطة هي بداية الاعتماد على النفس، ولا تبالغي في الخوف عليه، فما دام سينزل إلى معترك الحياة حتما فلينزل وهو قوي مستعد لها.
8- في هذه السن الصغيرة من الطبيعي ألا يعرف كيف يأخذ حقه من الأطفال الذين يعتدون عليه؛ لأنه لا يزال صغيرًا وهؤلاء الأطفال المعتدون ليسوا هم القاعدة التي يقاس عليها بل في كثير من الأحيان يكونون أطفالا عدوانيين بطبعهم، وطبيعي ألا يعرف أطفالنا كيف يتصرفون معهم.
ودورنا هو أن نفهم أطفالنا أننا لا نعتدي على أحد، ولكن عندما يعتدي علينا أحد لا بد أن نأخذ حقنا بالطرق القانونية المشروعة وليس بالعدوان، ولا بد أن نعلمهم أن يلجئوا للمدرسة وإذا لم تتصرف يلجئون للإدارة، وإذا لم يتصرفوا تذهبين أنت للمدرسة وتقابلين الإدارة ولا تسكتي حتى يأخذ حقه؛ لأننا مهتمون أن تستقر عندهم معاني الحق والعدل والتعامل بطريقة مشروعة وحضارية، وهذا سيعطيه الثقة في نفسه وفينا وفي الحق الذي تعلمه.
9- بالنسبة للتقليد فهذا أمر طبيعي في هذه السن فهناك أطفال لا تظهر شخصيتهم المستقلة مبكرا، وليس معنى هذا أنهم ليس عندهم شخصية، ولكن فقط هي تحتاج لجو من الحرية والاحترام والتشجيع ومشاركته ألعابه وهواياته واهتماماته والحوارات الكثيرة معه، وسوف ترين في ابنك بعد ذلك شخصية رائعة، ولكن كم من أولاد كانوا ذوي شخصيات قوية وواضحة منذ الصغر كسرتها أم متسلطة لا تحترمه ولا تشجعه وتسخر منه ولا تترك له مساحات من الحرية يعبر فيها عن نفسه فلا تقلقي.
10- حين يصر أن يسألك عن رأيك لا تصري أنت ألا تقولي له، ولكن في البداية قولي له رأيك ثم ابدئي بعد فترة أن تعرضي عليه أكثر من اقتراح وهو ينتقي منها، ثم بعد ذلك قولي له اقتراحا واحدًا، واطلبي منه أن يقول رأيه هو الأخ، وهكذا بالتدريج سيُكّون آراءه الخاصة به بل و يتمسك بها.
وفي النهاية تذكري أنه لو كانت التربية سلسة وسريعة لما استحقت الأمهات أن تكون الجنة تحت أقدامهن، وأدعو الله أن يوفقك وننتظر منك النتيجة والخبرة التي تفيدنا وتساعدنا لننصح من يستشيروننا كل يوم.
ـــــــــــــ(103/25)
مشتقات الغيرة.. عرفت فالزم ... العنوان
أشكركم على المعلومات والإرشادات القيمة التي تحتويها هذه الصفحة والموقع عموما. أود أن أستشيركم بالطريقة المثلى التي يجب أن أتبعها مع طفلتي البالغة من العمر سنتين وشهرا.
المشكلة الأولى تكمن في أنها ترفض الذهاب إلى التواليت، وعندما أقول لها ذلك تهرب وتقف تنظر بطرف عينيها ردة فعلى، علما أنها لا تبول في ثيابها في المدرسة، ولكن بمجرد دخولها البيت تقوم بذلك. عندما أنجبت طفلي الثاني كان عمرها سنة وتسعة أشهر وحاولت حينها أن أقوم بتعليمها الذهاب إلى الحمام، ولكن كان الوقت غير صحيح فتركت الأمر وعدت له ثانية الآن.
أنا أعلم أنها تحاول شد الانتباه لها دون أخيها، ولكن أؤكد أن الاهتمام لم ينقص بل زاد بعد مجيء أخيها، فهي مميزة جدا ويحبها كل من رآها ويهتم بها بشكل مميز، كما أنني شخصيا أراعي ذلك جدا وكذلك والدها.
الأمر الثاني: أنها كانت تنام بغرفتها والآن لم تعد ترضى إلا أن أنام معها. في الفترة الماضية كانت تنام مع أختي، حيث كانت بزيارتي والآن بعد سفرها لا تقبل إلا أن أنام معها بغرفتها. أرجو إرشادي عن كيفية معالجة ذلك.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أيتها الأخت الكريمة، ونحن الذين نود أن نشكرك على مجاملتك الرقيقة، وحسن متابعتك لنا .
أختي الفاضلة هناك أمور عديدة في تفاصيل سؤالك وبياناته مما أثار دهشتي، ولعلنا نلتقط منها طرف الخيط للوصول لأسلوب صحيح للتعامل مع ابنتك ولا أقول إلى علاج سريع ولا حل مثالي قبل أن أبدأ بكلامي معك.
بداية لا بد أن أوضح لك حقائق ثلاثا يجب تكون بذهن كل مربٍ حيال أبنائه:
1- سلوك الطفل لا ينضبط بطريقة آلية، وإنما ينضبط عندما تنضبط القيم والمعايير التي تحكمه؛ وهو ما يجعل محاولاتنا لتعديل سلوكه تتسم بالتدرج.
2- الخطأ هو طبيعة السواد الأعظم من الأطفال.. وأسبابه عديدة وعلى رأسها لفت النظر الذي فطنت إليه مع ابنتك الحبيبة.
3- مشكلات الأطفال الفردية لا تنتهي بين يوم وليلة وتتطلب زمنا يطول أو يقصر حسب شخصية الطفل وظروفه، وبالتالي فصفعة ساخنة أو "علقة" موجعة لا تنهي مشكلة قد يحتاج علاجها شهورا، وكذلك لا يوجد نظام ثابت أو موحد للتعامل مع الأبناء لتمايز طباعهم وشخصياتهم، وإنما هناك قواعد عامة تستطيع كل أم تطويعها لتلائم شخصيات أطفالها وما يناسبهم.
ثم ننتقل لما أثار دهشتي في سؤالك وهو أن ابنتك لم تتجاوز العامين إلا بشهر واحد وتذهب للمدرسة!! ثم تقولين إن الاهتمام بها لم ينقص.. قد يكون ما تقصدين الحضانة لأن طفلتك في عمرها هذا لا تكون قد أتقنت النطق بعد، ولم تؤهل لكل هذا الانفصال عنك لتذهب للمدرسة ولتبعد عنك 9 ساعات يوميا كما تشير بيانات سؤالك.
فضلا عن أن مسألة الاهتمام يصعب أن يحددها المربي بل يحددها شعور الابنة الذي يسهل أن يدل عليه التغيير في تصرفاتها كما أوضحت وخصوصا في هذه السن الصغيرة.
ودعينا نحدد مشكلاتك مع ابنتك ليكون الحديث أكثر وضوحا:
1- التبول النهاري.
2- الرغبة في النوم معك وعدم استجابتها لفصل المنام.
لن أقول لك ما يقال عادة في مثل مشكلة ابنتك من أن ما تمر به طبيعي ومتوقع بعد مجيء أخيها؛ فالبوال (عدم التحكم في الإخراج) عرض رئيسي من أعراض الغيرة بين الأطفال، بل سأقول إن تحكمها في الإخراج في الحضانة مؤشر طيب على خلوها من أي مشكلة في التحكم في الإخراج.. وهو ما يؤكد أن هذه المسألة طبيعية ولا تتعدى استجداء حنانك واهتمامك وربما إغاظتك.
كما سأضيف أن يارا لا زالت صغيرة على تمام التحكم في التبول -كما كانت صغيرة حين رزقت بأخيها وحرمت من الرضاعة- ولا بد من ذكر أن الكثير من الأطفال يعانون من التبول اللاإرادي كجزء طبيعي من عملية نضجهم وتكوينهم. فحسب الإحصائيات المرصودة في هذا المجال فإن التبول اللاإرادي يختفي في الأطفال بعد سن الخامسة بمعدل 15% من الحالات كل عام.
إن فطنتك كأم أكدت لك أن ما تفعله ابنتك من إغاظة لك بتعمد التبول في ملابسها إنما هو لجذب انتباهك واهتمامك.. فماذا تنتظرين مني أن أضيف سوى أن أقول: استجيبي لهذا الاستجداء، ونحي مسألة التبول تلك جانبا الآن.. واجعلي علاجك لها لاحقا -كما سأوضح لك- بعد تقوية أواصر العلاقة بينك وبين يارا بشكل عاجل، مما يمهد لاستجابتها لك؛ فالمحب لمن يحب مطيع .
إذن فالمطلوب منك هو:
أولا: اتباع النصائح الموجودة في الاستشارات التالية لمنح ابنتك الحب والاهتمام والاحتضان الذي تحتاجه وتطلبه بالشكل الذي يرضيها ويشبعها هي لا بما يرضي ضميرك أنت فقط:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي .
- أمي: ارحمي غيرتي وغربتي
- الغيرة وأشياء أخرى
ثانيا: بعدما تتأكدين من أن العلاقة بينكما قد حققت لابنتك ما تطمح إليه من القرب منك، يمكنك معاودة المحاولة في التدريب على التحكم كما يلي:
1- محاولة الترغيب للطفلة بهدوء وتشجيع لكي توافق على الذهاب للتواليت بمكافأة تحبها أو بقصة جميلة أو "حدوتة" تحكينها لها في هذه الأثناء.. فلا بد أن تحاولي بإصرار ولكن بهدوء ولطف، وبنوع من المحايلة والتشجيع المعنوي (الابتسامة، التصفيق، الاحتضان)، والمادي كالحلوى أو لعبة صغيرة.
2- لا بد من إقران القبول دومًا بمكافأة.. ولا تظهر المكافأة إلا في حالة التبول في المكان المخصص لذلك، فهذا ينبِّه الطفل وجهازه العصبي. وحذارِ من التقريع وابتعدي تماما عنه، ولا تقومي بلومها إذا ما فشلت في التحكم بل يُكتفى بحرمانها من الهدية التي كانت مخصصة لإنجازها هذه المهمة، وإن كان هناك معاتبة فبأسلوب لطيف.
3- يمكنك تبليل قدميها ويديها عندما تشعرين أنها بحاجة للإخراج -عند الاستيقاظ مثلا أو قبل النوم- لأن هذه البرودة تتسبب في وصول إشارات عصبية للمثانة للتخلص مما بداخلها، كما يمكنك اصطحابها إلى محل لوازم الأطفال أو الصيدلية لشراء قاعدة أطفال للمرحاض بألوان جميلة مما يخلق لديها الرغبة باستخدام ما اشترته بنفسها لنفسها.
4- لا داعي للدخول مع الطفلة في عناد قد يؤدي بها لإمساك مزمن لرغبتها في منع فضلاتها عنادا.. فمن الممكن تجاهلها مؤقتا عسى أن تتخلى عن عنادها بشكل تلقائي، خاصة أنها في الحضانة تتحكم في الإخراج.
5- تبسمي لابنتك كلما رأيتها وتكلمي معها بعطف وعبري لها عن حبك باستمرار وتفاخري بها أمام أبيها؛ فكلما تلقى الطفل الانتباه تتناقص بالتدريج جهوده التي يبذلها للفت النظر إليه بطرق غير مرغوبة.
6- لا تنسي أنك وأسرتك في غربة مما يحتم ضرورة التلاحم والترابط القوي بينكم عوضا عن وجود العائلة من الجدود والأخوال والأعمام الذين يعوضون الطفل جزءا من الرعاية والاهتمام الذي قد يعجِز عن الوفاء به الوالدان. لذا فلا تدخري وسعا في قضاء وقت طويل سعيد مثمر مع ابنتك ومنحها حبا كافيا يشبعها ويروي ظمأها.
أما مسألة النوم:
أولا: من حق يارا أن تتمتع بحضنك ودفء القرب منك عند نومها، وهو ما كانت تستعيض عنه بحضن خالتها، ويمكنك تعويدها على الانفصال في منامها تدريجيا ولاحقا مع مراعاة أن الطفل في سن يارا حين يرفض فهو لأنه لا يستطيع فيجب عدم إجبارها على الانفصال عنك، بل إنه من الخطأ إشعارها بأنه قد حرم عليها هذا الحضن وهذا الجوار إلا في وجود ضيفة كخالتها.
ثانيا: لا مشكلة من أن تنامي بجوارها حتى تستغرق في النوم ثم تغادري غرفتها بعد إضاءتها بضوء خافت يضمن عدم فزعها عند الاستيقاظ مع ضرورة قرب حجرتها من حجرتك.
ثالثا: ضعي بجوارها لعبا من الفرو الناعم مما يؤنسها في بداية نومها في السرير.
رابعا: اجعلي نومها على صوتك الحنون يحكي لها حكايات أو يغني لها وأناملك تداعب شعرها ولا تستهيني بهذه اللحظات الغالية والمؤثرة في صياغة شخصية ابنتك بشكل سويّ.
خامسا: حينما يكبر أخوها قليلا يمكن أن يكون مسألة استجابتها للفصل في المنام أسهل لوجود مؤنس لها في الغرفة.. التي يجب أن تكون حافلة بالبهجة من ألعاب وألوان وغيرها.
أختي الكريمة:
دائما نؤكد أنه لا بد أن نقابل أطفالنا في مشكلاتهم بسياسة النفَس الطويل والسيطرة المتحكمة في انفعالات الغضب.. هذا إن كان هناك مشكلات.
أما ما ذكرته في سؤالك فهو لا يتعدى كونه من مشتقات الغيرة بين الإخوة.. ومن وسائل استجداء الحب والحنان الذي يجب أن يعامل بمنطق (عرفت فالزم).
ولمزيد من المعلومات المفيدة عن موضوع الغيرة يمكنك مطالعة ما يلي:
- الغيرة صراع من أجل الملك
- طفلي الأول لن تخرج من جنتي
- كنز الطاعة المفقود.. موجود
- إبطال مفعول قنبلة الغيرة
- إنها الغيرة.. مرة أخرى
وفي انتظار أخبارك ومتابعتك لنا عن أحوال يارا وأخيها.
ولكل زوارنا الكرام برجاء مطالعة هذا المقال حول ساحات النصرة والفعل الممكنة بين
القيام بفعل مسلح والاشتباك بالقوة مع مصدر التهديد، أو القعود والاستسلام فريسة لليأس:
- الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف
وشاركوا بتجاربكم حول أطفالكم والأحداث في ساحة الحوار التالية:
- نداء من أم....هل من معين ؟؟؟
ـــــــــــــ(103/26)
فن وضع القواعد في البيت ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بالرغم من عدم ردكم على رسالتي الأولى التي بعثتها إليكم؛ فهذا لم يثنني عن الكتابة إليكم مرة أخرى؛ لأنني وبكل صراحة وجدت ضالتي لديكم، فأنا دائمًا أتصفح الكتب لأجد حلولاً لمشاكلي مع أولادي، ولكنها لم تشبع نهمي في تربية الأولاد؛ فطريقتكم في الرد على المشاكل بصورة واضحة ومفهومة تروي ظمأ الأمهات.
أرجو أن تتحملوني أنا ومشاكلي؛ فأنا أعتبركم المربين لي من اليوم فصاعدًا، ولا تعلمون كم أثرتم على حياتي! -طبعًا نحو الأفضل-، وكم تحسنت نفسيات أولادي! فقد كنا كمن هم في ساحة حرب لا يخمدها إلا سويعات النوم، وما إن يبزغ نهار يوم جديد حتى تبدأ الحرب من جديد، ولكننا ما زلنا في أول الطريق؛ فلا تبخلوا علينا بعطائكم.
أنا أم لسبعة أطفال، أعرف تمامًا أن مشكلتي تكمن في عدد الولادات، ولكننا لا نريد أن نكون خياليين؛ فهذا هو الواقع. لي سؤال: هل على الأم أن تكون دائمة العطاء من غير مقابل؟ فأنا تغيرت كثيرًا بعد أن تعلمت الكثير منكم، أصبحت أستمع لأولادي وأعطيهم الوقت الكثير، ولكنني عندما أوجه لأحدهم طلبًا يبدأ بالتلكؤ، وبعدها يثور ويبدأ يندب حظه العاثر -على حد تعبيره-، وعندما أطلب من أحدهم شيئًا يبدأ بالصراخ (لماذا طلبت مني أنا وليس من أخي؟)، والآخر يقول نفس الكلام، وعندما يجن جنوني وأصبح مثل حبة الحمص في المقلاة، ينفذون ما أطلب.
أناشدكم الله أن تعلموني كيف أجعل أولادي يتحملون المسؤولية، نحو أشياء بسيطة وضرورية؟ فهذا ما يوتر علاقتنا ببعض؛ لدرجة أن ابني الكبير عندما أطلب منه شيئًا بسيطًا يبدأ يدعو على نفسه بالموت، بينما في المقابل يريدون من الأم مارد علاء الدين، يفرك خاتمه فيظهر المارد، ويقول: "شبيك لبيك، عبدك بين إيديك". وماذا لو أن للمارد سبعة علاء الدين؛ فماذا سيفعل هذا المارد المسكين؟! سامحوني على الإطالة عليكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلاً بك ومرحبًا يا أم شهاب وبأبنائك جميعًا. ولا أملك حيال تحيتك التي طوقت بها أعناقنا إلا أن أدعو الله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في أدائها ويرزقنا الرشد لنحسن ما بدأناه.
وأعود إلى رسالتك لأدخل معك في الموضوع مباشرة؛ فرغم أن سبعة أطفال عدد كبير فعلاً -بارك الله فيهم جميعًا- خاصة عندما لا نكون نحن ولا ظروفنا مؤهلين للتعامل مع هذا العدد من الأطفال، فإذا أضفنا لها ضيق المسافات الزمنية بينهم، وهذا طبعًا واضح من كون أكبر أبنائك عمره 12 سنة، ولكن يا سيدتي دعينا نتعامل مع الواقع كما تقولين، واسمحي أن أقول لك: إن تربية 7 أطفال في هذا الزمن الصعب وإن كانت ليست سهلة فإنها ليست مستحيلة، ومن غير المعقول أن نحيل البيت إلى ساحة قتال لا تهدأ إلا وقت النوم؛ فهذا يدمرك أنت أولاً قبلهم وبالتأكيد المجهود الذي يمكن أن تبذليه لوضع نظام وقواعد ثابتة للبيت مهما كان مرهقًا فسيكون أهون عليك من تحمل كل هذه المشاكل؛ ولهذا نقول لك: بدلاً من "نعم" و"لا" و"افعل" و"لا تفعل" ضعي قواعد للبيت يحترمها ويخضع لها الجميع.
أولاً- ما معنى قواعد في البيت؟ نعني بذلك وضع نظم ثابتة يسير عليها أفراد البيت جميعهم دون استثناء ويفهمها ويشارك في وضعها كل أفراد البيت، وعلى هذا فهي: لا تحتاج للمناقشة مع كل موقف؛ لأنها ثابتة ومتفق عليها، وليست طلبًا من شخص إلى شخص يحتاج للإلحاح والرفض، ولكنه نظام لا يتم تغييره أو إيقافه أو تأجيله؛ هذه القواعد تساعد الأولاد والآباء على التفاهم وتأدية المهام المطلوبة بأقل قدر من الصراع والمشاكل؛ وذلك لأن هذه القواعد قد تم الاتفاق عليها معهم؛ فنحن ننفذ ما اتفقنا عليه، وليس في كل مرة نتفاوض من جديد، ولأن تعامل الطفل مع قاعدة ثابتة حتى ولو كانت لا ترضيه كل الرضا أفضل كثيرًا من تعامله مع أم أو أب متقلب المزاج والآراء، لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله؛ فاليوم يمكن أن يرفض ما قبله الأمس، وغدًا يوافق على ما رفضه اليوم؛ فإن ذلك يصيب الأطفال بالتشتت، ويضعف ثقتهم في أنفسهم وفي والديهم؛ مما يشعرهم بحالة من الخوف والارتباك الداخلي، ويجعل نفوسهم هشَّة هزيلة قابلة للانقياد لسواها بعد ذلك، كما أن هذه القواعد تطبق على الجميع دون استثناء، وعلى هذا يشعر الأبناء بالعدل والمساواة بين جميع أفراد الأسرة.
- والآن كيف نضع القواعد؟ وكيف نلزم الصغار بها؟
1- تخيري مناسبة جيدة تستحق أن تكافئيهم على حسن أدائهم مثل نجاح في الامتحانات أو سلوك جيد في موقف معين أو أي مناسبة، واصنعي لهم حلوى يحبونها، ويا حبذا لو أخذتهم في رحلة ممتعة ومنعشة، واجعلي جو الرحلة فيه الكثير من المرح والحب والتفاهم والاحترام لهم، ثم بطريقة طبيعية تحدثي معهم، وأثني على السلوك الجيد الذي تكافئينهم عليه، وخبريهم أنك تحبينهم جدًّا، وأنهم أولاد ممتازون، وأنك تتضايقين جدًّا عندما تختلفين معهم، ويتوتر جو البيت، وتحدث فيه مشاكل وصراعات رغم أنهم أولاد ممتازون، وابدئي معهم مناقشة أسباب هذه المشاكل، وكيف نوقفها، ولا تتحدثي أنت حتى يتكلموا هم ويقولوا كل ما عندهم، واحترمي كل آرائهم، ثم وضحي لهم أن هذا البيت هو بيتنا جميعًا، وكلنا نعيش فيه؛ ولذلك لا بد أن يكون مريحًا ونظيفًا، وأن نتعاون معًا كلنا في ذلك، واطلبي منهم هم أن يضعوا الحلول المناسبة لكل مشاكلك معهم، وساعديهم أنت في وضع وصياغة القواعد الجديدة التي سيسير عليها البيت، وسيلتزم بها الجميع.
2 - حتى تكون هذه القواعد ناجحة وفعَّالة لا بد أن تكون واضحة ومحددة، ويفهمها الجميع بوضوح.. فمثلا لا تقولي: "لا لعب أثناء الدراسة"، فمن غير المنطقي ألا يلعب الأطفال خلال 6 أو 7 أشهر (مدة الدراسة)؛ فاللعب هو وظيفة الطفل، ولكن قولي: "اللعب بعد الانتهاء من المذاكرة والواجبات اليومية"، وهكذا...
3 - لا بد أن تكون هذه القواعد منطقية وفي حدود إمكانياتهم وطاقاتهم، وتراعي أنهم أطفال؛ فلا يمكن أن نقول: "لا للعب ولا إفساد ترتيب نظافة الغرفة"، ولكن نقول: "بعد اللعب لا بد من إعادة كل شيء كما كان وترتيب الغرفة"، فهذا طلب منطقي، مثلا "لا تقولي: لا تكن شقيًّا دائم الحركة"؛ فهو طلب غير مفهوم. لكن طلبًا مثل "لا للصوت العالي وقت راحة والدك.. لا لضرب أخيك؛ فعقابه من سلطة الوالد"... إلى غيرها، طلب مفهوم وقابل للتنفيذ حتى ولو كان بصعوبة. ما عليك هو أن تجعلي الأمر محددًا ومباشرًا وممكن التنفيذ ومنطقيًّا وعادلاً بأن يحتوي على سبب منطقي وعادل.
4- لا بد أن يحتوي الاتفاق على بنود الثواب والعقاب عند الالتزام بالتنفيذ، ولا بد أن تكوني صادقة جدًّا جدًّا معهم حتى لا تفقدي مصداقيتك أمامهم.
5- عند التنفيذ لا بد أن تكوني أكثر الملتزمين بتنفيذ الاتفاق مهما كلفك احترام القواعد، ولا تبادري أبدًا بكسر القاعدة، أو طلب استثناء لنفسك أو لأحد من الأولاد.
6- اعتمدي دائمًا أسلوب التشجيع والثناء على التصرفات الجيدة، وامنحيهم الاحترام والثقة، وقلِّلي التوبيخ والمعاتبة والتأنيب الدائمين، وتغاضي عن الأخطاء الصغيرة غير المقصودة.
7- لا تجعلي هذه القواعد مثل الأوامر العسكرية التي تطبق بطريقة عمياء لا تراعي الظروف؛ حتى لا يشعر الأولاد أن هذه القواعد تخنقهم؛ فيتركوا الاتفاق كله ويختاروا الفوضى التي كانوا فيها، ولكن حاولي دائمًا إشعارهم بفضل هذه القواعد في تهدئة البيت، وفي التفاهم والاحترام الذي صار بينك وبينهم.
8- أشعريهم دائمًا أن لهم الفضل في نجاح الفكرة بالتزامهم وحسن سلوكهم، واجعليهم يشعرون بفضلها في شكل مميزات يحصلون عليها، مثل تفرغك الأكبر للحديث واللعب معهم وزيادة اقترابكم من بعض، وتوفر وقت للخروج للنزهة، أو ممارسة شيء يحبونه.
9- اعلمي أن وضع القواعد ليس معناه أن البيت سيتحول إلى جنة هادئة أو سيخلق المدينة الفاضلة، ولكنه فقط أسلوب أفضل لإدارة البيت والتعامل مع المشاكل بأقل قدر من الصراع.
عندما يخالف الأولاد القاعدة أو يرفضون تنفيذها:
لا تعودي للفوضى ثانية ولا لأسلوب "حبة الحمص في المقلاة"، ولكن بهدوء شديد جدًّا تحدثي مع المخطئ وحده، وركّزي كلامك حول المشكلة الحالية أو القاعدة محل المشكلة، وإياك أن تخلطي الأمور؛ فتبدئي معاتبته على أخطاء أخرى سابقة أو تبدئي الشكوى منهم جميعًا؛ لأنهم أولاد متعبون ولا يسمعون الكلام، ولكن كوني محددة جدًّا في النقطة التي تتناقشون فيها.
وكرري له القاعدة التي اتفقتم عليها من قبل بهدوء ودون انفعال أو إهانة أو صراخ، وذكِّريه بالنتائج والثواب والعقاب الذي اتفقتم عليه، ودعيه يأخذ قراره في الالتزام بالقاعدة أولاً، ولا تتحدثي عنه بطريقة سيئة أمام إخوته، ولا تشهديهم عليه أو تجعلي من بعضهم حزبًا عليه.
- عند رضائه بالأمر وتنفيذ القاعدة احترميه واشكري له الالتزام بنظام البيت، ولا مانع من مراجعة بعض القواعد أو معاونتهم في تنفيذها إذا شعرت أنها أكبر من طاقتهم.
ونصيحة أخيرة لك: أشيعي جوًّا من التعاون والاحترام بين أبنائك، وابدئي بنفسك فاحترميهم، وإياك والتجريح أو الإهانة.
أختي الغالية هل كنا خياليين؟ هل قلنا كلامًا وأحلامًا غير منطقية؟ هل نظام القواعد نظام غير قابل للتطبيق؟
صدقيني يا سيدتي إذا أردنا أولادًا منظمين محترمين هادئين متفاهمين، فلنكن نحن آباء منظمين محترمين هادئين ومنطقيين، ولقد رأيت تجارب ناجحة جدًّا في ذلك، وتخرج أبناء ناجحين واثقين من أنفسهم، يحسنون الاعتماد على أنفسهم يحترمون أنفسهم ويحترمون الناس.
اتعبي قليلاً في وضع القواعد وإعادة صياغة نظام البيت على الاحترام والهدوء، وسترتاحين بعد ذلك.
ـــــــــــــ(103/27)
العزف على أوتار المسئولية ... العنوان
لا أعرف كيف أعامل أبنائي الثلاثة 4 - 6 - 8 سنوات، هم خارج المنزل في منتهى الأدب واللطف، لكنهم داخله عكس ذلك تمامًا؛ فهم لا يستمعون لأي أمر أوجهه لهم، وقد أحتاج لتكرار كلامي 5 - 6 مرات، ثم أضطر للصراخ وإعلاء صوتي ليستمعوا لي.
أخشى من تفاقم المسألة مع كبر سنهم.. أنا لا أضربهم مطلقًا لكنهم لا يعيرون كلامي انتباهًا، وحينما يبدءون بالشجار معًا لا أعرف كيف أوقفهم ولا كيف أتصرف، ولا هم يستمعون لكلامي كأني غير موجودة.. أشعر أني سأفقد السيطرة عليهم.. فبم تنصحونني؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الكريمة، وخير ما أبدأ به حديثي معك هو قول أحد خبراء علم النفس الفرنسيين الدكتور أندره برج: "تمتاز التربية عن باقي النشاطات البشرية بالضبط لكونها بدلاً من أن تزيد من سيطرة الإنسان على الموضوع الذي تنطبق عليه، فهي تؤول إلى فصل هذا الموضوع عنه".
ولعلك تتعجبين من هذا المدخل للإجابة على سؤالك، لكني وجدته الأنسب للرد على سؤالك الذي بدأته بجملة "لا أعرف كيف أتعامل مع أبنائي الثلاثة"، فأحببت أن أوضح في بداية الحديث الغرض من التعامل الصحيح مع الأبناء، والذي يبعد كل البعد عن السيطرة والامتلاك والطاعة العمياء، بل إنه الحب الذي يحرر ويطلق وينمي.
وقد وضحت في سؤالك يا أختي الكريمة أنك لا تضربين أحدًا منهم؛ فهل عدم الضرب هو التربية أم أنك بالتخلي عن الضرب قد أديت ما عليك من أدوار تجاه تربية أبنائك؟ لا أعتقد ذلك يا عزيزتي؛ فالصراخ -الذي تلجئين إليه أحيانًا- أبشع من الضرب، كما أن اختلاف تصرفاتهم داخل المنزل عن خارجه أمر طبيعي ولا يشكل أي كارثة من أي نوع، بل إنه سلوك صحي يدل على نضجهم بشكل طبيعي، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في طاقة احتمالك التي تفوقها تصرفاتهم.. وهنا كما يقولون "مربط الفرس".
وتعالي نحدد معالم حديثنا بشكل آخر:
أولاً: المشكلة الأساسية: وهي كيف تتعاملين مع أطفالك في ثورات غضبهم وعنفهم من خلال:
- إدراك أسباب هذا الغضب.
- تدربيهم على التحكم في الغضب والانفعالات.
- تدريب نفسك التحكم في انفعالاتك.
ثانيًا: المشكلات الجانبية:
- الشجار وضرب بعضهم البعض.
- كيف يطيعون أوامرك.
أولاً: ثورات الأطفال وغضبهم في المرحلة العمرية من 6-8 سنوات تتلخص أسبابها في الآتي:
1- عدم إجابة طلب لهم.
2- جذب الاهتمام فقد لا يجد الطفل الاهتمام الكافي والالتفات إليه إلا في أوقات الثورة، فعند التصرف الصحيح لا ينظر إليه أحد ولا تهرع الأم من مطبخها، وتترك ما بيديها إلا حينما تعلو الأصوات بالشجار أو تحدث المخالفات، فتصبح تلك وسيلته لجذبها (فما تربح به العب به.. كما يقال في المثل).
3- اكتشاف الطفل من قوانين المنزل ونظام التعامل فيه أنه من المقبول أو من الناجح الثورة للحصول على ما تريد، فبهذا يحقق الأب رغباته، وبهذا تفرض الأم أوامرها، حيث إن أبناءنا مرآة لتصرفاتنا، وهناك من القدرات ما يولدون به وتكون لديهم بشكل فطري، ومنها ما يتدربون عليها ويكتسبونها ممن حولهم، ومن هذه القدرات: التحكم في الإخراج، والتحكم في الغضب، وغيرهما...
والمثل الأول (التدريب على الإخراج) قد توليه الأمهات اهتمامًا كبيرًا وصبرًا كافيًا، في حين يتسببن في فشل الأبناء في اكتساب وتعلم التحكم في انفعالاتهم -وهو المثل الثاني- مدى الحياة بسبب عدم تعليمهم هذه المهارة أو حتى الاهتمام بها؛ فالطفل يرى أن الورقة الضاغطة التي تحقق المراد هي الثورة أو العصبية أو الصراخ، فيتشكل لديه قناعة تامة أن هذا هو السبيل الأسرع والأضمن لتحقيق المراد والدليل خنوعه هو شخصيًّا لتنفيذ أوامر صاحب هذا الكارت -الأم أو الأب أو المعلم- فالثورة والغضب قوة خارقة تصنع المستحيل.
4- عدم وجود روتين منظم للحياة داخل المنزل يشعره بالتخطيط السليم لنشاطات يومه والإدارة المنظمة لوقته، وهو ما يكسبه القدرة على التحكم في الانفعالات.
5- الشعور بالزحام داخل المنزل -حتى ولو كان أفراد الأسرة قلة- بسبب عدم وجود فرص للجلسات الهادئة والحوارات والانفراد بالأم أو الأب أو بالنفس، وهو ما يجب وضع مجال له على خرائط اليوم أو حتى الأسبوع.
6- توجيه الأوامر إليه بشكل عسكري مستفز وبدون خيارات في بعض الأمور التي تحتمل ذلك.
7- عدم العدالة في المعاملة بين الأشقاء؛ فالكبير مثلاً مطالب بما يفوق احتماله لمجرد أنه الكبير مع أنه ما زال طفلاً، وهكذا.
8- أسباب أخرى كالجوع - إرهاق شديد - ألم ما - ضعف الثقة بالنفس والشعور بالقوة مع الغضب والثورة والصوت العالي.
ثانيًا: تعالي نعرف كيف يمكن أن تكوني أهدأ وأن تتعاملي بشكل صحيح مع انفعالاتك، ومن ثَم تضمنين أن يكتسب أبناؤك القدرة نفسها:
1- يجب أن تعرفي يا عزيزتي أن هناك بدائل للصراخ ذي النتيجة السريعة للتغلب على مشكلات أبنائك وتوجيههم بشكل سليم، وهذه البدائل تستغرق وقتًا لتحدث نتائجها، لكنها الأفضل والأضمن والأصح.
2- لا بد من تخفيف الأعباء عنك بمشاركة أحد معك في هذه الأعباء أو جدولتها بشكل لا يسبب لك ضغطًا وإرهاقًا عصبيًّا بمداهمة الوقت وملاحقة الأعباء لك في كل حين، بما لا يسمح بالاختلاء بنفسك أو الترفيه عنها أو المرح.. وأنا أقدر أنه في غربتك ما قد يسبب لك الشعور بقلة الأصدقاء والغربة والوحدة التي تخرج في صورة عصبية، وهو ما يجب مجابهته والتغلب عليه بتقوية العلاقة بالصديقات الحاليات، وإيجاد فرص للترفيه عن نفسك بهواية تحبين ممارستها والتخطيط السليم لوقتك لكي تعطي نفسك حقها، والاستعانة بقوة خارجية لمعاونتك -سواء خادمة مثلاً- أو توظيف طاقة الأبناء في معاونتك أو ما تجدينه مناسبًا من أفكار للتغلب على إرهاقك الذي يفقدك القدرة على التحكم في نبرات صوتك عند الانفعال، فتلجئين للصراخ وهو ما لا يعتبر شكلاً صحيحًا للتعامل مع مشكلات أبنائك كما أشرنا.
3- لا بد من مشاركة الأب في جلسات أسبوعية أو يومية لوضع خطط الأسبوع المقبل للأبناء وما تشتمله من مهام وترفيه وإنجازات وآداب ومواعيد الراحة بين المذاكرة وغيره من عناصر، مع دعم ذلك بقصص عن خلق ما يتم التزامه للأسبوع المقبل.
4- لا بد من أن يكون رد فعلك تجاه التصرفات الصحيحة من قبل الأبناء أكثر تهليلاً وانفعالاً وهمة بكثير منه عند التصرف الخطأ، فيكون ما يحركك ويحرك تجاوبك واهتمامك والتفاتك لهم هو التصرف الصحيح، فيتبارى الكل بالفاتك به، فما ألذه من مكسب جني انتباهك ولفته بالحسن من التصرفات بدلاً من العكس.. ولا تنسَ أن لأبنائك تصرفات حسنة أنت أشدت بها خارج المنزل.. فلو لم تجدي مجالاً للتعبير عن انفعالك السعيد بالتصرفات الحسنة إلا ما يفعلونه خارج المنزل، فلا تتركي فرصة تفوتك.. واحذري لومهم على تصرفاتهم الحسنة خارج المنزل عكس داخله، وهو ما قد يثنيهم حتى عن التصرف بلطف حتى خارج المنزل.
5- لا بد من إيجاد فترات كافية لجلوسك معهم بشكل يومي ومع الأب بشكل دوري منتظم، تتاح لكما من خلالها صياغة وتشكيل هذه العجائن الصغيرة من خلال الأحاديث تارة، والقصص تارة أخرى، والتندر بالذكريات وممارسة الألعاب والأنشطة أحيانًا أخرى، وتوطيد الصداقة والعلاقة والحب معهم.
6- لا بد من صرف طاقاتهم الجسمانية بشكل منتظم ويومي، من خلال رياضة يمارسونها على فترات متقاربة أسبوعيًّا، ومن خلال أنشطة جسمانية خلال فترات الراحة المتكررة بين المذاكرة أو غيرها خلال اليوم الواحد، كالجري حول المنزل مثلاً، أو عمل سباق في القفز مثلاً أو لعب كرة الطاولة داخل المنزل، فالطاقة المتراكمة بداخلهم تنفجر في مشكلات لتصرف.
7- يفضل التقليل من تناول السكريات فهي تزيد الطاقة فيزيد معها الشجار والمشكلات.
هذا بشكل عام، وهو ما يضمن أن يكون تصرفك لحظة المشكلات كما يلي:
1- لا بد أن تكوني متفرجة داخل مشهد التصرفات المستفزة دون أي رد فعل أو انفعال -إلا منع الأذى بالطبع- وبكل لامبالاة، وبالتالي فلا أمل في جذب انتباهك بالتصرفات السيئة، وهو ما سيتأكد بتكرار المواقف من هذا النوع، فصابري وثابري على تنفيذ هذه النصيحة حتى تحدث أثرها.
2- بصوت خفيض للغاية -وهو ما سيتم محاكاته من قبلهم بكل دقة فيما بعد- وبهدوء تدعينهم إلى حل المشكلة بعد نصف ساعة ريثما تهدأ الأعصاب، ثم تناقشين الموضوع مع كل الأطراف بهدوء وتقيمين المخطئ بكل هدوء.
3- رد الفعل تجاه المخطئ يكون عقابًا غير لفظي (كالإهانة) وليس بدنيًّا بالضرب، بل بالمنع من شيء يحبه كبرنامج كرتون، أو تناول العشاء مع الأسرة، أو غير ذلك، وهو ما لا يؤذي كثيرًا ولا يستمر طويلاً.
وننتقل للمشكلتين التي وصفتهما بالجانبيتين وأولاهما الشجار، وللحصول على ما يكفي عن كيفية التعامل مع شجار الأبناء يمكنك الاطلاع على ما سنورده لك من معالجات سابقة عن هذا الموضوع في نهاية الإجابة، وقبل ذلك تعالي معي في آخر كلامنا نحدد مواصفات الأوامر التي يطيعها الأبناء:
1- لا بد أن يكون الأمر عادلاً وبه اختيارات لتأدية المهمة وليس على هيئة قرار لا يحترم رغبته في المواقف والأمور التي تسمح بذلك، بحيث تتاح للطفل الفرصة للشعور بذاته والاختيار والتجربة فتقولي: "هل تفضل اللحم أولاً أم المكرونة؟" بدلاً من "كل كذا ثم كذا"، "من سيلتزم بما اتفقنا عليه فله هدية كذا"، بدلاً من "من سيؤذي أخاه فله عقاب كذا... إلخ، وهكذا...
2- لا بد أن تكون الأوامر واحدًا تلو الآخر، وليست مجتمعة في كتلة واحدة، مع تقدير الوقت اللازم لإتمام المهمة بشكل مرن لكيلا يصاب الطفل بما يسمّى time pressure نتيجة لشعوره بأن الوقت لا يكفي بأداء كل ما طلب منه، فيقال له "كم يكفيك لأداء كذا؟.. حسنًا وعليهم دقائق عشر من عندي.. وبعد الانتهاء لدينا فترة للراحة"، وهكذا...
3- لا بد أن تضعي نفسك مكان أطفالك لتعرفي الطريقة الأنسب التي تطيعين بها من يأمرك فتتبعينها معهم.
أختي الحبيبة.. أنا في انتظار متابعتك لي بأخبارك وأخبار أبنائك ونتائج تطبيق هذه النصائح معهم، وآمل أن تكون صفحتنا لك ملاذًا في غربتك، وشكرًا لك.
وعن المعالجات السابقة الخاصة بشجار الأبناء:
- قاضي الأطفال شنق نفسه
- الحب بين الإخوة.. كيف نغرسه وننميه؟
- شجار الأشقاء.. مثلث الحل
لمزيد من المعلومات المفيدة يمكنك الإطلاع على الاستشارات التالية:
- دليلك التربوي في أرض الغربة
- بدلا من الصراخ في وجه الأطفال
- نصائح ذهبية لعلاج العصبية
- مصاحبة الأبناء..متى، كيف و لماذا؟؟
!!اضربني ولا تصرخ بوجهي
ولكل زوارنا الكرام برجاء مطالعة هذا المقال حول ساحات النصرة والفعل الممكنة بين
القيام بفعل مسلح والاشتباك بالقوة مع مصدر التهديد، أو القعود والاستسلام فريسة لليأس:
- الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف
وشاركوا بتجاربكم حول أطفالكم والأحداث في ساحة الحوار التالية:
- نداء من أم....هل من معين ؟؟؟
ـــــــــــــ(103/28)
رن رن يا جرس ... العنوان
السلام عليكم.. أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمة الاستشارية الوحيدة من نوعها التي نتعلم منها كيف نلتجئ إلى السير الصحيح مع أبنائنا وإخواننا.
استشارتي وسوف أحاول اختصارها وسامحوني إذا أطلت عليكم.
اسمي محمد، أدرس الإعلاميات وأعمل في التجارة الحرة مع أبي عند الفراغ، أبي وكَّلني على إخواني ليس في المصاريف، بل في المراجعة والمواظبة على القراءة والمطالعة معهم أثناء الفراغ إلى غير ذلك.
عندي أختي الصغيرة سامية وأخت أكبر منها سنًّا بـ 6 سنوات، والأخريات ليس عندهن أي مشكلة؛ لأنهن انفصلن عن الدراسة، والآن كل واحدة منهن تعمل في الخياطة، والأخرى المطالعة... إلخ، والحمد لله.
لكن سامية (8 سنوات) دائمًا يعجبها برنامج "رن رن يا جرس" على قناة المنار مباشرة، وهي تريد المشاركة عبر الهاتف؛ لأنها تسمع زملاءها من جميع أنحاء العالم يتصلون بالبرنامج. المشكلة هو أنني قلت لها سوف أعطيك المجال للمشاركة، لكن إذا حصلت على معدل عالٍ في آخر السنة، لكن كلما أقول لها سوف تشارك وجهها يحمر وتخجل وتقول لي يا أخي والله أنا خائفة.
سؤالي: هل هذا الخوف طبيعي أم ماذا؟ وهل إذا شاركت تبقى على خوفها؟ والله الموفق ولكم واسع النظر في المسألة.
فاطمة الزهراء (14 سنة) في السنة الثانية بالتعليم الإعدادي كانت غير محجبة. مرارًا تكلمت معها أمي دون إخبار أبي. قالت لها عندك يومان فقط، ثم إذا رأيتك بلا حجاب فسوف أتصرف بتصرف لن يطلع عليه أي أحد، فذهبت عندها قبل الأجل وشرحت لها هل أنت تصلين قالت نعم، قلت لها الله لن يقبل منك إلا إذا تحجبت، والله يغضب عنك، وأنت الآن الحمد لله بنت قادرة على المسئولية ففهمت، وقالت لي يا أخي الكبير والمحترم من الآن سأعطيك عهدًا جازمًا لن أتخلى عن الحجاب الشرعي، وفعلاً طبقت والأم معجبة بها، لكن السؤال هو أنها تارة أراها تخبئ مني أشياء لن تقولها لي ربما تقولها لأخي الأصغر مني وأنا لا أعرف كيف أتصرف معها لكي تبقى دائمًا قريبة مني مثل أمي؟ وشكرًا. ... السؤال
الخوف, أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بأخواتك وحرصك عليهن.. بالنسبة للأخت الأولى سامية فما تعاني منه من قلق هو شيء طبيعي؛ لأنه موقف جديد عليها وهي تعتبره أمرًا مثيرًا بالنسبة لها؛ لأنها معجبة بالبرنامج وبالذين يتصلون به؛ ولذلك فإن تصورها أنها ستكون مثل هؤلاء الذين يشاركون في البرنامج يجعلها في حالة إثارة وتشوق لحدوث ذلك، وهو ما يسبب لها بعض القلق الذي تعبر عنه بخوفها مما سيحدث، وقيامها بالاتصال -وبخاصة في هذا الأمر- سيكسبها الثقة في نفسها ويقضي على قلقها، بل وسيجعلها قادرة على مواجهة كل المواقف الاجتماعية الأخرى دون خوف أو قلق، فقط عليك بتشجيعها وإخبارها أنها قادرة على مواجهة الموقف، وأنها ستكون موفقة وناجحة ولا تطيل أمد انتظارها للبرنامج، وانتهز فرصة أي نجاح تحدثه واجعلها تشترك في البرنامج حتى لا تطيل عليها فترة القلق والانتظار.
وستجد مزيدًا من التفاصيل حول هذا الأمر في الموضوع التالي والذي نشر على صفحة حواء وآدم:
- الطفل الخجول.. مشكلة لها حل
أما بالنسبة لأختك الثانية "فاطمة الزهراء" فهي لم تَعُد طفلة وإنما فتاة بالغة من العمر (14 سنة)؛ وإحساس الطفلة غير إحساس المراهقة؛ فهناك مساحة من الخصوصية في حياة البنت تحب أن تحتفظ بها لنفسها، وربما تختار من تطلعه عليها وعادة ما يكون فتاة مثلها لا تستحي منها تفضي إليها بما تخجل أن تخبرك به من أمر البنات في هذه المرحلة ولا يمكنك فهمه، وارجع بذاكرتك إلى الوراء وأنت صبي على أعتاب المراهقة والبلوغ كيف كان حالك لتدرك إحساسها وتقدره، وتدرك أنه ليس شرطًا أن تطلع كل فرد على ما يدور داخلها حتى وإن كان قريبًا منها مثلك فهو نوع من الرغبة في الإحساس بالخصوصية في هذه السن سن المراهقة، وهو ما يعطيها إحساسها بذاتها، حيث أصبح لها ما تخفيه عن الآخرين أو تطلع عليه أحدًا ولا تطلع عليه الآخر.
كل ما عليك هو احترام خصوصيتها وألا تحاول اقتحامها أو لومها أو معاتبتها على تلك المساحة، واحتفظ بعلاقتك بها في حدود ما تسمح لك هي بالاطلاع عليه، وهذا يدل على مكانة خاصة لك في نفسها، ولكن ليس شرطًا أن تكون مثل الآخرين، فلكل شخص موقعه في حياتها فلا تحاول أن تقتحم حياتها أو تجبرها على وضع خاص لك هي لا تقبله.. حافظ على العلاقة بينكما ولا تفسدها بفضولك أو رغبتك في الاستئثار بها، أو السعي لكي تبقى دائمًا قريبة مني مثل أمي.
وإلى جانب ذلك حاول أن تجد من بين أخواتك البنات من تكون صديقة تحتويها وتنقل لها كل ما تحتاجه البنات في هذه المرحلة من معلومات ومن تثقيف عن نموها النفسي والبيولوجي.
ويمكن لمن سيقوم بهذا الدور أن يستعين بالمعلومات التي جاءت في معالجاتنا التالية:
- كيف تعد طفلتك للبلوغ؟
- هل هيأت ابنتك لدخول المراهقة؟-متابعة
- تتويج البلوغ بتاج المعرفة
- أمي.. كلانا عجين أنا والدقيق
- ابنتي ترفض الحجاب.. ليست مشكلة
ولكل زوارنا الكرام برجاء مطالعة هذا المقال حول ساحات النصرة والفعل الممكنة بين
القيام بفعل مسلح والاشتباك بالقوة مع مصدر التهديد، أو القعود والاستسلام فريسة لليأس:
- الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف
وشاركوا بتجاربكم حول أطفالكم والأحداث في ساحة الحوار التالية:
- نداء من أم....هل من معين ؟؟؟
-ـــــــــــــ(103/29)
سأقلع عن مص أصابعي.. أسألكم العون ... العنوان
أريد أن أطرح مشكلة ابني الكبير (12 سنة)، مشكلته أنه ما زال إلى الآن يمص إصبعه، نحن لا نقسو عليه أبدا من هذه الناحية؛ لأنه أصبح يعرف ضررها فهو لا يمص إصبعه في المدرسة؛ فهو لا يريد أن يعرف أصحابه أو معلموه أنه يمص إصبعه. ولكن يقوم بمص إصبعه في البيت، وخاصة عندما يكون جالسا أمام التلفاز، وقبل النوم، وعندما يثير أحد غضبه.
هو نفسه يريد أن يتخلص من هذه العادة. ولو تكرمتم وخاطبتموه شخصيا فهو على علم بأنني سأطلب منكم ذلك.
أحيطكم علما بوضع ابني النفسي ليتسنى لحضراتكم أن تساعدوه في أن يخرج من الأزمة التي يمر بها؛ فمشكلته لم تبدأ من اليوم، وإنما هي تسلسل أحداث كئيبة رسخت في ذهنه، وأعطته نظرة ظالمة عن الحياة.مكثنا فترة خارج وطننا حيث يدرس أبوه، ثم عدنا لوطننا وكان عمره ثلاث سنوات، كان طفلا وديعا أحبه الجميع، وكان ذكيا جدا. سكنا في بيت شقيق زوجي في الطابق الأرضي، وهم في الطابق العلوي، وهذا أول خطأ أخطأناه في حق أولادنا، ولكن لم يكن باليد حيلة.
المشكلة أن أبناء عمه كانوا أسوأ خلق الله تربيةً؛ فلا مبادئ ولا قيم، وبدأت المشاكل؛ فهم متسلطون لدرجة عالية، عدوانيون بكل معنى الكلمة، ولأني لا أحب المشاكل كنت أتنازل كثيرا، وألتزم البيت خوفا من المشاكل، فبدأت شخصياتهم تضعف بالرغم من أنهم متفوقون في مدارسهم؛ مما أثار حقد أولاد عمهم عليهم، وقد خاضوا هذه التجربة المريرة، ثمانية سنوات ذاقوا فيها الأمرّين، وكم كانت مهمتي صعبة في تربيتهم؛ فقد كنت كأنني أمسك بالجمر.
وقد منّ علينا الله ببيت جديد لا يبعد عنهم كثيرا. فبدأنا نلملم جراحنا، وقد تمخض عن هذه الفترة شخصيات ضعيفة، تتهاون في أداء العبادات مع عدم تحمل أي مسئولية.
أما مشكلة ابني الكبير فقد أصبح فريسة لأخيه الأصغر؛ فابني الأصغر يحاول أن يثير مشاعر أخيه، ويحاول بكل قوة أن يدخل معه في مشاجرات عنيفة. الأكبر لا يحب المشاكل ولا القتال، وهذه بالنسبة للأصغر نقطة ضعف؛ فيلجأ أحيانا لمص الإصبع وأحيانا يتمنى الموت، ومما حدا بي لأراسلكم أن أخاه أغاظه كثيرا لدرجة أنه بدأ بالبكاء؛ فتقطع قلبي عليه.
عندما يدخلان في لعبة معينة ابني الأصغر يكون هو المتسلط. عندما يحضر ابني الكبير شخصا غير مرغوب لدى الصغير يفرض عليه ألا يدخله البيت، فيبدأ الكبير في الاستغاثة بي، وأنا لا أحب أن أتدخل بينهما.
أرجو من حضراتكم أن تساعدوا ابني؛ لأنه سوف يسافر إلى مدينة كبيرة لإكمال دراسته الإعدادية والثانوية، وأنا خائفة عليه كثيرا. أناشدكم بالله أن تساعدوه، لقد حدثته عنكم، وتستطيعون توجيه الكلام إليه، أرجوكم ردوا علينا بسرعة؛ فهو كل دقيقة يقول لي: هل ردوا عليك؟ ابني متفوق في دراسته؛ فهو الأول على المدرسة. ننتظر ردكم على أحر من الجمر؛ لأننا كلنا ثقة بكم.
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الرائعة، وأقولها ثناء على إحساسك المسئول تجاه أطفالك جميعا، وعلى حرصك المرهف تجاههم.
لن أطيل في المقدمة الموجهة إليك، فهناك كلمات كثيرة أود توجيهها إليك، قد تفيدك في توجيه العلاقة بين ولديك المذكورين بشكل خاص، وبين أطفالك جميعا بشكل عام، تعينك بمجموعة من الخطوات عن كيفية فهم طبيعة المرحلة العمرية التي يمران بها وإدارة الشجارات بينهما، وزرع المحبة بينهما، وتدعم محاولاتك أنت ووالدهما لاستعادتهما وترميم الجسور بينكما. لكني سأختصر لك هذه الملاحظات في دعوة لقراءة معالجات صفحتنا في هذا الصدد، والتي ستجدينها بنهاية الاستشارة؛ لأدع المجال للترحيب بضيفنا الرئيسي (ولدنا العزيز) في هذه الحلقة من حلقات تواصلنا، على أن تكون هذه الروابط أول حلقات اتصالنا، يليها الرد على رسالتك الثانية التي أرسلت بها لنا، وستقوم الدكتورة منى البصيلي بالرد عليها لاحقا بإذن الله.
وبينما تتجولين عبر القراءة أستأذنك في الترحيب والحديث مع ولدنا العزيز.
الابن الغالي، وصلتنا شكواك، وكنا نود أن تكتب رسالتك بنفسك، وأن تعبر عما تشعر به دون واسطة؛ فأنت الأقدر -ولا شك- على التعبير بما تحس به.. وأعتبر هذا منك وعدًا أن يكون بيننا رسائل أخرى.
بالنسبة لعادة مص أصابعك فهي عادة عصبية كما نسميها في الطب النفسي Nwrotic trait، وهي ناشئة عن إحساسك بالتوتر والقلق الذي تعبر عنه بهذه العادة.. وهي عادة يمكن التخلص منها بسهولة بدليل أنك تمتنع عن فعلها في المدرسة.. فلو كان أمرا صعبا أو قهريا ما استطعت توقيفه يا بني في المدرسة؛ لذا فهناك خطوات محددة للتخلص من هذا الأمر لو صح عزمك، خاصة أن هناك أوقات محددة هي التي تقوم فيها بمص أصابعك (عندما تتفرج على التليفزيون، وقبل النوم، أو عندما يثير أحد غضبك...) فعليك بالتالي:
1- أن تعلم أنها عادة سيئة يجب أن تتخلص منها، وأنه من الممكن ذلك إذا كانت لديك الإرادة والرغبة في فعل ذلك.
2- قبل أن تجلس إلى التلفاز أو قبل النوم قم بلبس قفاز في يدك من الصوف الخشن الذي يمنعك من إدخال أصابعك في فمك، وإذا انتهت فترة جلوسك أمام التلفاز أو فترة نومك بدون أن تضع يدك في فمك فكافئ نفسك بعمل جدول للحفز والتشجيع، تقسمه إلى خانات، وتضع "نجمة" في حالة نجاحك في عدم وضع يدك في فمك، ثم تحول هذه النجوم إلى مكافأة مادية أو معنوية من الأب أو الأم.. وإذا فشلت فلا تيئس، وأعد المحاولة حتى تنجح تماما في التخلص من هذه العادة.
3- إذا أغضبك أحد فلا تنزوِ مع نفسك، وتضع إصبعك في فمك.. فأنت تستطيع أن تواجه من يغضبك.. واسأل نفسك أولا: هل يستحق ما فعله أخوك أو غيره أن يثير غضبك؟
يا بني ليس هناك شيء اسمه أن فلان لا يحب المشاكل؛ فنحن نحتاج إلى مواجهة من يضايقنا في بعض الأحيان حتى لو احتاج منا الأمر إلى بعض الجهد.. تعود ألا تتهرب من مواجهة مشكلتك بمص أصابعك؛ فلن يحل ذلك المشكلة.. بل فكر كيف تواجهها، وأنت تستطيع ذلك؛ فالذكاء لا ينقصك، والقدرة على التصرف لا تنقصك.. ابدأ وستستطيع فعل ذلك.. ثق في نفسك وفي قدراتك؛ فالمتفوق في دراسته والأول على مدرسته قادر على أن يكون متفوقا في تعامله مع زملائه وإخوانه.. فقط حاول، وإذا واجهتك صعوبات أو استفسارات فستجدنا معك لنرشدك.
4- استمر على الامتناع على مص أصابعك باستخدام القفاز وبتشجيع نفسك ومكافآتها لمدة شهرين، وبعدها ستجد نفسك قد تخلصت من هذه العادة تماما.. صدقني أنا واثق من قدرتك.. أنا أعلم أنك تستطيع.. فقط حاول فعل ما اتفقنا عليه، واستعن به ولا تعجز، واحرص على ركعتي صلاة الحاجة قبل صلاة الفجر تسأل الله فيهما العون، واحرص على دعوة صالحة من والديك يضمنا لك رضاءهما عنك، وحاول أن تجتهد في استثمار كل ما لك من طاقات وقدرات.
ـــــــــــــ(103/30)
أزمة التعليم والمعلمات.. متابعة2 ... العنوان
إلى الدكتور الفاضل عمرو أبو خليل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكرك جزيل الشكر على ردك السابق على مشكلة: أزمة التعليم والمعلمات.. متابعة. وإنني فعلا نفذت نصيحتك، وأصبحت الأخت المتفهمة التي لا تصدر الأوامر.. بل تناقش، وتستمع، وتعطي المزيد من الحب والصبر والحنان، وبدأت بذور هذه المعاملة بالانتعاش، وقريبا بإذن الله ستظهر البراعم والأوراق؛ إذ إن أخي اليوم قال لي: "أنا صاير أحب الدراسة جدا"، ولا أعرف لماذا؟ وهو سعيد بذلك.
ولقد اكتشفت أيضا أن أسلوبي معه كان جافا خاليا من روح الدعابة والنكتة والمرح مع أنه كان المسيطر في فترة من الزمن، ولكن غيابه في الفترة الماضية جعله يشعر بضغط شديد، والآن بعد أن أعدت هذا الجو من الحب والمرح على علاقتي معه، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالدراسة عاد حبه لها وشغفه بها، وطبعا أحاول الآن أن أكسب ثقته، وأكون ملجأ أسراره لمعاونته على حل مشاكله في المستقبل بإذن الله.
وإنني أتوجه إلى كل شاب وشابة لديهم إخوة صغار أن يتنبهوا إلى ضرورة أن يأخذوا بالهم منهم، ويغمروهم بالحب، ويتابعوا أي تطورات، ويستفسروا عن أي خُطا، ويساعدوهم، ويبنوا جسورا من الصداقة بينهم وبين إخوتهم. فهذا أمر سيحميهم جدا. فنحن حقا يجب أن نبني جيل الأقصى.
وأنا رأيت أنه من واجبي يا سيدي الفاضل أن أشكرك، وأخبرك بهذه النتائج كي تثلج قلبك بأن جهودك لم تضِع سدى، وأنا أقترح على كل المشاركين بهذه الصفحات أن يكتبوا نتائج اتباعهم للنصائح، سواء كانت نتائج ناجحة أو فاشلة. فالناجحة تغذي سيرنا، والفاشلة تقوِّم أخطاءنا.
- ونصيحة لكل الناس لنجعل روح المرح تغمر حياتنا. فالمرح يضفي على النفس الشعور بالراحة الذي يدفع الإنسان للعمل والإبداع، ويخلص النفس من آثار الضغط النفسي مهما كان صعبا. وأحب أن أنقل لك يا سيدي شعوري العارم بالفرح عندما قرأت عبارتك التي تقول: ( وأهلا بك يا ابنتي على مشاكل وحلول الشباب لنتحاور حول ما يؤرقك ) لقد أحسست باهتمام الأب، ولقد دمعت عيناي لشدة التأثر من هذه العبارة الصادقة التي تنم عن الحب والاهتمام الذي حرمت منه طوال عمري؛ فشكرا لك يا سيدي لأنك أعدت لي مشاعر كدت أنسى أنها موجودة بداخلي، ولست أدري إن كنت تتقبل مني أن أعتبرك أبا لي، وهذه يشرفني جدا.
والآن أنتقل إلى سؤال آخر إليك يا أستاذي الكريم أيضا يخص أخي الصغير (9 سنوات)، وهو أنه لا يحب الذهاب إلى صلاة الجمعة؛ لأنه لا يفهم شيئا، وكل جمعة يبكي، ولكن أبي يأخذه غصبا عنه، وأخشى أن تصبح هذه عقدة له عندما يكبر، وأيضا لا يحب الصلاة؛ لأنها مع أبي، وهو يقوم بأعمال العبادات لأنه مجبر لا أكثر.
ولقد حاولت كثيرا أن أجعله يحبها لكن دون جدوى؛ فكنت أحكي له عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحكي له عن الله تعالى، وكم يحبنا، وكم يكون سعيدا عندما نصلي، ولكن هو لا يستطيع أن يحس هذه المعاني، وأنا طامعة برأيكم السديد ونصحكم لي في توجيه هذه الظاهرة حتى لا تكبر مع الأيام، خاصة أنه يحب الدين، ويغار على الإسلام، ولا يرضى أن يتكلم عنه أحد بسوء.
وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أهلا وسهلا بك يا ابنتا الكريمة مرة ثانية وثالثة ورابعة.
نحن نشكر لك رسالتك الرقيقة وما يفيض فيها من مشاعر طيبة تجعلنا نشعر بثقل المسئولية الملقاة على عاتقنا قبل قرائنا الكرام.
بالنسبة لصلاة الجمعة بصفة خاصة والصلوات والعبادات بصورة عامة.. فأسلوبك في تحبيب أخيك الصغير فيها بذكر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، والتركيز على حب الله لنا إذا فعلناها؛ بمعنى التركيز على التبشير بثواب الله، وبحبه، وحب الرسول هو أسلوب صحيح، خاصة أنك لا تملكين أن توجهي والدك لأسلوب أفضل في تحفيزه وتشجيعه من أجل الذهاب معه بدلا من الإجبار.
ما نود أن نوضحه لك هو أن فهم أخيك لهذه المعاني وشعوره به لن يتم الآن.. ليس لعيب خاص في أخيك، ولكن لأن ما تذكرينه له من الثواب أو حب الله أو أثر الطاعة هي معان مجردة لا يستطيع الطفل في سن أخيك أن يدركها؛ حيث إن تفكيره ما زال ماديا لا يدرك إلا ما يحسه بحواسه.. والقدرة على ما نسميه بالتفكير التجريدي أو إدراك المعاني غير المحسوسة هي قدرة تبدأ في الحادية عشرة من العمر، وتنضج مع مرور السنين؛ لتصل لنهايتها في نهاية سن المراهقة؛ أي أنها تأخذ وقتا حتى يستوعبها؛ لذا فلا تطلبي منه الآن أن يشعر بما تقولينه له، ولكن استمري في أسلوب الحفز والتشجيع، وسيكون لصداقتك واحتوائك له بصورة عامة -كما ذكرنا سابقا- أيضا الأثر الإيجابي في هذه القضية، ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/31)
بين الذاتية الجنسية والانحراف الجنسي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أودّ بداية أن أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي أفادني كثيرًا.
بداية سأذكر لكم –عذرًا- تفاصيل حياتنا حتى يتسنى لكم معرفة الظروف التي يعيش بها الولد:
لزوجي طفلان: الأول 13 سنة، والآخر 10 سنوات ونصف من زوجته التي توفيت في حادث منذ 5 سنوات. تزوجته أنا من 3 سنوات، ولي منه طفلان (3 سنوات، والآخر10 أشهر).
المشكلة أن ابننا البكر (اسمح لي بالتحدث عنه كابني) انطوائي.. ليس من الآن ولكن من بداية زواجنا.. لا يحب التحدث مع الآخرين.. صوته في المنزل مع إخوته عالٍ، ويحب اللعب مع أخيه، ولكن إذا تحدث إلى الغرباء بالكاد أن تسمع صوته.. لا يحب المبادرة بإلقاء التحية أو الحديث.. أجوبته مقتضبة، كسول، وردود أفعاله إذا طلبت منه أمرًا بطيئة غالبًا. لا يركز فيما تطلبه منه؛ فإذا طلبت منه أمرين بالكاد يقوم بالأول وينسى الثاني (لا أدري ينسى أم يتناسى) هذا بالطبع معي أو مع والده. نحن لا نرهقه بالطلبات، ولكن نريد منه أن يشارك في المنزل مع الآخرين، سريع الاستفزاز، وأخوه الأصغر يستغل هذه النقطة معه.
هو في مدرسة أجنبية والأول على صفه، وهذا عزاؤنا الوحيد؛ حيث إنه للأسف شخصية غير محبوبة من الآخرين، وغير مكروهة بالطبع، ولكن لا أحد يلتفت إليه، عكس أخيه الأصغر منه مباشرة؛ فهو حركي محبوب من الجميع، اجتماعي ونشيط. يعطف على إخوته الصغار، ويحب ملاعبتهم، عنده هوايات مختلفة، أما ابننا البكر فنحن ندفعه دفعًا لممارسة الرياضة. نحاول أن نشركه في ألعاب جماعية فلم نترك كاراتيه، تنس، سباحة، كرة قدم، والده يفقد أعصابه بعض المرات، ويقوم بتأنيبه: لماذا أنت لست كأخيك؟ لماذا أنا لا أبذل معه الجهد الذي أبذله معك؟ أنا أخبرته أن المقارنة غير محببة؛ فنجلس مرات ونقول إنها شخصيته هكذا لا نستطيع أن نجعل منه اجتماعيًّا بالغصب، لكن نحاول قدر المستطاع.
ستقول إنه من الممكن أن تكون وفاة والدته هي التي أثّرت فيه، سأجيبك أن والده يؤكد أن مشاكله هذه بدأت بالظهور منذ سن مبكرة في وجود والدته رحمها الله؛ حيث لاحظا أنه انعزالي، ولكن كان بالطبع أصغر من الآن، والده يعزي مرات ذلك إلى أنه كانت هناك خلافات بينهما، وكانت تحصل أمامه، بالإضافة إلى اختلافهما الدائم في البداية في أسلوب تربيته، إلى أن تنبها أنه بدأ يستغل عطف والده في تعمده الشكوى من والدته أمامه، أو أن يعلي من صوته ليسمعه ويفزع له، ولكن نعود ونقول: هل هذا يؤثر في نفس الطفل إلى تلك الدرجة؟ ولماذا أخوه الأصغر طبيعي ولا يعاني من أي مشكلة؟ وللأسف بدأت المشكلة تأخذ منحى مختلفًا.
منذ سنة تقريبًا أو أكثر كنت نائمة في غرفتي بجانب والده، وهما نائمان أيضًا، وإذا بي أشعر أن أحدًا يمسك بقدمي، فاستيقظت فإذا به يمسك بي، طبعًا ارتبك، وقال: إنه يريد إيقاظي، لكن أكيد أن هذه ليست الطريقة لإيقاظي، ما علينا، لم نأخذ بالموضوع، ولكن والده أخبره أنه ما كان عليه أن يتسلل إلى الغرفة بدون طرق الباب، وأن يمسك بي كي لا أخاف، وما إلى ذلك.
الأسبوع الماضي كنت قد استيقظت على بكاء الصغير، فذهبت إلى غرفته، ونمت معهم، وحدث نفس الشيء، استيقظت مذعورة على أحد يمسك بقدمي، علمًا بأنني كنت ملتحفة، ولا يظهر مني حتى إصبع رجلي؛ فقد قام بالتسلل إلى غرفة نومي ولم يجدني، وذهب لغرفة إخوته، وفعل ما فعل، وتعلل بأنه يشعر بالبرد، ويبحث عن غطاء إضافي! أيقظت أباه، وأخبرته، حاولنا إيجاد أي مبرر، علمًا بأنه قبل أن ينام كان في مباراة لكرة القدم، وقد أتى منهك القوى، ونام متأخرًا، وذهب ليراه بعد نصف ساعة؛ فإذا هو مستيقظ، واعترف أنه كان متعمدًا، وأنه يميل إلى أقدام النساء!!
معقول طفل في 13 من عمره يقول ذلك؟! علمًا أنه لا يشاهد القنوات الفضائية، ونحن نحرص دائمًا على تجنيبهم تلك الأمور. تحدث معه والده مطولاً، فقال: إنه بدأ يشعر بذلك منذ سنة. عاتبه أبوه لماذا إذا كنت تعاني من مشكلة لا تخبرني، وأنا دائمًا أسألك عما يزعجك، أو تحدث لأمك (التي هي أنا)، وبعد ضغط شديد ولوم قال إنه تحدث إلى والدته عن ذلك زمان ولم تقل له شيئًا!
أخبرت زوجي أنه من الممكن أن يكون كذابًا؛ لأن المرحومة لم تخبره بذلك، وهل يعقل قبل خمس سنوات -يعني كان عمره 8 سنوات- أن يشعر بمثل تلك الرغبة؟!
الرجاء أن تشرحوا لنا ما هذا؟ أهو يعاني من الشذوذ أم معقد أم ماذا؟ آسفة مرة أخرى على الإطالة. ... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك بابن زوجك واعتباره ابنك، ولكن يجب أن تلاحظي أن هذا الطفل لم يَعُد طفلاً، وأنه على أعتاب المراهقة أو ربما قد يكون فعلاً بلغ سن الحلم، وهي المعلومة التي لم تذكريها في رسالتك بالرغم من أهميتها البالغة في مشكلة ابنك، وبالتالي فنحن لا نتعامل مع طفل في الثالثة عشرة كما تذكرين، ولكن مع مراهق في بداية مرحلة المراهقة، وهو أمر مختلف جدًّا؛ لأنه عندما يكون طفلاً لم يبلغ الحلم بعد، ويقول: "أميل إلى أقدام النساء" فهذا أمر وتلك قضية، وعندما يقولها مراهق صغير فإن المعنى يختلف، والدلالة التي يعنيها الميل تحتاج إلى إيضاح، والأمر جد مختلف، لو قالها من تعدى سن الثامنة عشرة، خاصة أننا لا نستطيع الحديث عن انحراف جنسي قبل هذه السن (الثامنة عشرة) بمعناه العلمي.
إن الابن وهو على أعتاب المراهقة يمر بمرحلة خطيرة، وهي تحديد هويته أو ذاته الجنسية، وهو أمر مختلف عن جنسه البيولوجي؛ فالجنس البيولوجي (Sex) تحدده الجينات الذكورية "XY" والأعضاء التناسلية الداخلية والخارجية، أما الذاتية الجنسية فهي إدراك الإنسان لنفسه كذكر أو أنثى، وهو أمر تتدخل فيه عوامل التربية وطريقة المعاملة وظروف البيئة المحيطة به بحيث في الظروف الصحية والسوية تتراكب مع جنسه البيولوجي؛ فيكون الولد ذكرًا بيولوجيًّا ويدرك نفسه وذاته أيضًا كذكر، ومن هنا لا يقع أي انحراف، وبالتالي تسير رغبته وشهوته الجنسية في طريق طبيعي، ويحصل على متعته، سواء على مستوى الخيال أو الأفكار أو بعد ذلك على مستوى الفعل في الاتجاه العادي.
أما إذا حدث أي خلل في إدراك الإنسان لذاته؛ فهنا يحدث الانحراف الذي ينتشر طيفه بين الانقلاب الجنسي؛ حيث يدرك نفسه على عكس جنسه البيولوجي، ووصولاً إلى المثلية الجنسية التي تجعله يميل لنفس الجنس، وبين الطرفين تقف باقي الانحرافات لأسباب في التربية أو التنشئة أو الظروف التي يتعرض لها أو تعرض لها هذا المراهق في طفولته أو في لحظة اختياره أو حسم ذاته الجنسية.
وبالتالي فالأمر ليس ببساطة أن طفلاً على أعتاب المراهقة قد أمسك بقدم زوجة أبيه التي هي في مقام أمه فيصبح شاذًّا، خاصة أنه كما يبدو من الرسالة أن هذا الطفل لم يتلقّ أي نوع من التربية الجنسية التي تؤهله لاستقبال هذا الخليط من المشاعر المتناقضة داخله، والتي لا يفهمها أو يدرك كنهها أو سبب شعوره به ناحية الجنس الآخر، خاصة أنك بالرغم من قيامك بدور الأم على أكمل وجه؛ فإنك من الناحية الواقعية والنفسية، خاصة بالنسبة لهذا المراهق الذي لم توجه مشاعره أو رغباته، أنتِ اليوم امرأة أجنبية.. ليس بالمعنى الشرعي، ولكن بالمعنى الجنسي إن صحّ التعبير؛ بمعنى أنه لا يوجد الحاجز النفسي الفطري الطبيعي بين الابن وأمه الحقيقية الذي يمنعه من إحساسه أو ميله الجنسي نحوك، خاصة في هذه المرحلة المضطربة، وبالتالي فليست القصة مرتبطة بإحكام غطائك وعدم ظهور أي جزء منك لحظة أن جاء يعبث بقدمك، ولكن بصورة ذهنية تكونت في خياله نحوك قد تكون القدم هي أهم مكوناتها، وقد تكون نقطة البداية التي لو لم تشعري به لجعلته يستمر ويستمر بالكشف وصولاً لما يتصور أنه يرضيه أو يشبعه.. وهو في الواقع ما لا يعرفه أو يدركه من مشكلة بين الذاتية الجنسية والانحراف الجنسي.
هو في الحقيقة ليس شاذًّا وليس منحرفًا وليس معقدًا، ولكنه في حالة اضطراب وتشويش، خاصة أنه من النوع الكتوم الذي لا يتحدث بسهولة ولا يعبّر عما بداخله بيسر؛ فتركيبته الشخصية جزء من المشكلة، ووفاة والدته زادت المشكلة معه ومقارنته بأخيه أزّمت المشكلة، وزادت من تأزمها مشكلته في الانعزال والتواصل مع الآخرين وأهمهم والده، خاصة أن أباه يفقد أعصابه أحيانًا ويقارنه بأخيه أحيانًا، وبالتالي لم ينجح في اختراقه ومصاحبته ومصادقته ومثله مثل كثير من الآباء لم يجلس إلى ابنه ويُعِدّه ويحضره لاستقبال مرحلة المراهقة بكل ما يجري فيها.
لقد حدّثه والده كثيرًا بعد ما وقعت الأزمة ولكنه لم يحدثه سابقًا؛ وبالتالي فإن المشاعر الجنسية النامية بداخل هذا الطفل وما تُحدثه من تغيرات البيولوجية والنفسية تعامل معها هذا الشاب الصغير منعزلاً عن دعمٍ والديٍّ لفهم وإدراك ما يجري بداخله نفسيًّا وجسديًّا، وعبّر عنها لحظة أن تفجرت الأزمة بجملة "إني أميل إلى أقدام النساء". إنه يستغيث بأبيه حتى يخرجه مما فيه، وليس من أجل أن يحاول والده تقييم الموقف وتحديد مدى خطورة هذا الابن المسكين.
الخلاصة أن هذا الموقف فرصة للأب للجلوس مع ابنه ليس لاستجوابه من أجل ما حدث، ولكن من أجل أن يبدأ معه فتح ملف التربية الجنسية؛ فيعلمه ماذا يحدث في أثناء البلوغ، وما معنى هذا الميل نحو النساء أو الجنس الآخر الذي يشعر به، ويسأله في إطار الحوار عن معنى ميله لأقدام النساء، وما الذي جعله يقرر وجود هذا الميل؟ وهل هو ميل للنساء عام تمثل فيه القدم أكثر الأجزاء إثارة أم أمر آخر؟ وما الذي لفت انتباهه لذلك؟
ونعود فنكرر أن هذا الأمر يكون بعد فتح الباب للحوار والتفاهم والتقارب بين الأب والابن بصورة عامة، وفي ملف الجنس بصورة خاصة، ثم يكون هذا الموضوع نموذجًا يقدمه الأب لاستعداده للتحاور حول هذه القضايا بدون حرج أو قيود.. تجعل هذا المراهق يجد مرجعية يستطيع أن يعود إليها.. بمعنى أن الأب يجلس إلى ابنه في الجلسة الأولى، ولا تكون جلسة رسمية يستدعيه فيها للمثول بين يديه، بل قد تكون دعوة للتمشية أو المصاحبة في مشوار مهم يتحدث فيه الأب عن اكتشافه كيف أن ابنه قد كبر ودخل مرحلة جديدة تحتاج منه إلى مصاحبته والتفاعل معه بصورة جديدة.
ثم يشرع في شرح تفهمه لأحاسيس ابنه في هذه المرحلة الجديدة، ويضرب أمثلة واقعية عن نفسه عندما مرّ بهذه المرحلة، وكيف شعر، وكيف فهم، وكيف اجتازها بصورة واقعية، ثم يطلب من ابنه أن يشرح له مشاعره وأحاسيسه وفهمه لما يجري من متغيرات، وقد يقف عند ذلك واعدًا إياه أن لديه معلومات مهمة علمية وشرعية تخص هذه المرحلة سيتحدث معه فيها. وتكون الجلسة الثانية من مدخل علمي يشرح التغيرات الفسيولوجية والنفسية ودورها في حياة الإنسان، وكيف أن الله عز وجل خلقها من أجل غاية عظمى هي إعمار الأرض والتواصل بين الرجل والمرأة من أجل ذلك، وأنها طاقة بنَّاءة إن كانت في إطارها الشرعي ووقتها الطبيعي، وكيف أن الله سبحانه ربط بهذا الحدث تكليف الإنسان شرعيًّا، وما معنى أن يكلف الله تعالى الإنسان في هذه السن، وما يترتب على ذلك من أحكام وأمور شرعية وغير شرعية، ودعوة في النهاية للحور وفتح الموضوع بغير حدود أو قيود.
ثم جلسة أخرى يحدثه فيها عن ميوله وطبيعتها، وما هي قصة أقدام النساء تلك، والوضع الشرعي لزوجة أبيه، وحدود غض البصر، والممارسات الخاطئة التي قد يقع فيها الإنسان لجهله، وفي ذلك كلما تحدث الابن أنصت الأب تمامًا وسكت ولا يتدخل حتى يستطيع أن يخرج كل ما في داخل الابن.
ما حدث لا يخيف، ولكنه جرس إنذار يقول لكم: في بيتنا مراهق فانتبهوا.. انتبهوا بالتربية الجنسية الصحيحة.. انتبهوا في طريق التعامل مع هؤلاء المراهقين التي عنوانها الصداقة والحوار والتفاهم.. انتبهوا فما كان مقبولاً في السابق غير مقبول في الحاضر والمستقبل.
انتبهي فقد أصبح عليكِ جزء من المسئولية ناحية هذا الذي ترينه طفلاً، وهو قد أصبح رجلاً صغيرًا، وتحتاجين إلى أن تزِني الموازنة الصعبة بين كونه ابنك بالتربية، ولكنه ابن زوجك في الحقيقة.
إنه أمر جديد يحتاج إلى دراسة فقهية.. فقه شرعي وفقه نفسي، ونطلب منك أن تعودي لمشاكلنا السابقة وحلولها الخاصة بالتعامل مع الطفل بعد أن يصبح مراهقًا. كيف تعاملين المراهق في حلول سابقة عديدة، ونحن معك إذا كان لديك ما تودين إضافته أو الاستفسار عنه.
ـــــــــــــ(103/32)
شهرزاد وألف ليلة وليلة.. مذاكرة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. قبل سنتين بالضبط قمت بإرسال نفس هذه الاستشارة عن "نور"، وقد وضع المستشار اللوم على أنظمة التعليم في العالم العربي، وأنها أنظمة عقيمة ترهق الطفل بواجبات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إنها تضغط على الطفل وتجعله يكره الدراسة برمتها.
حسنًا.. سأتفق معكم وسألوم أنظمة التعليم، وسألوم المدرسة، وسألوم نفسي، وسألوم كل من يمكن لومه، ولكن أنقذوني! نور أصبح عمرها الآن 9 أعوام، وهي في الصف الثالث، وما زلنا نخوض نفس المعركة كل يوم مذ دخلت المدرسة.
حتى لا أطيل عليكم سأروي لكم ما جرى في يوم ما من هذا العام، ويمكنكم الضرب في 365 × 2، فهذا ما يحدث يوميًّا (بالطبع ما عدا أيام الإجازة).
تأتي نور وأختها (في الأول الابتدائي) من المدرسة الساعة الثانية والنصف وهو الوقت الذي أعود فيه من عملي.
بعد أن نتغدى معًا أحاول أن أغفو قليلاً من الساعة الثالثة والربع حتى الساعة الرابعة، وقبل أن أنام أوصي البنتين بأن تحضرا كتب الغد، وأن تبدآ بحل واجباتهما حتى أصحو من النوم، وأساعدهما إذا أشكل عليهما شيء. أقوم من السرير (هذا إذا استطعت أن أغفو قليلاً بسبب الطفلين الآخرين، حفظهما الله جميعًا) فأجد أن الحقائب ما زالت مكانها، وما زالت الكتب على حالها، وأن الأصابع لم تمس الأقلام ولا الدفاتر، أمسك نفسي عن الصياح والانفعال؛ لأنني أعلم أنها لم ولن تأتي بنتيجة.
غير أني أعيد نفس الأسطوانة، فأجدهما وقد قامتا على مضض بترتيب الحقائب، ثم الجلوس على المكاتب، وأدير ظهري، وأعود بعد 10 دقائق فأجد نور وقد قامت من مكانها لتلعب مع أخيها، فأقوم بتنبيهها بأن عليها أن تنهي ما عليها قبل السابعة؛ لأنه سيحين موعد النوم ولن تكمل واجباتها، فتعود إلى مكتبها، ثم أعود وبدون أن تحس أني أراقبها وأجدها قد قامت لتعمل شيئًا آخر، وأسكت هذه المرة لعلها أن تتنبه لوحدها، ولكن لا فائدة؛ لأنها وإن عادت فلن تجلس أكثر من 10 دقائق ثم تقوم لتلعب.
وتمضي الدقائق وتمر السويعات وأنا أحاول جاهدة ألا أتكلم حتى لا تمل من تذكيري لها؛ فتصير الساعة السادسة وقد تلفت أعصابي فأذكرها مرة أخرى، ولكن لقد مللت هذه اللعبة اليومية، وحاولت أن "أطنش" الوضع كليًّا، فأقول لها مرة واحدة: اذهبي لحل الواجبات، وإذا صارت الساعة السابعة فإنك ستتعشين وتذهبين للنوم سواء انتهيت من الدراسة أم لا. وأفعل ذلك حقًّا فلا أذكرها إلا الساعة السابعة بأن عليها الذهاب إلى النوم، فتنام مستاءة؛ لأنها لم تكمل واجباتها، ولكنها تقوم في باص المدرسة في الصباح بمحاولة حل ما فاتها بالأمس.
أسمعكم تقولون بأن من حق الطفل أن يلعب وأن يستمتع، حسنًا.. أتفق معكم وأحاول جاهدة أن أغريها بأنه سيكون لدينا الوقت الطويل للعب معًا إذا انتهت من الدراسة سريعًا، ولكن لا فائدة، أقول لها بأن تعطي نفسها راحة 10 دقائق في كل نصف ساعة دراسة، ولكن لا فائدة!! فيما يلي بعض النقاط التي قد تساعد في توضيح الوضع:
1 - مدرسة "نور" و"آيات" مدرسة خاصة، منهجها إسلامي؛ لذلك فإن عليهما حفظ 4 إلى 6 آيات كل يوم؛ مما يزيد من الوقت الذي تحتاجانه للدراسة.
2 - المدرسة تدرس اللغة الإنجليزية كذلك. 3 – "آيات" ما شاء الله عليها.. تكمل كل شيء وبسرعة، ولكنني أبدًا لا أحاول أن أعلق على هذا الموضوع سواء أمام نور أو آيات.
4 - عندما تقترب الساعة من السابعة وأقول لهما بأن موعد العشاء والنوم قد حان، تبدأ نور في البكاء؛ لأن عليها أشياء لم تُنهها، وإذا كانت أعصابي هادئة جدًّا أسمح لها بالتمديد فتكمل كل شيء بسرعة. وإذا منعتها تنام باكية وتحاول "الترقيع" في الصباح.
5 - أحاول تشجيعها دائمًا إذا طرأ عليها أي تغيير إيجابي حتى ولو كان بسيطًا.
6 - أعترف أنني أحيانًا يعلو صوتي عليها؛ فأنا بشر ولي طاقة احتمال، ولكني لا أمدّ يدي عليها أبدًا؛ فبالإضافة إلى نور وآيات لدي طفلان (4 سنوات، وسنة)، يحتاجان إلى الرعاية والمتابعة.
7 – سأعطيكم مثالاً عن نوعية الواجبات اليومية: حل 5 مسائل رياضيات - حفظ 3 أسطر من القرآن الكريم - استخراج بعض الكلمات في اللغة العربية - كتابة 5 جمل باللغة الإنجليزية - حل بعض الأسئلة في مادة العلوم الإسلامية.
8 - كان لديهما عادة مشاهدة التلفاز من الساعة الثالثة حتى الرابعة والنصف، فمنعتهما عن التلفاز مع السماح لهما بتسجيل برنامجهما المفضل، ورؤيته بعد الانتهاء من الدراسة.
المشكلة أن آيات حين تنهي دراستها تطالب بحقها في رؤية التلفاز، فأطلب منها الانتظار حتى تنتهي أختها، الأمر الذي لا يحدث أبدًا؛ مما يتسبب في حرمان الاثنتين من مشاهدة التلفاز، بصراحة أشعر أنني أظلم آيات في هذا الأمر بالرغم من أنها هي التي تستحق التشجيع.. فماذا أفعل؟
لقد مللت حقًّا، وقررت ألا أتكلم معها عن الموضوع أبدًا، ولكنني قررت استشارتكم قبل أن تتوقف شهرزاد عن الكلام المباح؛ فقد وصلت إلى الليلة العاشرة بعد الألف، وما زال شهرزاد يتدلل و"يفقع" مرارتي حتى يحل واجباته. أنقذوني بحل عملي ينقذ شهرزاد من أن تفقع مرارتها وبدون أن تخسر شهريار. وأرجو ألا تقلبوا الموضوع إلى حملة انتقاد على مناهج التدريس؛ لأنه الواقع الذي نعيش، والذي سيستمر أيامًا وأعوامًا قادمة، إلا إذا قررت أمريكا أن تمنع التعليم في بلادنا؛ فساعتها فقط تسكت شهرزاد إلى الأبد!! عذرًا على الإطالة، ولكن سعة صدركم شجعتني، بارك الله فيكم.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته..
السيدة الفاضلة أم عبد الله.. أشكرك على الاتصال بنا ثانية، وأقدر تمامًا موقفك بل وغضبك وحدتك على ابنتك في أمر المذاكرة، وكلنا -مع الأسف- يفعل ذلك أحيانًا حينما يغيب عنا الهدف الأساسي من عملية التعليم، بل والتربية أيضًا، كما أحييك على أنك تحاولين بصفة مستمرة أن يعتمد أبناؤك على أنفسهم في المذاكرة، ولكن هذه الطريقة تحتاج إلى قليل من التعديل حتى تأتي بثمارها.
وبداية الحل أتوجه إليك بسؤالين أو سمِّيهما -إن شئنا الدقة- رجاءين:
- هل لديك نفس طويل ومثابرة على الحل؟
- هل لديك الاستعداد التام لأن تغيري أنت من بعض عاداتك حتى تحققي هدفك؟
إذا أعددت نفسك بالسلاحين السابقين (الصبر، واستعدادك أنت الشخصي للتغيير)، فسوف تحصلين على نتائج مبهرة، وأساس كل هذا الاستعانة بالله تعالى، والآن فلنبدأ بالخطوات العملية للحل:
1. اشتري كراسة لتدوين كل ما ستقومين به مع نور، والهدف من التدوين هو عدم النسيان ومتابعة ما ستفعلينه معها، وتقويم أدائكما معًا وما أحرزتما من تقدم فعززيه، وما أخطأت فيه فلا تكرريه.
2. دوِّني في كراستك ماذا تبغين بالتحديد من نور، ولا تتعجبي من هذا الطلب؛ لأننا في الغالب لا نعرف ماذا نريد من أبنائنا، فهل تريدين مثلاً:
أن تنتهي نور من واجباتها وتلتزم بالمواعيد التي تحددينها، وهذا كل ما في الأمر؟
أم تريدين منها أن تلتزم بما تأمرينها به دون أن تتعبك ولا تماطل فيه؟
أم تريدين أن تكون متفوقة في دراستها، وتحصل على الدرجات النهائية أو قريبة من النهائية في كل المواد أو معظمها؟
أم تريدين أن تحصل على درجات مقبولة حتى لو لم تعبّر هذه الدرجات عن مستوى ذكائها، ولكن في المقابل تحتفظين بعلاقة إيجابية معها، قوامها المودة والمحبة بينك وبينها.
وقبل أن تعلقي قائلة: "وما الفرق بين كل هذه الأهداف؛ فهي كلها في وجهة نظري متماثلة أو متشابهة؟"، أقول لك: لا يا سيدتي، إن هذه الأهداف قد تبدو متقاربة، لكن كل هدف منها يختلف في أسلوب ووسائل تحقيقه، ومن ثَم فعليك إعادة قراءة هذه الأهداف لتختاري واحدة بتروٍّ شديد من بينها، أما إذا كان اختيارك أن تحققي كل هذه الأهداف فأقول: هذا شيء طيب جدًّا، ولكن عليك أن تبدئي بأحد هذه الأهداف أولاً، وبعد إحرازك تقدمًا ملحوظًا فيه يمكنك أن تبدئي في تحقيق الهدف الذي يليه، وهكذا...، وحتى لا أتركك في حيرة من أمرك سأعاونك في اختيار الهدف الأول، وهو في وجه نظري أهم الأهداف جميعًا وأكثرها إيجابية وفاعلية، وهذا الهدف هو أن تحصل نور على درجات مقبولة مع الاحتفاظ بعلاقة إيجابية تقوم على المودة والحب والرفق بينك وبينها بالطبع أنا أعلم أنك تحبينها، ولكن الدراسة -استطاعت مع الأسف- أن تفسد هذه العلاقة الرائعة.
وبعد أن تخطينا أصعب مرحلة وهي تحديد الهدف نبدأ في كيفية تحقيقه عن طريق:
3. تقسيم هذا الهدف إلى مهام صغيرة، وهذا من شأنه أن يشجعك ويشجع نور على الاستمرار في إحراز التقدم، ولتكن أول مهمة على سبيل المثال هي:
اكتساب نور عادة وضع جدول للمذاكرة معتمدة على نفسها، مع الالتزام بأداء واجب مادة واحدة تختارها في دقة وإتقان مع عدم ترك الواجبات الأخرى، ولكن يمكن أن تُؤدى دون عناية كبيرة بها، بل مجرد أداء يعفيها من العقاب في المدرسة، وكما قلت لك في بداية الأمر لا بد أن تدوِّني كل ما تفعلينه مع نور، ولا تظني أن الأمر يحتاج إلى كثير عناء فأنا أعلم أن لديك غيرها لتعتني به (حفظهم الله جميعًا)، ولكن الأمر لن يحتاج أكثر من عشر دقائق قبل نومك وبعد نوم أطفالك لتخططي ليوم جديد مع نور، وماذا ستفعلين معها، وإذا كنت حاولت هذه المحاولة من قبل فلا يعني عدم محاولتك لها مرة أخرى، ولكن بأسلوب مختلف وطريقة لا تجعل الأمر متوترًا بينكما، وحتى تحققي هذه المهمة فعليك:
• أن تتحدثي إلى نور على انفراد بعد أن تكوني حددت الهدف كما سبق ووضحي لها أنك ستبدئين معها فكرة جديدة في طريقة المذاكرة؛ لأنك لا تحبين أن تكون العلاقة بينكما متوترة هكذا، كأن تقولي لها على سبيل المثال: ما رأيك يا نور قد فكرت كثيرًا ووجدت أنني غير مسرورة مما يحدث بيننا بسبب المذاكرة، وأنا أكره أن تكون علاقتنا بهذا السوء، وأعلم تمامًا أنك تودّين أن تكوني مجتهدة ومجدة في دراستك، ولكن المشكلة هو أنك تشعرين أن الواجبات كثيرة ولن تستطيعي إنجازها في وقت قليل، وخاصة وأنا أعلم أنك ترغبين في اللعب، وهذا حقك؛ لذلك فكرت في طريقة سحرية ستجعل الأمر سهلاً جدًّا، وفي نفس الوقت نلعب أيضًا كما تشائين، فما رأيك هل تودين معرفة هذه الطريقة السحرية؟ "تذكري أن تقولي هذا الكلام وأنت مبتسمة ومتحمسة، واذكري لها هدفك الذي دونته، وعليك أن توضِّحي في كلامك أن هذا نوع من التدرج في عمل الواجب، والأهم من كل هذا أن توضحي لها الهدف الأساسي ليس هو أداء الواجبات والمذاكرة بل ما يهمك في المقام الأول هو العلاقة بينكما، وكسبها كإنسان ليس كآلة لتنفيذ الأوامر أو لأداء الواجبات المدرسية".
• إذا استطعت أن تقابلي مدرسي ابنتك وتشرحي لهم وجهة نظرك وخططك في تحسين أداء نور بالمدرسة فهذا سيوفر عليك جهدًا كبيرًا وسيسرع في الوصول للنتيجة المرجوة، كما أنه –بلا شك- سيخفف كثيرًا من الضغط العصبي الذي تتعرضين له بسبب المدة الزمنية التي ستستغرقها هذه المهام، أما إذا لم تستطيعي فيمكنك فقط أن تكون علاقتك بهؤلاء المدرسين طيبة كما عليك بالسؤال الدائم عنها بالمدرسة ولو هاتفيًّا، وبالطبع يفضل إشراك والد نور في هذه المهمة، المهم أن تكسبي هذه الجهة في صفك فإن لم تكن متعاونة فعلى الأقل محايدة، وأنا على يقين –مهما كان نظام المدرسة مرهقًا أو متعبًا أو غير متعاون– فيمكنك بلباقة وكياسة شديدة أن تجعليها –أي المدرسة– عنصرًا مهمًّا في تحقيق هدفك مع نور.
• بعد عودتك من العمل وتناول الغداء اجلسي مع نور وآيات لمدة نصف ساعة للبدء -بطريقة ودودة مرحة– في مساعدتهما في وضع جدول يتناسب مع قدرتهما في عمل الواجب، وتناقشن في كيفية عمله، وما هي المواد الأكثر أهمية أو التي تحتاج إلى تركيز فتُذاكَر أولاً، واحرصي أن يكون الأمر شورى بينكن لا إجبار ولا إكراه كل ما عليك إذا وجدت أن الأولى وضع مادة قبل الأخرى، ولم يكن هذا رأي نور أو آيات فعلقي بقولك: "أنا أقترح أن تبدئي بالرياضيات مثلاً فهي تحتاج إلى تركيز"، فإذا وافقتك كان بها وإذا كان لها رأي آخر فانزلي على رأيها حتى لو كان في وجهة نظرك خطأ مع تحديد المادة التي ستنجزها بإتقان ودقة، مع مراعاة أن يشمل هذا الجدول فترة راحة بين كل مادة وأخرى مدتها من خمس إلى سبع دقائق تفعل كلتاهما ما تشاء والأفضل أن تؤخذ هذه الراحة بعد عشرين دقيقة بحد أقصى؛ لأنها المدة التي تستطيع التركيز بها طفلة في سن نور حسب ما أكدته الأبحاث التربوية.
عليك أن تحدّدي وقتًا للعب غير أوقات الراحة القصيرة في زمن معين، وليكن في الساعة الخامسة والنصف مثلاً، ولا تجعلي هذا الوقت متوقفًا على الانتهاء من الواجبات فهو وقت له احترامه كوقت النوم وتناول الوجبات. ولا تتخيلي أن ذلك سيؤثر على تأخر كل شيء وعلى رأسها النوم فليس هناك مشكلة كبيرة في أن يتأخر موعد نومهما عشرين دقيقة وهي مدة وقت اللعب، والعبي مع أولادك في جزء من هذا الوقت وليكن عشر دقائق، ثم اتركيهما يلعبان عشر دقائق أخرى، وهناك العديد من الألعاب التي يمكن ممارستها في هذا الوقت وما أكثرها على مواقع الإنترنت، يمكنك الاستعانة بدليل المواقع على هذه الموقع :
• ثم اذهبي بعد وضع الجدول لترتاحي ولا تنبهي على أحدهما بشيء آخر فلا تقولي مثلاً: "هيا أسرعن في عمل الواجب حتى نلعب ومن لم تنته من المطلوب منها حتى وقت اللعب لن تلعب" أرجو ألا تفعلي ذلك، وكل ما عليك أن تتركيهما بابتسامة رقيقة لطيفة وتخبريهما بأنك ذاهبة لترتاحي قليلاً.
• عندما تقومين من نومك ويأتي الموعد المحدد للعب اطلبي من ابنتيك ترك كل شيء؛ لأن الوقت وقت لعب، ولا تسألي هل انتهيا من واجباتهما؟ أم لا؟ أو حتى جزء منه، وإنما ابدءوا اللعب أنت وأطفالك كلهم وأنتم في غاية المرح، ثم دعيهما تكملان الواجب وتذكري جيدًا أن هدفك في هذه المرحلة هو أن تتعود نور على عمل جدول للمذاكرة وإتقان أداء واجب مادة واحدة فقط، وليس الهدف هو الانتهاء من عمل الواجب كله بإتقان.
• قبل نوم طفلتيك بحوالي نصف ساعة تابعي الموقف معهما، وراجعي معهما ما فعلتاه، وهل التزمت نور بما اتفقتما عليه أم لا، وأرجو ألا تسأليها سؤالاً مباشرًا ما إذا كانت نفذَّت المطلوب أم لا، ولكن قولي لها على سبيل المثال "هيا يا نور أنت وآيات لنرى ماذا صنعتما قولي هذه الجملة وأنت تفتحين حقيبة نور أو ترين ماذا أنجزت بالفعل، وحاولي أن تعززي كل شيء إيجابي وجدته بابتسامة حتى لو لم تقصده، كأن تقولي مثلاً: "أنت وضعت حقيبتك بطريقة منظمة أو رتبتي مكتبك قبل أن تذاكري أو وضعت أدواتك بشكل لطيف"، وإذا وجدتها لم تنته من واجباتها أو من المادة المطلوب إتقانها فيه فكل ما عليك أن تلتفتي لها وتطلبي منها بشكل حازم عطوف في نفس الوقت قائلة:
عليك أن تنتهي من هذا الواجب أثناء إعدادي للعشاء "دون أن تؤنبيها أو تلوميها على عدم الالتزام بالاتفاق، ثم اتبعي نفس الطريقة مع آيات فإذا كانت قد انتهت من أداء واجباتها كما ذكرت عنها فقولي لها: "حسنًا هيا بنا لنُعِدّ العشاء حتى تنتهي أختك مما طُلب منها، وفي أثناء إعدادكما للعشاء تبادلا الحديث المرح عن أي شيء تحبه آيات أو تطهيا شيئًا تحبه، وثقي أنك بهذه الطريقة قد عزّزت سلوك آيات وشجعتِها على الاستمرار في سلوكياتها المطلوبة، وفي نفس الوقت لم تشعر نور بالتفرقة في المعاملة وبهذا لن يُبخس أحد حقه.
• بعد أسبوع اتركي كل واحدة تضع جدولاً للمذاكرة بنفسها، ثم تريك إياه، ثم اتبعي النقاط السابقة:
• بعد أسبوع آخر قيِّمي ما حدث، وهل أصبحت نور وآيات يضعن الجدول بطريقة جيدة أم لا، وأن نور تلتزم بإنجاز المادة في موعدها المحدد أم لا، وأثيبي كل واحدة على ما تنجز بالطريقة السابقة أو بطرق أخرى شريطة ألا تحس أحدهما بالغبن أو الإهمال، وعندما يأتي والدهما من عمله أخبريه بأنك مسرورة منهما؛ لأنهما نظمتا هذا الجدول، وإذا لم تفعل نور أو أخفقت في مرتين متتاليتين فذكِّريها بالاتفاق الذي بينكما، فإذا لم تلتزم في المرة الثالثة -وثقي أنها لن تفعل إذا سرت على الخطوات السابقة- لكن على أية حال إذا حدث ولم تلتزم بالاتفاق، فعليك إذا حان وقت اللعب لا تحرميها منه، ولكن لا تلعبي معها، وثقي أن هذا العقاب عقاب شديد على نفسها حتى لو أظهرت عكس ذلك؛ وذلك لأنها تستمتع باللعب معك؛ ولذا فهي لن تغامر بخسارة هذا المكسب الكبير.
• ثم بعد ذلك ابدئي في المرحلة التالية بتحديد هدف جديد وليكن: الالتزام بعمل مادتين في الوقت المحدد لهما بالجدول، ثم اتبعي الخطوات السابقة، أسمعك تقولين كيف أقوم بهذا والسنة الدراسية لن تنتظرني حتى أهيئ ابنتي لكل هذا وكذلك الواجبات، وردًّا على ذلك أقول لك:
إنك إذا قمت بالاتصال الجيد بالمدرسة كما وضحت لك سابقًا، فثقي أنك ستحظين بتأييد منهم وتعاطف يجعلهم أكثر حرصًا على مستوى نور الدراسي، وأقول ذلك عن تجربة مع إحدى الأمهات اللائي كنت أدرس لابنها، وقد أثمر التعاون بين البيت والمدرسة إثمارًا لم نكن نحلم به، كما أننا اتفقنا من بداية هذه الرسالة أن الأمر يحتاج إلى صبر على الحل وصبر على المتابعة، إلى جانب أمر أهم من ذلك كله أنك إن فعلت الخطوات السابقة فلن يتحسن مستوى نور الدراسي فحسب، بل ستجنين علاقة طيبة ودودة مع أبنائك وعلى رأسهم نور، كما أذكرك بأنك جربت طريقة الهدف الكلي وعدم تجزئته فلم يفلح، فجربي هذه الطريقة فإن لم تكسبي فلن تخسري شيئًا، وتذكري أنك بهذه الطريقة ترسين قواعد للأعوام القادمة.
ملحوظة مهمة:
• عليك بإشراك والد نور في كل ما سبق بحسب ظروف عمله.
• ألا تنسي في خضم كل هذا المساواة بين أبنائك في التعامل وأنا أعلم أنك تفعلين ولكن الذكرى تنفع المؤمنين.
• أن تطلعي على عدة موضوعات على هذه الصفحة توضِّح الأنشطة المختلفة التي يمكن ممارستها مع أبنائك جميعًا، كذلك توضح لك هذه الموضوعات كيفية بناء جسور المودة بينك وبين أبنائك، وإيجاد علاقة ودودة لطيفة بينكم فليس من المعقول أو المقبول أن تتسع الهوة والفجوة بيني وبين أبنائي من أجل المذاكرة.
وأخيرًا سيدتي.. أرجو ألا أكون قد أطلت عليك، ولكن شعرت بأنك كنت في حاجة ماسة لكل هذه التفاصيل، كما أرجو أن تراسلينا وتتابعي معنا، مع خالص دعائي لك بالتوفيق، وأن يبارك لك في أولادك جميعًا.
ـــــــــــــ(103/33)
منهج التعامل مع ابن السنتين ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، رغم أنني حاولت قراءة كثير من الاستشارات الموجودة لديكم؛ فإنني أريد بعض النصائح والإرشادات عن كيفية التعامل مع الأبناء في سن السنتين ، وكيفية تعليمهم المهارات وتحطيم الغيرة بين الأطفال، وما هي الأمور التي يجب على الأم أن تفعلها لتكون العلاقة بينها وبين ابنتها احترامًا وثقة وأيضا تنفيذ الأوامر (من حيث مبادئ التربية والأخلاق)؟ مع الشكر.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أيتها الأخت الكريمة، وشكرًا لمتابعتك الجادة لصفحتنا، ونرجو أن تحقق لك هذه المتابعة فوائد وخبرات للتعامل الصحيح مع أبنائك.
ولقد كان سؤالك ينم عن تطلع وتشوق لمعرفة الكثير عن طبيعة مرحلة ولدك العمرية، وكيفية تنمية مهاراته، فضلاً عن الغيرة الأخوية ومفتاح طاعة الأبناء.. دون تفاصيل لمشكلة حقيقية، هذا إلى جانب بيانات أظن أن بها خطأ؛ فطفلك عمره سنتان ولديه أخ وأخت، وإن كانت هذه البيانات صحيحة فالأمر يحتاج منك لجهد حقيقي يبذل من أجل توفير جو ملائم لتطبيق ما سنقدمه لك من معلومات.
كما أنك قد سألت عن العلاقة بين الأم وابنتها، ولم تحددي سن الابنة التي تتحدثين بشأنها؛ لذا فستغطي الإجابة محاور سؤالك بشكل عام، ويسعدنا استفسارك عن المزيد بعد توفير التفاصيل اللازمة.
وستكون إجابتي عن سؤالك حول محاور أربعة:
أولا: طبيعة مرحلة طفل السنتين، وكيفية التعامل معه.
ثانيا: تنمية مهارات طفل السنتين.
ثالثا: الغيرة الأخوية وكيفية التعامل معها.
رابعا: الصداقة مع الأبناء والبنات، وتأسيس قواعد الاحترام والثقة والطاعة.
أولاً: إن ولدك في عمره هذا -العامين- في مرحلة الاستكشاف والبحث والتعلم؛ إذ بدأ يخطو خطواته الأولى نحو الاستقلال التدريجي عن الحضن الذي يوفر له الغذاء والحماية؛ فهو في حاجة إلى توفير البيئة والظروف المحيطة لهذا الاستكشاف بشكل آمن يغرس فيه الثقة بنفسه، وحيث إنك من المتابعات المهتمات بصفحتنا فسأحدد لك ما سبق من معالجات في مسألة التعامل مع أبناء هذه المرحلة في ضوء خصائصهم واحتياجاتهم في هذه السن:
- رجل عمره 12 شهرًا
- غربة وأمومة لأول مرة
- أولى أمومة.. لعب وجد وتعب
- نعم التربية شاقة.. ولكن
- الاختلافات الفسيولوجية والبنية النفسية.
- الحزم.. نوع من الحنان
ثانيا: أما عن تنمية واستثمار مواهبه وقدراته في هذه السن، فلو نظرنا إلى تاريخ العظماء أصحاب المواهب.. لتبين لنا أن البشرية مدينة باكتشافهم لأمهاتهم وليس لآبائهم؛ فالأم هي التي تلاحظ أبناءها وتلمس مواهبهم وتعمل على توجيههم وتنمية هذه المواهب فيهم، وفيما يلي ستجدين معالجات سابقة تفي باحتياجاتك حول هذا الموضوع:
- فن تنمية الذكاء
- خرافة المخ الصغير
- بالخطوط والألوان طفل ذكيّ وفنان
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم – متابعة
- مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته
ثالثا: أما عن مسألة الغيرة بين الإخوة فهي شيء لن يتحطم كما تحاولين؛ فهي مسألة لا توصف بأقل من كونها حتمية وليست فقط طبيعية، وخصوصا في حالة طفلك الذي لم يكمل سوى عامين ولم يطل به المقام على عرش الاهتمام متفردًا، وبالتالي فحل المشكلات المرتبطة بالغيرة -كالعناد أو العنف مع الطفل الثاني أو الميل للعدوان- يكمن في تحويل مشاعر الغيرة لدى ابنك إلى حافز للنمو والانطلاق والنضج، وذلك لأن هذا التحويل من شأنه أن يمنح ابنك القدرة على قبول الآخر والدخول في علاقة حقيقية معه؛ فتنعكس نتائج تلك الخبرة على ما يليها من علاقات مع الآخرين في المجتمع من حوله.
وبالتالي فقبل أن أقدم لك معالجاتنا السابقة في مسألة غيرة الأخوة لا بد أن أؤكد على ضرورة تقبلك لمسألة الغيرة كشيء طبيعي، يحتاج فقط للتعامل الممنهج، ولا ينم عن أي شر بداخل الطفل الغيور المسكين، وستجدين مقترحات عملية يفيدك تطبيقها في التعامل السليم مع غيرة طفلك في الاستشارات التالية:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- لا تسرقوا طفولتها لأجل أخيها
- أمي ارحمي غيرتي وغربتي
- الغيرة وأشياء أخرى
رابعا: أما عن الصداقة مع الأبناء وإرساء قواعد الحب مع الاحترام والثقة والطاعة فهي ما سأحدثك بشأنه في شكل نقاط بشكل عام عن الأبناء والبنات مع اعتبار ولدك مثلاً لنا في الحديث:
1- علاقة الأم بأطفالها تبدأ كعلاقة جزء من كل؛ فالطفل هو الجزء وأمه هي الكل، ثم يبدأ هذا الجزء بالنمو تدريجيا والاستقلال، والتعامل مع معطيات الحياة حوله، وتكوين صور مبدئية عن هذه المعطيات، وهو ما يحتم علينا كأمهات أن ندع الفرصة لهذا الانطلاق والاستقلال والنضج بحرية دون اعتبار أننا الكل وبالتالي الأقوى، وهو ما يكفل علاقة سوية مع هذه الكائنات التي تعشق الشعور بكينونتها ووجودها وتأثيرها، وتعادي -ولو بشكل خفي- من يحاول منازعتها أو لومها على هذا الشعور.. ماذا فهمت من كلامي؟
إن ما أقصده أن مسألة الأوامر والطاعة لا يميل الإنسان بطبيعته للخنوع لها إذا ما شعر أن فيها إلغاء لإرادته وتخطيا لذاته ورغباته واستهزاء بوجوده وانفرادًا بتوجيه هذه الأوامر من قبل الآمر فقط؛ لأنه الأقوى، سواء أكان مصدر قوته هو سلطته أو ماله أو مركزه... إلخ، وهذا بالضبط ما ينبغي مراعاته عند توجيه أمر لطفلك؛ فينبغي ألا يصله الشعور بأي حال أنك تأمرينه لأنك الأقوى، وأن عدم الطاعة سيسبب له الإيذاء أو الحرمان، وهذه أول قاعدة من قواعد وقوانين إعطاء الأوامر.
2- القاعدة الثانية هي احترام رغبة الطفل عند توجيه أمر إليه، فلو كان تنفيذه لطلبك سيأخذه من شيء يستمتع بفعله فلا بد لك من إشعاره بأنك مقدرة لهذا الاستمتاع، وأنه على الفور سيعود لما كان يستمتع به، فتقولين له مثلا: "أعلم أنك تستمتع بهذا اللعبة، لكن نحن مضطرون الآن لتركها قليلا لكي نأكل على أن نعود ونلعب بها معًا بعد ذلك".
3- الطفل في هذه السن يحتاج إلى الحب، والحنان، والتوجيه برفق، وأن تعوِّديه على السلوكيات الصحيحة بصبر وحكمة، ومحاولة التقرب منه، وإنشاء صداقة معه، وإيجاد أسلوب بينك وبينه يفهمك به، ويعلم متى ترضين عنه، ومتى تغضبين منه بهدوء ودون ضرب وصراخ.
4- والطفل في هذه السن يسعى جاهدًا لكسب حب وقبول المحيطين به، ويستطيع أن يتبع عددًا قليلاً من القوانين، ولكن بلا استمرارية أي ليس بصفة دائمة منتظمة؛ فهو يتبعها مرة وينساها أخرى. ومن السهل على الطفل ألا يتصرف تصرفًا مقبولاً؛ لأنه حديث العهد بتعلم القوانين فاتركي له مساحة من السماح والمسموحات.
5- يجب التزام الصدق والوفاء بالوعد، فإذا وعدته بالعودة واللعب معه إذا ترك اللعبة ونفذ رغبتك، فيجب عليك الوفاء بهذا الوعد؛ لأن خلف الوعد مرة واحدة سيفقده النظام الذي يجب أن يعتاده.
6- أهم ما سأنصحك به التنوع في لهجة وطريقة إعطاء الأوامر حتى لا يصاب الطفل بملل منشؤه الاعتياد على نمط واحد من التعامل يقضي فيه نهاره يوميًا؛ فعند الطعام مثلاً بدلا من "هيا لتأكل" قولي "من سيأكل أجمل طعام ليكبر؟"، وبنبرة أخرى وصوت مبتهج ووجه مبتسم "من يغسل يده جيدًا ليأخذ الفاكهة.. أو الحلوى؟"، وعلى ركبتيك وفي مستوى ارتفاعه عن الأرض ويداك حول وسطه "الحذاء العجيب حين يجلس في مكانه سنرتاح من شقاوته ولخبطته لحجرتنا.. هلا انتصرت عليه ووضعته مكانه"... وبالطبع لا بد من أن يكون الحديث واضحًا ومبسطًا ومفهومًا، والأهم أن يكون بشكل مرح ومتنوع لا بتقطيب الجبين والتلويح بالأصابع وبأجش الأصوات.
7- يجب أن يكافأ فعلا عندما يطيع ليعلم الفرق بين الطاعة وعدم الطاعة، كما يجب أن تستخدمي أساليب الحفز والتشجيع المختلفة؛ فأنت ما زلت مرآته التي يرى فيها ذاته وتتدعم من خلالها ثقته بنفسه وبحب المحيطين له وبقدرته على الحفاظ على هذا الحب بالفعل الصحيح.
8- يجب عدم اللجوء للصراخ نهائيا؛ فالعصبية معدية.
9- يجب مشاركة الأبناء في ممارسة بعض الأنشطة والألعاب بشكل يومي لخلق آفاق رحبة للصداقة والشراكة.
أختي الحبيبة، إن لكل طفل خصوصيته التي لا يدركها سوى الوالدين، وبالتالي فلا يوجد نموذج محدد للمعاملة ينبغي أن يطبق مع كافة أنواع الأطفال وفي كل المواقف، وما سبق من نصائح تعتبر خطوطًا عريضة لأي برنامج للتعامل مع أبنائنا، وسأسعد بمتابعتك لنا بمزيد من الاستفسارات والتساؤلات فضلاً عن أخبار أطفالك ومدى استجابتهم لتطبيقك لهذه النصائح، وعام هجري جديد سعيد إن شاء الله.
ـــــــــــــ(103/34)
مهرجان الغيرة .. العرض مستمر ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أودّ أن أسأل حضرة الدكتور عن مشكلتي مع طفلي عمره (3 سنوات)، وهي أنه بعد ولادة أخته التي تصغره بحوالي سنة ونصف أصابته غيرة شديدة جدًّا منها، وهي الآن عمرها حوالي السنة والنصف، وهو الآن أصبح عنيدًا جدًّا جدًّا، ويضرب أخته بعنف وبشكل مؤذٍ أحيانًا، ولا يسمع الكلام أبدًا، مع أنني بصراحة لا أدلِّل أخته أبدًا، وحاولت معه كل الوسائل من تشجيع بالهدايا وأحيانًا الحرمان من أشياء يحبها، وبصراحة الضرب أيضًا وكل شيء لم يعطِ نتيجة، بل العكس أصبح عدوانيًّا أكثر، ويرمي الأشياء على الأرض إذا لم أنفذ رغبته، وإذا جاءنا ضيوف يصبح غريبًا جدًّا، فيأخذ بتخريب كل شيء أمامه حتى ولو كانت أخته نائمة، ولا أعرف ماذا أفعل معه؟ وأتمنى أن تعطينا النصيحة، وجزاك الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أختنا الكريمة، ومرحبًا بك كعضوة جديدة في نقابة المهنة السامية مهنة الأمومة، ولا تتعجبي من المجاملة والهدوء في مقدمة حديثي معك على عكس سطورك المتأججة بالغضب، فهذا الهدوء سببه اعتياد السؤال عن الغيرة الأخوية وحيرة الآباء معها، وهو ما يجعلني أكاد أجزم أنها سمة كل بيت به أكثر من طفل، بل إنها المرشح الأول -إن كانت في ظروف ملائمة وصحية- أن تكون حافزًا للنمو والنضج والانطلاق، وخلو البيت منها وهدوءه هو المستغرب والعجيب وربما الموحش لبعض الآباء، كما شبَّه الشاعر هدوء البيت حين افتقد العراك والشجار والصراخ برحيل أبنائه مع أمهم لفترة بإغفاءة المحموم وغيبوبة المرض فقال:
إغفاءة المحموم هدأتها*****فيها يشيع الهم والتعب
وتعالي معي نحاول استعراض ما يمكن فعله لجعل البيئة حول طفلك ملائمة لتجاوز مسألة الغيرة، وغرس الحب بينه وبين أخته وتنميته، واستيعاب طاقته وعدوانيته، وستكون محاور حديثنا ثلاثة:
الأول: مسألة الغيرة بينه وبين أخته وكيفية التغلب عليها والتعامل معها بشكل صحيح.
الثاني: التغلب على عنفه.
الثالث: تنمية علاقة إيجابية بين الطفل وأخته.
وتعالي نتحدث عن المحور الأول وأبدأ كلامي عن مسألة الغيرة بسؤالك: لماذا استبدلت عبد الله بأخته؟ هل لم يَعُد بعد يروق لك؟ هل غضبت منه لدرجة استبداله؟ لا تستغربي من سؤالي.. إنها نفس المشاعر التي تدور بخلد ولدك الذي يشعر أن سبب مجيء أخته هو عدم رضاك عنه، فقررت استبداله وإحلال غيره مكانه.. وحين أشرح لك بلساني ما يبرر لك تصرفاته ومشاعره تجاه أخته قد يجعل ذلك تصورك للموضوع أكثر وضوحًا وتفهمًا لموقف عبد الله الذي: سرقت طفولته من أجل أخته قبل ستة أشهر من إتمام رضاعته، وربما حرمته من الرضاعة فور علمك بالحمل الثاني، أي وهو لم يكمل بعد العام، وراقبي كيف سرقت طفولته في الاستشارة التالية وكيف نعوضه ما فقد:
- لا تسرقوا طفولتها لأجل أخيها
- بقي لنا بهذا الصدد أن نستعرض كيف التعامل مع هذه الغيرة، ويمكنك الوصول لدستور متكامل للتعامل مع غيرة عبد الله باتباع النصائح التي ستجدينها في الاستشارة التالية:
- أمي: ارحمي غيرتي وغربتي
- ولتنظيم وقتك وأولوياتك لينال ابنك ما يكفيه من رعاية واهتمام يعيناه على الانتصار على غيرته، فطالعي الاستشارة التالية:
- الغيرة وأشياء أخرى
- وأستحلفك بالله عز وجل ألا تتعاملي مع غيرته وعدوانه على أخته بالضرب أو العنف؛ ف الغيرة تؤسس العنف.
- لا تظني أنك الوحيدة التي تعاني من هذه الغيرة، فهناك من الأمهات من شكت من تفنن ابنتها في تعذيبها، وطالعي تجربتها والإجابة على سؤالها ففيها من التفاصيل المفيدة لك ما يكفي للتعامل الصحيح مع غيرة ولدك:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
ثانيًا: وبالانتقال إلى المحور الثاني، وهو كيف نتعامل مع عدوانية عبد الله المبررة لكونه ذكرًا ولغيرته الشديدة وما يعانيه من ضغوط بسبب هذه الزائرة التي غيَّرت حياته، فاعلمي أن:
- الحب هو خير دستور للتعامل مع العدوان
- وطالعي هذه الاستشارة لتعلمي ما إذا كان الضرب يدفع العدوان، ولقد أجبت بنفسك بين سطور سؤالك بالإجابة؛ إذ قلت إن عدوانيته قد زادت باستخدام العنف معه؛ لذا فطالعي هذه الاستشارة لتجدي البدائل:
- الطفل العدواني.. هل الضرب يردعه
- وأنصحك بما ننصح به دائمًا كل المربين: أن قدموا الحب تجدوا الطاعة
وفيما يلي ستتعرفين على خير الوسائل للتغلب على أعاصير الغضب التي تجتاح حياتكم:
- ولدي وأعاصير الغضب
ثالثًا: بقي لنا ما يجب فعله لتنمية علاقة إيجابية بين طفلك وأخته، وطالعي ما يلي لتعرفي كيف ذلك:
- الحب بين الإخوة كيف نغرسه وننمّيه
- شجار الأبناء مثلث الحل
وبشكل عام فأنصحك بما يلي:
1 - ضرورة توفير فرصة لطفلك لممارسة رياضة بشكل منتظم تستوعب طاقته وتعوده النظام.
