الشوق الصامت للأب الغائب العنوان
أتحدث لكم عن فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا تقريبًا كانت مرحة جدًّا حتى إذا أصبح عمرها 14 - 15 عامًا تغيرت وأصبحت كئيبة جدًّا وانطوائية على نفسها بالرغم من طبيعتها الاجتماعية، وعلى الرغم من أنها ذكية جدًّا والحوار معها منطقي جدًّا حتى إنك تشعر عندما تتحدث معها أن عقلها أكبر من سنها، وأنها متزنة خلقيًّا ودينيًّا قائمة بواجبها نحو أمها، وفإنها تكره الدنيا بأكملها.
دائمًا عندها ملل تكرس كل وقتها للدراسة، حيث إنها لا تخرج من المنزل أبدًا أو نادرًا ما تخرج للذهاب إلى بيت جدها.. وقد نصحتها إحدى معلماتها بالخروج، ولكنها لم تستجب، ولكن كان كلام المعلمة جدًّا مؤثرا، حيث إنها كانت تبكي والمعلمة تتحدث، وهي تحصل على درجات كبيرة في المدرسة، فدائمًا تنجح بتقدير امتياز، والمعلمات دائمات المدح فيها وهي تحترمهن، ولكنها فجأة تغيرت وهذا التغير تشعر به مدرساتها ومن حولها من زميلاتها.. لا تفتح قلبها لأحد، تسمع الجميع ولكن لا أحد يسمعها.. دائمًا تبكي (للتوضيح.. والد الفتاة متوفى منذ أن كان عمرها 7 أعوام)، ولكم جزيل الشكر.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك عزيزتي الحائرة، ومرحبًا بابنتك، بارك الله لك فيها وحفظها لك وإخوتها من كل سوء، ولقد كانت الحيرة تتقافز بين سطور رسالتك قفزًا بما لا يجعل أمامي بُدا من أن ألج في الموضوع مباشرة دون مقدمات.
وتعالي نحلل معطيات سؤالك معًا:
أولاً: حالة ابنتك هي شيء مستحدث مخالف لطبيعتها، وربما تزامن مع البلوغ وسبر أغوار المراهقة، ويبدو أن الحدث الذي عقبته هذه الحالة من الحزن والبكاء والنفور من الحياة معتم عليه وغير واضح.
ثانيًا: الابنة متفوقة وذكية -ما شاء الله- ولها من سعة الصدر ما يجعلها تسمع للجميع، لكنها لا تبوح بمكامن آلامها ولا مشاعرها، وتثير عجب الجميع بأنهار دموعها.
ثالثًا: لا تحب الخروج وتريد الحياة في عزلة وتجيد التلهي في الدراسة.
ومن الواضح جدًّا أن هناك مساحة مظلمة أو حلقة مفقودة في الموضوع؛ فقد حدث شيء ما -كما أعتقد- لتلك الفتاة سبّب لها ذكريات أليمة وخلف جراحًا ومشاعر لا تستطيع التعبير عنها إلا بكل تلك الدموع.
ولعل في الدموع بعض التسرية عن الفتاة المسكينة، ولكن لا بد من عرضها على طبيب نفسي أو طبيبة تحاورها وتطمئن لها لاستخراج ما يجثم في أعماقها ويسبب لها تلك الحالة، ولتشخيص الأمر بشكل وافٍ فلا بد من المقابلة الشخصية مع الطبيب حتى يضع التقييم النهائي لحالتها، ومما لا شك فيه أن السرعة مطلوبة جدًّا قبل تفاقم الحالة، ولإنقاذ الفتاة من أي خطر يتهددها.
واسمحي لي أن أتطرق إلى نقطة مهمة، فقد ذكرت أن الابنة قد تحاورت وتكلمت مع معلماتها وسمعت النصح منهن، وأنها تسمع للجميع، ولم تتحدثي نهائيًّا عن أي احتكاك بينكما بهذا الخصوص من حوارات أو نصائح أو حتى محاولات للاقتراب، كما زاد من الغرابة كونك تمكثين مع الابنة 7 ساعات فقط رغم أنك ربة منزل، ولا أدري إن كان هذا العدد يقصد به صافي عدد الساعات بعد التفرغ من أعمال البيت أم أنها كل عدد الساعات التي تقضيها مع الابنة فعلاً؟
وعلى كل حال فالابنة في حاجة إلى علاقة دافئة حميمة معك مع أمها تسقيها من خبرتها وتعلمها ما لم تكن تعلم، وتؤهلها للتعامل مع كل الطوارئ والمواقف.. إنها في حاجة لحضنك تغرقه بدموعها في انتظار ربت يديك على كتفيها، ودعواتك بتفريج كروبها، إنها في حاجة لأذنيك تسمعان بتفهم ما يجثم على صدرها من هموم.
ومما لا شك فيه أن إقناعها بزيارة الطبيب ربما كان صعبًا؛ ولذا فلا بد أن يعرض عليها في صورة اقتراح لراحتها وسعادتها، ولا بد من تجنب الإهانة أو التجريح أو الإجبار أو الإشارة من قريب أو بعيد لوجود اختلاف في الابنة عن الطبيعي أو أنها مريضة أو غير ذلك، مع التأكيد لها على سرية كل كلمة تبوح بها للطبيب، وأن ذلك لمصلحتها للتنفيس دون أن تشعر أن لهذا التنفيس أي رد فعل غير مرغوب فيه من أي طرف؛ فالكثيرون يفعلون ذلك حين تكون لديهم أسرار لا يريدون لأحد أن يعرف عنها، وفي نفس الوقت يريدون البوح بها؛ لأنها حاجة طبيعية لكل البشر، فالطبيب النفسي يعتبر صديقا أمينا كاتما للأسرار وطرفا محايدا لن يستطيع أن يفعل بهذه الأسرار أي شيء سوى راحة صديقه.
يبقى أمر مهم، ولعله لفت نظرك من بداية الإجابة، وهو عدم تبرير حالة الطفلة بوفاة الوالد أو اعتبارها نتيجة مباشرة لذلك؛ لأن الطفلة كانت طبيعية بعد وفاته بسنوات ست ولم يطرأ عليها هذه التغيرات سوى مؤخرًا، لكن هناك نقطة مهمة -وهي مجرد افتراض- وهي أن بلوغ الابنة ودخولها في المراهقة وسماعها من حديث صديقاتها عن آبائهن قد أحيا لديها أحزان فقده، وذكرها بحاجتها إليه غذى شعورها بالحرمان من عطفه، وزاد المسألة تعقيدًا رهافة حس البنات بشكل عام ورهافة مشاعر المراهقة بشكل خاص.
ولكن أعود فأذكرك أن كل ما نقول هو محض افتراضات غير كافية للتشخيص أو تحديد العلاج، وهي في حاجة للجزم والتحديد بزيارة الطبيب النفسي ولقائها معه/ معها وجهًا لوجه وتكرار عيادته وزيارته، لتحديد برنامج ناجح للعلاج وتطبيقه بدقة.
وحتى يتم لك هذا الأمر فأوصيك بالتالي:
أولاً: تقوية العلاقة مع ابنتك واحتضانها بكل حنان، وتأليف قلبها والحرص على الحوارات الدافئة معها.
ثانيًا: لا بد من سعة الصدر معها وتقبل حديثها -على قلته- أيًّا كان، والتفاهم معها بموضوعية وهدوء.
ثالثًا: حاولي حثها على التنفيس والتهوية Ventilation بسبل مختلفة غير الكلام كالرسم أو كتابة المذكرات أو كتابة الشعر أو النثر أو الزجل أو القصة القصيرة؛ فكل ذلك سيساعد كثيرًا في التخفيف من كثافة الدخان الذي يعبئ جوفها، فإن خرج منه فما يلبث صدرها أن ينفرج.
رابعًا: طالما أنها تمنح محدثيها آذانا مصغية، فبادريها أنت بالحديث عن نفسك وذكرياتك في سنها، وتجاربك، ويومياتك... إلخ، بل وبثيها مخاوفك وأحزانك وأطلعيها على كل ما يعتمل بصدرك، ولكن لا تنتظري منها أن تفعل المثل، فالأمر يحتاج إلى وقت.
أختي الكريمة، يحضرني قبل أن أختم حديث معك بأجمل قصة سمعت عنها لفتاة مع أبيها، قصة تلقي الضوء على المعنى الحقيقي لصداقة المربي مع ابنه أو ابنته؛ إذ يفهمه بالإشارة ويسعى لحلول إيجابية سريعة لمشكلاته، ويميل لتسكين مشاعره وتلبية ما يمكن من رغباته بالشكل الأصلح له، إنها قصة شعيب عليه السلام نبي الله وابنته التي مال قلبها للقوي الأمين موسى عليه السلام؛ فذهبت تصارح أبيها بحياء ورقة وهدوء قائلة: "يا أبتِ استأجره..."، فيفهم الأب تلميح ابنته فيرسلها في طلبه لينكحه إياها ويسعدها ويريح قلبها، لعل في قصتهما عبرة لكل آباء وأمهات المراهقين والمراهقات عن كنه الصداقة مع الأبناء.
سيسعدني تلقي متابعتك لنا بآخر التطورات وأخبار ابنتك، وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
ولمزيد من المعلومات المهمة عن التعامل الصحيح مع حالة ابنتك يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- ومات كاتم أسراري
- واصلي سباقك نحو الجنة
- أختي لا تخرج من البيت
وعن صداقة المراهقين يمكنك الاستفادة مما يلي:
- شبابنا رهن ما نعدهم له
- مشاكل حلولها الصداقة
- المراهقة.. أيها الآباء أنصتوا
- هل هيأت ابنتك لدخول المراهقة؟ - متابعة
- صاحب ابنك المراهق ينضبط
- أحب ولدك المراهق.. تغيره
ــــــــــــــ(102/241)
الخيال والتقمص في الميزان العنوان
السلام عليكم، شكرًا جزيلاً لكم على ما تقدمونه لنا من نصائح ومعلومات غاية في الأهمية، حيث أعتبر أن هذه الصفحة هي رفيقتي في تربية أولادي.
ابنتي سمية -سنتان ونصف- مرحة جدًّا وتحب الناس واجتماعية بشكل لافت للنظر؛ لدرجة أنها تبتسم في وجه أي شخص في الشارع وتسلم عليه حتى إن لم تكن تعرفه، وهي عصبية، أي عندما تغضب تصرخ وتبكي بشكل حاد جدًّا وتقفز وتضرب أول شيء يقف في طريقها، والواقع أنني أتركها تفرغ كل شحنتها الغاضبة، ثم ما تلبث أن تهدأ وحدها أو أن أهدئها بتغيير الموضوع فتهدأ.
أختها نور 5 سنوات حنونة عليها منذ ولادتها، وعلاقتها بها جيدة ولله الحمد.. وأراها طبيعية، وهي تلعب معها في الأغلب، وتشاجرها في حدود المعقول والطبيعي لإثبات الشخصية، وعادة ما ينتهي ذلك بالضحك واللعب.
أما بالنسبة لأخيها الصغير 3 شهور فقد كانت تغار منه في البداية، ولكني كنت حريصة على الاسترشاد بنصائحكم جزاكم الله كل الخير، وعلاقتها به الآن تتحسن ولا تزداد سوءاً ولله الحمد.
الملاحظ الآن في ضوء ما وصفته لكم أنها بدأت تتقمص الشخصيات؛ فأول مرة بدأت تقول أنا بابا وتعمل مثله وتقود سيارتها كأنها هو، واعتقدت أنها لعبة كالتي تلعبها مع أختها، ثم عندما ذهبنا إلى طبيبة الأطفال عادت من عندها وهي تقول أنا دكتورة، وعندما زارتنا جدتها لبست السبحة وقالت أنا تيتا.
لكن ما أقلقني أنها تمادت وصارت تقول أنا سارة "اسم ابنة عمها"، أقول لها لا أنت سمية فتقول: لا أنا سارة وتصرّ على ذلك، ثم صارت تقول أنا عمر "أخوها الصغير" وتصر على ذلك.
وفي البداية كنت أجاريها كأنها لعبة، لكني الآن وجدت أن الموضوع يزداد ولست أدري هل هذا طبيعي؟ وما هي الأسباب؟ وما هو حدود المعقول فيما تفعل؟ وأخيرًا كيف نتصرف معها؟ اعذروني على الإطالة، وجزاكم الله كل الخير.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الحبيبة، ومرحبًا بك وبأطفالك الثلاثة الذين نسعد أن نكون رفقائك في تربيتهم كما شرفتنا بهذا الوصف في سؤالك، وندعو الله تعالى أن يديم عليكم الأمان وأن يحفظكم من كل سوء؛ فهو خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.
أختي الكريمة، إن ابنتك الجميلة سمية، جعلها الله مع سمية أم عمار في الجنة، يفصل بينها وبين الطفل الجديد عامان فقط، وقد وضحت بنفسك أنها عانت من الغيرة منه، ولعل ذلك ما يبرر عصبيتها وحدة انفعالاتها، وأرى أن طريقتك في التعامل مع ثورات غضبها طريقة مناسبة، وإن كنت أريد أن أزيد على تهدئة الطفلة تعليمها كيفية التعامل مع ما يغضبها في حدود المقبول من الانفعال، وبنسبة كبيرة، فإن القدوة المتمثلة فيك وفي الأب والإخوة الكبار يعول عليها كثيرًا في هذا التدريب على التحكم في الانفعال، وفيما يلي تجدين نصائح وجهتها قبل ذلك في نفس الصدد:
- العزف على أوتار المسئولية.
أما بالنسبة لمسألة التقمص والخيال فهي مسألة يبدأ البحث فيما يخصها عن جزئية مهمة جدًّا لتحديد ما إذا كان الأمر عاديًّا أم مقلقًا، وهذه الجزئية هي سن الطفل، وسن ابنتك (عامان ونصف)، وهو ما طمأنني تمامًا، بل أكد لي أنها تتمتع -ما شاء الله- بقدرات وذكاء متميز؛ لأن اتساع الخيال لدى الطفل -وهو ما يسمى Fantasy- دليل قوي على تطور النمو العقلي للطفل بخطى واثقة وبشكل سليم، وكون الطفلة تتقمص شخصيات من تراهم وتبدع في تشخيصهم وتقليدهم، فتمسك مسبحة الجدة وغيره أمر لا يقلق بالمرة، لكن مكمن القلق قد يكون لدى الطفلة عدم رضا عن نفسها بسبب غيرتها من أخيها فتتقمص شخصيات الآخرين هربًا مما يؤلمها في الواقع، أو أنها تحاول بذلك لفت الانتباه، وإن كنت لا أميل لأي من هذين الاحتمالين بنسبة كبيرة؛ فالطفلة على حد تعبيرك مرحة ومنطلقة ومحبوبة وتتعامل بشكل سوي ولطيف.
وهناك شيء آخر يخشى منه، وهو أن المبالغة في تقمص شخصيات ذكرية من الممكن أن يؤدي إلى فقد ما يسمى Gender Identity أو الهوية الجنسية؛ ولذا فما أنصحك به أن يكون رد فعلك هادئًا غير ملتاع عندما تقوم بهذا الفعل، ويكفي أن تجاريها ثم تقولي لها دائمًا "أهلاً يا تيتة لكني أحب سمية أكثر، أهلاً يا سارة يا جميلة ولكن سمية أحلى" بحيث تكون لديها قناعة بمكانتها لديك وصورتها لدى الجميع، وفي ذات الوقت تظل متذكرة أنها فقط تمثل وتتقمص، وبشكل عام فلا بد من اتباعك لما يلي:
1- يجب عدم مقارنة سمية بعمر إطلاقًا.
2 - يجب عدم إشعار سمية بوجود أولوية للطفل الأصغر إطلاقًا، فقد يدفعها ذلك أحيانًا للاعتقاد أن اختلاف الجنس هو السبب في هذا الاهتمام ولفت النظر؛ فتحاول أن تكون لها مواصفات هذا الجنس.
3 - في حضور الأهل والأقارب والزوار لا بد من تركيز الاهتمام والمدح والثناء على سمية بحيث يتم ذكر ما يستدعي الثناء عليها من ملامح الكبر والتطور كأن يقال بأنها "أصبحت كبيرة وتستطيع التلوين – الأكل وحدها – حماية أخيها... إلخ"؛ هو ما يشعره بالتفاف الاهتمام حولها ويشعرها بمزايا الكبر والنمو.
4 - من الممكن الاستعانة بسمية في أداء بعض المهام معك في رعاية أخيها مع الثناء عليها بجمل "أنت ممتازة .. لا أدري لو لم تكن معي سمية.. من كان سيساعدني؟".
5 - حاولي شغل فراغ سمية ما استطعت وإدارة وقتها بما يفيدها وينفعها ويشغلها. وستجدين فيما يلي أفكار تعينك على ذلك:
- مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته
- طفلة تصرخ أفهموني أستجب لكم.. متابعة
- فن تنمية الذكاء
- بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية.
عزيزتي أم عمر، أرجو أن تكون إجابتي على سؤالك قد خففت عنك نوعًا ما بداخلك من قلق ومخاوف، وأختم قولي معك بقول رائع من كتاب موسوعة الأم للكاتب سيد صديق عبد الفاتح -وهو من منشورات الدار المصرية اللبنانية- إذ يقول: "إن الأمومة هي أن تساعد كائنًا آخر على النمو والبلوغ واكتساب إنسانية كاملة؛ ولأن الأم تحب ابنها بجميع نياط كيانها؛ فهي أكثر أهبة من أي كائن آخر لبذل ما ينبغي من جهد لمعرفته وفهمه".
وفي الختام لا يسعني إلا أن أستودعك الله على أمل بلقاء قريب إن شاء الله.
ويمكنك الاطلاع على ما يلي لمزيد من المعلومات المفيدة والهامة في هذا الموضوع:
- لا تسرقوا طفولتها لأجل أخيها.
- الغيرة صراع من أجل الملك.
ــــــــــــــ(102/242)
من يوميات طفل محتل العنوان
أود تقديم شكري الجزيل لكم على هذا الموقع الرائع حقًّا، وأرجو أن يوفقكم الله ويرعاكم.
أنا امرأة عاملة، وعدد ساعات العمل 7 ساعات يوميًّا، أود معرفة مدى تأثير ذلك على طفلي، حيث إنني أضعه حاليًا عند بيت عمه، وأنا أنوي وضعه في الروضة حين يكمل ثلاث سنوات (عمره الآن سنتان و4 أشهر).
وأريد إيضاح أنني أقوم باللعب معه فترة تزيد عن الساعة يوميًّا وبمختلف الألعاب التي يحبها، وأقوم أيضًا بالطلب منه بالقيام ببعض الأمور كوضع ألعابه في سلتها وأفسح المجال له لمساعدتي في المطبخ وغير ذلك، وقبل النوم نقوم باللعب معا على فراش النوم حتى يتعب وينام.
سؤالي هنا هل أنا مقصرة تجاهه؛ حيث أتغيب عنه ساعات طويلة في العمل؟ وهل هذا يؤثر عليه في شخصيته وسلوكه مستقبلاً؟ وهل يشعره بأنه ليس محور اهتمام؟ مع العلم أنني أحاول بكل الطرق أن أشعره بحبي، وعلاقتنا معًا جدًّا رائعة.
ولديّ استشارة ثانية أرجو أن تسمحوا لي وأرجو الإجابة عليها.. قبل يومين تعرضنا نحن سكان العمارة إلى مداهمة من جنود الاحتلال الساعة الثالثة صباحًا، وطلبوا منا الخروج من المنزل إلى الشارع حتى ينسفوا منزلا مجاورا، وكان الطفل نائمًا وعندما سمع الصوت استيقظ كبقية أطفال العمارة، وظل متمسكًا بوالده ولم يقبل أحدًا، وأنا كنت منهارة جدًّا لخبر نسف البيت، ولم أستطع تمالك نفسي وبكيت بشدة، ولم يقبلني ابني وظل مع والده.
وبعد أن تمت عملية النسف عدنا إلى المنزل ونام ابني حتى الصباح، استيقظ يصرخ بشدة على غير عادته، وضممته إلى صدري وهدأته، وبعد ذلك ذهبت إلى العمل وتركته عند زوجة عمه، حيث قامت بالاتصال بي وقالت بأن إبراهيم يصيح وينادي علي وعلى أبيه على غير عادته، وتكلمت معه بالهاتف وهدأ بعدها.
أريد أن أعرف من فضلكم هل تأثر بهذا الحدث؟ وكيف أستطيع أن أتصرف معه حتى أمحو من ذهنه هذا الحدث نهائيًّا؟ علمًا بأنه اليوم والحمد الله طبيعي ولا يشكو من شيء، ولكني خائفة عليه في المستقبل من أن تؤثر هذه الحادثة على سلوكه. أفيدوني أفادكم الله، ونجاكم من كل شر. أعتذر جدًّا عن الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة، واعذريني إن ارتجفت الكلمات في حديثي إليك؛ فلا أجد بسهولة ما يمكن أن يقال لمثلك، ولا أستطيع مهما قلت أن أجد معك حلاًّ لجرائم تشيب لها الولدان، ولن يكون لكلامي قيمة أمام أهوال تواجهينها مع أسرتك وأقف عاجزة عن ذودها عنك، ولكن أسأل الله تعالى أن أستطيع تقديم العون لك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.. وصدقيني أنا التي في حاجة للعون للرد على سؤالك.
أختي الكريمة، من الواضح من سؤالك أن الأمور تسير على ما يرام مع طفلك -بفضل الله- في أثناء غيابك عنه في العمل، ومعيار حكمي هو سواء علاقته بك واستمتاعكما بوقتكما معا بعد عودتك، وتعامل الطفل بسعادة مع أبناء العم.. كل ذلك يؤكد أنك غير مقصرة في حقه ولله الحمد، وإن كنت أنصح أن تكون فترة وجودك بالمنزل كلها بصحبته وليس فقط فترة الساعة التي تلعبان فيها معًا، ولا بد أن يكون هناك جلسات عائلية تضم الأب أيضًا يشارك فيها باللعب والمرح وحكي القصص وغيره؛ ليشعر الطفل بالحب يغمره من كل جانب، وينشأ سويًّا قويًّا إن شاء الله.
أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالك عن تأثر طفلك بالحادث المروع الذي بات من يوميات الحياة في أرض الرباط؛ فلا شك أن طفلك قد تأثر بتلك الواقعة بشكل أو بآخر؛ فغالبًا ما يكون الأطفال أكثر تأثرًا بالصدمات؛ لأن مرحلة الطفولة تنطوي على صعوبات التغيرات الجذرية، وهو ما يجعلها أكثر استهدافًا لاضطراب التوازن ونقص التوافق مع الذات والمجتمع؛ ولهذا يتوقع أن تتفاعل ضغوط الخوف والرعب مع مشكلات النمو، وهو ما يجعلهم أكثر استعدادًا للتأثر بالأحداث التي يتعرضون لها، مثل الانفصال عن الوالدين، والشعور بالتهديد، والحرمان من الأمن من خلال سماع أصوات المدافع، والأخبار المفزعة.
وقد يترجم هذا الخوف -الذي يمكن تسميته صدمة- في شكل بعض المشاكل العصبية النفسية، مثل الأفعال والحركات اللاإرادية التي تصدر عن أعضاء الجسم، مثل اليدين أو الرجلين أو الكتفين أو العينين أو الفم والأسنان والأصابع، والنهوض في فزع من النوم، وقلة الشهية والطعام، وتفضيل الابتعاد عن الناس، واللجوء للصمت، والرغبة في البكاء، ناهيك عن العنف والعصبية والعدوانية أحيانًا والرغبة في التخريب.
وعلى ما يبدو أن تأثر طفلك غير واضح المعالم ولم يترجم بعد لشيء يمكن علاجه أو تحليله؛ فالطفل افتقدك في اليوم التالي لتك الكارثة وهذا أبسط رد فعل لما رآه وزلزله في الليلة السابقة، وبالتالي فهو في حاجة في الأيام القادمة لجرعات هائلة مضاعفة من الحنان والدعم والإشعار بالحنان والقوة، فيرى الثبات في نظرات عينيك، ويلعب معه الأب ويكثر من احتضانه، ولا بد من ملاحظة أي تغير يطرأ على تصرفاته أو سلوكه لمعرفة مدى تأثره بتلك الواقعة.
كما يجب حث الطفل على الحديث عن مخاوفه وآلامه وكافة أنواع مشاعره، وليس فقط الحديث، بل التعبير بكافة أشكال التعبير من رسم وتشكيل بالصلصال، مع تجنيب الطفل ما أمكن التعرض لما يخيفه أو يروعه.
واحرصي أنت وزوجك على إبداء القوة ورباطة الجأش وترديد ذكر الله تعالى أمام الطفل إزاء كل ما يمكن أن يخيف كصوت عال أو ظلام أو صوت أعيرة نارية أو غيره؛ لأن تماسك الوالدين وقوتهما هو مصدر قوة الطفل وأمانه.
والخلاصة أنه لا بد أن يكون سلوككما متزنًا خاليًا من الفزع والهلع في أي موقف من المواقف؛ لأن جزع الآباء ينقله الطفل على نفسه، كما أنه يتعلم الاستجابة لمواقف الحياة بنفس الأسلوب الذي يقابله به الأمهات والآباء.
أما محو الحدث نهائيًّا من ذهنه فيحتاج إلى بعض الوقت مع الكثير من الأمان والدفء والطمأنينة؛ وهو ما يقلل من تأثير أي ذكرى كئيبة على نفسية الطفل، ويحد من أي أثر سلبي لها على سلوكياته.
حبيبتي، أكثري من الدعاء لطفلك وزوجك وأهلك بالنجاة -كما دعوت لنا- والأمان من كل خوف، ولعلها فرصة عظيمة لتنظيم جلسات أسرية ثابتة يوميًّا عقب أذان العشاء يدعو فيها الأب وتؤمنان أنت وطفلك على دعائه بالنصرة والعزة والأمان في غير استضعاف أو خوف إلا لله ومنه عز وجل، وتأكدي أن الله لا يجمع على عبده خوفين ولا أمنين كما ورد في الحديث القدسي؛ فمن خافه في الدنيا كان آمنا يوم لقائه، ومن لم يخشه في الدنيا فزعه الله يوم لقائه، ولعلّ ما سيفزع الله به أعداءه من الظالمين البغاة مهلكي الحرث والنسل -يوم يقوم الناس لرب العالمين- سيشفي صدور قوم مؤمنين، والأيام دول.
أستودعك وأسرتك الله تعالى على أمل بلقاء قريب أتمنى ألا يطول انتظارنا له، وفي انتظار المزيد من متابعاتك وأخبارك وأخبار أسرتك واستفساراتك.
وللمزيد من المعلومات المهمة والمفيدة حول هذا الأمر يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- التعامل مع الطفل.. المذعور الخائف
- مخاوف أطفال الانتفاضة
- الحياة تحت الاجتياح.. بيت حانون وأخواتها
ــــــــــــــ(102/243)
ابنتي زنانة.. أفيدونا العنوان
ابنتي عندها 3 سنوات وهي الكبرى ولديها أخت عندها عام و3 شهور. المشكلة أنها كثيرة البكاء والعناد وعندها عصبية في التعامل وتتشبث وتلح على كل شيء مثلاً تريد أن تأكل حاجة حلوة، وبمجرد أن تأكل منها قطعة ترميها وتقول مش عايزة، وهكذا حالها في أمور عديدة دايمًا زنانة وعنيدة جربت معها أساليب عدة للتعامل منها الضرب والحرمان مما تحب وجربت المعاملة باللطف والإقناع ولا شيء يجدي. أفيدوني يرحمكم الله.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة ومرحبًا بابنتيك الحبيبتين -أعانك الله على تربيتهما- وقد أعجبتني تأملات إحدى الصديقات عن الأمومة والعلاقة بين الأم وابنتها أحببت أن أتصدر بها حديثي معك، وتقول صديقتي عن نفسها: عندما كان عمري سنة قامت أمي بتغذيتي وتنظيفي وأنا شكرتها بالبكاء طوال الليل، وعندما كان عمري سنتين قامت بتدريبي على المشي وأنا شكرتها بالهروب عنها عندما تطلبني، وعندما كان عمري ثلاث سنوات قامت بعمل الوجبات اللذيذة لي وأنا شكرتها بقذف الطبق على الأرض...، وظلت تعدّد ما تتحمله الأم مع أطفالها وخصوصًا في سنوات عمرهم الأولى وردهم لهذا الفضل بجهالة الأطفال وإزعاجهم، وتحملها وسعة صدرها لهذا الجزاء الذي يخالف كلية جنس العمل.
وهكذا الأم دائمًا تقدم كل ما لديها لإسعاد أبنائها، ولا تستعجل جني الثمار؛ لأن غالبًا ما يرد الأبناء في سنين العمر الأولى بما يثبت أنهم أطفال لا يفهمون قول الله تعالى "فحيوا بأحسن منها أو ردوها...".
إن مشكلة طفلتك يا عزيزتي مشكلة عادية تواجهها الكثيرات وهي زن الأطفال وبكاؤهم وإلحاحهم الباكي الذي يدفع الأمهات دفعًا للاستسلام لمطالبهم، مما يعلم بعضهم أحيانًا الاستغلال واحتراف هذا الأسلوب للضغط والحصول على ما يريدون، لكن الصورة تقل حدة في الأطفال من سن ابنتك؛ إذ غالبًا ما تكون حالات الزن والبكاء في هذا العمر طلبًا لرعاية الأم واهتمامها ولفت نظرها، ويدعم لديّ هذا الظن وجود شريك لابنتك في الاهتمام هي طفلتك الصغرى التي اجتذبت الأنظار والأضواء من ميرا وجعلتها في حاجة لاستعادة منزلتها المهدرة ومكانتها الضائعة.
ويقول دكتور سبوك ناصحًا الأمهات اللاتي يشتكين من زن أبنائهن وإلحاحهم الباكي: "إنني أؤمن أنه من المهم أساسًا أن تحاول الأم أن تسير على قاعدة في عدم انفلات الأعصاب مع الابن؛ فالموقف الهادئ المنضبط مع الابن هو الذي يجعله يكف عن البكاء كوسيلة لابتزاز الأم".
وتعالي ننطلق من كلمات دكتور سبوك إلى مقترحات تفيدك في التغلب والتعامل مع بكاء وزنّ ميرا:
أولاً: يجب الاتفاق معها أن أي شيء سيطلب بالبكاء والزن لن يُلبّى، مع ضرورة ثباتك على هذا المبدأ بحزم ودون قسوة، وأن البنات الجميلات يحافظن على الابتسامة دائمًا ليظل شكلهن جميلا ووجههن منيرا، ولكي يلبي لهم الجميع طلباتهم عن حب وسعادة.
ثانيًا: لا بد من الاهتمام بميرا وإشعارها بفخرك وفخر والدها بها واهتمامكما بها، وكذلك يجب اتباع ما يلي لتجنيب ابنتك مخاطر الغيرة.
- احموا أبناءكم من الغيرة
ثالثًا: عندما تبدأ بالزن والبكاء قبليها، ثم قولي: "إن الدموع قد جعلت خدك مالحًا.. تذوقي" في محاولة منك لتغيير الموضوع، أو أريها صورتها في المرآة وقولي لها "من أجمل؟ ميرا تضحك؟ أم ميرا وهي تبكي؟".. وأخبريها أن البكاء يشوش على صوتها، وأن الاتفاق أن شيئا لن ينفذ إلا بدون بكاء.
رابعًا: لا بد من وضع قوانين ثابتة لمسألة الطعام وتناول الحلوى؛ فالحلوى لا موعد لها سوى بعد الوجبة بقليل؛ لأنه ما بين الوجبات لن يسمح بتناول الحلوى لتجنب إفساد الشهية، وبالتالي ما لم تدرك الحلوى عقب الطعام فلتنتظر عقب الوجبة التالية، وصدقيني أن التدريب على أي قانون ليس سهلاً في البداية، لكن الثبات والالتزام يجعله أمرًا واقعًا محترمًا مسلمًا به من قبل الجميع، وما أقصده أن هذا القانون ستلتزم به الابنة تدريجيًّا مع حسمك -دون تعسف أو قسوة- في تحقيقه وإقناعها بفوائده، وعلميها بهدوء أن الشيء الذي ستهمل في الحفاظ عليه لن تناله مرة أخرى؛ فإذا ملت الشيكولاتة مثلاً فلتحفظ الباقي في الغلاف وتعطيه لك، ولا ترميه، وهكذا...
خامسًا: تجنبي التذبذب في التعامل معها بين الضرب واللطف والقسوة واللين، وثبتي منهجًا واحدًا للتعامل هو الحزم الحاني أو الود الحازم، وهو تطبيق القواعد والقوانين بالإقناع لا القسر والعنف، مع الثبات على المبدأ مع الحنان واللطف في الإقناع والتأكيد باستمرار على المكانة العالية للطفلة في قلبك.
سادسًا: اجتنبي الضرب والعقاب والقسوة على الطفلة بشكل عام، وخصوصًا في تلك الفترة؛ فهي أحوج ما تكون لحنانك وحبك واحتضانك لاستيعاب مشاعرها المتضاربة إثر مجيء أختها، فارحمي غيرتها.
سابعًا: احرصي على تكوين علاقة صداقة حميمة وجميلة مع ابنتك واصبري في سبيل تحقيق هذا الهدف، واحرصي على قضاء وقت لطيف معها كلما سنحت لك الفرصة وحاولي ألا تتباعد الفترات بين هذه الأوقات.
- برنامج مميز للوقت المميز
- كيف استعيد حب وثقة ابنتي؟
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
أختي الحبيبة.. سعدت جدًّا بالرد على سؤالك وأرجو أن يكون ما قدمته معينًا لك على التغلب على ما يقلقك في التعامل مع ابنتك، وسيزيدك استفادة الاطلاع على المقترحات الموجودة في الاستشارات التالية:
- بكاء طفلي.. من يوقف هذا الصداع؟
- البكاء وسيلة الصغار للابتزاز
- مكافأة لمن يطفئ براكين البكاء
ويسعدنا تلقي المزيد من استفساراتك وأسئلتك، وأنتظرها في لقاء قريب، وشكرًا لثقتك.
ــــــــــــــ(102/244)
المدارس الدولية في ميزان الهوية العنوان
بلغت ابنتي السن المناسبة لدخول المدرسة النظامية، ونحن ننوي الذهاب لكندا من أجل الحصول على الجنسية الكندية، وأنا محتارة هل أضعها في مدرسة إنترناشونال، مع العلم أن هناك مدارس تدرس الدين والعربي من أجل أن تكتسب اللغة الإنجليزية، أم أضعها في مدرسة عادية تدرس المنهج السعودي بسبب إقامتنا الآن في السعودية؟
مع العلم أن مسألة البحث عن مدرسة نموذجية ترقى بالطفل ثقافيًّا واجتماعيًّا بات أمرًا مستحيلاً، هذا إن لم تقتل المدرسة أصلاً قدرات ومهارات الطفل، حقًّا أتمنى أن أجد لأولادي مدرسة تكمل مشوار البيت لا أن تكون عبئا تربويا جديدا على الأهل.
آسف للإطالة، لكني أريد التنشئة الصالحة لأبنائي، فهذا هدفي بعد عبادة رب العالمين، وجزاكم الله خير الجزاء.
السؤال
تعليمي الموضوع
أ/نيفين السويفي اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أيتها الأخت الكريمة، ومرحبًا بآرائك، ولقد نكأت بكلامك جرحًا مؤلمًا فيما يخص الأنظمة التعليمية في بلادنا التي تفتقر للكثير، وتجعل احتياجنا لخبرة الغرب في هذا المجال أكبر وأقوى إن أردنا لأبنائنا تميزًا في مسألة التعليم، وإن ظل الصراع فيما يخص الهوية والدين شوكة أخرى في الحلق تجعل القناعة التامة بالمدارس التي تتبع تلك الأنظمة الغربية التعليمية أمرًا بعيد المنال.
على كل حال فأنت بين خيارين لكل منهما مزاياه وعيوبه، وأنت بحاجة لترجيح كفة أحدهما دون الأخرى وفقًا لاعتباراتك أنت؛ فالمدارس الدولية (الإنترناشونال) تتميز بمناهج متميزة تتناول العلم من ثلاثة جوانب "المعرفة - المهارة - الإدراك"، ونعني بالإدراك.. إدراك أهمية ما درسوا في الحياة العملية وارتباطه بواقعهم.. وهو ما يجعل الطفل قادرًا على الابتكار والتفكير وتحليل الأمور من حوله وهو ما نحتاجه بشدة كمسلمين.. ونفتقده في مناهج مدارسنا التي تتناول العلم من الناحية المعرفية فقط؛ وهو ما يبطل القدرة على الابتكار والتجديد والتفكير والإبداع.
ومسألة الدين واللغة العربية ضرورة لا بد أن تقدريها بقدرها الكافي؛ فإن كانت تلك المدرسة الدولية التي تفكرين فيها تعطي للدين واللغة العربية الاهتمام الكافي -بما لا يخلق في نفس الطفلة نفسها ازدراءهما وعدم الاهتمام بهما كمادتين مهمتين- فبها ونعمت.
وإن لم يكن الأمر كذلك فأنت بحاجة لإعادة النظر في كيفية إدارة الأمر منزليًّا، ومن خلال المسجد لتعويض تلك الهوة بما يحافظ على هوية الطفلة وارتباطها بدينها -هذا إن استقر رأيك على المدرسة الأجنبية- فالعلم وحده لا يكفي وإن كان هو غذاء العقل الذي يفتح المجال في الجو السليم لجلاء الروح، كما يقول المفكر الإسلامي حسن العشماوي في كتاب "هكذا نربي أولادنا": "العقل لا يفوق الروح قدرًا، ولكن التطور الطبيعي للطفل هو أن يعلم قبل أن يؤمن، وإلا كان إيمانه تقليدًا أعمى لا غناء فيه".
والخلاصة أن المحيط المؤثر في الطفل لا بد أن يتكون من ثلاثة عناصر لضمان التأثير المرجو على عقلية وهوية ودين هذا الطفل:
أولاً: البيت والأسرة.
ثانيًا: المسجد.
ثالثًا: المدرسة.
ومتى غاب أحد أضلاع هذا المثلث قام الباقون بدوره، أما لو غاب المسجد والمدرسة كان العبء كله على البيت وهنا مكمن الخطورة؛ لأن الأوامر والنواهي والخلق والقواعد تستقى كلها -في تلك الحالة- من مصدر واحد يختلف حتمًا عن العالم الخارجي الذي يتعامل معه الطفل وهو ما يشعر الطفل بالملل.. والأخطر أن يشعر أن العالم كله في اتجاه وأفراد هذه الأسرة يحيون وحدهم في عالم آخر لا يحيا فيه غيرهم؛ وذلك لأن منبع التوجيه واحد.. إذن فلا بد من تعدد المنابع وتكاتفها حول الابنة لتغذيتها بما نأمل.
وما أقصده هو أن تعويض الجرعة اللازمة لانتماء كاف للدين والهوية -خصوصًا في ظل نيتكم السفر لكندا- لا بد أن يكون من خلال أكثر من جهة؛ فلا بد من اشتراك الطفلة في نشاط مسجدي مع تكاتف البيت في تهيئة جو يحافظ على تلك الهوية بأساليب بارعة ومبهرة لا تقل براعة عن مناهج المدرسة الدولية، ويمكنك التعرف على تفاصيل أكثر عن هذه الجزئية في الاستشارة التالية:
- المدارس الأجنبية.. شهد بلا وخز
بالطبع لقد جرى الحديث في اتجاه ترجيح كفة الخيار الأول وهو المدرسة الأجنبية، وهو ما يظهر ميلك نحوه، ولكن أنت صاحبة القرار والوحيدة التي يمكنك الحسم مع أبيها في اتخاذ القرار الصائب بعد الاستخارة والمشاورة بينكما.
وما أود التأكيد عليه هو أنه لا بد من استعدادك للعمل على رأب كل صدع يمكن أن يسببه خروج الطفلة للمدرسة أيًّا كانت، وأعتقد أنه لا يوجد مدرسة تكمل مشوار البيت بنسبة كبيرة، وفي نفس الوقت فليس عبئًا تربويًّا جديدًا هذه المتابعة والتكامل مع المدرسة بما ينفع الطفلة، وبما يصحح أي خطأ من أي جهة.. فلا تنظري للأمر بتلك النظرة، بل استبشري وتفاءلي واستعدي لجهد لذيذ ستبذلينه حتمًا -أيًّا كان اختيارك- لتنشئة أبنائك نشأة صالحة كما تأملين.. والثواب على قدر المشقة.
ــــــــــــــ(102/245)
حجاب الصغيرات.. متى وكيف؟ العنوان
السلام عليكم.. أشكركم جدًّا على خدمتكم الرائعة تلك، وجزاكم الله خيرًا.
لي بنتان 3.5 و2 سنة، والدهما مسافر معظم الوقت لبلد عربي، وأود أخذ رأيكم في شيء وهو نوعية لبس البنات. صديقاتي ملتزمات دينيًّا ودائمات النصح لي في أمور عديدة، منها أنه من المفروض أن أعوّد البنات على الاحتشام منذ الصغر في اللبس حتى إن بعضهن يلبسن بناتهن الحجاب منذ السابعة والثامنة من العمر.
ومع احترامي لرأيهن فإن لي رأيًا آخر وهو أن ألبسهن كل ما يحلو لهن من قصير أو مفتوح حتى سن السابعة مثلاً، ثم يلبسن الملابس المحتشمة دون حجاب، ثم الحجاب الفعلي عند البلوغ فعلاً، وخاصة أني لم أقرأ أو أعلم حثًّا أو توجيهًا نبويًّا لأن أبدأ مبكرًا، والشرع قال عند البلوغ. لأنني أرى أن البنت إذا لبست ما تحب فلن تشتاق له حين تكبر، لكني خائفة من أن يكون رأيي خطأ، مع ملاحظة أن أهلي فعلوا معي ذلك، وبالفعل عند سن البلوغ جاءت رغبة قوية وشديدة ومن داخلي في الحجاب والاحتشام، أرجو الإفادة، وشكرًا.
السؤال
أبناؤنا والإيمان الموضوع
أ/نيفين السويفي اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة ومرحبًا ببناتك اللاتي سيرزقك الله وزوجك بإحسان تربيتهن العتق من النار ودخول الجنة إن شاء الله، فهنيئًا لكما الثواب الجزيل.
إن سؤالك يا عزيزتي لهو سؤال أحب كثيرًا الإجابة عليه؛ وذلك لتوضيح أمر مهم وهو ضرورة تربية الأبناء على المضمون والمعنى والمحتوى قبل تدريبهم على الفعل؛ فالمحب لمن يحب مطيع، والرضوخ للأوامر بغير رضا لن يدوم طويلاً. لعلّ في كلامي ما يدعم وجهة نظرك من حيث عدم إلزام الفتيات بما لم يلزمهن به الشرع، ولكن ليس بغرض أن يرتدين ما يعجبهن ليشبع لديهن رغبات سيحرمون منها بالبلوغ، والوصول للسن الشرعية للتكليف، فالإسلام دين واضح بسيط لا يصطدم بأي مطلب من مطالب البشرية، ولكن لكون الأمر مخالفًا لترتيب الأولويات في التربية والتنشئة الدينية للأطفال؛ فالأولوية في السن الصغيرة وحتى سن العاشرة هي لغرس الحب المطلق للإله الواحد الأحد الرزاق المعين الودود، ومن ثَم الثقة في حسن تدبيره لخلقه، ومن ثَم اتباع أوامره حرصًا على الخير والنفع والمصلحة باتباعها قبل الخوف من العقاب وإرضاء لله تعالى بحسن صيانة النفس.
ويحضرني بهذا المقام قول الفيلسوف الفرنسي "جان جاك روسو": "إن الخير نقش في قلوب البشر دون الحاجة لتلقينهم إياه.. فلو أنهم استفتوا قلوبهم لأصابوا، ولكن تفسدهم ظروف حياتهم في المجتمع الذي يعيشون فيه".
إذن فالمطلوب منك تغذية أبنائك بحب الله والرغبة في إرضائه حتى بتناول الطعام حفاظًا على الصحة؛ لنرضي الله تعالى، الذي يحب المؤمن القوي، وبأن تكوني مع والدهما لهما قدوة في السعي لرضاء الله بالإحسان في أداء أعمالكما، وبإتقانكما في كل شيء.
وبالتالي فترتيب الأولويات في تنشئة الأبناء على الدين أمر هام جدًّا؛ إذ إن مسألة الغيبيات غير واضحة بالنسبة للطفل حتى سن 10 سنوات، وهو ينفذ ما يقال له، ويبدأ هذا بالتغيير بعد هذه السن؛ إذ يبدأ الطفل بالتفكير في ثوابت حياته التي اعتادها وما ترفضه منطقيته يتمرد عليه، وبالتالي فمناقشة الطفل منذ صغره فيما يجب أن يقتنع به من تصرفات يجب أن تكون هي السبيل لتوجيهه، وذلك لضمان أمرين:
- تفادي نموذج الطاعة العمياء التي تحمل من الخطورة أضعاف ما تحمل من الراحة للمربين؛ إذ إن صاحب هذه الطاعة ينقاد لأي أمر ما دامت الطاعة عليه مفروضة (في المدرسة مثلاً)، أو حتى محببة لديه مع الأصدقاء مثلاً.. دون تفكير في سبب الطاعة أو ما يطاع.
- عدم تمرد الطفل على ما اعتاد طاعته، حين تتوفر له القدرة على التفكير والاعتراض وتقييم الأمور.
وبالتالي فإقناع بناتك بالحجاب وتحبيبهن فيه وتحميسهن له -دون إشعار بأنه قيد ينبغي لهن أن يتمتعن بمتع الدنيا قبل أن يحرمن منها- أمر أهم من إجبارهن عليه بغرض الاعتياد والتآلف معه. وأرى أن التدرج الذي وضعت له تصورًا في سؤالك جيد، لكن مع ضرورة إقناع البنات بجمال الحجاب وأنه خطوة تتوج النضج وتكون ناقوس الفصل بين الطفولة والأنوثة والنضج، وإن كنت أميل إلى عدم تعمد اختيار الملابس شديدة التعري ويكفي اختيار الأذواق اللطيفة دون تحري "المفتوح والقصير" بالذات؛ بحيث يترسخ لدى بناتك مفهوم الأناقة على أنها الذوق السليم والألوان اللطيفة والتفصيلات المناسبة وليست المفتوح والقصير.
كل ما أوصيك به هو تنشئة بناتك على حب الله عز وجل وعلى السعادة بإرضائه تعالى، وعلى محاسبة النفس لتطويرها وتحسين أدائها، ثم تدريجيًّا ابدئي في خطوات الحجاب، ودعي بناتك ينضجن ويتطورن بشكل طبيعي في بيئة يتنفسن فيها طاعة الله وحبه حتى يطلبن منك هذه الخطوة، وحتى لو طلبنها لا بد من نقاشها والتأكد من قناعة كل منهن القناعة التامة ودعم هذه القناعة وتشجيعها، والتأكد من قدرتها على الدفاع اللبق عن خطوتها تلك وعن دينها وعن نفسها مما يضمن أن تكون خطوة واثقة بلا رجعة.. واعلمي أن كل طاعة في ديننا موقوتة بميقات لا ينبغي أن تؤدى قبل دخول وقتها ولا بعده.
أختي الكريمة.. لعلك تعلمين أن بناتك هن امتداد لعملك، وصدقتك الجارية التي لن تنقطع إن أحسنت إعدادها لها الغرض؛ ولهذا أوصيك ونفسي بقوة باغتنام تلك الفرصة.. رزق الله أبناءنا جميعًا برنا ورزقهم رضانا عنهم، وفي انتظار متابعاتك.
سيفيدك الإطلاع على ما يلي:
- حجاب ابنتي في الغربة.. خطوة لها وقتها
- مبادئ محبة الله
- العقيدة.. الإقناع المطلق أم الخضوع المطبق
- صغيرتي تسألني.. أين الله؟
وعن التنشئة الإسلامية للبنات في سن أكبر سيفيدك الاطلاع على ما يلي:
- ابنتي ترفض الحجاب.. ليست مشكلة
- المراهقات.. الصلاة.. الحجاب.. برنامج للاقتراب
ــــــــــــــ(102/246)
أوان تفتح الزهور على الرياض العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. ابنتي ستكمل السنتين بعد 3 أشهر إن شاء الله، وقد كنت معلمة في السابق، أما الآن فأنا متفرغة للعناية بها، وأود العودة للعمل هل أستطيع أن أدخلها الحضانة في نفس المدرسة التي أود العمل بها أم أنها صغيرة على الخروج للمدرسة في هذه السن؟ وما هي السن المناسبة لذهابها للمدرسة، مع العلم أنني لا أريد أن أضر بها في سن مبكرة عن السن الطبيعي... وشكرًا. السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أيتها الزميلة الرائعة في مهنة التربية والتنشئة.
وقد كان سؤالك محددًا ومركزًا في نقطتين مما سيسهل الإجابة عليه بعون الله:
النقطة الأولى: السن المناسبة لدخول ابنتك الحضانة.
النقطة الثانية: مدى جدوى التحاق طفلتك بحضانة المدرسة التي تعملين بها.
وستجيبك الأستاذة أمل عزمي مدرسة رياض الأطفال ومديرة إحدى الحضانات على هذه المحاور وتقول:
يقول المثل الروسي: "الجو مشرق في الشمس، ودافئ بالقرب من أمي"، وعليه فانفصال الطفل عن أمه باعتباره مرحلة من مراحل النمو قد يكون شاقًّا على الطرفين (الطفل وأمه)، وقد يكون مبهجًا للطفل بحسب تهيئة الأم له لهذه المرحلة، وتعتبر الحضانة -باعتبارها فرصة الاستقلال الأولى للطفل- لحظة الميلاد الثانية؛ إذ إن لحظة الميلاد الأولى هي الانفصال الأول للطفل عن أمه، ومع نمو قدراته تدريجيًّا تبدأ نزعته إلى الاستقلال تتطور، وإن استطعت استثمار هذه النزعة بتهيئة الطفلة جيدًا لهذا الانفصال ضمن ذلك نجاح هذا الانفصال.
وما يضمن لك تهيئة الطفلة جيدًا لهذا الانفصال:
1 - تعويد الطفلة على الاعتماد على نفسها -بما يتناسب مع عمرها- فتطعم نفسها شطيرة وبالملعقة أحيانًا وتسقي نفسها من الكوب، وتلعب وحدها بألعابها لمدة نصف ساعة مثلاً، وهكذا فتعتاد داخل البيت أن تحيا حياة لطيفة سعيدة بها لحظات كثيرة تخصها وحدها.
2 - لا بد من تعويدها الاختلاط بالأطفال والتعامل معهم وممارسة اللعب معهم من خلال زيارات عائلية أو زيارات الأصدقاء أو الذهاب للنادي والمتاجر وغيره، مما يعودها الاختلاط بالغرباء ورؤيتهم والتعامل مع الأطفال من سنها.
3 - لا بد من اختيار حضانة جميلة بها ألعاب مبهجة وألوان مبهرة ومدرسات لطيفات، وإن كانت حضانة المدرسة التي تعملين بها غير ذلك.. فيفضل أن تنصحي القائمين عليها بتجميلها، وإن أمكن وجود حضانة لطيفة أفضل من حضانة المدرسة شكلاً واهتمامًا ونظافة فستكون لها الغلبة في الاختيار بدون شك (وأقصد بالحضانة المكان المخصص لاستقبال وتعليم وترفيه الأطفال من عمر سنة مثلاً إلى ما دون سن المدرسة).
4 - كما يمكن الاستعانة بأختها الكبرى في تصوير مدى سعادتها بالمدرسة وبحاجيات المدرسة، مما يحمس ابنتك الصغرى لمحاكاتها.
إذا ما أبدت ابنتك استجابة لكل هذا الإعداد فسيكون هذه السن المناسبة لتنمية قدراتها من خلال الحضانة والاختلاط بالأطفال، ولكن تأكدي أن الطفلة في البداية ستكون قلقة وتبكي، وهذه أعراض طبيعية عند بداية سبرها لأغوار هذا المجهول والعالم الجديد، ولكن الفيصل هو تحسنها بعد فترة وكيفية استيعاب القائمين على الحضانة لهذا الخوف والقلق وتغلبهم عليه وتأمين مخاوف الطفلة وإسعادها.
وننتقل لـ: ثانيًا:
بالنسبة لحضانة المدرسة التي ستعملين بها، فرأيي بهذا الخصوص أنه إن لم تكن المدرسة تخصص لتلك الحضانة (بتعريفها المذكور) اهتماما كافيا من مشرفات ومعلمات متخصصات لطيفات، وألعاب لطيفة وعناية بالأطفال؛ فلن يكون من السهل اتخاذ قرارًا بإلحاق الطفلة بها؛ إذ ستكون مكانًا غير مناسب تترك فيه الطفلة بلا استمتاع ريثما تنتهين من عملك، صحيح أن كونك قربها تذهبين إليها كل برهة وتتولين شئونها ميزة تستحق النظر، إلا أنها لا تكفي لترجيح كفة هذه الحضانة، وتصبح حضانة تتمتع بالمواصفات التي تحدثت عنها معك هي الأولى بالاختيار.
ويمكنك معرفة المزيد عن مواصفات الحضانة المناسبة فيما يلي:
- أم نحكوش تختار الحضانة
وعلى كل الأحوال فلا بد أن يكون التحاق الطفلة بالحضانة بشكل تدريجي، بمعنى أن تتزايد الفترة التي تقضيها الطفلة بالحضانة تدريجيًّا وتزيد أيام تواجدها بها، فنبدأ بيومين مثلاً تقضي في كل منهما أربع ساعات، ثم في الأسبوع التالي ثلاثة ثم أربعة ثم تقضي خمس ساعات، على أن يتم تخير الساعات بناء على جدول الحضانة في أفضل أوقات الحضانة للأطفال، بمعنى اختيار الساعات التي تقضيها الطفلة في توقيت اللعب أو الغناء أو التلوين؛ ليكون انطباع الطفلة عن الحضانة هو المتعة والسعادة.
أما عن سن المدرسة فبعد إتمام السنة الرابعة يكون الطفل مهيئًا لبداية الدراسة التأهيلية (رياض الأطفال) لمدة عامين مثلاً، وإن كنت تقصدين أن تلتحق ابنتك في سنها الحالي بالحضانة في المدرسة فهو أمر لا أرجحه في سنها الحالي، وإنما الحضانة التي بها أطفال في مثل عمرها والتي ستتعامل فيها وفقًا لسنها وبما يسعدها وينمي قدراتها تدريجيًّا، وبالتالي فإن كان عودتك للعمل قرار لا بد أن يتلازم معه اختيار مكان لإيداع جوهرتك الحبيبة فيه؛ فالأفضل انتقاء هذا المكان بعناية شديدة بحيث يكون التركيز الأكبر على كون الحضانة تجربة سعيدة لتعليم الطفلة الجديد وتطويرها وتنمية قدراتها، وليس مجرد تركها والتخلص منها، مما يصب في صالح اختيار المكان لإسعاد الطفلة على حساب أي شيء آخر.
انتهي كلام الأستاذة أمل عزمي ونقدم لك فيما يلي بعض نصائح الأستاذة مي حجازي:
عن مسألة الحضانة وكيفية ترغيب الطفل فيها وهي نصائح ورد جزء منها في استشارة سابقة، وتقول فيها الأستاذة مي:
1- يمكن إعطاء المدرسة في الحضانة بعض الألعاب الصغيرة والحلوى التي تحبها الطفلة لتكافئها بها عندما تنتهي من طعامها مثلاً.
2- الحديث مع الطفلة دائمًا بأن "الحضانة جميلة وبها مراجيح وألعاب.. ما أسعدها بها.. هل ينفع أن يأتي فيها الكبار يلعبون مثلك؟"، وهنا أؤكد مرة أخرى على ضرورة اختيار حضانة ممتعة للطفل تتعدد بها الأنشطة ويستمتع فيها الأطفال بأوقاتهم بحيث يشعرون أنها نزهة ورحلة مبهجة.
3- من الممكن أن يتم إشراكها في جو من البهجة والسعادة في إعداد ملابسها للغد في الحضانة وحقيبتها وزجاجة الماء الخاصة بها.. لتشعر بالمتعة وإنها مقبلة على شيء جميل، كما يمكن النزول في أكثر من رحلة لتسوق أغراض الحضانة وحقيبة جميلة وصلصال وطبق وكوب بشكل بهيج يسعدها.
4- لا بد من غمرها بالحب والحنان والالتصاق في البيت بعد عودتها وهو ما يعوضها عن فقد الأم بالنهار.. وذلك في عدد من الساعات مساوٍ تقريبًا لما تتركه فيها في الحضانة.
5- لا بد من تعويضها عن ساعات الانفصال بالنهار في الحضانة بأنشطة وألعاب ومناغاة واحتضان من قبل الأم والأب أو كليهما.
ولمزيد من الأفكار عن هذه الأنشطة يمكنك مطالعة الموضوعات التالية:
- فن تنمية الذكاء
- خرافة المخ الصغير
- بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته
6- لا بد من تلبية احتياجها للقرب من أمها فترة تواجدها بالمنزل طالما أبدت هذه الرغبة دون أي امتعاض أو تقاعس لكي تستطيع أن تتماسك، (وتلملم مشاعرها) في قربها من أمها لتصبح لديها القدرة على الانفصال بدون إجبار وببنية نفسية قوية متماسكة مدعمة.
عزيزتي.. لا بد من تدعيم الطفلة جيدًا وتقويتها قبل تعريضها لهذه التجربة. وهو ما يشجعني أن أقول إنه من حق الطفلة إن استمرت في رفض الحضانة -بعد التماسك لأسباب ترغيبها فيها وحسن اختيارها– أن تحاولي قدر المستطاع مد إجازتك لإشباع ابنتك من حضنك وتلبية احتياجاتها حتى يحين موعد الانفصال الذي تحدده هي..
والخلاصة: لا بد أن تذهب الطفلة للحضانة عن رغبة واقتناع وسعادة وليست مجبرة.
أختنا الكريمة..
نرجو أن تكون الإجابة قد وفت بما يلزمك من معلومات تعينك على اتخاذ قرارك الذي ندعو الله تعالى أن يكون خيرًا لك ولأسرتك في عاجل أمركم وآجله، وفي انتظار المزيد من أسئلتك واستفساراتك ومتابعاتك وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/247)
بين الحدة واللين.. من يربي الأطفال؟ العنوان
جزاكم الله أولاً وبارك الله جهودكم الطيبة هذه. إخواني أخواتي: أنا أعمل في مجال الدعوة الإسلامية وعمري 35 سنة وزوجتي ربة بيت أصغر مني بسنة، ولدي 3 بنات ، 8 سنوات، 7 سنوات، 4 سنوات.
ربما من المفيد أن أقول بأن في طبعي بعض الحدة، لكن لا تصل لدرجة أنها مشكلة، وفي طبع زوجتي لين.
مشكلتي التي أود منكم إفادتي فيها: أن زوجتي تعامل البنات الثلاث باللين دائمًا، ونوع من عدم الحزم، الأمر الذي ترتب عليه الكثير من السلوكيات لديهن، وكلما تحاورت معها نتفاعل وقتها، ثم تعود لطريقتها في التربية، ومن هذه السلوكيات :
* بناتي الثلاث لا يمتلكن الشجاعة الأدبية في أقل صورها.
* دائمًا غرفتهن غير مرتبة، برغم أنهن في المدرسة منظمات، بل حتى سلوكهن في البيت غير مرتب أبدًا.
* لا صرامة في حفظ القرآن وتتبعه بل على حسب الظروف وكفى.
* ابنتي الصغيرة إلى هذه الساعة تنام معنا في الفراش، وإن نامت في سريرها وأتت في الليل معنا ترحب بها، وتسهر لساعات متأخرة في الليل.
* عندما أمنع أي شيء عن إحداهن من باب التربية -كالإفراط في شرب العصير مثلاً دون الأكل- تمانع وتظل مع البنت حتى تعطيها.
* مواقف كثيرة في حياتنا أقول شيئًا للبنات، وهي ترفضه وتعمل ما تود هي.
حقيقة لا أشعر أنها تسير في منهج تربوي واضح، حتى إنني أشعر أن صورتي أمام البنات ليست صورة الأب المربي مطلقًا، وصورتها لدى البنات لا يحترمنها أبدًا، وممكن تطلب الشيء منهن مرات ولا يلبين. حتى إنني فكرت في ترك أمر تربية البنات لها جملة وتفصيلاً، علّ الله يرزقني بأولاد من غيرها، فقد بت أفكر في الزواج بجدية.
ولي 10 سنوات متزوج بها. وهي طيبة ونحسبها على خير. لكن هذه المشكلة في طبعها. أفيدوني بارك الله في قلوبكم.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
أخانا الفاضل.. تحية طيبة، وجزاكم الله خيرًا على تحيتك الكريمة، وعلى ما جاء في بداية رسالتك من الاعتراف الصريح بأمر تنتقضه في طباعك وتصرفاتك، وهو ما شجعني لأن أكون معك على نفس مستوى المصارحة والمكاشفة لأتكلم معك دون مقدمات أو محاولة لتزين كلماتي التي قد تبدو قاسية، لكنها لا تصل إلى مستوى الحدة -وأستعير هذه الكلمات منك- أملاً في تفهمك وسعة استيعابك على خلفية مهمتك السامية التي تقوم بها.
أخي الكريم.. ألا ترى معي أن النتائج في آخر الرسالة لا تتوافق مع المقدمات في أولها، فبافتراض وجود خلاف في أسلوب التربية والتوجيه بينك وبين زوجتك فهل هذا يؤدي إلى التفكير في الزواج بأخرى حتى يرزقك الله بأولاد آخرين وترك البنات جملة وتفصيلا لها، خاصة وإذا كان الخلاف على مستوى منع البنات عن شرب العصير!! نعم وجود خلاف في طريقة التوجيه يحتاج إلى وقفة من أجل أن تتفقا على مبادئ عامة تسيران معًا عليها بعد حوار وتفاهم، ورغبة في الوصول إلى حل مشترك من أجل مصلحة الأطفال، وليس من أجل أن يفرض أحد الأبوين رؤيته أو أن يتخلى عن دوره ويسعى لتطبيق رؤيته التربوية على أولاد آخرين.
تقول إن الأم ليس لديها رؤية تربوية، فما هي الرؤية التربوية التي لديك إن مجرد الحديث عن لين الأم مقابل حدتك لا يكفي، خاصة وأن ما تضربه من أمثلة في رسالتك هو في الحقيقة في صالح الأم؛ فحفظ القرآن للأطفال لا يحتاج إلى صرامة، بل يحتاج إلى أن يكون محببًا إليهم ويكون جزءاً من برنامج حياتهم يأتونه عن رغبة وحب.. تلك الرغبة التي نبذل نحن الوسائل لزرعها في نفوسهم -ويمكن أن أرفق لك بنهاية الرد معالجات سابقة تناولنا فيها هذا الأمر-.
والطفلة التي نعودها على النوم على سريرها إذا جاءت في ليلة وحنّت للنوم مع أمها فنرحب بها، مع التأكيد في اليوم التالي على نومها في سريرها حتى يتأكد السلوك؛ ونحن نطلب من أطفالنا أمورًا يلبونها على الفور وأمورًا تكون على التراخي وأمورًا نكررها حتى يفعلوها وأمورًا يناقشوننا فيها وأمورًا يرفضونها وهكذا...؛ فالأمر لا يسير على وتيرة واحدة، وطالما أن البنات يستجبن للأم بعد تكرار الطلب والأم تتحمل ذلك فلأنها ترى منهم أحوالاً أخرى.
المشكلة ليست في الأم التي تعيش معظم وقتها مع هؤلاء البنات حياة كاملة مستمرة تحتاج فيها أن تحوطهم بحنانها، وربما تجد باستخدام الرفق ما لا تراه باستخدام الحدة أو الصرامة كما تسميها.. إن الأم تفعل ما تريد؛ لأنك تريد أن تفرض عليها رؤيتك دون حوار أو نقاش.
ليست المسألة مسألة لين أو حدة، ولكن مسألة تربية هي عملية صعبة طويلة مستمرة؛ أن الأم تعيش هذه الحالة في كل لحظة وكل وقت ومع كل تصرف لها مع بناتها، حتى أمر ترتيب الغرفة يحتاج إلى خطة سلوكية لزرع روح التنافس بين البنات لترتيب غرفتهم بالإعلان عن مكافأة أسبوعية لأفضل من ترتب غرفتها. ولا تتوقع كل شيء في مكانه في بيت به ثلاث أطفال؛ فالنظام ليس مطلوبًا في حد ذاته وإنما لوظيفته في إرساء القواعد وإكساب السلوك الحسن، ووجود مرجعية تحكم الجميع؛ لأننا نعيش في جماعة ووفق منهج يحكمنا جميعا، فتوجيهنا التربوي لهم وتفاعلهم من أجل أن يكونوا منظمين حتى تستقيم حياتهم هو الهدف المقصود.
أما عن حديثك عن الشجاعة الأدبية فلا نفهم ما تقصده بالشجاعة الأدبية التي تفتقدها بنات في مثل سن بناتك، وهو أمر يحتاج منك إلى توضيح، فهل تعني أنهن لا يتمتعن بروح المبادرة أو أنهن يهبن الغرباء أو لسن اجتماعيات بمفهومنا نحن الكبار أم أنهن لا يحسنّ الدفاع عن أنفسهن؟ فهذا أمر يحتاج منك إلى توضيح، وعلى العموم سنورد لك بالنهاية معالجات قد تفيد في هذا الأمر.
خلاصة ما نود قوله أنك تضخم المسألة، وأنك تحتاج لتقلل من حدتك التي تزعم أنها ليست مشكلة، ولكن يبدو أنك لا ترى نفسك جيدًا؛ فحدتك واضحة جدًّا في تفاعلك مع مواقف عادية.
إن الفجوة في التعامل مع البنات بينك وبين الأم تحتاج إلى التفاهم والحوار المستمر في وضع مبادئ عامة، وليس في مناقشة تفاصيل مواقف مختلفة فيها الآراء؛ إذ لم تكن رؤية مشتركة بين الطرفين.
اجلس مع زوجتك وضَعَا خطة مشتركة بدلاً من تبادل الاتهامات باللين والحدة وبدلاً من أن تتزوج أخرى وتنجب أطفالاً آخرين تطبق فيهم نظريتك التربوية حاول الوصول لصيغة مشتركة مع زوجتك الحالية وبناتك، فلا تدري كيف ستكون زوجتك القادمة وبأي طريقة ستتعامل معك.
من فضلك انقر هنا لمطالعة المعالجات التي أشرنا إليها:
أولاً الخاصة بحفظ القرآن الكريم.
- المنهج السليم لتحفيظ القرآن الكريم
- الترغيب في حفظ القرآن الكريم
- حفاظ الهوية في الغربة ..بالقرآن
ثانيًا الخاصة بالإقدام:
- كلام الناس يقتل روح المبادرة
- بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى المعالجات التالية:
- ضد التربية هدف أو لا هدف
- فن وضع القواعد بالبيت
- فنون حل المشكلات
ــــــــــــــ(102/248)
احموا أبناءكم من الغيرة العنوان
وردت لنا الكثير من المشكلات التي تتحدث عن أكثر أزمات استقبال المولود الثاني شيوعا، وهي غيرة الطفل البكر، وما يترتب على هذه الغيرة من مشكلات سلوكية ونفسية. وقد حاولنا علاجها في حينها مع المشكلات الأخرى التي ارتبطت بها أو انبثقت عنها.
وفي الجواب التالي نحاول أن نخطو خطوة وقائية حتى نجنب طفلنا متاعب الغيرة قدر الطاقة، والمقترحات المقدمة ليست سوى أفكار قابلة للإضافة من ابتكار وإبداع كل والدين. (المحررة)
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
إلى كل أم رزقها الله بطفل جديد..
- إياك أن تنقصي من مشاعر الحب والود نحو طفلك الأكبر، ويجب عليك ألا تكتفي أن تشيري إلى هذه المشاعر إشارة بالقول عند لزوم المناسبة أو حين استجدائه لها، بل عليك أن تغدقي عليه دائما من هذه المشاعر حتى يطمئن فعليًّا أن مكانته لم تنتقص وأن مقامه لم يتأثر.. لأن الطفل بما أودع الله به من قدرة على التأقلم يتقبل أن يتقاسم حب أبيه وأمه له مع أخيه أو أخته، ولكن بنسبة خمسين في المائة لكل منهما، ولكن لا يمكن أن يقبل أن يتنازل عن شيء من هذا النصف الخاص به أبدا.. فانتبهي جيداً لذلك.
- أشركيه معك في العناية بالمولود الجديد؛ كأن تطلبي منه إحضار اللعبة أو المنديل أو الحفاظ أو غير ذلك، وباستمرار.. فإن تكرار ذلك ينسيه قضية الغيرة والمراقبة لحركاتك وسكناتك وارتكاساتك التلقائية الطبيعية تجاه هذا الجديد، خاصة إذا ما رافق ذلك أن بدأ يناغيه، ويغني معك لتهدئته وتسكيته.
- إياك أن تُجري مقارنات بينه وبين هذا الجديد من حيث الشكل أو الهدوء والطباع، وخاصة في حضور الغرباء وحتى الأقرباء. فأحيانا كثيرة يؤدي استرسالك في هذه المقارنة إلى الإفصاح من غير دراية منك عن حبك الزائد لهذا الجديد، بينما هو المسكين يراقب ذلك ويسمع ويتألم لحاله ومآله.
- ذكريه دائماً أنه كان أيضاً طفلا صغيرا مثل أخيه، وكنت أيضاً تسهرين على راحته ومداعبته، والآن صار كبيراً لا يحتاج إلى عناية طول الوقت، والصغير فقط هو الذي يحتاج ذلك..
- لا تنسي أنه يجب أخذ الحيطة والحذر، وألا تتركيه منفردا مع مولودك الجديد، فربما حدث أذى.
-احضري له/لها عروسة أو دبة يجعلها ابنا له ليعتني بها ويمارس معها الأمومة/الأبوة والصداقة، وقد تخرج طاقته العدوانية فيها وينفس فيها بشكل معقول عن غيرته كي تخف حدة هذه النزعة لديه، ولكي يصبح قادرا على التعامل مع هذه النزعة دون كبت مفرط.
- حينما تتفرغين بنوم الصغير لا بد أن تعطي اهتمامك الكامل في هذه اللحظات لابنك الأكبر ولا تسرعي لإعطاء الأولوية للواجبات الأخرى والانشغال عنه.
-لا بد من وضع برنامج للمهام الأسرية مع وضع الطفل الأول في مقدمة أولويات هذا البرنامج؛ بحيث يعطى نصيبه من الاهتمام والرعاية كما كان الوضع قبل ميلاد الطفل الجديد.
-لا بد من تقسيم هذه المهام على عضوي الأسرة: الأب والأم، بحيث تصبح مسئوليات كليهما محددة؛ فالأم مثلا تطعم الصغير ليقوم الأب بحكاية قصة قبل النوم للطفل الأول أو العكس، ويمكن تبديل المسئوليات كل أسبوع أو كل يوم، كما يجب أن يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل ميلاد الطفل الجديد؛ بمعنى لو كان طفلك الأكبر قد اعتاد أن تطعمه أمه وجبة ما أو كل الوجبات، أو إنها تلعب معه، ثم توقفت عن ذلك بعد تزايد مسئولياتها –أعانها الله- فلا بد من أن يعود الأمر كما كان بحيث يكون نصيبها في الجدول من مسئوليات معظمه موجه للحبيب الأول ما أمكن.
- أشعريه أنه من حقه أن يبدي استياءه من أخيه، ولكن في حدود عدم الإيذاء، بل وشاركيه أحيانا هذا الاستياء، ولهذا أثره المجرب فعلا؛ كأن تقولي: "أتعرف لمَ أحب اللعب معك؟؟ لأنك كبير، وكلامك ممتع، صحيح أني أحب أخاك لكن لا أستمتع معه مثلما يحدث معك.. فهو لا يعرف الكلام واللعب.. لكنك ستعلمه.. صح؟"، أو "إن هذا الطفل لا يعرف الكثير"... إلى غير ذلك مما يشعره أنك في صفه؛ بحيث تساعدينه على التغلب على عدائه تدريجيا وتخطيه، والتعاطي مع ازدواجية المشاعر (مشاعر الحب والعداء في نفس الوقت!) لديه بارتياح؛ فهذا التفهم لمشاعره السلبية، وإشعاره أنها طبيعية يؤكد له أنه محبوب وذو قيمة؛ فيحب نفسه ويتمتع بالأمان، وقد تجدينه هو الذي يدافع عن شقيقه قائلا: "لا يا أمي لقد أصبح كبيرا مثلي".
- إشعار الطفل أن هناك ما يمكن أن يسعده في وجود هذا الضيف، وأنه وأنت كوحدة واحدة تتوليان رعايته وتتقاسمان المرح والسعادة في ذلك، فضلا عن إشعارها بالتميز وكبر سنه عن هذا الصغير؛ فهو "أشطر وأكبر منه؛ فهو يستطيع أن يعمل أشياء كثيرة سيعلمها لأخيه عندما يكبر".
- لا بد من الاستعانة بالقصص التي تناسب عمره عن أهمية وجود شريك يتقاسم معه السعادة واللعب، وكيف أن القطة (بوسي مثلا) كانت وحيدة، وتقول لأمها: أريد أحدا يلعب معي وأضحك معه، حتى رزقت بأخت جميلة، واستجاب الله لها، وأخذا يلعبان ويمرحان... إلخ.
- حينما تخرجان للتسوق اطلبي منه اختيار هدية له وأخرى لأخيه، وذلك لتشعريه برعايته له ومسئوليته عنه، وثقتك في توليه لبعض أمور أخيه، ولن أؤكد أن تطلبي ذلك منه بما يشعره بما سبق وبكل لطف.
-لا بد من جعل وقت مخصص لابنك الأكبر الحبيب في وقت فراغك من أخيه، وليكن وقتا قبل النوم أو المساء أثناء نوم الصغير أو لهوه بشيء؛ فتحملين حبيبك الأكبر على رجليك وتلفينه بذراعيك وتملسين على شعره تارة وتهمسين في أذنه تارة أخرى بأنه حبيب قلبك، وأنه كلما كبر زاد حبه في قلبك لما ترينه فيه من "شطارة"، وإنك كنت سعيدة جدا حين ولد، وكنت تستمتعين بحمله والنوم في أحضانه... إلخ.
وصدقيني أن هذه اللحظات التي تقضينها معه يوميا سيكون لها عظيم الأثر في إطفاء نيران الغيرة والتوتر لديه، والشعور أنه ما زال يقف على أرض صلبة من الحنان والحب والاهتمام.
- حينما يأتي إليك ليحكي لك أمرا أو ليتكلم معك.. التفتي إليه بجسدك كله وابتسامة عريضة على وجهك، ولا مانع من فتح ذراعيك ليقول ما عنده وهو في حضنك.
- حاولي إشراكه معك في أعمال المطبخ، مثل أن يعجن عجينة (قطعة صغيرة طبعا) أو أن يقشر ثوما مثلا، وحدثيه في هذه الأثناء حديثا يشعره بصداقتك، كأن تقولي: "أنا أحب طعم الدجاج جدا؛ لأنه لذيذ.. وأنت أيضا.. أليس كذلك؟" أو غير ذلك من الأحاديث التي تخلق جوًّا من الألفة والصداقة بينكما، واخرجا من المطبخ وأنت ممسكة بكفه كصديقتين.
- لا بد من تجنب كل ما من شأنه أن يوقظ لدى الابن شعورا بالنبذ أو فقد الأمان، وعلى رأس القائمة فصله في المنام بشكل تعسفي، أو ملاعبة أخيه أمامه دون ملاعبته، أو حتى التبسم لأخيه دونه، وحينما يستلزم الأمر أن يكون هناك عناية بالوليد أمامه كإرضاعه أو التغيير له أو استحمامه فلا بد من أن يكون له دور في هذا، وأن يكون هو من توجه له أمه الحديث المؤنس عن أي شيء؛ فمثلا تقول له: "ما رأيك.. هل أصبح هكذا نظيفا أم نغير له البلوفر أيضا؟ أو كيف ترى رائحته؟ لقد غيرت له كيلا تقول أنت "أف"... إلخ".
- اجعلي له وقتا تمارسان فيه شيئا وحدكما، ووكلي أمر شقيقه في هذه الأثناء للأب مثلا، وليكن هذا الشيء التسوق أو اللعب بالمكعبات أو التلوين أو حكاية القصص؛ فلابد من إيجاد جو مرح لابنك داخل المنزل يمارس فيه اللعب بالمكعبات أو التلوين أو الشخبطة أو الصلصال أو ألعاب الفك والتركيب المختلفة، وإضحاكه بلعبة الاختباء أو (الزغزغة الخفيفة) أو تقليد صوت الحيوانات وحركاتها، وذلك لامتصاص طاقته وتصريفها فيما ينفع، وخلق أنشطة يحب ممارستها وحده ولا يحتاج للتمتع بها لأحد.
- أحضري له دمية وسميها باسم شقيقه ليلعب بها ويتولى رعايتها؛ وذلك ليخرج فيه أي مشاعر سيئة يحملها تجاه أخيه.
وفي هذا الصدد يقول دكتور روث مرتاي: "إن الدمية كافية للتنفيس عن شعور الطفل بالغيرة وتحرره منها، حيث يحدث عملية انشطار للمشاعر المزدوجة المتناقضة بتوزيعها على موضوعين مختلفين، يمثل أحدهما الطفل الحقيقي، والثاني الدمية، وهي الوجه المكروه للمنافس الأخوي"، وبذلك تمتص العروسة جانب الكراهية والعداء؛ مما يسمح بتوجيه الود للأخ.
- احذري أن تعالجي الغيرة بالغيرة؛ بمعنى أن تتعدي على حق طفلك الأصغر -حين يدرك ويعي- في الرعاية والاهتمام والحب، ولكن احرصي على المساواة الحقيقية في كل شيء، اهتمي بالاثنين معًا.. أوصلي لهما رسالة تقول: أحبكما معًا بنفس الدرجة وبنفس الأسلوب.. لا تفرقي حتى في الهمسة واللمسة، ولا يوجد في هذا الأمر صغير أو كبير.. وابحثي لكل منهما عن نقاط تميز لتكافئيهما سويًّا.. ولعل هذه الوصية ستحتاجينها بالفعل عندما يبدأ وليدك في الإدراك والتعامل مع الأسرة والتأثر بكيفية هذا التعامل.
- إذا أخذت بكل هذه الاحتياطات، ولكن شعرت بأن ارتكاسه تعدى الحدود الطبيعية كأن انغلق على نفسه فأصيب بالاكتئاب أو بالعكس، وانقلب على نفسه، فأصبح عصبي المزاج ثائر الأعصاب على الدوام؛ فلا بد حينها من طلب المساعدة عند الطبيب، وأحياناً أخرى بتدخل من اختصاصي علم النفس.
شكوك الانحراف.. الاستفسار هو الحل العنوان
عندما كان ابني في السادسة من عمره تعرض للتحرش الجنسي من والده ونتيجة لذلك أصدرت المحكمة قرارا انفصاليا عن زوجي ومنعه عن رؤية ابني، وقد ذهب ابني وقتها إلى معالج نفسي ومن وقتها وأنا ألاحظ أشياء غريبة مختلفة عن باقي الأطفال في عمره.
والآن، وقد بلغ فأنا أشعر أنه منحرف جنسيًّا وذلك لوجود أكثر من دليل.. مثلاً في حفلات الرقص المدرسية المعتادة إذا طلبت منه فتاة أن يرقص معها يرفض مع أنه يجيد الرقص، وشيء آخر أنه إذا زاره صديق يغلق باب غرفته بالمفتاح مع أنه لا يفعل هذا عندما يكون وحده، ومع العلم أني لم أدخل غرفته دون أن أطرق الباب وأنتظر رده قط، مع العلم أننا لسنا بعائلة محافظة؛ نظرًا لأني لا أعرف الكثير عن الدين، ولكنني أعرف الخطأ من الصواب.
السؤال
عالم المراهقة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدتي الفاضلة تحية طيبة، وبعد.. نحن نحمد فيك يقظتك وإرسالك للاستفسار عما قلقت منه في سلوك ابنك، ولكن لا ندري لماذا توقفت علاقتك مع ابنك عند مجرد الملاحظة والرصد.. هل العلاقة بينكما لا تسمح بأكثر من ذلك، بمعنى آخر لماذا لم تجلسي معه وتتفاهمي في أسباب سلوكياته التي ترين أنها غريبة أو لها دلالة على انحرافه الجنسي.. لماذا لم تسأليه عن عدم استجابته للرقص مع الفتيات، فربما يكون له سببه الوجيه والمقنع للامتناع عن ذلك، فربما يكون السبب في رفضه هو دافع ديني لعله يرفض مراقصة الفتيات لتحرجه من ذلك، واعتبار الأمر حرامًا، فربما تكونون عائلة غير محافظة، ولكن ربما جاءته المعلومة من مصدر خارجي وامتنع بها فيبدو سلوكه غريبا عن البيئة والوسط الذي هو فيه، لكن ليس غريبا عن ثقافته التي يحملها والتي ربما يكون لها رافد لديه لا ترينه أو لا تعلميه.
وأيضًا بالنسبة لمسألة زيارة صديقه وإغلاقه الباب فربما يخص الأمر رغبته في الجلوس براحة مع هذا الصديق على اعتبار أن الأمر يحتاج لخصوصية.
ما نقصده أن شكوكك ربما تكون صحيحة، ولكن بعد استقصاء الأمر من الطريق السهل وهي الاستفسار المباشر، ولكن من خلال علاقة تفاهم وحوار.. بمعنى أنه إذا كانت العلاقة بينك وبينه سيئة فلا يصلح أن يكون أول اتصال لك به هو عن استفسار في أمور شخصية تحمل اتهامًا له، وهذا يعني أيضًا أنه حتى في حالة العلاقة الطيبة معه فلا بد أن يكون الاستفسار بصورة غير مباشرة وبطريقة لا تعني أنه متهم بجريمة يجب أن يدافع عنه نفسه لردها، ولكن بصورة الحرص والتفهم.
ما نود أن نقوله ببساطة إن الخطوة الأولى هي فتح جسور الحوار والتفاهم مع ابنك إذا لم تكن مفتوحة، وبعدها يكون الاستفسار المتفهم وليس المتهم، وبعدها يكون التحرك في اتجاه الحل حسب ما يظهره هذا الاستفسار فإذا كان سلوكًا يحتاج إلى تعديل وإلى إعادة تقويم فيتم ذلك بالتفاهم والإقناع، وإذا تخطى الأمر إلى سلوك جنسي شاذ فيكون الطبيب النفسي هو الملجأ على خلفية ما تعرض له هذا الابن من اعتداء في طفولته.
في كل الأحوال لا يكفي الرصد والتخمين، بل لا بد من الاقتراب والاستفسار في جو من الدفء والحنان والحب ونحن معك، وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/249)
احذروا الحب والغيرة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
المشكلة تكمن في أن ابنتي شيماء منذ صغرها كانت تنام أحيانًا بجواري وحتى عمرها الحالي (سنتين)؛ فهي ترفض الانفصال عني عند النوم ولا تذهب للنوم بمفردها، ولكن تريدني معها وتنام وهي ملتصقة بي بصورة مزعجة (في ذراعي وتحت الإبط)، ولا أستطيع تركها إلا إذا نامت، وإن استيقظت ولم تجدني بجوارها تبكي وتسرع إليّ.
أحاول حاليًا أن أعودها على النوم على فراش بعيد عني، ولكن بنفس الغرفة، وذلك ليخف تعلقها بي، وفعلاً نجحت بذلك، ولكن أود أن تدلوني كيف أعودها على النوم بمفردها، أي دون وجودي معها (الأمر مرفوض من قبلها)، حيث إني رزقت بمولود جديد ويبلغ 3 أشهر، وهذا يجعلني أحيانًا مشغولة في فترة نومها، وهي مستعدة أن تنتظر ولا تنام.. أخشى أن تبقى كذلك وتتعلق بي أكثر عند النوم.
وهي تضع أصبعها في فمها فقط عند النوم، فكيف أخلصها من هذه العادة؛ حيث إنها من العادات السيئة التي قد تسبب المرض.. علمًا بأنها لا تمصه أثناء استيقاظها؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة، ومرحبًا بأسرتك وبابنتك، أسعدك الله تعالى بهم في الدنيا والآخرة، وأفتتح القول بقول الشاعر:
نعيب زمانا والعيب فينا****وما لزماننا عيب سوانا
ولعل ما أقصده بهذا الاستفتتاح الإشارة إلى أنه لا توجد لدى ابنتك نفسها مشكلة، وإنما المشكلة في كيفية تنشئتها ومطالبتها بعكس ما تدربت عليه، والإلحاح عليها في الاستجابة لمتغيرات لم تعتد التعامل معها، وعدم التدرج معها لنقلها من النقيض إلى نقيضه؛ وللأسف فنحن كثيرًا ما نخطئ كمربين في التعامل مع أطفالنا في ظل الاعتقاد بأن أطفالنا لهم أزرار أو يتعاملون بجهاز التحكم عن بعد (الريموت كنترول)، عندما نضغط لأحدهم على زر معين فإنه فورًا يستجيب.
لقد عودت طفلتك على النوم بجوارك لفترة طويلة تجاوزت منتصف العام الثاني، وهي فترة من وجهة نظرها تعني عمرها كله الذي تواجدت فيه في هذا العالم، وفجأة وبعد مجيء الضيف الجديد -بارك الله لك فيه- يتغير هذا الوضع.. وهو ما ترفضه الطفلة على حد تعبيرك، ولها في ذلك كل الحق، فكيف يمكن أن تطلبي من سمكة لم تعرف إلا التنفس بالخياشيم أن تعيش على الأرض وتتنفس الهواء بالرئتين؟
ثم إنه من الواضح أنك كنت تعملين لفترة تتجاوز نصف النهار، وهو ما يجعل ارتباطها بك قويًّا لحظات تواجدك؛ وحبها الشديد لك هو ما يزيد من الالتصاق والتعلق بك فترات تواجدك في المنزل، وزاد المسألة تعقيدًا الوليد الجديد وغيرة ابنتك من اهتمامك به ورعايتك له بشكل يحرمها من جزء مما اعتادت عليه من اهتمامك ورعايتك؛ فصار توترها وقلقها يظهر في شكل ارتباط مضاعف بك ومصها لأصابعها عند النوم، وأعتقد أنه استعاضة عن الرضاعة التي حرمت منها بلا شك قبل أن تتم العام الأول لحملك في أخيها.
إنني لا ألومك، بل أعرض أمامك الصورة كاملة -من طرف بعيد عنها- بتفصيلاتها لتبرر لك سلوك طفلتك هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليصلك ما أود التركيز عليه وهو التدرج في التكاليف مع الطفلة وفقًا لتفصيلات هذه الصورة التي تجعل من هذا التدرج أمرًا حتميًّا لازمًا لنجاح تدريب الطفلة على الاستقلال والانفصال.
إذن يا سيدتي.. فالمطلوب منك التعامل مع ابنتك وفقًا لمحورين متوازيين متلازمين:
أولاً: حمايتها من الأثر السيئ لغيرتها من أخيها في سنها الصغيرة تلك.
ثانيًا: تدريبها بهدوء وتدرج على الاستقلال.
وننتقل معًا للتفاصيل:
بالنسبة لمسألة الغيرة فقد رأيت أنه من المصلحة أن أجمع لك كل ما سبق من معالجات تناولت مسألة الغيرة والتعامل مع الطفل الأول بعد مجيء غريمه ورفيقه، وقد جمعت لك كل هذه التوصيات المفيدة ملخصة ومركزة في الرابط التالي:
- أفكار لحماية شيماء من الغيرة.
بالنسبة للمحور الثاني والخاص بمسألة النوم فإني أقترح عليك ما يلي:
أولاً: مسألة فصلها في سرير مستقل داخل حجرتك خطوة جيدة في هذا السبيل، ويمكنك بعد بلوغ طفلك شهوره الستة فصله لجوارها في هذا السرير -إن كان كافيًا لهما معًا- أو نقلهما معًا لحجرة تخصهما، وسيكون وجودهما معًا مشجعًا لكل منهما على مسألة الفصل، فلن يشعرا بالوحدة.
ولا بد من:
* تخصيص حجرة لطيفة للطفلين جذابة لهما بألوانها الجميلة واللعب التي تملؤها، ولا بد من قربها من حجرتك.
* يجب أن يتم الفصل بشكل تدريجي، بمعنى أن تزيد عدد الساعات تدريجيًّا، أو أن تنتقلي إلى غرفتهما، وتبدأ ساعات تواجدك معهما في التناقص يومًا بعد يوم حتى يقضيا الليل وحدهما بعد فترة.
* لا بد من توفير إضاءة مناسبة أثناء الليل، والانتقال إليهما من وقت لآخر أثناء الليل للاطمئنان عليهما.
ثانيًا: مسألة حبها وتعلقها بطقوس النوم أمر غير سيئ، ولكن يمكنك الاستفادة منه باستغلال فترة تنويمها في تعليمها وتحفيظها وترديدها -بقدر استطاعتها- دعاء النوم أو سورة صغيرة من القرآن الكريم، وحكاية قصة لطيفة أو أنشودة جميلة حتى تستغرق تمامًا في النوم، وفي هذه الأثناء لا مانع أن يكون الصغير بين يديك وأن تقبله هي قبل نومها، أو أن يكون في رعاية الأب أحيانًا، أو أن تحاولي تنويمه قبل البدء في طقوس نومها هي.
المهم فنومها بمفردها ليس مهارة تحتاج لأن تتدرب عليها؛ بل إن استغلال لحظات ما قبل النوم هي فرصة أمومية حقيقية لبناء ضمير الطفل ووضع لبنات قاعدة راسخة من المبادئ والقيم والأخلاقيات في وعيه بالقصص والحوارات الحانية واللمسات الناعمة، فلا تضيعيها أو تطالبي بالتخلص منها، وبمرور الوقت ستتنازل عنها ابنتك تدريجيًّا وتبدأ في الاستقلال وحينها ستحاولين أنت إيجادها، فلكل فترة مميزاتها وخصائصها، فلا داعي للتعجل.
يبقى لنا مسألة مص الأصابع وبالأخص عند النوم وهو ما يؤكد احتياجها لجرعة عالية من المشاعر الحانية عند النوم تحاول استجلابها بالمص الذي يشبه الرضاعة لحد كبير، والأمر –كما أورد أطباء النفس من - مستشاري الصفحة -يزول وحده بمرور الوقت وبمنح الطفل جرعات تكفيه من الحنان والاطمئنان، وحمايته من أي ضغوط؛ بسبب عنف في المعاملة من قبل الوالدين أو غيرة بسبب التفرقة بينه وبين أشقائه في المعاملة أو غير ذلك.
أختي الكريمة، أود استقبال المزيد من استشاراتك واستفساراتك ومتابعاتك، وأشكر لك ثقتك الغالية، وإلى لقاء قريب أن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/250)
ماذا لو قالوا: ابنك "شقي"؟ العنوان
أشكركم جزيل الشكر على جهودكم الطيبة، لقد سررت كثيرًا حينما حصلت على موقعكم الذي أفادني جدًّا من خلال تصفحي للاستشارات، الله يعطيكم ألف عافية. لا أطيل عليكم..
سأبدأ لكم بسرد مشكلتي: ابني يبلغ من العمر سنة و11 شهرًا، ذكي ولطيف، إلا أنه كثير الحركة، ويميل دائمًا لنثر الأغراض هنا وهناك.. لا مشكلة عندي حينما أكون معه في المنزل؛ فأنا مستعدة "للتلقيط" وراءه، ولكن المشكلة تكمن عند خروجي معه في زيارة الأهل والأصحاب.. كيف لي أن أمنعه؛ فأنا لا أحب أن أسيئ إليه أمام الآخرين، أو أن أصرخ في وجهه، ولكني لا أستطيع أن أمنعه بأي طريقة كانت؛ فأنا أشعر بالإحراج أمامهم عندما يسبب ابني الفوضى؛ فتجدوني لا أرتاح بالمرة عند خروجي من المنزل وأصبح عصبية تمامًا؛ لأني أسمع من الأهل النقد في بعض الأحيان حين يصفونه بأنه مشاكس مع حبهم الشديد له، ولكني لا أريد أن يأخذ أحد انطباعًا غير جيد عن طفلي الحبيب.
هو محب للأطفال كثيرًا؛ ولهذا أنا أحب أن أخرج معه كي يجتمع بالآخرين؛ فليس لديه إخوة أو أخوات، وأنا لا أريده أن يظل وحيدًا، بل أريد أن أبني فيه شخصية جميلة، حاولت مع ابني لأعلمه النظافة، لكنه حركيّ في الحمام لا يريد الجلوس.. يريد أن يعبث هنا وهناك، إلا أني مللت الفكرة، وقلت: لا بد من تأجيل الفكرة إلى أن يبلغ العامين.. فما رأيكم؟؟ أرشدوني إلى الطريقة المثلى للتعامل مع طفلي. ومشكورين مرة أخرى على جهودكم.
السؤال
الطفل المشاكس الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أيتها الأخت الكريمة، وشكرًا لتحيتك الرقيقة وثنائك الحار، وجزاك الله خيرًا أن دعوت لنا بالعافية في وقت أنا أحوج ما أكون إلى هذا الدعاء.
قرأت رسالتك بعد زيارة لإحدى الصديقات، كنت أتعجب وأنا أهاتفها من هدوئها الشديد مع ابنتها أو قولي حلمها الشديد، على عكس غالبية الصديقات من الأمهات اللاتي يقضين نصف المكالمة في الصراخ في أبنائهن أو بناتهن (احذر... انتبهي... ابتعدي... إلخ)، ولقد حمّسني لزيارتها -وربما تستغربين من ذلك- حلمها مع ابنتها، وأحببت أن أتعرف على الوضع عن قرب، وأرى هذه الطفلة المثالية -4 سنوات- التي تتعامل معها أمها بكل احترام، وصدقيني لقد كانت أكثر شغبًا من كثيرين؛ فقد فعلت أثناء مجلسنا الكثير من المشاكسات -كسائر الأطفال- فسكبت عطرًا غالي الثمن وكسرت كوبًا و.. و..، ولم أرَ من الأم أي صراخ في الطفلة أو إحراج منا أو عقاب مؤلم للطفلة أو غير ذلك.. كانت فقط مع كل خطأ تعلم الطفلة كيف كان ممكن أن تتفاداه، وتبدي لها غضبها المقنن حتى تعتذر الطفلة، وتَعِد ألا تفعل ذلك ثانية وبالفعل تجتنبه، وتخيلي كل هذا بصوت خفيض، والأم تقترب من الابنة، وتجلس على ركبتيها لتصير في طولها وتتناقش معها بكل احترام لعقليتها وانطلاقتها.
في الحقيقة لقد كانت نموذجًا عمليًّا وتطبيقًا لكل ما يُكتب في صفحتنا وهذا ما بهرني، وأسعدني أكثر أن تنفيذ هذه النصائح ليس أمرًا مثاليًّا بعيدًا عن الواقع، بل إنه أمر ناجح وتطبيقه يسير ومثمر جدًّا.
أحببت أن أقدم لحديثي معك بتلك القصة؛ لتكون لديك القناعة التامة المسبقة بنجاح ما سأحاول تقديمه لك من مقترحات للتعامل السليم مع انطلاقة طفلك وعراقته "شقاوته" (عراقة الصبي في صغره زيادة في عقله عند كبره)، وكذلك لكي يصلك الإحساس بأن "شقاوة الأطفال" أمر عادي، وأن من يرفضه يحتاج هو لتصحيح في وجهة نظره وليس ابنك الذي يحتاج للتكميم أو التقييد ليتكيف مع وجهة النظر الداعية إلى أن يكون الطفل جالسًا كقطعة الشطرنج لا تتحرك حتى يحركها والداه من هنا إلى هنا، وللعلم فإن والدة زوجي من أصحاب هذه النظرية.. فهي تستغرب جدًّا من أن أطفالي يتحركون ويتقافزون ويلعبون ويسألون.. ووجهة نظرها أن الأطفال يجب ألا يُسمع لهم صوت على حد تعبيرها، وأن تضعيهم في مكان فلا يتحركون منه حتى تذهبي إليهم وتغيري مكانهم إن أردت.. هي تقول ذلك رغم أن زوجي كان يكسر مصابيح المنزل بالكرة حين كان صغيرًا!
إذن فمسألة إحراجك أمام الناس لا مبرر لها؛ فطفلك ليس به عاهة -لا قدر الله- أو مشكلة تحرج؛ وبالتالي فدورك هو كالآتي:
أولا: يفضل أن تسبق زيارتك للأصحاب أو الأهل نزهة لطفلك في مكان مفتوح أو به ألعاب ليقفز ويلعب ويجري بما يشبعه -إلى حد ما- فيخفف من طاقته عند الزيارة ويصبح شغفه أقل قليلا للمشاكسة.
ثانيًا: لا بد من مهاتفة من ستذهبين لزيارتهم، وأن تطلبي منهم رفع ما يمكن أن يكسر، وتخصيص مكان للجلوس أثناء الزيارة هو مكان لعب أطفالهم (حجرة اللعب أو حجرة نوم الأطفال) بحيث يكون اللعب فيه مسموحًا ونثر الألعاب غير مقلق.
ثالثًا: أنا شخصيًّا أفضل أن أقابل من يتذمرون من شقاوة أبنائي في أرض محايدة -قدر المستطاع- في النادي مثلا أو الحديقة أو غيره؛ مما يجعل انطلاقة أطفالي (5 سنوات - عام ونصف) غير مؤذية لهؤلاء الأقارب أو الأصحاب بأي حال، وكثيرًا ما أدعوهم في بيتنا، وأحب أن ألفت نظرهم كيف أتعامل مع شقاوتهم -بل هم يستغربون من أن البيت لم يتكسر بعد رغم أن أطفالي يلعبون فيه ليلا ونهارًا- وكيف أخصص لهم مكانًا يفعلون فيه ما يشاءون؟ وكيف أن ذلك يمتص طاقتهم ويسعدهم ويبعد أذاهم... إلخ، ويصير ذلك مدخلاً مناسبًا لإقناعهم أن انطلاق الأطفال هام ومفيد ومسعد لهم، وكل ما يحتاجه هو التوجيه والتوظيف وليس المنع.
رابعًا: مسألة حبه الأطفال أمر محمود للغاية فلا تهدريه أو تهمليه أبدًا، بل احرصي دائمًا على أن يرى أطفالا ويلعب معهم ويتنزه معهم، واحذري العصبية معه أو محاولة منعه من اللعب أو الشقاوة لتجنب سماع نقد الآخرين، بل حاولي بلطف أن توضحي لهم أن شقاوة طفلك -بحد وصف النبي صلى الله عليه وسلم- هي دليل ذكاء ونجابة ومهارة، وأن الطفل الهادئ الكامن غالبًا ما يثير القلق على قدراته
خامسًا: حاولي أن تعلمي طفلك النظام، وألا تكتفي بجمع الأغراض التي ينثرها، بل اجعليه يجمعها معك بعد أن ينتهي من اللعب بها أو نثرها؛ فقولي له مثلا: "ضع هذه في الحقيبة، تعالَ نضع هذه في الدولاب، هيا نعيد تلك لمكانها... إلخ"، وحين يضعها صفقي له بقوة ليفرح، ويعلم أن هذا سلوك طيب، وهكذا حاولي تدريبه على النظام الذي لا يتناقض مع اللعب والحيوية والانطلاق، وكلما زادت إدراكاته حاولي إفهامه مسألة النظام أكثر؛ فتكافئينه حين يجمع اللعبة في علبتها بعد اللعب، وتصفقين له حين تكون حجرته منمقة وحذاؤه في مكانه..
يبقى لنا مسألة هامة، وهي كيفية تعاملك أنت مع الطفل، وكيفية إعطائه الأوامر؛ وهو ما يمكنك أن تتبعي بشأنه النصائح الموجودة في الموضوع التالي "قواعد إعطاء الأوامر".
وبالنسبة لمسألة تدريبه على التحكم؛ فالطفل يبدأ في الاستجابة لها فعليًّا من عمر عام ونصف؛ لأنه يبدأ في الشعور بمخارج جسمه؛ ومن ثَم يمكنه التدريب على التحكم فيها، وكل ما أخشاه من تأجيلك -الذي سببه مللك كما قلت- هو أن تطول فترة مللك من حركة طفلك عند تدريبه، أو أن يحدث عدم ثبات أو مواظبة على التدريب وهو أمر لا ينصح به؛ لذا فأنا أرى أن تستمري في التدريب، وأن تحاولي أن تحببي لطفلك فترة التدريب بلعب تلعبانها أثناء جلوسه (اللعب بأصابعه ثم زغزغته - ضرب كفوفكما معًا وتصفيقكما... إلخ)، والأهم من ذلك أن تحاولي تحديد موعد إخراجه بدقة لكي لا تجلسيه فترات طويلة مملة لكليكما، وستجدين فيما يلي ما يعينك على إدارة العملية بكل نجاح إن شاء الله.
ريحانة البيت في طريقها للتحكم.
ريحانة البيت في طريقها للتحكم.. متابعة
أختي الكريمة.. لقد أحببت طفلك من كلامك عنه. أتمنى أن تواصلي نجاحك معه، وأن أتلقى المزيد من استفساراتك وأسئلتك.. وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟ (متابعة) العنوان
الأخت الفاضلة أ.عزة التهامي حفظها الله ورعاها. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على هذه الخدمات الجليلة التي تقومين بها في صورة كلمات ربما يكون لها وقع السحر أحيانا على ولي الأمر أو صاحب المشكلة، وأسأل الله أن يفيض عليكم من نعمه وكرمه وعلمه بما ينفعكم وينفع المسلمين.
استكمالا لموضوع مها فقد أجبت عن تساؤلاتي في حدود المعطيات التي أرسلتها، والحمد الله فإن الإجابة كانت مناسبة؛ فأنا وأمها إلى حد ما نسير على هذا النهج إلى حد كبير (الوالد والوالدة مدرسان)، والوقت جزء من العلاج وإلى حضرتك باقي الاستفسارات التي طلبتها، وهي:
علاقة مها بإخوتها: مع الولدين (6سنوات و5 سنوات) طيبة، وتحدث المناوشات الاعتيادية بين الأخوات، وإن كانت معها تميل قليلا للتغليس عليهم وتعمل عقلها بعقلهم.
علاقة الأم بمها: دعيني أعطي لك بعض الملامح عن شخصية الأم قبل الحديث عن علاقتهما ببعض، وهي تقارب الصفات كثيرا بينهما؛ فالأم حساسة حنونة، والدها كان يدللها بعض الشيء، لم تعتركها الحياة إلا بعد الزواج، لم تخرج للعمل إلا قليلا، واستمرت في البيت ما يقرب من 9سنوات، ثم خرجت للعمل بعد مجيئنا للكويت للعمل، فيها شيء من العصبية، جسمها مليان (طبيعة وراثية في عائلتهم)، تؤدي أعمالها ببطء، غير منظمة في حياتها، وأرى أن العامل الوراثي له تدخل في صفات مها.
أما علاقة أم مها بها فهي الحب والحنان، ولكن المشكلة الكبرى أن الأم عندما "تزهق" منها يرتفع صوتها، وتقول لها عبارات سلبية (أنت مفيش فايدة منك، أنت لا تفهمين...)، وأحاول معها: لا داعي؛ فتقول "لو بتتعامل معاها أد (نفس الوقت) ما بتعامل أنا معاها لقلت أكثر من كده". وأعلم أن الأمر صعب، ويحتاج صبرا، لكن الإنسان يجد نفسه يحاول علاج البنت وأمها، والله المستعان.
لكن لما قرأت عليها إجابتك بدأت تهدأ وتحاول، لكن أكرر أن الأم تحبها، وتعطف عليها، وتدعمها على قدر المستعان.
أسلوب التعامل معها: يمكن شرح جزء كبير منه في الفترة السابقة، ولكن لضيق وقتي بسبب الدوام لا أعطيهم القدر الكبير من وقتي في شرح دروس أو متابعة، لكن هناك وقتا للأكل سويا، والخروج بصفة منتظمة أسبوعيا، والحوار إلى حد ما، وإشراكهم في الأحداث العالمية (فلسطين - العراق) هناك أشرطة كاسيت وسي دي تعليمية، وممكن أشرحها لهم على السريع.
علاقة مها بأمها: بتحبها جدا، وتخاف عليها، وتظهر حنانها عليها، وتسمع كلامها لكن بكسل.
ظروف الولادة: طبيعية ومرغوب فيها، ونظهر لها تلك الرغبة.
أشكر لك تعاونك، ونحن نتعلم منكم، وأرجو كتابة بعض المراجع التربوية التي تتحدث في التطبيقات العملية في تربية الأولاد وحل مشاكلهم. فأنا من المهتمين بهذا الجانب، وأؤكد على المراجع العملية، وجزاكم الله خيرا.
السؤال
فنون المذاكرة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم، وجزاكم الله خيرا على الدعاء، ولا أملك إلا أن أدعو أنا بدوري أن ينفع بنا وبك أسرتك وسائر المسلمين اللهم آمين، كما أشكرك على المتابعة والرد على تساؤلاتنا في الاستشارة السابقة. وبالطبع قد أضفت شيئا مهما أود التعليق عليه وهو أسلوب معاملة والدة "مها" معها وطريقتك وأسلوبك في استيعاب الكل، وهذا ما نرجوه من الزوج المسلم أن يكون نعم الزوج ونعم العون لزوجته في تربية أبنائهما؛ فجزاك الله خيرا. ولأننا نحاول دائما أن نقترب من الكمال فأنا أدعوك حتى تقلل نسبة عصبية وحدة والدة مها عليها أن:
• تستثمر فرصة تواجدك معهما أثناء تناول الطعام أو في وقت النزهة أن تضفي روح المرح، وتتبادلوا النكات والضحكات، وتتغاضى قدر استطاعتك عن أي أخطاء تحدث أثناء هذه الجلسة الودية أو أي تعكير لهذا الصفو.
• أن تناقش مع والدة مها في حجرتكما الأمور التربوية التي من شأنها أن تعالج كثيرا مما تجدان مع أولادكما، ويمكنكما أيضا أن تناقشا أفكار بعض الكتب التربوية التي سأرشح لك بعضا منها -بناء على طلبك- في السطور القادمة.
• ألا توجه الأم إلى الأسلوب الأمثل للتربية عن طريق انتقاد تصرفاتها مع الأولاد، لكن يمكن أن تضرب لها المثل والقدوة من خلال سلوكك العملي وصبرك أنت عليهم وعدم العصبية والحدة معهم (هناك بعض الموضوعات التي عالجت موضوع الحدة والعصبية على هذه الصفحة يمكنكما قراءتها سويا، وسنوردها لك بنهاية الرد).
•
والآن مع أسماء بعض الكتب التربوية:
1. النمو النفسي والاجتماعي لكل من: د/ عبد الحميد جابر، د/ محمد مصطفى الشعبيني
2. علم النفس النمو د/ حامد عبد السلام زهران
3. منهج التربية النبوية للطفل محمد نور بن عبد الحفيظ سويد
4. رعاية نمو الطفل د/ علاء الدين كفافي
5. سيكلوجية النمو والنمو النفسي د/ علي سليمان
6. كيف تتعامل مع طفلك د/ يسري عبد المحسن
7. موسوعة العناية بالطفل د/ سبوك
8. سيكلوجية الإبداع عبد الرحمن العيسوي
9. الذكاء وتنميته لدى أطفالنا إسماعيل عبد الفتاح
10.دليل الوالدين إلى تنمية الطفل د/ محمد عماد الدين
ــــــــــــــ(102/251)
هل يوجد طفل محترم؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أعرفكم أنني صديقة الأم صاحبة المشكلة، وقد وكلت لي الكتابة نيابة عنها للوصول إلى حل لما تعانيه مع طفلتيها التوءمين، وسأتكلم بالنيابة عنها، أنا أم لأربعة أطفال، وهم: طفلتان توءمان 6 سنوات، وبنت 5 سنوات، ومحمد سنة.
بدأت مشكلة التوءمين بعد ولادتي لمحمد بشهرين، وقد بدآ بالعبث بأغراضي الشخصية من كريمات ومكياج وغيره، وذلك عند خروجي من المنزل وتركهما به، وقد عنفتهما كثيرًا، وتم تنبيههما بأن أغراض ماما ممنوع استخدامها أو العبث بها، لكن لا جدوى، ثم تم استخدام أسلوب الضرب أو الحرمان من الخروج كعقاب لذلك التخريب ودون جدوى أيضًا.
وأنا الآن لا أستخدم أسلوب الضرب في الوقت الحالي مع إظهار عدم المبالاة لما سبباه من تخريب لأغراضي وإيقاف جميع أنواع العقاب، وبالرغم من ذلك قامت طفلتاي التوءمان بقص شعري بعضهما البعض فتم ضربهما على هذا وعقابهما بأن تخرج أختهما 5 سنوات مع محمد، وبقاء التوءمين بالمنزل أثناء خروجي من المنزل، إما لشراء أغراض أو الذهاب إلى السوق، وغالبًا أكون بمفردي وليس ذلك يوميًّا، بل مرتين أو ثلاثة أسبوعيًّا.
انخفض أسلوب التخريب مع بداية العام الدراسي، والمشكلة الأساسية هي أن لهما صديقة قريبة جدًّا منهما منذ دخلا المدرسة من 3 سنوات توفيت والدتها العام الماضي رحمة الله عليها نتيجة لحادث سيارة، وتزامن ذلك لشرائي سيارة، حيث أقوم بتوصيلهما للمدرسة يوميًّا، وقد تأثر التوءمان بذلك كثيرًا وأصبحا كثيري البكاء عند خروجي أو حتى دخولي للحمام أو غرفتي لأخذ قسط من الراحة بكاء هستيريا عند باب الغرفة.
هذا بالإضافة إلى روان وهي طفلة متميزة محترمة في جميع تعاملاتها -أحد التوءمين- لكنني لاحظت تعلقها الشديد بي، بمعنى أي مكان أكون فيه داخل البيت هي بجانبي في المطبخ في الصالة في الغرفة أو حتى عند ردي على التليفون، ولا تشارك إخوتها في اللعب بغرفتهم بالرغم من أنها تعرف أنها مميزة لدى والدها وتعرف جيدًا أن بابا يحبها أكثر واحدة، ويقف بكاء التوءمين عند وجود أبيهما وخروجي بمفردي أو عند خروجهما معي.
طبيعتي مرحة لأقصى درجة وأعاملهما بمرح مع وجود العصبية عند نفاد صبري معهما والتنبيه عدة مرات، ولكني قبل عقابهما أقوم بالتنبيه مرة واثنتين وثلاثا بأن هذا خطأ وسوف يتم العقاب بالأسلوب الفلاني، ولكن دون جدوى النتيجة واحدة بكاء هستيري أصبحت روني كئيبة لأقصى درجة، حتى إن مدرستها لاحظت ذلك، ولكن بعد أسبوع من الدراسة بدأت تتحسن قليلاً.
أرشدوني بالله عليكم عن الأسلوب الأمثل للتعامل مع توءمي، حيث أعتبرهما قرة عيني ويجب تنشئتهما تنشئة نفسية سليمة، حيث إن لديهما الكثير من الألعاب، ونأخذهما للتنزه في العطلات، وغير محرومين من أي شيء، حيث يتم توفير كل ما يطلبانه دون تبذير، ولديهما غرفتهما الخاصة وممتلكاتهما من ألعاب تناسب سنهما وتطلعاتهما كبنات من أدوات مكياج وإكسسوارات للأطفال طبعًا.
أما روني فهي شخصية استقلالية، وأهم شيء هو متعتها الشخصية بغض النظر عن الطرف الآخر، وأنا أعاملهما كأصحاب لا أعاني مع طفلتي 5 سنوات، فهي مرحة ثقتها عالية بنفسها تتدخل في كل شيء وتبدي رأيها في كل ما يخصها أو لا يخصها، كما أن محمدًا طفل وديع لم يكمل عامه الأول.
أرشدوني عن كيفية المذاكرة لثلاثة أطفال التوائم 6 سنوات وطفلة خمس سنوات؛ وذلك لأني أعاني من عدم تركيزهم وتشتيت بعضهم البعض، بالرغم من أن لي نظامًا عند عودتهم من المدرسة -غداء قد يستغرق ساعتين ودون الانتهاء منه، والنوم يكون في السابعة مساء بغرفتهم الخاصة مهما حدث.
وشكرًا لكم لما تبذلونه من مساعدة إخوانكم، وبارك الله لكم، وأعاننا على تنشئة أطفالنا التنشئة التي ترضي الله ورسوله.. آمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمته وبركاته، جزاكم الله خيرًا على دعائك ونفعنا وإياك به، كما أشكرك على اهتمامك بأصدقائك كل هذا الاهتمام وجعلك خيرًا لأهلك ولأصدقائك ولسائر المسلمين، ولكن هناك العديد من النقاط التي تحتاج إلى التوضيح منها:
1- لماذا لم تكتب صديقتك بنفسها هذه الرسالة؟
2- وماذا تعني بقولك (أنها تعرف -أي روان وهي إحدى التوءمين- أنها مميزة عند والدها وأنه يحبها أكثر واحدة؟ فهل هذا يعني أن هناك تفرقة في المعاملة بينها وبين إخوتها؟
3- ما الذي يجعل صديقتك تخرج للتسوق مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع بمفردها؟ وأين تترك الأطفال في هذه الفترة؟ وتحت إشراف ورعاية من؟
4- كيف عالجت وفاة أم صديقة الأبناء القريبة منهن جدًّا؟
5- وماذا تعني بجملة (والنوم يكون في الساعة السابعة مساء وفي غرفتهم مهما حدث) فماذا تعني بكلمة "مهما حدث"، هل يعني أن هناك إصرارًا على النوم بمفردهم حتى في ظرف مثل موت أم صديقتهم؟
كل هذه التساؤلات لا بد أن تجيب عنها صديقتك حتى يكون الرد عليها أكثر دقة، وأتمنى أن تجيب هي بنفسها في رسالة أخرى فهذا أجدى وأنفع.
على أي حال هناك عدة اقتراحات تربوية أرجو أن تبلغيها صديقتك عسى أن تصيب ما ترجوه:
1- ربما استطاعت صديقتك أن توفر لأبنائها الحاجات المادية والفسيولوجية، لكنها أغفلت الحاجات النفسية لأبنائها؛ فهم في حاجة إلى الاحتواء والاهتمام والإحساس بالدفء إلى جانب المرح (هذه الصفة الرائعة التي ذكرتها عن صديقتك؛ فهذا المرح من أهم صفات الأم الناجحة لكنها لا تكفي وحدها)، والدليل على أن أطفالها يفتقدون هذا الاهتمام والاحتواء ما كان التوءمان يحدثانه من عبث وتخريب أثناء عدم تواجدها بالبيت، وعندما كفت عن عقابهما لجأتا لشيء آخر يثير الأم ويلفت انتباهها واهتمامها بهما حتى لو كان هذا الاهتمام في صورة عقاب وذلك عندما قامتا بقص شعريهما.
والاهتمام صوره كثيرة ومتعددة، منها: إظهار الحب بالتقبيل والاحتضان، والتربيت والنظرات الحانية واللمسات الرقيقة، والرفق، وبذل وقت أطول معهما للعب والمرح، ولا بد أن تلزمهما وقتًا أطول خاصة بعد وفاة أم صديقتهما، فقد أثرت هذه الحادثة في نفسيهما كثيرًا، كما تعبر لهما بالفعل والقول عن مدى سعادتها بأن الله أنعم عليها بمثل هؤلاء الأبناء...
2- عليها أن تصطحب واحدًا من أبنائها (بالتناوب) في كل مرة تتسوق فيها على أن تترك أطفالها الآخرين في رعاية من تأتمنهم عليهم، وهذه الصحبة الفردية -كما أذكر دائمًا- من أهم الممارسات التربوية التي تسعد الأبناء وتجعلهم يشعرون باهتمام حقيقي من آبائهم.
3- عليها أن تتحدث مع بنتيها عن أسباب خوفهما وفزعهما حتى يصرحا لها بما يختلج نفسيهما من مشاعر دفينة، خاصة عن وفاة والدة صديقتهما، على أن تعالج هذا الأمر وغيره من مخاوفهما كالآتي:
* ألا تهون أو تستخف بهذه المشاعر بكلمات مثل: "لماذا هذا الخوف! أنا أعرف أنكما بنات "شاطرين" وما فيش أي حاجة تخوف..."، كل هذه المقولات ومثيلاتها تكون بمثابة مصادرة لمشاعرهما وعدم البوح بها، لكن بدلاً من هذه الكلمات يمكنها أن تناقش معهما هذا الإحساس كأن تقول: "إن هذه الأم صحيح قد ماتت لكن هذه الفتاة الرائعة (صديقتهما) قد أوجد الله لها من يحبها ويعتني بها ويهتم بشئونها ولها صديقات مثلكما يحبننها ويلبين رغباتها وإذا احتاجت أي شيء فستجدكما بجوارها أليس كذلك؟ كما أذكركما بأن هناك شخصية عظيمة جدًّا، بل هي أعظم شخصية في العالم منذ بداية هذه الدنيا إلى آخر يوم في الحياة بأسرها، قد فقد أمه وهو صغير جدًّا هل تعرفان من هو؟"، ثم تذكر جزءاً من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كفله جده، ثم عمه وأنه كان محبوبًا من الجميع، وتؤكد مرة أخرى أنه برغم يُتمه فإنه أصبح سيد الخلق أجمعين، ثم تذكر "أن الموت ما هو إلا انتقال من حياة إلى حياة أخرى أفضل وأرقى ومن مكان إلى مكان أروع وأجمل جزاء للناس الصالحين، وكذلك كانت والدة صديقتكما، وأنها ستنعم بما في الجنة من نعيم"، وتحدثهما عما في الجنة من أشياء رائعة بما يتناسب مع سنهما.
4- كما أحب أن أذكرها بما يلي:
* عدم التفرقة في المعاملة بين أبنائها -هي أو زوجها- ويكفينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لبشير حين أراد أن يخص ابنه النعمان بهدية دون أولاده؛ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم "أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم".
* عدم اللجوء للضرب كعقاب، وهي نفسها قد جربت هذا الأسلوب فلم يفلح.
* ألا تترك الأطفال ليناموا بمفردهم في غرفتهم حينما يحسون بالفزع أو الخوف، بل عليها أن تجلس بجوارهم وتتحدث معهم وتسري عنهم بمرحها ولطفها وتقص عليهم قصصًا ممتعة قبل النوم ولا تتركهم إلا بعد نومهم تمامًا، على أن تخبرهم بذلك مسبقًا حتى لا يصحو أحدهم مفزوعًا لعدم وجودها بجواره فجأة.
5- أما بالنسبة لموضوع المذاكرة وكيف تذاكر لبناتها الثلاث فعليها أن تعلمهم الاعتماد على النفس منذ اليوم الأول للدراسة، وذلك عن طريق:
6- تحديد مكان خاص لمذاكرتهن على أن يجلس التوءمان على مقربة من بعضهما (كلتاهما على مكتب خاص بها، وإذا كانتا في فصل واحد بالمدرسة فيكون هذا أفضل حتى يسهل على الأم إلقاء التعليمات والشرح لهما معًا إذا غمُض أو التبس عليهما شيء، ثم تقوم كل واحدة بحل واجباتها بمفردها)، أما أختهما الثالثة فتكون مبتعدة قليلاً أو في غرفة بمفردها، ولكن غرفة قريبة من غرفة أختيها.
* بعد عودتهن من المدرسة لا بد من تغيير الملابس والغداء في وقت لا يزيد عن الساعة والنصف بأي حال من الأحوال؛ ليجلس الجميع على المذاكرة في ساعة معينة.
* مشاركتهن في عمل جدول للمذاكرة بتحديد المواد التي أخذنها في هذا اليوم (بالطبع من خلال كراسة المتابعة؛ لأن الأطفال ينسون كل ما أخذوه من واجبات في هذه المرحلة العمرية).
* ترتيب هذه المواد حسب الأولوية.
* تحديد موعد لبداية ونهاية المذاكرة، وتحديد الفترة الزمنية التي تستغرقها كل مادة بناء على قدرة وسرعة الأبناء في الإنجاز.
* تشرح لهن المطلوب عمله في المادة التي سيقمن بأدائها في كلمات واضحة محددة.
* ثم تتركهن شريطة أن تكون على مقربة منهن إما في نفس الغرفة أو في غرفة مجاورة تمامًا لغرفتهن، ولكن تنشغل بمهمة بسيطة كطي أو كي الملابس أو الاطلاع، لكن لا تنشغل برؤية التلفاز أو محادثات تليفونية...
* متابعة ما يفعلنه كل خمس دقائق
* إذا تعثرت إحداهن في فهم شيء، تقوم الأم بشرح الغامض فقط.
* تجعل راحة بين كل مادة وأخرى لا تزيد عن 10 دقائق تلعب معهن فيها (لا يشاهدن فيها التلفاز أو اللعب على الكمبيوتر).
* تخصيص وقت آخر للعب مدته 20 دقيقة أو نصف ساعة بعد الانتهاء من الواجب.
* عند عودة والدهن تتحدث أمام أبنائها عما أنجزنه ومدى فخرها بهن.
* تناول العشاء جميعًا -مع مساعدتهن لها في إعداده- في مرح وسكينة.
* تصحبهن لغرفتهن للنوم مع قص حكاية طريفة كما سبق أن ذكرت.
ــــــــــــــ(102/252)
التأتأة والحساسية.. أين المشكلة؟ العنوان
جزاكم الله خيرا على خدمتكم الرائعة. سؤالي بخصوص قدرة طفلي -4 سنوات- على النطق لبعض الأصوات مثل "الشين واللام والجيم" والمشكلة أني لاحظت أنه يضغط على لسانه عند الكلام بحيث يضعه بين أسنانه كما أنه يكرر الحرف الأول من الكلمة فيقول عندما ينطق محمد مثلا "ممممحمد"، وهذه المشكلة بدأت عندما ظهرت عليه أعراض الحساسية من التراب. ماذا يمكننا عمله لمساعدته ليتحدث بشكل جيد؟
أردنا أن نذهب به إلى طبيب متخصص لكن لم نجد واحدا في المنطقة التي نعيش بها، بالإضافة إلى وجود متخصص يدرك اختلافات اللغة. ابني حساس للغاية وطيب. وشكرا لكم على مساعدتكم
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة اسم الخبير
الحل
أخي الفاضل، شكرا لاهتمامك المبكر ووعيك بخصوص ضرورة استشارة اختصاصي النطق واللغة عند الشك في أي موضوع. بالنسبة لابنك حفظه الله فهو في سن صغيرة نسبيا إذا كانت المشكلة نطقية فقط أي القدرة على إصدار الأصوات. وكما ذكرت؛ فالأصوات (ش - ج) يمكن أن تتأخر لسن خمس سنوات لكن مع التأكد من سبب تقدم اللسان هل هو مجرد عادة أو "دلع" أم أن هناك مشكلة في الأسنان (فجوات مثلا) فتعود الطفل أن يملأ الفراغ بلسانه.
ويمكنك مراجعة مختص بالنطق واللغة ليمدك ببعض الأفكار. ويمكن أن تسأل حسب منطقة سكنك عن مختص عربي لأنه أحيانا يتوفر من طلاب درجة الدكتوراة من هو عربي ويقوم بالتدريب أثناء دراسته في الولايات المتحدة.
ويمكن عمل برنامج تحفيز للطفل بتسمية مجموعة من الصور أو الاشتراك برواية قصص للأطفال بها العديد من الأصوات (ش – ج) مع المبالغة أثناء اللفظ في التأكيد على نطق الصوت.
أما بالنسبة للصوت (ل) فلم أعرف ما المشكلة فيه، هل يستبدله بصوت آخر مثل (ي).. وهنا أحب التأكد من إصداره للأصوات مثل (ر- ت - س) وأيضا أؤكد على موضوع الأسنان للتأكد منه بعرضه على طبيب مختص.
أما تكرار الصوت في أول الكلمة فهو مظهر عدم طلاقة يمر به معظم الأطفال في مرحلة اكتساب اللغة من 2-6 سنوات ويمكن أن تختفي لوحدها مع عدم إيلائها الكثير من الاهتمام وخصوصا عند التعامل مع الطفل، مع ملاحظة أن لا تكون مصحوبة بمظاهر أخرى مثل تكرار الكلمة أو الصوت أكثر من 3 مرات مثل "مممممحمد"، أو عدم مصاحبة التكرار بحركات بيده أو قدميه أو عينيه.. ويرجى الرجوع للاستشارات التالية:
الفرق بين التأتأة وعدم الطلاقة الطبيعية -
- طلاقة الكلام في سن الخامسة-تعقيب من خبير
اللدغات والتلعثم.. مشكلة أم طبيعة مرحلة؟!
- التأتأة والحركات اللاإرادية
ــــــــــــــ(102/253)
من تجارب المدرسة المنزلية.. بالصين العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
أعزائي المستشارين والمربين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعانكم الله على الرسالة العظيمة التي تقدمونها من خلال عملكم لصالح أمة سيدنا محمد عليه الصلاة السلام وبعد.
أود أن أسألكم عن مدى معرفتكم بالتعليم المنزلي فأنا وأولادي الثلاثة: (م) 9 سنوات (أ) 6 سنوات (ب) 3.5 سنوات، بصحبة زوجي في مهمته للحصول على الدكتوراة، لهذا فمن الصعب إلحاقهم بمدرسة هنا في الصين لعدة أسباب، منها غياب أي توجه إسلامي في المدارس هنا، كما أن هناك اختلافا كبيرا جدا بيننا وبينهم في العديد من المسائل والموضوعات، لهذا فنحن قررنا أن نقوم بتعليم أبنائنا في المنزل، وأيضا لأن الفترة التي سنقضيها هنا فترة ليست بالطويلة، حيث إننا سنقضي عامين فقط، قضينا منهما عاما ولم يتبق سوى عام واحد.
في العام الماضي حاولت بذل قصارى جهدي في تعليمهم، لكن هذا العام يبدو أن الأمر أكثر صعوبة من العام الذي سبقه، حيث بدأ الشعور بالملل يتسلل إلي كلما جلست إليهم في المنزل، وخاصة أن درجات الحرارة خلال الأيام القادمة ستشهد انخفاضا كبيرا، ربما تصل إلى -30 درجة مئوية.
لهذا أطلب منكم منحي خبرتكم في التدريس لثلاثة أطفال في نفس الوقت وبمناهج مختلفة، وكيف يمكنني أن أتجنب الشعور بالملل؟
أصغر الأبناء يقوم بضوضاء كثيرة، مما يدفعني إلى التشاجر معه طوال وقت المذاكرة، وفي هذه الحالة أحاول أن أجعل الفصل هادئا بقدر الإمكان، لكني أفقد تركيزي فيما أقوم بشرحه لابني الأكبر، وهو ما يجعلني أضيع جهدي، بالرغم من أنه ذكي جدا، ويحب أن يكتب في كتب إخوته ويقوم بتمزيقها، ويقوم بالبكاء مما يدفعني لقطع الدرس أكثر من مرة.
نشكركم على صبركم، وأطلب من الله أن يرشدكم للطريق الصحيح لما ترضونه جميعا، آسفة لأني لم أكتب باللغة العربية، وآسفة أيضا على الأخطاء اللغوية في كتابتي باللغة الإنجليزية.
السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
سيدتي الفاضلة/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على دعواتك ونسأله تعالى الإجابة وأحييك على هذا الاهتمام البالغ بأبنائك في بلد الغربة، وحمايتك لهم من المعتقدات والعادات التي لا تتناسب مع شريعتنا وخاصة وهم في سن تتكون فيه القيم والمبادئ والمعتقدات.
وقبل أن أرد على رسالتك بحسب ما ورد فيها من معلومات وبيانات أود أولا أن أوضح لك – سيدتي - أن هناك نقاطا غير واضحة بل هناك لبس وخلط في بعض البيانات منها على سبيل المثال:
• اختلاف عدد أولادك وأعمارهم اختلافا بيناً في البيانات عنه في طي الرسالة.
• وهل المنهج الذي تقومين بتدريسه لأولادك في المنزل هو المنهج المصري أم المنهج الدولي الذي يتم تدريسه بالمراسلة مثلا؟
• وهل الأب لديه وقت للمساعدة أم لا؟
وسوف أرد على رسالتك، بما غلب على ظني من خلال المعلومات التي وردت برسالتك.
فبالنسبة للمنهج الذي يدرسونه أظن أنه مصري وأنهم يخضعون لامتحانات بإحدى السفارات المصرية هناك، وأن والدهم مشغول للدرجة التي لا يستطيع المساعدة في مذاكرتهم، وبناء على ما سبق فإنني أنصحك بما يلي:
1. عليك أولا أن تطلعي على مناهج أولادك بمفردك وتلمي بها إلمامة سريعة بحيث تستطيعين معرفة رؤوس الموضوعات في كل مادة.
2. عليك أن تجمعي أولادك الذين تقومين بالتدريس لهم ثم تشتركون جميعا في تقسيم المنهج على عدد الشهور وبالتالي يسهل عليكم تقسيمه بعد ذلك على عدد الأيام، وحددوا أيضا عدد الساعات المطلوبة لكل مادة والكتب الخارجية تساعدكم في هذا كثيرا، وعليكم بعمل جدول يومي مثل جدول الحصص بالمدرسة ليساعدكم بالطبع على الالتزام (ولا تظني أن أطفالك أصغر من أن يستوعبوا هذا الأمر فإن ما تفعلينه سيستوعبه كلٌ بحسب سنه بشرط أن تشرحي لهم ما تقومين به ببساطة، ولا تنسي أن معظم هذا التخطيط سيقع على عاتقك لكنك تقومين بهذا؛ لأنها طريقة تشجعهم على أن ينفذوا ما شاركوا في تخطيطه بأنفسهم ومن ثم تزداد الدافعية لديهم والإقبال على المذاكرة، إلى جانب إشعارهم بأن التخطيط للمذاكرة هي مسئوليتهم أيضا). وقبل ذلك لا بد أن تربطي لهم المنهج بأهدافه بل وأهدافهم أيضا من التعليم، وأشركيهم في الإحساس بالمسئولية وأهمية الاعتماد على النفس شريطة ألا يكون في إطار الضغط النفسي وإثقالهم بالهم، فيمكن القول مثلا: إننا الآن في سنة دراسية جديدة علينا أن نقوم بالاعتماد على أنفسنا ونبذل كل ما في وسعنا حتى نفرح بنجاحنا آخر العام والذي يقربنا من تحقيق ما نحلم به، ثم اسألي كل واحد عن حلمه وماذا يريد أن يكون عندما يكبر.
3. لا تجعلي كل عبء التدريس والشرح عليك وحدك فيمكنك أن تستعيني بأكبر أبنائك (أو الكبرى إن كانت بنتا) في مساعدتك مع الأصغر وحددي مهام معينة ومواد يكون متفوقا بها أو على قدر كبير من استيعابها ليشرحها للأصغر، وهذا في حد ذاته تعزيز ومكافأة كبيرة له (لها) بشرط أن يذاكر بعض دروسه بمفرده أولاً، وما لا يعرفه يسألك عنه، وفي نهاية اليوم تأكدي من استيعابه لما قرأ بمفرده بأن تختبريه من خلال الأسئلة الموجودة آخر الدرس بالكتاب المدرسي أو الخارجي فإذا كان هناك شيء لم يستوعبه فعليك بشرحه له (ملحوظة مهمة: لا تعتقدي – سيدتي - أن مهمة شرح الأخ أو الأخت لأخيها مهمة صعبة بل هذا حافز ودافع لتفوقه من ناحية ولإقباله على مساعدتك من ناحية ثانية وللاعتماد على نفسه وتحمله المسئولية من ناحية ثالثة، وقد قمت بهذه التجربة مع تلاميذي في الصف الثاني الابتدائي وكانت تجربة رائعة ناجحة فكل من كان متفوقا في فرع من فروع اللغة كان يعلمه للآخر وبهذا كان على كل تلميذ أن يلعب دور الأستاذ مرة ودور التلميذ مرة وكنت أستمع لشرحهم فأجدني مبهورة بطريقتهم في توصيل المعلومة، وإذا أخطأ أحدهم كنت أصوب له الخطأ فضلا عن نجاح هذه الطريقة مع شقيقتي وأبنائها، وقد كانت في مثل ظروفك منذ عامين فقط.. ويمكن أن تفعلي هذا فقومي مثلا بطي الملابس أو ترتيب خزانة الملابس وأنت بجوارهم تستمعين للشرح فإذا أخطأ صوبيه ولكن بطريقة لا تفقده مكانته كمدرس، كما يمكنك شغل طفلك الذي يحدث ضوضاء معك في طي الملابس أو الترتيب).
4. ما سبق يعني أنه ليس بالضرورة أن تشرحي لأولادك كلهم في وقت واحد إلا إذا كانت هناك بعض المواد التي تسمح بهذا مثل الدراسات الاجتماعية وما تراءى لك من مواد تشعرين بأن هناك صلة بينها، وإذا شرحت لأحدهم موضوعا (في اللغة أو العلوم أو الرياضيات مثلا) كلفيه بعد ذلك بمهمة دراسية بسيطة وبعد انتهائه منها اجعليه يلعب مع الصغير حتى لا يشغلكم ثم اشرحي لولدك الثاني درسا من دروسه ثم كلفيه بمهمة لينجزها أثناء رؤيتك لمهمة الأول وهكذا دواليك، ولا تظني أن هذا الأمر عسير؛ فكل ما تحتاجينه تنظيم جيد للوقت وحزم في الأداء.
5. لا بد أن يكون في الجدول وقت للراحة واللعب ونظام للإجازات كما يحدث في العام الدراسي على أن تخرجوا للتنزه فيه، أما إذا لم يكن ذلك ممكنا نظرا لطبيعة الجو في الصين فيمكن أن تلعبوا وتمرحوا وتقوموا ببعض الأنشطة، بل وتمثلوا مسرحيات وتمثيليات (لها صلة بموضوعات الدراسة ويمكنكم تمثيلها أمام الأب).
6. ومن خلال ما سبق ستجدين أن مشكلة الصغير قد حلت فهناك دائما من يكون معه ليلاعبه أثناء انشغال الآخرين بحل الواجبات أو بالمذاكرة والشرح، وإذا تصادف أن انشغلتم جميعا في وقت واحد عنه فيمكنك أن تشغليه ببعض لعبه أو ببعض المهام البسيطة مثل ترتيب الأسرّة أو غسل بعض أشيائه الصغيرة أو طي بعض الملابس أو عمل سلطة أو غسل بعض الأطباق غير قابلة للكسر، كما يمكن مده ببعض الأوراق والأقلام والألوان ليرسم ويلون وليمثل هو الآخر دور التلميذ المجد.
7. ونأتي للنقطة التي أثرتها في التدريس لأطفالك بطريقة لا تبعث على الملل:
اعلمي – سيدتي – أن لكل مادة طريقة في تدريسها ولن أطلب منك أن تكوني معلمة ماهرة تستخدم أحدث الطرق التعليمية والتربوية، ولكن يمكنك بشكل بسيط أن تستخدمي بعض الأنشطة والألعاب في شرحك، فمثلا في مادة العلوم تقومين ببعض التجارب عمليا فهذا ممتع جدا للأطفال، كما يمكنكم توظيف واستخدام هذه المعلومات في حياتكم، وأما بالنسبة للغة فيمكن استخدام شرائط التسجيل لتسجلوا عليها - بأصواتكم - النصوص الموجودة بالكتب وتتغنوا بها، واستخدام الحروف الممغنطة وتكوين كلمات لا حصر لها وقص بطاقات عليها كلمات غير مرتبة فترتب لتكوين الجمل، والقراءة بصوت منغم تمثيلي، وتمثيل ما يمكن تمثيله بالمنهج، وفي تعليم الرياضيات ركزي على المفاهيم الرياضية من خلال اللعب بل من خلال حياتكم اليومية (يمكن الاطلاع في مادة الرياضيات بالذات على موضوع بنفس بعنوان: "التفوق في الرياضيات بالألعاب" وعدة استشارات أخرى دارت حول موضوع المذاكرة بشكل فعال سنوردها بنهاية الرد).
وأخيرا أدعو لك بعام دراسي ناجح مع رجاء المتابعة للرد على تساؤلاتنا التي أوردتها في بداية رسالتي.
ــــــــــــــ(102/254)
ابنتي والجنس الآخر العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا أم لابنة في الثالثة عشرة من عمرها، اكتشفت ذات يوم أنها تقيم علاقة مع بعض الصبية، وقد تعرفت إليهم بجوار المدرسة، وحينما واجهتها بالأمر أنكرت بداية وعندما شددت الخناق عليها اعترفت ووعدتني بإنهاء العلاقة معهم، ولكني اكتشفت مؤخرا أن العلاقة ما زالت قائمة، فأرجوكم أرشدوني إلى حل قبل انحراف ابنتي وشكرا جزيلا. السؤال
تربوي الموضوع
د/ عبد العزيز محمد الحر اسم الخبير
الحل
الأخت الفاضلة أم ضحى.. بدايةً أسأل الله أن يحفظك ويحفظ ابنتك من كل شر ومكروه.. والمشكلة التي تعانين منها يعاني منها العديد من الأسر سواء من جانب البنات أو الأبناء.. وحتى يمكن التعامل مع هذه المشكلة بطريقة موضوعية لا بد وأن تسألي نفسك عزيزتي الأم بعض الأسئلة الجوهرية والتي لها تأثير وعلاقة مباشرة بسلوك أبناءنا. فالمشكلة التي تعانين منها ليست علاقة ابنتك ببعض الشباب فقط وإنما كيف سمحت البنت لنفسها للوصول إلى هذه العلاقات؟ وما هي المقدمات التي سبقت هذه العلاقات؟ وحتى تتمكني أختي الكريمة من التعامل مع الموضوع بشكل متكامل فكِّري في الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما مدى التزام ابنتك بالعبادات الأساسية من صلاة، وصوم، وقراءة للقرآن؟ هل هناك التزام بهذه العبادات أم هناك تهاون بها؟
- ما مدى حرصكم على هذا الجانب مع جميع الأبناء في الأسرة؟ هل هو التزام واضح أو هناك تهاون فيه؟
- من هن صديقات الفتاة؟ هل هن صديقات صدوقات أم صديقات متسيبات؟ هل هن صديقات متفوقات أم هن صديقات متأخرات دراسياً؟
- كم من الأوقات تقضيها الفتاة أمام التلفزيون والقنوات الفضائية والإنترنت وعلى الهاتف؟ هل هناك قوانين في المنزل أم هناك حرية تامة لاستخدام هذه المعينات السلبية؟
- ما نوع العلاقة بينك وبين الفتاة والعلاقة بين الفتاة وبين الأب؟ هل هي علاقة قوية ومؤثرة أم علاقة سطحية؟
- ما هي الفرص المتاحة للفتاة للالتقاء بالشباب؟ هل هناك اشتراك في ناد مختلط؟ هل هناك اشتراك في دورات أو برامج مختلطة؟ هل هناك ذهاب غير مبرر للأسواق؟
عزيزتي الأم.. أحاول من خلال هذه الأسئلة أن أثير العديد من الموضوعات وأفتح العديد من الأبواب لتحاولي استشعار موطن الخلل وتحديد من أين دخل الشيطان لابنتك وزين لها ما فعلت وتفعل حتى الآن.
عزيزتي الأم.. الحمد لله أنك اكتشفت هذا الأمر مبكراً وهذا يدل على وعي ورقابة إيجابية محمودة.. فتخيلي حجم الخسارة والمشكلة التي يمكن أن تنجم عن عدم اكتشاف هذا الأمر:
- خسارة للدين والعرض.
- فضيحة اجتماعية.
- انحراف أخلاقي.
- عزلة اجتماعية.
- تفكك أسري.
- مستقبل مجهول.
- ندم وحسرة طوال العمر.
- فشل دراسي.
وجميع هذه الأمور يمكن أن تحدث للفتاة والأسرة.. ولكن الحمد لله أنك كنت على قدر من الوعي والانتباه لاكتشاف الأمر، بل ومتابعته.. وهذا هو شأن الأم الواعية والولي المسئول. ونصيحة لك بأن تنتبهي في المستقبل بشكل أكبر خصوصاً إن دقت أجراس الخطر ورأيت بعض المظاهر المتعلقة مثل:
- الانزواء وحب العزلة.
- كثرة الحديث في الهاتف.
- السرحان المتكرر.
- الكذب والمراوغة.
- التأخر الدراسي المفاجئ.
- التزين المبالغ فيه.
- حب الخروج المتكرر خصوصاً للأسواق.
- تبادل الأشرطة وأقراص الكمبيوتر بشكل متكرر.
- كثرة سماع الأغاني العاطفية.
- التعلق بالمغنين والفنانين.
عزيزتي الأم.. لا يعني ظهور واحدة أو اثنين من هذه المظاهر أن ابنتك منحرفة وإنما ظهور مجموعة من هذه المظاهر تمثل جرس إنذار قد يقود في المستقبل لشكل من أشكال السلوكيات السلبية أو الانحرافات الأخلاقية.
أختي الفاضلة.. إن المرحلة التي تمر بها ابنتك مرحلة حساسة وتحتاج إلى عناية ودراية.. فالفتاة في هذه السن أقرب للرفض منه للقبول وللأصدقاء منه للآباء والأمهات.. لذلك إليك عزيزتي الأم هذه النصائح والإرشادات.
- أخلصي الدعاء إلى الله واحرصي على ساعات الاستجابة.. وألحي على الله أن يهدي ابنتك ويحميها من كل سوء ومكروه.
- اعلمي رعاك الله أن تأثير الصديقات في هذه السن والمرحلة كبير جداً.. لذلك احرصي أن تتأكدي من أن ابنتك تصادق من فيهن الخير والصلاح.
- تذكري أختي الفاضلة أن من لم تشغله نفسه بالطاعات شغلته نفسه بالمعاصي.. لذلك عليك بشغل أوقات الفتاة بالبرامج والفعاليات المفيدة.
- وأخيراً عزيزتي الأم اعلمي أن من أمن العقوبة أساء الأدب فلا بأس من إعطاء الثقة لأبنائنا ولكن مع المساءلة والمراقبة.. فلا بد أن يعلم الأبناء أننا نحبهم ولكننا من حرصنا وحبنا لهم فإننا نسائلهم ونحاسبهم.
والإرشادات والنصائح السابقة هي نصائح عامة للتعامل مع هذا الموضوع والموضوعات المشابهة.. أما بخصوص موضوعك الخاص فإليك هذه الخطوات والإرشادات قبل أن تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه:
- إن التعامل مع الفتيات في مثل هذه الموضوعات وغيرها يجب أن يتدرج إلى عدة مستويات:
• النصيحة: وهي عبارة عن تقديم النصيحة للأبناء عند ملاحظة سلوك سلبي أو ظاهرة غير مرضية.
• المعاتبة: وهي معاتبة الأبناء عن استمرار الخطأ أو السلوك الذي يقومون به.
• التأنيب: وهو استخدام عبارات تأنيب وتوبيخ واضحة عن استمرار الخطأ.
• التحذير: وهو استخدام أسلوب التحذير من عواقب السلوك الخطأ وعواقب غضب الوالدين ونوع العقاب الذي يمكن أن يقع عليهم.
• العقاب: وهو إنزال عقاب رادع للمخطئ يبدأ بحرمانه مما يحب وينتهي بقوانين واضحة تحكم سلوكه وتصرفاته الحالية والمستقبلية.
عزيزتي الأم.. من الواضح أنك في المشكلة التي تواجهينها لن تمري بهذه المراحل جميعاً وإنما في تصوري ستبدئين بالتحذير ثم العقاب لأن المشكلة قد قطعت أشواطاً كبيرة.. ولكن اعلمي رعاك الله أن هناك خطاً موازياً للخط العقابي وهو الخط العلاجي وهذا يحتاج منك ومن الأب والأسرة إلى:
- حب وحنان وتواصل وشفافية.
- تكثيف التركيز على العبادات وتحسين العلاقة مع الله عز وجل.
- إبعاد أصدقاء السوء وإحلالهم بأصدقاء صالحين.
- تحذير الطرف الآخر إن أمكن وهم مجموعة الشباب أو المراهقين الذي يتصلون بالفتاة وتهديدهم.
- إشراك الأب بطريقة حكيمة في حل هذه المشكلة.
وأخيراً أدعو الله عز وجل أن يهدي ابنتك للطريق القويم ولا تنسينا من صالح الدعاء.
وهنا ينتهي كلام الدكتور عبد العزيز الحر، والذي حاول عزيزتي الأم أن يقدم لك النصح في حدود التفاصيل القليلة التي أوردتها في سؤالك المختصر، على أمل في متابعتك بإجابة الأسئلة التي ذكرها.
وسوف تجدين في المعالجات التالية مزيدا من التفاصيل المفيدة حول هذه المرحلة العمرية والأسلوب المناسب للتعامل معها، فقد تعين على توضيح الصورة بشكل أفضل بإذن الله تعالى:
- حتى لا يصبح شعارهم.. أعطني حريتي.. أطلق يدي
- أمي ارحمي أنوثتي
- تعديل السلوك قواعد وفنون
- خطة أمومية لاكتساح صديقات السوء
ــــــــــــــ(102/255)
خبرة سيئة أم خوف مرضي؟ العنوان
طفلي يعاني)4 سنوات) من حالة غريبة جدا وهي إغلاق الباب؛ فعندما أغلق أي باب داخل البيت يبكي، وإن دخلت معه أنا وأبوه للنوم يسأل: "ماما هل ستغلقين الباب؟" فما هذه الحالة؟
وأحب أن أذكر أنه في يوم ما وهو صغير كان عقابه هو وأخته أن أدخلهما الغرفة وأغلق عليهما الباب، وشكرا جزيلا لكم.
السؤال
الخوف الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
لقد تكونت لدى طفلك خبرة سيئة مرتبطة بإغلاق الباب؛ حيث ارتبط إغلاق الباب عنده منذ وقت مبكر من عمره بالعقاب، ولا ندري ما هي الصورة التي كنت تغلقين بها الباب، أو المدة التي تقومين بها بذلك، أو ما توصلينه من معان أو رسائل من خلال هذا الإغلاق، وكيف كنت تتعاملين مع انفعالاته حول هذا الأمر...
في النهاية ارتبط أمر إغلاق الباب لديه بتجربة غير محببة لديه؛ فقام بعملية تعميم بحيث أصبح لا يحب أن يغلق أي باب عليه في أي موقف عادي.
والحل هو التوقف تمامًا عن عقابه بهذه الطريقة؛ لأننا حين نتحدث عن استخدام الإبعاد كوسيلة من وسائل العقاب فإننا كنا نؤكد على مراعاة إحساس الطفل بالأمان؛ بمعنى ألا تكون الغرفة مظلمة أو تغلق بصورة يشعر فيها بالفزع من عدم قدرته على الخروج منها.. وألا يوجد بها ما يؤذي به الطفل نفسه أو يحاول الخروج منها بالقفز من النافذة.. وأن يكون واضحًا لدى الطفل سبب معاقبته بهذه الطريقة وارتباط العقوبة بما فعله من خطأ، وأن يكون الأمر محدد المدة؛ بحيث يكون أيضًا هذا أحد مسببات الأمان لدى الطفل أنه بعد فترة معينة سيسمح له بالخروج؛ فيعتذر عن خطئه ويعود إلى حياته الطبيعية..
كل هذه اعتبارات يجب أن تراعى عند استخدام عقوبة الإبعاد في التعامل مع أطفالنا، حتى لا يتحول الأمر إلى خبرة سيئة يكون من الصعب تخلصه منها..
إن الرسالة التي نوصلها لأطفالنا من خلال العقاب أننا لا نقصد إيذاءهم أو الانتقام منهم، ولكننا نساعدهم في تقويم سلوكهم.. بالتنبيه إلى خطأ السلوك بطرق مختلفة منها هذه الصورة من العقاب.
إذن فالخطوة الأولى هي الامتناع عن استخدام أسلوب إغلاق الباب كصورة من صور العقاب.. الخطوة الثانية هي التدرج البطيء جدًا على مدى زمني طويل في إزالة هذه الخبرة من عقله من خلال وجوده أولا في مكان نكون نحن معه فيه ونغلق الباب من أجل أسباب منطقية، وفي خطوة تالية يكون هو موجودا في مكان ونوارب الباب قليلا.. ثم نطلب منه إغلاق الباب وهو يؤدي نشاطا مفرحا ويحبه لمدة قصيرة تطول بالتدريج؛ حتى يصبح الأمر عاديًا.
إننا نتعامل مع الأمر وهو في هذه السن حتى لا يكبر الأمر معه ويتحول إلى الخوف من الأماكن المغلقة، ولكن هذا أمر لا يشخص أو يوصف في سن طفلك ولكن في مراحل لاحقة؛ ولذا فإننا نخلصه منه حتى لا يتحول إلى صورة مرضية.. هو الآن ليس خوفًا مرضيًا، ولكنه خبرة سيئة تحتاج إلى أن تزال من نفسه.. ونشكرك على حرصك وتنبهك وسؤالك، ونحن معك.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارتين التاليتين:
- الخوف.. الآن وقت العلاج
- الخوف.. ذلك اللغز الغامض
ــــــــــــــ(102/256)
وراثة العادة السرية!!! العنوان
السلام عليكم، لاحظت ابني (8سنوات) أكثر من مرة يمارس العادة السرية باللعب بعضوه من الخارج، ويبدو عليه السرحان خلال ذلك وفي أوقاته الأخرى أيضا، وقد نصحته عند ضبطه وهو يفعل ذلك مرتين، ولكن دون جدوى.
علما أنني كنت وأنا في سنه أمارس هذه العادة حتى سن الزواج، وكنت أمقت نفسي على ذلك، وكنت أحاول الامتناع ولكن لم أستطع حتى سن الزواج، وتعلمتها ربما من خلال اللعب بالأعضاء، فهل انتقل ذلك من خلال الوراثة، خاصة أن صفاته السلوكية مشابهة لحد ما لأبيه؟
وما هو السبيل لتخليص ابني؛ لأنه غير اجتماعي مع قرنائه الأولاد في المدرسة والمجتمع باستثناء إخوانه وأخواته، وليس من السهولة الاندماج مع أقرانه خارج المنزل؟ كما أنه ضعيف الشهية للطعام وقليل الكلام واللعب خارج المنزل وكثير النسيان على حد قوله عند تكليفه بعمل ما، مع أن مستوى ذكائه جيد جدا.. فما هي الطريقة المثلى للتعامل معه؟
علما بأنني أشعر بأنه ربما مصاب بالعين للأعراض المذكورة، كما يبدو عليه شحوب وصفرة في وجهه. ولكم شكري وتقديري. السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
لا ندري ما السبب الذي جعلك تطلق على لعب طفلك ذي الثمانية سنوات بعضوه أنها ممارسة للعادة السرية، خاصة أن السرحان الذي تتخيل وجوده معه ليس مقصورا على وقت لعبه بعضوه فقط، ولكنه حالة عامة كما تصف في رسالتك.. خاصة أننا لا نتصور أن طفلك قد بلغ الحلم في سن الثامنة بحيث يكون لديه رغبة جنسية يفرغها من خلال العادة السرية، ولا يعدو الأمر كونه سلوكا سيئا وهو العبث بعضوه، ويحتاج إلى التنبيه الخفيف ولفت النظر كسلوك لا يليق وليس كسلوك جنسي؛ لأنه في سنه هذه قبل البلوغ لا يكون الأمر لديه بهذه الصورة، ولا يستحق الأمر في كل الأحوال استخدام فعل "ضبطته" وهو يفعل ذلك، وكأننا بصدد واقعة تلبس في جريمة!
فحتى في حالة العادة السرية واكتشاف أن ابنك يمارسها لا يتم التعامل مع الأمر وكأنها جريمة قد ضبطته متلبسا بممارستها؛ فيكون دورك هو أن تنصحه، وتمضي، وتتذكر ممارستك لها في صغرك وكراهيتك لنفسك؛ فتكره ابنك وكفى!
الأمر يحتاج إلى صورة أخرى من التعامل تقوم على الوقاية في الأساس من الوقوع في هذه العادة، ويكون ذلك بما نسميه التربية الجنسية المبكرة للأطفال قبل البلوغ، وذلك بأن تجلس إلى طفلك عند بداية ظهور العلامات الجنسية الثانوية لديه مثل خشونة الصوت أو بداية ظهور الشارب، وتحدثه في أنه على أعتاب مرحلة جديدة ينتقل فيها من الطفولة إلى الشباب؛ مرحلة انتقالية تسمى مرحلة المراهقة، وتشرح له فيها التغيرات الجسمية والنفسية التي تحدث، وكيف أنها إيذان بأنه أصبح مكلفا أمام الله وأمام المجتمع وأنه أصبح مسئولا عن تصرفاته.. وقيمة هذه التغيرات ودورها في إعمار الكون، وكيف أنه سيكون لديه شعور فطري نحو الجنس الآخر، وكيف يوظفه، وأنه ليس بتفريغ للطاقة الجنسية بأي صورة أو وسيلة، ولكن هذه الطاقة يحتفظ بها حتى الزواج وأن الإنسان يتسامى عليها بممارسة الأنشطة المختلفة الرياضية والثقافية والاجتماعية، وأن تعلمه الأحكام الشرعية المترتبة على هذه التغيرات.. كلما جد أمر في حياته يحتاج فيه إلى سؤال أو استفسار.
وبذلك يكون أمر العادة السرية هو أحد المواضيع المطروحة للحوار والنقاش بينكما منذ البداية، لا تنتظر حتى تضبطه متلبسا وتكتفي بنصائح غير مجدية..
لا علاقة للعادة السرية بالوراثة، وهي كما يتضح من اسمها عادة مكتسبة في غياب الثقافة الجنسية الصحيحة أو التربية الجنسية المبكرة، إما أن يوجه الشابَ إليها أصدقاؤه طالبين منه أن يجرب ويدخل في الأمر من باب الفضول، أو من باب الرغبة في أن يبدو كبيرا أمام أصدقائه، أو ربما كان يعبث بعضوه مثلما يفعل ابنك لكن بعد البلوغ؛ فيشعر بنوع من اللذة تجعله يستمرئ الأمر ويستمر فيه.. في كل الأحوال لا يجد من يوجهه أو يسأله أو يجيب على تساؤلاته؛ فيستمر في الأمر، ربما وهو لا يفهم ما يحدث في بداية الأمر، وعندما يفهم يكون الأمر قد تحول إلى عادة تحتاج إلى جهد للتخلص منها..
بالنسبة لما تصفه من أنه غير اجتماعي ولا يندمج بسهولة مع أقرانه؛ فنحن نحتاج لوصف لهذه الجزئية؛ لأن المشكلة أن بعض الآباء تكون توقعاتهم لأبنائهم في هذه القضية أعلى كثيرا من المطلوب لمن في مثل سنه...
بمعنى أنه ما المطلوب من طفل في الثامنة من عمره أن يفعله حتى نصفه بأنه اجتماعي، خاصة أننا نتصور أن كل الأطفال يجب أن يكونوا على صورة واحدة اجتماعية، فإذا كان هناك طفل يتفاعل بصورة عالية مع الآخرين ويصنع الصداقات بسرعة ويتكلم كثيرا فإننا نتخيل أطفالنا غير متفاعلين إذا لم يكونوا بهذه الصورة، في حين أنهم قد يكونوا اجتماعيين ولكن بما يصلح لسنهم ولشخصيتهم؛ فلكل طبيعته.. وفرق بين طفل له صداقات محدودة ويتفاعل مع الآخرين ببطء حتى يصل للاندماج معهم وطفل نصفه بالانطواء المرضي حيث يعجز تماما عن التواصل مع زملائه أو التفاعل حتى مع مدرسيه.
ما نقصده أن لكل طفل اهتماماته وشخصيته التي يجب أن نبحث فيها عن نقاط التميز فننميها ونشجعها، ولا نبحث عن نقاط الضعف فننقدها، ونطلب فيها من الطفل أن يكون مثل الآخرين فنقارنه بهم وهو غير مؤهل لهذه المقارنة؛ لأنها تشعره بالإحباط وأنه أقل من الآخرين.
- ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الاطلاع على الموضوعات التالية:
- تحذير هام: العادة السرية فخ
- ابني يمارس العادة السرية
- قبل أن يتطور الأمر للعادة السرية
- في الحوار مع الطفل.. قل ولا تقل
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
ــــــــــــــ(102/257)
التأتأة النفسية.. هل لها علاج؟ العنوان
السلام عليكم، أنا أب لسبعة أبناء، من بينهم ابني البالغ من العمر 12 سنة، وقد لاحظت أنه أصبح كثير التأتأة ومشتت التركيز بعد انفصالي عن والدته لظروف خاصة بعد حياة زوجية استمرت 15 عاما؛ حيث يقيم هو و4 من أبنائي لدي، و2 منهم لدى الأم.
إلا أن هذا لم يؤثر بعلاقتي بأبنائي؛ فأنا أصطحبهم معي لبيت أمهم 3 مرات أسبوعيا، وأذهب معهم في رحلات عائلية، وأحاول أن أكون قريبا منهم، ولكني لا أعرف سبب وعلاج مشكلة ابني هذه؛ فأرشدوني إلى الحل، وشكرا جزيلا.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،الأب الكريم..إن تأتأة ابنك تأتأة عارضة؛ فهي قد ظهرت بعد وصوله سن الثانية عشرة؛ حيث كان كلامه طبيعيًا حتى هذه السن، ومع حدوث صدمة نفسية له متمثلة في انفصال الوالدين بدأت تظهر أعراض التلعثم وتشتت التركيز، وهذا يدل على أنها تأتأة نفسية وليست بسبب عضوي في مراكز الكلام في المخ التي تبدأ في سن مبكرة عن ذلك، وتكون بسبب قصور في مراكز التعبير عن اللغة واتصالاتها المختلفة في المخ..
ويكون الضغط النفسي الذي لا يستطيع الطفل التعامل معه أو التكيف هو السبب في ظهور هذا التلعثم؛ حيث يتحول التوتر إلى عرض جسمي يعبر عن نفسه في هذه التأتأة؛ لذا فإن الضغط على الطفل نفسيًا بسبب هذه التأتأة، ودعوته للتخلص منها أو معايرته بها دون علاج للضغوط النفسية التي سببتها يؤدي إلى مزيد من الضغط على الطفل؛ وهو ما يمثل عاملا جديدًا لزيادة التأتأة وليس لتقليلها.
أي أن الأمر منوط بالحوار المباشر مع هذا الطفل الحساس، وإخراج ما بداخله من توترات وقلق وأفكار سلبية يحملها عقله الصغير بخصوص انفصال والديه؛ فلا يكفي أن نتصور أن زيارته لأمة 3 مرات أسبوعيًا والقيام برحلات عائلية كافية لاعتباره يعيش حياة نفسية طبيعية.. إن بداخله تساؤلات لا بد أن يُرد عليها، وبداخله مشاعر خاصة جدا لا بد من مراعاتها..
قد يكون السؤال: ولماذا لم يصب إخوته بنفس ما أصابه؟
أولا- لأن الاختلافات الشخصية بين الإخوة أمر وارد وثابت يجب مراعاته.
ثانيًا- لأن معاناة إخوانه من وضع الانفصال قد تكون في أشكال أخرى لم تلاحظها، أو أنها تفاعلات داخلية ربما تظهر في أوقات أخرى.
التأتأة النفسية منوط علاجها بمعرفة الأسباب النفسية وراءها ومحاولة التخفيف منها قدر الإمكان.. قد يحتاج الأمر إلى تعاون مع الأم في هذا الصدد، وقد يكون للأم دور في إخراج ما في نفس هذا الابن، على أن تتفاهما وتتعاونا في طمأنة هذا الابن، وعندها ستختفي التأتأة؛ لأنها لم تعد تخفي شيئا.
ولمزيد من الاستفادة يمكنكم مطالعة الاستشارة التالية:
- التلعثم وكيفية علاجه – متابعة
ــــــــــــــ(102/258)
لغة الكلمات أم لغة اللكمات؟ العنوان
أنا أم لطفل يبلغ من العمر سنة وأحد عشر شهرًا، مشكلتي معه أنه يستخدم لغة الضرب، بمعنى أنه عندما ينفعل أو لا يرضيه عمل ما يقوم بالخدش والضرب وما إلى ذلك، مع أنني أعامله بكل حب وحنان، وقد استخدمت معه الكثير من الأساليب دون فائدة، بالتجاهل مرة وأظهر له بأني غاضبة منه مرة أخرى.. استخدمت معه كل الأساليب ولا أعلم ما السبب؟!! أحبه كثيرًا، ولكن ما يعكر الصفو بيننا هو أسلوبه في التفاهم.. أرشدوني إلى الحل، وجزاكم الله ألف خير.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
ومن أين تعلم طفلنا لغة الضرب؟ إن اللغة أمر يكتسبه الطفل ممن حوله، سواء كانت لغة الكلمات أم لغة اللكمات.. هذا سؤال مهم يجب الإجابة عليه؛ لأن هذا الطفل قد شاهد من يتعاملون بالضرب سواء معه أو مع غيره فتعامل بهذه اللغة، وهو يحصل من خلالها على ما يريد أو يدفع بها ما لا يريد، فلماذا يتخلى عنها.
وببساطة يصبح تخليه عنها منوطًا بعدم استخدامها معه تحت ادعاء أن الكبار تستفزهم تصرفاتهم فيفعلونها أو أن أباه عصبي، وعندما ينفعل لا يمكن السيطرة عليه؛ لأن الطفل يقلد من حوله، ولا أهمية عنده لما تقدمونه من مبررات، أي أن الحل الأول هو منع أي مصدر يعلمه هذه اللغة.
الحل الثاني هو ألا يحصل على الفائدة من استخدامه هذه اللغة، وذلك بعين الإصرار والتصميم والحسم على رفض هذا السلوك تمامًا، بمعنى أنه لو طلب شيئًا باستخدام هذه اللغة فلا يتحقق له هذا الطلب ويحرم منه ويعاقب بالخصام على ما فعله من ضرب أو خدش، ثم يطلب منه الاعتذار عما فعل، وهكذا مع تكرار عدم حصوله على ما يريد يدرك أنها لغة فاشلة ولا تصلح لتحقيق مطالبه فيتوقف عنها.
هذا الأمر يحتاج إلى استمرار لمدة زمنية طويلة قد تمتد إلى شهور من الصبر على تحمل هذا السلوك مع تجاهل تنفيذ ما يريد، وعدم الخضوع لأي من مطالبه في أي من المرات؛ لأن هذا يعطيه الأمل في أن تكرار هذا السلوك سينجح في إحدى المرات، فلا يتخلى عنه طالما أن النتائج تأتيه حتى ولو كل حين.
مع مراعاة ألا تدخلي معه هذا الصراع إلا إذا كان الأمر يستحق.. بمعنى أنه عندما يطلب طلبًا أو يرفض أمرًا فإن تقدير الأمر في القبول أو الرفض يجب أن يتم بهدوء، بمعنى أن تفكري جيدًا قبل أن ترفضي أو تقبلي، بحيث إذا قبلت أو رفضت فلا مجال للتراجع حتى يؤتي الأمر ثماره، بمعنى أننا لا نتدخل إلا عند وجود توجيه تربوي يستحق منا العناء في تحمل تعليمه السلوك الجديد.
ويجب أن تراعي أن يكون التوجيه مناسبًا لسنه وقدراته، فلا تطلبي منه ما يتجاوز سنه أو قدراته فيصاب بالإحباط الذي يعبر عنه بالضرب أو الخدش.. إنها منظومة متكاملة من حسن التوجيه والصبر على السلوك حتى تصلي إلى أفضل النتائج بإذن الله تعالى.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- أسباب العدوانية عند الأطفال
- العدوانية.. كل إناء بما فيه ينضح
- الحب ..دستور التعامل مع العدوان
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
ــــــــــــــ(102/259)
الحياة تحت الاجتياح.. بيت حانون وأخواتها العنوان
محمد ينتابه كوابيس في الليل ولا يستطيع النوم في غرفته؛ وذلك لأن الأسرة بأكملها عاشت فترة قصف وإطلاق نار وتدمير وتجريف من قبل قوات الاحتلال أثناء اجتياحها لبلدة بيت حانون، ولا يستطيع الطفل أن ينام بغرفته والنوم في الصالون مع أخيه رغم مغادرة الاحتلال للبلدة منذ أكثر من 3 أشهر. السؤال
عالم المراهقة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
إن رسالتك هي صرخة في وجه العالم الصامت عن عمد عما يحدث في فلسطين والذي يتابع ما يجري بدم بارد رغم الدماء الساخنة التي تجري هناك.. إن رسالتك تمثل جزءًا من الجانب غير المرئي للحرب المعلنة المستمرة من قبل اليهود الصهاينة ضد أهلنا في فلسطين.
إن الإحصائيات اليومية المعلنة لخسائر هذه الحرب غير المتكافئة تحصر عدد القتلى والجرحى والمعدات المحترقة والبيوت المهدومة، ولكنها لا تحصر عدد النفوس المهدومة والمأزومة من جراء هذه الفظاعة.. إن أجيالاً متتالية من الأطفال منذ لحظة الولادة وحتى يبلغوا سن ابنك يتعرضون يوميًّا لما يدمر نفسياتهم ويفقدهم الشعور بالأمن والاطمئنان، وهم يرون أراضيهم تجتاح، وبيوتهم تهدم، وآباءهم وإخوانهم يقتلون أمام أعينهم.
إن علماء النفس يتحدثون عن ذلك الطفل الذي يفقد الشعور بالأمن نتيجة لسوء معاملة والديه متمثلاً ذلك في عدم تلبية رغباته في الرضاعة أو عدم حمله عندما يبكي أو عدم تغيير ملابسه المبتلة، ويعتبرون ذلك سببًا في أن ينشأ الطفل غير سوي شاعرًا بالكراهية والرفض لكل ما حوله ليصل بعد ذلك للاعتلال النفسي، ولم يتصوروا ما يحدث لأطفال فلسطين؛ ولذلك لم يضم قاموسهم النفسي ما يصف ما يجري من تغيرات في نفوس الأطفال وأبوهم يضرب بالرصاص أمام أعينهم، ويترك لينزف حتى يموت، ولا تأتي الإسعاف لإنقاذه، أو لأطفال يقتحم الجنود المدججون بالسلاح منزلهم ويدخلون عليهم غرفة نومهم، وأقل القليل أن يحطم أثاث بيتهم، وتحرق لعبهم، ولا مانع من أن ينسف البيت من جذوره ليروا أنفسهم فوق الأنقاض بلا مأوى يحميهم.
إن مجرد وصف حالة طفلك بأنه ما يسمّى متلازمة ما بعد الصدمةPost Traumatic Syndrome هو نوع من التبسيط المخل؛ لأن الصدمة تعني أن الطفل قد تعرض لحدث خطير غير متوقع، وبعده يبدأ الطفل في استرجاع هذا الموقف ورؤية الكوابيس لما حدث والشعور بالخوف والقلق وعدم القدرة على التكيف مع الحياة، ولكن هذا الطفل تمثل له الصدمة حدثًا يوميًّا معتادًا متوقعًا.. نعم إن القوات الإسرائيلية قد غادرت البلدة، ولكن التهديد مستمر وحالة الفزع والخوف مستمرة، وإن لم تكن بيت حانون اليوم فهي في قرية مجاورة ويسمع أصداءها بأذنه وربما يشاهد مشاهدها في التلفاز؛ ليعيد له ذكريات أحداث حقيقية قد مرت به.
إنه علم نفس جديد يحتاج إلى وصف جديد لأمراض نفسية جديدة لم يكن هناك عهد للطب النفسي العادي بها.. في الظروف الطبيعية يكون علاج حالة ما بعد الصدمة بأن يجلس الطبيب على صاحب المشكلة ويقوم باستعادة الأحداث معه، في محاولة لإخراج كل الانفعالات والمشاعر المتعلقة بالحدث، ثم يتم مناقشة الحدث بهدوء وموضوعية وبيان أنه قد انتهى وبعدها يتم إعادة التأهيل وحل المشاكل حتى يعود لحياته الطبيعية.
سنعتبر أن الحياة تحت القصف هي الحياة الطبيعية لهذا الطفل.. وسنعتبر الاجتياح هو الحد الاستثنائي الذي سيتحول بعد قليل إلى حياة طبيعية، وسنطلب من الطفل ذي الاثني عشر عامًا ألا أن يكون مثل باقي الأطفال ينام في هدوء ويذهب إلى مدرسته في أمان، وأن يتوقع أن يعود من المدرسة فلا يجد بيته وربما لا يجد أسرته..
يجب ألا يطالب بذلك ونؤهله على أن حياته الطبيعية هي بين الصواريخ المنطلقة من طائرات الأباتشي التي تمسح طرقات المدينة لتصطاد السيارات السائرة لتضرب من فيها من الشباب المجاهد، فإن كان حظه العاثر قد شاء أن يكون بقرب إحدى هذه السيارات فسيرى الأشلاء والدماء وقد اختلطت بالحطام والصرخات والأنات، فيجب ألا يتأثر أو يبكي أو تجيئه الكوابيس بالليل فهذه أحداث عادية جدًّا وهو المذنب إن رأى أي كابوس أو شعر بأي خوف، فليس من حقه ذلك.. فتلك رفاهية ليست من حقوق الشعوب الإرهابية التي تدافع عن أرضها أو تطالب بحرياتها؛ فالحرية المتاحة هي حرية الاستسلام.. إن أراد أن ينام هانئًا فليخضع.. إن أراد أن يكون سالمًا فليخضع.
هل أطلنا عليكم ولم نحل المشكلة؟!.. إننا لن نستطيع أن نحل لكم المشكلة، مشكلتكم لا يحلها طبيب نفسي، ولا صفحات الإستشارات على موقعنا.. إن مشكلة محمد هي مشكلة أُمة تركت أطفالها لليهود الصهاينة يرعبونهم، وهي مشكلة عالم يخضع لجبروت قوة واحدة فينافقها، ويسكت عن الحق.
قد يكون مناسبًا أن يعرض طفلكم على الطبيب النفسي ليعطيه جرعات صغيرة جدًّا من بعض المطمئنات حتى تجعل نومه أكثر استقرارًا وخاليًا من الكوابيس، وقد يكون مدخله النفسي معه ومدخلكم أن هذا الخوف الذي شعر به يجب أن يحوله إلى تصميم على التمسك بحقه، وأن إعادة التأهيل للعودة للحياة الطبيعية تكون بتأهيله لينضم إلى صفوف المجاهدين والاستشهاديين من أجل تحرير وطنه السليب؛ ليدرك أن حياته الطبيعية هي في تخلصه من الخوف، وفي استعداده أن يكون قادرًا على مقاومة هؤلاء عندما يجتاحون بلدته في المرة القادمة، فربما كان قادرًا هو وأقرانه على منع الاجتياح، وعندها يزرعون الخوف في قلوب أعدائهم ويتحولون إلى كابوس في عقول جنود جيش الاحتلال ربما يكون علاجهم الوحيد عندها هو أن يرحلوا عن بلادنا إلى غير رجعة.
ــــــــــــــ(102/260)
أمومة مغتربة تبحث عن ذاتها.. متابعة 2 العنوان
عزيزتي د. إيمان.. عزيزتي د. سحر، بارك الله فيكما، لقد وصلتني إجابتكما السريعة عن استفساري ، وكان للتواصل معكم أثر رائع في نفسي؛ فبارك الله جهودكم جميعًا وجزاكم خير الثواب، وأود من خلال هذا التعقيب -وأتمنى ألا تسبب كثرة تعقيباتي مللاً مني؛ فأنا حريصة جدًّا على التواصل معكم في "إسلام أون لاين.نت" بالقدر الذي لا يزعجكم- أن أشكركم جدًّا على فتح هذه المساحات لنا للتواصل والحوار.
وحقيقة أنا تعرفت على موقعكم الرائع منذ فترة بسيطة وأصابتني حالة من إدمانه فهو -والحق يقال- أول موقع عربي إسلامي يقدم معلومات مهمة في مختلف المجالات؛ فجزاكم الله كل خير، وكنت قد قرأت الكثير من الموضوعات المتعلقة بتربية الطفل.
وما شدني بالموقع وما جعلني أستشيركم سابقًا هو قراءتي لردودكم المتعمقة العلمية الرائعة؛ لذا فإنني أؤكد لكم -لإيماني بأنكم حريصون على متابعة كل حالة بتفاصيلها- أنني سأبذل قصارى جهدي بإذن الله تعالى من أجل تربية طفلتي بالشكل الذي يرضي الله، وينمي قدراتها ومهاراتها، فهذا هو سبب تفرغي لها في هذه الفترة، لا سيما أن "ياسمين" ولله الحمد تتمتع بذكاء لافت، ليس بشهادتي وحدي؛ فشهادة الأم مجروحة فيما يتعلق بطفلها، حيث تراه أروع المخلوقات وأفضلها. ياسمين تنتبه للأصوات والحركات بشكل واعٍ، وتتجاوب مع الكلام ومع البيئة الخارجية بشكل ممتاز، ومنذ شهرين تعلمت التصفيق والتسليم باليد ومن قبلها التلويح بعلامة المفارقة (الباي)، كما أنها منذ شهرين تمشي مستندة على الطاولة، وتحبو بشكل جيد، وتعرف وقت النزهة وتتشجع له، ومنذ حوالي ثلاثة أسابيع تعلمت تقليد حركة الصلاة -السجود تحديدًا. وعندما نقول لها: "صلاة.. الله أكبر.." فإنها تقوم بحركة السجود.
كما أنها والحمد لله اجتماعية جدًّا لدرجة تثير استغرابي أحيانًا، فهي ستكمل الشهر الحادي عشر بعد أسبوعين، ومع هذا فهي خلال نزهاتنا العديدة تقوم من تلقاء نفسها بمحادثة الأشخاص الآخرين، سواء أكانوا أطفالاً أو نساء أو رجالاً، فمثلاً: عندما تكون في عربتها ويمر بها طفل تبدأ في التلويح له والحديث بلغتها الرائعة غير المفهومة.. وهي كثيرة الحديث بهذه اللغة الطفولية غير المفهومة، سواء بالبيت أو بالخارج، حتى عندما نذهب للتسوق أجدها تبدأ بالحديث مع بائع الخضار ومع صاحب البقالة ومع الزبائن، وعندما يزورنا أحد تلتصق بي لمدة خمس دقائق ثم تبدأ في الانطلاق واللعب معهم، ومناغاتهم بلغتها الخاصة، (هل يوجد اسم علمي لهذا النوع من حديث الأطفال غير المفهوم؟).
وهي تردد من خلفي كلمة ماما وبابا، ولكنها حتى الآن لا تنادينا بها، وأنا كنت أحرص خلال الفترة الماضية وخلال عملي على قراءة القصص لها قبل النوم، وعلى إسماعها شرائط القرآن الكريم وبعض الموسيقى خلال جولاتنا في السيارة، وقد كانت معتادة عند قدومي من العمل أن أكون أنا معها، أنا فقط، فقد كانت تبثني شعورها بقلقها لابتعادي عنها، فكانت ترفض تدخل أحد في أي أمر يخصها بوجودي، وهذا ما كنت أرفضه أنا أيضًا، حتى إنني كنت أتعمد في الكثير من المرات أن آخذها في نزهات منفردة (وكما كانت وصيتك بالضبط) مع إشفاقي حينها على الشغالة التي كنت حريصة على أن أرفِّه عنها هي أيضًا لتعبها مع طفلتي طوال النهار، ولكنني كنت أريد لياسمين أن تعرف أن هناك أوقاتًا هي لنا وحدنا فقط، وبالفعل كان هذا، ونظمت نفسها -وهي الطفلة ابنة العشرة الشهور- على أن تتقبل "غالبًا" خروجي من المنزل صباحًا، ولكنها لا تتقبل بتاتًا ألا أكون بجانبها خلال فترة العصر بعد عودتي من العمل وحتى إغلاق عينيها الرائعتين، وكأنها تقول برفضها: "كنت لغيري طيلة الوقت، والآن حان دوري ولن أسمح بغير هذا".
إذن فالأطفال أذكياء بالفعل أكثر مما نتوقع، وهم يعتادون على تنظيم حياتهم أفضل مما نتصور.
ملحوظة: أنا الآن ما زلت على رأس عملي مراعاة للقواعد القانونية في هذا الأمر، وهو وجوب فترة الإنذار البالغة ثلاثين يومًا، ومع نهاية الشهر الجاري سأنقطع عن العمل مع مسامحتهم لي بما يعادل عشرة أيام من فترة الإنذار القانوني؛ لذلك فأنا أخطط منذ الآن وبكل حب للبرنامج الذي سيكون خلال الأيام المقبلة، وكيف سنلعب معًا وكيف سنتنزه في الصباح وغيرها من أمور.
أما فيما يخص الألعاب فأنا حريصة على أن أجلب لها في كل فترة شيئًا جديدًا أو أن أصنع لها شيئًا جديدًا لتلعب به، وهي والحمد الله متجاوبة مع اللعب بشكل كبير، إلا أن هناك ملاحظة لي في سياق اللعب، وهي أنني من خلال تجولي في محلات الألعاب لأجل العثور على ألعاب مفيدة تنمي ذكاء الطفل كنت أجد أن الألعاب التعليمية أغلبها أجنبية الصنع، فمثلاً هناك ألعاب تعليمية عن أسماء الحيوانات وأسماء بعض الآلات إلا أنها تنطق بالإنجليزية، حتى ألعاب تعليم الألوان أو الأحرف الناطقة، فهي جذابة جدًّا ولكنها أيضًا ناطقة بالإنجليزية.. وعلى ذلك بقية الألعاب.. مع أن هذه الألعاب توجه لأطفالهم منذ الستة الأشهر أو التسعة، كما هو مكتوب على العلبة، فهل فعلاً لا توجد شركات ألعاب جيدة في العالم العربي تقوم بصنع ألعاب مميزة وممتعة وملونة وتنطق بالعربية؟
أمر آخر أود سؤالكم عنه وقد لاحظت في ياسمين شيئًا، وهو أنه رغم حرصي على ألا تشاهد التلفاز في هذه السن الصغيرة فإنها خلال فترة الإفطار الصباحي والذي أجبر فيه على فتح التلفزيون لأجل إبقائها في كرسيها لرغبتها في التحرك في ذلك الوقت، فهي تنجذب للبرامج التلفزيونية، تحديدًا هذا البرنامج المسمى تيلي تابيز؛ حيث تبدأ بالقفز وهي جالسة عندما يبدءون هم بالقفز، وأحيانًا أجدها تضحك معهم وتكون مشدودة بشكل كبير.. فهل في هذا أي سلبية عليها في هذه السن؟ علمًا بأن فتح التلفزيون هو الطريقة التي كنت أفتعلها لأجل إغرائها بمواصلة الجلوس والأكل (نظرًا لشهيتها الضعيفة)، خاصة أنني كنت في أحيان كثيرة أضطر إلى أن أوكل مهمة إكمال إطعامها إلى الخادمة لأدرك موعد عملي؛ لذا خلال الفترة القادمة وبعد تفرغي لها؛ هل يضيرها شيئًا لو تابعت مشاهدتها لهذا البرنامج خلال إفطارها؟
سؤال أخير أنهي به مسلسل أسئلتي التي لا تنتهي واعذروني.. متى أبدأ في تعليم طفلتي الرسم؟ هل بمجرد قدرتها على الإمساك بالقلم؟ وهل يمكن أن أقوم بأي محاولات لتشجيعها على هذا قبل ذلك الوقت؟
اعذروني على طول هذه الرسالة، ودعائي أن يحفظكم الله ويسدد خطاكم، تحياتي الحارة وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختكم: ميس. أم ياسمين
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، ومرحبًا بك مرات ومرات على صفحتنا وفي قلوبنا التي اشتاقت للقائك رزقنا الله وإياك هذا الإقبال الرائع على التناصح والتعاون على البر والتقوى، وهذا الاتباع المتميز لأحسن القول كما ورد في الآية الكريمة: "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه...".
لقد كانت أسئلتك الجميلة في جو رائع من البِشر والتفاؤل بأيام رائعة قادمة وأمومة ممتعة ستعيشين لحظاتها إن شاء الله، أدام الله عليك هذا الشعور، واسمحي لي أن أشاركك في زيادة البِشر والسعادة بذكاء ابنتك وقدراتها المتميزة، وأعتقد أنه سيفيدك الاطلاع على ما يلي في مسألة تنمية ذكاء طفلتك من خلال ممارساتك اليومية معها وباستخدام ألعاب بسيطة:
- السنة الأولى.. كهف الأسرار
- دروس لتنمية الذكاء
- تنمية الذكاء من لحظة الميلاد
- اللعب في الصغر ذكاء في الكبر
وكأم مثلك أسعى لتنمية قدرات أبنائي؛ فأنا أبحث مثلك عن كل ما يساعدني في ذلك من مواد سمعية ومرئية ومجسمة وإلكترونية، وللأسف تواجهني مشكلتك أن أجمل هذه المواد هي غربية الصنع واللغة، ومنها ما صنع في الصين لكنه ناطق بالإنجليزية أيضًا أو على الأقل يعتمد عليها، وبالفعل توجد مواد باللغة العربية لكنها إلى حد ما متواضعة، وللأسف أن كثيرًا من المتميز فيها يكون باللغة الإنجليزية لتعليمها للأطفال العرب، بالفعل هذه الملاحظات من واقع بحثي المتواضع مع تجارب المحيطين بي من الأمهات، وبالفعل هناك شركات عربية تنتج ألعابًا مميزة وممتعة وملونة ويمكنك الوصول إليها عبر متابعتك للإعلانات التجارية على قنوات الأطفال المتخصصة أو السؤال عن منتجاتها في المكتبات ومحلات ألعاب الأطفال الكبرى.
وما أفعله أنا شخصيًّا للتغلب على تلك النقطة أن أنطق لأطفالي أسماء المفردات بالعربية من أسماء الفواكه مثلاً في الكتب الملونة أو على أسطوانات الكومبيوتر أو في أي منتج أو لعبة للأطفال عدة مرات، وأتركهم بعد ذلك يستخدمونها بالإنجليزية، وبالنسبة للكتب فأنا أستخدمها كمرجع للصور بالعربية تارة وبالإنجليزية تارة ليجمع أبنائي المفردات باللغتين وأحيانًا أخرى أقول مثلاً أحمر يعنيRed قطة يعني Cat، وهكذا لتعرف أن هذا اسم هذا اللون بالإنجليزية وتعرف اللفظتين باللغتين، وللعلم فقد كانت د. إيمان السيد هي من أكد لي سلامة هذا الأسلوب في عمر بداية الكلام لتعليم الطفل اللغة الأجنبية -إن أردت- فأنا كنت أفعله، ولكن أردت أن أتأكد من مدى سلامته من الناحية العلمية وتأثيره على النطق لدى الطفل.
ولعلها دعوة منا من على هذا المنبر -كأمهات عربيات نهتم بمستقبل أبنائنا وتنمية مهاراتهم بلغتهم وبمنتجات بلادهم وبما يحفظ هويتهم- لكل من يمكن أن يكون له دور في إيجاد بديل فعَّال للعب الأطفال التعليمية والترفيهية والتثقيفية الجميلة بلغتهم العربية الجميلة وفي قوالب جذابة ومبتكرة ومفيدة.
ويمكنك -مؤقتًا- استخدام ألعاب غير ناطقة تصلح أيضًا لسن ابنتك -ومنها أنواع كثيرة- حتى تتقن الكلام بالعربية وحينها تبدئين في شراء ألعاب ناطقة بالإنجليزية -إن تعذر إلى ذلك الحين الحصول على ألعاب ناطقة بالعربية الواضحة السليمة- تلعبان بها معًا لتفهميها معنى الكلام الذي تنطق به اللعبة وتدريجيًّا تتركينها تلعب بها وحدها، وحينئذ ستسهم هذه الألعاب في إكساب الطفلة لغة ثانية وطلاقة النطق بها وفهمها والاستماع لها.
وعن مسلسل "تلي توبيز" الذي يعشقه صغيري 5 سنوات وسنة ونصف، فأنا لا أرى مشكلة في تعلق ابنتك به وبألوانه المبهرة وشخصياته المرحة ذات الملامح الطفولية المبهجة ووجوه الأطفال والحركة المرحة لشخصياته.. فكلها أشياء تجذب الأطفال كثيرًا وترسم البسمة على شفاههم طول فترة تحرك شخصيات المسلسل أمامهم على الشاشة، وفكرتك في استخدام مثل تلك الفرص في إطعام ابنتك لكونها لحظات نادرة من استسلامها للطعام لانشغالها.. فهي خطة أستخدمها وأنصح بها كثيرًا، ولا مانع من أن يكون على جدول أنشطة اليوم للطفلة فقرة من الكارتون أو مسلسلات الأطفال تستغرق من نصف ساعة إلى ساعة -وهذا المسلسل لا يستغرق أكثر من 20 دقيقة- وخصوصًا إذا كانت المادة الإعلامية مفيدة تعلم حروفًا أو أسماء الحيوانات أو تعلم آداب السلوك أو غيرها، طالما أن ما يشاهده الطفل مقننًا ومراقبًا من قبل والديه وموجهًا لتعليمه أو تنمية مداركه أو تثقيفه، وما يخشى منه هو فقط إطالة مدة استسلام الطفل للتلفاز إلى درجة الإدمان الذي لا يستغني عنه يوميًّا وفي أوقات طويلة، وقد أضافت د. إيمان السيد:في تلك الجزئية أنه لا مانع من برامج الأطفال الموجهة مع مراعاة وجود الطفل على مسافة من شاشة التلفاز لا تؤذي عينيه، ومع تنوع أنشطة يومه بشكل يجعل التلفاز عنصرًا من تلك الأنشطة له فترة محددة تزاحمه فيها العديد والعديد من الأنشطة الممتعة الأخرى؛ وهو ما يحميه من إدمانه، مع مراعاة ما يشاهده الطفل بحيث لا يتأثر سلبًا ببذاءة أبطال الكارتون مثلاً أو بالخيال الذي يمكن تقليده مثل القفز من أسطح البنايات أو الضرب بمطرقة على الرأس أو غير ذلك مما قد يعتقده الطفل واقعًا وقد يحاول تجريبه أو محاكاته من عنف وضرب وغيره.وينتهي كلام دكتورة إيمان السيد.
أرجو يا أم ياسمين أن تكون إجابتنا قد أروت ظمأك الجميل لكل ما ينفع ابنتك ويفيدها في الجزئية التي سألت عنها.. وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/261)
ماذا لو كان طفلك متبلد الإحساس؟ العنوان
سيدتي الفاضلة.. يضايقني في ابني الكبير والبالغ 11 سنة أنه في أحيان كثيرة أجده متبلد الأحاسيس وقاسيا لا يتحمس لأي شيء سوى اللعب.. لا يهمه أن يذاكر أو يتفوق أو أن يكون مهندمًا في مظهره أو يصلي الصلوات في وقتها أو يحفظ القرآن، ويستمتع لبكاء أخيه الصغير.. ولا تتخيلي مدى المجهود الذي أبذله معه حتى إنه أحرز 96.5% في الشهادة الابتدائية، ولكن هذا التفوق بمجهود جبار مني في الشرح والمتابعة والضغط عليه لكي يذاكر، علمًا بأني أعمل وأعود إلى المنزل في الرابعة بعد الظهر في غاية الإرهاق.
في نفس الوقت ابني الأصغر -7 سنوات- على العكس تمامًا من الطيبة والحنان والذكاء.. أحاول ما في وسعي ألا أفرق في المعاملة بينهما، وأحضر لهم مدرسة لتحفظهم القرآن في المنزل.. بالله عليك ماذا أفعل معه لأغير غلظة قلبه ولامبالاته؟ فهو يستحوذ على كل وقتي بسبب لامبالاته، ومع يقيني بأن الأولاد رزق من الله فأنا آخر شيء أتصوره أن يكون ابني قاسيًا.
أيضًا أرجو أن تنصحيني هل الأفضل للطفل أن ينام بعد عودته من المدرسة أم يذاكر مباشرة؟
أيضًا أنا في الثامنة والثلاثين وأنا وزوجي نشتاق كثيرًا لإنجاب طفل ثالث، ولكن أمي وأصدقائي يقولون إن الأوان فات، وإن فارق السن بيني وبين المولود سيكون فظيعًا وبهذا سأجني عليه.. أفيديني أكرمك وأعزك الله، والسلام عليكم.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
سيدتي الفاضلة.. سلام الله عليك ورحمته وبركاته
أشكرك على مراسلتنا واهتمامك بمعرفة الأسلوب السليم في التوجيه والتربية. وقبل أن أجيب على استشارتك أود أن تطرحي عدة تساؤلات تراجعين فيها نفسك منذ ولادة طفلك موضوع الاستشارة إلى الآن:
كم مرة جلست مع ابنك جلسة ودودة تضحكين وتمرحين معه؟
كم مرة لعبت معه؟
كم مرة تحدثت معه حديثًا طريفًا بعيدًا عن سلسلة مواعظ ودروس فيما يجب فعله وما لا يجب؟
كم مرة شعر ابنك باهتمام حقيقي به كإنسان له كيان خاص يُحترم، يُؤخذ برأيه ويشاور في أمور حياتكم فضلاً عن حياته؟
كم مرة أحس أنه طفل مرغوب فيه محبوب ممن حوله وخاصة والديه؟
كم مرة خرجتم جميعًا للتنزه وأحس بالسعادة والدفء الأسري؟
كم مرة تجلسون جميعًا على مائدة الطعام تتبادلون النكات والضحكات والموضوعات المختلفة؟
كم مرة تلتقون كأسرة في جلسة أو اجتماع تتناقشون في أهم القضايا العامة والخاصة؟
كم مرة تحدثت عنه بفخر أمام عائلتك وأصدقائك وامتدحت مزاياه أمامهم؟
كم مرة علمته كيف يختار ويكون مسئولاً بعد ذلك عن قراراته واختياراته؟
كم مرة حاولت التعرف على قدراته ومهاراته ومواطن إبداعاته المختلفة وحاولت تنميتها بغض النظر عن مستواه التحصيلي والدراسي؟
كم مرة أثَبْته وكافأته دون أن يكون هذا الثواب وهذه المكافأة مرتبطة بمستواه الدراسي؟
كم مرة حاول الأب أن يقوم بدوره ويشاركك في كل ما سبق وخاصة في هذه المرحلة السنية، فهي مرحلة من أكثر المراحل التي يحتاج الولد الذكر لأبيه ليبث إليه ما لا يستطيع بثه للأم، وليجد فيه القدوة والاحتواء حتى يدخل مرحلة أعتاب الشبيبة، ثم الرجولة بخطا واثقة وأساس تربوي سليم.
معذرة -سيدتي- إذا قلت لك إنك تتعاملين مع ابنك على أنه آلة.. تودين أن يفعل ما ترغبين فيه دون اعتراض أو إبداء رأي ودون النظر لحاجاته النفسية.
إن قسوة ابنك وجفاءه ما هما إلا تعبير عن اعتراضه لك وكأنه يقول لك: أرجوك ضعي في اعتبارك رغباتي، ضعي في اعتبارك اهتماماتي، مشاعري، احتياجاتي، حاجتي في إظهار حبك وحنانك لي.
إن إظهار الحب والتعبير عن المشاعر سلوك متعلم ومكتسب فإذا كان ظاهرًا واضحًا في سلوكياتك ومشاعرك نحوه فسوف ينعكس ذلك حتمًا على سلوكيات ابنك ومشاعره ويظهرهما لك هو بدوره.
وقد تردين على ما سبق متسائلة:
إذا كان الأمر كذلك فلماذا ابني الأصغر عكس أخيه تمامًا مع أنني لا أفرق بينهما في المعاملة ومعاملتي واحدة لكليهما؟
والإجابة أن هناك ما يسمى بالفروق الفردية بين الأشخاص، وأن كل إنسان يستقبل المواقف والأحداث بطريقة تختلف عن الآخر حتى لو كانوا إخوة.
ثانيًا: إن كثيرًا من الآباء يظنون أن طريقة تربيتهم واحدة مع كل أطفالهم، لكن هذا ليس صحيحًا، فقطعًا أنت مع أول طفل لك تتعلمين كثيرًا من الأمور التربوية، وتجربين معه بخلاف الطفل الثاني الذي تتعاملين معه بطريقة أكثر خبرة ودراية، وبالتالي أنت مع طفلك الأول غيرك مع طفلك الثاني أو الثالث وهكذا، هذا إلى جانب بعض التغيرات التي قد تطرأ على البيئة الخارجية للأسرة والتي يولد الأطفال في ظلها، سواء اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية... إلخ، مما تؤثر -بلا شك- في شخصية الأطفال والتكوين النفسي لهم، كلٌّ بحسب الظروف التي نشأ فيها.
خلاصة القول -سيدتي- أنك لا بد أن تتفهمي طبيعة المرحلة التي يعيشها ابنك حتى تستطيعي التعامل معه، فرغبته في اللعب ليست جرمًا ارتكبه، بل هي حق من حقوقه ومطلبه الطبيعي.
(عليك بالإطلاع على بعض كتب علم نفس النمو التي تعالج موضوع خصائص وسمات المرحلة العمرية واحتياجاتها وهي متوفرة بالمكتبات).د
أما بالنسبة لموضوع المذاكرة فكل ما عليك أن تدربيه -برفق ولين على وضع جدول محدد تساعدينه في وضعه- على أن ينظم وقته ليس في المذاكرة فقط، بل في كل جوانب الحياة، فاللعب له وقت وكذلك النوم والصلاة والتنزه وممارسة الرياضة والمساعدة بالمنزل وإعطاء الآخرين حقوقهم. وأما بالنسبة لنومه بعد العودة من المدرسة فهذا أمر غير محبذ، إلا إذا كانت الظروف لا تسمح بغير ذلك، فنوم الأطفال ليلاً يمتعهم بصحة أوفر وأفضل.
(هناك عدة موضوعات تناولت الأسلوب الجيد لمساعدة الأبناء في المذاكرة على هذا الموقع أرجو الاطلاع عليها).
وأما بالنسبة لتحفيظ القرآن فيجب أن تم بطريقة غير مملة: كأن يستمع إلى شرائط القرآن قبل نومه - وأن تتنافسوا جميعًا في هذا الأمر (عمل مسابقة بينك أنت ووالده والولدين في الحفظ والتسميع والاجتماع مرة في الأسبوع لإجراء هذه المسابقة ومكافأة المجد الذي حفظ) - ألا يشترط عليه أحيانًا أن يجلس خصيصًا للحفظ أو التسميع، فيمكن أن يحدث هذا في الطريق أثناء الذهاب إلى أحد الأقارب مثلاً - أن تقوم المُحفِّظة معه ببعض الألعاب والأنشطة المصاحبة للحفظ.
(هناك أيضًا العديد من الموضوعات التي تناولت التحفيظ بطريقة محببة للأطفال على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها)
ولكن أؤكد مرة أخرى أنه لن يتم تحسن في سلوكيات ابنك بوجه عام طالما أن العلاقة بينكما ليست على ما يرام، فتحسن هذه العلاقة شرط أساسي في التوجيه والتربية والطاعة والبر، وتحدث هذه العلاقة الجيدة من خلال تحقيق التساؤلات التي بدأت بها رسالتي لك.
وثقي تمامًا سيدتي أنك إذا فعلت هذا سيكف ابنك وبشكل تلقائي عن المضايقات التي وردت في رسالتك، لكن عليك بالصبر فلن يتغير ابنك بسهولة لتعوده على السلوكيات التي تشكين منها.
أما بالنسبة لموضوع الإنجاب مرة أخرى فهذا قرار يرجع إليك ولزوجك شريطة أن تضعا في الحسبان ما يلي:
• أن يتوفر لدى هذا الطفل الجديد السبل والوسائل التي تعين على تربيته بشكل صحيح من قراءة واطلاع ووعي بطبيعة المراحل العمرية التي سيمر بها وحتى لا تتكرر الأخطاء التربوية معه.
• ألا يُبخس حقًّا من حقوقه نتيجة لفارق السن الذي بينكما (أنت ووالده من ناحية وبينه من ناحية أخرى) على سبيل المثال: اللعب والتنزه معه والاهتمام به وتلبية حاجاته النفسية.
• وألا يحدث العكس فيُعطي اهتمامًا وحماية زائدة وتدليلاً.
• ألا يُفرق في المعاملة بينه وبين إخوته باعتباره الصغير (آخر العنقود)
وبعد هذه الاعتبارات لكما أن تقررا الإنجاب أو.. لا.
وأخيرًا.. أدعو لك بالتوفيق في أمرك كله، كما أرجو المتابعة معنا.
ولمزيد من الاستفادة رجاء متابعة الاستشارات التالية:
- المنهج السليم لتحفيظ القرآن الكريم
- التعلم.. لا التعليم.. فن الممكن
- "سوف" والجيل الصاعد
- كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟
ــــــــــــــ(102/262)
حقيقة علاج الاضطراب السلوكي العنوان
ابني -11 سنة- به عصبية منذ أن كان في الصف الأول، وتطورت حالته حتى تم طرده من المدرسة هذا العام؛ لأنه خدش أحد الطلاب بالفرجار في وجهه، وهو دائمًا يقول بأنهم هم الذين يستفزونه دائمًا. غيرت مدرسته، وتم طرده مع نهاية الفصل الأول؛ لأنه كثيرًا ما يشتكي الطلاب منه، وختمها بأن قام بمشهد تمثيلي بأن الجني دخل به فصدقه الطلاب والأساتذة إلا المدير، وبعد تلك الواقعة قال لي ابني بأنه اكتشف بأن الطلاب يحبونه، ولكن المدير قرر طرده مع نهاية الفصل الأول.
وفي الفصل الثاني ذهب إلى مدرسة فقال إنها ممتازة، ولكنني اكتشفت بأنه يكذب عليّ لأن المدرسة اشتكت منه وقررت طرده مع نهاية الفصل الثاني.
ابني صار يكذب للدفاع عن رأيه، صار يسرق بعض الأحيان للانتقام مع إرجاعه الأشياء عندما يرضى ويتأسف، لا يستفيد من تجاربه، فيكرر الأخطاء مرات ومرات.سهل الاستفزاز، فلو قلت له ابتعد عن الباب فمن الممكن أن يعتبر تلك إهانة ويعاند ويعمل مشكلة.
وفي رأيي أن هذا سبب المشكلة في المدرسة، فهو دائمًا يقول بأن الأولاد لا يحبونه، وحتى أمه لا تحبه إذا عارضته. نعم هناك مشاكل مع الأولاد من عمره عندما يلعب معهم، فهم يتصرفون حسب عاداتهم في منزلهم فلا تعجبه تصرفاتهم فتتولد المشاكل. وأكثر ما يلعب مع الأطفال أصغر من سنه وينسجم معهم كثيرًا (أعمار 5 - 8 سنوات). مع العلم بأنه ممتاز في الدراسة وذكي، ولكن قلّ مستواه مؤخرًا؛ لأنه لا يحب المراجعة إلا قبل الامتحان بيوم. هو يأخذ الآن "ريسبردال 2 ملي جم" حبة ليلاً.
أريد مساعدتي لأنني لم أربح من المختصين هنا في بلدنا سوى الكلام للاحتفاظ بالحالة وسحب الأموال. وأرجو توجيهي إلى أي طبيب لو سمحتم لمتابعة الحالة.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الوالد الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة، وبعد.. سوف أبدأ إجابتي من حيث انتهيت من كلمتك عن الكلام وسحب الأموال، وذلك ليس دفاعًا مع أو ضد، وإنما لأوضح لك الأمور على حقيقتها؛ فإن أسوأ ما نتعامل معه عند علاجنا للحالات النفسية بصورة عامة ولمشاكل الأطفال النفسية بصورة خاصة هو ما نسميه "موقف الدفاع النفسي" الذي يتخذه الآباء والذي قد يصل إلى إنكار وجود المشكلة من الأساس أو تقديم المبررات لحدوثها، وذلك من أجل ألا يواجه الأب نفسه بأن ابنه يعاني من مشكلة نفسية تحتاج إلى علاج.
والعلاج النفسي للأطفال بصورة عامة يحتاج إلى وقت طويل ويتطلب صبرًا عليه من الآباء؛ لأنه يقوم في أغلب الأحيان على العلاج السلوكي من خلال برامج تقويم السلوك، وهي برامج من طبيعتها أنها تحتاج إلى تواصل وتتابع ومدى زمني حتى تؤتي ثمارها، فيتصور الآباء أيضًا في مجال الدفاع النفسي ورفض مواجهة المشكلة أن أطفالهم لا يحتاجون هذا الوقت أو هذا الجهد، وأن الأطباء يفعلون ذلك لسحب الأموال والاحتفاظ بالحالة، والأمر عكس ذلك تماما؛ لأن حالات العلاج السلوكي من الحالات الصعبة والتي تتطلب جهدًا مضاعفًا، ولا تؤتي ثمارها بسرعة، وهي أمور لا يفضلها الأطباء كثيرًا في عملهم الخاص، ولكنهم يضطرون للعمل بها كجزء من نشاطهم.
