أحد فصول التدليل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي أن ابن أختي الذي يبلغ من العمر 6 سنوات عصبي جدًّا، وإذا قامت أخته بعمل واجبها قبله يحتج عليها ويضربها؛ لأنها أنهت واجبها قبله. وهو سريع وكثير الحركة، ولا يجلس هادئًا أبدًا، ودائمًا سريع الغضب، وعندما تضربه أمه لفعله أي خطأ في الواجب مثلاً يقوم ويلبس حذاءه ويقول: سوف أترك لكم البيت. ويفعل غير ذلك؛ فعندما تطلب والدته منه شيئًا لإحضاره لها فإنه يدعي أنه متعب ولا يقوى على إحضار هذا الشيء. فما هو الحل الطبيعي مع هذا الطفل؟ غير أنه -أيضًا- ينسى دراسته بصورة سريعة جدًّا، ولا يتذكر شيئًا من واجباته. فما هو الحل مع هذا الطفل؟ أرجو من سيادتكم الرد عليَّ. ولسيادتكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الخالة الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بالرغم من أن رسالتك تحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول ظروف انفصال الوالدين، ومدى تأثر الطفل بهذا الانفصال ومدى علاقته بوالده فإن التفاصيل القليلة الواردة في الرسالة تشير إلى درجة من التدليل الزائد لهذا الطفل تحتاج إلى وقفة؛ فالمواقف الثلاثة التي شرحتيها في رسالتك لم يظهر لها أي رد فعل تربوي من قِبَل الأم أو غيرها بضرب أخته؛ لأنها أنهت واجبها قبله، فهذا الطفل الصغير الذي يقوم بضرب أخته لأنها أنهت واجبها قبله، أو الذي يلبس حذاءه مهددًا بترك البيت، أو الذي يتكاسل عن القيام بأي طلب يوجه إليه.. هذا الطفل لم يواجه أي عاقبة على سلوكياته، وبالتالي فإنه مستمر بها ومستمر لها. ونحن استخدمنا كلمة العاقبة وليس العقاب؛ لأن الأمهات عندما يذكر لديهن العقاب لا يَرِد إلى أذهانهن إلا الضرب والعنف في التعامل مع الموقف.. في حين أن الأمر أعقد من ذلك، ويحتاج إلى تعامل هادئ، ولكنه حاسم وحازم، وفي الوقت نفسه يجعل الطفل يقلع عن هذه السلوكيات السيئة.
إنه يجب أن يدرك رفضنا التام لهذه السلوكيات؛ يبدو واضحًا في تعبيرات وجوهنا وفي إصرارنا على عقابه سواء بالخصام أو الحرمان أو الإبعاد لمدة محددة مع توضيح سبب هذا العقاب، والإصرار على اعتذاره قبل أن ترفع عنه العقوبة؛ فهو عندما يضرب أخته يتم إعلامه برفض هذا السلوك وإبعاده في غربة آمنة لمدة عشر دقائق، مع إخباره بسبب الإبعاد وعدم الاستلام لأي محاولة منه لكسر العقوبة أو عما بدر منه وعدم تكراره. وفي حالة التكرار يذكر بالاتفاق معه وتضاعف العقوبة، ويخبر أن عليه الاجتهاد في حل واجبه وليس الاحتجاج على من أسرعت بفعل ذلك. وهكذا في التهديد بترك البيت، حيث ترفض هذه العبارة تمامًا ويخاصم في هذه الحالة أيضًا لمدة نصف ساعة ويعتذر. وهكذا عندما يتعلل بالتعب لعدم القيام بعمل يتم الإصرار على قيامه به، وبالتالي يدرك الطفل أن هناك عاقبة حقيقية لسلوكياته فيقلع عنها بالتدريج.
الأمر يحتاج إلى صبر ووقت، فلن يتم من المرة الأولى أو الثانية، ولكن يتم بالإصرار على الموقف نفسه لمدة شهور، يدرك الطفل معها أنه لا سبيل أمامه إلا الاعتدال.
يتم وصف كثير من الأطفال بالعصبية وكثرة الحركة وقلة الانتباه مما يعطي الانطباع بأنهم من ذوي مرض زيادة الحركة وقلة الانتباه ADHD ، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة؛ خاصة أن مسألة المذاكرة والحفظ لطفل في سن السادسة يبالغ كثير من الآباء في تقييمها. وأيضًا يعتبر الكثيرون من الآباء أطفالهم من زائدي الحركة لمجرد نشاطهم الزائد؛ خاصة أن هذه الظواهر كلها قد تكون رد فعل نفسيًّا لانفصال الأبوين أو التدليل الزائد؛ لذا قد يحتاج الأمر في هذه النقطة إلى العرض على طبيب نفسي لتقييم المسألة بصورة مباشرة من خلال لقاء الطفل المباشر، والحصول على مزيد من التفاصيل حول حياة الطفل من الأم.
طفلي يسأل ما لون...؟ ... العنوان
السلام عليكم.. كيف الحال؟ لدي سؤال أرجو الاهتمام بالإجابة عليه، وجزاكم الله خيرًا.
لدي طفل في الثالثة من عمره يسألنا باستمرار عن أعضائه التناسلية وعن لونها، وكذلك بالنسبة للآخرين مثلي ومثل أخته الصغيرة وهكذا... فبماذا نرد عليه؟ وكيف نتعامل معه في هذه النقطة؟
وأيضًا نحن نعيش في منطقة ما -بالغربة- وليس لنا أصدقاء تقريبًا، فلا نذهب لأحد ولا يأتي أحد لزيارتنا إلا مرة واحدة تقريبًا كل شهر، وبالتالي الولد يعاني من عدم وجود أطفال يلعب معهم، خاصة أن أخته الصغيرة عمرها شهور، وعندما يرى أطفالاً كأنه رأى كنزًا بغض النظر عن كون ذلك الطفل نظيفًا أم لا، وكذلك الحال لزوجتي فهي تعاني من الوحدة أيضًا.. فما العمل؟ أرجو النصيحة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الطبيعي أن يسأل الطفل عن كل شيء، وبالتالي فسيسأل عن أجزاء جسده المختلفة، ومن ضمن هذه الأجزاء أعضاؤه التناسلية، فلماذا نتوقف عند هذا السؤال بالتحديد ويلفت انتباهنا.
إننا يجب أن نتعامل معه مثل أي سؤال، فنسأل أولاً لماذا يسأل الطفل بصورة عامة، فالطفل يسأل ليعرف ويرضي فضوله فهو يتعرف على العالم من حوله، وإحدى طرق تعرفه على العالم هو السؤال، وهو يسأل ليشد الانتباه وليقول ها أنا ذا.. وهو يسأل ليزيد حصيلته اللغوية.. وهو يسأل أيضًا من أجل استخدام هذه الحصيلة، فهو يسأل ليقول إني أعرف استخدام هذه الألفاظ.
إذا علمنا ذلك فسنجد أن السؤال بدلاً من أن يكون مصدر إزعاج لنجعله فرصته للتواصل مع الطفل وإظهار الاهتمام به، وفرصته لتوسيع مداركه وتوصيل معلومات جديدة أكثر مما يسأل عنه، وأفضل طريقة للإجابة هي الحقيقة مبسطة تناسب سنه دون توتر أو تكلف، ولا نتصور أن الهروب من الإجابة سيحل المشكلة، بل بالعكس سيزداد فضول الطفل للبحث عن الإجابة التي يهرب أبوه منها أو حتى يشعر بالحرج؛ لأنه ارتكب خطأ هو لا يفهم ما سببه.
ليس في السؤال عن الأعضاء التناسلية أي حرج فليس له دلالة زائدة عن سؤاله عن أي عضو في جسمه، ومثلما تحدثه عن أي عضو وعن وظيفته دون حرج، وليكن ذلك مع أسئلته حول الأعضاء التناسلية بما يناسب سنه وإدراكه ووعيه.
لا ندري ما سبب انزعاجك من إقبال طفلك على الأطفال الذين يراهم بعد مدة من انعزاله والذي لا يعاني منه الطفل ولكن تعاني منه الأم أيضًا.. ليس لدى الطفل القدرة على التمييز بين طفل نظيف وغير نظيف؛ فالذي يراه هو أن هناك طفلاً في مثل سنه هناك فرصة للعلب معه والتواصل... ولا نرى في ذلك أي مشكلة، ولا نفهم ماذا تعني بالطفل النظيف وأين يجد طفلك هذا الطفل غير النظيف.
لم توضح في رسالتك ظروف غربتك وأسباب سفرك، وخطتك للعودة للوطن والتي من خلالها يمكن أن نحدد كيفية تعامل زوجتك مع الوحدة التي تعاني منها.. وهل هناك إمكانية لانتقالك لمكان آخر؟ وألا يوجد جيران من حولكم من أي جنسية؟ الأمر يبدو مبهمًا في هذه النقطة، فنرجو المزيد من التفاصيل وإرسالها إلى صفحة مشاكل وحلول الشباب لمحاولة المساعدة.
وبالنسبة لطفلك نرى أن محاولة إيجاد مجالات تواصل له مع الأطفال سيكون له مردود إيجابي على نفسه عن طريق إلحاقه بحضانة أو روضة أطفال يكون دورها الأساسي هو أن يرى أطفالاً ويتفاعل معهم بصورة مستمرة، وعندها يمكن أن نرشد تفاعلاته.
ــــــــــــــ(102/64)
السرقة أم إدمان الشراء؟ ... العنوان
منذ فترة عرفت أن ابنتي -9 سنوات- سرقت مبلغًا بسيطًا من المال لا يكاد يذكر بجانب مصروفها الذي أعطيها إياه، علمًا بأن معظم طلباتها مجابة، وعنفتها على هذا، وعرفتها أن هذا السلوك حرام، وكذلك من الناحية الاجتماعية غير مقبول.
ومنذ شهر اكتشفت أنها سحبت من محال البقالة الذي نتعامل معه بمبالغ كبيرة جدًّا، واعترفت بذلك بعد مجهود، وكانت تتظاهر بأنها تدخر مصروفها، وعاهدتني بدون عقاب على ألا تفعل ذلك ثانية.
ولكن بعد 20 يومًا فقط فوجئت بها قد سحبت من الحساب بدون إذني مرتين صرخت فيها، وكنت طلبت منها في المرة السابقة أن تختار لنفسها عقابا إذا فعلت ذلك ثانية، فقالت أن أحرقها بالنار، وفعلا سخنت الملعقة هذه المرة ولسعتها بها، ولكنها لم تبكِ ولم تتألم، مع العلم أن العقاب البدني لا يأتي بنتيجة معها وإذا ضربتها تظل واقفة كما هي ولا تتحرك.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة، أهلا بك وشكرًا على ثقتك. الحقيقة أن ما يفهم من إفادتك ليس نزوع البنت للسرقة بقدر ما هو احتمال سقوطها في فخ عدم التحكم في سلوك الشراء الذي سقط فيه كثير من أطفالنا؛ فهي ليست ابنتك وحدها التي تسحب من محل البقال المقابل أو المجاور للبيت، وعدم التحكم في سلوك الشراء.
وعدم التحكم في سلوك الشراء يمتد كمتصل سلوكي بين الشراء الانفلاتي أو الاندفاعي الخالص Impulsive Buying إلى الشراء القهري الخالص Compulsive Buying ويتأرجح بينهما ما أصبح يعرف في أدبيات الطب النفسي وأدبيات السوق الاقتصادية بإدمان الشراء Buying Addiction، وهو مفهوم جديد نوعًا ما في الطب النفسي؛ فهناك مشكلة تعاني منها نفوس أعداد كبيرة من البشر في تعاملها مع الرغبة في الشراء؛ ولذلك أسباب كثيرة لا نستطيع أبدًا إغفال دور المجتمع المحدث فيه هذا الأمر؛ ذلك المجتمع الذي تحول إلى سوق كبيرة للاستهلاك.
ولكي أوضح لك الأمر فإن ما يحدث عندما يتعرض الإنسان لإغراء بضاعة ما (هي الحلوى أو أنواع الشطائر والمحمصات والمملحات المختلفة في حالة الأطفال) هو الشعور بالرغبة في الحصول على تلك البضاعة، والتعامل مع هذا الإغراء يحتاج إلى ضبط النفس والقدرة على الموازنة بين ما أستفيده وما أخسره، وتتداخل عوامل كثيرة في تحديد السلوك الذي سيلجأ الطفل إليه استجابة لذلك الإغراء، من بينها طريقة العرض، وتوفر النقود، وخبرة الطفل المسبقة مع الخواص الحسية للمنتج الذي يشتريه كالرائحة والملمس والمذاق. ومن المهم طبعًا أن نعرف أن ما يتعرض له أطفالنا من إغراءات يفوق طاقاتهم بكثير، وأنا حتى الآن أتكلم عن طفل طبيعي في ظروف غير طبيعية كالتي نعيشها جميعًا في مجتمع السوبرماركت الكبير الذي أصبحنا نعيش فيه.
لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد مع الأسف الشديد؛ فما يحدث لكثير من أطفالنا ليس فقط أنهم يسرفون في شراء الحلوى وغيرها من المنتجات المخصصة للأطفال، وليس أنهم يدمنون الشراء لميزة فيما يشترونه، وإنما تتحول العملية بالتدريج إلى إدمان لعملية الشراء نفسها بغض النظر عن أهمية أو قيمة ما يشترون!!
ويحدث ذلك لأن نشاط الشراء يتحول بالتدريج إلى نشاط يتعامل الطفل به مع أي مشاعر سيئة يتعرض لها؛ فهو يكتشف بالصدفة أن التجول في السوبرماركت وشراء كل شكل جديد من أشكال المنتجات إنما يرفه عنه ويقلل من توتره أو قلقه أو خوفه أو أي من المشاعر الطفولية، بل ويحوله من ذلك الشعور غير الطيب إلى شعور متعاظم باللذة والانتعاش يتصاحب معه ويتلوه الاستمتاع بالخواص الحسية للمنتج الذي يراعى فيه تبعًا لخواص "الأيزو"(!!) أن يكون غير مشبع لكي يضمن شراء أكثر كما بينا في مقال حول الجوع والشهية ومعامل الشبع على موقع مجانين ، ويضاف إلى ذلك طبعًا ما يقدمه تجريب كل جديد من وسيلة للتفاخر ومادة للحديث مع أصدقائها وصديقاتها من الأطفال إلى آخر ما هو معروف من سلوكيات طفولية.
قصدت من كل هذه المقدمة أن أبين لك فقط أن علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها؛ فمشكلة ابنتك هي الانفلات في الشراء، والمطلوب هو أن نعلمها كيف تنضبط تجاه ذلك الإغراء الذي لا ينتظر أن يقل تعرضنا جميعًا له، مع ملاحظة أن حسابات العقل والمنطق وحدود الملكية بالنسبة لطفلتك (أي ملكيتي وملكية بابا وماما وإخوتي) لا تزال في طور التشكل والتبلور، ليس الحل إذن أن نعاقبها جسديًّا، خاصة أنه من الواضح أن ابنتك تعرضت للضرار الجسدي أكثر من مرة حتى وصل رد فعلها تجاهه إلى ما ذكرته لنا في إفادتك حين قلت: "وفعلاً سخنت الملعقة هذه المرة ولسعتها بها، ولكنها لم تبكِ ولم تتألم، مع العلم أن العقاب البدني لا يأتي بنتيجة معها، وأنني إذا ضربتها تظل واقفة كما هي ولا تتحرك"؛ فهذا رد فعل يدل على التحدي والاعتراض الذي لا يصل إليه الطفل إلا بعد تعرضه للضرار الجسدي بصورة متكررة.
ما نحتاج إليه إذن هو الشرح والتوضيح لها في غلالة من الاستعداد للإجابة على كل أسئلتها، والأكثر أهمية من ذلك هو إيجاد نوع من التحكم الخارجي؛ كأن ننبه على صاحب البقالة ألا يعطي أطفالنا ما يطلبون دون مقابل مالي يقدمه الطفل له، وألا تترك النقود ملقاة في أي مكان ظاهر من البيت، وفي نفس الوقت علينا ألا نحرم الطفل من مصروف يومي مناسب، وألا نتدخل في تصرفه فيه، كما يفضل أن نعلم الطفل تنظيم ميزانيته؛ مثلا بعد كل عيد من أعيادنا تتجمع مع الطفل كمية جيدة من المال، وعلينا مثلا أن نقول له: هذا المبلغ سيضاف إلى مصروفك الشخصي في الفترة من كذا إلى كذا، وهو مدخر لك حتى شهر كذا، ويمكنك التصرف فيه كما تشاء في نفس الوقت الذي نكف نحن فيه كأب وأم عن شراء الشوكولاتة والشيبسي وغيرها، ونترك للطفل حرية تنظيم ميزانيته، وهذه الطريقة تجعله أكثر قدرة على النضج.
ويمكنك إن لم تتمكني من إتمام ذلك بنفسك وبمساعدة زوجك أن تستعيني في التعامل مع الموقف بإعداد برنامج سلوكي يساعدك فيه أحد اختصاصيي التربية وعلم النفس، وهم موجودون بكثرة في دول الخليج. وأهلاً وسهلاً بك دائمًا، فتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/65)
تأخر الكلام.. متى يدق ناقوس الخطر؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم على ما تقدمونه لنا من نصائح غالية، جعلها الله في ميزان حسناتكم. أرسل برسالتي وأريد أن أسأل بخصوص ابنتي التي أكملت عامها الثاني اليوم، وهي -والحمد لله- تتمتع بصحة جيدة، ولها أختان: الأولى تسع سنوات، والثانية سبع سنوات، وهي تفهم كل شيء أقوله، وتستطيع الكلام بالقليل من الكلمات فتقول: "بابا" و"ماما" واسم أختيها، وتردد بعض الكلمات ورائي، ونحن في البيت نتكلم العربية، وإنني لا أرسل بناتي إلى الحضانة قبل سن ثلاث سنوات بحيث تكون البنت تتكلم العربية بطلاقة، وتذهب للحضانة في عمر ثلاث سنوات، مع العلم أن أختيها تكلمتا بالعربية قبل هذا العمر، أي لما كانا في عمر السنتين كانا يتحدثان الكثير من الكلمات، ويعبران عما يريدان ولم تصادفهما أي مشاكل من حيث النطق.
وإنني أحكي لها الحكايات يوميًّا، ونقرأ المعوذات قبل النوم بحيث تنفث في يديها وتقرأ بكلام لا أفهم منه ولا كلمة، وعندما تنتهي تمسح جسمها بما قرأت، وأقول: "مش مهم.. المهم أنها تعبر بذلك"، ولما لم يطمئن قلبي ذهبت بها إلى طبيب الأذن لكي يفحص سمعها، وذلك بعد قراءتي لكثير من الاستشارات على موقعكم، وإنني أقول لنفسي: ما دامت تقول بعض الكلمات وتردد بعضها ورائي فليس هناك قلق، وسأستمر على ما أنا عليه مع ابنتي من خلال تعريفها الأسماء والألعاب وقراءة القصص، وأتمنى أن تكون مسألة وقت. ولكن ما دفعني للكتابة لكم هو لكي تجيبوا على: متى يدق جرس الخطر ويصبح عدم كلامها مشكلة؟ وفي أي عمر يجب ألا أسكت على هذا الموضوع.
وفي الختام.. لكم تحياتي ودعائي لكم بالتوفيق ودعائي لي ولزوجي بأن يحفظ لنا بناتنا من كل سوء ويجعلهن لنا حجابًا من النار.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله..
أختي الفاضلة.. أم سارا
تحياتي لك ولاهتمامك المبكر.. عادة هناك فروق فردية بين الأطفال في اكتساب جميع المهارات، لكن بصفة عامة يجب أن يتبع الأطفال جدولاً معينًا لاكتساب أي مهارة مثل النطق أو اللغة أو الحركة الدقيقة أو الكبيرة، ولكن يمكن أن يقل أداء الطفل عن العمر الزمني له بما لا يزيد عن 6 - 8 أشهر عن عمره الزمني.
أختي العزيزة، طفل الثالثة يفترض أن يكون على الأقل قد بدأ بتكوين جمل من 2 - 3 كلمات مثل: بابا باي ماما حليب سارا باص؛ أي أن المعنى تقريبًا مفهوم، ولكن بدون أدوات لغوية واضحة من حروف الجر أو تصاريف الأفعال بشكل صحيح، ولكن هناك أطفالا -ما شاء الله- يكون 80% من كلامهم مفهومًا وبجمل واضحة تقريبًا.
المهم هو التأكد من أن اللغة الاستقبالية للطفل سليمة؛ أي أن ما يعرفه من مهارات معرفية وإدراكية مناسب لعمره الزمني مثل العد الآلي (من 1 - 5 تقريبًا).
معرفة عدد من أعضاء الجسم، واستخدام ضمائر الملكية: لي - لك - له - لها.
مطابقة الألوان وتسمية لونين على الأقل، وهكذا يمكن أن نعمل برنامج تحفيز لوضوح الكلام، وإن شاء الله تجدينه ضمن المقترحات من المواضيع بعد الاستشارة.
وطريقتك في القراءة للطفلة ومشاهدة كتب مصورة معها، وشرح ما تشاهدانه، وتكرار سور القرآن وبعض الأناشيد طريقة ممتازة لتحفيز الطفل لغويًّا.
عزيزتي، يمكنك للتأكد أكثر مراجعة اختصاصي نطق ولغة، وخصوصًا كما ذكرت سابقًا للتأكد من مهارات الطفلة الاستقبالية، وأيضًا يمكن أن يعطيكم الاختصاصي برنامجًا مساعدًا، وأتمنى أن توافينا بالتطورات المشجعة إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/66)
كيف نستعيد فلسطين؟ ... العنوان
الإخوة والأخوات الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله أن تكونوا بخير، أشكركم بداية على جهدكم الرائع والدءوب، وأسأل الله أن يجري الخير على أيديكم وينفعنا بعلمكم.
في الواقع لدي العديد من التساؤلات المحيرة، ورغم كونها افتراضية فإنها تحتل عندي وقتا وتأخذ مني جهدا. أنا في مرحلة الانتهاء من دراسة الدكتوراة في أمراض سرطان الرحم، أما زوجي فهو دكتور يعمل بالجامعة هنا في ألمانيا، لدينا طفلة حلوة عمرها عام، نسأل الله أن يبارك فيها ويحفظها، جاءتنا بعد سنوات سبع من الانتظار، كما أنني أنتظر مولودا خلال أشهر معدودة بإذن الله.
نحن أسرة فلسطينية يسكننا الهم، بل قد يمرضنا، أهلنا في فلسطين نتابعهم يوميا، والغربة تضغط على أعصابنا بدرجة مهولة، حياتنا أقرب لإيقاع مجنون، أغادر البيت في السابعة والنصف صباحا وأعود في الخامسة، زوجي يوقظ طفلتي ويجهزها ويأخذها للحضانة ويعود بها في الرابعة كل يوم، لا وقت لدينا؛ إذ نعود في غاية الإرهاق، ويوم السبت بالنسبة لنا للتسوق، والأحد ما تيسر من مجاملات وزيارات.
والأسئلة المتراكمة والمتداخلة تنصب حول الخلاص من أمراض الشخصية العربية النمطية التي قد نعاني منها، ويمكن إجمالها في الآتي:
1- كيف لي أن أربي طفلتي بعيدا عن الهم الممرض، لتأخذ حقها كاملا في طفولتها ولا تستعجل الكبر (مثل ما حصل معنا)؟ ونحن ملتصقون بالأخبار ومتابعون لها بشتى السبل، حتى إن طفلتي تسكت عن البكاء تماما مهما اشتد عندما تسمع الموسيقى التي تسبق نشرة الأخبار وعلى أكثر من فضائية، من المهم أن أقول إن طفلتي ولدت يوم سقوط بغداد.
2- كيف لها أن تنشأ بعيدا عن الافتراضات العسيرة؟ أو كيف يمكن لنا ألا ننقل لها العدوى؟ أين نقيم؟ متى نغادر؟ كيف نعيش؟ متى نملك بيتا وأين؟ ومتى نملك جواز سفر؟
3- كيف لنا أن نتماسك بدون بكاء أمامها عندما تذكر القدس؛ فأنا حساسة، وزوجي أكثر مني وهو أديب وشاعر معروف هنا؟ نحن نعتقد أننا قبل طفلتنا بحاجة إلى سبل علاج تخفف ما نحن فيه أو (عذرا لذلك) تبلد إحساسنا أو تسكنه قليلا، نعمل لها عيد ميلاد أم لا حتى لو كان متواضعا؟ ماذا نقول لضميرنا؟ كيف نبرر للناس ذلك إن أردنا دعوتهم؟
نحن يا سادة يا كرام نحب الله، ونصبر ونثابر ونتعاون أن ننجز هذه المرحلة من حياتنا، ونتنازل عن الكثير إلا الدين والقدس لكي تسير الحياة، لكن هناك أسئلة ماثلة تعصف بنا، وبالله عليكم افهموا ظرفنا قيل أن تجيبونا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الأستاذة زينات أبو شاويش الكاتبة و الباحثة الفلسطينية بشبكةإسلام اون لاين:
غاليتي الكريمة، جزاكم الله خيرا على هذه الرسالة التي تحمل في طياتها حبا وشوقا للوطن وشعورا بالمسئولية يعانق هذا الشوق والحنين.
وقبل الإجابة على تساؤلاتك أود أن أضيف إليك أنه يجمعني بك عدد من القواسم التي قد لا تتوافر لغيرنا: أولها الدين، وثانيها الوطن، وثالثها الغربة، ورابعها المسئولية... إلخ، والتي عرفتها من كلماتك التي تفيض شوقا وحبا وحنينا للوطن المحتل، وحتى لا نتطرق إلى أمور بعيدة إلى حد ما عن الإجابة حول تساؤلاتك التي أود أن أقسمها إلى مستويين:
- المستوى الأول: وهو موجه إليك ولأسرتك بشكل خاص، ويمكن تقسيمه إلى عدد من المحاور:
* أسرة فلسطينية في الغربة بعيدة عن وطنها.
* حياتكم عملية للغاية.
* الخوف الشديد على الابنة.
أختي الحبيبة، أبدأ حديثي معك بقول الله عز وجل: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"؛ فنحن شعب قدر الله عز وجل علينا أن نحيا في غربة عن وطننا، ولكن هذا قدر الله، فلم يكن بأيدينا اختيار في ذلك؛ فقد خرجنا إما طردا أو نفيا أو إبعادًا، ونحن أمام قدر الله نقف صابرين محتسبين.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فقد خرج من بلده مكة تحت ظلام الليل قسرا، وقال مقولته الشهيرة: "والله إنك لأحب البلاد إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"، ونحن نقول: والله يا فلسطين إنك لأحب بلاد الله إلى قلوبنا، ولولا أن الصهاينة المحتلين أخرجونا منك ما خرجنا، ولكن هذا الخروج يتبعه مسئولية تجاه هذا الوطن والأهل هناك؛ فالمرء رسول في الغربة لثلاث (لأسرته، وأمته، وديانته)؛ فنحن رسل فلسطين خارجها.
أعلم أن الجرح عميق، وأن مرارة الانتظار في العودة قد تقف حجر عثرة أمام طموحاتنا، ولكن تذكري أخيتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكة تحت أجنحة الظلام وحيدا لم يكن في صحبته إلا الصديق أبو بكر رضي الله عنه، وبيد أنه عندما عاد إلى مكة دخلها فاتحا ومكبرا منتصرا؛ لأنه صبر واحتسب وجاهد حتى تحقق وعد الله، وأنت وزوجك وأولادكما إن شاء الله ستعودون يوما إلى فلسطين.
أنا لا أقول مجرد كلمات، ولكني أذكر حقائق أعيشها لحظة بلحظة، وأومن بها، وأثق في الله عز وجل في تحقيقها، وسأترك هذه الجزئية للجزء اللاحق إن شاء الله؛ فكوني أنت وأسرتك سفراء لفلسطين في الغربة، واحتسبوا هذا العمل لله عز وجل، وجددوا عهدكم بالخالق جل شأنه، وأنا موقنة أنكم ستصبحون شموعا شامخة في طريق تحرير الوطن إن شاء الله؛ فكم أنا فخورة بك وبدراستك وأيضا بزوجك، حفظكما الله يا أختي الكريمة.
فسوف تصبحون قدوة لكل من يتعامل معكم، ومن ثم رسلا لوطنكم وأمتكم حتى تساهموا في تصحيح الصورة الذهنية المشوشة والمشوهة التي علقت بنا وبالقضية، ولا تهوني من شأن ما قد تفعلينه؛ لأن القليل مع القليل ما دام لرب العالمين فإنه يفعل الكثير.
* أما فيما يتعلق بأن حياتكما عملية للغاية، وأنكما أصبحتما كترس في آلة؛ فهذا أمر طبيعي ينبع من الشعور بالمسئولية الجمة الملقاة على عاتقكما، وليت كل الفلسطينيين في الخارج يشعرون مثل شعوركما؛ فالوقت هو الحياة، ولا بد من الاستفادة من كل لحظة يعيشها الإنسان من أجل نصرة دينه وقضيته، وأنتما من خلال دراستكما وعملكما تقومان بذلك.
وتذكري أن أول آية في القران الكريم "اقرأ"، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم"، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: "من سلك طريقا يرتجي فيه العلم سهل الله له طريقا إلى الجنة"، فهنيئا لك أختي بهذه البشرى الجميلة، وهنيئا لك بصحبة الملائكة؛ فتخيلي معي أختي أن الملائكة تصحبك في الروحة والغدوة، تمشي معك وتحرسك؛ لأنك سلكت طريقا أوصى به رب العالمين، وحرص عليه سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ونصيحتي لك حبيبتي فيما يتعلق بالوقت أن تدعي الله عز وجل أن يبارك في أوقاتكما؛ فالبركة رزق يعطيه الله لمن يشاء من عباده، وأسأل الله عز وجل أن يرزقكما البركة في أوقاتكما وأعمالكما وأولادكما وأعماركما، وعليك بهذا الدعاء: "اللهم يا سميع يا بصير يا حليم يا كريم، ارزقني البركة في شأني كله، وفي الأولين والآخرين، إنك على ذلك قدير"، اللهم آمين، وصل اللهم على سيدنا محمد النبي الكريم.
وتذكري يا حبة القلب أن كل ما تقومين به أنت وزوجك الآن سيكون لكما رصيدا في الدنيا والآخرة، وستكونان علامات مضيئة على درب العودة للوطن إن شاء الله، واعلمي أنه لا بد من أن نتعب في شبابنا لكي نجني ثمارا طيبة عند الكبر إن شاء الله تعالى، وتذكري موقف الإمام النووي رضوان الله تعالى عليه الذي كان ينسى الطعام أمام أوراقه وأقلامه، حتى إن والدته كانت تطعمه الطعام وهو منشغل بصرير أقلامه على الأوراق.
فمن أراد أن يخط لنفسه تاريخا في عمر الأمة؛ فعليه أن يسلك درب هؤلاء، ولكن في نفس الوقت لا بد أن نتذكر أن الترويح عن القلب سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم: "روحوا القلوب ساعة فساعة". فالترويح عن النفس بما يتفق مع شريعتنا، ويرضي عنا إلهنا هو سنة كونية، ولولاها ما استمرت الحياة.
فبرغم الظروف الصعبة التي يعيشها أهلنا في فلسطين؛ فإن لهم ساعات جميلة يروحون فيها عن أنفسهم بدون إسراف ممل أو تقصير مخل، وكم عايشت ذلك معهم في بداية الانتفاضة المباركة، وأسال الله عز وجل أن يسدد خطاكم لما يحب ويرضى.
* أما فيما يتعلق بابنتكما الكريمة بارك الله فيها ونفع بها وجعلها من جند الله تعالى، فأنا أرى -أختي الكريمة- أنك ستربين ابنتك تربية صحيحة، وهذا ينبع من فهمك الجيد لدينك وقضيتك وإحساسك العميق بالمسئولية تجاههم جميعا؛ فاجعليها تعيش طفولتها، ولا تنسي أن تنقشي في عقلها حب فلسطين.. احكي لها عن الشعب والأرض في قصص جميلة من نسيج خيالك، وداعبيها بكل ما هو فلسطيني.
ربي فيها حب الانتماء والهوية، وغني معها أنشودة الحب للوطن، واعزفي لها على الأوتار الإيمانية معنى العطاء والبقاء، وأدخلي السرور إلى قلبها بما يتسق مع سياقنا الحضاري العربي والإسلامي، واجعلي من كل مناسبة فرصة جيدة للحديث عن فلسطين الجميلة، فلسطين الأمل، فلسطين العودة، وكلما أتيحت لكي الفرصة تحدثي عنها أمام الآخرين، ضعيها دائما نصب عينيك على أمل العودة لها؛ فمهما بعدت المسافات والتفت حولنا القيود فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.
المستوى الثاني: هو موجه لكل أهلنا الذين يعيشون خارج فلسطين "رسالة كل لاجئ فلسطيني".
برغم الظروف القاسية التي يعيشها أهلنا خارج الوطن المحتل فإنهم هم أمل هذا الوطن، ولا يمكن أن ننكر إسهاماتهم وعطاءهم المتميز للقضية والشعب، ومن أجل أن نفعّل دور إخواننا بالخارج لا بد من اتباع الآتي:
1- نية يتبعها حسن ظن.
2- وإرادة يتبعها إخلاص.
3- وتخطيط مع حسن توقيت.
4- وعمل يصحبه أمل.
أختي الحبيبة، لم أكن أود أن أزيد من أعبائك بقدر ما وددت أن نشد على أيدي بعضنا البعض حتى نرسم طريق العودة والنصر إن شاء الله، إن لم يكن لنا فلأولادنا وأحفادنا؛ ففلسطين باقية ولن تموت بعون الله تعالى؛ لذلك فلا بد أن نجدد نيتنا مع الله عز وجل في كل ما نقوم به ونحتسبه للمولى عز وجل، هذا الاحتساب القائم على العمل لا بد أن يتبعه حسن ظن بالله عز وجل؛ حيث يقول المولى عز وجل في الحديث القدسي: "أنا عند حسن ظن عبدي بي...".
ولا بد لنا أن نملك إرادة قوية يتبعها إخلاص في العمل، ونربي هذا الأمر في أولادنا ومن حولنا؛ فالإخلاص يقوي إرادة من يخلصون لله عز وجل؛ فسبحانه يستخلصهم ويجعلهم صفوة من عباده، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص الذي يؤدي بنا إلى الاستخلاص من أجل نصرة ديننا وقضيتنا.
وهذا كله لا بد أن يقوم على التخطيط الجيد لكل أمور حياتنا، وتحديد الأولويات التي تمليها علينا اللحظة الحضارية الآنية؛ فلنشارك في كل فاعليات فلسطين، بل ونعمل نحن فاعليات بقدر ما يتاح لنا، ونعرض تراثنا، ونؤكد للعالم كله أننا هنا باقون صامدون حتى يحين وقت العودة.
كما أود أن أنوه إلى أهمية إقامة شبكة من العلاقات مع فلسطينيي الخارج لكي يشدوا أزر بعضهم البعض، لا أعرف كيف يكون ذلك الآن، ولكن علينا أن نعد أنفسنا لهذا الأمر، وأن نحقق نجاحا تلو النجاح من أجل عزة ديننا ونصرة قضيتنا وتحقيق عودتنا، وقد عرفت أنه تم إنشاء لجان لحق العودة في كل العالم، ولهذه اللجان مسئولون؛ فلا بد من متابعة هذه الأمور وتفعيلها والاستفادة منها؛ ففلسطين أمانة ولا بد من الحفاظ على هذه الأمانة.
أختي الحبيبة، إذا قام كل فرد بأداء واجباته بإخلاص وإتقان واتقى ربه فأعتقد أننا سنحظى بالحسنيين في الدنيا والآخرة إن شاء الله، ولن نستعيد فلسطين إلا إذا عدنا إلى ربنا وسرنا على هدي نبينا وتمسكنا بهويتنا وتميزنا في كل ما نقوم به من أعمال، كل في موقعه، عند ذلك سيأتي النصر حتما لا محالة، ولنتذكر جميعا قول المولى عز وجل: "إِن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، فلننصر الله في أعمالنا وأولادنا وأهلنا وديننا، بل لا بد أن ننصر الله عز وجل في كل من حولنا حتى نغدو رسلا لدين الله تعالى وسفراء لبلادنا وقضايانا، وفقك الله إلى ما يحب ويرضى، وهدانا وإياك إلى حسن الرشاد.
ــــــــــــــ(102/67)
التشخيص السليم طريق العلاج الصحيح ... العنوان
السلام عليكم.. وآسفة لإزعاجكم، أود أن أبلغكم شيئًا عن ابني 10 سنوات؛ فهو الآن يعالج عند الطبيب ولم يجبني أحد عما يعاني منه.
أحيانًا أشعر أنه لا يدرك أي شيء حوله ولا ينتبه إلى أي شيء، وقد أخبرني المعالج النفسي أنه غير ناضج وطفولي، وهذا ما قالته مدرسته أيضًا، وأخبرتني أيضًا أنه طفولي، وعندما يريد الذهاب إلى المطبخ فإنه يتصرف تصرفات غريبة مثل إضاءة وإطفاء النور عدة مرات متتالية، وأحيانًا أشعر بعد تفكير كبير أنه لا يحبني، وعندما أخبره بهذا يبكي ويقول: كيف أقول إني لا أحبك، ولكنه ليس كذلك لأني عندما أدير ظهري عنه أجده يشير إلى رأسي وكأنه يحمل مسدسًا ويفعل عكس ما أطلبه منه، وأي عقوبة لا تجدي معه مثل حرمانه من مشاهدة التليفزيون أو لعب الـ"جيمز"، وهو يتصرف بطريقة أقل من سنه ويحب أن يعاكس الآخرين.
وكنت قد قرأت ورقة للإرشادات الخاصة بالدواء، وقرأت عن اسم مرض يجعل الناس تقول أشياء غير مرتبطة مع بعضها وابني بهذه الطريقة، فأحيانًا نكون نأكل أو نشاهد التليفزيون فنجده يصرخ بكلمة وجه أو أنف. وهناك نقطة هامة وهي أنه لا يحب أخذ الدواء؛ لأنه يسبب صداعا وفقدانا للشهية، وفي يوم رجع إلى المنزل بعد المدرسة وكان حزينًا؛ لأنه لم يعاقَب في المدرسة في ذلك اليوم! وأنا حائرة لا أعرف ماذا أفعل معه.
أحيانًا أشعر أنه يكره نفسه، وقد أخبرتني مدرسته بذلك أيضًا، لا أعرف كيف أتصرف معه، وأود أن أعرف ماذا فعلت حتى أستحق هذا، فأنا أرى كل الأمهات يتعاملن بنفس الطريقة، ربما يكُنّ أهدأ، ولكنه يدفعني لأن أثور، وأنا أيضًا أعالج مع طبيب من الإحباط، وقد أخبرني الطبيب الخاص به أنه يعاني من الإحباط أيضًا، وجائز أنه يعاني من فرط النشاط.. أرجوكم ساعدوني.
... السؤال
الإعاقات الجسدية والمركبة ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله..
قرأت رسالتك بكثير من التمعن والاهتمام؛ لأن الموضوع فعلاً محير، ورغم التفاصيل التي حاولت مشكورة تقديمها فإن الحقيقة العلمية أنه لا يمكن تقييم أو تشخيص أي حالة من مجرد معلومات. التقييم هو عملية مراقبة ثاقبة وتأخذ وقتًا، وتحتاج لمشاهدة الطفل نفسه والتعامل معه وإجراء اختبارات مقننة وغير مقننة، ويفضل أن يشترك بالتقييم أكثر من اختصاصي مثل النطق واللغة والنفسي والتربية الخاصة.
عزيزتي يمكن للصفات التي ذكرتها أن تكون أي شيء من adhd أو فرط النشاط وضعف التركيز أو الاكتئاب أو tourettes syndrome أو اضطراب نفسي أو التوحد.
لذلك لا بد -وأكرر- من عرض الطفل على مجموعة من المختصين، وقد يحتاجون بالإضافة إلى معلومات الأهل والمدرسة إخضاع الطفل لفترة من المراقبة حتى يقرروا ما هي المشكلة.
أتمنى أن أساعدك أكثر من ذلك، لكن للأسف لا يمكنني إلا أن أؤكد على ضرورة عرض الطفل على المختصين، والبدء بعمل برنامج تدريبي لكم وللطفل؛ لأن عمره الزمني الآن ليس صغيرًا، وأرجو منك أيضًا استشارة اختصاصي إرشاد أسري؛ لأنني أظن أنكم تحتاجون إلى مساندة خارجية لحل مشاكلكم سواء الزوجية أو التربوية.
أرجو منك أخذ كلامي على محمل الجد والسرعة في استشارة المختصين، ونحن بانتظار موافاتك لنا بالتطورات.
ملاحظة أخيرة: أورد لك معلومة وهي أن هناك ما يسمى بمتلازمة تورتيز وهي متلازمة غريبة نوعًا ما، وأبرز مظاهرها هو قيام الشخص بإصدار عمل مفاجئ وغير متوقع، وتكراره رغم عدم وجود مبرر ظاهر، وغالبًا فإن الشخص باستثناء هذه الحركات يكون طبيعيًّا، وقد شاهدت شخصيًّا سائق تاكسي كان يحرك كتفه بشكل يبدو غريبًا، وقد يظهر بأنه مقصود، ولكن عند قراءتي عن هذه المتلازمة فسرت هذه الحركة والتي من الممكن أن تكون كلمة أو رمي شيء، ويمكن إدخال اسم المتلازمة الذي أرجو أن يكون إملاؤه صحيحًا.. لمزيد من المعلومات على أي موقع بحث.
سيدتي أؤكد مرة أخرى على ضرورة السرعة في استشارة المختصين.. تحياتي.
ــــــــــــــ(102/68)
طفلي سريع.. هل من علاج؟!! ... العنوان
ابني(3 سنوات) متمرد عنيد ينفذ الأوامر في حالة الخوف بعد الضرب، من الممكن أن يكسر أي شيء ولو كان ثقيلاً حتى أنه من الممكن أن يضربني.. سريع الحركة في تصرفاته، ومهرول بدون فهم، ويرفض دخول الحضانة إلا بجواري، أي لا أفارقه حتى دخول الحمام لا يفارقني، مع العلم أن أخاه الأصغر منه، من الممكن أن يجلس بدوني في أي مكان، فمثلاً أستطيع أن أتركه مع والدتي، أما عبد الله فلا أستطيع تركه، مع العلم أني لم أقصر في حقه فقد أخذ الحنان كله وما زال، ومن عادته أن يضع أظافره في أظافري لدرجة أني أجرح في داخل الظفر حتى ينام، أي باختصار أنه معتمد عليّ في كل شيء، فماذا أفعل؟ ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك عزيزتي "أم عبد الله"، وأهلاً بك وبطفليك وبأسرتك.. وأول ما أفتتح به الحديث معك قول الإمام الغزالي رحمه الله الذي يقول فيه: "الصبي أمانة عند والديه، وقلبه جوهرة ساذجة وهي قابلة لكل نقش.. فإن عُوِّد الخير نشأ عليه وإن عُوِّد الشر نشأ عليه، وكان الوزر في عنق مربيه"، فالعلاقات الأولى للطفل يا عزيزتي ترسي له التوازن في خطوات تعامله مع الآخرين وترسم ملامح نفسه وذاته وتحدد كيفية تعامله مع الناس بشكل طيب أو خبيث واعٍ أو ساذج شجاع أو جبان متسامح أو ناقم، وهكذا...، وأعتقد أن ما عليه طفلك هو ما نقشته بنفسك وتعاملك معه في شخصيته.
فالطفل يُرهب ويضرب لينفذ الأوامر.. يحمّل بالغضب والعصبية لدرجة أن يكسر الأشياء ويقبل منه ذلك، بل يقبل منه ضربك وصفعك.. يعود على أساليب غير معتادة للنوم.. يحرم من الاستقلال أو تنفيذ شيء بنفسه.. فيضطر فقط للاعتماد عليك.. ماذا تستغربين إذن؟
إن عصبية طفلك أمر معتاد في الأطفال وخصوصًا الذكور ويحتاج لتعامل خاص يتسم بالرفق والحنان ومحاولة فهم أسباب غضبه أو ما يطلبه لتفادي عصبيته دون إشعاره أنك تخشين غضبته أو تخافينه، بل بطريقة حنونة يبدو فيها أنك تريدين راحته وإسعاده وليس تجنب غضبه.. وقد تحدثنا عن مسألة عصبية الأطفال في أكثر من موضع، وقد كان خلاصة ما تم طرحه من مقترحات للتغلب على عصبية الأطفال اتباع ما يلي:
1. لا بد من السماح لطفلك بقدر من تصريف العدوان وبقدر من التخريب في إطار اللعب بألعاب بلاستيكية مثلاً يقذفها أو دمى يقوم بضربها أو لعبة تنفخ بالهواء يضربها بلكمته فتعود إليه ليضربها ثانية، وهكذا...، وهي متوفرة في محال لعب الأطفال بأشكال لطيفة ومحببة.
2. الابتعاد عن العقاب البدني والضرب في تعاملك مع أطفالك بشكل عام، ولديك بدائل عديدة للتوجيه مثل المكافأة والعقاب والشكل الهادئ في إفهامه الخطأ ليجتنبه والصحيح ليتبعه، مع توعيته بسبب كون الخطأ خطأ، "فحينما يعبث بالكهرباء -مثلاً- أفهميه بهدوء أن اللعب بالكهرباء يجعلك تتألم وتؤذى وقد تذهب للمستشفى، وهكذا..."، وحين تجدينه يفعل فعلاً خاطئًا فبادري إلى إشغاله بشيء آخر، فحين تجدينه مقبلاً على ضرب أخيه مثلاً فناده وقولي له "هل رسمت اليوم؟ هيا بنا نرسم، ثم احملي الصغير وتوجهوا جميعًا لإحضار الورقة والأقلام للرسم".
3. لا بد من التأكيد على دور الأب في جذب الابن إليه والاقتراب منه وإيجاد حضور فعّال في حياته، من خلال أنشطة يمارسانها معًا ونزهات يذهبان فيها معًا من دونكما أنت والصغير ولو لشراء حاجيات البيت، وكذلك الصلوات في المسجد وصلاة الجمعة وقراءة القصص والكتب المصورة واللعب بالمكعبات...، وبالطبع فإن غياب الأب المستمر عن البيت وعدم وجود إلا ساعتين يوميًّا أمر غير صحي لتنشئة الأبناء، وإن كان يمكن التغلب عليه مرحليًّا من خلال ممارسة ما أنصحك به أيام عطلة نهاية الأسبوع مثلاً.
4. يمكنك محاولة إيجاد حيوان أليف في المنزل: قطة - كتكوت - أرنب - قفص للعصافير.. وتدريبه للعناية به وتوكيله لتولي أمره، فوجود مثل هذه الحيوانات تمتص العنف والعصبية لحد كبير.
5. لا بد من جعل البيئة من حوله بيئة سعيدة ومضحكة بعيدة عن التوتر والضغوط والصراخ والنهر والعصبية.
6. لا بد من غمره بالحنان والحب والاحتضان والتعبير له عن هذه المشاعر قدر المستطاع بالكلمة والاحتضان والبسمة الحانية والصوت الخفيض والربت العطوف.
7. لا بد من توفير القدوة المناسبة للحلم والهدوء في الأب والأم وما يسود تصرفاتهما وحواراتهما من هدوء وتفاهم.. كما ينبغي أن تتفادي الصراخ والعصبية في التعامل مع الأولاد ما استطعت، وأن تستعيضي عن ذلك بالنبرة الحازمة الواثقة المعتدلة في التوجيه.
8. يمكن إتاحة الفرصة له لتنفيس طاقاته في أماكن مفتوحة؛ لأن طاقته العالية كذَكَرٍ يجعله في حاجة مستمرة لتنفيس هذه الطاقة، فلا بد من خروجه للنزهة بشكل منتظم ودوري فيذهب لحديقة الحيوان ومنتزهات بها خضرة وأماكن بها أراجيح ويرى ذلك مما يسعده ويخرج طاقته.
ولو انتقلنا لمسألة رغبته العارمة في الالتصاق بك، فالأمر لا يخرج عن الطبيعي، وله مبررات أهمها أنه لم ينل فرصته للاستمتاع بك -كما تظنين- بسبب قدوم أخيه الأصغر، وبالتالي فهو لم يشبع منك بعد وما زال يعاني من قلق الانفصال عنك، ولكن اسمحي لي أنك أخطأت حين رضخت لهذا الالتصاق بشكله الزائد، فما كان ينبغي أن تستجيبي للعادات غير السليمة قبل النوم أو أن يدخل معك الحمام، وبالتالي فمن الآن فصاعدًا لا بد من محاولة المنع التدريجي لتلك العادات من خلال غلق باب الحمام أثناء دخولك وإقناعه قبل ذلك أنك ستعودين سريعًا، ثم تخرجين سريعًا مؤكدة على طبيعية هذا الأمر وسهولته.
ومن ثَم يمكنك التدرج وزيادة وقت وجودك في الحمام تدريجيًّا مع تقبله التدريجي لفكرة إمكانية عودتك من وراء هذا الباب، كما يمكنك افتعال مواقف، مثل أن تدخلي سريعًا ثم تعودي، ويمكنك اصطناع هذا الموقف مرتين أو ثلاث مع فتح الباب فتحة بسيطة والدخول ثم العودة سريعًا بحيث يطمئن الطفل ويعرف أنك تعودين من وراء هذا الباب سريعًا، فالطفل يحرص على وجودك على أن تكوني أمامه ليشعر بالأمان.
أما مسألة الأظافر فهي عادة يجب إيقافها من خلال أن تنهيه برفق وحنان عنها وتقبلين أصابعه مثلاً، ثم تملسين على شعره حتى يذهب في النوم، ولكن اثبتي على رفض هذا الأمر برفق مع إفهامه أنها تؤلم ماما، وهكذا حتى تختفي تمامًا.
ومسألة تركه عند والدتك أو الانفصال عنه في الحضانة لا بد أن تتم بشكل تدريجي ودون إرغام للطفل، وهو ما تجدين تفاصيله فيما أوردناه من قبل عن التعامل مع قلق الانفصال، وستجدين ذلك فيما يلي:
- أعراض متنوعة لقلق الانفصال
- طفلي حريص.. أين المشكلة
- بين الضرب والصراخ خيارات أخرى
وكون طفلك يعتمد عليك.. فلا شك أن تعويده الاعتماد على نفسه هو مفتاح علاج هذا الأمر، فعندما يرتدي ملابسه قسمي الملابس بين أشياء يرتديها هو (كالجورب مثلاً) وأشياء تلبسينها له أنت.. مع المرح والفكاهة.. وإدارة هذه العملية بلطف وحنان كأن تقولي: "أنا أعرف أنك ستلبس الجورب أسرع مني.."، وبذلك تحمسينه وترفعين ثقته بنفسه وتشعرينه أنه قادر على فعل هذا الأمر.
وكذلك عند تناول الطعام اسمحي له أن يطعم نفسه وجبة.. طبق من طعام لا يسهل سكبه مثلاً (كالأرز باللبن مثلاً)، فيتناوله بملعقته ويقع جزء منه وينجح في آخر، ولكن اتركي له المجال واسمحي له أن يفشل وأن يخطئ وشجعيه وارفعي ثقته بنفسه..
طفلك يا عزيزتي بحاجة لرفع ثقته بنفسه.. وهو يستحم اسمحي له أن يغسل رأسه، ثم اثني على ما فعل أو صححي له ما أخطأ فيه من باب التعليم وليس النهر، أي برفق وحنان وهدوء.. وافسحي له المجال لمرات ومرات من المحاولات في الاستحمام وتناول الطعام ومشاركتك في إعداد الطاولة ومحاسبة البائعين وشراء الأشياء من المتجر وانتقاء الخضر معك والفاكهة... وستجدينه تدريجيًّا ينطلق ليتعامل مع العالم ويستقل ويستمتع بحياته.. وحينها حين يذهب للحضانة قد يتجاوب بسرعة فقد أصبح رصيده من الشجاعة والإقدام كافيين.. ويمكنك الاطلاع على ما يلي للاستزادة:
- تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
وسرعة طفلك في الحركة أمر طيب يمكن استثماره في رياضة ما أو إسعاده بإجراء سباقات معه في الجري أو في الانتهاء من لضم خرز أو عمل شيء بالصلصال أو تركيب بازل.. أو غير ذلك مما يمكن توظيف تلك السرعة فيه بشكل يفيد طفلك منها، ويشعره أنها ميزة فيه وقدرة متميزة، أما بالنسبة لعبارة (مهرول بدون فهم) فهي عبارة مقلقة.. هل تعنين بها أنه لا يعي ما يفعل أو أن لديه نقصا ما في قدراته أو إدراكاته.. أرجو أن توضحي لي ماذا تقصدين بتلك العبارة وتلك الهرولة، فقد يحتاج الأمر فحصًا لقدراته الحركية والذهنية إن كان هناك ما يقلقك في طبيعته وفي قدراته..
وبشكل عام فأنت أقدر الأطراف على تقييم طفلك وتحديد أي تأخر لديه عن الطبيعي... وهو ما أريد منك متابعتك لنا بتفاصيله بشكل دقيق.. مع نبذة عن مراحل نموه وتوقيتات حبوه وتسنينه ومشيه ونطقه، وهل صاحبت تطوراته أي ظروف سيئة أو أحوال مقلقة أو تأخر عن أقرانه.
أختي الفاضلة..
أنا في انتظار متابعتك لنا بأخبار طفلك ومدى استفادتك من مقترحاتنا ومدى تغير طفلك بعد تطبيقها.. وما يعرقلك عن تطبيقها.. وكذلك بما طلبته لك من تفاصيل.. وأرجو ألا يطول انتظاري.
ــــــــــــــ(102/69)
تأخر الكلام.. لا تسبقي الأحداث ... العنوان
مشكلتي تتلخص في تأخر ابني سنتين وأربعة شهور في الكلام إلا من بعض الكلمات القليلة مثل بابا ماما وبعض الكلمات الأخرى البسيطة وليس الجمل، علمًا بأنه الابن الثاني. ولادته كانت قيصرية بدون مشاكل، وإليكم بعض المعلومات التي قد تفيد:
1- المشي في عمر 9 شهور. 2- الابتسام في عمر 3 شهور. 3- في أول سنتين من عمره كان يشاهد الكرتون بصفة مستمرة. 4- تم عرضه على اثنين من أطباء نفس للأطفال وتم التأكيد على عدم وجود مشكلة، ولكن أنا ما زلت قلقة نظرًا لعدم وجود استجابة سريعة.
لقد قمت بمنع مشاهدة الكرتون إلا في أوقات معينة من الأسبوع وقد تحسن انتباهه، ولكن ما زلت قلقة على عدم الكلام، ولا يستطيع تكوين أي جمل نهائيًّا، وفي بعض الأحيان أحس أنه لا يفهمني، مثلاً إذا طلبت شيئا وقلت "هات دي" فلا استجابة، وفي كثير من الأحيان يطيع الأوامر مثل هيا للأكل هيا تعال بجانبي، وأشياء أخرى، كما أنه يلعب جيدًا بجميع اللعب ويحب الناس وخاصة الأطفال، ويحب الخروج، ويأكل وحده ويشرب وحده، لكن لم يخلع الحفاظ بعد. عندي إحساس أنه لن يستجيب.. أنا مش عارفة ليه مش بيتكلم ولا يستجيب مع محاولات جعله يتكلم أنا قلقانة جدًّا، وهل التأخر في الكلام دليل على تأخر التفكير؟ أرجو الإفادة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختي الفاضلة أم عبد الله أقدر قلقك تجاه تطور ابنك اللغوي، ولكن أعتقد أنك متشائمة نوعًا ما، خصوصًا أنك ذكرت أنك تحسين بأن الطفل لن يتحسن ولا أعتقد أن ما ذكرته عن الطفل يبرر مثل هذا التشاؤم.
عزيزتي طفل الثانية يكون لديه عدد مقبول من المفردات ويبدأ بتكوين جمل من كلمتين مثل بابا باي ماما مبو (ماء)، وذلك تبعًا لجداول التطور اللغوي للأطفال في مثل هذه السن، ولكن يجب ألا ننسى بأن هناك فروقًا فردية بين الأطفال، فهناك أطفال يكون تطورهم اللغوي أسرع من الحركي مثل البنات غالبًا، وهناك العكس أي أن تطورهم الحركي يكون أسرع أو أوضح من اللغوي، والمهم في مثل هذه السن الصغيرة هو التأكد من مهارات الطفل الإدراكية، أي طريقة استجاباته للكلام اللفظي وإطاعة أوامر بسيطة مثل هات بوتك أو وين اللعبة.
واللعب المناسب بالألعاب المناسبة لعمره الزمني، وللأسف لا يمكنني هنا إعطاء تفاصيل أكثر حول جداول التطور الطبيعي لكل سن، ولكن يمكنك مراجعة أي اختصاصي نطق ولغة للتأكد. أما ما ينبغي عمله فهو تحفيز الطفل لغويًّا بطريقة محببة وطبيعية وفي نطاق النشاطات اليومية العادية مثل الأكل والشرب واللعب والاستحمام، أما الشد على التطور اللغوي فقد يكره الطفل في التجاوب مع الأهل لفظيًّا، وهنا ينبغي الحذر من زيادة العبء اللغوي على الطفل، بل تحفيز قدراته وتشجيع محاولاته، ويمكنك الاستفادة من برنامج التحفيز اللغوي .
ونصيحتي الأخوية هي التفاؤل وبذل الجهد، وهناك أمران مشجعان جدًّا: أولهما أن الطفل لديه تواصل لفظي فاعل، والآخر أن سنه لا تزال صغيرة، بمعنى أنه حتى لو بقي لديه تأخر لغوي مستقبلاً -بعد سن الثالثة أو الرابعة- فلا يزال هناك متسع للتدريب، ولكن لماذا نستبق الأحداث؟.. استمري في تحفيز الطفل بالحديث معه وقراءة القصص له وشراء كتب مصورة مناسبة لعمره الزمني ومشاركته التصفح، والحديث حول الصور، ويمكن الاستفادة من برامج الأطفال التلفازية المناسبة في الحديث معه، واقتناص أية فرصة للتواصل اللفظي المحبب معه، وإن شاء الله ننتظر أن توافينا بأخبار طيبة قريبًا.
ــــــــــــــ(102/70)
ابني طفل.. ماذا أفعل؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. بعد شكركم على حلولكم التي تفيدون بها السائل والقارئ في جميع الاختصاصات أدخل في سؤالي وهو التالي: لي ابن يبلغ من العمر أربع سنوات.. قد سئمت وتعبت من تصرفاته فهو عنيد جدًّا، وفي نفس الوقت أحس بأنه ذكي جدًّا ولكن لا يريد الإصغاء إلا إلى الأشياء التي تروق له، أو بالأحرى لا يسمع إلا إلى ما يريد سماعه وعندما أريد أن أدرس له فهو كثير الحركة، ولا يمكث في مكانه مدة دقيقة على الأقل، وخاصة عندما أريد تحفيظه القرآن الكريم فهو يمل بسرعة، مع العلم أنني حاولت أن أغير له في كل مرة الطريقة لكي لا يمل لكن دون جدوى، ولا أجده يمتثل لأوامري إلا إذا هددته بحرمانه من شيء يحبه أو حبسه في غرفته أو بضربه، مع العلم أنه يستطيع أن يقرأ جيدًا وقادر على الحفظ؛ لأنه قد حفظ كثيرًا من السور القصيرة والحروف، ولكن بعد جهد وعناء مني ومنه.
فأرجو منكم أن تفيدوني في هذا، مع العلم أن ابني له مشكلة بسيطة في السمع، وقد سبق لي أن بعثت بسؤال لكم حول مشكلة ابني سيف الدين وقد أفدتمونا، فأرجوكم أن تعطوني الحل، وما هي الطريقة المثلى للتعامل معه حتى يصبح منتبهًا لما أقوله بدون مشقة وعناء؟ وهل تصرفاته عادية أم لا؟ وشكرًا لكم على الاستفادة.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا أم سيف ومرحبًا بطفلك وأسرتك جميعًا، وجزاك الله خيرًا على ثنائك الطيب، ونحمد الله أن استطعنا أن نفيدك فيما قبل، ونرجو أن يستمر تواصلنا دائمًا وأن نقدم لك ما يفيدك دائمًا إن شاء الله.
عزيزتي أم سيف من الواضح من سؤالك أنك تتضجرين بشكل كبير من طفلك، وتستنكرين تصرفاته بشكل كبير، واسمحي لي أن أبلغك أنني فعلاً شعرت بالحيرة للحظات وأنا أقرأ سؤالك أكثر من مرة، فحرت بين أن تكون الشكاوى مبالغة أو حقيقية، وحرت في أن ما تطلبين علاجه هو من سمات مرحلة عمر طفلك الطبيعية إلا لو أردت أن تعالجيه من طفولته ليصبح غير طبيعي.. وتساءلت كثيرًا عن الوسيلة التي أستطيع بها إقناعك بأن طبيعة طفلك تحتاج لاحترام سماتها واستثمارها، وفي نفس الوقت مدك بما يخفف من آلامك وضجرك وسأمك من التعامل معه.. وأخيرًا توصلت للوسيلة المناسبة.
عزيزتي.. إنك بلا شك تنتظرين من طفلك شيئًا في المستقبل.. بمعنى أبسط أنت ولا شك تحملين هدفًا من تربيتك له، ولعل في إصرارك على تحفيظه القرآن في الغربة ليحفظ هويته ولغته ودينه رغم الغربة -أقوى دليل على ذلك- تقبل الله منك، ولكن لكي تنجحي في تحقيق أهدافك التربوية لا بد لك من وسائل فعَّالة تعينك على ذلك، ومن الواضح أن شكاواك من طفلك تدور في فلك عدم وجود العون ممن حولك، وخصوصًا طفلك، لتحقيق هذا الهدف مما يتطلب منك الجهد المضني والعناء، وتعالي نفكر سويًّا في تهيئة الجو المناسب لتحقيق هذه الأهداف والذي سيعتمد تفكيرنا فيه على أمرين:
الأول: تحديد الأهداف ومواصفاتها.
الآخر: تعيين الوسائل.
وسأحاول التفكير معك في الخطوط العريضة لهذين المحورين مع بعض الأفكار تاركة لإبداعك العنان للتفكير وابتكار المزيد.. ولا تنسي أن طفلك لم يتخط الرابعة.. فلا تنسي تلك النقطة كي لا تسرفي في توقعاتك وترهقي بها طفلك، وكذلك لا تنسي مشكلة أذنه التي هي في حاجة للعلاج فربما يعود لها سبب الكثير مما تشتكين منه.
الأمر الأول: تحديد أهدافك من تربيتك لطفلك:
لا بد أن تكون أهدافك لها سمات معينة تعينك على سهولة أو إمكانية تحقيقها بيسر، وقد حدد الدكتور ماجد الكيلاني -في الجزء الثاني من كتاب أهداف التربية الإسلامية- بعض هذه المواصفات للأهداف التربوية:
1- أن تتفق هذه الأهداف مع الطبيعة الإنسانية وأن تراعي حاجاتها وأن تطلق قدراتها الإبداعية.. وبإسقاط هذا المبدأ على طفلك.. لا بد أن يكون هدفك متفقا مع طبيعته، فلا يجوز مثلاً أن تستهدفي أن يكون بطلاً في اليوجا إن كانت مواصفاته وطبيعته لا تميل أصلاً للثبات أو الاستقرار، بل يميل للحركة الدءوب والتنقل والنشاط.
2- أن تلبي الأهداف التربوية حاجات المجتمع وتعالج مشكلاته الآنية.
3- أن تكون الأهداف التربوية مرنة قابلة للتطوير حسب ما يتطلبه التطور الجاري والمعارف المتجددة.
4- أن توضح هذه الأهداف نوع المعارف والمهارات والاتجاهات والعادات التي يراد تنميتها في شخصية الطفل.
5- أن ترشد العامل على التربية إلى ما يجب أن يعمله لتحقق الهدف.
وفي ضوء ذلك تعالي نفكر في وسائلك:
1 - هدفك الأول هو حفظ هوية طفلك وانتمائه لدينه ولغته وأمته.. والمطلوب: بناء قلبه بشكل سليم.. والوسيلة: القدوة الحسنة، وتوفير البيئة التي تعين على ذلك، وتزيين ما تريدين أن تجذبي طفلك إليه، أي أنه لا يمكن أن تجذبيه بالقوة لشيء غير محبب، بينما تزدهر في عينيه ملامح المجتمع الخارجي الذي يعيش فيه بحريته وانطلاقته ووسائل المتعة فيه.. إذن المطلوب منك ألا يكون حفظ القرآن وتعلم اللغة العربية أمرا يكرهه الطفل؛ لأنه يتقيد به ويتعرض للعقاب، أو لأنه شيء غير ممتع ولا مسلٍّ ولا يحترم طاقته، بل لا بد أن يكون الأمر جذابًا وممتعًا ولطيفًا.
لقد قلت إنك استخدمت أساليب متنوعة لتحفيظه.. فما هي تلك الأساليب؟؟.. وعلى كل حال سأطرح عليك بعض المقترحات:
أ - ما رأيك في أن تبدئي الأمر على جلسة الغداء مثلاً وطفلك جالس مع الأسرة بطبيعة الحال، ثم تبدئين أو والده بقص قصة لطيفة من القرآن، لتكن قصة أصحاب الفيل مثلاً أو قصة موسى والخضر، ويكون في ذلك المدخل لأن يدلي كل بدلوه ويقول كل واحد ما لديه فيثار فضول الطفل، ثم تتركين مجالاً للإثارة أو تتركين نهاية مفتوحة لتكمل في جلسة بعد الغداء أو بعد العشاء قد يطلبها طفلك بنفسه ليسمع نهاية القصة، وتكون مدخلاً لتلاوة الآيات على مسامعه وقراءتها من كتاب الله تعالى وحبه لهذا الكتاب وتعلمه منه واستفادته من مغزى قصصه، ومن ثَم يحفظ تلك السورة.. ولاحظي أن فهم السورة والمغزى من القصص القرآني ومعاني الآيات وجلالة موقف القيامة والبعث والحساب وغيره أهم بكثير من أن يردد الطفل كلامًا لا يفهم معناه.
وسأمثل لك بنفسي: فكم رددت في صغري: "إن جهنم كانت مرصادًا * للطاغين مآبًا * لابثين فيها أحقابًا * لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا..." إلى آخر السورة، ولم يفهمنيها من حفظها لي، ولكن حين كبرت وصليت في المسجد صلاة التراويح في رمضان لأول مرة وجدت المصلين ينتفضون عند سماع تلك الآيات والقارئ يغرق في الدموع، ولم أفهم لِمَ.. أنا أستطيع أن أقولها أسرع منه دون كل هذا التلعثم والبكاء، ولما أثارني الأمر ظللت أفهم.. حتى عرفت ثقل كلمة "أحقابًا"، وكيف أن مواصفات جهنم لا طاقة بها لبشر، وأنها إن كانت مقرًّا للإنسان فتعست من منتهى... إلخ.. المهم أود أن أقول لك إن وقع الآيات وجلالها وهيبة معانيها أهم بكثير من حفظ مفرداتها وترديدها دون فهم.
ب- طالما أن طفلك متحرك.. فما رأيك أن يلازم القرآن مسامعه حتى أثناء حركته؟؟ وذلك من خلال شرائط الكاسيت أو سماعات الكمبيوتر أو الوسيلة المتاحة لأن يصدح القرآن في بيتكم في أوقات الصباح والعصر وقبل النوم مثلاً -كي لا يمل-، وخصوصًا شرائط السور التي يحفظها طفلك أو التي في طريقه لحفظها.. بحيث يحفظها دون أن يشعر بملل من كثرة الترديد، وليس القرآن فقط، بل هناك شرائط لأذكار الصباح والمساء يمكن أن يستيقظ الطفل ليسمع أذكار الصباح ويسمع قبيل المغرب أذكار المساء، وتأكدي أنه سيحفظها في فترة وجيزة ويصير يرددها في موعدها إن شاء الله تعالى.. المهم ألا تلحي عليه أو تطارديه، بل يجد هو أن تلك هي مواصفات الحياة التي يحياها وسيحبها تدريجيًّا ويتشرب منها ما تأملين.
ج - استخدام الجوائز مطلوب أيضًا، فعند إتمام حفظ شيء معين، وما أجمل أن يفاجئك الطفل بحفظ شيء لم تحفِّظيه له كدعاء حفظه من السماع أو من الشريط، لا بد أن يحصل على هدية يختارها بنفسه أو تشتري له ما تعلمين أنه يحبه.
د - أهم شيء توفير القدوة الحسنة للطفل فيك وفي والده، فكم من معاني الإيمان التي ستدب في نفس طفلك حين يرى خشوعك ووالده في قراءة القرآن أو القيام بآياته في ركعتين خفيفتين.. قد لا تبدو في حينها ولكن الصلاح لا يضيع؛ ولذا فستظل تلك الصورة في ذهن الطفل باستمرار وحين يكبر؛ لتزيح من طريقه كل العوائق.
استخدام الشرائط والإنترنت.. يتناسب مع حركته الزائدة.
هـ - الأهم من كل ذلك عدم عقابه أو ضربه أو حبسه بسبب القرآن أو الحفظ، كي لا ترتبط تلك الأمور في ذهنه بالقرآن.. فدائمًا ينصح المربون بأن يكون كل ما يرسخ في ذهن الطفل عن دينه هو السعادة والأمن والاستمتاع، فلا حديث عن عذاب أو النار أو عقاب، بل الحديث عن الجنة والفاكهة والسعادة في الطاعة والجنة، وبالتالي فالضرب والحبس لن يجعله يكن أي مشاعر إيجابية تجاه دينه أو قرآنه الذي يتألم بسببه.
2 - هدفك الآخر: هو أن يكون نافعًا لنفسه ولأمته، وفي سبيل ذلك تتفانين في جعله مطيعًا؛ ليستمع وينفذ تلقينك له بذلك، ولكن الطاعة في مثل هذا الأمر لا تفيد كثيرًا.. الأهم القناعة.. أن يقتنع طفلك بجدوى ما تنصحينه به لينفذه، وأن يكون أسلوبك غير مباشر في توجيهه.. كأن تتحدثين عن ثناء إحدى الزائرات على أدبه في الاستئذان أو عن إعجابك بطفل معين رأيته يفعل ذلك فدعوت له وفرحت به، أو غير ذلك من وسائل تحببين له بها -دون معايرة أو تجريح- الطيب من الخلق ومن السلوك.
ويمكنك تحديد باقي أهدافك ووسائلك بنفس الطريقة ووفقًا للمعايير السابقة؛ لتكون قابلة للتطبيق والتحقيق في ظل مواصفات شخصية طفلك وطبيعته، ولا تنسي عدم إرهاق طفلك بما يفوق عمره أو قدراته.
أما عن مسألة الطاعة والعناد فسأورد لك معالجات سابقة مفيدة جدًّا ستفي بما يكفيك من مقترحات وأساليب وفنون للتعامل مع طفلك بشكل يساعده على الاستجابة لك.. فقط احفظيها على حاسوبك واقرئيها من وقت لآخر، وحاولي تطبيقها بما أوتيت من قوة.
ويمكنك الاطلاع علي:
افهم النغمة لتستمتع بها
علاج العند بقوانين الكرة
كنز الطاعة المفقود.. موجود
ولدي لا يطيع الأوامر
وترد عن مسألة مشكلة طفلك السمعية د. سحر صلاح اختصاصية التخاطب ومستشارة الصفحة فتقول:
"مرحبًا بك عزيزتي، وكنت أود أن أعرف ما هي المشكلة السمعية بالتحديد، وما هي آثارها على قدرة طفلك على النطق والكلام؟؟ وهل تؤثر في تواصله مع من حوله؟ إذ ربما تكون السبب وراء ضجره وملله من الحفظ والتلقين والسماع؛ بسبب آلام يشعر بها أو لعدم قدرته على السماع بشكل مريح؛ إذ يحتاج السماع منه لمجهود أو لمحاولات مرهقة، وبالتالي فأنا في انتظار متابعتك لي بتحديد هذه المشكلة وما وصلتم فيه لعلاجها أو تشخيصها؛ لأن مسألة عدم انتباهه لما تقولين أو سماعه ما يريد كما تقولين قد تكون بسبب هذه المشكلة، بحيث يكون حل هذه الأمور في حل مشكلة أذنه.. أنا في الانتظار".
وأخيرًا يا عزيزتي أرجو أن نتلقى متابعتك قريبًا، ونحن في انتظار أخبار سعيدة عن نتائج تطبيقك لما عرضناه أو استفسارك أو تساؤلاتك.. وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/71)
كيف أعلم ابنتي الفضيلة ؟ ... العنوان
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، جزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خير الجزاء، أما بعد:
فأنا متزوج منذ ثلاث سنوات ورزقني الله بطفلي أحمد، أسأل الله أن يجعله من الصالحين، منذ عمر سبعة شهور ألاحظ عليه أنه مولع بطعام الكبار، فعندما نضع الطعام يصرخ ويبكي أحيانًا إذا تجاهلناه.. (الحليب الذي يأخذه إس 26)، فهل في هذا السلوك ما يوحي بالشراهة؟ هل بإمكاننا أن نطعمه من طعامنا، علمًا أنه فطم في الشهر الثالث رغمًا عنا؟ وفي أي عمر يمكننا أن نركز على السلوكيات ونعلمه الفضيلة؟ هل يمكنكم أن تعطونا أسماء كتب عن تنشئة الجيل المسلم (في مجال التغذية والتربية)؟ في أي عمر يمكننا أن نركز على السلوكيات؟
لكم جزيل الشكر والامتنان على ما تقدمونه من جهد في خدمة الإسلام والمسلمين.
ملاحظة: والدته في السنة الثانية من الجامعة ودوامها (أحد، ثلاثاء، خميس)، وفي هذه الأيام يكون عند جدته حتى تعود أمه من الجامعة.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزانا وإياكم وجعلنا الله أهلاً لما نقوم به.
لقد جاء سؤالكم من شقين الأول يتعلق بتغذية طفلك وسؤالك حول ما أسميته بالشراهة، وهذا السؤال يمكنكم الرجوع فيه إلى صفحة الاستشارات الصحية بالموقع، ويمكنهم أيضًا أن يرشحوا لك الكتب المناسب.
وستجدون في الرابط التالي كل المشكلات التي وردت إليهم حول الأطفال، ومنها مشكلات متعلقة بالتغذية والفطام وتطور النمو... إلخ:
- الاستشارات الصحية الخاصة بتغذية الأطفال
ونأتي لسؤالكم الثاني حول السن التي تبدأ فيه بالتركيز على السلوكيات وتعلمه الفضيلة، لقد استوقفني سؤالكم "متى"، وأخذت أفكر فيه وأراجع بذاكرتي الاستشارات السابقة التي جاءت لنا... لم أجد على طولها أحد أجاب فيه على هذا السؤال "متى" بشكل مباشر، شعرت ساعتها أن السؤال قد يكون خطأ، وأن السؤال الأولى هو "كيف؟" باعتباره الأوسع والذي يضم "كيف أفعل في؟"، وللإجابة على هذا السؤال محددات عامة، وهي:
- تعرف على المهارات الوالدية الأساسية لكل والدين.
- حدّد أهدافك التربوية بشكل واضح واستحضرها في كل لحظة.
- وحدد رؤيتك التربوية واتفق فيها مع زوجتك. وحدد بشكل أوضح قواعد الاختلاف فيها.
- هيئ المناخ والبيئة الصحية لتربية طفلك.
- انظر على أي شيء تود أن يكون طفلك وابدأ بنفسك وزوجتك وادعهم إليه.
- كن على صلة طيبة بأهلك وأهل زوجتك وجيرانك، وأصلح من نفسك قبلهم، وحاول تغيير البيئة التي تعيشون فيها قدر المستطاع، فإنك بهذا كالزارع الحاذق تمهد أفضل الأجواء لزرعك.
- تعرف على مراحل نمو طفلك وعلى خصائص كل مرحلة وعلى احتياجات الطفل بها قبل أن يصل الطفل إليها، فأنت بهذا تعرف كيف يحيا طفلك، وتقريبًا كيف يفكر وكيف يستوعب وما حدود استيعابه، ومع حضور مهمة التربية في ذهنك وأنها توجه نمو الطفل ولا تشكله حسب أهواء الأهل ستعرف كيف تغرس السلوك الحسن فيه وكيف توجهه إليه.
وبعد.. قد تسأل وأنى لي بمعرفة كل هذا. سنضيف إليك سيدي من معالجتنا السابقة ما تجد فيه بعض تفاصيل ما أوردناه إليك.. ومعه فنحن معك على الطريق فتابعنا بأي مشكلة معينة قد تواجهك. وأهلاً بك.
ــــــــــــــ(102/72)
السر هناك.. في المدرسة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرًا عن عونكم لنا جميعًا وخصوصًا في تربية أبنائنا، فهذه هي المرة الثالثة التي أرسل أستشيركم في مشكلة ابني سيف، والحمد لله نصيحتكم لنا كان لها أثر طيب على سلوكه، ولكن لا أدري ماذا حدث له! كان العام الماضي في تمهيدي، وكان مستجيبا جدًّا مع المعلمة، وهذا العام -عمره الآن أربع سنوات ونصف- هو على العكس تمامًا مهمل بطريقة مستفزة، مع العلم أن مستواه الدراسي جيد فمسائل الحساب مثلاً يعملها في الواجب جميعها صح وبمفرده، وفي الحصة جميع المسائل خطأ ولعمل الواجب من الممكن أن يستغرق من بعد العودة من المدرسة لوقت متأخر من الليل ونحن على كلمة واحده "يلا يا سيف" بشكل متكرر، مع العلم أني متأكدة أنه يستطيع عمل الواجب بسرعة، ولكن لا أدري لماذا يفعل بي وبنفسه هذا المجهود؟
جربت معه الحافز وفعلاً استجاب يومًا واليوم الثاني عاد لما كان عليه -أضع الإستيكر الجميل على الكراسات وأشجعه، ولكن للأسف يرجع مرة ثانية يعود لاستهتاره- أوعده بالحلويات والخروج وألتزم بوعدي، ولكن كل هذا ليس له أي تغيير على سلوكه.
هذا بالنسبة للمدرسة أما في البيت فلذيذ، ولكنه عنيف جدًّا في لعبه وصوته عالٍ وغير مهتم بمظهره رغم أني ألفت نظره دائمًا لذلك وبطريقة غير مباشرة ومباشرة، ولكن بدون جدوى، ولاحظت منذ فترة أنه بدأ في التأتأة في الكلام وبمراجعة صفحتكم التزمت بالحلول المشابهة وعدم لفت نظره للمشكلة، ولكنها تظهر بوضوح في يوم ويتكلم بطريقة عادية في وقت آخر رغم أني ووالده والحمد لله على وفاق، ولكن ظروف عمل والده في بلد آخر لا يأتي إلا كل خميس وجمعة، ولكنه مرتبط بهم وهم مرتبطون به جدًّا ولا أعتقد أن ظروف العمل سبب في ذلك؛ لأنه منذ عامين وهو في هذا العمل ولم ألاحظ على سيف هذه التغيرات إلا في الفترة الأخيرة.
لا أدري كيف أتصرف معه؟ ولا أنكر أني عصبية أحايله مرة، ومرة لا أستطيع فأعاقبه بالكلام، ولكنه أصبح باردًا جدًّا لا يؤثر فيه عقاب ولا حرمان من شيء يحبه وبعد تعنيفه أشعر بالندم، ولا أدري كيف أتعامل معه؟ المدرّسة في الفصل تقول عنه إنه شاطر جدًّا أحيانًا وسرحان أغلب الوقت - أعتذر عن الإطالة، ولكني أردت توضيح جزء من تصرفات سيف العجيب.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ليس هناك أي عجيب ولا غريب في تصرفات سيف.. كل ما في الأمر أنه العام الماضي كان عمره ثلاث سنوات ونصفًا، وكان في التمهيدي، وكان في المدرسة وفي البيت يعامل على أنه طفل صغير نحاول أن نحببه في المدرسة ونعلمه من خلال اللعب والأغاني وكم الواجبات صغير جدًّا وليس هناك عقاب أو تعنيف شديد إذا لم يتمه.. وفجأة اكتشفنا أن سيفًا قد كبر ونضج، وعليه أن يتحمل مسئولية واجباته ومذاكرته، وألا يسرح في الفصل، وأن يتم واجباته بسرعة ودون أخطاء.. وكيف لا.. ألم يكبر ويصبح عمره أربع سنوات ونصفًا وفي الصف الأول الابتدائي.. إنه مجرد اختلاف في وجهات النظر بيننا وبينه، هو يرى نفسه ما يزال طفلاً ونحن نراه كبيرًا.
ولكن من المُحق فينا.. نحن أم هو؟
الواقع أنه فعلاً لا يزال طفلاً في قدراته ومشاعره وأفكاره ورغبته في اللعب وسرعة ملله، وعدم قدرته على التركيز في المذاكرة مدة طويلة، ولكن دخل في حياته متغيران جديدان.. أولاً في المدرسة أصبح هناك منهج وواجبات كثيرة ومسائل حساب، وفي البيت له أخ وأخت أصغر منه؛ ولذلك فهو الأخ الكبير الطالب الذي عليه أن يذاكر ويعمل الواجبات ويتحمل المسئولية بينما يلعب أخواه.
ومع كثرة الأمور المطلوبة منه ولا يستطيع هو تأديتها أصيب بالملل والإحباط، ومع كثرة التوبيخ والعقاب أصيب باللامبالاة، فهل هناك أي شيء عجيب في هذا السيناريو.. لا.. ولكننا فقط لم نكن نراه بهذه الصورة.
وللمدرسة عامل أساسي في هذا الضغط النفسي والتغيير في سيف، وأنا أثق أنك لو سألت في فصله ستجدين أمهات أخريات يشتكين من أبنائهن نفس الشكوى، وتشتكي منهم المدرسة نفس الشكوى.. لقد كان يحب المدرسة في التمهيدي ومن الواضح أن المدرّسة كانت تتعامل معه بطريقة تربوية سليمة فكان يحبها ويتجاوب معها، ولكن هذه السنة يتم التعامل معه بطريقة أخرى، ولا بد لك من مراجعة ذلك ومعرفة ما الذي يحدث في الفصل كيف تعاملهم المدرسة، وكيف تعاتبهم، وكيف تعاقبهم، وعلاقاته بزملائه، وهل هناك من يضايقه.
أنا أعلم أن هناك منهجًا لا بد أن يدرَّس وواجبات لا بد أن تؤدى، ولكني متأكدة أيضًا أن هذا كله يمكن أن يتم بطريقة وأسلوب يراعي طفولة أبنائنا ويساعدهم على أن ينضجوا بطريقة هادئة وطبيعية وتدريجية، ويتحملوا المسئولية بالتدريج حسب قدراتهم بدلاً من النضج الإجباري السريع الذي نتصور أننا نفعله مع أبنائنا، ويمكنك بأسلوب هادئ ومقنع وعلمي توصيل هذه الرسالة للمدرسة، ولا تترددي في ذلك، فتربية أطفالنا مسئولية مشتركة بيننا وبين المدرسة.
وأنت في البيت عليك أن تكفي عن معاتبته ولومه وتعنيفه على الدراسة أو على أي شيء باعتباره الابن الكبير، بل شجعيه على الدراسة والواجبات بهدوء وبالهدايا والتحفيز وكثرة أوقات الاستراحة، واللعب بين الواجبات، ولا تشعريه بالتقصير إذا لم يستطع إنجاز واجب معين، بل التمسي له العذر وأشعريه أنك مقدرة أنه تعب وأرهق، ولا تحمليه فوق طاقته إنه طفل صغير، رغم أنه أكبر أبنائك فلا يزال طريق التربية والدراسة طويل.
بارك الله تعالى لك في أبنائك جميعًا، وفي انتظار ردك بنتائج التجربة.
حزينة.. طفلي ذكي ومحرج ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم جميعًا.. أعينوني أعانكم الله في الدنيا والآخرة. طفلي يبلغ من العمر سنتين ونصفًا له مزايا تجعلني أتحمل وأتصبر على مشاكله؛ فهو طفل ذكي يحب مشاهدة الرسوم المتحركة (بارني والتيلتبيز)، ويحب سماع الأغاني والأناشيد، ويعشق الأقلام والألوان سريع التعلم حافظ لسورة الفاتحة والأرقام من 1 - 7 بالعربية والإنجليزية يحكي القصص ويحفظ الأناشيد، وما إلى ذلك...، ولكن هو شقي للغاية يحب العراك والمزاح الخشن فكثيرًا ما يتسبب في إحراجي؛ لأنه وفي الآونة الأخيرة تصوروا يقوم بضرب والدي (جده) يسبب لي الإحراج وعدم رغبة في الخروج من المنزل.
أخشى أن يقال عني بأني لم أحسن تربية ابني؛ فرغم كل مزاياه فإنه بقدر ما يفرحني تراه يحزنني أعيش في صراع عند خروجي معه بين إرضاء الأهل وإسعاد طفلي وعدم الرغبة في عقابه؛ فحين أعاقبه أشعر بحزن عميق في قلبي رغم كتابتي لكم لا أحب أن أشكو منه؛ فهو طفلي الوحيد لدرجة أني لا أفكر في إنجاب طفل غيره ينافسه، فأنا أريد لطفلي الرعاية الكاملة والتربية الصالحة، فكيف لي أن أربيه رغم أني أقوم دائمًا بشرح أخطائه وتعليمه أن هذا لا يجوز، وإن فعلنا ذلك لا نكون مؤدبين حاولت بمختلف الطرق، لكن دون جدوى فهو دائمًا يلقي بالأشياء هنا وهناك، ويقوم بالخدش والضرب للكبير والصغير ولديه نزعة التخريب هذا لا يهمني حينما أكون في المنزل فكل شيء يمكن أن يصلح، ويتبدل لكن حين أخرج معه في زيارة الأهل!!