2 – لا بد من إتاحة مجال فسيح للخروج والانطلاق والنزهة، وصرف العنف والعدوان في اللعب خارج المنزل أو حتى داخله مع الأب والأصدقاء، مع حد من السماح لبعض العنف الذي لا يؤذي.
3 – لا بد من الإشادة به أمام الناس وبمهاراته ليتوجه النظر إليه، فلا شك أن الزوار يتأملون أخته وتطورها في النمو، ويقارنون هدوءها بعنفه –وغالبًا ما يميل الناس لرقة البنات في السن الصغير- وهو ما يحرقه غيظًا فيدفعه لأعلى معدل من العنف والعصبية في وجود الناس، لذا فلا بد من تبديل الأدوار وتوجيه أنظار الناس إلى تفوقه في رياضته مثلاً ونقاط تميزه، وبهذا الثناء سيزول تدريجيًّا هذا التوتر عند وجود الآخرين، كما ستتاح له فرصة أكبر لتجاوز مسألة الغيرة.
4 – لا بد من إرساء قواعد قوية للصداقة مع الطفل من قبل الوالد.. وكذلك أنت.. وإيجاد فرص عديدة على مدار اليوم للحوار واللعب معًا، والخروج معًا في ثنائيات يتمتع فيها بأبوة أبيه وحده أو بأمومتك وحدك دون شريك له في تلك المتعة ولو لمدة دقائق.
5 - أيقظيه من النوم على بسمة وحنان وصوت مليء بالحب وقبلات، وقبل نومه اغرسيه في أحضانك وأنت تحكين له قصة قبل النوم المليئة بالتوجيهات التي استخلصتها من سلوكيات يومه، في إسقاط لهذه التوجيهات على القطة أو البطة أو الحصان... إلخ.
6 - اعلمي أنه طفل وهو أضعف منك ومن أبيه وهو في حاجة إليكما، فلا تداوي جراحه بمزيد من الجراح، ولا تجعلي ردك على صرخات ألمه واستغاثته –التي تكون على هيئة تخريب– مزيد من الإيلام له.
7 – لا بد من مطالعة دقيقة وجيدة لكل ما أشرت إليه من استشارات سابقة عن مشكلات شبيهة بمشكلة ابنك.. وقد وجهتك إليها كي لا أطيل عليك، وفي نفس الوقت أعطيك فرصة لجمع كل النصائح المفيدة حول هذا الموضوع، كما أن لي اقتراحًا بأن تقومي بحفظ هذه المعالجات السابقة على جهاز الحاسب الخاص بك لتطالعيها كل فترة فتهيئ لك قوة وعزمًا على المواصلة.
أختي الحبيبة.. سعدت جدًّا بسؤالك لنا الذي ينم عن ثقة وإخوة أدامها الله ووثق عراها.. وأنا في انتظار أخبارك ومتابعتك لنا بكل جديد عنك وعن طفليك.. ويا حبذا لو تابعتنا بكيفية استجابة ابنك لتنفيذك للمقترحات التي عرضناها عليك وأثرها عليه، وشكرًا لك.
ـــــــــــــ(103/35)
عائلة عنصرية جدًّا ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، كيف تستطيع الأم التعامل مع أطفالها ومع المحيط الخارجي إذا كان هناك من يميز بالتعامل بين أطفالها من الأقارب، مثلاً أن تميز الجدة في تعاملها مع أبناء ابنها بين الولد أو البنت أو التمييز بين البنات؛ لأن هذه أجمل من الأخرى... إلخ. كيف تعالج الأم هذا الموضوع وتنهيه مع الطرفين (الطفل والطرف الآخر الأقارب أو الجدة أو...)؟ مع الشكر. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأخت الكريمة.. كنت أودّ لو طالت رسالتك قليلاً لأتبين منها بعض التفاصيل التي تعيننا على النظر في الأمر. كأن تذكري لي:
- هل تقصدين التمييز إجمالاً بين الأحفاد جميعًا أم التمييز بين أبناء ابن عن ابن آخر؟
- هل التمييز من قبل الجدة مثلاً (والدة الزوج أم والدتك أنت) أم كل الأقرباء؟
- كيف تعاملين أولادك عمومًا -في حضرة الأقرباء خاصة– هل بالتقدير والاحترام أم أنك أحيانًا توجهين لهم النقد أمام الأقرباء؟
- هل يكون هذا التمييز في الغالب لصالح طفل أو طفلة معينة؟ ما صفات هذا الطفل (إن كان)؟
- هل هناك تمييز يصل لحد عدم التقبل؟ وهل عدم التقبل لطفل معين؟ ما صفاته (إن كان)؟
- ما أسباب التمييز في نظرك.. هل هناك فعلاً بعض الأسباب الموضوعية؟
- ما شكل هذا التمييز (هدايا - قبلات - كلمات مدح - كلمات سلبية تجاه الطفل غير المحبب...)؟
- هل يشعر الطفل نفسه بهذا التمييز وما رد فعله تجاهه؟
- ما رد فعلك الوقتي تجاه هذا الأمر؟ وما رد فعلك فيما بعد بينك وبين أبنائك وبينك وبين هؤلاء الأقرباء؟
- ما علاقتك بهؤلاء؟.. هل هي علاقة ودودة أم يشوبها بعض التوترات؟ هل تزيد التمييزات أثر هذه التوترات؟
ـــــــــــــ(103/36)
سفيرة صفحتنا ترصد وتعقب وتعاتب ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. موضوعي ليس استشارة بشأن طفلي، وإنما هو ملاحظة أردت أن أرسلها منذ زمن وشاء الله إرسالها الآن، وأرجو تقبل ملاحظتي فيشهد الله أني لا أكتب لكم إلا حبًّا وتقديرًا لإخوة لي في الله أرى فضلهم على الإسلام والمسلمين، ولا أكتب إلا من منطلق إيجابية المسلم الواجبة علينا جميعًا وسعيه مع إخوته لإتمام لبنات البناء حتى يكتمل..
إخوتي.. منذ أكثر من عامين وأنا أتردد على صفحتكم يوميًّا -إن لم يكن أكثر من مرة في اليوم- لأنهل مما فيها مما يعينني في تربية طفلي الذي نذرته لهذا الدين، وأرجو من الله تعالى أن يتقبل نذري، وكم نشرت مواضيعكم المفيدة بين المسلمات حتى غدت هذه مهمة أضعها نصب عيوني لعلّ أمهات اليوم يُعِدن أمجادنا المندثرة، فلم أترك صديقة ولا قريبة إلا وأعطيتها من موقعكم ما يفيدها في شأن تربية أطفالها، ولكني لاحظت أكثر من مرة إرشادكم للآباء والأمهات ليُسمعوا أطفالهم الموسيقى من منطلق أنها تنمي لديه الذكاء الرياضي، الحقيقة أن هذه المعلومة كانت دائمًا تقف غصة في صدري! قد تقولون نعم هناك من أفتى بجواز الموسيقى وفق شروط معينة -مع العلم بقناعتي التامة بحرمة الموسيقى- ولكني أقول يا إخوتي ما لنا نقحم أنفسنا فيما قد يغضب الله؟.. ما لنا لا نتقي الشبهات؟! هل وقفت تنمية ذكاء الطفل على سماع الموسيقى؟!
ما يحزنني أنكم غدوتم بعد الله عز وجل موئل كثير من الناس، وقد تكون كلماتكم للأغلبية مسلّمة فيها تؤخذ بعينها وتطبق -وهذا من عظيم الثقة فيكم جزاكم الله خيرًا- وكم أخشى أن يحمل البعض إرشادكم بسماع الموسيقى على مجمله فيظنها فتوى تجيز له الطرب والدندنة مع المطربين!! وجزى الله الأستاذة نيفين صلاح عبد الله التي أرشدت والدا يومًا ليُسمع ابنه النشيد الإسلامي الملحّن لتنمية ذكائه المنطقي الرياضي.
قد يكون هذا مقصدكم دومًا، ولكن كلمة موسيقى قد تعني شيئًا آخر مختلف تمام الاختلاف للبعض فرجائي الحار الذي أبثه من صميم القلب أن نتقي هذه الكلمة؛ خشية على البعض من الزلل، وخشية عليكم -يا أعز الناس- من حمل وزر أحد في إحدى الاستشارات الأخرى عن تنمية الذكاء أجاب عضو فريق الاستشارات بضرورة سماع الموسيقى لتنمية ذكاء الطفل، ووالله ما أشار إلى سماع القرآن. لست أتصيد أخطاء ويشهد ربي محبتكم في قلبي كم تبلغ. أسأله عز وجل أن يجمعنا على منابر من نور وقد يكون نسي وجل من لا يسهو، ولكني أردت أن أقول أليس القرآن بكلماته الجزلة وترتيله الجميل أولى في تنمية الذكاء من الموسيقى؟! كما أنه ملحن أيضًا.
أردت أن أذكر تجربتي مع طفلي الذي وددت والله لو أضعها بين أيدي كل المسلمين لعلّ فائدة ولو يسيرة تعم. طفلي ما زال يبلغ السنة وثلاثة شهور فقط، ولكنه بحمد الله على درجة من التميز -وأنتم أنفسكم شهدتم لي بذلك في إحدى الاستشارات وأكدتم بأنه يفوق أقرانه بشكل ملحوظ ما شاء الله تبارك الله- ولو أردت أن أعدد ما يعرف من مسميات الأشياء -فعليًّا يعرف مسميات كل شيء خارج البيت وداخله من مكونات الكمبيوتر قطعة قطعة وحتى الخيط والإبرة- وما يتقن، وما يتلفظ من كلمات وما يميز من حروف عربية وأرقام، ولو أردت وصف دقته ومهارته في التعامل مع الأجهزة وغيرها، ووصف فهمه وإدراكه لكل ما يقال ويدور حوله واستجابته لما انتهيت.
ولكن يكفي أن أقول بأن كل ذلك جاء ببركة القرآن الذي قرأته عليه وهو جنين في بطني منذ شهره الخامس أو قبل، ومن أول لحظة ولد وحتى هذا اليوم لم تداعب مسامعه سوى آيات الله، سواء كان قراءة يومية مني أو والده أو سماعًا من أحد المقرئين، وبحمد الله طهر مسمعه تمامًا من سماع الغناء والموسيقى، فحتى التلفزيون لا نقتنيه بفضل الله، وكل ما يراه رسوم متحركة إسلامية يراها على شاشة الكمبيوتر.
لقد غدا القرآن جزءاً من فكره، فو الله إنه من شهره العاشر يتلهف لمسك المصحف فيفتحه ويتبع بسبابته، ويردد كلمات غير مفهومة ملحنة تمامًا كتلاوة القرآن، ويؤذن، ويصلي، ويسبح بأصابعه، ويرفع يديه للدعاء عند الطعام والاستيقاظ، كما أن لفظة قرآن كانت من أول الكلمات التي نطقها -وإن كانت غير تامة تمامًا- ومع هذا فهو طفل مرح جدًّا كثير اللعب، نقضي وقتًا طويلاً باللعب والاستكشاف، وهو ليس أذكى من أي طفل على وجه الأرض، بل هو طفل عادي جدًّا، ولكن بركة القرآن عظيمة تفتح العقل وتنمي المواهب.. يبدو أن مشاعري المتدفقة دفعتني للإكثار من الكلام!! سامحوني، وتقبلوا ملاحظتي وادعوا لي ولابني بالصلاح والتقوى والثبات على الحق.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أختي الكريمة: أم عمر، جزاك الله كل الخير على غيرتك على دينك والخشية على إخوانك من حمل وزر وإن لم يقترفوه، وجزاك الله كل الخير على تحيتك وحبك الذي انتشر شذاه طيبًا في حروف رسالتك. إنا لحريصون كل الحرص على توخّي كل وسيلة تسهم في دفع هذه الأمة دفعًا. ونحمد الله أننا وصلنا لهذه المرتبة التي أشرت إليها بأننا موئل كثير من الناس وهو ما يضاعف مسئوليتنا مرات ومرات؛ جعلنا الله تعالى قدر هذه المسئولية وأعاننا على حمل تبعاتها وألهمنا صوابًا.. اللهم آمين.
أما أن تكون كلماتنا مسلّمة ويحمل إرشادنا على مجمله فما أظنه أنه ما دام بيننا من هم مثلك ويقرأ ويدقق هكذا فلا خوف إذن ممن يحملون هذا الوعي الذي نتوقعه في قارئينا ومتلقي رسائلنا. ونحن معًا نرصد ونصوِّب ونسير قدمًا نحو التحقق واليقين بإذن الله عز وجل.
أما وإننا نشير في بعض استشاراتنا بإسماع الطفل الموسيقى فإنني قبل أن أخط حرفًا أشير فيه بسماع الموسيقى فقد طالعت جميع الفتاوى تقريبًا التي تناولت هذا الأمر "الموسيقى - الغناء"، وما هذا إلا لأتأكد أولاً من صوابها وحلتها على المستوى الشخصي أولاً، ويقف الأمر عند إرشادي بسماعها في مجال تنمية الذكاء المنطقي الرياضي حسب قراءتي في نظريات تنمية الذكاء من الوجهة العلمية باعتباره وسيلة موظفة (وأنا مطمئنة إلى صحتها شرعًا حسب أقوال بعض الفقهاء الذين اطمئننت إلى صدقهم وعلمهم) وليس باعتبارها فتوى، فليس هنا مجال لفتوى. وإنما نستند للفتاوى الموجودة بصفحة الفتوى، وإن كنا نجتهد في تحقيق المرجعية الإسلامية على مستوى الأفراد وعلى مستوى الصفحة ككل. ولكني أكرّر أن مجال قولي هنا ليس لفتوى لحلتها أو حرمتها فلهذا أهله. وأدعو الله سبحانه ألا نكون من المتقولين على الله بغير علم.
ونحن نتحرك بين شقي الرحى؛ فلدينا منطلقان ثابتان: أولهما المرجعية الإسلامية.
وثانيهما: الأمانة العلمية. وهذا ما يفسّر عدم إرشادي بسماع القرآن لتنمية الذكاء المنطقي الرياضي؛ فهذا ما لم أحط به علمًا حتى هذه اللحظة التي أخط لك فيها هذه الرسالة. وعساها تكون فرصة طيبة لندعو من لديه بحث في هذا المجال أن يرشدنا إليه أو يطلعنا عليه، عسى أن يعم النفع. وحتى ذلك الحين لا يمكنني أن أشير بما لم أتحقق منه علميًّا فهو مما لا يدخل دائرة الخبرة بل دائرة العلم. وإن كنت أشير بسماع القرآن دائمًا في مواضع أخرى مما يتسع المجال فيها للاستناد إلى الخبرة.
وأضع بين يديك بعض الفتاوى الخاصة بسماع الموسيقى؛ ليس لأدلل على جواز الموسيقى أو عدم جوازها، ولا لأبرهن على صحة الرأي بالإشارة إليها في مجال تنمية الذكاء المنطقي الرياضي، وإنما من منطق إيجابية المسلم التي أشرت إليها. وما أعنيه أن أضع الأمر مرة أخرى لتقبلي النظر فيه فربما راجعت -وغيرك- أمرًا أعمق من مسألة الموسيقى هذه.
فاسمحي لي: قناعتك التامة بحرمة الموسيقى لا تعني حرمتها بالفعل، ولا تعني ألا ننعم برحمة الله بنا في الاختلاف، فلا يملك التحريم والحلة إلا الله سبحانه وتعالى، وسأعرض عليك جزءاً منها ويمكنك مطالعتها كاملة بنهاية مناقشتنا.
وأسوق لك من فتوى الشيخ أحمد الشرباصي رحمه الله "هل يحرم الاستماع إلى القطعة الموسيقية والغناء قوله: سماع الآلات ذات النغمات أو الأصوات الجميلة لا يمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة أو صوت إنسان أو صوت حيوان، وإنما يحرم إذا استعين به على محرم أو اتخذ وسيلة إلى محرم أو ألهى عن واجب.
وهكذا ينبغي أن يعلم الناس حكم الله في هذه الشؤون، ونرجو بعد ذلك ألا نسمع القول يُلقى جزافًا في التحليل والتحريم ما لم يحرمه الله أو تحليل ما حرمه الله، كلاهما افتراء على الله بغير علم.
يقول الله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ". صدق الله العظيم.
انتهى حديث الشيخ الشرباصي رحمه الله.
ويقول أ.د. محمد السيد الدسوقي في فتوى سماع الموسيقى: "من الخطأ أن
نحكم بالحرمة على أمر دون أن يكون معنا الدليل القاطع على ذلك؛ لأن الذي يملك
التحريم هو الله سبحانه وتعالى".
وأظنك أدركت ما أرمي إليه وأرجو الله سبحانه أن أكون مصيبة فيه، فالأصل في الأمور الحلة، ولا تحريم إلا بنص.
أختي الحبيبة.. تقولين إن ابنك أعز الله به الإسلام لا يرى إلا الرسوم المتحركة الإسلامية، ولا يوجد لديكم تلفاز بالطبع هذا أمر طيب ما دمت تطمئنين له، ولكن ماذا عن أي أمر طيب لم يصطبغ بالصبغة الإسلامية؟ واسمحي لي أن أسأل: أليس لكل شيء وجهه الطيب؟ لم لا نستفيد من هذا الوجه الطيب ونترك الخبيث منه؟
وقد ترجعيني لمسألة الوقوع في الشبهات؛ اسمحي لي أن أسوق إليك حديث الأستاذ كمال المصري مستشار استشارات دعوية بالموقع في توضيح هذه المسألة؛ أرجو أن ينفعك الله به ويلهمنا جميعًا الصواب.. اللهم آمين.
يقول الأستاذ كمال المصري: "في توضيح مسألة الشبهات.. وموقف الشريعة منها": "لقد أقرت الشريعة أن الحلال بيّن، والحرام بيِّن، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيِّن، والحرام بيِّن وبينهما مشتبهات -وفي رواية مسلم مشبهات- لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشتبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه" رواه البخاري ومسلم.
وقد يلتبس على البعض هذا الحديث، فتتسع عندهم دائرة المشتبهات، وتبتلع كثيرًا من المباحات حتى تنمحي تمامًا من ساحة الشريعة، هذا رغم أن الحديث يقول: (بينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس)، أي أن هذه المشتبهات حكمها بيِّن واضح عند القليل من الناس وهم العلماء، وهذا يعني أن المشتبهات إنما تشتبه على كثيرين في وقت ما، وعليهم اجتنابها عندئذ، ولكن عليهم أيضًا أن يلجئوا إلى من عنده علمٌ فيتبينوا منه الحكم وتزول الشبهة، وعندها يندرج الأمر إما في دائرة الحلال وإما في دائرة الحرام، فالحلال إذن بيّن.. والحرام بيّن.. ولا يوجد في الشرع غير ذلك.
وهذه نبذة مما قاله العلماء في تعليقهم وشرحهم للحديث:
أولاً: الموقف من "المشتبهات":
1 - يقول الإمام ابن حجر: "ومفهوم قوله: "كثير" أن معرفة حكمها ممكن، لكن للقليل من الناس وهم المجتهدون، فالمشتبهات على هذا في حق غيرهم".
2 - يقول الإمام النووي: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيِّنٌ والحرام بَيِّنٌ" فمعناه: إن الأشياء ثلاثة أقسام: حلال بيِّن واضح، لا يخفى حِلُّه... -وذكر أمثلة منها- وأمَّا الحرام البيِّن: فـ... -وذكر أمثلة منها-
وأما المشتبهات: فمعناه: أنَّها ليست بواضحة الحلِّ، ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، ولا يعلمون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها: بنصٍّ، أو قياس، أو استصحاب، أو غير ذلك، فإذا تردَّد الشيء بين الحلِّ والحرمة، ولم يكن فيه نصٌّ ولا إجماعٌ، اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعيِّ، فإذا ألحقه به صار حلالاً، وقد يكون دليله غير خالٍ عن الاحتمال البيِّن، فيكون الورع".
3 - يقول الإمام السندي: "أي هما بينان يعرف الناس حكمهما لكن ينبغي أن يعلم الناس حكم ما بينهما من المشتبهات".
4 - يقول الإمام الصنعاني في شرح الحديث: "(وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس) المراد بها التي لم يعرف حلها ولا حرمتها فصارت مترددة بين الحل والحرمة عند الكثير من الناس، وهم الجهال، فلا يعرفها إلا العلماء بنص، فما لم يوجد فيه شيء من ذلك اجتهد فيه العلماء وألحقوه بأيهما بقياس أو استصحاب أو نحو ذلك".
ثانيًا: الموقف مما التبس حكمه بين الحرمة والحلّ:
يقول الإمام الصنعاني: "وأما ما التبس هل حرّمه الله علينا أم لا؟ فقد وردت أحاديث دالة على أنه حلال؛ منها حديث سعد بن أبي وقاص: "إن من أعظم الناس إثمًا في المسلمين من سأل عن شيء لم يحرّم فحرّم من أجل مسألته"، فإنه يفيد أنه كان قبل سؤاله حلالاً، ولما اشتبه عليه سأل عنه فحرم من أجل مسألته، ومنها حديث "ما سكت الله عنه فهو مما عفي عنه" له طرق كثيرة، ويدل له قوله تعالى: "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَات"، فكل ما كان طيبًا ولا يثبت تحريمه فهو حلال، وإن اشتبه علينا تحريمه، والمراد بالطيب هو ما أحله الله على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو سكت عنه. فالتباس التحريم والحلِّ يعني الحلَّ لا التحريم كما يفهم معظم الناس خطأ.
ثالثًا: ما الرتوع المحرَّم؟
إن الرتوع المحرم هو الرتوع في المكروه لا مطلق الرتوع في الشبهة؛ لأن الرتوع في المكروه هو الذي يقود إلى الحرام، وليس الرتوع في الحلال، يقول الإمام ابن حجر: "ولا يخفى أن المستكثر من المكروه تصير فيه جرأة على ارتكاب المنهي في الجملة، أو يحمله اعتياده ارتكاب المنهي غير المحرم على ارتكاب المنهي المحرم إذا كان من جنسه".
فالراعي حول الحمى هنا هو الراعي حول المكروه وليس حول المباح.
ومن هذه النقاط الثلاث يتضح لنا معنى الحديث الشريف، وموقف الشريعة من الشبهة، ولا يدخل في هذا اختلاف الفقهاء في حكم مسألة ما أو في فهم دليلٍ ما -الموسيقى كمثال-، فإن هذا الاختلاف إنما هو اختلاف الرحمة التي شاء الله تعالى أن يرحم به الأمة، ولا يدخل بحال في مفهوم "المشتبهات" أو "المشبهات" التي نهينا عن الرتوع حول حماها، ولعلّ هذا الفهم ينافي ما فهمه العديد من الناس اليوم حين توسعوا في مفهوم "المشتبهات" حتى غدت معظم الدين، وما هي كذلك.. والله تعالى أعلم". انتهى حديث الأستاذ كمال المصري.
وإن كانت الموسيقى حلالًا وثبت علميًا أنها تفيد في تنمية الذكاء، والبدء في تعلم الموسيقى مبكرًا أمرًا جوهريًا؛ فوصلات المخ التي تتخلق أثناء لعب آلة موسيقية بين الثالثة والعاشرة تبقى قوية طوال الحياة. ولا تتأثر المهارة كثيرًا بالتوقف بعض الوقت فيما بعد.
ويفيد كذلك الغناء للأطفال في تكوين هذه الوصلات، أفلا ترى معي أننا يمكننا الاستفادة من وجهها الطيب؟ أرجو أن تطالعي موضوع خرافة المخ الصغير لتعرفي المزيد عن معمار المخ في هذه المرحلة الحرجة من عمر الطفل:
- خرافة المخ الصغير
والآن أصارحك.. يعتمل في صدري قلق أن نغلق دون هذا الصغير وسائل تفاعله مع مجتمعه الذي يعيش فيه، فنحيل دون فرصة رائعة لإيجاد داعية مسلم قوي مدرك جيدًا لبيئة دعوته ومفاتيح هؤلاء الذين يتوجه إليهم بدعوته.
ولعلي أسمع منك في القريب العاجل تجربة اندماجك وأسرتك مع بيئتك الجديدة.. عسى أن يعم النفع بإذن الله تعالى.. أشكرك مرة أخرى على تواصلك الواعي ولا أنتظر إلا دوامه. فنحن بحاجة حقه لتنواصل جميعًا لبناء مرجعية راسخة ننطلق منها انطلاقة قوية تمكننا من البناء معًا. ولعلَّ رسالتك الأولى من نوعها على صفحتنا واغتنام هذه الفرصة واجب لنبين أنه لا انفصال بين صفحات الموقع ككل فكلها تصب في مصب واحد وإن اختلفت قنواته، فالعقيدة السليمة تترجم لسلوك سليم، أيًّا كان مجال هذا السلوك.
ـــــــــــــ(103/37)
دعوا أطفالكم يلعبون ... العنوان
لدي طفل عمره سنة و7 شهور، أعاني من شدة العصبية لديه في حالة عدم تنفيذ طلبه، وكذلك في بعض الأحيان عندما نلبي طلبه؛ فبالتالي يقوم بتكسير أي شيء أمامه، ويضرب أي شخص أمامه مع البكاء بصوت عالٍ، كما أنه يحب اللعب بحيث لا أستطيع أن أتحدث معه أو ألقنه أي معلومة أو أي كلمة، كما أنه يحرص على روتين معين وعلى نمط واحد لا يتغير؛ مثلا في السيارة يريدنا أن نشغل شريطًا معينًا وأغنية معينة، أرجو إفادتي عن الحل ولكم مني جزيل الشكر والتقدير. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختي الكريمة.. واسمحي لي أن أبدأ كلامي معك بالاعتذار عن التأخر في الإجابة.. وأرجو أن تشفع الإجابة في هذا التأخير.
أختي الكريمة، اسمحي لي بأن أقتحم مسألة عصبية ولدك مباشرة؛ فقد وصلني من سؤالك أنها تضايقك كثيرا، وتحيرك في التعامل مع ولدك؛ حيث ذكرتها من أول سطر في سؤالك بلهجة تشي بالمعاناة.. فهيا بنا إلى تحليل المسألة، والبحث عن علاج مناسب لها.
كما يبدو من بيانات سؤالك يا عزيزتي أنك تعملين بالمهنة المقدسة مهنة التعليم، وتتركين طفلك يوميا حوالي 5 ساعات، وربما أكثر؛ لأنك بعد العودة من عملك -وقد جربت هذا- تكونين مجهدة منهكة في حاجة إلى النوم أو الراحة.. وتريدين من ولدك احترام هذه الحاجة لديك، وقد تكونين في حاجة إلى إعداد الطعام، والانتهاء من أعمالك المنزلية.. وهو ما يخصم عددا آخر من ساعات تواجدك مع طفلك.. كما يؤثر على صبرك معه.. وهو ما أقدره وأعذرك فيه، ولا ألومك عليه.. بل أحلل معك المسألة بهدوء لنتعرف سويا على حل مناسب.
بقيت نقطة أخيرة، وهي أن الطفل يقضي هذه الساعات الخمس مع أحد غيرك بالتأكيد؛ وهو ما يغير نمط ومنهج التعامل معه؛ واختلاف السياسات التربوية مع الأبناء من الأمور الخطيرة التي تحتاج لوقفة لتوحيد هذه السياسات مع كل الأطراف التي تتعامل مع الطفل أو تتولى رعايته (جدة - خالة - مدرسة الحضانة... إلخ).
وبالتالي فإن مسألة عصبية ولدك -على سنه الصغيرة إذ لم يكمل العامين- تحتاج منك إلى استيعاب كامل أولا لأنه معذور.. وأنه يجرب كل الوسائل للحصول على ما يريد.. وما أفلح منها كان وسيلته المضمونة لذلك؛ وهو ما يضمن خنوع الطرف الآخر لمطالبه، ولكي نغير من اعتقاده بنجاح هذه الوسيلة، ولكي نمتص العدوان ونصرفه من سلوكه؛ فتعالي بنا نتأمل بعض المقترحات المطروحة في استشارات سابقة بعد ما يلي:
1- لا بد من الاتفاق مع الطرف الذي يتولى رعايته حال عدم تواجدك معه على التعامل معه بنفس الأسلوب الذي ستتعاملين به معه بعد اطلاعك على نصائحنا العديدة في موضوع:
- التعامل مع الغاضبين الصغار
2- لا بد من إخلاء البيئة حوله من العصبية والتوترات؛ فعصبية الأبناء عادة ما تكون محاكاة لما حولهم.
3-لا بد من بناء صداقة حميمة مع طفلك وتكوين علاقات وطيدة بينك وبينه، وبينه وبين والده، وانقري هنا لتعرفي كيف:
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
4-تعد القصص والحكايات مفاتيح لكنوز عديدة يمكن استخراجها من الأطفال بالحكي.. وطالعي استشارة "العند.. الحل السحري في القصص"؛ لما فيها من نصائح عن استخدام القصص وتطويعها لأداء الكثير من الأهداف التربوية.
- العند.. الحل السحري في القصص
5-لا بد من إيجاد أنشطة عديدة تستوعب طاقة ووقت طفلك؛ فهو ذكر أي أن طاقته ورغبته في الاستكشاف وخاصة في سنين عمره تلك في أوج تألقها.. واطلعي على الموضوعات التالية لتعرفي أن:
- طفل السنتين له أنشطته
- فلنستثمر ذكاءهم باللعب
6- ابتعدي عن الأوامر المباشرة للطفل قدر المستطاع.. بل اجعلي أوامرك لديه في صورة محفزة ومليئة بالمرح.. فحينما يهم بضرب أحد حين يغضب فامسكي بيده، وامنعيه برفق قائلة: "الله.. إن يد مشعل جميلة.. انظروا.. لكنها غير مغسولة.. هيا نغسلها". وبالتالي تشغلينه عما نوى فعله دون عنف وبدون تأكيد على عصبيته..
7- حينما يطلب شيئا.. اجلسي على ركبتيك، وانظري إليه في حنان وملسي على شعره قائلة: "ماذا يريد حبيبي؟".. وإن كان أمرا لا مشكلة فيه فعبري عن استعدادك القوي لتنفيذ طلبه بسعادة واهتمام قائلة: "فقط هذا.. من عيني".. وإن كان فيه مشكلة فاحمليه بحنان، وقولي له: "تعال نجرب إن كان ينفع.. أم لا". فإن كان يطلب شيئا خطرا مثلا -حيث لم تحددي لنا نوع طلباته التي ترفضين تنفيذها- فاجعليه يستكشفها معك بهدوء، ويكتشف خطورتها تحت توجيهك وإشرافك كما سبق أن أشرنا في استشارة:
- طفلة تصرخ افهموني أستجب لكم – متابعة
8- لا تجعلي رفض طلباته هي الأصل في التعامل معه.. وخصوصا إذا كانت طلباته -التي ما زالت مبهمة بالنسبة لي ولم تتضح من سؤالك- في مجال الفحص والاستكشاف والتعرف على ما حوله.. واعلمي أن خير وسيلة للتعامل مع رغبة الأطفال في الاستكشاف هي تلبيتها تحت إشراف الوالدين.. وسيتضح الأمر أكثر بعد الاطلاع على الاستشارة التالية فانقري عليها من فضلك:
- أسرع قطار لمحطة العناد
9- اجعلي ما تنهين عنه في صورة هادئة وبسيطة وغير مباشرة. فلو أقبل على اللعب في فيشة الكهرباء مثلا فقولي له: "مشعل.. هلا ناولتني المنديل.." مثلا؛ بحيث يبتعد عن الكهرباء دون أن يشعر أنك تنهينه عنها فيزداد تعلقا بها.. وفيما بعد يمكنك حكاية قصة تبين مخاطر الكهرباء، وأن الطفل "نمنم" عبث بها فتألم وأصيب ورقد في المستشفى لأيام لم يلعب ولم يجر كأصحابه.. واجعليه يشاهد كتبا مصورة وقصصا وخاصة عن الأمان وقواعد السلوك.. فالصورة توصل الكثير وهي أبلغ من ألف كلمة.
وراقبي في الاستشارة التالية كيف يمكن توجيه الأوامر بشكل غير مباشر:
- علاج العناد بقوانين الكرة
10- حاولي توفير فرصة لبذل مجهود حركي وعضلي بشكل متكرر أثناء الأسبوع وخلال اليوم الواحد لصرف نشاط الطفل فيما يفيد صحته؛ وذلك بالجري في النادي أو الحديقة أو ممارسة الرياضة البسيطة (الإيروبكس) في المنزل معك.. ولا تبخلي بهذا المجهود أن يبذل معه؛ فآثاره عجيبة على صداقتكما وصحتكما وسعادتكما واستمتاعك بالأمومة.
واعلمي أن أولى أمومة تعني اللعب والجد والتعب:
- أولى أمومة.. لعب وجد وتعب
11- لا بد من أن يكون للأب دور واسع المساحة في حياة طفلك.. يلعبان معا، ويخرجان للتسوق، ويحكيان القصص، وذلك بشكل يومي. وباختصار تعاملا مع الطفل على أنه فرحة وسعادة ومتعة.. وليس مسئولية.. وحاولا إمتاعه والاستمتاع بصداقته بكل وسيلة. واعملا على فهمه واكتشافه. وانقري هنا لتعرفي كيف:
- افهم النغمة لتستمتع بها
12-حاولي إيجاد حيوان أليف في المنزل.. كقفص للعصافير مثلا؛ فالعناية بهذه الأشياء تستثمر طاقة الأطفال كثيرا.
13-اعملي على تنمية مهارات وقدرات طفلك، ودعي فطرتك نحوه تنطلق:
- دعي فطرتك تجاه طفلك تنطلق
أرجو أن تتطلعي بدقة وعناية عن النصائح الموجودة في الاستشارات والموضوعات التي أشرت إليها آنفا.
أختي الحبيبة، أرجو أن تتابعينا بالمزيد من أخبارك وأخبار "مشعل"، وكيف كانت استجابته لما اتفقنا عليه من توجهات وسياسات جديدة في التعامل معه.. جعله الله مشعلا يضيء لأمته الطريق إلى المعالي والمجد.
ـــــــــــــ(103/38)
تصالح مع طفلك.. قبل فوات الأوان ... العنوان
مع تحياتي للجميع.. مشكلتي أولاً مع نفسي، فأنا أعترف بأني مقصرة في حق ابنتي (6 سنوات)، لكن لقد حاولت كثيرًا إرضاءها، لكنها لا ترضى بأي إقناع أحاوله معها.. دائمًا ترد ولا تسمع كلامي مباشرة أحتاج إلى إعادة كلامي عدة مرات وبعد الصراخ تنفِّذ ما أردته منها. وخصوصًا إذا كنا مع الأصدقاء دائمًا تحرجني لعدم سماع كلامي.
وما شاء الله هي ذكية جدًّا ومتفوقة في دراستها، والكل يعترف بذلك ليس أنا فقط. لكنها كثيرة الكلام مع الآخرين تحب التحدث مع كل من نلتقي بهم، وهذا أحيانًا يحرجني، فالناس ليسوا سواسية. أحاول أن أقنعها بذلك لكن دون جدوى. أنا فعلاً آسفة لإطالتي لكن بجد محتاجة لنصائحكم الثمينة قد يكون الحل على أيديكم إن شاء الله.
والشيء الآخر أنا بصراحة لست سريعة في إنجاز أعمالي المنزلية، وهذا يستغرق الكثير من الوقت يجعلني بعيدة عنها فتبقى هي وحيدة مع التلفاز، وهذا ما يؤلمني.. أحس بالذنب دائمًا لكن لا بديل أعينوني أعانكم الله. فهي تقضي أحيانًا 4 ساعات في مشاهدة التلفاز ولا تحب مساعدتي في أعمال المنزل.
أحاول إشغالها عن التلفاز لكن دون جدوى.. أخيرًا خوفي أن تكبر على هذه العادات وعدم الاحترام لكلامي فماذا تنصحونني؟ أنا فعلاً حائرة جدًّا أحس بأني عاجزة عن تربيتها فما هو الحل؟.. شاكرة لكم تعاونكم والله يحفظكم.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الحبيبة.. مرحبًا بك وتحية عطرة إليك كما أهديتنا تحياتك الرقيقة، ولعلَّ خير عنوان لسؤالك هو المقولة الشهيرة "رحم الله امرأ عرف قدر نفسه"، فقد كانت أول جملة في سؤالك هي: "أعرف أني مقصرة".. وهو ما يجعل الطريق إلى حل مشكلتك –وليست مشكلة ابنتك– سهلاً يسيرًا؛ لأن ثلثي الحل موجود وهو إدراكك أن هناك مشكلة ومعرفتك لأسبابها ورغبتك الصادقة في حلها؛ ولذا فأكاد أعتبر سؤالك وعدا مسبقا منك بتنفيذ ما سأقترحه عليك من حلول.
ولإعادة صياغة العلاقة بينكما أنصحك بالآتي:
1 – لا بد من وضع ابنتك على قائمة جدول أولوياتك وأعمالك اليومية، ومنحها وقتًا بشكل يومي يكفي للحوار والكلام والتفاعل معًا من خلال اللعب وممارسة الأنشطة معًا، والتنزه والتسوق وإيلاف قلبيكما وربطهما برباط من الحب والودّ والسعادة، وربما يتطلب ذلك منك إرجاء بعض الأمور التي تشغلك حاليًّا عن ابنتك أو تفويض من يقوم بها عنك، مثل تفويض بعض أعمال المنزل لخادمة أو شيء من هذا؛ لأن ابنتك وعلاقتك بها هما واجب الوقت في هذه الفترة.
2 - إذا كانت ترفض مشاركتك في الأعمال المنزلية –وهذا قد يكون له ما يبرره من أنك من المؤكد أنك تبدين لها أنها أعمال شاقة لا تنتهي، وأن مشاركتها لك فيها من قبيل التخفيف عنك وتحمل المسئولية معك وليس من قبيل المتعة والسعادة معًا– فلا تضغطي عليها لهذا التعاون، بل انتقلي أنت إليها وأنت تمارسين بعض هذه الأعمال مما يصلح نقله مثل تقشير خضر أو إعداد شيء يمكن إعداده خارج المطبخ بحيث تتحدثين معها وتؤنسين وحدتها وتقربينها إليك أثناء تأديتك لهذه المهمة. وربما آثرت فضولها بإبدائك الاستمتاع بهذه المهمة لكي تشاركك لاحقًا أو تطلب منك أن تجرب.
3 - يمكنك حثّها تدريجيًّا على مشاركتك في أعمال المنزل من طرف خفي بتشجيعها بمدحها أمام الأب مثلاً بأن أحدًا لا يستطيع تلميع المنضدة مثل طفلتك أو أن أحدًا لا يغسل الصحون مثلها حتى أنا شخصيًّا، وهذه الروح الطيبة المليئة بالتشجيع ستدفعها للمشاركة بفرحة وإقبال وثقة بقدرتها على ذلك وثقة بأن الأمر ممتعًا وليس تخليًا منك عن أداء شيء تريدين إلقاء مسئوليته على عاتقها هي، كما يجب شكرها والثناء على ما أدته بعد انتهائها منه.
4 – لا بد من وضع نظام للمنزل وأفراده يضمن لك تخفيف الأعباء عنك، ويضمن التعود على السلوك الحسن، فكل فرد مسئول عن ترتيب حجرته وسريره بعد الاستيقاظ من نومه بعد أن يقول دعاء الاستيقاظ وقبل أن يخرج من حجرته لغسل وجهه، وكل فرد مسئول عن حمل الطبق الذي تناول فيه طعامه إلى الحوض لغسله أو وضعه هناك ليوضع في غسَّالة الأطباق بعد تنظيفه من المخلفات، وكل فرد مسئول عن وضع ملابسه على الشماعات لتعليقها في مكانها في الدولاب إن كانت نظيفة أو وضعها في المكان المعدّ للغسيل، وكذلك الأحذية والأدوات.. وكوني خير قدوة لها لتنفيذ هذا النظام أنت وأبيها ووجّهيها إليه بهدوء ورفق وابتسامة تنير وجهك للحفاظ على بيتنا مرتبًا؛ لكيلا يضيع منا وقت يمكننا أن نقضيه في المتعة والسعادة والترفيه.
5 – لا بد من أن تحاولي تنظيم وقتك بتنظيم أولوياتك، فهناك أربعة مربعات في جدول أعمال الإنسان يمكن أن ينظم من خلالها وقته وهي: هام وعاجل – هام وغير عاجل – عاجل وغير هام – غير هام وغير عاجل.. ولعلّ تنظيم المهام وفقًا لهذا المربع يمكنك من وضع كل مهمة في نصابها الحقيقي، والأهم ألا تضيعي في مربع الخداع وهو المربع الثالث بحيث يوحي لك عجلة المهمة بأهميتها فتستغرق وقتًا لا ينبغي لها أو تستحوذ اهتمامًا لا تستحقه، حيث يمكن أن تنفذ بمجهود أقل، ولا تنسَ قول الحكيم: "إن من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد ورثه أو خير أسسه أو علم حصله فقد عقّ يومه وظلم نفسه"، وطالعي هذين الموضوعين لمزيد من المعلومات المفيدة:
- نظم بيتك في ساعة
- كيف تضيِّع وقتك سَبَهْللا؟!
6 - لا تطمحي أن تكون ابنتك دمية لها عين لا تبصر بها وأذن لا تسمع بها لا تنطق ولا تعترض ولا إرادة لها، ولا تحيطينها بسياج من القواعد، بل اجعلي توجيهك لها هو القدوة الحسنة التي تراها فيك وفي والدها، والتي تحب أن تقلدها لأنها تحب أصحابها، فالعلاقة الوطيدة بينها وبينك ستجعلها تطمح أن تكونك وأن تتمثل بك والعكس صحيح.
7 - اجتنبي توجيهها أو لفت نظرها أمام الآخرين كي لا تنقذ نفسها من الحرج بإحراجك والتمرد على أوامرك، بل يمكنك إرساء قواعد وأنظمة للسلوك الطيب في أوقات أخرى تجمعكما معًا وحدكما من خلال القصص والحكايات والمواقف المفتعلة، كأن تحكي لها عن موقف رأيته لطفلة تفعل كذا...، وكم كان استياء من حولها.. إنه شيء يجعل الآخرين لا يحترمون من يفعله.
8 - كوني لها أمًّا تحب وتحنو وتصادق وترافق وتلتصق قبل أن تأمر وتنهر.
9 - أما بالنسبة لشكواك من ثرثرتها فلا أجد في ذلك مشكلة تستحق الحل، ويمكن الاطلاع على الاستشارة التالية لتتأكدي من ذلك:
- ثرثرة ابنتي.. من يوقف هذا الصداع؟ -تعقب من خبير
وتضيف الأستاذة مي حجازي بهذا الصدد ما يلي:
أختي الحبيبة.. إن ظروف دراستك وانشغال وقتك وعدم قدرتك على تنظيم وقتك ليستوعب مهامك العديدة قد سبّب تقصيرك في حق ابنتك الذي اعترفت به في رسالتك، وهو ما أدى إلى أن تواجه الابنة حرمانها من حقها فيك –كملكية كاملة لها في سني عمرها الأولى– بالتمرد عليك؛ فقد استجابت لحرمانها بالانفصال عنك كتعبير غاضب عن رفضها الإهمال، وتفسيري هذا أوضحه رغم علمي أنك قد تكوني على وعي به، لكي تنظري لتصرفات ابنتك من هذا المنطلق وليس من منطلق أنه سلوك سيء يحرجك أمام الناس أو يستحق العقاب.. إلى غير ذلك؛ فنظرتك للطفلة على أنها مظلومة وليست مخطئة يمنحك صبرًا أكثر لإعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية بينكما، أو لنقل لحفر هذه المجاري الطبيعية التي يبدو أنها لم تنشأ قط بينكما.
وأقترح أن يتدخل طرف ثالث يعمل على إصلاح العلاقة بينكما بهدوء وبشكل غير مباشر وغير واضح، وليكن معلمتها أو قريبة لكم أو صديقة أو جارة أو الأب، وأرجح أن يكون الأب هو الخيار الأخير.
أما دور هذا الطرف الثالث فسيكون الحديث مع الطفلة بشكل مباشر وغير مباشر طبعا بدون افتعال للمواقف -من خلال مواقف عدة- عن حبك لابنتك وفرحتك بها وهي صغيرة، وكيف كنت تتألمين لمرضها وتسهرين بجوارها –وقد رأى ذلك رأي العين– والادعاء هنا ليس حرامًا ما دام لتحسين العلاقة بينكما، بحيث يكون هذا الطرف شاهدًا على حبك لها تدعم شهادته ثقتها بحبك لها وتغير من اعتقادها الراسخ بإهمالك لها وانشغالك عنها، ورفضك أن تكوني لها أمًّا غير متحملة مسئوليتها تهجرها وتتخلى عنها.
كما ينبغي أن تسعي أنت في خط موازٍ على تحسين العلاقة مع ابنتك والاقتراب منها ما استطعت بكل السبل من هدايا وكلمات رقيقة واحتضان وامتداح لها أمام الآخرين، وشاركيها مشاهدة التلفاز أحيانًا، ثم ادعيها لممارسة نشاط ما ممتع أحيانًا أخرى بحيث تسحبينها تدريجيًّا مما لا تفضلين لها إلى ما تجدينه أنسب، مع مراعاة أن يكون كل ما تشاهده في التلفاز مناسبًا من أفلام الأطفال أو الكارتون أو برامج العرائس وليس غير ذلك، ولو تطلب الأمر استخدام شرائط فيديو لمزيد من التأكد مما تقض معه الطفلة وقتها.
وأخيرًا.. استعيني بالله تعالى وأكثري من الدعاء أن يؤلف الله عز وجل بينكما، ويصلح ذات بينكما. ووافينا دائمًا بأخباركما وما صارت إليه الأمور. وابتسمي يا عزيزتي فكلنا نسبح في خضم التربية.
ـــــــــــــ(103/39)
الحبيب الأول.. ومتعة الوالدية ... العنوان
السلام عليكم تحية من القلب لكم جميعًا فريق "إسلام أون لاين.نت"..
لدي طفل عمره 11 شهرًا، لاحظت فيه الأشياء التالية، ولا أدري هل هذا طبيعي أم لا؟:
1 - انفعالاته في معظمها سواء "سرحان" أو مسرور يعبر عنها (بالفرك) بأصابعه وكذلك بالعض؛ مما يسبب آلامًا لوالدته أثناء العض في الرضاعة.
2- أحيانًا تنتابه موجات بكاء مستمرة يسكت بينها، ثم يتابع البكاء لفترة طويلة دون سبب معروف.
3 - يهتز ويرقص مع أي صوت مستمر مثل قراءة القرآن أو الأذان أو الموسيقى أو الغناء. ما أريد أن أعرفه هل وضعه هذا هو العادي؟ وإن كان به شيء مميز فكيف ننميه فيه؟ وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. يا أخي الفاضل، وتحية من القلب مثل تحيتك.. قلب يدعو لك بولد صالح يصل أعمالك الصالحة، ويكون لك سعادة في الدنيا، واتصالاً لحسناتك ورفيقك بالجنة.
أخي الكريم.. إن طفلك الحبيب هو طفلكما الأول أنت ووالدته؛ لذا وقبل أن أرد على أسئلتك بشأنه سأقدم لك ما يجب أن أقدمه لك وللأم أولاً من حقائق، فطفلكما في حاجة إلى حسن التربية كأي طفل في سنه وهو سؤال كل أم جديدة، فطالعا هذه الاستشارة لتعرفا ماذا أعني:
- حسن التربية.. سؤال كل أم جديدة
ولا يفوتكما أن يرافقكما في رحلة التربية دليلكما إلى عالم الوالدية الذي ستجدان عنه الكثير في الاستشارات التالية:
- دليلك إلى عالم الوالدية
- سنة أولى أمومة..حيرة ومتعة
- أمومة لأول مرة
وبعد ما اطلعتما على ما فات، تعالا معي لنعرف الرد على أسئلتكما الحائرة:
1 - بالنسبة لمسألة العض وفرك الأصابع فهي أمور لا تتعدى كونها خصالاً لا تخرج عن إطار الطبيعي في الأطفال ومما لا يخشى منه، ويمكن إبعاده عن ممارسة هذه الأمور بشغله بشيء آخر، فعندما يبدأ بفرك أصابعه يمكن إعطاؤه (لعبة) تحدث صوتًا مثلاً أو (شخشيخة) أو شيئًا ملونًا يعبث به وينسى مسألة الفرك، وعند العض يمكن غلق أنفه للحظة ليفتح فمه إن كان هذا العض للأم غير محتمل ومؤلم.. كما يمكن إلهاؤه بالغناء أثناء الرضاعة مثلاً.
أما بالنسبة لتفسير مسألة العض نفسها، فتفسيرها لا يخرج عن كونها لغة من لغات الحب والتواصل مع الأم أو التعبير عن الحاجة إلى الحنان، فالطفل ما زال فيما يسمًّى بالمرحلة الفمية وهي المرحلة الأولى من حياة الطفل، والتي من المفترض أن يتحقق فيها الإشباع للطفل عن طريق الفم، ذلك أن معظم إشباعات واحتياجات الطفل في فترة حياته الأولى تتركز عن طريق الفم بالرضاعة، و لا تستغربا فهذا ما أكدته الإجابتين التاليتين:
- رسالة حب بلغة اللمس
- حينما يصبح القرص وسيلة لاستجداء الحنان
ربما كان جوع طفلك وعدم حصوله على ما يشبعه هو السبب في بكائه وهو ما يقودنا للإجابة على السؤال الثاني، فبكاء الطفل المتواصل قد يكون بسبب وجود ألم ما، إما جوع أو رغبة في تغيير الحفاظ أو مغص أو غازات، وهو ما يمكن التغلب عليه بمعرفة سبب البكاء.
وإذا تأكدت الأم أن الطفل لا يعاني من شيء مما سبق فيمكن فحص الطفل عضويًّا عند طبيب الأطفال للاطمئنان على حالته الصحية وخلوه من أي مشكلة عضوية تسبب له هذا الألم كمشكلات هضمية أو غير ذلك.
3 - أما بالنسبة لمسألة تفاعله مع المؤثرات الصوتية حوله فهو شيء رائع ولطيف وينفي شكي في كون صراخه بسبب مشاكل في أذنيه أو إحداها.
ـــــــــــــ(103/40)
ضحايا التدليل يتذمرون ... العنوان
السلام عليكم.. أخي الصغير (6 سنوات) جاء بعد 8 سنوات بعد أخيه السابق؛ لذلك أفرطنا في تدليله. الجميع في البيت يتدخل في تربيته وكل واحد بأسلوب مختلف، حتى إنه أصبح يحب الجلوس وحيدًا. أمي تضغط عليه كثيرًا بشأن الدراسة. أنا أعتقد أنه ذكي، ولكن لا أحد يقدره؛ وذلك بسبب أختي الأصغر منه، وعمرها 5 سنوات التي تظهر ذكاء حادًّا حتى إنه أصبح يقول إنه يكرهها ويضربها. أبي أعطاه كامل الحرية منذ صغره والاهتمام، ولكن الآن أصبح أخي يبتعد عنه كثيرًا ويشتمه، وأخي الكبير يقوم بضربه. أرجو المساعدة.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي الكريمة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن نشكر لك اهتمامك بأخيك والذي يبدو أنه طفل في أسرة كبيرة مضطربة، ما جعلك أنت التي تحملين عبء السؤال والاستفسار، ولكن الرسالة جاءت مختصرة جدًّا ليس فيها إلا كم من الأخطاء التربوية الواضحة فما بين الإفراط في التدليل، ثم اختلاف الموجهين وكثرتهم، ثم المقارنة القاتلة بينه وبين أخته والتي أوصلتهم لحالة من العداء في مثل هذه السن الصغيرة إلى الضرب من قبل الأخ الكبير والضغط من قبل الأم إلى شتم الأب.. هذا ما احتوته رسالتك، ثم عبارة من كلمتين "أرجو المساعدة". ونحن بالطبع نتمنى مساعدتك، بل إننا موجودون على هذه الصفحة لمساعدتك، ولكن لم نفهم أي مساعدة تطلبين فأنت أوضحت كل الأخطاء التي تمارس معه، ولكنك لم توضحي ما هي حالة هذا الطفل المسكين بعد كل هذه الضغوط التي يتعرض لها.
فهل المساعدة التي تطلبينها هي في علاج هذه العائلة في تعاملها مع هذا الطفل.. الحقيقة أن المشكلة التي تستحق الحل فعلاً هي أفراد العائلة.
أول أمر هو ألا يتدخل أحد في توجيه هذا الطفل إلا الأب والأم فقط، وإذا كان لك دور أو ملاحظات فلتبديها للأم وهي التي تقوم بالتوجيه أو هي التي تتعلم كيف تتعامل معه وتوجهه بدون تعنيف أو ضغط أو مقارنة مع الأخت الصغرى، ولكن لا بد من توحيد جهة التوجيه في إطار الحب والحنان، ولا يسمح للأخ الكبير مهما كان أن يضرب الأخ الأصغر فهذا ليس دوره، فالطفل يقبل التوجيه من الأب والأم لمكانتهما في نفسه ولا يقبل من الأخ، خاصة إذا كان الضرب هو وسيلته في التوجيه.
إن الضرب مرفوض كوسيلة للعقاب من الأب والأم فما بالك ممن ليس له هذا الحق.
إذا كفت الأسرة عن المقارنة بينه وبين أخته فستعود العلاقات بينهما طبيعية، خاصة وأنها الأقرب إليه سنًّا، والطبيعي أن يكونا أصدقاء، ولكن الكبار يفسدون علاقتهم بهذه المقارنة.
ولا بد أن تستخدم والدتك معه التشجيع والحفز وكذلك الأب، ولكن بصورة معتدلة، فليس معنى الحرية أو التدليل أن يترك الطفل حتى يضرب أباه فهذا من التطرف التربوي كما أسميه، فتارة ندلله حتى نفسده، ثم نقسو عليه حتى نقصمه وفي الحالتين نفسد عليه حياته.
وحِّدوا التوجيه واستخدموا التشجيع وكفوا عن المقارنة، مع شيء من الحسم الحاني في بعض الأحيان فهذا هو الحنان وهذه هي التربية بعينها، مع الاعتدال في العقاب فلا تدليل ولا ضرب، وعندها سيكون أخوك طفلاً سويًّا.
ـــــــــــــ(103/41)
جرائم الاحتلال فرقت بيني وبين طفلي ... العنوان
السادة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وجزاكم الله تعالى خيرًا على هذه الصفحة الطيبة التي تشرفت بالمشاركة فيها سابقًا منذ عدة أشهر.. عبر استشارة:
- ابتلاع المعرفة..يبدأ بالفم
ولكني اليوم أكتب لكم والألم يعتصرني لهذه الاستشارة التي ما كنت أتمنى أبدًا أن يصل بي الحال إلى أن أرسلها وأشارككم بها همومي!!
كنت كما تعلمون أحيا في فلسطين وبالتحديد في مدينة القدس الشريف، وولدي محمد (عمره الآن سنة) الذي أحببته أنا وأمه عندما بلغ من العمر 6 أشهر (أي بعد 3 أشهر من استشارتي السابقة لكم) على هذه الصفحة الطيبة أقدمت سلطات الاحتلال على قرار إجرامي بتشريدي عن أسرتي الصغيرة وقطعي عنها وإبعادي خارج فلسطين مدة طويلة جدًّا؛ لأسباب غير معلومة على وجه التحديد!! وهكذا عشت أنا في ناحية وزوجتي وولدي في ناحية أخرى؛ حيث أقمت في الأردن فترة بسيطة، ثم سافرت إلى بلد إقامتي الحالية الذي لم أتمكن إلى الآن من استقدام أسرتي إليه.
القضية التي أنا بصدد استشارتكم فيها هي أنني زرت الأردن منذ فترة، واستقدمت زوجتي وولدي من الأراضي المحتلة لزيارتي هناك. ولكنني فوجئت عندما استقبلت ولدي أنه ما عاد يتقبلني ويعدني غريبًا عنه، ولا يرضى بي على الإطلاق إلا بعد أن عودته عليّ خلال فترة الإقامة، ولكنني أصبحت بالنسبة له -بعد أن اعتاد علي- مثل أي شخص آخر من أعمامه أو أخواله أو أي صديق، ولا أدري هل يفهم ويعي أنني أنا أبوه أم لا؟!!
وما يزيد همي هو أنني اضطررت للمغادرة الآن إلى محل إقامتي الحالي أملاً في استقدام أسرتي الصغيرة، ولا أدري كم يحتاج هذا من الوقت؟ فماذا سيحدث إذا التقيتهما بإذن الله تعالى؟ هل سيفعل بي ولدي مثلما فعل في المرة الأولى؟ هل سيرفضني؟ وكيف أعوده عليّ عندها مرة أخرى؟ ماذا أفعل لأستعيد صورتي الذهنية في عقل ولدي الصغير؟؟ خاصة أنه عندما رآني في المرة الماضية -في أثناء الزيارة للأردن- كان قد أكمل عامًا، وقد بدأ يعي من الدنيا ما يحتاجه.. فماذا سأفعل إن رفضني؟؟ هل هذا طبيعي ألا يتذكرني عندها؟؟ وهل أحتاج إلى إجراءات خاصة؟؟ علمًا أن أمه تريه صورتي دائمًا حتى لا ينساني، وتكلمه وتذكره دائمًا بأن هذه الصورة هي لأبيه، ومع ذلك لم يتذكرني في المرة الماضية. سامحوني للإطالة وبارك الله تعالى فيكم.
... السؤال
أطفالنا والأحداث الجارية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأب الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وأهلاً بك مجددًا على صفحتنا التي هي صفحتك، وإن كنت أتمنى لو التقينا في ظروف أحسن من هذه كما يُقال، لكن قدر الله وما شاء فعل؛ فلقاؤنا عبر وسيلة الاتصال هذه هو أفضل الخير، وسط الحصار المفروض وطبول الحرب التي تدق وتوشك أن تمتد جرائمها إلى التفريق بين آباء وأبنائهم في بقاع مختلفة من وطننا العربي بفعل أنواع مختلفة الأشكال من الاحتلال إن لم نتصدَّ لها.
كان الله عز وجل في عونك وقلوبنا معك؛ فرسالتك نموذج لجرائم الاحتلال الإسرائيلي غير المنظورة؛ حيث إن جرائم القتل والهدم والطرد التي يمارسها الاحتلال، والتي يرصدها العالم، ويحسب عدد القتلى أو المطرودين أو الذين هدمت منازلهم أو الخسائر المالية والاقتصادية، ولا تضع في الحسبان هذه الجرائم في البنية النفسية لأهل فلسطين بصورة عامة ولأطفالهم بصورة خاصة.
فطفلك الذي اضطررت قسرًا للابتعاد عنه كان طبيعيًّا جدًّا أن ينساك؛ لأنه ما زال في سن لا تستطيع ذاكرته استيعاب صورة الأب والاحتفاظ بها إن اختفى هذا الأب من أمامه.
ولكن لا تقلق فبإذن الله تعالى عندما يجتمع شمل الأسرة سيبدأ طفلك في البداية بنفس رد الفعل من الاستغراب لك، ثم التعود عليك كأي صورة أخرى لأحد الرجال الذين اهتموا به كالخال والعم، ثم مع مرور وقت قصير ومع تقدم سنه ومع المعيشة المستمرة سيبدأ في تمييزك كصورة خاصة هي صورة الأب؛ لأن الأطفال في هذه السن يكون كل من هو رجل ويهتم به فهو في صورة الأب عنده، لكنهم يميزون الأب بالإلحاح بالقول والفعل على شخص معين بأنه هو الأب، أو بالمناداة عليه بهذا اللقب أمامه بذلك.
فلا تقلق.. فكل الأطفال مثل ابنك في هذه السن؛ إذا غاب عنهم الأب نسوه، ولكن بمجرد عودته يتعودون عليه ثم تثبت صورته الذهنية في نفوسهم.
ما تفعله الأم في هذا الصدد جيد جدًّا، ولو بإمكانك الاتصال تليفونيًّا والحديث مع طفلك حتى وإن لم يستطع أن يتحدث معك؛ لأنه لا يستطيع الكلام، أو إرسال شريط كاسيت مسجل عليه صوتك، وتخبره أمه أن من يتحدث هو أبوه، مع تكرار استقدامك له ولوالدته لزيارتك في أوقات متقاربة، مع تحمل رد فعله الأول دون انفعال؛ فمع صغر سنه -كما قلت لك- في كل مرة سيغيب عنك ويلقاك ربما يلقاك بنفس ردة الفعل الأولى التي تشتكي منها الآن، والتي ستقل تدريجيًّا مع تقدمه في العمر واتساع مدى ذاكرته، حتى يجمع الله سبحانه شملكما، واطمئن فستظل أباه، وستظل فلسطين وطنه، وسيعود يومًا ليحررها ويحرر مدينته القدس.. فلا تقلق.
ـــــــــــــ(103/42)
رضيعي عصبي.. هل هذا طبيعي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لديّ مشكلة كنت أعتقد أنها بسيطة، ولكن بعد الاطلاع وقراءة ما يشكو منه الكثير اتضح أنها ليست بسيطة، وهي أن ابني عبد الله البالغ 1.3 سنة لاحظت عليه في الفترة الأخيرة أنه عصبي جدًّا، خاصة عندما يطلب شيئًا (الأشياء الممنوعة: السكين أو القداحة على سبيل المثال) لدرجة أنه يوقع نفسه على الأرض بقوة، وحتى في بعض الأحيان تصل أنه يتشاجر معي أو يمد يده، وكنت أعتقد أنه نوع من الدلع يمر به كل الأطفال، ومع أني لا أضربه أو أصرخ في وجهه مطلقًا. وبما أني عرفت أن هناك مشكلة فالأفضل أن أحل المشكلة في الوقت ذاته.. أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أيها الوالد الحازم، وأشعر أني لم أتسرع بوصفك بالحازم؛ فقد بدا ذلك من لهجة سؤالك؛ حيث قررت أنه لا بد من الحل حين يتضح أن هناك مشكلة، وهو ما أشد على يديك بشأنه وأؤيدك فيه.. واسمح لي قبل أن أرد على سؤالك أن أنقل لك شعوري حين قرأت سؤالك؛ فقد شعرت أن هناك حادثة ما وقعت لتوِّها بينك وبين عبد الله قبل أن تفتح جهاز الكمبيوتر وترسل السؤال، وبناء على تصوري هذا فاسمح لي أن ألطف من حدة الموقف، فأقول لك أبياتًا يعبر من خلالها أعرابي عن حبه لولده، فيقول:
أحبه حب الشحيح ماله
قد كان ذاق الفقر ثم ناله
إذا أراد بذله بدا له
الأب الكريم إن عصبية الأبناء مما أفردنا له على صفحتنا الكثير، وكانت خلاصة الآراء عن مسألة عصبية الأبناء ليست فعلا بقدر ما هي ردة فعل، وأحيانًا محاكاة للآباء، وقد يكون للوراثة بها بعض التأثير في أحيان أخرى، لكن تبقى المسألة قيد محاولة امتصاص هذه الطاقة التي تخرج في شكل غضب وعصبية، ثم توجيهها بشكل صحيح ليتم التعبير عن الانفعالات بأسلوب يخلو من تلك العصبية.
إن ما دللت به على عصبية ولدك هو تلك اللحظات التي يكون لديه فيها رغبة لأن يحصل على شيء ما -غالبًا ما يكون غير مناسب– لكنه يريد استكشافه، وبالتالي ترفض ذلك فيُصِرّ هو وتبدو عليه العصبية والإصرار في الحصول على المرغوب لأنه ممنوع، وهو ما يزيد تعلقه به. إذن فتعالَ نخاطبه على قدر عقله، ونجعل من هذا الإصرار فرصة تربوية عظيمة.
ما رأيك حين يطلب القداحة أن تعطيها له لكن مع إمساكك بها، واستعراض وظيفتها ولونها وإمكانياتها وفيمَ تستخدم، وأنها صغيرة ولا تأكل، ولن تكبر، أما أنت فتأكل لتكبر، ونروي النبات ليكبر، ونطعم القطة لتكبر... وهكذا، ثم بعد ذلك تحكي له عن خطورتها؛ لأنها تخرج شيئًا يلسع ويسبب آلمًا، فلا ينبغي أن يستعملها الصغار كي لا تؤذيهم، ثم ما رأيك أن تشتري له لعبة تشبه القداحة مصنوعه من البلاستيك مثلاً؟؟ أعتقد أن هذا سيكون مفيدًا حين تقول له أين قداحتك؟؟ العب بها فهي غير مؤذية إنها أجمل من قداحة والدك.
ويمكن التعامل بنفس الكيفية مع السكين، ولكن مع تغليفها بجراب بلاستيكي يجعل شفرتها مؤمّنة، أو اصطناع موقف تمثيلي تظهر فيه أنها قد جرحتك وأنها تؤلم، وتذهب إلى فراشك لأنك متألم؛ ليرى "سيناريو" كاملاً يفهمه أنها مؤذية، لكن لا بد من إتاحة الفرصة له ليفحصها ويراها ويفهم وظيفتها، وهكذا...
إن أفضل طريقة للتعامل مع فضول الطفل ورغبته في الاستكشاف وفحص الأشياء هو أن تتاح له هذه الفرصة فعلاً للاستكشاف وإشباع الفضول تحت إشرافنا وبترحيبنا وتفهمنا لرغبته واحترام هذه الرغبة؛ فتجده تلقائيًّا فقد هذا الإقبال الشديد عليها تدريجيًّا، وستجد أن الأستاذة الفاضلة نيفين عبد الله قد توسعت في سرد تجربتها مع ابنتها لإشباع هذا الطموح الاستكشافي لديها في استشارة:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
وكذلك أفكارها في التعامل مع هذا الطموح في استشارة:
- أسرع قطار لمحطة العناد
وبشكل عام فإليك بعض النصائح لتحسين مزاج طفلك، وامتصاص طاقته وتوتره، والتخفيف من عصبيته:
1 – لا بد من منحه وقتًا تلعب فيه معه بألعابه، وتطالعان كتبًا مصورة، وهناك كتب عن الأمان في المنزل بها صور مجسمة –مثلاً- تفهم الطفل من خلال شخصيات من الحيوانات قواعد السلامة من خلال قصة أرنب اقترب من مكبس الكهرباء فحدث له كذا، وقال له والده كذا... إلخ، ومن الممكن أن تفيدك في توعيته بما يحدق به من أخطار، أو تمثلان أو تلعبان ألعاب الفك
والتركيب والصلصال.
2 – لا بد من جعل البيئة حوله بيئة خالية من الانفعالات والتوترات والعصبية.
3 - حاول ألا يكون لديه فراغ نهائيًّا، بل يجب أن يقضي غالب وقته في مهمة يؤديها، ويفضل أن تكون هناك مساحة كبيرة للمجهود العضلي واللعب الحركي، كقيادة دراجة أو جري أو غير ذلك حتى لو تطلب ذلك منك جهدًا لتنسق جدول مهامك بشكل يتيح لك مرتين أسبوعيًّا على الأقل خارج المنزل تمارسان فيهما هذه الأنشطة.
4 - حاولا أنت ووالدته أن تبنيا معه علاقة صداقة وطيدة بعيدًا عن الأوامر والنواهي بكثرة الحوار، حتى ووالدته تمارس الأعمال المنزلية.
عبِّرا له عن حبكما له؛ فلا يكفي الحب فقط.. بالتبسم وحفلات الحفاوة به وأنت تميل عليه لتحمله بين ذراعيك، واحتوِ انفعالاته بهدوء، فلو حاول الشجار معك أو الاشتباك معك بيده اعتراضًا على أمر ما فلا تنهره، وإنما أمسك يده وقل له: "ما هذه اليد الجميلة؟! انظر إن فيها 5 أصابع.. يا خبر.. إنها تحتاج للتنظيف.. هيا نذهب لنغسلها".. الخلاصة أن تشغله وتنسيه الأمر وتغير الموضوع.
5 - حاول تلبية رغبته في الاكتشاف كما أشرنا سابقًا في كل فرصة تتاح لذلك.
6 - حاول أن يكون لك دور واسع المساحة في حياة طفلك، فشاركه اللعب والخروج للتنزه واللعب بشكل يومي.
7 – لا بد من استخدام القصص في بثه قواعد السلوك الصحيح من خلال قصة مثلاً فعل فيها القرد كذا.. هل هذا صحيح؟ إنه مخطئ؛ ولذا فقد حدث كذا وكذا... إلخ.
وطالع الاستشارة التالية؛ لما فيها من نصائح عن استخدام القصص وتطويعها لأداء الكثير من الأهداف التربوية:
- العناد.. الحل السحري في القصص
8 - ابتعد عن الأوامر المباشرة للطفل قدر المستطاع، بل اجعل أوامرك لديه في صورة محفزة ومليئة بالمرح، مثل: "من سيشرب اللبن أول واحد؟ من سيغسل يديه؟ واجعل النواهي بنفس الطريقة، وابتكر مزيدًا من الأساليب بعد مطالعة استشارة:
- علاج العناد بقوانين الكرة
9 - حاول إيجاد حيوان أليف في المنزل، كأن يكون لديكم قفص للعصافير أو حوض للسمك؛ فمتابعة طفلك له سيستنفد جزءاً من طاقته، وسيهدئ من عصبيته حين يتعود العناية به وإطعامه وسقايته واللعب معه، ولقد جربت هذا الأمر شخصيًّا مع طفلتي التي أصبحت عصافيرها شيئًا عزيزًا عليها تقضي معها وقتًا كبيرًا للعناية بها، وأصبحت مراقبتها مع أخيها من الأوقات السعيدة بالنسبة لها.. تراقب رقود العصفورة على البيض وكيف تحبه لأن فيه أبناءها العصافير... إلخ.
الأب الكريم، أنتظر موافاتك لنا بالرد والمتابعة عما آلت إليه الأمور.. وعن أخبار طفلك الحبيب الذي أدعو الله تعالى له أن يحفظه وينبته نباتًا حسنًا، كما قال الشاعر مداعبًا ولده:
يا حبذا روحه وملمسه
أصلح كل شيء وأكيسه
الله يرعاه لي ويحرسه
ولمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك مطالعة الاستشارات التالية:
- إلى كل مربٍ:قدم الحب تجد الطاعة
- افهم النغمة لتستمتع بها
- التعامل مع الغاضبين الصغار
- نعم التربية شاقة..ولكن
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
ـــــــــــــ(103/43)
الخوف من الغرباء.. مشكلة لها حل ... العنوان
ابني عمره 5 أشهر.. أصبح من فترة قريبة يبكي في معظم الأحيان كثيرًا عند رؤيته للناس سواء في منزلنا أو في بيوتهم، مع أننا نخرج كثيرًا للتسوق، ولا يصدر منه ذلك الأمر، لا أدري هل هي مشكلة أم لا؟ وما هو الحل؟ ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الحبيبة، ومرحبًا بولدك الغالي.. أقرَّ الله به عينك وجعله إلفًا يؤلف يحب الناس ويحبونه ويألفهم ويألفونه.
ولعلّ عمر طفلك ما زال صغيرًا على أن نعتبر أن هناك مشكلة حقيقية.. فكل ما سيتطلبه الأمر هو محاولة كسر تشريطات قديمة ارتبطت بعلاقته بالغرباء، وتسبب له هذا الخوف عند رؤيتهم، ووضع قواعد جديدة أنسب وأمتع، وسأفسر كلامي حالاً في السطور التالية:
إن ما أعنيه بالتشريطات ارتباط حدث مشاهدته للغرباء بذكرى أو حدث لا يحبه، فإما أن هناك حدثًا ما ربط بين مشاهدته للغرباء وتعرضه لأذى ما، أو الانفصال عنك، أو حرمانه منك لفترة تركته فيها عند أحد لتقضي مهمة ما.. إلخ، وقد يكون الأمر لم يحدث إلا مرة واحدة لكنه ما زال يؤول في ذهن الطفل أن مشاهدة الغريب تعني له أمرًا لا يحبه.
أختي الكريمة.. إن علاقة طفلك في عمره هذا بما حوله من أحداث لا يكاد يتعدى علاقة (مثير واستجابة)؛ بمعنى أنه لا يؤول الأحداث بشكل ناضج، وبالتالي فالمثيرات المزعجة بالنسبة له تسبب له هذا الهلع.
إذن تبقى محاولة كسر التشريطات التي تحدثنا عنها آنفًا؛ وذلك لتحسين صورة المثير المتمثل في رؤية ولدك للغرباء، وربط هذا المثير بشيء لطيف ومحبب، وذلك كما يلي:
1-يجب ألا تكون رؤية هؤلاء الغرباء مرتبطة بصوت عالٍ في المداعبة أو انتزاع من حضنك مباشرة.. أو تركه والافتراق عنه، بل يمكن أن يمنحه هذا الغريب قطعة من حلوى ملفوفة بورق لامع مثلاً أو لعبة تحدث صوتًا محببًا، مع مداعبته في هدوء وابتسام وعدم مفارقته لحضنك إن كنت تحملينه، أو عدم تغيير للوضع الذي كان عليه قبل رؤية هؤلاء الغرباء.
2-يجب أن تشبعيه من حضنك ومداعبتك وابتساماتك التي تشعره بالأمان؛ لكي يشعر بالامتلاء من عاطفتك وحنانك وحبك؛ فتنمو لديه القدرة على الاستقلال بشكل سوي ودون إجبار.
3-يجب ألا يحمله أحد أو يأخذه إلا إذا مال هو عليه كما يفعل الأطفال تعبيرًا عن استعدادهم وتقبلهم للتعامل مع هذا الوجه الجديد أو المألوف، وألا يجبر على الانتقال إليه دون إبداء استعداد ورغبة في ذلك؛ وذلك لنجنبه المثيرات المزعجة التي تسبب له اضطرابًا وخوفًا من رؤية الغرباء.
أختي الكريمة.. أعانك الله عز وجل على تربية ولدك الحبيب.. ونحن في انتظار مزيد من أخبارك وأخباره واستفساراتك، ونتمنى لكما معًا وقتًا ممتعًا في تلك الأيام الجميلة من عمر الأطفال زينة الحياة الدنيا.
ـــــــــــــ(103/44)
كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم على سعة صدركم لكل هذا الكم الهائل من المشاكل. تتلخص مشكلتي في ابني الأكبر فهو يبلغ من العمر 5.8 أعوام وأخيه 3.8، ونحن مقيمون هنا في هذا البلد العربي منذ ولادته، ولم يزر الأهل إلا 3 مرات منذ ولادته، كما أن علاقتنا محدودة جدًّا جدًّا، أي ليس له أصدقاء في مثل سنه.
وهو الآن في الصف الثاني التمهيدي بإحدى المدارس الأجنبية، تشتكي مدرسته دائمًا من أنه بطيء جدًّا في كتابته ولا يجلس في مكان واحد، وكثيرًا ما يشرد ذهنه، أما في البيت فهو كذلك، ولكن عندما ألفت انتباهه وأحفزه أجده كتب سريعًا وجيدًا وأيضًا في المدرسة كتب سريعًا، وسرعان ما عاد بعد يومين لما عليه وهكذا، ولكنه رغم ذلك ذكي ويستوعب اللغة بنسبة 80%، كما أنه يستطيع الرسم والكتابة على الكمبيوتر أيضًا.
هو لا يحكى لي ما يحدث له في المدرسة وخاصة ما فعله من أخطاء، ولا أعرف إلا من مدرسته أو أحد زملائه، وإذا سألته فقد ينكر أو يكذب لمصلحته، أيضًا عدم قدرته على أن يحكى لي ما حدث له في المدرسة، في حين أن أحد أصحابه وفي مثل سنه يحكي بدقة أفضل بكثير منه.
ملحوظة: أنا كنت أعمل في الفترة من 3 - 5 سنوات (طبيبة)، وكنت أتركهما مع جليسة أطفال في منزلها، كما أنني لم يكن عندي وقت كافٍ للجلوس معهما، وكنت أتعصب عليهما كثيرًا والآن تفرغت لهما. وأشكركم على حسن اهتمامكم وتعاونكم.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أيتها الزميلة العزيزة في مهنة الطب السامية ومهنة الأمومة الأكثر سموًّا، وشكرًا لثنائك الرقيق، ونأمل أن نكون دائمًا عند حسن ظنك، وأول من يرد بخاطرك –بعد الله تعالى– ليساعدك في حل مشاكلك في غربتك.
أختي الحبيبة، إن الرد على سؤالك سيغطي جزئيات أربعًا، هي:
الأولى: الحركة الزائدة للطفل.
الثانية: البطء الذي يؤدي به ما يطلب منه.
الثالثة: عدم نقل الصورة واضحة عن الأحداث، وضعف قدرته على الحكي.
الرابعة: الكذب وإخفاء الحقائق.
تعالي بنا نستوضحها معًا:
أولاً: الحركة الزائدة: وهي ما يجب عدم القلق بشأنه مطلقًا (خاصة في الذكور) حتى سن السابعة؛ لكون الحركة أو النشاط (على ما هو دارج من تسمية سلوك الأطفال في هذه المرحلة، ولا أعني هنا اضطراب فرط الحركة) الذي قد يزيد أحيانًا من السمات الطبيعية للكثير من الأطفال في هذه السن.
وقد يشيع أيضًا أن يكون هذا النشاط زائدًا حيث لا محل له، وأقصد بذلك أن نجد الطفل زائد الحركة في أوقات يجب عليه فيها الهدوء والإنصات مثلاً للمعلمة أو الاستقرار لحظة تناول الوجبة... إلى غير ذلك، كما أنه من الطبيعي أن تتسم شخصية هذا الطفل بالاندفاعية وكراهية الصبر أو انتظار الدور في أي شيء، والتعجل الدائم، وعدم وجود إستراتيجية لديه لإدارة الوقت وفقًا لبرنامج محدد المعالم يأخذ فيه كل شيء مكانه ووقته ودوره، ويمكن التدخل بقوة لتوجيه ما هو ممكن بعد اجتياز هذه السن.
قبل البدء في توجيه أي نصائح لا بد من التأكيد على نصيحة أكدناها مرارًا وهي مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء، وعدم مقارنتهم بأقرانهم من نفس السن ما دام الطفل تحت مظلة الطبيعي من السلوكيات والخصائص.
أما نصائحي للتقليل من تشتت الطفل ودفعه للتركيز أثناء التحصيل أو أداء أي مهمة تحتاج للجلوس والهدوء كتناول الطعام مثلاً، فهي ما يجب تنفيذه في البيت والفصل في المدرسة بالتنسيق مع المعلمة والاتفاق معها بودّ على إعانة الطفل على تجاوز هذه المرحلة بسلام، وهي كالتالي:
1 - عند أداء مهمة ما –ولنأخذ مثلاً بالمذاكرة– يجب إثارة وتنبيه حواس الطفل كلها لأداء هذه المهمة وتخفيف مشتتات كل حاسة، وذلك كما يلي:
حاسة البصر:
- يجب أن يتم التواصل مع الطفل بعينين منتبهتين تركزان في عينيه مباشرة ولا تسمح بتشتتهما هنا أو هناك، وهو ما يسمّى (eye to eye contact)، أي اتصال عيون طرفي العملية طيلة الوقت الذي يجري فيه الإرسال والاستقبال بينهما.
- يجب أن يكون مكتبه فارغًا من المشتتات البصرية من أشياء ملونة أو براقة أو ألعاب مع تقليل الأدوات المكتبية المستخدمة قدر المستطاع، وخاصة المزركشة أو التي تحدث أصواتًا أو التي بها أزرار يمكن أن يصرف الوقت في ضغطها لفتحها وغلقها... إلخ. ويفضل أن يكون مكتبه موجهًا للحائط، ومع الحرص على تقليل المثيرات المحسوسة بالمكان وما يلفت النظر ككرسي دوار أو متأرجح أو غير ذلك.
حاسة السمع:
- يجب أن تتم المهمة بشكل جهري كالقراءة مثلاً مع تغيير نغمات الصوت وانفعالاته بشكل يجذب الانتباه ويمتع في الوقت نفسه.
- يجب خلو المكان من أي مشتتات سمعية أو أشياء تصدر أصواتًا ولو حتى غطاء القلم الذي ينضغط فيحدث صوتًا... وهكذا.
- يجب إعداد ملخص بعد الانتهاء من كل جزئية تم شرحها واسترجاع ملخصها مرة أخرى، ثم سؤاله عما استوعبه أو فهمه أو استمتع به مما قيل.
حاسة اللمس:
- يجب أن يتم التواصل باللمس عن طريق الربت أو التمليس على الشعر أو اليدين كل فترة لتنبيه حاسة اللمس أيضًا.
الخلاصة تلجيم نشاط الطفل كما يلجم الحصان، ولكن دون قسوة.. فقط بإزالة المشتتات.
2 - يجب تقليص فترات الجلوس بهذه الطريقة إلى 15 دقيقة مثلاً مع جعل فترات تعدل ضعف المدة بين كل جلسة وأخرى تقضى كلها في مجهود حركي وليس مشاهدة تلفاز أو تسلية تتطلب الراحة والاسترخاء؛ وذلك لتفريغ الطاقة المكبوتة في فترة المذاكرة، ونعطي مثالاً للمجهود الحركي (مثل تمرينات رياضية، شراء شيء، جري في المكان أو أي لعبة يحبها وتتطلب مجهودًا حركيًّا).
هذا على مستوى المنزل، أما المدرسة فيجب أن يلفت نظر المدرسة إلى الآتي:
1 - أن يكون مقعد ولدك في مكان متقدم في الصفوف في الوسط بما يسمح بأن يحدث تواصل بالأعين مع المعلمة باستمرار يجعله يستبعد فكرة أن يسرح أو يشرد؛ لأنه متواصل معها بعينيه وهي تراه بوضوح معظم الوقت لكن بدون إشعاره أنه مراقب.
2 - لا بد من إقناعها بالتعامل معه بحكمة وصبر ودون استعجال ودون مقارنة بينه وبين زملائه ومنحه وقتًا أكبر لأداء مهامه عن الآخرين.
3 - لا بد من مكافأته بشكل لطيف على أي إنجاز يحرزه وعدم الشكوى أو التبرم منه ليحدث التطور.
4 - لا بد من أن تجعل المعلمة له الأولوية في النشاط الحركي داخل الفصل، فيكون هو من يمكن أن تسند له مهمة إحضار الكراسات من حجرة المدرسات مثلاً، أو توزيعها في الصف أو تنظيف السبورة... إلى غير ذلك مما يسند للأطفال من أعمال داخل الفصل.
5 - لا بد من الاتفاق والتفاهم معها بهدوء أن طبيعة سنه تسمح أن يكون كثير الحركة فلا داعي لتوبيخه أو تقريعه كيلا ينفر من الدراسة؛ فهو ذكي ومتفوق وينبغي تنمية ذكائه وقدراته.
وننتقل للجزئية الثانية الخاصة بالبطء، ويمكن التغلب عليها بتعليم الطفل معنى وقيمة الوقت وتوزيع مهامه عليها، ونسوق لك بعض الأفكار لذلك:
1 - يمكن شراء منبِّه أو ساعة إيقاف لطيفة الشكل وضبطها عندما يعمل أي عمل وليكن مشاهدة التلفاز أو عمل الواجب –كل نشاطات يومه– بحيث تقدرين لهذه المهمة وقتًا معينًا، فتعطي الساعة تنبيهًا عند استنفاد الوقت، وهو ما يعلن ضرورة فعل المهمة التالية وهي اللعب بالمكعبات مثلاً وفقًا لمدتها المحددة وهكذا، ويكافأ عندما يكون معدل أدائه مناسبًا للساعة أي حينما ينتهي قبل فوات الوقت.
2 - يجب أن تكون مكافأته شيئًا محسوسًا فتكون تصفيقًا بصوت به انفعال مرح، وقبلة على الجبين وملصقًا على كراسته مثلاً... أو قطعة من الحلوى، بحيث يشعر بالنجاح وحلاوته وبكمّ الإنجاز.
3 - يمكن أن تبدئي بتطبيق هذا الأمر على نفسك لتكوني له قدوة، فيرى اهتمامك بالمنبه حال انتهائك من الطبخ، حيث يحين موعد الاستحمام... وهكذا.
أما بالنسبة للجزئية الثالثة عن عدم قدرته على الحكي فهو أمر يحتاج للخبرة والممارسة والتدريب، ويمكن من خلال قراءة القصص معًا، ثم حكايتها، ثم تطلبين منه أن يروي ما أحبه منها مرة ثالثة، ثم تطلبين أن يحكيها هو لك، وهكذا...، ولكن بهدوء ومرح وسعادة ودون إلزام.
وستجدين تفاصيل القيام بهذا النشاط في المعالجتين التاليتين:
- أطلق إبداع ابنك بالحكايات
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
وفيما يخص مسألة الكذب فالطفل قد يكذب لعدد من الأسباب ستجدين تفاصيلها في المعالجة التالية:
- لماذا يكذب الأبناء؟
أما علاج الأمر فينبغي أن يبتعد عن العصبية والعنف أو العقاب البدني، بل هو بل يكون بأمرين:
1 - المكافأة والتشجيع. 2 - العقاب.
ونعني بالعقاب إلغاء شيء يحبه الطفل كنزهة أسبوعية لطيفة أو حلوى بعد العشاء أو مشاهدة فيلم كارتون، ولا يتم اللجوء لهذا العقاب إلا إذا أصرّ الطفل على سلوكياته الخاطئة رغم التعامل معه بأسلوب المكافأة والتشجيع؛ وذلك لأن الطفل يصيبه كثرة العقاب باهتزاز في ثقته بنفسه ويصاب بإحباطات تكون سلوكياته السيئة التي نريد تقويمها خيرًا منها كما أشرنا سالفًا.
وعن كيفية استخدام أسلوب المكافأة:
1 - أولاً يجب الاتفاق مع الطفل أن تغيير الحقائق يسمى كذبًا، وهو أمر لا يحبه الله عز وجل ولا يحبه الناس، ويجعل الإنسان بعيدًا عن الله وعن الناس؛ لذا فلا يجب فعله، وبالتالي يتم إقناعه لماذا الخطأ خطأ.
2 - يجب الاتفاق معه على أنه سيقول الصدق دائمًا دون خوف من أي شيء، ويمكن دعم ذلك بمثل حقيقي من عدم تعرضه للعقاب حين يصدق القول في شيء ما خطأ اقترفه بحيث يتعلم أن الخطأ ممكن أن يقع فيه أي إنسان، لكن يجب ألا يكرره، فهذا هو ما لا يصح، وذلك في جو من الهدوء والحنان.
3 - يجب منحه الثقة بقدرته على تصحيح أخطائه وإعطائه الفرصة لذلك، فينتقل له من خلال الحوار أن لديه القدرة على أن يكون أفضل، وعلى تصحيح أي خطأ وعلى التطور للأفضل دائمًا.
4 - بشكل عام يجب غرس أسس قوية للصداقة والمصارحة بينه وبينكما كوالدين مع إعلامه أنه لا خوف إطلاقًا من أي أمر سيحكيه حتى لو كان خطأ؛ لأنكما ستعلمانه الصواب وتساعدانه دائمًا وتحميانه من كل مكروه... بحيث يحكي كل ما مر به في يومه أيًّا كان، وليكن ذلك من خلال جلسة يومية بعد العشاء أو على الغداء يحكي فيها الأب ما حدث له في يومه، وكذلك الأم ليبدأ الابن في سرد تفاصيل يومه هو الآخر لمسامرتكم، ولا مانع من اختلاق مواقف تنصح فيها الأم الأب أو العكس؛ ليعلم الابن أن هذا المسامرات يمكن فيها الحصول على النصائح المفيدة.
ولا مانع من رواية الأخطاء فكل ما سيحدث بشأنها هو التصحيح والنصح بدون تعرض لإيذاء بدني، ولا مانع من تكرار هذه الجلسة أكثر من مرة في اليوم الواحد بأكثر من صورة؛ فتارة على شكل حديث عن قصص عن الصحابة أو مكارم الأخلاق وما استفاده منها، أو ألعاب يمارسها أحد الوالدين مع الابن على الكمبيوتر مثلاً؛ وذلك للاقتراب منه أكثر والالتحام به، وكذلك لمحاولة حثِّه على أن يبوح عن كل ما مر به، فأنتم في مجتمع غير ما تعودتم العيش فيه وهو ما يضع على عاتقكما كوالدين مسئولية أكبر ودور في الحفاظ على الأبناء أكثر دقة.
ـــــــــــــ(103/45)
كيف استعيد حب وثقة ابنتي؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أم لثلاثة أطفال، أنجبت ابنتي(8 سنوات) الأولى منذ كان عمري 17 عامًا، ولم تكن لدي خلفية عن معاملة الأطفال.
كانت معاملتي مع ابنتي الأولى شبه شديدة، كنت أوبخها إذا أخطأت وأضربها؛ لأنني كنت أريدها أن تكون مؤدبة (من وجهة نظري تلك الفترة)، وكانت هادئة تسمع الكلام، وكانت جامدة العواطف غير أختها ودائما تجلس بقربي عند الزيارات، ولكنها الآن أصبحت عصبية وأحيانا تتجرأ وتقول ألفاظًا غير مقبولة لي وتحدق بعينيها لي وعنيدة، ودائما تتسلط على أختها الأصغر منها وتفرض سيطرتها عليها... وحتى أختها الآن بعدما أصبح عمرها 7 أعوام بدأت تقلدها مثل رفع الصوت عند الكلام، وإذا أمرتها بشيء تقول لا أريد وتحدق عينيها، مع أنها أحنّ من أختها الكبرى وعاطفية وإذا هددتها تبكي.
إنني الآن محتارة، ماذا أستطيع أن أعوض ما فات وكيف أستطيع التعامل معهما، خصوصا بوجود طفلي الصغير وعمره عامان ونصف، وهو بدوره أصبح دائم الصراخ إذا أراد شيئًا، ساعدوني جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم جهاد، وبارك الله فيك من أم، قد أسعدتني رسالتك؛ وذلك لأنك من ذلك النوع من الأمهات اللائي لا يكابرن ويصرحن بما اقترفنه من خطأ في حق أبنائهن، فتحية لك على هذه الشجاعة، كما أن هذه الصراحة ستساهم بشكل فعال في الحل إن شاء الله، خاصة أنني لمحت في رسالتك رغبتك الصادقة في الإصلاح بينك وبين أبنائك وتقويم سلوكهم.
وقبل الرد على رسالتك أود أن يكون واضحًا أمامك أن لجوءك إلى الله وثقتك بقدراتك في تقويم أبنائك وخاصة الابنة الكبرى سيؤدي حتما إلى نجاحك معهم، وإصلاح العلاقة بينك وبينهم، ولكن الأمر يحتاج إلى الصبر والمثابرة، فإذا كان معلومًا لدينا أن أمر التربية كله يحتاج إلى الصبر فإصلاح ما أُفسد فيها لا شك يحتاج إلى مزيد من الصبر، ولكن اعلمي أن مشوار الألف ميل بدايته خطوة واحدة فليكن عزمك قويا وهمتك عالية؛ لتجني ثمرة هذا الجهد الذي ستبذلينه لاستعادة أبنائك حتى تقر عيناك بهم.
والآن نبدأ في خطوات الحل التي تتمثل في النقاط التالية:
1. في بداية خطة الإصلاح حاولي أن تقللي من أوامرك لابنتك قدر الاستطاعة وتكون في حدود الضرورة القصوى، وبطريقة هادئة بعيدة عن الانفعال، بل يكون هذا حالك معها سواء في بداية تحسين العلاقة أو بعد الإصلاح بينكما.
2. حينما تأتي ابنتك بسلوك غير مرغوب فيه فلا تزجريها ولا تنهريها بل تظاهري بعدم رؤيتك لها، أما إذا علمتْ أنك رأيتِها فاكتفي في هذه المرحلة بنظرة تدل على الغضب من الفعل الذي أتت به، واحذري أن تدل نظرتك على الاستياء أو الامتعاض منها هي شخصيا، بل يبدو عليك الغضب من الفعل نفسه (تعبيرات الوجه أبلغ في أحيان كثيرة من الكلام).
3. حاولي أن تتذرعي بالصبر لأنها ستحاول في هذه المرحلة إثارتك واستفزازك حتى تتشاجري معها أو تضربيها أو حتى تؤنبيها فاحذري أن تقعي في هذا الشَرَك وتضربيها أو تعتدي عليها، كل ما يجب عليك فعله -إذا لم تستطيعي ضبط انفعالاتك- أن تتركي المكان المتواجدة هي به في هدوء. والسبب في محاولتها استفزازك رغم هدوئك معها هو تحيرها في أمرك وما الذي غيرك؟! وما سر هذا الهدوء المفاجئ؟!
4. في نفس الوقت حاولي استثمار أي فرصة لتحسين العلاقة بينكما وذلك بطريق مباشر وغير مباشر، وأقصد بالطريق غير المباشر أن تضفي على البيت روح السعادة والتفاؤل والحب والدفء، فيسمعك أطفالك وأنت تدندنين ببعض الأغاني المرحة ويسمعونك وأنت تضحكين مع والدهم وتتبادلان النكات والطرف، بل وفي أثناء تناول الوجبات لا بد أن تثار موضوعات طريفة لطيفة تثير البهجة والمرح.
وأما الطريق المباشر يكون من خلال:
• إقامة الحوار مع أبنائك فيما يحبون دون أن يكون الهدف هو الوعظ أو التأديب بل حوارٌ الغاية والهدف منه إقامة جسور المحبة والمودة بينكم جميعا.
• التسوق معهم، وأخذ رأي ابنتيك فيما تشترينه لنفسك من ملابس وحلي.
• شراء بعض الهدايا لهم ومفاجأتهم بها.
• تبادل الزيارات لمعارفكم وأصدقائكم.
• التنزه والرحلات في أيام الإجازات.
• مشاركة أبنائك في كثير من الأنشطة واللعب معهم بالمنزل (يمكنك الاطلاع على كثير من هذه الأنشطة التي طرحت في موضوعات مختلفة على هذا موقعنا وسأوردها لك بنهاية الرد).
• أن تمتدحي بعض محاسن ابنتك (بل أبنائك جميعا) أمام زوارك، وتذْكُري كم أنت فخورة وسعيدة لأن الله أنعم عليك بهؤلاء الأطفال، ولا بد أن تكون كلماتك صادقة نابعة من داخلك؛ لأن الأطفال يعرفون مدى صدق هذا الكلام أو قوله على سبيل المداهنة أو "المحايلة"، واحذري أيضا أن تمتدحي صفة أو سلوكًا لم تأت به ابنتك كأن تقولي مثلا: أنا مسرورة من جهاد (أو دلال) لأنها تسمع الكلام أو لأنها تحصل على الدرجات النهائية في المدرسة ويكون هذا الكلام غير صحيح.
ملحوظة:
لا تتوقعي بعد تنفيذك لهذه الخطوات أن تتغير سلوكيات ابنتك إلى الأفضل، لكنك ستجدين منها في بادئ الأمر عنادًا واستمرارًا في سلوكياتها المستفزة وتجرئها؛ ولذا فأنا أوصيك للمرة الثانية بالصبر عليها، كما يمكنك إذا أثارتك واستفزتك في إحدى المرات أن توضحي لها مدى رغبتك في كسب صداقتها، وأنك لم تقصدي الإساءة إليها يومًا ما حتى لو كنت قد قسوت عليها قليلاً، كأن تقولي لها على انفراد وأنت تنظرين مباشرة لعينيها: "ألا ترين أني أحاول أن أغير من طريقتي معك وأكون أكثر هدوءًا، أنا أعرف أنني قسوت عليك قليلاً من قبل وأنك غاضبة مني، ولكني لم أقصد أبدا إيذاءك أو الإساءة إليك أو حتى جرح مشاعرك، كل ما أبغيه الآن أن نصبح أصدقاء، فما رأيك في أن يحاول كل منا فهم الآخر بشكل أفضل والتعامل معه بقدر أكبر من الاحترام وإظهار المودة؟".
ثقي أنها ستفهم ما تقولين، كما أرجو ألا يبدو من كلماتك ضعف أو قلة حيلة أو أنك تفعلين ذلك كمن يرفع الراية البيضاء بعد أن أعيته الحيل أمام الطرف الآخر، ولكن تبدو كلماتك واثقة صادقة حازمة عطوفة في نفس الوقت.
ثقي تماما سيدتي أن ابنتك ستتأثر بهذه الكلمات ولكنها ستعاود اختبار مدى صدقك معها؛ لذا ستحاول أن تكتشف ذلك بنفسها وسيكون هذا الاختبار في صورة استفزاز جديد، ولكن عليك بكل طاقتك ألا تخفقي في هذا الاختبار وتثبتي لها أنك جادة في إقامة علاقة جيدة طيبة معها، وكل ما عليك في مواقف الاستفزاز أن تنظري إليها بعتاب رقيق وتذكريها بقولك: "على ما يبدو أننا نسينا الاتفاق!"، ودعيها وانصرفي، وإذا عادت فأبدي لها غضبا وأعرضي عنها ولا تتحدثي معها حتى تأتي إليك وقد بدا عليها الندم على ما فعلت، فحينئذ تحدثي معها بطريقة عادية دون أن تلوميها على ما بدر منها.
في الوقت الذي تفعلين فيه كل هذا مع ابنتك فإن ذلك سينعكس على ولديك الآخرين، وأن الأنشطة التي ستمارسينها معهم جميعا ستؤدي إلى خلق هذا الجو الأسري الدافئ المليء بالحب والمودة.
ويمكن تلخيص كل ما سبق في جملتين: استمتعي بحياتك مع أبنائك، وليبد ذلك واضحًا في كل سلوكياتك معهم، ارفقي بهم وافهمي طبيعة كل منهم وتعاملي معهم على أساس هذا الفهم، وكوني حازمة في نفس الوقت وحاولي التحلي بالصبر فهو ملاك الأمر كله.
وأخيرا دعواتي لك أن يعينك الله على الإصلاح والتقويم، كما أرجو أن تتابعي معنا لنعرف جدوى ما نوصيك به.
ـــــــــــــ(103/46)
"التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه" (متابعة) ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية أشكركم على هذا الموقع المفيد.. وعلى ردكم على استشارتي السابقة عن طفلي -4 سنوات- التي كانت بعنوان:
- خوف الأطفال الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه
وبالنسبة للأسئلة التي طرحتموها علي، إجابتها كالآتي:
1- هل خوف الطفل مصحوب بألم في بطنه أو ازدياد في ضربات قلبه أو عرق؟ لا، فهو لا يعاني من هذه الأعراض.
2-هل ينام بشكل طبيعي ويأخذ قسطا كافيا من النوم والراحة؟ نعم.
3-هل لديه تأخر في أي وظيفة مما يتوفر في أقرانه؟ وهل تأخر عن الطبيعي في الاستجابة لأي مطلب من متطلبات النمو؟ لا، كل شيء كان طبيعيا في المشي والإخراج وغير ذلك. بل بالعكس بدأ الكلام في وقت مبكر، عندما بلغ سنة و8 أشهر يتكلم بشكل واضح وطليق حتى إن الكثير من الناس كانوا يعجبون بكلامه وطلاقته. لكن عندما بلغ سنتين ونصفا أصابته التأتأة لمدة 6 أشهر ثم زالت، وعندما بلغ 3 سنوات و10 أشهر عاودته حالة التأتأة والتردد في الكلام منذ 5 أشهر، وما زالت إلى الآن.
خلال هذه الفترة كانت التأتأة تزول، ولكن التردد يبقى، وإذا ضربته على يده لفعل شيء كمثل رمي كوب العصير في الأرض عمدا إذا بالتأتأة تشتد عنده في اليوم التالي.
فبعد قراءتي لاستشاراتكم التي تعالج عناد الأطفال أدركت أن العقاب بالضرب أو الصراخ سوف يزيده –فقط- عنادا وتوترا.
4-هل توجد حوله علاقات اجتماعية طبيعية للأسرة لأشخاص يتكلمون نفس اللغة؟ نعم، كما أن ولدي وُلِد هنا بماليزيا.
5-هل تزامنت هذه الأعراض مع تغييركم للبيئة بالانتقال للإقامة في مكان آخر أو فقدان عزيز لديه؟ لا؛ لأنني جئت هنا مباشرة بعد الزواج.
6-متى تحكم في الإخراج تماما؟ تم ذلك وهو عمره سنتان.
7- هل يمارس رياضة أو هواية؟ لا. هل عنده هوايات أو ألعاب يحب ممارستها؟ نعم، هو يحب سماع القصص وألعاب المكعبات وغيرها من ألعاب.
8-هل تركيزه جيد أم لا؟ نعم.. إن تركيزه جيد، إذا أراد أو أحب شيئا فهو يركز فيه، ويقوم به بإتقان، والعكس صحيح، وأرى ذلك في تعليمه الكتابة والقراءة.
9-كيف يقضي وقته؟ هو الآن يذهب إلى المدرسة التحضيرية، وله الآن 3 أسابيع، كما أن معلمته تشتكي من أنه لا يتكلم ولا يشارك في القسم. من قبل كان يقضي وقته في البيت مع أخته، وفي المساء آخذهما إلى الحديقة أو نخرج إلى مكان ما مع أبيهم. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... روعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الحبيبة، وكل عام وأنت وأسرتك الحبيبة بكل خير بمناسبة عيد الأضحى، وشكرا لمتابعتك لنا، ونرجو أن توافينا دائما بأخبارك وأخباره.
أختي الحبيبة لقد أكدت إجابتك للأسئلة أن الطفل الحبيب لا يعاني من التخوف الاجتماعي، وإنما يحتاج للتعامل بشكل خاص لتجاوز مرحلة الخجل، كما ألقت متابعتك الضوء على جانب جديد في الموضوع، وهو مسألة التأتأة؛ وهو ما لم تذكريه في السؤال الأول، ولذا فسيحتاج الطفل الحبيب للآتي:
- أولا: التعامل بشكل خاص لتجاوز مسألة التأتأة التي سأورد لك بشأن التعامل معها معالجات عديدة سابقة.
-ثانيا: زيادة ثقته بنفسه وهو ما وجهنا لك بشأنه عدة نصائح في الإجابة السابقة.
وكما قلت لك آنفا فإن مكافحة الخجل تكون أصلا بالثقة في الطفل، وبما يحمل من قدرات وطاقات، وإعطائه الفرصة للتعبير عن هذه القدرات، حتى وإن كانت لا تزال تتلمس طريقها وتتعثر في انطلاقها العفوي، واختبارها تحت إشرافنا الذي لا يتدخل لتوجيه الطفل بشكل مباشر إلا إذا اقترب من الخطر فقط، ودون ذلك فالتوجيه غير المباشر هو الأفضل، وهو ما يعرف بفن استثمار المشاكل (وسنورد تفاصيله لك برابط بنهاية الاستشارة)؛ فهذه الثقة بالطفل وبنمط الحياة الذي يعيشه يعد خير دعامة لدعم ثقته بنفسه وخير محرر له من قيود الخجل.
وبانتعاش ثقة ولدك بنفسه وتغلبه تدريجيا على مسألة التأتأة سيتفاعل تلقائيا مع المجتمع شيئا فشيئا ما دام لا يوضع تحت ضغط أو إجبار، كما أشرنا في الإجابة السابقة.
أما بالنسبة لمسألة عدم تفاعله في المدرسة بشكل يتناسب مع قدراته وذكائه؛ فإن المسألة واضحة؛ فطفلك يخشى المشاركة، ويحجم عنها بسبب مسألة التأتأة وعدم ثقته بطلاقته وبنفسه، وحيث إن بيئة المدرسة تتسم بالضغط بطبيعة الحال؛ وهو ما يسبب لولدك توترا يؤدي للتردد في الكلام واللعثمة؛ لذا فهي تكاد تكون أكثر الأماكن التي يفقد ثقته بنفسه بها وتزيد فيها نسبة لعثمته، فضلا عن احتمال تعرضه للسخرية من الزملاء أو الإساءة من مدرسته بسبب هذه التأتأة؛ وهو ما يزيد العملية تعقيدا، ويسهم في إحجامه عن المشاركة والعزوف عن التعرض لمثل هذه التجربة غير المفضلة بالطبع.
وبالتالي فإن ما ستطالعينه من نصائح عن مسألة التأتأة مما سأورده لك في نهاية الاستشارة لا بد أن يتم نقله بدقة لمعلمته -التي تشتكي منه- لتساهم في علاجه بدلا من تعقيد حالته؛ بحيث يتم التفاهم معها بود على أسلوب خاص للتعامل مع الطفل يضمن تجاوزه لهذا العرض، وستجدين تفصيلا لهذا الأسلوب في الاستشارات التالية:
- لسان هارون يشرح صدر موسى
- الذكاء والغيرة وجها التلعثم
- التأتأة المفاجئة.. من المتهم؟
- التلعثم والتأتأة ...متى تعتبر مشكلة؟
وأعود وأؤكد على ضرورة تجنب إقحام الطفل في الحياة الاجتماعية دون تدرج، ودون إبدائه للاستعداد وتقبل هذا التفاعل مع المجتمع؛ فقد ينشأ عن ذلك نفور الطفل من المجتمع، وخشيته من مواجهته وانطباع الخجل على كل سلوكياته.
وما زال برنامج التعامل مع الطفل داخل الأسرة أمرا مهما في عملية العلاج، ولعل الأهم منه هو توفير المناخ السليم والمستقر حول طفلك لتعينيه على أن يتجاوز ما ألمّ به من مشكلات.
أختي الحبيبة أختم كلامي معك بأن ألفت نظرك إلى أنه من غير المجدي في معالجة الخجل التركيز على علاج الأعراض التي تصيب الطفل بدنيا وسلوكيا، أو الالتفات إلى ضرورة أن يمثل الابن أسرته تمثيلا مشرفا بين الآخرين، بل ينبغي أن يكون نفسه، وألا يقع أسيرا لآراء الناس فيه، ساعيا لإرضائهم واستعراض قدراته أمامهم؛ لكيلا تكون كلمة الناس عبئا ثقيلا على ظهره وشريطا شائكا في طريقه يصطدم به أنى اتجه، وبالتالي فالأحرى تنمية ثقته بنفسه ليتجاوز هذا الخجل.
ـــــــــــــ(103/47)
أنقذوا ابني من قبضة يدي!! ... العنوان
أنا لدي من الأطفال اثنان: سعد: عمره سنتان وشهران، كان يمثل لي كل ما في هذه الدنيا؛ فكنت أطعمه بيدي وأحممه. لا أترك أحدا يشاركني فيه؛ حيث كنا متلازمين معا دائما؛ وذلك بسبب تغيب والده عنا بسبب سفره للخارج للدراسة.
كنت أتمنى أن يكون ابني المتميز بين أطفال العائلة كلهم، وكان ذلك بالفعل؛ فهو أول من ترك رضاعة الزجاجة، وأول من ذهب إلى الحمام؛ فقد سبق الباقين على الرغم من أنه أصغرهم سنا، وأنا أشكر الله على ذلك، إلا أنه ملتصق بي تماما في نومه؛ فهو يضمني بشدة إلى صدره، وذلك بعد أن أنجبت طفلتي، وعمرها الآن أربعة أشهر. في البداية كان يغار منها بشدة أما الآن فأقل، على ما أعتقد.
أنا دائمة الضرب له، وقد تكون لأتفه الأسباب، وعندما ألجأ إلى النوم ويضمني إلى صدره فإن ذنبي يبدأ بمحاسبتي.
ما هي الطريقة التي أستطيع أن أخلص فيها ابني من قبضة يدي ومن ركلاتي له؟ أفيدوني في ذلك، إضافة إلى: كيف يمكنني أن أجعله ينام في سريره الخاص به؟ وعلى فكرة نحن ننام في غرفة واحدة؛ لأننا لا نملك غيرها في بيت العائلة، إضافة إلى كيفية إجبار عمومة طفلي على عدم ضربه وشتمه؛ لأنهم دائما ما يقومون بضربه وشتمه في غياب والده. أرجو منكم أن تفيدوني بسرعة حتى لا أخسر ابني من بين يدي.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن أكثر ما يسعدنا ويشعرنا بنجاحنا في هذه الصفحة هو شعورنا بأننا نساعد الآباء والأمهات على فهم نفسية أطفالهم، وكيفية التعامل معهم أو حل مشكلات ومواقف تواجههم في تربية أولادهم.. ولكن أن ننقذ ابنًا من ركلات وقبضة يد والدته؛ فأظن أننا نحتاج إلى إرسال مراقبين دوليين لحفظ حقوق الأطفال!!
يا سيدتي إن طفلا عمره 24 شهرا لا يفهم في الدنيا سوى أنك ملاذه ومصدر أمنه.. والملجأ الوحيد له، خاصة مع تغيب والده.. كيف تستطيعين ضربه وركله بصورة دائمة ولأتفه الأسباب كما تقولين أنت؟! ماذا يفعل هذا الصغير حين تضربينه وهو لا يكاد يفهم شيئا؟! وإلى من يلجأ؟! وبماذا يشعر وقتها؟! بالخوف؟ بالرعب؟ بالألم؟؟ بالإهانة؟ بعدم الثقة في نفسه وفي العالم كله؟
كيف تحبينه وتضمينه إلى صدرك كل يوم عند النوم، ثم تقومين صباحا بضربه وركله؟!
المشكلة أن كثيرا من الأمهات يتخيلن أنه من حقهن أن يخرجن ضغوطهن النفسية وإحباطاتهن ومشاكلهن في صورة عنف مع الأبناء.. أنا أعلم أنك لا بد مضغوطة من سفر زوجك وإقامتك في بيت العائلة.. وربما تدخل الأهل في حياتك.. ولكن ما ذنب هذا الصغير؟! فما تفعلينه يدمر طفلك، وأنت التي ستدفعين الثمن بعد ذلك.
الأمر أولا يحتاج منك إلى حسم مع نفسك وقوة إرادة بعدم ضرب طفلك ثانية، ومما سيقوي إرادتك:
1- أن تدركي وتتأكدي أن ضرب الطفل في هذه السن وبهذه القسوة له تأثيرات سيئة جدا على نفسية وشخصية الطفل فيما بعد، ولا أظنك أبدا تحبين أن تري ابنك شخصية ضعيفة مهزوزة فاقد الثقة في نفسه جبانا يخاف من كل شيء.. لا يشعر بالأمان، ثقي أن كل هذه المشاعر تُختزن في ذاكرة الطفل حتى يكبر.
2- أن الضرب لا يثمر تربية صحيحة، ولكنه يؤدي إلى العناد والتمرد، وعدم طاعة الأوامر.
3- ليس من حقك أن تفرغي شحنتك الانفعالية وغضبك في طفلك المسكين لأتفه الأسباب.
4- أن الضرب يعوق ويؤخر النمو العقلي والإدراكي للطفل، ويمنع ظهور مواهبه وإبداعاته بل يقتل فيه روح الإبداع والتميز والابتكار.
5-ومع مرور الوقت يفقد الضرب قيمته كوسيلة للعقاب، وعندما يكبر الطفل وتصبح له أخطاء فعلية تحتاج للعقاب لا نجد أمامنا وسيلة لتقويمه؛ لأننا أصلا لم نتدرج في وسائل العقاب.
6- اعلمي أن "سعد" ليس في مرحلة سنية تسمح بالعقاب، ولكنها مرحلة تربية وتعويد على التصرفات الصحيحة بالهدوء والصبر ومرحلة حب وتدليل ولعب معه ومشاركة ألعابه والغناء معه، وأنه في هذه السن لا يفهم معنى العقاب، ولا يتعلم منه شيئا.. بل على العكس يعلمه العناد والتمرد.
7- واعلمي أنه بمجرد أن يشتد ساعده قليلا سيكون عنيفا جدا مع أخته، وسوف يضربها، ويركلها تماما كما تفعلين معه؛ ولذلك يجب أن تتوقفي فورا عن ضربه.
وبعد أن قويت إرادتك:
- خذي مع نفسك قرارا بأنك لن تضربي "سعد" ثانية أبدا.. طبعا أنا أعلم أنه قرار صعب التنفيذ رغم أنك مقتنعة به عقليا.. وفي كل مرة تضربينه فيها اجلسي مع نفسك، وذكري نفسك بكل الحقائق التي ذكرتها لك، وتخيلي "سعد" عندما يكبر ويصبح شخصية ضعيفة مهزوزة جبانا.. ولا تكتفي بتأنيب الضمير قبل النوم فقط، ولكن افعلي ذلك أثناء اليوم، وخذي عهدا على نفسك ألا تضربيه باقي هذا اليوم.
- قفي لحظة واحدة قبل أن ينفجر غضبك في سعد، واسألي نفسك: هل الغلطة التي فعلها سعد تستحق الضرب والركل، أم أنها مجرد تصرفات عفوية من كل صغير؟
- هناك مساحات لا بد أن تعلمي أنها خارج دائرة العقاب في سن سعد، مثل إثارة الفوضى أثناء اللعب.. اتساخ المكان بعد أن يأكل.. كسر ألعاب أو كسر أشياء في المنزل.. البكاء بدون سبب أحيانا، عدم الرغبة في الأكل... كل هذه الأشياء تصرفات طبيعية في سن سعد؛ فهو طفل مجرد طفل.
- لا تعاقبيه أبدا أو تضربيه على عنفه مع أخته؛ لأن ذلك سيزيد من العنف ضدها، فقط خاصميه قليلا، أو قولي له سأقول لبابا، فهي مجرد تعبير عن غيرته التي لا تراعى، ورد فعل للعنف الذي يجابه به.
- أحصي لنفسك عدد المرات التي تضربينه فيها في اليوم، وضعي لنفسك مستهدفا أن يقل العدد على مدار أسبوع مثلا أو 10 أيام حتى يتوقف الضرب تماما.
13- اشغلي نفسك بالقراءة في كتب تربية الأولاد، وارسمي خطة لتربية "سعد" وأخته وبناء شخصيتيهما بناء صحيحا، وغرس القيم والمعاني الفاضلة فيهما.
14- شاركي "سعد" اللعب والغناء والخروج للنزهات حتى تتقارب العلاقة بينكما ثانية، وينسى ضربك وعنفك معه السابق، وتخففي أنت أيضا من حدة توترك.
15- حاولي أن تحلي باقي مشكلاتك وتقبلي ظروفك وأوضاعك حتى لا تكون عاملا ضاغطا دائما على أعصابك؛ فهي ظروف سوف تمر لكن الخلل إذا أصاب نفسية طفلك فسيبقى حتى مع تحسن الظروف.
16- عاقبي نفسك بشدة، ولوميها عندما تسرفين في ضرب سعد والعنف معه، وكوني على ثقة أنك لو صدقت النية مع نفسك ونفذت هذه الخطوات فستمتنعين تماما عن ضرب سعد في 10 أيام فقط، وعندها ستكف عمات وأعمام سعد عن ضربه وشتمه؛ لأنهم سيرون أنك لا تضربينه، ولكن إذا كنت أنت تضربين ابنك ولا تتحملين شقاوته.. فماذا يفعل الآخرون؟!
عندما تمتنعين أنت عن الضرب ستتمكنين من أن تطلبي منهم بهدوء عدم ضرب سعد أو إهانته؛ لأنك تريدين تربيته تربية صحيحة، وعندها سيكون كلامك له معنى.
وفقك الله، وأرجو أن تخبرينا بنتيجة التجربة بعد 10 أيام وشكرا..
ـــــــــــــ(103/48)
ساحات الاستكشاف حيث التعلم متعة! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، رزقني الله تعالى بطفل -عمره الآن سنتان- والحمد لله، وهو ما شاء الله من النوع المتحرك يحب أن يكتشف كل ما يخطر في باله، وأركض وراءه طيلة النهار.
وهو عندما يجتمع مع الأطفال يتعامل معهم غالبا بأسلوب الضرب، فكيف السبيل لتهدئته بالرغم من أنه ذكي، وينتبه بشكل جيد ولله الحمد؟ والشيء الآخر أنه عندما ينام فترة القيلولة يستيقظ خلالها مرتين أو ثلاث ليطمئن أني بجانبه ويعاود النوم، فما رأيكم؟ والسلام عليكم.
... السؤال
العناد والعصبية, اضطرابات النوم ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة، أكثر ما تفيض الرقة تلك التي أتحسسها من رسائل الأمهات لأول مرة، فكم هي تجربة مثيرة ورائعة، والحق أننا جميعًا نكون إزاءها كمن يمشي على الحبل يخشى الهفوة فيقع فيه يمنة أو يسرة، ولكنها تظل رغم صعوبتها ممتعة، ولعل أمتع ما فيها أنها تعطينا فرصة حقة لنكتشف أنفسنا مرة أخرى ونطورها بل ونربيها لأجل هذا الصغير الحبيب... هداه الله ورزقك بره.
والآن ما الذي تسألين بشأنه:
- الحركة والاستكشاف.
- ضرب الأطفال الآخرين.
- الاستيقاظ وقت القيلولة.
دعينا نتناول هذه النقاط بالترتيب:
- النقطة الأولى الحركة والاستكشاف فطرة طبيعية للطفل، ولولاها لما اكتشف الإنسان نفسه وبيئته.
وتلك الفطرة يصحبها لذة هي لذة الاستكشاف؛ وإذا ما وصل الطفل خلال رحلة الاستكشاف لنتيجة (تعلم شيئا أو اكتشف شيئا) يحقق لذة أخرى هي لذة التعلم. وعليك الآن أن تستفيد من هذه الفطرة لأبعد مدى تستطيعينه.
وقد تسألين كيف يتعلم الإنسان؟ وما هي وسائل الاستكشاف لديه؟
- يتعلم بالتجربة والخطأ.
- ثم التوجيه الآمن دون توتر.
أما وسائله فهي الحواس الخمس التي ينتقل بها من ساحة تعلم إلى ساحة أخرى، وهذه الساحة أو تلك قد تكون غرفة نومك أو غرفته الخاصة أو المطبخ وما أمتعه للطفل، أو (الحمام) وما فيه من ماء وأدوات وصابون وغيره من الكنوز الجذابة للطفل.
إذن ماذا نفعل؟
- وفري لطفلك بيئة آمنة للاستكشاف؛ ويمكنك مصاحبته في ذلك، ولكن دعيه يستخدم حواسه، ويمسك ويشم ويلمس ويتذوق ويرى جديدًا كل يوم سواء في الشارع أو البيت أو السوق أو...
- الكتب كنز سمين؛ فيسري وجود هذا الكنز حول طفلك في أرجاء المنزل (غرفته ـ غرفة المعيشة ـ المطبخ) حيث يمكث معها فترة طويلة.
- شجعيه على مطالعة هذه الكتب الصغيرة المصورة التي تضم صورًا لأشياء كثيرة (حيوانات ـ أجزاء الجسم ـ صور لأطفال من بلاد مختلفة ـ طيور ـ تعبيرات وجوه مختلفة...).