ابنك -كما يتضح من رسالتك- يعاني من حالة اضطراب سلوكي واضح والتي يطلق عليها بالإنجليزية conduct disrder، وهي من الحالات الصعبة في علاجها؛ لأنها كما يبدو من اسمها مرض يعاني صاحبه من اضطراب شديد في سلوكه على مختلف المستويات، ويحتاج إلى إعادة تأهيله سلوكيًّا حتى يستطيع التكيف مع الواقع الذي يعيش فيه، ويتضح هذا التشخيص من فصله المتكرر من المدارس نتيجة سلوكياته واعتدائه على زميله بالفرجار، وكذبه المستمر، والسرقة المتكررة، وعمله المشاكل مع أقرانه عندما يلعب معهم.
ويتضح موقفك الدفاعي من التبريرات التي تقدمها لسلوكياته، حتى إنك تصف ضربه لزميله بالفرجار أنه خدش، وترى أنه يكذب ليدافع عن رأيه، ويضرب زملاءه لأنهم يتعاملون من بيئات اجتماعية مختلفة.
لا بد من تخلصك من هذا الموقف الدفاعي وفهمك الصحيح لحالة طفلك حتى تتعامل مع الواقع.. فهو حالة مرضية تحتاج للعلاج السلوكي، وما يقدمه الأطباء ليس كلامًا، ولكنه برنامج سلوكي لا بد أن تتبع تعليماته، والعلاج الدوائي مجرد عامل مساعد، ولكنه ليس العلاج الحقيقي، وتحسن طفلك منوط بتنفيذك لتوجيهات الأطباء والالتزام بالبرنامج السلوكي، وتعاونك في إنجاح هذا البرنامج.
ــــــــــــــ(102/263)
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟ العنوان
الإخوة الكرام القائمون على قسم الاستشارات التربوية جزاكم الله خيرًا على هذه الخدمة الطيبة، وجعل كل كلمة منكم في ميزان حسناتكم.
المشكلة في مها (10 سنوات) التي ترتيبها الثاني بعد مريم والفرق بينهما عام ونصف، وبعدها ولدان أكبرهما يصغرها بثلاثة أعوام.. هي طيبة وحساسة وعندها كمية حنان كبيرة، تميل لحب الرسم، تحب الأكل مع أن وزنها زيادة عن عمرها، ولكن هناك سلوكيات متناقضة مع طيبتها وحنانها فهي تتشاجر مع إخوتها لأتفه الأسباب وتفتعل المشاكل، وتشعر بالنقص أحيانا مع أن قدراتها جيدة، وأحيانا مع التركيز وتحدي نفسها تقوم بحل بعض ألعاب الذكاء.
وهي لا تحاول القيام بمجهود سواء في مساعدة والدتها أو المذاكرة، وتستسهل كلمة "لا.. معرفش.. مش قادرة.. مش عارفة... إلخ"، فنقوم بتشجيعها معنويا وماديا، أحيانا كثيرة تنجح وقليلا لا، على خلاف دائم مع أختها الكبيرة ربما يصل إلى التقرب للآخرين على حساب أختها، ودائما تحب لفت انتباه الأب أو الأم بأشياء ربما تطغى على حساب إخوتها.
المشكلة تتركز في ضعف مجهودها في المذاكرة، وشعورها بالنقص مع وجود قدرات طيبة لو تركت لنفسها العنان، وعدم الإقبال على البحث أو المحاولة، وتحب أن يقوم غيرها بالاختيار لها أو مساعدتها في الواجبات، وتركيزها في الحفظ أو المذاكرة معدله متوسط، وعند بذلها مجهودا يصل لجيد جدا.
لو كان هناك استفسار أو سؤال يوضح أكثر يمكنكم مراسلتي على البريد الإلكتروني الخاص بي، وأعتذر عن الإطالة، وأسأل الله أن يتقبل منكم.
السؤال
فنون المذاكرة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
الأخ الكريم، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا على دعائك، ونسأله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.. لا تتخيل كم يسعدني أن أجد استشارة من أب، فمع الأسف كثير من الآباء يظنون خطأ أن شئون التربية هي أمور خاصة بالأمهات فقط؛ لذا فأنا أحييك، داعية الله أن يوفقنا للإجابة على استشارتك بما ينفعك وينفع أسرتك، كما أحييك لمعرفتك -إلى حد كبير- قدرات ابنتك ومواهبها وطبيعة شخصيتها.
وعلى الرغم من أنك أوضحت عدة جوانب من حياة "مها" فإنك لم توضح علاقة إخوتها بها، والأهم علاقة أمها بها وأسلوبها في التعامل معها، وعلاقة "مها" نفسها بأمها، وما هي ظروف ولادتها؟ وهل كانت طفلة مرغوبا فيها وفي إنجابها أم لا؟
على كل حال سيكون الرد على الاستشارة بقدر ما أوردته عن ابنتك الحبيبة في رسالتك، وأرجو المتابعة معنا لمزيد من توضيح الأمور السابقة حتى يكون الرد أكثر دقة.
وبناء على ما ورد في رسالتك أقول: إن السلوكيات التي تصدر من ابنتك لا أجد لها إلا تفسيرًا واحدًا أنها تفتقد الشعور والإحساس بالاهتمام والرعاية التي تبتغيها، وقد ولّد هذا مشاعر الغيرة من إخوتها، فبحكم أنها الطفلة الوسطى بين أخت كبيرة أخذت اهتمام الطفل الأول وبين ولد يصغرها بثلاث سنوات أخذ مما لا شك فيه اهتمام الطفل الأصغر، فضلا عن اختلاف الجنس فكانت له فرحة أخرى، ثم أتى الطفل الرابع –حفظهم الله جميعا- لينال لقب آخر العنقود فيضيع عليها أمل أن تحظى بالاهتمام الذي ترجوه.
وأنا أقول: "بالاهتمام الذي ترجوه"؛ لأنه ربما توليها أنت وأمها الاهتمام؛ لكنها لا تشعر به أو تشعر أنها أقل حظًا من إخوتها في هذا الاهتمام؛ لذا نراها تفتعل الشجار مع إخوتها، وتحاول لفت الانتباه إليها، كما تحس بالنقص، وأنها أقل منهم، والدليل عندها أو من وجهة نظرها أنهم يحصلون على الاهتمام أكثر منها فهي بلا شك أدنى منهم وأقل.
وبالتالي تشعر بضعف الثقة في النفس، ولهذا فهي لا تحس بمواهبها، مثل الرسم وغيره من قدرات مهما حاولتما -بالقول- إقناعها بذلك، وهذا يفسر أيضا عدم تحمسها لأن تفعل شيئًا، سواء في المذاكرة أو في مساعدة والدتها أو في البحث عن أشيائها بنفسها أو في غيرها من الأمور، وكل المطلوب منك ومن والدة "مها" حتى تشعر بالثقة بنفسها وحتى تتخلى عن السلوكيات غير المرغوب فيها أن:
1- تلاحظا معا تصرفاتكما مع الأبناء جميعا حتى تتأكدا من عدم التمييز والتفرقة بينهم في المعاملة.
2- التغاضي التام عن سلوكياتها غير المحببة وعدم ذكرها أو التركيز عليها.
3- شجعا وعززا -كما تفعلان الآن- كل عمل إيجابي تقوم به، ومن أساليب التعزيز التي تنجح مع ابنتك الحنون تقبيلها والتربيت عليها وضمها إليك، وذكر مزاياها أمام الآخرين من أهل وأصدقاء، ولنحمد الله أنها تستجيب الاستجابة المطلوبة بالتشجيع كما ذكرت برسالتك.
4- يجب أن تشعر الفتاة بأن تشجيعكما لها ليس بسبب أنكما ستطلبان منها شيئًا (مذاكرة – مساعدة منزلية...)، ولكن اجعلاها تشعر أنها تُعزز وتُشجع لأنها تستحق ذلك وهي جديرة بالاهتمام وبهذه المكانة.
5- اجعل لكل ابن من أبنائك نصيبًا منك ومن أمهم، بمعنى أن يخرج كل منكما للتنزه أو للتسوق مع كل واحد من أبنائكما بمفرده، وأود أن أنبه على أهمية دور الأم في هذه المرحلة بالنسبة للبنتين، حيث تسمى هذه المرحلة بمرحلة "التوحد"، بمعنى أن البنتين تتخذان من الأم مثلا لهما وقدوة تحتذيان بها وتقلدانها في كل تصرفاتها، وكذلك الصبية حين يشبون يتوحدون مع الأب.
ومن هنا كانت أهمية احتضان كل منكما لجنسه من الأولاد، فضلا عن احتوائكما لهم جميعا، ولا تظن أن ذلك يتطلب وقتًا كبيرًا بل يمكن أن يكون هذا اللقاء الفردي أثناء التسوق كما ذكرت، وافعلا ذلك عن طريق الاقتراع، وفي هذا اللقاء تحدث إلى أبنائك ودعهم يتحدثون عما يجيش في صدورهم بشكل تلقائي ودي صافٍ بلا تكلف وبلا استجواب أو استدراج.
6- عند اللقاء الفردي بين الأم وكل ابنة على حدة عليها أن تعزز لديها الإحساس بأنوثتها وتشتري لها الأشياء التي يحبها البنات في مثل هذه السن من حلي وملابس إلى جانب الحوار الودي أيضًا.
7- هذا إلى جانب النزهة الجماعية ولقاء يجمع بينكم جميعا.
8- شجع كل قدرة ومهارة تجدها عند الابنة، خاصة الرسم؛ فاشتر لها أدوات للرسم من ألوان وأوراق وحامل للوحات بحسب استطاعتك المادية.
9- حاولا أن تقوما ببعض الأنشطة مع أولادكما ليجمع بينهم عمل واحد يدركون من خلاله أهمية التعاون والحب الذي يجمع أفراد الأسرة كلهم (ستجد عدة موضوعات تعرضت لهذه الأنشطة على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها).
10- شجعا ابنتكما على تنظيم الوقت وعمل جدول للمذاكرة، ولا بد أن تأخذ فترة راحة بين كل مادة وأخرى لمدة لا تقل عن خمس دقائق ولا تزيد عن عشر دقائق، وفي هذه الفترة العبا معها بالتناوب بينك وبين والدتها -إن سمح وقتك بذلك- وافعلا ذلك مع أبنائكما جميعا، وبعد الانتهاء من المذاكرة لا بد أن يكون هناك وقت مخصص محدد للعب لا يقل عن 20 دقيقة، وسأرفق لكم بنهاية الاستشارة مجموعة من الموضوعات تناولنا فيها طريقة المذاكرة بالتفصيل.
11- بعد أن تشعر الابنة باهتمام حقيقي منكما وتنفذا الخطوات السابقة، ساعداها على أن تقلل من نسبة الأكل، ووضحا لها مساوئ السمنة وأضرارها، وأنها حتما ستكون أجمل كلما تمتعت بالرشاقة.
نجاح الخطوات السابقة يتوقف على: استثمار جيد للصفات التي تتمتع بها "مها" من حنان وطيبة، واهتمامكما بتنمية قدراتها المختلفة، كما يتوقف على صبركما عليها حتى تتعود السلوك المحبب والمرغوب فيه، وأولا وأخيرًا يتوقف على الاستعانة الصادقة بالله تعالى وتوفيقه لكما. وأخيرًا أدعو لك بالتوفيق وإصلاح الحال وأكرر دعوتي بالمتابعة معنا.
ولمزيد من الاستفادة يمكنكم الإطلاع على الاستشارات التالية:
- شهرزاد وألف ليلة وليلة مذاكرة
- سوف والجيل الصاعد
- لكل مولد شذا
- التفتوا لي.. اهتموا بي.. على طريقتي!!
- تعديل السلوك قواعد وفنون
- الثقة بالنفس تعود عبر الاحتواء الهادئ
ــــــــــــــ(102/264)
أنا وأولادي وحماتي.. متاعب العشرة العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أشكركم وأدعو لكم بالتوفيق، وأن يرشدنا الله ويثبتنا وإياكم على طريق الحق أنا أم لثلاثة أطفال، رقية 5 سنوات ومريم سنتان وإبراهيم 4 شهور. العصبية والعناد تتدفق من تصرفات بناتي تدفقًا فيما قبل الـ3 سنوات كانت رقية طفلة سلسة تعاملت معها بالحوار والإقناع، وكان الأمر ناجحًا، ثم تغيرت أنا إلى العصبية بسبب مشاكل طارئة، لكن ضخمة مع أقارب زوجي فتغيرت كثيرًا، الآن أنا أحاول أن أهدأ في تعاملي معها، لكن أشعر أنها تستغل ذلك بالتمادي لعلمها.
إنني أكره الضرب، ولم أستطع إلى الآن إيجاد أسلوب عقاب ناجح معها، فانعدام استقرار جدول أعمالنا اليومي بسبب زيارات أم زوجي {كل عام تزورنا لمدة 4 - 5 شهور ويأتي أبناؤها من كافة أنحاء المملكة لرؤيتها} يجعل من الصعب تحديد نشاط محبب تمنع منه كعقاب أو عمل جوائز للتصرفات الجيدة؛ لأنها تغدق عليهم من الأقارب ولا يهم كمية الإقناع في حديثي فلا أحد يستمع؛ لأن طريقتهم في إظهار الحب والفلسفة الأسرية لديهم أن الأطفال توفر لهم كل الحاجات بإشباع حتى لا يشعروا بالحرمان أو ينظروا لما عند الغير.
مع الوقت أصبحت طريقتي الوحيدة معهما هي الإجبار أو الصراخ وأحيانًا الضرب بغضب. رقية تحب أن تظهر عنادها بصورة تحد، وأحيانًا تضحك من دهشتي أو غضبي، ومريم تتبع أسلوب التجاهل فطالما أنني أحافظ على نبرة الهدوء في مناداتي أو توجيهي فهي لا تسمع، فإذا صرخت فجأة بعد نفاد صبري باسمها فقط، يتضح من سرعتها أنها سمعت كل كلمة قلتها. أحيانًا أنادي اسمها كثيرًا وهي تنظر إلى ولا ترد؛ لأنها تعرف أنها لو ردت سأقول لها {لا تفعلي هذا}.
فالمشكلة الأولى هي العناد، ثم هناك تعاملهم مع الأطفال الآخرين، حيث إنهما كانتا تتسمان بالهدوء والكرم والمسالمة، ثم تحولتا إلى الضرب والعدوانية أحيانًا من الصغيرة فقط والامتناع عن مشاركة ألعابهما مع الضيوف.
أنا أحكي لهما قصصًا قبل النوم بدون انتظام طبعًا وغالبها عن الأنبياء، ولم تواجهني مشاكل الأنانية منذ حكيت عن قارون، لكن عدت الآن أواجهها مع العناد، حيث لا تلتفتان إلى كلامي نهائيًّا في أمر الضيوف والألعاب، منذ البداية نميت فيهما صفة الامتلاك والحقوق فلا تأخذان أشياء الآخرين دون إذن ولا أجبرهما على الإعطاء، بل حببت لهما ذلك فقط؛ لأنني لديّ القناعة أن إحساسهما أن الأشياء ما دامت ملكًا للشخص فهو أحق بالتصرف فيها أو إعطائها للغير لكن دون إجبار سيولد فيهما إحساس الأمان أن لا أحد سيأخذ أشيائي غصبًا ولا ماما حتى.
والآن أنا أواجه مشكلة البخل، ولا أريد كسر قاعدة الإعطاء عن رضا بإجبارهما، وهذا يوقعني في مشاكل مع الضيوف من أهل الزوج والحرج مع الضيوف من الأصدقاء، أما الضرب فقد تعرضتا كثيرًا للضرب من أطفال آخرين، ولم أكن أسمح لهما برد العدوان؛ لأن الأطفال من أهل الزوج وكنت أخشى المشاكل، ثم لما وجدت أن أمهات هؤلاء لا يمنعون أبناءهم ولا يعاقبونهم تركت لبناتي الحرية على ألا يعتدوا هم ورقية هكذا، لكن مريم بدأت تعتدي على الأطفال الآخرين وأحيانًا المسالمين أيضًا، ولا أعرف كيف أتصرف مع هذا الموقف الجديد؟
هذه مشكلة البنات المزدوجة هناك مشكلة خاصة بمريم، وهي إبراهيم فأنا منذ الحمل أحاول تحبيبها في الأخ القادم، تابعت كل التطورات والحركات، وهو في بطني، وهي الآن تحبه جدًّا وتخاف عليه من الأطفال الآخرين، لكن الغيرة أخذت منحى آخر وهو البكاء في كل صغيرة وكبيرة، ولتوضيح الصورة أقول إنها قد تبكي إذا طلبت شيئًا وكان الرد {حاضر ولكن دقيقة لأن يدي متسخة} مثلاً... وهي تتعمد الصوت العالي دائمًا، وفي كل هذه الأشياء أتحدث دائمًا مع زوجي أننا إن لم نهدأ فلن يتغير شيء، لكنه لا يتجاوب بأكثر من الموافقة على كلامي، ثم يعود للصراخ والضرب نحن نحافظ دائمًا على الألفاظ النظيفة، وهو لا يتسامح أبدًا في كلمة نابية أو في نبرة عالية مع شخص كبير، لكن ردود فعله أضخم بكثير من الموقف أحيانًا حتى إنني أخاف معهما أحيانًا، وأخشى أن الخوف لن يساعد إلا في أن يتعلما إخفاء الأخطاء والكذب، وهو ما لم يصلا إليه حتى الآن والحمد لله، فهما يعلمان أن الخطأ لا يهمني إن اعترفتا واعتذرتا، لكن في حالة الكذب بلم أفعل أو لست أنا، ثم تظهر الحقيقة فإن العقاب مضاعف.
الكبيرة تعرف أنني لا أراها دائمًا، لكن الله يراها، وقد أخبرتها عن الجنة والنار عندما سألت، ثم شرحت لها نظام الحسنات والسيئات وأخبرتها عن الملائكة الكاتبين لكن لم أقل لها إنها مرفوع عنها القلم فما رأيكم؟ مع العلم أنني لا أخبرها بأكثر مما تسأل عنه وبأبسط صورة حتى لا أزحمها أو أخيفها فهما يعرفان عن الله وأننا مسلمون، وهناك في العالم كافرون؛ لأنهم لا يعبدون الله، وأن هناك جنة للمطيعين ونارا للعصاة، وأنها إذا أخطأت ثم قالت أستغفر الله فلا تخاف من النار، على أن تحاول عدم إعادة الخطأ، وأنه لا مشكلة في حالة النسيان حتى لا يكون الأمر مرعبًا، وهي تحب القرآن والحشمة؛ لأنني أرتدي الحجاب الكامل؛ لأن الله يحب الحجاب فهو يحفظنا من الأشرار ومثل هذه الأشياء.
وهما فضوليتان وأنا أحب الإجابة على الأسئلة دون توقف وفي غالب أوقاتي، ولكنني أشعر بالتقصير؛ لأنهما ما أن تعتادا على تفرغي لهما وتنتظم الحياة حتى يبدأ موسم الاعتمار، ويعود الضيوف إلى مكة، سواء للإقامة القصيرة أو الطويلة، رقية ستبدأ هذا العام الدراسة في السنة التمهيدية قبل المدرسة، وأنا مع كل هذا أفكر في الدراسة الجامعية بالانتساب، وأخشى أن يزيد هذا الطين بلة، ووالد البنات طيب ويحبنا كثيرًا، لكن ظروف عمله غير المستقرة وطلبات البيت وأهله في السودان تجعله متوترًا، كما أن ثقافته الدينية طيبة، لكن تعامله مع متطلبات العصر من تقنيات أو نظريات تربوية حديثة لا تهمه كثيرًا.
عندما أقرأ له شيئًا من موقعكم يضحك ويقول هذه مثاليات مستحيلة وكلامي عن تربية إبراهيم ليكون من النوابغ ونظرية الذكاء الوجداني وتنمية الذكاء منذ الولادة أو قبلها يكون رده أننا غير قادرين على التحكم في حال التربية العادية، فكيف بكل هذا الكلام الصعب، لكنني أحاول بنفسي عن طريق الألعاب التعليمية والكتب المصورة عن الحيوانات والحشرات والكون والحديث عن ذلك، وربط الله بهذا كله، وأشعر أن تفكير البنات متفتح من الأسئلة التي تواجهني، حتى أن رقية تعرف الآن وهي في هذه السن كيف يتغذى الطفل في بطني، وكيف يخرج، وكيف يأتي الحليب بصورة مبسطة، لكن معلومات صحيحة.
السؤال الذي لم أستطع الإجابة عليه هو كيف جاء إلى بطني، كما أنها تعرف عن دورة الأحياء في الأرض من سماد ونبات وحشرات وحيوان حتى نأكل نحن، وهكذا...، لقد أطلت عليكم لكنني أظن أنني أعطيت صورة أكثر من المطلوب عن بناتي وأسلوبي معهن، وأتمنى أن أجد لديكم نصائح طيبة لعلاج المشكلات التي ذكرتها، والحمد لله أن أبنائي فيما دون ذلك رائعون إبراهيم عمره 4 شهور يتابع الألعاب الملونة ويعرف اتجاه الصوت ويحاول الاعتماد علينا للجلوس هل هذا مبكر أم أجلسه قبل الشهر السادس بدون خوف؟ نحاول التحدث إليه دائمًا، وهو ضحوك ويستجيب بسرعة، لكنه يخاف الصوت العالي، وأحيانًا يبكي إذا بكت أخته بقربه، وقد لاحظت أنه يبكي من الوجوه الجديدة، لكن ليس دائمًا، ولم أستطع معرفة ما يبكيه حقًّا خاصة وأننا زرنا الكثير من الأقارب في الإجازة، وتنقلنا في بيوت وبيئات مختلفة، لكنه لم يكن يخاف، بل كان اجتماعيًّا، ثم بدأ هذا الأمر مع إتمامه الشهر الرابع هل هذا طبيعي حيث إن البنات لم يحدث معهن هذا من قبل؟
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
سيدتي السائلة.. طاهرة أولاً جزاكم الله خيرًا على دعائك وبارك الله فيك، وشكرًا على الاستعانة بنا، وأرجو أن نكون عند حسن الظن.
ثانيًا: دعيني أشكرك أنا بدوري لا على اهتمامك بتربية أبنائك فقط، بل لاطلاعك على أحدث الوسائل في التربية ومتابعة ما هو جديد مفيد لأولادك رغم بعض الظروف الصعبة التي تمرين بها.
والآن تعالي لنستعرض معًا النقاط التي أردت الاستشارة بشأنها:
أولاً: العناد والعصبية من ابنتيك (رقية ومريم): لا بد وأنك تعرفين من خلال قراءاتك واطلاعك أن فترة ما بين سنتين إلى ست سنوات (وربما عند بعض الأطفال من سنة) فترة تتميز بإثبات الذات، وكأن الطفل يحاول أن يقول لوالديه (وخاصة أمه): "أنا شخص منفصل عنكما ولي ذاتي وأنا أعتمد على نفسي"، فنجده يحاول المشي وتناول الأشياء، والارتداء بمفرده ويرفض أن يساعده أحد، بل نراه يبكي أحيانًا؛ لأننا نسهل عليه هذه المهام، ولنا أن نتخيل الآن كيف ندرب أبناءنا على العند دون أن ندري، فإننا حين نحاول المساعدة -بحجة أنهم لا يعرفون أو لحمايتهم مما قد تسببه لهم هذه المجازفة من جروح أو إصابات- نحرمهم هذا الحق، بل نحرمهم حاجة من الحاجات النفسية وهي الحاجة إلى الإنجاز، فضلاً عن الحاجة إلى التقدير، وبذلك يبدأ الأطفال في التشبث بما يرغبون فعله، ونحن كآباء وأمهات نصدم من هذا، فكيف لهذا الكائن الصغير الذي يتعلم مني وأربيه يقف أمامي ويتحداني ولا يسير على ما رسمته له، بل ويرفض أوامري رغم أنها كلها في صالحه ونغفل تمامًا (عن علم أو جهل) خصائص وطبيعة المرحلة التي يمر بها أبناؤنا، وبالتالي نُصِرّ وبشدة على أن ينفذ ما نقول أو ما نطلبه فنقابل عنده بعند مماثل، ثم نتعجب بعد ذلك من أين له مثل هذا الرأس العنيد. ودائمًا أقول الأصل هو عدم وجود مشكلة، ولكن ردود أفعالنا تجاه المواقف المختلفة وتجاه طبيعة المرحلة هي التي تصنع المشكلة، الآن -سيدتي- قد عرفنا كيف نشأت مشكلة العند، ولم يبقَ لنا إلا معرفة كيفية علاجها وكل ما عليك أن:
1. تتجاهلي تمامًا العند الذي يصدر من أبنائك ولا تركزي عليه، ولا تذكري هذه الصفة أمامهم أو أمام أي أحد سواء على سبيل الجد أو المزاح.
2. لا تلقي بالأمر بشكل مباشر وحاد، بمعنى أنه إذا حان موعد النوم مثلاً فلا تقولي لهم "قد حان موعد النوم الآن وعليكما الذهاب إلى فراشكما، ولكن يمكنك القول بطريقة مرحة لطيفة: "بعد تناول العشاء وغسل الأسنان سوف ندخل لننام فلدي اليوم قصة جميلة وشائقة جدًّا"، وبالطبع تقصين عليهم قصة تثيرهم وتمتعهم، وهكذا في كل أمر أو كل طلب تطلبينه فإذا كانتا تلعبان مثلاً وتريدين الانتهاء من اللعب لتناول الطعام أو للخروج، فعليك أن تذهبي لهما في حجرتهما قائلة بصوت مرح: هيا حبيبتي عليكما الفراغ من اللعب في ربع ساعة لكي نعد المائدة سويًّا فقد طهوت لكما طعامًا شهيًّا سيعجبكما"، وتتركيهما وتنصرفي فإذا جئت بعد ربع الساعة ووجدتيهما ما زالتا تلعبان "فقولي بصوت مرح: لقد انتهى الوقت فهيا ساعدا أمكما في جمع اللعب وحتى نُعِدّ الطعام اللذيذ"، قولي الجملة الأخيرة وأنت تحاولين جمع اللعب معهما، ثم يمكنك القول بعد ذلك "سأرى من الذي سيجمع اللعب أسرع وتقومين بعمل مسابقة بينهما، ثم مسابقة للذهاب إلى المطبخ حيث يبدآن في إعداد الطعام، وعندما تذهبان إلى المطبخ، فعززي هذا السلوك بسرعة واحتضني كل واحدة منهما وقبليها؛ ومن هنا ستدرك كل واحدة أنها كلما أطاعتك فهي تحصل على هذه المكافأة المعنوية التي لا تنافسها أي مكافأة أخرى.
3. افعلي ذلك في كل أمر أو طلب تطلبينه ولا تنسي أن تعطيهما فرصة أو فترة زمنية بين إصدارك للأمر وتنفيذه، كما لا تنسي مطلقًا تعزيز كل سلوك إيجابي يقومان به.
4. هذا إلى جانب تجنب الأوامر الكثيرة والنواهي وتجاهل بعض سلوكياتهم الخاطئة، وتظاهري بأنك لم تريها، ويمكن الاطلاع على عدد كبير من الاستشارات التي عالجت موضوع العند على هذه الصفحة لمزيد من الإفادة، وإذا تحسنت العلاقة بينكما فإنك لن تلجئي إلى العقاب إلا في حالات نادرة، ويمكن أن يكون العقاب بأن تظهري لهما غضبك منهما أو أن تتجاهليهما قليلاً (هذا عقاب رادع بالنسبة للأطفال في هذه السن، ويكون له أبلغ الأثر، خاصة عند تحسن العلاقة بينكما، ويمكنك اللجوء إليه في حالة تواجد أم زوجك)، أما في عدم تواجدها فيمكنك منعهما من اللعب ببعض اللعب، وأيضًا بإظهار الغضب منهما، لكن عليك بترشيد استخدام هذا الأسلوب حتى يأتي بالثمرة المرجوة منه.
ثانيًا: مسألة الأنانية والبخل: إن ما ذكرته عن ابنتيك وعدم رغبتهما في مشاركة الأطفال الآخرين في لعبهما، ذكرني بموقف "ستيفن كوفي" صاحب الكتاب الشهير "العادات السبع للناس الأكثر فاعلية" والذي شعر بإحراج كبير حينما رفضت طفلته أن تشارك ضيوفها الأطفال في لعبها يوم عيد ميلادها أمام آبائهم الذين هم الأهل والأصدقاء، واحتار آنذاك كيف يتصرف، ولكنه أيقن فيما بعد أن هذه هي طبيعة الأطفال في مثل هذه السن، ولا يجب أن نجبر أبناءنا على هذه المشاركة، ولكن كل ما علينا أن نقنعهم بالمشاركة فإذا رفضوا فهذا من حقهم كما علمت ابنتيك (بارك الله فيك)، فالطفل في هذه المرحلة "متمركز حول ذاته"، بمعنى أنه يرى ويدرك العالم حوله من خلال نفسه ومن خلال أفكاره الذاتية، وأن كل ما حوله هو ملك خاص به؛ ولذا نجده يحب اقتناء الأشياء ولا يفرط في لعبه، ويرفض رفضًا تامًّا أن يشاركه فيها أحد (وخاصة سن مريم أما سن رقية فهي ترحب باللعب في وسط جماعة محدودة على أن يكون لكل طفل لعبته الخاصة)، ولا داعي إطلاقًا لإحساسك بالحرج من ضيوفك فهذه طبيعة كل الأطفال بما فيهم أطفالهم؛ لذا فإنه من الخطأ بمكان أن نصف البنتين في هذه المرحلة بالأنانية والبخل فهما لا تقصدان هذا المعنى إطلاقًا، بل كما ذكرت لك هي طبيعة المرحلة.
ويمكنك -ولكي تقللي من نسبة الحرج أو الشجار الذي يحدث بين الأطفال عند زيارة الأقارب أو المشاكل التي تحدث بينك وبين أقارب زوجك- أن تعقدي اتفاقًا مع ابنتيك قبل الزيارة بأن تشاركا الآخرين في اللعب، فإذا رفضتا فلا داعي أصلاً أن نخرج هذه اللعب أثناء وجودهم ونختار منها ما يمكن أن تشاركا فيها غيرهما، أو يمكن أن تقومي أنت -في جزء من وقت تواجد الضيوف عندك- بتنظيم بعض اللعب الجماعية التي تعلمهم كيف يلعبان معًا، وبهذا ندربهما شيئا فشيئًا وبطريقة عملية على المشاركة والتعاون في اللعب والاندماج في الجماعة.
ثالثًا: مسألة الشجار:
الشجار أمر طبيعي بين الأطفال دونما سبب واضح، ومن ثَم علينا أن نعالج هذا الأمر بحكمة حتى لا يتفاقم الأمر ويصل إلى البغض والكراهية والغيرة بينهم، فعلينا أن:
1. نضع قواعد للتعامل بين الأبناء (وقد لاحظت أنك بالفعل قد قمت بهذا)، حيث إنك علمت أبنائك أن يكون لكل منهم لعبته الخاصة التي يجب الاستئذان قبل أخذها، ولا بد أن يتعلموا ذلك في كل الممتلكات الخاصة وليس في اللُعَب فقط.
2. أن يحلوا مشكلاتهم معًا قبل أن يأتي أحدهم للشكوى.
3. فإذا وصل الأمر إليك -وهذا لا بد أن يحدث- فلا بد أن تكوني محايدة، ولا تتحيزي لأحد على حساب الآخر، ولا تطلبي أبدًا من الكبير أن يتنازل عن لعبته للصغير بحكم أنه الأكبر ويعي أكثر من الصغير.
4. لا يجب العدوان على أحد طالما أنه لم يعتدِ عليهما.
5. أن أوضح لهما الفرق بين الأصدقاء والأقارب من ناحية والأغراب الذين يعتدون عليهم من ناحية أخرى فمن اعتدى عليهم من أطفال الأقارب والأصدقاء (أو الإخوة من باب أولى) يمكن أن نلتمس لهم العذر ونسامحهم ونعفو عنهم، ولكن العفو له حدود أيضًا مع هؤلاء، وأما الغرباء فلا بد أن آخذ حقي وأقتص منهم دون جور وظلم، وأعلمهم هذا من خلال المواقف وليس من خلال الكلام (هناك استشارة أجابت عنها الأستاذة مي حجازي بكلام رائع في هذا الموضوع يمكن الرجوع إليه وهي بعنوان "شجار الصغار كيف يدار" إلى جانب موضوعات أخرى عالجت أمر الشجار والضرب بين الإخوة والأقران).
6. لا بد أن أعي تمامًا أنه برغم الوضوح معهم في أمر الضرب والشجار والاعتداء ووضع القوانين، أن هذا الشجار لن ينتهي، بل كل ما نريد أن نصل إليه من خلال ما سبق هو كيف يتعايش الأطفال معًا، ويتأقلمون في وسط الجماعة على أسس تربوية سليمة.
رابعًا: نأتي لموضوع الغيرة (غيرة مريم من إبراهيم): ولن أنصحك بأكثر مما تفعلين سيدتي فما تقومين به رائع لعلاج غيرة مريم، بقي فقط أن أقول لك أن معالجتنا للغيرة لا تعني أنها تختفي تمامًا، ولكن تقل وتصل إلى حدها الطبيعي وكل ما عليك مع مريم حين تبكي -ولم تنفذي لها رغبتها في الحال لانشغالك كما ذكرت في رسالتك- أن تذهبي إليها بعد أن تكوني قد نفذت لها طلبها وتكون قد هدأت من بكائها أن تضميها بين ذراعيك وتقبليها، فبهذا الفعل تصل لها رسالة مقتضاها: إنني أهتم بك وأحبك وأن هذا الحب غير قابل للنقصان أو التحويل فلا تخشي على مكانتك عندي.
وأما عن إبراهيم:
أولاً: بالنسبة لمسألة جلوسه وأنك تحاولين مساعدته في هذا الأمر فلا داعي لهذه المساعدة فنمو الأطفال في هذه المرحلة (طالما أنه نمو طبيعي) هو الذي ينبئنا بالوقت المناسب لحركاته.. وهو سيحاول الجلوس بمفرده ومن تلقاء نفسه، وكل ما عليك أن تشجعيه وتعززيه كلما أتى بحركة جديدة.
ثانيًا: لا تقلقي إطلاقًا من انزعاجه من الصوت العالي أو بكائه عند رؤية الغرباء، فهذا كله في إطار النمو الانفعالي الطبيعي لهذه المرحلة، وكل ما عليك حينما يخاف الوجوه الجديدة أن تحمليه وأن تتحدثي معه عن هذه الشخصية قائلة: "إنها فلانة ابنة عم فلان أو جاراتنا فلانة.. وهكذا دون أن تركزي على ردود فعله أو أن تجبريه بعد ذلك (عندما يكبر قليلاً) على أن يصافح الناس أو أن يتحدث معهم، وكون أن البنتين لم تكونا بهذا الخوف وهما في سن إبراهيم، فأذكرك بأن هناك ما يسمى بالفروق الفردية بين الأشخاص كبارًا وصغارًا.
وقبل أن أتركك أود أن أتطرق لبعض الأمور التي وردت في رسالتك رأيت الوقوف عندها قليلاً:
1. رغبتك الشديدة والملحَّة في تربية أبنائك بطريقة تربوية حديثة صحيحة جعلتك أحيانًا تثقلين على زوجك أو تتعاملين معه وكأنك تعلمينه هو أيضًا وتقفين منه موقف المعلم المرشد، وهذا من شأنه أن يحدث فجوة بينكما لا في تربية الأبناء فقط، بل على مستوى العلاقة بينكما، مما يجعله ساخرًا متهكمًا مما تقرئين أو تفعلين؛ لذا فعليك أن تبثي له هذه المعلومات بطريقة تتفق مع أسلوبه وطريقة تفكيره، فلكل إنسان مدخل لإقناعه، وأنت أعلم به منا، وتعرفين كيف تقنعينه بما تؤمنين.
2. تنظيمك للوقت والذي يفسده وجود أم زوجك حوالي أربعة أو خمسة أشهر في السنة لا يجعلك تيئسين من تنظيمه في الشهور الباقية، وهي أطول من شهور تواجدها معكم، بل لا يجعلك تتركين التنظيم حتى في الأوقات التي تصحبكم فيها قدر ما تستطيعين، فإذا أخفقت أحيانًا فأرجو ألا يؤثر عليك نفسيًّا وعصبيًّا، بل ذكّري نفسك دائمًا بأنك تبذلين قصارى جهدك مع أبنائك، وأن الله تعالى لن يحاسبك على ما لا تستطيعين فهو سبحانه "لا يكلف نفسًا إلا وسعها".
3. أشكر لك أنك تحاولين التعامل مع أبنائك بهدوء على قدر استطاعتك وفي ظل ظروفك كما ذكرت برسالتك، وهناك أكثر من موقعً على الإنترنت به تمرينات للاسترخاء تساعدك على الهدوء أكثر وعدم العصبية، ويمكنك البحث عن هذه المواقع عن طريق موقع:
www.google.com
كما أن أهم تدريبات الاسترخاء على الإطلاق هو الخشوع في الصلاة والصلاة في جوف الليل وقراءة القرآن وصلتك بربك بوجه عام، كما أنصحك بالاطلاع على العديد من الموضوعات التي عالجت هذا الأمر على هذه الصفحة يمكنك الرجوع إليها.
4. أما عن التطرق لمسألة الجنة والنار مع أبنائك أرجو أن يكون أكثر الكلام عن الجنة ويكفي ما ذكرته عن النار فيما مضى، واعلمي أن تربيتهم على الصدق لا يكون بالتخويف من العقاب إذا كذبوا، بل بالقدوة الحسنة والقصص والرفق، كما أن هذه المرحلة تتسم بالخيال وعدم المنطقية؛ لذا نجد الأطفال يقصون قصصًا يختلط فيها الخيال بالحقيقة ولا يدخل هذا في إطار الكذب.
5. بالنسبة لرغبتك في الالتحاق بالجامعة فأنت سيدة القرار في هذا الأمر، فإذا شعرت بأن هذا الالتحاق سيخفف كثيرًا من توترك ويشغلك عما يحدثه أهل زوجك من مشكلات، وتكونين فيه أكثر تركيزًا على تنمية مهاراتك وعلى الاهتمام ببيتك وزوجك، فبالطبع أنصحك به، أما إذا كان العكس هو ما سيحدث من زيادة التوتر والعصبية نتيجة لعدم وجود وقت كافٍ لمذاكرتك ومساعدتك لابنتك رقية حينما تلتحق بالمدرسة، ويؤثر على اهتمامك بشئون منزلك، فبالطبع يمكنك تأجيل هذا الحلم قليلاً.
وأخيرًا.. أدعو لك الله بالسداد والحكمة والتوفيق في أمرك كله، كما أرجو أن تتابعي معنا.
ولمزيد من الاستفادة يمكنك الإطلاع على الاستشارات التالية:
- نصائح ذهبية لعلاج العصبية
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
- الغيرة.. عبور المخاوف بمركب الاحتضان
- تجاوز الغيرة.. بسلام
ــــــــــــــ(102/265)
أنا أنثى.. هل بهذا غرابة؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أنا أم لابنة تبلغ من العمر 13 عامًا، لاحظت في الفترة الأخيرة أنها تهتم بمظهرها الخارجي كثيرًا، ويزداد هذا بوجود الجنس الآخر، كما أن علامات الخجل تبدو بادية على وجهها عند الحديث عن أي شاب. وأصبحت متعلقة جدًّا بالإنترنت مما زادها عصبية، وحينما أسألها عما تفعله، تظهر معالم الارتباك على وجهها، مع العلم أن هذه الأمور غير متواجدة في أختيها بل فيها فقط، مع أنني لا أسمح لها بمشاهدة الأمور المنافية للأخلاق، وأستفسر دائمًا عما تعمله.
أرشدوني أرجوكم إلى حل أعالج فيه ابنتي قبل أن تنحرف، وشكرًا.
السؤال
تربوي الموضوع
أ. صفاء فريد اسم الخبير
الحل
الأخت السائلة المحترمة، لا شك أختي الفاضلة أنك سمعت أو قرأت شيئًا عن سن المراهقة، ولا بد أنك تعرفين شيئًا من المظاهر النفسية التي ترافق المراهق.
فما يظهر لك من ملاحظات حول ابنتك طبيعي جدًّا؛ فالمراهقة تبدأ البحث عن ذاتها الأنثوي وتتجه تلقائيًّا للجنس الآخر لتوافق أنوثتها التي وصلت إليها في هذه السن. وأود أن أطلب منك بداية قراءة المعالجات التالية التي تناولت خصائص سن المراهقة التي تمر بها ابنتك الآن؛ فسوف تقرب لك ما سأقدمه لك من نصائح وإرشادات للتعامل مع ابنتك، إن شاء الله.
- أمي.. ارحمي أنوثتي
- الإتفاق على مبدأ مصاحبة الشباب
- أمي.. كلانا عجين أنا والدقيق
وبناء على ذلك أنصحك بما يلي:
1- إياك وعقد المقارنة بين ابنتك "ديمة" وأختيها؛ فلكل وردة من بناتك نسيج من العواطف والمشاعر والأفكار يختلف عن غيره من الأنسجة؛ ولذلك فمن الصعب أن نحكم على ديمة أن تكون مثل أختيها، فنحن نطلب منها المستحيل لكن ما نريده لديمة هو أن تصل تصرفاتها وقناعتاتها إلى بر الأمان كما وصلت أختاها من قبل.
2- اهتمام ديمة بمظهرها طبيعي جدًّا، بل بالعكس سأطلب منك ما لا تتوقعين.. عززي عند ابنتك مظاهر أنوثتها، وأشعريها أنك تهتمين بجمال مظهرها وحسن ترتيبها واعتنائها بنفسها، ولكن وجهي هذا الاهتمام إلى الحدود الشرعية.. كيف؟
على سبيل المثال اشتري لابنتك ملابس جميلة وجذابة، ولكن علميها أن هذه الملابس الجميلة لا نسمح لأحد بمشاهدتها على أجسادنا الجميلة إذا لم يكن من المحارم، وعلميها أن جمال الفتاة لصاحب الحظ السعيد بالحلال وليس لمن أراد أن يتسلى بالنظر إلى جسمك الجميل، ومرة بعد أخرى أشعريها بغيرتك عليها واهتمامك بها، وأوصلي لها الرسائل الإيجابية عن نفسها، مثلاً: "ماما أنت فتاة جميلة ومؤدبة ومحافظة.. أعرف أنك تراعين الله في لبسك ومنظرك وعلاقاتك مع الآخرين".
بالتوازي مع هذا أوجدي الفرص التي تتمتع فيها بمظهرها الأنثوي في حدوده الشرعية وسط زميلاتها في حفلات خاصة بها وبهن تكون فرصة لهذا التمتع، وتكون فرصة للتعرف على زميلاتها وإمكانية التأثير فيهن والتأثير فيها من خلالهن، والتعرف على أمهات هؤلاء البنات والتشاور معهن في صالح بناتكن، وحول هذه الحفلة اصحبيها في رحلة اختيار الفستان الذي سيجعلها أميرة الحفل، وأنت تثنين على جميلتك تلك الحوراء التي تلتزم بشرع الله الذي يعلم احتياجاتنا ويضع القواعد للتعبير عنها حماية وصونًا لنا.
وكلما اقتربت منها زادت ثقتها بك، وتلقائيًّا ستفصح لك عما في نفسها من مشاعر.
3- وماذا بعد أن تفصح لنا بأسرارها؟
إياك من التوبيخ المباشر أو تقليل القيمة أو الإهانة أو الغضب المتسرع.. أرجو أن تشاركيها التفكير والمشاعر، وتذكري أنك في سنها مررت بتجارب عديدة مع الشباب أو غيرك مر بها، واسردي لها ذلك حتى توصلي لها أنك تفهمين طريقة تفكيرها، بل وتشعرين بما تشعر به هي.
4- وماذا بعد أن نشاركها المشاعر والأفكار؟
عليك بفتح قنوات الحوار معها، والحوار لا يعني 5 دقائق ثم ينتهي، بل يعني الحوار المتواصل الهادف البنّاء.. إياك أن تقدمي لها النصائح أثناء الحوار، بل اجعلي النصائح بصيغة الأسئلة التي ستجيب هي عنها، وبالتالي تكون النصيحة قد انطلقت من كلامها هي وليس منك أنت، وإياك وإدراج الأوامر والنواهي، بل توصلي معها عبر الحوار للقناعات مشتركة.. واطلبي منها أن تقنعك بوجهة نظرها فإن أقنعتك وافقت على تصرفها، وإن لم تقنعك -والأغلب ذلك- فلا بد أن تبدأ هي بتغيير قناعاتها، ومن هنا يبدأ الحل، فإن تغيرت قناعاتها كان التغير في السلوك سهلا.
وأتساءل أختي الفاضلة: هل تتركين لها المجال لتصفح الإنترنت دون مراقبة؟ أو السؤال الأكثر وضوحًا: هل تحاسبين ابنتك على خطأ وقع منك أنت؟ فنحن من سمحنا للإنترنت بغزو حياة أبنائنا؛ فكيف نحاسبهم على ذلك؟
حبذا لو جلست مع ابنتك، وأخبرتها عن معلوماتك حول ما يمكن مشاهدته من منطلق حدود الله تعالى التي أمرنا بها ووضع رقابتها في أعناقنا؛ فهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور؛ ولهذا فسوف تتركين لها هي لتحدد الصالح من الطالح، ولن تراقبيها أو حتى تمنعيها؛ فهذا صلة بينها وبين الله، بالإضافة إلى أنك تثقين فيها.
وبالإضافة إلى هذا حدثيها عن طبيعة الإنترنت وكيف تتعامل معه، وستجدين تفاصيل هذه المعرفة في الاستشارتين التاليتين:
- التفاهم والحب في مواجهة الإنترنت
- سورة يوسف وتعلم الإنترنت.. هل من علاقة؟!
أما تعلقها بالإنترنت وعصبيتها فهذا يعني أن هنالك سرًّا في الإنترنت يجعلها هكذا، ولتكن هي من يخبرك بذلك.
وأخيرًا.. استعيني أختي الكريمة بالدعاء إلى الله سبحانه؛ فتربية الأبناء تحتاج إلى توفيق كبير من الله عز وجل، وابتعدي أنت عن معاصي الله لتكون ابنتك في حرز معك من المعاصي، ولا تبخلي على نفسك بالجلوس في الثلث الأخير من الليل بين يدي الله سبحانه، واطلبي منه الهداية والتوفيق للأبناء.
ــــــــــــــ(102/266)
التخوف الاجتماعي مظاهره وعلاجه.. متابعة2 العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..
فأنا صاحبة الاستشارة " "التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه" (متابعة) ". أطرح بعض المشاكل التي يمر بها ابني( 5 سنوات) على شكل نقاط، مع العلم أنني أطبق كل النصائح والإرشادات الموجودة في كل الاستشارات التي تعالج نفس مشاكل ابني.
1 - الحقيقة المشكلة تكمن في أن ابني ما زال خجولاً جدًّا بالرغم من ذهابه إلى الحضانة لمدة 8 أشهر. المعلمة تقول بأنه لا يتكلم مع الأطفال ولا مع المعلمة، وكنت قد شرحت لكم وضعه في الاستشارة السابقة. إذا تكلم فيكون بصوت منخفض جدًّا لدرجة أن المعلمة تضع أذنها على فمه حتى تسمع. ولكن المعلمة تشهد بأن ابني ذكي جدًّا.
2 - فهو حساس جدًّا لدرجة لا يمكن تصورها، فمثلاً عندما يضرب أخته (فهو يغار من أخته بشدة بالرغم من أننا لا نميز أحد عن لآخر) وعمرها سنتان وثلاثة أشهر فأكلمه لماذا فعلت ذلك فهي تحبك، أو مثلاً أنهره على ضربه الشديد لها فسرعان ملامح وجهه تتغير فيبدو وكأنه خائف أو متوتر.
3 - عندما كان عمره سنة وثلاثة أشهر بدأ عنده عادة مص الأصابع في فترات النوم ومشاهدة التلفزيون بالرغم أنني حاولت من الطرق لأجعله يقلع عن العادة دون جدوى. أما الآن فالعادة خفت نوعًا ما، حيث أصبح يمص إصبعه فقط عندما يريد أن ينام بالليل؛ وذلك بسبب تشجيعي بالمكافأة. لكن هناك ما يقلقني وأشعر بأنه غير طبيعي هو عضه للألعاب أو أي شيء يكون في يده حتى مبراة أو ممحاة ألوان يقوم بوضعها في فمه ويعضها. بالرغم من أنني حاولت كثيرًا أن أقنعه بأن هذه لأشياء تحمل جراثيم وأمراضًا، ولكن دون جدوى. فهذه العادة جديدة وهل هذا لأنه يشعر بالقلق والتوتر. فأنا الآن أتبع معه أسلوب التهديد، فمثلاً إذا وضع شيئًا في فمه أقول له سأحضر لك الفلفل الحار.
4 - العناد والفوضى التي لا يمكن تصورها فهو لا يعرف شيئًا اسمه نظام، بمعنى أنه إذا شرب عصيرًا أو أكل حلوى يرمي الكأس والورق في الأرض ولا يأبه بنصائحي ولا توجيهاتي ولا حتى القصص التي أقصها عليه عن الأسس البسيطة في النظام والنظافة. لكن إذا هددته فهو يستجيب لذلك، ولكن لا يمكن أن أتعامل معه في كل شيء بالتهديد. كما أنه لا يريد أن يرتدي السروال لوحده فهو يريدني أن أفعل كل شيء له. هناك شيء آخر الذي أجده غير طبيعي وهو دفعه أو ضربه لناس لا يعرفهم في السوق، وعندما نطلب منه عدم مضايقة الناس فيزداد أكثر سخافة في دفعه للناس.
5 - التأتأة هي مشكلة أخرى التي تتداخل مع المشاكل السابقة ذكرها. بدأت عنده التأتأة عندما كان عمره سنتين وثلاثة أشهر؛ وذلك لأنني قسوت عليه قليلاً في مسألة التدريب على استخدام الحمام دامت هذه التأتأة مدة 6 أشهر، ولكن بصفة متقطعة وبعدها زالت التأتأة لمدة 8 أشهر، وكان يتكلم بطلاقة وفي بعض الأحيان يبدو في كلامه التردد. بعد ذلك تعرض إلى ضرب خفيف في المؤخرة من طرف أبيه فأدى ذلك إلى عودة التأتأة ودامت لمدة 6 أشهر بصفة متقطعة أيضًا، ثم بعد ذلك زالت تماما لمدة شهرين. وبسبب حساسيته الشديدة من أي تأنيب خفيف من أحدنا يؤدي ذلك إلى معاودة التأتأة، وهذا ما حدث الآن منذ 4 أشهر، ولكن ليست بتواصل بمعنى أنه يتتأتأ لمدة 3 أسابيع ثم تزول لمدة أسبوعين، وهكذا...
مع العلم أن خجله ليس مرتبطًا بالتأتأة؛ لأنه كان خجولاً من قبل أن تظهر عنده التأتأة. أفيدوني بالله عليكم والمعذرة إذا كنت قد أطلت عليكم، ولكن موقعكم هذا يمثل لي الأهل في غربتي هذه. أسأل الله تعالى أن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم. وشكرًا.
السؤال
الخوف, الخجل والانطواء الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختنا الكريمة، ومرحبًا بك للمرة الثالثة، ونأمل أن يستمر تواصلنا معك دائمًا إن شاء الله.
ودعينا نبدأ الكلام عن طفلك مباشرة دون مقدمات، وأبدأ الحديث معك من حيث انتهينا في لقائنا السابق "التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه" (متابعة) والذي تركزت فيه نصائحنا حول تنمية ثقة طفلك بذاته وقدراته، ولكن -كما ظهر من رسالتك- فما زال الوضع على ما هو عليه رغم تطبيقك للنصائح.
وقد يكون طبيعيًّا لكثير من الأطفال الصمت والانسحاب عند تعرضهم لمواقف جديدة بالنسبة لهم، وهو ما يجعلهم في حاجة على التشجيع التدريجي ومحاولة بثهم الألفة على ذاك الموقف ليندمجوا بسلاسة مع المحيطين، وهكذا...، فالطفل لا يولد في الغالب خجولاً أو انطوائيًّا وإنما يكتسب تلك الصفة من طريقة معاملتنا معه.
وفي الحقيقة.. لا أخفيك أنني أشك أن محاولاتك لتنمية ثقته بنفسه قد ذهبت هباء منثورًا؛ فلا بد وأن لها أثرًا ما على تطوره وتفاعله مع ما حوله، وأعتقد أن ما عرضناه عليك من مقترحات لم ينل حظه الوافر في التطبيق بدقة ومواظبة ومثابرة، وما يدعم لديّ هذا الظن ذكرك لمسألة (التهديد والفلفل الحار) وغيرها من أساليب في العقاب قد تتعارض مع روح وفحوى ما أوردناه من مقترحات، وإن كان الأمر على خلاف ما أظن، بمعنى لو أن طفلك بالفعل لم يستجب لمحاولاتك المستمرة لتنمية ثقته بنفسه، فاسمحي لي أن ينحو بنا الحديث في اتجاه آخر.
قد ذكرنا في استشارات سابقة أن نسبة الذكاء قد تختلف معدلاتها بين الأطفال بما يؤثر على قدراتهم المختلفة في ممارسة مختلف أنشطة حياتهم، ولا يعني التأخر تخلفًا أو بلاهة أو عتهًا أو غباء، بل يعني تأخرًا فقط في بعض القدرات التي يطلق على مجموعها كلمة (ذكاء)؛ فقد يكون للطفل ذاكرة فولاذية، ولكن لديه تأخرًا في قدرة أخرى تتراجع بنسبة ذكائه النهائية إلى حد معين، مما يحتاج لتنمية مهاراته وتطويرها في الجانب الضعيف منها، مما يرتقي بالطفل ويؤثر عليه إيجابًا، وهذا التأخر في كثير من الحالات يكون خفيًّا على غير المتخصص وبدون إجراء اختبارات الذكاء المتخصصة؛ وكما قلنا فالذكاء هو مجموعة من المهارات قد يتقن الطفل بعضها ولا يتقن الآخر، ولعل سبب اتجاهي لهذا التصور ما يلي:
1 - ضرب طفلك دون مبرر وهو تصرف يفسره -من وجهة نظري- محاولاته لجذب الانتباه؛ لأن قدراته في تكوين الصداقات ضعيفة، ولأن مهاراته لا تساعده على جذب الاهتمام إليه.
2 - صوته الخفيض مع مدرسته مما قد يوحي بخوفه من الإجابة مثلاً أو عدم قدرته عليها أو عدم ثقته في قدرته على ذلك وعلى التفاعل مع المحيطين في مجتمع الحضانة؛ وهذا شيء قد يحدث عادة لأناس يعرف عنهم الجرأة والتي تفارقهم عند امتحان شفوي مثلاً لم يعدوا له جيدًا أو غير ذلك مما يفوق استعداداتهم.
3 - عدم قدرته على ربط أزرار قميصه أو بنطاله مثلاً.
4 - مسألة عض الأشياء والتي توحي بطول المرحلة الفمية لدى طفلك عن معدلها الطبيعي -الذي ينتهي بانتهاء النصف الأول من العام الثاني- وهي مرحلة تحسس العالم بالفم، كما تؤكد مسألة العض على ما يمكن أن نسميه نقصًا في الحث الذاتي أو (Stimulation) على تأدية المهمة المطلوبة منه، بسبب كون المطلوب منه بعيدًا عن قدراته فيلجأ إلى ما يسمى Tactile Stimulation أو الحث باللمس والعض، أي أنه يحاول استجماع قدراته ومهاراته وتركيزه بعض شيء أو عض أطراف أصابعه مثلاً.
إذن فما أذهب إليه هو أن تكون أحد أو بعض مهارات طفلك لا تتناسب مع عمره الزمني مما يعيق تواصله مع المجتمع المحيط به فيسبب له الخجل والانطواء وعدم الثقة وغير ذلك من أعراض، وقد يكون لهذه المهارات ارتباط باللغة والنطق، أو حتى بالجهاز الحركي (كالقفز بمهارة أو بحرفية وطريقة معينة وهو ما يسمى Fine Motor)، أو عدم التواؤم بين الجهاز العضلي والبصري والسمعي بما يسمح بالربط بين المعلومة المسموعة مثلاً والحركة المؤداة، أو بالمهارات الاجتماعية وتكوين العلاقات مع الآخرين، وهكذا...
ولهذا أحتاج منك للإجابة على بعض الأسئلة وإجراءات أخرى سأوضحها لك فيما يلي للوقوف بدقة على أسباب وعلاج مشكلة طفلك:
1- ما هي لغة الحوار في الحضانة؟ وهل هي نفس اللغة التي تستخدم في المنزل؟ وهل هي اللغة الثانية أم الأولى أم الثالثة؟ (مثلاً تكون الأولى العربية والثانية الفرنسية وإنجليزية الحضانة هي الثالثة مثلاً).
2- هل يتقن طفلك تلك اللغة المستخدمة في الحضانة؟ وهل يتعامل بها بسلاسة خارج محيط الحضانة؟
3 - هل يستطيع الطفل فهم هذه اللغة شفويًّا؟ وما هو حد الجملة التي يفهمها به (3 -4 - 5... كلمات)؟ هل يفهم الجملة المركبة من تلك اللغة مثل الجمل المشروطة والمركبة والتي بها أدوات ربط وحروف عطف؟ (إذا فعلت كذا فسوف نخرج، لو لم تفعل كذا فسيحدث كذا... إلخ).
4 - هل التأتأة تظهر في لغة حواره بالمنزل أم بالحضانة؟ وهل حواراته مفهومة للأغراب من خارج الأسرة؟
5 - ما هي ملاحظاتك على مراحل نموه الجسماني والمهاري المختلفة من (جلوس – حبو – ظهور الأسنان – تحكم في الإخراج – نطق بكلمات ثم جمل مفهومة... إلخ)؟
والإجراء المهم جدًّا في تلك الجزئية هو إجراء اختبار ذكاء عند أحد المتخصصين، مع موافاتنا بتفاصيله وليس نتيجته النهائية لتحديد مشكلات الطفل تفصيليًّا، وتحديد الجزء المهاري المنخفض في نتائجه.
وتأكدي أن التأخر وإن بلغ عامين فلا مشكلة إطلاقًا؛ لأنه بالتعامل الصحيح مع الطفل وفقًا لعمره العقلي مع عدم مطالبته بما لا يطيق سيضمن -إن شاء الله- تطور إمكاناته وقدراته لتتواكب مع عمره الزمني؛ ولذلك لا بد أن تواصلي البحث عن مكامن قدرات طفلك ومهاراته ومواطن القوة في شخصيته لدعمها وتعزيزها وتنميتها.
يبقى لنا الحديث عن مسألة مص الأصابع وقضم الأظافر -ناهيك عن التأتأة- وكل ذلك يدل على ضغط عصبي يعانيه الطفل، ولعلَّ أبرز أسبابه مطالبته بما يفوق قدراته وعدم قدرته على التواصل بشكل فعَّال مع المحيطين -وهو ما قد يفسر أيضًا غيرته من أخته؛ لشعوره بقدرتها على ما لا يقدر عليه مثلاً- أو بسبب تأتأته، وهي حلقة مفرغة يحتاج الطفل أن يستريح قليلاً من معاناتها بالسعي وراء تنمية قدراته ومهاراته وإعانته على مواكبة عمره الزمني والتعامل مع الحياة حوله بنجاح.
وسيفيدك مراجعة معالجاتنا السابقة عن مسألة قضم الأظافر:
- قضم الأظافر.. انعكاس للقلق والخوف
- قضم الأظافر.. الأسباب والعلاج
- قضم الأظافر والخجل.. الحل ممكن
- مص الأصابع.. ماذا يعني؟؟
أختي الكريمة.. إن طفلك في حاجة للدعم والتعزيز وتهيئة الجو لتنمية قدراته وحفز ثقته بذاته، وبحاجة للبحث المتأني في حالته وتحديدها بدقة لتطوير قدراته ومهاراته، وقبل أن تنتهي جولتنا إلى لقاء قريب أختم حديثي بقول د. عماد الدين إسماعيل -خبير دولي بمنظمة اليونسكو وعضو اللجنة الاستشارية الفنية للمجلس القومي للطفولة والأمومة- في كتابه (دليل الوالدين إلى تنشئة الطفل): "إن تقدير الطفل لذاته يقع في المركز من حيث تكوين الشخصية، بمعنى أن شعور الفرد بقيمته ومقداره يصبغ كل تعامل له مع العالم المحيط".
أنتظر موافاتك السريعة لنا بنتائج الاختبار على النحو الذي أوردته لك وبإجابات الأسئلة الواردة، وآمل ألا يطول انتظاري للبدء سريعًا في برنامج علاج مناسب للطفل، ونحن معك دائمًا، وشكرًا لك.
وصل الكلام.. طبيعي أم مؤشر لمشكلة؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تتلخص المشكلة في أن ابن أخي -3 سنوات- يواجهه صعوبة في النطق، علما أنه ذكي نبيه ويحب اللعب ويتحدث كثيرًا، إلا أننا تقريبًا لا نفهم منه شيئًا، حيث يصل الكلمات بعضها ببعض أو لا ينطق الحروف بشكل صحيح مثلاً سيارة (سللالة) وهكذا، وهو متحدث أكثر من مستمع وصوته عال جدًّا في الحديث، وعندما نقوم بتعليمه كلمات يرفض أن يعيدها وراءنا.. وقد يعيدها في وقت لاحق بينه وبين نفسه.
ما الحل؟ هل في هذه السن تعتبر مشكلة تتطلب مراجعة طبيب؟ وأي نوع من الأطباء؟ أم نصبر قليلاً عليه؟ لا أعتقد أن السبب الرئيسي وجوده وحيدًا، حيث يتواجد غالبًا في بيت جدته وجده وخالاته وكلهم يحدثونه، فما العمل؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة اسم الخبير
الحل
السلام عليكم، الأخ السائل من أرضنا الحبيبة فلسطين تحياتي ودعواتي الحارة لكم والتي للأسف لا أملك سواها.
أخي الفاضل، هناك مؤشر إيجابي في رسالتك وهو أن الطفل لا يتوقف عن الكلام وهذا طبيعي في مثل عمره، وفي مثل ظروفه؛ حيث إنه محاط -ما شاء الله- بأسرة ممتدة من الجدود والأعمام والأخوال. بارك الله لكم فيه، وجعله من أبناء السعادة في الدارين.. اللهم آمين.
أما بالنسبة لعدم وضوح الكلام فهذا مؤشر يحتاج للاهتمام، حيث إن الطفل بعمر 3 سنوات ينبغي أن يكون تقريبًا كلامه واضحًا بنسبة 70% وليس فقط للعائلة، بل أيضًا للغرباء.
وهنا أنصح بالتأكد من سمع الطفل بعمل فحص سمع، وأيضًا لا بأس من استشارة اختصاصي نطق ولغة -وأنصح بذلك الآن حتى مع كون سن الطفل صغيرة نسبيًّا- وذلك للتأكد من فعالية أعضاء النطق ومستواه الاستيعابي (اللغة الاستيعابية) وغير ذلك؛ حيث يستطيع الاختصاصي فقط تحديد كون مستوى الطفل النطقي واللغوي طبيعيا أم متأخرًا، وإذا ما كان هذا التأخر هو مؤشر لمشكلة أخرى مثل المشاكل السمعية أو صعوبات تعلم في المستقبل، وأرجو أن تطلعنا على التطورات.
هل نحرض أطفالنا على الضرب؟! العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أنا لدي بنتان: "نور" عمرها سنتان وسبعة شهور، و"سجا" سنة وستة شهور، وأنا حامل بالشهر التاسع تقريبًا.
أولاً: أريد أن أعرف كيفية التعامل بين أطفالي بدون تمييز ودون أن يشعروا بالغيرة، خصوصًا أن ابنتي الكبيرة (نور) بدأت تتصرف كالأطفال "البيبي"، مثلاً لا تنطق الكلام بصورة صحيحة أو تبكي بصورة مفتعلة كالبيبي، وهي حنونة جدًّا على أختها الصغيرة، ولكنها بدأت بضربها أو دفعها ثم تعود وتقبلها وترضيها.
أنا أشعر بأنني مقصرة جدًّا تجاه أطفالي، فأنا أعمل خارج المنزل، خصوصًا أنني حامل، وأعود متعبة جدًّا وبالكاد أتحدث معهم.
ثانيًا: أريد أن تدلوني على طريقة التعامل مع الطفل في ظل وجود أطفال الأقارب، مثل التجمع في بيت الجد ووجود ابن الخال وبنت الخال... إلخ.
فأنا أواجه مشكلة، فعندما تأتي ابنتي تبكي من ابن خالتها، فأنا أقول لها بألا تبكي وأحاول التوفيق بينهما إذا كانا يتشاجران على لعبة، ولكن ابن خالتها لا يرضى أن يلعب معها، وأحيانًا يضرب الأطفال بعضهم بعضًا.
والمشكلة في أن الأقارب لا يرضون إلا أن يضرب الطفل الآخر، أما أنا فأحاول أن أجعل ابنتي في الحل السلمي وعدم ضرب الآخرين، ولكن عندما يقومون بضربها فتتوجه إليّ كأمها أو إلى والدها لحمايتها وللمدافعة عنها كما يفعل الآخرون، وأنا شعرت بخيبة أملها أكثر من مرة، وهو ما أدى أيضًا إلى خوفها من اللعب مع الآخرين، فما هو الحل؟ ولا تقولوا لي بأن نتفاهم نحن الآباء؛ لأنني حاولت، ولكنهم أصلاً يحرضون أطفالهم على الضرب.. أتمنى أن أكون قد شرحت الموضوع جيدًا، وبانتظار الرد، ولكم جزيل الشكر.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
في كلمة بسيطة مختصرة بالنسبة لتجنب حدوث الغيرة بين الأطفال نقول دائمًا العدل بين الأبناء؛ فالغيرة بين الأطفال تحدث عندما يشعرون أن الآباء يميزون أحدهم على الآخر، وأخطر رسالة تصل للأطفال في هذا الصدد هي المقارنة، فحين نقارن بينهم نزرع العداء بينهم وتكون الغيرة هي البداية.
أما النهاية ربما في ردهات المحاكم بين إخوان وأخوات قارن بينهم الآباء في صغرهم، متصورين بذلك أنهم يحفزونهم من أجل الأفضل، وهم لا يدركون أن لكل طفل صفات وشخصيته التي يجب ألا تقارن بأخيه أو بأي طفل آخر؛ لأنه ليس شرطًا أن تكون كل الصفات في طفل واحد؛ فكل طفل له مميزاته وعيوبه.. مميزاته التي ننميها، وعيوبه التي نقبلها ونحاول تقويمها، ولكن ليس بمقارنته بالآخرين بأي حال من الأحوال.
النقطة الثانية هي وجود القواعد الثابتة للمحاسبة والعقاب؛ فالقاعدة التربوية تطبق على الجميع في كل الأوقات دون استثناء عندما يشعر الأطفال بوجود هذه القواعد بهذه الصفات التي ذكرناها يشعرون بالعدل؛ فالقانون لا يفرق بين كبير وصغير أو ولد أو بنت ولا يرتبط بالحالة النفسية للأب والأم، فالآن يرفضون ما يقبلونه بعد قليل، والآن يعاقبون على ما يتجاوزون عنه بعد قليل، وفي كل الأحوال يشعر أحدهم أنه مغبون؛ لأنه ربما تصادف أن كان القانون يطبق دائمًا عليه؛ لأن الآخرين يستطيعون أن يطلبوا طلباتهم، حيث تكون الحالة النفسية للآباء جيدة فلا يطبق عليهم القانون.
وأيضًا من الأمور التي تشعر الأطفال بالمساواة هو ألا نتدخل بينهم في المشاجرات فنضطر لأن ننحاز لأحدهم على حساب الآخر، وهم يمارسون معنا لعبة الجاني والمجني عليه، ويريدون أن يضمونا لنلعب لعبة الحكم، ثم يلعبون دور الضحية لهذا الحكم الذي أصدرناه، وتتحول اللعبة إلى الظالم والمظلوم؛ ليتكرس الأمر وتتحول اللعبة إلى غيرة لا أصل لها.
فلتكن القاعدة إذا أردتم اللعب فلا تشكو وإذا شكوتم فالعقاب سيعم الجميع؛ لأنه من يشكو لا يلعب فلتتوقف اللعبة وهذا أفضل عقاب؛ لأنكم لم تلتزموا بأصول اللعب، وهكذا أيضًا في الحفز والتشجيع.. لنبحث لكل طفل على ما يستحق عليه التشجيع والحفز ولا نؤثر المتفوق دراسيًّا مثلاً، ونترك المتفوق في الرياضة أو في مساعدة الأم في المنزل أو غيرها من مجالات السبق والتفوق.
ونرجو أن تراجعي إجابتنا المعنونة على الصفحة: (اعدل بين أطفالك واحمهم من نقد الغرباء )
بالنسبة لمسألة كيفية التعامل مع الطفل في وجود أطفال الأقارب فهناك قواعد أساسية تربوية يربَّى عليها الأبناء تكون هي البداية لأي تعامل مع هذا الأمر؛ فاحترام القواعد والقانون والعودة للكبير للاحتكام وعودة الأمور إلى نصابها أمر لا تنازل عنه، بمعنى أن هؤلاء الذين يحرضون أطفالهم على ضرب من يضربهم لا يدركون أنهم إنما يضعون لأطفالهم قاعدة على خرق القانون وعدم احترامه واستخدام منطق القوة والغاب في حل مشاكلهم وخلافاتهم.
إن الأمر ليس ببساطة أن يضرب طفل طفلاً مثله، ولكن في منطق الأمور وترتيبها في ذهن الطفل وما ينشأ عليه.. إن القاعدة أول ما تنقلب تنقلب على هؤلاء الآباء؛ لأن القاعدة أول ما يستخدمها الطفل يستخدمها ضد أبويه، فبمجرد أن يشتد ساعد الطفل ويكون قادرًا على الرد فإنه أول ما يرد على من يضربه أو يعاقبه، ويكون الرد على أبويه، ويقول له الأب عندها لماذا لا تحترم القوانين لماذا لا تحترم الكبير، فيكون رد الطفل لقد علمتني ألا أنتظر الكبير أو القانون من أجل أن يحصل لي على حقي، وأن أحصل على ما أتصور أنه حقي بنفسي، وهكذا في المدرسة، وهكذا في الشارع لتكون النتيجة أن تعم الفوضى.
ليس الأمر أمر سلم أو حرب، ولكن تربية سوية على مبادئ سوية؛ لذا فيجب أن يظل كلامنا لأطفالنا أنه من ضربك فلتأتِ حتى تشكو وعندها نتفق مع الكبار على أننا جميعًا نشترك في وضع القاعدة في التعامل مع الأطفال أثناء لعبهم: ألا ضرب أثناء اللعب، وأن من يلعب لا يشكو، وأن الحل إذا زادت الشكوى أن يتوقف اللعب ويكون الحل جماعيًّا وليس فرديًّا يستخدم كل فرد قوته في عقاب من ضرب ابنه أو في تحريض ابنه على ضرب الآخرين.
إذا لم يستجب الكبار فهذا أيضًا لا يجعلنا نتجاوز القاعدة أو نكسرها إنما نستدعي الطفل الذي ضرب طفلنا ونتحدث معه بهدوء، وندعوه إلى أن يأتي ويشكو إن كان رده أنه الذي ضربه أولاً، ونبين لهم أنهم يجب أن يلعبوا ولا ننحاز لأحد، ونعلن أنهم إخوة يجب أن يلعبوا معًا، فيشعر طفلك أنك اتخذت موقفًا إيجابيًّا، ويفهم أن التفاهم والحوار هو حل لمشاكله، ويظل يحترم القانون والقواعد حتى ولو خرقها الآخرون.
ــــــــــــــ(102/267)
الفطام بداية الاستقلال لا الهجر العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو ألا تملوا مني ومن مشكلاتي التي لا تنتهي، سأبدأ اليوم سلسلة جديدة من الاستشارات بخصوص أولاد أختي، واليوم سأستشيركم بخصوص ابن أختي الصغير "عمر" وهو سنه 3 سنوات و9 أشهر.
المشكلة هي أنه قد تم فطامه بطريقة قاسية، حيث حرمته أمه من نفسها تمامًا عندما كان له من العمر سنة ونصف، وذلك بإبعاده عنها فجأة ولمدة أسبوع ليتم فطامه، ولكن الطفل من يومها وقد ازداد تعلقه بأمه، وخصوصًا بصدرها، ولا يستطيع حتى الآن أن ينام إلا ويده على صدرها.. مسكين هذا الصغير.
وسؤالي هو: كيف يمكن أن نخلّصه من الآثار النفسية السيئة التي أعقبت فطامه بهذه الطريقة؟ وكيف يمكننا أن نفصله عن أمه التي لا يستطيع الابتعاد عنها أبدًا؟
مع العلم أنه ومنذ حوالي أسبوع ينام عندنا هو وإخوته ولكن بشكل متقطع، ولكن في مرة بقي عندنا وحده بدون إخوته.. لم يبكِ إلا قبل النوم، بل أخذ يشيح بوجهه عني إلى الطرف الآخر (كنت أنا من يجعله ينام)، وكأنه يهرب من عدم رؤيته لأمه بجانبه، مع العلم أنه في الأيام التي قبلها، أي عندما كان إخوته ينامون عندنا معه كان يحضنني وينام، بل لا يستطيع أن ينام قبل أن يحضنني قليلاً، فماذا يمكنني أن أفعل مع هذا الطفل؟ وجزاكم الله كل خير.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول أ. دعاء ممدوح: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، ومرحبًا بك وبأسئلتك واستشاراتك التي لا ولن نمل من التعاون معك في حلها إن شاء الله، بل سنسعد بذلك.
بالطبع لقد كانت مشكلة عمر -ابن أختك- في سؤالك غير واضحة، فلماذا تريدون فصل الطفل عن أمه التي لا يستطيع الابتعاد عنها؟! ولماذا تريدون تعويده على النوم بعيدًا عن البيت الذي تنام فيه الأم؟ ولماذا تريدون تدريبه على الانفصال أيضًا عن أخوته؟؟
واسمحي لي أن أسأل سؤالاً كان يجب أن يكون في بداية هذه الأسئلة وهو من أنتم الذين تريدون فصله عن أمه؟
علامات استفهام عديدة قد يكون الإجابة عليها هو حل المشكلة برمتها؛ فالطفل من حقه أن ينام في بيته ومع إخوته، وأن ينعم بحضن أمه حتى يستغرق في النوم -إن كان يمتعه ويطمئنه ذلك- والغرابة ليست فيه، بل الغرابة في تلك الرغبة الغريبة لاقتلاعه من جذوره من أرض نبت فيها وترعرع وسط شجيراتها!!!
كما أن كون علاقة والدي الطفل مضطربة أمر ينفي الغرابة عن شعور الطفل بالوحشة بعيدًا عن أسرته التي يتهدد أمانه بالفقد في كل لحظة بما يراه من اضطرابها أو البعد عنها؛ فيتمسك كل لحظة بالبقاء بين أركانها آمنًا؛ فالجو العائلي العام المشحون بالمشاجرات والتهديدات والاعتداء بالألفاظ والأيدي -أحيانًا- يمكن أن يزعزع أمن الطفل ويملأه بالمخاوف والقلق.
وبالتالي فالأمر يحتاج إلى وقفة من الوالدين ذوي الأبناء الثلاثة للنظر في أولوياتهما ومسئولياتهما تجاه هؤلاء الزهور الثلاث المسكينة لحل كل مشكلاتهم بجو أسري مستقر، ولعل فيما يلي ما يكفي للتأكيد على أهمية وضرورة تلك الخطوة وسبل التصحيح للوضع القائم:
- الاضطراب الأسري مرتع المشاكل
- الأسرة المترابطة.. تلجم الألسن الطائشة
وإن كان ما تقصدين تدريب الطفل على الاستقلالية بالانفصال عن أمه؛ فالواضح من سؤالك أن الطفل لم يمانع في هذا الانفصال بدليل أنه كان يجد في دفء حضنك وجمع إخوته بجواره بديلاً عن الأمان الذي يشعر به في جوار أمه، واستشعر مع هذا البديل بأمان كاف لنوم هانئ مستقر لا أدري سبب إصراركم على حرمانه منه.
وأخيرًا أيتها الخالة الحنون، أدعوك لحثّ أختك وزوجها على محاولة إصلاح أحوالهما ولو بالاستعانة بأطراف خارجية، مثل: مشاكل وحلول الشباب
وأخص أختك الحبيبة بتلك الوصايا القيمة في استشارة: شبح الجفاء.. هل يمتد إلى الأحفاد؟
علها تجد فيها سبيلاً لحل مشاكلها الزوجية، وأخيرًا أشكر لك اهتمامك وتعاونك المشكور مع أختك في الاهتمام بأبنائها وتنشئتهم بشكل سليم.
ولكي تكتمل لك الصورة فقد أحببنا -فريق الاستشارات التربوية- أن نعرض سؤالك على دكتورة إيمان محمد السيد لكي لا يفوت من تحليل مفرداته شيء؛ فوجدنا منها ما دعم وجهة النظر السابقة؛ إذ أكدت أن انفصال الطفل عن أمه ممنوع في سنه تلك إلا بشكل تدريجي، وبغرض التدريب على الاستقلالية ولوقت محدود مع إيجاد بديل آمن للأم توفر للطفل الرعاية والأمان والحب والعاطفة التي يحتاجها باستمرار، كما ورد في استشارة سابقة بعنوان: أعراض متنوعة لقلق الانفصال
وعمر -بحسب د. إيمان- في حاجة لقصة جميلة قبل النوم مع إضاءة خافتة ولعبة ناعمة تملأ حضنه بعد أن تفارقه الأم إلى مخدعها وبسمة حانية ينام عليها؛ ليتدرب تدريجيًّا على الانفصال في أوقات النوم بشكل غير مزعج له.
أما فصل الطفل عن أمه -بشكل تعسفي- لنعلمه الانفصال فهو حل خاطئ بكل تأكيد؛ فالانفصال والاستقلالية يتعلمهما الطفل بشكل تلقائي مع اتساع عالمه ودائرة المتعاملين معه وتعدد وتنوع أنشطته، وقبل ذلك كله ثقته بنفسه وبأسرته وبأمانه في رحابها، وفي ذلك حل لكل مشكلاته ومحو لكل الآثار السلبية -لأي تصرف خاطئ معه- من نفسه النقية البيضاء.
وينتهي كلام دكتورة إيمان، ويبقى أن نؤكد لك أختنا الغالية أن مفتاح الحل لأكثر اضطرابات الأطفال ومشكلاتهم والوصول لما يرضيهم ويطمئنهم لضمان قوة شخصياتهم وسلامتهم النفسية هو ترضيتهم وتأمين مخاوفهم، كما أوصانا النبي في حديثه الشريف صلى الله عليه وسلم: "من ترضّى صبيًّا صغيرًا من نسله حتى يرضى أرضاه الله يوم القيامة حتى يرضى" [رواه ابن عساكر في الجامع الكبير].(قلت هو منكر جدا لا يحتج به اهـ علي)
ــــــــــــــ(102/268)
إدمان التحاميل..لعبة تحت الرقابة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قد لا تكون مشكلتي كبيرة، ولكنني أخشى من تطورها؛ لذلك لجأت إليكم بعد الله لإيجاد حل مبكر لها. ابني -ثلاث سنوات ونصف- طفلي الوحيد، مغرم بلعبة الطبيب، وكثيرًا ما يلعبها معي ومع الأطفال في سنه، وإلى هنا ليست هناك مشكلة. بدأت المشكلة -بحسب تصوري- حين نقلته إلى الإسعاف لألم شديد في أذنه، فوضع له الطبيب "تحميلة" لتخفيف الألم (وهي اللبوسات الطبية التي توضع في فتحة الشرج)، ومن ذلك الوقت أصبح يدخل التحميلة في لعبة الطبيب التي يلعبها ويدعي دائمًا أن حرارته عالية، ويطلب مني أن أضع له تحميلة، وذات مرة كان يلعب مع الجيران قال لي: ماما أبناء الجيران لعبوا معاي تحميلة!! صعقت لذلك، ولكني تمالكت أعصابي وقلت له: إن هذه من خصوصيات الطبيب، ومن العيب أن تلعب في البيت. ونصحته ألا يسمح لأحد أن يفعل له ذلك مرة أخرى.. وأخبرت جارتي (أم الأولاد) أن تراقبهم أثناء لعبهم في بيتها كي لا يتطور الأمر (بالمناسبة ابن الجيران مدمن تحاميل؛ لأنه لا يشرب الدواء وكثيرًا ما يصنع حركة إدخال التحميلة بشكل لعبة.. هذا ما قالته لي والدته حين أخبرتها بالموضوع)، وكنت بدوري أراقب لعبه مع أصحابه الذين يأتون إلى البيت، وللأسف فقد لاحظت أنه يكرر تلك اللعبة معهم حتى مع البنات، ونبهته عدة مرات حتى وصلت آخرها إلى التهديد.
إنني أدرك أنه سن اكتشاف بالنسبة له لا أكثر، وأنه لا يفكر فيما نفكر فيه نحن الكبار. كما أعلمكم أنه يلعبها ببراءة وبدون نزع الملابس الداخلية، ولكنني أخشى أن يتطور الأمر إلى أكثر من "تحميلة"، وأخاف أن يكون تركيزي على الموضوع يدفعه أكثر إلى فعله وفي الخفاء خوفًا مني، مما يقطع الصراحة بيني وبينه، فهو الآن يعترف حين أساله هل لعبها مع أحد أو لا.. لقد أصبحت أكره أن يأتي أحد للعب معه أو يذهب إلى أحد خوفًا من تكرار اللعبة.. بم تنصحونني؟ السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
أختي الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكرا لك لوعيك التربوي العالي الذي صار الحاكم لك والذي تلمسته بكل أرجاء سؤالك، ولن أذكر أمثلة ولن أعلق أكثر من ذلك، فكل متابع لصفحتنا ولبعض أمثلة النتائج السيئة التي تنتج عن استسلام الأهل لمواقف "الصدمة أو الصعقة" كالتي أشرت إليها.. ألمحهم وأنا معهم يقولون لك: "بارك الله فيك".
أختي: إن لك كل الحق في تخوفك الشديد على طفلك؛ فهناك عدة عوامل تسببت في ظهور تلك المشكلة عند طفلك وتكرارها، ومنها:
1- يمر الطفل في عامه الثاني بعد انتهاء المرحلة الفمية -وهي المرحلة التي يتحسس فيها الطفل العالم ويكتشفه بفمه- بمرحلة تسمى Anal phase أوGenital phase ، وهي مرحلة يبدأ وعي الطفل فيها بمخارج جسمه وإحساسه بها في الزيادة، ويبدأ فضوله لاستكشافها في الازدياد، ويحاول اختبار هذه المخارج (الفم- المخرج الشرجي- مخرج البول)، ويحاول تحسسها واختبارها، ومن ثَم فمرحلة التدريب على الإخراج يجب ألا تبدأ قبل هذه المرحلة ليكون إحساس الطفل بهذه الأجزاء من جسمه عاليًا، ومن ثَم -أيضا- فعملية إعطائه "التحميلة" وعلاجه بها لفتت نظره إلى إحساس مختلف لهذا الاستخدام يحب تجريبه ومحاكاته واستكشافه، مما يتسبب في كثرة مثل تلك الممارسات والألعاب في هذه السن.
2- كما أن احتكاك الطفل بابن الجيران (مدمن التحاميل) وإقبالهما على هذه اللعبة معًا وتكرارها جعلها عادة لديهما دعمتها المحاكاة وتشجيع كل منهما للآخر على ممارستها.
3- يمر الطفل في تلك السن أيضًا بمرحلة تحديد الهوية الجنسية Gender Identity ، وهي مرحلة تزداد فيها ممارسات الأطفال الاستكشافية ذات الصبغة الجنسية وكثرة ممارسة ما يسمى Sexual games، وهو ما فصلناه في استشارة: نمو الأطفال الجنسي.. كيف نتعامل معه؟
إذن ساهم ما سبق في تكرار مثل هذا السلوك، والآن يجب فعل التالي:
1- لا بد من إفهام الطفل أن "التحميلة" هي دواء كالحقن والشراب، وكلها أشياء لا نستخدمها إلا عند المرض، ولا يصلح أن نتناولها في حالة السلامة لكيلا نمرض أو نؤذي أنفسنا.
2- لا بد أن يفهم أن هذه المنطقة من جسمه هي منطقة يسهل أن ينتقل منها وإليها أنواع مؤلمة من الأمراض، ويمكن إيذاءها بكل سهولة وهي مؤلمة جدًّا إن أصابها مكروه (كالإمساك مثلاً أو الحكة والهرش)، وبالتالي فمن قواعد النظافة ألا يتم التعامل مع هذه الأماكن إلا في أضيق الحدود مع التزام قواعد النظافة الدقيقة من غسل لليدين وتعقيمهما، وهي أجزاء لا يصح أن يلمسها أو يراها أحد سوى صاحبها، فهي خاصة به أو الطبيب في حالة المرض وفي حضور "ماما أو بابا"، مع ضرورة أن يتعلم خصوصية المخارج والمداخل لجسمه، فالفم يمكن أن يراه الناس ويمكن أن تضع فيه ماما الأكل لإطعام ابنها وكذلك الدواء، أما غير ذلك فلا يصح لماما نفسها أن تراه أو تلمسه عندما يكبر طفلها ويصبح قادرًا على العناية بنظافة نفسه مثل بابا.
3- الطبيب فقط هو الذي يعطي العقاقير من نوع "التحميلة"، أو ماما إذا طلب منها الطبيب أن تقوم هي بهذا الدور في حالة غيابه، وغير ذلك يسبب الأمراض والآلام فيما بعد.
4- يجب التنبيه على الطفل أنه إذا لعب لعبة الطبيب فلا مانع من اللعب فيما يخص الرقبة- الساقين- الذراعين- اليدين فقط، ومن فوق الملابس كي لا تحدث مشكلات وتصاب ببرد أو تنتقل لك العدوى.
5- لا بد من مراقبة الطفل أثناء لعبه لمتابعة مدى استجابته للتوجيهات من جهة وللفت انتباهه عن هذه الممارسات، إن حدثت. فمثلاً إن رأيته يقبل على تلك الألعاب فاندمجي فورًا معه ومع مجموعة الأولاد اللاعبين معه -مع ضرورة إبعاده تمامًا عن ابن الجيران مدمن التحاميل- لتلعبي معهم بنفسك لعبة مسلية من اقتراحك دون لفت أنظارهم إلى مراقبتك أو تعمد تدخلك، ودون أي نهر أو إيقاف مباشر لتلك اللعبة إلا بهذه الطريقة، فالعبي معهم لعبة الفواكه أو صناعة زينة للحجرة أو قص ولصق لوحة أو أي لعبة ممتعة، ولا بد من استمرارية المنع مع مراقبة الطفل باستمرار منفردًا ومع الأطفال.
6- لا بد من إشغال فراغ الطفل قدر المستطاع وتوفير أنواع متنوعة من الأنشطة والهوايات والرياضات لتنمية قدراته ومهاراته وذكائه.
7- يفضل تجنب استخدام هذا النوع من العقاقير -والبدائل كثيرة- في تلك الفترة حتى ينسى الأمر، بل إن استخدام الحقن يُعَدّ أفضل -إن أصاب الطفل مكروه لا قدر الله- حتى ينسى تمامًا هذه الذكرى.
أختي الكريمة: أرجو أن أتلقى ردك سريعًا عن نتائج تطبيقك لتلك النصائح والمزيد من أخبار طفلك وأسرتك التي أتمنى أن تكون دائمًا مبهجة، أسعد الله أيامك بأسرتك وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/269)
متاعب المراهقة أم بداية انحراف؟ العنوان
أخي عمره 15 عامًا.. لاحظت عليه أنه يفضل مصاحبة البنات والتحدث معهن أكثر من الأولاد، حتى عندما كان عمره 7 سنوات كنت أجد الشيء نفسه.
مع العلم أن أحد الإخوة الذكور وهو الكبير يعيش في بلد آخر للدراسة، والأخ الآخر يكبر عبد الله بـ5 سنوات، وهو مشكلجي كبير (مسبب للمشاكل)، وعندما كان عمر عبد الله 6 سنوات قام هذا الأخ بربط رجله في رجل التخت.
وعبد الله لا يحب ألعاب الأولاد الذكور ولا حتى ألعاب الكمبيوتر، وهو يفضل مشاهدة التلفاز، وفي المدرسة يجلس وحده في الصف أثناء الفسحة.
أريد أن أساعد عبد الله لأني أخشى عليه في المستقبل، وأريده أن يعيش مراهقة طبيعية مثل باقي الأولاد الذين كنت أراهم في صفي في المدرسة، مع العلم أنه لا يحب ويرفض ركوب التاكسي إلا نادرًا، مع أن جميع الأولاد حتى من هم في سن 10 سنوات يركبونه وحدهم.
وتقوم أمي دائمًا بمقارنة عبد الله مع باقي الأولاد، وهي تظن أن هذا سيساعده، أما أنا فأجد أن هذا مضر.. ماذا يمكني أن أفعل له؟ وبصراحة قالت لي إحدى معلماته بأن هذا بداية لانحراف جنسي.. أنا خائفة عليه ساعدوني، وشكرًا لكم، وأعتذر للإطالة.
السؤال
عالم المراهقة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكر لك اهتمامك بأخيك وملاحظتك الدقيقة له، ولكنك لم تقدمي لنا التفاصيل الكافية التي تعيننا على الإجابة على سؤالك الخاص بسلوك أخيك عبد الله، وهل هو سلوك عادي أم بداية لانحراف جنسي كما توقعت إحدى معلماته.
إنك ذكرت عبارة مهمة في رسالتك ولكنك لم توضحيها أو تفصلي فيها؛ ولذا فإننا سنطرح عليك عدة أسئلة لمساعدتنا من أجل تحديد الأمر وتقريره:
1- تقولين بأن عبد الله لا يحب ألعاب الأولاد الذكور، فهل يعني ذلك أنه يلعب بألعاب الإناث، أي يلعب بالعرائس والفساتين وأدوات لعب الإناث من أدوات المطبخ ويرفض اللعب بألعاب الأولاد من مسدسات أو طائرات أو عساكر، أم أنه بصورة عامة يرفض اللعب بكل صوره ويفضل التلفاز؟
2- هل شاهدت أخاك يلبس ملابس البنات أو يقف أمام المرآة يضع الماكياج وأدوات الزينة، أو يحب أن يحتفظ بأشياء البنات؟
3- لماذا يجلس أخوك وحده في الصف، هل لأنه لا يفضل اللعب مع أقرانه من الذكور، وهل هو في مدرسة مشتركة أم في مدرسة للذكور فقط، وإذا كان في مدرسة مشتركة فلماذا لا يلعب مع البنات؟
4- هل سألت أخاك لماذا لا يحب ركوب التاكسي مثل أقرانه؟ وماذا كانت إجابته؟
5- هل لوحظ على أخيك أي سلوكيات جنسية شاذة؟
6- ما رد فعل أخيك عند مقارنته بأقرانه؟
7- هل صرخ أخوك برغبته في أن يكون بنتًا أو شيئًا من هذا القبيل؟
8- لماذا ضربه أخوك وربطه في التخت؟ وهل كان لذلك علاقة بأي سلوك جنسي؟
ــــــــــــــ(102/270)
طفلي حريص.. أين المشكلة؟ العنوان
لدي طفل (5 سنوات) فيه الحرص الشديد والاهتمام بكل شيء والخوف، ولعل الأمثلة توضح ذلك:
1 - غالبًا ما يهتم بالطفلة الأخيرة فتجده يبحث عنها عندما يفتقدها، ويطرب إذا لم يجدها، ولا يطمئن حتى يسأل عنها الأم.
2 - أخرج وهو معي بالسيارة لمحل ما، وعندما نصل وأطلب منه الجلوس في السيارة يوافق، ثم ما يلبث بعد قليل ويأتي إليّ في المحل وقد عبس وجهه ويسأل متى نذهب إلى البيت.
3 - أكلفه بحفظ سور قصيرة بمقابل معين ونضرب لذلك موعدًا محددًا، وعندما لا يقرأ ولا يحفظ أجده قلقًا ويذهب ويأتي وكأنه يخاف من العقاب، مع العلم أننا لم نطرح فكرة العقاب عند الاتفاق، وكان الهدف هو الحفظ مقابل الجائزة؛ لذلك أضرب له موعدًا آخر.
4 - تأتي ظروف معينة فيمكث وحده في المنزل لمدة يسيرة قد تصل إلى نصف ساعة، في حين أنا وأخوه الكبير نذهب للمسجد لأداء الصلاة، وفجأة يلحق بنا في المسجد وقد بدت عليه علامات البكاء؛ وهو ما جعلني أدعه وأخوه الكبير في المنزل حتى وقت الإقامة ثم يلحقان بي.
5 - يروي لنا أدق التفاصيل عند إنجاز بعض المهام؛ فعند الانتهاء من تفريش أسنانه يأتي لي ويروي كيف أدى هذه المهمة ويفتح فاه لأحدد ما إذا كانت أسنانه نظيفة أم لا...
6 - يشتكي بعض الأحيان من رأسه أو بطنه، وذلك عند الإخفاق في تنفيذ بعض الأعمال كما في رقم 3. نأسف للإطالة ونرجو موافتنا بالإجابة.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أخي الكريم، وبأسرتك المترابطة التي بدا في كل سطر من سؤالك عن طفلك ذاك الترابط الجميل بين أفرادها، والذي أظنه يفسر معظم ما رويته من مواقف عن طفلك، ودعني أبدأ حديثي معك بقول د. سبوك -خبير علم النفس الشهير وطبيب الأطفال- في مسألة خوف الأطفال وقلقهم وارتباطهم بالوالدين: "إن الطفل عندما يبلغ الثالثة يعطي عواطفه الجياشة للأم والأب، صحيح أنه كان يحبهما قبل ذلك، لكن حبه لهما كان وراءه اعتماده عليهما اعتمادًا كاملاً، ومن ثَم فحبه لهما يضمن له الإحساس بالأمن والاطمئنان".
لعلك فهمت ما أعني من الاستشهاد بكلمات د. سبوك.. إنني أعني أن كل ما ذكرته من مواقف عن طفلك لا يرتبط في الواقع بمشكلة لديه، بل المشكلة في تعاملك معه الذي يحمله بما لا يسمح له به سنه وبما لا تسمح به مشاعره نحوك ونحو أسرته -التي يرتبط بها جدًّا ولا يشعر بالأمان إلا مع ترابط أعضائها- فهنا تكمن المشكلة الحقيقية؛ فالمشكلة ليست في الطفل وإنما في طريقة تركه؛ فكيف يترك طفل في الخامسة وحده في السيارة في الشارع وحوله الغرباء والوجوه التي لا يعرفها ومنها الطيب ومنها الشرير؟ كيف تتركه وحده في المنزل ولما يتأهل بعد للتدريب على أن يجلس وحده، ثم تلومه وتتعجب من خوفه وحرصه الطبيعي جدًّا.
إن الطفل في هذه السن لا يفهم جيدًا العلاقة بين الحدث والعواقب؛ فقد يصور له خياله أن خروجك من البيت يعني دخول الأشباح من النافذة، أو دخول اللصوص الذين يرقبون الانفراد به وبالبيت.. وهذه مخاوف وتخيلات طبيعية جدًّا، وكل ما يحتاجه الطفل هو تهيئة سليمة ليستعد للانفصال عنك بشكل مريح له وآمن، وتدريبه على هذا الانفصال التدريجي مع بثه الشجاعة لوجود ما يؤمنه من مخاوفه، وسنتعرض لذلك فيما بعد.
وقد نتجه للظن بأن هناك مشكلة لدى الطفل تتعلق بقلق الانفصال إذا كان قد تم تدريبه على الانفصال عن الأم مع تهيئة الجو الآمن جدًّا لهذا الانفصال وتركه في بيئة آمنة مع شخص مؤتمن يتولى رعايته (كالجدة – الجد – الأخت الكبرى – الأب – الأخ الأكبر – الخالة... إلخ)، ورغم كل ذلك يصيبه الرعب، وحينئذ هو يحتاج للعلاج من مسألة قلق الانفصال بإجراءات معينة واتباع بعض التعليمات.
أما مسألة خوف الطفل على أخته فهذا أمر محبب أن يتفقد الطفل إخوته ويبحث عن المتغيب منهم، ويحرص على التلاحم مع كل أفراد أسرته؛ فهو لم يعتد الشعور بالأمان إلا في وسط أسرته وبين كل أفرادها.
ورغبته في التأكيد على ما فعله أعتقد أنها ترتبط بحدث ما حدث له أو أمامه لطفل شكّت أمه في صدق قوله ودقته في أداء مهمة معينة؛ ومن ثَم فهو لا يحب أن يوضع في نفس الموقف، فهو حريص أن يؤدي عمله على أكمل وجه، وأن يؤكد ذلك لكل من سيحاسبه، وأظنه يحتاج لرفع ثقته بنفسه، ومنحه ما يؤكد له ثقتك به وبقدراته وبأدائه المتميز من خلال الحفز والتشجيع لتخطي هذه المسألة، وحينما يخفق في شيء أكد له أنه لا مشكلة وأن المحاولة تزيدنا مهارة، فحينما نصرّ ونحاول مرات ومرات على فعل المهمة تخرج منا على أكمل وجه.. الخطأ هو الإهمال والتقصير فقط.
ونعود مرة أخرى للحديث عن الإجراءات الواجب مراعاتها لتدريب الطفل على الانفصال عنك حين الاضطرار لتركه والانفصال عنه وتجدين جلّها في الاستشارة التالية:
- أعراض متنوعة لقلق الانفصال
وأضيف عليها:
1 - لا بد من تدريب الطفل على كيفية إدارة المواقف حال عدم وجود الأم؛ فمثلاً يتم تعليمه كيفية الاتصال تليفونيًّا بالأم مع إجراء تجربة عملية لذلك للتأكيد له على سهولة الوصول للأم وسهولة عملية الاتصال، إن كان يعرف الأرقام وكيفية استخدام الهاتف، أو يمكن تسجيل الرقم في ذاكرة الجهاز ليصبح مجرد الضغط عليه استدعاءك، مع أرقام آخرين يمكن أن يلجأ إليهم مثل أحد الجيران أو الجدة.. حال حدوث أي مشكلة.
2 - لا بد من تعليم الطفل تعليمات الأمان: من عدم العبث في الكهرباء أو الغاز والتأكد من غلق صنابير المياه.
3 - لا بد من تهيئة مناخ آمن لترك الطفل -كما قلنا آنفًا- بحيث يترك مع شخص يبثه الشعور بالأمان لرعايته له مع إضاءة البيت بشكل كاف وتوفير طلباته، والالتزام بموعد العودة واستئذانه وإعلامه بغياب الأم عنه لفترة ما.
4 - لا بد من عدم الحديث مع الطفل عن مخاوف أو أشياء مرعبة أو مشاهدته لقصص أو أفلام فيها رعب أو خوف أو عنف قدر الإمكان.
5 - لا بد من بثه الأمان ومحاولة الاقتراب من مخاوفه دون سؤال مباشر عنها، فمثلاً يتم فتح موضوع مع أخيه الأكبر: "هل كنت تخاف وأنت صغير من شيء؟ وما هو؟ هل تعلمون عن شجاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ من يحكي لي قصته؟ هل تعرفون أنه ذات مرة سمع صوت دوي شديد مرعب في معسكر للمسلمين، وحين همّ المسلمون بتفقده والخروج لاستكشافه وجدوا النبي -أشجع الشجعان صلى الله عليه وسلم- عائدًا يطمئنهم، فقد كان أول من ذهب في شجاعة ودون تردد"... إلى غير ذلك لحثه على المشاركة والحديث عما لديه من مخاوف أو حتى التعرف على مخاوفه من خلال تعليقاته على الحديث.
6 - لا بد من العمل على رفع ثقة الطفل بنفسه مع اجتناب نهره وتقريعه قدر المستطاع، والتعامل معه على أنه كبير ومسئول دون إهانة أو زجر أو نهر أو عقاب.
ومما لا شك فيه أن هناك فروقًا بين الأطفال ستجعل طفلك له خصوصيته فيما سيستغرقه من وقت لتؤثر في تغييره هذه الإجراءات.. فلا تتعجل النتائج أو تستبطئها؛ فتربية الأطفال مثل زراعة الأرض تستغرق وقتًا حتى نجني الثمار.
أخي الكريم، نرجو أن نتلقى متابعاتك لنا بتطورات طفلك وأي استيضاح أو استفسار، وسنسعد حقًّا بدوام التواصل معنا.
ــــــــــــــ(102/271)
أسباب العدوانية عند الأطفال العنوان
نود أن نتعرف وبإيجاز على أسباب العدوانية لدى الأطفال وما يؤدي لتفاقمها. وشكرا. السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
الأخ الكريم نشكر لك ثقتك الغالية، وفي إيجاز-كما طلبت - سنعرض لك إجابة سؤالك كما وردت من مستشارة الصفحة د.إيمان السيد في موضع سابق، وهي كما يلي:
أسباب العدوانية لدى الأطفال:
1-معاملة الطفل على أنه شخصية مزعجة سمجة تؤصل لديه العدوان والوقاحة بسبب النفور منه الذي يشعر به الطفل بكل حساسية مهما تكتمه الوالدان والمحيطين.
2-التفاهم والانسجام بين شخصية الطفل وشخصية الأم والأب والناتج عن المعاملة السليمة للطفل يكون له أعظم الأثر في ترشيد وتهذيب الطاقة بشكل لا ينطوي على إيذاء للنفس أو الآخرين، وتكون المشكلة في ضياع هذا التفاهم؛ فقمع الطفل المليء بالحيوية تدفعه إلى مزيد من المقاومة الذي يسبب له المزيد من القمع فيظل بين الطرفين صراع تملؤه المرارة والضجر.
3-يحدث العدوان كرد فعل لأي متاعب يشعر بها الطفل داخل او خارج محيط الاسرة مثل :الغيرة من مولود جديد – صعوبات دراسية – عدم قدرته على رد عدوان ابن الجيران الذي يفوقه سنا و حجما و يتعمد إيذاءه بين الفينة و الأخرى – سخرية الآخرين أو استهزاءهم – المشاكل العائلية – عصبية الوالدين –غياب شخص عزيز لديه.
4-غالبا ما يحاكي الطفل والديه في التعامل عند الغضب ، فلو كان أحدهما أو كلاهما يعبر عن غضبه بالصياح أو الضرب أو الصراخ ؛ فإن الطفل يختزن كل هذه المشاهد ليعيد عرضها لاحقا حين يغضب، ويتعلم أن هذا هو الاسلوب الامثل للتعبير عن الغضب ، كما تعلم منهما من ذي قبل اننا نأكل باليمين مثلا و نخرج في المكان المخصص و ننام في حجرة النوم و ليس في الشارع ..وهكذا .
5-عدم الاهتمام بالطفل بالقدر الكافي يسبب له رغبة عارمة في لفت الانتباه بأي صورة ولو إيذاء نفسه أو الآخرين .
حين لا أصلي.. بم أخبر ولدي؟ العنوان
ابني (10 سنوات) يسألني عن سبب عدم صلاتي في الأيام التي لا أصلي معه فيها؛ إذ يصلي بي إمامًا لأشجعه على الصلاة، ولا أعرف بم أجيبه؟ ولا أود تفتيح ذهنه على هذه الأمور؛ فأضطر أحيانًا أن أمثل أني أصلي وغير ذلك، فما الحل؟ فهل بهذا أربيه على الكذب -الحياء المزيف- فهناك من يقول لي بذلك، ويقول لي: وهل تفعلين جريمة لأأنك حائض؟
وسؤالي الثاني هو كيف أجلس في البيت؟ الجو أحيانًا يكون حارًّا وأنا في حاجة للتخفف من ملابسي وكذلك زوجي؛ فما هي حدود التخفف من الملابس لي أمام أبنائي وكذلك زوجي أمام البنات.. نحن نحرص أن نخفي العورات المغلظة بالطبع، لكن زوجي قد يجلس بالشورت أو ملابسه الداخلية، وأنا أحيانًا أحب أن ألبس ملابس خفيفة؛ فهل لذلك من تأثير على أولادنا؟ وكيف نتحاشى هذا التأثير؟ السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدتي الفاضلة أهلاً بك ومرحبًا..
لقد حسمنا الأمر في مرات عديدة وقلنا إن الإجابة بالحقيقة هي أفضل الإجابات، وتكون الحقيقة على قدر سن الطفل وقدرته على الاستيعاب، ولكنها الحقيقة وليس غيرها؛ لأن الكذب والتضليل يفقد الطفل ثقته فينا عندما يكتشف الحقيقة بعد ذلك، ويتحول إلى آخرين ربما يحصل منهم على الحقيقة مرة، ولكنه سيحصل على المعلومات الملغومة بالمخاطر مرات، ونكون نحن السبب في ذلك الأمر؛ لأننا نتصور أن هناك أسئلة محرجة، أو أنه يجب ألا نفتح أعينهم، ولا أدري على أي شيء لا نريد أن نفتح أعينهم وعيونهم مفتوحة ليل نهار أمام التلفاز والإنترنت وآذانهم مفتوحة لأحاديث الأصدقاء وغيرهم؟!
لا يوجد سؤال محرج، ولا توجد معلومة تخفى.. لقد بعثت إحداهن على هذه الصفحة وهي مسلمة من أستراليا وقد علم ابنها من المدرسة معلومات عن العلاقة الجنسية بين الزوجين ،فعاد الطفل ليسأل أمه: هل حقيقة هذا ما حدث بينك وبين أبي؟ فأجابت الأم بشجاعة نعم، وهل كان ممكن أن ننجبك لولا أن حدث ذلك؟ ولتكمل الإجابة على باقي أسئلته.. وبعثت تسأل عن صحة موقفها لنعلن لها أنها أجابت على أصعب سؤال يمكن أن يوجه إلى أم، وأنه لا حجة لأي أم بعد الآن ألا تجيب على أسئلة أطفالها بالحقيقة.
قولي لابنك إن هناك فترة لا يسمح فيها للمرأة بالصلاة والصيام؛ لأن هناك تركيبا خاصا للأمهات من أجل الاستعداد للحمل، فإذا لم يحدث نزل هذا الدم المعد لغذاء الطفل، وهذا الدم هوالذي يحمل الغذاء، وعندها لا يصح أن تصلي، وأن هذا أمر يخص النساء لأنهن ينجبن.. ما هي المشكلة في هذه الإجابة؟ وما هو الذي ستتفتح عليه عيناه؟
إن ابنك الآن في العاشرة من عمره؛ أي أنه على أعتاب مرحلة المراهقة وعلى أعتاب بلوغ يحتاج إلى أن يهيأ له عبر حديث طويل مع والده، يؤمّن له الانتقال من الطفولة إلى الرجولة، ويمنع أن تفتح آذانه وعيونه على مصادر خطرة وخاطئة ليعلم منها ما لا بد أن يعرفه.
وسوف تجدين نماذج من هذه الأسئلة وكيفية الإجابة عنها بالإضافة إلى قواعد الإجابة عنها في المعالجات التالية:
- أسئلة جنسية.. الآباء يتهربون والأبناء يلحون
- الإعلام الجنسي وثقافة الاستعفاف
- المراهقة و عالم الأسئلة المحرجة
- ابني يمارس العادة السرية
- مراهق متهم بالتربية الجنسية
وأما بالنسبة للملابس فإن ما تفعلانه من حدود ذكرتها في رسالتك هي الحدود المقبولة، فيجب أن تستر العورات، وبالنسبة للرجل يجب أيضًا ألا تكون عورته مجسدة بحيث يكون الشورت واسعًا فضفاضًا، وتخففك يجب أن يكون في ملابس عادية وليس بملابس مثيرة؛ بمعنى أن التخفف لا يعني العري، ولكن قد يكون التخفف في رقة الملابس أو في كونها قطنية، وبالتالي فلن يكون لهذا تأثير على الأولاد، ويعلمون أن هناك حدودًا لما يظهر أمام الأبناء والبنات وحدودًا لما يظهر أمام الغرباء سواء كانوا أولادًا أو بنات، وأهلاً بك.
ــــــــــــــ(102/272)
ربنا قال: افتحي الكارتون..! اللغم المرتد العنوان
السلام عليكم.. في محاولة مني لتنشئة دينية سليمة وكما أسمع وأقرأ حاولت أن أغرس في بناتي - 3سنوات ونصف، وسنتان- حب وطاعة الله، فبدأت أقول مثلاً: "ربنا قال.. نقول لماما حاضر ونسمع كلامها.. ربنا قال لازم نغسل أسناننا.. أو: محدش يضرب أخته" وأيضا: "ربنا قال لماما تحبكوا أو تجيب لكو شيكولاتة"، وهكذا...
واستجابوا والحمد لله واقتنعوا ووجدت عندهم قليلاً من الحرص مبدئيًّا على كسب رضا الله، ولكن بعد فترة فوجئت بابنتي الكبرى ترجع كل شيء، وتطلب كل شيء، من هذا المنطلق.. "ربنا قال نامي جنبي يا ماما، ربنا قال هاتي لبان ومصاصة، قال لي متكليش، قال متناميش دلوقتي، ووصلت لحد ربنا قال شغلي الكارتون أو افتحي التليفزيون..."!!
هل أخطأت في أسلوبي؟ هل أتهمها بالكذب فتتهمني هي الأخرى، هل أسألها متى وكيف قال فتسألني نفس الأسئلة؟ أنا عاجزة تمامًا عن إيجاد حل، حتى إنني توقفت عن هذا الأمر حتى أسأل مختصا، ولكنها هي التي استمرت.. ماذا أفعل؟
هناك أمر آخر بعيد، ولكنه يحيرني وهو أن هذه الابنة نفسها تعشق الاحتفاظ بالأشياء في شنط وتعشق الشنط نفسها. إنها تجمع كل ما يخصها أو لا يخصها في شنطة وتمسكها بيدها أو تخفيها في مكان، أما الأشياء التي تجمعها فهي مختلفة.. ملابس، لعب، شرائط كاسيت، حتى الشوك والملاعق حتى الفاكهة.. كل شيء كل شيء. لماذا تفعل ذلك؟ وهل له دلالة تستدعي القلق أو شيئا يجب مراعاته حتى لا يتحول لأمر خطير أم أنني أعطيت الموضوع أكبر من حجمه؟
السؤال
أبناؤنا والإيمان الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأم الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في حل سابق لنا لمشكلة تحت عنوان الطيران فوق حقل الألغام تعرضت لتصورات الناس حول ما يسمونه التربية الإسلامية وسلوكياتهم بناء على هذه التصورات، وهي تصورات غائمة مبهمة ينتج عنها سلوكيات تنتج من المشاكل أكثر مما تقدم من حلول. ورسالتك نموذج لهذه القضية التي تعرضنا لها.
فمن منطلق "محاولتك لتنشئة أطفالك تنشئة دينية سليمة" كان تصورك لغرس حب وطاعة الله تعالى في أطفال لا يتعدى سنهم الثالثة هو أن تخبريهم أن كل ما يصدر من أفعال وسلوكيات تحبين أن تكسبيهم إياها هي من أمر الله سبحانه؛ لتدخلي بذلك حقل الألغام التربوي مستخدمة أحد ألغامه في توجيه أطفالك وتحقيق هذه الغاية؛ لينفجر فيك في أي لحظة ويعود طفلك ليستخدم معك نفس اللعبة التي نرفض أن تمارس معنا أو ندرك لحظتها خطورة ما فعلنا.
إن البعض يتصور أن التنشئة الدينية تعني أن يدرك الطفل وجود الله تعالى في هذه السن الصغيرة بصورة "قسرية"، والحقيقة أن الطفل على الفطرة يحتاج إلى أن يدرك الله بصورة طبيعية؛ فالطفل منذ ولادته وهو ناشئ في بيئة يذكر فيها اسم الله وهو لا يدرك ماذا يعنيه ذلك، ولكنه يرى الدعاء عند بداية الطعام، ويسمع القرآن يُتلى، ويرى الصلوات تقام، والله موجود في كل ذلك، وهو يتشربه ويتشبعه بصورة تلقائية بالتقليد.. بالقدوة الحسنة وفي مواقف يسأل: لماذا نفعل كذا، لماذا نصلي لماذا ندعو لماذا نذهب لصلاة العيد لماذا نذبح الخروف؟
ويكون الجواب: حتى يحبنا الله تعالى، الله خالقنا. معان تجريدية رمزية يدركها كما هي، ولكن يدرك أن الله شيء هام في حياته وحياة أسرته يأتي بالخير.. حاضر في سلوكيات أبيه وأمه.. فنحن نعطي المسكين، ونطعم الطعام للفقراء، ونخرج الصدقة، ونميط الأذى عن الطريق، والطفل يسأل ونحن نجيب: الله أمرنا أن نعطف على الفقراء والمساكين، ألا نؤذي أحدا، بل وندع الطفل يقوم هو بالمهمة بنفسه في بعض الأحيان.
يجد ذلك حاضرًا في سلوكيات كل من حوله فالأم لا تكذب، والأب يتفانى في مساعدة الآخرين، والوالدان يتحدثان عن ثواب الله وعن الحلال.. والطفل يراقب وينظر ويسمع ويتمثل كل ذلك، وكلما زاد سنه ووعيه تشكلت صورة الله سبحانه في ذهنه حسب قدرته على الاستيعاب ببساطة وسهولة وتلقائية.. يدرك في نفسه تدريجيًّا وتلقائيًّا وجود الله حتى إذا بدأت المعاني الرمزية والأفكار المجردة تأخذ حيزها في تفكيره يكون "الله" سبحانه، أول ما يتجلى له حقيقة يتعايش معها ويؤمن بها من داخله.
إن ما فعلته هو لعبة خطرة ربما تكونين قد مارستها بدرجة خطورة أقل من البعض، حيث إنك ربطت السلوكيات الجيدة بأوامر الله، وكانت صورة الأمر بالخير هي الأكثر وضوحًا. ولكن البعض يتجاوز هذا الأمر فيجعل الله في ذهن الطفل هو المعاقب دائمًا على كل خطأ أو تجاوز، والمانع لكل ما يحبه الطفل ويرغب فيه، وقد يصل الأمر ببعض الآباء بوضع الشيطان في هذه المنظومة، فيصبح الشيطان هو الذي يضحك عليك لتفعل كذا وكذا مما يحبه الطفل.. لتتكون صورة تلقائية لدى الطفل يرتبط فيها الله بالمنع والحرمان والشيطان بالأشياء الجميلة التي يحبها، ويحدث الأثر العكسي لما كان يرغب فيه الآباء نتيجة للتعسف في توصيل مفهوم لو ترك لطبيعته وللمواقف العادية التي يرى فيها الطفل ويسمع ويتفاعل مع أبيه وأمه لأحدثت الأثر المطلوب؛ لأنها الفطرة التي توجهها القدوة والسلوكيات الطبيعة دون تعسف أو تكلف.
كل ما عليك الآن أن تتوقفي عن نهج هذا السلوك مع طفلتك وتطالبيها بهدوء أن تتوقف عن هذه العبارات ليس عن طريق تكذيبها، ولكن بإخبارها أن تتحدث عن طلبها بنفسها دون أن تقرنه بالله، وتعليمها أن تقول: "أريد أن أشاهد الكارتون"، "أريد أن أنام بجانبك".
إن ما فعلته طفلتك وهي في سنها الصغيرة هذه كان مجرد تقليد لأسلوب رأت أنك الذي تفضلينه في التعامل، ومع توقفك ودعوتها لاستخدام عبارات جديدة ستنسى ما كانت تستخدمه وتعود للكلمات العادية.
أما عن هواية جمع الأشياء فليس لها أي أدلة تستدعي القلق، ولكن نبدأ في توجيهها بهدوء إلى أن هناك بعض الأشياء ليس هذا مكانها مثل الملاعق والشوك، أو أنها ليست لعبًا، أو أن الفاكهة ستفسد إن تركناها دون أكلها في الحال، وأن ملابسها من الأفضل أن تضعها في المكان المخصص لها، وهكذا حتى تتعود ألا تحتفظ إلا بلعبها أو أشياء صغيرة تخصها.
أما ما دفع طفلتك على القيام بالاحتفاظ بهذه الأشياء فهو تعبير عن دافع في نفس الطفل أن يكون له ما يخصه أو يخفيه عن الآخرين كنوع من أنواع اللعب، ويكفي التوجيه الهادئ لتحديد ما يخصها ليكون بداية لوضع حدود للملكية الذي لا تدركه طفلتنا، ولن تدركه في هذه السن أيضًا، ولكن يكون ما نبني عليه في إدراكها لهذا الأمر.
نشكرك على اهتمامك وسؤالك وإن كان لديك أي استفسارات أخرى فنرجو أن تعطينا خلفية عن علاقتك بوالدهم، خاصة وأنك تذكرين في بياناتك أنها علاقة مضطربة، ويبدو أن هناك حالة من الانفصال حين تذكرين أن إقامة الطفل مع الأم.. ونحن معك وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/273)
الوقاية من التحرش خير من العلاج العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. بينما كنت أبحث في الاستشارات السابقة وجدت هذه الاستشارة (علاج التحرش ... التفاصيل مهمة) والتي من خلالها أقدر أن أحدد مشكلتي فأنا أب أعمل مدرسا وابني (عمره 13 عاما (على درجة من الجمال الفطري مقبل على المرحلة الثانوية إن شاء الله، وكان يأخذ درسا عند مدرس عمره26 عاما وهو شاب على خلق جدا وابني متعلق به جدا ويمارسا معا الأنشطة المختلفة في فصل الصيف وكثيرا ما يزورنا بين الحين والآخر.
المهم: حدث في إحدى المرات أن عرفت أنه في أثناء زيارة ابني للمدرس وكان بمفرده بالشقة أن قام المدرس بملاعبة ابني عن طريق الرياضة وكأنهم يتصارعان وفي أثناء تلك اللعبة كان المدرس يرقد على ابني وبالطبع يتم عكس الوضع ولم يحدث أكثر من ذلك.
وعلمت أن هذا الموقف تكرر في الصيف الماضي. أنا متأكد من صحة ما أقول عن طريق ابني الذي كان يحكي الأمر بصورة طبيعية، ولكني غير مصدق أن يفعل مثل هذا الشاب ما يفعل! وهو المشهود له بالخير والصلاح؟ من الممكن أن تكون نزوة طارئة أو وسوسة شيطان، حيث إنه يعامل ابني بصورة جيدة جدا وما زال متصلا به.
ملحوظة: ابني ليس له أية ميول جنسية، ولا يمارس العادة السرية مطلقا وهو من المحافظين على الصلاة ما الحل مع:
- ابني الذي لا يدري طبيعة أفعال المدرس معه في المرتين وكيف أحذره من هذا التصرف؟
- المدرس الذي هو قدوة يحتذى به في موقعه؟
السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
كقاعدة عامة وبعيدة عن تفاصيل رسالتك التي قد نتفق أو نختلف في تحليل مضمونها، وهل كان المدرس يقصد ما يفعله مع ابنك أم لا؟ ففي كل الأحوال لا بد أن يكون لدى ابنك الثقافة الجنسية المناسبة والكافية التي تقيه من هذه الأمور، بمعنى أنه هو الوحيد القادر على تمييز طبيعة ما يحدث معه من تصرفات، وهل قد تعدت الحدود الطبيعية في العلاقة بين شابين أو بين مدرس شاب وتلميذه الشاب.
والوقاية خير من العلاج؛ أي أن يكتسب الابن المعلومة مسبقا خير من أن تأتي المعلومة بعد وقوع الكارثة وتوابعها والتي تكون المعلومة عندها مصدرا للألم أكثر منها مصدرا للإدراك والفهم والوقاية من الوقوع في الخطأ.
بهدوء اجلس مع ابنك، وتحدث معه عن طبيعة ما يشعر به من مشاعر جنسية ودورها في حياته وكيفية التعبير عنها والسبيل الصحيح لإخراجها، ثم الأخطاء والانحرافات التي يمكن أن تقع في هذا الإطار والحدود الصحيحة في العلاقة بين شابين والتصرفات والتجاوزات التي قد تقع بين شابين في هذا الإطار عندها سيستطيع ابنك إدراك ما يحدث معه خاصة وأن الإطار الأساسي لهذا الحوار سيكون أن هذه هي البداية لحوار مستمر ومفتوح في هذه القضايا بمعنى أنه لا حظر ولا حرج في الحديث عن أي موضوع أو أي حدث وعندها ستجده إذا ما كان قد شعر بأي تصرفات أخري غير طبيعية من هذا المدرس ربما لم تلفت انتباهه في السابق، ستجده يعرضها عليك حتى تصحح الأمور خاصة وأن سن ابنك هو الأخطر إذا تعرض لأي انحراف من هذا النوع، حيث تكون ميوله الجنسية في مرحلة التكون والتشكل والاتجاه في اكتساب الهوية والذاتية الجنسية فلو تعرض لأي سلوكيات جنسية منحرفة فقد تؤثر على ذاتيته الجنسية وتؤدي إلى انحرافها عن طريقها الصحيح.
الأمر خطير ويحتاج إلى اليقظة والتنبيه.. ولا يصلح معه التهاون بطريقة أنني غير مصدق لأن الكثيرين من هؤلاء المبتلين بهذا البلاء والشذوذ لديه قدرة على أن يفصلوا بين سلوكهم الجنسي وسلوكياتهم الأخلاقية، خاصة أن الموقف الذي ذكرته في رسالتك يثير الشكوك فليس طبيعيا أن يلعب مدرس مع تلميذه المصارعة بحيث يرقد فوقه؛ فأي علاقة بين مدرس وتلميذه تسمح بذلك.
إذا اكتشفت في حديثك مع ابنك المزيد من التفاصيل التي تريبك فاقطع علاقتك به فورا وراجع إجابتنا(امسك.. متحرش جنسيا). ونحن معك.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
• الخوف من التحرش.. كيف نقوّم ولا ندمر؟
• التحرش..ماذا يعني؟
• التحرش ..أفيقوا يرحمكم الله
• توابع التحرش.. الإدراك بداية الحل-متابعة
ــــــــــــــ(102/274)
بكاء طفلي.. من يوقف هذا الصداع؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله عنا كل الخير، في البداية أحب أن أوجه خالص شكري بهذا الموقع المفيد جدًّا جدًّا، إنني امرأة عاملة، ولكني لا أتغيب عن المنزل أكثر من 5 ساعات، لدى طفل عمره 4 سنوات وطفلة عمرها عام.
المشكلة تتعلق بابني فقد كان شديد الهدوء ويسمع الكلام بشكل كبير، ولكن فجأة تغير سلوكه بشكل واضح هو يذهب إلى حضانة ويحبها جدًّا.
بدأت المسألة بأنه يكون هادئًا جدًّا في الحضانة لدرجة أنه لا يتكلم نهائيًّا، لكن بمجرد عودته حتى قبل وصولنا للبيت من السيارة تبدأ العصبية والصوت العالي والزن على أي شيء وبدون سبب.
لم يطرأ علينا طارئ غير أن والده جاءته فرصة عمل بالخارج وابتعد عنا لمدة 6 شهور ليس أكثر، لكنه كان شديد التعلق بأبيه، والآن لا يسمع لي أبدًا ويعتبر أن والده حماية له في أي شيء.. أحس أنه بدأ يكرهني من كثرة ضربي له، وتعامله مع أولاد خالته وإخوته في الرضاعة أصبح بعنف جدًّا جدًّا، وكل طفل منهم يمسك لعبة يصمم على أخذها، ويزن لغاية تلبية طلبه أحيانًا أتركه يزن، ولكن مللت من كثرة الزن.. أحس أن سبب ذلك بُعْد والده عنه أو تقصير في تربيتي له هو مدلل جدًّا جدًّا، ولا أرفض له طلب. أفتوني في أمري، جزاكم الله كل الخير.
السؤال
العناد والعصبية, الخجل والانطواء الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومرحبًا بك، وشكرًا لثنائك الرقيق وجزانا الله وإياك كل الخير..
في الحقيقة فإن كل كلمة لها أهميتها الشديدة في تحليل مشكلة طفلك ومحاولة الوصول لحل؛ فطفلك ليست مشكلته العصبية المفاجئة، ولكنْ أمور أخرى أوضحتها، وهي:
1- سوء العلاقة بينكما بسبب استخدامك للضرب في التعامل معه.
2- التدليل الزائد وعدم رفض طلب له.
3- سفر والده، وما تلاه من تغير في سلوكياته (عدوانية..).
4- عدم فهمه لحدود الملكية.
إذن هي باقة من المشكلات المتشابكة آمل ألا يكون تناولها أمرًا يطول ويثقل عليك.
وتعالي نبدأ رحلتنا معًا بالعدوانية:
أولاً: هناك أسباب معروفة لزيادة عدوانية الأطفال عن الحد اللازم والطبيعي والدفاع عن النفس وشرحتها د. إيمان السيد مستشارة الصفحة - ستجدينها ملخصة بالرابط التالي:
- - أسباب العدوانية لدى الأطفال
وأنا معك في كون عدوانية وعنف طفلك قد زادا بسبب غياب والده المتعلق به بشديد، فضلاً عن عصبيتك الشديدة معه وضربك له، وكلاهما أمران ينبغي إيقافهما فورًا.
ثانيًا: أعلم أنك تتحملين مسئولية مضاعفة في غياب الزوج وإلى جانب عملك وتحملك مسئولية تربية الأبناء ومسئوليات البيت.. كلها مسئوليات تطاردك وتلتهم أوقات راحتك، وتؤثر على أعصابك، لكن ما زال أبناؤك هم الأولى بأعصاب هادئة وتعامل رفيق ينمي ذكاءهم ويطور شخصياتهم ويهذب طباعهم، وهو ما يتطلب منك إعادة لترتيب أولوياتك وتنظيم مسئولياتك بما يناسبك مثل الاستعانة بأطراف خارجية -خادمة مثلاً- لتخفيف الضغط على أعصابك لتتمكني من التعامل مع أبنائك بهدوء ورفق وينعكس عليهم بالمثل لنضيق الخناق على دائرة العنف في البيت، وسأعرض عليك مقترحات أفادت أختًا لنا من زائرات الصفحة، وساعدتها كثيرًا في التخلص من عصبيتها وصراخها على أطفالها، تجدينها بمايلي:
- نصائح ذهبية لعلاج العصبية.
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد.
ويمكنك تخفيف هذا التوتر عبر مجموعة من المقترحات منها:
1 - منحه مجالاً للعب والاكتشاف والعبث، في مساحة من المسموحات للأطفال -وإن كانت مزعجة للأم- لإخراج طاقتهم الهائلة والطبيعية، بدلاً من قمعها فتتحول لإيذاء صاحبها ومن حوله، وما اقترحه تخصيص حجرة أو شرفة أو أي مكان في البيت وتسميه (ورشة الفن) مثلاً مع الإعلان للطفل أنه مسموح له فيه فعل كل شيء بشرط اجتناب الأذى (الكهرباء مثلاً - النار- السكين)، فيفك ويحل ويركب ويكسر ويلون ويخط كيفما شاء، على أن يكون تعامله مع باقي البيت في حدود المحافظة على النظافة والنظام.
2 - طالما أن عدوانية طفلك مرتبطة -أحيانًا كثيرًا- برغبته في التعدي على ملكية الآخرين فلا بد من تعليمه قواعد وقوانين الملكية كما يلي:
- لتعليم طفلك حدود الملكية بهدوء يمكن أن تمثلي معه مواقف شبيهة لما يحدث خارج المنزل مع تقمصك لشخصيته، فتلعبين معه ثم تأخذين لعبته وتخرجين خارج الحجرة، وعندما يعترض تجيبينه: "أنا آسفة.. كان يجب أن أستأذنك أولاً لأنها ملكك"، "إنها ملكك فلن آخذها دون علمك أو إذنك"، "إن ما يملكه الآخرون لا يصح أن آخذه دون إذن"؛ وبالتالي يتعلم الطفل معنى وحدود الملكية وضرورة أن يعامل الناس بما يحب أن يعامل به، وكذلك يمكنك أن تبثينه ما تريدين من نصائح من خلال تلك المواقف التمثيلية.
- عند زيارتكم لأحد يمكن لك شراء لعبتين بسيطتين جميلتين متشابهتين واحدة له والأخرى لابن الأقارب مثلاً؛ ليعطيها له ويلعبا معًا؛ فيتعلم معنى الأخذ والعطاء.
- عندما يبدي الطفل تطورًا إزاء أي مما سبق بمكافأة سريعة حبيبة إليه.
وهذا مما نصحت به د. إيمان السيد في استشارة بعنوان:
- العدوانية.. كل إناء بما فيه ينضح
3 - وطفلك في حاجة -كما يبدو- لإعادة جسور الود والحب والتواصل بينك وبينه، وتوطيد أواصر الحب والصداقة بينكما بغير تدليل مفسد وبغير انصياع أعمى لأوامره وطلباته تعويضًا له عن ذنب لم تقترفيه، لكنه لا يفارق شعورك نحوه، ولكي يتحقق ذلك يمكنك مراجعة ما يلي واتباع ما تحويه الاستشارات التالية من مقترحات:
- أين أنا من قلب ابنتي؟
- كيف استعيد حب وثقة ابنتي؟
4 - لا بد من اتفاقك مع زوجك على الالتزام بقواعد ثابتة للتعامل مع الطفل، فينبغي ألا يظهر تعارضكما أو اختلافكما في وجهات النظر إزاء موقف معين للطفل، بحيث لا ينتهز فرصة هذا الخلاف لفرض رأيه أو الاحتماء بالأب مثلا -كما تقولين- من الأم، فينال تأييد الأب على الخطأ بل على العكس ينبغي أن يتفق الأب والأم مع الطفل على لوائح وقوانين لا يتم مخالفتها، مع تعريفه بجزاء مخالفة تلك القواعد (الحرمان من شيء مثلاً أو إلغاء نزهة نهاية الأسبوع أو إلغاء زيارة الجدة... إلخ)، وعند وقوع هذا الخطأ فعلى الأب والأم توقيع العقاب المتفق عليه بما لن يفلح في تغييره بكاء أو زن أو إلحاح، ومن هذه اللوائح مثلاً:
- عدم ضرب أحد دون الاحتكام للشخص الكبير الموجود.
- اللعب بألعاب الآخر يجب أن يكون مع الحفاظ عليها والاستئذان.
- الشيء الذي يطلبه بالبكاء لن ينفذ وكذلك ما يتم طلبه بالصراخ وبدون أدب.
5 - خصصي لطفلك وقتًا يوميًّا، وليكن قبل النوم مثلاً تتحادثان فيه عن أحداث يومكما وأجمل ما كان في اليوم وما تعلمه طفلك من مواقف وأحداث اليوم، وتتحدثان فيه عما يشعر به كل منكما من سعادة أو ألم أو حزن وما تنتويان فعله غدًا، ويصارحك طفلك بآلامه وتنصحينه، ثم تحكيان قصة قبل النوم ثم أذكار النوم ثم ينام، هذا بخلاف ساعة على الأقل يوميًّا تقضيها معه ترسمان فيها أو تلونان أو تكونان لوحة بالقص واللصق أو غير ذلك من لعب بالمكعبات والخرز وخلافه.. فاستمتاعك مع طفلك بأوقاتكما له عظيم الأثر في تنمية ذكاء طفلك ومهاراته، وتوطيد علاقته بك غير الفرص المتعددة للتوجيه من خلال هذه المصاحبة الجميلة.
كما سيفيدك الاطلاع على ما يلي:
- برنامج مميز للوقت المميز
6 - حاولي مدح الحسن من تصرفات الطفل باستمرار ودعم كل تطور يطرأ على سلوكه وحفزه وتشجيعه على المزيد بمكافآت لطيفة وهدايا.
رابعًا: مسألة التدليل أراها تقف خلف مشكلة البكاء والزن كعامل أساسي -وإن كانت ليست كل الأسباب- وكما نقول دائمًا أن الحنان والرفق مطلوبان، لكن التدليل مرفوض تمامًا، التدليل بمعنى الإفساد وتعويد الطفل على تلبية كل رغباته دون أن يعرف أن هناك شيئًا ممكنًا وهناك غير ممكن وهناك ما يمكن تأجيله، وهناك ما لا نحتاجه وهناك ما هو أولى من هذا الطلب، لا بد أن تلبى للطفل حاجاته بما ينفي الحرمان لكن ليس بصورة تجعله يظن أن كل شيء سهل، والمثل الإنجليزي يقول "EASY COME EASY GO “ " أي ما جاء بسهولة يضيع أسهل، والأهم أن يتعلم الطفل أن طلباته وطلبات كل أفراد الأسرة يتم عرضها في جلسات الأسرة المتوالية وتدرج على قائمة للمشتريات مثلاً أو لخطة الأسرة؛ ليتحدد موعد لشراء هذه الأشياء وفقًا لظروف الأسرة، فالملابس الجديدة موعدها الشهر القادم، وإصلاح السيارة الأسبوع القادم، أما لعبة (محمد) التي يريدها ليتعلم بها كذا أو ليقضي بها وقتًا ممتعًا فموعدها الجمعة القادمة أن التزم بترتيب ملابسه مثلاً، وبالتالي يفهم أن كل شيء لا بد من التخطيط له وتنظيمه والعمل من أجل الحصول عليه، وأن هناك أولويات ومسئوليات.. هذا فيما يخص تلبية طلباته... أما التدليل الذي يعني التجاوز في الأخطاء أو التهاون في مخالفة ما تم الاتفاق عليه من آداب أو الخضوع لبكاء الطفل فهي أمور مرفوضة تمامًا.
ويمكن التعامل مع مسألة بكائه وزنه كما يلي:
- عندما يبكي.. امسكي يديه بحنان غير مصطنع وقولي له برفق: "لا أحب أن أرى حبيبي حزينًا.. لماذا تبكي؟"، ثم قولي له بحزم: "لا أستطيع أن أفهم أو أسمع بسبب البكاء.. امسح دموعك وأوقف البكاء ثم كلمني..."، فإن كان طلبه لا مشكلة فيه فلا مانع من تلبيته، وإن كان غير ذلك فارفضيه بهدوء ورفق وأقنعيه بسبب الرفض.. وإن استمر في البكاء.. قولي له: لا أحب الزن... وهكذا سنتخاصم"، ثم بحزم أكدي له أن هذا الزن سيكون له عقاب طالما أنه بغير سبب، وأن الكبار المهذبين لا يبكون هكذا، وأن بابا لن يفرح حين يعرف أن "محمد" الحبيب يفعل هذا التصرف (الوحش)، وأن البكاء يجعل شكل الوجه سيئًا، ومن الممكن أن تريه وجهه في المرآة ليرى كم يجعل البكاء والزن شكل الوجه غير لطيف.. المهم أن يكون كل ذلك بهدوء وروية ودون انفعال.
- لا بد من أن تكون مناقشاتك معه فيما يخص تصرفاته السيئة.. بعد انتهاء الموقف ببرهة، وبينكما فقط دون طرف ثالث وفي غرفة مغلقة وبهدوء مع الحزم مع الود لمعرفة سبب الخطأ وتعليمه كيف يتفاداه والتأكيد معه على عدم تكراره، وتفادي إحراجه أو توبيخه أمام الآخرين عندما يخطئ.
خامسًا: لا بد أن يكون هناك تواصل دائم مع الأب بالبريد أو التليفون؛ ليشعر الطفل باستمرار بتواصله مع الأب، ويتم حفزه وتشجيعه برضا الأب عنه أو تحذيره من غضب الأب منه، وهكذا...، ولا بد أن يتم لقاء الأسرة على فترات متقاربة فالأبناء في حاجة لأسرة متماسكة طبيعية لسلامة نموهم النفسي.
أختي الكريمة.. أرجو أن تتفهمي سبب الإطالة، وأتمنى أن أتلقى ردك ومتابعتك في أقرب فرصة تحكين لنا فيها عن مدى استجابة طفلك لتنفيذ تلك المقترحات، ومدى التطور الذي طرأ عليه.. أعانك الله تعالى. وشكرًا لثقتك الغالية.
ــــــــــــــ(102/275)
العناد الصامت (مشكلة تخاطب) العنوان
لديّ طفل يبلغ من العمر 3 سنوات، وله أخ يكبره بسنتين وأخت تبلغ من العمر 6 أشهر، المشكلة في ابني هذا أنه لا يتكلم وهو قليل النطق إلا بالقليل من الكلمات الضرورية مثل (ماء - حمام - بابا - ماما)، المهم أنه يفهم ويسمع الكلام وفيه درجة ذكاء في بعض ألعاب التركيب والتفكير إلا أنه كثير الحركة لدرجة أنه يعبث بكل شيء، وعندما أنبهه وأفهمه أن هذا خطر أجده يعود إلى العبث به مرة أخرى بلا مبالاة مرة وبالعناد مرة أخرى.
وهو لا يلعب إلا مع أخيه رغم وجود أطفال في العائلة في سنه وكثيرًا ما يراهم، لكنه لا يريد إلا أخاه، كذلك تجده فوضويا وغير مرتب وغير مبالٍ بعكس أخيه الكبير، وكذلك هو كثير العناد ويغار كثيرًا من أخيه مع أن اهتمامنا الأكبر به دون إخوته مراعاة لحالته، فأرجو منكم جزاكم الله خيرًا أن تنصحوني في كيفية التعامل مع طفلي هذا من ناحية النطق والعناد.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
د/سحر صلا ح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة ومرحبًا بأسرتك.. نسأل الله تعالى أن يسعدك بهم جميعًا إن شاء الله في الدنيا والآخرة.
لقد جزمت في سؤالك بأمور لا أدري هل جزمك فيها مبعثه الفحص الطبي لطفلك أم مجرد وجهة نظرك من خلال ملاحظتك للطفل، فقد جزمت أن سمعه جيد، وأن لديه نسبة معقولة -لم تحدديها- من الذكاء، بناء على مهارته البادية لك في مهارات وألعاب الفك والتركيب، ولا شك أن الأمر يحتاج لفحص أكثر دقة وعمقًا، لا سيما وأنك تقررين أن الطفل يعاود فعل ما نهيته عنه رغم أنك تفهمينه الخطأ والصواب، وهناك احتمالات عدة لهذا الأمر منها:
1 - أن يكون لدى الطفل عيب في إحدى أذنيه دون الأخرى وهو ما يسمى Single Ear فيكون الطفل مستخدمًا لأذن واحدة لوجود مشكلات في الأخرى، وهو ما يكتشفه طبيب الأذن بالفحص الدقيق، وبالطبع يؤثر هذا العيب على السمع والكلام لدى الطفل لانتصاف قدراته في تلك الوظائف.
2 - أن يكون لدى الطفل تأخر في الوظائف أو المهارات أو نسبة الذكاء وهو لا يعني تخلفًا عقليًّا، ولكن يعني تأخر في بعض قدرات التفكير والمهارات يتسبب في كون عمره الزمني لا يتناسب -في بعض الوظائف- مع عمره العقلي، وهو أمر يمكن التعامل معه وعلاجه بشرط تحديده واكتشافه مبكرًا، وللعلم فإن هذا التأخر قد يصاحبه ذاكرة قوية جدًّا، وقدرات متميزة في الحفظ ومهارات في التلوين والفك والتركيب، ورغم ذلك يكون هناك تأخر في بعض الجوانب لا يكتشفها إلا متخصص، والعلاج يساعد على تنمية هذه الجوانب وتطويرها.
3 - أن يكون لدى الطفل مشكلة في أذنيه معًا، وهو ما يحتاج لفحص عاجل، وقد يكون السبب في مشكلة أذنيه -إن كان هناك مشكلة- إرضاعه في صغره نائمًا مستلقيًا دون رفع رأسه عن جسمه، مما تسبب في تسرب السوائل لأذنيه وأثّر على قدراته السمعية، ومن ثَم تواصله، ومن ثَم كلامه ونطقه.
4 - أن يكون الطفل أثناء لعبه قد آذى أعضاء أذنيه الداخلية أو حشر فيهما شيئًا أو آذى طبلة أذنه أو غير ذلك، وكل هذا يحتاج لفحص للتأكد.
إذن المطلوب منك ومن والد الطفل ما يلي:
أولاً: لا بد من عرض الطفل على طبيب أنف وأذن وحنجرة وطبيب تخاطب.
ثانيًا: إجراء قياس سمع للطفل لدى مركز طبي يمكن أن ينصح به طبيب الأنف والأذن والحنجرة، وذلك للتعرف على قدراته السمعية وسلامة أذنيه.
ثالثًا: إجراء اختبار ذكاء وقدرات للطفل، وسيخبركما عن مكان إجراء هذا الاختبار طبيب التخاطب أو المركز الذي ستجرون فيه قياس السمع للطفل.
لا بد من موافاتنا بنتائج تلك الفحوص -مع عرضها على طبيب التخاطب المعالج للطفل- مع ضرورة تدوين ملاحظاتك كأم وبكل دقة في نوتة عن يوميات الطفل (مع موافاتنا وطبيب الطفل بنتائج أسبوع على الأقل من الملاحظة اليومية) فيما يخص ما يلي:
- إجادة الطفل التعبير عما يريد ولو بالإشارة، أو بلغة تعبيرات الوجه Facial Expressions ، فيستطيع أن يعبر عن جوعه أو ألمه أو غضبه أو رغبته في شيء.
- ذكاؤه الاجتماعي وقدرته على التعامل والتواصل مع الآخرين، والتفاهم معهم.
- فهمه للأوامر المركبة مثل "اغسل أسنانك ووجهك ثم مشط شعرك"، وهل يستجيب لها أم لا يفهمها.
- مدى تفاعله مع الأصوات مثل جرس الهاتف وندائك له، وسقوط شيء وصوت تكسره مثلاً وجرس الباب وصوت تحية الأب عند قدومه من الخارج مثلاً، وصوت المفتاح في فتحة باب المنزل، بما يعني مجيء الأب أو الأم، وغير ذلك من الأصوات.
- مدى فهمه لأصوات الحيوانات، بمعنى: هل إذا رأى صورة قطة وطلب منه تقليد صوتها.. فهل يموء.. أو ينبح مقلدًا الكلب أو يزأر مقلدًا الأسد؟ وهكذا...
على كل فلا بد من اتباع ما يلي جنبًا إلى جنب مع اتخاذ خطوات الفحص والعلاج الطبي المتخصص لحالة الطفل:
1 - كثرة الحديث معه أثناء التواجد معه مع استخدام جمل بسيطة وواضحة.
2 - لا بد من اتباع أسلوب معين في الحديث معه؛ إذ يجب أن تحاولي أن تكرري على سمعه أثناء تعاملك معه جملاً من كلمتين مثلاً تتكرر كلمة منهما في كل جملة مثل: "تريد لبنًا؟"، "لبن بارد؟"، "لبن كثير"، "لبن في كوب"، "سأعطيك اللبن"، "لبن لذيذ"، بحيث تتكرر الكلمة الواحدة من 5-7 مرات في جمل مختلفة، مما يسمح بإدراجها بسهولة وفهم واضح لقاموس مفرداته.
3 - لا يصح التعامل معه على أنه مسكين أو مريض أو صاحب ظروف أو حالة -كما ذكرت في سؤالك- فالحنان مطلوب، لكن الشفقة المهينة والتعاطف الجارح لمشاعر الطفل بالتركيز على ما ينقصه وإشعاره بأنه مميز بعيب يحتاج لتعاطف وتجاوز أمر غير مطلوب نهائيًّا في مثل تلك الحالات مطلقًا، والحديث عن هذا الأمر أمام الناس أيضًا خطأ.
4 - لا بد من عدم مقارنته بأخيه في الترتيب والنظام؛ فلكل طفل قدراته ومهاراته التي تختلف عن أي طفل آخر، وهناك فروق فردية بين الأطفال كالفروق بين الناس وهو ما يجعلك تختلفين عن شقيقتك في الطباع والعادات والمزاج والسمات الشخصية، رغم أنكما تربيتما في بيت واحد.. فقط شجعي طفلك على كل سلوك طيب، وعلميه النظام والنظافة دون تعيير له بأن أخاه أفضل منه أو غير ذلك.
5 - مسألة عناده -والتي أشك فيها لظني أنه لا يسمع جيدًا- تحتاج لمنهج مختلف في التعامل وإعطاء الأوامر للطفل، وسأورده لك بأحد الروابط بنهاية الرد.
العناد هو سمة طبيعية للطفل في عمر 2 - 6، ولا يحتاج من الوالدين سوى التفهم لطبيعة مرحلة الطفل العمرية، مع التعامل معه بذكاء وحنكة وستتوفر لك معلومات كافية عن تلك الحنكة باطلاعك على ما يلي:
- علاج العند بقوانين الكرة
- كنز الطاعة المفقود.. موجود
- افهم النغمة لتستمتع بها
لا بد من الإسراع في خطوات علاج الطفل قبل دخوله سن المدرسة كي لا تتفاقم المشكلة بخلط الطفل بالأطفال.
- أما عن مسألة غيرة الطفل من أخيه فلا علاقة لها بالمعاملة المشفقة المتعاطفة التي تبديانها للطفل دون أخيه الأكبر، بل لعلّ تلك المعاملة هي السبب في غيرة الطفل من أخيه الذي يعامل باحترام على أنه الكبير الواعي المنظم المسئول، ولعلّ معاملة طفلك الأصغر بتلك الطريقة تحل له معظم مشكلاته وتقضي على غيرته من أخيه الأكبر الذي يحبه ولا يحب اللعب مع أحد سواه كما ذكرت، بل من المحتمل أن غيرته من أخته الصغرى هي ما تبدو مظاهرها للعيان على أنها غيرة من أخيه الأكبر.
- لا بد من دعم ثقة الطفل بنفسه وإشعاره بأنه قادر على فعل الكثير وعلى العناية بنفسه وعلى المشاركة في الكثير من المهام، مع امتداحه والتصفيق له ومكافأته أمام الآخرين وبين أفراد الأسرة والعائلة، وحاولي اتباع النصائح الواردة فيما يلي:
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
وأختم قولي معك في هذا الموضوع بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أشهد على جور"، وكان قوله هذا ردًّا على طلب أحد الآباء أن يختص أحد بنيه بعطاء مادي معين، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشارك في هذا الجور والتمييز والتفضيل لأحد الأبناء عن إخوته، فاحذري -أختنا الكريمة- من الوقوع في هذا الجور إما بالتعامل مع طفلك الأوسط على أنه مسكين يحتاج للتعاطف -المحرج له أحيانًا- أو على أنه متعب ومرهق على خلاف إخوته، أو تمييز أخيه الأكبر -ولو داخل نفسك- لتميزه في قدراته عن طفلك الأوسط؛ فهم جميعًا أبناؤك وفي حاجة لدعمك لهم.
بارك الله لك فيهم، وأسعدك بهم، وأقر بهم عينك، وفي انتظار موافاتك لنا بنتائج الفحوص، وتطورات حالة طفلك وملاحظاتك عنه، ومزيد من استفساراتك وأخبارك وأخبار أسرتك، وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/276)
اعدل بين أطفالك واحمهم من نقد الغرباء العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، لدى طفلتان: الأولى عمرها 3 سنوات ونصف، والأخرى سنتان، عندما رزقت بالأولى أعطيتها أنا والوالد اهتماما غير عادى، وتركت عملي لرعايتها، وكانت طفلتنا المدللة، ولكن بحدود الأدب وعدم التعدي في الدلال، وكانت كذلك بالنسبة للعائلتين خاصة عائلتي؛ لأنها أول حفيدة، وهى لطيفة وهادئة ومعطاءة ومحبة للجميع، كما أنها عاقلة جدا بما لا يتناسب وسنها؛ فهي إن أقنعتها بشيء تتجاوب معك ولا تصمم على رغباتها كما لو كانت رجلا حكيما.
ثم حملت وأنجبت الثانية والأولى في منتصف العام الثاني وحتى الآن لم نهمل أنا أو والدها في تدليل أو الاهتمام بالبنت الأولى أبدًا رغم أن والدها يقيم خارج مصر؛ فهو يحدثها كثيرا ويهتم بها ولم ننقص الثانية حقها ولكن الطفلة الثانية شعلة نشاط ما شاء الله، وذكاؤها لافت، وخفة دمها تشد انتباه الجميع، وحركاتها وإيماءاتها كل ما فيها لافت للأنظار عكس الابنة الكبرى.
وبدأ الجميع يهملون الكبرى على غير وعي إلا أنا وأبوها فقط، ولقد لفتنا نظر الجميع للانتباه لذلك، وهم ينتبهون ثم يعودون بعد دقائق، حتى إنهم يتضايقون من كثرة التنبيه، وينعكس ذلك على معاملتهم معها. والآن بدأت تتبدل كل صفاتها؛ فأصبحت عصبية، وتبخل بالأشياء، وبعد حب جارف للمولودة الجديدة على عكس الأطفال أصبحت تشاكسها وتضربها وترغب فيما لديها أو في نصيبها، وأنا لا أسمح بذلك طبعا. وأصبحت تبكى لأتفه الأسباب وتصرخ، حتى نظراتها رغم صغر سنها لأختها تخيفني، وطبعا لا يخلو الأمر من لحظات حب وعطاء ورحمة ولكنها قليلة، ولكنها تعطيني أملا وراحة. وهناك مشكلة أخرى أن والدها لا يهتم بالصغيرة أبدًا أبدًا في محاولة لتعويض الكبيرة عن هذا الأمر، وأخشى أيضا من ذلك.
آسفة إن كنت غير مرتبة في عرض مشكلتي، ولكن رجاء المساعدة؛ فأنا آمل في النجاح في تربية أطفال أسوياء يتمتعون بالسلام النفسي، وأدعو لكل الأطفال المسلمين بالمعافاة من أي مرض أو ضرر، وجزاكم الله خيرا . السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدتي الكريمة، في بعض الأحيان نرى سبب المشكلة أمامنا واضحا جليا ثم نتلفت حولنا متسائلين ما هي المشكلة؟ لماذا تحولت الطفلة اللطيفة الهادئة المحبة للجميع إلى طفلة عصبية مشاكسة تشاكس أختها وتضربها، بالرغم أننا نقر أن الجميع بدأ يهمل الكبرى؛ لأن الطفلة الثانية شعلة نشاط وذكاؤها لافت وخفيفة الدم؟
ماذا نطلب من طفلة تبلغ من العمر 3.5 سنوات أن يكون رد فعلها ومكانتها تتغير من الطفلة الوحيدة المدللة إلى طفلة مهملة لا يهتم بها إلا والداها، وإن كانت تقرأ في أعينهم أنهم يرون الأخرى أكبر ذكاء ونشاطا وخفة دم!!
إن مجرد هذا الشعور حتى ولو كان بداخلنا ينتقل للطفل، وكأن هناك معيارا ثابتا للأطفال نقيس عليه أطفالنا، في حين أن الأمر غير ذلك؛ فلكل طفل تميزه، ولكل طفل طبيعته التي يجب أن ندركها، وأن نتعامل معها، وأن نعطيه ثقته بنفسه بناء على قدراته التي آثرت أن أستخدم لفظ "العدل بين الأبناء" في العنوان لاستحضار قيمة العدل في نفس الأبوين؛ لأن حل المشكلة لا يكون بظلم طرف على حساب طرف آخر؛ فتهمل الصغرى من أجل الكبرى، أو لا نعطي الكبرى حقها؛ لأن الصغرى دمها أكثر خفة.
العدل يكون بإعطاء كل طفلة حقها في الرعاية والاهتمام؛ وذلك يعني أن لكل بنت صفاتها وخصالها وقدراتها التي تنمى والتي نبرزها ونظهرها لكل واحدة؛ بحيث لا نضعهم في مقارنة، وإذا حدثت نرفضها، معلنين أن لكلٍ صفاته التي تميزه والتي يجب أن يعتز بها دون أن يعني ذلك الاعتداء على غيره أو المساس به. بصورة عملية نبحث عن مميزات كل طفلة ونتحدث معها ونبرزها، ولا يبدو الأمر مجاملة أو محاولة إخفاء عيوب؛ فالتنبيه الذي تقومون به للآخرين يعطي الإيحاء أن الكبرى ليس لها قدرات، وأنكم تجاملونها حتى تخفوا نقصها وعيوبها، وهي رسالة يمعن الكبار في إبرازها؛ فتصل صورة عكسية عما نريده..
يجب ألا نتعامل مع أطفالنا على أن بهم عيوبا نريد أن نخفيها أو جروحا نريد ألا تظهر، بل لا بد أن نتعامل بطبيعية مع "مواقف المقارنة" التي يتعرض لها أطفالنا ونتصدى لها ولمن يفعلها.. لا بد أن نتصدى له بقوة، ويكون في بالنا أننا نتصدى لمن يؤذي أطفالنا؛ لأنهم فعلا يؤذونهم من حيث لا يشعرون. ولتكن الرسالة دائما التي نوجهها إلى أطفالنا عبر الكلمات والقبلات واللمسات ونظرات العيون "نحبكم جميعا.. نحبكم كما أنتم.. لأنكم أطفالنا وليس من أجل قدراتكم أو ذكائكم أو خفة دمكم".. المساواة في كل شيء حتى اللفتة والبسمة والهمسة والجائزة.. وستجد لكل طفل ميزة نمدحه من أجلها، وساعتها ستختفي كل هذه المشاكل.
ــــــــــــــ(102/277)
الحياة في جحيم أسرة مضطربة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله كل خير على هذا المجهود الجبار الذي تبذلونه لإنقاذ أبنائنا.. أرجو من الله عز وجل أن يقر أعينكم بأبنائكم في الدنيا والآخرة.
استشارتي بخصوص ابنة أختي التي تبلغ من العمر 8 سنوات و4 أشهر.. العلاقة مع أهلها سيئة للغاية.. والمشكلة الآن أنها ترفض العودة إلى بيت والديها؛ فهي تزور عندنا منذ حوالي شهر ونصف، وذلك أن أمها كان عندها امتحان؛ ولذلك جاءت هي وأخواها إلينا لتتفرغ أمهم الحامل للدراسة.. أخواها الصغيران عادا إلى أمهما أما هي فترفض العودة حتى الآن مع أن أمها انتهت من امتحانها، وكلما تحدّثت معها والدتها بهذا الموضوع تبكي وتقول لها لا أريد العودة: أبقى في الشارع أو أذهب إلى بيت عمي إذا كان بيت جدي لا يريدني.. ولكن لن أعود إلى البيت.
وضعهم في البيت: مشاكل وخناقات على الفاضي والمليان بين أختي وزوجها، العلاقة بينهما مضطربة جدًّا وهو دائمًا يقول لها إنه الآن يبقيها عنده؛ لأن لها أطفالاً صغارًا تربيهم أما عندما تنتهي مهمتها فهناك حديث آخر.. ودائمًا يقول لها إنه سيتزوج أخرى.. وأختي عصبية وتصرخ في وجه أولادها دائمًا ولذلك فهو يصفها بالمجنونة.. وكل هذا أمام الأطفال.
أما بالنسبة لعلاقة الوالدين مع الطفلة الصغيرة فهي أيضًا سيئة.. فوالدها ومنذ أن ولد أخوها الذي بعدها مباشرة وكان عمرها سنة ونصف، والدها دائمًا يحملها المسئولية ويضربها إذا حدث خطأ ما، وعندما تتلكأ في أداء واجباتها المدرسية فهو ينعتها بأبشع الصفات (دبة - بهيمة... أنت منذ أن خلقك الله خلقك بقرة... إلخ) إهانات لا تنتهي ومعاملة فظة غليظة جدًّا معها.. هي تكره والدها وتخاف منه.. أسوأ شيء عندما يتحوّل مصدر الأمان في حياة الطفل إلى مصدر تهديد.. وعندما يتحول موضع حبه الفطري وهو الوالدان إلى موضع بغضه.. حسبنا الله ونعم الوكيل.
وأما أمها (أختي)، فالأصل في تعاملها مع أولادها هو التذمر منهم ومن قضاء حاجاتهم، والصراخ في وجوههم، وكلمة: لا، هي الجواب الطبيعي الذي يخرج منها على أي شيء يطلبونه.. ليس هذا فقط.. بل هناك الجدة: والدة الأب هي أيضًا لا تقصر مع الأطفال، البنت والصبيان؛ وذلك لأن أختي الآن مقيمة عند حماتها حتى لا تبقى حماتها وحدها.. الجدة أيضًا دائمة الانتقاد للطفلة وتوجيه الإهانات لها.
المهم.. بيئة الطفلة بيئة غير سارة بالمرة بالنسبة لها، بل هي دائمًا ما كانت تتحدث مع نفسها وتقول للمرآة: متى سأتخلص من هذا البيت ومن مشاكله.. هذا ما رأته أختي.. أنا أحاول كثيرًا أن أتحدث مع أختي وأفهمها حاجة أطفالها إلى الشعور بدفء محبتها وحنانها وإلى حاجتهم للشعور بالأمان.. فتتحسن ولكن ليومين، ثم تعود إلى سابق عهدها.. بصراحة الحياة في منزلهم جحيم.. وأنا أعذر الطفلة تمامًا في رغبتها الجامحة لمغادرة هذا البيت.. ولكن هل من الممكن أن نبقيها عندنا طيلة حياتها؟
على فكرة.. منذ شهر ونصف عندما جاء أولاد أختي إلينا كانت هذه الطفلة لا تتكلم.. لا تتكلم عن أي شيء.. حتى إنها مرة كانت تركض وتلعب مع أخي الصغير (خالها) فاصطدمت بالمنضدة وكانت الصدمة مؤلمة جدًّا، ولكن لم يصدر منها حتى صوت الآه، بل لم أعرف بأنها متألمة إلا من أخي الذي أسرع إلى فأخبرني.. وكانت تبكي من ألمها ولكن بصمت!!
أيضًا لاحظت عليها أمورًا غريبة، طبعًا هي ليست غريبة بالنسبة لمن عاشت ما عاشته، وهو أن قدرتها على المحاكاة معدومة.. فهي لا تعرف كيف تتصرف في أي أمر من الأمور، فتسأل عن أشياء تريد عملها وهي ليست بحاجة للسؤال (أريد أن أشرب.. هل أشرب؟).. وتتصرف من تلقاء نفسها في أمور يجب أن تسأل فيها (تقطع الشارع وحدها ركضًا دون أن تنظر).
طبعًا هذا ليس دائمًا.. ولكنني ألاحظ عليها أنها لا تعرف كيف تتصرف في كثير من الأحيان.. فهي مشوشة جدًّا.. طبعًا أنا أعرف السبب.. إنه التخطئة الدائمة لكل ما تفعله في بيتها والإهانات التي تلحقها بسببه هذا إذا لم يصل الأمر للضرب.. أيضًا أريد أن أخبركم أنها ومنذ ولادة أخيها وبسبب المعاملة القاسية التي تلقتها من والدها ووالدتها أيضا بسببه أصبحت تغار منه جدًّا، بل أصبحت الغيرة ممن حولها هي المحرك الرئيسي لتصرفاتها دائمًا، فمثلاً إذا طلبت منها أن تعمل شيئًا كأن تنشر الغسيل فإنها لا تفعل إلا إذا ركض أخي الصغير لعمله.. أي أنها ترى من حولها ماذا يعملون لتعمل.. لا تتصرف بقرار من تلقاء نفسها وبما تريده هي، ولكن بما يريده الآخرون.
أشعر أن طريق إصلاح هذه الصغيرة وإعادتها للتوازن ثانية طريق شاقة جدًّا.. فأنا لا أستطيع أن أصلح بيت أهلها: والدها ووالدتها وجدتها.. فهذا أمر مستحيل، فكيف إذن يمكنني أن أنقذها؟ هل بقاؤها عندنا طوال حياتها هو الحل!! في بداية زيارتها لدينا قالت لي أنا سأبقى عندكم طول الوقت.. فقلت لها مازحة: لا طول الوقت لا يمكن أبقى عندنا فقط مائة مليون سنة، ثم اذهبي إلى بيتكم، والآن كلما جاءت سيرة الذهاب إلى بيتها تقول: ولكنك قلت أن أبقى عندكم مائة مليون سنة!! أبقى كما قلت أنت.. أرجو أن أكون قد وفّيت الصورة تمامًا، وأنا مستعدة لأي أسئلة قد توجهونها لي بشأن هذا الموضوع.. شكرًا لكم ولسعة صدوركم لمشاكلنا ومشاكل أطفالنا.. أعانكم الله ووفقكم وثبتكم ورزقكم الراحة الكبرى في أعلى عليين.. آمين.
بصراحة.. بدونكم لا أدري ماذا كنت سأفعل.. كنت سأبكي بالتأكيد وأنا أرى كل هذا الظلم والقهر من حولي وأنا لا أعرف كيف أتصرف.. صحيح أنني أخطئ أحيانًا حين التطبيق لما تنصحوننا به، ولكن أن نخطئ ونحن نحاول خير من ألا نحاول أصلاً.. هذا ما علّمتموني إياه.. يا أهلي الكرام.. بارك الله بكم.. وأعانني على بركم.. آمين.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
"هل من الممكن أن نبقيها عندنا طيلة حياتها"؟ هل بقاؤها عندنا طوال حياتها هو الحل؟! هذان السؤالان وردا برسالتك.. ونحن نبادرك بالسؤال عن إمكانية ذلك عمليًّا وواقعيًّا؛ لأن طرح السؤالين بهذه الطريقة يعني إمكانية حدوث ذلك، ولكن نريد أن نؤكد على الظروف العملية لحدوث ذلك؛ لأن الأمر وهو في مرحلة الفكرة أو السؤال شيء وفي مرحلة التنفيذ شيء آخر، خاصة ويبدو أنه لا حل حقيقيًّا لمشكلة هذه الطفلة إلا بخروجها من هذا الجحيم الذي صدقت بوصفك له في رسالتك.
وهو أمر نتمنى أن يأخذ صورة مقننة وتنفيذية في عالمنا العربي والإسلامي، بمعنى أن يصدر تشريعات وقوانين تقضي بأن يحرم الأب والأم اللذان يسيئان معاملة أطفالهما من حضانة هؤلاء الأطفال، وتنتقل حضانة هؤلاء الأطفال لمن يستطيع تربيتهم سواء من العائلة أو من خارجها.
إن وجود هذا القانون أشعر بأهميته وضرورته بل وفرضيته يومًا بعد يوم، وأنا أرى أن ما يتعرض له أطفالنا من سوء المعاملة على مختلف المستويات دون أن يوجد ما يحميهم، خاصة وأن الآباء والأمهات يستمرئون المعاملة السيئة لأطفالهم، بل ويرونها حقًّا لهم لا يناقشهم فيه أحد، فهم أطفالهم الذين لا يحق لأحد التدخل فيما يفعلونه بهم، والواقع أنهم في الغرب سبقونا في هذا المضمار الإنساني –برغم ما على تطبيقه من ملاحظات وانتقادات- ورغم أننا الأحق به فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو من رفع شعار من "لا يَرْحَم لا يُرْحَم"، وكان هذا ردًّا على من قال له إنه لم يقبل أطفاله قط.. وقال قولته القوية صلى الله عليه وسلم: "ماذا أفعل وقد نزعت الرحمة من قلوبكم"، واعتبر عدم تقبيل الأب لأطفاله صورة من صور نزع الرحمة من قلبه، بل وسبب لعدم تنزل رحمات الله عليه.
فما بالنا والآباء والأمهات لم يكتفوا بعدم تقبيل أطفالهم رمزًا لعدم إعطائهم الحب والحنان الكافي، ووصل الأمر بهم إلى إساءة المعاملة من سب وإهانة وتحقير وضرب يصل في بعض الأحيان ليس لسبب تربوي وليس بقواعده التربوية، ولكن لإخراج الغيظ وتفريغ الغضب. هذه الصورة من إساءة المعاملة سواء تم رصدها من قبل المتخصصين أو تم الإبلاغ عنها سواء من الأقارب أو الجيران أو حتى قام الطفل نفسه بالشكوى منها، كلها أسباب لرفع الحضانة من هؤلاء الآباء والأمهات، ويتم انتقالها إلى من يطمئن إلى قيامهم بهذا الواجب، وتتم عميلة تأهيل نفسي واجتماعي للآباء والأمهات لفترة زمنية قد تطول أو تقصر حسب استجابتهم للمطلوب منهم، ويتم تقيمهم في نهاية المدة لمعرفة مدى كفاءتهم التربوية والنفسية لحضانة طفلهم أو أطفالهم لفترة اختبار يتم فيها متابعتهم ومدى تنفيذ هذه للبرنامج التأهيلي الذي حصلوا عليه. وإذا ثبت عدم قدرتهم على ذلك ربما نزعت منهم الحضانة نهائيًّا، وفي بعض الأحيان يكون نزع الحضانة نهائيًّا إذا ثبت أن الأبوين في حالة مرضية لا تسمح لهما بالحضانة نهائيًّا، وعدم قدرتهم على التفاعل والتعامل الصحيح مع أولادهم.. وجود هذا النظام يحمي الأطفال من المعاملة السيئة التي يتعرضون لها من الآباء، ويجعل الآباء والأمهات يحرصون على معاملة أطفالهم معاملة تربوية ونفسية صحيحة، ويحرصون على تأهيل أنفسهم للقيام بذلك.
طبعًا هذا الاقتراح يعني تغيير في المنظومة الاجتماعية تعمل على ضبط تنفيذه بما يبني ولا يهدم.
في حالتنا وحتى يرى هذا النظام النور في مجتمعاتنا فلا مانع من أن تقوم الجدة والخالة بهذا الدور، بمعنى أن توافقوا للبنت على استمرارها عندهم ويقوموا بإبلاغ الأب والأم بذلك كأمر واقع، ويضغطوا في سبيل ذلك ويبلغوا ويواجهوا الأم والأب مواجهة قوية، ويطلبوا منهم أن يحسنوا معاملتهم لابنتهم أثناء تواجدها عند الجدة حتى تقتنع الطفلة بالعودة مرة أخرى إلى منزلها، وإلا فإن الجدة والخالة ينذرون الأب والأم بأنه طالما أن الطفلة رافضة للعودة فإنها ستظل عندهم ويكون على الأب والأم أن يضعا خطة لإعادة ابنتهما إلى حضنيهما أن هما فهما الرسالة واستوعبا الدرس، ولا مانع من الاستعانة بطبيب يعينهم على تنفيذ هذا إن لم يكن باستطاعتهم تنفيذه بمفردهم..
الأمر يحتاج إلى حكمة في التعامل مع الأب والأم بحيث تصل لهما الرسالة بقوة، ولكن بدون أن تتحول الطفلة إلى مدى للعراك وإلى تخليص للحسابات بين الزوج وزوجته..
إذا كان ممكنًا أن تبتعد هذه الطفلة عن هذين الأبوين فليكن ذلك درسًا للأبوين حتى يعودا لرشدهما ويعاملا طفلتهما بما يرضي الله عز وجل؛ لأنه من لا يَرْحم لا يُرْحم.
يعني كلامنا أنه إذا وصلت الرسالة إلى الأبوين واستطاعا أن يفهما أن امتناع طفلتهما عن الرجوع إليهما يعني أنهما قد أساءا إليهما بصورة خطيرة تؤثر على نفسيتها، بحيث تشعر أنها لا ترغب في أبويها، فهذا يكفي.. فإذا لم يفهما فلتمكث عندكم قليلاً حتى يعود الرشد لأبويها؛ لأنها في النهاية لن تشعر بالأمن حال كل طفل إلا معهما، فهما الأفضل والأصلح لرعايتها أن أصلحا من نفسيهما وأصلحا ما بينهما ليصلحا التعامل مع أطفالهما في بيئة هادئة سليمة من الناحية التربوية. ونحن معك فتابعينا بأخبارك.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- الاضطراب الأسري مرتع المشاكل
- شبح الجفاء..هل يمتد إلى الأحفاد؟
- طفل في عيادة نفسية .. تجربة لا تدعو للخجل
ــــــــــــــ(102/278)
عندما يكون الأب قلقًا العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة على رسول الله، أما بعد.. فأرجو الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء، وأن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم.. ولدي سؤالان:
السؤال الأول: ابني أمجد (5 سنوات) مقبل على مرحلة المدرسة، والحقيقة أنني متخوف من قبول/ رفض ابني للمدرسة لأحد أمرين:
أ - أخاف ألا يستوعب الأستاذ نشاط ولدي الزائد فيقوم بأي عمل من شأنه ألا يحب ابني المدرسة.
ب - أخاف من سهولة/ صعوبة تكوين الصداقات داخل المدرسة وما قد يترتب عليها من خلافات قد يكون فيها ابني معتدا أو معتدا عليه، برأيكم ما هي الطريقة المثلى لتهيئة ابني للمدرسة؟ وما هي الأمور المتوقعة؟ وكيف أتعامل معها؟
السؤال الثاني: ابني أمجد متعلق بي لدرجة كبيرة حتى أنه يخبرني دائمًا "أنه يخاف عليّ أن أضيع فيصبح من دون أب".. وفي كل مرة أطمئنه وكذلك زوجتي جزاها الله خيرًا.. حتى إنه يرفض أن أبيت خارج المنزل حتى لو يوما واحدا.. لا أدري، ولكن ابني مر بتجربة عندما سافرت لأول مرة لمدة شهر كامل للتدريب (كان عمره سنتان) وبتجربة عندما طلبت منه الانتظار وحده داخل السيارة وذهبت لإحضار غرض من السوق القريب وغبت عنه لمدة ربع ساعة، وعندما عدت وجدته يبكي ويخبرني أنه خائف علي. كيف أتمكن من طمأنة ولدي والتعامل مع خوفه؟ وهل ستؤثر هذه المخاوف على تقبله للمدرسة؟
ملاحظة: ابني يحب التعلم، نشيط جدًّا، ذكي وواسع الخيال. جزاكم الله خيرًا
السؤال
النشاط الزائد, الخجل والانطواء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدي الكريم أهلاً بك ومرحبًا.. وبارك الله لك في ولدك وأقر به عينك.
لقد سألت عددًا من الأسئلة، ودعنا نحدد المشكلة لنتمكن من الحل، ونطرح السؤال: أين المشكلة؟
كان هذا هو السؤال الذي تبادر في ذهني وأنا أقرأ رسالتك هل هذه الأسئلة التي بعث بها الأب هي أسئلة عادية تتبادر إلى ذهن أي أب يُقبل طفله الأول على المدرسة أم أن الأمر يحتاج إلى وقفة، تعالَ نراجع صيغة الأسئلة بهدوء حتى نتبين ذلك معًا.
في سطرين تكررت كلمة (متخوف وأخاف) ثلاث مرات، والتخوف ليس من أمر محدد فأنت متخوف من الأمر ونقيضه.. فأنت متخوف من قبول/ رفض ابنك للمدرسة وسهولة/ صعوبة تكوين الصداقات، وبعد ذلك تسأل عن كل الأمور المتوقعة وكيفية التعامل معها.
إذا كان السؤال عن رفض المدرسة أو صعوبة تكوين الصداقات يبدو منطقيًّا فهل السؤال عن قبول المدرسة وسهولة تكوين الصداقات يكون منطقيًّا؟ وهل هناك سؤال في أي موقف يكون عن كل الأمور المتوقعة خاصة إذا كان موقفًا عاديًّا يحدث كل يوم ويتعامل معه الناس بطريقة روتينية؟
إن السؤال عن تهيئة الابن لدخول المدرسة يبدو سؤالاً عاديًّا، ولكن غير العادي هو السياق الذي أتى فيه السؤال والطريقة التي صيغ بها السؤال؛ لأن المشكلة حقيقة هي في هذا الأمر.. في حالة القلق الشديد والتي قد تكون مرضية من جانب الأب والتي تحتاج منا إلى تنبيه من أجله أولاً ومن أجل صحته النفسية، ثم من أجل ابنه ثانيًا؛ لأن ما يتوقع من آثار سلبية على الابن قد ظهر في الرسالة بصورة واضحة، فما يعاني منه الطفل من قلق وخوف هو أب أو أم قلقة يساوي طفلاً قلقًا.
إذن فلا بد من التعامل مع أصل المشكلة.. مع قلق الأب غير الطبيعي؛ ولذا فإننا مبدئيًّا لن نجيب عن أسئلتك التي طرحتها بالرغم أننا قد أجبنا في مرات متكررة عن سؤال كيفية التهيئة لدخول المدرسة والتي يسهل الرجوع إليها على صفحتنا، ولكن لأننا سنقف مع قلقك أيها الأب العام والذي يعتبر قلقك على ابنك وعلى دخوله المدرسة جزءا منه، فأقول لك سيدي الكريم: هدئ من روعك فالأمر بسيط وعادي ولا يحتاج إلى كل هذه الأسئلة المتناقضة ولا البحث عن كل الأمور المتوقعة؛ لأن هذا سيزيد توترك وقلقك وسينتقل هذا القلق والتوتر بالتبعية إلى ابنك.. تعامل مع الأمر على أنه حدث عادي يأتي في سياق طبيعي وتحدث مع طفلك على هذا المستوى.
إننا نُعِدّ لدخول المدرسة مثلما نُعدّ لحفلة عيد ميلاده أو لخروج للنزهة.. أما ماذا يحدث في المدرسة أو كيف يتعامل مع أترابه أو كيف سيعامله مدرسوه فهذه أمور لن يفيد التساؤل عليها وليس لها إجابات؛ لأن هذه أمور تتدخل فيها أمور عديدة ومتراكبة لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها أو الإعداد لها.
كل المطلوب أن يكون طفلك سويًّا يشعر بحب والديه يشعر بالأمان والدفء يشعر بثقة والديه فيه.. عندها سيكون قادرًا على التعامل مع المجتمع الخارجي بسهولة ويسر مهما قابله من مشاكل أو عقبات؛ لأنه يستمد قوته من بيته الدافئ المليء بالحب والحنان.. وبالتالي فإن الإجابة على السؤال الثاني في رسالتك فيما يخص قلق ابنك عليك ستكون إجابته هي نفس إجابتنا على الجزء الأول؛ لأن الأمرين متعلقان ومتصلان بعضهما ببعض.
إن ما يطمئن ابنك ويزيل مخاوفه أن يراك أنت أولاً مطمئنًا ولست قلقًا.. كيف نطلب منه الاطمئنان وهو يرى في أعيننا القلق والتوتر في كل موقف.. إنه يرى انفعالاتنا فيقلدها.. إنه لو رأى منا هدوءًا فسيكون هادئًا.
إنه لو رأى تعاملنا مع دخوله المدرسة يسير كأمر طبيعي وليس كحدث جلل خطير فسيهدأ، ولن يكون هناك أثر لمخاوفه أو قلقه.. اهدأ أنت أولاً يهدأ ابنك إذا لم تستطع أن تفعل ذلك بنفسك، فاستعن بالطبيب المتخصص الذي سيساعدك من خلال العلاج النفسي والعلاج الدوائي في برنامج سلوكي متكامل للتخلص من قلقك الزائد. ونحن معك.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
المعالجات الخاصة بإعداد الطفل لأول يوم مدرسة:
- أول يوم في روض الأطفال
- العودة للمدرسة بوردة
المعالجات الخاصة بإعداد الطفل للتعامل مع المجتمع:
- بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
ــــــــــــــ(102/279)
الأسرة المترابطة.. تلجم الألسن الطائشة العنوان
ابنتي تبلغ من العمر سنتين وثمانية أشهر.. مشكلتها أنها دائمًا تسب وتقول حمارة و... إلخ، فكيف أتخلص من هذه الألفاظ نهائيًّا.. في البداية كان والدها يعلمها إياها ومن جانب آخر بعض أصدقائها وإلى الآن وبعد محاولاتي لم أفلح معها في ترك هذه الألفاظ نهائيًّا، وتقوم أيضًا بضرب أي شخص وتعتبر هذا لعبًا أو أنها تريد جذب الانتباه.. أيضًا ترفض السلام على أي شخص أو أي إنسان من الأقارب وغيرهم.. وعندما أطلب منها ترك فعل سيئ أو فعل خاطئ ترفض، وعندما أهددها بأي شيء ترد علي بأن أفعل أو أن أقوم بتهديدي ولا تبالي حتى لو نفذت تهديداتي تقول افعلي.. أرجوكم ثم أرجوكم ماذا أفعل لأتخلص من الألفاظ السيئة لابنتي ومن عدم انصياعها لأوامري وتهديداتي.. وأكون شاكرة لكم. السؤال
التقليد والبذاءة الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختي الكريمة، وسأدخل في الموضوع مباشرة دون مقدمات استجابة لرجائك بتقديم الحل لمشكلاتك مع ابنتك التي تؤرقك كثيرًا بما لا يدع مجالاً للمقدمات.
صديقتي الكريمة.. إن بيانات سؤالك تشرح بنسبة كبيرة مشكلة ابنتك وتقدم لي أسبابها فالطفلة تحيا في:
1- أسرة مضطربة، وعلاقة أسرية متوترة.
2- والدان غير متقاربين في وجهات النظر التربوية.
3- تمنحين لها الفرصة للعب مع أطفال غير ذوي أدب تتمنيه لابنتك.
إذن فما هو الغريب في مشكلة الابنة؟
إن الطفل –يا عزيزتي- يرد على ما يراه من اضطرابات أسرية، ويعبر عن هلعه وخوفه الذي يسببه له التوتر الأسري بمظاهر عدة قد يكون منها الفحش والبذاءة وسوء الخلق وعدم الطاعة، وكأنه يقول: "متى ستفيقون؟.. أنا أضيع"، ولست أنا من أنظر لهذا، بل إنها نظريات علماء النفس وخبراء تربية الأطفال، فيقول د. سبوك الطبيب النفسي الشهير في مجال تربية الأطفال: "إن أحدًا لا يشك في أن أولى حاجات الطفل في هذه الحياة هو أن يكون له أب وأم بينهما حب قوي لا ينتهي؛ لأن الاثنين هما أساس حياته، والطفل يرغب في أن يكون عالمه الخاص به متماسكًا لا تمزق فيه ولا تصدع".
بل إن الأغرب أن الأطفال بحساسيتهم الفائقة وشفافيتهم وتأثرهم بما حولهم قد يبلغوا حدودًا بعيدة، فقد يكون أحد أسباب إصابة بعض الأطفال بالربو الشعبي هو الخلاف بين والديهم، ولا تتعجبي فهذا ما أثبتته بعض الآراء العلمية الحديثة التي أكدت أن "أحد أسباب الربو في سنوات الطفولة الأولى هو الخلاف المكتوم بين الزوجين"، فالصمت المليء بالغيظ المكتوم بين الزوجين والذي قد تتخلله أكثر من مناقشة حادة تنفجر لمدة دقائق وتنقل الصورة العامة للخلاف إلى الأبناء وإن اختلفت تفاصيل الصورة، لا تقل خطورة عن الصفعات والصرخات التي تغلب على التعاملات بينهما في أحيان أخرى.. فكلها معاول هدم وتفتيت للمساكين الصغار.
وننتقل إلى مسألة كون الطفلة تختلط -في سنها الصغيرة هذه- بأصدقاء ذوي ألسنة بذيئة، والأغرب أن هذا الاختلاط يتم بدون رقابتك حتى إنك تتفاجئين بآثار هذا الاختلاط على سلوكيات ابنتك ولسانها، والأمر يحتاج لوقفة منك لتحليل كيفية إدارتك لوقت ابنتك من جهة، وتحديد الذين يجب أن تختلط بهم ابنتك والذين يجب عليك توعيتها جيدًا قبل الاختلاط بهم -أو تجنيبها الاختلاط بهم مؤقتًا إن احتاج الأمر-، إلا إن كانت كلمة أصدقاء تعني أبناء الأقارب الذين لا بد من مقابلتهم بشكل أو بآخر، والأمر حينها لن يختلف كثيرًا سوى في كون الأمر سيحتاج منك لمجهود أكبر منك في إدارة مواقفها معهم.
وتعالي ننتقل إلى التفاصيل:
أولاً: سأقدم لك نموذجًا للعلاج السلوكي للطفل الذي يشتم نقلاً عن كتاب من سلسلة عالم المعرفة تحت عنوان (العلاج السلوكي للطفل أساليبه ونماذج من حالاته) للدكتور عبد الستار إبراهيم ود. رضوى إبراهيم، والكتاب يصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
ومن المعروف أن الأساليب السلوكية التي يمكن تطبيقها بدلاً من العقاب يمكن توظيفها بنجاح بهدف إيقاف مسألة الألفاظ النابية والقبيحة التي قد يستخدمها الطفل، والنموذج الذي أقدمه لك يمكن تطبيقه بشكل فردي رغم كونه طُبِّق على مجموعة من الأطفال (6 أطفال) من ذوي الاضطراب السلوكي ممن كانوا موضوعًا للشكوى من قبل المحيطين بهم لميلهم لاستخدام الألفاظ النابية بوفرة، ويقول مؤلفو الكتاب: "إن نجاح الخطة مع هذه المجموعة يوحي بأن استخدامها مع مجموعات أقل اضطرابًا وعددًا سيكون أكثر يسرًا؛ فبالإمكان تطبيق هذه الخطة في الحالات الفردية التي تعاني المشكلة ذاتها".
لقد هدفت الخطة إلى التوقف التدريجي عن السباب اليومي وعن استخدام الألفاظ النابية حتى يختفيان تمامًا، ومن ثَم فقد كان الطفل الذي يمر يومه الدراسي كله -على سبيل المثال- من دون أن يستخدم لفظًا نابيًا يحصل على عشرين نجمة يمكن استبدالها بمدعمات ملموسة أو نشاطات مرغوب فيها مثل اللعب - حلوى - نزهة - مشاهدة فيلم كارتون، وكانت الفترات الخالية من السباب تتزايد تدريجيًّا إلى أن اختفى الأمر تمامًا، وقد كان المعالج خلال مراحل الخطة يسجل على لوحة ظاهرة أي لفظ قبيح يستخدمه أحد الأطفال وذلك دون تأنيب أو تعليق لقائله.
النتائج:
بعد 28 يومًا توقف جميع الأطفال عن استخدام الألفاظ النابية واستمر هذا التوقف بما يوحي أن التدعيم الإيجابي عندما يتوقف الطفل تدريجيًّا عن السلوك المستهجن كان ذا نتائج فعَّالة وإيجابية في إيقاف هذا السلوك، وإن من الممكن استخدامه كبديل من العقاب لعلاج مثل هذه الأنواع من السلوك التي تسبب الكثير من الإزعاج لكثير من الأسر ورجال التربية في المدرسة.
ونخلص من عرض هذا النموذج إلى ضرورة تطبيق شبيه له مع الابنة بشكل مبسط ومناسب لسنها، كأن ترسمان معًا جدولاً جميلاً تعلقان فيه نجومًا ذهبية وفضية على أحد جدر حجرتها، ففي كل يوم تمتنع فيه عن السباب بنسبة تعلق الفضية، والذهبية إن امتنعت عنه في هذا اليوم تمامًا، ومع نهاية اليوم يتم حساب عدد النجوم الذهبية لتستبدل بمدعمات عينية وهكذا حتى ينتهي الأمر تمامًا.
ثانيًا: بالنسبة لمسألة محاكة الطفلة لأقرانها في مسألة الشتائم فقد أوردنا بعض المقترحات للتغلب على هذه المسألة فيما يلي:
- بين سب عمان وحلم العقبة.
ثالثًا: في الرابط التالي تجدين نصائح للدكتور د. عبد الرحمن العدوي -الأستاذ بكلية الدعوة وعضو مجمع البحوث الإسلامية- في مسألة سباب الأطفال وتعليمهم نزاهة اللسان، وقد وردت عنه في مقال:
- صغارنا وقواميس الشتائم
رابعًا: من الهام جدًّا توفير البيئة الطيبة التي تساعد على أن تنبت حبيبتك في جو آمن وسليم ومستقر، فلا بد من التقارب بينك وبين زوجك والتحاور معه عن المصلحة المشتركة بينكما وهي ابنتكما التي لا بد أن تتعاونا على تربيتها، وأنه من الأفضل أن يكون لها قدوة -دون أن تلومينه أو تقرعينه- وأن يعودها ما يجعلها في مدرستها وبين أقرانها وأمام الناس محبوبة ومقدرة، فالطفل يكون قاموسه ومفرداته من البيئة المحيطة به؛ ولذا فدوره هام وإن كان بسيطًا، فلن يكلفه سوى ضبط لسانه داخل المنزل على الأقل وأمام الطفلة.
خامسًا: استخدمي مع الطفلة -أنت ووالدها- أرقى ما يمكن من أساليب وألفاظ فقولي لها بدلاً من (خذي) (تفضلي)، وبدلاً من (هاتي) (إن سمحتِ ناوليني)، وأكثري من مفردات (من فضلك - إذا سمحت - بعد أذنك -... إلخ) حتى في الغضب وعند الصرامة والتوجيه، وحاولي أن تصححي لها مفرداتها باستمرار وأن توجدي لبدائل للكلام غير اللائق، فمثلاً بدلاً من أن تشتم (كلب - حمار... إلخ) قولي لها: "أعرف أنك تكونين غاضبة من فلان، وسأعلمك فكرة رائعة: عند غضبك أفضل كلمة تقولينها بكل الغضب هي (سامحك الله يا فلان - أنا لست سيئة الخلق لأرد عليك - منك لله - لن أكلمك... إلخ) -طبعًا هذه المعاني أوصليها لها بألفاظ مناسبة لعمرها-، وهي كلمات ستعتادها مع الوقت ومع تكرارها أمامها في المواقف الشبيهة، وستحرج من يتعاملون معها ليهذبوا ألفاظهم (وهذا عن تجربتي الشخصية مع ابنتي في مواجهة بذاءة بعض الأقارب).
سادسًا: في حالة ابنتك حاولي أن تنسي مسألة العقاب والتهديد؛ فيكفيها ما تعانيه من اضطراب أسري، وحاولي استبدال التوجيه وتعليم الصواب والتصحيح والتدعيم لكل سلوك حسن والمكافأة بمسألة العقاب، والمصاحبة والاندماج مع ابنتك إلى حد يتخطى الصداقة، وذلك باتباع النصائح الموجودة فيما يلي:
- برنامج مميز للوقت المميز
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً
- طفلي يصرخ.. أفهموني أستجب لكم.. متابعة.
سابعًا: للتعامل مع عناد الطفلة وعدم إطاعتها للأوامر، لا بد أن تتأكدي أن عنادها واستهزاءها بتهديدك -الذي اتفقنا أنه لن يتكرر- هو من فرط ما تشعر به من ضغوط بسبب الاضطراب الأسري الذي حكيتِ عنه، وبسبب اختلاف منهج التعامل معها وتشتتها بينك وبين الأب، وقد حاولنا معًا الاقتراب من حل هذه المشكلة في رابعًا -إلى حد ما- لكن ما زال الكثير حول هذا الموضوع لا بد من التعرض له، والأهم هو لفت نظرك أولاً إلى كيفية إعطاء الأوامر للطفلة بشكل محبب مضمون النجاح إن شاء الله، وستجدين الأمر مفصلاً في الفقرةالتالية..
: قواعد إعطاء الأوامر
1- تعامل مع الطفل على أنه إنسان ناضج؛ فالطفل يهوى أن يعامل باحترام وأن يستأذن، وعندما نعامله على أنه إنسان ناضج فإنه يستريح إلى ذلك ويتصرف بنضج.
2- لا بد من التنويع في أسلوب توجيه الأوامر، فبدلاً من أن تقول الأم مثلاً: "كل طعامك وإلا..." تقول له: "من سيلعب معي لعبة القطة؟ وما هي لعبة القطة؟" تغمض الأم عينها مثلاً وهي تحمل اللقمة، ثم تحذر محمد -بأسلوب مرح- على أنه (القطة) ألا يأكل طعامها وهي نائمة، وتغمض عينيها وتمثل أنها نائمة، وهي تغني: لا تأكلي طعامي يا قطة حتى أصحو، وبالطبع سيأكل الطفل (القطة) اللقمة التي تحملها الأم ويضحك ويقهقه، "فتزغزغه" الأم في مرح.. أهكذا أكلتها يا قطة، لا تفعليها ثانية.. أكلت الجبن فلا تأكلي البيض.. وهكذا...
وبدلاً من "ضع حذاءك مكانه يا..." تقول: "الحذاء العجيب حين يجلس في مكانه سنرتاح من شقاوته ولخبطته لحجرتنا.. هلا انتصرت عليه ووضعته مكانه".
ولا يفوتني أن أقول إن اللغة التي يجب أن تسود تعاملات اليوم مع الطفل هي المرح والابتسام والصوت المبتهج مع توجيه الأوامر بصداقة وحزم مع جلوس الأم أو الأب -حال توجيه الأمر للطفل- على الركبة وفي مستوى ارتفاع الطفل عن الأرض.
3- لا بد من احترام رغبة الطفل عند توجيه أمر إليه، فلو كان تنفيذه لطلبكما سيأخذه من شيء يستمتع بفعله فلا بد لك من إشعاره بأنكما مقدرين لهذا الاستمتاع، وأنه على الفور سيعود لما كان يستمتع به، فتقول الأم له مثلاً: "أعلم أنك تستمتع بهذا اللعبة، لكن نحن مضطرون الآن لتركها قليلاً لكي نأكل على أن نعود ونلعب بها معًا بعد ذلك"، مع ضرورة تحقيق هذا الوعد باللعب معه.
4- يجب أن يكافأ الطفل فعليا عندما يطيع ليعلم الفرق بين الطاعة وعدم الطاعة، كما يجب أن تستخدما أساليب الحفز والتشجيع المختلفة؛ فالأم ما زالت مرآته التي يرى فيها ذاته، وتتدعم من خلالها ثقته بنفسه وبحب المحيطين له وبقدرته على الحفاظ على هذا الحب بالفعل الصحيح، كما يجب عدم اللجوء للصراخ نهائيًّا؛ فالعصبية معدية.
5- لا بد من المداومة على احتضان الطفل وتقبيله والتبسم له ومشاركته اللعب والمرح، والاختباء منه والجري وراءه حتى أثناء مزاولة أعمال المنزل وتنظيف الحجرات، مع إشراكه في أداء هذه المهام، وذلك:
- لتحقيق صداقة قوية تربط بينكما؛ فتؤدي إلى أن المحب لمن يحب مطيع.
- لتحقيق جو مناسب لنمو ونضج سليم بعيدًا عن التوتر والعصبية والأوامر والعناد فالعقاب... إلخ.
6- قصة قبل النوم لها من أثر في تقويم المعوج من السلوكيات بإسقاط هذه السلوكيات على الأرنب الذي فعل كذا وحصل له كذا، ولما سمع كلام أمه وفكر جيدًا حمى نفسه من كذا... إلخ، وبشكل عام فقراءة القصص من كتب القصص الملونة -سواء قرأها الأب أو الأم مع الطفل- تصنع جوًّا من الدفء والحنان والترابط حول الطفل تدعم سواء نشأته ونموه.
7- لا بد أن تكون روح التعامل مع الطفل مزيجا من الإقناع والمودة والصداقة، مع تعليمه لماذا الخطأ خطأ، ولماذا الصحيح صحيح بهدوء ومن خلال "الحواديت" تارة وتركه للتجربة تارة، وإخباره بنتيجة هذا الفعل حينما فعله بابا وهو صغير تارة أخرى وهكذا... المهم أن يعرف لماذا يتجنب الخطأ ولماذا يفعل الصحيح.
8- كل يوم يمر في حياة الطفل -ما دمنا نتعامل معه بشكل صحيح وهادئ وحنون- يتطور فيه للأفضل، وما يبدي عليه رفضه اليوم، ستجدونه ينصح به أخته غدًا.. وهذا عن تجربتي.
9- هناك فرق بين الهدوء -الذي تظنين أنه يجعل ابنك يتمادى في عناده- وبين عدم الجدية والحزم؛ فالطفل يريد أن يتأكد من مدى صدق الوالدين في معاملته بشكل جيد؛ فيستفزهما أحيانًا ليعرف نهاية ما يظنه تمثيلية مصطنعة من الهدوء؛ فيثبت لنفسه -باستجابتهما لاستفزازه- أنه كان محقًّا؛ لذا فانضباط الطفل لن يتحقق إلا بإشعاره بالحب الكبير والمكانة العالية التي يحتلها والتي ستدفعه لأن يحافظ عليها بالتزام السلوك الحسن، وهنا نعود لمسألة الإقناع مع المودة والحزم مع الحنان وليس اللين المصطنع الذي يعقبه نهر وزجر عند عدم الطاعة.
10-على الأم أن تتجنب الشكوى من الطفل لأبيه أمامه أو لغير أبيه، بل تحرص على مدحه عند أبيه بكل فعل حسن فعله خلال اليوم لحفزه على المزيد، ولكن دون مدح لشخصه، بل تمدح فعله، فلا تقولي: "محمد أشطر طفل"، بل: "كان ترتيب محمد لألعابه اليوم ممتازًا".. "تناول محمد اليوم طعامًا مفيدًا ليكبر"... وهكذا.
11- لا بد من توفير فرص عدة للطفل لممارسة أنشطة لطيفة تسعده وتجعل قضاءه لوقته مفيدًا له وممتعًا، كما أنه لا بد من مشاركة الأب أحيانًا والأم أحيانًا والوالدين معًا مع الطفلة الصغيرة أحيانًا أكثر في ممارسة هذه الأنشطة (تلوين- رسم- مكعبات- صلصال- مسرحيات عرائس بسيطة- فك وتركيب بازل- ... إلخ).
ثامنًا: الحديث عن ضرورة تضميد جراح حياتك الزوجية مع والد ابنتك ورفيق حياتك يحتاج للمزيد من التناول والكلام للحفاظ على الطفلة المسكينة، ولرأب الصدع بينكما وهذا أهم، ومن وجهة نظر تربوية يمكن أن ألخص لك بعض التوجيهات والمقترحات:
1 - كل الناس لن تستطيع أن تعيش طول العمر في حالة اتفاق ودون خلاف؛ فلا بد أن تختلف آراؤنا ولا بد أن نتناقش، ولكن لا بد أن يكون الخلاف غير مؤثر في سير الحياة الطبيعي مسببًا مرارة كبيرة للزوجين والأبناء واضطرابات لا تنتهي.
2 - لا بد من تأجيل الخلافات ومحاولة السيطرة عليها أمام الطفلة، مع السيطرة على الانفعال كي لا يفلت، ولكن دون كتم لهذا الخلاف مع الاستمرار في ترديد النظرات والكلمات المبهمة ودلالات الاشمئزاز والغضب والكراهية الصامتة، فقط تأجيل طرح الخلاف حتى وقت آخر، ليطرح بهدوء ودون غلق باب الحجرة الذي يرتج بهدير الصراخ والشجار، بل بغلقه على حوار هادئ ومتفهم.
3 - إن أمكن التعامل مع الخلاف بصورة مرحة يكون الحال أفضل كثيرًا، والتسامح ونسيان الإساءة أجمل وأجمل.
4 - إن فهمت الطفلة بوجود خلاف فلا بد أن تشرحا لها أن الأمر مسألة عرضية، وبواقعية وهدوء أفهماها أن الخلاف يأتي لحياة كل إنسان ويذوب بسرعة، ومن المهم أن يؤكد الوالدان للأبناء أن الحب بينهما قوي وأن الاحترام قائم، وأنهما لا يختلفان حول أهداف الحياة الأساسية وهي تربية الأبناء وحبهم، وكلما كانت قدرة الزوجين على إنهاء الخلاف سريعة قلَّ شعور الأطفال بألم هذه الخلافات.
وختامًا.. -أختي الكريمة- فإن المرونة مطلوبة؛ لأن الحياة ممكن أن تكون بها أكثر إشراقًا، ومن يطلب حل خلاف في الأسرة بأسلوب علمي ليس هو الخاسر، فلا تترددي في إرسال مشكلاتك الزوجية لصفحةمشاكل وحلول الشباب أو اللجوء لأي جهة لها دور في حل مشكلات الزواج؛ فلقد تقدمت البحوث الاجتماعية والنفسية بشكل كبير تساعد على تخطي مثل تلك المشكلات، وصدقيني يا أختاه إن حلبة مصارعة الثيران لا تشهد الثور وهو يهجم دون داعٍ على مصارع الثيران، ولكن هجوم الثور يبدأ بعد أن يرفع المصارع علمه الأحمر أمام الثور، وهنا فقط تبدأ المصارعة.
ــــــــــــــ(102/280)
تجميل الرجال..موضات الفراغ العنوان
ابني -15 سنة- يقوم بحلاقة شعر رجليه ويديه، ومن جديد بدأ يستخدم الشمع، مع العلم أن هذا الشيء قد انتشر بين الشباب في الأردن، خاصة مع تشجيع الدولة للشباب على ممارسة الرياضة التي تتطلب زيّا خاصا يظهر الأرجل والأكتاف؛ ولأنهم -كما أظن- يجدون الشعر قبيحا فهم يزيلونه.
أنا أعتقد أن هذا خطأ وحرام شرعا، فهل أنا على خطأ؟ لأني أجد أن أمهات باقي الأولاد لا يجدن هذا خطأ، مع العلم أن عمري (49) عاما، وأن إخوته الذكور لا يعيشون معنا لأنهم يدرسون في الخارج. فهل علي أن أمنعه، أم لا أتدخل؟
أرشدوني، أرشدكم الله.
السؤال
تربوي الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف اسم الخبير
الحل
الأخت الفاضلة: لعلك لاحظت تنامي ظاهرة (تجميل الرجال) في المجتمع (الأردني، وغير الأردني)، وإقبال الشباب المتزايد على هذه الجرعات من أغذية كمال الأجسام، إلى تزيين البشرة، وهي "موضة" لوحظ تزايدها بين الشباب.
إن مما يعزز هذه الظاهرة الفراغ لدى الشاب.. فراغ في الطموح، وفراغ في الاهتمامات، وفراغ في كل ما يحتاجه الشباب من رموز قيادية تملأ "رأس" الشباب -كما يقولون- وتوجه الاهتمام إلى قضايا الأمة العملية والسياسية والثقافية.
وفي هذا الأمر يطول الكلام، لكن مجتمع الأردن الذي يشكل فيه الشباب أكثر من 60%، يجعل الفكرة أكثر تركيزا وأسرع انتشارا، وهم يقلدون بعضهم البعض، وفي سن المراهقة يقلد الشباب بعضهم أكثر من أي سن أخرى؛ حتى لا يشعر الشاب بالنقص أمام زملائه فيحاول إرضاءهم. والأمر لا يرجع فقط إلى جذب الفتيات ولفت أنظارهن، بل إن الشاب يحب أن يكون في نظر زملائه الأجمل والأنعم والأكثر قربا في صورته من الممثلين والمطربين!
إن قضية كهذه تتعلق كثيرا بثقة الشاب في نفسه، فالملاحظ أن الشاب الذي يهتم بالعلم والذي تكون اهتماماته راقية، ويحب التفوق العلمي يكون أقل اهتماما بهذه الأمور -في الغالب- من غيره، ويؤْثر عدة عوامل أخرى، كاهتمام العائلة به ومنحه الثقة وإشراكه في الشئون الاجتماعية للعائلة وإشعاره بالمسئولية وإحاطته بالعناية والصحبة والمحبة.
إن وجود أسرة كبيرة يؤثر -بلا شك- على الاهتمام الفردي الضروري للابن المراهق، وعلى الأبوين إعطاء أولوية حياتهما لابنهما المراهق ومنحه الوقت، والاستماع إلى مشاكله ومشاركته اهتماماته، حتى وإن كانت لا تعجب الأب طالما أنها في إطار المباح والممكن.
وأريدك يا سيدتي أن تطمئني؛ لأن هذه "موضة" مثل كل "الموضات" تنطفئ فجأة، وبعد فترة وجيزة يتحول اهتمام الشاب إلى أمور أخرى ولا يبقى على حاله.
إنني أحيل الإجابة الشرعية عن سؤالك على قسم الفتاوى في الموقع. ولكن إجابتي كانت عامة لك ودعوة لتفهم نفسيات الشباب في مجتمع كهذا.
إن المظاهر المزعجة للأهل ستزول مع زوال "الموضة"، وعلى الأهل أن يكونوا صبورين على أبنائهم، فلا يحوّلون أي مخالفة إلى مصيبة تحطم العلاقة بين الأهل والأبناء، خاصة أن المراهقين يكونون في غاية الحساسية من تعليمات الأهل.
وأقول لك سيدتي: تحاوري مع ولدك، ولا تفرضي عليه رأيك حتى لو كان ما يفعله معصية، فإن صلتك الدافئة به ستغيره يوما ما، ولا تجعلي محبتك وصداقتك له مشروطة باتباعه الحلال والحرام، ولكن لا بأس بأن تشعريه بأنك تكونين سعيدة حينما يطيع ربه، وحينما يكون قوي الشخصية ناجحا في حياته ومدرسته... واستمري في دعمه وتشجيعه بكل إمكاناتك.. تعرفي على أصدقائه مثلا، غيري بيئته المدرسية وانقليه إلى مدرسة محترمة لعله يترك أصدقاءه هؤلاء إلى أفضل منهم، ضميه إلى ناد محترم ليتدرب فيه على رياضة يحبها ويبدع فيها، شجعيه على هواية علمية أو أدبية يحبها.
إن هناك مئات الطرق التي يمكن أن يبتعد بواسطتها أبناؤنا عن الاهتمامات السطحية ولكن الأهل يريدون أقصر الطرق، وهذا غير دقيق ولا سحري ولا عملي.
لقد أعجبتني مقولة أحد الحكماء عن مراحل تربية الولد: "ابنك في السبع الأولى أمير وفي الثانية أسير وفي الثالثة وزير". وولدك يا سيدتي بدأ مرحلة الوزارة فاتخذوه وزير المنزل ورفيق الوالد، يحضر الجاهات والجماعات، وسترين أن اهتماماته تنضج وتكبر.