لا أستطيع أن أجلس معهم فأنا دائمًا أراقب طفلي بدون أن يشعر ودائمًا توجيه وتعليم ومنع بلا فائدة وزيارتي لأهلي كثيرة بحكم تواجدي معهم في نفس المنطقة، ولكني أبدًا لا أكون سعيدة!!
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد أعدت مراجعة سن محمد عدة مرات حتى أتأكد أن كل هذا الذي تحكينه عن طفل عمره سنتان ونصف!!!.. بارك الله لك فيه.
يا سيدتي.. أن يرزقنا الله بطفل ذكي ومتميز فهذه نعمة من الله تستحق الشكر وتجعلنا سعداء.. وليس الإحراج والشعور بالتعاسة.. ونحن نتحمل أطفالنا لا من أجل مزاياهم، ولكن لأنهم مسئوليتنا وأمانة في أعناقنا سنسأل عنها أمام الله "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".
ولكن المشكلة يا سيدتي أنك نسيت أنك أنت الأم المربية وهو الطفل الصغير.. لقد تصورت أنه لمجرد أنه يحفظ الأغاني والأناشيد وسورة الفاتحة.. إنه قد صار رجلاً لا يحتاج إلى التربية والعقاب والحزم؛ فأنت لا تريدين أن تعاقبيه.. وتقومين بشرح أخطائه حتى يتعلم..!!! بل وتخشين أن يقول الناس إنك لم تحسني تربيته.. بالله عليك ومتى ربيته أصلاً.
إنك ما زلت في بداية طريق طويل اسمه تربية الأولاد.. ما زلت تتهجين أولى حروف التربية.
إن محمدًا سيبدأ الآن يدرك معنى الخطأ والصواب، ومعنى أن هناك تصرفات مقبولة نسمح له بها وتصرفات وسلوكيات مرفوضة نمنعه منها، وطبعًا هو لا يمكن أن يفهم الآن لماذا؟ ولكنه يتعود على الخطأ والصواب، ويتعود أن هناك حدودًا يقف عندها وأن يستجيب للأوامر ويطيع ماما وبابا.
وسأشرح لك الأمر بمثال صغير: لو رأيت محمدًا يحاول أن يضع يده على المكواة وهي ساخنة أو في فتحات الكهرباء.. فهل ستجلسين بهدوء تشرحين له خطأ تصرفه وأنه خطر عليه.. أم أنك سوف تجرين لتمنعيه بالقوة وربما ضربته من شدة فزعك؟ وإذا حاول تكرارها ثانية فسوف تمنعينه بالقوة أيضًا، ثم كيف ستوقفين هذا السلوك.. هل ستكتفين بالتحاور معه وإفهامه خطأه؟ أنا أقول لك ماذا ستفعلين بفطرة الأم الطبيعية.. سوف تضعين المكواة في مكان لا تصل إليه يداه وسوف تغطين أماكن الكهرباء بغض النظر عن موافقته وتفهمه للموقف؛ لأن هذه السلوك خطر!!
وكذلك يا سيدتي التربية العشوائية أو الفوضوية في منتهى الخطورة؛ فما معنى أنك لا يهمك فوضويته وإتلافه للأشياء وهو بالمنزل، ولكن يحزنك ذلك أمام الناس.. يا سيدتي إننا نربي أطفالنا من أجلهم هم.. من أجل شخصياتهم وحياتهم ومستقبلهم وليس من أجل الناس. هناك حكمة مصرية شهيرة تقول "سألوا فرعون ما الذي فرعنك فأجاب: لم أجد من يتصدى لي"، وأنت يا سيدتي بتركك لكل الأمور والسلوكيات أمام محمد مفتوحة دون نظام وحدود تربين فرعونًا صغيرًا ستكونين أنت أول من يعاني منه عندما يكبر.
الطفل الذي يتربى في جو من النظام والترتيب والذي تدرك أمه وهي تربيه أهدافها من تربيته وقواعد التربية السليمة هو طفل سعيد رغم كثرة القواعد والنواهي وأمه سعيدة رغم معاناتها معه، أما الطفل الذي يكبر فيجد نفسه في جو من التسيب والعشوائية واللانظام وأنه ليس له حدود فيشعر بالاضطراب والتشتت وعدم قدرته على السيطرة على تصرفاته وانفعالاته، وأنت لن تستطيعي التحكم فيه، وكذلك لن تستطيعي الصبر عليه دائمًا، خاصة عندما يكبر وتكبر مشاكله فتدخلين معه في دائرة الصراع والعنف المرعبة بدلاً من أنك الآن تشعرين بالحزن إذا عاقبته.
ليس هناك تربية دون عقاب فهي مثل دولة بلا قانون، ولكن المهم نوع العقاب وأسلوب ووقت تطبيقه.
يا سيدتي.. إن القواعد والنظام والحزم الهادئ والعقاب الهادف المقنن هي مفاتيح التربية الأساسية، ولا بد أن تتعلميها، وستجدين على الموقع ملفًّا كاملاً عن الحزم الصحيح في التربية بعنوان الدكتاتور الصغير أرجو أن تطلعي عليه.
وأخيرًا يا سيدتي.. أقول لك إن أروع هدية تقدمينها لطفلك ينعم بها طوال حياته هي "شقيق".. إن منتهى الظلم له أن تحرميه من أن يكون له أخ يلعب معه ويحلم معه ويتخيل معه ويتشاجر معه، وأنت تتخيلين أنك بذلك تعطينه حقه في الرعاية الكاملة.
كيف سيتعلم الحب والعطاء واحترام حقوق الآخرين وعدم الأنانية وكيفية التفاهم والتعامل مع الآخرين.. مع من سيحكي ويعيش في عالم الخيال الطفولي الساحر الذي لا يمكننا نحن أبدًا دخوله معهم وهو مهم جدًّا لنمو خيالهم وذكائهم وشخصياتهم. قدمي لمحمد أغلى هدية.. شقيق.. بل أشقاء.
وفي انتظار رسالة منك بعد قراءة ملف الدكتاتور الصغير.
وهم الإشباع الجنسي عند الأطفال!! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا طالبة جامعية في السنة الثالثة ولدي أخت تصغرني بـ15 سنة. المشكلة عمرها (5 سنوات) تكمن في أنها تمارس أفعالاً غريبة لا أعلم سببًا لها، وهي عندما تلامس يدها أو رجلها العضو التناسلي لها تعمل..... (أعلم أن هناك خطأ ما) وهذا الموضوع يسبب لي الإزعاج بشكل كبير ولا أعلم ما الواجب فعله تجاهها، مع أنني أردعها دائمًا عند فعلها لذلك، وما أستغربه فعلاً كيف يمكن لطفلة في مثل هذه السن أن تمارس أي نوع من أنواع الإشباع الجنسي؟! إن هذا الموضوع يؤرقني بشدة ويتعبني نفسيًّا، فأرجو منكم إفادتي أكثر، وجزاكم الله خيرًا، ولا حرمنا من مساعدتكم وتنويركم لعقولنا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة، وجزاك الله خيرًا على ثنائك وكلامك الطيب، وجزاك الله خيرًا كثيرًا على اهتمامك بأختك وملاحظتك لها ورصدك للغريب من تصرفاتها؛ فانشغال والدتك مع إخوتك الثمانية وأعبائها اليومية لا بد وأن تشغلها عن متابعة بعض شئون إخوتك بشكل دقيق، ومن ثَم فهذا دورك ودور إخوتك ممن في سنك أن تكونوا لبعضكم البعض بمثابة أم صغيرة ناصحة وصديقة محبة موجهة برفق وحنان، ولعلها أقل معاونة لأمكم التي اجتهدت وما زالت تجتهد في رعايتكم والعناية بالأسرة.
عزيزتي لا بد أن أطمئنك أولاً أن ما تفعله أختك لا علاقة له بأي ميول جنسية، بل هو نوع من أنوع العادات السيئة أو السلوكيات الخاطئة التي يجب معاونة الطفل على التخلص منها، ولذلك قواعد وأفكار ذكرناها في أكثر من موضع أوردها لك في نهاية الإجابة للاطلاع عليها، وللوصول لأسلوب صحيح للتعامل مع أختك بما يجعلها تقلع وتمتنع عن فعل هذا السلوك دون لفت انتباهها واستثارة عنادها وإصرارها وتمسكها به ليصبح فيها عادة أصيلة فعلاً تنمو معها وقد تصل لما تخشينه عند كبرها.
ودعينا نعرض للأمر بشكل مختلف عن كل مرة تعرضنا فيها لعلاج هذه المشكلة المتكررة في عالم الأطفال، بما يضيف لما عرضناه سابقًا، وهو مبني على قاعدتين:
- الأولى: عدم إتاحة الفرصة لها لتكون منفردة بنفسها نهائيًّا، والثانية: عدم إتاحة الفرصة ليختلي بها الفراغ، فما سأورده لك من معالجات سابقة في نهاية الإجابة أمر ضروري ولكنني سأضيف إليه ما يلي:
هل تعرفين يا حبيبتي أن بداخل أختك قدرات هائلة وعظيمة وطاقة كبيرة أودعها فيها الله تعالى؟ بالتأكيد تعرفين ذلك، ولكن هل تعرفين أن تهميش هذه القدرات وتركها وعدم استغلالها قد يؤدي لفقدها وتضييعها أو عكسها؛ لتصبح على أختك وبالاً يستخدم في السيئ من التصرفات.
تخيلي قطعة من الحديد الخام تساوي مثلًا 5 دولارات.. بكم ستكون إن صنعنا منها حدوات للحصان؟ حوالي ضعف ثمنها، وماذا لو صنعنا منها إبرا للحياكة ستساوي 3 آلاف من الدولارات تقريبًا.. أما لو صنع منها نوابض للساعات الماسية فسيصل سعرها إلى 250 ألف دولار تقريبًا.. والفرق بين قطعة الحديد ونوابض الساعة هو التفكير والإبداع.
لعل تصرفات أختك يا صديقتي هي جرس الإنذار لاكتشاف طاقاتها الكامنة وتنمية التفكير الابتكاري لديها؛ امنحيها يا عزيزتي جزءاً محددًا من وقتك تتحدثين إليها بما يثير خيالها وتفكيرها:
فمثلاً اطرحي عليها أسئلة تثير الاهتمام والتفكير واطلبي منها البحث عن الإجابة مثل: "لماذا تسقط الأمطار لأسفل ولا تطير في الفضاء؟ أو لماذا يموت السمك عند خروجه من الماء؟... إلخ، بحيث تجد ما تقضي فيه وقتها في التفكير والبحث في كتب تهدينها لها مثلاً وتبحثون سويًّا في الإجابة عن الأسئلة فيها، وستجدينها تنتظر بشوق ولهفة لجلسة اليوم التالي لتقول لتبحثوا عن إجابات لأسئلة جديدة وهكذا...؛ وبالتالي تقتلين فراغها وتفسحين لمهاراتها المجال للانطلاق، وليست هي فقط، بل باقي إخوتك الصغيرات أو أخواتك فما أجمل روح التنافس في مثل تلك الأمور، وما أجمل أن يجد إخوتك ما يقضون فيه وقتهم بجد وسعادة واستمتاع.
كذلك حاولي أن تمارسي معها أحيانًا بعض الأنشطة مثل:
- الأنشطة اللفظية التي تعتمد على الكلام، وسرد الأفكار مثل أن تقولي لها اسألي أكبر عدد من الأسئلة عن: (السماء - البحر - الكرم والعطاء - النباتات).
أو هل تستطيعين أن تقولي لي كلمات تبدأ بحرف الـ (ف) مثلاً بسرعة.
- أو أنشطة تخيلية مثل: هل تعرفين استخدامًا غير مألوف لمشبك الورق؟ هل تستطيعين أن نعمل منه شكلاً جماليًّا نعلقه في حجرتك؟ أو اطرحي عليها ألغازًا.. وغير ذلك مما يسمح به وقتك وتتيحين لها به فرصًا للانشغال بما يفيد ويطرد أي فرصة لفعل شيء غير حسن، وصدقيني ستستمتعين كثيرًا مع أختك بمثل هذه الأوقات وستنتظرينها مثلما تنتظرها؛ لأن لذة الشعور بصناعة وتأسيس شيء في إنسان والشعور بتغييره ورعايته حقًّا لا تضاهيها لذة.
- ما أجمل أن تصادقيها وتصطحبيها معك في بعض الأماكن المناسبة لسنها كأن تأتي معك إلى المكتبة أو إلى السوق أو تقف معك في المطبخ تصنعان حلوى جميلة تسعدان بها لأمكما؛ فصداقتها لك ستعينك كثيرًا على تقويمها والتأثير فيها، وحاولي تجنب الردع أو النهر أو الزجر الذي سيلفت نظرها للتمسك بتلك العادة أو يثير عنادها في نفس الاتجاه.
وأخيرًا أسأل الله تعالى أن يتقبل نيتك الحسنة في تغيير ما لا ترضينه حولك، وأن يتقبل إيجابيتك التي لا بد أن ترافق نيتك ليحدث التغيير. وأخيرًا أنا في انتظار المزيد من متابعاتك واستفساراتك وأخبار أسرتك.. وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/73)
تأخر الكلام وتأخر النمو العقلي - متابعة 2 ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. أشكر جدًّا يا دكتورة سناء اهتمامك والرد عليّ بخصوص عمار للمرة الثانية.
وأنا حقيقة مبسوطة جدًّا بالموقع؛ لأنه يساهم معنا في تربية أولادنا مع الاهتمام بالجانب الديني؛ لأن هذا طبعًا مهم جدًّا بالنسبة لعمار. كنت أرسلت في الاستشارة الماضية أنه ذهب لطبيبة متخصصة في التواصل وكانت اقترحت عليّ أن أبدأ معه نظامًا تحفيزيًّا في اللغة طبعًا الاستجابة بطيئة جدًّا لكن يمكن أن أقول إنه خلال شهر ونصف من بدء النظام أصبح عمار يقول بعض الكلمات البسيطة جدًّا، مثلا أصبح يقول ماما وبابا بشكل مقصود؛ لأنه كان إلى هذه الفترة لا يقولها بشكل مقصود. أيضا يقول آت، إدي ويقصد هات وخد. ألو عندما يمسك التليفون. أنا طبعًا سعيدة جدا بكلماته هذه لكن أيضا نفسي يتكلم أكثر من هذا، وكنت أريد أن أعرف هل هذا معدل معقول؛ لأني أحس أن عمار مش حابب يكلم؛ لأنني كنت متخيلة أنه لو نطق أول كلمة سيكون ذلك دافعا لأن يكلم كتير بعد كده أنا مش عارفة تحليلي ده صح ولا لأ.
وعندي ملحوظة في الاستشارة السابقة: أنا كنت أسأل هل التأخر في الكلام يسبب تأخرا في نمو العقل وليس العكس؛ لأن حضرتك فهمت أني أسأل عن أن تأخر النمو العقلي يسبب تأخرًا في الكلام وأنا طبعًا أقصد العكس؛ لأنها تفرق. فقد كان قلقي أن تأخر عمار في الكلام يسبب له تأخرًا في نموه العقلي؛ لأن عمار بالنسبة للقياس بجداول التطور هو طبيعي جدًّا إلا في الجزء الخاص بتطور اللغة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
التأخر العقلي ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تتصوري مدى سعادتي بمشاركتك لنا بتطورات عمورة، وإن شاء الله تستمرين في ذلك. أختي الفاضلة، أعتقد أن تطوره مقبول وأنصحك بالاستمرار في تطبيق البرنامج والصبر، وأؤكد لك على أن يتم التدريب والتحفيز في ظروف طبيعية وبدون أن يشعر الطفل بأننا نضغط عليه حتى -لا يصيبه الضجر منا-، بل ورغم صغر سنه قد يعاقبنا بعدم الكلام؛ لأن هذا هو الموضوع الرئيسي في تعاملنا معه.
أختي الحبيبة، اجعلي التحفيز ضمن نشاطات طبيعية ومرحة، ومن خلال هذه النشاطات قدمي أهدافك للتدريب، مثل: تسمية الأشياء - تقليد أصواتها - ماذا نعمل بها - اللعب بها - الإشارة إلى صورها - تقليد حركاتها...
عزيزتي.. كوني مبتكرة في الأساليب وعرض الأفكار بحيث يشعر الطفل كأنك تلاعبينه أو تشاركينه في نشاطه وليس فقط تنتظرين منه إصدار كلمة في كل مرة.
أختي الفاضلة.. طالما أننا متابعون لتطور المهارات الأخرى ومؤشرات الطفل مقبولة، فالحمد لله الأمور مشجعة جدًّا.
لا تجعلي -أختي- من آمالك عبئًا على الطفل؛ أعطه وقته، استمتعي بما يمكنه عمله من أشياء أخرى جميلة ولا تقارنيه بالآخرين.
اقبلي منه الجهد الذي يستطيع أداءه، وراقبي قدراته، واعملي على التوقع منه بدرجة أعلى لكن بشكل بسيط من هذه القدرات وليس بشكل أعلى بكثير.
أختي العزيزة.. اجعلي مشاركتك للطفل في النشاطات اليومية مصدر متعة لكليكما.
أما بالنسبة لسؤالك: هل يؤثر التأخر اللغوي على القدرات العقلية فهو سؤال رائع لكنه كان ولا يزال مصدر نقاش واسع بين العلماء، أيهما يؤثر بشكل أكبر على الآخر.
على كل حال، ببساطة يعتقد غالبًا بأن التأخر العقلي هو الذي يؤثر على التطور اللغوي وليس العكس، وأكرر: غالبًا، لكن هناك مظاهر أحيانًا تدل على أن التأخر اللغوي لسبب ما مثل الإعاقة السمعية أو اضطراب كلامي اسمه عدم التناسق اللفظي APRAXIA OF SPEECH تؤثر بشكل ما على تطور الطفل العقلي في نواح معينة، لكن كما ذكرت لك هذا مجال واسع للنقاش طالما أن استجابات الطفل في جميع مهاراته في تطور فهذا مؤشر جيد إن شاء الله.
يسعدني دائمًا التواصل بأخبارك الطيبة إن شاء الله. تحياتي..
ــــــــــــــ(102/74)
ضوابط تواصل المشرف التربوي مع أطفاله ... العنوان
بداية جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الكبير لهذه الأمة ولهذا الجيل الذي نأمل أن يعيد لهذه الأمة مجدها، بداية أود أن أعلمكم أني مشرف تربوي على مجموعة من الأطفال(11 سنة)، وقبل أن أدخل هذا المجال أود أن أعلمكم أني قد قرأت الكثير من الكتب، سواء العربية أو المترجمة التي تتحدث عن التربية بوجه عام أو الكتب التخصصية في شتى فروع التربية.
بداية كنت أستخدم في هذا المجال أسلوبا من أساليب التربية؛ وهو ما يسميه البعض بأسلوب التوجيه الفردي، وهو باختصار الوصول مع الطفل لعلاقة بينه وبين المشرف تكون قوية تمكن المشرف من احتواء هذا الطفل وتعديل سلوكياته وأخلاقياته للأفضل، وخصوصا أن هذه المجموعة من الأطفال قريبون جدا من مرحلة المراهقة، وهي من أخطر المراحل التي يمر بها الطفل والتي يقول عنها البعض: إنها عنق الزجاجة، وأود أن أعلمكم أن نتائج هذا الأسلوب كانت رائعة، وجاءت بنتائج أكثر مما كنا نتوقع، وكان استخدامي لهذا الأسلوب بعد أن رأيت أن أغلب الآباء والأمهات منشغلون لدرجة بُعدهم عن أبنائهم في ظل الظروف التي نعيشها في مجتمعاتنا.
ولكن المشكلة أني وجدت في الفترة الأخيرة بعض من يرفضون استخدام هذا الأسلوب رفضا شديدا، ويعللون ذلك بأن الطفل يتعلق بالمشرف بصورة كبيرة تؤثر عليه تربويا، وأود أن أعلمكم أنه يوجد من استخدم معه هذا الأسلوب بأقوى صوره وبعد فترة انتقل المشرف إلى مكان آخر، ولم يتأثر الطفل. أود أن أعلم من حضراتكم هل هذا الأسلوب أستمر في استخدامه، أم أن رأي هؤلاء هو الصواب؟ وما فوائد هذا الأسلوب؟ وبماذا تنصحونني؟
ملحوظة: إن من يرفضون هذا الأمر يثقون تمام الثقة في هذا المشرف؛ فالأمر بعيد تمام البعد عن الضوابط الشرعية.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن إحدى مشاكل القضايا التربوية والاجتماعية هو أن الخط الفاصل بين الصواب والخطأ فيها.. هو شعرة دقيقة تحتاج إلى مهارة عالية لإدراكها وعدم تخطيها.. فإننا حينما نتحدث عن التواصل بين المشرف التربوي والأطفال الذين يشرف عليهم سواء كانوا أطفالا صغارا أم كبارا على أعتاب المراهقة.. فإننا نتحدث عن عملية حيوية في هذه العلاقة التربوية لا يمكن أن تنجح هذه العلاقة إلا بها.. والمشكلة ليست هنا هي الثقة في المشرف أو عدم الثقة به.. أو ارتباط الطفل بهذا المشرف أيضا من عدمه، ولكن هو وضوح الضوابط والحدود التي تحكم هذه العلاقة في ذهن المشرف أولا؛ لأنه هو صاحب القيادة لهذه العلاقة، وهو الذي يستطيع توجيهها في الاتجاه الصحيح بناء على ذهنه وعقله من حدود وضوابط.. لو تشوشت أو تشوهت لأصاب هذه العلاقة التربوية من التشوه والتشوش ما يجعلها ضارة بل ومدمرة بدلا من أن تكون بنّاءة..
ولذلك فليس السؤال المطروح هو: هل نبني علاقة بين المشرف وأطفاله أم لا نبني؟ ولا ندري من يرفض هذا الأسلوب.. أي أسلوب بديل يقدمه، ولكن السؤال الحقيقي يكون: إذا كان هذا التواصل أمرا ضروريا وحيويا من أجل علاقة تربوية مثمرة فما هي الضوابط والحدود التي لا تجعل الأمر يخرج عن إطاره الصحيح؟ وهي حدود يجب أن توضح للأطفال مثلما هي واضحة في ذهن المشرف حتى لا يحدث أي تجاوز، ويصبح الطرفان حراسا على قيام علاقة سوية طبيعية منتجة ومحدثة لأثرها التربوي الصحيح...
إن المشرف وهو يحتوي الأطفال فإنه يجذبهم إليه بصفاته وخصاله الطيبة التي يصبح هو قدوة لهم فيها، وهو عندما يعاقب طفلا فإنه يعلن رفضه لسلوكه السيئ.. وبالتالي تتضح العلاقة أنها قائمة على تفاعل بين مشرف هو قدوة في سلوكياته، ويتعامل مع الأطفال على أساس اكتسابهم للسلوكيات والمهارات المطلوبة.. فما يجعلك مقربا مني هو سلوكك وخصالك والتزامك في واجباتك نحو نفسك ونحو المجموعة التي تنتمي لها؟ وليس في الأمر أهواء شخصية؛ فهذا قريب إلى نفسي وأحبه فليفعل ما يشاء، وهذا ثقيل على نفسي أتصيد له الأخطاء وتسوء هذه الروح داخل المجموعة.. وهو يعلمهم الاعتدال في التعبير عن مشاعرهم دون إسراف، وهي علاقة منضبطة في التعبير عن الحب والتقارب بضوابط الشرع..
فالسلام باليد بين الطرفين والتواصل والحب.. فالحب يعبر عنه بالألفاظ أيضا المنضبطة فلا كلمات غزل ولا غرام ولا هيام تخرج الموضوع من سياقه؛ فالتعبير هادئ وبسيط بدون إفراط ولا تفريط.. فليس معنى الشعرة التي تجعل الاعتدال شعارا لكل علاقة ناجحة ولكل عمل ناجح.. الاعتدال الصحيح الذي يدركه الجميع ولا يختلفون عليه؛ ولذا فإنني من خلال خبرتي الطويلة مع المشاكل الناتجة من هذا التواصل أرى ألا تترك مهمة الإشراف التربوي على مجموعة من الأطفال أو المراهقين لفرد واحد بل أرى أن يكون ذلك لفردين على الأقل إن لم يكن لثلاثة مشرفين؛ بحيث تتفاعل نظرتهم، ويقوّمون بعضهم البعض، ولا يسمحون بنمو أي علاقة غير سوية.. وأن هذين المشرفين أيضا يخصصان للتقييم المستمر لأدائهما من قِبل مَنْ أناط بهم مهمة الإشراف لتعديل أي انحراف في المسار؛ ليس فقدانا للثقة في المشرف، ولكن وصفا للحدود والضوابط التي تضمن عدم الوقوع في الخطأ بإذن الله..
ــــــــــــــ(102/75)
وسواس التنسيق ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لقد استفدت بحق من آرائكم ونصائحكم في مجال التربية، ولكم مني جزيل الشكر والامتنان. وأتمنى أن تفيدوني في مشكلة ابنة خالتي؛ حيث إنها في مقتبل 13 سنة، وتعاني كثيرا عند إنجازها لفروضها المدرسية؛ حيث إنها تجلس بالساعات الطوال لكتابة فروضها مراعية التنسيق بين الكلمات والأحرف بشكل بالغ الترتيب، وإن أخطأت مزقت الورقة وأعادت الكرة مرة أخرى... وهكذا؛ إذ ما يمكن أن تنجزه في نصف ساعة تنجزه في خمس ساعات. وهذه الحالة آخذة في الازدياد.
وعندما يطلب منها التعبير عن موضوع ما؛ فهي تزداد توتراً، ولا تستطيع الكتابة أو التفكير، نصحناها بقراءة الكتب والمجلات دون جدوى، وعند الامتحانات ترتبك كثيرا، وتتردد في كتابة الأجوبة، علاماتها بين "الممتاز" و"الجيد جدا"، وهي الوسطى بين أختين، وعلاقتها جيدة مع الأختين. حياتها العائلية مستقرة، ولكن خالتي عصبية بعض الشيء ودائمة القلق على أبنائها. هذا كل ما أستطيع أن أفيدكم به. ولكم مني جزيل الشكر.
... السؤال
صعوبات التعلم, الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نشكر لك اهتمامك بابنة خالتك، ونشكر لك فطنتك في إرسال السؤال؛ لأن السؤال في بعض الأحيان وتوجيهه الوجه الصحيحة يكون بداية الحل، وهذا ما حدث مع حالة ابنة خالتك؛ حيث تظل المسكينة تعاني ومن حولها يتصورون أنها مشكلة بسيطة في حب التنسيق والترتيب، وأن الأمر لا يعدو نوعا من البطء يحتاج لتوجيه بالسرعة والإنجاز.. الأمر بسيط بإذن الله، ولكنه يتعلق بمشكلة مرضية هي الوسواس القهري؛ فابنة خالتك مصابة بالنوع المسمى وسواس التنسيق أو الترتيب؛ حيث يجد المريض نفسه مقهورًا على القيام بنوع من التنسيق الزائد بين الكلمات والحروف، وإذا لم يتم كما يتصور فإنه يمزق الورقة ويعيد الكرة مرة أخرى، وهو في ذلك يعاني معاناة شديدة لا يستطيع الفكاك منها؛ حيث لو امتنع عن هذه الطقوس فإنه يشعر بتوتر شديد لا يطيقه.. هذه هي حالة ابنة خالتك وهي آخذة في التفاقم؛ لأنها لم تعالَج العلاج المناسب.
هي أولا تحتاج للعرض على الطبيب النفسي المختص؛ وذلك لتقييم الحالة، وبدء العلاج معها، الذي سيشمل شقين: الأول شق نفسي سلوكي للتخلص من هذه الطقوس، وشق دوائي علاجي؛ وذلك لإعادة كيمياء المخ المسئولة عن حدوثه؛ حيث يساعد الدواء الكيمائي العلاج النفسي السلوكي والعكس؛ ولذا فإننا بالرغم مما نعرضه في بعض الأحيان من بعض الأساليب السلوكية للتخلص من بعض الطقوس الوسواسية القهرية على صفحة "مشاكل وحلول للشباب"
وإننا نرى أن العلاج لا بد أن يتم تحت إشراف الطبيب النفسي الذي يتابع تطورات العلاج الدوائي والنفسي حتى يتم الشفاء التام بإذن الله تعالى..
ــــــــــــــ(102/76)
القط المخيف.. انتكاسة تحتاج للعلاج - متابعة ... العنوان
السلام عليكم، شكرًا لاهتمامكم بمشكلتي دكتورة إيمان، وهذه إجابة على أسئلتك التي آمل أن تستطيعي من خلالها توجيهي أكثر عن حياتنا الأسرية؛ فهي جد مستقرة ويسودها الحب بين أطرافها والوفاق، ونحن نعامل طفلي4 سنوات بكل الحب والرقة مع بعض الشدة إذا لزم الأمر.
وطفلي اجتماعي ودود ولا يؤذي أحدًا، مطيع، وذكي؛ حتى إنه وفي جميع مراحل حياته كان يفوق أترابه من أبناء الجالية هنا، يحفظ الكثير من كتاب الله رغم صغر سنه ويجيد اللغتين العربية والإنجليزية، يعبر عن نفسه بالكلام وبملامح الوجه، ينام في غرفة مستقلة مع أخيه ولا أجد في ذلك مشاكل.
تعرض في صغره لحادث مع كلب وآخر مع قط، لكنه لم يكن قد بلغ السنة من العمر، وكما أخبرتك سابقًا أصبحت حالته طبيعية حتى رأى قطًّا في الحديقة.
والمشكلة الآن أنه يرفض الخروج إلى الحديقة منفردًا، فإن أرسله أبوه لأداء شيء في الحديقة فإنه لا يذهب إلا بصعوبة وترينه ينظر شمالاً ويمينًا دون توقف، وعندما يعود يعود ودقات قلبه تسمعينها عن بعد وهو أصفر اللون، وهذا يقتلني، ولا أدري ماذا علي فعله؛ فهو لا ينتقل إلى أي مكان إلا إذا طلب من أخيه مرافقته.
وكل الذين يعرفون طفلي يقولون إنهم يتمنون أن يكون أولادهم مثله، ولكن هذه المشكلة تؤرقني جدًّا، علمًا أنني عرضته على طبيب اختصاصي أطفال.
أرجو أن أكون قد أجبت على أغلب الأسئلة التي ستساعدك على فهم مشكلة طفلي، ومن ثم تمكنك من مساعدتي، ولكم جزيل الشكر على هذا العمل الطيب.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك مرة أخرى يا عزيزتي ومرحبًا بطفلك، بارك الله فيه من طفل متميز، وفي البداية لا بد أن أعتذر لك عن تأخير الرد وذلك لخطأ ما أدى إلى إرجائها كل هذا الوقت؛ فأرجو أن تقبلي اعتذاري.
أما بخصوص إجاباتك فهي كافية للرد على ما كنت أود الاستعلام بشأنه؛ إذ كنت أخشى أن يكون خوف الطفل يعود لأسباب لها علاقة بتأخر نموي أو ذهني معين، وهكذا فقد تأكدت من إجاباتك أنه يمكن استبعاد تلك الأسباب، فضلاً عن الأسباب العلائقية المتمثلة في تعاملك ووالده معه.
أما بخصوص كون تخصص الطبيب الذي عرضت عليه الطفل هو اختصاصي أطفال فهو ما أود البدء به في الإجابة، فطفلك بحاجة للعرض على طبيب نفسي أطفال، أي متخصص في طب نفسي أطفال، فتعرض طفلك لحادثين في سنه الصغيرة مرة مع كلب ومرة أخرى مع قط قد خلفتا في نفسه بلا شك أثرًا ما، ولعل هذا الأثر هو السبب فيما وصل إليه من خوف وذعر من هذين الكائنين أو من القط بالتحديد، ودور طبيب الأطفال هو استخراج تلك الآثار من نفس الطفل وتبسيطها وتخفيفها؛ ليتحول تعامل الطفل مع تلك الأمور إلى أقرب ما يكون من الطبيعي والعادي.
ولكي أشرح لك أكثر فإن ما ذكرته من خفق شديد لقلب طفلك واصفرار وجهه وتعرقه إثر خوفه من ظهور القط في الحديقة يؤكد بشكل كبير احتمال معاناة طفلك من فوبيا القطط، والأمر يسير إن شاء الله ويحتاج لعلاج نفسي بسيط لتقليل أو القضاء على تلك المخاوف لدى الطفل، فيقل تدريجيًّا هذا الخوف الشديد لدى الطفل.
وبرنامج علاج مثل تلك الأمور قد يستغرق وقتًا؛ لأن الأمر يحتاج للتدرج والهدوء دون إرغام أو تعجل للنتائج، وبالتالي فالأمر يحتاج منك للصبر والتأني وعدم الشعور بالجزع الذي تحكين عنه حتى لا ينتقل لطفلك أي مشاعر سلبية بسبب رد فعلك تجاه خوفه، ولعل في صفاته الجميلة والكريمة ما يشعرك بالاطمئنان أن كانت مشكلته الوحيدة في القطط والخوف منها، وهي هينة ولها علاج، ولم تكن في أمر آخر أشق في العلاج وأصعب، وأرجو منك أيضًا ألا تجبريه على اقتحام ما يخاف، وتأكدي أنه سيقتحم خوفه تدريجيًّا عندما يتغلب عليه ويقوى عليه بالعلاج.
وأخيرًا.. أوصيك بمعاودة قراءة الإجابة السابقة واتباع ما فيها من إرشادات، فضلاً عما سينصحك به الطبيب النفسي المعالج لحالة طفلك وعما سيفعله هو معه إزاء هذا الأمر، وأنا في انتظار متابعتك مرة أخرى بنتائج زيارة الطبيب وتطورات طفلك حفظه الله.. وأرجو أن تكون الأخبار كلها مبشّرة.
ــــــــــــــ(102/77)
التواصل لعلاج مشاكل الغربة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إلى الإخوة والأخوات الأفاضل في موقع "إسلام أون لاين.نت" أشكركم جزيل الشكر على الجهد الذي تبذلونه من أجل الإسلام والمسلمين وبالخصوص في تثقيف الأسرة المسلمة، جزاكم الله خير الجزاء.
ما سأرويه لكم ليس مشكلة وإنما طلب للاستشارة.. قصتي هي مع أختي الصغيرة التي تبلغ الثامنة من عمرها، وبسبب فارق السن الذي بيني وبينها (16 سنة) وفقني الله لتحمل جزء كبير من تربيتها؛ لذلك فهي أثيرة لدي وأشعر بعواطف الأمومة تجاهها.
وأنا أملك منهجا مختلفا كثيرا عن منهج والدي في التربية؛ لقراءتي الكثيرة في هذا المجال، ولأني عانيت نتائج تربية والدي التي تقوم على المعاملة القاسية إلى درجة معينة (العين الحمرة على قول والدتي)، لا رأي للطفل بل حتى للمراهق أو الشاب، تحقير الطفل، التأنيب والتوبيخ... إلخ.
المهم بنيت علاقة جميلة وقوية بيني وبين أختي تقوم على المحبة والصداقة واحترام رأيها واكتشاف المواهب وتنميتها، لكن ليس لدي السلطة الكاملة عليها (لا أقصد الاستبداد)؛ لأنني أخت في النهاية ولست أما، وخصوصا بعد زواجي وسفري إلى بلاد الغربة (كندا) لمدة طويلة.
الآن أنا بعيدة عنها والإجازة التي نستطيع فيها العودة إلى الوطن لا تزيد على الشهر الواحد في السنة؛ فمن ناحية أشعر بالشوق الكبير لها، ومن ناحية أخرى أشعر بمسئولية التربية تجاهها تماما كشعور الوالدين بالمسئولية تجاه أبنائهما.
والحل الوحيد هو أن تأتي عندي في الإجازة الصيفية (من شهر إلى ثلاثة أشهر)، وهنا بيت القصيد؛ فأنتم تعرفون بلاد الغرب وأخلاق أهلها وخصوصا في فترة الصيف حيث العري والحركات اللاأخلاقية في الشوارع من التقبيل والاحتضان وغيرهما؛ فأنا أخاف كثيرا إن هي جاءت أن تتأثر بما تراه وأن أكون قد فتحت لها بابا جديدا لم تكن لتدركه لو لم تأت، فأكون قد جنيت عليها من أجل مشاعري وحبي لها ورغبتي في أن تكون بقربي، مع العلم أني لا أعتقد بأن هناك من سيراقبها ويتابعها إن هي عادت للوطن ليرى تأثير ذلك عليها.
وأختي شخصيتها اجتماعية إلى درجة كبيرة ونبيهة إلى درجة كبيرة أيضا؛ فهي تنتبه لما حولها وتحاول التقليد، فمثلا تستطيع لبس "الشيلة" بطرق مختلفة بسبب ملاحظتها لكيفية ارتدائها من النساء، فمرة تخرج شعرها من الأمام وأخرى تغطيه، ولكن بطريقة معينة وهكذا.. هذا التقليد عادة يحدث في المنزل أمام المرآة، وهي عنيدة بعض الشيء.
ذكرت هذا المثال للتوضيح، فهل تعتقدون أن مجيئها وهي في هذا العمر (8 سنوات) سيكون له نتائج سلبية؟ وإن لم يكن هناك مانع فما المدة المناسبة لبقائها (شهر-اثنان أو ثلاثة)؟ وماذا تقترحون عليّ فعله؟ وماذا بالنسبة لأخي البالغ من العمر 15 عاما هل تشجعون مجيئه؟ أنتظر مشورتكم، ودمتم موفقين.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د. مأمون المبيض ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أشكر الأخت السائلة على سؤالها وعلى اهتمامها التربوي بشقيقتها الصغيرة، وأشكرها خصوصا على تغيير طريقة التربية التي تلقتها من والديها؛ فهذا دليل وعي كبير وحرص على الخير كانت نتيجته هذه العلاقة الجيدة مع شقيقتها.. هذه العلاقة ستكوّن أرضية جيدة لتوجيه شقيقتك الآن وفي مستقبل حياتها.
كوني شخصيا أعيش في الغرب منذ سنوات طويلة مع أسرتي وأبنائي، وكما لاحظت منذ انتقالك لبلاد الغرب أن هناك كثيرا من السلبيات، ولكن هناك أيضا الكثير من الإيجابيات للحياة في الغرب.. أرى أن استمرار العلاقة والتواصل بينك وبين أختك أمر مهم جدا سواء عن طريق الهاتف والبريد الإلكتروني، وإن تمكنتم من الزيارة المباشرة فهذا أفضل.
أشجعك على دعوة أختك لزيارتك في كندا، حيث تحاولين توجيهها لكل ما هو إيجابي وجيد في الغرب، ويمكنك أن تقضي معها الساعات الطويلة في الحديث والحوار، والاستماع إليها فيما يشغلها في هذه الحياة، خاصة أنها في هذه المرحلة المهمة من حياتها ونموها وتطورها، ويمكنك أخذها لزيارة المتاحف والمكتبات والمعالم الحضارية والثقافية والترفيهية.
معك الحق في ضرورة المتابعة معها عندما تعود لبلدكما، ولا أقول من باب الخوف من انحرافها أو تأثرها السلبي؛ لأني على الثقة بأنها من خلال علاقتك الحسنة معها، ومن خلال وعيك واهتمامك بها فما أظنها يسهل التأثير عليها سلبيا من قبل الآخرين، وخاصة فيما ذكرت في سؤالك من أنها نبيهة وعنيدة؛ فهذا العناد سيعطيها الشخصية القوية لتقاوم محاولات الآخرين التأثير عليها.
بالنسبة لشقيقك البالغ 15 سنة فالجواب يتوقف على طبيعته الشخصية ونفسيته وعلاقتك به، وهذه أمور لم تذكري لنا الكثير عنها. ولكن إن كانت علاقتك به جيدة أو قابلة لتكون جيدة فقد تكون زيارته لك نافذة يتعرف من خلالها بطريقة موجهة من قبلك على الغرب وحضارة الغرب، ولعل هذه هي النافذة الوحيدة للحديث مع من يتفهم حياته وما يشغل باله، والأمل أن يأخذ الإيجابيات ويترك السلبيات مما يمكن أن يرى في الغرب.
ومن يدري فقد يدرس في المستقبل في إحدى الدول الغربية فتكون زيارته للغرب فرصة مناسبة لتوجيهه التوجيه السليم لمستقبل إقامته في الغرب. ويمكن وهو في زيارتك أن يلتقي ببعض الشباب المتدين ممن يعيش في الغرب ويحافظ على صلاته وهويته الإسلامية.
وفقك الله لحسن توجيه أختك وأخيك، وهذا سيقدم لك الخبرة الكبيرة لتطبقيها مع أولادك في قابلات الأيام.
ــــــــــــــ(102/78)
كيف نستعيد ثقة ابنتنا بنا ؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله جهودكم وأعانكم على فعل الخير دائمًا. بداية تعرفت على الموقع منذ فترة وجيزة، ولكن استفدت كثيرًا من خلال تصفحي لاستشاراتكم البناءة. استخدمت أنا وزوجي أسلوب الضرب، التهديد والصراخ، والآن أنا عازمة على تغيير أسلوبنا، وإن شاء الله ستكون هدايتنا على أيديكم.
سؤالي إليكم: كيف نستعيد ونعزز ثقة ابنتنا بنا (أنا ووالدها)، علمًا بأن الشخص مهما قرر أن يتغير فلن يستطيع أن يتغير بين يوم وليلة، فأخشى أن يؤدي تراجعنا قليلاً إلى الوراء زعزعة الثقة بيننا وبينها أكثر من قبل.
لا بد أن هناك ردودًا كثيرة في استشارات سابقة على سؤالي، فأرجو أن ترفقوا كل ما يفيدنا في ردكم على استشارتي.
للعلم ابنتي عمرها خمس سنوات في رياض الأطفال، جريئة، محبوبة من الأطفال، قوية الملاحظة والتركيز، محبة للتعلم كثيرًا، ذكية وحساسة جدًّا؛ حتى إني عندما أقسو عليها دائمًا تردد لماذا أنجبتني إذن، دعي الله يرجعني طفلة صغيرة لكي لا تصرخي في وجهي؛ فأرجو منكم إعلامي ماذا أجيبها؟! علمًا بأن لديها أختًا عمرها عشرة أشهر، ولكم مني جزيل الشكر والعرفان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نشكرك أختنا العزيزة على ثنائك وحسن ظنك بنا، ونرجو أن تستمري في المتابعة معنا، كما أشكرك على عزمك ونيتك لتراجعك عن سياسة الضرب أنت وزوجك مع طفلة لا يتجاوز عمرها الخمسة أعوام وتمتلك كل هذه الصفات والمزايا الرائعة التي ذكرتها في رسالتك.
وقبل أن أرد على رسالتك سأقص عليك أقصوصة حدثت مع أختي: فقد كانت منفعلة جدًّا من أولادها ذات يوم، وإذا بجرس الهاتف يرن فترفع السماعة وهي بهذا الانفعال، فيأتيها صوت هادئ رخيم يسري عنها قليلاً، فقد كان صوت عمتنا التي نحبها كثيرًا لما تتسم به من تقوى وحكمة، وكأن هذه المكالمة جاءت في توقيتها والتي كانت أختي في أمس الحاجة لسماعها.
وبعد أن سألت عمتي عن صحة أختي وزوجها سألتها عن أولادها قائلة: "وكيف حال أحبائك"، فإذا بأختي تنفجر قائلة: "أحبائي! بل قولي متاعبي أو مصائبي فضحكت العمة، لكنها أردفت بحكمة لا تنساها أختي أبدًا: يا ابنتي استمتعي بأولادك قدر وجودك معهم ووجودهم معك، فهل كنت تستطيعين تحمل الحياة بدونهم؟ سكتت أختي وقد استوعبت الدرس جيدًا، وهذا أول ما أنصحك به سيدتي:
1- استشعري نعمة الله عليك ومنحه إياك هاتين الزهرتين اللتين تجملان صحراء الحياة.
2- ذكّري نفسك دائمًا أنت وزوجك أن الله تعالى قد حباكما بطفلة رائعة متعددة المزايا -ما شاء الله لا قوة إلا بالله- عندما تهمان بضربها، واقرئي هذه الحادثة التي يرويها أبو مسعود البدري رضي الله عنه فقد قال: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط فسمعت صوتًا من خلفي يقول: "اعلم أبا مسعود". فلم أفهم الصوت من الغضب. فلما دنا مني إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، قال: فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا" (حسين عبد العزيز الدريني سلسلة سفير التربوية الثواب والعقاب وأثره في تربية الأولاد).
وفي رواية أخرى أن أبا مسعود أعتق هذا المملوك تكفيرًا عما فعل، وأظن أن أبناءنا يستحقون هذا الرفق وهذه الشفقة من باب أولى على الأقل بحكم محبتنا الفطرية لهم.
3- أدخلي روح المرح على الأسرة بأكملها.
4- أظهري حبك لابنتيك دون تدليل، واعلمي أن التربية الناجحة هي التي تجمع بين الحزم واللين.
5- عززي وشجعي سلوكياتها الإيجابية بالاحتضان والتقبيل.
6- عليك أن تلعبي وتمرحي وتتنزهي مع ابنتيك، وعلى الوالد أن يفعل ذلك فيصحبكم في زيارات ورحلات أيام الأجازات.
7- كل ما سبق سيعيد ثقة ابنتكما بكما، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر وعزم؛ لأنها ستندهش في بادئ الأمر، وربما تحاول اختبار صدقكما في نيتكما بالإصلاح؛ ولذا ستحاول أحيانًا أن تستفزكما ببعض الأفعال والتصرفات لتنظر هل ستقومان بضربها أم لا؟ فأرجو ألا تقعا في هذا الشَرَك.
8- ويمكنك أن تتحدثي إليها قائلة على سبيل المثال: أعلم أنني كنت أتعامل معك بعنف أحيانًا، ولكن عاهدت نفسي ألا أفعل ذلك مرة أخرى؛ فأرجو أن تساعديني على تنفيذ هذا العهد "ثم ضميها إلى صدرك وقبليها".
لكن احذري سيدتي أن تعودي للضرب مرة أخرى بعد هذا الحديث، ثم تعتذري لها بعد ذلك فهذا له أثر نفسي سلبي خطير على ابنتك؛ لأنها لن تصدقك بعد ذلك، ولن تأمن لك وسيترتب على ذلك تمردًا وعدوانًا بالغين، فضلاً عن فقد الثقة التامة بك وبنفسها؛ ولذا أنصحك بألا تبثي لها هذا الحديث إلا بعد أن تكوني أخذت خطوات فعلية في استخدام أسلوب الحب والتفاهم والاحترام بديلاً عن الضرب.
وكما ذكرتِ -سيدتي- الأمر لا يأتي بين يوم وليلة، ولكن لأن نية التغيير والإخلاص فيها والرغبة المشتعلة -على حد تعبير د. إبراهيم الفقي- والاستعانة بالله أولاً وأخيرًا، ثم التوكل عليه لا شك سيعينك أنت وزوجك على الوصول لما تبغيان.
وقبل أن أتركك أود أن تطلعي على عدة موضوعات طرحت على هذه الصفحة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة محاور:
أولاً: العصبية والغضب عند الأمهات
عصبية وأصرخ في أطفالي.. ماذا أفعل؟
نصائح ذهبية لعلاج العصبية
عصبية الأم ....هل من علاج؟
بدلا من الصراخ في وجه الأطفال
ثانيًا: العلاقة الإيجابية بين الآباء والأبناء
بنك التفاهم إيداع لصداقة جارية
دفء الأسرة ...من يستعيده؟؟
كيف نتفاهم مع أبنائنا؟
ثالثًا: الأنشطة والألعاب التي تساهم إلى حد كبير في بناء جسور هذه العلاقة الإيجابية الفعالة
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
مذكرات الإجازة الصيفية.. بذرة لأديب أو فنان
بالخطوط والألوان طفل ذكي وفنان
وأخيرًا أعانك الله تعالى، وننتظر منك المزيد من الرسائل.
-ــــــــــــــ(102/79)
إستراتيجيات التركيز والانتباه ... العنوان
سيدي/ سيدتي.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً: أشكر هذا الموقع على المجهود الكبير الذي يُبذل في إرشاد الوالدين، أما بعد.. ابني في السنة الأولى من الصف الابتدائي، وله أخت عمرها 2.5 وهو والحمد لله متفوق، ولكن دائم النسيان فكثيرًا أجلس معه أثناء المذاكرة لتأكد من أنه مستمر وإلا شرد ذهنه تمامًا عن عمل الواجب أو الحفظ، وعند جلوسي معه يحفظ أو يذاكر جيدًا؛ ولكن عندما انشغل بأي شيء يترك الأعمال التي يقوم بها ويلهو.
كانت دائمًا أرقامه في أي امتحان أكثر من ممتاز، ولكن منذ شهر تقريبًا وبالتحديد عند مغادرة مُدرسة الإنجليزي الفصل؛ لأنه كان يحبها بجنون، ويصف لي كل يوم ماذا عمل، وكيف ذهب إلى السبورة، وكتب كلمات وحل أيضًا أشياء على السبورة، مع العلم يا سيدتي أن هذا ليس فقط في اللغة الإنجليزية، ولكن في باقي المواد أيضًا، ولكن عندما غادرت هذه المدرسة بالذات بدأ في العد التنازلي لا يريد عمل أي واجبات أو حفظ، وإذا ضغط عليه وجلست معه يذاكر بدافع أنني موجودة فقط؛ مع العلم أننا سابقًا كنا نضربه، ولكن الآن لا أتعامل معه إلا بأنني أقول له مثلاً لا أكلمك أو لا يوجد مصروف لمدة أسبوع إلى أن تأتي بأرقام في الامتحانات طيبة.
فهل هذا صحيح أم ماذا أفعل ليرجع ابني كما كان؟ مع العلم أن له وقتًا نخرج فيه ووقتًا آخر يلعب، ولكن ليس كثيرًا ودائمًا أحفزه على الرسم مثلاً أو عمل أنشطة في الفصل أو ما شابه ذلك.. وأرجو لكم جزيل الشكر والعرفان.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام سيدتي ورحمة الله وبركاته، شكرًا لك على إطرائك الرقيق وجعلنا الله أهلاً لهذه الثقة.. اللهم آمين..
وقبل البدء في الرد على رسالتك الكريمة أود أن أحدد النقاط الرئيسية التي وردت فيها ليسهل العمل والتطبيق إن شاء الله:
1. ابنك -حفظه الله- متفوق لكنه سريع النسيان.
2. تأثره النفسي والدراسي بعد ترك معلمة اللغة الإنجليزية فصله.
3. لا يذاكر إلا أثناء تواجدك بجواره.
4. أسلوب عقابك له عندما لا يؤدي واجباته كما ينبغي، أو عندما لا يحصل على نفس درجاته المتفوقة المعتاد عليها.
بالنسبة للنسيان تعالي معي أولاً -سيدتي- لنتعرف على أهم خصائص هذه المرحلة من حيث التذكر والانتباه، حيث إن عملية التذكر مبنية بشكل أساسي على الانتباه فطفل السادسة مدة انتباهه قصيرة تتراوح بين 6 : 12 دقيقة فهو لا يستطيع أن يركز اهتمامه في موضوع واحد إلا هذه الفترة (فلك أن تتخيلي مدى الضغط الذي نشكله عليه سواء في البيت أثناء المذاكرة أم في المدرسة)، كما أن مدى انتباهه أيضًا قليلة والمقصود بمدى الانتباه هو عدد الموضوعات التي يستطيع الفرد أن يحتفظ بها في بؤرة الاهتمام في وقت واحد، ويحدث للطفل في بداية دخول المرحلة الابتدائية نوع من الارتباك والتشتت بسبب كم المواد وكم الكراسات والواجبات المفترض أن يتذكرها، وعندما كنت أدرس لأطفال هذه المرحلة كان الأطفال يُخرجون كل ما في حقائبهم من كتب وكراسات عندما أطلب منهم إخراج كراسة اللغة العربية لأختار أنا أي الكراسات التي أريدها من بين ما أخرجوه، على أية حال هذا أمر يقل تدريجيًّا كلما كبر الطفل نتيجة للنمو الطبيعي للعمليات العقلية العليا التي تحدث له حلاًّ لمشكلة التركيز (الانتباه) والتذكر في المرحلة الحالية، ولنموها بشكل أفضل يمكن مساعدة ابنك عن طريق:
إستراتيجيات تحسين الانتباه والتذكر:
1. البعد عن التشتت وتخصيص مكان للمذاكرة بحيث لا يكون مكتبه أمام مدخل باب حجرته فينتبه لكل حركة تحدث خارج الحجرة.
2. توضيح ما يجب إنجازه في كلمات محددة واضحة كأن تقولي له سوف تخرج كراسة الحساب وتقوم بحل صفحة كذا أولاً، ثم تعززي ما ينجزه بالتقبيل أو الاحتضان أو التصفيق.
3. توفير وقت للراحة، لا بد من تخصيص وقت للراحة بين كل مادة وأخرى لا تتجاوز مدة عشر دقائق.
4. ولتحسين التذكر عن طريق: التطابق والتجانس: أي تجميع المعلومات وفق أوجه التطابق والانسجام بينها (كأن يعرف مثلاً الشهور المؤلفة من 30 يومًا).
5. وعن طريق بعض الألعاب مثل: أن تضعي بعض الأشياء على منضدة يراها لمدة دقيقة مثلاً ثم تغطيها وتطلبي منه أن يتذكر هذه الأشياء، أو تلعبي معه لعبة تسمى "أنا رحت السوق اشتريت" فتبدئين بقولك أنا رحت السوق اشتريت جزرًا (مثلاً)، ثم يقول هو أنا رحت السوق اشتريت جزرا وخسا، ثم تقولين أنا رحت السوق اشتريت جزر وخس وفلفل"، وهكذا...، فعلى كل لاعب أن يتذكر كل ما يشتريه كل اللاعبين الآخرين بالترتيب، وهناك العديد من هذه اللعب وغيرها من الإستراتيجيات لتحسين التذكر على الإنترنت في مواقع خاصة بالأطفال يمكن الدخول من خلال موقع البحث جوجل
أما بالنسبة لتأثره لترك معلمة اللغة الإنجليزية لفصله فهذا أيضًا أمر طبيعي وحتى يمر هذا الأمر بشكل سلس سهل ولا يُحدث أثرًا دراسيًّا ونفسيًّا سلبيًّا على طفلك يمكنك أن:
• تقدري مشاعره كأن تقولي له حينما يتذكر هذه المعلمة: أنا أعرف تمامًا ما تشعر به وأقدر حزنك لترك هذه المعلمة فصلك فهي معلمة ممتازة.
• سيدرك مع مرور الوقت ومن خلال أسلوبك وتوجيهك له أن العبرة بأداء المهام والواجبات المطلوبة منا في حياتنا وليس بمن يطلبها منا، بدليل أنك تقومين بأداء واجباتك تجاه أفراد أسرتك دون أن يُطلب منك ذلك أو انتظار هدية أو جائزة أو حتى شكر.
• أن يحاول توطيد علاقته بمعلمته الجديدة عن طريق الالتزام بالواجبات وأن يطلعها على بعض رسوماته، وأن يكون ملتزمًا بوجه عام في الفصل... إلخ.
• يظل على صلة بمعلمته السابقة -إن أمكنكم ذلك- يسأل عنها فإن ذلك يسرها ويسره، وينمي عنده الانتماء والعرفان بالجميل، ويكون حافزًا له ودافعًا لمزيد من التقدم والإنجاز، وخاصة إذا أطلعها على درجاته وتفوقه بالمدرسة.
نأتي لأهم نقطة في النقاط التي وردت في رسالتك وهي أنه لا يذاكر جيدًا إلا إذا جلست بجواره.
إن من أكبر الأخطاء إن لم يكن أكبرها على الإطلاق -في وجهة نظري- هي مسألة جلوس الأم بجوار طفلها وهو يؤدي واجباته، يا سيدتي لا بد أن يربى الطفل على أن مسألة المذاكرة هذه هي مسئوليته بالدرجة الأولى (وسوف أوضح لك كيف يحدث هذا في الأسطر التالية)، وإن كل ما عليك في هذه الفترة الإشراف والمتابعة، فبعد الانتهاء من عمل واجب مادة ما تشرفين على: هل نسي شيئًا أم لا؟ هل أداها بإتقان أم لا؟ وعند عجزه عن فهم شيء يمكنك فقط مساعدته في كيف يفهم ما صعب عليه، أما أن تجلسي بجواره فهذه مأساة، وحتى تعرفي أثر ذلك فسوف أوضح لك الأضرار الناجمة عن جلوسك بجواره وهو يؤدي واجباته:
1. سيعتاد على أن تجلسي بجواره للمذاكرة، ولن يستطيع أداءها بمفرده مهما كان لديك من ظروف.
2. سيعتاد التواكل وعدم الاعتماد على النفس.
3. سيصاب بالكسل العقلي وبدلاً من أن يفكر وحده ويجد حلولاً لمشكلاته سواء الدراسية أو غيرها مما ستقابله في الحياة سيلجأ إليك لتفكري بالنيابة عنه.
4. وبالتالي سينشأ فردًا مدللاً لا يُعتمد عليه مهما كبر سنه ولا يستطيع اتخاذ قرار في حياته.
5. سيصب كل أنواع اللوم والعتاب عليك عندما يكبر؛ لأنك لم تمكنه يومًا من أن يكون ذلك الرجل قوي الشخصية الذي يتحمل المسئولية.
6. سيعلم أن المذاكرة أمر في غاية الأهمية بالنسبة لك، لكنها لن تمثل له هذه الأهمية ولن تكون إلا وسيلة ضغط عليك، فإذا لم تلبّ له شيئًا يرغب فيه سيعرض عن المذاكرة ويهملها.
7. فضلاً عن سوء العلاقة التي ستنجم نتيجة للشد والجذب المستمر بينكما.
لا تتخيلي -سيدتي- أنني أهول لك الأمر، بل ما ذكرته لك هو ما تعانيه كثير من الأمهات وقعن في نفس الخطأ بحسن نية، ولكن لحسن حظك أن ابنك ما زال صغيرًا ويمكن تدراك هذا الأمر سريعًا؛ ولذا أنا أنصحك بأن تدربي ابنك من الآن على المذاكرة وحده ويشعر بهذه المسئولية، ولا تبرري لنفسك -سيدتي- بأنه صغير لا يعرف كيف يذاكر بمفرده، أو أنه يلهو ويلعب إذا انشغلت عنه قليلاً. والآن تعالي في الأسطر التالية نعرف كيف يحدث هذا:
• مهّدي له أمر المذاكرة وحده عندما يعود يومًا ما من المدرسة مسرورًا احضري ورقة ملونة رسمت عليها جدولاً فارغًا وجهزي أقلامًا ملونة، ثم عند بداية وقت المذاكرة قولي له ببهجة على سبيل المثال: أتعرف ما هذا؟ وبعد الحوار معه عرفيه أنه جدول للمذاكرة ستساعدينه في وضعه لمدة ثلاثة أيام أو أسبوع، ثم يضعه بعد ذلك بمفرده ويحدد فيه (بالأقلام الملونة) المواد التي سيذاكرها تباعًا، وكلما انتهى من مادة يريك كيف انتهى منها فقط.
• ثم يأخذ راحة لمدة لا تزيد عن عشر دقائق -كما ذكرت لك- يلعب فيها أو تلعبين فيها معه، ولا يشاهد في هذه الفترة التلفاز ولا يلعب على الكمبيوتر؛ لأن هذه الوسائل تشتت انتباه الطفل في فترة الراحة إلى جانب أنها تحتاج إلى وقت طويل.
• لا بد أن تعززي كل مرة يقوم فيها بأداء واجبه أو بعمل الجدول بمفرده، واذكري ذلك بفخر وحب لوالده عندما يعود من عمله.
• قد يبدي طفلك عدم الترحيب بفكرة مذاكرته وحده (على الرغم من أنه سيتحمس لعملية عمل الجدول في بادئ الأمر)، لكنه على أية حال سيمر بمرحلة رفض وتشبث بأن تذاكري معه فعندئذ لا بد أن توضحي له (مرات عديدة) بأنه قد كبر الآن، وعليه أن يقوم بهذه المسئولية وحده، ثم أخيرًا تخبرينه أنه إذا استمر على هذا فسوف تتركينه ليتحمل أي عقاب يحدث له بالمدرسة، واتركيه يعاقب فعلاً لكن بعد أن تتفقي مع معلمته -دون علمه- على أسلوب عقاب مناسب غير مبالغ فيه كأن يحرم مرة من الخروج في "الفسحة" بالمدرسة. (ولمزيد من الاستفادة عن موضوع كيف نساعد أبناءنا في المذاكرة يمكنك الاطلاع على موضوعات عديدة عالجت هذا الموضوع على هذه الصفحة ومنها :
خطوات سريعة لعلاج الإخفاقات الدراسية
حب الدراسة..متابعة وأنشطة
دليل الآباء لتفوق الآبناء
وأما بالنسبة للنقطة الأخيرة وهي طريقة عقابك له حتى يحصل على درجاته المتفوقة التي اعتاد عليها أرجو اتباع ما يلي:
1. طريقة المساعدة الصحيحة في مذاكرة ابنك بالطريقة السابقة والتي ستطلعين عليها تعينك جدًّا في إثارة الدافعية لدى ابنك للمذاكرة.
2. خيرًا فعلت -سيدتي- أنك تركت عقاب الضرب من أجل المذاكرة لسببين أولهما لما يترتب على الضرب من آثار نفسية سيئة، وثانيهما لأن المذاكرة سترتبط عند ابنك بخبرة سيئة فيعزف عنها ويكرهها.
3. لا بد من تصحيح مفاهيم لدينا نحن الآباء والأمهات عن فكرة التفوق، فالتفوق لا يقتصر على الناحية الدراسية فحسب، بل لا بد أن نعرف أن التفوق يشمل الجانب الرياضي والفني والعلمي والأدبي... ولا يصح على الإطلاق أن نركز فقط على الجانب الدراسي، ويمكن أن ننمي هذه الجوانب عند الأطفال من خلال اللعب والأنشطة المختلفة التي يمارسها أطفالنا سواء معنا (كوالدين) أو مع أصدقائهم أو بمفردهم، وأحييك لأنك تتيحين له فرصة اللعب، ولكن عليك بزيادة المدة التي يلعب فيها ولا تجعلي اللعب أمرًا يحدث في المناسبات أو حسب الظروف، ولكن لا بد أن يكون جزءاً من برنامج حياته فكما يذاكر وينام ويأكل ويشرب لا بد أن يلعب ويمكنك الاطلاع علي:
إدراك الجمال.. نماء للصغار
مذكرات الإجازة الصيفية.. بذرة لأديب أو فنان
4. أن يكون همنا الأول -سيدتي- في عملية التربية هو تنشئة جيل سوي نفسيًّا يحمل كل سمات الشخصية القوية المعتدة بنفسها والتي تحدث توازنًا في جوانب حياتها المختلفة، ولا تقتصر على جانب واحد فقط هو التحصيل الدراسي.
وأخيرًا -سيدتي- في انتظار المزيد من رسائلك والمتابعة معنا، مع خالص الدعوات بأن يوفقك الله تعالى لحسن التوجيه والتربية.
ــــــــــــــ(102/80)
الهدية تعيد الدفء الاجتماعي ... العنوان
ابنتي هي أول طفلة في عائلتنا، ودائمًا تأتيها ألعاب وملابس وحلويات من الجدات، الخالات، العمات، ولنا ولله الحمد بعض المعارف، وعند المناسبات تأتيها هدايا نشتري لها أنا ووالدها الألعاب والملابس وغيرها، ولكن عندما ألبسها شيئًا أخبرها أن هذا من فلانة، وهي تتذكر ذلك وهذه المسألة كثيرة بالطبع.. هناك الكثير أشتريه معها وآخذ رأيها، ولكن هل ما أفعله من إخباري لها بمن أحضر لها هذا أو ذاك له أثر سيئ؟ هل يمكن أن تفهم أنه شيء طبيعي أن نأخذ من الآخرين كل شيء، هل لذلك علاقة بالقناعة وعزة النفس، وعدم انتظار ما يعطيه الآخرون أم أن ذلك طبيعي جدًّا؟ جزاكم الله خيرًا. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يبدو أن بعض المسلَّمات والبديهيات التي كانت فيما مضى ثوابت طبيعية قد اندثرت واختفت حتى صرنا نقلق من وجودها ونتساءل هل هذا طبيعي!!
يا سيدتي.. إن ما تحكينه عن الهدايا والملابس من الخالات والجدات والمعارف كان هو الأصل في العلاقات الأسرية وخاصة مع الطفل الأول.. وبدرجة أقل مع كل أطفال العائلة.. إنه الدفء الاجتماعي والأسري الذي يحتاجه أي إنسان؛ ليشعر أنه جزء من كيان مترابط يحبه ويحتضنه هو أسرته الصغيرة، ثم العائلة الكبيرة، وبالتالي المجتمع كله.
وبالنسبة للأطفال فإن مثل هذه المواقف والمشاعر تعطيهم الإحساس بالأمان والاستقرار النفسي والعاطفي والانتماء لهذا العالم وهذا المجتمع، وترسخ عندهم قيم الحب والعطاء والتفاعل مع الناس؛ لأنهم يشعرون أن هؤلاء الناس يحبونهم ويهتمون بهم وهذا أهم إحساس يحتاجه الطفل ممن حوله... فإذا اقتصرت هذه الدائرة فقط على الأسرة الصغيرة يكبر الأطفال وكل انتمائهم لهذه الأسرة؛ ولهذا صرنا نجد أبناء لا يكادون يرون أو يزورون خالاتهم أو عماتهم أو أجدادهم إلا في المناسبات العامة، وطبعًا هذه الروح لا تحدثها الهدايا فقط، ولكن الزيارات والخروج للنزهة واللقاءات العائلية الطويلة.
إن من فضل الهدية وعظم أثرها أن خصها الرسول صلى الله عليه وسلم بحديث خاص بها في قوله: "تهادوا تحابوا"، فجعلها سببًا للحب.
فيا سيدتي.. لا تتحرجي أبدًا من إخبار ابنتك أن هذا من الخالة، وهذا من الجدة، والأهم هو أن تشركيها معك في رد الهدية، أي عند زيارة الجدة خذيها معك لشراء حلوى أو هدية تحبها الجدة وأخبريها أننا نشتري لها هدية لأننا نحبها.. وأشركيها معك في اختيار هدايا لأولاد خالاتها وعماتها والأشخاص الذين يجاملونكم لتتعلم رد المجاملة، وتفهم أن الأمر عبارة عن تعبير عن الحب، وتتعلم منك التفاعل الاجتماعي بأسلوب صحيح، وتعلميها كيف تشكر كل إنسان على هديته، فنحن لا ننتظر الهدية من أحد خاصة، وأنك تشتري لها أنت ووالدها كل ما تحتاج إليه، ولكننا نشكر من يهادينا ونرد نحن أيضًا بهدية مناسبة تعبيرًا عن الحب.
لقد رأيت تجربة جميلة في إحدى العائلات ذات المستوى المادي والاجتماعي المرتفع والذين يشترون لأولادهم ثيابًا ولعبًا فاخرة، ولكن تحرص الأمهات في نهاية كل فصل صيف أو شتاء أن تجتمع كل أم مع أبنائها لفرز ملابس العام الماضي، ويقيمون ملابسهم التي أصبحت صغيرة عليهم، وينتقون أفضلها ليعطوها لأبناء أعمامهم وخالاتهم، ويكون هذا بالتبادل بين كل الأسر وبروح جميلة جدًّا من الحب والمرح، ويكبر الأولاد وتكبر معهم هذه العادة الجميلة حتى إن بعضهم يداعب ابن عمه قائلاً عامل هذا "السويتر" بحرص لأني سوف آخذه العام القادم، وهو يعلم جيدًا أنه يستطيع شراء مثله وأغلى منه، ولكنهم تعودوا منذ الصغر على هذا التكافل الجميل والشعور بأن النقود الزائدة التي كان سيشتري بها ملابس يمكن أن نعطيها لأسر فقيرة محتاجة، وقد كانت للجدة الفضل الأول في إشاعة وبدء هذه الروح الجميلة بين الأحفاد.
فلا تقلقي يا سيدتي فالعطاء والحب والمجاملة هي التي تعطي الإنسان كرامة وعزة نفس؛ لأنه لا يشعر أنه وحيد أو منبوذ، بل هو جزء من كيان جميل وكبير يدعمه ويقويه ويعطيه سندًا في الحياة.. هل تتصورين شكل علاقة أولاد العم في هذه العائلة عندما يكبرون؟؟!!
وكلما كبرت طفلتك علميها معنى الملكية الخاصة، وأننا لا نأخذ شيئًا ملكًا لغيرنا، وأن عندنا ما يكفينا ونشتري ما نحتاجه، ولكن الهدية شيء آخر.
ــــــــــــــ(102/81)
خمس سنوات في سرقة المحلات ... العنوان
السلام عليكم، ابني البِكْر يبلغ من العمر اثنتي عشرة عامًا. وإلى جانب مشاكل وأزمات المراهقة الشائعة، أصبحت أنا وأبوه نعاني معاناة لا يعلم مداها إلا الله من استفحال صفتي الكذب والسرقة لدى ابننا.
اكتشفنا هاتين الصفتين لأول مرة -وللأسف ظنناهما حينذاك آخر مرة- عندما كان في السابعة. ولن أنسى ما حييت ذلك اليوم الكئيب بل والمرعب حينما أخبرني والده بحزن شديد أنه ضبط بحوزته أشياء سرقها من أحد المحلات التجارية، بل وأصر على إنكار سرقتها حتى حوصر بالأدلة واضطر للاعتراف.
ورغم أن والده ضربه يومها ضربًا مبرحًا، ورغم أننا صرنا نحاول عدم حرمانه من بعض الأشياء التي دأب على الشكوى من عدم امتلاكها -وهي بالمناسبة في المستوى العادي جدًّا وغير المسرف لمن هم في مثل سنه وبيئته- إلا أننا فوجئنا قبل أيام بوجود أشياء عديدة ومتنوعة في حوزته أقر بسرقتها.
هذه الأشياء تراوحت من كاميرا وعطر إلى أقلام إلى قفازات جديدة، إلى مجموعة أظرف وأوراق مكتبية تخص مدرسته. ستتساءلون: وهل انقطعت عادتا السرقة والكذب لديه منذ أن كان في الثامنة ثم ظهرت مجددًا؟ للأسف ويا لفجيعتنا، اكتشفنا أن هذا لم يحدث.. كل ما في الأمر أنه صار أكثر دهاء وحنكة في إخفاء سرقاته وخاصة بالكذب المتمرس.
أزيدكم أننا -ولله الحمد- أسرة تهتم كثيرًا بتربية أولادها الثلاثة تربية إسلامية ونحاول الإتقان ما استطعنا رغم صعوبة ذلك ونحن نعيش في مجتمع غربي غير مسلم.
وأخيرًا.. هل تقترحون أخذه إلى طبيب نفسي، وهل حقًّا سيفيده طبيب غير مسلم جاهل بديننا وثقافتنا؟ ذكرت الطبيب؛ لأننا حينما نتحاور معه يقول: إنه يعلم أن السرقة والكذب حرام، لكنه لا يدري لِمَ يمارسهما. وجزاكم الله خير الجزاء على ما تبذلونه للمسلمين، وخاصة المغتربين أمثالنا.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم العزيزة.. أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا (معًا نربي أبناءنا)، ونشكرك على ثقتك. ما ذكرتيه لنا عما يحدث من ابنك نستطيع الاستناد فيه إلى حدث واحد - لأنه واضح نوعًا بالنسبة لنا- وهو حدث السرقة المتكررة من المحلات التجارية Shoplifting، يقوم به طفل بدءًا من سن السابعة وحتى سن الثانية عشرة من عمره؛ أي أنه بدأ من سنوات النصف الثاني من طفولته في مد يده لسرقة شيء من محل تجاري ما، واكتشفتم أنتم ذلك، وقمتم بإفهامه أن سلوكه هذا سلوك مشين ومحرم ومذموم، ولكنه على رغم ما فعلتموه معه -ومن بين ذلك الضرب المبرح- استمر يفعل ذلك من دون علمكم.
والسرقة حين يقوم بها طفل في السابعة من عمره يجب أن نهتم بفهم الدوافع التي أدت به إلى إتيان ذلك السلوك جيدًا، فبينما يسرق الكبير عادة لأنه لص، أو لأنه يعاني من أحد أشكال اضطراب الاكتئاب الجسيم خاصة الشكل الذهاني الدوري، يسرق الطفل لأنه لا يدرك جيدًا معنى ملكية الآخر، أو لأنه قلق أو مكتئب أو لأنه -دون وعي منه- يريد معاقبة والديه أو أحدهما، أو لأنه مصاب بما نسميه في الطب النفسي اضطراب التصرف Conduct Disorder أو السلوك المنحرف في الأطفال.
ولكن السرقة من المحلات التجارية وحدها لا تكفي لتشخيص هذا الاضطراب، وأما الكذب فأنا لا أستطيع أن أعتبره صفة في ابنك؛ لأنك لم توضحي لنا هل هو سلوك يرتبط فقط بإخفاء سرقاته، أو هو دائمًا ناتج عن العقاب؟ فمن الواضح أنكم حازمون أكثر من اللازم وإلى حد القسوة، وإن كان لغربتكم وخوفكم عليه دور كبير في ذلك؛ خاصة وأنكم تخشون عليه من كل ما حوله.
لماذا لا تحاولين أنت ووالده تفهم أنه ربما يعاني من أزمة ما؟ قد تكون كما ذكرتِ اكتئابًا، وقد تكون قلقًا، وقد... وقد...، لماذا تبدين -كما يظهر من كلماتك- كالمحقق في المخفر؟ إذ تستخدمين نفس كلماته، ولا أدري أي أساليب تستخدمونها مع الولد لتحملوه على الاعتراف؟! فالولد يضبط متلبسًا بالأشياء في حوزته ويوجه إليه الاتهام بالسرقة فيُصِرُّ على الإنكار حتى يحاصر بالأدلة فيضطر للاعتراف!
وإذا كنت تشتكين من صعوبة تربية أولادكم على الإسلام وأنتم تعيشون في بلد غير البلد، وثقافة غير الثقافة، وتشعرين بالمعاناة أنت وزوجك من جراء ذلك، أفلا تعتقدين أن أولادكما أيضًا يعانون؟ ابنك يعيش في أزمة حقيقية رغم وجوده وسط أسرته، ولا نستطيع أن نغفل دور التناقض الذي يراه الابن في سنوات تفتُّح وعيه بين ما يقال في البيت من أفراد الأسرة وما يشيع ويعم في المجتمع الذي يعيش فيه؛ كالمدرسة على سبيل المثال.
إن للضبط الاجتماعي دورًا في تمثل الإنسان للقيم والمثل العليا يضاف إلى دور الأسرة، وفي حالات أبنائنا التي في مثل حالة ابنكما يغيب دور الضبط الاجتماعي ويبقى العبء كله ملقى على عاتق الأسرة. أفلا يعني ذلك أن عليكما أنت وزوجك الفاضل دورًا أكبر، وأن الاحتضان والتفاهم يجب أن يسبقا العقاب.
ونحن أيضًا لا يمكننا أن نغفل تأثير نظراتكم واتهاماتكم له، وهو بالتأكيد في حاجة إلى العرض على الطبيب النفسي؛ لأن الولد يعاني غالبًا من العجز عن ضبط اندفاعاته، والتي تستفزها ربما طريقة عرض الأشياء في المحلات التجارية؛ خاصة وأن ما يفهم من إفادتك هو اقتصار سلوك السرقة على سرقة المحلات، فهل هو كذلك؟
أتمنى أن يدفعك هذا الكلام أنت ووالده إلى إحسان التصرف، وليست لدي من إضافة بعد ذلك إلا إحالتك إلى ما ظهر على صفحتنا قبل ذلك معا نربي أبناءنا من ردود تتعلق بنفس الموضوع فراجعي:
-ابني يسرقني.. ماذا أفعل؟
- لماذا يسرق الصغار أحيانًا؟!
وكذلك أحيلك إلى ما ظهر موقع مجانين من ردود أو مقالات تتعلق بالموضوع، فانقري العناوين التالية:
- اضطراب السلوك (التصرف)
- سرقةٌ وكذب وعدوانية: اضطراب التصرف
- اضطراب السلوك المنحرف في الأطفال: هل له علاج؟
-البنت الشقية والكذب القهري
ومن الأفضل يا سيدتي أن تبحثا عن طبيب نفسي من أصل عربي وحبذا لو كان مسلمًا، ولا أظن هذا صعبًا حتى وإن لم يكن في نفس مكان إقامتكم، فإن تعذر ذلك فإن أي طبيب أو أخصائي نفسي سيكون قادرًا على مساعدته ومساعدتكم كأسرة تمر بمثل هذه الأزمة، أو على الأقل سيكون أقدر منا على تحليل دوافع الولد؛ لأن قوله لك: إنه لا يدري لماذا يسرق ويكذب رغم علمه بأن السرقة والكذب سلوكان محرمان لا يعني أكثر مما اعتدنا سماعه من الأطفال في ذلك الموقف. إذن عليكما أن تتحركا طلبًا لفهم أكثر للموقف، والمساعدة على تجاوز الأزمة إن شاء الله. وأهلاً وسهلاً بك دائمًا، فتابعينا بالتطورات الطيبة إن شاء الله.
جدول للمذاكرة لي ولابنتي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا أم أحمد.. من فلسطين (غزة).. أم لطفلين، البنت عمرها ثلاث سنوات، والابن عمره خمسة أشهر، وأنا طالبة في الجامعة بالسنة الرابعة. أريد أن أستفسر حول عقاب الطفل وتأثيره على نفسية الطفل. فابنتي أحياناً -وخصوصًا- عندما تراني أحضّر دروسًا أو أكتب، تكثر من طلباتها بشكل فظيع وأُقدم أحياناً على ضربها، وهذا الشيء حصل مرتين فقط وهي بعمر ثلاث سنوات.
ماذا أفعل مع طفلتي عندما تدفعني لضربها؟ وما مدى تأثير الضرب عليها بهذا العمر؟
ملاحظة: بعد أن أضربها وتبكي ترجع إلى طبيعتها، أتكلم معها.. لماذا فعلت كذا وكذا؟! وأسألها إذا كانت غاضبة مني فتقول لا.. ولكن.. بعد ضربها ضميري يؤنّبني.. فماذا أفعل..؟ ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أم أحمد.. وأهلاً بك على صفحة معًا نربي أبناءنا، وردًّا على استشارتك التي تتمثل في نقطتين أساسيتين هما:
أولاً: تأثير الضرب على نفسية طفلتك.
ثانيًا: ماذا تفعلين معها حينما تبدئين مذاكرة، خاصة أنها تكثر من طلباتها في وقت مذاكرتك.
أقول ردًّا على النقطة الثانية -والتي أستأذنك في البدء بها- وهي كيف تتصرفين مع طفلتك عندما تذاكرين:
أولاً: لا بد أن تعلمي أن ملاحقة ابنتك لك أثناء مذاكرتك أمر طبيعي جدًّا في سنها، فهي لا ترغب أن يشغلك عنها أي أحد أو أي شيء؛ ولذا لا بد من التلطف معها والتعامل بهذا الأسلوب:
1. خصصي لها وقتًا محددًا للعب معها يوميًّا، وليكن نصف ساعة أو ساعة حسب ظروفك، ويكون هذا الوقت ثابتًا وعندما تبدئين اللعب تقولين لها: "هيا حبيبتي لنلعب سويًّا؛ لأن هذا هو وقت اللعب مع رنين"، وابدئي في اللعب والمرح معها.
2. وقبل أن ينتهي وقت اللعب بحوالي عشر دقائق أبلغيها أنكما على وشك الانتهاء.
3. عند نهاية اللعب أخبريها أن وقتك معها في اللعب قد انتهى، واتركي لها بعض الأوراق والألوان أو بعض اللعب لتلعب بها بمفردها؛ لأنك سوف تقومين ببعض الأعمال الخاصة بالمنزل أو المذاكرة.
4. في بداية الأمر لن تتقبل منك إلا الاستمرار معها في اللعب وسوف تبكي لتنفذي لها رغبتها، فعليك بالحلم والصبر ولا تلجئي مطلقًا للضرب، ولكن عليك بمنتهى اللطف والحزم في نفس الوقت أن تخبريها بأن وقت اللعب انتهى وحان وقت العمل.
5. قبل أن تتركيها ضعي لها كوبًا من الماء بجوارها وبعض الشطائر والأشياء المحتمل طلبها منك أثناء المذاكرة، وقولي لها بلطف: "انظري لقد أحضرت الماما كل ما تريد رنين".
6. وابدئي في العمل الذي قررت القيام به سواء المذاكرة أو أعمال المنزل دون الالتفات إلى إلحاحها، وحاولي أن تتحلي بالهدوء؛ لأنها في هذه المرحلة سوف تختبر مدى تمسكك بما قررت، وعندما تجدك مصرَّة على تقسيم الوقت بين اللعب والعمل سوف تفهم أن هذا هو النظام السائد في البيت فكل شيء له وقت (النوم - الأكل - اللعب - العمل - الصلاة...).
7. لا تستغرقك المذاكرة طويلاً، ولكن عليك أن تأخذي راحة كل نصف ساعة مثلاً تتفقدين فيها أحوال ولديك وتلاعبهما في فترة راحتك، على أن توضحي لرنين بأنك سوف تعودين للمذاكرة بعد فترة الراحة.
8. اجعلي فترة مذاكرتك ترتبط في ذهن طفلتك باللعب بعدها أو قبلها فإن ذلك سيؤدي إلى تركها لك أثناء المذاكرة؛ لأن لديها الدافع لذلك وهو اللعب.
9. لا تشترطي عليها بأن تتركك للمذاكرة فإن فعلت ذلك لعبت معها كأن تقولي لها "إذا تركت الماما تذاكر سوف نلعب كذا وكذا"، ولكن اجعلي المذاكرة واللعب جزءاً من نظام حياتكما اليومي دون شروط مسبقة كما سبق وشرحت لك.
ثانيًا: نأتي لتأثير الضرب على الطفلة في هذه المرحلة:
عندما تهمين بضرب طفلتك تذكري أنك تربين شخصية تتسم بهذه الصفات:
1. شخصية ضعيفة مهزوزة تتسم بالجبن والخوف.
2. لا تثق في نفسها فضلاً عن ضعف ثقتها فيك.
3. إلى جانب الصراع الذي سينشأ داخلها بين محبتك وكرهك؛ لأنك أمها ومصدر الحب والأمان وفي نفس الوقت أنت مصدر الإيذاء والألم.
4. فضلاً عن سوء العلاقة بينكما والذي ستجنين ثمارها يومًا بعد يوم، وخاصة في مرحلة المراهقة التي تكون فيها الفتاة أحوج ما يكون للأم الحنون المتفهمة لطبيعة المرحلة، لكنها مع الأسف لن تلجأ لك، بل ستكون قد لجأت لتلتمس الحب والتقدير والأمان من خارج البيت.
5. إلى جانب أن الضرب يولد الخوف، والخوف يولد الكذب، والكذب يولد كل مصيبة كبيرة أو صغيرة.
6. ستقوم بتقليدك في العصبية وعدم ضبط الانفعالات.
7. كما أود أن أنبهك أن اعتذارك لها بعد الضرب لن يصلح بقدر ما يفسد فإن اعتذارك هذا (إذا تكرر) سيؤدي إلى تمردها وتجرؤها عليك.
وأخيرًا.. أنصحك بأن تقرئي عدة موضوعات طرحت على هذه الصفحة لعلاج العصبية عند الأمهات، وهي:
نصائح ذهبية لعلاج العصبية
الهدوء والعصبية.. الميزان المختل
أظن أنك أدركت -سيدتي- مدى خطورة التعامل مع أبنائنا بالضرب؛ لذا أرجوك ألا تلجئي إلى الضرب مطلقًا، وكلما هممت بذلك تذكري كل الآثار السلبية السابقة على ابنتك.
سيدتي ننتظر منك رسائل أخرى للمتابعة معنا.
وأخيرًا.. أدعو الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يهيئ لك من أمرك رشدًا.. اللهم آمين.
ــــــــــــــ(102/82)
الاندماج بداية الحل ... العنوان
السلام عليكم، أود أن أشكركم على جهودكم التي تبذلونها، نحن سنعيش في اليابان لمدة سنتين في مكان يبعد عن المجتمع الإسلامي والعربي، كذلك لا يوجد اتصال مباشر مع جيراننا اليابانيين بسبب اللغة، وهذه المشكلة التي أعاني منها مع ابني(5 سنوات) فلا يوجد له أصدقاء للعب معهم، وقد حاولت أن أضعه في حضانة، ولكني فشلت وهو لا يستطيع الاتصال مع الأطفال اليابانيين بسبب اللغة؛ ولذلك فهو لا يلعب معهم، وعندما يجد طفلاً في نفس عمره لا يعرف كيف يتعامل معه، ومن جانب آخر فهو يلعب مع أخته فقط، وقد لاحظت أنه مرتبط جدًّا بغسالة الملابس، ويحاول دائمًا إخراج الملابس منها، والدته قلقة جدًّا عليه، ولا تعرف ماذا تفعل له، بارك الله فيكم جميعًا. ... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور مأمون المبيض من فريق مشاكل وحلول الشباب:
شكرًا لك أخي على سؤالك، وأشعر بالأسف لعدم إلحاق ابنك بإحدى
الحضانات داخل اليابان؛ لأن ذلك كان سيكسبه المزيد من المهارات الاجتماعية واللغة اليابانية؛ ولذلك حاول مرة أخرى إدخاله إحدى الحضانات.