- ضعي نظامًا لمسرح الاستكشاف، فمثلا إذا أراد طفلك أن يعبث بأدراجك الخاصة فحاولي لفت نظره لشيء بديل على أن تصاحبي ذلك بجملة حازمة حانية (الدرج لا يخص عبد الله دعنا نتفرج على شيء آخر، انظر هذا.. اسمع ما هذا الصوت...).
- اسمحي لطفلك بمصاحبتك أن يجرب دون رفض مطلق، ولكن كرري عليه (يمكن أن تضغط زر الكمبيوتر مع ماما - بابا)، أو (يمكن أن تضع الصابون مع ماما.. يمكن أن نقطع الخبز...).
فكل ما يمكنه عمله دعيه يجربه في وجودك.. أكرر في وجودك وهذا يجعل الطفل يعرف أنك لا تمنعينه إلا حين الضرر، ويثق في أنك تسمحين بكل ما هو ممكن وهذا أمر هام يجعل احتمالية محاولته لأن يغافلك –ضئيلة- وليست مستحيلة.
- لا تركضي وراءه طيلة النهار.. بل عوديه من هذه السن المبكرة أن يجلس بمفرده بعض الوقت في حجرته مع ألعابه وكتبه واهتماماته على أن تراعي أن تكون حجرته مرتبة ترتيبًا يكفل له الوصول لألعابه بسهولة، وربما كان هذا تدريجيًّا بأن تعلميه اللعب بجوارك بعض الوقت ثم تتركينه بعد أن يندمج في هذا اللعب، ولكن يفيد الطفل كثيرًا أن يتعود المكوث بعض الوقت بين اهتماماته الخاصة، وأحيانًا يكون لفرط رعايته وقلق الأم أثر كبير في عدم استقلال الطفل.. فلاحظي هذا، واحتاطي له منذ وقت مبكر.
- أتذكر دائمًا عبارة جميلة "نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل" هذا ينطبق تمامًا على الوقت لدى الطفل؛ فإن لم نملؤه بالمبهج النافع ملأه هو بالصراخ والنكد والشكاية والمشاغبات،
والأمر بالمثل، فعقله إن لم نعطه محتوى مفيدًا يفكر فيه تعطل عمله ولم يصل لأعلى خير ممكن من التفكير؛ فباعدي بين طفلك وبين فراغه الوقتي والعقلي، اشغليه بمثيرات محببة تستنفد طاقته وتعمل عقلة وتبعث في نفسه الفرح والسرور بالإنجاز.
- دربي نفسك على فن تحويل الهدم إلى بناء. مثلا: فطفلك الآن يشد الملابس من الدولاب (الخزانة).. اذهبي إليه بهدوء ووجهك تعلوه ابتسامة هادئة ثم قولي له: أشكرك دعنا نرتب هذه الملابس معًا.. انظر كيف نضع البنطلون على الشماعة.. ضع الرجل الأولى على الثانية.. ساعدني في إدخاله في هذه الفتحة.. هاه.. شكرًا لك لقد ساعدتني ووضعنا البنطلون في مكانه.. أنت طفل متعاون حقًا.. سأخبر بابا أنك من وضعت بنطالونه مكانه.
أما النقطة الثانية ضرب الآخرين:
لا بد أن نعلم أولا هل هو ضرب عدوان وعنف؟ أم أنه ضرب تعارف؟!
لا تتعجبي فربما كانت هذه وسيلة للتعارف لدى طفلك فهناك من الأطفال من لم تواته وسيلة مناسبة لحظة تقابله مع الغرباء للتعارف عليهم... فيكون أول ما يطرأ في ذهنه هو هذه الطريقة العجيبة؛ ولذا دعينا نعرف أولا شكل هذا الضرب وسببه، فربما كان من مشاجرات الأطفال العادية أثناء اللعب كنوع من الشجار على اللعب بلعبة معينة أو لفت نظر الكبار المحيطين، وغالبًا ما يكون هؤلاء المحيطون والديه.
عمومًا هناك بعض النقاط التي ربما تكون مفيدة في تعاملك في هذا الأمر:
- الأولى أن هناك قدرًا طبيعيا من العدوان لدى الأطفال، ويكثر في البنين عنه في البنات. ويستفيد الطفل من هذا النوع من التعاملات التي يعتبرها الكبار خشنة نوعًا ما، إلا أنها تعلمه التعامل مع الآخرين، والتنافس والرد على العدوان، وأخذ الحق وهكذا.
- يتوجب علينا عدم تدخلنا المستمر فيما بين الأطفال. ولكن دعيه يتعلم التعامل مع الآخرين، ولا تقفي دائمًا حكمًا أو مدافعًا عنه؛ فهذا النوع من الحماية الزائدة يضر الطفل ويعوق نموه الاجتماعي.
- أعطي لابنك بديلاً عن هذا التعامل:
"اذكر لصديقك ماذا تريد منه، فبدلاً من ضربه قل له: "تعال العبْ معنا بالكرة". أو تدخلي لتلهيهما عن الشجار بشيء آخر "استمعا.. هذه الأغنية الجميلة هيا صفقا"، المهم أن تعطي لابنك بديلا وتدربيه على التعامل الجيد مع الآخرين في مواقف أخرى على أن تعطي في الموقف ذاته أداة أخرى ليتلهى بها عن الشجار.
- اذكري له أن الله لا يحب العدوان "الله لا يحب من يضربون هكذا". الله يحب أن نعطي أصدقاءنا. وحين يفعل شيئا من هذه الإيجابيات نحو الآخرين.. لا تنسي أبدًا تعزيز ذلك بالثناء عليه، وأخبريه "هكذا يحبك الله" "انظر لصديقك إنه يحبك.. إنه يحب اللعب معك". وهكذا ابدئي بالحافز الداخلي القوي "بوصله بحب الله". وتأكدي أنه سيفهم.. والتكرار مفيد.. مفيد.. مفيد.
- تأكدي أن الكبار لا يلعبون لعبًا خشنًا مع ابنك.. فلا نتصور مثلا أن يكون لعبنا مع الطفل الرفس والضرب والعض ثم نتصور –وهمًا- أنه يدرك أنه مجرد لعب؛ فهذا وهمٌّ كبير، فما نفعله مع أطفالنا بمثابة مثل بالنسبة لهم لا بد أن يتمثلوه في موقف ما.
النقطة الأخرى وهي نوم القيلولة:
أحمد الله أن ما تشكين منه هو نوم القيلولة وليس نوم الليل، ولكن حاولي تعويد ابنك المكوث بمفرده لفترة أثناء يقظته فسيجعله هذا أقل التصاقًا بك وقت نومه، ولا تنسي أن النشاطات المتعددة ستستنفد طاقة عبد الله وحين يحتاج جسمه للنوم سينام فورًا بدون استمساك بوجودك معه.
- النوم عادة.. فعوديه النوم بمفرده دون جلوسك بجانبه ويحدث هذا بعد إشعاره بالأمان الكامل أثناء يومه كله.
- ماذا لو لم يستجب ابنك بتدريبك الجاد المثابر؟ فلا مانع ولا ضرر في أن نستغني عن نوم القيلولة، خاصة إذا كان ينام نومًا ليليا منتظمًا وكافيًا. وتبقى مع كل هذا جديتنا ومثابرتنا وحزمنا الحاني هو المحدد للعادات التي يكتسبها طفلنا.
وختامًا.. أؤكد على ضرورة معرفة طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها طفلك، وليس لي بعد هذا الحديث إلا الدعاء لعبد الله وجميع أبناء المسلمين بالقوة وحسن الخلق اللهم آمين.
ـــــــــــــ(103/49)
السباحة عكس تيار الأب.. معاناة أم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أشكركم على السعي إلى مساعدتنا في تربية أطفالنا؛ فربما نكون عاجزين عن تربيتهم وحدنا، أنا أم لطفلتين (الكبيرة في الرابعة، والصغيرة في الثالثة من العمر)، ابنتي الكبرى منذ ولادتها وهي عصبية المزاج، وأحس بأنها أكبر من سنها على الأقل بخمس سنوات؛ فكل تصرفاتها توحي بأنها في سن المراهقة، على عكس أختها فهي عنيدة تحاول السيطرة على كل شيء، أسلوب تعاملها يأتي دائما بالصراخ، ولذاعة اللسان، مع العلم أنها ذكية، وهي في المرحلة الثانية رياض أطفال، حاولت معها بشتى الطرق.. بالعقاب كالحرمان والمخاصمة وبعض الأحيان الضرب، أنا ووالدها نحب بعضنا.
لكن والدها عكسي في طريقة التربية؛ فهو لا يصلي، ولا يصوم، والعياذ بالله يكفر دائما، ويسب دائما بكلام خارج عن الاحتشام حين يغضب؛ مما جعل ابنتيَّ تتلفظان بهذه الألفاظ المخزية أمامي وأمام الناس، أليس الكفر برب العالمين وسبه بأفظع الشتائم سيولد في نفسية أطفالي زعزعة بربهم؟
وبالنهاية فإنني أواجه أنا اللوم لعدم مقدرتي على تربيتهما، مع العلم أنه لا يوجد بحياتي كلها شيء غير بيتي وزوجي وأولادي، وأنا قليلة الخروج إلا مع بنتيّ كي أرفه عنهما.
حاولت مع زوجي كثيرا ولم يفلح أي شيء، ولا يوجد أي أحد يمكن أن يساعده في حل مشاكله.
أرجوكم ساعدوني أنا دائما في مخيلتي ابنتاي الاثنتان بنتان صالحتان متربيتان على الدين وأصوله؛ كي تصلا إلى بيت زوجيهما مؤمنتين صالحتين، أريد حلا لي أنا، وما هو المطلوب فقط مني أنا؟ وجزاكم الله ألف خير. ... السؤال
العناد والعصبية, أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أشكرك أنت أن أتحتِ الفرصة لي لمحاولة مساعدتك بما أسأل الله أن يكون عونا لك. وأسال الله أن يخفف عنك، وأن يجنبك ذلك الإحساس بالعجز؛ فلست وحدك؛ فكلنا تلك الأم وذلك الأب الذي سيظل يتعلم ويتربى مع أولاده ولا يستغني عن مشورة عالم والتأمل في تجربة مربٍ ناجح.
أختي العزيزة، لقد توقفت طويلا أمام رسالتك.. وشعرت بما تعانين منه.. فأصعب المواقف في التربية أن يكون أسلوبَا الأم والأب مختلفين، بل إن الأب يهدم ما تبنيه الأم.. ولكن يا سيدتي تعالي نحاول أن نضع منهجا تنجحين معه في الوصول بابنتيك لما تسرين به بإذن الله.
أولا: اسمحي لي أن أعاتبك على انتقاد ابنتك الكبرى وعدم تفهم نفسيتها ومشاعرها؛ إنها ليست أكبر من سنها ولا مراهقة كما تتخيلين، إنها مجرد طفلة، والعناد والرغبة والسيطرة وحتى الصراخ هي في سمات الطفولة وليست المراهقة.
إن كل ما تقولينه عنها طبيعي جدا في سنها ومرحلتها، وإذا أضفنا إليه اضطراب العلاقة بينك وبين والدها.. لوجدنا أنها تحتاج إلى الفهم والمساعدة وليس العقاب والمخاصمة والضرب.
إن عناد الأطفال يعالج بالهدوء، ومحاولة تفادي مواقف العناد والتعامل بحكمة وصبر وليس بالعقاب؛ لأن العقاب والعنف يؤديان إلى عنف وتمرد وعناد أكثر. تفاهمي مع ابنتك بهدوء، وضعي دائمًا حلولا عملية واقعية للمشاكل التي تثيرها ابنتاك معًا أو معك أنت، وضعي قواعد ليسير عليها البيت، مثل نظافة غرفة البنات أو مواعيد تناول الحلوى أو أي مواقف تؤدي للعناد والصراخ.
وستجدين تفاصيل كيفية وضع هذه القواعد في الرابط التالي:
- أفعل ولا تفعل في مواجهة العناد
عوِّدي نفسك ألا تتدخلي في المشاكل بينهما، ولكن دعيهما تحلا مشاكلهما معا حتى تقل مساحات العناد والتوتر بينك وبينهما؛ بل وسيكسبهما مزيدا من مهارات التعامل مع الآخر المختلف عنهما، وهو ما وضحناه باستفاضة في الاستشارة التالية:
قاضي الأطفال شنق نفسه
واعلمي أن صمام الأمان بين الأم وبناتها هو الصداقة.. كوني صديقتهما.. تحدثي معهما كثيرًا.. اسمعي لهما ولأحلامهما وحكاياتهما.. واحكي لهما قصصا وحكايات.. العبي معهما وغني معهما.. عندما تخرجين معهما للنزهة شاركيهما لعبهما ومرحهما، وليس فقط الجلوس ومتابعتهما من بعيد... ابني جسرًا من الحب والثقة والتفاهم بينك وبينهما دون عنف أو صراخ أو عقاب شديد أو ضرب.
وستجدين أفكارا كثيرة لكيفية بناء هذا الجسر من الصداقة والثقة في المعالجات التالية:
- أنصف نفسك تنصف طفلك
- أمي امنحيني قلبك أمنحك طاعتي
- أمنيتي.. صداقة ابنتي
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
- يوميات أديبة في الحضانة
- هو يسأل.. إذن هو ينمو
بالنسبة لمشكلتك مع زوجك؛ فالحقيقة أن الاختلاف بينكما ليس اختلافا في أسلوب التربية، ولكنه اختلاف في أسلوب الحياة كلها؛ فإن ترك الصلاة والصيام والتلفظ بألفاظ الكفر ليس أسلوب تربية، ولكنه منهج حياة.. ولذلك لا تنفكي أبدًا عن محاولة التقرب منه وتقويم سلوكه بهدوء ودون استفزاز وبالحب وليس التقريع واللوم.. واستخدام كل وسائل الدلال والحب، وأحيانًا الخصام والإلحاح حتى يكف عن هذه الألفاظ السيئة، على الأقل أمام الأولاد، على الأقل كبداية.
وأما عن البنتين فاعلمي أن الأم هي التي تربي، وهي التي تلازم بناتها في كل وقت وكل موقف.. علمي بنتيك حب الله والصلاة والصيام.. واحكي لهما عن الصحابة وسيرة الرسول، وحفظيهما القرآن والأحاديث الشريفة، واجعليهما تصليان معك صلاة جماعة وتقرآن القرآن.. واغرسي فيهما الفضائل والقيم الصحيحة؛ فأنت أقرب لهما من والدهما.. وعندما تقلدان والدهما وجهيهما بهدوء بأن هذا خطأ، ولا بد أن نمتنع عنه.. دون تجريح في والدهما، ولا تيأسي وتستسلمي أبدًا.. واعلمي أنه طالما كانت علاقتك بهما قوية فسيكون لك التأثير الأكبر عليهما، وستنجحين وستصبحان بإذن الله على خير ما تأملين.. المهم لا تستسلمي أنت، ولا تكفي عن المحاولات، وأكثري في الدعاء لهما ولزوجك بالهداية وفقك الله تعالى. وتابعينا دائما بأخبارك.
ـــــــــــــ(103/50)
القناعة والرضا لدى الأطفال ... العنوان
حالتنا ميسورة والحمد لله، ولا نبخل على ابنتنا (7سنوات) بأي شيء في حدود المعقول، ولكني ألمس فيها عدم القناعة الدائمة بأي شيء، إذا اشترينا لها شريط فيديو مثلا تطلب شراء أكثر من شريط، عندها إحساس دائم بأنها أقل من الآخرين، ودائما تريد أن تكون أحسن من جميع قريناتها، وليس لديها قناعة بما لديها، وتنظر لما في أيدي غيرها. أريد أن أعرف السبب؟ وكيف أغرس فيها القناعة والرضا بما لديها؟ ... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة، وبعد..
يبدو من رسالتك أنها الابنة الأولى والوحيدة لديك، وهنا يصبح لمشكلتك شقان: شق عام يخص تعامل الآباء مع أطفالهم فيما يخص المعاني التجريدية أو القيم الرمزية مثل الرضا والقناعة والتعاون والحب وغيرها، وشق خاص يخص تعامل الآباء مع طفلهم الأول، ورغبتهم في أن يكبر بسرعة، أو هكذا يرونه كبيرًا تنطبق عليه قوانين الكبار في المحاسبة على الأفعال والتصرفات.
بالنسبة للشق الأول نحب أن نوضح أن إدراك الطفل لقيم مثل القناعة والرضا لا يبدأ في مثل سن ابنتك، وربما يبدأ في سن الثانية عشرة، أما في هذه السن فإن التصرفات العملية والمواقف المادية هي التي توصل لهم الرسالة.. فمثلا عندما تطلب الابنة أكثر من شريط فيديو نقول لها: يكفيك شريط واحد الآن؛ لأن هذا الشريط ثمنه كذا ومعنا ما يكفي لشراء هذا الشريط فقط، وأنت تحتاجين لشريط واحد.. وعندما تنظر لما في يدي غيرها نقول لها: لديك لعبة في البيت، وهي -الطفلة الأخرى- ربما لا يكون لديها ما عندك.. فكل واحد لديه ما يخصه، إذا أردت أن تلعبي معها فأعطيها لعبتك مثلا أو تقاسمي معها ما تحبينه لتتقاسم معك ما تحبه.
الخلاصة أن الأمر لا علاقة له بفهم الأطفال للقناعة والرضا؛ لأنهم لا يفهمون ذلك، ولكن له علاقة بقدرتنا على تغيير سلوكياتهم، وتوجيهها بما فيه توجه نحو المعنى الذي نريده دون انزعاج منا بفقدانهم لهذا المعنى، ودون توجيههم بشكل مباشر له؛ لأنهم لم يفهموه.
بمعنى أن مشكلة طفلتك لا توصف بأنها مشكلة عدم قناعة أو رضا، ولا نوجهها بقولنا: كوني قنوعة راضية، بل هي ناتجة عن عدم فهم لحدود الملكية، ورغبة في الاقتناء تحتاج إلى توضيح لهذه الحدود ولكيفية الاقتناء وإمكانيته.
وهنا ندخل إلى النقطة الثانية، وهي عدم التعجل في وصف أطفالنا بأوصاف الكبار، أو تفسير تصرفاتهم بناء على ذلك؛ فللأطفال عالمهم الخاص ومفرداتهم التي لا ينطبق عليها ما يتناوله عالم الكبار؛ فألفاظ مثل "عدم القناعة والرضا" و"النظر إلى ما في أيدي الآخرين" و"الإحساس بأنها أقل من زميلاتها"... لا تعني لدى الأطفال ما نفهمه نحن من تصرفاتهم؛ فتصرفاتهم أبسط من ذلك، وهي سطحية في دلالاتها أكثر مما نتصور؛ فحتى لو قالت "إن الآخرين لديهم... وأنا ليس لدي"؛ فلا يعني ذلك أنها تشعر أنها أقل من الآخرين، بل بسطحية وبساطة شديدة أنها تريد أن يكون لديها لعبة مثل صديقتها وفقط.
لا تتعجلي نضج طفلتك الصغيرة، ووجهيها بهدوء دون انفعال أو تصور لمعانٍ، هي لا تدركها أو تقصدها.
ـــــــــــــ(103/51)
ذكية.. ولكنها خجولة لا تجيب ... العنوان
أختي ماريا -6 سنوات- في الصف الأول الابتدائي، وهي فتاة ذكية وجميلة وقريبة من القلب، ولكنها تعاني من مشكلة هي عدم الثقة بالنفس، فمثلاً ليس لديها أصدقاء في المدرسة، وإذا سئلت من قبل المعلم أي سؤال مع أنها تعرف الجواب فهي لا تجيب عليه، مع أنها تبدو قوية الشخصية في البيت؛ فهي أحياناً تسأل أسئلة كبيرة على عمرها، وسريعة الفهم. أريد أن أعرف كيف أتعامل معها؟ وما هو الحل في هذه الحالة؟ وشكرًا لكم.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة الكريمة، تحية طيبة، وبعد:
نحن نشكر لك اهتمامك بأختك ولا ندري فارق السن بينك ويبنها؛ ولذا فإننا ننبهك أن أوصافك لأختك غير دقيقة، فإن طفلة كهذه عندها 6 سنوات في الصف الأول الابتدائي.. هناك أسباب كثيرة وراء عدم إجابتها أو تجاوبها مع المدرس ولا يمكن أن توصف بعدم الثقة بالنفس هكذا ببساطة؛ لأن الأمر يحتاج إلى استيضاح منها أولا عن أسباب عدم تجاوبها، ووصف حقيقي لما يحدث في الفصل أثناء توجيه السؤال؛ لأنه في الصف الأول يفضل أن يطلب من الطفل بصورة مباشرة أن يستعد للإجابة على السؤال، ولا يترك الأمر لمن يستطيع أن يقدم نفسه.
بل إن معلوماتك حول عدم إجابتها تحتاج إلى مراجعة، فمن أين أتيت بها؟ هل منها هي؟ وكيف عبرت عنها؟ أم من مدرسيها؟
ما نود أن نقوله في هذه النقطة ببساطة ونوضح أن الحكم والحزم أو الوصف لأختك بأنها ليس لديها عدم ثقة في النفس لأنها لا تجيب على أسئلة أو تتجاوب مع المدرس أمر يحتاج إلى مراجعة للوصف، والبداية بالحوار مع الطفلة نفسها؛ لأنها يمكن أن تقدم مبررًا يختلف عما يدور في أذهاننا.. حاوريها وتحدثي معها وابعثي لنا بالنتيجة حتى نساعدك.
أما بالنسبة لجزئية الصداقة.. فهي أمر مبكر جدا أن نصف طفلتنا ذات السادسة بأنه ليس لها أصدقاء، ومع ذلك فإننا نحيلك إلى المشكلة التالية فما فيها يساعدك كثيرا في هذا الجزء.
من فضلك انقري هنا لمطالعة الاستشارة:
- ليس لطفلي صديق.. ما العمل؟
ـــــــــــــ(103/52)
ليس لطفلي صديق.. ما العمل؟ ... العنوان
السلام عليكم، أرجو من حضرتكم التفسير والإيضاح والحل، وبارك الله فيكم.
ولدي الذي يبلغ من العمر 10 سنوات، ولا ينتهي من عادة ليدخل بغيرها منذ صغره. حاليا له 6 شهور يقضم أظافره وليس له أظافر الآن، وعند انتهائه من هذه العادة سيخترع غيرها.
مشكلته الثانية أنه يعاني من قلة الأصحاب أو من عدمهم في المدرسة. وهو الحمد لله شاطر وذكي، ويحب العمليات الحسابية جدا، ولكنه يخاف من المستقبل، وعصبي المزاج وحنون.
أنا لا أحرمه من شيء ولا أعطيه كل شيء، فكيف لي السبيل بإقناعه عن ترك العادات؟ وكيف لي أن أساعده بالعثور على صديق جيد؟ وشكرًا. ... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع, الخجل والانطواء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الكريمة أم عبد الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنت بخير من الله تعالى بمناسبة عيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركات.
سنبدأ بجزئية العثور على صديق جيد، فنقول إننا لسنا مطالبين أن نعثر لطفلنا على صديق أو نشتريه له؛ فالصديق ليس لعبة نعثر عليها أو نشتريها، ولكن المطالبين به هو أن نوجد المجالات التي تسمح لطفلنا أن يوطد علاقته بزملائه سواء في المدرسة أو الجيران؛ لأن الصداقة بمعناها الذي نفهمه نحن الكبار من وجود شخص نرتاح إليه ونفضي له بأخبارنا وأسرارنا ونتفاعل معه في المواقف المختلفة...الصداقة بهذا المعنى هي أكبر من فهم أطفالنا وقدراتهم في هذه السن، وما يستطيعه الأطفال في هذه السن أن يكون لديهم مجموعة من زملائهم علاقتهم أكثر توطدا بهم.
ولذا فإن دورنا الحقيقي يكون في سبل توطيد هذه العلاقة وإيجاد المجالات لذلك، ويكون ذلك بمبادرة منا بعمل حفل تعارف أو حفل نجاح لطفلنا، أو عندما يتم طفلك جزءًا من القرآن أو سورة حسب سنه، ونطلب من طفلنا أن يدعو عددًا من زملائه لهذا الحفل والذي يمكن أن يكون حفلا بسيطا به بعض الحلوى والألعاب، وربما ندعو إليه أمهات هؤلاء الأطفال لمزيد من التواصل وتوطيد العلاقات.
بالطبع سيأتي زملاء الطفل للمشاركة وربما يأتي بعضهم بالهدايا البسيطة، وسيكون عليك الإعداد الجيد لهذا الحفل ربما بمساعدة كبيرة من طفلك ليكون حفلاً يحتوي على جانب المرح والنفع أيضًا للأطفال؛ فيمكن تقسيمه إلى فقرات للمرح الحر واللعب بالألعاب، وآخر للمسابقات ذات الجوائز التشجيعية التي تحث على القراءة والاطلاع، وآخر لاختبار حافظة الأطفال للقرآن.
وعلينا أن نوجد جوًّا مرحًا أثناء الحفلة يمرح فيه هؤلاء الأطفال ويلعبون ليجدوا أنفسهم في نهاية الحفل وقد أصبحوا أكثر قربًا، ونحثهم على تبادل أرقام التليفونات، ونحث طفلنا بعد ذلك على الاتصال بزملائه الذين حضروا الحفل ليشكرهم.
وتبادرين بالتعرف على أمهات هؤلاء الزملاء، وتبدئين بشكرهم على الاستجابة للدعوة، وبعدها يبدأ الأطفال في تبادل المعلومات والسؤال عن بعضهم، ثم يمكنك أن تخططي مع باقي الأمهات لرحلة لهذه المجموعة أو يبادر طفل آخر برد الدعوة لحفلة خاصة به، أو يدعو طفل ثالث زملاءه لرحلة عائلية، وهكذا يجد الأطفال أنفسهم وقد اقتربوا من هذه الزمالة الوطيدة التي قد تتحول إلى صداقة مع مرور الزمن ومع ارتقاء وتعمق فهم الأطفال وإدراكهم لهذا المعنى ليكون الخيار خيارهم.
أما دورنا فهو أن نعلمهم معايير الاختيار ومهارات الاتصال بطريقة طبيعية عبر القدوة في أرض الواقع...
ما قدمناه هو أمثلة لكيفية تفعيل العلاقات بين الأطفال ولكل أب وأم الحرية في الابتكار والإبداع في هذا الأمر، سواء مع صحبة النادي أو أبناء الجيران أو أطفال الأقارب.. المهم أن توجد خطة لحدوث ذلك.
أما بالنسبة للعادات فالأمر يحتاج إلى خطة سلوكية لتغييرها، فمثلا إذا أخذنا قضم الأظافر الذي ذكرته فالأمر يحتاج إلى اتفاق مع الطفل بهدوء بعد إفهامه لسوء هذه العادة وأثرها على تشويه شكل اليد، ثم نضع له جدولاً يرسمه بيده ونخبره أن كل ساعة تمر بدون قضم أظافره سنضع علامة "نجمة مثلا من ملصقات الأطفال الموجودة بالأسواق"، ويمكن أن يكون الجدول من ثلاث خانات؛ الأولى هممت بقضم أظافري ثم تراجعت فيأخذ نجمة ذهبية، والثانية قمت بقضم أظافري وتراجعت فيأخذ نجمة فضية، والثالثة قمت بقضم أظافري ولم أتراجع فيأخذ نجمة سوداء.
وفي نهاية اليوم تمحو كل نجمة سوداء أمامها نجمة ذهبية فإذا انتهت الذهبية يقوم بالأخذ من الفضية ليرى في النهاية ما تبقى له، وتكونون قد حددتم سلفا قيمة الجائزة والحد الأدنى من النجوم التي تستحق عندها الجائزة في هذا الجدول.. وفي نهاية اليوم نحول عدد النجوم إلى جائزة يحبها.
ثم ننتقل إلى الاتفاق التالي إذا أحرز تقدمًا في الاتفاق الأول، وهو الاتفاق معه على أنه إذا طالت أظافره واحتجنا إلى قصها فستكون هناك جائزة كبرى، وهكذا نعطي للأمر وقتا قد يصل لشهرين مع الإصرار والمثابرة حتى يتخلص من هذه العادة، وبنفس الأسلوب وهو أسلوب جدول الحوافز يمكنك التخلص من أي عادة أخرى سيئة قد يقع فيها طفلك أو أي عادة تزعجك.
ـــــــــــــ(103/53)
عصبية الآباء والأبناء.. لكل داء دواء ... العنوان
أنا أم عصبية قليلا، وأحيانا أقوم بضرب ابني (4 سنوات) على وجهه نتيجة لتصرفاته، مثلا كأن يضرب أخاه الصغير وبصوره متكررة. وهو طفل عنيد، وفي نفس الوقت هو طفل حبوب ومرح وكثير الأسئلة، وفي بعض الأحيان يقول ألفاظا غير مناسبة، فما أسباب عناد الأطفال؟ وكيف يمكن أن أتعامل معه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
العناد والعصبية, التقليد والبذاءة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة العصبية.. مرحبا بك وبولديك، وأشكرك لثقتك الغالية التي جعلتك تبوحين لي بمكامن نفسك ومشاعرك بل والأسباب التي تقتنعين –كما يبدو لي من سؤالك – أنها تقف وراء معظم –إن لم يكن كل– مشاكلك مع ابنك.
وسأبدأ معك حديثي بسؤال ربما يبدو غريبا ألا وهو.. هل لديك يا عزيزتي استعداد للأمومة؟ لا تستغربي من السؤال، فكثيرا ما تقودنا الأقدار لأوضاع قد لا نكون على استعداد كاف للتعامل معها أو الاستمتاع بها، ثم نبدأ في مواجهتها دون خطة معدة مسبقة، ونتعامل معها كما يتعامل رجال إطفاء الحرائق بعد اندلاع النيران، وهو ما يسمى باختصار أسلوب إدارة الأزمات أو الإدارة بالأزمات، أي اتخاذ الإجراء بعد وقوع الأزمة التي تدفعنا لاتخاذ هذا الإجراء دون الإعداد مسبقًا لتفادي الوقوع في الأزمة من الأساس.
خلاصة قولي أنه إذا كانت إجابتك يا عزيزتي على سؤالي بالإيجاب فتعالي معي نضع آليات لهذا الاستعداد... وليكن شعارنا أن نغير ما بأنفسنا ليغير الله ما نشكو منه إلى الأفضل.
أختي الحبيبة، قد يكون كلامي غريبا في السطور التالية، لكني أراه الأمثل في مثل حالتك.
إنك حكمت على نفسك بأنك عصبية، ولكن هل تعرفين كيف تتكون عاداتنا، أو كيف نتغلب على عاداتنا؟ إنها تتكون كمزيج من عوامل ثلاثة، وهي: المعرفة والمهارة والإرادة، فحين تعرفين ماذا تريدين أن تكوني -ولنستخدم مثال الحِلم والهدوء كبديل للعصبية- وتضعين برنامجا لاكتساب هذه المهارة ثم تصدق إرادتك في تحقيق هذا الهدف، فإنك حتما ستحققينه ولا تستغربي؛ فالحِلم بالتحلم والعلم بالتعلم، وهذا ما ستؤكده لك نزهتك مع الاستشارة التالية:
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
وستجدين نصائح ذهبية للتخلص من العصبية في استشارة أخرى سابقة تحت عنوان:
- نصائح ذهبية للتخلص من العصبية
ومن المؤكد أن شعورك بالأمومة سيختلف باطلاعك على موضوع:
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا
وستعلمين أن مصاحبة الأبناء ضرورة حتمية حين تطالعين استشارة:
- مصاحبة الأبناء.. متى، كيف ولماذا؟؟
- واسمحي لي أن أسألك سؤالا آخر: هل تعرفين لم يضرب ابنك أخاه؟
لأن ذلك ببساطة حقه في الغيرة، وتأكدي من هذا بالاطلاع على الاستشارة التالية:
- أيها الأباء إنه حقهم في الغيرة
فهو طفل تم انتزاعه من مكانته ليُقحم أخوه فيها. كيف تتخيلين أن يكون رد فعله على هذا الاعتداء على مكانته؟ وهل تريدين أن يكبت مشاعره ثم يصاب بأعراض أخرى خطيرة جراء هذا الكبت؟ أم تفضلين التعامل مع هذه الغيرة بشكل سليم يسمح بمرورها وتجاوزها بسلام دون آثار سلبية على أي من أبنائك؟
إن كانت إجابتك على سؤالي الأخير بالإيجاب؛ فيمكنك الاطلاع على معالجات سابقة عديدة لمسألة الغيرة منها ما يعينك على تجاوزها بسلام من خلال مقترحات مفيدة:
- إبطال مفعول قنبلة الغيرة
- تجاوز الغيرة بسلام
وربما زاد يقينك بأن ابنك هو المظلوم وهو الذي يعاني بشكل حقيقي في ثلاثتكم (أنت وهو وأخوه) حين تطلعي على استشارة:
- أمي ارحمي غربتي و غيرتي
أختي الحبيبة، إن طفلك الحبوب المرح في حاجة ألا تقتل مواهبه بالصراخ في وجهه أو ضربه وإيلامه، بل هو في حاجة لأن يربى قياديا مقداما، وتربية طفل مقدام ليست من الأحلام، وطالعي هذا في تلك الاستشارة:
- تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
وكذلك فإن عناده يجب ألا يعامل بشكل خاطئ ينكسر فيه طفلك لكي تقاومي عناده، وطالعي بنفسك استشارة سابقة تحت هذا العنوان:
- لا تكسري طفلك.. حتى تقاومي عناده
واحذري أن يتحول ذكاءه إلى نقمة
فالعواقب لا تحمد؛ حين نقسو على الطفل الذكي
ولكي تتعاملي مع عناده بشكل صحيح فيمكنك أن تطالعي استشارة:
- عندما يعاندون ..هكذا نعاملهم
- فقط افهمي نغمة ابنك لتستمتعي بها
أختي، قبل أن أتركك لإجابة المستشارة مي حجازي على سؤالك أقول لك: إنك تؤكدين على عدوانية ابنك بعصبيتك، وكلما ضربت ابنك عقابا لضربه لأخيه ازداد حنقا عليه وإيذاء له، وربما كان ذلك سببا في تشويه العلاقة بين الأخوين للابد؛ إذ لن يستطيع العقل الصغير والقلب الأخضر أن يفهم سبب تفضيل الآخر عليه –من وجهة نظره - وتوفير كل هذه الحماية له.
تقول الأستاذة مي حجازي:
أختي الكريمة أنا في حاجة لمتابعتك لي بالرد على بعض الأسئلة كي أتمكن من الرد عليك بناء على خلفية واضحة من المعلومات والتفاصيل التي تضمن حلا ناجعا لمشكلاتك إن شاء الله، وقبل أن أسرد لك هذه الأسئلة يطيب لي أن أوجه إليك بعض المقترحات بشكل عام إلى أن توافيني بردك:
1- ينبغي الابتعاد عن مسألة تقبيح الوجه –المنهي عنها شرعا بالأساس– والابتعاد عن العقاب البدني والضرب في تعاملك مع أطفالك بشكل عام، ولديك بدائل عديدة للتوجيه مثل المكافأة والعقاب والشكل الهادئ في إفهامه الخطأ ليجتنبه والصحيح ليتبعه مع توعيته بسبب كون الخطأ خطأ "فحينما تعبث بالكهرباء –مثلا- فستتألم وتؤذى وقد تذهب للمستشفى، وهكذا..."، وحين تجدينه يفعل فعلا خاطئا فبادري إلى إشغاله بشيء آخر، فحين تجدينه مقبلا على ضرب أخيه فناديه وقولي له: "هل رسمت اليوم؟ هيا بنا نرسم.. ثم احملي الصغير وتوجهوا جميعا لإحضار الورقة والأقلام للرسم".
2- أميل إلى التأكيد على دور الأب في جذب الابن إليه والاقتراب منه وإيجاد حضور فعال في حياته، من خلال أنشطة يمارسانها معا ونزهات يذهبان فيها معا من دونكما أنت والصغير ولو لشراء حاجيات البيت، وكذلك الصلوات في المسجد وصلاة الجمعة وقراءة القصص والكتب المصورة واللعب بالمكعبات... إلخ.
3- يجب عليك محاولة غرس الحب في قلب محمد تجاه أخيه بالقصص والحكايات، أو بشراء الهدايا للأخ الكبير ووضعها تحت وسادته، ثم إخباره أنها رزق الله له لحبه لأخيه.
4- لا بد من السماح لطفلك بقدر من تصريف العدوان وبقدر من التخريب –في إطار اللعب بألعاب بلاستيكية مثلا يقذفها أو دمى يقوم بضربها أو لعبة تنفخ بالهواء يضربها بلكمته فتعود إليه ليضربها ثانية وهكذا، وهي متوفرة في محال لعب الأطفال بأشكال لطيفة ومحببة.
5- لا تنسي كونه ذكرًا ولديه من الطاقة قدر هائل يحتاج للتوظيف في أنشطة عديدة ورياضات.
وفيما يلي أسئلتي لك:
1- كيف كانت مشاعرك عند حملك بولدك محمد؟ وهل كنت تتوقعين بنتا أم و لدا أم كنت تريدين أن يتأخر الحمل قليلا؟
2- كيف كانت ولادتك يسيرة أم صعبة؟
3- كيف كانت طبيعة ولدك عند الرضاعة هل كانت سهلة أم شابها المشاكل؟
4- كيف تم الفطام وضبط التحكم بالإخراج؛ هل كان يسيرا أم شابه مشاكل أو اضطرابات؟
5- كيف تشعرين تجاه زوجك والد الطفلين؛ هل تسعدين بحياتك معه أم لك على ذلك بعض المآخذ؟
ـــــــــــــ(103/54)
شتاء العناد وربيع الفهم ... العنوان
ولدي عمره الآن 5 سنوات، ولكن حتى لآن لا يجيد التكلم كما أرى في أقرانه، ومع أنه يذهب إلى المدرسة منذ سنة إلا أنه لا يتكلم الإنجليزي. وهو طفل طبيعي، ولكنه عنيد، مثلا عندما يلعب في الثلج وآمره أن يكف عن اللعب يتظاهر بعدم السمع؛ فاضطر لرفع صوتي ويقول (حاضر)، وهو يلعب أيضا، فاضطر إلى الصراخ مرة أخرى فيتوقف بعدما أتعصب، وبعد ثوانٍ وأمامي يعود للعب بالثلج مرة أخرى.
أرجوكم ساعدوني، هو ذكي وطيب، ويحب الآخرين ونشيط، ولكن هاتين المشكلتين تؤرقانني.
... السؤال
العناد والعصبية, الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة، مرحبا بك وتحية حارة إليك علها تسهم في إضفاء الدفء علينا في تلك الأيام قارسة البرودة التي يعيشها العالم، وبارك الله لك في أيمن وكل ذريتك، جعلهم ذرية طيبة.
أختي الحبيبة، يبدو لمن يقرأ سؤالك للوهلة الأولى أن مشكلتك مع أيمن هي عناده، وإن كنت أرى أن هناك مشكلات أخرى سواها.
كما أن استغاثتك بكلمة (ساعدوني) في نهاية السؤال تدفعني دفعا لكي أؤكد على وجهة نظري، وهي أن المشكلة ليست مشكلة أيمن بقدر ما هي مشكلة من يتعامل معه، وقبل أن أنبس ببنت شفة أريد أن أحصل منك على وعد بدوام التواصل معنا ومتابعتنا بأخبارك وأحوالك ومشكلاتك؛ فيسعدنا أن نكون لك أهلا وصحبا في غربتك.
في الحقيقة يبدو أن حادثة الثلج التي تروينها قد حدثت لتوها قبل كتابتك للسؤال، واسمحي لي أن أقول ما المشكلة أن يلعب أيمن بالثلج؟ ولماذا تصممين على أن يترك اللعب؟ ولماذا تتعصبين حينما يريد أن يستأنف تحقيق رغبته في اللعب الذي يراه ممتعا؟
إن رد فعله طبيعي بالنسبة لسنه التي تتميز بالرغبة والميل إلى الاستقلال والخروج من الحضن الضيق إلى رحابة الحياة التي تكون له فيه القدرة على الفعل؛ فالطفل يخرج عن طوقه بالعناد
وعصبيتك وصراخك تجاه هذا العناد لا يجديان، وانقري هنا لتعرفي لماذا؟
- لابد من البحث عن بدليل عن الصراخ في وجه الأطفال
بل إن ما يجدي هو أن تفهمي نغمة ابنك لتستمتعي بها وانقري هنا لتعرفي كيف.
وعودة لموقف اللعب بالثلج الذي ذكرته.. فلنلتقط منه خيطنا لنضع معا قواعد لإعطاء الأوامر لأيمن لتضمني تحقيقها:
1- لا بد أن يفهم أيمن المغزى من الأمر؛ فهو يغسل أسنانه كي لا تتعرض للتسوس، ويترك اللعب حاليا كي يتناول طعامه ثم يعود ليستأنف لعبه، أما أن ينفذ الأوامر كآلة بلا روح أو عقل فهو ما لا معنى له ولا حاجة إليه، ولن يجدي سوى أن تضعي نفسك في موقف من الندية ضد ابنك لا طائل من ورائه.
2-لا بد أن تشعريه باهتمامك بما يفعل واعتبارك له واضطرارك مثله قبل أن تأمريه بالتخلي عنه، وتقولين له مثلا: "أعلم أنك تستمتع بهذه اللعبة، لكن نحن مضطرون الآن لتركها قليلا لكي نذاكر على أن نعود ونلعب بها معًا بعد ذلك".
3- يجب التزام الصدق والوفاء بالوعد، فإذا وعدته بالعودة واللعب معه إذا ترك اللعبة وذهب معك للمذاكرة مثلا.. فيجب عليك الوفاء بهذا الوعد؛ لأن خلف الوعد مرة واحدة سيفقده النظام الذي يجب أن يعتاده.
4- يجب أن يكافأ فعلا عندما يطيع ليعلم الفرق بين الطاعة وعدم الطاعة، كما يجب أن تستخدمي أساليب الحفز والتشجيع المختلفة؛ فأنت ما زلت مرآته التي يرى فيها ذاته وتتدعم من خلالها ثقته بنفسه وبحب المحيطين له وبقدرته على الحفاظ على هذا الحب بالفعل الصحيح.
5- استخدمي أحيانا طريقة الكرة المائلة أو أسلوب اللاعب الماهر في كرة القدم حين يحرز هدفًا من ضربة حرة مباشرة رغم تشكيل الفريق المنافس أمامه لحائط يسد المرمى؛ فلا تصطدمي بحائط عند ابنك الذي في نظرك متصلب، وفي نظره هو حقه الطبيعي للتعبير عن رغباته، بل تحايلي بحكمة لتصلي إلى الهدف دون الاصطدام؛ فتوجيه الأوامر بهذه الطريقة أمر مجرب وفعال أثبت نجاحه وستجدين له شرحا وافيا في استشارة:
- علاج العند بقوانين الكرة
6- عندما يصر ابنك على رأيه فتشاغلي عن هذا الإصرار بذكاء، وأظهري انشغالك بشيء نسيته كطعام على النار أو المكواة في "الفيشة" أو صوت جرس الهاتف الذي تظنينه يرن؛ وذلك لتنسحبي بهدوء دون حرج ثم عاودي الأمر بصيغة مرحة وبشكل آخر مثل ""أووه.. أما زلت هنا؟ من الواضح أنك لن تدرك الطعام؟ أو أخشى أن تغضب منا الكتب وتهرب لأننا تركناها وحدنا... ما رأيك أن نتفقدها؟".
7- ولا تنسي أن الصراخ والعقاب والعصبية لن تثمر سوى أشباهها، وتأكدي من ذلك في:
- بدلا من الصراخ في وجه الاطفال
8-لا تنسي أن لكل طفل خصوصيته التي لا يدركها سوى الوالدين، وبالتالي فلا يوجد نموذج محدد للمعاملة ينبغي أن يطبق مع كافة أنواع الأطفال وفي كل المواقف سواء، وقد يكون العناد أو التمرد رسالة خفية من الطفل يمرر من خلالها رغبته في تغير أسلوب معاملة الوالدين له بما يتناسب مع طبيعته، وقد يكون انعكاسا لظروف تحيط به تسبب له ضغطا عصبيا -مثل الغربة التي ربما لا يرضى عنها لتغيير بيئته بشكل مفاجئ دون تهيئته- فتتسبب في ظهور هذا العناد، فهناك وجه آخر للعناد يمكنك التعرف عليه من خلال الاستشارة السابقة تحت اسم:
- الوجه الآخر للعناد
9-أخيرا أنصحك بحل سحري للعناد ألا وهو القصص
10-تأكدي أن كنز الطاعة المفقود ..موجود
هذا بالنسبة لمسألة العناد.. أما بالنسبة لمسألة عدم قدرته على الكلام بشكل جيد فأحتاج منك لبعض الأسئلة لكي يمكن استشارة المختصين عن الأمر بتفاصيل كافية:
أولا: متى تم انتقالكم للإقامة بالخارج؟ وهل تعلم أيمن الكلام في بلدكم الاصلي أم في مقركم الجديد؟
ثانيا: ما هي مظاهر عدم إجادته للكلام؛ هل يتلعثم، أم يتكلم جملا غير مفهومة، أم لا ينطق الحروف بشكل صحيح، أم ماذا بالتحديد؟
ثالثا: إذا كان لا يتكلم الإنجليزية في المدرسة فكيف يتعامل مع من حوله وكيف يفهمونه ويفهمهم؟
رابعا: هل له أصدقاء؟ أي لغة يتكلمون؟ وكيف يتفاهم معهم؟
خامسا: ما هي اللغة المستخدمة بالمنزل؟
سادسا: هل تأكدت من سلامة أذنيه وحاسة السمع لديه؛ إذ ربما يعاني من مشاكل بأذنيه أو إحداهما تسبب عدم سمعه لأوامرك وعدم إجادته للكلام بشكل جيد؟
أختي الحبيبة، أنا في انتظار متابعتك بالردود على أسئلتنا ونتائج تطبيقك للمقترحات التي قدمناها لك وأخبارك وأخبار أسرتك التي نأمل أن تكون دائما سعيدة.. ونتمنى لكم عيدًا سعيدًا.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الاطلاع على الموضوع التالي:
- العناد من علامات الذكاء والنجابة
ـــــــــــــ(103/55)
من يربي ابنتي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أشكركم على الجهود العظيمة التي تبذلونها لمساعدة الآخرين.
المشكلة تتعلق بابنة أخي -7 أشهر- فوالدتها ترفض أحيانا لعب بنات أختي مع ابنتها، وإذا قامت ابنة أختي البالغة من العمر 8 سنوات بحملها تتضايق وتأمرها بوضعها على الأرض؛ بحجة أنها لا تريد أن تقوم بتدليل ابنتها، ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، ولكن أخي أصبح يطلب من بنات أختي عدم تقبيل ابنته ويرفض أن يلعبن معها حتى لا يؤذينها. وأنا أخشى أن يشيع الكره بينهن بعد أن يكبرن؛ لأنني أصبحت ألاحظ أن ابنة أختي الصغيرة بدأت تتضايق، وبمجرد حدوث أي موقف من هذا القبيل تحزن وتطلب الذهاب إلى البيت.
هذه بعض الملاحظات التي أتمنى أن تتفضلوا بالتعليق عليها:
1 - ترفض زوجة أخي في كثير من الأحيان بقاء ابنتها معنا، بحجة أنها ترى أن تربية أمي خاطئة وتقوم على التدليل وخوفًا من حملها.
2- ترفض أن نطعم ابنتها شيئا، بحجة أنه قد يضر بصحتها، وأنها أعلم بمواعيد طعامها.
3 - ترفض احتكاك بنات أختي مع ابنتها، بحجة أن بنات أختي يتلفظن ببعض الألفاظ السيئة وتخشى على ابنتها من تعلم هذه الألفاظ.
4 -لا يحق لنا أن نبدي رأينا بأمر يتعلق بابنتها، وإن فعلنا فسيكون الجواب "هذه ابنتي ولا يحق لكم التدخل".
5 - إذا أراد والدي رؤية ابنتها فلا بد أولا أن نستأذن، وأحيانا كثيرة ترفض بحجة أن البنت جائعة الآن أو أنها تريد أن تنام. هذه الانتقادات لا تعني أنني أكره زوجة أخي، ولكن كل ما في الأمر أنني أريد أن أعرف هل تربيتها صحيحة؟ أم لا؟ وسوف أخبرها بالرد حتمًا.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت السائلة جزاك الله خيرًا على ما تبدينه من اهتمام بأمر تربية ابنة أخيك وعلى حرصك على الصلات العائلية والمودة بينهم.
وردًّا على ما ورد في رسالتك أقول: كل المواقف التي ذكرتها برسالتك يصلح الإجابة عنها بنعم زوجة أخيك مخطئة كل الخطأ في حق ابنتها وطريقة تربيتها وتوجيهها لها، بل ومخطئة في حق أولاد أختك وفي حقكم جميعا. كما تصلح أن تكون الإجابة بلا، فهي لم تخطئ على الإطلاق، وقد أصابت في كل ما فعلت مع ابنتها ومعكم.
أتدرين لماذا –يا حنان- تصلح الإجابتان؟ لأنك لم توضحي في رسالتك العديد من الأمور التي من شأنها أن تجلي الموقف وتجعلني أحدد الإجابة فعلى سبيل المثال لم توضحي:
1- علاقة زوجة أخيك بكم هل هي طيبة وطبيعية؟ أم بينكم بعض الخلافات التي من شأنها أن تأخذ منكم موقفًا وتتصرف معكم مثل هذه التصرفات التي ذكرتها برسالتك؟
2- وعلاقة زوجة أخيك بأخيك نفسه، ومدى اتفاق أخيك مع زوجته في طريقة تربية ابنتهما وتوجيهها، وهل يوافق على ما تقوم به زوجته عن رضا وقناعة بما تفعل أم يتفق معها إيثارًا للسلامة وعدم إثارة المشاكل بينهما؟
3- وهل علاقتكم أنتم بها جيدة؟
4- وسؤال غاية في الأهمية يجب أن تجيبي عنه بمنتهى الصراحة: هل أنتم بالفعل تقومون بتدليل ابنة أخيك إلى الدرجة التي تجعل أمها تتخذ هذا الموقف منكم؟
5- وإذا كنت بالقرب من زوجة أخيك للدرجة التي يمكن أن تصاريحها بما سأجيبه لك، فلماذا لا تتصارحين معها بشأن ابنتها وتسألينها عن الأسباب التي تجعلها تسلك هذا السلوك معكم ومن أين لها بما تفعل؟ فهل هي قارئة جيدة في مجال التربية؟ وهل تحضر ندوات ومؤتمرات ودورات عن أصول التربية الصحيحة؟ وإذا كانت تفعل فلماذا لا تحاول تبصيركم بالأساليب التي تتعلمها حتى تكونوا كلكم على كلمة سواء وهدف واحد في توجيه تلك الابنة التي لا تدري عن خلافكم شيئا والتي من المفترض أن تنشأ في جو يسوده الحب والمودة والتفاهم بين من يقومون على تربيتها؟
وإذا كنت في مكانك –حنان– لفعلت ما يلي:
1- أعذر زوجة أخي بما تفعل فهذه ابنتها الأولى، وهذا حال معظم الأمهات حينما يصبحن أمهات لأول مرة فيخفن على أولادهن ويحمينهم بشكل مبالغ فيه.
2- أهتم بالاطلاع على الكتب التربوية (وما أكثرها في الأسواق)، وأتابع باهتمام الندوات والدورات والمواقع التربوية المختلفة على الإنترنت (يمكنك استخراجها من دليل المواقع بالموقع)، وأدعو زوجة أخي لمتابعة ذلك معي ونتناقش فيها معًا، بل أدعو كل أفراد الأسرة (الآباء والأمهات بالطبع) لتخصيص لقاء أسبوعي نناقش فيه القضايا التربوية (وبالمناسبة أعرف عددًا من الأسر يقوم بهذه الفكرة، وهي تجربة ناجحة تستحق التنفيذ)، وبهذا يعم النفع على الجميع.
3- أحاول أن أراجع أساليبنا نحن (والدي ووالدتي ... ) في طريقة التعامل مع ابنة أخي.
ثقي حنان أنك إن فعلت ما سبق كسرت الحاجز القائم بينكم وبين زوجة أخيك، بل واكتسبت صديقة جديدة إلى جانب الإفادة العظيمة التي ستعم الجميع.
وفي نهاية رسالتي لك.. أدعو الله أن يجعلك خيرا لأهلك، كما أود أن تتابعي معنا حتى أطمئن على أنك توصلت إلى ما فيه نفع لكم جميعا.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارتين التاليتين:
- نضج الأمومة وصلابة البلور
ـــــــــــــ(103/56)
عندما يعاندون.. هكذا نعاملهم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أواجه مع ابنتي (4 سنوات) مشكلة تقلقني جدًّا ولا أعرف كيفية التعامل معها، وهي عدم إطاعة الأوامر (عدم سمع الكلام)، بالرغم من أنني حاولت معها بشتى الطرق، منها المكافأة أحيانا والعقاب أحيانا والضرب أحيانا أخرى، ولكن لا أجد نتيجة.. فما هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الطفلة العنيدة؟ هل التجاهل أم الاستمرار في التوجيه؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الغالية، مرحبا بك وبابنتك الغالية التي نتمنى أن تكون كما قال الشاعر في مدح ابنته:
كريمة يحبها أبوها
مليحة العينين عذبا فوها
لا تحسن السب وإن سبوها
ولا شك أن مسألة عناد الأطفال أو كما سميتها (عدم إطاعة الأوامر) مشكلة لا تؤرقك وحدك بل تكاد أن تكون سمة الأطفال بشكل عام من سن 2-6 وهو ما يقلق كثيرين غيرك من الآباء والأمهات، في حين أن العناد إنما يدل على استجابة الطفل لمتطلبات النمو وبداية خطواته نحو الاستقلال وتكوين رأي خاص ووجهة نظر فيما حوله تخلق لديه إرادة للفعل.
وكما أوضحنا من ذي قبل أن تلك الفترة في حياة الأطفال هي مرحلة الرغبات المضادة؛ لأنها بداية لنمو شخصية الطفل، وبداية إعلانه لرغبته في حق الاستقلال والانفصال، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة باستجماع كل طاقته ليعلن بخطوات ملؤها الإصرار رغبته في الانفصال الجزئي نفسيًّا عن الآخر، فهي مرحلة - الخروج عن الطوق بالعناد
ولكن يبقى الأمر مرتبطا بعاملين رئيسين:
الأول: لكل طفل خصوصيته التي لا يدركها سوى الوالدين، وبالتالي فلا يوجد نموذج محدد للمعاملة ينبغي أن يطبق مع كافة أنواع الأطفال وفي كل المواقف سواء، وقد يكون العناد أو التمرد رسالة خفية من الطفل يمرر من خلالها رغبته في تغير أسلوب معاملة الوالدين له بما يتناسب مع طبيعته، وقد يكون انعكاسًا لظروف تحيط به تسبب له ضغطًا عصبيًا فتتسبب في ظهور هذا العناد؛ فهناك وجه آخر للعناد يمكنك التعرف عليه من خلال استشارة:
- الوجه الآخر للعناد
الثاني: لكل شيء قواعد وقوانين ونواميس تحكمه حتى إعطاء الأوامر فقد يكون العناد رد فعل للأسلوب الخاطئ في إعطاء الأمر وليس فعلا في حد ذاته.
وهذا ما سيتوجه إليه حديثي معك أيتها الأخت الكريمة إذ سنحاول معا التعرف على ما يجب فعله لتفادي عناد ابنتك وتفهمه وليس مواجهته.
ولنتخيل معًا موقفًا يوميًا تواجهينه؛ إذ توجهين لابنتك الأمر بأن تضع حذاءها في مكانه فترفض أو تتصنع أنها لم تسمع أو لا تبالي بما قلت.. فتندفعين أنت للتهديد: "إن لم تفعلي ما أقول فسأفعل بك كذا أو سأحرمك من كذا.. أو سأعاقبك"، فتخنع الابنة خوفًا من التهديد أو تستمر على موقفها من الرفض أو عدم المبالاة.. واعذريني إن قلت لك إنك بذلك مَن خلق هذا الإصرار بداخلها.
وفي السطور التالية تفسيري: فإعطاء الأمر للطفل كما أشرنا له قوانينه. وتخيلي ردة فعلك حين يأتي زوجك وأنت تتابعين أمرًا ما باهتمام أو ترقبين شيئا ليقول لك هيا تهيئي لنخرج فورًا، وليس هذا مرة واحدة في الأسبوع بل عدة مرات في اليوم بصور مختلفة، فهذا ما يحدث -كما أرجح- مع الابنة. والأجدى أن توجه إليها الأوامر بطريقة الكرة المائلة أو أسلوب اللاعب الماهر في كرة القدم حين يحرز هدفًا من ضربة حرة مباشرة رغم تشكيل الفريق المنافس أمامه لحائط يسد المرمى؛ فلا تصطدمي بحائط عند ابنتك التي هي في نظرك متصلبة، وفي نظرها هو حقها الطبيعي للتعبير عن رغباتها، بل تحايلي بحكمة لتصلي إلى الهدف دون الاصطدام، فتوجيه الأوامر بهذه الطريقة أمر مجرب وفعال أثبت نجاحه وستجدين له شرحا وافيا في استشارة:
- علاج العند بقوانين الكرة
وسأجمل لك بعض النقاط في إطار قوانين إعطاء الأوامر وطبيعة هذه الأوامر لينفذها الأطفال:
1- يجب أن تشعري ابنتك أنك لست الأقوى ولذا فأنت تمارسين سلطاتك، بل إنك تفهمينها جيدا وتقدرين رغبتها وتحترمين ما تميل إليه وتتساوى معها في القوة. لذا فأنت توجهين لها الأمر بلهجة حانية وصوت يخلو من العسكرية، ووجه متبسم وربما اضطررت للانحناء قليلا لتكوني في مستواها من حيث الطول ثم توجهين لها طلبك.
ولنعد لمثال الحذاء الذي استخدمناه آنفا: حيث تقولين لها: "هيا من سيحافظ على حجرته ويضع أشياءه في مكانها؟" أو: "أعلم أنك اليوم تعبت كثيرا لكن أعلم أنك قوية مرتبة ولن تستطيعي النوم دون أن ترتبي ملابسك وتضعي أشياءك في مكانها فمن يفعل ذلك يكون رائعا"... وهكذا.
2 - إذا أصرت على رأيها -وعن تجربتي فهذا أمر مستبعد- فتصنّعي الالتفات إلى أمر آخر كصوت حدث أو شيء تركته على النار بحيث لا يضعف موقفك وتتحول المسألة إلى ندية، ومن سيغلب من أو من سينفذ كلامه دون الآخر.. ثم أعيدي الأمر في وقت لاحق بشكل مختلف بحيث تكون الأوامر فرصة للمرح الذي يستهوي الأطفال كأن تعودي وبضحك: "يا خبر! إن هذا الحذاء الشقي ما زال هنا.. ألا تذهب إلى مكانك؟ هل تغلّب عليك ولم يسمع كلامك ليوضع في مكانه؟" وتجاوزي الموقف بذكاء سواء نفذت الأمر أم لا.
3- تذكري أنك ما زلت مرآة ابنتك التي ترى فيها صورتها؛ ولذا فدورك في بثها الثقة بحبك وحب الآخرين لها وبأنها طفلة جيدة ومتميزة ولديها قدرات عالية تدفعها إلى العمل لأن تكون عند حسن ظنك بها، والحفاظ على ما تحصل عليه من الحب والحنان، ومن خلال هذا الحب والحنان وجلسات الود المتكررة يمكنك أن توضحي لها في جلسات الود تلك ضيق صديقة لك من عناد ابنتها التي لا تسمع الكلام فتتسبب في مشاكل لنفسها وفي غضب أمها، وهو ما لا تتمنين أن يحدث لكما فهو أمر غير ممتع.
4 - يمكنك استخدام القصص في إرساء قواعد ذهبية في نفس الطفلة وتمرينها على التجاوب معك وتطوير العلاقة بينكما نحو الأفضل. وأنت في حاجة أكيدة لتكوين علاقة إيجابية مع ابنتك الأنثى وصديقتك المستقبلية إن شاء الله.
باختصار: يمكنك بالقصص التحكم في دفة سفينة العلاقة بينكما كربان ماهر، ففيها حل سحري لمعظم مشكلات الأطفال.
وطالعي الاستشارة السابقة عن علاج العناد أو عدم إطاعة الأوامر:
- العناد الحل السحري في القصص
5- تأكدي أن العناد من علامات الذكاء والنجابة
6- يبقى أن تحاولي الاستعانة على نفسك بالله سبحانه لتستطيعي تنفيذ ما سبق مما شدد الله على ثوابه في صورة آل عمران بالوعد الأكيد بدخول الجنة لفاعليه، وهو كظم الغيظ؛ فالأمر ليس بالهين لكن قد يعينك على تنفيذه اتباعك ما ورد في استشارة:
- بدلا من الصراخ في وجه الأطفال
ولا تنسي أن الصراخ والعقاب والعصبية لن يثمروا سوى أشباههم، وتأكدي من ذلك في استشارة: افهم النغمة لتستمتع بها
أختي العزيزة: إن كنز الطاعة الذي ننشده جميعا في أبنائنا موجود ويبقى علينا اكتشافه واستخراجه كما ينقب المهندسون المهرة عن الذهب الأسود (البترول) بصبر وذكاء، ويمكنك مطالعة الاستشارة التالية للبرهنة على كلامي:
- كنز الطاعة المفقود .. موجود
وحيث إن ما في جعبتي عن العناد قد نفد؛ فقد بقي أن أؤكد أنني في انتظار ردك ومتابعتك لي بأخبارك وأخبار ابنتك ومدى التطور الذي لمسته بتنفيذ ما سبق، وإلى لقاء ليس ببعيد إن شاء الله.
ـــــــــــــ(103/57)
علاج الغيرة بإعادة ترتيب الأولويات ... العنوان
السلام عليكم، مشكلتي مع زينب ( 5سنوات) بدأت منذ حملي الأخير بأختيها التوأم عمرهما الآن سنة، وقد بدأت غيرتها منذ الحمل، وتتصرف تصرفات تستفزني بها وزادت بعد الولادة، وهي تحاول تخريب كل ما يخصني، ولا تسمع كلامي إلا بعد أن تثير أعصابي، وهو ما يؤدي بي أحيانا إلى معاقبتها.
لا أنكر أنني انشغلت عنها بعد ولادة التوأم، لكن ما باليد حيلة؛ فزوجي يعمل ولا أحد يساعدني، لا أعرف كيف أعيد علاقتي معها، خاصة أن علاقتنا توترت بعض الشيء مؤخرًا، وأصبحت تلجأ إلى والدها.. وكي لا أنسى كثر عندها الكذب وأخْذ الأشياء بدون استئذان، وهي تذهب إلى الروضة يوميا، وهي تحب ذلك. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الحبيبة، ومرحبا ببناتك الثلاث اللائي سيحجبن عنك وعن أبيهم النار إن شاء الله كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن رعاية البنات.
أختي الحبيبة، قبل أن نتعامل كصاحبة مشكلة ومستشارة ترد عليها أود أن نتفق ألا يكون هذا هو شكل التعامل بيننا، فأنا أمٌّ مثلك، وأشعر تماما بما تشعرين به من معاناة في رعاية توأميك وابنتك الكبرى وواجبات منزلك ومتطلبات زوجك ويكلل كل هذه الباقة غربتك بعيدًا عن أرض وطنك وعن أهلك وعائلتك التي ربما كانت تلعب معك دورًا كبيرًا للتخفيف عن كاهليك.
فنحن نتعامل كصديقتين نتبادل خبراتنا وتجاربنا في مواجهة هذه المشكلات، ونتعاون معًا على التغلب عليها، وعسانا نوفق في هذا.
وتعالي بنا نفند مشكلاتك، وهي كالتالي:
1- غيرة ابنتك من أختيها وانشغالك بهما عنها، وما يتبع ذلك من استفزازاتها وتغيرات سلوكياتها بشكل سلبي.
2. الكذب وأخذ الأشياء بدون استئذان.
3-- توتر علاقتكما والتي توترت بعض الشيء مؤخرًا، وأصبحت ابنتك تلجأ إلى والدها.
وفي الحقيقة تكاد تكون المشكلات الثلاث أوجها متعددة لشيء واحد قد أوضحت أنت أنك على وعي به لدرجة تشبه اليقين وهو غيرتها من انشغالك عنها بأختيها التوأم، وإن كنت على ثقة بأنك معذورة في هذا، لكن اسمحي لي أن أقول لك إن ما علينا الحديث بشأنه هو علاج الغيرة بشكل جديد وهو إعادة ترتيب الأولويات... واسمحي لي في بداية حديثي أن أعرض لك معالجات سابقة عن مسألة الغيرة سيفيدك الاطلاع عليها وعلى ما تحويه من مقترحات سيفيدك تطبيقها في تجاوز مرحلة الغيرة:
- تجاوز الغيرة بسلام
- فابنتك ترفض أن تكون الأولى في الترتيب والثانية في الاهتمام بها، وتأبى أن تخرج من جنتك
- وقد تشعرين أنها تتفنن في استفزازك وتعذيبك
- فصدقيني إن هذا أمر طبيعي فهو حقها في الغيرة
- وإبطال مفعول هذه القنبلة المسماة الغيرة الأخوية أمر يسير
- وربما كانت هي التي تعاني أكثر منك فهي في حاجة لأن ترحمي غيرتها وغربتها
- كما أنها في حاجة إلى أن تقومي بغرس المحبة بينها وبين أخوتها
- أما بالنسبة لمسألة الكذب والأمر هنا ذو علاقة وثيقة بقولك في طيات السؤال عن عقابك للابنة؛ إذ إن الكذب لا يلجأ إليه الأطفال في الأغلب إلا خوفًا من العواقب؛ فالابنة تخطئ أو تفعل شيئا تظنه مغضبًا لك.. فتخاف من رد فعلك فتلجأ للكذب ظانة أنه ينجيها مما تخشى، ولكيلا نحصر تفكيرنا في هذا الاحتمال الوحيد فأعرض لك مجموعة أخرى من الاحتمالات التي تقف خلف الكذب وتؤدي لظهوره:
يكذب الطفل لأحد الأسباب التالية:
1- فالطفل قد يكذب لأنه لا يعلم ما معنى الكذب؛ فهو قد يكذب لأن لديه خيالا واسعا خصبا، وهذا شيء غير مقلق، بل علامة مبشرة بذكاء وقدرات ابتكارية عالية؛ لأنه لا بد للطفل من وقت يعيش فيه بالخيال بعيدًا عن الواقع.
2- يكذب لعدم شعوره بالأمان أو لأنه يعاني ضغوطًا نفسية معينة أو لفقد لثقته بنفسه أو نقصها أو تعرضه لمعاملة خشنة أو لخلل ما داخل الأسرة.. أو غيرها، وهو ما يسبب له ضغوطًا كارتباكه في إرضاء الأم أو الأب لاختلاف آرائهما فلا يعلم أين الصواب ويصبح همه إرضاء أحدهما أو تجنب عقابه.
وعلى كل.. فكنت أود أن تعطينا نبذة عن تعاملك مع الطفلة عندما تخطئ، وعندما تقع في أي تصرف خاطئ مما تشكين منه من كذب وخلافه... وما أنصحك به إلى أن توافينا بذلك هو:
1- يجب عدم اللجوء إلى العنف أو الإيلام البدني لتصحيح أي سلوك أو تقويمه، فكما قلنا آنفا إن العصا تخلق قردًا مدربًا، لكنها لا تصنع ضميرًا لدى الطفل يستطيع به التمييز بين الخطأ ليجتنبه وبين الصحيح ليتبعه.
2- يمكنك اتباع أسلوب الترغيب والترهيب كالتالي:
-أولا بالنسبة للعقاب: ونعني بالعقاب إلغاء شيء يحبه الطفل كنزهة أسبوعية لطيفة أو حلوى بعد العشاء أو مشاهدة فيلم كارتون، ولا يتم اللجوء حتى لهذا العقاب إلا إذا أصر الطفل على سلوكياته الخاطئة رغم التعامل معه بأسلوب المكافأة والتشجيع؛ وذلك لأن الطفل يصيبه كثرة العقاب باهتزاز في ثقته بنفسه، ويصاب بإحباطات تكون سلوكياته السيئة التي نريد تقويمها خيرا منها كما أشرنا سالفا.
- ثانيا المكافأة: وهي الجناح الآخر، حيث يجب الاتفاق أولا مع الطفلة على أن تغيير الحقائق يسمى كذبا، وهو أمر لا يحبه الله، ولا يحبه الناس، ويجعل الإنسان بعيدا عن الله وعن الناس؛ لذا يجب عدم فعله، وبالتالي يتم إقناعها لماذا الخطأ خطأ دون أن نقول لها أنت تكذبين فهي ستدرك بعد الكذب المتعمد كسلوك سيئ.
2- يجب الاتفاق معها على أنها ستقول الصدق دائما دون خوف من أي شيء، ويمكن دعم ذلك بالقصص والحواديت التي أثر فيها الصدق إيجابا، وحمى أصحابها أكثر ممن لم يقولوا الصدق.
3- يجب الاتفاق معها أنها لو ذكرت الصدق دائما ستحصل على مكافأة، ولن يصيبها مكروه مع ضرورة الالتزام بهذا الوعد، كما يمكن أن تضع لنفسها جدولا أسبوعيا تضع فيه علامات على الأيام التي التزمت فيها بالصدق وعلى قدر العلامات تكون المكافأة.
3- يجب أن تتعلم أن الخطأ ممكن أن يقع فيه أي إنسان لكن يجب ألا يكرره فهذا هو ما لا يصح، ولنأخذ مثالا: لو سكبت زجاجة اللبن مثلا.. ماذا ستفعلين؟ ستفهمينها وأنت جالسة على ركبتيك في مستواها في جو من الهدوء والحنان: "هذا الخطأ وارد أن يقع فيه حتى الشخص الكبير، لكن يجب ألا نكرره طالما عرفنا أنه خطأ، ويجب فيما بعد أن نتعلم كيف نحمل الزجاجة جيدا لكيلا تنسكب، وإن كنت تجهلين قواعد المحافظة على الأشياء فيمكنك سؤال من يكبرك لتتعلمي... ويجب أن تكوني أكثر حرصا في المرات القادمة لئلا يتكرر الخطأ.. اتفقنا؟" وهكذا... وهو ما نسميه فن استثمار المشاكل.
يبقى لنا توتر علاقتك مع الابنة وانصرافها إلى جانب أبيها فهو أمر لا بد له من وقفة لخطورته؛ إذ إن تكوين حلف بين الابنة والأب ضد الأم -ولو كان ذلك غير ظاهر- أمر له خطورته مستقبلا، ويجب عدم التمادي فيه مطلقا، بل يجب أن تكون العلاقة متوازنة بين كافة الأطراف، والأهم أن تكون مواقف الوالدين واحدة وداعمة لبعضها البعض، فلو نبهت الأم ابنتها إلى فعل أو ترك شيء فلا بد أن يؤيدها الأب ويسهم في دعم وشرح وجهة نظرها والعكس، وهو ما سيمنع فرصة تكوين أحزاب ويعطي فرصة أفضل للتوجيه بدلا من التشتيت.
ولا شك أنك في حاجة إلى قدر كبير من رحابة الصدر لاستيعاب استفزازات ابنتك واحتوائها بهدوء، وستكون الفرصة لديك أكبر لذلك بمحاولتك لإيجاد حل لمسألة تراكم الواجبات التي تلتهم أوقاتك لأنها تفوقها بكثير؛ فأنت في حاجة إلى جهد معين إما من الزوج أو من طرف خارجي (خادمة إن أمكن) لتستطيعي إيجاد مساحة رحبة لابنتك على جدول أعمالك –الذي سيقل ازدحامه بالتأكيد– لتنال ما يكفي لنموها بشكل سوي ولتطور شخصيتها بشكل سليم من حنانك وحوارك وتبسمك وأحضانك ومشاركتك في اللعب والعمل والضحك والرسم والتلوين... إلخ؛ وهو ما يقوي أواصر المحبة بينكما، ولقد طرحنا هذه الفكرة باستفاضة حين تحدثنا عن معاناة شقيقة لك في مهنة الأمومة في استشارة:
- معاناة أم من الغيرة
أختي الحبيبة، أتمنى ألا يكون ردي على أسئلتك نهاية للأمر بقدر ما يفتح بيننا قناة للاتصال الدائم والمستمر كي أستطيع من خلالها مؤازرتك في غربتك قدر استطاعتي. أعانك الله وإيانا وفي انتظار أخبارك ومتابعتك لنا بكل جديد.
ـــــــــــــ(103/58)
التعلم.. لا التعليم.. فن الممكن! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مشكلة أخي -9 سنوات- هي عدم الرغبة في التعلم، ويذهب إلى المدرسة بغرض اللعب؛ فهو لا يكتب مع زملائه في الحصة و"كثير السرحان"، مع أنه على مستوى جيد من الذكاء، ومؤخرًا بدأ يكثر من الكذب. نرجو منكم التكرم بإفادتي بالطريقة المثلى لمراجعة دروسه، علما أن والدي مسافر في الخارج، وشكرًا. ... السؤال
الكذب والسرقة, صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ها هي مشكلة "عدم الرغبة في التعليم" تطالعنا مرة أخرى وبالطبع ليست أخيرة.
ودعيني ألتقط طرف الخيط من استهلال رسالتك: "تبدأ المشكلة بعدم الرغبة في التعليم"، والحق أن المشكلة تبدأ وتنتهي عند تلك (الرغبة) التي تعتبر بمثابة الوقود الدافع لإتمام عملية التعليم.
والرغبة والقدرة عنصران يدوران في دائرة واحدة وكل منهما يوصل للآخر؛ ولذا سنتحدث
في هذا الإطار: القدرة - الرغبة - خلق العادة.
أولا: القدرة على التعليم:
1- لا بد أولا من التأكد من عدم وجود مشكلة عضوية تعيق التعليم، سواء كانت (بصرية – سمعية- إدراكية)، وبالطبع لن يمكنني الجزم بوجود مثل هذه المشكلة من عدمها؛ ولذا سأتعامل مع رسالتك بعيدا عن هذه النقطة.
2- التأكد من تمكن أخيك من أساسيات التعلم: وهي: (القراءة - الكتابة – الرياضيات) فربما كانت المشكلة تكمن هنا في عدم تمكن أخيك من هذه الأساسيات التي تبنى عليها كل المواد الدراسية بعد ذلك.
ولعل مما يزيد المشكلة تعقيدا أنكم تتعاملون معه على أساس أنه متمكن من هذه الأساسيات بما يشعره بعدم الثقة بالنفس وتدني صورة الذات، وبالتالي يعزف عن التعلم. ولذا أرجو أن تتابعيني بتفاصيل أكثر إذا أردت تفصيلا في كيفية تعليمه هذه الأساسيات.
ثانيا: الرغبة في التعليم:
ما أقصده هنا هو التعليم بمعناه النظامي المدرسي وليس التعلم. فالتعلم فطرة في الطفل وما نعانيه اليوم من عدم الرغبة لكثير من الأطفال إنما إهمال لهذه الفطرة وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل. وما فعلناه إنما هو تحويل للتعلم بمعناه الواسع الممتع لتعليم ضيق ممل لا يعنينا منه إلا الدرجات.
ودعينا نتساءل عن أسباب كرة الدراسة وما الذي يمكن علاجه من هذه الأسباب:
- من هذه الأسباب (عدم القدرة على التعليم) بناء على عدم تمكن الطفل من أساسيات العلم كما سبق أن شرح لك؛ فيصبح التعليم ميدانا لا يشعر فيه الطفل بالإنجاز وبالتالي لا يحبه ولا يقبل عليه؛ ولذا قلت لك إنهما عنصران في دائرة واحدة (القدرة والرغبة).
- أيضا عدم وجود علاقة حميمة بين الطالب والمدرس. وهنا يمكننا التحدث مع المدرس وطلب المساعدة منه بمتابعة الطفل جيدًا للوقوف على نواح القوة والضعف من ناحية، ومن ناحية أخرى انتهاز أول فرصة يبدي فيها الطفل إنجازًا لو قليلا فيشجعه ويثيبه (حتى ولو كانت هذه الإثابة هدية تقدمها الأم سلفا للمدرس وتطلب منه إعطاءها للطفل عند إبداء أي تحسن)؛ فالطفل يحب التواجد في جو حميم يشعر فيه بالإنجاز والحب والتقدير والتشجيع.
- عدم كفاءة المدرس من الناحية العلمية، ويمكننا علاج هذه النقطة بأن نشرح للطفل في البيت ما لم يستوعبه جيدا في المدرسة.
- هناك نقاط أخرى بالطبع كثيرة لكره التعليم تتعلق بالمدرسة والمناهج والمعلم وبيئة الطفل وغيرها وربما استعصى علينا التدخل فيها، لكننا لن نقف أيضا عندها. فيبقى دائما مجال "لفن الممكن"، وهو المجال الذي يمكننا التدخل فيه بدرجات متفاوتة لتحسين الوضع غير المرغوب ويندرج تحت هذا الممكن:
- دعم الابن معنويا وبناء ثقته بنفسه وخلق جو محبب أثناء التعلم؛ فالمخ عضو وجداني يحفزه الأمن والتشجيع ويحجمه القلق والتوتر. فحفزي ودعمي وأوجدي الإثابة الفورية (معنوية بالتقبيل والتهليل والتصفيق وعلامات الإعجاب وكلمت الفخر والإكبار، الأنشطة المشتركة ... مادية كالحلوى والهدايا ... ).
- تحدثي عن المدرسة كمصدر من مصادر التعلم وليست المصدر الوحيد.
- دعمي الابن علميا: وذلك بالمساعدة في شرح الدروس، ولكن دون أن تقومي عنه بواجبه؛ فهذه مسؤليته التي لا بد أن نعوده تحملها كغيرها من المسئوليات.
- القراءة معه وله. وأؤكد على أهمية هذه النقطة؛ حيث إن الطفل في هذه المرحلة يتعلم القراءة كمهارة أساسية سيستخدمها في السنوات المقبلة من التعليم للفهم والتحصيل. ولذا ضعي اهتمامك الأكبر على تحبيبه في المعرفة والقراءة، ودعيه يستمتع بهما وشاركيه فيهما.
- توفير المجلات والكتب والأشرطة والـ CDs التي تقع ضمن مجال اهتمامه، وربما أمكننا ربطها بمنهجه الدراسي. ولكن الأهم هو تحبيبه في المعرفة وشغفه بالعلم.
- إيجاد القدوة في الاهتمام بالتعليم فيشعر بقيمة ذلك. فربما كان وقت الواجب المنزلي وقت عمل لجميع أفراد الأسرة، كذلك على الوالدين إبداء الاهتمام بالمعرفة والعلم.
- كذلك يمكن قراءة قصص العلماء وحكايات الاختراعات والمخترعين، وذكر فضل العلم وحث الإسلام عليه.
- كذلك يمكن إعطاؤه بعض الألعاب التي تنمي مهاراته الرياضية. ويمكنك مطالعة الاستشارة الخاصة بذلك سأوردها لك في نهاية حديثي.
- تكوين عادة الاستذكار:
ويتضمن ذلك أين ومتى سيتم الاستذكار؟ والمهم في ذلك المكان المناسب للاستذكار(إضاءة - تهوية - بعيد عن الضوضاء - كرسي مريح...).
وفيما يتعلق بالوقت، فمن المهم وجود الأبوين أو أحدهما للمساعدة وقت الحاجة لتوفير الدعم المطلوب والإشراف على أداء الواجبات والاستذكار.
- وربما سأل الطفل عما يعرفه بالفعل؛ فكوني صبورة واشرحي له بهدوء وكافئي إنجازاته (ولو القليلة؛ لأنها ستأتي بما هو أكبر).
- ولا تؤدي عنه أبدا واجبه بل حفزيه ليتمه.
- راجعي الواجب لمعرفة الخطأ وصوبيه، ولكن لا تغيري الإجابة، بل فقط عليكِ بالإشارة لموضع الخطأ، وساعديه ليكتشف أخطاءه بالأسئلة المفتوحة "كيف حصلت على هذه الإجابة؟ هل يمكنك إخباري كيف وصلت لذلك؟... وهكذا".
- وصلي إليه باستمرار رسالة إيمانك بقدرته على التحسن والأداء الأفضل "أعرف أنك تستطيع.. وانتظر لأرى أفضل ما عندك".
- حددي للطفل المطلوب منه بالتحديد ليتمه.
- تأكدي أن لديه كراسة متابعة يكتب فيها واجباته المطلوبة منه.
- ربما ساعدته ليبدأ عمل جدول ينظم به وقته، وذلك باعتياده كتابة ما يرغب في إتمامه من أنشطه وما عليه من واجبات مدرسية؛ فذلك يعوده إدارة وقته وهو من المهارات الهامة للنجاح في الحياة بشكل هام؛ كذلك هذا الذي يكتبه الطفل يعتبر بمثابة أهداف يضعها لنفسه ليحققها، وفي ذلك حفز شديد حين يجد أنه استطاع إنجاز ما خطط له بالفعل. ولذا ساعديه في البداية، وعلميه أن يضع أهدافا ممكنة، ولكنها تزداد مع الوقت.
- تذكري أن الهدف ليس الدرجات، وإنما التدريب على العمل الجاد؛ فالعمل الجاد يأتي بالدرجات وليس العكس.
- تذكري أن الهدف هو التعلم؛ فأفسحي المجال لذلك كأقصى ما تستطيعين (قراءة - كمبيوتر - اصطحابه لمكتبة - مجلات في دائرة اهتمامه - حديث لشخص متخصص حول اهتمامه ربما كان طبيبا فيسأله عن الطب، مهندسا فيسأله عن تخصصه وهكذا...).
- تذكري دائما أن تكوين العادة يأتي بالتدريب والمثابرة والإصرار على تكوينها، والتعلم عادة كغيرها من العادات ومفتاحها الأول هو القراءة.
- وأكررها لك.. اجعلي هدف طفلك التعلم بمعناه الواسع وليس التعليم المدرسي النظامي، فهو مجرد رافد من الروافد. إذا تمسكنا بهذا الهدف الذي حثنا الله عليه "العلم" أمكننا خلق الدافع الداخلي لدى الطفل. وحينها يمكننا الاستفادة من كل روافد التعلم المحيطة بالطفل بما فيها المدرسة.
- أرجو أن تطالعي هذه الاستشارات التالية علها تفيد في النقطتين الأخريين اللتين ذكرتهما في رسالتك واللتين أظنهما عرضا لكره الدراسة لدى أخيك الصغير، والتي لم تذكري تفصيلا لهما يفيد في توضيح أسبابهما.. وفي انتظار مزيد من استفساراتك عن أي نقطة أردت مزيدًا من الإيضاح فيها وتبقى التفاصيل مهمة.
ـــــــــــــ(103/59)
الغيرة وأشياء أخرى ... العنوان
ابني عمره سنتان ونصف، وأخته 9 أشهر، ألاحظ عليه مرات عديدة أنه يضربها، ويركلها بقدمه، وأحيانا كثيرة يتقمص شخصيتها؛ فيلعب بألعابها، ويجلس في عربتها، ويرتدي مريلتها، ويدعي أنه هي.
هو ذكي وسريع البديهة، ومنذ حملي بها وأنا أحاول أن أهيئ له الجو، وأغدق عليه الحنان حتى بعدما أنجبتها، أريد أن أعرف أكثر الطرق التي من خلالها لا أشعره بالغيرة، وأجعله يحب أخته. وهل تصرفاته صحيحة؟
وأود استشارتكم في أمر ثانٍ: أحيانا عندما ألعب معه أقلد أشخاصًا يحبهم، مثلا أقول "أنا بابا" أو "أنا ابن الجيران" أو "أنا فهد" وهو يفرح بمثل هذه اللعبة، ويقوم بدوره بالعمل مثلي؛ فيختار له شخصية معينة.. هل هذا يؤثر عليه مستقبلا؟ وما الحل؟ ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الحبيبة، مرحبا بك في صفحتنا وبولدك الحبيب وأخته.. ونأمل لك في ثواب جزيل تنالينه في تلك الأيام الفاضلة المقبلة علينا ألا وهي العشر الأوائل من ذي الحجة، عساك تكونين فيها أنت وأسرتك من الفائزين، إن شاء الله.
وقد ذكرني سؤالك بأبيات شعر قرأت أنها لهند بنت عتبة زوج أبي سفيان، كانت تلاعب بها ولدها معاوية، فتقول له:
إن بني معرق كريم محبب في أهله حليم
ليس بفحّاش ولا لئيم ولا بطخرور ولا شئوم
صخر بني فهر به زعيم لا يخلف الظن ولا يخيم
وتسألينني عن سبب تذكري لهذه الأبيات بالتحديد فأقول لك: لشعوري بمهارات ولدك المتعددة التي تظهر في طيات شكواك منه.. فهو يجيد التمثيل والتقمص، ويحب الابتكار والتجديد في اللعب، ورغم كون كلمات سؤالك ليست بالكثيرة.. لكنني شعرت من خلالها بالكثير عن هذا الفهد الحبيب بارك الله لك فيه.
أختي الحبيبة أشكر لك سعيك في تهيئة الجو المليء بالحب والبهجة لفهدك الوثاب، وتطلعك للمزيد مما تقينه به سلبيات الغيرة الأخوية التي استفضنا في شرح الكثير عنها في استشارات سابقة، سأذكرها لك في نهاية الاستشارة؛ فعساها أن تمدك بالمزيد من النصائح المفيدة حول هذا الموضوع.
وأما عن سؤالك الثاني المتعلق بالتقليد؛ فقد استشرنا لك فيه الدكتورة إيمان السيد التي أكدت الآتي:
1-وجود طفل جديد في الأسرة قد يؤدي لبعض التغيرات في شخصية الطفل الأكبر؛ وهو ما يسمى متلازمة الطفل الثاني أو Second baby Syndrome ، وهو عبارة عن أعراض سلوكية غير معتادة؛ نتيجة لوجود هذا الطفل الجديد الذي يدفع الطفل الأول إلى السعي لجذب الاهتمام والانتباه ممن حوله من أفراد الأسرة.
2- يتهيأ للطفل الأول أن الاهتمام الظاهر بالعضو الجديد في الأسرة منشؤه كون هذا الطفل صغيرًا، وله صفات شكلية وسلوكية معينة تدفع الآخرين للاهتمام به؛ فيحاول أن يكتسبها لينال مثل هذا الاهتمام منهم..
3- تعتبر مسألة تقمص الطفل لأخيه أو أخته الصغيرة أو للآخرين أمرًا طبيعيًّا ما لم يزِد عن حد المواقف العابرة، أما لو أصبح الأمر زائدا -بالنسبة لتقليد شخصية من الجنس الآخر- فيمكننا أن نقلق من المبالغة في هذا التقمص الذي من الممكن أن يؤدي إلى فقد ما يسمى Gender Identity أو الهوية الجنسية.. ولتفادي هذه المسألة يمكنك اتباع النصائح التالية:
1- يجب عدم مقارنة الطفلين ببعضهما إطلاقا.
2- يجب عدم إشعار الطفل بوجود أولوية للطفلة الصغرى إطلاقا، وحتى تبدأ الطفلة الثانية عامها الثاني لا بد من ترجيح كفة الأولويات للطفل الأكبر؛ إذ إن الآباء غالبا ما يكونون متوجهين بالرعاية والاهتمام للطفل الأصغر؛ باعتباره أولى من الكبير الذي شارف على الاستقلال وتمام الاعتماد على نفسه، وهذا مما يحمل الطفل الأكبر مسئولية لا طاقة له بها، وقد يدفعه هذا أحيانا للاعتقاد أن اختلاف الجنس هو السبب في هذا الاهتمام ولفت النظر؛ فيحاول أن يكون له مواصفات هذا الجنس.. ولتفصيل هذه النقطة أقول لك:
-لا بد من وضع برنامج للمهام الأسرية مع وضع الطفل الأول في مقدمة أولويات هذا البرنامج؛ بحيث يعطى نصيبه من الاهتمام والرعاية كما كان الوضع قبل ميلاد الطفل الجديد؛ فلو اعتاد على أسلوب معين في طقوس النوم أو تناول الوجبات؛ فيجب أن يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل ميلاد الطفل الجديد؛ بمعنى لو كان الطفل الكبير قد اعتاد أن تطعمه أمه وجبة ما، أو كل الوجبات، أو إنها تلعب معه، ثم توقفت عن ذلك بعد تزايد مسئولياتها -أعانها الله - فلا بد من أن يعود الأمر كما كان؛ بحيث يوجه جل مجهودها للطفل الأول ما أمكن، ويجب عدم تغيير هذه الأوضاع إلا بشكل تدريجي جدا.
-يمكن تقسيم مهام رعاية الأبناء على عضوي الأسرة (الأب والأم)؛ بحيث تصبح مسئوليات كليهما محددة؛ فالأم مثلا تطعم الصغير ليقوم الأب بحكاية قصة قبل النوم للطفل الأول أو العكس، ويمكن تبديل المسئوليات كل أسبوع أو كل يوم؛ بحيث يحاط الابن بجو مليء بالاهتمام والرعاية من ضلعي الأسرة (الأب والأم).
-إن كانت الظروف لا تتيح للأب المشاركة القوية التي تخفف عن الأم أعباءها تصبح الحاجة إلى وجود من يساعد الأم ممن تؤتمن ملحة في هذه الحالة، إن كانت الظروف الاقتصادية للأسرة تسمح بذلك؛ لأن زيادة المسئوليات لن نتمكن إزاءها من زيادة الوقت، إنما يمكن زيادة الجهد الفعال لأداء هذه المسئوليات، على ألا يلغي ذلك من مشاركة الأب تماما بل لا بد من مشاركته في فقرة يومية على الأقل أيا كانت هذه الفقرة: حكاية قبل النوم - حفظ أنشودة قصيرة أو سورة من القرآن - لعبة - نزهة - شراء شيء - حديث ومسامرة - حمام ... إلخ، وخصوصا أن الابن الكبير ذكر؛ فتصبح الحاجة لتوطيد علاقته بابيه أمرا أساسيا.
3- يجب الأخذ في الاعتبار أن طفلك الأول لم يصبح بعدُ كبيرا، أي أنه ما زال طفلا لم تنته بعدُ طفولته ليصبح بلا أخطاء، كما يجب عدم استخدام كلمة "أنت كبير" بالشكل الذي يجعله يتراجع للوراء في وظائفه أو ما يسمى Developmental Milestones، أو يصطنع ذلك ليعود صغيرًا كأخته؛ لتحبوه، ولا تحملوه ما لا يطيق بحجة الكبر.
4- في حضور الأهل والأقارب والزوار لا بد من تركيز الاهتمام والمدح والثناء على الابن الأكبر فهد (وهو عكس ما يحدث عادة)؛ بحيث يتم مدحه، وذكر ما يستدعي الثناء عليه من ملامح الكبر والتطور؛ كأن يقال: "إنه أصبح كبيرا ويستطيع التلوين - الأكل وحده - حماية أخته ... إلخ"؛ مما يشعره بالتفاف الاهتمام حوله، ويشعره بمزايا الكبر والنمو.
5- من الممكن الاستعانة به في أداء بعض المهام مع الأم في رعاية الأخت؛ مثل مناولة شيء أو لصق رباط الحفاظة أو الإطعام أو غير ذلك، مع الثناء على نجاحه في القيام بهذه المهمات، وكذلك إشعاره أن الطفلة الصغيرة في حاجة إليه وإلى رعايته.. مثل "أنت ممتاز .. لا أدري لو لم تكن معي كيف كنت سأرعى بدونك هذه الطفلة ... إلخ.
6- لا بد من جعل وقت مخصص لابنك الكبير الحبيب في وقت فراغك من أخته، وليكن وقت قبل النوم أو المساء أثناء نوم الصغيرة أو لهوها بشيء، فتحملينه على رجليك وتلفينه بذراعيك، وتتبادلين معه أحاديث تناسب سنه، تشعرينه من خلالها أنه كلما كبر زاد حبه في قلبك لما ترينه فيه من "شطارة"، وأنك كنت سعيدة جدا حين ولد، ثم تحكين له القصص التي تدعم أهمية وجود شريك له يتقاسم معه اللعب والتسلية؛ لتزيد السعادة والمتعة من خلال قصة "القطة بوسي" مثلا (كانت وحيدة وتقول لأمها: أريد أحدا يلعب معي وأضحك معه، حتى رزقت بأخت جميلة، واستجاب الله لها، وأخذا يلعبان ويمرحان... إلخ)، كما يمكنك استغلال هذه الأوقات في اللعب معه بالمكعبات أو الصلصال أو مشاهدة الكتب المجسمة أو الملونة.
7-حينما تخرجان للتسوق اطلبي منه اختيار هدية له وأخرى لأخته؛ وذلك لتشعريه برعايته لها ومسئوليته عنها، وثقتك في توليه لبعض أمور أخته.
وأعود وأكرر الحديث عن أهمية مشاركة الأب في رعاية فهد، والقيام بدور فعال في ذلك؛ لكونه ذكرا.
أختنا الحبيبة نحن في انتظار المزيد من أخبارك واستفساراتك، ولا تنسينا من صالح دعائك في تلك الأيام المباركات.. وقبل أن نتركك في رعاية الله لا يفوتنا أن نقدم لك ما وعدناك به من الاستشارات السابقة عن موضوع الغيرة بين الأشقاء، وهي استشارات مليئة بالمزيد من المقترحات والأفكار لتجاوز هذه المرحلة في حياة الأبناء بسلام:
- أمي: ارحمي غيرتي وغربتي
- لا تسرقوا طفولتها لأجل أخيها
- عضو جديد في جسد الأسرة
- سنة ثانية أمومة.. مزيد من الحيرة
- عرش الأول ..هل يهدده الثاني؟؟
- طفلي الأول.. لن تخرج من جنتي
ـــــــــــــ(103/60)
زرع القيم يبدأ من تصحيح المفاهيم ... العنوان
أعلم ابنتي -8 سنوات- أن الفتنة أشد من القتل، ولكن بعض الأحيان عندما يفتن أخوها على فعل خاطيء فعلته تقول لي: أليس هذا بفتنة؟ ألم تقولي لي: إن الفتنة حرام؟ كيف تسمحين الآن لأخي أن يفتن علي؟ فأصبح حائرة لا أعرف ما أجاوبها لتوضيح ذلك.. فهل لكم أن ترشدوني للرد الأمثل؟ وجزاكم الله خيرا. ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الدكتورة سحر طلعت من مشاكل وحلول الشباب :
الأخت الكريمة، سعدت بتواصلك معنا وبوعيك وحسن رعايتك واهتمامك بغرس القيم عند أبنائك، وأسأل الله العلي العظيم أن يعينك على حسن تربيتهم، وأن يجعلهم نعم الذرية الصالحة؛ فمنه سبحانه التوفيق والسداد.
في البداية أحب أن أنوه إلى أنه من الأقوال الشائعة بديننا "الفتنة أشد من القتل"، نرددها كثيرًا ونحن نتصور أن المقصود بالفتنة هو نقل الكلام والوقيعة بين الناس، والسير بين الناس بالنميمة، ولكن تأملنا للسياق الذي جاءت فيه هذه الآية في سورة البقرة يجعلنا ندرك من البداية أن المقصود بالفتنة هنا هو فتنة الناس عن دينهم، سواء بتعذيبهم وإيذائهم كما كان مشركو قريش يفعلون، وكما يفعل الطغاة في كل عصر، أو بالعمل على نشر المفاسد والفواحش بين الناس، وبالطبع فإن كلامي هذا لا يعني التهوين من ذنب عظيم يقع فيه كثير منا، وهو السير بين الناس بالنميمة، ونقل الكلام بينهم بغرض إفساد ذات البين، وقطع أواصر الود التي تربط بين الناس؛ فهذا ذنب عظيم ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا جميعًا الوقوع فيه، وأن يغفر لمن ارتكب منه شيئا.
ولاحظي أختي الكريمة أنني أقول: تناقل الكلام بغرض إفساد ذات البين، وإيغار الصدور، أما إذا تم هذا التناقل بغرض الشهادة مثلا أو بغرض منع وقوع ضرر أكبر؛ فالأمر في هذه الأحوال مختلف، وكما تعلمين فنحن محاسبون على نياتنا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى...".
فإذا طبقنا هذه المعاني على ما يفعله ابنك عندما يخبرك بما ارتكبته أخته من أخطاء، نجد أن حديثا كهذا لن يوغر صدرك على صغيرتك بأي حال من الأحوال، وأنه يمكنك من تقويم سلوكياتها؛ وبذلك فهو لا يدخل في نطاق النميمة وتناقل الكلام المنهي عنه شرعًا.
والمشكلة تتمثل في كيفية صياغة هذا الأمر بصورة صحيحة لا تفسد قيم وسلوكيات ابنك، وكذلك قيم وسلوكيات أخته، ولا تسمح بإفساد العلاقة السوية بينهما، والبداية الصحيحة تكمن في تصحيح مفاهيم أولادك حول هذا الأمر، ويمكن أن يتم هذا من خلال قصة تدور أحداثها بين الحيوانات، ويكون بين الحيوانات مثال سيئ للنمّام الذي ينطلق بين الحيوانات الأخرى بالنميمة، ومثال جيد لأحد الحيوانات الذي يعتمد في البداية أسلوب نصح المخطئ والمسيء بلطف، فإذا عجز عن تغير المنكر لجأ لمن بيده القدرة على هذا التغيير (الملك - الحاكم - القاضي - الحكيم)، ويتم بعدها مناقشة الأولاد حول المعاني التي تضمنتها هذه القصة، ومع التأكيد على الفارق بين مَن نقل كلامًا بغرض الوقيعة والوشاية ومن نقل كلامًا بغرض الإصلاح ومنع الضرر.
فإذا اتضحت هذه المعاني في اتهام صغارك؛ فسيكون دورك بعد ذلك أن تتعاملي مع كل طرف منهم بمفرده، وابدئي بالابن الحبيب، وعلميه أهمية أن ينصح أخته برفق وحب قبل أن يأتي إليك شاكيًا منها، وعلميه أن يكون حديثه لك سرًّا إذا عجز عن ردها بالنصح الرفيق، مع التأكيد على أهمية مراجعة نيته، وهل أراد بهذا التصرف منعها من إلحاق الأذى بنفسها أو بغيرها، أم أنه يبتغي من هذا كسب درجات ونقاط على حسابها؟ وهذا التأكيد مهم جدًّا لبناء قيم ابنك الصغير.
أما بالنسبة لـ"الأمّورة" الصغيرة فلقد لاحظت أنها أصغر أخواتها؛ ولذلك يجب مراعاة هذا الأمر جيدًّا، وتجنب إشعارها أن كل العيون مسلطة عليها، وتنتظر منها أن تخطئ لتنقضّ عليها لائمة ومؤنبة ومعاقبة، وملاحظتك لهذا الأمر تجنبك إفساد شخصية الحبيبة الصغيرة لشعورها أنها دائمًا مراقبة ولا بد من سلطة تحميها من الوقوع في أي خطأ، وكذلك تجنبك أيضًا حقد الأخت على أخيها.
وملخص ما قلته أنك بعد أن يدرك الأولاد الفارق بين ما هو حرام وما هو غير حرام، عليك بأن ترشدي صغيرك إلى أهمية النصح مسبقًا وبلطف، وبعد ذلك يمكن أن تحرصا على سرية الحديث بحيث لا تدرك الصغيرة أن أحدا شكا لك، وعندما تحادثينها فاجعلي حديثك وتوجيهك لها غير مباشر من خلال قصة أو ما شابه ذلك.
أختي الكريمة، أعانك الله على أمرك ورزقك الصبر، وأنعم عليك بجزيل الثواب أجر ما تبذلين من جهد في تربية أولادك، وأدعو الله أن يقر عينيك بهم دائمًا.
ـــــــــــــ(103/61)
ماذا تفعل مع مراهقك العصبي؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة وبعد:
بداية نشكركم على هذا الموقع المتميز فجزاكم الله خيرا.. وبارك الله فيكم.. وإلى الأمام دائما.. أود أن أستشيركم في مشكلة نمر بها في المنزل.. لدي أخ في الثالثة عشرة من عمره.. عصبي بشكل كبير جدا.. وزادت عصبيته في الفترة الأخيرة كثيرا.. بالإضافة إلى قيامه بحركات غريبة كي يضحك من حوله فقط.. يقوم بالاعتداء على جميع من في المنزل.. سواء كان كبيرا أم صغيرا.. سواء كان باليد أو حتى باللسان.. صار لا يحسب حسابا لأحد.. بالرغم من توفير كل ما يحتاج إليه.. لا يمر يوم دون أن يتشاجر مع والده أو والدته.. وخصوصا والدته.. يتهجم على إخوته الكبار بالكلام غير اللائق وحتى الضرب.. فما الطريقة المثلى للتعامل معه؟!! جربنا أسلوب الضرب والعنف فلم ينفع معه.. جربنا أسلوب المكافأة فلم ينفع.. فأتمنى منكم أن ترشدوني للطريقة المثلى في التعامل. ولكم جزيل الشكر، وفائق الاحترام.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/ عبد العزيز محمد الحر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
لقد أوضحت في رسالتك مظاهر لسلوكيات أخيك العصبية لكنك لم توضح لنا ما كان وراءها من أسباب، وسأحاول في السطور التالية أن أبحث هذه الأسباب معك، وأترك لك التعرف على ما كان منها سببا فيما وصل إليه حال أخيك.
عصبية الشباب واندفاعهم يراها البعض ظاهرة طبيعية في هذه الفترة العمرية، وقد يكون ذلك صحيحا إلى حد ما. ولكن العصبية إذا زادت عن حدها فلا بد من التعامل معها على أنها ليست ظاهرة طبيعية على الإطلاق.. بل ظاهرة تحتاج إلى تعامل خاص يتيح من خلاله للشباب العصبي الإقلاع عن تلك العصبية أو تحجيمها على الأقل.
والشباب العصبي المزاج قد نراهم حادي الطباع، يتصرفون من خلال عصبيتهم معاندين، يريدون أن يحققوا مطالبهم بالقوة والعنف الزائد، لا يعتمدون على أنفسهم في معظم الأحوال، حركتهم دائمة، متوترين، وهذا التوتر يسبب إزعاجا كبيرا للمحيطين بهم.
ولعصبية الشباب أسباب كثيرة، منها أسباب نتيجة التكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد الوالدين عصبيا فعلا، ومنها أسباب بيئية مثل نشأة هؤلاء الشباب في جو تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
ويمكن القول للوالدين ولكل المتعاملين مع الشباب من الجنسين: إن الحديث مع الشباب بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهؤلاء الشباب إلى أن يتصرفوا ويتكلموا بالطريقة نفسها.. بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيرا. فالشباب يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم.
كما أن تشدد الأهل مع الشبان والشابات بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من التصرفات والسلوكيات، يجعل الشباب عاجزا عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة إحساس هؤلاء الشباب بأن عدوانا يُمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحول الشباب إلى عصبيين متمردين ثائرين.
ولا داعي للتعجب إذا علمنا أن التدليل المفرط للشبان والشابات يقود إلى العصبية والعدوانية أيضا. فالشباب المدلل بإفراط يشعرون بأنهم محور الكون، ويغالون في قيمة أنفسهم؛ لأن الوالدين لا يتيحان لهم فرصة استكشاف الواقع ومتطلباته. والدليل على ذلك أن رغبات الشباب المدلل أوامر.. وبالتالي يكونون غير قادرين على احتمال أي إحباط أو فشل يواجههم في حياتهم سواء في المدرسة أو الجامعة أو النادي أو في المحيط الأسري، وعند أول مواجهة يشعرون بأنهم مضطهدون ومظلومون من الآخرين، وأن الآخرين يحقدون عليهم. وهو إحساس وشعور يثير عدوانيتهم ويدفعهم إلى السلوك العصبي مع الآخرين. وهذا ليس قاصرا على الآخرين فحسب فهناك حالات من بعض الشباب المدلل عندما تصبح متطلباتهم على المدى الطويل على قدر من الغلو، وعندما يشعر الأهل بأنهم لم يعد بوسعهم أن يلبوا متطلباتهم، فإن الفجوة تزداد بين الأبناء وذويهم، وبذلك يبدأ الصراع بين الشباب والأهل في صورة عصبية وسلوك عدواني لتلبية رغباتهم التي اعتادوا عليها.
وهناك أسباب أخرى مختلفة لعصبية الشباب من الجنسين منها: ضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقة للاسترخاء والراحة لبعض الوقت.
ويلعب التفكك الأسرى دورا رئيسيا في عصبية الشباب. فالشاب أو الشابة يشعران بسرعة بهذا التفكك حتى لو حاول الوالدان أن يخفياه، وهذا التفكك يثير لدى الشباب قلقا نفسيا شديدا يعود إلى إحساسهم بصعوبة التوفيق بين حبهم لطرف وحبهم للطرف الآخر.. وإلى أي الأطراف ينحازون.. فهذا القلق يؤدي إلى ردود فعل عدوانية قد تتخذ العصبية شكلا لها.
والغيرة الأخوية قد تكون في بعض الأحوال عاملا من عوامل عصبية الشباب، وتأتي تلك الغيرة عن شعور الشاب أو الشابة بالحرمان من حاجة من الحاجات الضرورية، نتيجة وجود منافس يغتصب منه حقوقه في التمتع بتلك الحاجة، وعلاج ذلك يكون باستخدام الأسلوب التربوي الصحيح الذي يتسم بالعدل التام والمطلق ما بين الإخوة والأخوات، والحرص على أن يكون الحب هو أساس التعامل بين أفراد الأسرة، وأنه بدون ذلك الحب فليس لأحد أي حق من الحقوق.
كما أن الخلاف بخصوص أسلوب تربية الشباب والشابات وخاصة في فترة المراهقة، يمكن أن يكون سببا لعدوانية هؤلاء الشباب الذين سرعان ما يشعرون بالفطرة أن هناك خلافا حول تربيتهم، ويمكن أن يقوم الشباب باستعمال أحد الوالدين ضد الآخر ليصبح في وضع مدلل، وإذا لم تلب رغباته كانت العصبية والثورة النفسية هي رد الفعل لذلك.
ونأتي لكيفية التعامل مع الشباب العصبي بعدما استعرضنا الأسباب:
إن مفاتيح التعامل مع عصبية الشباب هي: الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم. فلا بد للشباب من الشعور بالأمان في المنزل، الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في الدراسة والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب.
والنقطة الثالثة هي العدل في التعامل مع الأبناء فالسلوك التفاضلي نحو الأبناء يوجد أرضا خصبة للعصبية؛ لأن العصبية هي ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها.
والمفتاح الرابع هو الاستقلالية، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فشعور الاستقلالية شعور محبب لدى الأبناء خصوصا في هذه السن.
أما المفتاح الأخير فهو الحزم فيجب ألا يترك الشاب لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد. وإنما يجب أن يعي الشاب أن مثل ما له من حقوق فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها، وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.
وإليك عزيزي الابن بعض الخطوات العملية للتعامل مع مشكلة أخيك:
1 - جلسة المصارحة والمناصحة: يمكن أن تعقد جلسة مصارحة ومناصحة مع الابن يفضل أن تكون بوجود الوالدين يتم فيها مصارحة الابن بأن هذا السلوك غير مرغوب فيه، وأنه أمر مقلق للأسرة جميعها. ويطلب منه ذكر أسباب سلوكه بهذه الطريقة وتذكيره بأنه لم يكن كذلك في السابق وأنه إذا كانت هناك أسباب حقيقية فنحن على استعداد للتعاون في التعامل معها.
ثم تكون المناصحة، وذلك بتوضيح السلوك المرغوب فيه تجاه الوالدين وتجاه الأخوات، مع تأكيد قيمة ودور الابن المنتظر منه في المستقبل. حتى يشعر بالحب والأمان والقيمة. ثم يتم عقد اتفاق بين الوالدين والابن على حسن السيرة والسلوك.
2 - جلسة تهيئة البيئة: وتكون هذه الجلسة مع الأبناء الآخرين وذلك لتأكيد الحب للابن والتنبيه على الأبناء بضرورة مراعاة مشاعر الابن، وعدم محاولة إثارته؛ لأن الأمر لا يخلو أحيانا من الإثارة المتعمدة، من قبل بعض الإخوة للابن العصبي. ويتم عقد اتفاق على ذلك، وهذا سيساعد على تهيئة جو أفضل لتخلص الابن من العصبية.
3 - فترة المراقبة: وتكون فترة لاختبار الابن لمدى محاولته الالتزام بالاتفاق الذي تم، ومدى التزام بقية الإخوة بالالتزام بعدم إثارة أخيهم.
ويستخدم في هذه المرحلة أسلوب التعزيز الايجابي والتعزيز السلبي، فإذا ظهرت عليه بوادر الالتزام أو على الأقل محاولة الالتزام كان هناك تعزيز ايجابي، وإن لم يكن كان هناك تعزيز سلبي، ويُقصد به حرمانه من بعض الأشياء التي يحبها تدريجيا. ولا ينصح بالعقاب والضرب فإنه يزيد الأمور سوءا، خصوصا لشباب هذه السن والمرحلة.
4 - جلسة المتابعة: وتكون هذه الجلسة بعد مرور فترة زمنية كافية قد تكون من (10) أيام إلى أسبوعين يكون فيها التذكير والتشجيع والتأكيد. فالإنسان ينسى وسرعان ما يرجع إلى طبعة وسلوكه، ومثل هذه الجلسة يمكن أن يقوم بها أحد الأبوين.
وهكذا حتى يتخلص الابن من هذه الصفة تدريجيا، ويُنصح بالصبر والدعاء للابن بالهداية والنجاح فللدعاء أثر كبير في إصلاح الأبناء، فاللهم.. اهده واجعله صالحا مصلحا بإذنه تعالى.
وتنظيم الأسرة لبعض البرامج والأنشطة الجماعية يساعد على تنمية قيم ومهارات التعاون والإيثار والتسامح، وهذه الأنشطة مثل الدروس الأسرية والرحلات الخارجية والزيارات العائلية وجلسات الشورى المنزلية. من خلال التجربة هذه الأمور مفيدة جدا ليس لحل مشكلة العصبية فقط وإنما لإحلال قيم إيجابية مرغوب فيها أيضا
ـــــــــــــ(103/62)
أمي: ارحمي غيرتي وغربتي ... العنوان
ابنتي عمرها سنة و4 أشهر، وقد جاءها أخ وهي تحبه، ولكن تغار منه، ودائما تريد أن تحمله، وإذا لم أعطها إياه تضربه وتعضه وتقسو عليه، وهو عمره شهران، وهي نحيفة جدا، ولا تأكل كثيرا إلا بعد أن تجوع جدا.
ولا أدري ماذا أفعل في قلة أكلها ونومها القليل؟ فهي لا تنام قبل الثانية أو حتى الرابعة صباحا، وازداد هذا بعد مجيء أخيها؛ إذ تنام وتصحو على صوته، مع العلم أنها تنام في غرفة مستقلة لوحدها، ولكن نومها حساس، وهي متعبة عند الأكل وعند اللعب، ودائما تشعر بالوحدة؛ لأنني قليلة الخروج، ولا أعرف أحدا هنا، وعائلتي ليست معي. أعطوني النصيحة وشكرا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أيتها الأخت الفاضلة، وشكرا لك على ثقتك الغالية، ونأمل أن نكون عونا لك في غربتك وأهلا يساندونك، ويقدمون لك كل ما بوسعهم من مشورة ونصيحة.
أختي الحبيبة، إن مسألة الغيرة أمر طبيعي لا يكاد يخلو منه بيت، وكل ما يُطلب من الوالدين هو التعامل معها بشكل سليم لتمر كسحابة صيف، وتنقشع سريعا دون آثار سلبية. وسوف أورد لك في السطور التالية بعض مظاهرها لمن هم في سن ابنتك، التي ربما لم ترد في سؤالك، ولكنها حتما موجودة بصورة أو بأخرى لدى الابنة. والهدف من ذكر هذه المظاهر هو تفسيرها للوصول للحل الأمثل للتعامل معها، فإذا عرف السبب سهل العلاج وبطل العجب.. كما يقول المثل المصري.
ولا تنسي أن المظاهر السلبية للغيرة تستفحل إذا انحرفت الغيرة عن أشكالها السوية بسبب اضطراب العلاقة بين الأبناء والأهل أو بالأخطاء التربوية التي قد ترتكب في هذا المجال.
ومن تلك المظاهر:
1- العدوان على الطفل الأصغر، سواء بشكل لفظي بكلمات الرفض والكراهية أو بشكل يدوي كالضرب والقرص والاحتضان الشديد إلى درجة الخنق أو العصر.
2- كظم هذا الغضب والعدوان وكبته انصياعا لأوامر الوالدين أو المحيطين، ثم ظهور هذا الغضب في مظاهر بعيدة كل البعد عن مصدرها الأصلي (وهو الغيرة)، ومن هذه المظاهر:
• العناد والعصيان.
• إلقاء أشياء من النافذة أو الشرفة.
• القسوة على الحيوانات إن وجدت.
• الاكتئاب وكثرة البكاء لأتفه الأسباب.
• الخوف الشديد من كل شيء بشكل لا يكاد يكون مبررا.
• التراجع إلى مراحل سابقة في النمو (كالتبول في الملابس، أو اصطناع اللعثمة في الكلام كمن يبدأ بتعلم النطق...)؛ في محاولة من الطفل للفت الانتباه، وتأكيد وجوده وإرسال رسالة؛ مفادها "ما زلت صغيرا.. فلم تحبون الصغير أكثر مني؟!".
• أو الامتناع عن الأكل؛ رغبة في النكوص إلى مرحلة الرضاعة كما في حالة ابنتك -التي يغلب على ظني أنها فُطمت من عمر شهور عن الرضاعة بسبب حملك بأخيها- لرغبة الطفل في العودة لحضن الأم مرة أخرى الذي يتغذى فيه باللبن والحنان والدفء والحماية، فضلا عن رغبته في لفت نظر الوالدين له.
إذن فكل مشكلات طفلتك التي تشكل حلقات في سلسلة تؤدي كل منهما للأخرى -إذ تؤدي قلة الطعام لقلة النوم والنحافة ... وهكذا- وتجعلها متعبة عند تناول الطعام، ونحيفة نتيجة لقلة الأكل، وقليلة النوم.. ما هي إلا مظاهر متعددة لمشكلة "الغيرة".
أما كونك تعتبرين أنها مشكلة أن تكون ابنتك متعبة عند النوم واللعب فهو ما لا أوافقك فيه؛ فليست ابنتك هي الوحيدة المتعبة عند اللعب والأكل.. وإلا ماذا تظنين أن يكون أبناء الآخرين؟! فكلهم يا عزيزتي أطفال؛ إذن فما عليك فعله إزاء هذه الغيرة هو ما سأنصحك به في السطور التالية:
1- أظهري لابنتك امتعاضك من الطفل بشكل مرح؛ كأن تبتسمي مثلا، وأنت تغيرين له وتمازحيها قائلة بمرح: "أف ... ما هذه الرائحة؟!"؛ فهذا يسمح لها تدريجيا بتجاوز مشاعر العداء، وأن يغلب على علاقتها بأخيها الوجه الآخر للعلاقة وهو المحبة، كما يؤكد المحلل النفسي الأمريكي أدموند زيمان أنه: "ينبغي أن ندع كل ولد يعيش غيرته، فسيأتي وقت تختفي فيه؛ فيستطيع الأولاد أن يتحابوا بود؛ إذ سيقترن لدى الطفلة المودة مع مشاعر العداء على منوال الأم التي علمتها التعاطي مع هذه الازدواجية في المشاعر (العداء - الحب) بشكل مثالي وصحيح، كما سيشعرها هذا التفهم لمشاعرها بأنها محبوبة ومفضلة وأثيرة، فيتسنى لها الشعور بالأمان؛ فتتخطى هذه المرحلة، وتتجاوز الشعور بالمداهمة من كل جهة بسبب مجيء هذا الدخيل".
2- لا بد من إحضار لعبة أو دمية تطلقون عليها اسم أخيها لتخرج في هذه الدمية كل الانفعالات التي تحملها تجاه أخيها هذا من جهة، ومن جهة أخرى لكي تنشغل بها عن أخيها؛ فتقلدك في رعايتك له مع هذه الدمية.
3- لا بد أن تسمحي لها -إذا شاءت- بالعودة للوراء مرحليا للتشبه بالطفل الذي أصبح محور اهتمام، فلو طلبت الرضاعة بالمرضعة مثلا أو النوم جوارك؛ فلا مانع أن تشبعي لديها هذه الرغبة المؤقتة، كما يؤكد دكتور دودسون صاحب كتاب "كيف تكون أبا؟" مع التوضيح لها بشكل غير مباشر مزايا كونها الابنة الكبيرة، ومزايا هذا الكبر كأن تعطيها ورقة وأقلاما، وتقولي لها: "هيا ارسمي ولوني، إن أخاك لا يستطيع ذلك؛ لأنه صغير لكنك كبيرة"، فتستعيد الابنة موقعها الطبيعي.
4-أشركيها معك في الاهتمام به؛ كأن تناولك شيئا للعناية به، أو أن تطلبي منها مشاركتك في إطعامه بزجاجة الإرضاع مثلا.. وشاركيها في ذلك بهدوء دون أن تشعر لتشبعي رغبتها في العناية به، ولكن تحت إشرافك.
5- أما بالنسبة لطلبها لحمله، فحاولي إثناءها عن ذلك بلطف في بعض المواقف التي لا يكون ذلك متاحا، لكن اسمحي لها في مواقف أخرى، ربما تكونين أنت المبادرة إلى دعوتها لتشبعي رغبتها، على أن يكون ذلك تحت إشرافك الكامل؛ بحيث لا يصاب بمكروه، وتكون هي الأخرى بجوارك أو في حضنك، وأن تشبعيها تبسما ومداعبة وحوارا لطيفا عن نفسها، حينما كانت في سنه مثلا؛ بمعنى أن يكون الأمر فيه ترضية لها وإشباع لحقها في الاهتمام والحنان، ورسالة إلى أنكم جميعا كيان، لكلٍّ مكانته، ولا يوجد من سيأخذ مكانتها.
وحين لا يكون الأمر متاحا كأن تصر على حمله رغم كونه نائما –مثلا، كما كانت ابنتي تفعل- فيمكنك أن تلهيها عن رغبتها إلى نشاط آخر، ولكن بود شديد قولي لها بنبرة مرحة ودودة ممسكة بكفها وصوتك ترقص فيه السعادة قائلة: "ما رأيك أن نلعب سويا؟ هيا بنا نعجن قبل أن يستيقظ ويشغلنا..."، ثم تتجهان للمطبخ للعجن أو لحجرتها للعب بالصلصال أو المكعبات سويا.
والأولى أن تجعليها باستمرار في رفقتك أو تحت ملاحظتك؛ بحيث تمنعين خلوتها بأخيها لكيلا يتعرض لأذى، ولكن مع ضرورة أن يكون ذلك ممتعا لها وليس حبسا لها أو حصارا، وإنما على شكل ألعاب ومداعبات ومضاحكات وأعمال مشتركة تؤدونها معا ولو كانت أعمالا منزلية.
6- تجنبي المقارنة بينهما أو إظهار الود للصغير في وجود أخته أو مناغاته و مداعبته دون أن توجهي لها أضعاف ذلك، وتجنبي إشعارها بضجرك من كونها "متعبة" كما تقولين في نومها وأكلها أو غير ذلك؛ فهي في مرحلة من الاستكشاف، وتأكيد الذات، واختبار القدرات؛ وهو ما يزعجك بالطبع، ولكن لا تنزلقي في هذا الشرك من انتقاد شقاوتها والثناء على هدوء أخيها؛ فتنطبع في نفسها جراح مؤلمة.