أما بخصوص شرعية ما يفعله من إزالة الشعر، فلا شك أن ذلك تشبه بالنساء وتشبه بالمطربين المخنثين، ولقسم الإفتاء أترك الرأي النهائي، لكن أرجوك لا (تجلديه) بالحكم الشرعي في كل وقت حتى لا يتمرد أكثر ويتمادى، بل يكفي أن تذكري له ذلك في غير صيغة التوبيخ وفي غير وقت التوتر، ولكن أثناء حوار هادئ بينكما حيث يكون الدماغ في وضع التقبل والتصديق، ولا تنسي أنه يحب إرضاءك بلا شك، فابقي معه وصاحبيه تكسبيه.
أدعو الله لك بالتوفيق والسداد، ولأسرتك بالسعادة أيضا.
ــــــــــــــ(102/281)
شكرًا لبسالة كل أب مسئول العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابني (3 سنوات) كان عنيدًا جدًّا، ومن أمثلة عناده أنه دائمًا يرفض النوم رغم أنه قد يكون في أشد حالات الإرهاق والنعاس، ولكنه لا يحب أن ينام ويبدأ يتحجج بأن يريد طعامًا.. إنه يعلم أن أمه تحب أن تطعمه ويحدث مشاجرات أحيانًا على الطعام؛ لأنها تعتقد أنه لا يأكل جيدًا. هو وزنه حوالي 13 كجم وطوله حوالي 94سم، فيطلب الطعام أو الشراب أو عمل حمام، وبعد ذلك يطلب أن نحكي له قصة. وبعد كل ذلك يظل في السرير يلعب أو يحدث أي ضوضاء -وهو ينام معنا في نفس السرير ويحب ذلك ونحن أيضًا- وفي النهاية أضطر إلى تهديده بإطفاء النور؛ لأنه يخاف من الظلام نوعًا ما، فعندها يصمت وإن لم يصمت أطفأت النور بالفعل وبعد قليل ينام. وأحيانًا نضطر للصراخ فيه فيبكي قليلاً أو يصمت ثم ينام، وهذا يجعلنا نحزن.
ومحاولة للتخلص من هذا العناد بدأنا معه باستعمال شخصيات من القصص والحيوانات، مثلاً نحكي له "قصة القطة بوسي التي لم تسمع الكلام وكان العاقبة وخيمة، والدب الذي سمع الكلام وكان سعيدًا والجميع يحبه وكل ما يعمل حاجة غلط نقول له أنت وحش زي القطة بوسي واسمع الكلام علشان تبقى جميل ومؤدب زي الدب دباديبي فيقول خلاص سأسمع الكلام. ولكن يعيد الخطأ ولا يسمع الكلام، ثم يرجع ويقول هسمع الكلام... وهكذا".
نحاول أن نكون لطفاء معه ونمسك أعصابنا، ولكن أحيانًا نتعصب، وقد تصل إلى ضرب أو صراخ. فهل هناك حل مثالي. وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
العناد والعصبية, فقدان الشهية الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أخي الكريم للمرة الثالثة على صفحتنا بعد استشارتين سابقتين هما:
- باسل يثأر لقلبه الجريح:
- أمي أسألك البقاء بحضنك
ولاأخفيك أنني باطلاعي عليهما مرة أخرى واطلاعي على سؤاليك الحديثين شعرت بسعادة غريبة، ولم أستطع أن أقاوم الابتسام لعدة أمور
أولها: شعوري الأكيد باستمتاعك وزوجتك -بارك الله لك فيها- بتربية طفلكما وأول فرحتكما باسل، وهو ما أكدت عليه في التأكيد على الاستمتاع بنوم باسل لجوارك.
ثانيها: تعاونك الرائع مع زوجتك في تربيتكما لفارسكما الباسل (باسل)، ومشاركتكما في أدق تفاصيل تنشئته من تدريب على التحكم ونوم وإطعام ووزنه وطوله وصحته وغيره، وهو أمر أدعو الله أن يستمر، وأن يتحلى به كل أب.
ثالثها: كلامك بصيغة الجمع عن الأسرة وعنك ووالدته كوحدة واحدة فتقول: "نحزن -نريد - نضطر - نقول - بدأنا... إلخ"، وهو شيء يدخل البهجة على القلب أن يرى المرء أسرة متماسكة تسعى لتنشئة الأبناء صالحين مصلحين يبنون مستقبل هذه الأمة.
رابعها: رقتكما أنت ووالدة باسل وحزنكما لحزن ابنك وبكائه عندما تصرخان فيه، ومحاولاتكما أن تكونا (لطيفين) معه كما تقول، وهو ما يسهل مهمتي كثيرًا إن شاء الله تعالى.
أدعو الله تعالى أن تستمر لدى أسرتكم الحبيبة كل تلك الخصال والعادات، وأن يكثر الله من أمثالكم.
ونبدأ أخي الكريم في تحديد مشكلات باسل وفقًا لسؤاليك وهي:
1 - العناد والتزامه تارة بإطاعة الأوامر وضعفه عن ذلك تارة.
2 - خوف الطفل من الظلام.
3 - عدم رغبته في النوم كل ليلة.
بالنسبة للمشكلة الأولى:
مما لا شك فيه أن استجابة باسل لمسألة الحكايات والقصص وهي كنا قد عونا إليها في استشارة"العند.. الحل السحري في القصص " لالتزام السلوك الحسن أمر ممتاز، وإن كان يحتاج أن يتطور ويستخدم بشكل موجَّه لبثه الكثير من قواعد السلوك الطيب والأخلاق الدمثة، فيتعلم الكرم والصبر والمحاولة والمثابرة والنظام والصدق والنظافة والرحمة بالصغار والضعفاء والفقراء وغيره، ويمكن استخدام القصص الملونة والمصورة والتي تزخر بها المكتبات وبعضها يكون خالٍ من الألوان ليلونه الطفل بيديه، فتترسخ الصورة الطيبة للسلوك الحسن في ذهنه، وللصورة -ولا شك- دور كبير في ترسيخ المعاني والمفاهيم.
كما أني أفضل عندما يخطئ الطفل ألا يقال له إنك سيئ مباشرة، وإنما تتحور الجملة لتعبر عن نفس المعنى بشكل ألطف، مثل: "هل تريد أن تكون وحشا مثل كذا؟"، وقس على هذا كافة الأوامر التي توجه للطفل التي يجب فيها الابتكار والتجديد كل يوم وكل لحظة لتجد لدى الطفل القبول والاستمتاع بتنفيذها، وتسبب له مزيدًا من الاندماج المرح مع والديه، وطالعي يا أم باسل الاستشارة التالية لتطلع على بعض من الأفكار التي أعنيها ويمكنك الزيادة عليها:
- ولدي لا يطيع الأوامر
مع ضرورة التأكد من أنه من المستحيل أن يلتزم الطفل طوال الوقت بقواعد السلوك الحسن، وإلا ما صار طفلاً، والهدف الأساسي من توجيهه هو أن يتعلم ويعرف الصواب والخطأ وليس أن يتم برمجته لكيلا يخطئ أبدًا، وتواجد الرغبة لديه في أن يكون حسن السلوك أمرًا مبشرًا في حد ذاته أنه ستتطور قدراته يومًا بعد يومًا على مقاومة نزعاته وما يستميله لفعل التصرفات الخاطئة.
وبالتالي فما اقترحه هو تأسيس وترسيخ قاعدة قوية للسلوكيات والأخلاقيات الحسنة في نفس الطفل وضميره، وترغيب الطفل فيها بشتى الطرق من قصص وتمثيل مسرحيات بالعرائس وتلوين وتعليقات على كل مشهد كارتوني أو خارج المنزل مثل إلقاء النفايات على الأرض، وممارسة لعبة صح وخطأ بحيث يطلب منه الحكم على الموقف الذي يحكيه الأب أو الأم مثلاً إن كان صحيحا أو خطأ مع تصويب الخطأ وغيره، مع ضرورة مكافأته على الالتزام بما يستطيع منها، وسؤاله عند فعل الخطأ إن كان ما فعله صحيحًا وهل سيكرره؟ والاستبسال معه والصبر على أخطائه دون صراخ أو عصبية واستعينا أنت ووالده بالنصائح الواردة فيما يلي:
ولا يفوتني توصيتك بملاعبته باستمرار ومصاحبته كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع سبطيه؛ إذ كان يحملهما على ظهره ويسير بهما، ويقول: "نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما" رواه الطبراني، فالملاعبة والتصابي للأطفال أثر عظيم في توطيد العلاقة معهم، وذلك مفتاح هام للتعامل معهم، فالمحب لمن يحب مطيع.
أما مسألة خوف الطفل من أي شيء (الظلام أو غيره) فهو أمر يجب ألا يتم الإلحاح على الطفل به وتأصيله لديه بتهديده به باستمرار؛ لكيلا يزيد خوفه منه، بل على العكس يجب أن يتعرض له برفق وتدرج يجعله يتأكد من كونه أمرًا غير مخيف، وتابع المقترحات الواردة فيما يلي:
- دعوا أطفالكم يخافون.
- جريمة في حق الأطفال اسمها (العفريت جاي).
وبالتالي فلا يجب عليك تخويفه بإطفاء النور أو تهديده بالظلام، وإنما يجب اتباع النصائح التي تجدها في بعض الاستشارات عن فصل المنام -وهي مسألة لها أهميتها الواضحة في سن طفلكما تلك-، كما ستجد ما يفيدك في مسألة طقوس النوم التي تضمن للطفل نومًا هانئًا سعيدًا فيما يلي:
عن فصل المنام:
- فطام المنام.. بداية الاستقلال
- استقلال بلا نية انفصال
- فصل المنام.. حلول مقترحة
- وعن طقوس النوم:
- للنوم طقوس أيضًا.
- -فصل المنام.. حكاية كل بيت
وأضيف على ذلك أن كل الأطفال يقاومون النوم بكل بسالة لرغبتهم في الاستمتاع بأهليهم وبأوقاتهم بما قد يفوق طاقتهم، والأمر قد يحتاج تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ، ومنع الغفوات أثناء النهار التي قد تساعد الطفل على السهر، ولا شك أن استيقاظ الطفل مبكرًا سيجعل نومه ليلاً أيسر ومنظم في موعد معين لا يكاد يتذبذب إلا نادرًا.
و طالع ما يلي للاستزادة عن مسألة النوم:
- مشكلات وقت النوم حب واحتياج
أخي الكريم.. أرجو أن أكون قد وفرت لك ما يكفي للإجابة على تساؤلاتك، وحقيقة لقد أمتعني الرد على هذه الاستشارة كثيرًا، وأرجو أن يستمر هذا التواصل بيننا دائمًا فيما يخص باسل وإخوته القادمين أن شاء الله تعالى.
ريحانة البيت في طريقها للتحكم.. متابعة العنوان
أنا صاحبة الاستشارة (ريحانة البيت.. في طريقها للتحكم)
التي أجابت عليها د. دعاء ممدوح. وسؤالي أنني قد بدأت مع طفلتي (سنة ونصف) والحمد لله بدأت في إحراز تقدم، ولكنها تخاف جدًّا وبرعب من البراز لدرجة أنها تمسك نفسها عن إخراجه؛ لذا أضطر لوضع حفاظة لها، وأنا أضع لها حفاظًا أثناء الليل؛ لأنها تتبول أثناء الليل، كذلك نحن نسافر كل أسبوعين 4 ساعات ذهابًا ومثلها إيابًا، وإذا عرض لنا خروج من المنزل للمنتزه أو السوق فإني أضع الحفاظة لابنتي؛ حيث إن عملية التعلم طويلة. هل ما أفعله صحيح؟
البعض نصحني بأنه يجب أن نمكث في البيت ولا نغادره حتى تتعلم! وحتى في المستقبل عندما تتم التعلم إن شاء الله؛ هل إذا دعينا لفرح أو مناسبة تطول وهناك احتمال انشغالي، فهل أقوم بعدم وضع الحفاظة حيث إن هذه انتكاسة؟ السؤال
الخوف الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك يا أم الريحانة عطَّر الله بها أيامك.. وكم سعدت بمتابعتك السريعة وتواصلك الذي أدعو الله تعالى أن يدوم فيه سبحانه لتحق لنا محبته؛ إذ تحق محبة الله للمتباذلين فيه والمتزاورين فيه والمتحابين فيه، كما ورد في الحديث القدسي.
ومما لا شك فيه أنني سعدت كثيرًا أن ابنتك استجابت -ولله الحمد والمنة- في هذه السن الصغيرة للتدريب على التحكم، وهو أمر صعب على الأطفال؛ لأنه ضد ما تلح به عليهم عضلاتهم، وسن ابنتك -ما شاء الله- يعتبر مثاليًّا في مسألة الاستجابة للتدريب. وبالنسبة لرعبها من البراز وإمساكها عنه فأظن أن الأمر قد يكون بسبب إمساك يسبب تيبس البراز بشكل يؤلمها عند إخراجه؛ ولذا فالأمر يحتاج أن أسأل:
1 - هل قوام البراز ثخين وصلب أكثر من الطبيعي لسنها، ولا توجد به ليونة تيسر خروجه دون ألم؟
2 - هل تمتنع الطفلة عن التبرز خوفًا من الألم أم مللاً من الجلوس على وعاء الإخراج مثلاً، وكيف تأكدت أنها تبكي رعبًا وخوفًا من البراز وليس رغبة في أن تقوم لممارسة ألعابها بدلاً من الحبس في انتظار التبرز؟
3 - كم مرة يوميًّا تتبرز الطفلة؟
4 - هل تتناول الخضراوات واللبن وغيرها من الملينات الطبيعية؟
إن كان الأمر إمساكًا فقد يكون غذاء الطفلة حينئذ في حاجة إلى إعادة نظر، فربما كان نظامها الغذائي بحاجة لزيادة الخضراوات والألبان على حساب المعجنات مثلاً أو الأرز أو غير ذلك، وهو ما يتطلب العودة لاستشارة طبيب الأطفال الذي تتابعين معه، وربما يكون الإمساك قد حدث معها مرة أو مرتين فآلمها وجعلها تتخوف من التبرز باستمرار، وللأسف فالامتناع عن التبرز يسبب لها المزيد من الإمساك وهكذا، وبالتالي فهي بحاجة إلى إشعارها أن الأمر غير مؤلم دون حثها مباشرة على التبرز، وذلك بأن تحرصي على كون غذائها لينًا، ثم إجلاسها في موعدها اليومي للتبرز وإشغالها بلعب أو قصة أو غيرها أثناء جلوسها حتى تخرج بيسر؛ فتتأكد بنفسها من أنه لا يوجد ما يخيف في المسألة فتجتاز هذا الخوف إن شاء الله مع تكرار تلك التجربة.
لكنني أفضل عرض الطفلة على طبيب أطفال للتأكد من أنها لا تعاني إمساكًا مزمنًا مثلاً -لا قدر الله- أو أنها لا تحتاج لعقاقير ملينة ويكفيها تعديل طبيعة غذائها، وأنصح بزيارة الطبيب إن تأكدت من أن الطفلة فعلاً تعاني من الإمساك، وأن هذا الإمساك لا يستجيب للملينات الطبيعية.
أما بالنسبة لعدم تحكمها ليلاً فهو أمر وارد جدًّا وطبيعي حتى سن الخامسة، كما ورد في مقال د. نادية العوضي تحت عنوان " علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان".
وكونك تحافظين على نظافة مفروشاتك بإلباسها الحفاظ أثناء الليل فهو شيء مجرب ولا أجد فيه مشكلة، ولكن ما أفضله شخصيًّا أن تلبسيه لها بعد أن تستغرق في النوم كيلا تشعر بأنها في حل من التنبه للتبول ليلاً فتعتاد هذا الأمر.
وبالنسبة للخروج فما أفضله أيضًا أن يكون الحفاظ معك بحيث تلبسينه لها إذا طلبت التبول بعد أن تلتمسي لك ولها العذر بعدم وجود حمام قريب، فتلبسيه لها وتتبول فيه، ثم ينزع في لحظتها لترتدي ملابسها، وهذا ما كنت أفعله مع ابنتي.
أما إن كانت لا تجيد التحكم تمامًا ولا تستطيع أن تنبهك عند حاجتها للتبول بشكل تتأكدين منها، نظرًا لصغر سنها، فلا تغامري بنظافتك ونظافتها، ولا مانع من إلباسها الحفاظ حتى تتقن عملية التحكم تمامًا ويكون لديها المقدرة على إخبارك بحاجتها للإخراج، وحينها يمكنك اتباع الاقتراح السابق.
أما بالنسبة لسفرك لفترات طويلة فسأحكي لك ما كنت أفعله شخصيا مع ابنتي: لقد اشتريت 3 أوعية للإخراج لابنتي، واحدة في بيت والدتي؛ لذهابنا إليها كثيرًا، وواحدة في حقيبة سيارة زوجي، وواحدة في البيت، وفي أي مكان أو طريق كانت ابنتي تعلم أنه من حقها أن تطلب التبول لأصفق لها وأكافئها على "شطارتها"، وحينها كان زوجي يقف بالسيارة على جانب الطريق -حتى لو كان طريق سفر- ونحضر الوعاء وتجلس ابنتي عليه على المقعد الخلفي للسيارة، وبعد أن تنتهي أنظفها وأنظف الوعاء بالماء ثم أصفق لابنتي وأكافئها، وأحكي عن شطارتها ونظافتها في كل مكان.. ولعلّ هذا ما أقترحه عليك بدلاً من أن تفكري في أن تحبسي نفسك مع طفلتك في البيت حتى تتقن التحكم تمامًا، ويمكنك حينئذ الخروج والتحرك بحرية مع الاستعداد لتحمل بعض المواقف التي قد تنجم عن عدم تحكم الطفلة أو غيره؛ فلا بد أن يكون لديك ملابس احتياطية في حقيبتك لها وغيارات وخلافه.
ولكن وصيتي ألا تتعجلي على الطفلة، فسنها فعلاً صغير، وأمامها على الأقل عام من حقها ألا تلام خلاله على عدم قدرتها على التحكم. ومسألة اصطحابك للحفاظات أمر لا أرى فيه مشكلة، لكن الأفضل استخدامه بالشكل الذي نصحتك به لتعتاد الطفلة على التنبه لحاجتها للإخراج باستمرار.
أما عن انشغالك أو خروجك في فرح، كما تقولين، فلا أظن أن هذا المكان سيخلو من حمام يمكن للطفلة أن تذهب إليه عند حاجتها لذلك، لكن إن كنت لا تضمنين ذلك فلا مانع -حتى تتقن الطفلة تمامًا التعبير عن حاجتها- من طريقتك، لكن مع مراعاة استخدام هذه الطريقة بشكل غير متكرر وبما اقترحته عليك سابقًا.
أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك وتواصلك، وأتمنى تلقي المزيد من متابعاتك وأسئلتك واستفساراتك باستمرار وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/282)
عندما يصبح الكذب ملاذ العطشى للحنان العنوان
ابنتي (13 سنة) لديها العديد من المشاكل، وقد بدأت أشعر أنني غير قادرة على التعامل معها مع أنني كثيرة القراءة والمتابعة للموضوعات التربوية.
أولاً: هي كثيرة الكذب بمناسبة أو دون مناسبة خصوصًا في المدرسة على زميلاتها، وهذا كلامها، تكذب في مستوانا الاجتماعي مع أننا في وضع طيب وزميلاتها لَسن أفضل منها، ولكنها تحب أن تظهر بمظهر أعلى منهن حتى إنها تقول بأنها تكذب في أشياء لا يُكذب فيها، وهي ليست في مرحلة المراهقة، بل قبلها، وهي تؤنب نفسها لكنها لا تستطيع ترك ذلك.
وهي تشعر بأنها تكذب بهدف الظهور وتكتب بعض القصص المستوحاة من أفلام الكارتون. تحاول أن تكون مرحة كثيرة الكلام في بيتٍ كل من فيه جاد حتى إخوتها، وهي كثيرة الشجار مع الجميع.. وفي البيت والمدرسة هي المتهم الأول في أي موضوع؛ لذلك تتعرض للتوبيخ والضرب كثيرًا؛ فتشعر بالاضطهاد، وألا أحد في هذه الدنيا يحبها، وهي في المقابل لا تحب أحدًا.
تخاف أحيانًا في الليل وتقول بأنها بدأت الخوف ككذبة للفت النظر، ولكنه تحول إلى خوف حقيقي. تقوم بأفعال الصغار كاللعب بأدوات المنزل. كثيرة اللعب والحركة، وإذا لم يلعب معها إخوتها الصغار نتيجة للتعب أو مشاهدة التلفاز تقوم بالشجار معهم أو ضربهم.
عصبية، ضعيفة البنية لا تأكل جيدًا، كيف يمكنني أن أقنعها أن ما تتعرض له من توبيخ هو نتيجة لتصرفاتها؛ لأنها ترد باستمرار على كل ما يقال لها؟ مثلاً: إذا كسرت شيئًا، عند السؤال: لماذا كسرت...؟ يكون جوابها: "كل الناس يكسرون.. اشمعنى أنا؟ وإيه يعني.. ممكن تشتروا غيره".
أشعر أن أختها الكبرى (الفرق سنتان) لا تحبها، وأنا قلقة جدًّا لهذا الموضوع، وبذلت ما في وسعي للتقريب بينهما، هل من الممكن أن تستمر العلاقة بينهما على هذه الصورة أم أن ذلك لاختلاف شخصيتيهما.
أرجو إفادتي هل عبير بحاجة إلى عرضها على طبيب؟ وما هو التخصص المناسب إذا كان الجواب نعم؟
أرجو الإجابة؛ لأن هذه ثاني استشارة ولم أتلق ردًّا في المرة الأولى، وشكرًا.
السؤال
الكذب والسرقة, الخوف الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية نود الاعتذار عن تأخر الرد عن رسالتك الأولى والتي كانت خالية من التفاصيل.. ففي الوقت الذي كان الإعداد للرد عليها جاءت رسالتكم الثانية أكثر تفصيلاً من الأولى، وها نحن نحاول الرد عليها آملين في متابعتكم اللاحقة بإذن الله تعالى.
تعالي نستعرض حياة ابنتك عبير ذات الثلاثة عشر عامًا وهي على أعتاب المراهقة، ولعلك كنت تقصدين من قولك: "وهي ليست في مرحلة المراهقة بل قبلها" أنها لم تبلغ بيولوجيًّا بعدُ، لكنها عمليًّا على المستوى النفسي على أعتاب المراهقة.. تعالي ننظر ما الذي يشعرها بذاتها وشخصيتها، وهو أمر مهم جدًّا في نموها النفسي وبنائها الطبيعي في هذه المرحلة من حياتها.
هي مرحة في بيتٍ كل من فيه جاد، وأخواتها لا يتجاوبون معها إذا طلبت اللعب معهم لانشغالهم بمشاهدة التلفزيون، وهي المتهمة الأولى في أي موضوع، وهي تدعي الخوف للفت الانتباه حتى أصابها الخوف فعلاً، وهي تكتب القصص ولا أحد يكترث لذلك أو يهتم أو يشجعها على تنمية موهبتها، وكل ما نفعله أن نقنعها -أو نحاول أن نبحث عما يقنعها- أنها تستحق ما تتعرض له من توبيخ وضرب نتيجة سوء تصرفاتها.
أي حياة تعيسة تعيشها هذه الطفلة المسكينة، وإلى أي شيء تلجأ من أجل حماية نفسها من الانهيار؟! إنها تلجأ إلى الكذب التخيلي وهو الكذب الذي تشعر أنه يحقق لها ذاتها المفقودة فتلجأ لأن ترسم لنفسها وضعًا اجتماعيًّا أفضل، وهي في ذلك تستمتع بالأمر مرتين، مرة لأنها تلقي في روع زميلاتها أنها أفضل منهن اجتماعيًّا ومرة وهي تنجح في فعل ذلك؛ إنها تحقق ذاتها عن طريق الكذب؛ لأنها لم تجد طريقًا آخر تفعل به ذلك.
إن عبير تحتاج إلى من يساعدها في اكتشاف قدراتها وفي إدراك ذاتها الحقيقية.. إنها تحتاج ألا ترى في نفسها هذه الطفلة التي تستحق التوبيخ باستمرار. أوجدي لها مجالاً لتميزها، ابدئي بالقصص التي تكتبها.. شجعيها على الكتابة.. امدحي ما تكتبه.. امنحيها جائزة لذلك.. أثني عليها أمام الآخرين، بل وشاركينا في امتداح موهبتها ورعايتها عبر نادي المبدعين بموقعنا والذي يتبنى مثل موهبتها.. حاولي أن تنمي هذه الموهبة.. اشتركي لها في نادٍ للقصة أو لتنمية المواهب، ولعلها تجد في هذه النوادي من يشاركها الحديث والنشاط حول مشترك بينهم، وابحثي عن مجالات أخرى لتميزها غير أن تكون هي المتهمة الأولى في كل مصيبة.
اجعليها الأولى في مجالات أخرى وابدئي القصة وانتقلي إلى غيرها وافعلي ما فعلته مع القصة.. ستشعر بذاتها وأن هناك من يهتم بها فعليًّا وستفقد شعورها بالاضطهاد وستشعر أن الحب قد ترجم إلى واقع عملي لا يمكن أن تنكره.. سيكون لها مكانتها التي تدافع عنها وترفض أن تفقدها بأي تصرف خاطئ.. وساعتها لن تحتاج للشجار مع إخوتها؛ لأنها ستجد لها عالمًا خاصًّا بها ستدعوهم إليه دون الحاجة لأن تشعر بالاضطهاد من قبلهم لرفضهم اللعب معها.
أوجدي مجالاً لإخراج طاقات عبير، وأظهري لها الحب والتشجيع؛ وسترين شخصية أخرى لم تعرفيها من قبل.
جاءني أحد الأصدقاء يشكو نفس الشكوى من ابنه الثاني الذي يفعل ويفعل وعلاقته السيئة مع إخوانه، وغيرها من الشكاوى المماثلة لشكواك من ابنتك.. وأحسست أن مشكلة الابن هي أنه لا يجد ذاته ولا من يحترمها ولا من يقدرها، فوجهت الأب نفس التوجيه: ابحث لابنك عن مجال تميز. هزّ الأب كتفيه مستبعدًا أن يجد لهذا الابن المتعِب أي تميز.. وما علاقة التميز بسوء سلوكياته.
بعد عدة شهور اتصل بي هذا الصديق يشكرني، ويقول لي: لقد حدثت المعجزة؛ لقد تغير ابني تمامًا، لم يَعُد ذلك الابن المشاغب.. لقد اكتشفت أن ابني يعزف على الكمان، وكنت لا أعير ذلك اهتمامًا فقررت أن أشجعه وأنمي هذه الموهبة فيه، بل وأحدث الناس عنها وأدعوه ليعزف مقطوعة للضيوف إذا حضروا، فأثنينا عليه وعلى مهارته.. لقد وجدت أمامي شخصًا آخر، لقد انتهت مشاكله مع إخوانه، وانتظم في دراسته، وتحسنت سلوكياته، لقد ارتفعت معنوياته، وهو الآن في حال غير الحال.
- بالنسبة لكراهية أختها:
ما هي المظاهر التي جعلتك تتصورين أنها تكره أختها؟
وهل عبرت بصراحة عن هذه الكراهية؟
وهل تعبرين أنت عن وجود الكراهية بينهما؟
وهل سألت ابنتك سؤالاً مباشرًا في هذا الصدد؟
وهل تفرقين في المعاملة بين الأختين؟
وهل ترين الأخت الأصغر أكثر هدوءاً أو أحق بمعاملة أفضل؟
وما الذي فعلته للتقارب بينهما؟
وهل أنت كثيرة المقارنة بينهما؟
وهل هذا شيء جديد في حياتهما أم هي مشكلة قديمة؟
بالإضافة إلى أي تفاصيل أخرى تلقي الضوء على العلاقة بينهما؛ مثل اختلاف شكليهما أو مستواهما الدراسي أو تعليق الناس عليهما.
وبالنسبة لموضوع الشتم الذي كان محور سؤالك المختصر في المرة السابقة، فنرجو أن تمدينا بمزيد من التفاصيل عنه؛ فهل كان سلوكًا مفاجئًا ظهر بمجرد انتقالها للمرحلة المتوسطة؟ وهل اختلفت مدرستها في المرحلة المتوسطة عن المرحلة السابقة؟ وما طبيعة سلوكها قبل ذلك؟ وهل هذا السلوك مع إخوتها في البيت فقط أم مع زميلاتها بالمدرسة؟ وهل هناك أي شكوى منها في المدرسة؟ وكيف تواجهين هذا الموقف بالتفصيل؟ وما هي مبرراتها التي تقدمها لسب إخوتها؟ وكيف يرد عليها إخوتها هذا السب؟ وما هو تصوركم لمصدر تعلمها لهذا السباب؟
نحن في انتظار التوضيح لهذه الجزئية من المشكلة، إلى جانب نتائج تطبيق ما اقترحناه عليكم من خطوات عملية على طريق تجاوز ما تعانيه الابنة لنستطيع إجابتكم على سؤالكم الأخير الذي طرحتموه حول حاجتها للعرض على طبيب نفسي.
أهلاً بك دائمًا. وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/283)
أين أنا من قلب ابنتي؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.منذ فترة طويلة، وأنا أبحث عن استشارات في مجال تربية الأبناء، وقد أعجبت جدًّا بردودكم وأفكاركم النيرة في هذا المجال.
أنا أم لابنة عمرها سنة وثمانية أشهر، مشكلتي معها أنها متعلقة جدًّا بعماتها لدرجة أن من يراها مع إحداهن يظنها هي الأم وأنا القريبة.
أنا لا أنكر عليهن هذا الحب الشديد، ولكن أين أنا من قلب ابنتي؟ صدقوني أشعر بالغيرة أحيانًا، بالإضافة إلى أن بعض سلوكيات العمات لا تعجبني ولا أريد لابنتي أن تقتدي بهن.. كما أن تدليلهن الزائد لها سيفسدها يومًا ما.
أحاول أن أحلل الموقف فأجد أن ابنتي تقضي معهن وقتًا أطول مما تقضيه معي بسبب ظروف عملي، ومع ذلك أحاول تغطية غيابي لها عندما أرجع بمحاولة تدليلها لكسب حبها وشراء الألعاب لها، لكن لا فائدة بل على العكس تتصرف معي بعناد ولا تقترب مني، وهو ما يستثير غضبي نحوها، وأنفعل كثيرًا وأتعصب عليها، وهكذا دواليك تجدني تارة هادئة ومحبة كثيرًا لها وتارة أخرى منفعلة وعصبية عليها، فما العمل؟
أرشدوني رجاء بحلول عملية، وسأكون ممتنة لكم. هذا ولكم الشكر الجزيل على ما تبذلونه من جهد، وأعانكم الله على فعل الخير.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيتها الأم الغيورة على ابنتها، ومرحبًا بك وبابنتك، بارك الله لك فيها.
أختي الكريمة.. ظني أنك أم من النوع الممتلئ بالمشاعر الحنونة نحو ابنتك؛ ولذا فأنت تظنين أن ما تظهره لك ابنتك من عناد وعدم اندماج نوع من مشاعر العداء له -بلا شك- سبب وجيه؛ ومن ثم تندفعين لتدليل ابنتك، والتقرب إليها بكل ما استطعت من وسائل لتقنعيها أنك الأفضل ولتجتذبيها إليك، وتعتبرين أن هذا نوع من الحب والاعتذار المناسب للطفلة عند فراقك عنها.. لكن ما ينبغي أن أقوله -قبل أن أعرض لك مقترحاتي- إن الطفل إذا شعر بأن والديه -أو أحدهما- يرضخان له أو أنهما يقبلان أي لون من ألوان "العقاب" الذي يوقعه عليهما يتمادى حينها في القسوة عليهما، ويزيد من الغضب والعنف ليزيد من التنبيه لهما إلى ضرورة تحركهما ليمنعاه من هذه الأخطاء.
أحببت أن أحلل لك الموقف؛ إذ رأيتك تميلين لهذا النوع من الاقتراب من المشكلات والتغلب عليها. وتعالي نطالع معا قول د. سبوك -خبير التربية الشهير في كتابه "حديث إلى الأمهات"- بهذا الشأن، إذ يقول: إن الطفل الذي يتعلم أن يقول كثيرا كلمة "أكرهك" أو"لا أحبك" كلما رفض له والداه طلبا أو عاقباه لذنب ارتكبه؛ قد يكتشف فيهما (يقصد الكلمتين) مفتاحا سحريا يجعلهما في شعور دائم بالذنب؛ ولذلك ينفذان له دائما مطالبه.
وأحسب أن ما تفعله ابنتك بلسان حالها هو استخدام لهذا السلاح، وإن كانت الأغراض مختلفة.
وما يربط بين استشهادي بمقولة د.سبوك وتصوري لحالة ابنتك هو أن ابنتك تستخدم هذا السلاح -من العناد وعدم الاندماج والتعبير عن عدم الحفاوة بك- لتحثك على أخذ موقف تجاهها يقضي على ما تعانيه من شعورها بإهمالك لها. وتدليلك لها ليس في محله إطلاقا، بل إنه قد يتحول في مرحلة لاحقة -مع استمرار هذا الوضع- إلى إفساد لها وتشجيع على التمادي في المعاملة الخشنة معك.
إن ابنتك لم تصل بعد للعامين من العمر، وهي صغيرة جدا على الانفصال عنك 18 ساعة يوميا، وهي كذلك توقن بفطرتها أنها ابنتك وأن لها فيك حقا، بل إنك ملك لها، ومع ذلك فهي لا تجدك، في حين تجد متطوعات -هم عماتها- أخريات لا يبخلن عليها بأوقاتهن ولا حنانهن ولا لعبهن، فترد على تركك لها بما تجدينه من تصرفاتها؛ إنها تعبر بهذا الجفاء عما تشعر به من جفائك لها ومن عدم حفاوتك بها، وهي لا تريد ألعابا ولا تدليلا زائدا أو رشاوى من هذا النوع لتتخلى عن موقفها، بل هي تحتاجك أنت.. تحتاج لأن تقضي طفولتها المبكرة تلك تحت رعايتك كما هو مفترض.
وأظنك تتفقين معي في أن 6 ساعات في اليوم -أي حوالي ربعه فقط- عدد قليل جدا من الساعات لا يكفي إلا لتسليمها الهدايا والألعاب كما تصفين، وللأسف لا يكفي لأن تلعبي معها بها وهو ما تحتاج إليه أكثر.
تعالي نبدأ محاولاتنا في حل المشكلة تحت شعار: "إن كل طفل في الدنيا يغضب من والديه، وهذا لا ينفي أن الابن يحب والديه"، وبالتالي فلا داعي للقلق بشأن هذه النقطة؛ فابنتك تحبك بكل تأكيد، وما نحاوله معا هو إقناعها بحبك لها واهتمامك بها ومكانتها الأثيرة لديك، ولكن دون تدليل يصل إلى مستوى الإفساد.
أولا: تتحدد شخصية الطفل بشكل واضح الملامح في العام الثاني والثالث من العمر، وكيان أي شخصية قد يستقر ويستمر، وقد يتغير، بحسب المؤثرات المحيطة. ولكن يبقى الأمر قريب الشبه بالمنزل الذي يظل شكله الأصلي مميزا وواضحا رغم ما يتعرض له من تجديدات وتغييرات وإضافات.
ويعبر د.سبوك عن تغيرات الطفولة -وحتى المراهقة- بقوله: "شخصية الطفل تظل في رحلة كأنها القارب الذي يصارع الموج العالي أو القارب الذي يسير على صفحة من المياه الهادئة، فالطفل لا يحتفظ بنفس الشخصية لفترة طويلة فهو ينمو ويتطور ويحتك بالمجتمع وتؤثر فيه الظروف المحيطة"، وبناء على ما سبق فلعل التوقيت الحالي لبدء محاولاتك للاقتراب من ابنتك والمساهمة في تشكيل وتكوين وصياغة شخصيتها هو التوقيت المثالي.
ثانيا: أنت في حاجة إلى زيادة عدد ساعات وجودك مع الطفلة وذلك من خلال أمرين:
- تقليل عدد ساعات عملك ما استطعت إلى ذلك سبيلا، أو طلب إجازة لمدة شهرين مثلا.
- تقليل عدد ساعات ممارستك للأعمال المنزلية، ومصاحبتك لطفلتك أثناء أعمالك المنزلية بحيث لا تفترقان داخل البيت أبدا، مثلا أعطيها عجينة تشكلها بجوارك في المطبخ، أو أعطيها "مقشة" صغيرة لتنظيف الأرض معك أو فوطة صغيرة تقلدك بالتلميع بها، أو حتى اجعليها تركب على عربة المكنسة الكهربية وتلعبان معا أثناء الكنس.. إلى غير ذلك من أفكار لتتصاحبا معا دائما طيلة فترة وجودكما معا داخل المنزل.
وطالعي ما يلي للمزيد من الأفكار التي يمكن تطبيقها في هذه الجزئية:
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا.
- طفلي يصرخ.. افهموني أستجب لكم.. متابعة.
ثالثا: لا بد من توظيف وجودك مع ابنتك باستمرار، فتخرجان معا لشراء الحاجيات وترتبانها في البيت معا، وتقرآن الكتب الملونة، وتشيرين لها على صور الحيوانات مع إصدار أصواتها لتكتسب مفردات وتعلم معلومات جديدة، وتلونان وتركبان المكعبات، وتطالعان الكتب المجسمة، وتشكلان أشكالا جميلة بالصلصال، وتشاهدان معا الكارتون، وتحكيان القصص، وتمارسان طقوسا جميلة للنوم من حكايات وأحضان وقبلات وابتسامات حانية وكلمات رقيقة، وغير ذلك مما يوطد الصلة بينكما، ويؤكد لابنتك في كل لحظة حبك لها واهتمامك بها وسعادتك بصحبتها.
رابعا: أقترح عليك أن تعملي على شغل فراغها فترة وجودك بالعمل -ودعينا نتفق ألا تزيد عن 5 ساعات أو 6 ساعات على الأكثر- في حضانة جميلة ممتعة بها العديد من الأنشطة، بشرط أن تستجيب الابنة لتلك الخطوة، وبشرط آخر هو أن تكونا قد وصلتما معا لمرحلة متقدمة من الاندماج والتقارب. والمطلوب من الحضانة أن يكون لابنتك عالمها وأنشطتها وقت عدم وجودك معها التي تسألينها عنها وتستخدمينها كمادة ثرية للحديث والحوار مع الطفلة.
ويمكن أن تقضي بالحضانة في البداية يومين أو ثلاثة أسبوعيا، ثم يتطور الأمر إلى عدد أكبر من الساعات والأيام، وبذلك تتفادى ارتباطها بأطراف وأشخاص يصعب عليك التحكم في تعاملاتهم وتأثيراتهم على ابنتك على خلاف الوضع في الحضانة. ويفضل أن تكون الحضانة قريبة من عملك وليس بيتك لتقضي مع الطفل مشوار الذهاب للحضانة في كلام ومرح ومداعبات، وكذلك مشوار العودة، وتصبح فترة افتراقكما هي ساعات العمل فقط.
كما يمكنك الاطمئنان عليها بين الفينة والأخرى في فترات الراحة بين المحاضرات مثلا، حيث إن عملك كمعيدة سيمكنك من ذلك.
خامسا: لا تشعري ابنتك أبدا أنك تتنافسين مع عماتها على قلبها وحبها، ولا تدلليها بشكل زائد أو تتغاضي عن تصرفات خاطئة تفعلها لهذا السبب وتحت هذا الضغط؛ ويكفي الطفلة من التدليل الحنان والحب والتفهم والمعايشة، ولا أحسبها في حاجة إلى الإفساد والتدريب على الوقاحة بالتدليل الزائد، واجعلي كل ما سبق من مقترحات نماذج لطبيعة ما يجب أن تكون عليه ممارساتك اليومية مع "جنى" الحبيبة، بحيث تتطور مع نموها وتطورها وتكون أساسا لصداقة متينة بينكما أبدا.
وكذلك لا تشعري عماتها بذلك، بل على العكس حاولي أن تخرجي معها تارة، وتارة أخرى معها بصحبتهن، وأن تلعبن معا جميعا ألعابها بحيث تلاحظ الابنة اندماجكن جميعا، وارتباط كل الأطراف ببعضها البعض دون تنافس أو تحزب.
سادسا: تأكدي من أن هناك فراغا عاطفيا لدى طفلتك يفوز من يملؤه بقلبها، فكوني أنت المبادرة بذلك واحصلي على قلبها وحبها واحترامها بالود والحنان الدافق.
سابعا: تجنبي العصبية عليها، واجعلي طريقتك في توجيهها أقرب للتعليم للتصرف الصحيح البديل عن الخطأ منها إلى النهر أو العقاب، وإذا عاندتك فاتبعي نصائحنا المقدمة في الاستشارات السابقة عن العند -والتي سأوردها لك في نهاية الاستشارة- وستجدين فيها حلولا ناجعة للتعامل مع المعاندين الصغار، وإن ابتعدت عنك ورفضت اللعب معك أو الاقتراب منك -كما تقولين- فتظاهري بالانشغال بشيء آخر كجرس الهاتف الذي يرن أو الحقيبة التي تركتِها أو غير ذلك مما يجعلك تنسحبين من الموقف دون أن تؤكدي لدى الطفلة أن هذا التصرف يضايقك.
وستقل هذه التصرفات من دون شك باتباعك لما سبق من مقترحات -وغيرها مما تبدعه أفكارك- للاقتراب من ابنتك والاندماج معها والاستمتاع بها وإمتاعها بأمومتك.
أختي الكريمة.. أرجو أن أتلقى متابعاتك والمزيد من استفساراتك في أقرب فرصة، ويسعدني موافاتنا بنتائج تطبيقك لما أوردناه من مقترحات وتطورات موقف ابنتك. ونرجو أن نكون رفاقك دائما في رحلة تربيتك لابنتك.
ــــــــــــــ(102/284)
أمومة مغتربة تبحث عن ذاتها.. متابعة العنوان
الإخوة فريق الاستشارات التربوية المحترمون.. الدكتورة إيمان.. والأستاذة سحر.. والدكتور عمرو.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
بداية اسمحوا لي أن أشكركم جزيل الشكر على نصائحكم الغالية وعلى الجهد المميز الذي تبذلونه من أجل خروج هذه الصفحة إلى النور؛ لتكون نبراسًا للمسلمين.. فجزاكم الله كل خير.
إخواني لقد وصلني ردكم في الوقت الذي كنت أتلهف فيه إلى وصول الرد فعلا، ومع أنني لم أكن متقاعسة عن القيام بالخطوات التي وردت في ردود البعض من حيث محاولة تقليل أوقات العمل ومحاولة تغييرها مع تخفيض الراتب، حتى محاولاتي لأخذ إجازة مفتوحة دون راتب لم تُجدِ؛ لذلك لم أجد حلا إلا الاستقالة والتفرغ لتربية طفلتي، هذا الأمر الذي كان يلح عليّ منذ أشهر طويلة، وهو ما أخالف فيه الدكتور عمرو الذي ربما أوحت له صيغة الخطاب أن هذا الحل لم يكن أبدًا من محاور تفكيري، فالكلمات أحيانًا تضل طريقها في التعبير إذا ما كانت صادرة من إنسان يتألم، وأنا فعلا كنت مشتتة في رسالتي؛ لذلك ربما خانني التعبير، وما استشارتي لكم إلا لعلمي بوجود خلل وبطلب المشورة لكيفية إصلاحه.
والآن ساعدتني كلماتكم على حسم الأمر واتخاذ الخطوة التي كان يجب اتخاذها منذ زمن، وأحببت أن تكونوا أول من يعرف بالأمر بعد زوجي، ولكن اسمحوا لي أن أثقل عليكم بسؤال أخير يتعلق بأمر الخادمة؛ فطفلتي تحبها حيث إنها تقضي معها وقتًا طويلا في الصباح، وحيث إنني لم أعد قادرة على إبقاء الخادمة فترة أطول بعد استقالتي لعدم مقدرتنا على التكفل بالتزاماتها.. فإنني أسألكم عن الكيفية التي أبدأ بها وبالتدريج إبعاد الخادمة عن محيط حياة طفلتي، فأنا أفكر حاليًا بإبقائها فقط لمدة شهر واحد بعد الاستقالة، أي شهر واحد أبقى أنا وهي في البيت بوجود طفلتي، لكي تبدأ ياسمين بالتعود على وجودي معها طيلة الوقت، وتبدأ بالابتعاد تدريجيًّا عن الخادمة؛ فهل هذا هو الحل الصحيح؟ أعود وأكرر شكري، ودعائي لكم بالخير وبالثواب الجزيل.
وكلمتي الأخيرة إلى الدكتور عمرو: لقد كنت قاسيًا عليّ في ردك، وقد أبكاني الرد؛ لأنني تخيلت وأنا أقرؤه أنني إنسانة دون مشاعر، ولكن ردك كان هو الحسم في هذه القضية، وكان هو ما جعلني أقوى على اتخاذ القرار دون تردد.
أما أختاي العزيزتان الأستاذة سحر والدكتورة إيمان فلقد سعدت جدًّا بكلماتكما الودودة، وسأطبق ما جاء في الاستشارة بخصوص الحضانة بعد أن تصل لياسمين إلى السن المناسبة لذهابها إلى الحضانة، وهي سن سنتين على ما أتوقعه.. أليس كذلك؟ وأتمنى حتى ذلك الوقت أن أعثر على حضانة عربية مناسبة تملك جميع المقومات الناجحة لكي ألحق طفلتي بها، وأبدأ رحلة البحث عن عمل من جديد.. فجزاكم الله كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيتها الأخت الكريمة (أم ياسمين)، ولقد أحببت أن أناديك بأمومتك لياسمين لاعتزازك بهذه الأمومة وتقديسك لها وإخلاصك فيها، تقبل الله منك.
بالطبع إن اتخاذك لخطوة الاستقالة -على الرغم مما رويته لنا في رسالتك السابقة من ظروف وطموحات لك ولزوجك- يعتبر خطوة جريئة وقرارًا حاسمًا، وندعو الله تعالى أن يبدلك خيرا مما تركت إخلاصًا له تعالى كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "مَنْ تَرَكَ شَيْئَاً لِلَّهِ عَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرا مِنْهُ"، وما رواه أحمد عن بعض الصحابة مرفوعًا بلفظ: "إِنَّكَ لاَ تَدَعُ شَيْئَاً اتَّقَاءَ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرَاً مِنْهُ"، وأخرج ابن عساكر من حديث ابن عمر مرفوعًا: "مَا تَرَكَ عَبْدٌ لِلَّهِ أَمْرَاً لا يَتْرُكُهُ إِلاَّ لِلَّهِ إِلاَّ عَوَّضَهُ".
ولكن لا تنسي حبيبتي أن تستثمري وجودك مع ابنتك في تنفيذ مشاريعك التربوية العديدة التي تحلمين بها -كما وصفت في رسالتك السابقة- وألا تكتفي بمجرد التفرغ للطفلة والتواجد معها دون تخطيط مسبق لاستثمار هذا التواجد في تنمية مهاراتها وقدراتها وإسعادها وبثها مقومات الشخصية المتميزة من ثقة بالنفس وإقدام وقدرات متميزة في التواصل مع الآخرين، وغير ذلك مما يستحق فعلا اتخاذك لقرارك الحاسم، وكذلك احذري عدم تعريض الطفل للحياة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة؛ إذ قد يعسر ذلك عليها الانفصال عنك إلى ممارسة حياتها باستقلالية في السن المناسبة، وأقصد بتعريضها للحياة الاجتماعية توفير فرص يومية مثلا أو دورية متكررة لزيارة الأصدقاء أو المعارف أو التنزه في الحدائق ورؤية وجوه كثيرة للكبار والصغار، وكذلك التسوق والذهاب للمكتبات العامة أو مدن الألعاب وغيره مما يشعرها بجمال العالم الواسع حولها ويؤمنها تجاهه، فضلا عن اكتسابها للمهارات المبدئية للتواصل مع هذا العالم.
بالنسبة لمسألة الحضانة العربية فهي ما نصحتك به بناء على تواجد الطفلة مع الخادمة غير الناطقة بالعربية بشكل صحيح، أو بمعنى أصح مع تواجدها في محيط لا يتقن لغتها الأم بشكل يغطي على الأقل 50% من نسبة تعاملاتها اليومية مع صغر سنها عن اتقان اللغة الأم، أما وقد قررت التواجد معها في المنزل وعدم إرسالها للحضانة قبل عمر عامين -أي في سن تكون اللغة لديها قد بدأت طريقها للاكتمال والنطق- فلا مانع من إرسالها لحضانة أجنبية تساهم في إتقانها للغة أجنبية لكن بشروط:
1 - أن تمضي في الحضانة ساعات مساوية أو أقل مما تقضيه معك في البيت في حديث ولعب ومسامرات (وبحد أقصى 5 - 6 ساعات).
2 - أن تكون قد أتقنت النطق باللغة العربية والتواصل والتعامل بها والتعبير بها عن حاجاتها.
3 - أن تكون لغة التعامل في البيت هي اللغة العربية.
وحين تبدئين رحلة البحث عن عمل -وفقك الله في ذلك- في الوقت المناسب لابنتك لكي تبدأ رحلتها نحو الاستقلال والتواصل مع محيط اجتماعي أوسع من أسرتكم الصغيرة، فليكن بحثك عن الحضانة محققًا لتلك الشروط ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
أما عن رأيك في مسألة الخادمة وتصورك لكيفية انفصال طفلتك عنها وارتباطها بك تدريجيًّا، فأراه رأيًا صائبًا، لكن إضافتي عليه هي أن تحاولي حتى في وجود الخادمة أن تتولي كل أو لنقل جلّ مسئوليات الطفلة، وأن تتركي للخادمة متابعة الأمور الأخرى من نظافة المنزل وإعداد الطعام وغيره؛ بحيث يكون تواجد الخادمة أمام الطفلة هو من قبيل طمأنتها بعدم تغيير الوجوه بشكل مفاجئ دون تمهيد ولكن من بعيد؛ فيكون انفصالها نهائيًّا وغيابها غير مؤثر.
كما أنصحك أن تحاولي الخروج بالطفلة خارج المنزل والتنزه معها لفترات طويلة ولمرات متكررة خلال هذا الشهر؛ بحيث تتآلف مع غياب الخادمة ومع تواجدها بجوارك في جو سعيد ومبهج، وعند العودة تولي أنت كل شئونها أيضًا ورافقيها حتى موعد النوم.. وهو ما سيضيف لعلاقتك بطفلتك المتعة والبهجة لكليكما ويعيد الحال بينكما إلى ما كان يجب أن تكون عليه بسهولة إن شاء الله.
أختي الكريمة أشكر لك شعورك الطيب تجاهنا بحيث جعلتنا من عائلتك الجميلة ولمكانتنا المعنوية عندك -بارك الله لك فيه- وهو ما نأمل أن يستمر بيننا دائمًا، وما كان لله دام واتصل.
وفي انتظار المزيد من رسائلك وأسئلتك واستفساراتك وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/285)
من الفردي للجماعي.. تكنيك تمكين العطاء العنوان
سيدتي الفاضلة. نفين عبد الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد تنفست الصعداء حين وجدت من يدعو إلى ما أؤمن به عن إمكانية تطوع الصغار .. فطالما كنت أؤمن بهذه الفكرة، بل لقد رباني عليها والدي. ليس بشكل مقصود لكنها كانت طبيعة الناس في الزمن الماضي طبيعة كان حاضرًا فيها (النبي وصى على سابع جار) وكان طبيعيًّا -ولا تضحكي سيدتي- أن يستعير كل جار أبناء جيرانه ليقضوا له حوائجه، وكنا نجد نحن الصغار ونحن ما زلنا في قريتنا متعة في قضاء حوائج كبار السن والعجائز ومن غاب عنها أولادها لسفر أو دراسة؛ وذلك طمعًا في بعض الحلوى، ثم طمعًا في دعوات تداعب أحلامنا حين دخلنا عالم المراهقة، مثل: ربنا يرزقك بابن الحلال أو ربنا يسترك..
ما أجمل الحياة لحظتها؛ فلم نكن نساعد الغير فقط، بل كنا نكتسب خبرات لا حصر لها من حيث لا ندري خبرات وتجارب وأخلاقيات قد لا ينفع فيها سنوات من التربية المقصودة، فمن خبرات حياتية كتعلم شئون البيت ومعرفة نفوس البشر ومهارات الاتصال والبيع والشراء، مرورًا بتحمل المسئولية بشكل مبكر، والأهم أننا ما كنا نعرف متاعب المراهقة وفراغها، وقولي إن شئت تيه فراغها..
لن أطيل.. انتقلت للمدينة وكان لي من الأبناء محمد (5 سنوات)، وسمية (8 سنوات) حاولت أن أكسبهما نفس الصفات، لكن هيهات ألا يفهما عطاءهما ومشاركتهما لألعابهما وحلواهما مع أبناء العائلة على أنه ضعف أو عدم نصاحة. وألا يستغل هبوبهم للمساعدة ونحن في اجتماع العائلة على أنهم خدم طيّع فكل واحدة من زوجات أبناء حماتي تدخر ابنها فهناك من يحمل.
لن أطيل في طرح المزيد من الأمثلة من عدم فهم مجتمع لا يحمل هذا السلوك، وعلى أقل تقدير لا يحترمه حتى كدت في لحظة شيطانية أن أغلق بابي على أطفالي لأرفع شعار "وأنا مالي".. وسؤالي: كيف أنجو وأطفالي بما أؤمن؟ السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
أختي الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سيظل هناك دائمًا من يقدر العطاء في زمن الأخذ تمامًا، كما أن هناك من يتشبث بدينه ويمسك عليه كالماسك على الجمر، ولا غرابة أن يستشعر هؤلاء غربة ووحشة في مجتمعهم، وما ذاك إلا لأنها فطرة غدت غريبة؛ ولمن كان يرجو إحياءها أن يصبر؛ فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "طوبى للغرباء؛ قلنا وما الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون ما أمات الناسُ من سنتي". وقال صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا، ويعود غريبًا فطوبى للغرباء".
العطاء فطرة الله في خلقه، وعلينا أن نتحمل نظرة الناس إلينا إذا استمسكنا بإصلاح فطرة شوهت أو أخلاق تراجعت. العطاء هو الأصل في الفطرة البشرية السوية، ولكنه كغيره مما فطرنا الله عليه تحتاج للرعاية والتمكين، وعدم بروز الأصل الفطري -لأسباب كثيرة- إنما يكون ردة الفعل تجاهه ليس المسايرة أو تغلب اللحظات الشيطانية بالتراجع عن الخير، وإنما الأصلح والأصوب هو محاولة اتباع القاعدة الإلهية التي جعلنا الله بها {خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}؛ أي أن نضع همنا في تغليب الخير لا انحساره؛ في تعميم الطيب من العمل وانتشاره لا تقليصه واندثاره، ولا يتأتى ذلك إلا بالعمل على نشر الفكر الجماعي: فكر يرى نفسه على أنه جزء من المجموع وليس هو كل المجموع، فكر يرى أنه فرد لنشر الخير في مجموع، وأن هذه هي مهمته في الأرض.
وإن كنا نتحرك في حياتنا صوب علاج هذا المجتمع فعلينا أن نحيي في أنفسنا وأهلينا ما غاب ونتمنى إرجاعه، ونتمسك بالأفعال الطيبة وإن تعرضنا لبعض النقد أو الاستغلال؛ فتذكري دومًا أن ما نفعل لوجه الله تعالى، وما دمنا نفعل لوجه الله فلا انتظار لشكر أو حمدٍ من العباد، ولا ضيق بالمزيد من الطلبات من هؤلاء الذين يستغلون عطاءنا؛ فهناك رغبة في أن يضاف لرصيد الآخرة المزيد والمزيد.
وهو ما يرد على سؤالك الذي سألته: كيف أنجو بما أؤمن؟ (ذلك السؤال الذي لا يزال يحمل فكرًا فرديًّا يهتم بأن ينجو بمفرده).
والآن تعالي نضع سؤالا بديلا: كيف أنشر ما أؤمن به وأوقن أنه أمر الله وأنه "يرضي الله"؟
ودعينا نجب سويًّا على هذا السؤال البديل:
1- ثبتي عقيدتك بجزاء الله عز وجل، ولا تحزني إن أعطى أولادك أكثر من الآخرين ما دام يفهم الطفل جيدًا أنه مثاب من الله سبحانه، وما دام يفعل ما يفعل طواعية وعن حب لثواب الله، بل اسعدي بذلك ودعيهم يشعرون بهذه السعادة، فتوجه الأهل وعقيدتهم تصل للطفل عبر الهواء الذي يتنفسه.
2- علمي أطفالك أن ما يعملون سيجزون به من الله عز وجل، وإذا تمكنت منهم هذه الفكرة فإنك تكوني قد زرعت أطيب الزرع في أطفالك. فكل ما لغير الله غير مقبول وغير مثاب عليه، علميهم توجيه النية لله.. هذا الأمر الذي لا يدركه كثيرون ويكدحون كدحًا مضنيًا ليتعودوه في كبرهم، بل قولي ليحاولوه ويجاهدوا في إرسائه في نفوس لم تتعود أن تتوجه لله بعملها؛ لأنه لو عمل طفلك لأجل ثناء الآخرين، ولم يفكر فيما عند الله، أو كان يعمله بمفهوم الواجب؛ فمن المنطقي أن يطالب الآخرون بالقيام بما يخصهم من هذا الواجب، بل بالطبع سيتراجع عن فضله وعطائه ما لم يفعل مثله الآخرون، فالأمر هنا واجب بواجب وليس عطاء لوجه الله محتسبا عنده يفعله عن ثقة ويقين وعزة نفس وفضل وإحساس بالمسئولية، وعن روح إيجابية مبادرة تستحضر إلى جانب هذا معنى قوله تعالى: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وبالتالي يضع الأمور في نصابها؛ فهو مقبل بإرادته الحرة حاميًا لعزته وكرامته. وعند انتظار الفضل من الله سيفعل الطفل الطيب إذا فعله الآخرون وإذا امتنعوا، وسيتأكد أن "كل نفس بما كسبت رهينة".
3 - فكري كيف تبعثين النصوص القرآنية والأحاديث -التي تحثنا على العطاء وتذكرنا بجزاء الله- حية "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، "ما نقص مال عبد من صدقة"، وذلك عبر الخطوات التالية:
* كوني أنت القدوة في ذلك -كما تفعلين بالفعل- وأشركيهم معك فيما تقومين به، واذكري كيف أن الله تعالى سيساعدك في أمور حياتك حين تساعدين الآخرين، وربما انتهزت أول فرصة يحدث هذا فعليًّا: كزيادة في راتب الأب أو الأم؛ هدية جاءت للأسرة وغيره من رزق الله الذي يؤتيه عباده الصالحين، وهذا يتم خاصة مع الأطفال الأصغر عمرًا.
* اجعليهم يستشعرون لذة العطاء وأثره على نظرتهم وتقديرهم لذواتهم، ثم اتبعي ذلك بجعلهم يستشعرون فعلا أثر ما قاموا به من عمل طيب على المحيطين أي: "كيف شعروا، كيف أنه ساعدهم عملك، كيف قللت تعبهم، وكيف..."، فمن المهم أن يشعر الطفل بقيمة ما يفعل في نفسه وعند الآخرين ليكرر هذا الفعل، ثم احضري النص القرآني الدال أو الحديث الشريف في هذه اللحظة ليكون له مرجعًا في المرات القادمة.
إذن:
- الطفل رأى الخير حيًّا أولا (قدوة الوالدين والكبار الذين يحبهم رأى تحمسك وحبك لهذا الأمر).
- اشترك فيه حبًّا وطواعية.
- شعر شعورًا طيبًا تجاه نفسه حين قدم للآخرين شيئًا ما.
- استشعر أثره الطيب على الآخرين، أي استشعر قيمة حقيقية لما يقوم به.
- حضر في هذه اللحظة النص الديني حيًّا عمليًّا.
4 - علينا الآن أن ننشر ذلك مع الآخرين:
* القدوة الطيبة المتحمسة والقانعة تمامًا بما تفعل.
* كوني خير معين لهم وإن لم يطلبوا المساعدة؛ فمن المؤكد أنهم سيفكرون بالأمر وسبب قيامك بذلك، وسيحاولون اختبار صدق نيتك فيه عبر ثباتك على إيمانك واستيعابك لهم، ودعوتهم عبر صغارهم إليه.. وسأشرح لك هذا بعد قليل.
* ربما قدمت لهم الشرائط والكتيبات الصغيرة التي تتحدث عن فضائل العطاء والعون والإيثار وغيره من الفضائل الكريمة، ولعلك تختارينها لأحد الدعاة المحبوبين من الجميع، وربما تكون هدايا في إحدى المناسبات.
* حاولي أن تنظمي عملا يتشارك فيه كل الأطفال ويستشعرون قيمة العطاء ولذته، ورددي دومًا تحبيبهم فيما عند الله.. هذا ما قصدته بدعوتهم عبر صغارهم.
وأرجو مطالعة موضوع: ( تطوع الصغار.. حلم وإبداع) ففيه بعض الأفكار التي يمكن أن يقوم بها الأطفال. المهم أن يكون لهم قائد، وحاولي أن تكون الفكرة نابعة منهم هم ولها أهمية بالنسبة لهم:
* اجذبي بقية الأطفال ليفكروا في شيء ما يودون تغييره أو إيجاده في مجتمعهم الصغير المحيط بهم، نظمي جهودهم لنقل الحلم إلى واقع. وربما أشركتمونا في ساحة الحوار بأحلامكم لنتشارك فيها:
شاركونا حلم التغيير بالتطوع
* ناشر الفكرة لا بد أن يكون متلبسًا بحرارتها وتنتقل لغيره العدوى بفعل هذا الحرارة الشديدة، فإن كنت قانعة بفكرة العطاء فهيا انشري الفكرة ليتبناها غيرك معك.
ــــــــــــــ(102/286)
أعراض متنوعة لقلق الانفصال العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الأساتذة الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي من الأولاد اثنان: الولد الأكبر وأخته -4 سنوات و 6 أشهر- وهي التي تدور الاستشارة حولها، ولقد شاءت الأقدار وبسبب الحالة المادية أن سافر أبوهما إلى الخارج للعلم، وبقيت معهما في وضع اقتصادي ممتاز، ولكنهما يفتقران إلى وجود الأب، علمًا بأننا قد عشنا معًا في البلد الذي يعيش فيها الأب لمدة ثلاث سنوات، ولكن الآن نحن نعيش في بلدنا الأصلي، وهناك بعض السلوكيات التي لا أستطيع أن أقيمها من ناحية صحتها أم خطئها؛ لذلك أتمنا مشورتكم. فابنتي تتعلق بي كثيرًا جدًّا لدرجة أنني إذا ذهبت إلى أي مكان لا تحب إلا أن تكون في جواري، ولا تذهب للعب مع الأطفال.
كما أنها كتومة جدًّا، حتى إذا كان الأمر يغضبها فإنها تعبر عن ذلك بالهدوء دون الشجار أو الصياح، ولديها سلوكيات مزاجية فجائية، مثل أن تستيقظ في الصباح ترفض أن تذهب إلى أي مكان حتى إلى الدكان المجاور للبيت، ولا يجدي معها أي شيء لا الترهيب ولا الترغيب ولا تعطي أي رد عن سبب ذلك سوى الصمت.
ولقد حدثت حالة غريبة قبل أيام؛ حيث إنني أخبرتها أنني سوف أتركها لدى جدتها وأسافر إلى أبيها ولم تبدِ أي كلام أو اعتراض غير الهدوء والنظر بنظرات معبرة عن الرفض، ولكنها في اليوم الثاني استيقظت تتقيأ وفيها أعراض المرض، وبحكم علمي بها علمت أن السبب في ذلك كان بسبب إعلامي لها بخبر سفري، وعندما حدثتها بغير ذلك عادت إلى حالتها الطبيعية.
أتمنى أن تساعدوني في اكتشاف ابنتي وتدلوني على الأسلوب الأمثل للتعامل معها، وأعلمكم أن علاقتها مع أخيها الأكبر منها والبالغ من العمر 7 سنوات ممتازة وإن كان يقسو عليها في بعض الأوقات إلا أن الحب بينهما والمودة موجودة. أتمنى أن تساعدوني، ولكم الشكر. السؤال
أسر مضطربة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبا بك أختي الكريمة، ومرحبا بأسرتك، ونرجو أن تكونوا جميعا بخير دائما.
لفت نظري بشدة حديث نبوي رائع فيما يخص تربية الأبناء أحب أن يتصدر إجابتي عليك، ويقول الحديث: "من ترضى صبيا صغيرا من نسله حتى يرضى أرضاه الله يوم القيامة حتى يرضى" [رواه ابن عساكر في الجامع الكبير]، ولعل تلك الوصية النبوية الحكيمة هي مفتاح الحل لأكثر اضطرابات الأطفال ومشكلاتهم والوصول لما يرضيهم ويطمئنهم لضمان سواء شخصياتهم وسلامتهم النفسية.
ومما لا شك فيه أن مشكلة ابنتك تنطبق عليها بشكل كامل مواصفات وشروط حالة قلق الانفصال أو ما يسمى separation anxiety disorder، وتأخذ هذه الحالة صورا مختلفة يعبر بها الطفل عن خوفه من فقد الأمان المتمثل في أمر ما، أو شخص ما؛ فيكون هذا الخوف في صورة عنف أو بكاء أو صراخ أو هدوء شديد وسكون أو أعراض جسمية، مثل القيء أو الإسهال أو آلام البطن أو غيره.
وفي تقديري فإن سبب تلك الحالة لدى ابنتك -وهي أمر ميسور علاجه جدا بإذن الله- هو تكرار ظروف السفر وتغيير البيئة أكثر من مرة ثم اختفاء فرد مهم ومحوري في الأسرة مثل الأب؛ مما جعلها تلتصق بك خوفا من فقدك مثل أبيها، ومما لا شك فيه أن ظروف إقامتكم بالخارج جعلت الأسرة تحيا في ظروف يسودها الترابط والالتحام الأسري مع إغفال -عن قصد أو عن غير قصد- لجانب كبير من الحياة الاجتماعية المفترضة في الموطن الأصلي، وإغفال تدريب الابنة على حياة مستقلة لها خارج حدود الأسرة الآمنة؛ فصارت الأسرة تمثل لها كل معاني الأمان والحماية، وفقدها أو فقد الأم -بصفتها الرمز الوحيد أمامها لهذه الأسرة وهذا الأمان وتلك الحماية- يعني فقد ذلك كله.
وما يجب عليك إزاء هذه الحالة ما يلي:
1-يجب تدريب الطفلة على الانفصال عنك، ولكن بشكل تدريجي ورفيق لمدة 5 دقائق في الموقف الأول للانفصال -في شراء شيء مثلا أو حتى الاختباء على سلم البناية بعد استئذان الطفلة للخروج والعودة سريعا-، وتتدرج تلك الدقائق متزايدة لتصل لعشرين دقيقة مثلا، مع ضرورة الالتزام بالموعد مع الطفلة وتأكيد ذلك لها بإعطائها ساعة إيقاف مثلا أو منبه حين يرن تعود الأم لالتزامها بالمدة المتفق عليها مع الابنة، أو أن تعد الابنة الأرقام من 1-100 مثلا ببطء ريثما تعود الأم، كما يجب عدم مباغتتها أو إرعابها أو تركها فجأة دون الاتفاق معها، مع توفير عنصر أمان بديل كالجدة مثلا تقضي معه الطفلة وقتها القصير في غياب الأم مع ضرورة أن تكون الطفلة معتادة أصلا على التواجد مع هذا الطرف.
2-يجب عدم تخويف الطفلة أو إظهار الحماية لها بشكل زائد لكيلا تتخيل الطفلة أضرارا تلم بها بغياب الأم عنها.
3-يجب توفير فرصة للاندماج مع الأطفال في حضانة أو غيره بحيث تغادر هي الأم لحياة خاصة بها، ثم تعود إليها وتجدها في انتظارها.
4-ممنوع نهائيا ترك الطفلة والسفر ما دامت تعاني تلك الظروف؛ فالعواقب المتوقعة لمثل هذا التصرف وخيمة، وقد تصل إلى (العمى – شلل مؤقت... إلخ) فالضغط النفسي الشديد غالبا ما يسبب تعطل قدرة معينة أو وظيفة معينة لدى الطفل، وبالتالي فلا بد من الوصول بالجدة مثلا -باعتبارها طرفا يعوض وجودك- إلى درجة يمكن أن تتعايش معها الطفلة لفترات طويلة بالتدريج وبهدوء؛ بحيث لا يصبح مريعا للطفلة مغادرة الأم لها، مع ضرورة التأكيد عليها بالعودة بعد انقضاء مدة معينة.
5- لا بد من تعويد الطفلة الاعتماد على نفسها وحثها على ممارسة عمليات البيع والشراء مثلا وحدها وتحت ملاحظتك من بعيد وغيرها مما يعودها الاندماج في الحياة ويدعم ثقتها بنفسها، وسنورد لك في نهاية الاستشارة معالجات سابقة غنية بالمقترحات المناسبة جدا لدعم ثقة ابنتك بنفسها.
6-إن لم تتحسن حالة الابنة بعد كل ما سبق فلا بد من الرجوع لطبيب نفسي أطفال متخصص لإمكانية حاجة حالتها إلى العلاج بعقاقير مثبطة للقلق وغيره.
وعود على بدء أختي الكريمة أوصيك مرة أخرى بضرورة ترضية طفلتك دائما، وتأمين روعها، والتأكيد لها دائما على اتساع حضنك وقلبك لاستيعابها، وخاصة أن لها خلقا دمثا كما يظهر من سؤالك، ولا تحتاج إلا إلى أكثر من شعور بالأمان والحب والدعم.
ننتظر موافاتنا سريعا بتطورات حالة ابنتك، ونتيجة تطبيق خطوات العلاج الموضحة، ومزيدا من استفساراتك وتساؤلاتك، وشكرا لثقتك الغالية.
ــــــــــــــ(102/287)
العناد والتبول.. ليست بلا أسباب العنوان
أنا متزوجة منذ ثماني سنوات تقريبًا، أعمل بشركة طيران من الثامنة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا، يوجد لدي طفلان؛ ولد وبنت؛ مهند يبلغ من العمر 6 سنوات، وابنتي روان ستكمل 4 سنوات بعد شهر.
ما أعاني منه هو العناد الزائد بين طفلي الاثنين، والشكوى التي لا تنقطع منهما رغم أن ابني لم أكن أعاني منه، كذلك التبول المستمر لهما رغم عدم توبيخهما أو ضربهما، ولا أعرف سبب مشكلة التبول الليلي رغم أني لا أسمح لهما بشرب العصائر قبل النوم بساعتين.
أسلوبهما جعلني أعاني من العصبية الزائدة نتيجة شكوى كل منهما من الآخر، كذلك عنادهما الزائد وتمردهما أمام الضيوف بشكل يلفت النظر، حاولت كثيرًا الجلوس معهما وإفهامهما لأي تصرف خاطئ ينجم عنهما، ونادرًا ما أضطر لتأديبهما بالضرب على اليد أو المؤخرة لعل وعسى أن أغير من أسلوبهما، وقد حاولت تحفيزهما إذا لم يتبولا بالفراش لكن دون فائدة.
ساعدوني لأنني أصبحت عصبية بدرجة كبيرة وأحرج من تصرفاتهما السيئة التي لا تكون إلا أمام الضيوف، وجزاكم الله عني ألف خير. السؤال
العناد والعصبية, التبول اللاإرادي الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
أهلا بك يا أم مهند، وبطفليك الجميلين..
أشعر بانزعاجك الشديد من عناد حبتي قلبك؛ لذا سوف أبدأ الحديث معك حول الأمر مباشرة.
العناد.. الشكوى الأبدية للأمهات من أطفالهن، ابني عنيد.. ابنتي عنيدة.. إن العناد صفة من صفات الطفولة وعندما نقابل شخصًا كبيرًا وعنيدًا في كل شيء نقول عنه بأنه عنيد مثل الأطفال.. إذن نحن نعترف أن العناد من صفات الأطفال، ولكن المشكلة أننا لا نقبله ولا نعرف كيف نتعامل معه ونفهمه.
إن للعناد وجهين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي. أما الإيجابي فنحن دائما لا نراه أو لا ندركه، جربي أن تعطي طفلا صغيرًا علبة مغلقة وراقبيه وهو يحاول فتحها بكل الوسائل والطرق وكلما ازدادت صعوبة ازداد هو إصرارًا على فتحها، وربما دفعه الفشل في ذلك لإلقائها أرضًا والبكاء والصراخ؛ إنه يشعر أنها تتحداه وترفض الانصياع لأوامره.. إنه يتحداها، إنه العناد.
هل تذكرين طفلك وهو صغير عندما كان يريد شيئا موضوعا في مكان عالٍ لا تطوله يداه.. ماذا كان يفعل؟ كان يحضر كرسيا أو علبة ويقف فوقها ويحصل على ما يريد.. إنه الجانب الإيجابي من العناد في شخصية الطفل الذي نغفله ولا نراه رغم أنه مهم جدا، فهو الذي يدفع الطفل للتقدم والإدراك والوعي بما حوله ويدفعه لأداء مهام وحركات ربما أصعب وأكبر من قدراته، ولكنه يتحدى ويعاند الصعوبات حتى ينجح.
وهذا الجانب الإيجابي من العناد لا بد أن نفهمه ونحسن استغلاله ليس فقط في مرحلة الطفولة، ولكن طوال حياة الابن نساعده ليستفيد من طاقة التحدي والعناد ولنقل العزيمة والإصرار في قهر أي عقبات أو معوقات تقابله، وأن يكون تحديه وعناده دائما ناجحا ومتميزا في كل شيء في حياته..
ومع الأسف كثير من الأمهات يقتلن هذه الروح في الطفل منذ صغره بكثرة الممنوعات والتحذيرات والعقاب الشديد على كل شيء خطأ يفعله الطفل، دون أن نفكر لماذا فعل هو ذلك، فلا ندع له فرصة للانطلاق والإبداع والتميز وتنمية روح التحدي لديه.
إن الأطفال على عهد آبائنا كانوا ينشئون في بيئة مفتوحة يلعبون طوال النهار في الساحات العامة أو الحقول مع أصدقائهم، يتسلقون الأشجار، ويلعبون مع الحيوانات ويلعبون مع بعضهم البعض، يتشاجرون ويتصالحون دون أي تدخل من أحد، يواجهون مشاكل ومآزق ويخوضون معًا مغامرات صغيرة، يتصرفون هم وحدهم معها ويتعاونون في حلها ولا يلجئون للأهل إلا عندما يفشلون تماما، لذلك كان عندنا رجال ومفكرون وعلماء وشخصيات قوية ومتميزة، في حين أن أطفالنا اليوم ينشئون بين جدران المنزل أمام الشاشات الملونة، وعندما يذهبون للنادي فتحت رقابة الأهل أو المدرب أو المربية، ثم ينتقلون إلى فصول المدرسة المغلقة، في كل مكان أوامر ونواه وممنوعات وعقاب... نعم الرقابة مطلوبة لكنها رقابة التوجيه لا القمع.
أما الجانب الآخر السلبي من العناد وهو العناد من أجل العناد ومن أجل استفزاز الآخرين فقط دون هدف أو سبب وغالبا يكون لنا دور كبير في تثبيته واستمراره عند الطفل فله أسباب أخرى؛ فعندما يعاند الطفل لا بد للأم ألا تنزل إلى مستوى الطفل وتضع رأيها أمام رأيه فإما أن تنتصر هي أو ينتصر هو، ولكن لا بد من وضع قواعد وحدود لكل شيء في البيت وعندما نختلف نطبق القاعدة التي اتفقنا عليها مسبقا، وعندما نتخذ قرارًا نتناقش فيه ونشرح للطفل وجهة نظرنا بوضوح وهدوء ولا ندخل معه في مساومات بل نكون حازمين بهدوء، ولكن مع ملاحظة أن نكون متفهمين لاحتياجات الطفل فلا نرفض كل شيء باستمرار؛ لأن هذا لا بد أن يؤدي للعناد.
وفي ضوء هذا هل يمكن يا أم مهند وروان أن تجيبي لنا على بعض الأسئلة حتى نستطيع الرد على استشارتك؛ لأن هناك الكثير من التفاصيل المهمة الناقصة فيها، وهي:
1- مع من يجلس الأطفال أثناء غيابك في العمل؟
2- ما هي أمثلة العناد بين ولديك ومعدلها في اليوم الواحد؟
3- ماذا تعنين بتمردهما أمام الضيوف؟
4- ما هي تصرفاتهما السيئة التي لا تظهر إلا أمام الضيوف؟
5- كيف تحاولين تعويضهما عن الساعات الطويلة التي تتركينهما فيها، خاصة في فصل الصيف؟
6- بالنسبة لموضوع التبول اللإرادي ما هو معدله في الأسبوع؟ وهل هناك فترات يقل فيها ثم يزيد ثانية؟ وهل ترتبط بفصول معينة في السنة؟ وهل تستطيعين تحديد عوامل معينة تساعد في زيادة أو نقص المعدل؟
7- ما هي المحاولات التي قمت بها؟
8- في أي سن بدأت محاولة الامتناع عن ارتداء الحفاظات وتعويدهما على التحكم في أنفسهما وقضاء الحاجة في المكان المخصص؟
9- وهل نجح التدريب فترة ثم انتكس؟ وكم مدة التوقف أم أنهما لم يتحكما أبدا في تبولهما؟
10- ما هو نظامهما اليومي من حيث مواعيد النوم والاستيقاظ ومواعيد تناول الوجبات وخاصة آخر وجبة والفترة الزمنية بينها وبين النوم؟ شكرًا وفي انتظار إجاباتك عن الأسئلة.
وحتى تأتينا الإجابة عن هذه الاستفسارات يمكنك الرجوع إلى المعالجات التالية لعلها تساهم في توضيح بعض الجوانب الأخرى التي حاولنا مناقشتها معك:
- الوجه الآخر للعناد
- فن وضع القواعد بالبيت
- قاضي الأطفال شنق نفسه
- أمي عودي
ــــــــــــــ(102/288)
حتى لا يضيع اليتم مراهقنا العنوان
المشكلة أن أخي (15 سنة) شديد العصبية، وغالبا ما يتملكه العناد في أمور شتى، وخاصة ما يتعلق بالدراسة والحث على المذاكرة والمدرسين، هو ذكي جدا، ولكنه لا يستجيب لأي ضغوط من أي أحد أيا كان ومهما كانت صحيحة في نظره.
علما بأن والديه متوفيان؛ وأنا المسئول عنه، وبصراحة لا أستطيع تحمل مسئولية كوني لا أهتم به لأني مثله طالب في الكلية، وليس لدي ما يكفي من الوقت لمتابعته أو لاتخاذ قرار ما إذا ما تم استدعاء ولي أمره؛ وهو غالبا ما يكثر من الغياب بشكل لافت للنظر، وهو الآن في الصف الثالث الإعدادي؛ وهو ما قد يضر به في تحديد مصيره (ثانوية عامة أو تجارية أو صناعية)، كما أن الأهل يؤثرون الابتعاد كي لا يتحملوا المسئولية. السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/إيهاب خليفة اسم الخبير
الحل
الابن الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أدعو الله أن يعينك على رعاية أخيك، والفوز بمصاحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم بكفالتك له.
على قلة التفاصيل المتعلقة بشخصية أخيك والتي ذكرت منها بعض مظاهر السلوك المرفوض منه، إلا أنك لم تذكر لنا شيئا عنه هو شخصيا، ومتى توفي والداك؟ وهل كان هذا سلوك أخيك منذ الصغر أم أنه طارئ إثر فقده لوالديه، ومن يقوم على رعايته بعد رحيلهما، خاصة أنك تقضي جل وقتك في جامعتك؟ وهل له أصدقاء وما طبيعتهم؟ وما طبيعة علاقته بالمدرسة وهل من بين المدرسين من حاول استيعابه؟ وهل ليست لأخيك أي ميزة؟ وهل لكم أخوات أو خالة أو عمة تعمل على رعايته ولو لبعض الوقت؟
هذه التفاصيل في غاية الأهمية في توضيح دوافع سلوك أخيك الذي تعرض لليتم، ثم ما يمكن أن نقول بأنه (النبذ) في سنه الصغيرة هذه. وحتى تضح لنا الصورة عبر التفاصيل التي سترسلها لنا سأحاول أن ألقي الضوء على طبيعة المرحلة التي يمر بها بشكل عام.
أنا أقدر ما تمر به؛ فمسئولية التعامل مع الشباب في هذه الفترة فترة الانتقال إلى الرشد واتساع المدارك صعبة ويزيد من صعوبتها غياب الراعيين الأساسيين وهما الوالدان، وبالتالي احتمال التفلت وعدم الاستجابة لضغوط الإخوة وعدم وجود نفس التأثير.
وهذا العناد والسعي إلى الاستقلالية في الآراء والتصرفات من الأمور المتوقعة في هذه الفترة. ويعزى ذلك إلى الأسباب التالية:
1- حدوث التغيرات الجسمانية المفاجئة؛ الأمر الذي قد يكون شديد الوقع على النفس، وقد يكون هناك تباين بين النمو النفسي والنمو الجسماني؛ فأحيانًا يكون المراهق له نفسية طفل مع جسم رجل وأحيانًا له نفسية رجل مع جسم طفولي فتحدث الاضطرابات.
2- الصراعات النفسية التي تحدث مع اتساع المدارك والنظر إلى شخصية الآخرين وطريقة تصرفهم وتعاملهم وإيجابياتهم وسلبياتهم.
3- الزيادة الشديدة في جوانب المعرفة.
4- الاهتمام كثيرًا بالبحث في فلسفة ومعنى الحياة.
وهذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى نشوء اهتمامات خاصة وصراعات ذهنية واشتياق لاستكشاف جواب الحياة بعيدًا عن ضغوط ووصاية الآخرين، وقد يسعى المراهق نتيجة هذه المظاهر إلى عمل ما هو غير مقبول اجتماعيًا، وهذه ظاهرة مرضية؛ إذ إنها تعبر عن عدم الشعور بالثقة والاطمئنان والافتقار للقدوة.
وسنورد بعض الخبرات لعلها تساعدك في التعامل مع أخيك حتى يعبر هذه المرحلة بخير:
1- ينبغي أن يعامل الشاب في هذه الفترة بحرص فلا يكون النصح على سبيل الإجبار، بل ينبغي أن يشرك في الحوار وأن يشعر أن القرار يأتي من داخله.2- أن الشباب في هذه الفترة يحتاج إلى الانتماء لمجموعة يكون لها هوايتها ونشاطها، وهذا الأمر قد لا يكون متاحًا بصورة جيدة لأسباب عديدة، منها على سبيل المثال عدم تشجيع كثير من الأسر على ذلك بسبب سوء التقدير واعتقادها أن ذلك الأمر قد يعطل ويؤثر على المذاكرة.
3- كما يحتاج إلى توافر القدوات والمثل العليا من الزملاء ممن هم في سنه، وينبغي محاولة توفير هذه الاحتياجات عبر مربٍ من الشباب يستطيع استيعابه مثلا مدرب في النادي يكون ذا خلق ودين أو مشرف في المسجد أو مدرسة يرعى هواية من هوايته (الرسم مثلا...) مع عدم التقليل من شأنه أو الاستهانة به وعدم الإكثار من التقريع السلبي له بل استبداله بالتعزيز.
4- ينبغي في هذه المرحلة عدم معاملته كطفل صغير أو على العكس لومه عندما يقوم ببعض التصرفات الطفولية رغم ادعائه للرجولة والرشد، بل يجب أن يكون من منطلق الصحبة والندية التي تحفظ في ذات الوقت المسافة للاحترام والتي لن تتوافر إلا إذا بُودر هو بالاحترام.. احترام خصوصيته واحترام آرائه وتقدير رغباته ما دامت في حدود المعقول.
5- ينبغي ملاحظة القدرات الخاصة بهذا الأخ حتى لا يحدث تباين بين قدراته وبين التوقعات المطلوبة منه وبالتالي تحميله فوق طاقته.
6- أما بخصوص المذاكرة تحديدًا فسوف تجد في الاستشارتين التاليتين بعض الأفكار المعينة على إدارتها معه:
- سوف والجيل الصاعد.
- شهرزاد وألف ليلة وليلة مذاكرة
ولمزيد من التفاصيل المعينة حول طبيعة المرحلة التي يمر بها أخوك برجاء مطالعة المعالجات التالية:
- المراهقة قنبلة موقوتة
- وتبقى الصداقة هي الحل
- صاحب ابنك المراهق ينضبط
- تعديل السلوك قواعد وفنون
- ورحل كاتم أسراري
ــــــــــــــ(102/289)
أمومة مغتربة ..تبحث عن ذاتها العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم بداية على الدور الرائع الذي تؤدونه لتوعية الأهل بكيفية رسم المستقبل عن طريق تربية الأبناء والذين يؤطرون منذ الآن أفق مستقبلنا.
وبصراحة لقد اكتشفت موقعكم الرائع قبل فترة وجيزة، ومنذ ذلك الحين وأنا أقرأ الاستشارات التي حفظت في الموقع، وفي الوقت ذاته أحاول مراسلتكم دون جدوى، وآمل أن يكون لرسالتي اليوم مكان بين مجموع الرسائل التي تصلكم وأن تعينوني على ما أنا فيه؛ لأنني صدقًا أضع الأمل في الحل الذي ستقدمونه لي وكلي عزم على تنفيذه بإذنه تعالى، فأثابكم الله خيرًا.
أعزائي، أنا أم عاملة لطفلة عمرها عشرة شهور، قضيت منها ثمانية "وما زلت" في عذاب مستمر وتأنيب ضمير وإحساس بالتقصير والذنب شديدين، والسبب طبعًا هو تركي لطفلتي الرائعة بعد شهرين من ولادتها لأعود إلى عملي، ولا أخفيكم أن الجميع كان يقول لي بأن مرحلة العذاب هذه ستكون في البداية ومع الوقت ستعتادين على هذا الوضع، إلا أنني أجد نفسي كلما زاد وعي ابنتي (ياسمين) شعرت بمسئوليتي تتضاعف وإحساسي بالذنب يتعاظم، وبكآبتي (نعم كآبتي تزداد).
أنا ممزقة بين عملي وبين إحساسي بطفلتي الرائعة، ربما لأنني كنت أتوقع أن تكون حياتي مع طفلي مثالية إلى أبعد الحدود، وكنت أرسم طريق طفولتها من قبل أن أتزوج، وكنت أحلم بأن أكون أمًّا مثالية تدرك تمام الإدراك مسئولية الواجب الملقى على كاهلها ومسئولية الأمانة التي حملها الله لها.
ولكن مشكلتي الحقيقية تكمن في أنني لا أستطيع تطبيق أفكاري ومبادئي الخاصة بتربية طفلتي التي أعرف أنها تحتاج إلى وجود أمها بشكل دائم معها كأحد أهم مقومات نموها وتطورها الصحي.
لماذا أعمل وأنا أؤمن بهذه المبادئ وأريد أن تنشأ طفلتي كما أتمنى؟ إن سألتموني هذا السؤال فسأجيبكم بأنني مضطرة إلى العمل لعدة أسباب، ومن أهمها إحساسي بالمسئولية أمام عدد من الأحلام التي وضعناها أنا وزوجي قبل فترة ليست بالقصيرة، وهي إكمال الدراسات العليا، فنحن نعمل حاليًّا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأنا متخصصة في القانون وأعمل مستشارة قانونية في إحدى الشركات، وزوجي يحمل درجة الماجستير، وأمنيتنا كانت منذ سنوات هي إكمال الدراسة خاصة فيما يتعلق بزوجي والذي لم يمنعه من الحصول على الدكتوراة سوى الوضع المادي.
لهذا أنا أعمل لكي نستطيع توفير مبلغ يعيننا وتحديدًا زوجي على إكمال الدراسة، إضافة إلى أن عملي يفي بالكثير من التزاماتنا المادية، وأصارحكم أن فكرة الإنجاب كانت مؤجلة قليلة لدينا إلا أن الله أراد أن يرزقنا بهذه الهدية الغالية (ياسمين)، والتي مزقني الإحساس بمسئوليتي اتجاهها وتجاه مسئولياتي الأخرى.
مشكلتي أن دوامي طويل فهو يمتد من الثامنة وحتى الرابعة وأحيانًا إلى أكثر من هذا، وخلال هذا الوقت أعهد إلى الشغالة برعاية ابنتي، وعندما أقول هذا الكلام أشعر بالخجل الشديد ينتابني؛ فأنا لم أكن أتصور أبدًا أن يأتي يوم ويمنحني الله نعمة الأمومة ثم ألقي بطفلي بين يدي شغالة، ولكن هكذا سارت الأمور والتي لا أستطيع التأقلم معها حتى الآن، والتي تأكل من أعصابي ومن نفسيتي الشيء الكثير، (أحتاج إلى صفحات لكي أشرح العذاب الذي أعيشه في الكثير من الأوقات).
وسؤالي لكم هو أنني فكرت حاليًّا بأن أرسل ابنتي إلى الحضانة؛ حيث إنني أتوقع أن الوقت الذي تقضيه مع الخادمة لن يكون له أي تأثير على تطورها الذهني واللغوي وربما النفسي؛ فالبنت التي ترعاها قليلة الكلام وهي تتحدث العربية بشكل مكسر، ولأن ياسمين بدأت في مرحلة الوعي والتعلم فإنني أتمنى أن أهيئ لها أفضل الأجواء لتنمية مهاراتها (فيما يتعلق بالوقت الذي تقضيه مع الخادمة فهو يمتد من الساعة الثامنة وحتى الساعة الثانية بعدها يأتي والدها من العمل، ويبقى بقربها يلاعبها حتى الساعة الرابعة، وأصل أنا بعد ذلك وأبدأ بإكمال النهار معها، وأنا أحرص على أن ألبي لها ما أستطيع من حاجاتها بمجرد وصولي المنزل؛ فأنا لا أسمح لنفسي أن أرتاح أو أن أتركها دقيقة واحدة إضافية مع الشغالة، وبالتأكيد أحرص على ملاعبتها وأخذها في نزهات "ما استطعت من وقت" والحديث معها وإطعامها، ولكن هل هذا يكفي لطفلة عمرها عشرة أشهر؟) (ساعات محدودة قد لا تتجاوز الأربع وأحيانا يتخللها غفوات صغيرة لصغيرتي).
ولأنني أخاف على تطورها من ذلك الوقت الصباحي الذي تقضيه مع الخادمة صباحاً ولأنني حقاً أؤمن بمبدأ تحفيز ذكاء الطفل (علمًا بأنها ذكية بشكل لافت وهذا ما أكدته لي طبيبتها منذ شهور عدة) ولأنني وكنقطة أخيرة أخاف أن تتعلق ابنتي في الشغالة (حتى إنني أغار من حب طفلتي لها أحيانا وأتوقع أنه شعور طبيعي لكل أم).. فإنني فكرت في مبدأ الحضانة، ولكن خوفي هو أن تتشتت طفلتي فيما بين الحضانة وبين الشغالة وبين وجودي كأم؟ وهل سيكون إدخالها في حضانة يومين في الأسبوع مثلاً أمرا مناسبا لها، حيث يمكن أن تتعلم أشياء كثيرة هناك، وتلعب مع الأطفال، وتقلل من فرصة تعلقها بالشغالة؟
(ملاحظة: أريد وضعها في الحضانة يومين أو ثلاثة في الأسبوع؛ لأن تكاليف الحضانة مرتفعة، ومن ناحية أخرى أتوقع أنه الأفضل لها بأن تذهب مبدئيًّا يومين أو ثلاثة في الأسبوع)، علمًا أن الحضانة التي وجدتها الأكثر ملاءمة هي حضانة أجنبية والمشرفات التي بها أجنبيات (بريطانيات تحديداً)، فهل لاختلاف اللغة في هذه السن أي تأثير على النمو اللغوي لطفلتي أم أنه فعلاً يزيد من حافز الذكاء كما قرأت ذات مرة؟
(ملاحظة ثانية: كانت هذه هي أفضل حضانة في البلد الذي أقيم فيه على مستوى النظافة والالتزام والحرفية؛ حتى إنهم لا يأخذون في الصف الواحد في عمر طفلتي أكثر من ستة أطفال)؛ لذلك أنجدوني أثابكم الله هل هذا هو الحل السليم لوضع طفلتي؟ وهل يمكن أن تتطور مهاراتها وذكاؤها بشكل أكبر في الحضانة منذ هذه السن؟ وهل لن يؤثر هذا على نفسيتها؟ وهل ستستطيع إدراك أن أمها هي المرجع لها أم أنها ستتشتت فيما بين الحضانة والشغالة ووالدها ومن ثم وبعد كل هذا أنا؟ هل وجود عدة شخوص في حياة الطفل كفيل بأن يبعد عنه الإحساس بالأمان؟ أفيدوني أرجوكم.
من ناحية أخرى وآسفة للإطالة: أنا أعاني من مشكلة واحدة مع طفلتي وهي مشكلة النوم فهي لا تحب إلا أن تنام وأنا أحتضنها (شكل وقوف عمودي بحيث تضع رأسها على كتفي) حتى لو أحبت النوم مع والدها فهي تفضل هذا الأسلوب ومع الخادمة أيضا، وكنت قد قرأت أن أفضل هدية يمكن أن يقدمها الأهل لأطفالهم هو أن يعودوهم على النوم بشكل مستقل، وهذا يتأتى بأن أتركها في فراشها عند النوم ومن ثم أنسحب بهدوء ولا أستمع لصراخها إن بكت، فهل فعلاً يمكن لهذه الوسيلة أن تكون إيجابية على تدريب الطفل على الاستقلالية والاعتماد على النفس والاستقلالية، أم أن الطريقة التي أتبعها حاليًّا هي الأقرب للفطرة وهي الأنسب لها بما أنها تلائمها، وهل ستسبب لها الاتكالية فيما بعد؟
اعذروني على الإطالة، أرجوكم أن تساعدوني على الخروج من هذه الدوامة التي تلفني، واعذروني على التشتت الذي انطبعت به هذه الرسالة والذي يعكس حالتي العامة، وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أم ياسمين.
السؤال
تربوي الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
"اعذروني على الإطالة، أرجوكم أن تساعدوني على الخروج من هذه الدوامة التي تلفني واعذروني على التشتت الذي انطبعت به هذه الرسالة والذي يعكس حالتي العامة...".
استوقفتني خاتمة الرسالة لأعيد قراءتها من البداية أكثر من مرة رغم وضوحها من أول كلمة فيها.. الوضوح كان على خلفية رسائل الأمهات والآباء المغتربين التي وصلت إلى صفحات الموقع وتعكس جل حياتهم تقريبا بدقائقها، بنجاحاتها وإخفاقاتها... حاولنا في كل منها أن نجيب عن جزئية سأل عنها صاحبها في تربية أطفاله، وفي رسائل أخرى جاءت من أسر تعيش في أحضان الوطن وأحد قطبي الأسرة (الأب أو الأم) غائب عن تربية أولاده، إما إهمالا أو لعدم وعي بدوره التربوي أو بالسفر لأي سبب.
سؤال المغتربين في البلاد غير العربية جله ينصب عن كيفية الحفاظ على هوية أطفالهم مع ضرورة تعرضهم للمجتمع الذي يعيشون فيه، وبعضهم كان أكثر إدراكا ليسأل عن كيفية الاندماج في هذه المجتمعات ليؤثر فيها بأخلاقه متأثرًا بمحاسن هذه المجتمعات، والقليل كان يسأل عن الدراسة.
ورسائل أخرى تعكس صراع أمهات بين طموحهن الدراسي والمهني وعذابهن من الانفصال التعسفي عن أطفالهن في أشد لحظات احتياجهم وصراخهم، كما صرخت إحداهن: ( في الغربة دراستي أم هوية طفلي؟ ).
الجديد في رسالتك كان حديث النفس الشفاف العفوي الذي ضمن كل هذه التساؤلات وعكس التشتت الذي انطبعت به هذه الرسالة.. "فهي خليط من كل الرسائل الذي سبقك بها غيرك".
أختي الفاضلة: مرحبًا بك وبأسرتك، سامحينا إن لم نقدم لك طوق النجاة الذي تتطلعين لأن يساعدك في الخروج من الدوامة التي تلفك، فسنسلك طريقا أصعب نعطيك فيه أدوات صناعة الطوق، محاولين التنبيه على جوانب قد تكون خافية عنك علك تصلين إلى إدراك أوضح وأصوب للمشكلة، وهو ما تطلب استشارة ثلاثة من مستشاري صفحتنا للرد على كل نقطة بالتفصيل اللازم لها والكافي.
وهم:
الدكتورة سحر صلاح طبيبة التخاطب وخبرتها بالنمو اللغوي للأطفال لتحدثك عن ذلك.
والدكتورة إيمان محمد السيد بخبرتها العلمية - بصفتها طبيبة أطفال نفسية- والعملية من واقع إكمالها لدراستها في الغرب في صحبة أطفالها لتحدثك عن كيفية توفير حاجة طفلك للأمان.
والدكتور عمرو علي أبو خليل الذي أراد أن يركز على الإجابة على أسئلة في غاية الأهمية، وهي: أين يقف طموح الوالدين من مصلحة الأطفال؟ وكيف تتجنب المشاكل التي تنجم عن توكيل عملية التربية لغير الوالدين؟
وأتركك مع رد كل منهم لتطالعيه كما جاء على لسانه، وتتخذي قرارك بعد ذلك على بصيرة، ونحن معك في أي استفسار يعن لك بعد ذلك؛ فأهلا بك..المحررة
ــــــــــــــ(102/290)
صوت الراء.. "اللدغة" المتواترة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابني يعاني من لدغة في حرف الراء، وهو عنده 3 سنوات.. غالبًا ينطقها غينًا وأحيانًا ياء، ووالدته تحاول أن يصلح منها، لكنه يضجر منها ولا يريد إصلاحها. فهل أذهب به لدكتور تخاطب أم ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا. السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة اسم الخبير
الحل
أخي الفاضل، بارك الله لك في ابنك، وجعله قرة عين لكم. صوت الراء (لأننا نتعامل مع الأحرف كأصوات إذا كانت منطوقة - وتصبح حروفًا عند كتابتها) هو من آخر الأصوات اكتسابًا (يمكن أن يتأخر لعمر ست سنوات)؛ لذا فمن المبكر الاهتمام الزائد به خصوصًا إذا كان هو الصوت الوحيد المشكل لدى الطفل، ولا بأس من بعض النشاطات المحفزة مثل تسمية صور يتكرر بها صوت الراء وحكاية قصص والتنبه لحركة اللسان (إمكانية وصول طرف اللسان إلى اللثة الملاصقة للأسنان العلوية) وإن شاء الله تنتهي المشكلة.
ويمكن أن تكون هذه "اللدغة" متواترة (ولا نقول متوارثة) في العائلة؛ بسبب أن الوالد يعاني من نفس طريقة النطق، ولوحظ أحيانًا أن هناك عائلات تصدر صوت الراء بنفس الطريقة من الوالدين أو أحدهما أو الإخوة مثل استبدال /غ/أو /ل/ أو/ ي به، وتحياتي لك.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- رامي يحل مشكلة الراء
- اللدغات والتلعثم.. مشكلة أم طبيعة مرحلة؟!
- حرف الراء.. أيها الحرف المشكل
- عدم الطلاقة.. معلومات هامة
ــــــــــــــ(102/291)
مراهق على شفا شذوذ مبكر العنوان
أخي البالغ من عمره 15 سنة في مرحلة المراهقة تصرفاته غربية يقوم بعمل أشياء غريبة جدًّا، وهي أن يتعمد أخذ شيء يخصني أو يخص أخواتي البنات (فستان أو أي شيء آخر)، ثم يقوم بعملية الاستمناء إلى أن يخرج السائل الأبيض، فكيف السبيل إلى علاجه؟ وهل يعتبر خطرًا عليه وعلينا من الناحية الصحية؟ أفيدونا كيف السبيل إلى علاجه. السؤال
عالم المراهقة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الابنة السائلة، أبعث بتحية لشجاعتك المبادرة في السؤال الذي لمست منه صدقًا في حبك لعائلتك والخوف عليها من أي خطر قد يحدق بها؛ فالأمر في غاية الأهمية، ويحتاج فعلا إلى سرعة التدخل، وهو مما يعكس وعيك وإن لم تذكري سنك.
إن ما يفعله أخوك هو نوع من الاضطراب النفسي الجنسي لا نستطيع أن نجزم به لقلة المعلومات الواردة في رسالتك، ولعدم وجود معلومات كافية لديك على دوافعه فيما يفعله، وهل لديه سلوكيات جنسية أخرى غير التي اكتشفتها أو أفكار أو خيالات في اتجاهات أخرى.
لأن قيام أخيك بالاستمناء على ملابسكن الأنثوية، أي أنه على ما يبدو يحدث له إثارة نتيجة لذلك.. فهذا يشبه نوعًا من الشذوذ الجنسي الذي لا يثار صاحبه إلا من خلال رؤية ما يخص النساء من ملابس أو أحذية أو أدوات زينة أو غيرها من الممتلكات غير الحية إن صح التعبير.
الأمر الشاذ الثاني الذي يفعله أخوك هو فعل ذلك على ملابس إخوته الشقيقات وهو أيضًا يدل على وجود اضطراب يحتاج إلى تقييم.
والأمر الثالث هو أنك لاحظت ذلك بسهولة، وهذا يدل على حالة من عدم الاكتراث لما يفعله؛ لأن الطبيعي أن يتخفى بهذا السلوك بحيث يصبح من الصعوبة أن يتم اكتشافه، أما علمك بهذا الأمر واكتشافك له مع استمراره في ممارسة نفس السلوك يضع علامة استفهام كبرى حول الأمر؛ لأن ممارسة العادة السرية أو الاستمناء بصورة ظاهرة أمام الآخرين قد تكون مقدمات لاضطراب عقلي خطير، وما يزيد الصورة غموضًا وعدم قدرة على الجزم في الأمر هو كونه في سن المراهقة؛ حيث تضطرب الذاتية الجنسية بصورة مؤقتة مما يؤدي لبعض التصرفات التي تبدو شاذة ثم يعود الأمر إلى مساره.
في كل الأحوال والاحتمالات فإن أخاك يحتاج للعرض على طبيب نفسي يقوم بالحصول منه على التفاصيل والدوافع والسلوكيات الأخرى؛ ليرسم صورة متكاملة يستطيع أن يجزم في النهاية هل هو مجرد سلوك عارض مع المراهقة أم هو نوع من الشذوذ الجنسي أم هو جزء من اضطراب عقلي أكبر.. الطبيب النفسي هو الذي لديه الإجابة.
وستجدين في الاستشارة التالية توضيحًا عن اضطراب الذاتية الجنسية التي أشرنا إليها في سياق الرد:
- بين الذاتية الجنسية والانحراف الجنسي.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموضوع التالي:
- طفل في عيادة نفسية .. تجربة لا تدعو للخجل
ــــــــــــــ(102/292)
حاور طفلك.. طوعا وإلا كرها العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. ابني البالغ من العمر 5.5 أعوام يسألني ويجيب: هل تعلمين من الحمار؟ هو الذي يقبل البنت من فمها. ولحسن حظي أننا لم نكن في وضع حوار كما جرت العادة بيننا إنما كنت أوبخه؛ لأنه لم يستجب لطلبي منه بلمّ ألعابه، وهكذا مضى الأمر دون تعليق مني.. فما تعليقكم المناسب كاختصاصيين؟
كما سألني قبل عامين: كيف أتيت أنا؟ فأخبرته أنني وأباه دعونا الله كثيرًا، وشعرت أن ببطني شيئًا، وأخبرني الطبيب أنك أنت، وفعلا بعد عام من ذلك، وهو يطلب وجود إخوة له، ويدعو الله لذلك، وأتت ظروف تسمح بحمل آخر؛ فكان سعيدًا وكأنه تحقق من صحة ما أخبرته، فهل أخطأت؟
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأم الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بك وبأسئلة طفلك وإجابته عليها، قد يكون الرد على سؤالك الذي طرحته في نهاية رسالتك في كلمة من اثنين "نعم" أو "لا"..
لكن ما رأيك لو تناقشنا حول الأمر؟ فنحن نتخيل أن أطفالنا عندما يسألون يقصدون إحراجنا، وكأن لديهم معلومة يريدون اختبارها، وهو ما ربما أشرت إليه حين قلت "ابني يسألني ويجيب"، والواقع أنهم حين يسألون خصوصًا في هذه السن الصغيرة يريدون إثبات ذواتهم، ويريدون إثبات قدرتهم اللغوية على السؤال والحوار، إنهم يريدون أن نتواصل معهم ونلتفت إليهم، وحين يرون أن الطرق العادية في إقامة حوار لم تفلح معنا لانشغالنا عنهم أو محاولتنا إسكاتهم جريًا على الاعتقاد الخاطئ أو قل الرغبة "إن صمت الطفل علامة أدبه"؛ فيعمدون إلى شد انتباهنا بأسئلتهم التي قد تبدو مزعجة أو مستفزة، إنهم إلى جانب رغبتهم في شد انتباهنا يريدون أن يعرفوا ويتعلموا قدر ما تطيق عقولهم نحو اكتشاف هذا العالم، بشرط أن تكون المعلومة في النهاية -حتى ولو كانت بسيطة- صحيحة؛ لأن أسوأ شيء يحدث عندما يكتشف الطفل أن الإجابة التي حصل عليها لم تكن صحيحة.
إن ثقته فيمن حصل منه على المعلومة تهتز، خاصة إذا كان هذا المصدر هو الوالدين، ويذهب يبحث عن مصدر آخر للحصول على معلوماته؛ فيحصل على الضار والنافع وربما لا يملك بخبرته المحدودة التفريق بينهما؛ فالمهم لديه أن يحصل على معلومة صحيحة ولا يخدعه أحد؛ لذا فإننا نقول ببساطة: إن أفضل إجابة على ما نسميه الأسئلة المحرجة هو الحقيقة.
ولا ندري لماذا يعتبر الأهالي سؤال "من أين أتيت؟" سؤالا محرجًا، في حين أن إجابة حقيقية وهادئة مثل أتيت من بطني ستكفيه، وإذا ما حدث حمل آخر أمامه ورأى بطنك وهي تكبر سيتأكد أن المعلومة صحيحة وحقيقية. ولكننا نورط أنفسنا في إجابات تفتح أسئلة يكون من الصعب إدراك الطفل لإجابتها مثل لقد دعونا الله أن تأتي... فدعا الطفل الله، وفي هذه المرة شاء القدر أن يكون هناك حمل يتصور الطفل أن سببه هو دعاؤه، في حين أن الأمر في سؤاله لم يكن يبحث في الكيفية، ولكن "من أين أتيت؟" تعني المكان بدون إحراج أو لف أو دوران، وسيسأل الطفل بعد الولادة: وكيف أتى أخي؟ فيكون ردنا مثلاً "ذهبنا للطبيب فأخرجه من بطن ماما".. إن الإجابة الواثقة البسيطة الحقيقية تحل المشكلة، والتي أفضنا في شرح كيفية القيام بها في مواضع كثيرة، سنذكر لك بعضها بنهاية الرد.
إن العبارة التي أوردها طفلك عن الحمار لا تُعَدّ مشكلة، ويبدو أنه سمعها من أحدهم، ربما رأى الطفل يشاهد منظرًا عاطفيًّا يقبِّل فيه البطل البطلة من فمها، فأحس الكبير بالحرج، وأراد أن يوجه الطفل تربويًّا.. فقال له: إن الحمار من يفعل ذلك.. والطفل أراد أن يخبرك بالمعلومة التي وصلته ولم يطلب منك تعليقا.. ربما كان التعليق الأفضل على هذا المشهد إذا أثار تساؤل الطفل أن الأب والأم المتزوجين هما اللذان يقبلان بعضهما؛ لأنه ربما يشاهد هذا الموقف بين أبويه؛ فيكون لديه تفسير طبيعي بدون أن يصف أحدهما أنه حمار.
سيدتي الفاضلة، ما أريد أن أخلص إليه أن سؤال الطفل فرصة لأن نتواصل معه ونعلمه ونشبع فضوله ونضيف إلى معلوماته، ونعلمه كيف يسأل ونعطيه الثقة في نفسه ونزيد حصيلته اللغوية؛ فلا داعي لتحويلها إلى أزمة؛ لأن الحقيقة هي أفضل إجابة.
ونعود لسؤال كيف يكون التصرف التربوي في هذه الحالة؟ هذا السؤال قد أجبنا عليه في معالجات عدة سابقة يمكنك مطالعتها بالنقر على الروابط التالية:
- السؤال الخالد...من أين جئت؟
- طفلنا يسأل أسئلة "محرجة".. كيف نجيب؟
- ابنة الثالثة..تبحث عن ثقافة جنسية!!
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموضوعات التالية:
- في الحوار مع الطفل.. قل ولا تقل
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
- الوجه الآخر للعناد
ــــــــــــــ(102/293)
من لا يرحم لا يرحم العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. أشكركم جزيل الشكر لما تقدمونه من خدمة عظيمة، وسدد الله خطاكم وأعانكم على فعل الخير دائما. ابنتي عمرها 5 سنوات نسكن في بيت جدها تتصف بكثرة العناد، وجريئة لديها خالة وابن خال في مثل عمرها منذ كانت صغيرة، والكل في العائلة حتى أنا ووالدها نعاملها بالضرب والصراخ، كنت أنا من أشد المعارضين لأسلوب الضرب، ولكن عندما أنجبت اتخذته وسيلة أولى في التربية لظروف عدة منها أنها كانت كثيرة البكاء جدا، ومنذ إنجابها إلى الآن وأنا نادمة على معاملتي لها ولطالما سعيت مرارا للتخلص من هذا الأسلوب، ولكن لم أستطع، والآن أصبحت ابنتي عنيدة كثيرًا، ولا تطيع ما يقال لها، وأريد منكم نصحي في ما يلي:
1- أريد تقويم معاملتي معها، ولكن لا أعرف كيف أبدأ؟ ولا من أين أبدأ بالتأكيد منع الضرب أول شيء وبعد ذلك أعود نفسي إلى ماذا؛ لأنني لن أستطيع أن أتصرف تصرفا سليما مرة واحدة.
2- ابنتي تتلفظ بألفاظ بذيئة وهي تكتسبها من أخواتي، كنت أقابلها بالضرب وأحيانا بالتراخي عنها وحين أضربها تقول لي إن خالتها تقول ألفاظا بذيئة، ولا أحد يضربها أو يزجرها فماذا أفعل؟
3- ابنتي تتعمد كسر ألعاب الآخرين مع أنها تحصل على ألعاب كثيرة، هناك شيء أود ذكره أنا أغلب الوقت أعاملها بالضرب والصراخ، ولكن أحيانا أتلطف معها وأتجنبها، لكن والدها لا يحن إليها كثيرا أي أن أبسط الأمثلة ألا وهي القبلة لا يقبلها، ولكم مني جزيل الشكر وأعتذر عن إطالتي.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأم الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
اسمحي لي أن أبدأ معك بداية مختلفة عما ربما تتوقعين.. دعينا نبدأ بحادثة..
دخل أحدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه يقبل حفيده الطفل "الحسين" فتعجب لذلك وقال للرسول والله إن لدي عشرة من الأطفال لم أقبل أحدا منهم قط" فرد الرسول ردًّا قويًّا ربما لا يوجد في السيرة ما هو في شدته، وقال: "وماذا أفعل وقد نزعت الرحمة من قلوبكم من لا يرحم لا يرحم... ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
كان رد الرسول الكريم قويًّا بالدرجة التي تدل على إدراكه الواعي بأهمية الحب والحنان للأطفال وأهمية التعبير عن هذا الحب بلغة الأجساد من قبلة وأحضان ولمسات... ولذا فإن إحداهن وقد جاءت إلي في المركز تشكو مثلك من عناد طفلها وعنفه فقالت إنها تصرخ في وجهه وتضربه منذ ولادته.. لم أجد إلا هذا الحديث الشريف لأوجهها به.. لأن البعض يتصور أن أمر تربية الأطفال وحسن معاملتهم من نافلة الفعل التي للإنسان حق الاختيار فيها بحيث يكون الرد عندما تطلب منه حسن معاملة الطفل "لا أستطيع" أو الطفل يستفزني أو غيرها من الحجج الواهية، ويكون الطلب هو أنه يريد حلا دون أن يتغير هو في معاملته... لا يوجد ما يزجر مثل هؤلاء الآباء والأمهات إلا هذا الحديث الشريف الذي يحمل هذا الوعيد القوي "من لا يرحم لا يرحم".
فالمسألة ليست اختيارا أو أمرا مندوبا نفعله أو لا نفعله، بل هو واجب يستوجب نزول الرحمات من الله... ولذا فإن البداية هي بالحب والحنان والرحمة والتوقف التام عن الصراخ والضرب مع وضع برنامج سلوكي للتخلص من العادات السيئة التي اكتسبتها ممن حولها وذلك عن طريق استخدام الحفز والتشجيع... ولن ينفع أي برنامج سلوكي إلا في إطار منظومة متكاملة شاملة من الحب والحنان بمعنى ألا يؤخذ من ردنا هذا الجزء ويغفل الباقي وتكون النتيجة أن الطفلة لم تستجب للتقويم السلوكي، وأنها مازالت تفعل الخطأ.. ولا بد من تكاتف كل الأطراف في ذلك، فالأب يجب أن يغير من معاملته لطفلته، ويجب أن ترى الطفلة أن التوجيه الذي يوجه إليها توجه إليه الخالة الصغيرة أيضًا وإلا فإن الرسالة التي ستصلها هي أن هناك تفريقا في المعاملة تعاقب هي فيه وحدها.
لا ينفي ذلك أنه بعد وصول رسالة الحب للطفلة أن تكون هناك منظومة للعقاب من حرمان أو أبعام أو خصام، ولكن بدون ضرب أو صراخ مع ابنتك بداية جيدة ولكن يجب أن يتبع ذلك تغير في سلوكك تجبرين نفسك عليه كلما تذكرت أنه من لا يرحم لا يرحم...
خلاصة ما نوجهك إليه:
1 - أن تقويم معاملتك وتخلصك من عصبيتك في التعامل معها ينطلق من إدراك معرفي أنك محرومة من رحمة الله إن لم تحسني معاملتها، وتكفي عن ضربها والصراخ في وجهها، فالأمر جد خطير، ولا تصلح معه حجة إنني حاولت ولم أستطع؛ لأن الحقيقة هي أن الإنسان إذا أراد فعل أمر يرى فيه مصلحته فإنه يجبر نفسه عليه مهما كانت الضغوط.
2 - أن الأب يجب أن تصله نفس الرسالة مع إضافة أن الآثار النفسية على هذه الطفلة من استمرار ضربها والصراخ في وجهها أخطر مما نتصور؛ لأن هذه الطفلة إما أن تنكسر نفسيًّا، وتصبح شخصية منطوية ضعيفة، وإما أن تتمرد وتصبح شخصية لا يمكن السيطرة عليها على أي من المستويات سواء المستوى العادي فتصبح شخصية متمردة أو المستوى المرضي فتصاب بالأمراض النفسية المختلفة... لأن إحساسها بغياب الدعم النفسي من والديها ستفقد الشعور بالأمان.
وبالتالي تفقد الثقة في نفسها وفي الآخرين وتشعر بالكراهية نحو المجتمع والآخرين.
3 - أن محاولة تقليل الاحتكاك بين طفلتك وخالتها بحيث يصبح معظم التوجيه منك، ولكن في إطار صحي مع محاولة التفاهم مع الجدة على توحيد التوجيه إن صح التعبير بمعنى أنك والجدة تتفقان على أنه يجب ألا يغفل الخطأ أو يتجاوز عنه خاصة في مسألة الألفاظ البذيئة حتى لا يحدث هذا التناقض في التوجيه وإلا فإن الجدة توجه بهدوء بعدم التدخل في توجيه الابنة، ويكتفي بتوجيه والديها.
وستجدين في المعالجات التالية على ترتيبها مزيدا من الأفكار حول تطبيق المقترحات التي أشرنا إليها:
- راعي البستان كيف يعود؟
- نصائح ذهبية للتخلص من العصبية
- من يربي ابنتي؟
- تحصينات البيئة وحلم العائلة الكبيرة
- عودة الأمان بإعادة الميلاد
طفلي في حلبة القتال العنوان
أنا أم لدي ولدان. الأكبر عمره 9 سنوات، وهو هادئ الطبع.. لي عليه بعض الاستفسارات، ولكن الذي يشغلني أكثر هو "عمر" الابن الثاني -6 سنوات-؛ فهو عنيد جدًّا جدًّا مهما تحكي له لا يسمع إلا الذي في باله.. مشاغب لأبعد حد.. مشاكس.. يتعارك مع إخوته أو أصحابه كثيرا.. كثير الحركة قليل الأكل؛ لأنه ليس عنده وقت؛ فهو يريد الحركة واللعب. نحن علاقتنا في البيت ممتازة، ليس لدينا أي مشاكل. ولكنني عصبية بطبعي وكذلك والده، وأرى أن ذلك انعكس عليهما، لكننا "ندلعهما" وننصحهما في نفس الوقت، أنا دائمًا معهما حتى في المدرسة، لكني أجده مشاغبًا جدًّا جدًّا، ومع ذلك فهو حنون وطيب.
ماذا أفعل لكي أجعله يهدأ، ويمتنع عن ضرب إخوته وأصحابه؟ وكيف أتعامل مع عناده؟ كذلك فهو لحوح "ما يبطل زن" حتى يحصل على حاجته ثم يتركها، و"يزن" على شيء آخر.. وهكذا باستمرار، وضعتهما في جامع لتعليم القرآن. وفي أول يوم تعارك مع أقرانه و"سوّى" مشكلة.
أرجوكم أفيدوني كيف أتعامل معه؟ ولكم جزيل الشكر.
هناك نقطة مهمة حصلت: من فترة وجدته هو وأخاه يعبثان بأعضائهما التناسلية عندما دخلت عليهما خافا، ولما "حكيت" لهما "بالهداوة" ارتاحا، وقالا هذه "مش" أول مرة يلعبان بها، وفي كل مرة واحد يمص عضو الآخر، وبعد الكلام معهما عرفت أنها فكرة الولد الصغير، ولم أعرف حتى الآن من أين تعلمها، ولم أرد أن أضغط عليه، لكني أخذت الأمور بحكمة قدر المستطاع. وشرحت لهما بالدين الحرام والعيب، وحاولت أن أتجاهل الموضوع، مع العلم أني ما زلت أراقبهما؛ فأنا قلقة عليهما..
أفيدوني، وعذرًا لأن أفكاري مرتبكة من خوفي عليهما، ولكم كل الاحترام.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة، مرحبًا بكل أسرتك، قبل أن أبدأ حديثي معك أحب أن أوجه لك سؤالا -أثق مسبقا فيما ستجيبين به- أورده دكتور سبوك في سياق عرضه لمسألة عدوان الأطفال في كتابه "مشاكل الآباء في تربية الأبناء"، وهو: "ماذا يفعل الناس عندما يرون أمًّا تنطلق بطاقة رهيبة -رغم رقتها وهدوئها المعروف عنها- لتدفع عن طفلها كلبًا أو خطرًا يقترب منه، فتكاد تنهش هذا الخطر نهشا لتنقذ ابنها؟ إنهم غالبا يعجبون بأمومتها يصفقون لها، وقد تنشر صورة بطولتها في الصحف، كيف واجهت بمفردها الخطر وتحولت رقتها لقوة هائلة حمت بها ابنها من الخطر.
أعتقد أن هذا السؤال هو تمهيد مناسب جدا للحديث عن: "دافع العدوان الطبيعي"، أو بعبارة أخرى: الأسباب التي تجعل الطفل يميل إلى العدوان، ومدى ارتباط العدوان بالفطرة لدى الإنسان، باعتبار مشكلة العدوان لدى طفلك مسألة واضحة تتقدم مشكلات وردت في سؤالك هي كما يلي:
1-العناد.
2-الحركة التي ترينها زائدة.
3-الممارسات الخاطئة (المتمثلة في ممارسة سلوكيات جنسية بشكل متكرر وواضح).
4- العدوانية.
ونبدأ بمسألة العدوان، ويجب التأكيد بصدد هذه المسألة على نقطة مهمة، ألا وهي أن الدافع الطبيعي للعدوان يختلف من إنسان إلى آخر، بل إن أشكال العدوان تختلف من حالة لأخرى حسب كل مرحلة من مراحل العمر؛ فالله تعالى قد خلق في كل إنسان طاقة لكي يكون "عدوانيا" عند الخطر، وحتى يدافع عن نفسه ضد عدوان الآخرين.
وهناك اصطلاح شائع في علم النفس وهو: "دافع العدوان الطبيعي" ومعناه الطاقة التي يستنفدها الإنسان العادي في العمل أو الدراسة أو الرياضة، فهي -أقصد الطاقة- دافع يومي للحياة إن لم تستغل في تدمير النفس أو الآخرين، وبالتالي فهي ليست أمرا شاذا.
ولك أن تتخيلي أنه من مظاهر العدوان الطبيعية لدى كل طفل: عض حلمة ثدي الأم عند الرضاعة، وضرب الأرض بالقدمين، أو رمي نفسه على الأرض للتعبير عن الاعتراض على النهي أو غيره، والعض الذي تسببه آلام التسنين، وعض إخوته لانتزاع ممتلكاته أو الحصول على لعبة ما بأيديهم. ويشيع ذلك في الأطفال الأصغر (سن العامين) تجاه الإخوة الكبار. ثم يتطور الطفل مع التقدم في العمر فيصبح أسلوبه -من الرابعة مثلا- وأحاسيسه العدوانية في صورة لعب؛ فيلعب دور الضابط الذي يسحق اللصوص أو العملاق الذي يدمر بيت الأقزام المصنوع من المكعبات مثلا، ويخرج الطفل بهذه الطريقة مشاعر الغضب والضيق والكراهية التي قد تولدها تعاملاته اليومية في محيط الأسرة أو خارجها.
يبقى الحديث عن أمر آخر وهو العوامل التي قد تؤثر على النزعة العدوانية، أو بعبارة أخرى تتسبب في زيادة أو تهذيب مشاعر العدوان في نفس الطفل، وهي:
1- التفاهم والانسجام بين شخصية الطفل وشخصية الأم والأب. والناتج عن المعاملة السليمة للطفل يكون له أعظم الأثر في ترشيد وتهذيب الطاقة وتفريغها بشكل لا ينطوي على إيذاء للنفس أو الآخرين، وتكون المشكلة في ضياع هذا التفاهم، فقمع الطفل المليء بالحيوية يدفعه إلى مزيد من المقاومة. مما يسبب له المزيد من القمع فيظل بين الطرفين صراع تملؤه المرارة والضجر.
2- معاملة الطفل على أنه شخصية مزعجة سمجة تؤصل لديه العدوان والوقاحة بسبب النفور منه. وهو يشعر به بكل حساسية مهما كتمه الوالدان والمحيطون.
3- يحدث العدوان كرد فعل لأي متاعب يشعر بها الطفل داخل أو خارج محيط الأسرة مثل: الغيرة من مولود جديد – صعوبات دراسية – عدم قدرته على رد عدوان ابن الجيران الذي يفوقه سنا وحجما ويتعمد إيذاءه بين الفينة والأخرى – سخرية الآخرين أو استهزائهم به – المشاكل العائلية – عصبية الوالدين.
4- غالبا ما يحاكي الطفل والديه في التعامل عند الغضب، فلو كان أحدهما أو كلاهما يعبر عن غضبه بالصياح أو الضرب أو الصراخ؛ فإن الطفل يختزن كل هذه المشاهد ليعيد عرضها لاحقا حين يغضب، ويتعلم أن هذا هو الأسلوب الأمثل للتعبير عن الغضب، كما تعلم منهما من ذي قبل أننا نأكل باليمين مثلا ونخرج في المكان المخصص وننام في حجرة النوم وليس في الشارع.. وهكذا.
5- عدم الاهتمام بالطفل بالقدر الكافي يسبب له رغبة عارمة في لفت الانتباه بأي صورة، ولو بإيذاء نفسه أو الآخرين.
وتعالي نحاول إيجاد حلول للتغلب على مشكلات طفلك وعلى رأسها العدوان، والذي أحببت أن أوضح لك أسبابه ومبرراته بشكل مستقل عن باقي المشكلات (العناد – الحركة الزائدة) باعتبار أنها حلقات متشابكة في سلسلة واحدة، فالحركة الزائدة والحيوية التي تقمع تتسبب في العدوان، ويتسبب ذلك في فقد التفاهم مع الطفل فيتولد العناد، ويتسبب ذلك في المزيد من فقد التفاهم فيزيد الرفض للطفل والتعامل معه بيأس في إصلاحه؛ فيزيد عدوانه.. وهكذا، وفيما يلي نحاول التعرف على أنسب المقترحات للتعامل مع كل تلك المشكلات:
1- لا بد من إيجاد قواعد ثابتة للسلوك الصحيح يتم إعلانها في البيت؛ فهل رأيت يوما مديرا يعاقب مرءوسيه على شيء لم يعلموا من قبل أنه أصلا خطأ؟ أم أن لائحة العمل تكون واضحة لكل عامل يطلع عليها أولا ليعلم حدوده؛ فيصبح عقابه بعد ذلك بناء على هذا العلم والاتفاق؟
وهذا ما أريد منك فعله: تحديد لائحة وميثاق يتم الاتفاق فيها على قواعد ثابتة من السلوكيات الصحيحة مثل:
• ترتيب الحجرة بعد اللعب.
• عدم ضرب أحد دون الاحتكام للشخص الكبير الموجود.
• الشيء الذي يتم كسره أو تدميره عمدا لن يعوض بغيره.
• اللعب بألعاب الآخر يجب أن يكون مع الحفاظ عليها والاستئذان.
• ممنوع الرسم على الحائط. والرسم يكون في الأوراق أو على السبورة أو في حائط معين للرسم (حائط الشرفة مثلا).
• لا داعي لتناول الطعام خارج المكان المخصص للحفاظ على النظافة.. وغير ذلك من قواعد إدارة حياتكم اليومية، أو بمعنى آخر ما يمنع مصادماتكم اليومية التي تتسبب في عصبيتك معه وعصبية والده.
وبعد إقرار هذه اللائحة مع الأبناء يتم إقرار العقاب المترتب على مخالفة أي من هذه القواعد، كما أقترح كتابة هذه اللوائح في وثيقة وكتابة القواعد التي يكرر طفلك تجاوزها بلون داكن أو غليظ مثلا؛ ليظل يتذكرها، وتعلق في الجزء الداخلي من باب دولابه مثلا ليطالعها كلما هم بتغيير ملابسه.
2- لا بد من تثبيت أسلوب الثواب والعقاب المتبع من قبل الوالدين، ليكونا وجهين لعملة واحدة، ولن يفيد البكاء أو "الزن" أو غيره في إضعاف تلك الجبهة أو إشاعة الاختلاف فيها، فلا يجوز أن يكون عقاب الأم مثلا بالحرمان من لعبة معينة، ثم يأتي الأب ليضرب الطفل عقابا على نفس الخطأ، أو ليوقف هذا العقاب، أو يناقش الأم في هذا القرار أمام الطفل، أو غير ذلك مما يعطي للطفل مجالا واسعا لاستخدام هذا الاختلاف -في وجهات النظر وفي أساليب التعامل من قبل الوالدين- في التحايل على الأوامر وفي "الزن" واستخدام أساليب متنوعة في تمرير السيئ من السلوك وغيره، فالأب والأم هما كفتا ميزان متوازنتان، لا تحوي إحداهما ما يختلف عن الأخرى زيادة أو نقصا بحيث تطيش واحدة وترجح واحدة.
3- هناك أساليب مبتكرة للعقاب لا بد من اتباعها، وهي تبعد كل البعد عن التعذيب الذي يتبادر للذهن مع كلمة "مبتكرة"؛ فيظن السامع أن المقصود الإيذاء البدني أو التجريح اللفظي، بل منها أسلوب TIME OUT أو الوقت المستقطع بلغة الكرة. ويقصد به منع شيء محبب للطفل مدة معينة عند اختراقه اللائحة، ويتزايد وقت المنع مع تكرار تعمد هذا الخرق، فعند الوقوع في الخطأ يمنع الطفل مثلا -حسبما اتفق- من مشاهدة الكارتون لمدة ساعة. وتصبح ساعتين في المرة التالية وتصير 3 ساعات في المرة الثالثة. وفي الرابعة يتم منع الكارتون لمدة يوم كامل، والمقصود من التدرج تعليم الطفل السلوك الصحيح؛ فالعقاب ليس غرضه التعزير بقدر ما يوظف للتعليم والتدريب على السلوكيات السليمة، ومن الأساليب المبتكرة أيضا الحرمان من شيء كان مقررا عمله، مثل حفل أو غداء بالخارج أو نزهة للنادي أو غيره.
4- لا بد أن تحاولي البحث أنت ووالد الطفل عن التصرفات الصحيحة والسلوكيات والطباع الحسنة لدى طفلكما -وقد أشرت مثلا إلى أنه طيب القلب- لتحتفلا بهذه السلوكيات وتمتدحاه وتستخدما معه ما يسمى بـ"التعزيز الإيجابي"، ولا بد من مكافأته لزيادة نسبة هذه التصرفات تدريجيا، ويفضل أن تكون مكافأته بشكل محسوس ومؤثر لفترة كملصق لطيف يظل يُذّكره بتفوقه وسلوكه الطيب، أو لعبة، أو صورة يعلقها في حجرته أو قلم جميل أو غير ذلك؛ فكثيرا ما قلنا: إنه للأسف يعاقب الآباء أبناءهم على الخطأ، ونادرا ما يكافئونهم بنفس المواظبة على الحسن من التصرفات.
6- لا بد من معاملة الطفل بشكل يشعره بأنه محبوب ومقبول وأثير لدى الجميع، ولا بد من رفع ثقته بنفسه بمختلف الطرق التي وردت قبل ذلك في مواضع عدة منها:
- برنامج مميز للوقت المميز
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
6- لا بد من أن تكون مناقشاتك معه فيما يخص عناده أو تصرفاته السيئة بعد انتهاء الموقف ببرهة، وتكون بينكما فقط دون طرف ثالث وفي غرفة مغلقة وبهدوء مع الحزم والود؛ لمعرفة سبب الخطأ وتعليمه كيف يتفاداه والتأكيد معه على عدم تكراره.
7- وبالنسبة لمسألة العناد فمقترحاتنا السابقة تساهم في التقليل منها، وكذلك يمكنك الإضافة على ذلك نقطة مهمة، وهي: تعديل أسلوب توجيهك للأوامر مع طفلك.
ويمكنك الاستزادة في هذا الشأن بالرجوع لما سبق أن وضحناه فيما يلي:
- علاج العند بقوانين الكرة
- الوجه الآخر للعناد
- كنز الطاعة المفقود.. موجود
- افهم النغمة لتسمتع بها
8- أما عصبيتك أنت ووالد طفليك -وأعتقد أنها مشكلة مهمة جدا- فهي بلا شك تحتاج للعلاج، وذلك لتفادي أثرها السيئ على أبنائك.
ويمكنك الرجوع لما يلي للوقوف على مقترحات عملية تفيدك في مسألة التقليل من العصبية:
- نصائح ذهبية لعلاج العصبية.
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
9- لا بد من توظيف فراغ أبنائك وطاقتهم في ممارسة ما يفيدهم من هوايات ورياضات وأنشطة وغيره:
- كل صيف وأنتم مستمتعون مستفيدون –متابعة.
- ازرع حبا تجن برا.
- دعوة لصيف مختلف.
ويبقى لنا الحديث عن مسألة السلوكيات السيئة للطفل التي ثبت لك تكراره لممارستها أكثر من مرة، وللحديث عنها شقان:
الشق الأول: مقترحات يمكنك اتباعها.
والشق الثاني أسئلة لا بد من الإجابة عليها.
ونبدأ بما أميل إليه لتفسير هذه الواقعة؛ إذ إن تفاصيل الواقعة تؤكد على كونها محاكاة لمشهد رآه الطفل أو تعرض له أو على الأقل حكي له بشكل أو بآخر. ويمكن معرفة ذلك بالحديث معه عن ذلك، وسؤاله بلا عنف وبهدوء يشجعه على المصارحة، وبالتالي فلا بد مما يلي:
1- مراقبة الأطفال بشكل غير واضح لهم، ومنع تعرضهم لمشاهدة أي مشاهد خارجة في التلفاز أو المجلات أو الكمبيوتر أو أي مصدر. ولعلك تعرفين أن مجرد مشاهدة تلك الأمور مما يسمى تحرشا يحاول الطفل محاكاته.
- التحرش.. أفيقوا يرحمكم الله
- التحرش..ماذا يعني؟
2- لا بد من بث الاطمئنان في نفس الطفل إلى أن الوالدين لديهما القدرة على حمايته من أي تهديد، وإرشاده للصحيح وما يحميه. وأنه لا بد من مصارحته لهما دائما بكل شيء، ولعل هذا الاطمئنان لا يغرسه فقط الكلام، وإنما التعامل مع الطفل:
كيف نعلمهم أن الصدق منجاة.
- التحرش كيف نقوم ولا ندمر.
3- اجعلي ممارسة طفليك للعب في مجموعات كبيرة من الأطفال؛ فذلك يمنع مثل تلك الممارسات بشكل تلقائي، مع محاولة إشعار الطفل دائما بأنه لا يوجد ما يمنع وجودك في أي لحظة، وأقصد أن تحاولي بلطف منع إغلاق الأبواب وقت اللعب، وأن تحاولي التواجد بين الفينة والأخرى وسط أطفالك أثناء ممارساتهم اليومية، بل ومشاركتهم أحيانا اللعب والأنشطة وغيره.
4- تكرار هذا الموقف من الطفل يخشى منه اعتياد الطفل عليه، وهو ما يؤكد احتمال معاودته للوقوع فيه مرة أخرى. وهو ما يجب عليك منعه وإبعاده عن ذلك بكل ذكاء وبمختلف الحيل التي تشغله عن ذلك بما يفيده ويمتعه ويستنفد طاقته وينسيه هذا الأمر تدريجيا.
5- أنصح وبشدة عرض الطفل على طبيب نفسي ماهر يستطيع الحصول منه على تفاصيل ما تعرض له بمختلف الطرق من رسم ولعب وغيرها من الأساليب المتخصصة والبعيدة عن الاستجواب المباشر؛ لتحديد طبيعة ما تعرض له الطفل وجعله يتصرف بهذا الشكل، ومن ثم يمكن معاملة الطفل وفقا لبرنامج علاج يساعد على منع تكرار هذا التصرف من الطفل.
6- يسعدنا جدا أن توافينا بما تدونينه من ملاحظات على طفلك من خلال مراقبتك الدقيقة له، وكذلك أي شيء يلفت نظرك من خلال تلك الملاحظات. فهي تهمنا مع الإجابة على ما يلي:
أ. هل يجالس أطفالك مربيات أو سائقين أو طرفا آخر غيرك أنت ووالدهما؟ وكم عدد ساعات وجوده معهم في غير رقابتك؟
ب. هل يشاهد الطفل التلفاز أو الإنترنت أو غير ذلك في غير رقابتك، عند الجيران مثلا أو غير ذلك؟
ــــــــــــــ(102/294)
الانتقام بالتبول اللاإرادي!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسأل الله أن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم، وأن يجعلكم ذخرًا للإسلام والمسلمين؛ فمهمتكم صعبة وجليلة أثابكم الله.
أما مشكلتي فهي تكمن في ابني عبد الرحمن؛ فهو يبلغ من العمر 5 سنوات، وله أخت عمرها 3 سنوات و8 أشهر، وهو منذ صغره لا يتجاوب في موضوع الحمام وحتى هذه اللحظة، وأنا لا أعلم كيف سيكون الحال عندما يذهب إلى المدرسة، وهذه المشكلة تجعلني أتردد كثيرًا في الزيارات والذهاب للأماكن العامة، ولقد عرضته على أكثر من طبيب لعلّ المشكلة عضوية، ولكن أجمعوا على ألا مشكلة...
ولقد مثّل هذا الأمر ضغطًا نفسيًّا عليّ؛ حيث إنني الآن على وشك الولادة الثالثة، وأريده أن يكون نظيفًا حتى يخف عني الحِمْل بعد الولادة إن شاء الله، ولكن من الواضح ألا أمل فهو ما زال يتبول على نفسه طوال اليوم وفي الليل وكذلك عند الضيوف، وأصبح عنده لا مبالاة؛ وهو ما جعلني أتلفظ بألفاظ جارحة مثل "طفشت" منك ولا أريد أن أراك.. وأصبح يردد لي هذه الكلمات، مع العلم إني جربت معه كل الوسائل الممكنة من وسائل تشجيع ووسائل عقاب.
كذلك أحيانًا يكون لديه استعداد لأن يكون نظيفًا فإنه يحاول ذلك بقدر الإمكان، وأحيطكم علمًا بأنه يعبر عما يعترض عليه بأن يتبول على نفسه وكذلك الغائط لا مشكلة؛ حتى إن كنا في الخارج.
عبد الرحمن عصبي جدًّا نتيجة عصبيتي عليه في هذا الموضوع بالذات فأصبحت أضربه كثيرًا وفي الحمام، كذلك والده عصبي. وهو كثير الصراخ فهو يصرخ بكل ما أوتي من قوة، خاصة إذا لم ينفذ له ما يطلب وقد يكسر الأشياء ويرمي بها غير مبالٍ بالمخاطر، كذلك هو سريع الحركة غير مبال بما قد يحصل له من أضرار؛ فأنا لا أستمتع بأي نزهة لأنها تنقلب في الآخر إلى أننا نبحث عن عبد الرحمن.
وهو يميل إلى العنف والعند الشديد، كذلك فهو لا يستجيب للأمر إلا بالضرب، وهو لا يساعدني على أن أعامله برفق، وأنا أحاول أن أتجنب ضربه بكل الوسائل، ولكن لا محالة فأثور عليه ثورة عارمة.. كذلك لا يميل إلى عمل الواجبات أبدًا بل يفضل اللعب دائمًا.
وهناك نقطة أخيرة لا أعلم هل لها تأثير على حالته هذه أم لا وهي أن أخته أجمل منه بكثير، والكل يعلق أمامه على هذه النقطة.
أفيدوني بالله عليكم فقد فاض بي الكيل هل يمكن تدارك حالة العصبية هذه أم أنه سيبقى هكذا؟ وما هو التصرف الصحيح الذي أتخذه معه بخصوص موضوع التبول؟ كذلك كيف أتصرف معه حينما يذهب إلى المدرسة؛ حيث إنني أخشى عليه أن ينتكس إلى الأسوأ؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
التبول اللاإرادي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة، ونشكر لك شعورك الطيب، ودعواتك الرائعة، ولك إن شاء الله من الخير مثلها.
أختي الكريمة، سأدخل في صلب مشكلتك بدون مقدمات؛ لأن الأمر في الحقيقة متشابك ويحتاج لكثير من التفنيد والتفصيل مما يغني عن المقدمات.
وتعالي نضع مشكلات عبد الرحمن نصب أعيننا ونحن نفكر معا، وهي: عنف + عناد + حركة زائدة + تبول ليلي ونهاري لا إرادي.
إنها مشكلات بلا شك تؤلمك كأم، ويقطر الألم كما هو واضح من كل حروف رسالتك، ولكن الألم الأشد هو ألم المسكين عبد الرحمن، ولا تتعجبي، فقد زاحمته أخته ومنعت عنه الرضاعة من سن 5 شهور، ومنعت عنه الدلال في سن السنة، وأخذت كل الأضواء منه بجمالها -كما تقولين- وبتميزها الواضح عنه والذي زاده مظاهر الكآبة الواضحة -والتي أثق في ظهورها عليه من لحظة ميلاد أخته- ومظاهر العدوان والعنف وانتقامه لنفسه ولكرامته الجريحة بمختلف الطرق.
وأنا أشك في أنه تم التعامل معه بشكل صحيح يقيه آثار الغيرة التي قد تدمر الطفل أحيانًا، وما يدعم شكوكي هو سؤالك عن وجود تأثير لامتداح أخته من قبل الجميع أمامه من عدمه، وهذا من البديهيات التي تؤكد عدم الإلمام بها على حدوث ما هو أشنع من ذلك من أخطاء قتلت الطفل غيرة، واعذريني في هذا الكلام فأنا لا أقصد تقريعك أو لومك، بل أقر تصورًا تدعمه معطيات معينة ويعيننا على فهم حالة الطفل واستيضاحها، وفي النهاية، فإن هذا هو ما -قد يكون- قد حدث بالفعل ولا حيلة لنا إلا فيما هو آت.
ومن الواضح من كلامك أن طفلك لم يجف أبدًا منذ ولادته، وهو ما يجعلني أتساءل كيف تم تدريبه أساسًا، ومتى تم ذلك؟ وهل تحكمت أخته؟ وهل يقارن بها؟ وهل تم تدريبهما معا بشكل فيه تشجيع لكليهما بصفتهما مثل التوءمين لقرب عمريهما؟.. كل هذه الأسئلة أحتاج لإجاباتها بأسرع فرصة لا تمكن من معاونتك بما يفيدك بشكل أكبر.
وكون طفلك لم يتحكم أبدًا منذ ولادته ولم يجف لمدة 6 شهور متواصلة، فيمكن أن أشخص حالته بأنها حالة تبول ليلي -نهاري- لاإرادي أولي، وقد يدعم ذلك وجود أسباب عضوية يجب استبعادها أولاً وذلك بإجراء فحوص معينة وليس مجرد كشف عادي، وسأعرض عليك هذه الأسباب المحتملة لتتأكدي ما إذا كنت قد فحصت الطفل للتأكد من خلوه منها أم أن فحصه -الذي تحدثت عنه- لم يتطرق لها أو يشملها.
1- لا بد من أشعة على فقرات ظهره والتأكد من سلامتها وعدم تضاغطها أو تآكلها أو غير ذلك؛ وهو ما يؤثر على النصف السفلي من الجسم ويؤثر على التحكم في الإخراج.
2- لا بد من التأكد من عدم وجود مرض البول السكري، بقياس نسبة الجلوكوز في الدم بشكل عشوائي، ثم تحليل سكر صائم ومفطر.. كما يجب مراقبة تعطش الطفل للسوائل وملاءمة ذلك لسنه وأقرانه.
3- لا بد من إجراء اختبار لقياس كثافة البول، للتأكد من عدم وجود مرض "السكري الكاذب" والذي غالبًا ما يفوت على الأطباء فحصه ما لم يكون تخصصهم غدد أطفال، وهو ما يسمى DIAPETES MELLITUSE، ويتم فحص عينات مجمعة من البول على مدار يوم كامل.
وبعد استبعاد الأسباب العضوية تمامًا، يبقى احتمال آخر يحتاج للفحص، وهو إجراء اختبار ذكاء للطفل يقيس قدراته ومهاراته؛ إذ إن تأخره في مسألة التحكم قد يرجع لتأخر بعض قدراته ومهاراته، وهو لا يعني تخلفًا عقليًّا، ولكن يعني تأخرًا في بعض قدرات التفكير والمهارات يتسبب في كون عمره الزمني لا يتناسب -في بعض الجوانب- مع عمره العقلي، وهو أمر غير مخيف، ويمكن التعامل معه وعلاجه بشرط تحديده واكتشافه.
وأحب أن أؤكد لك أن هناك أطفالا لديهم ذاكرة قوية جدا، وقدرات متميزة في الحفظ ومهارات في التلوين والفك والتركيب، ورغم ذلك لديهم تأخر في بعض الجوانب لا يكتشفها إلا متخصص، وقبل ذلك لا بد من ملاحظة الأم لطفلها ومدى تناسب قدراته –على حد ملاحظتها له كأم– مع أقرانه، ومدى تقدمه في مهارات العناية بنفسه كخلع وارتداء الملابس والجوارب وفك وربط الأزرار والإمساك بأقلام الألوان مثلا وغير ذلك.
ولكي أقدم لك المزيد من الطمأنينة لتتجنبي الإحجام عن إجراء هذا الاختبار في مكان متخصص، فأحب أن أسوق لك معلومة عن فئة من الأطفال تكون نسبة نتائجهم في اختبارات قياس مستوى الذكاء ما بين 70 -80% وهم من يصعب تمييزهم جدا، ولكنهم تحت تصنيف يسمى "على شفا حفرة" أو BORDER LINE، أي أنهم يقعون في مساحة ضيقة ضئيلة بين التأخر والذكاء المناسب لأعمارهم، واكتشافهم يعينهم على التقدم فيما ينقصهم من مهارات، وتعليمهم ما ينهض بقدراتهم، وللعلم فالإحصاءات تؤكد أن نسبة هذه الفئة هي 2% من تعداد الأطفال، وقد تختلف مظاهر تأخر قدراتهم بين صعوبات في التعلم أو غيره، فمنها ما يظهر ويمكن اكتشافه ومنها ما يكون ملتبسا وغير واضح للأهل فيصعب اكتشافه أو علاجه وقد يساهم خجل الأهل أو إهمالهم أو خوفهم في عدم اكتشاف تلك المسألة وهو ما يضر بمصلحة الأبناء كثيرا.
وأحتاج منك لموافاتي بعدة تفاصيل حول ما يسمى DEVELOPMENTAL MILESTONE أو التطور الوظيفي والجسماني لطفلك؛ فقد يرتبط التأخر بهذا الاحتمال، ويصبح القلق والتدخل الطبي أمرًا لم يحن وقته ولن يحين قبل السادسة من العمر، كما هو متبع في علاج مثل تلك الحالات.
ونحتاج منك تفاصيل عما يلي:
-مواعيد جلوس الطفل بدون عون – ظهور الأسنان – الحبو – الوقوف – المشي – طلوع السلالم – حركة التبديل بالساقين كراكب الدراجة – النطق – الحديث بجمل مفهومة للغرباء من 3 كلمات – القدرة على الاعتماد على نفسه في ارتداء ملابسه وربط حذائه وأزراره والحذر من المخاطر والأذى – إدارة حوار بكلمات واضحة وجمل وأسئلة وأجوبة – التحكم في الإمساك بالقلم أو الألوان ورسم أشكال ومعرفة الألوان وأسماء بعض الأشكال الهندسية مثلا.
-هل يتصرف تصرفات سنه أم تصرفات من يصغرونه؟ وهل يناسب عمره الزمني عمره العقلي من وجهة نظرك كأم؟
- بالنسبة لمسألة البراز فهل تحكم فيه؟ وإن لم يكن كذلك فكم عدد مرات تبرزه أسبوعيا وشهريا؟ وهل تم له التحكم فترة لا تقل عن 6 شهور عاد بعدها لعدم التحكم أم لم يتحكم نهائيا منذ ولادته؟
ونعود إلى ما بدأنا به وهو الحديث عن الغيرة وهي على رأس احتمالاتنا المرتبطة بالناحية النفسية للطفل التي قد تكون وراء ما يعانيه الطفل من اضطرابات ومشكلات، ويدعم هذا التوقع وجود بعض السلوكيات لدى الطفل تعبر عن ضغوط يعانيها، مثل العنف والعناد والحركة الزائدة، وأغلبها وسائل للانتقام لكرامته الجريحة ولمنزلته المغيبة بوجود أخته.
واضطراباته تلك تسبب عصبيتك معه وعنف أبيه وتجريحكما له ليشعر الطفل بمزيد من النبذ -رغم أن طبيعته كذكر لا بد أنها تزيد خشونة عن الأنثى ولا ذنب له في ذلك بل يجب مراعاة الفروق في الطبيعة والطباع لتجنب جرح مشاعر الأبناء– ويمارس المزيد من العدوان والعنف والعناد وعدم التحكم لجذب الأنظار أحيانا وللانتقام أحيانا ولعقاب من لا يستطيع عقابهم كما يعاقبونه إلا بهذه الطريقة، وهكذا فتدورون جميعا في حلقة مفرغة من الآلام والمشكلات والعنف والضيق.
وأحكي لك قصة طفل قمت بعلاجه ذات مرة وكان ضئيلا في حجمه عن أقرانه، وجاء للعلاج على إثر شكوى المدرسة لوالديه من عدوانيته الشديدة غير المسبوقة، وباستمرار الجلسات والعلاج بالأساليب المختلفة اكتشفنا أن صغر حجمه –رغم أدبه الجم وأخلاقه الدمثة وهدوئه الواضح فعلا- يسبب له مضايقات من الأطفال وتهكما وسخرية، فيجعله يطيح بهم كالأسد الجريح بكل ما أوتي من قوة -كما تصفين عبد الرحمن- وبشكل غير معروف عنه نهائيا، وكما يقولون "كل ذي عاهة جبار"، أي أن كل من يصر الناس على إشعاره بالنقص كلما زادت كراهيته لهم ونفوره منهم وعدوانيته تجاههم.
ونصيحتي لك في هذه الجزئية هي محاولة إعادة بناء وتكوين العلاقة مع طفلك بعد تقويض الجدر والحواجز بينكما، ثم إحلال الحب والثقة والحنان مكان ما سبق، خصوصا أنك مقبلة على وضع طفل ثالث وهو أمر لن يمر بسهولة على عبد الرحمن الذي لم ينعم قط بخصوصية لعلاقته معك أو مع أبيه أو بمكانة أثيرة لديكما أو لدى أحدكما، والحل هو إصلاح ما أفسدته الظروف، والتقرب إلى الطفل ومحاولة إعادة ثقته بنفسه وبتفوقه وبمهاراته وقدراته والجوانب الإيجابية فيه وبحبكما أنت ووالده له، وراجعي ما يلي لمزيد من التفاصيل عن تلك الجزئية:
- برنامج مميز للوقت المميز
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
كما ينبغي محاولة التغلب على الغيرة التي تعصف بولدك عصفا، وذلك باتباع المقترحات الواردة في الاستشارات التالية، والتي تتمحور حول إشعار طفلك بذاته وبقدراته وبتفوقه وعدم تميز أخته عليه؛ فلكل منهما عبيره وشذاه كأزهار البساتين التي تختلف في شكلها ولونها ولكن كلها جميلة ومبهجة ومحببة، وكذلك حثهما على الوحدة والتكامل والإبداع، واستثمار قدرات كل منهما دائما:
- الغيرة وأشياء أخرى
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
أختي الكريمة، أعلم أن دورك شاق ومعقد، ولكنه ضروري وسيؤتي ثمرته أكيد، وستتحسن حالة طفلك؛ فما من داء إلا وخلق الله له الدواء، وأوصيك في النهاية بمحاولة نبذ العصبية بكل ما أوتيت من قوة، ولا تتخيلي أن الكيل قد فاض، ولا تظني أنه لا أمل بل إن الأمر هين وسيتم علاجه بسهولة إن شاء الله.. فقط بالاستعانة بالله ثم اتباع المنهج السليم للتعامل مع المشكلة بكل جوانبها وفروعها وأصولها –كما حاولت أن أوضح لك فيما سبق– وتشبثي بقول الله {استعينوا بالصبر والصلاة}، وصابري ورابطي وستقر عينيك بطفلك إن شاء الله، وفي انتظار موافاتك لنا بما طلبناه من تفاصيل وأجوبة على الأسئلة، والمزيد من استفساراتك وملاحظاتك ونتائج تطبيق مقترحاتنا والصعوبات التي تواجهك في تطبيقها.. أعانك الله وشكرًا لك وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/295)
ومات كاتم أسراري العنوان
إخوتي الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا صاحبة استشارة - "واصلي سباقك نحو الجنة"، والتي أجبتم عليها مشكورين مأجورين إن شاء الله بما عهدناه فيكم من اهتمام، وقد حمدت يومها الله عز وجل كثيرًا على نعمة الأخوة فيه التي جعلت لي إخوة وأخوات تلتقي روحي معهم، وإن تناكرت الأجساد والصور واختلفت المواطن والبقاع، وشعرت بكلمات الأستاذة دعاء ممدوح الحانية يومها تربت على جراحي وهمومي برفق وحنو كان له في نفسي أثر بالغ، فجزاها الله خير الجزاء، وما تفضلت به من حلول ومقترحات كنت قد أخذت بطرف منه فعلا، وأنا الآن أستعين بعد الله بالمقترحات الأخرى.
وكما قد أسلفت في استشارتي السابقة فأنا أحتاج إلى رأيكم ونصحكم دائما، وصاحب المشكلة هذه المرة ابني الأكبر والذي حرصنا أنا ووالده -رحمه الله- على أن نربيه تربية إسلامية كما يحب الله ويرضى، وأوليناه من العناية والرعاية والاهتمام ما لم يحصل عليه بقية إخوته، ولكن مشكلته أنه كتوم جدا لا يكاد يبوح لي أو لسواي بأي شيء يخصه مع أني حاولت جاهدة التقرب منه ومصاحبته، ولكني أعلم أن الأمر ليس خاصا بي فقط بل هو على نفس الشاكلة مع أصدقائه ومدرسيه.
وعندما أعتب عليه وأقول له أتمنى أن تجعلني صديقتك وتبوح لي بأسرارك ومشاكلك يقول لي ليس عندي أسرار أو مشاكل كل شيء عادي، وأنا أعلم أن هناك أمورًا تجري ألتقط بعض أطرافها من هنا وهناك، أخبره بهمومي وأستشيره في بعض أموري حتى يفتح لي في المقابل قلبه ولكنه كالصندوق المغلق، حتى عندما مات والده كتم أحزانه بقوة، ولم يذرف إلا دموعا قليلة، مع أني في ذلك الوقت رغم مصابي حاولت أن أحتويهم كلهم وأساعدهم على الإفصاح عن أحزانهم، وكم قلت لهم ليس الحزن والبكاء عيبا فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بكى يوم مات ولده.
وسؤالي كيف أخترق هذا الحصار الذي يبنيه حول نفسه لأساعده وقت الحاجة وعند الضرورة؟ أم هل أتركه وشأنه؟ وهل هناك مضرة من ذلك؟
وملاحظة أخيرة كان وهو صغير عنده عادة مص الإصبع واستمرت معه حتى التاسعة من عمره، والآن منذ أربع سنوات تقريبا بدلها بعادة أخرى وهي قضم الأظافر. جزاكم الله خيرا، وأنا بانتظار ردكم.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الحبيبة، ومرحبا بك مرات ومرات، وهنيئا لنا بصحبتك الطيبة وثقتك الغالية وتعاونك معنا في هذا المشروع الرائع وهو تنشئة أبنائك، أقر الله بهم عينك في الدنيا والآخرة.
ومما لا شك فيه أن ما ذكرته عن إياد -بارك الله لك فيه- من كتمان وعدم البوح بما يعتمل في نفسه -وهو ما يسمى ventilation أو تهوية تساهم في تقليل الضغوط والهموم ومواجهة الحياة بنفس أصفى وأقدر على الاحتمال- هو أمر غاية في الأهمية، بل إن التدريب على هذه التهوية شيء يبدأ منذ نعومة الأظفار ومع بلوغ الطفل سن يستطيع الكلام فيها بجمل تعبيرية مركبة.
وقد يكون فقد رجلك لوالده هو ما سبب له زيادة هذا الأمر، فربما كان والده هو كاتم أسراره؛ فحين فقده لم يعد لديه رغبة في استبدال دوره بأحد، وقد يكون من طبيعته قلة الكلام أصلا وقلة الحوار مع من حوله، مما يلحق به مسألة الكتمان، وقد يكون لديه استعداد وراثي لهذا الطبع يتشابه فيه مع أحد أفراد العائلة.
وأخطر ما في الأمر أن يكون الحبيب إياد على مشارف أو في طريقه لاكتئاب، وهو ما أخشاه بشدة في سنه تلك، ويدعم هذا الاحتمال لديه وجود مسألة قضم الأظافر وغيرها من مظاهر القلق والضغط وعدم الثقة التي قد يكون سبب إصابة الابن بها معاناته من موقف سابق فيه استهانة به أو استخفاف بكلامه أو بنوعية حواراته من مدرس أو قريب أو منك أو من والده –رحمه الله - أو أي طرف؛ وهو ما سبب له إحجاما عن الكلام لتفادي الوقوع في تلك الإهانة مرة أخرى.
وقد يكون الطفل قد تعرض لمثل هذا الاستخفاف أو الصد أو عدم إعطاء كلامه القدر الكافي من الاهتمام والانتباه في سن طفولته المبكرة جدا -حتى إنه لا يكاد يتذكر تفاصيله- لكن تبقى آثاره مسببة له هذا الإحجام والخوف من الإقدام على حوار أو الانخراط في حوار طويل أو حتى قصير لكن به تفاصيل.
إذن المطلوب منك ما يلي:
1- برنامج متكامل لتدعيم ثقة ابنك بنفسه، وأحسب أن ذلك قد تم شرحه باستفاضة في الإجابة السابقة.
2- تنمية مهارات ولدك الاجتماعية من خلال:
أ. إشراكه -أو حثه على الاشتراك- في أنشطة جماعية ضمن مجموعات وفرق للإسعافات الأولية أو للأعمال التطوعية أو للألعاب الرياضية أو للقراءة.
ب. حثه على المشاركة في أنشطة تعبيرية كالرسم والشعر والنثر والقصة ومجلات الحائط والصحافة والزجل والكاريكاتير وغيره مما يخرج به مكنون صدره، وينفس به عما يعتمل داخله.
ت. إعطاؤه أذنا مصغية عند كل كلام له، والاهتمام بأي شيء يتحدث عنه بدرجة كبيرة دون مبالغة.
ث. استمري على ما ذكرته من وسائل ممتازة للتقرب منه –مثل أن تكلميه عن همومك، وأن تصادقيه وغيره– لكن أضيفي لذلك الصبر؛ لأن المحاولات ستكون كثيرة وأغلبها فاشلة حتى تنجح بتراكم آثارها في تدريبه على أمر لم يعتده لمدة 16 عاما هي كل عمره وهو الإفصاح والفضفضة كما يسمونها، وبالتالي يجب عدم التوقف أو اليأس بل الاستمرار على هذا النحو وهذا النهج.
ج. يمكنك أن تقترحي عليه مصادقة إخوته وأن يكون سفيرهم إليك وسفيرك لهم بحكم رجولته وبحكم وجود مساحات من حياة الشباب لا يفهمها إلا الشباب أو لا يحكيها الشباب إلا للشباب، وأقنعيه بأنه خير من ينصحهم لتقدمه في السن عنهم وحداثة عهده بما يمرون به من تجارب وأحداث، وهو خير من يمرر لهم توصيات والدته بشكل يستوعبونه كشباب ويقدر هو على إيصاله لهم، وبذلك تساعدينه على الحوارات وتكوين صداقات مع إخوته، ولو خارج نطاق حياته وخصوصياته التي يحب الاحتفاظ بها لنفسه، ولكن لا بد أن يكون قادرا على التواصل مع الآخرين ولديه الصبر على إدارة أحاديث طويلة معهم، ومن ثم يمكن أن يكون هو المتحدث يوما ما.
ح. شجعيه وأعينيه على تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية طيبة مع الناس من أقارب وجيران وزملاء دراسة، والخروج في معسكرات مثلا أو رحلات.
خ. لا بد من جعل جلساتك معه للحوار له وحده، تخصه فقط دون إشراك أي من إخوته فيها –ويجب أن يكون لكل منهم وقته الخاص بخلاف أوقات الاجتماعات الأسرية العامة– كما يجب أن تحافظي على سرية أي أمر يبوح لك به –إن باح بشيء– وكذلك جلسات فضفضتك أنت معه يجب أن تخصكما وحدكما في كثير من الأحيان ليتشجع هو أيضا على الحديث واثقا في الخصوصية والسرية، ولكن تأكدي أن الأمر لا بد أن يستغرق وقتا ليس قصيرًا.
د. لا بد من التقليل من ممارسته لألعاب لا يخالط فيها الناس مثل ألعاب الكومبيوتر أو رياضة الإسكواش أو البولينج؛ فكلها ألعاب يلعب فيها المرء مع الجماد، ولا يخالط بشرًا، ويخشى على مدمني هذا النوع من الألعاب من العزلة وغيرها من مضار الابتعاد عن الناس.
3- لا أدري مدى إمكانية إقناع ابنك بالتعامل مع طبيب نفسي أمين، إذ يمكن لهذا الطبيب إخراج مكنونات نفسه والبحث عن جذور ما يعانيه الابن من مشاعر، وذلك بأساليب متنوعة غير الأسئلة والكلام المباشر، وهو ما قد تعجزين عنه أنت، لكن أعتقد أني لست في حاجة للفت نظرك إلى عرض الأمر عليه بشكل غير جارح أو فيه إيذاء له أو تلويح بكونه غير طبيعي أو مريض نفسي أو غير ذلك، طالما أنه يقول "كل شيء عادي وليس عندي مشاكل"، فلا داعي لإرغامه على الشعور أنه يعاني مشاكل وإقناعه بذلك مما سيكون له آثار سلبية عديدة لديه، وبالتالي فالأمر لا بد أن يكون في شكل اقتراح أنه "إن كنت تشعر أني طرف غير مناسب للحديث معك، فأنا تحت أمرك.. اختر طبيبا متخصصا بنفسك لهذا الدور... أنا لا يهمني سوى أن تكون مرتاحا، والكثيرون يفعلون ذلك حين تكون لديهم أسرار لا يريدون لأحد أن يعرف عنها، وفي نفس الوقت يريدون البوح بها لأنها حاجة طبيعية لكل البشر؛ فالطبيب النفسي يعتبر صديقا أمينا كاتما للأسرار وطرفا محايدا لن يستطيع أن يفعل بهذه الأسرار أي شيء سوى راحتك"... وهكذا.
4- حذار من تذكيره بمص الأصابع أو نهيه عن قضم أظافره، أو لفت نظره للامتناع عن تلك العادة، اكتفي فقط بالحديث عن أن أصابعك كانت تؤلمك كثيرا مما أوقفك عن ممارسة تلك العادة أو غير ذلك من أساليب غير مباشرة تخلق لديه الدافع للامتناع عن هذا الأمر كلما هم به أو سقط فيه سهوا.
5- أشعريه دائما برجولته وأهليته وقدراته القيادية، وتعليقات الناس الإيجابية عنه والتي أسروا لك بها عند مقابلته، ودعواتك له في كل صلاة.. وغير ذلك مما يدعم طمأنينته وثقته واستقراره النفسي وشعوره بإعجاب الآخرين.
وأختم معك حديثنا بقول الأستاذ إبراهيم عبد الستار في كتابه "العلاج السلوكي للطفل" الكويت، عالم المعرفة 1993: "عندما يعزف الابن عن الإسهام والتفاعل لأي سبب يجب على الأبوين أن يخلقا الظروف الملائمة التي من شأنها أن تجعل الإسهام والتفاعل ضروريين للابن من وجهة نظره".
وفي النهاية أتمنى أن نستقبل رسالة قريبة منك إن شاء الله تحمل أخبارًا سعيدة عنك وعن أبنائك جميعا، وأوصيك بالدعاء دائما لهم بالرشاد والخير والتوفيق.. وفي انتظار رسائلك.
ــــــــــــــ(102/296)
جرح الحضانة أم جرح الإقصاء؟!.. متابعة العنوان
الأستاذة الفاضلة/ دعاء ممدوح.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك وقتك الثمين في الردود على استشارات ومشاكل الأهالي التي أتمنى أن يعمل بها الجميع، لما فيها من مصلحة الأبناء والمجتمع الإسلامي، وجزاك الله كل الخير لقد قرأت ردك على الاستشارة الخاصة بمعتز عدة مرات وأود أن أوضح بعض النقاط وأسرد لك بعض التطورات راجية أن يتسع وقتك لاستشارتي:
أولاً: تم إرسال معتز للحضانة عندما كان عمر أخيه 3.5 أشهر.
ثانيًا: طوال فترة حملي بأخيه كان معتز مدللاً، ولم أشكُ من التعب من معتز أو الحمل؛ لأن حملي بأخيه والحمد لله لم يثنني عن اللعب مع معتز أو تدليله، بل العكس فقد أخذ معتز حقه وأكثر، لدرجة أن حماتي كانت تقول لي يجب عليك أن ترتاحي قليلاً من معتز من أجل الطفل الذي في بطنك، وأنا لم أكن أسمع كلامها؛ لأنني كنت مدركة أنه بعد ولادتي سوف أنشغل عن معتز.
ثالثًا: الحضانة التي أرسلت لها معتز تعد من أفضل الحضانات هنا في عمّان، وتتميز بالنظافة وكثرة الألعاب المناسبة لسنه فيها، بالإضافة لاهتمام القائمين عليها بالأطفال.
رابعًا: معتز في البيت محبوب جدًّا من الجميع ومدلل جدًّا، والكل يلعب معه أكثر بكثير من بنت خالته، ويفضلونه عليها بكثير، لكنه يغار منها؛ لأن أمها (خالته) تدللها بشكل يفوق الوصف، وكل وقتها لابنتها بشكل غير معقول وأحيانًا غير مقبول، علمًا بأنه يحب خالته كثيرًا وأحيانًا أحس بأنه يفضلها عليّ.
أما بالنسبة للتطورات مع معتز فهي كما يلي:
بعد حوالي شهر ونصف أو شهرين أصبح معتز يحب الحضانة ويحب الحافلة التي تقله للحضانة، حتى إنه أصبح يركض إليها عندما تأتي ليركب للحضانة.. كما أن شهيته للأكل تحسنت كثيرًا بعد اعتياده الحضانة، وأصبح اجتماعيًّا أكثر، يتقبل الناس بصورة أفضل (فقد كان لا يعتاد على الناس بسهولة، أما الآن فهو يقبل على الناس بعد فترة بسيطة).
بالنسبة لعملية التدريب على التحكم فهو الآن نظيف بما نسبته 90%، فقط بالأمس أصبح يخبرني عن حاجته، أما الأيام السابقة فقد كنت أقوم أنا بأخذه إلى الحمام لقضاء حاجته، وإذا نسيته أو انشغلت عنه فقط كان يتبول أو يخرج في ملابسه الداخلية. من فترة بسيطة رآني حين كنت أغيّر حفاظة أخيه، فجلس بقربه وأمسك الحفاظة النظيفة وشرد ذهنه لفترة بسيطة، وكم ناديته: معتز.. معتز.. فلم يستجب، وهو شارد الذهن ومن ساعتها وهو يتعبني عندما ألبسه الملابس الداخلية ويقول: ألبس فوطة (حفاظة) ألبس فوطة، واستمرت هذه الحالة لعدة أيام.. أما الآن فيقول ألبس فوطة لا ألبس (كيلوت).
أما بالنسبة لعصبيتي معه فقد قلّت حدتها عن السابق مع محاولتي أن أحافظ على هدوئي، ولكن لا أخفيك فإني أظل مرات عصبية معه. والمشكلة الجديدة التي ظهرت وأحاول أن أجد حلاًّ لها أنني لاحظت عليه كما لاحظ غيري أنه أصبح يخاف عندما يصرخ أحد في وجهه، فأرجو أن ترشديني لطريقة أو أسلوب أتبعه معه حتى أخلصه من خوفه هذا قبل أن تتفاقم المشكلة ويصبح جبانًا وهيابًا للناس.
أشكر لك وقتك مرة أخرى وسامحيني على الإطالة، وجزاك الله عنا كل الخير في الدنيا والآخرة.
السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك يا أم معتز مرة أخرى، وأشكر لك تواصلك معنا، وأرجو أن يدوم ويتصل دائمًا.
لا شك أن رسالتك تلك قد أسعدتني كثيرًا لما تحمله من تطورات وأخبار مطمئنة عن معتز؛ فقد بدأ -حماه الله- في السعادة بالتواجد بالحضانة، بل والاستفادة من تواجده فيها على مستوى حياته وتفاعله مع المحيطين به، وكذلك استجابته للتدريب ونجاحه الذي سيستمر -بإذن الله- ويتواصل طالما أن الطفل يحيا بشكل يسعده ويطمئنه.
وقد كانت مشكلات معتز في الرسالة السابقة كما فندناها أربعا، وبفضل الله ها هي قد تقلصت إلى مشكلتين هما:
1 - عصبيتك معه وحدتك -التي قلت لكنها ما زالت موجودة- وما ترتب على ذلك من خوفه من الصراخ والصوت العالي.
2 - غيرته من ابنة خالته ورغبته في تقليد أخيه الرضيع في ارتداء الحفاظة.
فتعالي نعاود الاقتراب من مسألة العصبية والصراخ التي أثني على إرادتك وعزيمتك الواضحة على التخلص منها بحسم، ولعلّ ما سيزيد من عزيمتك قوة تأثر الولد بها سلبًا -كما وصفت - إلى حد الخوف والفزع من الصوت العالي في وجهه، فهذا يؤكد ما ذكرناه في الرد السابق من أن الصراخ في وجه الأطفال له نفس الأثر السلبي في نفسيتهم الذي ربما يفوق التعدي عليهم بالضرب.
مما لا شك فيه يا أم معتز أن نتائج محاولاتك للتقليل من الحدة والعصبية أثبتت نجاحا وتقدما لمسته بنفسك، ولكن ما زال هناك مجال لمزيد من الاجتهاد والعمل على مزيد من التطوير والتقدم على صعيد مقاومة العصبية والحدة لتصل إلى أدنى مستوياتها، إذن فلا بد من متابعة أكثر قوة ربما يعينك الجدول التالي فيها؛ لتقيمي أداءك في متابعة ما اتفقنا عليه من مقترحات وتوصيات للتغلب على عصبيتك مع معتز بشكل خاص، وفي مواقفك الحياتية بشكل عام، وهذه الطريقة في المتابعة هي نموذج شبيه بما يسمّى "ورد المحاسبة"، وفيه نقاط تقييم مقترحة يمكنك إضافة المزيد إليها.انقري هنا للاطلاع عليه
- جدول متابعة تقييم لأداء
هذا على مستوى تناول الأمر من ناحيتك أنت، أما على مستوى معتز فلا بد مما يلي:
أولاً: يحتاج معتز إلى زرع الثقة بنفسه بشكل كبير وتنمية هذه الثقة ليشعر بقدراته وأهميته فيتجاوز بذلك ما بداخله من خوف وعندما تزرعين الثقة في نفس طفلك ستجدين عجبًا:
- ازرع الثقة في طفلك تجد عجبا
- برنامج مميز للوقت المميز
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
ثانيًا: لا بد من تخير الكلمات والألفاظ والعبارات التي تتعاملين بها مع طفلك بما يعزز ثقته بنفسه، مع محاولة التبسم دائمًا عند الحديث معه والجلوس بالقرب منه وفي مستوى طوله (على ركبتيك مثلاً).
ولمزيد من التفاصيل حول تلك الجزئية طالعي بعناية ما يلي:
- في الحوار مع الطفل.. قل ولا تقل
ثالثًا: حينما يخطئ الطفل فلا تتوجهي إليه زافرة مزمجرة غاضبة مهددة بحيث يتوقع الإطاحة به -رغم عدم نيتك أن تفعلي ذلك- فيبدأ في إظهار علامات الخوف التي تصفينها، بل لفّيه بذراعيك أو ضعي ذراعك على كتفه واسأليه: "هل هذا صحيح؟".. "إذن.. لماذا فعلته؟".. "أنت شاطر ولن تفعلها ثانية.. أليس كذلك؟".. وعلميه كيف يتفادى هذا الخطأ فيما بعد: "كسر شيء – التعثر في شيء مما سبب تلفه – سكب سائل ما – العبث في شيء حاد... إلخ"، وبالطبع فسيفيد الطفل أن يكون التعامل معه دائمًا بتلك الطريقة -من كل الأطراف- وذلك لتفادي إرعابه أو تعريضه لما يسبب له الاهتزاز والخوف.
رابعًا: لا بد من منع التعامل مع معتز بشكل فيه صراخ أو صوت عالٍ من قبل الجميع (الأب والأم والجدة والخالة)، وليكن التعامل معه على أنه رجل صغير له احترامه، ولتوجيهه فنون وأصول يجب التزامها للحفاظ عليه.
خامسًا: لا بد من تفادي توجيهه أو لفت نظره أمام الناس، أو أمام ابنة خالته أو من يلعب معهم، بل يجب اصطحابه إلى حجرة والانفراد به لتوجيهه بهدوء مع البسمة والصوت الرصين الهادئ.
ونعود للحديث عن غيرته من ابنة خالته ورغبته في تقليد أخيه في مسألة الحفاظ، ومقترحاتي لتجاوز هذه الأمور كما يلي:
1- لا بد من لعب معتز مع ابنة خالته في أرض محايدة دائمًا، بمعنى أن يتساوى معها في الحقوق والالتزامات والملكيات في المكان الذي يلعبان فيه، ولا يكون لأحدهم تميزًا على الآخر في شيء.
2 - يفضل تقليل فترات لعب معتز مع ابنة خالته، مع توسيع دائرة الأطفال الذين يشاركهم اللعب.
3 - يفضل أن يدير وقت معتز مع ابنة خالته طرف ثالث (أنت مثلاً أو الخالة أو الجدة) يعمل على توجيه أوقاتهما معًا، فيعطي كلاًّ منهما مثلاً مهمة ليؤديها ويقترح عليهما الألعاب المختلفة من صلصال وتلوين.. إلخ، بشكل يخلو من التنافس ويسوده التكامل، بحيث يلون معتز مثلاً رأس القطة وتناوله ابنة خالته الألوان التي يتفقان عليها، بينما تلون الطفلة الذيل مثلاً، أو يكوّنان أشكالاً بالمكعبات بنفس الطريقة.. وهكذا.
4 - أما مسألة طلب معتز لارتداء الحفاظة مثل أخيه؛ فحاولي عند إلباس صغيرك الحفاظة محاورته أمام معتز بحوارات مفادها أن هذا أمر سيئ لا يفعله إلا الصغار؛ لأنهم يوسخون أنفسهم وما حولهم، وأنك تنتظرين أن يصير كبيرًا مثل أخيه الجميل النظيف (معتز)، وحدثي معتز أنه أمر غير مناسب فتلك الحفاظات يلبسها الأطفال الصغار (غير الشاطرين) مثله؛ لنحمي مفروشاتنا من التلف بفضلاتهم، وأنها تضايق الكبار الذين يستطيعون المشي لأن الجو حار، وهكذا...، ولا مانع من منحه فرصة للتجربة مع الإيحاء المسبق بأنها ستضايقه وأنها تسبب له الحر، وأنه نظيف ولا حاجة له بها؛ وذلك ليعاين بنفسه ما يلزمه من خبرات للتمسك بكونه الكبير النظيف.
ولا تنسي أن هذا الأمر طبيعي جدًّا ووارد؛ فطفلتي التي كانت أدركت الرابعة كانت تطلب أحيانًا أن تلبس الحفاظة مثل أخيها في أوائل أيامنا بعد عودتي من المستشفى، ولعلها هي التي أكدت لديّ ضرورة الحوارات الجانبية مع الوليد، والتي تحمل لها الكبيرة الرسائل المؤكدة على جمال أن تكون كبيرة وذات قدرات وإمكانيات لا يملكها هذا الأصغر منها، بل وهي من ستعلمه يومًا ما كما علمتها أنا لها.
الطيران فوق حقل الألغام العنوان
لديّ 3 أطفال أكبرهم في السادسة من العمر. نحاول أنا ووالدهم أن نربيهم التربية الإسلامية، لكن المجتمع المحيط بنا -خاصة العمات والخالات- يقمن ببعض السلوكيات التي أعتبرها أنا ووالدهم مخالفة للشرع، ومنها على سبيل المثال سماع الأغاني.
المشكلة أن أطفالي يرون أن هذا السلوك ممنوع في بيوتهم، لكنه مسموح به في بيوت الآخرين. وحين يسألوننا نقول لهم بأن هذا السلوك مرفوض؛ لأن الله حرمه وحين يسألون عماتهم أو خالاتهم يقلن لهم بأن هذا السلوك عادي ولا غبار عليه. فيحدث لديهم استغراب، وكيلا تتزعزع مفاهيمهم أصر أنا ووالدهم بأن الكبار يخطئون أحيانًا، وأن سلوك عمته أو خالته خطأ.
سؤالي هو: هل تصرفنا سليم؟ أنا لا أريد أن أهز صورة أقربائنا في نفوس أطفالي، لكني أيضًا لا أريد أن يتخذهم أطفالي قدوة. أرشدوني إلى الطريق السليم، علمًا بأن محاولة إقناع الكبار بألا يغيروا مفاهيم الأطفال لا تُجدي نفعًا، فهل من حل؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
لقد اخترت هذا العنوان للرد على رسالتك لأن هذا كان شعوري وأنا أقرأ رسالتك؛ فقد أحسست بأني دخلت حقل ألغام لا بد أن أكون في غاية الحذر وأنا أتحرك بداخله، فأنت تريدين أن تربي أطفالك "تربية إسلامية" والآخرون يقومون بسلوكيات "مخالفة للشرع"، والمثال الشهير هو سماع الأغاني.. فبينما تبدأ الرسالة بكلام كبير على مستوى "التربية الإسلامية" تنتهي المسألة بأن التربية الإسلامية المقصودة هي عدم سماع الأغاني وما شابه ذلك من سلسلة الممنوعات التي تحاصر الأطفال وتثير لديهم التساؤلات أكثر مما تقدم إجابات؛ لينتهي الأمر بحالة من التناقض والحيرة يقع فيها هؤلاء الأطفال بين ما يتلقونه من أوامر من آبائهم وما يعيشونه في المجتمع وما يحتكون به.
ولنبدأ بمفهوم التربية الإسلامية فنخرجه من ضيق الأشكال والطقوس والنواهي إلى سعة الرؤى الحاكمة للتربية ومسارات هذه التربية، ومقاصدها وربطها بغاية خلق الله للإنسان، وبسياسات الاعتدال والوسطية والرحمة بحيث يبدو أن كل مفهوم تربوي إنساني يخرج طفلاً سويًّا هو مفهوم إسلامي، ولكن في إطار غاية هذه التربية وسياساتها الحاكمة المستمدة من الشرع الإسلامي، وبالتالي فكل ما يقدم على هذه الصفحة هو تربية إسلامية، حتى ونحن نتعلم كيف نوجه أطفالنا وكيف نحبهم، وكيف يكونون واثقين من أنفسهم، وكيف ينكرون، وكيف نتعامل مع دوافعهم وانفعالاتهم، وكيف نخرج منهم أعظم ما بداخلهم من إبداع وابتكار، وكيف نطلق طاقاتهم.. كل هذا تربية إسلامية، وبالتالي فلا يصلح أن نجتزئ قضية فرعية ونحولها إلى قضية كبرى باسم التربية الإسلامية.
إننا ونحن نتحدث عن المثال الذي ذكرتموه في رسالتكم -وهو "الأغاني"- لا نتحدث هنا عن حرام وعن سلوكيات نهى عنها الشرع سيشجعها الأقارب ونحن نرفضها؛ ولكن نتحدث ببساطة في مفهوم التربية عن قضية "توجيه" كانت الأغاني هي موضعه في هذه الحالة، فيكون السؤال المطروح هو: كيف نوجّه أطفالنا في التعامل مع الأغاني؟ وعندها سيكون للطريقة التي نختارها دور في حلٍّ -بكل ما نتصوره من عقبات- في مواجهة هذا التوجيه، فنحن نتوقع أن يكون موقفنا من الأغاني مختلفا عن المجتمع؛ ولذا فلا بد من بذل مجهود للتفكير في الأمر بحيث يأخذ عمقًا وبعدًا لدى أطفالنا يؤهلهم للتعامل مع المسألة دون الوقوع في التناقض أو التساؤل عن: لماذا يفعل الآخرون ولا نفعل؟ أو أيهما الأصح؟ لأن استخدام الطريق الأسهل بالمنع الحاسم القاطع دون بذل جهد في تعميق المسألة سيجعل الأطفال يلجئون للغير للحصول على الإجابات التي لم نقدمها لهم.. وهناك سيحصلون على إجابة معبرة.
لم أختر مثال الأغاني لأهميته، ولكن لأنه المثال المطروح في السؤال، ولأنه نموذج لهذا المفهوم المبتسر للتربية الإسلامية التي يتخيل أصحابها أنهم بمنعهم لأطفالهم من سماع الأغاني وسماعهم للأناشيد الإسلامية وإرسالهم للمسجد لحفظ القرآن الكريم فإنهم يربونهم تربية إسلامية؛ لذا فإنني أعود وأكرر أن هذه الأمور لا بد أن تأخذ مسارها الطبيعي في منظومة التربية بصورة عامة، ولا تعطى أكبر من حجمها بحيث تغفل المضامين الأصلية في التعامل التربوي مع أطفالنا؛ لأننا قد ربيناهم تربية إسلامية بمفهومنا القاصر، ثم تظهر المشاكل بعد ذلك فتعلوا التساؤلات لماذا يتصرف أولادنا هكذا، ونحن قد حفظناهم القرآن وعلمناهم الأناشيد الإسلامية؟!
ما نقصده ببساطة أن النهي عن سماع الأغاني ليس هو التربية الإسلامية، ولكن الأغاني هي موضوع لعملية تربوية هي التوجيه.. هذا الموضوع يحتاج منا لمعرفة طريقته وبذل المجهود من أجل أن يكون ناجحًا ومؤثرًا ويحقق أهدافه.
واستكمالاً لمثال الأغاني، فإن القدوة والطريقة غير المباشرة تعد أنجح الطرق، بمعنى أن أولادنا يروننا عندما تأتي أغنية مخالفة للقيم لاحتوائها على رقص خليع أو مشاهد غير لائقة أو لكلمات مبتذلة؛ يجدوننا ونحن نغير القناة ونعبر عن سبب هذا التغيير، فتتحدث الأم للأب قائلة: ما هذا الإسفاف وتلك الرداءة التي يقدمونها؟! هل الفن الجميل أن ترقص الفتيات بهذا الشكل المبتذل أو تحتوي الأغنية على هذه المشاهد المخلة؟! فيرد الأب بأنها أغنية سيئة ولا يصح رؤيتها أو سماعها.. أين الفن الجميل والأغاني التي تحتوي معان سامية راقية؟!
إن أقل موقف نتخذه هو أن نغيّر القناة ولا نسمع هذه الأغاني ولا نكتفي بذلك، بل نرسل طلبًا بوقف هذه الأغاني الهابطة.. الأم تسارع بتغيير هذه القناة.. الأب يبارك هذه الخطوة.. الحوار يدور أمام الأبناء بهدوء لا يوجه لهم بصورة مباشرة.. إنه يرد على استفساراتهم وهم ليسوا طرفًا في القضية.. في المرة القادمة الأب يمر على القنوات.. تأتي قناة بها أغنية.. يتوقف الأب قليلاً يصرخ فيه الأطفال: ما هذا الذي تقف عنده يا أبي.. إنه شيء لا يصح أن نتفرج عليه.. إنه شيء سيئ!.. يقلب الأب القناة، ويقول لهم: هذا شيء صحيح، جميل أن يكون لديكم رفض للأشياء السيئة.
وفي وقت آخر ينادي عليهم لأن هناك أغنية جميلة تذاع.. إن معانيها جميلة ولا يوجد بها منظر يؤذي العين.. إن بها مناظر طبيعية.. إنها تدعو لقيم جميلة.. أترون كيف يقول هذا المطرب كلامًا جميلاً، وهذه أغانيه ليس بها رقص ولا ابتذال.. هذا شيء يريح الأعصاب.. إنه مثل الأناشيد الجميلة التي نسمعها وتدعونا إلى الخير... فيذهب الأطفال إلى العم أو الخال أو حتى الجد.. يرون الأغاني.. فيطلبون من الجد تغيير القناة لأن الأغاني بها مشاهد غير جيدة.. حينئذ لا يجد الجد أمامه إلا الاستجابة؛ لأنهم أصحاب موقف وليسوا أصحاب تساؤل لنهي لا يفهمون ما وراءه.
إنه التوجيه السليم بالطريقة الصحيحة ليؤدي إلى النتيجة المرجوة، والملاحظ هو استخدام الموقف العملي والقدوة والتوجيه غير المباشر واللغة التي يفهمها الأطفال وتقديم البديل، وتوضيح سبب الأمر أو النهي بحيث تكون القيم الأخطر التي يتعلمها الطفل الحوار والتفاهم والإيجابية والاعتدال في الأمور والوسطية في التعامل مع القضايا بحيث لا تبدو حياته في النهاية مجموعة من النواهي التي لا تنتهي والتي تجعله غريبًا عن الآخرين غير قادر على التواصل معهم، بينما هو لا يدري لذلك سببًا إلا أن أهله يقولون له نحن نربيك تربية إسلامية.. الآخرون مخطئون أما نحن فلا نخطئ... وتكون النتيجة إما وقوعه في الحيرة والاضطراب لعدم فهمه لما يحدث أو سعيه وراء هذا الممنوع المجهول من أجل اكتشافه والتعرف لمجرد إشباع الفضول وكسر هذا الحاجز والستار الحديدي الذي حوله، أو الانتظار لسن يستطيع فيها التمرد على كل هذا الكم من الأوامر والنواهي لينطلق ويكسر كل القيود ويتخطى كل الحدود.. ما هو صحيح منها وما هو خطأ.. رافضًا الحوار أو التفاهم عندها.
وساعتها يقول: لقد حرمت حقي في الحوار والتفاهم عندما كنت أحتاجه.. إنني أرفض صورة السيطرة التي يمثلها والدي بكل ما فيها من صحيح وخطأ، لقد عزلوني عن العالم.. إنني عندما احتككت بالناس، بزملائي الآخرين، وجدت أنني مختلف عنهم تمامًا.. إنهم يعرفون أكثر مني.. إنهم يفعلون ويستطيعون ما لا أستطيع فعله.. اتركوني أكتشف العالم بنفسي.. لقد أغلقتم عيني عن كل ما حولي.. إني لا أستطيع التعامل مع الناس...
أو قد يفعل العكس منغلقا على نفسه منطويًا شاعرًا بالعجز.. غير قادر على التواصل مع مجتمعه أو التفاعل مع من حوله، وفي الحالين تتكون الأجسام المضادة للتدين داخل نفوس هؤلاء فيصبحوا غير قادرين على التعامل مع الأمر بحيادية، فلديهم موقف نفسي مسبق رافض لكل ما يقال لهم في هذا الإطار.
إن ما جعلني أسهب في الشرح وفي الإجابة هو كم الحالات التي رأيتها من أبناء الملتزمين الذين عانوا الأمرّين من هذه الطريقة في التوجيه، حيث ينحي الآباء كل معاني التربية ووسائلها جانبًا، ويكون همهم الأول هو محاصرة أبنائهم بكمّ من التوجيهات والأوامر والنواهي في قضايا فرعية خلافية أو في أمور شكلية؛ لأنهم يتصورون أنهم بهذه الصورة يربون أولادهم تربية إسلامية لو حصلوا هم عليها من آبائهم لكانوا شخصيات أخرى، وما وقعوا في الخطأ! وهم لا يدركون أن التربية الطبيعة السوية التي قام آباؤهم بها معهم كانت سببا في أنهم أصبحوا قادرين على الاختيار؛ لأن عقولهم نمت وأصبحت قادرة على الفهم والإدراك والنقد، وأصبحت نفوسهم حرة فاختارت طريق الخير.
إنهم يرفضون أن يعطوا أبناءهم حق الاختيار الذي حصلوا عليه، وبالتالي اعتزوا بالتزامهم وبطريق الخير الذي اختاروه، وتصوروا أنهم لو فرضوا الالتزام على أولادهم منذ الصغر لأصبحوا أحسن حالاً منهم، وهم لا يدركون أنهم يحرمونهم من حق الاختيار الذي أعطاه الله لهم؛ لأنها الأمانة التي حملها الإنسان وأبت الأرض والجبال والسماء أن يحملنها.. إنها حق الاختيار.
تحاوروا وتفاهموا مع أولادكم، وأعطوهم حق الاختيار، والتزموا مبادئ الاعتدال والوسطية، وتحروا كل وسائل التربية، واعتمدوا القدوة كأحد أهم وسائلها ستجدون في أولادكم خيرًا مما تتوقعون بمشيئة الله تعالى؛ لأنك "لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء".
نتائج الخوف المكتسب العنوان
ابنتي (3 سنوات) تخاف جدًّا منذ أن كانت ذات أشهر، كانت تخاف من الماء والأصوات المرتفعة، وذات مرة عندما كان عمرها سنتين شاهدت خالتها وهي تنزع الشعر بـ"الحلاوة" وشاهدتها وهي تتألم، فأغمي عليها لمدة دقائق وكانت متشنجة نوعًا ما، وشفتاها بيضاوين، وأصيبت بنفس الحالة مرة ثانية بعد رؤيتها هذه الحلاوة لاحقا، وجاءتها الحالة أيضًا بعد إصابتها بجرح في قدمها ورؤيتها للنزيف، وكانت المرة الأخيرة بعد إصابتها بإصابة خفيفة جدًّا في قدمها وخوفها من الكريم الخاص الذي سيوضع عليها. أريد أن أطمئن؛ هل هذه الحالة نتيجة طبيعية للخوف أو يجب عرضها على طبيب نفسي؟ السؤال
الخوف الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
السائلة الكريمة: تحية طيبة
سأبدأ معك من حيث انتهت رسالتك عن التجربة المؤلمة التي حدثت للطفلة وهي في عمر عامين، أي منذ حوالي عام، فما كانت تعاني منه من مخاوف (على مجازية استخدام هذا اللفظ كما سأوضح لك بعد قليل) يبدو أنه انتهى في وقته، وقد أفضنا في تفسيره وفهمه وطريقة التعامل معه في معالجة سابقة يمكن أن تتطلعي عليها للعلم، وسنوردها لك بنهاية الرد.
ونعرض للتجربة التي تعرضت لها.. فإن ما حدث من طفلتك من ردود أفعال إنما هي تفاعلات طبيعية لتعريضها لمواقف أكثر من إدراكها وتحملها النفسي.. فمشهد الخالة وهي تتألم وهي تنزع الشعر أدى إلى حالة من الصدمة للطفلة الصغيرة، وأدى إلى هذه الحالة من الإغماء، وعند إصابتها إصابة خفيفة، وتم وضع الكريم؛ قامت بعملية تسمى "التعميم".. فأصبح كل ما يوضع على الجسم سواء كان حلاوة أو كريمًا تخاف أن يسبب لها الألم، واستدعى أيضًا منظر الدم النازف نفس الذكرى.
الأمر بسيط لأنه ليس بمتكرر وأقصد تعرضها لمثل هذا المشهد المؤلم -الذي ما كان لها أن تتعرض له في مثل هذه السن، ولا يجب أن تتعرض لخبرات مشابهة له في هذه السن أيضًا- وعدم تعرضها لها مرة ثانية جزء من العلاج. أيضًا فإنها لن تصاب بجرح كل يوم لتعيد لها هذه الذكرى المؤلمة.
والجزء الثاني من العلاج أن يتم تهدئة روعها وإفهامها الاختلاف بين ما يتم وضعه على الجرح مثلاً وبين أي شيء آخر تكون لديها خبرة سيئة عنه بهدوء، وإذا اضطررنا لوضع المرهم فعلينا أن نقول لها إنه لا يؤلم.. انظري! ويمكن أن نضع بعضًا منه على أيدينا نحن، ونحاول أن نضعه لها برفق مع تشجيعها وطمأنتها أثناء وضعه، وبعد وضعه نقول لها: انظري.. لم تشعري بشيء كما قلت لك.. ومرة بعد مرة سوف سينتهي أثر هذا التعميم بإذن الله تعالى.
ومع زيادة سنها وتطور خبرتها ستنتهي هذه المخاوف لديها بشرط -كما قلنا- عدم تعريضها مرة أخرى لمثل هذه المواقف.(102/297)
والخلاصة أن الأمر لا يثير القلق ولا يحتاج للعرض على الطبيب النفسي، واستخدام وصف الخوف أو المخاوف في هذه السن هو استخدام مجازي؛ لأن الأطفال في هذه السن يكون شعور الخوف لديهم ليس بالواضح، حيث إن المخاوف لدى الأطفال مكتسبة ولا تبدأ في هذه السن المبكرة. ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/298)
ساعدوني.. أريد أن أحب أولادي العنوان
أنا أم لثلاثة أطفال من الذكور، وهم بالترتيب: بلال 7 سنوات، ثم يوسف 4 سنوات ثم زياد سنة وعشرة شهور. والمشكلة تكمن فيّ أنا شخصيًّا، حيث إنني أشعر بالجفاء تجاه أولادي وخاصة بلال -الطفل الأكبر- وأشعر بأنني لا أحبه، وعندما أضربه لا يصعب عليّ، بل كلما سمعت صراخه العالي أثور عليه أكثر.. وأريد أن أعرف لماذا أكرههم لدرجة أنني لا أعرف هل أنا أحبهم ولماذا أكرههم هل لأنهم يكثرون الصراخ مع بعضهم، ولأنهم لا يسمعون الكلام ولأنهم يضربون بعضا؟
سيدي الفاضل.. لا أستطيع أن أشرح لك كيف أنا مشتاقة للهدوء ولراحة الأعصاب، فأنا لم أعد أحتمل تصرفاتهم.. أما ابني الأكبر فعنده مشكلة معي فقد أصبح يخاف مني عندما أقترب منه، وأنا غاضبة وأشعر بأنه أصبح عصبيًّا مع إخوته، ومع كل هذا أشعر بأنه يحبني ويريد حناني، وأنا لا أعلم لماذا أشعر بحاجز داخلي يمنعني من الاقتراب منه والإحساس بالحب تجاهه، كما أنه بدأت تظهر عليه بعض المشاكل منها مثلاً "بربشة" (غلق العين وفتحها بشكل متكرر سريع) عينه بصورة سريعة وعصبية، وعندما أكلمه بهدوء محاولة معه أن يمتنع عنها لأن شكله مع هذه البربشة ليس جميلاً يظل يفعلها، وعندما أعنفه وأشتد عليه يمتنع عنها، ثم تظهر حركة جديدة، وهي أن يمشي ويميل برأسه ناحية اليمين وكأنه "ملووح" الرأس، وأظل أنصحه أن يجعل رأسه مستقيمًا ولا يستجيب، ثم أضطر في النهاية للعنف فيمتنع عنها مع العلم بأن رأسه لم يكن كذلك، ثم تظهر حركة جديدة وهي أن يمشي وهو يحني ظهره وكأن به "أتبًا" (انحناء الظهر)، ثم أسلك معه نفس المسلك حتى ينتهي، ثم يظهر الجديد بأن يفتح فتحة أنفه ويغلقها، ثم أسلك معه نفس المسلك حتى ينتهي، وفي كل الحركات السابقة عندما كنت أسأله: لماذا تفعل هذا كان يقول لي (بلاقي نفسي عاوز أعمل كده).
أما يوسف -4 سنوات- فألاحظ أنه دائمًا يضع يده على عضو التذكير لديه ويلعب فيه، وكنت ألاحظ عليه منذ الصغر وهو في سن 8 أو 9 شهور أن عضو التذكير عنده في حالة انتصاب وحتى الآن في بعض الأحيان وعندما يستيقظ من النوم وكذلك أخوه الأصغر أجد عنده نفس الحالة، فماذا أفعل؟
وكيف أتصرف مع نفسي فأجعلها تكف عن هذه المعاملة مع أولادي؟ وماذا أفعل مع أبنائي حتى يكونوا أطفالاً أسوياء نفسيًّا، مع العلم أن ابني بلال منتظم في الصلاة بالمسجد الذي بجوار المنزل وبدأ في حفظ القرآن، كما أنه متفوق دراسيًّا وفي مجال الكمبيوتر.
نسيت أن أذكر لك يا سيدي الفاضل أنني في بعض الأحيان أثناء صراخي مع بلال أقول له: (أنا خلاص كرهتك كرهتك)، كما أن بلال لا يتلقى معاملة طيبة من الجد والجدة من ناحية الأب واللذين نعيش معهما بنفس العمارة، فمثلا عندما تدخل جدته إلى بيتي يجري عليها ليحضنها فتبعده عنها، وتقول له: سوف تجعلني أسقط على وجهي.. فيشعر بالضيق وكذلك أنا.
أما جده فغالبًا -إن لم يكن في معظم الأحيان- يصرخ فيه ويشتمه، ولا أذكر أن هذا الجد أخذ بلال أو أحدًا من أولادي في حضنه أو حتى ابتسم في وجهه، مع العلم بأنه لا يعامل أولاد ابنه الآخر هكذا، وبلال يرى هذه التفرقة بعينه، حيث يحنو الجد على أولاد عم بلال أمامه ولا يحنو عليه، ولا يريد من بلال أن يصعد عنده وعندما يصعد يقول له: انزل عند "ماما" فينزل ابني باكيًا، ويقول لي: لماذا يطردني؟ وحاولت مع ابني مرارًا وتكرارًا ألا يصعد عنده، ولكن مع إلحاحه وبكائه أتركه يصعد، وعندما ينزل مطرودًا أضربه؛ لأنه لم يسمع كلامي ويُصِرّ على الصعود، فماذا أفعل؟
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
أشكرك على صراحتك مع نفسك أولاً ثم معنا ووضوحك في تحديد موضع المشكلة، حيث ذكرت أن المشكلة تكمن فيك وفي حالة الجفاء ناحية أولادك؛ لأنه مع غرابة المشكلة فإنها متكررة، فقد جاءت إحداهن في المركز تشكو طفلها ولا ترى فيه أي ميزة، ومع الحوار اكتشفت سوء معاملتها له التي بررتها في البداية بسوء سلوكه لتنتهي الجلسة، وهي تعلن أنها تكرهه منذ ولادته؛ لأن الحمل والولادة تزامنا مع فترة قاسية في حياتها، حيث احتدمت الخلافات بينها وبين الزوج بحيث عندما أتى الطفل كانت رافضة لقدومه وربطت بينه وبين هذه الأزمة بحيث لم تستطع التخلص من هذا الشعور بالرفض والكراهية نحو الطفل بالرغم من انتهاء الخلافات بينها وبين زوجها، وهكذا جعلت نفسها لم تشعر بأنها أنجبت ولم تفرح وتشعر بحلاوة الإنجاب إلا عند قدوم طفلها الثاني، وأنها فعلاً تفرق في المعاملة بين الطفلين.
لقد بدأت رسالتك من حيث انتهت هذه الأم، وأتوقع أن تكون الأسباب التي تسألين عنها مشابهة لأسباب هذه الأم، حيث ذكرت في بياناتك أن علاقتك بزوجك مضطربة، ربما لم تذكري درجة هذا الاضطراب أو صورته، ولكن يبدو أن بعض الأمهات يلقين بالمسئولية على أطفالهن في تحملهن لأزواجهن، بمعنى أنها ترى أن أطفالها هم سبب تحملها لمعاناتها مع زوجها، وترى أنهم سبب في عدم حصولها على حريتها في اتخاذ القرار بالانفصال أو غيره من الإجراءات التي تراها مناسبة ضد الزوج، وبالتالي فهي تشعر بأن هؤلاء الأطفال عبء عليها، ويزداد هذا الشعور لديها من خلال المعاناة العادية اليومية فترى في صياحهم الطبيعي وتفاعلهم أو بعض مشكلاتهم العادية ما يفاقم هذا الشعور لديها بأنهم عبء، وتحلم بالراحة والسعادة التي تتخيلها في غياب هؤلاء الأطفال أو تخلصها من زوجها. وإذا كانت من النساء العاملات فإنها ترى أيضًا أنهم معوق في سبيل تقدمها العملي والمادي، وهذا الشعور بالجفاء أو عدم الحب يصل للأطفال بوضوح شديد سواء بالتصريح بكلمات مثل "كرهتك.. كرهتك"، أو من خلال التصرفات الرافضة والنافرة بهم.
وهذا يكون له أشد التأثير على الأطفال حيث يشعرون بأنهم عبء وغير مرغوب فيهم مما يؤدي إلى شعورهم بعدم الأمن وعدم الثقة فيمن حولهم بصورة عامة وفي آبائهم وأمهاتهم بصورة خاصة. ويظهر ذلك في صورة أعراض مرضية، قد تكون اللازمة العصبية أحد أهم مظاهرها، وهو أن يخرج الطفل توتره في هيئة حركة عصبية يعبر بها عن إحساسه بالقلق، وهذا ما حدث مع ابنك الكبير بلال.
ويفاقم الوضع ويؤزمه إذا كانت المعاملة السيئة تبدو من النماذج الأخرى الداعمة مثل الجد والجدة، فقد يقلل من وطأة الشعور بعدم الأمن والثقة وجود دعم نفسي وعاطفي من الأجداد أو الأعمام أو الأخوال، وإذا فقد الطفل أيضًا هذا الدعم تكرس لديه الشعور بعدم الأمن والثقة وتطور إلى شعور بالكراهية نحو مجتمعه، وربما نحو نفسه في النهاية في صورة مرضية متفاقمة تنتهي بأي من الأمراض النفسية أو العقلية.
هذه هي الصورة الكاملة لشعورك بالكراهية نحو أولادك وما يترتب على ذلك.. هذا هو التفسير الذي توقعناه لشعورك، ولردود أفعالهم، فيكون السؤال الآن: وما الحل؟
الحل ببساطة هو أن تدركي الأمر كما ذكرناه، ثم تقومي بالتفريق بين مشاكلك مع زوجك واضطراب علاقتك معه وبين شعورك وتعاملك مع أطفالك، مع إدراك أن تقييم حياتك الزوجية وحل مشاكلها أمر يخصكما تتحاوران فيه وتصلان فيه إلى قرار، بعيدًا عن الإيذاء النفسي لأطفالكما؛ وأنه بدلاً من إسقاط إحباطاتك ومشاعرك نحو زوجك على أطفالك، حاولي أن تواجهي نفسك بصراحة، وأن مشاكلك مع زوجك ليس لأطفالك علاقة بها فعلاقتكما قد قدمت قبل ميلادهم، وأن أي حل وارد في تطوير العلاقة بينكما بشرط مراعاة مصلحة الأولاد؛ لأنهم نتاج هذه العلاقة وليس لهم ذنب فيما نشب من خلافات، وأنكم إذا اختلفتما في كل شيء فلا أقل من أن تتفقا على مصلحة أطفالكما.