شيء مفيد أن يلعب مع أخته وهذا مفيد لكل منهما فكلاهما يتحدثان العربية، خاصة أنك تريد الإقامة باليابان مدة سنتين؛ لذلك فهما في حاجة إلى اللغة العربية حتى يستطيعا اللحاق بإحدى المدارس في بلدكم عندما تعود بإذن الله، فحاول دائمًا تعليمهما العربية حتى يكون الأمر سهلاً عليهما بعد ذلك، وعندما تعلمهما اللغة العربية داخل المنزل حاول أن تدمجهما خارج المنزل مع بقية الأطفال الآخرين حتى ولو تم ذلك في الأماكن العامة أو بزيارة التجمعات العربية والإسلامية بجوار المنطقة التي تسكن فيها وذلك في أيام العطلة الأسبوعية.
وبالإشارة إلى ما يفعله ولدك عند شعوره بالخوف، فتذكر أن جميع الأطفال يقومون بهذا من علامات للخوف والقلق، وكثيرًا من الأطفال ينتفي لديهم هذا مع الوقت، وكل ما يحتاجونه هو التشجيع والدعم.
حاول ودع أطفالك يلعبون مع أطفال جيرانكم، والأطفال دائمًا ما يجدون طرقًا للتواصل والاتصال مع بعضهم حتى ولو لم يتحدثوا بنفس اللغة.
حاول واستفد من وجودك باليابان من خلال زياراتك للأماكن ومعرفتك بالثقافة.
ــــــــــــــ(102/83)
أعطوه ملابسي وأنا صغيرة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكر لكم الجهود الرائعة في الموقع الرائع، والله يعطيكم العافية.
مشكلتي مع ابنتي الصغيرة الوحيدة عمرها 6 سنوات أولاً: إننا في استقبال مولود جديد وهي فرحانة بذلك، ومن زمان تنتظر هذه اللحظة، ولكنها غيورة فهي تقول لا تشتروا له ملابس أعطوه ملابسي عندما كنت صغيرة فهي تكفيه (بصراحة اشترينا من دون أن تعلم للطفل ملابس ولم نخبرها بذلك).
ثانيًا: إنها إذا دخلت الحمام عافاكم الله لا تخرج إلا إذا قلنا هيا بسرعة اخرجي، ولا تخرج إلا إذا طلب منها ذلك وإلا فلا.
ثالثًا: إنها عندما ترى أي شيء عند صديقاتها في الروضة أو عند قريباتها إلا وتريد مثله لا أعرف كيف أضبط هذه الرغبة عندها، وكيف أتصرف في هذه الأوقات معها.
رابعًا: إنها كانت تركز في بداية الروضة، والآن أراها لا تميز الأرقام من العدد 6 إلى العدد الذي أخذوه آخر شيء وهو العدد 15، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن الطفل يحتاج إلى من يوجهه ويعلمه وليس لمن يستسلم لأفكاره أو عواطفه فهي أفكار وعواطف تلقائية بدائية تحتاج إلى من يهذبها ويوجهها التوجيه الصحيح... ليس صحيح أن نشتري ملابس للمولود الجديد دون أن تعلم طفلتنا؛ لأنها قالت لا تشتروا له ملابس وأعطوه ملابسي عندما كنت صغيرة؛ لأنها في الواقع سترى هذه الملابس الجديدة عندما يلبسها المولود، وستسألنا من أين أتت هذه الملابس، وربما شعرت فعلاً بالغيرة عند هذا الموقف.
في حين أننا لو تحاورنا معها منذ البداية فأظهرنا لها أننا سنشتري للمولود الجديد ملابس جديدة؛ لأنه يحتاج لها، ولأننا اشترينا لك ملابس جديدة وأنت مولودة وتذهب معنا لتشتري هذه الملابس، فتصل لها الرسالة منذ البداية أنها تشارك في العناية بهذا القادم الجديد، وبالتالي لا تتعامل معه كمنافس نخفي عنها أخباره، بل كأحد أفراد فريق العناية به هو جزء من مسئوليتها، ولكن دون أن نسمح لها بالاعتداء على حقوقه... وننصحك بمراجعة مقال... "مرحبًا طفلي الثاني"
ولمزيد من التفاصيل حول كيفية إعداد الطفل لاستقبال المولود الثاني يمكنك الاطلاع علي :
استقبال المولود الثاني فن له أصوله
بالنسبة لمسألة دخول الحمام... المشكلة هو أننا عودناها ألا تخرج من الحمام إلى إذا طلبنا منها ذلك، والحل ببساطة هو أن نتوقف نحن عن هذا الطلب، أي نوقف هذه الدورة، بمعنى أننا وهي تدخل الحمام نخبرها أن عليها الخروج عند الانتهاء من ذلك... ونتوقف تمامًا عن الطلب بعد ذلك.
ستكتشف الطفلة بعد ذلك أن عليها الخروج بدون هذا الطلب.. ستتأخر قليلاً في البداية فلا يدعونا ذلك إلى دعوتها للخروج، بل نتجاهلها تمامًا حتى تخرج وحدها حتى تتعود تدريجيًّا هذا الأمر.
أما مسألة طلبها لأي شيء تراه عند قريباتها أو في الروضة، فكما قدمنا في البداية أن الطفل يحتاج للتوجيه من خلال الحوار والتفاهم، فهي عندما تطلب شيئًا تراه نتحدث معها في سبب هذا الطلب، وما هي أهميته، ووجود بدائل مثله لديها، وتأجيل هذا الأمر لوقت مناسب تتوفر فيه إمكانية شرائه أو إحضاره وتكرر الأمر كلما حدث ذلك، مع مراعاة أننا في بعض الأحيان نحقق لها هذه الرغبة في الوقت المناسب، مشيرين وموضحين إلى أننا نشتري هذا الشيء لاقتناعنا بأهميته؛ ولأنه أصبح مناسبًا أن نشتريه الآن، وهكذا بحيث يصبح ما تحاورنا معها حوله صورة واقعية تلمسها بحيث يصبح ذلك مادة لإقناعها في الحوارات القادمة... بحيث نتوازن بين تحقيق مطالبها المشروعة وعدم الاستجابة لكل طلباتها التي تجعل الطفل أنانيًّا لا يرى إلا نفسه ورغباته.
ويمكنك الاطلاع علي:
القناعة والرضا لدى الأطفال
بالنسبة لتمييز الأرقام فالأمر يحتاج إلى مزيد من التكرار والتدريب للطفل، مع مراعاة عدم إدخال كل هذه الأرقام دفعة واحدة، فندربها على رقم واحد، ثم الذي يليه بعد أن تستوعب الأول، وهكذا دون ضغط أو توتر، فالطفل في هذه السن يستوعب بهدوء، أما الضغط عليه وإشعاره بالعجز فإنه يوتره ولا يجعله قادرًا على الاستيعاب بصورته الطبيعية، فاهدئي فهي ستتعلم كل الأرقام ولا تتعجلي الأمور فتأتي بعكس نتائجها.
ــــــــــــــ(102/84)
حماية القوارير في الغربة - مشاركة ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت الأستاذة نيفين السويفي، الأخت سارة/ من السويد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قرأت الموضوع المهم جدًّا الذي طرحته الأخت سارة عن قضية تربية الأبناء بعنوان (حماية القوارير في الغربة)، وأحببت المشاركة بصفتي أحد الذين يعيشون في بلاد الغربة وفي وسط مجتمع غير مسلم، أيضًا لدي ابن 8 سنوات، وبنت 5 سنوات؛ الأمر الذي جعل فيّ الرغبة لمشاركتك التجربة، وأرجو من ذلك القبول عند الله سبحانه والفائدة لي ولك ولجميع من هم يعيشون نفس الظروف.
أما عن النشاطات المدرسية فلها فلسفة تعليمية هي أعمق من مجرد الترفيه، وهي نتاج بحث عرف منه الغرب قيمة التعليم بالتجربة بدلاً عن التعليم النظري الشفوي؛ فمن خلال هذه النشاطات (ومنها الرحلات المدرسية) يتم غرس "قيم كثيرة" وتقديم دروس بشكل أكثر نفعًا من مجرد إلقائها شفويًّا في داخل الصف الدراسي، ومنها:
- العمل الجماعي.
- حب الطبيعة والتعرف عليها من قرب والحفاظ عليها، خلق روح الجماعة والاندماج في المجتمع والتعرف على الآخر.
وفيها أيضًا (غرس قيم المجتمع وعاداته وتقاليده)، وذلك من خلال النشاطات المعدة للرحلة.
وتتم هذه الأمور بتلقائية ومن أول يوم للرحلة وبشكل غير مباشر أو تصادمي؛ فمثلاً يتم اختيار رفيق الدرب والمجموعات والنشاطات من قبل المدرسة وحسب معرفتهم بالطفل وسلوكه وما يرغبون في تعليمه للطفل وتقييم تصرفاته وإصلاحها (إن لزم الأمر وحسب فهمهم...)، كل ذلك يتم دون أي ضغط على الطفل أو مباشرة في التعليم؛ إذن قد يكون لهذه الرحلات "إيجابيات" كما أن لها "سلبيات"، ويحدد نسبة ذلك مدى فهمنا لهذه الأمور.
طبعًا الحل الأسهل هو عدم المشاركة ومحاولة إقناع الطفل بالسبب بشكل أو آخر، ولكن تصعب المسألة إذا أحس الطفل بأن هذه الرحلة "مصيرية" أو إحساسه بأنه "غريب" عن الآخر أو "مختلف".. بإحساس سلبي، وبالتالي يتوجب على الوالدين إيجاد حل لهذه المسألة وسوف أحاول طرح بعضها، وسوف أعلق على بعض ما ورد في السؤال والاستشارة من خلال هذا الطرح:
أولاً: يجب حل مسألة (أو معضلة) فهم الفرق بين الولد والبنت عند الوالدين، ومن هناك يبدأ الحل الصحيح، أي من عند فهم الوالدين لهذه المسألة، ولكن وباختصار أذكر بأنه ليس هناك فرق بينهما إلا فيما فرّق الله بينهما من حيث:
1 - الخلق (أي الاختلاف في تركيب الجسم).
2 - أو الميول (الطبيعة العامة)، وهي مسألة لا تظهر عند الأطفال إلا بشكل محدود (مثلاً في نوع اللعبة أو النشاط الرياضي... إلخ).
أما ما نخشى عليه من أبنائنا فهو نفس ما نخشاه على بناتنا (وأي إحساس بغير ذلك هو ظلم يقع على الابن قبل البنت).
ويجب أن يكون ما نقدمه للأبناء متماثلاً من حيث القيمة المعنوية خاصة (مع مراعاة الفرقين المذكورين أعلاه).
ثانيًا: على الوالدين التعرف على ما هم مقدمان عليه مع أبنائهما ونشاطاتهم ومتطلباتهم وإلا أصبحت الحلول حلولاً مستعجلة انفعالية غير مدروسة، بينما ما يقدمه المجتمع (أو المدرسة) هو نتاج فكر وبحث وتجربة طويلة وفلسفة لها أسبابها البيئية والدينية؛ لذلك فمن أخطر الأمور هو أن يقدم الوالدان على مثل هذه التجارب دون فكر وبحث وتروٍّ (ولعل ما قامت به الأخت سارة من استشارة الغير ومشاركة الآخرين لمشكلتها هو عين الصواب).
ثالثًا: على الوالدين التفاعل مع بيئة المدرسة بشكل إيجابي (وذلك حسب تفرغ أحداهما أو كلاهما إن أمكن) حتى يكونا على اطلاع قريب على ما يراه ويسمعه ويتعلمه طفلهما، وفي بعض الدول تطلب المدرسة المساعدة من الآباء، وبالتالي يمكن للأم أو الأب مساعدة المدرسة (تطوعًا) والإشراف على أبنائهما بشكل غير مباشر.
كذلك في حال الرحلات المدرسية بإمكانهما السفر مع المدرسة كأحد المشرفين (أو المساعدين المتطوعين)، مما يمكنهما من الاطمئنان على أطفالهما، وتصحيح أي لبس يحصل لديهم أيضًا.. هذا لا يجعل الطفل يحس وكأنه مراقب وعلى مدار الساعة من قبل والديه، مما قد يحرجه أمام زملائه بذلك يسلم الطفل ويطمئن الوالدان.
هذا الأمر يتطلب معرفة الوالدين للمجتمع وحسن التعامل معه ويجب عدم الانعزال السلبي عن أي مجتمع يعيش فيه الإنسان المسلم، وهذا أمر يتطلب الكثير من المعرفة العامة للتعامل مع الغير من منظور إسلامي وسطي واعٍ ومستنير.
رابعًا: أيضًا مما تحتاجه كل أسرة مسلمة هو كيفية شرح مسألة الاختلاف عن الآخر للطفل.
وهنا يجب تقديم المسألة بلطف ودون تشنج أو تعصب (أعمى) لعرق أو لغة أو حتى دين، والطفل في الغربة يواجه الكثير من التناقضات، ويجب على الآباء اختيار أرفق طريقة لشرح هذه المتناقضات، ومنها:
أولاً: التناقضات عند المسلمين في عيون الطفل، فلو أننا قدمنا الإنسان المسلم على أنه هو الإنسان العربي لاحتار الطفل عند مشاهدته للطفل المسلم التركي مثلاً والذي لا يفقه من العربية شيئًا؛ فيجب على الوالدين تعريف أسرتهما كمسلمة عربية، وذكر أن هناك من هم مسلمون عرب آخرون (بلهجات مختلفة) ومسلمون من غير العرب أو مسلمون من أهل بلد الغربة نفسها، هذا الشرح المبسط يريح الطفل كثيرًا ويشعره بالانتماء إلى أكثرية معنوية، أما ما قد يضيق به صدر الطفل هو الضحك على خلطه هذا وذكره (كنكتة) في مجالسنا وذكرها وكأنها إحدى سلبيات المكان الذي يعيشه الطفل.
- أيضًا هناك تناقضات الالتزام بتعاليم الدين من قبل الأسر المسلمة، فقد تكون جارتك مسلمة غير متحجبة بينما المرأة المسلمة في عيون طفلك هي ذات الحجاب أو الغطاء على الرأس، وهنا يجب تعريف المسلم الملتزم وغير الملتزم دون تحقير أو إهانة والدعاء لهم بالخير (أي الالتزام) وتعليم الطفل ذلك، وذكر مسألة الحرية الشخصية ومسئولية الفرد تجاهها وتحمل عواقبها وذكر مسألة أن الهداية من الله تعالى.
وعلى الوالدين تبسيط وشرح مسألة المسلم الجيد ووجوده والمسلم غير ذلك وأن هناك وجهًا أو آخر لكل أمر (وهنا لعله من المفيد أيضًا ذكر خطأ من يرهب الناس باسم الدين، ولكن بشكل مبسط لا يجعل الطفل يصل إلى نتيجة مثل إذا لم لا نترك هذا الأمر كله ما دام أن الناس في غاية التناقض أو الحيرة؟).
وهنا تقع مسئولية كبيرة على الوالدين توجب اطلاعهما وتثقفهما بالثقافة الإسلامية الصحيحة.
ثانيًا: التناقض بين المسلم وغير المسلم:
ومن المهم هنا شرح مسألة أن ليس كل من هو مسلم هو شخص سيئ (حسب مفهوم الأطفال للشيء السيئ - المؤذي مثلاً) أيضًا تمنّي الخير للغير (الهداية مثلاً)، وتعليم الطفل الحب الإيجابي للغير (مسلمًا كان أو غير ذلك) وهو تمني وقوع الخير لهم (الإسلام مثلاً أو الأخلاق الحميدة) فليس من المقبول وصف غير المسلم بالشر، بينما المعلم هو القدوة (وفي هذا تناقض في عيون الطفل يجب عدم وقوعه)، فالمعلم في عيون الطفل هو مصدر للشيء الجيد (العلم، المعرفة، التسلية).
وهنا تأتي مسألة يهملها الكثيرون جهلاً وهي مسألة زرع الشخصية القدوة في نفس الطفل وقلبه والتي لا يشوبها شائبة (فقد يخطئ الوالدان، وجاري المسلم قد يكون غير ملتزم أو أنه مؤذ، ومدرسي جيد ولكنه غير مسلم)، ولكن القدوة (سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم) هو الإنسان الكامل.
إذن تدريس السيرة النبوية الطاهرة هو أم المسائل في تربية الأطفال في الغربة، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل الأعلى، وذلك أهم ما يقدمه الوالدان لأبنائهما وفيه الخير كله للعيش سليم العقل والقلب في هذه الدنيا وكامل الإيمان في الدنيا والآخرة.
خامسًا: إذا قرر الوالدان عدم إرسال الطفل (ولدا أو بنتا) فيجب أولاً شرح السبب دون ذكر المدرسة والأطفال المشاركين في الرحلة بسوء، فليس معنى أننا لا نقبل شيئًا يقبله الغير هو أن الغير سيئ أو أن ذلك الأمر في عينه سيئ، ولكنها الحرية الشخصية وحرية الاختيار ولأسباب وجيهة ومقبولة عند الطفل. مثلاً عدم اقتناعنا بالفكرة لصغر السن أو خطورة ذلك على دين أو خلق الطفل وبشكل مبسط -مثلاً- سماع أو مشاهدة أمر غير محبذ صعوبة وجود الأكل المفضل أو المقبول بعد المكان عن الوالدين عند الضرورة.
ومن البديهي أن كل هذه الأمور لا يمكن القيام بها وشرحها للطفل في نصف ساعة تسبق اتخاذ قرار الرفض، بل هي نتيجة تفاعل الأسرة مع كل صغيرة وكبيرة من الأمور التي تقع للطفل ودراستها وبحثها ومناقشتها مع الغير؛ لذلك فمسألة التصاق الوالدين بالمدرسة في غاية الأهمية.
أيضًا لا يمكن تقبل الطفل لكل هذه الأمور دون إيجاد شخصية الاعتزاز بالأسرة والدين وثقته في الوالدين، وتعريف الطفل بهويته وشرح الفروقات يجب أن يتم في جو إيجابي ويغلفه الكثير من الحب والثقة المطلقة والفخر بالطفل.
الأمر الآخر هو في أهمية تقديم البديل في حالة الرفض، فمثلاً وكما ذكرت الأخت الأستاذة نيفين السفر مع أسر أخرى وصنع جو من الحرية للأطفال ومراقبتهم بشكل غير مباشر، ومحاولة تقديم الفوائد المذكورة سابقًا من مثل هذه الرحلات.
أو القيام بنشاطات في محل الإقامة، ولكنها تتميز بأنها أكبر وأكثر إثارة مما هم معتادون عليه. أما وكما ختمت الأخت المستشارة نيفين السويفي، أختم بوصية، وهي:
عدم التعصب للعادات والتقاليد (عربية كانت أو غير ذلك) والتي لا تمت لروح الإسلام بصلة؛ لأن الطفل سوف يكتشف الإسلام (النقي) من خلال رحلته الثقافية، ولن يقدم هذا التعصب الأعمى لطفلنا سوى زيادة من التناقض والحيرة، ويتطلب ذلك من الوالدين مراجعة للنفس تتصف بالصدق وتحتاج إلى الاطلاع العميق لمنهج الإسلام الصحيح، وكل ما في الإسلام صحيح، ولكنها مفاهيمنا هي التي تخطئ أو تصيب. والله المستعان.
أخوكم: د. جمال طاشكندي. والينجتن/ نيوزيلاند
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
مرحبًا بك أخي الكريم د. جمال، ومرحبًا بمشاركتك القيمة التي تحمل أفكارًا ممتازة وتفتح آفاقًا متميزة للحديث عن العديد من الأمور، ولعل من الغريب أن أكثر المشاركات التي تأتينا والتعقيبات هي من إخوتنا في الغربة تعليقًا على مشكلات في الغربة أيضًا؛ وهو ما يعطي مؤشرًا طيبًا لأمرين: أولهما المتابعة الطيبة والدقيقة والمنتظمة لصفحتنا من أبناء أمتنا في مجتمعاتهم الجديدة خارج أوطاننا العربية، وفي نفس الوقت إيجابيتهم المتميزة لإفادة بعضهم البعض، وسرد تجاربهم وخبراتهم ومقترحاتهم للتغلب على المشكلات التي غالبًا يتشاركون في مواجهتها على اختلاف أماكن تواجدهم، ولعل أجمل ما أبدأ به الحديث القيم معك هو ما تحدثت عنه من عدم التعصب الذي يسبب التناقض والحيرة لأبنائنا.
ولعل ما سأتوجه إليه في التعاطي مع كلماتك المركزة الجديرة بالقراءة مرات ومرات للاستفادة من كل ما حملته حروفها من معلومات ممتازة تصقلها الخبرة هو الصياغة النفسية والفكرية والثقافية والتوجيه السلوكي والتي تهيئ في مجموعها الفرد، تهيئه للقدرة على أن يتعايش مع المجتمع في إطار قيم ثابتة وأخرى متغيرة تخدم المجتمع وتوجهات حضارته.. ولكي يكون الأمر أكثر تحديدًا فسوف أركز على مسألة الفرق بين الذكور والإناث في التربية والتي تطرقت لها في حديثك، وتطرقت أنا لها في الإجابة على أم سارة بلا إسهاب.
لا شك أن هناك بعض المفاهيم الجاهلية التي قد مررت من ثقب إبرة فأسقطت التقاليد الجاهلية على النص الإسلامي أو فهمت النص الإسلامي برؤية جاهلية؛ فالرجولة قدرة إنسانية تمنح صاحبها القدرة على التكامل مع الأنثى وإقامة التعاون معها، فالذكر الذي يحترم أمه وأخته وجارته باعتبارهن مكونات في المجتمع مثل أقرانه من الرجال سيكون مستقبلاً إنسانًا سويًّا تستقيم حياته وحياة أسرته وفقًا لضوابط الشرع وليس ضوابط نزواته الشخصية من خلال إطار الحقوق والواجبات، وفي أطر الرحمة والتعايش والتعاون.
أعتقد أن تلك النقطة من عدم التمايز بين الذكر والأنثى في غير التكليفات والمهام المنوطة بكل منهما كانت أهم ما أردت التطرق إليه في التعليق على الأمر؛ فالرد سيكون هو نفسه إن كان السؤال عن الابن الذكر؛ فالذكورة لا تعني عصمة وحماية، والفكرة كلها في صياغة العقل والنفس والروح التي بداخل ذرياتنا في الغربة ذكورًا كانوا أم إناثًا ليمكن الموازنة بين فهمهم لما حولهم والانخراط في مجتمعهم الجديد مع الحفاظ على إطارهم وهويتهم وحدود ممارساتهم.
لعلها كانت النقطة الأهم -من وجهة نظري- في التعرض لها بالتفصيل، باعتبارها معضلة كما وصفت، وإن كان باقي ما قدمت من مقترحات للأخت أم سارة حول فهم التناقض واستيعاب المختلف أمر جدير بالمطالعة من قبل المقيمين في أوطانهم، فلعل التناقضات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية واضحة كذلك، ويصبح اللجوء لما وضحت من مقترحات سبيلا أساسيا لإفهامها للأطفال، فالطفل يرى معلمة التربية الإسلامية غير محجبة في مدرسته، ويرى معلمه يسب أو يغتاب، ويرى سائق حافلة المدرسة المسلم يدخن السجائر ويغلظ القول، بينما السائق المسيحي لطيف وطيب ويخاف الأخطار على الأولاد وتواجهه في يوميات حياته تناقضات لا نهاية لها.. ولعل ما شرحته من كيفية التعامل معها يعطي صورة كافية للتعامل مع مثل هذه التناقضات.
وأخيرًا.. أخي الفاضل أشكر لك إيجابيتك، وأتمنى أن يدوم تواصلنا، ولعل أفضل ما أختم به حديثنا هو المقولة الشهيرة "الخريطة ليست هي المنطقة"، أي أننا لا نرى العالم كما هو، بل كما تبرمجنا على رؤيته، ولعلنا نمنح أبناءنا ذوات ومدركات ومعايير تنسج لهم صورة أكثر اتساعًا من التي نملكها عن العالم.
ــــــــــــــ(102/85)
أيها الكبار راعوا تصرفاتكم أمام الصغار ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، يا من تسدون خدمة عظيمة في أسرنا العربية نفعنا الله بعلمكم وأثابكم خيرًا.
مشكلة أحمد ابني -6 سنوات- أنه يريد أن يستحوذ على كل شيء يعجبه حتى ولو بالقوة؛ فهو يستخدم كل طاقاته العقلية ليقنع أخته أو يخدعها لينال منها ما يريد، وهو ذكي جدًّا، وإن فشل يهددها بأن يقفل منها التلفاز مثلاً، وأنا دائمًا أتدخل لأوقف افتراءه على أخته.
ثانيًا: أحمد لا ينسى أبدًا فإن رفضت أخته إعطاءه شيئًا لا ينسى هذا ويظل يذكرها إن طلبت منه شيئًا.
ثالثًا: أحمد غيور جدًّا فهو إذا رأى أي طفل قام بتبديل ملابسه مثلاً حتى ولو أخته الرضيعة يبكي ويقول لماذا أنا حتى ولو كان نظيفًا، مع العلم أنه يتعبني جدًّا فيما يتعلق بالملابس ففشلت أن أقنعه أن تبديل الملابس له قواعده فهو يحب أن يبدل ملابسه كثيرًا.
رابعًا: أحمد يعجب بشخصيات كرتونية تتصف بالعنف مثل (دراغون بول، باتمان... وغيرهم) والمقلق أنه يتقمص شخصياتهم نهارًا ويخاف ليلاً لدرجة أنه يأتي لينام معنا ويحلم أحلامًا مزعجة، حاولت أن أشاهد معه وأبرر له السلبيات فلم أنجح فاضطررت أن أحذف إحدى قنوات الأطفال هذه.
أما ما أصبح يحزنني أنه عندما يذهب لأناس يسألهم إن كانت لديهم هذه القناة، كما أنه أصبح كالأمي بين أقرانه؛ لأن ثقافة هذه القنوات وللأسف أصبحت مستحوذة على عقول الأطفال.
أما فيما يخص ابنتي الثانية علا ذات السنوات الخمس فهي حساسة جدًّا إذا ضحك أي أحد على أي تصرف طفولي يضحك الناس فيكون رد فعلها مبالغًا فيه كأن تضربني أو من ضحك عليها أو تمزق كتبها مثلاً وتكون محموقة (شديدة الغضب والإثارة والاستفزاز) لدرجة كبيرة.
وأخيرًا.. كيف لي أن أتعامل مع أقاربي الذين يتدخلون في تربية أبنائي والآخرون لا يتقبلون ذلك ويردون بالمثل؟ بمعنى أنه إذا صرخ جدهم فيهم يردون بطريقة غير لائقة فيتهمونني بأنني لم أحسن تربية أولادي، وفي الحقيقة أنا لا أريد أن أحمل على أولادي لحساب من لا يعرفون كيف يتعاملون مع الأطفال بأن أزجر أولادي أمامهم، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
الطفل المشاكس, غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سنبدأ بسؤالك الأخير لأننا نعتبره الأهم خاصة أن أسئلتك الأخرى عن الغيرة أو غيرها قد تعرضنا لها قبل، وسنبدي حولها بعض الملاحظات.
أما بالنسبة للأقارب وتدخلهم في التربية فإن لدينا شعارًا مهمًّا يقول أولادنا أهم من كل الناس من الأقارب وغيرهم.. من إحراجنا من كلام الأقارب وتدخلاتهم المسببة وغير المسببة والتي لا تبنى على أي قواعد تربوية أو غير تربوية غير الرغبة في الظهور بمظهر الخبراء والعلماء بأصول التربية التي تجهلها الأم المسكينة التي لم تحسن تربية أولادها.. طالما أن لديك رؤية واضحة في ماذا تريدين من أطفالك، وما هي القواعد التربوية التي يسيرون عليها.. فلا تجعلي أيًّا من الأقارب يؤثر على هذه القواعد أو يضطرك لتغييرها؛ لأن الأطفال إذا شعروا بذلك فإنهم يفقدون الثقة أولاً في هذه القواعد التي تتغير لمجرد كلمات من الأقارب.
وثانيًا يستغلون الفرص لكسر القواعد كلما وجدوا الأقارب في الساحة.. الخلاصة أننا لا نرفض نصائح الأقارب أو تدخلاتهم لنوع من التكبر أو لمجرد الرفض، ولكن لأن لدينا القواعد والرؤية الواضحة، ومن يريد أن يبدي نصحه فلا يبديه بطريقة أنك الفاضلة في تربية أولادك هكذا بدون مقدمات أو مبررات، ولكن من كان لديه نقد موضوعي مستوعب لما أقدم به ويتحاور معي بهدوء فيما أقوم به ويبدي ملاحظاته البناءة القائمة على فهم لما يجري والذي يبدو منه الرغبة في تقديم العون وليس مجرد الانتقاد المحبط فإننا نرحب به وتظهر له وجهة نظرنا والقواعد التي نرعاها مع أولادنا.
ليس من حق الكبار أن يصرخوا في وجه الصغار.. فإذا صرخ الصغار في وجوههم.. اعتبروا ذلك سوء أدب وتربية؛ لأن الكبار هم المطالبون بأن يكونوا القدوة في التصرف والفعل فإذا لم يستطيعوا ذلك وحاولوا تقديم الأعذار والمبررات لأنفسهم فلا يلوم أحد على الصغار ردهم بالمثل.. ليست دعوة لترك الأطفال يسيئون التصرف مع الكبار، ولكن دعوة للكبار لأن يراعوا تصرفاتهم وأفعالهم قبل أن ينتقدوا الصغار، ويعتبروا أنهم بمجرد أنهم كبار فلهم الحق في ممارسة أي خطأ مع الصغار.
بالنسبة لرغبة أحمد في الاستحواذ يكون علاجها بتعميم الملكية، بمعنى التأكيد أن الأشياء والألعاب هي ملك مشترك يلعب به الجميع، وأن المطلوب هو تنظيم هذا اللعب أو هذا الاستخدام.
والغيرة سلوك طبيعي بين الأطفال المهم ألا نكرسه بينهم بالتفريق في المعاملة، وبالنسبة للطفلة الرضيعة فإن إدخال طفلك في منظومة العناية بها والاهتمام بها سيخرجها من دائرة المنافسة إلى دائرة اعتباره أحد آبائها المهتمين بها.
بالنسبة للشخصيات الكرتونية فإن المنع التام أو السماح التام ليس هو المطلوب، ولكن التقنين والتنظيم لما يشاهده مع إبداء الملحوظات لما يراه، والحوار حول لماذا نرفض بعض الشخصيات أو مشاهدة بعض الأحداث.. كل ذلك يمكن الطفل من التفاعل بطريقة صحية مع الأمر، مع التأكيد دائمًا على أن ما نشاهد غير حقيقي، وأنه مجرد تمثيل وخيال للاستمتاع به، ولكننا لا نخاف منه في الواقع أن نقلده... هذا يجعله قادرًا على التفاعل مع زملائه وإبداء وجهة نظره فيما يقولونه ورفضه وقبوله لبعض الشخصيات الكرتونية.
بالنسبة لسلوك الطفلة فهو يحتاج لوقفة نبدي فيها رفضنا التام لسلوكها في ضربنا أو تمزيق كتبها.. وإظهار أن الكبير قد أخطأ فعلاً بالضحك منها، ولكن الحل ليس في ضربة أو تمزيق الكتاب، ولكن في إبداء الضيق فيه ومخاصمته والشكوى لمن هو أكبر، وعندما تشكونا فإننا يجب أن نظهر لهذا الكبير خطأه في الضحك منها؛ لأن السخرية من الصغار تزعجهم جدًّا فلا يجب استخدامها من قبل الكبار ووسيلة للتسلية بالصغار واستفزازهم، فالأطفال ليسوا لعبة نلعب بها أو نلهو باستفزازهم، وأيضًا رؤيتها لاتخاذ الموقف من هؤلاء للكبار يجعلها تشعر بالحماية والحب ولا نضطر لاتخاذ سلوك عدواني لإحساسها بالعجز عن مواجهة هذا الكبير الذي يسخر منها.
إننا نريد الكثير من إصلاح عيوب الكبار في معاملة الصغار قبل أن نلوم الصغار.
لغة الأجساد أفضل من الكلام ... العنوان
ابنتي عندما كانت رضيعة كانت تعاني من أكزيما شديدة، وقد شفيت منها ببلوغها العام الأول بفضل الله تعالى، لكن المشكلة هي أن الحكة أورثتها عصبية شديدة، وهي الآن عمرها سنة ونصف، وأنا الآن أحاول تخليصها من العصبية فأمتص غضبها وأتجنب استفزازها، وعندما أجدها متوترة أجلسها في حجري وأداعب وجهها وشعرها، وفعلا أجدها تسترخي تمامًا وغالبًا تنام بعدها، لكن الأمر بدأ يتطور؛ حيث أصبحت تحب قبل النوم أن أقوم بتدليك يديها وساقيها، وتطور الأمر؛ لأنها أصبحت وهي نائمة تأتي إليّ وتبكي إلى أن أقوم بتدليكها قليلا تسترخي وتعود للنوم (وهي تنام معي في نفس السرير ولا مجال لفصلها الآن)؛ لذلك أريد أن أسأل إن كان ما يحدث شيء جيد أو سيئ لمستقبلها، وإن كان خطأ فكيف أصححه في أوله قبل أن يتفاقم أرجو منكم نصحي ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في تجربة شهيرة قام بها عالم النفس الأمريكي هارلو قام بإحضار مجموعتين من القرود الصغيرة، ووضع مع المجموعة الأولى نموذجًا للأم، عبارة عن وجه وسلك، ووضع مكان الصدر زجاجة لبن، وفي المجموعة الثانية كسا السلك بقماش ناعم بحيث يعطي الإحساس بالحنان.. فوجد أن قرود المجموعة الأولى يكتفون بالحصول على اللبن من نموذج الأم فقط، في حين أن قرود المجموعة الثانية كان يتمسحون بالنموذج الذي يبدو أكثر حنانًا، ويحتمون به عند الخطر، وعند فتح الباب القفصين انتقلت جميع قرود المجموعة الأولى إلى القفص الثاني، وكانت النتيجة التي توصل إليها هذا العالم أن اللمسة الحانية والحضن الدافئ والقبلة هي أهم ما يحصل عليه الطفل من أمه، وأن أهمية الرضاعة الطبيعية هي في حالة التلامس التي تحصل بين الأم وطفلها أثناء الرضاعة، وهذا ما أسماه علماء النفس لغة الجسد في التعبير عن المشاعر؛ فاطمئنان ابنتك ونومها الهادئ عندما تدلكين لها ساقيها ويديها إنما هو لشعورها بهذا الحنان المتدفق عبر أصابعك إليها؛ فتصل لها رسالة الأمان والاطمئنان فتخلد إلى النوم، وعندما تقلق بالليل يكون ذلك جوعًا لهذه الجرعة فتأتي فتحصل عليها ويعود للنوم ثانية.
إنها رسالة الحب أعظم الرسائل التي يحتاجها أطفالنا منا، تصل عبر الإشارة واللمسة والحضن والقبلة، وهي رسائل صحية جدًّا وهامة جدًّا للنمو الطبيعي للطفل، وهي تعمق العلاقة بين الطفل ووالديه.. إن المسألة ليست مجرد تدليك للساقين أو مداعبة للوجه والشعر، ولكنه شعور بالتواصل عبر لغة الأجساد، فاستمري فيه وسيثمر هدوءاً في نفسية طفلتك وعمقًا في العلاقة معها.. بارك الله لك فيها.
أم المستقبل إن شاء الله ... الاسم ...
غياب الأب.. ما بالك باثنين الله ثالثهما؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، في الواقع أنا ما زلت حاملا، ولكنني اضطررت لملء بيانات تخيلية؛ لأنها واجبة الملء.. أنا حامل في طفلي الأول، وقد توفِّي عني زوجي وأنا في الشهر الثالث. أنا أفكر الآن وإن كان مبكرًا -إن شاء الله- في كيفية تقديمي لصورة الأب في حياة الطفل الرضيع الذي سيولد إن شاء الله. هل أعرفه على أبيه من الصور أم أنتظر حتى يكبر ويميز عدم وجود أب لديه فأبدأ بتعريفه السبب؟
باختصار: كيف يكون تقديم فكرة الأب إلى داخل ذهن الرضيع؟ ومتى يكون ذلك على وجه التحديد؟ وهل يستطيع الرضيع تمييز الوجود الأبوي من غيابه؟ وماذا يمكنني فعله لتعويضه الغياب الأبوي إذا كان الرضيع يميز ذلك بالفعل؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أم المستقبل، بارك الله فيك وفي جنينك، وكم سعدت باعتزازك بأمومتك وأملك وتفاؤلك الواضحين يا حبيبتي، فهكذا المؤمن يحزن ولا يجزع، يتألم ولكن لا يفقد الصواب فهو يتوكل على ربه ويثق في نصرته ومعونته سبحانه.. كما أن وفاءك لزوجك ورغبته في الأبوة أثار إعجابي، وكدت أصفق لك بكفي من فرط إعجابي بأن وجهت مشاعرك في اتجاه إيجابي، في اتجاه التكيف مع أمر الله تعالى وتهيئة الوضع والحال لمصلحة الضيف الآتي ليحيا حياة سعيدة، وتحيين معه في سعادة تتحول معها أي أحداث مؤلمة إلى ذكريات.
أختي الكريمة، لقد اختبرني الله تعالى بما حدث لك، وكان لدي ابنتان، وكنت حاملا في الشهر الثامن في ابنتي الثالثة التي ولدت بعد وفاة والدها بشهر واحد؛ فقد كنت أنا وزوجي وابنتانا في الطريق للسفر إلى البلدة لزيارة والدة زوجي، وفجأة تعدّى علينا "ميكروباص" حطّم السيارة.. وتُوفِّي زوجي في الحال، ثم ابنتي الكبرى بعد اثني عشر يومًا في العناية المركزة. ولم يبقَ سوى المقعد الذي أجلس عليه، وعلى قدمي ابنتي الوسطى، وقد مر على هذا الحادث حوالي 5 سنوات، وما سأقدمه لك في السطور التالية هو خلاصة تجربتي خلال تلك السنوات، وما فعلته مع ابنتي التي لم ترَ أباها:
أولاً- يا حبيبتي تأكدي أن الله ثالثكما أنت وجنينك، فما بالك باثنين الله ثالثهما؟ وما يؤكد ذلك هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خير البيوت هو بيت فيه يتيم يكرم، وإن شرها هو بيت فيه يتيم يقهر أو يهان"، فسيكون بيتك برعايتك لأملك القادم هو من أحب البيوت إلى الله عز وجل.
ثانيًا- لا بد من وجود -خصوصًا إن كان المولود ذكرًا- طرف من الرجال يراه الطفل من آن لآخر كالعم أو الجد أو الخال، فيلاعبه ويداعبه ويحضر له الهدايا ويلعب معه أوقاتًا كافية؛ وذلك ليتعرف على الصحبة الرجولية من عمر صغير؛ ليتكون لديه الشعور بتمايز الجنسين ويشعر بالتوازن الذي ينعم به من يحصل على الحنان من أبويه.. فلا شك أن الرضيع يستشعر وجود أبيه، ويميز بين حنانه وحنان أمه، ومن ثَم فافتقاده لأبيه يؤثر فيه، ولا بد من تعويض هذا الدور.
ثالثًا- الصور تُعَدّ وسيلة ممتازة لتعريف الابن بأبيه؛ فلو وعى الطفل عليك كل ليلة وأنت تقبلين صورة والده مثلاً فسيحاكيك يومًا، وسيتعلق بلا شك بصاحب هذه الصورة، ويمكنك أن تتلفظي بكلمتين مختصرتين وأنت تفعلين ذلك فتقولي "بابا حبيبي".. ومع تقدم الطفل في العمر وتطور وعيه وإدراكه سيتفهم أن صاحب هذه الصورة شخص عزيز عليكما، ثم يفهم أنه والده، وكلما تطور في إدراكه استطعت أن تبثيه معلومة عن والده، بموقف حدث لكما، بخُلق كان يحبه، بأمل كان يأمله في ولده، بشيء كان يواظب على فعله... وهكذا؛ بحيث يشعر الابن/الابنة أنه يرفرف حولكما، أو أنه لا ينقصه إلا أن يراه لحمًا ودمًا، لكنه يعيش معه رمزًا وروحًا وأخلاقًا.
رابعًا- لا أنصحك مطلقًا بأن تنتظري حتى يشعر وليدك أنه لا أب لديه، بل على العكس عليك العمل باستمرار على أن تكوني له أمًّا وأبًا وحبًّا وحضنًا يغنيه ولا يشعره بأي نقص، فضلا عما سبق من مقترحات تمنحه التوازن، وفي ذات الوقت تغرس فيه الحنين لأبيه، والوفاء له والرغبة في تحقيق أمله، وكما قلت لك آنفًا فإن طفلك من سن 6 شهور سيعي تمامًا ما نصحتك بالمواظبة عليه من تصرفات، ومع تطور عمره سيكبر ويتطور هذا الوعي.
خامسًا- لا بد أن تحاولي باستمرار التواجد بشكل دوري وسط الأهل والأقارب والعائلة؛ فلو كانت الإقامة في منزلك فلا بد من زيارة أسبوعية أو مرتين أسبوعيًّا على الأقل لبيت أسرتك وأخرى لأسرة زوجك ليستشعر طفلك الدفء الأسري، ويألف عائلته ويرتبط بأفرادها، ويشعر بالقوة والنصرة.
سادسًا- في كل موقف من المواقف حاولي استعراض وجهة نظر زوجك لو أنه كان موجودًا في مثل هذا الموقف، وماذا كان يمكن أن يكون رأيه، وحاولي تطبيق وإسقاط ذلك -ما استطعت- تفصيلاً في رعاية طفلك، وفي اختيار مدرسته مثلاً وزملائه... وهكذا في كل ذلك، عندما يعي أن "بابا" لو كان معنا لاختار كذا أو فعل كذا فقد كان يحب كذا... بحيث تعيشان وكأنه معكما.
سابعًا- سألتني عن دورك لتكوني الأب والأم معًا، ولعله دور معظم الأمهات حتى وإن لم يتوف أزواجهن؛ فبحكم الحياة الطاحنة وانشغالاتها تضطر الأمهات إلى أداء الدورين معًا معظم الوقت، وهنا أحب أن أقول لك جملة ممتازة قرأتها تقول: "إن عملية إنجاب الأطفال تتساوى عند الغالبية العظمى من النساء؛ لذا وجب علينا أن نميز بين كلمة: أم وكلمة: والدة؛ فإن كل من تنجب طفلاً هي والدة، ولكن ليست كل والدة أمًّا"، ولعل الجنة تحت أقدام الأمهات، وليس الوالدات بما للأم من تضحيات ودور عظيم من مثابرة ومجاهدة وتخطيط لتكون مصنعًا لخيرة الرجال وفضليات النساء.
ومن هنا أنطلق لأقول لك: إن دورك المزدوج كأب وأم يؤكد ضرورة أن تحتوي طفلك، وتحيطيه بكل رعاية وعناية تجعله في كفاء واتزان دون أي حرمان، علميه أنكما مع الله سبحانه أقوى وأسعد وأغنى، ولا تنسي أن الوجود الرمزي للأب -والذي أشرنا إلى كيفية تحقيقه- حتى في غيابه الفعلي هام جدًّا.
أخيرًا.. يا عزيزتي أنا في انتظار رسائل عديدة منك تسألين فيها عن كل التفاصيل التي تحتاجينها لتربية وليدك.
فكم يبهجني أن أشاركك الثواب يا أم أنجح مستقبل إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/86)
حلمك مفتاح صواب طفلك ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أولا أن أشكركم على هذا الموقع الرائع والمفيد جدا. أما مشكلتي هي مع ابنتي (7 سنوات) أولا عنيدة، ثانيا لا تحب المدرسة وعندها مشكلة الحركة الزائدة وعدم الانتباه هذا الذي أنا أراه فيها ومعلماتها كلهن لمسن هذا من بداية دخولها للمدرسة، وزيادة على كل هذا أنها دائما تتلفظ بألفاظ مكروهة وغير لائقة ودائما الجميع من أقاربنا ينتقدونها في كل تصرفاتها، أما أنا ووالدها نحاول قدر الإمكان أن نتصرف معها بأسلوب التفاهم "وطولة الروح"، كما يقال ودائما نشعرها أنها هي التي نحبها جدا ونشجعها إذا صدر منها تصرف يرضينا، ولكن أحيانا تفقدني صوابي، وأتعصب عليها فأرجو منكم الحل، وشكرا لكم. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الوالد الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا ندري ممن تشكو.. هل من ابنتك وعدم انتباهها وحركتها الزائدة على حد وصفك في رسالتك وتلفظها بالألفاظ الكريهة أم تشكو نفسك وفقدانك لصوابك في بعض الأحيان وتعصبك عليها.. خاصة أنكَ لم توضح نتيجة سياسة التفاهم وطول الروح والتشجيع التي تنتهجينها أنت ووالدتها في تغيير سلوكها.. وهل نجحت فعلا في تحسين سلوكها وتغييره.. وأيضا لم توضح سبب فقدانك لصوابك وعصبيتك عليها فيما هو واضح من رسالتك نذكرك بأن ما تجنيه من فوائد من معاملتك الحسنة لابنتك من خلال التفاهم والتشجيع تفقده تماما بالعصبية؛ حيث لا يشعر الطفل بالاستقرار ويصبح غير واثق من نتائج تصرفاته، حيث يجد أن تحسنه لا يؤدي إلى نتيجة واحدة دائما وأنه ليس سياسة ثابتة.. لذا فإننا نرجو منك أن ترسل إلينا يما يلي:
1- مظاهر عدم الانتباه والحركة الزائدة وهل وصلت لحالة مرضية؟ وهل عرضت على أي من الأطباء وحصلت على أي علاجات؟ ولمزيد من العون سنرفق بنهاية الرد استشارة توضح ما هو المقصود بالنشاط الزائد المرضي؟
2- ما هي نتائج المعاملة الحسنة وما هو مقدار تحسنها؟
3- كيف يتعاملون معها في المدرسة؟ وما هي أسباب كرهها للمدرسة؟
4- ما هي مظاهر عنادها؟
5- لماذا تفقد صوابك في بعض الأحيان وتتعصب عليها؟ وماذا فعلت للتخلص من ذلك ونحن في انتظار إجاباتك المحددة والتفصيلية لإمكانية مساعدتك وتوجيهك للطريق الصحيح.
كيف تكرم يتيما حلَّ بدراك؟ ... العنوان
الطفل هو ابن أخت زوجي (عمره الآن 3 سنوات)، حيث توفيت أمه وعمره سنة ونصف ومنذ ذلك الوقت يعيش مع جده وجدته والديْ أمه، وهو حتى الآن لا يعاني من مشاكل نفسية واضحة إلا أنه متعلق بمربيته الخاصة جدًّا، وأحيانًا يميل إلى التعلق بجدته أكثر، والمشكلة عندما يأخذه والده يومًا كل أسبوع أحيانًا يذهب مسرورًا وأحيانًا يبكي ويتعلق بجدته فهو بمزاج متقلب تجاه الأشخاص، وبالنسبة لي أنا زوجة خاله فهو يحبني، خصوصًا أنه يرانا كثيرًا، حيث ليس هناك أقارب يراهم غيرنا؛ لأن زوجي ليس له الآن إخوة ولا أخوات، فهذا وضع الطفل بشكل عام.
والسؤال هو: ماذا يمكننا أن نقدم لهذا اليتيم المسكين بشكل عام؟ وكيف يجب التعامل معه لينشأ دون أن يشعر بمشكلة فقده لأمه وهو لم يزل في عمر براعم الزهور؟ وشكرًا لكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها الأخت الكريمة الفاضلة بارك الله فيك، وتقبل منك نيتك الرائعة على العناية بمثل هذا البرعم الذي وصفته بالمسكين.. جعل الله تعاطفك هذا في ميزان حسناتك وسبيلاً لك إلى الجنة، ولكن أؤكد على ما أكدت أنت عليه وهو ضرورة تقديم شيء لهذا البرعم الجميل يعينه على التفتح بشكل سليم، فالاكتفاء بالتعاطف ليس فعالاً ولا مفيدًا.
لا شك يا عزيزتي أن مسألة تقلب مزاج الطفل أو تردده في الميل لهذا الطرف أو ذاك أمر طبيعي مبرر نتيجة لتبديل أمه ومحط ارتباطه ومصدر الحنان بالنسبة له بأكثر من وجه، فتارة الجدة وتارة المربية في حين أن الأب لا يمكث معه يوميًّا أكثر من ساعة واحدة.. فهو لا يشعر بالاستقرار بالتأكيد، ومهما كان الأمر فلا شك أنه أحيانًا يتعرض لقسوة من مربيته أو نوع من الشدة التي تجعله ينفر منها ويميل لجدته، ولعل غياب الأب يمكن للأم تعويضه -مع المشقة بلا شك- أما غياب الأم فأراه لا يعوض حتى مع المشقة.
ولأن لكل قاعدة استثناء فاسمحي لي يا حبيبتي أن أعرض عليك مقترحًا ولك كامل الحرية في رفضه أو قبوله، فربما كنت أنت -بما يظهر عليك من حنان وشفقة ورقة- هذه الأم التي يحتاجها الطفل، ربما كانت نشأته بين أطفالك ورعايته وتنشئته في حضن دافئ لأسرة متماسكة وطبيعية هي الحل لمشكلاته، فقد تربى النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجة عمه في بيت عمه وبين أبناء عمومته فشب على حبهم -صلى الله عليه وسلم- وعوضه الله بهم عن أسرته التي لم ينعم بها..
ما رأيك في هذا المقترح؟؟ أعتقد أنه مناسب جدًّا للطفل ما دام يحبك ويحب أبناء خاله فلن يجد صعوبة في التآلف معكم واعتياد صحبتكم، بل سيسعد بينكم ويحاكي أبناء خاله فيتعلم قواعد السلوك الطيب، ويعتاد التعامل مع الأطفال ويعتاد المهارات التي لا يتعلمها الأطفال إلا من الأطفال.. وتأكدي أنك ستستغربين للتغير الذي سيطرأ على شخصيته من الأسبوع الأول، المهم أن يكون مناسبًا لك أنت، أعلم أن أعباءك كثيرة، ولكن ثواب النية وبركتها ستقويك في مواجهة أعبائك وستجعل قدوم هذا المسكين إلى بيتكم مجلبة للبركة والخير والسعادة، وأعتقد أن النفقة وما شابه هي مسئولية والده الذي سيرحب كثيرًا باهتمامك أنت وزوجك بذاك الطفل المسكين.
ومع مرور الأيام حين يقوى الطفل في مواجهة الحياة وتثبت قدماه على دربها سيسهل انتقاله تدريجيًّا للإقامة مع جدته التي لن تنقطع زيارته عنها بالتأكيد طيلة فترة وجوده معكم أنت وخاله، ومن آن لآخر يمكن أن يقيم معها يومين مع أحد أبناء خاله مثلاً أو معك وزوجك في أيام الأعياد أو العطلات أو غير ذلك؛ ليظل على شعور بألفة مع هذا المكان وما فيه من أشخاص، وهناك مقترح آخر أن تأخذي مربيته إلى منزلك تعينك على العناية به وبأولادك، ولكن فقط في الإداريات من نظافة وترتيب وغير ذلك أما عملية التربية والتوعية وقص الحكايات واللعب والمرح والضحك والنزهات وتحفيظ الأناشيد والأذكار وغيرها فاجعليها من مهامك أنت مع ما تفعليه لأبنائك.. باختصار اعتبريه ولدك الذي لم تلديه.
أما إن وجد ما يعوقك عن تنفيذ مثل هذا المقترح، فما أراه مناسبًا لمعاونة هذا الطفل على الشعور بدفء الأسرة والاستقرار الذي سيحل مشكلاته:
أولاً: لا بد من تكثيف زيارتك مع زوجك لبيت الجدة، مع ضرورة أن تكون جل أحداث الزيارة موجهة لإسعاد هذا المسكين، فمرة تجمعينه مع أبنائك فتقصين عليه قصة، ومرة تلعبين معهم لعبة جماعية لطيفة، ومرة تشاركينه تركيب المكعبات أو البازل، أو تعطينه رسمًا يلونه أو تطلبي منه أن يرسم شيئًا يحبه ثم تكافئيه، وهكذا...
ثانيًا: لا بد من إخراجه للنزهات مع أبنائك لأماكن لطيفة كالحدائق والمتنزهات والشواطئ والملاهي وغيرها...
ثالثًا: لا بد أن تحاولي بهدوء الحديث مع جدته ومربيته عن ضرورة الرفق معه ومعاملته بهدوء فهو يكاد يكون يتيم الأبوين فوالده المنشغل عنه وغير المقيم معه لا يكاد يعتبر موجودًا، وبالتالي فمن يتعامل معه عليه أن يمنحه حنانًا مضاعفًا ومزدوجا مكان الأب والأم، ولكن بلا تدليل أو إفساد، فلا بد من الحنان مع التوجيه والتعليم والتهذيب.
رابعًا: لا بد أن يمارس الطفل نشاطًا ما إما بإلحاقه بحضانة جيدة متميزة معروفة بالاهتمام بتنمية مهارات وقدرات الأطفال، أو بإلحاقه بنشاط رياضي أو فني متاح لسنه في نادي أو مكتبة أو مسجد قريب ليقضي وقتًا سعيدًا في التعلم والمرح واللعب والخلطة بمن في سنه مع التنبيه على العاملين في أي مكان يلتحق به أنه في حاجة لرعاية وحنان متميزين مع شرح ظروفه.
خامسًا: لا بد من عدم الحدة في توجيهه وكذلك عدم الإفراط في إبداء الخوف عليه.. وإشعاره بالأمان.
سادسًا: أفضل أن تحاولي متابعة الطفل باستمرار والحوار معه واستكشاف مشاعره وآماله ورغباته، فأنت أحدث عهدًا بأبناء جيله ويمكنك فهمه بشكل أفضل وإن كان صدر الجدة واسعًا.. كما يجب أن يجد الطفل أذنًا مصغية عند كل كلام له والاهتمام بأي شيء يتحدث عنه بدرجة كبيرة دون مبالغة.
سابعًا: حاولي أن توجدي لدى الطفل غاية وهدفًا وكذلك تفعل الجدة.. فمثلاً نادوه دائمًا بالـ"مهندس"، وتخيلي معه أنه سيكون مهندسًا وماذا سيفعل إن كان مهندسًا أو طبيبًا.. فالخيال سيوجد لديه اتجاهًا وستوجد لديه اهتمامات تخدم ذلك الاتجاه، وبعد مدة يبدأ بالالتحام والتفاعل مع ذلك الذي يحلم به.. وتبدأ حينها برامجه لحياته في الانبثاق وتتفجر مواهبه وطاقاته.. ويمكن ذلك من خلال قصص البطولة والكرم، وأحاديث عن المكارم والشجاعة والنجاح والطموح حتى تتغلغل هذه المعاني في نفسه وتفعل بداخله عملها المستتر.
لا شك أن ما سبق يمكنك فعله أيضًا إن قبلت بإقامة الطفل لديك -وهو ما أفضله شخصيًّا- ولكن معاونة الطفل على أن ينشأ سويًّا ستكون متاحة على كل حال إن شاء الله.. وأخيرًا أوصيك بالدعاء له أن ينبته الله تعالى نباتًا حسنًا، وأن يحفظه ويسلمه من كل مكروه، وأن ينصر به أمته.. فدعاؤك له نوع من الرعاية والأمومة التي تعوضه ما فقد من دعاء أمه.
وختامًا.. أنا في انتظار متابعتك لنا بمزيد من الأسئلة والأخبار والاستفسارات، وما وقع عليه اختيارك وكيف تسير الأمور، ولعل انتظاري لا يطول.
-
اضطراب الهوية الجنسية.. كيف يكون التشخيص؟ ... العنوان
السلام عليكم، أشكركم على الجهد الذي تبذلونه للتغلب على المشاكل التي تواجه مجتمعنا العربي والإسلامي، بارك الله فيكم، وبعد..
لن أطيل عليكم. مشكلة ابنتي تتلخص في مشكلة "اضطراب الهوية الجنسية"، وهي كباقي الحالات التي سبق أن عرضتموها لنا، وسأوجز حالة ابنتي بإسهاب حتى يتسنى لكم مساعدتي بأسرع وقت ممكن، حفظكم الله ورعاكم.
فأنا والدة لفتاة في السادسة عشرة من العمر، لاحظت أنها تميل للعب مع الصبيان من أولاد ومن أقارب منذ أن كانت في الثامنة من العمر، وشيئًا فشيئًا أصبحت ترتدي القمصان مثل الأولاد وقصت شعرها مثل الأولاد، وأصبحت تمشي مثلهم وتتصرف مثلهم بالضبط، وكل هذا لاحظته فجأة في غضون تقريبًا سنتين على فترات متباعدة، إلى أن لاحظنا ذلك متأصلا بها في غضون حوالي 4 أشهر تقريبًا، فأصبح أسلوبها خشنًا كالأولاد، وتلبس مثلهم وتشتري من نفس محلات الصبيان، وفي المدرسة تصادق البنات، ولكن على مضض حيث إن المدرسة مختلطة، ولكن على الرغم من خشونتها في الفترة الأخيرة، فإنها كريمة حنونة طيبة القلب وذكية، ولكنها لا تحب الدراسة، مع العلم أنها كانت من المتفوقات، إلا أنها الآن العكس، تحب طبعًا الألعاب التي فيها جهد وعنف ولياقة بدنية مثل الأولاد تمامًا. وأنت أعلم ببقايا أعراض الحالة تمامًا، لن أطيل عليكم ..
لقد تم عرضها على دكتور نفساني، وشخص بسرعة فائقة مرضها "اضطراب في الهوية الجنسية"، وأخبرنا أنها يجب أن تعالج حاليًا عند اختصاصية سيكولوجية (نفسية) على جلسات لمدة 4 أشهر تقريبًا، جلستان في كل أسبوع، كل جلسة لمدة ساعة ونصف، وأخبرنا بعدم الحاجة لإجراء أي تخطيط للمخ أو عمل فحص الهرمونات (كما سبق أن ذكرتم أنتم في حلكم لمثل هذه الحالات).. وأخبرنا أنه في حالة عدم تجاوبها نهائيًّا في الجلسات سوف تضطر للبقاء في المصحات النفسية لعلاجها..
سؤالي المهم الآن:
إلى أن يتم عرضها على الجلسات النفسية -مع أني سوف أجري لها تحليل الهرمونات للتأكد طبعًا- ما هي طريقة التعامل معها مبدئيًّا (لا تقل لي رجاء إن الاختصاصية سوف تخبركم بعد عدة جلسات بما يجب أن تقوموا به اتجاهها)؟ أرجوك فأكيد أنك من الممكن أن تساعدني مبدئيًّا بعدة إرشادات أعانك الله. حيث إنه في بداية الأمر وقبل أن نعرف أنها مريضة كنت بعض الأوقات أقسو عليها من شدة غضبي من تصرفاتها الصبيانية، وبعض الأوقات الآن بعد مرضها أشفق عليها، أريد أن أعلم ما هي الطرق التي من الممكن عن طريقها أن أكون جزءاً من التسريع في علاجها؟
كما أرجو منكم أن ترسلوا لي بريد أحد الدكاترة الذين من الممكن أن يساعدوني في حالتها، إذا كان وقتكم لا يمسح بالمساعدة.. شكرًا جزيلاً لكم.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة.. أهلاً وسهلاً بك، وشكرًا على ثقتك بصفحتنا معًا نربي أبناءنا، الحقيقة أن إفادتك أثارت فيّ عديدًا من الشجون، وسأقول لك بعضًا منها في هذا الرد، كما سأحاول أن أضع يديك على ما يلهمني الله عز وجل من إرشادات لأفضل الطرق للتعامل مع مثل هذه النوعية من الابتلاءات التي ابتليت بها مجتمعاتنا الإسلامية، وأبدأ الحديث معك من نقطة في منتهى الخطورة وهي ماذا يعني أن طبيبًّا نفسيًّا شخّص حالة ابنتك بسرعة على أنها اضطراب الهوية الجنسية؟
ولا أريد في الأمر أن يبدو تشكيكًا في ذلك الطبيب النفسي، فليس هذا هو المقصود أبدًا، وإنما المقصود هو أن أبين لك إلى أي شيء يستند الطب النفسي الغربي في تشخيص مثل هذا التشخيص؟ فقواعد التشخيص طبقًا للتصنيف الأمريكي للأمراض النفسية هي كما يلي:
(1) نزعة قوية ودائمة للتماهي (التعرف على الذات) مع الجنس المغاير cross-gender identification، وليس فقط مجرد رغبة بسبب وضع اجتماعي أفضل للجنس الآخر، وفي المراهقين والراشدين يظهر الاضطراب بأعراض مثل: الإقرار بالرغبة في أن يكون من الجنس الآخر، التصرف غالبًا كفرد من الجنس الآخر، أو الرغبة في أن يعامله الآخرون كفرد من الجنس المغاير، أو القناعة التامة بأنه ينتمي للجنس المغاير ويشعر بمشاعره ويتفاعل بطريقته.
(2) ضيق دائم وعدم رضا عن شعوره بعدم ملاءمة الدور الاجتماعي الذي يمليه عليه الدور الاجتماعي لجنسه التشريحي، وفي المراهقين والراشدين يظهر ذلك بأعراض مثل: الانشغال بالتخلص من صفات وأعضاء الجسد الجنسية التي تنتمي للجنس المرفوض؛ فيطلب مثلاً العلاج بالهرمونات لتغيير نبرة الصوت، وربما يحلم بالجراحة لتغيير تلك الأعضاء حتى يشبه أفراد الجنس المغاير، ومنهم من يعتقد أنه ولد خطأ بهذا الجنس!
(3) يجب ألا تشخص هذا الاضطراب في حالات الخنثى (أي التداخل البيولوجي الفعلي بين الجنسين، وليس النفسي فقط).
(4) يجب أن يكون الاضطراب مصحوبًا بخلل وعدم راحة في التصرف اجتماعيًّا أو وظيفيًّا أو غير ذلك من مناحي السلوك.
وأنا من هنا أبدأ في السؤال أولاً عن: كيف تبدو ابنتك أصلا؟ هل هناك ما يشير إلى أنها ليست أنثى كاملة النمو والتطور؟ هل تبدي ضيقًا من نهودها مثلاً؟ هل تكره صورة جسدها؟ هل تتمنى لو أنها لا تحيض؟ يا سيدتي إن الأمر لا يمكن ببساطة أن يشخص بسرعة كما تصفين، والأغلب أن الاختصاصية النفسية التي أحالك لها الطبيب النفسي ستتابع البحث في جذور ما أفضل تسميته بعدم الرضا عن الهوية الجنسية الاجتماعية أو الجندر كما يسميها البعض، أو الضيق بالجندر Gender Dysphoria، وأقصد من هذا الكلام أن أقول لك إن التشخيص ليس نهائيًّا ولا أكيدًا، فهناك كثير من الحالات التي تظهر فيها نفس الأعراض التي ترينها على ابنتك وبعضها أكثر خطورة وانحرافًا، وبعضها أقل من اضطراب الهوية الجنسية.
المهم هنا هو أن تشخيص هذا الاضطراب في حالة لا نجد فيها في الجسد أو الكروموسومات أو الهرمونات ما هو غير متماش مع الجنس الحقيقي هو أمر محفوف بالمخاطر وبالمسئولية أمام الله عز وجل.. لماذا؟
لأن من الممكن أن يكون الدافع لسلوك البنت أمرًا آخر تمامًا، ربما ترى مثلاً أن الرجال أفضل حالاً وإن كان هذا قد أصبح مستبعدًا في الآونة الأخيرة في الخليج، وربما (واعذريني في تخميني) يكون الأمر متعلقًا بميول سحاقية، أو بتحرش جنسي وأنت لا تدرين عن ذلك شيئًا طبعًا، هناك يا سيدتي من تطلب التحول إلى رجل لأنها تميل جنسيًّا للإناث، وهناك من تطلب ذلك وتظهر الرغبة فيه؛ لأنها تكره أن تكون ضحية للرجل بعدما عممت مشاعرها تجاه من يتحرش بها على كل الرجال، وتظن أنها بتحولها إلى رجل تهرب من ذلك الدور!
معنى ما أقوله لك هو أن حالة ابنتك ما تزال في حاجة إلى كثير من البحث داخل كيان البنت النفسي، ومن المهم أن نعرف أكثر عن طبيعة علاقتها بالبنات والأولاد، وكيف يشعرون بها ويعاملونها؟ إن ما لا تعرفينه يا سيدتي هو أن هدف العلاج النفسي القائم على المعطيات الغربية هو الوصول بصاحب حالة اضطراب الهوية الجنسية إلى الرضا عن جنسه وعن دوره الجنسي الاجتماعي، وليس الهدف هو الإصلاح بما يتماشى مع قيم المجتمع الذي يعيش فيه، فليست هناك قيم في الطب النفسي الغربي إلا قيم المريض نفسه، وهي التي يعمل المعالج في إطارها. وتلخيصًا ينقسم العلاج النفسي والطبي إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: يتم فيها استقصاء كل ما يمكن جمعه من معلومات حول نفسية المريض، وبيئته وملابساتها ودوافعه الحقيقية لتغيير جنسه، وكثيرًا ما يُظهر ذلك الاستقصاء -إن كتب له النجاح- أمورًا أخرى غير اضطراب الهوية الجنسية، أقلها عدم تأكد الشخص من هويته الجنسية الاجتماعية، فإذا اقتنع المعالج بحقيقة وجود الاضطراب فإن المرحلة الثانية تبدأ.
المرحلة الثانية: وهي التي يبدأ فيها المريض بالحياة كفرد من أفراد الجنس الآخر، أي أن ابنتك ستطلب تغيير اسمها إلى اسم ولد، ثم تخرج إلى الشارع مرتدية لباس الأولاد، وربما طلبت تناول بعض الهرمونات الذكورية لكي ينبت الشعر في وجهها وجسدها، ولعل صوتها يصبح أكثر خشونة، وستخبر الأهل والمدرسين والجيران بأنها ولد، وتجرب الحياة بهذا الشكل!! ولا تبكي يا أختي إن قلت لك إن المذكور في كتب الطب النفسي المحترمة هو أن "كثيرين يفضلون البقاء في هذه المرحلة أي يعيشون عيشة المخنثين"!! ولله الأمر من قبل ومن بعد، وأما من يطلبون المزيد فهم من يدخلون المرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة التدخل الجراحي لتغيير خلق الله، أو العبث به، فإما أن يتم التحويل الجنسي تمامًا من رجل إلى امرأة، أو العكس (لإنتاج مسخ مشوه طبعًا)، أو الإبقاء على الأعضاء التناسلية الأصلية وإضافة أعضاء الجنس الآخر (من خلال زراعة الأعضاء أو تكوينها من مناطق أخرى من الجسد نفسه)، أي أننا نجد خنثى صناعيا!
لم أقصد بالطبع أن أسوّد الصورة في عينيك، وإنما أردت أن أنبهك إلى ضرورة التعامل مع الموقف، لا على أن وجود الاضطراب المزعوم عند ابنتك حقيقة لا تقبل الجدل، وإنما يجب أن نبحث وأن نتفهم، وذلك من خلال الطبيب النفسي أو الاختصاصية النفسية، أو من هو على استعداد للعمل في إطار من الشرع والدين، وأحيلك هنا إلى هذا الرابط لتعرفي منها لماذا يعتريني القلق الشديد على مجتمعاتنا : صبيك.. ماني.. شنو: فجوة لهجات ومعلومات !
إذن عليك أن تكملي الاستقصاء طبيًّا بتحليل الهرمونات، وكذلك الكروموسومات؛ لمعرفة مدى التطابق بين جنس ابنتك البيولوجي وجنسها الظاهر جسديًّا، وسلوكها الاجتماعي، وبعد أن تعرفي النتائج أخبرينا بها وتابعي من خلال صفحتنا "معا نربي أبناءنا".
وأما عن كيفية التعامل معها من أجل التسريع بعلاجها؛ فإن الرأي عندي هو أن تعامليها بشكل طبيعي كأم، فاقبلي منها ما يمكن قبوله داخل محيط الأسرة أولاً، ثم حاولي أن تعرفي منها سبب التغير الحادث لها في إطار من الاحتواء والمودة، فهي في جميع الأحوال مريضة، ولكننا لا نستطيع الجزم بكون المرض نفسيًّا أو اجتماعيًّا أو عضويًّا، فالعلم له وحده، وأهلاً بك دائمًا فتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/87)
أسباب عضوية للتبول اللاإرادي ... العنوان
مشكلة ابني -6 سنوات- هي التبول أثناء النوم بحيث لا يستطيع أن ينهض من الفراش ليذهب إلى الحمام، ويكون في حالة أشبه بالإغماء، سواء كان بالليل أم بالنهار، وأكثر ما يقلقني هو أن عمره الآن 6 سنوات، ولا أحسب أن لديه مشكلة عضوية (لم أعرض حالته على طبيب) فبماذا تنصحونني؟ أفادكم الله سبحانه وتعالى. ... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا ندري سببا لنفيك أن يكون التبول اللاإرادي لابنك لأسباب عضوية، رغم أنك لا تعرضينه على أي طبيب، رغم أن الأسباب العضوية للتبول اللاإرادي جزء مهم لا نغفله ونحن نتعامل مع هذه الحالة.
فنحن وإن كنا نعتمد العلاج السلوكي بصورة عامة لحالات التبول اللاإرادي من منع الطفل من الشرب قبل النوم لمدة ساعتين ودخول للحمام قبل النوم مباشرة وإيقاظه أثناء الليل لدخول الحمام مرة على الأقل، فإن فشل هذا البرنامج السلوكي في علاج المشكلة بعد ثلاثة شهور من تنفيذه تجعلنا نبحث عن الأسباب العضوية التي تمتد من وجود عيب خلقي في الفقرات القطنية Spinapfida يؤثر على المركز العصبي للتحكم في التبول، ومرورا بوجود أيضا عيب في المثانة البولية أو العضلة المتحكمة بها أو وجود اضطرابات هرمونية في الهرمون المسئول عن ضبط المياه والأملاح في الجسم، وانتهاء بأن يكون هذا الأمر إحدى علامات أو صور مرضى الصرع حيث يكون فقدان السيطرة على التحكم على البول جزءا من فقدان السيطرة العامة على الوظائف المختلفة في الجسم نتيجة لوجود هذا النشاط الكهربي الزائد في المخ...
ما دعانا لهذه المقدمة المطولة هو أنه يوجد في رسالتك ما يشير إلى إهمال وجود سبب عضوي لحالة التبول اللاإرادي لابنك، مجرد احتمال لا نستطيع حسمه عبر الإنترنت حتى لو بعثت لنا مزيد من المعلومات؛ لأن الأمر في هذه الحالة يحتاج إلى العرض على الطبيب النفسي المختص ليقوم بإجراء الكشف الطبي على ابنك وإجراء ما يراه لازما من فحوصات والتي قد يكون رسم المخ آخرها.
فحدوث التبول اللاإرادي أثناء النوم سواء كان ذلك بالليل أو النهار وحالة عدم القدرة على الذهاب إلى الحمام وما تصفه من حالة تشبه الإغماء.. كل هذا يدعونا إلى التوقف والحذر والمرض في اعتبارها حالة تبول لاإرادي عادية تحتاج إلى العلاج السلوكي المعتاد.
لا نريد أن نقلقك، ولكن نريد أن نوجهك بالإسراع لطبيب الأمراض النفسية والعصبية للقيام بالتقييم، وأن توافينا بالنتائج لنكون معك، ويقدم ما يمكننا لمساعدتك، ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/88)
تعديل السلوك ليس بالحرق ... العنوان
طلبت جارتي محادثتي على انفراد لما تعتقد في خبرتي التربوية والتزامي المتواضع، وكم كانت صدمتي عندما كشفت لي أنها في معضلة لا تستطيع تفهمها، حيث سردت أن ابنها البكر11 سنة تعرض لتعامل مفتوح منذ نعومة أظافره مع الجيران والأهل بدعوى حبه وتسليته، وأنها لاحظت أنه يتلمس أعضاء الذكور خاصة الضيوف عندما كان في الرابعة، وحاولت إقناعه أن الأمر عيب ومخز إلا أنه أحرجها مع خاطب شقيقتها فأخبرت أباه الذي أطفأ عودي ثقاب في يده اليمنى وأخذ يمنعه من المراهقين الذين يلاعبونه أحيانًا أمام المنزل، ووالده يميل للنقد المنطقي والتعنيف كثيرًا، رغم أنه يروي لهم كثيرًا في الإسلاميات والقصص التي يحبونها.
إنه ضعيف المستوى وأحرز تحسنًا مؤخرًا، يكذب، وسبق أن سرق حلوى من البقال، وناقشناه بالمنطق والإقناع، إلا أنه احتال مرة أخرى على البقال في الحساب، فأصرت هي على والده بعقابه فضربه بعنف، وهو يضرب إخوته، وأناني، ولا يفصح عن رغباته، ولا يطلب المزيد من المال بينما يسعى للمزيد أحيانًا، كان والده يتابع علاقاته ويحاول الفرز بين الأعمار إلا أن أبناء عمته (ذكرت أن أقربهم يكبره بأكثر من 3 سنوات) سكنوا معهم، وحاول تشجيعه وتثقيفه بأن الرجل لا يلمس من عوراته وأن عليه فقط إخباره إذا حاول أحد ذلك، وأنها سرت كثيرًا عندما أخبرها بأن أحد المراهقين بالجوار حاول إغراءه، فأخبرت والده الذي شجعه وعاقب المراهق أمامه، وصدمت عندما وجدته في وضع فاضح مع أحد أقرانه من الجيران وحققت معه تحت التهديد بإخطار والده فأخبرها بأنه وابن عمته يتبادلان ذلك منذ ثلاث سنوات.
وعدتها باستشارة موقعكم الممتاز وهدأت من روعها بعد الاطلاع على استشاراتكم السابقة، ولكنها طلبت التركيز على: هل يمكن نسيان ذلك واعتباره مرحلة طفولية؟ وكيف تستطيع الاطمئنان على شقيقه (يصغره بثلاث سنوات) الذي يتأثر به ويلعب معه كثيرًا؟ وما هي وصفة العلاج؟ وهل فيه الجلد خاصة أنهما لا يزالان في تثقيفهما جنسيًّا بالحوار ولم يعاقباهما؟
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... العجيب في تعاملنا التربوي مع أطفالنا هذا التطرف في التعامل معهم؛ فنحرق يد طفل في الرابعة لا تدل تصرفاته على أي سلوك جنسي يستدعي هذا العقاب القاسي العنيف.. وعندما يصل الأمر في سن الحادية عشرة إلى علاقة شاذة متبادلة بينه وبين ابن عمته وفعل فاضح مع أحد أقرانه (حسب ما فهمناه من الرسالة) فإننا نتحدث عن التجاوز واعتبار ذلك جزءاً من مرحلة الطفولة وعدم العقاب والتثقيف الجنسي بالحوار.
وهي من المؤكد أمور صحيحة، ولكن في إطار منظومة تربوية متوازنة ومتكاملة وشاملة.. يكون فيها التثقيف الجنسي والحوار وعدم العقاب جزءاً من علاج واضح محدد لحالة ندرك أبعادها وليس نوعًا من الإنكار للمشكلة والبعد عن المواجهة الحقيقية لها.. إننا لو جمعنا حوادثه الأخيرة وهو في سن الحادية عشر، حيث إن حادثة الرابعة ليس لها أي دلالة بالنسبة لنا.. إذا جمعنا حوادثه الحالية فسنجد أن الأمر يتجاوز مرحلة الطفولة أو التثقيف الجنسي بالحوار، فبالرغم من قلة المعلومات المتاحة في الرسالة فإننا سنجد احتيالاً على البقال في الحساب، واستخدام العنف مع إخوته، وفعل الفاضح مع أقرانه، وتبادل علاقة شاذة مع ابن عمته والتي سنتعامل معها كسلوك شاذ أو خاطئ أكثر مما سنتعامل معها كسلوك جنسي، حيث لا توجد لدينا معلومات عن بلوغه من عدمه.. هذه المجموعة من السلوكيات تجعلنا في حالة قلق وتوجس من أننا بصدد حالة اضطراب سلوكي مما نسميه في الطب النفسي Conduct disorder.
ونحن نتحدث عن مشكلة سلوكية تحتاج إلى التقويم المنظم والمرتب عبر برامج لتعديل السلوك من خلال الطبيب النفسي والمراكز المتخصصة في علاج هذه الحالات التي تحتاج إلى فهم واضح من الأبوين لطبيعة المشكلة لأداء الدور المطلوب منهم في إنجاح هذه البرامج السلوكية ولتحمل المدة الزمنية الطويلة التي يحتاجها هذا العلاج.
إن الطبيب سيقوم في البداية بجمع المزيد من المعلومات حول سلوك الطفل في مدرسته ومع أقرانه ومستواه الدراسي وباقي أنماط سلوكه في البيت التي قد لا تثير اهتمامكم، ولكن لها دلالتها في تشخيص الحالة، وبعدها يصمم البرنامج السلوكي المناسب للتعامل مع الطفل وأسرته، وتقييم مدى التقدم في هذا البرنامج للحصول على النتائج المرجوة.. ما نود أن نقوله أن الأمر يحتاج منكم طلب المساعدة الخارجية فليس الحل هو كي اليد أو الجلد أو الحوار دون النظرة الشاملة المتكاملة للوصول إلى العلاج الصحيح بإذن الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/89)
طفل الثالثة عشر لم يبلغ!! ... العنوان
السلام عليكم.. مشكلة أخي أقضت مهجعي أنا ووالدتي، فالولد مولع بالصور الإباحية التي دلّه عليها أحد أصدقائه وابن عمته أيضًا، علمًا أننا عائلة محافظة ولا نملك دشًّا خوفًا من والدي عليه. أخي هو أصغرنا وجميعنا كبار المشكلة أنه كان يقوم بأعمال شاذة مع أبناء أخي الأطفال وأكبرهم في السابعة، وفتاة في الخامسة، وولد في الثالثة. اكتشافنا للأمر سبّب مشكلة عائلية كبيرة بيننا وبين أخي، ومنها اكتشفت أنه يتابع هذه المواقع لم أستطع منعه، فهناك المقاهي حولنا ولا يمكننا حبسه في البيت باستمرار.. تغيرت طباعه وصار مزعجًا ومشاكسًا مهملاً في دراسته إلى حد الضعف بعد أن كان متفوقًا في الابتدائية.
هو لا يتكلم مع أبي فأبي حاد المزاج وكبير في السن وكلما حاولت التقرب منه لأفهمه وأبعده عن هذا الطريق أجدني أعمل في دائرة مفرغة، فالتخويف لا يجدي معه وهو لم يَعُد صغيرًا مع أنه لم يبلغ بعد ماذا أفعل؟؟ أنا خائفة عليه أن ينجر إلى أمور لا تحمد عقباها.. هل نذهب به إلى طبيب نفسي أم أن نادي الكاراتيه والتحفيظ الذي أجبرناه على الذهاب إليهما يكفي؟ مع العلم أنه دائمًا يتملص ويكذب لا أريد أن يضيع الفتى من يدنا.. شكرًا لكم.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا كان أخوك في الثالثة عشر من عمره ومولع بالصور الإباحية ويقوم بأعمال شاذة مع أبناء الأخ بأعمارهم المختلفة.. كل ذلك وهو لم يبلغ بعد.. فأي تفسير يصلح لتصرفاته وسلوكياته؟.. وهل معلوماتك حول بلوغه صحيحة؟ وكيف عرفت ذلك؟.. على أي الأحوال سنتعامل مع المعلومة على أنها صحيحة، وبذلك نكون بصدد حالة انحراف سلوكي شديد CONDUCT DISCORDER؛ لأن الطفل الذي لم يبلغ ويفعل كل ذلك طفل غير سوي نفسيًّا.
إن المراهقة والبلوغ قد تفسر بعد تصرفاته ويظل تحرشه بأبناء الأخ أيضًا يحتاج على تدخل وتعامل سريع ومبكر قبل أن تتفاقم المسائل.
الخلاصة أن أخاك يحتاج إلى العرض على الطبيب النفسي للتعامل المبكر مع هذا الانحراف السلوكي الشديد من خلال برنامج سلوكي مكثف ومطول ويحتاج إلى التفهم الكامل من العائلة، ولا يصلح الإجبار على حفظ القرآن أو نادي الكاراتيه حلاًّ؛ لأنه يتعامل مع جزئية صغيرة من المشكلة ولا يتعامل معها بصورة شاملة.. حيث تحتاج هذه الحالة المرضية إلى برنامج متكامل يتعامل مع كافة جوانب حياته.. فالقرآن الإجباري أو الرياضة الإجبارية ربما يزيد تمرده ويزيد تصرفاته الخاطئة؛ لأنه يحتاج إلى برنامج سلوكي تدريجي مطول؛ لذا فالتفاهم بين الأسرة وبين الطبيب المعالج أمر مهم جدًّا؛ لأن الأسرة يكون لها دور في متابعة هذا البرنامج السلوكي والصبر عليه حتى لا يتعجلوا النتائج.
لذا فإن دورك سيكون في إقناع الأسرة أولاً بطبيعة مشكلة الأخ، ثم باحتياجه للعرض على الطبيب النفسي، ثم بمتابعة العلاج والمساعدة في تنفيذ هذا البرنامج الذي يحدده الطبيب، وفي الغالب ستكونين همزة الوصل الأساسية بين الأسرة والطبيب، وستكونين المدعم الأصلي لأخيك، ولكن تحت إشراف الطبيب المختص.. نرجو إفادتنا بالنتائج ومتابعة ماذا حدث حتى نكون معك لتقديم المساعدة والنصح اللازم في الوقت المناسب.
ــــــــــــــ(102/90)
الطفل الاعتراضي.. مشكلة تحتاج الحنان ... العنوان
تعاني ابنتي -سنتان- من حالات من البكاء الهستيري من دون سبب، كما أنها لا تتوقف عن البكاء سواء لبّيت رغبتها أم لا، وتقوم بإيذاء نفسها عن طريق ضرب رأسها بالحائط أو على الأرض، وتتحرك بقوة بحيث يصعب السيطرة عليها أثناء بكائها، رغم أنني ووالدها نتصف بالهدوء والصبر ولا نضربها على الإطلاق، وقد يستمر بكاؤها لساعات حتى تنهك قوانا.. الرجاء إبداء رأيكم أو ترشيح أحد للتكلم معه. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الكريمة أم عائشة بارك الله لك فيها.. ونسأل الله الكريم أن يخفف عنك وعن ابنتك ما وصفته بالمعاناة.. ولله الحمد أن رزقك وأباها الصبر والهدوء والحكمة في التعامل مع الابنة، وهي في أمسّ الحاجة لهذا الصبر وذاك الهدوء لتتحسن حالتها بحول الله تعالى.
عزيزتي.. إن حالة ابنتك ليست في حاجة لعلاج محدد قبل البحث عن أسبابها لعلاج هذه الأسباب؛ فهذا الصراخ عرض له أسباب، وقد يحتمل احتمالات ثلاثًا:
1- أن تكون ابنتك في حالة معاناة من ألم عضوي معين تعاني منه ويداهمها من حين لآخر؛ فيسبب لها كل تلك الآلام التي لا تستطيع التعبير عنها إلا بالصراخ، ويصبح الاستفسار عن كنه تلك الآلام بملاحظة أي مكان من جسدها تضغط عليه مثلاً أو يبدو عليها أنه يؤلمها، أو سؤالها إن كان يمكن أن تعبر ولو بكلمات بسيطة؛ فتسألينها: "هل بطنك واوا؟؟ هل رأسك توجعك؟؟ أين الواوا؟؟"، بحيث يمكن تتبع المكان الذي يؤلمها وإجراء ما يلزم من فحص وأشعات وتحاليل توضح سبب هذه الآلام.. فربما أن ما تفعله من ضرب رأسها تعبير عن شدة الألم وعدم قدرتكم على معاونتها أو التخفيف عنها.
ويمكنك الاطلاع علي هذا الرابط:
العصبية قد تكون مرضية
2- أن تكون لدى الحبيبة عائشة بعض المشكلات من الناحية المهارية، وهو ما يعيقها عن التواصل مع ما ومن حولها، فتهرع لهذا السلوك نتيجة شعورها بعدم القدرة على التعامل مع من حولها، وأعني بالناحية المهارية ما يجب أن يناسب سنها من مهارات ذهنية وحياتية واجتماعية وحركية وقدرتها على التفاهم مع المحيطين باللغة المنطوقة أو اللغة غير المنطوقة "تعبيرات والوجه وحركات العين"، وكذلك فهم المحيطين واستيعاب أوامرهم، ولا تظني أن التأخر في إحدى هذه المهارات يعني تخلفًا عقليًّا أو إعاقة أو أن الحكم على هذه المهارات يمكن بسهولة.
فالقدرات الحركية وحدها علم واسع ومتشعب، والحكم على قدرات الطفل الحركية فقط يحتاج تقييما دقيقا، وعلى نفس المستوى باقي المهارات والقدرات، وبالتالي فالطفلة في حاجة للعرض على طبيب متخصص في الطب النفسي للأطفال، أو طبيب أطفال متخصص في تطورات نمو الطفل ليقيم قدرات الطفلة بوضوح ويجري لها ما يسمى "تقييما ذهنيا نمويا"، وبناء عليه سيتم تحديد برنامج مناسب لتنمية أي قدرة غير مواكبة لعمر الطفلة لتتحسن حالتها، كذلك تحديد أسلوب مناسب للتعامل معها دون مطالبتها بما يفوق قدراتها واستطاعتها.
3- هناك حالة تسمى "حالة الطفل الاعتراضي"؛ ويتسم بها الطفل الذي يحب البكاء والصراخ والعناد وإثارة غضب والديه وفعل المشاغبات خارج وداخل المنزل واستفزاز المحيطين.. وهذا الطفل يحتاج للتعامل معه بهدوء وحنان شديدين مع تعلم:
- تقنيات الثواب والعقاب للتعامل معه بشكل سليم.
- تقنيات التعامل مع رفض الطفل للأوامر.