5-اجتنبي كل ما من شأنه إيقاظ الشعور بالنبذ لدى الطفلة كتغييرك لطقوس نومها أو مناداة الصغير بلقب محبب ثم الصرامة و الجفاء عند الحديث معها، أو غير ذلك مما يشعرها أنها خرجت من جنة القرب منك. فمن المهم أن يتأكد أبناؤنا من أن كلا منهم محبوب، سواء أكان هادئا أم صاخبا أم مزعجا أم جميلا أم بشعا؛ وذلك لأنهم أبناؤنا.
6-احرصي على تخصيص وقت لابنتك تداعبينها فيه، وتلعبين معها بألعابها، وتشركينها معك في المطبخ كما سبق أن أشرنا، واحمليها واحضنيها واربتي عليها وداعبي شعرها بحنان، وغني لها الأغاني، ومتعيها بأمومتك، واستمتعي بها أنت أيضا.
7-بالنسبة لمسألة الطعام يمكنك تقديم الأنواع المحببة للطفلة دون إجبارها على تناول غيرها، ومن أفضل الطرق لإطعامها -وهو ما جربته شخصيا- هو إطعامها، وهي ساهية وأنتم تحكون قصة مصورة في كتاب، أو تغنون أغنية أطفال، أو تشاهدون "كارتون"؛ إذ تكون لحظات نادرة من الاستسلام تصلح لهذه العملية، وتأكدي أن ابنتك لديها قدرة على التقاط مشاعرك تجعل الطعام في فمها مُرا حين تكون هناك مشكلات في العلاقة بينك وبينها وتوتر دائم وعصبية تشعرها منك تجاهها.
8-بالنسبة لمسألة النوم فكما يقول دكتور سبوك في كتاب "مشاكل الآباء في تربية الأبناء": "إن المسألة متروكة لظروف الطفل نفسه"، فهناك عوامل كثيرة تتحكم في مسألة النوم تجعل الرأي القاطع فيها غير ممكن، ولكن توفير الجو المناسب لنوم الطفلة من الهدوء وخفوت الضوء ودفء الفراش تيسر استغراقها في النوم.
ـــــــــــــ(103/63)
طفلي شخصيته طفولية ... العنوان
بداية نشكر لكم جهودكم السخية في رفع المعاناة عن كاهل الآباء والأمهات والمربين، وأتمنى أن يكون لي نصيب من هذا الفيض وهذا العطاء، والذي نسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء عما قدمتم وتقدمون.. مشكلتي باختصار هي أنني لدي ولدان أحدهما 6 سنوات والآخر 4 سنوات وليس لدي بنات، ولكل واحد منهم مشكلة من نوع خاص، وسأحاول جاهدا أن ألخص مشكلة كل واحد على حدة، وأثق بالله ثم فيكم بأنكم أهل للمشورة والاستفتاء.
بالنسبة لابن الست سنوات هو الآن في الصف الأول الابتدائي، وسبق أن دخل روضة تمهيدي، ومشكلته ظهرت عند دخوله للصف الأول الابتدائي، حيث بدأت تظهر بعض المشاكل مع أستاذه وزملائه بالفصل، فلديه خوف شديد من أستاذه، رغم أن أستاذه رجل تربوي وتحاورت معه كثيرا بشأن ابني، ومع ذلك فهو يقر بأنه يحب أستاذه، وبلغ به الخوف بأنه عندما يريد الذهاب إلى دورة المياه لا يملك إلا أن يبول على ملابسه من خوفه أن يقول لأستاذه: أريد الذهاب إلى دورة المياه، وذهبت إلى المدرس وناقشت معه المشكلة والرجل أبدى دهشته من عمرو رغم أنه لديه صفات إيجابية كثيرة، ووضعنا بعض الحلول لتجاوز المشكلة، ولكنها توقفت لفترة أسبوع ثم عاد مرة أخرى لمثل هذا الأمر، هناك أمر آخر أريد أن ألفت النظر إليه بأنه مبدع في الرسم، ولديه خيال واسع في هذا الأمر، ومن جانب آخر فإن شخصيته تكاد تكون طفولية حيث إنه يحب أن يتمثل البيبي وأخوه الصغير يكون الأب ويضربه، وهو ليس إيجابيا في حركته، ويميل إلى البطء وعدم المبالاة، ودائما يعتمد على أقرانه في الفصل لإخراج الكتب من الشنطة وما إلى ذلك، وقوته على الاستيعاب بطيئة.
أما سلوكي معه أنا وأمه.. فهي تميل للشدة أحيانا وأحيانا كثيرة للين، وجربنا كافة الوسائل في دفعه، وربما كانت تجيء له بلعبة يحبها أسبوعيا. فهل لديكم حل للخروج به من هذا المنعطف الذي أجده يهدد مستقبله خاصة ونحن نجهل الحلول الناجعة له. مشكلة الأخ الصغير تتلخص في أنه عنيف جدا في مزاحه لدرجة يقع على جدته بالضرب المبرح بدعوى أنه يحبها، ورغم ذلك فهو حركي جدا وعلى العكس تماما من عمرو، فهو سريع الاستجابة لأي طلب يطلب منه ولديه الرغبة في التعلم والتطلع إلى المعرفة والتقليد الحرفي لدرجة أنه قام بفك عجلة دراجته بمجرد أنه رآني أقوم بفكها مرة، ولديه إصرار على مواصلة عمل بدأه مهما كانت العواقب.
أريد أن أعرف كيف أوازن في المعاملة بين الأخوين، رغم بعد الفجوة بين صفات كل واحد منهما وأتجنب محاباة واحد على حساب الآخر، وعدم ظلم واحد على حساب أخيه، وفي الوقت نفسه أريد خطوات عمليه للارتقاء الذهني، وتنمية مواهب كل منهما في هذه السن.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... اخترنا هذه العبارة من رسالتك حتى نعنون بها الحل؛ لأنها تعبر عن مشكلتك مع طفلك ذي السنوات الست بصفة خاصة ومع طفليك الاثنين بصورة عامة، وهي أنك تنسى أنه طفل، وتريد أن تتعامل معه على أنه رجل كبير تنقب في كل تصرفاته وتحللها ولا ترى فيها إلا كل ما هو سلبي، في حين أنك تذكر في رسالتك أن طفلك به جوانب إيجابية، فأنت لم تتحدث عنها أو تظهرها، وركزت على سلبياته وهي أيضا أوصاف عامة فهو ليس إيجابيا في حركته، ويميل إلى البطء، وبطيء الاستيعاب...
إن مشكلة هذا الطفل -كما بدأنا- ونعود فنكرر هو أنك لا تراه طفلا، خاصة أن له أخا أصغر فأصبح هو الكبير، ويوجه له دائما الانتقاد ويقارن دائما بأخيه الصغير الحركي جدا سريع الاستجابة، وهذا مما يزيد من إحباطه بل وخوفه من أي تصرف يقوم به خوفا من أن يخطئ أو يوجه إليه الانتقاد، وما تصرفه في الفصل مع أستاذه إلا مرآة لهذا الإحساس بالخوف والعجز الذي يشعر به في البيت، إنه يخاف حتى أن يستأذن للذهاب إلى الحمام خوفا من أن يكون هذا التصرف غير صحيح، ثم هو يكرر على مسامعه دوما أنه بطيء الحركة.. قليل الاستيعاب فتكون النتيجة أن يرى في نفسه ذلك ويستمرئه حتى يطلب من زملائه أن يخرجوا له كتبه من حقيبته.. وكأن لسان حاله يقول: "أليست هذه صورتي إذن أنا كسلان لا أستطيع القيام بشيء"، ثم هذه هي مكانته التي لن يرضى عنها بديلا أليس أخوه الأصغر هو الحركي السريع، وهو ما يعتبر ميزة لأخيه؛ إذا فليبحث عن تميزه في ضد صفات أخيه فتجده وقد أخذ قراره "فلأكن أنا البطيء قليل الاستيعاب... فلو أصبحت حركيا مثله فأين مكانتي ووضعي...".
وينطبق نفس الأمر مع الطفل الصغير الذي نكرر على مسامعه أنه عنيف، ونكتفي بذلك أو نواجه العنف بالعنف حتى يصل الأمر إلى أن يضرب جدته معبرا بذلك عن حبه؛ وذلك لأنه لكثرة ما يجابه بالضرب يتصور أن الضرب لغة خطاب بين البشر يعبر به عن المشاعر المختلفة، وتكون الرسالة لديه أليس أبواي يحبانني ويضربانني إذن فالضرب لغة حب، ولغة تواصل معتمدة.
إننا مرآة أطفالنا الذين يرون فيها أنفسهم، فإذا كانت الصورة التي نعكسها لهم إيجابية مشجعة محفزة كانت صورتهم عن أنفسهم إيجابية وبناءة.
الحل ببساطة وباختصار أن ترى أطفالك كما هم أطفالا وليسوا كبارا، واقبلهم كما هم بقدراتهم، وشجِّع كل طفل بما هو إيجابي فيه، ولا تقارن بينهم، ولا تضع صورة مسبقة تريد أن تضعهم فيها، واجعل آمالك فيهم عند نهاية قدراتهم وليس نهاية أحلامك، ونرجو أن تراجع المشكلة المعنونة ازرع الثقة في طفلك تجد عجبا لترى أن تشجيع الطفل هو مفتاح تنمية كل قدراته وحل كل مشاكله.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
-"سوف" والجيل الصاعد
-القدوة و المشاركة سلم المعالي
-رفض العنف بالعنف
-الطفل مرآة أبويه
بخصوص سؤالك عن العدل في معاملة الأبناء ستجد الإجابة في الاستشارة التالية:
- محال أن يكون كل الأبناء سواء
أما بخصوص سؤالكم حول الخطوات العملية للارتقاء الذهني وتنمية مواهب كل من الابنين في هذه السن، فهو يبدو سؤالا عاما وفضفاضا، ولا يمكن أن نقدم لكم العون فيه إلا إذا أرسلتم لنا مزيدا من التفاصيل حول كل طفل على حدة، وعلى العموم فقد كانت لنا معالجات سابقة يمكنك أن تجد فيها أفكار معينة:
-تنمية القدرات.. التوجيه لا الضغط
-فن تنمية الذكاء
-فارابي العصر
-استمرار التفوق...هل من سبيل؟
-التفوق في الرياضيات بالألعاب
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
- أطلِق إبداع ابنك بالحكايات
- مذكرات الإجازة الصيفية.. بذرة لأديب أو فنان
ـــــــــــــ(103/64)
علاج التوحد يحتاج إلى فريق ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أعمل موظفة في روضة للأطفال، ومن ضمن الحالات الموجودة حالة لطفل عمره (6 سنوات) لديه الصفات التالية.. قدراته العقلية جيدة، يتحدث اللغة العربية الفصحى في معظم الوقت وهو متعلق بالشخصيات الكرتونية التي تعرض في قنوات الأطفال، ويستخدم كلمات وألفاظا تعتبر عالية لطفل في سنه، ولكن طريقة نطقه للكلمات بما فيها اسمه غير صحيحة؛ إذ إن لديه صعوبة في نطق الحروف وتبديلاً للحروف في بعض الكلمات، لديه حركة نمطية مستمرة؛ إذ يهزّ إحدى يديه أو كلتاهما باستمرار، يعاني من نشاط مفرط، يرفض الجلوس والاستقرار في مكانه.. يدور على نفسه بين فترة وأخرى لا يوجد لديه صداقات، وكثيرًا ما يبكي أو يصرخ بلا سبب حتى أثناء لعبه المنفرد؛ إذ لا يميل لمشاركة زملائه اللعب.
يقضي معظم وقته وهو يتفحص اللعب داخل فصله منبهرًا بها.. يمكننا التواصل البصري معه وضمه وتقبيله؛ إذ لا يشعر بالانزعاج عند محادثة والدته لم يكن لديها تقبل بأي شكل من الأشكال لفكرة أن طفلها مختلف عن الباقين، حتى إننا لم نصارحها بشكوكنا فقط طلبنا منها أن تأخذ طفلها لاختصاصي نطق وتخاطب لعلاج مشكلة نطق الحروف لديه، غير أنها رفضت ذلك وبشدة؟ هل هناك احتمال بأن يكون هذا الطفل يحمل سمات توحدية؟ إلى من نلجأ لتشخيص حالته بدقة؟ ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. شكر الله لك اهتمامك بالطفل وجعل ذلك في موازين أعمالك إن شاء الله. كما تعلمين أختي فإنه من الصعب التشخيص عبر الإنترنت. ولكن من المعلومات التي ذكرتها فإنني أميل إلى أن لدى الطفل صفات توحد وربما يكون من ذوي الأداء المرتفع (أي أن قدراتهم العقلية جيدة)، وعلى حسب علمي فإن هناك مراكز (اثنان أو ثلاثة) حاليًّا بالسعودية مختصة بالتوحد.
وعلى العموم فإن التشخيص يحتاج إلى عمل فريق من اختصاصيي النطق واللغة والتربية الخاصة، وطبيب طب تطوري للأطفال، وطبعًا يحتاجون إلى تقييم الطفل مباشرة، إضافة إلى معلومات من الأهل والمعلمة. ويمكنك ترتيب زيارة من أحد المراكز للمدرسة إذا كان ذلك ممكنًا، ولكن أنصحك في البداية محاولة إقناع الأهل بعرضه على مختصين حتى يتقبلوا البرنامج التدريبي الذي سيوضع له.
ـــــــــــــ(103/65)
علاج التوحد يحتاج إلى فريق ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أعمل موظفة في روضة للأطفال، ومن ضمن الحالات الموجودة حالة لطفل عمره (6 سنوات) لديه الصفات التالية.. قدراته العقلية جيدة، يتحدث اللغة العربية الفصحى في معظم الوقت وهو متعلق بالشخصيات الكرتونية التي تعرض في قنوات الأطفال، ويستخدم كلمات وألفاظا تعتبر عالية لطفل في سنه، ولكن طريقة نطقه للكلمات بما فيها اسمه غير صحيحة؛ إذ إن لديه صعوبة في نطق الحروف وتبديلاً للحروف في بعض الكلمات، لديه حركة نمطية مستمرة؛ إذ يهزّ إحدى يديه أو كلتاهما باستمرار، يعاني من نشاط مفرط، يرفض الجلوس والاستقرار في مكانه.. يدور على نفسه بين فترة وأخرى لا يوجد لديه صداقات، وكثيرًا ما يبكي أو يصرخ بلا سبب حتى أثناء لعبه المنفرد؛ إذ لا يميل لمشاركة زملائه اللعب.
يقضي معظم وقته وهو يتفحص اللعب داخل فصله منبهرًا بها.. يمكننا التواصل البصري معه وضمه وتقبيله؛ إذ لا يشعر بالانزعاج عند محادثة والدته لم يكن لديها تقبل بأي شكل من الأشكال لفكرة أن طفلها مختلف عن الباقين، حتى إننا لم نصارحها بشكوكنا فقط طلبنا منها أن تأخذ طفلها لاختصاصي نطق وتخاطب لعلاج مشكلة نطق الحروف لديه، غير أنها رفضت ذلك وبشدة؟ هل هناك احتمال بأن يكون هذا الطفل يحمل سمات توحدية؟ إلى من نلجأ لتشخيص حالته بدقة؟ ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. شكر الله لك اهتمامك بالطفل وجعل ذلك في موازين أعمالك إن شاء الله. كما تعلمين أختي فإنه من الصعب التشخيص عبر الإنترنت. ولكن من المعلومات التي ذكرتها فإنني أميل إلى أن لدى الطفل صفات توحد وربما يكون من ذوي الأداء المرتفع (أي أن قدراتهم العقلية جيدة)، وعلى حسب علمي فإن هناك مراكز (اثنان أو ثلاثة) حاليًّا بالسعودية مختصة بالتوحد.
وعلى العموم فإن التشخيص يحتاج إلى عمل فريق من اختصاصيي النطق واللغة والتربية الخاصة، وطبيب طب تطوري للأطفال، وطبعًا يحتاجون إلى تقييم الطفل مباشرة، إضافة إلى معلومات من الأهل والمعلمة. ويمكنك ترتيب زيارة من أحد المراكز للمدرسة إذا كان ذلك ممكنًا، ولكن أنصحك في البداية محاولة إقناع الأهل بعرضه على مختصين حتى يتقبلوا البرنامج التدريبي الذي سيوضع له.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية، التي يمكنك الاستعانة بها أيضًا لتوصيل الصورة لأهل الطفل عن طريق طباعتها ليقرءوها:
- التوحُّد.. الإعاقة الغامضة Autism
- أم وأب في ظل التوحد
- طفلي متوحد.. ماذا أفعل؟!
- - التوحد.. التنسيق على طريق الحل
- التوحد اضطراب وليس تأخرا
- التوحد خصائصه ومظاهره
وفقك الله. وتابعينا بأخبارك.
ـــــــــــــ(103/66)
هي وابنتها.. الحرب الباردة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتوجه بجزيل الشكر لحضرات المستشارين على حسن استماعهم وجميل قولهم فيما يرفع إليهم من استشارات تربوية.. فجزاكم الله خيرًا.
ابنتي البكرية جمانة (4 سنوات ونصف) شخصية متعبة جدا.. مزيج من صخب وضجيج وركض وقفز وعنف وصوت عالٍ في بكاء أو ضحك باستمرار.
مشكلتي معها تكمن في عدم قدرتي على تقويمها وتوجيه سلوكها خاصة في وجود أغراب؛ فهي غير مبالية دائما، قليلة التركيز والإنصات، ومن ثم عدم التنفيذ.. خاصة أن ثورتها هذه تؤثر سلبا على صحتها من قلة أكل وقلة نوم، وبالتالي تسبب ضغطا نفسيا علي أنا الأخرى.
قبل الاسترسال في الموضوع أود أن أبين عدة نقاط تتعلق بجمانة؛ لتكون شخصيتها واضحة بين أيديكم: ولدت جمانة وأنا في سنتي الأولى من الزواج والدراسة الجامعية.. ومع أن دراستي كانت عن طريق الانتساب إلا أن حالتي النفسية في هذه المرحلة كان فيها نوع من التوتر لكثرة الأعباء والدراسة والمسؤولية الجديدة. وبعد أكثر من 3 سنوات رزقت بأخ لجمانة، وهي معه متوسطة المزاج.
وخلال العام الأول والثاني وبعض الثالث كانت جمانة ترتاد كثيرا على بيت جدها وجدتها (والدتي ووالدي)، وكان هناك الكثير من الاختلاف في طريقة التعامل بين البيتين (بيتي وبيت والدي)؛ فهي أول حفيدة، وبالتالي هي كثيرة التدليل، دائمة الفوضى، مجابة الطلبات في غير معنى (على راحتها جدا في كل ما تريد) على خلاف ما كان عندي؛ فأنا عملية بعض الشيء، أحب النظام والترتيب، والدقة والإنجاز.
أنا معها هادئة، قليلة الكلام.. لم أكن أضيق عليها في اللعب بل على العكس كنت أقتني لها الألعاب، وأتركها لها تلعب وحدها، ولا أشاركها اللعب، ثم أرتب الألعاب بعد فراغها من اللعب.
في عامها الثاني بدأت المشكلة، وهي الصراخ بصوت عالٍ جدا على كل حال، وفي العام الثالث أو قبله بدأت قضم أظافرها وما زالت. استخدمنا معها العنف، ولكنا سرعان ما تراجعنا عنه؛ لفشله ولنتائجه العكسية•
إنها متقلبة المزاج جدًا جدًا؛ فتكون مثلاً هادئة أو متفاهمة نوعًا ما، ثم فجأة تتحول إلى شخصية صاخبة، غير مبالية، عنيفة. ويلاحظ هذا عند ملاقاة أطفال، فتضع أحمر شفاه داكن، وتنفش شعرها (في السابق)، أو عند ملاقاة أغراب مثل الضيوف (في الوقت الحاضر) فتصدر تصرفات غريبة أتعجب منها؛ لأنها لا تفعلها في العادة، مثل تخريب أثاث الصالون، ورمي النفايات أو بعثرة الأكل أو أكله بطريقه مقززة... ويفلت زمامها ويصعب جدًّا تهدئتها أو توجيهها.
عنيدة جداً تأبى إلا رأيها، وإن اتضح لها خطؤه لا تتراجع عنه، وأنا معها أحاورها كثيراً لعله ينفع أحاول إقناعها لعلها تردع... ولا جدوى!!
وهي صغيرة كانت ترمي زجاجة الحليب على الأرض وتطلب مني مناولتها إياها، وتصرخ إن لم أفعل (حتى ولو كانت بجانبها) تبكي وتصرخ بلا ملل أو كلل حتى نوال مرادها. وما زالت إلى الآن مع تعدد الأمثلة!
عنيفة في تصرفاتها، يلفت نظرها العنف والخيال، وتتقمص شخصيات الأشرار في أفلام الكرتون، تحب السيطرة بالذات على الأطفال أثناء اللعب فتتحكم في كل شيء، وتأخذ دور المعلمة فتمسك عصا وتؤنب وتصرخ (مع أن معلمتها لا تفعل ذلك)؛ وبالتالي ينفر منها الأطفال إلا من يضطر للاستسلام ليحظى بوقت من اللعب الصاخب. وليس لها صداقة حميمة في المدرسة بسبب عنفها وسيطرتها.
قليلة التركيز في عمل أو هواية، سريعة الملل، حاولنا مرة تعليمها الجلوس على الكمبيوتر، وعندما فشلت في السيطرة على "الماوس" بدأت بضرب وخبط لوحة المفاتيح. والآن بعد التحاقها بالمدرسة لا تحب المذاكرة وتكره الحفظ. تشكو معلمتها من عدم تركيزها وعدم انضباطها. وهي دائما تحاول لفت الأنظار لها. تستخدم الكذب أحيانًا لتفادي عواقب الخطأ.
تحب التملك لدرجة المرض، لا تشبع من شراء ما تحب؛ فهي دائمًا "ليس عندها شيء"، وتهفو للمزيد. وهذا لمجرد التخزين.. وممنوع الاقتراب، حتى أخذت من مدرستها بعض الأشياء التي لا تمتلك مثلها. وعندما نذهب لوالدتي تمسك بحقيبة وتدور من غرفة لأخرى تجمع فيها ما يقع عليها نظرها. وهما "افعلي يا جمانة ما شئت، وخذي ما بدا لك"!!
في الآونة الأخيرة بدأت تغار مني، وتتدخل فيما لا يعنيها. وبدأت تسألني: من أكبر سنا؟ وبعد فترة قالت لي: أنا أكبر منك، أنت لا تعرفين شيئًا، أنت صغيرة لا تجيدين الحديث (مع أنني لم أنعتها بهذا من قبل)، وتسألني: لماذا تنادين بابا باسمه؟ لماذا لا تقولين بابا مثلي؟ وشيئًا فشيئًا تريد شراء صالون، مثل غرفة الصالون في المنزل، واقتناء مثلما يوجد بها! (أظن ذلك؛ لأني أبدي اهتمامي بالغرفة من ترتيب وتنظيف، وهذا شيء طبيعي)، ولذلك تبعثرها في وجود أشخاص؛ انتقاماً لما لا تستطيع فعله وهي بمفردها.
أحيانًا تقول لي: "لا أحبك" بسبب عدم استجابتي العمياء لها.
المشكلة الأساسية هي عدم قدرتي على توجيه جمانة للفعل السليم بأي وسيلة لا ترغيب ولا ترهيب أبدًا، وأستطيع القول: إن المشكلة لتدخل أهلي في تربيتها.
1. فهي مع وجود والديّ لا تحبني أبدً..ا بل لا تطيقني ألبتة: تضربني وتشتمني، وتبصق علي (هذا لا تفعله بمفردها)، وتخرب من حولها، وتبعثر وترمي... كنوع من العناد معي، وكأنها تتحرر من كل توجيهاتي لها. وموقفهما معها الاستسلام التام لرغباتها.
2. ومع صخب جمانة الزائد ولعبها المستمر وقلة استجابتها وعنادها، أكلمها.. لا تسمع، أناديها.. لا ترد، أعاقبها.. لا يعني لها (لا تتأثر كثيرًا بالحرمان من شيء) أضربها.. تبكي.. تصرخ بصوت عالٍ جدا جدا جدا.. ولا تكف عنه حتى نمَلّ.. لا أرتاح وترتاح إلا إن استسلمت وتركتها تفعل ما تشاء وما تريد، فإن أبيت إلا تقويمها وركزت عليها وضيقت علها الخناق.. تزيد وبعنف شديد وصخب أكثر وعناد أشد، ولا تستمع لكلام، ولا ترتدع بعقاب؛ مما يزيد التوتر بيننا، وتحزن جمانة حزنًا شديدًا، وتشعر بالظلم، وتقول: أنتم دائماً تضربونني.. ماذا فعلت؟ أنتم تأخذون أغراضي ولا تجلبون لي شيئا؟ (تنسى كل ما فعلت)، وتبكي بمرارة، وتعود للانتقام، ولمزيد من الفوضى والصخب.
حقا أشعر كأنني أنا الجاني السفاح، وأشعر بظلمها وتتوتر أعصابي، وأفكر ماذا عساي أن أفعل؟ وكيف أوجهها التوجيه السليم؟ أعتذر للإطالة، وشكرًا لحسن اهتمامكم..
... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الحبيبة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة لتحيتك الكريمة لنا التي لا أعرف كيف أردها إلا بأن أكون على قدرة الأمانة، وأكون صريحة معك إلى أبعد الحدود؛ انطلاقا من هذه الثقة. وسأدخل معك في الموضوع مباشرة:
يا إلهي.. كيف استطعت يا سيدتي أن توصلي الأمور بينك وبين ابنتك إلى هذا الحد من المشاكل والمشاعر السلبية؟! إنها الحرب الباردة كما يسمونها.. ضرب وصراخ واتهامات من الجانبين.. ما هذا؟
يا سيدتي إن جمانة مجرد طفلة صغيرة، كل ما تريده في الحياة أم تحبها وتفهمها وتفهم مشاعرها وطفولتها، وحضن دافئ يشعرها بالأمان، وصبر وهدوء واستيعاب لتمرد وعناد الطفولة الطبيعية؛ إنها طفلة.
يا سيدتي إنك لا تعملين، ورُزقت بأخ لجمانة بعد 3 سنوات من ولادتها؛ أي أنك كنت متفرغة لها لمدة 3 سنوات، كان من المفروض في خلال هذه السنوات أن تنمو بينكم علاقة من الحب والصداقة قوية جدا.. إنك لا تلعبين معها.. لا تكثرين الحديث معها.. أنت تحبين الهدوء والنظام والانضباط.. أطفلة هذه أم جندي في الجيش عليه السمع والطاعة؟!
إن أجمل ما يضفيه الأطفال على البيت عندما يرزقنا الله بهم هو الحيوية والحياة التي تدب في أركان الغرف الهادئة والساكنة والنظيفة والمرتبة، ولكن رغم كل هدوئها ونظافتها ونظامها تفتقد إلى روح الحياة التي يبثها فيها هؤلاء الصغار، صخب وبكاء وزن ولعب وفوضى.. إنهم الأطفال.
اسمحي لي أن أوضح لك المشكلة.. إن جمانة طفلة طبيعية جدا، تحب اللعب والفوضى والصخب والصوت العالي والزن والإلحاح والعناد.. مثلها مثل كل الأطفال، أما جداها فهما طبيعيان يحبان حفيدتهما، ولا يستطيعان أن يرفضا لها طلبا، ويتمنيان أن يحضرا لها الدنيا كلها.. المشكلة كلها عندك أنت، أنت لم تستطيعي أن تفهمي جمانة، ولم تستوعبي مشاعرها وطفولتها الطبيعية.
يا سيدتي ليس هناك طفل هادئ ومرتب ومنظم ومطيع ومنضبط بالفطرة هكذا وإلا كانت بدايات مرض عقلي أو نفسي.. كل الأطفال فوضويون مزعجون كثيرو الإلحاح والزن والعناد؛ ولهذا كانت الجنة تحت أقدام الأمهات؛ لأنها تتعامل مع هؤلاء المتمردين الصغار بحب وهدوء وصبر حتى تستوعبهم وتوجههم وتربيهم، ولكنك تريدين طفلة سابقة التجهيز، تعلمت وحدها الهدوء والنظام والترتيب، إنك تطلبين من جمانة ما ليس في استطاعتها؛ ولهذا يزداد عنادها وصراخها واستفزازها لك.. ليس لأنها لا تحبك كما تقول هي، ولا لأنها تريد أن تنتقم منك وتستفزك كما تصورت أنت، ولكنها تعبر عما بداخلها من ضغط نفسي وشعور بالحرمان، تصرخ فيك يا أمي أريد حبا وحنانا.. لماذا يا سيدتي لا تشاركينها لعبها وأحلامها وخيالاتها؟! لماذا لا تكونين صديقة؟! لماذا لا تبنين جسورا بينك وبينها، وتستكثرين عليها حب جدَّيْها لها؟!
طبعا نحن ضد التطرف في التربية بنوعيه؛ سواء الصرامة الشديدة أو التسيب الشديد.. ولكن هذا هو بيت الأجداد لكل طفل، إنه مثل قصر الأحلام المسحور.. يتخيلون حين يدخلون أنهم ملوك، كل طلباتهم مجابة.. وهذا أمر طبيعي جدا وصحي جدا.. لأنهم يعطون للأطفال أحيانا ما تعجز الأم عنه بسبب انشغالها والضغوط التي عليها، ولكن الجدود -خاصة أنهم يتعاملون مع الطفل فترات محدودة وليس طوال الوقت- يكون عندهم كل هذا الصبر والحب والتدليل غير المفسد.. والأطفال يحتاجون ذلك.
يا سيدتي، إن تربية الأطفال ليست أمرا سهلا ولا سريعا، ولكنها ممتعة لو فهمناها. إن جمانة تحتاج –مثلا- إلى الصبر والحب والحنان، وأن تشاركيها ألعابها وخيالاتها وأحلامها وتكوني صديقتها.
أي طفل يا سيدتي يمكن أن يتعلم الكمبيوتر في سن 4 سنوات، ويتحكم في الماوس؟! إن هذا أكثر من طاقتها، كيف تحب المذاكرة والحفظ؟ كيف تستطيع أصلا المذاكرة والحفظ؟! إنها طفلة تريد أن تلعب، وتلعب فقط.. ونحن نحاول أن نعلمها هذا الانضباط بهدوء وصبر وتكرار المحاولات مرة بعد مرة.. هكذا التربية.
يا سيدتي.. إن جمانة طفلة طبيعية جدا، وكل ما تفعله يدل على أنها طفلة ذكية ونشيطة، وشخصيتها قوية، وكل هذه صفات جميلة تحتاج منا إلى استيعابها وحسن التعامل معها وليس كسرها وتثبيطها.
أصلحي علاقتك معها قبل فوات الأوان، واستوعبيها وعلميها النظام والنظافة والانضباط، ولكن بهدوء وصبر وإعادة مرات ومرات وبالكلام مرة وباللعب مرة وبالشدة مرة، ولكن ليس بالضرب. تحدثي معها كثيرا، والعبي معها كثيرا، وأشعريها بحبك وحنانك، وثقي أن كثيرا من الأمور ستتحسن وتتغير.
عليك فقط أن تفهمي وتستوعبي أن هذه الطفلة الصغيرة تحبك وتريد حبك وحنانك، ولكنها طفلة، ولا تستطيع أن تكون فتاة ناضجة من الآن، ولكنها بحبك وحنانك وصبرك عليها وفهمك لها ستكون كذلك بعد سنوات وسنوات من الجهد والتعب والصبر.. إنها الجنة تحت أقدامك عندما تكرمين هؤلاء الأطفال وتصبرين عليهم.. واعلمي أنها تكبر وتنضج وتفهم يوما بعد يوم، وستكون كما تحبين لو أحسنت التعامل معها وحبها واستيعابها..
لا تدفعيها للعناد والصراخ والزنّ بكثرة والضغط عليها؛ لأن كل الأطفال عنيدون، يصرون على آرائهم، وعندما يريدون شيئا لا يتنازلون عنه، ودائما لا يشبعون كما تقولين، ولكنّ هناك أم تستطيع التعامل مع هذه المواقف بهدوء وحكمة وصبر، وهناك أم تشعل نار الحرب كما فعلت أنت.. اهدئي واصبري وعلِّمي جمانة كل ما تريدين بهدوء وحب وصبر؛ وستكون قرة عين -بإذن الله- لك.
ـــــــــــــ(103/67)
قهرتني أمي.. فعزفت على أوتار الصمت ... العنوان
ابني -7 سنوات و4 أشهر- عنيد، ولا يسمع الكلام.. يأتي من المدرسة نقول له: يا حبيبي افضح (غيِّر) ملابسك ما يفضحها إلا عند أذان المغرب، لكن إذا عاملناه بالشدة والقوة ينفذ ما نريد، لكن بالأسلوب الطيب لا يسمع، ونفس المشكلة في المذاكرة يجب أن نعامله بالشدة حتى يذاكر.
وعنده التأتأة، والآن تطورت التأتأة بشكل ملحوظ كأنه لا يستطيع الحديث، كيف أتعامل معه؟.. أخشى من تدهور حالته؟ ساعدوني أرجوكم ما الأسلوب الصحيح الذي أتبعه معه؟
كما أرجو تزويدي بأرقام هواتف أستطيع من خلالها محادثة المختصين، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. لك جزيل الشكر أن سمحت لي استشارتك أن أخرج ما بداخلي من غضب لأطفالنا متراكم يحتاج بين الحين والحين إلى شرارة إطلاق؛ فكثيرا ما كان حديثنا أن مشاكل الأطفال ما هي إلا صدى لمشاكلنا.. مشاكلنا الشخصية أحيانًا بما فيها من توترات وضغوط لا نستطيع تفريغها إلا غضبًا وعصبية في أطفالنا، أو لممارستنا التربوية الخاطئة معهم، أو لعدم فهمنا لطبيعة شخصيتهم وخصائص المرحلة العمرية التي يمرون بها.
طفلك يعاند ولا يأتي إلا بالشدة، ولا يأتي بالأسلوب الطيب؛ فماذا فعلت معه؟ لقد ضربتموه حتى تأتأ، وعاملتموه بالشدة والقوة، حتى كأنه لا يستطيع الحديث، ثم تخشون الآن أن تتدهور حالته.
ولا ندري أي تدهور بعد ذلك، بعدما كاد الطفل أن يفقد نطقه، ونحن نرى أنه يأتي بالشدة فيخلع ملابسه ويذاكر، وليس مهمًّا بعد ذلك ما يحدث، المهم أن يسمع الكلام، ويستجيب لما يطلب منه، وهنا نعود لسؤال مبدئي ومهم هو: لماذا نربي أبناءنا؟ هل من أجل أن يسمعوا الكلام ويذاكروا أم من أجل أن يكونوا أسوياء نفسيًّا، متوازنين في مجالات حياتهم المختلفة.. واثقين من أنفسهم؟! نعم، إن طفلك يستجيب لما يطلب منه بالشدة، ولكنك تفقدينه تمامًا كإنسان سوي.
إنه يشعر بالخوف والكراهية نحوك وعدم الأمان وعدم الثقة، وهي الجذور لكل الأزمات النفسية الآن ولاحقًا؛ فالمشاكل النفسية تظهر في الأطفال في صور غير مباشرة، أشهرها وأكثرها شيوعًا هو التأتأة؛ حيث يحتج الطفل على تعرضه للمعاملة السيئة برفض للتواصل والكلام.. إنه يقول بلسان حاله: إنكم مثلما لا تتواصلون معي فأنا لن أتواصل معكم، ولا أريد أن أتحدث معكم.. إنكم تتصورون أنني لا آتي إلا بالشدة وهذا غير صحيح؛ لأنني في الحقيقة آتي بالحوار، والتفاهم، والتشجيع، والحفز، والحنان، والحب، والدفء، والشعور بالأمن والثقة، ولكنني لا أجدها منكم.
إنكم دائمًا متعجلون غاضبون متحفزون، تريدون أن تلقوا بالأوامر ونحن نسمع دون حوار أو مناقشة، وكأننا حجارة بلا روح أو ذات أو شخصية.. إن لي شخصيتي وذاتي التي يجب أن تحترم وتحاور.. من لا يستطيع التفاهم معها أو ليس لديه الوقت والصبر للتعامل معها فلا يدعي أني لا آتي إلا بالشدة؛ لأن هذا غير صحيح؛ لأن الشدة نعم تجعلني أفعل ما تريدون، ولكنها تكسرني وتهزمني وتفقدني الحب لكم، بل وأصبح كارهًا لكل من حولي حتى أفقد الرغبة في الحوار معكم أو الكلام بأي صورة، ويظهر ذلك في صورة التأتأة عسى أن تنتبهوا أو تفيقوا لما تفعلونه بي، ولكنكم تتعاملون مع مشكلة التأتأة على أنها مشكلة منفصلة عن علاقتي بكم وطريقتكم في التعامل معي، بل ويصل الأمر بكم أحيانًا إلى مزيد من القسوة والشدة حتى أنتهي عن التأتأة؛ فتزداد المشكلة تفاقمًا، وأشعر بالغربة أكثر وأكثر منكم.
سيدتي الغاضبة من طفلها المتعجبة من حاله.. أردت أن أضع سبب المشكلة على لسان طفلكم؛ ربما تستوعبون ما فعلتم به، والحل الآن هو الكف تمامًا عن أسلوب الشدة والقوة في التعامل معه، وعدم الانتباه تمامًا لموضوع التأتأة، وعدم التعليق عليه، وبناء علاقة جديدة تقوم على التفاهم والحوار، والنظر إلى إيجابياته وتشجيعها وتحفيزها، والصبر على ذلك مهما أتى من تصرفات قد تبدو مستفزة، وإذا احتجنا للعقاب فلدينا الخصام والحرمان من شيء يحبه، والإبعاد في مكان آمن لوقت محدود، بشرط أن يكون ذلك مناسبًا لما أتى به من خطأ.
والخطأ هو قاعدة تربوية متفق عليها مسبقًا بيننا وبينه مع وضوح الحافز عند التنفيذ والعقوبة عند المخالفة، وتوضيح سبب العقوبة عند توقيعها.. كل ذلك يؤدي إلى عودة ثقة الطفل فيكم أولاً، ثم في نفسه، وعندها سينطلق لسانه؛ لأنه سيجد أنه من المفيد أن يتحاور ويتفاهم.. إنهم هم الأطفال، ونحن المسئولون عن التفاهم معهم من أجل أن يكونوا أسوياء متفاعلين، وليسوا من أجل أن يكونوا آلات منفذة للأوامر أو آلات للمذاكرة والتحصيل، وعودة لمشكلتنا:
-ازرع الثقة في طفلك تجد عجبا
ـــــــــــــ(103/68)
من يجفف ملابس طفلتي؟ ... العنوان
ابنتي -4 سنوات- من عمرها، وقد عانيت معها لتدريبها على الذهاب إلى الحمام وقضيت فترة 5 أشهر تقريبًا إلى أن تحسنت وتدربت على ذلك، ولكنها انتكست في الفترة الأخيرة وأصبحت تتبول على نفسها دائمًا ليلاً ونهارًا، مع العلم أنها تتبول نصف الكمية، ثم تذهب إلى الحمام وأحيانًا لا تستطيع الصبر إلى أن تذهب لتكمل في الحمام، وقد جرّبت معها التشجيع والضرب والعقاب، ولكن لا فائدة. فأرجو إفادتي؛ لأنني متضايقة جدًّا من هذا الموضوع علمًا بأني بدأت تدريبها من عمر سنتين وشهر. ... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة مرحبًا بك، وقبل أن أبدأ بالرد على سؤالك أحب أن أقول لك إني أشعر بما يعتمل داخلك من القلق على ابنتك، فأبناؤنا كما قال الشاعر حطان بن المعلى:
لو مرّت الريح على بعضهم*****لامتنعت عيني عن الغمض
ولذا سأحاول جاهدة أن تكفيك إجابتي فيما يرد لك فيها من معلومات للوصول للحل الأمثل لمشكلة حبيبتك، بارك الله لك فيها.
وقد لاحظت في المعلومات التي وردت في سؤالك أن زوجك الفاضل طبيب وهو ما سيسهل عليك إن شاء الله تعالى تطبيق ما أنصحك به، واستشارته للوضع الأمثل لتنفيذه، وقبل أن أورد لك ما لديّ فسأوجه لك بعض الأسئلة التي آمل ألا تتكاسلي عن الرد عليها كي يمكن لنا الجزم بالمشكلة بشكل حاسم:
1- هل حافظت الابنة بعد تدريبها على الالتزام بالنظافة -الإخراج في المكان المخصص- لمدة ستة أشهر كاملة متتالية، حيث لم يتضح جيدًا من سؤالك هذه الجزئية؟
2- هل تتحكم في التبرز بشكل جيد؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي فكم من الوقت التزمت فيه بهذا الأمر؟
3- هل لديها التهابات في مجاري البول.. وهو ما يحتاج لكشفه لإجراء فحص طبي؟
4- هل أجريت لها تحليل بول للتأكد من خلوه من الميكروبات؟ وماذا كانت نتيجته؟
5- هل أجريت لها تحليل سكر صائم؟ ماذا كانت نتيجته؟
6- هل تشعر الابنة باستمرار بالعطش؟
7- هل مرضت أي أمراض بالجهاز البولي؟ ما هي؟
8- هل هناك في العائلة من يعاني من التبول اللاإرادي؟
9- هل تتعمد التبول على ملابسها أم لا تستطيع السيطرة على الأمر؟
10- هل أجريت قياس لكمية البول في 24 ساعة مع قياس الكثافة النوعية في البول؟ ماذا كانت نتيجته؟
بإجابتك على الأسئلة السابقة وإجراء ما سبق من فحوص وموافاتنا بنتائجها أو حتى إرسال هذه النتائج لنا نستطيع أن ننصحك بشكل دقيق للخطوة التالية، وحتى ذلك الحين إليك النصائح التالية:
1- لا بد من الصبر على الابنة والتعامل معها برفق، فربما كانت تعاني مشكلة عضوية تسبب لها ما تعانيه، فلا داعي للقسوة التي لن تفيد، سواء كان السبب عضويًّا أو غيره، وربما سببت مشاكل أكثر تعقيدًا.
2- لا بد من إعادة تدريبها مرة أخرى بطريقة لطيفة وحنونة، مع اجتناب الضرب والعقاب نهائيًّا واستخدام المكافأة، وما يسمّى بجدول الحافز الذي تعلِّم فيه (تضع علامات) على كل يوم بعدد من النجوم مثلاً بحسب التزامها بالأمر، ومع حصد عدد معين من النجوم تحصل على مكافأة تتزايد بزيادة عدد النجوم، ولا تحصل على شيء بحصد عدد من النجوم أقل من 5 نجوم مثلاً على مدار الأسبوع.
3- لا بد من الحديث معها برفق عن أن الأمر يشوِّه رائحتها، ويقلل من فرص خروجكم للنزهة، والأفضل أن تجتنبه وأن تبادر بالذهاب للحمام بمجرد الشعور بالرغبة في ذلك ودون الصبر حتى تنهي اللعب مثلاً أو غيره، ويجب أن تعاونيها على ذلك بأن تدفعيها للحمام لإفراغ مثانتها من وقت لآخر.
4- يمكنك تدريبها في أثناء التبول نفسه على أن تمنع البول وتخرجه وتمنعه وتخرجه مرات متتالية، بحيث تقوي عضلات التحكم بهذا التدريب فتزيد قدرتها تدريجيًّا على التحكم في البول.
5- قد تكون انتكاسة الابنة (كما تصفينها) ليست هي المشكلة بقدر ما تعكس من مشكلات مستترة لدى الابنة كإحساسها بالعجز أو القهر داخل الأسرة، أو شعورها بالمعاناة من سيطرة الأم أو الأب، ومعاملتهما التسلطية أو رغبتها في جذب الاهتمام الذي تحتاجه ولو عن طريق الاستفزاز؛ لذا فلا بد من إشعارها بالاهتمام والحب، ومعاملتها بهدوء ورفق، واجتناب الضرب تمامًا في التعامل معها بشكل عام، وإحاطتها بجو ممتع من الحنان الذي يعبّر عنه الربت والتمليس على الشعر والاحتضان، والتبسم عند الحديث معها، وتخصيص وقت لها –وليكن وقت متابعتك لبرنامج تلفزيوني مثلاً– لإجلاسها على رجليك والهمس في أذنيها بأنها جميلة وأنك تحبينها، وهدهدتها وربما (زغزغتها) لتضحك ملء فيها، وتسعد في حضنك وبالقرب منك فتطمئن نفسها تدريجيًّا، ويتحسن أداؤها وتفاعلها مع الحياة بشكل عام ناهيك عن التطور فيما تشكين منه.
وبعد هذه النصائح أعرض لك بعض المعلومات التي ستمكنك ربما تمكنك بشكل أفضل من تحديد حالة ابنتك استعدادًا لاتخاذ خطوات أكثر دقة لعلاج الحالة:
عدم التحكم في البول له نوعان:
الأولى:
وهو ما يكون في الأغلب له سبب عضوي، وهو ما يحكم به إذا كان الطفل لم يتحكم في الإخراج أبدًا أو لم يكمل 6 أشهر متحكمًا في الإخراج بعد سن التحكم (2.5 – 3 سنوات)، وهو عرض قابل للعلاج، ولكنه يحتاج لعدة فحوص.
الثانوي:
وهو ما يحكم به إذا كان الطفل قد أمضى 6 أشهر بعد سن التحكم متحكمًا تمامًا في الإخراج، ثم طرأت عليه هذه الحالة، نتيجة لضغوط نفسية مثلاً أو حادث ما، وهنا يجب استبعاد أي سبب عضوي، وذلك بإجراء تحليلات وفحوص للتأكد من ذلك، وللجزم بأن الحالة ثانوية.
ويكون علاج هذه الحالة علاجًا نفسيًّا مع متخصص طالما تم التأكد من خلوه من الأسباب العضوية، ويدخل في هذا العلاج إعادة تدريب الطفل على الإخراج مرة أخرى لإعادة تمرين العضلة مرة أخرى كما سبق وذكرنا.
أختي الحبيبة.. أنا من الآن في انتظار متابعتك بالرد على أسئلتنا، وآمل ألا تتأخر كي نتمكن من حل المشكلة معًا سريعًا، والوصول لنتائج طيبة وملموسة إن شاء الله عز وجل، وحتى أتلقى ردك أتمنى لك كل التوفيق مع أبنائك، والسداد في تربيتهم على خير وجه.
ـــــــــــــ(103/69)
خوف الأطفال الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه ... العنوان
ابني عمره 4 سنوات يحكي ويتكلم في البيت، ولكن مع الغرباء والجيران والأصدقاء لا يتكلم، ولا حتى يجيب عن أسئلتهم حتى عن اسمه.
وقد لاحظت ذلك منذ أن كان عمره سنتان ونصف، ولكن كنت أظن أنه ما زال صغيرًا. فمثلاً ابن جارنا قمت بإحضاره إلى بيتي لمدة أسبوعين ولمدة طويلة حتى تعوّد عليه، وأصبح يتكلم ويتحاور معه. بالتالي فهو لا يتحدث مع الناس الذين يزورونا ونزورهم من حين لآخر ولا الجيران ولا أحد؛ فما الحل؛ لأنه على أبواب دخول الحضانة التحضيرية؟ مع العلم أنني حاولت كثيرًا إقناعه وتشجيعه ليتكلم مع الآخرين عن طريق القصص والأمثلة، وكيف سنستمتع بالتحدث مع الآخرين، حتى إنني جرّبت المكافأة إذا تحدث أو قال كلمة لشخص ما، مع العلم أنه خجول جدًّا؟
أما المشكلة الثانية فهو أنه يخاف من كل شيء تقريبًا؛ فمثلا يخاف من الحلاق لدرجة حالة هيستيريا، ولا يقبل من أبيه أن يحلق له، وإذا أردنا أن نخفف من كثافة شعره فيجب على أحدنا أن يمسكه بقوة والآخر يقص.
وكل هذا أنه عندما كان عمره سنتين ونصفا خدشه أبوه في أذنه بالمقص، وكانت خدشة مثل الإبرة؛ فمنذ ذلك الوقت حتى الآن لا يزال يخاف من الحلاقة بالرغم من الشرح والقصص والمكافآت.
إذا واجه ابني ألمًا في شيء ما فإنه لا يقبل على ذلك الشيء مهما كانت الظروف. فمرة غسلت شعره بالشامبو العادي (أي أنه يدمع العينين)، فبكى كثيرًا، ومنذ ذلك الوقت أصبحت أستخدم شامبو لا يسبب الدموع.
للأسف منذ ذلك اليوم الذي آلمته عيناه يرفض بشدة أن يغسل رأسه، وعندما أغسله يبكي ويصرخ بشدة، بالرغم من أنني أفهمته كم من مرة أن هذا شامبو لا يفعل شيئًا لكن دون جدوى.
واستمرت هذه الحالة مدة سنة، حتى إنني أصبحت أكره ساعة حمومه بسبب ما يفعله في الحمام، لكن قبل شهر فقط فهم واستوعب من نفسه حقيقة أن هذا شامبو لا يفعل شيئًا.
ابني هكذا في كل شيء.. حتى اللعب مع الأطفال.. إذا ضربه أحد الأطفال حتى بصورة غير متعمدة؛ فلن يلعب معه أبدًا خوفًا منه.
المعذرة على الإطالة فلا أحد أشكو له مشاكلي إلا الله سبحانه وتعالى ثم أنتم. شكرًا جزيلاً. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أختي الفاضلة، ومرحبًا بولدك الحبيب، وأول ما أبدأ به كلامي معك هو أن أقول لك: لا تفزعي هكذا، ولا تسمي ما ذكرتِه عن ابنك مشاكل؛ فالأمر هيِّن فاهدئي واطمئني، وتأكدي أنه لا داعي للقلق في التعامل مع مشكلات أبنائنا؛ كي لا يزيد هذا القلق والتوتر من تعقيد المشكلة وتأصيلها مع الأبناء، وبعد أن تهدئي تمامًا.. تعالي معي لننتقل بين السطور التالية سويًّا لنقترب أكثر من مشكلة ابنك.
في سؤالك يا سيدتي أشرت إلى أن ابنك:
1 - خجول ويفقد إمكانياته أمام الآخرين.
2 - يخاف من كل شيء (على حد تعبيرك).
3 - يتهرب من العلاقات الاجتماعية، ويتجنب الألعاب الجماعية التي تقتضي نشاطًا مشتركًا.
ونظرًا لأنني أشخّص الحالة دون رؤية الطفل والتعامل معه عن قرب؛ فاسمحي لي أن أوجّه لك بعض الأسئلة في نهاية الإجابة أحتاج بشدة لإجابتك عليها؛ لمزيد من الدقة في فهم الأسباب، ومن ثَم تقديم الإرشاد المناسب.
فقد ترجّح الظواهر التي يعاني منها ابنك كفة الجزم بأن ما لديه هو ما يطلق عليه (خوف اجتماعي – رهاب - أو SOCIAL PHOPIA)، ولكن -كما سبق أن أشرت لك- أنه في ضوء التفاصيل القليلة التي ذكرتها؛ فما نستطيع فعله هو أن نحاول الاقتراب من أسباب هذا الأمر بوضع افتراضات لها:
- الافتراض الأول:
نشأة الطفل في جو يتسم بالحماية الزائدة والخوف عليه من كل شيء، وهو ما يطلق عليه OVER PROTECTIVE ENVIROMENT حيث يصدّ لديه -وعنه- كل محاولة للاستقلال أو التجربة؛ وهو ما يجعله في موضع الضعيف أو العاجز دائمًا ويحبط تطلعاته، وليس بالضرورة أن يكون هذا ما يحدث الآن، بل ربما كان يحدث سالفًا وهو ما أدى لهذه النتيجة الآن.
- الافتراض الثاني:
وجود تقييد مبكر لانطلاق الولد في الفترة الممتدة بين عمر السنة والسنتين؛ حفاظًا على نظافة المنزل مثلاً أو هدوئه؛ ففي هذا العمر يكون لدى الطفل ميل شديد نحو الاستكشاف مع تطور قدرته على المشي؛ فهو يستكشف بلا انقطاع نفسه وما حوله، وهذا الاستكشاف المستمر الذي يكسر فيه وينطلق ويخرب الأشياء لا يقتصر دوره على صرف الطاقة الحيوية الهائلة لديه فقط، بل إنه يبني أيضًا ثقته بنفسه في هذه السن؛ إذ يتعلم الاعتماد على مؤهلاته من المشي، والجري، والتسلق، والقفز، واللعب، والنطق، وغيرها...، وإذا ما أعطي الإمكانية لهذا الانطلاق أمكنه أن يكتسب الثقة بنفسه، أما إذا اعترض طريقه سيل (اللاءات) أو التحريمات الذميم الذي يكبل انطلاقته فإن شعورًا بالشك حيال إمكانياته يبدأ في التغلغل في نفسه ليدمر روح المبادرة لديه.
- الافتراض الثالث:
الاستهزاء بالطفل أو التعامل مع فشله بسخرية أو استنكار، في حين أن الأولى والأكثر بناء للطفل تربويًّا إتاحة الفرصة للطفل لاكتشاف سبب الخطأ لتوجيهه ليتفاداه، وتشجيعه على محاولة جديدة، وهو ما يسمى بفن استثمار المشاكل.
- الافتراض الرابع:
وهو ما يقع فيه العديد من الآباء؛ إذ يغذيان خجل أبنائهما بمطالبته بما ليس بطاقته أمام الناس؛ بمعنى آخر إرهاق الطفل ومحاصرته لإظهار براعته وقدراته أمام الناس تباهيًا به، وهو ما ينشأ عنه نفور يملأ نفس الطفل من المجتمع، وخوف من مواجهته.
- الافتراض الخامس:
ولادة أخ أو أخت للطفل يسبب ظهوره في محيط الأسرة انصراف الاهتمام عنه؛ فيحاول لفت النظر إليه بهذا الخجل.
- الافتراض السادس:
شعور الطفل بقلق الانفصال عن شيء معين أو مكان معين أو شخص معين أو توهمه بأنه سيقع له أذى بالانفصال عمن يشعر معهم بالأمان -وأقصد الأسرة أو أحد أفرادها-، وقد يكون سبب هذا القلق هو تعرضه لصدمة فقد عزيز لديه فعلاً أو خوفه من ذلك، وهو ما يسمى بـ"خوف الانفصال":SEPARATION ANXIETY
ولعلّ معرفتنا للسبب يمنحك القدرة على تفاديه فيما بعد مع الطفل ومع من يليه من أبناء كي لا يتكرر الأمر.
ولكي نتأكد من حالة الطفل لا بد من الإجابة على الأسئلة الآتية:
1- هل خوف الطفل مصحوب بألم في بطنه أو ازدياد في ضربات قلبه أو عرق؟
2- هل ينام بشكل طبيعي، ويأخذ قسطًا كافيًا من النوم والراحة؟
3- هل لديه تأخر في أي وظيفة (تحكم في الإخراج أو غيره)، وهو ما يتوفر في أقرانه؟ وهل تأخر عن الطبيعي في الاستجابة لأي مطلب من متطلبات النمو (نطق - مشي - تحكم... إلخ)؟
4- هل يوجد حوله علاقات اجتماعية طبيعية للأسرة لأشخاص يتكلمون نفس اللغة؛ حيث ورد في سؤالك أنكم مغتربون في ماليزيا، وربما كان لتغيير البيئة والوجوه والأصدقاء أثره في حالة ابنك؟
5- هل تزامنت هذه الأعراض مع تغييركم للبيئة بالانتقال للإقامة في مكان آخر أو فقدان عزيز لديه؟
6- متى تحكّم في الإخراج تمامًا؟
7 - هل يمارس رياضة أو هواية؟ هل عنده هوايات أو ألعاب يحب ممارستها؟
8- هل تركيزه جيد أم لا؟
9- كيف يقضي وقته؟
وحتى تجيبي لي على هذه الأسئلة سأوجّه لك بعض النصائح التي يجب عليك اتباعها في التعامل مع ولدك إزاء ما وصفته من أعراض الخوف والخجل:
1- يجب عدم إجبار الطفل على التعرض لما يسبب له الخوف، ويجب عدم إظهار الإصرار على ذلك للطفل كي لا يزيد الخوف لديه، بل ينبغي إشعاره بالأمان منه، وعدم الغدر في الوفاء بهذا الأمان.
2- يمكن تعريضه بشكل تدريجي ولفترة قليلة للمؤثر الذي يخيفه وبدون "قوة" كما ذكرت ولفترات بسيطة، وقد لمست بنفسك تحسن حالته مع استخدام الشامبو حينما اكتشف بنفسه أنه لا يؤذي؛ معنى هذا أن كل ما يحتاجه للفهم والتغلب على مخاوفه هو وقت؛ فامنحيه هذا الوقت.
ويتم هذا التدرج بأن نجرّب هذا الأمر مع دميته، وليكن قص الشعر هو المثل الذي نستخدمه؛ فنبدأ في إظهار أن الأمر لا يسبب أذى ولا نلمس الوجه أصلاً، واجعليه يفعل ذلك بنفسه، وبعد مرة أو أكثر يمكن أن تقصي خصلة من شعرك أمامه، وحثيه أن يفعل هو ذلك لك أو لنفسه أو لوالده بحرص؛ بحيث يعلم أن الأمر لا يؤذي ولا يؤلم، ثم جرّبي القص له بهدوء -والحظي استخدامي لـ(ثم) التي تفيد التراخي بين كل خطوة وأخرى- حتى تنتهي إلى قبوله بالأمر ودون ضغط منك أو خوف منه وربما استغرق الأمر شهورًا.
3 - يجب عدم الشكوى منه أو انتقاده أمام الآخرين ولو حتى من قبيل استفزازه ليتكلم معهم أو غير ذلك.
4 - يجب محاولة تعريضه للحياة الاجتماعية خطوة بخطوة، وإظهار السعادة له ولو على القليل من الاستجابة لهذا التفاعل، ومدح تطوره لحثّه على المزيد، والإكثار من التباهي به أمام الآخرين، وتجنب محاصرته بالأسئلة أو بضرورة الرد عليها، فلو أبى أن يجيب على سؤال أحد بادري بالدفاع عنه أمام هذا الشخص بأنه استيقظ لتوِّه من النوم أو يريد أن يأكل ليتقوى قليلاً، أو غير ذلك مما لا يزيد المسألة تعقيدًا، ويجعل الزائر لا يتبرع بقول (أنا زعلان منك) أو غير ذلك مما يسهم في تعقيد الحالة والإمعان في إضعاف ثقته بنفسه، فمثل ولدك شديد الحساسية لآراء الآخرين فيه وسريع العطب أمامها؛ فانتقاد خجله لن يزيده إلا خجلاً، وشعوره بتفهم الوالدين له ولخجله سيشكل أفضل تشجيع له للتغلب على هذا الخجل.
5 - لا بد من إتاحة الفرصة لولدك للتعبير عن نفسه بوسائل شتى ليتوثق بذلك علاقاته بالمحيط الخارجي وذلك بالرسم أو اللعب بالصلصال والمكعبات، والرياضة التي تكسب البدن مرونة تنعكس على النفس فتسهل تفاعلها مع المحيط الاجتماعي، كما ستتيح له فرصة الاندماج مع آخرين بشكل عفوي طبيعي مما يساعد على تأمين شروط النمو السوي بشكل عام وتفادي الخجل بشكل خاص.
أختي الحبيبة.. إن مكافحة الخجل تكون أصلاً بالثقة في الطفل وبما يحمل من قدرات وطاقات، حتى وإن كانت لا تزال تتلمس طريقها وتتعثر في انطلاقها العفوي، فهذه الثقة بالطفل وبنمط الحياة الذي يمثله ويعد به خير دعامة لدعم ثقته بنفسه، وخير محرر له من قيود الخجل، وقبل أن أقول لك وداعًا.. أوصيك بضرورة الرد على الأسئلة التي أوردتها لك لننصحك بالخطوات التالية والدقيقة للتعامل مع ولدك الحبيب.
ـــــــــــــ(103/70)
تحذير هام: العادة السرية فخ ... العنوان
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أنا أم لطفلة عمرها 6 سنوات، أعاني من مشكلة عظيمة جدا، ولكني أجد حرجًا شديدًا في عرضها على أي طبيب، ولكن ثقتي الشديدة في علمكم جعلتني أتجرأ على عرض هذه المشكلة عليكم، وأرجو أن أجد عندكم متسعًا من الوقت للرد على رسالتي هذه، وجزاكم الله خيرا.
أما المشكلة فهي أن ابنتي هذه عندما كانت في سن صغيرة جدا كانت تأتي بحركات لا أفهمها أنا ولا المحيطون بنا؛ حيث إنها كانت تنام على وجهها على أي وسادة أو ما شابه ذلك، وتبدأ في الحركة. ورغم عدم فهمي في البداية فإني كنت أحاول أن أصرفها عن هذه الحركة، ومع استمرارها بدأت أنهرها بالكلام، ثم بعد ذلك بدأت أضربها، ومع استمرار هذه الحركة بدأت أبحث في الكتب عن هذه الحركة؛ لحرجي من أن أسأل، وقرأت عن العادة السرية لدى الأطفال، ومن هذه القراءة علمت أني قد تصرفت معها بطريقة خاطئة، ومع استمرارها في هذا الموضوع لا أعلم كيف أتصرف معها الآن، وقد وصلت إلى هذه السن، وتفهم أنه شيء خطأ، وتحاول ألا يراها أحد وهي تقوم به. وأرجو أن توضح لي آثار هذا عليها مستقبلا، وكيف أصرفها عنه الآن؟ وجزاك الله عنى خيرا. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأخت الحبيبة، وفي البداية لا يسعني إلا أن أشكرك على ثقتك الغالية، وهيا بنا نقتحم المشكلة سريعا لنروي ظمأك للنصيحة السديدة فيما يخص أمر هذه المشكلة.
وفي الحقيقة فإن مشكلة ابنتك مما تم تناوله بوفرة على صفحتنا في معالجات سابقة عديدة، ولكن ما استوقفني في سؤالك أمران استحقا أن نتناول الموضوع من مدخل آخر، وهذان الأمران هما:
-استخدامك للقسوة مع الابنة -كما ذكرت- في محاولة لعلاج هذا السلوك لديها.
-اطلاعك ووفرة معلوماتك الناشئة عن القراءة في هذا الأمر.
وبالتالي فستكون نصائحي لك للتعامل مع هذا الأمر مكللة بنصيحة رئيسية، وهي ضرورة إيجاد علاقة حميمة بينك وبين ابنتك؛ بمعنى صداقة قوية تدعمها النظرات الحنونة والبسمات الصافية والالتفات الكامل إليها عند رغبتها في الحديث، والربت عليها بحنان، ومداعبة شعرها بلطف، فضلا عن تخصيص أوقات لها تدور معها فيها الحوارات، وتعبر لك فيها عن نفسها، وتسمعين عنها وعن يومياتها ومغامراتها والبسمة على شفتيك.
وربما تشاركينها في هذا الوقت لعبة تحبها كمكعبات أو صلصال، أو تمثلين لها بالعرائس، أو تحكين لها قصة، وهذا بشكل يومي، بخلاف الجلسة الأسرية الدافئة التي تجمعها مع باقي أعضاء الأسرة على وجبة العشاء، أو لمتابعة برنامج محبب، أو للاتفاق على قضاء عطلة نهاية الأسبوع أو غير ذلك؛ فتحسين علاقتك بها والترابط الحميم بينك وبينها نقطة أساسية قبل أن نكتب كلمة واحدة في إطار النصائح.
ولعلك توصلت من خلال اطلاعك إلى الحقائق التالية:
-من الطبيعي أن يكون لدى الأطفال من 2-9 سنوات ما يسمى بـ sexual interest
وهو مصطلح يعبر عن اهتمام الأطفال في هذا العمر باستكشاف أعضائهم وأجسامهم، وخاصة الأجزاء المغطاة من هذا الجسم، ومعرفة الفروق بين الجنسين وأسبابها، وتزيد بهذا الصدد أسئلتهم، وقد تكثر ألعابهم التي يطلق عليهاsexual games (ألعاب جنسية) مثل لعبة الطبيب والمريض مثلا؛ حيث تتاح لهم فيها إمكانية كشف المغطى من أجسام أقرانهم لاستطلاعها وتلمسها.
- غالبا ما تختفي هذه الظواهر لدى البنات بعد سن المدرسة أو سن 6 سنوات؛ حيث تحدث حالة خمول لهذه الأمور، وتبدأ علامات الحياء تظهر على الطفلة، أما الذكور فقد يستمر الأمر لديهم لفترة أطول.
- التوتر والقلق في التعامل مع مشكلات الأطفال ينعكس على الأطفال، ويؤثر سلبا على استجابتهم لأي محاولة للعلاج.
- التعامل السيئ مع أي عرض يمكن أن يحوله لمرض، والتعامل مع الطفل على أنه مختلف أو غير طبيعي يمكن أن يؤصل المشكلة لديه، ويزيدها تعقيدا، ويصنع مشكلة من لا شيء.
وكون الأمر طبيعيا لا يعني التعامل معه بلامبالاة وعدم اتخاذ إجراء بشأنه.. بل ينبغي التدقيق في التعامل معه، ومحاولة الحد من تطوره، وخصوصا أنك تؤكدين أن هذه التصرفات تتكرر، وتحرص الابنة على الاختفاء عن الأنظار أثناء ممارستها؛ مما يتطلب منك اتباع الآتي:
أولا: الحرص على توخي الحذر من أن تقع عينا الطفلة على مشاهد مخلة، ولو بالخطأ في التلفاز أو الفضائيات أو مجلة ما؛ فتعرُّضها لأي من هذه المثيرات يدخل تحت ما يطلق عليه "التحرش الجنسي"، كما سبق أن شرحنا في استشارة (التحرش..ماذا يعني؟) وهو ما لا تحمد عقباه.
ثانيا: لا بد من التأكد من عدم وجود داعٍ عضوي للحكة، كالتهاب أو غيره، ويمكن ذلك بالسؤال بهدوء عما إذا كان هناك ما يؤلمها في أي جزء من جسمها؛ بحيث يكون الكلام جاذبا لبعضه بعضا، أو بعرضها على طبيبة؛ وهو ما لا أحبذه حاليا إذا ما أمكن التأكد من ذلك بسؤالها شخصيا.
ثالثا: لا بد من قطع تركيزها باستمرار -بدون زجر أو نهر- عندما تبدو عليها نيتها للاختلاء بنفسها لممارسة هذا السلوك، والحرص على منعها دائما من الحصول على فرصة الخلوة بنفسها؛ وذلك بتوفير ما يسعدها من أنشطة أو قراءات تمارسانها سويا، كما سبق أن أشرنا، أو إشراكها معك في المطبخ في أي عمل يسعدها المشاركة فيه، ويجعلها باستمرار في رفقتك وتحت ملاحظتك.
وعند نومها يمكنك أن تقترحي عليها قصة جميلة تحكينها لها؛ بحيث تنتهي منها، وقد غرقت في النوم؛ فلا تتاح لها الفرصة للانفراد بنفسها.
وإذا كانت رعاية البيت تستغرق جزءا كبيرا من وقتك؛ فاجعلي الأولوية لرعاية طفلتك؛ فمشكلة ابنتك لها أولوية كبيرة في الوقت الحالي تجعل لها الحق في الحصول على اهتمامك، ومحاولتك للتنسيق والتوفيق؛ بحيث لا تتاح للابنة أدنى فرصة للخلوة، وإن حدث فتحت إشرافك؛ كأن ترسلينها لحجرتها؛ لتلون رسما معينا، ثم تأتي لك لتقيميه وهكذا، وأعتقد أني في غنى عن أن أقول لك: إنه لا داعي لإشعارها بتعمدك عدم إتاحة الفرصة لها على الخلوة، ولا تنسي أنها أذكى مما تتصورين.
رابعا: لا بد من أن تشبعي فضولها بإشعارك لها أنك على استعداد لتوفير كل إجابة عن أي سؤال يخطر ببالها، ومارسي ذلك بالفعل؛ فأجيبي عن أسئلتها دون تفاصيل مثيرة لمزيد من الفضول، وفي نفس الوقت بشكل مشبع لفضولها، واربطي باستمرار أي حديث لك عن التعامل مع هذه المناطق الحساسة من جسدها بالنظافة والصحة والرائحة الطيبة، وأن المؤمن نظيف، والفتاة المسلمة الجميلة رائحتها طيبة، وتحرص على سلامة صحتها... إلخ.
خامسا: يجب تعليمها قواعد النظافة الشخصية، وضرورة الحفاظ على نظافة يديها دائما، وخصوصا مع الوجبات وتناول الطعام، ولفت نظرها إلى خصوصية هذا المكان الحساس من جسدها، ووجوب غسل اليدين جيدا بعد دخول الحمام أو لمسه بأي صورة من الصور. وكذلك يجب افتعال ربط إصابتها بالمرض بإساءة تطبيقها لهذه القواعد، وتوعيتها بأن هذا المكان قد ينقل الأمراض أو يسبب الرائحة الكريهة كما سبق أن أسلفنا.
ولا بد من إقناعها بشكل غير مباشر بأن الاحتكاك واللمس قد يسببان لها أمراضا تؤدي بها إلى تناول أدوية غير محببة الطعم، وملازمة الفراش وعدم التمكن من اللعب والجري، ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبها لربطها بالأمر، كأن يقال لها: "أرأيتِ.. لا بد أنكِ لم تلتزمي بقواعد النظافة والصحة، ولم تسمعي كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسلي يديك جيدا بعد التعامل مع هذا المكان".
سادسا: ينبغي أن يكون التعامل مع الطفلة بعيدا عن الأوامر الكثيرة والصارمة؛ فكثرة الأوامر ستسبب لها الملل والرغبة في التخلص من هذه الأجواء غير المرغوبة لها بتنفيذ ما تريده في الخفاء بعيدا عن الأوامر، والخفاء يعني الظلام، والظلام هو الضلال.. فاحذري يا أختي كثرة الأوامر والنواهي وسوء توجيهها.
سابعا: لا بد من حثها على ممارسة هواية معينة أو رياضة تتفوق فيها وتقضي بها وقت فراغها، ولا مانع من ممارستها في أيام الدراسة بشكل مخفف، وكذلك تعويدها على ترتيب غرفتها وتقييم تطورها في هذه الأعمال مثلا، ثم مكافأتها عليها لشغلها بها ومحاولة التقدم فيها.
ثامنا: حاولي البدء بجد في تحفيظها القرآن وتفسيره لها وربطها بآياته، واستخدام قصص الأنبياء والسيرة النبوية المناسبة لسنها لربطها بمعان سامية تساهم في تكوين ضميرها، مثل مراقبة الله لنا ومعاونته لنا كما حدث مع سيدنا يونس، وإخراجه ليوسف من البئر المظلمة، لكنه كان يراه فيه؛ فهو سبحانه يرانا دائما حتى لو نامت عنا كل العيون... إلخ.
أختي الحبيبة: أختم معك الحديث بقول الله تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} فاستعيني يا سيدتي بالله تعالى على أمر ابنتك الحبيبة وتربيتها وستكلل جهودك بالتوفيق إن شاء الله. فما كان الله ليضيع أجر من أحسن عملا، وأكرر: إنني بانتظار أي تعقيب أو ملاحظات أو مزيد من الاستفسارات، وبالطبع الأخبار السعيدة.
ـــــــــــــ(103/71)
ابني في رحلة للاستكشاف ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. لا أعرف إن كانت هذه مشكلة أم أنا متوهمة. ابني (5 سنوات) لديه عادة النوم على بطنه كثيرًا، وأشعر بأنه يشعر بشيء؛ لأنه يحاول الحركة، أي أنه يشعر بشيء عن طريق الاحتكاك، فأرجو أن تبينوا لي إذا ما كان في هذا العمر لديه تلك الإحساسات الجنسية أو أن هذا أمر عادي؛ لأني عندما أراه يجنّ جنوني، وأكاد أجن من كثرة التفكير في هذا الموضوع .
لقد بدأت تلك العادة منذ كان عمره سنة تقريبًا، وعندها كان لا يزال يستعمل الحفاظ، أي أنه كان يوجد عازل، ورغم ذلك كان يحكّ، وأحيانًا يضع وسادة تحته، لكن لم يكن الأمر بشكل مستمر يعني كل يومين أو يوم ويوم، وأحيانًا أجده بعدها نائمًا وهو شديد العرق وإذا سألته ماذا تفعل؟ يقول: لا شيء.
أحاول أن ألهيه، وأن أكون معه في كل الأوقات، ولكن يجب أن أقوم بأعمال المنزل والاهتمام بأمور الزوج والبيت. وللعلم فإن هذه السنة سنته الأولى في المدرسة، وهو لا يعاني من أي مشكلة، وهو سعيد ومدلّل، وكل ما يطلبه يحضر له مثل إخوته ، لكني أشعر بغيرته الشديدة بعد مجيء أخوه الذي يصغره بسنتين ، ولكنه يحبه كثيرًا.
لا أعرف ماذا أكتب أكثر؟ هذا ما استطعت كتابته. إني حائرة ماذا أفعل.. ترد في بالي خواطر وأخاف منها ، وإن كان هناك مشكلة ساعدوني على حلها بالطرق الصحيحة، طمئنوا قلبي جزاكم الله خيرًا ، والسلام عليكم ورحمة الله. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الحبيبة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك معنا يا رفيقة الدرب الطويل المسمَّى بالتربية التي ندعو الله عز وجل أن يستمر في إثراء موازيننا بالحسنات والصدقات الجارية حتى بعد انتهاء آجالنا، وعسانا نستأنس ببعضنا البعض في هذا الطريق، فالرفيق يهوِّن طول ووحشة الطريق.
ودعينا نقتحم خوفك دون استرسال في المقدمات، فنبدأ بالرد على سؤالك ما إذا كان ما تَصِفينه من سلوك ولدك يشكل مشكلة أم أنك واهمة؟
وهنا أحب أن أؤكد على حقيقة هامة أن الطفل من يوم الولادة وحتى عمر الثلاث سنوات يشعر بشعور غريب عند ملامسة أعضائه التناسلية، حتى إنه يبتسم لأمه وهي تغير له مثلاً، لكن هذا الشعور الغريب لا علاقة له باللذة الجنسية المعروفة لدى الكبار، ولا يدفع إليه أي ميول جنسي، وبالتالي فمحاولة الطفل لاكتشاف نفسه أو العبث بأعضائه ليس إلا سلوكًا ينبغي صرف انتباهه عن فعله وتوعيته بقواعد التعامل مع هذا الجزء من الجسد، كما فصّلنا في معالجات سابقة يمكنك الاطلاع عليها بالنقر على الوصلات التالية:
- هل هناك إثارة جنسية عند الأطفال؟
- نمو الأطفال الجنسي.. كيف نتعامل معه؟
-الدلالات الجنسية.. هل يعرفها الأطفال؟
ومن مطالعة الاستشارات فستجدين أن من الطبيعي أن يكون لدى الأطفال من (2 - 9 سنوات) ما يسمّى sexual interest ، وهو مصطلح يعبّر عن اهتمام الأطفال في هذا العمر باستكشاف أعضائهم وأجسامهم ، وخاصة الأجزاء المغطاة من هذا الجسم، ومعرفة الفروق بين الجنسين وأسبابها ، وتزيد بهذا الصدد أسئلتهم ، وقد تكثر ألعابهم التي يطلق عليها sexual games أو (ألعابًا جنسية)، مثل لعبة الطبيب والمريض مثلاً -والتي تُتاح لهم فيها إمكانية كشف المغطى من أجسام أقرانهم لاستطلاعها وتلمسها، وغالبًا ما تختفي هذه الظواهر لدى البنات بعد سن المدرسة أو سن (6 سنوات)، حيث تحدث حالة خمول لديهم لهذه الأمور، وتبدأ علامات الحياء تظهر على الطفلة. أما الذكور فقد يستمر الأمر (الاهتمام باكتشاف أجسامهم) لديهم.
وكون الأمر طبيعيًّا لا يعني أخذه على محمل طيب دائمًا بل ينبغي التدقيق في التعامل معه ومحاولة الحد من تطوره، وخصوصًا أنك تؤكدين أن هذه التصرفات تتكرر ويتبعها عرق، ولا تنسي أن للتعامل مع هذه التصرفات قواعد تربوية كما أسلفنا في المعالجات السابقة:
- فقلقك وتوترك في التعامل مع هذه السلوكيات سينعكس بشكل غير إيجابي على الطفل وقد يؤثر سلبًا في علاج المشكلة.
- التعامل السيئ مع أي عرض يمكن أن يحوله لمرض، والتعامل مع الطفل على أنه مختلف أو غير طبيعي يمكن أن يؤصل المشكلة لديه ويزيدها تعقيدًا، ويصنع مشكلة من لا شيء.
إذن فالمطلوب منك ما يلي:
أولاً: محاولة تحرّي أن تكون ملابسك داخل المنزل غير كاشفة قدر المستطاع في حضور ولدك الذي تعتبرين أمامه النموذج الوحيد للأنثى والذي تظهر فيه الفروق الجسمية عنه وعن أبيه في مرحلة الاستكشاف الطبيعية التي يحياها، فيجب عليك تأمين هذا الجانب كنوع من إبعاده عن المثيرات.
ثانيًا: لا بد من توخّي الحذر من أن تقع عينا الطفل على مشاهد مخلَّة ولو بالخطأ في التلفاز أو الفضائيات أو مجلة ما، فتعرضه لأي من هذه المثيرات يدخل تحت ما يطلق عليه التحرش الجنسي كما سبق وشرحنا في استشارة (التحرش.. ماذا يعني؟) وهو ما لا تحمد عقباه.
ثالثًا: وهو ما يرتبط بالنقطة السابقة، وهو توخّي الحذر من تسليم أمر رعايته الكاملة وبغير رقابة راشدة لطرف غيرك وغير الأب (مربية - خادمة..)؛ لحمايته من التعرض لنفس المشكلة من تحرش أو اعتداء.
رابعًا: لا بد من التأكد من عدم وجود داعٍ عضوي للحكة كالتهاب أو غيره.
خامسًا: لا بد من قطع تركيزه باستمرار-بدون زجر أو نهر- عندما يبدو عليه الدخول في هذا الأمر كأن تقولي له "هل ستنام؟ إذن ما رأيك في قصة مصورة لطيفة نقرأها معًا؟"، أو غيرها من الاقتراحات، بحيث تنتهي منها وقد غرق في النوم، فلا تتاح له الفرصة للانفراد بنفسه.
وأما عن انشغالك بالبيت فما المانع أن يلعب إلى جوارك بالصلصال؟ أو يلوِّن أو حتى يقود دراجته الصغيرة، أو أن يشاهد الكارتون على مقربة من مطبخك أو مكان ممارستك لأعمال المنزل بحيث تقطعي تركيزه وتشغليه باستمرار عن الشعور بالخلوة، وما المانع أن يعنيك ويساعدك في بعض هذه الأعمال (سقاية النباتات - طيّ المفارش - ترتيب الطعام بالثلاجة - تنظيف الحبوب - إطعام العصافير - ترتيب مكتبة الشرائط - تلميع الفضيات... إلخ)؟ بحيث يكون يومه كله مشحونًا بالإنجازات الهادفة.
سادسًا: لا بد من أن تشبعي فضوله في توضيح الفرق بين الجنسين، ولكن بشكل سطحي جدًّا وخالٍ من التفاصيل وغير مثير لمزيد من الفضول الذي نحاول التخلص منه، فتبدئين بتعريف الاختلاف في طول الشعر، ثم نعومة الصوت، ثم الشارب، ثم العيون والشفاه -وأنت بذلك تقصدين البُعْد به عن أي تفاصيل تسبب له إثارة لمزيد من الفضول في الناحية الجنسية- وشعر الذقن، ثم الأيدي ونعومتها وصغر حجمها في المرأة عن الرجل، ثم الثدي لإرضاع الأطفال، وهكذا...، على أن تكون هذه المعلومات غير مقمحة، بل موظفة في مواقف تأتي بشكل طبيعي من خلال القصص العلمية المبسطة للأطفال في هذه السن، أو حوار عن رضيع رآه، أو تعليق على برنامج تليفزيوني، وستجدين تفاصيل أكبر في معالجات نوردها بنهاية الرد.
سابعًا: يجب تعليمه أصول النظافة الشخصية ولفت نظره إلى خصوصية هذا المكان في أنه يجب غسل اليدين جيدًا بعد دخول الحمام أو لمسه بأي صورة من الصور، ويمكن ربط إصابته بالمرض بإساءة تطبيقه لهذه القواعد، وتوعيته بأن هذا المكان قد ينقل الأمراض أو يسبب الرائحة الكريهة، ولا بد من إقناع الطفل بشكل غير مباشر بأن هذا الأمر -الاحتكاك واللمس- قد يسبب له أمراضًا تجبره على تناول أدوية غير محببة الطعم، وملازمة الفراش، وعدم التمكن من اللعب والجري.
ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبه لربطها بالأمر كان يقال له: "أرأيت.. لا بد أنك لم تلتزم بقواعد النظافة والصحة، ولم تسمع كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع هذا المكان".
ثامنًا: لا بد من توعيته بأن هذا الجزء من جسمه مختلف، ومن الممكن أن يُتوفَّى من يتعرض فيه لضربة شديدة، يعني "لو اصطدمت يديك بشيء فإنها تؤلمك أما هذا المكان لو صدمته الكرة مثلاً أو تعرض (للضرب) فإنه يسبب ألمًا شديدًا قد يؤدي للوفاة، وانظر للاعبي الكرة في المباراة حين يعملون حائطًا لصدِّ الضربة الحرة حين يعمدون وقاية هذا المكان من ضربة الكرة خوفًا على حياتهم"، ويمكن أن يشارك الأب في التوعية بمثل هذه الأمور، وذلك لتحذيره من إساءة التعامل مع هذا الجزء الخاص من جسده.
تاسعًا: لا بد من رقابة عالية على الطفل دون إشعاره بذلك، ولا بد من إدارة الحوارات معه ليفصح عما بداخله، ولتعلمي الكثير من كوامن نفسه، وأوصي أن يتدخل في ذلك الوالد أيضًا وبشكل واسع النطاق.
أما عن مسألة الغيرة فهي أمر طبيعي نوصيك إزاءها بتوخي العدل في معاملة الطفلين وعدم إظهار أي تميز لأحدهما على الآخر ولو بالنظرة أو البسمة، وما دام يحب أخاه كما ذكرت فلا أعتقد أن هناك مشكلة حقيقية تستحق الحل في هذا الصدد.
ـــــــــــــ(103/72)
الابن المدلل: هذا ما جناه أبي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتمنى أن أجد عندكم الحل الوافي لمشكلتي التي تؤرقني وتقض مضجعي ليل نهار.
ابنتي تبلغ من العمر 9 سنوات، وهي في الصف الخامس, أخوها عمره 6 سنوات في الصف الثاني, مشكلتي الأولى معها أنها شديدة الغيرة من أي إنسان ولأي سبب, حين أقول أي كلمة حلوة لأخيها تُجنّ، فيجب أن أقولها لها حرفيًّا, حين أقص شعري تصرخ تريد أن تقص شعرها مثلي بالضبط, حين أُكرم وأدلل ضيفا ما في بيتنا تعترض وتتهمني أني أحب الضيوف أكثر منها, أريد أن أوضّح أنها مدلّلة، ولا ينقصها شيء حتى تطمع أو تغار مما بيد الآخرين، وأتمنى أن تكون قنوعة راضية هادئة السلوك، لكن شدة غيرتها من كل البشر تزعجني جدًّا، ولا أعرف كيف أتصرف معها؟
مشكلتي الثانية معها أنها شديدة الانفعال تثور وتفقد أعصابها لأتفه الأسباب؛ فتصرخ ويرتفع صوتها وترغي وتزبد، ثم حين تراني غضبت منها ترجع وتعتذر وتتأسف, ثم نعود من جديد لنفس الدائرة المرهقة.
أرجوكم ساعدوني ليكون بيتنا أكثر سلامًا وهدوءًا ووفاقًا. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء, أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الحبيبة.. مرحبًا بك في صفحتنا، ونأمل أن تنعمي بقرة العين التي شكوت من أنك تفتقدينها بسبب مشكلات ابنتك التي يمكن لي أن أجملها لك في كلمة واحدة قلتها أنت في سؤالك، ألا وهي أنها ابنة "مدللة"، وسوف تفهمين كلامي بشكل أوضح في السطور التالية.
إنك يا أختي الحبيبة قد ذكرت مشكلتين تعانين منهما مع ابنتك، وهما:
1.شدة غيرتها.
2.شدة عصبيتها.
وهما مشكلتان طالما أوسعناهما طرحًا على صفحتنا، لكن ما يستحق أن يتم إعادة النظر فيه في حالة ابنتك هو أن هاتين المشكلتين منبعهما في الواقع "تمركزها حول ذاتها". وشعورها بأنها وحدها في الدنيا، وأنها محط الأنظار سببه التدليل الذي أتوقع أنه كان وما زال زائدًا يا أختي الحبيبة، حتى إنه أصبح لا يكفي لإسعادها، وتجاوز لإفسادها؛ فما منح لها من خلال هذا التدليل أصبح هو الأصل لديها الذي لا ينبغي أن يعتريه أي نقصان، وإلا اعتبر جورًا على حقها -من وجهة نظرها- على عكس ما يشعر به الطفل الذي لا يلقى اهتمامًا خاصًّا أو تدليلا زائدًا عن الرعاية العادية والحنان الكافي لإنضاج شخصيته؛ حيث يقبل هذا الطفل الآخرين بسهولة، وتكون لديه قدرة كبرى على التغلب على الإحباطات، ودعيني أقل بلسان حال ابنتك عن مشكلاتك معها "هذا ما جناه عليّ أبي، وما جنيت على أحد حتى الآن"، ولكن لا تتسرعي باليأس؛ فالأمر يمكن تداركه إن شاء الله إذا اتبعت معي ما سأورده لك في السطور التالية:
أولا: لا بد من تعديل في الاتجاهات والمفاهيم لديها شيئًا فشيئًا؛ فتحدثي معها حينًا في ودّ عن انتظار الأسرة لها قبل مجيئها، وكيف استعدوا لاستقبالها بكل حب وسعادة، حتى ملأت حياتهم بهجة وسرورًا، ثم كان لا بد من صديق لها يؤنسها ويلعب معها، وهي بنفسها التي طلبت ذلك؛ فجاء الأخ الحبيب لتسعد الأسرة كلها بالضيف الجديد، إلى غير ذلك مما يشعرها بأن جمال الحياة في وجود شركاء لها يتقاسمون معها السعادة، وإن الآخرين لا بد منهم لكي تكتمل مباهج الحياة، ولا بد لنا من تقبلهم، وأن نحب لهم ما نحب لأنفسنا لكي تزيد هذه السعادة.
ثانيًا: لا بد من جعلها تعي الفرق بينها وبين غيرها ممن لا يجدون أبًا راعيًا أو أمًّا تعتني بهم؛ لكي تدرك بلطف أنها أحسن حالاً من كثيرين، وأن ما تحيا فيه من نعم ليس باليسير، ومن الممكن تحقيق ذلك بزيارة إحدى دور رعاية الأيتام، ولتحمل لهم معها الهدايا والحلوى، و علّميها أنها بذلك تحصد ثوابًا عظيمًا قد يجعلها ترافق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ فنجني من أمثال هذه الزيارات -التي أنصح بتكرارها بشكل دوري- أن يرق قلبها وتتعلم العطاء، وكذلك فستشعر بقيمة ما تحياه من نعم بين والدين لا همَّ لهما إلا إسعادها هي وأخيها.
ثالثًا: من الممكن استخدام القصص لعرض الحزن الذي قد ينشأ عن الوحدة، وقوة الجماعة ومتعة التواجد فيها وأهميتها، وغيرها من المعاني التي تؤكدها القصص بشكل أفضل من الكلام المباشر.
رابعًا: لا بد من توجيهها بشكل مباشر أحيانًا وغير مباشر إلى ضرورة أن تعيش سنها ومرحلتها الجميلة من العمر، دون ضرورة التشبه بأحد أو تقليد لأحد، ولا بد من التأكيد على الأب بأن يشارك بتعليقاته لإيصال هذا المعنى إلى قلبها، كأن يقول لها: "أنت أجمل في قَصّة شعرك تلك، وكل فترة لها ما يناسبها، ربما إذا كبرت قليلاً كان شكلك أنسب مع قَصة أخرى لشعرك... إلخ"، كما لا بد من الحد من تدليل الأب لها -إن كان تدليله لها زائدًا و مطغيًا لها- ولا نعني بالحد من التدليل أن يقسو الوالدان على الابنة أو يحرمانها شيئًا أو يمنعان عنها حنانهما وعطاءهما الدافق؛ بل نعني تعديل وتحجيم التدليل في حدود المعقول الذي يمتع ويطمئن الطفل ولا يفسده، ويشجعه على التمادي في خصاله السيئة.
خامسًا: لا بد من التعامل معها بهدوء ودون عنف أو زجر، ويجب تنبيهها عندما تعتذر عن عصبيتها -وأنا أرى أن هذا الاعتذار دلالة طيبة على حرصها على حسن العلاقة معك، واستعدادها للفيء عن الخطأ– أنك لن تقبلي العذر ما لم يتصاحب مع عدم العودة لهذا السلوك مرة أخرى فعلاً وبعزم أكيد على ذلك.
ولكن لا تنسي أن العناد والعصبية لدى الأطفال ليسا فعلاً، وإنما هما رد فعل:
- رد فعل على التجاهل أحيانًا.
- رد فعل على عدم الفهم لطلباتهم.
- رد فعل على عدم الاهتمام.
- رد فعل على عدم الإشباع العاطفي.
- رد فعل على إثارة الأم لهم بالرفض الدائم أو الأوامر الكثيرة.
- رد فعل على مطالبته بما هو فوق قدراته.
- رد فعل على المقارنة بغيره، خاصة الإخوة.
سادسًا: لا بد من مدّ جسور الود والحب والصداقة معها؛ لأنها على أعتاب مرحلة المراهقة التي لا بد لكما فيها من صداقة حميمة تكفل سواء شخصيتها في هذه المرحلة ومرورها بسلام إن شاء الله تعالى، ويمكنك من خلال هذه الصداقة إبرام الاتفاقات والمعاهدات على تجنب السيئ من التصرفات والسلوك، مع شرح مبسط لأسباب اجتناب هذه السلوكيات كإرضاء الله - كسب ود الناس - الوصول للجنة بحسن الخلق - بر الوالدين - اتباع أوامر النبي صلى الله عليه وسلم بأن نحب لمن حولنا ما نحبه لأنفسنا... إلخ، ووضع جداول متابعة لقياس نسبة المواظبة على هذه الأمور بحيث يكون للمواظبة على كلٍّ مما سبق درجة.
وكلما تقدمت أكثر من الأسبوع السابق تمنح هدية أو بقدر ما أحرزت من نقاط يكون مستوى الهدية؛ فإذا حصلت على 6 من 10 تكون الهدية لعبة مثلاً، و8 تكون شيئًا تحبه أكثر، ثم إذا حصلت على العشر نقاط كاملة تحصل على شيء تختاره بنفسها، وهكذا... بحيث يوجد بداخلها الدافع لتتنافس مع نفسها للتخلص من كل الطباع السيئة.
ولا تنسي أيضًا أن مشاعر الغيرة مشاعر عادية طبيعية وليست مشاعر شريرة، وإن تفاوتت بين الأطفال تبعًا لعوامل كثيرة، لكن يظل الإشباع العاطفي، وإشعار الطفل بالأمان هو المحدد الأساسي للحد من هذه الغيرة؛ فالمسألة تتوقف بشكل أساسي على حرارة العلاقة وعمقها بين الطفل وأمه.
وأحيانًا ما يغالب الأم إحساس ببعض الذنب تجاه الابن الأول الذي انتزع منه عرشه، فتنفذ له مطالب كثيرة، وإن كانت غير معقولة، وقد يصل إلى أن تغضّ الطرف عن وقاحته أحيانًا، وهو ما يعطل أداة مهمة جدًّا من أدوات التربية؛ ألا وهي الحزم، وأكررها الحزم المقرون دائمًا بالحنان والحب.
والخلاصة: اغمريها بحبك، وقبلاتك، وحنانك، وأشعريها دائمًا أنك تحبينها، وأن حبك هو السبب في رغبتك أن تكوني طيبة السلوك، وأقرني الحزم دائمًا بالحب، وانتهزي أي فرصة لتبدي فيها سلوكًا جيدًا نحو من حولها، وامدحيها؛ فإن ذلك من شأنه أن يدفعها للمزيد من المحاولات لكسب رضاك.
سابعًا: إن انتهاز المواقف فرصة عظيمة في توجيه الطفل وتربيته؛ فيمكنك انتهاز فرصة أن يعلو صوت أحد في الشارع مثلاً أو في أي مناسبة لتقولي لها "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"، وإن علو الصوت علامة قبح؛ فهو صفة من صفات الحمير، كذلك يمكنك إشراكها فيما تغار منه؛ بمعنى أن تشركيها في الاحتفاء بضيوفك بدون توتر، وعلميها أن هذا السلوك يخرج الزوار من البيت بذنوب أهله وقد غفرت.
ثامنًا: يمكنك حثها على معاونتك في أعمال المنزل، ومساعدة أخيها في المذاكرة مثلاً، وحفزها على ذلك بإشعارك لها بثقتك في قدرتها على أداء ذلك بمهارة.
تاسعًا: يمكنك حثّها على الدعاء لك ولأبيها وأخيها في صلاتها بأن تجتمعوا في الجنة أو بتحقيق أمنية كذا؛ فهذا يشعرها بالمسئولية تجاهكم، ويزيد من الود والتلاحم بينكم، ويؤكد في نفسها هذا التلاحم في الأمنيات والأهداف والمسئوليات، ولا أفضل من القدوة الصادقة في توصيل هذه المعاني؛ فتعاملك المحب مع إخوتك وتعامل والدها مع إخوته، ودعوات والدها لأهله ولأهلك في ختام الصلوات الجماعية التي تسبق اجتماعكم الأسري الدافئ اليومي سيكون له أبعد الأثر وربما فعل السحر؛ فأطفالنا -كما يقول خبراء التربية- يتصرفون كما نفعل لا كما نقول لهم.
عاشرًا: حاولي توفير نشاط ما تمارسه يناسب سنها (أعمال الخياطة - الخزف - الزخرفة - رياضة ما - الطهي - تنسيق الزهور... إلخ)، وهو ما يملأ فراغها، ويشعرها التفوق فيه بالسعادة.
أختي الحبيبة:
قد ينفع الأدب الأولاد في صغرٍ....وليس ينفعهم من بعده أدبُ
إنّ الغصون إذا عدلتها اعتدلت......ولا يلين ولو ليَّنته الخشبُ
وهكذا فإن دورك مع أبنائك لن ينتهي أبدًا في هذه المرحلة لكي تكون أغصانهم قوية معتدلة؛ فلتستعدي لذلك بطاقة عالية وهمة، وستجدين النتيجة طيبة إن شاء الله عز وجل، وفي انتظار مزيد من متابعاتك واستفساراتك وأخبارك السعيدة إن شاء الله سبحانه.
ـــــــــــــ(103/73)
ابن العامين يشاهد قناة جنسية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حمدًا لله، وبعد..، منذ أسبوعين، بثَّت قناة دعائية لقناة جنسية فضائية لقطات من أفلام جنسية على موجة UHF الأرضية، وواصلت البثّ ليومين تقريبًا، وذهلت حينما وجدت طفلي –ابن الاثنين وعشرين شهرًا- يقلب القنوات بعفوية ليتوقف عندها ويشاهد سمومها قبل أن أشوّش بثها (علمًا أنّه ليس لدينا صحن –دش- وإنما هو لاقط أرضي):
1-فما الآثار المتوقعة لما شاهده طفلي عليه؟ 2 - وماذا أستطيع أن أفعل لمقاضاة المسؤولين عن هذه الجريمة في حقّ طفلي وغيره من الأطفال الذين شاهدوها؟ 3 - وكيف يمكن حماية أطفالنا من مثل هذه السموم؟ 4 - وإن وقع مثل ما وقع فكيف أخفّف من الآثار السلبية؟ ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الأم الفاضلة.. سلامًا يهدئ من روعك على طفلك، لكن دون أن ينسيك عزمك على اتخاذ الدور الإيجابي نحو حماية طفلك وغيره من الأطفال من هذه السموم.
بالطبع لم يقصد طفلك ذو العامين أن يتوقف وهو يقلب القنوات أمام المادة الدعائية الجنسية عن رغبة متعمدة أو مدركة لمشاهدتها، أو لإعجابه بما يشاهده أو لمعرفة مواعيد البرامج الأصلية حتى يتمكن من متابعتها، فهو ما زال صغيرًا على إدراك أي من هذا، وفي حالة طفلك فإن الأمر لا يعدو بالنسبة له رؤية مناظر جديدة لم يرها من قبل، فتوقف عندها ليرى ذلك الجديد الذي لم يصادفه من قبل دون أي فهم أو وعي .
نقول ذلك بالرغم من وجود تعبيرSexual children أو الأطفال الجنسيون إن صحت الترجمة الحرفية، ودلالة هذا التعبير وسبب ظهوره هو الأطفال الذين يتعرضون لمشاهدة ممارسات جنسية حقيقة أو مشاهدتها عبر التلفاز، أي أنهم يشاهدون والديهما مثلاً أو أشخاصًا آخرين وهم يقومون بممارسات جنسية، أو يرون ذلك في مشاهد مصورة عبر التلفاز أو غيره يحدث لديهم ما أسموه بالإدراك الجنسي المبكرEarly Sexual orientation، وهو قد يؤدي إلى تقليدهم (أي الأطفال) لهذه الممارسات مع أقرانهم دون إدراك لماهية هذه الممارسات؛ لذا فقد أصبح بالبلاد الغربية تحذير من تعريض الأطفال لمشاهد الممارسات الجنسية للبالغين مثل والديهما مثلاً أو مشاهدتهم للأفلام الجنسية في سن مكبرة؛ لخطورة ذلك على نموهم النفسي، بل واعتبر الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه المشاهد ضحايا يحتاجون للعلاج النفسي.
لكن هذا الأمر يحتاج لوقت طويل ممتد يتعرض فيه الطفل لهذه الممارسات بكثافة، وبالطبع التجربة القصيرة التي مرّ بها ابنك لا تؤدي إلى دخوله في هذه الطائفة أو في إطار هذا التعريف.
ولكن يجب الحذر من تكرار تعرضه لهذا الأمر؛ لذا يبدو التوجيه النبوي بأن يخرج الطفل الرضيع من الغرفة إذا أراد أحدهم بأهله شيئًا توجيهًا معجزًا في ظلّ هذه الدراسات الحديثة.
وأما عن حماية أطفالنا من أن يتعرضوا لمثل ذلك فيكون بإيجابياته في مواجهة مثل هذه المواقف؛ حتى يتحرك المسئولون عن الإعلام والتربية من أجل سنّ القوانين لتنظيم هذا البث، أو استخدام الوسائل العلمية للتشويش المركزي عليه وهو أمر ليس بجديد، وقد حدث في أوروبا وأمريكا بحيث أصبح من الصعوبة بمكان أن تقتحم هذه المواد الدعائية الجنسية أو القنوات الجنسية بيوت الناس.
إن توجهك إلى مقاضاة هؤلاء المسئولين عن بثّ هذه المادة والتقاطها بواسطة لاقطك الأرضي ربما يكون الشرارة التي تشعل اليقظة لهذا الأمر؛ فلا يجب أن نكتفي بالصراخ والبكاء على الأخلاق التي ضاعت، بل يجب أن نسعى لحماية أنفسنا وحماية أطفالنا.
فلا تيئسي في البحث عن سبيل قانوني لأخذ حقك ممن اقتحم بيتك، وربما تأتي توصية من القضاء بتشريع يحمي الجميع مما حدث.
الأمر يحتاج إلى تضافر جهود، وعدم استسلام، وعدم تقليل من أهمية جهودنا البسيطة في هذا الأمر؛ فهذه الإجابة دعوة لكل من لديه معلومات تفيد في هذا الأمر أن يرسلها لنا، ونجعل لها ملفًّا على صفحتنا وموقعنا، ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/74)
أيها الآباء.. إنه حقهم في الغيرة ... العنوان
الأحبة الكرام في هذا الموقع الجميل، بارك الله ابتداء بجهودكم، وجعلها في موازين حسناتكم، بخصوص الاستشارة التي أودّ سؤالكم عنها؛ فهي تتلخص في أن الله قد تكرم عليّ وتفضل ورزقني بغلامين: الأول مالك عمره سنة ونصف، والثاني بلال عمره شهر ونصف.
المشكلة تكمن في أن مالك متعلق جدًّا بي، وأجد أحيانًا صعوبة في الخروج من المنزل دون أن يحدث صراخًا وبكاء إلا أن المشكلة الأكبر هي عند النوم؛ فطفلي مالك لا يقبل النوم إلا بجواري، و يفتقدني وهو نائم بين الفينة والأخرى، وإذا لم يجد نفسه بجوار أبيه يأخذ بالبكاء ، وأنا أريد حقيقة أن أعوّده على النوم على سريره لوحده، ولكن دون جدوى هذه الحالة كانت معه حتى قبل أن يأتي أخوه الثاني، ولكن أنا في حيرة.. ماذا أفعل؟
في الصيف الماضي كنت أتركه نائمًا وحده في غرفة مجاورة دون مشكلة، ولكن عندما بدأ يعي أخذ يغادر سريره ليلا، ويأتي إلى جواري لينام عندي. أنا الآن أضع سريره في غرفة نومنا حتى لا يشعر بالخوف، ولكن أريد منكم أن ترشدوني إلى أفضل الوسائل في التعامل مع هذه المشكلة، مع العلم أنه يعاني أيضًا مشكلة الغيرة؛ فأحيانًا يقوم بضرب أخيه الصغير؛ وهو ما دفعني لسؤالكم عن كيفية التعامل معه عندما يضرب أخاه الصغير، شاكرًا لكم كريم وجميل تعاونكم وصبركم، وثبتكم الله على الحق والخير. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم أيها الأخ الفاضل، وجزاك الله خيرًا على تحيتك الطيبة، ونرجو أن نكون دائمًا أهلا لهذا الثناء.
أخي الفاضل.. إن شعورك الجميل بفضل الله عليك ومنته في أن يرزقك بغلامين جميلين أولاً، ثم شعورك بنعمة أن أحدهما لم يكن وحيدًا ثانيًا قصّر عليّ طريق الوصول إلى إقناعك بالتحلي بسعة الصدر، وأنت تتجاوز تلك المرحلة العمرية الصعبة في حياة الأبناء؛ فلكل متعة ثمن، ومشاكل التربية ذاك الثمن الذي ندفعه لقاء التمتع بهم يكبرون أمام أعيننا؛ فينفع الله تعالى بهم إن شاء الله.
قد أكون في غنى عن القول بأن الفارق بين "مالك" و"بلال" في العمر فارق قليل بالطبع؛ وهو ما يدفعني للجزم بأن مالك لم تُتح له الفرصة الكافية للتمتع بحقه في الرضاعة أولاً، ثم التدليل والعناية ثانيًا، وربما أنه أيضًا لم يتم إعداده جيدًا لاستقبال أخيه، فضلاً عن أنه -من وجهة نظري- من غير المناسب إطلاقًا محاولة فصله في المنام الآن تحت كل هذه الظروف ، ولنبدأ معًا استعراض المسألة، ومحاولة الوصول للحل الأمثل في التعامل مع منغصات مالك:
أولاً: تعلقه القوي بوالده.
ثانيًا: عدم استجابته للفصل في المنام.
ثالثًا: غيرته من أخيه وضربه له أحيانًا.
وكما يتضح من رسالتك فإن "أولا" و"ثانيًا" أمران لدى مالك من قبل قدوم أخيه، وبالتالي أنصحك بالتالي:
أولاً: بالنسبة لمسألة تعلق مالك بك أيها الوالد الكريم؛ فهو أمر محمود للغاية أن يتعلق بك ابنك الذكر، فيتأثر بك فيما بعد ويقتدي بك وتصبح مثله الأعلى، ولكني سأورد لك بعض النصائح للتخفيف من شدة التعلق؛ حتى لا يصل إلى حد البكاء والصراخ عند الفراق -وهو ما كانت ابنتي تفعله حينما ترى أباها يغادر البيت ولو للصلاة-:
1-لا بد من اصطحابه في بعض المرات لشراء شيء ما من البائع بحيث يعطي النقود بنفسه للبائع، ويأخذ منه ما اشتريتماه سويًّا، مع تشجيعه والثناء عليه، وهو ما يمنحه ثقة بنفسه وشعورًا بالاستقلالية.
2-لا بد أن تضع بعض المراسم لمغادرتك للمنزل، تتمثل في أن تحمله أمه مثلاً لتقبله، ثم تشير له بيديك مودعًا ويفعل هو ذلك، وتعده بالحلوى عند عودتك، ثم تخرج الأم به للنافذة ليودعك في الشارع، ونفس هذه المراسم عند العودة، حيث تحتضنه وتعطيه ما وعدته به، وتسلم على أهل البيت.
3-لا بد من تلبية رغبته في اصطحابك له ما كان ذلك ممكنًا ليعرف أنك لا تفارقه ولا تختفي للأبد، بل أنت تخرج لأمر ما ثم تعود ثانية.
4- لا بد من إيجاد جوٍّ مَرح له داخل المنزل يمارس فيه اللعب بالمكعبات أو التلوين أو الكتابة بالأقلام أو الصلصال أو ألعاب الفك والتركيب المختلفة؛ وذلك لامتصاص طاقته وتصريفها فيما ينفع، وابتكار بعض الأنشطة التي يحب ممارستها وحده ولا يحتاج في التمتع بها لشريك؛ وذلك كي يعتاد بشكل تدريجي على الاستقلال والانفصال.. وتتطور ثقته بقدرته على هذا الاستقلال.
ثانيًا: بالنسبة لمسألة النوم:
1 - من حق مالك أن يتمتع بحضن والديه عند النوم، وقد اختلف المتخصصون في تحديد السن المناسبة لفصل منام الطفل عن حجرة والديه، حسب آخر الأبحاث التي اطلعت عليها، وكانت الخلاصة في هذا الأمر أن الفصل يجب ألا يتم بشكل تعسفي، وأنه ما دام الطفل يرفض الاستجابة لهذا الفصل فيجب عدم إجباره عليه، فإن له كل الحق في هذا وذلك في كل سن، ومن الخطأ بشكل عام إشعار الطفل -حتى بعد استقلاله في المنام- بأنه قد حرم عليه هذا الحضن وهذا الجوار مهما كانت الظروف؛ فمن الواجب تلبية رغبته في الحصول عليه عند احتياجه له.
وإن كان فصل الطفل في حجرة خاصة به يشعره بهويته وخصوصيته، فمن الخطأ الكبير التغيير المفاجئ لوضع اعتاده الطفل بدون إعداد وتدريج؛ إذ قد يؤدي هذا الأمر إلى ما يسمى بقلق الانفصال Separation Anxiety، وطريقة الفصل هي الفيصل في نجاح هذا الأمر، وجعله إيجابيًّا في تأثيره على الطفل.
2- أرى أن فكرتك من وضع سرير مالك في حجرتك فكرة جيدة، ويمكن الاستمرار في ذلك حتى يبلغ بلال من العمر سنة؛ ليتم فصلهما سويًّا في حجرتهما، فيؤنسا بعضهما وتحكي لهما معًا الحكايات قبل النوم، وتضع في حضن كل منهما لعبته التي يحبها، ثم ينامان في هدوء وسعادة إن شاء الله، وسيكون وجودهما معًا مشجعًا لكل منهما على مسألة الفصل، فلن يشعرا بالوحدة.
وحينها لا بد من:
• تخصيص حجرة لطيفة للطفلين جذّابة لهما بألوانها الجميلة واللعب التي تملؤها، ولا بد من قربها من حجرة الأم.
• يجب أن يتم الفصل بشكل تدريجي؛ بمعنى أن تزيد عدد الساعات تدريجيًّا، أو أن تنتقل أنت أو الأم إلى غرفتهما، وتبدأ ساعات تواجدكما معهما في التناقص يومًا بعد يوم حتى يقضيا الليل وحدهما بعد فترة.
• لا بد من توفير إضاءة مناسبة أثناء الليل والانتقال إليهما من وقت لآخر أثناء الليل للاطمئنان عليهما.
ثالثًا: بالنسبة لمسألة غيرته من أخيه؛ فهو أمر لا بد من أن يقلقكما عدم وجوده؛ فالغيرة بين الأطفال أمر طبيعي، وبالنسبة لسنّ مالك فهي حتمية؛ لأن طفليك في حكم التوائم؛ فالفاصل بينهما سنة وقليل من الأشهر، وهو ما يحتم عليكما أنت وأمهما أن تعاملاهما كتوءمين كما يلي:
- لا بد أن يكون لهما نفس القدر من الاهتمام والرعاية كل بحسب حاجته، وأنا أحبذ استغلالك لتعلق مالك بك في إشعاره بالاهتمام والحب الشديدين وتفوقه على أخيه في الفوز بالقدر الأكبر من هذه الرعاية والمداعبة.
- و هو ما سيخفف عن الأم المسكينة أعباءها؛ فيمنحها فرصة أكبر لتجد وقتًا كافيًا لإمتاع مالك بحنانها وحبها في كل حين تفرغ فيه من مهامها اليومية أو أثناء أداء بعضها؛ فمن الممكن أن تشرك مالك معها في رعاية أخيه ومناولتها بعض الحاجيات، والحديث معه عن تعبها من الصغير بلال، وإضحاكه بلعبة الاختباء أو (الزغزغة الخفيفة) أو تقليد صوت الحيوانات وحركاتهم.
- يمكن إحضار دمية له (على شكل قرد أو دب مثلاً) وتسميتها باسم أخيه؛ ليخرج في هذه الدمية أي مشاعر سلبية يحملها تجاه أخيه، حيث يذكر الدكتور مصطفى حجازي في كتابه "الفحص النفساني" أن "طفلا يدعى جان كان رد فعله لميلاد أخيه الأصغر هو الضيق والتبرم والتبول والتأتأة، ولقد تلاشت هذه الأعراض بمقدار تعبيره عن عدوانيته وغيرته، وذلك بعد أن وضع للطفل دمية مطاطية تحمل اسم أخيه ظل يضربها ويسحلها، حتى هدأت نفسه وأظهر فيما بعد رقة تجاه اللعبة، ثم الأخ"، وقد تقبّل الوالدان هذا العداء الذي وظّفا معظمه في العدوان الرمزي الذي استهدف الدمية، بحيث يصبح ما تبقى من هذا العدوان كمية معقولة يسهل التحكم فيها وضبطها.
- لا بد من تجنب كل ما من شأنه أن يوقظ لدى مالك شعوره بالنبذ أو فقد الأمان، وعلى رأس القائمة فصله في المنام، أو ملاعبة أخيه أمامه دون ملاعبته، أو حتى التبسم لأخيه دونما التبسم له، وحينما يستلزم الأمر أن يكون هناك عناية بالوليد بلال أمامه كإرضاعه أو التغيير له أو استحمامه، فلا بد من أن يكون له دور في هذا، وأن يكون هو من توجّه له أمه الحديث المؤنس عن أي شيء، فمثلاً تقول له: "ما رأيك هل أصبح هكذا نظيفا أم نغيّر له البلوفر أيضًا؟ أو كيف ترى رائحته؟ لقد غيرت له كيلا تقول أنت: إف... إلخ".
- لا بد من إشعاره بالتفوق الذي يمنحه إياه كونه الكبير، لا بفرض المسئوليات والأعباء بعبارة "أنت الكبير" الذي تحرمه طفولته، ولكن بإشعاره بأنه الأفضل؛ لأنه يمشي لأنه كبير، ويستطيع النطق والأكل واللعب؛ وهو ما لا يجيده أخوه، بحيث يتسامى بغيرته تدريجيًّا؛ ليثبت تفوقه بشكل إيجابي على منافسه (بلال) بدلاً من أن يؤذيه.
- لا بد من الحول بين الطفلين بما لا يسمح لمالك أن يوقع الأذى بأخيه، ويفضل أن يكون تعاملهما معًا دائمًا تحت نظر الأم التي يفضل أن يكون مالكًا بالأخص تحت نظرها أثناء لعبه أو تناوله للطعام، بينما يكون أخوه في سريره في غرفة أخرى، وحين يتواجدان معًا فلا بد أن تكون الأم أو الأب أو كلاهما معهما، فتلاطف الأم مالك وتكلمه وتضحكه فلا تواتيه الفرصة لإيذاء أخيه، وحينما يحاول مالك ضرب بلال فلا بد أن تمنع يديه برفق، ثم تقبله الأم أو الأب وتبدأ في إشغاله ومضاحكته، وإحضار لعبته التي اتفق أنها لإخراج الطاقة العدائية ليضربها الأب برفق معه وكذلك الأم، فيضحك ويعرف أنه حين يغضب فعليه أن يضرب هذه الدمية، ويمكن توعيته لفظيًّا بهذا.
أخي الفاضل.. أعلم أن المسئولية شاقة على الأم وعليك تجاه الحبيبين، لكنها فترة تمر على معظم الآباء والأمهات، ولا تلبث أن تنتهي وتنقشع كسحابة صيف، فاستعن بالله عز وجل أنت والأم، وشمِّرا بكل حماس للدخول في خضم ممتع اسمه التربية.
ـــــــــــــ(103/75)
الغيرة أزمة لا بد منها ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الإخوة العاملين في الموقع.. بارك الله في جهودكم المبذولة لإفادتنا، وبعد.. فأنا أم لطفلة تبلغ من العمر 2,6، وأنا أفكر الآن في الحمل، ولكن ابنتي متعلقة بي جدًّا جدًّا، فأريد منكم أن تفيدوني في كيف أهيئها لاستقبال طفل جديد، وأنا أخاف أن تتأثر نفسيتها، مع العلم أنني أعيش في دولة أجنبية، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم حنين وشكرًا لتحيتك الرقيقة..
ولقد مررت بتجربة الطفل الثاني من شهور قليلة، وتعلمت من هذه التجربة أن الغيرة الأخوية أزمة لا بد منها، وإنما ينبغي علينا بذل جهد ليس بالقليل لكي تنحو هذه الغيرة منحى سويًّا، فتكون عنصرًا من عناصر تطور شخصية الطفل الأكبر وتقدمه في مدارج النمو كي لا تستفحل سلبيات هذه الغيرة فتلحق الأذى بالطفل الأكبر والأصغر على حد سواء، كما قد تنحرف بعلاقات الطفل الأكبر حاضرًا ومستقبلاً؛ ولذا يجب الاستعداد للطفل الثاني بخطة من محورين يتم تنفيذها على ثلاث مراحل (سيأتي ذكرهم فيما بعد):
المحور الأول: إعداد الطفل الأول لمجيء الطفل الآخر أو الدخيل.
المحور الثاني: الاستعداد لوجود الغيرة –برغم الإعداد- وتوجيهها والتغلب عليها بشكل صحيح.
وقبل أن نرسم معًا الخطة لا بد أولاً أن تتأكدي أن تعلق ابنتك الشديد بك أمر طبيعي جدًّا ومبرر لوجودكما في غربة عن أهل وأقارب ربما كان وجودهم حولكم يخفف من تعلقها الشديد بك، فهي تشعر معك أنت وحدك بكل معاني الحنان والمتعة والاطمئنان والسعادة؛ فلا يمكنها أن تشعر بأي من هذه المعاني وأنت بعيدة عنها، فهي تجربة لم تخضها من قبل ولا تثق في قدرتها على اجتيازها؛ ولذا فلا بد من وضع هذه النقطة في اعتبارنا قبل أن نرسم معًا الخطة للتعامل معها بما يكفي من اهتمام ودقة.
ولنبدأ برسم الخطة معًا.. والحمد لله أنك ما زلت في مرحلة التفكير في الحمل الذي لم يحدث بعد، وبالتالي فأمامنا وقت كافٍ إن شاء الله لرسم وتنفيذ الخطة والتي ستنقسم -كما قلنا- إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة ما قبل الحمل.
- مرحلة الحمل ثم وضع الطفل.
- بعد وضع الطفل بسلامة إن شاء الله تعالى.
: المرحلة الأولى:
إعداد طفلتك لأن تستقل عنك وهي المرحلة الأولى (ما قبل الحمل):
1-لا بد من أن تستعيني أنت شخصيًّا بالاطلاع وقراءة ما يكفي لتفهم طبيعة الأطفال عند مجيء شركاء يتقاسمونهم مكانتهم وكيفية التعامل مع هذه المشاعر، وأنصحك بما فعلته أنا شخصيًّا، وهو أن تضعي نفسك مكان الحبيبة (حنين) لتستشعري ما يمكن أن تشعر به فتحاولي تجنب إيلامها أو الوقوع في خطأ يؤذي مشاعرها في هذه المرحلة الدقيقة.
2-لا بد من أن تحاولي إيجاد عالم لابنتك تجرب فيه الحياة بعيدًا عنك ولو لساعة أو ساعتين كل يوم لتبدأ بالاستقلال والشعور بأن الحياة ممتعة بالنسبة لها بعيدا عنك، وأنها تستطيع مواجهتها وحدها، وذلك بالاشتراك لها في حضانة لطيفة مثلاً بها أطفال من عمرها، وتحفل بأنشطة وألعاب تسعد الأطفال، وسأورد لك في نهاية الاستشارة مجموعة من الاستشارات السابقة التي توفر لك المعلومات اللازمة عن اختيار الحضانة، وعن التدرج في إلحاق الطفل بها بشكل لا يؤدي لنتيجة عكسية.
3-من الممكن أن تبدئي في الحديث معها عن سعادتها باللعب مع الأطفال، وهل تحبين أن يكون لك أصدقاء تلعبين معهم في البيت أيضًا، وليس الحضانة فقط؟ ثم اتخذي من ذلك مدخلاً لإشعارها بالتشوق لوجود طفل تلعب معه فعلاً.
4-بعدما تشعرين باستقلالها عنك وقدرتها على أن تعيش سعيدة بدون الالتصاق بك، واشتياقها لرفيق يؤنسها يمكنك حينئذ تنفيذ مشروع الطفل الثاني باطمئنان، ثم تعدينها له على النحو التالي وهي المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية من الخطة: وهي إعداد الطفلة لقدوم ضيف جديد أثناء الحمل، ثم وضع الطفل في دار الولادة:
وهي ما يذكره لك الدكتور مصطفى عبد الرحمن ويبدأ كلامه قائلاً:
أختي الفاضلة.. إن ارتكاس الأطفال حين ولادة أخ أو أخت لهم يختلف حسب شخصية هذا الطفل وعمره وكذلك موقعه من إخوته، وأيضًا وهذا الأهم: حسب درجة تحضيره نفسيًّا لاستقبال هذا الضيف الثقيل والمزمن بالنسبة له.. وهنا وجب أن نعرض لك نماذج من مشاعر الأطفال بقدوم طفل جديد:
1 - إن بعضهم سيشعر بالفرح والبهجة والسرور بوصول هذا القادم الجديد: فيحاول لمسه والتكلم معه، فتراه يضحك لحركاته، ويغني لبكاءاته، ويسأل عنه إذا غابت صرخاته وهدأت سكناته وراح مستسلمًا للنوم والراحة.