قد تحتاجين إلى مساعدة نفسية تعينك على فهم مشاعرك وتقييم موقفك إذا لم تكوني مستطيعة فعل ذلك بمفردك.
وأما بالنسبة لانتصاب ذكر أطفالك فهذا شيء فسيولوجي طبيعي وليس له أي دلالة، وهو ما يسمي بانتصاب الصباح، أما مسألة وضعه ليده على عضوه الذكري فعلاج ذلك مثل علاج أي سلوك سيئ، وهو مما تناولناه بالتفصيل في معالجات سابقة ستجدين تفاصيلها في الروابط المرفقة بنهاية الرد.
أما مشكلة ابنك الكبير (بلال) فحلها مرتبط بإصلاح البيئة من حوله؛ فسلوكياته إنما هي نتاج ما يحيا فيه وما يلقاه من معاملة.
والخلاصة أن إدراكك لنفسك وما يدور بداخلها وما يترتب على ذلك من كوارث نفسية في حق أولادك هو الدافع الذي يجعلك تتغيرين وتبدلين معاملتك لأولادك.ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/299)
طريق الحمام مخاوف (مشاركة) العنوان
تعقيب الدكتور وائل أبو هندي المستشار بصفحة مشاكل وحلول الشباب على استشارة(طريق الحمام.. مخاوف )، وتعقيب أحد الزوار عليها، والتي كانت تحت عنوان:
"طريق الحمام مخاوف" يفتح التحقيق
السؤال
الخوف الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
الأخت السائلة أهلا بك، وأحب في بداية الكلام معك أن أطمئنك إلى أنه لا داعي إطلاقا للقلق بشأن ابنتك؛ فموضوعها إن شاء الله عابر، وأنا في حقيقة الأمر أجد الكثير من الغموض في رسالتك؛ بمعنى آخر: هناك معلومات كثيرة ناقصة.
وأضيف بحكم تخصصي كطبيب نفسي بعض الأسئلة إلى ما سألت عنه الزميلة الأستاذة مي حجازي، التي غطت الموضوع بشكل رائع من ناحية نظريات علم النفس، وهذه الأسئلة هي:
- متى يحدث قيام البنت من نومها خلال الليل (في الثلث الأول أم الثلث الثاني أم الثالث من الليلة)؟
- هل يشمل البكاء الذي ذكرته لنا صرخة تصرخها البنت في البداية؟
- من أين عرفت أن ما يوقظ ابنتك هو رغبتها في أن تتبول، رغم أنها لا تفعل ذلك دائما؟
- هل تتذكر ابنتك في الصباح ما كان منها أثناء الليل؟
كما أنني رغم اختلافي مع كثير من آراء فرويد أضم صوتي إلى صوت الأستاذة مي وهي ترد على مشاركة المتصفح، في أننا لا نستطيع إدارة ظهرنا لكل فكر غربي لمجرد أنه فكر غربي، علينا أن نفهمه ونمحصه، وأن نستنبط منه ما قد يفيدنا.
وإن كنت أيضا أرى أن تراثنا الإسلامي مليء بما أخذ عنه فرويد وبافلوف وغيرهما من أساطين علم النفس الغربي، ولكن المشكلة أن الدارسين لدينا لم يجدوا على ألسنة أو في عقول أساتذتهم إلا كل ما هو غربي، ولا تجد بينهم من يتخيل أن للمسلمين إسهامات سابقة على علم النفس الغربي، ولا يدري بهذه الإسهامات أحد -مع الأسف- اللهم قلة ما تزال تتشكل على مستوى العالم الإسلامي، سواء في مجال علم النفس أو في مجال الطب النفسي.
ولكي لا أذهب بعيدا.. فهدف التعقيب الأول هو مساعدة الأم الحائرة القلقة على ما يحدث لابنتها أثناء النوم، فواقع الأمر أن التطور العلمي التكنولوجي الحديث قد مكن الأطباء النفسيين من كشف بعض أسرار النوم الذي ما يزال مليئا بالأسرار، إلا أن الطبيب النفسي أصبح على دراية بعدد من اضطرابات النوم.
ووجهة نظر الطبيب النفسي في الحالة الموصوفة تختلف عن نظرة المتخصص في علم النفس وعلى اعتبار أن التوجه الحديث في الطب النفسي هو التعامل المباشر مع الظاهرة السلوكية الموصوفة، فإن ما تصفه لنا الأم هنا هو أحد أشكال اضطرابات النوم وهي في أغلبها اضطرابات عضوية تتعلق بانتظام إيقاع المخ وكافة أجهزة الجسد.
ونحن أمام حالة تعبر عن اضطراب ما في التناغم الإيقاعي للنوم، وما لم تذكره الأم، وإن كنت أستطيع استنتاجه فهو أن الظاهرة التي وصفت حدوثها لابنتها تحدث غالبا خلال الثلث الأول من الليل، كما أن من الجائز جدا أن البنت لا تتذكر في الصباح ما حدث منها أثناء الليل.
المشكلة إذن أن الأم في الحالة الموصوفة إما أنها لم تذكر كل التفاصيل المطلوبة؛ لأنها لا تدري ماذا يريد الطبيب لكي يرد؟ أو أنها خانها التعبير؛ فنحن مضطرون لتقديم نبذة عن اضطرابَي نوم متقاربين، أغلب الظن أن حالة البنت منهما، وربما يمثلان طرفين متصلين من اضطرابات النوم تقع حالة البنت بينهما، وليس في أي منهما حتى في صورته الكاملة ما يستدعي القلق:
الاحتمال الأول: الفزع الليلي: وهو اضطراب نوم يستيقظ الطفل فيه من نومه صارخا (لا باكيا، وهنا أضع احتمال أن الأم لم توفق في التعبير أو اعتبرت كلمة البكاء معبرة عن كل ما يحدث، فقالت: إن البنت تبكي، بينما هي تصرخ على الأقل صرخة واحدة في البداية).
وبعد ذلك يفعل الطفل بعض الحركات المتكررة على السرير كأن يثني الوسادة ويفردها مثلا، وقد يقوم من سريره ليتجول بلا هدف في الغرفة، ونادرا ما يغادر غرفة النوم، ويكون في حالة من التوتر والقلق الشديدين، ولا يستجيب لمحاولة تهدئته من الأم، ثم يعود الطفل للنوم بعد ذلك، ربما بعد أن يتبول وهو أيضا بين اليقظة والنوم، ولا يتذكر في الصباح ما حدث أثناء الليل؛ لأن ما يحدث غالبا يحدث في وعي آخر، علمه عند ربي، وغالبا ما يحدث خلال الثلث الأول من الليل، وهو يختلف عن الكابوس؛ لأن الطفل في حالة الكابوس يتذكر عند استيقاظه حلما سيئا، كما أنه يستجيب لمحاولات التهدئة من قبل الأم وعادة ما تكون أعراض القلق الجسدية (كسرعة ضربات القلب وسرعة التنفس وربما التعرق) أقل مما يحدث في حالات الفزع الليلي، وغالبا ما يتذكر الطفل في حالة الكابوس ما حدث أثناء الليل عند استيقاظه في الصباح.
الاحتمال الثاني: السير الليلي أو السرنمة: وهو أيضا اضطراب نوم تختلط فيه أعراض النوم بأعراض اليقظة، وغالبا ما يحدث أثناء الثلث الأول من الليل؛ حيث يقوم الفرد من النوم ليلا ويتجول مبديا مستوى منخفضا من الوعي والتفاعل والمهارة الحركية، وكثيرا ما يعود إلى سريره بعد أداء بعض الحركات التكرارية، وربما أيضا ذهب إلى الحمام أو تبول في أي مكان، وأثناء النوبة يكون وجهه محدقا دون تعبير، وغير مستجيب نسبيا لمحاولات الآخرين للتواصل معه، ولا يمكن إيقاظه إلا بصعوبة بالغة، ولكنه لو ترك فسيعود إلى سريره بهدوء ليستكمل نومه، ولا يتذكر شيئا عنها في الصباح إذا ترك ليتم نومه ولا بعد أن يتم إيقاظه من النوبة إذا حدث ذلك.
والسرنمة والفزع الليلي اضطرابان شديدا الارتباط ببعضهما؛ فالاثنان يعتبران من اضطرابات التنبه وبشكل خاص أثناء المراحل العميقة للنوم (المرحلتان الثالثة والرابعة)، وكثير من المرضى لهم تاريخ عائلي إيجابي بالنسبة لأي من الحالتين بالإضافة إلى تاريخ شخصي بتجربة الحالتين، كذلك فإن الحالتين أكثر شيوعا في فترة الطفولة؛ وهو ما يشير إلى الدور الذي تلعبه عوامل النمو في إحداثهما.
وعلى قدر المتوفر من المعلومات الحديثة في الطب النفسي فإن هذين الاضطرابين يعتبران الآن جزءا من طيف تشخيصي واحد، استنادا إلى وجود التماثلات السريرية والمرضية بين السرنمة والفزع الليلي، وإلى حقيقة أن التشخيص التفريقي بين هذين الاضطرابين عادة ما يستند إلى أي أكثر الأعراض ظهورا من أعراض الاضطرابين في ذات الحالة، وهذا هو الاحتمال الأغلب في حالة هذه البنت، فهي لا تصرخ في البداية -إذا افترضنا أن الأم كانت دقيقة في وصفها للحالة- وهو ما يجعلنا لا نستطيع تشخيص الفزع الليلي، وهي أيضا تقوم ببعض الحركات بلا هدف بما يوحي بعدم وعيها بما تفعل؛ وهو ما يجعلنا نفكر في السرنمة، إلا أن بكاءها وتوترها وعدم استجابتها لتهدئة الأم يجعلان تشخيص الفزع الليلي ماثلا في الأذهان.
وبعيدا عن كل هذه المعضلات التشخيصية التي نناقشها؛ فإن أهم نقطة في العلاج هي طمأنة الأهل إلى كون الأمر في الغالبية العظمى من الأحوال عابرا، وغالبا يتعلق بنمو المخ الطبيعي، وأن كل المطلوب هو جعل البيئة التي ينام فيها الطفل خالية من الأدوات أو الأثاث الذي يمكن أن يصطدم به فيؤذيه.
وهكذا ترين معي أيتها الأم النابهة أن طريقة التناول تختلف بين الطبيب النفسي واختصاصي علم النفس، ولكنَّ كلا من الطريقتين يكمل بعضها بعضا، فإن لم تجدي ما يستدعي معاناة نفسية لابنتك في تفاعلها مع أسرتها فإن الاحتمال الأقرب هو أن ما تعاني منه ابنتك هو -كما ذكرت- اضطراب نوم يكاد يكون بعيدا تماما عن الأمور النفسية بمعناها الشائع عند الناس.
وفي كلتا الحالتين بالمناسبة (أي حالة المنشأ النفسي لاضطراب النوم الذي أشارت له الأستاذة مي أو المنشأ العضوي الذي أشرت أنا إليه) يكون الأمر عابرا، ولا يحتاج أكثر من ألا نترك الشباك أو باب الشرفة مفتوحا، وأن نفعل كما فعلت من إضاءة ضوء خافت، وأن ندعو الله بأن يجعل عمر هذا الخلل العابر قصيرا.
وفي النهاية أتمنى لك السعادة والتوفيق ومزيدا من الوعي والإدراك والتواصل مع طفليك، وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/300)
عرش الأول ..هل يهدده الثاني؟؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشكلة تتمثل في جزءين: (1) أن ابنتي ذات السنة الواحدة تعودت على وجود أحد والديها معها في كل مكان، وترفض اللعب أو الذهاب مع أحد الأقارب إلا في وجود أحد الوالدين، ومع ذلك فهي غير انطوائية؛ بل تحبّ اللعب كثيرًا والضحك كذلك ولكن في وجود أحد الوالدين.
(2) الاستفسار الثاني هو أن زوجتي الآن حامل وابنتي الأولى ما زالت تُرضع، فهل هناك ضرر على الطفلة الرضيعة - حيث إن الحامل تفرز هرمونات قد تصل إلى الطفلة من خلال الرضاعة - أو إلى الجنين أو الأم المُرهقة من خلال الحمل والرضاعة.
وجزاكم الله خيرًا
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
الأب السائل:
دعنا نبدأ الإجابة على استشارتك من حيث انتهت، فإن كثيرًا من المشاكل النفسية تنبت جذورها بالنسبة للطفل الأول في هذا الموقف – حمل الأم وانتظار مولود جديد – الذي تشعر به طفلتك؛ بل إنها كانت أوّل مَن شعرت بحمل الأم – ذلك الإحساس الذي أخافها وأشعرها بأن شيئًا يزلزل عرشها الذي تجلس عليه، ماذا كنتَ فاعلاً إذا شعرت أن شيئًا يحاول أن يسقطك من فوق عرش عالٍ هو ملكك الذي لا تعرف وطنًا أو ملاذًا غيره؟!
ستقول سأحاول أن أتشبث بأول شيء أجده أمامي أحافظ به على ملكي؛ بل أدافع به عن حقي.. نعم.. هذا ما يفعله كل إنسان طبيعي، فما بالك إذا كان هذا العرش هو حضن الأم الذي هو ... آمن من فراش الورد؟!.. إن هذا هو السر وراء هذا التعلق الغريب، ودعنا نقل الشديد من ابنتك بأمها؛ فهي دنياها التى لا تعرف غيرها، وعيناها التي ترى بهما الدنيا، وتتعرف بهما عليها.
وقد سألنا الدكتور مصطفى عبد الباقي – إخصائي أمراض النساء والولادة - الذي أفاد بأنه بإذن الله لا ضرر إطلاقًا من استكمال مسيرة رضاعة الطفلة الصغيرة، بالرغم من كون الأم حاملاً، ولكن ليدرك الوالدان أن ذلك سيؤدي حتمًا إلى تغيير في قوام اللبن وقد يجف؛ فيصير أشبه بالماء؛ ولذلك ينصح الدكتور بالآتي:
1- إدخال بعض الأغذية المكملة بجانب الرضاعة حتى يتم تعويض الطفلة بما تحتاجه من مواد غذائية، كالألبان: يمكن إدخال وجبة زبادي، كسترد...
2- ضرورة اهتمام الأم بتغذيتها الشخصية والإكثار من الأطعمة المفيدة والضرورية لنمو الجنين، كالجبن والبيض واللبن الزبادي، والانتظام في تناول أدوية الكالسيوم إن أمر الطبيب المعالج لها بضرورة تناولها.
وبالتالي فإن قرار فطام الطفلة في ذلك الوقت قد يخضع في أساسه لرأي الطب، أما عن الأصلح لنفسية الطفلة فهو ما سنناقشه عبر السطور التالية:
نحن نعرف أن لكل فعلٍ ردَّ فعل، مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه، وفطام الطفلة إذا تم بشكل تعسفي - إذا وضعنا في الحسبان الظروف النفسية التي تمر بها ابنتك في هذا الوقت والتي شرحناها - سيكون له تأثيره السلبي الشديد على ابنتك؛ وبالتالي فنحن ننصح لك أن تستمر الأم في إرضاعها أكبر وقت؛ بحيث تصل إلى أن يكون الفطام نابعًا من الرغبة الداخلية.
ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ قد تقول: إن ما نقوله هو من سبيل اللامعقول المستحيل:
أن تطالب طفلة لم تتعدَّ العام بفطام نفسها؟ هذا ممكن باتباع خطوتين:
1- أن تهتم الأم بإدخال وجبات وأطعمة جانبية مصاحبة للبن الرضاعة، كالزبادي والخضراوات المهروسة، وعصير البرتقال تدريجيًّا حتى تعتاد الصغيرة على أن حياتها لا تتوقف على الرضاعة فقط لا غير.. ولكن هذا لا بد أن يتم بالتدريج وبطريقة محببة للطفلة، كأن تهتم الأم بشراء أطباق ملوّنة عليها صور جذابة، وهذا عند رفض الأطفال للأغذية الجانبية في بعض الأحيان، ولا يكون ترفًا.
2- كذلك – في نفس ذلك الوقت – تدهن ثدييها بمادة مرة "كالصبار"، ولكن على فترات متباعدة حتى تصل الطفلة إلى رفض الثدي من تِلقاء نفسها.
هذا عن فطامها من ثدي الأم الذي هو في جزء كبير منه فِطام نفسي، وهناك فطام آخر وهو الفطام من تعلقها بضرورة تواجدكم معها في كل مكان، وما يمكن أن نسميه – مجازًا - فطام الاستقلال؛ فالطفلة عطشانة للحنان، ومحتاجة إلى أمها نفسيًّا، وبالتالي هي غير قادرة على تركها. فهل الأم منشغلة عن طفلتها لدرجة أنها ترضعها، ثم تتركها على الأرض دون أن تلعب معها أو تأخذها في حضنها أثناء الرضاعة؟!
وسبب آخر محتمل ربما يكون تعلقها هذا بسبب أن أسرتكم نووية – بمعنى تتكون من الأب والأم والأبناء - وبالتالي هي لا ترى سواكم ولا تعرف غيركم؟ – فهل أسرتكم كذلك- وعلاج هذا الأمر بسيط وهو بإيجاد – بالتدريج الشديد- جوٍّ بديل آخر توسَّع فيه دائرة المحيطين بالطفلة، والتي تعتاد رؤيتهم بشكل كبير مثل الخالات والأعمام والأصدقاء أو الجيران.. بحيث تنفتح على آخرين غير الأم بأن تذهب الأم معها إلى جدتها مثلاً، وتتركها كل فترة لمدة دقيقة تذهب لتعمل أي شيء ثم تعود إليها، وفي المرة الثانية تزيد المدة خمس دقائق، وفي المرة التي بعدها تزيد المدة ... وهكذا، حتى تعتاد الطفلة أن تأنس بغير الأم بالتدريج، على أن تثبِّت هذا الشخص، فإذا اعتادت الطفلة عليه تبدأ في إعادة التجربة مع شخص آخر تحبه الطفلة، خالة مثلاً أو جارة ... وهكذا.
وفي كل ما سبق على الأم أن تعمل على ملء الوقت الذي تقضيه مع الطفلة باللعب والاهتمام وإشعار الفتاة بهذا؛ بحيث تملأ فجوة الجوع العاطفي عندها؛ لأن هذه الفجوة إذا لم تمتلئ في هذه الفترة فلن تمتلئ مدى الحياة، وسوف يترتب على هذا الجوع – وهذا ما لا نريده في المستقبل - أشياء قد تؤثر على شخصية الطفلة.
وفي النهاية نهمس في أذن الأم أن الانشغال عن الطفلة هو عدو استقرار العلاقة بطفلتك، والذي يجب أن تحاربيه بمزيد من الاهتمام وعدم الانشغال بالدراسة، أو بأى شيء في هذه المرحلة، ولتجعلي تحديك في هذه المرحلة هو نجاحك في أن تطلب ابنتك شيئًا من الاستقلال عنك.
ــــــــــــــ(102/301)
عواقب مقارنة الأبناء العنوان
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله.. الولد صاحب المشكلة هو ابن أختي، وكتابتي تعبير عن مدى شعوري بصدقكم وقدرتكم على المساعدة.. أعتقد أن التسرع في أفعاله سلوك ليس بجديد، وعندي اعتقاد أنه ولد إيجابي جدًّا، وما تسرعه إلا من أجل المبادرة في فعل الشيء المطلوب، فعندما يطلب من أخته فعل شيء يهبّ هو لفعله، وبالنتيجة يحدث أذى مثل كسر صحن أو ما شابه.
هل في سلوكه هذا شيء من الغيرة من أخته؟ علمًا أنها هادئة ومرتبة وتنهي واجباتها المدرسية حين تعود من المدرسة مباشرة، وتصلي من تلقاء نفسها دون متابعة، أما هو فعكس أخته متابعة من أجل الصلاة ومن أجل كتابة الواجب المدرسي، لكنه على استعداد أن يبقى أمام برامج الأطفال من الصباح حتى المساء إذا لم ينهه أحد عن هذا. أعتقد أن العلاقة بين الولد وأهله علاقة جيدة فيها شيء وإن كان بالقليل من الحوار، فعندما يخطئ يتم تنبيهه بالكلام، ولا يعاقبون بالضرب، مستواه الدراسي جيد، ولكنه لا يدرس.
هو ولد مطيع لوالديه مؤدب، وأعتقد أن حظه سيئ في أفعاله.. يشكو أحيانًا من أن والديه لا يحبانه. لا أعتقد أنه دخل مرحلة المراهقة، ولا حتى على أعتابها، أما علاقته بإخوته فهي جيدة، إلا أني أشعر بوجود الغيرة عنده، أما علاقته بوالدته فهو مطيع لها وخدوم إلى أقصى درجة، نعم له صداقات فهو اجتماعي مع غيره.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكرك لك اهتمامك بابن أختك.. في كثير من الأحيان يتكون لدينا انطباع ناحية طفل أو شخص، ويظل هذا الانطباع راسخًا في أذهاننا، متصورين أنه حقيقة لا خلاف عليها.. وعند أي اختبار حقيقي لهذا الانطباع تجد الأمر قد اختلف تمامًا.. في رسالتك الأولى بعثت تصف الطفل بأنه اندفاعي ومتهور وتنتهي أفعاله بالتخريب، ولكنك عندما ذهبت تختبر هذا الانطباع بإجابتك على الأسئلة التي أرسلناها إليك وجدنا أمامنا صورة أخرى لطفل مطيع خدوم إلى أقصى درجة، له صداقات ومؤدب وهو إيجابي يبادر إلى فعل الأشياء، وما تصفه بالاندفاع ظهر في رسالتك الثانية أنه رد فعل لإحساسه بالغيرة من أخته التي يبدو أن الأهل يقارنونه دائمًا بها، ويصفونها بالمرَّتبة والهادئة، وهي صفات إن لم تكن فيه بنفس درجة أخته، فهو لديه صفات حميدة أخرى يمكن أن يمدح بها دون أن يذم دائمًا بالمقارنة بأخته.
هذه المقارنة التي أوجدت لديه شعورًا بعدم حب أهله له، وهو شعور يعبر عنه ولا يخفيه، ويحاول أن يثبت أنه على غير هذه الصورة التي يوصف بها؛ فيقع في الاندفاع، وبالتالي في حدوث بعض الأخطاء.. إننا -الآباء والأمهات- نكون سببًا في ترسيخ الغيرة بين الأبناء بمقارنتنا بين صفاتهم.. إن لكل طفل شخصيته المستقلة وصفاته الخاصة، فعلينا أن نبرز في كل واحد منهم صفاته المتميز بها دون أن نقارنه بأحد، وإذا أردنا تحفيزه فليكن ذلك بتشجيعه بأن القدرة لديه على الفعل والتغير موجودة، فنقول له: "تستطيع أن تفعل كذا، نعلم أن لديك القدرة على ذلك إذا حفزت جهودك استطعت".
فنحن في هذه الحالة نقارنه بنفسه، ونلقي الضوء على قدراته، ونشحذ همته؛ فيخرج أفضل ما لديه، دون مقارنة بغيره تجعله يشعر بالغيرة، ويتصرف بصورة غير منضبطة، وقد نزرع العداء بين أطفالنا دون أن نشعر، ونحن نقارنهم ببعضهم البعض، لا يوجد طفل يشبه طفلا آخر، ولا يوجد طفل بغير قدرات ومميزات؛ فلنجتهد في البحث عن مميزات كل طفل دون مقارنته بغيره، وعندها نحصل على أفضل السلوكيات، وهذا ما يجب أن يفعله أهل أختك معه؛ فيكفّون عن مقارنته بأخته، وليبرزوا صفات التميز فيه، وليشجعوا إيجابيته ومبادرته، وليساعدوه على ترشيدها بهدوء، وعندها سترون طفلا أفضل.
ــــــــــــــ(102/302)
التبول الليلي.. وتبقى الأسباب النفسية العنوان
مشكلة ولدي الذى يبلغ من العمر8 سنوات التبول الليلي أثناء النوم، وقد حاولنا معه بعدة وسائل : منها عدم شربه الماء قبل النوم بفترة، ووضع منبه لإيقاظه بسبب نومه العميق، ولكن هذه الطرق تنجح أحيانا وتفشل في أحيان أخرى، وقد عرضناه على الطبيب، فأخبرنا أن ولدنا لا يشكو من أي مرض، وأعطانا بعض النصائح لتقوية عضلة العضو؛ ليستطيع أن يمسك نفسه أطول فترة ممكنة، ولكن ما زلنا نعاني من هذا الأمر، خاصة أننا أسرة بفضل الله تخلو من المشاكل ويحب بعضنا بعضًا، وقد سألت عنه في المدرسة فوجدت أنه لا يوجد عنده مشاكل مع زملائه ومدرسيه، بل إن مدرسيه يحبونه ويثنون عليه، فهو متفوق في دراسته ومن الطلاب الموهوبين؛ لذا أرجو منكم أن تعطوني رأيكم في كيفية معالجة هذا الأمر، فقد أصابنا الإحباط حتى بدأنا نلجأ إلى التهديد بالضرب دون أن نفعل ذلك؛ عسى أن يخاف من ذلك فيترك هذا الأمر، ولكن لا فائدة. هذه مشكلتنا مع ابننا، فهل نجد رأيا تربويًّا في كيفية حل هذا الأمر؟ وشكرًا لكم السؤال
التبول اللاإرادي الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
الأب السائل:
لقد وجّهت إلينا سؤالاً يصرخ به كثير من الآباء والأمهات: كيف نسلك طريقة سليمة تحل هذه المشكلة (التبول اللاإرادي) بعد أن استبعدنا كل الأسباب العضوية التي يمكن أن تكون مسببًا لوجود الأمر؟
وأنا أقول: إن هناك خطأ نقع فيه نحن الآباء والأمهات ويقع فيه الأطفال معنا، وهو أننا نظن أن عملية تبليل الفراش هي المشكلة، رغم أن الحقيقة هي أن هذه المسألة ليست إلا مظهرًا من مظاهر مشكلة أخرى مستترة، وعليك أن تبحث عن المشكلة الفعلية لتحلها؛ فالطفل عادة يمتنع عن تبليل الفراش قبل أن يبلغ سن المراهقة، لكن المتاعب النفسية التي تختفي وراء مسألة تبليل الفراش تظل كما هي إن لم نجد لها حلاًّ.
فمعظم حالات تبليل الفراش عند الأبناء - كما توصل الأطباء النفسيون المتخصصون -ترجع إلى وجود إحساس بالتوتر بين الأم والابن، وتكون الأم قوية الشخصية قادرة دائمًا على توجيه اللوم والنقد للابن بحكم طبيعتها، كما أنها تحاول على قدر طاقتها أن تقوي علاقتها بابنها عن طريق إسعاده؛ فهي في آن واحد توجِّه له اللوم والتوبيخ، وتحاول أن تكشف له عن أخطائه!
وبالتالي إذا استطاع الأب والأم - وخاصة الأم - أن يعالجا الابن بنفسيهما فهذا بطبيعة الحال مسألة جيدة، وحتى نستطيع ذلك؛ فعلى الأم أن تنتبه إلى عدم إهانة الطفل، وإلى ضرورة أن تؤكد له أنها تثق به، وأنه سيستطيع أن يتخطى هذه المشكلة، وفي أثناء ذلك لا بد أن تبحث عن السبب النفسي الكامن وراء هذه المشكلة التي لا تعتبر إلا عارضًا يحمي به الطفل نفسه من القلق.
فحال نفسية الطفل تمامًا كحال بالون منتفخ يوشك لامتلائه أن ينفجر، لكن ما يمنعه من الانفجار وجود حيِّز صغير من الفراغ لا يزال فيه، فكلما ضغطت المشكلة الأصلية عليه حاول الهروب منها إلى ذلك العَرض، فإذا حاولت علاج هذا العرض وتركت المشكلة الأصلية فكأنك تحاول علاج التسرب في صنبور بأن تضع تحته طبقًا يجتمع فيه الماء، فلا تجد آثاره على الأرض، ولكن هذا إلى متى؟ لن يكون إلا إلى حين - وهذا ما أشرت إليه بقولك تنجح أحيانًا وتفشل أحيانًا أخرى.
وخلاصة الأمر:
لا بد أن تبحث عمّا يعاني منه طفلك، ويسبب له كل هذا القلق الذي يصيبه في مشكلة التبول الليلي، ومن المفيد أن تستدعيه في بحثك بالإجابة من هذه الأسئلة:
متى بدأت مشكلة التبول الليلي عند الولد؟ هل هناك موقف معين حدث وظهرت عملية التبول هذه بعده، مثل "شجار مع إخوته أو في المدرسة شيء آثار خوفه"؟ هل عرف التحكم في عملية التبول قبل ذلك.. وهكذا؟
وهناك احتمال وارد أن يكون تفوق وموهبة ابنك السبب النفسي وراء هذه المشكلة، فالموهوب يحتاج أكثر من غيره إلى التقدير وتفهم احتياجاته النفسية، والتي يؤدي إهمال تفهمها والتعامل معها بطريقة سليمة إلى ظهور كثير من المشاكل التي قد تبدو غريبة وغير مفهمومة. فقد ذكر "جيمس ت ويب" في كتابه الشهير: "توجيه الطفل المتفوق عقليًّا مرجع علمي للآباء والمعلمين" (والذي ترجمته ونشرته الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية {1985}) أن هناك حالات انتحار لموهوبين ومتفوقين علميًّا بسبب فشل المحيطين بهم في تفهم حاجاتهم.
فرجاء محاولة التقرب من الطفل بصورة خالية من التكلف؛ لرسم صورة أوضح عن إمكانيات الطفل الذهنية والعقلية، ومساعدته لتنمية قدراته وتقدير جهوده، فإن كل ذلك سيساعد –بإذن الله تعالى- في تفهم شخصيته واحتياجاته.
ــــــــــــــ(102/303)
فارابي العصر العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "ما شاء الله تبارك الرحمن"، كم فرحت لوجود مثل هذه الخدمات الرائعة، جعلها الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله، رزقت بطفل، وكانت صحته غير جيدة بسبب بعض الأمراض الوراثية كسيولة الدم، وظل السنة الأولى من حياته بالمستشفى؛ بسبب تلقي العلاج، ولكن – ولله الحمد – هو الآن بصحة جيدة، ولكن بالفترة الأولى زار المستشفى بروفيسور وجلس مع ابني كثيرًا، وقال لي سوف تتذكرين كلامي جيدًا بالمستقبل، إن طفلكِ هذا طفل غير عادي فهو ذكي جدًّا، فرحت كأي أمّ، طبعت كلماته بصمة في ذاكرتي، المهم في ذلك : وهو يكبر سنة بعد سنة سمعت مثل حديث الطبيب هذا على لسان الكثيرات من المدرسات في الروضة وصديقاتي وأهلي أيضًا، فجميع المدرسات قلن لي: إن ابنكِ ذكي جدًّا وذكاءه يختلف عن الأطفال، وأحب أن أخبركم أنني أدخل أبنائي إلى الروضة في السنة الثالثة من العمر حتى يستفيدوا من أوقاتهم، ودخل هذه السنة المدرسة.
وفي مجلس الأمهات قالت لي المدرسات نفس الحديث: ابنك بالإضافة إلى أنه متفوق في دراسته فهو ذكي جدًّا، وذكاؤه يختلف عن الطلاب، "قالت لي مدرسته: "لدينا في الفصل الكثير من المتفوقين ولكنه ذكي"، ولكن ماذا بعد هذا الحديث؟!، ماذا عن طفلي؟!! أحس بذكائه بدرجة كبيرة، فهو إنسان دقيق جدًّا يرى الأمور بطريقة لا يراها الأطفال غيره، يتألم لما يحدث في فلسطين، يعبِّر عن ألمه برسوم الدبابات وما يتمناه، ويقول لي دائمًا: إنه يريد أن يصبح مجاهدًا في سبيل الله، رقيق جدًّا في مشاعره، يتأثر بسرعة، حنون جدًّا، رحيم بمن حوله، لا يقبل أن يكون الأقل بين إخوانه في درجاته، يُقبِّل يداي وقدماي في اليوم أكثر من مرتين، مؤدب جدًّا، يحب الرسم، ورسومه دقيقة جدًّا، وخطوطه رفيعة، يرسم كلما أحس بشيء حوله، يرسم انطباعاته وما يريد أن يقوله على الورق، أوفِّر له الأوراق والأقلام والألوان، يحب القراءة، يجيد في هذه السن قراءة وكتابة أشياء كثيرة تكبر سنه، ويعتبر المواد الدراسية سهلة جدًّا، قررت أن أطلق عليه "الفارابي" بالمنزل، وهو سعيد جدًّا بهذا اللقب، وسأل عن الفارابي وحدَّثْته عنه، وهو يأمل أن يكون مثله، وسوف تقولون ما هي المشكلة، أقول لكم: المشكلة أنني ألاحظ هذا كله وحدي، فوالده دائمًا مشغول في أمور الحياة والعمل، وأخاف أن ينتهي إبداعه ويُقتل ذكاؤه بكثرة المشاكل التي بيننا، أحب أن أطوّر من هذا الطفل بإدخاله معهد الإبداع الفني أو المركز العلمي، ولكن للأسف الكل يرى أن سن طفلي غير مناسبة للدخول في هذه المراكز مع أنه متفوق في مادة الرياضيات والعلوم، ويقول لي: إنه يدرس مادة اللغة العربية لينجح ولكنه لا يحب المادة، إذن فميوله علمية، كيف أشجعه على ذلك؟ وأظن أنه لو تم التركيز عليه فأعتقد أنه سيكون له مستقبل كبير في مجال العلوم؟ من أين أبدأ وكيف؟ هل لدي طفل متميز أو إنني أتوهم ذلك، ويوجد مثل طفلي الكثيرون؟ وهل أستطيع أن
أفعل كل هذا من جانبي فقط؟
السؤال
فنون المذاكرة الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
نبدأ كما بدأت بالسلام و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته "ما شاء الله تبارك الرحمن"،"ما شاء الله لا قوة إلا بالله "سعدنا بك أم "الفارابي"على صفحتنا،في البداية نحب أن نطمئنك، فبالرغم من أن دارسي التفوق العلمي اختلفوا كثيرًا فإنهم اجتمعوا على نقاط بسيطة من أهمها: "أن الذكاء لا يمنح للطفل لحظة ميلاده، وإنما ينشأ ويتكون مع مختلف مراحل النمو"، ولكن ما هو الذكاء؟ متى نصف طفلاً بأنه ذكي ومتى نصفه بأنه عبقري؟ وهل هناك علاقة بين الذكاء والعبقرية؟
كلمة الذكاء كلمة عربية الأصل والمنشأ، فالذكاء في اللغة العربية هو "الفطنة والتوقد" من ذكت النار أي زاد اشتعالها، بمعنى "زيادة القوى العقلية للإدراك".
أما كلمة عبقري فجاءت من وادي عبقر، وهو وادٍ ظهر فيه كثير من الأذكياء، فالشخص العبقري، هو الذي تتوافر فيه سمات خاصة مثل الطموح، والثقة بالنفس، والرغبة في التفوق، والقدرة على التركيز الشديد وتحمل المشاق، ومن سمات العبقرية: الإبداع – الابتكار – السبق – التفرد – الامتياز، أي أن العبقرية ما هي إلا نتيجة للذكاء الحاد، ويظهر ذلك من قول أول وزير للذكاء في العالم وهو "ألبرتو لويس ماشادو" وزير الدولة لتطوير الذكاء في فنزويلا: "إن العبقرية يمكن خلقها بالتربية المناسبة، وإن النظام التعليمي الحالي لا يُعلّم الأطفال كيف يكونون أذكياء".. هذه المقولة تقودنا بلا شك إلى سؤال: ما هي التربية المناسبة التي تعمل على تنمية ذكاء الطفل وبروز نبوغه وإبداعه؟
فما عليك يا سيدتي الفاضلة "أم فارابي العصر" بإذن الله تعالى – حفظه الله من كل سوء" إلا أن تهيئي كافة الظروف المحيطة بابنك، واستخدام كافة الأدوات والوسائل حتى تتيحين لذكاء وإبداع ابنك أن يرى النور.
فكما أننا نهيئ الأجواء ونُعِدّ المواد اللازمة لإشعال "نار الشواء" ونتعهدها بالرعاية طوال الوقت، عليك تهيئة الظروف والأجواء المحيطة بالابن، ومدّه بما يحتاجه عقله الصغير المتنامي، مع رعايته وتعهده في سنينه القادمة.
الأسرة تلعب دورًا هامًّا في تنمية قدرات الأبناء الابتكارية لما توفره من فرص التعرض للخبرات الناجحة تعرضًا مباشرًا، وبالتالي تنمي التفكير الابتكاري وتشجعه عند هؤلاء الأبناء.
لا ننكر أبدًا دور الأب وأهميته وبخاصة بعد بلوغ الابن سن السابعة، ولكن التاريخ علّمنا أن الأم كانت هي دومًا وأبدًا المسبب الأول لنبوغ عبقرية العباقرة وتوقد ذكاء الرجال؛ فهذا "جون آدمز" أشهر اقتصادي في العصر الحديث يقول: "كل ما وصلت إليه من بعد الشهرة وعلوّ المركز إنما يعود الفضل فيه إلى أمي".
أما "إبراهام لينكولن" أول رئيس للولايات المتحدة فقد قال: "إني مدين بكل ما وصلت إليه، وما أرجو أن أصل إليه من رفعة إلى أمي".
ولكن كيف؟ ماذا فعلن؟ الإجابة في كلمة بسيطة جدًّا: التحفيز وزرع الثقة بالنفس – وما إطلاقك للقب الفارابي إلا الخطوة الأولى في هذا الطريق الطويل– وإليك الدليل: "كانت أمي تثق بي كثيرًا، أكثر مما أستحق، فحاولت أن أحيا لأحقق ثقتها بي؛ فصرت توماس أديسون" (مكتشف المصباح الكهربائى) .
شجِّعيه على القراءة في كافة المجالات، ثم انتقلي إلى المجال المحبب إليه، وكما وصفتِ أنه مجال الرياضيات والعلوم، اختاري الكتب المبسّطة الشيّقة الجذابة. اجلسي معه، تناقشا سويًّا في كل ما يقرأ. اجعلي "الكتاب" أثمن ما يملك. احكي له عن علماء المسلمين "ابن سينا، ابن الهيثم، الخوارزمي ... " كيف كانوا مثابرين، مجتهدين، ذوي عزيمة وهمم، فالعبقرية كما قال أينشتين: 1% موهبة و99% مثابرة.
صغيرك بأمسِّ الحاجة إلى أن يتعلم "العمل الجاد"، لو قرأتما كتابًا لا تنتقلان لغيره بدون فهم ووعي لكل ما فيه، فليتعلم أن المتعة الحقيقة هي إنجاز العمل والأخذ بالأسباب.
ويضيف هنا الدكتور حمود عليمات أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأردن أنه ينبغي عدم حرمان الطفل من النماء الاجتماعي، والاستمتاع باللعب مع أترابه في العمر، فالرفاق هم مصدر تعلم ونماء وتنشئته كما هي المدرسة. الملاحظ أنه حال وجود طفل متفوق فإنه يعزل عن الرفقة الاجتماعية أو عن مشابه في العمر والصف الدراسي. ربما نتج عندنا إنسان متفوق علميا ولكنه مخفق اجتماعيا وعلائقيا. كذلك ينبغي العلم أن المتفوقين والمؤثرين في الحياة والمجتمع ليس بالضرورة هم الأذكى أو الأعلى في العلامات المدرسية. صحيح إن التفوق الدراسي هو عامل مهم في التفوق الحياتي، لكنه ليس الوحيد. إن المؤثرين في الغالب هم الذين يمتلكون مهارات اجتماعية في التعامل وبناء العلاقات وحسن استثمار ما لديهم من قدرات، وما يستطيعون بذله من جهد.
أما من ناحية تنمية الذكاء فالحمد لله رب العالمين أن ابنك "الفارابي" يعيش في هذه الأيام التي انتشرت فيها خدمات إلكترونية يمكن استخدامها لتنمية ذكائه من أمثلة ذلك: الأقراص المدمجة CD، والإنترنت، وقد يحتاج هذا إلى مساعدتك والجلوس بجواره لترجمة المواقع الشيقة الخاصة بتنمية الذكاء وللأسف هي باللغة الإنجليزية، في الوقت الذي تخلو فيه الساحة العربية من مثل هذه المواقع. وكي نيسِّر عليك هذه المهمة قام قسم "دليل المواقع" في موقعنا بترشيح عدد من المواقع المناسبة لسن ابنك:
"Scholastic - Your Child’s Creativity
"
موقع عن تنمية ذكاء الأطفال
Activity search
موقع لتنمية ذكاء الأطفال به خاصية اختيار السن والمادة
"Stories of Creativity USPTO Kids' Pages
"
موقع يعرض سير العباقرةوأهم مخترعاتهم
Kids' Gallery
مكان لعرض رسومات الأطفال من كل أنحاء العالم
"Crayola Creativity Central
"
موقع لتنمية موهبة الرسم لدى الصغار وبه باب خاص لتنمية القدرة على إجادأفكار جديدة
ومن ناحية ثانية ننصحك بالقراءة في مجال "التعامل مع المبدعين والمتفوقين عقليًّا"، فلو أن الساحة العربية تخلو من مواقع إنترنتية في هذا المجال إلا أن المكتبات العربية زاخرة بالكتب التي لو قرأتها فسيتضح لك الكثير عن احتياجات الطفل الموهوب وكيفية التعامل معه.
ومن الكتب التي نرشحها لك:
"الذكاء وتنميته لدى أطفالنا" تأليف د/ إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي،مكتبة الدار العربية للكتاب ،1995
"الطفل الموهوب : كيف تجعل من ابنك الموهوب عالما مخترعا؟" تأليف محمد عادل سليمان ،دار الطلائع ،1997
"طفلك الموهوب (اكتشافه-رعايته-توجيهه)
ــــــــــــــ(102/304)
حروف الصفير.. وعلاج يسير العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..، فإن مشكلتي هي أن ابنتي التي عمرها 5 سنوات ونصف عندما تنطق أحد حروف الصفير "س - ص - ز" تنطقه حرف خاء، ونحاول معها باستمرار لتصحيح النطق ولكن دون جدوى، حتى إن أخاها الأصغر منها قد وقع في نفس مشكلتها، فهل العملية طبيعية؟! وما هو العلاج؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
د/سحر صلا ح اسم الخبير
الحل
الأب الفاضل: أولاً، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وثانيًا نرجو ألاَّ تقلق، فمشكلة ابنتك سهلة وعلاجها ميسّر بإذن الله- تعالى-، غير أنه يحتاج إلى الاستعانة بطبيب للتخاطب؛ وذلك لعدة أسباب:
السبب الأول:
إن الأطفال لا يرضخون-عادة -إلى الأهل إذا ما حاول الأهل تعليمهم سلوكًا جديدًا أو استبدال سلوك خاطئ بآخر، خاصة إذا كان هذا التعليم يتم بطريقة فيها إلحاح ونغمة ملؤها السيطرة، وتدل على نفاد الصبر، وهذا ما أوضحه قولك: "نحاول معها باستمرار ولكن دون جدوى".
في حين أن الأطفال يستمعون لمن هم خارج البيت بسهولة ويرضخون لهم، خاصة إذا كانوا يحملون لهم مشاعر قوية، ففي هذه الحالة يمثل كلامهم للأطفال قانونًا، ولعلك لاحظتَ مرة عندما سألتَها عن شيء فَعَلته وأنت تنكره أو حتى تستغربه، تقول لك: المدرِّسة قالت.. ومهما حاولتَ أن تشرح لها أن المدرّسة لم تقصد هذا فإنها تُصرّ على ما تفعله، وتردد على مسامعك كلمة واحدة "المدرّسة قالت".
السبب الثاني:
أن سن ابنتك هي أنسب سن لتدخل طبيب التخاطب.
السبب الثالث:
وهو الأهم، أن لكل حرف مخرجًا وصفات مستقلة تميزه عن باقي الحروف، ولكل صوت طريقته الخاصة في النطق من حيث وضع اللسان، ومقدار اهتزاز الأحبال الصوتية وقت النطق به... وهكذا، وهو ما لا يعرفه إلا المتخصص، بالإضافة أن لكل طفل مستوى عقليًّا، وكذلك طريقة خاصة في التفكير، وكذلك وهو الأهم مدخل خاص لتعليمه، وهذا الأمر غير متوفر إلاَّ في طبيب التخاطب.
السبب الرابع:
يبتعد المعالج تمامًا عن محاولة تعليمها مخارج الحروف الثلاثة مرة واحدة، بل يبدأ بحرف ثم الحرف الآخر، ويتم التدريب عليه كالتالي:( و ما يلي ما هو إلا وصف لما يقوم به طبيب التخاطب، ولا ننصح أن تقوم أنت بذلك دون الرجوع إلى طبيب التخاطب)
- يعلم الفتاة صوت الحرف لا اسمه؛ فلا يقول لها: إن هذا الحرف الذي في كلمة "سحر" هو سين، بل يذكره لها بصوته (سِـ).
- لا يبدأ بتعليمها صوت الحرف في كلمة بها هذا الصوت مرتين مثل "سوس"، وإنما يبدأ معها بتعليمها الصوت في كلمات تبدأ بحرف السين.
سمر/ سحر/ سعد/ سجادة ...
فإذا تمكنت من النطق بهذا الصوت في أول الكلمة فسينتقل إلى تدريبها عليه في وسط الكلمة "مسبحة/ مسرة ... "، فإذا أتقنت النطق به في وسط الكلمة فسينتقل إلى كلمات بها صوت الحرف في آخر الكلمة "شمس".
فإذا أتقنت النطق به في أول ووسط وآخر الكلمة، يبدأ في تدريبها على النطق صوت الحرف في كلمات مركبة مثل السُّعودية/ الإسكندرية ...
وهكذا في باقي الحروف، وهو لا يبدأ في التدريب على حرف جديد دون أن تكون قد تمكّنت من الحروف السابقة ... وهكذا.
والله نسأله أن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه.
ــــــــــــــ(102/305)
مراهق متهم بالتربية الجنسية العنوان
لما قرأت لك استشارتك عن التربية الجنسية يا أختي الكريمة وددت أن أواجهك بما يؤرقني ويقض مضجعي بصفتك أمًّا أولاً وطبيبة نفسية ثانيًا، ولك ما لك عن التربية الجنسية؛ لذا يا عزيزتي الدكتورة إيمان السيد لا تهملي سؤالي فهو مهم جدًّا.. ولعلني أسترشد بكم.
والمشكلة أن ابن زوجي(11 سنة) يقيم معنا ويتعلم في المدرسة مادة التربية الجنسية، وقد سبب ذلك له إباحية وفضولا، وحاول أن يتحرش بأخته أكثر من مرة وعمرها 4 سنوات، وهي تحكي لي عن كل شيء، فما العمل؟ كيف أحميها منه وكيف أتصرف معه؟ وما الحل المناسب لتحقيق تلك المعادلة الصعبة؟ وشكرًا لكم. السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
أهلاً بك أختنا الحبيبة، وتقبل الله منك تربيتك لابن زوجك وجعلها في ميزان حسناتك وصدقة جارية في كتابك، وأحب أن أبدأ حديثي معك بقول اختصاصي النفسي الشهير جون كيلينجر: "إن التربية الجنسية المدرسية ليست ترياقًا تشفى به جميع الأمراض، ولا يمكنها إطلاقًا أن تقوم مقام التعلم في وسط الأسرة، وإذا كان مجتمعنا مريضًا جنسيًّا- الكاتب يشير إلى المجتمعات الغربية..المحررة- فإن ذلك لا يعود لإخفاق التربية الجنسية في المدرسة، وإنما لكون الجنس لا يتم التطرق إليه بود داخل البيت".
نعم يا أختي الكريمة فإننا كثيرًا ما نخطئ حين نعلم أبناءنا الحياء المزيف، الحياء الذي لا يعني سوى التكتم والتهرب وعدم توعية الأبناء بما يفيدهم ويحميهم ويقويهم في مواجهة الإغراءات ومحاكاة الخطأ أو تجربته، والصحيح في هذا الصدد هو التعليم الذي لا يقصد به إثارة الفضول، بل التعليم الذي يبث الطفل ما ينبغي أن يكون عليه إزاء حقائق الحياة المختلفة، وهو ما يمكن أن تستثمراه في الابن -أنت وأبوه- كقاعدة تنطلقان منها لغرس ثقافة الاستعفاف لديه، وهو ما تحدثنا عنه باستفاضة في:
- الإعلام الجنسي الصحيح وثقافة الاستعفاف
- التخبط الجنسي.. فرصة للاقتراب
- تتويج البلوغ بتاج المعرفة
أعلم أن سؤالك يدور حول ابنتك وحمايتها من أخيها ابن زوجك، ولكن هذا الابن له أيضًا نصيب كبير في الإجابة؛ لأنه على أعتاب المراهقة، ولأن حمايته هي حماية لكل أفراد الأسرة، ولأن تربيتك مع والده له بشكل سليم سيعود عليك، وعلى أبنائك حتمًا بالنفع مثلما يبقى لك أجره في الآخرة.
ونعود لمسألة الإعلام الجنسي فأقول بأن تثقيف الأبناء جنسيًّا لا يقصد به تعويدهم الإباحية وإلغاء المحاذير والقيود على تعاملاتهم، بل تعني تقنينها وتحديد المجرى السليم لها، وربما تستغربين حين أقول لك بأن اتجاه الغرب لوضع منهج للتربية الجنسية في المدارس كان لمنع الممارسات الجنسية غير القانونية أو الشرعية في مجتمعاتهم، وحماية من هم دون سن الزواج من التحرش وتقليل حالات الإنجاب غير الشرعي وخلافه، كل ذلك بالعلم الذي يمحو الجهل ويلبي الفضول الذي قد يسبب هوجائية التصرفات.
وما أقصده ألا تعزي محاولة ابن زوجك التحرش بابنتك إلى دراسته التربية الجنسية بالمدرسة، بل إلى الجو الذي يحيا فيه داخل المنزل -والذي أرجح أن يكون فيه نسبة من الشعور بالنبذ أو الاختلاف عن سائر أعضاء الأسرة- وإلى الملل وعدم استغلال وتوظيف فراغه بشكل سليم، وإلى عدم وجود صداقة حميمة بينه وبين والده بما يسمح له بتقويم سلوكياته وغرس معاني الاستعفاف لديه، وإلى عدم رقابة المواد الإعلامية التي يطلع عليها أو يتعامل معها... كل هذه الاحتمالات هي فيض من غيض، لما قد يكون وراء هذه الممارسات من هذا المراهق الذي يحتاج من والده لصداقة حميمة تحل مشاكله:
- المراهقة..مشاكل حلولها الصداقة
- شبابنا رهن ما نعدهم له
- صاحب ابنك المراهق ينضبط
- أحب ولدك المراهق.. تغيره
وقد سألتني عن تحقيق المعادلة التي ترينها صعبة وهي التعامل مع ابن زوجك بشكل سليم وحماية طفلتك منه، ولعلّ سبب شعورك بصعوبتها هو عاطفتك التي تملي عليك عدم جرح الابن أو إيذاء مشاعره، رغم كونه مخطئًا ورغبتك في حماية فلذة كبدك من تصرفاته، وتعالي نحاول تحقيق هذه المعادلة معًا:
- أولاً: ينبغي أن أشد على يديك وأثني على صداقتك لحبيبتك وتعويدها على أن تحكي لك عن كل شيء وعن كل موقف يصادفها، وهو أمر ضروري، وهو ما كنت سأطلبه منك في النصيحة الأولى في الإجابة.
- ثانيًا: لا بد من العمل على توظيف فراغ رجلنا الحبيب، وإتاحة الفرصة له لممارسة الرياضة بشكل منتظم والانتظام في تدريبات فريق معين لممارسة لعبة معينة (كرة سلة - قدم - سباحة - كرة ماء... إلخ)، كما ينبغي أن يحاول تعلم مهارة جديدة في كل إجازة مدرسية بحيث يقيم نفسه مع ختام كل سنة ما الذي تطور فيه، هل تعلم لغة جديدة أم أتقن برنامج كمبيوتر وتطبيقاته أم تعلم مهارة الدهان مثلاً، فاستطاع أن يجدد طلاء حجرته أو تعلم تصليح السيارات مثلاً أو الأجهزة الكهربية؟
- ثالثًا: لا بد من العمل على ربط الابن بالمسجد وبأنشطة المسجد الخيرية -أو المركز الإسلامي القريب من مكان إقامتكم– ودفعه بلطف إلى ممارسة العمل التطوعي بكل ما أتيح من فرص لهذا النشاط، وطالعي ما يلي للاستزادة:
- للشباب.. الحركة بركة
- الكشافة.. توعية الشباب للشباب
- صيف التطوع
- رابعًا: لا بد من غرس الوازع الديني مع الابن والحديث معه عن الحلال والحرام، وذلك من خلال صداقة حميمة بينه وبين الوالد من جهة وبينك وبينه من جهة أخرى؛ ليشعر بالأمان والاستقرار، ولا يبخل بمكنون صدره عنكما ويصبح من السهل توجيه رغباته ونزعاته وشطحاته من خلال تلك الصداقة الحميمة، ويمكنك الاستعانة بما يلي للاستزادة:
- اكسب مراهقا واربح إخوته
- معاملة المراهق منظومة صداقة
-خامسًا: لا بد من ملاحظته من آن لآخر في فراغه -الضئيل جدًّا بعد اتباع ما سبق من مقترحات لشغل فراغه- ومراقبة استجابته لما تم الاتفاق عليه، وكذلك لا بد من الاتفاق معه على برنامج للمحاسبة اليومية لمتابعة نفسه في الالتزام بالصلاة، وتلاوة ومدارسة القرآن، والتزام خلق معين، وهكذا...؛ لتنمية الوازع الداخلي لديه للالتزام بالحق وتجنب الباطل والخطأ، ويمكنك الاستزادة في تلك الجزئية بالاطلاع على الاستشارة التالية:
- كل صيف وأنتم مستمتعون مستفيدون – متابعة
- دعوة لصيف مختلف.
- سادسا: يجب الحديث مع الابن عن التوبة ومغفرة الله تعالى -في أحاديث متكررة بينه وبين الأب- وشروط غفران الذنوب وأولها الإقلاع عنها، كما يجب الحديث عن اطلاع الله علينا وتسجيل كل صغيرة وكبيرة نفعلها، وجمال القرب من الله وما له من أثر في الصحة والتفوق الدراسي والتوفيق في الحياة والسعادة في كل شيء.
- سابعًا: لا بد من تحميله بعض المسئوليات ومتابعته في أدائها مثل شراء الحاجيات مثلاً أو المذاكرة لأحد إخوته -مع ملاحظته من طرف خفي- وذلك لتعميق صلته بإخوته وتنمية حبه لهم وربطه بشكل قوي بالأسرة، وتنمية ثقته بحب تلك الأسرة له واعتزازها به.
-ثامنًا: لا بد من توعية ابنتك بخصوصية بعض الأماكن من جسدها بما لا يسمح لأحد غيرها رؤيتها أو لمسها؛ فهي لها وحدها، والتعامل معها بشكل غير سليم قد يسبب المرض والألم، ولا بد من منع أي شخص من رؤية أو لمس هذه الأجزاء، وإن حاول ذلك فلا بد من الاستغاثة فورًا بأي شخص كبير.
- تاسعا: حاولي أن تكون ابنتك في رفقتك معظم الوقت أو تحت ملاحظتك دون إشعارها بذلك، ودون الإفراط في حمايتها، فقط كي تقضيا معًا وقتًا لطيفًا تقرآن فيه أو تساعدك في الواجبات المنزلية أو غير ذلك مما يفيدها ويبهج أوقاتها وفي نفس الوقت يمنعها من إمكانية أن ينفرد بها أخوها دون رقابة.
عزيزتي، أرجو أن أكون قد وفرت لك ما يكفي للتغلب على ما شكوت منه، وأرجو أن أتلقى متابعاتك في أقرب فرصة.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك مراجعة ما يلي:
- الخوف من التحرش.. كيف نقوّم ولا ندمر؟
- التحرش.. أفيقوا يرحمكم الله
- التحرش.. ماذا يعني؟
ــــــــــــــ(102/306)
الأسباب الخفية وراء الإخفاقات الدراسية العنوان
ابنتي تواجه صعوبة في التحصيل الدراسي، حاولنا معها عدة وسائل ولم ننجح، لم نستطع اكتشاف أي موهبة فيها،فهي بطيئة جدا في حفظ أي شيء، وعملنا لها اختبار ذكاء فكان المعدل العام متوسط مئة ، ترتدي النظارات، و نتيجة للفارق الكبير بينها وبين أخواتها زادت المشكلة و أثر ذلك على نفسيتها، خاصة مع كثرة تأنيبنا لها، الذي لم نستطع إيقافه وإن خففناه كثيرا نظرا لما نعانيه معها،وهي بطيئة جدا في أي عمل يوكل إليها، نشعر بحال مزاجها حيث أنهاعندما تتحسن نفسيتها تحصل على 90 % في بعض الإمتحانات ، لم نستطع حتى هذه اللحظة رغم محاولاتنا الجادة والتي ليست بالضرورة صحيحة أن نشخص حالتها، هل هي نفسية أم عضوية أم أنها طبيعية، نريد أن تنصحونا بمرجعية موثوقة لمثل هذه الأمور كمركز لبطيئي التعلم مثلا، وجزاكم الله خيرا
السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
الحل
يرى الدكتور نزيه بقسم الإرشاد النفسي بالجامعة الأردنية أن
الطفلة التي تتحدث عنها الرسالة ليست لديها مشكلة في القدرات العقلية، إذ أن شخصاً بنسبة ذكاء 100 يمكن أن يتابع تحصيله حتى الانتهاء من الجامعة دون مشكلات تذكر. وهناك عدة جوانب في قراءة هذه المشكلة. من حيث المبدأ، إن الذكاء الدراسي هو أحد جوانب الإبداع. و أنني أزعم أنه توجد خطيئة ترتكبها النظم التعليمية في حصر التفوق في النطاق الدراسي، وحصر التعليم باستثمار الذاكرة بالدرجة الأولى.
وبالنسبة لتلك الصعوبات التي قد تواجهها الفتاة في التحصيل فإنها ليست نتاجاً لضعف القدرات العقلية دائماً، بل قد تكون في كثير من الحالات نتاجاً لضعف في الدافعية للدراسة، وفي حالات نادة يمكن أن ترتبط بمشكلات إدراكية. وما دامت الطالبة يمكن أن تحصل على علامات مرتفعة عندما تكون في وضع نفسي مناسب، فإن من المرجح أن مشكلتها هي ذات طابع نفسي.
ويضيف الدكتور حمود عليمات -أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية
: إن لهجة الرسالة تشير إلى أن علاقة الطفلة بوالديها يشوبها التوتر فهم يكثرون من تأنيبها ومن مقارنة أدائها بأداء أخواتها و بالتالي فإن المشكلة تكمن هنا في معاملة الأهل أو المدرسين للطالبة التي يشعرون أن عندها تأخر في التعلم والذي ينبغي عليهم الكف عن مقارنة الطالبة بأخواتها، أو قتل نفسيتها بالإساءة اللفظية القاتلة، التي تضر أكثر من الإساءة الجسدية. كذلك هذه الطفلة بحاجة إلى تشجيع وثناء لفظي، وربما مادي. و ينبغي إعادة الاعتبار لها وإشعارها أنها قادرة على الإبداع و التميز. و أرجو من الأهل تناسي معامل الذكاء هذا فهو وسيلة إلى تركيز الفشل واصطناع حواجز بين الناس. وعسى أن تتيسر الفرصة لتناول مقاييس الذكاء بشكل علمي-في وقت أخر-.
بإيجاز إن مشكلة هذه الابنة، هي مشكلة نفسية-اجتماعية علائقية. وحلها يكون بتضافر جهود الأهل والابنة والمدرسة. وينبغي النظر إلى المشكلة في إطارها هذا وعدم النظر إليها في نطاق تكوين وشخصية الابنة.
إن الطفلة بحاجة إلى الشعور بالأمن وأن تتلقى التعزيز على أي نجاح تحققه لكي يتشكل لديها مفهوماً إيجابياً عن الذات على نحو يؤدي إلى تغير في الدافعية المرتبطة بالدراسة والتحصيل.
وقد يكون من المناسب أن يتعاون الوالدان مع المرشدة النفسية في المدرسة لوضع خطة لتنمية مفهوم الذات ودافعية التحصيل لدى الطالبة.
ــــــــــــــ(102/307)
الملاعبة.. استثمار المستقبل العنوان
ما طريقة ملاعبة طفلي الذي يبلغ من العمر ستة أشهر؟ السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
الأم هي الأم في كل صقع من العالم، وإن لغة الأم في مناغاة طفلها ومداعبته، تكاد تكون واحدة في كل المجتمعات من أرقاها إلى أدناها.. وهي في هذا الاشتراك بين أفراد جنسها تفوق الرجال الذين اعتادوا أن يتحدثوا فيما بينهم بلغة القوة منذ القِدم.
بهذه الكلمات الرقيقة أراد الكاتب "جيمس وود" أن يجلي تلك الحقيقة الجليلة التي يجب ألاَّ ننساها. فالأم كما وصفها "لى سيبي" شمعة.. تضيء ليلة الحياة بتواضع.. ورقة.. وفائدة.
تسأل الأم عن كل كبيرة وصغيرة تخص صغيرها، كيف تربيه، كيف تغذيه، كيف تعلمه، وحتى كيف تلاعبه؟!.
كيف نلاعبه؟
ابتداء من الشهر السادس تقريبًا، يكتسب طفلك مهارة هامة هي القدرة على الجلوس، ويكتسبها تدريجيًّا، أي بمساعدة أولاً، ثم دون مساعدة.
ومع اكتساب هذه المهارة، عليك أن تبدئي في تقديم لُعب مناسبة لطفلك؛ ليتسلّي بها أثناء جلوسه وانشغالك عنه.. ولكن أي نوعية من اللعب؟! قدّمي لطفلك نوعيات اللعب التي تساعده على تنمية مهاراته من حيث الإمساك بالأشياء، وفحصها واستعمالها، ومعرفة طريقة تشغيلها أو اللُّعَب - عمومًا - التي تساعده على التعرف على الخصائص الطبيعية للأشياء.
وتُعَدّ "لعبة التليفون" نموذجًا جيدًا لهذه النوعيات من اللُّعب، ففي البداية يتعلم الطفل رفع وخفض سماعة التليفون، ثم يتعلم تدريجيًّا كيفية تدوير قرص التليفون، وهذا يجعله يجيد تدريجيًّا استخدام يديه الاثنتين في العمل، ويجيد كذلك استخدام الإصبع في حركة دائرية حين يقوم بلف قرص التليفون، ومع الوقت يمكن أن يتعلم الطفل تدريجيًّا استعمال التليفون على طريقة الكبار.. ويفضل اقتناء تليفون من النوع الرنّان لزيادة استمتاع الطفل بهذه اللعبة، وعلاوة على اكتساب اللعبة لخاصية التليفون الحقيقي.
وستلاحظين كذلك أن طفلك في هذه السن يميل إلى الإلقاء باللُّعب والأشياء المختلفة، وأنه يجد في ذلك عملاً ممتعًا له؛ فلا مانع من أن تشجعيه على هذه التسلية بشكل يمكن أن يعلمه كذلك بعض خصائص الأشياء.
فمثلاً، جهّزي صينية معدنية تحت كرسي الطفل، حيث يجمع اللعب من حوله، بحيث يستنتج أثر اصطدام اللعب المختلفة التي يلقيها بالصينية المعدنية.. سيسمع ويشاهد أن الكرة حين تصطدم بالصينية، فإن ذلك يحدث صوت رنين.. ثم تدور الكرة بالصينية حتى تثبت في مكان ما. وسيدرك أن صوت الارتطام يختلف عند إلقاء لعبة أخرى من المعدن أو الفلِّين، كما يسعد الطفل أن تقومي بهذه اللعبة البسيطة، وهي أن تقدمي له أي لعبة، ثم تمدين يدك نحوه طالبة منه اللعبة مرة أخرى، ستجدين أن ذلك يشعره بالانبساط وكأنه يطلب تكرار ذلك.
كما تمثل "ألعاب التفريغ" متعة كبيرة للطفل خلال عامه الأول، وتشبع ما لديه من رغبة في استكشاف الأشياء.. وهذه عبارة عن ألعاب الماء؛ حيث يقوم الطفل بتفريغ الماء من كوب أو دورق أثناء وجوده في حمام للاستحمام أو أثناء اللهو على شاطئ البحر، كما يتعلم تدريجيًّا إعادة ملء الأكواب بالماء وتفريغها ثانية.
وهذه الألعاب تحتاج إلى وجود الطفل تحت ملاحظتك ومشاركتك له في اللعب، وعليك أن توزعي له أكوابًا مناسبة بأشكال مختلفة، وكذلك أكوابًا مثقوبة من أسفل بحيث يتسرب الماء منها بشكل مثير يشد انتباهه، ويمكن استعمال أكواب الزبادي الفارغة لهذا الغرض.
ولاحظي كذلك أن طفلك وهو لا يزال في مرحلة الجلوس يحتاج إلى نوعية من اللُّعب لا تدور على الأرض وتبعد عنه حتى لا تضطره للوصول إليها، وهو ما لا يوافق قدراته الحركية؛ ولذلك فإنه من المناسب أن تطرحي أمامه على الأرض أثناء اللهو لُعَبًا تتميز بالثبات نوعًا ما كالمُزوَّدة بقواعد تثبتها على الأرض.
أما عندما يبدأ طفلك في الحبو ويستطيع الانتقال بحرية من مكان لآخر فإنه يسعده في هذه المرحلة أن تقدمي له نوعية اللُّعب التي تتميز بالتحرك أو الدوران؛ لأنه يجد متعة في ملاحقة هذه اللُّعب المتحركة ومتابعتها من اتجاه لآخر، وذلك مثل لُعب العربات أو القطارات التي تتحرك بالضغط على الأزرار "الزمبلك" أو بالدفع باليدين.
ولاحظى أيضًا أن طفلك قد يملُّ من استعمال نفس اللُّعب لفترة طويلة، ولكي تتجنبي ذلك لا تقدمي له كل اللُّعب التي تشترينها في آن واحد، وإنما قدِّمي له لعبة أو لعبتين جديدتين كل بضعة أيام.
من اللُّعب المفيدة أيضًا ألعاب الإخفاء "الاستغماية"، اجلسي أمام طفلك، وغطّي وجهك بكفيك، ثم اكشفي وجهك مرة أخرى بإبعاد يديك بسرعة. أو امسكي بإحدى اللُّعب أمام طفلك ثم غطّيها بقطعة قماش، ثم أظهريها له مرة أخرى.
إن مثل هذه الألعاب البسيطة يستنتج منها الطفل تدريجيًّا حقيقة هامة وبسيطة وهي أن الأشياء قد تظل موجودة رغم عدم رؤيته لها. وحتى يتوصل طفلك إلى هذا الاستنتاج تظل مثل هذه الألعاب من أفضل الألعاب الممتعة للطفل لما تثيره فيه من دهشة واستغراب.
مع نهاية العام الأول خاصة خلال شهوره الأخيرة تتطور قدرة الطفل الحركية بصورة واضحة، وتزداد قوة عضلاته، وقدرته على التحكم في وضع جسمه وحركة أطرافه؛ ولذلك فإنه من الحكمة أن تشتمل بعض ساعات اللهو مع الطفل على تمرينات أو ألعاب حركية؛ لأن ذلك يساعد الطفل على زيادة نموّه الحركي، وسرعة اكتساب القدرة على الحبو والمشي.
وطفلك في شهره الخامس أو السادس يستمتع بركوب الأرجوحة، ويمكنك أن تخصصي له بالمنزل أرجوحة سهلة التنفيذ تُعلَّق بأحد الأبواب. ويجب مراعاة أن يكون الطفل قد اكتسب القدرة على وضع رأسه قبل استعماله للأرجوحة؛ لأنه إذا لم يتمكن من ذلك، فقد تصاب رقبته بأضرار بسبب حركة الأرجوحة.
وفي كل ما سبق لا تنسَي أن تصطحبي الابتسامة؛ فالابتسامة هي هويتك التي يتعرف بها الصغير عليك: إنها الحقيقة الأزلية التي عرفها البشر على مرّ العصور، فقديمًا "سنة 40 ق.م" قال "فرجيل": "يعرف الطفل أمه من ابتسامتها"، أما شكسبير فقد قال: "لا توجد في العالم وسادة أنعم من حضن الأم.. ولا وردة أجمل من ثغرها".
وهناك عدد من المقالات التي تتناول موضوع ألعاب الأطفال و التي قد يفيد قرأتها:
نظرة خاصة للعب الأطفال!
أنماط اللعب عند الأطفال
-ــــــــــــــ(102/308)
نفسية طفل في حالة زلزال العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ، لديّ أخ يبلغ من العمر 12 عاما سيء الطباع، ويتبول في الفراش، ويخرج من البيت كثيرًا، ومهمل في المدرسة، وعنيد جدًا، وإذا تكلمنا معه خرَّ باكيا.
ولقد بدرت منه بعض التصرفات التي جعلتني في حيرة من مشكلته، وهو أنه ينزع سرواله أمام أخي ويريه عورته، وكان ينام مع أخواتي الإناث فترة من الزمن، فجعلناه ينام في غرفة خاصة للذكور، ودائما كان يضرب من إخوتي حتى يخرج منه بعض الدم.
وأمي غير راضية عنه بسبب ما يفعله؛ مما جعله عدوانيا يحب العنف والضرب والعصيان، ويتذمر على أمي ويحتقرها، فأراه بائسًا انطوائيًّا ولا أصدقاء له.
وهو يحب تربية الحيوانات مثل القطط والحمام ويشاهد الأفلام التي تحتوي على العنف ودائمًا في شجار مع أخوتي ومحل سخريتهم وازدرائهم، فكثير الغيرة إلى أن يبكي فأحس أن لديه زلزال نفسي ولا أعرف كيف أخلصه منه، فأرجو منك يا حضرة الدكتور أن تساعدني فلا أريد أن أخسر أخي إلى الأبد، وأرجو أن توجهنا وترشدنا وجزاك الله خيرًا. السؤال
التبول اللاإرادي, صعوبات التعلم الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نشكر لك أيها الأخ الفاضل اهتمامك بأخيك وهي دلالة وعي بخطورة موقف أخيك، ولكنها في الوقت نفسه دلالة على إحساسك باليأس من أن يكون للأب والأم دور في علاج هذا الأخ، وهو أمر خطير إذا وصفناه بجانب أجزاء الصورة التي حصلنا عليها من بيانات الرسالة؛ فالأب لا يعمل وعلاقة الوالدين الأسرية مضطربة والأم غير راضية عن طفلها وهو الطفل السادس وسط كوكبة من الإخوة والأخوات، البالغ عددهم ثمانية، والأم تتواجد مع الطفل يوميًا لمدة ست ساعات ولا ندري أين تكون بقية الوقت.
والإخوة يسخرون من أخيهم ويزدرونه ويضرونه حتى يخرج منه الدم أو يشعر بالعجز فيبكي وكأنه يتزلزل، ثم ينام فيتبول في الفراش، ولديه سلوك شاذ غير مفسر وهو أنه يُري عورته لأخيه؛ هل هناك ظروف أسرية واجتماعية ونفسية تنتج طفلاً مضطرب السلوك أو ما يسمى conduct disorder أكثر من ذلك.
إن اضطراب السلوك لدى الأطفال والذي يعتبر من المشاكل الصعبة التي نتعامل معها إنما هو نتاج الظروف الأسرية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها هذا الطفل، وهنا تكمن صعوبة المسألة.. لأن الجزء الأهم من العلاج يعتمد على تغيير هذه الظروف أولاً ثم يعتمد على مشاركة جميع أفراد الأسرة في مساعدة هذا الطفل المضطرب فيما يمارس عليه من علاج سلوكي؛ حيث يكون لكل فرد في الأسرة دور في ذلك، سواء الأب أو الأم أو الإخوة والأخوات وهو ما يبدو وأنه إذا توفر في الأخ السائل فإنه لن يتوفر في بقية أفراد الأسرة، سواء من حيث شعورهم بالمشكلة أو من حيث استعدادهم للمشاركة في حل مشكلة هذا الطفل في هذا الجو المضطرب..
إن الأمر يحتاج إلى عدة خطوات نظن أهمها هي شعور الأب والأم بوجود مشكلة لدى هذا الطفل، ويكون ذلك بدعوتهم إلى عرضه على إحدى العيادات المتخصصة في الطب النفسي للأطفال، الملحقة بالمستشفيات الكبرى أو أحد المراكز المتخصصة في علاج حالات الاضطراب السلوكي للأطفال، والتي أعتقد أنه يوجد بالمملكة العربية السعودية مثل هذه المراكز، ويكون الغرض الأساسي من ذلك هو أن يقتنع الأب والأم من خلال سماعهم المباشر من الطبيب النفسي والأخصائي النفسي توصيفًا وشرحًا لهذه المشكلة..
ثم تأتي الخطوة التالية وهي عمل برنامج علاجي سلوكي لهذا الطفل تحت إشراف المعالج النفسي وبمتابعته، وبمشاركة جميع أفراد الأسرة الذين يجب أن تتغير طريقة معاملتهم لهذا الطفل، وينتقلوا من صورة السخرية والازدراء والصدام إلى صورة الحب والتعاطف والدفء والتشجيع، بحيث يشعر هذا الطفل أنه مقبول ومحبوب؛ مما يخلق الرغبة لديه على تحمل البرنامج العلاجي، والصبر على تغيير سلوكه.
ويعتمد البرنامج السلوكي على عمل حصر للمشاكل السلوكية في هذا الطفل، ثم وضع أولوية للمشاكل التي يتم البدء بها، ثم بدء برنامج لإكساب سلوكيات جديدة وإحلالها محل السلوكيات المرفوضة يعتمد على الحفز والثواب، وإعطاء فترة زمنية مناسبة لاكتساب السلوك الجديد.. وإكسابه مهارات جديدة تعطيه الثقة في نفسه وتشغل فراغه، بحيث تكون عوضًا عن السلوك العنيف الذي ينتجه.
ولابد من عمل جلسات تقييم بين المعالج النفسي وبين الطفل وبين المعالج النفسي وبين أفراد الأسرة؛ وذلك لتقييم البرنامج السلوكي وتطويره والانتقال إلى الخطوة التالية في حالة الانتهاء من مرحلة معينة..
وقد يحتاج الطفل إلى بعض الأبحاث والفحوصات مثل رسم المخ، وذلك للتأكد من خلوه من أي أسباب عضوية لهذا السلوك العنيف مثل الصرع النفسي حركي أو غيره.
الخلاصة أن هناك مشكلة كبيرة يعاني منها هذا الأخ تحتاج إلى تعاضد جميع أفراد الأسرة، وتحتاج إلى إشراف المتخصصين في هذا المجال، سواء من الأطباء النفسيين أو الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، مع إعطاء المشكلة الوقت الكافي حتى يتم حلها بإذن الله.
نرشح لك يا أيها الأخ السائل قرأت هذا المقال فإن به ما يمكن أن تستعين به في إقناع الأسرة بضرورة عرض أخيك على طبيب نفسي:
طفل في عيادة نفسية .. تجربة لا تدعو للخجل
ــــــــــــــ(102/309)
!أنا ولد..أختي بنت..لماذا؟ العنوان
عزيزتي د. إيمان.. سعدت حين قرأت استشارتك عن التربية الجنسية ؛ وهو ما شجعني على إرسال سؤالي، وهو أن لديّ خمس بنات، ثم رزقت بطفل ذكر-هو توءم مع بنت- وهو يلفت نظره أن أعضاءه الجنسية مختلفة عن توءمته، ومن ثَم البنات، ويسألني عن سبب الاختلاف ولماذا لديه ما ليس لديهن، وأين ذهب قضيبهن؟ وإلى غير ذلك من أسئلة، وأنا لا أعرف كيف أتعامل معه فليس لي خبرة في التعامل مع الصبيان، ولا أعرف بماذا أجيبه، وأحيانًا أبتسم ولا أجيب.
وبدأت أخواته في السؤال عن هذا الاختلاف مثله، وعن تشابهه مع أبيه، وكيف يشبه أباه مع أنه كان في بطني أنا.. ولا أعرف كيف وبم أرد؟ ساعديني وشكرًا لك.
السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة، وشكرًا لثقتك الغالية، وقد سعدت أن لاقت الاستشارات الاستشارات حول التربية الجنسية هذا الاهتمام الواعي من الآباء، وهي مهمة بالغة الدقة والأهمية كنت أظن أنه يندر أن يهتم المجتمع -خاصة في بلادنا- بإعداد المعنيين لها، ورغم أنها مهنة الوالدين فإن الآباء كثيرًا ما يتهربون منها حتى يطاردهم بها الأبناء ويطالبوهم بها من خلال تساؤلاتهم، وهنا يبرز الدور الرئيسي والحقيقي للإعلام الجنسي الذي لا يقصد به توفير المعلومة الذهنية عن الجنس وإنما تحديد موقف الطفل المعاش إزاء هذه المعلومة؛ فهي رسالة تربوية يبني بموجبها الأبناء مواقفهم وشخصياتهم على الصعيد الجنسي أو على الصعيد الإنساني.
ونعود لسؤالك عن طفلك الذكر الوحيد بين خمس بنات والذي ربما كان مجيئه ذكرًا مختلفًا عنهن هو السبب فيما ينهمر عليك -كما تظنين- من تساؤلات حول الفوارق بين الجنسين، فنبدأ حديثنا بسرد المعلومات التالية:
1 - في حوالي الثانية والنصف أو الثالثة من العمر يتبلور لدى الطفل اكتشاف الفارق بينه وبين الجنس الآخر، وبخاصة الذكور الذين يلفت الاختلاف أنظارهم بشكل كبير، بل ويثيرهم لمزيد من التساؤلات حول من سيكون رجلاً حين يكبر ومن سيكون امرأة ولماذا، وهل سيبرز صدر البنات مثل النساء، وهل هناك ما يمنع أن يكونوا رجالاً يومًا، وما الدور المنوط بهذه الأجزاء البارزة الحساسة من الجسم غير إخراج الفضلات؟... وهكذا.
2 - قد يؤدي اكتشاف الطفل للفارق بينه وبين الإناث إلى اعتقاده أنه ينقصها شيء، وقد يخاف أنه من الممكن أن يفقده هو الآخر كما حدث لها، وقد يصيبه شعور وهمي بالتفوق؛ لأن لديه شيئًا مميزًا عن الأنثى.
3 - قد لا يعبر الطفل عن كل هذه الظنون والاعتقادات والمشاعر التي يحياها، ولكن يظهر ذلك في مواقفه وكلماته وتعبيراته وتساؤلاته، ومن ثَم فلا بد من تجاوب الوالدين تمامًا مع هذا الاهتمام لدى الأبناء، والإجابة بوضوح عن كل سؤال يطرحه الطفل، وعدم الاكتفاء بمجرد التهرب؛ لأن الأمر لا ينتهي بمجرد الهروب، وإنما يتفاقم ويأخذ أبعادًا أخرى.
وبعدما سبق من معلومات تؤكد على أهمية دورك ودور الوالد في الإعلام الجنسي الموظف وتوفير المناخ الأسري المريح والمطمئن لطرح كل التساؤلات لدى أطفالك -البنات والبنين- يبقى لنا أن نمدك بالإجابات المناسبة والقواعد اللازمة للتعامل مع اختلاف وتمايز أطفالك من الناحية الجنسية:
1 - لا بد أولاً من التعامل بعدالة مع جميع الأبناء دون إبداء أي تمييز بين الذكر والأنثى أو تمييز لأحد بحقوق لا يملكها الآخر لمجرد الاختلاف في الجنس، فلا بد أن تسعد البنت أنها بنت من معاملتكما الطيبة لها، ولا بد أن يسعد الولد بأنه ولد من معاملته بشكل فيه تحميل للمسئولية وإعداد للرجولة.
2 - لا بد من تعليم الأطفال أن الله عز وجل خلق نوعين مختلفين من كل شيء في الدنيا؛ لأن لكل منهما دورًا مختلفًا، فالأم تربي وتغذي وترضع، والأب يعمل ويجتهد، ولاحظوا الفارق بين عضلات كل منهما، والفارق في كون الأم لديها صدر لا يملكه الأب الذي لا يرضع الأطفال، وإن كان للذكر جزء ظاهر من جسده يسمّى (قضيب) فقد خلق الله للأنثى جيبًا طريًّا لينًا داخل جسدها يحمل الطفل في بطنها ويكبر معه ويحميه ويسمى (رحم)، ولا يوجد هذا الكيس للرجال، وبالتالي فتستطيع أن تحمل طفلاً في بطنها ولا يستطيع ذلك الرجل.
وإن الرجل هو والد المرأة وزوجها، وإن المرأة هي من ربّت الرجل وأنجبته، فالله تعالى يقول: {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض}.
3 - لا بد من اجتناب أي ممارسات داخل المنزل توحي بفضل للذكر على الأنثى لمجرد أنه ذكر، وبخس للأنثى لمجرد أنها أنثى، كما أنه ينبغي تجنب أي مشاجرات بين الوالدين -لا قدر الله- تشعر الأبناء بتفوق الأب على الأم أو تحقيره لها؛ وهو ما يوحي لهم بأن هناك تمايزًا بينهما لا يبرره -في نظرهم- إلا اختلافهما في الجنس.
4 - لا بد من توزيع المهام المنزلية على الأبناء بالتساوي كل حسب سنه وقدرته وطاقته على التحمل؛ فالتعاون والمشاركة بين الأبناء سيوحي لهم بالتكامل وليس التمايز لاختلاف النوع.
5 - لا بد من علاقة قوية راسخة بين الطفل وأبيه، والأب هو الأنموذج الحي للطفل من هذا الجنس، وهو من يستمثله الطفل -إن كان نموذج محببًا- ليتماهى معه، وتترسخ فيه معالم الرجولة من خلال هذا الاستمثال. يقول الاختصاصي النفسي كوستي بندلي: "إن تواري الوالد معنويًّا عن عالم الولد وهشاشة الصلة بينهما أمر مؤذ من حيث نمو الولد المتوازن وسيره نحو النضج".
6 - لا بد من جو أسري دافئ هادئ يحيا فيه أعضاء الأسرة في انسجام ووئام؛ وهو ما يشعر الأبناء أن قطبي الأسرة يتكاملان رغم تمايزهما، ومما يسمح بمناخ ملائم يشعر فيه الأبناء أن أسئلتهم تواجه بشكل طبيعي دون توتر.
7 - لا بد من تجنب العبارات التي تستخدم غالبًا بشكل دارج فتعمق الشعور لدى الأبناء الذكور بالتمايز، مثل: "الرجال لا يبكون"، و"البنات لا تفكر"... إلى غير ذلك، لا شك أنه من المطلوب تشجيع الأطفال على السلوك المنتظر من جنسهم ولكن دون تصلب، فليس من مانع أن تلعب الابنة "الكارتيه" أو أن يشارك الابن الأم مرة صناعة الحلوى.
أختي الكريمة، كان هذا بشكل عام ما يعينك على مواجهة تساؤلات أطفالك وإعدادك لهم لتلقي المعلومات والشرح حول هذا الاختلاف. أما تفصيل الإجابة فقد تناولناها في معالجات سابقة يمكنك الاطلاع عليها بالنقر على الروابط التالية:
- طفلنا يسأل أسئلة "محرجة".. كيف نجيب؟
- هوية ذكر في عالم الإناث
- ابنة الثالثة..تبحث عن ثقافة جنسية!!
- التربية الجنسية متى وكيف؟
- ثقافة جنسية بلا إثارة
وفي النهاية، أرجو أن يستمر تواصلك معنا، وأن توافينا بتطورات الأبناء وأخبارهم، بارك الله لك فيهم، وأقر بهم عينك، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/310)
أطفالنا في الغربة وصراع اللغات العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم الأساتذة الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أولا أود أن أعبر عن عميق سعادتى بهذا الباب من شبكتنا العزيزة والذى طالما تمنيت أن يكون للأطفال نصيب فيها راجيا المولى أن يسدد على الحق خطاكم وأن يتقبل منا ومنكم‘ سؤالى يتعلق باللغة حيث أننى سمعت من أناس عاديين - ليس خبراء- وقرأت في بعض المجلات يتحدثون عن خطورة تعلم الطفل أكثر من لغة قيل السادسة من عمره .أود أن أعرف منكم الرؤية العلمية لذلك الأمر , والصعوبة بالنسبة لنا هنا أن اللغة السائدة بالطبع ليست العربية بحكم مكان الإقامة , ومن ناحيتنا نود أن يتعلم الولد اللغة العربية كلغة أساسية يعبر بها ويفكر بها كذلك , أضف إلى ذلك أن والدتة ليست عربية إنما تتحدث العربية الفصحى وأنا أحاول قدر الإمكان التحدث مع الولد بالفصحى الميسرة والسهلة . البيئة التى حولنا يقل فيها تواجد العائلات العربية إنما هي موجودة , طبيعة عملى يكثر فية السفر عن مكان الإقامة مع العائلة ,الولد الآن سيلتحق بروضة يقضي فيها من الساعة الثامنة صباحا حتى الخامسة مساءً يتحدث خلالها باللغة الاجنبية وهي الصينية وكذلك يعطوهم بعض الكلمات الانجليزية ,و الحلول التى نفكر بها أن نسافر في فترة الصيف إلى بلادنا لأكبر فترة ممكنة , كذلك في سن الرابعة إلى الخامسة يقيم في البلاد في الروضة لتاسيس اللغة جيدا ثم يرجع للالتحاق بالمدرسة هنا قريبا منى , أرحو الإفادة حول أمثل الأساليب بهذه الحالة لجعل اللغة العربية
لغتة الأساسية في التعبيرةوالتفكير مع بالغ الشكر والتقدير لاسرة هذا الباب جميعا. -----وشكرا على مساعتكم الفنية السريعة ----
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
يقول الأستاذ محمد حسين الخبير التربوي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأخ الفاضل نرجو أن تقبل إعتذارنا لتأخرنا في الرد عليك و لكن عذرنا كان الحرص على أن تكون الاجابة ممن له دراسة وخبرة عملية في هذا المجال.
وإليك إجابة الأستاذ محمد حسين
مدير عام إدارة البحوث التربوية بوزارة التربية والتعليم المصرية سابقا
أخي أبا الفاروق كم أسعدتني رسالتك، قرأتها أكثر من مرة وفي كل مرة أجد فيها الجديد، كم أسعدني إهتمامك بلغة القرآن الكريم، كم أسعدني انتماؤك، لقد توقفت عند كلماتك: "نود أن يتعلم الولد اللغة العربية كلغة أساسية يعبّر ويفكر بها كذلك".
أما عن تعلم أكثر من لغة قبل سنِّ العاشرة، فإن ذلك يؤدي إلى عدم إتقان اللغة الأم أو الأساسية، وقد اشتركت بنفسي في إجراء تجربة في مصر عام 1984 "تعلم لغة أجنبية بجانب اللغة العربية قبل العاشرة"، وكانت عينة البحث تلاميذ من الصف الخامس والسادس الابتدائي، ومجال البحث أحياء متفرقة ومختلفة البيئة في القاهرة"، وقد أثبتت التجربة أن تعلم لغة أجنبية بجانب اللغة العربية "الأم" تؤدي إلى ضعف اللغة العربية، أي انخفاض مستوى اللغة العربية للمتعلمين؛ لذلك نرى أن أمريكا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا، وغيرها لا يدرسون، إلا اللغة الأم حتى سن "11 - 12".
ولقد حيّرت طفلك يا أخي بأن جعلته يدرس العربية والصينية والإنجليزية وهو في سنِّ الثالثة، وهو لا يتقن المهارات الأساسية في النطق، ولكن من حسن الحظ أن أمه غير العربية تتحدث العربية ... ووقتها يسمح لطفلك بقنوات إتصال تبلغ أربع عشرة ساعة يوميًّا، كما أرجو أن تزيد أنت من الحديث مع طفلك كلما سمحت الظروف بالعربية، ولا مانع من تنفيذ اقتراحك بأن تزيد شهور العطلة الصيفية بالإقامة في وطنك العربي؛ لكي تتيح الفرصة أكثر لطفلك لسماع أكبر قدر من اللغة.
ولكن النقطة التي أضيفها وأرجو أن تضعها محل اعتبار "أن اللغة وسيلة إتصال"، فعن طريقها يتم الإتصال بينه وبين زملائه سواء في المدرسة أو البيئة المحيطة به، فينمو، فالتربية هي النمو، فهو في حاجة إلى النمو جسميًّا وعقليًّا وانفعاليًّا، هو في حاجة إلى مواقف يتعلم منها لينمو، والاتصال هو أساس عملية النمو، فهو في حاجة إلى لغة البيئة المحيطة أيضًا ليكتسب المهارة والمعلومة لتحقيق النمو المتكامل، وليتفاعل معهم، فلا تخشى شيئًا إذا ركّزت على لغة البيئة المحيطة بكم، ولغة المنزل أي العربية، وربما تنمو إحداهما على حساب الأخرى ومن الممكن أن تعتمد على شرائط الكاسيت المستخدمة في تعلم اللغة العربية أو الاقراص المدمجة والتي بدات في الانتشار في البلدان العربية الآن وهناك بالاضافة إلى ذلك عدد من مواقع الانترنت لتعليم الصغار اللغة العربية.
وإن كان هناك إمكانية للتواصل مع الجالية العربية فلتحاول أن تثبت أياما للالتقاء بهم حتى تكون لغة التواصل هي اللغة العربية بالإضافة إلى ذلك لا تنسى أن تحرص دوما على اصطحاب ابنك إلى صلاة الجمعة حتى تتشبع روحه بحب دينه و حب اللغة العربية.
حاول أن تستغل نعمة تحدث الأم باللغة العربية الفصحى و لا تثقله باللغة العامية فذلك سيزيد الاضطراب عند الابن،فمشكلة إرغام الأطفال لتعلم أكثر من لغة في أن واحد أصبحت شائعة حتى في عالمنا العربي حيث يتعلم أولادنا في العالم العربي الآن اللغة العربية العامية و اللغة العربية الفصحى مع دخول المدرسة بالإضافة إلى ذلك لغة أجنبية أخرى.
ولكن.. ولكن.. أرجو ألا تفصل طفلك عنك وعن أمه مدة طويلة وهو في هذه السن، فقد يؤدي إلى - لا قدر الله - عدم إشباع حاجاته النفسية من أمن وطمأنينة وحب لدينه و لوطنه ولغته .
ــــــــــــــ(102/311)
عندما يرى الطفل الأقارب عقارب العنوان
ابني الذي يبلغ من العمر تسع سنوات لديه مشكلتان: أولا: إنه لا يحترم الأكبر منه سنًّا، وبصفة خاصة خالاته لأمه، حتى أنه يضربهم أحيانًا.
ثانيا: في المدرسة هو هادئ الطباع، وكل المدرسين يحبونه، ومستواه أعلى من المتوسط. إلا أنه يكره المدرسة، ويكره القيام بالواجبات المدرسية مع والدته أو القيام بالمراجعات المطلوبة للامتحانات. السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول الدكتورة الزهراء شاهين أخصائية الطب النفسي:
عندما قرأت الاستشارة سرعان ما تذكرت خبرًا لطيفاٌ ورد في عدد من الصحف العربية منذ ما يقرب من عام: "اصطدمت سيارتان في إحدى مدن السعودية، وبعد أن فشل المتصادمان في التفاهم ذهبا سويًا إلى مخفر الشرطة وهناك تعرف كل منهما على اسم الآخر وإذا بهما ابني عم".
تعجبت لحالنا ونحن المسلمون المأمورون بصلة الرحم، ورحت أتساءل عما وصلنا إليه من قطيعة للرحم، هل هي المدنية؟ هل "البعد والجفاء الاجتماعي" الذي أصبح من سمات العصر؟ أم هو خلل في التربية؟ ولكن سرعان ما تذكرت بيت الشعر القائل:
" نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا"
وبالتالي فمعرفة سبب عدم احترام الولد للأكبر منه يدعو إلى مراجعة الوالدين لسلوكياتهما، فهل مثلاً أحد الزوجين لا يحترم أهل الطرف الآخر، ويذكره في غيبته بسوء أو يذكر عيوبه التي تجعله ليس أهلاً للاحترام على مسمع من الولد ، وبالتالي يكون هذا الأمر تولّد عند الولد بتَبَنِّيه نظرة أحد الوالدين أو لأي سبب آخر فقد أصبحنا نتعامل مع أبناءنا في حياتنا اليومية وكأننا لا ندرك أن "للجرار الصغيرة آذانًا" طويلة" فلنزن كل كلمة نقولها أمام أطفالنا، ونطلقها بحساب حتى لا نجعل أولادنا ينظرون إلى أقاربهم على إنهم عقارب.
ولا بد من معرفة السبب أولا؛ لأن هذا سيساعد في علاج المشكلة من جذورها والتي يجب التزام التدرج في معالجتها من الأخف إلى الأشد.
? أبدأ في إرشاده إلى الخطأ بالتوجيه بأن تبدأ معه حوارًا تناقش فيه الأمر بهدوء وحِلم، وتسأله: لماذا تقوم بهذا؟ هل تحب أن لا يحترمك أحد؟ هل تحب أن يعاملك شخص عندما تكبر بهذا السلوك؟ ... فإذا لم يردعه هذا، تكون الخطوة الثانية وهي لفت نظره بحزم وقوة عندما يخطئ، فإذا لم يستجب لهذا الرادع ترشده لخطئه بالتوبيخ، ثم الهجر والخصام والحرمان مما يحب.
? وعلى الجانب الآخر لا بد من تشجيعه وتحفيزه على حب خالاته واحترام الأكبر منه سنًّا ببعض الهدايا إذا أظهر سلوكًا طيبًا، ومن المفيد أن يعمل الأب والأم على إصلاح العلاقة بين الولد وخالاته بتقديم هدايا له على أنها من خالاته، ويجب أن يتعلم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا"، ويُشرح له معناه، ولا بأس أن يستعين الأب والأم بمن ينقل إليه هذه المعاني إن لم يكن لهما القدرة على نقلها له.
باختصار علينا أن نبذل الجهد في تعليم
أبناءنا عادة التقدير والثناء والاحترام لأقاربهم وأهليهم قال الكاتب الشهير ديل كارينجي في كتابه "دع القلق وابدأ الحياة": فلنكف عن الكلام ولنحذر من أن نقول: " هذه الهدية لم تكلف شيئًا" فقد يبدو هذا القول تافهًا في نظرنًا ولكن أطفالنا ينصتون لما نقول، ويتطبعون به، والأفضل، حينئذ أن نقول: "لقد قضت فلانه، ولا ريب، زمنا طويلاً تحاول أن تعد هذه الهدية لنا، أليس هذا جميلاً منها؟ دعنا نرسل لها كلمة شكر.
أما بالنسبة لعدم حبه للمدرسة، فإن هذا الكره لا يأتي من فراغ، ولا بد له من سبب يلزم معرفته وإزالته، وأنت لم توضح في رسالتك أي سبب، فهل المدرسة سيئة بمعنى أن نظامها لا يتيح له ممارسة كل هواياته؟ هل يأخذ واجبات كثيرة؟ وهل يعاقب بشدة تصل للضرب أو القسوة الشديدة عندما لا يقوم بكل واجباته؟ هل علاقاته بزملائه أو مدرسيه متوتّرة؟ هل حدث له موقف في المدرسة تجعله يكره المدرسة
أم أنه كُرْه للمدرسة قديم منذ أن دخلها؟
وحتي توافينا بالاجابات نرشح لك هذه المقالة القيمة التي وردت تحت باب أب و أم:
طفلي يخاف من المدرسة.. ماذا أفعل؟
ــــــــــــــ(102/312)
مراهق... بدرجة وزير العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد.. فنشكركم على خدمتكم لدين لله، ورفع مستوى الأبناء الإسلامي. لديّ أخ -16 سنة- لا يصلي الصلوات في أوقاتها، ويترك بعضها ولا يصلي في الجامع إلا صلاة أو صلاتين في اليوم، وهو يغني وينظر إلى التمثيليات، ولا يجتهد في دراسته، فما نصحكم لكي أرشده؟ وجزاكم الله خير عني وعن جميع المسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال
تربوي الموضوع
أ/أسماء جبر أبو سيف اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،
كم أكون سعيدة حينما تأتيني استشارة من أخ كبير يعبر فيها عن اهتمامه بإخوته الأصغر أو الأكبر، مما يدل على أن الخير في الأسرة كبير حتى لو كانت العلاقات مضطربة كما هو مذكور في البيانات، أسأل الله تعالى لكم حياة هانئة وبالاً هادئًا وسعادة دائمة في الدنيا والآخرة، وأقول لك يا عبد السلام إن الحب هو الذي يقلل من اضطراب الأسرة ويذيب المشاكل والمشاعر السلبية كما يذيب النار الثلج.. أتمنى أن أرى كلمة مستقرة بدل مضطربة في المرة القادمة.
نعود إلى مشكلة أخيك العزيز مهند ذي الستة عشر عامًا يعني أنه في سن المراهقة المتوسطة والتي يحتاج فيها أن يكون (وزيرًا).. نعم وزيرًا!
هل سمعت بالقول الجميل لعلي بن طالب رضي الله عنه: (ابنك سبع أمير وسبع أسير وسبع وزير). أمير حينما يعطيه أبواه والأسرة في السبعة الأولى كل الحب والتقبل واللعب والحنان، ويعيش في عش دافئ حنون يرى فيه الأبوين متحابين يفرحان لوجوده ويسعدان لسعادته.. وسبع أسير لتعاليم الكبار الصحيحة المستقاة من الدين العظيم والتقاليد الصحيحة أسير للآداب وتعلم العلاقات الاجتماعية ليكون ناجحًا في حياته.. وبعد سن الرابعة عشرة يكون وزيرًا في بيته وصديقًا لوالده وإخوته الكبار ليستمع لرأيه ويحترم ويستمع إلى مشاكله، ويشارك الأسرة الكبيرة مجالسها والعشيرة اجتماعاتها، ويشارك الوالدين قهوة الصباح وتسلية المساء المتأخرة!.
إن الصحبة يا أخي عبد السلام أول خطوات الإقناع وتقويم السلوك، وليس من السليم أن نبقى مع أبنائنا كرئيس العمال يأمر وينهى ويعاقب فقط. ولكن معه كطفل ومراهق صغير، والتوقف عن اللوم المستمر والنقد الدائم وتكرار الأوامر في الأوقات، وكلما وقعت عينك عليه تكرر سؤالك: هل صليت؟ هل درست؟ هل استحممت؟ يا ترى لو حسبت في قائمة ما هي أكثر العبارات تكرارًا التي توجهها لمهند ماذا ستجد هل عبارات الأوامر أكثر أم عبارات المحبة أو الصداقة أو الاشتراك في خروج أو سهرة أو رأي أو تسلية أو غيره من الكلام الذي يفرّحه ويشعره أنه رجل وعلى قدر الثقة؟
أقترح عليك أن تكون قدوته في الصلوات، وعدم النظر إلى التلفاز (إن كنت متمسكًا بذلك من وجهة نظر)، ولست مضطرًّا لتكرار النصائح والوصايا يكفي أن تتحاور معه وتقنعه بالأمر، ثم دعه فهو يعرف الصحيح وأنت قمت بواجبك، وهو الآن بالغ ومسئول عن أفعاله أمام الله سبحانه... أما بخصوص التلفاز ومشاهدة التمثيليات وغيره فهذا يدل على شعوره بالفراغ؛ إذ كيف يطلب منه الامتناع عن التسلية ولا تقدم له البديل الجذاب؟ والبدائل الممتازة كثيرة ومتعددة مثل نوادي الكاراتيه، والرياضات المختلفة، والأدب والثقافة، والمعسكرات الكشفية والشبابية التي يجد نفسه من خلالها ويشعر بالإنجاز وأن له أهمية.. إن شعوره أن لديه مهمة يقدمها للآخرين وعمل نافع يقوم به يجعل من وقته وحياته قيمة يحرص عليها.
يبدو أن مهند يعاني من الفراغ، الفراغ في الوقت والفراغ في العاطفة فيحاول أن يجد متنفسه في التمثيليات وما فيها من عواطف متنوعة يحتاج هو إليها كالعواطف الأسرية وليس فقط العلاقات مع الجنس الآخر. وربما يكون هذا الأمر يشغله كذلك، بل من المؤكد ذلك وهو يحتاج لمن يتحدث معه في أخص شئونه.. إنه بحاجة لصديق حقيقي، وهنا يجدر أن أذكر لك لماذا يتمسك المراهقون بأصدقائهم ويعتبرونهم أعز عليهم من أهلهم أحيانًا؟ لأن الأصدقاء يستمعون إلى بعضهم دون تهكم وبكل اهتمام ومشاركة وتعاطف ودعم.. نحن أولى بأبنائنا من الأصدقاء الذين يكونون أحيانًا أصدقاء سوء.
وأقول لك إن مشكلة مهند ليست بهذه الخطورة وهو شاب عادي، وأحمد الله أنه لا يعاني من أصدقاء السوء أو السهر خارج المنزل.. دعه أحيانًا يسهر على التلفاز على تمثيليات بدل اختفائه خارج البيت لا تعرف أين يكون.. دعه يسهر معك ومع الأسرة، أعطوه شعورًا أنه مهم بالنسبة إليكم جدًّا، واحترموا رغباته ما دامت في الإطار الحلال والمقبول والمباح.. احترموا أصدقاءه وشجعوه أن يكوّن له أصحابًا ليدعوهم إلى الغداء في المنزل ويذهب معهم إلى الحديقة أو المسجد أو غيره.
أخي عبد السلام.. أقترح عليك أن تنظر إلى أسرتك (المضطربة) كما ذكرت، فكلما صلح حال الأسرة صلح حال ونفسية الأبناء.. بادر إلى نشر جوّ من المحبة والألفة في البيت والمرح والمزاح الجميل ولا تقف مع أحد ضد أحد كن صديقًا ليس فقط لأخيك، ولكن لوالديك أيضًا.. قبل أيديهما ورأسيهما كل صباح ومساء، اصنع بعض الشاي عند المساء، ونادي بصوتك المرح عليهم جميعًا حتى يجتمعوا لاحتسائه مع بعض البسكويت.
انشر جوًّا من السعادة بأبسط الطرق، وستجد أن كل المشاعر السلبية سوف تنقلب تمامًا، وسوف يحب مهند الجلوس إلى الأسرة وتلقائيًّا سيحب ما تحبه الأسرة من المحافظة على الصلوات واحترام العائلة وحب المدرسة والاندفاع نحو الإنجاز.. وحاول أن تتحدث معه إن كان لديه مشكلة في المدرسة فتوفر له أستاذًا خاصًّا يرفع من مستواه الدراسي، ويشعر بقيمة النجاح.. أنت الآن أخوه وأبوه فكن أخًا لكل الأسرة وأبًا لها، فوالداك بحاجة لابن رائع مثلك يعيد ترميم شراعها وإصلاح مجادفها فهذه هي بداية إصلاح كل أحوال أخيك وأسرتك.
وأتركك مع بعض الروابط بها مزيد من الأفكار حول إصلاح شأن أخيك بإذن الله تعالى:
- تعديل السلوك ليس مستحيلا
- صاحب ابنك المراهق..ينضبط
- تبادل الأدوار التخلي الرفوض
- سوف والجيل الصاعد
ــــــــــــــ(102/313)
خطوات نحو الاستقلال العنوان
المشكلة تتعلق بتعلق الولد الذي يبلغ 5 سنوات بالأم؛ حيث إنه لا يريد الاشتراك في تدريبات النادي أو أي نشاط يسبب له الابتعاد عنها؛ حيث تكفي بالنسبة له فترة المدرسة، ولا يتقبل أن يشاركه الأب في أي نشاط أو حتى أي "مشوار" بدونها، كما أنه لا يريد النوم بعيدًا عنها أو حتى اللعب في حجرته إلا لمدة قليلة ثم يأتي إلى المكان الذي هي فيه ويمارس أي لعبة؛ كي يكون بجانبها، وكذلك الأخ الأصغر الذي يبلغ من العمر عامًا وتسعة أشهر بدأ يسلك المنهج نفسه، بالرغم من أنه في حضانة، والأم لا تعمل السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
لم نرَ في رسالتك على قدر ما ذكرته من تفاصيل تخصّ الطفل ذا الخمس سنوات، أي دلالة على تعلق زائد من الطفل ناحية الأم، ولكن لاحظنا تعجلاً من الأم لسلوكيات سوية من قبل الطفل بدون أي رغبة في التمهيد والتدرج لإكساب هذا الطفل السلوكيات الجديدة، خاصة أن هذا الطفل على ما يبدو قد تعرض مثل أخيه الأصغر لانفصال مبكر عن الأم؛ حيث ذكرتم أن الابن الأصغر البالغ من العمر عامًا وتسعة أشهر في الحضانة بالرغم من أن الأم لا تعمل.
ولا ندري ما السبب لهذا الفصل المبكر بين الأم وطفلها، والذي يبدو أنه حدث أيضًا للطفل الأكبر، وهو الذي جعله متعلقًا بالأم؛ حيث إن الأطفال الذين يمرون بتجربة الانفصال عن الأم مبكرًا يصابون بالقلق والخوف المستمر؛ حيث يشعرون عندما تغيب أمهاتهم عنهم أنهم ربما لا يرونها مرة أخرى؛ حيث لا يدرك الطفل في السن المبكرة (عامان أو أقل) معنى غياب الأم وحضورها مرة أخرى.. فعندما يرى الأم ويعود إليها يتعلق بها، ويرفض أن يتركها حتى لا تغيب عنه مرة أخرى، ويتحول ذلك إلى سلوك عنده، حتى مع تقدم سنه.
والحل في هذه الحالة يكون بالتدرج في إكساب الطفل القدرة على الاستقلال لفترات أطول عن أمه، وإذا أخذنا الأمثلة التي ذكرت في الرسالة فسنرى مثلاً أن طفل الخامسة لا يمكن أن يتدرب في النادي لأول مرة في حياته بدون أمه.. وأن الأمر يحتاج في بداية الأمر إلى حضور الأم للتدريب بصورة كاملة بحيث يشارك زملاءه التدريب وهو يرى أمه ولا مانع من أن يترك التدريب في بعض الأحيان لطلب بعض الحاجيات من الأم، ثم بعد عدة مرات تخبره الأم أنها ستضطر لتركه بعض الوقت للقيام بمشوار أو مهمة محددة وستعود وتقوم بذلك فعلاً حيث تغيب لفترة قصيرة وتعود ومع تكرار ذلك تطول المدة حتى تصل بعد عدة مرات درجة أنها توصله للتدريب ولا تعود إلا بعد انتهائه لتوصيله للمنزل مثلاً.. وهكذا يتعود الطفل على الابتعاد عن أمه بالتدريج وبدون انفصال مفاجئ يذكّره بالقلق الذي شعر به أول مرة عندما اختفت من أمامه فجأة وهو يذهب للحضانة لأول مرة في سن مبكرة.
وهكذا بالنسبة للنزول مع الأب والذي يبدو أنه يحتاج للاقتراب من ابنه أكثر، وقضاء وقت أطول معه حيث ينزل الطفل مع الأب والأم ثم تعتذر الأم وتترك الطفل مع أبيه وهكذا، خاصة في "المشاوير" الخاصة بالأب مثل الصلاة وغيرها مما تستلزم صحبة الطفل لأبيه ولا داعي للضغط على الطفل أو نهره.
وهكذا أيضًا بالنسبة للنوم.. ينتقل الطفل أولاً إلى غرفة مستقلة هو وأخوه وتنام الأم في بداية الأمر معهما حتى إذا استغرقا في النوم تركت الغرفة ثم بعد مرور شهر أو شهرين تجلس بجوارهما أثناء ذهابهما في النوم وتحكي لهما قصة حتى يستغرقا في النوم وهما يعرفان أن وجودها معهما مؤقت، ثم بعد شهرين أو ثلاثة تدعوهما للذهاب والنوم في سريرهما بحيث تسمع صوتهما من بعيد وهكذا حتى يتم التعود.. وهكذا وبدون أسباب.
إن الأمر يحتاج إلى صبر ووقت وتدرج وعدم تعجل.. خاصة أننا مع الطفل الأول نتعجل أن يكبر بسرعة ويصبح رجلاً وهو عمره خمس سنوات.. لا توجد مشكلة في الطفل ولكن المشكلة فينا، فلنهدأ ولنأخذ الأمور ببساطة وسيكون الخير بإذن الله.
ــــــــــــــ(102/314)
عندما تغلق السبل فلا حل العنوان
أتقدم لكم بالشكر لمساعدتي بالنصح في تفوق ابني الدراسي، فهو الآن من المتفوقين جدًّا بعد العثرات الدراسية سابقاً.
والمشكلة الآن هي كيف أواجه المرحلة الإعدادية مع الولد؟ وكيف يتم توجيهه خلقيا لمواجهة سلبيات الزملاء الآخرين، وخاصة أنني أقوم بتربيته وحدي نظرا للظروف العائلية، كذلك هو الآن شديد الإلحاح في السؤال عن والده، ويريد التحدث معه تليفونيا، وأعطيته الفرصة لكن والده أغلق التليفون في وجهه دون أن يرد عليه، وقد كرر المحاولة بعد فترة فذكر له والده أن الرقم خطأ، وأعطى السماعة للسيدة التي تعيش معه (ثم تزوجها).. فرجاء دلوني كيف أواجه هذه الأمور؟ مع كيفية إضافة إيجابيات للطفل، وتجنيبه السلبيات النفسية من رد والده عليه.. وشكراً جزيلا على مجهودكم.
نظرا لظروف الانفصال فنحن نعيش مع والدتي وإخوتي، والمشكلة تكمن في سوء المعاملة الشديد الذي أواجهه أنا والولد من والدتي والأخت الصغرى التي بيني وبينها 17 سنة والتي أتكفل بجميع طلباتها من تلقاء نفسي، مع العلم بأنها تلاقي إهمالا تاما في تلبية طلباتها الشخصية من قبل والدتي وهو ما أحاول تغطيته أنا، ولكن الملحوظ جدا تطاولها على الطفل باليد والسب والعض والقرص، وأمامي تقوم بذلك مع تأييد والدتي لها، مع ملاحظة أن "شقاوة" الولد عادية جدا، وهو مهذب جدا وبشهادة الجميع.. لكن تطور الحال إلى تطاولهم بالألفاظ علي أنا أيضا؛ وذلك بحجة أن الولد هو سبب كل ذلك، وأنهم لا يريدون إقامتنا معهم، مع العلم أنني بدأت أستقل في مصروفات الطعام عنهم لعلهم يشعرون بإحراج.
ملاحظة: دائما أقدم لهم كسوة الصيف والشتاء: نصف دستة لكل من الوالدة والأخت، وأخيرا اشتريت لهم أدوات كهربائية بمبلغ ضخم مع عدم اكتراثهم لذلك، وعدم تقديم كلمة شكر واحدة والحال في زيادة.
ملاحظة أخرى:
1- ليس هناك سبيل لإيجاد مسكن آخر
2 - ليس هناك سبيل للتصالح مع والد الطفل
إذن ما هو الحل الأمثل معهم؟ ونفسية طفلي تسوء يوما بعد يوم؟
شكراً جزيلا على حسن استماعكم.
السؤال
فنون المذاكرة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
السائلة الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعانك الله على ما أنت فيه من مشاكل عائلية.. وندعو الله أن يعفي ابنك من تبعات هذه المشاكل.
وأنا أقرأ استشارتك تذكرت إحدى اللعبات النفسية الشهيرة وهي لعبة تسمى "بلا حل" واللعبة ترجمة للكلمة الإنجليزية Games، وليس المقصود بها ما توحي به الكلمة العربية من لهو أو تهريج، ولكن يقصد بها صورة من صور التفاعل الإنساني بين أفراد المجتمع، وتوجد نماذج عديدة يطرحها صاحب نظرية التفاعل الاجتماعي تحت هذا العنوان Games، وفي لعبة اللاحل يطرح صاحب المشكلة مشكلته، ليس من أجل الوصول لحل مشكلته، ولكن لإثبات أن لا حل؛ وبالتالي فإنه ليس مسئولا ولا فاشلا، ولكن الآخرين ربما يكونون هم المسئولين لأنهم لم يستطيعوا حل المشكلة؛ ولذا فإنه كلما قدمت حلا أو ربما قبل أن تحاول الإجابة ستكون ملحوظاتك قد أغلقت كل السبل أمام إيجاد حل لهذه المشاكل لهذا جعلنا عنوان الاستشارة "عندما تغلق السبل فلا حل" فأنت تذكرين.. أختي.. أنك تحضرين كسوة صيفية أو شتوية بالنصف دستة لوالدتك وأختك، ليس هذا فقط بل أيضا تتكفلين بكل طلبات أختك، وأيضا بدأت تستقلين بطعامك.
ورغم التصريح الحاد والواضح من قبل الوالدة والأخت بعدم رغبتهم في مكوثك معهم فإنه لا سبيل إلى أن تستقلي في مسكن آخر؛ نظرا للظروف المعيشية الصعبة، وهم في هذا يتجاهلون أي معروف يقدم إليهم، ويتعمدون الإساءة للطفل واعتباره سبب المشاكل.
فالرسالة التي قيلت من قبلهم باللسان تؤكدها الأفعال، وهي: نحن لا نريدك أنت وطفلك فلا تهمنا هداياك ولا عطاياك.. ارحلي عنا.
ويبدو من طلبهم الصريح هذا بالرحيل أنهم يرون أن هناك إمكانية لرحليك؛ وهو ما يجعلهم يصرون على المطلب بهذا التحدي -وربما القسوة- ولو كانوا يرون أنه ليس هناك من سبيل لما طلبوا ذلك ولَمَا اتفق رأي الأم والأخت على نفس الموقف، فاتفاق الأم والأخت دليل على رؤيتهم لسبيل أنت لا تريدين رؤيته.
وبالنسبة لموقف الأب فإذا كان لا سبيل للعودة إليه فلا بد من أن هناك سبلا أخرى للتفاهم معه غير أن تضعي ابنك في المواجهة المباشرة معه فتجعلينه هو الذي يتصل بوالده مباشرة مرتين بغير أي تمهيد أو اتفاق مع الأب على هذا الاتصال، وأنت تدرين تماما أن رد فعل الأب سيكون بهذا السوء في حين أنك لو رأيت سبلا أخرى للتفاهم غير سبيل العودة الذي لا ترين غيره، فإما العودة وإما لا سبيل أخرى.. إذا رأيت هذه السبل لأمكنك بعث رسالة للأب عن طريق أي من معارفه أو أصحابه بسؤال ابنه عنه ورغبته في التواصل معه وسؤاله عما يراه مناسبا لتحقيق ذلك.. عندها سيجد الأب نفسه في موقف لا بد له فيه من أن يضع حدا لرغبة ابنه في التواصل معه.
ومن الممكن -أختي السائلة- أن يتم الاتفاق على ذلك دون تعريض الطفل لهذه الصدمة. فمن المهم ألا تغلقي كل السبل في وجهك أنت وطفلك فليس هناك سبيل واحدة لحل المشاكل، بل إن هناك ألف سبيل وسبيل بشرط أن نكون جادين في البحث عن حل.
أنصحك -أختي- أن تجلسي مع أمك وأختك واطرحي موضوع رغبتك في الرحيل والعقبات التي تحول دون استقلالك في منزل خاص بك وكيفية التغلب عليها ورؤيتهم لذلك طالما أنهم يرون الحل في رحيلك، وما هي المساعدة التي يقدمونها لذلك، فإذا توصلتم لحل فلا تغلقي السبل إليه، وحاولي السماع لوجهة نظرهم فهذا أهون من تعريض ابنك لمعاملة قاسية مستمرة من والدتك وأختك.
وبالنسبة للزوج فأرسلي له عن طريق معارفه أو أصدقائه طلبا هادئا وبدون أي انفعال أو تجريح تطلبين فيه وسيلة للتواصل معه، وتكون هذه المفاوضات بعيدة تماما عن الابن وما تصلون إليه من نتيجة يبلغ للابن.
وبخصوص نقطة دخول ابنك الإعدادية فهي لا تختلف عن الابتدائية في شيء فهذا امتداد لها وزملاؤه في الابتدائية هم زملاء الإعدادية، غير أنه سيكون على أعتاب سن المراهقة وهي السن التي يحتاج فيها لمصاحبته ومصداقيته في إطار التفاهم والحوار حتى يكون متواصلا معك.
أختي السائلة.. تيقني أن اقترابك من ولدك وحوارك معه هو ما سوف يجنبه الكثير من المشاكل، خاصة إذا شعر باحترامك لذاته ولمشاعره وفهمك له.
ــــــــــــــ(102/315)
الهوية الجنسية عند طفل الثالثة العنوان
لدي ابن في الثالثة من العمر ودائما أثناء اللعب مع أختيه يقوم بتقليد تصرفاتهما كبنات ويزعم أنه امرأة ويستخدم تاء التأنيث في الحديث عن نفسه ويغضب إذا قلنا له أنك رجل ويعارض هذه الفكرة.
السؤال
التقليد والبذاءة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
إن أسباب سلوك ابنك واضحة، وهي تقليد أخواته البنات؛ حيث إن ترتيبه الثالث بعد البنات.. وهذا السلوك يحتاج إلى وقفة؛ وذلك لخطورة هذه التصرفات على ما نسميه بالذاتية أو الهوية الجنسية والتي تبدأ في هذه السن المبكرة، والتي يجب مراعاتها حتى لا يحدث بها اختلال، بحيث يكون الطفل ذكرًا، ويدرك نفسه أنثى، وذلك لقيامه باللعب بلعب البنات؛ ولتقليده لتصرفاتهم، والحديث عن نفسه بتاء التأنيث.
لذا فإنه يجب أن يشجع الطفل من سن مبكرة يصل البعض في تحديدها إلى الأيام الأولى منذ ولادته على أن يعامل كذكر أو أنثى حسب طبيعته، فتكون لعبه وملابسه وطريقة التعامل معه هي المناسبة لنوعه، وبالنسبة لابنك فإنه يحتاج إلى ما نسميه بالعلاج السلوكي وهو يحتاج إلى وقت وإلى صبر حتى يؤتي ثماره بإذن الله، خاصة وأنه يبدو أنه كان يشجع على مثل هذا السلوك في بداية الأمر وربما حتى الآن، سواء باعتبار الأمر مضحكًا أم بكلمات الاستحسان لما يفعل.
والذي عليك فعله أنت والأم وجميع أفراد العائلة:
1. إظهار الرفض لهذا السلوك واستنكاره.. ليس باستخدام الضرب أو العنف بأي صورة من الصور.. ولكن بإعلامه أنه ولد وأن اسمه كذا، وأنه يشبه الأب ويشبه فلانا وفلانا من أقرانه أو من هم أكبر منه من الأطفال من ذكور العائلة أو ذكور الجيران الذين يعرفهم..
2. إظهار أنه مختلف عن أخواته البنات؛ حيث إنه يلبس ملابس مختلفة، ففي حين تلبس البنات الفساتين مثلاً.. يلبس هو ملابس الرجال مثل الأب.. ويتم شراء لعب مختلفة له، ولا يسمح له باللعب بالعرائس مثلاً وإظهار أن هذه لعب البنات وأن له لعبه الخاصة به، مثل: المسدس أو الدبابة أو الطائرة أو الكرة.
3. دمجه في مجموعة من الذكور واللعب معهم بألعابهم، وقضاء أوقات طويلة معهم، حتى لو استدعى الأمر إدخاله حضانة يكون كل أفرادها من الذكور.
4. تشجيعه عندما يتحدث عن نفسه بصيغة الذكورة أو يلعب بألعابه الخاصة، وعندما يذكر أنه "ولد"، ويكون ذلك بالكلمات والاستحسان ويكون أحيانًا بالتصفيق وأخرى بالأحضان والقبل.. ويمكن أن يصل الأمر إلى منحه جائزة من الحلوى أو لعبة ذكورية مثل حصان أو بندقية أو ...
5. قضاؤه وقتًا أطول مع الأب وأصدقائه بحيث يصطحبه الوالد كثيرًا في لقاءاته مع أصدقائه؛ حتى يرى الرجال ويدرك أنه يشبههم، ويدرك أن لهم دورًا في الحياة؛ حيث إن المشكلة في كثير من الأحيان تكون أن هذا الولد لا يرى إلا النساء سواء أخواته، أو أمه، أو صديقاتها، ولا يرى الأب إلا قليلاً نتيجة لانشغاله مما يجعله غير قادر على تمييز أو إدراك طبيعة هؤلاء الرجال، كما أن وجوده لمدة أطول مع والده يساعده على عملية التمثيل للوالد وتقليده لتصرفاته وطريقة كلامه والحديث عن نفسه بلغة المذكر.
وفي النهاية نكرر أن هذه الطريقة الجديدة في التعامل تحتاج إلى وقت قد تمتد إلى عدة شهور (6-12) شهرًا حتى يظهر التغيير على سلوك هذا الطفل. وأنه يحتاج إلى صبر بحيث لا نفقد أعصابنا أو نترك فرصة بدون ثنائية: (الرفض ـ التشجيع).. رفض السلوك غير المرغوب فيه، وتشجيع السلوك المرغوب فيه.
ــــــــــــــ(102/316)
تأتأة طفل في أرض الرباط.. كيف العلاج؟ العنوان
- د/ سحر صلاح ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبارك الله فيكم على هذا الجهد المبارك، ونسأل الله أن يكون في ميزان حسناتكم. أرجو المعذرة بسبب إطالة الرسالة لديّ طفل في الرابعة من عمره وهو ثاني أبنائي، ودرجة ذكائه جيدة جدًّا، ولديّ طفلة أصغر منه وعمرها سنة ونصف وطفلة أكبر منه وعمرها سبع سنوات (أنهت الصف الأول الأساسي)، وهي متفوقة في المدرسة، وحصلت على معدل 96%.
المشكلة أن ابني معاذًا قبل 8 أشهر بدأ التأتأة في الكلام، مع العلم أنه قبل ذلك كان طلق اللسان ولا يتلعثم في الكلام أبدًا، وبعد بدء هذه المشكلة بشهرين تقريبًا ذهبنا به لاختصاصي نفسي، وأخبرنا أن هذه المشكلة ستزول مع مرور الزمن، ولكننا لاحظنا أن المشكلة تزداد يومًا بعد يوم، وبعد شهرين تقريبًا ذهبنا به لاختصاصية نطق، واتبعنا الطرق التي أرشدتنا إليها، وشعرنا بتحسن طفيف، ولكن عندما يغضب الطفل من أحد لا يستطيع نطق كلمة واحدة، مع العلم أننا لا نقوم بتأنيبه أو معاقبته على هذه التأتأة، ونقوم بتوفير كل ما يطلبه منا من حاجيات وألعاب. الرجاء إرشادنا للحل المناسب، ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
د/سحر صلا ح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الكريمة، وجزاك الله خيرًا على دعائك الرقيق وثنائك الجزيل، وأشكر لك ثقتك جعلنا الله سبحانه دائمًا أهلاً لها.
إن مشكلة طفلك الحبيب -وهو الأوسط- فيما يخص التأتأة التي بدأت معه من 8 أشهر أحسب أنها تزامنت مع ما يلي:
1 - بداية أخته الصغرى في المناغاة والحركة -في سن الشهور السبعة- وجذب الانتباه والحب والتقبيل لها، وتعليقات المدح والإعجاب منكما كوالدين ومن الزوار، مما أشعر معاذ بجذب البساط من تحت قدميه وفقده لمكانته.
2 - إعجاب الجميع بتفوق أخته الكبرى وهو ما لم يكن باستطاعته منافستها فيه، وباختصار فهو الطفل الأوسط الذي لم يكد يرتوي من التدليل ليجد نفسه مجردًا من صلاحياته التي تمنح لمن تصغره، ومن التبجيل الذي تناله الكبرى؛ ولذا كثيرًا ما تكلمنا عن وضعية الطفل الأوسط فقلنا:
- أنت الأوسط...أعظم الله أجرك
3 - ظروف الانتفاضة وأهوال الاحتلال في أرض وطنكم الغالي المبارك والتي تشكل ضغطًا على نفسية الأطفال بلا شك.
وقد يبرر بعض ما سبق أو كل ما سبق ظهور التأتأة على الطفل بشكل مفاجئ من 8 أشهر، ولكن في تبرير التأتأة توصل الباحثون للعديد من النظريات التي تفسرها وتبررها، وكان الاتفاق أن نسبة الشفاء منها تتجاوز 95%، وأنها غالبًا ما تداهم ذوي الذكاء الواضح من الأطفال، وعلى كل حال فالمطلوب هو التعامل الصحيح مع الحالة، ودعينا ندرس تجاربك السابقة في علاج طفلك.
أولاً: أعتقد أن رأي الطبيب الأول الذي أخبرتنا بأنه أرجأ الشفاء من التأتأة إلى مرور الزمن، قد وصلك بشكل غير واضح؛ فالمقصود -كما هو معروف- أن حالات التأتأة لا يتم علاج الأطفال منها ببرامج مخصصة للعلاج إلا بعد سن 6 سنوات؛ لصعوبة تطبيق تلك البرامج على الأطفال ذوي السن الصغيرة، وفي الأغلب قد تزول الحالة قبل هذه السن ولو استمرت فعلاجها متيسر بإذن الله تعالى.
ثانيًا: التحسن الطفيف الذي طرأ على الطفل من جراء اتباع نصائح اختصاصية التخاطب، لا أرى أنه يجب الحكم على كونه طفيفًَا أو كبيرًا في تلك الفترة القليلة، فعلاج التأتأة ليس عقارًا كيميائيًّا يبتلعه الطفل فينطلق لسانه من عقاله، بل هو أسلوب للتعامل تظهر نتائجه على الطفل بعد فترة، ولا يجب انتظار هذه النتائج أو استعجالها أو مطالبة الطفل بها والضغط عليه لأجلها، كذلك يجب الاستمرار في توجيهات الاختصاصية لمعاملة الطفل بشكل صحيح وعدم التوقف عن ذلك لأن التحسن (طفيف).
ثالثًا: لقد لاحظت في الفترة الأخيرة كثرة الاستشارات الواردة عن التأتأة من أرض الرباط فلسطين، وما قد يجمع بين تلك الاستشارات هو ظروف الأبناء تحت الحصار والقسوة التي تواجههم بها يوميات الاحتلال البغيضة -نصركم الله وثبتكم-، وبالتالي فهم أحوج ما يكونون للين والرفق والحب والاحتضان لتجاوز هلعهم دون آثار مدمرة على شخصياتهم.
إذن فالمطلوب منك للتعامل مع معاذ لتجاوز مسألة التأتأة اتباع ما يلي بدقة:
1- عليك اتباع النصائح والإرشادات الواردة في الاستشارات التالية والخاصة بمعاملة الطفل الذي أصابته التأتأة بشكل صحيح، ومراجعة هذه الإرشادات من وقت لآخر لعدم إغفال أحدها:
- لسان هارون يشرح صدر موسى
- التلعثم وكيفية علاجه - متابعة
- التأتأة.. محاذير وإرشادات
2- عليك العمل على بث الطفل ثقة كبيرة بنفسه ومدح إنجازاته وتصرفاته الصحيحة (اعتماد على النفس - نظام - حرص على النظافة - تعاون -... إلخ)، ومدحه والثناء عليه أمام الآخرين من جدات وأعمام وأقارب وأصدقاء، وتشجيعه على كل تطور والحديث عن مهاراته وذكائه في جمع قطع البازل مثلاً، وتكوين أشكال بالصلصال والتلوين وغيره، مع تجاهل التأتأة تمامًا.
3- عليك الإكثار من احتضانه وتجنب إثارة غيرته بمدح أخته الكبيرة أمامه دون مدحه مثلها أو مداعبة أخته الصغيرة على مرأى منه دون إشراكه في اللعب معكما والضحك.
وطالعي ما يلي للاستزادة عن مسألة الغيرة:
- ابنتي تتفنن في تعذيبي
- أمي ارحمي غيرتي وغربتي
- - الغيرة وأشياء أخرى.
- الذكاء والغيرة وجها التلعثم
4- طالما أنه عند الغضب أو الحنق تزيد عنده مسألة التأتأة فعليك تجنب إغضابه تمامًا أنت أو إخوته أو والده أمام الناس كي لا يقع في حرج بسبب هذا الموقف، كذلك حاولوا التقليل من إغضابه وإفهامه الأمر بهدوء وسلاسة (وهو في حجرك) مثلاً لتجنب إغضابه ولإشعاره أن الكل يحبه ولا يقصد إغضابه، وأنه لو انتظر قليلاً لفهم ذلك جيدًا؛ لأن الغضب كالدخان يجعلنا لا نرى جيدًا.
5- عليك الموازنة بين التدليل الزائد والحنان الذي يحتاجه طفلك؛ بحيث لا يفسد طفلك التدليل أو تتفاقم حالة التأتأة لديه بسبب تعطشه للعاطفة.
6- عليك بالتعامل مع مشكلات طفلك وإخوته بصبر جميل وعدم تعجل لأي نتيجة، مع تنفيذ أي برامج للعلاج بكل دقة
ــــــــــــــ(102/317)
جرح الحضانة أم جرح الإقصاء؟!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكر لكم جهودكم البناءة في هذا الموقع، وإلى الأمام، اعذروني للتفاصيل، ولكني لاحظت من خلال تصفحي لصفحتكم أن التفاصيل مهمة.أنا أم عاملة لطفلين، الأكبر معتز سنتان، وإبراهيم 4 أشهر،أعاني مع معتز عدة مشكلات:
الأولى خاصة بضبط عملية الإخراج، بدأت تدريبه على استخدام النونية (وعاء لقضاء حاجة الطفل) منذ 5 أسابيع.. بعد أسبوعين تقريبا بدأ يلمح عن رغبته في التبول، ولكن إلى الآن إن لم آخذه للتبول لا يقول، ولا يبدي رغبته إلا إذا أخذته للحمام.
بالنسبة للتبرز، إلى الآن يتبرز في ملابسه الداخلية، مرات آخذه على النونية؛ لأني أكون عارفة الموعد، وهو بعد الغذاء، وعبثاً ومباشرة بعد دقائق وبعد أن ألبسه ثيابه يتبرز في ملابسه بغض النظر عن الفترة التي أجلسه فيها على النونية.. خلال هذه الفترة قد تبرز مرتين أو ثلاث على الأرض في الحمام أو في النونية، عدة مرات يثير عصبيتي فأصرخ في وجهه، وأحيانا أضربه.. لست دائما عصبية معه؛ فكثير من المرات يرفض فأتركه.
المشكلة الثانية: وهي غيرته من بنت خالته التي تصغره بـ4 أشهر، مع العلم بأنه يحبها، ويلعب معها كثيرا، ولكن عندما تمسك بلعبة أو شيء فإنه يأخذه منها، وإن لم يستطع بكى بشدة، إضافة إلى أنه يضربها، وكثير من المرات لا أعرف كيف أتصرف معه؟ لكي يهدأ، وإذا أخذتها أمها بعيدا عنه يلحقها، ويظل يبكي لأنه يريد خالته وابنتها.وهو يغار قليلا من أخيه؛ مع أني دائما لا أحاول حمل أخيه أمامه أو مناغاته بوجود معتز.
المشكلة الثالثة: إني أصبحت عصبية المزاج، فمرات عديدة أتعصب على معتز ومرات أضربه لأتفه الأسباب؛ وذلك دون وعي مني، وبمجرد أن أتعصب عليه أو أضربه ألعن الشيطان وأندم، لعلمي بأنه صغير، ويحتاج لطول بال وهدوء، فأنا أريد حلا لعصبيتي معه التي أعلم أنها خطأ، وأخاف أن تؤثر عليه.
والد معتز -بحكم عمله- متغيب بشكل دائم، وأنا المسئولة عن أمورهم في كل شيء، عدا شراء اللوازم، أما الباقي فهو ملقى على كاهلي. ما هو الحل لعصبيتي التي لا أستطيع التحكم فيها.
نسيت أن أذكر أني بعد ولادة إبراهيم أرسلت معتزا للحضانة، وهو يمضي فيها وقتا لا بأس به، وقد كان يبكي في البداية عندما يأتي "باص" الحضانة ويأخذه، ولكنه الآن يمشي إليه دون بكاء أو تكشيرة، ولكن يقول: "بديش حضانة"، ومؤخرا أصبح يقول: الحضانة تعمل لي "واوا" وإذا تأذى في البيت أو وقع نقول له: "من أيش هذه "الواوا"؟ يقول: حضانة".
مرة كان يلعب مع ابنة خالته، وعندما أمسكت بإحدى الألعاب أراد أن يأخذها منها وعندما فشل صار يبكي ويضرب على رأسه، ويقول "بديش حضانة".
يجزيكم الله كل الخير، أريد الحلول الشافية لجميع ما ذُكر، وعذرا للإطالة.
السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الحبيبة.. ومرحبا بك وبطفلك الحبيب.
ونبدأ حديثنا عن طفلك الحبيب، وتعالي نحدد معا مشكلات معتز:
1-رفضه للحضانة.
2-غيرته الشديدة.
3-عدم قدرته على الاستجابة للتدريب على التحكم.
4-عصبيتك معه.. وهي مشكلتك أنت وليس هو.
وما سبق من مشكلات هي حلقات مترابطة في سلسلة واحدة لا يفصمها عن بعضها البعض أي شيء؛ فغيرة الطفل من أخيه، وتزامن دخوله للحضانة مع ولادة أخيه، وعدم حصوله على اهتمام كافٍ –كما أتوقع– وسط العائلة عديدة الأطراف، وعصبيتك معه، كل هذا يتسبب في مزيد من غيرته وعدوانيته أحيانا، فضلا عن رفضه للاستجابة لأي تدريب، سواء عمدا أو عن غير قصد، وبالتالي فعلاج تلك المشكلات يحتاج علاجها جملة واحدة، وليس على مراحل، لترابط تلك المشكلات مع بعضها البعض بشكل واضح ومتين.
ورغم أنك اعتبرت أن ترتيب مشكلاتك معه تتصدره مسألة عدم استجابة طفلك للتدريب على التحكم، فسنبدأ بالحديث عن غيرة الطفل، أو دعينا نقول عن محاولاته للاستغاثة والتعبير عن حاجته للحب والعطف والاهتمام، وآسفا على أيام قصيرة مضت كان فيها محط أنظار واهتمام الجميع؛ يا عزيزتي إن الفارق بين طفلك وأخيه سنة ونصف تقريبا، منها 9 أشهر في حمل إبراهيم، وما كان يصاحب هذا الحمل من ألم وتعب وإرهاق، وبالتالي فلم يكد الطفل يتمتع بفيض حنانك إلا شهورا قليلة، بل وقد زاحمه في هذا الحنان ضيف جديد -ثقيل عليه- وهو لم يبلغ سن الفطام بعد، بل وإنه لم يبلغه سوى هذه الأيام فقط.
ومع كل هذه الآلام التي يتحملها المسكين الصغير، ولكي تتخيليها، تخيلي شعورك مع ضرتك في بيت واحد بعد عرسك بشهور؟! تصرخين فيه وتضربينه لأتفه الأسباب وتعنفينه، بل وتجبرينه على الابتعاد والإقصاء في الحضانة رغما عنه، متجاهلة لتوسلاته بأنها تسبب له (واوا).
أظنك اقتنعت أن مشكلات طفلك متشابكة ومترابطة، ولا يجوز علاج كل منها على حدة، كما أن الحلول الشافية التي طلبتيها، لن تكون كبسولات تحدث بعد ابتلاعها أثرا سريعا، بل إنها إستراتيجيات وخطط حياتية ومواصفات مختلفة لإدارة الحياة اليومية للأسرة، يترتب عليها حماية كل أفرادها من كل مكروه.
أولا: مسألة ضرب الطفل جريمة نكراء بشعة في حقه على الأقل في سنه تلك، وأطفالنا يا عزيزتي ليسوا ملكا لنا لنسومهم سوء العذاب، بل هم أرواح وأنفس يسألنا الله عنهم وعن رحمتنا بهم، وتذكري أن كل ضربة أو لطمة ستنطق بها يداك بين يدي الله يوم الحساب وسيسألك سبحانه عنها وعما استحفظك، فكيف يتلف المرء ما يتولى حمايته؟
ثانيا: الصراخ في وجهه هو أشد وقعا في نمو شخصيته من الضرب؛ فهو أسهل الطرق لنخلق منه شخصا جبانا، فهل تخططين له أن يكون جبانا مرتعدا هيابا ليس لديه بنفسه ولا بالحياة أدنى ثقة؟
ولننطلق إلى ما يعينك على التخلص من هذه العصبية:
1- استعيني بالله، وتوسلي إليه أن يرزقك الرفق واللين والصبر والحكمة.
2- كرري بينك وبين نفسك أن مسألة الضرب والصراخ وسيلتان مرفوضتان تماما ومستبعدتان تماما من قائمة أعمالك، مما سيبطئ من سرعة لجوئك للضرب أو الصراخ دون وعي كما تقولين؛ لأن وعيك وعقلك ووجدانك سيكون ممتلئا برفض واستنكار لهذا السلوك، مما سيعينك على اجتنابه قبل أن يباغتك بتقوية مناعتك ضده.
3- حينما يفعل طفلك تصرفا خاطئا.. اصبري قليلا قبل اتخاذ أي رد فعل، واستعيذي بالله من الشيطان، وفكري ما المناسب للتعامل مع هذا الموقف مع تعليمه كيف يتفادى الخطأ في المرة التالية، وتذكري أن الضرب لن يفهمه خطأه أو يعلمه كيف يتفاداه فيما بعد، وستجدين أفكارا للقيام بهذه المهمة في الاستشارتين التاليتين:
- طفلي يصرخ.. افهموني أستجب لكم
- فن استثمار المشاكل
4- قللي من الأعباء الملقاة على كاهلك بإعادة ترسيم الأدوار أو الاستعانة بخادمة أو طرف خارجي تتقاسمين معه المسئوليات؛ وإن لم تفلحي في ذلك تمسكي بالقاعدة الجميلة: "إن لم تفعل ما تحب فأحب ما تفعل".. فإن كانت مسئولياتك تجاه أطفالك ثقيلة ومتعبة، فحاولي أن تستمتعي بها، وتكتشفي مكامن جمالها.
فتخيلي أنك تحممين قائد جيوش المسلمين لتحرير الأقصى، وأنك تصففين شعر عالم الكيمياء العظيم أو الصحفي المتميز أو المهندس الخبير... إنها حقا متعة، وقد كانت لي صديقة تقول لي: "أسعد أيامي ما أنام فيه منهكة من كثرة العمل.. لأني أبيت مغفورا لي، فمن بات كالا من عمل يديه بات مغفورا له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم".
وفي هذا الشأن يمكن مطالعة الاستشارة التالية:
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا
5- تذكري دائما أن هذا الوجه الذي تصرخين به هو الوجه الجميل، وجه من ربض في بطنك تسعة أشهر، إنه قطعة منك، ذكري نفسك بذلك دائما لتتوقف يداك قبل أن تتحرك تجاهه بأي سوء، وانظري في عيني طفلك قبل أن تفكري في ضربه، وتأكدي أن يديك لن تتحرك من مكانها لضربه إن فعلت إن شاء الله.
6- راجعي النصائح الذهبية للتخلص من العصبية فيما يلي:
- نصائح ذهبية لعلاج العصبية
ثالثا: فيما يخص مسألة التدريب، لا تطالبي الطفل بما يفوق قدراته، أو بمعنى أدق لا تبالغي في الضغط عليه لاستعجال نتائج من حقه أن يصل إليها بهدوء وبالتدريج ودون عجلة.
وسنه مناسبة لبداية التدريب وليس نهايته، وحتى عمر الثالثة لا يعتبر عدم التحكم مشكلة تستحق العلاج الطبي –كما ذكر المتخصصون في أكثر من موضع في الاستشارات– ويظل الأمر رهن كفاءة المدرب، ويمكنك مراجعة ما يلي للحصول على مقترحات تفيدك كثيرا في
مسألة تدريب طفلك بشكل ناجح:
- علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
- نجاح التدريب بالترغيب
- المهنة السامية تفتح أبوابها للعضوات الجدد
وتأكدي مما يلي:
1-العنف أثناء تعليم الطفل التحكم سيضره كثيرا، وربما أعاقه عن الاستجابة لذلك التدريب، ولكي تتأكدي من ذلك، تخيلي نفسك تتعلمين شيئا في دورة تدريبية مثلا، وكلما دخلت قاعة التدريب أخذ المحاضر يسبك ويصرخ في وجهك، ويؤنبك بشدة كلما أخفقت في شيء مما يعلمك إياه رغم حداثة عهدك به، ألن تكرهي هذه الدورة وتغلقين كل مغاليق عقلك عن استيعاب أي حرف فيها؟ هذا بالضبط ما يحدث مع طفلك كنتيجة للعنف معه وتكريهه في العملية برمتها، حتى إنه قد يُخشى عليه من الإمساك المزمن.
2-غيرة طفلك من أخيه وممن يصغرونه تسهم في رغبته في التراجع لعمرهم، على أن يحظى بمكانتهم، وهو ما يحتاج منك لمعاملته بشكل ذكي، فيه الحب والعطف والاحترام الموجهون لإشعاره بقيمة كونه الأكبر، وإن الكبر شيء جميل، يسبب له الاحترام ومزيدا من المزايا والحب.
3-يفضل أن يشاركه أحد في مسألة التدريب ليتسابق معه، ويرى التصفيق والمرح لمن يبرع في أداء المهمة بنجاح؛ فمثلا يمكن تدريب ابنة خالته والتصفيق لها حين تطلب الذهاب للحمام أمامه، ثم المباهاة به وببراعته مثلها في أن يصير كبيرا نظيفا.
4-إذا عاندك طفلك وظل ممسكا حتى يقوم من على وعاء التبول.. ألبسيه حفاظا وقولي له مبتسمة: "أخاف أن توسخ ملابسك، وتنسى أن تقول لي إنك تريد الحمام"، وتجاهليه تماما حتى يخبرك بأنه يريد تغيير الحفاظ مثلا بعد أن يتبرز فيه، وهنا قولي له: "يا خبر كانت النونية أفضل.. المرة القادمة تعمل فيها"، وإن رفض لبس الحفاظ.. أخبريه أنه لا بد أن يلبسه إن كان سيوسخ ثيابه أما لو كان كبيرا و"شاطر" فسيخبر ماما لتذهب به للحمام لكيلا يوسخ ملابسه، وحينها يمكن ألا يلبس الحفاظ، وكل ذلك لتقنعيه بمزايا استخدام (النونية) دون إجبار أو ضغط، بحيث يكتشف تلك المزايا بنفسه.
- ومسألة الحفاظ لأمرين:
أ- لكيلا تتسخ ملابس الطفل ولا ترهقي نفسك في التنظيف، وخاصة الأماكن التي قد تتلوث.
ب- لكي يسعى الطفل للتخلص من الحَفَّاظ بالحِفَاظ على نظافته كما أشرت.
5- اللعب وانشغال الطفل أحب إليه من الذهاب للحمام، ومن عادة معظم الأطفال حبس البول لآخر لحظة؛ لكيلا يحرمهم الذهاب للحمام من ثانية من اللعب، لذا فلا تنزعجي من قوله (فيش، بديش) ولا تلحي عليه، ولكن فقط اتفقي معه من آن لآخر أن تبليل الثياب سيسبب خصاما بينكما، ولن يكون هناك (آيس كريم) مثلا.
7- اصبري ثم اصبري، وواصلي التدريب برفق دون إجبار أو تعنت، فلو طلب أن يقوم دعيه، وإن أردت أن تجلسيه قومي بدعوته بشكل محبب كأن تقولي لأخيه: "لن تجلس على نونية معتز.. فهو كبير وشاطر، هو الذي سيجلس عليها؛ لأنه كبير ولا يوسخ ملابسه مثلك أيها الصغير".
رابعا: بخصوص الحضانة: طالما أن معتز يقول "بديش حضانة"، فمن حقه ألا تجبريه عليها، وقد يكون في الأمر ما يدعو للبحث عن حضانة أخرى أكثر بهجة وتميزا وعناية بالأطفال، طالما أن معتزا لا يرى في حضانته تلك ما يجذبه لها ويربطه بها على مدى 4 أشهر.
وإن أمكن، يفضل تأجيل التحاقه بالحضانة حتى يكمل الأعوام الثلاثة أو على الأقل عامين ونصف، مع مده بما يلزم من رعاية واهتمام وحب لتأهيله للانفصال بأمان.
فمن الواضح أن معتزا يكره حضانته ويراها سببا في كل ألم لديه بدءا من "الواوا" إلى الحرمان من الحصول على لعبة صديقته وابنة خالته، فالحضانة تمثل له الحرمان والألم وكل ما لا يرضاه، وبالتالي فتصحيح صورة الحضانة لديه يحتاج التثبت من أنه لم يحدث له ما يكرهه في الحضانة فعلا، ثم إرساله لها أو لغيرها -على حسب نتيجة البحث- بشكل متقطع متباعد يتزايد تدريجيا، مع توعية المدرسة ببذل ما في وسعها لإمتاعه وإسعاده وإقناعه بجمال الحضانة (وهو دور طبيعي ومفترض لمدرسات الحضانة).
خامسا: غيرة طفلك من ابنة خالته قد يبررها شعوره بأنها مدللة عنه أو أن أحد أفراد العائلة -كالجدة مثلا- تفضلها أو تعاملها بشكل مختلف عنه، وبالتالي فلا بد من توعية كل من في المنزل للتعامل مع معتز بكل حب واهتمام ورعاية، وإظهار الاهتمام به، وأنه الأفضل لدى الجميع، وحينما يلعب مع ابنة خالته يفضل أن تتوفر لكل منهما نسختان من كل لعبة لكيلا يطمع أحدهما فيما في يد الآخر، وحين يريد أن يضربها فأمسكي يديه وقبليهما ثم (زغزغيه مثلا) أو العبي معه لعبة تلهيه عن الضرب والشجار بمهارة.
لقد ذكرت يا عزيزتي ما تفعلينه لتجنب إثارة غيرة معتز من أخيه، وهو أنك تتجنبي إبداء حبك للصغير أمامه، ولكن أين نصيب معتز؟ وهل يغار الأطفال فقط لكيلا يهتم الآباء بأحد.. أم طلبا للرعاية والحب؟. إن معتزا لا يكفيه أنك لا تهتمي بأخيه أمامه، بل هو يحتاج منك للاهتمام والحب، وطالعي الاستشارات التالية للحصول على نصائح عملية لممارسة هذا الاهتمام والحب مع معتز:
أختي الكريمة لقد اعتذرتِ في رسالتك عن الإطالة وها أنذا أعتذر لك أيضا عن الإطالة التي كان لا بد منها لتناول كل جزيئات سؤالك بما يكفيها من تفصيل، وفي انتظار متابعتك لنا بتطورات الموقف، ومزيد من أسئلتك واستفساراتك، وشكرا لك.
ــــــــــــــ(102/318)
واصلي سباقك نحو الجنة العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، إخوتي الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا أم لـ4 أبناء ذكور (16 سنة – توأم 13 سنة – 7 سنوات)، يعلم الله أني لم أكف عن الدعاء لهم مذ أنجبتهم بأن يجعلهم الله دعاة مصلحين، وعلماء ربانيين، وهداة مهتدين، ينصرون دينهم وأمتهم، وأن يجعلهم قرة عين لي في الدنيا والآخرة.. هدفا كبيرا وضعته نصب عيني وتطلعت إلى تحقيقه، وأنا أحلم بذلك اليوم الذي سأجني فيه الثمار.. ولكن الآن بعد أن ترملت وفقدت سندي ومعيني بعد الله، وفقدوا هم والدهم قبل عام، الذي كان من المنتظر أن يلعب دورا كبيرا في حياتهم، خاصة في هذه المرحلة العمرية الحرجة (والحمد لله على قضائه وقدره، وقضاؤه سبحانه كله خير).
أجدني الآن -والوضع يتطلب مني أن أكون الأم والأب في آن واحد في هذا الزمن الصعب- متخوفة من تبدد الحلم، فهل سأستطيع أن أسد تلك الثغرة خارج البيت؟ من سيأخذ بيدهم إلى عالم الرجولة؟ من سيعودهم مجالس الرجال؟ من سيمنحهم الثقة والأمان في العالم الخارجي؟ حاولت أن أستعين على بعض هذه الأمور ببعض من ألمس فيهم الخير من الأقارب والأصدقاء.. ولكن إلى الآن لم أجد اهتماما حقيقيا.
والمشكلة أن ابني التوأمين قد بدآ في الانطواء فعلا ورفضا الخروج من المنزل والاختلاط بأقرانهما، وحتى أنجح في إقناعهما بالخروج أحتاج إلى محاولات كثيرة، وإذا خرجوا لا يبديان كثيرا من الانسجام، بل يعودان بنفسيات متعبة وقلقة.
فأرشدوني -بارك الله فيكم- كيف يمكن أن أسد هذه الثغرة في حياتهم دون أن أعتمد بشكل أساسي على طرف خارجي؟
أعينوا أختكم بآرائكم، فإني أحوج ما أكون إليها. وإذا أذنتم لي في التواصل معكم والاستعانة برأيكم بين فينة وأخرى فيما يستجد من أمور فسأكون شاكرة، ففي الأفق يلوح الكثير من القرارات الهامة والصعبة التي سوف أحتاج فيها إلى رأي ناصح سديد.
جزاكم الله خيرا، وبارك في جهدكم ووقتكم ورأيكم.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، ندعو الله أن نكون لك خير إخوة كما ناديتنا في بداية سؤالك، ويسعدنا دائما التواصل معك وإعانتك دوما بكل ما نستطيع إن أذنت أنت لنا؛ فليس أقل من أن نساهم معك في تنشئة ثمرات فؤادك على خير وجه إذا كان قدر الله -تعالى- قد وضع على عاتقك وحدك عبء رعاية هذه الأمانة.
لا شك أنك تعلمين يا عزيزتي أن الموت هو إحدى حقائق الحياة التي أمرنا أن ندعو الله عندها بأن يأجرنا على تحملها، وأن يبدلنا خيرا بما فقدنا، ولكن ماذا يحدث -من وجهة نظر نفسية- عندما يدق الموت باب البيت ليفارق الأسرة عمودها وربها، وهو الأب، وبم يشعر الأبناء حينها؟ يقول د.سبوك -أحد علماء التربية وأحد أصحاب الكتب الكثيرة في تربية الأطفال وسلامتهم النفسية- في كتابه (طفلك أذكى مما تتصور): "عندما يموت الوالد أو الوالدة فإن حزن الطفل يكون غاية في العنف.. إن الطفل يعلن كل يوم عن حاجته لرؤية من مات.. وتزور صورة الأب أو الأم خيال الطفل أكثر من مرة في اليوم الواحد.. إنه يشعر في كل مشكلة بأن الأب لو لم يمت أو أن الأم لو لم تمت لكان من السهل حل المشكلة.. إنه كلما احتاج إلى تحقيق أي رغبة من رغباته يتذكر على الفور من مات، وقد يستمر الحال على هذا النحو ويحفر الحزن في أعماق الطفل ما قد يستمر شهورا، إلى أن يشغل الطفل حياته بعلاقات جديدة تشغل الفراغ العاطفي الذي عانى منه بفقد الأب أو الأم، وتختلف طريقة التعبير عن تلك المشاعر من طفل إلى آخر مما يثير الدهشة؛ فالبنات مثلا قد يكون حزنهن هو فقدان الإحساس بالمتعة في الحياة كلها، ويظل الحزن يخنقهن إلى أن تنفجر الدموع في أي لحظة، وقد يتكرر هذا الموقف كثيرا، وقد يأخذ الحزن شكلا آخر عند طفل آخر من نفس العائلة والأسرة، كالتجهم أو غيره.. وهكذا".
والفترة منذ فارقكم زوجك -رحمه الله وجمعكم به في أعلى عليين- ليست بالطويلة؛ فعام واحد لا يكفي لتخطي الحزن وتجاوزه، ولعل ذلك ما يبرر كون توأميك وسائر أبنائك لا يزالون يصارعون أحزانهم وآلامهم ومشاعرهم المختلطة المختلفة من جراء فقد الوالد. ويبدو أنك أيضا لم تتجاوزي تماما هذا الحزن، وهذا واضح بجلاء في صياغة سؤالك، ولكن يا حبيبتي هذا الحزن وهذا الوفاء -الذي ذكرني بوفاء النبي (ص) وحزنه لذكرى زوجه الطاهرة خديجة- يجب ألا يكون عائقا عن تحقيق حلمكما - أنت ورفيقك الراحل رحمه الله – كما يجب ألا يسبب لك يوما الإحباط أو يجعل تحملك هشا أو أملَك قصيرا، بل إنك يمكن أن تجعلي من هذا الوفاء ومن هذا القلق الذي يساورك من فقد رفيق دربك دافعا لك إلى العمل الدءوب لتحقيق أحلامكما.
ولعلك تعرفين حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة التي تسابقه إلى الجنة قبل العالمين، وهي التي ترملت على اليتامى ورعتهم وأنشأتهم وأخلصت في أداء رسالتها معهم، وكم يحمل هذا الحديث الكثير من البشرى مع الحماس مع التحفيز على المواصلة والجد والثقة بمؤازرة الله حتى النهاية في الفردوس -إن شاء الله، ولقد كانت لي خالة- وهي من تسببت في حفظي لهذا الحديث من كثرة ترديدها له – فقدت زوجها بعد 6 سنوات من الزواج، وقد رزقت منه بـ4 أطفال، كان أكبرهم حينها عمره 7 سنوات، وأصغرهم طفلة عمرها سنتان تقريبا، وكان هذا منذ 13 عاما، بذلت خلالها - وإلى الآن - جهدا كبيرا، لكن سعادتها اليوم برجالها وفتاتها وقد وفقها الله في تربيتهم تكفيها، وللعلم هي اليوم بدرجة مدير عام بهيئة حكومية، وأبناؤها في سنوات الجامعة، ولكل منهم عمل خاص يديره بحسب مجال دراسته.
ولقد ذكرت لك هذه القصة – التي أراها شبيهة نوعا ما بقصتك – لكي أجيب بها على أسئلتك الحائرة وتخوفك الواضح من خلال قولك: "أجدني الآن - والوضع يتطلب مني أن أكون الأم والأب في آن واحد في هذا الزمن الصعب - متخوفة من تبدد الحلم"؛ فالحلم لن يتبدد - إن شاء الله، ودعواتك المتواصلة لأبنائك لن يخذلك الله في إجابتها، وسعيك لتنشئتهم بشكل سليم لن يضيع هباء منثورا.
أختي الحبيبة، تعالي نفند أسئلتك، وهي فقط كما أشعر بها نوع من الرثاء لحبيبك رحمه الله، وتعالي نضع بعض الأسس للإجابة عليها:
أولا: فهل سأستطيع أن أسد تلك الثغرة خارج البيت؟
من سيأخذ بيدهم إلى عالم الرجولة؟
من سيعودهم مجالس الرجال؟
من سيمنحهم الثقة والأمان في العالم الخارجي؟
ثانيا:
ابناك التوأم قد بدآ في الانطواء فعلا ورفضا الخروج من المنزل والاختلاط بأقرانهما، وحتى تنجحي في إقناعهم بالخروج فأنت تحتاجين إلى محاولات كثيرة، وإذا خرجوا لا يبديان كثيرا من الانسجام، بل يعودان بنفسيات متعبة وقلقة.
أختي الحبيبة، من شأن المصاعب والمشاق أن تقرب القلوب وتؤلف بينها وتجمع العزائم لتحقيق الهدف، وحينها تصبح قيادة وتوجيه تلك العزائم المتكاتفة نحو تحقيق هذا الهدف أمرا يسيرا على القائد – وهو أنت؛ وبالتالي فإنك تستطيعين أن تُكوّني من أبنائك فريقا متكاملا، لكل منهم دوره ومشاركته في مسار ركبكم نحو تحقيق هدفكم جميعا، ولكي يكون كلامي أكثر تفصيلا تابعي معي ما يلي:
1 - لا بد من تكوين مجلس إدارة للأسرة، منك ومن أبنائك الـ4، يتم انعقاده بشكل دوري أو يومي لمتابعة شئون الأبناء، ويتم فيه عرض الشكاوى والمقترحات من كل الأفراد، وتكون روح هذا المجلس هي روح من يستمسكون ببعضهم البعض ليتقووا على المصاعب وأمواج الحياة اللاطمة.
2 - إن لديك شابا يافعا، هو ابنك الأكبر في سن 16 عاما، وهو الذي يجب أن يكون لك سندا ومعينا – بغير تفويض في السلطات على إخوته؛ فيمكنك توجيهه بكلام رقيق حان إلى أنه مثل أبيه مع إخوته، وأنه يجب أن يقوم مع إخوته بدور أبيه في الحنان والرفق والمصارحة والصداقة، وأنك تعتمدين عليه - بعد الله - في أداء ما كان يجب أن يقوم به الأب معهم، ولو كان الأب حيا لفوضه في ذلك ثقة به.. وأنه المسئول عن اصطحاب إخوته في زيارات لصلة الرحم، وزيارة أصدقاء الأب برا به، وكذلك إلى مكان ممارسة الرياضة وغيره.
3 - تحدثي مع أبنائك وتوأميك على وجه الخصوص في جلسات متكررة عن أحوالهم ومشاعرهم، وتجاذبي معهم أطراف الحديث عن آمالهم بعد وفاة أبيهم في إسعاده، وفي لقائه في الجنة وقد حققوا له آماله، وحدثيهم عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.. كيف كانت قوتهم في حمل رسالته رغم صدمتهم الكبيرة بموته، ورغم تربص الدنيا بهم بعده، وقولي لهم إن الله يختار الأفضل لنا دائما، وإن كان الحزن قد يعمينا عن ذلك؛ فلعل الأفضل أن يفارقنا الأب لنكون أكثر اعتمادا على أنفسنا وأصلب في مواجهة الحياة، وحاولي أن تعرفي أسباب رفض توأميك للقاء الناس، ولا تكتفي بالضغط عليهما للاختلاط بالناس، ولكن حاولي تحديد أسباب نفورهما من الناس، هل لأن هؤلاء الناس صدر منهم ما آذى مشاعرهما أم ماذا؟ وهل حزنهما على أبيهما هو السبب؟ وهل سيسعد أبوهما ويستقر في مقامه حين يحجمان عن الناس بسبب الحزن عليه؟ ... وهكذا.
فربما يؤذي مشاعرهم من يختلطون بهم بلفظ أو إيماء أو غير ذلك، مما يضيق صدورهم عن الاختلاط بالناس، فيكون الحل الاختلاط بمن هم أفضل، من الأقارب أو الأصدقاء ومن يتقاربون معهم في الميول والأهداف.
4 - اعملي على تحديد مسئولية لكل ابن من أبنائك، يشغله أداؤها يوميا عن الاستسلام للحزن أو الانطواء، فعمار مثلا مسئوليته شرح مادة الرياضيات لأخيه الصغير، بينما دور عاصم إحضار طعام العشاء يوميا أو تسميع القرآن لأخيه أو معاونة الأم في شراء حاجيات المنزل، بينما على الابن الكبير إدارة مصروف البيت فيما يخص الطعام مثلا أو غيره، ورددي دائما الثناء على أدائهم لأدوارهم، وأعتقد أن تحميلهم المسئولية سيأخذ بأيديهم لعالم الرجولة، وهو سيفعله الأب لو كان حيا، ولعل روحهم في أداء تلك المسئوليات بعد وفاته تكون أعلى.
5 - اغرسي أسسا قوية للصداقة بينك وبين أبنائك من جهة، وبينهم وبين بعضهم البعض من جهة أخرى؛ واجعلي التعامل معهم ينحو منحى الصداقة (التعاون –المشورة – الحوار)، وهذا يعزز إحساسهم بالمسئولية، كما ثبت في دراسة قام بها (برنفنبر) وأوردها د.عبد العزيز بن محمد النغيمشي في كتاب (المراهقون) إذ أشارت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية بين مدى صداقة الأبناء للوالدين وبين إحساسهم بالمسئولية، والعكس صحيح.
6 - حاولي تجنب الإحساس بالقلق والخوف والحزن على أبنائك لفقد أبيهم، كي لا تشعريهم بفداحة المصاب، ويكون ذلك عائقا عن ممارستهم للحياة بشكل طبيعي، وأظهري لهم القوة والصلابة في مواجهة الحياة، وأن الحياة مستمرة رغم وفاة الوالد فلنحياها بسعادة وقوة، وأشعريهم وكرري لهم أنك مقتنعة بأن لديهم القدرة على التعامل مع الحياة بكل نجاح.
7 - اعملي على تعميق صلة أبنائك بالمسجد -وتلك هي خير مجالس الرجال- فالصلوات الخمس في المسجد مع حضور مجالس العلم والتحفيظ ومدارسة القرآن، والممارسة العملية لفعاليات المسجد، من ترتيب صلاة العيد والتراويح وغيره، كل ذلك يبني شخصيتهم البناء المطلوب دينيا ودنيويا، ويمكنك الحديث مع إمام المسجد أو المسئول عن أنشطته عن ظروف أبنائك ورغبتك في إشراكهم في أداء مثل تلك المهام لتعويدهم الخلطة بالصحبة الصالحة ولتعويدهم مجالس الرجال ولبث الثقة في أنفسهم.
8 - لا بد من إشراك أبنائك في لجان العمل التطوعي بالمسجد أو الجمعيات الأهلية، فليشاركوا – مثلا - في توزيع وجبات الإفطار في رمضان وكفالة الأيتام وتعليم الأطفال الفقراء القراءة والكتابة، وتوزيع الملابس على المحتاجين، وغير ذلك من الأعمال الخيرية التي تحتاج لسواعد كثيرة في الوفاء بها، وتأكدي أن الأنشطة الاجتماعية والأعمال التطوعية ستسهم في إشعار أبنائك بالانتماء والتقدير من المجتمع الذي يعيشون فيه من جهة، وتشعرهم بنعم الله عليهم من جهة أخرى.
وطالعي ما يلي لمزيد من الأفكار:
- للشباب.. الحركة بركة
- الكشافة.. توعية الشباب للشباب
ومن جهات العمل التطوعي في المملكة:
- لجنة أطباء الحرمين
9 - لا بد من العمل على تطويل مدة تواجدك معهم ما استطعت؛ فسدس اليوم لا يكفي لأن تشبعي أبنائك من حنانك، وإن كان ما يعيقك هو مسئولياتك العديدة داخل وخارج المنزل، فأشركي أبناءك في أداء بعض مسئولياتك معك؛ ليحسب هذا الوقت في رصيد وجودك معهم، إذ سيتخلل عملكم مع بعضكم البعض الحديث والكلام والحكايات والمسامرات، وهو مما يلزم لتقوية أواصر الصداقة التي تحدثنا عنها آنفا.
10 - لا بد أن تشجعيهم على ممارسة الرياضة في فريق، كالخروج إلى لعب كرة القدم مثلا في فرق، أو الاشتراك في معسكرات أنشطة كشفية؛ فممارسة الأنشطة الجماعية تعزز الثقة بالنفس وتنمي قدرات الفرد على التواصل والتعامل مع الآخرين.
11 - اجعلي في جدولكم اليومي فقرة لمدارسة كتب تحكي عن الصحابة وقصصهم ورجولتهم وكفاحهم ومواقفهم وبطولاتهم، وسير العلماء وما قدموه من إنجازات حضارية، وقوّي ارتباط أطفالك بتلك النماذج، فاسأليهم مثلا: من منكم يود أن يكون في غنى وإنفاق عبد الرحمن بن عوف؟ أو في قوة وشجاعة علي بن أبي طالب؟ أو لباقة عمرو بن العاص؟ أو طبيبا ماهرا كابن سينا؟ وغير ذلك مما يربي لديهم حافزا للاتصاف بتلك الصفات والاقتداء بهذه النماذج.
12 - لا تيأسي من الأقارب الذين لم يبدوا الاهتمام المطلوب برعاية أبنائك، ولا تجعلي جل اعتمادك عليهم – وفيما سبق حاولت أن أوضح لك كيفية ذلك – ومن المؤكد أن دورهم - حتى لو كان ضئيلا - فهو أفضل من عدم التواصل معهم على كل حال.
13 - في الاستشارة التالية التي أجاب عنها مستشارنا د.عمرو أبو خليل ستجدين أعراضا سُئل عنها بخصوص عدم الرغبة في الخروج من البيت، ولكن لاحظي الاختلاف، فالابنة - موضوع السؤال في هذه الاستشارة - فارقت التعليم منذ 5 سنوات، وفترة مكوثها في المنزل طويلة، وبلا مبررات تقريبا. فقد تعينك قراءتها على تحديد ما إذا كان سبب رفض أبنائك للخروج والاختلاط بالناس هو حزنهم على أبيهم واستسلامهم لكآبة الوضع الجديد، وهذا ما عرضنا مقترحاتنا السابقة للتغلب عليه، أم أنه اضطراب يحتاج لعلاج نفسي، وسننتظر إجابتك عن تلك الأسئلة لإفادتك بما يناسب.
ــــــــــــــ(102/319)
ولد بعد ثلاثين عاما من الانتظار العنوان
ابني يبلغ من العمر 7 سنوات، وقد رزقني الله إياه بعد سنين؛ حيث إن أمي لم تنجب أولادًا ذكورًا ورزقت سبع بنات، وأختي الكبرى ثلاث بنات، أي أن ابني "رفعت" جاءنا بعد عشر بنات، وبعد 30 سنة من انتظار الذكور، وقد أخذ نصيبًا كبيرًا من الدلال مما انعكس على سلوكه ونفسيته، فرغم أنه ذكي، لكنه عنيف وخاصة :
مع أخته التي تصغره بسنتين، كما أنه كثير الحركة، فطاقته الحيوية كبيرة جدًّا، ولكن لا يصرفها إلا للإزعاج.
وهو مُجِدّ في المدرسة ومن المتفوقين، فترتيبه الثالث تقريبًا على فصله، رغم عدم حبه للحفظ والدراسة الطويلة والكثيرة، فهمُّه أن يكتب واجباته ويتخلص من مساءلة أستاذه، لا يتجاوب معي في الدراسة ولكنه يتجاوب مع أبيه، يحب أن يمتلك كل شيء ولا يصبر على أن يرى أخته أو أحدًا من زملائه يمتلك شيئًا ليس عنده، رغم أنه في كثير من الأحيان يكون عنده أحسن منه، كما أنه يأخذ الأشياء الخاصة بي وبأخته وبعض أشياء أبيه من دون استئذان.
وهو غيور جدًّا, يحب أن يكون الاهتمام كله له، عند لعبه مع زملائه وأخته معه، دائمًا يكون ضد أخته ويحاول أن يزعجها ولا يشركها في لعبه. يُحِبّ التلفزيون كثيرًا وخاصة برامج الأطفال، وأخذ يتابع المسلسلات الكوميدية، ويغضب كثيرًا في حال منعه من المشاهدة أو إذا أراد الأب أن يتابع الأخبار أو أي برنامج آخر.
وأصبحنا نعاني كثيرًا الآن من سلوكياته التالية: فهو يرفض أن أختلي بأبيه لأي شأن من الشؤون، حتى أنه يغضب كثيرًا إذا خرجت مع أبيه وحدنا إلى أي مكان ولو إلى عملي، فلا يحب أن يرانا وحدنا، فيبكي ويصيح لفترة طويلة، ويكلمني عدة مرات في عملي وهو يبكي لماذا أوصلني أبوه ولم أذهب بسيارة المستوصف الذي أعمل به، رغم أن طريق عملي هو طريق عمل زوجي.
كما أنه يغضب كثيرًا إذا لم أنم معه في فراشه، مع العلم أنه كان ينام وأخته في غرفة مستقلة منذ صغره إلى ما قبل ثلاث سنوات، حيث أخطأت وأحضرته لينام وأخته معنا في الغرفة نفسها، فلم نستطع إلى الآن عزله عنا رغم محاولاتنا الكثيرة.
والآن أصبح ابني همًّا كبيرًا عليّ، فهو دائم الإزعاج لنا فلا أستطيع أن أمارس أموري الزوجية إلا بعد أن ينام ابني، وهو غالبًا ينام في وقت متأخر جدًّا من الليل، بعد أن ينام الجميع، كما أنه أصبح يتدخل في أمور المطبخ، ويحاول أن يفعل أي شيء، ويتدخل في أمور ملابسي وحاجاتي الشخصية، وكثير من الأمور التي يطول شرحها، كما أنه أصبح يتلفظ بكلمات نابية، ويحاول أن يبادلني الضرب في حال ضربه، فرغم حبي الشديد له إلا أني في كثير من الأحيان أصبحت أدعو عليه بالسوء، فحياتي أصبحت شبه جحيم بسببه.
والآن أرجو منكم أن تدلوني ماذا أفعل حتى يصبح ابني مثل باقي الأطفال؟! وحتى تكتمل الصورة لكم لا بد أن أشرح لكم وضع البيت، فزوجي يعمل مهندسًا وأغلب وقته في العمل، وإذا عاد عاد منهكًا، إلا أنه كثير الصمت وقليلاً ما يمزح مع ابننا أو يلاعبه، وأكثر وقته الذي يمضيه في البيت يصرفه على قراءة الصحف والمجلات السياسية والعلمية والدينية، ويتابع برامج التلفزيون وخاصة الأخبار والبرامج الدينية والثقافية، وكثيرًا ما يختلف مع ابننا في سبيل برنامج يريده هو ولا يريده ابننا.
وهو من الملتزمين دينيًّا وهو حازم إلى درجة العنف مع ابننا في بعض الأحيان وخاصة في الليل، ورغم إنه يوفر لنا كل ما نريد - فهو كريم إلى حد الإسراف - فإنه يمنع عن ابننا بعض الأمور والأشياء من باب التربية فحسب، ورأيه أنه يجب عدم تلبية أي طلب يطلبه الابن، رغم أنه في بعض الأحيان يُحضر له ولأخته الكثير من الأشياء والألعاب دون طلب.
وهو يلومني دائمًا على سلوك ابننا، فحسب رأيه أن السبب هو خروجي للعمل وتركه مع الشغالة الحبشية المسلمة الملتزمة الحنونة على أولادنا، والسبب الثاني هو حناني الزائد حسب رأيه وتلبية كل ما يطلب ابننا الوحيد. ولا أنكر أنني أفعل كل ما يطلب في سبيل أن يبقى دون مشاكل وبدون بكاء وصراخ.
أما أنا فأعمل طبيبة في المدينة المنورة، وأعاني من أحد الأمراض المزعجة التي تقلق حياتي وراحتي، وأصبحت أجد راحتي في العمل، فإذا جلست بدون عمل تسوء حالتي الصحية؛ لذلك لا أستطيع ترك العمل، كما أنني أُلبي طلبات ابني من أجل راحتي وصحتي رغمًا عني، وإنني دائمًا ألوم زوجي في مسألة تربية ابني لعدم تدخله الكثير في شؤون حياة ابننا، واهتمامه الكثير بالصحف والأخبار والبرامج الدينية و أنا عكسه تماماً، فأن لا أطيق الصحف أو التلفزيون، وإنما أريد زوجي لي ولأولادي لا للتلفزيون والكمبيوتر والصحف.
أرجو منكم أن تصفوا لي العلاج، فأنا أحترم رأيكم جدًّا، وأدعو الله تعالى أن يوفقكم، وأن يمدكم بعونه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
النشاط الزائد الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأم السائلة/..
نرد عليك السلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سأعيد بعض الجمل التي وردت في رسالتك بعد إعادة ترتيبها حتى
تدركي أنت بنفسك المشكلة ومن المتسبب فيها.. "وهكذا جاءنا رفعت بعد عشر سنوات وبعد 30 سنة من انتظار الذكور وأخذ نصيبًا كبيرًا من الدلال ... ولا أنكر أني أفعل كل ما يطلبه في سبيل أن يبقي بدون مشاكل وبدون بكاء وصراخ.. كما أنني ألبي طلبات ابني من أجل راحتي وصحتي رغمًا عني، وأنني دائمًا ألوم زوجي في مسألة تربية ابني". نكتفي بهذا القدر من الجمل الواردة في رسالتك والتي لم نخترعها نحن أو نضعها على لسانك..
لقد دلّلت هذا الطفل الذكر حتى أفسدته ولا تريدين أن تواجهي نفسك، وتحاولين أن تقدمي المبررات لتصرفاتك، فتارة هو الولد الذكر بعد ثلاثين عامًا من الانتظار، وتارة لا أريد أن أسمع صراخه وبكاءه، وتارة حالتي الصحية، وفي النهاية حتى يرتاح ضميري فلا مانع من أن ألوم زوجي و ...
إن كل ما ذكرته في رسالتك بعد ذلك من سلوكيات سيئة إنما هو نتيجة طريقة تعاملك معه على مرّ السنوات السبع منذ الولادة ... ولكن الأوان لم يفت، لكن الأمر يحتاج منك إلى مواجهة لنفسك أولاً، وإدراك أنه يجب أن تقومي بتغيير طريقتك في الحياة وطريقتك في معاملته إذا أردت أن تحصلي على طفل صالح ...
إن هذا الطفل المدلل الأناني الذي لا يعرف حدوده يحتاج إلى وقت طويل من المعاملة الجديدة المتدرجة المتأنية الهادئة حتى تتغير سلوكياته ... إن أول شيء يجب أن يتعلمه هو أن هناك قواعد ثابتة للتعامل مع أمه وأخته ومن حوله، وأن هذه القواعد ستطبق بكل صرامة على الجميع في كل الوقت بدون استثناءات، وأنه مثلما سيثاب إذا طبق القواعد فإنه سيعاقب إذا تجاوز الحدود بجرم ومن غير قسوة أو مفاجأة.. بمعنى ألا يفاجأ الطفل بين يوم وليلة بتغير المعاملة من النقيض إلى النقيض بدون مقدمات أو مبررات أو اتفاقات..
والحل يبدأ ببساطة بحصر السلوكيات السيئة التي نريد أن نغيرها في ابننا، ثم نقوم بوضع أولويات لأي من هذه السلوكيات نحتاج إلى تغييرها أولاً، حيث لا يصلح أن نقوم بتعديل كل هذه السلوكيات جملة واحدة، ولكن يمكن تقسيمها إلى مجموعات متشابهة ونتعامل معها.. ثم نضع خطة متدرجة في مدى زمني معين للانتهاء من أول مجموعة من السلوكيات الرديئة ثم ننتقل معك إلى غيرها..
ولنضرب مثلاً بسلوكياته في عدم معرفة حدوده في التعامل معك ومع أبيه وتدخله في شئونك.. حيث يبدأ الأمر بالحديث معه في رفض هذه السلوكيات ووضع ضوابط وحدود لها، يتفق معه عليها ويعلم أنها غير مقبولة، وتحدد له عقوبة إذا ما تجاوز هذه الحدود، مثل: الخصام أو الحرمان أو الإبعاد، وتكون هذه العقوبات محددة ومتصاعدة وتطبق دون خوف من بكائه أو صراخه..
فليبكِ كما يشاء وليصرخ كما يريد، ولكن القاعدة ستطبق حتى يتعلم أن سلوكه السيئ سيجر عليه العقوبات لا محالة، وأن أسلوبه القديم في الصراخ أو البكاء لم يَعُد يجدي، وهكذا في مسألة النوم حيث يُنقل إلى غرفته، ولا مانع في أول الأمر من المكوث معه حتى ينام وإثابته إذا نام في سريره مستقلاً لعدة أيام، وعدم الرضوخ مرة أخرى لصراخه أو بكائه إذا طلب العودة للنوم معكم حتى ولو نام في غير غرفته أو نام واقفًا..
ويوضع نظام لمتابعة التلفزيون، ويعلم أنه لا بد من أن يحترم رغبات الآخرين، وتوضع قواعد للجميع كبارًا وصغارًا بحيث يتم التوفيق بينها، وستصبح قانونًا لا يمكن كسره، وبذلك تصبح مشكلته مع القاعدة وليس مع أبيه أو أخته وهكذا.. ولكنك كما ترين فإن الأمر يحتاج منك أنت إلى تغيير في رغبتك في عدم سماع صراخه أو بكائه، فلتسمعيه قليلاً، ولتتحملي قليلاً حتى تستريحي بعد ذلك، وتحصلي على طفل سوي صالح كنت أنت السبب في الوصول إلى سلوكياته، فبدلاً من الدعاء عليه بالسوء استعيني بالله في تغييره.
ــــــــــــــ(102/320)
قلة تركيز أم خيال يحتاج استثمارا؟ العنوان
أنا موسيقي.. وطفلي عمره 8 سنوات.. وهو ذكي ونشيط، مشكلته تكمن في أنه قليل التركيز في المذاكرة.. كثير الالتفات في الفصل.. فما إن تلتفت المعلمة إلى السبورة حتى يتحدث إلى زميله، أو يقذفه بما قد يكون في يده من ورق أو قلم.. وفي بعض الأحيان يتحرك إلى آخر الفصل خلف المقاعد ليلعب.. المدرسون والمدرسات جميعًا يشتكون منه.. وقد أجمعوا كلهم على أنه ذكي ويفهم بسرعة، ولكن مشكلته -حسب كلامهم- تكمن في قلة التركيز، وأنا ألاحظ أنه في بعض الأحيان عندما أشرح له بعض الدروس في المنزل يكون في حالة ذكاء متوهج، ويتجاوب بشكل رائع.. ويعدني بالاستمرار على هذا المستوى.. وفي أحيان أخرى كثيرة أجد أنه لا يتجاوب معي في استيعاب ما أقوله له!! وإذا حفظ درسًا في المساء فلا بد من مراجعته في الصباح قبل الذهاب إلى المدرسة وإلا نسيه تمامًا!!
دائمًا يتخيل.. ويسرح ويتمنى لو أنه يناضل في فلسطين ليقتل اليهود كلهم.. ويتمنى لو أنه يقود طائرة ليجول بها في أنحاء الدنيا.. وهذا الخيال لا يتوقف حتى في أثناء المذاكرة.. فهو يأخذ من موضوع الدرس الذي يدرسه منطلقًا لخيالات وأسئلة يطرحها عليَّ.. وأضطر إلى تعنيفه غالبًا؛ لأننا ندرس شيئًا محددًا الآن.. وأقول له: فيما بعد يمكننا التحدث عما تشاء، فما رأيكم؟
السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
الأب الفاضل، أهلاً بك وبطفلك. وكم كان جميلاً أن يكون الدكتور أحمد عبد الله مستشار - صفحة مشاكل وحلول الشباب
ومدير الفريق ضيفًا على صفحتنا ليكون هو المجيب على تساؤلك. وأتركك مع رده.. (المحررة).
يقول الدكتور- أحمد عبد الله:
الأخ الكريم من الأمثال المصرية العامية: "ابن الوز عوّام" وسؤالك يغري بفتح ملف مهم يشغلني هذه الأيام، وهو ملف "الخيال"، هذه النعمة التي منحها الله للإنسان تمييزًا له عن سائر المخلوقات، هذه الطاقة التي تقف وراء الكثير من القفزات التي غيّرت وجه الدنيا، وحياة الناس عبر التاريخ وفي وقتنا الحاضر.
هذه النعمة الغالية تحولت لدينا لأسباب متعددة وفي ظل ملابسات كثيرة إلى نقمة!!
ورغم أهمية الخيال حيث إنه: لا تقدم دون خيال، ولا توجد نفس صحيحة دون خيال، ولا إيمان دون خيال، ولا حياة سليمة دون خيال، رغم هذه الأهمية القصوى لهذه النعمة الجليلة، والطاقة الهائلة فإنها تبدو في حالتنا عبئًا ثقيلا، وضيفًا غير مرغوب فيه، وخيلا جامحة نريد لها أن تسكن لتجر عربات الخضار، أو تدير السواقي!!
هل أقول لك: إن المؤامرة المنظمة والخطة المحكمة التي نعيشها ونمارسها في القضاء على الخيال تبدو مسئولة -بقدر كبير- عن تخلفنا؟!
هل أقول لك: إننا نستلم الطفل -أي طفل- مؤهلا ليكون عبقريًّا في مجال من المجالات، ثم نجبره على القيام بالواجبات في البيت والمدرسة، والإعلام والمجتمع؛ لنقضي على ملكات الإبداع عنده الواحدة تلو الأخرى عبر مناهج تعليم عقيمة، وبرامج أطفال تسبب التخلف العقلي في أحسن الأحوال، وقمع منزلي يشبه عمليات "غسيل المخ" التي تقوم بها أعتى أجهزة المخابرات، ثم إننا في نهاية الأمر نسأل: لماذا نحن متخلفون؟!
أخي الفاضل أعود لسؤالك عن ولدك، وأقول لك: إن النشاط الحركي وعدم التركيز قد يكونان طبيعيّين لأنهما من معالم هذه المرحلة العمرية، وقد يكونان مرضيين يحتاجان إلى تدخل من طبيب متخصص؛ فكيف يمكن التمييز بين هذا وذاك؟!
أولا: ينبغي أن نبحث هل هناك إشباع لميول الطفل واهتماماته؟! وفي حالة ولدك: هل هناك من وقته في البيت والمدرسة أوقات أو حصص مخصصة للخيال والنشاط الذهني واستثماره؟!
هل أبادر بالقول: لا أعتقد؟!
لدينا الآن في مصر جمعية أهلية أكتفي بذكر اسمها أو مهمتها التي هي الدفاع عن "حق الطفل في اللعب"، فهل نحتاج إلى جمعية أخرى أو ربما قسم من هذه الجمعية للدفاع عن حق الطفل في الخيال؟!
ثانيًا: هل هناك محاولات لاستثمار هذا الخيال في تأليف مسرحية للأطفال أو كتابة قصة أو رسم لوحات؟! وهل هناك حد أدنى من التفهم والتعامل الرشيد مع هذه الملكة في المدرسة أو المنزل غير التعنيف والملاحقة والزجر؟!
ثالثًا: هناك أسباب عضوية لعدم التركيز أو تساهم فيه، على رأسها أنيميا فقر الدم، وسببها الغذاء غير المتوازن الذي يؤثر على الطفل بصورة أسرع من الكبير.. فهل قمتم بتحليل قياس نسبة الهيموجلوبين في الدم لاستبعاد هذا الاحتمال؟!
رابعًا: هناك مرض نفساني معروف في الأطفال، من ضمن أعراضه عدم التركيز، ولكن من خلال وصفك لحالة ولدك أرى أنه -في الغالب- لا يعاني من هذا المرض بإذن الله تعالى.
وفي سبيل التعامل مع حالة ولدك تعال نبدأ بالخطوات التالية، مستخدمين الخبرة الميدانية، وبعض "الخيال" المفيد:
- ما رأيك لو جعلنا نشاط التخيل عند ولدك هو الأصل في البيت، شريطة أن ينجز واجباته المدرسية في الوقت المخصص لها، وأن تخصص الجزء الأكبر وليكن بنسبة 3:2 للخيال، وليكن الخيال موظفًا في نشاط يستثمره ويطوره:
رسم، أو تأليف شعر، أو كتابة قصص للأطفال ... ونقوم بتوثيق هذا الإنتاج بصور بسيطة: تسجيل، صف للنصوص على الحاسوب.
- ما رأيك لو حاولنا أن نجعل الخيال طريقًا للدرس، كما يجعل ولدك للدرس طريقًا ومنطلقًا للخيال كما تقول؟!
- ما رأيك إن بحثنا على الإنترنت عن المجموعات المهتمة بإبداع الفتية والأطفال، وهي متوافرة، ولكن تحتاج إلى بعض البحث، واتصال ولدك بمن لهم الاهتمام نفسه سيشبع بعض احتياجه، ويجعله يستطيع تفريغ وقت أكبر بتركيز أكبر للمذاكرة في أوقاتها.
- ما رأيك لو حاولنا الوصول إلى حل وسط فيما يخص سلوكه بالمدرسة، فلا نطمح ولا نسعى إلى أن يكون الطفل المعتاد المطيع الساكن في الفصل، كما لا نرضى بأن يكون بهلوان الفصل.
إن توجيهنا له بأن لكل نشاط وقته وأهميته، هذا التوجيه لا معنى له إن لم يتوافق معه تشجيع عملي وبرامج حقيقية لممارسة نشاط التخيل الذي قد نقول: إنه جميل ومهم، ولكننا لا نفعل حياله إلا القمع، على حين نسلك مسلكًا آخر تجاه نشاط التعلم مثلا فنلحقه بمدرسة نظامية عظيمة تقمع خياله.
وقد يجدر بنا أن نتعرف أكثر على المشكلات التعليمية التي من المتوقع أن يواجهها طفل كهذا، وأن ندخل طرفًا أصيلا متعاونًا في حلها دون أن نبدو دائمًا في صف المدرسة ضد الطفل، بل يكون للأسرة دور متفهم لاحتياجات ومواهب الطفل من ناحية، ومتطلبات المدرسة من ناحية أخرى، وتبحث الأسرة دائمًا عن حلول معقولة في إدارة العلاقة بين المدرسة والطفل.
وأخيرًا فإن الربط بين التعلم المدرسي وغير المدرسي، وتنمية الخيال وتطويره بعد احترامه والاعتراف به.. هو مهمة من المهام الغائبة عن أداء الآباء والأمهات في عالمنا العربي المسكين.. فهل نتعاون على سد هذه الثغرة؟!
أهلاً بك، وتابعنا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/321)
ابنتى تزيني بجمال الروح-مشاركة من خبير العنوان
مشاركة من الأستاذ محمد حسين الخبير بالصفحة للاستشارة التي وردت تحت عنوان:
ابنتى تزينى بجمال الروح السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
يقول الأستاذ محمد حسين الخبير التربوي:
إن مشكلة الصغيرة "لونا" ليست فيها، ولكن المشكلة مشكلة من حولها من أم وأصدقاء وزملاء، اسمحوا لي أن أكون صريحًا، فمَن حول "لونا" مترسخ في أذهانهم معايير خاطئة، معايير جمال الإنسان واتخاذ معيار واحد هو الشكل "إن وجد"، أو لون الإنسان في الحكم على الجمال، ونسوا أن الإنسان جسم وعقل وروح وسلوك، كل متفاعل ينتج عنه شخصية واحدة، نسوا أن الله سبحانه عندما وصف المصطفى عليه أفضل الصلاة السلام قال - سبحانه -: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم".
هؤلاء القوم قد رجعوا بنا إلى الجاهلية الأولى، حيث العنصرية والقبلية، ونسوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "...لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ... ".
كيف تقول أم لابنتها كلامًا يؤثر على نفسيتها "بقيت وحشة وسودة"؟ كيف تفاضل أم وتقارن بين ابنتيها على أساس من اللون والقبح والجمال؟ كيف أصبحت "لونا" تحس وتشعر بأن أمها لا تحبها؟ لا بد من أن تصرفات الأم جعلت "لونا" تحس هذا الإحساس البغيض، إن التفرقة في المعاملة بين الأبناء تؤدي إلى شعور الطفل بأنه غير محبوب وغير مرغوب فيه، وقد حثّنا المصطفى عليه الصلاة السلام ألا نفرق في العطايا بين الأبناء ولا حتى في القبلة.
ويصبح الطفل من هذه التفرقة ميدانًا لحالة من التوتر، وكلما ازداد التوتر ازداد عدم الاتزان الانفعالي، وغلبت على الشخص ظاهرة الاضطراب بأشكاله المتعددة، واضطراب تكيفه، وإحساسه بالنقص، وهذا ما حدث لطفلتنا "لونا" من كثرة معايرتها بأنها سمراء وليست كلون والدتها وأختها، وأنها ليست جميلة، وترسب، فكُبِت وأصبح ينغص عليها حياتها، وجعلها تهرب من الأسرة، وتنطوي وتتأخر في دراستها.
وكل سوء التكيف هذا عند "لونا"، سواء الشخصي أو الاجتماعي والإحساس بالقلق عندها يعود في الأصل إلى انعدام الدفء العاطفي في الأسرة، وشعورها بأنها طفلة منبوذة، محرومة من العطف والحب والحنان، كل هذا مع عدم الإحساس بالعدل بينها وبين أخواتها قد أيقظ مشاعر الاضطراب والقلق عندها، متخذًا مظاهر التأخر الدراسي والانعزال والانطواء وقولها لأمها: "أنت لا تحبينني".
والعلاج هو دفء المشاعر والحب وإشعارها بالحب و عدم مقارنتها بالآخرين، وبث الثقة في نفسها، والله الموفق.
الخوف من التحرش.. كيف نقوّم ولا ندمر؟ العنوان
الإخوة الفضلاء.. السلام عليكم. لي ابنة في السابعة من عمرها محبوبة وتحافظ على الصلاة ومتفوقة وتدرس في مدرسة إسلامية. المشكلة أن جارة لنا لها ابنة عندها 6 سنوات قالت لابنتنا منى: إن أمها حذرتها من أن تسير مع أي ولد يكبرها؛ حتى لا يأخذ منها ذهبها أو يؤذيها، فقالت لها ابنتنا: إنه يوجد في المدرسة ولد في الصف الثالث الابتدائي يأخذ البنات في حجرة بالمدرسة ويقبلهن ثم يأخذهن إلى الكازينو، ثم قالت لا تخبري أمك بهذا الحديث.
وعندما أخبرت جارتنا زوجتي بالحديث الذي دار بين الطفلتين، أحضرت زوجتي ابنتنا وسألتها عن هذه القصة فقالت الابنة إن صديقتها ريم في الفصل هي التي أخبرتها بهذا الأمر. وحاولت زوجتي بالترغيب والترهيب أن تعلم إن كان هذا الصبي قد فعل معها شيئًا فأقسمت أنها حتى لا تعرفه.
الرجاء منكم العون في كيفية معالجة هذا الأمر، هل من الممكن أن يحدث مثل هذا، مع العلم أن بالمدرسة رقابة على الأطفال ورقابة على دورات المياه، وفصلا بين الذكور والإناث فيها. هل الموضوع كذب واختلاق؟ ما هو التصرف التربوي الصحيح الذي يقوّم ولا يدمر؟
السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم، وأول ما أحب أن أبدأ به الحديث معك هو الثناء على ذكاء سؤالك، ولعلها فراسة المؤمن الذي يرى بنور الله تعالى، وما أعنيه هو ذكاؤك في التعامل مع الموقف الذي رويته في رسالتك؛ إذ إنك -بعيدًا عن الانفعال- قررت أن تتأكد أولاً من صحة وواقعية رواية ابنتك وبعدها عن الخيال أو الكذب أو الاختلاق، ومن ثَم التصرف بشكل صحيح بما يقوِّم ولا يدمر.
وهيا بنا يا أخي نفكر في رواية ابنتك معًا مليًّا:
أولا: ما قد يرجح كفة كون الأمر اختلاقًا وتخيلا أو لعله كذب من صديقة ابنتك (ريم) نفسها، هو الرقابة الدقيقة في المدرسة والإجراءات الواعية التي تتبعها -على حد تعبيرك- لتفادي أي مشكلات من هذا النوع.
ثانيًا: ما قد يرجح كون الأمر حقيقة هو وجود فرص للقاء الأطفال في غير رقابة المدرسة في أوقات الفسحة مثلاً أو بين الحصص أو في حافلة المدرسة أو بعد انتهاء اليوم الدراسي وانصراف التلاميذ والمدرسين من المدرسة.
ولكي نحدد هذه المسألة فالأمر يحتاج لما يلي:
1- مقابلة شخصية مع الطفلة مع طرف ثالث -غيركما أنت والأم- بحيث يكون متخصصًا في الطب النفسي، ولا مانع لديّ من إجراء هذه المقابلة ومعاونتكما في ذلك، وبالتراسل مع بريد الصفحة يمكن تحديد إجراءات هذه المقابلة.
2- التعرف على مدى صحة الرواية، والتأكد من عدم تعرض الطفلة لتلك التجربة لن يتم بالكلام مطلقًا، بل هناك أساليب أخرى متنوعة من الرسم واللعب بالصلصال وأدوات مختلفة يتم تحليل استخدام الطفلة لها، مع توظيف استخدامها لها من قبل المتخصص، ثم تدوين الملاحظات عن ذلك للحصول على نتيجة دقيقة.
3- محاولة نزع الاعتراف من الطفلة يُعَدّ في حد ذاته ترهيبًا سينفي بالتأكيد دقة المعلومات التي تدلي بها الطفلة.
4- بوجه عام لا بد من إشعار الطفلة بالأمان الشديد والرحب والسعة في صدريكما أنت وأمها تجاهها، واغمرها بالحنان الشديد باستمرار لتعتاد الصدق، ولكي تتأكد أن الخير لها أن يعرف والداها عنها كل شيء لأنهما يساعدانها ويخففان عنها ويؤمناها من كل خوف أو تهديد، ولا يستجوبانها ولا يعاقبانها على الخطأ، بل يعلمانها كيف تتفاداه لتكون تصرفاتها دائمًا صحيحة وليحبها كل الناس.
وطالع المقترحات الداعمة لتلك النقطة بالتفصيل في استشارة:
- كيف نعلمهم أن الصدق منجاة؟
5- لا بد من إبلاغ المدرسة بهدوء ودون شوشرة بهذا الكلام لتأكيد الرقابة على الغرف الخالية أو التي لا تستخدم بشكل مستمر، وبخاصة تلك التي تكون في نهايات الردهات أو في المباني الخلفية وغيره.
5- لا بد من التواصل مع والدة الطفلة (ريم) صديقة ابنتك والحديث معها والتعرف على الأسرة، ومدى الاهتمام بتنشئة الأطفال فيها بشكل سليم، ويفضل أن تذهبا للمدرسة وتحاولا سؤال (ريم) عن اسم هذا الطفل الذي تحكي عنه لينال عقابه على ما يفعل من أخطاء، وإن كان لأم ريم استعداد لتقوم بهذه المهمة بشكل تربوي سليم دون إرهاب للطفلة أو إيذائها فلا مانع.
ولا شك سيتم الوصول للحقيقة لكن لا بد من تجنب إرعاب الأطفال أو حتى الولد المشار إليه سواء ثبت أن الأمر حقيقة أم من نسج خيال ريم أو منى.
وبشكل عام فلا بد مما يلي:
1 - مشاركة منى في اختيار صويحباتها بشكل سليم، والتعارف الأسري على أسر صديقاتها؛ للتأكد من التقارب في أسلوب تنشئة الأطفال، ولمزيد من رعاية والحفاظ على الأبناء.
2- لا بد من توعية منى بمواصفات الشخصية السوية السليمة من الصدق، والحياء، والكرم، والاجتهاد، والأدب، واحترام الأكبر، والأمانة، والشجاعة في الحق... إلخ، مع دعم ذلك بالقصص لتقريب معنى كل صفة؛ بحيث تكون تلك المواصفات نصب عينيها لتتصف بها، وليكون التطبيق العملي لكل قصة هو الاتصاف بتلك الصفة ومحاولة تطبيقها، وكذلك لتبحث عنها فيمن تصادقهن ويكون الوازع نابعًا من داخلها لمفارقة من لا يتصف بتلك الصفات أو من يرفضها ويصرّ على الخطأ.
3 - لا بد من ملاحظتها جيدًا دون إخافتها أو حصارها، ومتابعة أنواع لعبها وممارساتها اليومية مع صديقاتها ومع نفسها.
4 - يفضل أن يكون لعبها مع الأطفال أمام أعينكما أنت والأم ما استطعتما؛ فلو أمكن أن تلعب مع ابنة الجيران في بيتكم لتكون متابعة الطفلة أيسر -دون إشعارها طبعًا- فسيكون ذلك أفضل بلا شك.
5 - لا بد من توعية الطفل بقواعد التعامل مع الناس، وأن البنت الجميلة لا يقبّلها سوى والدها أو جدها أو عمها فقط، أما أي أحد آخر فلا يصح أن يقبلها، وأن الله يرانا في كل مكان مع دعم ذلك بالقصص، وبالتالي فما لا يصح أن يفعله الإنسان أمام الناس لا يصح أيضًا أن نفعله في الخلوة.
6- يجب أن تتعلم الابنة خصوصية كل جزء من جسمها من خلال حوارات موظفة لهذا الغرض لا تشعر فيه الطفلة بالافتعال أو النصح والصيغ الإرشادية، فمثلا عند تحميمها تقول لها الأم: "شعرك جميل ومنسدل؛ لأنك تأكلين جيدًا، ويداك أصبحت ممتلئة وقوية أيضًا، وكذلك قدماك.. أتعرفين أن أجزاء جسمك نعمة جميلة أعطاها الله لك، وهي لك وحدك لا ينبغي أن يلمسها أو يرى أحد أي جزء منها إلا أجزاء معينة كيديك وقدميك ووجهك... إلخ، لتحافظي عليها، حتى أنا لا ينبغي أن أحميك حين تكبرين؛ لأن جسمك يخصك وحدك وليس من حقي رؤيتك بلا ملابس، وكلما كبرت وأصبحت مثل ماما صرت أجمل وأصبحت أجزاء جسمك في حاجة لرعاية أكبر وحماية ومحافظة لتظل جميلة"، وهكذا... المهم أن يكون الحوار موظفًا ومتبادلا بين الأم وطفلتها.
وطالعي ما يلي للاستزادة في هذه الجزئية.
- علاج التحرش.. التفاصيل مهمة
7 - لا بد من تحري عدم مشاهدة الطفلة لأي مواد إعلامية غير مناسبة قد تسعى الطفلة لمحاكاتها.
أخي الفاضل.. تأكد أن الله تعالى لن يضيع عملك ودورك التربوي مع طفلتك الذي تجتهد فيه وتحسنه فـ"اللهُ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا"، وطالما أنك تتحرى لابنتك التنشئة السليمة وتتخير لذلك كل الوسائل فتأكد أن الله عز وجل سيؤازرك إن شاء الله، ويسعدنا أن نتلقى مزيدًا من استفساراتك وتساؤلاتك ومتابعاتك بتطورات الموقف في أقرب فرصة، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/322)
الحضن الدافئ يذيب جبال الثلج العنوان
عندي خمس بنات أكبرهن،حنان التي تبلغ من العمر 15سنة وهي فتاة ذكية تحصيلها العلمي جيد جدًّا، تمتلك عدة مهارات ومواهب منها: الخط، والرسم، والكتابة الأدبية بما يناسب سنها، ومع ذلك فهي خجولة ومترددة في مواجهة أي جديد سواء كان هذا الجديد شخصًا تتعرف عليه أو حدثا، ويظهر عليها ذلك عند مقابلتها للناس للمرة الأولى؛ حيث تحتاج إلى وقت طويل لتنطلق في المشاركة بالحديث، تنظر دائمًا لما يتميز به الآخرون وتفتقده؛ فتشعر بالإحباط. السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
الأم السائلة، لا نملك حيال ما وصفت به ابنتك إلا أن نقول كما علمنا رسولنا الكريم: "باسم الله، ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، وحفظ الله ما أنعم به عليها، ونفعها بما تتعلم، ونفع بها.
ونأتي معك إلى الجزء الثاني من الاستشارة، تقولين: إنها مع هذه المواهب التي ذكرت خجولة ومترددة في مواجهة أي جديد، ولهذا تفسيره، فهي الطفلة الأولى ـ كما حددت في تربيتها ـ والعادة عندما تتزوج الفتاة وترزق بطفلها الأول لا يكون عندها خبرة تربوية كاملة بكيفية تربية الأطفال وإشباع احتياجاتهم المختلفة خاصة النفسية، في الوقت الذي لا يزال انشغالها بالزوج ورعاية البيت، يأخذ حيزًا كبيرًا من أولويات اهتماماتها، وبالتالي يقع الطفل الأول فريسة للإشباع العاطفي غير الكامل، وكأننا أعطينا للطفل وجبة لبن لذيذة لكنها غير مشبعة.
والخجل يمثل مرحلة من مراحل نمو الطفل يبدأ في التخلص منه بعد السنة الثانية إذا حصل له الامتلاء النفسي ـ باهتمام الأم به عند الولادة وعدم انشغالها عنه؛ ولهذا الاهتمام أهميته، وهو المسئول عن بناء الثقة داخل الطفل، تلك الثقة التي تمثل بالنسبة للطفل جواز المرور والانطلاق إلى العالم الخارجي بكل الحرية، إنه جواز لا تمنحه سوى جهة عليا وحيدة، بشرط واحد، ويكتب فيه عبارة واحدة؛ تلك الجهة هي الأم، والشرط هو حصول الطفل على الإشباع العاطفي الكامل، وأما العبارة فهي ما يُسطر في البنية النفسية للطفل (أنا موجود إذًا أنا محبوب) وهي تساوي الثقة.
ونعطي مثالاً للانشغال حتى نفهم المقصود به وكذلك أثره، وسنعطي لذلك مثالاً ظاهرًا فما من أم لم تقم بعملية تدريب طفلها على تنظيم عملية الإخراج، ولكل منهن أسلوبها في ذلك ـ ولا مجال هنا لمعالجة هذه الأساليب ـ لكن سنأخذ أحد هذه الأساليب، فأحيانًا تقوم الأم بعملية التدريب دون تفرغ؛ لانشغالها الشديد بأشياء أخرى، فيتسم تدريبها لطفلها بنفاد الصبر الذي يصل أحيانًا للقسوة.