- إلمامكم قواعد إعطاء الأوامر.
وكلها أمور سنوافيك بخصوصها في نهاية الإجابة بعدد من الاستشارات السابقة التي تعطيك عنها فكرة كافية ونقاط وافية ومفيدة إن شاء الله، وذلك ليكون التعامل مع هذا الطفل بشكل سليم لا ينتج عنه تلك السلوكيات التي تطرأ على عائشة والتي قد تكون وفقًا لهذا الاحتمال ناتجة عن التعامل الخاطئ معها، فربما الهدوء معها زائد إلى درجة عدم التفاعل الذي يثير غضبها بشكل أكثر مثلاً، وربما هي في حاجة للتجاوب معها والكلام والمناقشات والخصام أحيانًا والمكافأة أحيانًا أخرى.. أو ربما هي في حاجة للقرب منك أكثر والالتصاق بك واكتشاف الحياة تحت رعايتك، وهكذا...
وأيًّا كان الاحتمال الصحيح فالطفلة في حاجة لزيارة طبيب نفسي أطفال أو طبيبة، وذلك لمناقشة ومتابعة تلك الاحتمالات والوقوف على سبب تلك الحالة بالتحديد، وإن كنت أميل لتبرير الأمر بالاحتمال الأخير، ولكن لا تنسي أن كل الاحتمالات في حاجة للتعامل مع الطفلة بشكل صحيح وسليم لتجاوز هذا الأمر بسلام إن شاء الله.
وأختم معك بقول العالم إديسون الذي يلقي الضوء الكبير على دور كل أم في صناعة أطفالها وحل مشكلاتهم؛ إذ يقول: "إن أمي هي التي صنعتني؛ لأنها كانت تحترمني وتثق في.. أشعرتني أني أهم شخص في الوجود.. فأصبح وجودي ضروريًّا من أجلها، وعاهدت نفسي ألا أخذلها كما لم تخذلني قط"، ولعل في تلك الجملة من المقترحات والأفكار للتعامل مع عائشة ما يغني عن كثير من الكلمات.
وأخيرًا أنا في انتظار المزيد من أخبار عائشة وتطوراتها ومدى فاعلية ما أوردناه من مقترحات للتعامل معها، كما يسعدني تلقي نتائج ما تتوصلين له بالعرض على الطبيب لعلني أستطيع مساعدتك أكثر وبشكل أدق.
ــــــــــــــ(102/91)
طفلتي سمينة فهل أحرمها مما تحب؟ ... العنوان
ابنتي في بداية عامها العاشر من عمرها، ومنذ بداية الفصل الدراسي الثاني وأنا ألحظ عليها بعض التغييرات، التي أعتبرها -من وجهة نظري- خطيرة، وهذه الصفات لم تكن موجودة فيها من قبل؛ حيث إنها منذ صغرها وهي تتصف بالصدق الشديد حتى ولو كانت ستعاقب.
أما الآن أجدها تكذب، وأجد بعض التأخر في مستوى الدراسة وحفظ القرآن؛ حيث إنها تحفظ 5 أجزاء من القرآن واشتكى منها المحفِّظ. أما الشيء الذي آلمني ووالدها كثيرًا هو أني وجدتها تخفى في ملابسها علبة ألوان خشبية زهيدة الثمن عندما كنا في السوبر ماركت، علما بأن لديها 4 علب من الألوان من كافة الأنواع، ولم تستخدمها حتى الآن، فلا أعرف ما الدافع وراء هذا التصرف؟!!
كما أننا -والحمد لله- لم نحرمها من شيء، ونتعامل معها وأخواتها بنوع من التوازن الذي أمر به الله عز وجل، لكنها دائما تقارن نفسها بالمسرفين من أصدقائها، الذي يعطَون نقودًا بلا حساب، فهل أعطي ابنتي الكثير من الأموال حتى لا تشعر بالنقص أمام صديقاتها، ويعم الخطأ، أم أتمسك بما نحن عليه معها في جانب المصاريف؟
علما بأن ابنتي كانت تعيب على إحدى صديقاتها أنها تكذب، وكانت تقول لي: يا أمي صاحبتي تكذب، وتقول: إن الكذب ينجي، وأنا أقول لها: الصدق هو النجاة، ثم يتبدل حالها بهذا الشكل؟!! الحمد لله على كل حال.
بكيت بشدة أمامها عندما فعلت هذا الفعل، ولم أدرِ ماذا أفعل معها، وأحسست بخيبة أمل في تربيتها، وأن أحلامي في تربية أولادي قد باءت بالفشل. وأنا ووالدها -والحمد لله- نخاف الله كثيرًا، ونتحرى الحلال والحرام في كل شيء، وليست لدينا أي مشاكل عائلية أو اجتماعية.
وأحب أن أضيف بعض المعلومات عن ابنتي؛ فهي سمينة، ووزنها الآن 50 كيلو جرامًا، وحاولت أن أقنعها أن تقلل من أكل الحلويات والنشويات وهي تحبها جدا. ولها أخوان صغيران -حيث إنها الكبيرة- نحيفان، فتجدني أمنعها من تناول بعض الأطعمة التي تحبها، وأطعم الصغيرين أكثر منها، فهل سبب لها هذا نوعًا من الإحساس بالحرمان، علما بأن ابنتي جميلة ومتكلمة ومقبولة من الجميع والحمد لله.
... السؤال
الكذب والسرقة ... الموضوع
أ.د وائل ابوهندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة: أهلا وسهلا بك على صفحتكم (معا نربي أبناءنا)، وشكرا على ثقتك. في الحقيقة سطورك الإلكترونية كانت رائعةً في وصف مشاعرك المعبرة عن صدمتك في ابنتك، ولكنك في غمرة انفعالك الواضح هذا أعطيتنا كمية من المعلومات تأخذنا في اتجاهين تحليليين لتفسير الظاهرة، التي لا نراها محصورةً في قيام طفلة في العاشرة باختلاس إحدى علب الألوان الرخيصة الملقاة على رف أحد المحلات الكبيرة المسماة بالسوبر ماركت، فواقع الأمر ينحصر في احتمالين:
الأول: هو أننا نتحدث عن طفلة تبدأ سنوات المراهقة أو هي على أعتابها، وقد بدأت تختلف عما كانت، ظاهرا وباطنا. وتغيرات المراهقة معروفة، ومعروف أيضًا أن الطفل المراهق يعاني -ضمن ما يعاني- من ضعف في ضبط اندفاعاته، والخطأ احتمال وارد. ومن ضمن ما قد تجدينه: الكذب، وقد تجدين إهمال الدراسة، وقد تجدين التهاون في الالتزام بحفظ القرآن الكريم، وقد يكونُ كل ذلك التغير تعبيرًا عن صيحة (أنا هنا)، ولي ذات مستقلة وأفكار مستقلة وآراء مستقلة، وأختلف عنك يا أمي، كما أنني ضقت ذرعا بفعل ما تريدونه أنتم، أريد أن أفعل ما أريده أنا!
ولمزيد من الفهم لهذه المرحلة يمكنك الاطلاع على:
ملف المراهقة وخصائصها
وأيضا -وفي الوقت نفسه- قد تجدين الفشل في كبت اندفاعة لسرقة شيء من أحد المحلات، وكثيرا ما يبدو المسروق تافها، مقارنة بما يستطيع المراهق الحصول عليه من أبويه الكريمين اللذين لم يقصرا معه، ولم يحرماه من الحنان ولا الرعاية ولا من المال. وفي هذه الحالة أقول لك: إن ابنتك تحتاج إلى أن تتفهمي أنها تتغير وتتبدل، وتمر بمرحلة يحاصرها فيها صراع التحكم في النزوة في مقابل الانفلات بالاستجابة لها، وسيكون كل ذلك عابرا.
وأما الاحتمال الآخر: فهو أن ما يحدث قد يكون إرهاصا لاضطراب التصرف Conduct Disorder، سرقة.. وكذب.. تأخر دراسي.. تقاعس عن الالتزام السابق بمعايير الأسرة التي تربت عليها، وتذمرٌ وانفلات في التحكم في النزوات. وهذا ما لا نستطيع التكهن به في حدود ما ورد في إفادتك؛ لأن المسألة كلها لا تزيد عن شهور ثلاثة حسب قولك. وليس عندنا ما يشير إلى فشلها المتكرر في كبح نزواتها، إلا فيما ذكرت -وربما نظلمها لو قررنا الاعتماد عليه- من انفلاتها في كبح نزواتها تجاه الأكل؛ خاصة أنكِ منعتها من الأطعمة التي تحب، وعرضتها لشكل من أشكال الحمية المنحفة، وهذا في الغالب يفشل على المدى الطويل، فضلا عن كونها في سن البلوغ يرحمك الله، ولا يصح إلا أن نعلمها السلوكيات السليمة تجاه الأكل، ونحضها على ممارسة التريض.
كما أن فعل السرقة لم يحدث غير مرة، ومن سوبر ماركت، يصدق عليه القول (بأن المال السائب يعلم السرقة)، أي أننا نحسن الظن بالله ولا نعتبر الأمر أكثر من أعراض قد توجد بشكل أكثر وضوحًا واستمرارية فيما نسميه (اضطراب التصرف في الأطفال).
لم تذكري طبعًا كيف تصرفتِ أنتِ ووالدها في ذلك الموقف، لكنك كلمتنا عن صدمتك أنت ووالدها فيما حدث، ورحت تنزلقين من تفكير سيئ إلى آخر أسوأ!! ولا ندري ماذا فعلت مع البنت. ورحت تصفين لنا بكاءك وخيبة أملك، ثم أظهرت لنا كيف تحاربين ما ترينه سمنة فيها، ولا ندري هل هو حقا سمنة أم الزيادة اللازمة في الوزن قبل البلوغ؛ خاصة ونحن لا ندري طولها؟ ثم تخوفت من أن يكون حرمانك لها من الأغذية التي تحبها وإطعامك أخويها بكثرة لأنهما نحيفان كما قلت. ما معنى ذلك؟ هل تتعمدين إغاظتها أو كسر نفسها؟
أنا بالطبع لا أستطيع إرجاع حادثة السوبر ماركت هذه لطريقتك في التعامل، لكنني أرجو أن تقرئي جيدا عن فترة المراهقة، وأن تعرفي أن الحمية المنحفة في هذه الفترة قد تكون جريمة بحق، وأحيلك بعد ذلك إلى الروابط التالية:
كيف أواجه مراهقة ابنتي
تأرجح الوزن ونوبات الدقر (الأكل الشره)
"الإنجاز يعين على الإنجاز" متابعة تأرجح الوزن
اضطراب نوبات الدقر (الأكل الشره)
وعلى صفحة مشاكل وحلول للشباب يمكنك أيضًا أن تقرئي:
"أسطورة الريجيم".. ووهم "فتاة الغلاف"
الساذج والسائد: ما الرجيم إلا أسطورة كبيرة!!.. مشاركة
مفاهيم خاطئة عن الأكل والجسد!
وننصحك أيضًا بقراءة المقالات التالية على موقع مجانين نقطة كوم:
أكذوبة كبيرة اسمها الحمية المنحفة
تأرجح الوزن
أكذوبة الوزن المثالي
رؤية المرأة لجسدها من منظور اجتماعي
وكذلك مراجعة الحوارين الحيين التاليين على إسلام أون لاين:
رحلة البلوغ.. كيف نجعلها متعة؟ للزميل الدكتور عمرو أبو خليل
الحمية والرشاقة.. الأبعاد النفسية. لمجيبك
وأرجو أن تحاولي تغيير طريقة تفكيرك فيما يتعلق بابنتك، وأن تجعلي احتواءك لها وإعانتك لها على مواجهة صراعات المراهقة سبيلا للمرور بسلام في تلك المرحلة، وأهلا بك دائما على صفحة (معا نربي أبناءنا).
ــــــــــــــ(102/92)
الأطفال الملائكة في سماء التوقعات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا أم لطفل عمره 5سنوات الحمد لله بشهادة مدرسيه ومن حولنا أنه على قدر كبير من القبول لدى الناس والذكاء، ولكن مشكلتي إني أصبحت شديدة العصبية عليه؛ وذلك لأني لا أريده أن يقتبس تصرفات من بعض المعارف المقربين، ولا أعرف كيف أثنيه عن اقتباس أي تصرف خاطئ منهم وهو يحبهم جدًّا، بالإضافة أنني أشعر أحيانًا بسبب كبره عن سنه في التفكير بالقياس عمن حوله أني أتجاهل عمره الحقيقي، وأتوقع منه في كل شيء التفكير والتصرف الصحيح.. أرجو أن تفيدوني ما هو الحل في الحالتين؟ بالإضافة إلى سؤال عما هي طرق التعامل مع الأطفال في سن السبع سنوات الأولى من ناحية المداعبة والحزم؟ وإن كان هناك كتب في ذلك أرجو ذكرها لي، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لن يعيش أطفالنا في حضانات خاصة بعيدًا عن الناس وعن المؤثرات؛ لأنه لو حدث ذلك وتمكنا منه وهم أطفال.. فهل سنمنعهم من ممارسة الحياة وهم كبار فيواجهونها من غير تجارب أو تفاعل؟
إن اختلاط الأطفال بالآخرين هو الأفضل تربويًّا لهم؛ لأنه يدربهم على مواجهة الحياة بكل ما فيها.. إنهم يتعلمون كيف يتكيفون مع من يختلف معهم، ويتعلمون كيف يتصرفون في المواقف المختلفة، ويتعلمون كيف يميزون الخطأ من الصواب.. إنهم إن لم يعرفوا الخطأ فإنهم لن يدركوا قيمة الصواب.
إن ما يتعلمه الطفل عندما يقع في الخطأ لن ينساه أبدًا؛ لأنه يتعلمه من خلال العاقبة التي استوعبها ونحن نعلمه، سيخطئ أطفالنا ونصوب لهم أخطاءهم ما كانوا هم أطفالاً وما كنا نحن آباء نوجه ونرشد.. إنهم من جنس البشر مثلنا تمامًا فهل نحن قد امتنعنا عن الخطأ رغم أننا نعرف الصواب، ولكننا نقع في الخطأ ثم نصوب مسارنا وهو سلوك تعلمناه منذ كنا أطفالاً وجهنا آباؤنا لتصويب الخطأ، فتعلمنا أن الخطأ هو جزء من صفاتنا كبشر وأن علاجه هو أن نصوبه، ولن يوجد طفل لا يخطئ لأنه لا يوجد بشر لا يخطئ فما بالنا وهم بشر صغار ما زالوا يتحسسون طريقهم في عالمنا.. دورنا أن نصوبهم ونعلمهم حين يخطئون؛ لأننا لن نستطيع أن نمنعهم من الخطأ أو اقتباسه أو تقليده، فالأطفال الملائكة لا يعيشون على الأرض هذا هو الذي يحل المشكلتين.. فإدراكك أن طفلك من البشر وأنه طفل يخطئ؛ لأنه طفل أولاً ولأنه بشر ثانيًا. سيجعلك تتوقعين منه المطلوب منه في حدود قدراته وطاقاته وليس في حدود أحلامك وتصوراتك.
الذكاء والقدرات العقلية أيضًا لا تعني ألا يقع الطفل في الخطأ؛ لأن الأمر له علاقة بالخبرات وتراكمها وتدرج نمو القدرات الخاصة بالطفل، فتعاملي مع طفلك كما هو ولا تتصوريه ملاكًا لا يخطئ أو عبقريًّا صاحب قدرات تتجاوز خبرات البشر فهو يحتاج لأن يعيش حياة طبيعية تؤدي به على حالة نفسية سوية ونمو متدرج مثل أقرانه.. ولا غناء عن اختلاطه بمن حوله؛ لأنه سيعيش في المجتمع ولن يعيش في عالم من صنعك.
ــــــــــــــ(102/93)
بين الضرب والصبر خيارات أخرى.. (متابعة) ... العنوان
السلام عليكم أنا صاحب سؤال سابق بعنوان بين الضرب والصبر خيارات أخرى..المشكلة أننا الآن نعاني كثيرا بشكل أشد من الأول، وقد تأثرت نفسيتنا بشكل كبير جدا من تعامله معنا؛ فولدنا يتعامل بإحدى طريقتين هما: إما العض أو الخربشة، وذلك سواء في السرور أو الغضب، ولاحظنا أنه بعد الخربشة أو العض عندما يجدنا نغضب منه يطلب منا في نفس اللحظة أن يعطينا قبلة وبشكل ملح، وحاولنا مرارا أن نبين له أن هذه الأفعال خطأ دون أن يفرق ذلك معه.
والمشكلة أننا في معاناة حقيقية أثرت في نفسيتنا، إضافة إلى أنه يعمل شيئا غريبا، وهو يأتي إليك بطريقة مكيرة لا أدري من أين جاء بها، ويلطمك على وجهك بشكل فجائي. وأؤكد أنني لا أدري من أين يأتي بهذه الأفعال؟ وأؤكد أنها ليست طبعا فينا لا أنا ولا والدته، وأضيف أيضا أنه يمل بسرعة من ألعابه.
حقيقة تعبنا جدا، ونريد حلا يرحم أعصابنا، ولا أريد أن أقول: إن ولدي ليس له مزايا؛ فهو ولله الحمد ذكي ولماح، وقد نطق في سن صغيرة، إلى جانب حفظه للأعداد في سن أقل من سنتين، وحفظ حركاتنا ويقرأ الفاتحة على طريقته وهكذا، ويحب النظر لنفسه في المرآة عند تمشيط شعره أو لبس ملابس جديدة أو عند الخروج، وأيضا هو محب للتشجيع المستمر، وخاصة عندما يرقص على الأناشيد أو الأغاني أو مع حلقات التليتبيز، لكن تعَبنا كله من عنفه معنا، والضرب الفجائي الذي تعب أعصابنا.. فهل هناك حل؟ وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل، ومرحبا بك وبولدك.. بارك الله لك فيه.. واسمح لي أن أسجل إعجابي به وبمكره وذكائه رغم ضيقك أنت من هذا المكر فهو دليل نجابة، واسأل الله أن يكون كعمر بن الخطاب الذي كان يقول عن نفسه: "لست بالخب (الماكر اللئيم)، ولا الخب يخدعني".
سيدي الفاضل أنا أشعر جيدا بضيقك من هذه التصرفات التي غالبا ما تشعرك بالعجز؛ فلا أنت تريد إيذاء طفلك ولا الألم يروق لك، ولكن أعود فأؤكد على ما نصحتك به د.منى البصيلي في إجابتها السابقة على محاولة منع هذه التصرفات قبل حدوثها بالتيقظ لحركات طفلك النابه -بارك الله فيه- ومحاولة الإمساك بيديه مثلا قبل الضرب ثم تقبيلها، وطلب قبلة منه على جبين "بابا" أو "ماما" مع احتضان جميل يخرج انفعاله وشحنته في شكل عاطفة وحب وحنان بدلا من العنف؛ فلا شك أن تلك التصرفات دليل دامغ على طاقة زائدة لدى الطفل لا تجد ما تصرف فيه.
ولأنك أكدت أنك ووالدته لا تستخدمان العنف معه ولا أمامه فلن أطرح احتمال أن تكون تلك التصرفات محاكاة لأسلوبكما معه أو أمامه؛ فتلك نقطة منتهية، ولكنه كذكر يملك طاقة عالية وشيئا من الخشونة.. قد تترجم في مثل تلك التصرفات، والأمثل محاولة استيعابها في مجالات أخرى أكثر إفادة له.
ورغم أن عبد الرحمن لم يتعد العامين فإنه يمكن أن يمارس الرياضة، حقيقي أنه قد لا يتمكن من الالتحاق بفريق بشكل نظامي، لكنه يمكن أن يخرج في أماكن مفتوحة بشكل منتظم (كل يومين أو أسبوعيا على الأكثر) فيجري كثيرا ويلعب بالكرة يركلها ويضربها وينط ويقفز وأنت معه تلاحظه أو تشاركه أو تنظمه مع بعض الأصدقاء في مباراة تستخرج طاقته، ثم يقود دراجته.. وهكذا.. أما داخل المنزل فهو في حاجة لنفس الشيء.. للقفز والنط واللعب في مكان يمكن تخصيصه لذلك، وإهداؤه حبلا للنط أو مرتبة إسفنجية يقوم بالنط عليها.. أو تخصيص حائط يقذف إليه الكرة فيعيدها له، ويمكنك تعليمه ذلك؛ فتخرج طاقته بما يفيده ويشغله ويسعده، ولا يكون في حاجة لإيذائك أو والدته.
كما أن التحاقه بحضانة أضحى أمرا هاما ليكون علاقات، ويصادق الأطفال، ويتعود العمل الجماعي والنظام وغيرها مما يساهم في رفع مستواه واستغلال ذكائه، وفي نفس الوقت يستثمر فراغه ويشغله.. فتزول تلقائيا تلك التصرفات والممارسات التي يبتكر فيها كل يوم؛ لأنه لا يجد غيرها لتجديد ركود يومه ورتابة فعاليات حياته التي تخنق طاقته غير المحدودة.
آخر شيء أنصحك به هو ما أفادتنا به الدكتورة إيمان السيد (مستشارة الصفحة، وهي متخصصة في الطب النفسي للأطفال)، وقد أشارت بضرورة إجراء رسم مخ للطفل لقياس الكهرباء التي تشك أنه قد تعلو عن الطبيعي، وهي ما تسبب له هذه التصرفات، وحينها يصبح سبيل العلاج واضحا لتقليل هذه الآثار تماما لتلك الكهرباء.. كما أنها تحبذ عرض الطفل على طبيب نفسي أطفال للاطمئنان على حالته بشكل عام.
كما زادت على ذلك احتمال وجود مرض ما لدى الطفل يعد إصابة الأطفال في عمر طفلك به ممكنا من الناحية النظرية، ولكن من الناحية الإكلينيكية والعملية لم ترد منه حالات كثيرة أو متكررة، وهو مرض يشبه الهاتف أو الوسواس الذي يدفع الطفل لفعل شيء بشكل اندفاعي فجائي، ثم يعود ويندم ويتراجع، ويحاول استرضاء من حوله عما فعل كما يفعل عبد الرحمن بتقبيلك أنت ووالدته ومحاولته الاعتذار..
ولا تنس أنه مجرد احتمال فقط قد يكون وقوعه بعيدا وإن كان واردا.. لكن الأمانة تحتم أن نورد لك كل ما يمكن أن يفيد في حالة ابنك..
والخلاصة أنه لا بد من عرض الطفل على طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال.. وذلك للاطمئنان.. وإلى هنا ينتهي كلام الدكتورة إيمان.
وفي الختام: لا بد أن تثق أن حالة طفلك موجودة في كثير من البيوت وأولها بيتي؛ فغالبية الأطفال الذكور في سن طفلك يفعلون هذه التصرفات من ضرب وعض وقرص وصفع، والغريب أنهم قد يفعلونها وهما منهم أنك ستفرح بما يفعلون، وظنا أنهم يستعرضون مهاراتهم وقدراتهم، ولعل هذا ما يبرر محاولة الطفل استرضاءك حينما يجد أنه لم ينل إعجابك على ما فعل، لكنه يظل يعاود، ويحاول أن يعجبك في المرة التالية بصفعة أكثر مكرا.. وعليه فهو في حاجة لأن توجد له البديل -كما أوردنا- الذي ينال إعجابك به، والذي يفسح أمامه المجال لاستعراض قدراته أمامك أنت ووالدته بلا إيذاء لكما.
وفي انتظار متابعتك لنا بنتائج تطبيق تلك المقترحات، وموافاتك لنا بتطورات عبد الرحمن وآخر أخباره .. ونتمنى أن تكون أخبارك كلها سعيدة.
لمزيد من التفاصيل يمكنك مراجعة ما يلي:
بالنسبة لاختيار الحضانة حاول الاستفادة من:
أم نحكوش تختار الحضانة
بالنسبة لأنشطة يمكن أن يمارسها طفلك داخل المنزل :
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته
فن تنمية الذكاء
خرافة المخ الصغير
بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
ــــــــــــــ(102/94)
بين الانحراف الجنسي والمرض العقلي ... العنوان
السلام عليكم.. منذ حوالي شهر بدأت أخلاق أخي 13 سنة تتغير إلى شيء سيئ، وهو الميل إلى جمع صور الأطفال من الإنترنت وصور فاضحة، فقلت لعله يقف عند هذا الحد، لكنه من خلال زياراته بدأ يتحول إلى ممارس معهم، والأمر الأخير أنه لا ينام إلا بوضع "ببرونة" في فمه كالأطفال. إني لأبكي حال أخي فهل هذا تعب عقلي؟ ماذا أفعل؟
ملحوظة: هو لم يشعر أني أعرف كل هذه الأشياء. المشكلة كبيرة وأنا لا أعلم ماذا أفعل، أخبر والدي أم أصمت؟ وأترك الأمور تمر بدون شيء أنا في حيرة بارك الله فيكم.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بداية نشكر لك اهتمامك بأخيك، ونشكر لك ملاحظتك الجيدة التي جعلتك تبعثين في طلب الاستشارة؛ لأن ما لاحظته فعلاً خطير ويحتاج إلى التدخل من كل الأطراف.. نحتاج إلى مزيد من المعلومات حول باقي جوانب حياة أخيك وسلوكياته حتى نستطيع أن نحسم التشخيص، ولكننا بصدد أمر خطير أقله هو الانحراف الجنسي، خاصة أن أخاك في بداية سن المراهقة حيث تكون الذاتية الجنسية مشوشة، ويكون عرضة لأي من أنواع الانحراف الجنسي إذا تعرض لمسبباته والتي من أهمها.. التعرض لخبرات جنسية منحرفة مثل أن يطلع على مواقع جنسية لممارسة الجنس مع الأطفال مثلاً مثلما حدث مع أخيك.
ولأنه في هذه المرحلة يكون ما زال في طور حسم هويته الجنسية فإن تعرضه لهذه الخبرة يجعله يعتادها وتصبح هي المفضلة لديه؛ لأنه لم يتعرف أو يعرف الخبرات الصحيحة، وتنتهي الاحتمالات باحتمالات بداية الإصابة بمرض عقلي، حيث يبدو نومه بالببرونة نموذجًا للسلوكيات الشاذة التي تميز هذا المرض.
الخلاصة أننا بصدد طيف من الاحتمالات التي لا يستطيع حسمها إلا الطبيب النفسي من خلال المقابلة الإكلينيكية المباشرة، حيث يطرح عليه وعلى الأسرة المزيد من استفسارات التي تحسم التشخيص.. حيث إن اضطراب جوانب أخرى في شخصية الأخ ستجعل احتمال بدايات المرض العقلي هي الأرجح، في حين أن أمر الاضطراب لو اقتصر على جانب الذاتية الجنسية فسيكون الانحراف الجنسي هو الأقرب، على كل الأحوال لن يحسم ذلك إلا الطبيب بعد الفحص النفسي والعقلي الكامل للأخ.
لذا فإن إخبار الأب بهدوء ومن خلال المدخل المرضي يعني ألا يقدم له الأمر على أنه اكتشاف لانحراف سلوكي يتطلب ردود أفعال تربوية، بل يقدم الأمر على أننا بصدد احتمالات مرضية تحتاج للعرض على الطبيب النفسي، ولا مانع من أن تطلعيه على رسالتك إلينا وردنا عليها حتى يستطيع استيعاب الموقف ويتعامل معه بما يناسبه بما لا يؤدي إلى تفاقم المشكلة أو الدخول في فرعيات لا تحل الأزمة الأصلية، ونرجو أن تتابعينا بالأخبار وبما يتوصل إليه الطبيب من تشخيص، والمزيد من التفاصيل حول باقي جوانب حياة أخيك، ونحن معك.
ولمزيد من المعلومات يمكنك متابعة:
ثورة المراهقة.. خصائص ومشكلات
رحلة البلوغ كيف نجعلها متعة
ــــــــــــــ(102/95)
عندما يغير الطفل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وجزاكم الله خيرًا على ما تقومون به لخدمة الإسلام والمسلمين، وبعد.. أنا أم لطفلين محمد -5 سنوات- وعبد الرحمن -10 شهور- محمد طفل يحب أخيه جدًّا ويحب أن يلعب معه كثيرًا، ولكنه في نفس الوقت يشعر بالغيرة، وفي بعض الأوقات يأخذ اللعبة التي مع عبدُه، ويقول هذه لعبتي ولكن إذا قلت له برفق: حرام يا حمادة ده صغير فإنه يصعب عليه ويتركها له ويقبله، ودائمًا يطلب مني أن أطعمه مثل عبد الرحمن وألبسه مثله، وهكذا مع العلم أن محمدًا كان من النوع المستقل الذي يحب أن يفعل كل شيء بنفسه منذ أن كان صغيرًا جدًّا، وأنا وأبوه نهتم به كثيرًا ونقبله ونحضنه كثيرًا وبخاصة بعد ولادة عبده.
والمشكلة أن محمد في سن العناد الشديد وهو أيضًا شقي جدًّا وذكي جدًّا، وبالتالي يفعل أشياء كثيرة يستحق العقاب عليها، ولكننا نختار القليل منها الذي نعاقبه عليه وإلا أصبح معاقبًا طول الوقت -نحن لا نستخدم الضرب كعقوبة بل الـ time-out أو الحرمان من شيء يحبه لفترة معينة-، ولكنه أصبح حساسًا من أي عقوبة، وقد يقول لنا إنه لا يحبنا أو أننا نظلمه. ما أريد أن أعرفه هو ماذا نفعل لتخطي مرحلة الغيرة هذه دون أن يتأثر أي من الطفلين سلبيًّا؟
ملحوظة: كثيرًا ما أفقد أعصابي وصوتي يعلو جدًّا، ولا أعرف ماذا أفعل لتلافي ذلك.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الغيرة شعور طبيعي بين الأطفال وهو نابع من رغبتهم في الاستحواذ على أكبر قدر من اهتمام الوالدين؛ ولذلك فإن تعاملنا مع غيرة لا يكون بالرفض المباشر للسلوكيات الناجمة عنها أو نهر الطفل عليها، فهذا يزيد من شعوره بالغيرة؛ لأنه يشعر أن أخاه لم يحظَ فقط باهتمام الأهل، بل إنه تسبب في عقابه أو رفض سلوكه؛ لذا فإن الحل الصحيح للغيرة للتقليل منها هو توصيل رسالة تقول "أحبكم جميعًا".
بمعنى أن الطفل يفهم رسالة الحب بصورة عملية. فالسلوكيات والتصرفات عنده تترجم كما يحسها ويفهمها هو وليس كما نتصور أنها تصل إليه، بمعنى أنه في اللحظة التي تكون الأم مهتمة بالطفل الجديد بحكم الواقع فهي ترضعه مثلاً أو تغير له ملابسه، فيجب إما أن تدخل الطفل الأول في دائرة الاهتمام بدعوته للمشاركة في رعاية أخيه فيشع أن هذا الأخ ليس منافسًا، بل إنه والأم يشتركان في رعايته وهذا يرضيه؛ لأنه يشعر بأنه في دائرة اهتمام الأم ونظرها.. وإما لو كان الأب موجودًا أو يسمح وقته وجهده برعاية متوازية بأن يكون في حالة لعب أو حوار مع لطفل الأولى يجعل انتباهه مصروفًا إلى اهتمام أبيه أو جدته به... فإن هذه الطريقة سواء بجعله يهتم بأخيه أو يحصل على اهتمام مكافئ لحظة الاهتمام بالأخ الآخر هذا يؤدي إلى تقليل مشاعر الغيرة إلى حد كبير.
وهذا لا يعني انعدام الغيرة تمامًا فستأتي لحظات تقاطع في التعامل مع الطفلين تحتاج إلى الحكمة والذكاء، فالدعوة للعب المشترك بين الأخوين أفضل من دعوته لترك لعبة لأخيه الصغير لأنه كبير، حيث بعد حين سيكره وصفه بالكبير؛ لأنه يشعره بفقدانه لبعض مميزاته؛ لذا فالمكافأة المشتركة والمتساوية حتى في اللفتة والهمسة والقبلة واللمسة والكلمة أفضل من العناية المنفصلة؛ لأنها ترضي الطفل وتشعره بالمساواة، ولعبة الحب والظلم التي يلعبها كثير من الأطفال يجب أن نتعامل معها بحكمة مع حسم.
بمعنى أن الطفل يُدعى شعوره بالظلم أو كراهيتنا عندما يجد نفسه عرضة للعقوبة أو في حالة رفض أحد مطالبه، فالحل في هذه الحالة هو وجود قواعد ثابتة للثواب والعقاب نصبح قادرين معها على رفض هذه الكلمات عندما يتفوه بها فهو عندما يقول أكرهكم أو أنتم تظلمونني نذكره بالقاعدة التربوية المتفق عليها... فإذا قال ذلك لأننا لم نعطه الحلوى التي طلبها نقول له القاعدة تقول لا حلوى إلا بعد الغداء وأنت لم تتغد بعد والذي حصل على الحلوى قبل الغذاء يعاقب بعدم حصوله على الحلوى في اليوم التالي، ومن يتغدى جيدًا يحصل على حلواه... هذا نموذج للقاعدة الصحيحة الواضحة المحددة التي تحتوى على الثواب والعقاب وهي معروفة مسبقًا ومتفق عليها؛ ولذا فإنه عندما يحاول كسر القاعدة نذكره بها، وبالتالي لا يجد سبيلاً لاتهامنا بالظلم ونرفض تمامًا أن يتكلم بذلك؛ لأننا نتعامل مع القاعدة بذلك يشعر الطفل بالمساواة والعدل ويقل الاحتكاك والصراع معه وتقل أسباب الغيرة وأسباب العقاب.
تعلو أصواتنا ونفقد أعصابنا عندما نتعامل بالقطعة كما أقول في مسائل التربية.. أي نكون في حالة صراع دائم مع أطفالنا يفقدنا طاقتنا النفسية، وبالتالي نصل إلى حالة الانهيار في حين أن ما ذكرناه سابقًا من وجود قواعد ثابتة تطبق في كل الأوقات بدون استثناءات يعرفها أطفالنا مسبقًا متفق عليها يقلل من الاحتكاك، وبالتالي يصبح لدينا فرحة لالتقاط الأنفاس بدون أن نستهلك في هذا الصراع اليومي، وأن ندرك أنهم في النهاية أطفال سيخطئون وسيكررون الخطأ؛ لأنهم بشر صغار وليسوا ملائكة. وأن دورنا أن نعلمهم ونوجههم بهدوء... وأن الحوار والتفاهم سيكون مفيدًا للطرفين... هم حتى يتعلموا ما نريده؛ لأنهم سيكونون أكثر استعداد للفهم مع الهدوء، ونحن لأننا سنكون أقدر على توصيل ما نريد.
ولنتذكر أنه إذا علا صوتنا اليوم فسيعلو صوتهم غدًا، ولن نجد سببًا لرفض هذا السلوك الذي نفعله معهم.. فهم مرآة لتصرفاتنا.. فمن أراد أن يرى خيرًا فليحسن مرآته ونرجو أن تراجعي مشاكلنا السابقة:
علاج الغيرة برضعات الحنان.. متابعة 2
الوعي بالغيرة أول العلاج
مرحبا طفلي الثاني
ــــــــــــــ(102/96)
خطوات سريعة لعلاج الإخفاقات الدراسية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد اطلاعي على العديد من الاستشارات المتوفرة على هذا الموقع والردود الشافية الوافية والاهتمام الذي تلاقيه الاستشارات قررت الكتابة لكم.
ابني الأكبر عمره 9 سنوات، كان منذ ولادته يخاف الأصوات العالية مثل الأذان، جرس الباب وما شابه، وعندما كبر كان لا يفضل أن يلعب في الأماكن العامة إلا على لعبة لا يوجد عليها أطفال، وكان من السهولة أن يتنازل عن دوره لطفل آخر؛ وهذا ما كان يزيد من خوفي، وأنا بالطبع عصبية؛ فربما انفعالاتي كان لها تأثير على شخصيته.
وبعد أن دخل المدرسة في الصف الأول كانت مدرسته قاسية جدا، وبالفعل هو لم يكن يتجاوب معها وكانت إجاباته دائما عكسية، ومن شدة التعليقات التي كانت ترسلها لي على دفاتره وواجباته (مثل ابنك أسوأ واحد في الفصل، لا يتطور، لا يستطيع التفريق بين كذا وكذا إلخ) كنت أغضب وأصرخ فيه وأضربه أحيانا، إلى أن انتهى العام الدراسي ونقلته إلى مدرسة أخرى لاقى اهتماما كبيرا، وأصبح عكس ما كانت تقول عنه هذه المعلمة، وأصبح يشارك في الفصل ويتكلم في الإذاعة المدرسية ولديه أصدقاء.
لكن هناك شيئا يقلقني بين الحين والآخر؛ فذكاؤه أعلى من المتوسط، وعندما يدرس للامتحان يكون حفظه وفهمه للأشياء ممتازا ولكن نتيجة الامتحان تكون غالبا عكسية ويخطئ في أشياء تافهة، وإذا أعدت عليه السؤال الذي أخطأ فيه في البيت يجيب إجابة صحيحة، علاوة على أنه ينقل ملاحظات المعلمة خطأ، فإذا سألته: من أي صفحة الامتحان يقول لك لا أدري ربما صفحة 53 أو 35، دائما "ملخبط".
مدرسة الرياضات تقول لا أستطيع أن أقومه هل هو طفل ذكي أم غبي، أحيانا يجيب إجابات ذكية جدا وأحيانا يحصل على صفر في الامتحان، فمثلاً إذا سألته في البيت سؤالا في أحد دروسه وبالأخص الرياضيات وأجاب إجابة ما، فإذا لم أعقب على الإجابة فورا بأنها صحيحة أم لا يغيرها فورا، مع أنها ربما تكون صحيحة.
قياسا مع مشاركته في الصف وفهمه للدروس يجب أن يكون أفضل من الكثيرين في الفصل، لكن هناك عددا من الأولاد أدنى من مستواه ويحصلون على درجات أعلى منه.
صفاته الشخصية مهذب وخلوق جدا يطبق تعاليم إسلامية من غير أن يطلب منه أحد، عصبي جدا ويستفز بسرعة، كسول على صعيد الحركة والرياضة، يفضل دائما الجلوس أمام التلفاز والكمبيوتر بدلا من الحركة. مع خالص شكري وتحياتي.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نشكرك -سيدتي- لحسن ظنك بنا، وندعو الله تعالى أن يوفقنا للرد على رسالتك بما يعينك على حسن التربية والتوجيه.
أولا: لن أقف كثيرا عند عدم تفضيل ابنك اللعب في الأماكن العامة وأنه كان من السهل أن يتنازل عن دوره لطفل آخر، ولن أقف أيضا عند عصبيته الشديدة؛ لأنك قد وضحت السبب بأنك أنت التي تعاملت معه بعصبية، وانفعالاتك -على حد تعبيرك- قد كان لها تأثير على شخصيته.
لذا فإن أول ما أنصحك به هو المحاولة الجادة المستميتة في ضبط انفعالاتك معه، أعلم تماما أنه أمر صعب، إلا أنك كلما تخيلت أن كل ما يعاني ابنك منه الآن هو رد فعل لهذا السلوك وأن استمرارك في العصبية سوف ينشئ شخصا مهزوزا ضعيف الثقة بالنفس لا يستطيع تحمل المسئولية ولا يستطيع اتخاذ قرارات بنفسه كان هذا حافزا لك على التوقف وبذل كل الجهد لتعيدي لنفسك هدوءها.
لذا عليك بالاطلاع على عدة موضوعات عالجت العصبية على هذه الصفحة، وهذا أول ما يجب أن تفعليه مع ابنك كخطوة أولى لحل أي مشكلة أخرى:
عصبية الآباء والأبناء.. لكل داء دواء
عصبية وأصرخ في أطفالي.. ماذا أفعل؟
ثانيا: لقد أحسنت التصرف -سيدتي- بنقل ابنك من المدرسة الأولى التي لم تتفهم طبيعة الطفل واحتياجاته ولم تع دورها التربوي إلى مدرسة أبدت اهتماما كبيرا به وساهمت بشكل فعال في تعديل سلوكه ونموه الاجتماعي وتفاعله مع الآخرين، لكن شيئا ما استوقفني في رسالتك بشأن ما ذكرته عن ذكاء الصبي؛ حيث ذكرت أن ذكاءه أعلى من المتوسط، ولا أدري هل هذا الحكم نتيجة إجراء اختبار ذكاء للصبي أم هي ملاحظة عامة؟
كما ذكرت أنه أحيانا يجيب إجابات نابهة ويحصل على درجات عالية وأحيانا أخرى يحصل على درجات متدنية جدا، والخلط واللبس الذي يقع فيه عند نقل ملاحظات المعلمة؛ فكل هذا يجعلني أنصحك بأن تجري لابنك اختبارا للذكاء والقدرة على الانتباه والتركيز -إن لم يجر له من قبل- ويمكن ذلك من خلال المدرسة إذا كانت تقدم هذه الخدمة لطلابها أو من خلال مراكز لصعوبات التعلم في البلدة التي تقيمين فيها.
فإذا لم تعرفي أيا منها فيمكنك الاطلاع على موضوع
الأسباب الخفية وراء الإخفاقات الدراسية
فبها عدد من المراكز بالإمارات (صحيح أنها مراكز لاكتشاف الإبداعات لكن اتصالك بها سيعينك على التوصل لما تبغين)، كما يمكنك الاطلاع على مواقع متعددة عن صعوبات التعلم ستفيدك كثيرا منها: www.schwablearining.org ويمكن التعرف على المزيد من موقع البحثgoogle.
ثالثا: اختبارات الذكاء والقدرة على الانتباه والتركيز ستعينك أيضا على فهم السبب وراء إجادة ابنك للإجابات والحفظ في البيت لكنه لا يستطيع ذلك في الامتحان، فربما يكون لديه صعوبة في الانتباه والتركيز عندما يقرأ هو بنفسه السؤال -كما ذكرت لك سابقا- أو أن لديه خوفا وارتباكا من الامتحان في حد ذاته، خاصة أنه كان في بداية الأمر قد تتلمذ على يد معلمة قاسية إلى جانب الأسلوب العصبي الذي تتعاملين به معه.
فابنك قد مر بمرحلة من التوتر الانفعالي الذي أدى به إلى الارتباك وعدم التركيز والخوف وفقدان الثقة بنفسه، كل هذه عوامل تؤثر بلا شك في تحصيله الدراسي وفي أسلوب وطريقة هذا التحصيل وفي اكتسابه أي خبرة بل وفي بناء شخصيته، وهذا ما سوف أركز على معالجته في الأسطر التالية:
مشكلة الثقة بالنفس والاستقرار الانفعالي التي أعتبرها هي الأساس في تقويم كل المشكلات السابقة سواء التحصيلية أو غيرها، والخطوات العملية لعلاج هذا الأمر هي:
1. الاطلاع على موضوع غاية في الأهمية قد طرح على هذه الصفحة هو موضوع "الذكاء الوجداني.. نظرية قديمة حديثة"، وهذا الموضوع سيوضح لك أهمية الاستقرار الانفعالي وعلاقته بالتعلم واكتساب الخبرات بوجه عام وبالذكاء بوجه خاص.
2. استثمري صفات ابنك الرائعة التي ذكرتها لتعززيها وتبثي من خلالها ثقته بنفسه عن طريق:
* أن تقبلي ابنك كما هو، وأظهري له الحب والود والدفء، واحرصي على بناء علاقة قائمة على التفاهم والحوار المتبادل فيما يخص الصبي ورغباته واهتماماته، وامنحيه وقتا كافيا لممارسة بعض اللعب والأنشطة معه حتى يقلل بشكل تدريجي مشاهدة التلفاز والكمبيوتر .
* أن تثني عليه وعلى خلقه الكريم المهذب، كلما أتى بعمل من الأعمال التي يتقنها كأن يرتب سريره أو ينظف حجرته أو أن يشارك الآخرين في لعبه أو يكوّن صداقات أو يلقي كلمة في الإذاعة المدرسية شجعيه وعززيه باحتضانه أو تقبيله، وبذكر هذه الصفات والأعمال أمام الآخرين أو لوالده حين يعود من عمله ويكون على مرأى ومسمع من الصبي نفسه.
* أن تقرئي له بعض القصص قبل النوم مثلا، ثم تقترحي عليه أن تقوما بالإعداد لتمثيلها أمام مجموعة من أصدقاء الأسرة، ويمكن كبداية أن يمثلها أمام أفراد الأسرة فقط، ثم بعد ذلك أمام الأصدقاء والمعارف، ولتشترك أخته معكما.
* شجعيه على الاستمرار في الأنشطة المدرسية خاصة التي يتعامل فيها مع الآخرين مثل النشاط الرياضي أو الإذاعة المدرسية، وبيني اهتمامك بما يُجريه من إعداد لذلك، واسأليه عما يدور في هذه الأنشطة كنوع من الاهتمام وليس على سبيل الاستجواب.
* حاولي ربط ما يدرسه بفكرة أو بهدف يسعى إليه الصبي، ودربيه على أن يكون له هدف في حياته بصفة عامة وأن المذاكرة أو التحصيل الدراسي وسيلة لتحقيق هذا الهدف؛ فقد ثبت علميا أن الناس الأكثر ثقة بأنفسهم هم الذين لديهم أهداف واضحة في حياتهم وخطة يسيرون عليها لتحقيق هذه الأهداف.
* دعيه يتعلم من أخطائه دون لوم أو عقاب.
* شجعيه على أن يمارس رياضة ما كالسباحة أو كرة القدم أو الرماية... إلخ في أحد الأندية، إن كان ذلك متاحا.
* لا تعقدي مقارنة بينه وبين أقرانه لا على المستوى الدراسي ولا مستوى القدرات والمهارات.
* لا تؤدي عنه عملا يستطيع هو القيام به، كأن تردي بالنيابة عنه حينما يوجه له سؤال.
* على الأب أن يكون له دور في حياة ابنه وتعزيز ثقته بنفسه، من خلال اللعب معه، أو التنزه بمفردهما، أو إدارة حوار بنّاء يتبادلان فيه الآراء والأفكار؛ فهو في أمس الحاجة إلى والده في هذه الفترة والفترة المقبلة.
وأخيرا سيدتي أدعو الله أن ينفعك بما اقترحته عليك، وننتظر منك رسائل أخرى للمتابعة معنا
ــــــــــــــ(102/97)
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم. أنا أم لطفلين، ابنتي تبلغ من العمر 19 شهرًا، وابني 3 أشهر، أريد توجيهاتكم في بعض الأمور:
1- ابنتي تنام في غرفتنا، هل عمرها مناسب الآن لأفصلها في غرفة أخرى، مع العلم أنها تغار كثيرا من أخيها وتؤذيه كثيرا.
2- ابنتي متعودة على حركة سيئة؛ فهي عندما يبدي أحد اهتمامه بها تبدأ بإخراج لسانها قليلا، وتبدو وكأنها ترضع، وكلما رآها أحد تفعل ذلك علق عليها، ويسألونني: لماذا تفعل ذلك؟ وفي الأسواق بعض الناس يقلدون حركتها على سبيل السخرية؛ فمنظرها مضحك. لا أعرف سببًا لهذه العادة، مع العلم أني فطمتها وعمرها 9 أشهر، وقطعت عنها الرضاعة الصناعية عندما بلغت السنة. أحيانا أصرخ فيها كي تتوقف، وأحيانا أخرى أضربها على فمها، ما الحل؟ أفيدوني، فإني أخاف أن تكون عندها عقدة من شيء معين، وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة: عندما يقول لنا القرآن {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} لا بد أن نفهم أن من حق الطفل على أمه أن توفر له -منذ بداية الحمل وحتى فطامه- ثلاثين شهرًا خالصة له، ينال فيها حقه من الرضاعة والرعاية والاهتمام والتربية وتفرغ أمه له؛ لأن هذه الشهور الأولى من عمر الطفل هي الأهم في تكوين شخصيته، ونمو عقله وذكائه وبنائه وتكوينه الصحي والغذائي، وهي الفترة التي تبنى فيها علاقته الوطيدة بأمه وأبيه.
فإذا اختصرتِ حق سلمى من ثلاثين شهرا إلى 9 أشهر فقط -لأنك بالتأكيد مرهقة ومتعبة وغير متفرغة لها منذ بداية حمل أخيها- تكونين بذلك قد ظلمتها. وسواء كان ذلك بإرادتك أم لظروف خارجة عنها فإن سلمى ليس لها ذنب في كل هذا. إنها لا تزال طفلة رضيعة برغم فطامها، وتحتاج إلى رضاعة الحب والحنان والاهتمام والتدليل والتقدير. إنها ما زالت طفلة ولا يمكن أن نعاملها على أنها الابنة الكبرى لمجرد أن لها أخًا أصغر، بغض النظر عن سنها.
يا سيدتي: يمكنك أن تعتبري نفسك الآن أمًّا لطفلين توأم، الذي يحتاج للرعاية النفسية والعاطفية أكثر هو سلمى؛ لأنها الأكثر وعيا وإدراكا، والأكثر تضررا واحتياجا.
أنا أدرك أنك مرهقة ومستهلَكَة من رعاية طفلين صغيرين، ولكنهما زهرتا حياتك الغاليتان. استعيني بكل مساعدة ممكنة حتى يمكنك تخفيف الأعباء عن نفسك قدر الإمكان؛ حتى يمكنك التفرغ للطفلين.
لا تنقلي سلمى في غرفة منفردة؛ فالتوقيت الآن غير مناسب. وكان لا بد من إجراء هذه الخطوة قبل ولادة الطفل بفترة، ولكن الآن اصبري ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم قومي بنقلهما معا إلى غرفة منفصلة، مجهزة للطفلين معا. وطبعا هذا سيمثل بعض العبء عليك؛ في الذهاب ليلا لإرضاع الطفل، ولكن هذا أفضل الحلول لنفسية سلمى؛ فهي لا تستطيع الآن أن تفهم أو تدرك معنى أنها الكبيرة وأخوها طفل صغير، كل ما تفهمه أنها طفلة، وتحتاج إلى حب أمها واهتمامها، ولا تريد أن يشاركها فيها أحد.
أما هذه الحركة التي تقوم بها فهي ليست بهذا الحجم من الأهمية التي تتصورينها، ربما كانت تقلد أخاها لأنها تتصور أنكم تدللونه وتهتمون به لأنه صغير، وربما كانت حركة طفولية ليس لها معنى أو دلالة معينة سوى الرغبة في جذب الاهتمام. وهذه هي الرسالة الأساسية؛ أن سلمى تحتاج للرعاية والاهتمام، وتحتاج إلى أن تشعر أنها مميزة وأن لها مكانة خاصة، وأن نعاملها على أنها طفلة تحتاج للاهتمام والتدليل، ربما أكثر من أخيها، ولا نعاملها على أنها الأخت الكبرى لطفل صغير.
لا تهتمي أو تتأثري -في ردود أفعالك تجاه سلمى- بآراء الناس في الأسواق، وسخريتهم منها.
وعليك أن تبتعدي تماما عن الصراخ أو الضرب لوقف هذه الحركة؛ فهي لا يمكن أن تفهم أن هذا الصراخ أو الضرب معناه أن هذه الحركة مرفوضة. وكل ما ستتعلمه هو العصبية والصراخ.
لكن احرصي في كل مرة على أن تُظْهري لها رفضك لهذه الحركة، ولا بد أن تكون قد نمت بينك وبينها لغة تفاهم؛ تفهم منها رفضك واعتراضك على سلوكياتها؛ مثل كلمة نهي معينة، أو حركة بإصبعك للاعتراض، وإذا لم تكوني قد عودتها على ذلك فابدئي الآن.
واجتهدي عندما تفعل هذه الحركة أن تحولي انتباهها إلى أي شيء آخر، ومع الوقت سوف تنسى هذه الحركة، فالموضوع أبسط مما تتخيلين.
كما أرجو منك مراجعة المشكلات الخاصة بالغيرة عند وصول مولود جديد، والتي ستجدينها بالنقر على الروابط التالية:
علاج الغيرة بإعادة ترتيب الأولويات
ــــــــــــــ(102/98)
الخوف من وصمة التحرش.. طريق الضياع ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أود استشارتكم في مشكلة صديقتي؛ فهي متزوجة ولديها طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات، وهي تنتمي لعائلة مترابطة جدا من جهة الأم والأب. والمشكلة بدأت عندما جاءت الطفلة تحكي لأبيها وأمها وهي تبكي وخائفة من العقاب، وتقول: إن ابن عمها الذي يبلغ من العمر 12 سنة قد تحرش بها جنسيا، وتشرح ما فعل بالتفصيل. وكانت تلك الصاعقة التي هزت العائلة؛ فهذه المشكلة سوف يترتب عليها الكثير من المشاكل، التي سوف تكون سببًا في تفكك العائلة، والمصيبة الكبرى أنها أخبرت والدها بأن أخت الولد -التي تكبره بسنتين فقط- هي أيضا تقوم بنفس الشيء معها ولكن بيدها، مع العلم بأن الطفلة تحظى باهتمام الجميع من أفراد العائلة.
وقد علمت أم الطفلة بأن الولد -ابن عمها- قد فعل نفس الشيء بابنة عمه الأخرى قبل سنوات، وهذا يعني أن هناك خللا كبيرًا في الأسرة. وتم إبلاغ والد الولد المتحرش لاتخاذ اللازم، لكنه التزم الصمت والهروب من الحقيقة، بعد أن علم بأن ولده قد اعترف بما فعله، ولكن أخته أنكرت كل شيء. وقد عرضت الطفلة على الطبيب وأكد سلامتها والحمد لله، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما طريقة العقاب التي ستجعل هذا الولد وأخته لن يكررا ما جرى؟ وهل سيؤثر ما حدث على نفسية الطفلة -بنت الصديقة- وكذلك الولد المتحرش وأخته؟ وما السبب في نظركم لما أقدم عليه كل من الولد وأخته؟ إهمال الأهل أم وجود الخادمة... ولكم جزيل الشكر.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها الصديقة المخلصة، وجزاك الله خيرا على اهتمامك بأمر صديقتك وابنتها وأسرتها، وإن كان لإرسالك السؤال بدلا منها مدلولات مؤلمة حقا، وهذا يخيفني من عدم التزام الأسرة بتنفيذ ما ستحويه الإجابة من مقترحات لازمة التنفيذ، ومن ثم قد يسبب ذلك تفاقم الأمر برمته لدى كل الأطراف -الجاني والمجني عليه- وهو ما لا تحمد عقباه.
وأعني طبعا بتلك المدلولات التي تقلقني ما يلي:
1- اعتبار الأم أن الأمر وصمة عار يستحى منها، ومن ثم تظن أن اتخاذ أي إجراء حياله -حتى ولو كان لعلاجه- شيء مخجل، والإحجام عنه أولى، على الرغم من أن ابنتها هي المجني عليها، ورغم أنها صاحبة الحق، وأنها بتهاونها تساهم في انتشار تلك الجريمة. وهذا الأمر في خطورته كانتشار النار في الهشيم؛ فالتكتيم والتعتيم على هذا الأمر يساعد فاعله، وذلك للعلم المسبق بتعاون الأهل معه في التعتيم على ما يرونه عارًا، وييسر له أن يعاود فعل هذه الكوارث مرات ومرات في أماكن جديدة ومع آخرين، ويظل يهرب بفعلته تلك بغير عقاب.
2- خوف الأم من اتخاذ خطوة قد تتسبب في تفكك العائلة. أوليس ما حدث أكبر دليل على هذا التفكك؟ أفيكون إصلاحه تفككا، وتركه ينخر في جسد الأسرة والعائلة تماسكا للأسرة؟!!
لذا فدعيني قبل أن أدون أي مقترحات أؤكد على أن الأمر لا بد من التعامل معه بجرأة وجدية وقوة، مع الحنكة التي لا تسبب إيذاء مشاعر أحد؛ فالطرفين -الجاني والمجني عليه- هم أبناء أسرة وعائلة واحدة لا تفكر إلا في مصلحتهم وإسعادهم وتربيتهم بشكل سليم، وحمايتهم من أي انحراف أو سوء.. وهو ما يجب أن يتفق عليه الكبار لحل هذه المشكلة بشكل سليم.
وعلاج المسألة يشمل التعامل الصحيح مع "نوف"، وكيفية التعامل مع محمد وأخته.
أولا: "نوف" في حاجة إلى:
1- إشعارها بالأمان التام، وبجو حميم من الصداقة والحماية والرعاية من قبل الوالدين، وأنها في مأمن تحت كنفهما، وكذلك إشعارها بجرعة زائدة من الحنان والحب.
2- لا بد من منع أي فرصة لانفراد أي شخص بالابنة "نوف"، وكذلك منع فرص انفرادها بأحد أو انفرادها بنفسها، فلا بد أن تكون دائما تحت نظر الأم حال تواجدها معها في المنزل -وخصوصا أنها الطفلة الوحيدة وأمها متفرغة لا تعمل- فتلعب في حجرة مفتوحة، وتتابع أمها التسليم عليها ومتابعتها ومشاركتها اللعب أحيانا بين الفينة والأخرى. وعند وجودهم خارج المنزل لا بد من حراسة الأم لها أيضا؛ فلا تغيب عن عينها أكثر من خمس دقائق، حتى لو لعبت في مكان بعيد عن الأم فلا بد أن تشرف عليها على فترات متقاربة لا تتجاوز 5 دقائق، وذلك بمرح ودون تسلط أو إشعارها بالرقابة؛ بل فقط بشكل فيه حنو ورفق وتعبير عن الاشتياق.
3- لا بد من متابعة ظهور أي أعراض على الطفلة كـ"السرحان وشرود الذهن"، أو القلق والاضطراب أثناء النوم، التدهور الدراسي، الاضطراب عند الاختلاط بالناس، أو سلوكيات غريبة؛ مثل السرقة أو الكذب أو العنف والعدوان. وظهور أي من تلك الأعراض يعني أن ما تعرضت له الطفلة قد سبب لها صدمة نفسية لا زال أثرها عميقا في نفسها، وأن ما تعانيه من أعراض هي: Post traumatic disorders أو آثار ما بعد الصدمة، وأنها ما زالت تستعيد الموقف في ذهنها ونفسها، وما زالت تعاني من آثار ما تعرضت له من عدوان، وحينها لا بد من عرضها على طبيبة نفسية للأطفال؛ لاسترجاع هذه التجربة المؤلمة معها بالتفصيل؛ حتى لا تظل مختزنة بداخلها تحدث آثارها السلبية. ولتكتشف الطبيبة -أو الطبيب- تصور الطفلة لهذا الحادث، وأثره عليها، ومدى شعورها بالذنب أو الغضب، أو حتى الشعور بالمتعة من جراء تكراره ورغبتها في حدوثه مرة أخرى، ولكل حالة من ذلك تدخلاً نفسيًّا مختلفًا.
4- لا بد من توفير فرص عديدة لممارسة الطفلة لهواية جميلة داخل المنزل أو في المدرسة أو في مكان متخصص إن وجد؛ فترسم أو تتعلم الحياكة، أو تصنع مشغولات فنية من بواقي الخيوط، أو غير ذلك مما يمكن للأم -إن تعذر توفير فرصة لإلحاقها بتلك الأنشطة- أن تمارسه معها في البيت. وينبغي أن يشتروا كتبًا -مثل سلسلة كتب الفراشة- تتحدث باستفاضة وبرسوم توضيحية عن الهوايات وتنميتها وكيفية ممارستها، وتنفيذ أشياء مختلفة داخل المنزل من بواقي الخيوط أو الأزرار أو الكرتون... إلخ، ثم تقوم الأم بتعليق ما تصنعه الطفلة أو ترسمه أو تلونه على جدران حجرتها اعتزازا بها، ورفعا لثقتها وشعورها بالرضا عن نفسها، والأمان بين مَنْ يحبونها.
5- لا بد من حوار يومي مع الطفلة بهدوء وصداقة يسمح لها فيه بالحديث عن نفسها وما تشعر به، وما يدور بخلدها، مع حثها على المصارحة بكل ما تشعر به من مخاوف أو أحلام، أو ما لفت نظرها في أحداث اليوم، مع قصة قبل النوم، وغير ذلك من سبل الحوار مع الطفلة وفتح قنوات اتصال بينها وبين والديها.
6- لا بد من رصد أي تغيرات في سلوكها وسط مجموعات الأطفال، وأنوع الألعاب التي تحب ممارستها؛ لرصد أي ميل داخلها لألعاب أو ممارسات ترتبط بما تعرضت له، أو تنم عن بداية ترجمة ما تعرضت له إلى سلوك تحترفه، وتعاقب به مَنْ حولها.
7- لا بد أن يوحى للابنة بأي شكل أن ابن عمها وابنة عمها قد نالا عقابا يستحقانه، وأن ما فعلاه كارثة لزم عليها عقابهما؛ كي يسهم ذلك في تحسن نفسيتها، لشعورها بأن الجاني أخذ جزاءه على فعلته.
8- لا بد من توخي الحذر من الخدم والسائقين وكل الأشخاص الذين قد تتاح الفرصة لهم للانفراد بالابنة، ومنعهم من ذلك الانفراد قدر المستطاع، وتوعية الابنة بضرورة الاستغاثة أو لفت نظر الوالدين، أو الاستنجاد بأي طرف عند شعورها بأي تصرف غير مقبول منهم.
9- لا بد من تعويد الطفلة دخول الحمام وحدها، وإشعارها بضرورة الحفاظ على جسمها مغطى، وعدم السماح لأي فرد بلمس أي جزء من جسمها أو تقبيلها باستثناء الكفين في التسليم مثلا، أما الأرجل والبطن أو الأكتاف أو الرقبة وباقي الجسم فهي لها وحدها، لا يجوز أن يراها أو يلمسها أحد.
أما محمد وأخته فلا شك أن والدهما لا بد أن ينكر ما حدث ويتهرب منه، فمجتمعاتنا العربية يشيع فيها الخجل من زيارة الطبيب النفسي، ولو لحل مشكلة تعليمية لدى الأبناء، فكيف الحال في الاعتراف بالتحرش؟! لكن المهم أن يحاول والد محمد وأخته تغيير نمط التعامل مع الأبناء ولو بنية تحسينهما إلى الأفضل وتطويرهما وليس بنية العلاج. ولأنهما بالغين أو على الأقل على مقربة من البلوغ فالأمر يحتاج معهما لأشكال مختلفة من التعامل.
أولا: لا بد من أن يتعامل مع للولد طبيب نفسي، ومع الابنة طبيبة إن أمكن؛ فهما غالبا يعانيان من مشكلة، وفي الغالب تعرضا لمحاولة ما حولتهما إلى متحرشين، وربما هناك طرف رابع في الموضوع؛ هو من بدأ هذا السلوك ومارسه معهما، ومن ثم تحولا لمتحرشين مع إهمال الأهل وثقتهم الزائدة.
والاطلاع على ما يلي يفيد في هذا الأمر:
للمرور عبر أشواك التربية.. شمر واجتهد
ثانيا: لا بد من غرس الوازع الديني في نفس الابن والابنة والحديث معهما كثيرا عن الحلال والحرام؛ وذلك من خلال صداقة حميمة بين الابن وبين الوالد من جهة، والابنة وأمها من جهة أخرى، ليشعرا بالأمان والاستقرار، ولا يبخلا بمكنون صدريهما عنهما، ويصبح من السهل توجيه رغباتهما ونزعاتهما وشطحاتهما من خلال تلك الصداقة الحميمة. ويمكن الاستعانة بما يلي للاستزادة:
اكسب مراهقا واربح إخوته
ثالثا: لأن الفراغ والشباب والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة كما قال الشاعر، ولأننا لن نحارب الشباب ولا الجدة، فواجب علينا أن نحارب الفراغ الذي هو أصل المفسدة، فلدى الابن فراغ قاتل لا يجد ما يفعله فيه سوى الممارسات السيئة، وهي مشكلة في غالبية شباب العرب ومراهقيهم؛ وخصوصا في المجتمع الخليجي المرفَّه الذي لا يلقي في الغالب بالا لأي نشاطات أو هوايات أو رياضات، وتلك هي النتيجة.. لذا فعلى والدي الطفل البحث عن مكان لممارسة الرياضة بشكل منتظم للابن، وحثه على التعاون المنتظم مع عمل خيري تطوعي. فلا بد مثلا من العمل على ربط الابن بالمسجد وبأنشطة المسجد الخيرية، مع دفعه بلطف إلى ممارسة العمل التطوعي بكل ما أتيح من فرص لهذا النشاط (كتوزيع الوجبات أو الأغذية على الأسر الفقيرة أو ملا جيء الأيتام أو تجميل المسجد، أو غير ذلك مما يشغله ويغير أهدافه، ويشعره بقيمته وقيمة دوره، ويفرض على اهتماماته هموم مجتمعه وأمته).
والفتاة يمكن فعل نفس الشيء معها؛ كزيارة الأيتام والقراءة للكفيفات مثلا، أو توزيع الإعانات على الأرامل أو غير ذلك. والجمعيات والمؤسسات الخيرية في وطنكم عديدة ومتنوعة، وأنشطتها تفوق حدود المملكة إلى كافة بقاع الأرض.
للشباب.. الحركة بركة
رابعا: كما ينبغي أن يحاولا تعلم مهارة جديدة في كل إجازة مدرسية؛ بحيث يقيِّمان نفسيهما مع ختام كل سنة؛ ما الذي تطورتْ فيه قدراتهما؟ فهل تم تعلم لغة جديدة أو إتقان برنامج كمبيوتر وتطبيقاته، أو تعلم مهارة الدهان مثلا، فاستطاعا أن يتعاونا في تجديد طلاء الحجرة أو الحياكة أو تنسيق الزهور؟
خامسا: الأهم من كل ما سبق هو كيفية التنفيذ التي تحتاج إلى:
- تركيز شديد من الوالدين وإصرار كامل على التنفيذ مع صبر وهدوء.
- عدم وجود ضغط على الأبناء أو إجبار لهما؛ بل جذبهما بلطف بشكل غير مباشر لفعل ما سابق.
- اعتراف من الوالدين بضرورة فعل ما سبق حتى وإن لم يعترفا بما حدث من أبنائهما، فيكفي أن نحاول ترميم وإصلاح ما بقي، وألا نهمل انتظارا للانهيار الكامل.
وأعتقد أن ما سبق وضح لك الإجابة على أسئلتك حول أثر الأمر على طفلتك وعلى ابن عمها وأخته، ولعل التركيز الأكبر في هذه الإجابة كان على تفادي تلك الآثار ومحاولة منع ظهورها، وهو ما قد نسيت السؤال عنه. وكذلك لعلي وضحت التعامل الأنسب مع ابن العم وأخته بدلا من عقابهما؛ فهما كالمرضى ولا يعالج المريض الضربُ بل العلاج، وهنا يجدر ذكر أن علاجهما قد يطول، لكن لا بد ألا يغض عنه الطرف.
أما سؤالك الأخير عن السبب فما ذكرته من إهمال الأهل والخادمة هي أسباب وجيهة لكن المشكلة الآن هي كيف نواجه ما حدث بدلا من تقاذف المسئولية عن حدوثه...
أعتذر عن الإطالة لكن الأمر جد مرعب وخطير وينبغي فيه عدم التغاضي عن أي جزئية.. وأنا في انتظار رسالة الطفلة نفسها تطمئني على الابنة وتحكي عن مدى استجابتها لما أسلفناه من توجيهات، وكذلك ما آلت إليه الأمور مع أبناء عمها وعمها، ومدى استجابتهم.. وعسى الأخبار تكون كلها مبشرة.. وشكرا لك.
ــــــــــــــ(102/99)
طفلي المدلل يخاف.. ما الحل؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يتصف طفلي3 سنوات بالذكاء والمعرفة التي قد يسبق بها أبناء جيله، ولكن المشكلة التي يعاني منها هي الخجل؛ حيث إنه رغم معرفته يمتنع عن الإجابة، ويبدأ بالإجابة عندما يرى أخته تجيب في معظم الأحيان. والميزة الثانية هي أنه متعلق بالحيوانات وقصص الحيوانات وخاصة الأسد، وفي المقابل فإنه يعاني من الخوف بشكل غير طبيعي مقارنة بأبناء جيله، علما بأنه وإخوته مدللون، ولا ينقصهم شيء من متطلباتهم. والسلام عليكم ورحمة الله. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم، ومرحبا بك وبأطفالك وبأسرتك جميعا، وبارك الله لك فيهم. وشكرا على أسلوب عرضك الطيب عن طفلك؛ إذ تبدأ بالميزة أولا وعرض الجانب المضيء، ثم تعرض المشكلة، وهذا التعامل الطيب مع طفلك والنظر إلى النصف الممتلئ من الكوب شيء يستحق الثناء، ويؤكد أبوة حانية واعية لديك. وما يمنحه لك هذا الأسلوب بشكل عام من سعة صدر وهدوء في التعامل مع المشكلات شيء يغري من يلمس نتائجه بأن يحاكيه، فهنيئا لأطفالك ببنوتهم لك.
لقد ذكرت يا سيدي بعض المشكلات بشكل فيه تعميم يحتاج إلى توضيح، فمثلا:
مسألة خوف طفلك لم تحدد فيها:
- مم يخاف؟
- وما أعراض خوفه؟ وهل يصاحب الخوف أعراض من ألم في البطن أو احمرار في الوجه أو تعرق... إلخ؟ وهل يتجاوز الخوف حدود الهلع والجزع بما قد يحكم عليه بأنه "فوبيا"؟ ومم يتجاوز خوفه هذا الحد؟
- هل الأشياء التي يخافها تستحق الخوف منها للحفاظ على سلامته؛ كأن يخاف من الكلب أومن الحشرات أومن المكان المغلق أو المظلم... إلخ، أم أن ما يخافه أشياء لا تستحق الخوف منها؟
- لِمَ حكمت أن خوفه يزيد عن أبناء جيله؟ هل يبالغ في هذا الخوف، أم ماذا عكس لك شططه عن الطبيعي بالنسبة لعمره؟
- وما سبب مخاوفه؟ وهل تعرض لمواقف معينة كانت سببًا في هذه المخاوف؟
- كيف يتعامل مع من حوله من الأطفال؟ هل هو اجتماعي ودود، أم عدواني، أم انطوائي لا يلعب مع أحد؟
- هل هذا الخوف سمة له، أم أنه أمر طرأ حديثًا؟ وهل تزامن ظهوره مع موقفٍ ما تعرضت له الأسرة، أو وفاة أحد، أو رؤيته لمشهد ما، أو سماعه لقصة ما، أو اطلاعه على فيلم أو مشهد تلفزيوني مخيف؟
- هل مكان إقامتكم في أرض الرباط "فلسطين" يبعد عن الممارسات الإسرائيلية المرعبة؟ بمعنى: هل تستبعد أن تكون ممارسات الاحتلال اليومية شيء بعيد عن مشاعر طفلك بحيث لا تؤثر سلبا فيها؟
وبالطبع فإن هذه الأسئلة بحاجة إلى إجابات سريعة، سننتظرها لنوافيك بتحليل دقيق لمشكلة الطفل -إن كانت هناك مشكلة- ووصف دقيق للعلاج، ولكنني -وحتى هذا الحين- سأحاول أن أقدم لك بعض المقترحات بشكل مبدئي لتعويد الطفل الجرأة، والتغلب على مسألة خجله كذلك ما أمكن.
أولا: استثمار مسألة تعلق الطفل بالحيوانات -وخصوصا الأسد- تعد مدخلا رائعا لبث الجرأة والشجاعة فيه؛ من خلال أن تلعب معه -مثلا- على أنكم في الغابة، وهو الأسد الشجاع وأنت أحد رعيته الذي يجله ويحترمه، وتمثل معه فتتحدث باحترام، وهو يتحدث بصوت مضخم كأنه الأسد، وهكذا. وتحاول أن تحكي له أن الأسد شجاع وأنه لشجاعته يخاف منه غير الشجاع... وهكذا.
وكذلك يمكنك أن توفر له بالبيت حيوانًا أليفًا يعتني به -أرنب مثلا- ويقدم له الطعام ويمسح عليه؛ فالتعامل مع الحيوانات ينبه حواس الأطفال ويوسع مداركهم، ويعودهم الجرأة كثيرا؛ إذ يتخطون الكثير من الحواجز التي تسبب لهم الإحجام والخوف، ويشعرون بالثقة العالية أثناء التعامل الحاني ورعاية الحيوان. وقد جربت ذلك بنفسي مع طفلي (عامين)؛ إذ كان يبدي إحجامًا واضحًا عن كثير من الأشياء؛ لأنه يراها خطرًا؛ كالحيوانات والاستحمام والبحر وصندوق الكرات الذي يلعب فيه الأطفال في مدن الملاهي. وكان لزيارة حديقة الحيوان بشكل أسبوعي ومشاهدته للحيوانات، وتجريئه تدريجيا على لمسها ثم إطعامها -محاكاةً لأخته مرة ولأبيه وللأطفال من حوله، ولشعوره بالأمان من خطورتها بسبب التجربة- أثر بالغ على تخلصه من خوفه من كثير من الحيوانات وغيرها.
ثانيا: يمكنك مطالعة العديد من المقترحات المفيدة جدا في مسألة التعامل مع خوف طفلك فيما يلي:
القط المخيف.. انتكاسة تحتاج للعلاج.
سمك السلمون يتعلم فنون الحياة
التعامل مع الطفل.. المذعور الخائف
دعوا أولادكم يخافون.
ثالثا: توفير جو آمن للطفل تقل به المؤثرات التي تخيفه أمر ضروري؛ فالإرغام لا يقلل الخوف بل يؤكده، وتعريض الطفل لما يخافه دون إعداد أو مؤازرة أو طمأنة له ضد مخاوفه تزيد المسألة تعقيدا، فلا بد من محاولة إخلاء مكان تواجده -قدر المستطاع- مما يخيفه، وتقليل فرص تعرضه لما يخيفه ما أمكن.
ويمكنك مطالعة ما يلي للاستزادة حول تلك الجزئية:
أمنيات ولدي.. نية بلا إمكانية
رابعا: أما مسألة خجل طفلك فهي مسألة طبيعية نظرا لشخصيته التي تهاب أشياء كثيرة. والخجل قد تطرقنا لكيفية التعامل الصحيح معه الذي يتمحور حول رفع ثقة الطفل بنفسه وبقدراته، وأنه باستطاعته تحقيق نجاحات. فكما قلنا من قبل في أكثر من موضع: إن الخوف والثقة ضدان يملآن نفس الطفل، فإذا زاد أحدهما تغلب على الآخر وطرده. وزيادة ثقة الطفل بنفسه تكون بالثناء عليه ومدحه وخصوصا أمام الآخرين -مع تجنب المبالغة- والثناء على تصرفاته الحسنة، وحنانه مع الحيوانات و"شطارته"... إلى غير ذلك. كما أن ثقته بنفسه يزيد منها تكليفه ببعض المهام؛ مثل: محاسبة البائع في متجر، أو المشاركة في اختيار المشتروات أو نوع الطعام، أو ترتيب الأثاث في الحجرة... إلخ.
ويرفع ثقته بنفسه تجنب نهره أو عقابه بشكل مؤلم، وكذلك التعامل معه بشكل فيه احترام لعقله ورغباته، ومناقشة كل أمر أو نهي يوجه له بتوضيح أسبابه وفائدته؛ "فلا نعبث بكذا لأنه مؤذ، ونأكل مثلا لتكون أجسادنا قوية... إلخ". ومن ثم عدم إشعاره بالتسلط أو القهر من قبل أي طرف. كما أن ممارسة لعبة جماعية في فريق تابع مثلا لناد رياضي أو حضانة أو مدرسة يسهم بقوة في رفع ثقة الطفل بنفسه، وخصوصا لاحتياجه كذَكَر لممارسة رياضة تستثمر طاقته مثل: "كرة القدم - العَدْو- كرة اليد - كرة السلة - التنس..."، كما أن اشتراكه في تمثيل مسرحية مثلا في حضانته أو المسجد ولو بكلمة واحدة يقولها كدور في هذه المسرحية، أو بمشاركته في غناء أغنية يفعل الكثير.
وستجد تفاصيل تنفيذ خطة إنعاش الثقة بالنفس فيما يلي:
التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه.
خامسا: ولعل تنافسه مع أخته أمر طيب يخرجه من خجله، وهو مؤشر لطيف؛ لأن الاحتكاك بالآخرين وممارسة الحياة بشكل جماعي يحرك ثقته بنفسه ويدفعه لاستعراض قدراته، وهو شيء يمكن استثماره جيدا لرفع تلك الثقة، وتشجيعه للخروج من خجله بلا حث مباشر، ولكن من خلال وضعه في مجالٍ لاستعراض قدراته؛ "كمسابقات أسرية بينه وبين أخته أو أبناء عمومته في الغناء مثلا أو تلاوة القرآن أو المعلومات وحل الفوازير" بشكل فيه تنافس لا يرهقه أو يؤذي مشاعره بدلا من أن يدعم جرأته، ثم يكافأ الجميع، ويفرح الجميع.
وأخيرا يا سيدي فإن استنادك للمقارنة بين طفلك وأبناء جيله أمر يدل على وعي جيد، ومتابعة دقيقة بمراحل نمو طفلك، ولكن انتبه لئلا يتحول إلى نوع من المقارنة التي لا تراعي الفروق الفردية بين الأطفال؛ بمعنى أن تبالغ في انتقاد طفلك لمقارنته بغيره، فهناك من لديه نقاط تميز عن غيره ليس مطالبا بها أقرانه، وكذلك فهناك لدى طفلك قدرات قد لا يمتلكها أقرانه. إذن فمتابعة قدرات طفلك تكون وفقا للحد المناسب لسنه، والسمة الغالبة على الجميع في هذه السن، وليس وفقا لملكات خاصة يملكها طفل في مثل سنه، فتطالبه بها وهو غير مطالب بها.
وختاما: فأنا في انتظار إجاباتك على الأسئلة، وموافاتك لنا بأخبارك وأخبار طفلك وتطوراته، ومدى استفادتك من مقترحاتنا، وإلى اللقاء القريب إن شاء الله.
العربية أم الفرنسية؟.. الاختيار لنمط الحياة ... العنوان
السلام عليكم أنا من أصل مغربي ومقيمة في فرنسا مع زوجي وأولادي، عندي مشكلة في تعليم العربية لبنتي 11 سنة. أعترف بتهاون مني عندما كانت صغيرة حيث كنت مشغولة بالدراسة ولم أعلمها حتى الكلام، لا تعرف كثيرا بل تفهم فقط بعض الكلمات، المشكلة أنها لا ترغب في التعليم وتقول إنها تعيش بفرنسا ولا تحتاج العربية وهذا يؤلمني كثيرا حتى إني أفكر بالعودة إلى المغرب، لا أدري ماذا أفعل شكرا على مساعدتكم. ... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سيدتي الكريمة "أم سمية"، ومرحبا بك وبأسرتك جميعا بارك الله فيهم، وتعالي نضع عنوانا لحديثنا معا وهو القول الشهير "الاعتراف سيد الأدلة "..
نعم عزيزتي فقد اعترفت بما لا يقبل المناقشة بأن التقصير كان من طرفك في مسألة تعلم ابنتك العربية، ولعل هذا الاعتراف دليل دامغ أيضا على ارتباط ابنتك بالفرنسية وبالمجتمع الفرنسي وبالتقاليد الفرنسية بل وبنمط الحياة في هذا المجتمع ككل، بما لا يسمح لنفسها أن تقبل الارتباط بالمجتمع الأصلي وتقاليده ونمط حياته ولو حتى باللغة فقط.. فقد تركت الابنة في أحضان هذا المحيط ليبهرها ويسعدها ويربيها ويحتضنها ويعوضها انشغالك عنها.. فكان فيه حبها وأهلها وارتباطها وحياتها.. ببساطة هذا ما يحدث عندما تترك الأم أبناءها لوالدتها مثلا أو لأهل زوجها ريثما تنتهي من دراسة أو عمل أو غيره فينشأون على ارتباط قوي بتلك الجدة التي تفتحت مداركهم على احتضانها وحبها ولم يستمتعوا إلا في كنفها وتصبح أمهم مجرد زائرة أو ضيفة على حياتهم قد يقبلونه أو يرفضونه بحسب تشابه التعامل مع ما كانت عليه الجدة.. وهكذا.
واسمحي لي أن أدعم هذا الكلام بموقف من مواقف عدة كنا نصادفها حين كنا في أوربا (مكثنا 9 سنوات)، كنا نجد بعضا من بنات وأبناء أصدقائنا من الجالية العربية
-وخصوصا في سن المراهقة- يفهمون العربية وقد يستطيعون الحديث بها لكنهم يصرون على الحديث باللغة السويدية، أتعرفين لم؟؟ حبا في المجتمع السويدي والتقاليد والحياة السويدية بما لها من نمط وسمات تشبع طموحاتهم وتطلعاتهم في تلك المرحلة التي تحب الانطلاق والاستعراض والحرية وغيرها من سمات المراهقين، بل وإنكارا للعرب وما صادفوه في أسرهم من عادات لم يحبونها أو سلوكيات استنكروها -وهذا وارد- أو كراهية لمن تصادقوا معهم من العرب.. فكرهوا بسببهم كل ما هو عربي للأسف.
إذن فابنتك تحب الفرنسية حبا في فرنسا والحياة على نمط الفرنسيين وتأبى العربية لسبب ما.. ربما يكون صعوبتها نوعا ما وربما يكون رفضا لها كلغة وكارتباط بمجتمع ترفض الارتباط به.. وأيا ما كان السبب فابنتك في مرحلة دقيقة من عمرها وهي مرحلة المراهقة بما لا يسمح بإجبارها على العربية أو هدم كل ما خططته لحياتها بالعودة للمغرب؛ إذ ستستشعر ذلك تحديا يزيد الأمر تعقيدا ويزيد ارتباطها بالفرنسية ويمنعها من تحريك لسانها بتلك العربية التي أفقدتها ما تحب -من وجهة نظرها- وخصوصا أنكم في المغرب تتحدثون الفرنسية كثيرا وبطلاقة ولن تجد الابنة مشقة في أن تتعامل بها وتصر عليها فستكون مفهومة للمجتمع المغربي.
والأهم من ذلك لفت نظرك إلى أن أهم سمات المرحلة العمرية لابنتك هو ما يسمى Negativism، ويقصد به خاصية ما يسمى "خالف تعرف"، فهي لا إراديا تعشق التضاد مع من يأمرها، وتكره تنفيذ الوصايا المباشرة أو فرض شيء عليها، وهو ما يتطلب منك صداقة وحبا واحتواءً لم يسبق له مثيل في تعاملك معها في عمر آخر.
واسمحي لي أن أكون قاسية فأقول: عوضي ما قصرت فيه في طفولتها بصداقة وحب وحوار وتفاهم في مراهقتها لتقترب منك وتندمج معك وتستأنس بك ولا تجد حرجا في أن تحكي لك أحلامها ومغامراتها وأمنياتها ومشاعرها وعلاقاتها دون خوف من المصادرة لآرائها أو عقابها على ما تقول أو الوشاية لأبيها أو غير ذلك مما يمنعها من معاودة البوح مرة أخرى.
ولن تكون نتيجة تلك الصداقة شيئا ملموسا تحصدينه غدا بل إنك ستحصدينها على المدى، وستظلين تقدمين لنفسك وتمهدين وتقتربين دون رد فعل قوي منها؛ لأنها ستكون في ريب مما يحدث وفي محاولة لاستكشاف كنه هذا الحنان هل هو استدراج أم استخفاف بها أم ماذا.. وحتى تكتشف أنه حب غير مشروط وصداقة تخاطب ودها.. حينها قد تبدأ في تبادل المشاعر معك والاطمئنان إليك ثم الالتصاق بك ثم الاقتراب أكثر فأكثر بما يمكنك من حمايتها وتوجيهها بالحكايات عن مراهقتك بالاستماع لها بشكل يجعلها تجيب على نفسها وتكتشف حل مشكلتها، كأن تقولي مثلا: "وما رأيك أنت في هذا الأمر؟ أو: كيف نحل هذه المشكلة؟ أو: هل لك وجهة نظر معينة في هذا الموضوع".. فتمررين لها أفكارك بهدوء وحب مع السماح لها بالقدر الأكبر من الكلام والتعبير وليس الاستماع.. وهكذا.
وعودة لمسألة العربية فمقترحاتي لك لجذب ابنتك للعربية تبدأ بما أسلفت حول موضوع الصداقة، فأنت أول سفير للعربية إلى ابنتك.. بأخلاقك معها وحلمك وحبك ومحاولة إسعادها وعدم الاستهانة بأحلامها وكلامها -غالبا ما يكون كلامها فعلا تافها في هذه السن لكنه بحاجة لأن تتصابي له وتتفهميه وتشعريها بتقديرك لها ولكلامها-، وبما تمنحيه لها من حرية مع النظام والالتزام غير الخانق.. باختصار حاولي -وبالتعاون مع أفراد أسرتك- منافسة النمط الفرنسي في الحياة بآخر عربي يجمع بين ما تظنه ابنتك من سعادة ورقي في هذا النمط وبين دفء وجمال وأخلاق النمط العربي والإسلامي بشكل يجعله يتفوق عليه في نفسها فتكون له الغلبة، ويجعلها تفتخر بكونها عربية ومسلمة وتحن إلى عربيتها ولغتها.. ولا تنسي أن النتائج ستستغرق وقتا في حصدها فتأثير ذلك تراكمي وليس مباشرا أو سريعا.
أما ثاني المقترحات فهو الاندماج مع الجالية العربية -مع صفوة أبنائها- من الأسر التي لها أبناء في عمر أبنائك والاتصال الدوري بهم ومشاركتهم الاحتفالات في الأعياد والمناسبات والرحلات الخلوية في العطلات، ولكن احرصي على أن تنتقي من تلك الأسر من يحملون من السمات ما يروق لابنتك وأفراد أسرتك التعامل معه من اللطف والمرح مثلا بحيث تنجذب لهم تلقائيا، ولا شك أنني سأنصحك بأن تكون التعاملات في تلك الأوساط بالعربية، فتكتسبها البنت أو تحاول اكتسابها لتستمتع بتلك الأوقات.