2 - البعض منهم يشعر بالفخر والاعتزاز: إذ إن هناك الآن من هو أصغر منه في البيت، فيشعر أنه أصبح كبيرًا، وهذا القادم النحيل هو الصغير، فيبدأ يقدمه إلى الضيوف والأقرباء وحتى إلى أصدقائه، وتراه أحيانًا يُصِرّ على إعطائه الرضّاعة، ويحاول تهدئته إن بكى أو صرخ أو علا ضجيجه.
3 - وبعضهم الآخر يصاب بالإحباط: إذ يختلف هذا القادم الجديد عما تصوره قبل ولادته، فيراه نائمًا طوال الأوقات، ولا يستطيع اللعب معه كما كان يتخيل، ويجد أن هذا المولود الجديد يشكل جملة من الممنوعات بالنسبة له: فممنوع عليه لمسه كي لا يؤذيه، وممنوع عليه اللعب والضجيج كي لا يوقظه من نومه فيبكي ويعكر عليه قيلولته وراحته.
4 - بعضهم الآخر يصاب بالغيرة الشديدة: حيث يلاحظ بنباهته أن الوليد الجديد قد استأثر بحنان أمه وعطف أبيه وفرح جده وإعجاب جدته، ويشعر بالألم والحسرة وهو يرى كتل الهدايا تنهال عليه مع كل زائر وكل مهنئ، وهذا يأخذه ليناغيه ويقبله، والآخر يمسح على وجهه ويرقيه، أما هو ذلك المسكين المنسي فلا أحد يلتفت إليه ويقدر شعوره، ويهديه جملة من العبارات أو بعضًا من الكلمات مما كان يناله بالأمس قبل مجيء هذا البديل، فهذا الذي كان بالأمس له أصبح لغيره.
كانت تلك مجموعة الإحساسات الداخلية والنفسية التي تنتاب الطفل عند قدوم أخيه، ولكن ما هي جملة الارتكاسات نحو هذا الحدث؟
في الحقيقة يكون هذا الارتكاس واحدًا من اثنين:
1 - بعض الأطفال يصاب بنوع من الاكتئاب: فيخيم عليه الوجوم والصمت، ويقل كلامه وتتكاسل حركاته، وتضعف شهيته، ويطلب المساعدة لأقل شيء، وقد يعود ليبول في فراشه ليلاً.
2 - والبعض الآخر يصبح عدائيًّا: أعصابه ثائرة، وصرخاته دائمة، و ارتكاساته طفولية، يضرب أمه وأباه، يكسر الأشياء التي في يده لإغاظة أمه أو أبيه، وأحيانًا يضرب أخاه هذا الجديد.
ويمكنك التغلب على هذه الارتكاسات بتنفيذ الخطوات التالية:
أولاً:أثناء الحمل:
- أعلمي طفلتك عن هذا الذي في بطنك، وذكّريها أنها كان يومًا يسكن نفس المكان.
- طمئنيها أن ولادة أخيها أو أختها لن تفقدها حنانك ولا عطف أبيها.
- أشركيها في التحضير لهذا القادم الجديد ولو من باب المداعبة، كأن تطلبي رأيها في شراء الثياب والسرير واللعب وغير ذلك.
- إياك أن تغيري مكان سريرها، أو غرفتها، حتى لا تشعر أن هذا الكائن الجديد هو السبب فتبدأ الكراهية مبكرة. بمعنى أنه إذا لم تكن قد اعتادت الانفصال في نومها عن حجرة الوالدين، فيجب ألا يتم ذلك بشكل مفاجئ لكيلا تشعر أنها طردت من حضنكما إلى الأبد، بل يجب أن يتم عن طريق خطوات وبالتدريج، وبكل حنان، وعلى فترة يمكن أن تستغرق 6 أشهر، مع التسليم بأن لها الحق في أي وقت أن تنال هذا الحضن حينما تحتاجه لتشعر بالأمان والدفء.
-يمكن أن تحضري للطفلة بعض الهدايا وتعلميها أن الله تعالى رزقها بها؛ لأنها تحب أختها أو أخيها التي ستأتي، وحينما ستأتي ستكثر مع قدومها الهدايا والأشياء الجميلة.
ثانيا: عند الولادة وإقامتك بالمستشفى:
- أعلميها إلى أين أنت ذاهبة، وأن أخاها أو أختها ستأتي في الساعات التالية.
- أعينيها أن تتحمل فراقك، فاهتفي لها دومًا، وأصرّي أن ترافق أباها في زيارتها لك.
- ساعديها كي تتقبل وصول أخيها أو أختها، وذلك كأن يشتري له أو لها لعبة أو هدية، ويأتي بها إليه أو إليها في دار الولادة.
- حين تراك لأول مرة بعد الولادة، استقبليها بحرارة شديدة وغير معتادة، وإن وضعت الوليد في جانب من حضنك، أصرّي أن تضعيها في الجانب الآخر، ولا تنسي مداعبتها باستمرار والانتباه إليها في هذا اللقاء الأول، واعلمي أن هذا اللقاء إن مرّ بخير فقد اجتزت مرحلة هامة وصعبة غالبًا ما تسهل ما بعدها، وبالمقابل إن مرّ هذا اللقاء الأول له بأخيها أو أختها بصعوبة كأن شعرت أنها مهملة أو مستبعدة أو منسية، فغالبًا ما تكون المراحل اللاحقة صعبة للغاية.
المرحلة الثالثة: بعد وضع الطفل بسلامة:
- إياك أن تنقصي من مشاعر الحب والود نحوها، ويجب عليك ألا تكتفي أن تشيري إلى هذه المشاعر إشارة بالقول عند لزوم المناسبة أو حين استجدائه لها، بل عليك أن تغدقي عليها دائمًا من هذه المشاعر حتى تطمئن فعليًّا أن مكانتها لم تنتقص وأن مقامها لم يتأثر.. إن الطفل بما أودع الله به من قدرة على التأقلم يتقبل أن يتقاسم حب أبيه وأمه له مع أخيه أو أخته، ولكن بنسبة خمسين في المئة لكل منهما، ولكن لا يمكن أن يقبل أن يتنازل عن شيء من هذا النصف الخاص به أبدًا، فانتبهي جيدًا لذلك.
- أشركيها معك في العناية بالمولود الجديد، كأن تطلبي منها إحضار اللعبة أو المنديل أو الحفاظ أو غير ذلك، وباستمرار.. فإن تكرار ذلك ينسيها قضية الغيرة والمراقبة لحركاتك وسكناتك وارتكاساتك التلقائية الطبيعية تجاه هذا الجديد، خاصة إذا ما رافق ذلك أن بدأ يناغي له ويغنّي معك لتهدئته وتسكيته.
- إياك أن تجري مقارنات بينها وبين هذا الجديد من حيث الشكل أو الهدوء والطباع، وخاصة في حضور الغرباء وحتى الأقرباء، فأحيانًا كثيرة يؤدي استرسالك في هذه المقارنة إلى الإفصاح من غير دراية منك حبك الزائد لهذا الجديد، بينما هي المسكين تراقب ذلك وتسمع وتتألم لحاله ومآله.
- ذكّريها دائمًا أنها كانت أيضًا طفلة صغيرة مثل أخيها، وكنت أيضًا تسهرين على راحتها ومداعبتها، والآن صارت كبيرة لا تحتاج إلى عناية طول الوقت وفقط الصغير هو الذي يحتاج ذلك...
- لا تنسي أنه يجب أخذ الحيطة والحذر، وألا تتركيها منفردة مع مولودك الجديد، فربما حدث أذى.
- أحضري لها عروسة أو دبة تجعلها ابنًا لها لتعتني بها وتمارس معها الأمومة والصداقة، وقد تخرج طاقتها العدوانية فيها، وتنفس فيها بشكل معقول عن غيرتها كي تخفّ حدة هذه النزعة لديها، ولكي تصبح قادرة على التعامل مع هذه النزعة دون كبت مفرط.
- حينما تتفرغين بنوم الصغير فلا بد من أن تعطي اهتمامك الكامل في هذه اللحظات لحنين، ولا تسرعي لإعطاء الأولوية للواجبات الأخرى والانشغال عنها.
- لا بد من وضع برنامج للمهام الأسرية مع وضع الطفلة الأولى حنين في مقدمة أولويات هذا البرنامج، بحيث تعطى نصيبها من الاهتمام والرعاية، كما كان الوضع قبل ميلاد الطفل الجديد.
- لا بد من تقسيم هذه المهام على عضوي الأسرة الأب والأم، بحيث تصبح مسئوليات كليهما محددة، فالأم مثلاً تطعم الصغير ليقوم الأب بحكاية قصة قبل النوم للطفلة الأولى أو العكس، ويمكن تبديل المسئوليات كل أسبوع أو كل يوم، كما يجب أن يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل ميلاد الطفل الجديد، بمعنى لو كانت حنين اعتادت أن تطعمها أمها وجبة ما أو كل الوجبات أو أنها تلعب معها، ثم توقفت عن ذلك بعد تزايد مسئولياتها –أعانها الله-، فلا بد من أن يعود الأمر كما كان بحيث يكون نصيبها في الجدول من مسئوليات معظمه موجّه للحبيبة الأولى ما أمكن.
- إذا أخذت بكل هذه الاحتياطات، ولكن شعرت بأن ارتكاسة تتعدى الحدود الطبيعية كأن انغلقت على نفسها فأصيبت بالاكتئاب أو بالعكس، وانقلبت على نفسها فأصبحت عصبية المزاج ثائرة الأعصاب على الدوام، فلا بد حينها من طلب المساعدة عند طبيبها وأحيانًا أخرى بتدخل من اختصاصيي علم النفس. وينتهي كلام الدكتور مصطفى.
وأخيرًا -أختنا الكريمة- نسأل الله عز وجل أن يعينك ويوفقك في تنفيذ هذه المراحل الثلاث بكل دقة، وأن تكوني لأبنائك جميعًا أمًّا ناجحة بإذن الله سبحانه.. وربما كانت الأعباء كثيرة، ولكن تأكدي أن الثمرة جميلة حلوة المذاق تستحق التعب، فلنسدّد ولنقارب كي نستحق البشرى ونستمتع بالثمر.
ـــــــــــــ(103/76)
قاضي الأطفال شنق نفسه ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتحية طيبة مباركة نزفها إليكم وإلى جميع القائمين على الموقع، سائلين الله أن يجزيكم خير الجزاء على جهودكم الخيرة، وبعد.. فإننا نودّ أن نستشيركم؛ لأننا كوالدين خبرة متواضعة في التربية. لدينا ريم 5 سنوات، ومنيرة 3 سنوات ونصف، وعائشة سنة ونصف.
المشكلة تكمن في الشجار المستمر بين ريم ومنيرة، ويأخذ في كثير من الأحيان شكلاً عنيفًا مثل نزع الشعر أو طبع للأصابع على الخدود، بالإضافة إلى عصبية البنات وعنادهن. حاولنا علاج هذه المشكلة بالترغيب والترهيب، ولكن دون فائدة حتى إننا نضطر في أحيان كثيرة إلى ضرب المعتدي منهن كوسيلة لإيقاف هذا السلوك، ولكن دون جدوى.
حاولنا تجنب الضرب بالحرمان من أشياء يحببنها كالنزهة والألعاب؛ وذلك لعدم رغبتنا في اللجوء إلى الضرب، لكن لم يغير ذلك شيئا. نرجو إفادتنا في التغلب على هذه المشكلة، علمًا بأن ما يحدث هو شقاوة بنات وغيرة، وغالبًا ما يعُدن للعب مع بعضهن. وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أيها الأخ الفاضل وجزاك
الله كل خير على تحيتك واستحسانك لما نجتهد في تقديمه، نسأل الله تعالى أن يرزقنا في ذلك الإخلاص والإجادة دائمًا.
تذكرت وأنا أتنقل بين سطور سؤالك قول أحد الشعراء عند سفر أبنائه:
أين الضجيج العذب والتعب؟.............أين التدارس شابه اللعب؟
أين الطفولة في توقدها؟..............أين الدمى في الأرض والكتب؟
أين التشاكس دونما غرض؟...........أين التشاكي ما له سبب؟
لا تتعجب من تذكري لهذه الأبيات؛ فهذا الصداع الذي تشتكي منه إنما هو نعمة ومتعة ستفتقدها حين تغيب عنك، وستكشف المفاجآت التي تحملها إجابتي الدليل على هذا. فتحملك لها وتحمل تنفيذ ما سيأتي هو طريقك إلى ثواب عظيم جزاء إحسان تربية البنات؛ فهن سترك من النار كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
المفاجأة الأولى: "الشجار يعلم الدبلوماسية":
ذُكر في كتاب "الغيرة الأخوية وتفهم الوالدين" للكاتب كوستي بندلي هذا القول: "إذا ترك الأولاد لأنفسهم أقاموا فيما بينهم علاقات أكثر عدلاًَ وإنصافًا من تلك التي نقيمها عنهم؛ فهم يتعلمون أن يتحلوا بالدبلوماسية في مواجهة الواقع، وأن يعرفوا المساواة والعدل واعتبار الآخر واحترامه، وهذا هو بالضبط ما نريد تعليمه لأولادنا، وأفضل أسلوب لذلك أن نتوارى ونفسح لهم المجال لتصفية خلافاتهم البسيطة".
المفاجأة الثانية: "تدخلك يجعلك متحيزًا":
لنتخيل موقفًا للشجار بين ريم ومنيرة لتخلص منه للمفاجأة الثانية: ريم تلعب بعروستها، فتأتي منيرة لتخطفها منها قائلة: "إنها عروستي"، فتصرخ ريم مدافعة عن حقها: "بل عروستي أنا.. أنا لعبت بها أولا".
تسرع الأم للحجرة بعد أن طاشت الأيدي وربما الأسنان ويدور الحوار:
تشكو الابنة التي ضُربت -بضم الضاد- وغالبًا هي منيرة من أختها الكبيرة وعلامات الضرب على جسمها، وتقول: "لقد أخذت عروستي".
فتصرخ الأم في ريم: "لا يحق لك أن تعاملي أختك هكذا.. أنت الكبيرة يجب أن تكوني ألطف مع أختك.. إنها أصغر منك".
وهنا تدخل الأم من حيث لا تدري في شَرَك نصبته لها منيرة لتستدرج به أمها إلى التعبير عن أنها تحت الحماية ولا يحق لأحد خرقها، وهو ما يغيظ ريم الكبيرة -التي ما زالت صغيرة- ويشعرها بتخلي الأم عنها، (بل وخيانتها وظلمها لها لصالح أختها الصغيرة) وعدم عدلها، فتتحدى الأم شخصيًّا باختراق هذه الحماية التي تراها ليست من حق أختها الصغيرة.
ويلخص دكتور درايكرس ذلك بقوله: "الأولاد يتشاجرون عمدًا ليجتذبوا الانتباه، فأصغرهم يستخدم المشاجرة ليبرز ذاته في نظر الأهل ليستدرجهم لإعطائه الحق وتحميل اللوم للأخ الأكبر، ولو كلفه ذلك تلقي الضرب من أخيه الأكبر، أما الأكبر فهو يرد على تحدي الأصغر ليفرض نفسه بهذه الوسيلة على انتباه الأهل؛ لذا فإن تدخل الأهل ولو أخمد المشاجرة وقتيًّا إلا أنه يغذي لدى الأولاد الحافز الذي دفعهم للشجار، وبالتالي فهو من حيث لا يدري يشجعهم على تكرارها".
أخي الفاضل، إن المثل يقول: "إن قاضي الأطفال شنق نفسه"، فأنت تتعامل مع مخلوقات أذكى مما تتصور، بل وقد يكون عراكهم ليس غرضه الانتصار على الخصم بقدر ما هو لكسب مؤازرة الأهل ونبذ الخصم وعقابه؛ ولذلك فتحلَّ بكل الصبر وأنت تحاول تحقيق أهداف ثلاثة:
1- محاولة الحد من الشجار.
2 - تحقيق المحبة بين الأختين.
3 - الحد من الغلو في العنف عند الشجار.
ولتحقيق الهدف الأول:
1 - تجنب التدخل في مشاجرتهم البسيطة، فافتقادهم للجمهور سيفقدهما متعة حقيقية بعدم وجود الجمهور المستهدف من تلك المشاجرة، وحين تضيع هذه المتعة سيتوافقون وسيتعلمون كيف يحمون أنفسهم وحقوقهم بصورة ودية. لا أقصد عدم التدخل، بمعنى تركهما تقتتلان، بل أعني تجنب التدخل أثناء نشوب الصراع.. تدخل حين تدعو الحاجة.
2 - ضع قواعد لحل الخلافات، وعلمهن إياها بطرق مختلفة ومتنوعة عبر الحديث الهادئ، وادعم ذلك بالقصص أو بمواقف واجهتها وأنت صغير تعبّر عن الحب بين الإخوة، وكيف أنه يحقق السعادة لكل من في البيت، وكيف أن الله يرضى عمن يحب إخوته كما يحب نفسه، وكافئ مشاعر الحب والحنان التي تصدر من إحداهن تجاه الأخرى، ومن القواعد:
- لا يلعب أحدكم بلعب الآخر دون استئذان.
- ينبغي عدم توجيه الكلام بهذه الطريقة لأختك.
- لا ينبغي استخدام الأيدي مطلقًا عند الاختلاف؛ فهذا سلوك من لا عقل لهم.
وذلك حسب طبيعة الخلاف المسبب للشجار في كل مرة، ولا تحِد أنت أو الأم عن القاعدة التي وضعتماها سويًّا، حتى لا تضطرا للقيام بدور القاضي؛ فتوغرا صدورهما.
- ضع قواعد ثابتة للعقاب والثواب فيما يخص مسألة الشجار يحترمها جميع الأطراف، مثلاً: أي لعبة يتعاركان عليها يتم أخذها وحرمانهما منها معًا... وهكذا نضع لهما مصلحة مشتركة يتعاونان في تحقيقها، كما يجب مكافأتهما على عدم العراك بنزهة لطيفة لهما معًا.
3 – كن أنت ووالدتهم المثل في تطبيق قواعد حل الخلافات والتعبير عن مشاعر الغضب في سلوككم اليومي، وحاولا توصيل هذه المعاني لهم بطريقة تناسب سنهم وليكن ذلك عبر مسرحية بالعرائس مثلاً عن متخاصمين حلا خلافاتهما بالحديث المباشر مرة، وبالتحاكم إلى والديهما دون وشاية وفي حضور الطرف الآخر لكي لا يظلم أحد مرة أخرى.
4 - استمعا إلى كل منهما، وإلى مشاعرها، وحذارِ أن تطلب من إحداهما الصمت أو عدم التحدث بأي خواطر سيئة تجاه أختها، بل يجب أن تسمح لهما -وكذلك الأم- بالإفصاح عن كل المشاعر حتى لو كراهية لكي تتمكن من تهذيبها وتوجيهها؛ فإن التنافس بين الإخوة يمكن أن يكون عاديًّا، طالما أنهم قادرون على تبادل مشاعر مشتركة بينهم من الرضا والإحباط، ولم يكونوا مشحونين بنزعات العنف أو الحقد.
5 – لا بد من ملاحظة أن منيرة وهي الطفلة الوسطى ربما تعاني من إحباط ما؛ لكونها بين قمتين: ريم الكبيرة التي كان لها كل الاهتمام وحدها لأعوام وعائشة المدلّلة -بحكم أنها الصغرى-.. فهي بحاجة -إلى جانب اهتمامكما بها- إلى لحظات من الحب والعطف الخاص الذي يشبع إحساسها بتفردها وتمكن مكانتها من والديها؛ ففي غياب ريم مثلاً في المدرسة أو عدم تواجدها لأي سبب، وعدم انتباه عائشة أو نومها.. لتمارس الأم معها اللعب أو تصطحبها لشراء شيء تختاره بنفسها من المتجر أو تشركها في اختيار هدية لأختيها، أو غير ذلك، وهو ما يشعرها أن لها نصيبًا كبيرًا من الحب يطمئنها فيقلل من عصبيتها وعنادها.
6 - حاول أنت وأمهما التعرف بجدِّية إلى الأسباب الكامنة وراء المشاحنات والإغاظة، ولماذا يغار أحد الأطفال من الآخر، وستجد المزيد من النصائح في الاستشارة التالية:
- شجار الأبناء مثلث الحل
ولتحقيق الهدف الثاني وهو تحقيق المحبة بين الأختين:
1- لا تقارن أي طفل بالآخر، وعامل كل طفلة كأنها طفلتك الوحيدة؛ فحين يتأكد الطفل من مكانته في قلب الأم والأب، فإنه لا يهتم بما يأخذه بقية إخوته من حب والديه.
وكن واعيًا لإشارات التفضيل التي قد تصدر دون قصد منا نحن الوالدين، مثل:
أ - مناداة أحد الأطفال باستخدام مفردات التحبب دون غيره.
ب - الانسجام بشكل أفضل مع طفل معين.
جـ – تقليل أهمية إنجازات أو قدرات أحد أطفالكم أو تجاهلها، وغيرها.
2 - أشعرا بناتكما أنكما لهن نعم الأب/ الأم للجميع، فقوما بشراء الهدايا للجميع.. وإذا ما تصرَّفن بشكل طفولي فلا تنتقداهن، بل استمعا لهن وطمئناهن بأنكما تحبانهن، واعملا على إشعارهن دومًا بهذا الحب، فكلما صنعت الأم طعامًا محببًا مثلاً تقول: "أرأيتن كم أحبكن.. لقد طهيت لكن (كذا) الذي تحببنه"، وهكذا...
3 - شجِّعا كل منهن على إظهار الحب للأخرى: كالقبلة، والاحتضان، وإعطاء الحلوى، والمساعدة وقت الحاجة على حسب قدرات كل منهما. ولتقل لكل منهن إن الأخرى تحبها كثيرًا.
4 - اعمل أيها الأب الكريم مع الأم على ترتيب رحلات أسرية، وحفلات، وأنشطة رياضية كالمشي وسواه لكل الأسرة؛ فهو مما ينشر جوًّا من المرح، ويكون لدى الأفراد مشاعر إيجابية تخفض المشاعر السلبية تجاه بعضهم البعض.
5- حاولا بناء الثقة بالنفس لدى كل منهما، وبداية ذلك المسؤوليات الصغيرة، وتدعيم كل تصرف إيجابي باعتدال ودون إفراط؛ فمثلاً يمكن للأم تكليف كل منهما بعمل منزلي كترتيب الأحذية، أو تجفيف الملاعق، أو توصيل الأطباق إلى مكان الطعام وغيره الكثير، وهو ما يستطيعان عمله معًا، وعلى أن يساعدا بعضهما البعض.
ولتحقيق الهدف الثالث والأخير وهو الحد من الغلو في العنف يمكنك فعل ما يلي:
1 - قد اتفقنا أنه لن يحدث تدخل حال وقوع المشاجرة من قبل الأم أو من قبلك مع البنتين، فكما قلنا إن التشويق والإثارة يضيعان بضياع الجمهور الذي يحضر المشاجرة ويتدخل لحسمها.
2 – لا بد من استخدام أسلوب التحييد إن تم اللجوء للعنف في المشاجرة -رغم كل ما سبق من خطوات- وأسلوب التحييد كما يحدثنا دكتور "دودسون" في كتاب "الأب وأبناؤه" يهدف لعزل المتشاجرين لفترة قصيرة من الزمن أحدهما عن الآخر وعن الجمهور ريثما تعود المياه لمجاريها؛ فهو يقول: "إذا ما تشاجر ولدان أرسلوا كلاًّ منهما إلى غرفة ليبقى فيها بهدوء مدة 5 دقائق، وعلى كل فيجب أن يتم ذلك بحزم مقرون بالصفاء والتفهم لكيلا يشعر المذنب بأننا ننبذه أو نحرمه من حبنا وتقديرنا".
أخي الفاضل.. لقد اجتهدت أن أقدم لك إجابة وافية لما دار حوله سؤالك جنبًا إلى جنب، مع إجمال ما تم تقديمه من قبل على الصفحة من نصائح فيما سبق من استشارات حول نفس الموضوع، وآمل أن تنتهي متاعبك التي شكوت منها من شقاوة البنات.
ـــــــــــــ(103/77)
الإيمان.. العلم خطان متوازيان لنضج الأمومة! ... العنوان
لديّ ابنان: سعود سنتان، وفارس 5 أشهر. مشكلتي تكمن في ابني البكر سعود؛ لأنه شقي جدًّا ويضرب أخاه بكل ما تقع عينه عليه، وحينها لا أتمالك نفسي فأنهال عليه ضربًا، وما إن أهدأ حتى أحتضنه وأعتذر له، وأنا باكية على فعلتي حتى أصبح يعرف أنني سوف أعتذر إذا ضربته!!
أريد أن يكون ابني بأحسن حالاته، ولكن شقاوته لا حل لها، فأنا أقرأ له القصص التي تشجع على حب الإخوة، ومساعدة الغير والرسم معه، ومع هذا لا ينتهي عن ضرب أخيه أو إزعاجي بالضرب، فأحيانًا يضربني ويشد على أسنانه بقوة، ويصرخ بوجهي فأبكي خوفًا عليه وأتركه إلى أن يهدأ وأحتضنه وأحيانًا يناديني ماما أريد قبلة؟؟ أنا محتارة جدًّا.. ساعدوني حتى لا أضربه.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة/
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
"أم لأول مرة هذه هي المشكلة"
لا تتعجبي فأنت أم لأول مرة حتى وإن كان حصاد عمر الأمومة لديك طفلين، فأنت أم لطفلين لأول مرة.. هذه هي الحقيقة، ففي أغلب الحالات التي تشكو مما تشتكي أنت منه نقول للأم السائلة: "انتبهي للغيرة الأخوية"، فطفلك الأول لم يحصل على قدره الكافي من الرعاية والحب. ولكن في حالتك -وغيرها الكثير- أضيف للغيرة عامل آخر في غاية الأهمية وهو "أنك يا سيدتي لم تأخذي وقتًا كافيًا لتنضج أمومتك".
حبيبتي، اعذريني فلست أوجّه النقد لشخصك، لكن الحقيقة أن "الأمومة مسئولية والمسئولية تستلزم النضج".
وإن كان الحديث عن مسئولية الأمومة فأحسبها كبرى المسئوليات وأعظمها في حياة أي امرأة. وإن كان يفوتنا أن نُعِدّ لهذه المسئولية عدتها قبل الإقدام عليها فلا أقل من أن ننمي أنفسنا أثناء ممارسة هذه المهمة ونطوّر مهاراتنا الأمومية، ونصقل ما فاتنا صقله في شخصيتنا.
بل دعيني أقلها صريحة بغير التواء: نحن بحاجة حقا لأن نربي أنفسنا قبل وأثناء تربيتنا لأطفالنا.
لقد فكرت كثيرًا ما الذي تحتاجه الأم لتقوم بعبء مسئولياتها وما وصلت إليه حتى الآن ألخصه لك في كلمتين: (الإيمان - العلم).
وهذه الأولى تتطلب ما سميته: تربية أنفسنا، أي بناء علاقة قوية مع الله تعالى يتضح فيها أن كل ما نفعله إنما لوجه الله، وأن تربيتنا لأطفالنا جهاد وأمانة، وأن رعايتنا لهم حق الرعاية إنما هي طاعة وقربى لله، وهو ما يجعلنا ننطلق بوضوح من هذه الصورة الذهنية عن مهمتنا في الحياة.
أما الثانية والتي تتعلق بالعلم فتتطلب:
- المعرفة المستمرة النامية لما يخصّ نواحي نمو طفلك المختلفة وطرق تنميتها.
- تنمية المهارات الشخصية (إدارة الوقت - مهارات حل المشكلات - تنمية التفكير - الفاعلية الشخصية - تفويض المهام - تنظيم الأوراق...)، وغيرها الكثير والكثير مما ينمو على طول رحلة الأمومة الممتعة، ولكن كلما حصلنا على هذه المهارات مبكرًا تركنا فرصة أوسع للاستماع بالرحلة.
هذا ما فكرت كثيرًا فيه أنا شخصيًّا وأنا أستعد لخوض هذه التجربة لأنضج أمومتي، وأظنني والحمد لله على الطريق فهلمي معي، وأدعو الله سبحانه أن يكتب جهدنا جميعًا في ميزان الحسنات.
أعود لحروف رسالتك:
1- فلديك طفل شقي جدًّا.
ولا أدري ما هي هذه الشقاوة التي تتحدثين عنها ولا مظاهرها حتى نحصر إذا ما كانت من اللعب والنشاط المفيد أم أنها شيء غير طبيعي؟
2- يضرب أخاه.
3- تقولين: "أنهال عليه ضربًا، ثم أعتذر له.. ويضربني ويصرخ بوجهي فأبكي".
وسأبدأ من الثانية؛ لأنها كما أظن بيت الداء وسببًا لما سبقها وتلاها، ولن أسوق لك التأثير السلبي للعقاب البدني خاصة في هذه السن المبكرة جدًّا جدًّا جدًّا؛ فأظنني لست بحاجة لذلك فأنت رأيت بعينك أثر هذا على طفلك، فهو قد تعلم أن الضرب هو اللغة المناسبة للتفاهم فردها لك وهو يقول لنفسه: "ما دامت أمي أعزّ من لي في هذه الحياة تتبع معي هذا الأسلوب فحتمًا هو أسلوب مناسب"، وقد رأيت بعينيك عصبيته وصراخه بوجهك بل وضربه لك.
حبيبتي.. كفّي فورًا وتمامًا عن إيذاء طفلك ونفسك بضربه والصراخ بوجهه، ودعيني أوضح لك ما يعانيه طفلك:
- أولاً: طفلك يعاني بشدة من الغيرة، فربما لم يتأهل بعد لاستقبال أخ جديد، خاصة أنه ما زال صغيرًا على استيعاب قدوم أخ له ينزله عن عرشه.
ثانيًا: طفلك يعاني من عدم وجود السلطة الحانية المحبة الحازمة وكرّريها بينك وبين نفسك (محبة - حازمة).
كما أنه يحاول جاهدًا أن يلفت نظرك ويناضل للحصول على الاهتمام الكامل له؛ ولذا فلا مانع من أن يجذبك جذبًا بكل وسيلة يراها ما دامت تجذبك فعلاً، وهو ما يحدث فيصرخ وتقدمين إليه لتبكي بين يديه، ويضرب أخاه وتجيئينه فورًا لتنهالي عليه، ثم تعتذرين له!!
أختي الحبيبة، أنا أقدر حساسيتك المفرطة وإحساس الذنب الذي يداهمك بعد ضربه، ولكن هذا يضرّه حتى إنه اعتاد ذلك لدرجة أنه يعرف أنك ستعتذرين له.
الأفضل لطفلك دائمًا أن يعرف حدود الصواب والخطأ، ويكافأ على الصواب دائمًا ليعززه، ويوجه للخطأ ولكن بلا ضرب، فالعقاب له أساليب كثيرة، ولكن ابدئي بالمكافأة ثم المكافأة رحمك الله تعالى، وأنا على يقين بالله أنها ستؤتي ثمارها فليس هذا كلام، بل حصاد التجربة التي نطقت بها ألسنة أمهات أخريات من زائراتنا.
هذا ملخص ما يشعره طفلك ويعانيه. ضعيه دائمًا في عقلك وقلبك لتتعاملي معه من واقع وعيك بأن طفلك يحتاج إليك وبشدة، ويحتاج لسلطة وحزم وحب، فانهضي بنفسك في توازٍ مع نهوضك بطفلك، فطفلاك يحتاجان لأم ناضجة قوية قادرة.
- ركّزي على أن تتخلصي من اندفاعك لضربه.
وأرجو مطالعة هذه الاستشارات المتعلقة بعلاج عصبية الأم:
- موسم الأمومة.. تعرفي على نفسك
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
- نصائح ذهبية لعلاج العصبية
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
وهناك معالجات أخرى للتعامل مع الطفل في هذه المرحلة أرجو أن تطالعيها:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
- قاضي الأطفال شنق نفسه
- دروس في تنمية الذكاء
أدعو لك بالتوفيق، وأرجو أن تتابعينا بتطوراتك والمزيد والمزيد من تساؤلاتك.. ونحن معك دائمًا.
ـــــــــــــ(103/78)
ابنتي.. تتفنن في تعذيبي ... العنوان
السلام عليكم بعد التحية والشكر الجزيل على كل ما قدمه هذا الموقع المتميز لنا من نصائح أعرض لكم مشكلتي مع ابنتي التي أحبها وأخاف عليها من نسمة الهواء.. وتتفنن في تعذيبي من خلال عنادها وغيرتها من أختها الصغيرة وعمرها ستة شهور.. مع أنني لم أغير معاملتي لها وهيأتها لاستقبال أختها وأحضرت لها الهدايا لكن دون جدوى ، والآن لا أدري.. أشعر بأن ابنتي سوف تمرض نفسيا من غيرتها حتى إنها في بعض الأحيان تغضب كالكبار وتخرج من الغرفة وهي تتلفظ بكلمات لماذا حصل هذا مثلا.. مع العلم بأن عمرها ثلاث سنوات ونصف.. والمشكلة الثانية بأنها لا تنفذ ما أطلبه منها إلا إذا صرخت في وجهها وهددتها بالضرب عندها تقول لي لا ماما وتنفذ ما طلبته.. أفيدوني بما لديكم وجزاكم الله خيرا وعذرا للإطالة. ... السؤال
العناد والعصبية, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيتها الأم الرقيقة التي
تبدو رقتها وحنانها في كل سطر من سؤالها، وأتمنى أن تكون الإجابة على سؤالك مما يضيء لك الطريق للتغلب على كل مشكلة أشرت لها في سؤالك، ولكن قبل أن نبدأ معا الحديث عن هذه المشكلات أحب أن أقول لك إن قلوبا كثيرة تغبطك على هذا (العذاب)، فما أجمل ما تعيشينه من (عذاب) في تربية زهرتين جميلتين سيكونان لك حجابا من النار – إن شاء الله – بإحسان تربيتهما، وصديقتين حبيبتين في المستقبل القريب، وانظري إلى قول الشاعر في حب ابنته:
ولكن شم شذاك الرطيب يزيح عن الصدر صخر الكروب
أختي الحبيبة، أحدثك في أمر الغيرة بين الإخوة باعتبار أنني واجهت نفس المشكلة من شهور قليلة – فولدي الأصغر يكبر ابنتك الصغرى بشهرين، وكذلك باعتباري كبرى إخوتي وقد تعلمت من هذه التجربة الكثير لأتفاداه مع أبنائي مما قد يؤلمهم كما آلمني؛ فالابن البكر يعيش مأساة حقيقية عند ولادة الأصغر؛ بل والأعجب أنه قد ثبت في دراسة أجراها محللان نفسيان عام 1951 في فرنسا على 200 من الأطفال الذين كانوا يعانون من بعض المشاكل الانفعالية؛ حيث أتضح أن الغيرة تجاه الإخوة والأخوات تفوق نسبتها عند الأبكار 65% نسبتها عند من يتبعهم في ترتيب الإخوة (50%) ، كما أورد دكتور " موريس بورو " في كتابه (الأطفال والعلاقات الأسرية)... الخلاصة هي أن الغيرة الأخوية أزمة لا بد منها.. ودورك في إعداد ابنتك لتفادي هذه الغيرة كان
أمرا لا بد منه للتخفيف من حدة هذه الأزمة، لكن المشوار ما زال طويلا.
أعلم يا أختي أنك لم تغيري معاملتك لابنتك – هذا من وجهة نظرك -، لكن ألا يكفيك تغييرا لهذه المعاملة- من وجهة نظرها- أنك تلاعبين غيرها وتبتسمين لأختها؟ وتعطينها بكل زهو وفرح للزوار ليباركوا مجيئها ويحملوها بسعادة من يحمل طفلا جديدا ويمدحوا جمالها، وتلك المسكينة ترقب بعين الحرمان كل هذه المشاهد وهي التي تعي وتفهم المجاملة وتسعد بها لكنها حرمت منها بغير سبب، بل تهدد بين الحين والآخر بالضرب ويصرخ في وجهها.
ودعينا نحاول تلخيص ما ينبغي علينا مواجهته من مشكلات وأهمها:
•الغيرة الأخوية.
•عدم الطاعة والعناد.
والحقيقة أنهما وجهان لمشكلة واحدة وهي الصدمة التي تلقتها الابنة بعد عصر ذهبي عاشته على قمة التألق ثم نزع منها كل امتيازاتها دون سبب وجيه لديها بمنطقها الطفولي سوى أنكما – أنت ووالدها – لم تعودا راضيين عنها وأنها فقدت قيمتها في أعينكما ففكرتما في استبدالها.
إذن فحل المشكلتين يكمن في تحويل مشاعر الغيرة لدى ابنتك إلى حافز للنمو والانطلاق والنضج، وذلك لأن هذا التحويل من شأنه أن يمنح ابنتك القدرة على قبول الآخر والدخول في علاقة حقيقية معه فتنعكس نتائج تلك الخبرة على ما يليها من علاقات مع الآخرين في المجتمع من حولها.
و لنبدأ معا في ترتيب أوراقنا، ووضع خطة تحقق لنا هذا الهدف:
أولا: لا تعتبري ابنتك شريرة، ولا تستنكري تعبيرها لفظيا عن ضيقها بالوضع الجديد، فلا بد أن تتأكدي أن الغيرة ظاهرة طبيعية كما سبق وأشرنا، كما أن الغيرة لا تنفي وجود الحب تجاه المنافس، بل إن الحب موجود من داخلها تجاه أختها لكنها ترفض أن تحبي-أختها- أنت معتدية على مكانتها.
وبالطبع فلا تكتفي بشعورك بطبيعية هذه الغيرة بل لا بد من إشعار الابنة بأنك لا تعتبرينها شريرة لأنها عبرت عن شعور ما عدائي تجاه أختها؛ وذلك لأن الطفل حين يشعر بأن والديه يعتبرانه شرير لإحساسه بهذه المشاعر العدائية يدفعه ذلك للتصرف كشرير فعلا لارتباطه انفعاليا بوالديه ونظرتهما إليه مما يرسخ من موقفه العدائي، وشعوره أنه منبوذ لصالح غيره.
ثانيا: أشعريها أنه من حقها أن تبدي استياءها من أختها-ولكن في حدود عدم الإيذاء- بل وشاركيها أحيانا هذا الاستياء –ولهذا أثره المجرب فعلا-، كأن تقولي "أتعرفين لماذا أحب اللعب معك؟ لأنك كبيرة وكلامك ممتع صحيح أني أحب أختك لكن لا أستمتع معها مثلما يحدث معك فهي لا تعرف الكلام واللعب.. لكنك ستعلمينها صح؟" أو "هذه الطفلة لا تعرف الكثير..." إلى غير ذلك مما يشعرها أنك في صفها؛ بحيث تساعدينها على التغلب على عدائها تدريجيا وتخطيه والتعاطي مع ازدواجية المشاعر-مشاعر الحب والعداء في نفس الوقت- لديها بارتياح، فهذا التفهم لمشاعرها السلبية وإشعارها أنها طبيعية يؤكد لها أنها محبوبة وذات قيمة فتحب نفسها وتتمتع بالأمان، وقد تجدينها هي التي تدافع عن شقيقتها قائلة: "لا يا أمي لقد أصبحت كبيرة مثلي".
ثالثا: يجب محاولة تحسين العلاقة بين الطفلين وغرس الحب بينهما، وهناك العديد من الأفكار لهذا الأمر:
1- يمكن أن تشركيها في أداء بعض المهام للطفلة الثانية كأن تناولك الحفاظة أثناء التغيير لأختها أو أن تناولك زجاجة الرضاعة أو المنشفة أو غير ذلك؛ والغرض من ذلك أمران:
أولا: إشعار الطفلة أن هناك ما يمكن أن يُسعد في وجود هذه الضيفة، وأنها وأنت كوحدة واحدة تتوليان رعايتها وتتقاسمان المرح والسعادة في ذلك.. فضلا عن إشعارها بالتميز وكبر سنها عن هذه الصغيرة فهي "أشطر وأكبر منها؛ فهي تستطيع أن تعمل أشياء كثيرة ستعلمها لأختها عندما تكبر".
ثانيا: إشعارها أن هذه الرضيعة مسئولية وعبء وأنها هي التي تعينك على أداء هذه المسئولية وذلك لتكون دائما في صفك شاعرة بتعبك من أجلهما.
2- لابد من الاستعانة بالقصص التي تناسب عمرها عن أهمية وجود شريك يتقاسم معها السعادة واللعب، وكيف أن القطة (بوسي) مثلا كانت وحيدة وتقول لأمها أريد أحدا يلعب معي وأضحك معه، حتى رزقت بأخت جميلة واستجاب الله لها وأخذا يلعبان ويمرحان... الخ.
3- حينما تخرجان للتسوق اطلبي منها اختيار هدية لها وأخرى لأختها، وذلك لتشعريها برعايتها لها ومسئوليتها عنها، وثقتك في توليها لبعض أمور أختها، ولن أؤكد أن تطلبي ذلك منها بما يشعرها بما سبق وبكل لطف.
رابعا: لا بد من جعل وقت مخصص لابنتك الكبرى الحبيبة في وقت فراغك من أختها، وليكن وقت قبل النوم أو المساء أثناء نوم الصغيرة أو لهوها بشيء، فتحملين حبيبتك الكبرى على رجليك وتلفينها بذراعيك وتملسين على شعرها تارة وتهمسين في أذنها تارة أخرى بأنها حبيبة قلبك، وأنها كلما كبرت زاد حبها في قلبك لما ترينه فيها من (شطارة)، وأنك كنت سعيدة جدا حين ولدت وكنت تستمتعين بحملها والنوم في أحضانها.. إلخ. وصدقيني أن هذه اللحظات التي تقضينها معها يوميا سيكون لها عظيم الأثر في إطفاء نيران الغيرة والتوتر لديها والشعور أنها ما زالت تقف على أرض صلبة من الحنان والحب والاهتمام.
خامسا: حاولي امتصاص واستيعاب استفزازها بأكبر قدر من الهدوء والتفهم والحوار بهدوء وإقناع أن هذه التصرفات خطأ، وأن ابنتك حبيبتك لا تفعل ذلك لأنها حبيبتك الشطورة.
سادسا: حينما تأتي إليك لتحكي لك أمرا أو لتتكلم معك... التفتي إليها بجسدك كله وابتسامة عريضة على وجهك ولا مانع من فتح ذراعيك لتقول ما عندها وهي في حضنك.
سابعا: حاولي إشراكها معك في أعمال المطبخ مثل أن تعجن عجينة (قطعة صغيرة طبعا) أو أن تقشر ثوما مثلا، وحدثيها في هذه الأثناء حديثا يشعرها بصداقتك، كأن تقولي: "أنا أحب طعم الدجاج جدا لأنه لذيذ.. وأنت أيضا.. أليس كذلك؟؟" أو غير ذلك من الأحاديث التي تخلق جوا من الألفة والصداقة بينكما، واخرجا من المطبخ وأنت ممسكة بكفها كصديقتين.
ثامنا: اجعلي لها وقتا تمارسان فيه شيئا وحدكما، ووكلي أمر شقيقتها في هذه الأثناء للأب مثلا، وليكن هذا الشيء التسوق أو اللعب بالمكعبات أو التلوين أو حكاية القصص.
تاسعا: أحضري لها دمية وسميها باسم شقيقتها لتلعب بها وتتولى رعايتها، وذلك لتخرج فيها أي مشاعر سيئة تحملها تجاه أختها، وفي هذا الصدد يقول دكتور روث مرتاي إن "الدمية كافية للتنفيس عن شعور الطفل بالغيرة وتحرره منها، حيث يحدث عملية انشطار للمشاعر المزدوجة المتناقضة بتوزيعها على موضوعين مختلفين يمثل أحدهما الطفل الحقيقي والثاني الدمية وهي الوجه المكروه للمنافس الأخوي". وبذلك تمتص العروسة جانب الكراهية والعداء مما يسمح بتوجيه الود للأخت.
تأكدي يا أختي الحبيبة أن ما أوردته لك من نصائح قد جربته وجاء معي بنتائج طيبة جدا، وتأكدي أيضا أن عناد ابنتك وعصبيتها واستفزازها هي أسلحتها للدفاع عن نفسها ضد ما يجرح مشاعرها أو العقاب بمثل ما عوقبت به بعد مجيء منافستها.
حبيبتي الغالية أرجو أن أكون قد وفرت لك ما يلزم من معلومات وحلول للتغلب على مشكلاتك
ـــــــــــــ(103/79)
كيف نستثمر الكمبيوتر في التربية؟ ... العنوان
طفلي عمره (7 سنوات) وسؤالي الذي يبدو عامًّا إلا أنه في غاية الأهمية بالنسبة لي وأظن لعدد كبير من الآباء والأمهات هو: كيف نستطيع أن نستغل الكمبيوتر في تربية أطفالنا؟ وجزاكم الله كل الخير ... السؤال
أطفالنا والتكنولوجيا ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. لا شك أن سؤالك –أيها الأب الكريم- يشغل بال الكثيرين، وسأحاول تلخيص الدور الذى يمكن أن يقوم به الحاسب الآلي مع ابنك تحت ثلاثة عناوين أساسية:
1-توفير المعلومات:
يمكن للحاسب الآلي توفير قدر كبير من المعلومات بأسلوب شيق متدرج الصعوبة بما يتناسب مع المستوى العمري والعقلي للطفل، وأقترح عليك تكوين مكتبة إلكترونية لولدك تجمع بين الكتاب المقروء، والصور الملونة، والشريط المسموع، والقصة أو الحدث المرئي، والنشيد المشدو، واللعبة المسلية، وما إلى ذلك...
2-تنمية المهارات:
وهذا الجانب يقوم به الحاسب الآلي عن طريق البرمجيات المختلفة، ويشمل على سبيل المثال مهارات التحصيل الدراسي، ومهارات التفكير وقوة الملاحظة، وإستراتيجيات التذكر، ومهارات الكتابة والرسم، ومهارات التصنيف، ويمكنك توجيه ابنك لاستخدامها في ترتيب مكتبته الإلكترونية تحت أبواب وعناوين معينة، هذا بالإضافة إلى المهارات اللغوية، ومهارة حفظ وتجويد القرآن الكريم، وغير ذلك ... المعدة في شكل برامج على وسائط إلكترونية.
3-تيسير خدمات:
وهذا من المجالات التي يتميز فيها الحاسب الآلي، ويمكن تطويعها لخدمة الجوانب العملية والسلوكية في شخصية ولدك، بأن يعتاد تسجيل ملاحظات أو معلومات تصلح كمادة علمية لموضوع بحثي أو دعوي، أو يصمم جدولاً لمتابعة تقدمه الشخصي في بعض الأعمال والسلوكيات التي يرغب في أدائها والمواظبة عليها، كما يمكن أن يستخدم الحاسب كمساعد باحث أو مرجع علمي أو وسيلة تواصل مع الآخرين وخدمتهم –خير الناس أنفعهم للناس– وكل ما سبق مجرد أمثلة.
وفي النهاية أقدم بعض التوصيات:
1-تحديد الهدف:
احرص على أن تضع لولدك – وحبذا لو شاركته فى ذلك - هدفًا في كل مرة يستخدم فيها الحاسب وراقب مدى تحقق هذا الهدف.
2-إعطاء الوقت:
احرص على إعطاء ابنك جزءاً من وقتك للمشاركة حتى لا يتحول الحاسب فى حياة ابنك لمجرد لعبة أو جهاز عرض.
3-البُعْد عن التكلف:
في ظني أن المعلومة أو المهارة أو الخدمة التي يمكن أن يحصل عليها ولدك بطريقة بسيطة حتى لو كانت التلقين لا داعي لاستخدام الحاسب في تحقيقها؛ حتى تتجنب إضاعة الوقت والجهد وتعوده على الاتكالية والكسل العقلي وهو ما زال في مرحلة تنمية مداركه وبناء خبراته التي لا يبنى ولا ينمو الجزء الأعظم منها في هذه المرحلة من عمره إلا من خلال التجربة الشخصية والتعلم بالمحاولة والخطأ.
4-الحذر من الكسل:
احرص على ألا يقع ابنك أسيرًا للتلقي السلبي من الحاسب حتى لا يفقد القدرة الحركية البدنية والمشاركة الاجتماعية، بل وحتى القدرة على التخيل؛ لأن الحاسب في بعض الأحيان يقدم المادة بما يصاحبها من الخيال والتصور؛ وذلك بالتوازن بين الوسائل المختلفة في تنشئة ابنك مثل الحوار، والرحلات، والحكايات، والكتاب الورقي.
ما أريد أن أقوله بوضوح: "إن عليك أيها الوالد الكريم ألا تنسى أن الكمبيوتر مثله مثل أي وسيط تربوي نستعين به في تربية أبنائنا وإنمائهم في جميع النواحي العقلية، والنفسية، والوجدانية، و المهارية ، والتعليمية، والجسدية... إلخ، فهو أداة توظف لتنمية مهارة أو جانب من جوانب شخصية الطفل.. أي هو مجرد أداة وليس غاية في حد ذاته.
ـــــــــــــ(103/80)
الغيرة تحرق زهرتي ... العنوان
الأخت الفاضلة/ مي حجازي، السلام عليكم ورحمة الله، أنا صديقة قديمة لصفحتكم، ولا أدري إن كنت تذكريني أم لا، كنت أرسلتك لك رسالة سابقة أستفسر عن طريقة التعامل مع طفلتي (5سنوات) ، ووقتها نصحتني بالعديد من النصائح التي أتت ثمارها بأكثر مما أتوقع وأرسلت لك في رسالتي الثانية أقول إنني أصبحت أكثر قربًا من ابنتي وأكثر حبًّا لها، وكذلك هي أصبحت أكثر اقترابًا مني.
وكنا في هذه الفترة نعود للمنزل تقريبًا في وقت واحد هي من روضتها وأنا من عملي، لنقضي اليوم معًا سواء خارج المنزل أو داخله حتى يحين موعد نومها، فأنام إلى جوارها أقص عليها القصص حتى تغمض عينيها وعلى شفتيها ابتسامة تسعد قلبي.
وخلال هذه الفترة حملت بطفلتي الثانية، وكان حملي متعبا جدًّا قضيته ما بين الفراش والمستشفى وانقلبت حياة ابنتي رأسًا على عقب، فأصبحت المربية تقوم بكل شئونها تقريبًا، ورفضت هي هذا في البداية، وكنت "أحايلها أحيانًا" وأرغمها على قبوله أحيانًا أخرى، فلم يكن هناك بديل آخر وهي أصلاً تحب مربيتها.
أصبحت ابنتي شديدة العصبية في هذه الفترة، كثيرة البكاء، وتسألني في الأيام التي أنام فيها إلى جوارها متى نعود مرة أخرى لنخرج معًا ونلعب معًا، وأقول لها عندما يمنّ الله عليّ بالشفاء. إلى أن اقترب موعد ولادتي وظهر الحمل، قلت لها إن الله قد وضع لها هدية في بطني، وبدأت في انتظار المولود واختيار اسم له إلى أن حان وقت الوضع، ووضعت طفلتي الثانية وفرحت بها.
المشكلة الآن أن ابنتي قد تغيرت تمامًا فقد أصبحت شديدة الخوف من كل شيء، سريعة الغضب وصعبة الاسترضاء، لا تجيد اللعب مع الأطفال الآخرين، لا تستطيع الاندماج معهم بسهولة، وتريد أن يلعبوا كما تريد هي، وإن رفضوا تضربهم بعنف غريب، وهذا جعل الأطفال يبتعدون عنها ولا يريدون اللعب معها.
تمسك بي في كل مكان، ولا تريد أن تبتعد عني أبدًا حتى لتلعب لعبة أو تمارس أي نشاط، وبعد أن كنت أشتكي من أنها اجتماعية زيادة عن اللزوم، أشتكي الآن من خجلها وخوفها في الروضة. علاقتها بزملائها جيدة وتحب الذهاب إليها ومدرساتها يقولون إنها ذكية ولماحة.
تحب أختها الصغيرة، ولكنها ترفض طبعًا أن نحبها نحن. عندما تراني أداعب أختها تسألني هل كنت تداعبينني هكذا؟ هل تحبينها أكثر مني؟ وأجيب بالنفي طبعًا، وبأنني أحبهما هما الاثنين.
أعرف أن مشكلة ابنتي هي ابتعادي عنها ووجود أخت جديدة لها تقاسمها الحب بعد أن ظلت مدلّلة أكثر من أربع سنوات، وخصوصًا أنني أصبحت عصبية معها بعض الشيء مع انشغالي بعملي والطفلة الصغيرة وعنادها الدائم.
أحاول الآن الاقتراب منها مرة أخرى والكلام معها، ولكن أهم ما يشغلني هو كيف أعيدها اجتماعية مع الأطفال الآخرين كما كانت؟ وكيف أقلل من عنفها معهم، فابتعاد الأطفال عنها في اللعب يؤثر عليها كثيرًا. علمًا بأنني أناقش معها هذا الأمر كثيرًا قبل لقاءها معهم وتوعدني بعدم ضربهم وعدم أخذ لعبهم، ولكنها تنسى كل هذا مع أول تصادم.
ثانيًا: كيف أجعلها تتحرك بدوني وبدون خوف وأنا لا أطلب طبعًا أن تتصرف بمفردها تمامًا، ولكني أكون قريبة منها. وفي النهاية لك جزيل الشكر وآسفة على الإطالة. ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم الزهرة زهراء، مرحبًا بك وبورك لك في المولودة الجديدة، جعلها الله تعالى هي وأختها لك حجابًا من النار وأقرّ بهما عينيك.
إن ما تمر به الحبيبة زهرة من مشاكل عدة ومتشابكة له ما يبرره من مبررات قوية وواضحة تمر بها من جرّاء ابتعادكما عن بعضكما، ثم إزاحتها عن عرش قلبك الذي كانت تتربع عليه وحدها لتزاحمها فيه أخت جديدة ستكون لها حبيبة -ولا شك في ذلك- إذن فالأمر لا يحتاج للتعامل معها بتوتر منشؤه الخوف عليها من كونها غير طبيعية أو عنيدة أكثر من الطبيعي، فالعصبية معها والتوتر في التعامل مع مشكلاتها لن يزيدها إلا تعقيدًا؛ ولذا فاصبري وصابري وتمسكي بالحلم والهدوء والمرح في التعامل.
ولنحدد أولاً مظاهر المشكلة الأساسية:
1- شدة الخوف من كل شيء.
2- سرعة الغضب وصعوبة الاسترضاء.
3- عدم الاندماج مع الأطفال بسهولة.
4- تعلقها الشديد بك.
ونأتي للخطوات التعامل مع مظهر من هذه المظاهر بناء على فهمنا لأصلها جميعًا:
1- للتغلب على الخوف لا بد من اقتحام هذا الخوف، بمعنى أنه لا بد من معرفة أسباب خوفها والتغلب عليها بشكل غير مباشر، فهناك قاعدة هامة تتعلق بمسألة خوف الأطفال، وهي أن الخوف عادة ما يكون رد فعل لضغط عصبي يقع تحته الطفل، والضغط العصبي الذي وقعت تحته أمر واضح وهو انتزاعها من حضنك بسبب ظروف حملك وولادتك، ثم وجود الطفلة الجديدة؛ إذن فالمطلوب تحديد مخاوفها: (هل تخاف الظلام – التواجد وحدها في الحجرة – الانفصال عنك... إلخ)، وبعد تحديد هذه المخاوف نتعامل معها وفقًا للخطوات التالية:
أ- محاولة دحض هذه المخاوف وإثبات أنه لا يوجد ما يدعو للخوف ما دمنا نحرص على عدم تعريض أنفسنا للمشاكل باللعب الخطر مثلاً، وكذلك لا بد من محاولة إنعاش ثقة زهراء بنفسها، ولقد استفضنا في شرح هذا الأمر في استشارات سابقة سنوردها لك في نهاية الاستشارة.
ب - مشاركتها في الأنشطة المختلفة وتخصيص وقت لها بشكل يومي للعب معها أو التلوين أو الرسم أو حتى مشاهدة الكارتون، وذلك في الأوقات التي تستطيعين فيه توكيل أمر الصغيرة للمربية أو للأب، أو انتقاء ما يمكن متابعته معها من أنشطة خلال تواجد الصغيرة الحبيبة معكما بحيث تكون ذراعيك حولهما معًا وأنتم تشاهدون الكارتون أو تحكون حكاية أو تتحدثون عن الأحلام والآمال المستقبلية.
ج - تحتاج الابنة إلى بثّ الاطمئنان باستمرار من خلال أحاديث حانية تشعرينها فيها أنها تقف على أرض صلبة من حنانك ورعايتك، وأن الله تعالى يرعانا ويحفظنا ويختار لنا الخير، وأن ذكره يحقق لنا الطمأنينة والأمان، مع دعم ذلك بقصص وحكايات فيها بهجة وسعادة وشجاعة واطمئنان.
2- أما عن سرعة غضبها وصعوبة استرضائها فهو ما يجب التغلب عليه بما يلي:
أ - بالاستيعاب لهذا الغضب الذي نحمد الله أنها تنفث عنه ولا تكبته بداخلها، فيسبب لها ضغوطًا بالهدوء والطلب منها برقة أن تتكلم عما يغضبها، ولكن بصوت غير عالٍ وبأسلوب يناسب أنها تكلم "ماما" حبيبتها، ووعدها بأنك ستنصتين لها وستزيلين أسباب غضبها، بشرط أن تتكلم بهدوء وتعبّر عن غضبها بأدب وبدون تصرفات سيئة، فهي حبيبتك التي لا تحبي أن تفعل أي شيء خطأ.
ب - محاولة إيجاد حيوان أليف في المنزل: قطة – كتكوت – أرنب - قفص للعصافير.. وتدريبها للعناية به وتوكيلها لتولي أمره، فوجود مثل هذه الحيوانات تمتص العنف والعصبية لحد كبير ولو وجد أنها ما زالت عنيفة معه لدرجة قتله -وإن كنت أستبعد هذا الأمر فيبدو أن عنفها رغبة في إثارة الاهتمام وجلبه-.. فلا بد من إبعاده.
3- ولكي تتغلبي على عدم اندماجها مع الأطفال وعنفها معهم:
أ - تأكدي أن الوسطية هي طبع الفطرة الذي يغلب على تصرفاتنا بشكل طبيعي، ولكن الضغوط والإحباطات قد تبعدنا عن ذلك، وهذا سبب عنف ابنتك (الضغط والإحباط)، وحينما تكون ابنتك غير مضغوطة وغير متأزمة نفسيًّا فستصل إلى هذه الوسطية وإلى سابق عهدها، ولعلّ ما عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته للآباء أن: "لاعبه سبعًا.." إمتاع الطفل في هذه السبع بالحب، والحنان، والعطاء، والحياة الأسرية المتوازنة البعيدة عن الضغوط والإحباطات؛ لتكون ممارسته للحياة على نهج وسطية الفطرة؛ فكلما استمتعت ابنتك بحنان أسرتها ودفء مشاعر أفرادها كلما فسرت ما حوله بحب واتزان، وكان تحملها أقوى، وكلما تمتعت بالحب والقبول في كل مراحله كلما رأت الحياة بشكل وردي فتسهل استجابتها لكل توجيه ونصح وأمر، فالبيئة غير الضاغطة وغير المسببة للإحباط ستصل بها حتمًا للوسطية في كل شيء.
ب - تجنبي أن تشعريها أنها عنيفة أو عدوانية أو أنها تنفر منها الأطفال كي لا يتأصل الأمر لديها، فالمسألة لا تتعدى كونها تعبيرًا عن بعض الضغوط التي تشعر بها؛ لذا فالأفضل أن نقضي على أسباب هذه الضغوط، ونحسن تصريف هذه الضغوط في هوايات أو أنشطة تشاركينها فيها.
ج - شاركيها اللعب مع أصدقائها لتراقبي عن كثب أسباب اختلافها معهم وللتخفيف من وطأة ما يستفزها منهم، ولتعطيها المثل في كيفية إطار الاختلاف مع الآخر.. أكدي عليها أنك ستأخذين بنفسك لها حقها، ولكن بدون عنف وبشرط ألا تعتدي هي على أحد لو أخطأ في حقها، بل تكتفي بإخبارك أو الاحتكام لك لتفصلي بينهما أو تحثي الطرف المخطئ على الاعتذار.
د - شجّعيها على التهادي مع الأطفال و إعطائهم هدايا رمزية تصنعها بيديها، مثل: قلم مزخرف بالخيوط الملوّنة، أو ممحاة، أو عروسة صغيرة، أو بطاقة أو وردة... إلخ، وهو ما سيوطد علاقاتها بالأطفال وعلاقاتها بهم.
ه - أنصحك أختي الحبيبة ألا تتعاملي معها بعصبية ولو في بعض الأحيان، أعرف أنك تحت ضغوط العمل والأسرة ورعاية الأبناء، ولكن زهراء لا ذنب لها في كل ذلك، ولا تستطيع أن تعقل كل هذه الأعباء التي ترزخين تحتها لتتفهم عصبيتك وتتجاوزها، بل هي في حاجة إلى حبك وحنانك وهدوئك وحلمك، فلا بد من جعل البيئة من حولها بيئة سعيدة ومضحكة بعيدة عن التوتر والضغوط والصراخ والنهر والعصبية.. اغمريها بالحنان والحب والتعبير لها عن هذه المشاعر قدر المستطاع بالكلمة، بالاحتضان، والبسمة الحانية، والصوت الخفيض والربت العطوف.
و - إيجاد عالم خاص بها تنعم فيه بالسعادة والمرح مع أصدقائها وأنشطتها وهواياتها، وامدحي إبداعها فيها أمام أهلك والأب والأقارب، واجعليهم يمدحونها أيضًا، فكل هذا سيقلل تعلقها بك تدريجيًّا، إنه أشبه بالفطام فنحن ندخل للطفل طعامًا خارجيًّا تدريجيًّا حتى يقل اعتماده على اللبن، ثم يتركه كلية بهدوء لوجود ما يؤدي دور هذا اللبن ويحل محله.
أختي الحبيبة.. نجاحنا الحقيقي كمربين لا يكمن فيما نحفظ من حلول لمشاكلنا وما قرأناه من كتب وقواعد للتعامل مع الأطفال، بقدر ما يكمن في قدرتنا على تنفيذ وتطبيق ما قرأناه وتعلمناه، أعانك الله تعالى وإيانا على أن نحسن العمل بما نعلم؛ فعلم بلا عمل لا قيمة له. وفي انتظار أخبار زهراء وأختها الحبيبة، ونحن معك دائمًا.
ـــــــــــــ(103/81)
نضج الأمومة وصلابة البلور ... العنوان
الإخوة والأخوات في صفحة معًا نربي أبناءنا جزاكم الله خيرًا على هذا الجهد المشكور أودّ أن أستفسر عن مشكلتين يؤرقاني كثيرًا:
الأولى: هي أن إخوتي البنين غير ملتزمين على الإطلاق، وعندما أذهب إلى بيت أبي فإنهم يعلمون طفلي (عمره سنتان) ما لا أرضى عنه، وهو يقلدهم في كل ما يفعلون ويقولون وأتشاجر معهم كثيرًا بخصوص هذا الأمر، وأحيانًا يؤدي هذا إلى غضب والدتي مني، وعندما أخبرهم أن والد الطفل يغضب من هذه الأفعال يسألون زوجي، فلأنه لا يريد أن يخسرهم يقول لهم: إنه لا يغضب وأنا حائرة لا أدري ماذا أفعل في هذه المشكلة؟ أنا أريد تربية ولدي تربية إسلامية.
أما المشكلة الثانية فهي: غيرة ولدي الشديدة من رؤيتي أنا ووالده سويًّا أو بجوار بعضنا.. لا أدري ماذا أفعل معه؟ فعند النوم يريدني أن أحضنه ويدي تحت رأسه، وهو ما يعرضه أحيانًا للعدوى مني إذا أصبت بالبرد أعتذر للإطالة، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أبناؤنا والإيمان, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الحبيبة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
قد قرأت المشكلة قبل قراءة البيانات واستنتجت بيسر شديد أن ولدك هذا هو البكر لديك، وحين طالعت البيانات الخاصة بولدك تأكد حدسي. أتعلمين لماذا هذا اليسر في معرفة ترتيب ابنك؟ لأنه كعادة كل أم تخوض أولى تجاربها الأمومية –إن صح هذا التعبير- تفرط في الحساسية تجاه تربية هذا الابن، وتفرط في القلق والخوف من تأثير البيئة المحيطة بطفلها على تربيته وإن كانت أقرب بيئة إليها.. وهو بيت أهلها الذي تربت فيه، فدائمًا ما تتمنى الأمهات تجنب أخطاء أهلها في التربية –من وجهة نظهرها- ودائمًا ما يكون المحاولة هي الوصول للمثالية في كل شيء حتى وإن كان ضحية التجربة هو الطفل البكر.
ولكن عندما تهدأ الأمور وتبدأ الحياة الطبيعية في السير بعد تقدم عمر الطفل، وتقدم تجربة الأمومة وبدء نضجها تتكشف الحقيقة من أن هذا الكائن الصغير -طفلنا- يعيش في عالم كامل واقعي لا يمكننا عزله عن تأثيره في كل وقت، عالم تملؤه الاختلافات بين البشر والسلوكيات المغايرة لما تربى عليه بأساليب من العيش غير ما عهد في بيئته.
ثم تبدأ أمنياتنا تأخذ شكلاً أكثر واقعية؛ فهذا الكائن البلوري يصبح أكثر صلابة. أتعلمين كيف يتحول البلور بين أيدينا لخامة صلبة؟!! بنضجنا نحن الأمهات ونضج الأمومة لتصبح حبًّا سويًّا واقعيًّا صحيًّا.
ربما أطلت في التقديم لما أودّ قوله ببساطة لك وهو: إن إخوتك حبيبتي هداهم الله وهدانا جميعًا جزء من المجتمع الذي نعيش فيه بسلبياته وإيجابياته، وجزء من البيئة المحيطة بولدك والتي لن يمكنك حذفها من واقعك، وإنما يمكنك أن تحدثي بها بعض التغيير و تحاولي التأقلم مع بعضها الآخر.
وكنت أودّ لو أعرف مرحلتهم العمرية، وإن كان يمكنك توقع أنهم في بدايات الشباب أو أواخر المراهقة بما تحمله هذه الفترة من رغبة في الظهور، ومسايرة مجتمعهم بألفاظه الجديدة، وأنماط الثياب، وغيره من الظواهر التي تحمل بعضها قيمًا سلوكية نرفضها، بل ونخشى على أطفالنا منها. ورغم ذلك فيظل الأمر ليس بهذه الخطورة التي تتخوفينها فاهدئي ودعيني أطمئنك؛ الوالدان يظلان للطفل المثل المحتذى لديه حتى سن السادسة، ثم تبدأ بعدها مرحلة التأثر بجماعة الرفاق، لكن يظل تمثل الطفل لهذه المرجعية مقرونًا بشروط، فمتى يقبل الطفل والديه كمثل أعلى وكمرجعية؟
يحدث ذلك حين يكون الحب هو السائد والتفاهم وليس الإجبار، بمعنى أن الطفل يتشرب في الجو الهادئ ما يسود هذا الجو من مُثل وسلوك وربما قلّد طفلك بعض ما لا ترغبين فيه من السلوكيات غير أن يظل الراسخ لديه هو ما تعلمه وتأكد لديه وشب عليه بين أحضان والديه؛ فإذا أردت أن تكون هذا المرجعية فعليك بالتأثير القوي على ابنك من خلال الحب والتأكيد على السلوك الطيب بالقدوة.
وإن أردت تحصين ابنك فأعلميه من وقت مبكر أن هناك الطيب والخبيث، وساعديه خطوة بخطوة ليتبين هذا من ذاك، مع التأكيد على الطيب، وأنه هو ما يجب علينا أن نفعله، مع ربط ذلك بأوامر ونواهي الله عز وجل فردّدي له دائما: الله يحب هذا العمل - الله لا يرضى عن هذا العمل، وساعديه ليكون لديه الضمير الذاتي، ولا أميل لأن يقع في نقد أقاربه خاصة الأقربين، ولكن يكفي أن يعلم السلوك الحسن والسلوك القبيح بعيدًا من ربطه بالشخص، بل بالفعل، وانتبهي لذلك وأنت تنتقدين أي سلوك خاطئ يقوم به فقولي: إن هذا السلوك سيئ ولا يحبه الله سبحانه، ولا تقولي أنت سيئ.
خلاصة القول: ازرعي قدر استطاعتك السلوك الطيب في طفلك، وضعي عينيك على الجيد والرديء من السلوك على أن تنمّي فيه القدرة على الاختيار، وتبني لديه ضميره الذاتي، وتذكري أن أقصر طريق لذلك هو القدوة؛ فأبناؤنا يفعلون ما نفعل حتى لو ما لم نقوله لهم.
ولا تنسي مطلقًا أن هؤلاء هم ذوو رحمك، وعليك أن تساعديه على صلتهم وبرهم، وأن تبذلي الطاقة في كسب صداقتهم وودهم، فأنت لا تؤدين بذلك حقهم عليك فقط، بل تبنين القدوة الصادقة والصحبة الصالحة لطفلك، كما أن الهدوء في التعامل مع إخوتك سيجعل من أمك خير سند ومعين لك على التغيير، وربما كان سببًا في تعاطف إخوتك معك بضرورة التغيير، وربما صاروا أكثر تفهمًا فيساعدوك، فإن لم يكن بالشكل المباشر في توجيه طفلك، فعلى أقل تقدير حجب ما ترينه غير مناسب.
ولكن أؤكد لك أن هذا لن يتأتى بضغط منك ونقد مستمر لتصرفاتهم، فربما كان سلوكهم هذا رد فعل لنقدك لهم، فضلاً على أنه لا يعينهم على تغيير سلوكهم، وهو بلا شك جزء من واجب الإخوة تجاههم كما أشرت.
ولتهدئي.. وعليك حمل الأمر على حسن الظن، فأغلب الظن أن سلوكهم لا يخلو من فرحة بابن الأخت الصغير، وهم يعبّرون عن فرحتهم بطريقتهم في تعليمه بعض حركات هي بالنسبة لهم مجرد حركات، وبالنسبة لك شبحًا تخشين أن يحمل من معنى السلوك السيئ الراسخ لدى ابنك.. أقدر هذا، ولكن احذري أن تدفعي ضررًا بضرر أكبر، خاصة أنك ذكرت في رسالتك غضب أمك من تصرفاتك، بل لم تكتفي وإنما حاولت إجبارهم عن طريق زوجك بشكل أو بآخر وهذا بالكلية لن يساعد في وصولك لهدفك؛ ولذا اجعليهم أربعة أهداف:
- حسن تربية ابنك.
- الحصول على دعم جيد من أسرتك.
- إضافة علاقة جيدة بين زوجك وأهلك.
- واجب الأخوة تجاه إخوتك بتوجيههم قدر جهدك، ولعلك في هذا الصدد تراجعين بعض
الاستشارات الدعوية مثل هجر الأقارب.. بل الوصل أولى فكل هذا من شأنه تحسين البيئة المحيطة بولدك.
أما عن المشكلة الثانية فقد ذكرت غيرة ولدك من رؤيتك وولده سويًّا، ولكنك لم تذكري سبب هذا التفسير، وأي مظاهر التي أبداها ولدك جعلتك تقولين بأنها الغيرة. فربما كانت مجرد رغبة في أن ترعياه الانتباه الكامل ورفض لأن تنشغلي عنه بغيره حتى وإن كان والده، وربما بدأت في تعويده النوم بمفرده، وسأورد لك العديد من الاستشارات التي تناولت هذا الأمر.
وأخيرًا.. أودّ أن أهمس في أذنيك همسة لعلها هامة جدًّا.. في حالة الابن البكر انتبهي للرعاية المفرطة والاهتمام المفرط، فالتربية الناضجة لا تحتاج للتفريط ولا الإفراط، فالحب يحتاج لمساحة من الحرية و إلا صار خانقًا معيقًا، فقد وقعت فيها فأرجو أن تحذريها.
أتمنى لك أمومة سعيدة، وجعله الله تعالى بارًّا صالحًا إن شاء الله.. وافينا بكل تطوراتك فنحن معك.
ـــــــــــــ(103/82)
مخاوف ابن الرابعة ... العنوان
شكرًا على استجابتكم لسؤالي حول ابني -4 سنوات- الذي أشعر أنه جبان ويخاف من أي شيء.. من الحيوانات الأليفة من النمل والحشرات، وإذا حاول أحد زملائه في المدرسة ضربه فإنه يستسلم له بسهولة ولا يحاول الدفاع عن نفسه. دائمًا يتحدث عن الشرطة والسجن والضرب، علمًا بأن أمورنا في البيت مستقرة ولم نتعرض لمشكلة كبيرة والحمد لله، ونحن نعامله معاملة جيدة ولا نضربه إلا نادرًا.
وبالنسبة للاستفسارات التي أرسلتموها ففيما يلي هذه الأسئلة وإجابتها:
- هل سلوك الطفل هذا طارئ أم أنه قديم مع طفولته الأولى؟ سلوك الطفل غير طارئ، ولكننا نكتشفه تدريجيًّا.
- ما طريقتك أنت ووالدته في التعامل معه إزاء هذه المخاوف؟ نحاول أن نطمئنه، ونشعره بالأمان، وأنه لا أحد يريد الاعتداء عليه، وقد نجعله أحيانًا ينام معنا في غرفتنا.
- ما هي الحالات التي تقوم فيها بضرب الطفل؟ ولماذا؟ وكيف تقوم بضربه؟ أقوم بضربه نادرًا في حالات أن يكرر سلوكًا سيئًا مثل شتائم سيئة، وأقوم بضربه على يديه.
- في حديث الطفل عن الشرطة والسجن.. لماذا يتحدث عن هذين الكلمتين بالذات؟ هل شاهد مثلاً فيلمًا سينمائيًّا مخيفًا، وكان محوره عن هاتين الكلمتين أم ماذا؟ بالتأكيد من التليفزيون، وكما تعرفين من الصعب منع الأطفال من مشاهدة التليفزيون.
- هل هناك من قام بإخافة الطفل أو تهديده بحبسه في السجن مثلاً في معرض عقابه؟ لا.
وبالنسبة لزملائه في المدرسة.. كيف تتصرف حيال ضرب التلاميذ له؟ أحاول أن أعلمه كيف يدافع عن نفسه، فيقول لي: إنه فهم، وبعد ذلك تتكرر نفس العملية ويقوم زملاؤه بضربه.
وهل طبيعة طفلك مسالمة؟ وما طبيعة علاقته بزملائه؟ هو مسالم وودود.
وهل له أصدقاء بالمدرسة أم لا؟ له أصدقاء كثيرون وهو اجتماعي.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بك ومرحبًا مرة ثانية على صفحتنا، ونشكرك على استجابتك في الإجابة على استفساراتنا التي أوضحت -ولله الحمد- أن طفلكم طفل سوي عادي لا يعاني من أي مشكلة؛ حيث إن مخاوفه من الحيوانات الأليفة ومن الحشرات والنحل في مثل سنه أمر طبيعي لا يحتاج إلى الانزعاج، ومع نموه وكبر سنه سيتفاعل مع هذه الأمور بما يناسبها؛ حيث سيزيد إدراكه لطبيعة هذه الحيوانات الأليفة والحشرات، ولن تصبح هناك مشكلة، وستجدين في الاستشارات التالية مزيدًا من التفاصيل حول التعالم مع هذه المخاوف:
- العلاج السلوكي المتدرج والمخاوف
- الخوف.. ذلك اللغز الغامض
- مخاوف سينمائية
وبالنسبة لحديثه عن السجن والشرطة فمع مرور الوقت وعدم التعليق على ما يقوله حول هذا الأمر سيزول تأثير ما شاهده في التليفزيون وينساه، ولن يترك أي أثر عليه؛ فلا تعلقي على الأمر وتوليه اهتمامًا، وسيأتي ما يشغل اهتمامه بعد ذلك ويجعله يتحدث في موضوع آخر، والأهم الحرص على عدم تعرضه لهذه المشاهد والمواقف التي ترسخ عنده هذه المخاوف.
أما بالنسبة لزملائه في المدرسة فيمكن أن نطلب من طفل الرابعة أن يفهم مسألة الدفاع عن نفسه؛ لأنه يعتبر أن ما يقوم به أقرانه معه وما نسميه نحن ضربًا هو مجرد لعب ربما لا يحب ممارسته أو التفاعل معه، وربما يؤكد هذا استمراره في اللعب معهم، وطالما أنه اجتماعي وله أصدقاء كثيرون فدعوه وشأنه في طريقة تعامله مع زملائه، ولا تتدخلوا بما يفسد علاقته مع زملائه، وكفوا عن مراقبته والتفتيش في كل تصرفاته؛ فليست مهمتنا مع أولادنا هو أن نعلق على كل تصرف يقومون به، وأن نبحث ونحلل كل ما يصدر عنهم من تصرفات؛ لأن هذا يهزّ ثقتهم بأنفسهم ويشعرهم أنهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم أو التصرف كما يحلو لهم؛ وهو ما يكسبهم القدرة على التفاعل دون توجيه مستمر، وما يمكنك فعله هو استغلال هذه الأحداث في تعليمه كيف يواجه ويتمكن من معالجة المواقف التي تواجهه ولا يرغبها
ـــــــــــــ(103/83)
عندما يكون الطفل ضحية ... العنوان
أنا أدرِّس مادة العلوم لطفل عمره 9 سنوات، مشكلته أنه مشاغب جدًّا مع أن شكله لا يوحي بذلك، ومهمل جدا في دراسته، ولا ينتبه لدروسه، ووصلت درجة مشاغبته أنه في مرة من المرات رفع الكرسي في وجه إحدى مدرساته، وأيضا ضرب أكثر من مُدرسة، ودائما يشتم بألفاظ بذيئة. هذا ما أُخبرت به؛ لأنني مُدرسة متطوعة بدل مُدرسة أخرى.
وإليك نبذة عن بيته: أمه غير طبيعية (مجنونة) ووالده مُتوفى، وله أختان: واحدة بالثانوية، والأخرى متزوجة في بيت آخر، وله أخوان: أحدهما ابتدائية عليا والآخر ثانوية عامة، وهؤلاء أشقاء كلهم في بيت واحد. وله إخوة من الأب أيضا، لا أعرف عددهم، لهم مناصب في الدولة ولهم بيوتهم، وقليلو الاتصال بإخوانهم الصغار من الأب.
حاليا أخذ التعهد الأخير من قبل إدارة المدرسة للطفل على أن يبقى مؤدبا في المدرسة أو يطرد، وأنا والحمد لله رغم وجودي معه منذ فترة وجيزة فإنني أحاول إصلاحه.. أريد حلا تفصيليا لهذا الطفل، وكيف أجعله طفلا ناجحا في حياته؟ ... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك بتلميذك، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك، ويبدو أن روح العطاء بدءًا من تطوعك للتدريس وانتهاء باهتمامك بهذا الطفل شيء أصيل في نفسك، ولولا هذه الروح ما أرهقت نفسك بالاهتمام وجمع المعلومات ثم سؤال المشورة؛ فهذا أصبح سلوكًا نادرًا في عالم المدرسين، حيث يهتم كل مدرس أن يلقي دروسه وأن يهمل مَن هو مشاغب أو غير متجاوب تحت حجة أن مهمته ليست أن يهتم بمشاكل التلاميذ، وأن الإخصائية النفسية الاجتماعية هي مَن عليها هذا الدور، في حين أن العملية التعليمية كُلٌّ متكامل لا ينفصل فيه التعامل السلوكي مع الطفل وحل مشاكله عن تعليمه وتلقينه الدروس.
إن هذا الطفل ضحية لظروفه؛ فالواقع أنه لا يوجد من يقوم على تربيته؛ فالأب متوفى والأم مريضة وأخواته وإخوانه ليسوا في سن أو وضع يسمح لهم بالقيام بذلك، وبالتالي فهذا الطفل ليس مشاغبا أو مهملاً بإرادته؛ فهذا الطفل لم يجد من يحتويه أو يمنحه الحب والحنان؛ ولذا فهو يشعر بالغربة، ويشعر بالكراهية ناحية هذا المجتمع الذي يصفه بالشغب والإهمال، ولا يقدم له أي يد للمساعدة.
إن ضربه لمدرسيه هو إعلان لرفضه لهؤلاء الذين يطالبون بحقوقهم دون أن يمنحوه أي احتياج له، ورفض لهؤلاء الذي يعتبرون الدرس هو ما يحتاجه تلميذهم منهم دون حب أو حنان أو مراعاة لظروفه ومشاعره.
إن ما تستطيعين القيام به مع هذا التلميذ لتغييره كثير ولكنه بسيط.. إنه يحتاج لأن يشعر باهتمامك، تحدثي معه.. اسأليه عن أحواله، رتبي له وقته، اعتني بحاله، أشعريه بحبك، ولا تجعلي حالك معه النقد والفرض مثلما يفعل الآخرون، بل أظهري له أنك تقبلينه كله كما هو، وأن ما تبدينه من ملاحظات على سلوكه هو رغبة منك في أن يصبح مقبولا ممن حوله، وتكون هذه الملاحظات بعد بناء علاقة شخصية قوية به تكون هي الأساس في تقبله لملاحظاتك، وعندها سيقبلها في إطار أنه لا يريد أن يغضب من يحبها ومن أعادت له الثقة فيمن حوله.
إن دورك صعب؛ لأنك تريدين أن تكوني له الأم التي لا يجدها، والصديقة التي لم يتعامل معها من قبل، وفي النهاية المُدرسة إلى تعلمه دروسه، ولكننا واثقون أنك طالما تتمتعين بهذه الروح من العطاء فسيوفقك الله في مسعاك؛ لأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا، ونحن معك، وستجدين منا كل العون؛ فاستعيني بالله ولا تعجزي.
ـــــــــــــ(103/84)
ازرع الثقة في طفلك تجد عجبا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية أشكركم على هذا الموقع العلمي المفيد، وحقيقة أنا أتابعه بين الفينة والأخرى، ولو كان الوقت متاحًا لداومت عليه لأهميته، ولأن همي الحاضر كيف أربي ابني وأبني منه إنسانًا صالحًا سويًّا، وأعتبر استعانتي بكم من باب الأخذ بالأسباب، فجزاكم الله كل خير على ما تقدمونه من خير للمسلمين.
ابني عمره 5 سنوات له أخ -3 سنوات-، وأخت -3 أشهر- عنده عدة مشاكل، منها:
1 - التبول الليلي، وأنا أتابع بعض الاستشارات فيما يخصها في موقعكم لأعرف أين الخلل، وأنا أتابع معه ما جاء بها من نصائح بشأنها.
2 - كثير الضحك بشكل مزعج جدًّا، أي شيء يجعله يضحك.
3 - ضعيف التركيز لا ينتبه للتوجيهات ولا يحسن الاستماع لما يقال له.
4 - غير مؤدب مع والديه وبالذات إذا لم نستجب لطلباته أو إذا نهره والده.
5 - شخصيته ضعيفة أصلاً؛ لذا فهو مقلد (رقم 1) ويتأثر بأفعال الغير. أدخلناه المدرسة الأمريكية القريبة من البيت لأسباب معينة لسنة واحدة فقط، آملين أن تتحسن شخصيته، وهناك تقدم في هذا الجانب ومستواه في اللغة بعد 3 أشهر ما زال ضعيفًا، مع أني أعتقد أنه ذكي، لكنه ضعيف التركيز وينسى كثيرًا.
6 - لا يرغب في الاعتماد على نفسه.. أحاول معه أن أريه الطريقة ويعيدها أمامي وعندما ينجح أثني عليه، ولكنه في المرة التي بعدها يطلب مني أن أفعلها أنا، بالإضافة إلى أنه كسول لا يستجيب لطلبي عندما أطلب منه مساعدتي في تنظيف الصالة وإزالة الفوضى التي هو سببها، ويستجيب تقليدًا لأخيه الذي يبادر فورًا لما أطلبه.
7 - كثيرًا ما يقوم بحركات بهلوانية بوجهه ويضحك، ولما أسأله عن السبب فإذا هو سخيف جدًّا جدًّا، ويفعل ذلك أمام المرآة.. لديه صفات جميلة فهو حنون جدًّا يحب أخاه كثيرًا، قلّما يضربه، لكن يقلده في كل كبيرة وصغيرة، ولا يحب أن يفارقه.
8 - كثير الزنّ، يطلب الطلب أكثر من 20 مرة.. أطلب منه أن ينتظرني ريثما أنتهي، ولا أدري هل هو يستوعب ذلك أم ينسى أم يتجاهل؟ ولما أغضب منه وأذكره بما طلبت أو أسأله ماذا قلت؟ يجيبني بما يطلبه مني مرارًا، ولا يعطي أهمية لاعتراضي عليه.
أخوه الأصغر، بشكل عام مريح في التعامل؛ فهو على الرغم من عناده فإنه سهل التفاهم معه، فإذا أردت شيئًا أتعامل معه كأنه كبير؛ أوضِّح له، أجيب عن أسئلته، وهو ذكي جدًّا ومحبوب ممن حوله، وصفاته الرائعة هي هبة من الله وليست من صنعي، وأنا أدرك ضرورة التفاوت في المواهب والطاقات؛ ولذا أريد معرفة الطريقة الصحيحة في التعامل مع ابني الكبير؛ فالصغير أسهل عليّ منه.
وعندي مشكلة مع الصغير؛ حيث إنه اخترع كلمة من عنده وصار يشتمنا بها في الرضا والغضب، ونحن في البيت لا نسب ولا نشتم، وإن حدثت فهي زلة عارضة ولا ننطق أبدًا بتلك الكلمة التي اخترعها، وهذه الكلمة هي التي بها نشير حين قضاء الحاجة، وهي "أف" فيعدلها ويسب بها، حتى على من يحبونه.. نحاول معه لكن لا فائدة.. فهو مصمم عليها، مع أنه يقول لي: هذه الكلمة غلط، وإنه لا يحب الكلام الغلط، وأصبح يتبول على نفسه بعد أن كان متحكمًا في التبول قبل ذلك، ولكن إن شاء الله سأتغلب عليها.
أريد كتابة المزيد، لكن بطء الطباعة هو السبب، وأحب أن أقول: إني أنا وزوجي مقتنعان بأن الضرب والتوبيخ والإهانة والمقارنة وأشباه ذلك إثمها أكبر من نفعها، وأنه يزيد المشكلة ويفقمها، ونحاول ضبط أعصابنا لكن ابني الكبير لا يترك لنا أعصابًا وكأنه متخصص فيما يضايقنا، وأبوه وإن كان لا يتحمله في كثير من الأحيان لكنه يندم إذا نهره ووبّخه، ويتناقش معي ماذا نفعل معه لنحسّن من مستواه، فهو حتى الآن لا يتصرف بمستوى عمره، وأنا أخبره بما أقرأ من موقعكم وأحيانًا ننجح وأحيانًا العكس.
ونسيت أن أقول: إنني عندما أسأله سؤالاً ويجيب بغير المطلوب.. أسأله مرة أخرى مستوضحة يتعصب فورًا ويعيد نفس الإجابة، وإذا طلبت أن يعيد لفظة نطقها خطأ يستسلم ويقول: لا أعرف، وإذا حاولنا معه بالتشجيع "تفقع مرارتنا" ولا ينطقها صحيحة، بل بأحرف متداخلة، وأخوه الأصغر يبادر لينطقها عنه، ومع ذلك هو في تقدم لكن ضعيف. أتمنى أن أجد لديكم حلا عمليًّا ومريحًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
التبول اللاإرادي, السمات الشخصية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. سيدتي الفاضلة، وأهلاً بك وبكلماتك التي استشعرت وأنا أدور بينها وأحاول تجميع الأفكار منها، كأنني أتمثل مشهدًا من مشاهد الحياة اليومية مع أطفالي، وكدت أسقط معك في الدوامة و"تنفقع مرارتي معك"، لكن كل هذا لأننا أسقطنا أنفسنا في الدوامة أو اقتربنا من حدودها ظانين أننا يمكن أن نحافظ على أنفسنا من السقوط.
دعينا نوقفها ونخرج خارجها، ونتخيل أن أطفالنا خرجوا في رحلة قد تدوم ليوم كامل، لنجلس معها في الشرفة ونحاول أن نرى الأمور على حقيقتها في محاولة للفهم.
يا سيدتي.. مشكلتنا أننا نتعامل مع أبنائنا على أنهم صور نجاحنا في الدنيا وثمرة حياتنا، وهذا صحيح، ولكن بعد سنوات وسنوات من الجهد والمعاناة والتعب حتى تؤتي الثمرة أُكلها ونرى نتيجة مجهودنا، ولكننا نتعجل دائمًا النتائج، ونريد من أبنائنا وهم لا يزالون أطفالاً أن يكونوا الصورة النموذجية التي نريدها. المشكلة الأخرى أننا أحيانًا نرسم لأبنائنا صورة معينة لا نتخيل غيرها، ونريدهم أن يكونوا هذه الصورة؛ فنربي أبناءنا ليكونوا كما نريد نحن وليس كما يناسب قدراتهم وشخصياتهم.
يا سيدتي.. إنه طفل صغير يلعب ويعبث ويمارس هواياته ويعيش طفولته، وأنت تنتقدين كل شيء فيه ولا ترضين عن أي سلوك من سلوكياته، ولا ترين فيه أي نقاط إيجابية، وترين أن أخاه أفضل منه وأريح منه في التعامل، وأبوه لا يكاد يتحمله.. فأين يذهب هذا المسكين؟ هل يبحث له عن أم وأب آخرين يحبانه ويتحملانه ويثقان فيه؟
أنا أعلم يا سيدتي أن كل أم وأب يريدان أبناءهما أفضل أبناء في الدنيا، ولكن الصبر والرفق يا سيدتي؛ فالتربية والبناء ليس شيئًا سهلاً ولا سريعًا.
اهدئي يا سيدتي واعلمي أن أول خطوة هي أن تحبي ابنك وتعجبي به وتثقي فيه وترضي عنه كما هو، ثم نبدأ خطوات التربية بهدوء خطوة خطوة.
ونأتي لاستعراض المشاكل التي وردت في استشارتك واحدة واحدة:
- أولا: التبول اللاإرادي:
لا يتم تشخيصه قبل سن 5 سنوات، أي أننا حتى الآن لا نقول عن أحمد: إن عنده تبولاً لاإراديًّا، فإذا أضفنا لذلك الضغط النفسي الذي يعانيه بسبب عدم ثقتكما به ومقارنته دائمًا بأخيه، ولا تقولي لي أبدًا: إنه لا يشعر؛ فأطفالنا أذكى كثيرًا مما نتخيل، إنهم يفهمون مشاعرنا ورأينا فيهم.. ثقي في ذلك، بل ويرون أنفسهم في مرآة رأينا فيهم، ويتصرفون على أساس ذلك.. إنهم يكوِّنون صورهم عن ذواتهم من صورنا نحن عنهم.
ولذلك يا سيدتي مع بعض التعامل الجيد والثقة فيه، وكذلك مع اتباع الإرشادات الخاصة بالتبول ليلاً.. سوف تحل المشكلة إن شاء الله تعالى، وسنورد لك تفاصيلها في معالجات خاصة بنهاية الرد.
مع ملاحظة عدم معايرته بذلك، وعدم ذكر ذلك أمام أحد أي أحد حتى إخوته، وإعطائه الثقة في نفسه، وإعطائه هدايا وجوائز عندما يتحكم في نفسه.
- ثانيًا: حاولي توجيهه بهدوء واحترام عندما يفعل تصرفًا لا يعجبك، ولا توبخيه أو تسخفي من تصرفاته؛ فأنت بنفسك ترين أنه: "سخيف جدًّا جدًّا"؛ فهو يشعر بذلك. كل ما عليك أن تهدئي وتوجهيه بهدوء واحترام، واعلمي أن بعضًا من هذه التصرفات إنما يعبّر بها عن نفسه، ويخرج بها انفعالاته الناشئة من إحساسه بالضيق من معاملتك له، وتفضيلك النفسي لأخيه عنه، وهو ما يستشعره في نبرات صوتك وملامحك وردود أفعالك التي شرحتها لك،؛فهو أصلاً يتصرف تحت ضغط يعتمل في نفسه؛ فلا تضغطي عليه بعصبيتك أيضًا.
- ثالثًا: ليس هناك طفل في هذه السن ليس عنيدًا ولا زنانًا ولا كثير الطلبات؛ فهؤلاء هم الأطفال، ولكن هناك أمًّا تستطع التعامل مع عناد الطفل وزَنِّه المستمر، وتستثمره حين تفهم الوجه الآخر الإيجابي للعناد ووظيفته في نماء شخصية الطفل (سأورد لك استشارة توضح لك هذا الأمر).
كل ما عليك فعله أن تضعي بعض القواعد في البيت، ثم اعرضيها على طفلك في جمل بسيطة، وكأنكم تتفقون عليها بدلاً من أن تجدي نفسك مضطرة لوضعها في كل مرة يكون هناك مشاكل.
ابحثي عن المواضيع التي تسبب مشاكل بصورة مستمرة، وضعي لها قواعد ثابتة.. اتفقي عليها معه، وعلميه أن هذه قواعد البيت، وأننا جميعًا سنحترمها، وهكذا تقل جدًّا مواقف الخلاف، وكذلك بالنسبة للزنّ حاولي أن تعلميه أن الأمر الذي سيطلبه بأدب وهدوء سيحصل عليه، والأمر الذي سيزنّ عليه لن يحصل عليه، واصدقي معه، وكذلك حاولي أنت ألا ترفضي كل طلباته، ولكن دعي له بعض المساحات؛ فهو لا يزال طفلاً صغيرًا وليس رجلاً.
- رابعًا: بالنسبة لموضوع الألفاظ السيئة فهو أمر شائع بين الأطفال، وحلُّه إنما يكون بالتعامل بهدوء ودون انفعال زائد، وفي كل مرة يقول هذا اللفظ خاصميه 10 دقائق، وأعلميه أنك غاضبة منه، وحذّريه من تكرارها، وعندما يمضي وقت لا يقولها كافئيه، وعندما يقولها خاصميه أو احرميه من شيء يحبه مثل الحلوى أو نزهة، ولكن لا ضرب حتى لا يعاند ويصبح عصبيًّا.
- خامسًا: من الواضح أن موضوع الدراسة يشغلك كثيرًا ويسبب لك مشكلة، لكن هناك أمرًا لا بد من معرفته، وهو أن الأطفال يتفاوتون فيما بينهم في القدرات والمواهب، فلا تقارنيه بغيره، واهدئي، واعلمي أن قدرات الأطفال الذهنية والعقلية تزيد سنة بعد سنة؛ فلا تستعجلي، ولا تضغطي عليه حتى لا يكره الدراسة، وإذا احتاج الأمر استشارة الطبيب فيمكنك ذلك.
وأخيرًا.. أعيدي له ثقته في نفسه، وابحثي له عن نقاط تميز له عن أخيه، وأبرزيها واذكريها أمام الناس، وأشعريه بها حتى يستعيد الثقة في نفسه، وفي حبك له، وإعجابك له، وأنه عند حسن ظنك.
وعندها سيحاول أن يكون عن حسن ظنك، وستجدين منه عجبًا، ولا تنسي الرفق والهدوء والصبر والدعاء له؛ فالتربية ليست أمرًا سهلاً، وبارك الله لك فيهما، وأعانك على تربيتهما.
ـــــــــــــ(103/85)
ابني.. من السيجار إلى المنشطات ... العنوان
ابني الأول أدعو له بالهداية.. أكتب إليكم بعد أن تعبت في استخدام الوسائل والحيل لمعالجته، ولكن لا يزال الأمل موجودًا. عمره الآن 16 عاما، في المرحلة الإعدادية، أعلم خطورة هذا العمر. المهم أنني لاحظت أنه يحب تجربة كل ما هو جديد، ويضفي إليه مظهرًا من الرجولة، بالطبع جرّب التدخين وحاولنا بكل الطرق منعه؛ واستخدمنا أساليب الترغيب والترهيب، تخللت هذه الفترة محاولات منه تدخين السيجارة.
الجديد بالموضوع أنه أخذ يجرب النسوار وهي مادة منشطة، والله لا أعلم تأثيرها إلا أنها منتشرة بين الباكستانيين، ويستخدمونها عندما يعملون لفترات طويلة. المهم لاحظت عليه الإجهاد والتعب، وأخذ يخبرني بنفسه أنه ينام أحيانًا في الفصل، أخذت أبيّن له مخاطر هذا الشيء، ولا أخفي عليك خوفي الشديد من أن يجرب موادَّ مخدرة أخرى، وخصوصًا أنه يحب التجربة. أردت أن أخبرك بشيء آخر وهو أن ابني يكذب كثيرًا، ويراوغ في الحديث، ونادرًا ما يصارح.
أسأل الله أن يوفقكم لحل هذه المشكلة، وأطلب من الله الهداية لابني ولكل أم تعاني من نفس المشكلة.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/ عبد العزيز محمد الحر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة، وبعد..
لا أملك ألا أن أؤمّن على دعائك.. اللهم آمين.. اللهم آمين، فكان الله تعالى في عونك وعوننا جميعًا.
يبدو سؤالك خاليًا من كثير من التفاصيل المعينة على تفهم أسباب المشكلة وتقديم الدعم المناسب لك، ودعيني بداية أطرح عليك مجموعة من التساؤلات المهمة، وسأنتظر الرد عليها منك بإذن الله عز وجل:
1. ما مدى الالتزام الديني لدى الابن؟ هل يؤدي الصلوات؟ هل يؤدي بعضها؟ هل يقوم بالواجبات العبادية الأخرى؟
2. من هم أصدقاؤه؟ هل هم من أبناء الحي المعروفين أم هم من الغرباء الذين لا تعرف الأم عن أخلاقهم وسلوكياتهم شيئًا؟
3. ما هو مستوى التحصيل الدراسي للابن؟ هل هو منتظم في المدرسة؟ هل لديه مشكلات مع أساتذته والإدارة المدرسية؟
4. ما نوع العلاقة بين الأم والابن؟ هل هي علاقة قوية مؤثرة، أم هي علاقة ضعيفة غير مؤثرة؟
5. ما شعور الابن نحو انفصال الأب عن الأم؟ هل يعتقد أن الأم هي السبب أم الأب أم هما معًا؟
6. هل شخصية الابن شخصية قيادية؛ فهو يختار ما يريد وما يفعله أم شخصية منقادة يمكن التأثير عليه بسهولة؟
7. ما نوع علاقة الابن بأسرة الأم وأسرة الأب؟ هل يوجد من يمكن أن يؤثر عليه في الأسرتين؟ وهل الابن مرتبط بأبيه بأي شكل من الأشكال؟
إن وضوح هذه الحيثيات وغيرها له أهمية بالغة في محاولة للوصول إلى أسباب المشكلة وأفضل الأساليب للتعامل معها.
ولكن في ضوء المعلومات المختصرة الواردة عن المشكلة، يمكن القول بأن ما تصفينه على أنه مشكلة يمثل في الحقيقة ظواهر المشكلة وليست المشكلة الحقيقية؛ لأنه إذا تم معالجة مشكلة التدخين انصرف الابن للمنشطات، وإذا عولجت المنشطات فسينصرف لشيء آخر؛ وذلك لأن هذه السلوكيات عبارة عن أساليب دفاعية يتبناها الابن، إما للهروب من مشكلة، أو الاعتراض على الوضع القائم، أو إيصال رسائل قوية للوالدين المنفصلين.
ومثل هذه السلوكيات هي بدايات يمكن أن تقود إلى انحرافات خطيرة في المستقبل إذا لم يتم التعامل معها بحكمة وحزم، خصوصًا أن الابن يُعَدّ في أخطر مرحلة من مراحل المراهقة.
أعلم أيتها الأم الفاضلة ما تعانين منه من ألم وحسرة وأنت تنظرين إلى فلذة كبدك وهو يخطو خطوات نحو طريق لا ترضينه ولا يرضاه الله سبحانه، لكن أن بحاجة شديدة لمعرفة هذه التفاصيل لتضح الصورة أكثر.
أسأل الله عز وجل أن يعينك على حسن تربيته، وأن يهديه إن شاء الله. وإليك بعض النصائح لعلها تساعدك على توعيته ونصحه وحمايته من هذا الطريق:
1. أخلصي الدعاء إلى الله تعالى في كل صلاة وأوقات الاستجابة، وكل فرصة تكونين فيها مع الله سبحانه، واطلبي بإلحاح؛ لأن الله يحب العبد اللحوح، واسأليه أن يعينك على أمرك. فالله لا يرد يد أم محبة ذليلة لله عز وجل.
2. اعلمي -رعاك الله تعالى- أن الطريق الأقصر للتأثير على ابنك في هذه المرحلة هو طريق الأقران والأصدقاء؛ لذلك عليك أن تتأكدي من أن ابنك يماشي ويصادق من فيهم الخير، وإن لم يكن كذلك فلا بد من وجود شخص على الأقل فيه خير. وحاولي الوصول إليه وحثّيه على نصيحة ابنك، واطلبي منه أن يقترب منه أكثر، وسهّلي لذلك سبيلاً.
3. أختي الفاضلة.. أعلم أنك منفصلة، والله أعلم بالأسباب، ولكن أمر ابنك ليس مسئوليتك وحدك، فهو مسئولية مشتركة، ولا بد أن يعلم والده بأمر ابنه، وأن يتدخل بحكمة لإصلاح الأمر. وإلا فقد ينتهي أمر ابنك بانحرافات أكبر، وتكونين الملومة الوحيدة في هذا الانحراف؛ لذلك يجب أن يتحمل الأب جزءًا من المسئولية، وتحملي ذلك حتى لو كان الأمر صعبًا عليك.
4. تذكري أختي الكريمة أن من لم تشغله نفسه بالطاعات شغلته نفسه بالمعاصي؛ لذلك فعليك شغل أوقات ابنك، وخصوصًا أنه في مرحلة يمكن له أن يتحمل الكثير من المسئوليات، فأشغليه بمسئوليات المنزل، وأدخليه برامج دينية وتدريبية وترفيهية ورياضية وذهنية تشغل أوقاته بما يفيد.
5. تأكدي عزيزتي الأم من عدم جريان المال في يده، فكلما جرى المال في يده زادت فرصته لتلبية شهواته ورغباته؛ فالمال والفراغ والجدة هي مفاتيح للانحراف والمفسدة للشباب؛ فلا إفراط ولا تفريط.
6. واعلمي أن مَن أمن العقوبة أساء الأدب؛ فلا بد من إعطاء الثقة لأبنائنا، ولكن مع المساءلة والمراقبة. فلا بد أن يعلم الابن أننا نحبه ونثق به، ولكننا من حرصنا عليه نسأله ونحاسبه، فلا يدخل ويخرج من البيت بلا رقيب ولا حسيب.
7. تذكري رعاك الله أن لكل إنسان منا مدًّا وجزرًا؛ فاستغلي أوقات مَدِّه، واختاري له بعض الأشرطة الدينية والكتيبات، وساعديه أن يستمع إليها وأن يقرأها؛ فالشباب سريع التأثر بكلام الوعظ والإرشاد، وخصوصًا إذا قُدِّم بطريقة جذابة ومشوقة، وأنصح بالسماع للداعية "عمرو خالد"؛ فأسلوبه محبب للشباب بجميع فئاتهم.
وأخيرًا.. أهم ما يجب الاهتمام به هو تنظيف البيئة التي يعيش فيها الابن؛ فأصدقاء السوء كمستنقع البعوض لا يمكن أن يدخله شخص ويسلم. والأمر الآخر هو محاولة سد النقص الذي يشعر به الابن جرّاء انفصال الأب عن الأم، وضرورة أن يشعر بالحب والحنان والإحاطة المستمرة.
ـــــــــــــ(103/86)
ثورة الملك المخلوع ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نشكر لكم مجهوداتكم القيمة، وندعو الله لكم بالتوفيق وسعة الرزق في الدنيا والآخرة.
مشكلة ابنتي -عمرها سنتان و7 أشهر- مع أختها الصغرى -عمرها 10 أشهر- فهي تغار منها جدًّا وتضربها. وأحيانًا تقول لي: أبعديها عنك، أو ارميها في الشارع، لا أريدها.
وهي عنيدة جدًّا لا تسمع كلامي كلما قلت لها افعلي شيئًا تفعل عكسه فأضربها وتبكي وتخاف مني، ولكن عندما أكون مشغولة في الصلاة فإنها تجد فرصتها وتعاود الكَرَّة من جديد، وعندما أسألها لماذا فعلت ذلك؟ تنظر إليّ وتكرر كلماتي، فتقول: "لماذا فعلت ذلك؟"! وأحيانًا تضربني أو ترمي بأي شيء في يدها على أي أحد أمامها، أو تأخذ كوبًا أو أي شيء خطر فترميه، فأضربها وأنهرها بعدم القيام بهذا ثانية، ولكنها عنيدة تعيد ذلك مرة أخرى. وأحيانًا تضرب جدتها أو أي أحد؛ فأُصاب أنا بالخجل من أفعالها.
البعض نصحني بعدم ضربها حتى وإن فعلت شيئًا كبيرًا، بل أتحاور معها، ولكن زوجي يرى أن ذلك خطأ، ويجب عليّ عقابها بالضرب.. فما رأيكم؟ وهل هناك عقاب غير الضرب؟ وما هو الحل السليم في مثل هذا الموقف؟ وكيف أتعامل مع عنادها؟
وهي بحكم وجودنا في بلد غير بلدنا فإنها قليلة الاختلاط بالأطفال.. فقط تلعب مع أختها.
وكذلك أودّ سؤالكم عن كيفية تعليمها دخول الحمام؛ فهي ما زالت حتى الآن تستخدم الحفاظات، ولا تريد فعلها في الحمام، فقد قمت بتعليمها بعد أن أصبح عمرها سنتين وشهرًا (أي بعد ولادة أختها) ولم أفلح حتى الآن، وقد قمت بتركها بدون حفاظ طوال النهار وكانت فقط- أكرمكم الله –عندما تريد أن تتبول تدخل الحمام، ولكن البراز لا تضعه إلا في الحفاظ، وأحيانًا أتركها بدون حفاظ لمدة 3 أيام فلا تفعلها ويصيبها الإمساك، فتجبرني على استخدام الحفاظات من جديد، وعندما أكلمها بأنك كبرت ويجب أن تتركي استخدام الحفاظات مثل ماما وتدخلي الحمام، تقول: ولماذا أختي تستخدم الحفاظ؟ أريده مثلها، فتبكي عندما تراني ألبس أختها وتحضر لنفسها حفاظًا وتبكي حتى ألبسه لها.
وهي كذلك كثيرة البكاء لأدنى سبب، وإذا لم أحقق لها ما تريد تبكي وتضع أصابعها في فمها لكي تتقيأ حتى أدللها كما أفعل عندما تمرض.
وكذلك بالنسبة لأختها كثيرة البكاء تريدني أن أحملها دائمًا، وهي تقوم بالليل كثيرًا، وتريد أن ترضع؛ فهي تقريبًا كل ساعة تقوم للرضاعة، فلا آخذ كفايتي من النوم، فماذا أفعل معها؟ وهل أتركها تبكي ولا يضرها البكاء ولا يجعلها عصبية؟ وكذلك فإن زوجي يضربها كلما بكت ويقول: إنها طفلة لا تفهم بالكلام، ويجب أن نفهمها بالضرب.
ولكم منا جزيل الشكر، ونأسف للإطالة.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء, العناد والعصبية ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يا سيدتي.. جزاك الله خيرًا على دعوتك لنا، وجعل الله تعالى لنا فيها نصيبًا، اسمحي لي أن أوضح بعض النقاط..
الواقع يا سيدتي أن ريّان صغيرة جدًّا جدًّا؛ فقد كان من المفترض أن تكون هي ما تزال ترضع.. فهي لا تزال رضيعة.. يا سيدتي إن عمرها سنتان.. إنها بدأت بالكاد تفهم وتدرك ما يجري حولها.. وليس لها أي ذنب في أنك رزقت بأختها وهي لا تزال عندها سنة وشهران.
إنها لم تشبع بعدُ من حضنك وحنان مداعبتك وتدليلك لها. إن الطفل في السنة الأولى يكون صغيرًا جدًّا، معظم احتياجاته مادية مثل الأكل والنظافة، ومع نهاية السنة الأولى يبدأ الاحتياج للمشاعر والتواصل واللعب والعلاقة القوية، وأن تتكلمي معها، وتعلميها، وتلعبي معها، وتغني معها، وتبدأ صداقتك معها في هذه السنة؛ فإذا بك مشغولة بالمولودة الجديدة، فطبعًا شعرت بالغيرة الشديدة والضغط النفسي الشديد لاهتمامك بغيرها، فضلاً عن احتياجها النفسي أصلاً لك وهو ما افتقدته ولم تجده.
إنها لا يمكن أن تفهم معنى أن هذه أختك (شقيقتك).. إنها لا تفهم.. فكيف تضربين طفلة لا تفهم شيئًا في الدنيا؟ وكل ما تفعله إنما هو لجذب انتباهك حتى تشعري بها وتعطيها بعضًا من وقتك وحنانك.. إنها تستغيث بك وتعاني وتصرخ، ولكن بطريقتها هي تقول لك: يا أمي يا أبي أريد حبكما وحنانكما وتدليلكما ومداعبتكما لي وتواصلكما معي، وأنا أحتاج إليك يا أمي وأنت مشغولة عني.. أنا أعلم يا سيدتي أن العبء عليك كثير وأنك مجهدة جدًّا، ولكن ليس لها ذنب.. إنك يا سيدتي لا بد أن تعاملي نفسك على أنك أم لتوءم.. إنها يا سيدتي في نفس درجة الاحتياج لك، بل بالعكس ربما تحتاج لك أكثر؛ لأنها تفهم وتدرك، وارجعي إلى هذه المشكلة فستجدين فيها ما يفصل ما أحاول شرحه عن حالة طفلتنا النفسية:
- مبارك.. لقد أصبح عندك توءمان
إن الموضوع يحتاج منك أنت ووالدها إلى الهدوء والتعامل مع الأمور برفق، وليس هناك أي مبرر لتخجلي من تصرفاتها.. إنها طفلة، وليس لأن لها أختًا صغيرة أصبحت كبيرة.. الواقع إنها طفلة ,المجهود الذي تبذلينه الآن سيظهر أثره بعد ذلك.
إنك الآن تبنين للمستقبل؛ فكل تصرفات ريان تدل على أنها تعاني من الضغوط النفسية والاحتياج الشديد لك للعطف والحنان والاهتمام وعليك الآن أن تعطيها وقتًا كثيرًا جدًّا، كل الأوقات التي تنام فيها أختها لا بد أن تقضيها معها، وتغني معها، وتلعبي معها، وتتواصلي معها، وتشعريها بحبك، أنا أعلم أن هذا الوقت التي تنجزين فيه أعمالك، ولكن لا بد أن تنظمي وقتك حتى تتداركي الموقف في ريان، وسأورد لك بنهاية الاستشارة استشارة بها اقتراحات لإجراء هذا التنظيم.
وعندما تكون أختها مستيقظة لا تنصرفي تمامًا عن ريان، ولكن أشركيها معك في كل شيء، وتغاضي تمامًا ولا تقلقي على ضربها وإيذائها لأختها؛ فهي في الواقع تحبها ولا تريد إيذاءها، ولكنها فقط توصل لك رسالة أنها تحتاج إليك فانتبهي لها، فإذا أعطيتها أنت من نفس الحب والاهتمام فلن تحتاج إلى توصيل هذه الرسالة..
وكذلك هناك دور على الوالد؛ فعليه أن يعطيها بعضًا من وقته واهتمامه، ويأخذها في نزهات صغيرة ويلعب معها، وإذا أردتم أن تعاقبوها فممنوع تمامًا الضرب.. إنها جريمة أن تضربي طفلة لا تفهم شيئًا!.. اغضبي منها وخاصميها وشيئًا فشيئًا ستفهم ما معنى أن ماما غاضبة، وأديري وجهك، ولا تكلميها لمدة 10 دقائق، ولا بد أن تفهميها لماذا أنت غاضبة منها.
وأمام الناس وأمام والدها أشيدي دائمًا بتصرفاتها وحسن سلوكها وحسن تعاملها مع أختها ورعايتها لها، ولا تذكري أبدًا سلوكها السيئ؛ لأن بذلك سوف تحاول أن تثبت الصورة الجيدة التي ترسمينها لها، واستعملي معها أسلوب الهدايا والمكافآت عندما تحسن التصرف، وأشعريها أنها مسؤولة معك عن أختها، وأشركيها معك في لعبها وإطعامها وحمامها واختيار ملابسها.
وهكذا.. بالنسبة لموضوع الحفاظات اصبري قليلاً حتى تهدأ نفسها وحتى يثمر أسلوب تعاملك الجديد معها، وتقل قليلاً عصبيتها وعنادها، فلا تضعي لها أكثر من ضاغط نفسي في وقت واحد، ثم ابدئي تعويدها بهدوء وبدون ضرب، وستجدين على الموقع الكثير من المشاكل التي تشرح كيف تعودينها موضوع الحمام هذا سأوردها لك بالنهاية.
أما بالنسبة لكثرة الاستيقاظ والرضاعة فهذا وضع طبيعي في هذه السن؛ فحاولي أن توفّري لها نومًا هادئًا بأن يكون لها وجبة مشبعة قبل النوم مباشرة، وكذلك حمام دافئ.
وإذا كانت تنام معك في سرير واحد فإن كثرة حركتك وتقلبك أنت ووالدها تجعل نومها غير مستقر، حاولي فصلها في سرير منفصل ليستقر نومها أكثر.
ـــــــــــــ(103/87)
ابني.. من السيجار إلى المنشطات ... العنوان
ابني الأول أدعو له بالهداية.. أكتب إليكم بعد أن تعبت في استخدام الوسائل والحيل لمعالجته، ولكن لا يزال الأمل موجودًا. عمره الآن 16 عاما، في المرحلة الإعدادية، أعلم خطورة هذا العمر. المهم أنني لاحظت أنه يحب تجربة كل ما هو جديد، ويضفي إليه مظهرًا من الرجولة، بالطبع جرّب التدخين وحاولنا بكل الطرق منعه؛ واستخدمنا أساليب الترغيب والترهيب، تخللت هذه الفترة محاولات منه تدخين السيجارة.
الجديد بالموضوع أنه أخذ يجرب النسوار وهي مادة منشطة، والله لا أعلم تأثيرها إلا أنها منتشرة بين الباكستانيين، ويستخدمونها عندما يعملون لفترات طويلة. المهم لاحظت عليه الإجهاد والتعب، وأخذ يخبرني بنفسه أنه ينام أحيانًا في الفصل، أخذت أبيّن له مخاطر هذا الشيء، ولا أخفي عليك خوفي الشديد من أن يجرب موادَّ مخدرة أخرى، وخصوصًا أنه يحب التجربة. أردت أن أخبرك بشيء آخر وهو أن ابني يكذب كثيرًا، ويراوغ في الحديث، ونادرًا ما يصارح.
أسأل الله أن يوفقكم لحل هذه المشكلة، وأطلب من الله الهداية لابني ولكل أم تعاني من نفس المشكلة.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/ عبد العزيز محمد الحر ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة، وبعد..
لا أملك ألا أن أؤمّن على دعائك.. اللهم آمين.. اللهم آمين، فكان الله تعالى في عونك وعوننا جميعًا.
يبدو سؤالك خاليًا من كثير من التفاصيل المعينة على تفهم أسباب المشكلة وتقديم الدعم المناسب لك، ودعيني بداية أطرح عليك مجموعة من التساؤلات المهمة، وسأنتظر الرد عليها منك بإذن الله عز وجل:
1. ما مدى الالتزام الديني لدى الابن؟ هل يؤدي الصلوات؟ هل يؤدي بعضها؟ هل يقوم بالواجبات العبادية الأخرى؟
2. من هم أصدقاؤه؟ هل هم من أبناء الحي المعروفين أم هم من الغرباء الذين لا تعرف الأم عن أخلاقهم وسلوكياتهم شيئًا؟
3. ما هو مستوى التحصيل الدراسي للابن؟ هل هو منتظم في المدرسة؟ هل لديه مشكلات مع أساتذته والإدارة المدرسية؟
4. ما نوع العلاقة بين الأم والابن؟ هل هي علاقة قوية مؤثرة، أم هي علاقة ضعيفة غير مؤثرة؟
5. ما شعور الابن نحو انفصال الأب عن الأم؟ هل يعتقد أن الأم هي السبب أم الأب أم هما معًا؟
6. هل شخصية الابن شخصية قيادية؛ فهو يختار ما يريد وما يفعله أم شخصية منقادة يمكن التأثير عليه بسهولة؟
7. ما نوع علاقة الابن بأسرة الأم وأسرة الأب؟ هل يوجد من يمكن أن يؤثر عليه في الأسرتين؟ وهل الابن مرتبط بأبيه بأي شكل من الأشكال؟
إن وضوح هذه الحيثيات وغيرها له أهمية بالغة في محاولة للوصول إلى أسباب المشكلة وأفضل الأساليب للتعامل معها.
ولكن في ضوء المعلومات المختصرة الواردة عن المشكلة، يمكن القول بأن ما تصفينه على أنه مشكلة يمثل في الحقيقة ظواهر المشكلة وليست المشكلة الحقيقية؛ لأنه إذا تم معالجة مشكلة التدخين انصرف الابن للمنشطات، وإذا عولجت المنشطات فسينصرف لشيء آخر؛ وذلك لأن هذه السلوكيات عبارة عن أساليب دفاعية يتبناها الابن، إما للهروب من مشكلة، أو الاعتراض على الوضع القائم، أو إيصال رسائل قوية للوالدين المنفصلين.
ومثل هذه السلوكيات هي بدايات يمكن أن تقود إلى انحرافات خطيرة في المستقبل إذا لم يتم التعامل معها بحكمة وحزم، خصوصًا أن الابن يُعَدّ في أخطر مرحلة من مراحل المراهقة.
أعلم أيتها الأم الفاضلة ما تعانين منه من ألم وحسرة وأنت تنظرين إلى فلذة كبدك وهو يخطو خطوات نحو طريق لا ترضينه ولا يرضاه الله سبحانه، لكن أن بحاجة شديدة لمعرفة هذه التفاصيل لتضح الصورة أكثر.
أسأل الله عز وجل أن يعينك على حسن تربيته، وأن يهديه إن شاء الله. وإليك بعض النصائح لعلها تساعدك على توعيته ونصحه وحمايته من هذا الطريق:
1. أخلصي الدعاء إلى الله تعالى في كل صلاة وأوقات الاستجابة، وكل فرصة تكونين فيها مع الله سبحانه، واطلبي بإلحاح؛ لأن الله يحب العبد اللحوح، واسأليه أن يعينك على أمرك. فالله لا يرد يد أم محبة ذليلة لله عز وجل.
2. اعلمي -رعاك الله تعالى- أن الطريق الأقصر للتأثير على ابنك في هذه المرحلة هو طريق الأقران والأصدقاء؛ لذلك عليك أن تتأكدي من أن ابنك يماشي ويصادق من فيهم الخير، وإن لم يكن كذلك فلا بد من وجود شخص على الأقل فيه خير. وحاولي الوصول إليه وحثّيه على نصيحة ابنك، واطلبي منه أن يقترب منه أكثر، وسهّلي لذلك سبيلاً.
3. أختي الفاضلة.. أعلم أنك منفصلة، والله أعلم بالأسباب، ولكن أمر ابنك ليس مسئوليتك وحدك، فهو مسئولية مشتركة، ولا بد أن يعلم والده بأمر ابنه، وأن يتدخل بحكمة لإصلاح الأمر. وإلا فقد ينتهي أمر ابنك بانحرافات أكبر، وتكونين الملومة الوحيدة في هذا الانحراف؛ لذلك يجب أن يتحمل الأب جزءًا من المسئولية، وتحملي ذلك حتى لو كان الأمر صعبًا عليك.