وهذا الانشغال يترجمه إحساس الطفل بأنه مرفوض من أمه لأنه قذر، ويصعد الأمر عند بعض الأطفال إلى صدمة في اللاشعور يظهر في صورة الانطواء وعدم التلقائية، وبصفة خاصة، وإذا أضفنا إلى هذا التفسير رؤية ابنتك لاهتمامك بأخواتها الأربع الأصغر منها، ومما سبق يمكن فهم إحساسها الدائم بتميز الآخرين ـ فقد كانت تحس بداخلها أن هناك من هو مستحوذ على اهتمام الأم غيرها، وهم دومًا الإخوة الأصغر سنًا.
والسؤال الآن: هل يمكن تعويض ما فاتها؟ هل يمكن ملء هذه الفجوة العاطفية؟
نعم، على أن تلتزمي أيتها الأم بعلاج أصل المشكلة وتهملي الظواهر (الخجل ـ التردد ... ) بعدم التعليق على هذه الظواهر أو الاهتمام بها، ثم يأتي دورك في تعويضها في المراهقة عما فاتها من اهتمام في مرحلة الطفولة، فما عليك سوى إعطائها مزيدًا من الاهتمام الذي يشعرها بأنها تملك مشاعرك، احتضنيها كأنها طفلة صغيرة، واستثمري مراهقتها في توثيق العلاقة بينكما وجعلها مجالاً للحوار، تكلمي معها عن أحاسيسها ومشاعرها، اعملي على نقل خبراتك لها بلغة الصديق والأخت وحنان واستيعاب الأم، افعلي كل ما من شأنه أن يزيد ثقتها بنفسها بأن تنتبهي لصفاتها الإيجابية وغضي الطرف عن صفاتها السلبية، فلا تقولي لها: أنت ذكية ومتفوقة لكن لو تتخلصين من خجلك سيكون أفضل.. وهكذا..
وقولي لها: أنا وأنت معًا هذا يكفي لا داعي للاهتمام بمن حولنا، تصرفي على أساس مما تؤمنين به من مبادئ لا بناء على آراء الآخرين فيما تفعلينه. واحكي لها حكاية جحا وابنه حينما حاولا إرضاء الناس، فركبا الحمار معًا؛ فسخر الناس؛ وقالوا: إن الحمار لا يتحملهما. وركب جحا ومشى ابنه؛ فسخر الناس وقالوا: يركب الكبير ويمشي الصغير الضعيف. وركب الابن على الحمار ومشى جحا بجواره؛ فاستهزأ الناس، وقالوا: كيف يركب الصغير ويمشي الكبير. وبعد ذلك حملا الحمار سويًا؛ فأدخلهما الناس مصحة للأمراض العقلية.
استثمري مواهبها في تشجيعها على الكتابة؛ لأن تعبيرها عما بداخلها بالكتابة الأدبية سيعوِّض جزءاً مما فقدته في البناء النفسي وأدى إلى خجلها وترددها.
كل ما أريد أن أقوله: إن ما ترتب على الإشباع العاطفي غير الكامل في صغرها ظهر الآن في ترددها وخجلها، مثل جبل الثلج الذي ترسب لديها في اللاشعور، هذا الجبل لن يذيبه التوجيه اللفظي والكلام، بل سيصطدم به ويزيده صلابة، ولن يذيبه سوى دفء حضنك واهتمامك وثقتك فيها؛ فاجعلي مهمتك تذويب الثلوج بعيونك الحانية وحضنك الدافئ.
ــــــــــــــ(102/323)
أمي.. تركتِني فلا تلومي عنادي العنوان
بداية أود أن أقدم نبذة عني:
أنا امرأة متزوجة وعاملة في نفس الوقت، أخرج من المنزل من الصباح حتى الثانية والنصف ظهرًا يوميًّا، ولي طفل عمره سنتان؛ ولهذا فأنا أضطر لأن آخذه كل يوم صباحًا إلى منزل والدتي، وفي اليوم التالي إلى منزل والد زوجي، وهكذا دواليك حتى نهاية الأسبوع.
في بداية الأمر كنت أظن أن هذا سيؤثر على طفلي سلبيًّا، ولكنه -والحمد الله- على درجة عالية من الذكاء لا تستطيعون تصورها، وهو لمَّاح، ونطقه سليم مائة بالمائة، ولكني أعاني من عناده المتكرر، فمثلاً أقول له: لا تفعل كذا وكذا، ولكنه يفعله عنادًا، هذه نقطة.
نقطة أخرى تقلق والده ألا وهي أن طفلي أحيانًا لا يرغب في أن يقبّله والده أو حتى يضع يده عليه، أو حتى يمزح معه -مجرد مزاح- وحتى كأس الماء لا يقبل أن يشربه من يده، ويطلبني أنا أن أفعل له هذا، بالرغم من أن أباه حنون عليه جدًّا جدًّا، وأحيانًا فقط يقسو عليه؛ إذا دعت الحاجة.
ملاحظة:
طفلي يحب خاله حبًّا كبيرًا جدًّا، ويحب عمه أيضًا كثيرًا؛ لأنهما يلاعبانه كما لو كانا طفلين مثله، هذا بالإضافة إلى أن طفلي إلى الآن لم تنضبط عنده "عملية التبول" مائة بالمائة، فهو أحيانًا ينسى أو يتناسى -لا أعرف- فهل كل مشاكلي ومشاكل زوجي مع طفلي سببها غيابي عنه مدة 6 ساعات يوميًّا، أم ماذا؟
أتمنى أن تردوا على أسئلتي في أسرع وقت ممكن، ولكم جزيل الشكر.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأم الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلاً برسالتك التي تنضم إلى رصيد معاناة الأمهات العاملات، ولعلي هنا لا أناقش أسباب عدم تمكنك من تفرغك لرعاية طفلك.. فلهذا أسبابه التي يجب أن تناقشيها مع نفسك ومع زوجك لتحددي أولوياتك في هذه المرحلة وتكون أمامك الخيارات ومميزات كل اختيار وتوابعه، فهذا جزء أساسي في فهم سلوكيات طفلك والتعامل معها.
ودعيني أوضح الأمر بالإجابة عن تساؤلاتك مباشرة:
لماذا يحب هذا الطفل ذو العامين خاله وعمه، ويرفض التعامل مع أبيه؟ نعم إن أباه حنون جدًّا -على حد وصفك في رسالتك- ولكن يبدو أنه لا يجيد التعبير عن هذا الحنان، وهو ما يقع فيه كثير من الآباء، حيث تمتلئ قلوبهم بحب أبنائهم، ولكنهم لا يجيدون التعبير عن هذا الحب، في حين نجح الخال والعم في ذلك حيث يلعبان مع هذا الطفل، وينزلان إلى مستواه.
ولا يكتفي الأب بعدم قدرته على التعبير عن حبه، ولكنه يقسو أحيانًا على هذا الطفل، كما ذكرت في رسالتك عندما تدعو الحاجة، ونحن نرى أنه لا حاجة تبرر القسوة بأي حال؛ لأن القسوة تعني تجاوز الحد في التوجيه.
وإذا أضفنا إلى ذلك افتقاد الطفل لأمه؛ نتيجة لتركك المبكر له مما ولَّد عنده شعورًا بعدم الأمان بحيث أدى ذلك إلى ارتباط شديد بك عند حضورك أمامه، بحيث يرفض أن يقوم أي شخص بتأدية أي عمل له.. ببساطة سبب سلوك ابنك تجاه أبيه وتجاهك هو عدم قدرة أبيه على التعبير عن حبه، وافتقاده لأمه.
وبالنسبة لما تسمينه عنادًا فهو أمر طبيعي في هذه السن، حيث إن الطفل يريد -برفضه للأوامر- أن يعلن أنه موجود، وأنه شخصية مستقلة، فطالما تحكمتُ في التبول، وطالما أستطيع المشي، وبدأت أعبِّر عن نفسي بالكلام؛ فأنا يحق لي أن أقبل وأرفض وأختار، وهذه نقطة مهمة يجب أن يفهمها الآباء والأمهات، بمعنى أن للطفل في هذه السن ذاتًا يحب أن يعبر عنها، ويحب أن تُحترم وتقدر، بمعنى أن الآباء يجب أن يكفوا عن التدخل والتوجيه المستمر لأطفالهم؛ لأن هذا يشعر الأطفال بالتوتر، ويشعرهم بالعجز، فيجب أن يتعلم الآباء أن التدخل لا يكون إلا في حالة الخطر، أو القاعدة التربوية المطلوب مراعاتها.
والمقصود بالخطر: الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يؤذي الطفل أو يوقع الضرر عليه، وليس الخطر المتوهم.
والقاعدة التربوية هي أمر متفق عليه مع الطفل مسبقًا يعرف حدود الخطأ والصواب فيه، والحافز والعقوبة التي تخصه، وذلك لا يمكن أن يستوعبه الطفل ويستجيب له إلا إذا كانت بينه وبين والديه جسور متينة من الصداقة والتواصل المقامة عبر إعطاء الطفل حقه من الرعاية والحنان والاهتمام والاستغراق معه في جملة من النشاطات التي يكون الهدف منها في هذه السن: إمتاعه ومشاركته ألعابه الخيالية وإقامة حوار طويل معه يكون الفاعل فيه ليس طول المدة الزمنية المقضية مع الطفل بقدر ما يكون الحضور المستغرق مع الطفل؛ وبالتالي لا يمكن أن يتقبل الطفل أن يكون توجيهه أمرًا مفاجئًا. أما التدخل المستمر في حياة الطفل وحركاته وسكناته وعناده.. فأمر يؤدي إلى توتر الطفل وعناده.
ولنتخيل نحن الكبار زوجة أو زوجًا وقد تدخل أحدهما في حياة الآخر بالصورة التي نتدخل بها في حياة أطفالنا.. إن الزوجة التي يتدخل الزوج في كل تفاصيل حياتها لا بد أنها سترفض ذلك حتى من باب العناد.
أما بالنسبة للتحكم في التبول.. فإننا لا نتوقع من طفل العامين أن يتحكم بنسبة مائة بالمائة، وسيظل يفلت منه، المسألة ليست تناسيًا، ولكنها انشغال باللعب، هل أجبنا على سؤالك؟ أما زلت تحتاجين إلى إجابة مباشرة.. نقول: نعم، إن غياب الأم المبكر عن رعاية طفلها والاهتمام به -حتى ولو لمدة 6 ساعات- يؤدي إلى كثير من المشاكل بالنسبة للطفل.. إن الأم في السنوات الست الأولى من حياة الطفل عنصر هام في شعوره بالأمن، والثقة بنفسه، والثقة فيمن حوله.
إن أطفالنا أمانة في أعناقنا يحتاجون إلى رعاية حقيقية منا لا تستطيعها إلا الأم. إن دراسات علم النفس أثبتت أن الطفل الذي تغيب أمه عنه أكثر عرضة للتوتر النفسي، والحركات غير الإرادية وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين.
إن التربية عملية طويلة صعبة مستمرة تحتاج إلى تضافر الجهود وتنسيقها بين الأم والأب.
أعانكم الله وشكرًا لسؤالكم واهتمامكم.
وينتهي كلام د. عمرو أبو خليل.
ويبقى كلمة نوجهها لك:
فمشكلتك يقع فيها الكثيرون من الآباء والأمهات بصور مختلفة سببها واحد وهو الاعتقاد السائد "بخرافة المخ الصغير للأبناء" فيتعامل الآباء مع أبنائهم الصغار على أنهم لا يستوعبون أمورًا كثيرة، وأن تربيتهم ورعايتهم سهلة، في حين أن الطفل الصغير يتمتع بذكاء فطري قوي يجعله يتحايل أحيانًا على الوالدين -في أمور تبدو بسيطة- لينال ما يريد.
فبالنسبة لابنك ستجدين:
* بالنسبة لعناده: قد يكون للأسباب التالية:
- اشتراك عدد كبير في تربيته مع اختلاف أساليبهم في التربية، فما تمنعينه أنت قد يسمح به غيرك "الجدة، الجد، العم، الخال...".
- عدم الحسم، فعندما تقولين: لا.. على أمر ما؛ يبدأ هو في البكاء والصراخ فلا تجدين حيلة إلا الاستسلام لطلبه، وبهذا التصرف تغرسين فيه خصلة العناد.
- التدليل الزائد من جانبك، ربما لرغبتك في تعويضه عن ساعات غيابك.
- إلى جانب أن سن 2 : 4 قد يزداد فيه عناد الطفل مع والديه، فهو سلوك متوقع ويتطلب حسن تصرف.
وعلاج هذه المشكلة يكمن فيما يلي:
1 - أن تقللي عدد المشاركين معك في تربية ابنك، أو على الأقل تتفقين معهم على أسلوب واحد متبع.
2 - الاعتدال في التربية بين التدليل والحزم.
3 - إياك أن تقولي "لا" على أمر ما ثم ترجعي فيه، مهما فعل ابنك، بل يجب أن تصري على موقفك؛ فالرجوع يعني أنه إذا زاد عناده فسينال ما يريد.
4 - لا تجعلي ضغوط العمل والحياة تؤثر على علاقتك بابنك، أو تجعلك تتهاونين في أموره، فهو أمانة في عنقك.
*أما بالنسبة لعلاقته مع أبيه:
فتصرفه طبيعي، وسيتغير مع الوقت، وتعلقه بعمه وخاله -غالبًا- بسبب وجودهما معه فترة أطول، وعلاج هذه المشكلة يكمن في زيادة الوقت الذي يقضيه الأب مع ابنه لتقوى علاقتهما، وفي محاولات الأب المستمرة في التعبير عن حبه للطفل.
ذوي الحاجات الخاصة..مواقع وجهات العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
هل هناك مواقع أو جهات تقدم نصائح خاصة بكيفية التعامل مع الأطفال ذوي الحاجات الخاصة؟ وجزاكم الله خيرًا
السؤال
الإعاقات الجسدية والمركبة الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
الأخ السائل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سعدنا بخطابك، فهو الأول تحت تصنيف ذوي الاحتياجات الخاصة، ويجب أن نؤكد هنا للقراء أن لدينا عددًا من الاستشاريين المتخصصين في هذا المجال، وهم على استعداد لمد يد العون بالإجابة عن كافة التساؤلات الخاصة بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وللأسف قد يذهب البعض إلى الاعتقاد بأنهم (معوقون)، في حين أنهم ليسوا بحال من الأحوال (معوقين) لتنمية وتطور المجتمع، بل هم مثل غيرهم الأصحاء حباهم الله تعالى قدرات وعزائم وهمم، وهي عناصر دافعة لعجلة التطور والتنمية.
وفي تراثنا الكثير من هؤلاء مثل أحد فقهاء التابعين المشاهير "عطاء بن أبي رباح"، كان فقيه مكة، وكان ينادي المنادي أيام الأمويين، يقول: لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح في موسم الحج. ولما جاء "عبد الملك بن مروان" للحج أيام الخلافة وكان جالسًا ومعه أشراف الناس، ثم جاء عطاء بن أبي رباح من بعيد، فعندما لمحه قام من سريره واستقبله وأجلسه بجواره، ثم جلس بين يديه، وقال حاجتك يا أبا محمد، فقال له: اتق الله في حرم الله وفي حرم رسول الله وفي المسلمين، وفي كذا وكذا، فقال أفعل، سألت لغيرك فما حاجتك؟، قال ليس إلى مخلوق حاجة.
عطاء بن أبي رباح هذا كان رجلا يصفه الذين ترجموا له بأنه كان أسود، أفطس، أعرج، أشل، وكان يقاتل مع "عبد الله بن الزبير" فقطعت يده أيضًا؛ ومع هذا عبد الملك بن مروان يقوم من سريره ويجلسه، وكان أحد أئمة المسلمين، وهو ليس الوحيد.
وفي حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن الجموح، وهو من الصحابة الأخيار، وكان شيخًا كبيرًا، وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان أعرج، وعندما طلب أبناؤه المجاهدون منه التخلي عن الجهاد؛ لأن الله أعفاه بقوله تعالى: "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج"، قال: "إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة" وقد نال ما تمنى من الشهادة.. وغيرهما.
ــــــــــــــ(102/324)
الطفل الأول: عدواني.. كثير الحركة.. مكتشف!! العنوان
سم الله الرحمن الرحيم، طفلي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، وتواجهني معه بعض المشكلات، أذكرها لكم باختصار:
أولاً: التأخر في الكلام؛ إذ إنه وإلى هذه السن مصطلحاته قليلة جدًّا وإن كان -بفضل الله- يستطيع التعبير عن احتياجاته ورغباته بصورة جيدة، علمًا بأنه ما شاء الله في الفهم والاستيعاب، ويتصرف بذكاء شديد في كثير من المواقف.
ثانيًا: أنه كثير الحركة بدرجة تلفت انتباه الكثير من الناس؛ فهو لا يحب أن يجلس في مكان واحد والركود مثل (صالة انتظار في مستشفى أو خلاف ذلك)، فأجد أنه لا بد لي من أن أشغله أو أمشي معه حتى يمضي الوقت، ومع ذلك فهو قد يهدأ عند انشغاله ببعض الألعاب التي تستهويه أو عند متابعته لبعض برامج وأفلام الأطفال المنقحة.
ثالثًا: يتعامل بعنف مع كافة الأطفال تقريبًا وخاصة الأصغر منه سنًّا أو حجمًا، حتى أثناء اللعب؛ مما يوقعني في الحرج الشديد مع الأمهات؛ فمن الممكن أن يعتدي عليهم بالدفع الشديد أو القذف بلعبة أو ما سوى ذلك أو على الأقل الضرب العاجل باليد.
رابعًا: لاحظت أنه يعبث بأعضائه التناسلية من وراء الملابس عند ذهابه إلى سريره للنوم، أو عند استيقاظه ورغبته في الرجوع للنوم مرة أخرى. وقد يمتنع عن ذلك بهدوء؛ إذ حاولت أن أصرف انتباهه أو أضجعه على جانبه دون أن ألفت انتباهه إلى السبب الذي دفعني لذلك. وهذا الأمر قد اكتشفته في الفترة الأخيرة. أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أيتها الأم الفاضلة وبطفلك وأول فرحتك، أقرّ الله تعالى به عينك، لفت نظري طبيعة حياتك وعمل زوجك العسكرية، وتذكرت النبي صلى الله عليه وسلم وقائد الأمة والقائد الأعلى لقوات المسلمين المسلحة وتواضعه وترفقه صلى الله عليه وسلم بالأطفال، بل يتصابى لهم ويداعبهم ويلاعبهم؛ ليعلمنا أن هذا لا ينافي الوقار والهيبة، بل يزيدهما بما يلقى المربي من ثمر التربية، وقد استفتحت بلطف النبي صلى الله عليه وسلم مع الصغار لتحديد نقطة البدء في حديثنا، والتأكيد على أن كل مقترحاتنا وتوجيهاتنا بخصوص طفلك ستكون تحت شعار "ما كان الرفق في شيء إلا زانه".
وننطلق بعد ذلك لنفند ما سميتها مشكلات لطفلك ونبحث كلا منها جيدًا.
أولا: مشكلة التأخر في الكلام والنطق، وترد عليك فيها طبيبة التخاطب د. سحر صلاح.
ثانيًا: حركة الطفل وميله للاستكشاف.
ثالثًا: العدوانية.
رابعًا: العبث بأعضائه.
وترد على النقاط الثلاث الأخيرة د. إيمان السيد.
ونبدأ بالحديث عن مسألة تأخر طفلك في الكلام. تقول د. سحر صلاح:
من الطبيعي أن يتدرج الطفل في جمع مفردات اللغة، بل ويتدرج في استخدامها؛ فهو لا يبدأ حديثه بكل ما جمع من مفردات في بداية إتقانه للكلام، بل يتكلم بجزء مما يعرف معناه من المفردات، وتزداد تدريجيًّا حصيلته اللغوية جنبًا إلى جنب مع مصطلحاته التي ينطقها، يبقى لنا التأكيد على أن إتقان الطفل لاستخدام اللغة يسهم في تطوره كثرة استخدامه لها مع المحيطين؛ فالطفل الأول الذي ليس له إخوة يختلف في سرعة إتقانه للكلام واكتسابه للغة عن من يليه الذي يسهم احتكاكه الأوفر بأخيه الأكبر -مثلا- وأسرته في الإسراع في تطور هذه المهارة، وبالتالي فإن ما أتوقعه أن طفلك يتواجد معك فترة 24 ساعة لا يرى فيها ما يجدد الأجواء حوله ويساعد على كثرة استخدامه للغة؛ مما يجعل تطورها لديه ضعيفًا، ولا شك أن انشغالك بشئون المنزل وغيره قد يعيقك عن محادثته بشكل كبير وكثيف ومتكرر يسهم في تطور اللغة لديه وهو ما يمكن التغلب عليه بمقترحات أوردناها في استشارة - "طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم – متابعة".
ولكي نتأكد من عدم وجود مشكلات عضوية تعوق مسألة اكتساب الطفل للغة من مشكلات سمعية وغيره؛ لا بد من فحصه جيدًا للتأكد من سلامة أذنيه ومن عملهما معًا بكفاءة.. هذا أولا.
ثانيًا: لا بد من التأكد أن الطفل يجيد التعبير عما يريد ولو بالإشارة، أو بلغة تعبيرات الوجه Facial Expressions.. فيستطيع أن يعبر عن جوعه أو ألمه أو غضبه أو رغبته في شيء.
ثالثًا: لا بد من التأكد من ذكائه الاجتماعي وقدرته على التعامل، والتواصل مع الآخرين، والتفاهم معهم.
رابعًا: لا بد من التأكد من إمكانية فهمه للأوامر المركبة مثل "اغسل يديك ثم جففهما وأحضر لي الطبق"، وهل يستجيب لها أم لا يفهمها؟
وبعد التأكد مما سبق، وهو ما يؤكد خلو الطفل من مشكلة تستحق العلاج مع اختصاصي تخاطب أو طبيب متخصص في الأذن أو حاجته لجلسات تخاطب.. لا بد من العمل على تنشيط اللغة لدى الطفل كما يلي:
1- كثرة الحديث معه أثناء التواجد معه مع استخدام جمل بسيطة وواضحة.
2- يجب تعريض الطفل لبيئة يكثر بها التعامل والاحتكاك مع الأطفال من خلال حضانة مثلا أو الزيارات المتكررة للأقارب أو الأصدقاء ممن لديهم أطفال في نفس عمر الطفل؛ ليسهم ذلك في اكتسابه للمزيد من المفردات وتطور قدرته على التعبير والنطق.
3- لا بد من اتباع أسلوب معين في الحديث معه؛ إذ يجب أن تحاولي أن تكرري على سمعه أثناء تعاملك معه جملا من كلمتين مثلا تتكرر كلمة منهما في كل جملة مثل: "تريد ماء"، "ماء بارد؟"، "ماء كثير"، "ماء في كوب"، "سأعطيك الماء"، "ماء منعش".
بحيث تتكرر الكلمة الواحدة من 5 - 7 مرات في جمل مختلفة؛ مما يسمح بإدراجها بسهولة وفهم واضح لقاموس مفرداته.
هذا بالنسبة لمسألة تأخره في الكلام، ونرجو أن يتم علاج هذا الأمر سريعًا إن شاء الله.
وتحدثك د. إيمان السيد عن بقية مشكلات طفلك فتقول:
بادئ ذي بدء لا تعتبر حركة الطفل وعدم "ركوده" كما وصفتها مشكلة لدى الأطفال إلا وفقًا لشروط معينة، بل إن الحركة الكثيرة واللعب الدائم وعدم الاستقرار والصعود والنزول مما يزيد ذكاء الطفل وخبرته بعد أن يكبر، وغالبًا ما يصاب الطفل الذي لا يتحرك ويجلس دائمًا وحيدًا في أحد الأركان بالانطواء والكبت، وأما الناس الذين تلفت انتباههم حركة طفلك بشكل يدعو لاستيائهم؛ فهم في حاجة لإفهامهم أن أهم خصائص مرحلة الطفولة التي تدل على أن الطفل سوي، والطبيعي أن يتحرك وينطلق تكون عنده عدم الرغبة في "الركود"، وخصوصًا في الأماكن المملة -التي ذكرتها- بالنسبة لطفل مثله، والخالية من أي شيء يبهج الطفل أو يستثمر قدراته ونشاطه، ويمكنك ببساطة الرد على أي تعليق بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عراقة الصبي في صغره زيادة في عقله عند كبره" رواه الترمذي.
هذا إن دعتك الحاجة لاصطحابه، أما إن كان من الممكن تركه قليلا مع جدته أو أحد خالاته مثلا ريثما تعودين من زيارة الطبيب أو غيره مما يتململ منه طفلك، ويطالب فيه بما ليس في وسعه من "الركود" والقيود.. فهذا أفضل بكثير.
وبالتالي فلا بد من تعاملك مع ذكاء طفلك ورغبته في استكشاف العالم حوله بحب وحنو وتفهم لمتطلبات مرحلته العمرية، بل مع توفير بيئة آمنة للاستكشاف وتوظيف للطاقة الحركية العالية لديه فيما يفيده ويعود على صحته بالنفع، كممارسة الرياضة بانتظام، وممارسة الألعاب التي تستهويه وتطور من قدراته كألعاب الفك والتركيب والصلصال، بل إنه من الممكن أن تعلميه عن طريق الحركة؛ فيصنع بجسمه الحروف الأبجدية ممثلاً للألف في وقفته، وللباء في انحنائها، والحاء في تقوس بطنها، وهكذا...
أما مسألة عدوانية الطفل فقبل الحديث عنها يجب أن أؤكد لك على أمر مهم جدًّا وهو أنه يجب ألا تتعاملي مع مشكلات طفلك من ناحية الحرج مع الناس، ودفع الحمرة عن وجنتيك من تصرفات طفلك وما إلى ذلك، بل إن من لا يدرك أن الأطفال أطفال هو غالبًا الذي ينقصه أن يدرك ذلك، وأن يدرك أنه لم يولد أحد ناضجًا وبالغًا حتى يومنا هذا.. والأهم من ذلك أن تتم عملية تربيتك لطفلك في منزلك وليس في بيوت الآخرين أو على مرأى ومسمع من الآخرين، وهذا لتفادي وقوعك تحت ضغط أثناء توجيهه سواء بسبب الحرج أو نظرات الآخرين أو تعليقاتهم.
وما يجب عليك فعله لتقليل مسألة العدوانية عند طفلك هو ما يلي:
1- محاولة تجنيبه الاطلاع على مشاهد عنف في الكارتون أو في تعاملاته داخل المنزل، وإحاطته ببيئة يسود معاملاتها الحنو والرفق والحب.
2- ضرورة توفير فرصة له للعب في نادٍ ما أو مكان للتدريب الرياضي، ويفضل أن يكون له لعبة جماعية يمارسها ضمن فريق أو مجموعة مما يعينه على اكتساب مهارات التعامل مع الآخرين.
3- يمكن أن يتم اقتناء حيوان أليف في المنزل ليتولى رعايته، كأرنب مثلا أو قفص للعصافير.
4- لا بد أن تتوفر له فرص عديدة للنزهة والخروج واللعب والمرح.
5- لا بد من التعامل معه بكل رفق، وسعة صدر، والتعامل مع مطالبه وأسئلته بانشراح صدر وعاطفة تمنحه ثقة بنفسه وتشبع رغباته دائمًا.
6- يمكن توظيف القصص في الحديث عن الرفق والتعاون وحب الناس، والبطة التي احتاجت لصديقاتها الذين تركوها بعدما ضربتهم، فاعتذرت ولم تفعل ذلك مرة أخرى فصار لها أصدقاء كثيرون تسعد بهم.
يبقى لنا الحديث عن مسألة عبث الطفل في أعضائه التناسلية، وهي عادة سيئة وليست سلوكًا جنسيًّا بالمعنى المفهوم لدى البالغين، ولقد تحدثنا عن مقترحات عديدة للتخلص من تلك العادة في استشارات سابقة، ويمكنك الرجوع للمقترحات الواردة في استشارة: "إصبعان في مهمة غير مرغوبة". وبها ما يكفي من النصائح بهذا الخصوص، وكذلك يمكنك الرجوع لمجموعة أخرى من الاستشارات حول تلك المسألة سنوردها لك في نهاية الاستشارة.
أختنا الكريمة نرجو أن نكون قد وفّرنا لك كل ما احتجت من معلومات تعينك على تجاوز مشكلات طفلك البسيطة، أنبته الله لك نباتًا حسنًا، وفي انتظار المزيد من استفساراتك ومتابعاتك وأخبارك، وشكرًا لك.
-ــــــــــــــ(102/325)
أطفال ينادون بحق الاستقلال العنوان
الأخ محرر صفحة استشارات تربوية المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، المشكلة هي أن أخي الذي يبلغ من العمر خمس سنوات، ويدرس في الصف الأول الابتدائي يحب أن يمتلك أي شيء، والمصيبة أن هذا يدفعه أحيانا إلى طلب الأشياء التي يريدها من أصدقائه مثلاً أو الجيران ولا يتحرج من ذلك.. مع أننا نوفر له أي شيء يريده، بشرط أن يكون هذا الشيء ذا فائدة، وقد لاحظت أحيانا أنه يرجع إلى البيت وهو يحمل لعبة مثلاً أو قطعة حلوى وعند سؤاله عن ذلك، يقول إنه وجدها ملقاة على الأرض أو إن صاحبه أعطاه إياها، وقد حاولنا عدة مرات تعليمه أن ذلك غير صحيح، وأنه إن أراد شيئً فعليه أن يطلب منا ذلك لكن دون جدوى، إضافة إلى ذلك فهو يحب الشخصيات الكرتونية خاصة الحديثة منها مثل البوكيمون والتي َيسْتَمِيت في سبيل الحصول على أي منتج يحمل صورة هذه الشخصية كالدمى والقرطاسية ... إلخ، وقد أفهمته أن مثل هذه الأشياء لا فائدة منها، وأنها أنتجت فقط لهدر أموالنا، وقلت له: إنني مستعد لشراء أي شيء يريده ما عدا المنتجات التي تحمل صور الشخصيات الكرتونية كالبوكيمون، وميكي، وسوبرمان ... وغيرها، وحاولت صرفه عنها عن طريق رسوم متحركة منتجة من شركات عربية "وتحمل قيماً إسلامية"، مثل الفيلم الكرتوني "محمد الفاتح"، لكن ذلك يستمر مفعوله لفترة بسيطة بسبب رجوح كفة الرسوم المتحركة الأجنبية مقابل العربية سواء في قنوات التلفزيون الفضائية أو في الإنتاج ... إلخ، حيث إن عدم شرائنا له البوكيمون مثلاً يدفعه إلى أخذها من الآخرين أو طلبها منهم الآن. أنا حائر في حل هذه المشكلة، ومما يزيدها عمقا أن أخي ليس ساذجا أو لا يفهم ما يدور حوله، بل عنده قوة ملاحظة ... إضافة إلى حبه للرسم بشكل كبير، وهو الوسيلة التي يعبر بها عن أفكاره سواء كانت صحيحة أو خاطئة. أرجو أن يكون الرد شافيا؛ لأن هذه المشكلة تقلقني منذ فترة طويلة. السؤال
الكذب والسرقة الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
الأخ السائل المحترم
نبدأ برد التحية بمثلها: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فما تركت لنا مجالاً لنرد بأحسن منها، وإني لأحمد الله انشغالك بتربية أخيك ووعيك بأهمية الحفاظ على هوية أطفالنا، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال: "الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم الدين" ذلك الخير الذي تسعى لتأصيله في سلوك أخيك وتربيته.
وحب التملك أمر مؤصل في الفطرة البشرية وهو عند الأطفال أمر طبيعي طالما لم يخرج عن الحدود العامة، فإذا تحول إلى حب مفرط وزائد مثّل مشكلة مجهدة للأهل كما هو حال أخيك، وهذا التحول ـ الحب المفرط والزائد للتملك ـ لا بد له من مسببات وعوامل تساعد تضافرها على إيجاد هذا التحول الذي ظهر في صورة مشكلة.
ونريد أن نعرف منك بعض الأشياء:
فقد ذكرت أنه هو أصغر الأبناء، فهل الفرق بينه وبين من قبله (الأخ/ الأخت) كبير فجعل ذلك تربيته تتسم بالتدليل وإعطائه كل شيء يريد امتلاكه؟ فالعطاء الزائد يولد العند عند الأطفال عند محاولة منعهم من أخذ شيء، ويكون عندهم "وهْم القدرة المطلقة"، ف"أريد هذا" معناه: "أخذه"؛ لأن الطفل في هذه السن لا يعرف السرقة، وعندما يأخذ أشياء غيره يحاول إشباع الإحساس بالامتلاك.
- كيف تكونت شخصيته خلال السنوات الخمس السابقة؟
- هل يدعم كلا الأبوين هذا السلوك بصورة مباشرة أو غير مباشرة أم لا؟ بصورة مباشرة بإعطائه كل ما يريد، وغير مباشرة باتخاذهما موقفًا سلبيًّا تجاه رغبته الزائدة في الامتلاك بمقابلة تصرفاته بعدم المبالاة أو الشكوى، فهذا يعتبر تدعيمًا وموافقة ضمنية على فعله.
- ما علاقة الأبوين بالطفل؟ ولماذا لم يرسل الأب أو الأم الشكوى؟
- هل لك دور مؤثر شخصيًّا في تربية أخيك؟ وما هذا الدور؟
- هل اتسمت تربية الولد بالتدليل المفرط أم القسوة؟
وحتى تجيب عن هذه الأسئلة ننصح بالتالي:
- تجنب التوجيه والمهاجمة المباشرة لسلوكه؛ لأنه من المعروف علميًّا أن الأطفال في سن "4 : 5" لا يستجيبون إلا إلى ثلث الأوامر الموجهة إليهم من الآباء، وذلك لسببين: رغبتهم في الاستقلال، قلة القوانين والقواعد أو المبالغة فيها.
** رغبة الأطفال في الاستقلال:
فالطفل يستمتع بمحاولة الاستقلال وعدم الاعتماد الكامل على الأهل في إدارة شئونه، ومقابلة هذه الرغبة بالإلحاح وفرض السيطرة قد يخلق في نفسية الطفل تحديًا للدفاع عن حقه ورغبته في الاستقلال يظهر في صورة العناد وهذا ما لا نريده، وبالتالي لا بد من التزام الهدوء والحكمة في معالجة الأمر بالتوجيه غير المباشر واستغلال كل ميوله وهواياته في تحويل اهتماماته عن غير المرغوب فيه تربويًّا كالرسم الذي ذكرت أنه يحبه وأنه وسيلته للتعبير عن أفكاره.
والمهم أن تعمل على إشباع هذه الهواية بحيث تشغل معظم وقته بطريقة تجعل بها من الرسم سفيرًا لحمل المضامين التربوية التي تريد الأسرة إيصالها للطفل، بمعنى أشركه في فريق للرسم يشرف عليه فنان تربوي أو على الأقل يحمل فكرًا سليمًا كمدرس المدرسةـ يجعله مرة يرسم ما يحب ويناقشه معه، ويصحح من خلال ذلك ما يراه يحتاج إلى تصحيح ـ تحت إشراف الأسرة ـ ومرة يحكي لهم حكاية هادفة ثم يتركه يعبر عن الحكاية بالرسم.. وإذا كنت تستطيع أنت أن تقوم بهذا الدور فسيكون جيدًا، لكن إشراكه في مجموعة سيفيد في تهذيب سلوك حب التملك الزائد عنده.
** قلة أو غياب القوانين المنظمة للسلوك:
وهذا لا يمكن علاجه إلا بوجود سياسة تربوية واحدة، يتفق عليها كل القائمين على تربيته في التوجيه، فعندما تكون سلطة الوالدين غير حازمة وغير ثابتة يبدأ الطفل في مقاومة سلطة الوالدين بتحدٍّ مباشر يظهر في صورة العناد في سلوك الأبناء.
وثبات السياسة التربوية مع مرونتها يمثل الحزم المطلوب في بناء شخصية الأطفال، فالطفل الذي يستمع والداه لكل ما يريده وينفذانه له؛ لا يشعر بالسعادة أو بالاطمئنان، كما يظن ذلك كثير من الآباء؛ فحاجة الطفل إلى الإحساس باهتمام من حوله به ورعايتهم له أهم عنده من تنفيذ طلباته الوقتية.
ــــــــــــــ(102/326)
آلام البطن أحيانًا... إدعاء ودهاء العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، استشارتي بأن طفلى الذى يبلغ من العمر 4 سنوات بدأ منذ فترة تتراوح تقريبًا 3 أشهر بالتبول خارج الحمام دون أن يبلغني بحاجته إلى ذلك، علمًا بأنه بدأ التعود على الذهاب للحمام منذ أن كان عمره سنتين، وإذا أمرته بأمر تكاسل في فعله، كما أنه يردد دائمًا جملة "بطني تؤلمني"، مع العلم أنه لا يشتكي من أي مرض، وشكرًا على تعاونكم. السؤال
التبول اللاإرادي الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
يقول طبيب الأطفال الدكتور أحمد فودة:
ألأم الفاضلة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن تغيير سلوك طفلك من التحكم في عملية التبول مدة عامين إلى تحوله إلى الضد منذ ثلاثة أشهر فقط،قد يكون لذلك سببان
عضويًّ:
ويمكن استقصاء ه بعمل التحاليل المناسبة:
أ - "تحليل بول كامل" للاطمئنان من خلوّه من السكر والميكروبات والأملاح أو أي من المسببات التي تعمل على زيادة إدرار البول.
ب - تحليل براز لمعرفة سبب شكواه المستمر من وجود ألم في بطنه، فربما يكون السبب وجود أي نوع من أنواع الطفيليات في بطنه.
نفسيًّ:
فهناك بعض الأطفال يعودون إلى التبول اللاإرادي نتيجة لظروف نفسية، وأكثر هذه الحالات انتشارًا بين الأطفال الذين يمتنعون عن تبليل الفراش ببلوغهم العامين، لكنهم يعودون إلى هذه العملية عندما تضع أمهاتهم مولودها الجديد؛ لأن الطفل في هذه الحالة يشعر بعدم الاستقرار والأمان لنزوله من على عرش الإهتمام الكامل من جانب الأم والأب.
ولهذا، فهو ينكص مرة أخرى إلى فترة من عمره ويتصرف تصرفات تلك الفترة، وهذا النكوص مسألة طبيعية لكل إنسان يعاني قلقًا.
وكما أننا تطرقنا إلى سببين، فإن عليك كأم القيام بدورين
أولاً: استبعاد كافة الأسباب العضوية بإجراء التحاليل الكاملة.
ثانيًا: احذري من إثارة فعله أمام الآخرين، وبالتالي ازدرائه أو تحقيره أمام الآخرين.
- يمنع من شرب جميع السوائل قبل النوم بساعتين.
- احرصي قبل نومك على إيقاظه وإدخاله الحمام "ففي العادة ينام الأطفال قبل نوم الوالدين بفترة"، وأؤكد على ضرورة إيقاظه حتى يتنبه جهازه العصبي لعدم قضاء حاجته إلا وهو متيقظ.
تجنبي توجيه الأمر بأي نوع من أنواع العقاب، وقومي بعمل جدول معه شكله لطيف، وعلِّقيه في حجرته، يظلِّل فيه الأيام التي يتبول فيها خارج الحمام بالأسود، والأيام الأخرى بلون آخر يحبه، وفي آخر الأسبوع يتم تقديم مكافأة مناسبة له إذا كانت أيام تحكمه في بوله أكثر.
وهناك طريقتان لحساب ذلك: إما أن نعدِّ الأيام المظللة بالأسود والأيام التي باللون الآخر، ورؤية أكبر عدد منها في أي منهما، أو كل يوم مظلل باللون الذي يحبه يمحو يومًا من الأيام المظللة باللون الأسود، بعد ذلك نرى اللون الذي بقي، على طريقة "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئات"، والطريقة الأخيرة هي المعمول بها علميًّافى المجال التربوى لتقويم الأداء.
وبالنسبة إلى تكاسله فهي شكوى كثير من الأمهات، وإن كانت كل أم تراها على أنها ظاهرة فريدة يعاني منها طفلها وحده، ولكن هذا التكاسل الطبيعي خصوصًا في الفترة التي تسبق التحاق الطفل بالمدرسة، وبعض الأطفال يأخذون من التكاسل أسلوبًا ذكيًّا لردِّ الهجوم على نفسه يعلن به مقاومته للسلطة من جانب الأب أو الأم أثناء محاولة الأسرة تدريب الطفل على ضبط التبول والتبرز واستخدام المرحاض ... وهو ما يظهره طفلك غالبًا "بعد استيعاب الأسباب العضوية في صورة شكواه من وجود الآلام في بطنه، فآلام البطن أحيانًا ادعاء ودهاء".
-ــــــــــــــ(102/327)
علموا أولادكم الجنس العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي ثلاثة من الأبناء، أعمارهم 14 سنة_و13 سنة_ و10 سنوات، والمشكلة هي أنني لا أتصور نفسي جالسًا مع أحدهم، متناقشًا معه في الأمور الجنسية، مع أنكم تنصحون أن يقوم الآباء بهذه المهمة، فكيف ستكون نظرته إلي بعد ذلك، انصحوني كيف أبدأ معهم، وما طريق ذلك؟. وجزاكم الله خيرًا. السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نشكر لك اهتمامك؛ لخطورة هذا الأمر وتأثيره على مستقبل الأبناء، ونحن نرى أن المدخل الشرعي هو أنسب المداخل إلى هذا الموضوع، بمعنى أنه مع اقتراب سن البلوغ، والذي من علاماته بداية ظهور ما يسمى بالعلامات الجنسية الثانوية مثل: بداية ظهور الشارب، والشعر تحت الإبطين، وخشونة الصوت في الذكور، أو نعومته بالإضافة إلى بروز الصدر في الإناث، عند ظهور هذه العلامات يبدأ الأب والأم –حسب الحال- في الحديث عن انتقال الفتى أو الفتاة من مرحلة إلى مرحلة، فمن الطفولة التي لم يكن مكلفًا فيها شرعياً إلى البلوغ والمراهقة، التي أصبح مكلفًا فيها شرعياً، وأصبحت عليه واجبات والتزامات لم تصبح في حقه فضلاً أو مندوباً كما كانت في السابق، ومن هذه الواجبات الصلاة وأنها يشترط فيها الطهارة، وأن هذه الطهارة –وهو طفل- كانت تعني الوضوء فقط، ولكن نتيجة انتقاله من عالم الأطفال إلى عالم الكبار أصبح مطالبًا بطهارة من أمور أخرى؛ نتيجة لتغيرات فسيولوجية داخل جسمه ثم يشرح للطفل بطريقة علمية بسيطة التغيرات الهرمونية والعضوية التي تحدث في جسمه، وتؤدي إلى بلوغه سواء بالاحتلام في الذكور، أم بنزول دم الحيض في البنات.
ويجب أن يتسم الحديث بالوضوح والصراحة وعدم الحرج؛ لأن المشاعر الأولى في تناول هذا الأمر تنتقل إلى الطفل، وتظل راسخة في ذهنه، وتؤثر على حياته المستقبلية بصورة خطيرة، ثم تكون النقطة الثالثة التي يتم تناولها؛ وهي الحكمة من حدوث هذه التغيرات في جسم الإنسان، ودورها في حدوث التكاثر والتناسل من أجل إعمار الأرض، وأن التجاذب الذي خلقه الله بين الجنسين إنما لهذه الحكمة، وأنها رسالة يؤديها الإنسان في حياته؛ ولذا يجب أن تسير في مسارها الطبيعي وتوقيتها الطبيعي الذي شرعه الله وهو الزواج الشرعي؛ ولذا فيجب أن يحافظ الإنسان على نفسه؛ لأنها أمانة عنده من الله ثم يتم الحديث عن الصور الضارة من الممارسات والتصرفات، وكيف أنها خروج عن حكمة الله فيما أودعه فينا، ويتم ذلك بدون تخويف أو تهويل أو استقذار، ثم يتم فتح الباب بين الأب والأم وأبنائهم وبناتهم في حوار مستمر ومفتوح؛ بمعنى أن نخبره أننا مرجعه الأساسي في هذه المواضيع، وأنه لا حرج عليه إذا لاحظ في نفسه شيئاً، أو سمع شيئاً، أو قرأ شيئاً أو جاء على ذهنه أي تساؤل أن يحضر إلينا ليسألنا أو لتسألنا فسيجد أذناً وقلوباً مفتوحة، وأنه لا حرج ولا إحراج في التساؤل والنقاش حولها ولكن في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة، ثم نكون قريبين منهم عند حدوث البلوغ ذاته فنطمئنه ونطمئنها، ونرفع الحرج عنهم، ونذكرهم بما قلناه سابقاً، ثم نعاونهم بطريقة عملية في تطبيق ذلك سواء بالاغتسال بالنسبة للبنين، أم بالإجراءات الصحيحة للتعامل مع الموقف مثل الفوط الصحية وما إلى ذلك بالنسبة للبنات، ونشعرهم أن ما حدث شيء يدعو للاعتزاز، لأنهم انتقلوا إلى عالم الكبار، وأن ما حدث شيء طبيعي لا يدعو للخجل أو الإحراج؛ حيث تنتاب هذه المشاعر الكثير من المراهقين خاصة البنات.
ثم يستمر ذلك الدعم بعد حدوث البلوغ بتحسس أخبارهم، والبحث عن مواضيع التساؤل عندهم وتَحَيُّن الفرصة لمزيد من الرد على ما يكون قد تَكَوّن في أذهانهم من تساؤلات عن الزواج، والجنس بطريقة بسيطة وواضحة، ليس فيها زجر أو هروب من السؤال؛ حيث إنهم إذا لم يحصلوا على الإجابة من الأب والأم فسيحصلون عليها من مصادرهم الخاصة بكل ما تحتويه من أضرار، وتضليل.
إنه أمر فعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين علّم الأصحاب والصحابيات بلغة راقية وبأسلوب بسيط لا إفراط فيه ولا تفريط؛ لأنه جزء من الحياة اعترف به الإسلام ووضع له الأطر الصحيحة للتعامل معه، وكانت أموره تناقش علناً في مجلس الرسول الكريم فأي معلم كان، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم.
ــــــــــــــ(102/328)
كيف أخترق خجل ابنتي؟ العنوان
أنا آسفة لإزعاجكم- مرة أخرى ، معي آية -12 عامًا-، وأود أن أستكمل مشكلتها. على فكرة أنا أراها مشكلة، ولكنها اختلاف طباع أو البحث عن طريقة فضلى من خلال خبراتكم للتربية.
أنا أحاول أن أجعلها تنظم وقتها في الإجازة، ولكن لا أعرف هل هي في سنها تستطيع أم لا؟ هذا بالإضافة إلى أنها أصبحت خجولة جدًّا من أي شيء، وترفض الكلام؛ أي تفكر داخليًّا فقط، وأنا أحاول أن أجعلها تتكلم عندما ألاحظ موقفًا غريبًا منها؛ لأنني أفهمها جدًّا وأفهم سكوتها، ولكنني أحاول أن أجعلها تتحدث معي؛ فهي لا تستطيع أن تعبر عما يدور في نفسها، وأريد أن أعرفها الصواب من الخطأ.
اشتركت لها في النادي في لعبة تنس جماعية وليس فردية حتى تختلط بالناس. على فكرة هي تقارن بين معاملتي لها أثناء الدراسة وفي الإجازة، وأحاول أن أفهمها أنني أريدها أحسن واحدة، وأحاول أن أقترب منها جدًّا؛ حتى عندما تأتي الدراسة نقلل ما نصل إليه إلى أقصى درجة، وأريد بجانب ذلك أن أدخل الناحية الدينية وأجد أحدًا أو مكانًا يحفظها القرآن، وأقول لها: إنني وأختها معها وليست وحيدة، ولكنني لا أجد مكانًا أو شخصًا يساعدنا في هذه المهمة، ولكن كل الجوامع التي سألت فيها فترة صباحية، حيث أكون أنا ووالدها في عملنا، وبالتالي لا أجد من يوصله؛ لأن الأماكن ليست قريبة، فأنا محتاجة مشورتكم في هذا إن أمكن، هذا مع العلم أنني من سكان مصر الجديدة أو مدينة نصر. أشكركم لاتساع صدركم لكل ذلك.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
العفو -سيدتي- فأنت لا تزعجيننا على الإطلاق، بل العكس تمامًا؛ فنحن دائمًا نرحب بكل زوارنا وخاصة من يتابع معنا، ونود أن يحذو كل رواد هذه الصفحة حذوك ويكونوا على اتصال دائم بنا، فأهلا بك ومرحبًا على صفحتنا، ونرجو أن تراسلينا دائمًا دون أدنى تحرج. وندعو الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير للجميع.
وردًّا على استشارتك نبدأ -وكما تعودنا معًا- أن نحدد في نقاط ما تودين الاستشارة بشأنه:
1. تنظيم وقت "آية" للاستفادة من الإجازة، وهل سنها هذه مناسبة لأن تتعلم تنظيم الوقت أم لا؟
2. أصبحت "آية" خجولة جدًّا وترفض الكلام أو أن كلامها داخلي، على حد تعبيرك.
3. أصبحت تقارن بين معاملتك لها أثناء الدراسة والإجازة.
4. التعرف على مكان لتحفيظ القرآن في الفترة المسائية.
والآن تعالي لنستعرض الإجابة عما سبق:
أولا- بالنسبة لموضوع تنظيم الوقت في الإجازة وهل سن "آية" مناسبة لتعلم تنظيم الوقت أم لا؟
إن تنظيم الوقت -سيدتي- يتعلمه الطفل منذ نعومة أظفاره، وذلك بطريقتين: أولاهما التقليد والمحاكاة فإنه إن شبّ بين أسرة تنظم وقتها فإنه سيتعلم ذلك دون حاجة للوعظ والإلحاح، والطريقة الثانية ممارسته الفعلية لإدارة الوقت؛ فعلى سبيل المثال يتعلم وضع حد زمني لكل عمل يقوم به مع تحديد الأولويات، فمثلا لا بد أن يتعلم أن يرتب حجرته في مدة 10 أو 15 دقيقة أو يرتب لعبه، ويضعها في مكانها في مدة 10 دقائق، ويلعب على الكمبيوتر مدة نصف ساعة أو ساعة، وهكذا. وبالنسبة للأولويات فإنه يتعلم كيف يضع قائمة بأولويات ما سيفعله خلال اليوم، وحين يلتحق بالمدرسة ويبدأ في المذاكرة فلا بد أن يتعلم كيف يضع جدولا ويحدد لكل مادة زمنًا معينًا لينتهي منها ووقتًا للراحة.
وفي وقت الإجازة التي يعتبرها الكثيرون وقتًا للاسترخاء -ولا أريد أن أقول الكسل- المفترض أن تكون عكس ذلك تمامًا فهي فترة رائعة لتعلم مهارات متعددة، منها -بالنسبة لفتيات في سن آية-: أن تعرف بعض الشؤون المنزلية من طهو وحياكة وتطريز وأمور خاصة بالتجميل، وهذا دورك معها، وبهذه الطريقة نكون قد حققنا عدة أهداف في آن واحد:
علمتها دورًا مهمًّا من أدوارها في حياتها المستقبلية، إلى جانب تنمية الذوق الرفيع وبعض المهارات اليدوية، وفي نفس الوقت تقتربين منها وتحاولين فهمها وفهم طبيعة المرحلة التي تمر بها؛ فهي على وشك البلوغ إن لم تكن قد بلغت بالفعل، ومن الأعمال التي يمكن أن تقوم بها في الإجازة الصيفية أيضًا ممارسة رياضة، وهذا أمر يحمد لك عندما شجعتها على الاشتراك برياضة التنس الجماعية، وكذلك حفظ القرآن -كما أشرتِ- إلى جانب تنمية المهارات الذاتية مثل: مهارات التفكير والبحث العلمي والقراءة... إلخ (يمكن البحث عن هذه المهارات عبر الإنترنت).
ولأنها لم تعتد على مسألة تنظيم الوقت منذ صغرها فسيكون الأمر تدريجيًّا، فمثلاً عليكم أن تبدءوا في وضع برنامج للصيف تشتركون في وضعه معًا (أقصد أنت وابنتيك، ويكون رائعًا لو اشترك الأب أيضًا في ذلك)، ثم تقسمون هذا البرنامج على أيام الإجازة في شكل جدول أسبوعي، مع تحديد الأنشطة التي تمارَس خارج البيت ليتم على أساسها وضع البرنامج داخل البيت.
ثانيًا أنها أصبحت خجولة وترفض الكلام، وردًّا على هذا أذكرك بما قلته سابقًا من أن ابنتك على مشارف مرحلة "المراهقة"، وهي مرحلة لها خصائص وسمات خاصة يجب فهمها من خلال الاطلاع على كتب في علم نفس النمو وهي متوفرة بالمكتبات، كما لا بد أن تراعي عدم الإلحاح أو الضغط عليها للحديث معك أو الحوار، وإنما دعي هذا الأمر يأتي بطريقة طبيعية ضمن الأنشطة التي سبق أن ذكرتها لك أو في أثناء التسوق مثلا.
وهناك العديد من الموضوعات التي عالجت الخجل على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها.
ثالثًا أصبحت تقارن بين أسلوبك معها في الدراسة والإجازة، وهذا أمر طبيعي إذا كان أسلوبك في الفترتين مختلفا، ولن أخفي عليك -سيدتي- أن هذا الاختلاف له تأثير نفسي سيئ على ابنتك، بل ربما يكون هذا سببًا من الأسباب التي تؤدي بها إلى عدم الكلام معك، فهي لا تضمن ردود فعلك تجاه ما ستقول.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إنها كونت خبرة سيئة من طريقة تعاملك معها أثناء الدراسة، فلن تفلح محاولاتك للتقرب منها في أثناء الإجازة فقط فليس من السهل عليها أن تفتح قلبها لك في الإجازة وتغلقه في الدراسة، فالحوار الودود والعلاقة الحسنة الطيبة لا بد أن يكونا هما الإطار العام لأسلوبك معها بشكل دائم وليس موسميًّا، ومن ثَم فعليك -سيدتي- أن تكوني أكثر هدوءاً معها وضبطًا لانفعالاتك أثناء الدراسة، أعلم أن الأمر ليس سهلاً، ولكن إصلاح الأمر بينك وبين ابنتك والاهتمام بنفسيتها غاية ليست بالهينة (وهناك موضوعات عالجت العصبية والحدة مع الأبناء على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها).
رابعًا بالنسبة لحفظ القرآن: هناك مسجد يسمى مسجد "الهادي" خلف سنترال ألماظة بأرض الجولف – مصر الجديدة به نشاط تحفيظ القرآن يوم الأحد من كل أسبوع الساعة السادسة والنصف بدءا من الأحد 20-7-2003، ولكني لا أعلم طريقة التحفيظ في هذا المسجد، وأهم شرط في هذه الطريقة أن تكون محببة وغير مملة حتى تُقبل "آية" على الحفظ، فعليك بالتعرف على المحفظات وطريقتهن في التحفيظ، وهناك مسجد "حفصة" يقوم بأنشطة متعددة إلى جانب تحفيظ القرآن يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وهو بشارع شمس الدين الذهبي - مصر الجديدة.
ــــــــــــــ(102/329)
فنّ التعامل مع الرجل الطفل العنوان
طفلي(12 عاما) منطوٍ وعنيد، ولا يستمع لنصائحي، وضعيف دراسيًّا، ويمر الآن بمرحلة المراهقة، فهو عصبي جدًّا، ويشتكي دائما من الصداع، ودائم الخوف، أرجو مساعدتي، وشكرًا.
السؤال
عالم المراهقة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
يقول الأستاذ محمد حسين الخبير التربوي:
إن ابنك يا سيدتي يمر بمرحلة صعبة من كونه طفلاً إلى البلوغ إلى المراهقة إلى الرجولة، فهو ليس بطفل، وليس رجلاً كامل الرجولة. لقد بدأت تظهر عليه علامات جديدة، وبدأ جسمه يتغير، وهو لا يدري ولا يعرف الأسباب، إنه في حاجة إلى والده، وفي حاجة أيضا إلى من يفسِّر له أسباب هذا الانقلاب في حياته، لقد دخل ابنكم في مرحلة مختلفة عن المرحلة السابقة، إن هذه المرحلة تحتاج منك ومن أبيه اهتمامًا أكثر، لماذا لا يحاول والده وأنتِ أن تجيدا فنّ التعامل مع هذا الرجل الطفل؟!
إننا نهتم بالطفل – في صغره – بكل شيء يخصّه: بالتغذية، وتعليم المشي، ونشجعه ونأخذ بيده، وكذلك الكلام وهكذا ... ، والآن يخطو ابنكم إلى مرحلة أصعب من الكلام والمشي.. فهو مُقبل على مرحلة جديدة تختلف كل الاختلاف عن مرحلة الطفولة، ولا يدري عنها شيئًا – فهو يتعثر فلماذا لا نأخذ بيده، هو مقدم على تعلم مهارات جديدة لا يعلم عنها شيئًا، يريد من يوجهه ويأخذ بيده، فهو يشعر بالخجل من وقعاته المتكررة أثناء نموه، ولو وجد التوجيه والحب والإرشاد لتفادى الوقوع في هذه المشكلات، وإن تركناه يجرب دون إرشاد، فنجد الوقعة قاسية والانكفاء مؤلم، فيعيث في البيت والمدرسة فسادًا مستخدمًا قدراته الجديدة أو ينطوي ويبعد عن الآخرين، وينزوي، ويشعر بالغموض الذي يؤدي به إلى الاكتئاب والقلق والعناد. وهذا ما يحدث الآن لطفلنا صاحب المشكلة.
والمشكلة الأساسية هي أن يخجل والده أو أنت من مواجهة طفلكم بالحقائق التي عن طريقها يعبر طفلنا هذه المرحلة بسلام دون فزع أو قلق، وأصل المشكلة ليست خجل الوالدين فقط، وإنما المشكلة الأساسية هي عدم معرفة الوالدين بالمعلومات الخاصة بهذه المرحلة، وخاصة المرحلة الأولى منها وهي البلوغ، ومن الممكن التغلب على هذه المشكلة بقراءة كتاب بسيط يحتوي على معلومات مفيدة عنها "البلوغ والمراهقة"، ولا بد أن يدرك الآباء والأمهات الفرق بين البلوغ والمراهقة.
فالبلوغ هو مرحلة نضج جنسي فقط، وأن الخجل هو أوضح انتقالات هذه المرحلة من المستجدات التي تظهر في جسمه، "نمو الشعر في مواقع مختلفة من الجسم - غلظة الصوت في الولد - ظهور الثديين في البنت - نمو الردفين ... "، فيجب على الوالدين إنارة الطريق أمام أولادهم - "المعرفة تزيل الغموض"، وتقديم يد المساعدة ليتخطوا هذه المرحلة بسلام، وإلا سيسمعون هذه المعلومات من آخرين "خدم - أصدقاء - كبار"، فيجربون ما سمعوا وتكون العاقبة وخيمة.
وطريقة الإسلام في معالجة الجنس كطريقته في معالجة الدوافع التي خلقها الله لتعمل، لا لتكبت ولا لتتعطل، إنه يقرها بادئ ذي بدء نظيفة في ذاتها مستحبة بل مطلوبة، بل يستنكر تحريمها وكبتها وإغلاق الطريق دونها، قال تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْق ... "، والحديث: "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
لقد قصدت بكل ما سبق أن أغير اتجاهك نحو النظرة إلى البلوغ والمراهقة والجنس. دعي والده يجلس معه، ويقربه إليه، ويتعاطف معه، ويفتح قنوات اتصال بينه وبين فيصل، وليرفع الحرج، ولكن لا بد من قراءة كتيبات عن التغيرات الجسمية والفسيولوجية والنفسية لهذه المرحلة قبل أن يجلس معه.
لذلك كل العناد والانطواء، والعصبية التي يشتكي منها ابنكم ستزول بإذن الله بمجرد فتح قنوات الاتصال التي سترشده وتوجهه.
ــــــــــــــ(102/330)
تساؤلات حول طفل كثير الحركة العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. الرجاء أن تساعدوني في حل مشكلتي التي أعاني منها بعد أن استنفدت جميع الوسائل دون جدوى، فأنا أم لأربعة أطفال، والمشكلة في طفلي الثاني الذي يبلغ التاسعة، فهو طفل كثير الحركة في المنزل.. يؤذي إخوانه.. عصبي في لعبه وكلامه.. لا يحترم والديه، ويسبب لهم الحرج في أي زيارة عائلية، وكثرة الشكاوى المدرسية منه وعدم تركيزه في الفصل وحركته التي تشتت انتباه غيره من الطلبة.. لا يستطيع أن يجلس هادئًا.. دائم الدوران نحيل الجسم بالرغم من كثرة الشراهة للأكل. استنفدت جميع الوسائل معه. فهل هناك طريقة؟ السؤال
النشاط الزائد الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أهلا بك وبطفلك.. تثير رسالتك التساؤلات أكثر مما تطرح المشكلة:
1 - فأنت تكررين في رسالتك أنك استنفدت كل الوسائل معه.. فما هي هذه الوسائل بالتفصيل؟ وعلى أي أساس استخدمت؟ وما هي مدة استخدام كل وسيلة؟ وما الذي جعلك تنتقلين من وسيلة إلى وسيلة؟ وما هي علامات النجاح التي كنت تنتظرينها من كل وسيلة ولم تتحقق فانتقلت للوسيلة الأخرى؟
2 - هل يؤذي إخوانه من تلقاء نفسه؟ أي هل هو عدواني بطبعه أم أن إخوانه يستفزونه فيرد عليهم ولكن بصورة أقوى منهم؟
3 - تحدثت عن شكوى المدرسة من حركته الكثيرة وقلة انتباهه.. فما هو مستواه الدراسي؟ وما هي سنته الدراسية؟ وكيف يذاكر دروسه في ظل كثرة الحركة وقلة الانتباه؟ وكيف تتعامل معه المدرسة والمدرس؟
4 - ما هي علاقته مع زملائه في المدرسة؟ وهل له أصدقاء؟ وهل يستطيع اللعب والتفاعل معهم؟ وهل علاقته بإخوانه دائمًا متوترة أم أن هناك أوقاتًا يكون فيها هادئًا ومتفاعلا معهم بصورة إيجابية؟
5 - ما معنى أنه يسبب الحرج لوالديه في الزيارات العائلية؟ وما هي المواقف التي تسبب الحرج؟
6 - هل كانت هناك أي مشاكل أثناء الحمل أو ولادة هذا الطفل؟
7 - هل أنتم دائمو الانتقاد له في تصرفاته والضرب له على أخطائه؟ وهل يشكو دائمًا من سوء المعاملة له؟
8 - كيف يتعامل معه والده؟ وكيف يرى المشكلة؟ وهل هو مشارك معه في البحث عن حل للمشكلة وتتفاهمان سويًّا في الإجراءات التربية المتخذة لذلك؟
9 - هل قرأت ما كتبناه سابقًا عن " الطفل الأوسط ....لا يعتبر مشكلة ؟" وهل ترين شيئًا مما كتبناه ينطبق على ابنك؟
10- هل عرضت ابنك على أي طبيب نفسي وقام بتشخيص أو إعطائه أي علاج لحالة طفل كثير الحركة قليل الانتباه؟
ــــــــــــــ(102/331)
وللنوم طقوس ... أيضًا العنوان
أجد صعوبة في إقناع ابنتي "5 سنوات" بالنوم مع أختيها "6 سنوات و 10 سنوات" في غرفتهما، وتبكي بكاء شديدًا مصحوبًا بخوف وقت النوم، وازدادت الحالة بعد ولادة أختها الجديدة "4 أشهر"، وعند إقناعها فإنها تأتي للنوم معي بعد خروج أبيها للعمل. السؤال
الخوف الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
الأم السائلة، قد لا يدرك البعض مدى ما يتمتع به الأطفال من حساسية وشفافية رهيبة تجاه استقبال ضيف جديد في الأسرة، حتى أني سمعت من كثيرات أنهن أحيانًا لا يدرين بحملهن إلا من ازدياد تعلق أطفالهن بهن بصورة غريبة ومفاجئة، وقد يغفل الأهل عن ضرورة إعداد الأطفال - وخاصة الطفل الأصغر - لاستقبال المولود الجديد وأهمية ذلك بالنسبة للأولاد.
فالطفل الأصغر خاصة يحس بأن الطفل القادم سيأخذ منه أمه، وسيغتصب منه حقه في حضن أمه، وهو أمر يعلن عن رفضه له في عدة صور أظهرها ما تعبر به طفلتك، فقد أحست من أول حملك بأن طفلاً قادمًا، في حين أن العلاقة بينكما لم تتطور في هذه الفترة بشكل طبيعي يجعلها تتهيأ نفسيًّا لاستقبال أختها وانفصالها عنك، فكان طبيعيًّا أن تدافع باستماتة عن حقها في أن تكوني لها عندما حاولْتِ أن تنزعي هذا الحق منها بفصلها من غرفتك أثناء النوم، خاصة أنك دعمتِ عندها أحقيتها في الالتصاق بك عندما كنت تتركينها تنام بجوارك في الفترة السابقة. وبالتالي ما عليك الآن فعله هو تدعيم سلوك الاستقلال والانفصال عندها عن طريق ما يأتي:
ـ اقتربي منها واعملي على احتوائها وإعطائها الحب والحنان الذي تحتاجه ولا تحرميها من احتضانك لها ماديًّا ومعنويًّا.
ـ اربطي النضج بالاستقلال، وقولي دائمًا : عروستي كبرت وأصبحت كالكبار تنام بمفردها، واسأليها : هل كل صديقاتك يَنَمن مع أمهاتهن؟ كل هذا الحديث بشكل تدعيمي وترغيبي وبدون قسوة أو عنف؛ لأن العنف في مثل هذه الحالات يكون له تأثير سلبي.
ـ احرصي على أن تقومي بتنويمها قبل الصغيرة، حتى تأخذ كل ما تحتاج إليه من حنان، على أن يكون للنوم طقوس تحرصين عليها، فالأطفال يحتاجون إلى التهيئة والإعداد قبل القيام بأي عمل، وهذه التهيئة تكون كالتالي:
* هيئيها للنوم قبل ساعة ولا تدعيها للنوم فجأة، بأن تقولي لها: بعد ساعة سنذهب للنوم، هيا بعد نصف ساعة سننام.
* في أثناء هذه الساعة تقوم بغسل أسنانها وأداء صلاة العشاء وترتيب حجرتها.
* ثم تصحبينها إلى سريرها وتجلسينها في الفراش وتجلسين بجوارها وتحكين لها حكاية طريفة.
* وبعد أن تنتهي من الحكاية تشدين عليها الغطاء وتقبلينها و ترددين على مسامعها دعاء النوم وتتأكدي من وجود كوب ماء بجوارها وكذلك إضاءة خافتة.
* وبعد ذلك إذا بكت حاولي تهدئتها واحتوائها، فإذا تمادت في الأمر عالجي الأمر ساعتها بحزم لا قسوة فيه.
*وفي النهاية نحب أن نقول لك لا تقلقي فإن الأمر بسيط جدًّا وقابل للحل، وأظن أنه نفس إحساسك حين صدرت استشارتك بقولك: "أجد صعوبة"، ولم تقولي: "أجد مشكلة".
ــــــــــــــ(102/332)
الآباء ودورهم في إصلاح سلوك الأبناء العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي ولدان الأكبر عمره 9 سنوات، والأصغر عمره 4 سنوات، وقد اعتقدت أن فارق السن بينهما سيمنع عنهما مشاكل الأطفال من حيث الغيرة والشجار المستمر إلى آخر ما يمكن أن يتعرض له الأبناء.
وبالرغم من أني كنت متفرغة تماما لابني الكبير لمدة 5 سنوات، حاولت خلالها تغذيته عاطفيا وفكريا حتى صار والحمد لله فخرًا لي في كل مكان فإنه ومنذ الصغر أشعر فيه بالتكاسل عن القيام بواجباته (حتى من قبل أن يرزقني الله بأخيه)، وحاولت مرارًا وتكرارًا أن أوضح له أنه يوجد في حياتنا أمور يجب على المرء أن يقوم بها دون أن يحثه أحد عليها، فمثلا يجب عليّ أن أقول له ادخل الحمام، حيث أجد عليه علامات الرغبة في ذلك، أو مثلا اغسل أسنانك أو بدّل ملابسك... وهكذا.
وكنت أعتقد أنه مع مرور الوقت سوف يعتاد مثل هذه الأمور ويقوم بها دون الإلحاح، ولكنه حتى الآن على هذا المنوال، كما أنه يثير الفوضى في المنزل، ولا يضع الأغراض في أماكنها، وهو ما يوجب عليّ أن أسير وراءه لكي أجمع الأغراض التي قد يتركها على الأرض من ملابس وألعاب وغير ذلك.
أما المشكلة الأخرى فهو حتى الآن يلعب بألعاب الصغر، ويظل يتحدث معها ويتخيل أن الدمية شخص حقيقي يتحاور معه، وينسج القصص التي تمحورت كلها الآن في كيفية دفاع الشخص (الدمية) عن نفسه وأسلحته لمواجهة ابني الذي هو طرف في اللعبة.
وهو متعلق جدا بألعابه، وفي بعض الأحيان يسير في البيت برفقتها؛ وهو ما دفع أخاه الصغير على تقليد نفس الأسلوب في اللعب. كما أني لاحظت أنه يغار من الأصغر ويتعمد استفزازه ولا يتركه يجلس في هدوء.
أنا متفرغة لولدي ودائمة التحدث معهما، ولا أتركهما أبدًا، وأساوي بينهما في كل شيء، فلا أدري لماذا هذا السلوك من ابني الكبير؟
بقي شيء واحد وهو أن عبد الله والحمد لله متفوق دراسيا وهو والحمد لله ذكي بشهادة المدرسين لكنه غير دقيق، فمثلا لا يهتم بالخط، وإذا نقل من السبورة يكون هناك أخطاء إملائية كثيرة؛ وهو ما يدل على عدم اهتمامه بدقة ما ينجز من أعمال فهو يريد الانتهاء من الكتابة سريعًا.
هذا فضلاً عن أنه لا يقوم بواجباته الدراسية إلا بعد إلحاح وجلوسي بجانبه، ومع ذلك فهو دائما يحاول إيجاد أي شيء يشغله عن الاستذكار؛ فهو يقضي كل الوقت في اللعب أو مشاهدة أفلام الكرتون.
كما أني سعيت لإلحاقه بمجموعة لحفظ القرآن الكريم في المسجد، ولكن للأسف فهو لا يريد أن يذهب وليس عنده الحماس للحفظ، ولا يريد أن يذهب إلى المسجد للصلاة مع والده ولا حتى يريد أن يقوم بذلك في البيت بالرغم من أن أخاه يهوى النزول مع أبيه إلى المسجد لأداء الصلاة، وأضطر لتهديده بأني سأحرمه من الكرتون مثلا إذا لم يحفظ ويصل. وهو يرضى بالحفظ على مضض، وأنا لا أريد أن أضغط عليه حتى لا ينفر من المسجد، وفي نفس الوقت أريد أن يكون شخصًا ملتزمًا ينفع نفسه والمسلمين إن شاء الله.
أعتذر للإطالة، ولكني حاولت شرح المشكلة بدقة حتى يسهل عليكم الإلمام بجميع جوانبها، وجزاكم الله كل خير على ما تقومون به من أعمال لرفع شأن أمتنا الإسلامية، وفقكم الله.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمته وبركاته، أشكرك -سيدتي- لدعواتك المخلصة، وأدعو الله تعالى أن يتقبلها إنه قريب مجيب.
وردًّا على رسالتك الكريمة أقول: لا تبتئسي ولا تقلقي فسبب ما يفعله ابنك من سلوكيات غير مرغوب فيها أنه لا يجد ما يستوعب طاقاته الذهنية والجسدية ولا يجد تحديًّا حقيقيا لذكائه؛ لذا فهو متكاسل وملول، ولا يجد ما يفعله سوى التحرش بأخيه الأصغر أو مخالفتك كنوع من الاستفزاز، ومن ثم فكل ما عليك أن:
أولا: التغاضي -في هذه الفترة- عن مخالفاته وأخطائه والتظاهر بعدم رؤيتك لها في أغلب الأوقات، وانتبهي لمحاسنه وعززيها بشكره مثلا أو بتقبيله أو باحتضانه.
ثانيا: اشتركي معه في بعض الألعاب المختلفة التي تتميز بالتفكير والذكاء من خلال الألغاز أو التجارب العلمية المبسطة في أوقات ثابتة تحددينها معه في أيام الدراسة والإجازات، ويمكنك الاطلاع على كتب خاصة بالأطفال، أو يمكنك إخراجها من بعض - المواقع الخاصة بالأطفال على الإنترنت
إلى جانب القصص التي تشبع فكره وخياله (ولا تقلقي كثيرًا من طريقة لعبه فهذه المرحلة من عمر الأطفال تتميز بالخيال، مثل المرحلة السابقة وإن كانت أكثر منطقية).
وحتى تساعديه على ربط الخيال بالواقع يمكنك أن تقرئي معه بعض القصص في الخيال العلمي، وهذا النوع سيجذب ابنك جدًّا؛ لأنه ذكي، وفي نفس الوقت لديه من الخيال الخصب ما يتيح له أن يعي مثل هذا النوع من القصص، شريطة أن تكون هذه القصص مناسبة لسنه، وهي متوفرة في مكتبات الأطفال.
ثالثا: يمكن أن يساعد والده في عمله، ولا تتعجبي من ذلك فلي صديقة يعمل زوجها مهندسا معماريا ببلد عربي، جعل ابنه يساعده في عمله فأسند إليه هذه المهام:
* يحمل (المونة) مع البنائين تحت إشرافه، ويساهم في صب الأسقف.
* علمه بعض الأعمال الكتابية فيكتب له بعض التقارير على الكمبيوتر، ويقوم الأب بعد ذلك بتعديل ما يراه ضروريًّا.
* يرتب له بعض المواعيد.
* يرتب له تصميماته في ملفات خاصة.
* وأخيرا جعله يقوم ببعض التصميمات على برنامج (Auto-CAD)، وبالمناسبة هذا الصبي حينما بدأ في مساعدة والده كان في عمر ابنك، وهو الآن في الثانية عشرة من عمره، وقد بدأ في التصميمات منذ أكثر من عام.
لا تتخيلي -سيدتي- أن الخطوة الأخيرة بالذات ستجعل ابنك يعتمد على نفسه، ويعتد بها ويعدل كثيرًا من سلوكه بل يخطو خطوات واثقة نحو الرجولة، فضلا عن الحميمية التي ستجمع بينه وبين والده التي من شأنها أن تجعل هذه الفترة تمر بسلام وبشكل جيد، فهي فترة التوحد -كما يسميها علماء النفس- وفيها يجد الطفل الذكر في والده النموذج الجيد الذي يحتذيه ويقلده وكذلك الفتاة مع أمها.
لذا فهي فترة في غاية الأهمية لا بد أن يكون النموذج على قدر كبير من الوعي والاعتدال في سلوكياته؛ لأنه موضع قدوة، وليعرف تمامًا أن كل ما يسلكه هو موضع رصد من الأبناء، وهذا أيضا سيسهل موضوع الصلاة؛ فعبد الله سيبذل جهدًا حتى يرضي والده، وبالتالي سيحاول الالتزام بأداء الصلاة.
وأما بالنسبة لحفظ القرآن فهناك العديد من الموضوعات التي عالجت مسألة الحفظ بطريقة لا تنفر أبناءنا تناولتها هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها بنهاية الرد.
• أما إذا كان مساعدة عبد الله لوالده أمر غير متاح بهذا الأسلوب، أو أن زوجك تخصص آخر في الهندسة فيمكنه أن يجد له عملاً مناسبًا في مجاله يساعده فيه، أو يمكنه -أي الأب- تكريس بعض من وقته لمزاولة بعض الألعاب والأنشطة المختلفة معه بالاشتراك معك ومع أخيه الصغير بالطبع (وهناك الكثير من الموضوعات التي أثيرت عن الأنشطة مع الأبناء على هذه الصفحة يمكن الاطلاع عليها، وسنورد لك بعضها بنهاية الرد)، ولكن هذه الطريقة ستكون أبطأ في مفعولها عن المساهمة في العمل.
ثقي -سيدتي- أن الأمر بعد أن تنفذي الخطوات السابقة سيكون محتملاً جدًّا مع "عبد الله"، وتكون سلوكياته غير المرغوبة في حدود الطبيعية التي لا تكدر حياة الأسرة بل والتي يمكن التسامح بشأنها والتغاضي عنها.
ملاحظة: أولاً لا بد أن يشارك الطفل الأصغر في الأنشطة التي تقومين بها مع عبد الله، ثانيا لن يتبدل سلوك "عبد الله" بين يوم وليلة بل ستجدين أن سلوكياته غير المرغوبة تبدي بعض الصلابة في بادئ الأمر؛ فعليك التحلي بالصبر، وأخيرًا دعواتنا لك بالتوفيق، كما نرجو أن تتابعي معنا.
ــــــــــــــ(102/333)
في بيتنا رسائل حب العنوان
يف نتعامل مع البنت - أو الولد - في مثل هذه السن-12 -عندما يكتشف الأب أو الأم وجود رسائل حب ترسل لها وترسلها هي، ما هي الطريقة التربوية الصحيحة في التعامل مع هذه الظروف؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
تربوي الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
سبحان الله، كنت أحسب أن الدنيا قرية صغيرة لمجرد سرعة انتقال الأخبار بين جنباتها وتشابه قراها ومدنها، لكن لم أكن أحسب أن تتقارب المسافات والأزمان حتى يصبح اسم السائل كاسم الحبيب "أبي أيوب"، فأبو أيوب السائل والد لثلاث بنات، ومفتاح الإجابة فيما رواه الصحابي أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - الذي ورد عنه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يكون لأحدٍ ثلاث بنات أو بنتان أو أختان، فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة".
الجنة ... .. ألا تهون معها كل الصعاب، وتصغر أمامها كل العقبات، كفى بالله معينًا لك، فقد روى أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا ولدت جارية (أي البنت) بعث الله عز وجل ملكًا يزف البركة زفًّا، ويقول: ضعيفة خرجت من ضعيفة، القيم عليها مُعان إلى يوم القيامة".
ونسأل الله تعالى أن تكون السطور التالية من عون الله لك،فننصحك بالأتي:
أولا:تجنب إظهار المعارضة بصورة مباشرة. تجنب قول "لا" والمعارضة الواضحة لهذا الأمر، فذلك لن ينتج عنه إلا سور عالٍ بينكما.
ثانيًا: معرفة السبب الذي دفع الفتاة إلى كتابة هذه الرسائل، فمعرفة السبب سيساعد في العلاج، فيذكر علماء النفس أن الفتاة في بداية المراهقة قد تشتاق إلى الحنان والاهتمام، بعد أن أدركت الاختلاف الذي حلّ بها، وتولّدت أحاسيس الأنوثة فيها، تلك الأحاسيس التي تصرخ طالبة الاعتراف بها من أهلها، وترى ذلك الأم حين تجد ابنتها تتعدى على أشيائها وتأخذ ملابسها وأدوات زينتها، فهي تريد أن تقول لأمها: عفوًا يا أمي لقد كبرت، وأصبحت أنا الأولى بأن أكون على عرش أنوثة ذلك البيت.
والفتاة إلى أن تعثر على الرعاية اللائقة من إنسان تحبه قد تدخل في أوهام كثيرة، وغالبًا ما يكون هذا هو السبب الذي يدفع الفتيات إلى خوض مثل هذه التجارب ومحادثة الفتيان، فهي تبحث عن الشعور بالرضا بأنها أنثى، وأن هناك من يتقبلها من الجنس الآخر، قد يكون هذا هو ما تبحث عنه ابنتك، وربما يكون هناك أسبابًا أخرى دفعتها لكتابة هذه الرسائل مثل التسلية وقضاء وقت الفراغ أو الملل، ومهما كان هذا السبب فلا بد من معرفته، وأفضل طريقة لمعرفته هو بناء جسور من الصداقة مع الفتاة، فهذه الصداقة هي الحماية الأولى لأبنائنا من الوقوع ضحية لانحرافات المجتمع والعصر، ولن تستطيع الوصول إلى هذه الصداقة إلا بالتحلي بالهدوء والحكمة، والسلاسة في معالجة الأمر.
فاجلس معها في جلسة هادئة، واسألها عن هذا الشخص، عن كل شيء فيه، اسمه وشكله، وهل تشعر أنه مناسب لها؟ واجعل تعليقاتك في صورة أسئلة "هل تشعرين أنه يحبك؟ هل تحبينه؟ ماذا بعد هذا الحب؟ اجعلها تتكلم وقل لها ماذا بعد..؟ وماذا بعد ... ؟ حتى تصل هي في النهاية إلى إنهاء العلاقة عن قناعة تامة..
ويتوازى مع هذا أن تشرح لها أننا مسلمون، وأن الله لم يحرّم الحب ولكن جعل له ضوابطه ومنافذه الشرعية، وعلى الإنسان أن يعرفها، وأن يمنح حبه وقلبه لمن هو أهل له، وهو الإنسان الذي سيرتبط به، فإن أي تجربة عاطفية ستدخل فيها الآن ستصيبها بالحيرة؛ لأن مشاعرها الآن متقلبة، قل لها - مثلاً - هل تذكرين بالأمس وأنت صغيرة كنت تحبين الطعام الفلاني والآن أصبحت تكرهينه، وكنت تحبين هذا اللون والآن تغيرت مشاعرك نحوه، فكيف تضمنين أن مشاعرك مستقرة تجاه شيء مصيرى مثل هذا؟
احكِ لها عن قصص فتيات دخلوا وانساقوا وراء مثل هذه التجارب، وعما حدث لهم وما أصابهم نتيجة مخالفة أمر ...
ونؤكد في النهاية على ضرورة بناء جسور الصداقة مع ابنتك إذا أردت أن تستجيب لك وتصغي لك، وعليك أن تبذل كل جهدك في تحبيبها فيك، وإشعارها بأنك مهتم بها مشفق عليها من الخطأ، كما يشفق الحبيب على حبيبه والصديق على صديقه ... فبهذا تملك قلبها وتصبح هي مهيّأة لأن تقبل منك كل نصح وإرشاد.
ــــــــــــــ(102/334)
الآباء ودورهم في إصلاح سلوك الأبناء العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي ولدان الأكبر عمره 9 سنوات، والأصغر عمره 4 سنوات، وقد اعتقدت أن فارق السن بينهما سيمنع عنهما مشاكل الأطفال من حيث الغيرة والشجار المستمر إلى آخر ما يمكن أن يتعرض له الأبناء.
وبالرغم من أني كنت متفرغة تماما لابني الكبير لمدة 5 سنوات، حاولت خلالها تغذيته عاطفيا وفكريا حتى صار والحمد لله فخرًا لي في كل مكان فإنه ومنذ الصغر أشعر فيه بالتكاسل عن القيام بواجباته (حتى من قبل أن يرزقني الله بأخيه)، وحاولت مرارًا وتكرارًا أن أوضح له أنه يوجد في حياتنا أمور يجب على المرء أن يقوم بها دون أن يحثه أحد عليها، فمثلا يجب عليّ أن أقول له ادخل الحمام، حيث أجد عليه علامات الرغبة في ذلك، أو مثلا اغسل أسنانك أو بدّل ملابسك... وهكذا.
وكنت أعتقد أنه مع مرور الوقت سوف يعتاد مثل هذه الأمور ويقوم بها دون الإلحاح، ولكنه حتى الآن على هذا المنوال، كما أنه يثير الفوضى في المنزل، ولا يضع الأغراض في أماكنها، وهو ما يوجب عليّ أن أسير وراءه لكي أجمع الأغراض التي قد يتركها على الأرض من ملابس وألعاب وغير ذلك.
أما المشكلة الأخرى فهو حتى الآن يلعب بألعاب الصغر، ويظل يتحدث معها ويتخيل أن الدمية شخص حقيقي يتحاور معه، وينسج القصص التي تمحورت كلها الآن في كيفية دفاع الشخص (الدمية) عن نفسه وأسلحته لمواجهة ابني الذي هو طرف في اللعبة.
وهو متعلق جدا بألعابه، وفي بعض الأحيان يسير في البيت برفقتها؛ وهو ما دفع أخاه الصغير على تقليد نفس الأسلوب في اللعب. كما أني لاحظت أنه يغار من الأصغر ويتعمد استفزازه ولا يتركه يجلس في هدوء.
أنا متفرغة لولدي ودائمة التحدث معهما، ولا أتركهما أبدًا، وأساوي بينهما في كل شيء، فلا أدري لماذا هذا السلوك من ابني الكبير؟
بقي شيء واحد وهو أن عبد الله والحمد لله متفوق دراسيا وهو والحمد لله ذكي بشهادة المدرسين لكنه غير دقيق، فمثلا لا يهتم بالخط، وإذا نقل من السبورة يكون هناك أخطاء إملائية كثيرة؛ وهو ما يدل على عدم اهتمامه بدقة ما ينجز من أعمال فهو يريد الانتهاء من الكتابة سريعًا.
هذا فضلاً عن أنه لا يقوم بواجباته الدراسية إلا بعد إلحاح وجلوسي بجانبه، ومع ذلك فهو دائما يحاول إيجاد أي شيء يشغله عن الاستذكار؛ فهو يقضي كل الوقت في اللعب أو مشاهدة أفلام الكرتون.
كما أني سعيت لإلحاقه بمجموعة لحفظ القرآن الكريم في المسجد، ولكن للأسف فهو لا يريد أن يذهب وليس عنده الحماس للحفظ، ولا يريد أن يذهب إلى المسجد للصلاة مع والده ولا حتى يريد أن يقوم بذلك في البيت بالرغم من أن أخاه يهوى النزول مع أبيه إلى المسجد لأداء الصلاة، وأضطر لتهديده بأني سأحرمه من الكرتون مثلا إذا لم يحفظ ويصل. وهو يرضى بالحفظ على مضض، وأنا لا أريد أن أضغط عليه حتى لا ينفر من المسجد، وفي نفس الوقت أريد أن يكون شخصًا ملتزمًا ينفع نفسه والمسلمين إن شاء الله.
أعتذر للإطالة، ولكني حاولت شرح المشكلة بدقة حتى يسهل عليكم الإلمام بجميع جوانبها، وجزاكم الله كل خير على ما تقومون به من أعمال لرفع شأن أمتنا الإسلامية، وفقكم الله.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمته وبركاته، أشكرك -سيدتي- لدعواتك المخلصة، وأدعو الله تعالى أن يتقبلها إنه قريب مجيب.
وردًّا على رسالتك الكريمة أقول: لا تبتئسي ولا تقلقي فسبب ما يفعله ابنك من سلوكيات غير مرغوب فيها أنه لا يجد ما يستوعب طاقاته الذهنية والجسدية ولا يجد تحديًّا حقيقيا لذكائه؛ لذا فهو متكاسل وملول، ولا يجد ما يفعله سوى التحرش بأخيه الأصغر أو مخالفتك كنوع من الاستفزاز، ومن ثم فكل ما عليك أن:
أولا: التغاضي -في هذه الفترة- عن مخالفاته وأخطائه والتظاهر بعدم رؤيتك لها في أغلب الأوقات، وانتبهي لمحاسنه وعززيها بشكره مثلا أو بتقبيله أو باحتضانه.
ثانيا: اشتركي معه في بعض الألعاب المختلفة التي تتميز بالتفكير والذكاء من خلال الألغاز أو التجارب العلمية المبسطة في أوقات ثابتة تحددينها معه في أيام الدراسة والإجازات، ويمكنك الاطلاع على كتب خاصة بالأطفال، أو يمكنك إخراجها من بعض - المواقع الخاصة بالأطفال على الإنترنت
إلى جانب القصص التي تشبع فكره وخياله (ولا تقلقي كثيرًا من طريقة لعبه فهذه المرحلة من عمر الأطفال تتميز بالخيال، مثل المرحلة السابقة وإن كانت أكثر منطقية).
وحتى تساعديه على ربط الخيال بالواقع يمكنك أن تقرئي معه بعض القصص في الخيال العلمي، وهذا النوع سيجذب ابنك جدًّا؛ لأنه ذكي، وفي نفس الوقت لديه من الخيال الخصب ما يتيح له أن يعي مثل هذا النوع من القصص، شريطة أن تكون هذه القصص مناسبة لسنه، وهي متوفرة في مكتبات الأطفال.
ثالثا: يمكن أن يساعد والده في عمله، ولا تتعجبي من ذلك فلي صديقة يعمل زوجها مهندسا معماريا ببلد عربي، جعل ابنه يساعده في عمله فأسند إليه هذه المهام:
* يحمل (المونة) مع البنائين تحت إشرافه، ويساهم في صب الأسقف.
* علمه بعض الأعمال الكتابية فيكتب له بعض التقارير على الكمبيوتر، ويقوم الأب بعد ذلك بتعديل ما يراه ضروريًّا.
* يرتب له بعض المواعيد.
* يرتب له تصميماته في ملفات خاصة.
* وأخيرا جعله يقوم ببعض التصميمات على برنامج (Auto-CAD)، وبالمناسبة هذا الصبي حينما بدأ في مساعدة والده كان في عمر ابنك، وهو الآن في الثانية عشرة من عمره، وقد بدأ في التصميمات منذ أكثر من عام.
لا تتخيلي -سيدتي- أن الخطوة الأخيرة بالذات ستجعل ابنك يعتمد على نفسه، ويعتد بها ويعدل كثيرًا من سلوكه بل يخطو خطوات واثقة نحو الرجولة، فضلا عن الحميمية التي ستجمع بينه وبين والده التي من شأنها أن تجعل هذه الفترة تمر بسلام وبشكل جيد، فهي فترة التوحد -كما يسميها علماء النفس- وفيها يجد الطفل الذكر في والده النموذج الجيد الذي يحتذيه ويقلده وكذلك الفتاة مع أمها.
لذا فهي فترة في غاية الأهمية لا بد أن يكون النموذج على قدر كبير من الوعي والاعتدال في سلوكياته؛ لأنه موضع قدوة، وليعرف تمامًا أن كل ما يسلكه هو موضع رصد من الأبناء، وهذا أيضا سيسهل موضوع الصلاة؛ فعبد الله سيبذل جهدًا حتى يرضي والده، وبالتالي سيحاول الالتزام بأداء الصلاة.
وأما بالنسبة لحفظ القرآن فهناك العديد من الموضوعات التي عالجت مسألة الحفظ بطريقة لا تنفر أبناءنا تناولتها هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها بنهاية الرد.
• أما إذا كان مساعدة عبد الله لوالده أمر غير متاح بهذا الأسلوب، أو أن زوجك تخصص آخر في الهندسة فيمكنه أن يجد له عملاً مناسبًا في مجاله يساعده فيه، أو يمكنه -أي الأب- تكريس بعض من وقته لمزاولة بعض الألعاب والأنشطة المختلفة معه بالاشتراك معك ومع أخيه الصغير بالطبع (وهناك الكثير من الموضوعات التي أثيرت عن الأنشطة مع الأبناء على هذه الصفحة يمكن الاطلاع عليها، وسنورد لك بعضها بنهاية الرد)، ولكن هذه الطريقة ستكون أبطأ في مفعولها عن المساهمة في العمل.
ثقي -سيدتي- أن الأمر بعد أن تنفذي الخطوات السابقة سيكون محتملاً جدًّا مع "عبد الله"، وتكون سلوكياته غير المرغوبة في حدود الطبيعية التي لا تكدر حياة الأسرة بل والتي يمكن التسامح بشأنها والتغاضي عنها.
ملاحظة: أولاً لا بد أن يشارك الطفل الأصغر في الأنشطة التي تقومين بها مع عبد الله، ثانيا لن يتبدل سلوك "عبد الله" بين يوم وليلة بل ستجدين أن سلوكياته غير المرغوبة تبدي بعض الصلابة في بادئ الأمر؛ فعليك التحلي بالصبر، وأخيرًا دعواتنا لك بالتوفيق، كما نرجو أن تتابعي معنا.
ــــــــــــــ(102/335)
في بيتنا رسائل حب العنوان
يف نتعامل مع البنت - أو الولد - في مثل هذه السن-12 -عندما يكتشف الأب أو الأم وجود رسائل حب ترسل لها وترسلها هي، ما هي الطريقة التربوية الصحيحة في التعامل مع هذه الظروف؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
تربوي الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
سبحان الله، كنت أحسب أن الدنيا قرية صغيرة لمجرد سرعة انتقال الأخبار بين جنباتها وتشابه قراها ومدنها، لكن لم أكن أحسب أن تتقارب المسافات والأزمان حتى يصبح اسم السائل كاسم الحبيب "أبي أيوب"، فأبو أيوب السائل والد لثلاث بنات، ومفتاح الإجابة فيما رواه الصحابي أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - الذي ورد عنه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يكون لأحدٍ ثلاث بنات أو بنتان أو أختان، فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة".
الجنة ... .. ألا تهون معها كل الصعاب، وتصغر أمامها كل العقبات، كفى بالله معينًا لك، فقد روى أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا ولدت جارية (أي البنت) بعث الله عز وجل ملكًا يزف البركة زفًّا، ويقول: ضعيفة خرجت من ضعيفة، القيم عليها مُعان إلى يوم القيامة".
ونسأل الله تعالى أن تكون السطور التالية من عون الله لك،فننصحك بالأتي:
أولا:تجنب إظهار المعارضة بصورة مباشرة. تجنب قول "لا" والمعارضة الواضحة لهذا الأمر، فذلك لن ينتج عنه إلا سور عالٍ بينكما.
ثانيًا: معرفة السبب الذي دفع الفتاة إلى كتابة هذه الرسائل، فمعرفة السبب سيساعد في العلاج، فيذكر علماء النفس أن الفتاة في بداية المراهقة قد تشتاق إلى الحنان والاهتمام، بعد أن أدركت الاختلاف الذي حلّ بها، وتولّدت أحاسيس الأنوثة فيها، تلك الأحاسيس التي تصرخ طالبة الاعتراف بها من أهلها، وترى ذلك الأم حين تجد ابنتها تتعدى على أشيائها وتأخذ ملابسها وأدوات زينتها، فهي تريد أن تقول لأمها: عفوًا يا أمي لقد كبرت، وأصبحت أنا الأولى بأن أكون على عرش أنوثة ذلك البيت.
والفتاة إلى أن تعثر على الرعاية اللائقة من إنسان تحبه قد تدخل في أوهام كثيرة، وغالبًا ما يكون هذا هو السبب الذي يدفع الفتيات إلى خوض مثل هذه التجارب ومحادثة الفتيان، فهي تبحث عن الشعور بالرضا بأنها أنثى، وأن هناك من يتقبلها من الجنس الآخر، قد يكون هذا هو ما تبحث عنه ابنتك، وربما يكون هناك أسبابًا أخرى دفعتها لكتابة هذه الرسائل مثل التسلية وقضاء وقت الفراغ أو الملل، ومهما كان هذا السبب فلا بد من معرفته، وأفضل طريقة لمعرفته هو بناء جسور من الصداقة مع الفتاة، فهذه الصداقة هي الحماية الأولى لأبنائنا من الوقوع ضحية لانحرافات المجتمع والعصر، ولن تستطيع الوصول إلى هذه الصداقة إلا بالتحلي بالهدوء والحكمة، والسلاسة في معالجة الأمر.
فاجلس معها في جلسة هادئة، واسألها عن هذا الشخص، عن كل شيء فيه، اسمه وشكله، وهل تشعر أنه مناسب لها؟ واجعل تعليقاتك في صورة أسئلة "هل تشعرين أنه يحبك؟ هل تحبينه؟ ماذا بعد هذا الحب؟ اجعلها تتكلم وقل لها ماذا بعد..؟ وماذا بعد ... ؟ حتى تصل هي في النهاية إلى إنهاء العلاقة عن قناعة تامة..
ويتوازى مع هذا أن تشرح لها أننا مسلمون، وأن الله لم يحرّم الحب ولكن جعل له ضوابطه ومنافذه الشرعية، وعلى الإنسان أن يعرفها، وأن يمنح حبه وقلبه لمن هو أهل له، وهو الإنسان الذي سيرتبط به، فإن أي تجربة عاطفية ستدخل فيها الآن ستصيبها بالحيرة؛ لأن مشاعرها الآن متقلبة، قل لها - مثلاً - هل تذكرين بالأمس وأنت صغيرة كنت تحبين الطعام الفلاني والآن أصبحت تكرهينه، وكنت تحبين هذا اللون والآن تغيرت مشاعرك نحوه، فكيف تضمنين أن مشاعرك مستقرة تجاه شيء مصيرى مثل هذا؟
احكِ لها عن قصص فتيات دخلوا وانساقوا وراء مثل هذه التجارب، وعما حدث لهم وما أصابهم نتيجة مخالفة أمر ...
ونؤكد في النهاية على ضرورة بناء جسور الصداقة مع ابنتك إذا أردت أن تستجيب لك وتصغي لك، وعليك أن تبذل كل جهدك في تحبيبها فيك، وإشعارها بأنك مهتم بها مشفق عليها من الخطأ، كما يشفق الحبيب على حبيبه والصديق على صديقه ... فبهذا تملك قلبها وتصبح هي مهيّأة لأن تقبل منك كل نصح وإرشاد.
ــــــــــــــ(102/336)
فم الطفل.. هل يرضخ لرغبة الأم؟ - متابعة العنوان
أنا صاحبة استشارة..( فم الطفل.. هل يرضخ لرغبة الأم؟ ) وأريد أن أسأل الأخت الدكتورة عن كيفية تنظيم أوقات الطعام.. كيف أجعل من وقت الطعام وقتًا سعيدًا بالتفصيل، وخاصة أن حالتي النفسية غير مؤهلة لتحمل كل تلك الأعباء وصبري قليل.. وصحة ابنتي (3 سنوات) تهمني. السؤال
صحي الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الكريمة من جديد، ومرحبًا بابنتك، وأبدأ حديثي معك من حيث انتهيت بعبارة: "صبري قليل"، وهي عبارة أعذرك على شعورك بها وأقدر -كأم مثلك- أسبابها مما تعانينه من تكالب الأعباء على مدى ساعات نهارك وليلك أيضًا، ولكن قلة الصبر لن تفيدك مطلقًا، بل ستؤثر سلبًا على أدائك مع أطفالك من جهة، وعلى شخصيات أطفالك من جهة أخرى؛ لأنهم يحاكونك.
كما أنه قليلاً ما نقابل من يكون صبورًا بطبعه.. وإنما الحلم يغلب على طباع الإنسان بالتحلم، وبمحاولاته لاكتساب تلك الصفة باستماتة.
وكما أنك تحرصين على صحة طفلتك فنحن أيضًا نشاركك هذا الحرص؛ لذا فسنبدأ حديثنا معك بإيضاح ما يجب أن تحصل عليه الطفلة من مغذيات في سنها تلك بما يتناسب مع متطلبات جسمها للنمو، وبعد ذلك ننتقل للحديث عن المقترحات والأفكار المختلفة لإمتاع الطفلة حال تناول الطعام؛ لتقبل عليه، وأهم ما يجب أن نشدد عليه ألا نهذب شكل فروع الشجرة وننمقها، وندع جذورها في حالة جفاف بلا سقيا، مما سيتسبب في جفاف وسقوط كل تلك الفروع التي ننمقها، وأقصد ألا نحاول معًا التغلب على مشكلة رفض ابنتك للطعام، ونترك مسألة قلة صبرك دون مقترحات للتخلص منها والتغلب عليها؛ إذ إن التخلص من العصبية والتوتر وقلة الصبر هو الحل الأكيد لكثير من مشكلاتنا مع أطفالنا.
ونبدأ بالحديث عن متطلبات ابنتك اليومية من العناصر الغذائية:
تحتاج ابنتك من سن 3 - 7 سنوات -طبقًا لكتاب صحة الأم والطفل للدكتور "زكي شعبان"(الهئية المصرية العامة للكتاب- مشروع مكتبة الأسرة)- لتناول ثلاث وجبات يوميًّا لا تختلف كثيرًا عن الأكل المعتاد للكبار، ولكن يراعى في انتخاب الغذاء للأطفال الأمور التي يوضحها الجدول الموجود بالرابط التالي، من فضلك انقري على الرابط للإطلاع عليه:
- الاحتياجات الغذائية للاطفال من سن 3-7 سنوات
وسأقوم بإمدادك بالمزيد من المعلومات الغذائية والهامة في تغذية طفلك، والكم الكافي له من الغذاء، وعدد الوجبات، وما يقدم من خلالها من خلال بعض الاستشارات الصحية التي تناولت هذا الموضوع، ومنها:
- ابني لا يأكل.. دعيه حتى يجوع
- ما العمل.. طفلي يرفض الطعام؟
- رفض الطفل الطعام.. سؤال يتكرر
وننتقل للأفكار والمقترحات للتغلب على نفور ابنتك من الطعام:
1 - عندما تجلسون على المائدة أبدي أنت وأبوها إعجابكم الواضح بمذاق الطعام -دون توجيه الحديث إليها- لتثار شهيتها، وتحاول تجربة ما تتحدثون عن جماله.
2 - في الوجبات التي تريدين أن تطعميها لها -في غير أوقات تجمع أفراد الأسرة على الطعام- قدمي لها الطعام بكميات قليلة حتى لا تشعر بعظم المهمة التي هي بصدد أدائها، وإذا أرادت المزيد فقدمي لها المزيد بكميات صغيرة.
3 - اجتنبي التوتر تمامًا وابتسمي لطفلتك بين الفينة والأخرى في أوقات الطعام وغيرها، لتشعر بالسعادة والأمان.
4 - في إحدى جولاتك للأسواق، خذيها إلى مكان الأدوات المنزلية لتختار طبقًا جميلاً وملعقة من الشكل الذي تفضله وكوبًا ملونًا لتتناول فيهم الغذاء واللبن والعصير.
5 - عندما تقدمين لها الطعام في الطبق الذي اختارته، اسأليها أولاً: "من الذي يريد أن يأكل في الطبق الجديد؟" بسعادة؛ لتخلقي داخلها الرغبة في ذلك فتصيح قائلة: "أنا"، ثم اسأليها بعدها: "وماذا تريد معدتك الجميلة أن تطعميها؟"؛ لتختار طعامها بنفسها وبسعادة ومرح وفي شكل لعبة وطرفة.
6 - لقد جربت مع ابنتي أسلوبًا كان لطيفًا لتأكل دون عناد، أقترح عليك اتباعه أحيانًا، كنت أقول لها هيا نلعب.. "أنا اسمي كذا وأنت قطة مشاغبة، وحين أغمض عيني تأكلي الملعقة التي أعددتها لنفسي، وحين أفتحها أبكي وأقول لها هكذا يا قطة يا مشاغبة تريدين أن تكبري وأنا لا؟".. وهكذا فكانت تأكل الملعقة بحماس ونحن نمثل أني نائمة أو مغمضة عيني لتجعلني أزغزغها وأتصنع أني غضبانة وأتشاجر معها.. وهكذا... وما زلت ألعب معها هذه اللعبة أحيانًا حتى وقتنا هذا رغم أنها وصلت 5 سنوات، لكنها تحب أن تلعب معي، حتى لو ضحت في سبيل ذلك وأكلت طعامها.
7 - الأكل في جلسة جماعية يفتح الشهية؛ فيمكنك أن تعقدي سباقات بينها وبين أخيها مثلاً فيمن ينهي الملعقة التي في فمه ويبلعها أولاً، وهذا ملعقة وهي أخرى وهكذا، فالمنافسة بينهما ستفتح شهيتهما.
8 - يمكن أيضًا استثمار فترات مشاهدة أحد البرامج التلفزيونية مثلاً، لوضع الطعام في فمها وهي غير منتبهة.
9 - يمكن فتح حوار حول أمر ما (أن تحكي لك مثلاً فيلم الكارتون الذي شاهدته)، لتقومي بالحديث معها بحماس عنه وتضعين اللقيمات في فمها دون أن تشعر أثناء الحديث.
أختي الكريمة.. أسعدني الحديث معك، وأرجو أن تكون لتطبيق تلك المقترحات نتائج مرضية لك، وأتمنى أن يدوم تواصلك معنا، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/337)
يتصرف تصرف الأطفال!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إلى كل من يعمل في هذه الصفحة، وكل شخص يكتب أو يملي ولو كلمة أو نصيحة كل شكر وتقدير. أبعث لكم مشكلة ابني عل وعسى أن أجد لديكم النصيحة والحل، وكلي ثقة بكم.
ابني عمره عشر سنوات، يأخذ حيزا كبيرا في حديثي مع والده؛ إذ إنه محيرنا في سلوكه وأفعاله كالآتي:
أولا: يحب الكسل، بالكاد ينهض لكي يلبي لي طلبا ولو بسيطًا للغاية، بينما لو أنه يريد أن يلعب كرة القدم فهو الأول على جيله.
ثانيا: يحاول أن يثير الفوضى في البيت (غرفته دائما متسخة، إذا دخل الحمام يتصرف تصرف الأطفال، إذا دخل المطبخ فحدث بلا حرج عما تقترفه يداه هناك، ومن هذا المضمار كثير لا تكفي الرسالة لذكره).
ثالثا: يحاول أن يثير غضبي بكل الوسائل، ومنها أن يده دائمًا تصل إلى إخوته الصغار على أشياء تافهة.
رابعا: إنه شره للغاية في الأكل، فلو أنك جلست تأكل معه لانصرفت عن الطعام تقززًا من طريقة أكله، لدرجة أنني أتعمد ألا يأكل مع والده، يحب الأكل كثيرًا، ويحب أن يأكل وحده لا يشاركه أحد في أكله حتى أنا (أمه)، ففيه صفة الطمع بشكل مبالغ فيه في كل شيء.
خامسا: إننا عندما نريد أن نعلمه شيئا ما أو سلوكًا معينًا فإننا نجد معه صعوبة بالغة عكس إخوته تماما، بالرغم من أنه ذكي جدا، وله رصيد اجتماعي، وعلاقته مع أبيه ممتازة، وهو محبوب عند الجميع حتى معلميه؛ لأنه غير خجول وسلس في الكلام؛ وهو ما يجعلني عندما أرفض له طلبًا أو أنبهه إلى خطئه أخرج في النهاية أنا الغلطانة.
سادسا: نجد صعوبة في تعويده على الصلاة، والآداب الإسلامية، وحتى حب القرآن...
سابعا: محترف في الكذب، لدرجة أنه عندما يكذب يصدق نفسه أنه صادق؛ وهو ما يدخلني في حيرة ما إذا كان صادقًا أم كاذبًا، ويحكي لي حوادث حصلت معه يوهمني أنها حقيقة،
ولكن يتضح لي فيما بعد أنها من نسج خياله.
ثامنًا: يقضم أظافره باستمرار، يغار من أخيه الأكبر بصورة غير مباشرة، أحاول دائمًا احتواءه وملاطفته، ولكنه سرعان ما يغيظني فأغضب منه، كنت أضربه وهو في سن 4-8 سنوات، وأقلعت عن هذا السلوك، وندمت عليه، وأحيانا نستعمل معه أسلوب الحرمان. أخاف عليه من الانجراف في هذا المجتمع الفاسد الذي لا يمتلك لا قيما ولا أخلاقا.
آسفة جدا للإطالة عليكم، ولكن أردت توضيح الصورة لحضراتكم. وشكرًا لكم. والسلام عليكم.
السؤال
التأخر العقلي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدتي الفاضلة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرًا لك على تحيتك الكريمة، ونسأل الله العون لنا ولك، لقد قرأت رسالتك، لكن قبل أن أشرع في الرد أستأذنك في أن نعيد معا ترتيبها فنحن لن نأتي بجديد من عندنا، ولكننا سننظر للرسالة من وجهة نظر أخرى فقط مجرد ترتيب عباراتك؛ فطفلنا "ذو العشر سنوات علاقته مع أبيه ممتازة، له رصيد اجتماعي؛ فهو محبوب عند الجميع حتى معلميه؛ لأنه غير خجول وسلس في الكلام؛ وهو ما يجعلني عندما أرفض له طلبا أو أنبه إلى خطئه في النهاية أخرج أنا الغلطانة".
هذا جانب من الصورة.. الجانب الآخر تعالي نقرؤه.. يحاول أن يثير غضبي بكل الوسائل بالكاد ينهض لكي يلبي لي طلبًا ولو بسيطًا، أحاول دائما احترامه وملاطفته، ولكنه سرعان ما يغيظني فأغضب منه، كنت أضربه وهو في سن 4 – 8؛ أي الجانبين من الصورة هو الطفل الحقيقي، أم أن أفعال الطفل تختلف باختلاف الشخص الذي يتعامل معه؟ ألا يثير ذلك التساؤل عن سبب تغير حال الطفل المحبوب من الجميع ذي العلاقة الممتازة مع الأب إلى طفل يثير غضب الأم ولا يكاد يلبي لها طلبا، ألا يبدو أن هناك شيئا في علاقة الأم بطفلته هي التي جعلته يبتهج معها منهجا مخالفا عما ينتهجه مع الجميع؟
تعالي أيضا نخرج هذا الشيء من سطور رسالتك، أتعمد ألا يأكل مع والده، وها هي صفاته التي تصفينه بها والتي ولا بد أنها تقتله مباشرة بلسانك أو بصورة غير مباشرة، سواء وأنت تصفينه للآخرين أو بردود أفعالك تجاه تصرفاتك؛ فهو كسول وفوضوي يتصرف تصرف الأطفال، وهو يثير التقزز في طريقة أكله وشربه للغاية للأكل، وطماع ومحترف في الكذب، ماذا تفعلين إذا كان هناك من يصفك ليل نهار بهذه الصفات؟ وماذا يكون موقفك منك وأنت العاقلة الراشدة، ولست طفلا في العاشرة من عمره؟
أفهمت الآن لماذا يتعمد هذا الطفل أن يثير غضبك؟ ولماذا يرفض أي طلب منك؟ لأنك لا تتوقفين عن إهانته، وقد تكونين توقفت عن ضربه منذ سنتين، ولكنك لم تتوقفي عن إيذائه نفسيا، وهو بالتالي لن ينسى لك ضربه السابق؛ لذا إذا أردت أن يتغير هذا الطفل فلا بد أن تتغيري أنت في طريقة تعاملك معه، وأول شيء في ذلك أن تكفي عن وصفه بهذه الصفات السيئة؛ لأننا مرآة أطفالنا إذا ظللنا ننعتهم بالنعوت السيئة فإن النتيجة أنهم يؤكدون بسلوكياتهم ما ننعتهم به.
بمعنى.. نحن نظل نقول له أنت كسلان، أنت كسول، أنت كسول؛ فيكون رد الفعل بعد قليل أنا كسول، أنا كسول، وسأريكم كيف يكون الكسل؟ وهكذا في باقي الصفات السيئة.
إن الحل هو أن نبحث عن صفاته الجيدة ونبرزها ونشجعها، ونتذكر أنا نتعامل مع طفل، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتصرف مثلما يتصرف الأطفال؛ وبالتالي فعندما نرى منه سلوكًا سيئًا فليس الحل أن نعايره أو نهينه، ولكن الحل أن نستخدم الحافز الإيجابي لتفسير السلوك ونذكره بصفاته الجيدة، فنقول مثلا، ونحن نريد أن يغير سلوكه في الحمام أو في غرفته: إن عمر الذكي الذي يحبه الناس لا يصح ألا تكون غرفته غير مرتبة، سيكون هناك جائزة لأفضل غرفة مرتبة يا عمر، احرص على أن تكون صاحب هذه الجائزة، إنني واثقة أنك ستحصل عليها. ولا يكون الكلام بطريقة أننا رصدنا هذه الجائزة من أجلك أيها الفوضوي؛ فكل إخوتك يرتبون غرفتهم، وها نحن سنستخدم الحافز ونرى ماذا ستفعل.
هذه ليست طريقة للحفز بل هي ذم وإهانة تتستر في صورة الحافز، ما نريد قوله بأن فتح صفحة جديدة عن العلاقة تقوم على التشجيع وعلى رؤية إيجابياته، وعلى عدم التعامل معه كحالة خاصة مزعجة، ولكن طفل ذكي يحبه الجميع، ولكنه لا يجد التشجيع الكافي في بيته من أمه.. يجعلك تجدين طفلا سلسا مطيعا؛ لأنه لا يريد أن يخسر صورته الطيبة لدى أمه والآخرين.
بالنسبة لما تسمينه بالكذب، فهو كما يبدو من رسالتك ليس كذبًا، ولكنه خيال يحاول به أن يثبت ذاته أو أن يحقق في الخيال ما يعجز في أن يحققه في الواقع؛ لذا فإن الحل أن توضحي له أنك تعرفين أن هذا خيال، ولا تصفيه بالكذب، وإنك مع سعادتك في قدرته على نسج القصص الخيالية فإنك تخشين عليه من اختلاط الواقع مع الخيال في ذهنه؛ لذا فعليه أن يستغل هذه الموهبة في كتابة القصص أو حكايتها، ولكن وهو يدرك أنه خيال، وبذلك يرى فيما يقوله أمرًا إيجابيًا تم تشجيعه عليه، ولكن في إطار سليم وصحيح، فهو لم يصبح جزءًا من منظومة الذم التي يهرب منها بالخيال، وبالتالي لا يصح في حاجة لهذا الخيال المريض، وسيوجهه إلى أمر مفيد، مثل كتابة القصص والروايات.
ما نود قوله بتفصلينا في مثال الكذب التخيلي بأننا نحتاج أن نفهم أطفالنا، ونضع خطة لتغييرهم في زمن طويل كي ينصلح ما أفسدناه في سنوات، فلا يكفي أن نندم أننا ضربنا لمدة أربع سنوات، ولكن لنصبر 4 سنوات مثلها حتى نزيل آثارها السلبية في شخصية طفلنا.
ــــــــــــــ(102/338)
وتبقى الصداقة هي الحل العنوان
يا فضيلة الدكتور، لديّ أخت عمرها 16 سنة سيئة السلوك، ومتمردة على أوامر أمي وأبي، وفصلت من المدرسة؛ بسبب تمردها على المدرسات، وكلامها الفاحش، وتحب أن تعاكس زميلاتها إما بواسطة التليفون أو في المدرسة، وتلبس ملابس الرجال، وتكثر الجلوس مع إخواني الذكور، ودائمًا تعمل أعمالاً تغضبنا منها، فتستسلم للبكاء والعزلة، وتلبس ألوانا قاتمة من الملابس، ويبدو عليها الحزن واليأس، ودائمًا أنصحها ولكن لا جدوى، ويبدو منها بعض الأعمال الغريبة مثل جلوسها في الحمام فترة طويلة، وجزاكم الله خيرا.
السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار, الخجل والانطواء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخ السائل/
نحمد إلى الله اهتمامك بأختك و شفقتك عليها و إن بدت مرارةً في سؤالك ،وإن كنالا ندري كم سنك ، وكم هو فرق العمر بينك وبين أختك
التي بعثت تشكو حالها.. ولكنا نشكر لك اهتمامك ونذكرك أن جزءاً كبيرًا من المسئولية في إصلاح حال هذه الأخت يقع على عاتق الوالدين، والتي تبدو العلاقة بينهما ليست على ما يرام، وهو أمر مهم في التعاون للتعامل مع هذه الفتاة.. و ,بالرغم من وصفك لأختك أنها سيئة السلوك فإننا لا نتفق معك في هذا الوصف؛
إننا كما نلمس من رسالتك أنها فتاة في سن المراهقة فيبدو أنها لا تجد من يستطيع التفاهم معها أو فهمها، وأنتج ذلك عندها نوعًا من الغضب والرفض الذي يظهر فيما أسميته أنت في رسالتك التمرد على الأب والأم والتمرد على المدرسات؛ فالتمرد من سمات هذه المرحلة عندما يُحبط المراهق حين يشعر أن من حوله لا يفهمونه..، إن هذه الفتاة لم تجد من يستطيع احتواءها..، إنها تريد أن تثبت ذاتها، إنها تريد أن تعلن أنها أصبحت شخصية مستقلة، إنها تريد أن تقول أنا كبرت، ولكن يبدو أن هذا شيء غير مفهوم من قبل أبيها أو أمها أو مدرساتها.
إنها تتحدث مع زميلاتها لأنها تجد عندهن من يسمعها ويتجاوب معها.. ولبس ملابس الرجال أو الألوان القاتمة من الملابس إنما يدخل في هذه الرغبة في التميز وإثبات الذات حتى ولو كان بصورة شكلية من خلال الملابس وتقاليعها، ولا نرى في جلوسها مع إخوانها الذكور أي مشكلة أو دلالة على سوء السلوك، بل يدل على حاجتها أن تجد من هو مقارب لسنّها لفهمها لتستطيع الجلوس والحديث معه.
إن مفتاح حل مشكلة هذه الفتاة هو "الصداقة والحب والتفاهم"، إنها لا تريد منك أيها الأخ - إن كنت مهتمًّا حقًّا بأمر أختك - النصح المستمر فهذا أمر لا يجدي، ولكنها تحتاج منك الصداقة المستمرة والحب المتدفق والتفاهم الفعّال.. وعندها سترى شخصية أخرى أمامك، إنك تستطيع أن تكسب بالحب والصداقة والتفاهم ما لم يستطع الأب والأم والمدرسات أن يكسبوه.. لقد اكتفى الأب والأم بإلقاء الأوامر، واكتفت المدرسة بفصلها عن الدراسة، ولم يحاول أحد أن يقترب من هذه الفتاة ويفهم مشكلتها أو ما يدور في نفسها أو لماذا هي غاضبة أو ماذا تريد؟، ثم يُشعرها أنه قريب منها، ويشعر بأحاسيسها وآلامها، وأنه سيساعدها في تجاوزها.. إن هذه الفتاة تريد من يأخذ بيدها بحنان وحب لا من يزجرها ناصحًا أو غاضبًا أو ناقدًا.
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءه الشاب المراهق يقول له: ائذن لي في الزنا يا رسول الله، فهل زجره أو غضب عليه أو وصفه بالتمرد على القيم والأخلاق أو فصله من المجتمع الإسلامي، لقد فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أمور هامة ترشدنا لما يجب فعله مع هذه الفتاة وأمثالها في سن المراهقة.. أول شيء قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ادن.. اقترب"، لقد قربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه حتى يكون في مجال تأثيره النفسي والروحاني.. ثم حاوره بالمنطق وكان قادرًا أن يبين له الحكم وكفى، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن الشاب في هذه السن يحتاج إلى من يحترم عقله، ويقدر ذاته، فجلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحاوره: "أترضاه لأمك".. "أترضاه لأختك".. "أترضاه ... "، والشاب يرد: "لا، لا"، ثم يضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - يده على قلب هذا الشاب ويدعو له بأن يطهّر الله قلبه، فمن منا يدعو لابنه المراهق أو أخته المراهقة؟
إن هذه الأخت تحتاج منك أن تقترب منها وتصادقها وتحاورها، وعندها ستمتنع عن فعل الخطأ حتى لا تغضب صديقها وأخاها الذي
شعرت بحبه ودفئه، وسترى منها العجب العجاب في تغير سلوكها.
ــــــــــــــ(102/339)
البيئة الذكية والأجيال العبقرية.. متابعة العنوان
الأخت الفاضلة الأستاذة نيفين عبد الله، أولاً أشكرك على تجاوبك معنا في استشارتنا السابقة التي كانت بعنوان- البيئة الذكية والأجيال العبقرية
، وللأسف لم أستطع أن أصل للفكرة التي أود أن أميط اللثام عنها، وهذا نابع عن نقص الخبرة لدي وانعدام التخصص.
لكن بعد مراجعة ردك الكريم، انتبهت لما تقصدينه من معنى الاهتمام بالجانب اللغوي، والسبب في بروز هذا الجانب في رسالتي هو تركيزي أنا على هذا الجانب في إيراد الأمثلة التي جاءت في رسالتي؛ من سرعة حفظ البنت ومعرفتها للأرقام والألوان وأسماء أقربائها.
لكن يا مستشارتنا العزيزة أريد أن أتابع إذا سمحت لي وصف الحالة، وسأتجنب التركيز على جانب واحد، فأقول بأن نبوغ البنت برز في أمور أخرى، مثل:
1ـ تذهب إلى الحمام بمفردها وهي في سنتها الثانية وبمساعدة أمها أحيانا، ثم اعتمدت على نفسها تماما وهي في بداية السنة الثالثة، وكان ذلك على الوجه المطلوب كما تقول أمها.
2ـ تجيد تشغيل الكمبيوتر واستخدام الفارة بكل سهولة حتى أنها تفتح المواقع وتغلقها وتنقل الأيقونات، وتغلق الكمبيوتر باستخدام الفارة والكيبورد أيضًا.
3 ـ حين كانت صغيرة في بداية سنتها الثانية نطلب منها أن تحضر أشرطة كاسيت معينة فتقلب بين مجموعة كبيرة من الأشرطة ثم تحضر ما نطلبه تماما، وهي تعرف كل شريط نطلبه.
4ـ تستطيع التعرف على الأرقام المخزنة في جهاز الهاتف، بحيث نقول لها "كلمي جده أو جوال بابا أو غير ذلك فتقوم مباشرة بالضغط على الزرار".
5ـ تتابع بعض الأناشيد من خلال كتيبات مصورة تأتي مع الأناشيد فتفتح مع كل نشيد ما يناسبها من الصفحة المصورة. وفي النهاية المجال لا يسمح للمزيد من الأمثلة، لكن أرجو أن أكون وفقت في إيراد الأمثلة التي تساعد على إظهار الصورة التي من خلالها لا نعدم استشارتك المناسبة.
بقي أمران، وهما:
أولاًً: ما زلت أخشى من اضمحلال مواهب ابنتي وهذا شيء أشعر به مع مرور الأيام.
ثانياً : قضية التلفاز ليست مرتبطة بفكر ديني معين، بقدر ما هو قناعة من أن إثمه أكبر من نفعه، هذا إذا كان فيه نفع، فأنا لا أرى فيه سوى الراقصين والراقصات واللاعبين واللاعبات والأخبار المحزنة والمحبطة ويكاد يعدم الخير فيه، فلا أريد أن أنشئ أبنائي على هذا. وهذا كل ما في الموضوع، مع شكري وتقديري لاهتمامك يا أختي الفاضلة. وتقبلي تحياتي وتحيات أم أحمد مع محبتنا وشكرنا. أبو أحمد.
السؤال
تربوي الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الإخوة الكرام، أهلا بكم مرة ثانية على صفحتنا، وشكرًا جزيلا على تحيتكم الطيبة، وعلى متابعتكم لنا مرة ثانية.
يبدو لي ثمة شيء لم يتضح في رسالتي الأولى؛ لذا اسمحوا لى أن أوجز ما قلته في نقاط للإيضاح ثم ننطلق لعدد من التساؤلات التي ما زالت تغيب عني.
- ما قصدته في رسالتي الأولى من الاهتمام بالجانب اللغوي هو تركيز الأنشطة التي تمارسها مع طفلتك على تنمية هذا الجانب، وهو ما أثمر بلا ريب -أذاقكم الله ثمار تربيتكم لها هنيئة طيبة- اللهم آمين، ومثال ذلك تحفظيها القرآن والأدعية.
- أعطيتني أخي الكريم في رسالتك الأولى بعض المواقف التي تدلل بها على موهبة ابنتك، وقد أسميتها موهبة، ووددت منك قراءة استشارة: "الموهبة التفوق التمييز فض الاشتباك". وما هذا إلا لأننا نستخدم في غالب الأحوال كل هذه الكلمات على أنها مترادفات وهذا غير صائب من الناحية العلمية، وما زلت أرجو منك قراءتها قراءة متأنية والوقوف على ما له علاقة بابنتك الحبيبة أكرمكم الله بها.
- لم أقصد من أي حرف مما قلته، إنني أنفي أو أؤكد موهبة أو تفوق أو تمييز أو عبقرية ابنتك، وذلك لأنه لا يمكنني في كل الأحوال أن أرى الصورة كاملة عبر الإنترنت، ولكن ما أحاوله على هذه الصفحة هو إماطة اللثام عما اعترى هذا الجانب من التربية من غموض لدى الآباء، وتجاهل من قبل القائمين على التعليم في معظم بلادنا العربية؛ فتمنيت لو أننا كآباء عرفنا الكثير عن الأمر فوضعناه مكانه اللائق من الاهتمام، وحاولنا بكل ما يسر الله لنا أن نسد الفجوة، ونتدارك الأمور قبل فوات الأوان.
كذلك لنضع اللبنات في البيئة الأولى للطفل بما يمكنه -إن أراد الله به خيرا- أن يكمل في المدارس ودور التربية الأخرى، خاصة أن هناك من المعتقدات الخاطئة في هذا الأمر ما استقر لفترات طويلة لدى الأهل وللأسف الشديد لدى الكثير والكثير من المدرسين؛ وهو ما يفوت على أطفالنا فرصًا هائلة للانطلاق لأعلى حيز تميز ممكن لهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر:
* استخدام الموهبة والتمييز والذكاء كمفردات.
* حصر الموهبة في المجال الفني فقط رغم اتساعه لكل أوجه النشاط الإنساني، سواء الفني أو الرياضي – الاجتماعي – الحركي...
* التركيز بشدة على نوع أو اثنين فقط من الذكاءات رغم تأكيد العلم بشكل قاطع على تواجد ثمانية أنواع من الذكاءات لدى كل إنسان بنسب متفاوتة. وما يعنينا بشدة تعدد الذكاءات أولا، ووجودها جميعا لدى كل إنسان ثانيا، وإمكانية إعلاء كل الأنواع تبعا للاهتمام. فمن المعروف امتلاك كل إنسان لكل أنواع الذاكاءات وتفاعلها معًا بشكل معقد جدا تبعًا لتأثير البيئات والثقافات والجينات.
* ربط التفوق الدراسي بالذكاء، وهذا أمر ليس صائبًا دائمًا خاصة في ظل نظام تعليمي يعتمد الحفظ والتلقين والاستظهار وسيلة أساسية له، فكيف لنا أن نربط درجات مدرسية جاءت من الحفظ بالذكاء!
* الإصرار من قبل الكثير من الآباء على الأهمية المطلقة للوراثة كعامل محدد للذكاء، وهذا ليس صائبًا أيضًا؛ فدرجة الذكاء التي يمكن للطفل الوصول إليها يحددها الوراثة والبيئة معا. وبقدر ثراء البيئة بقدر ما أمكن للطفل أن يصعد درجات ودرجات ليصل لأعلى حيز ممكن له، وهذا ما نحاول دائما التأكيد عليه؛ إثراء البيئة والمحفزات والاهتمام الإيجابي الذي يشمل كل نواحي النمو المختلفة.
* اعتماد بعض الأهل المقارنة بين الأطفال وسيلة لتحديد مستوى نمو الطفل، والأصوب هو معرفة مراحل النمو المختلفة للطفل في كل ناحية من النواحي وقياس الطفل وفق هذا النمو في مرحلته العمرية. فكما أسلفت لك في الرسالة الأولى أن هناك من الأهل من يهتم بأطفاله ويقدم لهم المثيرات الكثيرة ويكون قد منّ الله عليه بالعلم؛ فيدرك ما الذي يجب أن يحدث ولماذا وكيف... أي يقدم لطفله المناسب في الوقت المناسب بالطريقة المناسبة، والبعض دون ذلك، فكيف لنا إذن مقارنة طفلين ببعضهما رغم عدم تعرضهما لاهتمام مماثل!
* عدم انتهاج العلم أسلوبًا للتعامل مع مفردات الحياة وأولها وأولاها التربية، وإنما في كثير من الأحيان تغلب العشوائية والنصائح المتواترة والمتوارثة بين الأجيال، والأمر هنا بحق هو بيت الداء.. نحن نعيش الآن عصرًا به الكثير من التشعبات والتداخلات والتعقيدات على كافة المستويات، ولا يليق بنا -إن أردنا أن نصبح في مصاف الأمم المحترمة- أن نظل على هذه الحالة من العشوائية في التربية.
- ما قصدته من طلبي لذكر المزيد من التفصيلات كان تحديدًا للعمر الذي بدأت فيه ابنتك الأداء الذي ذكرت، كذلك لطريقة الأداء ومستواه، وأؤكد العمر مهم جدا جدا، والشهور القليلة تحدث فرقًا في النمو.
- مثال لما وددت معرفة تفصيلاته:
- ما الذي قصدته بتكلمها بفصاحة وطلاقة؟ هل تقصد حصيلة لغوية كبيرة جدا، أم نطقا واضحا للحروف، أم استعمال مفردات من اللغة الفصحى؟ ومتى كان ذلك بأمثلة مثلا: استطاعت أن تتكلم جملة من عدد من الكلمات الفصحى واضحة النطق وهي في عمر كذا؟
* معرفتها للألوان كم لونا –أي الألوان– كم كان عمرها حين بدأتم بتعليمها- وكم كان عمرها حين أتمت معرفتها جيدا؟
- كان وما زال هناك ضرورة لقراءة الاستشارات التي أوردتها لك قبل قراءة الرد على رسالتك، وذلك لأني بنيت على ما سبق ذكره، ولم أعده إلا لمامًا في طيات ردي، وارتأيت أن ذكر سمات النمو في المرحلة العمرية لابنتك أولى من تكرار ما ذكر سلفًا؛ فأردت أن أذكره مع الإحالة لما سبق ذكره تفصيلا عن موضوع الذكاء. لذا سأورد لك هذه الاستشارات مرة أخرى، فمعذرة، دعنا نستفيد من المساحة المتاحة لنا فيما لم أذكره من قبل، وفي ذلك عموم للنفع.
لذا سيكون ترتيب القراءة كالتالي:
- موهبة تمييز فض الاشتباك.
- أمة ذكية تساوى ثروة حقيقية.
- تنمية الذكاء من لحظة الميلاد.
- فن تنمية الذكاء.
- الذكاء الوجداني نظرية قديمة جديدة
ثم دعنا الآن مع تساؤلات الرسالة الجديدة:
خوفك من اضمحلال مواهب ابنتك
ركز اهتمامك على عدة نقاط:
- المعرفة:
- معرفة المزيد والمزيد عن طبيعة المرحلة العمرية لابنتك.
- معرفة المزيد عن الموهبة والذكاءات المتعددة.
- معرفة المزيد عن طرق التعلم المناسبة لكل طفل.
- الملاحظة الدقيقة لابنتك، مع التسجيل لكل تطور في ناحية من نواحي النمو.
- إتاحة فرص متعددة لعدد من الأنشطة لطفلتك، كلعب الرياضة المناسبة لسنها (الأيروبكس – التنس)، ومن الممكن أن تقوم ببعض الحركات التي تستخدم فيها عضلاتها الكبيرة كالجري أو التسلق أو غيره من الألعاب.
* قدم لها العجائن المختلفة للعب كالصلصال والعجائن الملونة.
* عرض طفلتك للوحات ملونة ورسومات وكتب مصورة.
* شجع ابنتك اللعب بالألوان والأوراق والمقص وغيره من الخامات الفنية.
* استمر في تحفيظ القرآن والأحاديث والأدعية.
* استخدم حواس ابنتك الخمس: السمع – والبصر – والشم – والتذوق – واللمس، وذلك بالألعاب التي تستثير كل حاسة، ويمكنك فعل ذلك في كل دقيقة من يوم طفلتك وفق ما تمر به في يومها من أنشطة.
* أسمع ابنتك الموسيقى، وربما اشتريت لها آلة موسيقية للعب عليها، إلى أن يمكنها التدرب عليها.
* عليك بالقراءة لها يوميا وبانتظام من كتب مصورة أو الحكي للقصص المختلفة.. اهتم جدا أرجوك بهذا الأمر فله أهمية كبرى لتنميته أكثر من جانب.
* اخرجا معها للحدائق والمتنزهات وساعداها على اللعب مع الأطفال؛ ومحادثة الكبار. باختصار ساعداها لتنجح في الاتصال مع الغير سواء الصغار أو الكبار.
- العب دور المدرب مع طفلتك، والفت انتباهها لما تفعله، ومارس على مرأى منها كل ما يمكن من أنشطة، ثم اجعلها تأخذ دورها في التنفيذ مثلك. واتبع ذلك في كل المفردات حتى إن بدا لك عدم أهمية تعلمها هذا الشيء، وأضف كل ما يمكنك لخانة الإنجازات التي يمكن لطفلتك القيام به، وساعدها لإضافة جديد كل يوم.
* استمع لما تقوله ابنتك باهتمام وأبد لها رغبتك في مشاركتها ما تقوم به (باعتدال دون أن تفرض نفسك عليها دوما؛ فالأطفال يحبون الاستقلالية في اللعب كما يحبون مشاركة الأهل ولكل وقته حسب رغبة الطفل).
* اجعل كل تعليقاتك إيجابية، وشجع وأبد اهتمامًا بما تحاول طفلتك إنجازه. الدعم والتشجيع أمر مهم جدا وحيوي لتنمية الطفل.
* التعلم يبدأ من لحظة الميلاد.. ابذل طاقتك في جعلها رحلة ممتعة.. اجعل طفلتك تستمتع بالتعلم.
* أشعل رغبتها في المعرفة والتعلم عن طريق الأسئلة. السؤال للطفل فن فحاول احتراف هذا الفن. شجع طفلتك لتسأل ولا تجب تلك الإجابات المغلقة بنعم أو لا؛ بل دع إجابتك محفزة لمزيد من الأسئلة. عليك دوما باستخدام هذه الأدوات مع طفلتك:
* ماذا لو؟
* ماذا لو لم ؟
* كيف؟
* لماذا......؟
لا تقدم المعلومات بل ساعدها على اكتشاف ما تريد معرفته. علمها اللجوء لأدوات المعرفة؛ مثلا إذا سألتك فلا تجب فورا بمعلومة جاهزة في كل مرة؛ بل قل لها تعالي معي حبيبتي أظن أن إجابة سؤالك في هذا الكتاب. مثل وتحدث بصوت عالٍ، إنك تبحث عن ________. نعم ها هو قد وجدناه، واقرأ عليها جملة أو جملتين ثم قل لها ما تريد معرفته.
علمها أنك لست مصدر المعرفة الوحيد بل فليكن دورك في كثير من الأحيان المرشد لأماكن التعلم.
أذكر لك حين كان طفلي في عمر ابنتك -رعاهما الله دوما وحفظهما وجميع أبناء المسلمين- سأل طفلي عن المطافئ وكيف تعمل وكيف... ولماذا... وما هذا الذي يرتدونه؛ أذكر حينها أن والده اصطحبه إلى مبنى المطافئ، وجعله يسأل العاملين هناك عما يريد معرفته. ومنذ ذلك الحين وهو لا يتردد في سؤال من لديه علم أكثر. وهذا خير لأطفالنا أن يعلموا أننا ميسرون للتعلم ومرشدون بدلا من أن نكون دومًا ملاك الحقيقة المطلقة في كل أمر وكل مفردات حياتهم. تمكين الطفل من البحث بنفسه والوصول للنهر أفضل كثيرًا من أن يظل ينهل من المجرى الصغير، ونحن جميعا في هذه الحياة نمثل هذا المجرى الصغير.
- فليكن دومًا حاضرًا في ذهنك ما تريده من أهداف للتربية، والهدف المكتوب المحدد الواضح أفضل بالطبع.
- ضع أهدافك العامة من جميع النواحي، فمثلا (وضح تماما ما الذي تقصده بالتربية الدينية، وما الذي تريد تحقيقه في هذا المجال ومتى وكيف... كن محددًا تمامًا ولا تدع الأهداف غير محددة الملامح).
- عليك الاهتمام اهتمامًا شاملاً، ومعذرة سأوردها لك رؤوس أقلام فقط وبانتظار التفصيلات لاحقا حين السؤال:
- التربية الدينية (ولا أعني بها المعرفة الدينية والمعلومات الدينية بل الدين الذي يترجم لسلوك وطريق حياة).
- الشخصية الصلبة.
- المعرفة.
- التفكير (تعليم الطفل التفكير بمهاراته المختلفة).
- المهارات كل ما يمر به الطفل يعتبر مهارة (الحركة – التفكير – العلاقات الاجتماعية – التعبير عن المشاعر والانفعالات – فهم نفسه – فهم المحيطين – تمييز الانفعالات والمشاعر – ضبط النفس – الاستقلالية – التعاون والعمل في فريق – القيادة – الاتصال – الإنصات – التعبير...).
- جدد ما تقدمه لطفلتك، ولا تقصر هدفك على التعلم، بل اجعل المتعة أولا وهي بالفعل ما يسوق للتعلم.
وأخيرا.. لدي اقتراح أتمنى أن يجد قبولا.. ما رأيكم لو ترسلون لنا تجربتكم التفصيلية في تربية طفلتكم رعاها الله، فننشرها ليعم النفع، ونتشارك الخبرات والتجارب الناجحة؟ وسأسهل عليكم الأمر فيما نود تناقله فيما بيننا، وذلك على سبيل المثال لا الحصر:
- كيف كان استعدادكم لاستقبال الطفلة الأولى؟
- من تراجعون وتستشيرون من أمر التربية؟
- ما طريقتكم التي تنتهجونها لتعليم وتثقيف أنفسكم كوالدين؟
- ما الطرق والوسائل التي تتبعونها لتحقيق هذا الهدف؟
- ما أكثر ما يعترض سبيلكما من صعوبات في التربية؟
- ما حلمك الشخصي لأطفالك وما أهدافك التربوية؟
- ما الحلم الذي تودان تشاركه مع غيركما من الآباء المسلمين لصنع أمة قوية؟
- ماذا تنتظر وتتوقع من صفحة "معًا نربي أبناءنا" لدعم هذا الحلم والوصول به لحيز الواقع؟
أخي الكريم، ما وددت إضافته لرسالتي هذه هو:
- المعرفة والتشارك.
- اعرف اعرف اعرف، ودعنا نشاركك المعرفة.
- جدد وسائلك مع طفلتك، واسبق التعلم بالمتعة ورافقها بها. ولا تخش ضعف مواهب ابنتك كما تظن فإنما ما تحتاجه هو التجدد والاستمتاع بما تفعل، ولعل ما يطمئنك أن الرغبة في التعلم فطرة يولد الطفل بها.
- حدد أهدافك للتربية بوضوح وضع خطة زمنية واضحة لك كأب وكذلك الأم ولابنتك على حد سواء. راجعنا في كل تفصيلة أخرى فنحن دومًا معك.
ــــــــــــــ(102/340)
تقمص الأبناء لعصبية الآباء العنوان
ابنتي في الثالثة من عمرها مشكلتها أنها عصبية جدًّا، فاستخدام يدها في ضرب أخيها أو حتى والديها سريع وسهل، ويصل الأمر أحيانًا أن ترمي أي شيء أمامها، كذلك تلجأ لأسلوب الصراخ بصوت عالٍ جدًّا عند غضبها سواء في البيت أو في الشارع أو في مركز التسوق، وهي عنيدة جدًّا، ولا تستمع لأحد كما أنها جريئة بالمقارنة مع أخيها الذي يكبرها بعام ونصف، أريد أن تفيدوني مشكورين، ما هي الأسباب لهذا الشيء؟ وما العلاج؟
علمًا بأنها منذ عام تكون معي في البيت صباحا؛ حيث إنني أعمل مساء، وربما كنت خشنًا معها في بداية تعاملي معها، حيث كانت سابقا في حضانة، وأخوها الذي يكبرها بعام ونصف خجول جدًّا، ومدلل، وليس جريئًا وإنما حريص جدًّا رغم ذكائه الكبير والحمد لله، فما هو السبب برأيكم؟ وما هو العلاج؟ ولكم الشكر على هذه الخدمات الجليلة في هذا الموقع الرائع.
السؤال
العنف والعدوانية, العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
بل نحن من نشكركم أن أتحتم لنا هذه الفرصة التي نرجو أن تلقى القبول عند الله ثم عندكم .
إن أسباب العصبية أو الغضب والعناد لدى الطفل كثيرة،و إن كان كثير من أسبابها عائداً للبيئة ولعلاقته بها، ولكن سأحاول من المعلومات الواردة في رسالتك أن أذكر الأسباب التي ظهرت في سياق الرسالة، والتي تبدو سببًا مرجّحًا لسلوك طفلتك.
وأول هذه الأسباب هو ما ذكرته من كونك خشنًا معها في خلال تواجدك الصباحي، والطبيعي أن ينتقل سلوكك الخشن إلى طفلتك؛ لأن معنى خشونتك على ما يبدو لنا هو أنك كنت سريع الانفعال معها، وأنك كنت تستخدم يديك كثيرًا في تنبيهها إلى ما تراه خطأ في سلوكها، فكان طبيعيًّا أن تكون عصبية جدًّا وأن يكون استخدامها ليَدِها سريعًا وسهلاً مثلما كان استخدامك ليَدِك سريعًا وسهلاً،فالطفل يختبر و يتعلم السلوك العدواني من محيطه المباشر فهو يتعلم العدوانية من خلال الأمثلة.
إن الأطفال - كما قلنا سابقًا - لا يصدقون أن آباءهم يجابهونهم بكل هذا الضرب واستخدام اليد لأخطاء فعلوها، دون أن يكون في معظم الأحول هناك تناسب عادل بين الذنب الذي ارتكبوه و ما نالوه من عقوبة مما يكون لديهم اعتقاداً أن الضرب هو لغة متبادلة بين بني البشر يستخدمونها للتعبير عمّا يريدون فيبدأ الأطفال في استخدامها،و بعبارة أبسط تولد العدوانية لديه عدوانية مضادة.
والسبب الثاني في غضب طفلتك وعنادها هو استشعارها بالمقارنة مع أخيها، وأنكم ربما تفضلون أخاها عنها، ولقد لاحظنا هذه المقارنة في رسالتك، ونظن أيضًا أن لها انطباعًا في تصرفاتكم مع ابنتكم، مما يشعرها بالغضب لهذه المقارنة أو لهذا التفريق في المعاملة، فتعلن عن هذا الغضب بالصراخ للفت الانتباه وللحصول على ما تريد؛فالغيرة الأخوية تعتبر أحد العوامل التي من شأنها أن تؤدي إلى مثل هذا السلوك.
فالغيرة،مصدرها شعور بالحرمان من جراء وجود منافس يخيل للطفل أنه يغتصب منه حقوقه في التمتع بعطف الوالدين و تقديريهما، مما يثير لديه اضطراباً و عدوانيةً قد يتخذان شكل السلوك العصبي.
ويبدو أنها اكتشفت أن أسلوب الصراخ ناجح معكم في الحصول على ما تريد، فثبت هذا السلوك لديها، وأصبحت تستخدمه في كل الأماكن للحصول على ما تريد، ولإثبات ذاتها في مواجهة أخيها وفي مواجهة العنف المستخدم ضدها، والذي يترجم في نوع من الصراخ والعناد كتعبير للرفض لطريقة تعاملكم معها.
والحل إذا كانت هذه الأسباب حقيقية أن تحاولوا أن تغيروا من طريقة تعاملكم معها، وأول شيء أن تخرجوها من الصورة التي صنعتموها لها، حيث تصفونها دائمًا بالعصبية والعنيدة؛ حيث يجب أن تكفوا عن وصفها بذلك؛ لأن الطفل في النهاية يصدق الصورة التي نصفه بها، بل ويعتبرها مكانة لا يجب التنازل عنها،و ذلك بعدم تضخيم الأمور دون مبرر؛لذا، يجب أن نوقف هذا المسلسل الرديء في وصفه بالصفات السيئة، فيؤكدها بسلوكه حتى يظل يحظى بالاهتمام.. ولا بد من الاجتهاد في عدم شعورها بالمقارنة والتفرقة في المعاملة مع أخيها والكف عن هذه المقارنة؛ لأنها أيضًا ظالمة للأخ، حيث تثبت أيضًا عنده سلوكياته؛ لأنه يعتبرها مصدر تميّزه.
والنقطة الهامة أيضًا بالكف عن المعاملة الخشنة في التعامل معها، واستخدام أساليب أقل خشونة في العقاب مثل الخصام أو الحرمان أو الإبعاد، حتى تدرك الطفلة أن الكلام الهادئ هو وسيلة التعامل بين البشر، وليس استخدام الأيدي أو الصراخ؛فالصراخ لا يفعل أكثر من توجيه الدعوة للطفل لأن يتحدى ويتمادى أكثر في سلوكه،بحيث تصبح أوامركم لها ونوهيكم أكثر مرونة.
والنقطة الأخيرة في إطار كل ما سبق هي الكف عن الاستجابة لمطالبها إذا صرخت أو ضربت أو استخدمت يدها، والإصرار على ذلك حتى تدرك أن هذه الوسيلة في التعبير عن مطالبها لن تجدي، ومع استمرار ذلك تمتنع عن هذا السلوك؛لأن الرضوخ لغضبها يدعم سلوك العصبية و يعلمها أن عليها أن تزيد من صراخها كي تفرض رأيها ولكن أؤكد على أنه في إطار شعورها بالحب والدفء، وعدم التفرقة، والمعاملة الطيبة، واستخدام الحفز، والكلمات الطيبة في مدحها؛ لأن بعض الآباء ينسون كل ذلك، ولا يتذكرون إلا توجيهنا لهم بتركهم يصرخون ولا نستجيب لهم، ثم تتفاقم الأمور؛ لأن الطفل يزداد شعوره بالظلم إذا لم يكن في إطار الحل الشامل المتكامل الذي ذكرناه مع الصبر لشهور، حتى يدرك الأطفال التغير الذي حدث في تعامل آبائهم فيتغيرون هم كذلك،فالقيادة أن تكون المبادرة دائماً في أيدينا.
وعلينا كأباء و أمهات أن نتذكر دائماً أن المزاج النفسي للطفل قابلا للتطور و الصقل باستمرار.
ــــــــــــــ(102/341)
هوية ذكر في عالم الإناث العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلة ابني(6 سنوات) أن ترتيبه السادس بين أخوات، ولا يوجد قبله أخ أكبر منه؛ لذلك أجد منه الرغبة في تقليد أخواته في أمور هي من خصوصيات الفتيات، وأخاف أن يؤثر على مستقبله؛ لأن البيئة التي يحاول أن يعيشها لا تتناسب مع طبيعته كرجل في المستقبل بإذن الله، وهو يدرس في الصف الأول ابتدائي، بماذا تنصحونني أن أعمل معه ولا يوجد أقارب من الأطفال يمكن أن يحتك بهم كثيرًا؟ وجزاكم الله خيرًا. السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكر لك وعيك وإدراكك الذي جعلك تبعث في طلب المساعدة؛ لأن أمر الذاتية الجنسية من الأمور المهمة التي يبدأ تحديدها منذ الطفولة المبكرة، وأي خلل في توجيه هذه الذاتية الجنسية يترتب عليه مشاكل جمة لا يتنبه الناس إلى خطورتها.. ذلك أن الذاتية الجنسية تتحدد عن طريق التربية والمؤثرات المحيطة بالطفل.. فالجنس البيولوجي للطفل يتحدد على طريق الجينات الوراثية والتركيب التشريحي لأعضائه التناسلية، وطريقة تربيته والتعامل معه؛ وهو ما يجعل ذاتيته تتواءم وتتوافق مع جنسه البيولوجي فينشأ إنسانًا سويًّا يعيش حياة طبيعية أو تؤدي طريقة تربيته وظروف بيئته إلى تشويش في ذاته الجنسية تتضاد مع جنسه البيولوجي فينشأ إنسانًا شاذًا رافضًا لجنسه الأصلي.
وحال ابنك مع أخواته البنات هو أحد الحالات التي تحتاج إلى يقظة ووعي، ولكن بحكمة وفطنة وبدون عنف أو اندفاع، بمعنى أنه من الطبيعي أن يرتبط الطفل الصغير بأخواته الكبريات من البنات، ويحاول أن يقلدهن، خاصة إذا لم يكن هناك طفل ذكر مثله يستطيع أن يتمثله.
لذا فإن التأكيد على ذاته الذكورية يأخذ أشكالاً عديدة، بدءًا من التأكيد الشفوي عن طريق الكلام ومفرداته؛ فنحن نؤكد له دائمًا اختلافه كولد ذكر عن أخواته، ونرفض أن يستخدم تاء التأنيث في الحديث عن نفسه، ويكون ذلك التأكيد في مجال الحصول على المميزات وليس في مجال الانتقاص.
بمعنى أننا لا نستخدم الذكورة مجالاً لنهره ونقده؛ لأنه يقوم ببعض التصرفات السلبية بل على العكس يكون مدخلنا إيجابيا يمتدح فيه السلوكيات الإيجابية ويربطها بهذه الهوية.. "لأنك ولد شجاع؛ فأنت تستطيع الذهاب إلى المحل وشراء الحلوى وحدك" هذا على سبيل المثال.
والشكل الثاني في تأكيد الهوية هو التأكيد السلوكي، بمعنى أننا نشتري له لعبًا مختلفة عن أخواته البنات مثل البندقية أو الفرسان، ونوضح له أن لعبة خاصة به؛ لأنه ولد ولا بد أن تكون لعبه بهذا الشكل، وملابس نمدحها لأنها مختلفة عن ملابس أخواته البنات فهو يلبس حذاء مختلفًا في شكله ويلبس بنطالا، وربما أيضًا يلبس طاقية فوق رأسه لا تلبسها البنات، ونشير إلى شعر رأسه القصير المختلف عن أخواته.
ثم نقدم له نموذجًا يتمثله هو في هذه الحالة أبوه الذي دائمًا يؤكد على أنهما هما الاثنان مختلفان عن عالم الإناث المتمثل في الأم والأخوات... تعال نلعب معًا... أو نجلس معا "فنحن رجال مثل بعضنا"، وهكذا من العبارات التي تأتي في مجال المرح، ولكنها تجعله معتزا بانتمائه إلى عالم الرجال خاصة أن أباه الذي يحبه ينتمي إلى هذا العالم وأنه يتمثله في تصرفاته.
وفي هذا المدار أيضًا يفضل أن يصحبه والده كثيرًا في تحركاته كلما أمكن ذلك فيلتقي معه بأصدقائه الرجال ويصحبه في حركته فيزداد ارتباطه به وتمثله له وربما في هذه التحركات يلتقي بأطفال أصدقائه من الذكور.
لذا فإن الشكل الثالث لتأكيد الهوية سيكون هو إيجاد مجال ذكوري واسع للطفل للتواصل معه، بمعنى أو بالإمكان إشراكه في نادي رياضي في لعبة جماعية ككرة القدم أو اليد يكون فيها الفريق من الأطفال الذكور، أو السماح له لو لم يكن النادي متاحًا بالنزول إلى الشارع في أوقات محددة للعب مع أطفال الجيران.. كل ذلك سيجعل الطفل في جو صحي بصورة عامة وفي جو يساعده على نمو ذاته الجنسية في الاتجاه الصحيح.
مع التأكيد على عدم المبالغة والوسطية في التعامل مع هذا الأمر، وهو المبدأ المعتمد في كل مجالات التربية، وإن كنا نؤكد عليه في هذا المجال حتى لا يحدث لديه تضخما أو تعاظما في ذلك الأمر يؤدي لردود أفعال سلبية من أخواته الكبريات تؤدي إلى نتائج عكسية وأن يكون ذلك بهدوء وصبر وبعدم تعجل أو توتر، فالأمر بسيط ولكنه يحتاج إلى وعي وذكاء في التعامل معه. ونحن معكم.
ــــــــــــــ(102/342)
التأقلم مع الغرباء..مسألة وقت العنوان
لي طفل يبلغ من العمر سنتين، له أخت تكبره بسنتين، طبعه مع الذين لا يعرفهم غريب، بحيث تغلب عليه الحشمة إلى درجة البكاء والهروب منهم، في حين أنه مع أخته وأبويه شديد اللعب، ولكي يتأقلم مع الغير فإن ذلك يتطلب لقاءات عديدة، فما الحل؟! وشكرًا.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
من الواجب أن تكون نقطة البداية في التعامل مع الطفل-ذكراً كان أم أنثى-هي الحالة التي يكون عليها الطفل نفسه،و ما يتصف به من صفات،وما يميل إليه من أنشطة،و ما يتلبس به من ألوان سلوكية محببة إلى قلبه،ومتمشية مع قواه النفسي.
فالأطفال ليسوا متشابهين في سلوكياتهم أو في درجاتها، بحيث إن القدرة على التأقلم مع الغرباء وحدوث تواصل معهم تختلف من طفل إلى طفل، وتختلف من مرحلة سنية إلى مرحلة سنية، فبالنسبة للسن فإن طفل الثانية يكون عالمه هو الأب والأم أولاً وإخوانه ثانيًا يتواصل معهم، ويتفاعل، ويحكم على طبيعته من خلال علاقته بهم، وصورة هذه العلاقة والتي كما تصفها في رسالتك تبدو طبيعية؛ حيث إنه شديد اللعب مع أخته وأبويه، وهذا يدل على علاقة وتواصل صحي بالنسبة لهذا السن ..
أما بالنسبة للتفاعل مع الغرباء سواء كانوا أطفالا مثله أم يكبرونه مثل الجد أو العم أو الخالة أو الأقارب أو الأصدقاء.. فإن الطبيعي أيضا أن يتعرف الطفل أولا إلى هذا الغريب فيبدأ أولا بالنظر إليه من بعد ليتعرف عليه.. هل هو أحد الوجوه المألوفة سابقا له مثل الجد أو غيره من القريبين أم أنه وجه جديد تماما..
فإذا كان وجها مألوفا فإنه يستدعي خبرته السابقة في التعامل معه.. فإذا كانت جيدة وإذا بدأ هذا الشخص في التفاعل معه فإنه يبدأ في التحرك ناحيته في هدوء وحذر، فإذا استقبله الشخص بترحاب يذكره بخبرة جيدة في التعامل السابق معه فإن تواصل الطفل يتطور معه بسرعة بحيث تصل إلى علاقة جيدة خلال وقت وجيز.
ويزداد الأمر صعوبة في حالة الأطفال في سنه أو الأكبر منه قليلا؛ لأن الطفل يمكن أن يواجه قرينه بصورة غير مرضية سواء بالصراخ في وجهه أو ضربه مما يجعل التواصل أشد صعوبة، في حين أنه لو واجه طفلًا هادئا، فإن التواصل في الغالب يكون أفضل وبسرعة. ما نريد قوله: إن عملية التعرف والاقتراب والتواصل في هذه السن لا بد أن تكون متدرجة ومتكررة ومحفزة حتى يستطيع الطفل اكتسابها.
وهنا نأتي لنقطة هامة بعينها دائمًا في مسألة صفات وسلوكيات الأطفال وهي الاختلافات الشخصية بين الأطفال بحيث يجب مراعاتها،فكل طفل هو خليط فريد و متميز في الصفات ،وبالتالي فإنه ليس لازما أن يكون كل الأطفال بالصورة التي وصفناها سابقاً، بل سيكون معظم الأطفال كذلك بمعنى 60-70% من أطفالنا سيكونون بهذه الصورة، ثم هناك 10-15% من الأطفال سيكونون أسرع في التجاوب والتواصل ولكنهم طبيعيون، و10-15% آخرين سيكونون أبطأ في التجاوب، ولكنهم طبيعيون.
ولماذا وصفناهم أنهم طبيعيون، ولم نعتبرهم انطوائيين؛ لأنهم طالما ينجحون في النهاية في اكتساب السلوك المطلوب، وهو في هذه الحالة التواصل مع الآخرين حتى ولو كان أبطأ قليلا فإنهم يكونون طبيعيين ولكن في الحد الأدنى، ويكون سبب هذه البطء الطبيعي عوامل مكتسبة، سواء أن طبيعة أبويه هادئة، وتميل إلى الحذر في التعامل مع الآخرين؛ فيكتسب الطفل هذه منهما أو أن هناك شعورًا بعدم الأمان، وافتقاد الحب يجعل الطفل غير قادر على التواصل مع الآخرين.. وعندما تتحسن البيئة المحيطة بالطفل ويشعر بالدفء والحب يتحسن تواصله مع الآخرين..ذلك أن الذي يريده الطفل منا هو الاغتباط به وحده ..أن يكون إعزازنا له فريداً من نوعه ..إنه مثلنا نحن الكبار ،يطلب في أعماقه من الآخرين أن يحبوه لذاته.
الخلاصة أن طفلك طفل طبيعي تواصله مناسب لسنه، واحتياجه لوقت حتى يتأقلم مع من لا يعرف هو احتياج طبيعي .. يحتاج إلى بيئة دافئة غنية بالحب والحنان ولا يحتاج إلى دفعة إلى التواصل مع الآخرين بقوة أو بزجر، فمع تطوره السني ستزداد قدراته التواصلية فلا داعي للاستعجال.
ــــــــــــــ(102/343)
عندما تصبح المدرسة أمًّاً بديلة العنوان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فمشكلتي مع ابنتي تتلخص في الآتي: حينما تكون الأم غائبة عن البيت، فالعلاقة مع ابنتي رائعة، وأجد ابنتي مطيعة بعيدة عن افتعال المشاكل، وحين تكون الأم موجودة فإن ابنتي تفتعل معي المشاكل، وتناقشني بطريقة غير مؤدبة، ولا مهذبة، وكثيرًا ما سببت المشاكل بيني وبين زوجتي.
ذلك أن زوجتي تتدخل في الصغيرة والكبيرة حين أخاطب أحدًا من أولادي، ومن هنا تبدأ المشاكل. النقطة الثانية: أن زوجتي كسولة وتعتمد عليها في كثير من الأشغال بحجة أنها تحضر الدكتوراة، مما يجعل البنت عصبية المزاج مع الجميع، وهي بالتالي تحب الخروج من البيت، وتكون في غاية السعادة خارج البيت، وهي تحب مدرستها حبًّا جمًّا، لدرجة أنها تكون - أحيانًا - متعبة جدًّا، وتصرّ على الذهاب إلى المدرسة.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
الأب السائل، جميل أن تهتم بأمر ابنتك وتشفق عليها، فهذا هو حال أي أب مسئول، إنه بمثابة قائد السفينة التي عليها أن تبحر البحار والمحيطات رغم العواصف، لكنها لن تبحر باطمئنان دون وعي القائد بحقيقة الأمور؛ حتى يستطيع علاج أي مشكلة على بصيرة من الأمر، وهذا ما يجب أن تدركه، إنك تشتكي من اضطراب علاقة ابنتك بك في أثناء وجود أمها، وتقول بأن المشكلة مشكلتك، وهذا ليس صحيحًا، فلو نظرت إلى الأمر على أنها "مشكلتي مع ابنتي.." فلن تحل المشكلة؛ لأنك لحظتها تنظر إلى عوارض المشكلة الأساسية، وهي مشكلة ابنتكما معكما.
فواضح من كل ما ذكرت أن تصرفاتها راجعة إلى العلاقة المضطربة بينها وبين أمها، وبين أمها وبينك، مما أوقعها تحت وطأة صراعين: صراع داخلي بين حبها لكم وعدم قدرتها على غفران حاجاتها وحقوقها المسلوبة، وصراع خارجي يتمثل في شجارك مع زوجتك والذي جعلها موزعة النفس بينكما. أضف إلى ذلك مرورها بمرحلة المراهقة، وما تعانيه فيها من اضطرابات وتغييرات تشبه بركانًا يزلزل كيانها، وتحتاج فيه الابنة إلى من يقف بجوارها، وهي في حالتها الطبيعية في أسرة مستقرة، فما بالك بالأسرة مضطربة، ستكون - ولا شك - الحاجة أكبر إلى متنفس تفرّغ فيه هذا الصراع أو تهرب فيه إن لم تستطع له حلاًّ، وهذا ما يجعلها تشعر بالسعادة خارج البيت في مدرستها التي تحبها وتصرّ على الذهاب إليها حتى وهي في أشد حالات التعب، فهي تهرب إليها؛ لتبعد عن الصراع الثائر داخلها.
ولا مانع من تشجعها على الذهاب إلى المدرسة حتى تكون المدرسة متنفسًا لها يخفف حدة الصراع الدائر داخلها، على أن تتأكد أولاً من أن المدرسة جيدة، وموثوق في رعايتها لابنتك، ولا مخاطر من وجودها فيها، خاصة إذا كانت بها مُدرِّسة تثق في دينها يمكن أن تكون ملاذًا ومعينًا ومرشدًا للبنت، فعلى الأقل المدرسة خير من رفاق السوء الذين يمكن أن تلقاهم في الشارع أو النادي ولا تستطيع أن تحصرهم، فالمدرسة أحيانًا تكون بديلاً للأسرة والبيت إذا تعثّر فيه الاستقرار.
أما عن تغيير سلوكها إلى الضد معك من الطاعة إلى التمرد الذي يصل في بعض الأحيان إلى التبجح عندما تعود الأم؛ فذلك لأن وجود الأم المرتبط بهذا التناقض بدورها المفتقد، وحواراتها، وما تلقيه عليها من أعباء، فهي تشعر أن الصورة قد انقلبت، فهي تحتاج أمها بشدة فإذا بأمها لا تتخلى عنها فقط، بل تثقل كاهلها بكل مسئولياتها، مما يضع علامة استفهام كبيرة في نفسها تضغط بشدة على أعصابها "ما لزمت الأم في البيت؟"، فإذا بها تنفجر وتلجأ إلى إزعاجك تحت وطأة هذا الضغط رغمًا عنها؛ لتنبيهك لحاجتها إلى الحب والاستقرار الذي تعتبرك مسئولاً أساسيًّا عن توفيره.
فإما أنها تصرف هذه العصبية والتوتر معك؛ لأنك تستطيع تحملها بعد أن تبادلت الأدوار مع الأم، فأصبحت أنت الحضن الحاوي للحنان الذي يتحمل، والأم هي الكسولة العصبية، أو أنها تحاول بإزعاجك عقابك؛ لأنك من جئت بهذه المرأة وكنت مسئولاً عن اختيار غير صحيح لمن تكون أمها، فهي في اللاشعور متضايقة أصلاً من الأم، وغاضبة منك لأنك لا تتخذ دورًا إيجابيًّا في إزالة التوتر المسئول عنه.
فهي تريد أن تتخلص من هذا الثقل على كتفها الصغير المتعب الذي سببه اضطراب علاقة الزوجين، وبالجملة هي تريد أن ترسل بصراخها وتبجحها المفتعل - كما وصفت "تفتعل معي المشاكل ... " - رسالة مخفيّة محتواها ما ذكرته لك وعنوانها: (بالله عليك افْعَل شيئًا!).
والسؤال ماذا تفعل؟!..
- حاول علاج أصل المشكلة بمحاولة علاج ما بينك وبين زوجتك، وإزالة مسببات الخلاف والشجار ما استطعت، وحاول أن تنبه الأم إلى دورها الذي يجب أن تقوم به في احتواء طفلتها، خاصة أنها في مرحلة المراهقة، وهي في أمس الحاجة إليها.
- شجّع ذهابها إلى المدرسة طالما أن المدرسة آمنة، خاصة إذا كان بالمدرسة أنشطة إيجابية تستطيع الفتاة تفريغ طاقتها فيها.
- دعّم قيامها بالأنشطة المختلفة التي تستطيع فيها التعبير عن نفسها، مثل الأشغال اليدوية، والرياضة الفردية التي تستطيع أن تحقق فيها نجاحًا ملموسًا يدعم ثقتها بنفسها، ويقلل الضغط الواقع عليها.
ولا يبقى إلا أن ننبه إلى ضرورة علاج أصل المشكلة؛ لأنه بعلاج الأصل ستختفي العوارض، وهي علاقتك بزوجتك، فكما أن إنشاء عمارة من الطوب والإسمنت أمر يحتاج إلى تعاون بين المهندسين والعمال والفنيين؛ لتكون العمارة صالحة بعد ذلك لأن يسكنها أناس آخرون، فإن إنشاء أبناء على مقدرة لإعطاء الحب وأخذه مسألة تحتاج إلى الإحساس المتوازن من الأب والأم معًا
ــــــــــــــ(102/344)
عاشر بمعروف وسامح من اعتدى العنوان
السلام عليكم: أنا أم لطفلين الأول ولد وعمره سنتان وثمانية شهور والأخرى بنت عمرها ثمانية شهور علاقتهما ببعضهما علاقة طيبة بها قليل من الغيرة التي لا بد منها؛ لأني أحاول قدر الإمكان بناء علاقة أخوية متينة بينهما، متمنية من الله العلي القدير أن يلهمني الصبر والعزم في مشوار رسالة الأمومة التي أعتز بها في هذه الحياة. مشكلتي الأولى تتلخص في أن لي خالة وهي جارتي في نفس الوقت دائمًا ترى نفسها وأبناءها الأحسن في التربية ودائما تمتدح في نفسها وتربية أبنائها، فهي عندها بنت عمرها 6 سنوات وولد عمره 3 سنوات وشهران، وهذا الولد أي ابن خالتي نشيط وحركي وغير ملتصق بها، وتستطيع أن تتركه في بيتي لمدة طويلة دون أن يسأل عنها عكس ابني الذي دائمًا ملتصق بي ولا يتحرك في البيت إلا وأنا معه، فهي تقوم بتعييب أولادي بالكلمات وأكثر الأحيان بالنظرات التي أعرف مغزاها.
وخلال مدحها لابنها تقوم بالكلام عن ابني بالنقيض، وليس ذلك فقط أيضًا تتكلم أمام الناس أن ابني كثير الصياح والالتصاق بي متناسية الكثير من الحسنات الأخرى لولدي، فأنا ووالده دائما التعليم له عن طريق الألعاب المفيدة والقصص التي لها عبرة، فهو يكاد يكون متقدمًا أكثر من ابنها، ودائمًا ما أكون ضعيفة أمامها؛ لأنها خالتي وأكبر مني بست سنوات، وهي أيضًا كثيرًا ما تنتقدني في سلوكيات، وتقوم بإحراجي عند بقية النساء، وتشبهني بنساء لا تعجبها سلوكياتهن، وقد عيبتهن من قبل أمام الآخرين مع امتداح سلوكياتها وسلوكيات أبنائها. والغريب أنني أرى البعض يؤمنون بأقوالها التي أرى أنا أن معظمها يصدر عن جهالة لا تتناسب مع ثقافة مجتمع واع. أخبروني.. كيف أستطيع أن أواجه خالتي لكي لا أقف سلبيا أمام مواقفها اتجاهي وأبنائي؟
الثانية: هو أنه لديّ رغبة أن أدخل ابني مدرسة لتحفيظ القرآن بحلول عامه الثالث، ولكني قلقة بشأن ما أسمع من حالات الشذوذ الجنسي في المدارس، وخوفي ليس من داخل المدرسة لأني لن أدخل ابني إلا مدرسة لها سمعتها الطيبة، ولكن خوفي من سائقي الباصات وخاصة ليست لدي وسيلة غيرها لنقل ابني، وخوفي هذا نابع من كون ابني جميلا جدًّا وفي هذا الزمن الخوف على الصبي مثل الخوف على الفتاة، فضعاف الإيمان كثيرون.
الثالثة: هل من الممكن أن تدلوني إلى وسائل تنمية الطفل النابغة ذي الشخصية القيادية. ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة.. ومرحبا بطفليك اللذين يبدو من كلماتك قدر حبك الكبير لهما، وندعو الله العلي القدير لك أن يتمم جهدك في تربيتهما بالنجاح، وأن تقر عينيك بهما؛ فكلماتك الرائعة عن اعتزازك بأمومتك وإخلاصك في أداء مهامها تجعل من يسمعها يشاركك الحماس والرغبة في أن تتوج تلك الأمومة بكل نجاح وقرة عين.. وتأكدي أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
ولعلّ قول الله تعالى في تلك الآية يوضح لك أن أجر عملك الصالح لن يكون من العباد إن أردت أن تستوفيه، بل إنه من الله الواحد القادر على أن يجزله لك وينميه، وبالتالي فليكن من الناس ما يكون ما دام لا يرجى من سوى الله شيء.
وقد تذكرت وأنا أقرأ مشكلتك مع خالتك التي ذكرتها في رسالتك صديقات امرأة العزيز، نسوة المدينة اللاتي مكرن بها وتحدثن في سيرتها واغتبنها، فلما سمعت بمكرهن أعدت لهن متكئًا، وجهزت لكل واحدة منهن سكينًا وقالت ليوسف اخرج عليهن، فلما رأينه قطعن أيديهن، هل تعرفين لِمَ كل هذه التفاصيل القرآنية لتلك القصة؟.. أو بمعنى آخر هل تعتقدين أن هناك حرفًا لم يكن له أهمية وكان يمكن حذفه أو اختصاره؟ بالطبع لا، وما قرأته من وراء كل تلك التفاصيل والكلمات في تلك الآية هي المشكلة الرئيسية لنسوة تلك المدينة اللاتي دفعتهن لكل هذا وأكثرت من القيل والقال الفراغ.
نعم الفراغ ضيع عليهن الاستفادة بأوقاتهن فيما هو سوى الغيبة واللغط واللغو، وضيع عليهن أيديهن اللاتي قطعنها، وفرغ أذهانهم للمكر والكيد والتفاهات.
إذن فهل المطلوب اجتناب الناس أو تفادي لغوهم بالهروب منهم؟؟ من المؤكد أنه لا؛ فالوصية النبوية تحثنا على أن نختلط بالناس ونتحمل أذاهم خير من اجتنابهم واجتناب أذاهم، كما يؤكد لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) في أمر صلة الرحم أن الإحسان مع ذي الرحم الكاشح لهو خير ردٍّ لإساءته؛ فحين يظلم ننصفه وحين يسيء نحسن إليه وحين يحرم نعطيه، بل ندعو له بصلاح الحال، وأن يصلح الله ذات بيننا.. كل هذا ونحن نرتجي الأجر والنتيجة الطيبة فقط من الله تعالى.
وتحت هذا الشعار "أن تخالط الناس وتتجنب أذاهم خير لك من أن تتجنبهم وتتجنب أذاهم" سأبدأ مقترحاتي لك لمواجهة ما تعانينه مع خالتك:
1 - قللي قدر المستطاع من الجلسات النسائية التي تتعمد خالتك إحراجك فيها؛ فإن كنت قد اعتدت على ثلاث جلسات أسبوعيًّا مثلاً فخفضي العدد إلى جلسة واحدة.
2 - حاولي أن تديري دائمًا دفة الحديث في تلك الجلسات إلى ما يفيد، بادئة وموجهة تلك المجموعة من النساء أن أهل الجنة لا يتحسرون بقدر حسرتهم على جلسة مرت عليهم لم يكن لهم بها ذكر لله، وإن من السبعة الذين يظلهم الله بظله رجلين تحابا في الله التقيا عليه وتفرقا عليه؛ فلتكن لقياكم على فائدة وختامكم على ذكر، وما بينهما فوائد وتجارب ونصائح، ولو حاول أحد تحويلها لهجاء وتقريع ومدح لنفسه فتوقفي وأديري دفة الحديث قائلة مثلاً: "لولا أن دخلت جنتك قلت ما شاء الله .. ما يحسد المال إلا أصحابه، حصنوا نعمكم بذكر الله وحمده عند ذكرها"، ثم التقطي الخيط مرة أخرى للحديث الطيب أو استأذني بعد قول دعاء ختام المجلس بشكل جهري.. ولن تظهر النتيجة من أول جلسة، بل بعد فترة إن شاء الله سيتأثر هؤلاء النسوة بما تخلصين لله في بثه لهن من وعي واجتناب للغو وحديث فيما يفيد، أو مطالعة بعض الأخبار والتحليلات والحديث عنها أو مطالعة كتب متخصصة في تربية الأبناء، أو استماع لبرنامج ديني أو شريط لمحاضرة مفيدة أو غير ذلك.. واحرصي ألا يذهب وقتك سدى.
3- تهادي مع خالتك وتقربي إليها تقربًا لله تعالى، وأحسني إليها، واطلبي إليها أن تنصحك بتجربتها عن تربيتها لولدها لتشعريها بتفوقها وإعجابك بها، وطبقي فعلاً ما ترينه مناسبًا؛ فالحكمة ضالة المؤمن وهو أولى بها حيثما وجدها، وحين تتكلم عنك بشكل سلبي في مسألة تربيتك لطفلك فقولي لها: "أنا أبذل كل ما في وسعي.. لكن لا غنى لي عن النصيحة؛ فانصحيني بما ترينه مناسبًا وكلي آذان مصغية".
4 - لا تتصنعي الخير، بل اضمريه في باطنك وليتحرك به ظاهرك وتأكدي أنه:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تعلم
5 - اجتهدي في الدعاء لأن يصلح الله ذات بينكما.
6 - إن نعمة النسيان نعمة عظيمة، ومن أراد راحة البال وحسن المآل، فليحاول أن ينسى ما يلقاه من الآخرين أو ما يبتلى به من المشكلات.
7 - لا ينبغي للمؤمن أن يكون كالذبابة تحط على القاذورات، بل هو كالنحلة لا تحط إلا على طيب ولا تكسر عودًا، وأقصد أن العاقل يلتفت لعيوب نفسه أولاً ليعالجها بدلاً من ترك زلاته كالجبال رفضًا لنقد الآخرين، وبهذا الصدد يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن أحدكم يرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه"؛ فكم من الأمور تبدو وكأنها في غير صالح الإنسان وتظهر الأيام خلاف ذلك، فاللبيب هو الذي يستثمر كل شيء ويستفيد من كل حدث أو موقف.
8 - إن في المعارضة خيرًا كثيرًا؛ ففيها إثراء للنقاش وتمحيص للأفكار وتبيان لإيجابيات وسلبيات كل رأي، كما أنها تساعد على عدم الانسياق العاطفي وراء رأي واحد، مع العلم أن المعارضة لا تعني التجريح أو استخدام الألفاظ النابية فحسن الخلق مطلوب، ولكن عليك يا عزيزتي ألا تجعلي شاغلك هو أسلوب الطرح والمعارضة مهملة لجوهرها بحجة أن الأسلوب ليس مناسبًا؛ فربما كان استفادتك من الرأي المخالف فيه خير كثير لصالح مبادئك وقراراتك وخططك.
بقي لنا الحديث عن ذهاب طفلك للمدرسة، وهنا أنصحك باختيار مدرسة لها سمعتها الطيبة وتقترب من بيتك أو مكان عمل والد الطفل ليتسنى لكما أنت ووالده توصيله ومتابعته وزيارة مدرسته في أوقات متقاربة، وإن تعذر توصيله وإحضاره فاقتسما المهمة بحيث توصلينه أنت ويحضره الأب أو العكس، على الأقل في تلك السن الصغيرة...، وهناك اقتراح آخر بتوظيف سائق أمين لديكم لتوصيل الطفل أو إحضاره من المدرسة في سيارتكم مثلاً برفقتك إن أمكن، وليس هذا هو كل ما تحتاجينه لوقاية طفلك من التحرش الذي تشعرين بانتشاره في مجتمعكم وباحتمالية تعرض طفلك له لجماله، بل إنك تحتاجين لتوعية طفلك بشكل يحميه من التعرض لهذا الأمر من قبل أي شخص وذلك كما يلي:
أولاً: تكوين علاقة صداقة حميمة بين زوجك والطفل وبينك وبينه من جهة أخرى.
ثانيًا: تعويده على الحديث عن كل ما يحدث له خلال اليوم من خلال جلسات عائلية دافئة يومية يروي فيها كل فرد في الأسرة أحداث يومه.
ثالثًا: إشعاره بالأمان أن يروي تفاصيل ما يحدث له يوميًّا دون الخوف من أي شيء لتساعدانه في كل مشكلة.
رابعًا: ألا يخاف من أي شخص، وأنكما أنت وأبوه قادران على حمايته من أي تهديد.. فقط يجب عليه إعلامكما دائمًا.
خامسًا: توعيته بخصوصية أجزاء معينة من جسمه، وذلك دون لفت نظره لشيء معين بذاته، بمعنى أن تشرحي له عند الاستحمام مثلاً.. أن يديه جميلتان ويمكن أن يراهما الناس ويصافحانهما، ثم عند غسل بطنه "وبطنك مليئة بالطعام.. ويمكن أن يراها الناس عندما تعوم في المسبح أو البحر فقط، لكن هي لك وحدك لا ينبغي أن يلمسها أحد"، ثم ظهره ثم قدماه، ثم الحديث عن أعضائه التناسلية أنه لا يجب أن يراها أو يلمسها أي شخص؛ لأنها ملكه وحده، وله وحده، ويجب عند تعامله معها عند التبول مثلاً أن يغسل يديه جيدًا جدًّا، ويراعي النظافة جيدًا كي لا يصاب بالأمراض من جراء التهاون في النظافة أو في أحد تلك القواعد، وهكذا...
وللاستزادة يمكنك مراجعة ما يلي بهذا الخصوص:
- ثقافة جنسية بلا إثارة
- التربية الجنسية متى وكيف
أما بخصوص وسائل تنمية الطفل النابغة ذي الشخصية القيادية، فرغم كون السؤال به شيء من العمومية فإن خير ما يجاب به عنه هو توفير الكثير من المعالجات السابقة حول هذا الأمر باستفاضة؛ لتحفظيها أولاً على جهاز الحاسب الخاص بك ثم تقرئيها بدقة، وتستفيدي من كل ما جاء بها من مقترحات عديدة تفيدك في هذا الأمر، وعاودي القراءة مرات ومرات لتضمني استيعابًا جيدًا وهمة عالية لتنفيذ تلك المقترحات:
- فن تنمية الذكاء
- خرافة المخ الصغير
- بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- طفل السنتين أيضًا له أنشطته
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
- فارابي العصر
- أطلق إبداع ابنك بالحكايات
- -منهج التعامل مع ابن السنتين
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
- تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
- احترم طفلك يحترم نفسه
وفي النهاية أختي الكريمة أختم قولي معك بقول الإمام الشافعي:
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى *** وفارق ولكن بالتي هي أحسن
أنتظر متابعتك لنا بالمزيد من استفساراتك وأسئلتك وأخبارك، وأرجو ألا يطول انتظارنا:
ــــــــــــــ(102/345)
!!هل هناك إثارة جنسية عند الأطفال؟ العنوان
االسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابني الذي يبلغ من العمر أربع سنوات و نصف لديه إثارة جنسية عالية، فهو كثيرًا ما أجده يلهو بأعضائه الجنسية ويطيل النظر إليها في الحمام، وأيضًا إذا صادف ورأى أمه عند تبديل ملابسها يقترب منها ويحاول لمس رجلها. وقد لاحظت السيدة التي نودعه عندها خلال فترة دوام أمه أنه يتقرب من ابنتها ذات السنوات الثلاث، ومرة لاحظت أنه يطلب منها خلع بنطلونها ولمس عورتها.
أرجو إرشادنا ماذا نعمل وكيف نتصرف معه؟ حيث للآن نحاول ألا نعلق على تصرفاته كي لا نزيد انتباهه لهذه التصرفات، شاكرين لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته، بل نحن من نشكر ثقتكم بنا.
لقد تعرضنا لمسألة الإثارة الجنسية لدى الأطفال في مشكلة سابقة، وأكدنا أن استخدام ألفاظ مثل الإثارة الجنسية أو تفسير تصرفات الأطفال من منظور جنسي يتناسب مع نظرتنا نحن الكبار أو تفسيرنا نحن لها أمر خاطئ وفي غيره محله، حيث إن هذا الأمر بهذه الصورة وبما يلقيه من ظلال للمعاني أو الكلمات ودلالاتها لا مكان له في عالم الأطفال، خاصة وأن طفلك عمره أربع سنوات ونصف..
وهو عندما يلهو بأعضائه الجنسية فإنما ذلك لأمرين.. الأول: الاستكشاف.
والثاني: أنه يبدو أن هناك نوعًا من الإحساس الجميل الذي يشعر به الطفل عندما يلهو بأعضائه، ولكنه لا يُسمّى إثارة جنسية، ولا يدعوه إليه رغبة جنسية، وإنما هو نوع من التعود والارتباط الشَّرْطي يحدث بين لعبه في أعضائه وهذا الشعور، يؤدي إلى تقوية الرغبة لديه في تكرار الفعل بدون أي دلالة جنسية.
ومحاولة لمس رجل أمه إنما هو رغبة في الاقتراب والالتصاق من أمه التي يحبها.. وملامسة جزء ربما لا يراه كثيرًا ويرغب بالشعور بالاقتراب من أمه، خاصة إذا كان يُقابل هذا السلوك منه بالرفض، فإنه يكون لديه رغبة في معرفة لماذا تمنعه أمه من الاقتراب.. لأن هذا الجزء من جسد أمه لا يمثل للطفل أي أهمية خاصة، ولا يشعر نحوه بأي شعور جنسي أو غيره، وأيضًا قد يكون حب الاستطلاع بملامسة هذا الجزء غير الظاهر عن جسد أمه سببًا من الأسباب.
وأيضًا تصرفه مع الطفلة الصغيرة يدخل في مسألة الاستطلاع، خاصة وأنه يمكن أن يكون قد لاحظ أن هناك نوعًا من الاختلاف بينه وبين هذه الطفلة في هذا الجزء من جسمها، حيث شاهدها مرة مثلاً وهي عارية ولاحظ هذا الاختلاف، وأراد أن يكون لنفسه تفسيرًا أو استكشافًا خاصًّا به ليحاول أن يفهم لماذا هذا الاختلاف، ولماذا لا تشبهه في هذه الجزئية.
ولا يحمل أيضًا هذا التصرف أي نوع من الدلالات الجنسية، أو لا يمثل لمس عورة هذه الطفلة أي نوع من الشهوة أو الاستمتاع، خاصة إذا استبعدنا التقليد فيما قام به مع هذه الطفلة؛ حيث إن بعض الآباء والأمهات لا ينتبهون أثناء علاقتهم الجنسية لوجود أطفالهم الصغار و يعتبرون أنهم غير مدركين لما يحدث و الحقيقة أن الأطفال لا يدركون حقاً حقيقة ما يحدث، ولكنهم لا مانع عندهم من تقليده من باب المحاكاة للكبار في أفعالهم دون أي مشاعر جنسية أيضًا.
و بالتالي فإن التعامل مع هذه المسائل يكون بفهم طبيعتها - أولاً - وعدم صبغها بصبغة غير حقيقية حتى لا يؤدي ذلك إلى توترنا ونحن نتعامل معها؛ لأننا نحملها فوق ما تتحمل.. و ثانياً: أن يكون التوجيه فيها توجيهاً طبيعياً وعادياً بنفس الطريقة التي نوجه الطفل بها في أي سلوك غير مرغوب فيه نريد من الطفل الإقلاع عنه.
ونرى أنه في مثل حالة ابنك وهو كثرة اللهو بأعضائه التناسلية؛ أن يتم إعلامه بنوع من اللطف بأن هذا سلوك غير مرغوب وغير لائق كما لو بال الطفل على نفسه؛ فهذه الأعضاء هي مصدر التبول، وأنه حين يعبث بها يؤدي ذلك إلى تلوث يده، وبعد ذلك يأكل بها أو يضعها على وجهه، مما يسبب له الأمراض، وهو أمر غير مرغوب فيه، وأنه أيضًا سلوك غير حميد للطفل المهذب، وأنه عندما سيمتنع عن ذلك سيكافأ بأمر يحبه، وأنه لكي يفعل ذلك فسيكون مضطرًّا لدخول الحمام وغسل يديه حتى يتخلص من ذلك،فإن مجرد الإقناع المهذب للابن كفيل بأذن الله بأن يحسم المسألة.
و كذلك يمكنك إلى جانب توجيهه بحسم وهدوء أن تحاول بالاشتراك مع الابن أن تجد هواية ولعبة مشتركة تجمع و تقرب بينكم ؛فالأب الحاسم والصديق لابنه يجد استجابةً أفضل من ابنه،خاصة إذا تحين الوقت المناسب لتوجيهه والتي أفضلها وقت التنزه و الطريق والمركب كما كان الرسول صلى الله عليه و سلم يفعل مع الصغار فقد جاء في حديث ابن عباس رضى الله عنهما-الذي رواه الترمذي-قال:كنت خلف النبي صلى الله عليه و سلم يوماً،فقال:"يا غلام ... ."الحديث.يدل على أن التوجيهات النبوية كانت في الطريق وهما يسيران.
وهكذا فيكون إدراك الطفل للأمر أنه سلوك غير صحي وغير مهذب لأسباب يفهمها ويستطيع استيعابها؛ فيتخلص منها مع مرور الوقت، دون انزعاج أو لفت انتباهه مما قد يؤدي إلى تثبيت السلوك بدلاً من التخلص منه.
فالسلوك المتزن هو أن نقول للابن بأنه لا داعي –بوصفه طفلاً مهذباً-أن يتصرف بطريقة غير لائقة؛فالتوجيه البسيط يمكن أن يكون فعالاً وحاسماً؛فإن مقابلة الأمر بالانزعاج المطلق ينقل هذا الانزعاج إلى الطفل –فكل طفل يملك راداراً حساساً يلتقط به ما في أعماق الأب و الأم من قلق.
ــــــــــــــ(102/346)
كلام الناس يقتل روح المبادرة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أحب أن أشكركم على الآراء المفيدة التي تقدمونها لنا في كيفية التعامل مع أبنائنا. أعيش أنا وابنتي التي تبلغ من العمر سنة ونصف وزوجي في الغربة بعيدًا عن أقاربنا ولكن لدينا العديد من الأصدقاء والمعارف، أما مشكلتي فهي تكمن في أن ابنتي - وعمرها عام ونصف - تخاف الناس، ولا تتفاعل اجتماعيا معهم، وهي كثيرة التعلق بي حتى أنها عند زيارتنا لأحد الأصدقاء لا تتحرك من جانبي، وأنا أدفعها للعب مع الأطفال دفعا.
ورغم أن ابنتي في المنزل تقوم بحركات جميلة جدًّا، وتتلفظ بكلمات كثيرة، فإن هذا فقط أمامي أنا ووالدها، أما أمام الناس فلا ترضى أن تنطق كلمة واحدة، حتى أن الناس أصبحوا يقولون لي ابنتك جامدة. أنا أريد لها أن تكون ابنتي نشيطة ومرحة، فماذا أفعل لها؟! وكيف أتعامل معها؟! أفيدوني أفادكم الله.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،نشكر لك تحيتك الرقيقة
قد تستغربين في عدم بدئي في الرد على استشارتك مباشرة، بل إني سأبدأ في توضيح بعض الأمور عن الخجل وعلاقته بالخوف من الناس وهو محور شكواك.
فالإنسان الخجول هو الوَجِل الذي يفقد إمكانياته حالما يوجد أمام الغير،الذي يصل في بعض الأحيان إلى الخوف من الناس يظهر في عدة مظاهر، منها التهرب من العلاقات الاجتماعية وتجنب الألعاب الجماعية.
وأسباب الخجل متنوعة بعضها يعود للمزاج المرتبط بتكوين الطفل، وبالمؤثرات الأولى التي يتلقاها (مثل:الاحتضان المفرط أو طموح الوالدين الزائد أو سلطوية الآباء ... .الخ) فهناك أمزجة تتميز بالإحساس المرهف مع نزعة إلى الانطواء وبطء في التجاوب مع الأوضاع الراهنة، فهذا المزاج يشكل أرضية صالحة لنشوء الخجل.
ومنها أسباب تعود إلى مرحلة النمو التي يجتازها الطفل، فهناك مرحلتان يبرز فيهما الخجل بشكل عام: مرحلة الـ 3 – 4 سنوات، ومرحلة المراهقة، وليس هناك مجال في الحديث عن مظاهر الخجل وأسبابه فيها؛ لأن ابنتك ذات السنة والستة أشهر لم تدخل بعد في هاتين المرحلتين، وكونها نشيطة في وجودكما أنت ووالدها مؤشر جيد على تعلقها بكما معًا.
وعليه فإن عدم تفاعلها هو إلى حدٍّ بعيد استجابة ترتكز غالبًا على استعداد مزاجي لا مشكلة فيه؛ لأنها بنت وليست ولدًا ومكانها الطبيعي في هذه السن المبكر بين الوالدين، وكذلك تعلقها بهما والذي لا يعتبر مشكلة طالما أنها تتقبل المحيط الضيق الذي تعيش فيه، وكذلك لم يصل الأمر أن يصبح تعلقها معوقًا للأم أن تمارس حياتها الطبيعية العادية بمعنى تشبثها بها في كل حركاتها وسكناتها.
وبالتالي، فإن حل هذا الأمر - الذي تعتبرينه مشكلة وهو ليس كذلك- يرتكز أساسًا على تفهم طبيعة البنت وتخطي موقف المشاهدة للأعراض التي قد تستغربينها أو تستهجنينها بتحاشي إبراز هذا الرفض والاستغراب بشكل علني؛ لأن هذا من شأنه أن يخلق لديها مشكلة فيتحول هذا الحياء إلى خجل مرضي، وبالتالي يُعقِّد المشكلة مستقبلاً، وعوضًا عن أن تحل، فقد يرسِّخ الرفض العلني والاستغراب لدى الطفلة في المستقبل شعورًا بالعجز، وهذا ما قد تنتظره ضمنيًّا كي تتخذه ذريعة لتبقى على حالتها وتوفر على نفسها مشقة التغيير، ويمعن في إضعاف ثقتها بنفسها، وبالتالي يزيد من وطأة الخجل؛ فالأب والأم عندما يقتنعان داخليًّا بفكرة ما عن ابنهما فإن هذه الفكرة تتسلّل من نفس الأم والأب لتستقر وتصبح سلوكًا للابن وينشأ عنده ازدواجية و يعتاد بموجبها على التفكير ،قبل إقدامه على أي عمل بالصورة التي يقدمها من خلاله للناس، مما يعطل عفويته ويسبب له الخجل وبالتالي مهما يحدث أو يكن رأي الناس فصري دائما على أن تنطلق ابنتك على سجيتها لأن تخليها عن عفويتها قد يسبب لها التعاسة فليس أتعس من الشخص الذي يتوق إلى أن يكون شخصاً أخر غير الذي يؤهله له كيانه الجسماني ،والعقلي.
وبالتالي تجنبي إظهار المشاعر المستاءة من تصرفها سواء أمامها أو أمام الآخرين؛ فطفلتك لطبيعتها شديدة الحساسية لانتقادات الآخرين، خاصة من هم ذوي دلالة لها (والديها)، فإن من أهم أسباب تحول الخجل إلى مشكلة عدم إقامة وزن لميول الطفل وحاجاته، ومحاولة فرض القالب الذي يلائم إرادة الأهل عليه، وكأنه كائن يجب برمجته ليصبح ما قرر الأهل أن يكون، وكذلك طموح الوالدين المفرط بالنسبة للطفل بمطالبته بأن يَبْرع في كل أمر يقوم فيه، والأخطر الاهتمام المفرط برأي الناس؛ لأن الاحتكام إلى رأي الناس المحتمل أو القائم في تربية الأبناء قد يؤدي في المستقبل إلى إضعاف قدرة الطفل على المواجهة والاستقلال.
وليكن كل تركيزك في الفترة القادمة منصباً على مهمة تنمّية شخصيتها وثقتها بنفسها و روح المبادرة ، احتضنيها بحبك وحنانك، وأفسحي المجال لتكون صديقتك وتحافظ على طبيعتها، بأن توفري لها كل فرصة للتعبير عن نفسها تتدرب فيها على مواجهة الناس بالتدريج عن طريق:
- تشجيعها على الاتصال بالأولاد الآخرين.
- اعهدي إليها ببعض المهام المناسبة لسنّها تكون بوسعها أن تتغلب على صعوبتها،مما يعطيها ثقة بالنفس كمساعدتك في ترتيب حجرتها وترتيب ألعابها.
- أشغليها بالرسم أو بأي لعبة تحرصين دائمًا على وجودها في حقيبتك؛ لتنشغل فيها أثناء حوارك مع الآخرين، حتى لا يلتفتوا إلى خجلها هذا.
نرجو أن نكون قد أفدناك، وفي انتظار أخبار الصغيرة التي نرجو أن تحظى بحياء فاطمة الزهراء - رضي الله عنها -.
ــــــــــــــ(102/347)
طفلنا يسأل أسئلة "محرجة".. كيف نجيب؟ العنوان
السلام عليكم إخوتي في موقع "إسلام أون لاين.نت"..
نشكركم على اهتمامكم بمشاكل الأطفال وتنشئتهم، وفي هذا المجال هناك مشكلة تواجه أحد أصدقائي وقد عرضها عليّ ووعدته بأن أبحث له عن حل وإن شاء الله سأجد الحل عندكم. المشكلة هي أن لدي صديقي طفلاً عمره 5 سنوات لم يدخل بعد للمدرسة، لكنه يتصرف تصرفات غريبة فهو عندما تغير أمه ملابسه يطلب منها أن تتركه عاريًا، لكنها تقول له بأنه عيب، وقد لاحظت عليه أمه أنه عندما يخلو بنفسه يلعب بقضيبه ويخرج رأس القضيب من تحت القلفة، فهو غير مختون، كما لاحظت أمه أنه يريد أن يدخل معها إلى الحمام، لكنها تمنعه.
وأيضًا ذات مرة كان يلعب مع ابنة الجيران فأراها قضيبه، وطلب منها أن تريه قضيبها فخافت البنت، وذهبت تشتكي إلى أمها التي اشتكت إلى زوجة هذا الصديق (والد الطفل) فقامت بضرب الطفل ونهيه عن هذه التصرفات، وهذا الطفل كثير الأسئلة، فهو وحيد، لكن أمه حامل في الشهر السابع، فهو يسألها ماذا يوجد في بطنها فلما تقول له إنها أخته أو أخوه يقول لها كيف دخل إلى بطنك؟ وكيف يخرج؟ فتنهره أمه.
أضف إلى ذلك أنه يسأل أسئلة محرجة، فلما طلبت منه أمه أن يبيت وحده في الغرفة قال لها وأنت لماذا تبيتين مع أبي؟ وهو يظن أن للرجل والمرأة نفس القضيب فذات مرة سأل أمه، وقال لها دعيني أرى قضيبك وغيرها من المواقف المحرجة، فصديقي يسأل ماذا يفعل معه؟ وكيف يخبره أن جهاز المرأة ليس كجهاز الرجل. هل يتركه يرى فرج أمه وقضيب أبيه ليعرف الفرق؟ أم يحضر له صورًا من مجلة علمية؟ وهو طفل ذكي، وقد تعلم القراءة والكتابة جيدًا، لكن مستوى صديقي ليس عاليًا، وهو لا يعرف كيف يعطي ابنه تربية جنسية صحيحة، وكيف يبدأ له الموضوع فهو دائمًا ينهر ابنه ولا يجيبه عن الأسئلة، وهو يخاف أن يكون قد تعلم العادة السرية على صغره.
وصاحبي يسأل عن تسمية الأشياء بمسمياتها، فمثلاً هل يقول لابنه إن هذا قضيب، وهذا دبر، وهذه خصية أم يسميها بغير أسمائها؟ للعلم أن هذا الطفل لا يرى التلفاز كثيرًا، لكنه يحب لعب الفيديو والرسوم المتحركة.. إخواننا قد أطلت عليكم.. أرجو أن تتفهموا وضع صديقي وتجيبوا عليّ في أقرب وقت، وبارك الله فيكم.
السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل، وشكرًا لثنائك الرقيق، وجزاك الله خيرًا على اهتمامك بمشكلة صديقك وطفله.. بارك الله لكما في تلك الصداقة وأثابكما بها خير الثواب.
في البداية أحب أن أوضح أن وصفك لتصرفات الطفل بالـ"الغريبة" كان مبالغًا فيه؛ لأن كل ما وصفته من تصرفات الطفل ليس غريبًا بالمرة، بل هو التطور الطبيعي الذي تمر به حياة الطفل الجنسية، ولعلّ هذه العبارة هي المفاجأة الأولى في إجابتي على سؤالك التي قد تجدها مليئة بالمفاجآت، فعادة ما تكون المشكلة في مثل تلك الأسئلة ليست في الطفل بقدر ما هي في الآباء الذين يستنكرون أو يتجاهلون أن للأطفال حياتهم الجنسية التي يجب التعامل معها بشكل صحيح ودون إنكار لوجودها، مما يسبب لهؤلاء الآباء الارتباك في الرد على تساؤلات الأطفال أو في التعامل مع تصرفاتهم التي يرونها "غريبة" كما وصفت، ويرونها متناقضة مع براءة الطفولة، مع أن الجنس في حياة الإنسان لا يبرز فجأة إلى الوجود في مرحلة المراهقة، وإنما له تاريخ في حياة كل فرد يبدأ من طفولته، وهو ما يؤكد على ما يسمى بـ"الحياة الجنسية الطفلية".
وبالتالي فقمع أسئلة الطفل وتصرفاته والتعامل معه باعتبار ما يفعله شذوذًا عن الطفولة واستعدادًا قويًّا للإثم يُشعر الأطفال بأن هناك خطرًا ما يحوم حول تلك الموضوعات؛ فيتظاهرون بعدم الاكتراث تجنبًا للمشاكل، بينما تتأجج أعماقهم فضولاً لاكتشاف ما لم يفكروا فيه من قبل.
وتبدأ حياة الطفل الجنسية من لحظة ولادته ويبدأ في أن يعي الجنس الذي ينتمي إليه في عمر السنتين والنصف أو السنوات الثلاث تقريبًا باكتشاف التمايز بين جنسي البشرية، ولا شك أن حياة الطفل الجنسية الذاخرة تتخذ أشكالاً مختلفة عما تتخذه عند الراشد.
وكما قلنا من قبل (ابنة الثالثة..تبحث عن ثقافة جنسية!! )
-إن هناك مرحلة تسمى مرحلة الكمون ويمر بها الطفل من عمر السابعة وحتى الثانية عشر، ويقل فيها الإقبال الشديد للطفل على الأمور الجنسية والشغف المعرفي الشديد لها.
وتجاوب الأهل المرحب مع أسئلة الأطفال عن الجنس وتقويم حياتهم الجنسية يسمح بتأمين اتزانهم والتمهيد لاكتمالهم النفسي عند الرشد، وهو ما يجب أن يعلمه صديقك جيدًا فالضرب والنهي والزجر عندما يسأل الطفل أو يحاول الفهم والاستكشاف كلها أمور تسبب العديد من المشكلات الحقيقية، فالشفافية مع الطفل واستيعابه داخل الأسرة وتوفير كل ما يلزمه من معلومات من خلال الأسرة هو ما يمكن أن يضمن له بلوغ آمن.
ولنحاول معاونة الوالدين بإجابات مناسبة يقومون باستخدامها للرد على أسئلة الطفل وبمقترحات تفيدهم في تربية الطفل جنسيًّا بشكل صحيح:
أولاً: يجب التحدث في تلك الأمور ببساطة وطبيعية ودون ارتباك أو تحفز، ومن منظور علمي وعقائدي يقوي ثقة الطفل في قدرة الله تعالى وإبداعه في خلق الإنسان وخلق الحياة بأمر بين الكاف والنون لا يملك القدرة عليه سواه سبحانه وتعالى.
ثانيًا: لا بد من الحديث بإيجاز وبساطة وبالتدريج كما يلي:
- عندما يطلب الطفل أن تتركه أمه عاريًا، عليها أن تسأله عن السبب، ثم تتعلل له بأنه من الممكن أن يتعرض للبرودة أو الإصابة بالأمراض؛ لأن تلك الأماكن من الجسم لها خصوصيتها في التعامل معها، فهي تحتاج لنظافة وغسل لليدين جيدًا عند التعامل معها، وتحتاج للتغطية عن أعين الآخرين؛ لأنها تخص أصحابها فقط، وتحتاج أيضًا أن نتحاشى أن نصاب بالأمراض من جراء إهمال النظافة والقواعد الصحية للتعامل مع تلك الأماكن.
- حينما يعبث بأعضائه، فلا بد من جذب اهتمامه لشيء آخر كبرنامج تلفزيوني لطيف أو معاونة الأم في حمل شيء.. أو غير ذلك.. وفي أوقات عديدة لا بد من الحديث معه على مسألة النظافة الشخصية وأصول التعامل مع تلك الأجزاء من الجسم لتفادي المرض، ولا بد من إشغال الطفل بهوايات كثيرة لا تترك له فرصة للفراغ.
ويمكن الرجوع للاستشارات التالية وبها تفصيلات هامة حول مسألة عبث الأطفال بأعضائهم التناسلية، وكيفية تصحيح وتجاوز هذا السلوك:
- تحذير مهم: العادة السرية فخ
- صغارنا والإعلام الجنسي
- مسألة كونه غير مختون فلا أدري ما وجهة النظر فيها لدى الوالدين، والأمر من المعروف أنه من سنن الفطرة، وكان يجب إنجازه في سن صغيرة كي لا يسبب ألمًا للطفل أو يثير لديه تساؤلات وفضول لا نحتاجه.
- عندما يسأل الطفل عن الجنين كيف دخل لبطن أمه:
تجيب الأم أو الأب: أجب أنت.. كيف تتصور أن أتى الطفل إلى بطني.. هل بشيء أكلته مثلاً أم أني اشتريته أم ماذا؟
وحين يجيب الطفل بما لديه، تقول له الأم مصححة: لقد خلقه الله في بطني كما خلقك وكما خلقني في بطن أمي وكما يخلق الناس جميعًا، ولا داعي للوصول إلى تفصيلات أبعد من ذلك.