ثالثا: لا بد من التحدث داخل البيت باستمرار بالعربية لكل أفراد الأسرة، مع إقامة شعائر يومية من قراءة قرآن أو دعاء أو صلاة بشكل جماعي يؤمكم فيه الأب مثلا لفترة قد لا تستغرق أكثر من 5 دقائق يعقبها مسامرة أسرية لطيفة على العشاء أو مشروب ما أو حتى حلوى من صنع يديك يحكي فيها كل فرد عن أحداث يومه وأطرف ما صادف في جو أسري دافئ مرح لطيف، فتكون العربية ضيفا لطيفا على الجلسة ووسيلة للاستمتاع بهذه الأوقات الجميلة.
رابعا: يمكنك توفير أفلام ناطقة بالعربية ومترجمة بالفرنسية أو حتى شرائط بها موسيقى لطيفة وبها غناء بالعربية (وأوصيك بانتقاء الهادف منها مثل أغنيات فيروز مثلا عن القدس أو مارسيل خليفة أو غير ذلك)، فالمراهقات تستهويهن كثيرا الأغنيات والموسيقى وغيره فما أجمل أن تشغلي لها تلك الشرائط في البيت دون حثها على سماعها عساها تلتقط ما فيها وتستميلها الكلمات أو النغمات وتملأ العربية أذنيها.
و أعود فأجمل ما قلت في أن الشكل المباشر لن يجدي إطلاقا مع الابنة ولن يجدي معها إلا الدخول لها من باب ما تحب وبشكل لطيف وغير مباشر، ولعلك أدرى الناس بمكان هذا الباب في شخصيتها.. هل هو باب الأناقة أم الموسيقى أم النزهات أم غيره؟ ومن هذا الباب قربي لها العربية.. فاشتري لها أفضل مجلات الأزياء بالعربية مثلا أو اجعليها تعمل على تصميم زي جميل من وحي خيالها لأداء الصلاة فيه مثلا أو لحل مشكلة الحجاب في المدرسة ليكون عصريا وجميلا وشرعيا وأنيقا وهكذا.
مسلمة ألمانية تصمم حجابا "عصريا"
وأخيرا يا سيدتي أوصيك بالدعاء فهو سلاح قوي ينجح الأسباب ويقوي نتيجتها.. فادعي الله لابنتك أن يرزقها حب دينها وعربيتها وأن ينصر بها عباده الصالحين.. وتأكدي من الإجابة.. وأنا في انتظار متابعاتك لنا والمزيد من رسائلك.. وأرجو ألا يطول الانتظار.
صغيرتي تمارس الجنس.. اقطعي الريبة بالتحليل ... العنوان
ابنتي 6 سنوات لديها ابنة خالة تصغرها بعام وتسكن معنا في نفس العقار، وهما تلعبان معًا عند والدتي التي تسكن في نفس العقار يوميًّا، ولقد فوجئت أمي بها وهي تقول لها إنهما يعريان أنفسهما أمام بعضهما ويضعان أصبعيهما في مكان التبول، وكان تفسيرها لأمي أنها تلعب مع ابنة خالتها لعبة الولد والبنت، فانزعجت أمي بشدة، ونهتها عن فعل ذلك. أنا منزعجة جدًّا أيضًا وقلقة على سلوك ابنتي. أرجو تفسير سبب ما حدث، وإعطائي المشورة في كيفية تدارك ذلك والتعامل مع ابنتي بخصوص هذا الموضوع، وشكرًا. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك عزيزتي ومرحبًا بابنتك وبأسرتك، ولا شك أن سؤالك قد آلمني كثيرًا مثلما فاجأك ما سمعت من والدتك، ولكنها الصدمة الأولى التي بالتفكير العميق فيها يمكن تبسيطها وحل المشكلة إن شاء الله، فلا تنزعجي ولا تجزعي، فالأمر بسيط إن شاء الله.
أوضحنا كثيرًا يا عزيزتي في أكثر من موضع أن ممارسات الأطفال -في مثل سن ابنتك- التي هي من هذا النوع تندرج تحت ما يسمى بالسلوك السيئ أو العادات السيئة ولا علاقة لها بلذة حسية معينة أو شهوة أو ممارسات جنسية، وتكرار مثل هذه السلوكيات ناشئ عما يسمى Masturbation، وهذه الإثارة لا تعني إثارة البالغين الجنسية، ولكنها تعني شعورًا مختلفًا قد يميل الصغار لتكراره واكتشافه فيكررون مثل تلك التصرفات السيئة والعادات الذميمة.
وقد تكون تلك الممارسات في صورة ما يسمى Sexual Games أو الألعاب الجنسية التي يميل لها الطفل مثل لعبة الطبيب أو غيرها مما يسمح للطفل بلمس وكشف جسم الطفل الآخر، لكن ما أزعجني وأذهلني في تصرف ابنتك -والذي كان يمكن تأويله وفقًا لما سبق- هو ربطها لتلك الممارسة بمسألة "الولد والبنت"، أي بالممارسة الجنسية، هذا الأمر هو ما يقلق حقًّا في تلك الممارسات التي كان من الممكن اعتبارها محاولات طبيعية لهذا العمر للاستكشاف والتعامل مع غوامض الجسم، لكن تأويلها هذا يعرضنا للتفكير في احتمالات غير مطمئنة مثل:
الاحتمال الأول:
- تعرض الطفلة للتحرش الجنسي "واقرئي فيما يلي عن التحرش الجنسي للأطفال لتعلمي أنه لا يعني فقط الممارسة الجنسية الكاملة، بل تعريض الطفل كذلك لمشاهدة صور فاضحة أو أفلام غير مناسبة أو مشاهد ساخنة أو لمس أعضائه أو حثه على لمس أعضاء أحد... إلخ". وتعرضها لأحد أشكال التحرش هو ما يجعلها تحاكي ما حدث لها أو ما طلب منها فعله أو غير ذلك؛ فالطفل الذي يتعرض للتحرش بمعناه المشار إليه، غالبًا يحدث له ما يسمى Sexual Arousence، أي إفاقة جنسية مبكرة مما يؤدي إلى إصابته بـHyper Sexual Activity، أي نشاط جنسي زائد، ولأنه من الناحية العلمية لا يعرف الميول الجنسية بالمقصود المعروف لدى الكبار فإن السلوك السيئ الذي يفعله الطفل -مقلدًا أو مجبرًا- يكون دون غريزة حقيقية داخله؛ فتظهر لديه تلك التصرفات الجنسية وقد يتحول لمتحرش، كما قد تظهر لديه العديد من الاضطرابات على صورة أكل الأظافر أو التبول اللاإرادي أو الشرود أو "السرحان"، وتدهور شديد في المستوى الدراسي، أو اضطراب في النوم، وكوابيس، والاستيقاظ فزعًا من النوم.. وقد تتصاحب هذه الأعراض أو توجد منفردة.
التحرش.. ماذا يعني؟
التحرش الجنسي بالأطفال
الاحتمال الثاني:
- اطلاع الطفلة على مشهد غير مناسب بين الوالدين أو بين أي زوجين (خالتها وزوجها مثلاً)، فتحاول محاكاته، ولعل الأمر ها هنا أخف وطأة من الاحتمال السابق.
إذن فالتحليل هو الحل.. أي تحليل إجابة الابنة وسلوكياتها وتصرفاتها ومشاعرها تجاه الجنس الآخر، وكل هذا قد لا تستطيعين بوسائلك المنزلية فعله، ولكن يستطيع الطبيب النفسي -من خلال أدواته ومن خلال الرسم والألعاب المصغرة وبيت العروسة اللعبة وغير ذلك- أن يفهم مشكلة الطفلة وما تعرضت له بالفعل، وسبب تلك التصرفات وكنه مشاعرها تجاه تلك الأمور... إلخ، وأنا أرحب أن أساعدك على القيام بتلك المهمة، ولأنك من القاهرة فالتواصل بيننا سيكون ميسورًا إن شاء الله لتتعرض الابنة لجلسات متتابعة نحلل فيها سلوكها ومشاعرها ونستطيع تحديد برنامج محدد مناسب لعلاجها تمامًا إن شاء الله.
ولا شك أن هناك توجيهات أخرى ضرورية للتعامل مع ابنتك وابنة خالتها في ضوء ما صدر عنهما من تصرفات، وستكون توجيهاتنا في اتجاهات ثلاثة:
أولاً: تثقيف الابنة بما يلزم:
لا بد أن تتعلم ابنتك وابنة خالتها من خلال حوارات هادئة صدوقة مع كل منهما ما يلي:
- الفرق بين اللمسة الصحية واللمسة غير الصحية:Healthy Touch & Unhealthy Touch
اللمسة الصحية تشرح لها على أنها ما لا يسبب أمراضًا أو آلامًا، وهي ما يمكن أن يحدث من (ماما) أثناء تغيير الملابس مثلاً، أو من (بابا) عندما يصافح ويسلم ويقبل عندما يعود من العمل، أو من الأقارب حين يصافحوننا ويحيوننا، ويكون اللمس الصحي لليدين والكتفين والذراعين، وبصورة سريعة ودون الحاجة لكشف أي جزء من الجسم أو رفع الملابس عنه.
اللمسة غير الصحية: هي ما تسبب نقل الأمراض بسبب عدم الالتزام بالقواعد الصحية أو بشروط اللمسة الصحية التي أشرنا إليها.
- خصوصية أجزاء جسم كل منهما، واختلافها عن بعضها البعض، ولكل منها وظيفة تؤديها وطريقة سليمة يجب أن نتعامل بها معها، كما أن هناك أجزاء من هذا الجسم لا تصلح لأن يتعامل معها أو يلمسها أو يراها أحد سواها لأنها ملكها هي وحدها، ويجب أن يحافظ على صحته بأن يلتزم بقواعد النظافة في التعامل معها. والطريقة المثلى في إشعار الطفلة بخصوصية هذه الأماكن هي شد انتباهها دائمًا إلى النظافة والصحة.
ثانيًا: مراقبة الطفلة وسلوكها:
- يجب ملاحظة ابنتك ملاحظة دقيقة دونما تشعر؛ وذلك لمنعها من التعرض لأي مثيرات، وتسجيل أي غريب في سلوكياتها وتصرفاتها، مع صرف انتباهها دائمًا عند ملاحظتها شاردة أو سارحة، مع محاولة إيجادها وسط الأسرة باستمرار ومنعها من الانفراد ما أمكن.(102/100)
- ينبغي أن يكون التعامل مع الطفلة بعيدًا عن الأوامر الكثيرة والصارمة، فكثرة الأوامر ستسبب لها الملل والرغبة في التخلص من هذه الأجواء غير المرغوبة لها بتنفيذ ما تريده في الخفاء بعيدًا عن الأوامر، والخفاء يعني الظلام والظلام هو الضلال.. فاحذري يا أختي كثرة الأوامر والنواهي وسوء توجيهها.
- لا بد من حثها على ممارسة هواية معينة أو رياضة تتفوق فيها، وتقضي بها وقت فراغها ولا مانع من ممارستها في أيام الدراسة بشكل مخفف، وكذلك تعويدها على ترتيب غرفتها وتقييم تطورها في هذه الأعمال مثلاً ثم مكافأتها عليها، لشغلها بها وبمحاولة التقدم فيها وعقد مسابقات بينها وبين ابنة خالتها في المهارات المختلفة والمهارات في الأعمال المنزلية مثلاً.
- لا بد أن تظل ألعابها باستمرار تحت الملاحظة فلا تلعب إلا في غرفة مفتوحة الباب، ولا تخفى عن الأنظار كثيرًا، ولا تترك بمفردها أو بعيدًا عن ناظريك بلا رقابة كثيرًا... كل ذلك طبعًا بلطف وهدوء ورقة وليس بعنف ولا قسوة ولا فرض.
ثالثًا: محاولة معرفة ما حدث فعلاً للابنة كما يلي:
1- يجب إشعار الابنة بالأمان التام من العقاب من قبل الوالدين، ويقصد بإشعارها بالأمان نقل الشعور إليها بأنها محبوبة وليست جانية لتنقل بصورة واضحة ما تعرضت له من مؤثرات دفعت بها إلى هذا السلوك من خلال الحوارات الهادئة الدافئة مع الأم أو حتى الجدة؛ لأنه غالبًا إذا كانت قد تعرضت للاعتداء فهي تحت تهديد بعدم البوح إما خوفًا من المتحرش أو خوفًا من الأبوين وعقابهما، وبالتالي فإن تأمينها مما يهددها يدفعها للاعتراف وهو ما سيساعد حتمًا في علاجها.
2- لا بد من عرضها على طبيب نفسي كما أسلفنا، ووسائل الطبيب وأدواته تعينه في معرفة تصور الطفلة لهذا السلوك وأثره عليها، ومدى شعورها بالذنب أو الغضب أو حتى الشعور بالمتعة من جراء تكراره ورغبتها في حدوثه مرة أخرى، وربط سلوكها بموقف ما قد تكون تعرضت له وكل ذلك سيحل المشكلة.
إن ثبت تعرض الطفلة لاعتداء ما فلا بد أن ترى عقابًا رادعًا قد وقع على من فعل ذلك، وعندها تشعر أنها كانت ضحية وليست مذنبة، ويحسن ذلك من حالتها بلا شك.
وأخيرًا.. أعود فأؤكد استعدادي التام للتعاون معك في حل هذه المشكلة، ولا بد في نهاية الحديث معك من بارقة من الأمل وهي ما بدت لي من سؤالك، وهي أن ابنتك قد حكت هذا الكلام لجدتها ولم تعثر عليها الجدة متلبسة فعلاً بفعل هذا الأمر، وهو ما قد يحملنا إلى احتمال أكثر لطفًا وهو الخيال الواسع للطفلة وهو ما لا يقلق حوله سوى مسألة "لعبة الولد والبنت" والتي تحتاج لتحليل كما أسلفنا على يد متخصص.. والأمر حينها سيكون أخف كثيرًا.
وعلى كل حال فمشكلة ابنتك قد تكون الضوء الذي ينبهك إلى ضرورة التغيير في نظام أسرتك، واحتياج تلك الأسرة إلى جو أكثر دفئًا وترابطًا وحاجة ابنتك لحضن أرحب واهتمام أكثر منك فلعلها تناديك بهذه الطريقة لتهتمي بها أكثر، فإذا أردت السعادة والنجاح في رسالتك الأمومية حقًّا فعليك أن توقني أنك المسئولة عن ذلك والقادرة عليه، وأن دفة القيادة بيدك؛ لأن الأم هي من تحافظ على نسيج الأسرة متماسكًا -كما ثبت علميا عبر العصور-.
لذا يجب عليك أن تأخذي بالأسباب التي توصلك إلى ما تريدين ونحن معك نعينك -إن أردت- على تحديدها، والختام الأمثل لهذا الحديث هو قول الدكتور نورمان فينسين بيل في كتابة التفكير الإيجابي: "إنه من الممكن أن نتوقع أحسن الأشياء لأنفسنا رغم الظروف السيئة، ولكن الواقع المدهش هو أننا حين نبحث ونتوقع شيئًا جيدًا فإننا غالبًا ما نجده!".
ــــــــــــــ(102/101)
رياض الأطفال.. حيث التعامل فن ... العنوان
أنا معلمة رياض أطفال، ويظهر من الأطفال أثناء الدرس أو النشاط أو الإفطار بعض الانفعالات، كالبكاء أو اللعب المستمر أو الحزن، وغير ذلك من الانفعالات.. فماذا أفعل؟ هل أتجاهلها أم أستجيب لها مهما كانت أم أركز عليها أم أمنعها بالقوة؟ الرجاء الإجابة بأسرع وقت.
ولي سؤال آخر وهو أن طفلة تدرس عندي في الخامسة من عمرها، تحب دوما مضايقة زميلاتها في ركن المطبخ وتستخدم الأدوات الموجودة لإيذاء من حولها، ولا تبدي رغبة في تبادل الأدوات معهن، كيف أحتوي هذا السلوك بطريقة تحقق الأمن لجميع الأطفال؟ وأتمنى أن تكون الإجابة على شكل نقاط حتى أستطيع تنفيذها بطريقة سليمة، وشكرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك معلمتنا الفاضلة، وبارك الله في سعيك لإحسان وإجادة دورك الرائع في صناعة الحياة لأمتنا التي تشتاق لإخلاص أمثالك في صياغة مستقبلها، ولعل اللبنة الأساسية في هذا المستقبل أبناؤنا الذين نأمل لهم جميعا ما تأملين.
واسمحي لي أن أعبر عن إعجابي بكلمة "أحتوي" التي ذكرتها في سؤالك، فكم أشعرتني بأنك الشخص المناسب في المهنة المناسبة، إذ لم تكن رغبتك "التخلص" أو "قمع" أو "منع" أو "السيطرة" على السلوك غير الطيب للأبناء بل احتواءه والتعامل المناسب معه.. فهنيئا لأطفالك بك.
عزيزتي إن المعلم كالطبيب لا يتعامل غالبا مع الأصحاء فقط ليطمئنهم على صحتهم ويعينهم على الوقاية، بل إنه يتعامل أيضا -بل وغالبا- مع المرضى، ويعمل على حل مشكلاتهم ليقتربوا ما أمكن من تمام الصحة، وأهم ما يجب لنجاحه في هذه المهمة هو استعداده للصبر والتأني والعمل أيا كان أمده على حل هذه المشكلة. واسمحي لي فإن المعلمة التي تتوهم أن دورها هو التعامل مع أطفال سابقي التجهيز غالبا ما تفشل في أداء دورها، فهي صاحبة دور كبير في تربية تلاميذها والنهوض بهم، ولا أظنه من التكرار أن أعود فأؤكد أن رسالتك تكليف، والتكليف يعني الجهد والبذل وليس الجني.. وتعالي نبدأ حديثنا على هذا الأساس.
سأجعل كلامي في شكل نقاط كما طلبت، وتعالي نبدأ بالنقطة الأولى:
أولا: بكاء الأطفال في هذه السن داخل الروضة أمر مؤكد لخوفهم من هذا المكان الجديد والغريب الذي يبعدون فيه عن ذويهم، وينتقل الأمر كالعدوى بين الأطفال؛ فمن لا يخاف تجدينه يبكي لبكاء زملائه ظنا منه أنهم ربما يرون ما لا يرى، فيبكي على سبيل الاحتياط.. ويختفي الأمر تدريجيا مع مرور العام الدراسي ومع اطمئنان الأطفال للبيئة الجديدة، والأهم أن انتهاء هذا الأمر تتوقف سرعته على مدى ارتباط الأطفال بأمهم الجديدة وهي معلمتهم.. فإن كان لها من البشاشة واللين واللطف قدر كاف كان تحصيل النتائج بانتهاء البكاء أسرع.. وإن كان لديها من الهدايا والحلوى وخلافه ما يثبت أقدامها في قلوب زهورها.. كان التحسن أسرع وأسرع.
ثانيا: البكاء الذي يكون له سبب هو أمر مختلف، فحينما يبكي الطفل انفعالا أو تأثرا من موقف ما فلا يجوز تجاهله بل لا بد من "احتوائه"، وأعني المعنى الكامل للكلمة؛ أي غرس الطفل في حضنك محاطا بذراعيك ورأسك قرب رأسه ببسمة حانية على شفتيك لسؤاله عن سبب بكائه.. فإن كان يبكي ألما أو رغبة في شيء لا مشكلة فيه فلِم التجاهل؟ بل عليك تلبية طلبه، ويمكنك استغلال موقف بكائه بذكاء يجعل الفصل كله في هدوء كأن تقولي: "يا خبر.. إن صاحبنا فلان يبكي.. انتظروا لنعرف لِم يبكي؟"، "من يحب فلانا؟ انتظروا حتى نعرف لِم يبكي"، ثم احتضنيه، ويمكن دعوتهم جميعا لسماع شكواه في دائرة جميلة حولك.. ثم سؤالهم بعدما ينتهي من سرد مشكلته عن كيفية جعله يضحك كما بكى.. ليطرح كل منهم اقتراحه أو فكرته لحل مشكلة صديقه فتنمين العلاقة بينهم وتسمحين لخيالهم بالابتكار وتعلمينهم التفكير وتوجهين انتباههم لاهتمام مشترك يقضي على تشتتهم كل في عالمه أثناء الدراسة، وتمتعينهم بفسحة قصيرة أو راحة من رتابة اليوم.. انظر كم عصفورا ضربت بحجر واحد؟
ثالثا: بالطبع أنت في غنى أن أقول لك بأن سلاحك الأكيد في فصلك هو صوتك، ولا تخشي أن أقترح عليك استعماله في الصراخ.. بل سأقترح عليك استخدام نغماته ونبراته في لفت الانتباه.. فعند علو الصوت الأبناء في الفصل متشتتين متململين من طول أمد استماعهم للشرح أو غيره، فلصوتك الغلبة إن نجح في جذب انتباههم بتغييره مثلا بنبرة مختلفة وتعليته قليلا كي يسمعوه مع ملئه بالمرح، قائلة: "من سيلعب معي؟"، أو "أنا خارجة للفناء.. من سيأتي معي؟"، أو "هل تلعبون معي القليل من الرياضة؟"، أو "ليقم الجميع لنلعب لعبة الشمس والقمر"، واستغلي هذه الوقفة للاستراحة من رتابة اليوم، فلتكن فرصة للعبة يؤدونها في مكانهم كلعبة الشمس والقمر، وفيها يرفعون أيديهم حين تقولين شمس مع التلويح بالكفين.. ثم عند قول قمر يجلسون وينامون على كفهم وكأن الليل قد حان.. وهكذا.. أو يقفزون في المكان أو يخرجون للفناء في شكل قطار فيلعبون قليلا.. ولك الحرية في ابتكار المزيد من الأفكار التي تصب فيما أود لفت نظرك له، وهو تجميع المتشتتين في اتجاه واحد وصرف انتباه الجميع لهذا الشيء، ومن ثم يسهل بعد ذلك استعادتهم مجتمعين إلى ما تريدين من فعاليات.
رابعًا: بالنسبة لمسألة اللعب المستمر الذي هو من سمات الكثير من الأطفال، فإن التعامل الأمثل مع الطفل ذي الحركة المفرطة هو منحه العديد من الفرص لتصريف تلك الطاقة، فبعد مضي 10-15 دقيقة من جلوسه لا بد من منحه فرصة للحركة بإرساله لإحضار شيء "طباشير مثلا" أو طلب مسح السبورة، أو توزيع كراسات أو حتى الجري في المكان، أو غير ذلك... المهم أن تعقدي مع كل أطفالك اتفاقا بأن لكل شيء وقته، فسنلعب كثيرا وقت اللعب، ونتعلم معا ما يمتعنا، فيجب أن تلتفتوا معي، ونأكل وقت الأكل.. وسأغضب ممن لم يكن منظما ويفعل شيئا في غير وقته.. ولكن لأنهم أطفال فتأكدي أنهم سينكصون في وعدهم، ولكن يكفيك إرساء المبدأ ليصير مرجعية للجميع كلما نبهت بصوت عالٍ: "أهذا ما اتفقنا عليه؟؟" ستجدين التفاتا لا بأس به لعلمهم المسبق بهذا الاتفاق.
خامسا: التصفيق لأكثر الأطفال انتباها، ومكافأة أسرعهم أداء للمهام المطلوبة؛ وهو ما يحفز الجميع للوصول لتلك المنزلة.
سادسا: لا بد من المرح أثناء الدرس والنشاط وتناول الطعام، والمرح أقصد به التصابي لهم كما أمر النبي وكما كان يفعل مع سبطيه الحسن والحسين، فعندما تتحدثين عن حرف الخاء مثلا وأنه تبدأ به كلمة خروف، ممكن أن تكون: "خ... خروف... مااااء" أين صوت الخروف؟ فسيحاولون مثلا تقليد صوت الخروف.. من يحب الخروف؟ ماذا نأخذ من الخروف؟ وهكذا، عند تناول الطعام: ماذا تأكل يا فلان؟ من أين أتى الجبن مثلا؟ هل أنت أشطر أم الجبن؟ أنت الأشطر.. هل ستنتهي من تناوله سريعا أم يضحك عليك ولا يجعلك تأكله؟... إلخ، مع قول دعاء الطعام بشكل جماعي طبعا، ولا مانع من تغيير كلمة الطعام بكلمة "هم هم"، مثلا كأن تقولي: "هيا حان وقت ال...هم ..هم"، ثم تردفي بنداء مرح.. "هيااا"، والمرح يا عزيزتي مع أطفالك سيوطد علاقتك معهم ويحثهم على طاعتك، ويمكنك من السيطرة على انتظام سير اليوم الدراسي بكل فعالياته؛ لأن الجميع سيشعر بفداحة خسارته إن لم يتابع مع المجموع تلك السعادة وذاك المرح، فسيحاول الانضمام معكم ومتابعتكم باستمرار.
سابعا: أنصحك يا عزيزتي بضرورة لقاء آباء وأمهات زهورك بشكل دوري (شهري مثلا) والسؤال عنهم، ويا حبذا لو حضر الطفل اللقاء ليسمع ثناءك عليه أمام والديه بلا مبالغات، وأمنياتك له بأن يتحسن في كذا كان يسمع مثلا "فلان ممتاز.. وسيكون أجمل لو أنهى طعامه بسرعة كل يوم؛ لذا يا ماما اشتري له هدية؛ فسيحمل هذا اللقاء زهورك المسئولية بشكل كبير، وسيشعرون أنهم بحاجة لإرضائك باستمرار.
ثامنا: جدول الحافز في الفصل له أثر سحري، وهذا الجدول ليس إلا ورقة جميلة ملونة بها تقسيمات وخانات بها أسماء الأطفال وأخرى بها الأخلاق المطلوبة من "نظام – انتباه – حفاظ على الأدوات... إلخ" وتوضع فيه نجوم لكل طفل بحسب التزامه بهذه الصفات وتنزع نجوم من لا يلتزم كنوع من العقاب ثم تعاد إن التزم، بحيث يحصل من جنى أكبر عدد من النجوم على هدية في نهاية اليوم الدراسي، وهناك طريقة أسهل كنت أتبعها مع أطفالي أيضا، وهي شراء دوائر أو مربعات بلاستيكية كثيرة تشبه العملة المعدنية ويمنح كل طفل منها بحسب إنجازاته؛ فالمهذب مع زملائه والمؤدب في جلسته والذي يجيب بسرعة وصاحب أجمل رسم... إلخ يحصل على واحدة، ويدخرونها ومن يجمع منها 10 يستبدل فورا هدية بها "علبة ألوان - قلم جميل - قطعة من الحلوى - دبوس على شكل لعبة... إلخ"، المهم أن أسلوب الحفز بالنجوم والهدايا وخلافه له أثر طيب في التسابق والتنافس للوصول لأفضل حال.
تاسعا: طفلة الخامسة التي تحكين عنها تحتاج منك إلى:
1- استدعاء والديها للسؤال عن ظروفها الأسرية والنفسية ووضعها بين إخوتها وكيفية معاملتها في المنزل، دون إشعارهما أنك تشتكين منها كي لا يفرطا في القسوة عليها إن كانا أصلا قساة كما أعتقد بشدة، فقط من باب الاستعلام والتشاور في نظام مشترك يطبق في البيت والمدرسة لتقليل عدوانيتها وعنفها وإحجامها عن التعاون مع الآخرين.
2- الحنان الدافق مع تلك الطفلة بالتحديد هو علاج ينفعك كثيرا؛ فالأسد الجريح حين يقسو عليه مدربه تزيد ثورته لألمه ويؤذي بالتأكيد، وحين يربت عليه ويسكنه ويداوي ألمه فإنه يهدأ ويستكين، ولن تصدقي ما قرأته عن الفئران أنها تعض فقط في حالة خوفها الشديد.. فهي تعض خوفا ورعبا وليس عدوانا، ولعل أطفالنا يشبهون الفئران كثيرا فقط في تلك الجزئية.. إذن فالابنة في حاجة لربت مستمر على شعرها واحتضان لها كل صباح، وبسمة كلما التقت عيونكما، ووداع حار في ختام اليوم الدراسي، وقطعة من الحلوى كلما سنحت الفرصة، ومدح كبير كلما تصرفت بشكل جيد، وهكذا.
3- لحماية من حولها من عدوانها الذي قد يصل للأذى لا بد من منع وجود أي أدوات مؤذية من متناول يديها وأيدي الأطفال، وكذلك فأنا أحبذ أن تنادي عليها قبل موعد الذهاب للمطبخ بكل حب، لتقولي معلنة أمام الجميع: هيا نقف في قطار وإن وفلانة "الطفلة" ستقود القطار لتكون بصحبتك من لحظة الخروج وحتى الوصول، وتمسكي بصحبتها أثناء التواجد في المطبخ وحاولي أن تكون دائما معك فتكونين رفيقتها أثناء تناول الطعام، وتوفرين لها أدوات لا يتم تداولها مع الأطفال فتستخدمها حتى نهاية وقت المطبخ.. أي تحاولي تفادي تعريضها أو تعريض من حولها للاحتكاك بها قدر الإمكان حتى تتجاوز مشاعرها السيئة أو نحاول فهم أسبابها لعلاجها.
4- لا بد من إرسال كل ما تصلين إليه من معلومات عن الطفلة تساعدنا في تحسين حالتها أو وصف ما يلزم من سبل علاجها بشكل مفصل لك ولذويها، عساها تتحسن إن شاء الله.
وأخيرا فنحن في انتظار متابعتك لنا بأخبار تلميذتك الحبيبة بالتحديد، وأخبار أطفالك جميعا، ونتائج تطبيق ما اقترحناه عليك، ومدى جدوى تلك المقترحات.. ويسعدنا كثيرا التواصل معك.. وفي انتظارك بلا ملل.
ــــــــــــــ(102/102)
ضبط الإخراج.. بالمحاكاة ... العنوان
أولا أريد شكر الموقع والعاملين عليه لسبقهم بإدراك أهمية التربية من الناحيتين الحسية والنفسية وبالتالي إفساحهم هذا المجال البناء، وما أحوج مجتمعنا لمثله؛ فجزاهم الله كل خير.
أما عن سؤالي فهو أن ابنتي عمرها سنة وخمسة أشهر تماما، وهي تجربتي الأولى في الأمومة، ولأنها حسب ما أسمع من الأمهات قد بلغت سنا مناسبة لخلع الحفاض قررت البدء بهذه المهمة، وما شجعني على ذلك هو نباهة ابنتي ووعيها الجيد، إضافة للعلاقة الجيدة التي نتمتع بها والحمد لله لذلك.
ومنذ شهر اشتريت القاعدة التي تركب على المرحاض من أجل الأولاد، وعندما حاولت إجلاسها بكت ورفضت الجلوس بشدة، وكررت المحاولة عدة مرات دون نتيجة، فتركتها أسبوعين لتنسى الموضوع، وعندما كررت المحاولة كانت النتيجة ذاتها.
لذلك شعرت أنها قد تكون خائفة من الجلوس على المرحاض، فأحضرت لها مرحاضا بلاستيكيا صغيرا جميل اللون وتركتها تلعب به وتجلس عليه وفعلا أحبته، ولكن عندما وضعته في الحمام وخلعت ملابسها قبل الاستحمام حاولت إجلاسها فرفضت بشدة، ولم أعد أحاول خوفا من أن يترتب على ذلك عقدة نفسية عندها؛ فأرجو إرشادي للتصرف الصحيح مع جزيل الشكر.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم أختنا الكريمة أم الغادة الرائعة، وشكرا جزيلا لثنائك الرقيق، ونأمل أن يظل ما يقدم على صفحتنا محط إعجابك وتقديرك إن شاء الله.. فجزانا الله وإياك خيرا.
ودعيني أبدأ الحديث معك من حيث انتهيت من العقدة النفسية التي تخشين أن تصاب بها غادتك الرقيقة.. وبهذا الصدد دعيني أيضا أؤكد على أن التجربة غير السعيدة التي تفارق في الذهن مرارة لا تقل كثيرا في أثرها وآلامها عما يمكن أن نسميه عقدة نفسية، وخصوصا عند مرهفي الحس وأصحاب الذكاء والنباهة، فكما قيل: "إذا كانت لك ذاكرة قوية، وذكريات مريرة.. فأنت أشقى أهل الأرض".
وما أريد قوله هو أن إحجامك عن تكرار المحاولة كان صائبا بعيدا عن مسألة العقدة النفسية أو أي اضطراب قد تصاب به الغادة الجميلة؛ فالفيصل في تعاملاتنا مع هذه السن الرائعة الرقيقة في الأطفال هو ما يسعدهم وما يفرحهم وما يحبون.. فذلك السبيل لتعويدهم على ما ينفعهم؛ فانطباعاتهم عن كل ما حولهم هي ما يحرك تفاعلاتهم مع كل شيء.. وما كان الانطباع عنه سيئا فلا شك أن التعامل معه سيكون من المشقة -على نفس الطفل- بما يرقى لمرتبة المستحيل.
إذن كما حاولت أن أوضح فتوقفك عن إجبار ابنتك على التعامل مع ما لا تحب لن يحميها من عقدة نفسية وحسب بل سيساهم في نجاح تدريبك لها لا حقا إن شاء الله.
ولو تحدثت معك بصراحة أكثر فسأقول لك يا عزيزتي: إني أعلم كم أنك تستعجلين تطور ونمو ابنتك بشكل سليم، ولكنك تعجلت كثيرا في:
- توقع نتائج محاولاتك.
- محاولتك لإقناعها بما تحاول هي فقط التعرف عليه.
نعم فقد تعجلت حين حاولت إجلاسها في الحمام على المرحاض الصغير التي كانت تحاول أن تحبه أو تفهمه أو تأمن جانبه أو تفهم الغرض منه.. فذكرتها بما خافت منه من قبل وبما أزعجها، فامتنعت عن التعامل معه نهائيا.. كما أن مسألة القاعدة التي سبق أن حاولت إجلاسها عليها شيء مخيف لطفلة لم تبلغ بعدُ عامها الثاني وهي تجلس فوق شيء قد يبتلعها بفمه المفتوح أو تسقط داخله -كما قد يهيأ لها- خصوصا أنها تجلس فوقه بدون تمكن من الجلسة وبدون أن تجد دعما لظهرها أو أي شيء يمنحها الاستقرار في جلستها.. فكيف لا تخاف؟
إذن فتلك التجربة المريرة بحاجة لأن تمحى من ذاكرتها تماما لتتعامل من جديد مع ما رهبت، فلا بد من تغيير سيناريو التدريب كلية:
أولا: بتغيير المكان (الحمام).. فيبدو أن ذكرياته لم تعد لطيفة؛ فلا مانع من التدريب في مكان آخر من البيت باستخدام المرحاض الصغير الذي يتنقل.
ثانيا: تغيير إستراتيجية التدريب؛ فلا تحاولي إجلاسها، بل اسمحي لها أن تكتشف هي أن هذا الشيء يمكن الجلوس عليه، وبعدها بفترة كبيرة يمكنك أن تخلعي عنها ملابسها دون مطالبتها بأي شيء، ثم بعد ذلك يمكنك أن تصفقي لها إذا ما نجحت في الإخراج داخله... وهكذا.
والأهم من كل ذلك أن يكون تدخلك بكل هدوء ومن بعيد جدا وعند الحاجة فقط، فاسمحي لذكائها ونباهتها أن ينطلقا في اكتشاف ما تودين أن تفهميه لها؛ فهي -كما استشعرت من سؤالك- تحب أن تبادر هي لا أن يبادرها أحد أو يقتحمها.
ثالثا: توصيل المعلومة لها بشكل يسعدها ولا يخيفها، ألم تحدثيني عن صديقات لهن أولاد في عمر ابنتك أو يكبرونها؟ لما لا تزورين إحداهن بشكل أسبوعي مثلا وتتفقين معها على أن يصمم مشهد لابنها أو ابنتها أمام ابنتك وهو جالس/هي جالسة في موعد إخراجها في سعادة وسهولة، يتبع ذلك تصفيق حاد له/لها، تفهم منه غادة أن هذا الوعاء مخصص لذلك، وأن هذا الفعل غير مؤلم ولا مخيف، وأنه مطلوب؛ فالجميع يصفقون لصاحبه، وما أجمل أن يكون لابن أو ابنة صديقتك مرحاض بلاستيكي يشبه ما تملكه ابنتك تماما.
وستجدين ابنتك تحاول وحدها أن تحاكي ما رأت، وحينها لا تتدخلي بأكثر من التصفيق والتشجيع، وبعد فترة يمكن أن تتدخلي بأكثر من ذلك فتساعدينها أو تخلعي لها ملابسها أو غير ذلك.. ولكن دعي المحاولة تستغرق ما يلزمها من وقت يطمئن ابنتك.
وحينها فقط يمكن تطبيق ما تجدينه في الاستشارة التالية من مقترحات:
نجاح التدريب بالترغيب.
رابعا: أقترح عليك أن تزيد فرص تعرض ابنتك للحياة الاجتماعية والاختلاط بالأطفال، واستثمار ذكائها، وذلك من خلال وضع برنامج منظم لذلك يتضمن زيارات منتظمة ودورية للأصدقاء ممن لديهم أطفال، أو الخروج مع تلك الأسر التي لديها أطفال إلى المتنزهات والحدائق والأماكن المفتوحة أو حتى بدون رفقة أحد، يكفي أن ترافقي ابنتك إن لم يتيسر.
خامسا: لا بد من تهيئة ظروف التدريب بحيث لا يكون الجو باردا فيكون خلع الملابس مؤلما للطفلة بما يسببه لها من برودة، أو تكون الملابس ضيقة فيسبب خلعها لها الألم... وهكذا.
وأخيرا يا عزيزتي لا بد من التأكيد على أن ابنتك ما زالت صغيرة جدا، والفرصة أمامكما طويلة جدا لإنجاز هذه المهمة؛ فلا تتعجلي أو تتسرعي بأي خطوة لم يحِن موعدها، واتركي لابنتك مهمة تحديد موعد كل خطوة، فحينما ستتهيأ لها فستجدينها تطالب بها من تلقاء نفسها، فقط وفري لها فرص التشوق للتطور والاطلاع على تصرفات غيرها من الأطفال؛ فالتعليم بالمحاكاة أمر أثبت نجاحه حتى مع الأسماك.
ولعلنا تحدثنا عن ذلك في موضع سابق حين ذكرنا تجربة العلماء الأمريكيين في تدريب أسماك السلمون ربيبة الأحواض على ممارسة الحياة في المحيط لتتفادى الهلاك بأعداد كبيرة، وذلك بوضع أسماك ذات خبرة من أبناء المحيط في أحواض ملاصقة لأحواض الأسماك المدللة؛ لتتعلم من الأولى كيفية صيد الديدان الحمراء، والبحث عن القوت، ومواجهة الأخطار، والتعرف على الأعداء... وهكذا.
وأختم حديثي معك بوصيتك بالاطلاع على ما يلي من استشارات في هذا الموضوع تحوي أفكارا عدة تعينك على أمرك إن شاء الله، وأتركك على أمل بلقاء قريب ومعاودة لمتابعتنا بأخبار غادتك الرقيقة وتطوراتها واستجابتها، فإلى هذا الحين.. إن شاء الله.
البعض يطالب بإلغاء باب الحمام
طريق الحمام مخاوف (مشاركة)
ــــــــــــــ(102/103)
أطفالنا في الغربة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا أبدأ رسالتي هذه بأن يجزيكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه لنا..
إن المسألة بخصوص إحدى صديقاتي التي أحبها في الله، ولقد أحببت أن أعرضها عليكم لأنني أريد أن أعرف أين الخطأ في هذا الموضوع؟ هل هم الأهل؟ أم هل هم الأولاد؟ ولكي أتعلم أنا ومن يتابع هذه الصفحة من الآباء والأمهات والشباب.
القصة تبدأ بأن صديقتي متزوجة وحياتها الأسرية مستقرة، ولها من الأولاد أربعة شباب أصغرهم 15 سنة، وأكبرهم في الثانية والعشرين، ولقد جاءوا إلى السويد عندما كان عمر أكبرهم 6 سنوات، أولى المشاكل التي أراها أن الأولاد لا يتكلمون العربية والأب والأم يقولون إن السبب هو أن جميع أصدقائهم سويديون، ولكن ماذا عن المنزل؟!
بالنسبة للدراسة فالأولاد ممتازون بدراستهم فمنهم الآن من يدرس الطب والآخر يدرس الهندسة، ولكن ماذا عن الدين أليس هذا أيضا فرضا على الأهل أن يعلموا أولادهم العربية؟ وأنا أعلم أنكم تتفقون معي في ذلك، ولكن أكثر ما يؤلمني أن طالبي الطب والهندسة قررا ترك المنزل الكبير لكي يعيش كل منهما بسكن مستقل، والحجة التي يقولانها إن السكن الجديد أقرب إلى الجامعة، وإنهما يريدان أن يستقلا بحياتهما، ماذا يعني هذا بالله عليكم؟ أهكذا تكون الحياة الأسرية؟ وإنني سألت الأم وقلت لها لماذا ترك أولادك الشباب المنزل؟ لماذا لم تحاولي أن تقنعيهم؟ فقالت لي إنهم أصبحوا شبابا كبارا، وليس باستطاعتي منعهم، فهل هذا الكلام صحيح؟ هل ترك شبابنا لمنازلهم شيء عادي؟ أم أنا أعطي الموضوع أكثر مما يستحق؟
أريد من الأساتذة الذين سوف يجيبون علي أن يرشدونا نحن الآباء والأمهات الذين ما زال أطفالنا صغارا ماذا علينا أن نفعل؟ وأين الصواب وأين الخطأ؟ فهذه الحالة حالة الكثيرين من المغتربين، والله أعلم بحالهم، وفي الختام أرجو من الله تعالى أن يحمي أطفالنا وشبابنا جميعا وأن يهديهم، ولكم جزيل الشكر، ودمتم في رعاية الله وحفظه.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور مأمون المبيض شكرا لك أيتها الأخت على سؤالك، ويمكن للإنسان أن يستبشر أنك إن كنت منذ الآن وأنت في عمر 16 إذا كنت مهتمة بمستقبل أسرتك فالأمور ستكون بخير بعون الله إذا حافظت على يقظتك وهمتك العالية في حياة أسرية سليمة.
من الصعب الخوض في وضع صديقتك وأسرتها، ولكن يمكن شرح الأمور العامة. توجد هناك مشكلات كثيرة تواجه الأسرة المسلمة الموجودة في الغرب، كما أن هناك تحديات تواجه الأسرة المسلمة الموجودة في الشرق، وكل بيئة تطرح عادة تحديات تنبع منها. ففي الغرب مثلا هناك مشكلة اللغة التي ذكرتها في سؤالك، وهناك مشكلة ضعف أو صعوبات تربية الأبناء من قبل الآباء والأمهات.
لا أرى المشكلة الكبرى في هذه الأسرة مجرد ابتعاد الابن الجامعي عن منزل والديه فهذا بحدّ ذاته ليس بالضرورة أن يكون مشكلة إن أحسنا تربية هذا الشاب.
وهناك عوامل متعددة قد تضطر الناس لهذا الأمر، وإن كان الأفضل بقاء الأسرة مع بعضها قدر الإمكان.
من أجل تحسين فرص نجاحك مع أسرتك في المستقبل استعيني على نفسك بالدراسة والفهم، فهم الإسلام وتطبيقه، والاهتمام بدراستك، فكلما فهمت الإسلام وطبقته، وكلما تعلمت وفهمت الأمور ساعدك هذا على تكوين حياة أسرية ناجحة.
يمكنك أيضا مساعدة أسرتك التي أتيتِ منها لتكون ظروف معيشتها أفضل. ويمكنك التعاون مع الفتيات المسلمات اللاتي في سنك للاهتمام بالفتيات المسلمات اللاتي يحتجن للعون والتوجيه والتشجيع. ويمكن مع هؤلاء الفتيات التفكير في هذا الموضوع ومحاولة طرح حلول تفدن بها بقية الفتيات المسلمات.
وفقك الله لكل ما يحبه ويرضاه، وأخبرينا عن مشاريعك المستقبلية.
العربية أم الإنجليزية حيرة تحسمها المصلحة - مشاركة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع.
كنت أود الحديث إلى السيدة مي من أمريكا صاحبة استشارة: ( العربية أم الإنجليزية حيرة تحسمها المصلحة.. متابعة أنا من زوار الصفحة المتابعين وقد سألتكم من قبل عن طفلي أحمد .
أختي العزيزة، ابني بنفس عمر ابنك(2.5) وقد كانت عنده مشكلة بالنطق وقد أخذته إلى الطبيب المعالج، وقد ساعده بالفعل في نطق بعض الأحرف بالإنجليزية وكنت أقوم بإعادة الكلمات في البيت، وأقوم بأخذ دروس كل أسبوع مع سيدات لديهن نفس المشكلة مع أطفالهن، وأنا أتحدث العربية مع أحمد في الصباح، وفي المساء أتحدث معه بالإنجليزية، وإذا كان لديك حدائق مثلما لدينا في أستراليا يمكنك أن تتحدثي معه بالعربية ويتحدث والده بالإنجليزية معه.. هذه هي مقترحاتي فيما يتعلق باللغة.
أما بالنسبة للتدريب على دخول الحمام فكانت مشكلة كبيرة بالنسبة لي، ولكن بالحب والصبر واتباع التعليمات سوف تنجحين معه.
ولكني أود أن أتحدث معك حول ألعاب الكمبيوتر التي تحدثت عنها، فهل يمكنك إعطائي عنوان الموقع وأسماء الأسطوانات لهذه الألعاب المناسبة لسن 30 شهرًا.
شكرًا لكل العاملين في موقع "إسلام أون لاين.نت".
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... منكم ولكم وإليكم.. هكذا بدأت صفحتكم "معا نربي أبناءنا" وبهذا تستمر حية نابضة مزدهرة.
مع بدايات الصفحة كانت أولى أمنياتنا أن نتابع زوارنا بنتائج ما طرحنا من حلول ويرسلوا الاستشارة تلو الأخرى، وكنا نسعد بالمتابعة تأتينا على طريق "زرونا كل سنة مرة"، وكان الطموح أن تأتي المشاركات. وخلال عامين تأتينا 3 مشاركات بقصص نجاح تصف تجربتها إيمانًا بضرورة أن تفيد كما تستفيد مما ينشر على الصفحة.
ولعل لمشاركتك سيدتي طعمًا آخر؛ فأنت تطرقين الباب لتسألي الحديث مع زائرة أخرى.. دخلت وتكلمت وكان بينكما الحديث الذي أشعرني أن الصفحة قد وصلت لما عليه المنتديات، وما يكون فيها من إحساس دفء بيت العائلة الكبير. ومن وصول رسالة الشراكة في رسالة هذه الصفحة "معًا نربي أبناءنا"، نعرض فيها الآراء العلمية ونزكيها بالخبرات العلمية من مستشارينا ومن خبرات الآباء والأمهات.
ومع كل قصة نجاح نقول: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" بغبطة وفرحة ودعاء أن يصلح الله أمرنا جميعًا ويوفقنا إلى سبل الرشاد.
تأخر الكلام وتأخر النمو العقلي - متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا والدة عمار، كنت قد أرسلت لكم فيما قبل استشارة تم الرد عليها تحت عنوان: تأخر الكلام وتأخر النمو العقلي بخصوص تأخر عمار في الكلام، وقمت فعلاً بعرضه على دكتورة متخصصة في التأخر اللغوي، وقامت بعمل اختبارات لتحديد ذكائه، وقالت: إنه طبيعي بالنسبة لسنه، ولكن قالت: هو طبعًا متأخر في الكلام، ووفقًا لهذه السن لا يمكن عمل أي برامج للتخاطب؛ لأنه صغير، ولكن يمكن أن نقوم نحن في البيت باتباع أسلوب معين معه في الكلام بشكل تحفيزي، ونعطي له فرصة للتعبير عن نفسه، وأنا فعلاً بدأت معه في البرنامج منذ حوالي 3 أسابيع، وحتى الآن لا توجد أي نتيجة. أنا بالطبع قلقة جدًّا، وكنت أود استشارتكم في: ما المدة التقريبية لاستجابة الأطفال لمثل هذه البرامج؟ وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة أم عمار.. سعيدة جدًّا بتواصلك واهتمامك. أختي الفاضلة: طالما أن التقييم أظهر أن قدرات عمار الاستقبالية مقبولة فهذا مؤشر حسن إن شاء الله، والحل الفعلي الآن هو برنامج التحفيز المنزلي والذي توجد أجزاء منه في استشارة: برنامج تدريبي لدعم التأخر اللغوي
ومعنى ذلك أننا نقوم بتحفيز اللغة التعبيرية وأيضًا الاستقبالية. وبداية يمكن العمل على زيادة مفردة واحدة في الأسبوع مثل كلمة: (عَوّ أو تيتا أو باي أو افتح أو هات...) بأي طريقة يستطيع الطفل النطق بها، لكنها تحمل المعنى المراد، ويمكن الاستعانة بالكتب المصوَّرة والألعاب، ونشاطات الحياة اليومية؛ لجعل هذا الهدف وكأنه تلقائي؛ أي ليس مقصودًا، بل يحدث ضمن سياق.
ولا أدري ما تقصدينه بقولك: "ليس هناك تَحَسُّن"؛ حيث إن -وكما سبق وذكرت لك- أي محاولة لفظية للتواصل مثل الأمثلة السابقة تعتبر تحسُّنا وليس بالضرورة كلمات واضحة. وللتذكير فإن هناك أطفالاً يتأخرون أكثر من الآخرين بسبب الفروق الفردية؛ فمثلاً هناك أطفال يسبقون أقرانهم في المشي أو التسنين أو الكلام، وهكذا...
أما بالنسبة لسؤالك عن فترة التحسن فهي تتراوح من شهر كامل إلى ثلاثة أشهر من تكرار نفس الطرق والنشاطات؛ للوصول إلى تحقيق هدف واحد أو هدفين، وطبعًا لا ننسى سن الطفل الصغيرة، وطريقة توصيلنا لما نريد؛ فالطفل ذكي يعرف إذا كنا نركز فقط على مهارة معينة مثل المشي أو الكلام، فإما أن يرفض التعاون لأنه يريد أن يقول لنا: اهتموا بي لنفسي وليس لكلامي، أو لأنه يَمَلُّ من تركيزنا على شيء قد لا يكون -حاليًا- قادرًا على أكثر مما يظهره. إذن نهتم بتحفيز جميع المهارات المناسبة لسنه، ثم نجعل اكتساب المهارات الكلامية ضمن سياق في الحياة اليومية وليس درسًا يوميًّا.
وأخيرًا.. لا تجعلي الطفل يكوِّن صورة سيئة عن تجاربه مع محاولات التدريب؛ بل التأكيد على أنها تتم بشكل طبيعي جدًّا؛ حتى لا يكون موقفًا من الكلام قد يمتد معه لفترات طويلة بعد ذلك. وبالطبع استمري في التحفيز والمحاولة، وإن شاء الله تكون النتائج مفرحة، وراجعي الاختصاصي بعد 6 - 8 أشهر لمزيد من التأكد حول تطور الطفل من جميع النواحي.
ــــــــــــــ(102/104)
مشكلة الحضانات في اليابان ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عمر ابنتي سنة ونحن نعيش في اليابان لمدة 5 سنوات بإذن الله، بدأت ألاحظ على ابنتي في الفترة الأخيرة حب الخروج من المنزل واللعب مع الأولاد، بمعنى التطلع إلى الحياة الاجتماعية؛ لذا فكرت أن أضعها في حضانة خاصة بالصغار، لكن مشكلة الحضانات في اليابان أن القائمين عليها لا يحترمون جسد الطفل وعوراته، خاصة أنهم في فصل الصيف يمكن أن يعروا الأطفال بجميع الأعمار سواء الأولاد والبنات نهائيًّا من أجل اللعب بالتراب والاستحمام الجماعي، ويمكن أن يلتقطوا لهم الصور الجماعية وهم عراة.
فما أثر ذلك على ابنتي في المستقبل؟ وهل من الطبيعي أن تظهر عورة الطفلة أمام الجميع حتى المربيات؟ خاصة أنني أنا المسئولة على ستر طفلتي أمام الله ما دامت هي قاصرا هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الطفلة على الأغلب قد تكتسب اللغة اليابانية وهذا لا أفضله؛ لأنني أحب أن تتعلم اللغة العربية الفصيحة من الصغر من أجل ديننا.
لذا أتردد في موضوع الحضانة، ولكن ليس أمامي بديل؛ لأن الطفلة بحاجة إلى الاختلاط بالمجتمع، وخاصة ممن في عمرها فليس من المعقول أن تقضي فترة السنوات الخمس معي وحدي في المنزل أنا ووالدها.. فما الحل؟ وما البديل عن الحضانة في هذه الحالة؟ حقيقة أنا بحاجة إلى توجيه وإرشاد منكم لحل هذه المشكلة، وجزاكم الله خيرا على ما تبذلونه من جهود. ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور د. مأمون المبيض المستشار بالقسم الاجتماعي:
شكرًا لك أيتها الأخت على سؤالك، وإن شاء الله إقامة سعيدة ومفيدة في اليابان.
من الطبيعي لطفلتك أن تبدأ تتطلع للاحتكاك الاجتماعي بالآخرين، فهذا جانب من جوانب نموها الطبيعي، وسواء كنتم في اليابان أو غيرها فلا اختلاف. ومن الضروري للأبوين دومًا تلبية حاجات الطفل وبما تتطلبه طبيعة المرحلة التي يمر بها الطفل.
وفي حالة ابنتك عليك أن تؤمني لها فرصا طبيعية لرؤية الناس وخاصة الأطفال الصغار، ويمكن أن يتحقق هذا من خلال التعرف على جيرانك الذين لديهم أطفال في مثل سنها، أو زيارة الحدائق العامة معظم الأيام للتنزه ورؤية الناس والركض واللعب، أو -وهو الأفضل ولا يتعارض مع السابق- التعرف على بعض الأسر العربية المسلمة وخاصة ممن لديها أطفال صغار، فهذا يساعد طفلتك على النمو الاجتماعي وتعلم اللغة العربية بشكل أسهل وأسرع.
لا أنصح عادة بروضة الحضانة في البلاد الأجنبية قبل الرابعة إلا للحاجة الكبيرة كي يتمكن الطفل من اكتساب اللغة العربية، وخاصة في مثل حالكم، حيث تعزمون العودة لبلادكم في خلال خمس سنوات. هذا الاختلاط سيساعدك أنت أيضًا على التخفيف من العزلة الاجتماعية. وتقوم المراكز الإسلامية في اليابان وغيرها بدور إيجابي كبير في تعريف المسلمين والعرب ببعضهم؛ وهو ما يخفف وحشة الغربة.
وإذا كان لا بد من رياض الأطفال فمن المعتاد في عدد من الدول أن يذكر الأهل لإدارة المدرسة احتياجاتهم الدينية والاجتماعية وما يرونه مناسبًا في تربية طفلهم. ومن حقك أن تذكري للإدارة ما ترغبين وما لا ترغبين في تعاملهم مع طفلتك.
ويفيدك تعليم طفلتك بعض الأحرف العربية بشكل ألعاب مسلية يناسب عمرها، ومما يساعدها في مرحلة قادمة أن تقومي بتدريسها العربية وفق المنهج المدرسي لبلدكم العربية سوريا؛ وهو ما يساعدها على الاندماج عند عودتكم.
يبدو أن هذه هي طفلتك الأولى؛ ولذلك أنصحك بدراسة كتاب عن تربية الأطفال؛ وهو ما يساعدك على فهم احتياجات طفلتك وعلى تلبية هذه الاحتياجات، ومن هذه الكتب كتاب "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" للدكتور مأمون مبيض، وهو متوفر في مكتب دار الفكر في دمشق - سوريا. وفقك الله لكل خير.
ــــــــــــــ(102/105)
ذا صرخت فهي لا تحبني ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم إلى الإخوة المشرفين على هذه الصفحة الرائعة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد،،
مشكلتي في ابنتي، وعمرها أربع سنوات ونصف، أدخلتها مدرسة تحفيظ القرآن الكريم لتتعلم القراءة والكتابة والقرآن وغير ذلك، وكانت في البداية تكتب واجباتها وتحب المدرسة، وبعد فترة أصبحت تتعبني كثيرا في كتابة الواجب، ولا تحب المدرسة، والمعلمة أيضا تشتكي منها؛ فهي لا تنتبه للدرس، وتشغل زميلاتها بكثرة الحركة، وعندما أريدها أن تكتب الواجب رغم أنني فوق رأسها تحاول أن تشغل نفسها بأي شيء، ثم بعد التعب تكتب الواجب.
وأنا أصبحت عصبية، ولا أريد أن أثور عليها، ولكن تكثر زلاتي، علما بأننا نعيش وسط عائلة والدها، ولا نستطيع الانفراد بمنزل مستقل؛ لأن الوالدين لا يريدان ذلك، وتحدث المشاكل التي تحدث بينهما، وترى ذلك، فتصبح تصرخ وتصرخ، وأصبح لديها معتقد أن من يصرخ على آخر فهو لا يحبه، وإذا رأت والدها ارتفع صوته قليلا عليّ -وهذا نادر- تقول له وأخوها الصغير أيضا: أنت لا تحب ماما؛ لأنك تصرخ عليها. وبالتالي أنا إذا صرخت عليها تحس أنني لا أحبها.. ماذا أفعل ؟ فهي حساسة جدا، وأنا أخاف أن لا أستطيع التحكم بها، خاصة لأننا وسط عائلة، وجزا كم الله خيرا.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام -سيدتي- ورحمة الله وبركاته، ونحن نشكرك بدورنا على ثقتك بنا، واهتمامك بهذه الصفحة، وقبله اهتمامك بولديك حفظهما الله.
عندما قرأت رسالتك مررت مرورا سريعا على البيانات، وتخيلت أن ابنتك التي تشكين من عدم رغبتها في أداء واجباتها هي في مرحلة من مراحل التعليم الأساسي على الأقل، وعندما راجعت البيانات مرة أخرى وجدت أن التي تتحدثين عنها هي طفلة في الرابعة من عمرها؛ أي في مرحلة اللعب واللهو، وليس عجبا -سيدتي- أن نجد طفلة في مثل سنها لا ترغب في المذاكرة وأداء الواجب، وتفضل عليه اللعب.
بل كان المفترض أن نتعجب من معلمتها وإصرارها على إلزام الأطفال بالواجبات في مثل هذه السن، وإذا كانت ابنتك قد أقبلت على أداء الواجب وحب المدرسة في بادئ الأمر فلأنها -مثلها مثل كل الأطفال عند ذهابهم لدور الحضانة- ظنت أن الأمر لعبة تتركها حين تمل منها، لكنها صُدمت بمواد دراسية وواجبات والتزام لم يكن في الحسبان، وأنا لا أتحدث عن أمر خاص بمدرسة ابنتك؛ بل هو مما عمت به البلوى في كثير من البلدان التي لا تفهم المدرسة فيها دورها التربوي والتعليمي.
وأنا أفضل كبداية للحل أن تذهبي إلى معلمة ابنتك أولا، وتحاولي بطريقة لطيفة غير مباشرة أن تذكريها أن الهدف من رياض الأطفال هو اللعب والتهيئة للحياة المدرسية فيما بعد وللحياة العملية، والدراسة والعلوم المختلفة فيها هي عبارة عن أنشطة يقوم بها الأطفال (يجب ألا تعلم الطفلة بهذا الحديث الذي سيدور بينك وبين معلمتها حتى لا تعطي لنفسها الحق في عدم الالتزام بالواجبات، وتتمرد على الوضع بأكمله).
أما إذا أصرت -أي المعلمة- على موقفها، ورفضت أن تصغي إليك يكون دورك مع ابنتك ما يلي:
1. عند عودة أصالة من المدرسة لا تلاحقيها بالأوامر؛ مثل: اذهبي بسرعة، وبدلي ملابسك، ثم ادخلي الحمام للاغتسال، ثم تعالي لتتناولي الغداء حتى نبدأ في أداء الواجبات؛ لننتهي منه بسرعة، فإذا انتهيت منه سمحت لك باللعب على الكمبيوتر أو بلعبك.
إذا فعلت -سيدتي- ما سبق؛ فلن تنصت ابنتك لكل هذا برغم إغراء الكمبيوتر واللعب، والأفضل من ذلك كله بالنسبة لك ولها أن تستقبليها ببشاشة ودفء وحنان، قائلة لها على سبيل المثال: لقد اشتقت إليك.. كيف حالك حبيبتي؟ ثم قولي لها بابتسامة: هيا صغيرتي، لقد أعددت لك طعاما شهيا جدا تحبينه كثيرا.. هل تشمين رائحته؟ (ويكون كلامك هذا صادقا). ثم على سبيل المداعبة تسألينها: هل تعرفين ما هو؟ فكري قليلا.
وهكذا ستجدينها تذكر عدة أطعمة، وعند إصابتها صفقي لها أو احتضنيها، ثم بطريقة تدل على أنك أنت أيضا تشعرين بالجوع والرغبة في تناول الطعام قولي لها: هيا فلنعد المائدة سويا، ولكن قبلها بدلي ملابسك، واغسلي يديك، ثم تعالي إلى المطبخ لنعد أشهى الأطعمة.
• اجعليها تساعدك في حمل الأطباق وتنظيم المائدة قبل وبعد تناول الطعام حتى لو كان هناك من يقوم بهذه المهمة غيركما (خادمة).
• ادخلا معا لحجرتها بعد تناول الطعام أو في المكان المخصص للمذاكرة، وبطريقة لطيفة ابدئي معها حوارا عما حدث بالمدرسة مثل: "أكان يوما لطيفا بالمدرسة؟"، ودعيها تتحدث دون استجواب أو طرح أسئلة، وكل ما عليك الإنصات بابتسامة تشجعينها على المضي في الحديث. أما إذا لم تتجاوب -وهذا هو المنتظر على الأقل في هذه المرحلة التي تحاولين كسب ودها بعد فترة سابقة من العصبية والحدة- فدعيها وابدئي في الحديث عن الواجب، واجعليها تفتح حقيبتها، ثم علميها كيف تقوم بعمل جدول للمذاكرة ملون؟
واكتبي لها المواد التي يجب أن تؤدي واجباتها في خانات بالجدول، ويمكن أن تلون كل مادة تنتهي منها بلون يميز هذه المادة عن غيرها؛ فمثلا حفظ القرآن خانة ملونة باللون الأحمر، والكتابة خانة ملونة باللون الأزرق، والحساب باللون الأخضر وهكذا.
• وعند الانتهاء من عمل الجدول اطلبي منها أن تبدأ، وحددي لها موعدا لنهاية واجب المادة الأولى، ثم اتركيها وأنت تقولين لها: هيا حتى لا يفوتك عمل الكيك الذي سنصنعه سويا، أو حتى نلعب لعبة كذا، وكوني بالقرب منها.. تقرئين شيئا، أو ترتبين بعض الأغراض بخزانة ملابسها مثلا.
وبعد الوقت المحدد اذهبي إليها، وعززي لها سلوك التزامها بأداء واجب هذه المادة، فقبليها، وامدحي ما فعلته، وذكريها بتلوين المادة التي قامت بأداء واجبها، وعندما يأتي والدها اذكري له ذلك بفخر أو اذكريه لجديها.
أما إذا لم تنته من أداء هذا الواجب؛ فذكريها فقط بأن الوقت قد انتهى، وأنك ستزيدين لها مدة أخرى (واعلمي أنك ستجدين منها بعض العند وعدم الامتثال في بادئ الأمر؛ ذلك لأنها لم تعتَد على هذه الطريقة فلا تلجئي للصراخ أو الحدة والتهديد، وإنما اتركيها وأنت متجهمة، ويبدو من وجهك أنك غير راضية عما فعلته).
• اجعليها تأخذ فترة راحة لمدة خمس دقائق لتلعبي معها أي لعبة بسيطة في هذه المدة (وهي بالطبع تعرف العديد من هذه اللعب من خلال مدرستها)، مع ملاحظة ألا تزيد مدة الراحة عن 10 دقائق بأي حال، مع مراعاة ألا تقضي فترة الراحة في مشاهدة التلفاز أو اللعب على الكمبيوتر؛ لأن هذه الأنشطة تستغرق وقتا أطول، وتشد تركيز وانتباه الطفل؛ بحيث لا يستطيع استعادة تركيزه واهتمامه للمذاكرة بسهولة.
• ذكريها بانتهاء وقت الراحة لتعود للمادة الثانية، وشجعيها بقولك: هيا حتى نستطيع تلوين هذه المادة أيضا بالجدول، وهكذا حتى تنتهي واجباتها.
• الأمر يحتاج في البداية إلى صبر وكثير من الحكمة؛ فلا تيئسي، وخاصة أنك بهذه الطريقة ترسخين مبدأ الاعتماد على النفس الذي ستجنين ثماره حلوة في المراحل التعليمية التالية.
ولمزيد من الاستفادة يمكنك الاطلاع على عدة موضوعات تناولت موضوع المذاكرة وتنظيم الوقت وهي:
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟ (متابعة)
مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟
حب الدراسة..متابعة وأنشطة
أما عن تفسيرها الصراخ بعدم المحبة فهذا أيضا أمر طبيعي في سنها؛ لأنها تخشى وتخاف من الصوت المرتفع، والحب عندها هو الأمان والدفء والصوت الحنون؛ ولذا فعليك إذا حدث الصراخ من أي طرف للآخر بالمنزل فانظري لها نظرة من يشجع على الحديث، عندئذ ستخبرك بأنها خائفة، فهزي رأسك، قائلة: نعم إن الصوت المرتفع مزعج حقا، ثم دعيها لتتحدث عما يسببه لها هذا الصراخ من خوف، وهذا من شأنه أن يطمئنها، ويشعرها بشيء من الأمان، وبأنك تقدرين ما تحس به، وفي نفس الوقت احرصي -سيدتي- ما استطعت أن يقل الصراخ بالبيت
إلى كل مرب: تحمل قليلاً.. تجني القليل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرًا عن المجهودات المقدمة لأبناء الأمة الإسلامية. هذه أول مشاركة لي أطلب فيها توضيحات فيما يخص سلوك ابني وليد البالغ 3 سنوات و8 أشهر، وأبدأ بما حدث هذه الصبيحة عندما أردت إعطاءه الحليب وأردت أن أضع الشيكولاتة فرفض أن أضعها، وقال أنا الذي أضعها والأمثلة كثيرة إذا أردت فتح الستائر يقول وليد هو الذي يفتح إلى غير ذلك من السلوكيات التي يرفضها مني ويريد القيام بها وحده حتى لو لم يُجد القيام بها، وله مشكلة التأخر في الكلام فلا يفهم كل ما نقوله له وهو كثير الحركة وقد التحق بالروضة منذ شهر، وقد لاحظت المربية أنه لا يستطيع الجلوس على الكرسي طويلاً، كما أنه يضرب زملاءه ساعة الاستراحة مما يضطرها إلى معاقبته بالعزل. ... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الكريمة، وشكرًا لثنائك الرقيق وكلماتك الحافزة على مزيد من الإحسان والإتقان والإجادة، ولعل استشارتك الأولى هذه لن تكون الأخيرة.. فأطفالنا تتزايد مسئولياتهم كل يوم وتتزايد أدوارنا تجاههم مع تنامي أجسامهم وعقولهم، ولعل القاعدة الحاكمة لمسألة تربية الأبناء -من وجهة نظري- هي الثواب على قدر المشقة، أو بمعنى آخر هي القاعدة الشهيرة في علم الإدارة والتي تقول بالإنجليزية: low pain ... low gain ، أي تحمل القليل من المعاناة تجني القليل، فالجنى بقدر البذل.. ولعلها بداية مناسبة نرسيها فيما بيننا.
إننا لن نتحدث في حديثنا عن راحتنا أو الأيسر لنا كآباء، ولكن سنتحدث عن الأصلح لأبنائنا وإن تعارض مع راحتنا أو تطلب بذل جزء من الجهد.
من الواضح أنك جلست إلى جهاز الحاسوب تصبين فيه جام غضبك من طفلك الذي يصر على وضع الشيكولاتة بنفسه في الحليب مع أنه لا يجيد ذلك، ولعل حرصك على النظافة أو على إتمام كل عمل بإتقان لا يسمح بتدخلات الصغار.. ولكن يا عزيزتي اسمحي لي رغم كل ذلك أن أقول لك: إن غضبك ليس في محله، بل إن اعتماد طفلك على نفسه ورغبته المشاركة في فعل كل شيء يخصه ومراعاة نفسه شيء طيب يجب تنميته وتشجيعه وحفزه للمزيد، فمن المزعج حقا أن تظل الأم تفرض على طفلها اهتمامها بتفاصيل شئونه حتى تفقده تمامًا أي قدرة، بل أي مبادرة على مراعاة نفسه، فنحن -كأمهات- حينما نؤثر السرعة والدقة في مسألة مثل ارتداء الأبناء لملابسهم مثلاً، فنعتمد على مساعدتهم وتلبيسهم فإننا نحرمهم بلا شك من فرصة تعلم الاعتماد على النفس، ونفقدهم القدرة على ارتداء ملابسهم تلك بشكل صحيح، فيظل الطفل لا يستطيع ارتداء جوربه بنفسه حتى تتفرغ الأم لإلباسه له.
وقد رأيت ذلك بأم عيني.. طفلة تتجاوز السابعة ولا تستطيع ارتداء ملابس المدرسة أو خلعها، ولما سألت أمها قالت: "ضيق وقت الصباح يجعلني أقوم أنا بإلباسها وتمشيطها وتجهيزها للمدرسة استغلالاً للوقت وألغي تدخلها تمامًا.. فأصبحت لا تعرف أصلاً كيف ترتدي ملابسها".. وأحسبك لا ترغبين أن يكون طفلك كذلك. فعلينا أن نحمد الله أنه استفاق ولم يستسلم لمحاولاتك في العناية به، والتي تسلبه القدرة على ممارسة أو فعل أي شيء، فلم يكن كسولاً أو محبًّا للاعتماد عليك فيفرح بأن يجد كل شيء جاهزًا دون تدخل منه، بل إنه ينفر من ذلك ويود أن يتعلم ويشارك ويفعل ويؤثر.. فيخفق مرات ويفلح مرة حتى يتعلم، فينقذ نفسه من شرك الاتكالية الذي نوقع فيه دومًا أطفالنا.
عزيزتي.. إن من الأفضل تشجيع طفلك على المشاركة ويمكنك توجيهه من بعيد إلى الكيفية الصحيحة لفعل ما يريده، وذلك حتى يتقن تدريجيًّا فعل هذا الشيء، فانصحيه من بعيد أن لا يملأ مثلاً الملعقة بمسحوق الشيكولاتة، ويكتفي بنصفها كي لا يسقط منها شيئًا، وإن نجح فعليك بالتصفيق وحثه على إعداد كوب لأخته مثلاً وكوب لوالده، وإن سقط منه شيء فعلميه أن يمسحه بالمنشفة وينظف المكان، وذلك كله في جو من المرح والألفة والصداقة والحب والضحك بعيدًا عن النهر والزجر واللوم، واجعليها فرصة للتعلم والتدريب لكليكما فيتعلم طفلك الاعتماد على نفسه وتتدربين أنت على التحكم في انفعالاتك وتوجيهها بشكل فيه مصلحتك ومصلحة طفلك.
ويدعم شعوري برغبة طفلك في إحراز نجاح وتقدم يحظى عليه بثناء من حوله مسألة تأخره في الكلام وعقابه المتكرر في المدرسة بسبب ضربه للأطفال، فهو يحاول فعل ما يطلق عليه "اللفت السلبي للانتباه"، أي يحاول جذب انتباه من حوله بتصرفات خاطئة ما دام لا يستطيع الحصول على انتباههم بغير ذلك، ولأنه لا يستطيع التواصل مع من حوله بسهولة؛ بسبب تأخره في الكلام فهذا يزيد من شعوره بالضغط الذي دفعه لمحاولة الحصول على الاهتمام بأي شكل ولو بشكل فيه قسوة عليه.. المهم أن يكون هامًّا كمن حوله.. إنه حقًّا في حاجة للدعم وليس العزل والعقاب، ولعل صوتي هذا في حاجة أن يصل لمعلمته في الفصل، إنه في حاجة لاهتمام زائد وتعزيز وحب وتشجيع ورفع ثقته بنفسه ليتزن ويتصالح مع نفسه ومع من حوله، ويتعامل معهم بشكل طبيعي، ومن ثَم يتغلب على مسألة تأخره في النطق ويتجاوزها بكل استقرار وارتياح.
وعلى مستوى المعلمة فالعزل لا بد أن يستبدل به كيس من الهدايا -يمكنك إحضاره لها- يحوي حلويات وألعابًا وكل ما يحبه طفلك ليكافأ بها أمام زملائه كل يوم، وذلك لقاء أي تصرف ولو بسيط يحسنه، ولو حتى على صنعه كوب الحليب بالشيكولاتة في الصباح وحده، ولو على نظافة حذائه أو نظافة أظافره.. أي شيء.. المهم أن يلق الطفل ما يشبعه من الثناء والحب والمكافأة والتعزيز الإيجابي فيقبل نحو المزيد من الحسن من التصرفات ويصبح محبوبًا بين زملائه فيتسابقون للتعامل مع هذا المحبوب صاحب التصرفات الحسنة، بدلاً من إحجامهم عن التعامل مع المعاقب المنبوذ.. أليس ما أقول صحيحًا من الناحية العملية؟
وتدريجيًّا ستختفي مسألة عدوانيته، فما السبب فيها إن كان محبوبًا يتسابق لكسب وده الجميع؟، ولم يغر من زملائه إن كان لا ينقص عنهم في أي شيء وينال مثلما ينالون من الحب والاهتمام؟.
تبقى مسألة تأخره في النطق كعامل مساعد على العدوانية بسبب شعور الطفل بعجز ما يعيقه عن التواصل فيحاول تعويضه أو التعبير عن ضغطه؛ بسبب هذا العجز بالاعتداء على من يستطيعون ما لا يستطيعه، وبالتالي فعلاج مسألة التخاطب لدى طفلك تساهم بشكل جذري في القضاء على عنفه مع الأطفال، وسترد عليك حول هذا الجزئية الدكتورة سحر صلاح طبيبة التخاطب في ختام الإجابة.
تبقى لنا مسألة الحركة الزائدة وعدم رغبته في الجلوس على الكرسي وهي مشكلة أعاني منها مع ابنتي (5 سنوات ونصف)، ولله الحمد استطعت مع معلمتها التعامل معها بما لا يؤذي نفسيتها أو يقهرها أو يجبرها على ما لا تستطيع، فمع انتهاء كل 20 دقيقة على الأكثر تدعوها المدرسة لمسح السبورة مثلاً أو نقل الكراسات أو توزيعها أو بذل أي مجهود عضلي ولو الجري في المكان أو القيام والجلوس عشر مرات مثلاً.. فتصرف طاقتها بشكل منتظم وتتمكن من التركيز، وكذلك في البيت أتبع نفس الأسلوب فأسمح لها بالكثير من النشاط على فترات متقاربة جدًّا -كل 20 دقيقة- لتستطيع مواصلة ما تفعله من واجبات مدرسية أو حفظ قرآن أو ما إلى ذلك. وإن كنت أنصحك كذلك بالتقليل من الشيكولاتة ومحاولة استبدال شيء آخر مع اللبن بالشكولاته؛ لكونها تسهم في زيادة النشاط لدى الأطفال، فيمكن استبدال الفراولة أو الفانيليا أو القرفة أو الكراميل بها.
وأخيرًا.. فمسألة التخاطب -وبحسب دكتورة سحر تحتاج لتشخيص سريع لسبب التأخر في الكلام لدى طبيب تخاطب بعد إجراء اختبار للقدرات السمعية لدى الطفل والقدرات الذهنية وتقييم مستوى الذكاء والعمر العقلي للطفل؛ وذلك لدعمه ليتجاوز هذه المرحلة بكل خير إن شاء الله، ولعل ما يسهم في تلك المشكلة تعرض الطفل للغتين في آن واحد، مما يسبب له إرباكا في إتقان أيهما، وفي الحقيقة فالطفل في حاجة لتنمية قدراته في اللغة التي يتواصل بها خارج المنزل لمعاونته على تجاوز مشكلته في التواصل مع الآخرين، وأظنكم كجزائريين تتقنون الفرنسية فلن يكون هناك مشكلة في مواصلة التدريبات المنزلية التي يقترحها طبيب التخاطب بالفرنسية، وحين يتقن الطفل إحدى اللغتين سيكتسب الثانية تدريجيا بالممارسة، ولله الحمد أعتقد أن جميع أفراد الأسرة يتقنون اللغتين مما سييسر على الطفل اكتسابهما إن شاء الله وإتقانهما.
وأخيرًا.. يمكنك الاطلاع على تفاصيل هامة حول هذا الموضوع فيما يلي:
العناد الصامت.. مشكلة تخاطب.
صغار أنطقهم العطاء (مشكلة تخاطب)
إذا عرف السبب.. سهل العلاج (مشكلة تخاطب)
وفي الختام.. نحن في انتظار متابعتك لنا بأخبار طفلك وتطوراته ونتيجة تطبيقك لما ورد بالإجابة من مقترحات وإمكانية تطبيقها من عدمه، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/106)
ابنتي ملاك في عالم البشر ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السادة الخبراء والعاملون بموقع "إسلام أون لاين.نت"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسأل الله لكم حسن المثوبة والجزاء بخير أعمالكم كما يحب ربنا ويرضى على هذا الموقع المميز؛ لِمَا فيه من الفائدة العظيمة، خاصة بما أبحث عنه: تربية الأبناء. وأقول: إنا نحبكم في الله، وبعد..
طفلتي الحبيبة الغالية: ملاك ذات الثماني عشرة وردة من الشهور، ذكية مرحة نشيطة جدًّا وعنيدة، نطقت الكثير من الكلمات مبكرًا، وهي الآن تستطيع تركيب بعض الجمل، أحبها حبًّا جمًّا.. أرجو من الله أن تكون خير بنات الإسلام .. آمين. مشكلتي معها أنني لفرط حبي لها أغضب سريعًا جدًّا وأضربها عندما تكرر خطأ ما كنت وأمها منعناها عنه وأفهمناها إياه (مثلاً: تكرار عبثها بأسطوانات الكمبيوتر والديسكات، وبعثرتها دون سبب ودون أن تعيد ترتيبها)، وأتقدم سريعًا بمنعها وتحذيرها بالصراخ عند أدنى اقتراب لها من خطر يؤثر على صحتها أو سلامتها.
أرجو إفادتي بالحل الأنسب؛ فهي الآن تستجيب لبعض الأوامر والأخرى لا تستجيب لها إلا بالصراخ، ولا تهتم إن أعادت تكرار الخطأ مرات ومرات. كما أنها تبكي إذا أخذ طفل آخر ألعابها أو تعرضها بالشجار وهذا قد يكون طبيعيًّا.. لكن غير الطبيعي في نظري أنها لا تحاول استرداد ألعابها، ولا تدافع أو تتصرف تجاه الشجار، فهل السبب أنني كنت دائمًا أنهاها عن إيذاء الآخرين أو أخذ حاجياتهم؟ وهل من الصحيح تعليمها الرد؟ وكيف؟
وأخيرًا.. أقترح أن تفردوا أيقونة خاصة داخل صفحة (معًا نربي أبناءنا) تحوي كل ما يتعلق بالتربية للأطفال الرضع ومن دون السنة لأهمية ذلك، فأنا أقرأ كثيرًا في الاستشارات وأشارك زوجتي ذلك، لكننا لا نجد ما نريده بسهولة. كما أود أن أستأذنكم بالسماح لي بنسخ عدد من الاستشارات المختارة، وفرزها ضمن مجموعات معينة وتوزيعها على الأصدقاء تعميمًا للفائدة، علمًا بأنني أحتفظ بمئات الاستشارات الآن على جهاز الكمبيوتر فقط. وفقكم الله وسدد على الخير خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم، وجزاك الله خيرًا على ثنائك الرقيق، والله نسأل أن يجعلنا له أهلا وأن يستجيب دعاءك لنا، ولا يوفيك حقك في الشكر على محبتك في الله للقائمين على هذا الأمر سوى أن نقول لك: "أحبك الله الذي أحببتنا فيه"، وعسانا نتقابل بهذا الحب على منابر النور يوم القيامة.
وقد سمعت كثيرًا -وبروايات مختلفة- أن للطفل حتمًا نصيبًا من اسمه، ولعل تلك الحقيقة هي السبب في نهي النبي عن تسمية الأبناء بأسماء غير طيبة "كحزن وصعب .. وغير ذلك من الأسماء المنفِّرة، أو التي لها دلالات غير طيبة"، ولعل هذا هو أول ما تبادر إلى ذهني عندما رأيت اسم الطفلة "ملاك"، ثم أكد لي هذا الشعور وصفك لرقتها ووداعتها حتى كدت أرى لها أجنحة في مخيلتي تطير بها وتحلق في السماء، ثم تنبهت فزعة على كلمات كقرع الطبول أفاقتني من حلمي وأتلفت أجنحة ملاك فكفت عن الطيران، نعم .. قد فسد الحلم بكلمة "أضربها"، وأفزعتني كلمة "الصراخ"؛ لتتغير صورة الملاك المحلِّق، وتصبح صورة لوجه رقيق بديع التقاسيم، لكن بعينين دامعتين وحزن واضح على قسماته.
أحسب أني لم أسهب في وصف مشاعري بلا سبب، بل قصدت من نقلها كما شعرت بها لتثير داخلك كأب شفيق حنون ما أثارته داخلي من أسف للتعامل مع أنثى رقيقة بديعة مثل ابنتك بالعنف والصراخ والضرب، والقسوة في نهيها عن حقها في الاستكشاف والتعرف على ما حولها، أو محاكاة الكبار في التعامل مع الأشياء.. وقد أدهشني أكثر أن تعزي تلك القسوة بحبك لها، فكيف يمكن للمحب أن يؤذي حبيبه إلا بمنطق الدبة التي قتلت صاحبها بحجر لتحميه من ذبابة وقفت على جبينه؟!!
إن عبث ملاك بأسطوانات الكمبيوتر شيء طبيعي يبرره لمعتها ولفتها لنظرها ورغبتها في استكشافها، والأهم قربها من متناولها، فلِمَ لا توضع في رف عالٍ إن خيف عليها من التلف أو الكسر بسبب عبث الملاك ملاك؟؟ كما أن تكرارها للخطأ أمرٌ يبرره طفولتها.. فمن الطبيعي جدًّا في الأطفال تكرار الأخطاء مرارًا رغم التنبيه والتوجيه، وبالتالي فدور الآباء هو حماية الطفل من الأخطار بدلاً من تحذيره منها واعتمادهم على التزامه بهذا التحذير؛ بمعنى أنه لا بد من تأمين البيت (سد فتحات الكهرباء بغطاء بلاستيكي - حفظ كل شيء قابل للكسر بعيدًا عن متناول الطفلة - إبعاد الأثاث ذي الحواف الحادة عن مكان تواجد أو مرور الأبناء ... إلخ)؛ وذلك لضمان سلامة الطفلة؛ لأنها بلا شك ستعاود فعل ما نهت عنه مرات ومرات ولا بد من حمايتها، كما أنه من غير المتوقع من طفلة في عمر ملاك أن تستوعب الأوامر والنواهي، بل وتحفظ العهد بعدم معاودة فعل ما نهت عنه، كما أنها ليست بحاجة لكبت طفولتها والتصرف كالكبار بدون أخطاء، وإلا فلِمَ هي طفلة إذن؟؟
وكونها تستجيب لبعض الأوامر بالصراخ فلا يعني ذلك سوى خوفها وفزعها من الصوت، مما يدفعها للاستجابة لِمَا قد لا تفهمه أو ترضاه بغير اقتناع أو سعادة أو رضا، وهو ما يؤثر سلبًا بلا شك عليها حاليًا ولاحقًا، فستتحول إما لكائن يرتعد من كل صوت، وينخلع فؤادها مع كل صرخة، أو تتحول إلى كتلة من اللامبالاة وعدم الاكتراث بشيء، فالأمر لن يخلو غالبًا مما تكره.. ويمكنك مطالعة ما يلي لتقتنع بمضار الصراخ على نفسية الأطفال ويمكنك متابعة :
اضربني ولا تصرخ بوجهي!!
بدلاً من الصراخ في وجه الأطفال
وتأكد يا سيدي أن الهدف من توجيه الأطفال هو تدريبهم على الصواب أو على الأقل توعيتهم بالصحيح من الأفعال وأسباب صحتها وغير الصحيح وسبب عدم صحته؛ ليتولد تدريجيًّا داخل الطفل الرغبة في فعل الصواب جلبًا للمصلحة وتفادي السيئ من الأفعال دفعًا للمضار. واقتناع الطفل بما يفعل أو ما يترك هو أساس التزامه بأي قاعدة أو قانون، ولا أحسب الصراخ والعنف والزجر يحققون كل هذه الأهداف ولا أيًّا منها .. أظنني بتلك القاعدة قد أبرمت معك عقدًا بعدم تعريض ملاكك للصراخ أو العنف أو الضرب نهائيًّا، وتوعيتها بشكل محبب وذكي بقواعد السلوك الطيب بصورة تتدرج معها ومع نموها؛ لتلائم كل مرحلة على حدة، ولنبدأ بعمرها الحالي ويمكنك متابعة :
منهج التعامل مع ابن السنتين.
طفلي يصرخ .. أفهموني أستجب لكم - متابعة
وبشكل عام فهناك قواعد مضمونة الأثر لإعطاء أوامر يطيعها الأبناء بكل سعادة:
قواعد إعطاء الأوامر.
ولدي لا يطيع الأوامر.