4. تذكري أختي الكريمة أن من لم تشغله نفسه بالطاعات شغلته نفسه بالمعاصي؛ لذلك فعليك شغل أوقات ابنك، وخصوصًا أنه في مرحلة يمكن له أن يتحمل الكثير من المسئوليات، فأشغليه بمسئوليات المنزل، وأدخليه برامج دينية وتدريبية وترفيهية ورياضية وذهنية تشغل أوقاته بما يفيد.
5. تأكدي عزيزتي الأم من عدم جريان المال في يده، فكلما جرى المال في يده زادت فرصته لتلبية شهواته ورغباته؛ فالمال والفراغ والجدة هي مفاتيح للانحراف والمفسدة للشباب؛ فلا إفراط ولا تفريط.
6. واعلمي أن مَن أمن العقوبة أساء الأدب؛ فلا بد من إعطاء الثقة لأبنائنا، ولكن مع المساءلة والمراقبة. فلا بد أن يعلم الابن أننا نحبه ونثق به، ولكننا من حرصنا عليه نسأله ونحاسبه، فلا يدخل ويخرج من البيت بلا رقيب ولا حسيب.
7. تذكري رعاك الله أن لكل إنسان منا مدًّا وجزرًا؛ فاستغلي أوقات مَدِّه، واختاري له بعض الأشرطة الدينية والكتيبات، وساعديه أن يستمع إليها وأن يقرأها؛ فالشباب سريع التأثر بكلام الوعظ والإرشاد، وخصوصًا إذا قُدِّم بطريقة جذابة ومشوقة، وأنصح بالسماع للداعية "عمرو خالد"؛ فأسلوبه محبب للشباب بجميع فئاتهم.
وأخيرًا.. أهم ما يجب الاهتمام به هو تنظيف البيئة التي يعيش فيها الابن؛ فأصدقاء السوء كمستنقع البعوض لا يمكن أن يدخله شخص ويسلم. والأمر الآخر هو محاولة سد النقص الذي يشعر به الابن جرّاء انفصال الأب عن الأم، وضرورة أن يشعر بالحب والحنان والإحاطة المستمرة.
ـــــــــــــ(103/88)
دروس في تنمية الذكاء ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولاً: يبلغ الولد من العمر ثمانية أشهر وعشرين يومًا، تحرك في بداية الشهر الثالث وكان شديد الانتباه لمن حوله، والآن يحبو ويمشي على الجدار وعلى العربة بسرعة مشي الرجل الكبير، يعرف كيف يفتح المذياع ويغلقه، وكذلك يستطيع رفع صوت المذياع وخفضه وأشياء أخرى لا أتذكرها الآن، ويميز أني أرغب الخروج من البيت عندما ينظر أني أرتدي العمامة والثوب. كذلك يسمع طرق الباب فيأتي إليه على عربته مسرعًا لينظر من الطارق.. السؤال: كيف أستطيع أن أنمي قدراته حتى يستفيد منها؟
ثانيًا: في حالة حصوله على أي شيء ضار أو نافع ومحاولة أمه أو أنا أخذه منه فإنه يعبر عن غضبه وانزعاجه بصراخ أو بضرب نفسه بالأرض أو ما شابه ذلك، فما العلاج؟ ودمتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
بارك الله لك في طفلك، فباسم الله ما شاء الله عليه.
ودعنا ندخل في الموضوع، فقد ذكرت في بداية رسالتك بعض ما يقوم به ابنك -رعاه الله- وسألتنا بعض ما يمكنك القيام به حتى تنمي قدراته.
إن ما يتوجب عليك القيام به أمران:
الأول: وهو مستمر وأساسي في عملية التربية المتكاملة، وهو معرفة طبيعة المرحلة التي يمر بها طفلك، وأكرر بصورة دائمة ومستمرة لتقف دائمًا على تطوره وتعلم أولاً فأولا نقاط القوة والضعف في ابنك.
وسأعرض عليك بعض حقائق النمو:
1 - أن كل مناحي النمو لها حد أقصى وحد أدنى، وإذا ما تحدثنا عن طبيعة مرحلة ما فإننا نتحدث في هذا الحيز، وبالتالي فإن تدخلنا لتنميتها واستثمارها إنما يكون محاولة لنصل بقدرات أبنائنا إلى حدها الأقصى داخل الحيز الممكن. أعني بذلك ألا نكون مفرطين في توقعنا، وألا ندفع الطفل لتعلم ما لم يستعد بعد لتعلمه.
2 - أن هناك اختلافات فردية بين كل طفل وآخر (داخل المرحلة العمرية الواحدة، مع اشتراكهم في سمات نمو واحدة تفرضها طبيعة المرحلة العمرية وهو ما يعرف بالفروق الفردية)؛ فلا يكون مرجعيتك في حكمك على الطفل مقارنته بطفل آخر، وإنما تكون المرجعية بمعرفة طبيعة المرحلة بمناحي النمو المختلفة ومعرفتك بطبيعة طفلك وقدراته.
وسأذكر لك بعضًا من طبيعة هذه المرحلة وأترك لك البحث عن المزيد، أذكرها لك في نقاط يأتي تفصيلها في معالجات سابقة سنرفقها لك بنهاية الرد:
• التغييرات الكبيرة في القدرات البدنية والذهنية.
• بداية ظهور علامات التذكر والتفكير، مما يدفعك لمزيد من التفاعل مع الطفل.
• يبدأ الطفل في الوقوف بمفرده والسير مستندًا إلى الحائط.
• وكذلك يبدأ في الثرثرة ببعض المقاطع الصوتية، ودورك هنا لفت انتباه طفلك لك، ومحادثته بلغة سليمة مبرزًا حركات الشفاه ومخارج الحروف؛ ليقلدك طفلك شيئًا فشيئًا.
• يصبح لدى الأطفال في هذه السن تحكم أفضل في الحركة، فيقلد بعض الحركات، كما يمكنه أن يصل عن عمد لمكان لعبه أو ينقل الأشياء بين يديه الاثنتين. وبالطبع ضرب المنضدة وغيرها بما يقع في يديه من أشياء، فضلاً عن قدرته في مسك الأشياء الصغيرة بين إصبعيه.
• ينشغل الطفل في هذه المرحلة بتنمية إدراكه بعالمه المحيط. ويبدأ الوعي لمفهوم اختفاء الأشياء، ويدرك أن اختفاءها عن مجال نظره لا يعني اختفاءها كلية.
• ويمكنه أن يقذف الأشياء عن عمد ليتابع ويلاحظ إلى أين تذهب. ويبدأ بالبحث عن لعبته التي اختفت؛ ولهذا فلعبة الاختفاء تنمي قدرات الطفل العقلية وتنمي إدراكه.
• يبدأ الطفل -أحيانًا- بالخوف من الغرباء في هذه الفترة. كما يتضايق لخروج أمه أو أبيه عن حجرته.
• يمكنه الاعتماد على نفسه ليتسلى بعض الوقت بمفرده إذا ما أعطي شيئًا ما ليكتشفه، ولكن يبقى التفاعل جزءاً أساسيًّا وحيويًّا من استمتاعه.
• الحركة بالنسبة له مثيرة جدًّا؛ ولذا حاول رفعه لأعلى في الهواء أو أرجحه على الساقين، ولكن تابع رغبته في ذلك وتوقف مع أول إشارة بإثارة زائدة.
وبالتالي يمكنك القيام بالأشياء التالية مع طفلك:
- أعطه لعبة واحدة في كل مرة.
- أعطه الفرصة لاستخدامه ألعابه الجديدة واستكشافها فعلاً.
- دعه يلعب بطريقته، وإن كان ما يفعله هو مجرد وضع اللعبة في فمه، فقد تأكد من نظافتها.
- كل ما حول الطفل يعتبر ألعابًا له فدعه يستكشف منها الآمن.
- طفلك يستكشف يديك ووجهك وشعرك؛ فسمِّ له هذه الأعضاء وشاورْ لربط المسمى بالاسم.
- وفِّر لطفلك عددًا مناسبًا من الكتب في أرجاء البيت، ودعه يستكشف الكتب ذات الغلاف السميك بنفسه، مع توفير وقت مناسب كل يوم لمطالعة الصور الملونة والقراءة له، فالوقت الآن مناسب للتعرف على الكتب والصور.
- الطفل يفهم معنى الكلمات من السياق فكلمة "لا" العابسة تعني بوضوح أنه من الأفضل أن يتوقف عما يفعله. وبشاشة الوجه مع كلمة "رائع" تعني استمر، وهكذا...
- ويمكنك تجربة بعض هذه الألعاب وتطويرها بنفسك فقط تذكر: أن تقف عند إشارة ابنك بذلك.
- كما أسلفنا يبدأ الطفل باقترابه من العام الأول في حل المشكلات، ويبدأ في تعلم أن الاختفاء من حيز الرؤية لا يعني الاختفاء التام:
• فلعبة الاختفاء والظهور (الاستغماية بالمصرية) لعبة جيدة لطفلك. خبئ رأسك واسأل طفلك "أين بابا" ودعه ينزع الغطاء ليجدك، ثم ضع الغطاء على رأسه، وهكذا...
• بدّل الغطاء بآخر كبير زيادة في الاختفاء.
• اختبئ خلف الكرسي أو الباب أو غيره، واترك جزءاً من جسمك ظاهرا ليدله عليك.. إذا لم يعرف فاخرج له.
• خبئ وجهك خلف الكتاب ارفع الكتاب واخفضه، ثم لليمين واليسار مع تغير تعبيرات وجهك في كل مرة يظهر فيها من خلف الكتاب.
- فرق مجموعة من الوسائد على الأرض لعمل بعض التلال لطفلك ليصعد عليها أو ليحبو حولها. ضع واحدة أو اثنتين في مواجهة الأريكة، ودع ابنك يقفز عليها وساعده لينزل على بطنه أو يخطو أولى خطواته لينزل على قدميه.
- أجلس طفلك إلى المنضدة، وابدأ في الطرق على المنضدة، ومع التوقف ارفع يديك لأعلى.. لن تستغرق الوقت طويلاً حتى ترى طفلك يقلدك.
• نوع الطرق من حيث شدته وسرعته.
• ثم ابدأ في الطرق الملحن.
- اصنع بعض الكرات من الجوارب القديمة بإدخالهم بعضهم في بعض، والغرض أن تكون كرات سهلة المسك وكذلك في حجم اليد، ولا تنزلق من طفلك الصغير.
• شارك ابنك في قذفها في سلة. حرك السلة بعيدًا لمزيد من التحدي.
• تبادلا قذف الكرة والإمساك بها.
- ساعده ليصب الماء في الأكواب البلاستيكية ويفرغ من كوب لآخر.
- يمكنك استخدام مصفاة المكرونة لتعطي ابنك الدرس الأول في الصيد.. نعم حاولا اصطياد الألعاب البلاستيكية من حوض الاستحمام.
- ميّز نبرات صوتك تبعًا لحالتك المزاجية أو تبعًا للموقف الذي تمر به ليميز التعبيرات المختلفة والأحاسيس المختلفة.
- دعه يميز أن هناك أحداثًا مختلفة ويمكن لنبرات صوتك وتعبيرات وجهك القيام بذلك.
- عرضه للموسيقى.. فهناك حقيقة علمية مفادها أن الأطفال الذين يتعرضون للموسيقى في وقت مبكر تكون لديهم قدرة رياضية جيدة، وأنشد له دائمًا.
- تحدث إلى طفلك كثيرًا كثيرًا كثيرًا..
- اصطحب طفلك وكأنك "معلق رياضي" اشرح كل ما تقوم به، ما الذي يحدث، وماذا سيحدث، ماذا تصنع، لماذا، كيف...
- اقرأ لطفلك حتى ولو بدا لك أنه لا يفهمك.. لا يهم المهم أن تقرأ له. فطفلك يمتص الموسيقى التي في اللغة، خاصة إذا اخترت الكتب التي تعتمد على السجع والموسيقى اللغوية كالبدايات الواحدة والنهايات الواحدة التشابه/ الجرس، وهكذا...
- ارفق وقت القراءة بخبرة ممتعة سيحب طفلك هذا الوقت الدافئ معك وهذه الخبرة الممتعة ستصبح أساسًا هامًّا في تكوين عادة القراءة لديه.
ويمكنك مطالعة عدد من الاستشارات في هذا الصدد:
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- فن تنمية الذكاء
- الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة
- تنمية القدرات.. التوجيه لا الضغط
أما عن وسيلة تعبيره عن غضبه وصراخه فهو طبيعي في هذه الفترة من العمر، إلا أن عليك اجتناب ما يعرضه للانزعاج، ووفّر له جوًّا آمنًا مرحًا ممتلئًا بالخبرات والأنشطة التي لا تترك له فرصة للانزعاج.
ـــــــــــــ(103/89)
اللعب خير لا بد منه ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد.. كيف يمكن لي التعامل مع ولدي الذي يبلغ 10 أعوام ؟ فهو كثير الحركة، قليل التركيز والانتباه، يريد اللعب باستمرار، ولا يشبع من اللعب أبدًا، فالرجاء أن تعينوني لحل هذه المشكلة، ولكم مني فائق التقدير والاحترام والسلام. ... السؤال
صعوبات التعلم, الطفل المشاكس ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الأستاذة صفاء فريد من فريق الاستشارات التربوية
الأخ الفاضل السائل..
من أكثر التصرفات التي تثير انتباه الأهل، توجه أبنائهم إلى اللعب، خاصة إن كان هذا اللعب كثيرًا، ويشغل حيزًا كبيرًا من الوقت. فالظاهرة ليست عجيبة والوضع ليس شاذًّا، فلكل طفل طاقة لا يدركها إلا من نظمها، ووضع لها أسسها وهي مفيدة ونافعة لأطراف كثيرة، لكن إن أحسن الوالدان استغلالها. أما إن تركت نهبًا لأفكار الطفل وبيئته المسالمة، تحولت هذه الطاقة إلى مصدر إزعاج لكل من هو حول الطفل وبداية الوالدان.
الأخ الفاضل: يتمتع ابنك بقدرات كبيرة، وحيوية وممتازة، فلا تجعل منها مصدر إزعاج لك، وإرباك للطفل، فطفل في العاشرة من عمره، يرى الحياة من منظاره الخاص، لا من منظارك أنت، وينظر إلى المواقف بنظرة مغايرة في الحكم والرأي؛ لذا عليك أن تنزل إلى مستوى تفكيره، وتسمع رأيه وتبدأ محاورته بلغته لا بلغتك حتى تصل معه إلى نتيجة.
وإليك بعض الطرق والأساليب التي تعين ابنك على استثمار طاقته، وتخفض من انزعاجك من هذه الطاقة:
أولاً: عليك أن تحدد نوعية الألعاب التي يمارسها هذا الطفل، حركية، عقلية،...، فتختار مهمة مماثلة في البيت ليؤديها ابنك، مثلاً.. يحب الرياضة بأنواعها.. اطلب منه الذهاب إلى سوق بعيد نوعًا ما عن البيت ليشتري لكم شيئًا، أو ليساعد أمه في بعض الوظائف المنزلية التي تتطلب طاقة جسمية، مثل ترتيب الأثاث، مع توجيهه إلى اللمسات الفنية في تغيير الأثاث، أو ليكن مسؤولاً عن حمل الأكياس التي يحضرها الأب معه، فينزل إلى السيارة ويحضر الأكياس.
ثانيًا: حمّله المسؤولية.. مسؤولية أمه، (عليك أن تساعد أمك، أنت المسؤول عنها في غيابي، تقضي لها حاجاتها..)، وهو إن شعر بهذه المسؤولية مرة تلو مرة، تبدأ بتوجيه المسؤولية له ليحملها في دراسته وعلاماته وامتحاناته، فهو مسؤول عن علامة امتحان اللغة العربية، وهو يتحمل مسؤولية علامة الرياضيات، عوّده أثناء الدراسة، عندما تشرح له مسألة معينة لفكرة معينة، إنني سأسألك عن هذا السؤال إن كان في الامتحان لأنني شرحته لك. حمّله مسؤولية بعض الأمور في المنزل، مثلاً عندما تخرجون من المنزل.. (مسؤوليتك يا بني أن تتأكد من إغلاق النوافذ) وغيرها، ومع التدريب المستمر لتحمل المسؤولية والمساءلة عن هذه المسؤولية، يبدأ يشعر بمسؤوليته تجاه دراسته، فيبدأ يفكر بتخصيص وقت للدراسة حتى يكون عند حسن الظن.
ثالثًا: لا تمنعه من اللعب، ولا تشعره بكرهك للعبة، بل بالعكس فليكن تعزيزك له لأي عمل جيد يقوم به هو أن يلعب ولتشعره بفرحتك عندما تراه فرحًا يلعب، بل عندما يلعب شاركه اللعب، وتسابق معه، واروِ له قصصك في طفولتك عندما كنت تلعب، وما هي الألعاب التي كنت تحبها في طفولتك، واقضِ معه وقتًا حتى يشعر بالفرح والنشوة، ثم وجّه له مشاعره نحو اللعب بقولك مثلاً: اللعب رائع فهو يفرحنا ويسلينا ويعلمنا أشياء كثيرة، ويجعل أجسادنا أكثر قوة، وعقولنا أكثر حيوية، ثم خاطبه بصيغة "الغائب" عندما تريد أن تبين له العادة السيئة في كثرة اللعب.
مثل أن تقول: أعرف زميلاً لي في طفولتي كان يحب اللعب كثيرًا مثلي، ولكن الفرق بيني وبينه هو أنني أنظم وقتي وهو لا ينظم وقته، بل وقته كله للعب، وأنا أقسم وقتي بشكل صحيح.. ألا ترى يا بني أنني الآن رجل ناجح في حياتي، وعندي ابن ناجح في حياته مثلك؟ ألا ترى أنك تقلد والدك في حسن تنظيم وقتك؟ (فإن أجاب نعم)، فعليك أن تستمع له كيف ينظم وقته وتوجيهه في هذه القضية.
رابعًا: كن قدوة له في تنظيم وقتك، وتنويع أعمالك. فعلى سبيل المثال.. حتى أيام الأسبوع عندما تعود من عملك متعبًا ارتح قليلاً، ثم مارس نوعًا من الرياضة معه. حتى يرى أمامه قدوة جيدة في إعطاء كل جانب من جوانب الحياة حقه.
خامسًا: لا تذمه أمام الناس بهذه الصفة، بل أظهر لهم إعجابك به؛ لأنه يلعب ولكنه يدرس بجد، ويلعب، وعلاماته رائعة.
سادسًا: تأكد أن ابنك يمتلك المقومات الأساسية للتفوق الدراسي مثل الكتابة الصحيحة، النطق السليم، التعامل الصحيح مع المسائل، وانتبه إلى مواضع التركيز التي يحتاجها الطفل وأرشده إليها، ولا ترهقه بكثرة الملاحظات. تكفي ملاحظة واحدة في كل جلسة دراسية يركز عليها الأب أو الأم ويعالجها عند الابن، وكلما تجاوز مشكلة، فكّر في المشكلة التالية؛ إذ إنه لا يمكن أن تحل المشاكل كلها في وقت واحد.
سابعًا: عامله على أنه كبير وليس أنه طفل، وخاطبه بلغة واعية، ولا تعطه الألفاظ التي تصغره وتقلل من شأنه، أشعره بأنك تخاطب رجلاً واعيًا لنفسه ومصلحته.
ثامنًا: اجعل له صديقًا مماثلاً له في العمر؛ ليشاركه وقت الدراسة، ترى أنه يكتسب مهارة الدراسة والتركيز من أقرانه.
تاسعًا: اجعل له من بين ألعابه ما يعلمه دروسه، مثل أن تحضر له برامج تعليمية عن طريق اللعب على الحاسوب، وغيره...
عاشرًا: اصحبه لأماكن هادئة منظمة، واطلب منه الالتزام، مثل أن تصحبه إلى مكتبة عامة، أو زيارة مريض، فهي أماكن بحاجة إلى هدوء ونظام.
ولا تنسَ أن ابنك هو الوحيد المدلّل، فلا تجعل من هذه الإيجابية التي تجعلك تتفرغ إلى توجيه ابنك إلى سلبية لا تستطيع معالجة آثارها.
ـــــــــــــ(103/90)
أنصف نفسك تنصف طفلك - متابعة ... العنوان
سيدتي الكريمة أ/ عزة تهامي بعد التحية.. أودّ أولاً أن أشكرك على اهتمامك الكبير برسالتي وردك المفصل وجزاك الله خيرًا عني وعن الكثير، ولو أني أطلت في انتظار الرد؛ لأني أرسلت رسالتي من أكثر من أسبوعين، وكنت قد أوشكت على اليأس، ولكن بعد ردك الذي وضح فيه الاهتمام، فلا أستغرب أبدًا طول المدة. ومرة أخرى جزاك الله خير الجزاء..
سيدتي الفاضلة لقد قرأت رسالتك كثيرًا وبتركيز كبير ، وأعدك أنني سأحاول جاهدة تطبيق نصائحك بكل ما أستطيع من قوة، ولكني أريد أن أرد على نقطة رأيت من كلامك أنه من المهم معرفتها بالنسبة لك أردت أن أصارحك بها، ولعلي وجدت فيك من أستطيع مصارحته، ويمكن لعدم وجود جانب الحياء أثناء المصارحة، وهو الحديث عن نفسي قليلاً، وأسباب لا أعرف إن كانت هي ما تبحثين عنه أم لا؟ لقد أردت أن أبحث وأبحث لأعرف ما هي الأسباب الحقيقية وراء مشاعري الغريبة تجاه ابنتي، وذكرت عدة أسباب من باب الافتراض، ولا أنكر أنك أصبت من أول افتراض، ولكن بشكل غريب قليلاً.
نعم سيدتي.. أنا لم أكن مستعدة للحمل أو أن أكون أمًّا أصلاً؛ فلقد تزوجت قبل أن أتم العشرين من عمري، مع العلم أنني وزوجي وبعد مرور أكثر من عشرة أعوام على الزواج نعتبر من أنجح الأزواج؛ لما نُكِنّ لبعض من حب وتفاهم واحترام وتقدير كل منا لمشاعر الآخر، وحب كل منا لأهل الآخر بشكل كبير وليس هذا من باب المجاملة، ولكن لحسن أخلاق الأسرتين وجميع الإخوة والأخوات لكل منا، وهذه نعمة أشكر عليها ربي، وأدعو أن يحفظها من الزوال، وأريد أن أقول لك إنني إن قلت لك إنني لم يكن تواجهنني مشاكل بيني وبين زوجي كبيرة كما يلاقي الأزواج إلا بسبب ابنتي يارا وقسوتي عليها وضربي المبرح لها، حيث إن زوجي كتلة من الحنان والدفء المتحرك على الأرض حتى مع الأغراب؛ لنعود للسبب الحقيقي، وسامحيني مرة أخرى وأخرى للإطالة.
قبل الزواج كنت مصممة على عدم الزواج قبل أن أنهي دراستي الجامعية، ولكن أثناء خطبتي وهي خطبة عائلية جدًّا؛ لأن زوجي صديق لأحد أقربائي المقربين، ووجد القبول مني ومن والدتي التي أحبته بشدة وحتى الآن تردد أنها لم تكن تتمنى من الله أن يكون أولادها الصبيان على مثل خلق زوجي وأدبه واحترامه للناس، وخاصة أمي وأبي اللذين يحترمهما ويحبهما بإخلاص حقيقي.
بعد الخطبة وجدت زوجي يُلِحّ على الزواج قبل نهاية إكمالي للبكالوريوس، حيث إنه بقي سنة واحدة وأتخرج فلا مانع من أن أكمل تلك السنة معه، وكما قالت لي خالتي المقربة جدًّا لقلبي واضح أن في لحظة من لحظات الحب والهيام وافقته على هذا الرأي بيني وبينه على أن يطلع أبي على هذا بعد نهاية العام، وقبله بقليل للاستعداد، ولكن حدثت بعض الظروف جعلت زوجي يسافر خارج البلاد وبعد عني لفترة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر، ووجدت نفسي لا أفكر مطلقًا من الزواج هذا العام، وقبل عودته قام بمكالمتي في الهاتف، وفكرني بالاتفاق الذي حدث بيني وبينه.
ولا أريد أن أقول لك مدى قسوة ردي عليه، وقلت له إننا لم نتفق على ذلك بوضوح، بل إكمال دراستي أولاً هو الشرط الأساسي قبل الخطبة، وحينها فوجئت به يقول لي إنه بالفعل تحدث في الأمر مع والدي على الهاتف قبلي، وأراد أن يفاجئني بالأمر بعد قبول أبي طالما أننا اتفقنا على ذلك، وأن هذا برضائي، مع مواعدة زوجي له أنه لن يسمح بتأخري عن حصولي على البكالوريوس؛ لأنه لا يسمح أن تكون زوجة طبيب مثله مستواها التعليمي أقل من ذلك، بل شجّعني على إكمال دراستي العليا، ووافق أبي بناء على ذلك، حيث إنه رجل صاحب علم وأهم ما يريد أن يسلح به أولاده قبل المال العلم والشهادة والتربية الحسنة طبعًا، فتحيرت لما قال لي في الهاتف، ولم أجد نفسي غير موافقة على الزواج، ولا أنكر أنني كنت سعيدة، ولكن يوجد شيء ما بداخلي وعندما ذكرت ما حدث لخالتي وأنكرت أنني متذكرة شيء من الاتفاق الواضح بيننا قالت لي تلك الكلمة التي قلتها لك.
سيدتي.. لا أريد الإطالة، لكني لعلي من وجدت أن أقول له من يدور في مخيلتي، وبدأ فعلاً الاستعداد للزواج ومرة أخرى لا أنكر أنني كنت سعيدة، وقبل الزفاف بحوالي 60 يومًا توفيت جدتي لأبي، وكأني يا سيدتي وجدت ما أمسك به لأعلن رفضي عن الزفاف في الوقت الحالي؛ لأن الظروف لا تسمح بعد الوفاة، ولكني فوجئت بزوجي يقول لي لا تتدخلي أنت واتركي الأمر لوالدك فهو رجل عاقل ويقدر الأمور، وكأني مرة أخرى سيدتي أريد الهرب من هذا الزفاف القريب، فقمت بمشكلة لمجرد كلمة لا تتدخلي، كيف والزفاف زفافي.. أتريد إلغاء رأيي، وقلت ذلك لأبي فكان من أبي أنه تضايق من أجلي، وأن زوجي يريد إلغاء رأيي، فماذا بعد الزواج، فقال أبي لزوجي في الهاتف إن لم يكن لابنتي رأي في زواجها، فأين سوف يكون لها رأي، فتكلم زوجي مع والدي مكالمة طويلة أوضح له وجهة نظره، وأنه لا يمكن أن يكون يفكّر بهذه الطريقة، بل كل ما في الأمر أنه أراد ألا تؤثر حالتي النفسية من أحداث الوفاة على قراراتي وترك الأمور لوالدي لما يراه صحيحًا.
وبعد مضي 40 يومًا من الوفاة وجدت أبي يفاتحني ويقول لي إن ليس لزوجي علاقة بحزنه على والدته، بل هو رجل كان مستعدًّا للزفاف، وقمنا بكل الاستعدادات المطلوبة للزفاف قبل الوفاة بوقت، ولا يجوز هدم فرحته بسبب خارج عن إرادته، فاعترضت مرة أخرى، وغضب أبي مني، وبعد عدة أيام لم يبقَ القليل على ميعاد الزفاف، وفي جلسة هادئة في البيت حدث حدث لا أنساه، وهو في رأيي هو سبب مشكلتي القائمة مع ابنتي كأن الله يعاقبني على فعلتي هذه.
سألني والدي بهدوء وقال لي ألم تفكري مرة أخرى فكل ما تبقى من الأيام 10 أيام أو أقل على حضوره من الخارج، وقبل الموعد المحدد من السابق البعيد وجدت نفسي لأول مرة أكون في منتهى الهدوء، وأقبل بموعد الزفاف، فتفاجأ أبي وسألني سؤالاً سيدتي لقد كذبت على والدي ويا ليتها كذبة عادية بل كذبة في حق الله قال لي هل صليت استخارة كما أشرت عليك مسبقًا، فكان ردي نعم، ولهذا أنا موافقة والعكس هو الصحيح تمامًا يا سيدتي.. أنا لم أصلِّ تلك الصلاة ولم أستخر الله، بل كذبت في حق الله، وهذا ما ينغص عليّ كثيرًا من الوقت كلما أتذكر تلك الكذبة الحمقاء التي ليس لها أي معنى سوى أنني أردت إخفاء موافقتي الغريبة بدون إبداء أسباب، وفرح والدي كثيرًا ووالدتي أيضًا، وقال لي إن حزنه على والدته لم يطالب به خطيب ابنته المغترب، وطلب مني النزول فورًا لأطلب زوجي على الهاتف وأفرحه بهذا الخبر الجميل، بعد حزنه الكبير مني، ومن موقفي الغريب الذي لم يفهمه.
وحقيقة سيدتي لم أفهمه أنا وفعلاً تم مصارعة الوقت لشراء فستان الزفاف، ودعوة الأهل والأقارب وما إلى ذلك من أمور، وتم الزفاف في الموعد المحدد من الزمن البعيد، وسافرت مع زوجي مباشرة إلى الخارج معه بعد قضاء أول الزواج مع الأهل إلى بلد غربته، وكانت يارا ضيفة في بيتي بعد تسعة أشهر من زفافي، ولا أنكر أن وجهها كان جميلاً عليّ، فقد حصلت على شهادتي وبتقدير عالٍ أيضًا بعد ولادتها بشهرين فقط، ولكني سيدتي هل أشعر أنها عجلت من تحملي المسؤولية التي تهربت منها مرات ومرات.. لا أدري أترك ذلك لك لعلك تفيديني، وإذا كان هذا السبب الحقيقي الذي تبحثين عنه في رسالتي السابقة فهذا السبب بالذات لا يمكن إصلاحه، فماذا أفعل؟
سيدتي.. أريد قبل أعيد شكري لك مرة أخرى أوضح لك عن نفسي، لعلّ هذا يساعدك على تفسير ما حدث أو لعلك تتساءلين عن نوعية هذه الشخصية. أنا عشت في أسرة أكثر من ممتازة، والحمد لله أبي وأمي متعلمان أعلى الدرجات العلمية والحياة الكريم جدًّا، والحمد لله أنا بنت واحدة لوالدي مع إخواني الصبيان، ولكن هناك ما أردت قوله لعلك تربطين جميع الأمور ببعض في ظل حب ورعاية أبي الشديدين. كانت أمي برغم حبها المنهمر لي ولأخوتي فهي كانت مثل الدبة التي من الممكن قتل أولادها من كثرة حبها لهم.
لقد كانت أمي لا تتوارى في ضربي إلى أن وصلت لسن دخول الجامعة إذا أخطأت، ولم أقم بدراستي بشكل ممتاز، ولن تقبل بالدراسة بالشكل الجيد، فكان ذلك رغم معرفتي لحبها لي. إنني بعيدة عنها، وأتفق معها في الآراء كثيرًا، ولعلي الآن أحاول جاهدة كسب رضاها، لعلّ هذا يكفر ما أقوم به تجاه ابنتي، وليعلم الله أنني وعدتك الالتزام بنصائحك تجاه تلك الطفلة التي قلت إنها لم تشعر بالدفء والحنان منذ نعومة أظافرها بلا سبب ارتكبته سيدتي، أشكر لك سعة صدرك واهتمامك، وأنا أيضًا في انتظار ردك ليريحني ويشجعني على تخطي تلك المشكلة التي لا أريد أن أقول لك إنني أدعو الله باستمرار أن يهديني لأولادي كثيرًا كثيرًا ومنذ زمن، وآسفة حقا للإطالة، وجزاك الله كل الخير.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سعدت برسالتك كثيرًا -سيدتي- ولم يكن هناك داعٍ للاعتذار عن الإطالة، فهذه الإطالة كانت من دواعي سروري؛ وذلك للثقة التي أوليتني إياها –والتي أدعو الله أن أكون أهلاً لها- هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان من المهم جدًّا أن تذكري ما ذكرت برسالتك، بل كنت في حاجة إلى معرفة المزيد، وخاصة علاقتك بوالدتك لينجلي الأمر تمامًا، فكلما كانت الأمور أوضح وأكثر صراحة كان الوصول للحل أيسر وأعمق إن شاء الله.
وقبل أن أبدأ في الرد أعتذر إن بدر مني أي تقصير أو سوء فهم ذلك؛ لأن من يرسل رسالة مثل رسالتك يتحدث فيها عن نفسه ومشاعره فهو يكتب بارتجال لا يحاول فيها التدقيق أو المراجعة، ويسترسل حتى لا تنقطع أفكاره أو تخونه شجاعته في استكمال الرسالة؛ ولذا كان عليّ أن أقرأ رسالتك أكثر من ثلاث مرات حتى أستنبط وأحاول تجميع النقاط بشكل أكثر دقة فاعذريني إن فهمت شيئًا لم تقصديه.
والآن دعينا نبدأ معًا مشوار الألف ميل –طريق الحل- والذي بدأ منذ أن أرسلت رسالتك الأولى، واسمحي لي أن أحدده حول محورين، المحور الأول: تحليل المشكلة حسب المعلومات التي وردت برسالتك وكما فهمت، والمحور الثاني: كيف تتصرفين بعد تحليل المشكلة:
المحور الأول: تحليل المشكلة حسب ما ورد بالرسالة:
استوقفتني عدة نقاط في خطابك أظن حولها تدور المشكلة، وسوف أوضحها وأحللها معك لنبدأ بها الحل إن شاء الله عز وجل.
أما النقطة الأولى فهي حديثك وإحساسك عن صلاة الاستخارة التي لم تصْدُقي القول بشأنها مع والدك وأنك –على حد تعبيرك- على يقين من أن الله تعالى عاقبك على هذا بمشكلتك الحالية مع ابنتك، وأنا أقول لك إن إحساسك هذا خطأ كبير ارتكبته بحق نفسك فضلاً عن حق الله سبحانه، فإن الله تعالى أعلى وأجلّ من أن يعاقب بمثل هذا الانتقام، فالله يمنحنا الفرص ما حَيينا لنؤوب إليه ونتوب، فثقي –سيدتي– أن الله عز وجل لو كان معاقبًا الناس على أخطائهم بمثل هذا العقاب ما ترك عليها من دابة، أنا طبعًا لا أهوّن من شأن الذنوب وارتكابها وخاصة الكذب، لكن الله سبحانه ألطف بعباده من هذا وما خلقنا لينتقم منا، وإنما لعبادته وحسن الخلافة على الأرض، فإذا ما ضعفت النفس البشرية وزلت قدمها وارتكبت ذنبًا ما، فقد شرع لنا سبحانه التوبة.
واقرئي إن شئت باب التوبة وباب الرجاء وفضله في أي كتاب من كتب الأحاديث الصحيحة، ولا أظن أن هذا خافيًا على مثلك نشأ في أسرة كريمة تعرف -بل تقدر- للدين والخلق والعلم حق قدره، وسأكتفي أن أذكر لك حديثًا واحدًا: عن أبي أيوب خالد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أنكم تذنبون، لخلق الله خلقًا يذنبون، فيستغفرون، فيغفر لهم" رواه مسلم. فهذا حال ربنا معنا، فكيف بنا نضيق على أنفسنا ما كان فيه يسر وسعة.
صحيح أن الله قد مدح النفس اللوامة؛ ذلك لأنها تحاسب نفسها وتعودها على المضي في الطريق الذي خُلقت من أجله، لكنه سبحانه –أبدًا- لم يمدح النفس الجلادة التي تجلد نفسها وتُوقف حياتها عند ذنب معين، فهوِّني على نفسك –سيدتي-، واعلمي أن أول خطوة في طريق حل المشكلة هو أن تتخلصي من هذا الشعور بانتقام الله لك في ابنتك، فإن الله سبحانه أرحم بك منك، وكل ما عليك أن تتوجهي بقلب تائب خالص إلى الله وأنت على يقين من أن الله سيتقبل هذه التوبة ويصلح حالك كله، وأنه لم ينتقم منك قط، بل أولاك نعمًا لا تحصى ولا تُعَدّ ذكرتِ جزءاً منها برسالتك وأنت تحمدين الله عليها، ولكن لا يكفي الحمد باللسان، ولكن بالعمل على المحافظة عليها.
النقطة الثانية التي استوقفتني هي استغرابك من ترددك في قبول الزواج من زوجك هذا الذي تكنِّين له كل الحب والمودة والاحترام، وهذا التردد أمر طبيعي يحدث لكل الفتيات مهما أحببن خطابهن، فكل فتاة تقبل على الزواج تخاف هذه الحياة الجديدة وهذه العلاقة الخاصة جدًّا برجل غريب عليها؛ وذلك لاختلاف طبيعة هذه العلاقة عن كل العلاقات التي نمر بها بلا شك، ولهذا كانت مشاعرك غير مستقرة ويشوبها كثير من التوتر والقلق، فأنت تحبين هذا الرجل الذي يتقدم لطلب الزواج منك وموافقة عليه من حيث المبدأ، وهذا بالطبع مدعاة للفرح والسرور، ولكن في نفس الوقت أنت تخافين من الارتباط ومن مسئولياته ومن هذه العلاقة الجديدة عليك والتي تستدعي القلق، بل والتهرب من تحديد موعد الزفاف كما فعلت، وهذه كلها مشاعر لا يجب الوقوف عندها، وأنصحك ألا تفكري فيها، وعليك فقط أن تتذكري كم كانت خسارتك إذا لم توافقي على شخص بمثل هذه الأخلاقيات التي يشهد لها القريب والبعيد.
النقطة الثالثة كونك تزوجت في سن أصغر ممن حولك من الفتيات لا يجعل ذلك مقياسًا ومعيارًا للإحساس بالفشل أو بالضيق أو بعدم الاستعداد لمهام الأمومة ومن وجهة نظري أنك تزوجت في سن مناسبة، وأرجو ألا ترددي الكلمات التي يقلنها كثير من الفتيات، بل والفتيان أيضًا في مثل هذه الحالات والتي حولت حياتهم إلى أزمات نفسية ومشكلات أسرية واجتماعية بعد الزواج، نتيجة سيطرة هذه الفكرة عليهم فكثيرًا ما يرددون: "أنا لم أستمتع بحياتي فكل من في سني يفعل ما يحلو له"، "عايش حياته" -كما هو المصطلح المتداول بين شبابنا الآن-، وأنا الذي كبلت نفسي بالزواج والحمل والولادة ومسئولية تربية الأولاد مبكرًا... إلخ.
والمشكلة الحقيقية تكمن في أن من يفكر بهذه الطريقة سيظل شاعرًا بأنه صغير على تحمل مثل هذه المسئولية إلى أن يبلغ من الكبر عتيًّا، ثم نجده بعد ذلك يتصابى ويفعل ما يفعله المراهقون، ويبدأ في سن متأخرة البحث عن شريك لحياته، وهذا ينطبق على كل من الجنسين على السواء، كما أننا لم نَعُد نربي أبناءنا على تحمل المسئولية، ولا على تكوين أسرة ولا على أهمية التربية في حياتنا، بل نجد الشاب يُعامل على أنه طفل صغير ما زال يأخذ مصروفه من والده إلى سن التخرج أي ما بعد العشرين من عمره، ونجد الفتاة لم تُربَّ على أنها يومًا ما ستصبح زوجة وأمًّا مسئولة عن حياة آخرين، فما عليك إلا أن تطردي فكرة صغر سنك هذه على الزواج وعدم استعدادك للحمل والولادة وتربية الأولاد، وبدلاً من هذا ردّدي على مسامعك أنك أهلاً لهذه المسئولية، بل أنت مستمتعة بها، ثم تخيلي حياتك بدون هذه الأسرة الصغيرة اللطيفة الجميلة التي حباك الله تعالى بها، وهي من أروع ما حدث لك في حياتك، بل ردّدي أنك قادرة على أن تعيشي بحرية أكبر من ذي قبل، فأنت صاحبة قرارات كثيرة تُتخذ في هذه الأسرة، ومخوّل إليك سلطات لم تكن لديك قبل الزواج.
المحور الثاني كيف تتصرفين على ضوء ما سبق:
أولاً: عليك ببعض تدريبات الاسترخاء وهي تدريبات تساعدنا كثيرًا على تحمل أعباء الحياة، منها على سبيل المثال تدريب التنفس الذي ذكرته لك في الرد على الرسالة السابقة، وممارسة رياضة ما ولو رياضة "السير"، وإذا لم تتمكني من ذلك فيمكن ركوب الدراجة الثابتة التي تستعمل بالمنزل.
وبعد صلاة الفجر والعشاء أو بعد نوم أطفالك تجلسين في مكان الصلاة -جلسة تستريحين فيها- مغمضة العينين دون التفكير في أي شيء (يمكنك التسبيح بالطبع مركزة فقط على ما تقولين دون الشرود في أي شيء آخر)، وإذا استطعت أن تستيقظي قبل الفجر ولو بعشر دقائق لصلاة ركعتين خفيفتين فافعلي فإن لهما فعل السحر في استقبال يومك الجديد بنشاط وحيوية وتفاؤل، فضلاً عن إحساسك بالرضا عن نفسك لصلتك بربك.. إلى جانب هدوء الأعصاب الذي ستلاحظينه في كل سلوكياتك تقريبًا، وهو ما يساعد وبشكل فعًّال في حل مشكلتك مع ابنتك، هناك العديد من تدريبات الاسترخاء يمكنك الاطلاع عليها من كتب تتناول مثل هذه الموضوعات، وما أكثرها حاليًّا في الأسواق.
ثانيًا: عليك بممارسة نشاط ما، وأنا أعلم أن هناك بعض المراكز والجمعيات الأهلية بالسعودية بها أنشطة مختلفة، مثل: تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم الحياكة، وأصول التجميل، وأعلم تمامًا أن كثيرًا من هذه المراكز بها قسم للأطفال أيضًا، وبهذا يمارس كل منكم نشاطًا تستطيعون أن تفرغوا طاقتكم به، وتستثمروا وقتكم بشكل جيد، فضلاً عن أن يكون هذا النشاط محور حوار بينكم جميعًا، بل وتتسابقون في الحديث مع "بابا" حين عودته من عمله؛ ليحكي كل منكم ما أنجزه بهذا النشاط.
ثالثًا: كل يوم وقبل نومك أغمضي عينيك وأنت مستلقية على فراشك لمدة خمس أو عشر دقائق تتخيلين نفسك مع أسرتك في مواقف سعيدة محددة، مثل تنزهكم سويًّا وأنتم تتبادلون الحوار والنكات والضحكات، وخاصة مع ابنتك التي ستصبح بعد قليل صديقتك تُسِرّ إليك بكل شيء، أو تتخيلين أنكم في المنزل وتلعبين مع أولادك ألعابًا طريفة، أو تتصورين مدى فرحتكم عند زيارة بعض الأصدقاء أو عند عودتكم لرؤية أهلكم بأرض الوطن، وهكذا اصنعي في خيالك كل ما تتمنين تحقيقه في حياتك من مواقف تدل على الحب والسعادة والمرح والدفء، وسوف تتحقق كلما كانت إرادتك قوية وثقتك وصلتك بالله أقوى.
ولا تتعجبي من هذا فقد كنت أحضّر إحدى ورش العمل عن إدارة الوقت، وقد حكى لنا المحاضر وهو أحد الأعلام في هذا المجال أنه كان دائمًا يتصور نفسه في مقام رفيع، وأنه سينال جوائز كثيرة ويسافر في كل أرجاء المعمورة وقد كان، وهناك العديد من هذه الأمثلة قد حدثت في تراثنا الإسلامي يمكنك الاطلاع عليها، أو يمكنك سماع شريط للدكتور طارق السويدان يروي جزءاً منها في شريط عن "كيف تغير نفسك"، وهو شريط جد رائع وهو متوفر بالسعودية.
وكما ذكرت لك من قبل: إذا أخفقت مرة أو مرات كرّري على مسامعك "سأنجح يومًا ما، وكل محاولاتي هذه ما هي إلا خطوات نحو هذا النجاح، بل هي في ميزان حسناتي؛ لأنني أعمل جاهدة من أجل الإصلاح".
سيدتي.. كل الخطوات السابقة كانت خاصة بك ولم نتطرق للحديث عن ابنتك في هذه المرة؛ لأنني على يقين من أن حل المشكلة نقطة بدايته من عندك أنت.
أدعو الله عز وجل أن يكون وفقني للإجابة على مرادك، وأن ييسر لك العمل به، وبالطبع أنا أحس أننا الآن من القرب بمكان يجعلني لا أكرر عليك المتابعة معنا؛ لأنني أعلم أنك ستفعلين.
فإلى لقاء آخر قريبًا إن شاء الله مستشيرة وزائرة ومشاركة معنا.
ـــــــــــــ(103/91)
أبي وداوني بحنانك ... العنوان
ابني (8 سنوات) عندما يكون هادئًا فهو مثال الطفل الذكي الطيب والحنون. ولكن حينما يغضب يتحول إلى طفل عنيف وعنيد بشكل لم أرَ مثله من قبل، إلى درجة أنه حاول مرة أن يضربني!! أنا لا أؤمن بالعنف والصراخ في تربية الأبناء.. أحاول مع الوالد أن نعلمهم العقلانية والهدوء في حل المشاكل.
في البداية.. كنت أفقد أعصابي عندما يتحول ابني لهذا الإنسان الغريب، ولكني اكتشفت أن الأمور تزداد سوءاً بشكل لا معقول إذا عولجت بالعنف والعصبية؛ الهدوء يأتي بنتائج أفضل ولكن ليس في كل الأحوال. أنا أدركت أن ابني يجد صعوبة شديدة في التعامل مع الإحباطات التي يتعرض لها في الحياة اليومية، وكلما حدثت له مشكلة قد تكون عادية ينقلب إلى إنسان عصبي وعنيف ولا يستطيع فهم المنطق.
ومما زاد الأمور سوءاً أنه فقد جدته التي كان متعلقًا بها بشدة منذ 7 أشهر، ثم ما لبثنا أن انتقلنا إلى بلد جديد. منذ ذلك الحين ونحن نعيش في صراع شبه يومي، وأصبحت على شفا الانهيار من شدة المشاكل التي يسببها ابني لنا في المنزل.
كلمة "لا لن أفعل" هي القاعدة والغضب والعصبية على أتفه الأمور.
مع العلم أنه مثالي الأخلاق والمستوى العلمي في المدرسة. هل تنصحونني بعرضه على طبيب نفسي؟ ماذا أفعل؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الحبيبة.. لست أدري لماذا أشعر بالشفقة على نفسي وأنا أبدأ معك حديثي، ولعلك تتساءلين لماذا؟؟.. وأرد عليك بأن هذا الإشفاق لا يرجع إلا لشعوري بخطورة الموضوع الذي نحن بصدد معالجته من خلال هذه الاستشارة، وأثره في توجيه أولادنا في أكثر النواحي حساسية، فما نحن على مشارف مناقشته أمر يرتكز عليه جزء من أصول عقيدة شباب الغد، وأحاسيسه، ونظرته إلى الحياة والموت، والواقع المحسوس، والغيب المجهول.
لا أريد أن أطيل عليك بالمقدمات، ولنقصد مباشرة إلى ما سنتحدث بشأنه وهو عبارة عن الآتي:
1- التعامل مع عنف الطفل وعصبيته.
2- التعامل مع آثار فقده لجدته وتغيير بيئته.
3- التعامل مع تأثره الشديد بالإحباطات من حوله.
ولعلّ كل ما سبق من نقاط تتشابك أو تتصل مع بعضها البعض حتى أنها لا تكاد تنفصل، فعنف ولدك وعصبيته إنما هو تعبير عن ضغط شديد على أعصابه يدخل في أسباب هذا الضغط فقده لجدته، ثم تغييره لمكان إقامته عنوة، مما زاد نفسيته هشاشة تضعف منه عند التعامل مع أي إحباطات، ودعينا نحل تلك الخيوط المتشابكة بهدوء لكي يتضح من حلها سبب ما ذكرته من أن الهدوء والحكمة قد لا يكونان هما الحل مع عصبية ابنك دائمًا، "الهدوء يأتي بنتائج أفضل، ولكن ليس في كل الأحوال"، وأستطيع أن أقول لك إن ذلك لأنهما قد يستعملان أحيانًا كمسكن للالتهاب وليس لشفاء أسبابه، أما علاج أسباب هذا الالتهاب فهو ما سنحاول الاقتراب منه أكثر في السطور التالية.
وسنبدأ حديثنا بالحديث عن التعامل مع تداعيات فقد الجدة، حيث يشكّل هذا الحديث بداية مناسبة لانطلاق جهودنا لمؤازرة الطفل الحبيب (حاتم) مع باقي ما ورد بسؤالك من نقاط، فالابن رافض تمامًا لهذا الفقد أو الانفصال، ولا يستطيع أن يقبل بقلبه ما قبله عقله بأن هذه هي طبيعة الحياة، وما دام كان متعلقًا بها بشدة فنستطيع أن نقول إنها كانت له (أمًّا بديلة) شكّل له فقدها زلزالاً وحرمانًا من حنان لا يوجد من يعوضه عنه، فالطفل في حالة تعرضه لصدمة كموت عزيز مثلاً يكون بين أمرين: عدم قدرته على النسيان ورغبته في عدم التذكر، فهو يتجنب تذكر الحدث، وينسحب من أي موقف به رمز يذكره به.
ولذا فإن العلاج يكون على ثلاثة محاور، سيأتي تفصيلها فيما بعد:
1- إظهار الأمر للطفل على أن ما حدث رغم شدته إلا أنه وارد الحدوث.
2- تفهيم الطفل أن ما فيه من حزن هو رد فعل طبيعي وعادي للحدث الشديد الذي مرّ به.
3- محور التعاون والتمكين، أي إفهام الطفل أنه من الممكن أن يتجاوز هذا الحزن، لكن عليه فيه دور كبير إيجابي فنحن سنؤازرك وأنت تحاول الخروج من الأمر.
إذن فالمطلوب هو دفعه تدريجيًّا لتقبل ما يرفضه، وسحب الغضب منه تدريجيًّا كما يتم ما يسمَّى بـ (البذل)، وهو سحب ما في الدم من سموم بإبرة (الحقن) بخفة وبطء، حفاظًا على حياة المريض، وهذا ما ستفعلينه أنت ووالده بخفة وبطء وإتقان.. أن تسحبا من عروقه الغضب والحنق والاعتراض على ما شوّشه من فقده لجدته، وليس هذا فقط، بل أيضًا تركه لموطنه. ولن أتركك دون أن أردف لك بالإجابة على سؤالك المتوقع (كيف يكون هذا البذل؟):
أولاً: التعامل مع شعوره بفقد جدته:
وهو ما حدثتك في المقدمة عن أهميته وهو تقبله لفكرة الموت والحياة، فأقول: لا بد أن يعلم الطفل أن كلنا إلى الله تعالى سنعود، سنموت لنعود ونحيا حياة الخلود في النعيم أو العقاب.. فكلنا عائدون مرة أخرى حين يأذن الله عز وجل، ولكن لكي نعود سعداء لا بد أن نعمل الخير لنجتمع في سعادة ونعيم جميعًا.. ولكن كيف ننقل له هذه المعاني؟:
- بالحوارات الهادئة المباشرة معه والتي يتجاذب أطراف الحديث فيها الأب أحيانًا وأنت أحيانًا أخرى والأسرة كلها في إحدى جلساتها الدافئة أحيانًا أكثر، وما أحوج الأسرة إلى مثل تلك المسامرات الدافئة والجلسات الأسرية حين تبعد عن الوطن والأهل، حيث يتم من خلال هذه الحوارات توجيه الطفل بما يناسب سنه بأن أقدار الله عز وجل كلها خير، وأن ما يختاره للإنسان غالبًا ما يكون الأصلح.
فحينما فارقتنا الجدة كان هذا خيرًا لها لتلقى ربها الذي تحبه والله يعرف أكثر منا ما هو الأفضل لها، وما علينا إلا أن نفرحها بأن نفعل ما يرضيها ويرضي الله وما كانت توصينا به، ويمكن دعم هذا بالقصص كقصة أصحاب السفينة التي خرقها الخضر لأصحابها الذين أوصلوه دون أجر، فكان رده لجميلهم أن خرق لهم السفينة، وما أن ولّى حتى رأوا كم كان هذا خيرًا؛ لأنه حمى سفينتهم من أن يغتصبها الملك، وهكذا ... ؛ بحيث يتم تبسيط فكرة الرضى بالقضاء والقدر، والإيمان بأن الخير دائمًا فيما يختاره لنا الله سبحانه.
(?) يمكن استخدام أسلوب الحوار غير المباشر، أي إدارة مناقشة لا يكون هو طرفًا فيها، لكنه يسمع ما يدور فيها من بعيد، وتدور حول فلسفة الموت وأنه لا يعني -كما تعلم الكثيرون ويورثون أبناءهم هذا الفهم الخاطئ- فقد وحرمان، بل هو أحيانًا يكون أفضل خيار وهو بداية الحياة الحقيقية وبداية الحصول على أجر الجهد الذي بذل لإرضاء الله وإعمار أرضه في أيام طوال، وواجب من مدّ الله في عمره أن ينتهز الفرصة ليكثر مما يجعله سعيدًا في حياته التي يخلد فيها؛ فإن كنا نحب الراحلين فلهذا الحب دليل، وهو الدعاء لهم، وإهداء الصالحات لهم، والعمل على الفوز بصحبتهم بعمل الخير.
(?) ومن المفيد أن تمرنه على التعبير عن نفسه بطريق الحديث الهادئ في الأوقات المنتقاة، مثل أوقات النزهة والسير والطعام؛ لتحثوه على التعبير عن مشاعره وأحاسيسه، وربما عاونته حين تجدين الفرصة للتحدث أنت أيضًا عن تجربة مرة بك يستفيد منها.
ثانيًا: (التعامل مع تغيير بيئته):
لا بد من التعامل مع رفضه (الذي أظنه أمرًا مؤكدًا) لانتقاله لبيئة جديدة ومختلفة بدون اختيار بشكل مخطط ودقيق، وهو ما كان يجب الإعداد الجيد له والتمهيد قبل الانتقال، ولكن ما زالت الفرصة سانحة لتصحيح الوضع:
- لا بد لك من تحديد أهدافك من السفر على مستواك الشخصي والأسري؛ وذلك لتحديد الإيجابيات التي ستستمتعين بها أنت وأسرتك من خلال السفر، فأنت ستعيشين في مجتمع مختلف، ومستوى معيشي مختلف، وخبرات جديدة، ولا بد من إيصال هذا الاقتناع لولدك؛ ليسهل عليه التعامل باتزان وثقة مع البيئة الجديدة؛ ليشعر أنه لم يترك حجرته وبيته وسريره وأهله وأصحابه وجيرانه إلا لكي يحصل على مزيد من المزايا، ثم يعود لهم سعيدًا فرحًا محققًا لإنجازات كثيرة.
فلا بد أن يتم إفهامه الإيجابيات التي سيستمتع بها وترغيبه فيها مع إشعاره أنكما كوالديه معه دائمًا وتتفهمونه، ولن تتركانه وأنه دائمًا في أمان في ظلكما؛ وذلك لنتفادى إصابته بقلق الانفصال Separation Anxiety، وبالتالي ينتقل إليه الشعور بالتفاؤل من هذه التجربة مع شعوره بأن هناك اختلافًا سيواجهه، وأنه يرجع دائمًا لوالديه لإنقاذه من أي حيرة يقع فيها بسبب اصطدامه بأي جديد أو مختلف من عادات أو وجوه أو تصرفات.
- لا بد من تجنب إظهار الاعتراض أو الخوف أو عدم الرضى على البيئة الجديدة أو أي من مكوناتها، فسينتقل حتمًا هذا الارتباك للطفل الذي لن يستطيع إلا أن يقول لسان حاله: "ما دمتم غير راضين عن هذا التغيير فلم فرضتموه علينا؟"، وهو ما سيزيد من رفضه لهذا التغيير وما يتبع هذا الرفض من ضغط ومشاكل سلوكية، ورغبة في الرد على عدوانكما على حريته وسعادته بالتمرد وعدم الطاعة، بدلاً من أن يعينهما على الاستمتاع بإيجابيات الحياة الجديدة والتفاعل معها.
ثالثًا: التعامل مع عصبية الطفل وعنفه:
- وهو ما جربت فيه بنفسك من قبل وثبت لك بالتجربة أن "الأمور تسوء بشكل لا معقول إذا عولجت بالعنف والعصبية. الهدوء يأتي بنتائج أفضل"، وأنا أؤكد معك على ذلك، حيث لا بد من تجاوز استفزازاته وتصرفاته الخاطئة والصبر عليها والتعامل مع غضبه باستيعاب له وصبر وهدوء دون تجريح، وبلفظ غير جارح أو مهين ليتجاوز ما عاشه من محبطات أو مشكلات سببت له هذه السلوكيات بهدوء، وهذا ما جربته وأثبتت التجربة لك نجاحه.
- لا تغفلي دور التعزيز الإيجابي في بناء التقدير والكيان الذاتي لدى الأبناء.. إنني أقصد أن تمتدحي في ولدك وبشدة كل اقتراب من السلوك الطيب وكل محاولة للنضج حتى تحفزيه على المزيد، مع التلويح بأي لوم من بعيد على مثل غيره وبعيدًا عنه، وأن تحاولي استغلال لحظات الهدوء والاستقرار في حفز الهمة للخير، والسلوك الطيب، والنضج، وتقوية العلاقة بينكما وبين أفراد العائلة، وتوضيح خطورة الغضب وآثاره.
- من الممكن إهداؤه قصصًا شيقة عن مكارم الأخلاق، وبر الوالدين، ومضار الغضب، وغيرها... يتسلى بقراءتها ويتعلم منها، ثم تحاورينه بهدوء عما استفاده منها، وما انتوى أن يكتسبه بعد قراءتها، ويمكن أن نخرج من هذا بجدول محاسبة يتابع فيه بنفسه التزامه بتنفيذ ما اتفقتم عليه أو ما قرر أن يلتزم به من بعد قراءته للقصة، وسأورد لك بنهاية الاستشارة موضوعًا به نموذج لفكرة هذا الجدول.
- لا بد من توفير مجالات لاستغلال طاقته بدلاً من خروجها في صورة مشاكل تؤرق حياتك، فبعده عن أصحابه وأهله وجيرانه لا شك أنه يسبب له ضجرًا ومللاً وغضبًا يمكن أن يمتص بتعويضه بأصدقاء جدد من جيران أو معارف أو زملاء، وهوايات يمارسها ورياضات يقضي فيها فراغه -الذي من المؤكد أنه زاد بعد تغيير البيئة- لكي يستمتع بوقته وينشغل بالخير عن التوافه، وتتغير بذلك قدرته على التعامل مع الإحباطات، ويصبح أكثر تقبلاً وتفاعلاً في التعامل معها.
- لا بد من تعميق صداقة والده به وكذلك أنت، وتوفير جو من الترابط الأسرى والصداقات داخل الأسرة مفعمة بالود والحب والترابط والتناصح الذي يكفل سواء جميع أبناء الأسرة بإذن الله تعالى.
وردًّا على سؤالك الأخير بشأن عرضه على طبيب نفسي فهو ما لا أحبذه؛ كي لا تزيدي من الضغط على أعصابه وإشعاره بالضغط والضيق.. وأعتقد أن في تنفيذك لما سبق أنت ووالده الكريم بدقة علاجًا كافيًا إن شاء الله لهذه المشكلات العادية والمتوقعة لمن في ظروف ابنك، وعلى كل الأحوال فنحن معك.
أختي الغالية..
أحسبك قد استوعبت بدقة -وربما حفظت عن ظهر قلب- ما سبق في السطور السابقة، ولكن ما يهمني أن أؤكد عليه يا حبيبتي هو التنفيذ والمواظبة فكما قيل (خير الأعمال أدومها وإن قل)، واستشعري دائمًا أنت وزوجك الكريم أنكما طبيبان تجريان إسعافات وعمليات جراحية، وتداويان باستمرار الجراح والإصابات التي تنال من نفوس وشخصيات أبنائكما؛ لذا فأنتما دائمًا في تأهب وحكمة وهدوء وبشاشة الطبيب الناجح ليلبس أبناؤكما دائمًا تيجان الأصحاء التي لا يراها إلا المرضى.
ـــــــــــــ(103/92)
طفلي يسرق..ماذا أفعل؟ ... العنوان
السلام عليكم، مشكلتي مع ابني (13 سنة) الذي قام بعمل كاد أن يوصلني إلى السجن؛ فقد ذهبت أنا وهو وأخته إلى متجر كبير، وطلب مني الذهاب إلى مكان ألعاب الجيم بوي، واتفقنا أن نلتقي بعد مدة عند الحساب وفعلاً هذا ما حدث، ولكن بعد أن دفعت الحساب جاء رجل الأمن وأخذنا إلى غرفة التفتيش، وطلب تفتيش ابني فاستغربت وقام بإخراج شريط ألعاب صغير، وعندما سألته ما هذا؟ قال: ولد أعطاني إياه. ولكن رجل الأمن قال إنه قد مزّق الغطاء وأخذه، وأخيرًا اعترف ابني بما فعل. وعلما أن والده قد قام بضربه على سرقته.
وبعد محاولات انتهت بدفع ثمن الشريط والذهاب إلى البيت، علما أنه لديه أكثر من 20 شريطًا، فلماذا فعل هذا؟ كما أنه منذ يومين رجع من المدرسة وأذنه زرقاء بسبب مشاجرة بينه وبين آخر، وعند سؤاله أنكر الحقيقة، وقال إن أولادًا كانوا يتشاجرون وضربوه خطأ، والحقيقة أنه هو الذي ضُرِب وليس غيره.
ملاحظة: كل هذه الأشياء جديدة، ولقد كان من الأوائل، ولكنه رسب هذه السنة في الرياضيات، وكذلك كذب عليّ حتى أحضر الشهادة. آسفة للإطالة، ولكن أرجوكم نصحي.. ماذا أفعل؟ ... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة، لقد تذكرت وأنا أنتقل بين سطور رسالتك التي تطل من بينها حيرتك، قول بعض الحكماء في رسالة المسترشدين: "إن القلب مثل البيت ذي الستة أبواب، وأبوابه هي العينان واللسان والسمع والبصر واليدان والرجلان، فمتى انفتح باب من هذه الأبواب بغير علم ضاع البيت"، وعلمت جيدًا أن باب اليدين هو ما يزعجك ويقلقك على قلب ولدك الغالي؛ لئلا تفسد تلك المضغة التي (إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله)، ولكن اطمئني يا أختاه فإن لكل مشكلة حلاًّ وما خلق الله من "داء" إلا وجعل له "الدواء".
ولكيلا أطيل عليك ندخل معًا في الإجابة التي ستتناول ثلاث مشكلات محددة:
1- داء السرقة الذي طرأ على الابن.
2- الكذب.
3- التأخر الدراسي الطارئ.
أختي الكريمة، إن مشكلة السرقة لا يمكن اعتبارها تصرفًا إجراميًّا قبل سن الـ 18 عامًا، لكن يمكن اعتبارها سلوكًا مما يندرج تحت مجموعة من الاضطرابات السلوكية التي تسمى Anti social behaviours، ويدعم هذا الاحتمال ما إذا كان هذا التصرف قد حدث واستمر فترة تزيد على ستة أشهر.
ولكن هناك ملاحظة هامة لا بد من إيضاحها بهذا الصدد، وهي كون هذا التصرف مصحوبًا بتصرفات عدوانية أو تخريبية أخرى كالعنف ضد الناس أو الحيوانات، أو اختلاق المشاكسات والمشاكل مع الآخرين، فضلاً عن ممارسات تخريبية كاللعب بالنار مثلاً أو محاولة إحراق أو إفساد أو تكسير بعض الأشياء، أو الغياب عن المنزل لفترات طويلة بدون سبب واضح، واتسام الشخصية بالمراوغة أو الكذب يحتاج لوقفة؛ إذ إن الحالة قد تحتاج لبرنامج علاج خاص إذا تصاحبت هذه الأعراض مع بعضها البعض.
وكون ابنك بلغ من العمر 13 عامًا فإن هناك عددًا من المسلمات التي يجب أن تعلميها عن سلوكه هذا:
1 - هذا العرض لا يظهر فجأة في هذه السن، بل هو نتيجة لمجموعة من التراكمات من المعاملة الخاطئة من قبل الوالدين وأفراد الأسرة، أو معلمي المدرسة، كما أنه القشة التي أظهرت أن (البعير) –عفوا لكنه المثل- كان محملاً بمجموعة كبيرة من المشاكل السلوكية والتي لم تظهر إلا باكتشافك أنت ووالده لهذه القشة.
2 - السرقة التي تحدث في متجر لا تكون أول سرقة، بل قد سبقها مرات أخرى (ودعينا نسمها مرضًا سلوكيًّا فهي ليست عملاً إجراميًّا كما أسلفنا، بدلا من تسميتها سرقة)، ولا يشترط أن يكون الشيء الذي تم أخذه ذا قيمة عالية، بل من الممكن أن يكون شيئا بسيطا كقلم أو ممحاة أو ورقة أو غيرها، وما يدعم هذا الافتراض أنه أخذ شيئًا لديه بالفعل منه الكثير.
3 - الطفل يعاني من اهتزاز في ثقته بنفسه، وهو ما ينتج غالبًا عن سوء معاملة، وينتج عنه الكذب والسرقة؛ فالكذب يكون خوفًا من العواقب؛ لأنه غير واثق من نفسه ولا يثق في شيء، والسرقة لعقاب من حوله أو جذب انتباههم أو العدوان عليهم بشكل مقارب.
ولكي نتمكن من معاونتك بشكل صحيح لا بد من الإجابة على مجموعة من الأسئلة سنوردها لك في نهاية الاستشارة، ولا بد من أخذ الأمر بجدية والتعامل معه بدقة.
وقبل أن أورد لك هذه الأسئلة لا بد من تقديم توجيهات لضبط تعامل المحيطين بالابن من الإخوة والوالدين في حالتي الخطأ أو الصواب من التصرفات التي تصدر عنه، وستكون في شكل نقاط محددة:
أولاً: يجب أن يؤخذ الأمر بسرية وحذر شديدين بين أفراد الأسرة، فيجب ألا يخرج عن الأب والأم، كما يجب أن يكون الشخص المتفق على كونه المعاقب الذي سيتولى الحساب والعقاب وكذلك المكافأة في حالة التصرفات الصحيحة ثابتًا؛ وذلك لكي يطمئن الابن إلى نظام ثابت ومحدد لا يتغير، وليعلم جيدًا أنه حين يخطئ يعاقب، وحين يحسن يكافأ، كل شيء بقدره دون مبالغة، فيدفعه ذلك إلى مخافة فعل الخطأ تحاشيًا لفقد احترام هذا الشخص وحبه ومكافآته.
ثانيًا: يجب أن يتم إفهام الابن قوانين الملكية منذ سن صغيرة، ومع سن ابنك فمن المحبّذ أن تدار معه حوارات كثيرة ومطولة تتاح له من خلالها فرصة التعبير عن نفسه، والحوار معه بهدوء لسؤاله عن سبب ممارسته هذا الأمر، مع التأكيد على أن كل شيء يمكن أن نملكه وأن نستمتع به، ولكن لا بد أن ندفع له ثمنًا وإلا فهو ليس من حقنا وليس ملكنا، وكذلك يجب الحديث معه كثيرًا عن المال، وكيف أنه السبيل لامتلاك الأشياء والسبيل للحصول عليه هو العمل. فلكي أملك لا بد أن أدفع ثمنًا ما، ولكي أشتري لا بد أن أحصل على مال، ولكي أحصل على المال لا بد لي أن أعمل، وهكذا...، بحيث يمكن بثه قواعد وقوانين الملكية واختبار إدراكه لها وتأثره بها.
ثالثًا: يجب أن يتم توجيه الابن بشكل محبب للحلال والحرام، وبثه عظمة دينه في تنظيم المجتمع بالشرائع التي تحدث إحلالاً واستبدالاً لكل غثٍّ خبيث بكل طيب مبارك، وإن كان الحرام واحدًا فالحلال ألوف، إلى غير ذلك مما يساهم في بناء ضميره ووجدانه بالإقناع.
رابعًا: يجب إشعاره بتأنيب الضمير، أو بتعبير أكثر دقة تنبيه جهازه العصبي والحوار معه وضرب الأمثلة له، فمثلاً يمكن أن تحدثه مثلاً إذا كان لديه قلم أو كتاب يحبه أو يفضله عن ماذا سيكون شعوره إذا لم يجده، أو فقده، وهكذا فإن إيجاد ما يسمّى Guilty Feelings أو الشعور بالذنب بداخله سيساهم في تنبيه حواسه عند وجود المؤثرات التي ستلفت نظره لأخذها أمامه؛ إذ إن السبب في أن الطفل يأخذ قلمه فقط من بين مجموعة أقلام لأصدقائه هو وجود تنبه في حواسه إلى قلمه، واستطاعة جهازه العصبي تمييز ما يملك مما لا يملك، وقد يفتقد الطفل هذا التنبه، وبالتالي فنحن في حاجة لتنبيهه مرة أخرى ليستطيع إحسان التصرف حتى عند وجود المؤثر أمامه.
خامسًا: لا بد من تعويده تحمل المسؤولية، كأن يُعطى مصروفه بشكل أسبوعي مثلاً ليدبر به أمره ويعتاد وضع ميزانية لهذا المصروف، بحيث يلبّي منه احتياجاته التي يريدها أو يدّخر منه لشراء شيء ما يحتاج لمبلغ أكبر قليلاً من مصروفه، بحيث لا ينتهي مصروفه قبل نهاية الأسبوع أو قبل شراء ما يريد، ثم يمكن لاحقًا فيما بعد إشراكه في تنظيم ميزانية البيت ومصروف البيت.
سادسًا: يجب أن يُثنى على تصرفاته الحسنة ويتم مكافأته عليها (كما يقع عليه العقاب عند الخطأ)، فهناك مقولة شهيرة عن غياب مسألة المكافأة من نظام الأسرة التربوي، وهي "أنك حين يعبث الطفل بأحد محتويات المتجر أو يطلب شيئًا أو يلحّ على شيء فإنه يعاقب، في حين أنه لو مشى هادئًا بدون كل هذه المشاكل فإنه لا يكافأ". كما يجب استثمار إيجابياته كالحفاظ على الصلاة مثلاً وحفظ القرآن الكريم، وحثّه مثلاً على تحفيظ إخوته القرآن الكريم وتعليمهم الصلاة مثلاً.
كما يتم الثناء عليه أمام الأقارب والإخوة، وهو ما يرفع معنوياته ويشحن طاقته الجسمية والمعنوية والتي تجعله قادرًا على تحمل المسئولية، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة تربوية حسنة فهو يقول لابن عمر رضي الله عنه لكي يحثه على الصلاة في الليل التي يغفل عنها: "نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل"، فكان من بعدها ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً، إذن فقد مدحه النبي صلي الله عليه وسلم ليشير إليه في طيات المدح بأمر قد غفل عنه بأسلوب محبب إلى نفسه.
سابعًا: عند حدوث حادثة السرقة يجب أمره بإرجاع الشيء لصاحبه بأسلوب يبدو فيه أنك "كوالدته" تعلم أن وجود ما لا يملكه معه قد حدث من قبيل الخطأ وليس العمد، فأكيد أن هناك تشابهًا مثلاً وهذا سبب الخطأ، مع إعطائه مكافأة لرده الأمانة لصاحبها.
كما يمكن مصاحبته لرد الشيء لصاحبه؛ وذلك لدفع الحرج والمشقة عنه، فحينما يشعر أن والده أو والدته سيكون معه عند إعادة الشيء سيدفع عنه الحرج أو الخوف من شك زميله به وسيدفع عنه الحرج والخوف من مواجهته.
ثامنًا: يجب إبعاده عن المثيرات في هذه المرحلة فإن هناك بعض السلوكيات الخاطئة الشائعة من قبل المربين بالظن أن وضع المال مثلاً أو الأشياء الثمينة أمام الشخص الذي يعاني من مشكلة السرقة ستجعله لا يبالي بها مع الوقت ولا يحاول أخذها، ولكن هذا يمكن أن يحدث بعد تجاوز مرحلة العلاج وليس أثناء العلاج؛ إذ إنه يجب عدم استفزازه بالمثيرات في أثناء مرحلة متقدمة من العلاج.
تاسعًا: يجب أن تزيد صداقة الوالدين الكريمين للابن عمقًا وحميمية كما أشرنا سالفًا، بحيث يصبحان المصدر الوحيد والموثوق منه لحصوله على أي معلومة وعلى أي رد لأي سؤال يجول بخاطره بغير نهر أو استنكار، ويزيد حتمًا دور الأب في هذه المسألة بالذات، فهو أعلم وأصدق من يمكن أن ينصح ولده.
كما يجب أن يتم ملء وقت الابن، فيمكن أن تحاولا أيها الوالدان الكريمان اكتشاف موهبة ما أو هواية لديه أو رياضة يليق لها جسمه أو كل ذلك معًا؛ لينظم وقته بين ممارسة المواهب والرياضات، محاولاً إحراز البطولات والتفوق في ذلك، ملتمسًا لذلك كل الأسباب؛ ليصبح شغله الشاغل هو الوصول دائمًا للمعالي وإحراز التفوق في كل شيء.
ثم ننتقل لموضوع الكذب ونتناوله من خلال الآتي:
أولاً: أسباب الكذب.
ثانيًا: كيف نتعامل مع الطفل حين يكذب؟ وماذا لو تكرر منه الكذب؟
يكذب الطفل لأحد الأسباب التالية:
1- الخوف من العواقب.. كأن يخاف أن يحدث شيء لا يحبه إذا قال الصدق، وهذا يثبت أن طريقة التعامل معه من قبل الوالدين خاطئة، وإلا لما خاف من عواقب أن يخبرهما بالحقيقة.
2- لا يعلم ما معنى الكذب، وهذا مستبعد إلى حد ما في حالة ابنك؛ لأنه يفوق السن التي يمكن أن يكون الكذب فيها لهذا السبب.
3- يكذب لأن لديه خيالاً واسعًا خصبًا، وهذا شيء غير مقلق، بل علامة مبشرة بذكاء وقدرات ابتكارية عالية؛ لأنه لا بد للطفل من وقت يعيش فيه بالخيال بعيدًا عن الواقع.
4- يكذب لعدم شعوره بالأمان أو لأنه يعاني ضغوطًا نفسية معينة أو فقدًا لثقته بنفسه أو نقصها أو تعرضه لمعاملة خشنة أو لخلل ما داخل الأسرة.. أو غيرها، وهو ما يسبب له ضغوطًا كارتباكه في إرضاء الأم أو الأب لاختلاف آرائهما، فلا يعلم أين الصواب، ويصبح همه إرضاء أحدهما أو تجنب عقابه.
وعلى كل فلا يجب نهائيًّا التفكير في تقويم أي سلوك خاطئ للطفل -من كذب أو عنف أو عدوانية أو عناد أو غيرها– بالعقاب البدني أو الإيلام، فهناك طرق معينة ومدروسة لتعليم الطفل اجتناب هذه السلوكيات؛ فالإيلام الشديد لا يراه الطفل تقويمًا لسلوكه بقدر ما يعتبره أنه حدث لفارق القوة والسلطة بينكما، وهو ما يجعله محبًّا للعدوان على من يقل عنه سنًّا أو قوة، ويصبح ميالاً لإيذاء الحيوانات مثلاً أو أي شيء ضعيف لا يستطيع أن يرد عليه الإساءة.
أما عما ينصح به لتصحيح كل السلوكيات غير القويمة (وأقصد هنا الكذب) فإنه يوجد طريقتان نلجأ للثانية بعدما لا تؤتي الأولى ثمارها كما يلي:
1- المكافأة والتشجيع.
2- العقاب.
ونعني بالعقاب إلغاء شيء يحبه الطفل كنزهة أسبوعية لطيفة أو حلوى بعد العشاء أو مشاهدة فيلم يحبه، ولا يتم اللجوء حتى لهذا العقاب إلا إذا أصرّ الطفل على سلوكياته الخاطئة رغم التعامل معه بأسلوب المكافأة والتشجيع.
وذلك لأن الطفل يصيبه كثرة العقاب باهتزاز في ثقته بنفسه، ويصاب بإحباطات تكون سلوكياته السيئة التي نريد تقويمها خيرًا منها كما أشرنا سالفًا.
وعن كيفية استخدام أسلوب المكافأة:
1 - أولاً يجب الاتفاق مع الطفل أن تغيير الحقائق يسمَّى كذبًا، وهو أمر لا يحبه الله تعالى، ولا يحبه الناس، ويجعل الإنسان بعيدًا عن الله وعن الناس؛ لذا يجب عدم فعله، وبالتالي يتم إقناعه لماذا الخطأ خطأ.
2 - يجب الاتفاق معه على أنه سيقول الصدق دائمًا دون خوف من أي شيء، ويمكن دعم ذلك بمثل حقيقي من عدم تعرضه للعقاب حين يصدق القول في شيء ما خطأ اقترفه، بحيث يتعلم أن الخطأ ممكن أن يقع فيه أي إنسان، لكن يجب ألا يكرره، فهذا هو ما لا يصح، فمثلاً إذا حصل على درجات غير مرضية في اختبار ما، فسيعلمه الأب أو الأم في جو من الهدوء والحنان أن "هذا الأمر وارد أن يقع فيه، ولكن يجب أن يحدد أسبابه ويتفادى التقصير فيما بعد؛ لئلا يحدث ثانية، فهو أهل للتفوق كما اعتاد دائمًا، ويجب ألا يتنازل عن التفوق في كل شيء، وبهذا يحصل على تقدير واحترام الجميع".
3 - يجب منحه الثقة بقدرته على تصحيح أخطائه وإعطاءه الفرصة لذلك، فينتقل له من خلال الحوار أنه لديه القدرة على أن يكون أفضل وولديه القدرة على حل مشكلاته، وأن الأب يوكله هذه المسئولية ويثق فيه لأدائها.
4 - يجب الاتفاق معه أنه لو ذكر الصدق دائمًا فسيحصل على مكافأة، وأن يضع لنفسه جدولاً أسبوعيًّا يضع فيه علامات على الأيام التي التزم فيها بالصدق، وعلى قدر العلامات تكون المكافأة.
5 - وبشكل عام يجب غرس أسس قوية للصداقة والمصارحة بينه وبين الوالدين.. مع إعلامه أنه لا خوف إطلاقًا من أي أمر سيحكيه حتى لو كان خطأ؛ لأنكما ستعلمانه الصواب وتساعدانه دائمًا وتحميانه من كل مكروه.. بحيث يحكي كل ما مرّ به في يومه أيًّا كان، وليكن ذلك من خلال جلسة يومية بعد العشاء أو على الغداء يحكي فيها الأب ما حدث له في يومه وكذلك الأم؛ ليبدأ الابن في سرد تفاصيل يومه هو الآخر لمسامرتكم.
ولا مانع من اختلاق مواقف تنصح فيها الأم الأب أو العكس؛ ليعلم الابن أن هذه المسامرات يمكن فيها الحصول على النصائح المفيدة، ولا مانع من رواية الأخطاء فكل ما سيحدث بشأنها هو التصحيح والنصح بدون تعرض لإيذاء بدني، ولا مانع من تكرار هذه الجلسة أكثر من مرة في اليوم الواحد بأكثر من صورة؛ فتارة على شكل حديث عن قصص الصحابة أو مكارم الأخلاق قرأها (أعطاها له أحد الوالدين) وما استفاده منها، أو ألعاب يمارسها أحد الوالدين مع الابن على الكومبيوتر مثلاً أو في حديقة المنزل أو داخل المنزل، وذلك للاقتراب منه أكثر والالتحام به، وكذلك لمحاولة حثّه على أن يبوح عن كل ما مر به، فأنتم في مجتمع غير ما تعودتم العيش فيه، وهو ما يضع على عاتقكما كوالدين مسئولية أكبر ودورًا في الحفاظ على الأبناء أكثر دقة.
6- وأكرر لك أهمية المدح الذي يشحن نفس الأبناء بقصة وردت عن أحد المربين بمدرسة فثيلاند بولاية نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث استخدم جهازًا يسمّى "أرجوجراف" لقياس الإعياء والتعب، وعندما كان الأطفال موضع الاختبار يتلقون كلمات الثناء والإعجاب والمدح كان الجهاز يصدر ارتفاعًا مفاجئًا يعبر عن ورود طاقة إضافية، وعندما كانوا يتعرضون للنقد واللوم تندفع طاقتهم الجسمانية للهبوط بصورة مفاجئة.. وهو ما يؤكد أهمية التعزيز الإيجابي في بناء التقدير والكيان الذاتي لدى الأبناء.. إنني أقصد أن تمتدحي في ولدك وبشدة كل اقتراب من السلوك الطيب وكل محاولة للنضج حتى تحفزيه على المزيد، مع التلويح بأي لوم من بعيد على مثل غيره وبعيدًا عنه.
إن الأمر جد خطير؛ ولهذا فلا بد أن تلتمسي لي المعذرة في الإطالة عليك رغبة في مدك بكل ما يمكنك من تجاوز هذه المشكلة بهدوء وعلى خير إن شاء الله، ولكي أكون أقدر على ذلك، فلا تبخلي على ولدك بالرد على الأسئلة التالية:
1- هل هذه المرة الأولى التي يمارس فيها الابن هذا السلوك؟ أم أنها المرة الأولى التي تكتشفين فيها هذا السلوك؟
2- هل ظهر مع هذا السلوك أي تغيرات في سمات الابن الشخصية فأصبح أكثر ميلاً للخمول والكسل أو الشرود والانفراد بنفسه، أو اللامبالاة بشكله أو مظهره، أو انصرافه عن هوايات وأنشطة معتادة كان يمارسها؟
3- هل صاحب هذا السلوك أي تغيرات في ظروف الطفل المحيطة البيئية (كتغيير في المدرسة أو المدرسين أو المكان الذي كنتم تقيمون فيه ... إلخ) أو الاجتماعية (علاقات جديدة مع زملاء جدد أو تغير في بعض العلاقات الاجتماعية)؟
4- هل صاحب هذا السلوك تغير في شهيته؟
5- هل لاحظت اختفاء بعض الأشياء من المنزل حتى إن كانت بسيطة وتافهة؟ وهل ظهر في أدواته مثلاً أدوات لا يملكها أو ما يشبه ذلك؟ وفي أي سن اكتشفت هذا الأمر؟
6- هل بدأ يناقش أفراد الأسرة في أمور غريبة أو أفكار غير معتادة أو يتغير أسلوب حديثه وخواطره عما هو معتاد منه؟
7- هل فقد في الفترة السابقة عزيزًا لديه كقريب أو صديق؛ حيث إن هذا الفقد يسبب صدمة قد يحدث على أثرها نوع من القلق العصابي يدفعه للسرقة؟ ولا تتعجبي من ذلك.
8- هل حدثت له إصابة ما أو مرض عضوي في الفترة السابقة؟
9- هل هو عنيف داخل الأسرة ومع إخوته ومع أصدقائه؟ وهل المعروف عنه الهدوء؟ وما يبدو عليه من عنف الآن هو أمر مستجد أم أنه كان له بدايات ثم زاد، أم أنك لم تكتشفيه إلا الآن؟ وهل ما يظهر عليه من علامات الشجار أمر طارئ؟ وما هي أسباب هذا الشجار؟ لا بد أن تتحري عن الأمر جيدًا.
10- هل من الممكن أن يتغيب عن البيت لفترات أو أن يهرب من المدرسة؟ وما السبب؟ وكم مرة تكررت مثل هذه الحوادث؟
11- هل الطفل سعيد في مدرسته أم أنه يشتكي منها في بعض الجوانب؟
12- هل كان تأخره الدراسي في الرياضيات فقط أم في كل المواد الدراسية؟
13- كيف يعامل هذا المسكين داخل الأسرة من ناحية الأب؟ وهل يسود تعامل الأب معه العنف والعقاب البدني عند الإخفاق أو عدم الطاعة؟ وما هي البدائل عن العقاب البدني التي قد يستخدمها الأب للتأديب والتوجيه؟
14- هل هناك عدل في المعاملة بينه وبين إخوته؟
15- ما طريقة التعامل المادي معه في المنزل، بمعنى هل يتولى تدبير ما يحتاج من مصروف شهري أو أسبوعي يحصل عليه مثلاً؟
16- ما هو مدى إدراكه للملكية وحدودها وقوانينها؟
17- هل ما زالت بداخله الدافعية للنجاح في الدراسة أو الهواية أو الرياضة أم أنه فقد هذه الدافعية أم أنها تحولت في اتجاه آخر؟
18- هل ظهرت عليه أعراض البلوغ؟ ومتى ظهرت؟ وكيف التعامل مع هذا التغير من قبل الوالدين؟ ومن أين كان يجد ردًّا لأسئلته؟
أختي الحبيبة، أود أن أنصحك أن تقومي بحفظ هذه الأسئلة لديك وطباعتها أو نقلها أو نسخها باستخدام جهاز الكمبيوتر الخاص بك؛ لتجيبي على كل منها بكل دقة ووضوح واستفاضة، فكل منها له مغزاه، ثم تتابعينا بالرد.
وما أؤكد عليه بشكل عام وحتى أتلقى ردك فهو ضرورة التزام الرفق والحنان والحكمة في التعامل مع الابن وضرورة اقتراب الأب منه، وتجاوز أي هوة تفصل بينهما، وتخطي كل عقبة تمنع صداقتهما واقترابهما ووجود مساحات واسعة للحوار بينهما.
وأخيرًا أودعك إلى لقاء قريب، أعانك الله عز وجل ووفقك ووالده في تربية أبنائكما.
ـــــــــــــ(103/93)
مراهقون في دائرة النسيان - متابعة رابعة ... العنوان
أعزائي آل "إسلام أون لاين.نت" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا صاحبة مشكلة:
- مراهقون في دائرة النسيان - متابعة ثالثة
وأطلب النجدة السريعة والإسعاف، أعانكم الله على متابعة هذه الجهود الجبارة التي تبذلونها، وجزاكم عليها خير الجزاء.
لقد كانت لكلماتكم أطيب الأثر على نفوسنا وعلى طريقة تعاملنا، وخصوصًا كلماتك أمي: أ/ منى يونس.
سأحكي لكم ما حدث بعد أن قرأت أنا وأختي ما قلتموه لنا بأن نتوقف عن نقد الفتاة ونعاملها بحب؛ فقد حسّن ذلك الكثير من الأمور، خاصة أن تعلقها بنا شديد، وهذا جعلها تتقبل ما نقوله لها، وكنا قد عقدنا معها علاقات الصداقة ونشعرها دائمًا بالحب بالأمور المادية والمعنوية كثيرًا، وتحسنت هي من هذه الناحية، وكنا قد ركزنا على تعاملها مع أمها، وأنها يجب أن تحبها وتعاملها بود ورحمة.
والمفاجأة كانت أن أمها رغم مرضها تجاوبت معها وصارت تدللها وتسمعها كلمات الحب وعبارات التشجيع وتشتري لها الهدايا؛ مما جعل الفتاة الصغيرة في حالة استقرار نفسي وعاطفي جدًّا دفعها إلى الاتجاه للدراسة والتفوق، وكانت تدرس كل يوم وتأخذ علامات تامة في المذاكرات، وكانت سعيدة جدًّا، وكنا سعداء جدًّا بهذا التغير.. إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان، وهو أن أختها التي تقطن خارج هذه البلدة جاءت الآن لزيارة أهلها وستبقى حتى العيد الكبير وهي في الرابعة والعشرين، تدرس بالجامعة، ومع ذلك فإن تعاملها من أسوأ ما يكون مع هذه الصغيرة؛ فهي طوال الوقت تهينها وتصرخ في وجهها وتسمعها العبارات اللاذعة والانتقادات المحطِّمة التي ليس لها وجود ولا معنى.
وتغيرت أم الصغيرة معها على اعتبار مرضها؛ فهي تأخذ بكلام ابنتها الكبرى وتتأثر بها كثيرًا، وعادت الصغيرة كما كانت تبكي دائمًا ودائمة الشرود، وهي تكره أختها جدًّا، وأنا لا أستطيع الكلام مع أختها رغم أن صداقتنا وطيدة؛ لأن ذلك سيعود على الصغيرة بالأذى، ومن المواقف التي حدثت أن الكبيرة دخلت على الصغيرة غرفتها وهي جالسة تبكي، فسألتها: ما بك؟ بطريقة فظَّة ومؤذية فأجابتها لا شيء، فقالت لها الكبيرة بنبرة حادة قولي وإلا فإنني سأعرف عاجلاً أو آجلاً، فقالت لها الصغيرة إن أخي انتهرني، فقالت لها الكبيرة إذا كنت تبكين من أخيك فمن حق أمك أن تبكي منك أيامًا وليالي ففزعت الفتاة.
والنقطة هنا أن أختها تحملها مسؤولية مرض أمها. فطول الوقت تقول للصغيرة أنت سبب مرض أمك، مع العلم أن الجميع يعلم أن السبب الحقيقي وراء هذا المرض هو زوجها، والأطباء النفسيون أكدوا ذلك، فتأملوا يرعاكم الله طفلة صغيرة تجد أمها تذوي أمامها دون أن تعرف السبب، ثم يأتي أحدهم فجأة ليلقي اللوم عليها!! كيف ستكون نفسيتها؟!! إنها محطمة.
أرجو أن تفيدوني ماذا أفعل لألغي تأثير أختها عليها؛ فلا أريد لها أن تتحطم من جديد؟
كما أن الفتاة الصغيرة عندها نبوغ علمي رائع في الرياضيات، وتبين ذلك لي من خلال تدريسي لها؛ فهي ما شاء الله ذهنها متفتح، وعندها الرياضيات مثل شرب الماء، والقضية أن أختها دومًا عندما تدرسها فإن طريقة تدريسها لها تتضمن الصراخ والشتم وباستمرار تنعتها بالبهيمة، وبأن عقلها سميك، وأبسط كلمة "أنت لا تفهمين"؛ ففعلاً لا تفهم الفتاة شيئًا، وهذا أفقدها ثقتها بنفسها، ولكنني أعدتها لها.
والسؤال هو: هل نستطيع تحديد طريقة تفكير الطفل من خلال المواد التي يحبها؟ فعندي أخي الصغير يميل إلى اللغة العربية واللغة الأجنبية والمواد الاجتماعية أكثر من الرياضيات، مع العلم أنه مجتهد في الرياضيات، لكنه يبذل فيها جهدًا أكبر، ويأخذ علامات تامة دومًا، لكنه يعبّر عن حبه لتلك المواد، ألاحظ الفرق بين شخصيتَي الطفلين؛ فالبنت شخصيتها أقوى وأجرأ ومتفتحة أكثر، أما الولد فهو خجول نوعًا ما، لكن ليس بشخصية ضعيفة، ويحتاج إلى شرح أكثر ليفهم ما أطلبه منه. فكيف ننمي كلاًّ منهما في موهبته؟
وسؤال أخير: عندما يطلب مني أخي مثلاً إيجاد الفكرة الأساسية لمقطع في درس القراءة لا يعرف كيف يستخرجه، وأنا لا أعرف كيف أجعله يفعل ذلك.. فهل توجد طريقة سهلة يستوعبها ويطبقها ليعرف كيف يستخرج الفكرة؟
وأيضًا هو يشعر هذه السنة بالملل من الدراسة، مع العلم أن كل علاماته تامة وهو مجتهد، ولكنه يدرس من باب الواجب دون أن يجد متعة فيما يدرس، وهذه ظاهرة مخيفة يجب استئصالها فكيف؟ هو في الصف الرابع الابتدائي.
ولكم جزيل الشكر، والله أنتم نجدة من السماء منَّ الله بها علينا، نحبكم، ونتمنى أن يجمعنا الله بكم إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة.. ختامًا لكم تحياتي، وجزاكم الله كل خير. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ابنتي الحبيبة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. كم كان لوقع كلمة "أمي" أثر عميق في نفسي؛ فهذا إحساسي منذ أول مرة أجبتك فيها؛ إنك ابنة عزيزة "عظيمة" لا أعرف بما أصفها؛ فالإحساس العالي بمعاناة الآخرين من حولنا، والرغبة الصادقة للتخفيف عن آلامهم، بدأب وإصرار وعزيمة على إصلاح نفسية طفلة صغيرة بريئة (براءة البرعم الذي تدهسه الأقدام دونما شعور ودون أي اكتراث)، كلها معانٍ تجسدت أمامي عند قراءتي للمشكلة، مع افتقادنا لها.
علمتني الحياة أن من تبوأ مكانة مهما علت -حتى وإن كانت مكانة الأمومة- فليس هناك ما يعفيه من الاعتذار، وطلب الصفح إن أخطأ وزلّت قدمه. أنا أدين لك بالاعتذار عن هذا التأخير في إجابة سؤالك، ولكن ظل -بالرغم من ذلك- سؤالك عالقًا في ذهني أجمع خيوط الإجابة يومًا بعد يوم، وخاصة أنه هذه المرة ليس سؤالاً، بل أسئلة مركبة ومتعددة.
سوف أحاول الآن أن ألخّص ما جاء في سؤالك للإجابة عليه دون إغفال أي جزئية إن شاء الله.
الجزء الأول:
متعلق بي:
• كيفية إعادة الثقة للطفلة مع المعيقات الأسرية.
* كيفية حمايتها من أن "تتحطم" نفسيتها، وكيف نعيد لها توازنها النفسي؟
• هل هناك إمكانية ليكون تأثيركما -أنت وأختك الحبيبة- أعمق وأكبر من كل التأثيرات المحيطة بالصغيرة؟
أما الجزء الثاني فهو متعلق بالنواحي الدراسية، وسأتركه لنهاية الرد.
نعم، إن أحوج ما تحتاجه الابنة الحبيبة "جود" هو إعادة الثقة لنفسها بعد كل هذا الذي تتعرض له؛ فكيف يمكننا حمايتها وهي كالبرعم الصغير الندي؟ هناك طريقتان:
- إما بوضع البرعم الصغير في مزهرية في مكان آمن مشمس تصله كل عناصر الحياة الضرورية من ماء وهواء ورعاية للتربة، لكن هذا الحل غير عملي في حالتنا؛ فلا يمكن حسب ما أفهم من وضع الأسرة أن نبعد الصغيرة عن بيئتها المعيقة لبناء نفسية سليمة صحية خالية من العقد والأمراض، كما أنه ليس من المصلحة إبعاد الابنة عن أمها مهما حدث. فهذا بمثابة انتزاع البرعم من تربته. فالحمد لله فالأم مريضة لا أكثر، وليست مصابة بما يوجب إبعاد الطفلة عنها.
- الحل الثاني للحفاظ عليها هو بناء الأسوار من حولها، وإحاطتها بحوائط منيعة مبنية على أساس متين تحميها من الرياح والأعاصير وأقدام البشر. على أن ندرك أن هذه الأسوار ما وجدت إلا لتتيح للبرعم الصغير أن ينمو ويكبر ويشتد عوده؛ فإذا ترسخت جذوره في باطن الأرض ما عاد بعدها يحتاج إلى حوائط وأسوار ووسائل حماية؛ فقد أصبح كائنًا مستقلاً قادرًا على القيام بأموره والدفاع عن نفسه.
وهذا هو الحل الذي أراه. فكوني أنت -يا ابنتي- وأختك العزيزة بمثابة هذا السور المنيع. الذي يهدف من ورائه لإتاحة كل الفرص لبناء الشخصية السوية، راسخة الجذور في الأرض (بمعنى صاحبة إيمان راسخ متين وقوي وثابت بالله وسننه في كونه)، وصلبة العود (بمراعاة نفسيتها، وبناء نفسية صحية سليمة واثقة من نفسها، وقادرة على التحدي والثبات عند الملمات) هل تبدو المهمة صعبة؟ لا أبدًا.
أنتم قمتم في الفترة الماضية -بتوفيق من الله تعالى- بتوطيد العلاقات الطيبة الحميمة مع الصغيرة، حتى أصبحت تثق بكما، وشعرت -والحمد لله- أنكما مصدر الحب والود والرحمة، وعلينا الآن أن نبني على ذلك.
وفي ظلّ الأجواء الإيمانية التي نعيشها أقترح عليكما الآتي:
احكيا لها عن الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، وكيف كانت حياتهم شاقة تحيط بهم الابتلاءات والعذابات يمينًا ويسارًا. وكيف أن المسلم الحق المستمسك بربه الواثق به المربوط بعروة وثقى لا يهتز لكل ذلك.
الابنة الصغيرة تُؤذَى من أختها الأكبر منها بالتقريع والشتم و... و... كم من الصحابة الكرام تعرض لأذى من حوله. قد تقولون: ولكن الهدف والغاية لذلك الثبات وهذه الصلابة يختلف، فهم رضوان الله عليهم كانوا يدافعون عن دين وعقيدة.. أما هذه الصغيرة فعلام تثبت؟ تثبت على فكرة تطبيق فعلي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". رواه البخاري والترمذي وابن ماجه وأحمد في مسنده.
نعم عليها أن تتعلم أن المؤمن لا تؤثر فيه الملمات، ويظل ثابتًا راسخًا يعفو ويصفح دونما ذل ولا انكسار أو انتقام لنفس أو غضبة ثائرة.
علّموها أنه ليس كل ما يقال لها (إنها السبب في مرض والدتها) صحيحًا، وعلينا ألا نغرق في الآلام والأحزان. علينا انطلاقًا من إيماننا الراسخ بعون وفضل الله علينا أن ننظر لنصف الكوب الممتلئ. الحمد لله أنتم حولها، والدتها -بعد سفر الأخت الكبرى- يمكن أن ترجع بإذن الله تعالى لسالف معاملتها الحنونة الرقيقة لابنتها.
إذن عليكما ترسيخ معنى الثبات على "حسن الخلق والصفح والعفو مع من حولنا وبصفة خاصة مع مَن هم مِن رحمنا"، وهذا يقتضي التركيز على فكرة أن الأنبياء الكرام والصحابة رضوان الله عليهم من أمثال سيدنا مصعب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر (رضوان الله عليهم جميعًا).. كان لهم "هدف" يمشون لتحقيقه؛ فلا تؤثر عليهم عوارض الحياة [خيرها وشرها] إنهم (لا أعرف.. هكذا أحس أنا شخصيًّا) كانوا كالقطار الذي يمشي على صراطه دونما انحراف أو ميل خارج القضبان (الحدود) التي حددها الله تعالى في قرآنه وسننه. لماذا لا نكون مثلهم في الثبات؟
في الثبات على فكرة "أنا مسلم متين العقيدة، واثق من ربي، قوي في الحق، أعرف المبادئ والأخلاق الحميدة، ولا أحيد عنها قيد أنملة، ولي هدف ومبتغاي أن أكون قدوة لمن حولي لعل الله يستجيب".. "اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببًا بأخلاقنا العالية، وثباتنا على حسن الخلق، والعفو والصفح والصبر، وتحمل أذى من حولنا لمن اهتدى".
هذه المعاني لا بد أن يتشربها وجدان الصغيرة ويمتزج بها، ومعها يصير المعنى هو المجسّد في أفعالها وأخلاقها. المهم هو طريقة عرض هذه المعاني (القصص) قد تساعدكم في هذه الحالة شرائط أ/ عمرو خالد بعنوان "نلقى الأحبة" و"إصلاح القلوب". فأسلوب حكي قصص الصحابة يؤثر كثيرًا على من هم في مثل سن الابنة "جود"، ثم عليها أن ترى فيكما مثلاً حيًّا وقدوة تُحتذى لهذه المعاني الطيبة.
هي الآن أمسّ من ذي قبل لحضنكما، القُبلة الحانية على وجنيتها، الابتسامة الحانية، التشجيع بكل أنواعه.. لعلّ العيد فرصة طيبة للتنزه معها في الحدائق العامة وشراء بعض الحلوى.. اجعلاها تحسّ بطفولتها التي "ضاعت وسط ركام الهموم".
احرصا على أن تجري وتمرح وشاركاها اللعب والضحك.
فكّرا من الآن في إجازة طيبة تعيدان خلالها كل ما افتقدته في الأيام الماضية. فكّرا فيما سوف تهديه هذه الصغيرة لأمها وأختها (تهادوا تحابوا)، ولا تنسوا أن تذكراها بقوله سبحانه: "فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم".
وفي النهاية.. تذكروني بالدعاء الطيب الصالح. فإن سيدنا عمر لم يستغنِ عن دعاء الأطفال الأبرياء.. اجعلاها (جود الحبيبة) تتذكرني في الدعاء.
ونأتي للجزء الجزء الثاني من استفساراتك:
* هل يمكن تحديد طريقة تفكير الطفل من خلال المواد التي يحبها؟ وهل هناك طريقة يمكن أن نسلكها لحسن استغلال تفوقهم في هذه المواد؟ وهو سؤال عام كنا قد أجبنا عنه في ثنايا إجابات سابقة سنوردها لك بنهاية الاستشارة.
• هل هناك طريقة لتعليم الطفل كيف يمكنه استخراج الفكرة الأساسية لمقطع في درس القراءة؟
* كيف نتغلب على ملل طفل في الصف الرابع الابتدائي فيما يخص مدارسة الواجبات؟
هل نسيت شيئًا؟
وأترك الإجابة على السؤالين الآخرين للأستاذ محمد حماد الباحث التربوي:
الأخت الكريمة، يولد الطفل ولديه القدرة على الإبداع، ولكن رعاية الكبار لقدراته الذهنية ومواهبه هي التي تحدد مسار نماء هذه القدرات، مسار نمائها أو إخبائها أو حتى انحرافها.
فمثلاً تعليم الكتابة أو القراءة أو التحدث أو الاستماع أو الرسم أو العزف على البيانو مثلاً.. كل هذه المهارات لا تأتي إلا من خلال الممارسة وبدعم الكبار للصغار.
وفيما يلي بعض الأساسيات التي يجب وضعها في الاعتبار، التي قد تكون مهمة لتنمية المواهب سواء لدى طفلتنا أو لأخيك الصغير:
1 - الاهتمام بالمعلومات والمعارف، بشرط أن تكون ذات بنية منظمة في صورة مفاهيم ومبادئ ونظريات يسهل للطفل استيعابها بشكل سليم.
2 - مراعاة السن في التعليم؛ فكل مرحلة كمية مناسبة في العلوم.
3 - توفر المناخ الجيد والجو الملائم.
4 - تطبيق المعلومات عمليًّا، مثلاً تعلم اللغة يحتاج إلى التحدث والممارسة.
5 - البُعد عن أنظمة التلقين والحفظ واسترجاع المعلومات.
6 - الأخذ بالأفكار والابتكارات والإبداع (التفكير النقدي).
7 - استخدام معينات تربوية معاصرة "استخدام الحاسوب في التعليم" + "استخدام شبكة المعلومات الدولية الإنترنت".
8 - محاولة تنظيم الجداول الدراسية وتنظيم الوقت والجهد في المذاكرة والاستذكار.
9 - المتابعة شبه النظامية؛ وذلك لعمل تغذية راجعة للطفل.
10 - التنوع في المذاكرة وتنظيم أوراق كل مادة على حدة.
وأخيرًا وليس بآخر.. نرجو من الله عز وجل أن يوفقك إلى ما فيه الخير، وأن يجزيك خيرًا على كل ما تقدمينه من تضحية من أجل إسعاد الطفلة وحسن تربية أخيك.. وتابعينا بالتطورات.
ـــــــــــــ(103/94)
ثرثرة ابنتي.. من يوقف هذا الصداع؟ -تعقب من خبير ... العنوان
تعقيب من الأستاذة نفين صلاح عبد الله الخبيرة بالصفحة للاستشارة التي نشرت تحت عنوان:
- ثرثرة ابنتي.. من يوقف هذا الصداع؟ ... السؤال
إفشاء الأسرار والثرثرة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستميحك عذرًا أن أستشير لديك مشاعر الثورة.
نعم.. وما أريد أن تثور بشأنه إنما هو نظمنا التربوية والتعليمية العقيمة الجاثمة فوق صدر عالمنا العربي. ثورة تبدأ من حيث الرفض وعدم المسايرة وتنتهي بالسعي الدؤوب للتغيير وعلى أقل سد الفجوة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون "إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم...".
فكم من الزمن مضى على ترسيخ فكرة خاطئة عن صورة الطفل المثالي ترسم ملامحه هدوءاً أو طاعة وقلة في الحديث وخجلاً مذمومًا -وما أبعده عن الحياء المحمود- وغيرها من صفات.
إنما ما يحمل ملامح الحياة في أطفالنا من حركة ودهشة وتساؤل ورغبة وحب استطلاع واستكشاف العالم وقدرة عالية على التواصل الاجتماعي وغيرها، مما ينظمها الآخرون في كشوف لوضع خطط وتنميتها، فإنما هذه الصفات بالنسبة لنظمنا العقيمة صفات مذمومة لا بد أن نحجّم مالكها.. كان حريًّا بك أخي الكريم أن تسأل أسئلة من هذا النوع الذي انتدبت نفسي لألفت نظرك، وإنما أردت بذلك أن أحرك التربة تحريكًا شديدًا عساها تخرج أطيب ما فيها، وهذه الأسئلة هي:
- كيف أنمّي ذكاء ابنتي؟
- ترى أتكون صفات ابنتي هذه متضمنة في قوائم الموهوبين؟
- كيف أكتشف موهبة ابنتي؟ وترى أي نوع من الموهبة تمتلكه؟
- وماذا عساي أفعل تجاه هذه الهبة والمنّة؟
- كيف أطوّر قدرات ابنتي اللغوية؟
- من يمكنه مساعدتي للقفز بقدرات ابنتي إلى أعلى حيِّز ممكن لها؟
- وكان حريًّا بك أن تنتظم في دعاء متواصل لها عساها تكون يومًا لبنة من لبنات مجتمع إسلامي واعٍ تتوق الأعناق إليه.
فليكن هذا أملك، وأسأل الله تعالى أن يبلغك إياه.
وليكن دعاءك:
"ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ..."، ابنتك هبة ومنّة وهدية السماء إليك، وابحث عن تطوير ما تملك بدلاً من البحث عن إلجامه -يرحمك الله- ولا لشيء إلا لأنها تكلفك بعض العناء، وتتسبب في سماعنا بعض عبارات كالتي قالتها هذه المعلمة هداها الله، مثل: "ليس بها براءة الأطفال".. والسبب "لأن لها قدرات عقلية أعلى من عمرها".. ترى أبراءة الأطفال في شيء سوى الدهشة والتساؤل والرغبة الفطرية في التواصل؟
وترى أتعلم هذه المعلمة شيئًا عن القدرات العقلية لهذه المرحلة السنية، أو تملك سببًا لدفع هذه القدرات لأعلى حيز ممكن؟ أليس هذا ما يجعلها "تكاد أن تكون رسولاً".. أنّى لها أن تربط البراءة بالقدرات بالعمر؟!
واسمح لي الآن أن أعرض عليك ما أتمنى أن ينفعك وينفع ابنتك وفقنا الله جميعًا، وألهمنا الصواب:
- بيّنت دراسات عديدة أن السلوك الإبداعي يتأثر بالسياق النفسي والوجداني والمعرفي للفرد؛ ولذا علينا توفير الظروف التي تشجع هؤلاء العباقرة الصغار على الإبداع، عن طريق توفير الأمن النفسي والراحة النفسية، وتوفير جو يسوده المرح والبهجة، التساؤل والدهشة، حب الاستطلاع والخيال، القبول والحب، التجربة والاكتشاف، حرية الابتكار والاختلاف والاختيار.
- قد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام السؤال علاجًا للجهل (والصغير يجهل الكثير).. قال ألبرت أينشاتين: "المهم في الحياة ألا نتوقف أبدًا من التساؤل"؛ ولذا علينا احترام أسئلة الطفل والإجابة عليها، بل محاولة تحفيزه على التساؤل بإعطائه مضمونًا يفكر فيه، ويُعْمل عقله ويقلبه على جوانبه، فيبدأ يكتشف فجوات تحتاج لسدِّها فيكون حينها السؤال.
هذا التساؤل يرفع مستوى تفكير الكبار والصغار على حدٍّ سواء، وإنما أهميته قد تكون أعظم للصغار الذين لا يزالون يكوِّنون منظومتهم المعرفية كل يوم للمزيد من هذه المنظومة.
- هذا التساؤل يوفّر الدعم الإيجابي، ويوجد روح المرح والبهجة التي توفر نكهة التعلم.
- هذا التساؤل يوفر للطفل التعرف على تفكيره ومشاعره عن قرب، وكذلك مشاعر وتفكير الآخرين.
- هذا التساؤل والاستطلاع من الحاجات النفسية الأساسية للطفل.
- مهارة الاستماع والتواصل والتعبير من المهارات اللغوية الأساسية في هذه المرحلة.
- توصل هارود جاردنر إلى وجود ثمانية أنواع من الذكاء:
اللفظي – المنطقي الرياضي – المكاني – الموسيقي – الشخصي - الخاص بالعلاقة مع الآخرين. فلم لا تكون ابنتك ممن حباها الله تعالى بزيادة في نوع من هذه الذكاءات، فكل عاقل يمتلك كل هذه الأنواع بنسب مختلفة.
والآن دعني أثلج صدرك بما تضمنته قوائم الموهوبين من صفات لتتبين ما تملك ابنتك من هذه الصفات، ولا بد أن أشير أن هذه الصفات قد يتواجد منها صفة أو أكثر في كل طفل موهوب ولا يشترط وجودها جميعًا، كما يمكن أن يكون موهوبًا أيضًا من لا يمتلك أيًّا منها؛ لأن الموضوع ما زال قيد البحث. والآن دعنا نسرد بعضًا من القائمة (حيث لا تتسع المساحة لجميع القوائم):
-امتلاك ثروة لغوية ضخمة واستخدام مناسب لكمات يندر استعمالها لدى آخرين في مثل عمرها.
-بناء جمل مركبة والبدء مبكرًا بالكلام.
-سهولة التعلم وعدم الحاجة لمزيد من الإيضاح.
-القراءة المبكرة.
-امتلاك ذاكرة قوية، وقوة الملاحظة، وإدراك للتفاصيل.
-اتصاف بالولع الشديد والشغف الشديد وطرح الأسئلة الكثيرة مثل: متى – كيف – لماذا – ما – أين.
- استياء عند عدم الحصول على إجابات مقنعة وكافية.
- التفكير بشكل منطقي لافت للنظر.
- استقلالية في التفكير.
- اعتماد مبكر على النفس.
- اهتمامات متعددة.
- طاقات بلا حدود يساء أحيانًا تفسيرها على أنها نشاط زائد وغير طبيعي.
- اجتماعية وسهولة في تكوين علاقات خاصة مع من هم أكبر منه سنًّا.
وهذه قائمة أخرى بالصفات النفسية الإيجابية والسلبية للموهوبين والمتفوقين سأذكر لك منها:
- قد يقاوم الالتزام بنظام أو جدول قائم على الوقت وليس على العمل نفسه.
- قد يكون سريعًا في فقدان الاهتمام بالأشياء والهوايات.
- قد يتدخل فيما لا يعنيه.
- قد يعاني إحباطًا لتجاوزه المنطق في ممارسة الأنشطة أو الحياة اليومية.
- قد يسعى بإصرار للتحكم في المناقشات التي يشترك فيها.
وسأترك لك أن تعاود السؤال عن دورنا في رعاية هذه الموهبة.
وسأسوق لك الآن بعض الأنشطة التي تنمي مهارة الاستماع:
- أهم ما يساعد طفلتك في ذلك تقديم النموذج الجيد، فاستمع لها جيدًا دون مقاطعة، محاولاً أن تبدي اهتمامك وتفاعلك بالأسئلة الجيدة لما تقوله هي، على أن تتبادلا الأمر، فتحدثها وتجعلها تنصت، ولكن دون عنف أو إجبار، فالطفل ينصت لما يجذبه ويستحوذ على اهتمامه، كالقصص والحكايات المسلية، خبرات يومية تمر بها أنت ووالدتها، ذكريات طفولتك وطفولة أمها، مواقف اجتزتها بنجاح في مثل عمرها، وهكذا...، وأكرر أفهمها برفق أنه يجب أن تنصت لك كما تنصت أنت لها، وكذلك أصدقاؤها وزملاؤها في المدرسة.
اقرأ عليها القرآن الكريم، وأعلمها أنه "وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا..." على ألا تزيد المدة في البداية، واطلب منها أن تسألك سؤالاً مما تسمعه هذا يحفزها لتسمع بإنصات؛ لأنها ستحب الدور وتمارس ما تحبه من إلقاء الأسئلة والتحدث.
- ساعدها على اللعب التخيلي بالدمى أو رفيق الخيال، فاجعلها تحدّث عرائسها ولعبها، وتنظمها في مجموعات تتحدث إليها، وهكذا...
- ساعدها لتعبر عن مشاعرها وأفكارها، وأن تكتب لها ذلك، على أن تتبادلا الدور فتحدثها أنت بدورك عن مشاعرك وأفكارك، وربما أجلستها بجوارك أثناء كتابة بعض خواطرك فتتعلم التعبير عن النفس ويزيدها هذا وعيًا وتفهمًا، على أن تمتدح إنصاتها لك وعدم مقاطعتك، فاستطعت بذلك أن تتم ما تكتبه، خاصة وأنت تحب مشاركتها هذا الأمر.
-حاول شغل وقت طفلتك بالأنشطة المبهجة الرسم والتلوين، الأعمال الفنية، التمثيل، الرياضة، والموسيقى، واللعب... إلخ.
- الأنشطة التعبيرية تساعد الطفل على الراحة، وفهم مشاعره، وقبول ذاته، وتنمّي لديه مهارة الإصغاء والحديث.
- دعها تُملي عليك قصصها الخاصة واكتبها لها -إن لم تكن تمكّنت من الكتابة بعد- ودعها ترسم الصور المناسبة لها أو تقصها وتلصقها، ودعّم فعلها وشجعه.
- لا تعقل تنمية مهارة طرح الأسئلة، فمثلا اطرح عليها جملة أو موقفًا، ودعها تستخدم الأسئلة لتستكمل القصة "من – متى – أين – كيف – ماذا – لماذا"، فمثلاً قل:
"ضاعت قطتي الصغيرة"
وستسألك: كيف ضاعت؟
أين كانت؟
متى ضاعت؟ لماذا تركتها؟ ما لونها؟ لماذا مشت وحدها؟ ماذا تميزها حتى نعلن عنها؟ كيف يمكننا استرجاعها؟ كيف يمكننا البحث عنها؟ أين نبحث عنها؟ من يمكنه مساعدتنا؟ أين أمها؟ متى سنبدأ في البحث عنها؟ لماذا سنبحث عنها؟ ماذا أفعل لأسمعها صوتي؟ ماذا أقول لها لتعود؟ وهكذا... ولاحظ أن بعض الأسئلة تتعلق بمعلومات عن القطة، والبعض الآخر بمشاعر ابنتك ومشاعر القطة، وهكذا...
يبقي لي أن أسألك الحديث مع المعلمة بشأن ابنتك بهدوء ودون غضب، محاولاً أن تعلم إياها ما لدى ابنتك من قدرات تسألها أن تساعدك في تدعيمها وتطويرها، فربما قدمت لها شيئًا إضافيًّا من المهمات في الفصل، وربما أسندت إليها المعلمة بعض الأعمال لتساعدها مثلاً.
أو تسمح لها بأن تلون أو تقص أو تطالع كتابًا حتى ينتهي الآخرون، وربما سمحت لها بأن تداوم مع فصل أعلى من فصلها، وهناك العديد من الحلول، ويبقى الأهم دائمًا: إيماننا بأطفالنا، والسعي الدؤوب وراء هذا الإيمان.
ـــــــــــــ(103/95)
نجاح التدريب بالترغيب ... العنوان
ابنتي عمرها 19 شهرًا، وأحاول أن أدربها على استعمال النونية، لكنها تخاف منها وتصرخ وتفضل أن تتبول وهي واقفة، وقبل أسبوعين مرضت مرضًا شديدًا، والحمد لله عوفيت منه، لكنها أصبحت ترفض فكرة التبول في الحمام، وتصرخ بشدة بعد أن كانت تفرح لذلك، الرجاء تزويدي بالنصائح اللازمة لهذه الحالة، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها الأخت الغالية، ومرحبًا بفاطمة، وعساها تكون "أم أبيها" كما كانت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان يداعبها ويلقبها دائمًا بهذا اللقب المحبب.
أختنا الكريمة.. إنه من أعجب الأشياء في الأطفال أنهم رغم عدم قدرتهم على التصريح بشكواهم ومشاكلهم؛ فإن لديهم في الإشارات و اللمحات ما يكفي لأن يصبحوا أمامنا مثل الكتاب المفتوح. بشرط أن نحسن ترجمة هذه الإشارات وتفهمها والاستجابة لها، وأعني بذلك صراخ ابنتك من محاولاتك معها لإجلاسها على مكان التبول؛ فهذا الصراخ قد ترجمتِه أنت بالخوف من "النونية" كما تسمينها، وربما يكون اشمئزازًا منها –فهكذا كانت ابنتي– وربما أن شكلها غير لطيف، أو أنها تؤلمها بالجلوس عليها، أو ربما أنك بدأت تدريبها بإجلاسها لفترات طويلة، فأصابها الملل والكره لهذا الأمر؛ فأصبحت ترفض المسألة لتجربتها غير السعيدة معها..
كل هذه احتمالات أفكر فيها معك لرفضها للتبول في المكان الذي خصصته لها.. وإن كان لديّ بعض التشابك في خيوط سؤالك:
فقد ذكرت أنها تخاف من فكرة التبول في المكان المخصص، ثم ذكرت أنها بعد الشفاء "أصبحت ترفض فكرة التبول في الحمام، وتصرخ بشدة بعد أن كانت تفرح لذلك".. فهل كانت فعلاً تفرح لذلك أم تخاف منه؟؟.. أم لعلك تقصدين أنها كانت تفضل التبول في الحمام، ولكن تخشى "النونية"، ثم بعد شفائها أصبحت ترفض الأمرين؟؟
و أيًّا كان الوضع فالمسألة تحتاج لإعادة التدريب مرة أخرى، ولكن بشكل مختلف.
أولاً: لا بد في هذا التدريب من مراعاة اختبار استجابة فاطمة للأمر بلطف وحنان؛ بمعنى أنها لو أصرّت على رفض هذا التدريب في وقت ما؛ فينبغي عدم إجبارها عليه عاجلاً، ويمكن المعاودة في وقت لاحق باستخدام شكل مختلف للوعاء.. أو التدريب فيما بعد، ولا تنسي أنك تدربينها على عكس ما تطالبه به عضلاتها، وأنت طبيبة وتعلمين ذلك جيدًا بلا شك.
ثانيًا: كما يجب أن يتم تطبيق هذا التدريب في جو من الحنان والسعادة والهدوء، وبدون أي زجر أو عنف أو تهديد أو ضغط؛ حيث يؤكد علماء النفس أن من المواقف البارزة في حياة الطفل التي يكون لها أعظم الآثار في شخصيته بعد حدث الرضاعة هو التدريب على الإخراج؛ حيث تؤثر ظروف هذا التدريب في بنيته النفسية؛ إذ يعتبر ما يخرجه جزءًا من جسده؛ إذ إنه حتى هذا العمر لا يميز بين ما يملك وما لا يملك أو ما بداخله وما هو خارجه، وتدريبه على إخراجه بهدوء وحنان وحب وعدم اشمئزاز مما هو جزء منه -من وجهة نظره- يوجد لديه التفاؤل والثقة بالنفس التي تجعل منه شخصية سلسة، كما تعلو كفاءته بالتدريج.