- وحين يسأل كيف يخرج: فترد عليه بأن الطبيبة تعينها على إخراجه، وإن كان كبيرًا جدًّا فقد تشق بطنها لإخراجه، وأن الطفل يشبه الطعام حين يدخل إلى جوف الإنسان فهو يخرج حتمًا منه من مكان مخصص لذلك ومن فتحة خلقها الله لذلك في جسم كل أم، وحين يسألها عن مكانها يمكنها أن تشرحها له على دمية مثلاً، والمهم أن تتم الإجابة على قدر السؤال دون فتح للمزيد من الموضوعات بأي حال، ودون ترك الطفل حائرًا في نفس الوقت.
- حين يسأل لماذا ينام الأم والأب في حجرة وحدهما فيجب إجابته؛ لأن سريرهما أكبر ويستوعب شخصين، وهما كبيران فيستطيعان التحكم ألا يؤذي أحدهما الآخر أثناء الليل أو يسقطه أو (يخبطه) وهو يتقلب ليلاً، ولا داعي للشعور بالذنب والإثم والارتباك حيال أسئلة الطفل الطبيعية جدًّا، ولكن لسوء حظه عادة ما تصادف لدى الآباء غصة كبيرة في التعامل معها، وكأنهم يخفون كارثة.
- ولإفهام الطفل الفارق بين الجنسين والذي يثير فضوله لأنه نبِيه -ما شاء الله- والتي يكثر الأسئلة حولها، فيمكن إخباره أن الله تعالى خلق نوعين من البشر ومن كل شيء هما الذكور والإناث، ولكل منها شكل، مع شرح الفروق في كل شيء دون تخصيص للأعضاء التناسلية فيقال له: ترى جلد الرجال خشنًا والنساء ناعمًا، وصوتهم أجش والنساء لها صوت ناعم، وللرجال شعر قصير وشعر في الوجه والنساء لهم صدور يرضعن بها الأطفال، بينما الرجال لا يملكونها، لكن يملكون عضلات قوية في أذرعهم للعمل والسعي والبناء وحماية الأسرة، وهكذا حتى يأتي الدور على الأعضاء التناسلية فيقال له: "الاختلاف بينهما في كل شيء فليس للرجال ما للنساء وليس للرجال ما للنساء؛ لأن لكل منهم دوره، المرأة تلد وتحتاج لفتحة يخرج منها أطفالها، بينما الرجل لا يملك تلك الفتحة؛ لأنه لا يحمل في بطنه أطفالاً"، ومن الأفضل ألا يرى صورًا لمجلات علمية ولا أعضاء حقيقية، ويمكن استخدام الدمى إن ألحّ الطفل في طلب رؤية شيء أو التمثيل لشيء، ولا داعي نهائيًّا لتزويده بما لم يطلبه من المعلومات، ويكفي فقط مده بما يحتاجه بهدوء ورفق وسعة صدر.
- كما يجب إفهامه أن العورات هي ملك خاص لأصحابها، ولكل جزء من الجسم ما يلائمه للحفاظ على صحة الإنسان وكرامته، فلا يجب أن يرى أحد عورة أحد؛ لأنها تخصه وحده ولا يجب أن يترك الإنسان يديه دون غسيل جيد بعد لمس أماكن العورات، بل يجب غسلها جيدًّا واجتناب لمسها إلا للضرورة.
ثالثًا: يفضل أن يكون لعب الطفل مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء والصديقات، وليست بنتًا واحدة، ويفضل أن يكون اللعب تحت ملاحظة وإشراف من الكبار، وبشكل عام فهذا الطفل في حاجة لشغل فراغه بشكل كبير جدًّا.. وتوفير فرص عديدة له لممارسة الأنشطة والألعاب والمرح وغير ذلك.
رابعًا: ولا بد بشكل عام من اجتناب النهر والزجر والقسوة في التعامل مع الطفل، بل لا بد من إرساء أسس قوية لصداقة حميمة تجمعه بوالده من جهة وبوالدته من جهة أخرى، كما يجب أن يعمل الأب على اصطحابه معه إلى المسجد، وفي رحلات التسوق، وفي زياراته لأصدقائه من الرجال؛ ليشعر بالثقة بنفسه وتنمو شخصيته وتتطور بشكل سوي.
أخي الكريم.. أكرر لك شكري على اهتمامك بأمور أخيك في الله وصديقك، وأتمنى أن يستمر تواصلنا معك ومع والد الطفل، وفي انتظار المزيد من استفساراتكما وتساؤلاتكما.. وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/348)
قضم الأظافر.. الأسباب والعلاج العنوان
أعاني من ممارسة طفلتي الوسطي ذات الست سنوات لعادة قضم الأظافر الذميمة،و هو أمر يثير الغثيان و الغضب في نفسي، و نهيتها مراراً بل و عاقبتها عقوبات بدنية و معنوية دون جدوى ،و هي تقضم أظافرها حتى أثناء تدريبات رياضتها المفضلة! و قد سألت طبيب الأطفال فقال أن هذا دليل علي عدم شعور الطفل بالعاطفة ممن حوله و هذا غير صحيح البتة في حالة ابنتي ؛فهي تلقي الاهتمام منا و من كل من حولها لجمال شكلها و خفة دمها، كما قال لي طبيب آخر أن هذا يعكس فراغاً لديها و قد شغلنا وقت فراغها بالرياضة دون جدوى كما ذكرت ... هذا و جدير بالذكر أن خالها كان يمارس هذه العادة في صغره رغم أنه كان أول طفل و كانت أمي متفرغة له تماما و ترعاه تربويا بشكل ممتاز، و لا أفهم بشكل واضح الأسباب بالنسبة له أو لها و لا درجة للمقرنة بينهما. فهل هذا إفلاس للنظريات الطبية و التربوية، أم أن الأمر في الجينات!! نرجو الإفادة
السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
أيتها الأم الفاضلة:
لا بد في البداية من الإعراب عن تقديري الشديد لاهتمامك بتلك المشكلة "قضم الأظافر" التي يراها البعض- خطأ- من توافه الأمور؛
فمشكلة قضم الأظافر هي عرض لمشكلة نفسية بسيطة- إن شاء الله -إن تم تفهم طبيعة و نفسية الطفل الأوسط. فالطفل الأوسط له دوما طبيعة و نفسية خاصة؛فغالبا ما يشعر بالقلق و التوتر و الاضطراب و يرجع ذلك لأسباب مفهومة، فهو دائم القلق علي مكانته بين أسرته،فهو ليس بالطفل الأكبر الذي ينال قسطه من الاهتمام بخاصة في أمور التعليم، و ليس هو الأصغر الذي يحتاج إلي كثير من الاهتمام بسبب صغر سنه.
الطفل الأوسط عادة يحاول شد انتباه من حوله بأفعال و تصرفات غير متوقعة من الناحية الظاهرية أما داخليا فهو دائم الاضطراب و التوتر و قضم الأظافر حركة لا إرادية ؛فهي تعبير عن ذلك التوتر و الاضطراب و في بعض الأحيان الخوف و عدم الأمان.
ذكرت في رسالتك أن صغيرتنا تنال الاهتمام من كل من حولها لجمال شكلها و خفة دمها، علينا دوما مراقبة سلوكنا نحن تجاهها، هل هذا الاهتمام يظهر في صورة تعليقات عابرة من الأصدقاء و الأقارب أم أنه اهتمام حقيقي، مستمر علي مدار اليوم؛فالطفل الأوسط بحاجة ملحة إلي الإحساس بالأمان، بأنه محاط دوما بحضن أمه و أسرته الدافئ.
و هنا نتساءل ألا يمكن أن يكون عامل "الأب الغائب" هو سبب ذلك التوتر؟ فقد ذكرت أن الأب لا يتواجد مع الصغار سوي ساعة واحدة يومياً ، و الطفل الثاني عموما يكون أكثر تعلقا بالأب و هذا مفهوم لأنه ملاذه عند انشغال الأم و ملجأه لإشباع حاجة الاهتمام و الرعاية و الأمان.
الإحساس بغياب ذلك الملاذ و ذلك الملجأ هو أحد أسباب التوتر و الاضطراب النفسي، و بالتالي لا بد من أن يلعب الأب دوره المنوط إليه ولا يقوم بإلقاء الحمل كله علي الأم (التي قد تكون أم فاضلة و ماهرة في إدارة شئون الأسرة) إلا أن الطفل سيظل في حاجة إلي "أب" و هذه هي طبيعة الأمور "صبغة الله و من أحسن من الله صبغة"
و إذا كانت طبيعة عمله لا يمكن تغييرها بحيث يقضي الأب فترة أطول مع الأولاد، فعلي الأقل يقضي هذه الدقائق الستين كلها-التي تمثل الساعة- بدون استثناء مع الأطفال فلا يأكل إلا و هم حوله يكلمهم و يلاعبهم و يلاطفهم لعل الصغار يغفروا له غيابه بهذه اللحظات الذهبية الستين .
و نأتي الآن للجانب العملي:
أولاً: حاولي أن تتخلصي من إحساسك بالغثيان و الغضب و الاشمئزاز من "قضم الأظافر" و ذلك لأنها ببساطة حركة لا إرادية تعكس توتر نفسي يحتاج لإزالته إلي صبر و هدوء في التعامل؛فإحساسك هذا دون شك سينتقل إلى صغيرتك الحبيبة و سيترجم عندها إلى إحساس بعدم تقدير الآخرين لها بل "اشمئزازهم منى لسبب خارج عن إرادتي ."
ثانياً:تعاملي مع صغيرتك بهدوء وبتفهم لطبيعة كونها أوسط أخوتها فهي تحتاج إلى لمستك الحانية و إلى إحساسها بين الحين والحين أنك تهتمين بها دون غيرها فمثلا خصصي نصف ساعة يوميا للتنزه معها.
أثنى على كل عمل صغير تقوم به ؛فهذا التدعيم النفسي يساعد كثيراً في إعادة الثقة بالنفس و إزالة التوتر الناجم عن الفشل في الوصول إلى مكانة الأكبر(الأذكى عادة ) و الأصغر ( الأكثر دلالا عادة)
رابعاً: حاولي دوما أن تظهري لأبنتك الصغيرة إنها مكمن سرك فاهمسي في أذنيها ببعض الأمور و اجعليها تحس أنك تثقين بها وبأنها سوف تحافظ على سرك.
مثال: عندما تشترى فستاناً اطلعيها هي أولا عليه، اطلبي منها أن تبدى رأيها واجعليها تساعدك في اختيار حاجاتك الخاصة فكل ذلك يوطد العلاقة بينك وبينها و بذلك تثق بنفسها أكثر مما يساعد على العودة إلي استقرارها النفسي
-قولي لها "هذه الحركة لا تحبها ماما التي تحب صغيرتها " ..بهذه الكلمات البسيطة مع الإحاطة المستمرة بالدفء و الحنان ستحاول الابنة مع الوقت بإذن الله الإقلاع عن هذه الحركة من أجل إرضاءك فالصبر هو المادة الأساسية التى تغزل منها تربية الأبناء،فالأبناء من الاختبارات الحياتية التى يجب أن نتعايش معها، و عليناأن نتدرب على الصبر،و أن نسمع للأبناءجيدا و أن نتفهم ظروفهم على قدر المستطاع ،فإن هذا التفهم يجعل الأبناء كالأرض
التى نحسن فلاحتها فتعطينا الثمار المرجوة.
ــــــــــــــ(102/349)
كيف تكسب ابنتي الصديقات وتتجنب أذاهن؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم يا إخوتي على مجهوداتكم المتميزة على طريق التربية.. أتوجه بالسؤال للأستاذة مي حجازي التي طالما أبهرتني بردوها العبقرية على أسئلتي السابقة والتي أفادتني نصائحها كثيرًا، أما سؤالي هذه المرة فهو بخصوص ابنتي(5 سنوات) والتي أرى فيها ميلاً للانقياد لزميلتها في المدرسة وليس فقط المدرسة، بل إن فرض السيطرة عليها وتطويعها من أي صديقة لها في المدرسة أو خارجها أمر سهل وميسور للغاية، أريد أن أجعلها قيادية لا يسهل إيلامها بكلمة "مش هاأصاحبك" التي تذلها بها صديقتها في المدرسة لتبكيها وتدمرها، أريد أن يصعب على أحد فرض سيطرته عليها والعبث بمشاعرها وإذلالها وإملاء الأوامر عليها، أريد أن تكون هي الأقوى والقيادية لأنها طيبة جدًّا ورقيقة ولا تميل لإيذاء مشاعر الآخرين كما يفعل معها، لكنها مؤخرًا أصبحت تفعل في أبناء أقاربنا من الصديقات لها في نفس السن واللاتي يحببنها جدًّا نفس الشيء، فتستخدم نفس الجمل التي تؤلمها من صديقاتها لتفرض رغباتها عليهن معتمدة على حبهن لها وثقتها أنهن لسن كصديقات المدرسة التي تعود من المدرسة غاية في السعادة حين يرضون عنها.. ساعديني وشكرًا. السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختنا الحبيبة، ومرحبًا بطفلتك، وشكرًا لمجاملتك الرقيقة التي أسعدتني كثيرًا لما أكدته لي من إيجابية صدى ما نجتهد في تقديمه، فضلاً عما أكدته من صداقة وعلاقة وتواصل حميم مع زوار صفحتنا الذين يتابعون ويتواصلون معنا.
أبدأ حديثي معك مؤكدة على أمر هام وهو أن سمات الشخصية تختلف من فرد لآخر لأسباب كثيرة أخص منها بالذكر ما يفيدنا تتبعه في حالة ابنتك وهي:
1 - الاستعدادات الوراثية التي يحملها معه الطفل من لحظة الميلاد.
2 - التربية والمواقف التي يمر بها الإنسان من لحظة ميلاده مرورًا بظروف رضاعته وفطامه وكلامه، ثم دراسته وتربيته واحتكاكه بوالديه من حوله؛ فكل تلك المواقف هي تراكمات تشكل مع تراكمها شخصية الإنسان.
وسأوضح كلامي بتفصيلات أوفى فيما يلي:
في تتبعنا لحالة ابنتك سنضع أولاً احتمالات تبرر ميلها للانقياد أو سهولة السيطرة عليها من ناحية العاطفة، لنتمكن من التغلب على الأمر بعلاج تلك الاحتمالات:
الاحتمال الأول:
كون الشخصية قيادية أو انقيادية أمر أميل إلى تبريره بنسبة كبيرة بالاستعدادات الوراثية لدى الطفل؛ فلو تتبعت شجرة العائلة من الأخوال والأعمام والجدود وأنت ووالد الطفلة، ستجدين حتمًا -إن كان هذا الاحتمال واقعًا تعيشه طفلتك- من يتشابه في مواصفات شخصيته مع شخصية ابنتك، وقد ورثت منه ابنتك استعدادها الوراثي لما تصفينه من مواصفات شخصيتها، وما يمكننا الاستفادة منه إن اعتمدنا على هذا الاحتمال في تبرير حالة ابنتك هو وضع برنامج للتعامل مع الطفلة وتوجيهها وتوعيتها يعتمد في كل مكوناته على الرفق والهدوء الشديدين، باعتبار أن التغيير هنا هو كالسباحة في عكس التيار.
الاحتمال الثاني:
والافتراضات التي يمكن الاعتماد عليها باستبعاد مسألة الاستعداد الوراثي والتي لها علاقة وثيقة بتنشئة الطفلة، وتربيتها وما تعرضت له من مواقف داخل وخارج نطاق الأسرة هي كما يلي:
1 - شعور الطفلة بالاحتياج والفراغ العاطفي قد يرجع لخلل ما في علاقتها بك أو انشغالك عنها أو عدم تلبية احتياجاتها العاطفية التي تضمن لها السواء النفسي.
2 - تعرض الطفلة للردع أو المعاملة القاسية في عملية تهذيبها، مما قتل لديها القدرة على الاعتداء نهائيًّا حتى ولو برد العدوان عن نفسها وعن مشاعرها؛ فأصبحت بتعبير دارج "مقلمة الأظافر".
3 - شعور الطفلة بنقص ما قد يكمن وراءه تفوق الأطفال عليها دراسيًّا، أو عدم قدرتها على مواكبة من حولها، أو كبرهم عنها في السن، أو تمييز المعلمة لآخرين عليها.. أو غير ذلك.
وما يجب على التأكيد عليه قبل تقديم مقترحاتي لك لتجاوز هذه المسألة هو أن إعادة ابنتك للعب الأدوار مع الآخرين -فتتقمص دور صديقاتها اللاتي يمارسن سلطاتهن عليها مع أبناء الأقارب- يعد فرصة مناسبة جدًّا للتنفيس والتوحد مع المعتدي عليها ومن يوحي لها بالتحكم في سعادتها ومشاعرها باللفظ أو بالفعل، وهذا التنفيس يخرجها بلا شك من دائرة الرفض واللفظ التي قد تستشعر أنها تعيش داخلها بسبب هؤلاء الصديقات.
والأمر الآخر الذي أحب أن أؤكد عليه هو أنه لا يجب أن يكون أبناؤنا كما نتمنى بالضبط، ولا ينبغي أن نفرض عليهم نموذجًا معينًا من التصرفات أو المشاعر وإنما هم في حاجة للتجريب من جهتهم والتوجيه من جهتنا كمربين وليس النقد والهجاء لتصرفاتهم أو أبداء الاستياء منها.
ومقترحاتي للتعامل مع الابنة فهي برنامج له أربعة محاور:
المحور الأول: المواساة وتضميد الجراح.
المحور الثاني: معايشة الموقف مع الطفلة وأشعارها بالتضامن.
المحور الثالث: صرف انتباه الطفلة وجزء كبير من طاقتها ومشاعرها لتنمية قدراتها والتفوق فيها.
المحور الرابع: بث الطفلة الاستبشار والأمل دائمًا في غد أفضل.
وتعالي نتناول كل محور منها بالتفصيل:
أقصد بالمواساة وتضميد الجراح احتضان الطفلة وإشعارها بالأمان في حضنك، وذم السلوك -وليس الأشخاص- الذي يسبب لها الألم، وملء أذنيها وقلبها بعبارات مثل "ولا يهمك أنت في حضن ماما التي تحبك وتعرف كم أنت جميلة".
أما المعايشة وإشعار الطفلة بالتضامن فيكون بالحديث مع الطفلة دائمًا بلغة الجمع، بمعنى "يجب أن نضع خطة تضمن لنا ألا يتكرر هذا الموقف، ولو تكرر فلا داعي أن نحزن حتى لا يفرح الشيطان بحزننا، بل نحاول كل مرة أن نكون سعداء دائمًا".
والمحور الثالث فهو ما سيساهم وبقوة في بث الطفلة ثقة بنفسها وبقدراتها وشعور بالقدرة على الاستقلال والاستغناء -ولو جزئيًّا- عن الآخرين، كما سيمنحها فرصًا كثيرة لصداقات كثيرة وعديدة من خلال ممارسة الأنشطة المتنوعة في مختلف الأماكن (مسجد - مكتبة - نادي - مركز نشاط صيفي... إلخ).
والمحور الرابع هو ما يجب أن يسود تعاملاتك باستمرار مع ابنتك، فعند الفشل أو الحزن لا بد أن تشعر الطفلة أن النجاح ينتظرها غدًا، وما فقدته اليوم ستعوضه غدًا.. وإن المحاولة والإصرار تضمن السعادة حتى في تكوين العلاقات مع الآخرين.
وأخيرًا فلا بد من تجنب إظهار الاستياء للطفلة أو الشفقة عليها، والشفقة تختلف عن التضامن، بل يجب حثها على القوة بلطف وهدوء، مثل نصحها بالموقف المثالي حينما يهددها أحد بتركها وخصامها، وهو مثلاً -من وجهة نظري- أن تشكر صديقتها بكل ود، وتلعب مع طفلة أخرى وفي صحبة جديدة، والتأكيد عليها أن الله تعالى سيرسل لها من هم أفضل وأجمل للعب معها طالما أنها لم تخطئ في حق أحد.
وتضيف دعاء ممدوح من فريق الاستشارات التربوية:
أختي الكريمة/ لقد كانت -وما زالت- لي مع ابنتي تجربة مشابهة تمامًا لما تصفينه مع ابنتك، وكنت وأنا أقرأ سطورك أشعر أنك تتحدثين عن ابنتي أنا؛ ولذا أحببت أن أتبادل معك بعض المقترحات للتعامل مع ابنتك.. وأظنها ستفيدك كما أفادني تطبيقها، في تطوير ابنتي اجتماعيًّا بشكل ملحوظ وتجاوزها للعديد من مشكلاتها في التواصل مع الآخرين.
أما مقترحاتي للتغلب على تلك المشكلة فهي كما يلي:
1 - محاولة زيادة ثقة الطفلة بنفسها بكل وسيلة ممكنة ويمكنك مراجعة معالجات سابقة لمسألة الثقة بالنفس لدى الأطفال وتنميتها.
- الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية.
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
- استعادة الثقة بالفن والألوان
2 – لا بد من اهتمامك بهيئة الطفلة -وهي نقطة قد تغيب عن كثيرات- فالبنات يرقبن بعضهن البعض من السن الصغيرة جدًّا، ويعقدن مقارنات في طول الشعر ولونه ونعومته وتسريحته وجمال الملابس والحقائب والأقلام وغيرها؛ لذا احرصي أن يكون مظهر ابنتك دائمًا متألقًا، وأن تكون أدواتها وملابسها وتسريحتها مما يبعث في نفسها الثقة بمظهرها والشعور بالكفاء.
3 - احرصي على التعرف على أسر صديقاتها وأمهاتهن وعقد لقاءات أسرية تحت إشرافكن كأمهات؛ لتشعر ابنتك بالنصرة ولذة التواجد مع مناصريها وذويها أثناء تعاملها مع صديقاتها -هذا من جهة-، ومن جهة أخرى لكي يرقب صديقاتها وجودك ونصرتك لها ويشعرون بأبعاد كثيرة للعلاقة، فمن الطبيعي أن من تعرفينه معرفة سطحية يختلف في منزلته عمن تربطك به علاقة أسرية أو قرابة أو تزاور وتواصل قوي.. ليسوا سواء.
4 – لا بد من اختيار أوقات مناسبة ومتنوعة وكثيرة للحديث مع الطفلة عن عطايا الله ونعمه، وجمال شكره وأثره في زيادة النعم، ودعمي ذلك بالقصص مثلاً أو التجارب الشخصية.
5 – لا بد من الحديث أيضًا عن حكمة الله في الاختلاف بين الناس ليتكاملوا؛ وإن الله عز وجل يعطي كل إنسان قدرًا من النعم يكفيه ويسعده ويعطي لغيره قدرًا مساويًا، وإذا نقص شيء عوضه شيء آخر فمن ينقصه الجمال قد يزيد عنده الذكاء أو القوة أو الصحة أو المال ومن ينقصه القوة قد يزيد عنده الصبر والحلم أو المال أو الصحة، والمهم أن يتكامل الناس بتلك النعم لا أن يتفاضلوا على البعض، فيعطي كل ذي فضل أخاه الذي حرم من تلك النعمة ليرد له عطيته بما يستطيع وهكذا... والخلاصة أن تستوعب الطفلة عدل الله عز وجل في تقسيم النعم، وكون تلك النعم فرصة للاختبار وليست جزاء أو مكافأة أو حق ممنوح لأصحابها يتطاولون به على الناس.
6 - يمكنك استخدام القصص لتبثين طفلتك التصرف الأمثل الذي يجب أن تفعله حينما تتعرض لمثل تلك المواقف من الهجر والنبذ من أصحابها، من خلال قصة لهدهد ذكي مثلاً فارقته الطيور بعد أن أغراهم الشيطان بذلك؛ لأنه لا يحب السعادة لأحد، وكيف كان الهدهد حكيمًا ولم يستعطفهم ولم يبكِ، بل ذهب للحمامة ولعب معها لعبًا ممتعًا جعل باقي الطيور اشتاقت للعب معهما هذا اللعب اللطيف، وأصبحوا يتسابقون لمصاحبة الهدهد وأن يسامحهم ويسمح لهم باللعب معه... وهكذا.
7 - حاولي أن تنمي لديها عزة النفس والإباء وهما يختلفان عن الغرور والتعالي؛ فهما يعنيان الترحاب بكل علاقة جديدة وبكل الأصدقاء لكن دون تقبل لأي إهانة أو جرح ودون استجداء للمشاعر من الآخرين، وحاولي توصيل هذا المفهوم -مختلطًا بالتسامح- بكل وسيلة تستطيعينها في قصة أو تجربة خضتها بنفسك وأنت في سن ابنتك، وحوارات متكررة معها وكل ما يمكن من وسائل.
8 - تجنبي صد الطفلة نهائيًّا أو التشاغل عنها بأي شيء، وإن كان انشغالك حتمي وهي في حاجة إليك فاطلبي مشاركتها لك فيما تفعلين؛ لتتيحي الفرصة لها لتحدثك وتكلمك وتقترب منك وتبثك كل ما يعتمل بداخلها من فرح أو حزن أو قلق أو طموح، واحذري إشعارها بأن هناك ما يتفوق عليها في المكانة في قلبك واهتمامك.
ــــــــــــــ(102/350)
التوحد ..الإعاقة الغامضة العنوان
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، ابنى مصاب حسب وصف الأطباء بقليل من التوحدية، وذلك هو التاريخ المرضى: تأخر الكلام حتى سن سنتين مجرد كلمات مفردة و لكن يفهم كل الأوامر الآن و هو فى سن الرابعة و 6شهور ويتكلم عبارات قصيرة لاتزيد عن 3 كلمات غير مضبوطة الضمائر و الازمنة و معظم الأوقات لايركز فى السؤال ولابد من تكرار السؤال مرة أخرى على الرغم من أنة يحفظ حلقات الكرتون و الاعلانات و الأغانى و يركز فيه تركيز شديد و هو يبذل مجهود كبير جدا فى الجرى و اللعب يفوق المعدل الطبيعى أفيدونى يرحمكم الله .و هل يمكن المساعدة لتلك الحالة فى مركز هنا فى مصر حيث ان المدرسة فصلته لنشاطه الزائد و قلة جمله اللغويه؟
السؤال
التوحد, أمراض التخاطب الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك على صفحتنا،في بادئ الأمر نحمد الله تعالى أن يسر لك الإكتشاف المبكر-إلى حد ما- لهذا الأمر،والذي لايتيسر لكثيرين،بسبب قلة الأطباء المشتغلين و المهتمين بهذا الأمر في الوطن العربي .
ولماللكشف المبكر، والبدء في العلاج والتأهيل من أهمية وجدنا أنه من الضروري تعريف المرض ووصف أعراضه فوجود بعضها يعطي مؤشراًعلى وجود المرض ،وإن ظل كل طفل حالة فريدة تحتاج إلي طبيب متخصص للتعامل معهاولهذا لن يكون جوابنا إلا محاولة للتعريف بالمرض ،
فما هو التوحد؟
التوحد – الإعاقة الغامضة- هو نوع من الإعاقات التطورية التي تصيب الأطفال وهو من أكثر الإعاقات صعوبة بالنسبة للطفل وأسرته ويظهر خلال السنوات الثلاثة الأولى من عمر الطفل ويعوق عمليات الاتصال والتعلم والتفاعل الاجتماعي.
يتميز التوحد بقصور وتأخر في النمو الاجتماعي والإدراكي والكلامية عند الطفل. ولقد بدأ التعرف إلى هذا النوع من الإعاقة منذ حوالي خمسين عاما، على يد الطبيب الأمريكي ليو كانر (Leo Kanner) وقد سمي أيضا بمتلازمة كانر (Kanner’s Syndrom) وتقدر نسبة أصابته بخمس حالات لكل عشرة آلاف مولود.
أسباب التوحد
لم تثبت أسباب محددة تماما للإصابة بالتوحد. ولكنها مجموعة من العوامل الكيميائية والوراثية والعضوية، ولا يزال البحث عن الأسباب قيد الدراسة.
أعراض التوحد
1- يتصرف الطفل وكأنه لا يسمع.
2- لا يهتم بمن حوله.
3- لا يحب أن يحضنه أحد.
4- يقاوم الطرق التقليدية في التعليم.
5- لا يخاف من الخطر.
6- يكرر كلام الآخرين.
7- أما نشاط زائد ملحوظ أو خمول مبالغ فيه.
8- لا يعلب مع الأطفال الآخرين.
9- ضحك واستثارة في أوقات غير مناسبة.
01- بكاء ونوبات غضب شديدة لأسباب غير معروفة.
11- يقاوم التغيير في الروتين.
21- لا ينظر في عين من يكلمه.
31- يستمتع بلف الأشياء .
41- لا يستطيع التعبير عن الألم.
51- تعلق غير طبيعي بالأشياء.
61- فقدان الخيال والإبداع في طريقه لعبه.
71- وجود حركات متكررة وغير طبيعية مثل هز الرأس أو الجسم والفرقة باليدين.
81- قصور أو غياب في القدرة على الاتصال والتواصل.
-الاكتشاف المبكر:
تظهر سمات الطفلة الوخمدية قبيبل امامه العام لثالث وإذا لوحظ أى منما يجب الاهتمام بمتابعة الطفل وعرضه على أخصائي ومن هذه السمات.
1- عدم محاول الطفل تحريك جسمه أو أخذ الوضع الذي يدل على رغبته في أن يحمل.
2- تصلب الطفل عندما يُحمل ومحاولة الإفلات.
3- يبدو كما لو أنه أصم لا يسمع، فهو لا يستجيب لذكر أسمه أو لآي من الأصوات حوله.
4- فشل الطفل في التقليد كباقي الأطفال في المرحلة العمرية نفسها.
5- قصور أو توقف في نمو القدرة على الاتصال اللغوي وغير اللغوي.
فريق التشخيص
لتشخيص الحالة يجب أن يمر الطفل على العديد من الأخصائيين وهم:
1- أخصائي طب نفسي أطفال أو أخصائي طب أطفال أعصاب.
2- أخصائي سمع وتخاطب.
العلاج:
1- العلاج الطبي قد تُستخدم بعض العقاقير لدور بسيط في تقليل النشاط الزائد، أو علاج الصرع أن وجد أو الاكتئاب.
2- العلاج بالتخاطب: لمواجهة قصور النمو اللغوي والقدرة على الاتصال والتواصل الاجتماعي.
3- العلاج النفسي فأي طفل يعاني تأخر لغوي – اجتماعي – عاطفي – يحتاج إلى علاج نفسي.
4- ضبط وتعديل السلوك.
5- التربية الخاصة.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار أهمية الكشف المبكر، والبدء في العلاج والتأهيل.
ــــــــــــــ(102/351)
عذابي وابنتي في فرقتنا.. متابعة العنوان
الأستاذة العزيزة/ دعاء ممدوح جزاك الله كل خير فقد أفدتني -والله- بما كتبت لي من إستراتيجيات رائعة جدًّا (عذابي وابنتي في فرقتنا )، وفتحت لي أبوابًا كنت مترددة فيها كثيرًا، فتح الله لك كل خير وثبتك على الحق ما أحياك.
أما بالنسبة للأسئلة التي طلبت إجابتها فالموقع يتأخر في استقبال الاستشارات.. فكم أتمنى لو أصبحت المدة أقصر، وكان الله في عونكم:
1 - إجابتي على السؤال الأول أتحفظ بها لأسباب، إلا إذا كان ممكنًا أن تعطيني
إيميلك الخاص وسأخبرك.
2 - العمة غير متزوجة، وأبوها متوفّى (عمرها في الثلاثين) وهي التي -تقريبًا-
ترعى أمها وأخواتها بإشراف إخوانها (أبو ابنتي وأخ آخر متزوج خارج المنزل).
3 - من فضل الله أن الأب يعيش خارج نطاق الأسرة ولا يأتي لابنتي سوى زيارة مرة أو مرتين في الأسبوع ويحادثها هاتفيًّا.
4 - الأب لا يعلم شيئًا عن ذلك؛ لأننا لا نخبره بأي شيء فهو (مشغول بلا مهمة) لأني على اتفاق مع العمة سابقًا في أغلب الأمور الخاصة بابنتي (أحيانًا أتفق معها بإرادتي وأحيانًا كثيرة رغمًا عني؛ وذلك للأسباب التي تحفظت بها، وأقول: وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم)؛ لأني أنا والعمة إن شاء الله على استقامة؛ لذلك لا أشعر أبا ابنتي بأي شيء، وكدت أن أفعل ذلك في مشكلتي مع العمة، وأفيدك..
عزيزتي.. إن العمة لا تصرح لي إذا ضربت ابنتي قد تخبرني بما تريده من ابنتي نعم وما تخطط أن تكون عليه، وأنا أفعل كما ذكرت وذلك أني أعمم الخطأ علينا بكلامي معها أن أسلوبنا خاطئ في استخدام الضرب والشدة وأنني سمعت محاضرة تحكي عن التربية وما ينبغي أن يعامل به المراهق، ولا أظن أن هذا الشيء يخيفها، ولكن هي عصبية جدًّا وتستسلم لتلك العصبية، وأنا كل خوفي على ابنتي أن تضرها فقط، ولا أقول سوى كفى الله ابنتي شرها وصرفها عنها.
وبعد أن قرأت ما أفدتني به قررت أن أحدث أباها هاتفيًّا وأخبره أن يشعر ابنتي باهتمامه، وأن ألمح له دون أن أصرح بأن العمة قد تضغط عليها أحيانًا وقد تضربها، وذلك للضغوط التي تمر بها فما رأيك.. أختي الفاضلة بارك الله فيك؟ أرجو أن يصلني ردك عاجلاً.. أختك الداعية لك بظهر الغيب.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختي الكريمة، وجزاك الله عني كل الخير فقد أكرمتني بدعاء أحتاج إليه، وأثلجت صدري بلهجتك الحانية الودود، وختمت رسالتك بالتأكيد على أخوتنا فكانت رسالتك تلك على نفسي كالماء البارد على الظمأ.
ولا بد أن أعتذر لك ولكل زوارنا عن التزام الصفحة بعدد معين من الاستشارات في الأيام السابقة للانشغال بمهام عديدة لتطوير الخدمة بها، ولعلها فرصة لنعلن انتهاء تلك الظروف الخاصة وعودة الصفحة للعمل بشكل طبيعي وبكامل طاقتها، كما اعتادها الزوار من ذي قبل.
حبيبتي الغالية.. إن إجاباتك على أسئلتي لم تخالف كثيرًا ما توقعته؛ فكون العمة غير متزوجة، وقد تخطت الثلاثين يبرر بشكل واضح عصبيتها وضيق صدرها ونفاد صبرها مع الجميع وبالأخص مع ابنتك، فتربية الأبناء أمر غير يسير على الأمهات والآباء فما بالك بالعمة التي لم تلد تلك الابنة ولم تجرب الأمومة من قبل والتي ترزح -أعانها الله- تحت أعباء عديدة كعملها خارج المنزل ورعاية الأسرة وتربية ابنتك وغيره دون أن تكون لها حياتها الخاصة مع زوج وأبناء تمنحها الحياة معهم الشعور بالاستقرار والطمأنينة ودفء العائلة، إذن فنعود ونؤكد مرة أخرى على معاملتها بكل لين ورفق وحب وتوعية الابنة بذلك وتوجيهها لكسب رضاها ما استطاعت لذلك سبيلاً، بل والتهادي معها وتقبيلها قبل النوم مثلاً، وغير ذلك من المقترحات التي أوردناها في الإجابة السابقة والتي من شأنها أن تلين قلب العمة وتصنع صداقة حميمة بين الابنة والعمة الحبيبة.
وما أراه مناسبًا للتقليل من عصبيتها لفت نظرها بشكل غير مباشر لوصايا رسول الله عن الحلم والرفق، وضرر تلك العصبية على أعصابها وصحتها، وما يمكن أن تتبعه للتخلص من تلك العصبية حماية لنفسها ووقاية من الأمراض التي تداهم صحة الإنسان بسبب كثرة التوترات، ويمكن نصحها بما يلي بكل رفق وود:
- النصائح الذهبية للتخلص من العصبية
أما كون الأب لا علاقة له بالابنة إلا بشكل سطحي فهذا يا حبيبتي أمر لا أراه سليمًا، وما أقترحه أن يكون تواصله مع الابنة قوي جدًّا وأن يذكر أمامها دائمًا بالخير، وألا يصلها الشعور أبدًا بالحرج من الانتساب إليه، وتذكري قصة الفضيل بن عياض -رحمه الله- وهو تابعي من الصالحين، وكيف كانت توبته من السكر والعربدة بسبب ابنته فاطمة التي أحبها بكل حواسه وتعلق بها جدًّا؛ فكان حبه لها وتعلقها به سببًا في استقامته ولما ماتت عاد عربيدًا تائهًا أكثر مما كان -وكانت عند موتها 3 سنوات- ثم زارته في منامه ذات مرة، وقد تخطفته في الحلم نيران العذاب من كل جانب فإذا بها تذود عنه وتنصحه وتعظه أن يعود عن غيه.. فصار من بعدها الزاهد الناسك الصالح التابعي "الفضيل بن عياض".
وبغض النظر عن تفاصيل القصة التي سردتها في إيجاز شديد، فإن ما أردته من ذكرها هو التأكيد على أن التوبة أمر غير مستبعد على الأب، وقد تكون ابنتك هي السبب فيه يومًا بدعائها ودعائك له، وباستمساكها بحقها في قلب أبيها ورعايته وقربه، وقد وصفته بالحنان، ولعلّ هذا الحنان يفتح له باب الهداية ويقوي عزيمته على ترك المنكرات حبًّا في ابنته التي تتمسك ببنوتها له وأبوته لها.. فلا تجعلي هذه الجزئية مهمشة أو ميئوس منها في برنامج تنشئة ابنتك.
وكما اقترحت عليك سابقًا فيجب أن يشارك الأب في جلساتك مع العمة لتخطيط مستقبل الابنة ومناقشة شئونها، ويجب إخباره بكل شيء على عكس ما ذكرت في سؤالك من أنكم (لا تخبروه بشيء)، وعن مسألة مهاتفته وتوجيهه للاهتمام بالابنة والتلميح له بأن العمة تضغط عليها أحيانًا فهو أمر أؤيدك فيه، ولكن ببعض الشروط:
1 - لا بد أن يكون حديثك مع الأب خاليًا تمامًا من الأوامر والنواهي والتعالي وصيغة التهديد أو لهجة الهجوم والتوبيخ.
2 - لا بد أن يكون المدخل للحديث معه من منطلق ثقتك في حنانه وحبه الجارف لابنته لتؤكدي لديه على تلك النقطة، وليكون أكثر حماسًا على المزيد، ولا تنسي أن مدح الجوانب الإيجابية في الشخص تعزز لديه تلك الجوانب، وتساهم في حثه على المزيد.. ألم يحثّ النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر رضي الله عنه على قيام الليل بأن مدحه فقال: "نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل"، فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم بما فيه من أشياء طيبة، ثم أشار عليه بأمر غفل عنه بأسلوب محبب إلى النفس ورقيق.
3 - لا تتصيدي له الأخطاء، واتبعي وصفة (ت.ع.ت.أ)، -وتلك الوصفة ذكرت في كتاب لس جيلين بعنوان (كيف تتمتع بالثقة والقوة في التعامل مع الناس) وترجمه عبد الكريم العقيل من منشورات مكتبة جرير- وقد توصل علماء النفس لتلك الوصفة التي ثبت لهم أنها تحقق المعجزات بالفعل وما تمثله تلك الحروف التي سميت بها الوصفة: توقف عن تصيد الأخطاء، فعندما نبحث عن الطيب في المحيطين بنا سيكون ذلك نقطة انطلاقة طيبة لتوجيههم ولفت أنظارهم وإقناعهم بما نراه مناسبًا.
4 - حاولي تكوين جبهة مشتركة منك والابنة والأب تتواد وتتواصل في الله عز وجل ولمصلحة الابنة دون إشعار العمة بأنها منبوذة، وأنها تتعرض للانتقاد والاستبعاد من تلك الجبهة، وإنما حاولوا إشعارها أن ذلك لتخفيف بعض المهام عنها، وليكن ذلك هو حديثك مع الأب عن العمة أنها تبذل جهدًا كبيرًا يسبب لها التوتر، مما ينعكس على الابنة التي تحتاج صدرًا أرحب فتعالي أيها الأب الحنون نتعاون معها على تربية ابنتنا.. نحن أطول بالاً على ابنتنا، وهكذا...
5 - اطلبي من الأب أن يفتح حوارًا بينه وبين الابنة، وأن يكون هذا الحوار حنونًا ودائمًا ويوميًّا وطويل المدة تحكي له فيه عن كل ما يسعدها ويؤلمها ويطربها وتحلم به، ولا بد من فرصة دورية للخروج مع الأب والتنزه معه.
وأعود فأقول إنه لا بد أن تذلل كل العقبات -إن أمكن ذلك- لتعيش معك الابنة، فقد يكون ذلك هو الحل لنسبة كبيرة من مشكلات الابنة؛ ولذا فسأعطيك بريدي الخاص لنتواصل من خلاله ونحاول التغلب على العقبات التي تعوق ذلك.
ولا بد أن أؤكد لك على ضرورة المواظبة على الدعاء بشكل متواصل ومستمر وبإلحاح يحبه الله تعالى أن يصلح الله ذات بين ابنتك وعمتها، وأن ينبت الله سبحانه ابنتك نباتًا حسنًا، وأن يقيها كل سوء... إلخ؛ فدعاؤك لابنتك مستجاب إن شاء الله ومن شأنه أن ييسر الله لها به الصعاب.
أختي الحبيبة.. سعدت بالحديث معك وبالأخوة الغالية التي أشعر بها تجاهك والتي أدعو الله عز وجل أن يديمها وأن يظللنا بسببها بظله في الآخرة يوم لا ظل إلا ظله، وسأنتظر مزيدًا من أسئلتك ومتابعاتك ورسائلك، وإلى لقاء قريب.
هل أولادنا لُعَب نمتلكها ؟ العنوان
أنا أم لثلاثة أطفال، وابنتي هذه هي الكبيرة والبكر والتي تبلغ من العمر 7 سنوات، وهي جميلة جدًّا، وذكية، ولطيفة، ومطيعة، وكل مشاكلها لا تعدو عن كونها بسيطة، ولكن مشكلتي معها أنني تزوجت وعمري 18 وأنجبتها بعد عام، وأنا أسكن بالقرب من أخت زوجي التي تبلغ من العمر 40 عاماً ، ومنذ ولدتها أخذ الجميع يقول هي تشبه أخت زوجي، وكانت تذهب إليها وتتواجد عندها أكثر من تواجدها عندي، مما جعل في قلبي شيئاً نحو ابنتي، فأنا أحب أخوتها أكثر منها، أقبّلهم وأضمهم ولا أشعر نفس الشعور نحوها، ربما لأنني عشت وأنا أحلم أن تكون لي ابنة كلعبة أملكها وحدي ولا تحب أحدًا سواي، فلا أدري ماذا أفعل؟ فأنا أعلم أنه لا يجوز شرعًا التمييز بين الأولاد، ولكن عندما تكون مستيقظة فقط أنتقدها وأصرخ عليها، وعندما تنام يؤلمني قلبي، ولكن ما إن تستيقظ حتى أشعر بنفس الشعور ... ساعدوني أرجوكم، فلا أريد أن أكون أمًّا قاسية وغير حنونة.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
هل أولادنا لُعَب نمتلكها من أجل أن نلعب بها؟! فإذا نازعنا أحد ملكيتها أو في اللعب بها ألقينا اللعبة بعيدًا أو حاولنا كسرها؟! أليس هذا السؤال الذي يطرح نفسه من خلال رسالتك؟ إن السؤال إذا طرح بوضوح في بعض الأحيان يكون سببًا لأن يفيق الإنسان مما هو فيه من أفكار غريبة أو عجيبة.
من أعطانا حق الملكية لهؤلاء الأطفال ... إنهم أمانة استودعها الله لدينا وهم نعمة من نعم الله عز وجل علينا ... أفيكون حفظنا للأمانة وشكرنا للنعمة الجميلة جدًّا، الذكية، اللطيفة، المطيعة هو هذا الجحود بالتنكر لهذه النعمة والتضييع للأمانة؟! ... ألم يكن الله قادرًا ألا يرزقك أطفالاً أبدًا؟ ... وماذا كنت تملكين؟ ... وماذا كنت ستدفعين من أجل طفلة متخلفة عقليًّا؟ ... أو متمردة؟ أو ... لماذا يصيب قلوبنا العمى في بعض الأحيان والتي نتصرف عندها وكأن عقولنا اختلت؟! " ... فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور".
المسألة ليست فقط في مخالفتك للشرع بالتفريق بين أولادك، ولكن بتحملك الإثم الكامل لكل ضرر نفسي يقع على هذه الطفلة من جراء صراخك الدائم وانتقادك المستمر لها، الحمد لله أنه ما زال هناك قلب يؤلمك على ما تفعلين وضمير جعلك ترسلين تطلبين النصيحة ... والعلاج بيدك، وهو بسيط لمن كان لديه قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وهو يُلّخص في كلمة "الافتعال".. أو إجبار النفس على القيام بالسلوك الصحيح حتى يتحول إلى عادة، أو كما نقول إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، والصبر بالتصبر ...
بمعنى أنه يجب أن تجبري نفسك على معاملة ابنتك معاملة حسنة تصل إلى درجة الافتعال، بمعنى أن تبالغي في إظهار المشاعر الطيبة ناحيتها عكس ما تشعرين، وعندما تجدين في نفسك الرغبة في الصراخ في وجهها فحوِّليها إلى ابتسامة، فابتسامة الأم : مثل شعاع الشمس بعد المطر ..تنعش الجسم ..والقلب..والعقل .. وعندما تريدين أن تنتقديها فامدحي طاعتها وسلوكها ... وعندما تريدين معاقبتها فقومي بمكافأتها ... وهكذا تقومين بعكس السلوك الذي تشعرين بالرغبة بفعله تجاهها، وتستمرين على ذلك شهورًا، قد تصل إلى السنة حتى تكتسبي هذه السلوكيات الطبيعية تجاه ابنتك وتعودي أمًّا سوية؛ لأن ما تفعلينه هو شيء مخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها والمبرر الذي تقدميه هو عذر أقبح من ذنب، فهل تحاسبين طفلة صغيرة لا تدرك طبيعة مشاعرها على اتجاه مشاعرها ناحية تلك المرأة العجوز التي تغمرها بالحنان؟! وهو اتجاه طبيعي يقوم به كثير من الأطفال، حيث تكون مشاعر الكبار الفيّاضة، وطريقة تعاملهم الهادئ مع هؤلاء الأطفال سببًا في ميلهم ناحيتهم، حيث يكون الآباء والأمهات في غالب الأحيان في تجربتهم الأولى مع التربية فيكونون عصبيّين أو لا يحسنون توصيل رسالة الحب لأبنائهم، في حين تكون خبرة الكبار وعاطفتهم سببًا في انجذاب الأطفال إليهم.
إن صغر سنك وقلة خبرتك عندما أنجبت طفلتك هما السبب في ميلها الظاهري ناحية تلك المرأة، فهل تحاسبينها على شيء لك دور في حدوثه؟! اتقي الله في الأمانة التي وهبها الله لك، وخذي نفسك بقوةٍ فيما وصفناه لك، ولا تقولي لا أستطيع لأنكِ محاسَبَة أمام الله تعالى عن تقصيرك في حق ابنتك، وسيكون الحساب عسيرًا ولن يكون لك عذر.
قد يكون كلامنا عليك قاسيا و لكنه من غيرتنا إلا تجني السعادة الحقيقية التي تجنيها كل أم عندما تصل بحنانها على أولادها أن تسمعهم يرددون :
"إني بأمي أغنى من عشرين بحراً،كل رمالها جواهر،وكل مياهها لجين ،وكل صخورها ذهب خالص ... ."
ــــــــــــــ(102/352)
ابنة الثالثة..تبحث عن ثقافة جنسية!! العنوان
مشكلتنا مع منيرة (3 سنوات) هي خلعها المتكرر لثيابها حتى التعري في وجودنا وفي غيابنا عند وجودها مع الخادمة، وهي الوحيدة من أخواتها التي تفعل ذلك، علما بأن لديها أختين، إحداهما ( 5سنوات)، والأخرى (1.5 سنة).
حاولنا معها بالترغيب والترهيب إلا أنها من النوع العنيد الذي لا يستجيب لشيء، كما أننا نراقب سلوكها مع التلفزيون ومع باقي أخواتها.
وفي إحدى المرات خلعت ثيابها مع أختها الكبرى وعبثتا في أجساد بعضهما البعض لمرة واحدة فقط حاولت فيها أن أهون على أمهن باعتبارها حالة من الفضول، حيث إنها كانت عنيفة في رد فعلها معهما، أما أنا فحاولت أن أبين لهما خطأ هذا التصرف، وتحققت من عدم تعرضهما لإغراء أحد من البالغين أو الصغار، علما بأنهما تنامان في حجرة منفصلة عن غرفة الوالدين وتنام معهما الخادمة. نرجو منكم الإفادة بكيفية التصرف مع الصغرى وجزاكم الله خيرا.
السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبا بك أخي الفاضل، ومرحبا بأسرتك وبناتك مرة أخرى، فلقد أكدت لي بيانات سؤالك أنك صاحب استشارة:"قاضي الأطفال شنق نفسه ".
ولعل الصراخ واللطمات والعراك والأمور التي شكوت منها في تلك الرسالة السابقة قد خفت حدتها، ولكن يبدو أن بناتك يحببن دائما أن يتسببن في رفع درجاتك وزيادة حسناتك- أنت ووالدتهن - من خلال بعض المناوشات التي تحتاج منك ومن أمهما لجهد إضافي وتركيز أعلى لتجاوزها، ودائما الثواب على قدر المشقة.. فاستبشر بأجر عظيم من الله، وبحجابك من النار -إن شاء الله- بسبب إحسان تربيتك لبناتك.
هناك في سؤالك معطيات عدة تحتاج للتعامل معها بدقة:
أولا: وجود خادمة بالبيت تنام مع البنات في حجرتهن.
ثانيا: اكتشاف والدة الطفلة لأحد مرات كشفها لجسمها وما خفي منه مع أختها، وتعاملها مع منيرة بعنف إثر ذلك.
ثالثا: عمر ابنتك (3 سنوات).
وسنتعامل مع تلك المعطيات بشكل تنازلي من الأخير للأول؛ فنبدأ بالحديث عن عمر منيرة والذي أحب أن أوضح لك بخصوصه بعض المعلومات عن طبيعة تلك المرحلة العمرية لابنتك؛ فطفلتك في مرحلة ما يسمى "Genital phase "- مرحلة استكشاف الأعضاء التناسلية - وهي إحدى مراحل النمو النفسي الطبيعي لدى الأطفال وتبدأ من سن الثالثة، وتتميز بأن يبدأ الأطفال -ذكورا أم إناثا- في الانتباه والالتفات بشكل كبير لتركيبهم من الناحية الجنسية، والفروق التشريحية بين الذكر والأنثى، وكيفية تكوين الجنين، وغيرها، وتطوف بأذهانهم في تلك الفترة أسئلة عديدة تحتاج لعقول متفتحة واعية، ووالدين ومربين ذوي علم وصبر وذكاء للرد المناسب على تلك الأسئلة بقدرها، ودون مزيد من الإثارة، مع إشباع هذا الفضول في نفس الوقت؛ ومن المؤكد أن توصيل المعلومة بشكل آمن للطفل يحميه من أي معلومات مغلوطة أو مثيرة من طرف خارجي غير مأمون "كالخادمة أو الصديق أو الجار... إلخ"، ويتبع تلك المرحلة مرحلة من الخمول والفتور تجاه كل هذه الأمور -في سن السادسة بالنسبة للبنات- وحياء تتحرج على إثره الطفلة من خلع ملابسها في حضرة أحد أو أمام أختها، على عكس ما كانت عليه في سنوات العمر السابقة لتلك المرحلة، وبناء على ذلك فتصرف منيرة بل تصرفاتها التي لها تلك الصبغة من الاهتمام بالأمور الجنسية غير مخيفة بقدر ما تعطي ضوءًا أحمر وإشارة إلى ضرورة تثقيف منيرة واحتواء فضولها -وكذلك أختها التي تكبرها- ومدهما بما يتوق عقل كل واحدة منهما لفهمه، وفيما يلي معالجات سابقة للتعامل مع نمو الأطفال الجنسي بشكل صحيح:
- نمو الأطفال الجنسي.. كيف نتعامل معه؟
- ثقافة جنسية بلا إثارة
- التربية الجنسية متى وكيف؟
- تحذير هام: العادة السرية فخ
- صغارنا والإعلام الجنسي
ثم ننتقل لرد الفعل العنيف الذي تعرضت له منيرة إثر محاولتها استكشاف جسدها وجسد أختها، وهو أمر قد يدفع الطفلة للإحجام عن التوجه للأم في إشباع فضولها، أو يدفعها إلى محاولة اجتناب غضب الأم بإخفاء مثل تلك المحاولات التي تضايقها وتتسبب في تعرض الطفلة للعقاب؛ لذا فالأمر يحتاج لمحاولة استعادة الصداقة الحميمة بين الأم والطفلتين مع تأمين جو مناسب للسؤال والاستفسار، مع الرد بهدوء واتزان يؤكد على طبيعية تلك الأمور لدى البنتين، ولا يؤصل لديهما كون مثل تلك المعلومات تحتاج للاختباء للحصول عليها.
ولاستعادة تلك الصداقة الحميمة وتوفير هذا الجو الآمن للتثقيف الجنسي لطفلتيك في هذه المرحلة، لا بد أن تعمل الأم على تنفيذ ما يلي:
1- التقرب منهما وقضاء وقت أطول معهما، ولا بد أن يطول عما تقضيه معهما الخادمة.
2- إعادة توزيع الأدوار؛ فلو كانت رعاية البنات من اختصاص الخادمة، بينما تتولى الأم أمورا أخرى، فلا بد من إعادة توزيع الأدوار بحيث يخصص للأطفال في جدول مهام الأم نصيب الأسد دون غيرهما، فتقضي معهما الوقت في اللعب والتنزه ومشاهدة الكارتون وابتكار اللعب الممتعة، كأن تلصق لهما مثلا ورقا على الحائط فترسمان عليه، وتارة أخرى يسقين زرعا ويتعهدنه حتى ينمو ويتحدثن من خلال ذلك عن النبات والفرق بينه وبين سائر المخلوقات، وهكذا.. بينما تدع الأم مسئولياتها الأخرى التي كانت تشغلها عن البنات للخادمة.
3- يمكن للأم أن تستغل فرصة ما للحديث عن الفروق بين الجنسين، وفتح مجال الحوار حول مثل هذا الموضوع، بأن تتحدث عن فرق الحنان بين الذكر والأنثى، وفرق القوة بينهما لاختلاف دور كل منهما، وحكمة الله في ذلك، والاختلاف في طول الشعر، وشعر الوجه والشارب وخشونة الجلد والصوت، وغير ذلك مما يفتح الآفاق، ويمنح دفئا وأمانا يسمح بالاستفسار والتعبير عن كل التساؤلات من قبل الطفلتين لترد عنها الأم بكل هدوء وذكاء.
وإليك نموذج من أسئلة الأطفال وإجاباتها النموذجية ستجدينها مضمنة في جدول في الرابط التالي:
- أسئلة الأطفال المحرجة وإجاباتها النموذجية
4-لا بد من الحديث عن الحياء وعن ملكية كل إنسان لجسمه وضرورة عنايته به وحفاظه عليه، وأن هناك أجزاء من هذا الجسم يمكن السماح للآخرين بالتعامل معها ورؤيتها كالوجه واليدين والأذنين والقدمين والشعر... إلخ، وهناك أجزاء لا يملكها سوى صاحبها ولا يسمح لأحد برؤيتها، مثل الفخذين والبطن والعورة، وأنه من الممكن أن تساعد "ماما" طفلتها في الاستحمام مثلا، لكن عندما تكبر لا يمكن أن يراها أحد وهي تستحم ليطلع على جسدها، وأنه كلما كان المرء كبيرا كلما كان أمهر في الحفاظ على ممتلكاته وحمايتها، وأن هذا الحفاظ دليل على أنه كبير و( شاطر).
5- لا بد من حديث الأم عن قواعد السلوك السليم التي لا تسمح لنا بتصرفات تحرجنا أمام الآخرين، ككشف أجزاء من جسمنا أو التعري، كما أن هذا مما قد يسبب لنا المرض والبرد والتلوث.
6- من خلال تلك الصداقة الحميمة مع البنات، لا بد للأم من تعليمهما أصول النظافة الشخصية والتزام النظافة قدر المستطاع وضرورة تطهير اليدين بعد التعامل مع تلك الأماكن (الأعضاء التناسلية) عند دخول الحمام، لكثرة تعرضها للفضلات والجراثيم، وضرورة الحفاظ على نظافة الملابس الداخلية وتغييرها يوميا وغسلها جيدا.. وهكذا.
- بقي لنا الحديث عن الخادمة ولي بخصوصها كلام كثير:
أولا: كيف جزمت بعدم تعرض ابنتك لإغراء تلك الخادمة كما قلت في سؤالك؟ أعتقد أن الأمر يصعب التحقق منه في ظل ملازمة الخادمة للبنات، وفي ظل التعنيف الذي سيؤكد للبنات التهديد الواضح بالعقاب حال مصارحتهما لكما أنت وأمهما بحقيقة ما حدث، ثم كيف تغيبان عن منيرة وتتركانها مع أخواتها للخادمة.
أرضيتما بتلك الخادمة أما وأبا لبناتكما اللاتي هن ضياء المستقبل؟ هل تترك الأم مصوغاتها بين يدي الخادمة حال غيابها عن المنزل؟ أم تغلق عليها ألف باب؟ وأيهما أغلى المصوغات أم البنات؟ إن مسألة ترك البنات مع الخادمة كارثة حقيقية لا بد من اجتنابها تماما، فالله سائل كل راعٍ عما استرعاه، ثم لم تذهبا لأماكن لا تسمح لكما باصطحاب حبات قلبيكما؟ لا بد من تدارك هذا الأمر فورا، وعدم تكراره أبدًا.
ثانيا: لِمَ تنام الخادمة مع البنات؟ ألا يمكن توفير مكان آخر لنومها بعيدا عنهما؟ أرجوك يا سيدي لا بد من توفير مكان لنومها بعيدا عن طفلتيك، ولا بد أن تتولى الأم ممارسة طقوس النوم معهما يوميا من حكايات، وأذكار، وقرآن، وغيره.. هذا بخلاف "تحميمهما" وغيره؛ فهناك أمور لا يمكن التوكيل في أدائها؛ لأن الحكمة ليست في أدائها بل في الارتباط بمؤديها، وتربية الأطفال متعة قبل أن تكون مسئولية، وهي الأَوْلى بالأداء من كل ما سواها مما يمكن فيه الوكالة للغير.
على كل حال فقد كان حديثي إليك معتمدا على اعتبار عدم تعرض الخادمة للأطفال- ونتمنى أن تكون تلك هي الحقيقة فعلا - بأي صورة من صور التحرش الجنسي والذي استفضنا في شرحه في الاستشارة التالية:
- التحرش..ماذا يعني؟
وأخيرا أختم معك حديثي بوصية هامة وشهيرة لكننا قد نتغافل عنها وهي "نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل"، ولذا فلا بد من توظيف فراغ بناتك جيدا، بشكل لا يسمح لهما حتى بالتفكير في أي شيء غير مفيد، وقد ذكرنا نماذج عديدة للاستفادة من فراغ الأطفال تجدها فيما يلي:
- فن تنمية الذكاء
- خرافة المخ الصغير
- بالخطوط والألوان طفل ذكيّ وفنان
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- أطلِق إبداع ابنك بالحكايات
وفي النهاية أحب أن أؤكد على سعادتي لتواصلك معنا ومعاودتك الاستفسار والسؤال عن كل ما يشغل بالك في تربية أبنائك، ونتمنى ذلك التواصل الدائم معك ومع كل زوارنا وفي انتظار المزيد.
ــــــــــــــ(102/353)
بدلا من الصراخ في وجه الأطفال العنوان
أنا أشعر أن ردود أفعالي على تصرفات أبنائي الخاطئة تبدو انفعاليةً بشكل زائد. عندي طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف، وهو نشيط عادةً، ولكن ليس بصورة مرضية، أشعر أنني أبالغ في عقابه أو الرد على أخطائه وبخاصة مع تعب وإرهاق نهاية اليوم، وحتى لا تفهموني خطأً فأنا لا أضربه عدا ضرباتٍ خفيفةً على يديه، ولكنني أصرخ في وجهه، وأعزله لدقائق في غرفته أحيانًا، وفي كل مرة أُعاقبه أشعر بالذنب؛ لأن هذا هو السن التي يرتكب فيها الأطفال الحماقات، وأشعر أنني أتصرف بشكل خاطئ رغم أنني تفرغت لتربيته هو وأخته بتجميد دراساتي العليا. أرجوكم ساعدوني، ماذا أفعل عندما أشعر بالتحرق غضبًا بدلاً من الصراخ أو العقاب الذي أكرهه السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
أولا دعيني أحي فيك صراحتك مع نفسك قبل غيرك فمشكلة الأمهات أحيانا أنهن لا يعترفن بأنهن سبب في مشكلات أبنائهن ثانيا أنا أعلم تماما بأن حدة المزاج والثورة والعصبية أمر يعكر على الإنسان صفو حياته بصفة عامة ويربك علاقاته مع أبنائه بصفة خاصة فأنا كنت أعاني من ذلك لفترة ولكن بتوفيق من الله تعالى والصبر والمثابرة كان الحل الذي سأستعرضه لك في الخطوات التالية :
1. راقبي سلوكك العصبي مع ابنك لمدة ثلاثة أيام أو أسبوع على الأكثر واكتبي هذه السلوكيات فى قائمة
2. حددي لكل سلوك درجة العصبية من 1:3 فرقم ( 3 ) للسلوك الذي يثيرك بشكل حاد ورقم (2 ) للمتوسط و ( 1 ) لأقلهم حدة
3. ناقشي مع نفسك أو مع زوجك (إن أمكن ذلك ) هذه السلوكيات ومدى مبالغتك فيها وحاولي أن تعرفي السبب الحقيقي وراء هذه الثورة فربما كان الأمر متعلقا ببعض الخبرات السابقة السيئة في حياتك واختزنت فى اللاشعوري والتي تطل برأسها الآن على حياتك لتفسدها والتى تؤثر بالتالي على علاقتك بابنك سواء فى الوقت الحالي أو فيما بعد عندما يكبر ولا يستطيع أن يعبر لك عما بداخله ويعتاد الخوف وما يترتب عليه من إفساد لحياته هو أيضا
4. ركزي ولمدة شهر على السلوكيات رقم (1 ) وحاولي التخلص منها وشهر ونصف للسلوكيات رقم (2 ) وشهران للسلوكيات رقم (3)
وذلك مع اتباع مايلى ليساعدك على تغيير هذا السلوك :
? هيئي مكانا مناسبا لابنك للعب فيه بحيث لا تكون الأشياء القابلة للكسر في متناول يده
? رددي على مسامعك أن ابنك فى مرحلة استكشاف العالم الخارجي كما أن هذه المرحلة تتميز بالحركة المستمرة والنشاط وهذا مدعاة للفخر به والمرح معه وليس لعقابه كما أنه يدرك الأحجام بالنسبة لنفسه فكل ما حوله عملاق فتذكرى ذلك وتخيليه جيدا عندما تثورين عليه
? وإذا أخطأ طفلك فعليك أن تتجاهلي هذا الخطأ وتتظاهري بعدم رؤيتك له فى حالة عدم إدراكه برؤيتك له إلا إذا كان الأمر خطيرا مثل الاقتراب من الكهرباء أو النار ...فعليك والحالة هذه تنبيهه بصوت حذر وليست بصرخة فزع
? أما إذا علم برؤيتك له أثناء ارتكاب الخطأ فعليك –وقبل أن تبدئي فى عقابه أن تغيري وضعك فإذا كنت مضجعة فأجلسي وإن كنت جالسة فقفي كما علمنا رسول الله فى حالات الغضب وهذا من شأنه أن يحد من ثورتك
? ذكرى نفسك بأن ابنك لا دخل له فى ظروفك الخارجية التي قد تؤثر سلبيا على أعصابك و أنه لا حول له ولا قوة وإذا دعتك قوتك لعقابه فتذكرى قوة الله عليك
? لا يجب على الإطلاق حبس الطفل فى حجرته ولو للحظات كعقاب لأن ذلك من شأنه أن يفقده الأمان
? عليك أن تثيبي نفسك إذا نجحت فى ضبط انفعالاتك فى موقفين متتاليين بكلمات مشجعة بأنك أحسنت صنعا وأنك حتما ستصبحين أما مثالية أما إذا أخفقت فيهما فاحذرى أن تقللي من شأنك وترددي بعض العبارات المثبطة مثل أنا أم سيئة أنا لا أصلح أما أنا لا أحسن التربية ولكن عليك أن تقولي لقد أخفقت هذه المرة ولكن سأنجح فى المرات القادمة إن شاء الله
? احذرى عند إخفاقك أن تحاولي تعويض ابنك عما فعلت في مواقف أخرى أو تدللينه كنوع من تخفيف شعورك بالذنب ولكن يكون معيارك الحقيقي في التعامل مع ابنك هو الموقف نفسه وما يستحقه الابن في هذا الموقف
? حاولي تعزيز الجوانب الإيجابية في طفلك والثناء عليه عندما يقوم بالسلوك المرغوب فيه بل وأخبري والده عن هذا السلوك عند عودته من عمله
? وحتى تضمنين إلى حد كبير إطاعة أوامرك فإن بعض علماء التربية ينصحون باتباع هذه النصائح :
الحرص على جذب انتباه الطفل قبل إعطاء الأوامر
استخدام لغة يفهمها الطفل
إعطاء الأمر ببطء ووضوح كاف ليتبعه الطفل
عدم إعطائه أوامر كثيرة مرة واحدة
الثبات وعدم الأمر بشيء ثم النهى عنه بعد ذلك
إعطاء الأمر بعمل شئ له معنى بالنسبة للطفل
عدم تحدى الطفل والعناد معه لكي ينفذ الأمر
المعقولية والعدل
إثابة الطفل على الطاعة والسلوك السوي ( ليس بشيء مادي مثل الحلوى أو ما شابه ولكن كلمة أنا مسرورة منك أو أنك ولد ممتاز تكفى أو حتى بابتسامة رضا )
عدم استخدام التهديد أو الرشوة
متابعة تنفيذ الطفل للأوامر
عدم اللجوء للعنف كوسيلة لتعديل السلوك الخاطئ
وأخيرا سيدتي ثقي تماما أنك تحملين بين جنباتك أما مثالية رائعة وكل ما عليك أن تتصرفى بتلقائية دون شد وجذب مع نفسك فاستمتعي بطفلك وأمومتك وتذكرى دائما نعمة الله عليك بهذه المكانة وحاولي إسعاد ابنك فهذه السن من أجمل المراحل العمرية التي تستطيعين فيها مشاركة ابنك لعبه ومرحه ونشاطاته المتعددة من قراءة له والقيام برحلات والغناء والتمثيل والتسوق ....
ــــــــــــــ(102/354)
منوعات تربوية العنوان
السلام عليكم.. لديّ 5 من الأطفال، وأنا منفصلة عن زوجي، ولديّ مجموعة من الأسئلة التي قد تبدو عامة، لكنها غاية في الأهمية بالنسبة لي وهي:
1 - كيف يمكن تعويد الأطفال على إتقان العمل منذ الصغر؟
2 - ماذا تفعل المربية إذا وجدت أن شخصيتها أضعف من شخصية طفلتها، والطفلة تشعر بقوتها وترفض التوجيه من المربية؟
3 - ما هي السن المناسبة لبدء تحفيظ القرآن للأطفال؟ وهل يمكن إرشادي إلى مكان يحفظ الأطفال تحت 4 سنوات في مصر (الجيزة)، وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
كم نتمنى أن نساعدك في تربية أمل خاصة مع ظروفها الصعبة، ولكن هناك الكثير من الغموض والتفاصيل الناقصة في رسالتك التي تمدنا بالمعلومات المهمة في تفهم ظروف أمل، فمثلاً:
• ما الذي تقصدينه بكلمة المربية في السؤال، أم تقصدين نفسك بالمربية؟
• هل تقيم أمل مع باقي أخواتها أم لا؟ وأين هم؟
• هل هناك أي علاقة أو اتصال بالوالدين وما معدل زيارتهما لها؟
• ماذا تعنين بكلمة إقامة الطفل بمفرده التي أوردتها بالبيانات المرفقة أم أن هذا خطأ في البيانات؟
• منذ متى وأمل تقيم بمفردها أو مع المربية؟
أرجو الإجابة على هذه الأسئلة حتى نستطيع أن نفيدك أكثر، والآن سنحاول الإجابة على تساؤلاتك العامة التي أرسلتها:
أولاً: إن كلمة إتقان العمل عندنا لها معنى وتوصيف واضح، وهو أداء العمل على أفضل وجه، وإحسان كافة جوانبه.. أما بالنسبة لطفل في الثالثة من عمره، فماذا يمكن أن تعني له هذه الكلمة؟ وما العمل الذي يوكل لطفل في الثالثة من العمر؟.
إننا في هذه السن نبدأ في تعويدهم معنى المشاركة معنا في الأعمال، وأن يكون لكل واحد دور في المنزل، مع ملاحظة أن الأطفال بطبعهم سريعو الملل، وإذا لم يكونوا متحمسين لأداء العمل المطلوب منهم نجدهم يختلقون الأعذار والحجج للتهرب منه، ونسارع نحن باتهامهم بالكسل واللامبالاة، في حين أن المشكلة عندنا نحن؛ لأننا لم ننجح في إثارة حماسهم لأداء العمل، فإذا أردنا بصدق
تعويد أبنائنا احترام العمل وإتقانه علينا اتباع الآتي:
1. أن تكون الأعمال المطلوبة منهم في حدود طاقاتهم وإمكانياتهم، ويستطعون أداءها دون جهد كبير أو مشقة وفي وقت قصير قبل أن يملوا.
2. أن نشرح لهم بالتفصيل ما هو المطلوب منهم؛ حيث إن كثيرًا من الأطفال - بل معظمهم - لا يستطيعون بمفردهم فهم المطلوب منهم بالتحديد عندما نعطيهم أوامر عامة مجملة.. فمثلاً إذا قلنا لـ 10 أطفال إن المطلوب من كل واحد ترتيب غرفته سنجد أن كلاًّ منهم سوف يفهم المطلوب منه على نحو مختلف، فبعضهم سوف يقوم بتجميع اللعب من على الأرض ووضعها في أحد الأركان.. وآخرون سوف يرتبون الدولاب.. وآخر سوف يكتفي بترتيب السرير، بينما القليل منهم سوف يفعل كل ذلك.
وكل منهم يتصور أنه أدى المطلوب منه.. وهكذا، فلا بد أن نشرح ونوضح لهم ماذا نعني، وماذا نريد منهم بالتفصيل.
3 - أن نبدأ بالعمل معهم ونريهم نموذجا، ثم نتركهم يستكملوه بمفردهم.
4 - أن نشرح لهم فائدة هذا العمل ولماذا نطلب منهم ذلك ونحدد لهم حوافز وجوائز تشجيعية إذا أحسنوا العمل.
5 - إذا أخطئوا أو أهملوا فلا نسرع بتوبيخهم، بل نعيد شرح الأمر لهم ونساعدهم ليتموه على أحسن وجه.
6 - إذا كان هناك تقصير أو إهمال صغير فلنتغاضَ عنه، ونركز على الجوانب الإيجابية.
7 – أن نكثر من كلمات المديح والتشجيع أثناء العمل.
8 - عندما ينتهون من عملهم لا بد من الثناء عليه بشدة وامتداح كل الجوانب الإيجابية فيما عملوه، ولا بد أن نعطيهم ما وعدناهم به، ونحدث كل الناس عن إنجازاتهم الطيبة.
9 - الأهم من ذلك كله القدوة فينا نحن، أي يجب أن يرونا نحن نتقن عملنا ونحسنه.
10 - أن نراعي التدرج معهم في صعوبة أو كثرة الأعمال وأن نأخذ رأيهم في أفضل الطرق لإنجاز العمل.
وهكذا مع التكرار والصبر والوقت سوف يتعلمون احترام العمل وإتقانه.
ثانيًا: بالنسبة لحفظ القرآن:
هل لاحظت يومًا كيف يحفظ الأطفال الأغاني والإعلانات في التليفزيون؟!!
إنها تتردد أمامهم ليلاً ونهارًا وبلغة واضحة، وهم يستمعون إليها عشرات المرات حتى يشعروا في لحظة أنهم استوعبوها ويستطيع لسانهم نطقها ساعتها نجدهم يرددونها.
إنهم هم الذين يحددون اللحظة التي ينطلق فيها لسانهم بها عندما يستطيعون ذلك، ولكننا لا نلاحظ كل هذه الخطوات؛ لأننا لا نتابعها ولا نهتم بها، بل كل ما نلاحظه أن الطفل حفظ الأغنية إذن يستطيع حفظ القرآن.
فإذا كنا نريد أن نبدأ تحفيظ أبنائنا القرآن في يسر وسهولة فلا نبدأ بأن نجلسهم أمامنا ونردد الآيات ونطلب منهم ترديدها وراءنا.. بل نبدأ بأن نضع لهم جزء "عم" في شريط كاسيت ويستمعون إليه بطريقة تلقائية أثناء لعبهم وقبل النوم وأثناء النهار وفي السيارة.. وعندما تعتاد آذانهم ألفاظ القرآن الكريم وطريقة قراءته نبدأ بإجلاسهم معنا أثناء قراءتنا نحن للقرآن، ونجعلهم يمسكون مصاحفهم مثلنا ونحدد لكل واحد مصحفا.
ثم نبدأ معهم بالسور القصيرة وبالقدر الذي يناسب قدرتهم..
فإذا اتبعنا هذا الأسلوب فإنه يمكن للطفل أن يبدأ الحفظ من سن 3.5 إلى 4 سنوات.
لقد روت لي إحدى الأمهات أن ابنتها ذات الثلاث سنوات ونصف قد حفظت الفاتحة كلها دون أي مجهود من أحد، بمجرد أنها تصلي معهم صلاة الجماعة كل يوم وتسمعها تتردد أمامها عدة مرات في يوم، ففاجأتهم بقراءتها كلها بمفردها.
مع مراعاة أن هناك تفاوتًا طبيعيًّا بين الأطفال في سن البداية ومعدل الحفظ.
ثالثًا: لا أفهم ما وجه المقارنة بين شخصيةٍ مربيةٍ - أي إنها إنسانة ناضجة لها خبرتها وتجاربها في الحياة – وبين شخصية طفلة عمرها 3 سنوات لم تتشكل لها شخصية بعد، ولكن نحن الذين من المفترض أن نبني ونصوغ شخصيتها ونربيها ونوجهها.
هل نتصور أن عناد الأطفال وصراخهم وغضبهم وإلحاحهم وتمسكهم برأيهم وكل صفات الطفولة، هل نتصورها قوة شخصية؟!!
إنها مجرد سلوكيات طفولية يستخدمها الأطفال لفرض إرادتهم والتأثير علينا، ومطلوب منا نحن تقويم هذه السلوكيات وتوجيهها ومساعدة الطفل ليبني شخصيته على أسس ومبادئ سليمة.
فلا تقارني شخصيتك بسلوكياتها.. المطلوب منك هو بعض الحزم والتمسك برأيك عند التعامل معها، والصبر على بكائها وصراخها إذا عوقبت عندما تفعل شيئًا خطأ، وعدم الاستجابة لأي طلب تطلبه بهذه الطريقة، ويجب أن تضعي حدودا وقواعد لتربيتها، ولا تتنازلي عنها أمام إصرارها، وكذلك تضعي أسلوبًا محترما متدرجًا لتعويدها على طاعة توجيهاتك، مثل: الخصام، أو تجنبها، أو إبعادها، أي تدخل غرفة أخرى لمدة 5 دقائق، ثم تعود لتعتذر وهكذا.. ولكن ابتعدي تمامًا عن العنف والضرب، بل استخدمي أسلوب الثواب والعقاب، أي الهدايا والمكافآت عند التصرفات الجيدة، واحرميها من ذلك عند الخطأ.
وفي انتظار ردك على أسئلتنا.
ــــــــــــــ(102/355)
ابني يتحداني.. ماذا أفعل؟ العنوان
المشكلة الأولى أن طفلي (3 سنوات) شديد الذكاء، ويستطيع التعلم بسرعة، لكنه سريع الملل ولا يرضى بأن أعلمه شيئًا أيضًا شديد الغضب وأناني لدرجة أنه لا يسمح لأحد أن يلمس أغراضه الشخصية.
أما المشكلة الثانية بل المصيبة أنه أصبح يفعل حركات مخلة بالأدب بأن يقوم بخلع ملابسه الداخلية وإخراج عورته أمام الناس، وإذا سألته لِمَ تفعل ذلك يقول إنه يؤلمه، فأخذته للطبيب وأجرى التحاليل اللازمة ولم يجد شيئًا، وبعدها كلما أسأله لم تخرجه أمام الأطفال أليس عيبًا؟ يقول لي نسيت أحسب أنه الحمام.
المشكلة أنه يعرف ما فعل ويتظاهر بالغباء وأقوم بضربه أحيانًا والحديث معه وكلتا الحالتين لم تنفع.. الرجاء مساعدتي خاصة أنه سوف يدخل الروضة إن شاء الله بعد 3 أشهر، وشكرًا.
السؤال
تربوي الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
الأم الكريمة أم عبد الله.. تحية طيبة لك ولطفلك الذي أسأل الله تعالى أن يكون قائدًا مقدامًا جريئًا في الحق، وأبدأ حديثي معك.. لا بد أن يعلم أي أب وأي أم أنهم إذا وضعوا أنفسهم موضع تحدٍّ مع أبنائهم فلا بد أنهم الخاسرون؛ لأن العلاقة الطبيعية الصحية بين الآباء والأمهات وبين أطفالهم هي الضمان الوحيد للتربية السليمة والسلسة والمتوازنة، وحتى نصل إلى هذه العلاقة لا بد أن يتفهم كل طرف طبيعة وخصائص وظروف ونفسية وإمكانيات الطرف الآخر، وبما أنه من غير المعقول أن نطالب طفلاً صغيرًا بذلك فإن الطبيعي أن نطالب به الآباء، أن يفهموا طبيعة وخصائص وشخصيات أبنائهم، وأن يحددوا هم ويضعوا قواعد وأسس وأسلوب التفاهم والتعامل مع أبنائهم، وأن يكون قيادة العملية التربوية بأيديهم هم، ولكن المشكلة عندما نترك لأطفالنا قيادة الأمر ورسم صيغة التعامل بيننا وبينهم ونستجيب للضغوط ونسقط في الفخاخ التي يرسمونها لنا.
إن عبد العزيز فعلاً ذكي وهي نعمة يتمناها كل أب وأم لطفلهم، ولكنك اعتبرت أنها أولى المشاكل.
المشكلة يا سيدتي تكمن عندك أنت؛ لأنك لم تحسني التعامل مع هذا الذكاء، ولم تفهمي طبيعته والهدف منه، لقد أودع الله تعالى في هؤلاء الصغار إمكانيات ومواهب وقدرات تساعدهم على التعلم وفهم ما يجري حولهم، من هذه الإمكانات: الذكاء الشديد وقوة الملاحظة وقوة الذاكرة والفضول الشديد تجاه كل شيء والجرأة والمثابرة وعدم اليأس... لو راقبت طفلك وهو يلعب بنظرة محايدة لا يشغلك فيها أن تعلميه شيئًا أو تأمريه ليسمع الكلام أو حتى تخشى من الفوضى التي سوف يحدثها.. فقط راقبيه حتى تفهميه، ستجدين أنه يحاول أن يعبث بكل شيء ويفتح كل دولاب ويفك أي لعبة، يحاول أن يتسلق الأثاث وتجدين عنده إصرارًا عجيبًا مهما استعصى عليه الأمر، وإذا لم ينجح فيما يريد ستجدينه عصبيًّا وعنيفًا جدًّا، ماذا يا ترى يحاول أن يفعل؟ إنه يحاول أن يعرف كل شيء، ويفهم كل ما حوله ويتعامل معه، بل حتى يحاول أن يعرف إمكاناته هو وقدراته، إنه يحاول أن يتعلم، ولكن بطريقته الخاصة التي فطره الله عليها.
المشكلة أننا نسيء ترجمة وفهم هذه التصرفات، ونتخيل أنها تعني أننا نتعامل مع شخص كبير وعاقل وناضج ومسئول عن تصرفاته، ولكن الحقيقة أنه نفس الطفل الصغير بكل ما في الطفولة من عناد وعدم طاعة الأوامر.. إنه طفل.
يقول ربنا تبارك وتعالى "عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم".. إن الأم تعلم طفلها نطق الحروف وبعض الكلمات، وتجده بعد ذلك يقول آلاف الكلمات، ويناقش ويحاور.. من علمه ذلك؟ الأم تعلم طفلها الخطوة الأولى حين يمشي، فمن علمه كيف يجري، وكيف يحافظ على توازنه، وكيف يحمي نفسه عند السقوط؟ إنه الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم.
هل معنى هذا ألا نعلم أطفالنا؟! طبعًا لا.. نعلمهم وندربهم ونفهمهم، ولكن ونحن مدركون وفاهمون لطبيعة التعلم عندهم.. إنه يستطيع التعلم بسرعة عندما يريد هو ذلك، ولكنه سريع الملل عندما تحاولين أنت تعليمه شيئًا.. هذا طبيعي جدًّا.. والحل؟ أن نحاول تعليمه، ولكن بالطريقة التي يفهمها هو نعلمه ونحن نلعب معه ونحن نغني له.. نعلمه باللعب والغناء.. ونفهم أنه سريع الملل وخاصة مع الأسلوب المباشر فلا نثقل عليه.. نعلمه ونحن مدركين أنه بالتأكيد لن يفهم ويستوعب كل ما نقوله، ولكن بعضًا منه.
وأنه سوف يعيد ويكرر أخطاء كنا قد علمناه أنها مرفوضة.. بهدوء نعلمها له ثانية.. إن أفضل طرق التعلم في هذه السن هو التجربة والخطأ.. أي أنه يحاول ويجرب فيصيب مرة ويخطئ مرات ويعيد ثانية، وهكذا... وهذه أكثر الطرق تفهمها ذاكرتهم الصغيرة، فالطفل الذي لسعت يده من المكواة مرة واثنتين لن يقترب منها ثانية، ولكن لو ظللت تقولي له محاضرة لمدة ساعة عن مخاطر المكواة فإنه سينتظر أول فرصة لانشغالك ليجرب بنفسه ما تقولين وعندها فقط سيفهم.. وإذا لم يفعل ذلك فهو طفل غير طبيعي.. هكذا هم الأطفال.
ليس هناك طفل غير أناني ويسمح لأحد بسهولة أخذ أغراضه؛ لأنهم ببساطة لا يرون من الدنيا إلا أنفسهم.. لا يستطيع أن يقدر إلا مصلحته هو وما يريده هو.. بل إنه لا يستطيع أبدًا أن يضع في اعتباره مصالح الآخرين أو مشاعرهم.. إنهم منذ ولادتهم وحتى 6 سنوات يمرون بمرحلة تسمى بالتمركز حول الذات. أي أن اهتمامه كله منصب حول نفسه؛ لأنه لا يستطيع بعد أن يدرك ويستوعب العلاقات مع الآخرين أو أن يراعي مصالحهم.. إنه يتعامل مع الدنيا على أنها ملكه هو وحده وكل شيء فيها مسخر له.. يتمنى أن يمسك الطائرة في السماء، وأن يحضر له والده القمر ليلعب به.
إن الطفل حين يوقظ أمه طوال الليل ويرهقها طوال النهار بطلبات لا تنتهي لا يدرك أبدًا أنه يتعبها ويؤلمها ويحرمها من أوقات راحتها، ولو فهم ذلك وشعر به لتوقف عن ذلك فورًا، ولكنه لا يفهم إلا أنه يحبها، ويحتاج إليها ويريدها معه تؤدي له كل ما يريد.
ليس هناك طفل كريم أو بخيل أو أناني أو عنده عطاء.. إنها كلها اختلافات طبيعية في التصرفات؛ لأنهم ببساطة لا يفهمون هذه المعاني، ولكن دورنا معهم هو أن نوجههم ونعلمهم الصفات الطيبة ونعودهم عليها بالكلام والممارسة وبالقدوة أمامهم، ونعلم أننا سنعيد عليهم الكلام عشرات المرات، ونوجههم آلاف المرات وبصبر وهدوء وحب حتى نحصل في النهاية على أبناء صالحين.
المهم أن يكون كل هذا في جو من الحب والتفاهم حتى لا نفقد العلاقة بيننا وبينهم والتي هي أساس التربية الصحيحة، فكل الأهالي يمكنهم أن يوجهوا أبناءهم، ولكن من يستطيع أن يجعل ابنه يطيعه؟؟ هذا هو التحدي.
أما المصيبة الأخرى كما تقولين وهي الحركات المخلة بالأدب كما تسمينها، الأمر يا سيدتي أبسط من ذلك بكثير؛ لأنه ببساطة لا يدرك أن ذلك عيب أو مرفوض أو لا يصح وخاصة أمام الناس.. كل ما في الأمر أنه كان يفعل ذلك في البداية بطريقة طبيعية كنوع من استكشاف جسمه، ولكن عندما انزعجتم بشدة اضطر أن يستخدم ذكاءه الطفولي ليخرج من الموقف الذي لا يفهم لماذا أغضبكم هكذا، فقال لكم إنه يؤلمه وبعد اطمئنانكم أنتم من الناحية الصحية فهو لا يزال يريد أن يفعل ذلك ليس لأنه غير مؤدب، ولكن لأنه شغوف بذلك وانزعاجكم الشديد وتهويل المسألة زادت من إصراره عليها، وشعر أنها طريقة يحصل بها على اهتمامكم.
ولذلك يقول لك إنه نسي، ويظن نفسه في الحمام.. إنه لا يتظاهر بالغباء، ولكنه يستعمل ذكاءه الشديد لينفذ ما يريد ويهرب من عقابك وضربك.. إن الأمر أبسط بكثير مما تتخيلين.
المطلوب الآن هو أن نجعله ينسى هذا السلوك ويمتنع عنه لا أن يفهم أنه خطأ وعيب، وفي نفس الوقت لا نريد أن نستفز عناده.
1. الامتناع تمامًا عن الضرب والعقاب البدني.
2. عندما يفعل ذلك أبعدي يده وأصلحي ملابسه بهدوء ودون عنف وأنت تبتسمين له، وكرري ذلك في كل مرة.
3. لا تجعلي رد فعلك أمام الناس مختلف عن البيت، بل املكي أعصابك واعلمي أنه طفل لا يفهم شيئًا وأن الناس تقدر ذلك، ولكن إذا شعر هو أن رد فعلك أمام الناس سيكون عنيفًا سوف يفعلها أكثر أمام الناس، وهذا عناد الأطفال الطبيعي وتذكري المعادلة (ذكاء + عنف) عناد + عنف مضاد.
4. حاولي أن تجعلي بينك وبينه لغة هادئة، وثقي أنه مع الوقت سيفهمها، أي عندما تجدين يده تقترب من ملبسه انظري له نظرة تحذير أو صيحة تحذير، وعندما يستجيب امنحيه ابتسامة تقدير، وضميه في صدرك فهذه أجمل مكافأة، وإذا أصرّ امسكي يده وامنعيه بهدوء.
5. لا تكرري الشكوى من هذا الأمر أمامه مع أحد ولا حتى والده.
6. شجعيه باستمرار وقولي له إنك تحبينه وأنه أفضل ولد في الدنيا وأعطيه الثقة في نفسه، فالمشاعر الإيجابية لها فعل السحر وأفضل كثيرًا من السلبية.
7. العبي معه دائمًا، وغني له، واحكي له الحكايات، واجعلي بينك وبينه صداقة فهذه بداية علاقة تربوية ناجحة طول العمر.
8. عند دخوله الروضة إذا كان لم يمتنع بعد عن هذا التصرف أفهمي مشرفته بهدوء كيف تتعامل مع الأمر مثلك، ولكن لو اتبعت ما قلته لك سوف ينتهي الأمر بإذن الله تعالى قبل 3 أشهر.
ــــــــــــــ(102/356)
معادلة صعبة : زوجة أب + مراهقين + غربة العنوان
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا سيدة ملتزمة بفضل الله تعالى وقد تزوجت حديثًا من رجل مسلم ملتزم توفيت عنه زوجته وله بنت وولد أعمارهما 16 و12 وأنا بانتظار أوراق الهجرة حتى أوافيه إلى الولايات المتحدة ما هي الخطوات والأساليب التي تمكنني من تربية الأولاد تربية إسلامية توصليهم وعائلتي الجديدة إلى بر الأمان خاصة في بلد تكثر فيه المغريات المادية المهلكة ككل بلاد الغرب وهل هناك مراجع أستطيع اللجوء إليها جزاكم الله خيرًا. السؤال
تربوي الموضوع
أ/مني يونس اسم الخبير
الحل
أختي الفاضلة ( يا عروسنا) أولا وقبل أى شئ دعيني أهنئك وأدع لك بدعاء المصطفي صلى الله عليه وسلم بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير (وهى تهنئه نرسلها إليك مع نصيحة نهمس بها في أذنيك).
أول ما نوصيك به لزوم الدعاء إلى الله أن يؤلف بينك وبين أفراد عائلتك الجديدة ويجعلكم على قلب رجل واحد فما من شئ يذيب ما بين البشر من مسافات زمنية ومكانية ويجعلهم يحتملون هذه الحياة وما فيها من تعب ومشقة مثل الحب والألفة والتسلح بتقوى الله.
ولأشد ما سرني رغبتك في تربية الأولاد تربية إسلامية ولكي تدخلي إلى ذلك بالمدخل الصحيح عليك بالآتي:
أولا عليك تفهم شخصياتهم وظروف نشأتهم واتجاهاتهم الفكرية وميولهم وهواياتهم وكذلك مشاعرهم تجاهك وتجاه تقبل بديل في الأسرة للأم لأن ذلك سيساعدك على الدخول إلى كل فرد من أفراد الأسرة بالمدخل الذي يناسبه
تقربي إليهم أولا بلطف ولا تتعجلي تطور العلاقة بينكم واجعليها تسير في مسارها الطبيعي
احرص على أن تكوني لهم قدوة فالتأثير النفسي للقدوة أعمق من تأثير التوجيه اللفظي المباشر خاصة وأنهم قد تعدوا سن الطفولة
اسلكي في تربيتهم سبيل التحبيب في الدين بالترغيب وليس الترهيب او الأمر المباشر وبالقدوة الحسنة والمعاملة الحسنة المليئة بالعطف والحنان والصدق نمنك من أبيهم حتى يفعلوا الخير عن حب واختيار لا عن جبر وامر.
احرصي على أن تحيطهم بدائرة من المعارف والأصدقاء الصالحين فالمرء على دين خليله
احرص مع أبيهم على حضور مجالس العلم وحفظ كتاب الله حتى يعتادوا الطاعة وصحبة الصالحين.
وفي نفس الوقت نرى ضرورة مراعاة النقاط التالية:
أولا احرصي على البعد كل البعد عن أسلوب التوجيه المباشر أو أسلوب الوعظ والإرشاد واتبعي طريقة الإقناع واحترام رأى الطرف الآخر ورغباته طالما أنها في نطاق الشرع والدين والعرف.
ثانيا أن تضعي في حسابك المراهقة التي يمرون بها وما يصحبها من تقلبات نفسية أصف إليها ما سيعانون منه في المرحلة القادمة من متغيرات على حياتهم ستسبب لهم ضغوط نفسية وتوتر تتمثل في الغربة ووجود فرد جديد في الأسرة يحل محل الأم ومكانتها.
وعليه فعليك توطين نفسك على توقع احتمال المقاومة التي يمكن أن تجدينها من الأولاد تتمثل في الرفض وربما استنكارهم لدورك في الأسرة نتيجة للموقف الجديد بالإضافة إلى الضاغط النفسي الرهيب الذي يتعرضون له وهو عدم قدرتهم على التعامل مع البيئة الجديدة الرغبة بالإضافة لما يعانون منه اصلا من الاضطراب والتوتر نتيجة مرحلة المراهقة التي يمرون بها.
وإليك بعض الاقتراحات البسيطة التي نأمل أن تسيري عليها فترة التعارف الأولي مع الأولاد.
لابد أولا وقبل أى شئ أن تستحضري النية الصالحة وتهيئ نفسك لدورك الجديد ومهامك بان تضعي نصب عينيك ما ستحصلين عليه من ثواب نتيجة رعاية هؤلاء الأبناء فرسولنا الكريم يقول أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة فما أعظمه من جوار يعذب معه ويهون اى صعوبة قد تواجهينها في استكمال مشوار تربية أمرأة غيرك وهو أمر ليس بمستحيل ولكنه يحتاج لبعض المهارات وكثير من التهيئة النفسية
فوطني نفسك على انك لا يمكن أن تجلسي على عرش الأم الراحلة فلا تجعلي غايتك الجلوس مكانها بل أداء ما عليك من مسئولية وفق طاقتك واحتمالك بالحسنى فلا تحملي نفسك فوق طاقتك بمحاولة تقمص شخصية غير شخصيتك لأن ذلك سيرهقك نفسيا إذ لم تلاقي ما تتوقعينه من ردود الأفعال من الأولاد، كما أنه سيرهق الأولاد أنفسهم أوقعكم في صراع يبعد بينكم بدلا من أن يقرب بينكم.
فتعاملي مع الأولاد كأخت أكبر وليس كأمهم أو سيدة القصر ، فحاولي أن تكون لهم صديقة وصاحبة تبحثين معهم عن نقاط إنقاذكم لنقطة أولي للتواصل مثل ممارسة الهوايات المشتركة أو تبادل الخبرات المختلفة ذات الاهتمام المشترك (مثلا يمكن أن تعلمي الفتاة فنون الحلوى الشامية.." وفي أثناء الوقوف في المطبخ وكلى إليها بعض المهام لتبني ثقتها بنفسها وتشعر عبدي تقديرك لتحملها المسئولية.
أشعريهم بأنهم إضافة جديدة وسعيدة لحياتك وتذكرى أن فاقد الشيء لا يعطيه فإحساس السعادة ينتقل تلقائيا منك إليهم.
كوني صريحة معهم، افصحي لهم عام تحبين وعام تكرهين اجعليهم يقومون بنفس الشيء ولكن في جو من الألفة والمحبة وفي نهاية الجلسة قومي بتعليق ورقة عليها الآتي:
يكتب أعلاها أسم كل فرد في الأسرة (حتى رب الأسرة نفسه) ويقسم الجدول إلى أحب ولا احب، ويكتب فيها كل شخص ما يحب وما يكره دون حرج كلما تذكر شيئاً لتكون هذه الورقة بمثابة لاحترام الخصوصيات وكذلك احترام الثوابت وبمثابة المواجهة الحاسمة دائما مع الأب.
أجلسي مع الأب منذ البداية واسأليه عن شخصياتهم وما يحبون ويكرهونهم وميولهم وفلسفته في تربيتهم وأساليب الثواب والعقاب والتحفيز التي يستخدمونها ومميزات وعيوب كل شخصية حتى تبدئي من حيث انتهي غيرك، ولابد أن يكون واضحاً في ذهن الأب أنه سيكون على عاقته مهمة مساندتك في عملية التعارف والتأقلم مع البيئة الجديدة
وتذكري دائما أن التفاهم واحترام الآخرين وخصوصياتهم وإن صغر سنهم هو قارب النجاة في بحر الحياة الهائج.
وفي النهاية لا نملك بعد ذلك إلا الدعاء بان يصلح الله لك شأنك كله وان يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه وأعلمي أن ما علينا هو الأخذ بالأسباب وليس إدراك النتائج فلا تبتئسي ولا تهنى عن أصابتك اى مشكلة او واجهتك أي صعوبة خاصة في أول سنتين من الزواج، بل أسرعي والحي إلى بالدعاء وطلب العون واجتهدي أن تستخيري الله قبل أن تشرعي في عمل أى شئ لهم وتصلي صلاة الحاجة أن يعينك على الخير، وتشكريه عن وفقك إلى نجاح ما عزمتي على فعله، فهو نعم المولي ونعم النصير.
وأخيرا وليس بآخر نرجو أن توافينا بأخبارك وأخبار الحياة الجديدة وإنا لنأمل الخير في الله أن يتم عليك تجربتك بنجاح ومن يعلم فعسي الله أن يجعل من نجاحها سبباً لأن تكون تجربتك مثالاً وعوناً لكثيرات ممن سيأتون وربما تصبحين يوما مستشارة في باب كيف تتجاوز الحياة في الغربة
ــــــــــــــ(102/357)
الفترة المثالية بين الطفل والآخر العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، لديّ طفلة تبلغ من العمر سنتين والنصف تقريبًا وهي طفلتي الأولى، الجميع من حولي يقولون لي: إنه حان الوقت للتفكير في الإنجاب، وذلك حتى لا يكون هناك فرق كبير بين الأول والثاني.
المشكلة أنني في حيرة من أمري؛ حيث إنني أفكر إن شاء الله في إكمال دراستي، وأنتم تعلمون أن الطفل يحتاج إلى رعاية واهتمام كبيرين سواء الأول أو الآخر، لا أريد أن أظلم ابنتي، وكذلك أريد الدراسة.
أفيدوني جزاكم الله خيرًا ما هو أفضل مدة للمباعدة بين الولادات؟ وهل صحيح أنني إذا تأخرت في الإنجاب فسيؤثر ذلك سلبيًّا على ابنتي، علمًا بأنه لا يوجد أحد يساعدني من أهلي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
أظن أن السؤال الأول الذي يجب أن تجيبي عليه بوضوح هو: هل في نيتك الإنجاب مرة أخرى أم لا؟ لأنك يمكن أن تكتفي بطفلة واحدة، ويكون هذا أحد اختياراتك من أجل إكمال دراستك، والتي لم توضحي في رسالتك طبيعتها أو طبيعة المجهود الذي تحتاج إليه من أجل تحصيلها، ولماذا تعتبرينها متعارضة مع إنجاب طفل ثانٍ؟! وما هو رأي زوجك في هذه المسألة وفي أي اتجاه يشجعك؟!
أما من حيث الفترة المناسبة بين الحمل والآخر فلا يوجد رأي قاطع بذلك، وإن كانت آراء كثيرة ترى أن فترة ثلاث سنوات هي الفترة المناسبة؛ حيث تكون الأم قد استعادت صحتها بعد الولادة وبعد فطام الطفل.. ويرون أيضًا أن هذا يجعل الفارق السني بين الأطفال ليس كبيرًا بحيث يسهل التعامل معهم، ويسهل قيام علاقات طبيعية بينهم، كما يرون أن زيادة الفترة عن ذلك بين الحمل والآخر ووصولها لخمس سنوات مثلاً تجعل الأم تخوض الحمل الثاني، وكأنها تخوضه لأول مرة خاصة أثناء الولادة، كما أنه الأفضل للأم أن تنجب أولادها في فترة الخصوبة العالية الممتدة بين العشرين والثلاثين؛ حيث تكون الفرصة أكبر لإنجاب أطفال أصحاء.
كما أن إنجاب الأطفال في سن مبكرة يسمح للأبوين بالصبر في تربيتهم ورؤيتهم وتدليلهم بما لا يسمح به طاقة الإنسان النفسية في أوقات لاحقة.. إذن ليس في الأمور شيء مقطعي، ولكن تحديد الأولوية والتفاهم مع الزوج سيكون أمرًا حاسمًا في اتخاذ قرارك.
ــــــــــــــ(102/358)
أبناء بين شقي رحى العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أشكر لكم نجاح هذا الموقع في وقت تزدحم فيه المواقع بالفتن والإغراءات فجزاكم الله خيرًا، وأعانكم على مواصلة طريق الخير.
المشكلة هنا هي لأختي، فهي متزوجة ولها ولدان وبنت واحدة، وهي منذ أن تزوجت وهي تعاني من حياة مضطربة مع زوجها الذي يعاني
شخصية متناقضة مضطربة، ولديه إحساس بالنقص، وهو في
نفسه يحب أختي حباّ جنونياً، ونظرًا لأنها أفضل منه اجتماعيًّا وتعليميا وثقافيا فهو يعاني من صراع شديد وشعور بالنقص، فلا يرى شخصا أفضل منه في أي شيء ولو كان بسيطا إلا ويكون ذلك اليوم هو يوم النكد العالمي حتى الفجر، إذا لم يكن طوال الأسبوع.
وهكذا كانت تعاني الأمرين حتى وصل الأمر إلى حد الضرب، ونحن بالطبع نعاني معها، وقد كانت هناك عدة محاولات من قبل أخوتي لحل هذه الأزمة وإيقاف زوجها عند حده ولكن دون جدوى، فبعد الوعود والاتفاقات يعود لأختي مرة أخرى بالتوسل والبكاء، ولكن سرعان ما يرجع لطبيعته المضطربة.
وهكذا مرت حياتها بهذا الاضطراب إلى أن حدث يوم مشكلة تدخل فيها أبي الذي لم يكن يعرف الكثير من مشاكلهما لشدة عصبيته، فكانت هذه المشكلة هي قاصمة الظهر والتي لم ترجع أختي لزوجها إلى الآن رغم كل المحاولات المضنية من قبل زوجها.
وبعد فترة من الاضطرابات النفسية والعناء من قبل زوجها، تزوج بفتاة صغيرة جدًّا مع رفضه تطليق أختي، وأصبح الآن بين كل فترة وأخرى يأخذ أولاده إلى بيته الثاني، ويحاول في هذه الفترة أن يوضح لهم بأنه طيب القلب وأنه يحبهم أكثر من أمهم، وسوف يوفر لهم كل سبل الراحة ويشتري لهم الألعاب وكل ما يشتهون، فأصبحوا بعد عودتهم من عنده يبكون كثيرًا ويتمنون العودة إليه، وأصبحوا يقولون لها نريد أبي، فتقول لهم ستصبحون بدون أم فيقولون نعم نحن موافقون.
والمشكلة تكمن هنا، فأختي أصبحت الآن تتحدث عن زوجها بما يسيء له، وتذكرهم بما كان يفعله بهم في السابق، وأنه يأخذ راتبها ويقول لهم هذه أموالي أنا ويشتري بها ألعابهم، وبعد ذلك أخذ هذه الأموال وتزوج بها، وأنه لم يصرف عليهم أي قرش مذ أن تزوج ولا حتى في العيد. وأختي متعلمة وقد أخبرتها بخطورة ذلك في اضطراب شخصية أبنائها مستقبلاً، فأخبرتني بأنها يجب أن توضح لهم شخصية أبيهم الحقيقية قبل أن يشوِّه صورتها أمامهم، فيتجهون إليه أكثر منها، وينخدعون بأفكاره.
وسؤالي الآن هو كيف يمكن لأختي أن تتصرف بحكمة دون أن تدمر شخصية أبنائها، وتجعلهم في حالة اضطراب مستقبلاً؟ وعذراً على الإطالة والسرعة في الكتابة دون مراعاة انتقاء الألفاظ المناسبة لكثرة انشغالي، وجزاكم الله خير الجزاء. "الابن الأكبر 8 سنوات، الأوسط 6 سنوات، البنت الصغرى 3 سنوات".
ملاحظة: أختي عمرها 40سنة، وزوجها أصغر منها وعمره 34 سنة
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الطلاق الناجح.. هل من سبيل؟! إرجاعًا للحق إلى أهله، فإن هذا التعبير الناجح "والذي جعلته مجلة الفرحة الخليجية المهتمة بشئون الأسرة عنوانًا لأحد أعدادها المتميزة"، هذا التعبير هو ما جاء في ذهني وأنا أقرأ رسالتك التي تعبر عن الحاجة الشديدة إلى هذا الطلاق الناجح، والذي تقوم فكرته ببساطة شديدة على أنه إذا كان قرار الطلاق أصبح أمرًا واقعًا، وحقيقة لا مفرّ منها كحَلٍّ أخير لأسرة أصبح الطلاق هو حلُّها الوحيد لحل مشكلاتها، فلماذا لا يكون الطلاق ناجحًا.
والطلاق الناجح هو الذي يراعي ضمن ما يراعي أهم طرف مظلوم أو متأثر بوقوع الطلاق وهم الأطفال الذين ليس لهم ذنب فيما يحدث بين الأب والأم، بل هم ثمرة لهذا الزواج يجب أن تُراعى وتوضع في الاعتبار حتى نقلل الآثار السلبية لهذه التجربة على هؤلاء الأطفال.
ويكون هذا بالاتفاق بين الأبوين بعيدًا عن أسباب الخلاف والطلاق؛ فالحياة الزوجية التي استحال استمرارها شيء، وأولادنا شيء آخر يجب أن نجلس في اتفاق ربما لم نستطع فعله ونحن متزوجون فلنستطع عمله وقد ذهب كل منا إلى حال سبيله، ولكن هؤلاء الأطفال سيظلون مسئولية مشتركة تحتاج إلى تنسيق وتقييم أدوار بهدوء وموضوعية، بحيث لا يتم استخدام الأطفال كأداة من أدوات النزاع أو طريقة لكيد كل طرف إلى الآخر أو الضغط عليه.
فلا بد أن يتفق الطرفان على ما سوف يقولانه للأطفال بشأن أسباب الخلاف والانفصال، ويجب أن يتفقا ألا يشوّه أحدهما صورة الطرف الآخر لدى الأطفال؛ لأن صورة الأب والأم مهما حدث يجب أن تظل لها مكانتها في نفوس الأطفال؛ لأن اهتزاز أي من الصورتين ليس في مصلحة النمو النفسي السوي، فما بالكم إذا أدى هذا الصراع إلى فقدان الأطفال الثقة في كلا الأبوين، ومن ثَم فإنهم يفقدون الثقة في أنفسهم، ثم الثقة في كل من حولهم، ثم الثقة في العالم بأسره.
ويجب أن يتفق الطرفان على كيفية رعاية الأطفال وتربيتهم وتلبية مطالبهم وتوزيع مسئوليتهم سواء بالنسبة لحضانتهم أو انتقالها وتهيئتهم لذلك، وزياراتهم وكيفية حل مشاكلهم وهكذا ... بآلية يُتفق عليها بحيث يصل للأطفال أنه إذا كان الآباء والأمهات لم يتفقوا فلأن لهم أسبابهم لذلك، ولكن تظل صورتهم في أنفسهم صورة طيبة وحيدة لحاجتهم النفسية لذلك.
ولذلك، فإن الحل في هذه الحرب الدائرة بين أختك وزوجها السابق هو تدخل أحد العقلاء لعقد معاهدة صلح يكون غرض الطرفين فيها مصلحة هؤلاء الأطفال المساكين الواقعين بين شِقّي الرّحى، إن الأطفال الآن قد يميلون إلى طرف، ثم يعودون فيميلون إلى طرف آخر، ثم يفقدون الثقة في الطرفين وتهتز شخصياتهم وتضطرب.. إن هذا العاقل سيُعمل في الطرفين العقل.
ولتبدئي بأختك ولتحاولي أن تقنعيها بهذا الحل، حتى يصبح دور الوسيط بعد ذلك أكثر سهولة في إقناع الطرف الآخر.. حتى يتحول الطلاق من حرب مستمرة إلى طلاق ناجح بإذن الله.
ــــــــــــــ(102/359)
اللعب.. أفقد طفلي الصواب العنوان
السلام عليكم.. مشكلتي هي في انحدار مستوى ولدي (7 سنوات) في الدراسة في الفصل الدراسي الثاني عما كان عليه في السنوات السابقة، هو في الصف الثاني الابتدائي وكان متفوقًا، ولكن طالت إجازة نصف العام إلى شهر لبعض الأسباب فعاد للمدرسة، وقد اختلت موازينه، ويشهد مدرسوه بانخفاض مستواه بشكل ملحوظ.. فكيف أنقذ مستواه؟ وللعلم لم يحدث له أي شيء سيئ يبرر ما حدث سوى الفترة الطويلة من الإجازة التي قضاها في لعب متواصل يبدو أنه أفقده صوابه والاختبارات قد اقتربت فكيف أنقذه والامتحانات على الأبواب؟ بالطبع أنا أحاول أن أتواصل معكم منذ مدة، ولكن لم أستطع قد يكون السؤال متأخرًا، لكني ما زلت أحتاج الإجابة عليه. السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمته وبركاته..
سيدي الفاضل.. شكرًا لك على الاتصال، وندعو الله تعالى أن نكون عند حسن الظن بنا، أما بالنسبة للرد على استشارتك فهو على النحو التالي:
إذا كنت متأكدًا أنه لم يحدث أي تغيير أو أي شيء سيئ لطفلك كريم -حفظه الله- في الفترة السابقة، سوى أنه اعتاد اللعب فترة الإجازة الطويلة فلا بد أن يُتبع معه ما يلي:
1. أولاً إذا كان هناك بعض التعنيف أو التأنيب على انخفاض مستوى "كريم" التحصيلي فلا بد أن يتوقف هذا تمامًا، ونبدأ في الخطوات العملية لحلها كما ستتضح في النقاط التالية.
2. التدرج في عدد ساعات المذاكرة وفي طريقة أداء الواجبات فليس من المعقول أو المقبول أن يكون اللعب كل حياته لمدة شهر بأكمله، ثم يطالب فجأة بأن يلتزم بواجبات وتعيينات مدرسية واختبارات وما إلى ذلك؛ لذا فلا بد من التدرج، فعلى سبيل المثال يطلب منه (إتقان عمل واجب واحد من الواجبات مع عدم إغفال باقي الواجبات وأدائها أداء يعفيه من مساءلة مدرسيه، لكن لا يركز على إتقانها ونستمر في هذا الأمر لمدة ثلاثة أيام، ثم نطالبه بإتقان مادتين لمدة ثلاثة أيام أخرى وهكذا حتى يتم إتقانه لعمل كل الواجبات).
وكذلك في عدد ساعات المذاكرة لا بد أن تزيد تدريجيًّا على ألا تزيد بأي حال من الأحوال عن ساعتين ونصف.
3. لا بد أن تكون هناك فترة راحة بين الواجبات حوالي 10 دقائق بين كل مادة وأخرى يلعب فيها، ويمكن أن نشاركه اللعب حتى يلتزم بوقت انتهاء الراحة لنذكره بلطف أنه حان موعد المذاكرة مرة أخرى، وسوف نعاود اللعب بعد المادة التالية.
4. في كل مرة ينجز ما طلب منه لا بد أن يكافأ، ولكن دون وعد مسبق بذلك.
5. ولا بد أن تعوده منذ صغره على تنظيم وقته بعمل جدول للمذاكرة، ولكن احذر سيدي أن يجلس بجواره أحد أثناء المذاكرة، إلا إذا لم يفهم شيئًا محددًا فاشرحه له ثم دعه يعتمد على نفسه.
6. عليك بالاتصال بمدرسيه والاتفاق معهم بأن الأمر يحتاج إلى وقت وتعاون مشترك بين البيت والمدرسة، حتى يستعيد الطفل مستواه التحصيلي دون ضغط أو عنف.
7. علينا أن نأخذ عبرة مما سبق وألا نترك أبناءنا طوال فترة الإجازة دون متابعة علمية وقراءات حرة، ولا أعني بذلك أن نذاكر لأبنائنا صيفًا وشتاء آناء الليل وأطراف النهار، بل المقصود أن ننمي فيهم حب الاطلاع والاكتشاف والمعرفة، فهي حاجة من حاجات الأطفال، وخاصة في هذه المرحلة العمرية، ومعنى ذلك أن يكون هناك نشاط علمي يقوم به الطفل في أوقات الإجازة، وما أكثر الأنشطة العلمية والكتب المؤلفة للأطفال في هذه المرحلة التي يمكن أن نمارسها ونقرأها معهم في أوقات الإجازات وفي أثناء اللعب، وهناك موسوعات علمية طريفة بكل المكتبات يمكن أن تزود بها مكتبة طفلك، كما يمكن الاطلاع على المواقع الخاصة بالأطفال على الإنترنت والتي سنجد بعضها مجمعًا في دليل مواقع الأطفال على موقعنا، ففيها العديد من أمثلة هذه الأنشطة، كما يوجد بعض الموضوعات التي عالجت هذا الأمر على هذه الصفحة.
وأخيرًا سيدي لي ملحوظتان أرجو عدم إغفالهما:
أولاً: عدم التركيز على هذا الأمر (أمر عدم تفوقه) وعدم التركيز على الطفل نفسه كثيرًا؛ لأن التركيز من شأنه أن يضخم المشكلة، ولكن يمكن علاج الأمر بالخطوات السابقة في هدوء وتروٍّ وعدم المبالغة.
ثانيًا: أرجو عدم القلق على مستوى ابنك التحصيلي، فليس بالضرورة أن يكون من الأوائل، وأن يتفوق في الاختبارات المدرسية، ولكن الأهم أن يكون إنسانًا يتمتع بمزايا شخصية تؤهله لأن يجتاز اختبار الحياة بتفوق.
رفض العنف بالعنف العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن أسرة مكونة من 4 أفراد، ابن، وبنت، وزوج وزوجة، ومستقرون والحمد لله، ولكن الأم عصبية مع الأولاد، وفي نفس الوقت ترعاهم، وتعاملهم معاملة حسنة، وتلبي لهم رغباتهم، والمشكلة هي ابني، وهو يبلغ من العمر 9 سنوات؛ فهو عصبي جدًّا، ويعامل أخته بقسوة، ولكنه في نفس الوقت يحزن كثيرًا إذا حدث أي موقف لأخته مثل الضرب فيبكي بسببه، وإذا أنا ضربته فإنه يضرب أخته أو يرمي أي شيء في الأرض من كثرة العصبية.
السؤال: هل هذا طبيعي، أم توجد عنده مشكلة نفسية؟ رجاء الإفادة بالإجابة، وبكيفية التعامل معه لكي يهدأ، وهو طالب في السنة الرابعة الابتدائية.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
عندنا مقولة شهيرة في الطب النفسي تقول:
Anxious Mother equal Anxious child
أو "أمٌّ قلقة تساوي طفلاً قلقًا"، ليس نتيجة للوراثة، ولكن نتيجة لتطبع الطفل بطباع الأم، وكما تصف في رسالتك؛ فإن الأم عصبية، فالشيء الطبيعي أن يكون الطفل عصبيًّا؛ لأنه يتصور أن هذه هي طريقة التعامل المُثلى في الحياة، والمثل الذي ضربته في رسالتك لعصبيته من أنه عندما تضربه يذهب فيضرب أخته نموذج واضح لما نقول؛ حيث يتصور الطفل أن الضرب من لغات التفاهم بين البشر، وأنكم تضربونه؛ لأنكم كبار.
فالطبيعي أن يضرب هو أخته لأنه أكبر منها، وندخل في حلقة مفرغة من العنف الذي لا ينتهي والذي لا نرى فيه إلاَّ طفلنا وهو يضرب أخته ولا نرى أنفسنا ونحن نضربه، ونسأل: لماذا يضرب طفلنا أخته؟! ولا نسأل أنفسنا لماذا نضربه؟! إننا نلتمس لأنفسنا الأعذار في ضرب أبنائنا؛ فنصف أنفسنا بالعصبية، ونرى في ذلك مبررًا كافيًا لضرب أبنائنا عندما نريد أن ننفّس عن هذه العصبية، ويصل بنا الأمر أن نتهم أطفالنا بالقسوة عندما يضربون أخواتهم، في حين أن فعلهم هذا إنما هو تقليد لما نفعله نحن، أو استخدام للغة المشتركة بيننا.
إن هذا الطفل ليس قاسيًا كما تصفه في رسالتك، وهو طفل طبيعي، ولا يعاني من أية مشكلة نفسية، غير أنكم تحتاجون إلى تغيير طريقتكم في التعامل معه؛ فتهدءوا أنتم أولاً وتعاملوه بدون عصبية، وبدون استخدام للضرب؛ حتى يعود له وعيه أن التفاهم بين البشر يدور بالكلمات وليس باللكمات-فإن علينا أن نتجنب "الإزاحة "في عقاب الأبناء- ، ويجب أن يشعر بالحب والدفء عن طريق الجلوس والإنصات إليه، ومشاركته في ألعابه ونشاطه، والحديث معه في شئونه، واستخدام ألفاظ الحب الدافئة، وتعبيرات الحب من لمس وقُبَل وأحضان بما نسميه لغة الحب الجسدية، مع عدم إحساسه بالتفرقة في المعاملة بينه وبين أخته أو المقارنة بينه وبينها؛ حيث يُوصَف دائمًا بأنه العصبي، وتُوصَف دائمًا بأنها الهادئة، وهذه أقل درجة في التفرقة نقوم بها ونحن لا نشعر، ويترتب عليها أشياء أخرى في التعامل توغر صدر الإخوة بعضهم ضد بعض.
ومن الممكن أن يكون عنفه أحد مظاهر هذه القسوة البادية في التصرفات، حيث يقوم الطفل بإعلانه الرفض لهذه التفرقة في المعاملة عن طريق ضربها عندما يُضرب؛ لأنه يرى أنه يُضرب وهي لا تُضرَب فيقيم العدل من وجهة نظره.
لا بد من وجود قواعد عادلة تُطبَّق على الجميع في كل الأوقات بدون استثناءات أو تفرقة تحت أي ادعاء سواء السن، أو أنها بنت، أو أنها الهادئة المطيعة؛ فالأطفال لا يفهمون ذلك ولكن الرسالة التي تصلهم "إن الأهل لا يحبونني، ويحبون أختي"، ويتحول الأمر إلى رفض لذلك يأخذ صورة العنف والتمرد، وكما أقول دائمًا فإن هذا الخطأ الشائع بين الآباء والأمهات في الطفولة يكون السبب في عداء مستحكم قد يصل إلى ساحات المحاكم بين الإخوة والأخوات في الكِبَر، وهم لا يدركون أن الذرة كانت هناك بعيدًا في عالم الطفولة.. إنك والأم يجب أن تتغيرا أولاً، وتُغيِّران من معاملتكما لطفلكما؛ لأنه حتى الآن طفل سوي طبيعي فلا تصل به إلى حالة المرض.
ولنتذكر أن الطفل الصغير في حاجة إلى عقاب بسيط و لكن علينا أن نعرف أن العقاب البسيط يحتاج إلى هدوء و ثبات و لا يحتاج أن نجعل أطفالنا سببا لكل منغصات حياتنا فننفجر فيهم و كأننا ننهال ضربا على كل ظروفنا،و مما قاله "هارون الرشيد " لمؤدب ولده "الأمين":
"و لا تمعن في مسامحته؛ فيستحلى الفراغ ويألفه، و قومه ما استطعت بالقرب و الملاينة،فإن أباهما؛فعليك بالشدة ... "
فلنبدأ نحن الآباء والأمهات في الإقدام بشجاعة و هدوء على ممارسة مهمتنا الطبيعية و هي أن يكون الواحد منا صارما دون قسوة ،حازما دون جفاف ،حنونا دون انهزام أمام الطفل .
ولنقنع أن أبناءنا يتقبلون إعادة النظر في أخطائهم ما دمنا قادرين على التعديل في أخطاءنا وإعادة ترتيب حياتنا بمرونة.
ــــــــــــــ(102/360)
تحصينات البيئة وحلم العائلة الكبيرة العنوان
ابني عنده (5 سنوات) يعيش داخل محيط الأطفال الذين حوله يحصلون على كل شيء يريدونه، وأحيانًا يخطئون ولا يجدون من يعاقبهم وإذا أخطأ عوقب من قبل الآخرين أمثال جدته أعمامه، وهو دائمًا مقلد لما يفعلون وأعمار من يقلدهم من السابعة إلى الثامنة، وأحيانًا عندما تتجمع الأسرة فإن الأطفال الباقين يخرجونه من بينهم من اللعب معهم وأحيانًا يضربونه، كلما حاولنا أن نفهمه أنهم أكبر منه يقول نعم، ولكن يعود إليهم، ومما أساءني كثيرًا أنه بدأ يتعلم الكذب منهم، وفي أغلب الأحيان عندما ننصحه فإنه لا ينصت لنا نحن، وقد تم إدخاله المدرسة في الروضة عسى أن يغير من حاله شيء، ولكن استمر في وضعه مع أبناء عمومته، وأصبح يفرض شخصيته على من هم دونه في السن تقليدًا لمن حوله وأكبر منه مثل ما ذكرت من أعمارهم. أرجو إفادتنا أنا ووالدته في كيفية التصرف مع ابننا، ونعلم كل العلم أن أبنائنا فلذات أكبادنا. السؤال
الكذب والسرقة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخ الكريم..
ألمح في طيات رسالتك ميل لرد الكثير من سلوكيات طفلك إلى البيئة المحيطة، بل ربما بعض الشعور بظلم واقع على طفلك؛ فهو يلعب مع من يحصلون على كل ما يريدون؛ ولم يعاقبوا إذا ما أخطئوا؛ كذلك تعلم منهم الكذب والتسلط على الأصغر. وعلى الطرف الآخر فإن ابنك الغالي يعاقب ويخرج من اللعب بل ويضربونه؛ وهو ما يؤلمك كأب بطبيعة الحال، وأقدر شعورك هذا وإن كنت أرى به بعض المبالغة. وتعالَ نحاول معًا إجمال رسالتك في نقطتين:
- البيئة السلبية.
- فرضه لشخصيته.
أولاً: البيئة السلبية:
إن أردت تحصينًا من البيئة المحيطة أيًّا كانت مخالفة لما ترغب أو يتعدى فيها أمر الاختلاف إلى السلبية. فعليك بالإسراع لإعطاء عثمان التحصينات اللازمة. وأول هذه التحصينات هي الحب والتقبل. وما أعنيه "الحب الإيجابي" للطفل وليس التدليل والسكوت عن الأخطاء، وتمرير السلوكيات السيئة، وإنما ما أعنيه الحب بمفردات الطفل التي يفهمها ويعيها جيدًا. كالتربيت واللمسة الحانية والتعبير لفظيًّا عن هذا الحب، والوجه الآخر لهذا الحب هو مشاركة الطفل اهتماماته، واللعب معه والانخراط الكامل في حياته.. أي أن تضمه في أحضانك وأعنيها تمامًا (في أحضانك) فهذا هو المكان الذي يتشرب فيه الطفل قيم وسلوك ومعتقدات الأهل. أعني الوقت المتسع مع طفلك وعدم تركه وقتًا طويلاً للعب خارج البيت أو خارج نطاق تواجدك معه فهذا عيب كبير يحدث في كثير من الأحيان، ولا أدري متى إذن يربى الطفل وتشكل عاداته ويقوم سلوكه حين نتركه يدير حياته ويمارسها بنشاطاتها المختلفة بعيدًا عن مشاركتنا ومتابعتنا.
لا ننكر عليه حقه في الصحبة واللعب مع الأقارب والمحيطين، ولكن لحدود لا نتجاوزها فنجد عادة الخروج من المنزل حتى بلا هدف محدد؛ والرسول عليه الصلاة والسلام قال: "فليسعك بيتك"، هذا بحق أمر في غاية الأهمية فلم نعود أطفالنا هجر بيوتهم معظم الوقت بلا داعٍ لذلك.
الطفل يحب مصاحبة الوالدين كثيرًا، ولعلها من أكثر ما يحبه الطفل. ولكن هذا حال أن تكون المصاحبة ممتعة، ولا يسيطر عليها في أغلب الوقت الشد والجذب، بل اللعب والملاطفة والمزاح والمشاركة في أنشطة محببة.
وهذا يحل من ناحية أخرى مشكلة عدم ملاءمة عمره لكل ألعاب الأطفال الأكبر، الأمر الذي يوجد بعض المشاجرات بينهم، وربما تصل للضرب كما ذكرت. في هذه الحالة من عدم الملازمة الكاملة لهم يمكن أن توجد في الأوقات المشتركة بعض الألعاب التي تناسب جميع الأعمار بمشاركة الكبار في التنظيم (كالمسابقات - والألعاب مثل الاستغماية...)، وفي نفس الوقت تترك للكبار مساحة ليلعبوا ألعابهم الخاصة بحيث تكون الجلسات العائلية وكأنها برنامج متكامل من الترفيه والمتعة الجماعية، مع ترك مساحات ليمارس كل فرد المتعة على طريقته.
وهناك الكثير من الاستشارات التي أوردنا فيها أمثلة لهذه الأوقات مع الطفل. كذلك ناقشت تقليد الطفل للمحيطين وتأثرهم بالبيئة في عدد آخر من الاستشارات وسأوردها في نهاية حديثي.
وكونكم تعيشون في عائلة كبيرة فإن هذا يمكن أن يكون فرصة لتربية جماعية يتفق فيها الكبار على خطوط عريضة للتربية، ثم يترك من بعدها خصوصية كل أسرة في تربية أطفالها، ويمكن لهذا أن يتم عبر اجتماعات العائلة الواحدة، والعمل معًا في فريق، ولديك شبكة دعم جيدة فلم لا تفكرون في الاستفادة منها جميعًا. فمن المؤكد أن بينك وبين إخوتك؛ وكذلك زوجاتكم تفرد في مناطق الإجادة والتمييز؛ فربما تولى أحدكم تحفيظ القرآن الكريم، والآخر مذاكرة إحدى المواد الدراسية. وآخر قصّ السيرة النبوية.. بما يعني توصيل الصغار لنشاط مشترك.
وربما كان بينكم ناشطًا على الإنترنت فتولى تعليم الصغار وشاركهم في منتديات الصغار على الإنترنت أو إرشادهم على المواقع الهادفة والممتعة، وربما كوّنوا فريقًا لخدمة البيئة المحيطة أو أداء أي نشاط تطوعي؛ فهؤلاء الأطفال طاقة عظيمة.
سيدي الفاضل.. صارت تفاصيل التربية كثيرة جدًّا لمن أراد تربية ترضى الله عز وجل وتحقق رفعة لهذه الأمة، والتشارك في هذه التفاصيل تضمن لحد كبير فعالية الأداء والتنفيذ، بل وضمان إتمام أكثر المفردات (تربية دينية بما تتضمنه من حفظ قرآن وتفسير للآيات وأنشطة لترسيخ المفاهيم الإسلامية والعقائد، فضلاً عن تعليم الصلاة وغيرها من العبادات -كذلك التربية الرياضية بما تتضمنه من تجارب واختيارات حتى الوصول للرياضة المناسبة ومتابعة التدريبات والتوصيل والمشاركة- كذلك الهوايات والأنشطة الأخرى كالفنون المختلفة وغيره الكثير والكثير الذي ينتظر سؤالاً جماعيًّا منكم).
أخي الكريم..
احلم بأفضل ما تتمناه في أسرتك الصغيرة والكبيرة. تخيله فعلاً واحلم به كيف يكون، وما هي معوقات وصولك لهذه الصورة المثلى، ودعنا نتشارك الحلم في عودة الأسر الكبيرة بشبكتها الداعمة؛ فلهذا مزاياه الكبيرة إن استطعنا التنظيم الجيد والسيطرة على ما يعترض هذه الصورة المثالية من عوائق. واسمح لنا أن نعاونك في الوصول لهذا الحلم.
أتدري لم أدير دفة الحديث في اتجاه الإصلاح الجماعي؛ لأنه بحق أطيب ثمرة، وأغزر محصولاً. دعنا نتعاون على البر والتقوى؛ فهذا يرضى الله سبحانه ويحسن جودة حياتنا.
كذلك لأن محاولة تغيير الصغير عثمان وحده بمعزل عن البيئة -التي لا يمكننا فصله عنها- لن يكون الحل الأكثر فعالية، بل ربما أوجد رفضًا من قبل هذا الصغير مستقبلاً لهذه البيئة؛ وهو أيضًا ما لا نرغبه؛ ولذا حاولوا الاستفادة من نعمة الأسرة المتآلفة.
احلموا بهذا الجيل من المسلمين الذين يمتلكون الدين والعلم والمعرفة والمهارة. احلم بأن يكون عثمان أحد أفراد هذا الجيل. واحلم أن تشرك وتعين غيرك على تربية أطفاله؛ لأننا نحلم بأمة وليس بعدد متناثر من الأفراد هنا وهناك.
ما يلزم أولاً هو الحلم والهدف، ثم دعنا نتشارك في وضع خطط التنفيذ. ومتابعتها وتذليل ما يقف أمام تنفيذها من صعاب. استعن بالله ولا تعجِز.
ربما كان أولادكم حماهم الله وهداهم من يتولون مهام الإصلاح في حاضرنا ومستقبلنا. أعانكم الله على تربيتهم تربية ترضيه.
ولا أظن إلا أن يرحب إخوتك بهذا التعاون والتعاضد بإذن الله تعالى. خاصة حين يرون منك الأخ الحريص بصدق على معاونتهم، والعم الحريص بصدق على تربية أبناء أخيه وليس الخائف على ابنه منهم، والذي يوجه النقد والاتهام، فكن هذا الأخ وهذا العم.
ويسبق هذا الحل ويوازيه الحب والتقارب بينك بين طفلك؛ فإن المحب لمن يحب مطيع؛ فحين يحبك طفلك سيقبل طوعًا بأن يتمثل قيمك ومبادئك، خاصة حين يراك خير قدوة له.
فها أنت تدعوه للصدق ويراك دائمًا صادقًا، وهو يحبك.. فالنتيجة الأقرب للصواب هي أن يصبح عثمان صادقًا.
أوجزها في معادلة فلنسمها معادلة التحصين ضد البيئة:
القدوة + الحب + الوقت معًا تشرب الابن لقيم وسلوك الأهل
ثانيا فرضه لشخصيته:
يُعَدّ هذا أمرًا طبيعيًّا بين الأطفال (في حدوده الطبيعية دون مبالغة) فهكذا الحياة، وكل منا مر وقت -تبعًا لمرحلته العمرية- كان فيه فردًا في فريق؛ ثم تبدل الحال ليكون قائدًا للفريق، وجاء وقت لنتبع الأطفال الأكبر، ثم تبدل الحال وصار الأصغر يتبعوننا.
الطفل الذي يجد لديه قنوات طبيعية لإثبات نفسه لن يضطر لتحقيق ذلك عن طريق التسلط والسلوك السلبي.
وأرجو أن توافينا بمزيد من التفصيلات والأمثلة لما أسميته كذبًا وفرض الشخصية، فمعذرة إن لم أستطع الاسترسال في هذه النقاط التي لا أعرف لها تفصيلاً.
أرجو أن توافينا بمزيد من الاستفسارات والتفصيلات والمتابعات. أهلاً بك وأسرتك الكريمة ونحن معكم جميعًا.
ــــــــــــــ(102/361)
طفل الرابعة ...مشاعره و انفعالاته العنوان
مشكلة ابنتي هي الغِيرة وحب التملك لكل شيء بشكل شخصي، والتدخل فيما نفعل أو نأكل. السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/إيهاب خليفة اسم الخبير
الحل
الأخت السائلة بعد التحية، معذرة فقد تكون الإجابة هذه المرة عامة على عكس ما تعودتم منا، ولكن مرجع ذلك قلة المعلومات الواردة في الاستشارة، وبالرغم من ذلك رأينا أهمية توضيح بعض النقاط الخاصة بموضوع "حب التملك والغيرة".
تحتاج الأم لمعرفة بعض المعلومات حول النمو في القدرات المعرفية والعاطفية والأخلاقية عند الطفل، فمن المعلوم أن ما ذكرتِه -أيتها الأم الفاضلة-من أمر ابنتك هو شيء طبيعي في هذه الفترة من العمر.
وبالنسبة لحب التملك، فإنه معلوم أن الطفل يولد وحتى السنوات الأولى من العمر وهو يشعر أنه والعالم جزء واحد، ويرى نفسه في مركز هذا العالم، بمعنى أنه لا يستطيع أن يميز بين ما هو ملك له وما هو ملك للآخرين، ويزول هذا الشعور تدريجيًّا بانتهاء السنة الرابعة من العمر، وبمرور السنوات الست الأولى في حياة الطفل يبدأ في التعرض للمجتمع خارج حدود الأسرة، ويتعلم تدريجيًّا فكرة تكوين العلاقات الاجتماعية من أجل الشعور بالانتماء وتبادل المنفعة، وهذا الشعور كفيل بأن يقضي على الغِيرة الموجودة بداخله ويوجهها في نواح معينة مفيدة، مثل التنافس مع الآخرين والتفوق عليهم دون أن يجره ذلك إلى الغِيرة منهم أو الحقد عليهم.
محلوظة: يبدأ شعور الطفل بأن له ذاتًا منفصلة عن العالم منذ الأشهر الستة الثانية بعد الولادة، ويكتمل بمرور أربع سنوات، ويكون السلوك الطبيعي خلال هذه الفترة هو العناد، حتى أنه يجد المتعة في أن يفعل عكس ما يقال له، فهذا يشعره بأن له ذاتًا منفصلة عن العالم، وله قدرة على التحكم في نفسه وفي جسده بالسلب أو الإيجاب.
وبالنسبة للغيرة هي صفة طبيعية تنشأ عند الطفل منذ الشهر التاسع للولادة، ولكنها لا تظهر بشكل واضح إلا عندما يُكمل الطفل عامه الثاني، وقد يوازي هذا الأمر أزمة تعرف "بأزمة مرحلة الفطام"، وفيها قد تضطرب العلاقة مع الأم خاصة إذا حدثت عملية الفطام بصورة مفاجئة، وتعتبر عملية الغيرة وإظهارها من قبل الطفل بشكل واضح شيئًا طبيعيًّا حتى العام الخامس من العمر، حيث إنه في هذه الفترة يعيش الطفل معتمدًا بصورة كلية على حب الآخرين، والدعم العاطفي والمعنوي له، والحماية من الغرباء ممن هم خارج نطاق الأسرة، ويكون الشعور بالغيرة وليدًا لهذا الاعتماد.
ولكن بمرور الوقت يتعمد الطفل أن هناك عواطف وانفعالات يلقي إظهارها استحسان الآخرين، وعواطف أخرى ليست كذلك، ويتعلم كيف يقوم برد الفعل المناسب في الموقف المناسب من خلال النضج والتدريب وتقليد الآخرين.
وتنضج هذه العواطف وتتطور خاصة مع دخول الطفل المدرسة، فمن خلال احتكاكه بالمجتمع الخارجي يتعلم كيف يتعامل مع العواطف الموجودة بداخل النفس، ويصيغها حسب ما تقتضيه الظروف الخارجية، وكيف يتقبل مبدأ الإحباط والهزيمة والفشل.
ملحوظة: "كل هذه المشاعر يمكن ملاحظتها خلال لعب الطفل".
الأخت السائلة، هذه بعض المعلومات أردت أن أسطرها لك حتى تعلمي أن ما تلاحظيه من سلوكيات على ابنتك هو أمر طبيعي.
والمطلوب منا خلال هذه المرحلة كمرشدين وراعين لهذا الطفل أن نتركه يعبر عن انفعالاته بصورة طبيعية وتلقائية ويكتسب خبراته الشخصية، ولكن مع بقاء الأمر تحت رعايتنا "من بعيد" إلى حد ما دون عنف أو تساهل.
ــــــــــــــ(102/362)
السرقة.. الجميل أولا قبل العنوان
جزاكم الله خيرًا على "فتواكم" لنا التي تعيننا على تربية أبنائنا أرسلت سابقًا لأستفيد من خبراتكم في كيفية تعامل سيف (4 سنوات) مع المدرسة والحمد لله أحدثت أثرًا طيبًا جدًّا، وأصبح الآن من الأطفال المميزين في المدرسة، جزاكم الله خيرًا، ولكن ظهر مؤخرًا تصرف غريب حدث مرة واحدة والحمد لله. لاحظت أنه لو وجد فلوسًا يأخذها بدون إذن ويضعها في جيبه، وقتها لم أعلق على هذا التصرف، ولكني قلت له حدوتة على أن شخصًا أخذ فلوسًا بدون إذن، فأصبح أذنه ويداه مقطوعتين، ووجدته يجري بسرعة وبدون أن أجعله يلاحظ أني أراقبه، وترك الفلوس في نفس المكان والحمد لله لم يتكرر هذا الموقف، ولكني لاحظت مؤخرًا أنه يأخذ الأقلام أو بعض الألعاب التي تعجبه من أولاد خالته ويضعها في الشنطة الخاصة به، ويحاول بذكاء شديد جدًّا منعي من فتح الشنطة.. أول مرة نبهته بهدوء وفتحت الشنطة ووضعت الأشياء في مكانها، ولكن للأسف تكرر هذا الموقف بأشكال مختلفة، والأغرب الذكاء الشديد في محاولة منعي من فتح الأشياء الخاصة به..
أنا خائفة من هذا التصرف وأريد علاجه بأسرع ما يمكن، كيف أتصرف رغم توبيخي له أكثر من مرة وضربه أحيانًا، مع العلم أنه كان يتأثر جدًّا بكلامي وحزني منه، أما الآن فلا تفرق معه أي حاجة، ماذا أفعل؟ أفيدونا أفادكم الله، معذرة للإطالة في الحديث.. أريد أن أذكر أن والده يعمل في بلد آخر منذ عام، ويأتي يوما واحدا في الأسبوع، وهو حريص على أخذهم النادي أو الأماكن المحببة لهم.
السؤال
الكذب والسرقة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أختي الكريمة، جزيت خيرًا على استهلالك الطيب. ونحمد الله تعالى على فضله العظيم؛ إذ يسر لنا نفعك وغيرك. وكم يسعدنا أن يتواصل معنا زوار صفحتنا الكرام ليخبرونا ولو بعد طول غياب أثر ما أشرنا به أيًّا كان سلبًا أو إيجابًا. فهذا ييسر لنا كثيرًا تطوير وتحسين خدمتنا لكم.
أما عن الجديد الذي ظهر لدى سيف فليس بغريب على هذه المرحلة العمرية التي لم يميز فيها الطفل حدود الملكية بعد. وذكرت أنك لم تعلقي على الأمر في وقتها، وربما كان حسنًا إن لم تتبعيه بتلك الحكاية الخرافية المرعبة؛ التي تحمل صورًا قاسية على خيال طفلك الحبيب. وأحيانًا لفرط تخوفنا نسرف في استخدام الترهيب؛ حتى وإن لم يأخذ الترغيب حقه الوافي. رغم أنه أولى.
والوعي عند الطفل يتكون على الجميل وليس الجليل. وهذا التقديم للجميل على الجليل في وعي الطفل يشير للكيفية التي يمكن من خلالها الوصول للحقيقة الإلهية دون غرس الخوف أو الرهبة في نفس الطفل. وإنما من خلال رصد الجمال في كل الأشياء المحيطة به. فنبدأ في إيقاظ الحس الجمالي من خلال الآيات القرآنية التي تصف عظمة الخلق ورحمة الخالق وجمال المخلوقات. ونؤجل تلك التي تتعرض لتصوير النار والعذاب والجحيم وغيره مما تصور الجليل في وعي الطفل.
وما أردت أن أقوله لك أختي الكريمة: علينا أن نبدأ أولاً بالترغيب ثم الترغيب ثم الترغيب، ثم مع النمو يدخل الترهيب. حتى تكون علاقة أطفالنا بربهم علاقة حب وليست علاقة خوف تفتقد فيها حرارة الإيمان.
وحين نعلم أطفالنا فضيلة ما أو خلقًا ما علينا أن نستخدم صيغة "افعل" بدلاً من "لا تفعل". هذا يحدث تأثيرًا أقوى.
هذا فضلاً عن أننا بحاجة قوية جدًّا لأن ننتهج تفكيرًا علميًّا في تعاملنا مع كل مفردات حياتنا. وإذا ما اعتمدنا الخرافات نهجًا لتفسير الأشياء لأطفالنا نكون قد ظلمناهم ظلمًا كبيرًا؛ فهذا يؤخر العقل ويعلي الخرافة. فأرجو حبيبتي الابتعاد تمامًا عن تفسير الخرافات لطفلك.
والآن ما الذي يمكننا فعله:
- لا تفترضي أن "سيف" يفهم كل شيء، ويدرك تمامًا كل تصرف أهو صائب أم مخطئ. نحن كثيرًا ما نظلم أطفالنا بنظرتنا لأمور كثيرة على أنها بديهية. رغم أنهم لم يعوا بعد هذا البديهي الذي نشير إليه. فإن أردت إنصافًا له فحاولي أن تري الدنيا لبعض الوقت بعيونه؛ وتحسيها بقلب طفل في الرابعة. وتتخيليها بعقل طفل لم يتم نضجه بعد.
- لا تتعاملي مع الأمر على أنه سرقة؛ لأن الأطفال في هذا العمر لا يدركون معنى الملكية. وإنما ما يعنيهم هو الحصول على ما يريدون في الوقت الذي يريدونه. وما علينا هنا هو التعليم والتدريب والإفهام، والتوجيه، وليس العقاب أو التخويف أبدًا. ما نريده أن يمتنع فهمًا ورغبة في فعل الصواب والحصول على رضا الله، ثم رضا المقربين كالوالدين. فالطفل يبدأ في تكوين الضمير الذاتي الذي يجعله يفعل الصواب بفعل هذا الدافع الداخلي (الضمير).
- علميه دائمًا أن يستأذن قبل أخذ أي شيء. وافعلي هذا أنت أولا. فاستأذنيه قبل أن تأخذي قلمه، لعبته، أو أي شيء من أغراضه. خاصة إذا ما كنت ستعطينها لطفل آخر. فالاستئذان قاعدة سارية على الجميع صغارًا وكبارًا.
- اغتنمي أول فرصة يستأذن سيف وأثني على هذا السلوك الطيب.
- ربما وضعت في طريقه شيئًا يخصك؛ ثم اسأليه عنه بعفوية. واشكريه أنه أعطاه لك.
- علميه كيف يتصرف لو وجد شيئًا على الأرض في الأماكن المختلفة (المدرسة - المنزل - ...) لمن يتوجه.
- احكي لسيف قصصًا عن الأمانة دون تلميح أنه غير ذلك، بل دعيه يستمتع استمتاعًا حقيقيًّا بالقصة. هذا أدعى لتمثله ما جاء فيها. خاصة إذا ما كانت لحيوان محبب له، أو استعملي العرائس في حكيها. واستحضري مواقفها في حياتكما اليومية. ويمكن أن تجعلي دبا ما هو الشخصية المحورية الدائمة في حكايات سيف. واصحبيه معكم في كل مكان واجعليه فردًا من أفراد أسرتك، يوجه لها سيف حديثه وتأديبه وتعليمه لها. كذلك يمكن أن يكون رسولاً بينكما. فمثلي أنك تحكين لها موقفًا سلبيًّا حدث (ليس شرطًا أن يكون سيف يفعله، وهذا أفضل في البداية حتى لا يشعر أنك تلمحين لما يفعل)، وشاركي سيفًا في الحكي والتوجيه والبحث عن حلول.
عليك بالتقرب الشديد من سيف وكسب حبه وثقته. حتى يأمن أن يحكي لك ما يدور ويحدث في عالمه. وهناك العديد من الموضوعات التي تناولت وسائل للتقارب بين الأهل والأطفال.
لا تتحدثي في هذا الأمر على مسامع طفلك. ولا تفشي أمره، خاصة أن هذا الأمر مما لا يضعه الكثيرون في موضعه الصحيح.
- قدمي إليه ما يحتاج إليه ويحبه دون إفراط ودون تقتير.
- لاحظي سلوكه مع إخوته فربما يكون هناك لون ما من الغيرة.
- على الأب التقارب منه وإشعاره بالحب، وتعويضه بالرعاية عن فترات الغياب التي ربما تكون سببًا في سلوكه الجديد إذا ما كان تزامن مع سفر أبيه بالفعل. فربما كان صورة من صور المطالبة بالمزيد من الرعاية والحب. أو تعبيرًا عن افتقاد الأمان. وهذا ما سيتضح بعد اتباع ما أشرنا إليه.
وإن كنت أرجح أن الأمر لا يتعدى عدم أخذ الوقت الكافي في التعلم والتدريب؛ خاصة أنك لجأت إلى التخويف بدلاً من الإفهام.
وإجمالاً علينا بتعليم سيف حدود الملكية وتدريبه على الاستئذان وإفهامه معنى الأمانة وتحبيبه فيها.
الأمومة إبداع فعلينا جميعًا أن نكون مبدعات. وهكذا يمكنك توظيف الحكايات بأكثر من أسلوب مؤثر جدًّا.
إذا ما استمر نفس السلوك لفترة أطول فأرجو أن تتابعينا. ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/363)
ريحانة البيت.. في طريقها للتحكم العنوان
طفلتي تبلغ من العمر سنة ونصفًا، بدأت تعليمها على استعمال أداة تبول النونو، ولكنها تعرفها نونو وتناديني بعد أن تعملها على الأرض لتقول لي ماما نونو، ولكن إن أجلستها عليها فهي ترفض بشدة وأحيانًا تبكي بكاء مريرًا فأتركها.. حاولت مرارًا أن آتي بلعبة، شوكولاتة أو بوظة تحبها، ولكن لا سبيل، تأخذ الشيء وتقوم، إنني أثور عليها أحيانًا حتى قبل هذا التدريب؛ فهي تريد أن تبقى بحضني أو على يدي طول الوقت؛ مما يتعبني ويعيقني عن عمل البيت، وأنا الآن حامل في الشهر الرابع وقد فطمتها تدريجيًّا بالنهار أولاً، ثم أخطأت فأرضعتها يومين وعند إعادة القطع أصبحت تبكي كثيرًا وتريد أن أحملها وأقف دائمًا.
عصبت عليها فكانت تعصب مما جعلنا نبقى عند أهلي أسبوعًا فوجودنا بين خالاتها وعماتها وأخوالها خفّف وأنهى تلك الحالة، ثم عدنا لمدينتنا وبعدها بفترة فطمتها تمامًا وكانت سلسة جدًّا، وتقبلت الأمر دون مشاكل، أما الآن فأحاول ولكن دون جدوى فألبسها حفاظها وأتركها يومًا، ماذا أفعل؟ هي لا ترى أطفالاً إلا نادرًا وفي الشارع، ولكنها اجتماعية جدًّا وتقبل على الناس.
السؤال
التبول اللاإرادي الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختي الكريمة، ومرحبًا بريحانتك الصغيرة؛ فأطفالنا في البيوت هم رياحينها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن سبطيه الحسن والحسين "هما ريحانتاي من الدنيا"، ولعلي أبدأ الحديث بالريحان ذي الرائحة العطرة على رغم كون سؤالك عن أمور تختلف في رائحتها كثيرًا عن الريحان، ولكن صدقيني وعن تجربتي بالأمومة، فإن اشمئزاز الأم قبل أن تكون أمًّا من الروائح الكريهة وغيرها شيء يختلف تمامًا بعد أن تكون أمًّا؛ بسبب حبها وتقبلها لأطفالها الذين تعشق حتى مخرجات أجسامهم، فتراهم رياحين يملئون حياتها عطرًا وسعادة برغم كل شيء.
وقبل الحديث عن مسألة التدريب على التحكم في الإخراج أؤكد على ضرورة عدم إبداء أي اشمئزاز من الطفلة أو من مخرجاتها؛ إذ إنها ترى أن ما يخرج منها هو جزء من جسمها، واشمئزازك منه يعني اشمئزازك منها، وهو ما لا ينبغي أن تشعر به الطفلة مطلقًا لكيلا يؤثر سلبًا على علاقتك بها من جهة، وعلى استجابتها للتدريب من جهة أخرى.
ولعلّ النقطة السابقة هي الأساس قبل عرض أي مقترحات؛ إذ إنها الروح الأساسية التي يجب أن تطبق بها أي إرشادات أو مقترحات، ومن هذه النقطة هيا بنا ننتقل للحديث في التفاصيل..
أولاً: ابنتك يا عزيزتي لم تتجاوز العام ونصف العام، وهو العمر الذي يمكن أن تبدأ منه مرحلة التدريب، وبالتالي فطفلتك ما زالت صغيرة جدًّا على إتقان التحكم تمامًا، أو على حكمك عليها بأنه "لا سبيل" كما ورد في سؤالك؛ ومن هنا فلا بد من أن يتم تدريبها بكل صبر ورفق، وبعيدًا عن الضغط أو استعجال استجابتها له أو إجبارها على ذلك.
ثانيًا: تقولين إنك علمتها أو بدأت تعليمها استخدام وعاء التبول، ومع ذلك فأنا أعتقد أنه ربما تكون مراجعتك لاستشارات سابقة عن مسألة التدريب ومراجعة ما ورد بها -من مقترحات وأساليب لتفادي رفض الأطفال للاستجابة للتدريب- أمر هام جدًّا؛ ليكون برنامج تدريبك للطفلة ناجحًا ويؤتي ثماره، ويمكنك مراجعة ما يلي بكل دقة:
- نجاح التدريب بالترغيب
- علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
- المهنة السامية تفتح أبوابها للعضوات الجدد
ثالثًا: من خلال سؤالك كان واضحًا أن الطفلة تفهم كلمة (نونو) ومدلولها، والدليل أنها تخبرك عندما تنتهي من الإخراج مستخدمة هذا التعبير، وهذا في حد ذاته مؤشر ممتاز على ذكائها -ما شاء الله- واستعدادها الطيب للاستجابة، لكن "بكاءها المرير" ورفضها الشديد للجلوس على الوعاء المخصص هو ما ينبغي اتخاذ بعض الإجراءات بشأنه غير مسألة "الرشوة" المتمثلة في الحلوى أو غيرها كما يلي:
1- مسألة الثورة والعصبية لإجلاسها لن تثمر إلا مزيدًا من الرفض، بل والخوف من هذه اللعينة "النونو" التي تتسبب لها في الإهانة والعقاب، ومن ثَم فيجب أن تتجنبي العصبية والثورة تمامًا في التعامل مع ابنتك بشكل عام وبهذه العملية بشكل خاص، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم "إن الحلم بالتحلم"، فاجتهدي على اكتساب الحلم كشيمة تصبغ كل تصرفاتك مع الابنة وخصوصًا أنها فتاة لا بد أن تُنشأ على الرقة.
2- يمكنك تغيير شكل "النونو"، أو اصطحابها لشراء واحدة جديدة من الصيدلية أو المتجر تختار لونها بنفسها وشكلها وتسعد بها.
3- يمكن أن تجلسي العروسة أو الدب على الـ"نونو" وأنت تلعبين معها، وتغنين له، ثم تصفقين له، لتري أن العملية لا تتجاوز اللعب والمرح.
4- أحضري لها قصصًا أو صورًا أو ارسمي لها رسومًا مكونة قصة تفهم منها نظافة وجمال بطل تلك القصة الذي يحرص على الإخراج في المكان المخصص؛ ليحافظ على نظافة ملابسه، وعدم نظافة أو جمال من لا يحرص على ذلك.
5- لو أمكن وجود أحد الأطفال من بنات الأقارب مثلاً لتمكث مع ابنتك أسبوعًا مثلاً، وتكون قدوة لها في مسألة التحكم؛ بحيث تتنافس الطفلتان في إظهار النجابة والتفوق في مسألة التحكم، وأعتقد أن مثل تلك الخطوة ستكون من أنجح الخطوات وأسرعها في إظهار نتائج؛ لأن الأطفال يستهويهم مسألة التقليد والتنافس والمحاكاة.
6- لا بد من الاستمرارية في التدريب مع الرفق؛ فمسألة انقطاعك عن التدريب أحيانًا أمر غير صحيح لا ينبغي الوقوع فيه مرة أخرى.
رابعًا: مسألة رغبة ابنتك في البقاء بحضنك وعلى يديك، ماذا تظنينها تقصد بذلك؟ ولماذا يكون رد فعلك هو الثورة عليها؟ وماذا يكون شعورك حين تتقربين لأحد وتبدين له احتياجك له فيصدك وينهرك ويوبخك ويتخلى عنك؟.. أعرف جيدًا أن مسئولياتك كثيرة شأنك شأن كل الأمهات -أعظم الله أجرك-، ولكن طفلتك على رأس كل هذه المسئوليات وهي الأهم من كل ما سواها من مسئوليات، وأنا لا أنصحك بالتخلي عن مسئولياتك وحملها طيلة الوقت، ولكن فقط أقترح عليك محاولة اختصار مهامك وأدائها بسرعة أو الاستعانة بطرف خارجي للتعاون معك في ذلك؛ لتتوسعي في ممارسة الأنشطة مع طفلتك من لعب واحتضان ولعبة الاختباء والمسابقة في الجري وتكوين الأشكال بالصلصال واللعب بالمكعبات وقراءة الكتب الملونة، ولتشاركك أحيانًا في طهي الطعام مثلاً أو تقطيع الخضر (ثمرة واحدة تتلهى بها مع إبداء إعجابك بشطارتها في تقطيعها بإحدى سكاكين الأطفال البلاستيكية)، إلى غير ذلك مما يمكنك به توظيف حبها لك ولوجودها في حضنك لتنمية قدراتها ومهاراتها وشخصيتها وقدرتها على الانفصال عنك تدريجيا بلا قسوة.
ويمكنك مراجعة ما يلي للاستزادة حول هذه النقطة:
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
- مفاجأة.. ابن سنتين أيضا له أنشطته
خامسًا: لا تنسي أختي الحبيبة أنه لدى الأطفال حاسة سادسة إن شئت أن نسميها كذلك، أو قدرة ما على الشعور والتنبؤ بما نظن أنه معمي عليهم، وأعني بذلك أنها لا شك تستشعر بشكل أو بآخر أن أيامها على عرش قلبك وقلب أبيها متفردة صارت معدودة، ولعل ذلك هو أحد أسباب التصاقها الشديد بك؛ ولاحظي أن طفلك التالي سيأتي وعمر ابنتك لم يتجاوز بعد العامين، وهي سن صغيرة جدًّا تحتاج منك لإعداد جيد جدًّا لطفلتك لاستقبال أخيها بشكل يعينها على تجاوز مشكلات الغيرة بسلام ما أمكن.
سادسًا: تأكدي يا عزيزتي من احتمال حدوث انتكاسة ما لطفلتك بعد ولادتك للطفل الثاني في مسألة التحكم شعورًا منها بحب الجميع لأخيها أو أختها؛ فتحاول استمثال صفاتها الطفلية من تبول وبكاء وغير ذلك؛ لتحظى باهتمام الناس كما يهتمون بأختها؛ ولذا فلا بد من أمرين:
- الحلم والهدوء والصبر مع ابنتك في الفترة القادمة حتى تتقن تمامًا مسألة التحكم، مع مدحها والثناء عليها ومكافأتها مع كل تقدم تحرزه، والحديث عنها بفخر أمام الجميع من الأقارب والأهل والأصدقاء.
- الاستعداد التام للتعامل برفق وحنكة مع تلك الانتكاسة إن حدثت حتى يتم تجاوزها بهدوء وباقتناع من ابنتك أن الطفل الكبير هو الأكثر مكانة، ومن صفات الكبر التحكم التي يجب التزامها لتظل كبيرة.
ولكي تتأهلي بما يلزم من نصائح للتعامل مع كل تلك التوقعات وغيرها بشكل صحيح يمكنك مراجعة ما يلي:
أمي ارحمي غيرتي وغربتي
- الغيرة وأشياء أخرى
- مرحبًا طفلي الثاني
- لا تسرقوا طفولتها لأجل أخيها.
سابعًا: أقترح عليك أن تزيد فرص تعرض ابنتك للحياة الاجتماعية والاختلاط بالأطفال، واستثمار حبها للناس وذكائها الاجتماعي، وذلك من خلال وضع برنامج منظم لذلك يتضمن زيارات منتظمة ودورية للأقارب والأهل أو الأصدقاء ممن لديهم أطفال، والخروج مع تلك الأسر التي لديها أطفال إلى المتنزهات والحدائق والأماكن المفتوحة بشكل دوري يضمن لطفلتك حياة اجتماعية نموذجية، وكذلك لا بد لك من الاشتراك لطفلتك في أنشطة ملائمة لطفلتك في أماكن بها أطفال، كمكتبة أو نادٍ أو حضانة مناسبة؛ بحيث تقضي الطفلة ساعتين ثلاث مرات أسبوعيًّا مثلاً في رفقتك في ممارسة نشاط ما، كالتلوين مثلاً أو غيره مما قد يخصص من أنشطة للأطفال في سن ابنتك لتمارسها مع الأطفال وفي صحبة جميلة تؤهلها تدريجيًّا للاستقلال عنك بشكل سوي، والانطلاق في حياة ممتعة لها.
أخيرًا: أود أن أؤكد على أن الأمومة التي تجعل الجنة تحت أقدام الأمهات ليست أمرًا هينًا وبسيطًا -رغم أنها ممتعة- لكنها مسئولية لها قدر من المشاق عليه الأجر العظيم من الله عز وجل.
والخلاصة أننا نريد من كل حديثنا السابق أن تستريح طفلتك وتتقدم وتتطور قدراتها، لا أن تستريحي أنت منها، والفارق كبير في الحالتين في الروح الغالبة على التعامل مع الطفلة في كل حالة.
ــــــــــــــ(102/364)
زواج الثقافات.. النجاح أمل ليس بعيدًا العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، بداية جزاكم الله خيرًا على خدماتكم، أريد منكم نصائح عامة حول تربية الأطفال عندما يكون الوالدان من جنسيتين مختلفتين، وخصوصا من ناحية اللغة، فهل من الممكن استخدام كلتا اللغتين مع الأطفال، أو يجب استخدام لغة واحدة فقط. ولكم كل الشكر.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبا بك أخي الكريم، ومرحبا بأسرتك، وجزانا الله وإياكم كل الخير على أن أجزلت لنا الثناء، وشكرا جزيلا لك.
وعلى الرغم من قصر سؤالك، وخلو بيانات السؤال من التفاصيل التي كان وجودها سيفيدك في الإجابة، فإنني سأحاول أن تكون الإجابة كافية قدر الاستطاعة، ويمكنك الاستزادة بإرسال مزيد من التفاصيل، وسنحدد مسألة اللغة للتحدث بشأنها.
وقد بنيت إجابتي ونصائحي لك على بعض الافتراضات على خلفية البيانات القليلة:
أولا: أنت لم تحدد سوى أنك مقيم باليابان وأن الأم ربة منزل، وقد استنتجت من السؤال أنك الأب، وأنك عربي، وأن الأم هي المختلفة في الجنسية، وافترضت أنها يابانية.
ثانيا: افترضت أيضًا أن هناك لغة ثالثة غير اليابانية والعربية يمكن اللجوء إليها في التفاهم ويمكن أن تكون لغة الحوار في البيت، وافترضت أن تكون الإنجليزية.
ثالثا: يفترض أن الطفل سيحتاج لخوض حياة اجتماعية في حضانة في غضون سنة مثلا أو أقل، وهو ما سيعرضه للغة ما من باقة اللغات التي هو بينها، وسنتحدث عن تأثير ذلك وكيفية الاختيار في مثل هذه الحالات.
سنبدأ الحديث بمعلومات مفيدة عن تكوين اللغة لدى الأطفال تساعدنا في التمهيد للنصائح التي سنتحدث بشأنها؛ إذ تبدأ حصيلة الطفل اللغوية في التكون من الشهر التاسع من عمره، فيجمع مفردات مفهومة بالنسبة له، ولكن غير منطوقة لكنه قد يتعامل معها بلغة التعبيرات مع تطوره في العمر، كأن يسأله أحد عن "ماما" فيهز رأسه أو يشير إليها، ومن سن السنة والنصف تبدأ هذه الحصيلة في التقافز للسان الطفل ليستخدمها وينطق بها، وعند السنوات الثلاث تتزايد القدرة على تكوين جمل أطول وفهم الأوامر المركبة (التي تتكون من أكثر من جملة.. مثل اغسل يديك ثم مشط شعرك).
خلاصة ما سبق أن كل تلك الحصيلة، وكل تلك المراحل التكوينية للغة لدى الطفل يجمع فيها مفردات وحصيلة لغوية من اللغة السائدة في حوار البيت التي يتقنها الأب والأم جيدًا ويتعاملان بها، ولا شك أنه يجب توحيد التعامل حول ومع الطفل بتلك اللغة.
فإن كانت لغة الحوار في حالتك لغة مختلفة عن العربية واليابانية -ولتكن الإنجليزية مثلا- وهي السائدة في التعاملات داخل المنزل بينك وبين أمه وبينك وبين طفلك من جهة أخرى وبين الأم والطفل من جهة ثالثة؛ فستكون تلك اللغة هي ما سيتدرج طفلك في إتقانه، كما يجب أن يتم توحيد التعامل مع الطفل بها في كل مكان أو مجال حتى يتقنها تماما، ثم يمكن بعد إتقانها البدء في تعليم لغة ثانية، ولتكن لغة الأم مثلا بحكم ملازمتها للطفل فترات طويلة داخل المنزل.
أما إن كانت الأم -اللصيقة بالأطفال– لا تتقن لغة ثالثة للتعامل مع الزوج صاحب اللغة المختلفة عنها، وأعني بالإتقان كل ما تعنيه الكلمة من إتقان للنطق الصحيح والتعامل بطلاقة بتلك اللغة وإدارة حوار كامل بها؛ فيصبح الأحرى أن يتم التعامل مع الطفل داخل المنزل بلغة الأم الأصلية لتتمكن من التعامل معه وتنمية وتطوير قدراته ومهاراته وتربيته، بشرط أن تغلب تلك اللغة على تعاملات الطفل اليومية فيتعرض لها بنسبة لا تقل عن 80% يوميا، ويمكن أن يتعرض الطفل بشكل طفيف لا يتجاوز الـ20% من تعاملاته اليومية للغة الأب، مع مراعاة أن في تلك الحالة يحتمل حدوث تأخر في لغة الطفل وحصيلة كلماته واستقباله وإرساله للغة فيما بعد.
والمطلوب في تلك الحالة –حالة عدم إتقان أي من الأبوين لغة الآخر – تركيز المجهود على تعلم أحد من الوالدين بأسرع ما يمكن لغة الآخر ليتقنها؛ فيتعامل بها مع الطفل؛ بحيث لا يتعرض الطفل لأكثر من لغة بأي حال في سن تكوينه للغته.
وعند اختيار حضانة أو خادمة أو طرف ثالث سيتعرض الطفل للتعامل معه؛ فلابد من اختيار هذا الطرف متحدثا للغة المستخدمة مع الطفل داخل المنزل بنسبة 80% -كما وضحت سالفا- بشرط أن يكون استخدامها بنفس اللهجة أو اللكنة التي تستخدم بها مع الطفل.
أخي الكريم.. أرجو أن أكون قد وضحت لك ما تحتاج بخصوص مسألة اللغة، أما النصائح التي تريدها للتعامل مع أطفالك من أم أجنبية فأحتاج معرفة تفاصيل أكثر لمعاونتك في هذا، مثل:
- ديانة الوالدين.
- جنسية الأم ولغتها، وكذلك الأب.
- مدة الإقامة في البلد الأجنبي.
- عدد الأبناء وجنس كل منهم.
وكذلك ما تراه مفيدا من تفاصيل بخصوص ما تحتاج من نصائح، وكذلك سيفيدنا كثيرا تحديدك لما تريد منا مقترحات بشأنه.. بمعنى هل تريد نصائح لتوعية أبنائك دينيا في ظل وجود أم مختلفة في الديانة مثلا؟ أم نصائح حول كيفية إيجاد هوية لأطفالك تتمسكون بوضوحها لديهم.. إلى غير ذلك مما ينبغي تحديده قبل توجيه النصائح.
أخي الكريم، من خلال وجودي بالخارج لسنوات، وجدت نماذج كثيرة ناجحة لزيجات من زوجين مختلفين في الجنسية ولهم أبناء متميزون في تربيتهم ومهاراتهم بسبب إدارة الآباء لتلك الزيجات بشكل نموذجي.. فلا تقلق بهذا الشأن، ونحن في انتظار مزيد من استفساراتك وتفصيلاتك وعلى أتم الاستعداد لمعاونتك.. وشكرا جزيلا لثقتك بنا.
ــــــــــــــ(102/365)
الوسواس القهري.. الأسود العنوان
ابنتي آيات عمرها الآن 7 سنوات، وقد أنهت الصف الأول بتفوق الحمد لله، قبل نهاية العام الماضي قررت فجأة أن تترك المدرسة، وبعد محاورات ومداولات اكتشفت أنها لا تحب البنت التي تجلس بجانبها، وبعد محاولات عدة اكتشفت أنها تكرهها؛ لأنها سوداء!! عبثا حاولت إقناعها بأن الله خلقنا بألوان مختلفة، وأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وأن مؤذن النبي كان أسود، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبه. ولكنها أصرت على ترك المدرسة؛ فاتصلت بمدرستها واتفقنا أن تنقلها من جانب هذه البنت وقد كان.
ولكن المشكلة تفاقمت بشكل لم أفهمه حتى الآن وهي أنها صارت كل يوم تتخيل سوادًا على كل الأشياء التي تمسكها هذه البنت، وكذلك على كل شيء يلمس ما لمسته البنت؛ حتى إنني عدت مرة إلى المنزل ووجدتها تبكي بهستيرية شديدة، ولما جلست معها، وحاولت أن أفهم ما يجري قالت لي بأن البنت اصطدمت بظهرها فاتسخت مريلتها بالسواد، فلما عادت إلى المنزل جلست على الكرسي فاتسخ الكرسي، ولما جلست أختها على الكرسي اتسخت ثياب أختها، ولما جلست أختها في أماكن مختلفة اتسخت كل الأماكن التي جلست عليها، وصارت ترى السواد في كل مكان في المنزل!!
وبعد أن هدأت قليلا أقنعتها بأن تستخدم "المحارم السحرية" التي لها مفعول عجيب في إزالة كل الأوساخ، فاقتنعت بالفكرة وأعجبتها، وصارت كل يوم تمسح كل شيء تمسك به هذه البنت بهذه المحارم السحرية (محارم الأطفال المبللة).
وقد اعتقدت بأن الموضوع سينتهي بانتهاء السنة الدراسية، ولكن الموضوع هدأ قليلا، ثم أعادت نفس القصة مع خادمة بيت أمي وصرنا نصرف من المحارم الكثير الكثير. ماذا أصنع وكيف أتصرف؟ هل هي بحاجة إلى علاج نفسي أم أن إهمال الموضوع بشكل تام سيحله أم ماذا؟ وموضوع التنظيف المستمر يقلقني ولا أدري ماذا أفعل؟ السؤال
السمات الشخصية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكر لك وعيك وبعثك للمشكلة؛ لأن البعض يهملها ويتصور أن ذلك الحل، في حين أن الأمر يتعلق بمشكلة نفسية تسمى الوسواس القهري.. وقد تكون المفاجأة أن يعلم الجميع أن الأطفال يصابون بالوسواس القهري في سن مبكرة وأنهم يعانون منه مثل الكبار، وفي حياتي العملية قابلت هذه الحالات، وتم علاجها بنجاح بفضل الله...
والوسواس عبارة عن فكرة تسيطر على الإنسان ولا يستطيع دفعها، وهذه الفكرة عند ابنتك كانت فكرة انتشار السواد ثم تحولت إلى فعل قهري هو المسح بالمحارم وهو استمرار لنفس الفكرة، وهو مرض نفسي يصيب الأطفال مثلما يصيب الكبار، ويحتاج للعلاج الدوائي والنفسي لدى الطبيب النفسي المختص؛ حيث إن الأمر يتعلق ببعض الاضطراب في الموصلات العصبية المسئولة عن الأفكار في المخ.
لذا فإن العلاج الدوائي يكون مهمًا بجانب العلاج السلوكي الذي يقوم على وقف السلوك القهري...
الأمر لا يقلق ولا يثير الانزعاج؛ لأن الشفاء التام بإذن الله هو مآل هذا المرض بعد العلاج المناسب، بشرط تنفيذ التعليمات العلاجية سواء الدوائية أو السلوكية... والمبادرة بالعلاج والتبكير به خاصة في الأطفال يساعد على أن تكون النتائج إيجابية بإذن الله.
ــــــــــــــ(102/366)
أطفالنا خلف لحفظة السلف العنوان
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ،السؤال الاول :أطلب منكم أن ترشدوني إلى عناوين كتب ومراجع في تربية الأبناء؛ و مواقع للأنترنيت أيضا. السؤال الثاني: عندما نطلع على سير العلماء والفقهاء نلاحظ أن أغلبهم قد حفظ القرأن في سن مبكرة، كما تابعنا في الفضائيات مجموعة من الأطفال يحفظون القرأن في سن مبكرة.-ماهي الطرق والوسائل التي تساعد على الأستغلال الأمثل لقوة الحافظة عند الأطفال؟؟ ـ وهل هذه الطريقة إيجابية أو سلبية؟ ؟؟
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
كم هو رائع أن نرى أسرًا مسلمة تهتم بأمر التربية منذ نعومة أظافر أبنائها، والأكثر روعة أن يكون الاهتمام منصبًّا على تعليم القرآن، والسؤال عن السن المناسبة لحفظه، والطرق والوسائل التى تساهم في هذا، وردًّا على رسالتك الكريمة أقول:
فوائد حفظ الأطفال القرآن في سن مبكرة عظيمة لن أطنب في سردها، ففضلاً عن البركة التي تحل بأهل هذا الطفل وعظيم ثوابهم، فإنه تقويم للسان الطفل، وتهذيب لأخلاقه، وفتحٌ من الله عليه بالفهم والحكمة، وحسن الحديث وقوة التأثير ...
ويحبذ العلماء "سواء علماء الدين أو بعض التربويين" أن يبدأ الطفل في حفظ القرآن في سن مبكرة، فيقول ابن سينا على سبيل المثال: "فإذا تهيأ الطفل للتلقين، ووعى سمعه، أخذ في تعليم القرآن ... ".
وأما متى يتهيأ الطفل للتلقين فهذا ما اختلف فيه بعض المجتهدين، فبعضهم قال في الثالثة من عمر الطفل، والبعض الآخر قال أقل من ذلك، والبعض قال أكثر من ذلك، ومع ذلك نجد بعض النماذج الفذة قد أنهت حفظ القرآن في سن الرابعة، فقد قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: "رأيت صبيًّا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون، قد قرأ القرآن"، والقراءة هنا بمعنى قراءته غيبًا.
وقال أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأصبهاني: "حفظت القرآن ولي خمس سنوات".
وكما ذكرت أن هذه نماذج فذّة وربما كان ابنك منهم.
ومن خلال الدراسات والأبحاث - بل ومن مجرد الملاحظة العابرة - نعرف أن الحفظ والاسترجاع والتذكر أقوى عند الأطفال منه عند البالغين؛ ولذا كان حرص السلف الصالح على الاهتمام بأن يحفظ الطفل القرآن في سن مبكرة قبل أن يشوش على ذاكرته كثرة أعباء الحياة اليومية وتحمل المسئوليات.
على أي حال ترجع قدرة الحفظ والاسترجاع إلى عدة عوامل أهمها:
1. قدرة الطفل نفسه على الحفظ، فهناك أطفال لديهم ملكة عالية في الحفظ، وبعضهم يجدون عناء وصعوبة شديدة في الحفظ والاسترجاع (وهنا لا يجب قسر الطفل على الحفظ أو إجباره).
2. مدى اهتمام الأسرة بموضوع حفظ القرآن الكريم.
3. مدى تهيئة الطفل للحفظ وتعزيزه، وعدم إجباره مما يجعله ينفر من الحفظ برُمّته حتى لو كان يملك هذه القدرة بدرجة عالية.
4. عدم مقارنته بغيره (من أقرانه أو من نماذج أخرى أكثر قدرة على الحفظ)، فكلٌّ له قدرته الخاصة به كما ذكرت، المهم هو التزام الطفل بالحفظ وتعويده التعهد بالقرآن، ولو بعدد قليل من الآيات يصل في بعض الأحيان إلى آيتين أو آية في اليوم.
والآن كيف تساعد ابنك على تنمية الحفظ عمومًا:
? أن تنتهز كل فرصة تساعد ابنك فيها على قوة الملاحظة وإعادة ما لاحظه، فعلى سبيل المثال عندما يرى بعض أفلام الكرتون تسأله بعدها عن أبطال هذا الفيلم ومن منهم يحبهم، وعندما تحكي له قصة اسأله عن بعض الأحداث أو الأشخاص فيها، وعندما يستمع إلى بعض أناشيد وأغاني الأطفال ساعِدْه على ترديدها معك، وعندما يستمع أيضًا إلى بعض آيات القرآن - قصار السور- ساعده على ترديدها، وعندما تخرجا معًا للتسوق مثلاً أو للتنزه لا تدع شيئًا أمامك إلا وتثير في نفس طفلك حب التساؤل عنه، وتدير حوارًا عن الأشياء التى يراها ... وهكذا.
وأما كيف تهيئ طفلك لحفظ القرآن وتساعده على ذلك، فيمكنك الاستعانة بالرد على السؤال السابق.
ولكن لصغر سن ابنك فيمكنك أن تجعله يستمع لقصار السور القرآنية من جزء (عم).
ولا تجلس معه ليسترجع هذه الآيات إلا لمدة خمس دقائق في نهاية الأسبوع، وإذا رفض الجلوس أو الاستقرار في مكان فلا تلحّ عليه، واكتفِ فقط بأن تبدأ أنت في تلاوة أول السورة فستجده يكملها معك.
وأخيرًا أدعو لك الله أن يوفقك وسائر المسلمين وتنتفع بما قدمناه لك، كما أود التنبيه على أن تساهم الأم في كل ما سبق
ــــــــــــــ(102/367)
"طريق الحمام مخاوف" يفتح التحقيق العنوان
أنا من المتابعين "شبه اليوميين" لموقع "إسلام أون لاين.نت"، وتعجبني إلى حد كبير المقالات والردود على الاستشارات الدينية والاجتماعية في موقعكم، ولكنني في الحقيقة صدمت عندما قرأت الرد علي رسالة "أم لمى من السعودية" بعنوان:
" طريق الحمام.. مخاوف "
وكان مضمون الرسالة أن ابنة مرسلة الرسالة والتي تبلغ من العمر 3 سنوات تخشى دخول الحمام ليلاً، وكان الرد بنظريات إلحادية أوديبية ودارونية، وذكرت أن البنت الصغيرة والتي تبلغ من العمر 3 سنوات تشعر باللذة الجنسية بكتم البول "نظرية دارون اليهودي"، وأنها تغدو داخل الغرفة لجذب أنظار والدها من وجهة نظر جنسية "نظرية أوديب"، وأنا في الحقيقة أحاول أن أتخيل منظر الأم المسكينة وهي تنظر إلى ابنتها الصغيرة من منظور الند لها وليس من منظور الابنة التي تحتاج إلى رعاية وحب من الأب والأم معًا، وأقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
إن هذه النظريات الإلحادية والتي كتبها الشواذ هدفها الأساسي تدمير الأسرة، ويجب أن ننتبه لهذا ونأخذ حذرنا من انتشار هذه الأفكار الهدامة في مجتمعنا الإسلامي، وبرجاء فتح تحقيق في هذه الواقعة وإرسال رد آخر لهذه الأم المسكينة.
السؤال
الخوف الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك يا أخي الكريم، وجزاك الله كل خير على النصيحة، وشكرًا لك على متابعتك (شبه اليومية) لما نجتهد في تقديمه على أكمل وجه، وقد بدا من رسالتك استياءك واستغرابك من الاستشهاد بآراء دارون الذي وصفته باليهودي، رغم أننا لم نستخدم نظريات داروين من قريب أو من بعيد -دارون لا علاقة له بعلم النفس-، بل إن نظرياته الشهيرة هي في نشأة الإنسان وتطوره وأطوار الكائنات وغير ذلك من نظريات علم الأحياء -وما عرضناه للأم السائلة بعض الافتراضات- ولا تنسَ إنها كانت مجرد افتراضات لقلة التفاصيل الواردة بالاستشارة، وتلك الافتراضات كان لبعضها علاقة بنظريات من علم النفس التي يمكن أن تبرر لها خوف ابنتها المبهم وتقرب إلى ذهنها طبيعة المرحلة العمرية للطفلة.
كما أنه لم يتم توجيه أم الطفلة بشكل أو بآخر إلى التعامل مع الابنة بندية بقدر ما تم توجيهها -وسائر الأمهات- إلى تفهم محاولات الأطفال للاقتراب من الأب إن كانت أنثى ومن الأم إن كان الابن ذكرًا، كل ذلك على أساس نظري يستند على بعض النظريات التي لم نجزم بصحتها ولم يكن المقام لتفنيدها، بل وإن النصيحة الأولى للأم كانت: "احتضان الطفلة، وتوفير مناخ محبب لها أثناء النهار، توظف فيه قدراتها وفراغها وتمدح وتلعب وتمرح".
الأهم من ذلك أنه:
لم يتم الحديث عن لذة جنسية تشعر بها الطفلة، بقدر ما تم الحديث عن شعور ما قد يحب الأطفال تكراره دون أن ينم عن رغبة جنسية ويمكنك الرجوع لنص الاستشارة للتأكد: "الاستمتاع بدفع البول؛ لأن ضغط المثانة يحقق لدى البنات لذة ما؛ فتميل البنات لتأجيل التبول كثيرًا لأطول فترة ممكنة لتحقيق هذه اللذة، وهذه اللذة مرتبطة بالإثارة التي تعيشها أثناء النهار في محاولات جذب انتباه الأب باعتبار ما سبق من احتمالات". فلم يرد في تلك العبارة أي حديث عن لذة جنسية، ويبدو أنك لم تمحص الإجابة بشكل كافٍ تحت تأثير ما سميته بالـ (صدمة)، ولعلّ صدمتك ذكرتني بفتاوى البوكيمون، الذي حرمته العديد من جهات الإفتاء تحت وطأة نظرية (المؤامرة) التي تطاردنا من كل ما هو غربي.
ما فات كان لتوضيح بعض النقاط التي بدا من رسالتك تداخلها وعدم وضوحها، ولكي تعمم الفائدة لك ولزوار صفحتنا ولـ (أم لمى) صاحبة المشكلة أحب أن أقدم لك بعض الإيضاحات التي يمكن أن تلقي الضوء بشكل أفضل على مضمون إجابتنا السابقة على سؤال (أم لمى)، وتقرب الأمر لأذهان الأمهات عما يقصد بالمشاعر السلبية التي تمر بها طفولة كل إنسان.
إننا كمربين نخطئ لو اعتقدنا أن الطفل يولد خيِّرًا بفطرته وأن شرور شخصيته هي من تأثير البيئة المحيطة به، وإنما ما يجب التأكد منه وفقًا لقول الله تعالى "فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا".. إن الطفل يولد على الفطرة وبداخله الرديء والجيد على شكل استعدادات، وهذه الاستعدادات هي ما يعني القائمين على التربية -من آباء ومعلمين وغير ذلك- بتهذيب الرديء منها وتوظيف الحسن منها.
يمكننا اعتبار الفقرة السابقة النقطة أو المسلمة الأولى من مسلمات ثلاث للتناول التربوي لأي إشكالية تربوية، أما المسلمة الثانية فهي أن المشاعر السلبية تظهر في الطفولة لتهذب، ولا يمكن استنكارها على براءة الطفولة، فلا يولد الطفل مهذبًا ولا مدربًا على قواعد السلوك، بل يتعلمها.
أما المسلمة الثالثة فهي أن النظريات العلمية التي قد تصفها بالـ "مشبوهة " يتم تخير المتاح منها الذي يتناسب مع الواقع وفقًا لأصولنا وقواعدنا المستمدة من روح ديننا الذي يحثنا على العلم والبحث وطلب الحكمة حيثما وجدت، وكون النظريات غربية أو لغربيين لا يجعلنا نرفضها أو نعترض عليها؛ فالنظرية تختبر في الواقع ويتم التحقق منها أو رفضها.
وقد اتفقت النظريات التحليلية على الإطلاق بوجود مراحل نفسية يمر بها الطفل في علاقته بوالديه يختبر بها نفسه ويتطور من خلالها، وملخص ما تم الاتفاق عليه أن الطفل والطفلة في المرحلة العمرية من 2 - 3 سنوات يبدأ لديهم الاهتمام بموضوع الحب الأول وهو الأم، ويحاول الطفل تبين حقيقته والاهتمام به كآخر منفصل عن الذات، ويكتشف الطفل أن هذا الآخر يمتاز عنه بالقدرة والكبر وسلطة الأمر والنهي ويحاول التشبه به، وربما يكون أول شعور يخبره الطفل خلال هذه المحاولات شعور ما يمكن أن يسمى "غيرة طفلية"، وهي مزيج من الحب والإعجاب بموضوع الحب الأول، وفي نفس الوقت قدر من التناقض الوجداني تجاه هذا الموضوع.. (الأم)، ثم يتنبه الطفل مع تطور نموه الحسي والنفسي والإدراكي إلى وجود الأب كمصدر للحنان والعاطفة يتسع بوجوده عالمه الذي كان لا يحوي إلا الطفل والأم، ويكتشف الطفل أن الأب يمتلك أيضًا مميزات كالأم، ويبدأ حينها الانتقال في علاقته واهتمامه من الموضوع الأول وهو الأم إلى الموضوع البديل وهو الأب بذات المشاعر الطفلية.. وأكاد أجزم أن هذا ما يمر به كافة الأطفال.
أعتقد أن القراءة المتأنية للتفاصيل السابقة سيكون تابعًا لها السؤال التلقائي:
لماذا يجب على كل مربٍّ إدراك مراحل هذا التطور والوعي بها وما دوره إزاءها؟
أعتقد أنه من غير المنطقي أن يكون ناتج الإلمام بمثل تلك الأمور هو تحين الفرصة للانتقام من الطفل الذي أصبح وفقًا لهذا التصور (ندًّا) -كما بدا لك أخي الكريم من خلال اطلاعك على الإجابة السابقة- بل إن المطلوب من التوعية بتلك الأمور توصيل دقة وأهمية دور كل من الأم والأب في عملية التربية التي لا يجوز -وفقًا لما سبق- أن تكون حدودها تلبية الاحتياجات الفسيولوجية والبيولوجية للطفل من إطعام ونظافة وغيره، وإنما هي في المقام الأول تهذيب وترويض للنفس الإنسانية المتمثلة في الطفل من خلال علاقته بوالديه ليصل إلى النضج النفسي، ويتم تهيئته للرشد بقدر ما يمكن من تهيئة تجعله كائنًا اجتماعيًّا يتخلص من الأنانية -التي قد تتسم بها طبيعة الطفل في مراحل عمره الأولى لتمحوره حول ذاته واحتياجاته- فيبدأ بأن يعي فكرة مصلحة الغير والتبادل معه والحفاظ عليه؛ فتتحقق إمكانية أن نصير "شعوبًا وقبائل لتعارفوا".
وعود على بدء أؤكد:
أن هذا إنما يتم من خلال مهمة تقوم الأم بمقتضاها بتهذيب طفلها -بعد تهذيب نفسها- ولن يتحقق ذلك إلا من خلال:
1 - حب أمومي جارف دافق.
2 - وعي أمومي بتطورات الطفل وطبيعة كل مرحلة يمر بها.
3 - تضحية أمومية تتمثل في الصبر والاحتمال.
4 - ثم مشاركة أبوية توازن العلاقة بين الأم والطفل أو الطفلة، وبلغة علم النفس تحدد المسافة، مع اجتناب الفوضى النفسية في العطاء العاطفي من الأب أو الأم أو كلاهما، والتي قد تنجم عن عدم فهم طبيعة الأدوار والتطور الإدراكي والحسي للطفل.
وهذا ما كنا وما زلنا نقصد إليه.. وما أكدنا عليه في الاستشارة السابقة، ولعلّ تأكيدنا لم يكن واضحًا.
لذا تمهل أخي الكريم قبل أن تصف الأمر بـ"الواقعة" التي تريد التحقيق فيها، وتمهل قبل أن تحتسب، فنحن وإياك في خندق واحد لا نروج لتدمير الأسرة المسلمة أو تفككها أو اعتناق نظريات مشبوهة "كما تعتقد"، بل نحاول الاستفادة من كل ما قدم ويقدم من علوم ونظريات نستفيد من خيرها ونتجنب شرورها، ولعلّ ذلك يفتح الباب لي لأطلب منك وبصدق أن تقدم لي رأيًا أو نظرية مُفَندة لما استخدمناه من نظريات في علم النفس، فنحن دائمًا في انتظار المزيد والجديد والحكمة هي ضالتنا.. فعسانا من المؤمنين.
نشكر لك اهتمامك ونصيحتنا ونأمل في تواصلك معنا دائمًا، ولكن لا تنسَ أن الرفق زينة كل أمر.. وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/368)
عواقب مشكلة التدليل العنوان
لي أخت عمرها ست سنوات وهي الأخت الصغرى، مدلّلة، تُلبّى لها كل رغبة.. عنيدة، وأنا أساعدها في عملية الاستذكار، وأجد صعوبة في هذه العملية نتيجة لرفضها الاستذكار أصلاً فأنفعل عليها، فتتهمني أمي بأننى سأسبب لأختي "عقدة "، وأنا أكره هذا التدليل، فما العمل؟
السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
أصبح من النادر - مع الأسف - أن نجد شابًّا في مثل سنك يهتم بأمر أسرته بصفة عامة وبأمر تقويم سلوك أحد أفرادها بصفة خاصة، فأعانك الله على استكمال ما ألزمت نفسك به وجعلك قدوة لغيرك من الشباب، وأما عن حل المشكلة فهو:
اعلم أيها الشاب أن حل هذه المشكلة يتوقف على الدور الذى ستقوم به مع كل من والديك والأخت الصغرى نفسها:
أولاً: دورك مع الوالدين (خاصة الأم):
إذا استطعت أن تجتمع مع والديك وتوضح لهما بطريقة لطيفة هادئة عاقبة هذا التدليل، وتصور لهما مدى خطورة ذلك على الفتاة نفسها - فيما بعد -، بل وأنهما أول من سيتجرع هذه العاقبة من تطاول وتسلط هذه الفتاة عليهما عندما تشب عن الطوق، وكيف أن هذا سيسيء إليهما بتعليق البعض أنهما لم يستطيعا تهذيب ولا تأديب الفتاة كما ينبغي، ووضح لهما أن سبب انفعالك عليها هو التدليل من الجميع، وأنك على استعداد تام للتعاون معهما لتتخلص هذه الفتاة من هذه الخصال دون حدة أو عصبية.
وإذا تم لك ذلك بتوفيق الله فعليكم وضع سياسة وخطة في تقويم سلوك الفتاة (وهي التي سأشير إليها في الحديث عن دورك مع الفتاة)، فإذا تعذر عليك الاجتماع بالوالدين والتفاهم معهما في ذلك، فعلى الأقل مع الأم باعتبار أنها المسئولة الأولى عن توجيه وتربية الأبناء، ولا تيئس من محاولتك مع والديك بصفة مستمرة، ولكن أؤكد مرة أخرى بطريقة هادئة وديعة وأثناء محاولاتك مع الوالدين أو مع الأم (أو في حالة عدم استجابتهما)، فعليك دور مع الفتاة نفسها عسى أن يكون صلاح أمرها على يديك.
ثانيًا: دورك مع الفتاة:
لاحظ أنك إذا اتفقت مع والديك فإنهما سيقومان بالدور الأساسي في البنود التي سأعرضها عليك الآن، وهذا من شأنه سرعة استجابة الفتاة وسرعة التخلص من السلوكيات غير المرغوب فيها، بل والأهم أن يتأكد للفتاة سياسة التربية الواحدة وعدم التناقض بينكم في توجيهها. وأما دورك معها إذا لم تجد تعاونًا من الوالدين (أو الأم خاصة) فهو:
1. أن يكون لديك قناعة داخلية بأن ما تأتيه الطفلة من أفعال ليس ذنبها، فما هي إلا مرآة تعكس أفعال الآخرين معها، فلا تحاسبها على ما لا ذنب لها فيه، وعليه فلا بد وأن تملك نفسك معها عند الغضب.
2. لا تُقْصر علاقتك بأختك على عملية الاستذكار أو الأوامر والنواهي، بل حاول أن تمدّ جسور الثقة بينكما، وأقترح عليك في بداية علاج هذه المشكلة أن تتوقف عن مساعدتها في عملية الاستذكار حتى يتم إيجاد علاقة إيجابية بينكما.
3. حاول أن تكون مَرِحًا ودودًا معها، تظهر لها حرصك عليها وعلى مصلحتها، دون أن تَلمح هي في طريقتك التدليل الذي تجده من الآخرين.
4. خصص لها وقتًا من نفسك للعب وللتنزه معها، وحاول أن تقترب من مستواها في أثناء اللعب، وفي أثناء التنزه حاول أن تُعْمل ذهنها بأن تلقي عليها بعض الألغاز البسيطة (الفوازير) التي تناسب سنها.
5. اشترِ لها بعض الهدايا البسيطة والمفيدة والتي تدخل على قلبها السرور، مثل: بعض الحُلي التي تناسبها ،"البازل" ، كتب للتلوين ، قصص تقرؤها عليها أو معها.
6. ثق أنك إذا أحسنت إليها وتعاملت معها بلطف وحزم في نفس الوقت ونفّذت ما سبق بصبر ومثابرة، فهذا من شأنه أن ترتبط بك وأن تسمع منك، بل لن أبالغ إذا قلت أنها ستستمع إليك أكثر من الذين يدلّلونها وتحرص على إرضائك أكثر منهم، وسيقل إن لم ينعدم تسلطها وعِنْدُها؛ وذلك لسبب بسيط أن الأطفال مهما بلغ حبهم لمن يدلّلهم فإن ارتباطهم يكون أقوى بمن يحزم معهم.
7. عزّز لها كل سلوك مرغوب فيه تأتي به بكلمة استحسان أو ابتسامة تنمّ عن رضاك عما بدر منها.
8. وأما بالنسبة لعملية الاستذكار فما عليك إلا أن تتذرع بالصبر وعدم الحدة، وأن تضفي روح المرح على طريقتك أثناء عملية الاستذكار.
9. حاول دائمًا أن تسألها عن أحوالها في المدرسة، ومن أصحابها، وما المواد التى تحبها والمدرسين الذين تحبهم، بمعنى آخر تهتم بشئونها في المدرسة
01. حاول الاتصال بمدرسيها ومعرفة مستواها.
11. شجّعها على الاشتراك في الأنشطة المدرسية.
21. عندما تحرز تقدمًا في مادة ما فعزّز لها هذا التقدم بامتداحها أو بالتنزه معها أو بهدية بسيطة (لا تكثر من الهدايا كنوع من التعزيز).
وأخيرًا أدعو لك الله أن يعينك في التغلب على هذه المشكلة، وأن تساعد والديك في تغيير سلوك أختك، وكل ما أؤكد عليك هو الصبر والمثابرة.
ــــــــــــــ(102/369)
التوحد.. عَرض مستمر العنوان
مطلقتي قريبتي وتعاني من مرض لم نصل إلى تشخيصه، أهو عضوي أم نفسي، والابنة -14 عامًا- تعاني من تأخر فكري؛ حيث عاشت مرحلة توحد بالإضافة إلى معايشتها لمرض أمها، وجدَّتُها الطاعنة في السن هي التي تتولى تربيتها.
وسؤالي هو: كيف أجعل ابنتي سوية بعد هذه السن المتأخرة؟ وما هي كيفية تعويضها لتتمكن من العيش كإنسانة سوية؟ مع ملاحظة عدم إمكانية أخذها من والدتها، وهي تعيش في منطقة نائية. وفقكم الله ورعاكم جميعًا.
السؤال
التوحد الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة اسم الخبير
الحل
الأخ الفاضل، الحقيقة أن رسالتك حيرتني قليلا، وذلك لسببين رئيسيين هما:
- السبب الأول: أن التوحد هو إعاقة نمائية؛ أي أنها تحدث في الطفولة المبكرة، وتستمر مدى الحياة؛ أي أنه ليس هناك شيء اسمه "أنها عانت من مظاهر توحد في الطفولة"؛ لأنها إذا كانت ظهرت لديها أعراض توحد فهذا يعني أنها ستستمر معها طول العمر.
والسؤال هو: من قام بالتشخيص بالتوحد؟ ومن أعطاك فكرة أن التوحد يمكن أن يحدث لفترة ثم يختفي أو يتم الشفاء منه؟؟ أما إذا كانت الطفلة قد عانت من اضطرابات سلوكية أو انفعالية في طفولتها؛ فهذا يرجع للعديد من الأسباب التي يجب أن يتم تشخيصها بواسطة فريق يشمل إخصائي طب أعصاب وإخصائي نطق ولغة وإخصائي تربية خاصة وعلم نفس وغيرهم حسب الحالة .
وربما حسب ما ورد في رسالتك من وصف للحالة أن تكون الفتاة عانت أو تعاني من انفصام الطفولة، وكما قلت لك سابقا هذا يحتاج إلى تقييم دقيق ومختصين مؤهلين لتحديد المشكلة .
- أما السبب الثاني لحيرتي فهو طلبك للحل رغم أنك تذكر أنه لا مجال لانتقالها من مكان سكنها الحالي!!!
إذن ما الحل؟ الحل ببساطة هو أن تكون خدمات التعامل مع حالة الفتاة "بعد التشخيص" متوفرة في مكان سكنها؛ وبالتالي ليست هناك مشكلة، أو إخضاعها لجلسات تدريب وتأهيل، أيضا بعد التشخيص وتحديد ما تحتاجه من جلسات تدريب حسب الوقت المقترح من الإخصائيين، مثل جلسة كل أسبوع أو برنامج مكثف لفترة شهر أو شهرين أو تدريبكم على طرق معينة للتعامل معها، وهذا يتم بالاتفاق مع الإخصائيين.
أما الرغبة بالتحسن مع عدم وجود محاولة جادة لذلك أو في ظل الظروف التي وصفتها؛ فمن غير الممكن وصف برنامج مناسب عبر الإنترنت أو الهاتف أو غير ذلك، وأقصى ما يمكن عمله هو النصح لك ببذل أقصى ما تستطيع، حتى ولو اقتضى الأمر إلحاق الفتاة ببرنامج لمدة معينة أو مركز موثوق به بشكل داخلي للفترة الزمنية التي يقترحها الإخصائيون، مثل شهور العام الدراسي، ثم إمضاء الصيف في قريتكم؛ وذلك للوصول إلى أقصى درجة يمكن تحقيقها مع الطفلة، والنصيحة الخالصة هي عدم ترك الأمر بدون البحث عن طريقة لمساعدة الفتاة، خصوصا أن الوقت الذي يمر ليس في صالحها، وكما تعلم فإن التدريب في الصغر أسهل وأفضل نتيجة من التقدم في السن؛ لأن هناك فترات حرجة يسهل على الإنسان فيها تلقي التعليم والتدريب، ويصبح أكثر صعوبة مع الكبر .
أرجو أن تعطي الموضوع جل اهتمامك من أجل مصلحة الفتاة، خصوصا أن الجدة والأم يمكن أن يقوم بعض أفراد الأسرة الآخرين بالعناية بهما بدل تضييع مستقبل الفتاة.
ــــــــــــــ(102/370)
رد العدوان أم صفح وغفران؟!!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله كل الخير على ما تقدمونه لنا من نصائح مفيدة، أما استشارتي فهي أنني أريد معرفة التصرف الصحيح والسليم للأطفال عندما يضربهم أحد الأطفال في ساحة اللعب أو في المدرسة؟ أقصد ما علي أن أعلم أطفالي بكيفية التصرف. هل يردون بالمثل؟ أم هل يعفون؟ وما هو دور الأهل، ومتى بإمكانهم التدخل؟ أرجوكم أن تردوا عليّ بالشكل الوافي، بالنسبة للبنات والصبيان، ولكم تحياتي يا إخوتي في الله. ودمتم في رعاية الله وحفظه.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
الأخت الكريمة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
شكرًا كثيرًا على تحيتك الطيبة. وجزاك الله خيرًا.
زادت كثيرًا الشكوى من العدوان في محيط الأطفال. ولكننا لو أمعنا النظر لوجدنا أن هذا النمط من العدوان المنتشر كالفيروس في الجو لا يترك صغيرًا أو كبيرًا إلا وكان له منه حظ.
وقد تناولنا الأمر أكثر من مرة على صفحتنا إلا أنه يظل هناك اختلافات بين حالة كل سائل. ولذا كان من المهم معرفة أن هناك نقاطًا كثيرة تتعلق بهذا الأمر لا بد من تقصيها أولاً عن طفلنا، وهي:
- هل يمكنه التعبير جيدًا والتفاوض والتفاهم بالحوار؟
- هل هو عصبي لدرجة يفقد السيطرة على نفسه حين الغضب؟
- ما الذي يجعل طفلك هدفًا لعدوان الآخرين؟
- هل لدى ابنك تقدير عالٍ للذات أم العكس؟ كيف، لماذا؟
- ما نمط شخصية ابنك؟ وما طبيعته؟ وإلى أي الحلول يميل؟
- كذلك هل هو ذو طبع يميل لاستفزاز الآخرين، ويبدأ ببعض المشاغبات التي تنتهي بالاعتداء عليه، أي هل هو من النوع الذي يلقى بنفسه في المشاكل.
- ما درجة وشكل العدوان ومكانه وطبيعة الحلول التي تقوم بها السلطة في هذا المكان (المدرسة أو مشرفة ساحة اللعب)؟
- ما طبيعة الطفل المعتدي هل هو أقوى بدنيًّا من طفلك؟ هل هو مهذب يمكن التفاهم معه؟ هل هو عدواني بطبعه؟ هل هو كثير الاعتداءات أم أن الأمر عابر؟ هل هو صديق أو قريب من طفلك؟ أم أنه غريب تمامًا على طفلك؟
- ما شكل هذا العدوان أهو لفظي أم بدني أم تجاهل؟
- هل ابنك دائمًا يأخذ دور المعتدى عليه أم أن الأمر سجالاً مرة له ومرة عليه؟
- هل يمكنه رد العدوان عن نفسه أم لا؟
- هل طفلك وطفلتك كلاهما يتعرضان للعدوان؟
- ما طريقة التربية في البيت.. هل يشوبها بعض العقاب البدني؟ هل تميل إلى الهدوء وعدم العنف مطلقًا أم...؟
ما ردة فعل طفلك حين العدوان. هل يخاف لدرجة كبيرة؟ هل يرفض الذهاب لنفس المكان مرة أخرى؟
هذه بعض التساؤلات التي توضح مكامن المشكلة بأبعادها المختلفة. وأسوق لك ذلك لأؤكد أن الفروق الفردية بين الأطفال تصنع فروقًا حقيقية في طريقة التعامل مع كل طفل، وكذلك الظروف المحيطة.
وألخص لك في نقاط ما يمكنك عمله:
- لا تنفعلي انفعالاً شديدًا. ولا توجهي إليه أي لوم أو نقد (هذا يتم في موقف آخر وليس في ذات الوقت الذي يشكو فيه الطفل من الاعتداء). استمعي بهدوء وشجعيه ليحكى لك.
- أخبريه أن طفلاً من بين كل سبعة أطفال يتعرضون لهذا العدوان. وأظن أن النسبة الحقيقية أكثر مما أوضحت هذه الإحصائية.
- طمئنيه أنك موجودة حين يحتاج إليك.
- ساعديه ليتصرف بمفرده وأثني في قدرته على حل الأمر بطريقة سلمية.
- أعطيه الأمان (وليس الحماية المفرطة)، والحب (وليس التدليل)، وابني فيه تقدير الذات.
- يمكنك أن تعلميه بعض فنون الدفاع عن النفس (الكاراتيه – الكونغ فو – الجودو). الطفل يحتاج لتعلم طرق للتعامل مع هذا الاعتداء ويوقفه. دربيه بعض الطرق ليتمكن من ذلك.
- ابني فيه تقديرًا عاليًا للذات بتعلم مهارة جديدة -الانخراط في فريق ما- اكتساب صديق جديد - مزاولة نشاط.. والأهم تقديمك الأمان والحب والقبول والثناء على الإيجابيات.
- شجعيه ليبقى في جماعة. فهذا أكثر أمانًا فعادة ما يلتقط المعتدي فردًا بمفرده. ويقولون في لغتنا المصرية (الكثرة تغلب الشجاعة).
- أخبريه بضرورة أن يظل هادئًا. هذا صعب جدًّا، ولكنه مفيد لأبعد الحدود فما إن يشعر المعتدي بغضب الطرف الآخر والبدء في إظهار الضيق والحنق حتى يزيد من عدوانه؛ لأنه يكون بذلك قد حقق ما يصبو إليه من إثارة الطرف الآخر والشعور بأنه هو الأقوى والأفضل. وهذا كما أسلفت بالذكر في استشارة سابقة هي استشارة (بندق وشرشر ودبلوماسية فض المنازعات ) مرجعه أن المعتدي غالبًا ممن لديهم تقدير متدن للذات فيحاول استشعار قوته وتميزه عن طريق هذا العدوان؛ ولذا على المعتدى عليه إحباط ذلك بإظهار التماسك والقوة.
- على طفلك أن يحاول تجنب الاعتداء. فلا يكن بادئًا. وهذا التجنب ليس خوفًا، وإنما امتثالاً لأمر الله تعالى بألا نبدأ بالعدوان، قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ".
- أخبري ابنك بأن يظل في الأماكن الآمنة المكشوفة التي بها جمع من الناس.
- لا تجعليه يخفي الاعتداء عليه كما لو أنها وصمة له بالضعف فهذا يزيد الأمر سوءاً ويزداد الاحتمال بعدم القدرة على المواجهة مستقبلاً، فضلاً عن عدم الرجوع لأحد لإخباره وطلب المساعدة. أعلمي ابنك أن الأمر ربما تطلب إبلاغ المشرفين أو حتى تدخل أوسع نطاقًا إذا ما كان الأمر متفاقمًا.