بقيتْ مسألة: سلبية الطفلة حيال مَنْ يعتدي عليها أو يأخذ أشياءها وعدم دفاعها عن نفسها، وهو شيء توجد له -بمنتهى السهولة- التربيةُ العنيفةُ أسبابه، فالطفلة تهاب كل شيء ولا تتمكن من التفرقة بين حقها وبين الاعتداء على الآخرين، فأصبح لديها إحجام عن أي شيء قد يسبب لها الصراخ أو العقاب أو النَّهْر حتى ولو كان دفاعها الطبيعي عن نفسها وعن أشيائها. ومن الرائع جدًّا تعليم الطفل احترام قواعد الملكية واحترام الآخرين وعدم مبادرتهم بالاعتداء، لكن من المهم جدًّا تعليم الطفل أن يكون عادلاً مع نفسه كما هو مع الآخرين؛ فلا يقبل إهانة أو اعتداء من أحد؛ بل يمنع الاعتداء إن أمكن – كأن يمسك مثلاً يد من يرفعها لضربه -، أو يعمل على رد العدوان إن وقع إما باللجوء للشخص الكبير الموجود ليعاقب المعتدي، أو بالدفع عن نفسه الأذى، وبالحفاظ على ممتلكاته ومنع أي شخص من نزعها، وذلك بتوازن لا يزيد عدوانيته ولا يزيد سلبيته في نفس الوقت، بحَثِّه على ترك حقه باستمرار، وقبول ما لا يسمح له هو نفسه بفعله مع الآخرين.
ولعل أفضل الطرق لتعليم ملاكك مسألة دفاعها عن نفسها: أن يترك لها المجال قليلاً لتتصرف أو تختار ما يمليه عليها شعورها عندما تتعرض لموقف من الاعتداء، فتقول لها مثلاً: "هل أخذ فلان لعبتك؟ كيف يمكن استردادها منه؟"، واسمح لها أن تحاول التصرف إلا لو لجأت للاستعانة بك. ما أعنيه أن تعطيها مساحة من الحرية في التصرف واتخاذ ردود الأفعال المناسبة مع بعض التعديل البسيط إن استلزم الأمر ... وستجدها تتصرف بتلقائية وبساطة بلا حاجة قوية للتوجيه الشديد أو اللوم أو العقاب، فالفطرة السليمة تملي على الإنسان التصرفات الطبيعية المناسبة للمواقف التي يتعرض لها بشكل يكاد يكون تلقائيًّا.. فقط اسمح لفطرتها بالانطلاق ولمشاعرها بالخروج للهواء الطلق والتعبير عنها، فإن غضبت دعها تعبر عن غضبها ممن أغضبها.. فقط عَدِّل ما يحتاج التعديل؛ كمنع بذاءة مثلاً، أو تكسير، أو اعتداء مؤذٍ. إن أُخِذَ منها شيئًا اسمح لها باسترداده.. اترك لها العنان لتتعلم التصرف، فقط راقب من بعيد وعدِّل بلطف.
وأخيرًا.. يا سيدي أشكر لك اهتمامك بما نقدم، ورغبتك في تعميم النفع منه، ولكن أبشِّرك بأن تصنيفًا جديدًا للاستشارات وتقسيمًا مختلفًا على وشك الإطلاق، وسيصبح قابلاً للاستخدام قريبًا، مما سيسهل عليك مسألة البحث والوصول إلى ما تريد بمنتهى السهولة والدقة، أما مسألة النشر فبالفعل تم طباعة كتب من الاستشارات يمكنك الوصول إليها واستخدامها، وبالنسبة لأصدقائك ممن تريد إطلاعهم على بعض المعلومات فلا مانع من دعوتهم لمتابعة الصفحة والاطلاع على ما فيها، ولكن بشكل يبعد عن مسألة النشر والطباعة وما إلى ذلك مما تنظمه قوانين معينة في مجال النشر وحقوق الطبع والتوزيع والملكية الفكرية، ويمكن الرجوع للكتب المنتجة بالفعل من قِبَل الصفحة والموقع.
وفي الختام.. أستودعك وأسرتك رعاية الله، على أمل أن أتلقى قريبًا متابعة منك تطمئنني فيها على ملاكك، وعلى مدى تحسنها إزاء تنفيذك بدقة للمقترحات المذكورة، وبمدى فعالية هذه المقترحات. وأختم معك بقول أحد الحكماء أدعم به في اتجاه ما أدعوك إليه من الرفق واللين مع وردتك الندية؛ إذ ينصح أحد الحكماء مريديه فيقول: "انظر يا ولدي بعد سني تلك .. لقد تحطمت أسناني وسقطت، وبقي فقط في فمي لساني أتدري لِمَ؟ لأن لساني مرن وطري، فكان له عمر أطول مما كان صلبًا قاسيًا متيبسًا".
ــــــــــــــ(102/107)
قلة الانتباه مشكلة لها حل ... العنوان
أعاني مع طفلي (سنتان) من مشكلة تبدو غريبة.. فهو يبحث عني مثلاً في الحجرة وأنا أمامه، أو يبحث عن والده.. وهو موجود في المكان الذي يبحث فيه، بالإضافة إلى أنه صعب التآلف مع الآخرين.. وخصوصًا أقاربنا من جدوده وأهله.. وهو شيء يؤلمني فأخته التي تكبره متآلفة ومحبوبة.. هي تكبره بـ 3 سنوات لكنها لم تكن مثله.. إنني أشفق عليه كثيرًا ساعدوني لأحسن حالته. ... السؤال
التأخر العقلي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الكريمة ومرحبًا بطفلك الغالي، ولقد آلمني أن بدأت سؤالك بكلمة "أعاني" فقد أشعرتني أنك في حيرة وألم شديدين؛ وهو ما حملني بمسئولية ثقيلة لأخفف عنك تلك المعاناة -الله المستعان- وأحاول معك التخلص منها، ورغم أنك لم تحددي موطن إقامتك فإنني مصرّة على التواصل معك بشكل شخصي لفحص طفلك ومقابلته وتحديد مشكلاته بدقة تيسر لنا الحل.
مما لا شك فيه أن طفلك بحاجة لفحص قدراته ومهاراته ومستوى ذكائه لتحديد سبب قلة انتباهه أو تشتت انتباهه وعدم تركيزه، فما وصفته على الرغم من افتقاره للتفاصيل يدل أن طفلك يحتاج شيئًا من التركيز يساعده على التعرف على أنه وصل إلى هدفه الذي يبحث عنه، أما كونه لا يتآلف مع من حوله واختلافه عن أخته من ناحية التودد واللطف فهي مسألة تتحكم بها الطباع والسمات الشخصية، فضلاً عن الظروف التي يتم فيها التعارف على الآخرين.. هل هي ظروف مريحة ومحببة للطفل أم أنها بها ما يقلق من مداعبات ثقيلة أو محاولة غير مقصودة لانتزاع الطفل مثلاً من حضن حامله أو صوت عالٍ يرهبه الطفل؟ وهكذا...
وعلى كل حال فلا بد من عرض الطفل على طبيب نفسي أطفال، وأنا أول المرحبين بزيارة محمد لي في عيادتي الخاصة التي يمكنك الوصول لعنوانها من خلال الموقع، ويا حبذا إن كنت من سكان القاهرة فستكون فرصة التواصل أكثر وأدوم، أما إن كنت من خارج مصر فيمكنك البحث عن أفضل أماكن الصحة النفسية للأطفال في محل إقامتك لإجراء اختبار لقدرات طفلك وتقييم لنسبة ذكائه في ضوء ما رويته من مشكلات لديه ليتم التعامل تلك المشكلات بشكل واضح ومحدد.. وعلى كل حال فما أنصحك به حتى أراك أو أستقبل متابعتك بمزيد من التفاصيل والإجابة على ما سأوجهه لك من أسئلة أو نتائج زيارة الطبيب هو ما يلي:
1 - يفضل محاولة إلحاق الطفل بحضانة معروف عنها التميز في رعاية الأطفال وفي أنشطتهم والتعامل المدروس معهم؛ ليمنح طفلك فرصة ممارسة الحياة خارج نطاق الأسرة مع أقران في سنه، وليمكن تقييم مسألة عدم تآلفه وتحديد أسبابها.. فهل لا يتآلف أيضًا مع الأطفال أم أنك عنيت بكلمة "خصوصًا مع الأقارب" أنه ينفر فقط من أقاربكم؟ إذ ربما يكون لهذا النفور سبب ما أو موقف ما لا تطيب لطفلك ذكراه.. أم أن نفوره من الكبار فقط أم الغرباء أطفالاً وكبارًا؟ وهل يزول هذا النفور بعد فترة من اللقاء؟ وهل يبدو عليه النفور أم الخوف عند لقاء الغرباء أو الأقرباء؟ بالطبع احتاج متابعتك بأجوبة لتلك الأسئلة.
لاختيار الحضانة المناسبة يمكنك الاطلاع على ما يلي:
أم نحكوش تختار الحضانة.
2 - لا بد من محاولة رفع ثقة الطفل بذاته وبقدرته والتعامل معه بتشجيع ودعم لكل شيء إيجابي يقوم به ولو عفوا، ويمكنك الوصول لمقترحات تفيدك في مسألة رفع ثقة الطفل بنفسه فيما يلي:
الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية.
كلام الناس يقتل روح المبادرة.
تربية طفل مقدام ليس من الأحلام.
التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه متابعة ثانية.
3 - لا بد من التعامل معه بهدوء ولطف، ومحاولة لفت نظره وجذب تركيزه في محادثات صغيرة متكررة يومية لتدريبه بشكل مبسط على التركيز، مثل أن تقولي له: "انظر للكرة.. إنها كرة حمراء... سأقذفها في الصندوق وأحضرها لي "فيبحث عنها ويميزها ويحضرها، أو تضعين لعبتين بلونين ثم تقولين له هذه خضراء وتلك حمراء... ما التي تحبها؟ إذن استخرجها وأعطها لي.. "فلا بد من محادثته أوقاتًا كثيرة واستكشاف سبب عدم تركيزه.. هل هو التسرع والاندفاع، أي أنه طفل مندفع ومتعجل مثلاً Impulsive؟ أم أنه الانشغال بأكثر من شيء في نفس الوقت؟ فهو يبحث عنك ويبحث عن الكرة مثلاً فيدخل الحجرة يجدك ويجد الكرة فتشده الكرة أكثر فيلتقطها وينسى أنه يبحث عنك.. أم أنه ضعيف النظر مثلاً؟ وهذا احتمال وارد جدًّا.
4 - هل الطفل ينطق بشكل سليم؟ ومتى نطق؟ وهل اختلف في أي من مراحل نموه وتطوره عن أقرانه "الجلوس - الحبو - المشي - التسنين - التحكم في الإخراج - الفطام - المشي - النطق... إلخ"، وهو ما يسمى Developmental Milestone، أفضل إرسال نبذة عن هذه الجزئية بها تفاصيل كافية وملاحظاتك كأم لتطور طفلك في كل مرحلة منها.
5 - لا بد من تعريض الطفل للتعامل مع الآخرين في أكثر من موقف يوميًّا من خلال التسوق والخروج للمتنزهات أو زيارة الجيران أو الأقارب أو الأصدقاء، وستجدين المزيد من النصائح المفيدة حول تعويد الطفل التأقلم مع الغرباء فيما يلي:
الخوف من الغرباء مشكلة لها حل.
التأقلم مع الغرباء.. مسألة وقت
6 - عليك ملاحظة طفلك وتدوين ملاحظاتك عنه وعن ممارساته هل لديه عدوانية؟ هل تلاحظين عليه نشاطًا زائدًا؟ هل يسهل تواصله مع أخته ومعكم باللغة المنطوقة وغير المنطوقة.. "تعبيرات الوجه"؟ هل تبدو في نظرات عينيه استيعاب ما يوجه له من كلام أو أوامر أو غير ذلك؟ وأقصد هل يبدو في عينيه الفرح والحزن والشقاوة؟ وهل تتغير نظرة عينيه وتعبيرات وجهه مع اختلاف المواقف؟
وأخيرًا.. يا عزيزتي أختم حديثي معك بقول شهير يقول: "نقطة من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصيده برميل من العلقم"، وأعني بذلك أن الحب والمودة وإظهار التعاطف والحنان لأبنائنا يجدي معهم أضعاف ما يجدي القلق أو التوتر أو التقريع واللوم، ولعلك بهذا القول تستشعرين أهمية ثباتك ونبذك للقلق والألم، وتحاولين استبدال خطى ثابتة واثقة منظمة نحو العلاج بهما.
أستودعك رعاية الله، ويسعدني تلقي متابعتك بأجوبة ما طرحناه من أسئلة وموافاتنا بأخبارك وأخبار طفلك فنحن معك دائمًا إن شاء الله تعالى.
العربية أم الإنجليزية حيرة تحسمها المصلحة.. متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد قمت منذ فترة بإرسال رسالة لديكم، ولقد قمتم مشكورين بالرد عليها ونشرها تحت عنوان العربية أم الإنجليزية؟.. حيرة تحسمها المصلحة وبعد أن قرأت ردكم على المشكلة انتويت أن أفعل ما اقترحتموه علي، ولكن الذي أوقفني أن لغتي الإنجليزية ليست جيدة ففكررت مرارا وتكرار كيف أتواصل مع طفلي في المنزل وأنا لغتي ليست جيدة، وحاولت أن أزيد من جرعة حديثي معه، ولكن في بعض الأحيان أصاب بالقلق حول هذا الأمر والحمد لله أجد تحسنا طفيفا من طفلي في ناحية النطق فبعد أن كان ينطق 10 كلمات أصبح ينطق تقريبا 30 كلمة، وسعدت بهذا التحسن الطفيف وما جعلني أقلق أنه يردد ورائي هذه الكلمات ولكن لا يقولها وحده فعلى سبيل المثال هو يستطيع أن يقول "كلمة مية أو كلمة عصير"، ولكنه عندما يريد أن يشرب من العصير أو الماء فإنه يقوم بفتح الثلاجة ويقوم بالتأشير على ما يريد، وأحاول أن أقول له "مية - عاوز مية"، ولكنة ما زال أيضا مستمرا في التأشير على ما يريد ولا يقوله لوحده، ولست أدري كيف السبيل إلى جعله يقول ما يريد بدون أن يؤشر عليه؟ ولقد حاولت أن لا أحضر له ما يريد إلا إذا قال ما يريد، ولكني وجدته عندي واستمر في البكاء، ولم يقل ما يريد.
الأمر الآخر منذ بلغ العامين، وأنا أحاول تعليمه آداب الإخراج، والمشكلة أيضا أنه لا يقول لي حمام عندما يريد أن يتبول، أو يتبرز، ولكن إذا أخذت بالي أنه يقوم بهذا الفعل فأقول له اذهب بسرعة إلى الحمام فإنه يجري على الحمام وإن لم آخذ بالي فإنه يتبول، وأحيانا يتبرز في ملابسه، ولست أدري ماذا أفعل معه؟ حقيقة أنا في حيرة في أمري معه.
الأمر الثالث أجد أن مستوى ذكاءه لا بأس به فهو لديه القدرة ولله الحمد على تعلم ألعاب الكومبيوتر السهلة بالطبع ويتعلمها بسرعة، ولكني أتساءل لماذا لا يتعلم النطق بمثل سهولة تعلمه لألعاب الكومبيوتر؟
عمر طفلي الآن عمره عامان و8 شهور، وهناك طفل قادم في الطريق في أول شهر يوليو القادم بانتظار ردكم السريع علي، وجزاكم الله عنا كل الخير.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة ومرحبا بك للمرة الثانية التي نرجو ألا تكون الأخيرة، واسمحي لي أن افتتح كلامي معك ببعض العتاب.. ولا تستغربي فهناك ما يستحق العتاب فيما ورد في سؤالك:
أولا: انتويت فعل ما اقترحناه (وأعتقد أن النية لم يصدقها الفعل بشكل كبير) ثم توقفت.
ثانيا: من الواضح أنك اكتفيت بجزء واحد من الإجابة وهو الحديث مع طفلك بالإنجليزية في المنزل.. فأين إذن جلسات التخاطب التي طلبنا منك الحديث بالإنجليزية لمواكبتها؟ إن اقتراحنا بمتابعة الحديث بالإنجليزية في المنزل كان لدعم أثر العلاج بجلسات التخاطب مع الطبيب الأمريكي -إن لم يوجد آخر عربي- وتقوية قدرة طفلك على التواصل مع المجتمع الذي تقيمون فيه، ولعل هذا الشق من العلاج هو الأهم.
وبالتالي فلا عجب إن كان تحسن الطفل لا زال طفيفا، وإن كان لا يزال يستسهل الإشارة بدلا من النطق للتعبير عما يريد.
إذن فإجابتي على سؤالك الأول "ولست أدري كيف السبيل إلى جعله يقول ما يريد بدون أن يؤشر عليه" لن تتعدى طلبي لك بمعاودة قراءة وتنفيذ ما ورد في الإجابة السابقة بدقة شديدة... واعتبريه رجاء خاصا مني.
فما جعل الله من داء دون دواء، وغالبا ما نقصر نحن في تعاطي الدواء مما يؤخر علاجنا.
ولعل سؤالك الأخير وهو: "ولكني أتساءل لماذا لا يتعلم النطق بمثل سهولة تعلمه لألعاب الكومبيوتر؟" له نفس الإجابة؛ فتحديد مستوى الذكاء لا يمكن بالنظر فقط بل بإجراء هذا التقييم بواسطة متخصص، وتلك أول خطوة كان سيفعلها طبيب التخاطب، وهي تحديد العمر العقلي وقدرات الطفل واختبار لقدرته على السمع، كما أن ذكاء الطفل إن كان مناسبا ليس هو العامل الوحيد الذي يساهم في نطقه السريع، فكم من الأذكياء تأخروا في النطق، ولكن العكس صحيح بمعنى أن تأخر مستوى الذكاء حتما يؤثر على تأخر النطق.
أنا أدرك وأكاد أشعر بما تشعرين به من اضطراب بسبب استعدادك لمولود جديد مع عدم استقرارك مع أول فرحتك بالنسبة للنطق والإخراج، ولكن عليك الاستعانة بالله بقوة مع الأخذ بكل أسباب العلاج ليستقر طفلك بشكل مريح قبل أن ترزقي بأخيه أو أخته.. وعليه أنصحك بضرورة الإسراع بمسألة طبيب التخاطب العربي أن أمكن أو الأمريكي مع محاولة الحديث مع طفلك بالإنجليزية في المنزل قدر استطاعتك، وإن كانت لغتك ضعيفة فليس المطلوب منك إجراء حوارات طويلة بها فقط المفردات والعبارات القصيرة التي لا يشق عليك تكرارها مع نفسك لتتقني نطقها بشكل صحيح، فمفردات الحياة اليومية معروفة (ماء – طعام - اغسل يديك - هيا نلعب... إلخ)، ويمكنك إتقانها بسهولة إن شاء الله.
أما بالنسبة لمسألة الإخراج فعدم إتقان الطفل لها بشكل كامل أمر طبيعي، وربما أنت بحاجة لمزيد من الصبر والتأني في التدريب مع تكراره ليعتاد الطفل الأمر، وما سيرد فيما سأنصحك بقراءته من استشارات يختلف قليلا عما ورد في رسالتك من أسلوب لتدريب طفلك، فأمرك للطفل أن يذهب فورا للحمام عندما تجدينه يفعل ذلك في ملابسه ليس هو التدريب المرجو.. بل يجب عليك تحري –حتى أن احتجت لتدوين ذلك– مواعيد احتياج طفلك للحمام بشكل دقيق لإجلاسه في حينها وتفادي إخراجه في ملابسه، ولهذا الإجلاس أسلوبه المحبب الشيق للطفل لجذبه له وتجدين ذلك مفصلا فيما يلي:
علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
نجاح التدريب بالترغيب
ريحانة البيت في طريقها للتحكم.
وأخيرا عزيزتي..
أتمنى أن تزول حيرتك، فالحيرة تزيلها المعرفة، ولعلها توافرت في السطور السابقة، وقبل أن استودعك رعاية الله وحفظه أود أن تتقوى عزيمتك على مواصلة كفاحك الامومي بروح عالية ونفس قوية تتغلب على كل الصعاب فلن تكون تلك آخر ولا أول مشكلاتك مع أطفالك فالأم صرح يلوذ به أبناءها ومعالج حاذق لمشكلاتهم من مهدهم إلى لحدهم كما خاطب الشاعر محمد عبد الغني حسن الأم قائلا:
يا باذلات الحب طهرا صافيا *** في غير ما جلب ولا تصخاب
أنتن أنفاس الحياة وطيبها *** وجمالها الدفاق بالأطياب
كل الجمال بغير أم باهت *** لا حسن فيه وكل ضوء خابي
ــــــــــــــ(102/108)
صعوبات التعلم مرة أخري ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لديّ ابنة9سنوات ترتيبها الثانية بين إخوتها، ولكن منذ التحاقها بالسنوات الأولى الدراسية ظهر لنا أنها تعاني صعوبة شديدة في التعلم، حتى إنها الآن في الصف الرابع، ولكن لا تسطيع أن تقرأ أو تكتب أي حرف أبجدي إلا من خلال ترتيبه مع باقي الحروف الأبجدية، ويستحيل عليها قراءة أو كتابة أي كلمة مهما قل حجمها أما في الحساب فهي تحفظ الأعداد حتى عشرة، ويمكن أن تقوم بحل بعض مسائل الجمع والطرح البسيطة، وإن كان غالبًا ما تحتاج في ذلك لمساعدة أيضًا.
هي تعاني من التهتهة في الكلام وعدم نطقها لبعض الحروف بطريقة سليمة. رغم ذلك فهي تتمتع بذكاء وقبول اجتماعي، ويمكن أن تفهم من الأمور الحياتية والاجتماعية ما يعجز عن فهمه باقي إخوتها.
أدخلتها مدرسة خاصة والتي تعتني بمثل هذه الحالات، ولكن دون جدوى فلا أجد تقدمًا ملموسًا لها. هذا الأمر يسبب لها حرجًا شديدًا في المجتمع حين يداعبها أحد الكبار ويسألها أن تقرأ أو تكتب بعض الكلمات، فهل من طريق أو حل لعلاج مثل هذا الأمر ولو بالحد الأدنى؟ هل هناك من تجارب عملية للمختصين لديكم بمثل هذا الأمر؟ أرجو الرد مع إرفاق بعض عناوين المختصين لديكم بمثل هذه الحالات.. جزاكم الله خيرًا، ووفقكم لعون الملهوفين.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل.. حالة ابنتكم حفظها الله هي حالة عادية ومعروفة، ولا أدري هل أجريتم لها اختبار ذكاء أم لا؟؟ حيث لم تذكر ذلك في رسالتك. لكن يمكن أن يكون التشخيص بطء تعلم أو إعاقة عقلية بسيطة، وهذا يعني أن الإنسان يكون لديه قصور شديد في اكتساب المهارات الدراسية (وهو ليس صعوبة في التعلم حيث إن هناك فرقًا في المصطلحات). على كل حال الذكاء أيضًا الآن ليس نوعًا واحدًا كما كان يعتقد سابقًا، فهناك الذكاء الاجتماعي، والذكاء الرياضي، والذكاء العددي، وآخر تعداد لأنواع الذكاء هو 12 نوعًا.
لذا ليس من المستغرب أن لدى الطفلة تكيفا اجتماعيا لا بأس به. والفائدة من عمل اختبار القدرات هو توقع قدرات الطفلة، وبالتالي كيف نخطط لمستقبلها.
والاقتراح الذي أقدمه لكم هو:
- الاستمرار في البحث عن من يمكن أن يقوم بتدريس الطفلة المهارات الدراسية الأساسية من قراءة وكتابة وحساب بما يمكن أن يساعدها في حياتها وطبعًا يجب أن ندرك أن أقصى ما نطمح له هو القدرة على القراءة والكتابة والحساب حسب قدرة الطفلة، وأيضًا نضع في اعتبارنا أن هذا الموضوع قد يطول، أي أن الطفلة يمكن أن تصل إلى مستوى الصف العاشر مثلاً، ولكن تبقى دراسيًّا في مهارات الصف الأول أو الثاني.
- البدء بتدريب الطفلة على مهارات أخرى مثل الخياطة أو تنسيق الزهور أو الطبخ أو الطباعة، أي البحث عن ما يمكن أن تتقنه بحيث يصبح صنعة لها في المستقبل.
- محاولة إيجاد نشاطات للطفلة تحبها وتنجح بها، وتكون في الوقت الحالي بهدف أن تشعر بالنجاح في شيء ما بحيث لا يبقى الموضوع الأساسي للحديث معها هو الدراسة فقط.
- يمكنكم الاستعانة بمستشار أسري أو نفسي لمساعدتكم في وضع برنامج لكم وللبنت إذا كان الموضوع بدأ يأخذ أبعادًا نفسية سيئة.
سيدتي الفاضلة.. يتوفر لدينا عناوين بعض المراكز الخاصة والتي سوف تجدونها على بريدكم الخاص بإذن الله تعالى بعد قراءتكم لهذا الرد، ونحن ننوِّه إلى أنها مجرد ترشيحات يقع على مسئوليتكم التثبت من مصداقية الخدمة التي تقدمها.
ــــــــــــــ(102/109)
أمنيات ولدي.. نية بلا إمكانية ... العنوان
ابني يحب الحيوانات الأليفة من بعيد، ويتحدث أنه سيركب الحصان والجمل، ويحمل القطة، ولكن ما إن ير شيئا منها قريبا منه حتى يولي هاربا، ويصاب بذعر كبير جدا، ونفس الشيء بالنسبة للبحر؛ حيث يمني نفسه بالسباحة؛ بل يسبح على الفرش والأغطية في المنزل؛ مما يدل على رغبته الحقيقية في ذلك، ولكن ما إن يصل الشاطئ حتى يصاب بالخوف من الاقتراب من الماء، ولو على بعد عدة أمتار أحيانا.
ماذا أفعل لتخليصه من ذلك، خصوصا أننا أنا وأبوه كلما حاولنا تجرئته خشينا أن نكون قد زدنا الأمر سوءا؟ وشكرا.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختي الكريمة ومرحبا بطفلك وبأسرتك، وفي الحقيقة لم أستغرب كثيرا حينما قرأت تفاصيل سؤالك، وتفاصيل حالة الغالي "عبد الله"، بارك الله لك فيه؛ فخوفه دليل على وعيه بقيمة سلامته، وإحجامه عن تحقيق أمنياته أمر طبيعي يقع فيه الكبار قبل الصغار حين يشعرون بخطورة ما تصوروا سهولة تحقيقه، وهم في فرشهم بعيدا عن الأخطار.
أختي الكريمة، إن أي فعل يفعله الإنسان بنجاح يحتاج إلى نية لفعله، أو لنقل: رغبة في فعله، مع إمكانية لفعله وقدرة على تنفيذه، سواء كانت القدرة تتمثل في ظروف مواتية أو إمكانات ومهارات شخصية إلى آخر ما هنالك مما يندرج تحت الإمكانية، إذن معادلتنا هي "فعل نية + إمكانية"، وما إن ينتقص من طرفي المعادلة عنصر ما فإن الأمر يختلف بلا شك، فلو توفرت الإمكانية ولم يدر بخلد الإنسان هذا الفعل، ولم يرد فعله فلن يفعله، وكذلك إن تمنى فعله ولم تتوفر الإمكانية لذلك فلن يفعله إلا لو حاول وثابر وصمم على تطويع الظروف، وجعل الأمر ممكنا؛ أي إذا حاول أن يوفر الإمكانية لتنفيذ ما ينوي فعله.
وتعالي أوضح لك ما أعنيه بالتحديد.. فما أقصده هو أن أحلام عبد الله في امتطاء صهوة الجواد وركوب الأفيال وترويض الحيوانات والغوص في أعماق البحار كلها تتوفر لفعلها وتحقيقها النية.. لكن مما لا شك فيه أن عبد الله يفتقد الإمكانية لتحقيق هذه الأحلام؛ فهو عند تحقيقها يكتشف صعوبتها، ويشعر بضآلة قدراته حيال ذلك؛ فيحجم مسرعا بنزعة طبيعية نحو السلامة والحفاظ على البقاء.
أعتقد أنني فيما سبق فسرت لك سر تصرف عبد الله، وأتمنى أن يكون هذا التفسير قد وفر لك ما يكفي من اطمئنان وهدوء للتعامل مع عبد الله، وفقا للمقترحات التالية بلا توتر أو قلق أو أي شعور سلبي تجاه عبد الله، وتعالي نحاول معا التفكير في كيفية توفير الإمكانية لعبد الله لتحقيق أحلامه وأمنياته:
أولا: خوف الطفل من أي شيء يجعل التعامل مع هذا الشيء من قبل الوالدين بحاجة لفن وتعامل ذكي؛ فلو أنك تخافين تناول الحساء الساخن فلن يكون إقناعي لك بأني بردته أو أنه جيد المذاق أن أصبه في فمك صبا.. بل إنني أحثك على تذوق قطرة منه بطرف لسانك لتتأكدي بنفسك -وليس لأتأكد أنا- أنه غير ساخن، أو أنه مناسب لك، أو أنه بحاجة لمزيد من التبريد مثلا، ولمزيد من الإقناع قد أتناوله أمامك لتري بنفسك أنه لم يحدث لي شيء.. وهكذا.. وكذلك طفلنا الحبيب عبد الله يحتاج أن يقتنع بشكل غير مباشر وبلا حث أو إلحاح أو دفع بأن ما يخافه أشياء لا تستحق الخوف، ولكن يجب ألا يتم إقناعه أن الحصان لا يخيف بأن نضعه على ظهره عنوة أو نجبره على ركوبه أو إطعامه عنوة.. بل يمكن أن:
- تحضري له مجموعة حيوانات بتفاصيلها واضحة من البلاستيك مثلا، فيعتاد اللعب معها ورؤيتها وضربها ورصها و.. و.. فيألفها تدريجيا، وكذلك يا حبذا لو أحضرت مجموعة أخرى من ألعاب الفرو بشكل حيوانات (قطة بحجم يقترب من الطبيعي، وكلب، وبطة، وعنزة مثلا)؛ ليستشعر الملمس -الذي يخيف الأطفال أحيانا- للفراء والشعر، ولكن ليس هذا كل شيء؛ فاختلاف الحجم ما زال يسبب الخوف لعبد الله.. إذن فعليك محاولة زيارة حديقة الحيوان بشكل منتظم (أسبوعيا مثلا)، فيرى الحصان والفيل وكل الحيوانات من على بعد يشعره بالأمان، وفي نفس الوقت يبدأ باعتياد حجمها وشكلها وحركاتها فيستكشف أنها غير مؤذية.
- لا بد أن يتم الإعداد الجيد لزيارات الحديقة، وذلك بتشويق الطفل لذلك، والكلام أمامه مع والده مثلا عن ذكريات الطفولة، وحبك للحيوانات في صغرك أو حب أحد إخوتك، وكم كان محببا رؤية الحيوانات وإطعامها.. وهكذا.. فيستمع للحديث من بعيد دون أدنى شعور بإجبار منك أو إلحاح ينفره أو يخيفه أو يسبب له مزيدا من الإحجام، وعند الذهاب إلى الحديقة قوما أنت ووالده بإطعام الحيوانات أمامه و"التمليس" عليها -إن كان مسموحا- أنت مرة وأبوه يحمله، ثم أبوه وأنت تحملينه؛ ليشاهد من بعيد دون إجبار له على المشاركة؛ فإن طلب أن يفعل مثلكما فبها ونعمت، وإن لم يطلب فلا داعي لإجباره، ويكفي مرحليا أن يشاهدكما.
- يمكن اصطحاب أحد أبناء العائلة من المشهورين بالجرأة والإقدام؛ لتكون جرأته أثناء التعامل مع الحيوانات دافعا ومثالا يقتدي به عبد الله بشكل غير مباشر، وليكون نموذجا حيا أمامه أن تلك الحيوانات غير مؤذية.
ثانيا: لا شك أن تهديد الطفل بشيء مما يخاف يريده نفورا منه وخوفا منه، فتهديده بالحصان مثلا، أو تهديده بالقطة والكلب أن لم يفعل كذا سيزيد خوفه من هذه الأشياء وشعوره أنها من أنواع العقاب والتعذيب فيزيد نفورا منها وربما إلى غير زوال.
ثالثا: تعاملك أنت ووالد الطفل مع الأشياء حولكما وحول الطفل باطمئنان وسعادة ومرح يخفف من تحفزه وخوفه مما حوله (الظلام - الحشرات مثلا - حيوانات الشارع... إلخ). فحينما يجد من حوله يتعاملون مع الأشياء بهدوء وروية وتأن فإنه بلا شك يكتسب تدريجيا هذا الثبات.
رابعا: الطفل في حاجة باستمرار لإشعاره بالثقة في نفسه ورفع ما لديه من تلك الثقة، وهذا مما أكثر به المتخصصون على صفحتنا -مثل د.إيمان السيد- لتفادي أي خوف لدى الأطفال؛ فكأنما الخوف والثقة ضدان يملآن نفس الطفل، ما إن يزِد أحدهما حتى يتغلب على الآخر ويطرده، وزيادة ثقة الطفل بنفسه بالثناء عليه ومدحه وخصوصا أمام الآخرين -مع تجنب المبالغة- والثناء على تصرفاته الحسنة وحنانه مع الحيوانات و"شطارته".. إلى غير ذلك، كما أن ثقته بنفسه يزيد منها تكليفه ببعض المهام مثل محاسبة البائع في متجر، أو المشاركة في اختيار المشتريات أو نوع الطعام أو ترتيب الأثاث في الحجرة... إلخ.
ويرفع ثقته بنفسه تجنب نهْره أو عقابه بشكل مؤلم، وكذلك التعامل معه بشكل فيه احترام لعقله ورغباته ومناقشة كل أمر أو نهي يوجه له بتوضيح أسبابه وفائدته "فلا نعبث بكذا لأنه مؤذ ونأكل مثلا لتكون أجسادنا قوية... إلخ ".. ومن ثم عدم إشعاره بالتسلط أو القهر من قبل أي طرف، كما أن ممارسة لعبة جماعية في فريق –مثلا- تابع لناد رياضي أو حضانة أو مدرسة يسهم بقوة في رفع ثقة الطفل بنفسه وخصوصا لاحتياجه كذكر لممارسة رياضة تستثمر طاقته مثل: "كرة القدم – العدو - كرة اليد - كرة السلة – التنس..."، كما أن اشتراكه في تمثيل مسرحية مثلا في حضانته ولو بكلمة واحدة يقولها كدور في هذه المسرحية أو بمشاركته في غناء أغنية يفعل الكثير، ويزيدك في هذه الجزئية استفادةً اطلاعُك على ما يلي:
الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ.
تربية طفل مقدام ليس من الأحلام.
التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه.
خامسا: تعرض الطفل تدريجيا للتعامل مع الحياة بمعاونة من بعيد دون تدخل مباشر، ومنحه الفرصة للتعرف على ما يخيفه ليكتشف أنه لا يخيف (كماء المسبح أو البحر - ماء حوض الاستحمام الدفيء...) سيجعله يقترب منه تدريجيا، وإجباره على التعامل مع ما يخاف قد يحول خوفه إلى فوبيا تلازمه من هذه الأشياء.
ويمكنك الاطلاع على ما يلي للاستزادة حول تلك النقطة بالتحديد:
سمك السلمون يتعلم فنون الحياة.
سادسا: اجتهدي يا عزيزتي ألا يتعرض طفلك لأي شيء يعرض ما يخيف كفيلم كارتون مرعب أو قصة مخيفة أو حدوتة بها عفاريت، أو حتى أصوات غير لطيفة لكي تحاولي إخماد خوفه بمنع مثيراته قدر المستطاع.
ومراجعتك لما يلي تفيدك في تحقيق ذلك:
العلاج السلوكي المتدرج والمخاوف
التعامل مع الطفل المذعور الخائف.
وأخيرا يا عزيزتي أرجو أن أتلقى قريبا متابعتك لنا بأخبار جميلة عن عبد الله، ويا حبذا لو أرفقت بها صورة له يمتطي صهوة فرس جميل، فعسى حينها أن نعرضها مع استشارتك على صفحتنا لندعم بالصورة قصة نجاحك الأكيد مع عبد الله، وبث جرأة الأشاوس في قلبه.. وإلى هذا الحين الذي لا أريدك استعجاله أستودعك رعاية الله وحفظه وإلى اللقاء القريب.
ــــــــــــــ(102/110)
ماذا أفعل لكي تحترمني ابنتي؟ ... العنوان
السلام عليكم، مشكلتي مع تسنيم(4 سنوات) ذات الخيال الواسع والذكاء العالي والحساسية المفرطة هي عدم التعامل معي على أني أمها، بل تتعامل معي كند لها، وعصبيتها لا حد لها، وعلما أنها في هذا مثل أبيها، وكذلك لا أنكر أني أتعصب كثيرًا، ولكني أجاهد نفسي في ذلك كثيرًا.
هي ذات ذكاء حاد وهي وديعة عندما لا تتعصب، أما إذا وصلت لمرحلة التعصب تكون جامحة وتتوعدني بالويل عندما يحضر أبوها.
وهي تكرر ما قد أتوعدها به إذا أخطأت، وإذا صرخت في وجهها لخطأ ما تصرخ وتتوعد وتقاطعني، وقد تدفعني وتظل تعاتبني كثيرًا.
وهي تحكّم أباها الذي تحاورت معه كثيرًا ألا يحكم بيننا كأختين وأن يرفع قدري أمامها ولا جدوى، وربما قال إنها على حق وأنت متشددة معها، ثم يوجهها وهي غير مقتنعة أنها مخطئة، وهي من أجل أبيها تصالحني.
أشعر بالألم يعتصرني وابنتي لا تحترمني أمام الناس وأمام نفسي. وأنا أحاول معها بتعميق الحب باللعب والنقاش، وهي بعد الخصام تأتي وتعتذر، ولكن بمجرد تكرار الموقف يتكرر رد الفعل، وهي في حضور أبيها تتقرب إليه بشدة كأنها تعاندني بذلك، رغم أن ذلك يسعدني، وعندما يغضبها أبوها فهي مأساة حتى يرضى عنها.
أحاول أن أفعل معها كل شيء لتكون ابنة صالحة، وهي ذات تقدير عال جدًّا لنفسها، حتى إنها تحرجنا بعدم السلام على الضيوف أو تتخير من تحب وتتجاهل الباقي، وليس كل الناس عندها سواء فهم مراتب ودرجات، وأحيانًا أشعر أني من الناس الذين في الدرجات السفلى لديها رغم قربي الشديد منها.
أرجو إفادتي كيف أعامل ابنتي حتى تحترمني وتشعرني أني أمها.. أرجو إفادتي في ألفاظ غير لائقة يتلفظ بها أخوها الأصغر ابن السنتين، ومعذرة للإطالة، وجزاكم الله كل الخير.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام -سيدتي- ورحمة الله وبركاته مرحبًا بك ونسعد دائمًا برسائل روادنا، ونرجو أن نفيدك فيما تسألين عنه.
بداية أشكرك لمعرفتك وإحاطتك بنواحي القوة لدى ابنتك وبورك لك فيها، فهي تتمتع بكل مقومات الشخصية القيادية، وهذا أمر رائع إذا ما استطعنا توجيهه إلى وجهته الصحيحة؛ ولكن دعيني أوضح لك أمرين قبل البدء في الرد على رسالتك بشكل تفصيلي أولهما: إذا كانت الأوامر والنواهي الكثيرة وبطريقة مباشرة غير مقبولة في تربية أي طفل فهي مرفوضة تمامًا بالنسبة للأطفال الذين يتمتعون بالقيادية أمثال شخصية ابنتك.
ثانيهما: أن سلوكيات ابنتك الندية ما هي إلا انعكاس لما تفعلينه أنت معها، فاسمحي لي أن أقول إنك أنت التي تتعاملين معها بندية وتنسين أحيانًا أنها طفلة ويغرك منها أنها ذات شخصية قوية وصلبة، ومثل هذه الشخصية لها أسلوب خاص في التعامل، ولنبدأ الآن في الخطوات العملية لهذا الأسلوب:
1. هناك فرضية تقول: إذا كنت تعمل الذي تعمل فأنت دائمًا تحصل على نفس النتيجة؛ لذا عليك بالتغيير من أسلوبك مع ابنتك إذا كنت تبغين نتيجة مختلفة، وذلك من خلال طرحك لهذا السؤال على نفسك: إذا كنت مكان ابنتي فكيف سأتصرف في هذا الموقف أو كيف سأستقبل هذا الأمر؟ فإذا وضعت نفسك مكانها ربما عرفت لماذا تسلك هذا السلوك، وبالتالي تصلين لطريقة وأسلوب آخر في التعامل غير الذي تعودتما عليه، والنقاط التالية تساعدك على هذا التغيير.
2. لا تقابلي عندها بعند مماثل فلا تأمريها بتحد لتنتظري هل ستنفذ أم لا أو تصري على تنفيذ الأمر، ولكن أقرني الأمر الذي تريدينه منها بالهدف منه وبطريقة مرحة لطيفة:
فمثلاً يمكن أن تطلبي منها بهذا الأسلوب "هيا بنا تسنيم كي نجمع اللعب التي لعبنا بها لنحافظ عليها ونجدها في مكانها كلما أحببنا اللعب بها" أو "هيا لتساعدي ماما في إعداد المائدة حتى يأتي بابا ويُسر بنا"، أو هلا ناولتني حفاظات أخيك من الخزانة لكي نخرج أو حتى يكف عن البكاء ونبدأ أنا وأنت في عمل "الكيك" ويمكنك الاطلاع على :
عندما يعاندون.. هكذا نعاملهم
علاج العند بقوانين الكرة
العند.. الحل السحري في القصص
3. قدري أن ابنتك في مرحلة تعتبر من أعلى فترات حياة الإنسان عندًا وتمردًا، ذلك فضلاً عن طبيعة شخصيتها القيادية (يمكنك الاطلاع على بعض كتب علم نفس النمو لمعرفة خصائص المرحلة واختاري أيًّا منها، فمعظمها جيد وهي متوفرة بالمكتبات مثل مكتبة النهضة المصرية والنهضة العربية، ومن أمثلتها كتاب علم نفس النمو للدكتور حامد زهران، وأظن بحكم تخصصك يسهل عليك البحث والقراءة في مثل هذه الموضوعات).
4. أن توطدي علاقتك معها -كما تفعلين- باللعب والتنزه والأنشطة المتعددة، وعليك باستثمار طاقاتها؛ لأن من أسباب عصبية الأبناء في كثير من الأحيان أن ما يمارسونه من أنشطة أقل بكثير من إمكاناتهم وقدراتهم (هناك موضوعات عديدة عن الأنشطة واللعب مع الأطفال طرحت على هذه الصفحة، كما يمكنك الاستعانة بكتب اكتشاف ميول الطفل أو تنمية مهاراته، وأرشح لك سلسلة كيف تفهم الأطفال، ومنها كتاب اكتشاف ميول الأطفال ترجمة دكتور محمد خليفة بركات، وهناك العديد من الكتب يمكنك فقط التوجه لأي مكتبة أطفال ستجدين عشرات، بل مئات من هذه النوعية).
5. انظري دائمًا إلى الجوانب الإيجابية في سلوكياتها وتصرفاتها كأن تثني عليها حينما تجدينها قد رتبت أشياء خاصة بها أو أنها تعاملت مع أخيها بلطف أو أنها ساعدتك في تناول بعض الأشياء.
6. استمري في محاولاتك لضبط النفس والأعصاب عند الغضب، وهناك بعض الأطعمة التي تحتوي على عناصر وأحماض أمينية من شأنها أن تقلل من العصبية والتوتر، مثل تناول البيض والسمك والحبوب كاملة القشرة والجزر والبصل والبروتين النباتي مثل الفول ويمكنك الاطلاع علي:
نصائح ذهبية لعلاج العصبية
تقمص الأبناء لعصبية الآباء
7. لاحظي كيف يتحاور والدها معها، وتعلمي منه كيف يعالج الأمور معها.
8. كوني حازمة واثقة من نفسك ومن اتخاذك القرارات غير مترددة ليس في الأمور التي تخص تسنيم فقط، بل في كل أمور حياتك واجعليها تلمح ذلك؛ ولا تجعليها تشعر بأنها قادرة على استفزازك.
9. إذا تعاملت معك أمام الآخرين بطريقة غير لائقة فما عليك إلا أن تنظري لها نظرة غاضبة تدل على استيائك مما فعلته دون أي تعليق أو عتاب حتى بعد انصراف الناس فهي قد وعت تمامًا أن ما فعلته لم يكن لائقًا، وأن عتابك لها سوف يسمح لها بمزيد من التجرؤ والتمادي، كما أنه لا داعي للحرج على الإطلاق من عدم سلامها على بعض الناس وسلامها على آخرين، فكل الأطفال يفعلون ذلك ولا تعيري هذا الأمر اهتمامًا أنت وزوجك وسوف يعالج تلقائيًّا كلما كبرت.
10. أن تكون لك آراؤك الواضحة فيما يطرح عليك من قضايا، فمثلاً إذا كنتم في إحدى الزيارات أو الجلسات العائلية فلتسمع تسنيم منك آراءك حول القضايا التي تطرح في الجلسة وأن هذه الآراء موضع قبول واستحسان من الآخرين، شريطة أن تكون من الأمور المباح للصغار سماعها كأن تبدي رأيًا حول المشاركة الفعالة للمرأة بالمجتمع، أو بعض قضايا الساعة، ولكن احذري أن تُطرح قضايا مثل: عناد الأطفال أو سوء الخلق المتفشي بين أبناء الجيل، فمثل هذه القضايا وما شابهها إنما يؤدي بالأطفال الذين يستمعون إليها مزيدًا من العند، بل والتمادي في السوء.
11. وكذلك تعرف أنك موضع سر عدد من الأصدقاء أو المعارف والكثير يستشيرونك في أمور خاصة بهم، بالطبع لا داعي لأن تعرف ما هذه الأمور، ولكن تعرف فقط أن هناك من يستنير برأيك وحريص على الأخذ به.
12. عليك بتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية مع الجيران وزوجات أصدقاء زوجك وغيرهم.
13. عليك بالاطلاع وتثقيف نفسك وإدارة مناقشة هادفة مع زوجك عما يدور حولك.
14. ونصيحة أخيرة.. أود أن تلاحظي تسنيم في تعاملاتها هل لا تستطيع أن تتحكم في ردود أفعالها وعصبيتها مع كل الناس دون تمييز أم أنها تضبط سلوكياتها وانفعالاتها مع من تحب وترتاح لهم؟
فإذا كانت من النوع الأول الذي إذا ثار لا يفرق بين من يحب ومن يكره ولا تمتلك أعصابها، ففي هذه الحالة أقترح عرضها على طبيب متخصص (مخ وأعصاب).
أما إذا كانت ابنتك تستطيع أن تتحكم في أعصابها مع من تحب، وهذا ما أرجحه فيمكنك العمل بما نصحتك به في السطور السابقة.
أما عن ابنك الذي يتلفظ بألفاظ غير لائقة فيمكنك أن:
1- لا تعيري اهتمامًا عندما يتلفظ بلفظ سيئ؛ لأنه يفعل ذلك أحيانًا للفت نظرك والاهتمام به وكذلك لا تتحدثي عن هذه الصفة أمام الآخرين على سبيل الشكوى مثلاً أو التماس النصيحة.
2- عندما يتكلم بطريقة عادية أو يتلفظ بألفاظ مهذبة شجعيه وعززي هذا السلوك بصفة مستمرة في كل مرة.
3- لا تضعيه في مواقف مستفزة حتى لا يكون اللفظ السيئ أو البذيء هو رد فعل طبيعي لهذا الموقف، فلا تأخذي منه شيئًا بالقوة مثلاً أو تعنفيه أو تضربيه، بل عليك أن تعالجي الأمر بهدوء.
4- أوجدي بعض المواقف التي تجعل طفلك يكرر السلوك الجيد كأن تطلبي منه أن يناولك أي شيء (كتاب - قلم - ملعقة...)، ثم اشكريه على صنيعه، وعندما يطلب منك شيئًا ذكريه وهو يأخذه منك بكلمة "شكرًا ماما"، وعندما يقولها احتضنيه أو قبليه، أي تعززينه بأي وسيلة معنوية، ومن هنا يدرك الطفل أن الطريقة والأسلوب والكلام المهذب هو الذي يعزز، أما الألفاظ البذيئة والأسلوب السيئ فلا.
استمري على هذا الدأب حتى تصبح سلوكيات ابنك الجيدة وطريقته المهذبة هي العادة لديه وعندئذ عززيه، ولكن ليس على كل مرة يأتي بها بالسلوك الجيد، ولكن بطريقة متقطعة عشوائية، لكن لا تتركي التعزيز مطلقًا.
سيدتي.. أنا الآن التي تعتذر عن الإطالة، وفي نهاية رسالتي أدعو لك بالتوفيق، كما أرجو المتابعة معنا.
ولمزيد من المعلومات يمكنك الاطلاع علي :
نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
فلنستثمر ذكاءهم باللعب
ــــــــــــــ(102/111)
كل حاضر بمقابل ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الإخوة في الله، شكرا لكم على هذا الموقع الرهيب الذي أطالعه يوميا للاستفادة من مشاكل الآخرين، وأكون فخورة لو قلت بأني أصبحت أطبق معظمها على أولادي وأندم بأنني كنت أجهلها في بعض الأحيان.
مشكلتي تبدأ في أنني غير سعيدة في حياتي الزوجية، وأتحمل الكثير ولكنني أعاقب أولادي؛ لأنني أصبحت عصبية، وبالإضافة لوجود حماتي في المنزل التي تبلغ من العمر 80 عاما؛ وهي تكره أولادي ليس كرها ولكن من كثرة الشقاوة لا تتحملهم، وكثيرا ما تنتعتهم بصفات غير لائقة؛ فتجعلني أتعصب عليهم
لماذا تجعلونها تتهمني بعدم استطاعتي على تربية أولادي؟
وبعد ضربهم أندم أشد الندم وكثيراً ما أشرح لها أنهم
أبرياء لا يقصدون الشتيمة بالمعنى الحرفي لها، ولكن عندما تقوم هي بضربهم يريدون أن يعبروا عما بداخلهم إما بالصراخ أو غيره حتى أصبحت أكره وجودها بالمنزل.
عمر أولادي: 5 أعوام و3 أعوام، مشكلتي الرئيسية في أن ابنتي الكبرى 5 أعوام لا تتحرك ولا تذهب للروضة ولا تشتري لي أي شيء إلا بالمصروف؛ لدرجة أنه بالأمس قامت بتخطيط مبلغ المصروف لها عندما ستذهب للابتدائية. سأقول الأرقام بما يعادل الجنية المصري حالياً: تأخذ من 5-8 جنيهات يوميا، وتريد في الابتدائية أن تصرف في اليوم 5 جنيهات، وفي الإعدادية تريد يوميا 50 جنيها، وفي الثانوية 60 جنيها. وسألتني ماذا بعد الثانوية قلت لها الجامعة، وساعتها لا يليق بك إلا أن تأخذي مصروف مائة دولار يوميا
آسفة على الإطالة فهذه المرة الأولى التي أشكو فيها لأني دائما أسمع عبارة "اتركي العمل واجلسي لأطفالك". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أشكرك سيدتي على اهتمامك ومتابعتك لنا على صفحة "معا نربي أبناءنا" ومحاولتك الاستفادة منها.
برغم أنني لم أتلق أي بيانات إلا ما ورد في طي رسالتك فسأجيب عنها بقدر تلك المعلومات، وسألخص ما ورد في نقاط محددة حتى يسهل الرد:
أولا- أنت غير سعيدة في حياتك الزوجية.
ثانيا- حماتك التي تبلغ من العمر 80 عاما تقيم معكم.
ثالثا- ابنتك التي تبلغ من العمر 5 سنوات لا تجيب طلبا إلا بأخذ مقابل مادي على ما تفعل، كما أنها تحسب كم سيكون مصروفها من الآن حتى تصل إلى الجامعة.
برغم أن استشارتك -سيدتي- ليست عن موضوع الزواج بشكل رئيسي فإنني أنصحك بمحاولة إصلاح ما بينك وبين زوجك، ولا تيئسي من المحاولة والعزم على هذا؛ لأن مثل هذه العلاقة لها تأثيرها السلبي على تربيتك لأولادك بل ولها تأثير سلبي على قدرتك وتحملك أنت، كما أنها سبب من الأسباب الجوهرية لعصبيتك مع أبنائك، التي تؤدي بدورها -أي العصبية- إلى مزيد من التوتر وزيادة الفجوة بينك وبينهم.
ولذا أقترح إما أن تتابعي برنامج "البيوت السعيدة" الذي يعرض على قناة "اقرأ" يوم الثلاثاء في حدود التاسعة والنصف أو العاشرة، وإذا لم يكن ذلك متاحا فيمكنك أن تدخلي على موقع "جاسم المطوع" وعنوانه موجود في دليل المواقع بـ"إسلام أون لاين.نت"، أو يمكنك استشارة أحد المتخصصين في العلاقات الزواجية ببلدتك التي لم تذكريها في البيانات.
وأما مسألة والدة زوجك التي تقيم معكم، وصعوبة التعامل معها؛ فأظن أنها مشكلة وثيقة الصلة بالنقطة الأولى؛ فاحتمال امرأة في مثل سنها -لا شك- أمر صعب سوف تؤجرين عليه إن كنت مستحضرة النية، ولكن الأمر سيكون أيسر بكثير لو كانت العلاقة بينك وبين زوجك أفضل، ولكي تتغلبي على مشكلة مشاكسة الأولاد لها أو شكواها هي منهم، فعليك بأن تشغلي أوقاتهم باللعب وممارسة الهوايات المختلفة معهم التي تناسب هذه المرحلة، وهذا من شأنه أن يقلل عصبيتك أيضا، وباعتبارك قارئة جيدة لصفحة "معا نربي أبناءنا" أرشح لك الاطلاع على موضوعات خاصة بممارسة الأنشطة مع أطفالك وموضوعات خاصة بعلاج عصبيتك معهم.
أما بالنسبة لابنتك التي تبلغ من العمر 5 سنوات -وهي موضوع الاستشارة- التي تفكر دائما بالعائد المادي في معظم سلوكياتها؛ فهذا أمر لا يصدر من طفلة في مثل سنها إلا إذا كانت قد اكتسبته من أحد المحيطين بها (خاصة الوالدين) وتراه نموذجا لها فتقلده. فالطفل في هذه المرحلة لا يدرك قيمة المال بشكل جيد، ولا يهتم به كل هذا الاهتمام، وكل ما عليك لعلاج هذا الأمر وحتى تجعليه في إطاره وحدوده الطبيعية لهذا السن يمكنك:
1- أن لا تخضعي لطلبها المقابل المادي على أي أمر تأمرينها به.
2- يمكنك ذات يوم أن تقومي بهذا المشهد التمثيلي حين تطلب منك الطعام مثلا؛ فقولي لها "آسفة جدا صغيرتي.. لن أستطيع إطعامك؛ فلم تعطيني أجرا على هذا"، وحين تطلب منك أن تشرب أو تساعديها في ارتداء ملابسها أو تحكي لها قصة أو تلعبي معها أو تراعيها في أي أمر لها؛ فليكن ردك على نفس المنوال، ثم في نهاية اليوم أو بعد عدة ساعات تحددينها أنت بحيث تصل طفلتك لذروة اندهاشها مما تفعلين وتقولين، حينئذ ابدئي مناقشتها فيما بدر منك، ووضحي لها أن مثل هذه الأمور لا يصح أن نأخذ عليها أجرا ماديا، بل الأجر والمقابل هو ذلك الحب الذي أودعه الله في قلبك تجاههم، وكما أن رعاية الآباء للأبناء واجبة كذلك مراعاة ورعاية الأبناء لآبائهم أشد وأعظم.
3- قصي عليها بعض القصص التي تحمل معنى العطاء من أفراد الأسرة دون مقابل.
4- عليك بإخبارها -عن طريق القصص أيضا- ما المهام التي يأخذ المرء عليها أجرا ماديا (كل صاحب مهنة لا بد أن يتقاضى على عمله أجرا...)، لكن هناك بعض الخدمات أو الواجبات التي يقوم بها الناس دون مقابل، ومثال ذلك أفراد الأسرة بعضهم مع بعض.
5- حينما تستوعب طفلتك ما سبق وتقوم به بشكل عملي اصحبيها لبعض الجمعيات الخيرية، واجعليها ترى بعينيها كيف يقدم بعض الناس خدمات دون مقابل مادي.
وأخيرا -سيدتي- أدعو الله لك بالتوفيق، ونرجو مزيدا من المتابعة؛ فنحن نسعد دائما بزوارنا.
ــــــــــــــ(102/112)
التعاطف: وعيا بالذات والآخرين!! ... العنوان
أولا أود أن أشكركم على العمل الجاد الذي تقومون به..
سؤالي هو كيف نعلم أولادنا أن يشعروا بنا وأن ينشئوا ليكونوا في المستقبل رجالا أقوياء، وعلى سبيل المثال عندما أصاب بجرح صغير فإنهم يشعرون بالذعر، ولكني أخبرهم أنها لا تؤلم ولم يحدث شيء، ولكني في نفس الوقت أريدهم يشعرون بي؛ ولذلك رأيت أنه من الأفضل أن أتوجه إليكم بالسؤال والمشورة، جزاكم الله خيرا.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا كثيرا على دعوتك الطيبة.. اللهم ألهمنا صوابا.. اللهم آمين.
مما فهمته من سؤالك أنك تسألين عن الكيفية التي تعلمين بها أطفالك التعاطف؛ ونعم السؤال الذي تسألين.. فالتعاطف أب لفضائل أخلاقية كثيرة فتجدينه مشتركا مع التسامح؛ وقبول الآخر؛ وقبول الاختلاف؛ وأساس ثابت وجوهري للتفاوض؛ وفض النزاعات سواء داخل الأسرة أو مع الأصدقاء أو حتى بين الشعوب المتحاربة.. أساس أي تفاوض هو معرفة الآخر وفهمه وقبول مشاعره وأفكاره وإن كنا على خلاف معها.
وللأسف الشديد إننا لا نستثمر الفطرة الطيبة التي خلق الله الأطفال عليها.. فلو لاحظت الطفل فطريا تجدينه متعاطفا مع غيره حتى أنه يمكن أن يبكي لمجرد بكاء الآخرين؛ وتجدينه يضحي بالغالي والرخيص لأجل قطة أو كلب ضال؛ كما يمكن أن يعطي كل ما يملك لفقير بائس يراه.. وربما خطؤنا الأول يكون في عدم تقديرنا أحيانا أو غالبا لمشاعره؛ عدم تعريفه الكافي بمشاعر الآخرين بل ومشاعره هو شخصيا، وسبب هذه المشاعر لديه ولدى الآخرين وكيفية تعامله مع هذه المشاعر وكيفية تغييرها والتحكم فيها في مرحلة تالية.
وأزعم أن هذا التفاعل الواعي مع مشاعرنا هو أساس الصحة العقلية. وأساس لنجاحات كثيرة في الحياة؛ وأساس لفهم جيد للآخرين واتصال فعال معهم؛ وهو مما يفيد الأفراد في جميع مناحي حياتهم..
واسمحي أن ألخص لك الأمر في نقاط محددة:
1- ومضة إحساس الطفل بالتعاطف مع الآخرين يجيء من شعوره بتعاطف الآخرين معه. وخاصة أولئك الذين يمثلون ثقلا عاطفيا بالنسبة له وعلى رأس هؤلاء الوالدين بالطبع. وهذا يعني عدم استهانتنا بمشاعره وإنكارها -وكثيرا ما نفعل جميعا- فتجدين مثل هذه الكلمات على ألسنتنا: "لا تتضايق؛ الأمر لا يستحق كل هذا"؛ "لماذا تبكي جرحك بسيط جدا هذه ميوعة".
"ما المشكلة لو أن صديقك لم يرغب في اللعب معك اليوم العب مع غيره". الحظي حبيبتي ما الذي نفعله بمثل هذه الاستجابات لمشاعر طفلنا.. إننا نعوده من غير أن ندري أن يتجاهل مشاعر الآخرين.. وهو ما أذكره في النقطة التالية:
2- ومضة الإحساس بالتعاطف تجيء من القدرة (بالتدريب) على أن يميز ويفهم ويقدر ويحترم مع وجهة نظر الآخرين ومشاعرهم؛ أي ببساطة أن يتمكن من أن ينظر للأمر من خلال عيونهم. وبالطبع يبدأ هذا التدريب في البيت؛ مما يقتضي أن نشير لمشاعرنا وسبب هذه الشعور؛ ونشير للكيفية التي تصرفنا بها نتيجة لهذا الشعور.. تحدثي دوما عن كل هذه الأمور فهذا يساعده على فهم نفسه والآخرين.. واعلمي حبيبتي أن كل عادات السلوك الذكي تبدأ من حيت الوعي بالذات. ويمكنك مساعدة ابنك على ذلك دوما بالآتي:
• ساعدي طفلك على تمييز وتسمية مشاعره ومشاعر الآخرين. عن طريق الكتب والمواقف الحياتية اليومية: "أظنك تضايقت من...؛ ماذا شعرت عندما...؟ هل شعرت بالضيق؛ بالملل؛ بالحزن...".
- يمكنك إطلاع طفلك على بعض الكتب التي كتبت خصيصا لمساعدة الأطفال على تمييز المشاعر المختلفة.. وذلك أيضا يعتبر بداية لتدريب الطفل على التعامل مع مشاعره هو شخصيا.. أرجوك وغيرك أن تساعدي طفلك على الوعي بمشاعره حتى يستطيع التعامل معها؛ وحتى يستطيع من بعدو ذلك أن ينتقل للتعامل مع مشاعر الآخرين.
- تحدثي عن مشاعرك أنت الشخصية تجاه المواقف والسلوكيات المختلفة. وستجدين أن هذا الحديث الداخلي من الأعماق ييسر تواصلك وفهمك أنت لأولادك وكذلك فهم أولادك لك.
- يمكنك سؤالهم دوما من خلال المواقف: ماذا تظن أنه يشعر؛ لو كنت مكانه ترى ماذا كان من الممكن أن يكون شعورك.. لماذا تظنه أنه تصرف بهذه الطريقة؛ لو كنت تشعر مثل شعوره كيف كنت ستتصرف...
- يمكنك أيضا أن تقرئي معهم بعض القصص وتقفي عند مرحلة معينة وتسألي: ماذا تظن أن هذه الشخصية تشعر.. كيف ستتصرف.. حاولي معهم أن يرسموا صفات الشخصية؛ ومشاعرها وطريقة تصرفها المتوقعة وفق هذه الخصائص. وكيف يمكنك أن تغيير الأحداث بتغيير مشاعر هذه الشخصية؛ كيف يمكنك أن تغير مشاعره.
3- ومضة التعاطف تجيء من شعور الطفل بلذة أثر تعاطفه في نفسه ورضاه عنها وتقديره لذاته فورها؛ كذلك من شعوره بأثرها الطيب على المحيطين ودائما ما يشعر الطفل بسعادة حقيقية إذا ما استطاع أن يقدم شيئا ما لغيره؛ وإن كان هذا الشيء هو مجردو الدعم المعنوي –وليس هذا بالقليل– فحاولي أن تثني على أي بادرة تعاطف منه تجاه شخص أو حيوان أو نبات؛ وحاولي الإشارة لما يشعر به من سعادة في هذه اللحظة؛ ثم الإشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى وعدنا بالجنة جزاء لنا على تقديم العون والتعاطف للآخرين.. أشيري بقوة إلى أن هذا يرضي الله وأن الله في هذه اللحظة راضٍ عنه.. وهو ما يعني لطفلك أنه جيد وهذا مربط الفرس (كما يقولون في لغتنا المصرية): إذا شعر طفلك أنه جيد فسيتصرف بشكل جيد.. فالمرء عند ظن أخيه كما علمنا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.
وحين تشيرين إلى فعله المتعاطف فإنك تعززين هذا السلوك لديه؛ بل وربما تكون بداية تعارفه على مثل هذا الشعور بالتعاطف وأثره الطيب في نفسه هو شخصيا؛ وكذلك أثره الطيب على الآخرين.. وزاد دعما أنك أشرت لرضى الله سبحانه وتعالى عن مثل هذا السلوك الطيب. ماذا تظنين في الموقف التالي؟
4- يساعد في تدريب الطفل على التعاطف أن يرى من حوله رقيقي القلب متعاطفين تعاطفا حقيقيا مع غيرهم.. ساعدي طفلك على أن يرى غيره ممن يتأثر بهم في حال التعاطف.
5- علميه ودربيه على فعل التعاطف: علميه كيف يقترب بابتسامة من طفل آخر وقع؛ ماذا يقول له من كلمات طيبة؛ كيف يحاول أن يهون عليه ويعيد له بسمته.. علميه ذلك عمليا؛ واطلبي منه في المواقف المختلفة أن يفعله ولكن برفق. فأحيانا لا يعرف الطفل كيف يتصرف ونعتقد نحن أن هذه السلوكيات الطيبة بديهيات يعرف الطفل كيف ينفذها، والحقيقة غير ذلك تماما؛ فكلمات الحب تدريب؛ التعانق والتعبير عن الحب: تدريب؛ مد يد المعاونة لمحتاج تدريب؛ التبسم في وجه الغير تدريب؛ قول الكلمات الطيبة واعتيادها تدريب.. كل مفردات الحياة تدريب قابل للتعلم.. ولذلك يحاسبنا الله على مجاهدة النفس التي هي مرتبة من مراتب الجهاد.. وما يعنيه هذا الجهاد هو المحاولة الدؤوبة المستمرة لتغيير أنفسنا وتزكية أخلاقنا.
أما الصغار فهم في مرحلة تدريب وتعلم على غرس هذا العادات والسلوكيات الطيبة.. أمهلي طفلك وقتا للتعلم والتدريب المستمر ولا تتواني في تدريبه. على أن يكون في عقلك دوما أنه بالفعل طفل جيد.. هذا الإحساس سينتقل عبر تصرفاتك ليوجد فعليا في تصرفات طفلك. صدقيني أي فعل يحدث مرتين: مرة في عقولنا؛ ثم يتسلل إلى واقعنا. إن فكرت في الخير ستجدينه بإذن الله؛ وحدثي نفسك بالخير دوما ستجدين الخير في الواقع بإذن الله.
6- ساعدي طفلك على أن يشعر شعورا طيبا. وذلك بالحديث الإيجابي؛ الثناء الوصفي أي الذي يصف فعليا ما تثني عليه بالتحديد؛ والأهم دوما أن تشعريه بالحب والأمان والتعاطف والتفهم.. لا تجعلي بداخله ثائرا حانقا شاعرا بالإحباط.. فربما أنه يحاول فعليا أن يسلك سلوكا ما ولكنه لا يعرف الطريق إليه.. تقربي إليه ومدي جسور الرحمة والتعاطف بينك وبينه. فلا يحتاج الطفل أكثر من التعاطف معه والشفقة عليه والرحمة به والصبر على تعليمه.. واعلمي أختي الكريمة أن كل شيء قابل للتعلم.. فكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم".
7- استخدمي الألفاظ الإيجابية، ولا تنعتيه بصفات سلبية فيصدقها ويتصرف على أساسها وكأنك صنعت نبوءة وتحققت. فإن نعتِه بالكرم وأشرت بثناء إلى مواقف كرمه (وإن كانت قليلة) سيصدق أنه كريم وسيتصرف بكرم. خاصة إن شعر بالأثر الطيب على نفسه والآخرين. (أحمد فرح جدا حين أعطيته من الحلوى الخاصة بك؛ هذا ما يسمى كرما؛ أعتقد أنك سعيد بأنك كريم؛ هل تعلم مقدار رضى الله عنك بهذه الفعلة؛ بارك الله لك).
قدري مشاعره واعترفي بها؛ لا ترفضي أو تستهيني بها.
8- ابني جسور الثقة والاطمئنان لدى طفلك. أعلميه دوما أنك تحبينه وذلك بالقول والفعل.. فالطفل المحبوب يحب الآخرين ويتعاطف معهم؛ والطفل الشاعر بالدفء يبث دفأه للآخرين؛ والشاعر المطمئن الآمن يتصرف تبعا لفطرته الطيبة المتعاطفة.
أخيرا.. اعلمي حبيبتي أننا نحن الذين نتغير وليس أبناؤنا.. فلو أنك أمعنت النظر لرأيت أن كل الخطوات التي ذكرت تبدأ وتنتهي من حيث مبادأتك أنت بالتغيير من قبلك لموجدات المشكلة؛ وأسبابها.. معذرة ولكنها الحقيقة دوما.. الأطفال تولد على الفطرة.
والآن لنكون أكثر عملية أحضري ورقة وقلما وهيا دوني:
- موقف تصرف فيه طفلك بتعاطف: ________________________
- هل عززت هذا الموقف: ________________________________
- ماذا قلت:
- ماذا شعر طفلك نتيجة لقولك هذا:
- في المرة القبلة إذا ما تصرف طفلك نفس التصرف فماذا ستقولين لتعرفي ابنك أن هذا الفعل اسمه تعاطف؟ ....
- ماذا ستقولين له لتثني على فعله الطيب؟ ....
- ماذا ستقولين لتساعديه على تلمس أثر فعله الطيب على الآخرين (الشخص الذي تعاطف معه)؟ ....
- ماذا ستقولين ليربط هذا الفعل بمرضاة الله؟ ....
هل هناك أوصاف سلبية تنعتين طفلك بها؟ ....
اذكريها (اذكريها كلها قدر جهدك): ....
ما السلوك الذي يتبع نعتك هذا؟....
كيف يشعر طفلك نتيجة لهذه النعوت؟ ....
ماذا يتصرف على أساسها لو أنه صدقها: (وهو بالفعل يصدق ما تنعتينه به)؟ ....
الآن فكرى في بدائل لهذه النعوت: ....
اختاري منها أقرب ما ترينه حقيقيا في طفلك: ....
استمري في نعت طفلك بها في مواقف مختلفة: ....
من فضلك سجلي الاستجابة طفلك المختلفة على أثر نعتك له: ....
إذا جاءك طفلك باكيا من أنه وقع أثناء لعبه مع أصدقائه؛ ما هو ردك الفوري غالبا؟ ....
إذا تمهلت ولم تستجيبي فوريا؛ فما الرد الذي ترينه يساعده على الشعور بتعاطفك؟ ....
إذا شكا طفلك سوء تصرف أحد الأصدقاء معه فما الاستجابة الفورية؟ ....
إذا تمهلت ولم تستجيبي مباشرة؛ فما الرد الذي تجدينه يساعده على شعوره بتعاطفك؟ ....
هل يمكنك الآن تحديد بعض أسباب عدم تعاطف طفلك: ما هي؟ ....
ما هي خطتك لغرس التعاطف؟ - سأحدث نفسي بأن _____________________.
سأشير إلى_______________________.
- سأثني على _______________________.
- سأكرر على مسامعهم __________________.
- سأتفهم مشاعرهم السلبية مثل __________________.
- وسأحاول أن أتعاطف مع هذه المشاعر عن طريق _______________.
أرجو أن تفكري مليا وتجيبي على هذه الأسئلة.. التي يمكننا اعتبارها ورشة قصيرة تدربنا على مفهوم أساسي بمثابة القلب من كل الأخلاق.
في انتظار ردك وتفاعلك.. ومزيد من الاستفسارات.
والله المستعان...
ــــــــــــــ(102/113)
تأخر الكلام تبعا لجداول تطور النمو ... العنوان
السلام عليكم، طفلي يبلغ من العمر 14 شهرا، ولكنه لا يقول سوى كلمة ماما، وهو يفهم كل ما أقوله له، وأحاول أن أجعله يقول مقطعا من حرفين مثل نونو، ولكنه يرفض.
قرأت استشارات سابقة وحاولت تطبيق الكثير مما ورد فيها من حلول؛ فأحاول مثلاً أن أجعله يردد أصوات الأشياء فيستجيب؛ فهو يقول للسيارة دززز، وكرة يقول طاطي، والتليفون آلو، ولكنه يرفض أن يتلفظ بكلمات. أرجو إرشادي لأساليب من الممكن أن تشجعه على الكلام، وشكرا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة أم إبراهيم، السلام عليكم ورحمة الله، أوجه لك تحية على اهتمامك الرائع بابنك حفظه الله، ولكن اسمحي لي أن أقول إنه اهتمام -سكر زيادة- أي أنه أكثر من اللازم.
أختي الفاضلة، أرجو منك ومن كل أم أن تحاول الحصول على معلومات حول جداول التطور الطبيعي للأطفال من جميع النواحي مثل الحركية والإدراكية واللغوية، سواء عن طريق الكتب أو الإنترنت أو مراجعة إخصائي النطق واللغة أو التربية الخاصة للحصول على نسخة ولو مبسطة، وسأورد لك بنهاية الرد نموذجا منها؛ وذلك لنعرف ماذا يجب أن نتوقع من الطفل وما هي حدود الطبيعي أو التأخر.
لماذا كل هذا الكلام؟ لأن الاطلاع على مثل هذه الجداول سوف يبين لك أن حالة ابنك كما يبدو من وصفك طبيعية إن شاء الله؟ كيف؟ لأن ما نسميه بإصدار الطفل في السنة الأولى ما يقارب من 10 كلمات نعني به كل ما يصدره وله معنى تواصلي، أي يقصد به توصيل معلومات للأهل، مثل ماما -بابا ويقصد بها والديه وليس تكرار أصوات فقط، وهم للأكل، ومبو للماء، وعو أو أي شيء للحيوانات، وآالو للهاتف.
وابنك -كما وصفت- يبدو أنه يحاول استخدام "الكلمات" التي يستطيع الآن حسب قدرة جهازه النطقي على نطقها، والطلب منه أكثر من طاقته سوف يؤدي به إما إلى "الزهق" منا، وإما التجاهل أو التقليل من التواصل اللفظي، أو التهرب من هذا التواصل والاستعاضة عنه بالبكاء أو الإشارة أو غيرهما.
إذن ما الحل؟ الحل أن تقومي بالاطلاع على جداول التطور الطبيعي المناسبة لكل سن ومراقبة تطور برهومة، علما بأن هناك فروقا فردية بين الأطفال في نفس العمر على ألا يتجاوز الفرق 6 أشهر إلى 8 كحد أقصى، وكذلك هناك فروق بين الأولاد والبنات والطفل الأول أو الوحيد وغيره.
ولكن المهم هو أن يكون أداء الطفل -لجميع المهارات- وليس اللغوية فقط ضمن نطاق ما هو متوقع من سنه أو عمرة الزمني.
وطبعا هناك إرشادات تساعد الأطفال على النمو اللغوي بشكل أفضل، وأرجو منك الرجوع للاستشارات السابقة لمزيد من المعلومات، وأرجو منك أيضا إعلامنا حول تطور برهومة أولا بأول لكي نسعد معا إن شاء الله بكثرة كلامه.
ــــــــــــــ(102/114)
ابنة حائرة بين الغرف ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندي طفلتان الأولى عمرها سنتان وشهر (2.1) والأخرى شهران.
الأولى كان لها سرير أطفال، ولكن مذ كان عمرها 9 شهور وهي تنام بيني وبين أبيها، وكانت تستيقظ إن وضعت في سريرها وهي نائمة (يمكن كانت تحس من ارتفاعه عندما أميلها لأضعها فيه) ونحن (بسبب عمل والدها) نتنقل من مدينة لأخرى، ومن بيت أهلي وأهل والدها، وهي تنام وأنا أحتضنها وأقرأ لها قرآنا. قبل سنة استقرينا ولكن لسنا متأكدين من طول فترة الاستقرار واشترينا غرفة نوم شبابية من سريرين ولوازمهم ذات لون وشكل جميل، ونحن الثلاثة نستعملها منذ ذلك الوقت بنية أننا سنحضر لنا واحدة وهذه لابنتي ومن سيحضر.
المهم أننا تأخرنا، وقبل الولادة أحضرنا سريرا للمولودة الجديدة وهو جميل ومزركش ويصلح حتى للكبيرة، وعندما رأته قالت: "هذا سريري أنا" فوافقت وكانت تطلب بالنهار أن أضعها فيه هي وألعابها فكنت أفعل، وعندما ولدت الأخرى وضعتها فيه، وبعد فترة كانت الكبيرة تطلب أن توضع فيه، وأحيانا تطلب أن تنام بجوار أختها في النهار، ولكنها إلى الآن تنام معنا، وأصبحت تريد الغرفة والسرير الكبير، وأنا أقول لها سريرنا الكبير غرفتنا أنا ووالدها. نحس أنه أصبحت عندها أزمة ملكية واستقلال بشأن هذا الموضوع؛ فهي أحيانا إن كانت تلعب على أرجوحتها ونقول لها: هيا لنخرج تقول: اخرجوا أنتم (بابا وماما) ودعوني. طبعا لا ينفذ؛ فهي ما إن ترَ الموضوع جادا حتى تأتي ولا تريد أن تعود للبيت بسرعة.
السؤال: ماذا نفعل؟ هل نحضر لها غرفة نوم جديدة أم نعطيها التي نستعملها حاليا ونحضر لنا واحدة؟ فنحن عندنا غرفة خاصة للبنات، ولكنها غير مفروشة.
أعلم أننا تأخرنا بها ولكن كان الصيف وكانت غير مفطومة وقبل الولادة بأشهر كنت أظن أننا لا يجب أن نجري أي تعديل حتى لا تحس أن المولودة هي السبب.
هل أضع أختها معها؟ هل يجب أن أراعي أن يكون هناك سريران متماثلان، وأقول لها: إن هذا لها عندما تكبر؟؟
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة وأهلا ومرحبا بك. وفي البداية أعتذر لك عن التأخير في وصول الإجابة إليك لظروف غير مواتية، ولكن لعله الخير كما يقولون، ولعل هذا التأخير منحك فرصة أوسع للاستقرار وللوصول لرؤية أكثر وضوحا لمشكلة ابنتك لتتحدد أمام عينيك بشكل واضح.. فيسهل عليك حلها.
وبالتأكيد سأحاول معك الاقتراب مما عرضت من معطيات وظروف ومعلومات لنتمكن من تحديد الهدف بشكل واضح من مسألة تغيير الغرف والأسرة، وتبديل أماكن النوم... إلخ لنحدد المطلوب والواجب فعله:
أولا: ابنتك تحتاج لفصل مكان نومها عن مكان نومك وأبيها.
ثانيا: وهي كذلك في حاجة إلى عدم إشعارها بالغيرة من أختها الصغيرة.
ثالثا: ابنتك في حاجة للشعور بالاستقرار، والاستقلال في ذات الوقت.
وبالتالي فكل هذه الأهداف تصب في مجرى واحد قد اقترحته أنت في سؤالك، وهو إيجاد حجرة للطفلتين مزينة ومزركشة ومناسبة للأطفال، بها سريران متماثلان، وكذلك خزانة للملابس، وبها ألعاب كثيرة ليناما فيها ويرتديا ملابسهما ويلعبا، ويرسما ويقضيا الوقت حال تواجدهما في المنزل في تلك الغرفة، ولا مانع من وجود تلفاز صغير مع جهاز فيديو مثلا لعرض شرائط كارتون أو برامج ترفيهية وتعليمية تعلم مثلا الحروف وما إلى ذلك.
ووجود تلك الغرفة يفضل أن يكون بأسرع وقت ممكن لتبدأ طفلتك في استعمالها (لا مانع من تجهيز الغرفة الحالية وتحسينها لتفي بهذا الغرض)، وأنت في حاجة للتمهيد لها، وإثارة شوقها ولهفتها وترقبها لوصول تلك الحجرة، وكم هي جميلة وممتعة ولطيفة.. وذلك إما بإغرائها بالمكافأة بها كأن تقولي: "إن فعلت كذا فستكون هديتي لك حجرة جميلة لن تشبعي منها أبدا..."، وذلك حتى تشتاق هي بنفسها للتواجد فيها واستخدامها، وحذار من قول: "ألن تكبري بعد لتنامي في حجرتك؟؟" أو: "والله لأعاقبنك بترك حجرتنا، أو ستنامين في غرفة وحدك وتذهبين عنا... إلخ"؛ مما يحتمل في طياته تهديدا وتخويفا من الاستقلال في حجرة خاصة وتخويفا من الانفصال في النوم ومن حجرة أطفال جديدة.
ولكي تتفادي إشعار ابنتك بالغيرة بوجه عام يمكنك مراجعة ما ورد من نصائح في الرابط التالي:
احموا أبناءكم من الغيرة.
فضلا عن ضرورة أن تنام الطفلتان في بداية الليل في غرفتهما، ولا مانع من مرافقتك اللذيذة لهما بصوتك المحبب لهما، تقرئين لهما القرآن، وتغنين لهما أغنية، وتحكين لهما قصة لتناما مبتسمتين.. أو على الأقل تنام الطفلة الكبرى، وغالبا ما ستصمم الصغرى على مواصلة الاستيقاظ، وعندها يمكنك الانسحاب بها بهدوء من الغرفة كي لا تزعج أختها مع إضاءة نور لطيف خافت لا يزعج ويكفي للرؤية وحماية طفلتك من التعثر إذا استيقظت ليلا، وإن نامت الصغرى فبها ونعمت اتركيها في فراشها إلى جوار أختها وحاولي الاطمئنان عليهما أثناء الليل بين برهة وأخرى مع تهيئة الظروف من نظافة وشبع لليلة هنيئة ونوم عميق.
ويمكنك مراجعة ما يلي عن مسألة النوم:
فصل المنام حكاية كل بيت
للنوم طقوس أيضا.
فصل المنام.. حلول مقترحة
إن شبعوا غنوا.. وإن جاعوا زنوا – متابعة
وقد يحدث أن تضبطك ابنتك الكبرى متلبسة بالتسلل من حجرتها ليلا بصحبة الرضيعة.. فأفهميها حينها بحلم وهدوء أنك فعلت ذلك لحمايتها من الإزعاج، وأن أختها صغيرة ومزعجة، وقد لا تتركها تنام بشكل مريح، وأنك في سبيلك لتنويمها وإحضارها.. أو وضعها في سريرها الصغير.
أما بالنسبة للحجرة الحالية فيمكنك استخدامها على اعتبار أنها حجرة نومك مع منحها من الخصوصية ما يكفي لتعليم الطفلة آداب الاستئذان، فلا دخول ولا خروج في تلك الغرفة بلا استئذان وطرق للباب، والباب مغلق حال وجودك خارج الغرفة، والغرفة لا تستخدم طيلة النهار إلا وقت النوم، واليوم ينقضي بفعالياته في غرفة المعيشة وغرفة الأطفال.
ونصيحتي لك أن تحاولي الاستقرار قليلا والتخفيف من تغيير محل ومكان وظروف إقامتك، وإقامة أسرتك لكيلا يؤثر هذا الأمر سلبا على ابنتيك.. فعدم الاستقرار يسبب فقد الاطمئنان والأمان، ولعل ذلك هو السبب في التصاق الطفلة بكما أنت ووالدها ورغبتها في النوم جواركما باستمرار فضلا عن اعتيادها ذلك.
وإن كان لا بد من تنقل زوجك فيمكنك انتظاره حتى يعود إن كانت فترات انتقاله ليست طويلة، أو على الأقل البحث عن مكان له مواصفات بيتكم لتقيموا فيه، أو اصطحاب مفروشاتكم إن أمكن وإن طالت بكم فترة المكوث بعيدا عن بيتكم..
الخلاصة: حاولي توفير الاستقرار لأسرتك وابنتك على وجه الخصوص والمحافظة على نظام ثابت لممارسة الحياة حتى حال الانتقال من مكان لآخر.
وأخيرا يا عزيزتي أرجو أن أكون قد وفرت لك ما يلزم من إجابات على أسئلتك التي بدت فيها حيرتك التي أعزيها من وجهة نظري لعدم الاستقرار، ولعله أمر إلى زوال في أسرع فرصة.
وأخيرا أوصيك بمنح ابنتيك كل ما تستطيعين من الحب والحنان لنمو سوي سليم، فكما قال أحد الفلاسفة: "أغلى ما في الحياة الحب، والأم هي نبع الحب".
وفي انتظار متابعتك لنا بأخبارك وأخبار أسرتك وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/115)
تأخر الكلام وتأخر النمو العقلي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. في البداية أدعو الله عز وجل أن يجعل ثواب هذا العمل في ميزان حسناتكم لما تقدموا من جهد نحو بناء أطفال أصحاء، نسأل الله أن ينفع بهم الإسلام والمسلمين. لديّ طفل عمره 23 شهرًا وهو حتى الآن لم ينطق بكلمة واحدة غير ماما وبابا، ولكن أيضًا لا يوجهها إليّ مباشرة، أشعر.. أنه يريد أن يقول أشياء، لكنه لا يعرف أن يتكلم، فيظل يقول مقاطع وأحرف متشابكة غير مفهومة طبعًا، مع العلم بأنه يفهمني جيدًا عندما أطلب منه شيئًا، وأيضًا يمكن أن يقلدني في بعض الأفعال أو الحركات عندما أطلب منه ذلك، ولكن عندما أحاول معه أن ينطق أي كلمة لا يحاول أن يكررها، وأحضرت له صور بعض الطيور وعندما أقول له حمامة مثلاً ليكررها لا يحاول حتى ولو بحروف خاطئة.