وربما خير ما نؤكد به هذه المعلومة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه". و إلا فإن القسوة وإظهار الاشمئزاز في هذا الأمر وغيره قد تؤدي إلى تكوين صفات و سواسية لدى الطفل مع اهتزاز ثقته بنفسه.
وسأعطيك بعض الأفكار للتغلب على كره فاطمة للنونية:
1 - ربما تكون من الأطفال الذين لا يفضلون –أو يشمئزون– من التبول في وعاء، وإنما يفضلون أن يقلدوا من يكبرونهم في استخدام المرحاض، ومما يباع في الصيدليات قاعدة ضيقة توضع على المرحاض لتلائم جسد الطفل فلا يسقط في المرحاض لاتساع دائرة قاعدته، وفي نفس الوقت لا تؤلم مؤخرته؛ لأنها غالبًا ما تكون من المطاط المنفوخ مثل (العوامة) التي تستخدم في السباحة، وغالبًا ما يرضي الأطفال، بل ويحبون هذا البديل.
2 - يمكنك أن تجعلي فترة إجلاسها عليها محببة وجميلة بغناء الأغاني والتصفيق والضحك واللعب والمداعبة، وتحكيان سويًّا الحكايات، وعندما تنتهي العملية يكون الاحتفال الكبير، والتصفيق الحاد والضحكة التي تنير الوجه، مع الإشارة باليد والكلام لتشعر أن ما عملته إنجاز عظيم.
3 - يمكنك أن ترسمي لها أو تحضري لها صورًا أو قصصًا –وهذا ما فعلته مع ابنتي– بها صورة لفيل مثلاً أو حيوان يبلّل ثيابه، ثم تقولين عنه ما يشير إلى كونك مستاءة منه مثل "إنه سيئ" أو "غير نظيف"، وصورة أخرى لنفس الرمز وهو يحرص على نظافته ويطيع أمه ويذهب للحمام وتعلقين "إنه جميل ونظيف" بصوت تبدو فيه الفرحة؛ فالطفلة قد لا تفهم المفردات بقدر ما تفهم التعبيرات في صوتك ونظرات عينيك وحركات ملامح وجهك؛ فتستطيع أن تفرق بين الحالتين؛ لتعلم أنك تحبين وضعًا وتشجعينها عليه وتنبذين الآخر وتنهينها برفق عنه.
4 – لا بد من إقران عملية التبول دومًا بمكافأة.. ولا تظهر المكافأة إلا في حالة التبول في المكان المخصص لذلك، فهذا ينبِّه الطفلة وجهازه العصبي.
كما سيؤثر بشكل إيجابي أن تبلغي أباها عند عودته من العمل وبلغة مليئة بالزهو كم كانت فاطمة جميلة ونظيفة (بنفس أسلوب تعبيرات الوجه ونبرات الصوت الذي اتفقنا عليه)، وهكذا فالطفل يسعد جدًّا حينما يتحدث عنه أهله، ويمتدحونه، ويكون ذلك حافزًا له على أداء ما يدعو الآخرين لامتداحه بشكل أكبر؛ فمثل هذه الأفعال المليئة بالمرح والحيوية والسعادة ستدفعها لحب هذه العملية حتمًا، بل والسعي لفعل ما يدعو الآخرين لامتداحها.
ويمكنك ابتكار المزيد من الأفكار لترغيبها في العملية نفسها دون إجبار لها على كونها في "النونية" بالتحديد، وعلينا كآباء وأمهات أن نتذكر دائمًا أن المزاج النفسي للطفل قابل للتطور والصقل باستمرار.
أما عن برنامج التدريب نفسه فقد عرضناه في أكثر من موضع سابق، يمكنك الإطلاع عليها بالنقر على عناوين هذه الاستشارات في نهاية الإجابة.
ولا أحب أن أختم معك الحديث قبل أن أؤكد على أنه يا أختي الغالية ما من شيء في تربية أبنائك يمكنك تأديته بنجاح ويؤتي ثماره أسرع مما تتخيلين إلا بالدعاء الصادق في أوقات الإجابة، والتوكل على الله عز وجل، والاستعانة به تعالى؛ لينبت الله ذريتك نباتًا حسنًا؛ فالزارع يبذر البذور، ويرويها، ويأخذ بالأسباب، ولا ينمّي له زرعه ويحفظه إلا الله سبحانه؛ ولهذا فما من شيء تؤدينه لأبنائك إلا استعنتِ على أدائه بالدعاء.
أرجو أن أكون قد وضحت لك ما أردت استيضاحه في رسالتك، ونأمل أن ترسلي لنا قريبًا بأخبار طيبة سعيدة عن فاطمة.. بارك الله لك فيها وأقر بها عينيك.
ـــــــــــــ(103/96)
قلق الغربة ودفء الوطن ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. فريق "معًا نربي أبناءنا" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابنتي عمرها 11 شهرًا، وقد وُلِدت في أمريكا وغادرنا أمريكا عندما أصبح عمرها سبعة أشهر ونصفًا وعدنا إلى الأردن، في أمريكا لم تكن ترى سوى أنا طوال الوقت ووالدها، وكان يقضي 8 - 9 ساعات في العمل، في العطلة نزور أناسًا أو نخرج. عندما عدنا للأردن طبعًا التقت بعائلتينا ووجدت نفسها محاطة بالأقارب (أجداد، جدات، أخوال، أعمام، عمات، خالات) بصفة يومية والجميع يلاعبها، فليس في بيوت أهلينا أطفال، فهي أول حفيدة ونادرًا جدًّا ما تلعب أو يكون في الجلسة أطفال غيرها حتى إنها عندما يكون هناك طفل غيرها تحتاج وقتًا وتشجيعًا لتمسك يده أو تلعب معه.
أحسست أنها أحبت الجو كثيرًا والناس والشوارع.. مكثنا كعائلة في منزل منفصل شهرين ونزور الأهل، ثم سافر والدها للعمل في دبي وكان سنها 9 أشهر ونصفًا وبعد شهر ونصف لحقنا بوالدها، ونحن الآن في فندق (غرفة مفروشة).
في كل المراحل الزمنية تريدني أمامها ألعب معها أو أحملها أو أجلسها على حجري، في الأردن تعودت على أفراد العائلة، وذلك الشهر والنصف قضيناه عند أهلي وتعودت كثيرًا عليهم، فكنت أتركها وأخرج وأدعها تلعب أو يعتني بها أحد لفترات قصيرة ساعات (2 - 3). الجميع كان يلاعبها كثيرًا في كل وقت، ودائمًا يغنون لها ويلعبون معها، وأنا لا أتقن هذا مثلهم، والآن ألعب معها وأغني لها لكن ليس كما كان الكل يفعل.
الآن ونحن وحدنا إذا تركتها وغبت لقضاء الحاجة ورأت الباب أغلق تبقى وراءه تبكي بصوت عالٍ حتى أخرج حتى إن كان والدها معها أحيانًا لا تقبل وتبقى تبكي حتى أخرج، وأذهب لقضاء الحاجة تبكي بشدة، ونحس أنها تُفزع (في الليل إذا استيقظت لشرب ماء، لغيار، لرضاعة إذا تركتها وذهبت لدقائق تبكي بشدة وبصوت عالٍ حتى لو حملها والدها، ونفس الشيء حدث عندما كنا عند أهلي)، يجب أن أجلس أمامها مباشرة وهي تلعب ويمكن أن تلعب وحدها لفترة، وإذا مشيت لأي مكان في الغرفة تبكي وتلحق بي مع أنها تراني وأحدثها (المطبخ في الغرفة وهو عبارة عن زاوية فيها يفصله رف رخام).
هل ما يحدث طبيعي أم أنه نتيجة للتغيير الكبير وافتقاد كل هؤلاء الأقارب؟ كيف أتعامل مع الموقف؟ نلمح أنا ووالدها نظرات استغراب، حيرة. هي نشيطة جدًّا، حساسة، ذكية وهي اجتماعية.. أحسها تضج وتنتظر الخروج للمشي في الشوارع والأسواق كل يوم، وطالما نمشي بالأسواق تفرح كثيرًا، وتهدأ، وتنظر للناس، وتبتسم وتشير ولا تسمح لأحد أن يحملها. لربما أنها تعودت على بيت كبير بمرافق وغرف أو أن هناك بصفة مستمرة العديد من الأشخاص، فإذا صليت كانت تلعب مع أحدهم حتى أنتهي، وهكذا... أما الآن فإذا صليت تبقى حولي وأحيانًا تبكي حتى أحملها.
تنام في وقت متأخر 12 في عمّان و2 صباحًا في الإمارات 9 ساعات، ثم في النهار مرتين أو ثلاثا بمجموع 4 ساعات (نومها المتأخر يسبب لي الضيق فأحيانًا أنهرها بصوت عصبي، ومرات قليلة أقسو عليها بضرب خفيف، ومرة أحسست بنظرتها بلوم، باستثناء تلك المرات فأنا لا أثور عليها، بل أتركها على راحتها تكتشف ما تريد وأنا معها حتى لا تؤذي نفسها، وأدعها تأكل كما تريد).
عندما نأكل على السفرة تريد أن تمد يدها في الأطباق وتخبص كثيرًا تطعمني ووالدها وترمي فتات الطعام، وتوسّخ المكان وهي تأكل على حجري لا على كرسي مخصص، وأنا أتركها على راحتها حتى لو كنا بالخارج بالرغم من اتساخ المكان وملابسي. هل هذا صحيح؟ كيف أعودها على الأكل النظيف؟ للآن لم أبدأ بتعويدها على التبول الإرادي. لربما نعود للتنقل (نعود للوطن، يغير زوجي العمل ويمكن البلد). هل تنقلنا وتغير البيئة عليها له تأثير سلبي على نفسيتها؟ ... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أحيانًا نتخيل أننا وحدنا الذين نتأثر بالغربة وفراق الأهل، أما الأطفال الصغار فلا يشعرون بذلك، ولكن الواقع أن العكس هو الصحيح، وربما كان تأثرهم أكثر منا؛ لأننا نحن الكبار نفهم مبررات السفر والظروف المحيطة بنا، أما الأطفال ففجأة يجدون أنفسهم في عالم ساكن وهادئ وصامت، ولا يدركون ما حدث.. أين كل الناس الذين كانوا يدللونهم ويحبونهم؟! أين الأجداد والخالات والعمات؟!.. وطبعًا هذا يجعلهم أكثر عصبية وأكثر بكاء؛ ولهذا تلتصق بك ابنتك ولا تريد أن تغيبي عن عينيها أبدًا؛ لأنها تفتقد الجو الأسري الكبير الذي تعودت عليه ولم يبقَ لديها إلا أنت لتلتصق بك.
ولهذا فهي تحب جدًّا الخروج للشوارع والأسواق؛ حتى ترى الناس وتلاعبهم وتتفاعل معهم؛ ولذلك حاولي الخروج بها كل يوم، فهذا سيهدئ كثيرًا من عصبيتها.
وكذلك حاولي التعرف على عائلات لديها أطفال لتلعب معهم حتى تجد نفسها مع أقرانها من الأطفال تتفاعل معهم وتنضج شخصيتها معهم.
أما نومها المتأخر فلا بد أن سببه عدم انتظام مواعيد نومها طوال النهار، وهي عمومًا ما زالت صغيرة على انتظام مواعيد النوم، وعليك فقط أن تحاولي أن تنظمي لها مواعيد نومها حتى تنام مبكرًا. أما الصراخ والعصبية والضرب فلن يزيدها إلا عصبية.
وحاولي من الآن تعويدها على الأكل بنظام ونظافة بهدوء وبصبر وليس بالضرب؛ لأنها لو اعتادت من الآن على الأكل بفوضى فستظل كذلك ويصعب عليك تغييرها، ولكن اجلسي بجانبها وعلّميها كيف تأكل ونظفي ما تقوم بتلويثه ومرة بعد مرة ستتعلم.
وأعتقد أنه حان الوقت لتبدئي معها التعود على قضاء حاجتها في المكان المخصص لها، وستجدين على الموقع الكثير من المشاكل التي تناقش كيفية ذلك برجاء العودة إليها، وبارك الله لك فيها.
ـــــــــــــ(103/97)
الكرة الجنسية ... العنوان
السلام عليكم.. عندي ولد عمره سنتان ونصف. عندما كان عمره سنة وشهرين بدأ يلعب بالكرة بطريقة غريبة؛ فهو يضعها تحت فرجه ثم يقوم بالهز.. كنت أظنه لعبًا بريئًا، ولكن بدأت أشك في لعبه. حتى أهلي ووالده استنكروا لعبه. فحرمته من جميع الكرات التي قد يلعب بها بهذه الطريقة، ولكنه ابتكر طريقة جديدة، وهي النوم على بطنه ووضع يده على فرجه ثم الهز. حاولت أن أرده بكل الطرق مثل أن ألهيه بشيء آخر وأن ألعب معه أو توبيخه، حتى الضرب قمت به، ولكن بدون أي نتيجة. هو الآن بدأ يختبئ عندما يريد أن يفعلها. أرجوكم أريد حلاًّ، فأنا لا أريده أن يكبر على هذه العادة. ولكم الشكر. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيتها الأخت الكريمة ومرحبًا بك، ونأمل أن تكون الإجابة تحقيقًا لرجائك الذي رجوت منا في قولك: "أرجوكم أريد حلاًّ".
ومن الواضح أن سؤالك تحيط به العديد من علامات الاستفهام؛ فقد ذكرت أن ابنك هو الأول بين أبنائك، وعمره سنتان ونصف، في حين تذكرين أن له 6 إخوة وأخوات بعده!! وهو ما أدى إلى ثقتي في وجود خطأ في بيانات السؤال، وعلى كل حال فالإجابة على سؤالك ستكون على اعتبار أن ابنك عمره سنتان ونصف.
وبالنسبة لمسألة لعبه بالكرة؛ فلم يكن الحل فيها منعه من اللعب بها؛ فالمشكلة ليست في الكرة، وإنما في وجود شعور غريب يميل الطفل إلى تكراره ينشأ عن احتكاكه بأي شيء، وربما كان اكتشافه له بالصدفة؛ فاكتشافه للكرة من الممكن أن يكون حدث صدفة، وحين نزعتها منه بحث عن بديل لها؛ وهو ما يؤكد أن الكرة مظلومة، وأن المشكلة لها علاج آخر.
ولكي نقترب من الحل لا بد أن نؤكد أن الأمر مجرد عادة اعتادها الطفل –وربما اكتسبها بالمحاكاة أو الصدفة–، وهي تحقق له شعورًا غريبًا يحب تكراره، لكنه ليس لذة بالمعنى المفهوم عند الكبار، ولا علاقة له بالإثارة الجنسية، ولا يدفع إليه أي ميول جنسية، وبالتالي فمحاولة الطفل لاكتشاف نفسه أو العبث بأعضائه ليس إلا سلوك ينبغي صرف انتباهه عن فعله، وتوعيته بقواعد التعامل مع هذا الجزء من جسده، كما أن هذا السلوك قد يحدث للتعبير عن الغضب، أو الضغط العصبي، أو ما يعتري نفسه من غيرة أو قلق، أو الرغبة في لفت الانتباه من الأسرة التي لا تهتم به أو لا تعطيه الاهتمام الكافي؛ وهو ما يدل على ضرورة تصحيح أسلوب التعامل معه، وتوفير مزيد من الحب والاحتضان والاهتمام والمشاركة معه.
وكون الأمر طبيعيًّا أمر مرجح لديّ فعلاً لصغر سن الطفل، لكن التعامل السيئ مع أي عرض يمكن أن يحوله لمرض، والتعامل مع الطفل على أنه مختلف أو غير طبيعي يمكن أن يؤصل المشكلة لديه، و يزيدها تعقيدًا، ويصنع مشكلة من لا شيء.
ولكي نستطيع أن نحدّد العلاج لأي مشكلة لا بد من تحديد أسبابها، ووفقًا للمعطيات في سؤالك، فإن سن الطفل تقوي احتمال كون الأمر تقليدًا أو محاكاة أو عادة، ويمكنك الحكم من خلال أمرين:
أولهما: ملاحظة الطفل أثناء ممارسة هذا الأمر. هل تبدو عليه علامات اهتمام أو أعراض عرق واحمرار بالوجه أو غير ذلك أم لا؟
ثانيهما: ومراقبته في خلوته وعند اختلاطه بالأطفال ومراقبته عند اللعب لمعرفة نوعية الألعاب التي تستهويه.
وفي حالة ما إذا ثبت أن الأمر تقليدًا وغير مصحوب بأي أعراض استغراق أو تركيز؛ فهناك خطوات معينة لإقناعه ومنعه:
1 - لفت انتباهه إلى شيء آخر حين تلاحظين عليه استغراقه في فعل هذا الأمر كجذبه لمشاهدة برنامج لطيف أو اللعب بلعبة يحبها، ودون تكرار الحديث عن هذا الأمر معه ودون زجره أو عقابه، كما يجب عدم التعظيم من شأن هذا التصرف كي لا يصِرّ عليه للعناد ودون فهم.
2 - يجب تعليمه أصول النظافة الشخصية، ولفت نظره إلى خصوصية هذا المكان في أنه يجب غسل اليدين جيدًا بعد دخول الحمام أو لمسه بأي صورة من الصور، كذلك يجب ربط إصابته بالمرض بإساءة تطبيقه لهذه القواعد، وتوعيته بأن هذا المكان قد ينقل الأمراض أو يسبب الرائحة الكريهة.
3 - إقناع الطفل بشكل غير مباشر بأن هذا الأمر قد يسبب له أمراضًا تؤدي به إلى ضرورة تناول أدوية غير محببة الطعم وملازمة الفراش وعدم التمكن من اللعب والجري، ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبه لربطها بالأمر كأن يقال له: "أرأيت؟.. لا بد أنك لم تلتزم بقواعد النظافة والصحة، ولم تسمع كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع هذا المكان".
4 - التأكد من أنه لم يحدث هذا التصرف من أي شخص كبير أمامه، وإن كان ذلك قد حدث فيجب ملاحظته ومنعه من التعرض لهذا الموقف مرة أخرى، كما يجب ملاحظته ملاحظة دقيقة دون أن يشعر؛ وذلك لمنعه من التعرض لأي مثيرات، وكذلك تسجيل أي غريب في سلوكياته وتصرفاته.
5 - يمكن استخدام أسلوب المكافأة؛ بمعنى أن يوعد بجائزة إذا التزم بالقواعد الصحية والنظافة، وابتعد عن ممارسة ما يعرضه لخطر الإصابة بالمرض والتلوث، وذلك لمدة يوم، ثم يومين، ثم ثلاثة، وهكذا ... حتى يصير الأمر طبيعيًّا، ويمكن أن يتم جعل هذا الأمر في قائمة طويلة من الأعمال التي سيُكافأ عليها حتى لا يتم لفت نظره إليه بشكل خاص؛ فيمكن أن يكون ضمن قائمة من أعمال الطاعة للوالدين، وتناول الوجبات الغذائية بانتظام للحفاظ على الصحة، ومراعاة نظافة الحجرة ... إلخ؛ لينال علامة كل على عمل، وبجمع العلامات يصبح ذا أحقية للحصول على الجائزة إذا نال ما يزيد عن كذا من الدرجات، وذلك بشكل ويومي؛ لأنه ما زال صغيرا، وهكذا ...
6 – لا تستعجلي النتائج ولا تتوقفي عن العلاج؛ فمعظم برامج التعامل مع الأطفال تحتاج للنفَس الطويل.
7 - هناك أمر آخر يجدر بنا الإشارة إليه وهو مراقبة من يتولون رعايته إن كان هناك مربية أو سائق أو صديق يقضي معه فترات طويلة؛ وذلك لاستبعاد احتمال تعرضه للتحرش، وكذلك فحصه عضويًّا للتأكد من عدم وجود التهابات أو أمراض جلدية أو عضوية.
8 - أختم بنقطة هامة لتظل عالقة بذهنك، وهي ضرورة توفير فرص عديدة لنشاطٍ ممتع يمارسه الطفل من تلوين، وألعاب تركيب ، وممارسة رياضة، وغيرها بحيث يمارسها بانتظام ويقضي فيها وقته، ويحبّذ اشتراك الوالدين أو أحدهما معه لإشعاره بالاهتمام والمتعة والمتابعة، وتحفيزه على الإبداع بمدح ما يفعل؛ ليصبح هذا الأمر شاغلاً له عما سواه.
وكما نقول دائمًا فإن كل شيء يقل حينما ينقسم إلا السعادة هي التي تزيد حين تنقسم على أكثر من قلب؛ لذا نتمنى أن نشاركك المسئولية لتزيد سعادتنا جميعًا.. وفي انتظار متابعتك وتعقيبك، وهو ما نأمل أن يكون سريعًا ومبشرًا بكل نجاح إن شاء الله.
ـــــــــــــ(103/98)
أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية ... العنوان
أريد من حضرتكم أن تنصحوني بالألعاب و الرسومات التي تنمّي ذكاء وتفكير ابنتي التي عمرها سنتان، مثلاً صور حيوانات وأصواتها أو صور فواكه ... ، وشكرًا لكم. ... السؤال
الأنشطة والهوايات ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة، السلام عليكم.. أسعدني سؤالك فهو نوع من الأسئلة التي تتعامل مع المستقبل، وما أحوجنا لأن نتعامل مع أمور حياتنا بهذا المفهوم.
تتردد أسماء كثيرة في الكتابات التي تناولت موضوع الذكاء الإنساني والتفكير، ولعل "ماشارد" اسم منها، وأكثر ما يلفت النظر لكتاباته تلك الآراء التي قدمها بأن الذكاء يمكن تعليمه لأبناء الأمة.
وقد أكد ماشارد أن الثروة الحقيقية لأي أمة هي ثروة العقول، وأن الأمة الذكية هي التي تحافظ على نفسها من خلال تنمية عقول أبنائها، حتى إنه قاد في فنزويلا برنامجًا طموحًا لإنماء الذكاء على المستوى القومي، حتى إنه أنشأ لأول مرة في تاريخ الإنسانية وزارة عرفت باسم وزارة تطوير الذكاء الإنساني، وأصبح هو أول وزير للذكاء !!
وأرجو أن تطالعي هذه الموضوعات؛ لأنها تأسيس لما سأسوقه إليك من تطبيقات في هذه الاستشارة:
- خرافة المخ الصغير
-بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
- أطلِق إبداع ابنك بالحكايات
-فارابي العصر
-التفوق في الرياضيات بالألعاب
-فن تنمية الذكاء
-الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة
وسأجمل لك نقاطًا هامة في هذا الأمر:
- المخ كائن وجداني ينشطه الأمن ويحجمه التوتر؛ ولذا علينا بالدعم والحب والصبر على الطفل، وتأمين حياة سعيدة هادئة آمنة حتى يعمل المخ في بيئة ملائمة.
- ذكاء الطفل في هذه المرحلة المبكرة حسيًّا وحركيًّا، أي ينمو عن طريق الحركة والحواس الخمس (السمع - والبصر - واللمس - والشم - والتذوق)؛ ولذا علينا اغتنام كل فرصة تمر بالطفل نستطيع فيها أن نقدم له خبرة عن طريق الحواس، كما نوفر له فرص الحركة.
- تنمو الوصلات بين خلايا المخ عن طريق الاستثارة بالتجارب التي يمر بها الطفل؛ ولذا علينا استثارة المخ بالألعاب والحديث والكتب ... ، وكل ما يعطي للطفل خبرة جديدة وتجربة جديدة تستثير عقله.
- بناء العقل وتنمية الذكاء يأتي منتظمًا مع غيره من نواحي النمو النفسي واللغوي والحركي والعضلي، فلا يمكن التركيز على الذكاء بمعزل عن نواحي النمو الأخرى.
والآن سأسوق لك عددًا من الألعاب والطرق، وأترك لإبداعك أن يدوّن المزيد، وعساك توافينا بما وصلت إليه ليعم النفع.
- الحواس:
1 – البصر: أي التمييز البصري للألوان والأشكال والأحجام، وذلك عن طريق تعريض الطفل للألوان المختلفة في الطبيعة، بدءًا من الخضراوات في المطابخ، وانتهاء بكل ما يمر بها في الشارع، والحديقة، والمنزل... على أن تتزامن هذه الرؤية بالحديث البسيط للطفل (هذه وردة حمراء - هذا ملح أبيض - هذه شجرة خضراء...).
- يساعدك أيضًا الكتب الصغيرة ذات الغلاف السميك التي بها صور للأشياء الملونة، وبالطبع يرافق الكتاب صوت الأم الرقيق الذي يوصل التجربة للطفل.
- البطاقات المصورة للتعرف على الأشياء المختلفة، والألوان، والأحجام المختلفة (الكبير - الصغير - المتوسط).
- بطاقات عليها صور لأشخاص بتعبيرات وجه مختلفة (فرحان - حزين - مبتسم - غاضب -...)، وساعدي طفلتك على تمييز التعبير وتسميته؛ لأنه يفيدها فيما بعد في التعبير عن مشاعرها ووصفها وصفًا مسلّيًا بما يمكنها من التعامل الأمثل مع هذه المشاعر.
- يمكنك اصطحاب طفلتك لمعارض الفنون التشكيلية ليبدأ تعريفها على هذا العالم الرائع، كما يمكنك تعريضها للوحات لونية، خاصة تلك التي تكون ألوانها زاهية مبهجة، وتتمتع بمساحات لون واسعة (أحمر - أصفر – أزرق)؛ لأن هذا الألوان الأساسية هي أول ما يدركه الطفل من ألوان، ثم يبدأ التعرف على درجات اللون، وعساها خطوة على طريق بناء وعيها الجمالي وربطها بالفن الجميل.
2 – السمع: التمييز بين الأصوات المختلفة.
- عرّضيها لأصوات مختلفة (سيارات – ماء – ارتطام كرة...).
- يمكنك إحضار عدد من العلب، ووضع أشياء مختلفة في كل علبة (أرز، رمل، فول، مكرونة...)، وهز العلب على أن تكون علبة واحدة في كل مرة؛ لتميز الصوت، ثم تضيفين علبة أخرى، وهكذا حتى يمكنها التمييز بين الأصوات المختلفة.
- افتحي لها صنبور الماء أثناء عملك، والْفتي نظرها لتستمع لصوت الماء يتساقط على الزجاج والبلاستيك...، وبشدة مختلفة؛ أي ماء قليل، ثم ماء كثير، وهكذا ...
- عرّضي طفلتك لسماع الأناشيد الإسلامية الطيبة فترة كل يوم؛ فهذا يساعدها أيضًا فيما بعد على نمو ذكائها المنطقي الرياضي.
- غنّي لطفلتك أغانيَ صغيرة ذات سجع في كلماتها؛ فهي ممتعة جدًّا للطفل، وتزيد أيضًا ثروته اللغوية.
- أسمعي ابنتك القرآن الكريم كل يوم، سواء عن طريق قراءتك لها أو عن طريق شرائط الكاسيت.. وهناك شرائط وأسطوانات CD يسجل عليها أصوات مختلفة كالحيوانات، الظواهر، كالمطر، الرعد، الرياح، وغيرها...
3 – الشم:
عرّضي طفلتك لروائح مختلفة، وساعديها لتستخدم هذه الحاسة للتعرف على الأشياء المختلفة كروائح أنواع الطعام المختلفة (وسمّيها لها).. وروائح الزهور، وروائح الأشياء النفّاذة (صابون – مساحيق...).
4 – اللمس:
- عرضي ابنتك لتمييز الملابس المختلفة (ناعم - خشن، ساخن – بارد ... ).
- دعي صغيرتك تستخدم يديها في لمس الأشياء (ورق الشجر، والرمل، والعجائن، والخبز، والدقيق، والملح، والماء ... ).
- اسمحي لها بذلك في كل مناسبة، ورافقي هذه الخبرة الجميلة بدعم من جانبك وشرح بسيط لما يلمس.. ساعديها على التمييز بين الملامس المختلفة.
- يمكنك اللعب معها بأن تعصبي عينيها وتجعليها تتحسس بعض الأشياء لتميزها عن طريق تعرفها عليها باللمس.
5 – التذوق:
وذلك عن طريق تعرفها على مذاق الأطعمة المختلفة.
الحركة:
هناك الحركة الحرة للطفل في الهواء الطلق أو في مكان مجهز في المنزل، ولا يحتاج ذلك لأكثر من تأمينه من الأشياء ذات الحواف الحادة، وغيرها من دواعي الأمان، وربما تركت لها شيئًا لتقفز عليه مثل الياي (السوستة) أو وسائد أو مراتب إسفنجية، ويمكنك أن توفّري لها عددًا من الألعاب البسيطة إذا اتسع المنزل لها كأرجوحة صغيرة، وميزان، وزلاقة، وسلم للصعود والهبوط وغيرها من الألعاب الممتعة، وهناك الحركة المنظمة وفق صوت أو إشارة أو غيرهما، وما أوردت نماذج في استثارة الذكاء.
يحتاج الطفل بوجه عام إلى الحركة والخروج في أماكن واسعة فسيحة للعب بالكرة والجري والتسابق وغيرها من الألعاب الممتعة.
ألعاب لتنمية العضلات الكبيرة والدقيقة:
العضلات الكبيرة:
- الأرجوحة، والأطواق، والإطارات، والكاوتشوك، والتزحلق، والعجلات، و الكورة، والحبال، والرمل...
- ألعاب الاتزان والتماثل والمتاهات.
العضلات الدقيقة:
- المكعبات بأشكالها وأنواعها المختلفة على أن تكون كبيرة الحجم لتناسب عمر طفلتك، ثم التدرج من حيث الحجم والصعوبة، ولا تضغطي على طفلتك بما هو فوق طاقتها، بل دعيها تجرب وتحاول، وقدّمي إليها البسيط من الألعاب، ثم تدرّجي حتى لا تصاب بالإحباط، وربما استطاعت في هذا العمر أن تركب مكعبين فقط أو ثلاثة، دعّمي ذلك، ولا تطلبي منها أن تقلّد نموذجًا ما؛ فالمفيد في الأمر هو خطوات التركيب وليس المنتج النهائي.. ضعي متعة طفلتك في الاعتبار الأول وليس الإفادة؛ فمع المتعة يأتي يقينا الإفادة وليس العكس.
- هناك لعب الأشكال الهندسية التي توضع في فراغات مخصصة له، حاولي واستطلعي قدرة طفلتك على عمل هذه اللعبة، وابدئي بشكل الدائرة؛ لأنه أسهل شكل تتعامل معه طفلتك. يمكنك أن تقدمي لها لعبة الأشكال المجزأة (البازل) ذات القطع الكبيرة، وربما كانت البداية بأن تطلبي منها وضع قطعة واحدة في مكانها، ثم قطعتين، وهكذا...، ولكن بعد أن تتأكدي من تمييزها للشكل أولاً. فالطفل يتم عمل البازل وفق اللون أو تحديدات الحواف أو وفق شكل القطعة وعلاقتها بالقطعة المجاورة، وربما كان لديها تكنيك آخر فاكتشفي ذلك، ولا تفرضي عليها طريقة للعمل بل ساعديها إن رغبت.
- العجائن المختلفة من الأشياء التي تنمي العضلات الدقيقة.
- الخرز وغيره من ألعاب اللضم و التركيب (وراعي الحجم الكبير والتدرج بخرزة واحدة، ثم اثنتين، وهكذا...).
- الألوان بكل أنواعها.
- الأقلام والأوراق.
- تمزيق الأوراق.
- ربط الأزرار و السوست والحذاء.
ولعلها فرصة لتتركي لها إتمام ما تبدي استعدادها لعمله بنفسها؛ فهذا ينفعها كثيرًا في بناء الثقة بالنفس وبناء مهارات مختلفة.
- مسح المنضدة في الاتجاه الرأسي والأفقي.
- ألعاب الفك و التركيب.
- ألعاب المسامير وغيرها حتى وإن كانت خطوة واحدة أو خطوتين لإتمام العمل.
- حاولي بناء مفردات لغوية كثيرة لدى ابنتك وهي في هذا العمر؛ فاللغة تساعد في نمو القدرات العقلية بشكل عام، ويمكنك ذلك عن طريق الحديث المستمر معها، وطرح الأسئلة، والكتب المصورة. كذلك اقرئي لها حكايات بسيطة كثيرة، وأشركيها في خبراتك اليومية، واشرحي لها ماذا تفعلين، ولماذا تفعلين، وكيف تفعلين...
- دعيها تستمع لمحادثات الكبار حولها خاصة أنت ووالدها.
- الْفتي انتباهها لكل خبرة جديدة يمكنك أن تغتنميها فرصة لبناء ذكائه.
- اتركي لها بعض الدمى والعرائس لتلعب معها وبها، وخلاصة الأمر أن كل ما تمر به طفلتك يعتبر فرصة جيدة لتتعلم شيئًا جديدًا ينمي مهارتها، وكل شيء قابل للتعلم حتى الذكاء. وصدق الله العظيم إذ يقول: "وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (النحل: 78).
ـــــــــــــ(103/99)
أنصف نفسك تنصف طفلك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أولاً إبداء إعجابي الشديد بموقعكم المتميز، حيث إنني أعتبر عضوة جديدة، وهذه أول مرة لي في دخول هذا الموقع المتميز لما وجدت فيه من مواضيع عدة تشغل أغلب الناس، وجميعها مفيدة للغاية وهادفة، وأتمنى لكم المزيد من التوفيق.
أرجو ألا أكون أطلت عليكم، وأريد أن أطرح عليكم مشكلتي، كما سبق لي في ملء البيانات أوضحت لكم أنني مصرية مقيمة بالخارج، وبالطبع بمفردي مع أسرتي الصغيرة بعيدة عن أمي وأبي وعن استشاراتهما ونصائحهما؛ فلعلي أجد النصيحة لديكم.. لي طفلان: الكبرى فتاة وهي يارا –10 سنوات-، والصغير وائل.
مشكلتي الكبرى مع ابنتي ذات السنوات العشر، أعلم أنها كبرت، وأنها دخلت في سن لا بد أن تكوّن فيها شخصيتها، ولكني أعاني معها ما قمت أنا بزراعته معها طوال الأعوام الماضية.. لا أدري ماذا أقول؟ بل هذا ما حدث، أنا أعتبر نفسي أمًّا غير سوية مع ابنتها، لعلي أنا أحتاج لعلاج، ولكن لا أعرف ما الحل، أول مرة قمت فيها بضرب ابنتي كان عمرها 7 أشهر، وهي تحاول سحب طبق من الشربة الساخنة أثناء الطعام، ومن خوفي قمت بضربها على يديها الصغيرتين حتى أوجعتها واحمرت يداها، ثم تتالت عملية ضربي لها باستمرار على جميع أخطائها، ولكن المشكلة في نوع الضرب كنت أضربها بقسوة قسوة شديدة.. لا أعلم من أين لي بهذا؟! عندما أجلس الآن وأتذكر شكلها وأنا أقوم بشدّ شعرها هكذا وضربها على وجهها هكذا أندم ندمًا شديدًا لا يحل المشكلة.
منذ حوالي 3 أعوام أخذت قرارًا بعدم ضربي لها نهائيًّا، والتزمت به قدر الإمكان، ولأني لا أنفي أنني ضربتها خلال تلك السنوات حوالي 3 مرات، ولكنها بمنتهى القسوة أيضًا. سيدي/ سيدتي المشكلة أنني قليلاً ما أشعر بحبي لتلك الطفلة المسكينة، خاصة وهي بعيدة عني أشعر بمنتهى الحب والندم، ولكن عندما تكون أمامي قليلاً ما أشعر بالحب والحنان تجاهها مع كل ما ذكرته لعلاقتي بابنتي..
العكس تمامًا مع ابني الصغير، لا أقول لكم مدى ارتباطي وتعلقي به، وقليلاً ما أقسو عليه أو أضربه إلا للشدائد، ويكون ضربًا غير مبرح على عكس فتاتي على الإطلاق، لا أعرف لماذا؟ ولكن هذه مشكلتي.
أما المشكلة التي أعانيها مع ابنتي الآن هي أنني كلما أردت الاقتراب منها وإجبار نفسي على عدم الشدة معها وعدم اللجوء للضرب إطلاقًا، تقوم ابنتي بعمل ما يستفزني حتى أقوم بضربها من جديد كأنها أصبحت تريد ذلك إذا قلت لها لا تضعي هذا هنا، وهي تعتبر كبيرة؛ أي أنها تعي ما يطلب منها ولا تنفذ، مرة أخرى لا تنفذ، وأخرى لا تنفذ، حتى أضطر لضربها، حتى إنني أردد دائمًا لها أنه يوجد شيء ناقص في مخها يجعلها لا تعي ما يقال لها، ونظرات عينها في بعض اللحظات أشعر أنها غريبة، وإذا أخذت أتكلم معها بلين ورفق ومحاولة الاعتياد على أنها كبرت، ولا بد من علاقة احترام بيننا تأخذ في التمادي والقيام بأخطاء كثيرة معتمدة على شعورها بأنني لا أريد أن أضربها أو أقسو عليها حتى بالكلام، فيصل بي الأمر كل مرة بالإحباط.
إنني لن أستطيع تغيير طريقة تعاملي معها، وأبوها دائمًا يقول لي: لقد تعودت إذا لم يُشدّ عليها جيدًا فلا تقوم بالمفروض القيام به مثل واجباتها الدراسة وعدم الكذب وعدم تخبئة درجات الامتحانات وغيرها، بل تهتم بأن تقص عليّ كل ما هو غير مهم على الإطلاق من مواقف ضحك مع صديقاتها ولعب وتبادل النكات، لكن ما هو ضروري لا أعرفه إلا من مدرسة الفصل لديها.
أعلم أن عليّ العامل الأكبر في هذه المشكلة، ولكن أرجوكم لا تهملوا رسالتي أو تملوا منها؛ لأنها طويلة؛ لأنني حقيقة أريد حلاًّ لهذه المشكلة.. أريد أن أحب ابنتي وأن أقترب منها، وأن تكون العلاقة بيننا علاقة احترام وثقة.
وفي النهاية أعتذر عن إطالتي، ولكن لعلي وجدت فيكم أهلي البعيدين عني لأطلب مشورتهم، مع الشكر ... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لشدّ ما كانت دهشتي -سيدتي- عندما قرأت مشكلتك؛ فقد كنت تحكين قصة مشابهة تمامًا لا تختلف إلا في النزر القليل عن تلك المشكلة التي عرضها أستاذ مادة الإرشاد النفسي علينا –نحن الطلبة- حينما كنا ندرس بالمعهد التربوي، وقد تركنا مدة أسبوع لنتناقش ونبحث ونحلل المشكلة، ولا أكذبك القول فإننا في بادئ الأمر قد أدنّا الأم إدانة عظيمة، وأخذنا نتساءل: لماذا تسلك الأم مثل هذا السلوك؟ وما ذنب ابنتها المسكينة؟ ولكن بعد تبادل الآراء ومناقشة المشكلة بشكل أكثر علمية وحرفية مع أستاذنا أصبح موقفنا مختلفًا إلى حد كبير، وما يهم في هذا المقام كيف تم العلاج، وسوف أستعرض معك نقاطه، ولكن قبل ذلك أود أن أنبّه إلى أمرين في غاية الأهمية:
أولهما: أن تصبري على نفسك وعلى تقويم مشاعرك تجاه "يارا" من ناحية، وعلى إقامة جسور المحبة بينك وبينها من ناحية أخرى، وإذا كنت أنصح بصبر كل القائمين على التربية، وفي كل الاستشارات التربوية التي وصلتني تقريبًا إلا أنني أركز وأشدد عليه هنا، وعليك إذا أخفقت مرة فلا تيئسي من نفسك، ولا من عون الله سبحانه لك، بل عليك دائمًا أن تتذكري أنه ما من عمل جليل إلا ويبدأ بالإخفاق مرات حتى ينتهي إلى ما نصبو إليه بإذن الله تعالى، وبالطبع ليس هناك أجلُّ وأعظم من تقويم وإصلاح النفس، وتوجيه وتربية الأبناء.
الأمر الثاني: المتابعة إما معنا على هذه الصفحة أو مراجعة مرشد نفسي تثقين فيه؛ لأن الأمر يحتاج إلى دعم ومساندة، وإليك الآن الخطوات العملية للعلاج التي تتكون من شقين: شق خاص بك وشق خاص بإعادة أو بناء علاقة سوية مع ابنتك تستعيدين وتستمتعين فيها بمشاعر الأمومة.
أما الشق الخاص بك:
أولاً: لا بد أن تقفي -سيدتي- على الأسباب الحقيقية وراء مشاعرك هذه تجاه ابنتك؛ فربما لم تكوني مستعدة للأمومة ومسئوليتها عندما حملت بابنتك، أو ربما لخلافات بينك وبين زوجك كانت أشد ما يكون في وقت حملك بها، أو ربما حال حملك بها بينك وبين سفرك لأهلك وربما وربما ... أشياء كثيرة حاولي أن تواجهي نفسك بها بنفس الشجاعة والمصارحة التي لمحتها في رسالتك، واعملي جاهدة على حلها، واعلمي تمامًا أنك إذا توصلت إلى الأسباب الحقيقية التي دعت لتكوين مثل هذه الأحاسيس والمشاعر، فإن هذا سييسّر الشق الخاص بإقامة العلاقة الجيدة بينك وبين ابنتك، ويمكنك الاستعانة بزوجك في التعرف على الأسباب إن لم يكن هو أحدها، والأهم من ذلك أن يتفهم هذه المشاعر ويحاول مساعدتك ومساندتك في تقويم مشاعرك والإصلاح بينك وبين "يارا".
ثانيًا: قد يستغرق أمر البحث عن السبب وعلاجه وقتًا؛ فكيف تتصرفين مع ابنتك في هذه الفترة؟ أو بمعنى أكثر دقة: كيف تُحجّمين الضرر الواقع على ابنتك من جراء عصبيتك وقسوتك عليها في هذه الفترة؟
عليك فقط:
• أن تقللي نسبة الأوامر والنواهي لها، وحاولي بصفة مستمرة أن تتظاهري بعدم رؤيتك لها عند ارتكابها خطأ ما، ولكن إذا لمحتك تنظرين إليها أو عرفت أنك رأيتها في أثناء ارتكابها هذا الخطأ فعلقي بهدوء (حتى لو كان مصطنعًا متكلفًا) بأن هذا الفعل لا يليق، وأرجو أن تعلقي على التصرف لا على الفتاة نفسها؛ فلا يجب أن تقولي –على سبيل المثال-: "أهذا فعل يصدر من فتاة مهذبة أو مؤدبة ... "، ولكن يمكنك أن تقولي: "هذا تصرف غير لائق.. أو هذا تصرف لا يصح..."، بل أحيانًا يمكن أن تكتفي بنظرة المغضب (وليست نظرة كاظم الغيظ) دون أن تعلقي.
وإذا وجدت أنها ستبدأ في استفزازك، فعليك أن تتركي المكان المتواجدة هي به في هدوء (أرجو ألا تخرجيها من المكان بل اتركيه أنت)، واذهبي وتوضئي فإن الوضوء يطفئ الغضب كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اذهبي للمطبخ مثلاً وافتعلي عملاً به.
• قبل النوم يمكنك أن تسترخي على فراشك قليلاً مغمضة العينين، ثم قومي بتدريبات للتنفس تساعد على الاسترخاء، وهي عبارة عن: شهيق عميق من الأنف، ثم زفير من الأنف والفم معًا كرّري هذا عدة مرات لمدة 7 أو 10 دقائق. (هناك عدة موضوعات عن كيفية علاج عصبية الأم على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها).
ثالثًا: استوقفني في رسالتك شيء أعتبره انتصارًا مذهلاً لك وجانبًا إيجابيًّا مشرقًا في حل المشكلة، وهو أنك عندما عزمت ألا تضربي ابنتك مرة أخرى منذ ثلاث سنوات استطعت أن تحققي هذا إلى حد كبير، وهذا يشجعني على أن أطلب منك المضي قدمًا نحو هذا العزم وبهذه العزيمة؛ فلا تقتربي من ابنتك أبدًا لضربها، ولكن كما نصحتك من قبل عليك بترك المكان على الفور إذا حاولت استفزازك وأوشكت أن تفقدي أعصابك.
هذا كله في أثناء بحثك عن السبب، أما إذا كنت تعلمين السبب جيدًا ولم تفصحي به لنا (وكنت أرجو أن تفعلي)، فعليك بمواجهته وعلاجه كما ذكرت لك، وحتى يتم العلاج لا بد من اتباع الخطوات السابقة أيضًا.
رابعًا: وهو أمر بديهي، لكنني أردت فقط التذكرة به؛ فإن الذكرى تنفع المؤمنين، ألا وهو اللجوء إلى الله عز وجل، والدعاء الدائم لك ولابنتك بأن يصلح أحوالكما، وأنت لا شك تعلمين ما للدعاء من أثر.
الآن جاء دوري لأعتذر عن الإطالة، ولكن أظنك -كما فهمت من رسالتك- في حاجة إلى هذه التفاصيل، ونبدأ الآن في الشق الثاني من الحل وهو الخاص بعلاقتك بابنتك:
اعلمي تمامًا سيدتي أن استفزاز ابنتك لك -على حد تعبيرك- إنما هو نتيجة لما زرعت بها كما أوضحت برسالتك، وهذه السلوكيات الصادرة منها ما هي إلا رسالة تبلغها لك بصفة مستمرة عن عدم إحساسها بالأمان والدفء والحب، وهذا هو بيت القصيد؛ فهي لم تمنح هذا الحق في الحياة منذ نعومة أظافرها حتى تُخرجه وتبثه لك.
ولكي تبني علاقتك من جديد مع ابنتك فعليك:
• لا تكثري من الأوامر والنواهي -كما سبق-، بل أرجو ألا تأمريها أو تطلبي منها شيئًا لتفعله في الفترة الأولى على الأقل التي تحاولين إصلاح ما بينكما إلا في حدود الضرورة، وتصرفي مع أخطائها كما سبق أن أوضحت لك.
• كفي تمامًا عن توبيخها وتقريعها بالكلمات التي ذكرتها برسالتك.
• عندما تقص عليك الأمور غير المهمة بالمدرسة أنصتي لها جيدًا والتقطي من كلامها شيئًا واحدًا إيجابيًّا، وعلقي عليه بمرح، ولا تعلقي على ما ترينه سلبيًّا أو مستفزًّا.
• عليك بمتابعة أحوالها مع مدرساتها وإقامة علاقة جيدة معهن، وإذا توسمت خيرًا في إحداهن فعليك باستشارتها عن حالة ابنتك بصفة عامة وعن تحسين مستواها الدراسي بصفة خاصة.
• حينما تخرجين للتسوق مع أسرتك يمكنك أن تأخذي بيد صغيرتك، وتسيران معًا واضعة يدك في يدها تتجاذبان أطراف الحديث بمرح وحيوية.
بالطبع عندما تحاولين تغيير معاملتك مع ابنتك بالطريقة السابقة لن تكف فجأة عن الاستفزاز، بل توقعي أن تزداد، والسبب بمنتهى البساطة أنها تعودت وتربت على نوع آخر من المعاملة إلى جانب أنها تتوجس خيفة من أن تنقلبي فجأة عليها؛ ولذا فهي تحتمي بدرع الاستفزاز؛ ولذا نصحتك في بداية رسالتي أن تصبري وتثابري، وتثقي أنك ستصلين إلى ما تبغين إن شاء الله تعالى.
• عندما تجدين ابنتك تعاندك وتستفزك بعد محاولاتك المستميتة في الإصلاح بينكما؛ فيمكنك حينئذ أن تجلسي معها بمفردكما، وتتحدثي إليها بود وحب وهدوء ناظرة إليها في عينيها قائلة لها: "أنا أعرف أنك غاضبة مني، وأنا لست مسرورة من نفسي حينما أضربك أو حتى أسبك، وأودّ لو استطعنا أن نكون أصدقاء، ولعلك لاحظت أنني أحاول ذلك فعلاً، وثقي أنني سأبذل قصارى جهدي في أن أكسب صداقتك" كوني صادقة في كلماتك وفي تنفيذ ما تعدين به أيضًا..
ثقي أن هذه الكلمات ستؤثر في ابنتك تأثيرًا بليغًا، وستحاول أن تختبرك وتختبر مدى صدقك معها، وهذا الاختبار سيكون عن طريق استفزازك مرة أخرى؛ فلو لم تحسني التصرف وتكوني هادئة وتستوعبي الموقف، فثقي أنها ستعتبرك قد سقطت في الامتحان، وتزداد سوءاً، ولكن إذا تمالكت أعصابك وذكرتها بكلمة لطيفة بالاتفاق الذي بينكما وبالحوار الذي دار؛ فإنها ستتأكد من صدق نيتك في الإصلاح، فتبدأ هي الأخرى في محاولات لكسب ودك، ولكن لن يخلو الأمر من بعض التصرفات الاستفزازية، ولكن بإصرارك وحسن توكلك على الله تعالى ستجنين أجمل النتائج، وتجدين فتاتك بعد ذلك من أرق وألطف الفتيات إن لم تكن أرقهن وأهذبهن على الإطلاق.
• كما يمكنك بل يجب -وذلك من تمام بناء العلاقة الإيجابية بينك وبين ابنتك- أن تقومي ببعض الأنشطة المنزلية معها (هناك موضوعات كثيرة تناولت هذه الأنشطة على هذا الموقع يمكنك الاطلاع عليها).
• وإلى أن يتم تعديل وتقويم عاطفتك ومشاعرك بابنتك أذكرك بأن تعدلي بين ولديك في المعاملة على الأقل، وهذا تملكينه بلا شك، وليكن حالك كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تحاسبني أو تؤاخذني فيما لا أملك".
وأخيرًا -سيدتي- نرجو أن تتابعينا بكل خطوة ونتائجها؛ فإن ذلك أدعى إلى التوصل للحل الأمثل إن شاء الله، وأدعو الله عز وجل أن يهدينا ويهديك سواء السبيل.
ملحوظة: إذا لم تتوصلي لنتائج مرضية بعد كل هذه المحاولات فيمكنك اللجوء إلى أحد المتخصصين في علم النفس لعلاج الأمر، وخاصة مشاعرك تجاه ابنتك.
ـــــــــــــ(103/100)
عصبية أطفالنا.. لماذا؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله عنا كل خير. أما عن سؤالي فلقد بعثته أكثر من مرة، ولكن لم يصلني أي جواب وهو أن طفلي يبلغ سنة ونصفًا، ولا يوجد له إخوة، ومشكلته أنه عندما يغضب يرمي برأسه على الأرض وبقوة حتى أتخيل أن رأسه سوف تنزف الدماء من شدة الضربة، حتى أشعر أنه أكبر من عمره، فهو لا يحب اللعب بألعابه، وإن لعب لا تتجاوز مدة اللعب عشر دقائق، ويستهوي اللعب في أدوات المطبخ والأدوات الكهربائية، وفوق هذا فإنه قليل النوم والأكل، ومصدر غذائه الرضاعة الطبيعية، مع العلم أنني وزوجي متفاهمان ولا مشاكل بيننا.
الرجاء الرد عليّ، وما هو التصرف الذي يجب عليّ أن أتصرفه أثناء رمي رأسه؟ هل هو الضرب أم الصراخ أم الأخذ في الأحضان؟ ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا حبيبتي وأختي في الله، ونأسف لأن سؤالك في المرات السابقة لم يصلنا لنتمكن من الرد عليه، ولكن ها هو قد وصل وزادنا سعادة وحبورًا بصديقة غالية تضاف إلى كنزنا الثمين من الأصدقاء والزوار.
قبل أن أبدأ كلامي أحب أن أقول لك: نحن في عونك إن شاء الله دائمًا، فإن كان تعاملك مع الأمومة لأول مرة في ظل إقامتك خارج وطنك بعيدًا عن الأقارب والناصحين من العائلة والأهل، فنأمل أن نساهم معك في أداء هذا الدور وفي مواجهة أي عقبة تعتري طريقك في تربية حبيبك عمر، جنبًا إلى جنب معك.
ولكي نتحدث عن مشكلة عمر لا بد لي قبل أن أنبس ببنت شفة أن أتلقى منك وعدًا بالهدوء والطمأنينة والسكينة، حيث إن كل ما أطلب منك قد بدا عكسه في سؤالك، فعديني أولاً أن تكوني هادئة، وأن يكون هذا الهدوء وهذه الطمأنينة من السمات الغالبة عليك في تعاملك مع كل ما يواجهك في تربية ابنك.. هل وعدتني؟
طالما أنك هادئة فلنبدأ معًا الحديث: في الحقيقة لقد زادت الشكوى كما لاحظت، من نوبات غضب وعصبية عارمة تعتري أبناءنا ممن هم في سن ابنك وربما يصغرونه، ولا أدري ما السبب؟
هل هي طباع تؤثر فيها العوامل الوراثية أم أنها أخطاء في التربية أم أن توترات ومشاكل الحياة التي يواجهها الآباء تنعكس على أبنائهم؟
في الحقيقة أيًّا كانت الأسباب، فنحن لا نملك سوى محاولات العلاج والتصدي لكل سبب محتمل، فكما قلنا آنفًا إن عصبية الأطفال ليست في الغالب هي المشكلة الرئيسية بقدر ما تعكس مجموعة من مشكلات في حاجة حقيقية للحل؛ ليزول تلقائيًّا على إثر حلها هذا العرض المقلق.
ولذا أحب أن أقسم سؤالك لعدة أجزاء:
1 - عندما يغضب يرمي برأسه على الأرض وبقوة.
2 - أشعر أنه أكبر من عمره فهو لا يحب اللعب بألعابه، وإن لعب لا تتجاوز مدة اللعب عشر دقائق، ويستهوي اللعب في أدوات المطبخ والأدوات الكهربائية.
3 - قليل النوم والأكل ومصدر غذائه الرضاعة الطبيعية.
4 - ما هو التصرف الذي يجب علي أن أفعله أثناء رمي رأسه؟ هل هو الضرب أم الصراخ أم الأخذ في الأحضان؟
وقد لفتت نظري – في الحقيقة – الجزئية الثالثة من السؤال وهي قلة نوم عمر وقلة أكله، حيث إن هذا الأمر يمكن اعتباره سببًا واضحًا من أسباب عصبيته، فعدم الشبع وقلة النوم يؤثران سلبًا بلا شك في الجهاز العصبي، فالطفل حين يشبع ينام جيدًا فينمو جسده وينضبط جهازه العصبي وتتطور قدراته، ولكي ينام جيدًا فلا بد أن يأكل ما يشبعه وهو ما سيقلل من توتره العصبي الشديد البادي في تصرفاته، إنها دائرة أو حلقة مفرغة مرتبطة ببعضها، فالنفس والجسم مرتبطان بتلك الحلقة بحيث يصعب فصل تأثير أحدهما عن الآخر؛ لذا لا بد أن أسألك:
ما السبب في قلة نومه، ولماذا اعتمد حتى اليوم، بعد بلوغه عامين، على الرضاعة فقط، وهل حاولت معه في مسألة الطعام أم أنك انسحبت من أول جولة، ولماذا يرفض الطعام، وما هو أسلوبك لإطعامه، ومنذ متى بدأت في إطعامه، وما هي أنواع الأطعمة التي رفضها، وهل يقبل غيرها، وهل لديه مشكلات عضوية مرتبطة بجهازه الهضمي؟؟؟
إن إجابتك على هذه الأسئلة ضرورة مُلِحّة يا عزيزتي لكي نستطيع معًا حل مشكلة طفلك، كما أنها مهمة لك أنت لتقضي على مسألة رفضه للطعام تلك، وهو ما يؤثر سلبًا بالتأكيد على صحته وتركيزه واستيعابه واستجابته لمتطلبات النمو المختلفة.
أما عن النقطة الأولى الخاصة بضربه لرأسه وبقوة في الأرض فهو أمر مقلق في الحقيقة؛ لأن فيه عدوان على الذات واعتداء على البدن، وهو ما يؤكد على ضرورة أخذ الأمر بجدية واهتمام وتجنب الإهمال أو التقاعس عن علاجه سريعًا، ولكن بدون توتر، فالسرعة لا تعني التوتر.. وبهذه النقطة لا بد لي من الحصول على إجابة لبعض الأسئلة لتتضح المسألة:
1- ما الذي يغضبه فيدفعه لضرب رأسه في الأرض؟
2- متى بدأت تعتريه هذه الحالة؟ وهل لها ارتباط بحدث معين وقع في الأسرة؟
3- ما هي حالة الطفل الصحية؟ وكيف كانت ولادته وظروف حملك فيه؟ وكم كان وزنه عند ولادته؟ وكيف كان تطوره من ناحية النمو؟
4 - هل يعامله أحد أفراد الأسرة (أنت أو الأب) بعنف أو بقسوة حتى ولو كانت هذه القسوة في صورة حدة في النظرات؟
5- هل يقع تحت "تحريمات" كثيرة أو لاءات كثيرة (عيب – هذا خطأ – هذا ممنوع – ينبغي ... ) معظم الوقت؟
6- هل تتبعون في تربيتكم أسلوب الحماية الزائدة والخوف عليه من كل شيء؟
7- هل لدى أحد أفراد الأسرة عصبية مشابهة؟
8- هل يشاهد مشاهد عنف؟
9 - إلى أي مدى يعيش طفولته دون قيود ودون محاذير؟ وهل يتاح له ما يمكن أن يفسده ويدمره من ألعاب أو غير ذلك -حيث إنه لا بد من وجود بعض الأشياء المسموح للطفل بالعبث بها وأحيانًا إفسادها- فإلى أي مدى يسمح له بالخطأ؟
وبالنسبة للجزئية الثانية والخاصة بكونه في نظرك أكبر من عمره: فمسألة لعبه بأدوات المطبخ والأجهزة الكهربائية ورفضه للعبه ربما يرجع إلى أن نوعية ألعابه لا تستهويه، فربما يستهويه الفك والتركيب والأزرار التي تُضغط، والأشياء التي تحدث صوتًا عاليًا كأدوات المطبخ مثلاً؛ ولذا فيمكنك أن تشتري له لعبًا شبيهة بالأجهزة الكهربائية ليمارس فيها هواياته دون خوف من تدميرها.
يبقى لنا استفسارك عن التصرف الأمثل مع عمر الغاضب حين يغضب، وقد وضعت أنت بدائل مختلفة (هل هو الضرب أم الصراخ أم الأخذ في الأحضان؟) أراك تميلين لآخرها وهو الاحتضان وهو ما أؤيدك فيه، وأزيدك عليه أن تعطيه عقب أو أثناء هذه الحالة من الغضب -على حسب ما يمكن- كوبًا من عصير أو أي شيء به سكريات لإمداده بالطاقة وتهدئة جهازه العصبي، مع تجنب النهر والزجر أو الحثّ والإلحاح لتناول هذا العصير، ولا بد لك من الآتي أيضًا:
1. يمكنك محاولة إيجاد حيوان أليف في المنزل: قطة - كتكوت - أرنب - قفص للعصافير.. وتدريبه للعناية به وتوكيله لتولي أمره، فوجود مثل هذه الحيوانات تمتص العنف والعصبية لحد كبير، ولو وجد أنه ما زال عنيفًا معه لدرجه قتله -وإن كنت أستبعد هذا الأمر حيث يبدو أن عنفه لا يتعدى أن يكون محاولة لإثارة الاهتمام وجلبه- فلا بد من إبعاده.
2. لا بد من جعل البيئة من حوله بيئة سعيدة ومضحكة بعيدة عن التوتر والضغوط والصراخ والنهر والعصبية.
3. لا بد من غمره بالحنان والحب والاحتضان والتعبير له عن هذه المشاعر قدر المستطاع بالكلمة، والاحتضان، والبسمة الحانية، والصوت الخفيض، والربت العطوف.
4. لا بد من الالتفات له عندما يحاول لفت نظرك، مع إعطائه قدرًا كافيًا من الاهتمام والمشاركة في بعض الأنشطة والألعاب والمرح.
5. لا بد من توفير القدوة المناسبة له في الأب والأم وما يسود تصرفاتهما وحواراتهما من هدوء وتفاهم.
6. يمكن توفير ما يسمعه من شرائط للقرآن الكريم أو أناشيد إسلامية طيبة.. تمنح أعصابه الارتخاء والطمأنينة.
7. يمكن إتاحة الفرصة له لتنفيس طاقاته في أماكن مفتوحة؛ لأن طاقته العالية كذكر تجعله في حاجة مستمرة لتنفيس هذه الطاقة.
أختي الحبيبة:
أحب أن أؤكد قبل أن ينتهي حديثي معك على ضرورة ردك على الأسئلة التي وجهتها إليك بكل دقة، وذلك حتى نتمكن من التعاون للتغلب على كل مشكلات عمر.. إن الأمر هام ولا يجب التواني فيه، فكلنا رعاة مسئولون عن رعيتنا.
وفي النهاية يا صديقتي أتركك لعمر لتحتضنيه وتداعبيه وتضحكيه، بل وتجبريه على الابتسام، ثم تعدّين له وجبة يحبها عساه يُقبل على تناولها.. وفي انتظارك قريبًا.
ـــــــــــــ(103/101)
حان وقت الحضانة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابني طفل وحيد رزقت به وزوجي بعد 8 سنوات من زيارة المستشفيات والأطباء وبعد القيام بـ 6 محاولات من التلقيح المجهري. على الرغم من ذلك أحاول قدر الإمكان أن أغدق عليه بالمحبة والحنان دون أن أفسده بالدلال.
أرجو منكم مساعدتي في حل المشاكل التالية: أعتبره طفلاً عصبيًّا فعندما يغضب يصرخ ويقوم بقذف ألعابه أو أي شيء يصادفه أمامه، أحاول قدر الإمكان التحكم بأعصابي وقتها وأتجاهله، ولكنه بدأ يمد يده عليّ وعلى أبيه فأقوم بضربه على يده، وأوضح له أن هذا "عيب"، ولا يجوز ضرب بابا و ماما ولكن بلا جدوى.
لا يحب مشاركة الأطفال في ألعابه كما أنه يقوم بأخذ ألعابهم ويمنعهم من اللعب بها. مفرداته اللغوية اعتبرها ضعيفة مقارنة مع أقرانه، حيث إنه يبلغ سنتين و4 أشهر فهو حتى الآن لا يكوّن جملة مفيدة فقط مفردات، وفي كثير من الأحيان أقوم بتخمين ما يريد، على الرغم من ذلك فهو يفهم بشدة ما يقال له، ولكن لا يستطيع التعبير عما يعرفه، يحب الأرقام جدًّا فهو يعرف الرقم 2 و 6 و 7 ويميزها عن غيرها.
مشكلة لا أستطيع حتى الآن التخلص منها وهي النوم بيني وبين أبيه.. حاولت مرارًا أن أنام معه في سريره، ثم أنتقل إلى سريري، ولكنه عندما يصحو ولا يجد أحدًا ينزل من سريره ويتوجه إلى سريرنا ويأخذ موضعه بيننا. آسفة على الإطالة، وشكرًا جزيلاً. ... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السائلة الكريمة أم يحيى، جزاك الله خيرًا على التواصل معنا وندعو الله تعالى أن يبارك لك فيه ويرزقك بإخوة له.. اللهم آمين.
إن كل ما تقولينه عن يحيى طبيعي جدًّا، خاصة مع كونه الطفل الأول والوحيد، وبعد هذه الغيبة والاشتياق له لا بد أن يشعر بأنه الملك المتوج في البيت وهذا أمر طبيعي، ومشكلة العصبية عادة تكون تقليدًا لسلوكيات الأبوين، فحاولا أن تتحكما في أعصابكما حتى لا يقلدكما، وعندما يصرخ ويتعامل بعصبية لا بد من وقفة حازمة معه.
لا أعني ضربًا أو حتى عقابًا له، ولكن في كل مرة لا بد من إظهار الغضب على وجهك، وتقولين له: إن هذا سلوك خاطئ ومرفوض، ويمكن أن تخاصميه لمدة 10 دقائق، وكذلك عندما يقوم بالضرب امسكي يده ولا تسمحي له أبدًا بالضرب، وهكذا في كل مرة، فإن الأطفال في هذه السن تنتابهم بعض هذه التصرفات مثل الضرب أو التلفظ بألفاظ سيئة، وهو ما يزعج الأبوين جدًّا، ولكن بالتصرف الحازم والمستمر في كل مرة فإنه سيتوقف عن هذا السلوك إن شاء الله سبحانه.
أما عن تأخر الكلام فربما يكون من المفيد استشارة أحد الأطباء المتخصصين في التخاطب لدى الأطفال حتى يقول لك رأيه في ذلك، وإن كنت أظن أن هذا التأخر طبيعي وإنما مسألة وقت فقط، ولكن استشارة الطبيب أفضل.
إن ما يحتاجه يحيى الآن بشدة هو الاختلاط بأطفال آخرين وبأشخاص آخرين غيركم، وأعتقد أنه حان وقت الحضانة حتى يعتاد اللعب مع أطفال في مثل سنه وفي غير وجودكم أنتم ورقابتكم أنتم، وعندها سيتحسن كثير من سلوكياته مع الأطفال.
وكذلك ستنتظم مواعيد نومه، وتتمكنين من أن تجعليه ينام في سريره نومًا هادئًا حتى الصباح؛ لأن الطفل يكون نومه قلقًا بالليل عندما تكون مواعيد نومه غير منتظمة. ابدئي بهذه التجربة إن شاء الله عز وجل سيكون فيها خير كثير، وبارك الله لكما فيه.
ـــــــــــــ(103/102)
ليست كل تأتأة مرضًا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الحمد لله رزقت باثنين من الأبناء الأول عنده 3 سنوات ونصف، والثاني عنده سنتان ونصف، والاستشارة باختصار أن محمد (الثاني) بدأ الكلام من سن سنتين، أي من حوالي 6 أشهر بدون مشاكل والحمد لله، ولكن من 4 أيام فقط بدأ يتأتئ في بعض حروف الكلام، مع صعوبة نطقها حتى أنه يضع يده على فمه أثناء التأتأة.
ملحوظة: نفس الموضوع حدث لأخيه الأكبر في نفس السن واستمر لمدة 15 يومًا، والحمد لله تحسنت حالته بدون عرضه على أي طبيب. أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل.. بارك الله لكما في ابنيكما، وجعلهما من أبناء السعادة في الدارين.. اللهم آمين.
أخي الفاضل.. يمر معظم الأطفال في مرحلة اكتساب اللغة -وهي ما بين سن 2-6 سنوات- بمرحلة من عدم الطلاقة والتي تتشابه مع التأتأة، ولكن الفرق بينهما أن هذه المرحلة تكون بسبب أن الأطفال يكتسبون الكثير من المهارات في وقت واحد –حركية و إدراكية و لغوية- وقد يكون العبء اللغوي المطلوب من الطفل أثقل مما يستطيعه في هذه السن الصغيرة، فتراه يقطع في الكلام أو يعيد حروفًا أو مقاطع، وهذا المظهر لا يستدعي الخوف ولا التوتر، وسوف يمر كما سبق للطفل الأول بسلام إن شاء الله تعالى.
والمهم هو عدم لفت انتباه الطفل للمشكلة، وتجاهلها تمامًا، وإظهار الحب والاهتمام العادي بالطفل، وعدم التركيز أمامه أو الحديث حول هذه المشكلة أمامه وإعطاؤه الفرصة ليكمل ما يقول دون مقاطعته أو إكمال الجمل عنه، وتمضية وقتٍ كافٍ معه مع عدم التركيز على الأنشطة الكلامية، بل اللعب بالألعاب ومشاهدة الصور أو الكتب المصورة أو اللصق أو الرسم وتشجيعه، وإبداء الشعور بالراحة معه. وإن شاء الله ستكون هذه المرحلة قصيرة وتنتهي. ولمزيد من المعلومات يمكنك مراجعة بعض الاستشارات السابقة.
خصوصًا الفرق بين عدم الطلاقة و التأتأة وكيفية التعامل مع الأطفال في كلا الحالتين، وأرجو موافاتنا بالتطورات.
ـــــــــــــ(103/103)
في انتظار مولودة جديدة ... العنوان
السلام عليكم.. أنا من المتابعات لموقعكم باستمرار.. وأشكركم على جهودكم, وأتمنى من الله أن يجعلها في صحائف أعمالكم يوم القيامة.. أود أن أطرح على سيادتكم عدة أسئلة: 1 - ابني هادي عمره 18 شهرًا, وهو كثير العض لي ولأبيه، وقد اتبعنا جميع السبل لجعله يتخلى عن هذه العادة من غير جدوى، فماذا علينا فعله؟ خاصة أن أخته قادمة بعد حوالي 3 أسابيع (أنا حامل في الشهر التاسع)، ولا أريده أن يؤذي المولودة بعضّه إياها..
2 – كيف أهيئ ابني لقدوم المولود الجديد، مع العلم بأنني أحاول التمهيد له، ولكنني أشعر بأنه لا يفقه شيئًا مما أقول؟
3 – بدأ يقول لي عندما يقوم بالتبرز في الحفاظة كلمة معينة لكي أقوم بتغيير الحفاظة (أحيانًا وليس دائمًا)، وقد حاولت تعويده على النظافة منذ فترة، ولكنه لا يريد البقاء جالسًا على الـ (نونية)؟ هل أقوم بتنظيفه بشكل جدي أم أن قدوم المولود الجديد سيحثه على التبرز مجددًا في الحفاظة غيرة من أخته القادمة؟
4 – هادي لا يتكلم بعد ولا كلمة صحيحة، ولكن بعض الكلمات مثل (بوبو)(ديدي)(أح).. هل يعتبر متأخرًا في الكلام؟ مع أني أتكلم معه كثيرًا وأحاول تعليمه الكلمات ولكن بدون جدوى.. علمًا بأني عملت له فحوصات للتأكد من سلامة السمع وكانت النتائج جيدة.. أشكركم مرة أخرى على جهودكم.. بارك الله فيكم وجعلكم من الفائزين في الدنيا والآخرة.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بارك الله لكم في هادي وفي أخته القادمة بإذن الله تعالى، وأحسن نباتهما، ورزقكم برهما.. اللهم آمين. كثير من الأطفال تتكون لديهم عادة العضّ هذه في بداية مرحلة التسنين أي ظهور الأسنان، حيث يحتاج الطفل في هذه المرحلة إلى أن يعض على أي شيء؛ لأن لثته تؤلمه، وكثيرًا ما يكون هذا الشيء هو أصابع الأم والأب، وبعد ذلك تستمر عادة العض مع الطفل؛ لأننا لم نوقفها في وقتها عمومًا.
الأمر يحتاج منكم إلى منعه من ذلك بهدوء وصبر؛ لأنه صغير ولا يعي بعد أن هذا شيء مؤلم، ولكنه يمكن أن يفهم أنه سلوك مرفوض، وذلك بأنكم في كل مرة يحاول أن يعض فيها تقومون بمنعه بهدوء ودون عقاب أو عنف، ولكن مجرد منعه في ذلك مع كلمة تحذير أن هذا خطأ وممكن إظهار غضبكم ومخاصمتكم له لمدة 10 دقائق مثلاً، وذلك في كل مرة يحاول أن يعض فيها مع بعض الصبر والوقت؛ لأن الطفل في هذه السن لا يفهم الكلام وإنما نحن نعوده على ما نريد بتكرار الفعل أمامه وتعويده عليه أو تعويده على تركه إذا كان سلوكًا مرفوضًا.
ولا داعي لتحذيره مسبقًا من عدم عضّ أخته قبل أو بعد الولادة؛ لأنه ربما لا يحاول عضها، بل بالعكس ربما ارتباك الأوضاع وتغيرها بوصول المولودة الجديدة ينسيه هذه العادة أصلاً، وعليكم بمراقبته عند وجوده معها، فإذا حاول عضها يمنع من ذلك بهدوء أيضًا ودون عقاب أو انفعال زائد حتى لا يشعر بأن الأمر معها يأخذ أكبر من حجمه، فيزداد إصرارًا على ذلك على سبيل العناد، ولكن تعاملوا مع الأمر بهدوء قدر الإمكان. أما عن كيفية تهيئته لاستقبال أخته فيمكن الرجوع لمقال (مرحبًا طفلي الثاني) والكثير من المشاكل الخاصة بذلك على الموقع.
أما عن موضوع تعويده قضاء حاجته فهو في سن صغيرة، وهو في سن التدريب على ذلك الآن، وعليك مواصلة تدريبه وتعويده على ذلك بدأب ودون انقطاع حتى يستقر الأمر معه ويتعود عليه، وربما فعلاً يتعطل الأمر قليلاً عند وصول أخته، وعليك عندئذ مواصلة التدريب معه بصبر ودون عنف أو عقاب زائد؛ لأن الواقع أنه صغير جدًّا ومتوقع منه جدًّا أن يقلد أخته الصغيرة.
بالنسبة للكلام هو ليس متأخرًا أبدًا، ولكن هناك دائمًا اختلافات طبيعية بين الأطفال في مراحل نموهم. وكونه يقول الآن بعض المقاطع أو الكلمات الصغيرة ويستطيع أن يفهمك ويتفاهم معك فهذا متناسب مع سنه وهو في حدود الطبيعي، وعليك بمواصلة التحدث معه وتعليمه أسماء الأشياء، ولا تجعلي انشغالك بالمولود ينسيك هذا الأمر، وبارك الله لك فيهما.
ـــــــــــــ(103/104)
الدمية.. لعبة أم مرض؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. كل عام وأنتم بخير. لدى ابنتي البكر (5 سنوات) مشكلة غريبة نوعًا ما تتلخص فيما يلي: تقوم بُشرى بأخذ إحدى الدمى وتجعلها تحتها (بين رجليها) وتنام على بطنها والدمية الإسفنجية تحتها، وتقوم بعمل حركات برجليها فتحًا وغلقًا وتكرر ذلك، لاحظتها ولم أعنفها، بل راقبتها فوجدت أنها تجد بعض المتعة في تلك الحركات ترددت في طريقة تعاملي وأمها معها، ثم اتفقنا على ألا نعاقبها على ما تقوم به وعدم لفت انتباهها لما تقوم به.
ومع استمرار المشكلة حاورتها وقالت لي إنها تعجبها هذه اللعبة، نغضب منها أحيانًا وتوبخها أمها، وتخفي عنها الدمية أحيانًا، ولكن دون فائدة فهي تستعيض عنها بأي شي آخر مثل لحاف السرير.
لا أدري كيف أتعامل مع هذه المشكلة؟ خصوصًا أن لها أكثر من سنة على هذا الحال، وهي تمارسها في اليوم أكثر من مرة أحيانًا، وأشعر أنها تزداد ممارستها لهذا الفعل عندما تتعرض لمواقف سيئة أو عقاب من أحدنا على أي سلوك آخر. أرجو إفادتنا.. فقد أرقني هذا الموضوع وأنا أعلم أن سؤالي متأخر. وهل ما تقوم به هو من العادة السرية؟ أرجو المساعدة، ولكم جزيل الشكر والعرفان.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في البداية.. كما نؤكد دائمًا فإن ما يشبه السلوكيات الجنسية عند الكبار عندما يقوم به الأطفال فلا علاقة له بالجنس من قريب أو بعيد، وما تصف ابنتك ما تفعله من حركات بأنه "لعبة" فهو الإدراك الحقيقي له.. بالصدفة احتكت ابنتك بدميتها فشعرت بنوع من الارتياح لهذا الاحتكاك بهذا الجزء من جسمها، فأعجبتها اللعبة وبدأت في تكرارها طلبًا لهذا الارتياح أو الشعور الذي لا تعرف هي كنهه، وبالنسبة لنا يُعَدّ الأمر عادة سيئة تحتاج إلى التخلص منها، وفي هذه الحالة يكون بشغلها بأنشطة بديلة متنوعة، خاصة في الوقت الذي تحاول فيه القيام بهذه اللعبة، مشيرين إلى أن هناك لعبا أخرى جميلة يمكن أن تقوم بها، وإذا كان ذلك يحدث مثل النوم فيتم شغلها بحكاية.. حكايات جميلة تلفت انتباهها حتى تنام تمامًا. وبالتدريج ستنسى هذا الأمر وتتخلص منه في غضون عدة أشهر.
الصبر والهدوء وعدم التوتر في التعامل مع الطفلة على أساس أن ما تقوم به هو سلوك جنسي يجب التخلص منه؛ لأن الحقيقة أن ما تقوم به عادة سيئة، مثل أي عادة أخرى نتعامل معها على هذا الأساس حتى تختفي وتنتهي.. ولا علاقة له بالعادة السرية أو غيرها؛ لأنه لا يوجد لدى الأطفال أي شعور جنسي في هذه السن.
ـــــــــــــ(103/105)
دفتر أحوال أم عاملة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد.. أنا أم لطفل يبلغ من العمر 7 سنوات في الصف الأول الابتدائي هذا الطفل لا يحب الدراسة نهائيًّا، وقلبه معلق كثيرًا باللعب خارج البيت، والمشكلة أننا نعيش بين أناس يغلب عليهم طابع الجهل، وأخشى أن يتأثر بهم، وقد حاولت كثيرًا أن أحببه بالدراسة وبالجلوس بالبيت وبالابتعاد قدر المستطاع عن رفاقه خارج البيت، ولكن دون فائدة.
وبالإضافة إلى ذلك فهو لا يأكل الطعام نهائيًّا، إنما يعيش فقط على أكياس البطاطس الصناعية، والشوكلاتة، والحليب، ولقد احترت في أمري كثيرًا، علمًا أنني موظفة أخرج من بيتي في الساعة السابعة صباحًا وأعود الساعة الواحدة ظهرًا، وخلال هذه الفترة تظل أخته الكبيرة معه، أما زوجي فهو غير متعلم، ولكن ليس بأميّ يعمل في معمل يخرج من السابعة صباحًا ولا يعود حتى السادسة مساء، ولا يهتم كثيرًا بأمر طفله من حيث الدراسة واللعب طوال الوقت خارج البيت.
والأمر الثاني أن طفلي منذ صغره كان مدللاً من قِبل الجميع كثيرًا، فهو آخر طفل لي، وإني الآن محتارة كثيرًا في أمره، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
صعوبات التعلم, فقدان الشهية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الكريمة/
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أعانك الله تعالى، وجعل رعايتك لأولادك في ميزان حسناتك.. أسأل الله عز وجل أن يؤجرك خير أجر عن أداء أمانتك.
مسَّت رسالتك مكانًا عميقًا في قلبي، وتركت به ألمًا وحيرة، فأشعر بما يعتمل في صدرك من قلق وخوف على مستقبل ولدك هداه الله ورعاه، وأشعر بما تعانينه من بيئة غير داعمة، وأشعر أكثر وأكثر بما يرزخ على كاهلك من رعاية لخمسة أطفال وزوج وعمل إضافي.
ورسالتك بحق صورة صادقة مكتملة التفاصيل لعدد غير قليل من البيئات المتفرقة على طول وطننا العربي وعرضه.. عدد كبير من الأطفال، غياب دور الأب، حِمْل اقتصادي غير قليل، بيئة غير متعلمة وغير داعمة، مضافًا لذلك كسبب ونتيجة ضعف المهارات في التعامل مع الأمور الحياتية من تنظيم وإدارة وتفويض مسئوليات، وغيره من المهارات التي إن وجدت أظنها يعول عليها الكثير من أن تحول دون حدوث بعض المشكلات، وحل البعض الآخر.
وأعترف بحيرتي لأيام كرّرت فيها رسالتك على نفسي مرة بعد مرة عساني أجد مفتاحًا لها يخفف وطأة ما تعانينه، ولكن ما ألحّ عليّ أن أجد لك ومعك طريقة جديدة لإدارة حياتك بكل مفرداتها، فلا أريد حلاًّ آنيًّا لمشكلة ابنك الغالي، وإنما أريد أن أساعدك لإعادة ترتيب أوراقك وهو ما يُعتبر بالتبعية حلاًّ لمشكلة ابنك.
فرسالتك كغيرها من الرسائل تعبّر عن عرض المشكلة وليست المشكلة الأصلية، ففي تقديري أن ما نحتاج بالفعل لمناقشته حقًّا -إن أردت- هو إدارتك لحياتك وأطفالك الخمسة.
ولذا أريد منك فضفضة أكثر.. حدثيني عن تفاصيل أكثر لأقف على الأسباب الحقيقة وراء حالة ابنك، وهذه بعض الأسئلة التي تنتظر ردك ليكون الأمر أكثر وضوحًا، ويكون الحل بإذن الله تعالى أكثر يسرًا؛ لأنه لا يمكن النظر لمشكلة ابنك بمعزل عن كل الظروف الاجتماعية والأسرية.
- ترى ما مدى التوافق بينك وبين أبيه؟ وما حالة الجو الأسري العام؟
- ما حدود مسئوليات زوجك تجاه أبنائه جميعًا؟
- كيف يقضي وقته بعد العمل؟ ما شكل تواجده في المنزل؟
- ما مدى اتفاقكم على أسلوب محدد للتربية تنفذانه سويًّا؟
- ما المستوى الدراسي لأبنائك؟ هل من بينهم من لديه نفس المشكلة؟
- هل يحصل ابنك على مصروف شخصي ثابت؟ وهل هو كبير أكثر من اللازم لمشتريات طفل في عمره؟
- ما صفات ابنك الأخرى؟ ماذا يحب ويكره؟ وهل هو عصبي أو عنيد؟ ما علاقته بك وبأبيه وإخوته؟ سلوكياته؟ هواياته؟ جدوله اليومي؟ أنشطته التي يمارسها؟ أشخاصه المقربون من الكبار؟ وصفاتهم، والصغار وصفاتهم، وأخلاقهم، ومستواهم الدراسي؟ ...
- ما مستواه في القراءة والكتابة؟
- هل يحب سماع القصص والحكايات؟ أي نوع منها؟
- ما مدى إقباله على الذهاب للمدرسة؟
- ما مستوى المدرسة؟ ماذا بها من أنشطة؟
- هل التحق بمرحلة رياض الأطفال؟
- من يرعاه فترة غيابك التي جاءت في بياناته 22 ساعة؟
- ما الذي يفعله ويمارسه فترة غيابك؟
- ما مدى ارتباطه بأبيه؟ وما شكل العلاقة بينهما؟
- ما عاداته في الاستذكار؟ هل هو مستقل أم اعتمادي؟
- ومن يساعده في استذكار دروسه؟ وكيف يتم ذلك؟ هل بهدوء وحب أم بعصبية وضجر؟
- ما مستوى ذكائه؟ ما دلالات ذلك؟
- هل هناك تواصل بينك وبين مدرسيه؟
- كيف علاقته مع المدرسين؟ وما ملاحظاتهم على علاقته الاجتماعية ومستواه الدراسي؟
- متى بدأت عادة اللعب في الشارع؟ وماذا يلعب؟
- هل لديه متنفس آخر كمركز للشباب أو نادٍ أو غيره؟
- هل يحفظ بعض القرآن الكريم؟
- ذكرت أنك حاولتِ أن تحببيه بالدراسة والجلوس في البيت.. ترى ما هي محاولاتك؟ وكيف ولِمَ لم يستجب من وجهة نظرك؟
- ذكرت أيضًا أنك حاولت إبعاده عن رفاقه.. ترى هل لديهم من السلوك ما لا ترغبين فيه؟ وما مستواهم الدراسي والاجتماعي؟ ما هواياتهم؟ ما صفاتهم الشخصية؟
- هل كانت لديه مشكلة في تناول الأطعمة الإضافية فترة الفطام؟
- سلطة الأب والأم هل هي ذات اعتبار للطفل؟ هل ينفّذ ما تتفقان بشأنه أو يمتنع عما تمنعينه عنه؟
- سؤالي الأخير: كيف تنظمين وقتك وحياتك؟ كيف تحددين أهدافك في الحياة؟ بماذا تحلمين حبيبتي؟ كيف يمكنك تحقيق هذا الحلم؟
أحلم معك وجميع الأمهات أن نجد إجابة لهذا العدد اللانهائي من كيف؟ ونسأل الله سبحانه أن يلهمنا الصواب، وندعو الجميع للمشاركة حتى يعم النفع.
ـــــــــــــ(103/106)
خطة أمومية لاكتساح صديقات السوء ... العنوان
المشكلة عند ابنتي (13 سنة) بدأت منذ أن انتقلت ابنتي من المدرسة السابقة إلى المدرسة الحالية، حيث أصبحت تذهب وتعود من المدرسة مع صديقاتها، وهنا المشكلة، حيث إنني علمت بالصدفة من إحدى صديقاتها أن شابًّا يقوم بإرسال رسائل لها وهي تخفي عني ذلك، ولم أقم بعقابها وانتهى الموضوع. والآن بدأت مشكلة أخرى مع شخص آخر، وعلمت من إحدى صديقاتها عنها، وهي تنكر ذلك.
المشكلة الكبرى أننا نسكن في عمارة واحدة مع أعمامها وأبنائهم الصغار والجميع يحاصر ابنتي ويترقبها، وإن علموا عن هذه الأمور أخشى أن تصبح الطامة الكبرى، نحن من عائلة محافظة ومتدينة، وابنتي لا تزال صغيرة على هذه الأمور، وأنا أعلم أن كل ما يحدث معها من رفيقاتها، ولكن لا أستطيع أن أتعرف على جميع صديقاتها.
أرجوكم أنا في قلق دائم ومعاناة مستمرة، كيف أتعامل مع هذه البنت، علمًا بأنها عنيدة جدًّا، ولحوحة جدًّا جدًّا، ومتعبة، وغير صادقة معي، فهي تكذب عليّ باستمرار، علمًا بأني أبدي تفهمًا شديدًا لها إذا صارحتني ولا أقوم بعقابها.
أرجوكم أشيروا عليّ. وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة: حفظك الله..
أقدّر تمامًا مشاعرك تجاه المشكلة وخوفك أمام مجتمعك وأنت على حق، فالأمر مزعج ومقلق خاصة إذا عرفت -ولا شك أنك تعرفين- أن هذه السن هي سن المراهقة، وسن اكتشاف العواطف وتجربتها مع الجنس الآخر، والميل إليه بدوافع مختلفة، ليس بالضرورة أن تكون "الحب"، بل إن فتاة في مثل أسرتك المتدينة والمحافظة يكون دافعها غالبًا تقليد الصديقات، والوقوع تحت ضغطهن، والتباهي فيما بينهن بالعلاقات مع شباب؛ ليظهرن أنهن محبوبات ومرغوبات وجذابات للجنس الآخر، بالإضافة للميل الغريزي للجنس الآخر والاندفاع في المشاعر دون تروٍّ أو تفكير.
وتزداد المشكلة وتتعقد إذا كان الأبوان من النوع الذي لا يتحاور مع الأبناء منذ الصغر ولا يحيطهم بدفء كامل وتقبل لأخطائهم وقدراتهم وآرائهم، (وطبعًا لا أعني أسرتكم بهذه الحقيقة فهي عامة). وبشكل عام: كلما أحاط بالأسرة اهتمام يتميز بالصداقة والقرب الشديد وحفظ السر مع المراهق كانت المشكلة هامشية وأقل أثرًا وتنتهي بطريقة أسرع.
والآن سأقترح عليك مجموعة مقترحات تطبق حسب ظروفك وإمكانياتك، ولكن قبلها أذكرك بأن التعامل مع المراهق بشكل خاص يجب أن يتميز بالحوار المختلط بالحزم دون أن يشعر بأي نوع من التسلط أو التهديد؛ لأن هذا يجعل المشكلة تأخذ منحى آخر أكثر عمقًا وأثرًا.
أولاً: اجلسي معها في وقت وحدكما جلسة جادة، واذكري لها صراحة ما تعرفين عنها، فربما تكون تتمادى في علاقاتها؛ لأنها تعتقد أن الرقابة مفقودة وأنك لا تعرفين. يجب أن تفهم أنك على اطلاع على ما يحدث، وما سكوتك إلا لتعطيها الفرصة للتراجع الذاتي دون تدخل، ولكن خوفك عليها وعدم تراجعها يجعلك تتدخلين وتصارحينها.
وفي جلسة المصارحة حدثيها عن الآثار السلبية لسلوكها سواء على شخصها أو على أسرتها ومجتمعها، فربما لم يحدثها أحد بذلك ولا تعرفه، فلا تتوقعين أنها تعرف بعض الحقائق التي نعتبرها بديهية، فالمراهق قليل الخبرة، بل قد يكون عديمها في الأسر المحافظة التي لا تتحاور مع الأبناء، ولا تسمح لهم بمشاركة الكبار مجالسهم المحترمة، ولا تعطي لهم مساحة الحرية في التعبير منذ الصغر، وكل أسرنا في الأغلب تعاني من فقدان أحد الجوانب المذكورة.
فتحدثي معها بالتفاصيل الدقيقة، وتناولي موضوع الاستغلال العاطفي والجنسي للفتيات الصغيرات، وأن هدف البنت يكون أن تنال الإعجاب، ولكن هدف الشاب أن يمتّع نفسه ويظهر الانتصار على الفتاة، ويفكر غالبًا باستغلالها جسديًّا، خاصة إذا كان يكبرها في العمر.
واحرصي أختي أن تكون جلستك معها منذ اليوم دورية: كل يوم نصف ساعة تفهمينها حقائق المراهقة والتطور الجسدي الحاصل لديها وكيف تتصرف، ولا تقومي بتأنيبها كل يوم على ما تفعل، بل حدّدي معها اتفاقًا، مثلاً: إذا حاول الشاب أن يحكي معها فلتهمله وتغير طريق العودة من المدرسة... وعليها في وقت الجلسة الخاصة أن تبلغك إذا فعلت، وقومي بتشجيعها على حكمتها وقوتها.
ثانيًا: ادعمي ثقتها بنفسها وتقوية شخصيتها، فالفتاة قوية الشخصية لا تضعف أمام الإغراءات بسهولة، وتنظر إلى نفسها بأنها أرقى من أن تقوم بعلاقات كهذه، ويتم ذلك عن طريق مرافقتك لها إلى الزيارات الاجتماعية، ودروس الدين، ورياضة المشي معًا في المساء أو الصباح، ومساعدتك في المنزل، واحترام رأيها حتى لو خالفتك ما دام لا ينافي الشرع ولا يصطدم به.
ومما يقوي شخصيتها رفع مستواها الدراسي وتحصيلها واهتمامها أكثر بالقراءة والمطالعة حسب ميولها، فإذا كانت تحب اللغة الإنجليزية مثلاً أو التاريخ اصحبيها إلى المكتبة لشراء قصص أو كتب تعزّز هوايتها، وشجعيها على حفظ القرآن الكريم وكافئيها على ذلك.
وأيضًا بما أن النبض العاطفي مرتفع فيمكن فتح المجال أمامها لممارسة فن من الفنون التي تحبها ككتابة الشعر أو الرسم أو الأشغال اليدوية الممتعة والرياضة، والالتزام اليومي بذلك حتى تبدد الطاقة وتصرفها في مكانها المناسب، وبمردود يضفي عليها السعادة والحيوية.
ثالثًا: محاولة تأمين توصيلها وإحضارها من المدرسة بواسطة سيارة العائلة؛ لأن السير في الشوارع مع الفتيات يعطي فرصة كبيرة لهذه السلوكيات، وتقع البنت تحت ضغط الموقف، خاصة أن هناك من يراسلها ويعرفها، فيجب أن تغيب عن أنظارهم ويغيبون عن أنظارها. وأريدك أن تطمئني إلى أنها بعد ذلك كله وبعد فترة لا تزيد ربما عن أسابيع سوف تشعر بتفاهة سلوكها وتصرفاتها. ولكن أريد منك بمجرد انتهاء المشكلة ألا تعيّريها أبداً أو تلوميها، وانسي الأمر تمامًا، ولا تسمحي لأحد بفتحه والحديث فيه، واطلبي منها أن تتلف أية رسائل، واربطي ذلك برضى الله تعالى واستشعار مراقبته، وأنها أصبحت في سن يحاسبها الله تعالى على ذنوبها فيها، وهي مكلفة شرعاً بكل ما هو مكلف به الكبير، ولكن برفق يا سيدتي.. برفق كامل.
أختي الفاضلة: من الطبيعي أن تكون البنت عنيدة ولحوحة ومتعبة وتكذب إذا كانت توضع في موضع الاتهام والتحقيق والضغط والنقد والسخرية (إن كان ذلك يحدث أو شيء منه)، والمشكلة هذه لا تكون وليدة المراهقة فقط، بل هي نتاج سنوات سابقة تظهر الآن؛ لأنها مترافقة مع أعراض المراهقة، وهي رمز للتمرد الذي يكون أولى سمات كل مراهق، تمرد على شيء عادي - وليس المقصود الوالدين بالتحديد - يريد أن يغير كل شيء، وأن يمشي كل شيء على هواه الجديد، وهنا تبرز قيمة التفهم والصبر والتقبل.
والتفهم يا أختي لا يعني فقط عدم العقاب عند الخطأ، بل هو تقبل الفتاة، ومحبتها، والإحساس بمشاعرها، والتحاور معها بصراحة، وتقبل آرائها مهما كانت، ومناقشتها بهدوء وقوة شخصية، وهي مشاعر جميلة بين الأم وابنتها يفهمها الطرفان، وتغلب عليها الصداقة والمودة والمشاركة والصراحة في أكثر الأمور حساسية.
إن وجودك كصديقة قريبة لها يبعدها عن الصحبة السيئة، وهنا عليك أن تشجعيها على ترك الصديقات اللاتي يشجعنها على السلوكيات الخاطئة، واتخاذ صديقات محترمات متدينات من ذوات المستوى الأكاديمي المرتفع وصاحبات الاهتمام الراقي. ويوجد الآن في كل حي تقريبًا مركز المحافظة على القرآن الكريم تداوم فيه الفتاة ليوم واحد في الأسبوع، سجّليها، ففيه الخير الكثير والأنشطة المنوعة، وبإمكانك السؤال عن الفرع في منطقتك على هاتف (5165087) أو (5603762) المركز الرئيسي.
وأخيرًا أختي الكريمة، فهذه أول تجربة لك لأول بنت، وهي الآن بحاجة إلى كل اهتمامك، فاقرئي عن هذه المرحلة، ففي موقعنا عنه الكثير، وأتمنى أن تزودينا بخبرتك ونجاحك في تجاوز المشكلة، ولك منا كل الدعاء والشكر، وأتمنى لك التوفيق.
ـــــــــــــ(103/107)
"نكدو" ورسالة تحتاج إلى استكمال ... العنوان
تحية طيبة، وبعد..
ابنتي(7 سنوات) يا سيدي مشكلتها أنها كثيرة الكلام وكثيرة الحركة جدًّا، وهذا جعل قدرتها على الاستيعاب الدراسي جيدة فقط بعكس أخيها المتفوق جدًّا جدًّا، وقد طلبت منها أن نصبح صديقتين فأخذت تقول مثلاً (وضعت يدي في أنفي أو في فمي)، وهكذا طوال اليوم، وزاد على ذلك بكاؤها بسبب أو على أتفه الأسباب، وأحيانًا كثيرة تقول (حاسة بحاجات وحشة)، وهي جملتها المفضلة فمثلاً حاسة أن "ماما ستموت" إذا شاهدت لقطة موت في التليفزيون، وهكذا...، أي حاجة وحشة تراها أو تسمعها لازم تقول إنها حاسة بها في أغلب الوقت.
أرجو إفادتي بالله عليكم بأسرع وقت، وخصوصًا أن إخوتها بدءوا يطلقون عليها اسم "نكدو" إذا بدأت في أسطوانة البكاء اليومية، رغم اشتراكي لها في رياضة منذ الصيف الماضي، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
إفشاء الأسرار والثرثرة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بدأت رسالتك بالحديث عن مستوى ابنتك الدراسي الذي وصفته بالجيد بالمقارنة بمستوى الأخ المتفوق جدًّا جدًّا على حد وصفك، وهذه بداية تدل على وجود مقارنة صارخة بين ابنتك وهذا الابن المتفوق جدًّا جدًّا، وبالطبع هذه المقارنة لا بد وأن لها تأثيرها السلبي على نفسية هذه الابنة.
وانتقلت فجأة إلى محاولة مصادقتها، ثم عن قولها "وضعت يدي في أنفي أو في فمي"، وهنا كان انقطاع في السياق لم نفهمه، ثم انتقلت إلى نقطة ثالثة لا ندري مع علاقتها بالأولى أو الثانية، وهي بكاؤها المستمر وشعورها بتوقع حدوث أشياء وأحداث سيئة كرد فعل لأي لقطات تليفزيونية تحمل مثل هذه الأحداث، حتى وصفها أخوتها بـ"النكدو.." وأيضًا لم نلحظ أي رد فعل لهذا الوصف من قبل إخوتها، وأيضًا الذي لا بد أن يكون له تأثير سلبي على نفسها.
رسالتك تحتاج إلى استكمال وتوضيح وربط بين جزئياتها، وتوضيح لطبيعة المشكلة أو المشاكل التي تستوضح حلها بعبارات محددة ومباشرة، خاصة أن تأثر طفلتك بما تراه من مواقف وأحداث سيئة في التليفزيون إلى درجة البكاء والإحساس بحدوث مثل هذه الأمور لأمها يحتاج إلى رسم صورة كاملة لعلاقتها بكم في البيت (الأم والأب والأخوات)، خاصة وأن ما وصلنا سواء من مقارنة مع أخيها أو سخرية منها يجعل الطفلة في حالة من الإحساس بعدم الأمان والحب الذي يجعل تأثير هذه الأمور سلبيًّا عليها وسهل التأثر به.
إن هذا التوقع لحدوث الأمور السيئة والبكاء المستمر يدل على حالة من القلق وعدم الاستقرار على خلفية علاقة غير مستقرة مع الأسرة، وعدم شعور بالحب والثقة في مجتمعها الصغير (أسرتها المحيطة بها).. هذا ما حاولنا فهمه من رسالتكم، وإذا كان ما ذكرناه كافيًا لتوضيح ما أردتم استيضاحه، فنرجو أن يكون مفيدًا، وإذا أردتم توضيح الصورة وشرح المطلوب فسنكون في انتظاركم، ونحن معكم.
ـــــــــــــ(103/108)
الكذب أنواع.. الثعلب يكذب ... العنوان
ابني(15 سنة) يكذب منذ الصغر إلى أن أصبح الآن في سن البلوغ، وإذا قمت بمناقشته لماذا تكذب؟ يبرر الأمر: بحب الظهور، أو يكتفي بالسكوت، وأود الإشارة إلى أنه لا يكتفي بالكذب، بل بمحاولة إقناعك بكذبه حتى تصدق.. إلى أن تكتشف كذبه، وعند مواجهته بالأمر تراه "يروغ منك كما يروغ الثعلب". أرشدني إلى الطريقة المناسبة للتعامل معه. ... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة/
ذكرت في رسالتك نوعين من كذب ابنك.. أحدهما برّره هو شخصيًّا بأنه من أجل حب الظهور، ونوع آخر يسكت عنه، ولم تضربي لنا أمثلة عن هذا الكذب الذي يبره بحب الظهور، ولم تذكري ما هو الكذب الذي يسكت عنه، خاصة أنك عدت مرة أخرى لتذكري أنه عند اكتشاف كذبه يراوغ كالثعلب، فمتي يراوغ كالثعلب؟ ومتى يسكت؟
وأيضًا نحتاج إلى إلقاء الضوء على ظروف معيشة هذا الابن، حيث ذكرت في بياناتك أنك والأب منفصلان.. فما ظروف الانفصال؟ وما تأثيرها على ابنك؟ وما هو شكل علاقته بأبيه؟ وتذكرين أنك مقيمة في بلد مغترب عن وطنك الأصلي (البرتغال)، فما تأثير ذلك على ما يسميه بكذب حب الظهور، وهل له علاقة بوجوده في بيئة غريبة يحب أن يثبت فيها ذاته.
تقولين إن كذبه منذ الصغر فكيف تعاملت معه سابقًا؟ وما شكل العلاقة بينكما؟ ومع شكل العلاقة مع إخوته؟ خاصة أن ترتيبه الثالث والأخير، وأيضًا يحتاج لإثبات ذاته ما شكل التعليم الذي يتلقاه؟ وما هو تفاعله مع زملائه؟ وهل له أنشطة أو هوايات يتميز بها؟ وهل أنت دائمة النقد له؟ وما مدى تشجيعك له؟ وفي انتظار أن تكملي لنا الصورة حتى نستطيع مساعدتك.
ـــــــــــــ(103/109)
حضنك أمي يناديني ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، ابنتي تبلغ من العمر 4 أشهر و3 أسابيع، وبسبب ظروف عملي اضطررت لتركها مع والدتي لفترة معينة، وفي هذه الفترة أنا أبحث عن خادمة، ولكنني أشتاق لها كثيرًا، مع العلم أن والدتي ترعاها جيدًا حفظها لنا الله.
أودّ الحديث مع أحد عن هذا الموضوع، كما أودّ تلقي معلومات عن الأطفال بهذه السن، وهل تستشعر غيابي؟ ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يا أختي الفاضلة من أرض المغرب الحبيبة، ومرحبًا بك زائرة غالية لصفحتنا التي نأمل أن تكون محلاًّ للتفريج والتوعية لزوارها.
وأبدأ حديثي معك بمثل شعبي شاع في مصر معناه: "أحب من أبكاني أكثر ممن يضحكني ويضحك الناس عليّ" وهي في سياق النصيحة الصادقة، أحببت أن أقدم لإجابتي بهذه الجملة لتعلمي أني سأكون في ردي عليك في منتهى الصراحة، ولن أعطيك مسكنات تنعمين في ظلها بالراحة وأترك مرضًا عضالاً ينهش في جسد أمومتك، بل سيكون حديثي معك صادقًا حتى إن كان قاسيًا.. فهل أنت مستعدة؟
هل تعلمين لماذا قدمت لحديثي بهذه المقدمة؛ لأني شعرت أنك تطلبين مني في طيات حديثك أن أرد عليك بما يسكن ما تئن به أمومتك وما تطالبك به من قرب من ابنتك لتنعمي بالأمومة إلى جوارها تغمرينها بالحنان في أحضانك، ولا أدري مدى صحة هذا الشعور، لكن المؤكد لديّ أنك كأم لا يمكن أن تكوني مستقرة وراضية عن هذا الوضع الغريب لفلذة كبدك تحت أي ظروف أو ضغوط.
تذكرين أم موسى -عليه السلام- التي انخلع قلبها عليه حين فارقها، ولم تهنأ إلا حين رده الله سبحانه إليها بتحريمه المراضع عليه كي لا يرضع إلا من ثدي أمه؟ إنها أمه التي أنجبته، أبى الله تعالى إلا أن يجعله يكبر أمامها ويجري في دمائه مغذيات لبنها، ولا يتربى بعيدًا عن عينها وحضنها.
ولو كانت هناك ظروف أقسى مما تعرضت له أم موسى لتترك وليدها بعيدًا عنها لكنت أيدتك في اتخاذك لهذا الوضع، أما وأني استشعر أن مبرراتك من العمل وظروفه غير المرضية إطلاقًا لقبول هذا الوضع فاستعدي إذن لأن تستمعي مني إجابتي عن سؤالك: "وهل تستشعر غيابي؟" بالإيجاب، وليس فقط أنها ستستشعر غيابك، بل استعدي لفقدها كلية بعد حين.
إنها الحقيقة فلا تتضجري.. أنت طلبت منا النصيحة لا الخديعة، إن ابنتك يا عزيزتي في مرحلة قادمة حين تجمعكما الحياة -ولا أدري متى تخططين لهذا الاجتماع- لن يكون لديها مبرر واحد مقبول يبيح غيابك عنها، ويدفعها للتجاوز عنه، فحقّها الأول في الحياة أن تكون إلى جوارك، فلِمَ تلفظينها إذن؟
ما المبرر الذي يدفعها للقبول بهذا الحرمان من حق كفله لها الدين والغريزة الأمومية، إن النتيجة الحتمية لهذا الحرمان ستكون التمرد عليك ورفضك ورفض أمومتك لها التي حرمتها منها، وإن كانت درجات الرفض والتمرد تتفاوت باختلاف الأم البديلة، وما تقدمه من حب وحنان ومبررات لغياب الأم الأصلية، ولكن تأكدي أنها لن تسامحك إلا في حالتين:
* أن يكون فقدها للأم بسبب لاإرادي كالوفاة مثلاً، وهو ما لا يمكنها الاعتراض عليه حين تكبر.
* الثانية المرض الشديد الذي يمنعك من رعايتها. وما عدا ذلك من أعذار فهي غير مقبولة، وتعالي معي لتعرفي الأسباب.
إن الطفل حين يولد فإنه يكون كالذي تم استئصاله من أمه -ألم يكن قطعة من جسدها؟- وهذا على عكس أمنيته من الالتصاق بها، ولكن تظل هناك قناة أخرى تعوضه عن هذا الانفصال وتعيد له لذة هذا الالتصاق ودفئه وحنانه وهي الثدي. وتأملي معي قول الله حين يأمرنا بالرضاعة لحولين كاملين، فهو الأدرى سبحانه بما خلق، وتبدأ مرحلة الرضاعة لتعوض هذا الصغير عن الرحم الذي كان جنته الأولى لتبدأ نفسه في البزوغ في أحضان أمه التي تسقيه لبنها وحنانها وعطفها، وتتشكل تلك النفس على غرار الأم المحتضنة وخاصة مع البنت (الأنثى)، ثم يتأهل رويدًا رويدًا للاستقلال، وتظل البدائل عن جنته المفقودة (الرحم) تتجدد حتى يصل إلى الجنة الموعودة في الآخرة.
ما المطلوب إذن قبل فوات الأوان؟
المطلوب إعادة ابنتك إلى حضنك بعيدًا عن الخادمات أيضًا حتى لا نعطيها بدل الجدة الحنون خادمة لا ندري عن أخلاقها أو طباعها أو مشاعرها شيئًا، فيمكن أن تكون الخادمة لمعاونتك في أمور المنزل للتفرغ لابنتك وليس لتتولى رعايتها أبدًا.. ويمكنك أخذ إجازة أو تعديل مواعيد عملك حتى لا تفقدي ابنتك، فلقد صرت أمًّا ولهذا الأمر تبعات.. والرزق مكفول لك ولأسرتك أما رعاية ابنتك فلن يؤديها أحد سواك.
استعيني بالله وادعيه كثيرًا أن يعينك ولا تتخلي عن ابنتك، فهي لن تعوض، أما عملك فسيعوضك الله عز وجل عنه أو يبدلك بخير منه فقط أري الله من نفسك نية صادقة لترعي نفسًا استحفظك عليها، وستجدين توفيقه وتلمسينه ينير لك الطريق.
أختم حديثي معك بقول شكسبير: "لا توجد في العالم وسادة أنعم من حضن الأم، ولا وردة أجمل من ثغرها" فهيا إلى ابنتك.. اغرسيها في حضنك وارويها من قبلاتك ولمساتك الحانية على رأسها وخديها ونظراتك المحبة.
ـــــــــــــ(103/110)
فن تنمية الذكاء ... العنوان
أمر تربية الأبناء حقيقة أمر شاق على والدين يسعيان بجهد أن يوفرا بيئة تربوية توفر لهما السعادة في الدنيا والآخرة، الأمر الذي أريد أن أسأل عنه هنا هو أنني ألاحظ على ابني (3 سنوات) بعض علامات الذكاء والذاكرة الجيدة، فهو يتذكر جيدًا أحداثًا مضى عليها أشهر، ويذكرها بتفاصيل دقيقة، كما أنني وأمه نلمح لديه بعض مظاهر النبوغ والذكاء، فهو يتعامل مع بعض الألعاب الذهنية بمهارة.
المشكلة التي أواجهها هي في تحديد الوسائل التي من خلالها أستطيع أن أحافظ على مستواه وأطوره في نفس الوقت، أي أنني أريد برنامجًا، فأنا وأمه لا نريد أن نسأل يوم القيامة عن تقصيرنا في حقه، وبارك الله في جهودكم. ... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
جزاك الله خيرًا على ما سألت، وجعل رعايتك لولدك طريق جنتك، وأسعدكم جميعًا في الدارين.. اللهم آمين.
أسعد كثيرًا بالأسئلة التي لا تتضمن مشكلة بقدر ما تبحث عن طرق ووسائل للنمو والتطوير، فهي تدل على الوالدية الواعية وما أحوج أمتنا لها.
وهناك نقاط ارتأيت أن أعرضها لتكون نقاط انطلاق في مسألة تنمية الذكاء:
1 - أكدت دراسات النمو المعرفي على أن أصل الذكاء الإنساني يكمن فيما يقوم به الطفل من أنشطة حسية حركية خلال المرحلة المبكرة من عمره -وهي المرحلة التي يمر بها طفلك ليث- بما يعني ضرورة استثارة حواس ليث الخمسة (السمع – البصر – اللمس – الشم – التذوق)، إضافة لضرورة ممارسة الأنشطة الحركية، ولعل هذا يتفق مع ما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "عراقة الصبي في الصغر ذكاء له في الكبر".
2 - الذكاء الإنساني ومهارات التفكير أمور يمكن تعلمها وتطويرها وللبيئة دور هام في تعديل البناء التشريحي للمخ. والسنوات الأولى من حياة الطفل لها أثر بالغ، حيث تتفاعل العوامل الوراثية مع العوامل البيئية لتحدد كفاءة عمل الدماغ.
* فالقاعدة الأساسية لخلية الدماغ هي الاستخدام أو الموت.
* وكلما زادت شبكات الاتصال وكثافة الغصون في المخ كلما زاد كفاءة عمل المخ، وتزيد هذه الكثافة تبعًا للخبرات البيئية وظروف الاستثارة التي يتعرض لها الطفل عبر حواسه.
* العقل ينشطه الأمن ويحجمه التوتر؛ ولذا تتضح أهمية الدعم المعنوي للطفل بالتشجيع والحب، واقرأ بهذا المقال مزيدًا من التفاصيل عن هذا الأمر:
-خرافة المخ الصغير
-الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة:
* تؤكد نظيرات الذكاء الحديثة على تعدد الذكاء وأهمها نظرية الذكاء المتعددة "لهاورد جاردنر"، أي أن الذكاء ليس أحاديًّا، والفرق بين الأفراد ليس في درجة أو مقدار ما يملكون من ذكاء وإنما في نوعية الذكاء.
وهذه الذكاءات جميعًا يمكن تنميتها من خلال وسائط بيئية، وهذه الذكاءات هي:
الذكاء اللغوي – الذكاء الموسيقي – الذكاء المنطقي الرياضي – الذكاء المكاني – الذكاء الجسمي الحركي – الذكاء الشخصي – الذكاء الاجتماعي.
وقد لا تتساوى لدى الفرد كل هذه الأنواع، إلا أنه بالإمكان تقوية نقاط الضعف من خلال التدريب.
- فإذا ما كنت لاحظت مهارة ابنك في الألعاب الذهنية فقد يعني هذا أن علوًّا في كونه الذكاء المنطقي الرياضي، ولكن بجانب رعاية هذا النوع من الذكاء عليك بعدم إغفال الذكاءات الأخرى.
ومما قدمه آرثر كوستا دراسة عن السلوك الذكي، وشملت عمليات وجدانية ومعرفية، وهي:
* المثابرة. * مقاومة الاندفاع. * الاستماع بتفهم وتعاطف.
* التساؤل. * مرونة التفكير. * التفكير في التفكير.
* السعي نحو الدقة. * الاستفادة من الخبرات.
* التعبير بدقة ووضوح التفكير. * استخدام الحواس.
* الإبداع والخيال. * الحماس والمبادأة.
* المرح. * المخاطرة المحسوبة.
* التفكير مع الآخرين.
وقد أردت ذكر هذه النقطة ليكن في ذهنك وأنت تنشئ -ابن الثالثة- السلوك الذكي، فربما وجدت مواقف حياتية كثيرة تمر بك وولدك فيمكنك أن تنتهز حينها الفرصة لتنمي سلوكًا أو أكثر في هذا الموقف أو تلك.
- تنمية ذكاء الطفل جزء من التنشئة الشاملة المتكاملة للطفل، وتتم عبر مراحل حياته، وإن كانت أكثر أثرًا وتركيزًا في الطفولة المبكرة.
والآن ماذا عسانا نفعل؟
- توفير بيئة هادئة آمنة لينمو فيها الطفل.
- الاهتمام بالذكاء في إطار منظومة، وأعني بذلك عدم إغفال نواحي النمو الأخرى؛ لأنها لدى الطفل تتشابك وتصب في قناة واحدة وهي قناة الأداء المتميز.
- ضع نصب عينيك إمتاع ابنك ومرحه؛ لأن هذه هي بوابة التعلم الحقيقية، فالاستمتاع بما يقوم به الطفل في كل لحظات حياته يحمل في طياته تعلمًا وتنمية.
- يعتبر اللعب من أهم مجالات النمو للطفل، فاللعبة المركبة تمثل أمرًا مثيرًا للتفكير. ويرى بعض علماء النفس ضرورة تعليم الأطفال للعبة الشطرنج وممارستهم إياها منذ سن مبكرة. فهذه تعوده على التركيز والانتباه، والقدرة على الاستدلال وإيجاد البدائل الافتراضية، وقد يمكنك محاولة ذلك مع ليث، ولكن حسب قدراته وميوله، فهذا هو المحك الأساسي لأي جديد تقدمه لطفلك رغبته وقدرته.
- أفسح له مجال اللعب التخيلي، وشاركه ذلك إن رغب أو دعه يمارس لعبة التخيل مع رفقاء خياله بمفرده، فمن يتمتع باللعب التخيلي يصبح لديه درجة عالية من الذكاء، والقدرة اللغوية، وحسن التوافق الاجتماعي.
والقدرة اللغوية إنما تأتيه من استخدام مفردات كثيرة خلال هذا النوع من اللعب، أما التوافق الاجتماعي فلأنه خلال لعبه يضع مواقف من صنعه، ويضع لها حلولاً كثيرة وبدائل، وهو ما يؤهله للتعامل الأكفأ في حيِّز الواقع.
- اللغة تساعد الطفل كثيرًا؛ ولذا حاول تنميتها عن طريق الحديث الكثير مع طفلك، الكتب المصورة، المشاهدات اليومية لمفردات كثيرة على أن تحكي لابنك ما يرى وكيف يعمل.
كذلك حفظ القرآن الكريم على قدر طاقته، حفظ أغاني الأطفال، قراءة القصص، وحكي الحكايات.
و كذلك الاستماع للأناشيد الإسلامية الملحّنة ينمي لديه الذكاء المنطقي الرياضي.
- إشباع حب الاستطلاع لديه بالإجابة عن جميع تساؤلاته، بل وتحفيزه على التساؤل وعدم إعطائه إجابات ذات نهاية مغلقة، بل إجابة تحفز لمزيد من التساؤل، كذلك عودة التفكير في كل صغيرة وكبيرة.
- دربه على الملاحظة والانتباه للتفاصيل.
- وفّر له الألوان والورق والصلصال وغيره مما تحتاجه الأنشطة الفنية، فهذه الأنشطة يرافقها مرح وشعور بالإنجاز، وهو ما يزيد من كفاءة الدماغ وقدرته على التفسير والتحليل والتنظيم؛ فبالخطوط والألوان يمكن أن نصنع طفلاُ ذكيًّا وفنانًا
سأنهي حديثي معك من حيث بدأت: الذكاء في هذه السن يعتمد على الحواس والحركة. وإليك بعض التدريبات الخاصة بكل حاسة:
* السمع: بتعريض الطفل لأصوات مختلفة وتمييزه لها (الحيوانات – الماء – الأرز والبقول في علبة – تحديد اتجاه الصوت – تقليد الأصوات المختلفة – أداء تعبيرات صوتية مختلفة كالفرح – الخوف – تمييز أصوات معينة وغيره من الألعاب التي تحفز حاسة السمع).
* البصر وينشط لدى طفل عبر الألوان والضوء.
فعرّض طفلك للوحات الفنية الطبيعة، واجعله يميز تعدد الألوان والدرجات للون الواحد -اعرض عليه صورًا للأشياء- ساعده ليتعرف الاتفاق والاختلاف بين الصور وبين الأشياء.
* الشم: وفِّر لطفلك فرصة شم الأشياء المختلفة (في المطبخ، في الحديقة...).
* اللمس: دعه يميز (الناعم – الخشن)، (ساخن – بارد)، يتعرف على الملامس المختلفة لكل ما يمر به من أشياء.
* التذوق: ساعده ليتذوق الأشياء المختلفة (ملح – سكر).
- أما في المجال الحركي فهناك الألعاب الارتجالية وفق صوت. أو الحركة المقيدة كأن ينتشر في الفراغ عند سماعه صوتًا معينًا أو رجوعه عن توقف الصوت، وهناك حركة عند إشارة لونية أو ضوئية، وهكذا...
استخدام حركة الجسم في التعلم (فوق – تحت – يمين – شمال – قريبًا من – بعيدًا عن – أمام – خلف).
- أداء بعض الحركات الرياضية البسيطة بمرافقتك أثناء أدائك تمريناتك المعتادة.
ونهاية.. ألخّص كل ما قلت في كلمات قلائل:
أعطِ ابنك الحب – السعادة – فرص التجريب والخطأ – فرص الحركة واستخدام الحواس.
رسالتك تحتاج لأضعاف أضعاف ما حاولت أن أجيزه وفق المساحة المتاحة.
وعساني أكون قد وضعت لبنة في بناء.
نسأل الله التوفيق.. وبانتظار مزيد من تساؤلاتك الذكية.
جزاك الله خيرًا.
ـــــــــــــ(103/111)
مدرسة الأمل النموذجية؟.. أم الأمل في مدرسة نموذجية؟ ... العنوان
السلام عليكم.. من أحد أهدافي في المستقبل هي أن أنشئ مدرسة تقوم بتنشئة الأطفال بشكل سليم دينيًّا وعلميًّا ورياضيًّا وأخلاقيًّا، فيكونوا كالصحابة والتابعين في الخلق والدين والعلم، مثل سيدنا عمر بن الخطاب والعالم المسلم ابن الهيثم وغيرهم، ويخرج منهم العلماء والرياضيون والدعاة وغيرهم، ونقوم بغرس الدين في قلوب الأطفال من الصغر حتى يشبوا عليه، ويكون أيضًا أسلوب تعليم العلوم مختلفا ليس كهذه المناهج التي تميل إلى الحفظ أكثر من الفهم والإبداع، ويكون الطفل من صغره رياضيًّا يملك جسمًا قويًّا ورشيقًا.
المشكلة هي كيف يمكن أن أضمن ألا تؤثر البيئة الخارجية على الطالب مثل الأقارب أو الأصحاب غير الملتزمين الذين يمكنهم التأثير عليه، أو ما يمكن أن يشاهده من عدم الالتزام مثل الكاسيات العاريات وغير ذلك من صور عدم الالتزام، وبالتالي فيكون ما فعلناه ليس له نتيجة.. هل الحل هو عزلهم عن العالم الخارجي لفترة معينة من عمرهم؟ وكيف يقبل أهالي الأطفال؟ ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيها الأخ الفاضل ومرحبًا بك زائرًا عزيزًا لصفحتنا التي نأمل أن تكون دائمًا ملتقى ومحطًّا للآمال والنجاحات والخبرات، فضلاً عن دورها الأساسي في تقديم العون لزائريها من المربين، وندعو الله سبحانه وتعالى وبكل ضراعة أن يوفقك في تنفيذ ما تطمح إليه بكل نجاح.. فإن ما تنتويه يا سيدي هو بكل تأكيد بناء لنواة مجتمع كامل، ومن ثَم المشاركة في صياغة حضارة ومستقبل الأمة.. إنه أمر عظيم وشاق، ولكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
في بداية حديثنا عن العملية التعليمية -وهو ما سيقودنا لإجابة سؤالك- أحب أن أبدأ حديثي مؤكدة على دور المعلم في هذه العملية التي تشبه مربعًا من أعضاء أربعة يشدّ بعضها البعض، وهي المدرسة والمدرس والطالب والمنهج، والطالب بالطبع هو المتلقي للمنهج، أما المدرسة فهي ما يتوفر لهذا الطالب من مناخ يسمح له بتلقي هذا المنهج في صور عديدة، أما المعلم فهو العامل المتحكم في نوعية ما يتلقاه الطالب، وهو القناة الوحيدة لإيصال كل ما نأمل للطلاب، فبرغم أن المناهج ثابتة ومقررة، فإنه قادر على تحويل وتحوير كل منهج لمادة دراسية إلى ما يأمل، بمعنى آخر هو الذي يستطيع أن يصنع من مادة جامدة منهجا متكاملا يتعلم منه الأبناء الدين والرياضة والخلق القويم ويتلقون التربية، ومن ثَم فالمعلم هو العنصر الذي يمكنك الاعتماد عليه للوصول للأهداف التي سألت عنها.