- أحيانًا يكون الأمر لا يحتمل أن يعالجه الطفل بمفرده. وإذا ما كنا في المشكلات الصغيرة نفضل تصرف الطفل بنفسه ليعتاد التفاوض ورد العدوان والتفاهم والتعامل و...، إلا أنه في الحالات التي يتعرض فيها لعدوان أشرس من أن يرده بمفرده لا بد من تدخل الكبار.
أما عن سؤالك الذي شغل بالي كثيرًا حقًّا: هل أعلمه ألا يرد أم يرد؟ فكرت به كثيرًا؛ ولعلّ مرد حيرتي أننا نستشعر من الناحية الدينية والأخلاقية أننا لا نحب لأطفالنا أن يكونوا معتدين، ونريد أن نعلمهم العفو والصفح.
وعلى الطرف الآخر لا نريد أيضًا لهم أن يكونوا في موقف ضعف فيُعتدى عليهم ويقفوا مكتوفي الأيدي قليلي الحيلة. فما العمل إذن؟
خط الدفاع الأول هو اتباع منطق الوقاية خير من العلاج. بمعنى أن أنمي تقديرًا عاليًا للذات لدى طفلي. وطالعي هذين الموضوعين للتفصيل:
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
- احترم طفلك.. يحترم نفسه!
وهذا التقدير يقلل كثيرًا من استهدافه كضحية للعدوان. كما يضعه في موقف القوة بحيث إذا ما اعتدى عليه يكون قادرًا على أخذ حقه ورد اعتباره ولا يقف عاجزًا عن رد العدوان عن نفسه. في هذه الحالة يمكننا بالطبع أن يكون في موقف العافي (مع المقدرة)؛ لأنه لا عفو بلا مقدرة حقيقية. وإذا وصل للعفو يمكنه أن يتجاوزه للإصلاح بينه وبين هذا الذي اعتدى عليه سابقًا. وله بهذا أجر عظيم. ولنا الأجر على تعليم وتربية أطفالنا على العفو بعد أن نكون أهلناهم للمقدرة.
يجب أيضًا أن أذكر أن هناك تمهيدات للاعتداء فليس هناك اعتداء يبدأ من ذروته. وإنما احتكاك، ثم مناوشة، ثم محاولة لجس النبض، ثم اعتداء صغير يمكن أن يتطور سريعًا. وكل هذه مراحل يمكننا فيها أن نعلم أطفالنا الكثير من ضبط النفس والحوار ومحاولة تغيير مسار الحدث لصداقة بدلاً من العداء. وهكذا علينا فعليًّا أن نحول دون العدوان. سواء كان طفلك معتدي أو معتدى عليه؛ لأنه ربما لو ذاق قوة الاعتداء لأحب هذا الشعور بالقوة الزائفة. وهذا وارد، فكثير ممن كانوا بالأمس معتدى عليهم صاروا اليوم معتدين. ولا نريد هذه الحالة ولا تلك.
ولذا يجب أن نعلم أطفالنا الحب ونذيقهم القوة الحقيقية في مجالاتها المشروعة.
إذن لا بد من أن توصلي الرسائل التالية إلى طفلك:
- كن قويًّا (نفسيًّا وبدنيًّا) حتى لا تستهدف بالعدوان.
- لا تبدأ أبدًا بالعدوان.
- رد العدوان إن حدث (بعد أن تكون قد سلكت كل السبل كي لا يحدث العدوان).
- إذا رجع المعتدي عن اعتدائه فالعفو والغفران. أرجو أن توافينا بمتابعاتك.
ــــــــــــــ(102/371)
المنهج السليم لتحفيظ القرآن الكريم العنوان
لي ولد عمره أربع سنوات أود أن أعلمه القرآن، فكيف أغرس فيه حب قراءة القرآن وحفظه دون أن يملَّ؟ مع العلم أننا أسرة فرنسية وطفلي هذا لا يتقن العربية. السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
بورك لكم من أسرة طيبة، ولا تتخيلي أيتها الأم الصالحة كم كانت سعادتي وأنا أقرأ رسالتك الكريمة، وبرغم بساطة هذا المطلب فإنه غاية في الأهمية، وأدعو الله أن يلهمني الرد الذي ينفعكم وينفع المسلمين.
وربما كان من الضروري قبل الإجابة عن هذا السؤال أن نتعرف أولاً على أسباب عزوف معظم الأطفال عن حفظ القرآن، ولن أتعرض إلا لسببين هما "من وجهة نظري" أهم الأسباب على الإطلاق، فإذا عرفناهما كان هذا مدعاة لعلاجهما، ومن ثَم يسهل أمر الحفظ بإذن الله، والسببان هما:
1. الاعتماد في كل ما يقدم للأطفال - بل والكبار أيضًا - على الإبهار الحركي بدءًا من التليفزيون، ومرورًا بالفيديو، وأخيرًا بالكمبيوتر، مما أدى إلى تراجع وضعف مهارة الاستماع عند الكبار والصغار على حد سواء، وباعتبار أن حفظ القرآن يعتمد في المقام الأول على مهارة الاستماع، فأدى ذلك إلى قلة الاكتراث به؛ ولذلك ستلمحين - سيدتي - في الحل بعد ذلك كيف سنحاول معًا تنمية مهارة الاستماع لدى الطفل.
2. السبب الثاني: زعم بعض التربويين أنه لا يجب أن يُعلّم الطفل عن طريق التلقين والحفظ دون فهم، وأصبح هذا الزعم يصمّ الآذان حتى خشي البعض أن يرى في التلقين ميزة واحدة، وأنا لا أحبذ التلقين على إطلاقه وليست هذه وسيلتي في التدريس، ولكنه - أي التلقين - من الوسائل الناجحة في حفظ القرآن والتى لا غنى عنه.
والآن تعالَي معي - سيدتي - لنستعرض الخطوات العملية التي تساعد على حفظ القرآن إن شاء الله تعالى.
أولاً: كيف نهيئ الطفل لحفظ القرآن الكريم؟
تتلخص تهيئة الطفل لحفظ القرآن في النقاط الآتية:
? أن تهيئي للطفل البيئة أو البيت القرآني، بمعنى أن الطفل لن يقبل على الاهتمام بالقرآن ويحبه، وهو لا يجد القدوة من أسرته الصغيرة التي تتمثل في الأبوين والإخوة؛ ولذا يجب على الأبوين أن يحرصا على حفظ القرآن ومدارسته، ويجد الأطفال الحرص كل الحرص من الوالدين على: أن تكون هناك مواعيد محددة لقراءة القرآن –حتى لو كان ربع حزب – يوميًّا، الحرص على تعلم تلاوة القرآن، الحرص على أن يحفظا جزءًا محددًا من القرآن يلتزمان به، وليكن عشر آيات في الأسبوع، مع حرص كل منهما أن يقرأ على الآخر غيبًا الجزء الذى حفظه، بل ويتنافسا فيمن ينتهي من الجزء المحدد للحفظ أولاً، على أن يكون ذلك على مسمع ومرأى من أبنائهما، ويمكن أن يكون ذلك على يد أحد القراء أو المتخصصين إما في البيت أو في المسجد، ويُصطحب الأطفال إلى المساجد ليعتادوا هذا، كما لا بد وأن ننتبه إلى أن الحفظ لا بد وأن يترتب عليه عمل، فيكون سلوك الأبوين متسقًا ومنسجمًا مع تعاليم القرآن الكريم، فالصحابة - رضوان الله عليهم - لم يكونوا يتجاوزون العشر آيات حتى يعملوا بما حفظوا.
? أن يتبادل الوالدان الهدايا بمناسبة الانتهاء من حفظ جزء من القرآن، وأن يكون الأطفال على علم بذلك، بل ويمكن أن يشتركوا في شراء الهدايا.
? أن يلتزم الوالدان باستماع برنامج إذاعي أو أكثر أو يستمعا إلى بعض المحاضرات المسجلة ويتناقشا فيما سمعا أمام أطفالهما، ويحاول الوالدان أن يكتسب الطفل هذه العادة، ويقرأ أحدهما بعض القصص والمقالات البسيطة على أطفالهما، ومن ثَم يمكن تنمية مهارة الاستماع لدى الطفل.
? أن يستمع الأطفال إلى شرائط تسجيل بصوت أحد القرّاء ذوي الأصوات العذبة في الترتيل والتلاوة، وذلك أثناء قيام الطفل بعمل محبب لديه (الرسم أو التلوين)،
? أن يتعرف الطفل على هذا الكتاب العزيز (قصة نزول القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم - عدد أجزائه - عدد سوره - أن يُحْكى له بعض القصص القرآني "قصة البقرة - أصحاب الجنتين - قصص الأنبياء).
? بالنسبة لطفلك - سيدتي - فعليه بتعلم العربية من الآن - لأن سنه تسمح بذلك - على يد أحد المتخصصين في اللغة بالأساليب التربوية الحديثة حتى يحب هذه اللغة ويقبل على دراستها، على أن يتم ذلك في سنة بأكملها، وفي أثناء هذا العام لا تثقلي على ابنك بكثرة حفظ القرآن، فيمكنه مثلاً أن يحفظ جزءًا أو جزأين، وهذا يرجع كما ذكرت إلى قدرة ابنك واستعداده لعملية الحفظ.
ثانيًا: متى يبدأ الطفل حفظ القرآن الكريم؟
يقول بعض المجتهدين: إن الطفل يمكن أن يبدأ في الحفظ وعمره ثلاث سنوات، والبعض يقول في الرابعة (وأنا أزعم أنه يمكنه الحفظ قبل ذلك والأمر تحت التجريب)، ومع ذلك فهناك نماذج من الأطفال الأفذاذ على مرّ التاريخ قد أنهوا حفظ القرآن في هذه السن، وبعضهم أنهوه في سن الخامسة، أما بالنسبة لطفلك سيدتى فما عليك إلا أن:
1. تعرفي مدى قدرة ابنك على الحفظ وكل أم - في الغالب - تعرف هل ابنها سريع الحفظ قوي الذاكرة أم لا، فإذا لم تعرفي فعليك بملاحظة ابنك من الآن، فإذا لاحظت أنه جيد الحفظ أو سريع الحفظ فعليك أن:
? تضعي خطة مع والد الطفل (خطة سنوية، وشهرية، وأسبوعية، ويومية لحفظ القرآن الكريم) في جدول (يحتفظ به الوالدان) على أن يتم حفظ ست أجزاء مثلاً في السنة، أي يتم حفظ القرآن كله في خمس سنوات إن شاء الله، بحيث يحفظ الطفل حوالى 20 أو 25 آية في الأسبوع أي ربع حزب (وهناك من يستطيع أكثر من هذا، ولكني أفضل هذا القدر حتى لا يكون في الأمر حمل أو عبء، وهناك من لا يتحمل كل هذا، فأرجو عدم الإكراه، فقليل يُداوم عليه خير من كثير منقطع لا بركة فيه يُنسى لعدم تعهده).
? يبدأ الطفل في الحفظ من جزء (عم)
? يستمع الطفل إلى الجزء المحدد له حفظه في اليوم على شريط تسجيل (4 أو 5 آيات في اليوم، وأحيانًا تزيد عندما تكون الآيات قصيرة)، وذلك أثناء ممارسته للتلوين أو الرسم ، ولا يجب أن نلزم الطفل في هذه الفترة بأن يجلس ويستمع إلى الآيات ويرددها.
? في نهاية الأسبوع سنجد أن الطفل قد علق بذهنه الآيات، ولكن يحتاج فقط إلى ربطها بعضها ببعض، وهنا يفضل أن يذهب إلى مسجد ليرى له أترابًا يقومون بما يقوم به، فهذا أدعى إلى وجود التنافس "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون"، وليركز على هذه الآيات على يد أحد المتخصصين فإذا لم يتوفر ذلك، فأفضل أن يقوم الأب وذلك في يوم إجازته الأسبوعية، فيجلس الطفل بين يديه ويقرأ الأب أولاً الآيات، ثم يرددها الطفل ولن يستغرق ذلك سوى عشرين دقيقة في الغالب، "ويجب المداومة على هذا الموعد، وعدم التخلف عنه حتى يحس الطفل بجدية الأمر هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى تتكون لديه عادة قراءة القرآن وتعهده والارتباط به وحبه"، والأفضل أن يرتبط هذا اللقاء بشيء يحبه الطفل مثل القيام بالنزهة بعده أو القيام بالرحلة الأسبوعية التى تحرص عليها الأسر - في الغالب - في الدول الأوروبية، ولا أعنى بهذا أن تعلق النزهة أو الرحلة بشرط الحفظ، كما أنبه إلى ضرورة إضفاء روح المرح والنشاط أثناء هذه الجلسة، مع عدم الإخلال بوقار واحترام ما يُتْلى.
? يثاب الطفل كلما أحرز تقدمًا في الحفظ بكلمة استحسان ومدح، وتذكيره بأن ما فعله هذا يُسعد والديه، فضلاً عن رضا ربه، ويُمكن أن يدعى لتناول الطعام خارج المنزل أو إلى نزهة يفضلها.
? يقام له حفل بعد أن يحفظ الجزء.
? وحتى لا يتعرض القرآن للنسيان، فعلينا تعهده بالمراجعة باستمرار، فعلى الطفل أن يراجع في الأسبوع كل ما حفظه خلال هذا الأسبوع بالطريقة التى ذكرتها آنفًا، وفي الشهر يراجع كل ما حفظه أثناء الشهر، وتكون المراجعة بإعادة الاستماع إلى الآيات من المسجل في الأيام الثلاثة الأخيرة من الشهر، ثم بالطريقة نفسها السابقة يقوم الوالد بتسميع ما حفظه الطفل خلال الشهر، ويفضل أن تقام مسابقة لهذه المراجعة إذا كان يتم هذا بالمسجد وتوزع جوائز رمزية.
? العمل بفكرة "الأستاذ البديل"، وهي عبارة عن تشجيع الطفل الذي أتقن تلاوة وحفظ جزء من القرآن إتقانًا تامًّا بأن يقوم بدور المحفظ لهذا الجزء لمن لم يحفظه بعد (من إخوته أو من زملائه بالمسجد، على أن يتم ذلك تحت إشراف الأب أو الشيخ بالمسجد).
ثالثًا: كيف نعالج الملل؟
قلما يدخل الملل إلى نفس الطفل من الحفظ عندما نتبع الطريقة السابقة؛ لأننا لا نلزمه بالجلوس والتكرار إلا مرة واحدة في الأسبوع، ولأن الحفظ ارتبط عنده بأشياء يحبها، أما إذا تسرب إليه الفتور أو الملل فما علينا إلا أن نحدث بعض التغيير مثل:
? إذا بدا الفتور لدى الطفل فلا يُظهر الوالدان اهتمامًا بهذا الفتور في أول الأمر، بل يجب أن يستمرا في طريقتهما (قراءة القرآن اليومي والحفظ، وتعلم التلاوة ... إلخ)، ولا يتغير شيء من نظامهما ولا يُظهرا الأسى على الطفل لفتوره في الحفظ، كما يستمرا في تشغيل المسجل بالآيات للطفل قبل النوم.
? أن يتعلم الطفل تشغيل الآيات المراد حفظها - بنفسه - من "أسطوانة"، ثم يمارس الرسم أو التلوين أو مساعدة الأم في بعض الأعمال المنزلية وهو يستمع للآيات.
? يقوم المسجد بتنظيم رحلات خلوية وفي أثناء الرحلة يتم التسميع للأولاد - إن أمكن ذلك - للتأكيد على حفظ الآيات، كما يمكن أن يكون ذلك في السيارة أثناء الذهاب إلى رحلة من رحلات الأسرة في الإجازة الأسبوعية، وليكن الأبوان قدوة في ذلك فيطلب الأب من الأم أن تقوم باسترجاع ما حفظته خلال الأسبوع، ثم يفعل ذلك الأب، ثم الابن.
رابعًا: كيف نساعد في تنمية التذكر عند الطفل؟
إذا كان ابنك لا يستطيع الحفظ بدرجة جيدة فعليك باتباع ما سبق، ولكن يجب أن:
أ - يكون التخطيط للحفظ يتناسب مع قدرة الطفل على الحفظ، فمثلاً يمكن أن يحفظ ربع الحزب على أسبوعين بدلاً من أسبوع واحد.
ب - تكرار الآيات أكثر من مرة قبل النوم، ويكون هذا آخر ما يسمعه الطفل قبل نومه.
ج - عدم تعنيف الطفل إذا أبطأ في الحفظ.
د - إثابَتُه كلما أحرز تقدمًا في الحفظ.
هـ - زيادة عدد الآيات المراد حفظها في اليوم، فبدلاً من آيتين اجعليها ثلاث آيات، واختبري ابنك ومدى استجابته لهذه الزيادة، فإذا لم تحدث له أي بلبلة أو لَبْس فاستمري على ذلك، فإذا لم يستجب فارجعي إلى النظام الذى يستطيعه.
و - قسِّمي الآيات الطويلة إلى مقاطع حتى يسهل الحفظ.
وأخيرًا سيدتي وكما دائمًا أنصح كل القائمين على التربية بالصبر والمثابرة، فلتلتزميهما أنت ووالد الطفل فإنهما مفتاح النجاح الحقيقي مع الأبناء، كما أدعو الله أن يوفقك وزوجك لهذه المهمة النبيلة.
ــــــــــــــ(102/372)
صعوبات التعلم..التشخيص قبل التأهيل العنوان
تواجه ابنتي -16 عاما- صعوبات في التعلم وربط الأمور ببعضها البعض، والطريقة الوحيدة في التعلم بالنسبة لها هي الحفظ، ولكن المشكلة دون إدراك الموضوع؛ حيث إذا تغيرت كلمة أو حرف فإنها لا تتمكن من الإجابة.
وكنا قد تابعنا حالتها مع إخصائيين عندما كنا نقيم بالأردن، ولكن دون تحسن ملحوظ، حتى كلامها غير مترابط لتكوين الحدث بالكامل، ورغم المحاولات العديدة لكي تتحدث بصورة أفضل فإن ذلك دون جدوى، رغم أنها تتمتع بذاكرة قوية لحد ما.
وسؤالي: هل يوجد بدولة الإمارات متخصصون بمثل هذه الحالات؟ وهل هناك طريقة أو أسلوب نتبعه لتحسين أدائها؟ وأخيرًا هل يوجد دواء ثبت نجاحه يمكن استخدامه لتحسين تحصيلها؟
السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة اسم الخبير
الحل
أخي الفاضل، المعلومات التي أوردتها في رسالتك محدودة للغاية ولا تساعدني في إعطاء انطباع عن مشكلة البنت. وسؤالي لك هو: هل تم تشخيص قدرات الفتاة عند مختصين مثل إخصائي نطق ولغة وإخصائي صعوبات تعلم وإجراء فحص ذكاء لها؟ ما هو نوع التدريب الذي تلقته وكيفيته ومدته حتى تم الحكم بأنه لا فائدة أو لا نتيجة من التدريب؟
أخي الفاضل، إذا كانت الفتاة قد تم تشخيصها مثلا بصعوبات التعلم أو بطء التعلم فإن الصعوبات والبطء أيضا درجات، بمعنى أن إنجاز كل طفل يختلف تبعًا لدرجة وحدة المشكلة، وكذلك يجب ألا ننسى الفروق الفردية.
أما إذا كان التشخيص بالإعاقة العقلية البسيطة مثلا، فإن توقعاتنا الدراسية للبنت تصبح أقل.
وعلى كل حال فإن من المفروض أن يتم تقييم قدرات البنت ثم تشخيص الحالة، ومن ثم وضع برنامج للتعامل معها.
وعلى حد علمي هناك مدارس تقدم برنامجا متكاملا يحلل المهارات ويقدمها لكل طفل حسب حالته، وهذه قليلة، وهناك غرف مساندة في الصفوف العادية تقدم المساعدة للذين يعانون من صعوبات أو بطء التعلم بطريقة تلقي المعلومات سماعيا في مواد مثل العلوم والدين، وأخذ حصص فردية في القراءة والكتابة والرياضيات، وحاليا هناك العديد من المدارس الحكومية والخاصة بالأردن تقدم هذه الخدمة، وتسمى غرف المصادر.
أما في الخليج، فكل دولة لديها طريقة خاصة بها، ويمكنك سؤال المختصين في البلد ليدلوك على ذلك.
أما بالنسبة لمراكز تدريب صعوبات النطق واللغة في الرياض فهي كثيرة، وغالبها في المستشفيات الخاصة أو عيادات خاصة، ويمكنك مراسلتي على بريدي الإلكتروني لأقدم لك بعض هذه الأسماء.
إن كانت "اليابانية" همًّا فعلاج الهم اقتحامه العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكركم على هذا الموقع الذي أصبح منارة إسلامية شامخة. المشكلة تكمن في إقامتنا الآن في اليابان؛ نظرًا لعمل زوجي، والمشكلة هي الدراسة بالنسبة لابنتي البكر التي تبلغ من العمر 6 سنوات؛ حيث إن لغة الدراسة هنا هي اليابانية وتذهب إلى الحضانة بصورة متقطعة، منذ حوالي 6 أشهر.
ورغم التطور الكبير في النظام التعليمي هنا فإني ألاحظ عدم اندماجها في الدراسة، إلى جانب عدم رغبتها يوميًّا في الذهاب إلى الحضانة، وترجع يوميًّا عصبية المزاج، كما أنها تلعب هناك منفردة، ولا تفهم ما يقولون، وهذا يسبب لها الضيق، ولم نستطع أنا ووالدها مساعدتها في تعلم هذه اللغة الجديدة علينا جميعًا، علمًا بأنها كانت في بلادنا تذهب إلى الحضانة بانتظام، وكان لديها من الأصحاب الكثير.
وأسئلتي هي: هل أستمر بالضغط عليها للذهاب يوميًّا إلى الحضانة رغم ممانعتها؟ وثانيًا: ألا يؤثر ذلك على نفسيتها؟ وثالثًا: قد نتمكن من إدخالها العام القادم في مدرسة باللغة الإنجليزية، وهنا يمكن أن نساعدها في مجال اللغة في هذه الحالة، فهل هذا التعدد بالنسبة للغات يؤثر عليها أم الأفضل إبقاؤها في المنزل لحين بداية الدراسة في العام القادم.
نسيت أن أذكر أن أخاها لا يدرس، وهو في البيت الآن حتى بداية العام القادم حسب شروط الدراسة هنا.
وأخيرًا: قرأت لكم حلاًّ لإحدى المشكلات تفضلون فيه البقاء مع الأب الذي يعمل في الخارج، وتفضلون الدراسة في البيت إذا لم يوجد مدارس في البلد على ترك الأب وحده والعودة إلى الوطن. وأنا أعتقد أن هذا في غير مصلحة الأولاد؛ لأن الدراسة ليست تعلم القراءة والكتابة فقط، بل خلق إنسان سوي نفسيًّا واجتماعيًّا وعلميًّا، ولا يتأتى هذا إلا بالحضانة في رأيي.
آسف على الإطالة، وأعانكم الله على عملكم الدؤوب في هذا الموقع وكتبه في ميزان حسناتكم، والله يرعاكم.
السؤال
تعليمي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله كل خير على شعورك الطيب تجاه الموقع، والذي يجعل مسئوليتنا أدق وأثقل تجاه كل من يطالع الموقع في تقديم ما يحافظ على تلك المنزلة.
أبدأ حديثي معك من حيث انتهيت أنت في سؤالك وهو حديثك عن الاستشارة تحت عنوان "لا تفارق أسرتك ولو في الصين "، والتي أجمعت الآراء التي قدمت من خلالها للسائل أن وجوده مع أسرته في مكان إقامته في الصين رغم عدم توافر مدارس إسلامية هناك.. خير من دراستهم في بلادهم في مدرسة إسلامية بعيدًا عن عينيه، وتحت ظروف شكا منها السائل مثل ملاحظته لانحدار مستواهم الأخلاقي يومًا بعد يوم، وصعوبة اتصاله بهم بشكل منتظم، وضعف شخصية الأم... وغير ذلك.
ولم يكن الرأي في تلك الاستشارة هو دراسة الأطفال في البيت بقدر ما كان تغليب المصلحة الناجمة عن تواجد الأطفال مع أبيهم -وهي ما لا يعادله شيء في القيمة- على دراستهم بعيدًا عنه؛ فكان الرأي أن يقيموا معه وأن يحاول تحري أنسب المدارس لدراستهم؛ إذ إن الأب يمكن أن ينشئ لهم مدرسة، ولكن المدرسة لن تخلق للأطفال أبًا ولن تعوض دوره بحال، وبالتالي فنحن معك في أن الدراسة ليست في تعلم الأبناء القراءة والكتابة والحروف، بل إنها بداية انخراطه وتدريبه على الحياة الاجتماعية.
ولعلّ ما سنتحدث عنه في تلك الاستشارة هو عوائق اندماج طفلتك في تلك الحياة الاجتماعية، وكيفية التغلب على تلك العوائق وعلى رأسها اختلاف اللغة وعدم إتقان أي من الوالدين لها، ثم نردف بالرأي العلمي في مسألة تعدد اللغات والسن المناسبة لذلك بما لا يؤثر على النطق واللغة الأم، وكذلك تفادي التأثير السلبي على الطفلة من الذهاب لتلك الحضانة.
في البداية أحب أن أعرب لك عن شكري وتقديري لك ولزوجك لإيثاركما لوجود الأبناء في رحابكما معًا عن تربيتهم بعيدًا عن الأب، وما لفت نظري أنك وصاحب تلك الاستشارة التي تحدثنا عنها عاليه، من بلد واحد، وهو ما يوحد الظروف بينكما تقريبًا في مسألة صعوبة التواصل مع الأسرة لصعوبة الاتصال، ومن ثَم نشكر لكما سعيكما للمّ شمل أحبابكما وفلذات كبديكما في ظل أمومتك وأبوة والدهما الواعية.
وسنحدد عنوانا للفقرة التالية ولكل فقرة في الإجابة تحمل لك ردًّا وافيًا لكل سؤال تضمنته استشارتك ويكون عنوان كل فقرة هو ذلك السؤال.
السؤال الأول:
هل تستمر في تلك الحضانة أم لا؟ هل تضغطين عليها؟ وكيف يمكن تفادي الأثر السلبي لوجودها بتلك الحضانة؟
من الواضح أن الحضانة تتحدث لغة واحدة وهي اليابانية، وهي لا تدرس معها لغة ثانية كالإنجليزية مثلاً، ولو كان الأمر كذلك -أي إن كانت الحضانة تدرس لغتين- لكان من السهل إيجاد مجموعة من عدد من الأطفال لا يزيد عددهم عن خمسة يتم التدريس لهم باستعمال لغة يمكنهم فهمها، ويشتركون جميعًا في فهمها وإمكانية استخدامها لكونهم من جالية أجنبية أو غيره.
وكذلك فإن وجود لغة ثانية يسهل شرح اليابانية للأطفال من خلال استخدام الكلمة باليابانية ومرادفها بعد ذلك بالإنجليزية أو العكس، ولقد تعلمت بناتي السويدية بنفس الطريقة أثناء إقامتنا بالسويد، وتعلم الكثيرون من أبناء الجاليات العربية هناك السويدية وأتقنوها إلى جانب الإنجليزية بنفس الأسلوب.
إذن فالمطلوب البحث عن حضانة تتوفر فيها هذه المزية، وأنصحك حينها أن تذهب إليها الطفلة عددًا معينًا من الساعات تتزايد تدريجيًّا دون ضغط، بل بالتشجيع والتحفيز من الجانبين (البيت والحضانة).
أما إنْ تعذر ذلك فلا بد من تقليل الأيام وعدد ساعات ذهاب ابنتك للحضانة أحادية اللغة التي لا تتعامل إلا باليابانية، مع التأكيد على التنبيه على الحضانة ومعلماتها بعدم توجيه الابنة للدراسة أو الضغط عليها للدراسة باليابانية؛ فلا جدوى من الضغط على الابنة لتتعلم بلغة لا تفهمها ولا تعرفها ولا يعينها على تعلمها حتى أحد الوالدين، بل يجب توجيه العاملين بالحضانة إلى التركيز على دمج الابنة مع الأطفال واللعب معهم لتجمع مفرداتها في إطار اللعب فقط، مع تغليب هذا اللعب على حياتها اليومية في الحضانة وعلى الساعات البسيطة التي تمكثها هناك.
كما يمكنك ضبط ميعاد حضورها للحضانة مع موعد اللعب في كل يوم دراسي بالحضانة؛ لتستمتع الطفلة بوقتها هناك بشكل أكبر، وتجني مهارات الاختلاط بالأطفال، وتتعلم كيفية الاندماج في هذه البيئة الجديدة.
وإن كان غير مخطط لكم كأسرة الإقامة في اليابان بشكل دائم أو بعيد الأجل؛ فليست الطفلة بحاجة إلى التعجل في تعلم اليابانية إلا في حدود لا تتجاوز اللعب والتواصل مع الأطفال في متجر أو حضانة أو مكان للنزهة أو غير ذلك، ومفردات هذه التعاملات من السهل على الأطفال التقاطها وإتقانها والتعامل بها مع اعتيادها في ظروف هادئة غير ضاغطة.
ومن هنا أؤكد أن الضغط على الابنة للتعلم أو استيعاب معلومة، ثم استرجاعها بلغة لا تفهمها يسبب لها ضغطًا نفسيًّا، وشعورها بالتأخر عن زملائها وعدم إجادتها لما يجيدون يضغطها أكثر ويؤثر سلبًا بشكل كبير على ثقتها بنفسها، وكل ما ينجم عن ذلك من اضطرابات نحن في غنى عنه ما لم يكن من المخطط الإقامة الدائمة أو الطويلة في اليابان بشكل يحتم ضرورة تعلم اليابانية.
السؤال الثاني:
كيف يمكن أن تتعلم ابنتك "اليابانية" إن كان مقررًا الإقامة الطويلة في اليابان؟ وكيف يمكن تعريضها للغات عدة مختلفة عن اللغة الأم؟ وإن تعذر كل ما سبق وكان من المريح للابنة إبقاؤها في المنزل للعام القادم فما هو المطلوب لإعدادها للعام الدراسي القادم؟
نحن أمام عدة معطيات منها عدم إتقانكما أنت ووالد الطفلة لليابانية، وهو ما يشكل عائقًا لتعلم الطفلة اليابانية بشكل سريع. ومنها عمر الطفلة وهو 6 سنوات.
وإن كان من المخطط الإقامة الطويلة في اليابان فلا بد من تعلم هذه اللغة ولو على التراخي، وما أنصح به هو بداية السعي الجدي لتعلمها وإتقانها من قبل جميع أفراد الأسرة من خلال ما يلي:
1 - المبادرة بتعلمك اللغة اليابانية في مراكز تعليم اللغة للكبار؛ لتصلوا على الأقل لإتقان لغة الحوار التي تسمح بالاندماج في البيئة الجديدة وتذويب حواجز الانعزال عنها، ومشاركة أفرادها مظاهر حياتهم.
2 - لا بد من تعليم الابنة اليابانية بالتدريج وببطء، ولو من خلال تعليمها ما يتيسر لكما أنت ووالدها اكتسابه من مهارات هذه اللغة من خلال تعلمكما لها.
3 - في معظم الدول الأجنبية يوجد ما يسمَّى "OPEN SCHOOL" أو المدرسة المفتوحة، وقد وجدت في السويد وحدثني الكثيرون عن وجودها بالدول الأجنبية التي يعيشون بها، وتلك المدرسة قد تقيمها الجمعيات التابعة للجاليات المختلفة، وهي عبارة عن تجمع للأطفال بمصاحبة ذويهم أو أمهاتهم لثلاثة أيام في الأسبوع، أو أكثر، بما يسمح بالتقاء الأسر واستمتاعهم بأوقاتهم من خلال أنشطة ومسامرات وألعاب للأطفال، وتلوين ومحادثات بالإنجليزية أو العربية، بحسب الأفراد المجتمعين واللغة الغالب على معظمهم فهمها، وبعد أن ينهي الأطفال الرسم واللعب والتلوين والأشغال الفنية المختلفة تقوم الأمهات بجمع مخلفات هذه الأنشطة، وتتوفر فرصة أخرى للحديث.
ونصيحتي لك المواظبة على حضور تلك المدارس بانتظام مع أطفالك. بل إني لا أبالغ حين أقول لك: إنها من أهميتها لك ولأطفالك اجتماعيًّا ونفسيًّا لا بد أن تصنعيها إن لم تتوفر، وذلك بأن تجتمعي مع أسر تعرفينها بشكل دوري منتظم تمارسون فيه المحادثة معًا ومع الأبناء بالإنجليزية تارة، وباليابانية تارة أخرى، حتى تكتسبوا ويكتسب أبناؤكم اللغة بشكل سليم وتدريجي وبدون ضغط.
كما أن التعامل مع الأسر المختلفة سيصقل الخبرات والثقافة والمهارات الاجتماعية لدى كل أفراد تلك الأسر، وبالأخص الأطفال، وستفاجئين بالقفزة السريعة في مستوى ابنتك اللغوي وإتقانها لها من جراء المواظبة على مثل تلك الأمور.
4 - لا بد من تأهيل الطفلة للعام الدراسي المقبل؛ لكي لا تتكرر المشكلة مرة أخرى وذلك بتعليمها مبادئ الإنجليزية بما يعينها على التعايش والتفاعل في العام القادم.. كما يفضل محادثتها بها في فقرة مخصصة لذلك يوميًّا، وتوفير بعض القصص التي يمكن أن تعلميها من خلالها قراءة بعض المفردات البسيطة لتعتاد شكل ونطق وصوت حروف تلك اللغة.
5 - تأكدي من أن الفرصة ما زالت سانحة، وسن ابنتك مثالي للبدء في كل تلك البرامج واكتساب اللغة الجديدة، وستسعدين بتطور ابنتك على هذا الصعيد عما قريب.
يبقى لنا الإجابة عن السؤال الثالث الخاص بتعدد اللغات التي يتعرض لها الطفل وكيفية تنظيم هذا الأمر، والسن المناسبة لذلك:
وهنا نؤكد أن عمر ابنتك ملائم جدًّا لإثرائها بلغات جديدة وثقافات جديدة ومهارات تضيف إليها، بل إن ذلك مهم جدًّا في سنها تلك؛ فالمعيار الأساسي لتقييم مدى ملاءمة السن في التعرض للغة مختلفة عن اللغة الأم هو:
- مدى إتقان الطفل لهذه اللغة الأم وتمكنه من التعامل بها بمهارة.
- يلي ذلك في الأهمية أن تتوفر سبل تعلم هذه اللغة أو اللغات الجديدة بشكل سليم يسمح للطفل باستخدامها بشكل لا يحرمه من الاندماج والتواصل والتعايش -كما حدث في الحضانة اليابانية- ومن مقومات هذا الشكل السليم:
1 - الإعداد البسيط للتعرض لهذه اللغة والتدرج في ذلك.
2 - توافر لغة أخرى يفهمها الطفل يتم اللجوء إليها أحيانًًا لإفهامه ما يتعذر عليه فهمه ولو كانت لغة العين والإشارة والحركة، كما لم يحدث مع ابنتك في الحضانة، حيث كان التعامل معها ليس كمتعلمة لليابانية تحتاج للتركيز على هذا الجانب، بل كطفلة تتحدث اليابانية مباشرة.
وعلى كل حال فلا بد من قاعدة عامة للحفاظ على اللغة الأم وهي التحدث داخل البيت بها باستمرار.
وأعتقد أن طفلك الثاني ذا السنوات الأربعة قد أتقن اللغة العربية ونطقها والحديث بها بشكل سليم يسمح له بالتعرض للغة الإنجليزية وفقًا للمعايير والقواعد التي ذكرتها لك.
ــــــــــــــ(102/373)
أطفالنا فى الغربة وصراع اللغات -مشاركة من زائر العنوان
مشاركة من الدكتور جمال طشقندى للاستشارة التى أجاب عنها الأستاذمحمدحسين تحت عنوان:
أطفالنا في الغربة و
صراع اللغات السؤال
صعوبات التعلم الموضوع
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قد قرأت الاستشارة الخاصة بتعليم الأطفال لأكثر من لغة، والتي سأل فيها الأخ من الصين عن سلبيات وإيجابيات ذلك، وكشخص يعيش في دول غير عربية - مثل الأخ السائل - أود أن أسرد تجربتي والتي قد تحوي على بعض النصائح المفيدة.
أولاً: اجعل هذا الموضوع "تعلم اللغة العربية" على رأس قائمة الأولويات، وأعطِ الموضوع جزءاً كبيرًا من وقتك الثمين تقضيه في تدريس اللغة لابنك إن أمكن لأطفال آخرين معه.
ثانيًا: اجعل ابنك يحس دائمًا ودومًا بالفخر أنه قد منّ الله عليه بأكثر من لغة، مما يميزه عن الآخرين، قل له مثلاً: انظر إلى معلمك هو يعلم لغة واحدة، بينما أنت قد منّ الله عليك بلغتين أو ثلاث.
ثالثًا: لا تتكلم معه بأي لغة سوى العربية، وهذا هام حتى تصير العربية هي لغة التفكير، حاول أن تبدأ بزوجتك، بالطبع تعلّم القراءة والكتابة من الأمور التي تحتاج إلى وقت.
رابعًا: لا تظن أن ابنك سوف تتداخل اللغات في ذهنه الصغير، فهذا لا يحدث.. الأطفال عندهم القدرة على التعامل بأكثر من لغة دون مشاكل، يقول كثير من المعلمين: إن الأطفال الذين يتعرضون لأكثر من لغة يقومون بتنشيط خلايا في المخ عادةً تكون خاملة لدى الأطفال المتعرضين للغة واحدة.
خامسًا: احرص على تحفيظه قصار سور القرآن، فذلك من شأنه تدريبه على حسن إخراج الحروف "الصعبة" للغة العربية.
سادسًا: شجعه على التعبير عن نفسه باللغة العربية، سيكون ذلك صعبًا ولكن لا بد من تهيئة الفرصة الكافية لمحاولة استخدام اللغة في التعبير عن الذات.
سابعًا: لا تسخر منه أبدًا في حالة نطقه لبعض الحروف بطريقة مضحكة، ما عليك هو تصحيح الخطأ بصورة تلقائية. شاركه دومًا مشاكله الخاصة بالعملية التعليمية؛ فليس هناك من هو أجدر منك بالقيام بهذه المهمة.
في النهاية لا أدعي أن ما سبق سيكون سهلاً وخاليًا من الصعاب، ولكن فلتتذكر أن هناك إخوة كثيرين نجحوا في الخطوات سالفة الذكر، وبصفة خاصة هؤلاء الإخوة القاطنين في القارة الهندية من أمثال الأسر الباكستانية التي حافظت على لغتها الأم بعيدًا عن أرض الوطن، وفي النهاية أذكِّر الجميع بقوله تعالى: "وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم".
ــــــــــــــ(102/374)
هل نبالغ أحيانا في نقد أبنائنا؟؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكركم على حسن تعاونكم معنا، إنني أعمل، ولدي طفل عمره 4 سنوات، وطفلة تبلغ من العمر عاما واحدا، مشكلة ابني أنه انطوائي بشكل واضح جدا خارج المنزل خصوصا في الحضانة (تقريبا مش بيتكلم نهائيا، وعند عودته للمنزل بيتحول لشخص آخر مع أخته أو أولاد خالته، يكون شديد العنف، وعالي الصوت، ويثير المشاكل، ويكون عصبيا جدا جدا بعكس شخصيته في الحضانة تماما).
أما بالنسبة لأخته فتعامله معها أحيانا (بحنية) شديدة جدا وأحيانا بعنف شديد جدا، لا أستطيع تحديد شخصيته، أو التعامل معه، جزاكم الله خيرا. والدة محمد السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
أختي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أحيانا تكون كلمات وشكاوى بعض الأمهات عامة جدا وفضفاضة لا يمكن معها تحديد هل تصرفات الطفل غير طبيعية أو غير مقبولة؟ وهل تحتاج للتدخل أم أنها عادية وطبيعية؟ حتى وإن كانت مختلفة عمن حوله من الأطفال، إلا أنها تقع في المدى الطبيعي لسلوكيات الأطفال الأسوياء.
فكلمات مثل "شديد العنف" دون ذكر أمثلة على ذلك لا توضح لنا حقيقة الموقف؛ فالطفل لا يدرك أحيانا معنى أن الضرب بقبضة يده مؤلم جدا للآخرين، أو أن يدفع أخاه أو أخته أثناء اللعب، فيوقعه على الأرض، أو حتى يتسبب في جرحه، لا يفهم أن هذا عنف، إنه يفهم أن هذا لعب بدليل أنه لو سقط هو وجرح نجده يعاود اللعب ثانية.
وإذا أخذنا في الاعتبار فارق السن بين محمد وأخته وكذلك فارق النوع بين لعب الأولاد الذكور ولعب الإناث تكون النتيجة الأكيدة أن محمدا ليس عنيفا.
من القواعد الأساسية عند تفهمنا لسيكلوجية الطفل أن ندرك أن الطفل حتى سن 7 سنوات
يكون في مرحلة تسمى بالتمركز حول الذات؛ أي أن اهتمامه كله وانشغاله يكون بما يريده هو أو يريحه أو يمتعه هو، دون النظر لمشاعر وطلبات المحيطين به، وهو ما نفسره نحن -عن دون فهم طبعا- بالأنانية أو القسوة أو الطمع أو عدم مراعاة مصلحة الآخرين.
نرجو منك في ضوء هذا مراجعة تصرفات محمد مع أخته وأولاد خالته.. هل هي عنف مرضي أم أنها مجرد لعب عادي؟ ربما يكون عنيفا بعض الشيء وفي هذه الحالة فإنه يحتاج منا فقط لبعض المراقبة والتوجيه الهادئ المستمر، وكذلك ضعي في اعتبارك أنه يمكن أن يكون عنفه رد فعل للعب عنيف من أولاد خالته؛ أي أنه يرد عنفهم بعنف مماثل دفاعا عن نفسه.
كذلك الصوت العالي أحيانا يكون تقليدا للأب والأم أو أحدهما؛ فنحن نلاحظ أن طفلنا صوته عال ويزعجنا ذلك، ولكن لا نلاحظ أن كل توجيهاتنا وأوامرنا وتعاملنا نحن معه أو مع بعضنا تكون بصوت عال فهو فقط يقلدنا، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن الصوت العالي في هذه الحالة ربما يكون طبيعة في محمد، فعلينا فقط توجيهه في كل مرة يرتفع فيها صوته، وعدم الاستجابة لأي شيء يطلبه بصوت عال. ومن الممكن أن نقاطعه ونخاصمه في كل مرة يرتفع فيها صوته، ومع الإصرار والاستمرار منا سوف يكف محمد عن الصوت العالي، لكن علينا أن نفرق بين ارتفاع صوته صياحا وابتهاجا أثناء اللعب وارتفاعه في الكلام العادي بدون مبرر من خوف أو فزع أو غضب له حق فيه؛ فارتفاعه في الكلام العادي هو ما يحتاج التوجيه باستمرار لكن بلطف وحب ونقد موجه للسلوك نفسه ليس إلى شخص طفلنا؛ فهو يبني صورته عن نفسه من خلال ما نبثه من رسائل.
أما بالنسبة للعصبية فهل يمكن توضيح معنى العصبية؟؟ هل نعتبر مجرد إصرار الطفل على مطالبه وعناده عصبية؟؟ إنها مجرد تصرفات طبيعية للأطفال تحتاج منا للتقويم والتعديل بنفس الطريقة السلوكية التي ذكرناها مع الصوت العالي، ولكن احذري من العنف والضرب؛ لأنه لن يؤدي إلا لمزيد من العصبية، فقط التوجيه وعدم الاستجابة والتنازل أمام عصبيته واستخدام أسلوب الثواب والعقاب؛ فالهدايا والمكافآت عند التزامه، والمخاصمة والحرمان من الحلوى أو النزهة عند الخطأ، وبمنتهى الهدوء والحسم.
ولدي سؤال بسيط: هل هناك طفل لا يثير المشاكل؟؟ وما هي نوعية المشاكل؟؟
أي بيت فيه طفل صغير نجد فيه آثار هذا الصغير المشاغب: فوضى.. دواليب وأدراجا خرجت محتوياتها.. أشياء وأدوات ولعبا مكسورة.. أشياء في غير مكانها.. وهكذا، وإلا كيف نتخيل أن يقضي الصغير وقته ويتعرف على الدنيا والعالم؟؟ هل يقرأ الكتب والجرائد، ويتصفح الإنترنت؟؟
وعلى الأم إعادة ترتيب كل ذلك ومراقبة الصغير حتى لا يؤذي نفسه، وعليها أيضا توجيهه وتعليمه أثناء اللعب، وما كانت الجنة تحت أقدامها إلا لأنها تتحمل وتبذل ما لا يمكن أن يبذله إلا الأم الحريصة على ابنها.
عزيزتي هذه ليست دعوى للفوضى والانفلات التام، ولكنها دعوى لنتفهم أطفالنا وطبيعة المراحل التي يمرون بها، ولنعذر لهم طفولتهم، ونوفر لهم مناخ الأمن ليمارسوا فيه أنشتطهم، ونستمتع معهم بألعابهم في النادي والبيت والحديقة..
أما بالنسبة للحضانة؛ فما معنى أنه انطوائي جدا ولا يتكلم نهائيا؟ هل يجلس منفردا دائما ولا يلعب مع زملائه ولا يتحدث معهم؟؟ أليس له أصدقاء في الحضانة؟؟ هل يرفض المشاركة في الألعاب الجماعية؟؟ ماذا يفعل في حصة الموسيقى والغناء؟؟ هل يغني معهم؟؟
إذا كانت كل الإجابات بـ"لا"؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية، أما أن هناك رفضا شديدا من داخله للحضانة فلا بد أن لهذا سببا قويا، إما سوء معاملة هناك، أو أنه ذهب إلى الحضانة في سن صغيرة جدا، في وقت كان في احتياج شديد لك؛ مما أدى إلى انطوائيته هكذا، ولا بد من معرفة السبب والتعامل معه.
أما إذا لم يكن الأمر بهذه الصورة الشديدة؛ وهو ما أعتقد أنه الواقع مع محمد؛ بمعنى أن الأمر لا يتعدى كونه هادئا بعض الشيء، ولا يتجاوب مع المدرسة في الفصل، ولكنه يلعب مع زملائه، ويشارك في الألعاب الجماعية، وله أصدقاء، ولكنه هادئ.. فهذا سلوك طبيعي من طفل في الرابعة من عمره، ولا تقارني سلوكه في الحضانة مع سلوكه في البيت؛ فمن الطبيعي جدا أن يكون منطلقا ومشاغبا، ويظهر كل طاقته في البيت، ولكن عند بداية احتكاكه بالعالم الخارجي وبمجتمع جديد لا بد أن تختلف تصرفاته، ويبدأ أولا في استكشاف الواقع والتعود عليه، ثم التعامل معه، وهذا هو الطبيعي.
أما الأطفال الذين نجدهم أول ما يذهبون للحضانة تنطلق كل شقاوتهم ولعبهم من أول يوم نجد أن هؤلاء الأطفال لا يجدون الفرصة في البيت للتعبير عن أنفسهم أو ممارسة طفولتهم، وأنصحك ألا تأخذي كلام المدرسات مسلما به، ولكن اسألي بالتفصيل عن سلوكيات محمد، واذهبي أكثر من مرة، وراقبي بنفسك ما يحدث. واسألي محمد عما يحبه ويكرهه في الحضانة وعن أصدقائه وأسمائهم، وماذا يلعب معهم، وسترين الصورة الحقيقية، وأرجو أن تطلعي على المعالجات التالية لتعينك أكثر على متابعة سلوكه في الحضانة:
- عدم مشاركة الصغيرة في الفصل..الأسباب والعلاج
- تغير سلوك الطفل المفاجئ
- في الحضانة أدب وفي البيت نكد
محمد لا يحتاج منك أن تحددي شخصيته؛ لأنها ببساطة لم تتكون بعد، ولكنه يحتاج منك أن تساعديه في تكوينها وصياغتها.. اقتربي منه، وصادقيه، والعبي معه، واحكي له القصص، وغني له ومعه، واسمعي منه قصصه وأفكاره وتصوراته للأمور، وأثناء ذلك قوميه ووجهيه وازرعي فيه كل ما تريدين من صفات وأخلاق.
هذا ما فهمته من رسالتك المختصرة.. فإذا لم أصادف الحقيقة، وكانت لديك تساؤلات أخرى فأنا في انتظارك، ولكن مع شيء من التفصيل لو سمحت وبارك الله لك فيه.
ــــــــــــــ(102/375)
علاج العند بقوانين الكرة العنوان
أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي مع ابني الذي لم يتجاوز عمره سنة ونصف، وهي كالتالي: أنه عندما يغضب يبدأ في رمي الأشياء مهما كانت، وأي شيء يقع تحت يده، وأنا أخشى عليه من ذلك كما أخشى أن يؤذي أخاه أو أي أفراد آخرين برغم أنه لا يفعل ذلك إلا في البيت.
وأما خارج البيت فهو ممتاز جدًّا، كما أنه في الوقت الذي يكون فيه هادئًا أطلب منه مساعدتي في جمع ألعابه، ويساعدني بشكل ممتاز لكنه عنيد يحب أن يعمل كل شيء بنفسه، فهو يأكل وحده سواء داخل البيت أو خارجه، تبدأ المشكلة إذا حاولت مساعدته، كما أني اتبعت كل السبل لمحاولة التفاهم لكن بدون فائدة، وشكرًا لكم.
السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
د. مي حجازي اسم الخبير
الحل
عندما قرأت رسالتك قرأتها عدة مرات؛ حتى أستطيع تحديد شكواك فوجدتها شيئين، الأولى: عنف ابنك.
والثانية: نزعته المبكرة للاستقلال والاعتماد على النفس الذي يُصرّ عليه لدرجة تصل إلى العنف في بعض الأحيان وبالنسبة لهذه السلوكيات (العنف والاستقلالية)؛ فيمكن أن يكون عنده استعداد وراثي جيني جعله أَمْيل إلى هذا السلوك، فتكوينه الجيني قد يؤدي إلى ذلك، وما جعلنا نذهب إلى القول بهذا الاحتمال ظهور هذا السلوك في هذه السن "1.5"، ولكن لا يمكن أن يكون هذا الاحتمال هو السبب الأوحد، بمعنى أن الاستعداد الوراثي لا يمكن أن يقوم بمفرده إذا لم تتوافر له العوامل البيئية المدعمة والمشجعة لظهور هذا السلوك، وهذه العوامل البيئية كلها محورها علاقة الطفل بالأم؛ لأنها نافذة الطفل في هذه السن المبكرة للتعرف على الدنيا وعلى الحياة، وما فيها.
وتظهر عدوانية الأبناء في عدة مظاهر من بينها ما ذكرته وهو ما يقوم به ابنك من إلقاء الأشياء عندما يغضب ،ولهذه العدوانية عددة أسباب من بينها:
1-النمو الجسمي والنشاط الزائد مع حياة مغلقة مملة ليس بها نشاط يستنفد النشاط الزائد.
2-محاولة الابن الأكبر فرض سيطرته على الأصغر و استيلائه على ممتلكاته فيؤدى بالصغير إلى العدوانية.
3-كبت الأطفال وعدم إشباع رغباتهم وكذلك حرمانهم من اكتساب خبرات و تجارب جديدة باللعب والفك والتركيب وغيرها فيؤدى بهم ذلك إلى العدوانية لتفريغ ما لديهم من كبت.
4-الحرمان من عطف الأبوين ودفء حنانهما ويظهر ذلك واضحا مع الأم العاملة و الأب المشغول طوال اليوم فيترك الأبناء .
للمربية أو الخادمة فتكون العدوانية أو التخريب
5-التسلط وحرمان الأطفال من حريتهم يؤدى إلى أن يشبوا عدوانيين على من حولهم.
و بالتالي فإن علاج العدوانية يكون بالعمل على:
1-إعطاء الطفل فرصة للتعرف على ما حوله تحت إشراف الآباء ،بحيث لا يضر الطفل بنفسه أو بما يحرصون على حمايته منه و من ذلك اللعب بالماء وعدم منعه من ذلك بسبب ما ينتج عنه من بلله لملابسه فإن هذا المنع لا يشبع في الطفل تعطشه للخبرة والاستطلاع والرغبة في البحث والتجربة و كذلك تقديم ورق وجرائد أو قطعة من القماش مع مقص ليتعلم الطفل كيف يقص بحيث تشبع رغبته فلا يجرب وحده فيما نحرص على عدم إتلافه وبحيث لا يضر بنفسه فيجرح أصابعه ،كما يجب أن تقفل الأدراج التي لا نريده أن يعبث بها و كذلك إبعاد الأشياء الثمينة بعيدا عنه مع إمداده دائما بألعاب الفك والتركيب كالمكعبات والصلصال وغيرها.
2-إتاحة فرص اللعب للطفل في ملعب أو ناد أو جزء مخصص في البيت و إمداد الطفل بما يحتاج إليه من ألعاب.
3-اختلاط الطفل مع أقران في مثل سنه يفيد كثيرا في العلاج أو تفادى العدوانية.
4-تفريغ الوالدين وقتا للخروج بالطفل في المتنزهات و الحدائق العامة و المزارع ليرى الطيور و الحيوانات والزرع لينشرح صدره ولا يضيق ،و يزداد حبا لأبويه و إحساسا بعاطفتهم.
5-إشعار الطفل بذاته و تقديره وإكسابه الثقة في نفسه .
6-لا يلام الطفل أو يعاقب أمام أحد خاصة أخوته و أصدقاءه.
كل هذا بصفة عامة أما عن حالة طفلك:
لقد ذكرت أن هذا العنف لا يظهر إلا في حالة الغضب، أما عندما يهدأ فإنه يصبح متعاونًا، هذا شيء مُطَمئن إلى أنه طبيعي، ونزعته لرمي الأشياء تشير إلى وجود خلل ما بعلاقة الولد بأمه (بك). ومن المفترض أن الأطفال في هذه السن ينزعون إلى جذب الأشياء نحوهم لتفحصها واستكشافها، أما أن يقوم الطفل بعكس ما هو مفترض بأن يلقي الأشياء بدلاً من جذبها فهي لعبة قديمة فسّرها أحد المحللين النفسيين عندما لاحظ أن ابن ابنته يقوم برمي لعبه تحت الأريكة، ثم يعود لجرّها نحوه بالحبل، ثم يعيد الشد والجذب مرة ثانية، ... وهكذا.
وقام هذا المحلل بتحليل شخصية الطفل، فوجد أن سلوك الطفل ما هو إلا تعبير عن رد فعل لإحساس داخلي بأنه تعرّض لهذا الموقف، موقف كان فيه الطفل محل اللعبة، فقد كانت أمه تقوم بإرضاعه، ثم تتركه على الأرض وتنصرف بسرعة لقضاء شئونها، ثم تعود لإرضاعه وتتركه بسرعة على الأرض ... وهكذا؛ لتعود آخر النهار بعد قضاء شئونها كلها لاحتضانه، وربما يكون طفلك قد تعرض لموقف مشابه ألقيت به في لحظة ما وتركتيه بصورة مفاجئة ثم عدت إليه لتحتضنيه، وهناك احتمال آخر أن يكون قد جرّب موضوع الرمي فأعجبه لما تُصْدِره اللعبة الملقاة من أصوات جذّابة مختلفة تختلف بنوع المادة المصنوعة منها اللعبة فأعجبه هذا الأمر.
أما نزعه إلى الاستقلالية فأحب أن أطمئنك أنه شيء طبيعي، فالأطفال يشعرون بنوع من المتعة في عدم الاعتماد الكلي على الأهل وخاصة الأم، فهذا يشعره بأنه أصبح كبيرًا في نظرك، وأنه قادر على القيام بما يقوم به الكبار أمثال أبيه وأخيه الأكبر، والسؤال: ما هو العلاج؟!
من المفيد أن تستثمري صفاته في تدريبه على أن يكون مسئولا عن نفسه و عن أسرته في المستقبل فإنه إن لم يتحمل الطفل جزاءا من المسئولية فسيتجه إلى العنف و تدمير الأشياء ، فلا يكن همك تغييرها وإنما توجيهها، ففرض السيطرة والتحدي قد يرسى فيه العند، وهو ما لا نريد الوصول إليه، وبالتالي حذارِ أن تضعيه في موقف عِنْد، بل عليك التعامل مع المواقف التي يرفض فيها إطاعة أوامرك أو الامتثال لرغباتك بنوع من الحكمة والتحايل، وكثير من الصبر والهدوء والاستيعاب.
هل أنت من مشجعي لعبة كرة القدم؟ قد تعجبين من هذا السؤال وتسألين ما علاقة كرة القدم بما نحن بصدده، عندما يتعادل فريقان في بعض المسابقات يلعبان ما يُسمّى "بالضربات الحرة المباشرة"، يكون على أحد اللاعبين تسديد الهدف بالرغم من وجود حائط مكون من لاعبي الفريق الآخر بينه وبين الهدف نفسه، فاللاعب المحترف الحاذق يميل بالكرة قليلاً ليتفادى الحائط ويضربها بزاوية معينة حتى تصل إلى ما بين الثلاث خشبات.
هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الطفل العنيد، الكرة المائلة، لا تصطدمي بحائط عنده وآرائه التي في نظرك متصلبة، وفي نظره هو حقه الطبيعي للتعبير عن رغباته، بل تحايلي بحكمة لتصلي إلى الهدف دون الاصطدام، وإليك بعض أساليب التحايل:
وجهي اهتمامه إلى شيء آخر، ثم عودي بعد أن يهدأ إلى تكرار طلبك، فيشعر وهو يفعل ما تريدينه أنه يفعل ما يريده هو إذا رفض ترتيب لعبة، تقولين له حسنًا إذا كنت لا تريد فعل هذا الآن تعالَ لنرسم، أو لنخرج ونتمشى سويًّا، ثم نعود لنرتبها في وقت آخر، وعندما يهدأ وينسى تعودين لترتيب الحجرة معه بالشكل التقليدي أو بشكل مسابقة مثلاً.
تقولين له: من يرتب الأشياء أولاً له جائزة، وبالتالي قومي بتدعيم كل السلوكيات الإيجابية لديه، وغُضّي الطرف عن الأشياء السلبية التي تشعرين أنه لا ضرر من غض الطرف عنها أو لا تستطيعين التصرف لحظتها بحكمة، وحذارِ من أن تلجئي إلى الضرب بأي شكل من الأشكال، فسيزيد هذا من عنفه وسيرسخ عنده أن العنف هو أحد وسائل التفاهم بين البشر، ولكن تصرفي رويدًا بهدوء واستيعاب، وببناء جسور الود والتفاهم ستتكون عنده بإذن الله عادة طاعتك.
ــــــــــــــ(102/376)
هل يعاني طفلي مرضًا؟ أم يمارس الاستمناء؟!! العنوان
في الحقيقة طفلي باسم عنده (5 سنوات). مشكلته لا أعرف إن كانت كبيرة أو صغيرة.. هو البكر وبعده أخ أصغر منه بسنتين. مشكلته بدأت من عمر السنة عندما لاحظت أنه يحاول دائمًا النوم على بطنه ووضع وسادة تحت أعضائه الذكرية، رغم أنه ما زال يضع الحفاظ، ولكن القصة استمرت حتى الآن وهو في سن الخامسة وأشهر، ورغم دخوله المدرسة فإنه يستغل عدم وجودي في الغرفة، ويفعل الشيء ذاته، ولكن ليس باستمرار وليس يوميا، ولاحظت أنه مع انهماكه بالمدرسة قد خفت هذه العادة، ولكن ما زالت مستمرة، ومؤخرًا كان عائدًا من المدرسة بقي مدة وهو مستلقٍ ويحاول الحركة البسيطة مثل العادة، ولكن بعد ذلك وأنا أغيّر له ملابسه وجدت عليها شيئًا لم أستطع تمييز ما هو؟ فقلت له لمَ لم تذهب إلى الحمام؟ قال ما شعرت بنفسي، وهنا بدأت أشعر بالقلق، ولم أعرف ما هو؟ هل إفرازات أم تبول؟
أفيدوني بهذا الموضوع فأنا قلقة، ونسيت أنه أحيانًا عندما يكون مستلقٍ هكذا يتعرق قليلاً، وأحاول جاهدة وبشتى الوسائل تفهيمه أنه إذا عمل "هيك بيوجع بطنه"، ولكن يمكن أنه اقتنع قليلاً، وأحاول أن أجعله يتلهى ولا أترك له مجالا.
أريد أن أعرف إذا ما كانت حالة مرضية أو عابرة؟ وهل سوف تزول؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا، وعلى فكرة هو كثير الأدب وشاطر وعلاقته بأخيه جيدة، ولا يخلو الأمر من بعض المضايقات، ولكن أنا دائمًا أحاول تشجيعه والثناء عليه، ولكن من خوفي من هذه القصة أخاف أن تبقى معه، والله أعلم.
السؤال
صحي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك زائرتنا العزيزة، ومرحبًا بأفراد أسرتك، وخير ما نستهل به معك حديثنا هو قول الإمام الغزالي في تربية الأبناء: "لا تكثر القول على الصبي بالعتاب في كل حين، فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح، ويسقط وقع الكلام من قلبه"، ولعلّ هذه الوصية هي ما ستعتمد عليه إجابتنا على سؤالك؛ فرغم كثرة الأسئلة التي وردت حول هذا الموضوع فإن الأمر غالبًا يوجد فيه ما يجعل خصوصية للسؤال، وما أعطى لسؤالك الاختلاف عن غيره من الأسئلة التي وردت بنفس الصدد:
1- بداية طفلك في ممارسة هذا السلوك من سن سنة (على اعتبار أنه كان يستخدم الوسادة في حك أعضائه الذكرية، وليس فقط للنوم في وضع مريح، حيث يفضل الكثيرون أوضاعًا مختلفة في النوم أو الجلوس).
2- وجود إفرازات لديه.
3- إصرار طفلك على الانفراد بنفسه، والبعد عن ناظريك عند ممارسة مثل هذا الأمر، مما يدلل على محاولاتك السابقة لإثنائه عن ممارسة مثل هذا الأمر، ولعل ذلك ما عنيته بمقدمتي من قول الإمام الغزالي من عدم جدوى العتاب المستمر والملامة المتكررة.
تلك الاختلافات هي ما أظهرت الحاجة لنصائح مختلفة للتغلب على ممارسة طفلك لتلك العادة -التي وضحنا من قبل أنها لا تتجاوز وصفها بالسلوك السيئ فقط وليس سلوكًا جنسيًّا بالمعنى المعروف للكبار- ونبدأ تلك النصائح بالتأكيد أن الأطفال في عمر طفلك لهم حياة جنسية طفلية، ولا ينفي هذه الحقيقة القمع أو الاستبعاد، وإن كانت هذه الحياة لا تتخذ عنده الشكل الذي تتخذه عند الراشد، إلا أنها حياة زاخرة تحتاج لشكل صحيح من التعامل معها لتأمين نمو سوي للطفل، وهذا الشكل الصحيح للتعامل قوامه التجاوب المرحب من الأهل لأسئلة الطفل وتعبيره الحر الصريح عما يشعر به ببساطة وطبيعية، بل إنه من الحري بالوالدين في مثل حالة طفلك أن يتساءلوا عن أسبابه لممارسة مثل هذا السلوك دون استنكار أو استجواب، بل في إطار علاقة صداقة حميمة معه، وقد تجدينه في النهاية يشكو من الملل لعدم توفر مجال كافٍ للنشاط أو من شعور بالإحباط في علاقاته داخل الأسرة، مما يغريه بالارتداد لجسده ليجد فيه ملاذًا من كل هذا.
وقد ورد في سؤالك أمران تفعلينهما ظنًّا منك أنهما العلاج وحدهما، مما أشعرك بعدم استجابة طفلك لما ظننته العلاج وهما:
- العمل على إلهاء الطفل لينشغل عن ممارسة هذا الأمر.
- تفهيمه أن ممارسة هذا الأمر يسبب له وجع في بطنه.
والأمر يتطلب عمقًا أكثر للتعامل معه.. فإلهاء الطفل لن يجدي ما لم يكن هناك برنامج متكامل لتوظيف طاقته ونشاطه ورغبته في الاستكشاف واللعب والحركة، وذلك من خلال تخطيط برنامج متكامل يحوي:
- الحركة بشكل كبير في ممارسة الرياضة، أو الخروج والانطلاق في أماكن النزهات بانتظام ولأوقات طويلة.
- استخدام اليدين في الفك والتركيب والأشغال الفنية المختلفة.
- الاطلاع على الكتب الملونة بصحبتك.
- الصحبة الرجولية مع الأب ومرافقته له في أوقات الصلاة إلى المسجد مثلاً، والزيارات لبعض الأصدقاء ومحل العمل أحيانًا.
- حفظ القرآن الكريم.
ثم تأتي مسألة الإلهاء حال ملاحظتك له يستعد لممارسة هذا الأمر بالانفراد أو الغياب عن ناظريك؛ لتناديه لمشاهدة شيء أو لمعاونتك في حمل شيء إلى غير ذلك.. وليس الإلهاء يقصد به تركك له في براثن الفراغ ثم إلهاؤه حين يعمد للهروب من فراغه بممارسة هذه العادة السيئة.
أما مسألة تفهيمه أن الأمر يوجع بطنه فهو تصرف قد يكون غير كافٍ؛ لأن من السهل أن يقرر الطفل ويكتشف أن ممارسة مثل تلك العادة لا تؤلم البطن، وبالتالي ينتفي لديه هذا المحذور فيصبح لا مانع من ممارسة الأمر لانتفاء أي نتيجة سيئة مترتبة عليه وذلك بالتجربة؛ ولذا فالأولى إعلامه أنه أصبح كبيرًا ورجلاً مثل أبيه، ولا يصح أن يفعل أي سلوك لا يليق، وأن الله يراه في كل مكان مع دعم ذلك بالقصص، وبالتالي فما لا يصح أن يفعله أمام الناس لا يصح أيضًا أن يفعله وحده، كما يمكنك البدء في محاورته محاورات طويلة عن الحلال ووفرته والحرام وضرره، فالحرام هو ما يضر، ومن مصلحتنا اجتنابه (ولا داعي للتهديد بعقاب الله)، والحلال هو كل ما ينفع، وعدم التزام النظافة وممارسة ما يضر الجسم شيء خطأ قد يوسوس لنا الشيطان بفعله؛ لأنه يحب إيذاءنا، ولكننا أقوى منه.. مع سماع أسئلته واستفساراته وخواطره وكل ما يجول بداخله.
وآخر ما أوصيك به هو عدم ترك طفلك للانفراد بنفسه نهائيًّا قدر المستطاع، مع إمتاعه بالكثير من الحوارات والنشاطات وتحميله ولو مسئولية شراء الحاجيات لك من مكان قريب آمن، وواظبي على مرافقته عند الاستعداد للنوم حتى يستغرق تمامًا فيه، بعد حكاية قبل النوم اللطيفة المحببة ليستأنف في اليوم التالي يومًا حافلاً بالنشاط مليئًا بالحيوية.
وكلما قلّ معدل تكرار هذا الأمر زاد الأمل في تركه تمامًا دون أي آثار.
ويبقى الحديث عن الشق العضوي والطبي في الموضوع والذي له أهمية كبيرة؛ فقد يكون الطفل يعاني التهابات بمجرى البول أو حكة أو فطريات أو غير ذلك تدفعه لممارسة هذا السلوك؛ ولذا فلا بد من إجراء تحاليل للبول للتأكد من خلوه من الفطريات أو الجراثيم أو الأملاح الزائدة، وإن ثبت وجود شيء مما سبق لا بد من علاجه فورًا، ومسألة وجود إفرازات لديه هو ما قد يدعم فكرة وجود التهابات أو فطريات لدى الطفل.
ما أريد التأكيد عليه أن "النفس إن لم تشغلها بالحق شغلت بالباطل"، وهذا الأسلوب هو من أفضل ما يمكن اتباعه للقضاء على سلوك سيئ عند الطفل، وهو يفوق اللوم والتقريع في الأثر، فالزجاجة المليئة بالهواء يخرج منها الهواء بسهولة عند وضع أي سائل فيها، وعليك أنت ووالد الطفل اختيار هذا السائل لتملآن به الهواء الذي يملأ حياة طفلكما في غربتكما، قبل أن يمتلئ بسائل عكر يلح ليتطفل عليه ويملأ فراغه من كل حدب وصوب، وأظن في ذلك الرد الكافي على سؤالك "هل ستزول تلك الحالة أم لا؟"؛ فالعلاج بين يديك، وكل ما يجب عليك هو استخدامه بدقة واهتمام وتركيز.
أرجو موافاتنا بنتائج التحاليل لتحديد كون الحالة مرضية أو مجرد سلوك سيئ، ويسعدنا تلقي المزيد من استفساراتك وتساؤلاتك ومتابعاتك، وشكرًا لك.
التعلم بين الماضي والحاضر العنوان
ابني الذي يبلغ من العمر 13 عاما يحب اللعب بالكمبيوتر بشكل غير طبيعي، ومستعد أن يبقى اليوم كله عليه دون أن يمل، ولا يحب القراءة أبدًا، علمًا أنه ذكي جدًّا، فكيف أوجّه نشاطه إلى ما فيه فائدة له، علمًا أني حاولت أن أستغل حبه للكمبيوتر في أشياء مفيدة، لكنه يرفض أي شيء غير اللعب، حتى عندما أحاول أن أعلمه بعض السور القرآنية لا يقبل أن يحفظ أي سورة، بل إنه يلومني على أني أتعبته بالقراءة، مع أني لا أكون قد درّسته إلا القليل من القرآن الكريم، كما أنه سريع في كل حركاته حتى في كلامه وفي صلاته، أرجو أن ترشدوني إلى ما يجب فعله، وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
صعوبات التعلم, أطفالنا والتكنولوجيا الموضوع
د/إيهاب خليفة اسم الخبير
الحل
قديمًا: اختلف علماء النفس في تعريف معنى عملية التعلم، هل هو اكتساب المعلومات أم المهارات أم ماذا؟ ولكنهم اتفقوا حديثًا على هذا المعنى، "إنه عملية التغير في السلوك الإنساني نتيجة لما اكتسبه الإنسان من معلومات، تم غرسها من نفسه بعد أن قام بالاستفادة منها وتطبيقها بصورة مباشرة".
إذن كما رأيت، فإن عملية التعلم لا تحدث بين يوم وليلة، حتى قال علماء النفس: "إنك لا تستطيعن ملاحظتها وهي تحدث، ولكنك تشعرين بها بعد أن تتم"، وشكواك هذه ربما لأن عملية التعلم قد اقترنت في مخيلتك بما تلقَّيته في الصغر من استذكار أو تلقين مباشر. ومع هذا، فإن الصورة الحديثة في عملية التعلم وشكل المدرسة يختلف كلية عمّا هو ماثل في أذهاننا وخاصة في السنين الأولى من العمر.
ففي هذه السنوات يكون التركيز دومًا على نقطة واحدة وهي "السعي إلى توفير اللُّعب للطفل، فهذا هو كل ما يشغله في هذه الفترة"، حتى أن المعلومات التي يسعى المدرسون لتلقينها إياه تكون في صورة ألعاب.
وبالنسبة لابنك - وهو الآن في بداية ما يُسَّمى بمرحلة المراهقة المصحوبة بالعناد، وبالسعي لإثبات الذات - فمن الظلم له أن تعامليه كشاب، ففي هذه المرحلة - مرحلة المراهقة - يحدث نوعان من النمو:النمو العقلي والنفسي . - النموالجسمانى .
وقد يسير هذان النوعان جنبًا إلى جنب
وقد يختلفان فيكون الولد شابًّا في صورة طفل أو يكون طفلاً في صورة شاب، وهنا تحدث المشاكل.
إذن عليك أن تتفهمي حاجة ابنك المُلحَّة للعب، وأنه لم يغادر مرحلة الطفولة إلى الآن، وأن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، فلتلبي هذا الأمر ولتراعي ما يلي:
1 - أن تتجنبي التوجيه المباشر له، فهذا قد يورّث نوعًا من العناد، إلا بشرط أن يكون هناك نوع من الصداقة بينكما لا يشعر الولد معها بأي ضيق من توجيهك المباشر له.
2 - أن تحاولي مع هذا الولد القيام بنوع من العلاج السلوكي، كأن تَعِديه بمكافأة محبّبة إلى نفسه إن هو ذاكر جزءاً معينًا بصورة جيدة "ولتركزي على الكيف دون الكم"، أي أن تركزي على مقدار ما ذاكره وليس مقدار ما جلسه من ساعات على الكتاب، والعكس كذلك، أن ترفعي جهاز الكومبيوتر مثلاً إن هو قصَّر في ذلك، ولكن ينبغي أن يكون هذا النوع من العلاج مبنيًّا على قاعدة صلبة من الصداقة بينك وبين هذا الابن. وإن لم تنجحي في تكوين هذه الصداقة فأنت لست مرشحة للقيام بهذا الدور، دور العلاج والتقويم فلتبحثي عن شخص آخر.
ملاحظة: قديمًا قيل في الأثر: "إن الابن تدلّله سبع سنوات، وتهذبه سبع سنوات، وتصادقه سبع سنوات، ثم تتركه وشأنه".
3 - عليك أن تتقبلي أن الله عز وجل قد خلق الناس مختلفين في قدراتهم وأمزجتهم وأنماط تفكيرهم، فلتحاولي باستمرار أن تكتشفي قدرات ابنك ومواهبه وتنمِّيها، وليس بالضرورة أن يتفوق ابنك في نفس المجال الذي يتفوق فيه غيره.
4 - هناك قاعدة يعمل بها بعض الشيء: "أن زامر الحي لا يطرب"، وقد لا تصلحين أنت للقيام بهذا الدور بمفردك، فلتبحثي لابنك عن صديق يأنس إليه ويرى فيه المُثل العليا، أو لتلتمسي مساعدة الأب أو الأخ الأكبر إن كان قريبًا منه ويمكنه التأثير عليه، وقد يكون هؤلاء أقدر على التأثير منك.
فنحن قد نؤثر في أبناء الآخرين أكثر مما نؤثر في أبنائنا.
ــــــــــــــ(102/377)
الصغير يقاوم الاحتلال العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي ابن يبلغ من العمر سنتين ونصف السنة، وهو الابن الأول، وله أخت عمرها ثلاثة أشهر.
المشكلة الأولى تكمن في أن هذا الولد دائمًا يضرب أخته رغم أني أحضر له لعبا وشيكولاتة وأشياء كثيرة، وأقول له بأن أخته هي التي أحضرتها له، ولكنه لا يعي انتباها لما أقوله، وأحيانا يقول لي أنت الذي أحضرتها؛ وهو ما يضطرني لضربه بعض الأحيان.. فهل هذا صحيح أم خطأ؟
المشكلة الثانية أنه إذا أراد شيئًا ولم ألبه له يظل يبكي طويلا لمدة طويلة من الممكن أن تصل إلى ساعات بلا مبالغة، وطبعًا لا ألبي له طلبه طالما أنه يبكي حتى لا يتعود على ذلك.. فهل من طريقة أخرى لكي أتعامل معه؟
المشكلة الثالثة هي أنه إذا أمرته أن يفعل شيئا لا يستجيب لي وهو عنيد جدا. أفيدوني بالله عليكم فهذا الولد أتعب أعصابي... وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، سيدي الفاضل لعلّي لا أتجاهل ما أنت به من ضيق، لكن دعنا نحاول تفسير روافده لنفهم ما يبدو أنه مسبباته (طفلنا العزيز)، آملة أن يتسع صدرك لما سأقوله.
يا سيدي تعبت أعصابك من طفلك بعد عامين فقط، إنه طفل صغير لا يزال في مرحلة البراءة التي لا نستطيع أمامها إلا أن نبتسم له ونقبله.
المشكلة الكبرى يا سيدي أننا نتزوج لأننا نحتاج للزواج وبطبيعة الحال وبعد عدة أشهر نجد بين أيدينا كائنًا حيًا صغيرًا يبكي ويصرخ وطلباته لا تنتهي، ينام بالنهار ويستيقظ طوال الليل، والزوجان لا يزالا في بداية تجربة الأمومة والأبوة يحتاجان إلى أن يتعلما ويسمعا أو يقرأا كيفية التعامل مع هذا الطفل وطبعا لا وقت لذلك، وكان الأصل أن تقوم الجدات أو الأمهات السابقات في العائلة والأصدقاء بهذا الدور في النصيحة والتوعية والمساندة والدعم النفسي.
ولكن مع السفر والغربة نفقد هذا العامل المهم والأساسي في تربية أولادنا ليذوق الأطفال مرارة الغربة منذ ولادتهم حتى قبل أن يدركوا معنى حب الأهل والوطن والارتباط بهم.
المشكلة يا سيدي أنكم تتعاملون مع مروان وكأنه رجل كبير مسئول عن تصرفاته، إن عمره في الدنيا يقاس بالشهور، سنتان أي 24 شهرا، كيف تريده أن يعي ويفهم ما تقول ولا يبكي كثيرا ولا يعاند، ويسمع الكلام ويكون مطيعا، إن شابا كبيرا في الجامعة وبارا بوالديه لا يستطيع وإن اجتهد أن يكون بالصورة المثالية التي تريد أنت عليها مروان، ومتى ستتقبل منه أن يعيش طفولته ويتصرف كطفل صغير، ومع الأسف بدلا من أن نستمتع بأبوتنا لأطفالنا وبمرحلة طفولتهم الجميلة يتحول الأمر إلى شيء متعب للأعصاب.
إن مروان طفل صغير جدا يحتاج منكم إلى الرعاية والحنان والتدليل والملاعبة مثل أخته تماما بل وأكثر؛ لأنه يعي ويفهم أكثر منها، ولكنه يعي ويفهم على طريقة الأطفال وليس الكبار، أي يعي ويفهم احتياجاته هو ومطالبه ويدافع عنها ويطلبها بإلحاح، ولكن لا يعي ويفهم أو يقدر ظروف المحيطين به، أو أن أمه مشغولة مع أخته، أو والده متعب الآن ويريد أن يستريح، أو أن الأم نائمة أو أي شيء مما تقولون.
بل على العكس، فهذه الأحداث -ميلاد أخته، وانشغال أمه عنه بهذه الصغيرة التي لا يدري لماذا جاءت إلا لتأخذ منه حقه في وقت وحنان ورعاية أمه واهتمام أبيه- كل هذا يجعله عصبيا وغاضبا جدا، وعندما يحاول التعبير عن هذا الغضب يجد منكم الضرب والتوبيخ فيزداد غضبه وعناده وعدوانيته مع هذه المحتلة الصغيرة التي احتلت مكانه وأخذت حقه.
هل يمكن أن نلوم طفلنا حين قاوم المحتل الغاصب الذي احتل داره؟ هذا هو شعور مروان، إنه يدافع عن نفسه وحقه
ووجوده.. أرجو أن تعود إلى مقالة "مرحبًا طفلي الثاني" لتتعرف أكثر على مشاعره.
ليس معنى أن مروان جاءت له أخت أنه صار كبيرًا، إنه صغير، وطبعًا يغار من اهتمامكما أنت ووالدته بها وانشغال والدته عنه معها في الرضاعة والطعام وتنظيف الصغيرة ويشعر أن هناك من ينافسه على عرش حبكما واهتمامكما، ولكنه لا يستطيع التعبير باللفظ أو الكلام فيعبر بالتصرفات الطفولية فيغضب ويبكي ويضربها ويعاند، إنه ثائر وغاضب ومتألم، ولكنه لا يكره أخته ولا يريد إيذاءها ولا يريد إغضابكما، بل على العكس فهو يريد حبكما ولكن لا يعرف كيف يقولها.
لو ترجمنا تصرفات مروان لوجدناها "يا أمي أين أنت أنا أفتقدك.. أفتقد حضنك ومداعبتك لي وغناءك لي.. أفتقد أن أنام في حضنك بهدوء دون أن تتركيني فجأة لأن طفلة أخرى بكت فتتركيني من أجلها.
يا أبي أفتقد اهتمامك بي ولعبك معي، وعندما تنشغل أمي على الأقل كن أنت متفرغا لي حتى لا أشعر بالغيرة أو الإهمال؛ فأنا أحتاج لكم في كل لحظة".
هل يمكن بعد هذه الرسالة أن تضربوه أو تعنفوه؟؟
يا سيدي، إن أحمد لا يريد حلوى ولا شيكولاتة ولكن يريد حبا وحنانا واهتماما ربما أكثر من أخته، وإليك بعض الأمور المهمة:
1- ممنوع إطلاقا الضرب، وصدقني إنها جريمة أن تضرب طفلا عمره سنتان لا يدري ولا يفهم لماذا يضرب ويتألم عندما يعبر عن مشاعره؟
2- عدم معاقبته إطلاقا بعنف عندما يضرب أخته، وعلينا فقط مراقبته لمنع إيذائها.
3- أن تكثرا -أنت ووالدته- من الوقت الممنوح له واللعب معه والغناء له أو التنزه معه أكثر من السابق لأنه الآن يحتاجها أكثر.
4- أن تشركه الأم معها في الاهتمام بالطفلة في كل شيء في إطعامها واستحمامها فيساعدها ويمسك لعبة أو صفارة يسكت بها أخته.
5- أن تتحدث معه الأم وتغني له، حتى وهي مشغولة مع أخته تقول له بأنه مسئول عن أخته، فمثلا تطلب منه أن يغني ويصفق لها حتى تسكت، وإذا سكتت تقول له بأنها تحبك ولهذا سكتت.
6- لا ترددا أمام أحد الشكوى منه وأنه يضرب أخته، بل العكس أشيدا بتصرفاته وحبه لها.
7- أكثرا من الوقت الممنوح له والحب والحنان والملاعبة.
8- أسلوبك معه عندما يبكي صحيح، ولكن إياك والعنف أو الضرب.
9- ليس من الطبيعي أن يستجيب للأوامر وينفذها، ولكننا نعوده ونساعده بهدوء ورفق ليسمع الكلام ويطيع والديه عن حب وليس عن خوف.
10- حاولا أن تهتم به الأم أثناء وجوده أكثر من أخته حتى لا يشعر بالضيق منها، وتصبح نفسيته سوية ولا يشعر بالإهمال والظلم "من وجهة نظرة هو طبعا".
11- حاولا التقريب بينه وبين أخته بالتصرفات وليس بالكلام؛ فهو لا بد أن يشعر أنه شيء جميل ومفيد وممتع أن تكون له أخت وأن وجودها زاد من اهتمام والديه به وجعل جو البيت أفضل مما كان عليه عندما كان وحيدا؛ فالطفل لا يفهم إلا منطق مصلحته فقط، ليس لأنه أناني ولكن لأن هذه هي طبيعته وطريقة تفكيره في هذه السن.
12- سيدي الفاضل، تفهم أنت وزوجتك طفلكما، وحاولا تطبيق ما اقترحته عليكما. وأنا بانتظار نتائجها. وأهلا بك.
ــــــــــــــ(102/378)
بين الخجل الطبيعي والمرضي العنوان
لدي بنتان توأمتان (فجر ونورة) 5 سنوات، وهما في المنزل يتكلمان ويلعبان كثيرا، وعندما يكون عندي زائر أو أي قريب حتى الجدة والجد والأخوال والأعمام لا يتكلمان، ويصمتان، ولا يسمع لهما صوت ويخجلان بشدة؛ حتى أي سؤال لا يجبيان عليه، وأيضًا في المدرسة لا يسمع لهما صوت، وهما علاقتهما ببعضهما قوية، ولا يريدان الانفصال عن بعضهما في أي مكان. وهما لا يلعبان مع أطفال في وجود والدي هؤلاء الأطفال.
وهما يسببان لي إحراجا بهذا، وأنا متخوفة من أن يؤثر هذا الخجل على تحصيلهما الدراسي، وأريد حلاً لأكسر هذا الخجل أو الخوف من الكبار أو الغرباء، ولكم مني جزيل الشكر.
السؤال
الخجل والانطواء الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
أهلا بك وباستشارتك، وندعو الله أن يبارك لك في فجر ونورة ويوسف.. كما نكرر دائما أن لكل طفل طبيعته الخاصة وشخصيته التي تختلف عن أي طفل آخر حتى أشقائه، وعادة ما يتفق الأشقاء في بعض الصفات بطبيعة تربيتهم في بيئة وظروف واحدة، ولكن تظل هناك صفات خاصة تميز كل طفل، ولا دخل لأحد فيها، إنها فطرته وطبيعته.
وتزيد نسبة التشابه في الصفات والاهتمامات والشخصية بين التوأمين نتيجة لعوامل وراثية وبيئية، حيث إنهما يمران بكل مراحل النمو والظروف معًا في نفس الوقت؛ ولهذا نجد ارتباطهما ببعض شديد، وكذلك انسجامهما وتوافقهما في اللعب والاهتمامات؛ ولهذا نجدهما يفضلان اللعب معا أكثر من اللعب مع أي طفل آخر أو يلعبان معه هما الاثنان، وكل هذه أمور طبيعية جدا.
ونتيجة لاختلاف الطبائع نجد أطفالا اجتماعيين وسريعي التآلف مع الغرباء والحديث معهم، ونجد أطفالا آخرين خجولين وهادئين ولا يتآلفون مع الناس بسهولة، وهذا طبيعي والفيصل بين الخجل المرضي والخجل الطبيعي هو تأثير ذلك الحقيقي على حياتهم الطبيعية، بمعنى هل يعطل ويتعارض ذلك مع نمو بنتيك الاجتماعي الطبيعي ومع دراستهما ومع علاقتهما بكما أنت وزوجك أو بأخيهما أو بلعبهما الطبيعي مع أطفال مماثلين لهما في السن؟
ولقد فهمت من الرسالة أن فجر ونورة يلعبان معا بانسجام، وكذلك مع أخيهما، بل ومع الأطفال الآخرين، ولكن لا يتعاملان مع الكبار أو يخجلان من الحديث أو اللعب أمامهم، إذن نحن نتعامل مع خجل طبيعي، وإن كان مبالغا فيه ولكنه ليس مرضيا.
كل ما أطلبه منك هو التعامل مع الأمر ومحاولة معرفة الأسباب التي أدت لذلك ومعالجتها من منطلق مصلحة البنتين والحرص على ما يفيدهما ويتناسب معهما ومع شخصيتيهما وليس من منطلق خجلك وإحراجك أنت أمام الناس؛ لأنه أولا لا بد أن نفهم نحن والناس أن الاختلافات بين الأطفال شيء لا يدعو للخجل منا نحن أو للاستغراب أو التعليق منهم هم، وإنه لو أن هناك شيئا غير طبيعي فعلينا التعاون لحله لا المساهمة في زيادته، وثانيا لأن أطفالك أهم من كل الناس في الدنيا ومصلحتهم أهم من رأي الناس فيهم.
إن الطفل في شهور عمره الأولى لا يخاف الغرباء؛ لأنه لم يستوعب ويتعرف بعد على الأشخاص والوجوه، ومع اقترابه من عامه الأول يبدأ الخوف من الغرباء؛ لأنه قد أدرك الوجوه المحيطة به وعرفها جيدا، ويشعر بالخوف من أي وجه جديد، وبعد فترة وشيئا فشيئا يتعلم ويدرك أن الغرباء ليسوا خطرا، وأنه فقط لا يعرفهم فنجده في هذه المرحلة يخجل من الغرباء، ويحتاج إلى وقت حتى يتآلف معهم، ويتمكن من التعامل معهم.
وتكون هذه الخطوات، خاصة بكل شخص جديد على حدة، وليست عامة بالنسبة لكل الغرباء، بمعنى أنه لا يتآلف مع كل الغرباء بنفس السرعة والشدة والكيفية، ولكن كل حسب الظروف والحالة النفسية للطفل وقتها، وأهم شيء طريقة تعامل هذا الشخص معه.
ولهذا لا بد من مراجعة مدى اختلاط فجر ونورة مع الآخرين، إذ ربما يكون قلة معدل تعاملهما واختلاطهما بالغرباء سببًا في هذا الخجل، ربما يكون طريقة التعامل نفسها فيها نقد أو كثرة توجيهات وملاحظات أو حتى تأنيب مما قد يقبلها الطفل من أمه، ولكن ليس من شخص غريب، وربما يكون هناك تجاهل أو عدم اهتمام من هؤلاء الناس بهما جعلت البنات يزهدن في التعامل معهما.
وأهم شيء ربما يغفل عنه الأهل أنهم أحيانا يتركون أطفالهم عندما يتعاملون مع الغرباء وحدهم دون دعمهم أو التواجد بجانبهم وتشجيعهم، ويتصورون أنهم لا بد أن يحسنوا التصرف بمفردهم، ولكن تكون نتيجة ذلك أن يزداد خوف الأطفال وخجلهم.
وطبعا كثرة التركيز على الأمر مع الترديد أمام بنتيك أن خجلهما يسبب مشكلة إحراج لك أمام الناس كل ذلك يزيد المشكلة تفاقما.
كل المطلوب هو الهدوء وأخذ الموضوع بطريقة طبيعية ومعرفة أن تصرفاتهما طبيعية ولا داعي للقلق منها، وأن انخفاض صوتيهما في الفصل ليس له علاقة بمستوى تحصيلهما الدراسي.
والمطلوب هو فقط محاولة معرفة الأسباب السابق ذكرها ومعالجتها وفقط تشجيعهما وتقديم الدعم لهما والثقة في نفسيهما، وثقي أن الزمن كفيل بعلاج الأمر لو وضع الأمر في حجمه الطبيعي، وننتظر منك نتيجة التجربة، وشكرًا.
ــــــــــــــ(102/379)
عيوب النطق عند الأطفال: سؤال وجواب العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابني البالغ من العمر 5 سنوات هو مشكلتي، فهو يعاني من مشكلة في النطق، وهي عبارة عن التأخر في النطق، فإن مشكلته بدأت وهو في سن 3 سنوات، حيث يتكلم كلامًا غير مفهوم؛ بسبب عدم خروج مخارج الحروف بصورة صحيحة، وبعد ذلك أدخلته حضانة تعليمية وتحسَّن، ثم بعد ذلك جلسات تخاطب لدى دكتور نفسي وتحسَّن، والآن هو في ثانية روضة وكلامه طفولي، بمعنى أن بعض الحروف لا تخرج بصورة صحيحة ومستوى كلامه ليس بمن هو مثل عمره.
أما عن انتباهه فهو ممتاز، ومستواه في المدرسة جيد ومتعاون مع زملائه واجتماعي، ولكن مشكلته النطق، علمًا بأنه لا يعاني من التأتأة ولا أية مشاكل متعلقة بها، والمشكلة تتمثل فقط في عدم خروج بعض الحروف مثل الراء، علمًا بأني إخصائية اجتماعية وعجزت معه لحل مشكلته، شكرًا جزيلاً لكم.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
د/سحر صلا ح اسم الخبير
الحل
أيتها الأم الفاضلة، أولاً: ذكرت أنك لاحظت تحسنًا في مشكلة النطق لدى ابنك بعد دخوله الحضانة، وبعد مضي الجلسات لدى طبيب نفسي، هنا التباسان نحب بدءًا أن نشير إليهما. أولاً الحضانة لا تقوم بحل المشكلة، الحضانة تساعد على تنمية الشخصية الاجتماعية المتعاونة والمتفاعلة مع البيئة المحيطة بها، إذن أخطاء مخارج الألفاظ لم تكن الحضانة هي المسبب لتحسنها، ولكن بلوغ الطفل مرحلة "النضج" الذي يحتاجه، فكل حرف له درجة نضج يمكن بعدها للطفل أن ينطقه، ونعتبر الطفل يعاني من مشكلة تخاطب لو تعدى درجة النضج لحرف ما سنيًّا ولم ينطقه بأسلوبه الصحيح.
ثانيًا: علاج عيوب التخاطب ليس من اختصاص طبيب الأطفال أو الطبيب النفسي، بل هناك متخصصون في مجال التخاطب، وهو مجال وعلم قائم بذاته متفرع عن تخصص طب الحنجرة.
الحمد لله رسالتك بها كثير من المبشرات بأن المشكلة بسيطة:
فمن ناحية.. الطفل اجتماعيًّا طبيعي، ودرجاته في الحضانة جيدة، متعاون وهذه كلها دلالات طيبة على أنه لا يعاني من أي مشكلة في الجهاز العصبي المسئول عن العمليات العصبية. والجهاز العصبي هو أحد الأضلاع الثلاثة المسئولة عن "الكلام"، أما الضلعان الآخران فهما "أعضاء التخاطب: اللسان - الشفاه ... "، والضلع الأخير: السمع.
إذًا عليك مبدئيًّا الاطمئنان على قدرة صغيرك على السماع بصورة سليمة، فهناك بعض الحروف ذات الترددات العالية، مثل حروف الصفير: الثاء/ الزاي/ السين/ الصاد، قد يكون هناك ضعف بسيط في السمع يؤثر على قدرة الطفل على سماع تلك الحروف ذات الترددات العالية.
ثم ننتقل إلى "أعضاء التخاطب" وعيوبها ويطول شرحها؛ ولذلك لا بد هنا من متابعة متخصص تخاطب لمعرفة هل هناك عيب مثل ما يسمى مثلاً بـ “Tongue Tie” -اللسان المربوط من أسفل- وفي هذه الحالة يصعب على الطفل نطق اللام والراء.
والطبيب المتخصص يمكن أن يعرف السبب، وبناء عليه يبدأ تدريبات معينة خاصة بكل حرف، ولا يمكن إرسال هذه التدريبات عبر الإيميل؛ لأن الطفل الذي ينطق السين شينًا له تدريب معين يختلف عن ذلك الذي ينطق السين من بين الأسنان، أو ذلك الذي يقلب الشين خاء وهكذا.
ولكل حرف ولكل مخرج تدريب يعلِّمه الطبيب للأم بحيث تساعد الطفل في المنزل بجانب العيادة.
وأخيرًا.. هناك تنبيه هام لك يا أختنا الفاضلة:
إياك ونهر الطفل على أخطائه اللغوية فهي أمور خارجة عن إرادته، ولا يكون التوجيه إلا بطريقة غير مباشرة في جمل قصيرة، بعد الخطأ مباشرة مثلاً يقول الطفل:
- انظي أمي إلى الطياية تطيي (يريد القول انظري أمي إلى الطيارة تطير).
فتردين نعم: الطيارة تطير، وتطير في السماء "بمعنى أن تكرري كلامه بنطق صحيح".
- حاولي جاهدة أن تجدي محفظًا للقرآن ومربيًّا – وذلك مهم جدًّا لتفادي أي مشكلة يسببها عدم تفهمه لمشكلة النطق والتعامل بصورة صحيحة.
- ويكون المحفظ محترفًا يجيد مخارج الألفاظ، فمع الوقت قد تلاحظين فرقًا بإذن الله تعالى. وبإذن الله تحمل رسالتك التالية بشرى خروج كافة الحروف بطريقة سليمة. وأهلا بك.
ابن العاشرة يتشاغل عن الصلاة العنوان
ابني في العاشرة من عمره، أجد صعوبة في إقناعه ليصلي دائمًا، يحتج بأمور تشغله عن الصلاة كالجوع أحيانًا وبالتعب أحيانًا أخرى، وهكذا...، في العادة لا أشتد معه، بل أحاول معه بالهدوء، وأحدثه عن أن الصلاة شيء جميل، وأنها الطريق إلى الجنة، وأن الله يحب المصلين، ولكن لا فائدة، بماذا تنصحونني؟ وشكرًا. السؤال
أبناؤنا والإيمان الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
سيدي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلاً بك وبطفلك الذي يستعد ليودع الطفولة ليرتقي سلالم الرجولة، فقد بلغ العاشرة وألزمته الصلاة، وهو يرفل في جلباب المراهقة المبكرة بما تحمله من علامات المراهقة من عناد، ومحاولة لإثبات الذات، والتطلع للاستقلال، وهو ما يحتاجه معه إلى الارتقاء معه بالمعاملة إلى مستوى الصداقة والبدء في إقامة سلسلة طويلة من الحوار، والاستغراق في أنشطة تستغرق طاقته انطلاقًا مما يحب هو.
إن الصداقة هي مفتاح التعامل مع المراهق على خلفية فهم طبيعة المرحلة، ومفتاح تعديل سلوكياته، فضلاً عن إكسابه أي سلوك من الأساس، والصلاة مثلها مثل أي سلوك نريد أن نكسبه لأطفالنا، ولكننا نتعامل مع الصلاة بحساسية نتيجة لبعدها الديني.. في حين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما وجهنا لتعليم أولادنا الصلاة راعى هذا الأمر بوضوح، حيث قال: "عودوا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر"، حيث تبدو كلمة "عوّدوا" تتحدث عن خطوات مخططة، وتجعل لذلك مدة زمنية قدرها ثلاث سنوات حتى يكتسب الطفل هذه العادة، ويبدأ الحساب عليها، ويدخل العقاب كوسيلة من وسائل التربية في نظام اكتساب السلوك.. طبعًا العقاب بشروطه التي لا مجال لتفصيله فيه الآن، لكن سنورد لك في نهاية الاستشارة معالجات سابقة حوله.
وهنا أود أن ألفت نظرك سيدي إلى عدد من الأمور الهامة في تعديل أي سلوك للأبناء:
أولاً: إلى عامل الزمن في اكتساب السلوك ذلك العامل المهم الذي يغفله كثير من الآباء وهم يحاولون إكساب أبنائهم سلوكيات جديدة أو يمنعونهم من سلوكيات سيئة.. حيث يعتقدون أن مجرد التوجيه للسلوك الجيد يكفي لاكتسابه، في حي أن الأمر يحتاج إلى تخطيط وخطوات وزمن كافٍ للوصول إلى ذلك.
ثانيًا: الدافع لاكتساب السلوك عند الشخص المطلوب تعديل سلوكه (وهو طفلنا هنا) أيضًا من الأمور المهمة، وحتى يتكون فإنه يحتاج إلى بداية مبكرة وإلى تراكم في القيم والمعاني التي تصل إلى الطفل؛ حتى يكتسب أو يتكون لديه الدافع الخاص بالسلوك الذي نود أن يكتسبه.
إذا أردنا أن نطبق هذا الكلام العام السابق على حالة ابنك فإننا إن لم نكن قد بدأنا معه في سن السابعة على التعود على الصلاة وخلق الحافز داخله ناحيتها سواء بالقدوة أو بالحافز المعنوي أو المادي؛ فإننا لا يمكن أن نغفل عن هذه الخطوات، ونطالبه بالصلاة في سن العاشرة، وندعوه للالتزام بها بذكر بعض الكلمات عن حب الله لمن يصلي وما إلى ذلك.
إننا يجب أن نبدأ من البداية الصحيحة وهي التدرج، وخلق الدافع، وإعطاء الزمن حقه في اكتساب السلوك، وفي هذه الحالة قد نحتاج إلى زمن أطول مما لو بدأنا مبكرًا، حيث إن طبيعة التكوين النفسي والعقلي لطفل العاشرة قد تحتاج لمجهود أكبر من المجهود الذي يحتاجه طفل السابعة من أجل اكتساب السلوك نفسه.
خلاصة القول إن المسألة لا تحتاج إلى عصبية أو توتر أو تعجل، ونحن نتعامل مع الصلاة، بل يحتاج المرء إلى صبر وحكمة وهدوء.. لا يحتاج إلى أوامر مباشرة وتوجيهات وعظية قدر ما يحتاج إلى استيعاب للطفل والإقناع العقلي له، وإيجاد علاقة طيبة مع هذا الطفل حتى يحب أباه وأمه، ويحب سلوكهما وأفكارهما بما فيه سلوكهما المتدين؛ وللأسف فإن كثيرًا من الآباء والأمهات المتدينين قد يتسبب عدم فهمهم للمسألة كما شرحناها سابقًا إلى تكون أجسام مضادة للتدين في أجسام أولادهم ترفض التدين كصورة من صور رفض سيطرة الآباء والأمهات وسلوكهم بما فيه سلوكهم المتدين.. ولا ننسى أن التربية عملية صعبة طويلة مستمرة، أعانك الله عز وجل وساعدك على التحلي بالصبر والحكمة.
ــــــــــــــ(102/380)
طفل يصرخ"افهموني أستجب لكم العنوان
المشكلة هنا وبإيجاز أن ابني عنده سنة ونصف الآن على درجة عالية من الذكاء، ولكنه لا يطيع الأوامر بالمرة سواء بالنَّهر أو الضرب الخفيف على يده أو بالمسايسة، فإذا أراد شيئًا ما، لا بد أن يحصل عليه وإلا سوف يستمر بالبكاء لفترات يمكن أن تصل إلى 30 دقيقة متصلة مع الدموع والاحمرار في الوجه، وإذا سكت لأي سبب ما فإنه يعيد الكرة يريد إن يفعل أو يأخذ ما تم نهره عليه كما أنه لا يخاف من أحد، فإذا كنا في مكان عام وأراد أن يأخذ شيئًا ما وتم نهره مني أو من والدته فلا يستجيب ويبدأ في البكاء، وإذا زدنا النَّهر يزيد في البكاء، وقد جربنا مرة أن ينهره أحد العاملين لعله يخاف منه أو يلبي طلبه، ولكنه قابله بعدم الاهتمام تمامًا، وبلا مبالاة بدأ تكرار محاولاته لأخذ نفس الشيء، بل بدأ في التفاعل الجسدي ومحاولاته للإفلات من يدنا للوصول لما يريد، وكانت النتيجة أننا تركنا المكان نظرًا للوضع الذي كنا لا نحسد عليه أبدًا.
باختصار ابنًا ليس له كبير يطيعه أو يحاسبه، فهل هذا سوء تربية منا أم حالة مرضية؟ برجاء الإفادة حتى يطمئن قلبنا أو نبدأ بالعلاج لا قدّر الله كما أنه حتى الآن يتبول على نفسه ولكنه يخبرنا بعد التبول وليس قبله، وقد باءت محاولاتنا حتى يخبرنا قبل التبول وليس بعده بالفشل. فهل هو غير مدرك لعملية التبول أم هو غير إرادي؟ وشكرًا.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
إننا نحتاج أن نفهم أطفالنا قبل أن نربيهم، خاصة الطفل الأول الذي نمارس عليه جميع تجاربنا التربوية بدون سابق خبرة أو علم؛ فنصطدم بالطفل الذي وهبه الله لنا أمانة بين أيدينا.. هناك كثير من الأمور التي لو فهمها الآباء في طبيعة أطفالهم لأحسنوا التعامل معهم، ولفهموا الدوافع من وراء تصرفاتهم..
أول هذه الأشياء أن قدرة الطفل على فهم الأمور واستيعابها تنمو مع سِنّه.. وأن ما يبدو في بعض الأحيان رفضا للأوامر أو عنادًا، إنما يكون- ببساطة- لعدم فهم الطفل للأمر الموجَّه إليه؛ لأن هذه القدرة العقلية لم يكتسبها بعد، ونأتي للمثال الذي ذكرته في رسالتك، وهو طلب هذا الطفل لشيء رآه في مكان عام.. إن المشكلة هنا تتمثل في فهم حدود الملكية؛ بحيث يستوعب الطفل أن هذا الشيء لا يخصه؛ فلا يتوجه لأخذه.. هذا المعنى لا يدركه الطفل دون السنة ونصف السنة، وستجد هذا الأمر يتكرر- مثلاً- في لعب الأطفال الآخرين، أو في شيء يراه في يد أحد (طعام مثلاً)؛ فيتوجه إليه، ويأخذه منه.. هذا الأمر ليس نتيجة سوء تربية، ولكن نتيجة عدم قدرة على إدراك هذا المعنى، وهو الملكية وحدودها في هذه السن المبكرة.. ولذا؛ فإن الحل في هذه الحال لا يكون بالزجر، أو بالضرب الخفيف، ولكن يكون أولاً بفهم سبب رفضه لأوامرنا بالابتعاد عن هذا الشيء؛ حتى لا نثور ونغضب، والطفل لا يفهم لماذا نحن ثائرون وغاضبون عليه.
النقطة الثانية: أن نفهم أن دافع التناول ودافع الفضول هما اللذان يحركان هذا الطفل في هذا الاتجاه؛ ولذا فإننا نقسم ما يطلبه هذا الطفل إلى قسمين: قسم في داخل البيت؛ وحَلُّه في هذه الحالة أنه إذا كان لا يمثل خطرًا عليه؛ فإننا نعطيه له تحت إشرافنا؛ لنشبع هذه الرغبة فيه، ونجعله يتناوله بيده ويلمسه، ولا مانع من شرح مبسط لطبيعته، ثم نعيده إلى مكانه سويًّا، بل ويضعه هو بنفسه في مكانه..
إن أحدهم يحكي لي كيف أنه لم يتحرك شيء في بيته من مكانه طوال فترة تربية أولاده، البالغ عددهم خمسة أولاد، أكبرهم معيد اليوم في كلية الهندسة، وأصغرهم في المرحلة الابتدائية؛ فلما سألته عن السرِّ، قال الأمر ببساطة أنه ما من طفل رآني أدخل بشيء جديد، أو سأل عن شيء موجود.. إلاَّ وجلستُ إليه، وقدمتُ إليه هذا الشيء، وشرحتُ له طبيعته؛ حتى أشبع رغبته، ثم أعيده إلى مكانه؛ فلا يحتاج إلى تحريكه بعد ذلك.. أما القسم الثاني؛ فهو خارج البيت وهنا- ونحن مقدمون على دخول مكان للتسويق - يجب أن نقدر رد فعل طفلنا، ونحترمه؛ فليس مفهومًا أو معقولاً أن ندخل به قسم الحلويات والشيكولاته والبسكويتات بكل أشكالها وألوانها، ثم نطلب إليه أن يسيطر على نفسه، أو نطلب من العاملين أن ينهروه، أو نتعجب لو تحرك بقوة ناحية الأرفف؛ ليأخذ ما يريد.. إن الطفل في هذه السن- بجانب دافع التناول والفضول السابق ذكرهما- لا يستطيع أن يسيطر على رغباته، ويحتاج إلى إشباعها في الحال، وهذا أيضًا أمر لا يمكن التحكم فيه في هذه السن (عام ونصف).. لذا، إذا كنا سنتحرك في سوق – مثلا ً- لشراء حاجاتنا العادية، ونتوقع أن يمر بمكان مُلفِت للطفل؛ فلا مانع من أن يجلس أحد الأبوين بالطفل في الخارج، ويقوم الآخر بالتسوق، إلا إذا كانت هناك نية لإرضائه، وإشباع فضوله بشراء شيء من هذا السوق المثير.
مَن قال إن طفلنا ليس له كبير؟! إن طفلنا يحتاج إلى كبير يفهمه، ويفهم احتياجاته ودوافعه؛ فيتعامل معها، وعندها سيحترم الطفل هذا الكبير ويقدره.
إن بكاء الطفل تعبير عن الاحتجاج، إنه يصرخ: إنكم لا تفهمونني.. إنكم تعاملونني بسن أكبر من سني.. إنني لا أستوعب ما تُصدرونه إليَّ من أوامر وتوجيهات، اِفْهَموني أستجبْ لكم، أما بالنسبة لمسألة التبول؛ فطفلك في بداية سن التدريب على التحكم في التبول، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت قد يصل إلى أسبوعين متتاليين بدون أي انقطاع داخل البيت أو خارجه؛ للتدريب على ذلك، والربط بين الرغبة في التبول وطلبها، وتكون أول مرحلة هي ما يقوم به طفلك الآن، وهو أن يخبرك بعد التبول، وهذا يعني أنه فهم الرسالة، ولكن مسألة ضبطها تمامًا ما زالتْ تحتاج إلى وقت وصبر بدون زجر ونهر.. فلتستمر الأم في التدريب لأيام متتالية، ولتضعه على مكان قضاء الحاجة في فترات منتظمة، وتشجعه إذا فعل، وتكافئه حتى يصل إلى مرحلة ضبط هذه العملية، وإذا لم يستطع التحكم بعد تدريبه لمدة شهر، فإن العملية تؤجل لمدة 3 أشهر، وتُعَاد المحاولة مرة أخرى، حتى يصل للتحكم قبل سن العامين بإذن الله.
ــــــــــــــ(102/381)
ابني يراهق.. وزوجي غائب العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. عندي ابن في الرابعة عشرة من عمره، فشلت في احتوائه على الرغم من استخدامي لكل الوسائل الممكنة، فالترغيب تارة، والتقريب تارة، والشجار تارة، ومعظم خلافي معه بسبب حرصه على صلاة الجماعة والمذاكرة وشجاره مع إخوته، مع العلم أنه يتسم بالطيبة والذكاء وملاحظة عمل الأب خارج البلاد، جزاكم الله خيرًا. السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
أختي الفاضلة: تفكرت في مشكلتك، وكنت قد هممت بأن أنقل لك نصوصًا كتبتها من قبل عن المراهقة، والتعامل مع المراهق، ولكنني أحببت أن أنبِّه -من خلال سؤالك- إلى وضع تعيشه آلاف الأسر التي يغيب عائلها لسبب أو لآخر، ويكون على الأم عندها أن تكون الأب والأم معًا، فيكون العبء النفسي عليها كبيرًا كما يكون العبء الجسدي على زوجها –غالبًا- كبيرًا أيضًا، وكذلك معاناة الغربة... إلخ، والموضوع يغري بالتوغل فيه، ومناقشة أبعاده وجدواه، وجوانبه: الإيجابية والسلبية؛ في ضوء تجربة تمتد الآن لأكثر من ربع قرن: من السفر، والأسر المنقسمة، وقوانين العمل التي لا تسمح للأب بأن يزور أولاده إلا مرة أو مرتين في العام، ولمدة أيام، ولو كان لي من الأمر شيئًا لأعطيت لهذا الأب فرصة أن يزور أولاده لمدة أسبوع كل شهرين على سبيل المثال؛ ليتابع تطورهم النفسي والدراسي، ويأوي إلى زوجته وتأوي إليه، ويأنس كلٌّ منهما بالآخر، ويتدارسا أحوال الأولاد أولاً فأولا، فالهاتف وسيلة محدودة لا تنقل التفاصيل، ولا تنقل تعبيرات الوجه، وزفرات الصدر، ولكن.. ما علينا.
أختي: تحتاجين أولاً لحضور الأب، فإذا كان عمله بالخارج لضرورة قصوى جدًّا تضطرون إليها -والضرورة تقدر بقدرها، وتنتهي بزوال أسباب أو علاج دوافعها-؛ فيستحسن أن يتواجد أكثر وأكبر وقت ممكن معكم، وفي غيابه حبذا لو كنتم على صلة يومية معه عبر الإنترنت الذي ينقل اليوم الصورة والصوت، وبأسعار زهيدة، ويتسع لتفاصيل وأشياء لم يكن الهاتف يتيحها.
هذا الأمر أساسي فلا أستطيع أن أتخيل مراهقًا ينمو نموًّا طبيعيًّا دون أب، فجزء من نمو المراهق يكمن في تدافعه -السلبي أحيانًا، والإيجابي أحيانًا أخرى- مع أبيه، وإن النمو في هذه المرحلة يشبه اللعبة التي كنا نلعبها صغارًا، ونسميها "الصدة ردة"، وفكرتها أن يقوم الطرف الذي تصله الكرة بتسديدها دون تباطؤ، ومن يتباطأ يخسر، أو هي مثل لعبة "تنس الطاولة" لا يمكن أن تلعبها دون شريك يواجهك على الطرف الآخر، يرمي لك، وترمي له.. إذن فوجود الأب أساسي.
ثانيًا: ولدك يا سيدتي لم يَعُد طفلاً، أعرف أنك تعلمين هذا، ولكن هل قمت بتغيير خطتك في التعامل معه بناء على هذه المعلومة؟!
ولدك الآن "رجل صغير" لم تَعُد تغريه الحلوى "فيسمع الكلام"، أو تخيفه التهديدات البسيطة فيكف عن شقاوة الأطفال. ولدك الآن مستودع طاقات تتفجر، ومثل القِدر الذي يغلي ويتقلب بما فيه، إن صراعه شدًّا وجذبًا معك، ومع (من) و(ما) حوله هو تعبير عن الاضطراب الذي بداخله، والذي يعيشه كل مراهق، فهو لم يصبح "رجلاً ناضجًا" بعد، ولكن ينتظر من الآخرين أن يعاملوه كذلك، كما لم يَعُد طفلاً رغم أن بعض تصرفاته توحي بذلك. وأرى أنه إذا كان متجهًا إلى الحرص على صلاة الجماعة في المسجد بانتظام فإن هذا مما ينبغي دعمه، والترحيب، والاحتفاء به، على أن يكون هذا دافعًا ومعينًا على الاجتهاد في الدراسة، فالمسلم بسلوكه وتفوقه يكون بين الناس، ولا خير في صلاة لم تنْهَ عن المنكر، والفشل الدراسي من أكبر المنكرات في حياة إنسان عمله ومهمته الحالية في الحياة أنه "طالب" علم.
إذن عندما يتجه الابن إلى طريق الالتزام الديني نفرح فرحًا مزدوجًا، من ناحية لأنه سيبتعد بعون الله تعالى عن الطريق الآخر، وعن رفقاء السوء، ومن ناحية لأننا نعلم حينها كيف سنخاطبه: بأي لغة، وبأي لسان، وفي إطار أية معاني ومرجعيات.
وخير لك وأوضح أن تفهمي دينك أكثر، فتخاطبي ولدك من على نفس الأرضية التي يقف عليها، وسلطان الدين على نفس الإنسان كبير.
"وجماعة" المسجد يمكن أن تكون ميزة أخرى كونها موردًا محتملاً ومعقولاً لصداقات يحتاجها كل مراهق، ويتأثر بها أكثر من أهله!!
فتعرَّفي على أقرانه، واستضيفي القريب منهم إلى ولدك في المنزل، واجلسي معهم، وبخبرتك في الحياة، وبمعلوماتك -التي ينبغي أن تجمعيها- رشحي "الأنسب"، وادفعي ولدك -بطريق غير مباشر- إلى التقرب منه أو منهم فإنه يحتاج لذلك، كما أنك كلما قويت علاقاتك "بالشلَّة" فستكون عندك الأخبار والتطورات أولاً فأولاً.
المسجد وأنشطته من صلاة، ومجالس قرآن وغير ذلك ستشغل بعض الوقت، وينبغي أن تكوني في قلب هذا الأمر، ومحيطة بأبعاده، فالمساجد مفتوحة، وفيها الطالح والصالح، والمتطرف والمعتدل، والذكي والمختل، فاستثمري إيجابيات هذا التوجه الناشئ عند ولدك، وادعميه، وفي الوقت نفسه لا تغفلي لحظة عن متابعة تفاصيله، بأشخاصه وأحداثه حتى تشاركي بالرأي، وتتدخلي بالفعل المناسب في الوقت المناسب.
هذا إذا كنت قد فهمت تعبيرك "المتلبس المختصر" الذي تقولين فيه "ومعظم خلافي معه بسبب حرصه على صلاة الجماعة والمذاكرة"، فهذا التعبير متناقض يا سيدتي إلا إذا كان ولدك يضايقك بحرصه على صلاة الجماعة، والمذاكرة زيادة عن المعقول... فهل كنت تقصدين "عدم المذاكرة"؟!!
على العموم أنا فهمت أن ولدك "يحرص على صلاة الجماعة" و "يقصر في مذاكرته"، وأقول بالإضافة إلى ما سبق أن "جماعة" المسجد ينبغي ألا تكون البديل عن "الجماعة الاجتماعية"، وأعني بها الأصدقاء الذين يمكن انتخابهم عن طريق المسجد أو غيره من الدوائر التي تتحركون فيها، والأقارب والجيران الذين ينبغي أن تختاري منهم "الأنسب" لتتبادلوا معهم الزيارات، وتوطدي معهم الصلات خاصة إذا كان لديهم أولاد في عمر ولدك.
يحتاج الإنسان إلى أن يحيط نفسه بمن يتشابهون معه في الأهداف والغايات، ويتقاربون في القيم والأعراف؛ لأن هذه الشبكة أو "الجماعة الاجتماعية" تمثل دائرة هامة للنمو والتواصل لا غنى عنها لبشر، وخاصة المراهق.
ثالثًا: تحتاجين يا سيدتي إلى اقتراب أكثر من ولدك واهتماماته، فإن لم يكن له اهتمامات أو هوايات فينبغي تشجيعه على أن يكون له جوانب ترويح وترفيه، فإن ذلك له تأثيره السحري في شخصيته وسلوكه، ونموه الذهني والشخصي، كما تحتاجين إلى أن تطلقي العنان لأذنيك تستمعان هذا "الرجل الصغير" باهتماماته، ومغامرته، ومعاركه البريئة الشابة، وحين تظهرين الاهتمام بسماع التفاصيل، وتطرحين الأسئلة الذكية لمعرفة المزيد من الخلفيات سيمنحك هذا "قوة المعلومات"، ومنها تستطيعين بحكمة أن تضعي النصيحة في الشكل والأسلوب والوقت المناسب، دون تعنيف أو تقريع، ولكن بحكمة وحزم في موضعه، كوني معه "على الخط" و"في الصورة" صديقة تفهم وتسمع بإنصات، فهذا ما أوصى به "أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في قولته الشهيرة عن تربية الأبناء حين قال: "لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك له الحبل على الغارب"، ولا أعرف: هل يراسله والده أو يتحدث معه شخصيًّا كرجل وقد دخل ولدك في سنوات المصاحبة؟!، وعند المصريين حكمة تقول: "إن كبر ابنك خاويه"، أي كن أخًا له أكثر من كونك أبًا أو أمًّا، فناقشيه بهدوء في أموره واهتماماته، وادعمي بمودة، أو عارضي بمنطق.
أختي: أعرف أن الحمل ثقيل، وأن ولدك هذا ليس وحده، وله أخوات، وربما إخوة.. لكن نجاحك في التعامل معه سيمكنه من إدارة علاقته بأخواته بشكل أفضل، كما سينضج من شخصيته بما يجعله يترفع عن مشاحنات الصغار، أو ملاحاة شركائه في بيت ينبغي أن يكون له مصدر حنان وتفهم ورعاية وتشجيع؛ لا مصدر أوامر، وتوجيهات، وإزعاج مستمر.. وتذكري أن كلمات التشجيع، ولمسات الحنان، ومكافآت التفوق لها مفعول السحر.
وبعد.. نعم نحتاج لوجود الوالد في لعبة "الصدة ردة"، لكن الأم تبقى هي المدرسة التي يتربى فيها الإنسان وليدًا يرضع، أو طفلاً يحبو ويتعثر، ثم مراهقًا يعاند ويتمرد، ثم رجلاً.. بهذا تكون الحياة، وهكذا ينشأ الرجال، ومن أجل هذا كانت الجنة تحت أقدامهن. قلبي معك وأهلاً بك.
ــــــــــــــ(102/382)
أختي المراهقة عنيدة.. أين المشكلة؟ العنوان
أنا من أسرة ملتزمة وأختي في سن (15)، أي سن المراهقة، وهي تظهر بعضًا من شعرها، وهي لا تتقبل النصيحة من أحد وعنيدة جدًّا؟ فماذا أفعل؟ وهل أكون ديوثًا أم لا؟ السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخ العزيز: حرصك على أختك والتزامها في ملبسها وسلوكها حرص محمود، ومتوقع منك إذا كنت ملتزمًا حقًّا كما تقول، ولكن دعني أنبهك عن التضاريس النفسية لمرحلة المراهقة التي تمر أنت وأختك بها:
من معالم هذه المرحلة إثبات الذات، والبحث عن اختيارات شخصية، وملامح لون وطعم وتوجهات في الحياة، وهي مرحلة انتقالية بين كونك -مثلاً- كنت طفلاً كبيرًا إلى كونك الآن رجلاً صغيرًا، وكذلك فإن أختك لم تَعُد الطفلة الوديعة "ذات الضفائر" كما كانت بالأمس، ولكنها أصبحت الآن "آنسة" صغيرة، و"أنثى" "تحت التكوين" ستصبح عمَّا قريب بإذن الله زوجة وأمًّا.
وشقاوة الأطفال، ومشاجرات ابتدائي لم تَعُد تصلح أسلوبًا لإدارة العلاقة بينكما، كما أن الرجولة التي تنفجر طاقاتها في جسمك وذهنك لها ميادين متعددة للممارسة، ليس منها توجيه أختك وإرشادها فهذا ليس دورك، ولا تستطيعه بحكم أنك أيضًا "تحت التكوين".
المنتظر من هذه الرجولة المتفتحة أن تعطف وتحمي، وتشارك في الرأي والاهتمام بعد السماع، والتقرب، والود والمجاملات الأخوية البسيطة من هدايا في المناسبات، وعون عند الطلب... إلخ.
وبقدر الذكاء الاجتماعي، والاقتراب سيكون التأثير، وستُلَيِّن الرأس العنيدة، فهي لا تلين إلا لمن يترفق، ولا يقابل العناد بعناد، ولكن يقترب ويهتم، ويساعد ويشارك، وإذا أراد أن ينصح أشار من بعيد "وكل لبيب بالإشارة يفهم"، الذي أرجوه أن يكون الوالد والوالدة على فهم ودراية بحساسية هذه المرحلة الحرجة من السن، وأن يكونا على مهارة في إدارة علاقتهما بأختك، وعلاقتك بها؛ لأن الشائع في مجتمعاتنا من اعتبار الأخ -القريب في السن من أخته أصلاً- رجلاً ينضم إلى صف الآمرين الناهين، والمرشدين والموجهين لها، هذا النهج الخاطئ يفسد أول ما يفسد العلاقة بين هذا الأخ وأخته فاحذر هذا، إن كان موجودًا، فليس لك من الأمر شيء على الإطلاق غير ما ذكرته لك، ولا تكون "ديوثًا"؛ لأن الديوث من لا يخاف على عرضه، وأنت لست كذلك بإذن الله عز وجل، كما أن توجيه أختك وإصلاح أحوالها -وإن كان هناك خلل- لا يكون بالشدة، وليس مطلوبًا منك، بل على العكس ينبغي أن تختار الدور المناسب لموقعك منها، وهو دور الأخ الحنون المهتم... إلخ ما ذكرت لك.
تستطيع أن تكون الصديق الصدوق لأختك بقليل من الحكمة والجهد فتسمع لك، وتتأثر بكلامك "أيما تأثُّر"، ولكن كصديق، ومن المعروف عن هذه المرحلة أن الإنسان يتأثر فيها بمجموعة الأصدقاء أكثر مما يتأثر بالأسرة، "فهل لديك من الذكاء والقدرة ما يجعلك تدخل في هذه الدائرة المؤثرة في حياة كل مراهق، فتكون مع أختك وحولها، وتريدك هي كذلك: شريك اهتمامات، وموضع أسرار، وعونًا على صعوبات تلك المرحلة السنية.. وهي كثيرة أرجو أن تكون عند حسن الظن بك.
ــــــــــــــ(102/383)
الاستحمام.. لا دموع بعد اليوم! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. عندي مشكلة قد تكون غريبة نوعًا.. ابنتي عمرها 16 شهرًا.. كنت عندما "أحممها" أملأ لها "البانيو" بالماء وتبقى وسط ألعابها، وكنت أشعر برضاها ولم يكن هناك مشاكل.. ثم سافرنا لمدة 3 أسابيع، وكنا نضطر لـ"تحميمها" بطريقة طبيعية في الحوض أو "البانيو" بدون ملء للماء ولا ألعاب، وأطفال كثيرون هكذا.
ولكن عندما عدنا وجدناها ترفض النزول في الماء أو تصرخ، ثم ترفض الاستحمام عمومًا بأي وسيلة، وحاولنا معها بوسائل مختلفة، حتى إن أحدنا يحملها طوال الوقت وهي تستحم، وحاولنا إغراءها باللعب، ولكن لا فائدة.. أشعر أن الأمر ازداد سوءاً.. تظل تصرخ وتتشبث بمن معها بطريقة غريبة، فلم هذا الخوف الشديد؟
بل إنها قد تبدأ في البكاء بمجرد شعورها بأننا نفكر في "حمامها".. لقد صارت تستحم قليلاً وبصعوبة كبيرة، ولقد بدأنا ندخل في الصيف؛ ولهذا فإني أحتاج لحل عاجل، ولا أدرى ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
الخوف الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا عزيزتي ومرحبًا بك، وأحب أن أخبرك أنني قرأت سؤالك مرات وعلقت رسالتك في ذهني لكي أركز لك كل ما يمكن أن ينفعك في التغلب على ما يحيرك بشأن ابنتك، وقبل أن أقوم بالرد عليك مباشرة كنت في الحمام "أحمم" طفلي الأصغر -13 شهرًا- والذي كنت أعاني معه من خوفه الشديد من الماء على عكس أخته الكبرى التي كانت تهوى الماء من عمر 6 أشهر وتسبح في البحر -باستخدام طوق الطفو- بدون أي مشكلات، ولكنه الآن تحسن كثيرًا؛ ولذا أحب أن أنقل لك تجربتي في هذه المسألة، فضلاً عن الآراء التي جمعتها وقرأتها وحصلت عليها من المختصين بعلم النفس، عساها تعينك في التغلب على مشكلتك الغريبة نوعًا ما كما تصفينها.. وإن كنت أرى أنها ليست مشكلة على الإطلاق، بل إنها رد فعل طبيعي جدًّا من طفلتك كما سيتضح فيما يلي.
لقد انتقلتم يا عزيزتي من مكان لآخر، وتغيرت البيئة المحيطة بالطفلة، بل وتغيرت مع هذا الانتقال أمور كثيرة كان أحدها طريقة الاستحمام كما ذكرت، وربما تعرضت للارتباط بشخص معين فقدته بعودتكم أو العكس، بمعنى أنها فقدته عند سفركم -حيث إنك لم تحددي من أين سافرتم؟ وإلى أين؟ هل من مصر لألمانيا أم العكس؟، وأي بيئة التي تعتبر مستغربة على طفلتك؟ - كل هذه الأمور يكون لها عظيم الأثر في إثارة المخاوف لدى الأطفال؛ فتغيير البيئة للطفل وانفصاله عمن اعتاد الالتصاق بهم، فضلاً عن الانفصال عن نمط معين معتاد من الحياة يبرر الكثير من المشكلات المتعلقة بالتوتر والخوف والقلق، وبالتالي فمسألة خوف حبيبتك من الحمام يعتبر رد فعل طبيعيًّا جدًّا -ويبدو أنك تتوقعين ذلك- للتغيرات التي عاشتها الأسرة في الفترة السابقة.
هذا بخلاف احتمال خوفها من تعرضها للانزلاق أو مجرد شعورها بإمكانية ذلك في البانيو عندما تبلل قدميها -كما يفعل ولدي الذي يصرخ عندما تبتل قدماه من الأرض خوفًا من الانزلاق؛ لأنه انزلق مرة بسبب هذا البلل فأصبح بلل قدميه مدعاة للصراخ لكي يناديني لأحمله من هذا الخضم وأبعده عنه- أو خوفها من كون البانيو أملس أو سخونة الماء أو برودته، أو الخوف من كتمان نفسها بسبب انهمار الماء على رأسها بغزارة ذات مرة -ومن تجربتي مع أطفالي هم يكرهون صب الماء على رءوسهم جدًّا ويفضلون البعد عن ذلك والاكتفاء بصب الماء على أجسامهم أو الرقود في الماء- إلى غير ذلك مما قد يكون سبَّب خوفها وكراهيتها للاستحمام كله بكل خطواته وتحضيراته وما يرتبط به.
إذن وبعد أن توصلت إلى أن هذا الخوف أمر طبيعي، بل إنه دليل ذكاء لدى طفلتك لكونه يعبر عن تطور إدراكها لما حولها من أشياء، وفهمها لما يدور في العالم المحيط بها، يبقى لنا أن نتحدث عن كيفية التغلب على هذا الخوف:
أولاً: يجب دوما عدم إجبار ابنتك على الاستحمام، بل لا بد من تأمينها تمامًا من كل مخاوفها عند الاستحمام، فإن كانت تريد احتضانك فلا تتركيها، وجهزي للاستحمام ملابس تكونين على استعداد لتبديلها بسبب البلل بعد "تحميم" ابنتك.. وحاولي ألا تصرخ أو تخاف أو تتعرض لما يضايقها طيلة مدة الاستحمام التي أنصحك بتقليلها كثيرًا وزيادتها تدريجيًّا مع كل ما تبديه الطفلة من تطور واستحسان للاستحمام.
ثانيًا: قومي بإحضار حوض صغير أو طبق غسيل وتعاوني معها على "تحميم" عروسة أو لعبة فرو من ألعابها بهدوء في مرح وسعادة. وشغلي أثناء ذلك أغنية من أغاني الأطفال المرحة اللطيفة، وقوما بإجراء كل عمليات التنظيف التي تتم في الاستحمام من غسل الشعر والبدن وتمشيط شعر العروسة، ثم تجفيفها بالمنشفة، ثم اتركيها تؤدي هي هذا العمل فيما بعد لتفهميها أن الأمر ممتع، ولا يؤذي دون الإشارة إلى هذا باللسان والكلام مثل (انظري لا تخاف) أو غير ذلك، مما قد يؤكد على مسألة الخوف بدلاً من القضاء عليها، بل دعيها تكتشف هي ذلك بنفسها.
ثالثًا: في كل مرة لاستحمامها العبي معها وحضري لها الألعاب والعبا بها معًا دون خلع الملابس، ودون أن يبدو أن الأمر فيه استحمام، بل إن المسألة كلها ألعاب مائية تمتع وتضحك، ثم تتدرج للاستحمام بعد تحميم الألعاب، وما زلت أؤكد على ضرورة تسيير العملية كما تحب طفلتك وبدون إجبارها على شيء تخافه أو لا تحبه، مع الكثير من السعادة والغناء والمرح (ارسمي لها برغوة الصابون على وجهك شاربًا مثلاً وشكل مهرج، وألبسيها من رغاوي الصابون حذاء وهكذا).
رابعًا: تحلي بصبر طويل على تطور ابنتك وتغلبها على خوفها، ولا تستعجلي النتائج ولا تنتظريها، بل ستفاجئين بها.
خامسًا: لا توتري نفسك بمسألة الصيف وحاجتها للاستحمام فتضغطي عليها، ويصبح مجرد تفكيرك في حمامها مخيفًا لها، ولا تفكري في حل عاجل، بل تمهلي وحاولي إيجاد البدائل، كغسيل وجهها باستمرار وتلبيسها ملابس خفيفة لا تسبب لها العرق الكثير.. وأكثري أمامها من التعبير عن رغبتك في الاستحمام للتخلص من الحر، وكم أنك سعيدة بعد الحمام، وأنك تخرجين بعد حمامك مبتسمة وسعيدة.
سادسًا: لا بد من توفير بيئة مرحة وسعيدة خالية من التوترات تحيط بالطفلة لتعينها على النمو السوي وتجاوز كل المشكلات.
أختي الكريمة.. إن الخوف حالة انفعالية عامة عند جميع الكائنات الحية وهو استعداد فطري يحمي بها الكائن الحي نفسه ويأخذ حذره من مخاطر الحياة، وأختم قولي معك بقول الإمام الغزالي: "إن بعض المخلوقات تكون كاملة التكوين ولا يمكن تغييرها مثل الأرض والكواكب، بينما تكون مخلوقات أخرى ناقصة التكوين كخلق الإنسان، وإن التربية السليمة هي الوسيلة لتكميل هذا النقص".
سعدت بصحبتك جدًّا من خلال تلك السطور القليلة، وكنت أتمنى أن تطول أكثر لتطول صحبتنا معًا، ولكنني في انتظار متابعتك لنا بأسئلة أخرى ومزيد من المتابعات وأخبارك وأخبار أسرتك وطفلتك، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/384)
التربية الخاطئة: تقصير والديّ أم غضب إلهي؟! العنوان
عندي من الأولاد اثنان: ولد وبنت، أجد بعض الصعوبة في التعامل مع ابني؛ حيث إني أفعل له كل شيء، وألبي له كل طلباته وهو في المرحلة الإعدادية، وهو على درجة عالية جدًّا من الذكاء، ولكنه يحب اللعب جدًّا ولا يركز في المذاكرة، وقد وفرت له كل سبل الراحة وأعطيه دروسًا في بعض المواد لكي يحصل على أعلى الدرجات؛ حيث إنني أفقد أعصابي معه حين أذاكر له؛ لأنه لا يركز في المذاكرة فأقوم بسبه أو إهانته، وبعض الأحيان أضربه وكذلك والده.
أحس أن هذا غضب من الله، وأود مشورتكم، ماذا أفعل لكي أتعرف على ذنبي الذي قد أكون ارتكبته مما جعل الله يغضب عليّ وعلى ابني؟ مع العلم بأن ابني عاطفي جدًّا وجميع الناس يحبونه.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخت الكريمة..
أهلاً بثقتك، وردًّا على سؤالك أقول: ليس في الأمر غضب من الله عليك أو على ابنك، ولكنه سوء تقدير منك لابنك وقدراته ولهدفك من تربيته.. إننا لا ندرك ماذا نريد من أولادنا! هل نريدهم أولادًا أسوياء نفسيًّا ناجحين في حياتهم على كل الأصعدة الاجتماعية والثقافية والعلمية، أم نريدهم ماكينات في ظل نظام تعليمي فاشل ومتخلف حتى ولو كان ذلك على حساب شخصيات وعلى حساب نموهم النفسي السوي.
إن كثيرًا من الآباء والأمهات للأسف يختارون الثاني ويعتبرون أن النجاح في الدراسة هو الطريق للمستقبل، ويتوترون من أجل ذلك، ويصبون غضبهم على أولادهم في صورة سب وإهانة وضرب ثم يشكون من أولادهم، والحقيقة أن المشكلة في الآباء والأمهات وتصورهم المغلوط للمستقبل، وللهدف من التربية وفيما يريدونه من أبنائهم.
إن الخطأ فيك أنت وفي الأب وليس في هذا الابن المسكين الذي أوقعه الله في أيديكما، وهو الطفل المحبوب من الجميع العاطفي جدًّا، فبدلاً من أن ترعياه وتشجعاه وتبحثا عن مواطن التميز فيه، وتكون الدراسة أحد محاور حياته التي تتساند مع المحاور الأخرى؛ حتى نحصل على شاب سوي ناجح في حياته العملية، واثقًا من نفسه قادرًا على التواصل مع الآخرين، فإذا بكما أنت وأبوه تسيران في طريق إنتاج شاب مهزوز يشعر دائمًا بالإحباط نتيجة لمعاملة أهله له.
إن حل هذا الابن هو أن تكفا أيديكما عن إيذائه، وإهانته وضربه وتجعلا مكان ذلك رسائل للحب والعطف والدفء.. وتتحول كلماتكما إلى التشجيع والحفز، وأن تقوما بتنمية بقية محاور شخصيته وتشجعاه على ممارسة هواياته حتى تكتشفا قدراته وتميزه، وأن تحافظا على علاقة طبيعية معه: علاقة بين ابن وأبويه لا تتأثر بالدراسة أو غيرها، فهذه علاقة خالدة؛ فيشعر الابن بالأمان والحب ويتحسن أداؤه على كل المحاور بما فيها مسألة الدراسة.
إن الإحباط والألم الذي تسببانه لهذا الابن من جراء معاملتكما السيئة له هو أهم الأسباب الرئيسية لتدهور مستواه الدراسي!! ولا تفقدي أعصابك؛ فليس بالعلم والدراسة وحده ينجح الإنسان ويحيا، ولكن بالتشجيع وإطلاق القدرات، واكتشاف المواهب، وفي إطار من الحب نكسب أبناء أصحاء نفسيًّا وجسديًّا يبنون مستقبلهم بلا ألم، وننصحك تحديدًا بالتالي:
1 - ممنوع استخدام العنف؛ لأن هذا يؤدي إلى العناد، ولن يأتي بالنتائج المرجوة من ورائه.
2 - أن تتفهمي أن اللعب هو حق من حقوق ابنك، وفي البلدان المتقدمة تربويًّا يمزجون اللعب بالدراسة؛ حتى تكون عملية التعليم ممتعة بقدر الإمكان.
3 - أن تعطي لابنك قدرًا من الحرية وتحمل المسئولية، فلا ينبغي أن يعامل معاملة الأطفال، خاصة وأنه الآن على مشارف الرجولة، وربما ظهرت عليه بعض أمارتها، ومن أكبر الخطأ أن نعامل ابننا كطفل بينما هو يشعر بالرجولة من داخل نفسه، وقد تخطى بالفعل مرحلة الطفولة.
4 - أن لجوء الولد للعب والهروب من المذاكرة يتحمل جزءاً منه جفاف المفاهيم التعليمية الفاشلة وأسلوب التدريس عندنا؛ لذلك يجب أن نتفهم هذه النقطة ونحاول تعويضها.
ــــــــــــــ(102/385)
مراهق وسط الأمواج العنوان
لي أخ يبلغ من العمر 15 سنة، ولكنه كثير المشاكل فهو لا يبالي بأي نقد أو توجيه من قبلي أو من قبل والديه، ولقد حاولنا معه مرارًا وتكرارًا حتى نجعله يرضخ ويذعن وينفذ الأوامر، ولكنه ازداد سوءاً وترديًا، وقد حاولنا معه بأسلوب لين، ولكنه لم ينفع وحاولنا معه بأسلوب قاس، ولكنه لم ينفع، فما الحل؟ وما الطريق؟ السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخ العزيز: حرصك على استقامة أخيك حرص محمود لا شك في ذلك، واهتمامك بأمره متوقع منك بوصفك الأخ الأكبر.
ولكن المشكلة التي نحن بصددها هي بالتحديد شاب مراهق، وأسرة لا تعرف معنى المراهقة، وبالتالي تخطئ السبيل في التعامل مع ذلك الابن الذي يعيش عمره بما فيه من مصاعب.
والمراهقة يا أخي هي تلك المرحلة التي يمر بها الإنسان بدءاً من بلوغه الجسماني البيولوجي حتى نضجه النفسي والذهني، وهي كما ترى محددة البداية، ونسبية النهاية.
ومن معالم هذه المرحلة -التي يعيشها أخوك الآن- التمرد ليس سبب سوء الأدب، ولكن لإثبات الذات والاستقلال، ومحاولة تكوين شخصية لها معالم واختيارات، وهي مرحلة تتصف ببعض التشوش في تحديد هذه الملامح الضرورية لتكوين الإنسان، ويتم هذا التكوين عبر الرفض والقبول، والتجريب بما يحمل من احتمالات الخطأ والصواب. وتزداد المشكلة تفاقمًا إذا كنتم تعيشون في بلد غربي به ما في هذه البلاد من مصاعب وتناقضات.
باختصار نحن أمام طاقة متفجرة لا يقودها عقل ناضج بعد، أو فرس جامحة لا لجام لها، أو ناقة شاردة، فهل يصلح للتعامل مع هذه الحالة ذلك الأسلوب الذي تتبعونه، والقائم على النقد بهدف "الرضوخ" و"الإذعان" و"تنفيذ الأوامر"؟
ما هذا يا أخي العزيز؟.. هل تتكلم بهذه الألفاظ عن إنسان هو أخيك، أم عن "عبد أبق" تريدون تأديبه؟! هل تتحدث عن تعامل اجتماعي راشد في محيط أسرة أم نظام عسكري صارم في ثكنة؟!
أخوك في سن حرجة، ويحتاج إلى تفهم من قريب، وهي مرحلة قال عنها الإمام علي كرم الله وجهه: "صادقه سبعًا"، أي بعد مرحلة الملاعبة في السنوات السبع الأولى، ثم التأديب في الثانية يأتي دور الصحبة للسبع سنوات الثالثة تمهيدًا لاستقلاله، ونضجه كرجل بإذن الله تعالى.
ولا يكون القرب هنا بالضغط ولا بالعنف، بل بالإقناع والتفهم والتفاهم، ومعرفة ما يدور في ذهنه، وتوجيهه بشكل غير مباشر عبر ضرب المثال بنماذج حسنة، والتنبيه إلى العواقب الوخيمة التي حاقت بنماذج أخرى واقعية سيئة، فنرى في الحياة أمثلة لضائعين وفاشلين، ونرى أمثلة لطرق سوية، وأخرى منحرفة للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ومن استعراض تجارب الحياة معه في ودّ، والاقتراب منه، من معرفة اهتماماته وأصدقائه وأقرانه عن كثب؛ يمكن تقديم النصح الهادئ، وإلا سينفر من بيت لا يرى فيه إلا النقد والضغط والرفض إلى دوائر أخرى، ربما تكون بداية نهايته، بينما لو وجد فيكم، وفيك أنت بالذات، الصدر الواسع، والعقل الراجح، والرأي الهادئ السديد فسيلجأ تلقائيًّا إليك في كل شئونه.
وأخيرًا فإن ارتباط كل منكما بالله عز وجل، وبرباط الحب الأخوي المتبادل، والحرص المشترك على خيره ونجاحه في حياته سيسهل كثيرًا من هذه المهمة الشاقة إلا على من سهلها الله عليه.
ــــــــــــــ(102/386)
اتفقا على حب التنين المسلم العنوان
السلام عليكم.. قرأت على موقعكم المحترم خبر التنين المسلم، وتابعت قصة بطل العالم للكونغ فو "باسل الكناني". المشكلة هنا أنني أسكن في محافظة الدقهلية، أي أنني قريب من موطن باسل الكناني بالمنصورة، ومنذ أن عرف أولادي شهاب ونور (14 عامًا) به، وهما يبحثان عنه حتى قبل قراءة الخبر على الموقع، ولكن بعد قراءة - الخبر ازدادت رغبتهم في التعرف على هذا اللاعب.
والغريب أن شهاب ونور رغم اختلافهما وبعض المشاجرات التي تحدث بينهما فإنهما اتفقا على حب باسل الكناني، واعتباره النجم الخاص بهما، وربما أعجبني ذلك في ابتعادهما عن نماذج مثل عمرو دياب وإيهاب توفيق وغيرهما، ولكني أسأل كيف أوظف هذا الإعجاب بشكل إيجابي؟ وهل أرفضه أو أحاربه؟ لا أدري برجاء الإفادة حول هذه الحالة.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
الأب الكريم الواعي، تحية طيبة لك على حرصك وعلى وعيك بأهمية تكامل التربية على كافة المستويات، فقليل من يدرك أهمية الرياضة في بناء الشخصية ويعتبرها إما ترفًا أو أولوية مؤجلة حتى يبلغ الطفل سن الشباب ويمارس رياضة الجري وهو يبحث عن وظيفة شاغرة.
وأترك مع من كان سببًا في تعرف زوار الموقع على هذا البطل ليرد على تساؤلاتك باعتباره رياضيًّا وهو الأستاذ محمد خليل النقيب في الجيش الفلسطيني.. المحررة.
يقول الأستاذ محمد:
بداية بما أنك من محافظة الدقهلية فتدريب "ساندا " يوم الأحد والثلاثاء والخميس من كل أسبوع بنادي الشبان بالمنصورة، ويحضر باسل كل يوم خميس، ولكنه الآن متغيب للتجهيز للبطولة الأفروآسيوية، ويوجد غير" الساندا" ألعاب أخرى كثيرة ممتعة يمكن أن يشترك أولادك بها، وسوف يكتشفوها بأنفسهم في حال التحاقهم بالتدريب إن شاء الله تعالى.
باسل يتحدث عن نفسه ويقول إنه إنسان عادي، ولكنه إنسان يتقي الله تعالى في كل ما أتاه الله من قوة بدنية وعلم ومال، وهذه هي شخصية باسل ببساطة، فهو يتعامل مع كل ما وهبه الله من نعم على أنها تكليف له وليست تشريف، فيبتعد بطبعه عن المباهاة والمفاخرة ويتجه إلى استثمار كل ما وهبه الله عز وجل له وقدره، فمثلا حين الفوز ببطولة العالم عام 1999 وجد فرصة ليرفع راية لا إله إلا الله ليعلن للجميع أنه مسلم، وهذه المسألة لها أصل في السنة، وقد عرف باسل ذلك من خلال موقع "إسلام أون لاين.نت" وكانت سعادته بذلك كبيرة.
ويحاول دائمًا التواصل مع الآخرين سواء مسلمين أو غير مسلمين ليكون سفيرًا للإسلام حول العالم بالكونغ فو، ولكن هل من الممكن أن يتحول باسل إلى شخص آخر لا نحبه ولا نريد أن نعرفه هذا ممكن بالطبع فهو في النهاية إنسان له أخطائه وعيوبه؛ لذا لا ينبغي أن يكون الإعجاب والحب جارفًا حتى لا نتأذى إذا ظهر باسل بصورة أخرى نرفضها، وكذلك لا ينبغي أن نبخس الرجل قدره، فهو بطل كما أعرفه بكل ما تحمل الكلمة من معاني، ولا ينبغي أيضًا أن نركّز على قضية الإعجاب ونهمل القضية الأساسية التي تخص أبناءنا وهي استثمار هذا الإعجاب، فشهاب ونور اتفقا على حب باسل الكناني أو التنين المسلم كما عرفوه من خلال موقع "إسلام أون لاين.نت".
وينبغي استثمار هذه النقطة لمصلحتهما من خلال إشراكهما في نشاط رياضي مشترك يزيد مشاعر الحب والوفاق بينهما، بل ويمتد إلى غيرهم من أقرانهم الذين سيتعرفون عليهما من خلال التدريب، وكل هذا يصب في مصلحة أولادك، وهذا هو المطلوب والذي سيتحقق بإذن الله سبحانه من خلال توجيههما إلى الرياضة وممارسة الرياضة، ولكن ينبغي التنبه على حذر بأن ليس كل من يمارس الرياضة يجب أن يكون بطلاً عالميًّا فيها، فالأمر في النهاية يعود إلى قدرات منحها الله لنا، فعلى سبيل المثال أخو باسل بطل في لعبة" الساندا" وهو الذي أرشد باسل إلى ممارستها، ومع ذلك لم يحقق أي بطولة عالمية.
أرجو أن تتواصل معنا لتخبرنا بالمزيد عن شهاب ونور بعد اشتراكهما بأحد الأنشطة الرياضية، وأرجو أن تشجعهم على ذلك، وليس بالضرورة" الكونغ فو" أو "الساندا"، فالرياضة بصفة عامة مفيدة ومثمرة، وبالمناسبة سوف يتفرغ باسل في شهر سبتمبر القادم إلى تدريب فريق" الساندا " بنادي الشبان، ويمكن لأولادك الذهاب إلى هناك والتعرف على باسل بشكل مباشر.
ــــــــــــــ(102/387)
هواجس الطفل الأول العنوان
السلام عليكم، مشكلتي ليست معقدة ولكني في حاجة إلى مساعدتكم، فلقد تزوجت منذ ثلاثة أشهر، وقد اتفقت أنا وزوجي على استكمال دراستي في الولايات المتحدة لمدة عامين، ثم بعد ذلك نفكر في الإنجاب، ولكن الوضع الآن اختلف عندما وجدنا هنا تكاليف الدراسة مرتفعة، فقررنا تأجيل الدراسة إلى أن نعود لـ "كندا" بعد خمس سنوات، حيث عائلة زوجي.
والمشكلة هي أنني حامل في الشهر الأول، ولا أدري هل أحتفظ بحملي أم لا؟ فإن احتفظت بالحمل ووضعت طفلي هنا سأقوم بتربيته، وعند عودتنا إلى "كندا" سيكون قد بلغ سن المدرسة، ولكني أخشى الاحتفاظ به؛ لقلة خبرتي، ولأنه يمثل مسئولية كبيرة، كما أن والدتي كانت تشير عليّ بتأجيل الحمل؛ لكي أستطيع أن أقضي وقتًا أكثر مع زوجي دون أطفال.
قبل علمي بأنني حامل، رأيت في النوم طفلاً في حقيبة لا لون لها، وقال لي أحد إن هذا هو ابنك. ثم رأيت بعد ليلتين أني أحمل طفلاً مشوهًا وقيل لي إنه ليس ابنك.
إني أخشى أن يكون طفلي مشوهًا، في الوقت نفسه نريد أنا وزوجي الاحتفاظ بالجنين؛ خوفًا من الله، وأيضًا لأني سأجد ما يشغلني في فترة الهجرة.
السؤال
الخوف الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
إنك الآن حامل فعليًّا في شهرك الأول.. فهل تعتقدين أن المبررات التي قدمتها في رسالتك تعطيك الحق في إجهاض نفسك.. هل من حقك بعد أن أصبحت حاملاً فعلاً أن تسألي: هل أحتفظ بالجنين أم لا؟.. إن الأسباب التي أوردتها في رسالتك، سواء الخوف من تحمل مسئولية الجنين، أو الرغبة في توطيد العلاقة مع زوجك -على حسب نصيحة أمك-، أو الخوف من ولادة طفل به عيوب خلقية، ذلك الخوف الذي لا يقوم على أي أساس علمي أو فحوص طبية.
إن هذه الأسباب لا تعطيك الحق في التخلص من جنينك من الناحية الشرعية، وهذا يغلق باب السؤال، ولكننا مع ذلك سنناقش الأمر معك نقطة.. نقطة حتى نتبين معك تهافت منطقك حتى من الناحية العقلية أو الموضوعية.. أما تحمل مسئولية الجنين، فمَن مِنَ الأمهات كانت على دراية كاملة بالتعامل مع طفلها الأول عند بداية حملها؟!! إن المطلوب منك أن تبدئي الاستعداد لاستقبال المولود من خلال القراءات المتخصصة، وسؤال أهل الخبرة وحضور الندوات والدورات المتخصصة في ذلك، ونظن أن هذا أمر ستجدينه متوافرًا بصورة كبيرة في الولايات المتحدة حيث تقطنين الآن، ثم بعد ذلك ستكونين مثل أي أم تستقبل وليدها الأول تحاول معه بما تعلمته، وما لا تعرفه تسأل عنه من حولها مثلما فعلت كل الأمهات على مدار الأزمان، ولست استثناء.
وأما التعرف على زوجك وتوطيد العلاقة به، فالعكس هو الصحيح في حالة حدوث الحمل؛ حيث يصبح هذا القادم الجديد فرصة للحوار والالتقاء بين الزوجين، وظهور مشاعر جديدة بينهما؛ حيث يشعر بأن ما بينهما من حب هاهو يتجسد كائنًا حيًّا داخل رحم الأم، يقومان سويًّا برعايته والاطمئنان عليه حتى يصل إلى هذه الدنيا رمزًا مجسدًا لعلاقة طبيعية قوية بين الأبوين، ثم يأتي الطفل ويبدأ الطرفان في رعايته سويًّا، ويحاول كل طرف أن يساعد الطرف الآخر في ذلك، ويقدم له العون، ويحاول أن يحمل عنه بعض العبء، فالزوج يجب أن يقوم على رعاية الطفل حتى على حساب راحته من أجل أن تستريح الأم قليلاً، والأم حريصة ألا يقلق الوليد الأب بصياحه وبكائه حتى يستطيع العمل أو المذاكرة، ويرى كل منهما في الآخر ذلك فتزداد الروابط.
لم يكن الأطفال في يوم يا أختي من الأيام سببًا في تباعد الأبوين، بل هم دائمًا سببًا في إسعاد البيوت واستمرارها، بل إن كثيرًا من الأزمات الزوجية انحلّت بوصول الأطفال معلنين وجود سبب جديد لاستمرار الحياة الزوجية.
وأما بالنسبة لوجود عيوب خلقية في الأطفال، فهذا أمر ليس بأيدينا، ولكنه بيد الله عز وجل، ولا نملك حياله إلا أن نأخذ بالأسباب التي نملكها في أيدينا لمنع ذلك، كالامتناع عن تعاطي الأدوية أثناء الحمل، وكالكشف الدوري على الجنين وأمه أثناء فترات الحمل، ولكن يظل الأمر لا يدعو للقلق أو الامتناع عن الحمل والولادة؛ لأن هذا أمر لن يمنعه أن نؤجل الحمل لوقت آخر، بل العكس هو الصحيح؛ حيث إن الحمل المبكر يقلل احتمالات ذلك، إن التوكل على الله عز وجل، وتذكر أن الحمل والولادة من نعمه علينا والتي يجب ألا نجحدها، كفيل بطرد كل هذه الهواجس والأوهام.
ــــــــــــــ(102/388)
الابن العدواني.. العنف طاقة أم أذى؟! العنوان
لديّ ابن في العاشرة من العمر هو أول أولادي، وله أخ صغير جدًّا وأختان. مشكلته أنه دائمًا متوتر بشكل ملحوظ، ولديه ميل للعدوانية، ويؤذي أختيه بالضرب على رأسيهما، ويشعر دائمًا أن الجميع لا يحبونه.
المشكلة الآن في المدرسة، فأنا أهتم به أكثر من إخوته، أدخلته أحسن مدرسة خاصة، وأجلس لأذاكر له دروسه أكثر من ساعتين في اليوم، وهو ذكي جدًّا ولكنه لعوب، ولا يحب الدراسة ونتائجه متدنية، شعرت أنه يذاكر لوجودي بجواره، فتركته يذاكر وحده ولم أعطه اهتمامًا أكثر من إخوته، وقد أدخلته لعبة الكاراتيه وهو سعيد بها، ولكن نتائجه ما زالت متدنية جدًّا، أنا مُدرسة ووالده ليس لديه أي دور مباشر، فما هو الحل؟ السؤال
العنف والعدوانية الموضوع
د/إيهاب خليفة اسم الخبير
الحل
الأخت المرسلة، حسنًا فعلت لأنك أعطيت ابنك قدرًا من الحرية وأشركته في لعبة الكاراتيه التي يحبها.
فمن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الناس مختلفين في طبائعهم وأمزاجهم وأخلاقهم، وقام بتوزيع المواهب بين الناس، فليس كل فرد مثل الآخر.
والمطلوب هو اكتشاف تلك المواهب وتنميتها، مع الاهتمام طبعًا بالجانب الدراسي، ولكن يجب أن يتم ذلك في حدود الضوابط الآتية:
أولاً: الصبر وعدم الاستعجال: وأحب أن أطمئنك أن شخصية الفرد لا تزال تتكون وتنضج حتى سن البلوغ، وتكتمل حتى يكون التغير طفيفًا بعد ذلك في سن الثامنة عشرة، فما تشعرين به الآن من إعراض ابنك عن الاستذكار وميله إلى اللعب ليس كافيًا للحكم عليه بأنه سيظل هكذا، بل من الشائع جدًّا أن تتغير هذه الشخصية كلما تقدم به العمر مع التعامل الجيد مع المشكلة، وهو ما عالجناه في مشكلات سابقة سنوردها لك بنهاية الرد.
ثانيًا: تجنبي المقارنة بالآخرين ما أمكن ذلك، فهو يُولِّد في الولد نوعًا من الإحباط والغيرة والحقد، ومن الحكمة ألا نطالب أبناءنا بما نطالب به الأولاد الآخرين، والله -كما قلنا- خلقهم مختلفين الطبائع والأمزجة والمواهب، والرغبات حتى يكمل بعضهم بعضًا.
ثالثًا: يفضل أن تحاولي بناء شيء ما بداخل نفس الولد قبل أن تهدمي شيئًا آخر بها، فمثلاً يفضل أسلوب التشجيع على أنه سينال جائزة معينة إذا هو ذاكر هذا الجزء، على أسلوب العقاب والحرمان إذا هو أهمل في دراسته.
رابعًا: تجنبي العقاب البدني، ما أمكن ذلك وإذا لم يكن منه بد، فلا بد أن يكون غرضه التهذيب وليس الإذلال والإهانة، وأن توضحي له سببه، والكي آخر الدواء كما يقولون.
خامسًا: أن تكون عملية التعليم ممتعة ومشوقة. فيجب أن تكون المعلومات التي يدرسها مفيدة له في حياته العادية، وأن تكون مصحوبة بالممارسة العملية، والوسائل الإيضاحية المسموعة والمرئية مثل المواد الفيلمية، والكومبيوتر، وما شابه ذلك.
ويلزم تحديد مشكلة الولد بدقة، فما مقدار تدني مستواه؟!! وهل نتائجه متدنية في لعبة الكاراتيه أيضًا؟ ويلزم الاهتمام ببقية نواحي الجو الأسري وطريقة معاملة الوالد له. وكوني معنا.
بنت السابعة.. تائهة في بيت الأب العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، لديّ طفلة في شهرها الخامس، وطفلة عمرها سبع سنوات من زوجتي الأولى تعيش معي منذ عام ونصف، ولدى زياراتي لها عند أمها كانت لا تطيق الجلوس معي أو مصاحبتي، وبعد محاولات عدة تمكنت من كسب ودها، وهي الآن تدرس بالقسم الأول من التعليم الابتدائي.
واتضح أنها على قدر كبير من النباهة والاستيعاب، وظهرت عليها بعض السلوكيات التي حاولت جاهدًا إقناعها بالتخلي عنها لكن دون جدوى وذلك بجميع الطرق، إنما العكس الذي حصل، فمثلاً تكذب، وتذهب إلى المدرسة وثيابها مهملة ومتسخة وحذاؤها كذلك، وخطها جميل لكن إنجازها في الفصل ليس كذلك، كما أن مدرستها اشتكت من عدم انضباطها داخل القسم وشرحت لها مضار الكذب.
وحاولت تشجيع السلوكيات المرغوب فيها بالهدايا والفسح، ثم بالعتاب، ثم بالضرب، ثم باللامبالاة والصدود، لكن دون جدوى، أفيدونا أفادكم الله، وزادكم بسطة في العلم.
السؤال
أسر مضطربة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
الأب الفاضل أولاً (بارك الله لك في المولود، وشكرت الواهب، ورزقت بره، وبلغ أشده)، وجعل الله ابنتيك قرة عينك في الدنيا والآخرة، وأعانك على أداء أمانة الله فيهما حتى تكون من الفائزين ببشرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من ابتلي بشيء من الإناث وصبر عليهن لم يكن له ثواب عند الله إلا الجنة.
أما بالنسبة لمشكلة طفلتك فعلى الرغم مما تحمله رسالتك من شكوى مليئة بالألم والحيرة، فإن المشكلة وإن كانت الفتاة بطلتها فإنها ليست السبب فيها، وإنما هي صنيعة أو ضحية ظروف صعبة غير طبيعية عانت منها، ولا دخل لها فيها، وما تفعله الفتاة إنما يعبر عما تعانيه من اضطراب نتيجة عدم وضوح الأشياء من حولها وعدم شعورها بالأمان نتيجة تغيير البيئة من حولها في وقت لا تستطيع فيه استيعاب كثير من الأشياء أو إيجاد مبرر لها.
ولكي نحاول استيضاح هذه الصورة عليك أن تجيب أولاً عن هذه الأسئلة:
- متى انفصلت عن أمها، وكم كان عمرها عند ذلك؟
- ما مستوى العلاقة مع أم الطفلة، وهل أثرت علاقتك بمطلقتك على تقبلك للطفلة؟
- هل كنت تزور الفتاة بانتظام؟ وما مدى مشاركتك في مسئولية تربيتها منذ البداية؟ لأن ذلك سيفسر نفور الفتاة منك عندما كنت تزورها وهي في بيت الأم.
- ولماذا انتقلت الفتاة إلى حضانتك في هذه السن المبكرة؟ وما مدى تقبلها لهذا الانتقال؟
- كيف كان أول استقبال للطفلة في بيتك، وكيف تقبلت هي هذا الوضع الجديد؟
- هل هناك تفاهم وتفهم من قبل الأم البديلة لوضع الطفلة؟ وما مدى مشاركتها في تربيتها؟
- ما هي علاقة الأم البديلة حاليًا بالابنة؟ وهل لانشغالها بابنتها الصغيرة تأثير على معاملتها واهتمامها ورعايتها بابنتك، وهل تحاول أنت جبر أي قصور قد يحدث في العناية بابنتك؟
- هل تفرق في المعاملة بين الطفلتين؟ وهل تلتزم الحكمة في إعطائهم نفس الاهتمام في أثناء تواجد الأسرة معًا؟
- هل تتبع سياسية محددة في تربية الابنة وفي عقابها وإثابتها، أما أنك تتصرف وفق ما يميله عليك الموقف؟
- هل ما زالت الفتاة على اتصال بأمها الأصلية؟ وما حدود علاقتها في الوقت الحالي؟
- وحتى تستطيع أن توافينا بالإجابة عن هذه الأسئلة نهمس لك بالآتي:
إن ما يدفع الفتاة للكذب وفق ما ذكرته من ظروف، إنما يدل على عدم شعورها بالأمان وعدم توثق الصلة بينكما، فهي تكذب لتحمي نفسها من التعرض للأذى؛ لأنها لا تستطيع توقع رد فعلك إذا قالت الحقيقة؛ لأنها ببساطة لا تعرفك جيدًا.
أما بالنسبة لإهمال الفتاة، فهو أمر يحتاج لأن تبحث بنفسك عن أسبابه بأن تحاول معرفة الإجابة عن مدى ما تتمتع به الفتاة من خصوصية في البيت، ومدى ما تلقاه من عناية فهي لا تزال صغيرة السن وفي مرحلة التعليم واكتساب العادات الحسنة والمهارات الاجتماعية الأساسية التي لا يمكن أن تكسبها بنفسها أو أن تكتشفها بفطرتها، بل لا بد أن تعلمها إياها، وتحاول الأم البديلة إكسابها إياها بالقدوة وبالحب والعطف والترغيب لا التهديد وإلقاء الأوامر.
وعليك أن تحترم خصوصية طفلتك، وأن تهتم بها وتحيطها باهتمامك وتكثر من الجلوس معها، والإنصات إليها دون أن تظهر أي رد فعل يدل على عدم التقبل إذا سمعت منها أي شيء تكرهه، بل انتظر حتى تسمع كل كلامها، ثم اشرع بعد ذلك في التعقيب والتوجيه بلطف وحب وشفقة الأب بسرد القصص تارة وباللعب تارة، واعلم أنها في حاجة إلى حضنك أكثر ألف مرة من حاجتها إلى هداياك، إن نظرة حب وعطف ولمسة حانية منك تساوي الآلاف من الجمل التوجيهية.
حاول أن تخصص وقتًا تصحبها معك فيه بمفردها لتشعرها فيه أنها ما زالت تحتفظ بمكانتها عندك، وأنه ما من أحد يمكن أن يأخذ مكانها منك.
أشركها في تربية أختها الصغيرة والعناية بها، ليكون ذلك سبيلاً لاندماجها في الأسرة، وامتنع عن توجيه أي كلمة جارحة منك أو من الأم البديلة إليها إذا أصابت الطفلة الرضيعة بأي مكروه لتشعر أنها لم تتعمده، بل تعامل مع الموقف على اعتبار الظن الحسن بأنهما شقيقتان.
أحضر بعض الهدايا الجميلة ودع الأم البديلة تقدمها لها على أنها منها ومن أختها لأنها تحبها.
كن حازمًا وحكيمًا في علاج أي خلاف بين الأم البديلة وبين ابنتك، ولا تجعل الأمر أبدًا يصل إلى خلاف شخصي.
وأخيرًا فما أعز علينا من حبات العيون وأكبادنا التي تسير على الأرض، فما أسعد حظك إذا ابتليت بطفلتين بل جناحين تطير بهما في الجنة، في رحلة لن تحتاج فيها إلا عدة من الصبر والاحتمال والاستمتاع بقدرك، فلا تجعل الضيق أو الإحباط يتسرب إلى نفسك؛ لأن مشكلة الصغيرة مثلها صغيرة؛ فالحمد لله أنها ما تزال في سبع الأدب والتكوين والتعلم، فاحمد الله سبحانه على لطفه واسأله عونه ورشده.
ــــــــــــــ(102/389)
الطفل غير المرغوب.. مشروع مريض العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. مشكلتي أننا تغربنا (أنا وزوجي) عن الوطن والأهل في سبيل تحصيل العلم، وقدّر الله لنا في هذه البلاد أن نرزق بطفل؛ ففكرنا أن نتركه في رعاية أهلنا فترة سنة حتى نرتب أمورنا (عمره الآن 4 أشهر)، وبذلك نكون قد اخترنا أخف الضررين فما هي السلبيات والإيجابيات؟ وهل يؤثر بعد الولد عنا على نفسيته؟ وهل لذلك آثار سلبية عند الكبر؟ نريد النصيحة. وأود أن أضيف أن الحلول الأخرى أن نضعه لدى حاضنة أو أترك الدراسة. وجزاكم الله خيرًا. السؤال
عالم المراهقة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخت الكريمة.. نحن نود أن نشكر لك رجوعك إلينا للاستشارة في أمر قد يعتبره البعض عاديًّا ولا يحتاج لمشورة، ودعيني أصارحك أن ألفاظ رسالتك وتعبيراتها عندما رتبتها ووضعتها بجانب بعضها انتقلت بي على الفور إلى مصطلح له شهرة واسعة في الطب النفسي ويدور حوله جدل وحوار طويل وهو "الطفل غير المرغوب فيه".. إنك تتحدثين عن طفلك وكأنه قدر قد نزل عليك على غير انتظار أو ترتيب.. ففكرتم أن تضعوه مع الأهل "حتى نرتب أمورنا".. وبذلك نكون قد اخترنا "أخف الضررين"، وكأنك تقرِّين أن استمرار الطفل معك ضرر أكبر. هكذا تقول عبارات رسالتك عن شعورك نحو هذا الطفل الذي ليس له ذنب أن جاء على غير ترتيب منك أنت وزوجك في غربتكما من أجل تحصيل العلم.
إن الكثير تحدثوا عن الطفل غير المرغوب فيه وأثر ذلك على نموه النفسي، وما يترتب على ذلك من آثار نفسية في مستقبل حياته، ولكني أعتقد أن "إريك أريكسون" كان من أفضل من شرح وأوضح هذا الأمر في نظريته للنمو النفسي والتي قسَّم فيها البشر إلى قسمين: قسم ينمو بطريقة نفسية صحيحة، وقسم ينمو بطريقة نفسية غير صحيحة أو غير سوية، وقسَّم مراحل النمو النفسي للإنسان إلى ثماني مراحل.
تبدأ المرحلة الأولى منها منذ لحظة ولادة الإنسان وحتى نهاية العام الأول من عمره، وقرَّر فيها أن الطفل يشعر منذ الولادة بالعالم من حوله فإن شعر أنه غير مرغوب فيه، وأنه لا يحصل على ما يحتاجه من حب ودفء وحنان ورعاية فإنه يشعر أن العالم حوله عالم عدائي فيشعر بالقلق، والاضطراب، وعدم الاطمئنان. وهكذا تسلم هذه المرحلة الأولى الطفل للمراحل التالية طفلاً مضطربًا لا يثق في نفسه أو فيمن حوله، وقد يصل إلى مرحلة المرض النفسي في شبابه، ثم الإحساس بالفشل في خريف حياته وعدم الرضاء عما أنجزه.. ولا ينفرد "إريك أريكسون" بأهمية السنة الأولى أو السنوات الأولى في حياة الطفل ودورها في نموه كما أسلفنا، بل تشترك مدارس عديدة في علم النفس في بيان أهمية هذه السنوات وإن اختلفت مداخلهم وتفسيراتهم حسب طبيعة المدرسة وفرضياتها.
ولكن الكل يشترك في ضرورة أن ينمو الطفل في كنف والديه الأب والأم، وأن يحصل منهما على الشعور بالأمان والحب والطمأنينة، وفي دراسات عديدة وُجِد أن الأطفال الذين يُتَربَّون في غياب أحد الأبوين يكون أكثر عرضة للإحساس بالقلق والتوتر وللحركات القهرية مع عدم قدرته على التواصل مع الآخرين، وعدم قدرته على إقامة حياة زوجية في المستقبل، بل وعدم قدرته على التعامل مع أطفالهم إذا أنجبوا.. والواقع العملي أثبت ذلك، فمن خلال عملي في مركز الاستشارات النفسية التقيت بكثير من الأطفال الذين تعرضوا لتجربة قيام الآباء بتسليمهم للأجداد للقيام على تربيتهم نتيجة لظروف السفر أو العمل، فوجدت أن هؤلاء الأطفال يُكنُّون شعورًا عدائيًّا ناحية ذويهم، ويرفضون التواصل معهم ويرغبون في العودة إلى أجدادهم، حيث حصلوا على تربيتهم الأولى معتبرين أنفسهم غرباء عن البيت الجديد الذي انضموا إليه، وهو بيت الأب والأم الأصليين ولسان حالهم يقول لآبائهم: لقد فرطتم فينا فلماذا تبحثون عنا الآن؟ ولماذا تريدون أن ننضم وننتمي إليكم؟لقد تكرر ذلك في أكثر من حالة، والعجيب أنها نفس المشاعر تقريبًا تتكرر في مختلف الحالات، والآباء والأمهات في حالة إحباط شديد من شعور وتصرف أبنائهم حيالهم.
وعند ذلك يحتاج علاج الأمر إلى مجهود شديد قد يستدعي تدخل الطبيب النفسي مع صبر شديد من الآباء والأمهات لإصلاح تلك السلبيات، وفي الغالب ما تظل الآثار السلبية الناتجة عن هذه الفترة من غير علاج.. والأمر لا يقاس بالسلبيات والإيجابيات وأيهما أكثر أو أقل؛ لأننا نتعامل مع نفس بشرية نحن مسئولون عنها ومسئولون عن سوائها النفسي.. ولا يمكن للإنسان أن يحقق أو يحصل على كل شيء وليست المسألة أخف الضررين، فالضرر الواقع على نفسية الطفل سيمتد معه طوال عمره ولن ينساه لكم، وستحاسبون عنه أمام الله تعالى.
ولك تضيف الأستاذة سمر عبده المستشارة بصفحة مشاكل وحلول:
لم أرَ إيجابية واحدة في بُعْد ابنك عنك سوى راحتك وراحة زوجك ورغبتكما في تحصيل العلم.
أصدقك القول: لا يعوض الابن الشعور بالدفء والأمان والراحة أي شخص آخر سوى الوالدين، مهما كان هذا الشخص مهتمًّا أو ذا خبرة خاصة للأطفال الرضع.
فراق الابن لوالديه خاصة قبل إتمام ثلاثة أعوام له آثار سلبية كبيرة منها:
1 - تدهور حالته الصحية، خاصة أنه سيحرم من الرضاعة الطبيعية التي لا تعوض.
2 - تعدد المسئولين في تربية الطفل وما يترتب عليه من اختلاف أو تضارب في أساليب التربية، ويؤدي بلا شك لاضطراب في سلوك الطفل (العدوانية - الانطواء -...).
3 - تَفْقِد علاقة الوالدين بالابن المعنى الأصلي لها، فلا يكون الأب والأم سوى "بنك" يصرف ولا يعرف شيئًا عن الطفل "وأشد خصوصياته"، فلا معنى أن نطلب من طفل لم يستمتع بحنان ورعاية والديه أن يعرف معنى لبر الوالدين.
أختي أمامك خياران:
1 - أن تؤجلي دراستك حتى يشتد عود طفلك ويتعدى العامين وترسليه لحضانة تثقين فيها.
2 - أن تبحثي عن حضانة قريبة لمحل دراستك وتستمري فيها بما في ذلك من مشقة عليك وعليه، فمهما كانت أضرار ذلك فهي بلا شك أخف بكثير من حرمانه الكلي لرعايتك له، وتذكري أن رضاعته من ثديك لها أبعاد صحية ونفسية شديدة التأثير عليه الآن ومستقبلاً.
وتذكري أن الرعاية في الصغر البر في الكبر.
فإذا كنت تريدين ابنًا بارًّا فلا سبيل إلا بكمال رعايتك له.
وأعانك الله تعالى وقدر لك الخير.
وأعلمينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/390)
عندما تصير الواجبات المدرسية همًّا العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، المشكلة تتلخص في أن ابني إسلام البالغ من العمر 4 سنوات قد ذهب إلى الحضانة وهو في الثالثة من العمر، وكان متحمسًا جدًّا، وتتميز هذه الحضانة بكثرة الواجبات، وبعد مرور عام على تواجده بها بدأت عزيمته تقل وحدث له نوع من الملل من الواجبات؛ فبعد أن كان ينتهي من عملها في أسرع وقت ودون تذمر بدأ الآن في عملها بشيء من الكراهية والملل؛ فيكتب كلمة وينظر حوله أو يتشاجر مع أخته الصغرى أو يسرح أو ينصت لكلام الكبار من حوله، وأصبح يتهرب من عمل الواجبات بادعاء التعب والرغبة في النوم.
وأنا أخشى أن ينشأ ابني على عدم حب المذاكرة والتعلم، وأريد أن يكون عمله لواجباته والمذاكرة شيئًا نابعًا من داخله دون ضغط من أحد، وأريد أن أسأل هل كثرة الواجبات التي تتميز بها معظم الجهات التعليمية شيء صحي بالنسبة للطفل أم أنه شيء سلبي؟ وهل أطلب من مدرساته فيما بعد التقليل من تلك الواجبات حتى لا يحدث له نوع من التعقيد؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة, صعوبات التعلم الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول الأستاذة دعاء ممدوح من فريق الاستشارات التربوية:
أختي الكريمة، هل تحلمين بأن يكون طفلك ماهرًا متفوقًا مبدعًا؟ هل تريدين معرفة الطريق الذي تستطيعين في نهايته تهنئة نفسك بأن ابنك أصبح ماهرًا في كافة المجالات التي تفسحها له مراحل عمره المختلفة؟ في الحقيقة هذا حقك، ولكن من حق ولدك -أهم عضو في هذه العملية المسماة بالتعلم- أن تكون رحلة المهارة مشوقة ولذيذة ليقبل عليها ويستمتع بها.
هل تعرفين سيدتي معنى التسلط بصفته اتجاهًا سلبيًّا خاطئًا للتعامل مع الأطفال؟ إنه المنع والرفض الدائم لرغبات الطفل والوقوف حائلاً أمام قيامه بسلوك معين أو تحقيقه لرغبة معينة، وتعليمه مهام ومسئوليات فوق طاقته بطريقة قوامها الأمر والنهي وعدم الثقة واللوم والعقاب، ومن مظاهر التسلط تحديد طريقة أكلهم ونومهم ومذاكرتهم، وتحديد نوعيات ملابسهم وألعابهم وأنشطتهم دون مشاورتهم والرجوع إليهم؛ الأمر الذي يسلبهم شخصياتهم ويحرمهم من ممارسة حقوقهم في تحديد ما يرغبون وما يميلون إليه.
وليكون كلامي مفصلاً أكثر فما سنتحدث عنه فيما يخص سؤالك هو:
1 - كيفية تنمية مهارات طفلك والمعايير الواجب توافرها لنجاح هذه العملية.
2 - مدى صحة وملاءمة الأسلوب الذي اتبع مع الطفل لتعليمه في المرحلة السابقة، والذي بدا نفوره منه لاحقًا.
وأمامنا محددات واضحة لوضع خطتنا في تنمية مهارات طفلك الحبيب وثروة أمته، وهي:
1 - جعل رحلته إلى التعلم مشوقة ولذيذة.
2 - تفادي التسلط في فرض أسلوب معين لاكتساب هذه المهارات.
3 - مراعاة سن الطفل وطبيعته وما يمكن له استيعابه وما يفوق قدراته.
أولاً: هل من المناسب أن يكتب الطفل وينقش بيديه حروفًا وجملاً وأرقامًا -وهو بين الثالثة والرابعة- ولم تدرب يداه على الخياطة السهلة، وتشكيل الصلصال، وتركيب المكعبات والرسم والتلوين بعد؟ هل من المفروض أن يثاب الإنسان على أداء السنن رغم عدم وجود الفرائض على جدول أعماله؟ إنني أوجه لك هذين السؤالين لكي تجيبي أنت عما حاك في صدرك من أسئلة... لكي تصلين باقتناع إلى أن مهارات طفلك هي الأولى بالتنمية والاستثمار؛ لأن هذا وقت تنميتها، ومسألة الكتابة والنقش أمر له حينه.
ثانيًا: يمر الطفل بمراحل ثلاث لاكتساب أي مهارة، وهي: المحاولة، ثم مرحلة التمكن التام والإتقان بعد العديد من المحاولات، ثم الثالثة وهي الإفادة من المهارات التي اكتسبها وتوظيفها في مصلحته، وأعتقد أن هذا الأمر يبرر الكثير مما يظنه المربي عقبات في طريق اكتساب الطفل لمهارة ما، فقد يكون ما زال في مرحلة المحاولة ويحتاج المزيد من الوقت للإتقان، وقد يحجم عن استخدام هذه المهارة لعدم توظيفها لديه بشكل يسعده... وهكذا.
وبشكل عام فيمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية التي استفضنا فيها في شرح خطوات عملية لتنمية مهارات الطفل:
- مهارات ماهر كيف ننميها.
- فن تنمية الذكاء.
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية.
ثالثًا: لا بد من محاولة اكتشاف الطفل ومهاراته ورغباته، فيجب أن تخصصي لطفلك وقتًا طويلاً بشكل ثابت تتعاملين معه بصداقة وود وتسألينه عما يحب ممارسته من نشاط، هل يفضل أن نبدأ بالرسم؟ أم يهوى الفك والتركيب؟ وهل يحب الرسم على شيء غير الورق؟ مثلاً على بلاطة سيراميك أو إناء من الخزف...
وإذا ملَّ بعد فترة من ممارسة هذا العمل اسأليه عما يحب فعله بعد ذلك، ومن خلال ذلك يمكنك تقييم ما يحبه ويستغرق في فعله لتبدئي في صقل هذه المهارة لديه بالتمرين المتخصص والمشاركة في المسابقات الخاصة بهذا الفن... وهكذا.
وعلى نفس المنوال يتم تقييم مهاراته في ممارسة رياضة معينة دون أخرى، وهكذا...، وكذلك يمكنك تعويده زيارة المكتبات ولو مرة أسبوعيًّا ليتصفح الكتب الملونة ويعتاد القراءة، ويربط بين المتعة والترفيه وبين العلم والثقافة، هذا بخلاف المكتبة المنزلية التي يجب أن تعملا على تكوينها معًا، واختيار الكتب فيها معًا، ثم قراءتها له ومعه حتى يعتاد القراءة وحده.
رابعًا: لا بد من مدح كل تقدم للطفل على أي مستوى وتشجيعه، وإبداء السعادة بأقل تطور يحرزه لتشجيعه على المزيد.
خامسًا: لا بد من تنويع القوالب التي يمكن للطفل أن يمارس الطفل من خلالها هواياته وأنشطته والتي يمكن تعليمه بها، فيمكن مثلاً أن يكتب الحروف بعيدان الكبريت المستخدمة أو الصلصال تارة، وبالقص واللصق على الأوراق الملونة تارة أخرى، كما يمكن أن يلون الحروف أو يرسم رسمًا يبدأ بهذا الحرف كأن يرسم أرنبًا بجوار حرف الألف، وهكذا يمكن تطبيق هذه النماذج بتنوع على الأرقام والحروف الإنجليزية والجمع والطرح وغيرها.
سادسًا: لا بد من منح العملية التعليمية داخل المنزل وفي المدرسة صبغة السعادة والمرح من خلال الابتسام والسعادة من طرفك أثناء مشاركتك لطفلك -وهذا ضروري جدًّا- في أي نشاط تعليمي، مع نبرات صوت سعيدة ومرحة، واستخدام مواقف تمثيلية مثلاً، كتمثيل البكاء بالوجه عند تحفيظه كلمة sad بالإنجليزية مثلاً، ورفع اليدين عند تعليمه كلمة tall مثلاً، ونفخ الخدين عند كلمة fat ، وهكذا...
سابعًا: يبقى لنا مسألة الحضانة، فبالنسبة لمدرسي حضانة طفلك الحاليين يمكنك الحديث معهم عن تطوير الواجبات، وليس فقط تقليلها لمحاربة الملل والتعب وإرهاق الأطفال، وتطويرها يكون بتنوعها؛ فاليوم تلوين، وغدًا لصق، وبعد ذلك توصيل، وبعده إحضار أشياء تبدأ بحرف معين لليوم التالي أو رسمها، ويتخلل ذلك فترات من الإعفاء من الواجبات... وهكذا.
وننتقل للنقطة الثانية من سؤالك، وهي:
مدى صحة وملاءمة الأسلوب الذي اتبع مع الطفل لتعليمه في المرحلة السابقة، والذي بدا نفوره منه لاحقًا، وننقل لك فيها وجهة نظر الأستاذة أمل عزمي أحد مستشاري الصفحة وتعمل بالتدريس وتدير مؤسسة تعليمية راقية، فتقول:
سن 3 - 4 سنوات سن غير ملاءمة نهائيًّا لواجبات منزلية تضيع على الطفل فرصة اللعب والراحة والاستجمام بالبيت أو خارجه؛ فكثرة الواجبات مع صغر السن أمر غير صحي نهائيًّا، بل لا بد من الاستمتاع، ثم الاستمتاع بممارسة شيء يحبه الطفل، وقد يوظف لتوصيل شيء أو يكون فقط للاستمتاع والترفيه، وبعد ذلك يمكن إعطاء الطفل فرصة لتأدية بعض الواجبات في سن ما بعد الخامسة مثلاً بشكل يتناسب مع عمره، بحيث لا تتعدى فترة تأدية هذا الواجب الدقائق الخمس أو العشر على أقصى تقدير ويتبع بفترة ترفيه وانطلاق وحركة، ثم بعد فترة يمكن إجلاسه دقائق أخرى... وهكذا.
وربما تعلمين أنه قد ثبت من خلال بعض الدراسات أن الطفل العربي تفوق نسبة ذكائه وقدرته على الابتكار والخلاقية غيره من أطفال العالم بمراحل كثيرة، ولكن نظم التعليم المرهقة والقاتلة للابتكار والتعلم والفهم تقضي على 15% من هذه القدرات مع كل عام دراسي حتى إذا وصل الطفل للمرحلة الإعدادية يكون قد فقد تلك القدرات تمامًا تقريبًا.
ولعلك تستغربين حين أقول لك بأنه عندما كنت أستعين ببعض الخبيرات الأجنبيات في العملية التعليمية ونتناقش فيما نقدمه للأبناء من مناهج ومقررات، كن يستغربن من قدرات الأبناء العرب على الاستيعاب السريع والتشوق للمزيد من المعلومات التي تقدم في إطار مشوق بشكل يفوق غيرهم من الأطفال في الغرب ممن يقدم لهم نفس الشيء.
إذن فأنت في حاجة لاختيار مدرسة لطفلك -بما أنه قارب دخول المدرسة وترك الحضانة- تتوفر فيها المقومات اللازمة الكافية لبث الطفل حب العلم والتعلم، من خلال توافر أنشطة متميزة وفرص للابتكار، واتباع أساليب متطورة لإيصال المعلومات للأطفال وإثراء حصيلتهم المعلوماتية من خلال أشكال متنوعة.
أرجو يا عزيزتي أن يكون الأمر قد اتضح بالنسبة لك، وأن تكون مسألة تنشئة الطفل على حب المذاكرة قد اتضحت لك معالمها؛ كما يهمنا أن تكون حيرتك التي وقعت بها رسالتك قد تلاشت بما وفرناه لك من مقترحات، ثم إن أمًّا مثلك تخطط لمستقبل عقل ابنها وعلمه تستحق إن شاء الله كل التوفيق والإعانة من الله بما يزيل عنها كل حيرة ويهديها إلى خير اختيار.
وفي الختام لا يسعنا إلا الدعاء لك بقرة عين تسعدين بها في أطفالك جميعًا، وفي انتظار مزيد من استفساراتك ومتابعاتك، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/391)
كتائب اهتمام لاحتواء الغيرة العنوان
ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات ونصف السنة يشعر بالغيرة البالغة من شقيقه الأصغر البالغ من العمر ثمانية أشهر، علمًا أنني ووالدته حريصان على عدم المبالغة في الاهتمام بالابن الأصغر على حسابه، أيضًا منذ ولادة الابن الأصغر أوْليْنا الأكبر المزيد من الرعاية حتى لا يشعر بالغيرة، أرجو الإفادة عن كيفية التصرف حيال هذا الأمر، أثابكم الله. السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأخ الفاضل، أهلا بك على صفحتنا، الابن الأكبر دائمًا ما يكون حلم الوالدين، ويكونان في غاية السعادة والاحتفاء به، وقد يبالغان في تدليله، ويستمر الحال هكذا إلى أن يرزق الوالدان بالطفل الثاني، ونظرًا لضعف الطفل الثاني وفرحة الوالدين به والإحساس بأن الابن الأكبر صار أقدر على القيام بحاجاته الأساسية ينشغلان برعاية الصغير، وينال القدر الأكبر من وقتهما.
وكذلك الطفل الكبير كان يشعر بأنه سيد الموقف، ومركز اهتمام الوالدين والأقارب قبل قدوم الضيف الجديد، وفجأة يجد من يشاركه الاهتمام أو يحرمه منه أحيانًا؛ فيبدأ في السلوك العدواني دفاعًا عن حقوقه كما يعتقد.
لذا كان يجب أن يعد الأب والأم الطفل الكبير لتقبل قدوم الطفل الجديد من خلال جلسات معه، يخبرانه خلالها أن هناك أخًا وصديقًا وحبيبًا قادما يحبك، وسيأتي لك محملاً بالهدايا، وأنك الأكبر الذي ستساعد والدتك في رعايته. وعند قدوم الطفل الصغير يفضل عندما يراه أخوه الأكبر أول مرة أن تكون هناك هدية كبيرة في انتظاره كهدية من أخيه الأصغر، والهدف من ذلك أن يشعر بالحب تجاه أخيه الصغير، وفي نفس الوقت ينشغل بالهدية عنه، وهكذا.
أما حل مشكلة الغيرة من الابن الأكبر حيال الآخر الأصغر بعد مجيئه بفترة فتكون بانتقال الابن الأكبر من إحساسه بالمنافسة على الحب والرعاية مع أخيه الأصغر إلى دور المسئول عن رعاية أخيه الأصغر.
بمعنى أن تشركه الأم معها في رعاية أخيه الصغير؛ فتدعوه عندما تقوم مثلاً بتغيير الحفاظة المبتلة له إلى إحضار الحفاظة الجديدة، وتجعله يساعدها في عملية التغيير نفسها، وتشكو له هذا الطفل الصغير، وكيف أنه يرهقها بذلك، وكيف أنه أصبح كبيرًا لا يحتاج إلى هذا المجهود، بل هو مشارك معها الآن في رعاية هذا الصغير الجديد.
وفي أحوال أخرى تضعه على حجره، وتدعوه إلى هدهدته حتى يسكت تحت إشرافها، ومرة أخرى تجعله يساعدها في تمشيط شعره، ومرة في محاولة ملاعبته حتى يسكت؛ حيث إن الأم مشغولة، وهكذا حتى تنتقل مشاعر الطفل الكبير من صورة المنافسة إلى صورة الرعاية.. وأن اهتمام والديه به صورة أخرى مختلفة عن رعايتهما لهذا الصغير؛ حيث إنه يشاركهما في ذلك.
وأيضًا يجب مراعاة أن يهتم الأب بالابن الأكبر في حالة وجوده في لحظات الاهتمام القصوى بالطفل الأصغر مثل الرضاعة مثلاً؛ فيقوم الأب خلالها بملاعبة الطفل الأكبر بصورة حانية قوية، وستنجح هذه الطريقة في التغلب على هذه الشكوى بإذن الله مع الصبر على الطفل الكبير، وعدم زجره على هذه الغيرة الطبيعية التي ستقل مع كبر الطفل الجديد، وتساوي نوع الرعاية بين الطرفين.
ــــــــــــــ(102/392)
ابن الرابعة عشرة.. كيف نعامله؟! العنوان
الأخ الدكتور أحمد عبد الله:، عندي ابن عمره 14 سنة، بحمد الله هو ذكي، ويحفظ القرآن، وموفق في دراسته، ولكنه يغضب بسرعة منذ صغره، وكان كثير البكاء على الصغيرة والكبيرة، وفي نفس الوقت صعب التعامل، لا ينفّذ إلا ما في ذهنه، ويجادل دفاعًا عنه بالباطل منذ صغره.
والمشكلة زادت الآن، وهو طبعًا في سن المراهقة لدرجة أني لا أستطيع مجرد الحوار معه.. أنا أعرف أن ذلك من طبيعة مرحلة المراهقة، وأصبر وأتلطف معه؛ ولكنه لا يقبل الحوار الهادئ وبسرعة يثور، فالأمور عنده متطرفة جدًّا، ومتناقضة في نفس الوقت.. "هو يعرف الصح من الخطأ، والحلال من الحرام، ويطالب الغير بذلك وبدقة.. ولكنه يقع في عقوق والديه، ويكذب بسهوله ليخرج -في نظره- من مطب قد وقع فيه".
كان في صغره وحتى الآن يوفر الكثير من المال لمدة طويلة، ثم في خلال ساعات يفقده كله أمام الألعاب الإلكترونية.. إذا كلّمه مَن أثق به في أي أمر ناصحًا له يثور؛ لظنه أني الذي قد طلبت منه القيام بذلك. أطالب أمه بمزيد من إظهار الحب له، وأحاول دائمًا أنا كذلك، ولكن لا يعطينا الفرصة.. نصبر عليه كثيرًا، ولكن لم نستطع حتى الآن أن نتحاور معه بهدوء.. أرشدنا جزاك الله خيرًا ونفع بك.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
الأب الكريم، أهلاً بك وبولدك العزيز على صفحتنا، ومع رغبتك في سماع نصيحة الدكتور أحمد عبد الله: مستشار ومدير فريق صفحة مشاكل وحلول الشباب أتحت الفرصة لجمهور صفحة "معًا نربي أبناءنا" لسماع نصائحه أيضًا، وأترك مع رده، رد الدكتور عمرو أبو خليل.. المحررة.
يقول الدكتور أحمد عبد الله:
أخي العزيز، تأثرنا -أنا ود. عمرو- بمشكلتك مع ولدك، ورأينا فيها مشكلة الكثيرين من الآباء الحريصين على أبنائهم، العاجزين في الوقت نفسه عن التواصل معهم.
دعني أولاً أشير إلى عدة ملاحظات بعدها أتركك مع د. عمرو:
1 - عناد ابنك معك يحدث محاولة منه لتحديك، وإثبات ذاته، وليس ناتجًا عن قلة أدب أو احترام، أو حتى عن اقتناع بما يعاند من أجله.
2 - ابنك يعيش -بحكم عمره، وبحكم تنشئته- في جدال وصراع دائم بين المعايير التي تربى عليها، وتتمسك أنت بها، وبين بعض التمرد الذي يريده كمراهق بما يعني حرية قد تؤدي إلى خطأ، يبدو أنك تخشى دائمًا من وقوعه، وربما لذلك تحاصره بالنصائح المباشرة، وغير المباشرة "عبر آخرين".
3 - ربما نشأ ولدك على أن يحصل على ما يريد بالبكاء، ويبدو أنه كان -ولا يزال- يلعب لعبة النفس الطويل في الجدال بالحق أو بالباطل، ولا يصلح مع هذا النوع إلا نفس أطول، مع تفويض بالتصرف في بعض الأشياء بحرية كاملة ليرى بنفسه أن اختياره الحر "الذي لم يكن عليه أي قيد" كان اختيارًا خاطئًا وسفيهًا "دعه يكتشف هذا بنفسه، ومن خلال العواقب لا من خلال النصائح".
4 - وصفت ولدك بالعقوق، وهذه تهمة شنيعة، إما أن تقدم عليها دليلاً ساطعًا، وإما أن تتراجع عنها فورًا؛ لأنك إذا تعاملت معه كولد عاقٍّ فإن نفسك لن تتسع لشقاوته وحماقاته الصغيرة أبدًا، علمًا بأنك ألقيت التهمة "هكذا" دون تدليل كافٍ، بل دون أدلة على الإطلاق "اتق الله".
5 - الحوار بغرض الإقناع، أي التفاوض بين طرفين ليحمل أحدهما الآخر على النزول إلى رأيه لا يسمى تفاوضًا أو حوارًا من الأصل، يمكن أن تسميه وعظًا أو إقناعًا أو غير ذلك، لكنه يا سيدي، ليس حوارًا، الحوار يصل غالبًا إلى حلول وسط، وقد يصل إلى نقطة "أنا أرفض هذا، ولكن لك الحرية أن تتصرف كما ترى، أو صيغة أنا أرفض، وبالتالي لن أتعاون أو أشارك"... إلخ.
وضع في ذهنك أن الحوار بينكما "غير متكافئ"؛ لأن هناك طرفًا يملك المال، والسلطة "إذا صح التعبير" وطرفًا لا يملك سوى رأي مستند إلى خبرة بسيطة في الحياة، فلا تشعر ولدك بهذه الفجوة حتى يكون الحوار حوارًا.
السلطان الأكبر على النفوس جميعًا هو سلطان الإحسان والفضل "تفضل على من شئت تكن أميره"، وأفضل الفضل هو ما لا مِنَّة فيه، ولا معايرة. وأحكم الآباء هم الذين ينصحون بقليل الكلام، وحكيم الأسلوب، ولسان حالهم يقول: يا بني، لقد قلت ما عندي، وأنا هنا إن راق لك أن تعود خلال التجربة أو بعدها، وستجد عندي دومًا السند والدعم قبل العتاب واللوم.
7 - لست مستريحًا من قولك: "هو يعرف الصح من الخطأ، والحلال والحرام، ويطالب الغير بذلك وبدقة"، فمن هو ومن أنت ومن أنا حتى نقف رقباء محاسبين للناس نتابع تنفيذهم للحلال والحرام "بدقة"؟ وتقمصنا لدور القضاة خروج عن روح الإسلام ومقاصده، فنحن في أحسن الأحوال مجرد "دعاة" نرفق بالناس وبأنفسنا، علينا النصح والأمر بالمعروف بمعروف، ولهذا الأمر آداب وضوابط شرحها يطول.
أرجو ألا تعامل ولدك بوصفك إلهًا أو قاضيًا، يحكم ويعاقب "فلست كذلك" وإنما –كما هي الحقيقة– كأخ أكبر، وصديق أنضج يشفق، ويغضب –أحيانًا- غضب الشقيق الشفيق الصديق، وأرجو أن تصل نفس الرسالة بالتالي لولدك؛ فيكف عن مطالبة الآخرين، ويطالب نفسه فحسب. وينتهي كلام الدكتور أحمد عبد الله.
أما د. عمرو أبو خليل فيقول: إنك تصف ابنك الذي على أعتاب المراهقة وصفًا دقيقًا.. ونحن لم نتعجب مما تصفه أو نجد فيه شيئًا شاذًّا أو غريبًا.. إنها مرحلة المراهقة أيها الأب الكريم التي يعبر فيها ابنك عن ذاته ويريد أن يثبتها؛ فترى منه الأمور التي تصفها بالتطرف والتناقض.. إنه في بداية مرحلة من الحيرة لم يثبت فيها على شيء. فيفعل الشيء ونقيضه ويرفض السيطرة في صورة ما تصفه في رسالتك لحقوق الوالدين وما هو بحقوق، ولكنها الرغبة في أن يعلن: أنني هنا صاحب رأي وذات مستقلة.. وهو في نفس الوقت غير قادر على ذلك؛ لأن تجاربه وقدراته لا تسعفه.
والأب الماهر هو الذي يعطي الفرصة لهذا المراهق في أن يبدي رأيه، ويثبت ذاته ولا يشعره بعجزه، بل بالعكس يقدم له العون بطريق غير مباشر، وإليك هذه المحطات التي تعينك في تعاملك مع ابنك.
1 - ستجده مهتمًّا بمظهره وبشكل جسمه، وربما يميل للبس الغريب من الثياب أو التقاليع، فلا تصطدم به وحاول أن تفهم دوافعه، ولا تصطدم به، وتجاوز معه الحديث عن علاقة مظهر الإنسان بجوهره، وقدم له الأمثلة عن أهمية جوهر الإنسان، وما يقوم به من جهد وعمل في ظهور صورته أمام الناس، وليكن ذلك بدون ربط مباشر بمسألة ملابسه.. ولا يكن نقدك حادًّا وساخرًا لمظهره، ولكن افتح حوارًا مفتوحًا؛ تكن فيه متسلحًا بالحجج والبراهين.
2 - ستجده شديد النقد لكل ما حوله رافضًا لكل شيء، فلا تتحداه بقولك: أرني ماذا فعلت؟ ولكن قل له: نعم أنا معك فيما تنقده فما رأيك في كيفية إصلاحه؟ وحاول معاونته بتقديم البدائل له؛ حتى يبدو وكأنه هو الذي وصل إلى الحل الصحيح، ثم تعاون معه في تنفيذ التغيير المطلوب، وقدِّم له الشكر والحفز في كل خطوة حتى يشعر بالثقة بنفسه وفيك؛ فيزداد اقترابه منك.
3 - إن المدخل العاطفي هو أقوى المداخل في هذه السن؛ فأظهر له الحب والتقدير والاحترام؛ تحصل منه على كل ما تريد، ويكون ذلك بأن تشعره بأنك تعتمد عليه في بعض المهام الصعبة، وأن ذلك نتيجة لثقتك به وبقدراته؛ فيشعر بالانتماء، وتصرفك معه دليل على الحب؛ فتتحرك عواطفه ويذعن إلى ما تقول من باب الحب؛ لأنه لا يريد أن يفقد من يحب، وهذه من أعظم صور النجاح التي يستطيع الأب والأم أن يصلا بها مع ابنهما وابنتهما المراهقة.
4 - أعطه حرية الاختيار في أمور حياته المختلفة، وبالذات في أموره الدينية والعبادية؛ فيشعر أنه ينتمي إلى هذا الدين باختياره وبمحض إرادته وليس تابعًا لأحد أو خضوعًا لتوجيه صورة السيطرة الممثلة في أمه وأبيه، بل هو أمر اختاره بنفسه، ويتحرك فيه بإرادته؛ فتقوى همته في الطريق إلى الله.
5 - نختم بأن مسألة المراهقة والتعامل معها أمر طويل وكبير، ولكننا نوجزه في كلمة واحدة هي: "الصداقة"، وإنها مصداق لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يجعل السبعة الثالثة من سن الرابعة عشرة هي سبعة المؤاخاة والمصاحبة، ونختم بحديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يذكره في المراهقة، ولكنه ينطبق على حال الآباء والأمهات في تعاملهم مع أبنائهم في هذه السن الخطيرة، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثلي ومثلكم مثل رجل انسلت منه دابته؛ فجعل الناس يسعون وراءها، وهي تسعى، فجاء صاحب الدابة وقال: خلوا بيني وبين دابتي، وجاء بشيء من خشاش الأرض فقدمه إليها فجاءت طائعة مختارة" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إننا أصحاب الدابة في هذا الحديث لو سعينا وراء أبنائنا بالرفض والهجوم والنقد الدائم لتصرفاتهم لانصرفوا عنا وهربوا من أمامنا، في حين إننا نستطيع أن نملك قلوبهم ونفوسهم بالشيء الهين القليل من خشاش الأرض بالحب والتقدير والمصاحبة؛ فنجدهم وقد أصبحوا طوع أيدينا بسلطان الحب وليس بسلطان القهر.. بالمحاورة الذكية الصبورة.
وأيضًا في هذا المقام نذكر هذا الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يواجهه بطلب أظننا لا نتخيل أن أحدًا من أبنائنا اليوم يستطيع أن يواجهنا به، لقد جاء هذا الشاب إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال له: ائذن لي في الزنى يا رسول الله! فماذا فعل الرسول؟ لقد فعل ما يجب أن يفعله كل أب مع ابنه المراهق.. قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ادنُ" أي اقترب.. فقربه إليه أولاً، وهذا ما يجب أن يفعله كل أب وأم، أن يقتربا من ابنهما المراهق، وأن يعبرا على ذلك ولا يفقدا الأمل بسرعة، ثم أدار النبي -صلى الله عليه وسلم- حوارًا يعتمد على المنطق مع هذا الشاب، ولم يزجره ويسخر منه أو يطرده ويقول له كلمة مقتضبة، بل أطال معه الحديث، وهو يقول له: "أترضاه لأمك؟"، والشاب يقول: لا، بأبي وأمي أنت يا رسول الله.
"أترضاه لأختك؟" "أترضاه لعمتك؟"، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "وكذلك الناس لا يرضونه".
وبعد الحوار تأتي المرحلة الأخيرة والرسول صلى الله عليه وسلم يضع يده على صدر هذا الشاب يدعو له بأن يطهر قلبه.
وهذا سلاحنا الأهم في تربيتنا لأولادنا بصورة عامة وفي تعاملنا مع أبنائنا المراهقين بصفة خاصة، يجب ألا ننسى الدعاء لهم، والاستعانة بالله تعالى في ذلك، وليكن لساننا ولسان حالنا دائمًا يقول: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".
أعانك الله عز وجل، واعلم أن التربية عملية صعبة طويلة مستمرة، فاصبر واستمر، وخطط لما تريد، تحصل على أحسن النتائج.
ــــــــــــــ(102/393)
هدف في مرمى فريق البستان العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إلى الأستاذة المربية "نيفين" تحية طيبة آسفة على أنني أخذت مكاني هنا في المشاركة مع صاحبة مشكلة (راعي البستان.. كيف يعود؟ )؛ لأنه ليس لدي بريد إلكتروني، ولأنني أحببت أن أشارك أختي مشكلتها، وأقول لها :يا أختي أنت لست وحدك من يعاني من هذا الشيء، فأنا أم لستة أطفال كلهم في جيل الطفولة، وبحكم عمل زوجي فهو طبيب يعمل في عيادة حكومية من الصباح حتى المساء، وبعد المساء يكون في عيادته الخاصة إلى منتصف الليل، وحتى أحيانًا يوقظونه من النوم؛ ولهذا دائمًا أولادي كثيرو التذمر من هذا الوضع، فهم يريدون من أبيهم أن يجد لهم متسعًا من الوقت لكي يجلس معهم ويتحدث إليهم ويأكل معهم، ويتمنون يومًا أن يخرجهم للتنزه، وأنا بدوري أحاول أن أخفف من غضبهم، وأعذره على ما هو عليه من انشغال؛ لأنه يعلم تمامًا أن هذا الوضع لا يربي أجيالاً، وأنه هو السبب فيما نحن فيه، وأننا ليس لنا برنامج محدد بسبب طبيعة عمله فالأولاد مشتتون بين البيت والعيادة (لا هم مستقرون في البيت؛ لأن أباهم غير موجود، ولا أبوهم جالس بينهم في البيت)، ولو تعلمون شيئًا مهما وهو أن زوجي منذ سبع سنوات لم يكمل أكله مثل الناس، أو تمتع في شرب كوب شاي. ولكننا نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن نتعاون على تربيتهم.