وطبعًا هذا الموضوع سبّب لي قلقًا شديدًا وأجريت له اختبار السمع (ABR)، والحمد لله كان طبيعيًّا، وهو أيضًا لا يتواصل معي، بمعنى أنه إذا احتاج شيئًا لا يطلبه كالماء مثلاً أو الأكل أيضًا لا يناديه، ولكن يجيء لي وأنا طبعًا أفهمه، وأخشى أن تكون إقامتنا في بلد غير بلدنا وبعدنا عن أقاربنا هي السبب في ذلك. أحب استشارتكم في كيفية التعامل معه، حيث أنه يختلط بقليل من الأصدقاء والمعارف، فكيف أتغلب على هذه المشكلة حتى ينشأ طفلاً طبيعيًّا؟
وهل تعتبر ظاهرة صحية أن ألحقه بحضانة في هذه السن حتى يتعامل مع أطفال؟ كيف لي أن أحدد مستوى ذكائه وقدراته؟ وكيف أطمئن أن تأخره في الكلام طبيعي؟ حيث إنني قرأت في كتاب (الأسلوب الأمثل لتربية الطفل بعد عامه الثاني) أنه من الممكن أن يسبب تأخره في الكلام تأخرًا في نموه العقلي، وهذا الموضوع سبّب لي قلقًا شديدًا.. أرجو إفادتي حتى يطمئن قلبي، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. أم عمار، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أقدر لك اهتمامك بعمار وأشكرك عليه، عزيزتي.. إن إصدار الطفل للعديد من الأصوات المتشابكة أو التي نسميها لغة الأطفال هو أمر طبيعي يمر به كل الأطفال، ثم يتناقص هذا الكلام غير المفهوم بعد أن يصبح لدى الطفل القدرة على إصدار العديد من الأصوات مجتمعة معًا بطريقة صحيحة لتشكيل كلمات مفهومة، وغالبًا فإن الأطفال بعمر سنتين يفترض أن يكون لديهم على الأقل 30% من الكلام المفهوم ليس للأهل وحدهم، ولكن أيضًا للغرباء ويدخل في هذه الحسبة الكلمات الطفولية مثل عو - مبو- هم - ننو - تاتا وما شابه، والمهم هو أن الطفل يستخدم هذه -الكلمات- للتواصل، أي أنه يعني ما يقول وليس يكرر فقط.
ثانيًا التأكد من قدرات أي طفل الأدائية، أي جميع المهارات من حركية وإدراكية وعقلية ولغوية وغيرها يكون بمتابعة جداول التطور الطبيعي للأطفال، وهي عبارة عن جداول توضح ما يجب أن يكون الطفل قادرًا على أدائه من مهارات في العمر المناسب، وطبعًا هناك فروق فردية بين الأطفال، ولكن على ألا تتجاوز هذه الفروق بين العمر الزمني للطفل وأدائه 6 - 8 أشهر وتتوفر هذه الجداول إما لدى أطباء الأطفال أو اختصاصي النطق واللغة والتربية الخاصة.
ويمكن عمل تقييم لقدرات الطفل لمعرفة هل هناك تأخر يستحق الاهتمام، ولكن غالبًا لا يكون هذا الاختبار في عمر التسنين واضح النتائج؛ لأن هناك عدة عوامل تتداخل في أداء الطفل منها صغر عمره ومدى تعوده على التفاعل مع أشخاص غرباء وغير ذلك، ولكن يمكن التأكد من مدى ملاءمة مهارات الطفل لما هو متوقع منه في سنه، وإذا كان رأي الاختصاصيين أن هناك تأخرًا ينبغي عمل برنامج -غالبًا يكون للأهل لتطبيقه في المنزل-للمساعدة في رفع أداء الطفل، وعادة لا يظهر بوضوح إذا ما كان هذا التأخر بسبب تأخر في المهارات العقلية أو غيرها من الأسباب -باستثناء ضعف السمع الذي يمكن التأكد منه بأي عمر- إلا بعد أن يصبح عمر الطفل 4 سنوات وما فوق؛ لأن التأخر بعد ذلك يبدو واضحًا.
المهم الآن هو: نعم هناك عدة أسباب للتأخر اللغوي منها التأخر العقلي، ولكن أفضل عرض الطفل على اختصاصي تطور نمائي للأطفال -اختصاصي نطق ولغة- اختصاصي تربية خاصة.
أي منهم يتوفر في منطقتكم لملاحظة الطفل وتقييم أدائه، ومن ثَم إعطاؤكم الإرشادات المناسبة؛ لأنه كما تعلمين لا يمكن لأحد تقييم طفل عبر بعض المعلومات عبر الهاتف أو الإيميل، فلا بد من أخذ معلومات من الأهل ومراقبة أداء الطفل شخصيًّا.
ــــــــــــــ(102/116)
كيف نواجه الممارسات المثلية؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
بداية أشكركم كل الشكر على استشاراتكم المتميزة، سائلا الله عز وجل أن يكون ذلك في ميزان حسناتكم.
أنا أعمل في إحدى المؤسسات الإسلامية الخيرية التي تُعنى بالأيتام، وبالتحديد أعمل مشرفا في بيت للأيتام، حيث يتلقى الأولاد في هذا البيت المسكن والملبس والطعام والشراب والعناية الصحية والتربية والتعليم، ويوفر للطالب كل احتياجاته على أكمل وجه، عدد الأولاد في البيت مرتفع نسبيا ويصل إلى 300 نزيل يتوزعون على فئات عمرية مختلفة.
في الآونة الأخيرة برزت عندنا مشكلة وهي ظاهرة اللواط عند أعمار صغيرة ما بين التسع سنوات والأربع عشرة سنة، وبعد التحقيق في الموضوع وجدنا أن بعض الأولاد يتعرضون لممارسة اللواط معهم خلال فترة زيارتهم لأهلهم أثناء العطل الرسمية والأسبوعية، وقام هؤلاء الأولاد بنقل ما تعلموه وما يمارسونه في الخارج إلى نزلاء البيت، وقد صدمنا صدمة كبيرة جدا لهول هذه المشكلة، نرجو أن تفيدونا في هذا الموضوع وبإسهاب وبأسرع وقت إن أمكن وخاصة في المحاور التالية:
1- ما نصنع مع الأولاد الذين اشتركوا في هذه الأفاعيل، هل إبقاؤهم مع الأولاد أو إرسالهم إلى بيوتهم؟
2- كيفية معالجة هؤلاء الأولاد وكيفية التعامل معهم.
3- ماذا نصنع لكي نقي ونحمي باقي الأولاد من هذه الظاهرة؟
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل ابوهندي من فريق مشاكل وحلول الشباب :
الأخ العزيز، أهلا وسهلا بك ونشكرك على ثقتك في صفحتنا "معا نربي أبناءنا"، وعلى اهتمامك ورغبتك في الإصلاح..
الحقيقة أن المرحلة العمرية التي تشير إليها ما بين التسع سنوات والأربع عشرة سنة، هي مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة المبكرة، وهي سنوات يتفتح فيها الوعي الجنسي ويبدأ في التطور والتشكل والنمو، ودائما ما تتسم نفس هذه السنوات بالتقلبات في التوجهات والآراء والمشاعر والميول أي بعدم الثبات، وفي نفس الوقت تتسم برفض أفكار الكبار وأحكامهم الجاهزة، ومحاولة الوصول إلى قناعة خاصة بالمراهق نفسه من خلال أفكاره هو، ولعل اكتشاف المراهق لوجود القدرة لديه على التعامل المعرفي مع الأفكار المجردة والمفاهيم الفلسفية هو أحد أسباب ذلك.
قصدت من هذه المقدمة أن أوضح لك عدة نقاط في غاية الأهمية عند التعامل مع الموقف الحالي: النقطة الأولى هي أنك لا تستطيع اعتبار كل من تورط في هذه الممارسات شاذا وتلصق به مثل هذا اللقب؛ نظرا لأن المرحلة مرحلة تغير وتقلب وبحث فكري وثورة جسدية وشعورية أيضًا، والنقطة الثانية هي أن الموقف السلطوي ومحاولة فرض قناعة معينة على المراهقين هو أيضًا خطأ في هذه المرحلة.
نأتي بعد ذلك لتقييم أوضاع نزلاء الدار التي تعمل فيها؛ لأن "تقييم الأوضاع مهم قبل إنزال الأحكام في شريعة المسلمين" كما يقول أخي وزميلي الدكتور أحمد عبد الله، فأنت تتكلم عن مجموعة من الأولاد من أعمار مختلفة منهم الأطفال ومنهم المراهقون بمراحل الطفولة والمراهقة المختلفة، كلهم ذكور يعيشون معا ولا أدري هل كلهم يزورون أهلهم في العطلات أم لا؟ ولا أدري أيضًا ما هي الأنشطة الاجتماعية التي يقومون هم بها؟ وما هي حدود تعرفهم على أفراد الجنس الآخر من نفس أعمارهم؟ هل هناك احتكاك يحدث بينهم وبين البنات أم لا؟
لأن عدم وجود مثل ذلك الاحتكاك، إضافة إلى عدم الفهم الذي يحيط أصلا بضوابط العلاقة السليمة بين الذكور والإناث في الإسلام أو الفهم المغلوط الذي ابتليَ به المسلمون مع الأسف، وكون ما بين الصديقين من نفس الجنس طبيعيا ولا غبار عليه ما لم يحدث غير ذلك أو ما لم يثبت العكس، في حين أن أي علاقة ولو تخيلية مع فرد من الجنس الآخر نتعامل معها فكريا بطريقة معاكسة لما سبق، أي أن العلاقة بين صديقين من جنسين مختلفين هي علاقة متهمة إلى أن يثبت العكس، هذه الوضعية الراسخة في مجتمعاتنا تجعل ما تتحدث عنه من ممارسة مثلية أمرًا متوقعا ومحتمل الحدوث جدا داخل المؤسسات التي يوجد فيها أفراد من جنس واحد، أكثر من احتمال حدوثه في المجتمع العام بصورته الحالية، وأحيلك هنا إلى ردين سابقين لأخي وزميلي الدكتور أحمد عبد الله
تحت العنوانين التاليين:
الميول الجنسية المثلية: الداء والدواء
شذوذ جنسي: للأسف.. أنت لا تدري!!!
ولذلك السبب ألوم عليك الموقف الدفاعي الذي اتخذته دون داعٍ اللهم إلا نفي التهمة عن الدار ليس إلا، وكأن لسان حالك يقول: هذه الدار المحترمة التي نربي فيها الأيتام ونسعى جاهدين لإحسان تربيتهم ونعلمهم الدين الصحيح ونقدم لهم كل احتياجاتهم... لا يمكن أن يولد فيها مثل هذا الفعل الشنيع، والدليل هو أننا عندما حققنا في الموضوع وجدنا أن البلوى جاءت من خارج الدار! هذا ما تقوله أنت لكن الاحتمال الأقرب للواقع هو العكس.
وسأمسك أنا هنا بطرف الخيط، فأنت ترى أن الأذى يتسرب من المجتمع إلى الدار، وأن ذلك دليل على عجزكم -الذي لا يد لكم فيه- في وقاية نزلاء الدار من خبائث المجتمع، وتتمنى طبعا أن تقيم سياجا حول الأولاد لكي لا يفسد حالهم أكثر مما وصل إليه!
ومن بين خبائث المجتمع طبعا أن يكونَ هناك لقاء بين الأولاد والبنات، وبالتالي فأنت لا تتخيل أن الصحيح هو أن نزيد من احتكاك نزلاء الدار بالمجتمع لا أن نعزلهم عنه، ومن بين صور التجمعات المفترض إيجادها في ذلك المجتمع أن يكون هنالك نوع من الجماعة الاجتماعية التي يتقابل فيها الأولاد والبنات في صورة جماعية وأن تكون لهم اهتمامات بأمور مجتمع المسلمين الذي يعيشون فيه، ويمارسون فيه أنشطة ثقافية وفنية واجتماعية شتى معا أولادًا وبنات، هذا هو الوضع الصحيح الذي عندما ننجح في إيجاده وتفعيله سنرى أن التنفير الديني من الممارسات المثلية قادر فعلا على تقييد تلك الممارسات؛ وذلك لأننا نجعل للشاب وللفتاة الفرصة الطبيعية في تشكيل وتوجيه ميولهم.
وأنا بذلك أكون قد أجبت على التساؤلين الأخيرين لك، فمن خلال التواصل والتنظيم مع مؤسسات المجتمع المختلفة وبصفة خاصة أشير عليك بدار رعاية الأيتام من الإناث، وإيجاد فرصة للقاء الأولاد والبنات وهم تحت عيون المشرفين، نكون قد نجحنا في جعل احتمال اللجوء للممارسات المثلية أقل بكثير، وأيضا في جعل احتمال بقائها واستمرارها إن هي حدثت أقل بكثير؛ لأننا في الوقت الذي نسمح فيه للميل الفطري الطبيعي بالبروز والنمو نضع أحكام العفة الشرعية ومن بينها التنفير من الميل المثلي، أي أننا نسمح لمشاعر المراهق الجنسية الطبيعية بالتواجد، ونضع للسلوكيات بعد ذلك أحكامها، وليس مثلما هو الوضع الآن في معظم مجتمعاتنا، ولا دون قيد أو شرط كما هو الحال في المجتمعات الغربية.
أما سؤالك الأول عن ما الذي يجب فعله مع الأولاد الذين مارسوا اللواط فعلا وهل نطردهم من المؤسسة أم ماذا نفعل؟ فالرد على ذلك لا يصح أن يكون ردا عاما يصلح للتطبيق على الجميع، بمعنى أن كل حالة لا بد من تقييمها على حدة، وأن هناك من يقع في المحظور مرة ثم لا يتكرر منه ذلك وهناك من يصر على تكرار المحظور.
إذن فنحن لن نرسل أحدا إلى بيته إلا بعد أن نطبع شكل حياة الأولاد الاجتماعية قدر الإمكان، أي أن نسمح لهم بأن يتعاملوا مع البنات في إطار الضوابط سالفة الذكر، وكذلك بعد أن نوضح لهم حكم الإسلام فيمن يمارس مثل هذا الفعل، مع توضيح أن احتمال إخراج من يكرر الممارسة من الدار هو احتمال وارد، وأتمنى أن أكون قد بينت لك كيفية التصرف في مثل هذا الموقف، وأحيلك في النهاية إلى عدد من الروابط التي ستجد فيها المزيد عن كيفية التعامل مع الميول أو الممارسات المثلية:
غض البصر بريء من فخ المثلية!
المثلية خلقة أم خلق؟!
الميول الجنسية المثلية.. صدمة الاكتشاف
الجنسية المثلية.. إجابة مستفيضة
الجنسية المثلية: عن الأسباب والشبكة العلاجية
ــــــــــــــ(102/117)
التوجيه الناقد.. مأزق بنفس المراهق ... العنوان
ابنتي 14 سنة تكثر من الأغلاط بمضايقة غيرها والشتم وعدم الترتيب، ومع هذا حساسة جدًّا؛
ولهذا أنا دائمًا أنبهها لأخطائها ولتصليح ما أفسدت أو لإرجاع كل شيء مكانه وهذا يزعجها، وتظن أنني لا أحبها وأحب أخواتها أكثر، وهن غيرها بالعكس مرتبات، فماذا أفعل؟ ... السؤال
التوحد ... الموضوع
أ. صفاء فريد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت السائلة الفاضلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تمر ابنتك الآن بمرحلة فاصلة ما بين الطفولة والرشد، وهي مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة تتميز بميزات إيجابية علينا نحن كآباء وأمهات أن نظهرها ونواجهها، وإن لم نعتنِ بها كان المردود سيئًا عند المراهق أو المراهقة، وهناك عوامل كثيرة تساعدنا على كشف هذه الميزات، وعلينا أن نتدرج بها حتى نصل إلى مبتغانا ومبتغى كل الآباء والأمهات وهو الشخصية الصالحة المميزة لأبنائنا.
لقد شعرت من ملاحظاتك على ابنتك أنها كثيرة الأغلاط والشتم وغير مرتبة، وهي عكس أخواتها بأنك تظهرين صفاتها السلبية التي تعلقين عليها دائمًا؛ فأنت تقولين إنني دائمًا أنبهها إلى أخطائها، وهذا يعني أمرين: (1) أنك تلاحظين الأخطاء أكثر من الإيجابيات. (2) التنبيه وقت وقوع الخطأ، وهذان الأمران يشكلان مأزقًا في نفس المراهق؛ فهو لا يحب أن يشعر بمراقبة حساسة له وخاصة لأخطائه، وأنه ينبه عليها دائمًا وقت حدوثها؛ وهو ما يجعل تعديل السلوك عنده ينتفي أو حتى يُلغى من قائمة تفكيره.
وأنصحك أختي الكريمة بما يلي:
(1) حساسية الأبناء في الغالب نوجدها نحن الآباء بكثرة الملاحظات والتنبيهات أو بالأسلوب المتبع، حاولي أن تدخلي غرفة ابنتك يوميًّا ودعيها تلاحظ أنك مهتمة بترتيب أشيائها وسريرها، دون أن تطلبي منها ذلك، وبعد الانتهاء من ذلك عبِّري عن سعادتك وأنت ترتبين هذه الغرفة؛ لأنها لابنتي الحبيبة التي أحب أن أرى غرفتها دائمًا مرتبة. استمري في هذا العمل مع محاولة وضع بعض البطاقات الصغيرة المدون عليها عبارات لطيفة، ولا مانع من تزيين الغرفة ببعض الورود، وهذا سيساعدك في استرجاع العلاقة المفقودة بينكما، وتبدأ بمحو شعورها بأنك لا تحبينها أو تحبين أخواتها أكثر منها.
(2) حاولي أن تتغاضي عن الهفوات الصغيرة، فلو قامت بترتيب أغراضها مرتين في الأسبوع فعززي هذا التصرف بدلاً من ملاحقتها لترتيب أغراضها يوميًّا، وبعد فترة سيكون عدد المرات ثلاثا وأربعا إلى أن تصل تدريجيًّا إلى الإحساس بضرورة الترتيب وإرجاع الأشياء إلى أماكنها، ولا بأس لو بقي لها بعض الأيام لا ترتب غرفتها فيها فإنه يمر على الإنسان أوقات يكون فيها متعبًا أو كسولاً ويجب مراعاة ظروفها النفسية أو الصحية.
(3) استعيني بالله عز وجل بالدعاء دائمًا ليحفظ ابنتك ويهديها، ولتكن قراءتك حول هذه المرحلة، كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأبناء والشباب، وكيف تعاملت النساء الصالحات مع أبنائهن، وأنصحك بقراءة كتاب تربية الأولاد في الإسلام، فهذا يساعدك على فهم طبيعة البنت وحسن التعامل معها، ولا بأس من قراءة الكتب المتخصصة التي تتحدث عن العلاقات الأسرية، وحاولي أن تجلسي مع الصديقات وتسألي عن كيفية التعامل مع الأبناء حتى تتوسع خبرتك في هذا المجال.
وسوف يساعدك قراءة ما جاء بهذه الاستشارات حول المراهقة وكيفية التعامل معها ومع التغيرات النفسية التي تمر بها وكذلك قواعد عامة حول فنون حل المشكلات واستعادة الحوار المتواصل مع ابنتك بإذن الله تعالى.
كيف تجعل من مراهقك نديما لا ندا؟ ... العنوان
ابنتي 14 سنة، أصبحت تعاملني بالند، وهي كثيرة الجدل معي، وأحيانا أحس في نظرتها باستعلاء وتكبر؛ وهو ما يضطرني أحيانا إلى ضربها، وأحيانا كثيرة أعاملها بالحسنى، مع توضيح سبب غضبي منها. وهذه الحالة أصبحت ملازمة لها، وأخشى عندما تكبر أن تصير متمردة ولا أستطيع السيطرة عليها أو احتوائها، ماذا أفعل؟ وشكرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ. صفاء فريد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت السائلة الفاضلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يبدو أنك ما زلت تتعاملين مع ابنتك وكأنها طفلة، وحقيقة أن المرحلة التي تمر بها ابنتك مرحلة خطيرة، أقول خطيرة وليست سيئة؛ لأن هذه المرحلة ينتقل فيها الإنسان من الطفولة إلى الرشد.
واسمحي لي بداية أن أعطي بعض الملاحظات على استفسارك؛ فابنتك تعاملك بالند وكثيرة الجدل، وهذا يعني أنك في مواقف كثيرة –ربما- تتعاملين معها كأنها ند لك، فأصبحت تعاملك بنفس الطريقة. وهي كثيرة الجدل؛ لأن اتصالك بها ضعيف ولذلك فهي لا تقتنع بك وبآرائك فهذا يجعلها تطيل الجدال. وربما كانت الأسباب غير ذلك، ولكن الظاهر في هذه الملاحظات هذا الأمر.
أنصحك بما يلي:
(1) الحوار الحوار، افتحي قناة للاتصال مع ابنتك، اجلسي وتحاوري معها، ولا تكن جلستك معها جلسة حساب أو عتاب أو توجيه نصائح؛ فلتكن أولى جلساتك معها لتفهمي كيف تفكر ابنتك وما الأمور التي تحبها وما الأمور التي تكرهها دون أن تعلقي عليها أو توجهي النصائح، حتى إذا ما استرسلت معك في أمورها وشئونها الخاصة استطعت أن تتلمسي المواقف والمشاعر التي تؤثر بابنتك.
(2) لا تعامليها كأنها ند لك، لا تقرني نفسك بها، ولا تشعريها بخصوصيتك عنها في السلوكيات والأخلاق الإنسانية، بل أشعريها دائمًا أنك وهي سواء في الدين والأخلاق والسلوك، ولكن احفظي فارق السن بينكما وطول الخبرة، ودعيها لتعيش عالمها الذي تحبه دون أن تفرضي عليها عالمك.
(3) عندما تجادلك أنصتي لملاحظاتها وردي عليها بحجة وبرهان ومنطقية؛ هذا يجعلها تقتنع أكثر، ولتكن ملاحظتك دائمًا أنك تنتقدين تصرفاتها ولا تنتقدينها هي كشخص، بل أنت مستاءة من التصرف.
(4) في هذه المرحلة، إياك والضرب إلا إذا كان الضرب هو الحل الوحيد، وإلا فإن الضرب له نتائج سلبية، حتى لو اضطررت للضرب فهو الضرب الخفيف المؤدب وليس العنيف الموجع الذي يهين الإنسان ويشعره بكراهية من يضربه.
(5) إذا اشتكت واحدة من أخواتها منها لأي سبب فحاولي أن توضحي لها مبررًا لأختها وأشعريها بوقوفك بجانبها أمامها. ولا تنسي بعد ذلك الإسرار لها بأنها مخطئة ولكنها لا تحب أن تظهر ذلك أمام أخواتها؛ لأن ماما تحبك وتريد أن تكون صورتك إيجابية أمام الجميع.
(6) أتمنى ألا نكون نحن الآباء والأمهات نمارس الشتم في تعاملنا مع الأبناء، فلربما هي تشتم لأننا نشتم، ولربما هي تشتم لأن صديقاتها يشتمن. اعقدي معها اتفاقًا وديًّا على ألا يتفوه أي شخص في البيت بهذه الشتائم؛ لأن هذه الكلمات لا تليق بفتاة جميلة مؤدبة تعيش في بيت مسلم، وليكن التعزيز ديدنك في ذلك، ولتكن قصص الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم حاضرة في البيت، وأكرر وأقول: لا يكون التنبيه على الخطأ وقت حدوثه وإنما الوقاية خير من العلاج، فعلينا أن نغرس في أبنائنا أثناء الجلسات العائلية المفاهيم والسلوكيات الطيبة، حتى إذا ما كان الموقف تصرف الابن وفق ما تعلمه من أبويه.
(7) افتحي بابًا للحوار بينك وبينها، خصصي ساعة من وقتك يوميًا للجلوس معها، إما على شرفة المنزل أو الذهاب إلى منتزه قريب، وكوني قريبة من ابنتك، وانصحيها، حدثيها عن نفسك لتحدثك هي عن نفسها، ومن ينظر الآن إلى حال الأمهات فسيجدهن مشغولات في أعمال البيت أو تكاليف المجتمع ومنصرفات عن الجلوس مع أبنائهن كصديقات ومحبات.
وفقك الله وسدد خطاك.
ــــــــــــــ(102/118)
الأذكار اطمئنان للقلب ... العنوان
نحن نحث أطفالنا على المواظبة على الأذكار صباحا ومساء فالرجاء توضيح الجوانب النفسية التي يشتمل عليها تلك الأذكار والأثر الذي تتركه في النفس عند الاطفال مع رجاء ذكر مثال لدعاء معين والحديث عن اثره وجزاكم الله خيرا ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...الاخت الفاضلة ...
المواظبة على الأذكار عمل رائع عظيم الأثر فى الراشدين والأطفال فذكر الله سبب من اسباب اطمئنان القلب "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب "سورة الرعد 28 ،وعنصر من عناصر تحصيل رضا النفس "فاصبر على ما يقولون و سبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن أناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى "سورة طه 130،وعامل من عوامل بلوغ الهداية "واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى ان يهدنى ربى لأقرب من هذا رشدا "سورة الكهف 24، فهل بعد الإطمئنان والرضى والهداية من مطلب .
وأما بالنسبة للأطفال فقد خصهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكون أول ما يقرع أسماعهم بعد الميلاد هو النداء للصلاة _الأذان _ فى الأذن اليمنى والإقامة فى اليسرى وأن يفتح الوالدان على طفلهما بشهادة التوحيد لتكون "لا إله إلا الله "هى أول ماينطق به لسانه .
وانصح لك ايتها الأخت الكريمة أن تجعلى من وقت الأذكار وفتا ممتعا لولدك بان يأنس لها عقله ويطرب لها قلبه ويتذوقها لسانه بالتركيز على جودة الترديد وجماله اكثر من الحفظ والتلقين ولفت نظره أن يتأمل فى الكون وهو يردد "أصبحنا وأصبح الملك لله "فهذه السماء والأرض والشجر والدواب والبشر كلها ملك لله ومن صنع الله .
أما عن آثار الأذكار (الصباح والمساء أو غيرها فكل موقف يواجهه المسلم له ذكر فى الاغلب) النفسية والمادية فأكثر من أن تحويها هذه الإجابة لأن كل ذكر له أثر وفضل ويمكنك الرجوع إلى كتاب الأذكار للإمام النووى إذا اردت التفصيل و رسالة المأثورات للإمام البنا إذا أردت الإختصار .
وأختم بحديث عن أنس رضي اللّه عنه عن الذكر في مواجهة الأمر الصعب؛
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلاً" قلتُ: الحَزْن بفتح الحاء المهملة وإسكان الزاي: وهو غليظ الأرض وخشنها.
(326) ابن السني (353) وقال الحافظ: إسناده صحيح، أخرجه ابن السني وابن حبّان.
فيتعلم أبنك المثابرة والإستعانة بالله وعدم الإستسلام للصعوبات .
وروى الترمذي عن ابن مسعود ،قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم:" لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
ــــــــــــــ(102/119)
طفلتي وجلسات صديقاتي! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى الإخوة المشرفين على هذه الصفحة المباركة بإذن الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود منكم أن تقبلوا عرض مشكلتي وأستشيركم في حلها، وكما قيل ما خاب من استشار.
المشكلة تتعلق بابنتي ذات السبع سنوات منذ حوالي أكثر من سنة أصبحت تحب الجلوس معي عندما أكون أتحدث مع صديقاتي، وتستمع لأحاديثنا، وهذا يسبب لي إحراجًا، ويضايقني فآمرها بتركي والذهاب للعب مع إخوتها، ولكن دون فائدة؛ لأنها تعود بعد قليل البعض من صديقاتي، ربما تتحدث من مشكلة حصلت لها، والبعض يكون لها أسلوب ممتع في الحديث حتى في مواضيع عادية.. ماذا أفعل مع ابنتي؟ هل هذه ظاهرة طبيعية أم بداية لسلوك خاطئ؟ أرجو منكم مساعدتي في حلها، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة.. أهلاً بك على صفحتك.
حين قرأت رسالتك وجدت أن أسلم من يفكر فيها طفل مثل ابنتك؛ فعملت بمقولتك -ما خاب من استشار-؛ ولذلك استشرت طفلي الصغير ليشاركني التفكير، فليس هناك أفضل من الأطفال ليشيروا عليك بحلول لمشاكل الأطفال مثلهم؛ وذلك لأن هناك ضرورة حقيقية لأن نرى الموقف بعيونهم؛ ورأيهم..
ببساطة شديدة أن نفهم الاحتياج وراء الطلب أو السلوك..
ولذا علينا فهم سبب حب ابنتك للمكوث معك ومع صديقاتك؛ وهو ما سألت طفلي وما سأطرحه عليك هو رؤية الموقف بعيني طفل: (الرغبة في الصحبة - الإثارة - الملل من الوحدة - الغيرة من الصديقات اللاتي استحوذن على الأم - الرغبة في صحبة الأم نفسها - الرغبة في الاطلاع على عالم الكبار).. وربما كان لدى طفلتك وغيرها أسباب أخرى.
فدعينا نطرح بعض الأسئلة التي تكشف شيئًا من جوانب الموضوع:
- هل يقتصر الأمر على المكوث معك أنت وصديقاتك أم أن هذا يتكرر في جلستك مع الأب أيضًا أو الأقارب؟
- هل مع أشخاص معينين أم أن الرغبة تكون فقط في مكوثها معك أنت بغض النظر عن الشخص الذي يكون بصحبتك؟
- هل هذه الرغبة في المكوث معك تظل موجودة وإن لم يكن هناك صديقات؟
- هل يحدث ذلك كل وقت أم أوقات معينة؟
- ثم ما الذي تفعله أثناء مكوثها معكم: هل تتحدث وتشارككم الحديث؟ هل تستمع فقط؟ هل تناقشك فيما سمعت فيما بعد؟ هل تسأل وتستفسر؟
- هل تفهم كل الحديث؟ أم أنها تستفسر في أثنائه؟ ما أكثر ما يلفت نظرها وانتباهها في حديثكم؛ وتسأل عنه أو تكرره لك؛ أو تناقشه معك؛ أو تنقله في حديثها الخاص مع الأطفال مثلها.
- وما أكثر ما يميز هذه الأحاديث ويجعلها مثيرة ومحببة وجذابة لطفلتك:
موضوعه؛ لهجته؛ طريقة الحديث؛ الجو المحيط بالمجلس؟ هل تتضاحكون؟ هل يكون في جلساتكم شيء يوحي بأنها جلسة للأسرار بما يثير فضولها؟
- هل تجلسين وتشاركين طفلتك أوقاتا كافية في أحاديثها الخاصة؟
- هل لطفلتك أنشطة خاصة؟
أعود لطفلتك وسؤالك المحدد:
رغبة طفلتك في رفقتك وأصدقائك أمر عادي لدى الكثير من الأطفال؛ خاصة أولئك الذين نمت قدراتهم اللغوية؛ وكذلك الاجتماعية فيرغبون في صحبة ومرافقة الكبار لعدة أسباب (كما ذكرنا). على أنه لا بد أيضًا أن يعلم الطفل أن: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، ولكن برفق وبعد أن نكون قد عرفنا فعليًّا احتياج الطفل الحقيقي من هذه الصحبة. وأشبعنا لديه هذا الاحتياج بطرق سليمة وصحيحة. فلا يمكننا أن ننكر على الطفل الصحبة إذا لم نشبعها في أوقات أخرى فنعرفه أن له حقا؛ ولنا أيضًا حق. ويطمئن أنه يحصل على حقوقه ما دامت ممكنة وما دامت سليمة.
الطفلة تحتاج لأن تشعر بأنها تشاركك جزءاً هامًّا من حياتك، وتشعر أن هذا الجزء الهام والمميز والممتع هو الجزء الخاص بجلسة الصديقات؛ تلك الجلسة التي ترى فيها نموذجًا مثيرًا من الحكايات والضحكات والترافق الذي تحلم به في عالمها؛ خاصة إن كانت طفلتك من النوع الاجتماعي.
أي الذي يهتم بنماذج البشر ومراقبتهم ومصاحبتهم، كما أنها تحب أن تشعر أنها إحدى هؤلاء الصديقات المقربات لك، وأنها جزء من عالمك المحبب.
وربما أنها ترى استمتاعك مع هؤلاء الصحبة يفوق بكثير استمتاعك بصحبتها؛ وهي تغار لذلك وتريد أن تكون جزءاً من الصحبة المحببة. وأيضًا لا تريدك أن تنشغلي بغيرها، وأن يشاركها فيك أحد.
ويزيد من ذلك أن تكون الحوارات بينكما قليلة، أو غير مرضية لها، وغير مشبعة لكل ما تريده هي من الحوار والترافق والصحبة، التقدير، المرح والفكاهة، الشعور بأنها جزء من جماعة (الانتماء لجماعة محببة، كذلك تشعر بأنها كبرت وصارت عضوة هامة في جماعة الكبار).
والآن:
1 - رافقي ابنتك في حوارات كثيرة، أشبعيها من صحبتك، وأعلميها بالقول والفعل أنك تحبين هذه الصحبة.
2- يمكنك أن تديري حوارات كثيرة معها تستطلعين من خلالها عالمها الذي تعيشه هي وتراه بعقلها وقلبها. ويمكنك البدء بفتح هذه الحوارات عن طريق استطلاع صور لك في مراحل عمرك المختلفة؛ وفي مناسبات مختلفة. حدثيها عن هذه المناسبات بما تحمله من معنى خاص لك.
3- حدثيها وستعلمين كم أن الأطفال يشعرون ويفهمون ويدركون الكثير مما نتخيل أنهم لا يدركونه. كذلك اسأليها عن رأيها؛ ما تراه؛ كيف تشعر في نفس الموقف؛ لو كانت مكانك كيف كان يمكنها التصرف... تقربي إليها واعلمي ما تفكر وتشعر به.
4- كذلك يمكنك فتح مثل هذا الحوار عن طريق القصص. وعن طريق كتابة المذكرات اليومية معًا. واستمتعا بذلك متعة حقيقية معًا.
5- والأهم أن تقومي بدور "المعلق الرياضي"، أي أن تشرحي كل ما تفعليه؛ لماذا تفعلينه؟ بماذا تشعرين عندما يحدث أي موقف؟ كيف تفكرين به؟ كيف تخططين لإصلاحه؟... املئي حياة ابنتك بكيف ولماذا. فتشعر أنها جزء من عالمك. راعي عمرها بطبيعة الحال وما يسمح به إدراكها العقلي واللغوي، واستمري في ذلك دومًا، وحاولي قدر جهدك.
6- فالأم دورها الأساسي أن تشرح لأطفالها ما تقوم به، ولماذا تقوم به؛ وكيف تقوم به. وهذا الدور ليس فقط دورًا تعليميًّا وتلقينيًّا، بل دور تدريبيّ تقوم به الأم، ويتضمن ذلك المشاعر والأفكار والقيم والآراء. هذا الدور هو الذي يسمح بتمرير قيمنا الخالصة لأطفالنا دون فرضيتها، بل امتصاصها من ثنايا حديثنا الوصفي، فضلاً عن أن هذا الحديث المستمر يلعب دورًا خطيرًا ورائعًا في إحداث التقارب بين عالم الأهل وعالم الطفل ويحقق له الشعور بالأمان لانتمائه لعالم يعرف عنه الكثير.. ويحب فيه الكثير. وهو عالم الأسرة الذي هو عالمه الأول الذي ينطلق منه نحو عالم أرحب وأوسع.
7- ويمكنك بعد ذلك أو ضمنه أن تسألي طفلتك: عن سبب حبها لصحبتك في جلسة الأصدقاء: ساعديها بالأسئلة ووصف ما يحدث: (أراك تحبين كثيرًا جلستي مع...؛ أظنك تحبين...؛ هل تحبين طريقة حديثها..؛ موضوعاتها مثيرة...).
8- ابتعدي عن طريقة الاستجواب.
9- اذكري فقط ما ترينه: (أراك تحبين الجلوس..؛ أظنك تحبين طريقة الحديث؛ موضوعاتها...؛ وربما تملين الجلوس بمفردك..).
10- بعد استماعك بإنصات لها وتفهمك لاحتياجها الحقيقي، وإقرار هذا الاحتياج؛ وأفهمها بتقديرك لهذا الاحتياج؛ ابدئي بذكر ما تشعرين أنت به: "أحيانًا يكون لدي ما أحب أن أقوله لـ(الخالة)...؛ ويكون هذا الأمر غير مناسب لك أن تسمعيه، ولكن هناك بعض الأوقات التي يمكنك فيها البقاء معنا. ومشاركتنا الحديث. ماذا تقترحين من حلول.
11- اسمعي مقترحاتها باحترام، كذلك أضيفي مقترحاتك، ثم في نهاية القائمة؛ اختاروا منها ما يرضيكما أنتما الاثنتان وتتفقان على تنفيذه. واكتبا ذلك، ثم اعملا على تنفيذه فعلاً.
كوني لطيفة، صديقة ودودة، عبري عن مشاعرك بعد الاستماع لمشاعرها باحترام وإنصات، ثم ابدءوا معًا في وضع بعض الحلول.
اتبعي هذه الطريقة مع طفلتك في أي موقف تتعارض فيه رغباتكما، أو تختلفان فيه في المطلب؛ اعملوا معًا كفريق لحل المشكلات. وتكمن كل الحلول في احترام كل فرد من أفراد الفريق للآخر (مشاعره ورغباته وأفكاره)؛ والشعور الحقيقي بأننا نريد أن نصل معًا لحل يرضي كل منا. صدقيني هذه طريقة تحبب الأطفال والكبار في التعاون المخلص الحقيقي.
طبقي طريقة حل المشكلات كمنهج لحياتك مع كل من تحبين، ومن تودين الإبقاء على حبهم. فالاحترام هو وسيلتنا الوحيدة للإبقاء على حب من نحب، بل إنه المولد الأساسي للحب.
امضي قدمًا نحو علاقات مشبعة ومرضية لحل الأطراف. والله المستعان.
ــــــــــــــ(102/120)
اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة ... العنوان
السلام عليكم.. بداية أود أن أوضح إعجابي الشديد بهذا الموقع الأكثر من رائع ما شاء الله، وأود أن أشكر القائمين عليه وأهنئهم على ما يبذلونه من جهد للتغلب على مشاكل التربية التي تواجه الأسرة العربية والإسلامية بارك الله فيهم، وبعد..
أنا والدة لفتاة في الحادية عشرة من العمر، لاحظت أنها كانت تميل للعب مع الصبيان من أولاد الجيران ومن الأقارب منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، وشيئًا فشيئًا أصبحت ترتدي البنطالات والقمصان مثلما يرتديها الصبيان، ثم طلبت مني أن أقص شعرها مثلهم فرفضت، فما كان منها إلا أن قصته بنفسها بطريقة غير مرتبة، فاضطررت إلى الذهاب إلى أحد الصالونات، حيث تم قص شعرها كما تريد، ومنذ يومها أصبحت تقص شعرها على هذا الشكل، ومع مرور الأيام لاحظت أن أسلوبها في الكلام تغير، وأصبح خشنًا كالصبيان كما أنها أصبحت حركية جدًّا بل رياضية، وذلك كي تستطيع مجاراة الصبيان في لعبهم وجريهم بالكرة بخشونة، ومشكلتها تفاقمت أكثر وأكثر فعندما نذهب لشراء الملابس تشتري ملابسها من قسم الصبيان وإذا منعتها من ذلك تصرخ وتهدد، كما أنها تأخذ عطور والدها لترش منها، حتى غدا مظهرها كالصبي، وفي المدرسة تصادق فتيات ضعيفات الشخصية كي تفرض عليهن ما تريد، وإذا لم توافقنها الرأي ضربتهن بضراوة، لكنها بعد هذا تعتذر إليهن وتتودد لهن، فعلى الرغم من خشونتها فإنها كريمة وطيبة القلب وذكية لكنها لا تحب الدراسة، ومسامحة، كما أنها ذات إرادة قوية، فمرة سبقتها فتاة في الجري في حصة التربية البدنية، فلما عادت إلى المنزل أخذت تتدرب بطرقها الخاصة لمدة شهر تقريبًا، حتى استطاعت أن تسبق تلك الفتاة.
إن مشكلتي بدأت تكبر عندما لاحظت أن ابنتي بدأت تظهر عليها أمارات البلوغ منذ زمن قصير، فقبل هذا لم أكن واعية ومهتمة، ولكني الآن شعرت بخطورة الأمر فلا أستطيع منعها من اللعب مع الصبيان مباشرة، ولا يمكنني أن آمرها بالحجاب، فأرجوكم أن تفيدوني في مسألتي، وكيف يمكنني أن أحقق هدفي مستفيدة بما لديها من خصال حسنة في شخصيتها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل ابو هندي أستاذ مساعد للطب النفسي جامعة الزقازيق – مصر:
الأخت السائلة أهلاً وسهلاً بك، وشكرًا جزيلاً على ثقتك، وإطرائك النبيل لموقعنا وصفحتنا معًا نربي أبناءنا. ما تعاني منه ابنتك هو في الغالب ما نسميه في الطب النفسي باضطراب الهوية الجنسية في الطفولة Gender identity disorder of childhood، وهو اضطراب يبدأ في الظهور عادة في مرحلة الطفولة المبكرة (ودائمًا قبل البلوغ بمدة طويلة)، ويتميز بضيق مستديم وشديد بشأن الجنس الفعلي، مع رغبة (أو إصرار) على الانتماء للجنس الآخر، ويكون هناك انشغال دائم بملابس أو نشاطات الجنس الآخر أو كليهما مع رفض للجنس الفعلي.
والمعتقد على نطاق واسع هو أن هذه الاضطرابات غير شائعة نسبيًّا وإن لم تكن هناك دراسات في بلادنا (على حد علمي) عنيت بهذا الأمر، وتشخيص اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة يقتضي وجود اضطراب في الإحساس الطبيعي بالذكورة أو الأنوثة (بالرغم من عدم وجود أسباب عضوية لذلك)، أما مجرد السلوك الصبياني بين البنات أو السلوك "البناتي" بين الأولاد فليس كافيًا.
والسمة التشخيصية الأساسية هي رغبة عامة ودائمة عند الطفل للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الفعلي (أو الإصرار على الانتماء إلى الجنس المقابل)، بالإضافة إلى رفض شديد لسلوك أو صفات أو ملابس الجنس الفعلي أو لهما جميعًا، وتظهر هذه الحالة أول ما تظهر بشكل نموذجي، أثناء سنوات ما قبل المدرسة.
ولاستخدام هذا التشخيص يجب أن تكون الحالة قد أصبحت جلية قبل الدخول في مرحلة البلوغ، وفي الجنسين قد يكون هناك رفض للأجزاء التشريحية الخاصة بالجنس الفعلي، ولكن هذه ظاهرة غير شائعة ولعلها نادرة.
والأطفال المصابون باضطراب الهوية الجنسية ينكرون وبشكل متميز أن هذا الاضطراب يسبب لهم أي إزعاج، وذلك على الرغم من احتمال ضيقهم بالاصطدام مع ما تتوقعه عائلاتهم أو أقرانهم منهم، وبالسخرية أو الرفض الذي قد يتعرضون له.
وما يعرف عن هذه الحالات أكثر في البنين منه في البنات، والنمط النموذجي هو أن يبدأ الأولاد من الذكور منذ سنوات ما قبل المدرسة بالانشغال بأنواع من اللعب والأنشطة الأخرى التي تمارسها الإناث بشكل نمطي ومتكرر، وكثيرًا ما يكون هناك تفضيل لارتداء ملابس الفتيات أو النساء، وقد تكون لديهم رغبة شديدة في المشاركة في ألعاب وهوايات الفتيات، ولعبتهم المفضلة هي غالبًا "العروسة"، كذلك فإن رفاق اللعب المفضلين يكونون عادة من الفتيات، ويبدأ النبذ الاجتماعي عادة أثناء سنوات الدراسة الأولى ويصل إلى ذروته غالبًا في مرحلة الطفولة المتوسطة في شكل سخرية مهينة من الأولاد الآخرين، وقد يقل السلوك الأنثوي كثيرًا أثناء بدايات المراهقة، مثلما قد يقل السلوك الذكوري في البنات أيضًا مع البلوغ.
ولكن قليلاً جدًّا منهم يبدون تحولاً جنسيًّا في الحياة البالغية (ذلك بالرغم من أن أغلب الكبار المصابين بالتحول الجنسي يذكرون أنهم كانوا يعانون من مشكلة في الهوية الجنسية أثناء الطفولة).
وفي عينات مأخوذة من العيادات وجد أن اضطراب الهوية الجنسية أقل معدلاً بين الفتيات عنها بين الفتيان، ولكن ليس معروفًا ما إذا كانت هذه النسبة بين الجنسين تنطبق على المجتمع بشكل عام، وكما هي الحال في الفتيان، تجد بين الفتيات مظاهر مبكرة للانشغال بسلوك يرتبط بشكل نمطي بالجنس المقابل، فالفتيات اللاتي يعانين من هذه الاضطرابات يتخذن رفاقًا من الذكور ويبدين اهتمامًا شديدًا بالرياضة واللعب العنيف، كما أنهن لا يبدين اهتمامًا بالدمى (العرائس)، وباتخاذ الأدوار النسائية في ألعاب الخيال مثل لعبة "الأمهات والآباء" أو لعبة "البيت". والبنات المصابات باضطراب الهوية الجنسية لا يتعرضن عادة لنفس الدرجة من النبذ الاجتماعي مثل الأولاد، بالرغم من أنهن قد يعانين من السخرية في أواخر الطفولة أو المراهقة، وأغلبهن يتخلين عن إصرارهن المبالغ فيه على أنشطة وملابس الذكور عندما يقتربن من المراهقة، ولكن بعضهن يحتفظن بهوية الذكور وقد يتابعن التوجه باشتهاء الجنس المماثل homosexual.
ومن المعروف أن السلوك الذكوري من بنت يقبلُ في مجتمعاتنا أكثر من السلوك الأنثوي من ولد، ولعل هذا هو سبب عدم أخذك الأمر بصورة جدية من وقت مبكر، ونادرًا ما يصاحب اضطراب الهوية الجنسية رفض مستديم للأعضاء التشريحية الخاصة بالجنس الفعلي، ففي الفتيات يأخذ ذلك تأكيدات متكررة على أن لديهن قضيبًا، أو أنه سينمو لهن قضيب، وقد يرفضن التبول وهن جالسات أو قد يؤكدن على رغبتهن في ألا تنمو لهن نهود أو تكون لديهن دورة شهرية.
معنى ذلك أن المشكلة التي تواجهينها مع ابنتك قد تكون أعمق بكثير من مشكلة الحجاب في حد ذاته، فالبنت تحتاج إلى علاج نفسي طويل الأمد، خاصة وأن الاحتمال التشخيصي الذي وضعناه لها يحتاج إلى تأكيد من قبل الطبيب النفسي، وكذلك إلى تحليل ما ستتجه إليه ميولها الجنسية في فترة المراهقة، وذلك كله بعد أن يتم فحص وتحليل للهرمونات وللكروموسومات، وتكون سلامتها مؤكدة من هذه الناحية.
وفقك الله عز وجل وأعانك، ونحن في انتظار موافاتنا بالتطورات الطيبة إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/121)
التحكم في الإخراج.. عندما يسبق الصغير ... العنوان
ابني عمره سنتان يذهب إلى الحمام، لكنه لا يفعل شيئًا ويفعل في الحفاظة، أحيانًا أقوم بضربه وأحيانًا أشجعه على عدم فعل ذلك، ولكن لا نتيجة وأجعله يرى أخاه الأصغر وهو يتبول في الحمام، ولكن هذا لا يأتي بنتيجة أيضًا، ماذا أفعل؟ ... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا عزيزتي أم التوءم.. فكما يبدو أنك حملت بالأخ الثاني لطفلك الأول وهو في الشهر الخامس من عمره.. أعانك الله تعالى وأعانهما على اجتياز هذه المرحلة الدقيقة من مراحل تنشئتهما بكل سلامة.
في الحقيقة.. أنا لا أجد مشكلة في سؤالك، فطفلك الكبير أنس لم يتجاوز العامين، وبالتالي فهو ما زال في مرحلة التدريب التي تتضمن إخفاقات ونجاحات.. ولم يصل لمرحلة التحكم بعد.. فلم تطالبينه باحتراف شيء ما زال يتدرب عليه إلى الآن؟ وما أجده جليًّا هو أن طفلك يعاني الشعور بالغيرة -وهذا طبيعي- من أخيه، فيعاقبك بأن يمسك فضلاته حتى يُخرج في حفاظته بدلاً من تنفيذ رغبتك.. هذا الاحتمال يكون واردًا إن كان الطفل يتعمد إمساك فضلاته حتى يخرجها فيما بعد في الحفاظة.. أما إن كان الأمر خطأ في توقعك لموعد احتياجه للتبرز مما يترتب عليه أنه لا يفعل شيئًا سوى انتظار المجهول -بالنسبة له- الذي لن يأتي الآن، فمن الطبيعي ما يحدث.
وهناك احتمال ثالث وهو أن يكون الطفل يخاف الحمام أو السقوط في المرحاض ويحب استخدام وعاء ذي شكل طفلي بسيط محبب، فقد فهمت من سؤالك أنه يتوجه بنفسه للحمام طالبًا الوعاء، لكنه بعد ذلك لا يفعل شيئًا، فإما لأنه لا يستطيع الوصول في الوقت المناسب أو لأنه يخاف المرحاض الذي تحدثت في سؤالك عن إجادة رضيعك لاستخدامه، وبشكل عام فإن توجه الطفل بنفسه وتنبهه للعلاقة بين رغبته في التبرز -أو حتى تبرزه فعلاً- وبين الحمام أمر محمود جدًّا وخطوة متقدمة -مقارنة بمن في سنه- على طريق التحكم، وهنا يجب أن أقول بكل قوة إن عقابه أو ضربه خطأ فادح قد يتسبب له في إمساك لا يشفى أو مشكلات نفسية أخرى أنت في غنى عنها.. فهو بعد لا يفهم العلاقات بين الفعل ورد الفعل.. لا يفهم أنك تضربينه لأنه تبرز في الحفاظة، بل قد يفهم أنك تضربينه لأنه تبرز وحسب.
كما أنه لا يفهم أنك حين تكونين سعيدة بأخيه لتبرزه في المرحاض بقدر ما يصله أنك تفرقين بينهما فتفرحين بتبرز هذا وتستنكرين تبرز الآخر!!!.. فالمسائل ما زالت غير واضحة بالنسبة له؛ فحتى سن سنتين ونصف لا تزال الشبكة العصبية للطفل غير ناضجة، وأعتقد أنه لا يمكن إنضاجها بالأوامر والنواهي والعقاب.. كما أن لكل طفل موعده في اجتياز كل مرحلة من مراحل النمو والفرق الذي يتجاوز الشهور الستة عن الحد الأقصى لاجتياز هذه المرحلة هو ما يقلق، بمعنى أنه إن كان الحد الأقصى لاحتراف الطفل النطق بمقاطع عشرة مثلاً هو 16 شهرًا مثلا.. فإن وصول الطفل إلى 22 شهرًا دون نطقها يحتاج فورًا لتقصي الحالة وعلاجها، وهكذا "هذا مجرد مثال".. فما بالك بأن الطفل حتى عامين ونصف يكون من الطبيعي عدم تحكمه في البراز والبول يمتد مداه حتى 3 سنوات؟؟ أليس طفلك متقدمًا وما زال في مراحل التطور الطبيعي الذي قد يفسده العنف معه والقسوة عليه وإشعاره بتفوق من يصغره عليه.
أختي الكريمة.. إن طفلك بحاجة لإعادة تدريب وترغيب في التحكم وتعويد وتشجيع، مع الحذر من:
1- مقارنته أو معايرته بأخيه.
2- عقابه أو ضربه أو القسوة معه في التدريب.
3- الضغط عليه أو إشعاره بالتحدي فيما يخص هذه المسألة.
4- الحكم عليه وعلى تقدمه في ضوء إمكانيات أخيه، فأصابع اليد الواحدة مختلفة عن بعضها.. فكيف لا يختلف الإخوة؟؟
5- التعامل معه بيأس أو تأفف أو إظهار امتعاضك منه أو إشعاره أنه متأخر أو "خائب" أو لا فائدة معه كما قلت في سؤالك، كي لا يفت ذلك في عضده ويكسر ثقته بقدرته على التطور والتحسن.. هذا رجاء أرجوه منك بشكل عام في كل شيء يخص طفلك.
6 - جعل تلك الفقرة يوميًّا فقرة كريهة من التعذيب للطفل والتعنيف، بل على العكس يجب أن تكون فقرة ممتعة ينتظرها ويسعد بما يناله فيها من التصفيق واللعب والمرح.
أما برنامج التدريب -الذي أظن أن طفلك لم يأخذ ما يكفيه من الوقت لاعتياده- فتفاصيله تجدينها في:
المهنة السامية تفتح أبوابها للعضوات الجدد
علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
وداعًا.. أيتها الحفاظات
حسن التربية.. سؤال كل أم جديدة
عزيزتي.. إن طفلك بلا أدنى شك يحتاج لعناية شديدة ومراعاة لمشاعره في التعامل معه.. فهو لم ينل ما يكفيه من الدلال لظروف حملك وولادتك لأخيه؛ ولذا فأرجوك أن تطبقي وبكل دقة المقترحات الموجودة في الرابط التالي:
احموا أبناءكم من الغيرة.
كما أنصحك بحفظها على حاسوبك وقراءتها من وقت لآخر دون الاحتياج للاتصال بالشبكة، وأخيرًا.. فأنا في انتظار موافاتنا بأخبارك وأخبار طفلك وملاحظاتك عليه وعلى استجابته، وأختم حديثي معك بقصة شيقة تمنحك -كما منحتني- الشعور بالعزيمة والهمة العالية على الصعود فوق كل المشكلات.. إذ يحكى أنه وقع حصان أحد المزارعين في بئر مياه عميقة ولكنها جافة، وأجهش الحيوان بالبكاء الشديد من الألم من أثر السقوط واستمر هكذا لعدة ساعات كان المزارع خلالها يبحث الموقف ويفكر كيف سيستعيد الحصان؟ ولم يستغرق الأمر طويلاً كي يُقنع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزًا وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها بأي شكل. وهكذا، نادى المزارع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل مشكلتين في آنٍ واحد: التخلص من البئر الجافة ودفن الحصان.
وبدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر في بادئ الأمر، أدرك الحصان حقيقة ما يجري فأخذ في الصهيل بصوت عال يملؤه الألم وطلب النجدة. وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة، وبعد عدد قليل من الجواريف، نظر المزارع إلى داخل البئر وقد صعق لما رآه، فقد وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره! كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها بدوره على الأرض ويرتفع هو بمقدار خطوة واحدة لأعلى، وهكذا استمر الحال، الكل يلقي الأوساخ إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فيهز ظهره فتسقط على الأرض، ويرتفع خطوة بخطوة إلى أعلى. وبعد الفترة اللازمة لملء البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض، حيث قفز قفزة بسيطة وصل بها إلى سطح الأرض بسلام وأمان.
فهل ستنفضين المشكلات عن ظهرك وترتفعين بذلك خطوة واحدة لأعلى؟
ــــــــــــــ(102/122)
طفلي والأنوثة.. ميل يحتاج ترشيدا ... العنوان
أعاني من تعلق ابني -3 سنوات- الشديد بي وميوله لأمور الفتيات، وحتى الآن في معظم الأوقات لا ينام إلا عندما يمسك مكان الرضاعة، مع أنني أوقفت الرضاعة عندما كان عمره سنة ونصف السنة، وإذا كان معه شيء وأخذته منه يبكي دائما، وإذا شاهد التلفاز وانتهى البرنامج يجلس ويبكي ولا يسكت إلا عندما أضربه ويشتمني، ثم لا يسكت إلا عندما آخذه بحضني.
أنا لا أفرق بينه وبين أخته إطلاقا، بل بالعكس أدلله أكثر، وأدخلته الحضانة، ولأنه لا يحب أن يذهب إليها أذهب به أنا.
هو حنون جدا وعاطفي وكريم، ولكنه على كل شيء يبكي. وهو كلامه حتى الآن قليل؛ فلا أستطيع التعامل معه، وهو يحب الجلوس على الكمبيوتر كثيرا، ويحب مشاهدة الأفلام الأجنبية، وهو كثير الشجار مع أخته. وهو يخاف كثيرا، مع أنني دائما أقول إنك بطل وأشجعه أنا وأبوه. هو نكد جدا جدا، أرجوكم ساعدوني، هو لا يحب الاعتماد على نفسه إطلاقا.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختنا الفاضلة، ومرحبا بأسرتك الكريمة بارك الله لك فيها، وفي الحقيقة لقد وجدت في كل سطر مما أرسلته ذكرا لأكثر من مشكلة تعانين منها مع طفلك.. حتى إنني شعرت أننا بحاجة أولا لتحديد وتقسيم هذه المشكلات حتى يمكننا التعامل معها وتفنيدها وتبسيطها.
إن مشكلتك الأولى هي: في الذاتية الجنسية أو الهوية الجنسية لطفلك Gender Identity، ويقصد بها تعرف الطفل على تمايزه الجنسي عن الجنس الآخر واختلافه.
أما مشكلتك الثانية فهي في ارتباطه بالرضاعة.
والثالثة: البذاءة وعدم احترامك.
الرابعة: الزن والبكاء والنكد.
الخامسة: عدم الاعتماد على النفس.
السادسة: تأخر الكلام وليس النطق.
وبالطبع فإن كل مشكلة في اتجاه، ولكن لحسن الحظ فإن كثيرا من تلك المشكلات تم عرض مقترحات للتعامل معه في أكثر من موضع قبل ذلك؛ فمسألة الهوية الجنسية للطفل في عمر 3 سنوات وارتباكه في التعامل وفقا لها تجدين تفصيلا كافيا للتعامل معها فيما يلي:
الهوية الجنسية عند ابن الثالثة
إن تواجد طفلك معك وأخته –وكلاكما من الإناث- فترة طويلة من اليوم، بل للدقة هو يقضي معكما يومه كله يؤثر على ميوله وتصرفاته وطريقة تعامله؛ فكما قيل "من عاشر قوما 40 يوما صار منهم"، فما بالك وهو معكما منذ وجد على سطح الأرض يرى تمشيطكما لشعركما وارتداء الفساتين ووضع المساحيق والتعطر والتنظيف والطهو والأعمال المنزلية، ولا يرى حوله أي شيء مذكر لا في التصرفات ولا غيرها؟ فماذا عليه إلا أن يحاكي ما يعيش فيه؟
وفي ظل ذلك لا بد من مقترحات تمنع تفاقم المشكلة مستقبلا، ذلك أن أي خلل في توجيه هذه الذاتية الجنسية يترتب عليه مشاكل جمة لا يتنبه الناس إلى خطورتها.. ذلك أن الذاتية الجنسية تتحدد عن طريق التربية والمؤثرات المحيطة بالطفل.. فالجنس البيولوجي للطفل يتحدد على طريق الجينات الوراثية والتركيب التشريحي لأعضائه التناسلية، وطريقة تربيته والتعامل معه؛ وهو ما يجعل ذاتيته تتواءم وتتوافق مع جنسه البيولوجي؛ فينشأ إنسانًا سويًّا يعيش حياة طبيعية، أو تؤدي طريقة تربيته وظروف بيئته إلى تشويش في ذاته الجنسية تتضاد مع جنسه البيولوجي؛ فينشأ إنسانًا شاذًا رافضًا لجنسه الأصلي.
وبعيدا عن التنظير تعالي نضع مقترحات عملية قابلة للتنفيذ:
1- لا بد من إيجاد مجال ذكوري واسع للطفل للتواصل معه؛ بمعنى أنه لا بد من إشراكه في ناد رياضي في لعبة جماعية ككرة القدم أو اليد يكون فيها الفريق من الأطفال الذكور، أو السماح له لو لم يكن النادي متاحًا بالنزول في أوقات محددة للعب مع أطفال الجيران الذكور في فناء البناية مثلا، أو دعوة أبناء الجيران من الذكور للعب معه.. كل ذلك سيجعل الطفل في جو صحي بصورة عامة وفي جو يساعده على نمو ذاته الجنسية في الاتجاه الصحيح.
2- لا بد من التأكيد على استحسان من حوله لكونه ذكرا أو "رجلا" من خلال كلمات المدح والثناء في هذا الاتجاه، مثل: "أنا أحبك لأنك قوي.. لأنك رجل صغير".. "إن يدك قوية لأنك رجل".. "أنت شجاع"... إلخ.
3- لا بد أن يلعب الأب دورا في مصادقة طفلك وإشعاره بالتشابه بينهما في السمات والصفات والشكل (طول الشعر وقصه – لبس البنطلون أو الجلباب – صلاة الجمعة... إلخ).
4- لا بد أن تشتري له لعبًا مختلفة عن أخته مثل البندقية أو الكرة والسيارات والمسدس مع إفهامه أنها لعبة خاصة به؛ لأنه ولد ولا بد أن تكون لعبه بهذا الشكل.
5- لا بد من التأكيد الشفوي من آن لآخر عن طريق الكلام ومفرداته على اختلافه؛ فنحن نؤكد له دائمًا اختلافه كولد ذكر عن أخته، ونرفض أن يستخدم تاء التأنيث في الحديث عن نفسه، ويكون ذلك التأكيد في مجال الحصول على المميزات وليس في مجال الانتقاص.. فلا يقال له: "لا لن تأتي معنا لأنك ولد" بل يقال له: "أنت ولد لذا يمكن أن تذهب مع بابا أما نحن فلا"..."لأنك ولد فأنت يمكن أن تلعب مع أبناء الجيران في الفناء أما أختك فلا...".. "لأنك ولد يا بختك ستلعب كرة القدم في النادي...".
أما عن ارتباطه بمكان الرضاعة فالأمر لا يتعدى كونه وسيلة لجذب النعاس لا تحدث كما قلت إلا في بعض الأوقات، ولكي يمكنك إيقافها عليك تنظيم طقوس النوم لأطفالك بتناول كوب الحليب ثم غسيل الأسنان –مثلا– ثم سماع القصة.. ثم الذهاب للأسرة للنوم.. ومن يفعل ذلك بلا تقصير يأخذ نجمة في سجل الأعمال الحسنة الذي يجب أن يعلق خلف الباب وعليه اسم ابنك واسم ابنتك، لتوضع تحت كل اسم نجمة مع كل تصرف حسن وينالا في نهاية الأسبوع هدية على الحصول على عدد معين من النجمات (كل 10 نجمات لعبة بخمس جنيهات، وكل 20 نجمة لعبة أكبر.. وهكذا)... أما التصرفات السيئة عند النوم فهي تحجب النجوم، وعليك الرفق في منع طفلك تدريجيا من تلك العادة؛ لأنها تكون إحدى "لزمات" النوم.. فأنا أعرف طفلا لا ينام إلا حين يضع إصبعه في فم أمه.. أو من ينام جواره.. وطبعا هي عادة قبيحة اعتادها لاعتياده النوم جوار أحد بالأساس، وتمرينه على تركها يحتاج للصبر والرفق والمثابرة.
أما عن بذاءة طفلك وشتمه لك عند غضبه فهو أمر لا يمكن السكوت عليه، ولا بد من عقابه إما بالحبس في غرفته أو منعه من شيء يحبه.. أو حتى تعذيره بالوقوف في ركن من الحجرة ناظرا للحائط.. المهم أن يشعر أنه فعل فعلة شنعاء بتعديه عليك أو عدم احترامك.. كما يجب امتناعك عن مسألة الضرب.. إذ ثبت لك أنه لا يجدي وأن طفلك يستمر مواصلا مشاغباته رغم ضربك له، ولا يهدأ إلا بالمعاملة الحسنة واحتضانه.. إذن فضربه لا يجدي ولا بد من معاملته برفق يجعل عقابه حدثا مختلفا ولافتا أنه صنع شيئا خطيرا يجب عدم تكراره.. وذلك تفاديا لإصابته بالبلادة واعتياد الإهانة فضلا عن اللامبالاة بالخطأ ولا بأي عقاب فالتربية فطرة وتفاهم وليست ضربا.
كما أن ملاءمة العقاب للسلوك السيئ أمر مهم، كما ينبغي ألا يكون العقاب للطفل تحت نير الاستفزاز أو العصبية.. بل بكل روية وبرغبة في ترسيخ معنى معين، والأهم أن يكون هناك اتفاقيات مسبقة مع الطفل على التصرفات الحسنة وعواقب الإخلال بهذا الاتفاق، وعندما يقع في الخطأ لا بد من تنبيهه أنه يعرض بذلك نفسه للعقاب المتفق عليه.. فإذا أصر فلا بد من عقابه.
ولتفادي تلك البذاءة لا بد من اتباع المقترحات الموجودة فيما يلي من إجابة سابقة:
الأسرة المترابطة تلجم الألسنة الطائشة.
أما بالنسبة لمسألة الزن والبكاء والعدوانية والشجار فستجدين ما يلزم للتعامل معها فيما يلي:
البكاء وسيلة الصغار للابتزاز.
وكون الطفل يخاف.. فالخوف شيء طبيعي بل مطلوب للحفاظ على الحياة، أما أن تقصدي خوفا زائدا مبالغا فيه أو يصل لحد الفوبيا فهذا أمر يحتاج أن توافينا بتفاصيل أكثر، مثل: مم يخاف طفلك؟ ولم تشعرين أن خوفه زائد؟ وهل يصاحب خوفه أعراض جسمانية كمغص أو تعرق أو احمرار؟ وهل يصاحب شعوره بالخوف صراخ أو أي سلوك غير معتاد؟
وعلى كل حال فستجدين تفاصيل مفيدة عن مسألة خوف الأطفال فيما يلي:
دعوا أولادكم يخافون
أما تأخره في الكلام وعدم قدرتك على التفاهم معها فلا أستطيع فهم كيف أنه لا يتكلم جيدا ومع ذلك يشتمك!! ولكن سنعتبر أنك تقصدين الكلام بطلاقة مثلا.. وبالنسبة لذلك فيمكنك الرجوع لما يلي من معالجات سابقة لمسألة تأخر الكلام للتحديد بشكل مبدئي ما إذا كان طفلك يعاني مشكلة تخاطب أم أن تأخره في نطاق الطبيعي.
برنامج تدريبي لدعم التأخر اللغوي
وأخير ا أختي الكريمة أرجو أن أكون قد استطعت الرد على كل ما ورد في سؤالك على اعتبار أنها ليست المرة الأخيرة التي أتلقى فيها متابعاتك.. فأنا -كما اتفقنا- في انتظار موافاتك لنا بتطورات طفلك واستجابته لتطبيقك لما ورد في الإجابة فضلا عن التفاصيل اللازمة لاستيضاح الكثير عن طفلك.. وشكرا لك.
ــــــــــــــ(102/123)
عدم الاعتبار بالأخطاء.. هل يعني الغباء؟ ... العنوان
طفلي3 سنوات يفعل الخطأ وهو يعلم عاقبته، ولكنه يكرره مرارًا وتكرارًا، وكأنه لا يبالي حتى بما تعرض له هو نفسه من ألم جراء هذا الفعل فيما سبق (كاللعب بالكهرباء مثلاً أو غلق الباب على يديه) فيظل يكررها، وكأنه لا يعلم أنها آلمته من قبل، فهل هو غبي أم ما الحل معه؟؟ ... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا عزيزتي.. ومرحبًا بأسرتك، وكل عام وأنتم بألف خير، وفي الحقيقة لقد ذكرني سؤالك بوصف النبي صلى الله عليه وسلم لبني آدم بأنهم خطاءون "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، فتكرار الخطأ طبيعة بشرية لا خلاف عليها، ووقوع الإنسان فيما يعلم أن به مشكلة أمر وارد جدًّا، إما لضعف إرادته أو نسيانه أو انخداعه أو محاولته النجاح فيما أخفق فيه من ذي قبل، وهكذا...، وعلى كل حال سنتعرض لكافة احتمالات تكرار طفلك للخطأ وما يلزم للتعامل معه إزاء كل احتمال.
تكرار الخطأ لدى الأطفال يحتمل 3 احتمالات:
1- شقاوة شديدة واندفاع يقللان من شعوره بالخطر أو الاعتبار مما حدث له، وتجعل لديه استعدادًا أن يكرر الخطأ عسى تكون العاقبة هذه المرة مختلفة ويستطيع اكتشاف ما لم يستطع اكتشافه في المرة السابقة.
2- تأخر في مهارات الطفل الذهنية عن عمره الزمني، وبالتالي فقدراته العضلية والحركية تفوق استيعابه الذهني فيعرض نفسه للأخطار دون أن يعتبر من العواقب أو يتوخى الحذر في المرات التالية، ويمكنك كأم تحديد ملامح مبدئية لهذا التأخر إن وجد تتمثل في:
- عدم قدرة طفلك -3 سنوات- على التفاعل مع الحديث الموجه له، أو تفهمه بما يظهر على تعابير وجهه وردود أفعاله واستجابته للأوامر.
- عدم استيعابه لكيفية التعامل مع اللعب، فلا يفرق بين الكرة التي تقذف بالقدم، وبين العروسة التي تحمل، وبين السيارة التي تحرك، والجيتار الذي يخرج أصواتًا، وهكذا... فعدم القدرة على التعامل السليم مع اللعب والمناسب هو إحدى أمارات التأخر في المهارات الذهنية.
- عدم استجابة الطفل للأوامر إطلاقًا أو عدم فهمها.
- وجود مشكلة في تواصله مع الأطفال أو من يصغرونه أو يكبرونه.
3- الاحتمال الأخير هو ضعف في التركيز لدى الطفل.
وعلى كل حال فأنا في انتظار موافاتك لنا بما ترجحينه -من خلال ملاحظتك لطفلك- من هذه الاحتمالات، فضلاً عن نبذة مختصرة عن مراحل تطوره واستجابته لمتطلبات النمو من حبو وتسنين وخلافه وأي ملاحظات لك عن اختلافه عن أقرانه خلال مروره بتلك المراحل؛ لنرشدك بما يلزم بكل دقة للتعامل مع طفلك، فالأمر جد يحتاج لتعامل ممنهج يختلف باختلاف السبب وراء تلك الحالة؛ لذا أرجو ألا يطول انتظاري.
وبشكل عام فلا بد من تقليل الأخطار في محيط تواجد الطفل قدر المستطاع، فلا حواف حادة ولا مكابس مكشوفة والأبواب مربوطة في القطعة الحديدية المخصصة؛ كي لا تفتح ولا تغلق بغير إشرافك ولا قطع معدنية أو خرزات سبحة صغيرة كي لا يحاول بلعها مثلاً، وهكذا...
كما يجب تحذيره قبل الوقوع في الخطأ وليس بعده، فقبل أن يلمس الشيء الخطير حذريه باتزان دون صراخ أو انفعال.. مستخدمة ما تتفقون عليه من تعبير دال على الخطر مثل (أوف) أو (واوا) لتصبح مصطلحا يمنع الطفل من الإقدام على الشيء الخطير، ثم اشرحي له بلغة يفهمها أن هذا الشيء يؤلم ويجب أن نبعد عنه، كما أن هناك لعبة أجمل يمكن أن نلعبها، وهكذا...
كما أن هذا الطفل في حاجة للاحتضان والرفق في المعاملة وتجنب القسوة أو التعنيف، كما أن توجيه الأوامر لا بد أن يكون وفقًا لقواعد إعطاء الأوامر، وستجدينها في الرابط التالي:
قواعد إعطاء الأوامر
وفي النهاية.. لا يسعني إلا التأكيد عليك بضرورة سرعة موافاتنا بما طلبته منك، وأختم بجملة من كتاب "روح الدين الإسلامي" لعفيف طبارة من صفحة 191 عن التوكل وأثره في نجاح كل محاولة؛ إذ يقول الكاتب: "التوكل على الله هو زاد روحي للتغلب على الخوف والقلق وهو الذي يعطي المؤمن بسمة أمام حالك الساعات التي تمر به".. ألم يقل الله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه"؟.
ــــــــــــــ(102/124)
صغيري يهوى والده ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله كل الخير على الجهد الذي تبذلونه في هذا المجال. ربنا يوفقكم ويبارك لكم في ذريتكم. عندي أكثر من تساؤل:
أولا: ابني البكر متعلق بشدة بوالده سواء في المنزل أو خارجه يريد من أبيه أن يؤكله ويشربه ويلعب معه حتى عند تغيير ملابسه لازم أبوه يكون معانا، وذلك طبعا في أوقات تواجد الأب معنا فقط وهي أوقات قليلة نسبيّا؛ نظرا لانشغاله في العمل.. إن ابني لا يريدني أن أحمله وألعب معه، وإذا قال له أبوه اذهب لماما يبكي ويهز رأسه بالرفض، مع أني أحاول أن ألعب معه، وأن أكون هادئة معه، ولكن بصراحة أبوه أكثر مني بكثير في مسايسته الصغار والمرح معهم، فهل هذا يدل على أنه يرفض تعاملي؟ وكيف يمكن أن أجعله ينجذب لي؛ لأن أباه يتعب من تعلقه الشديد به الذي يجعله لا يستطيع أن يقضي شؤونه داخل المنزل.
ثانيا: أريد أن أسأل عن أمر محرج بالنسبة لي هو أن ابني عندما يسمع القرآن الكريم مني يبكي ويغلق المصحف ولا يريدني أن أكمل. كان قبل ذلك لا يفعل هذا الفعل الذي يكون موضع تعليق العديد من الأصدقاء إذا حضروا الموقف. ولكن بدأ معه بعد رمضان، حيث أكرمنا الله في رمضان بأن نقرأ القرآن بعدد صفحات أكثر والحمد لله وكان يبكى ثم يلعب وحده. وبعد رمضان أردت أن أعوضه عن الوقت الذي أخذ منه، فكنت ألعب معه أكثر ومن هذا الوقت وهو يرفض أن أقرأ أنا القرآن أما أي أحد آخر فلا يبدي أي رفض لذلك. كيف يمكن لى أن أجعله يحب قراءة القرآن الكريم؟ ثالثا: متى وكيف يمكن لى أن أعلمه أن يستخدم التواليت في الإخراج جزاكم الله خيرا وآسفة لكثرة الأسئلة.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أختنا الكريمة وجزاك الله خيرا على ثنائك ودعائك عسى لك من الخير مثلما دعوت لنا.. بارك الله فيك، ولعلنا نكون لك عونا وعائلة في غربتك التي نحمد الله إنك تتغلبين عليها بتكوين علاقات وصداقات متعددة كما يبدو من معطيات رسالتك، فالغربة في زماننا لم تَعُد كربة كما كانت توصف، بل إنها فرصة للمعرفة والثقافة وتوسيع أطر العلاقات والصداقات والخبرات والمهارات، ولعل في قصة سيدنا يوسف عليه السلام خير ما يمثل لنا التصرف الصحيح مع كل بيئة جديدة، فقد كان عليه السلام ذا صداقات متعددة وقوية في كل مكان حل به خارج وطنه في مصر وفي السجن ولدى المسئولين، كما كان ذا نصيحة وأهل مشورة وكاتم أسرار كل من يحدثه، ولعل خلقه في غرباته المتوالية خير نموذج لكل من يبعد عن وطنه ليخلق لنفسه وطنا في كل مكان يحل به.
ولأن أسئلتك واضحة ومحددة فستكون إجاباتي مركزة ومحددة أيضا مدعمة بأطروحات سابقة لذات الموضوع في أكثر من موضع سابق، وتعالي نبدأ بسؤالك الأول وهو.. هل ميل طفلك لوالده يعني رفضه لك؟
وقد ساعدتني بالإجابة على السؤال بأكثر من معلومة:
1 - طفلك لا يمكث مع والده يوميّا أكثر من 5 ساعات، وبالتالي فهو في شوق عارم له كل يوم، والذكور بطبيعة الحال يميلون للذكور من الأهل فيحبون اللعب مع الجد أكثر من الجدة والخال أكثر من الخالة والعم أكثر من العمة، وهكذا...، وبالتالي فطفلك مع كل هذا الحب لا يستطيع أن يرى والده لأكثر من 5 ساعات فكيف لا يلتصق به فيها؟
2 - زوجك -ما شاء الله- يتعامل مع الطفل بحنان وذكاء ومداعبة تروق لطفلك الذي تجعل ساعات وجودكما الطويلة معا أمرا غير ممتع بالنسبة له، فأنت من دون شك تخطئين وأنت توجهين أو تعاقبين، وبالتالي فتلك الاحتكاكات اليومية التي لا تخلو من مضايقات لكما تجعل الطفل في شوق للتغيير وخرق هذا النمط بالالتصاق بأبيه الذي يمارس معه الوقت بشكل مختلف، فضلا أن هذا الالتصاق يحقق له نوع من الهروب من الأوامر والنواهي والتوجيهات، وبالتالي فالأمر طبيعي ومبرر، بل وهو وضع متكرر في الكثير من الأطفال الذين لا يجدون في الأب الغائب سوى مدللا وملاعبا ولا يجدون في الأم التي تحاصرهم طول اليوم سوى سياج يحاصر طاقتهم وأحلامهم في العبث والشقاوة ونثر الأشياء... إلخ.
3 - ينبغي على زوجك ألا يظهر لطفلكما تأففه أو ضيقه من التصاقه به، بل يجب أن يشعره بسعادته لذلك، وليحاول أن يدير شئونه في وجود الطفل، أو أن يحاول أن يمنح نفسه فرصة داخل المنزل بدون الطفل من خلال مشاركته طقوس نومه مثلا بعد ساعتين من حضوره للمنزل مثلا -إن كانت الخمس ساعات التي يمكثها معكما متتالية- ويحكي له قصة أو يداعبه قليلا حتى ينام، ويبقى لزوجك ساعتين ونصف تقريبا، ولكن لا تنسيا أن لطفلكما حقا أكثر من الساعات الخمس في وقت الأب يوميّا، وإن كنا نحاول التعامل مع المتاح.
4 - لا بد أن يحاول زوجك اصطحاب الطفل خارج المنزل كثيرا في الصلاة وشراء الحاجيات وغير ذلك لإشعاره بالأمان والصداقة، وأنه يخرج ويعود ولن يخرج بلا عودة إن شاء الله، فربما يكون تعلق الطفل الشديد بأبيه لخوفه من أنه سيفتقده ويفقده في الصباح فيحاول الحفاظ عليه لكيلا يفترقا، وخروج الطفل مع والده يشعره باستمتاع أبيه بصداقته ويؤمنه من الخوف من المجهول خارج باب الشقة الذي ربما -من وجهة نظره- يمنع من يخرجون من العودة.
5 - لا بد أن تكثر نزهات الطفل ورؤيته للأطفال والناس والهواء الطلق والشمس، وذلك بصحبتك أحيانا وبصحبة أسرتكم الصغيرة أحيانا أخرى، ويمكن إرساله لحضانة يوم أو يومين في الأسبوع عددا محدودا من الساعات ليشتاق إليك ويشعر بالتغيير ويستمتع بوقته وتزيد خبراته ومهاراته وقدته على التواصل، ولكن لا بد من الاختيار والانتقاء الصحيح الدقيق لتلك الحضانة لتؤدي كل تلك الأدوار.
أما عن سؤالك الثاني عن كيفية جذب طفلك لك وزيادة علاقتكما حميمية ومتعة لكليكما -دون محاولة أن يكون ذلك لتقليل تعلق الطفل بوالده فهو أمر صحي- فيمكنك مراجعة المقترحات التفصيلية في الموضعين التاليين:
كيف يتعلق بي ولدي؟؟
أيها الآباء.. إنه حقهم في الغيرة
وأخيرا.. فسؤالك عن خوف طفلك من القرآن أو من قراءتك للقرآن أمر يبرره المهابة التي تصاحب آيات القرآن، فالأطفال لديهم حساسية للمسموعات تعبر عن شعورهم العميق والدقيق بها، فتجدين الطفل يتمايل راقصا مع الإيقاع المرح الراقص، ويتباكى أحيانا أو يبكي أو يصرخ مع الأغنية الحماسية القوية أو الموسيقى الحزينة أو آيات القرآن، كل ذلك وهو لم يتجاوز بعد شهره الثالث عشر مثلا.. فهو بسجيته يستطيع التمييز بين تلك المشاعر دون توجيه؛ ولذا فما أنصحك به عند تلاوة القرآن (وهذا ما أفعله مع طفلي؛ لأنه كان يفعل نفس ما يفعله طفلك):
1 - أن تعطي طفلك مصحفا متين الغلاف لا يسهل العبث به يقرأ معك في جلسة مشتركة بينكما تمهدين لها بالضحك واللعب وكأنكما بصدد لعبة ممتعة وممارسة وقت سعيد .
2 - عند البدء بالتلاوة اجعلي على وجهك ابتسامة عريضة بها راحة واطمئنان واستمتاع تنقل له نفس الشعور دون مبالغة تشعره أن الأمر عبث أو هزل، بل إنه أمر ممتع رغم مهابته؛ فالطفل يستلهم انطباعاته عن الأشياء من والديه أولا.
3 - حاولي تشغيل القرآن في المنزل في شرائط الكاسيت مثلا أوقات عديدة يوميّا ليعتاد الطفل الاستماع له، ولكن احرصي أن يكون ذلك بشكل تدريجي، وحين يرفض طفلك لا تسرعي بإطفائه لكيلا يترسخ لديه أن الأمر مخيف فعلا وغير لطيف، بل حاولي أن تلعبي معه مثلاَ أو شغله عن الإطفاء بمرح، ثم إطفاء المسجل لاحقا وتشغيل أغنية أطفال مرحة مثلا، وما اقترحه عليك هو تشغيل شرائط المصحف المعلم للأطفال لأي قارئ وبها أصوات للأطفال، مما يقلل قليلا من شعور طفلك بالخوف أو الحزن من سماع التلاوة المسترسلة.
4 - اجعلي قراءتك للقرآن في وقت لا يريد طفلك فيه النوم أو الطعام أو تغيير ملابسه؛ لكيلا يكون متوترا أو يحتاج منك شيء فيرى أن قراءتك للقرآن تلهيك عن هذا الاحتياج.
5 - لا بد أن يكون لوالده -الأثير لديه- دور في مسألة القرآن.. فيأخذ طفلك في حضنه ممسكا بمصحفه، ثم يقرأ ويبادر طفلك بنظرة باسمة بين كل خمس آيات مثلا، وهكذا...، أو تجتمعون جميعا على موائد قرآنية كل ليلة لمدة لا تتجاوز ربع الساعة مثلا تشعر الطفل بالدفء والحنان تحت مظلة القرآن، وهكذا...
وننتقل لحديث مختلف تماما حتى في رائحته عما سبق من سطور، وهو مسألة التدريب على التحكم وهو أمر وسعناه طرحا على صفحتنا وتجدين مقترحات عدة لتنفيذه بنجاح فيما يلي من إجابات، فقط انقري لمطالعتها ويمكنك حفظها على حاسوبك لمعاودة مطالعتها من حين لآخر:
نجاح التدريب بالترغيب.
وداعا.. أيتها الحفاظات
نعم التربية شاقة.. ولكن
ريحانة البيت في طريقها للتحكم.
وأخيرا.. يا عزيزتي أستودعك الله تعالى على أمل بلقاء قريب ومتابعة قريبة لنا بأخبارك وأخبار طفلك وموافاتنا بنتائج ما طبقته مما اقترناه عليك.. وإلى هذا الحين يحفظك الله.
ــــــــــــــ(102/125)
القط المخيف.. انتكاسة تحتاج للعلاج ... العنوان
السلام عليكم، ابني يبلغ من العمر أربع سنوات شديد الخوف، استشرت الطبيب في حالته فأشار علي بإدخاله روضة أطفال ففعلت؛ ولأنه لا يحب الذهاب إلى الروضة كثيرا أكتفي بإرساله برفقة أخيه الأصغر الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات مرتين في الأسبوع، وأحسست حينها أنه ورغم الكره الشديد لكليهما للروضة فإن حالة ابني الكبير تحسنت نسبيا.
لكن ومنذ أيام تركته في الحديقة بغرض اللعب مع أخيه فرأى قطا فإذا بحالته تنتكس، والآن يخاف حتى من الذهاب لغرفته وحده، استشرت الطبيب مرة ثانية، فقال الأمر طبيعي، لكني كأم أكاد أجن من خوفه المفرط، خاصة أنه يؤثر سلبا على أخيه، وشكرا.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الشاعر متألما لخوف طفله:
ونظرة الخوف في الحلقومِ تخنقني **** تكادُ تقضي على عمري وتنهيني
فعلى الرغم من أن الفطرة السليمة تقتضي الخوف، فإنه من المؤلم حقا رؤية نظرات الخوف في عين الأطفال، وخصوصا إذا تجاوز الخوف الحدود الطبيعية ليتحول إلى الهلع والجزع عند كل سبب من أسباب الخوف؛ فمنهم من يخاف الظلام، ومنهم من يخاف المياه، أو المرتفعات، أو المدرسة، أو حتى الطبيب، ولكل نوع من المخاوف أسبابه ومؤثراته، إلا أن دورنا كمربين هو محاولة القضاء على هذه الأسباب وتمرين الطفل على التعامل معها بسلاسة كيلا يتحول هذا الخوف إلى ما يسمى "فوبيا".
أختي الكريمة، لقد احتجت للإجابة على سؤالك معرفة بعض التفاصيل المهمة، مثل:
مم يخاف الطفل بالتحديد؟ وما سبب مخاوفه؟ وهل تعرض لمواقف معينة سببت له هذه المخاوف؟ ما السبب في الذعر الذي أصابه بسبب القطة؟ هل حاولت خمشه مثلا؟ منذ متى ظهرت عنده أمارات هذا الخوف الشديد؟ وهل ارتبط ظهور أمارات هذا الخوف بأحداث معينة على مستوى الأسرة أو على مستوى الطفل نفسه؟ أين ينام الطفل؟ وهل ينام بسهولة دون فزع أو كوابيس؟ وكيف كان يستجيب للنوم في غرفة مستقلة؟ هل الطبيب الذي تعرضين عليه طفلك طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال أم أنه طبيب أطفال؟ وما هو تشخيصه لحالة طفلك؟
كيف يتم التعامل مع الطفل داخل محيط الأسرة.. هل برفق وحنان أم يغلب على التعامل معه العنف أو القسوة أو الشدة؟ كيف يتعامل هو مع من حوله من الأطفال؟ هل هو اجتماعي ودود أم عدواني أم انطوائي لا يلعب مع أحد؟ هل مستوى استيعاب طفلك لا يختلف عن أقرانه؟ هل مستوى قدراته ومهاراته الذهنية تتفق مع عمره الزمني؟ هل كانت مراحل نموه جسمانيا وحركيا منذ ولادته طبيعية بلا تأخر عن أقرانه أو ملاحظات معينة؟ هل ينطق بشكل سليم؟ ماذا كان تعليق معلمته على استيعابه وإدراكاته وتعاملاته في الحضانة؟
هل يتعامل معك بتعبيرات وجهه ونظرات عينيه بشكل ينقل مشاعره، وأقصد بذلك هل يبدو في عينيه وعلى وجهه الفرح والحزن والتوسل والخوف و... أم أن نظرات عينيه ثابتة لا تتغير؟ هل هناك ملاحظات على تواصله مع المحيطين سواء باللغة المنطوقة أو غير المنطوقة؟
وعلى الرغم من أن سؤالك افتقد بعض التفاصيل المهمة فإني في انتظار موافاتك لنا بها في أقرب فرصة، وسأحاول إرشادك لبعض التوجيهات العامة التي تفيد في حالة طفلك:
أولا: لا بد من توفير جو آمن للطفل تقل به المؤثرات التي تخيفه؛ فالإضاءة كافية -كي لا يخاف الظلام- ولا يوجد حيوانات أو أصوات عالية أو مواقف مفاجئة... وأقصد محاولة إخلاء مكان تواجده قدر المستطاع مما يخيفه.