ولكي نصل بالمدرس لهذا المستوى فلا بد من تأهيله علميًّا ومهنيًّا:
- أما التأهيل العلمي أو الشرعي فهو عبارة عن تزويده بما يكفي من المعلومات الدينية والشرعية الكافية لمن في مكانته وموقعه، وأحب أن أؤكد على أنه عندما يمهد لمهنة عالية المقام وواضحة التأثير كمهنة التدريس بالتأهيل الشرعي الذي يصنع القدرة والرغبة في العطاء والعزم والنية على صناعة جيل صالح، يتولد حينئذ الإخلاص والحماس لصناعة هذا الجيل بفكر واعٍ ويؤدي كل دوره بقوة وعزم ونجاح.
- أما التأهيل المهني فهو ما يسعى العالم كله لتطويره كل يوم للوصول بالمدرس إلى أقصى قدر من الإمكانيات والخبرات والمهارات، وإن كانت هناك في مصر-بلد السائل- خطوات واسعة وقوية تجاه هذا الأمر، إلا أن الأمر يعتبر ما زال نظريًّا وليس تطبيقيًّا أو عمليًّا، حيث ما زالت الحياة الحقيقة تفتقد لنموذج المعلم المؤهل مهنيًّا بشكل صحيح، ومع ذلك فلا بد من الحصول على القدر المتاح من هذا التأهيل فما لا يدرك كله لا يترك كله، وتتيح وزارة التربية والتعليم هذه المراكز لتأهيل وتدريب المعلمين، وهناك أماكن خاصة تقدم هذه الخدمة في مجالات اللغات الأجنبية لتأهيل مدرسي اللغات.. يمكننا إعطاؤك عناوينها وما يتاح عنها من بيانات إن أردت.
ومن المفترض أن هذا المعلم المؤهل هو الذي سيصنع -كما سبق وأشرنا- من المنهج مادة غزيرة لتعليم المهارات وليس المعلومات.. بطريقة علمية وليست نظرية، وهو يستخلص كل هذا من كتابه الجامد الثابت المحدد.
ومن أهم المهارات التي يعلّمها المدرس الكفء لأبنائه نواة المجتمع الصالح -الذي تحلم به، ونأمل في تحقيقه جميعًا؛ كلٌّ من خلال ما ولاه الله عليه من ثغور- هما: مهارة التقييم، ومهارة القياس؛ أي أن يستخدم الطفل عقله في تقييم ما يحدث أمامه، ثم يعرضه على ما عنده من مبادئ وقوانين وقواعد ليصل فيه لحكم، وبتعبير آخر أن نضع داخل الطفل ميزانا يزن به ويقيس ويقيم على أساسه الأمور، فما اتفق مع ميزانه كان صحيحًا وما خالف كان خطأ، ولا يستطيع القيام بهذا الدور مثل المدرس، وذلك لسببين:
- قربه من الأطفال ومعرفته الجيدة بشخصياتهم وعلاقاتهم.
- كثرة احتكاكه بهم.
ولنأخذ مثالاً على ذلك:
في كتب اللغة الإنجليزية مثلاً يوجد العديد من القصص أو المواقف أو غير ذلك مما يحمل قيمًا وأخلاقًا لا تتفق مع منهج حياة المسلم الملتزم أو مع موروثاته من القيم والمعتقدات.. فما الموقف الصحيح إزاء مثل هذه الأشياء.. هل المناسب عرضها أم غض الطرف عنها وتجاوزها؟ وكيف يمكن للمدرس الواعي المؤهل أن يوظفها لتعليم المهارات (وبخاصة مهارتي التقييم والقياس)؟
من وجهة نظري أن المدرس المؤهل يمكنه استغلال هذه الفرصة الغنية، فيعرض المادة كما هي في الكتاب، ثم يجتهد في إيجاد شيء مماثل يعرضه عليهم بدون تعليق ثم يطلب الآراء، فلو كان الدرس مثلاً عن مطربين أجانب، فمن الممكن أن يحضر المدرس شيئًا عن مطرب أجنبي قد أسلم وتاب، وبعرض النموذجين يمكن للمدرس أن يطرح أسئلة لإبداء الرأي أو تشكيل مجموعات تبدأ في عرض رأيها أو تدوينه، وعند شعوره بخلل ما، فيمكنه استخدام دفَّة الربان بمهارة وبلطف ليذكرهم بالمقياس الذي يجب أن يقاس عليه للوصول للرأي الصحيح مع الاستعانة بآراء آخرين لتدعيم وجهة نظره، بحيث يتعود الطالب على أن كل شيء يؤخذ ويرد إلا الكتاب والسنة ذوي الفاعلية والمرونة بحيث يقاس عليهما كل شيء فهما ميزانه ومقياسه ومؤشره دائمًا.
ومع تكرار هذه داخل الفصول ينشأ الطالب واثقًا من نفسه معبرًا عن رأيه مؤثرًا فيمن حوله، وليس إمّعة -كما تخشى- يحسن إذا رأى من حوله أحسنوا، ويسيء إذا ما وجدهم يسيئون، فستغرس فيه هويته ليعلم من هو، وما علاقته بما حوله، ومن أين ينطلق، وما هي جذوره، وما هي معاييره، وبذا يكون الجو الموجود في المدرسة حافزًا وداعمًا له، لكن في نفس الوقت لا يتأثر بالبعد عنه فينهار كل شيء، بل يكون هو المؤثر فيما ومن حوله، فكما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".. هل فهمت ما أعني؟ إنني أعني ألا يكون ارتباط الأبناء بأشخاص يزول التزامهم بابتعادهم عنهم، بل يكون بمعانٍ وقيم ومعايير تغرس فيهم فلا تفارقهم إلا مع فراق الروح.
أما عن الجزئية الخاصة بالأهالي وإن كان السؤال غير واضح، فسأجمل لك خبرتي في مسألة تدخل الأهل في العملية التعليمية التي تدار في جو سليم وبأسلوب صحيح بواسطة مدرس مؤهل.. ففي هذه الحالة يصبح لا ضرورة لتدخل الأهل، بل قد تكون المصلحة في عدم تدخلهم، وطالما أنهم يرون تأثيرًا إيجابيًّا على الأبناء فلا أحسبهم يتدخلون ما لم يتم التنسيق مع المدرسة لمتابعة أمر ما أو لتحقيق هدف معين.
أخي الفاضل.. أختم حديثي معك بأن أدعو الله تعالى لك أن يوفقك في تحقيق هدفك وأن ييسره لك، وعسى الله عز وجل أن يصدقك بصدق عزمك ونيتك، وأشد على يديك بقول شوقي:
فربّ صغير قوم علموه........سما وحمى المسومة العرابا
وكان لقومه نفعًا وفخرا........ولو تركوه كان أذى وعابا
فعلّم ما استطعت لعلّ جيلا.........سيأتي يحدث العجب العجابا
ـــــــــــــ(103/112)
ولدي وأعاصير الغضب ... العنوان
طفلي (سنتان) تنتابه حالات من الغضب المصحوب بعنف شديد، حيث إنه يقوم بضرب كل من يجده أمامه في تلك اللحظة، ثم بعد فترة يعود ليكون طبيعيًّا، علمًا بأننا نحاول جهدنا أن نكون لطيفين في التعامل معه محاولين إجابة كافة طلباته. أرجو مساعدتي في كيفية التعامل مع هذه الحالة. ... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها السائلة الكريمة، ومرحبًا بآخر عنقودك هذا الغاضب الصغير (ناصر) ذي العامين، نصر الله به الإسلام والمسلمين، ونصرك أنت ووالده في معركة تربيته هو وإخوته لتسعدا بهم جميعًا إن شاء الله تعالى.
أولاً: أحب أن أهدئ من روعك وأن أطمئن قلبك؛ إذ أكاد أسمع في سؤالك صوتك الملتاع خوفًا على ولدك، ولكن لا تخشي شيئًا، فالأمر بسيط وسنستطيع معًا إن شاء الله عز وجل حل المشكلة ببساطة فما خلق الله من داء إلا وجعل له دواء.
وكما قلنا آنفًا إن عصبية الأطفال ليست في الغالب هي المشكلة الرئيسية، بقدر ما تعكس مجموعة من مشكلات في حاجة حقيقية للحل.. ليزول تلقائيًّا على إثر حلها هذا العرض المقلق.
وكذلك فإن للفروق الفردية بين الأطفال ما يجعل ما يمر بسلاسة على طفل قد يسبب لآخر إحباطًا وألمًا لحساسيته الشديدة ومشاعره المرهفة أو درجة ذكائه العالية، وهو ما يجعل أعصابه تعاني ضغطًا شديدًا من أي تصرف قد يبدو بسيطًا، لكن أعصابه لا تحتمله، فالاختلاف من أسرة لأسرة ومن طفل لطفل ومن نظام حياة لآخر تجعل هناك اختلافًا فيما يسبب الإحباط للأبناء أو ما يؤذي مشاعرهم، وهو ما يؤدي لظهور أعراض من الغضب أو العصبية أو العناد عليهم كمظهر من مظاهر هذه الضغوط أو الإحباطات، فضلاً عن أن الوراثة تشكّل عاملاً عظيم الأهمية في مسألة العصبية، وفي مسألة رهافة الحس والحساسية العالية.
وهذا ما يدفعني لأن أطلب منك بعض المعلومات لكي يمكن الوصول للمشكلة الحقيقية وحلها بشكل جذري وناجع، وسأورد لك في نهاية الإجابة هذه الاستفسارات، وقبل أن أطرحها عليك أقدم لك أولاً بعض النصائح التي يمكن تطبيقها كعلاج موضعي أو مؤقت -حتى تصلني متابعتك- لنوبات الغضب (كما تسمينها) التي تنتاب طفلك، وهو ما يسهم بشكل عام في التخفيف من حدة العصبية والغضب لدى الأبناء:
1 - يمكنك محاولة إيجاد حيوان أليف في المنزل: قطة - كتكوت – أرنب - قفص للعصافير.. وتدريبه للعناية به وتوكيله لتولي أمره، فوجود مثل هذه الحيوانات تمتص العنف والعصبية لحد كبير، ولو وجد أنه ما زال عنيفًا معه لدرجه قتله -وإن كنت أستبعد هذا الأمر، حيث يبدو أن عنفه لا يتعدى أن يكون محاولة لإثارة الاهتمام وجلبه- فلا بد من إبعاده.
2 – لا بد من جعل البيئة من حوله بيئة سعيدة ومضحكة بعيدة عن التوتر والضغوط والصراخ والنهر والعصبية.
3 - لا بد من غمره بالحنان والحب والاحتضان والتعبير له عن هذه المشاعر قدر المستطاع بالكلمة والاحتضان والبسمة الحانية والصوت الخفيض والربت العطوف.
4 – لا بد من الالتفات له عندما يحاول الحديث لكن مع تعليمه بهدوء أدب الحديث، ويجب الإنصات لكلامه، مع إعطائه قدرًا كافيًا من الاهتمام بما يقول والتعقيب والتعليق عليه.
5 – لا بد من توفير القدوة المناسبة له في الأب والأم وما يسود تصرفاتهما وحواراتهما من هدوء وتفاهم.
6 - يمكن توفير ما يسمعه من شرائط للقرآن الكريم أو موسيقى هادئة تمنح أعصابه الارتخاء والطمأنينة.
7 - يمكن إتاحة الفرصة له لتنفيس طاقاته في أماكن مفتوحة؛ لأن طاقته العالية كذَكَر يجعله في حاجة مستمرة لتنفيس هذه الطاقة التي يمكن أن تستثمريها أنت ووالده وتوظفيها؛ لتجعلا منه منتجًا ومبدعًا بدلاً من كبتها لصنع شخص عدواني لديه كل الصفات التي هي ضد النجاح والتفوق، حيث يقول الله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"، وهو ما يؤكد استمرارية ودوام الاختبارات والأدوار التي تؤدي لرفع القدرات والمهارات وتطوير الذات حتى نصل بهم لبرِّ الأمان.
أختي الفاضلة.. إن أبناءنا يولدون وبداخلهم كوامن من طاقة حيوية بعض الآراء صنفتها إلى صنفين: طاقة حب وأخرى عدوان أو طاقة بناء وطاقة هدم، وبعيدًا عن التنظير فالمقصود أن الإنسان لديه طاقة لينتج ويعمر ويصبح خليفة الله تعالى في الأرض إذا استثمر طاقته -وتم استثمارها فيه وتوظيفها منذ صغره- بشكل صحيح، فهي كالغاز داخل زجاجة إما نفتح له الغطاء ونتركه بلا توظيف فيضيع هباء أو نكبته ونكتمه فيولد انفجارًا، وإما أن نحسن توظيفه فنوقد به فتيلاً.
وكما أشرنا في إجابة سابقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد إلى الملاعبة في تربية الطفل في سنواته السبع الأولى، وهو ما يلقي الضوء على كيفية التوظيف للطاقات والتوجيه في هذه السن، وهو بالملاعبة التي نوجّه بها ونعلم ونربي ونتقرب للطفل ونكتشف مهاراته؛ لننميها له بالتدريب المتخصص في هواية أو رياضة... إلخ.
إن ما أقوله لك ليس سهلاً -أعلم ذلك- في ظل مسئولياتك، ولكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سدِّدوا وقاربوا"، فعلينا وعليكم -كآباء- السعي لتحقيق أقصى ما يمكن، ولن يضيع الله أجرنا ولا جهدنا إن شاء الله.
أما عن الاستفسارات التي يهمني الرد عليها لإعانتك على خير وجه:
1- متى بدأت تنتاب طفلك هذه النوبات؟ وهل لها علاقة بحدث معين في الأسرة أو ظروف معينة؟
2- هل يعامله أحد أفراد الأسرة بعنف أو بقسوة حتى ولو كانت هذه القسوة في صورة حدة في النظرات؟
3- هل يقع تحت تحريمات كثيرة أو لاءات كثيرة (عيب – هذا خطأ – هذا ممنوع – ينبغي..) معظم الوقت؟
4- هل تتبعون في تربيتكم أسلوب الحماية الزائدة والخوف عليه من كل شيء؟
5- هل لدى أحد أفراد الأسرة عصبية مشابهة؟
6- هل يشاهد مشاهد عنف؟
7- هل هناك في الأسرة مشاهد شجار فيراها؟ حيث إن ما يساورني من شعور أنه يحاكي أحدًا أو يعاني كبتًا.
8- إلى أي مدى يعيش طفولته دون قيود ودون محاذير؟ وهل يتاح له ما يمكن أن يفسده ويدمره من ألعاب أو غير ذلك –حيث إنه لا بد من وجود بعض الأشياء المسموح للطفل بالعبث بها وأحيانًا إفسادها- فإلى أي مدى يسمح له بالخطأ؟
أختي الفاضلة.. إن الآباء الذين يصبرون على تربية أبنائهم ينشأ لديهم أطفال أقوياء قادرون على مواجهة ظروف الحياة والاعتماد على أنفسهم، وما هذا إلا ثمرة التنشئة الصالحة التي تلقونها من خلال الآباء. أعانك الله سبحانه على إحسان تربية أبنائك جميعًا وجعلهم ذرية طيبة.. إنه سميع الدعاء.
ـــــــــــــ(103/113)
حبيبة أمها تأبى أن تكبر ... العنوان
المشكلة تكمن في ابنتي (11 سنة)، حيث إنها الآن في الصف الأول الإعدادي، ولكنها تعتمد اعتمادًا كليًّا عليّ في كل شيء حتى في مذاكرتها كلمة بكلمة لدرجة أنها ترفض أن تعتمد على نفسها في أي شيء.. أنا لا أعرف ما العلاج على الرغم والله أنني حاولت معها، ولكن هي داخليًّا رافضة لدرجة أنها أصبحت عنيدة بشكل فظيع حتى لو كان على حساب مصلحتها، كما أنني أشعر أنها تعيش دور طفولة منتهية، وتحب جدًّا أن تلعب مع أولاد أخوالها الذين لا يتعدى أعمارهم 6 و 8 سنوات كثيرا لدرجة أنني أصبحت أكره اليوم الذي نجتمع فيه أنا وإخوتي، وأتمنى أن أحرمها من هذا اليوم، ولكنني أشفق عليها، حيث أجدها سعيدة وأخاف أن يؤثر ذلك في نفسيتها، كما أن ردودها استفزازية جدًّا ولا أدري كيف أتصرف معها؟
أرجو أن تدلوني على الطريق الصحيح في معاملتها، حيث إن الأمور وصلت لمرحلة أنني لا أحبها ولا أريد احتضانها.. وشكرًا على اهتمامكم. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عزيزتي الأم الفاضلة، مرحبًا بك، وأبدأ أولاً بالاعتذار لك عن كل هذا التأخير في الرد على سؤالك، وأتمنى أن تقبلي عذرنا.
وأقدم لحديثي معك بما رُوي عن ابن أبي شيبة عن الشعبي: "أن امرأة دفعت إلى ابنها يوم أُحد السيف فلم يطق حمله، فشدته على ساعده، ثم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هذا ابني يدافع عنك، فقال النبي: أي بني احمل هاهنا فأصابته جراحة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أي بني لعلك جزعت، قال: لا يا رسول الله.
أختي الفاضلة، إن ما عنيت بهذه القصة أن نلقي الضوء على أمرين غاية في الأهمية:
الأول: أنه حتى نتمكن من التعامل مع المشكلات التي يقع فيها الابن ولا نقف موقف المتفرج ونلقي اللوم عليه، ونحمله أكثر مما يطيق علينا أن نتعرف أولاً من الذي يتحمل المسئولية تجاه ما يمر به من ممارسات وأخطاء في حياته، هل نحن الذين نتحمل هذه الأخطاء أم هو؟ وهل نمارس دور المراقب فقط أم نتبادل الأدوار معًا؟ هل لكل منا -الوالدين والابن- دور في حل المشكلات والوصول لنتائج مثمرة ومرجوة؟
الثاني: إن الوالدين قد ينظران إلى نضج ابنهما مع مرور الوقت معتمدين على قول: "غدًا سيكبر"، مما يبقي سلوكه طفوليًّا واعتماديًّا على أهله الذين يقومون عنه بعمل كل ما يحتاجه من مأكل ومشرب وملبس دون أن يكلفوه خدمة نفسه أو القيام بواجباته.
أختي الفاضلة، إن كون الابنة الغالية اتكالية يرجع في الحقيقة إلى خطأ ما في تربيتها لا ينبغي لومها هي عليه لدرجة الوصول لتجنب احتضانها، والرغبة في الانتقام منها بعدم التعبير لها عن مشاعر الحب والتواصل في هذه السن الدقيقة والحسّاسة من عمرها، فالاتكالية هي ما حرم الطفلة من استثمار قدراتها وصقل المهارات التي تحتاجها في دراستها وغيرها؛ لتنمي لها دافعيتها نحو التعلم وغيره.
اعذريني يا حبيبتي أن صارحتك بكل وضوح ودون أن أعزف معك على أوتار اتهام الابنة، ودون أن أؤيدك فيما تتخذينه ضدها من مواقف من مثيل "وصلت لمرحلة أنني لا أحبها".. فرفض ابنتك للنضج وتمسكها بالطفولة لاحتياجاتها الطفلية غير المشبعة أمر لا ذنب لها فيه، ودورك تجاهه هو تقبله مع الحب غير المشروط بطاعتها أو كونها (غير مستفزة)، وتجنب الزجر والتحدي والنبذ والهجر أو أي مظهر لعدم التقبل؛ لما له من خطورة، فكل هذا من الممكن أن يدخلها إلى المراهقة عنوة وهي غير مؤهلة وبشكل مشوّه، فيزج بها زجًّا قبل النضج إلى خوض تجارب أليمة وبداخلها فجوة تحول دون استيعابها لما حولها من متغيرات.
و ستبادريني بالسؤال: ماذا تريدينني إذن أن أفعل؟، وهنا أرد عليك بكل سرعة قائلة:
عليك بالآتي فلا وقت لنضيعه:
1 - عدم المقارنة بين الابنة وغيرها، وعدم زجرها أو الدخول معها في مواقف تحدٍّ أو عناد أو إشعارها بنقص لديها، أو إشعارها برفضك لها أو لتصرفاتها أو نفورك منها، بل يجب في المرحلة الحالية احتضانها، وملء ما بداخلها من ثغور، وتصحيح كل خطأ في العلاقة معها؛ لتعبر بهدوء للمراهقة.
2- لا بد من الرد على استفزازاتها بهدوء ودون تجريح وبلفظ غير جارح أو مهين لتتجاوز ما عاشته من محبطات أو مشكلات سببت لها هذه السلوكيات، بحيث تنضج ولا تخاف النضج وتتمثل سلوك الأنوثة وتحب التشبه بالأم.
3 - لا شك أن هناك مواقف أدت إلى توقف الابنة عند مرحلة طفلية لا تستطيع تجاوزها وربما ترفض تجاوزها، ولا مخرج من هذا التوقف إلا بالحب العارم.. فحب الأم هو المخرج من اللاوجود إلى الوجود.
4 - وأختم نقاطي معك سيدتي بقصة وردت عن أحد المربين بمدرسة فثيلاند بولاية نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث استخدم جهازًا يسمى "أرجو جراف" لقياس الإعياء والتعب، وعندما كان الأطفال موضع الاختبار يتلقون كلمات الثناء والإعجاب والمدح كان الجهاز يصدر ارتفاعا مفاجئًا يعبر عن ورود طاقة إضافية، وعندما كانوا يتعرضون للنقد واللوم تندفع طاقتهم الجسمانية للهبوط بصورة مفاجئة، مما يؤكد أهمية التعزيز الإيجابي في بناء التقدير والكيان الذاتي لدى الأبناء.. فهل فهمت ما أقصد؟؟ إنني أقصد أن تمتدحي فيها وبشدة كل اقتراب من السلوك الطيب وكل محاولة للنضج؛ حتى تحفزيها على المزيد، مع التلويح بأي لوم من بعيد على مثل غيرها وبعيدًا عنها.
أختي الفاضلة، إن بناء الشخصية لا يأتي من كثرة المواعظ والنصح والإرشادات والتخويف أو التحقير والضرب، وإنما يوجد من خلال تصرفاتنا نحن وتمسكنا بالمنهج والطريقة التي نرتضيها لأطفالنا، فيقبلون عليها بأرواح صافية ونفوس راضية، فغالبية الأبناء لا يحبون أن يؤمروا مهما صغر سنهم. وتذكري براعة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في التلويح لأصحابه بأمر ما يريد ألا يفعلونه حين يقول: "ما بال قوم يفعلون كذا وكذا ..."، فهو لا يحرج أحدًا، ولا يتوجه إليه باللوم والتقريع، وإنما يثير مشاعره أن هذا الأمر غير مرغوب؛ ليكون الدافع نابعًا من داخله لينتهي عنه.
والآن هيا أغلقي جهاز الكمبيوتر، وابحثي عنها في كل مكان، واحتضنيها، وربتي عليها، والمسي بيديك شعرها معلنة بداية عصر جديد من الحب والتقارب بينكما.
ـــــــــــــ(103/114)
أزمة التعليم والمعلمات.. متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا صاحبة مشكلة -أزمة التعليم.. والمعلمات، سيدي الفاضل.. أشكر لك من كل قلبي تعاونك وتفهمك وإنني في الحقيقة فعلاً أحتاج إلى نصحك وتوجيهك خصوصًا أنك كما لاحظت غياب الدور الفاعل لوالدي في هذا البيت مع أنهما يعيشان فيه أنا لن أخوض في تفاصيل علاقتنا معهما، بل أكتفي بالقول إنهما ليسا متفرغين سوى لمشاكلهما الخاصة التي لا تنتهي منذ 36 سنة إلى الآن، ولكنني سأشرح لك وضع أخي، وإنني نويت ذلك منذ فترة، ولكنني انتظرت ردكم في الحقيقة.. لقد شعرت بالراحة الشديدة عندما قرأت عبارتك التي تقول "وأظن أن جزءاً من مشكلة أخيك تكمن في البيت"؛ لأن هذا أشعرني أنك حقًّا تفهمت الموقف بشدة وستستطيع مساعدتي.
وقبل أن أبدًا بشرح وضع أخي في المنزل أحب أن تشرحي لي العبارة التالية وهي: "اهدئي وتفاعلي مع أخيك بموضوعية، واتركي له مساحة يتحرك فيها، ولا تقومي عنه بكل الأدوار. ونحن معك".
أرجو فعلاً ألا تحسب أنني قليلة الفهم، ولكن أنا فعلاً بحاجة لمن يوجهني ويساعدني في تطوير مهاراتي التربوية.. أنا في الحقيقة في التاسعة عشرة من عمري وفعلاً يهمني جدًّا أخي الصغير، وأريد له النجاح في حياته، فأنا عانيت جدًّا من جرّاء إهمال أهلي لي في صغري من الناحية الدراسية، ولا أريد له أن يذوق ما ذقته لذلك، فإنني أسأل وأستفسر وأبحث دومًا عن الصواب، وأنا أملي فيكم أن تساعدوني لذلك.
أتوجه بطلب يا سيدي الفاضل وهو أن تخفف من حدة اللهجة التي خاطبتني بها في المرة السابقة، ولك جزيل الشكر.. سأبدأ بشرح وضع أخي:
إن أخي هو أصغر فرد لعائلة تتكون من 8 أفراد، وأكبر أخت فينا في 38 من عمرها، وهذا يعني أن أبي رجل كبير السن فهو في السبعين من عمره، وأمي في الـ 52 من عمرها، وأبي من النوع المتصلب والمتحجر بآرائه، وهو يجعل منا سخرية له دائمًا وبخاصة الصغير فينا، وهو أخي، وعندما نكون في زيارة أو أمام الناس فإنه يهينه، ويقول له بعضًا من المفردات النابية مثل حمار، اخرس، أنت لا تفهم أو ينظر إليه شزرًا وباستهزاء أمام كل الناس، وطبعًا لا يخفى عليكم ما يعانيه الطفل من ألم جرّاء هذه التصرفات، إضافة إلى الإرهاب الممارس عليه في المنزل من قبل أبي وأمي فتعاملهما معه هو فقط.. كُل، نم، اكتب، اذهب، تعالَ ... إلخ، أي أن التعامل معه إنما هو جملة من الأوامر الإدارية التي لا تنتهي، وإذا كنا في دعوة طعام، ومتحلقين جميعًا حول مائدة الطعام التي حولها يتكلم كل الناس، فإذا ما علق أو مزح فإن أبي يشير إليه بالصمت، وبعد ذهاب الناس يقول له: "لا تمزح إن مزحك بايخ"!! ولا نستطيع مراجعته دائمًا.
في الحقيقة لقد كانت معاناتي مع أهلي، وخاصة أبي عندما كان يتصرف معي بنفس الطريقة، إضافة إلى أن أمي كانت تغذي عنده روح العدوانية ضدنا نحن البنات، ولماذا لا أعرف، وانتهت معاناتي إلى هروبي من المنزل، عندما كنت في السادسة عشرة ومحاولة للانتحار عندما كنت في السابعة عشرة، وبعد ذلك تمردي الذي أكسبه بعض الخوف، وهذا ما يجعله يتراجع عن تصرفاته في بعض الأحيان، لكن أنا في المنزل أتجنبه هو وأمي، وأحاول أن أقوم بواجبهما الذي أمرنا الله به من احترام لهما، وأنا لا أخفي عليكم أن أبي عاش طفولة صعبة ومضطهدة، ولكن لن يستطيع المراهق استيعاب هذه الأمور، وأنا بدأت أستوعب ذلك من سنة وحتى الآن، والحمد لله بدأت أحسن وضعي نوعًا ما.
ولكن الذي يشغل تفكيري كثيرًا هو أخي الصغير فإن كثرة الضغط تولد الانفجار، وغدًا سيكبر ويصبح شابًّا، إضافة إلى أنه يكره كبت أبي له، ويتذمر من ذلك دائمًا، فكلما أراد أن يفعل شيئًا فإنه ممنوع، فمثلاً الذهاب إلى الحدائق ممنوع.. اللعب مع أولاد الجيران ممنوع.. اللعب مع أولاد أخته والذهاب لعندهم ممنوع.. لا نخرج ولا أحد يأتي إلينا، وكل شيء ممنوع، إضافة إلى أن النقاش ممنوع فهو لا يستطيع مراجعته في شيء، وإنني بدأت أتساءل: بعد هذا التحليل، هل كرهه للدراسة والمدرسة نوع من التمرد وتفريغ للكبت الذي يعاني منه؟
وأحب أن أخبرك شيئًا أنني أنا وأختي التي تكبرني بـ10 سنوات نحاول أن نخرجه في نزهات، ولكنه يعرف أن ذلك من غير علم أبي، وأنا أخاف أن نكون مخطئات بهذا التصرف، ولكن أعود وأقول في نفسي إنه طفل، ويجب أن يختلط في الناس ويعرف المجتمع على حقيقته ليعرف كيف يسبح في هذا التيار أم أنا مخطئة؟ ليست الطريقة لحمايته هي عزله عن هذا التيار وعزله عن الناس.. أريده أن يكون شخصية ثابتة وقوية.. أريده أن يكون ذا خبرة وعلم ومعرفة، وأنا الآن أطلب مساعدتك من كل قلبي، وأطلب أن تشرح لي دوري معه، وكيف يجب ألا آخذ دوره، وكيف أعطيه حرية، ومتى وكيف أناقشه وأجعله يخرج ما في قلبه، فهو كتوم، ولأنني ألاحظ أحيانًا أنني أتعامل معه بنفس الأسلوب الإداري الذي تربينا عليه، وأريد أن أغير ولكن لا أعرف كيف، فأنا بحاجة إلى أمثلة عملية.
وعلى فكرة أنا لم أتكلم يومًا بسوء عن معلمته أمامه، بل كنت أقول له إنه المخطئ عندما يتكلم في الصف والمعلمة لا ترغب بذلك، لكن الفكرة التي قصدت أن أوصلها لك في "إيميلي" السابق، وهي أن الكبت يعاني منه في المدرسة أيضًا هو السبب في تراجعه الدراسي، لكن لم أعرف كيف أعبر لك.. ربما هذا كان سبب قسوتك معي، وإنني في الحقيقة الشيء الوحيد الذي أنا خائفة منه هو كرهه للدراسة وعدم استمتاعه بها، وكيف أستطيع إعادة الحيوية له بهذه الناحية.
ووضعه مع أمه مثل وضعه مع أبيه فهي تصرخ في وجهه لأتفه الأسباب، وليس عندها أي شيء من اليسر وهذا أمر مثير للأعصاب جدًّا.. أنا فعلاً منفعلة وأريد حلاًّ لهذه المشكلة، ولك جزيل الشكر. ... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابنة الفاضلة.. نشكر لك ثانية اهتمامك بأخيك، ونشكر لك حرصك على التعليم والفهم.. ونبدأ بتوضيح أننا حين نوجّه من يبعث لنا في طلب النصح والمشورة فنحن لا نهاجمه أو نحمله مسئولية الخطأ فيما يبدو أنه قسوة منا عليه، ولكننا نوجهه إلى ما نراه صحيحًا وهو ما يشبه في ذلك الدواء في أنه قد يكون مرًّا أو غير مستساغ في كثير من الأحيان، ولكن لا بد من تعاطيه مهما كانت مرارته، فلسنا هنا بصدد القسوة أو التحامل على أحد فهذا ليس دورنا، وبعد.. فإن محاولتك للقيام بدور الأم والأب لهذا الطفل أو الأخ هو جزء من المشكلة، وهو ما قصدناه بطلبنا أن تعطيه مساحة يتحرك فيها.. إنك تتخيلين أنك بتصرفك معه كأب وأم ستجنبينه ما تعرضت له أنت.
وفي الحقيقة أن هذا خطأ.. المطلوب منك أن تكوني أخته المتفهمة والصديقة القريبة؛ لأنك أبدًا لن تكوني أبًا ولا أمًّا، وسيظل لتفاعلات الأب والأم تأثيرها عليه والتي يكون دورك عن طريق قربك منه أن تحاولي أن تفهميه ببساطة -وعلى قدر ما يطيق- ما توصلت إليه أنت بعد محاولة للهرب ومحاولة للانتحار من صورة لا علاقة مع هذين الأبوين، لا ترسمي صورة لمستقبله تتخيلينها، بل اجعليه هو من يرسم مستقبله وعندها ستعود الحيوية لحياته ولدروسه.
إنك كما تقولين في رسالتك عندما تتقمصين دور الأب والأم لا تفعلي أكثر من أنك تضيفي إليه أبًا وأمًّا جديدة تفعل نفس ما يفعله أبواه، في حين أنه يحتاج الأخت المتفهمة والصديقة الحنونة المستمعة لمشاكله المشاركة في حلها دون فرض رأي أو توجيه مستمر.
كوني أختًا وصديقة وعندها سيكون هذا نعم العون له.. اشرحي له تجربتك وما توصلت إليه.. وأفهميه أن أباه وأمه يحبانه، ولكن بطريقتهما التي لم يوجههما أحد إليها.. إنهم يتصورون أنهم يفعلون ما فيه المصلحة وهذا شأنهم، ولكن شأنه وشأنك أن تنظرا إلى المستقبل ولا تظلان حبيسا الماضي أو الحاضر، فالأمل في تغيير المستقبل يبدأ من أنفسنا يقربنا، وتعاضدنا سويًّا كإخوة وأصدقاء.. لا بقيام أي منا بأدوار الآخرين.. ونحن معك.
ـــــــــــــ(103/115)
عنف الأطفال.. لماذا؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم أنا أم لطفل واحد وعمره 7 سنوات، وهو في الصف الثاني الابتدائي، وأنا أعاني من مشكلة هي عدم الاكتراث بالنصيحة أو سماعها لفترة قليلة جدًّا لعدم هدوئه ومشاكسته في المدرسة؛ مما يسبب المشاكل مع الطلاب من زملائه، وبدأ يؤذيهم بالضرب العنيف حتى في إحدى المرات قدرًا في زيارتي إلى مدرسته، مع العلم أنني دائمة الاتصال مع مدرساته والسؤال عن مستواه الدراسي وسلوكه مع زملائه، فدخلت المدرسة فإذا بزملائه الأطفال يشكون بأنه ضرب أحد الأولاد، وفعلاً رأيت الطفل يبكي وعينه مزرقة، فغضبت جدًّا وقررت عقوبته وتهديده بأنه لن يداوم مجددًا، فبدأ بالبكاء والاعتذار مع وساطة أهلي فوافقت بشرط أنه لن يضرب أحدًا بعد اليوم، فوعدني بذلك، ولكنني متأكدة بأنه سوف ينسى بعد يوم، فأرجو منكم أن تجدوا لي حلاًّ بأسرع وقت، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في إحدى المرات ذهبت للمدرسة لاستلام ابني حتى أوصله للبيت بعد انتهاء اليوم الدراسي، ففوجئت بأحد زملائه يأتي إليّ مسرعًا ويشكو ابني مدعيًا أنه شتم أباه، وتعجبت وسألت ابني مستنكرًا قيامه بذلك، فأنكر ذلك تمامًا، وتساءلت ما مصلحة زميلك في أن يدعي عليك ذلك، فنفى ابني التهمة وبدأ في البكاء؛ لأنني لم أصدقه، وعندها جاء طفل آخر ليؤكد رواية ابني وأنه لم يشتم زميله، بل إن زميله هو الذي اعتدى عليه بالضرب.. ماذا أريد بهذه القصة.. أريد أن أقول إنك تشكين من مشاكسة ابنك وعنفه مع زملائه في المدرسة، ألم تسألي نفسك لماذا.
ألم تسأليه هو نفسه لماذا يشاكس زملاءه، ولماذا هو عنيف أيضًا في البيت معك، وكيف تتعاملين معه بصورة عامة، وهل تعاقبينه بالضرب، وفي بياناتك أنك ووالده منفصلان، فمتى كان الانفصال، وما تأثيره على ابنك، وكيف يتعامل معه أبوه، وهل يراه ويسأل عنه.. وهل يشاهد ابنك كثيرًا من أفلام العنف.. وهل العنف سمة عامة بين الأطفال في مدرسته أو فصله.. وكيف يتعامل معه المدرسون.. وما هي مبرراته التي يقدمها للعنف.. وكيف تقدمين له النصيحة.. وما هي لغة الحوار معه، وهل يفهم ما يقال له، وهل أنت دائمة التأنيب والتوبيخ له.. وهل له أصدقاء يلعب معهم ويمرح ويتفاعل؟ أم أنه لا يستطيع تكوين صداقات؟... أسئلة كثيرة تحتاج للإجابة قبل أن نتهم ابننا بأنه لا يسمع النصيحة أو أنه يتعامل بعنف مع الأطفال، ونحن في انتظار إجابتك.
ـــــــــــــ(103/116)
طفلي في الغابة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية نود أن نشكركم على هذا المجهود العظيم جعله الله في ميزان حسناتكم ونفع به الإسلام والمسلمين.
المشكلة هي أننا لاحظنا على ابننا مصطفى -سنة و4 أشهر- أنه يخاف أكثر من اللازم، وقد لاحظنا ذلك منذ فترة، فمثلاً عندما يرى اللعب التي على أشكال الحيوانات يخاف منها ويجري مهرولاً إلى أمه أو إليّ، ويكون وجهه مليئا بالرعب والفزع ويحدث ذلك أيضًا عندما يسمع صوتًا عاليًا فجأة.
وقد حاولنا معالجة ذلك عن طريق أننا نأتي باللعب التي يخاف منها، ونظل نضربها ونحن نضحك، فيشاركنا في ضربها والضحك، ولكن عندما يراها مرة أخرى يخاف منها أيضًا ونبدأ في ضربها واللعب حتى يشاركنا مرة أخرى، علمًا بأن هذه اللعب ليست كبيرة الحجم. ونحن نجعل القرآن الكريم يعمل معظم الوقت في البيت، وكثيرًا ما أحمله وأقرأ عليه القرآن وبعض الأدعية.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا ندري ما هي المصلحة أو الفائدة التربوية التي ستعود على ابننا مصطفى ذي السنة والأربعة أشهر في أن نصرّ على لعبه باللعب التي على شكل الحيوانات، ونبذل في ذلك المجهود الكبير، ونجعل القرآن يعمل معظم الوقت، ونحمله ونقرأ عليه القرآن والأدعية...
هل ننوي أن نربي ابننا مصطفى في الغابة فنريد منه أن يتعود في هذه السن المبكرة على منظر الحيوانات، وإذا لم يفعل نعتبره يخاف أكثر من اللازم.. وهل سيتعامل مع طرزان وهو يصرخ صرخته المدوية التي ينخلع لها قلب كل من يسمعها وتهتز لها أركان الغابة؛ ولذا فنحن منزعجون لبكائه عندما يسمع صوتًا عاليًا.
إن طفلكما نموذج طبيعي وعادي لطفل سيتربى في المدينة في ظروف طبيعية عادية يلعب بما يراه مناسبًا لنفسه ولما يحبه ويسعد به دون أن نفرضه عليه بدون أي داع.. طبيعي أن يبكي الطفل عندما يسمع الصراخ أو الصوت العالي، فلم تتعود أذناه بعد على التلوث السمعي الذي اعتدناه واعتبرنا من لا يتحمله هو الإنسان غير الطبيعي.
للأطفال فيما يحبون أن يلعبوا به مذاهب، ولكل طفل ما يستهويه، فلا تحاولا أن تفرضا عليه لعبة معينة في وقت معين، واتركاه يلعب بما يشاء وقتما يشاء طالما أنه لن يعيش في الغابة.
ـــــــــــــ(103/117)
لا يطيقونه أبدًا ... العنوان
حضرة الاستشاري.. إن ابن أختي ذكي جدًّا، وبشهادة كل أساتذته، وكان والداه مهتمين به كثيرًا حتى أصبح عمره 4 سنوات ظنًّا منهم أنه أصبح رجلاً -أتوقع هذا.
والآن أصبح في الصف الرابع الابتدائي ومستواه التحصيلي جيد جدًّا، إلا أن تصرفاته أصبحت غريبة وتكتمية كثيرًا؛ ففي الآونة الأخيرة عرفنا أنه طلب أن يحمل حقيبة زميله مقابل 10 دراهم، مع العلم أنه لا يحتاج لهذه الأموال أبدًا، ويقوم بترتيب ملابس الأولاد في الصف ولا أعرف إن كان بمقابل أم لا. ولكن ما عسانا نفعل معه، فأمه وأبوه لا يطيقانه أبدًا لتصرفاته العنيدة، وفعل ما يغضبهما دائمًا؟ أرجو الإجابة سريعًا. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ماذا نتوقع من طفل أمه وأبوه لا يطيقانه أبدًا.. ويبدو أيضًا أنهما أصبحا لا يهتمان به منذ سن الرابعة؛ لأنه أصبح رجلاً (هذا ما يبدو من الرسالة)، وتقضي معه الأم 3 ساعات يوميًّا والأب ساعة واحدة.. أين الحب والحنان والدفء والرعاية التي تصنع شخصًا سويًّا في تصرفاته؟
إن هذا الطفل يشعر بهذا الرفض وعدم الاهتمام من قبل والديه، ويعبر عن حرمانه بهذه التصرفات الغريبة.. إن علاج العناد لا يكون بألا نطيق أولادنا؛ لأن هذا سيزيد من عنادهم، بل أن نبحث في سبب هذه التصرفات العنيدة والذي يكون غالبًا هو سوء توجيهنا وعدم معرفتنا بكيفية التعامل مع هذا الطفل الذي يحتاج إلى التشجيع والشعور بالثقة.
إن ابنكما يتصرف هذه التصرفات الغريبة؛ لأنه طفل مهمل مرفوض لا يهتم به أحد أو يهتم أن يحاوره أو يتفاهم معه، أو يأخذه في حضنه ويربت على شعره ويشجعه ويثني عليه.
إن من يستحق العلاج هما الأبوان من أجل أن يتعرفا على كيفية التعامل مع هذا الطفل العنيد -على حد وصفك- وستجدين على صفحتنا... الكثير والكثير في كيفية التعامل مع الطفل العنيد وعندها سيكف طفلنا عن تصرفاته الغريبة؛ لأن هذه التصرفات هي عرض لمشكلة وليست هي المشكلة.. هي عرض لمشكلة الحرمان والإحساس بالإهمال؛ لأنه ببساطة ربما يقوم الطفل بترتيب ملابس زملائه بحثًا عن اهتمامهم وامتنانهم، أو بحثًا عن مكانة له بينهم يفتقدها في بيته ووسط أهله، فلنعطه وضعه في بيته، ولنشجعه ولنشعره بالدفء والحنان والاهتمام، ثم لنتحاور معه حول تصرفاته، وعندها سنجد الاستجابة والتفاعل التي تحل كل المشاكل.
ونحن نشكر لك اهتمامك، ونرجو أن يكون الوالدان على نفس القدر من الاهتمام والتفاعل من أجل مصلحة ابنهما . ونحن معكم.
ـــــــــــــ(103/118)
حروف طائشة وآباء حائرون ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. الإخوة الفضلاء والأخوات الفضليات القائمون على هذا العمل الجليل تحية الإسلام إليكم عامرة بالحب والسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أما بعد..
منَّ الله علينا بولد وطفلتين. الاستشارة تخص البنتين، أما الأولى فتبلغ الآن سبع سنوات وما زالت تنطق حروف السين والصاد والراء نطقًا غير صحيح، وكنت عرضتها على أستاذ أمراض تخاطب وهي في الثالثة من عمرها وفحص السمع واللسان وأخبرنا بأن سنها ما زال صغيرًا على النطق الصحيح، وأمامها فرصة حتى سن السابعة، وكانحراف الشين هو الآخر به مشكلة بالنطق، والآن أود أن أعرف ما هي التمرينات التي أستطيع أن أعالج بها ابنتي، أو ما السبيل لحل هذه المشكلة؟
الثانية تبلغ الآن أربع سنوات وما زالت تتبول وهي نائمة، حتى إنه لا يكاد يمر يوم دون حدوث ذلك. أرجو الإفادة حيث إنني قلق على حل هذه الأمور، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام أيها الأخ الفاضل ورحمة الله وبركاته، تحية عامرة والود والسلام عساها أن تكون كالتي حييتنا بها.
فقد لفت نظري وأنا أطالع سؤالك الذي يفترض أنه شكوى بأن تذكر نعم الله تعالى السابغة بقولك (منّ الله علينا)، فيالها من افتتاحية تنم عن قلب عامر بالخير، وصدق رسول الله فيما ورد عنه ورد في الحديث الشريف أن "الحمد لله تملأ الميزان"، رطّب الله بها لسانك وقلبك دائمًا، وبارك لك فيما أنعم عليك.
أما عن زهرتيك فأحب أن أطمئنك عليهما، وقبل أن أطمئنك عليهما أحب أن أناشدك بالله أن توفر لهما مع أخيهما الحياة التي يترعرعون فيها في سلام وأمان قبل أن تسأل عن علاج مشكلات تسببت علاقتك المضطربة مع أمهما فيها؛ فلقد اختفت الإجابة وتنكرت بين سطور السؤال مع أنها واضحة كالشمس؛ فكيف بثمرات فيها النضارة والحياة تنبت في تربة مالحة متصدعة؟ وكيف بحياة أسرية مضطربة أن ينشأ في ظلالها أطفال أصحاء وأسوياء؟!
إن حل المشكلة الأساسية إنما يكمن أولاً وقبل علاج النتائج في حل مشكلاتك يا أخي الكريم مع الأم الغالية التي تصنع الأجيال، ولعلها تطلع معك على الإجابة لتعلما سويًّا أنكما قد أصبحتما على طريق رفيع الشأن هو طريق التربية، الذي لم يَعُد فيه مكان لأحد سوى المشمرين والمجتهدين لينالوا سعادة الدنيا بقرة أعين وذرية طيبة، وسعادة الآخرة بتيجان الكرامة تلبسها لهم تلك الذرية، وصحف ملأى بدعائهم لهم حتى بعد وفاتهم، وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وللتعاهد على نبذ أي معوقات عن النجاح في اجتياز هذا الطريق؛ فكلكم راع ومسئول عن رعيته التي لا ذنب لها أن تجني ثمارًا مُرة لبذور كريهة لم تزرعها يومًا أو تعلم عنها شيئًا.
لعلي أطلت في تقديمي للإجابة.. لكن في الحقيقة لم يكن هناك بد من هذه الإطالة فما يليها لا يزيد عنها في الأهمية إن لم يكن عديم الأهمية بعدم تطبيق ما فيها.
نعم يا أخي.. فإن كنت أحمل لك البشرى بأن الطفلتين سيشفيهما الله في أسرع وقت لارتفاع نسبة الشفاء في الحالتين، لكن هذه البشرى مشروطة بتهيئة المناخ المناسب لتتحقق، فمهما سقينا النبات من ماء مالح فلن يقوى ولن يكبر، بل سيموت.
وحيث إن الطفلة الحبيبة قد وصلت سن السابعة، فقد أصبح لزامًا أن تبدأ معها برنامجًا للعلاج من اللعثمة أو التأتأة وهو ما تصل نسبة النجاح فيه إلى 98%، ويمكنك معاودة عرضها على الطبيب الذي تعاملت معه وهي صغيرة أو محاولة علاجها في مكان آخر، ولكونك من مصر فسأدلك على مكان حكومي (قليل التكاليف نسبيًّا) للتوجه إليه لعلاج الطفلة، وقد كان ترشيحي للمكان الحكومي توفيرًا للتكاليف، أما لو كان الأمر من الناحية المادية بالنسبة لك لا اعتبار له فيصبح الخيار لك فقط، وافني بمكان سكنك أو المكان الذي تفضل أن يكون فيه طبيبك؛ لأوافيك ببعض الترشيحات لمن أعرف من الأطباء المهرة في التخصص والقريبين منك ليسهل عليك أمر المتابعة، ونصيحتي ألا تتأخر في التوجه للعلاج؛ لأن سن الطفلة مناسبة، ومع صغر السن تزيد نسبة النجاح ويقوى الأمل في زوال الحالة بدون ترك أي أثر مستقبلاً.
وإليك نبذة عما تسير عليه حالات العلاج الشبيهة بحالة طفلتك الحبيبة:
1 - يتم عرض الطفلة على طبيب التخاطب لتشخيص حالتها.
2- تبدأ جلسات للعلاج من خلال كورس يتم تحديده من قبل الطبيب.
3- تنتهي الحالة وتُشفى الطفلة –إن شاء الله- تمامًا من هذا العرض بدون أي آثار، مع الانتظام في العلاج والمعاملة الصحيحة مع الطفلة، واستغلال صغر سنها قبل فوات الأوان.
أما المكان الحكومي الذي أرشحه لك فهو معهد السمع والكلام بإمبابة – محافظة الجيزة – شارع الطيار فكري على كورنيش النيل.
وما زال برنامج التعامل مع سهام داخل الأسرة أمرًا مهمًّا في عملية العلاج، ولعل الأهم منه هو توفير المناخ السليم والمستقر حول أطفالك جميعًا لتعينهم على أن يتجاوز كل منهم ما ألمّ بهم من مشكلات، وأوجه هذه الاستغاثة إلى الأم أيضًا لعلها تسمعني فتنبذ معك كل ما يمكن أن يضيع أبناءها، وتتعاون معك على إسعادهم بكل ما تملك، متجاوزة كل وسوسة ينفثها شيطان بينكما وكل نزعة للشقاق.
وقبل أن أورد لكما برنامج التعامل مع سهام وجب عليّ التأكيد على أن الطفلة ليست في حاجة أن تُعامل على أنها مريضة نفسيًّا أو ذات نقص، فسبب حالتها ما زال غير محدد بعد، وأيًّا كان فعلاج أسباب الحالة سيتم عن طريق المختصين، أما دورك ودور الأسرة فيتلخص فيما يلي:
• أولاً: عدم لفت نظرها إلى كونها تعاني اضطرابًا ما أو اختلافًا عن باقي أفراد الأسرة – كما سبق وأسلفنا - باتباع ما يلي:
- عدم إشعارها بشكل سلبي أو إيجابي أنها غير طبيعية والمقصود بالشكل السلبي تهديدها بالعقاب إن لم تتحدث بشكل سليم، أما الإيجابي فهو إغراؤها بالمكافأة والتشجيع لتتكلم بشكل سليم، فكلتا الطريقتين سترسخ لديها الشعور بأن هناك أمرًا ما مختلفًا عن غيرها يحتاج للتخلص منه بما سيزيد من توترها والضغط العصبي، ويساهم في زيادة الحالة بدلاً من حلها، فالهدوء واللامبالاة أثناء حديث الطفلة بهذه الطريقة من أهم ما يجب تحريه مع الطفلة.
- التعامل معها بشكل ليس فيه تعاطف زائد عن الطبيعي؛ فمثلاً حين تبدأ بالكلام وتبدأ في التأتأة بتكرار حرف الألف مثلا لتقول (أأنا) فيجب ألا نقول لها: "حاولي وستستطيعين" أو "مهلا وستنطقينها" أو "بهدوء وستنجحين"، فكل هذه العبارات التشجيعية ستؤصل عندها شعورها بالمشكلة، بل يجب أن يقال لها: "(أنت ماذا؟) فهمت قصدك ماذا تريدين يا حبيبتي"، كما يدور الحوار العادي مع باقي إخوتها والمحيطين بها.
- منع إخوتها أو أقرانها من أطفال وأبناء العائلة من السخرية منها، مع محاولة تجنب لفت نظر الآخرين لحالتها أو لفت نظرها لشعورهم بالتعاطف معها لاختلافها عمن حولها.
- توجيه أفراد العائلة ومن تختلط بهم الأسرة إلى أهمية عدم إثارة الموضوع أو التعليق على الطفلة أو لفت نظرها.
• ثانيًا: محاولة منع تعرض الطفلة لموقف مفاجئ يربكها ويزيد تلعثمها وخاصة أمام الناس، كأن يسألها أحد سؤالاً مفاجئًا لم تستعد له؛ فالشخص الكبير يسهم عنصر المفاجأة في إرباكه وانزعاجه وبعثرة أفكاره أحيانًا مما يتطلب منه برهة لإعادة تنظيم أفكاره وإجابته.. فكيف الحال مع الطفل الصغير؟
ندعو الله سبحانه أن تنتهي الحالة لدى سهام على خير.
أما بالنسبة لشقيقتها الحبيبة فستجيبك عنها الدكتورة الفاضلة إيمان السيد.
تقول الدكتورة الفاضلة إيمان السيد. :
مرحبًا بك أخي الفاضل، وأقرّ الله عينك بزهرتيك جعلهما لك ولأمهما حجابًا من النار كما ورد عن الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.
أخي الكريم، إن قلقك على ابنتك (4 سنوات) لعدم تحكمها في عملية التبول ليلاً يجب أن يزول؛ لأنه لا يمكن أن يُطلق على ما تعانيه ابنتك من الناحية العلمية اسم "مرض"، أو تشخيص الحالة على أنها مشكلة مرضية، فهذا المصطلح لا يطلق إلا بعد بلوغ الأطفال سن السادسة، فلا داعي للقلق، ولكن ننصح بالتالي:
1- تحليل بول للتأكد من خلو البول من التهابات المجاري البولية، وهو ما يحدث بنسبة أكبر في البنات عنه في الأولاد.
2- تحليل سكر صائم.
3- كمية البول في 24 ساعة مع قياس الكثافة النوعية في البول.
ويمكنك إرسال نتائج التحاليل في حالة القيام بها وسأقوم بمساعدتك في الاتجاه السليم.
وبعد استبعاد كل الأسباب العضوية يبقى لنا محاولة التغلب على الأمر، وذلك كما يلي:
- تقليل نسبة تناول الطفلة للسوائل وبخاصة مدرات البول كعصير القصب والبرتقال، وكذلك الأطعمة المحتوية على نسبة عالية من المياه مثل الخيار في الفترة المسائية.
• - يمكن تمرين الطفلة أثناء النهار على إطالة الفترات بين دخول الحمام؛ من أجل زيادة سعة المثانة، أو مطالبة الطفلة بمحاولة إيقاف سير البول أثناء عملية التبول في الحمام عدة مرات من أجل تقوية العضلة العاصرة.
• حذارِ من التقريع وابتعد أنت وأمها عنه، ولا تقوما بلومها إذا ما فشلت في الاستيقاظ للتبول في المكان المخصص لذلك، بل يُكتفى بحرمانها من الهدية التي كانت مخصصة لإنجازها هذه المهمة، وإن كان هناك معاتبة فبأسلوب لطيف، وليكن الأمر سرًّا بينكما.
• يجب أن تنام هي وإخوتها على ذكرى سعيدة من احتضان من الأم أو الأب وقصة لطيفة قبل النوم.
• يجب أن تقضي حاجتها قبل النوم مباشرة، وإن أمكن إيقاظها أثناء الليل للتبول.
وأهم نصيحة هي عدم القلق من وجود هذه الحالة والتعامل مع الطفلة بلطف وحب؛ حيث إن زيادة التوتر قد ينتج عنها زيادة تفاقم المشكلة.
أخي الفاضل، أعود فأساند ما قيل سابقًا من كلام الدكتورة سحر، فأقول لا تبخلا على زهرات عمركما بالماء الذي في أيديكما، وهم ظمأى وفي أشد الحاجة إليه؛ فالعلاج في أيديكما فأنقذوهم من غيابات جبّ الاضطراب الأسري الذي يمكن أن يضيعهم للأبد.
ـــــــــــــ(103/119)
كنز الطاعة المفقود.. موجود ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولاً جزاكم الله كل الخير على هذا المرسى الهادئ الذي نرسو فيه على قواعد راسخة من العلوم والأخلاق والدين كلما تُهنا في أمواج هذا العصر وأفكاره المتضاربة وعادات مجتمعاتنا التربوية التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولكن يُصِرّ الجميع على التمسك بها وتقديمها نصيحة للآخرين.
أتمنى ألا أطيل عليكم، فسؤالي لا يدور عن حدث معين، بل يدور حول أسلوب تعاملي مع ابنتي (3 سنوات)، فأنا منذ ولادتها أتبع معها أسلوبًا حسبت أنه الأفضل، وهو أني لا أجبرها على أي شيء لا طعام ولا شراب ولا نوم، وأحاول أن أستجيب لكل ما أستطيع تلبيته من رغباتها (أعني بالرغبات حملها، واللعب معها، ولا أعني طبعًا ما تريد أن تقتنيه، فأنا أعارض أحيانًا إذا ما شعرت أن طلبها فيه أنانية أو طمع)، وذلك رغبة مني في أن تكون لها شخصية قوية.
ولكن مشكلتي أن الشيء الوحيد الذي أصرّ آسفة لصنعه رغمًا عنها هو تمشيط شعرها، حيث إني لا أستطيع إقناعها أبدًا بذلك، حيث رويت لها العديد من القصص، وتحدثت معها عما قد يحدث إذا لم نمشط ولكن دون جدوى، فهل هناك حل تستجيب به دون أن تمشط وسط البكاء والاعتراض؟ وهل تمشيطي لها مع عدم رغبتها له تأثير سلبي عليها؟
كما أنها بدأت أحيانًا تخالف بعض القواعد العامة (مثلاً تخلع حذاءها في الحديقة، تتحدث بصوت عالٍ جدًّا)، وعندما أطلب منها التوقف لا تستجيب أبدًّا، ولكني عندما أتحدث معها برفق وأوضح لها خطأها تعتذر وتعدني ألا تكرر ذلك، ولكنها تكرره بعدها فورًا في بعض الأحيان، وهو ما يضطرني إلى أن أعاقبها بالمكث في غرفتها لمدة ثلاث دقائق حتى أعطيها فرصة التفكير بهدوء، وأتجنب أن أثور عليها كما تصنع الأمهات، وغالبًا ما يجدي هذا العقاب، فهل هذا أسلوب سليم أم خاطئ أرجو إفادتي؟ وهل هذه المخالفات تنتج مما يسميه الجميع تدليلي لها أم أن تصرفات طفلي تحتاج إلى تقويم مني؟ وشكرًا. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة أم جنة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بك ضيفة عزيزة على صفحتنا للمرة الثالثة؛ فكم نسعد حين يتفاعل معنا أحد زوار الصفحة وهو ما نرمي إليه بالفعل ليتم عملنا على وجهه الأمثل.. جعل الله رعايتكم لـ"جنة" طريقًا للجنة بإذن الله تعالى.
جميلة حقًّا حروف رسالتك وما ينبعث منها من رائحة الحب ورائحة الوالدية الحانية.. وصدقت حين حدثتني عن عادات مجتمعنا التربوية فذكرتني بما قرأته يومًا للدكتور أحمد عكاشة الطبيب النفسي المعروف، حيث قال: "يؤسفني القول بأن ثقافة الإنسان العربي النفسية تجعله غير متمكن من تنشئة أولاده بصورة سويّة مرنة لأحداث الحياة". وهذه الثقافة التي تحدث عنها د. عكاشة هي ما نرمي بالفعل لوضع لبناتها لبنة لبنة.
وربما يكون أول الأشياء التي نبغي إعلامها وترسيخها أن ليس للتربية طريقة واحدة صائبة، بل هناك طرق عدة، وما يصلح لطفل ما لا يجوز أن ننصح باتباعه مع طفل آخر. ولذا فمسألة النصيحة المتوارثة عبر الأجيال تحتاج منا لوقفة مراجعة، فما كان بالأمس صالحًا، هناك احتمال أكبر اليوم لعدم صلاحيته. ولذا علينا قبل تطبيق النصائح أن ندرسها أولاً ونختبر مدى ملاءمتها لطبيعة طفلنا، بل ولطبيعة سياستنا تجاه الطفل. وسأتجاوز هذه النقطة؛ لأنها تحتاج لصفحات وصفحات حتى نستوفيها حقها.
وأنتقل لما سألت بشأنه، وسأحاول حصر رسالتك في نقاط:
- تمشيط شعرها.
- أسلوب التعامل مع الابنة ومخالفة القواعد العامة.
- أسلوب العقاب.
وأبدأ معك بمشكلة تمشيط شعرها:
- يمكنك أن تشغلي ابنتك وقت تصفيف شعرها كأن تغني لها، أو تديري موسيقى أو التلفاز لترى برنامجًا تحبه.
- حاولي أن تقتنصي فرصة لتكون هادئة بعض الشيء أثناء التمشيط، وامتدحي هدوءها في هذه المرة.
- امتدحي شكل شعرها الجميل.
استفيدي من رفيقة الخيال لطفلتك؛ فقد قرأت في رسالة سابقة لك أن لها رفيقة خيال ؛فهذه الرفيقة تنفع كثيرًا في توجيه الرسائل التي نحتاج توصليها للطفل.
فمثلاً قولي لها: "حتى صديقتك هذه تصفف شعرها"، وحاولي معرفة لماذا لا تحب تمشيط شعرها؟ هل تشعر بألم أو أنها متعجلة لتتابع لعبها؟
- الأمر الآخر الذي ربما يساعدك هو الدمية، فإذا كانت ابنتك لديها دمية محببة تحدثها وتعتني بها فيمكنك أن تلعبي دور الجدة مع ابنتك وحفيدتك "دمية ابنتك".. نعم فالطفلة غالبًا ما تعامل دميتها على أنها ابنة. وفي هذه الحالة دربيها على العناية بالطفلة، ولكن لا تبدئي بمسألة تمشيط الشعر حتى لا تكتشف طفلتك أنك توجهين لها رسالة محددة.
فمثلاً قولي لها: "إن ابنتك هذه مؤدبة حقًّا فهي لا تقاطعنا حين نتحدث، ما أجملها من بنت.. انظري إنها ارتدت ملابسها بمفردها هل علمتها يا جنة كيف ترتدي ملابسها.. ما أجملها حقًا، ما رأيك صففي لها شعرها حتى نخرج؟". واخرجا بالفعل معًا وامتدحي طريقة تصفيفها لشعر دميتها، وامتدحي دميتها التي لا تخرج بدون تصفيف شعرها.. وهكذا عليك بتأليف سيناريوهات مختلفة.
ماذا لو لم تفلح كل الطرق لإقناعها بتصفيف شعرها بسهولة؟ أظن أن توفري معاركك لشيء أهم، فلا مانع أن تقصري شعرها بما يسهل تصفيفه أو اختيار تسريحة سهلة لا تحتاج لمكوثها فترة طويلة بين يديك أثناء عملية التمشيط.
آخر ما أود ذكره لك في هذا الموضوع هو عدم مقارنتها بغيرها من البنات أبدًا، فبدلاً من إصلاح شيء بسيط تفسد شيئًا كبيرًا بهذه المقارنة التي تدني ثقتها بنفسها، فضلاً عن بذرة الغيرة تجاه الغير التي ربما تنبت ما يصعب اقتلاعه من ثمار ضارة.
أسلوب التعامل ومخالفة القواعد:
ذكرت "لا أجبرها على فعل شيء". دعيني لأجيبك: شكرًا.. استمري.
التربية سيدتي لا علاقة لها بالإجبار؛ فنحن نضع قوانين لنظم حياة الطفل، وليس لتكبله وتخنقه. وإذا ما كنا نرغب في أن يكون أبناؤنا لهم شخصية قوية فأول ما يجب علينا فعله هو بناء ثقة الطفل بنفسه، وبناء الحب بيننا وبينه، ثم بناء مهاراته.
هذه هي الوصفة –إذا جاز لنا التعبير- وأرجو أن تطالعي هذه الاستشارة "سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟" فقد عالجت فيها هذا الأمر.. والهدف من وضع قوانين للطفل ونظام يومي ثابت هو منعه من الوقوع في حيرة وإكسابه بالتدريج نظامًا داخليًا للضبط الذاتي.
وبصفة عامة فالأطفال أقل من الخامسة لم ينموا بعد ليتبعوا القوانين بصرامة وهو ما يفسر تكرار الأمر (السلوك غير المرغوب) مرة بعد مرة، وليس معنى ذلك سوء سلوك أو تجاهل الطفل لأوامرنا.
والطفل في هذه السن يسعى جاهدًا لكسب حب وقبول المحيطين به، ويستطيع أن يتبع عددًا قليلاً من القوانين، ولكن بلا استمرارية أي ليس بصفة دائمة منتظمة، فهو يتبعها مرة وينساها أخرى. ومن السهل على الطفل ألا يتصرف تصرفًا مقبولاً؛ لأنه حديث العهد بتعلم القوانين.
إذن ما الذي نفعله لنعلم الطفل اتباع قوانين:
- البداية المبكرة، فكلما استطعنا تعليم الطفل القوانين منذ سن مبكرة كان ألين وأسرع في التعلم.
- التعبير الإيجابي له تأثير رائع على الطفل، فابنتك تتحدث الآن بصوت هادئ، اغتنمي الفرصة ودعّمي هذا السلوك الإيجابي، وامتدحي هذا الصوت الناعم الرقيق. فإذا ما علا صوتها مرة أخرى فعليك بأن تذكريها كيف كان صوتها جميلاً في المرة السابقة. وحين تعبرين لطفلتك كوني هادئة قريبة منها، واستخدمي لفظ "افعلي" بدلاً من "لا تفعلي"، أي قولي لها: "تحدثي بصوت هادئ" بدلاً من "لا تتحدثي بصوت عال".
- وقبل أن تذهبي للحديقة أو أي مكان عام حدثي طفلتك عن ذلك، ووضّحي لها أنها بإمكانها لعب الكرة، الجري، الغناء، لكن لا يمكنها خلع حذائها؛ فهذا غير مقبول لأن "ربما تُجرح قدماها"، "وربما تتسخ قدماها".. المهم قدِّمي لها سببًا معقولاً ومقبولاً واختصري في توضيحك، فالأطفال عادة لا يحبون الاسترسال في التعليمات والأوامر.
- وإذا حاولت خلع حذائها حاولي إعطاءها بدائل واشغليها فورًا عن هذا السلوك غير المرغوب، قولي لها: "ما رأيك أن نلعب بالكرة معًا"، "هيا نتسابق..."، "هيا نجري وراء هذه الفراشة"، وهكذا حاولي أن تبتعدي عن مواطن الصدام وحوّلي نظرها لاتجاه آخر.
- أما طريقة العقاب التي اخترتها فإن كانت تجدي فلا مانع. وإن كنت أفضل الثواب قبل العقاب، فالطريق بين الصواب والخطأ طويل يمكننا أن نظل في أغلب الوقت في أوله دون أن نصل للخطأ -آخره– فقط إذا اغتنمنا الفرص لمكافأة كل صواب تفعله طفلتنا بدلاً من الانتظار حتى تفعل الخطأ لنعاقبها.
- كوني على طبيعتك مع طفلتك، ووضحي لها الصواب والمرغوب. وإذا أقدمت على الخطأ فاشغليها عنه، وقدمي لها البدائل كما أوضحنا في مثل خلعها لحذائها. فإذا كررت الخطأ فنبهيها بلطف، ثم كرري التنبيه مرة بعد مرة.
فإذا أصرّت عليه بعد ذلك فعاقبيها عقاب المحب المشفق وليس عقاب المنتقم، وتذكري حبيبتي دائمًا أن العقاب يتعامل مع الماضي، والنظام يتعامل مع الحاضر والمستقبل. استمري في حبك لطفلتك فهو الكنز الحقيقي لكما معًا، ولكن الحب دون تدليل. وفقك الله دائمًا وهدانا وهداك للصواب.. في انتظار مزيد ومزيد من الرسائل.
ـــــــــــــ(103/120)
أين الله؟ - مشاركة من خبير ... العنوان
مشاركة من الأستاذة ناهد الخراشي الخبيرة بالصفحة للاستشارة التي نشرت تحت عنوان:
- أين الله؟
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/ناهد الخراشي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة، تحية طيبة، وبعد..
إن سؤال ابنك ينم عن حب للمعرفة تفوق عمره العقلي، ولا بد من توجيهه وإرشاده في ذلك الأمر بحكمة بتوظيف أسلوب من أهم أساليب التربية وهو القصص.. مستدلة في ذلك بقصة سيدنا موسى عليه السلام قائلة له: يا بني لا يستطيع أحد أن يرى الله؛ لأن الجسد البشري الذي خلقنا الله به لا يستطيع أن يصمد أمام نور الله عز وجل، وليس من الممكن رؤية الله عز وجل على الأرض، ثم تحكين له قصة موسى عليه السلام، فتقولين له: هناك نبي من أنبياء الله هو النبي موسى عليه السلام طلب من الله عز وجل أن يجعله يراه، فقال له الله عز وجل: "لن تراني"
وأكدي لابنك أنه لا أحد من البشر يستطيع أن يرى الله؛ لأن طبيعة الجسد البشري لا تتحمل الصمود أمام نور الله عز وجل، قال الله تعالى: "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي" (الأعراف: 143).
واستكملي قصة موسى عليه السلام فأخبري ابنك أنه بالرغم من أن الله عز وجل أخبر موسى بأنه لا يستطيع أن يراه، ولكن حدثت تجربة عملية أمام النبي موسى.
فلقد طلب منه الله عز وجل أن ينظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف يراه، فلما ظهر الله عز وجل للجبل تهاوت صخور الجبل وانهارت ترابًا؛ إذ لم يستقر الجبل مكانه؛ لأنه لم يستطع أن يصمد لنور الله عز وجل، ولما رأى موسى المنظر أغمي عليه، ولما أفاق من الإغماء قال: "سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِين".
قال الله تعالى: "قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ" (الأعراف: 143).
وتستكملين الحديث معه قائلة: بالرغم من أن الله عز وجل أخبرنا أنه لا يستطيع أحد أن يراه سبحانه؛ لأن قانون خلقنا البشري لا يستطيع أن يصمد أمام نور الله عز وجل.. فإنه سبحانه أعطانا نعمة كبرى، حيث منحنا القدرة على التحدث إليه سبحانه نشكو همنا إليه، ونشكره على نعمه، ونطلب منه ما نريده، وذلك من خلال الصلاة والدعاء، فإن نعم الله علينا كبيرة وعظيمة، ولا بد أن نشكره على هذه النعم بالصلاة والذكر والدعاء، ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي ونذكره سبحانه، وهو سبحانه وحده القادر على أن يريحنا ويحقق لنا كل ما نريده، كل هذا بالطبع بلغة تناسب سنه.
عزيزتي السائلة، أقترح عليك أن تنتهزي ملكة حب المعرفة الممنوحة لدى ابنك، وأن تحكي له دائمًا قصص أنبياء الله عز وجل؛ ففيها الحكمة والموعظة، والسلوك الطيب، والخلق الكريم الذي يعيننا في هذا الزمان، وهي تجيب على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان أبنائنا.
بارك الله فيك وفي ابنك.
ـــــــــــــ(103/121)
وتتابع مغامرات سنة ثانية حياة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وكل عام وأنتم بخير بداية أحب أن أوجه خالص شكري وتقديري لفريق عمل "معا نربي أبناءنا" لتواصلهم معنا، وعدم إهمال أي من أسئلتنا، فكم كانت فرحتي كبيرة عندما وجدت ردكم على سؤال أرسلت في طلب إجابته من شهر تقريبا، اعتقدت أنه لن يرد عليه فأعانكم الله على فعل الخير، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم أنا صاحبة استشارة (دعوا أطفالكم يخافون) وبناء على طلبكم بإرسالنا لقصص نجاحنا مع أبنائنا أحببت أن تشاركوني فرحتي في تخلص صغيري من خوفه من المكنسة، فقد غدا محمد الآن صديقا لها بعد أن كان يهاب دخول الغرفة التي كانت فيها فهو يطلب مني أن أحضرها، وأغلب الأحيان يسبقني إليها ويلعب بها طول النهار، وإذا رآها في أي مكان يشير إليها بإصبعه سعيدا فرحا وكأنه يقول ماما قد تغلبت على خوفي منها فدعيني ألعب معها، إلا أنه ما زال لا يتفاعل كثيرا مع الألعاب ذات الأصوات المرتفعة إلا أننا نحاول معه بالطريقة نفسها وننجح في أغلب الأحيان، والحمد لله، لكن أحب أن أسأل عن تقليد الطفل لكل ما يراه هل هو أمر طبيعي؟ وعلى ما يدل؟ فطفلي مقلد لأبعد الحدود فما أفعل شيئا إلا وتراه يفعل مثلي لا استثناء في ذلك أبدا، أدخل إلى المطبخ فيساعدني فيما أفعل، أحاول ترتيب المنزل فيفعل مثلي تماما وأنا لا أمنعه أبدا أعطيه المكنسة والسكين الخاصة به طبعا فيقطّع معي الخضار، ويضع الأشياء في مكانها المعهود له ربما لا ضير في ذلك، لكنه إذا رأى أطفالا من سنه أو من غير سنه يقلدهم في كل تصرفاتهم في نفس اللحظة فإذا جلس أحدهم جلس مثله تماما، وإن ركض قلده، وهكذا فهل في ذلك من سوء على شخصيته في المستقبل يجب تداركها في سن مبكرة؟ أم أنه أمر عادي لا يقلق؟ وأود أن أعرف مدى صحة تعاملي مع ابني، أنا وهو متحاوران ومتفاهمان لحد ما لكن إذا طلبت منه شيئا ينفذه إذا قلت له افعل كذا لأعطيك كذا، فمثلا إن كان يبكي أقول له اسكت وقف على السجادة
حتى أحملك فيسكت وينتظرني حتى أتي إليه وأحمله ولا أكذب عليه أبدا.
فهل في ذلك ما يجعله يربط أمرا بأمر دائما وتنقلب الآية بعد فترة؟
آسفة على الإطالة.. لكن أحب أن أخبركم أني أم متعلقة بابنها كثيرا، وأخاف عليه فلا أستطيع أن يغيب عن نظري حتى في المنزل، وقد قدمتم لي قولا في الاستشارة الثانية مغامرات سنة ثانية حياة تقولون فيها "نصيحتنا لكل أم إزاء ولدها أن تمنحه الانطلاق بلا حدود" فهل خروج الطفل مع غير أبويه في هذه السن كعمه أو خاله يمنحه الانطلاق؟ وإذا لم يفارق أبويه يصبح انطوائنا، رغم أنه إذا رأى عمه ذهب إليه ولم يعد يسأل عنا، فما قولكم؟ وما هي الطريقة التي أتغلب بها على قلقي وتعلقي بمن هو قطعة مني؟ ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
التقليد والبذاءة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختنا الفاضلة وبابنك الغالي، وهنيئا لك بتطوره وتغلبه على الخوف من المكنسة.. ربط الله على قلبه وزاد من رباطة جأشه.
ولقد ذكرني سؤالك بصحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-حينما كانوا يتحرون أن تطأ دوابهم مواضع أقدام دابة رسول الله تتبعا لخطاه وحتى خطى دابته ويقولون: "عسى أن تكون القدم محل القدم"، وما كان هذا يا أختاه إلا حبا له واهتداء واقتداء به.
لعلك يا أختاه قد أدركت ما أعنيه بهذه المقدمة فطفلك الحبيب حين يقلد تصرفاتك ويحاكيها فهو حينئذ (يتعين) بك، وسأشرح لك ما هو (التعيين) في السطور القادمة، وهو ما يعد أمرا طبيعيا وسلوكا متوقعا في تلك السن، ولعلي هكذا أجبتك عن سؤالك الأول بشأن ما إذا كان الأمر طبيعيا من عدمه. ولكن ليست هذه كل المسألة فما زال للحديث بقية.
إن المحاكاة كما سبق وقلنا أمر طبيعي ومتوقع في هذه السن (عامان) بل وإن له وظيفته في بناء الشخصية وخاصة في هذا العمر؛ حيث يبدأ الطفل في محاكاة من يكبرونه أو يقومون برعايته وتتشكل بنيته النفسية وطبائعه وسلوكياته على غرار هذا الآخر الكبير (الأم – الأب – الجد ... إلخ) وهو ما يطلق عليه (التعيين)، وفي الحالات المثلى ينبغي أن يتعين الطفل الذكر أباه وأن تتعين الأنثى أمها.
ومن المقبول من الطفل تحت سن الثلاث سنوات أن يتعين أمه لأنها ما زالت (الموضوع) الأوحد لديه، وهذا إلى أن يدخل الأب في هذه العلاقة فيتعين به الطفل، ويبدأ في محاكاته لإعجابه به وإعجاب الأم به وكأن لسان حاله يقول: "أنا أحبكِ، إذن سأحب من تحبينه"، ثم يبرز دور الأب في حياته بحبه ورعايته واهتمامه وحمايته فتتولد لديه الرغبة في أن يكون شبيه هذا الأب، ويبدأ في محاكاته، ومن المثالي بعد ذلك أن تبدأ التنشئة الاجتماعية في لعب دورها في تكوين وبناء الشخصية من خلال عبارات "أنت رجل مثل أبيك" أو "افعل كذا مثل خالك" أو"احرص على كذا كي تكون رجلا".
ولعلي ذكرت تعبير (التنشئة الاجتماعية) دون أن أذكر تعريفا لها؛ ولذا أعرفها لك بأنها دور كل المحيطين من العائلة بما فيهم الأب والأم والجدود لتوصيل رسالات محددة للطفل؛ بحيث تتوزع الأدوار في تنشئة الطفل بين الأم المسئولة عن البنية النفسية في سنوات العمر الأولى وبين العائلة ككل في عملية التنشئة الاجتماعية لغرس معاني محددة.
إذن ما نحتاجه لكي تكون هذه المحاكاة أو (التعيين) مثاليا أن يفتح له المجال لأن يتعين بالأب بحيث تتحدد هوية الطفل بشكل سليم وفي اتجاه الفطرة، عندئذ تصبح له شخصيته المستقلة وأطره الخاصة به بمعنى أن يصبح له وعاؤه الشخصي الذي تسكن نفسه بداخله، وحينئذ يقل بالتدريج تقليده للآخرين حين تتكون ملامح شخصيته الخاصة به ويقل تيهه في الناس، وكأن هذا التعيين بالأب أو الخال أو العم أو نموذج الرجل يصقل شخصيته ويحولها من ريشة في مهب الريح -تائهة في الآخرين وسهلة الانصياع والتعيين والتقليد لأي نموذج دون استقرار أو إشباع- إلى نموذج مستقر وواضح المعالم والملامح لشخصية سوية.
لذا لا بد من الآتي:
1- أن يزيد دور الأب في حياة ابنك الحبيب، وأن تزيد فترات تواجدهما معا ولعبهما وحواراتهما، وأن يزيد حديثك مع الطفل عن هذا الوالد الحبيب القوي الشجاع.
2- يجب أن ينشغل ابنك عنك، ويشارك والده أيضا في بعض أعماله الخاصة التي يقوم بها الرجال عادة.
3- يمكن أن تستخدم القصص لإفهامه أن التقليد ليس صحيحا على طول الخط، وأنه قد يؤدي لمشاكل جمة ومعقدة حينا؛ فنحن لا نقلد الأشخاص، وإنما نفعل الأفعال الحميدة التي يفعلونها، ونجتنب الخصال السيئة التي يفعلها آخرون. وسأعطيك مثالا لهذه القصص:
"يحكى أن بيضة لبطة كانت بجوار بيضة دجاجة وفقست بيضة البطة أولا ثم فقست بيضة الدجاجة، فما كان من الكتكوت إلا أن قلد البطة في كل شيء بالضبط كما تفعل فإن بحثت عن الأكل فعل مثلها، وإن مشت مشى وراءها حتى نزلت تسبح في البحيرة فقذف نفسه وراءها فكاد يغرق لأنه لا يعرف السباحة فأنقذته بالطبع، وقالت له لا ينبغي أن تقلد دائما يجب أن تفعل ما هو صحيح وما يناسبك وما تستطيعه فقط".
أختي الحبيبة، بارك الله لك في طفلك، ونأمل أن ترسلي لنا مرة أخرى بتخطيه لهذا الأمر وإخبارنا عنه أجمل الأخبار. وكل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول الأعياد جعل الله أيامكم كلها سعادة وفرحة، وتقبل الله منا ومنكم.
أختي الفاضلة، بارك الله لك في ولدك الحبيب.
ـــــــــــــ(103/122)
لكل مولود شذا.. فارحم ترحم ... العنوان
أكبر أبنائي (6 سنوات) نال من الحب والعطف والرعاية ما لم ينله أخواه، أحس بأن هذا الابن كأنما هو بدون قلب ولا مشاعر ولا أحاسيس: عنيد، لا يحمل تجاه أمه وأبيه أي مشاعر.
وهو يرى أبويه أحياناً يتألمان نتيجة مرض فلا يبدو عليه أي أثر للعطف عليهما، بل وبكل برود ينشغل بأي شيء أو يذهب للعب، في حين ترى أخاه (4 سنوات) لا يغادر سرير أمه أو أبيه إذا كانا مريضين ويجلب لهما الماء ويضع كفه على جبينهما وينفخ على موضع الألم.
لا أدري حقيقة لماذا هذا الجفاء من ابني؟ ورغم ذلك فإننا نعاتبه ونقول له، لكن على من تقرأ زبورك يا داود؟! ونتيجة لسلوكه معنا ورغم تفوقه في المدرسة فإننا لا نحس بفرحة لتفوقه، ونشعر أنه غريب عنا، لا أدري حقيقة ما السبب في فتور مشاعره وعواطفه تجاهنا؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل:
مرحبا بك وبأول فرحة لك (زياد) جعله الله لك قرة عين هو وإخوته. واسمح لي يا أخي ألا أبدأ حديثي معك إلا بقول الشاعر شوقي:
فإن رحمت فأنت أم أو أب.......هذان في الدنيا هم الرحماء
نعم يا أخي، فإن عظمة ورحمة الأب والأم ليست في إطعام أبنائهما أطايب الطعام أو كسوتهم بالفاخر من الثياب أو تدليلهم وتلبية كل طلباتهم بقدر ما هي في تقديرهما لمشاعرهم الضعيفة الرقيقة التي هي في حاجة للإشباع والاحتضان، والتي هي في حاجة لتسامحهما ومغفرتهما لكل تمرد واحتوائهما لكل إحباط.
ربما يا أبا زياد لم يصلك بالضبط ما أعنيه حتى الآن، وقبل أن أوضحه أكثر دعنا نتحدث قليلا عن أمور هامة تقودنا ولا شك إن شاء الله للافتراض الصحيح، ومن ثم كيفية التعامل الصحيح مع زياد، وهنا سيصلك ما عنيته بعظمة عطاء الوالدين. وأبدأ الحديث عن تلك الأمور فأقول:
إن أنماط الشخصيات تختلف ولا شك، ومما يتوقف عليه تكوين الشخصية علاقة الطفل بالأم في أيام الطفولة الأولى والتي بقدر ما يحصل فيها على الحب والحنان والدفء والاحتضان بقدر ما يمتلئ بالحب ويعطيه فيما بعد.. ستقاطعني ربما، ظانا أني أتجاهل ما قلته في سؤالك من أن زياد "أكبر أبنائي الذي نال من الحب والعطف والرعاية ما لم ينله أخواه"، وهنا أقول لك: اهدأ يا أخي، فلم أكمل كلامي بعد، فهذه القاعدة لا تعني أن هذا العطاء الأمومي والأبوي هما المكون الوحيد لشخصية الطفل وإن كانا مكونا هاما، وإنما يشاركه ما يمكن أن نسميه عوامل جبلية بكسر الجيم والباء، أو عوامل موروثة.. فلو محصت بعين فاحصة يمكنك استشفاف وجود هذا الأسلوب الدفاعي -الذي يستخدمه زياد أو تستخدمه "الأنا" الخاصة به لحمايتها من الفقد والحرمان- لدى قريب منه كأم أو أب أو خال أو جد أو عم ورث "زياد" هذا الأمر بشكل لا إرادي منه بالطبع.
ستنبري مرة أخرى معترضًا علي قائلا: "دفاع؟! لِم يدافع؟ وأي حرمان تقصدين؟!"
وأعود لأهدئك مرة أخرى وأقول لك: يا أخي إن ابنك الغالي الحبيب الذي نال من الحب والحنان الكثير كما تقول قد حرم منهما فجأة بقدوم أخويه، فقد تعود وقتا طويلا على حب وحنان دافقين ثم نزعا منه أو نزع جزء منهما، فهو يرد على هذا الحرمان بطريقته تلك التي تظنها خواء بداخله من المشاعر والأحاسيس.
إنه لم يعتد يا أخي أن ينقسم اهتمامكما وحبكما أنت وأمه على غيره معه، فهو يرى أنكما حق له وحده، فهو يقول لكما بلسان حاله: "أنتما حرمتماني من الحب والحنان، من حقي، فلا تنتظرا مني شيئا".
فماذا ستفعلان لتردان على هذا الشعور بداخله؟ هل ستفعلان كما قلت في سؤالك: "لا نحس بفرحة لتفوقه، ونشعر أنه غريب عنا" هل ستزيدان الهوة اتساعا؟ وهل نحب أبناءنا يا أخي ونفرح لهم جزاء لهم ومكافأة لأنهم بادرونا بالحب والحنان والبر، أم نعلمهم هذا الحنان والبر بما نفعله معهم من احتواء وتغافر وتسامح وعطاء حار يذيب جليد قلوبهم؟
ألم تر كيف كان النبي المربي والأب العظيم صلى الله عليه وسلم يعامل صحابته: كل بحسب مفتاحه؟ فيشد عمر بن الخطاب من ملابسه -لأنه لا يفهم إلا القوة- ويقول له: أما آن لك أن تسلم؟ في حين يحدث عثمان بن عفان بكل رقة -لأن تلك هي طبيعته- ويدعوه برفق محدثا إياه أن الله أرسله بالحق نبيا لإنقاذ العالمين وإخراجهم من الظلمات إلى النور؛ فيسلم كل منهما دون أدنى تردد؛ لأنه فتح كلا منهما بمفتاحه الصحيح.
لم أقصد من ذلك سوى أن أنصحك بألا تقارن بين زياد وإخوته في أي شيء، فلكل منهم نمط وشخصية مختلفة وهم ليسوا نسخا مكررة، وأظنهم باقة متنوعة من أجمل الزهور لكل منها رائحتها وشكلها، ولكل منها ما يمتع، فتلك تمتع بلونها وتلك تمتع برائحتها وتلك بكثافة أوراقها.
ولعل تفوق ولدك في الدراسة هو ما يعبر لكما عن رغبته في إسعادكما، كما أني أظن أنه محاولة منه للاستقلال وإثبات الذات في ميادين أخرى خارج نطاق لم يلبّ له كل طموحه في الحب.
ونعود إلى عظمة الآباء مرة أخرى لأقول لك بأني لا أقصد أن "زياد" بهذا الوضع في حالة مثالية، بل أقصد أن دوركما معه كوالدين أمر أعمق بكثير من المعاتبة أو الثأر لقلبيكما بإهماله والاغتراب عنه كما تقول. إن دوركما معه هو ما يثبت عظمتكما كوالدين تمنحان المغفرة والتقويم والتسامح والاحتضان، وهذا ما أردت قوله في سطور الحديث الأولى. ولنترجم هذا الكلام لخطوات عملية دعني أعرض لك بعض المقترحات لتجاوز هذه المرحلة مع الطفل:
1- لا بد من الاهتمام به وإبداء ذلك له بدلا من معاتبته؛ كي لا يمل العتاب ويألفه فيقسو قلبه فعلا. فحين تمرض الأم –لا سمح الله- تطلب منه أن يناولها الماء قائلة: "أحبه من يديك أنت يا حبيبي" أو تناديه ليقرأ لها القرآن ليشفيها الله.
2- لا بد من محاولة إشراكه في مثل هذه المشاهد الحنونة مع إخوته حين يصيبهم مكروه -لا سمح الله- ومعه هو شخصيا، فتلتف الأسرة كلها حول المريض أو المتعب، وتدعو الأسرة كلها دعاء جماعيا لمن هو مقبل على امتحان أو أمر هام وغير ذلك من مظاهر الاتحاد والتآلف دون توجيه مباشر له هو بالذات أو لوم لتقصيره أو غير ذلك، واحذر أن يشعر أنه وحده في فريق وكل أفراد الأسرة في فريق آخر.
3- يمكن من خلال القصة إشعاره بقسوة الوحدة وأنها حالة لم يكن ليحبها أبدا، وذلك ليشعر بأهمية وجود إخوة له، فتحكي الأم له ولإخوته مثلا "عن طفل كان وحيدا وهو يدعو الله كل يوم ليؤنس وحدته بأخ أو أخت يلعب معه أو معها ويدافع عنه أو عنها، وكان يحزن كلما رأى الأطفال لديهم إخوة وهو محروم من هذه النعمة، فيدعو الله، وتخبره أمه أنها ربما تنشغل عنه إن استجاب له الله، فيقول لها بأنه مدرك لذلك وموافق لأنه يحب ألا يكون وحيدا ولأنه يعلم أنها تحبه جدا".
ومن خلال تلك القصص يمكن أن يدرك الطفل قيمة أخويه، وأن أمه يوما لم تفضلهما عليه وإنما هي طبيعة الحياة، وذلك لكي نقضي على ما ينطق به لسان حاله: "أنتما انشغلتما عني بالآخرين فسيشغلني عنكما أي شيء".
4- لا بد من الدعاء له أن يهديه الله وأن يهدي قلبه ويرزقكما بره وإخوته، فرحم الله والدا أعان ولده على بره، فأعيناه على بركما أيضا بالدعاء.
أخي الفاضل:
إن مهمتكما هي إذابة الجليد أو التجلط في مشاعر زياد بحرارة الحب والحنان الذي ستحاصرانه وتغلفان الأسرة كلها بها، ليتسامح مع ما عاشه من حرمان ويتصالح مع نفسه ومعكما، وكذلك إعانته على أن ينضج بداخله الحب ليشعر أن استحواذه عليكما لا يمكن أن يكون هو الصحيح أو الممتع، بل إن الحب والسعادة يزيدان إن اقتسمتهما القلوب.
أخي الفاضل:
أرجو أن يكون ما قدمته لك من تحليل قريبا من الحقيقة، أو هو الحقيقة ذاتها، فما قدمته لك هو توقعاتي وافتراضاتي بناء على ما قدمت من معلومات، وأظنني بهذه التوقعات قد أجبت عن سؤالك عن سبب الحالة: "ما السبب في فتور مشاعره وعواطفه تجاهنا؟"، وإن كنت قد زدت بما أراه أهم من معرفة السبب وهو علاج الأمر، فأرجو أن تساهم مقترحاتي في التأليف بين قلوبكم وفي رأب الصدوع في العلاقة مع زياد.
ـــــــــــــ(103/123)
يا حامل اللبن لا تفتني - متابعة ... العنوان
يا حامل اللبن لا تفتني .. كانت إجابة رائعة على استشارتنا التي أرسلناها -نحن الذين نعمل في مجال تربية النشء بالمسجد- وحقيقة استفدنا منها كثيرًا، وإن كانت جاءت متأخرة بعض الشيء، ولدينا استشارات أخرى:
الطالب أو الطفل الثرثار ماذا أفعل معه، وكذلك الناقد والذي يتمنى لك الخطأ؟
جاء أحدنا -طالب في الصف الثاني الإعدادي- ليصرح له بمشكلة يعاني منها ويسأل عن حكمها، فلما سأله المشرف: وما هي؟ قال: "إني أحب زميلتي في الدرس الخصوصي" فماذا على المشرف أن يفعل؟
أنا مشرف بمسجد الشارع الذي أسكن فيه وعلى أساس ذلك فإني أسير في هذا الشارع كثيرًا، وكثيراً ما أرى أحد الأشبال يقف مع بنت في سنه.. فما هو رد الفعل الصحيح؟ مع العلم أنه علم أني رأيته، فقد كنت أسير مع شبل آخر، وقال لي: انظر، حازم واقف مع البنت "بتاعته"، وعلم حازم أن هذا الشبل بلغني، وهنا لا ينفع التغافل، لا بد من موقف فما هو أعزكم الله؟
عندما أشعر أن أحد المشرفين يتضايق بسبب تعلق أشباله بي وانصرافهم عنه إذا رأوني.. ماذا أفعل، وأنا أتحرج لهذا كثيرا؟
عندما أجد أن أشبالي متعلقين بشخص ظاهره جيد وباطنه ليس جيدًا، فهو في صورة الأستاذ غير أن به مشكلةً -كالتحرش مثلاً- ماذا عليّ أن أفعل؟ وأخيراً نشكركم، وأجزل الله لكم العطاء وجزاكم عنا خيرًا. ... السؤال
إفشاء الأسرار والثرثرة ... الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي وليد:
حياك الله وجزاك الله خيرًا على ثقتك بالموقع، أسأل الله أن يجعل أعمالك وغيرتك على النشء في ميزان حسناتك، إنه سميع مجيب.
عرضت يا أخي عدة أسئلة سنتناولها بالإجابة:
الأول: الطفل الثرثار.
الثاني: الشخص الناقد الذي يتمنى لك الخطأ.
الثالث والرابع معاً: علاقة الأولاد المراهقين بالبنات.
الخامس: تضايق زميلك من تعلق الطلاب بك.
السادس: الأستاذ غير الأمين وظاهرة حب وتعلق الأولاد به.
وقبل أن نبدأ أعتذر لك عن التأخير مجدداً بسبب ظروف هذا الشهر الفضيل، أعاده الله علينا وعليكم باليمن والنصرة والبركات.
المشكلة الأولى حول الطفل الثرثار:
لقد اعتدنا أخي وليد على أننا نريد أحياناً أن يتصرف أطفالنا كالكبار في كل شيء، ويركز الأبوان والمربون على موضوع الانضباط خاصة الثرثرة وكثرة الكلام، وأذكر حينما كنت في المدرسة كانت لدي رغبة شديدة بالكلام والتعبير، ودائماً كانت المعلمة في المدرسة تطلب أن أضع إصبعي على فمي معظم الوقت حتى لا أتكلم، ولكنني استمررت أحب الكلام والثرثرة في فترة المدرسة.
وكذلك كانت والدتي ووالدي ووإخوتي.. لا أحد يريد أن يسمع مني إلا إجابات مختصرة على تساؤلاتهم فقط.
وهكذا الآن ألاحظ أننا الكبار لا نريد أن نسمع من الطفل صوته إلا عندما نريد نحن، وألا يتكلم إلا عندما نضغط نحن على الزّر، فنساهم في، ونغذي، مشكلة الخجل وعدم التعبير عن الرأي لدى الجيل. بالطبع يتوارد على الذهن أسئلة مهمة، فحتى يعتبر الطفل الثرثار في مشكلة حقيقية لا بد من الإجابة عن هذه الأسئلة:
هل يقاطع الآخرين حينما يتكلمون وبشكل مستمر؟
هل الثرثرة مصحوبة بالكذب أو الكلام البذيء أو الإفساد بين الزملاء أو التهريج؟
هل يُظهر عدم احترام للآخرين عند مقاطعتهم أو يستهزئ بهم؟
إن كانت المشكلة مصحوبة بإحدى هذه المشكلات أو كلها أو بعضها، فهذا له علاج آخر، وتكون المشكلة في السلوك غير المقبول وليس في الثرثرة نفسها.
ولكن لماذا يثرثر الأطفال والطلبة بشكل عام؟
أولاً: لاستعراض قدراتهم في النطق وبما يتعلمونه من ألفاظ وعبارات من أهلهم أو من التلفاز، فيقومون بتكرار واستخراج الآلاف من الكلمات والعبارات التي يستمتعون بلفظها والتباهي بين الزملاء بمعرفتها، وينتشر هذا السلوك في المرحلة الأساسية الأولى بشكل أكبر بكثير من أي مرحلة أخرى (من سن السادسة حتى العاشرة).
ويعزز ذلك تطور قدراتهم على القراءة في الصف الأول فيكتشفون فجأة أن هناك آلافا من الكلمات الجميلة والمعلومات الجديدة ويرغبون بالحديث عنها بشكل مستمر.
ثانياً: لفت النظر، فقد يحتاج الطفل الثرثار إلى الاهتمام من قبل الآخرين، خاصة إن كان غير محبوب أو لديه أخ جديد حصل على اهتمام العائلة، أو غير متفوق دراسيًا ويريد التغطية على نقص موجود بشكل من الأشكال.
ثالثاً: قد لا يكون هناك أحد الأسباب أعلاه، ولكن قد يكون لمجرد اللعب والتسلية والضحك والاستمتاع مع الأصدقاء، وهنا يركز الطفل (الثرثار) على النكات ومرادفات الكلمات والعبارات المتعلقة بالمسابقات والبطولة وقصص القوة والخير.
والآن يا أخي بعد أن حددنا بعض الأسباب سنضع حلولاً مقترحة لهذا السلوك، وأنت تطوع هذه الحلول حسب المشكلة لديك (إن كانت هناك مشكلة).
أولاً: علم الطفل طرقاً متنوعة للتعبير عن نفسه غير الكلام المتواصل، مثل الرسم والحديث مع صديق محدد والكتابة ... وشجعه على أن يوفر لنفسه دفتراً جميلاً يدون فيه أفكاره، فهذا سيخفف كثيراً من رغبته بالحديث المستمر.
ثانياً: ألا نتعامل نحن بسلبية مثل الصراخ فيه ليسكت أو الطلب منه أن ينصرف؛ لأن صوته يزعجنا، أو وصمه بأنه ثرثار في كل وقت، أو إطلاق أي عبارات تعزز هذا السلوك سواء على مسمعه أم من ورائه، مثل قولنا: "هذا ولد لن يتغير، إنه ثرثار جداً ولسانه طويل"، وأن نستبدلها بعبارات إيجابية مثل: "إنه ولد ذكي ولديه أمور كثيرة يجب الحديث عنها ... "؛ لأن العبارات الإيجابية تدخل في عقله اللاواعي وتحوّل نشاطه السلبي إلى إيجابي.
وهذا أيضاً يشمل ألا نركز أصلاً على المشكلة، وألا نتحدث بها إلا في وقتها، فأحياناً يمسك المربون بالسلوك "ويذلون" به الطفل في كل الأوقات والأحوال، فننسى كل إيجابياته واحتياجاته الأخرى ولا نتحدث معه حتى عند النوم بهذا الأمر. علينا أن نوقف ذلك حالاً.
ثالثاً: أخبره دائماً وأثبت له أنك تحب الاستماع إليه، واستمع إليه فعلاً في أكثر الأوقات وشاركه بعض الأفكار، وأجب على تساؤلاته، واضحك معه على النكات الجميلة والمرح، ولكن أثناء ذلك يمكنك أن تعلمه قوانين الكلام واحترام الآخرين والاستماع إليهم عندما يتحدثون.
إن هذا نوع من الاهتمام الإيجابي الذي يريده الطفل. ويساهم هذا الأسلوب بشدة في تقنين الثرثرة وتوظيفها بشكل أفضل والتخفيف من الإزعاجات وغيره، خاصة إن كان المربي صبوراً ويحترم الطفل ولديه صبر جميل حيال هؤلاء الأطفال.
وبالتالي لا بد أن يكف الكبار عن الشكوى التي تقول بأنه لا وقت لديهم للاستماع، وبأنهم مشغولون فهي فترة وستمر ... ويمكن خلالها إعطاء قوانين كثيرة وحقائق عن التواصل مع الآخرين للطفل.
رابعاً: تجاهل الأمر في الوقت نفسه ولكن بانتظام، فكلما وجد الثرثار الاهتمام حتى لو سلباً استمر بثرثرته؛ لأنه يضمن لفت نظرك حتى لو كنت غاضباً؛ فالتجاهل المستمر يطفئ السلوك تدريجياً ويخفف منه على مدى الشهور، لكن عليك بالصبر.
خامساً: شجع تميز الطفل الأكاديمي أو الفني أو الرياضي؛ فإبداع الطفل في جانب ما يصرفه عن الثرثرة المستمرة ويشغله عن مجرد استعراض مهارة الكلام وتفريغ طاقته بالأمور المذكورة، وشجع وعزز أي تفوق يحصل عليه أو يقوم به لأنه قد يكون بحاجة للشعور بالانحياز وتقدير الآخرين له.
سادساً: علمه أدب التواصل مع الآخرين، والتعامل مع المواقف المختلفة، وعدم إزعاج الآخرين، والسؤال في الوقت المناسب، والحديث عندما يكون الظرف ملائماً لحديثه، واختيار العبارات الصحيحة، و"الإتيكيت" في الحديث، مثل: (الاستئذان، والشكر، ومن فضلك... إلخ)؛ لأن هذه الكلمات تعمل (فرملة) عند الاندفاع والرغبة بالكلام والثرثرة.
سابعاً وأخيراً: عزز الصداقات وشجعه لتكوين أصدقاء قريبين منه؛ لأن مجموعة الأصدقاء تساهم في تخفيف السلوكيات غير المرغوبة بالقدوة وتعليم بعضهم البعض.
المشكلة الثانية: الناقد الذي يتمنى لك الخطأ:
بالطبع أنت لن تعالج هذا الشخص الناقد، فهو أصلاً يملك مشاعر سلبية تجاهك إن كان كما ذكرت، يتمنى لك الخطأ، ولكن افترض حسن النية وحاول أولاً أن تأخذ نقده بعين الاعتبار وفكر بينك وبين نفسك: هل هو محقّ بهذه الكلمة؟ ثم انس أن فلانا هو الذي قالها، واسأل نفسك: هل أنا فعلاً كذلك؟
حاول أن ترى نفسك عند النقد بعين الآخرين، فقد تكتشف أنه على حق. وحتى لو كان ينقدك بسوء نية، فاشكره لأنه يساهم في تحسين شخصيتك من خلال تنبيهك إلى عيوبك التي لا تراها أنت (رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي).
وإن كانت مشكلة تزعجك فعلاً فإليك مجموعة من الاقتراحات أو الأفكار:
أولاً: كن كبيرا وعصيًا على النقد، كن كفئا في عملك ولا تدع للآخرين مجالاً لنقدك، وأدّ عملك على أكمل وجه، ولكن خالصاً لله تعالى.
ثانياً: إن كان صديقاً لك فتعامل معه بروح "رياضية"، واطلب منه تفسيرًا لما يقول، واطرح عليه أسئلة تضعه في موقف الذي يجب أن يفكر قبل نقد الآخرين، مثل سؤال له: متى رأيتني كذلك؟ كم مرة تكرر ذلك؟ وماذا برأيك الحل؟ حسناً قد أكون فعلاً كذلك...
المهم أن تتصرف بثبات وثقة بالنفس، وأن النقد لا يعيبك ولا يقلل من أهميتك، واعلم أن الذي يُنقد دائماً هو الذي عمل دائمًا، وأن النقد الدائم هو صنعة الفارغين والذين يفتقرون إلى القدرة على الإنجاز والتقدم.
ثالثا: تجاهل "النقد السلبي" والناقد "بنية غير حسنة"، فإن كنت شغله الشاغل فهو الحاسد الذي يغار منك ومن نجاحك، وهذا يكون علاجه بالتجاهل؛ لأنك كلما تأثرت أكثر أعطيته اهتماماً أكثر فازداد لك نقدا، بل إنه يتمتع بنقدك وبردة فعلك على كلامه.
وادع له بالهداية من قلبك وسيصرفه الله عنك، وتذكر أن المتصيد لأخطاء الآخرين هو شخص تعيس ومضغوط ومحبط، وسوف يتوقف ذلك كله حينما يتعرض لفقدان الأصدقاء وتخلي الآخرين عنه.
رابعاً: درب ذهنك على عدم التأثر بما تسمع من نقد، فلا تسمح لمشاعرك أن تتأثر بالكلمة التي تسمعها ولا تدعها تدخل رأسك، وثق بنفسك وقدراتك، وكل إنسان له عيوب.
المشكلة المتعلقة بالأستاذ الذي ظاهره جيد وباطنه غير ذلك:
رأيت أن أتبع مشكلة الناقد هذه المشكلة لتعلقها بها قبل أن نتحدث عن "الأولاد والحب"؛ فهذا الشخص، وربما هو نفسه، الذي يكون باطنه غير نظيف ويريد صرف النظر عنك بأي شكل، ولكن إن كان هذا الأستاذ يمارس "التحرش" -إن كنت تقصد التحرش الجنسي- فهي مشكلة خطيرة ولا يسكت عنها ولا تنتظر الأساليب الطويلة الأمد لصرف الأولاد عنه حتى يكون قد اعتدى على أحدهم لا سمح الله، ولكن اتخذ إجراء مع مسئولك وحذر الأولاد منه صراحة وناقشهم في خطورة هذا السلوك، وألا يسمحوا لأحد بفعل ذلك معهم مهما كان صغيراً كاللمس أو الكلمات أو غيره، وحصنهم بالمعلومات وبالإيمان وبالثقة بالنفس.
لكن يا أخي كل ذلك بعد أن تتأكد من صحة التهمة، وإياك أن تتهم أحدا بتهمة كهذه دون تأكد، وعالج الأمر بكل حكمة وقوة. وإن كانت المعالجة ستؤدي إلى ضرر أكبر عام فعليك بإيجاد طريقة أكثر حكمة وتأثيرا، وحاول أن تتحدث معه أولاً بصراحة وتذكره بالله.
ولا تكتفي بذلك يا أخي، وأنت تريد صرف الأولاد عنه: اعلم أن قوة ما لديك من أساليب ومعلومات وجاذبية شخصية ونشاطات وإخلاص النية معها سوف يصرفهم عنه بلا شك.
وهناك حلّ آخر مهم سوف يساعدك: قم باختيار مجموعة من الأولاد الأقوياء في الدين، والأذكياء، ودربهم على جذب بقية الأولاد والتأثير فيهم والعناية بهم، واجعلهم فريقا يساعدك على جذب الأولاد وتحذيرهم، فغالباً ما ينجح الأولاد في القيام به تجاه بعضهم ويكون أكثر أثرا من قيامنا نحن الكبار بذلك؛ فهم يتحدثون صراحة فيما بينهم ويؤثرون فعلاً على صرف أحدهم عن شخص لا يحبونه، فأحسن استخدام هذا السلاح بذكاء وحكمة؛ لأنه قد يكون ذا حدين.
اختر منهم مجموعة تسمى "مجموعة التغيير"، وعلمهم، واستعن بالعاملين "استشارات دعوية" أو أصدقائك على تدريبهم، ويمكن أن نتحدث في هذا مستقبلاً إن أتيحت الفرصة، ولكنه سلاح قوي "الأقران مع الأقران" وحدهم في هذا الشأن.
أما صديقك الذي يتضايق من تعلق الأشبال بك فاجعله يشاركك نجاحك، ولا تستأثر لنفسك بالجاذبية، اعملا معاً، ودعه يفكر معك، وعلمه أسلوبك، وراع أخوّته ووده؛ فموقفك الأقوى، ويمكنك أن تكسبه معاوناً لك، فلا تعامله كندٍ لك ينظر إليك بحسد، ولكن اقترب منه أكثر سوف تجد منه كل مساعدة، ودع الأولاد يلتفون حولكما معاً، وقم بتقديم هدية له وتزاورا، وشجعه على أن يطور نفسه وأساليبه في التعامل؛ فهذه هي الأخوة الحقيقية، وحتى يبارك لك فيما عندك ويزدك خيراً وعلماً بإذنه تعالى.
مشكلة الأولاد والحب ووقوفهم مع البنات:
ألاحظ من خلال أسئلتك أنك تتفهم الأشبال، ولا شك أنك تعلم أن هذه المرحلة هي مرحة النضج الجنسي والعاطفي والاجتماعي حيث تظهر أعراض المراهقة، ومحاولات التعرف على الجنس الآخر تهجم على مشاعر المراهقين بقوة فيتصرف بلا انضباط إزاء التعرف على البنات ولا يضبط ذلك إلا توجيه سليم وتربية مركزة وتفهم وسعة صدر، وأيضاً تدريب المراهقين على مهارات العفة وضبط النفس والسيطرة على الذات.
طبعاً هذا موضوع كبير، وبإمكانك العودة إلى موضوعات أخرى عن المراهقة سنوردها لك بنهاية الاستشارة تتناول نفس الموضوع، كما أن الكتب الممتازة التي تساعد المربين متوفرة بكثرة خاصة في المكتبات المصرية، وأرشح من هذه السلاسل: سلسلة الدكتور أكرم رضا "مراهقة بلا أزمة"، وهي مليئة بالأفكار والنشاطات الخاصة بالعناية بالمراهقين.
على كلٍّ أقترح عليك المقترحات التالية، والتي ستساعدك بإذن الله في مساعدة أشبالك في هذا الأمر:
أولاً: من الضروري أن تبدأ بتناول أحكام البلوغ والحلال والحرام فيها مع الأشبال من سن الحادية عشرة، وأن تفتح لهم المجال بطرح أي أسئلة يحتاجون، وستجد أن أكثر الأسئلة متعلقة بموضوع الحب أو الزنا، وعليك أن تحسن اختيار الإجابات ولا تعط إجابات بيولوجية عميقة أكثر من المطلوب.
ثانياً: اعقد حلقات نقاش مفتوحة حول الاستعفاف بشكل خاص وتأجيل التفكير بالجنس وحتى لو فكر ألا يتجاوز ذلك إلى محرم. وأنوه هنا بضرورة ألا تشدد على الأولاد في الأحكام بل توازن ولا تتهاون أيضا، وتحدث معهم في أن الرياضة على سبيل المثال هي استعفاف لأنها تبدد الطاقة الجسدية، والصيام وأهميته في الوقاية من الحرام وحرمة الحديث مع بنت في الشارع وكيف أنه لا يقبلها لأخته أو لمحارمه.
ثالثا: تخصيص يوم أو أكثر للرياضة المنتظمة التي تهذب الأخلاق وتبدد الطاقة وتزيد الثقة بالنفس مثل الرياضات اليابانية والسباحة وغيرها.
رابعاً: التركيز على أهمية العلم وتنمية حسن الاكتشاف والقراءة والعناية بالبيئة والقيام بمعسكرات ورحلات خلوية... إلخ.
خامساً: ربط الفتى بالمسجد وتقوية صلته بالله عزّ وجل وبالعبادة وقراءة القرآن وحفظه.
سادساً: تشجيع الأصحاب الصالحين لما لهم من أثر على تهذيب الرغبات بشكل خاص؛ لأنهم أكثر صراحة فيما بينهم، منهم مع مربيهم، مهما كان قريباً منهم.
وهنا أعود لفكرة مجموعة التغيير التي تحدثنا عنها قبل قليل وأهميتها في التشجيع على ترك المنكر والتزام المساجد والرياضات... إلخ.
وأخيراً أخي الكريم، إن لديك الكثير لتفعله، فاقرأ أو طالع كثيرا، واطلع على ما ينشره الموقع فيما يخص هذه الفئة.
من فضلك انقر هنا لمطالعة الموضوعات التي أشرنا إليها:
- في بيتنا رجل.. بل اثنان!!
- صاحب ابنك المراهق.. ينضبط
- معاملة المراهق.. صداقة لا أوامر
ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول نفس الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- أسئلة جنسية.. الآباء يتهربون والأبناء يلحون
- المراهقة وعالم الأسئلة المحرجة
- وماذا بعد الحب؟
- الإعلام الجنسي وثقافة الاستعفاف
أتمنى لك التوفيق وإلى الأمام.
ـــــــــــــ(103/124)
أين الله؟ ... العنوان
ابني (5 سنوات) يكثر من الحديث عن الله، أين يسكن؟ كيف شكله؟ يكتب رسالة يريد إرسالها إليه، يرسمه، يسأل لماذا لا نراه؟ كيف أتعامل مع ابني؟ ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. بارك الله لك في ابنك، وأعانك على حسن تربيته وأنبته نباتًا حسنًا.
إن القدرة على طرح أسئلة جديدة مكون أساسي في الذكاء والإبداع، ويجب أن ندرك أن تعليم الأطفال كيف يسألون، ومتى يسألون، وعم يتساءلون أهم من تعليمهم كيف يجيبون على أسئلة الآخرين، وهذا يتطلب اتجاهًا مؤيدًا إيجابيًّا نحو الطفل ونحو السؤال الذى يطرحه.
وقد وضح "سترنبرج" في برنامجه لتنمية التفكير سبعة مستويات للإجابة على أسئلة الطفل:
المستوى الأول : رفض السؤال
كأن تكون الاستجابة: توقف عن هذه الأسئلة، لا تكن كثير التساؤل، لا تزعجني بأسئلتك... إلخ، وهنا تصل إلى الطفل رسالة تحمل له أمرا بالصمت، فالأسئلة مصدر إزعاج وبتكرار هذه الاستجابة يتعلم الطفل عدم توجيه أسئلة أي "يتعلم أن لا يتعلم". قد يكون لدى الوالد أو المعلم ما يدفعه لهذه الاستجابة، ولكن من حق الطفل أن يعرف الآباء والمعلمون تأثيرها.
المستوى الثاني: إعادة صياغة السؤال (التهرب)
وفي هذا المستوى لا يقدم المجيب إجابة حقيقية، فعلى سؤال لماذا لا نرى الله قد يجيب: الله ربنا ونحن لا نرى ربنا.
المستوى الثالث: إعطاء إجابة مباشرة أو الاعتراف بالجهل
وهنا تتاح للطفل معرفة شيء جديد، أو قد يتبين أن والديه أو معلّمه لا يعرف كل شيء، وكلاهما إجابة معقولة ومقبولة في بعض المواقف، ولكن ليست أفضل الإجابات.
المستوى الرابع: تشجيع الطفل على البحث عن الإجابة من مصادر موثوق بها،
كأن تكون الاستجابة: سوف أبحث عن إجابة سؤالك في كتاب التفسير أو كتاب العقيدة، أو لماذا لا تسأل فلانًا فقد درس هذه الأمور، وهنا يتعلم الطفل أن المعرفة التي لا يمتلكها يستطيع الحصول عليها ببذل الجهد والسعي.
المستوى الخامس: تقديم تفسيرات متنوعة
هنا يقر المجيب بأنه لا يعرف الإجابة، ويطلب من الطفل اقتراح ما يراه تفسيرًا مناسبا أو إجابة مناسبة، والوضع الأمثل أن يشترك المربي والطفل في البحث حتى يتوصل إلى بدائل متعددة للإجابة عن السؤال.
المستوى السادس: تفسير أو إجابة السؤال وتقييم الإجابة
وهنا لا يكتفي المجيب بتشجيع الطفل على التوصل لبدائل متنوعة، ولكن يناقش معه طرق تقييم مصداقية كل بديل.
ففي سؤال لماذا لا نرى الله إذا كانت الإجابة أن رؤية الله نعمة عظيمة وجائزة لا يستحقها إلا المؤمنون الصالحون، وهم من سيمكنهم الله سبحانه وتعالى من رؤيته عندما يدخلون الجنة -إذا كانت هذه هي الإجابة- فكيف نستبعد أن الله لا يحبنا؛ ولذلك لا يريد أن نراه؟ أو كيف نستبعد فكرة أن الله غير موجود –سبحانه- ولذلك لا نراه؟
هنا يتعلم الطفل كيف يختبر صحة الإجابة.
المستوى السابع: التوصل لتفسير وتقييم التفسير ومتابعة التقييم
هنا يسعى المجيب لتشجيع الطفل على القيام بتجربة، وذلك بجمع معلومات تساعده على المقارنة بين البدائل، وبذلك يتعلم الطفل ليس فقط كيف يفكر، وإنما أيضًا كيف يتعامل مع أفكاره، وقد لا يكون من اليسير أو من الممكن اختبار مصداقية كل البدائل، ولكن من الممكن دائمًا اختبار مصداقية بعضها.
ولا بد من التنبيه إلى أنه قد لا يتاح للمربي أن يصل إلى المستوى السابع إما لضغط الوقت أو لقصور المصادر أو لعدم مناسبة هذا المستوى لعمر الطفل، وهنا يختار المربي المستوى المناسب للموقف، وفي ذهنه حقيقة أساسية أن المستويات الأعلى أكثر فاعلية في تنمية المهارات المعرفية والذكاء.
ولما كان عمر ابنك الحبيب 5 سنوات فأنا أنصح أن تكون الاستجابة من المستوى الثالث –أي إعطاء إجابة مباشرة– أو الرابع –أي التشجيع على البحث– ويمكن أحيانًا الوصول إلى المستوى الخامس أي تقديم عدة تفسيرات.
فعلى سبيل المثال بالنسبة للتساؤلات الواردة فى رسالتك:
• أين الله؟
الله معنا يرانا ويسمعنا ويرعانا ويحفظنا ويعرف كل شيء عنا.
أو لمزيد من التبسيط نقول: الله في السماء كما قالت الجارية للنبي صلى الله عليه وسلم فأقر إجابتها وقال: اعتقها فإنها مؤمنة.
• ما شكله؟
الله ليس كمثله شيء –أو بلغة الطفل-: ربنا ما فيش حاجة تشبهه.
• هل أستطيع أن أكتب له خطابًا؟
الله سبحانه وتعالى ليس بعيد عنك لتبعث له خطابًا يمكنك أن تكلمه مباشرة بأن تصلي أو ترفع يديك وتدعو، وإذا أردت أن تسمع إلى كلامه فاستمع إلى القرآن.
• لماذا لا نراه؟
ليمتحننا فمن يطيعه دون أن يراه يكافئه ومن يعصه يعاقبه.
• هل أستطيع أن أرسمه؟
تعال نسأل "عمو" فلان (عالم – داعية – دارس) أو نتصل بالهاتف للحصول على الإجابة أو الفتوى، وقد تكون هذه فرصة طيبة لبدء ربطه بالمركز الإسلامي القريب منكم، خاصة أنكم تعيشون في بلد أوروبي بعيد عن موطنكم -إذا لم يكن هذا الارتباط قد تم- وتكون فرصة لربطه بداعية خصوصًا لو كان شابًّا يمثل له القدوة والصحبة الصالحة.
وفي النهاية أودّ التنبيه إلى بعض الأمور الضابطة للإجابة عن أي تساؤل يصدر عن الطفل، وهي:
1 - أن تكون الفكرة المراد توصيلها إلى الطفل من خلال الإجابة واضحة مشرقة في ذهن المجيب يستطيع أن يدعمها بالأدلة والبراهين دون غبش أو حيرة أو تردد.
2 - أن تكون الإجابة صادقة ولا تصطدم مع الحقائق، وذلك يتطلب أن نتخلى عن قناعة مفادها أن معرفة بعض الحقائق في سن مبكرة لها آثار سلبية، فهذه قناعة خاطئة طالما تم إيصال الحقائق بالأسلوب الصحيح المناسب.
3 - مراعاة تبسيط الأفكار والحقائق وذلك باستخدام المفردات المتداولة في قاموس الطفل اللغوي (وهي تتباين باختلاف السن والبيئة)، والاستفادة من الخبرات السابقة للطفل في اكتساب الخبرات اللاحقة؛ ولذلك كلما كان المربى أكثر قربًا من الطفل كان أقدر على الإجابة على أسئلته بالأسلوب السليم
ـــــــــــــ(103/125)