الشيء الإيجابي في الموضوع أن زوجي مدرك أهمية التربية المشتركة بين الأب والأم؛ ولهذا هو يحاول أحيانًا في أوقات فراغه المعدومة أن يتصل بهم، ويحثهم على الدراسة وعلى الصلاة، عند شراء احتياجاتهم الخاصة يأخذهم معه، يختلس الوقت أثناء وجوده في العيادة الخاصة، ويعمل مع الأولاد في حديقة البيت (يسقي، ينظف الشوائب، يقلم الشجر...)، وقبل أن نخلد إلى النوم نناقش موضوع الأطفال، مثلاً أي تطور أو شيء إيجابي حدث مع الأولاد نحاول وضع خطة جديدة لتعديل سلوك أي فرد في الأسرة (والبركة في زاوية "معًا نربي أبنائنا")، أنبه على تقصيره في الاهتمام بأولاده، ويعترف بحرقة على تقصيره تجاه الأولاد وما آل إليه الأولاد، وخاصة أننا نعيش في مجتمع فاسد مضلل (فلا قيم ولا مبادئ، ولا شريعة إسلامية).
يا أختي الحياة صعبة، ونحن نستطيع تيسيرها وتسهيلها عن طريق تحسين أفكارنا نحو الإيجابية، فلقد كنت كثيرة التذمر على وضعنا وعصبية لدرجة ما، أما اليوم فقد قلت حدة العصبية، الحمد لله بسبب اطلاعي على هذه الزاوية، ويعود الفضل لزوجي أن أتاح لي الفرصة، وشجعني لأعرف مشاكل الأمهات وأتعلم، وفي نهاية مشاركتي أتوجه إلى الأستاذة المربية "نيفين"، وأطلب منها أن ترشدنا إلى الحل الأمثل لتربية الأولاد في ظروفنا هذه، وخاصة أن مما يزيد الطين بلة أن المجتمع الذي نعيش فيه يجعل الرجل ملكًا، ولا أبالغ إن قلت فرعونًا، فالزوج يريد أن يعود إلى البيت والأكل على الطاولة ولا نَفَس حوله، الزوجة لابسة آخر طراز، وعليها إنجاب أكبر عدد من الذكور، وعندما تتعدى الثلاثين يتزوج عليها، والكلام كثير لا ينتهي. والسلام عليكم.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخت الكريمة..
شكرًا جزيلاً على رسالتك الطيبة، ولا مجال أبدًا للاعتذار عن أي شيء، بل إننا سعدنا جدًّا بمشاركتك الجميلة المفصلة التي تعرض صورة من صور حياة أسرنا العربية المسلمة.
وكأنك تؤكدين ما جاء في ردي على صاحبة السؤال:( راعي البستان.. كيف يعود؟ ) إن درجات غياب الراعي (الأب) متفاوتة. والأسباب أيضًا مختلفة. فزوجك أكرمه الله ممن يقدرون ويرغبون في تحمل تبعات وحقوق الرعاية. وأظنه متمثلاً قول رسولنا الكريم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته...". الأمر الذي يقر معه ويعترف بأن هذه التربية التلغرافية لا تؤتي أحسن الثمر. ولكن ظروف عمله أحد مبررات غيابه الجزئي عن ساحة التربية. وما يستتبع ذلك من عدم وجود الوقت الكافي والجهد الكافي والفكر الكافي للالتحام الحقيقي بجزئيات ومفردات الحياة اليومية للأسرة.
وسأتحدث عن صورة الراعي في حالتك وما يماثلها (حالة الذين يقدرون حق الأمانة، ولكن ينقصهم ترتيب الأولويات وبعض الأدوات للتمكين من القيام بدورهم بفاعلية أكبر).
وبالطبع تتقاطع هذه الحالة مع حالات أخرى في مناطق معينة.
وسأذكر بعض النقاط التي أرجو أن نقلب فيها النظر مرات ومرات أخرى ولا نعتبرها واقعا لا يمكن تغييره لفرط ما ألفناها:
أولها وأهمها ما أراه في كثير من حالات أسرنا: وهو التضحية بالهدف من أجل الوسيلة. فقد يغيب عنا أحيانا الهدف من وجودنا أصلا. ولعلنا نتواصى ونتذاكر ذلك ونكرره حيا نابضا بين جنبينا:
• الهدف من خلق الإنسان هو إعمار الأرض بما يتضمنه من إقامة الأسرة ورعايتها. حتى لا نكون كحالنا اليوم كزبد البحر عدد بلا عتاد.
• ثم يجيء الهدف من خلق الإنسان للعبادة، كما ذكر الله في محكم آياته: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " لا ندري لماذا تقلص مفهوم العبادة في الصيام والصلاة وقيام الليل. ورغم أن المقصود بهذا المفهوم هو كل خير يصنعه الإنسان قربى خالصا لوجه الله.
وإن كنت لا أريد الآن أن أشير إلى المفاهيم الكثيرة المغلوطة التي تحف حياتنا من كل صوب وحدب. وهي المسئولة عن تدهور سلوكياتنا وقصر نظرنا، بالتالي تدنى أداؤنا في مساحات كثيرة من الحياة.
• هذه هي الأهداف وربما كانت الرؤية التي ننطلق منها لنضع أهدافا أكثر دقة ووضوحا. الهدف هو رعاية ما سيسألنا الله عنه أضيعناه أم حفظناه. الهدف هو الأمانة التي في أعناقنا من أبناء ورعية. وهذا هو ما تشمله مظلة العبادة ومظلة إعمار الأرض. هذا هو الهدف الأساسي. والوسيلة هي المال والمكانة الاجتماعية وغيره مما أفرطنا في اللهاث وراءه. ولطول اللهاث ذهلنا عما كنا في الأصل نبتغيه من وراء لهاثنا هذا.. وألفنا اللهاث فاستمر واستمر كما لو أنه الهدف وليس الوسيلة.
إذن أولى النقاط التي نود أن نعيد فيها النظر هي الهدف من وجودنا في الحياة، وموقع رعاية الأسر من هذا الهدف "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". ثم تحديد الوسائل لذلك وإنزالها منزلة الوسيلة وليس الغاية.
ولنتمثل قولا آخر حيا فسبحان الله القائل في دستورنا: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا..." وقال: "وأنذر عشيرتك الأقربين".
(وما أقصده أن نتمثل قول الله حيا، أن نتدبر هذا القول ونعمل فيه العقول فلا أحسب أن النص بخافٍ على أحد ولكنه استيعاب العقل والقلب لهذا النص أو ذاك بما يحدد من ورائه سلوكنا).
ثانيا- الخروج من النظرة الفردية إلى الجماعية: تبادل الدعم والمعرفة والتعاون المتبادل في أكثر من جزئية. عمل جماعة دعم (معرفة – تدريب – تكافل – تعاون - نقل الخبرة وتناقلها عمدا بتنسيق وترتيب...).
ثالثا- العمل كفريق:
يلزم الأسر أن تعيش كفريق عمل. لها هدف موحد جماعي واضح التفاصيل. والاتفاق التام بشأن هذا الهدف. كي لا يصوب أحد أعضاء الفريق في مرمى بعيد عن مرمى فريقه. (تخيل ذلك واضحك فهو في الحقيقة يحدث كثيرا). وعلينا الآن أن نوضح ما هو الفريق؟ وكيف يعمل لهدف جماعي؟ وكيف يدير هدفه الجماعي ويخطط له؟
ومفهوم فرق العمل، وإن كان لا يستعمل في بيئتنا العربية خارج حدود المؤسسات والمكاتب الإدارية؛ إلا أنه مما يفيد كثيرا إنزال هذه المفاهيم واستعمالها في مفرداتنا اليومية بما يحسن جودة الحياة. وهذا بالفعل مما نحاوله. وبإذن الله سنستمر في محاولة الوصول لكل أداة يمكنها أن تحسن أداءنا في مساحة من مساحات حياتنا المتعددة، وإن لم نعتدها، فقد آن الأوان لنمتلك من الأدوات ما يمكنه مساعدتنا، والكف عن استعمال أظافرنا في فك ما يمكن فكه ببساطة بأي أداة ما.
وفائدة العمل بمفهوم فريق العمل هو العمل وفق دستور واحد لجميع الأعضاء؛ كذلك يتيح الفرصة للاستفادة من أفضل الصفات لكل فرد في الفريق. ويثري حياة الفريق بالكامل وينجز أعمالا أكثر، ويحل كثيرا من المشكلات بفاعلية أكبر. وأهم ما يتيحه هذا المفهوم (فريق العمل) هو استحضار الهدف الجماعي دائما نصب عيني كل عضو في الفريق. وكم يلزمنا أن يكون لنا هدف واضح مفصل. وما يلزمنا أكثر أن يكون هذا الهدف جماعي.
ويعمل هذا الفريق الفعال وفق بعض النقاط:
* وضوح الرسالة والأهداف التي يتحركون صوبها.
* تفويض الجزئيات على أفراد الفريق (حسب القدرات والإمكانيات).
* التعاون التام والانسجام التام.
* الاتصال الفعال بين أعضاء الفريق (وهذا يحتاج لمزيد من التفصيل).
* التواصل بانفتاح ومصداقية.
* الثقة.
* الاتفاق التفصيلي على مهام كل دور.
* الاعتماد على قدرات الأعضاء الفردية.
*التفويض المسئول.
* التعاون (عدم الاتكالية).
* التركيز على النتائج.
* العمل بإبداع.
* النظام.
* وجود قائد مبدع (وكذلك وزير مبدع).
* المحاولة من كل الأعضاء على تحسين ظروف العمل الجماعي.
*وجود وسيلة قياس جيدة لتقييم الأداء وتقويمه.
*الإقبال من الجميع على تحسين وتنمية القدرات والمهارات التي تستلزم أداء المهمة الجماعية أو أداء مفردات الدور بفاعلية.
* التعلم والتدريب بما يحسن الأداء الكلي للفريق.
* تمكين كل عضو من أداء دوره بفاعلية.
* نشر مبدأ المنفعة للجميع بما يضمن عدم الظلم والجور والتحميل على طرف دون الآخر.
من الأعراض المرضية للفريق:
- التواصل المتحفظ.
- انخفاض الحماس.
- فقدان الثقة البينية.
-غياب الهدف الجماعي وغلبة الأهداف الفردية.
ويستلزم بناء هذا الفريق توافر عدد من المهارات التي أراها لازمة لقيام أفراد هذا الفريق بالدور المنوط به كنواة لمجتمع مسلم قوي (محترم). وتفاصيل هذه المهارات أكبر بكثير من أن تحويها استشارة واحدة؛ وحسبي في هذه المساحة الضيقة أن أشير فقط لرءوس أقلام على أن يبقى وعدي لتفاصيل أكثر لكل جزئية كلما سنحت لي الفرصة. أو كلما سأل سائل عن مزيد.
وهذه المهارات التي يتطلبها بناء الفريق القوي (النواة لمجتمع مسلم محترم) هي:
المهارة الأولى: الاتصال الجيد بين أفراد الفريق الواحد:
ولدينا صعوبات بفعل ثقافتنا المتحفظة عن البوح بما نشعر، وبما نفكر فيه، مما أفضى بكثيرين منا إلى أن يعيشوا فيما يشبه الجزر المنعزلة. ولأن هذا علم قائم بذاته فلا يسعني هنا التفصيل إلا بما يخدم النقطة المحددة التي نتحدث بشأنها وهي (راعي البستان كيف يعود؟!). وهذا الراعي الذي يفترض أنه قائد هذا الفريق، إنما يلزمه انفتاح في التواصل مع أفراد فريقه بما يمكنهم من فهم ما يتوقعه منهم هذا القائد. وكذلك الاستماع بتفهم لما يتوقعه أفراد الفريق. وهذا يعني أن يشرح بالتفصيل كل عضو مطالبه وتوقعاته ومعوقات قيامه بدوره المحدد. والانفتاح بالتعبير مما يستلزم تدريبا فلا يمكننا القيام بذلك من المحاولة الأولى.
• المهارة الثانية: مهارة صياغة الرؤية والأهداف والتخطيط للوصول لهذه الأهداف:
ونحن جميعا نحتاج أن نعيد تقييم أهدافنا. فكيف نضع الهدف:
* يحاول كل عضو في الأسرة أن يصوغ أهدافه الشخصية في حضرة الجميع. حتى يشعر كل فرد في الأسرة أنه مسئول عن تحقيق أهداف الأعضاء الآخرين فلا نتحول إلى الأثرة والأنانية والنظرة الفردية المقيتة التي تجعل كل فرد يسعى في اتجاهه غير عابئ بالآخرين؛ فضلا عن افتقاده للدعم والمساعدة من أعضاء الفريق. وما أجمل أن يشعر كل فرد بأن أهدافه الشخصية تصب في مجرى الهدف الجماعي لفريقه (نجاح كل عضو يساوي نجاح الفريق بالكامل). وهذا طبيعي جدا وصحي جدا في حياة الأسر. وهناك قاعدة ذهبية تقول بأن المشاركة في القرار تشعر بالمسئولية. فإذا ما كانت القرارات الجماعية مشتركة بين جميع الأعضاء فبالتبعية سيشعر الجميع بأنه مسئول عن تحقيقها.
* الهدف لا بد أن يكون واضحا محددا بوقت تنفيذ. فمثلا يمكن أن نجعل تواجد الأب وقتا أطول هدفا من الأهداف. ولكن نصوغه بوضوح: (سأقضي هذا الشهر عدد 3 أيام كاملة كعطلة لنهاية الشهر) هذا هدف واضح ومحدد بفترة زمنية.
* اكتبوا ذلك في سجل الأسرة، فالهدف لا بد أن يوضع في مجال رؤية الجميع.
*تشاركوا جميعا في جلسة للعصف الذهني لاقتراح أكبر عدد ممكن من الوسائل للوصول لهذا الهدف. كذلك لحل المعوقات التي ربما تحول دون تحقيق الهدف.
*ابدءوا بالتخطيط للوصول لهذا الهدف.
*ربما كان هناك عوائق لذلك مثل:
- عدم المعرفة بكيفية قضاء وقت جيد مع الأسرة.
- كثرة المشاغل (وهو أحد الأسباب لدى الكثيرين).
- كثرة التزامات العمل بتفاصيله المختلفة (عدم الاعتماد على تفويض أو مساعدة).
- كثرة السفر.
وفي الغالب ما يكون حل هذا الأمر في (تحديد الأوليات – تنظيم المسئوليات – وتعلم طرق جديدة لتخفيض ضغط العمل – اكتشاف أنشطة جديدة - البحث عن دعم جيد من آباء ذوي ظروف مماثلة). وهذا ما يعرف في الخارج باسم جماعات الدعم للآباء، وهي تنتشر بكثرة عبر جمعيات المجتمع المدني أو عبر مواقع الأسرة التي لا تعد على الإنترنت؛ وهو مما أحلم بعمله للأمهات والآباء على حد سواء، ما أحوجنا إليه لنلملم أجزاءنا المبعثرة ونتكاتف معا كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. وكم أتوق لأرى مجتمعاتنا الإسلامية تمتثل لأمر الله في التعاون على البر والتقوى. وما أحلاها ثمرة نجنيها في حياتنا الدنيا فضلا عن نعيم الآخرة.
* لا بد من المكافأة حين الإنجاز والوصول للهدف.
*المهارة الثالثة: مهارة التنظيم والتخطيط:
وعدم العشوائية في كل تفاصيل الحياة (ولكن بمرونة فالتخطيط وسيلة مساعدة، وأداة وليس هدفا في حد ذاته حتى لا نسرف في استخدامه فنفشل في الحصول على مزاياه ونتحول لآلة).
فيمكننا دائما إعداد قوائم جاهزة لكل شيء:
استخدموا معا في جلسة عائلية مهارة العصف الذهني في إعداد هذه القوائم. وهي ببساطة إحدى مهارات التفكير الابتكاري وحل المشكلات. وكنت قد أشرت إلى الطريق في استشارة سابقة أرجو أن تطالعيها.
- الأماكن التي يمكن زيارتها والتنزه فيها. (عصف ذهني)
- قوائم الوجبات الأسبوعية.
- قوائم الأنشطة الخارجية للأولاد.
- قوائم الأنشطة المنزلية التي يمكن القيام بها بصحبة الأب.
- قوائم المشتريات الأسبوعية والشهرية.
- قوائم بأسماء الأفراد الذين ترغبون في زيارتهم (ذوو رحم – أصدقاء – معارف...).
- قوائم بالهدايا المقترحة لكل مناسبة وكل فرد.
- قوائم المهام التي عليكم أدائها.(هذه هامة جدا)
-لماذا نلجأ لمثل هذه القوائم؟
• لتوفير الوقت؛ فكثيرا ما يضيع منا الوقت في التذكر أو التفكير.
• ليكون دائما بين أيدينا شيء يمكننا فعله. على أن يكون أحد الأنشطة والتفصيلات التي توصلنا للهدف الذي اتفقنا عليه كأسرة سلفا.
• تحديد هذه القوائم في اجتماع عائلي لطيف يضفي جوا حميما في الأسرة يغذي من روح التعاون المشترك (الإحساس التطبيقي للفريق).
• التنظيم يضفي طابعا خاصا لكل أسرة.
• ويعطي فرصة للاقتراحات، ويشعر كل عضو في الفريق بمكانته وأهميته.
المهارة الرابعة: مهارة التفويض المسئول:
أول ما يحدد هذه المهارة: الهدف الجماعي ثم تفصيلات الوصول لهذا الهدف ودور كل عضو في التنفيذ. وفي حالة الأسر التي يستوعب عمل الأب عددا كبيرا من ساعات حياته يكون أحد الحلول هو تفويض بعض مهامه والقيام بالمتابعة بدلا من تفاصيل التنفيذ.
فمثلا: إذا حددت الأسرة هدفا قصير المدى لها وهو حفظ كل طفل عدد من السور من القرآن. وكان دور الأب في ذلك يتطلب جلوسه مع الأبناء لمدة نصف ساعة يوميا؛ ربما كان البديل هو تكليف أحد المحفظين. أو قيام الأم بالتحفيظ والأب بالمتابعة والتسميع يوم كذا (حدد). أو أن يكون دور الأب هو التوصيل لأحد المساجد التي بها حلقات تحفيظ أو ما شابه.
ربما كان هذا مثالا بسيطا، وربما كان مما يفعله كثيرون بلا وعي بداخلهم بفكرة التفويض. وإنما الفارق أن في حالة تحديد هدف فهو هدف نصب أعين الجميع والجميع شركاء في الوصول إليه، كل فرد مدرك تماما لما عليه من أدوار. وهذا يعني إمكانية تفتيت الدور الواحد لعدد من الجزئيات التي يمكن أيضا للأب (حال استحضار الهدف) أن يتمكن من القيام ببعض الجزئيات أيضا رغم قلة الوقت. ولكنها المشاركة الضرورية لإنجاح الفريق. وهذا هام جدا. ربما كانت جودة الوقت أهم من طوله. وهذا ما يحققه التنظيم والتخطيط ومن قبل ذلك أن يملأ الهدف الجماعي قلب وعقل جميع الأعضاء.
للأم دور هام هنا، وهو تمكين الأب من القيام بواجباته الأبوية:
- نقل التعلم.
- التشجيع والتفهم.
- عدم إشعار الأب بأنه عضو غريب. بل الإشراك التام. ولعل تفاهم وانسجام الأبوين يلعب هذا الدور الهام.
- التفاهم بمرونة لتحديد الجزئيات التي يمكنه القيام بها. والثناء والمدح على كفاءة أدائه.
- القناعة التامة بإمكانية تحسن الحال دائما.
- التنظيم والتخطيط الجيد.
ولدي نقاط أود أن أوجزها:
* حسن النوايا وحده لا يكفي للوصول للأهداف.
* ضرورة الانتقال من الحلول الفردية لمشكلاتنا الاجتماعية لحلول جماعية. قد خلقنا الله هكذا جماعة وليس فُرادى، جسد واحد، وجعل التعاون على البر والتقوى طريقا ييسر علينا، ويحسن جودة حياتنا.
* العلم العلم العلم...والأخذ بالنهج العلمي في تفاصيل الحياة يجودها كثيرا، ويكفل أداء أصوب.
فلا تترددي أبدا في السؤال عن تفصيلات تفكرين بأنها من الممكن أن تساعدك أيا كانت هذه التفصيلات.
فالحقيقة أن حياتنا ما هي إلا جزئيات صغيرة متشابكة ترسم في النهاية الصورة الكلية. ولذا اهتمي بالتفاصيل تجدي صورة نهائية أفضل.
أرجو الله الرحمن الرحيم أن يلهمنا جميعا الصواب. ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أرجو أن أكون قد أجبت بما يفيد جزئية من الجزئيات التي ترسم الصورة الكلية. وفي انتظار تساؤلاتك عن بقية التفصيلات. أرجو أن تتابعينا .. ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/394)
العصبية.. قد تكون مرضية العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعرض عليكم مشكلة أختي(11سنة) التي أتعبتنا جميعًا، أختي في الصف السادس الابتدائي، عصبية جدًّا لحد كبير، وإذا أساء إليها أحد ترد عليه مباشرة فيحدث شجار عنيف، فتدخل في معركة لا ندري نحن جميعًا متى تنتهي، حيث تكون أختي عندها ليست في وعيها تنتهي معها بكسر ممتلكات الشخص الذي تعاركت معه. أيضًا هي دائمة الشجار وعلى أتفه الأمور، وإذا قيل لها أي شيء يثيرها تفتعل مشكلة كبيرة، نحن الكبار دائمًا نحاول أن تعامل معها بهدوء وعدم استفزازها، ولكن المشكلة مع هم في مثل سنها بعضهم أشقياء ويحبون الشجار وهي حساسة جدًّا. ماذا نفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
رغم أن مشكلة أختك يبدو الشق النفسي منها هو الأكثر وضوحًا، حيث تبدو مشكلة سوء سلوك وعنف مع الآخرين فإن هناك جملة في رسالتك استوقفتني، خاصة وأنني شاهدت كثيرًا من الحالات المشابهة من خلال عملي في مركز الاستشارات، حيث يأتي الآباء يشكون من عنف أبنائهم الصغار والذي يبدو أنه قد تجاوز الحد، ولكن عند الحوار مع الابن نجد نفس العبارة التي وردت في رسالتك والتي لا ندري هل أنت تقصدينها فعلاً أم أنك تقولينها على سبيل المبالغة.. وهي عبارة "حيث تكون ليست في وعيها.."، وهنا يجب أن نوضح أن بعض الأطفال يكون سبب عنفهم هو نشاط كهربائي زائد في المخ يؤدي إلى حساسيتهم الشديدة للانفعال.. بحيث إنهم بمجرد انفعالهم لا يمكنهم السيطرة على تصرفاتهم بصورة خارجة عن إرادتهم.. وعند توقع مثل هذه الحالة يتم عمل رسم مخ للطفلة، فيتم تشخيص الحالة، فإذا أتضح أنها تعاني من نشاط كهربائي زائد في المخ فهي هنا تحتاج المساعدة الدوائية بمضادات الصرع مما يساعد العلاج السلوكي.
بمعنى أن حالة الهدوء التي تنتاب الطفل نتيجة العلاج الدوائي تزيد من استجابته للتوجيهات السلوكية، حيث يستطيع الآن السيطرة على انفعالاته وتصرفاته؛ لأنه في الغالب مع مرور الوقت يكتسب عنف الطفل بعدًا سلوكيًّا نتيجة لتعوده على التصرف بصورة معينة؛ لذا فإن العلاج الدوائي والسلوكي يكون مطلوبًا.. وهنا يكون العلاج السلوكي متمثلاً في عدم مقابلة العنف بالعنف وباستخدام الثواب والعقاب في توجيه السلوكيات المطلوب تغييرها، والعقاب ليس بالضرورة أن يكون الضرب.
الخلاصة.. أن ما يبدو من رسالتك أن لعدوانية أختك شقين.. شق عضوي يحتاج للتقييم من خلال العرض على الطبيب النفسي لعمل رسم المخ لإثبات أو استبعاد هذا الشق، وشق نفسي سلوكي يتم التعامل معه بعد ذلك بهدوء بالعلاج السلوكي، وإذا تم استبعاد السبب العضوي فإن مراجعة أسباب عنف الطفلة في هذه الحالة تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتفاصيل التي ربما بعد إجراء الفحوص المطلوبة سيكون مفيدًا أن ترسلي لنا بالنتيجة وبمزيد من التفاصيل حول كيفية التعامل معها داخل الأسرة.. ونحن في الانتظار.
ــــــــــــــ(102/395)
ابني يشاهد الصور الفاضحة.. هل أضربه؟! العنوان
ابني عمره 14 سنة، وهو يحرص على أن يستخدم الإنترنت؛ وذلك للفائدة، وفي إحدى المرات كنت أتمم على الملفات المؤقتة، وفي الحقيقة لقد صدمت من الصور الجنسية الفاضحة التي كان يشاهدها، والآن أنا محتار، هل: 1 - أضربه. 2 - أمنعه من الإنترنت. 3 - أصارحه وأشرح له. أرجو إفادتي جزاكم الله خيرًا. السؤال
أطفالنا والتكنولوجيا الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكر لك وعيك بالسؤال قبل التصرف؛ لأن البعض يتصرف في الموقف وعندما تحدث المشاكل يرسل في طلب العون.. ولو سأل قبلها ما حدثت المشكلة.
ابنك على أعتاب المراهقة.. ومفتاح التعامل معه هو إشعاره بذاته واحترام هذه الذات، ويكون ذلك من خلال الصداقة في إطار من التفاهم والحوار.. بمعنى أنه لا يصلح الضرب مع هذه السن.
وأيضًا فإن المنع بدون حوار أو تفاهم لن يحل المشكلة.. يصبح الحديث مع الابن بهدوء.. ليس بصورة الشرطي الذي ضبط المتهم متلبسًا فهو يستجوبه ويحاول أن يوقعه، بل في صورة الصديق الذي يتفهم مشاعر صديقه ويفهم دوافعه.. وهنا يجب أن نشير إلى أن مدخل الحوار أيضًا يجب ألا يقتصر على اعتبار المشكلة مشكلة جنسية فقط؛ لأن الأمر يتجاوز ذلك إلى كيفية قضاء وقت الفراغ، وإلى طبيعة الاهتمامات بصورة عامة، وإلى كيفية التعامل مع الإنترنت كعالم جديد يجب الاستفادة من إيجابياته وتجنب سلبياته.
يجب أن يشعر ابنك أنك تتحدث معه بصفة الصديق الذي رأى صديقه في موقف يستحق الوقفة والمراجعة والتحاور.. عندها سيفتح ابنك عقله وقلبه لك وسيكون الحوار مثمرًا؛ لأن ابنك سيشعر أنك لا تستهين بمشاعره أو أفكاره، ولكن يبدو أنه وقع في أمر يحتاج للمراجعة.. وستكون النتائج إيجابية؛ لأنها ستبدو وكأنها خارجة منه وبإرادته أي لا يفرضها عليه أحد وسيكون مهمًّا في هذا الحوار أن تطلب منه الاطلاع على - صفحة مشاكل وحلول- .. إذا كان يحتاج إلى بدائل وأفكار للتخلص من هذه المشكلة خاصة المشكلة المعنونة - "المواقع الساخنة.. الاستمناء وداعًا للإدمان"..
هذا في حالة إعلانه عن عدم وجود بدائل أو خطط لديه للتخلص من ذلك، بمعنى ألا تفرض عليه أيضًا ذلك، بل تجعله هو الذي يبحث عن حل المشكلة انطلاقًا بإحساسه بها وتحمله مسئولية حلها، ونرجو أن تراجع المزيد عن كيفية التعامل مع المراهق على صفحتنا.. ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/396)
ضد التربية العشوائية: هدف أو لا هدف! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إلى كل من يساهم في هذه الزاوية البناءة.. تحية عطره ملؤها التقدير والتبجيل على ما تقدمونه من درر، وكلام يثلج صدر الأمهات. أنا بصراحة ليس لدي سؤال بقدر ما أحمل من استفسارات، وحيرة وتخبط من على صواب ومن الذي على خطأ، أصبحنا لا ندري أنحن في الاتجاه الصحيح أم أننا نسير عكس المسار؟
فمثلاً - وهذا يحدث بين معشر النساء- عندما تذكرين أنك تقرئين لأبنائك قصصًا قبل النوم، يكون رد الفعل الشفقة عليّ، والقول إنني مش عارفه كيف أتحكم في أولادي وقت النوم، فمثلاً الأم تقول متفاخرة "أنا أصرخ فيهم، ولا أجد نفسًا واحدًا"، أو مثلاً تمدح النساء فلانة بأن أولادها مؤدبون (فهي تشويهم شويًا)، وهذا كناية على أنها تضربهم ضربًا مبرحًا قاسيًا؛ لهذا هم مؤدبون ولا يثيرون الفوضى مثلي أنا؛ لأنني لا أضربهم وأدعهم يلعبون في البيت طالما أنه لا خطر عليهم.
والشيء الذي يؤرقني ويقتلني هو: هل أتفرغ للاهتمام بأولادي وطلباتهم لأنهم ما زالوا صغارًا وأقوم بالأشياء الضرورية في البيت أم أنني أكون عبدة للبيت وشغل البيت لا ينتهي؟ من هذه الغرفة إلى الأخرى، وتنظيف الصحون والغسيل وما إلى لا نهاية، وأولادي يصرخون بحاجة ماسة لي وابنتي الصغيرة (بنت سنة وأربعة أشهر ورائي تجري تشد ثوبي وتبكي تريدني أن أحملها وأحن عليها وأنا غير مبالية، ليس لأنني لا أفهمها ولا أعرف أنها محرومة من حناني، ولكن خوفًا من أن تداهمني امرأة في بيتي وتعلق على نظافة البيت، وكيف أنني مهملة في البيت ومشغولة باللعب مع الأطفال!! وأشياء من هذا المضمار كثيرة.
وعندما يذهب أولادي إلى المدرسة يبقى عندي في البيت ابنتي راوية (ثلاث سنوات)، وسجى (سنة وأربعة أشهر)، فأغلق الباب لكي أتفرغ لهن وللبيت، فتبدأ الجارات في معاتبتي كيف أنني مغلقة على نفسي وبناتي الباب، بينما أولادهن يبكون يريدون اللعب مع ابنتي راوية، وأنا لا أريدها أن تخرج خارج نطاق البيت فأصبح متوترة لا أركز في عمل البيت ولا أنجز المطلوب، وأريد أن تبقى ابنتي تحت رقابتي؛ لأنها تخلع ملابسها وتبقى من غير بنطال، وهذا يجعلني أتوتر أكثر وأذهب إلى بعيد في التفكير لدرجة أنني أسألها هل لعب معك إخوة الجيران (هم أولاد عم، ولكن سيئو الأخلاق)، فأصرخ فيها وأمنعها من اللعب معهن فيأتين إلى البيت، فتبدأ ابنتي في الصراخ لكي أدخلهن البيت وساعتها أفتح روضة أطفال فأنا لديّ ابنتان، وجارتي ثلاث، والأخرى واحد، فأضطر لإخراجهم بعد لعبهم فترة ليست بالقصيرة، فتبدأ ابنتي بالصراخ لكي تلعب معهم.
أنا جدًّا آسفة على الإطالة، ولكن لو تعلمون كم أنا حزينة، لأنني مهلوسة في موضوع التحرش الجنسي للأطفال مما نقرأ ونسمع، لدرجة أنني عندما أحضرتها من بيت عمها بدأت أتفقدها، ولا أدري لماذا شعرت أنها غير طبيعية، فجن جنوني وبدأت أبكي بشدة وأتضرع إلى الله أن تكون سليمة، ومن هذه اللحظة عندما تتغافلني وتخرج إلى بيت عمها يجن جنوني، ويبدأ إخوتها يندبون حظهم لأنهم في اليوم الواحد يذهبون لإحضارها عشرات المرات، وسؤالي في هذا المضمون كيف أقنعها بعدم الذهاب إليهم، وهل أنا مضخمة الموضوع أم أنا أحافظ على بناتي؟ وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أختي الكريمة.. شكرًا كثيرًا على رسالتك الحيرى التي أرجو بإذن الله تعالى أن تكون المعول الأول لهدم ما استقر كثيرًا من نمط التربية العشوائية. وقد بادرتنا الحديث بالسؤال الحائر:
"هل نحن في الاتجاه الصحيح أم نسير عكس الاتجاه؟" وأتبعته بسؤال أكثر حيرة: "من على صواب ومن على خطأ؟".
واسمحي أن أجيبك:
أنت على صواب إن كنت تفعلين ما يؤدي بك إلى هدفك المحدد الذي تودين الوصول إليه. وهم على صواب إذا ما كانوا يفعلون ما يؤدي بهم إلى هدفهم المحدد. اسمحي لي الآن أن أسأل: ما هدف كل منكم في التربية؟
ظني ويقيني أن هؤلاء لم يفكرن أصلاً في هدف للتربية. لم يتصورن أبناءهن بعد عدد من السنين كيف سيكونون، بل ركبوا سفينة التربية غصبًا وكرهًا وتسليمًا بالأمر الواقع. كتبت عليهم الأمومة، فلا بأس. المهم أن تعبر الأيام، ومن بعد عبورها لا يهم إلى أين سيصلون، ولا في أي أرض سيستقرون. والحقيقة أن من لا هدف واضح له لن يمكنه الوصول أصلاً؛ لأنه ربما ركب القطار الخطأ وربما اتخذ الوسائل الخطأ. فضلاً عن افتقاده للمحفزات على طول الطريق لينشط للوصول لهدفه. وترى أي وسيلة يتخذونها كدليل أو إشارة أو علامة على أنهم على الطريق السليم أو انحرفن عنه.
معذرة إن أطلت عليك في تقديمي، ولكن مما يدمي قلبي اتخاذنا كأمهات مسلمات لأمر التربية بهذا القدر من الاستهانة والاستهتار، بل والأدهى أننا نزيد من عبثنا بدعوة الآخرين لانتهاج نفس سلوكنا المعوج السقيم، فلا نحن رحمنا ولا تركنا رحمة الله تشمل عباده.
أختي الكريمة.. جزاك الله كل الخير على محاولاتك الطيبة لأن تنزلي الأمومة منزلتها الكريمة العظيمة التي أرادها الله عز وجل لها وجعل بها الجنة تحت أقدام الأمهات. لا لشيء إلا لما تتكبده الأمومة الحقيقية من صعاب ومشاق جسمية وذهنية ونفسية. فضلاً عن الوقت والجهد والمال. هذه هي ضريبة الأمومة الحقة، ومن لم يدفعها لن ينال خيرها ولن يذق ثمرتها في الدنيا -والله أعلم بالآخرة-.
اطمئني حبيبتي وكوني أكثر ثباتًا، فالصواب لا ينبغي له الترنح والتشكك في نفسه، بل ينبغي له البحث عن أسباب رسوخه.. واستقرار بذرته ليصير بعد فترة شجرة وارفة تنشر ظلها ولا تقصره على حيزها الضيق. ولا يكون ذلك إلا حين نخلص النية لله سبحانه وتعالى، ونحدد هدفًا واضحًا –نراه متمثلاً أمامنا كرأي العين–، ومن ثَم نشغل حواسنا وأذهاننا في التخطيط للوصول إلى هذا الهدف، ولا يعنينا من بعد ذلك إن داهمتنا إحدى هذه الجارات أو تلك أو انتقضتنا واحدة من الأمهات أو تلك.
ولا أدري ما الذي أوقعك في هذه الحيرة. الحق ليس بين بين. وليس هناك في التربية اتجاه واتجاه معاكس. ولكن الحق أن هناك هدفا أو لا هدف.فدعينا الآن نفصل مفردات رسالتك جملة جملة:
هل أنت على صواب أم هم؟ ما هو بالضبط الذى تودين إخضاعه للمقارنة؟.. هل التي ترثى –لفرط جهلها– بمن تقرأ لأولادها القصص وبين من تصرخ الصرخة فينامون؟!
هل تقارنين بين من تترك فلذات أكبادها ينعمن باللعب في بيئة آمنة –دون تخريب وبنظام معتدل– وبين تلك التي تشويهم شويًا؟!!
هل تقارنين بين الرحمة بالعيال والقسوة التي انتشرت -لحس مشوه وأخطاء سقيمة- على أنها تربية ووالله ما هي إلا جهل وفطرة مشوهة.
لما حال الجارات يهمك لهذا الحد؟
أختي الحبيبة.. نحن لا نربي لنرضي هذه الجارة أو تلك. ولا نترك للمحيطين بنا تحديد أهدافنا وطرق الوصول إليها، بل نربي لوجه الله تعالى محاولين بكل ما أوتينا من قوة الإبقاء على قدر من فطرة الأمومة السوية. وحين يخيب في ذلك مسعانا نظل بين يدي الرحمن الرحيم نبتهل وندعو حتى يمن علينا بفيض من رحمته ويعمر قلوبنا بالسكينة والرضا، بل ربما بكينا غلبة انفعالنا وشعورنا بالتفريط في الأمانة. وللحق أننا نبكي هذه اللارحمة التي ربما تظهر أحيانًا في تعاملنا مع هؤلاء الملائكة الصغار –أمانة الله التي أودعنا إياها-. نبكي خوفًا لتذكرنا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "من لا يَرْحَم لا يُرْحم"، ونحاول أن نتمثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما خلا منه شيء إلا شانه".
وحين نخطئ ويجافينا الصواب ندعوه سبحانه أن يلهمنا صوابًا ويثبتنا على الحق، وأن يهدينا، ويمن علينا بالرفق والحلم والأناة. وما هذا بالهين فلسنا جميعًا رفقاء رحماء، ولكننا نحاول ونؤمن كمسلمين بما قاله رسولنا عليه الصلاة والسلام: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم". ولا تكون الثقة والثبات إلا بإخلاص النية لوجه الله تعالى، فكل ما لغير الله باطل ولا يقبله الله سبحانه.
وأعرف أنه استقر بين كثير من الأمهات عدد من المغلوطات، ولعلّ أولها وأولاها بالمراجعة هو مراجعة النية وإخلاص النية في التربية لوجه الله العظيم. وثانيها هو تغيير ما شاع واستقر من نهج خاطئ للتربية. فالضرب والركل والصياح والصراخ ليست أدوات تربية، بل أدوات للقمع وللتنفيس عن غضب الأمهات لما يقابلهن من مشكلات لا يستطعن حلها. والمأساة الكبرى من تظن بنفسها قوة الشخصية لقدرتها الرهيبة على كبت أطفالها وسحقهم. ووالله إنها لبلية أن نستشعر قوتنا في سحق أبنائنا، بل والأدهى المفاخرة بذلك ودعوة غيرنا لنفس الوصفة!.
ولعلّ الخطأ الأكثر شيوعًا على الإطلاق هو عشوائية التربية وعدم اتخاذنا العلم والتدريب طريقًا لأداء مقبول فيها. وكأن التربية هي أبسط وأدنى منالاً من أن نتعلم ونتدرب على ما يجود أداءنا الذي يشهد له بالتدني كل ما نراه من عيوب وعلل في مجتمعنا. ولا يسأل عن تخلف مجتماعاتنا وضياع شبابنا وانحطاط أمتنا إلا التربية العشوائية التي نعاني نعاني نعاني من ويلاتها فى ماضينا وحاضرنا على حد سواء. والتي يحاول الدعاة فيما بعد بجهد جهيد إصلاح ما أفسدته وتجاهلته التربية في مراحل الحياة المختلفة. والأولى البناء من لحظة الميلاد جنبًا إلى جنب مع محاولات الترميم والإصلاح.
والآن دعينا من المقارنات ومن على صواب ومن على خطأ. فمقياس صحة أفعالنا هو موافقتها لما يرضى الله عز وجل، ثم موافقتها لما نحدده من أهداف للتربية. وتحديد الأهداف والتخطيط لها علم ومهارة تحتاج لمعرفة وتعلم وتدريب. واسألي نفسك الآن: ما هي أهدافك؟
ما هي الأشياء الهامة في حياتك. لتقرري بعد ذلك ما هي أولوياتك. وهو ما يجيب بدقة عن تساؤلك الثاني: "هل أترك نفسي عبدة لشغل البيت أم أتفرغ لأطفالي؟"أحسبه أنه مما يراوض الكثيرات من الأمهات. وما يحدد إنفاقك في هذا البند أو تلك هو الأولويات.
وهناك دائمًا إمكانية لأن نجعل كل دقيقة في أوقاتنا تُعَدّ ويكتب بها لنا أجر. وذلك بأن تصب أنشطتنا جميعها في خانة الهدف المحدد. ويتحقق ذلك بوضوح الهدف (مدون –واضح - محدد بوقت – له دليل قياس نعرف به وصولنا). ويتحقق أيضًا بمعرفة تفاصيل التنفيذ. بحيث يظل دائمًا نظرنا معلقًا بالهدف المحدد، وتفكيرنا معلق بالنشاط الذي يقربنا من هذا الهدف.
ولعلها فرصة سائغة لأفصل لك الأمر. وسأحدثك في نقطتين هامتين:
* كيف تحدد الأهداف؟ وكيف يخطط لها؟ (وسأحدثك عن أهداف التربية تحديدًا).
* كيف نجعل كل ثانية من وجودنا مع أطفالنا مثمرة وتصب في مجرى أهدافنا؟
* وكيف نحدث هذا التوازن المطلوب في حياتنا ككل؟
أولاً: كيف نخطط للتربية:
هناك أهداف طويلة المدى وأهداف قصيرة المدى.
الأهداف طويلة المدى التي تستغرق وقتًا طويلاً للوصول إليها، وتكون الأهداف قصيرة المدى جزءاً منها؛ ولذا سجلي أهدافك التربوية طويلة المدى:
تخيلي هذا الأمانة (طفلك) التي بين أيدينا بعد فترة من الزمن. التقطي قلمًا وورقة ودوِّني إجاباتك:
* ما هي الصفات -النفسية والعقلية والخلقية- التي نتمنى أن يكون قد تحلى بها؟ (الصبر – الرحمة – التعاون – الإيثار – الكرم – الثقة والتقدير العالي للذات – المثابرة - ...).
* ما هي أهم المهارات التي نود تزويده بها؟ (النظام – الإبداع – التخطيط - القراءة – الكتابة -...).
* ما نوعية التعليم التي نتمناها له؟
* ............................
على أننا ننمي ونربي ونرعى عدة جوانب:
• الجانب الديني
• الجانب الأخلاقي
• الجانب التعليمي
• الجانب النفسي
• الجانب العقلي
• الصفات الشخصية
• الجانب المعرفي
• جانب المهارات
ثم ضعي أهدافك قصيرة المدى: هدف واضح (تربية ابني تربية إسلامية؛ ليست بالهدف الواضح المحدد. وإنما لا بد أن يكون أكثر تحديدًا كأن نقول أرى لابني في نهاية هذا الشهر أن يحفظ سورة الرحمن مع قراءة تفسيرها، وإمكانية استحضار الآيات الدالة في موقف معين، وربما أعددنا نحن مثل هذه المواقف المحفزة للتفكير واستدعاء ما حفظه حيًّا موظفًا في مكانه في الدنيا. ويمكن أن نضع الوسائل لذلك بالذهاب مثلاً إلى المسجد مرتين فى الأسبوع، أو استقدام شيخ محفظ، أو تولي تحفيظه بنفسك أو تولي الأب؛ المهم أن يكون الأمر واضحًا بكل تفاصيله ومحددًا بزمن أيضًا.
كذلك الهدف لا بد من وجود وسيلة لقياسه: فمثلاً يمكنني بعد تقسيم الآيات التي حددنا حفظها وفهمها على مدار الأيام أن أتمكن بعد عدد من الأيام من متابعة إذا ما كنا نسير باتجاه الهدف أم لا.. وكلما انتهيت من هدف قصير في ناحية من نواحي التنمية المختلفة وضعت آخر. وهذا بالطبع بعد أن تكوني قد تخيلت الصورة الكاملة واضحة (الهدف طويل المدى).
وهناك من الجوانب ما يحتاج لخطة مكتملة التفاصيل، وهناك ما نزرعه بذرة بذرة على طول الطريق.
فمثلاً الحاجات النفسية للطفل تتطلب من معرفة بخصائص المرحلة العمرية ومتطلباتها النفسية وكيفية التنشئة النفسية السليمة. وتكون خطتنا هي الوصول لهذه المعرفة (القراءة – السؤال - المتابعة للطفل - تدوين الملاحظات -...). ويكون التنفيذ الفعلي وصولاً لهذه المعرفة، ثم يجيء بعد ذلك الاستفادة من هذه المعرفة في التعامل مع الطفل وتنشئته. وهذا ما يتم في كل لحظة من لحظات تواجدنا مع الطفل.
إذا ما انتقلنا لتنمية القدرات العقلية: تكون الخطوة الأولى هي المعرفة أيضًا لطبيعة النمو العقلي في المرحلة العمرية المعينة، وكيفية دفع هذه القدرات لأعلى حيز ممكن. ووسائل ذلك، ثم تكون المرحلة الثانية من الخطة هي تحديد الخطوات التي سنتبعها: قراءة – نمو لغوي - زيارة أماكن - ألعاب معينة - ...
المهم هو أن يظل الهدف دائمًا يملأ علينا جنباتنا، ويكون هناك تحديدًا دقيقًا لوسائل الوصول لهذا الهدف؛ ولذا لا بد من التدوين دائمًا، فليس هناك تخطيط ثابت واضح في الذهن فقط. وإنما كما ورد في الأثر: "قيدوا العلم بالكتابة". فهذا ييسر التذكر والمراجعة والإضافة ووضع التساؤلات وتجديد الخطة والمتابعة.
والآن كيف سنجعل كل دقيقة من وقتنا تصب فى مجرى الأهداف المحددة؟
لدينا الأمر الآن واضح. فالأهداف محددة ووسائل الوصول محددة ومدونة ومترجمة لأنشطة:
* قراءة قصة
* لعب بالكرة
* تبادل النكات
* أداء بعض المهام المنزلية بما يتناسب مع عمر الطفل.
* حكي حكايات من طفولتنا. (قضاء وقت حميم مع الصديق الصغير)
* التدريب الرياضي
* حفظ القرآن الكريم
* .......
كما وضح من هذه القائمة -التي يمكن لكل منا إضافة مئات الأنشطة لها– بها عدد من النشاطات التي تستغرق وقتًا وترتيبًا لها. وهناك ما لا يستغرق أكثر من دقائق معدودة، ولكنه يخدم كثيرًا تحقيق الهدف. ويمكنك أن تستفيدي من كل وقت، فوقت "الإفطار أو العشاء"، من الممكن أن يكون هو وقت مراجعة القرآن الكريم عن طريق شرائط المسجل. ووقت الخروج في السيارة من الممكن أن يكون وقت الاستماع إلى الموسيقى أو تبادل النكات أو سرد الحكايات الأسرية الجميلة أو...، كذلك وقت تنظيف المنزل من الممكن أن يكون وقت تدريب الطفل عل استخدام المكنسة أو تلميع الأثاث، كذلك وقت الطهي وقت مناسب لإشراك الطفل وتعريفه عددًا من الأشياء (أنواع الخضراوات – ألوانها – ما المحتويات الغذائية – ما المتشابه وما المختلف -...).
فضلاً عما يتشربه الطفل عن طريق القدوة والحديث المستمر مما يبني الجانب السلوكي والقيمي والأخلاقي. وهو ما يستمر على طول الطريق مع طفلنا. المهم أننا دائمًا مستحضرين في أذهاننا الهدف الذي نسير صوبه. ونستغل كل دقيقة في نشاط أو كلمات تقربنا منه. هذا هو الفارق بين حالة الهدف وحالة اللاهدف.
يبقى لك أن تجيبي بنفسك: أتتركين نفسك عبدة لشغل البيت الذي لا ينتهي أم تلعبين مع أطفالك وتتفرغين لهم أم هناك إمكانية للتوازن مع الوضع في الاعتبار الأولويات؟
أما سؤالك الثاني: كيف تقنعين ابنتك بعدم الذهاب للعب بالخارج:
*أولاً ضعى قانونًا ثابتًا لذلك "سنلعب مع أطفال الجيران لمدة _________ بعد الإفطار أو الغداء أو ___ (حددي وقتًا لذلك)".
السلوك المطلوب لا بد أن يكون واضحًا -ممكنًا- محفزًا.
قولي لطفلتك بصوت هادئ حازم ما تتوقعينه منها (سأسمح لك باللعب وقتًا وأعرف أنك ستلتزمين بالاتفاق، حين تلتزمين يومين بالعودة في الوقت المحدد يمكنني أن أسمح لك باللعب ربع ساعة إضافية. ولكن إذا لم تحضري فهذا معناه أنك لن تخرجي للعب اليوم التالي.
وتابعي تنفيذ هذا القانون ويمكنك عمل جدول يساعد كثيرًا في هذا الأمر وغيره. اكتبي لطفلتك الأيام، وضعي نجمة أمام كل مرة تلتزم فيها بالاتفاق. وحققي وعدك لها باللعب فترة إضافية.
* أشغلي ابنتك بالأنشطة المحببة داخل المنزل معك أو بمفردها، وهذا بدوره يقلل من رغبتها فى الخروج دائمًا لأطفال الجيران. من المهم والمفيد أن يتعلم أطفالنا، ومن ثَم شبابنا ورجالنا أن يقضوا وقتًا سعيدًا مفيدًا في منازلهم. فكم قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "فليسعك بيتك". ولكن ذلك يتم بالتدريب والتعود وتوفير البدائل المحببة واحترام القانون الخاص بذلك. ولا تتوقعي امتثالها من المرة الأولى، وإنما توقعي عدم الامتثال والاحترام للاتفاق، وكذلك اختبارها لجدية قانونك والتزامك به. وعليك بأن تظهري لها تفهمًا لمشاعرها ورغبتها: "حبيبتي.. أنت تريدين اللعب مع _______ . أنا أفهم ذلك وأشعر كم تكونين سعيدة بذلك؛ ولذا اخرجي واستمتعي معهم في الوقت المحدد لذلك". ربما تبكي وتطالب بالمزيد من الوقت وتفاوض وتستخدم كل وسائل الضغط الممكنة. وحسب ذكائك ومهاراتك التفاوضية. وتفهمك لمشاعرها وإشعارها بهذا التعاطف مع الحزم. كلما امتثلت في وقت أقرب.
والتعاطف لا يعني قبولك لرغبتها أو تنازلك عن القاعدة المتبعة، ولكن فقط إشعارها بالتفهم والتعاطف مع مشاعرها، وهذا يسهل كثيرًا في التفاوض، والاتصال بشكل عام.
* حاولي إفهام الجيران بلطف أنك لا تحبين لعب أطفالك وقتًا كثيرًا خارج المنزل بصفة عامة، وليس بالطبع مع أبنائهم تحديدًا. حاولي قدر جهدك أن توصلي الرسالة برفق ولطف فلهم حق الجيرة التي أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام بها، ولكن دون أن يكون معنى ذلك الامتثال لرغباتهم بصورة مستمرة أو الانخراط معهم فيما يعيقك عن تحقيق أهدافك أو حتى ضياع الوقت في التوافه من الأمور وما أكثرها بين النساء. واعلمي أن ثمار تربيتك لأبنائك ربما تقنعهم بعد فترة بأن يحذو حذوك.
وربما اتفقتم على صور للدعم فيما بينكم (تبادل الرعاية لعدد من الأطفال المتقاربين في العمر والقراءة لهم مثلاً أو اصطحابهم للحديقة القريبة أو التسوق للجميع أو توصيل الأطفال لأماكن ممارسة الأنشطة وغيره الكثير مما نحتاج بشدة لشبكة دعم من الأهل والأقارب والمحيطين للقيام به. وذلك بكل تأكيد يعين على ناتج أفضل للجميع). وللأمر تفصيله الذي أراه واجبًا، ولكن للأسف لا تسمح المساحة بتجاوزها أكثر من ذلك.
وبالنسبة لمسألة خلع ابنتك للبنطال ومخاوفك من التحرش الجنسى؛ فيمكنك مطالعة كثير من الاستشارات التي تناولت هذا الأمر على صفحتنا.
ــــــــــــــ(102/397)
تجلس وتأكل وحدها العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بداية أحيي هذه الزاوية والقائمين عليها، وجعلها في ميزان سناتهم يوم القياممة. نحن عائلة قليلاً ما نجتمع، وخاصة على طاولة السفرة؛ بسبب طبيعة عمل زوجي، وليست هنا المشكلة! يوم الجمعة الوحيد الذي نلتقي مجتمعين على الغداء، لثوان معدودة، المشكلة أن ابنتي 6 سنوات تعودت في هذه اللحظات التنحي عنا وخلق مشكلة يجعلها تعرض عن الطعام، ونبدأ باسترضائها، وعمل دعاية للطعام، و"نتحنن" لكي تنضم إلينا؛ لأنه اليوم الوحيد الذي نجتمع فيه.. حتى إن زوجي يأكل بسرعة وبعدها نتفرق كل في حاله، مما يسبب لي الضيق والألم لما تفعله ابنتي؛ إذ إنها اعتادت على هذه العادة السيئة، التي تعكر صفو الاجتماع الخاطف.
وسؤالي هو: هل نتجاهلها عندما تعرض عن الطعام -علمًا بأنها بعد أن ننتهي تجلس وتأكل لوحدها- أم ما هو المترتب علينا فعله في هذه الحالة؟ السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
ليست هنا المشكلة".. هذه العبارة التي وردت في رسالتك هل هي حقيقية؟ هل المشكلة حقًّا في ابنتك ذات السنوات الست؛ لأنها ترفض الطعام مع العائلة في هذا الاجتماع الخاطف، أم أنها صاحبة الموقف الصحيح الوحيد.. بحيث تعلن رفضها لهذه الصورة الشكلية التي تبدو ذرًّا للرماد في العيون للتأكيد على أنه ما زالت هناك أسرة بينها روابط تجعلها تجتمع على الطعام؟!! قد يبدو تفسير تصرف الابنة ذات السنوات الست تفسيرًا بهذا العمق.. تفسيرًا غريبًا، ولكنني أردت أن ألفت انتباهك إلى الوضع الغريب الذي تعيشه الأسرة بعائل غائب باستمرار لظروف العمل وإذا حضر فإنه يأكل بسرعة.. هذا الوضع لا بد أن له تداعياته السلبية على كل من في البيت، وربما تكون ابنتك هي الأكثر حساسية وتعبيرًا عن التأثر بهذه الحالة.
إن الصورة البسيطة التي ينقلها تصرف ابنتك.. هي احتجاجها أولاً، الذي ربما هي لا تدركه بصورة واضحة، والاحتياج إلى الاهتمام والحب والرعاية ثانيًا؛ لأن الأمر لا يبدو متعلقًا بالطعام بدليل أنها تأكل وحدها بعد انتهائكم.. إنها تبدو الوسطى وسط 5 من الإخوة والأخوات.. ربما الأكبر يحصلون على ما يريدون، وربما الأصغر هناك اهتمام بهم بدرجة ما، وتبدو الوسطى هي التي لا تجد أو تبحث لها عن مكان، وربما لا تجد إلا هذا الموقف معلنة فيه احتجاجها على الإهمال ورغبتها في الحصول على الاهتمام.
الوضع كله يحتاج للمراجعة.. فرسالتك القصيرة ومعلوماتك القليلة ربما أظهرت جزءًا يسيرًا من جبل جليد يحتاج إلى من يكتشفه ويتعامل معه.. إن ابنتك هي جرس إنذار لمخاطر أخرى أهم في علاقات أفراد أسرة بعضهم ببعض.. لا نريد أن نتعامل مع هذا الموقف مجزأ عن باقي حال الأسرة فنقول أهمليها عندما تفعل ذلك واهتمي بها.. فذلك لن يحل المشكلة الأصلية بل ربما يفاقمها؛ لأن التصرف إن لم يكن في إطار منظومة إعادة ترتيب البيت بحيث توجد صيغة يعود فيها الأب إلى وسط أسرته بصورة أفضل من هذا الاجتماع الطارئ، وتشعر فيه الطفلة بالرعاية والاهتمام في كل وقت دون أن تضطر لهذا السلوك الاحتجاجي.. سيكون بلا جدوى.
يجب أن تشعر الطفلة بالدفء والحب والحنان والاهتمام.. قد يبدو العبء ثقيلاً في وسط 5 من الأولاد، ولكنه الحل الحقيقي قبل أن تتحول طفلتك إلى قنبلة تنفجر في وجهك في أي وقت، وعندها لن تبحث عنه وقت الطعام.. ليتواجد الأب مع أطفاله أكثر ويهتم بهم أكثر، فلن تغني كل أموال الدنيا عن طفل قد رفض أهله لشعوره بالحرمان أو الإهمال.
ــــــــــــــ(102/398)
تجلس وتأكل وحدها العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بداية أحيي هذه الزاوية والقائمين عليها، وجعلها في ميزان سناتهم يوم القياممة. نحن عائلة قليلاً ما نجتمع، وخاصة على طاولة السفرة؛ بسبب طبيعة عمل زوجي، وليست هنا المشكلة! يوم الجمعة الوحيد الذي نلتقي مجتمعين على الغداء، لثوان معدودة، المشكلة أن ابنتي 6 سنوات تعودت في هذه اللحظات التنحي عنا وخلق مشكلة يجعلها تعرض عن الطعام، ونبدأ باسترضائها، وعمل دعاية للطعام، و"نتحنن" لكي تنضم إلينا؛ لأنه اليوم الوحيد الذي نجتمع فيه.. حتى إن زوجي يأكل بسرعة وبعدها نتفرق كل في حاله، مما يسبب لي الضيق والألم لما تفعله ابنتي؛ إذ إنها اعتادت على هذه العادة السيئة، التي تعكر صفو الاجتماع الخاطف.
وسؤالي هو: هل نتجاهلها عندما تعرض عن الطعام -علمًا بأنها بعد أن ننتهي تجلس وتأكل لوحدها- أم ما هو المترتب علينا فعله في هذه الحالة؟ السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
ليست هنا المشكلة".. هذه العبارة التي وردت في رسالتك هل هي حقيقية؟ هل المشكلة حقًّا في ابنتك ذات السنوات الست؛ لأنها ترفض الطعام مع العائلة في هذا الاجتماع الخاطف، أم أنها صاحبة الموقف الصحيح الوحيد.. بحيث تعلن رفضها لهذه الصورة الشكلية التي تبدو ذرًّا للرماد في العيون للتأكيد على أنه ما زالت هناك أسرة بينها روابط تجعلها تجتمع على الطعام؟!! قد يبدو تفسير تصرف الابنة ذات السنوات الست تفسيرًا بهذا العمق.. تفسيرًا غريبًا، ولكنني أردت أن ألفت انتباهك إلى الوضع الغريب الذي تعيشه الأسرة بعائل غائب باستمرار لظروف العمل وإذا حضر فإنه يأكل بسرعة.. هذا الوضع لا بد أن له تداعياته السلبية على كل من في البيت، وربما تكون ابنتك هي الأكثر حساسية وتعبيرًا عن التأثر بهذه الحالة.
إن الصورة البسيطة التي ينقلها تصرف ابنتك.. هي احتجاجها أولاً، الذي ربما هي لا تدركه بصورة واضحة، والاحتياج إلى الاهتمام والحب والرعاية ثانيًا؛ لأن الأمر لا يبدو متعلقًا بالطعام بدليل أنها تأكل وحدها بعد انتهائكم.. إنها تبدو الوسطى وسط 5 من الإخوة والأخوات.. ربما الأكبر يحصلون على ما يريدون، وربما الأصغر هناك اهتمام بهم بدرجة ما، وتبدو الوسطى هي التي لا تجد أو تبحث لها عن مكان، وربما لا تجد إلا هذا الموقف معلنة فيه احتجاجها على الإهمال ورغبتها في الحصول على الاهتمام.
الوضع كله يحتاج للمراجعة.. فرسالتك القصيرة ومعلوماتك القليلة ربما أظهرت جزءًا يسيرًا من جبل جليد يحتاج إلى من يكتشفه ويتعامل معه.. إن ابنتك هي جرس إنذار لمخاطر أخرى أهم في علاقات أفراد أسرة بعضهم ببعض.. لا نريد أن نتعامل مع هذا الموقف مجزأ عن باقي حال الأسرة فنقول أهمليها عندما تفعل ذلك واهتمي بها.. فذلك لن يحل المشكلة الأصلية بل ربما يفاقمها؛ لأن التصرف إن لم يكن في إطار منظومة إعادة ترتيب البيت بحيث توجد صيغة يعود فيها الأب إلى وسط أسرته بصورة أفضل من هذا الاجتماع الطارئ، وتشعر فيه الطفلة بالرعاية والاهتمام في كل وقت دون أن تضطر لهذا السلوك الاحتجاجي.. سيكون بلا جدوى.
يجب أن تشعر الطفلة بالدفء والحب والحنان والاهتمام.. قد يبدو العبء ثقيلاً في وسط 5 من الأولاد، ولكنه الحل الحقيقي قبل أن تتحول طفلتك إلى قنبلة تنفجر في وجهك في أي وقت، وعندها لن تبحث عنه وقت الطعام.. ليتواجد الأب مع أطفاله أكثر ويهتم بهم أكثر، فلن تغني كل أموال الدنيا عن طفل قد رفض أهله لشعوره بالحرمان أو الإهمال.
ولمزيد من الاستفادة يمكنكم الاطلاع على الاستشارات التالية:
- بيت...أم ثكنة عسكرية؟؟
- شبح الجفاء..هل يمتد إلى الأحفاد؟
- الصداقة مع الأبناء كيف؟
- لكل مولود شذا.. فارحم ترحم
ــــــــــــــ(102/399)
أبي يعاملني أفضل من أخي!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. بداية.. أشكركم على موقعكم الممتاز.. وأكثر الله من أمثالكم.. أنا شاب لي أخ وأخت أتوسطهما في العمر.. عشنا الجزء الأكبر من عمرنا مع والدينا في إحدى دول الخليج، وأنا الآن أعيش بمفردي في بلدي الأم بعيدًا عن الأسرة بسبب الدراسة الجامعية.
والمشكلة التي أريد نصيحتكم بشأنها أن أخي الأصغر -13 عامًا- يواجه مشاكل مع والدي.. فأبي لا يثق به.. أو لأكون أكثر دقة: لا يثق بقدراته ولا بحسن تفكيره واتخاذه للقرارات بصفة عامة.. فلا يعطيه حرية التصرف والثقة التي يمنحها لي.. وهو شديد القلق والخوف عليه؛ لدرجة قد تتأثر معها ثقة أخي بنفسه وقدرته على مواجهة الصعاب.. وهو في أحيان كثيرة يشك في أقوال أخي، ويظن أنه يكذب لإخفاء الحقائق.
وبما أني الأقرب لأخي بين أفراد الأسرة.. فأنا أدرك تمامًا قدرات أخي وقدرته على اتخاذ القرارات السليمة والتفكير السليم تمامًا.. وأيضًا ذكاؤه الشديد.. والذي ليس شرطًا أن يظهر في الدراسة كما تعلمون، وقد حاولنا جميعًا إقناع أبي بالإقلاع عن طريقة معاملته لأخي، وعدم ثقته فيه، وخوفه الزائد عن الحد عليه.. فيجيب بأننا عندما نصبح آباء سندرك شعوره ونتفهمه.. وتذهب كل جهودنا أدراج الرياح بلا فائدة مع أول موقف يحتاج إلى تفهم وحكمة في التعامل.
أخي يعي ما يدور حوله جيدًا، ويدرك نظرة أبي له تمامًا.. وإن كان تأثره بها ليس ظاهرًا في الوقت الحاضر.. فأنا أخاف أن تختزن لتظهر في المستقبل بالرغم من وعي أخي وفهمه الصحيح، وقد لجأ مؤخرًا إلى عدم قول الحقيقة، أو على الأقل التغاضي عن بعضها في بعض المواقف التي يدرك أن والدي لن يصدقه إن هو قال الحقيقة التي لا يقتنع بها أبي، فهو لن يصدقه مهما فعل.. هكذا يقول أخي لأمي التي لم تمنعه بالتأكيد؛ لأنها تعلم أن أبي لم يترك له خيرًا آخر!...
أخاف -أيضًا بالرغم من وعي أخي وإدراكه العالي- أن يقارن آجلا أو عاجلا بين الطريقة التي يعاملني بها أبي والثقة الممنوحة لي وبين طريقة معاملته هو، مع العلم أن أبي لم يكن أبدًا يعاملني بنفس طريقة معاملة أخي وأنا في مثل عمره..
وأخيرًا ما مدى أن يكون لكبر سن والدي تأثير على الموضوع؛ حيث إن أبي في أوائل الخمسينيات من عمره؟ شكرًا لكم مرة أخرى، وجزاكم كل الخير، وأعانكم على فعل الخير.
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
نحن نشكر لك حساسيتك وشعورك الراقي ناحية أخيك وموضوعيتك في تقدير الأمور؛ فغيرك ربما كان يسعد بتفضيل أبيه له، ولا يلقي بالا لأثر ذلك على أخيه، ولا يهتم بأن يسأل عما يفعله مع أخيه. فالمهم أنه يحصل على ما يريد من معاملة طيبة من أبيه.
ونبدأ بالقول: لا تقلق على أخيك؛ فهو كما تصفه في رسالتك صاحب قدرات وذكاء، وهو مدرك لقدراته ومدرك لطبيعة تعامل والده معه، وبالتالي فهو واثق من قدراته، ويبدو أنه يظهرها في تعاملاته المختلفة؛ بحيث إنها ظاهرة للعيان للجميع.. للأم ولك ولأخوتك.. وحتى الآن لم تحدث مشكلة للأخ نتيجة تعامل أبيه معه، ونرى أن دورك معه الذي يمنع ظهور المشاكل في المستقبل بإذن الله تعالى يتلخص فيما يلي:
1 - توطيد علاقتك به بصورة قوية؛ بحيث تكون المشجع له دائمًا والمتحاور معه في كل أمور حياته، خاصة أن أخاك على أعتاب المراهقة، ويحتاج إلى هذه الصداقة التي تشعره بذاته، وتشعره بوجود من يقدره ويفهمه ويتفاعل معه في أفكاره وآماله.. هذه الصداقة ستمثل بديلا جيدًا لأخيك عن معاملة الأب غير المتفهمة.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لن يجد في نفسك التساؤل حول اختلاف المعاملة من الأب ناحيتكما؛ لأن تقديره لك وحبه سيجعلانه يراك أهلا لهذه المعاملة.
2 - التجاور مع أخيك في مسألة أنه لا بد أن يكون صريحًا وواضحًا في مواقفه؛ بمعنى يكذب على أبيه حتى يرضيه، فيفعل ما يقدر أنه صحيح بعد حوار وتفاهم معك، ثم ليترك الزمن يغير من نظرة أبيه له إن عاجلا أو آجلا.
مشكلة الأب ليست في كبر السن؛ فمن هو في الخمسينيات من عمره ليس كبيرًا في السن، ولكن في عيب خطير يعاني منه الكثير، وهو ما يمكن تسميته "بأخذ الانطباع"؛ بمعنى أنه يكون صورة ذهنية عن شخص بعينه نتيجة معطيات يراها ويستنتج منها، ويبني نتائج قد تكون غير صحيحة، وقد تكون صحيحة في وقت ما ولكن لا يمكن تعميمها.. المهم أنه يأخذ الانطباع، ثم لا يغيره ويعتبره حكمًا نهائيًّا لا يقبل نقضًا أو إبرامًا.. والزمن هو العلاج.. قف بجانب أخيك.. دعِّم ثقته بنفسه.. وسيظهر تميزه أمام أبيه عاجلاً أو آجلاً كما أسلفنا.. وعندها ستنتهي المشكلة..
الحل ببساطة هو احتواء أخيك بصداقة في إطار الحوار والتفاهم والاحترام.
ويمكنك الإطلاع على المتابعات التالية قد تجد فيها ما يساعد اخيك على تدعيم ثقته بنفسه:
- معاملة المراهق منظومة صداقة
- الصداقة..الحوار..التفاهم ..مفاتيح المراهق
- صاحب ابنك المراهق..ينضبط
- أحب ولدك المراهق... تغيره
ــــــــــــــ(102/400)
أعراض النشاط الزائد.. مشاغبة وتمرد العنوان
بدأت مشكلة طفلي (6 سنوات) من سنته الثانية والثالثة حتى وصل إلى أنني لا أستطيع السيطرة عليه، يتبول لا إراديًّا يأخذ دواء للنشاط المفرط خلال المدرسة؛ لأنه إذا لم يأخذه اتصلوا بي للذهاب وأخذه، حيث إنه لا يستطيع التركيز في الدراسة أو الكتابة بالرغم من شدة ذكائه.
مع العلم أنني عملت له كافة الفحوصات اللازمة ومن بينها فحص الدماغ ودرجة الذكاء، وهو دائمًا يتهمنا أننا لا نحبه أو أننا نحب إخوانه أكثر منه، مع العلم أنه لا يستطيع اللعب مع أي أحد لشدة عدائيته، ولا أعرف لماذا؟ هل بسبب أن والده كان يعلمه منذ طفولته ألا يدع أحدًا يضربه، وبالتالي لا يستطيع الآن أن يكون أي صداقات؟
الجميع يشتكي منه حتى العاملات في المنزل لدي لا تبقى الواحدة أكثر من شهر أو شهرين على الأكثر بسببه، أنا متفرغة له ولإخوته، لدي بنت عمرها 4 سنوات وولدان آخران غيره، وأحمد يكره أخته كثيرًا، ولا يدع أي فرصة بدون ضربها، وهي عكسه هادئة جدًّا ومسالمة، والده من النوع الذي يحبه، لكن لا يجلس معه أو يحدثه بهدوء أبدًا، فإما أن يلعب معه بخشونة أو إذا أخطأ عاقبه بالضرب أو الصراخ.
مستواه الدراسي مقبول، ولكن الجميع يقول لو أنه يستطيع التركيز لكان ممتازًا بسبب ذكائه العالي، يقضي فترات طويلة أمام التلفزيون وربما هذا الخطأ مني أنا، ولكني مرهقة جدًّا ولا أدري ماذا أفعل معه، عندما أنزله إلى حديقة المنزل أراه دائمًا وحيدًا، وكل الأطفال يلعبون معًا إلا هو، ماذا أستطيع أن أفعل له؟
أنا لا أريد له أن يستمر بأخذ دواء النشاط المفرط، مع العلم بأنني لا أعطيه له خلال العطلات المدرسية، أرجوكم أفيدوني، للعلم أنا ووالده على خلاف مستمر بسبب طريقتنا المختلفة في كل أوجه الحياة وأولها كيفية تربيتنا للأطفال، ماذا نستطيع أن نفعل لكي نتأقلم معًا لصالح طفلنا؟ السؤال
النشاط الزائد الموضوع
د/سلوى محمد أبو السعود اسم الخبير
الحل
سيدتي الفاضلة، أهلاً بك ومرحبًا، في سياق كتابة الرد كان التصفح للوقوف على المقالات المنشورة على الإنترنت بطريقة مبسطة يمكن أن تضيف لك معلومة أو تقدم فكرة معينة، ومع مشاهد المعاناة المتكالبة التي وجدتها برسالتك بدءًا من طفلك الذي جعل الله نشاطه الزائد اختبارك وبلاءك في الدنيا (الممحص بإذن الله)، ومرورًا بصعوبات تعليمه وترويضه، وانتهاء بخلفية هذا المشهد وهو اضطراب علاقتك بزوجك الذي ذكرت لنا جزءًا منه حول اختلاف أسلوبكما في التربية.. وسط هذا وقعت هذه الكلمات المنشورة في مقال للدكتورة د. رابية حكيم اختصاصية الطب النفسي للأطفال وهي تصف هذه المعاناة بقولها: "المشاكل السلوكية في الـ ADHD (اختصار تعريف كثرة النشاط الحركي وقلة الانتباه Attention Deficit Hyperactivity Disorder)عادة ما تظهر قبل سن سبع سنوات. وكثير من المدارس لديها أطفال يعانون من هذه المشكلة، لكن المشكلة الكبرى هي أن قلة من المعلمين لديهم المعلومات الكافية عنه، وعن كيفية التعامل مع الطفل.
فالأطفال الذين يعانون من كثرة النشاط الحركي ليسوا أطفالا مشاغبين، أو عديمي التربية، لكن هم أطفال عندهم مشكلة مرضية لها تأثير سيئ على التطور النفسي للطفل وتطور ذكائه وعلاقاته الاجتماعية. ويواجه أهل هؤلاء الأطفال صعوبات كثيرة، فبالإضافة إلى المجهود الكبير الذي يبذلونه في التعامل مع هذا الطفل، هم متهمون من قبل الجميع بعدم قدرتهم على التربية، وهذا بحد ذاته ضغط نفسي إضافي. فينتج عن ذلك قسوة على الطفل، ولكن لا فائدة" وينتهي كلامها.
وأذكر لك أيضًا جزءًا من خبر عن دراسة حديثة بينت في بريطانيا أن النساء اللاتي يعانين من القلق أثناء فترة الحمل تضاعف لديهن فرصة ولادة أطفال يعانون من فرط النشاط.
وقال الخبراء: إن التفسير الوحيد لهذه الظاهرة هو أن الأمهات القلقات يفرزن كميات أكبر من هرمون الضغط النفسي كورتزول الذي يخترق المشيمة ويؤثر على الجنين.
يُذكر أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بالنشاط الزائد، وأن المعدل يصل إلى واحد من بين كل 20 ولدًا. ولكن بالنسبة للسيدات اللاتي يصبحن شديدات القلق أثناء الحمل فقد يزيد هذا المعدل واحدًا من بين كل عشرة أولاد، طبقًا للباحثين في كلية إمبريال في لندن.
سيدتي الفاضلة، لا أقصد من هذا (البحث) في مسببات ما يعانيه طفلنا، وإنما التركيز على نقطتين في غاية الأهمية لبدء الانطلاق نحو نمو أفضل لطفلنا.
الأولى تتعلق بتوتر العلاقة بينك وبين والده (أنا ووالده على خلاف مستمر بسبب طريقتنا المختلفة في كل أوجه الحياة وأولها كيفية تربيتنا للأطفال) فتوتر العلاقة عامل مثبط في تعديل سلوك الطفل جملة وتفصيلاً، فما يعانيه من سلوكيات غير مرغوبة تتمثل في:
- تبول لا إرادي -بالمناسبة يعتبر التبول اللإرادي أحد أشكال التعبير عن القلق والتوتر لدى الأطفال بعد استبعاد المسبب العضوي-.
- كذلك خشونته وعدائيته نحو الآخرين من الأطفال، وخاصة أخته؛ وهو ما جر عليه ضعف الصداقات.. كل هذا مرتبط بتدني صورته عن ذاته التي لا يجد من يبنيها له بصورة سليمة عبر التقبل والحب والحنان؛ فوالده مشغول عنه وإن حضر، فهو إما غاضب معتدٍ عليه بالضرب أو يرسخ عنده أسلوب العنف كإحدى آليات التواصل المشروعة بين الناس باللعب الخشن أو اعتماد العنف مقابلاً للعنف مع الآخر دون وجود دبلوماسية أخرى لفض المنازعات.
وأنت منهكة بين كلام الناس وعدم تقبل المجتمع له وبين خلافك مع زوجك وقلة عونه لك في التربية، وبين شفقة الأم المتحسرة على طفلها الذكي الذي يُجمع الجميع على إمكانية أن يكون أفضل. هل تراني يا عزيزتي أغفلت شيئًا.. أعرف ستقولين: الحل؟
- الحل يبدأ من عودة الوئام إلى حياتكما الزوجية ويمكن أن يكون الإخوة في صفحة مشاكل وحلول الشباب عونًا لك في هذا، لكن نفترض -لا قدر الله- أن هذا الوفاق قد تأخر فلا بد أن يقف خلافك أنت وزوجك عند حدود مصلحة أطفالكما، فعلى الأقل ألا يكون الخلاف أمامهم أو أن يشعروا به ما استطعتما لهذا سبيلاً، وأن تتفقا على أن تتوحد سياستكما في تربية أولادكما لينفذ فيها الرأي الأفضل لمصلحة الأولاد، فإن استطعتما هذا بالود بينكما فنعم وإلا لجأتما إلى التحكيم، وأعني أن تذهبا إلى الاختصاص في معالجة مثل حالة طفلك لتسألاه وتستشيراه ليكون الرأي رأيه فيما يتعلق بالطفل وليس رأي أحدكما؛ فالتربية العشوائية مشتتة ومعيقة لتقدم طفلكما على كافة المستويات (نفسية، ودراسية، واجتماعية، وعقلية.. وعددي ما شئت).
-
وصدقيني فإن مشكلات طفلك (التبول اللإرادي والعدائية ونقص الصداقات) ما هي بنسبة كبيرة في حالة طفلك إلا عوارض لهذه البيئة المتوترة التي يحياها، وستختفي بالتدريج مع استعادة الطفل لتقديره عن ذاته، وهذا الأمر قد فصلناه في معالجتين سابقتين سأوردهما لك بنهاية الرد، بالإضافة إلى معالجات سابقة حول علاج كل من هذه المشكلات على حدة (التبول الإرادي والعدائية ونقص الصدقات).
يبقى لنا ما يتعلق بالنشاط الزائد، ففيما يتعلق بالدواء فمن المعروف أن المنبهات العصبية من أكثر الأدوية استعمالاً في علاج العوارض المتعلقة باضطراب نقص التركيز. وإن بعض الأطفال من المصابين بهذا الاضطراب يتجاوبون مع هذه الأدوية. وقد يظهر تقدمًا دراسيًّا ملحوظًا يتمثل في زيادة التركيز والانتباه والجهود في العمل وزيادة كمية الفروض المدرسية ودقتها، وتراجع نسبة النشاط والاندفاع والتصرفات السلبية في التفاعلات الاجتماعية وانخفاض العدائية الجسدية والكلامية. لكن يبقى على كل عائلة أن تدرس إيجابيات تناول الأدوية وسيئاتها، فهذا التقدم ليس على إطلاقه مع كل طفل.
ويبقى الدواء عاملا مساعدا والتدخل السلوكي عنصرا مهما في علاج الأطفال المصابين بنقص التركيز والنشاط الزائد. بما يتضمن من إستراتيجيات مهمة من استعمال التعزيز الإيجابي وتعليم حل المشاكل والتواصل والمدافعة عن النفس، وستجدين تفصيل هذا في هذه الاستشارة:
- !!!فرط الحركة....عرض لأكثر من اضطراب
وإلى جانب هذا يبقى بعض التوصيات:
وهي تتعلق بالجهد المطلوب ممارسته مع الطفل بالبيت وخارجه لتعديل سلوكه من قبلك وقبل والده، وسيكون مفيدًا أن تقومي أنت ووالده (في الأوقات التي لا يكون فيها الوالد مجهدا ومرهقا) به لشغل وقت الطفل وتصريف طاقته العدائية لتحويلها من الهدم للبناء عبر ممارسة هوايات مختلفة يمارس أكثرها خارج البيت (رياضة أو مجموعة رياضات تمتص طاقته، بالإضافة للعب على آلة موسيقية...)، وذلك تبعًا للإرشادات التي سيوجهكما إليها الإخصائي النفسي والتأهيلي والتربوي الخاص بطفلك، فإن لم يكن هذا متاحا بمعنى عدم قدرتكما على استيعابه بأنفسكما فلا بد من إحضار مساعد (يفضل أن يكون ذكرا قوي البنية الجسدية التي تتلاءم مع إجهاد الطفل) لكما يكون بمثابة المدرس الخاص أو الرفيق الخاص بطفلكما على أن يكون له خلفية تربوية ونفسية ومعرفية عن طبيعة النشاط الزائد وأساليب التعامل مع الطفل، بحيث يقضي الطفل فترة الصباح في المدرسة ويكون هذا المشرف رفيقا له في الفترة المسائية يذهب معه إلى النادي لممارسة الرياضة واحتوائه في نشاطات تستوعب طاقته.
وإن كانت لديكما قدرة مادية فيمكنكما أيضا الاستعانة بمدرب رياضي متفهم لحالة الطفل بالنادي الرياضي ليدربه على رياضات مختلفة تستوعبه، وكذلك مدرس للموسيقى إن أمكن هذا.
وتبقى النقطة الخاصة بالتلفزيون، وهي ما لا أحبذ أن تتركيه أمامه لفترة طويلة بل لا بد من انتقاء المواد التي يشاهدها ومشاركته المشاهدة وإقامة حوار معه حول ما يشاهده لتكون المشاهدة جزءًا من نشاط.
أرجو أن تكون الإجابة وافية وشافعة للتأخير. وأهلا بك دائما.
من فضلك انقر هنا لمطالعة المعالجات التي أشرنا إليها:
أولًا: الخاصة بتقدير الذات:
- احترم طفلك.. يحترم نفسه!
- قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
ثانيًا: الخاصة التبول الإرادي والعدائية ونقص الصدقات:
- ضبط الإخراج بجدول الحافز
- العدوانية والبديل الآمن للبيت
- ليس لطفلي صديق.. ما العمل؟
وإليك بعض المقالات المنشورة على النت حول نفس الموضوع:
- اضطراب نقص التركيز
- الطفل كثير الحركة قليل الإنتباه
- اضطراب فرط الحركة وضعف التركيز.. علاقات متوترة مع الوالدين والأسرة والمدرسة والقرناء
- فرط الحركة وتشتت الانتباه
ــــــــــــــ(102/401)
عذابي وابنتي في فرقتنا العنوان
أنا امرأة مطلقة، ولي ابنة تبلغ من العمر 12 عامًا، وتعيش مع أهل أبيها وتتولى أغلب شؤونها عمتها (أخت أبيها)، وأنا لا أعيب في تربية عمتها من جهة التوجيه والإرشاد شيئًا إلا أنها تهدم كل ما عملته مع ابنتي بسوء أخلاقها وضربها لها وتشددها عليها في أغلب الأمور؛ فمثلا عندما تخطئ ابنتي عند تسميع القرآن وتنسى حرفًا فإنها تضربها إما شدًّا لشعرها حتى يتمزق في يدها أو صفعًا على الوجه بدفتر السلك، أو وخزا بقلم في فخذها، غير السب والشتم، و"أنت غبية ولا يصلح لك إلا أن تعيشي في حظيرة الحمير" (أكرمكم الله)، و"ياريت أبوك يتزوج وتجيك امرأة أب توريك الويل"... إلخ.
وهذه المعاملة منذ الصغر، وأنا دائمًا أصبرها عندما تشكو من عمتها بأنها تريد مصلحتك، إلا أنها عصبية فتحمليها، إلا أنه بعد بلوغ ابنتي -وتعلمون سن المراهقة وخطورته- لم أتمالك نفسي أمام شكوى ابنتي، فاتصلت على عمتها وأخبرتها أنه لا يحق لك أن تضربي ابنتي، فقالت: إنها مهملة في دروسها، علمًا بأنها من المتفوقات دائمًا، فقلت لها: إن لم تتوقفي عن ضربها فسأخبر أباها أو سآتيك إلى المدرسة، وأخبر المعلمات اللاتي معك بسوء معاملتك لابنتي، ونتيجة للخوف الذي انزرع في ابنتي منها فإنها قالت لعمتها: إنها لم تشتكِ لي، وإنني فقط أحسست ذلك إحساسًا، عندها قامت بالكلام علي عند ابنتي بكلام لا يجوز أن تتفوه به؛ كونها معلمة للدين، بل معلمة للمرحلة المتوسطة التي تدرسها ابنتي، ومنعت ابنتي من زيارتي إلا بعد 4 أسابيع، هذا إن سمحت لها بالزيارة -على حد قولها-، وإن أردت الحديث معها في الهاتف تغلق الهاتف في وجهي، ومنعتها من الاتصال بي إلا إذا كان أبوها موجودًا؛ فإني أستطيع الاتصال بها ومحادثتها، أما هي فلا تستطيع، وجدّتها في البيت تخاف من ابنتها هذه، وأخواتها كذلك لا يستطعن أن يخالفن لها أمرًا؛ فما هو الحل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
فإذا أخبرت أباها فأبوها رجل غير مستقيم، يشرب الخمر، رغم أن فيه شيئًا من الحنان، ولكنه حنان بدون إيمان بالله، وأخشى أن يأخذها لتعيش معه، وإذا ذهبت إلى مدرسة عمتها أخشى أن تزداد المشكلة وتمارس ظغوطًا كبرى، وليس هناك من يوقفها عند حدها لا أخ أو أخت!! أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
السلام عليكم يا أختي الكريمة، وصدقيني أني أشعر بأخوتك بشكل عميق منذ أول حرف قرأته في كلمات سؤالك، وربما شعرت أيضًا ببعض الشبه بين حالة ابنتك، وبعض ذكريات طفولتي أو قولي بدايات مراهقتي؛ حيث تعرضت للإقامة مع عمتي لفترة (وأنا في سن 12 عامًا) دون إخوتي وباقي الأسرة لسفرهم دوني في مهمة عمل لوالدي خارج البلاد، وربما هذا ما أشعرني بشبه واضح وتقارب بيني وبينك وبين ابنتك في آنٍ واحد، بشرني باستمرارية التواصل لاحقًا بيننا، إن شاء الله تعالى.
دعيني أولا أحكِ لك أن عمتي كانت صديقتي وحبيبتي -وإلى الآن هي كذلك-، وعلى رغم ذلك فقد كانت أكثر فترات علاقتنا بؤسًا وألمًا هي تلك الفترة التي كانت مسئولة فيها عني في غياب والديّ، ورغم تقاربنا في السن (هي تكبرني بـ 13 عامًا فقط)، فإن هذا التقارب كان يخلق منها محققًا قاسيًا يشعر بنفاذ بصيرته لتأكده من وضوح رؤيته وصدق ظنه مع المتهم (أنا)؛ فهي متأكدة مما تظن أني أفكر به أو أفعله أو حتى أنوي فعله، ناهيك عن التأنيب والتقريع واللوم وكل ما وصفت به علاقة ابنتك بعمتها.. إلا أن الفارق أن حبي لعمتي لم يكن يجعلني أشكو لأحد ولا حتى جدتي (والدتها)، وكنت أتناسى أو أنسى في أقرب فرصة كل هذا الاضطهاد (كما كنت أراه) غير المبرر، والذي اختفى تماما مع عودة والديّ، ومع إصراري على حبي لعمتي التي أرادت ألا يقول أحد: إني (خبت) في رعايتها وتحت مسئوليتها؛ فحين زال المسبب زالت المعاملة الغريبة غير المعتادة.
ربما حكيت لك هذه النبذة لأمرين:
الأول: أن تتأكدي أن العمة على ابنة أخيها غالبًا ما تكون شديدة المراس وحادة في تعاملها، وخصوصًا إذا كانت مسئولة عن هذه الابنة، وهي تزيد كثيرًا في ذلك عن الخالة التي غالبا ما تكون أرق وأحن على ابنة أختها، وستتعجبين حين تشاهدين نفس العمة تعامل أبناء أختها بشكل أحن وأرق كثيرا عن أبناء أخيها وكذلك الجدة، وشعورك بطبيعية هذا الأمر سيجعلك أكثر هدوءا وتفهما للأمور.
الثاني: أن تحاولي بكل جهدك منح ابنتك القدرة على الصبر والتفهم لطبيعية هذه الأمور من منطلق خوف العمة عليها وشعورها بأنها مسئولية في رقبتها، وغالبًا ما تجعل المسئولية المرء متوترًا وعصبيًّا.
أعلم أن هذا ما تفعلينه فعلاً، ولكنك مؤخرًا قد شعرت بعدم جدواه إزاء ممارسات العمة المتفاقمة إزاء الابنة الحبيبة؛ فلا تنسي قول الله تعالى بأن الدفع بالتي هي أحسن يزيل حتى العداوة بين الأعداء: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
وقد فهمت من سؤالك أن العمة هي معلمة للابنة في مدرستها فضلاً عن كونها ترعاها في بيت أسرة الزوج؛ وهو ما أثار لدي أسئلة احتجت منك لمعرفة الرد عليها:
1 - ما المانع من أن تكون ابنتك تحت رعايتك وفي حضانتك في سنها الخطيرة تلك؟
2 - هل للعمة أبناء أم أنها لم تتزوج بعد؟ وهل فاتتها فرصة الزواج؟
3 - أين يعيش الأب؟ هل يحيا خارج نطاق الأسرة التي بها إخوته وأمه؟ وإذا كان الأمر هكذا فلم لا تتولين أنت أمر رعاية الابنة بدلاً من العمة؟
4 - هل الأب لا علم له بما آلت إليه الأمور بينك وبين العمة من جهة، وبين العمة والابنة من جهة أخرى؟
أختي الكريمة.. أحتاج منك الرد على هذه الأسئلة في أقرب فرصة، وتعالي نحاول وضع إستراتيجيات لما هو آتٍ يكون من شأنها التأثير إيجابًا على علاقة العمة بكليكما أنت والابنة وامتصاص غضب الابنة من عمتها، فضلاً عن توفير بيئة مريحة لها قدر المستطاع:
1- عليك الاعتذار للعمة بشكل لطيف، ولو تطلب الأمر زيارتها خصيصًا لهذا الغرض، وتذكري أنها هي التي ترعى ابنتك رغم عدم وجوب ذلك عليها، وهو ما تستحق عليه الشكر، وإن كان لك عليها مآخذ فلا بد أن يظل ذلك في إطار الحفاظ على شعرة معاوية؛ فالإنسان الذكي الفطن هو الذي لا يقطع علاقته بالآخرين، ويبقي لنفسه معهم خط رجعة يمكنه من توطيد العلاقة معهم في المستقبل لو أراد ذلك، وتذكري أيضًا أن مشاجرتك معها لم تثمر أي تحسن في علاقتها مع الابنة، وإنما باءت بالقطيعة بينك وبينها من جهة، وبمزيد من العنف مع الابنة من جهة أخرى.
2- لا أقصد بالاعتذار إظهار المسكنة، بل تطييب الخاطر والتودد بلطف، وإظهار تذكرك لفضلها في تحفيظ ابنتك سور القرآن مثلاً أو صنع الطعام أو تفوقها الدراسي، وإن الشيطان كثيرًا ما ينسي الخير ليقطع أواصر المحبة بين ذوي القربى والصلة.
3- حاولي حث ابنتك على التعامل مع عمتها بكل حب، وليكن حبا صادقا من قلب صافٍ يعلم قيمة صلة الرحم، وعلو أجرها على ذي الرحم الكاشح، والتأكيد لها على أن العمة تحمل على الابنة شعورا شبيها بشعور الأب من الرغبة في التفوق وصلاح الحال، وقد تفتقد لمشاعر الأم من الحنو والتجاوز عن الأخطاء من فرط الحنان؛ وهو ما يسبب هذه المصادمات بينهما، وهو ما يحتم على الابنة ضرورة كسب قلب العمة إلى صفها بوردة رقيقة وهدية رمزية لطيفة وكارت عليه كلمة امتنان وشكر مؤثرة صادقة عقب النجاح في الامتحانات مثلا أو عند إتمام حفظ سورة من القرآن أو عند مناسبة خاصة بالعمة.
4- علمي ابنتك أن النسيان نعمة من الله؛ لأن به يتجاوز الإنسان عن إساءة المسيئين وجفوة الجافين؛ فيسمو الخلق إلى ما هو أجلُّ من النسيان وهو الصفح والغفران.
5- اطلبي من الابنة أن تتحاشى غضب عمتها بأن تحفظ جيدا، وتفعل ما تريده منها العمة، ولا تقفي في خندق الطفلة ضد العمة، بل دافعي عن موقف العمة بموضوعية ودون تحيز -كيلا تشعر الابنة بأن الكل ضدها- فقط برري لها التصرفات.
6- أكثري من الكلام مع ابنتك عن خُلُق الصحابة والصالحين من الصابرين على أذى الناس، وكيف كان لصبرهم هذا أعظم الأثر في تغير هؤلاء المؤذين إلى أن يكونوا من أحب الأحبة، بل وأن يهتدوا من الظلمات إلى النور.
7- أكثري الحديث مع ابنتك عن طفولتك وما واجهته في مراهقتك، واستمساكك بالخير رغم كل الظروف، وغير ذلك مما يثبت فؤادها؛ فالقصص -كما قال الله تعالى- يثبت الفؤاد؛ إذ يشعر الإنسان أنه ليس وحيدا أو فريدا من نوعه أو أن ما يواجهه يعتبر اضطهادا لم يواجهه أحد من قبل.. بل إنه يدفع الإنسان إلى الشعور بأنه أفضل حالا من كثيرين، فيحمد الله ويتثبت ولا يعتبر حاله ذريعة له للوقوع في أي خطأ.
8- اعملي دائما على تحسين صورة أبيها في نظرها، فما هي إلا قطعة منه، وإن كان سكيرا وعاصيا كما تصفين، فعلميها خلق سيدنا النبي إبراهيم عليه السلام مع أبيه "آزر"، إذ ظل يدعوه ويرجوه ويتكلم معه بكل احترام؛ لأنه أبوه (ويقال إنه عمه) الذي سيحاسبه الله على بره، ولا يلغي هذا البر كفر الأب آزر.
وادرسي معها: {يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا} (مريم: 45) ثم {قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} (مريم: 47).. واجتهدا معا على وضع ورد من الدعاء لهداية الأب، واعتزاله لكل معصية؛ فهذا الانشغال بالأسرة -رغم تفككها- والانشغال بمصلحة أفرادها سيمنح ابنتك قوة واعتزازا بنفسها، وارتباطا بأبويها يقوي جذورها في مواجهة رياح المراهقة.
9- اجعلي ثقتها بوالدها وبحنانه قوية؛ فكما تؤكد نظريات علم النفس أنه من المفارقات العجيبة أن الطفل الذي يتخلى عنه أبوه أو يتركه يكون أشد حاجة إلى أن يثق بأن أباه يحبه، واعلمي أن كرامة ابنتك ومفهومها لذاتها تصاب بالأذى الشديد إذا شعرت أنها ابنة لأب حقير الشأن هارب من مسئوليتها، وهذا يتطلب منك جهدا جبارا للتسامي على جراح الماضي، ووصف طليقك لابنتك باستمرار من أحسن زاوية ممكنة، وليكن حنانه الذي تحكين عنه، وكيف سعد بمولودته وكيف استقبلها، وإن طال الحديث عن معاصيه فعليك بالدعاء له بالمغفرة أمام ابنتك وحثها على الاهتمام بالدعاء له بالهداية، وأن تفسري للابنة أن ما به إنما مرض يصعب الشفاء منه حقا إلا بتيسير الله ورحمته.
10- إذا حدث من العمة تصرف فيه قسوة مع الابنة، فيمكنك الاتصال بها -بعدما تعود المياه إلى مجاريها بينكما- وسؤالها: "فيم أغضبتك.. لأتعاون معك في تحمل مسئولياتها التي أدعو الله لك كلما تذكرت إخلاصك في تحملها؟"، وتشبثي كما قلنا بشعرة معاوية، واجعلي سرك وسر ابنتك كعلانيتكما مع تلك العمة.
11- احرصي على لقاء العمة ولو تليفونيا كل فترة لسؤالها عن ابنتك والاتفاق معها على السياسات التربوية معها لتحقيق أهداف معينة، وحدثيها عن مدح الابنة لها وعن حديثها معك عن عمتها بالخير، وشجعي حرصها على مصلحة الابنة إلى غير ذلك مما يحمسها على المزيد، وبرقة ورفق تحدثي معها عن مفاتيح الابنة، وإن اللين معها يؤتي ثماره خير من الشدة إلى غير ذلك من الكلام الذي يمكنك به توجيه العمة دون إشعارها بذلك، ولفت نظرها من طرف خفي لما تريديه منها مع الابنة، مع مدح كل تقدم منها بهذا الصدد وكل استجابة لرجائك داعمة ذلك بتجارب عملية من استجابة الابنة.
12- احرصي على عقد مجلس ثلاثي منك ومن الأب مع العمة تتباحثون فيها من آن لآخر عن حال الابنة وتطوراتها، ولتكن في مناسبات نجاحها في نهاية كل عام مثلا وبداية كل عام دراسي وفي الأعياد.. إلى غير ذلك؛ لتشعر الابنة بالاهتمام، وكذلك لكي تتكاتف الجهود على تربيتها بشكل سليم.
13- تهادي مع العمة لتتحابوا جميعا، وأليني لها الكلام دائما حتى لو كانت في نظرك غير أهل لذلك، فعسى أن تصير حبيبتك يوما ما.. أنا أعلم حساسية الموقف معها لكونها أخت طليقك، ومن تربي ابنتك بعيدا عن رقابتك وتدخلك، لكن أمومتك أرحب من أن هذه الترهات التي ستتسامين عليها من أجل مصلحة الابنة بعد إرضاء الله.
14- لا أدري مدى إمكانية أن تلحق بك ابنتك، ولكن مبدئيا يجب أن أنصحك أن تقضي معظم وقتها معك في فراغها وإجازتها وغير ذلك من الفرص؛ لتتسوقا معا، وتتنزها، وتقرآ الكتب، وتتدارسا تفسير القرآن، وتحكيا القصص عن طفولتك وأسرار ابنتك وتجاربها ومشاعرها وآلامها وأحلامها وحديثها مع صديقاتها وما يشغلهن.. وغير ذلك مما يوطد صداقتكما في تلك السن التي وصفتها بالخطيرة.
أختي الكريمة إن الإنسان بطبيعته يمج الرقابة الشديدة والمحاسبة الدقيقة، وقد يتخذ بسببها موقفا معاندا -مثلما حدث مع العمة-؛ لذا فأؤكد مرة أخرى على ضرورة أن تكون متابعتك ورقابتك لمعاملة ابنتك من قبل عمتها دافعا لها على الخير، وسببا في تشجيعها وليس لإشعارها بعدم أهليتها وانعدام ثقتك بها.
سأنتظر ردك على أسئلتي، ويسعدني التواصل معك بل ومع ابنتك.. شجعيها أن ترسل لنا مشكلاتها، وأن تعتبر صفحتنا لها صديقة وأمًّا ثانية بعدك وفي حال افتقادها لك، وأشكرك على ثقتك الغالية، وأختم قولي لك بقول المتنبي:
وهان ما أبالي بالرزايا ****لأني ما انتفعت بأن أبالي
ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك مطالعة ما يلي:
- كيف تعد طفلتك للبلوغ؟
- هل هيأت ابنتك لدخول المراهقة؟-متابعة
- ضحايا الانفصال يطلبون الحماية
- حقي الأسري شعار ضحايا الانفصال
- فشلتما كزوجين.. فلتنجحا كمطلقين
ــــــــــــــ(102/402)
الحد الأقصى للعقاب.. مناسب العنوان
الإخوة والأخوات الأفاضل.. أحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أود أن أشكركم من الأعماق على ما قدمتموه لي من نصح سابق، وأرجو أن لا أكون ضيفة ثقيلة عليكم إذا سألتكم عن الحد الأقصى من العقاب الذي يمكن اللجوء إليه مع الصغار، على ألا يؤثر ذلك على نموهم النفسي والعاطفي وحتى الجسدي.
أقصد أن لكل واحد منا طاقات للاحتمال، وهناك الكثير من المؤثرات التي تؤثر علينا يوميًّا بشكل سلبي كالعمل في البيت وخارجه والضغوطات الأخرى التي يمارسها العدو على شعبنا والتي تعرفونها جيدًا.
أعني أننا لسنا معصومين من الخطأ فقد نغضب، وقد نصرخ أو نضرب أحيانًا إذا فقدنا السيطرة على أعصابنا، خاصة أن الأطفال في الكثير من الأحيان يكونون استفزازيين ويرتكبون الكثير من الأعمال التي توترنا.
وسؤالي هو إذا كنا قد وصلنا هذه المرحلة فما هو الحد الأقصى للعقاب؟ وهل إذا قمنا بالعقاب فعلاً ثم أفهمناهم لماذا كانت معاقبتهم، ثم قمنا بمصالحتهم أعني بالتقبيل والاحتضان وما إلى ذلك أفلا يؤثر هذا سلبًا على ما نرنو إليه من عقابهم، مع العلم أن لي 3 أبناء (نوار وعمرها 4,5، وأحمد وعمره عامان، وعمرو وعمره 7 شهور).
أرجو المعذرة إن كنت قد أطلت عليكم، وأثابكم الله عنا خير الجزاء؛ إذ تعينوننا على حمل هذه الأمانة الغالية وتأدية رسالة تربية أبنائنا على خير سبيل، والسلام عليكم.
السؤال
التربية الناجحة الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك دائمًا ضيفة على صفحتنا.. خاصة إذا كانت أسئلتك من النوع الذي يفتح المجال للتأكيد على بعض المعاني التربوية الهامة في علاقتنا مع أولادنا، ونبدأ بالقول إنه لا يوجد ما يسمى بالحد الأقصى من العقاب، ولكن يوجد العقاب المناسب للخطأ الذي وقع، بمعنى أن من أهم صفات العقاب الذي نوقعه بأطفالنا أن يكون مساويًا أو متواكبًا أو أي كلمة تعبر عن التوازن بين العقاب والخطأ الذي حدث؛ لأن أي خلل في هذا التوازن لا يحقق الفائدة التربوية المرجوة من العقاب؛ لأنه لو أقل من اللازم أو أكثر من اللازم فربما يكون ضارًا؛ لأن الأقل من اللازم يفقد العقاب معناه، ويجرئ الطفل على تجاوز الحدود المتفق عليها، والأكثر من اللازم يشعر الطفل بالظلم، بل ويشعره بعدم الثقة في أبويه أو فيمن يوقع عليه العقاب؛ لأنه لا يستطيع أن يتوقع ردود أفعاله فهو في وقت يتجاوز الحد في العقاب، وفي وقت لا يكون عقابه هو المؤثر فلا يستطيع الطفل معرفة حدوده، وهنا يشعر بعدم الثقة والأمان؛ لأنه لا يعرف الحدود ولا يتوقع رد الفعل؛ ولذا فإن من الأمور التي تضبط هذا الأمر أمر أن يكون العقاب مناسبًا هو أنه لا عقاب إلا باتفاق.
بمعنى أن الأمر الذي يعاقب عليه الطفل يجب أن يكون قد تم الاتفاق عليه مسبقًا بوضوح، بمعنى أن الطفل يبلغ بأن الأمر الفلاني لا يصح فعله مثلاً؛ وذلك للأسباب الموضحة والتي يدور حولها حوار الإقناع الطفل بها، ثم يوضح للطفل أن الإتيان بهذا الفعل سيترتب عليه العقوبة المحددة مثل الحرمان أو الإبعاد أو الخصام أو حتى الضرب، فإذا ما وقع الفعل المنهي عنه، فإننا نبلغه أنه قد وقع في الخطأ، وبالتالي فإنه يستحق العقوبة التي كان قد وافق عليها وقبلها، وبعد وقوع الخطأ وتنفيذ العقوبة فإن الأمر يكون قد انتهى.
بمعنى أن الطفل يقر بخطئه ويعتذر عنه فتعود العلاقات طبيعية كما كانت ويصبح الأحضان أو القبل أو المناداة بأحب الأسماء شيء عادي.. فالعقوبة محددة بوقتها فإذا ما انتهت عادت الأمور لطبيعتها، وهذا الأمر لا يفقد العقوبة أثرها، بل على العكس يؤكد أثرها، حيث إن الرسالة التي تصل للطفل هو أن مشكلتنا ليست معك شخصيًّا، ولكن مع الخطأ الذي حدث فإذا ما فهمت ما وقعت فيه من خطأ أو تحملت عقوبته فسينتهي الأمر وبذلك يرتبط الخطأ بالعقوبة، وليس بشخص المعاقب أو رد فعله أو حالته النفسية أو المزاجية، وبالتالي لا يكون للمؤثرات التي ذكرتها في رسالتك أثر في العقاب؛ لأننا جميعًا نتعامل مع القانون الذي اتفقنا عليه مسبقًا ونحن في هدوء.
فالكل يعرف حدوده، نحن نعرفها وهم يعرفونها، ولا يصبح للاستفزاز أثر في قرارنا، بل الخطأ وما يترتب عليه هو الذي يحكمنا، حيث لا عقوبة إلا بنص واضح وصريح، وبالتالي لن يكون هناك حد أقصى للعقوبة، بل سيكون هناك عقاب مناسب متفق عليه للخطأ الذي وقع.
ويمكنك الاستزادة عبر مطالعة معالجاتنا التالية:
- التربية.. فطرة وتفاهم لا ضرب
- !!التربية العشوائية.. ما أخطرها
- نعم للتهذيب ولا للتهديد
- !!اضربني ولا تصرخ بوجهي
ــــــــــــــ(102/403)
تأتأة أم تأوهات؟ العنوان
أنا أم لثلاثة أطفال وأعيش مع زوجي حاليًا باليابان منذ ثلاث سنوات في مدينة لا يوجد بها أي جاليات عربية. ابنتي الكبرى عمرها أربع سنوات، والأوسط أحمد عمره سنتان وتسعة أشهر، ومنذ سنة أتيحت لي فرصة الدراسة للماجستير وقمت بإرسال أطفالي إلى حضانة يابانية مع بعضهما وبعد فترة طويلة استطاعا التأقلم مع الأطفال، وبالرغم من أن أحمد لم يتأقلم تمامًا مع الحضانة، حيث إني دائمًا ما كنت ألاحظ أنه دائمًا يكون أكثر نشاطًا ولعبًا في حديقة الحضانة عن اللعب داخلها مع الأطفال، وغالبًا ما كانت المعلمة تحمله، وفي الشتاء الماضي لم يكن يذهب إلا أيامًا قليلة نظرًا لظروف البرد الشديد.
ومنذ شهر ونصف قمت بنقلهم من الحضانة إلى حضانة أخرى، وبالرغم من أني مهدت لهما كثيرًا بأنهم سوف ينتقلون إلى حضانة جديدة، وقمت معهم بزيارتها قبل الانتقال إليها فإن أحمد كان يبكي كل يوم منذ ذهابه للحضانة وبدأ يتبول أثناء النوم، بل ويبكي كل يوم عند ذهابه للحضانة، ويسألني بألا آخذه إليها وأنه يريد العودة إلى الحضانة القديمة، وظهرت المشكلة الأخطر وهي تلعثمه في الكلام (يتهته)، مع العلم أنه لم يكن كذلك من قبل انتقاله إلى الحضانة الجديدة، وبالعكس كان قد بدأ يكون جملاً طويلة، ولكني ذهبت إلى معلمته الجديدة وشرحت لها الوضع وطلبت منها أن تحاول الاقتراب منه أكثر، وتساعده على تكوين صداقات وهو لا يجيد تكوين صداقات، وأحضرت لها هدايا حتى تعطيها له شيئًا فشيئًا.. اختفى البكاء والتبول ولم يَعُد يذكر الحضانة الأخرى أمامي، ولكن المشكلة التي تؤرقني وتؤلمني هي التلعثم.
أما عن شخصيته فهو هادئ وحمول وعنيد شيئًا ما، ويتصف بالحذر الشديد الذي يميل للجبن أحيانًا، أما علاقته بإخوته فهي جيدة جدًّا ويحبهم جدًّا، مع ملاحظة أنه يفهم اللغة اليابانية على مستوى من هم في سنه من اليابانيين، ويستخدمها حين يلعب مع أخته، أما أنا فعصبية وحينما يخطئون فإني أصرخ، ولا ألجأ إلى الضرب إلا نادرًا جدًّا.
وأنا آسفة إن كنت قد أطلت عليك، وأرجو أن تعاونينني وترسلي لي الرد سريعًا، حيث إنني أخشى أن يعود إلى الحضانة القديمة فيزيد الأمر سوءاً فساعديني كيف أتخلص من تلعثم أحمد، وأعاونه في التغلب على الخوف، وتكوين صداقات، مع العلم أن مواعيد الحضانة هنا من الساعة 9 صباحًا إلى 6 مساء.
وأرجو أن أكون قد نقلت إليك مشكلتي بكل جوانبها، وآسفة للإطالة، وجزاك الله عني وعن جميع زائري هذا الباب الرائع كل خير، مع ملاحظة أني من المتابعين الدائمين لبابك ولك مني كل التحية.
السؤال
تربوي الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول أ. دعاء ممدوح:
يقول الشاعر:
ولو أن أوطان الديار نأت بكم *** لكنتم الأخلاق والآدابا
فحسن الخلق يا حبيبتي والصبر والحلم هي أكرم نزيل والأدب أرحب منزل، وإن بعدت بكم البلاد، ونحن لك عون وأهل في غربتك، ويسعدنا ذلك كثيرًا كما يسعدنا متابعتك لما نقدمه وإن أثار ذلك انتباهي لشيء أود التركيز معك عليه في السطور التالية.
طالما أنك من متابعينا فلا شك أنك اطلعت عما تعانيه الأمهات من مشاكل مع أبنائهن بسبب عصبيتهن وصراخهن، ولا شك أنك أيضًا قد صادفت النداءات المتكررة من خبراء الصفحة للتخلي عن هذا السلوك لتفادي آثاره المدمرة على الأبناء. ألم تصادفك استشارة:
- افهم النغمة لتستمتع بها
ألم تعترض طريقك من الإجابات ما يؤكد لك:
- تقمص الأبناء لعصبية الآباء .
بوجه عام لا بد لك من اتباع:
- النصائح الذهبية للتخلص من العصبية
والتنزه معنا في:
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد:
وكل هذه الإجراءات هي الأهم قبل أن نتناول مسألة تأتأة طفلك الحبيب.. فهي أهم خطواتنا لحل جل مشكلات أبنائك التي ظهرت والتي في طريقها للظهور.
وننتقل لمسألة تأتأة طفلك التي تزامنت مع انتقاله للحضانة الجديدة ولم تزل كغيرها من الأعراض التي طرأت عليه إثر هذا الانتقال، وبهذا الصدد نقول إن تأتأة الأطفال تعددت في أسبابها النظريات، ويمكنك مراجعة ذلك في استشارة:
- التأتأة المفاجئة.. من المتهم؟
ولكني ما زلت أتساءل عن أسباب تغييرك لحضانة الأولاد بعدما ألفوها واعتادوها بعد وقت طويل، بل إني أتساءل عن أسباب ترك الأطفال في الحضانة كل هذا الوقت يوميًّا (9 ساعات)؛ فماذا يبقى لهم من الوقت يعيشون فيه معك ويستمدون منك ما يجعل لهم هوية لا تذوب في غربتكم؟ وما الداعي لكل هذا الفراق الطويل؟ إنها أسئلة تحتاج منك لوقفة تراجعين فيها أولوياتك وسيعينك على ذلك مطالعة استشارة:
- في الغربة.. دراستي أم هوية طفلي؟
وكذلك:
- في الغربة كيف تندمج وتحفظ هويتك
-
- فأطفالك يتحدثون في البيت معًا باليابانية، وقد تصبح عليهم أسهل في التعامل من لغتهم العربية وهو ما يحتاج منك للعديد من الإجراءات:
1 - لا بد من توفير معالم البيئة الأصلية داخل المنزل لمعادلة تأثير البيئة الأخرى المحيطة به في كل مكان، وذلك في صورة بعض المكونات في أثاث المنزل وتصميم أركانه والصور على الحائط، وفي الألبومات للجدود والأقارب والعائلة والحديث عنهم دائمًا ووجود أشرطة فيديو أو غيرها تحوي أفلام كارتون بلغتنا العربية وأناشيد وغيرها.
2 - إشعار أبنائك دائمًا أنه بالرغم من السعادة في التواجد هنا في البيئة الجديدة فإن السعادة في التواجد في بلدنا مع أسرتنا وعائلتنا الكبرى؛ وذلك لإيجاد الشوق فيه دائمًا لتلك البيئة الأم، ويمكن ذلك بحثهم على رسم معالم بلادهم ونيلها ونخلها وأشجارها وشطآنها بعدما تصفين لهما ذلك أو تريه لهما في صور.
3 - لا بد من ممارسة الشعائر الإسلامية والعبادات من صلاة ودعاء في المنزل بشكل منتظم وجماعي، وإعداد مجالس يومية لقراءة القرآن الكريم ومدارسته وتفسير آياته، وكذلك الأحاديث النبوية والسيرة وتاريخ عظماء الإسلام من الصحابة والقواد والعلماء، فدورك مع الأب مضاعف؛ لأنه كما وصفت لا تتاح لكم فرصة الاتصال بالجاليات المسلمة في مدينتكم، وبالتالي فالأطفال لن يعرفوا دينهم إلا من خلالكما فقط، كما أنه لا بد من ربط قلوبهم بالمقدسات وتعمد بثّ حبها في قلوبهم فتريهما (البنت الكبرى وأحمد) صورة الحرمين والمسجد الأقصى وتحدثينهما عن قصص بنائها وأهميتها وقداستها في قلوب المسلمين وشوق كل مسلم لثواب زيارتها.
4 - لا بد من وجود تواصل دائم مع أفراد العائلة في البيئة الأصلية من خلال وسائل الاتصال المختلفة ومشاركة أبنائك في شراء هدايا بسيطة بشكل شهري للجد والجدة والأخوال والأعمام مثلاً وإرسالها لهم، وكذلك إعطاء طفليك بعض الهدايا على أنها أرسلت لهما من بلدهما من جدهما وجدتهما وأعمامها.
5 - لا بد من الحديث بلغتكم العربية داخل المنزل دائمًا، وهذه أهم نصيحة للحفاظ على اللغة أولاً ولوقاية الطفل من الارتباك الذي يحدث له بسبب وجود لغتين للتعامل تتزاحمان على أذنيه ولسانه.
6 - لا بد من تشغيل شرائط القرآن الكريم للأطفال في أوقات كثيرة يوميًّا.
7 - يمكنك الرجوع لبعض مواقع الأطفال الإسلامية التي يحفظان منها الأناشيد ويلعبان ألعابًا لطيفة، ويظلان على علاقة بدينهما ولغتهما حتى في أوقات لعبهما.
ومن هذه المواقع:
- www.angelfire.com
- www.Soundvision.com
8 - بشكل عام حاولي قضاء وقت أكثر مع أطفالك على حساب وقت الحضانة، فقللي وقت تواجدهم بالحضانة (يكفي 4 - 5 ساعات)، وزيدي من جرعة تواجدك معهم، واستمتعي معهم بأمومتك وطفولتهما، طفولتهم التي لن تتكرر والتي تبقى آثارها وآثار أحداثها في نفوس الأبناء، كالنقش على الحجر فلا تزول أبدًا إيجابية كانت أم سلبية.
وإليك خبرة أم مصرية تعيش حاليًا مثلك في اليابان مع طفلها:
- مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته .
وتأكدي أن:
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا .
وننتقل لقولك إن الطفل غير قادر على تكوين صداقات وهو ما يبرره بالطبع:
1 - صغر سنه.
2 - البيئة الغريبة التي يتعامل معها والتي لم يكد يتآلف معها حتى نقل لغيرها.
3 - مسألة التأتأة التي قد تسبب له الحرج والإحجام عن الاندماج مع الأطفال.
وبالتالي فحل هذه المسألة يكمن في محاولتك إعادة بث الطفل ثقته بنفسه، وقد تحدثنا كثيرًا عن مسألة الثقة وتنميتها لدى الأطفال، ويمكنك مراجعة ما تم طرحه من مقترحات بهذا الشأن فيما يلي:
- سؤال غير بريء.. كيف أصنع ضفدعا؟
ونعود للتأتأة بشكل أكثر تفصيلاً والتي تحدثك عنها خبيرتنا - د. سحر صلاح
فتقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، تحدثنا سابقًا عن مسألة التأتأة وأسبابها والتي يبدو من رسالتك وضوح الأسباب النفسية لهذه الحالة، من البيئة المستغربة للطفل ثم تغييرها بعدما ألفها والأهم من ذلك أسلوبك في التعامل مع ابنك (العصبية والصراخ)، ويصبح من غير المجدي إعادته لحضانته القديمة بعدما بدأ يألف الجديدة وإلا فالوضع يصبح من غير المؤكد تحسنه إطلاقًا؛ لذا فالمطلوب منك إزاء مسألة التأتأة:
1- الالتزام بالإرشادات الواردة في الاستشارات السابقة التي أوردناها لك عن التأتأة.
2- نقل هذه الإرشادات لمدرسة الحضانة للالتزام بها مع الطفل.
3- استئناف محاولاتك لبث الطفل حب الحضانة من خلال الهدايا والاتفاق مع مدرسته على معاملته بشكل لطيف ومحبب.
4- الذهاب للحضانة كل يوم في جو مرح وضحك وأناشيد، ثم الحديث معه عن يومه بعد العودة ليعبر عن ذلك في سعادة.
5- محاولة جعل البيئة المحيطة بالطفل مليئة بالبهجة والسعادة واللعب والمرح.
6 - التزام التحدث معه في البيت بلغتكم الأم اللغة العربية باستمرار.. ليتحدثها دائمًا داخل البيت دون تردد بينها وبين اللغة اليابانية.
وفي النهاية.. فإن ما يجب أن يصلك عن تأتأة أحمد أمران أحسبك تدركينهما:
- تأتأة أحمد هي عبارة عن تأوهات يعبر بها عن ألمه وخوفه مما طرأ عليه من أحداث لا يفهم سببها ولا مزاياها ولا يرى فيها أي ميزة.
- تأتأة أحمد دليل على ذكائه فأحسني استثمار هذا الذكاء.
أستودعك الله عز وجل يا عزيزتي بعد أن أقسم عليك بالله أن تمنحي طفليك وقتًا أطول، ولعلي كررت هذا الرجاء في أكثر من موضع لتظهر لك أهمية تنفيذه وضرورته. في انتظار أخبارك ومتابعاتك ومزيد من استفساراتك، وشكرًا لك.
لمزيد من المعلومات المفيدة عن الموضوع يمكنك مطالعة ما يلي:
- لسان هارون يشرح صدر موسى .
- التلعثم وكيفية علاجه - متابعة
ولمزيد من التفاصيل:
- برنامج مميز للوقت المميز
- خوف الأطفال الاجتماعي مظاهره وعلاجه .
- علميه الطيران وراقبيه من بعيد .
ــــــــــــــ(102/404)
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي أن ابني سنة وتسعة أشهر يهاب الناس وخاصة التجمعات. يرفض تمامًا أن يمسك به أي شخص غريب، وذلك رغم أن هذا الشخص يبدأ بملاعبته أو إعطائه هدية قبل محاولة مسكه أو تقبيله، وكل هذا يكون في وجودي أنا ووالده ورغم ذلك ابني لا يستجيب. لا نستطيع تركه مع أحد بمفرده أي بدون وجودنا معه، حتى مع أجداده وهو يحبهم بشدة وعلاقته بهم في منتهى الحب والألفة واللعب، ولكن عندما يأتي الموضوع لتركه معهم لنذهب إلى أي مشوار تكون كارثة بكل معنى الكلمة، حيث يبدأ في بكاء هستيري. أعرف أن هذا يمكن أن يكون رد فعل؛ لأنني أعمل وأتركه في حضانة منذ أن كان عنده ستة أشهر.
ولكن يشهد الله أنني أقرأ كثيرًا لكم في مسألة التربية. أنا ووالده ونعمل بما تقترحونه، ونحاول أن نقضي معه الوقت بعد العودة من العمل في اللعب والمرح أو الخروج للنادي، والجلوس مع الجدود حتى نعوضه عن بعدنا عنه وحتى يعتاد الناس. مع العلم أنه طبيعي جدًّا في أمور حياته، فهو يمشى الآن ويتكلم بما يناسب عمره (ولكن إذا تواجد خارج المنزل فهو قليل الكلام حتى أن من يراه يظن أنه لا يعرف الكلام، مع العلم أنني ووالده كثيرا الكلام معه)، وبه الكثير من الذكاء الذي نلاحظه أنا ووالده ونحاول تنميته.
ولكن المشكلة تكمن في تعامله مع الناس وردود أفعاله معهم. نحاول أن نبني ثقته في نفسه، نأخذه معنا إلى الـ "سوبر ماركت" على سبيل المثال ونتركه يحاسب البائع (أي يأخذ منا الفلوس ليعطيها له، على سبيل التعامل مع الغريب، وهو يحب هذا كثيرًا)، ويأخذ منه المشتريات. ونحن في الخارج، لا نحاول فرض السيطرة عليه أو إعطاءه الكثير من الأوامر، بل نحاول أن نتركه يتحرك ويتصرف كما يرى مع مراقبته من مسافة حتى نبني فيه الشخصية المستقلة.
أنا أحاول أن أقول إنني ووالده فعلنا كل ما نستطيع وكل ما نراه لمصلحة بناء شخصيته والحمد لله أرى أنها مثمرة إلا فيما يتعلق بعلاقته بالآخرين، فهو يهاب أي شخص يراه لأول مرة سواء حاول هذا الشخص الاقتراب منه أم لا. ومن علامات الهيبة أنه يضع إصبعه في فمه، وينكس رأسه إلى أسفل، وإذا اقترب منه الشخص يصرخ. كما أنه يرفض أن يتواجد في أي مكان بدوني أنا أو والده.
وستقولون كيف إذن يكون في الحضانة أقول إنه منذ شهرين مضيا كان دائم البكاء عندما أتركه بها، ثم يسكت ويتلهى إلى حين عودتي. أعلم أن السبب يمكن أن يكمن في أني تركته صغيرًا في الحضانة، ولكن ما الحل الآن؟ حاولت كثيرًا أن أعوضه أنا ووالده وأن نبني ثقته بنفسه، ولكننا كما يبدو فشلنا. هذا يعطيني إحساسًا بتأنيب ضمير وفشل كبير. وأخاف أن يشب ابني وهو يهاب الناس ولا يستطيع التأقلم في المجتمع. وإن كان هذا طبع به فهل أستسلم أم هناك ما أستطيع عمله لتغيير هذا الطبع؟
السؤال
الخوف الموضوع
أ/دعاء ممدوح اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختنا الحبيبة.. أعتذر من أنني سأبدأ حديثي معك بحقيقة لعلها واضحة لكننا قد نتغافل عنها وقد أثبتتها الأبحاث والدراسات بما لا يدع مجالاً للشك، وهي أن القسوة على الأبناء وإهدار حقهم الطبيعي في الرعاية الكريمة يجعلهم عرضة للأمراض النفسية في مستقبل حياتهم، وعلى قدر الرعاية والاهتمام والإحسان تكون نفسياتهم قوية وسليمة من الانحرافات أو المشاكل النفسية التي كثيرًا ما كان سببها الحرمان النفسي من الرعاية والاهتمام في سن الطفولة، ويدعم النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم بقوله: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه" أخرجه مسلم عن عائشة.
أختي الكريمة، تقولين في نهاية سؤالك بعد سردك لكل تفاصيل شكواك: "أعلم أن السبب يكمن في أني تركته صغيرًا في الحضانة"؛ فماذا تريدين أن أزيد؟ إنك يا حبيبتي تتابعين بدقة أعراض المشكلة وتعرفين علاجها وأسبابها، فماذا تتوقعين أن أضيف؟
إن طفلك قضى سنة ونصفًا في وضع يأباه ولا يستطيع تحمله -وكما قلنا كثيرًا إذا رفض الطفل أمرًا فهو لا يستطيعه-، ومع ذلك فقد أجبرته عليه وتركته يعانيه، وتشكين اليوم من أنه ليس لديه من القوة ما يساعده على مزيد من فقدانك وأبيه.
إن ابنك لا يريد أن يفقدك ولو حتى مع جدوده، لا يقوى على تركك والبعد عنك، وإني أتعجب كيف تقوين أنت؟ إنه لا تغنيه الهدية أو الحلوى التي يقدمها له أحدهم عن حضنك الذي يناله بعد حرمان يدوم ساعات النهار ويكتب عليه مع إشراقة كل شمس؛ هو يعرف أنه حين يجدك قد وجد كنزًا لا يقايض بهدية أو حلوى أو قبلة من غريب؛ فكيف بربك تتوقعين منه أن يتنازل بسهولة عن هذا الكنز؟ وكيف تستغربين من تعلقه بك وبأبيه؟
أختي الكريمة، لم تريدين أن تتركيه عند جديه لمشاوير تقضينها مع زوجك بدونه؟ ألا تشتاقين إلى ابنك كما يشتاق إليك؟ ألا تفتقدينه كما يفتقدك؟ ألا تعدين الدقائق والثواني في انتظار لقائه كما يفعل؟.. ألا يكفيك ساعات الفراق الطوال كل يوم والتي تربو على أكثر من نصف اليوم -إذ تقضين معه 8 ساعات فقط وهو ما يعني جريمة بحق الطفل المسكين الذي لم يحن أوان اقتلاعه من جذوره بعد-.. إن الثمرة لا تطيب حتى تقضي وقتًا كافيًا على الشجرة تمتص منها ما يكفيها وتنمو وتقوى حينئذ يحين قطافها، ولو قطفناها قبل ذلك لكانت مرة لا يمكن استساغة طعمها.
أعلم جيدًا أنك قد تكون ظروف عملك ضاغطة ولم تسمح لك بفترة كافية من الإجازة لرعاية طفلك بعد الولادة وحتى سن الحضانة (سنتان على الأقل)، لكن اسمحي لي أن أقول إن الفترة التي تقضينها قصيرة جدًّا وغير كافية وأكيد أنها ليست له وحده.
وكثيرًا ما تفرض علينا ظروف الحياة أوضاعًا شاقة، لكن الاستعانة بالله تعالى وتقييم الأولويات تمكننا من تجاوز هذه المشاق إن شاء الله؛ ولذا سأقدم لك يا أختي الكريمة بعض المقترحات لنحاول معًا الوصول إلى أفضل وضع يسمح للطفل بالاستقرار النفسي وتجاوز مسألة الخوف من الغرباء والتوفيق بين عملك ورعايته باعتبارنا أمام أمر واقع يمكن تعديله وقد يصعب تغييره:
أولاً: تخيري يا أختي لابنك حضانة متميزة ولو بعدت عن بيتك أو عملك قليلاً، وقد كنت رغم حملي لطفلي الثاني أصر على مشوار طويل لحضانة ابنتي (3 سنوات وقتها)؛ لأنها كانت تقضي فيها أكثر من ست ساعات يوميًّا؛ ولذا فكان لا بد أن تكون ساعات من المتعة وليس الشقاء والعذاب والحرمان من كل شيء، وقد وقع اختياري على تلك الحضانة بعد بحث دقيق واستعانة بالله سبحانه واستخارة ليوفقني لمكان تسعد فيه ابنتي ويكون خيرًا لها في عاجل أمرها وآجله، وكان أكثر ما بحثت عنه في الحضانة توفر الأنشطة وبهجة المكان؛ لذا فإني أركز على ضرورة بحثك عن حضانة جميلة ممتلئة بالألعاب والمراجيح والكتب الملونة والمدرسات ذوات الوجه الناضر المبتسم والكلمة الرقيقة وتقوى الله في الأطفال.. وإن كانت بحضانة الطفل هذه المواصفات -وأشك في ذلك- فلله الحمد وإن لم يكن فلا بد من ذلك.
ويمكنك مراجعة الموضوع التالي للاستزادة في مسألة اختيار الحضانة:
- أم نحكوش تختار الحضانة.
ثانيًا: حاولي قدر استطاعتك تقليل ساعات تواجدك في العمل ولو توقف على ذلك تقليل راتبك مؤقتًا، أو حاولي الاتفاق مع جده إن أمكن أن يأخذه من الحضانة مثلاً مبكرًا ليومين أو ثلاثة في الأسبوع، ثم تأخذينه من عند جديه، ليقضي هذا الوقت في جو عائلي قد يعوضه قليلاً عما يشعر به من افتقاد لك ولوالدته.
ثالثًا: اقضي معه في البيت وقتًا مخصصًا له مساويًا تقريبًا للوقت الذي يقضيه في الحضانة، ولأنك من زوار الصفحة فلعلك حرثت ما لدينا عن كيفية قضاء وقت ممتع مع الأطفال في تنمية قدراتهم وإمتاعهم والاستمتاع بهم، وتجدين في الاستشارات التالية باقة من النصائح حول هذا الموضوع:
- منهج التعامل مع طفل السنتين.
- مهارات ماهر كيف ننميها ؟
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
رابعًا: لا تضغطي على الطفل ليتقبل الغرباء ولا تجبريه على الانطلاق الآن، وتأكدي أنه حين سيكون أهلاً لذلك فسينطلق وحده، فقط أهِّليه للانطلاق بتقوية جذوره وتدعيمها في واحة حنانك وحضنك وقبلاتك وتشجيعك وتصفيقك لنجاحاته.. وقللي من تعرضه المباشر للغرباء الذين يراهم لأول مرة، بمعنى لا تعرضيه لهذا الموقف كثيرًا.. وإذا رأيتم الغرباء فاجعليه يندمج بشكل تلقائي دون تعارف أو إجبار على التعارف، فلا تدعي الشخص هو من يباغت الطفل بالتعارف على رءوس الأشهاد من الحضور ليكون الحرج مضاعفًا، بل من بعيد قولي له: "أتعرف من هناك؟ إنه عمو فلان"، ثم ادخلوا بشكل عادي دون تعارف، واسمحي له أن يذوب مع الحضور.. وفيما بعد الألفة يمكن التعارف.. كما يمكنك تأهيله قبل الزيارة أننا سنرى فلانًا أو كذا الذي لديه أطفال كذا وهم ظرفاء وطيبون ويريدون اللعب معك... إلخ.
ولا تنسي أنك أنت قد تتعرضين للخجل والحرج عند لقاء الغرباء لأول مرة أحيانًا.. الفرق أن حرج طفلك يعبر عنه بوسائله الخاصة.
واطلعي على الاستشارة التالية للاستزادة في هذه الجزئية:
- التأقلم مع الغرباء.. مسألة وقت
خامسًا: لا تشعري بالفشل إطلاقًا -كما ورد في سؤالك- فبشائر نجاحك تبدو جلية في استجابة طفلك لجهودك وجهود والده في بناء شخصيته؛ فهو يحب ممارسة البيع والشراء وحده، ويحب جديه ويقضي معهما وقتًا لطيفًا، ويكون طفلاً نموذجيًّا طالما كان في بيئته الطبيعية وبين محوري ارتكازه في هذا العالم وهما أنت وأبوه، كل مشكلته أنه يحبكما وهذا حقه وليس فشلاً لجهودكما، بل أنت من قررت أن جهودكما كانت "مثمرة".
سادسًا: إياك والسماح لأحد أن يجرحه بكلمات غير واعية تعقيبًا على رفضه الكلام معهم من قبيل: "إنه لا يعرف الكلام.. إنه كذا"، فهذا الكلام غير المسئول يترك من الدمار على نفسية وحيدك وحبيبك ما يستحق أن تدافعي عنه ضده بكل قوتك، وأغلب ظني أن كلام الناس مما يؤرقك وتعليقاتهم التي ينسون فيها كيف كان أطفالهم -فيبالغون في مدح أطفالهم وهجاء طفلك المسكين- هي مما يشعرك بالإحباط والخوف من أن ابنك سيكون هيابًا للمجتمع، مما يمكن أن يؤثر على نفسيتك في التعامل معه، مع أن مستقبله باهر إن شاء الله عز وجل.
لذا فعندما يتبرع أحدهم بهذا الكلام المرح -غير المحبب إطلاقًا- فاطلبي منه بذوق ألا يقول ذلك؛ لأن أحمد ما زال طفلاً وانفعالاته ما زالت لطفل.. ولا ينبغي قتل ثقته بنفسه بهذا الكلام، ولا تتحرجي أبدًا من هذا، ولا تجبري طفلك على ما لا يطيق دفعًا لكلام الناس أو للحرج، ولا تبالغي في محاولة إقناعه بالسلام والكلام أمام الناس كي لا يزيد في رفضه، وفيما بعد حين يكبر قليلاً يمكنك بالقصص والحواديت والاتفاقات تأكيد أهمية التعامل مع الناس بالبسمة والسلام والود.
سابعًا: استمري في جهودك المباركة في توفير فرص عديدة للخروج والنزهة والتعامل مع الناس ورؤية الوجوه وتجاوز حواجز الخوف، مع توفير الأرض الصلبة من الأمان والحنان بصحبتك وصحبة أبيه التي ستعينه على تجاوز كل خوف.
ثامنًا: اجعلي والده يصطحبه للمسجد ومع أصدقائه ليعتاد الصحبة الرجولية، ويشعر بثقته بنفسه، واصطحباه معكما دائمًا، ولا تتخلصي منه عند الجدة، وإن كان مشوارك لا يسمح فيه باصطحاب ولدك.. فولدك أولى من هذا المشوار أن تتركيه وتؤلميه.
أختي الكريمة.. أرجو أن تتحلي دومًا بالصبر والعزيمة والطموح لأن يكون لابنك شأن عظيم في الدين والدنيا والآخرة، ولا تحسبين الأمر هينًا -وإن كان ممتعًا- ولا تدعين للإحباط سبيلاً إليك؛ فالكفاح يعقبه فلاح، وأختم بقول الشاعر:
لا تحسبن المجد تمرًا أنت آكله ***** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
ــــــــــــــ(102/405)
انتفاضة مجروح بالنشاط الزائد العنوان
ابني (7 سنوات) بالصف الثاني الابتدائي يعاني من فرط الحركة الزائد، ويعالج من ذلك منذ عمر خمس سنوات (بالريتالين)، إلا أن طبيبه المعالج ترك المملكة، آمل أن تفيدوني بعناوين أطباء أو استشاريي تربية بمنطقة جدة لمتابعة الحالة معه (على أن يكون ثقة)، كما آمل في توجيهي لبرنامج سلوكي يمكن اتباعه معه، حيث إنه أناني جدًّا، ولا يفكر في إخوته على الإطلاق، كما أنه بدأ يكذب، ووفقكم الله إلى توجيه المسلمين بالنصيحة التي نحسبها خالصة لوجهه، والسلام عليكم. السؤال
النشاط الزائد الموضوع
د/سلوى محمد أبو السعود اسم الخبير
الحل
سيدي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بك ومرحبًا، وآمل أن تغفر لنا تأخير الرد عليكم، فقد كانت محاولة للوصول على ما طلبتموه من أسماء الأطباء، لكن للأسف لم نستطع الوصول بشكل شخصي إلى أحدهم؛ فحدود خدمتنا الحالية ليس بها إمكانيات القيام بمثل هذه الترشيحات، ويبقى الأمر في حدود الاتصالات الشخصية التي تفلح أحيانًا وتفشل أحيانًا أخرى.
وعن سؤالكم حول الأدوية فالمنبهات العصبية من أكثر الأدوية استعمالاً في علاج العوارض المتعلقة باضطراب نقص التركيز، وبعض الأطفال المصابين بهذا الاضطراب يتجاوبون مع هذه الأدوية. وقد يظهرون تقدمًا دراسيًّا ملحوظًا تتمثل في زيادة التركيز والانتباه والجهود في العمل، وزيادة كمية الفروض المدرسية ودقتها، وتراجع نسبة النشاط والاندفاع والتصرفات السلبية في التفاعلات الاجتماعية، وانخفاض العدائية الجسدية والكلامية. لكن يبقى هذا التأثير مختلفًا من طفل إلى آخر، ويبقى على كل عائلة أن تدرس إيجابيات تناول الأدوية وسيئاتها.
وبالتالي فإن دورها يتصل بجعل الطفل جسديًّا وانفعاليًّا في حالة أهدى نسبيًّا لاستقبال التعليم والتدريب، ويكون التركيز في الأساس على النواحي التعليمية والتدريبية، ونلتقط طرف الخيط من سؤالكم المدرك لأهمية التدخل السلوكي كعنصر مهم في علاج الأطفال المصابين بنقص التركيز والنشاط الزائد بما يتضمن من إستراتيجيات مهمة لاستعمال التعزيز الإيجابي وتعليم حل المشاكل والتواصل والمدافعة عن النفس.
وهو ما فصلناه في معالجة سابقة سأوردها لك بنهاية الرد.
وفي سياق البرامج الموجهة للسلوك والتي ستجدها في المعالجة المشار إليها ألفت النظر إلى أن هؤلاء الأطفال هم كغيرهم من الأطفال العاديين الذي لا يعانون من أي مشكلة بحاجة إلى تلبية حاجاتهم النفسية والعاطفية من حب وتقبل وحاجات تعليمية وتربوية تتمثل في فهم طبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها وفهم خصائصها والتعامل السليم الحكيم مع ما نود تعديله من سلوكهم (كالأنانية والكذب التي ظهرت في طفلك..)، وكغيرها من السلوكيات -وستجد تفصيل هذا في معالجات سنوردها لك بنهاية الرد-، وبنفس الطريقة في التوجيه والتنمية انطلاقًا من قدراتهم وملكاتهم التي وهبها الله تعالى لهم غير مقارنين لهم بغيرهم حتى إخوتهم.
وقد تسأل كيف أعرف مواهبه ببساطة عن طريق مشاركته الأنشطة المختلفة من رسم وتلوين وموسيقى ورياضة، ومن ملاحظته ستعرف نقاط تفرده التي تنطلق منها وتركز عليها لتدعيمها بصورة أكبر، فإذا ذهبت للنادي معه للجري ووجدته يميل إليه فألحقه بفريق القوى، وهذا بالتأكيد سيمتص جزءاً كبيرًا من نشاطه، وإن كان يميل إلى الرسم وأنت تشاركه التلوين فاعهد به إلى من ينمي هذه الموهبة عنده، وهكذا...
وأنطلق معك إلى معلومة غاية في الأهمية عن هؤلاء الأطفال وهو ضرورة ممارستهم لأكبر قدر من النشاط خارج البيت، فجلستهم في البيت دون وجود مجالات لتفريغ هذه الطاقة بشكل موجه تدمرهم.. وأعني هذا.
فشغل وقت الطفل وتصريف طاقته العدائية ستحويلها من الهدم للبناء عبر ممارسة هوايات مختلفة يمارس أكثرها خارج البيت (رياضة أو مجموعة رياضات تمتص طاقته، بالإضافة لممارسة إحدى الهوايات الطيبة..)، وذلك تبعًا للإرشادات التي سيوجهكم إليها الاختصاصي النفسي والتأهيلي والتربوي الخاص بطفلك، فإن لم يكن هذا متاحًا، بمعنى عدم قدرتك أنت ووالدته على استيعابه، وعدم وجود الوقت للخروج معه يوميًّا للممارسة الأنشطة، فلا بد من إحضار مساعد (يفضل ذكر قوي البنية الجسدية تتلاءم مع إجهاد الطفل) لكم يكون بمثابة المدرس الخاص أو الرفيق الخاص بطفلكم على أن يكون له خلفية تربوية ونفسية ومعرفية عن طبيعة النشاط الزائد وأساليب التعامل مع الطفل، بحيث يقضي الطفل فترة الصباح في المدرسة أو الحضانة في فترة الإجازة، ويكون هذا المشرف رفيقًا له في الفترة المسائية يذهب معه إلى النادي لممارسة الرياضة واحتوائه في نشاطات تستوعب طاقته.
وإن كانت لديكم قدرة مادية فيمكنكم أيضًا الاستعانة بمدرب رياضي متفهم لحالة الطفل بالنادي الرياضي ليدربه على رياضات مختلفة تستوعبه، وكذلك مدرس يعلمه إحدى الهوايات الطيبة إن أمكن هذا، بحيث يمارس 3 أيام في الأسبوع رياضة، سواء كانت سباحة أو كرة قدم أو كرة يد أو الجري أو الكارتيه..، و3 أيام أخرى في تعلم ما يحبه من الهوايات الطيبة المفيدة.
ولا بد أن تلفت نظر المدربين إلى حالته وإلى أنه يحتاج على أسلوب خاص في التدريب يعتمد على الصبر والمحايلة واعتماد أسلوب الثواب والعقاب في التعليم حسب الطرق التي أوردناها في الاستشارة سابقة الإشارة إليها.
وما أود تلخيصه أن تعليمه يحتاج إلى جانب الصبر الاستغراق معه في أنشطة لمدة 7 أيام في الأسبوع مع الوالدين والمدربين، ومحايلة لتقبل التدريب عبر إغرائه بأدوات جذابة ومكافآت بأشياء يحبها يكون حصوله عليها مشروطًا بأداء المهمة المطلوبة منه، مع عدم اليأس من تقدمه البطيء إن حدث أو عدم استجابته في بعض الأحيان.
وتبقى النقطة الخاصة بالتلفزيون وهو ما لا أحبذ أن تتركيه أمامه لفترة طويلة، بل لا بد من انتقاء المواد التي يشاهدها ومشاركته المشاهدة وإقامة حوار معه حول ما يشاهده لتكون المشاهدة جزءاً من نشاط.
وستجد بإذن الله عز وجل أن كل نجاح ولو كان بسيطًا يحققه الطفل في إنجاز شيء يستشعر حلاوته من المكافأة المادية والمعنوية في تشجيعكم، وفخرك أنت ووالدته ومدربيه به سيزيد من ثقته بنفسه ومن تقديره لذاته، ويحسن صورته عن نفسه أمام نفسه؛ لتختفي مع قواعد تعديل سلوك الأنانية والكذب القواعد التي ستجدها بالاستشارات السابقة هذه الصفات؛ لأن جزءاً كبيرًا من أسباب هذه السلوكيات شعوره بالنقص والتضاؤل أمام إخوته الخالين من مرضه والمقبولين لهدوئهم وطاعتهم عنه، ليبقى هذا الشعور بالنقص كالجرح الذي يؤلمه ويجعله ينتفض بهذه الطريقة معبرًا عن ألمه بطريقة قد تؤذي من حوله دون أن يقصد ذلك.
ــــــــــــــ(102/406)
فهم رموز شفرة الطفولة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزيتم خيرًا على كل ما قدمتم، وتقدمون في هذه الصفحة من خدمة للأمهات الحائرات في كيفية الوصول إلى أنجع وأنجح أساليب التربية مع أبنائهن؛ لنحصل على جيل قوي واثق بيده مفاتيح النصر، أما ابنتي البالغة من العمر أربعة أشهر فأنا أشعر أنها أكبر من سنها حتى إنها تريد أن تكبر بسرعة قد تقول هذا مقال كل أم، فكل أم تعتبر ابنها أو ابنتها ذكيًّا.
ابنتي عندما أحدثها وأنا دائمة الحديث معها أشعرها ترد علي وبنفس النبرة التي أتكلم معها، وحركاتها تظهر أنها أكبر من سنها، ولكن مشكلتي معها أنها لا تحب أن تجلس على ظهرها أبدًا حتى الجلوس في الكرسي ترفضه بتاتًا إلا عند الطعام بعد أن أحاول أن أنسيها أنها على الكرسي بمناغاتها والغناء لها وملاعبتها، وهي متعلقة جدًّا بي حتى إنني لا أستطيع أن أنجز أعمالي وهي مستيقظة، ففكر والدها أن يشتري لها "عربية" لتتجول فيها وتمشي خلفي أينما ذهبت، فبذلك تنسى شبح السرير والكرسي، وأكون أمامها أينما تحركت، وأحيانًا لا أعرف كيف أتصرف معها فهي تُصِرّ على أن تبقى محمولة حتى لو كنت جالسة أمامها، ولقد سمعت أن كثرة حمل الصغير قد تؤثر على نموه.
فما الطريقة التي أتعامل بها معها لأخفف الضغط عليّ، وبنفس الوقت لا أؤثر على نفسيتها؟ وما هي الألعاب والأساليب التي باستطاعتي أن ألاعبها إياها وأتعامل بها معها لتنمية ذكائها وربطها بالعالم الخارجي؟
اعذروني على الإطالة، وجزاكم الله كل خير.
السؤال
التقليد والبذاءة الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
لا تتصوري كم شعرت بالسعادة وأنا أقرأ رسالتك؛ لأننا نقول دائمًا إن الحب والتواصل هما مفتاح سر الطفولة، لقد استطعت بالحب والتواصل والاهتمام أن تفهمي وتفكي رموز شفرة الطفولة.
لا تتعجبي، كثيرًا ما قلنا للأمهات والآباء إن أطفالكم يفهمونكم، ويشعرون بكم من أول يوم فتواصلوا معهم.
وكثيرًا ما قلنا للأمهات دعي نفسك لفطرتك الطبيعية مع أطفالك فسوف تفهمينهم.
إن سمية ليست أكبر من سنها، ولكن أنت كنت صادقة في تفاعلك معها، وتركت مشاعر الأمومة الدافقة تتفجر بداخلك، وكنت تريدين بصدق التواصل معها؛ ولهذا وصلت رسالتك واستلمتها سمية ففهمتك وتفاعلت معك.
إن الطفل يحتاج من أول يوم أن تحدثه أمه، وتغني له وأن تستخدم لغة الجسد في التواصل معه، فتلمس وجهه وتداعب كفيه الصغيرتين وقدميه، فهذا يشعره بالأمان وبالحب وبأنه مرغوب فيه ومرحب به في هذا العالم.
ومن العجب أن الأطفال لديهم مقياس شديد الحساسية لصدق المشاعر والاهتمام الحقيقي، فيشعرون بالأم حين تؤدي هذا الدور بصدق وتفرغ، وحين تعطي طفلها وقتًا خالصًا له تجلس معه تحادثه وتنظر في عينيه، وتحاول أن تفهم نظراته وحركاته وتدع له فرصة يستوعب ويفهم نبرات صوتها بهدوء ويحفظ ملامح وجهها، ويشعر بالأمان بين ذراعيها، ويستمتع بهدهدة أقدامها فيتفاعل معها ويرتبط بها، وتكون هذه هي البداية الصحيحة لعلاقة قوية وصحية مدى العمر.
ويشعرون بالأم حين تكون غير مقتنعة بأهمية هذا الدور فتؤديه بلا روح وأثناء انشغالها بأعمال أخرى، فلا يبوحون لها بأسرار الطفولة الجميلة.
وأظن أنك من النوع الأول؛ ولذلك شعرت أنها تفهمك وهذا طبيعي ومطلوب؛ ولهذا فإن الدراسات الحديثة كلها تؤكد أهمية هذه المرحلة في تنمية ذكاء الطفل وتحفيز قدراته، ووجدوا أن معظم الأطفال حين يولدون تكون عندهم تقريبًا نفس الإمكانيات والقدرات ومستوى الذكاء، ولكنها في انتظار من ينميها ويحفزها للعمل، فإذا وجدت من يهتم بها وينميها ويثيرها نجد طفلنا ذكيًّا واعيًا قوي الملاحظة سريع التفاعل، ونشعر أنه يفهم أكثر من الطبيعي، وأنه يسبق سنه في الفهم والإدراك، ولكن الحقيقة أن هذا هو الطبيعي، وأننا فقط أحسنا الاهتمام بمواهبه وقدراته، وتعهدنا ذكاءه بالاهتمام، والعجيب أن الوقت المتاح لذلك هو السنة الأولى من العمر، بل الشهور الأولى منها، وإلا ظلت هذه الإمكانيات في مستوياتها الطبيعية، ولم نحسن استغلال هذه الفرصة المتاحة، إنها مثل الضوء الذي يومض فترة وجيزة ثم يخبو.
ليس معنى هذا أن الطفل سيكون أقل من المستوى في الذكاء، لكن كان من الممكن أن تكون قدراته أعلى من ذلك، خاصة وأن قدرات الإنسان الذهنية لم تَعُد تقاس فقط بالمستوى المجرد للذكاء، ولكن أيضًا قوة الملاحظة وسرعة البديهة، والاستجابات السريعة، وردود الأفعال المناسبة والصحيحة، والثقة بالنفس، وغيرها...، وهذه كلها أمور مكتسبة بالخبرة والتربية والتجربة والاهتمام.
ومما أثبت هذه الأبحاث فعلاً أنه حتى الأطفال المعوقين ذهنيًّا والذين بالفعل ذكاؤهم دون المتوسط إذا تم الاهتمام بهم والتعامل معهم والتفاعل معهم وإعطاؤهم الحب والحنان والاهتمام بالحديث والغناء ومحاولة تنمية المهارات منذ الشهور الأولى في العمر يكون مستقبلهم في التعلم والتعامل مع الحياة واكتساب المهارات أفضل وأسرع ممن يماثلونهم في الظروف ومستوى الذكاء، ولكن لم يحظوا بنفس الاهتمام.
ولكن طبعًا ضريبة ذلك هو الارتباط الشديد بينك وبين سمية وهو ارتباط صحي، فهي تحبك وتفتقدك وتفتقد اهتمامك وغناءك لها، بل وتمل من الجلوس بمفردها أو مستلقية على ظهرها؛ لأن مداركها قد اتسعت، وتريد أن تتعرف على ما يجري حولها وتفهم هذا العالم الغامض الجديد عليها، ومعنى هذا أنك نجحت جدًّا، وأن رسالتك وصلت، وأنك نجحت فعلاً في استفزاز منبهات ومستقبلات الذكاء والتركيز والملاحظة والفضول لديها.
المشكلة أن هذا يزيد العبء عليك؛ لأنها حين تكون مستيقظة تريدك أن تكوني بجانبها وهذه ضريبة متعبة، ولكنها جميلة وممتعة أدعوك لأدائها وأنت سعيدة، ولكن حاولي تنظيم وقتك وفكرة العربة المتحركة ممتازة جدًّا وصائبة؛ لأنها ستتيح لها التواجد معك في كل مكان في البيت، وتتيح لك الاهتمام بها والحديث معها والغناء لها، وسيزداد هذا أهمية وتطورًا مع كل شهر تكبره سمية.
حمل الطفل بكثرة لا يؤثر على نموه ولا يضره في شيء وفي المرحلة السنية التي فيها سمية الآن تكون رغبتها قوية في أن تظل محمولة، أولاً لارتباطها الشديد بك، وثانيًا لأنها لا تسطيع الجلوس بمفردها، ولم تَعُد تريد النوم مستلقية على ظهرها، ولكن مع نموها وعندما تستطيع الجلوس بمفردها ستقل شيئًا فشيئًا هذه المشكلة، ومع الحبو واستطاعتها التحرك بمفردها ستتحول معاناتك إلى ملاحقتها في كل أرجاء المنزل.
إن سمية الآن في مرحلة التجربة ومحاولة التعرف على كل شيء، فالألعاب ذات الأصوات والألعاب المتحركة والألعاب الملونة كل هذه تلفت نظرها وتنبه حواسها وتنمي ذكاءها، وعندما تتمكن من التحكم في يديها والإمساك باللعب يجيء دور المكعبات وألعاب التركيب، وهكذا مع كل تطور في نموها وإدراكها.. ابحثي عما يثير ويستفز حواسها، ولا تغفلي دور القصص المصورة والملونة التي تحكيها لها، بينما تشاهد هي الصور وكذلك أفلام الرسوم المتحركة، واحرصي على مشاركتها اللعب ومراقبتها وهي تلعب حتى تلاحظي وتفهمي طريقة تفكيرها وتعرفي ما تحبه وما تحتاجه من ألعاب.
بارك الله تعالى لك فيها وأنبتها نباتًا حسنًا، ومرحبًا بأسئلتك في كل وقت..
ولمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية:
- ..نعم لحمل الرضيع.. لا
- الملاعبة.. استثمار المستقبل
- تساؤلات سنة أولى تربية
- دليلك إلى عالم الوالدية
- ابتلاع المعرفة.. يبدأ بالفم
ــــــــــــــ(102/407)
فهم رموز شفرة الطفولة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزيتم خيرًا على كل ما قدمتم، وتقدمون في هذه الصفحة من خدمة للأمهات الحائرات في كيفية الوصول إلى أنجع وأنجح أساليب التربية مع أبنائهن؛ لنحصل على جيل قوي واثق بيده مفاتيح النصر، أما ابنتي البالغة من العمر أربعة أشهر فأنا أشعر أنها أكبر من سنها حتى إنها تريد أن تكبر بسرعة قد تقول هذا مقال كل أم، فكل أم تعتبر ابنها أو ابنتها ذكيًّا.
ابنتي عندما أحدثها وأنا دائمة الحديث معها أشعرها ترد علي وبنفس النبرة التي أتكلم معها، وحركاتها تظهر أنها أكبر من سنها، ولكن مشكلتي معها أنها لا تحب أن تجلس على ظهرها أبدًا حتى الجلوس في الكرسي ترفضه بتاتًا إلا عند الطعام بعد أن أحاول أن أنسيها أنها على الكرسي بمناغاتها والغناء لها وملاعبتها، وهي متعلقة جدًّا بي حتى إنني لا أستطيع أن أنجز أعمالي وهي مستيقظة، ففكر والدها أن يشتري لها "عربية" لتتجول فيها وتمشي خلفي أينما ذهبت، فبذلك تنسى شبح السرير والكرسي، وأكون أمامها أينما تحركت، وأحيانًا لا أعرف كيف أتصرف معها فهي تُصِرّ على أن تبقى محمولة حتى لو كنت جالسة أمامها، ولقد سمعت أن كثرة حمل الصغير قد تؤثر على نموه.
فما الطريقة التي أتعامل بها معها لأخفف الضغط عليّ، وبنفس الوقت لا أؤثر على نفسيتها؟ وما هي الألعاب والأساليب التي باستطاعتي أن ألاعبها إياها وأتعامل بها معها لتنمية ذكائها وربطها بالعالم الخارجي؟
اعذروني على الإطالة، وجزاكم الله كل خير.
السؤال
التقليد والبذاءة الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
لا تتصوري كم شعرت بالسعادة وأنا أقرأ رسالتك؛ لأننا نقول دائمًا إن الحب والتواصل هما مفتاح سر الطفولة، لقد استطعت بالحب والتواصل والاهتمام أن تفهمي وتفكي رموز شفرة الطفولة.
لا تتعجبي، كثيرًا ما قلنا للأمهات والآباء إن أطفالكم يفهمونكم، ويشعرون بكم من أول يوم فتواصلوا معهم.
وكثيرًا ما قلنا للأمهات دعي نفسك لفطرتك الطبيعية مع أطفالك فسوف تفهمينهم.
إن سمية ليست أكبر من سنها، ولكن أنت كنت صادقة في تفاعلك معها، وتركت مشاعر الأمومة الدافقة تتفجر بداخلك، وكنت تريدين بصدق التواصل معها؛ ولهذا وصلت رسالتك واستلمتها سمية ففهمتك وتفاعلت معك.
إن الطفل يحتاج من أول يوم أن تحدثه أمه، وتغني له وأن تستخدم لغة الجسد في التواصل معه، فتلمس وجهه وتداعب كفيه الصغيرتين وقدميه، فهذا يشعره بالأمان وبالحب وبأنه مرغوب فيه ومرحب به في هذا العالم.
ومن العجب أن الأطفال لديهم مقياس شديد الحساسية لصدق المشاعر والاهتمام الحقيقي، فيشعرون بالأم حين تؤدي هذا الدور بصدق وتفرغ، وحين تعطي طفلها وقتًا خالصًا له تجلس معه تحادثه وتنظر في عينيه، وتحاول أن تفهم نظراته وحركاته وتدع له فرصة يستوعب ويفهم نبرات صوتها بهدوء ويحفظ ملامح وجهها، ويشعر بالأمان بين ذراعيها، ويستمتع بهدهدة أقدامها فيتفاعل معها ويرتبط بها، وتكون هذه هي البداية الصحيحة لعلاقة قوية وصحية مدى العمر.
ويشعرون بالأم حين تكون غير مقتنعة بأهمية هذا الدور فتؤديه بلا روح وأثناء انشغالها بأعمال أخرى، فلا يبوحون لها بأسرار الطفولة الجميلة.
وأظن أنك من النوع الأول؛ ولذلك شعرت أنها تفهمك وهذا طبيعي ومطلوب؛ ولهذا فإن الدراسات الحديثة كلها تؤكد أهمية هذه المرحلة في تنمية ذكاء الطفل وتحفيز قدراته، ووجدوا أن معظم الأطفال حين يولدون تكون عندهم تقريبًا نفس الإمكانيات والقدرات ومستوى الذكاء، ولكنها في انتظار من ينميها ويحفزها للعمل، فإذا وجدت من يهتم بها وينميها ويثيرها نجد طفلنا ذكيًّا واعيًا قوي الملاحظة سريع التفاعل، ونشعر أنه يفهم أكثر من الطبيعي، وأنه يسبق سنه في الفهم والإدراك، ولكن الحقيقة أن هذا هو الطبيعي، وأننا فقط أحسنا الاهتمام بمواهبه وقدراته، وتعهدنا ذكاءه بالاهتمام، والعجيب أن الوقت المتاح لذلك هو السنة الأولى من العمر، بل الشهور الأولى منها، وإلا ظلت هذه الإمكانيات في مستوياتها الطبيعية، ولم نحسن استغلال هذه الفرصة المتاحة، إنها مثل الضوء الذي يومض فترة وجيزة ثم يخبو.
ليس معنى هذا أن الطفل سيكون أقل من المستوى في الذكاء، لكن كان من الممكن أن تكون قدراته أعلى من ذلك، خاصة وأن قدرات الإنسان الذهنية لم تَعُد تقاس فقط بالمستوى المجرد للذكاء، ولكن أيضًا قوة الملاحظة وسرعة البديهة، والاستجابات السريعة، وردود الأفعال المناسبة والصحيحة، والثقة بالنفس، وغيرها...، وهذه كلها أمور مكتسبة بالخبرة والتربية والتجربة والاهتمام.
ومما أثبت هذه الأبحاث فعلاً أنه حتى الأطفال المعوقين ذهنيًّا والذين بالفعل ذكاؤهم دون المتوسط إذا تم الاهتمام بهم والتعامل معهم والتفاعل معهم وإعطاؤهم الحب والحنان والاهتمام بالحديث والغناء ومحاولة تنمية المهارات منذ الشهور الأولى في العمر يكون مستقبلهم في التعلم والتعامل مع الحياة واكتساب المهارات أفضل وأسرع ممن يماثلونهم في الظروف ومستوى الذكاء، ولكن لم يحظوا بنفس الاهتمام.
ولكن طبعًا ضريبة ذلك هو الارتباط الشديد بينك وبين سمية وهو ارتباط صحي، فهي تحبك وتفتقدك وتفتقد اهتمامك وغناءك لها، بل وتمل من الجلوس بمفردها أو مستلقية على ظهرها؛ لأن مداركها قد اتسعت، وتريد أن تتعرف على ما يجري حولها وتفهم هذا العالم الغامض الجديد عليها، ومعنى هذا أنك نجحت جدًّا، وأن رسالتك وصلت، وأنك نجحت فعلاً في استفزاز منبهات ومستقبلات الذكاء والتركيز والملاحظة والفضول لديها.
المشكلة أن هذا يزيد العبء عليك؛ لأنها حين تكون مستيقظة تريدك أن تكوني بجانبها وهذه ضريبة متعبة، ولكنها جميلة وممتعة أدعوك لأدائها وأنت سعيدة، ولكن حاولي تنظيم وقتك وفكرة العربة المتحركة ممتازة جدًّا وصائبة؛ لأنها ستتيح لها التواجد معك في كل مكان في البيت، وتتيح لك الاهتمام بها والحديث معها والغناء لها، وسيزداد هذا أهمية وتطورًا مع كل شهر تكبره سمية.
حمل الطفل بكثرة لا يؤثر على نموه ولا يضره في شيء وفي المرحلة السنية التي فيها سمية الآن تكون رغبتها قوية في أن تظل محمولة، أولاً لارتباطها الشديد بك، وثانيًا لأنها لا تسطيع الجلوس بمفردها، ولم تَعُد تريد النوم مستلقية على ظهرها، ولكن مع نموها وعندما تستطيع الجلوس بمفردها ستقل شيئًا فشيئًا هذه المشكلة، ومع الحبو واستطاعتها التحرك بمفردها ستتحول معاناتك إلى ملاحقتها في كل أرجاء المنزل.
إن سمية الآن في مرحلة التجربة ومحاولة التعرف على كل شيء، فالألعاب ذات الأصوات والألعاب المتحركة والألعاب الملونة كل هذه تلفت نظرها وتنبه حواسها وتنمي ذكاءها، وعندما تتمكن من التحكم في يديها والإمساك باللعب يجيء دور المكعبات وألعاب التركيب، وهكذا مع كل تطور في نموها وإدراكها.. ابحثي عما يثير ويستفز حواسها، ولا تغفلي دور القصص المصورة والملونة التي تحكيها لها، بينما تشاهد هي الصور وكذلك أفلام الرسوم المتحركة، واحرصي على مشاركتها اللعب ومراقبتها وهي تلعب حتى تلاحظي وتفهمي طريقة تفكيرها وتعرفي ما تحبه وما تحتاجه من ألعاب.
بارك الله تعالى لك فيها وأنبتها نباتًا حسنًا، ومرحبًا بأسئلتك في كل وقت..
ولمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية:
- ..نعم لحمل الرضيع.. لا
- الملاعبة.. استثمار المستقبل
- تساؤلات سنة أولى تربية
- دليلك إلى عالم الوالدية
- ابتلاع المعرفة.. يبدأ بالفم
ــــــــــــــ(102/408)
اللهم احلل عقدة لسانه العنوان
لدي ابن في سن الثامنة، ودرجة ذكائه ولله الحمد جيدة جدا، وهو أكبر أبنائي، ولدي أصغر منه ابن وابنة فقط، ومستواه الدراسي ممتاز، ومعاملتنا له ممتازة، فنحن نجيد المناقشة والأخذ برأي كل أفراد الأسرة في جميع الأمور.
والمشكلة أن ابني هذا يوجد لديه منذ سن الخامسة تأتأة في الكلام، وكانت شديدة، وكان ذلك الوقت بعد ولادتي أخته التي تصغره، وقيل لي إن غيرته من أخته هي السبب وأولوه اهتمامكم، وسوف تزول، ولكن الأمر استمر، وقد تحسن كثيرا بعد مرور سنتين، ولكنه وبعد تلك السنتين أخذ يشتكي من تلك التأتأة مع أنها ولله الحمد لم تؤثر عليه من الناحية النفسية فهو مرح وصاحب جدال في كثير من المواضيع، ويحفظ من القرآن جزأين تقريبا، وإلى الآن وهي معه، ولكنها تزداد وتتحسن، ولكن الأخطاء أنه إذا بدأت بتأنيبه أنا أو أبوه لفعل ما تزداد جدا هذه العادة، وهو يحاول الرد علينا وإفهامنا الموضوع، ولا أعلم ما الحل المناسب؟ وشكرا لكم.
السؤال
أمراض التخاطب الموضوع
د/سحر صلا ح اسم الخبير
الحل
مرحبا بك أختنا الكريمة، ومرحبا بعائلتك الجميلة كلها، بارك الله لك فيها، وأقر عينك بكل فرد فيها.
عزيزتي إن الزمن في قصة تأتأة طفلك يبدو كالبطل الذي لا يقف محايدا، فهو إما صديق ودود أو عدو لدود.. ولعلك يا أختنا الكريمة تودين أن نتناول معك مشكلة طفلك الحبيب من هذا المدخل.. وهو توقيت قلقك بعد مضي سنتين من ظهور الأعراض على الحبيب؛ فهل لا زال الوقت في صالحك؟ وهل أخطأت بالانتظار؟ وهل من الممكن اتخاذ إجراء ما يمنع تفاقم المشكلة؟ وما هو الحل المناسب لهذه التأتأة؟ وتعالي نحاول الرد معا على تلك التساؤلات.
ونبدأ بالنقطة الأولى وهي تباطؤك -غير المقصود- في علاج الطفل بشكل جدي، وهو أمر تأخر عامين فقط وليس ثلاثة؛ لأن توقيت ظهور الحالة على ابنك في الخامسة لم يكن يجد معه أكثر مما نصحت به من حسن التعامل مع الطفل دون أي علاج مباشر أو متخصص، وبرامج التخاطب التي تستخدم في علاج مثل هذه الحالات تبدأ مع الأطفال من سن السادسة ليتناسب معها استيعاب الطفل وقدراته في هذا السن، وبالتالي فقد فات طفلك عامين لبدء مثل هذه البرامج، وهو ما لا يجب التواني معه أكثر من ذلك لمنع تفاقم وتطور المسألة وتأثيرها على الطفل اجتماعيا ونفسيا ودراسيا.
إذن فالحل المناسب لعلاج حالة طفلك الحبيب هو البدء فورا في برامج تخاطب لعلاج حالة الطفل الذي تزيد نسبة الشفاء التام في حالته عن 98 % كما تثبت الدراسات، فضلا عن كون مسألة التأتأة لدى طفلك مؤشرا واضحا على ذكاء طفلك الحاد الذي أشرت إليه؛ وهو ما يبشر بكل خير، ولا زالت الفرصة سانحة لعلاج هذا العرض بشكل ناجح والقضاء عليه بلا رجعة أن شاء الله.
ويبقى لي أمران لكل منهما أهمية في نجاح طفلك في تجاوز هذا العرض إن شاء الله:
الأمر الأول: ضرورة التعامل معه بشكل خاص تناولناه في التفصيل في إرشادات التعامل مع الطفل المصاب بالتأتأة في أكثر من موضع في الاستشارات التالية:
- لسان هارون يشرح صدر موسى
- التلعثم وكيفية علاجه – متابعة
- التأتأة.. محاذير وإرشادات
الأمر الثاني: من القواعد المعروفة في التعامل مع أمر قد خبره المرء جيدا، وتعامل معه سابقا أن يلزم ما عرفه من خلال تلك الخبرة، فكما يقال: "عرفت فالزم"، أقصد بكلامي أنه ما دمت تلاحظين أن طفلك تنتابه حالة التأتأة وتتزايد بتعرضه للخوف أو الإحراج أو التأنيب فلم لا تتجنبي هذه الأمور-أنت ووالده- حفاظا على ثقة ابنك بنفسه من التحطم وحفاظا علي رقة مشاعره وحساسيته وقبل كل ذلك تفاديا لتأصيل مسألة التأتأة لديه، وتفاديا لموقف قد يتعرض فيه الطفل لسخرية إخوته مثلا منه في مثل تلك المواقف؟
من الواضح أنكما –كوالدين- تتمتعان برغبة جادة ووعي بتربية الأبناء بشكل سليم وناجح، وهو ما يؤكد لي ضرورة استجابتكما لرجائي لكما بمنع تأنيب الطفل أو إخافته مطلقا، وليكن عقابه وتوجيهه بدون زجر أو تهديد أو إخافة.. ويكفي مخاصمته إن أصر على الخطأ بعد إعلامه بسبب كون هذا التصرف خطأ، وكيف يمكن تفاديه فيما بعد، وهو ما يعرف بفن علاج المشكلات وتوجيه السلوك الذي ستجدين تفصيله في المعالجات التالية:
- نعم للتهذيب لا للتهديد
- بين الضرب والصراخ كيف نربي أبناءنا؟
أختي الكريمة.. أرجو أن أتلقى خبر شفاء ولدك بشكل ناجع تماما في أقرب وقت، كما يسعدني تلقي مزيد من تساؤلاتك واستفساراتك، وتأكدي أن همتك العالية أنت وزوجك -وقد بدت فيما وصفته من أسلوب تعاملكما مع أطفالكما- في تربية أبنائكما ستعينكما على كل صعب في طريق هذه الرسالة فكما قال الشاعر:
والله ما جئتكم زائرا****إلا وجدت الأرض تطوى لي
ولا ثنيت العزم عن بابكم****إلا تعثرت بأذيالي
فمن راعى روعي، ومن أهمل ترك. مع خالص الدعوات لك ولأسرتك وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/409)
صغارنا والإعلام الجنسي العنوان
أسماء أولادي كالآتي:
- كرم: (بنت 5 سنوات)، (هادئة بطبعها، مطيعة، مرتبة، متزنة إلى حد الانغلاق).
- جواد: (ولد 3 سنوات)، (جيد وهادئ عنيد عند الطلب مسكين عند الحاجة، حنون، أخطاؤه نتوقع أنها من شيء خارج عن سيطرته يفرض الخطأ نفسه فرضًا).
- فداء: (بنت 4 أشهر)، (مستقرة صحيًّا لا مشاكل والحمد لله عند المرض تعامل مثل ما يعاملون تمامًا نفس الاهتمام)
البيت مستقر ومتكامل، الأب جامعي يعمل مدير شركة من 8 ص إلى 5 مساء صبور إلى حد لا يتوقع، الأم ربة منزل في الوقت الحالي خريجة جامعة عملت لفترة ستة أشهر في المجال الطبي 10 ساعات عمل في اليوم.
الجدول اليومي: يذهب الأب للعمل صباحًا، والبقية نيام يبدأ البقية بالقيام من النوم تباعًا. المشكلة: كرم بدأت تقوم بأشياء لم نكن متعودين على تقبلها منها وأشياء خطأ نعتبرها انتكاسة لا نخفيك (تلعب بفرجها بالسر؟) راجعنا طبيبًا فذكر بأن لديها التهابًا، أخذ العلاج وذهب الالتهاب وبقيت العادة، يلاحظ عليها "السرحان" بشكل كبير تعطى الطرف الآخر دائمًا حريته من خلال (أين سنذهب يا كرم؟ والإجابة على كيفك أو على كيف جواد)، نلاحظ عليها بعض البلاهة.
أحد الأطباء ذكر لنا بأن لديها لحمية! ومن المخطط لدينا بأن نراجع بهذا الموضوع قريبًا. بين الفترة والأخرى نسمع عن فلان سحر، وفلان أصيب بالعين وهي منتشرة هنا! نحن متخوفون جدًّا جدًّا من هذا التغيير. جواد (يذهب إلى المسجد مع أبيه تقريبًا هذا هو النشاط المنفرد).
السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختي الكريمة، ومرحبًا بأبنائك الذين لفتت نظري بشدة أسماؤهم المنتقاة المميزة ففيهم الكرم والجود والفداء جعل الله تعالى لهم من أسمائهم حظا ونصيبا وافرا.
أختي الكريمة لم تكن أسماء أطفالك هي الشيء الوحيد الذي لفت نظري في سؤالك، بل وصفك لابنتك بالبلاهة كان مما لفت نظري بشكل أكبر، وأردت الاستيضاح منك بشأنه:
- ماذا تقصدين بالبلاهة؟.. هل التأخر في النمو العقلي؟ أم مجرد طيبة الأطفال وسذاجتهم؟
- هل من الممكن تزويدنا بنموذج من المواقف التي دفعتك لوصف ابنتك بالبلاهة؟
وحتى يتم تزويدنا بما يفيد عما سبق سأوجه حديثي إليك باعتبار أن ابنتك طفلة طبيعية ليس بها تأخر عقلي.
وأبدأ الحديث عن الالتهابات التي جزمت بأنه تم علاجها تمامًا بشكل ناجع وهو ما أشك بشأنه؛ لأن هناك بعض الالتهابات الفطرية لا تزول آثارها بسهولة، وتتسبب دائمًا في حكة، وبالتالي فالرجاء التأكد فعلاً بشكل سليم من خلو الطفلة من الالتهابات تمامًا، ويمكن ذلك من التأكد من:
عدم وجود إفرازات في ملابس الطفلة الداخلية لها رائحة أو لون.
وبوجه عام لا بد من تعليم الطفلة قواعد النظافة الشخصية مثل:
1 - التغيير يوميًّا لغياراتها الداخلية.
2 - الاستنجاء جيدًا والتجفيف بعد الاستنجاء جيدًا ليكون هذا المكان جافًّا باستمرار.
3 - غسل اليدين بكل إتقان بعد دخول الحمام والاستنجاء.
بعد تأكدك من خلوها من الالتهاب فعلاً وتعويدها قواعد النظافة التي تمنع حدوث الهرش أو الحكة، وإذا استمرت في مثل هذه العادة فلا بد حينها من التأكد من كون الأمر:
- إما أنه عادة سيئة أو خصلة.
- أو أنه سلوك جنسي سيئ متعمد يمكن تعديله، مع ملاحظة أن الأطفال لا يدركون الجنس كما يدركه الكبار، ولكن مثل هذه السلوكيات تحقق له شعورًا مختلفًا يحبون تكراره.
ويمكنك التعرف على ذلك من متابعتها وملاحظتها، فإن كانت تتحرى الوحدة حين ممارسة هذا السلوك، وتبعد به عن عيون الآخرين وتستغرق في السرحان أثناء ممارسته مع احمرار في وجهها وعرق أثناء ممارسة، مثل تلك التصرفات، فنحن نتعامل مع الاحتمال الثاني، وإن كان الأمر تمارسه غير عابئة بشيء من هذا فنحن نتعامل مع الاحتمال الأول.
ولأن طفلتك ما زالت صغيرة، فلا بد من التعامل مع الأمر بذكاء وفطنة دون لفت نظرها لمزيد من التمسك بتلك السلوكيات وتأصيلها لديها، وسأحدثك بالتفصيل عما يجب فعله معها دون زجر لها أو تهديد أو عقاب أو إهانة.
أولاً: لا بد من إعلام الطفلة جنسيًّا بما يتلاءم مع سنها، فالقمع والاستبعاد لا ينفيان حقيقة أن أبناءنا لديهم حياة جنسية، صحيح أنها تختلف كل الاختلاف وتبعد كل البعد عن الشكل الذي تتخذه عند الراشدين، لكن هذا لا ينفي وجودها وضرورة التعامل معها بشكل صحيح ومرشد.
ولا بد من الرد على أسئلة طفلتك جميعًا بحنكة وبشكل يشجعها على طرح الأسئلة عليك فقط لتجيبي عنها إجابات مناسبة مع سنها، وغالبًا ما تتركز تساؤلات الأطفال في سن ابنتك حول محورين: أصل الأطفال (الحمل والولادة) والفارق بين الجنسين.
وهنا لا بد من عرض الحقائق البيولوجية بشكل مبسط وواضح دون استرسال ببساطة وطبيعية: "فالله خلق للأم جيبًا يسمى رحمًا وبه بييضات لا قشرة لها تكبر وتصير طفلاً"، وهكذا...، وكما قلنا لا بد من كون الحديث له داعٍ من سؤال أو غيره، ولا مانع من مشاهدة شيء عن الإعجاز الإلهي في خلق الجنين على أشرطة فيديو أو أسطوانات كمبيوتر للفت نظر الطفلة للحقائق العلمية المرتبطة بنشأة الإنسان وقدرة الله تعالى في إبداع خلقه.
ويمكنك الاستزادة بشأن الإعلام الجنسي للأطفال بمطالعة الاستشارة التالية:
- الغيرة.. هل تعجل باكتشاف عالم الجنس؟
ثانيًا: ينبغي أن يكون التعامل مع الطفلة بعيدًا عن الأوامر الكثيرة والصارمة، فكثرة الأوامر ستسبب لها الملل والرغبة في التخلص من هذه الأجواء غير المرغوبة لها بتنفيذ ما تريده في الخفاء بعيدًا عن الأوامر، والخفاء يعني الظلام والظلام هو الضلال.. فاحذري يا أختي كثرة الأوامر والنواهي وسوء توجيهها.
ثالثًا: فينبغي لفت انتباهها إلى شيء آخر حين تلاحظ عليها استغراقها في فعل هذا الأمر كجذبها لمشاهدة برنامج لطيف أو اللعب بلعبة تحبها أو المشاركة لطهو الطعام مع والدتها دون تكرار الحديث عن هذا الأمر معها ودون زجرها أو عقابها، وقد استفضنا في توضيح كيفية إلهاء الأطفال عن ممارسة هذه العادات إما بتشتيت انتباههم وصرفه إلى شيء آخر في استشارات سأجملها لك في نهاية الإجابة.
رابعًا: لا بد أن تقضي الطفلة وقتًا مفيدًا وجميلاً مليئًا بالهوايات التي تحبها (قراءة - رسم - تلوين - ألعاب تركيبية - مكعبات... إلخ)، والأنشطة التي تنمي ذكاءها، ولا تترك للباطل لعدم وجود ما يشغلها من الحق.
فلا بد من العمل على توفير فرص عديدة لنزهة أطفالك وخروجهم وانطلاقتهم ولعبهم في مساحات واسعة وبشكل متكرر، ولا بد من إيجاد أنشطة كثيرة يمارسونها أيضًا داخل المنزل وتابعي بهذا الصدد ما يلي:
- كل صيف وأنتم مستمتعون.. مستفيدون - مشاركة من خبيرة
- برنامج مميز للوقت المميز
- أطلق إبداع ابنك بالحكايات .
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
خامسًا: إقناع الطفلة بشكل غير مباشر بأن هذا الأمر -العبث بهذه الأماكن- قد يسبب لها أمراضًا تؤدي بها إلى ضرورة تناول أدوية غير محببة الطعم وملازمة الفراش، وعدم التمكن من اللعب والجري، ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبه لربطها بالأمر كان يقال له: "أرأيت لا بد أنك لم تلتزم بقواعد النظافة والصحة، ولم تسمع كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع هذا المكان بدون تقريع"، ولكن فقط بشكل فيه استشهاد وإقامة الحجة لتقتنع بشكل عملي.
سادسًا: ولعلّ ما سأختم به معك هو أهم ما في المقترحات التي أوردها لك على الإطلاق وهو مصاحبة طفلتك ومصادقتها وإرساء قواعد متينة لصداقة حميمة معها تضمن لها حياة مستقرة ونموا آمن، ويمكنك الاطلاع بهذا الصدد على ما يلي:
- كيف أستعيد حب وثقة ابنتي
- مصاحبة الأبناء.. متى، كيف ولماذا؟؟
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
أختي الكريمة..
أرجو أن تواصلي استفساراتك ومتابعتنا بأسئلتك حول أبنائك الثلاثة باستمرار، ويسعدنا تواصلك معنا، كما يسعدني جدًّا موافاتك لنا بأخبارك وأخبار ابنتك ونتائج تطبيقك لما أوردناه لك من مقترحات ونصائح، وأختم حديثي معك بقول الله تعالى: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"، أوصيك ونفسي بالإكثار منه، فتقر عيوننا بذرياتنا وتحقيق آمال أمتنا، وشكرًا لك.
لمزيد من التفاصيل يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- الجنس كما يعرفه الأطفال
- نمو الأطفال الجنسي.. كيف نتعامل معه؟
- ثقافة جنسية بلا إثارة
- التربية الجنسية متى وكيف؟ .
- تحذير هام: العادة السرية فخ
- أصبعان في مهمة غير مرغوبة .
ــــــــــــــ(102/410)
ابني يعلن العصيان!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
طفلي ذو العشر سنوات ولد طيب، وذو شخصية قوية ومشاعر فياضة، وإن كان لا يستطيع التعبير عنها.. إنه صورة من والده في كل شيء.
مشكلته أنه زائد الحركة لا يركز بالمدرسة، ويكره المذاكرة، ولا يطيع أوامري، وأشعر أنه يتعمد فعل كل ما يغضبني، ويثير أعصابي وللأسف ينجح بالفعل، ومع هذا أبذل قصارى جهدي في إقناعه بما أطلبه منه وأحيانًا يستجيب، وفي أغلب الأحيان لا يستجيب مع أنه على العكس يسمع كلام والده.
يضايقه أن أصرخ في وجهه، ورغم ذلك لا يعنني على ألا أصرخ فيه فهو دائمًا لا يصغي لي ومهمل في كل شيء. أحتاج إلى تذكيره بما يجب عليه فعله طوال الوقت حتى يفعله (رتب سريرك - اغسل أسنانك - مشط شعرك - ذاكر...) هو يكره الأوامر، ويكره صراخي به، حاولت تغيير طريقتي معه، لكن حين أكلمه بلطف يستجيب لكن بعد الاعتراض بالطبع.
أشعر أحيانًا بالإحباط، وأني أم فاشلة فوالده دائم الاتهام لي بأني لا أحسن التعامل معه، رغم أني أبحث عن وجوده في تربيته معه فلا أجده. أرجوكم ساعدوني. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
النشاط الزائد الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام Om Rakan يسعدني أن أتعرف عليك من خلال موقعنا وصفحتنا "معا نربي أبناءنا" فأهلاً بك.
سيدتي قد حوت رسالتك عدة "مشكلات" –إن صح هذا التعبير- وأعتقد أن مصدرها ومنبعها واحد قد ذكرته أنت في طي كلامك، وسأبدأ ببعض الأمور التي ذكرتِها في رسالتك أظن أنها أساس المشكلة ومفتاح الحل أيضًا، وهذه الأمور هي: إنه –أي طفلك- لا يعرف كيف يظهر حبه، وأنه يكره كثرة الأوامر، ويحاول بصفة مستمرة "استفزازك" وإغضابك.
ومن النقطة الأولى فيما سبق أود -أنا بدوري- أن أسألك: هل عرفت أنت –سيدتي– كيف تظهرين حبك لطفلك؟ من خلال رسالتك لاحظت أن العلاقة بينكما قائمة على إصدار الأوامر بصفة مستمرة من جهتك والرفض والتمرد من جهته.
سيدتي لن أعدد لك أهمية وفائدة أن تكون العلاقة دافئة وحميمة بينك وبين ابنك فهذا أمر غني عن التعريف به، بالطبع ليس عندي أدنى شك في حبك لابنك، وأعلم أيضًا أنك لا تفعلين ما تفعلينه إلا بسبب حبك وخوفك عليه، ولكن كيفية إظهار هذا الحب والتعبير عنه أيضًا في غاية الأهمية فلا يكفي أن نحب أبناءنا وفي الوقت نفسه نقوم بالصراخ والعويل وإصدار الأوامر طوال الوقت.
باختصار سيدتي إن كل ما تشكين منه أو جله يبدأ من إصلاح الأمر بينكما، وقد كتبت وكتب غيري على هذه الصفحة عشرات الموضوعات التي تناولت هذه المشكلة، وأنا لا أدري -سيدتي- مدى إتقانك للغة العربية حتى أنصحك بقراءتها، لكن على كل حال سأجمل لك بعضه في النقاط التالية:
1. عليك بإظهار المودة والحب لطفلك بل لأطفالك جميعًا (فعليك مثلاً أن تحتضنيه أحيانًا وتقبليه وتربتي على كتفه.. إلى آخر هذه السلوكيات التي تظهر للطفل أنه طفل محبوب مقبول).
2. أن تكفي تمامًا عن الصراخ في وجهه بصفة مستمرة.
3. أن تقللي نسبة الأوامر ولا تكون إلا في حدود ضيقة، فكثرة الأوامر –كما لاحظت– تغري برفضه بل والتمرد والعصيان. بالطبع ستسألين: وماذا عن كل المخالفات التي يفعلها، وماذا عن حجرته التي لا يرتبها وعدم غسله لأسنانه وعدم تمشيطه لشعره وفوضويته بصفة عامة، وعدم رغبته في المذاكرة بصفة خاصة. أقول لك هذه الأمور تحتاج إلى تفهم وعلاقة طيبة وأسلوب خاص في إصدار الأوامر حتى نضمن طاعة الأبناء إلى حد كبير، وهو ما نحاول مساعدتك فيه من خلال هذه الاقتراحات.
4. أن تساعدي ابنك في ممارسة بعض الأنشطة المختلفة داخل وخارج البيت، وهذه الأنشطة كثيرة جدًّا بالكتب وأكثر على المواقع العديدة للإنترنت، منها ما يستغرق دقائق معدودة (يمكن لعبها في أوقات الراحة في أثناء المذاكرة كما سيأتي لاحقًا)، ومنها ما يستغرق أكثر من ذلك؛ ولذا فعليك الاطلاع عليها، وثقي تمامًا أن الأطفال بل والكبار أيضًا إذا لم يكن أمامهم إلا مهمة واحدة في حياتهم وهي المذاكرة مثلاً فلن ينجزوها أبدًا؛ لذا فلا بد أن يكون لهم مهمات أخرى وأدوار أخرى يجب أن يمارسوها في حياتهم، كاللعب، وتحمل جزء من مسؤولية البيت، وشراء بعض الأغراض له، وتنظيم بعض الأثاث بالبيت، وممارسة الرياضة... إلخ.
5. أن تضفي على جو البيت الدفء والمرح، وأن تتبادلوا النقاش والفكاهات، ويمكنكم عمل لقاء أسبوعي لمناقشة موضوعات مختلفة.
6. أن تجتمعوا على تناول وجبة واحدة على الأقل في اليوم.
7. إذا أردت تعديل سلوك ابنك في أمر ما فعليك أن تتدرجي في هذا التعديل، فلا يجب أن تطلبي منه أن يرتب حجرته ويرتب سريره ويعلق ملابسه ويمشط شعره ويغسل أسنانه ويذاكر جيدًا دفعة واحدة، بل عليك أن تعقدي معه اتفاقًا على أن يلتزم بأحد هذه الأشياء، وليكن ترتيب سريره مرتين في الأسبوع، ولتكن مدة هذا التقويم والتعديل أسبوعين، وفي كل مرة يقوم بها بهذا السلوك المرغوب فيه عززيه وأخبريه كم أنت مسرورة منه وفخورة به، ولاحظي أنك لن تنجحي في هذا التعديل إذا لم تكن بينكما هذه العلاقة الجيدة التي تسمح بمثل هذا النوع من الاتفاق.. استمري في تعديل كل ما ترغبين فيه مع طفلك شريطة ألا تتعجلي الأمور، بل عليك بالصبر ولا تنتقلي من أمر إلى آخر إلا بعد أن يكون قد اعتاد على ما اتفقتما عليه أولاًَ.
وقبل أن تقومي بالمهام السابقة عليك أنت دور تجاه نفسك فدربيه على عدم الانفعال، وذكري نفسك بصفة مستمرة أن هذا الانفعال لم يجلب لك إلا الإحساس بالتوتر وعدم الراحة وسوء العلاقة بينك وبين طفلك، فضلاً عن إشاعة جو الشحناء بالبيت، واسألي نفسك أيضًا إذا كنت مكان طفلك هذا وأُصدرت لك كل هذه الأوامر بصفة مستمرة فماذا أنت فاعلة؟ لا بد وأنك تملين وتختنقين من كثرتها، ولن تقومي بفعلها حتى لو كانت لديك الرغبة في أدائها.
أما بالنسبة لعدم رغبته في المذاكرة وتدني مستواه التحصيلي ونشاطه الزائد فبالنسبة للمشكلتين الأوليين (عدم رغبته في المذاكرة وتدني مستواه التحصيلي) فأنا على يقين من أن ذلك سوف يعالج من خلال تجويد العلاقة بينكما إلى جانب مراعاة ما يلي:
• حددا معًا مكانًا للمذاكرة ثابتًا مريحًا.
• علمي ابنك كيف ينظم وقته ويقوم بعمل جدول للمذاكرة على أن يكون ذلك بالتدريج.
فمثلاً: قسِّما عدد المواد التي يجب أن يذاكرها في اليوم الواحد على عدد ساعات مذاكرته، واجعلا لكل مادة وقتًا محددًا، وبين كل مادة وأخرى وقت راحة يمارس فيها بعض الأنشطة التي سبق وأشرت إليها، ولا تقل مدة الراحة بين المادة والأخرى عن خمس دقائق ولا تزيد عن عشر، وبعد أن ينتهي من أداء كل واجباته يمكنه اللعب مدة أطول على حسب الوقت المحدد لنومه، وبالطبع كل هذا لا بد من التدرج فيه، بمعنى أنكما بعد تقسيمكما للمواد على عدد ساعات المذاكرة فلا يُطلب منه إتقان مذاكرة كل مادة من أول يوم أو حتى من أول أسبوع، بل يمكنكما الاتفاق على عمل الواجبات المطلوبة منه بالمدرسة، مع إتقان مادة واحدة فقط يختارها لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وهكذا حتى يكتسب مهارة الإتقان، ويمكنك بعد ذلك أن تتركيه ليقوم بعمل الجدول بمفرده، ولكن أيضًا بالتدريج فيمكنك تركه يعمل جدول يوم واحد بالأسبوع بعد أن تكونا قد اشتركتما معًا في عمله مدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم يقوم بعمل جدول ليومين، وهكذا...
• عليك أنت ووالده متابعة مستواه التعليمي بالمدرسة.
• عزّزيه بصفة مستمرة على إنجازه لواجباته أو لتقدمه الدراسي ولو تقدمًا طفيفًا على أن يكون التشجيع والتعزيز دون وعد مسبق.
أما بالنسبة لوصفك له بالنشاط الزائد فهذا الوصف غير محدد، فلم تذكري علامات أو أعراض هذا النشاط الزائد، فربما يكون نشاطه الزائد نتيجة لعدم استيعاب طاقته وعدم السماح له باللعب بشكل كافٍ، وربما كنوع من التمرد وإظهار الرفض لكثرة الأوامر؛ لذا فسوف يقل ويوجه التوجيه الصحيح إذا اتبعت كل ما سبق، أما إذا كان يعاني من النشاط الزائد الذي يصاحبه بعض أعراض صعوبات التعلم من قلة التركيز أو عدم الانتباه أو أي أعراض أخرى لصعوبات التعلم، فيمكنك هنا استشارة طبيب للمخ والأعصاب ومراكز صعوبات التعلم مع مساعدة ومساندة المدرسة بالطبع.
ويمكنك معرفة المزيد عن علاقة صعوبات التعلم وقلة التركيز بالدخول على الاستشارة التالية:
- الشرود وصعوبات التعلم
سيدتي كل ما ذكرته لك قد استعرضناه من قبل –كما ذكرت– في موضوعات عديدة يمكنك الاطلاع عليها إذا كنت ممن يقرأن باللغة العربية.
وأخيرًا أدعوك مرة أخرى للمتابعة معنا مع دعائي لك بالتوفيق.
ويمكن بالنقر هنا الاطلاع على المعالجات السابقة التي أشرنا إليها:
أولاً: الخاصة بالتعامل مع عناده وإعادة تطبيع العلاقة معه:
- بيت أم ثكنة عسكرية؟
- الفوضوي المستفز.. كيف نجعله قدوة؟؟
ثانيًا: الخاصة بالمذاكرة:
- شهرزاد وألف ليلة وليلة.. مذاكرة
- سوف والجيل الصاعد
- تصالح مع طفلك -متابعة
ــــــــــــــ(102/411)
صغارنا والإعلام الجنسي العنوان
أسماء أولادي كالآتي:
- كرم: (بنت 5 سنوات)، (هادئة بطبعها، مطيعة، مرتبة، متزنة إلى حد الانغلاق).
- جواد: (ولد 3 سنوات)، (جيد وهادئ عنيد عند الطلب مسكين عند الحاجة، حنون، أخطاؤه نتوقع أنها من شيء خارج عن سيطرته يفرض الخطأ نفسه فرضًا).
- فداء: (بنت 4 أشهر)، (مستقرة صحيًّا لا مشاكل والحمد لله عند المرض تعامل مثل ما يعاملون تمامًا نفس الاهتمام)
البيت مستقر ومتكامل، الأب جامعي يعمل مدير شركة من 8 ص إلى 5 مساء صبور إلى حد لا يتوقع، الأم ربة منزل في الوقت الحالي خريجة جامعة عملت لفترة ستة أشهر في المجال الطبي 10 ساعات عمل في اليوم.
الجدول اليومي: يذهب الأب للعمل صباحًا، والبقية نيام يبدأ البقية بالقيام من النوم تباعًا. المشكلة: كرم بدأت تقوم بأشياء لم نكن متعودين على تقبلها منها وأشياء خطأ نعتبرها انتكاسة لا نخفيك (تلعب بفرجها بالسر؟) راجعنا طبيبًا فذكر بأن لديها التهابًا، أخذ العلاج وذهب الالتهاب وبقيت العادة، يلاحظ عليها "السرحان" بشكل كبير تعطى الطرف الآخر دائمًا حريته من خلال (أين سنذهب يا كرم؟ والإجابة على كيفك أو على كيف جواد)، نلاحظ عليها بعض البلاهة.
أحد الأطباء ذكر لنا بأن لديها لحمية! ومن المخطط لدينا بأن نراجع بهذا الموضوع قريبًا. بين الفترة والأخرى نسمع عن فلان سحر، وفلان أصيب بالعين وهي منتشرة هنا! نحن متخوفون جدًّا جدًّا من هذا التغيير. جواد (يذهب إلى المسجد مع أبيه تقريبًا هذا هو النشاط المنفرد).
السؤال
تربوي الموضوع
د/ إيمان السيد اسم الخبير
الحل
مرحبًا بك أختي الكريمة، ومرحبًا بأبنائك الذين لفتت نظري بشدة أسماؤهم المنتقاة المميزة ففيهم الكرم والجود والفداء جعل الله تعالى لهم من أسمائهم حظا ونصيبا وافرا.
أختي الكريمة لم تكن أسماء أطفالك هي الشيء الوحيد الذي لفت نظري في سؤالك، بل وصفك لابنتك بالبلاهة كان مما لفت نظري بشكل أكبر، وأردت الاستيضاح منك بشأنه:
- ماذا تقصدين بالبلاهة؟.. هل التأخر في النمو العقلي؟ أم مجرد طيبة الأطفال وسذاجتهم؟
- هل من الممكن تزويدنا بنموذج من المواقف التي دفعتك لوصف ابنتك بالبلاهة؟
وحتى يتم تزويدنا بما يفيد عما سبق سأوجه حديثي إليك باعتبار أن ابنتك طفلة طبيعية ليس بها تأخر عقلي.
وأبدأ الحديث عن الالتهابات التي جزمت بأنه تم علاجها تمامًا بشكل ناجع وهو ما أشك بشأنه؛ لأن هناك بعض الالتهابات الفطرية لا تزول آثارها بسهولة، وتتسبب دائمًا في حكة، وبالتالي فالرجاء التأكد فعلاً بشكل سليم من خلو الطفلة من الالتهابات تمامًا، ويمكن ذلك من التأكد من:
عدم وجود إفرازات في ملابس الطفلة الداخلية لها رائحة أو لون.
وبوجه عام لا بد من تعليم الطفلة قواعد النظافة الشخصية مثل:
1 - التغيير يوميًّا لغياراتها الداخلية.
2 - الاستنجاء جيدًا والتجفيف بعد الاستنجاء جيدًا ليكون هذا المكان جافًّا باستمرار.
3 - غسل اليدين بكل إتقان بعد دخول الحمام والاستنجاء.
بعد تأكدك من خلوها من الالتهاب فعلاً وتعويدها قواعد النظافة التي تمنع حدوث الهرش أو الحكة، وإذا استمرت في مثل هذه العادة فلا بد حينها من التأكد من كون الأمر:
- إما أنه عادة سيئة أو خصلة.
- أو أنه سلوك جنسي سيئ متعمد يمكن تعديله، مع ملاحظة أن الأطفال لا يدركون الجنس كما يدركه الكبار، ولكن مثل هذه السلوكيات تحقق له شعورًا مختلفًا يحبون تكراره.
ويمكنك التعرف على ذلك من متابعتها وملاحظتها، فإن كانت تتحرى الوحدة حين ممارسة هذا السلوك، وتبعد به عن عيون الآخرين وتستغرق في السرحان أثناء ممارسته مع احمرار في وجهها وعرق أثناء ممارسة، مثل تلك التصرفات، فنحن نتعامل مع الاحتمال الثاني، وإن كان الأمر تمارسه غير عابئة بشيء من هذا فنحن نتعامل مع الاحتمال الأول.
ولأن طفلتك ما زالت صغيرة، فلا بد من التعامل مع الأمر بذكاء وفطنة دون لفت نظرها لمزيد من التمسك بتلك السلوكيات وتأصيلها لديها، وسأحدثك بالتفصيل عما يجب فعله معها دون زجر لها أو تهديد أو عقاب أو إهانة.
أولاً: لا بد من إعلام الطفلة جنسيًّا بما يتلاءم مع سنها، فالقمع والاستبعاد لا ينفيان حقيقة أن أبناءنا لديهم حياة جنسية، صحيح أنها تختلف كل الاختلاف وتبعد كل البعد عن الشكل الذي تتخذه عند الراشدين، لكن هذا لا ينفي وجودها وضرورة التعامل معها بشكل صحيح ومرشد.
ولا بد من الرد على أسئلة طفلتك جميعًا بحنكة وبشكل يشجعها على طرح الأسئلة عليك فقط لتجيبي عنها إجابات مناسبة مع سنها، وغالبًا ما تتركز تساؤلات الأطفال في سن ابنتك حول محورين: أصل الأطفال (الحمل والولادة) والفارق بين الجنسين.
وهنا لا بد من عرض الحقائق البيولوجية بشكل مبسط وواضح دون استرسال ببساطة وطبيعية: "فالله خلق للأم جيبًا يسمى رحمًا وبه بييضات لا قشرة لها تكبر وتصير طفلاً"، وهكذا...، وكما قلنا لا بد من كون الحديث له داعٍ من سؤال أو غيره، ولا مانع من مشاهدة شيء عن الإعجاز الإلهي في خلق الجنين على أشرطة فيديو أو أسطوانات كمبيوتر للفت نظر الطفلة للحقائق العلمية المرتبطة بنشأة الإنسان وقدرة الله تعالى في إبداع خلقه.
ويمكنك الاستزادة بشأن الإعلام الجنسي للأطفال بمطالعة الاستشارة التالية:
- الغيرة.. هل تعجل باكتشاف عالم الجنس؟
ثانيًا: ينبغي أن يكون التعامل مع الطفلة بعيدًا عن الأوامر الكثيرة والصارمة، فكثرة الأوامر ستسبب لها الملل والرغبة في التخلص من هذه الأجواء غير المرغوبة لها بتنفيذ ما تريده في الخفاء بعيدًا عن الأوامر، والخفاء يعني الظلام والظلام هو الضلال.. فاحذري يا أختي كثرة الأوامر والنواهي وسوء توجيهها.
ثالثًا: فينبغي لفت انتباهها إلى شيء آخر حين تلاحظ عليها استغراقها في فعل هذا الأمر كجذبها لمشاهدة برنامج لطيف أو اللعب بلعبة تحبها أو المشاركة لطهو الطعام مع والدتها دون تكرار الحديث عن هذا الأمر معها ودون زجرها أو عقابها، وقد استفضنا في توضيح كيفية إلهاء الأطفال عن ممارسة هذه العادات إما بتشتيت انتباههم وصرفه إلى شيء آخر في استشارات سأجملها لك في نهاية الإجابة.
رابعًا: لا بد أن تقضي الطفلة وقتًا مفيدًا وجميلاً مليئًا بالهوايات التي تحبها (قراءة - رسم - تلوين - ألعاب تركيبية - مكعبات... إلخ)، والأنشطة التي تنمي ذكاءها، ولا تترك للباطل لعدم وجود ما يشغلها من الحق.
فلا بد من العمل على توفير فرص عديدة لنزهة أطفالك وخروجهم وانطلاقتهم ولعبهم في مساحات واسعة وبشكل متكرر، ولا بد من إيجاد أنشطة كثيرة يمارسونها أيضًا داخل المنزل وتابعي بهذا الصدد ما يلي:
- كل صيف وأنتم مستمتعون.. مستفيدون - مشاركة من خبيرة
- برنامج مميز للوقت المميز
- أطلق إبداع ابنك بالحكايات .
- بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
خامسًا: إقناع الطفلة بشكل غير مباشر بأن هذا الأمر -العبث بهذه الأماكن- قد يسبب لها أمراضًا تؤدي بها إلى ضرورة تناول أدوية غير محببة الطعم وملازمة الفراش، وعدم التمكن من اللعب والجري، ويمكن استغلال فرصة أقرب وعكة تصيبه لربطها بالأمر كان يقال له: "أرأيت لا بد أنك لم تلتزم بقواعد النظافة والصحة، ولم تسمع كلامي في الابتعاد عن هذا المكان المليء بالفيروسات والجراثيم، أو لم تغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع هذا المكان بدون تقريع"، ولكن فقط بشكل فيه استشهاد وإقامة الحجة لتقتنع بشكل عملي.
سادسًا: ولعلّ ما سأختم به معك هو أهم ما في المقترحات التي أوردها لك على الإطلاق وهو مصاحبة طفلتك ومصادقتها وإرساء قواعد متينة لصداقة حميمة معها تضمن لها حياة مستقرة ونموا آمن، ويمكنك الاطلاع بهذا الصدد على ما يلي:
- كيف أستعيد حب وثقة ابنتي
- مصاحبة الأبناء.. متى، كيف ولماذا؟؟
- الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
أختي الكريمة..
أرجو أن تواصلي استفساراتك ومتابعتنا بأسئلتك حول أبنائك الثلاثة باستمرار، ويسعدنا تواصلك معنا، كما يسعدني جدًّا موافاتك لنا بأخبارك وأخبار ابنتك ونتائج تطبيقك لما أوردناه لك من مقترحات ونصائح، وأختم حديثي معك بقول الله تعالى: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"، أوصيك ونفسي بالإكثار منه، فتقر عيوننا بذرياتنا وتحقيق آمال أمتنا، وشكرًا لك.
لمزيد من التفاصيل يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- الجنس كما يعرفه الأطفال
- نمو الأطفال الجنسي.. كيف نتعامل معه؟
- ثقافة جنسية بلا إثارة
- التربية الجنسية متى وكيف؟ .
- تحذير هام: العادة السرية فخ
- أصبعان في مهمة غير مرغوبة .
ــــــــــــــ(102/412)