ثانيا: حذار من تهديده بما يخافه، فمثلا: "إذا لم تأكل فسأحضر لك القطة" كي لا يترسخ عنده الشعور بالخوف من تلك المؤثرات.
ثالثا: يمكن تعريضه بشكل تدريجي لنماذج مصغرة مما يخاف منه ليعلم أن التعامل مع هذه الأشياء آمن ولا يخشى منه فتزول مخاوفه منه تدريجيا... فإن كان يخاف من القطة مثلا فممكن أن تحضري له قطة فرو لعبة.. ثم تلعبي بها أمامه.. ثم تقذفيها لأعلى وتضربيها مثلا وتظهري تحكمك فيها وسطوتك عليها أمام طفليك، ثم يمكنك دعوتهما لمشاركتك اللعب بها وتنظيفها وتحميمها وتمثيل إطعامها... إلخ، وممكن القيام بهذه المواقف على مرات وليس في نفس الموقف كي لا يهرب فزعا؛ فالتدرج أهم شيء لعلاج المخاوف وعدم إجبار الطفل على التعامل مع ما يخاف يشجعه للتعامل. أما زجره وحثه ودفعه للتعامل مع ما يخاف يزيد خوفه وإحجامه عن التعامل مع ما يخاف فتزيد المسألة تعقيدا.
رابعا: لحماية أخيه من التأثر به عليك أن تقومي بما ذكرته في النقطة السابقة مع كل شيء يخيفهما.. فإذا أظهر طفلك الأكبر مثلا خوفه من البحر أو من ماء المسبح... استجيبي لخوفه ولا تجبريه على السباحة واحتضنيه ووفري له اللعب بشكل آخر على الرمال مثلا... ثم حاولي مساعدته في اللعب وأحضري مثلا دلوا به ماء للمساعدة في بناء القلعة.. ومرة اسكبي جزءا من ماء الدلو أو دلكي به قدم الصغير، قائلة: "الماء منعش"، "أريد أن أسبح" دون أن تعرضي على الصغير السباحة، فقط يكفي أنك نقلت له أن الأمر ليس سيئا أو مخيفا، ويمكن أن يسبح الأب ثم يعود فيمدح في جمال الماء... وهكذا دون حث أحد على شيء. فإذا طلب الأصغر من تلقاء ذاته السباحة فبها ونعم وإن لم يطلب فيكفي أنه وصل له أن الأمر ليس قاسيا للدرجة... وهكذا في كل شيء: القطط- الحيوانات – قص الأظافر... إلخ.
خامسا: غالبا ما يخاف الإنسان ما يجهله؛ لذا فإبداء الطفل للخوف من أي شيء لا بد أن تحاولي معه استكشاف هذا الشيء بكل ثقة ليتأكد أنه غير خطير أو غير مؤذٍ... فلو خاف من صوت عالٍ مثلا فاذهبي معه للتأكد أنه صوت المسجل، ثم أديري زر الصوت ليعلو وينخفض، ويعلم الطفل أن الأمر لا مشكلة فيه.. كل ذلك ببسمة عريضة وضحكة تمنحه الشعور بالأمان.
سادسا: لا يجوز أن تضيقي ذرعا بخوف ابنك وقلقه؛ إذ غالبا أنه يعاني ضغطا نفسيا معينا أو أنه له تجارب مؤلمة مع كثير من الأشياء... أو أن لديه اضطرابا معينا (وهو ما سنحاول اكتشافه بردك على أسئلتنا).. ومع كل الاحتمالات هو في حاجة لدعمك ومعونتك لا تضررك وتعاملك معه بتأفف أو استهجان أو تأذٍّ أن تنتقل لأخيه عدواه.
سابعا: لا بد من العمل على رفع ثقة طفلك بنفسه بكل السبل والوسائل، وسأقدم لك مقترحات لذلك تجدينها بالنقر على الروابط التالية، وإن لم يكن لديك وقت للاطلاع عليها الآن فاحفظيها على حاسوبك الخاص لمطالعتها في وقت لاحق ومعاودة قراءتها بين الفينة والأخرى:
سمك السلمون يتعلم فنون الحياة
التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه
تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
وأخيرا يا عزيزتي، أستودعك رعاية الله على أمل بلقاء قريب توافينا فيه بما يلزم من تفاصيل تعيننا على الوقوف على منهج دقيق للتعامل مع طفلك حتى يصير له جسارة الأشاوث إن شاء الله.. كل عام وأنتم بألف خير.
ــــــــــــــ(102/126)
تنافس الأبناء.. حيلة طفولية بارعة ... العنوان
لاحظت أن ابنتي 4 سنوات لا تلقي بالاً لما يطلب منها بشدة، ويبدو في ردود أفعالها اللامبالاة وعدم التركيز، وعلى سبيل المثال حين يطلب منها إحضار أي شيء واضح وظاهر تتغيب مدة طويلة قبل أن تعود وتعلن أنها لم تجده، في حين تذهب أختها الصغرى التي تبلغ من العمر عامين وتحضره فورًا، ونحن ننهرها بشدة لهذا الموضوع، ولكن نخشى أن نكون متحاملين عليها؛ فنرجو الإفادة في كيفية التعامل معها والأسباب المحتملة لمثل هذه الحالات، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أخي الكريم ومرحبًا بأسرتك بارك الله لك فيهم جميعًا.. وفي الحقيقة لم أستطع أن أمنع نفسي من الابتسام وأنا أطالع سؤالك أكثر من مرة، فقد رأيت في تفاصيله نموذجًا حيًّا لبراعة الأطفال في استغلال المواقف لكسب رضا الآباء وإزاحة كل العقبات والمنافسين من طريق التربع على عرش قلب الأب أو الأم.
ولأن أطفالنا أذكى مما نتصور، ولأنهم أطفال.. يفوت علينا الربط بين تصرفاتهم وبين ما يعتمل في نفوسهم اعتقادًا أنهم أقل من أن يقصدوا أحيانًا ما يفعلون، ولكنها الحقيقة يا سيدي؛ فالطفل الذي لا يشعر بالسعادة من معاملة والديه يتعمد كثيرًا فعل ما ثبت له بالتجربة أنه يغضبهما أو يحرجهما أمام الناس عقابًا لهما على قسوتهما عليه، وكذلك الطفل الذي يود جذب الانتباه فإنه يفعل ما يشعر أنه مختلف عن فعل من حوله -سواء أكان هذا الاختلاف إيجابيًّا أو سلبيًّا- لينال المدح أو التوبيخ، المهم أن يحظى بالاهتمام، وهكذا...
وكما ظهر لي من سؤالك فإن ابنتك الصغرى تبرع وتبدع في فعل ما تفشل في فعله الطفلة الكبرى لتتفوق عليها وتتقدم في المنزلة لديكما -أنت وأمهما- عليها، فتسعد بتلك المنزلة، وتستخدمها أحيانًا للضغط على أختها أو لإغاظتها أو غير ذلك من أفعال الصغار.
ما أريد قوله هو ألا تظنا أن ابنتكما الكبرى تقل عن أختها في المهارات أو القدرات، فلكل طفل نسيج وحده -ما لم يثبت ذلك-، ولا تظن أن نهركما -أنت والأم- للطفلة بشدة وإحراجها وتعنيفها أمور تقلل من لا مبالاتها، بل إنها تزيد من رغبة أختها في إظهار نقائصها بالتفوق عليها واستعراض قدراتها، وتزيد من شعورها بالضآلة أو باليأس من إرضائكما أو مواكبة ما يسعدكما.. وفي النهاية فالأمر لا يتفق مع مصلحتها.
ويقول دكتور سبوك -عالم التربية الشهير-: "إن الطفل يحتاج إلى التوجيه والتصحيح عندما يخرج عن إطار المألوف، ولكن لا بد أن يتم ذلك بهدوء ودون إشعار للطفل بأنه ارتكب خطأ جسيمًا".
وتعال نعتبر أن تلك المقولة هي النصيحة رقم واحد للتغلب على تكاسل ابنتك أو لا مبالاتها - على حد تعبيرك، أما النصيحة الثانية فهي ما تجده من مقترحات في الاستشارة التالية:
ابنة السادسة حيرتني كيف أعاملها؟
أما النصيحة الثالثة فهي أن تصنع من أسرتك فريقًا، يتكامل أعضاؤه ويعاونون بعضهم البعض لصالح المصلحة المشتركة ولتحقيق هدف معين، ومبادئ العمل في الفريق تتلخص في 4 جمل:
1- كل ميسر لما خُلق له.
2- يد الله مع الجماعة.
3- الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
4- لا تحقرن من المعروف شيئًا.
فجميعنا لديه قدرات يتميز بها عن غيره وأخرى ليس له منها نصيب كالآخرين، والتكامل يجمع كل القدرات في بوتقة واحدة، ويباركها رضا الله تعالى عن التكامل فتكون يده سبحانه مع يد الجماعة، ويكون المعروف من كل فرد له دوره وقيمته بما يجب ألا يحقر أو يستهان به، والاختلاف لا يفرز أي عداء أو زجر تحصل به كراهية أو نفور أو إحجام عن الفريق.
كان هذا موجز فكرتي، أما تطبيقها فسأحاول إيضاحه كما يلي:
أولاً: لا بد من اكتشاف ابنتك وقدراتها، ومجال إبداعها وأسباب عدم تركيزها (التشتت بسبب شيء آخر - ضعف التغذية - انغماسها في شيء غير الذي تطلبانه منها كمشاهدة كارتون مثلاً)، وذلك للوقوف على الأسباب التي ذكرتها، ويمكن ذلك بالحديث معها بهدوء وود (ما أكثر شيء تحبين فعله؟ هل تستمتعين بكذا...؟).
ثانيًا: لا بد من تكليفها بفعل ما تنجح فيه (بعد اكتشاف مكامن قدراتها)، فالحياة أمامها لصدمات الفشل وهي في مرحلة بناء الثقة، ويفضل أن تنظما في جلسات الأسرة الأسبوعية مهام لكل فرد يختارها ويقوم بها بانتظام في الأسبوع التالي -بعد أن يختارها ويطلب فعلها- كل حسب طاقته وقدرته، المهم أن تصل رسالة أننا نتكامل ولسنا نتنافس.
ثالثًا: يمكن متابعة الأداء ومكافأة الجميع في نهاية كل يوم نظرًا لصغر سن الطفلتين ولو حتى بالتصفيق.
رابعًا: لا بد من ممارسة كافة يوميات الأسرة -ما أمكن- في جماعة، من تناول الطعام لمشاهدة التلفاز للعب ولو خمس دقائق ببالونة مثلاً والقراءة وتلاوة الورد اليومي من القرآن والدعاء وتنظيف الحجرات... إلخ.
خامسًا: لا بد من محاولة تنمية قدرات الابنة فيما تعجز عن أدائه بكفاءة بشكل رقيق وحنون وتدريجي، فعندما تخفق في إحضار شيء.. يمكن الذهاب معها لترى أنه أمامها في مكان واضح، وأن الأمر يحتاج للدقة في البحث والنظر جيدًا.. كل هذا في جو من الرفق والحنو، ثم ممارسة لعبة مثلاً يوميًّا يتم فيها إخفاء شيء، ثم منحها وقتًا لإحضاره مقابل هدية، وكل مرة يقل الوقت لتتعلم السرعة مع الإتقان، وهكذا...
سادسًا: جدول الحافز يُعَدّ وسيلة رائعة لتعديل سلوك الأبناء؛ إذ تقوم بصناعة جدول جميل من الورق الملون مع الابنة وتعلقه الأم (فحتى صناعة الجدول تتم في فريق) على الحائط أو خلف باب الحجرة، وبه خانات تخص البنتين وعليها أيام الأسبوع وعناصر معينة نود تطويرهما فيها (النظام - السرعة - الصدق - الحفاظ على الأدوات - الحفاظ على الأذكار - الصلاة - نظافة الفراش...)، مع تعليمهما كيفية اكتساب هذه الصفات، فالنظام هو أن تفعلي كذا وتحرصي على كذا، وتكون أشياؤك في مكانها المخصص ولا تبدئي اللعب بلعبة قبل جمع الأولى في علبتها، والصدق نقصد به كذا... إلخ، ومع النجاح في التحلي بكل صفة تحصل البنت على نجمة، وفي نهاية الأسبوع يحسب عدد النجوم ليحصلا بها على هدية فكل 20 نجمة مثلاً عليها هدية بحدود (5 جنيهات مثلاً)، و30 نجمة تساوي هدية بقيمة أعلى، وهكذا...
سابعًا: لا بد من إيجاد فقرة في الجلسة الأسرية الأسبوعية تحت عنوان "تنمية الذات" أو "حسن نفسك"..، وفيها يقول كل فرد عيبًا يشعر به في نفسه ويريد تحسينه ويعرض مقترحاته لذلك، ويسمع مقترحات الآخرين ليستقر الكلام على خطوات تدون في ورقة يعلقها على باب حجرته أو دولابه، بحيث تكون الرغبة في التغيير نابعة من داخل كل فرد فيجتهد في تحقيقها.
ثامنًا: التقريع واللوم والإهانة والعقاب مفردات يجب أن تلغى من قاموس أسرتك تمامًا، وخصوصًا عند الخطأ، فتقويم الخطأ يكون بتعليم الصحيح وكيفية تفادي الخطأ وليس بإيذاء المشاعر أو الإهانة.
أخي الكريم.. أعتذر للإطالة لكني أردت ألا أقصر في تناول أي جزئية أو مقترح قد يساهم في علاج مشكلة ابنتك وتطوير قدراتها.. وفي انتظار موافاتك لنا بمزيد من الأخبار والمتابعات والاستفسارات، وشكرًا جزيلاً لك.
الخوف.. أحد أسباب التبول الليلي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أتوجه بالشكر الجزيل للقائمين على هذا الموقع وكل المساهمين فيه، وأرجو من الله أن يوفقنا دائمًا إلى ما فيه الخير لتربية أبنائنا التربية الصالحة، وتبليغ هذه الأمانة على أكمل صورة. ابني الأوسط أحمد 3 سنوات حماه الله، طفل ذكي ووسيم وذو شخصية محببة فهو اجتماعي بالطبع ودود، وذو ابتسامة رائعة. محبوب من قبل الجميع، وله إيقاع خاص. حساس وخجول وعصبي قليلاً، لكنه ما يلبث أن يهدأ بسرعة، ويفعل ما يطلب منه بتسامح ورضا.
لم أكن على الإطلاق أشعر معه بوجود مشكلة في هذه الناحية بالذات (التبول ليلاً). فالمشكلة بدأت منذ شهر تقريبًا؛ إذ تفاجأت بأنه بدأ يتبول ليلاً في ملابسه. لم أعر الأمر كبير الاهتمام في البداية؛ إذ ظننته أمرًا عارضًا ربما لأنه كان مريضًا (أنفلونزا) أو بسبب البرد أو الغضب أو الخوف أو ما شابه. لكنني فوجئت بأن الأمر أخذ يتكرر كل ليلة، وما وبخته أبدًا ذات مرة، بل على العكس كنت أشجعه، وأقول له بأنني أفهم أنه أمر لا يقبله وهو خارج عن إرادته فيتجاوب معي، ويقول بأن الأمر لن يتكرر في الغد، لكنه وللأسف يتكرر ثانية لأصاب أنا بخيبة أمل كبيرة. حاولت أن أكون أكثر حزمًا معه كأن أقول له إن أحدًا في البيت لن يكلمه إن فعل أو إنني سأغضب منه أو أمنعه من فعل أشياء يحبها فيقول لي أنا لن أفعل ذلك سامحيني هذه المرة فأسامحه، وأضمه إلي، وأدعو له، ولكن المأساة تتكرر!!
ربما ترون أنني أبالغ إذا قلت إنها مأساة، ولكني كلما تذكرت أنه ما فعلها منذ بلغ عامين من العمر لا ليلاً ولا نهارًا مهما بلغت طول مدة نومه أصاب بالإحباط. حتى إنني أصبحت أضع له الحفاظ في الليل؛ وذلك إشفاقًا عليه من البرد والحالة النفسية التي تنتابه حين ينهض في الصباح ويجد نفسه مبتلاًّ.
في كل يوم يكون الحفاظ مبتلاًّ رغم أنني آخذه إلى الحمام قبل النوم، ويفرغ كل ما لديه ويقول وهو يحتضنني بأنه لن يبلل الحفاظ هذه الليلة، وإن الحفاظ فقط للوقاية من البرد كما أفهمته أنا. عندما بدأ التبول أول مرة كان يشكو من خوفه من الحرامي، لكنني بقيت أقنعه بأن الحرامي غير موجود وبأن الجندي قد أودعه السجن، ولن يعود ثانية فاستوعب القصة، ويقول بأن الجندي قد قتل الحرامي وإنه لن يعود. وحتى أزيل عنه الروع أكثر صرت أنومه إلى جانبي حتى ينسى الخوف تمامًا ويشعر بالأمان والدفء.
حيرتي تزداد يومًا بعد يوم مع هذا الصغير الواعي، ولا أدري لماذا تنتابني الوساوس من أن ما حدث كان فعل عين حاسدة، وكلما تذكرت أن المسألة بدأت بعد أن سألتني إحدى القريبات عنه فقلت إنه نظيف تمامًا والحمد لله، بينما اشتكت هي من صغيرها الذي في مثل سنه وتمنت لو يكون ابنها مثله. ربما أكون قد ذهبت بعيدًا لكن هذا ما حدث بالفعل ثاني ليلة تم فيها ذاك الحوار. مع العلم أن أحمد لم يسمعه ولم يكن موجودًا حينها. أرجو أن تسامحوني على إطالتي، وأن تلتمسوا لي الأعذار إن كنت قد ذهبت بعيدًا بالنسبة للحسد، أما إن شككتم بالأمر مثلي فماذا يمكن أن يكون الحل؟
أرشدوني بالسرعة الممكنة ولكم مني خالص الدعاء بالسداد والمغفرة والجنة. أحيطكم علمًا بأن أحمد يذهب إلى دار حضانة وهو محبوب جدًّا، وتقول المربية بأنه طفل هادئ ومطيع ويتصرف كالكبار، وأنه أيضًا متميز في ذلك عن سائر أقرانه. لقد قمت بإجراء فحوصات مخبرية للصغير فكانت نسبة السكر طبيعية ووجدنا التهابًا متوسطًا في البول، فأعطاه الطبيب المختص العلاج اللازم، لكن الأمر لم يتوقف. لكم مني أصدق الدعوات من أم حائرة وضعت كل الأمل فيكم لترشدوها إلى الطريق الصحيح، ولكم جزيل الشكر والامتنان.
... السؤال
الخوف, التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. وجزاك الله خيرًا على ثنائك الرقيق، ودعائك المخلص بظهر الغيب، وكل عام وأنت وأسرتك بألف خير.
ومما لا شك فيه أن كونك ووالد الطفل من الأطباء يمنحكما وعيًا واهتمامًا ربما يزيد عن غيركما من الآباء بحكم مهنتكما التي تحتاج دقة في الملاحظة وتتبع التفاصيل، ولعل هذا هو السبب في قلقك الواضح والذي أراه زائدًا على صغيرك الودود المحبوب -بارك الله لك فيه-، وسأوضح لك بعد قليل لما اعتبرت هذا القلق زائدًا، لكن قبل ذلك سنحاول معًا تفنيد ما ورد بسؤالك من معطيات للوصول للتصرف السليم:
أولاً: طفلك كان متحكمًا تمامًا من عمر سنتين في التبول ليلاً ونهارًا.
ثانيًا: حدث لطفلك هذا التراجع قريبًا، مصحوبًا بما يدل على مخاوف تعتريه "كالحرامي... إلخ".
ثالثًا: هو ودود ومحبوب ولا يشكو منه أحد.
رابعًا: هو يَعِد كل ليلة بألا يتكرر الأمر، ثم لا يستطيع الوفاء "ويحزن لذلك".
خامسًا: عاد الطفل للنوم في غرفتك.
وتعالي نبدأ من مخاوفك أن يكون الأمر فعل عين حاسدة، وإن كان الحسد لا يمكن أن يكون -من الناحية العلمية- من أسباب الإصابة بالأمراض، لكني شخصيًّا لا أستبعد تسببه في كثير من المشاكل؛ فالحسد قد وردت الاستعاذة منه بشكل واضح في آية كاملة في القرآن مما يدل على خطورته، ولعل ما حدث يترك لديك أثرًا أكيدًا بما يجعلك تتجنبين هذا الموقف مرة أخرى؛ بمعنى أن تحاولي أن يكون كلامك مع الآخرين ممن لديهم ظروفك أو أطفال في مثل سنك -أو أي وجه للتشابه بما سيسمح حتمًا بالمقارنة- كلاما عاما دون تحديد واستعراض مزايا معينة تتميزين بها عن محدثتك، فتقدمين لها النصيحة عن كيفية تعويد الطفل على كذا من واقع محاولاتك أو كيفية تدريبه على شيء أو فطامه.. داعمة كلامك بأن الأمر يحتاج وقتا وتكرارا في الأغلب وصبرا لحصول النتائج.. وما إلى ذلك بعيدا عن استعراض ما حباك الله به أو حبا به أطفالك من مميزات أو تقدم عن أمثالهم وهو ما قد ينتقد من تشكو لك بينما يهبها الله ما لا تشعر بقيمته من مزايا أخرى.. فتثيرين حسدها بلا قصد منها أو لنقل غبطتها –باعتبار أن الحسد هو تمني زوال النعمة، والغبطة هي تمني الحصول على النعمة التي لدى الآخرين- وهو ما قد يؤلمها أو يتسبب لك في مشكلة ما أو يتسبب في تقييمها الخاطئ لطفلها، وتسرعها ونفاد صبرها معه لمقارنته بغيره دون مراعاة الفروق الفردية الطبيعية بين الأطفال، أو غير ذلك مما أنت في غنى عنه، فصاحب المشكلة غالبا يحتاج منك لدعمه والتعاطف معه وإرشاده وليس في حاجة لاستعراض النعم والمزايا التي يفتقدها ليزيد قلقه وحيرته ويثار شعوره بالحرمان ومن ثم الغبطة أو الحسد بلا داعٍ.
وتعالي نعود لتحليل حالة طفلك من الناحية العلمية:
أولا: التبول الليلي حتى 5 سنوات لا يعتبر مشكلة مقلقة، بل إنها تتكرر عند كثير من أطفال هذه المرحلة العمرية، وتبليل الفراش ليلا أمر لا يضبطه الطفل حتى هذا العمر.
ثانيا: كون طفلك يعني التهابات في مجرى البول يبرر بشكل كبير حدوث مثل تلك الحالة من التبول الليلي له.
ثالثا: يجتمع مع الالتهابات شعور الطفل بخوف وقلق يحتاجان للعلاج.
رابعا: ارتداء الحفاظة ليلا إجراء له وجاهته لحماية طفلك من البرد فقط، ولا بد أن يستمر التأكيد على ذلك كي لا يؤثر الأمر سلبا عليه، ولكن لا بد من إجراءات أخرى مع هذه المسألة:
1- أن يتبول الطفل قبيل نومه مباشرة لإفراغ المثانة قدر الإمكان.
2-لا بد أن تحاولي التقليل له من شرب السوائل ليلا أو مدرات البول أو الأطعمة الغنية بالعصارات وخصوصا فيما قبل موعد نومه بحوالي ساعتين - دون تعطيشه أو إظهار حرمانه من الشرب، لكن فقط بالتنظيم تدريجيا- وهذا الإجراء يفيد في تقليل فرص التبول الليلي؛ وهو ما يرفع ثقة الطفل بنفسه، لكنه ليس في حد ذاته علاجا للمسألة.
3-لا بد من تعليق جدول على جدار حجرته أو خلف الباب فيها، بحيث يكون ملونا مزركشا به خانات بعدد أيام الأسبوع، وتقومين فيه بتعليق نجمة ذهبية عن كل يوم يصحو فيه نظيفا -وتجنبي العقاب في حالة البلل تماما- ولا يتم تعليق نجمة إذا لم يكن نظيفا، ومع نهاية الأسبوع تستبدل كل خمسة نجوم بهدية، مع تجنب اللوم أو التقريع أو نظرات العتاب التي تفت في عضد الطفل في حالة لا يملك فيها أمره، ولا يتعمد فيها إغضابك، ويحتاج مؤازرتك وليس مطالبته بما لا يستطيع الوفاء به.. بل تدريبه عليه وإعانته على تحقيقه وتشجيعه على ذلك.
4- إشعار طفلك بالحنان والأمان واحتضانه قبل النوم وعند الاستيقاظ وفي كل وقت أمر هام جدا، أما نومه بجوارك بعدما تعود الاستقلال فهو أمر لا أظنه صائبا، بل إنك إن أردت إشعاره بالأمان فلا مانع أن تنامي أنت لجواره أو معه في غرفته، لكن تراجعه ونكوصه عما اجتازه من مراحل النمو والتطور ليس تصرفا سليما، مع اعتبار أنه لا مانع من تلبية رغبة الأطفال وحتى سن الجامعة من النوم إلى جانب الأب أو الأم عند احتياجهم أو طلبهم لذلك في أوقات ما، ولكن لمرات متناثرة متباعدة لها ظروفها غير المتكررة مثلا دون خرق مستمر ومتعمد لنظام وإداريات اليوم والليلة والممارسات اليومية.
5-لا بد من التأكد من أنه شفي تماما من الالتهاب في مجرى البول، وخصوصا أن تلك الالتهابات غالبا ما تستغرق وقتا في علاجها بشكل كامل وفعال، وبعد انتهاء جرعات العلاج لا بد من التأكد أنه أحدث أثره بمعاودة التحليل وتحديد سبب الالتهاب "فطري – ميكروبي.." والعلاج الفعال للقضاء على هذا السبب.
6- لا بد من عرض الطفل على طبيب نفسي أطفال للحديث معه والوقوف على أسباب خوفه وقلقه وضيقه، دون إشعاره أنه طبيب وأنه يعالجه، بل إن كونكما في حقل العمل الطبي سيتيح لكما فرصة إجراء اللقاء مع الطبيب بترتيب تبدو فيه للطفل الصدفة مثلا كأن تصطحبينه يوما للمستشفى على موعد مع الطبيب فيقابله ويرحب به باعتباره زميلا وصديقا، وتبدأ جلسات الحوار والعلاج بشكل تلقائي وبسيط، هذا مجرد اقتراح يمكنك التفكير في غيره كما يمكن إخبار الطفل أننا بصدد زيارة طبيب لطيف من أصدقائنا للاطمئنان عليك.. وما إلى ذلك فالتصريح له بالأمر لا مشكلة فيه، لكن المشكلة في إشعار الطفل بأنه مريض أو أنه في حاجة للعلاج أو غير ذلك مما يضخم من قلقه، ويؤثر عليه سلبا.
7-لا بد من مصادقة الأب لطفلك بشكل واضح، فالأبناء الذين يعانون من تلك المشكلة يكونون في حاجة للمشاركة الأبوية الفعالة في حياتهم وإشعار الأب لهم بالاعتزاز وعدم الضيق من الابن باعتباره مخيبا للآمال، والصحبة والصداقة مع الطفل ستنفعه حتما على كافة الأصعدة.
خامسا: وهناك حقيقة هامة لا بد من التأكيد عليها وهي أن "النكوص" أو التراجع مسألة طبيعية بالنسبة لكل إنسان يعاني قلقا بل إنه إحدى العمليات اللاشعورية التي يحاول الإنسان بها حماية نفسه من القلق أو عدم الاطمئنان والشعور بالخطر؛ وبالتالي فعلاج الخوف والقلق لدى طفلك يسهم بشكل فعَّال في القضاء على السبب الرئيسي الواضح للمشكلة؛ فالمشكلة ليست التبول الليلي، وإنما المشكلة في خوف الطفل والتبول الليلي هو من آثار هذا الخوف، وبالتالي فعلاج الأثر يكمن في علاج السبب.
عزيزتي.. أرجو ألا تستسلمي للشعور بالقلق –والوسوسة من الحسد– وللحزن والألم بلا فعل ايجابي مؤثر، بل لا بد من ترجمة قلقك لعمل فعَّال يحمي طفلك بسرعة ويقيه من تفاقم المسألة –وإن كان الأمر ليس خطيرا– وما دام ثبت لدى الطفل مشكلات "كالالتهابات – الخوف" فالأمر لا يحتاج الانتظار حتى سن الخامسة كي يزول تلقائيا، بل علاج السبب والعرض على الطبيب النفسي واتباع الخطوات والمقترحات السابقة سيعجل حتما إن شاء الله بانتهاء المشكلة في أقرب فرصة.
لعلي استطعت أن أحقق أملك بتوفير كل ما يلزمك للتغلب على مشكلة طفلك، وعلى أمل بلقاء قريب أستودعك رعاية الله وحفظه موصية إياك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في تحصينه لسبطيه الحسن والحسين يوميا بدعاء "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة"، فتحصين أطفالك بذكر الله سيكون سببا في حفظهم فضلا عن إشعارك بالاطمئنان بدلا من الوسوسة بشأن الحسد.
ــــــــــــــ(102/127)
وزارة الأفراد لتعليم التفكير ... العنوان
سؤالي قد يكون عاما لكنه مهم جدا..
كيف أعلم ابنتي (5 سنوات) التفكير الصحيح، واتخاذ القرار، والاختيار والمفاضلة، والتقييم؟
أنا لا أعرف ما هو التفكير الصحيح.. هل هو ما نقوم به؟ أم أن له معنى آخر؟ ولعل ما أثار ذلك في نفسي حديث الكثيرات عن التعليم بالخارج الذي يركز على مسألة التفكير قبل القراءة أو الكتابة. فأحب أن أعرف ما هو هذا المنهج الذي يعلم التفكير وكيف نربي أبناءنا عليه؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريمة،
شكرا جزيلا على سؤالك الواعي.. خاصة أني ألمح فيه بوادر استعداد حقيقي لنشر هذا الخير والعمل على عمومه، حتى وإن حرمنا منه في مناهجنا المقررة.
وها أنت تثبتين إمكانية الفعل من الأفراد لسد جزء من الفجوات الكثيرة التي في حياتنا. فقد آن الأوان لأن نتحرك كأفراد نحو تحسين جودة الحياة التي نحياها.. نعم هناك بعض الصعوبات التي قد تعترض طريق نشر هذا الخير وتطبيقه، ولكن مما لا شك فيه أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فهيا معا نغير ما بأنفسنا..
وقد تكرمت بالسؤال الذي أنتظره منذ وقت طويل. وأود أن أقسّم استشارتك لمجموعتين من الأسئلة:
المجموعة الأولى:
- هل التفكير يعلّم؟ وكيف نعلم التفكير؟
- وهل هناك مناهج لذلك؟
المجموعة الثانية، وهي مجموعة أهم من الأسئلة:
- كيف يمكننا أن نفعل ذلك رغم أننا محرومون منه في مناهجنا الدراسية؟ وحال التعليم في بلداننا ليس بخاف على أحد. وثقافتنا التربوية تعتمد الصدفة و"التساهيل" منهجا لها.
- وهل يمكننا أن نسد هذه الفجوة لدينا؟ وكيف؟
وأبدأ بالأولى:
يقول جون هولت: "ليس علينا أن نجعل البشر أذكياء، فهم يخلقون كذلك، وكل ما علينا هو التوقف عن ممارسة ما يجعلهم أغبياء" (1982م).
وهناك حاجة للتفريق بين مفهومي التفكير ومهارات التفكير. ذلك أن التفكير عملية كلية نقوم عن طريقها بمعالجة عقلية للمدخلات لتكوين الأفكار أو الحكم عليها. وهي عملية تتضمن: الإدراك، والخبرة السابقة، والمعالجة.
أما مهارات التفكير: فهي عمليات محددة نمارسها ونستخدمها عن قصد في معالجة المعلومات مثل: مهارات تحديد المشكلة، إيجاد الافتراضات غير المذكورة في النص، أو التقييم...الخ
أما تعليم التفكير فيعني: تزويد الأطفال (والكبار) بالفرص الملائمة لممارسة نشاطات التفكير في مستوياتها البسيطة والمعقدة (هي بالترتيب من أسفل لأعلى: المعرفة – الفهم – التطبيق – التحليل – التأليف – النقد) وحفزهم وإثارتهم لممارسة التفكير.
وجدير بالذكر أن هناك أنواعا مختلفة من التفكير، وكل منها له مهاراته التي يمكن تعلمها، مثل التفكير النقدي والتفكير الإبداعي بمهاراتهما المختلفة.
- ومن هذه المهارات (للتفكير النقدي):
• تحديد الهدف: تحديد الاتجاه والوجهة، مع إرشاد للتقدم.
• حل المشكلات: للموقف الذي يتطلب حلا.
• اتخاذ القرار: الاختيار من البدائل.
• الاستنتاج: استخدام الحواس لتعلم شيء بتفاصيله.
• المقارنات: البحث عن المتشابهات والاختلافات.
• التتابعات: -التسلسل - النتائج: ترتيب الأشياء وفق ترتيب محدد.
• التصنيف: عمل مجموعات من الأشياء وفق خواص مشتركة أو علامات محددة.
• إيجاد النماذج: اكتشاف التكرار.
• التنبؤ: تحديد ما سيحدث.
• الاستدلال: استنتاج المعنى من مفاتيحه (مفتاح اللغز)؛ التلميحات؛ الشواهد أو العلامات أو الأدلة.
• إيجاد الأدلة أو الشواهد: البرهان لدعم بيان معطى.
• الفكرة الأساسية: النقطة الرئيسية؛ أو الفكرة المركزية.
• تلخيص: إعادة الصياغة بتبسيط؛ أو الصياغة الملخصة.
• السبب والتأثير: تمييز الأفعال وتأثيراتها.
• الحقيقة والرأي الشخصي: التمييز بين الحقيقة والرأي الشخصي. (الحقيقة يمكن إثباتها أو إنكارها؛ ولكن الرأي الشخصي اعتقاد أو حكم).
• وجهة النظر: تحديد الوجهات المختلفة أو زوايا الرؤية المختلفة.
• اكتشاف التحيزات: إيجاد الرؤية الواحدة، أو نقطة الانحراف في الرؤية.
• تحليل: تقسيم إلى أجزاء لتحديد المعنى.
• التأليف: ابتكار جديد.
• التقييم: التحكيم، وفق محكات محددة أو معايير معينة.
- وهناك بالفعل مناهج لتعليم التفكير في المدارس، وهناك محاولات مستمرة ودءوبة لتعليم التفكير بإحدى طريقتين: تعليم مهارات التفكير، أو استخدام هذه المهارات متضمنة في المناهج الدراسية؛ أي تطبيقها داخل المناهج الدراسية. ولهذا وذاك فوائده العديدة التي لا تحصى. وأكثر هذه المناهج انتشارا منهج كورت لتعليم التفكير؛ وواضع هذا المنهج المشهور هو العالم الفذ "إدوارد دو بونو". وهو أشهر متحمس لتعليم التفكير، وقد جال العالم ناشرا منهجه وأفكاره في تعليم التفكير. وقد وضع عدة إستراتيجيات وخطوات لتعليم التفكير. وهناك مناهج أخرى وضعها أيضا دي بونو، منها: القبعات الست للتفكير.
- وللعلم، فهناك في بقعة من بقاع الأرض أشخاص أيقنوا بأهمية التفكير وتعلمه حتى أفردوا وزارة خاصة للذكاء؛ وهي في حقيقتها وزارة خاصة للارتقاء بمستوى تفكير أفراد الشعب.
وقاد هذه الوزارة مارشاد في فنزويلا، وهو يعتبر بذلك أول وزير للذكاء!.
وأعود لنقطتك الأكثر أهمية: كيف نتدارك ذلك ونطبقه دون أن يكون مدرجا في خططنا التربوية أو التعليمية، وللأسف أيضا الثقافية، الموجهة لأي من الأهل أو الطفل على حد سواء.
البداية بالفرد، والفرد فقط -في حالتنا هذه- هو القادر على المعرفة والتطبيق والتشابك مع غيره ليزيد العاملين في حقل "حفر الصخور". وكلي أمل أن يسفر حفر هذا الصخر عن كنز ثمين؛ المهم أن نتكاتف ونعرف ونطبق وننشر بكل جهد لدينا ما عرفنا؛ وأن يفسح المجال لنشر هذا الخير كأولوية على قمة الأولويات. وهو ما عبر عنه أحد المفكرين اليابانيين حين قال: "تعيش الأمم على ثروات تحت أقدامها؛ أما نحن فنعيش على ثروة فوق أكتافنا تزيد بقدر ما نأخذ منها".
ما رأيك أن تبدأ "وزارتنا" بتعليم التفكير حتى وإن لم يدرج كأولوية لأي جهة من الجهات، ونحن -كأفراد- جهة قوية، ولكن كيف نتكامل؟ وكيف نتكاتف ونؤلف وزارتنا الجديدة؟
سنحدد أولا مهام هذه الوزارة:
1- المعرفة المستمرة لكيفية تنمية تفكيرنا وتفكير أطفالنا.
2- تطبيق ما تعلمناه والبحث عن وسائل لتمكين أطفالنا وأنفسنا من مهارات التفكير.
3- نشر كل ما نتعلمه.
4- نشر كل تطبيق مفيد.
5- ابتكار طرق لنشر هذه المعرفة.
6- البحث في كيفية للتسلل المرحلي لمناطق صنع القرار؛ لتعاون في إدراج التفكير كأولوية على قمة الأولويات في التعليم والثقافة والتربية.
وفي تقديري أن ما يمكننا الآن فعله هو التواصل والتشابك والتكامل من خلال صفحتنا لنعرف وننشر قدر جهدنا هذه المعرفة:
الخطوة الأولى أن نعرف ما هي المهارات التي يجب تعلمها؛ وقد ذكرت بعضها في أكثر من موضوع متفرق: (أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية، موهبة وتميز فض الاشتباك؛ مهارات التفكير النقدي، مهارات حل المشكلات، ...).
الخطوة الثانية: المحاولة للقراءة النشطة وللتحاور مع هذا الذي نقدمه (وهو بسيط متواضع) بالتعليق والسؤال الإضافي والربط بين ما تقرئين وبين ما تنفذين فعلا، سواء ما تنجحين فعلا في تنفيذه أو ما لم تفكري فيه من قبل أو ما تفشلين في تنفيذه؛ كذلك وضع أفكار للتطبيق على مدار اليوم مع الطفل.
وهذا نموذج بسيط للقراءة النشطة:
الموضوع الذي تقرئينه مثلا هو: مستويات التفكير الستة: اسألي نفسك: ما هي؟ (معرفة – فهم – تطبيق – تحليل – تأليف – نقد).
ثم عاودي السؤال: كيف أرقى بمستوى تفكير طفلي؛ وسجلي ما تتوصلين إليه.
مثلا: حين تقرئين قصة فدوني أسماء بعض القصص المناسبة لتُدرجيها على خططك القادمة. ثم اسأليه عن المعلومة في القصة؛ وهذا المستوى من المعرفة هو أول مستوى من مستويات التفكير وأدناها، ولكنه ضروري. ثم أسأليه سؤالا يقيس فهمه؛ ثم حاولي استدعاء ما عرفه وفهمه ليطبقه في موقف حقيقي جديد. ثم حللي الموقف لجزئيات صغيرة لتؤلفي منها شيئا جديدا. ثم حاولي وفق ما عرفنا وفهمنا أن تضعي معايير معينة للحكم على شيء ما...الخ.
الخطوة الثالثة: سجلي دوما كل جديد تحاولينه مع طفلك كنتيجة معرفية جديدة، وطبقي ذلك، وحاولي ابتكار طرق للتطبيق مثل تأليف قصة، ووضع أسئلة لقصة تقيس المستويات المختلفة. وفكري في مواقف يمكن أن تضعي فيها طفلك ليتعلم مهارة جديدة من مهارات التفكير.
الخطوة الرابعة: سجلي معوقات التنفيذ لفكرة ما أو لاقتراح ما. وسجلي إنجازك لتطبيق معرفة جديدة.
الخطوة الخامسة: أرسلي لي -وغيرك بالطبع من القراء- خطوة بخطوة كل ما تتوصلين إليه.
الخطوة السادسة: يمكننا التعليق على ما توصلت أنت وغيرك من القراء إليه والإضافة إليه والتوجيه؛ لمزيد من المعرفة والتباحث في طرق لنشر هذه المعرفة.
كما يمكننا أن نخطط معا لأنشطة إضافية لتعلم كل مهارة من مهارات التفكير، وهو ما لا يسعني دوما عمله داخل الاستشارات والموضوعات؛ وذلك لضيق المساحة المتاحة بعرض كل جزئيات الموضوع.
ولذا يمكننا أن نخرج عن حيز الصفحة لمساحة أرحب وهي مساحة ساحة الحوار حيث يمكننا التفاعل الدائم والتعليق والتكاتف من خلالها لنؤلف بحق بداية لوزارة للتفكير؛ فخبرات القراء كثيرة حقا وتستحق أن يتداولوها فيما بينهم، وهنا مكان جيد لذلك.
وأطرح سؤالا أود أن أسمع إجابات له: هل فعلا يمكننا كأفراد تغيير واقعنا؟
فكروا معنا: كيف.. كيف.. كيف؟؟؟
إلا أني أسجل مبدئيا إجابتي اليقينية هي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وهذا وعد حق. ولذا علينا حقا أن نستعين بالله ولا نعجز.
والله المستعان
ــــــــــــــ(102/128)
طاقة فوق الحدود ... العنوان
طفلتي طاقتها غير عادية.. هي تفوق أي تخيل، وهي ذكية ومتفوقة ولماحة، لكنها لا تستطيع أن تجلس ولو فترة تناولها الطعام، باستمرار تتحرك، وباستمرار لا تقف أو تتوقف إلا وقت النوم، كما أنها لا تكفيها أي نزهات أو رحلات، وقد أرهقني محاولة تصريف طاقتها، ففي حدود حوائط المنزل لا يمكن الحياة معها.. ماذا أفعل؟ ... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة.. بارك الله تعالى لك في ابنتك وجعلها من أبناء السعادة في الدارين.. اللهم آمين. أعتقد أن هذه ليست مشكلة، بل لنسميها رغبة في الأفضل. يمكن توجيه نشاط الطفلة بأداء أشياء مفيدة وتعليمية على شكل ألعاب أو رياضة أو رسم أو أي شيء آخر، ويمكنك تنظيم الوقت بحيث يكون هناك نشاط، مثلاً مساعدتك في تنظيف المنزل من الساعة 9 - 11 صباحًا، ثم وقت لمشاهدة برامج تلفزيونية منتقاة ومناسبة لسنها، ثم الذهاب في رحلة صغيرة للتسوق معك، ثم إعطاؤها نشاط رسم أو تلوين أو لعبة معينة أثناء قيامك بإكمال أعمالك المنزلية (يمكن أن تكون تحت نظرك بحيث تكون معك في المطبخ أو أن تمري عليها كل 10 دقائق للتأكد مما تفعله، وسؤالها إذا كانت تحتاج مساعدة أو عصير أو أي شيء آخر)، ثم نوم قصير ثم الغداء عند حضور الأب، ثم نشاط آخر، وهكذا.
وعمل برنامج لعطلة نهاية الأسبوع ويمكن إدخالها في نشاط مشترك مع أطفال آخرين سواء بالروضة أو مع أفراد من العائلة الكبيرة بالتنسيق مع الأمهات الأخريات. كما يمكنك الاستعانة باختصاصي تربية طفل أو اختصاصيين في التعامل مع المتفوقين لمساعدتكم في عمل برنامج ومتابعته بشكل دوري.
أرجو أن تكون هذه الإرشادات اليسيرة مرشدًا لك لكيفية تنظيم الوقت وصرف الطاقة، ويمكنك الاستفادة من عدد من المواقع التي تقدم ألعابًا للأطفال في إعطاء المزيد من الأفكار، ولا تنسي أن توافينا بالتطورات.
حماية القوارير في الغربة (متابعة) ... العنوان
أولاً أريد أن أعرفك بنفسي، إنني صاحبة رسالة حماية القوارير في الغربة ، وإنني سعدت جدًّا لردك الذي قمت به، وسعدت أكثر بنصائحك، وهذا ما شجعني أن أكتب لك.
لقد نصحتني بأن أقوم بسرد القصص الرائعة لعلماء المسلمين والصحابة والأنبياء لابنتي، وأنا عندي بعض هذه القصص، ولكن لا تتناسب مع سن ابنتي، وما أطلبه منك -لو كان بإمكانك- أن تكتبي لي بعض القصص، وخاصة لعلماء المسلمين والصحابة والأنبياء، والتي تكون مناسبة لسنها فهي في العاشرة وأخواتها في السابعة والثانية من العمر، وأريدك أن تعطيني بعض أسماء لكتب تفيدني في تربية بناتي. هذا طبعًا بعد تفضلك بقبول طلبي ولك من الله خير الجزاء، فهذا ما أقدر عليه في غربتي والدال على الخير كفاعله.
إن لزوجي صديقًا سوف يسافر إلى أرضكم الغالية أرض مصر خلال هذا الأسبوع، وإنه سوف يشتري لي تلك الكتب، ولكن ينقصني أسماء الكتب وكاتبيها، وهل بالإمكان الحصول عليها من المكتبات أو أخبريني من أين يمكنني أن أحصل عليها؟
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أدعو لك الله أن يجازيك خير الجزاء، وحتى إن لم تتمكني من مساعدتي في طلبي هذا فإنني لا أعتب عليك؛ لأنني أعلم حجم المسئولية التي عليك، وإنني قد اتخذتك أختا لي في الله في غربتي، وسوف أرسل لك دائمًا لأستشيرك لتعينيني بعد الله ثم زوجي في تربيتي لبناتي. أرجو منك أن تردي عليّ في أقرب فرصة، ودمت في رعاية الله وحفظه.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الكريمة، وجزاك الله خيرًا على ثنائك الرقيق ومشاعرك الطيبة، ولعل رسالتك جاءت في وقت مناسب جدًّا؛ فزيارة صديق أسرتكم ستتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ وهو ما سيتيح الفرصة برحابة وسعة في الاختيار، وتوافر كل ما سأورده لك من عناوين لكتب وقصص؛ إذ يمكن شراء نفس العنوان من أكثر من دار نشر، وهو ما سيوفر جهدًا وبحثًا ويعود بحصاد غزير.
وسأحاول أن أجمع لك فيما يلي عناوين تبحثين عنها في أكثر من دار نشر، وأخرى محددة الإصدار بدار معينة، ونبدأ ببعض الكتب عن دار الكتاب المصري اللبناني، وأرشح لك منها -فيما يرتبط بما تحدثنا عنه- سلسلة تحكي لمحات من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفاحه وجهاده بأسلوب مسرحي سهل التعبير محبب لنفوس الأطفال، وهي سلسلة من 30 كتابًا تحت عنوان: "المسرح الإسلامي للأطفال".
وهناك سلسلتان بعنوان "أطفال أبطال" و"فرسان الإسلام" لنفس دار النشر تناسب سن ابنتيك الكبريين، وتتميز بسهولة أسلوبها وسلامة عباراتها وألوانها التي تبسط للطفل التعامل معها وتعينك في تحقيق ما اتفقنا عليه من تزويد بناتك بتاريخ البطولة الإسلامية، وفيها قصص طفولة البراء بن عازب وأسامة بن زيد وغيرهما، وهي من 10 كتب متسلسلة.
وأخيرًا.. مجموعة "نوابغ الملمين في العلم والمعرفة" وهي مجموعة من 47 كتيبًا يحوي كل منها حوارًا شائقًا مع علامة من علماء المسلمين بأسلوب سهل مع نشاطات تربوية.
أما طفلتك الصغرى والوسطى فتناسبهما سلسلة لطيفة لنفس دار النشر بعنوان:
"أركان الإسلام"، وهي مجموعة من 25 كتابًا تتناول كل ركن من أركان الإسلام بالتفصيل مدعمًا بالقصص والصورة بأسلوب لطيف.
"نباتات جاء ذكرها في القرآن الكريم"، وهي مجموعة من 15 كتيبًا مدعمة بصور جميلة، وفي نهاية كل منها أنشطة تربوية قيمة.
"حيوانات جاء ذكرها في القرآن الكريم"، وهي مجموعة من 25 كتيبًا لطيفًا مع نشاطات تربوية.
حكايات ومفاهيم، وهي مجموعة من 10 قصص تنقل معاني معينة.
كما ستجدين إصدارات إلكترونية (أقراصا مدمجة) تحكي قصصًا من الحديث النبوي من إصدار شركات متنوعة مثل "فيوتشر سوفت"، وهي تحكي قصة جرة الذهب، وقاتل المائة، وغيرهما من القصص النبوي.
أما ما ينفعك من كتب فستجدين كتبًا متنوعة في سلسلة تصدر عن مركز التفكير الإبداعي تحت عنوان "قواعد وفنون التعامل مع الأطفال"، ومن عناوينها:
1- كيف تجعل من طفلك رجلاً فذًّا.
2- سياسات تربوية خاطئة.
3- 20 طريقة للتأثير في نفس الطفل وعقله.
ولعل فرصة المعرض كما قلت آنفًا تكون فرصة طيبة لتوافر اختيارات عديدة ونماذج متنوعة ولطيفة من الكتب في مكان واحد؛ وهو ما يتيح لصديقكم حصد العديد منها.
أشكرك على ثقتك، وجزاك الله خيرًا، ولعلنا بمحاولاتنا تلك نحقق قول الشاعر:
وما دان الفتى بحجى ولكن *** يعوده التدين أقربوه
تأخر الكلام تبعا لجداول تطور النمو ... العنوان
السلام عليكم، طفلي يبلغ من العمر 14 شهرا، ولكنه لا يقول سوى كلمة ماما، وهو يفهم كل ما أقوله له، وأحاول أن أجعله يقول مقطعا من حرفين مثل نونو، ولكنه يرفض.
قرأت استشارات سابقة وحاولت تطبيق الكثير مما ورد فيها من حلول؛ فأحاول مثلاً أن أجعله يردد أصوات الأشياء فيستجيب؛ فهو يقول للسيارة دززز، وكرة يقول طاطي، والتليفون آلو، ولكنه يرفض أن يتلفظ بكلمات. أرجو إرشادي لأساليب من الممكن أن تشجعه على الكلام، وشكرا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة أم إبراهيم، السلام عليكم ورحمة الله، أوجه لك تحية على اهتمامك الرائع بابنك حفظه الله، ولكن اسمحي لي أن أقول إنه اهتمام -سكر زيادة- أي أنه أكثر من اللازم.
أختي الفاضلة، أرجو منك ومن كل أم أن تحاول الحصول على معلومات حول جداول التطور الطبيعي للأطفال من جميع النواحي مثل الحركية والإدراكية واللغوية، سواء عن طريق الكتب أو الإنترنت أو مراجعة إخصائي النطق واللغة أو التربية الخاصة للحصول على نسخة ولو مبسطة، وسأورد لك بنهاية الرد نموذجا منها؛ وذلك لنعرف ماذا يجب أن نتوقع من الطفل وما هي حدود الطبيعي أو التأخر.
لماذا كل هذا الكلام؟ لأن الاطلاع على مثل هذه الجداول سوف يبين لك أن حالة ابنك كما يبدو من وصفك طبيعية إن شاء الله؟ كيف؟ لأن ما نسميه بإصدار الطفل في السنة الأولى ما يقارب من 10 كلمات نعني به كل ما يصدره وله معنى تواصلي، أي يقصد به توصيل معلومات للأهل، مثل ماما -بابا ويقصد بها والديه وليس تكرار أصوات فقط، وهم للأكل، ومبو للماء، وعو أو أي شيء للحيوانات، وآالو للهاتف.
وابنك -كما وصفت- يبدو أنه يحاول استخدام "الكلمات" التي يستطيع الآن حسب قدرة جهازه النطقي على نطقها، والطلب منه أكثر من طاقته سوف يؤدي به إما إلى "الزهق" منا، وإما التجاهل أو التقليل من التواصل اللفظي، أو التهرب من هذا التواصل والاستعاضة عنه بالبكاء أو الإشارة أو غيرهما.
إذن ما الحل؟ الحل أن تقومي بالاطلاع على جداول التطور الطبيعي المناسبة لكل سن ومراقبة تطور برهومة، علما بأن هناك فروقا فردية بين الأطفال في نفس العمر على ألا يتجاوز الفرق 6 أشهر إلى 8 كحد أقصى، وكذلك هناك فروق بين الأولاد والبنات والطفل الأول أو الوحيد وغيره.
ولكن المهم هو أن يكون أداء الطفل -لجميع المهارات- وليس اللغوية فقط ضمن نطاق ما هو متوقع من سنه أو عمرة الزمني.
وطبعا هناك إرشادات تساعد الأطفال على النمو اللغوي بشكل أفضل، وأرجو منك الرجوع للاستشارات السابقة لمزيد من المعلومات، وأرجو منك أيضا إعلامنا حول تطور برهومة أولا بأول لكي نسعد معا إن شاء الله بكثرة كلامه.
ــــــــــــــ(102/129)
ابنة حائرة بين الغرف ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندي طفلتان الأولى عمرها سنتان وشهر (2.1) والأخرى شهران.
الأولى كان لها سرير أطفال، ولكن مذ كان عمرها 9 شهور وهي تنام بيني وبين أبيها، وكانت تستيقظ إن وضعت في سريرها وهي نائمة (يمكن كانت تحس من ارتفاعه عندما أميلها لأضعها فيه) ونحن (بسبب عمل والدها) نتنقل من مدينة لأخرى، ومن بيت أهلي وأهل والدها، وهي تنام وأنا أحتضنها وأقرأ لها قرآنا. قبل سنة استقرينا ولكن لسنا متأكدين من طول فترة الاستقرار واشترينا غرفة نوم شبابية من سريرين ولوازمهم ذات لون وشكل جميل، ونحن الثلاثة نستعملها منذ ذلك الوقت بنية أننا سنحضر لنا واحدة وهذه لابنتي ومن سيحضر.
المهم أننا تأخرنا، وقبل الولادة أحضرنا سريرا للمولودة الجديدة وهو جميل ومزركش ويصلح حتى للكبيرة، وعندما رأته قالت: "هذا سريري أنا" فوافقت وكانت تطلب بالنهار أن أضعها فيه هي وألعابها فكنت أفعل، وعندما ولدت الأخرى وضعتها فيه، وبعد فترة كانت الكبيرة تطلب أن توضع فيه، وأحيانا تطلب أن تنام بجوار أختها في النهار، ولكنها إلى الآن تنام معنا، وأصبحت تريد الغرفة والسرير الكبير، وأنا أقول لها سريرنا الكبير غرفتنا أنا ووالدها. نحس أنه أصبحت عندها أزمة ملكية واستقلال بشأن هذا الموضوع؛ فهي أحيانا إن كانت تلعب على أرجوحتها ونقول لها: هيا لنخرج تقول: اخرجوا أنتم (بابا وماما) ودعوني. طبعا لا ينفذ؛ فهي ما إن ترَ الموضوع جادا حتى تأتي ولا تريد أن تعود للبيت بسرعة.
السؤال: ماذا نفعل؟ هل نحضر لها غرفة نوم جديدة أم نعطيها التي نستعملها حاليا ونحضر لنا واحدة؟ فنحن عندنا غرفة خاصة للبنات، ولكنها غير مفروشة.
أعلم أننا تأخرنا بها ولكن كان الصيف وكانت غير مفطومة وقبل الولادة بأشهر كنت أظن أننا لا يجب أن نجري أي تعديل حتى لا تحس أن المولودة هي السبب.
هل أضع أختها معها؟ هل يجب أن أراعي أن يكون هناك سريران متماثلان، وأقول لها: إن هذا لها عندما تكبر؟؟
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة وأهلا ومرحبا بك. وفي البداية أعتذر لك عن التأخير في وصول الإجابة إليك لظروف غير مواتية، ولكن لعله الخير كما يقولون، ولعل هذا التأخير منحك فرصة أوسع للاستقرار وللوصول لرؤية أكثر وضوحا لمشكلة ابنتك لتتحدد أمام عينيك بشكل واضح.. فيسهل عليك حلها.
وبالتأكيد سأحاول معك الاقتراب مما عرضت من معطيات وظروف ومعلومات لنتمكن من تحديد الهدف بشكل واضح من مسألة تغيير الغرف والأسرة، وتبديل أماكن النوم... إلخ لنحدد المطلوب والواجب فعله:
أولا: ابنتك تحتاج لفصل مكان نومها عن مكان نومك وأبيها.
ثانيا: وهي كذلك في حاجة إلى عدم إشعارها بالغيرة من أختها الصغيرة.
ثالثا: ابنتك في حاجة للشعور بالاستقرار، والاستقلال في ذات الوقت.
وبالتالي فكل هذه الأهداف تصب في مجرى واحد قد اقترحته أنت في سؤالك، وهو إيجاد حجرة للطفلتين مزينة ومزركشة ومناسبة للأطفال، بها سريران متماثلان، وكذلك خزانة للملابس، وبها ألعاب كثيرة ليناما فيها ويرتديا ملابسهما ويلعبا، ويرسما ويقضيا الوقت حال تواجدهما في المنزل في تلك الغرفة، ولا مانع من وجود تلفاز صغير مع جهاز فيديو مثلا لعرض شرائط كارتون أو برامج ترفيهية وتعليمية تعلم مثلا الحروف وما إلى ذلك.
ووجود تلك الغرفة يفضل أن يكون بأسرع وقت ممكن لتبدأ طفلتك في استعمالها (لا مانع من تجهيز الغرفة الحالية وتحسينها لتفي بهذا الغرض)، وأنت في حاجة للتمهيد لها، وإثارة شوقها ولهفتها وترقبها لوصول تلك الحجرة، وكم هي جميلة وممتعة ولطيفة.. وذلك إما بإغرائها بالمكافأة بها كأن تقولي: "إن فعلت كذا فستكون هديتي لك حجرة جميلة لن تشبعي منها أبدا..."، وذلك حتى تشتاق هي بنفسها للتواجد فيها واستخدامها، وحذار من قول: "ألن تكبري بعد لتنامي في حجرتك؟؟" أو: "والله لأعاقبنك بترك حجرتنا، أو ستنامين في غرفة وحدك وتذهبين عنا... إلخ"؛ مما يحتمل في طياته تهديدا وتخويفا من الاستقلال في حجرة خاصة وتخويفا من الانفصال في النوم ومن حجرة أطفال جديدة.
ولكي تتفادي إشعار ابنتك بالغيرة بوجه عام يمكنك مراجعة ما ورد من نصائح في الرابط التالي:
احموا أبناءكم من الغيرة.
فضلا عن ضرورة أن تنام الطفلتان في بداية الليل في غرفتهما، ولا مانع من مرافقتك اللذيذة لهما بصوتك المحبب لهما، تقرئين لهما القرآن، وتغنين لهما أغنية، وتحكين لهما قصة لتناما مبتسمتين.. أو على الأقل تنام الطفلة الكبرى، وغالبا ما ستصمم الصغرى على مواصلة الاستيقاظ، وعندها يمكنك الانسحاب بها بهدوء من الغرفة كي لا تزعج أختها مع إضاءة نور لطيف خافت لا يزعج ويكفي للرؤية وحماية طفلتك من التعثر إذا استيقظت ليلا، وإن نامت الصغرى فبها ونعمت اتركيها في فراشها إلى جوار أختها وحاولي الاطمئنان عليهما أثناء الليل بين برهة وأخرى مع تهيئة الظروف من نظافة وشبع لليلة هنيئة ونوم عميق.
ويمكنك مراجعة ما يلي عن مسألة النوم:
فصل المنام حكاية كل بيت
للنوم طقوس أيضا.
فصل المنام.. حلول مقترحة
إن شبعوا غنوا.. وإن جاعوا زنوا – متابعة
وقد يحدث أن تضبطك ابنتك الكبرى متلبسة بالتسلل من حجرتها ليلا بصحبة الرضيعة.. فأفهميها حينها بحلم وهدوء أنك فعلت ذلك لحمايتها من الإزعاج، وأن أختها صغيرة ومزعجة، وقد لا تتركها تنام بشكل مريح، وأنك في سبيلك لتنويمها وإحضارها.. أو وضعها في سريرها الصغير.
أما بالنسبة للحجرة الحالية فيمكنك استخدامها على اعتبار أنها حجرة نومك مع منحها من الخصوصية ما يكفي لتعليم الطفلة آداب الاستئذان، فلا دخول ولا خروج في تلك الغرفة بلا استئذان وطرق للباب، والباب مغلق حال وجودك خارج الغرفة، والغرفة لا تستخدم طيلة النهار إلا وقت النوم، واليوم ينقضي بفعالياته في غرفة المعيشة وغرفة الأطفال.
ونصيحتي لك أن تحاولي الاستقرار قليلا والتخفيف من تغيير محل ومكان وظروف إقامتك، وإقامة أسرتك لكيلا يؤثر هذا الأمر سلبا على ابنتيك.. فعدم الاستقرار يسبب فقد الاطمئنان والأمان، ولعل ذلك هو السبب في التصاق الطفلة بكما أنت ووالدها ورغبتها في النوم جواركما باستمرار فضلا عن اعتيادها ذلك.
وإن كان لا بد من تنقل زوجك فيمكنك انتظاره حتى يعود إن كانت فترات انتقاله ليست طويلة، أو على الأقل البحث عن مكان له مواصفات بيتكم لتقيموا فيه، أو اصطحاب مفروشاتكم إن أمكن وإن طالت بكم فترة المكوث بعيدا عن بيتكم..
الخلاصة: حاولي توفير الاستقرار لأسرتك وابنتك على وجه الخصوص والمحافظة على نظام ثابت لممارسة الحياة حتى حال الانتقال من مكان لآخر.
وأخيرا يا عزيزتي أرجو أن أكون قد وفرت لك ما يلزم من إجابات على أسئلتك التي بدت فيها حيرتك التي أعزيها من وجهة نظري لعدم الاستقرار، ولعله أمر إلى زوال في أسرع فرصة.
وأخيرا أوصيك بمنح ابنتيك كل ما تستطيعين من الحب والحنان لنمو سوي سليم، فكما قال أحد الفلاسفة: "أغلى ما في الحياة الحب، والأم هي نبع الحب".
وفي انتظار متابعتك لنا بأخبارك وأخبار أسرتك وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/130)
تأخر الكلام وتأخر النمو العقلي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. في البداية أدعو الله عز وجل أن يجعل ثواب هذا العمل في ميزان حسناتكم لما تقدموا من جهد نحو بناء أطفال أصحاء، نسأل الله أن ينفع بهم الإسلام والمسلمين. لديّ طفل عمره 23 شهرًا وهو حتى الآن لم ينطق بكلمة واحدة غير ماما وبابا، ولكن أيضًا لا يوجهها إليّ مباشرة، أشعر.. أنه يريد أن يقول أشياء، لكنه لا يعرف أن يتكلم، فيظل يقول مقاطع وأحرف متشابكة غير مفهومة طبعًا، مع العلم بأنه يفهمني جيدًا عندما أطلب منه شيئًا، وأيضًا يمكن أن يقلدني في بعض الأفعال أو الحركات عندما أطلب منه ذلك، ولكن عندما أحاول معه أن ينطق أي كلمة لا يحاول أن يكررها، وأحضرت له صور بعض الطيور وعندما أقول له حمامة مثلاً ليكررها لا يحاول حتى ولو بحروف خاطئة.
وطبعًا هذا الموضوع سبّب لي قلقًا شديدًا وأجريت له اختبار السمع (ABR)، والحمد لله كان طبيعيًّا، وهو أيضًا لا يتواصل معي، بمعنى أنه إذا احتاج شيئًا لا يطلبه كالماء مثلاً أو الأكل أيضًا لا يناديه، ولكن يجيء لي وأنا طبعًا أفهمه، وأخشى أن تكون إقامتنا في بلد غير بلدنا وبعدنا عن أقاربنا هي السبب في ذلك. أحب استشارتكم في كيفية التعامل معه، حيث أنه يختلط بقليل من الأصدقاء والمعارف، فكيف أتغلب على هذه المشكلة حتى ينشأ طفلاً طبيعيًّا؟
وهل تعتبر ظاهرة صحية أن ألحقه بحضانة في هذه السن حتى يتعامل مع أطفال؟ كيف لي أن أحدد مستوى ذكائه وقدراته؟ وكيف أطمئن أن تأخره في الكلام طبيعي؟ حيث إنني قرأت في كتاب (الأسلوب الأمثل لتربية الطفل بعد عامه الثاني) أنه من الممكن أن يسبب تأخره في الكلام تأخرًا في نموه العقلي، وهذا الموضوع سبّب لي قلقًا شديدًا.. أرجو إفادتي حتى يطمئن قلبي، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة.. أم عمار، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أقدر لك اهتمامك بعمار وأشكرك عليه، عزيزتي.. إن إصدار الطفل للعديد من الأصوات المتشابكة أو التي نسميها لغة الأطفال هو أمر طبيعي يمر به كل الأطفال، ثم يتناقص هذا الكلام غير المفهوم بعد أن يصبح لدى الطفل القدرة على إصدار العديد من الأصوات مجتمعة معًا بطريقة صحيحة لتشكيل كلمات مفهومة، وغالبًا فإن الأطفال بعمر سنتين يفترض أن يكون لديهم على الأقل 30% من الكلام المفهوم ليس للأهل وحدهم، ولكن أيضًا للغرباء ويدخل في هذه الحسبة الكلمات الطفولية مثل عو - مبو- هم - ننو - تاتا وما شابه، والمهم هو أن الطفل يستخدم هذه -الكلمات- للتواصل، أي أنه يعني ما يقول وليس يكرر فقط.
ثانيًا التأكد من قدرات أي طفل الأدائية، أي جميع المهارات من حركية وإدراكية وعقلية ولغوية وغيرها يكون بمتابعة جداول التطور الطبيعي للأطفال، وهي عبارة عن جداول توضح ما يجب أن يكون الطفل قادرًا على أدائه من مهارات في العمر المناسب، وطبعًا هناك فروق فردية بين الأطفال، ولكن على ألا تتجاوز هذه الفروق بين العمر الزمني للطفل وأدائه 6 - 8 أشهر وتتوفر هذه الجداول إما لدى أطباء الأطفال أو اختصاصي النطق واللغة والتربية الخاصة.
ويمكن عمل تقييم لقدرات الطفل لمعرفة هل هناك تأخر يستحق الاهتمام، ولكن غالبًا لا يكون هذا الاختبار في عمر التسنين واضح النتائج؛ لأن هناك عدة عوامل تتداخل في أداء الطفل منها صغر عمره ومدى تعوده على التفاعل مع أشخاص غرباء وغير ذلك، ولكن يمكن التأكد من مدى ملاءمة مهارات الطفل لما هو متوقع منه في سنه، وإذا كان رأي الاختصاصيين أن هناك تأخرًا ينبغي عمل برنامج -غالبًا يكون للأهل لتطبيقه في المنزل-للمساعدة في رفع أداء الطفل، وعادة لا يظهر بوضوح إذا ما كان هذا التأخر بسبب تأخر في المهارات العقلية أو غيرها من الأسباب -باستثناء ضعف السمع الذي يمكن التأكد منه بأي عمر- إلا بعد أن يصبح عمر الطفل 4 سنوات وما فوق؛ لأن التأخر بعد ذلك يبدو واضحًا.
المهم الآن هو: نعم هناك عدة أسباب للتأخر اللغوي منها التأخر العقلي، ولكن أفضل عرض الطفل على اختصاصي تطور نمائي للأطفال -اختصاصي نطق ولغة- اختصاصي تربية خاصة.
أي منهم يتوفر في منطقتكم لملاحظة الطفل وتقييم أدائه، ومن ثَم إعطاؤكم الإرشادات المناسبة؛ لأنه كما تعلمين لا يمكن لأحد تقييم طفل عبر بعض المعلومات عبر الهاتف أو الإيميل، فلا بد من أخذ معلومات من الأهل ومراقبة أداء الطفل شخصيًّا.
ــــــــــــــ(102/131)
كيف نواجه الممارسات المثلية؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
بداية أشكركم كل الشكر على استشاراتكم المتميزة، سائلا الله عز وجل أن يكون ذلك في ميزان حسناتكم.
أنا أعمل في إحدى المؤسسات الإسلامية الخيرية التي تُعنى بالأيتام، وبالتحديد أعمل مشرفا في بيت للأيتام، حيث يتلقى الأولاد في هذا البيت المسكن والملبس والطعام والشراب والعناية الصحية والتربية والتعليم، ويوفر للطالب كل احتياجاته على أكمل وجه، عدد الأولاد في البيت مرتفع نسبيا ويصل إلى 300 نزيل يتوزعون على فئات عمرية مختلفة.
في الآونة الأخيرة برزت عندنا مشكلة وهي ظاهرة اللواط عند أعمار صغيرة ما بين التسع سنوات والأربع عشرة سنة، وبعد التحقيق في الموضوع وجدنا أن بعض الأولاد يتعرضون لممارسة اللواط معهم خلال فترة زيارتهم لأهلهم أثناء العطل الرسمية والأسبوعية، وقام هؤلاء الأولاد بنقل ما تعلموه وما يمارسونه في الخارج إلى نزلاء البيت، وقد صدمنا صدمة كبيرة جدا لهول هذه المشكلة، نرجو أن تفيدونا في هذا الموضوع وبإسهاب وبأسرع وقت إن أمكن وخاصة في المحاور التالية:
1- ما نصنع مع الأولاد الذين اشتركوا في هذه الأفاعيل، هل إبقاؤهم مع الأولاد أو إرسالهم إلى بيوتهم؟
2- كيفية معالجة هؤلاء الأولاد وكيفية التعامل معهم.
3- ماذا نصنع لكي نقي ونحمي باقي الأولاد من هذه الظاهرة؟
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل ابوهندي من فريق مشاكل وحلول الشباب :
الأخ العزيز، أهلا وسهلا بك ونشكرك على ثقتك في صفحتنا "معا نربي أبناءنا"، وعلى اهتمامك ورغبتك في الإصلاح..
الحقيقة أن المرحلة العمرية التي تشير إليها ما بين التسع سنوات والأربع عشرة سنة، هي مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة المبكرة، وهي سنوات يتفتح فيها الوعي الجنسي ويبدأ في التطور والتشكل والنمو، ودائما ما تتسم نفس هذه السنوات بالتقلبات في التوجهات والآراء والمشاعر والميول أي بعدم الثبات، وفي نفس الوقت تتسم برفض أفكار الكبار وأحكامهم الجاهزة، ومحاولة الوصول إلى قناعة خاصة بالمراهق نفسه من خلال أفكاره هو، ولعل اكتشاف المراهق لوجود القدرة لديه على التعامل المعرفي مع الأفكار المجردة والمفاهيم الفلسفية هو أحد أسباب ذلك.
قصدت من هذه المقدمة أن أوضح لك عدة نقاط في غاية الأهمية عند التعامل مع الموقف الحالي: النقطة الأولى هي أنك لا تستطيع اعتبار كل من تورط في هذه الممارسات شاذا وتلصق به مثل هذا اللقب؛ نظرا لأن المرحلة مرحلة تغير وتقلب وبحث فكري وثورة جسدية وشعورية أيضًا، والنقطة الثانية هي أن الموقف السلطوي ومحاولة فرض قناعة معينة على المراهقين هو أيضًا خطأ في هذه المرحلة.
نأتي بعد ذلك لتقييم أوضاع نزلاء الدار التي تعمل فيها؛ لأن "تقييم الأوضاع مهم قبل إنزال الأحكام في شريعة المسلمين" كما يقول أخي وزميلي الدكتور أحمد عبد الله، فأنت تتكلم عن مجموعة من الأولاد من أعمار مختلفة منهم الأطفال ومنهم المراهقون بمراحل الطفولة والمراهقة المختلفة، كلهم ذكور يعيشون معا ولا أدري هل كلهم يزورون أهلهم في العطلات أم لا؟ ولا أدري أيضًا ما هي الأنشطة الاجتماعية التي يقومون هم بها؟ وما هي حدود تعرفهم على أفراد الجنس الآخر من نفس أعمارهم؟ هل هناك احتكاك يحدث بينهم وبين البنات أم لا؟
لأن عدم وجود مثل ذلك الاحتكاك، إضافة إلى عدم الفهم الذي يحيط أصلا بضوابط العلاقة السليمة بين الذكور والإناث في الإسلام أو الفهم المغلوط الذي ابتليَ به المسلمون مع الأسف، وكون ما بين الصديقين من نفس الجنس طبيعيا ولا غبار عليه ما لم يحدث غير ذلك أو ما لم يثبت العكس، في حين أن أي علاقة ولو تخيلية مع فرد من الجنس الآخر نتعامل معها فكريا بطريقة معاكسة لما سبق، أي أن العلاقة بين صديقين من جنسين مختلفين هي علاقة متهمة إلى أن يثبت العكس، هذه الوضعية الراسخة في مجتمعاتنا تجعل ما تتحدث عنه من ممارسة مثلية أمرًا متوقعا ومحتمل الحدوث جدا داخل المؤسسات التي يوجد فيها أفراد من جنس واحد، أكثر من احتمال حدوثه في المجتمع العام بصورته الحالية، وأحيلك هنا إلى ردين سابقين لأخي وزميلي الدكتور أحمد عبد الله
تحت العنوانين التاليين:
الميول الجنسية المثلية: الداء والدواء
شذوذ جنسي: للأسف.. أنت لا تدري!!!
ولذلك السبب ألوم عليك الموقف الدفاعي الذي اتخذته دون داعٍ اللهم إلا نفي التهمة عن الدار ليس إلا، وكأن لسان حالك يقول: هذه الدار المحترمة التي نربي فيها الأيتام ونسعى جاهدين لإحسان تربيتهم ونعلمهم الدين الصحيح ونقدم لهم كل احتياجاتهم... لا يمكن أن يولد فيها مثل هذا الفعل الشنيع، والدليل هو أننا عندما حققنا في الموضوع وجدنا أن البلوى جاءت من خارج الدار! هذا ما تقوله أنت لكن الاحتمال الأقرب للواقع هو العكس.
وسأمسك أنا هنا بطرف الخيط، فأنت ترى أن الأذى يتسرب من المجتمع إلى الدار، وأن ذلك دليل على عجزكم -الذي لا يد لكم فيه- في وقاية نزلاء الدار من خبائث المجتمع، وتتمنى طبعا أن تقيم سياجا حول الأولاد لكي لا يفسد حالهم أكثر مما وصل إليه!
ومن بين خبائث المجتمع طبعا أن يكونَ هناك لقاء بين الأولاد والبنات، وبالتالي فأنت لا تتخيل أن الصحيح هو أن نزيد من احتكاك نزلاء الدار بالمجتمع لا أن نعزلهم عنه، ومن بين صور التجمعات المفترض إيجادها في ذلك المجتمع أن يكون هنالك نوع من الجماعة الاجتماعية التي يتقابل فيها الأولاد والبنات في صورة جماعية وأن تكون لهم اهتمامات بأمور مجتمع المسلمين الذي يعيشون فيه، ويمارسون فيه أنشطة ثقافية وفنية واجتماعية شتى معا أولادًا وبنات، هذا هو الوضع الصحيح الذي عندما ننجح في إيجاده وتفعيله سنرى أن التنفير الديني من الممارسات المثلية قادر فعلا على تقييد تلك الممارسات؛ وذلك لأننا نجعل للشاب وللفتاة الفرصة الطبيعية في تشكيل وتوجيه ميولهم.
وأنا بذلك أكون قد أجبت على التساؤلين الأخيرين لك، فمن خلال التواصل والتنظيم مع مؤسسات المجتمع المختلفة وبصفة خاصة أشير عليك بدار رعاية الأيتام من الإناث، وإيجاد فرصة للقاء الأولاد والبنات وهم تحت عيون المشرفين، نكون قد نجحنا في جعل احتمال اللجوء للممارسات المثلية أقل بكثير، وأيضا في جعل احتمال بقائها واستمرارها إن هي حدثت أقل بكثير؛ لأننا في الوقت الذي نسمح فيه للميل الفطري الطبيعي بالبروز والنمو نضع أحكام العفة الشرعية ومن بينها التنفير من الميل المثلي، أي أننا نسمح لمشاعر المراهق الجنسية الطبيعية بالتواجد، ونضع للسلوكيات بعد ذلك أحكامها، وليس مثلما هو الوضع الآن في معظم مجتمعاتنا، ولا دون قيد أو شرط كما هو الحال في المجتمعات الغربية.
أما سؤالك الأول عن ما الذي يجب فعله مع الأولاد الذين مارسوا اللواط فعلا وهل نطردهم من المؤسسة أم ماذا نفعل؟ فالرد على ذلك لا يصح أن يكون ردا عاما يصلح للتطبيق على الجميع، بمعنى أن كل حالة لا بد من تقييمها على حدة، وأن هناك من يقع في المحظور مرة ثم لا يتكرر منه ذلك وهناك من يصر على تكرار المحظور.
إذن فنحن لن نرسل أحدا إلى بيته إلا بعد أن نطبع شكل حياة الأولاد الاجتماعية قدر الإمكان، أي أن نسمح لهم بأن يتعاملوا مع البنات في إطار الضوابط سالفة الذكر، وكذلك بعد أن نوضح لهم حكم الإسلام فيمن يمارس مثل هذا الفعل، مع توضيح أن احتمال إخراج من يكرر الممارسة من الدار هو احتمال وارد، وأتمنى أن أكون قد بينت لك كيفية التصرف في مثل هذا الموقف، وأحيلك في النهاية إلى عدد من الروابط التي ستجد فيها المزيد عن كيفية التعامل مع الميول أو الممارسات المثلية:
غض البصر بريء من فخ المثلية!
المثلية خلقة أم خلق؟!
الميول الجنسية المثلية.. صدمة الاكتشاف
الجنسية المثلية.. إجابة مستفيضة
الجنسية المثلية: عن الأسباب والشبكة العلاجية
ــــــــــــــ(102/132)
التوجيه الناقد.. مأزق بنفس المراهق ... العنوان
ابنتي 14 سنة تكثر من الأغلاط بمضايقة غيرها والشتم وعدم الترتيب، ومع هذا حساسة جدًّا؛
ولهذا أنا دائمًا أنبهها لأخطائها ولتصليح ما أفسدت أو لإرجاع كل شيء مكانه وهذا يزعجها، وتظن أنني لا أحبها وأحب أخواتها أكثر، وهن غيرها بالعكس مرتبات، فماذا أفعل؟ ... السؤال
التوحد ... الموضوع
أ. صفاء فريد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت السائلة الفاضلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تمر ابنتك الآن بمرحلة فاصلة ما بين الطفولة والرشد، وهي مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة تتميز بميزات إيجابية علينا نحن كآباء وأمهات أن نظهرها ونواجهها، وإن لم نعتنِ بها كان المردود سيئًا عند المراهق أو المراهقة، وهناك عوامل كثيرة تساعدنا على كشف هذه الميزات، وعلينا أن نتدرج بها حتى نصل إلى مبتغانا ومبتغى كل الآباء والأمهات وهو الشخصية الصالحة المميزة لأبنائنا.
لقد شعرت من ملاحظاتك على ابنتك أنها كثيرة الأغلاط والشتم وغير مرتبة، وهي عكس أخواتها بأنك تظهرين صفاتها السلبية التي تعلقين عليها دائمًا؛ فأنت تقولين إنني دائمًا أنبهها إلى أخطائها، وهذا يعني أمرين: (1) أنك تلاحظين الأخطاء أكثر من الإيجابيات. (2) التنبيه وقت وقوع الخطأ، وهذان الأمران يشكلان مأزقًا في نفس المراهق؛ فهو لا يحب أن يشعر بمراقبة حساسة له وخاصة لأخطائه، وأنه ينبه عليها دائمًا وقت حدوثها؛ وهو ما يجعل تعديل السلوك عنده ينتفي أو حتى يُلغى من قائمة تفكيره.
وأنصحك أختي الكريمة بما يلي:
(1) حساسية الأبناء في الغالب نوجدها نحن الآباء بكثرة الملاحظات والتنبيهات أو بالأسلوب المتبع، حاولي أن تدخلي غرفة ابنتك يوميًّا ودعيها تلاحظ أنك مهتمة بترتيب أشيائها وسريرها، دون أن تطلبي منها ذلك، وبعد الانتهاء من ذلك عبِّري عن سعادتك وأنت ترتبين هذه الغرفة؛ لأنها لابنتي الحبيبة التي أحب أن أرى غرفتها دائمًا مرتبة. استمري في هذا العمل مع محاولة وضع بعض البطاقات الصغيرة المدون عليها عبارات لطيفة، ولا مانع من تزيين الغرفة ببعض الورود، وهذا سيساعدك في استرجاع العلاقة المفقودة بينكما، وتبدأ بمحو شعورها بأنك لا تحبينها أو تحبين أخواتها أكثر منها.
(2) حاولي أن تتغاضي عن الهفوات الصغيرة، فلو قامت بترتيب أغراضها مرتين في الأسبوع فعززي هذا التصرف بدلاً من ملاحقتها لترتيب أغراضها يوميًّا، وبعد فترة سيكون عدد المرات ثلاثا وأربعا إلى أن تصل تدريجيًّا إلى الإحساس بضرورة الترتيب وإرجاع الأشياء إلى أماكنها، ولا بأس لو بقي لها بعض الأيام لا ترتب غرفتها فيها فإنه يمر على الإنسان أوقات يكون فيها متعبًا أو كسولاً ويجب مراعاة ظروفها النفسية أو الصحية.
(3) استعيني بالله عز وجل بالدعاء دائمًا ليحفظ ابنتك ويهديها، ولتكن قراءتك حول هذه المرحلة، كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأبناء والشباب، وكيف تعاملت النساء الصالحات مع أبنائهن، وأنصحك بقراءة كتاب تربية الأولاد في الإسلام، فهذا يساعدك على فهم طبيعة البنت وحسن التعامل معها، ولا بأس من قراءة الكتب المتخصصة التي تتحدث عن العلاقات الأسرية، وحاولي أن تجلسي مع الصديقات وتسألي عن كيفية التعامل مع الأبناء حتى تتوسع خبرتك في هذا المجال.
وسوف يساعدك قراءة ما جاء بهذه الاستشارات حول المراهقة وكيفية التعامل معها ومع التغيرات النفسية التي تمر بها وكذلك قواعد عامة حول فنون حل المشكلات واستعادة الحوار المتواصل مع ابنتك بإذن الله تعالى.
كيف تجعل من مراهقك نديما لا ندا؟ ... العنوان
ابنتي 14 سنة، أصبحت تعاملني بالند، وهي كثيرة الجدل معي، وأحيانا أحس في نظرتها باستعلاء وتكبر؛ وهو ما يضطرني أحيانا إلى ضربها، وأحيانا كثيرة أعاملها بالحسنى، مع توضيح سبب غضبي منها. وهذه الحالة أصبحت ملازمة لها، وأخشى عندما تكبر أن تصير متمردة ولا أستطيع السيطرة عليها أو احتوائها، ماذا أفعل؟ وشكرا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ. صفاء فريد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت السائلة الفاضلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يبدو أنك ما زلت تتعاملين مع ابنتك وكأنها طفلة، وحقيقة أن المرحلة التي تمر بها ابنتك مرحلة خطيرة، أقول خطيرة وليست سيئة؛ لأن هذه المرحلة ينتقل فيها الإنسان من الطفولة إلى الرشد.
واسمحي لي بداية أن أعطي بعض الملاحظات على استفسارك؛ فابنتك تعاملك بالند وكثيرة الجدل، وهذا يعني أنك في مواقف كثيرة –ربما- تتعاملين معها كأنها ند لك، فأصبحت تعاملك بنفس الطريقة. وهي كثيرة الجدل؛ لأن اتصالك بها ضعيف ولذلك فهي لا تقتنع بك وبآرائك فهذا يجعلها تطيل الجدال. وربما كانت الأسباب غير ذلك، ولكن الظاهر في هذه الملاحظات هذا الأمر.
أنصحك بما يلي:
(1) الحوار الحوار، افتحي قناة للاتصال مع ابنتك، اجلسي وتحاوري معها، ولا تكن جلستك معها جلسة حساب أو عتاب أو توجيه نصائح؛ فلتكن أولى جلساتك معها لتفهمي كيف تفكر ابنتك وما الأمور التي تحبها وما الأمور التي تكرهها دون أن تعلقي عليها أو توجهي النصائح، حتى إذا ما استرسلت معك في أمورها وشئونها الخاصة استطعت أن تتلمسي المواقف والمشاعر التي تؤثر بابنتك.
(2) لا تعامليها كأنها ند لك، لا تقرني نفسك بها، ولا تشعريها بخصوصيتك عنها في السلوكيات والأخلاق الإنسانية، بل أشعريها دائمًا أنك وهي سواء في الدين والأخلاق والسلوك، ولكن احفظي فارق السن بينكما وطول الخبرة، ودعيها لتعيش عالمها الذي تحبه دون أن تفرضي عليها عالمك.
(3) عندما تجادلك أنصتي لملاحظاتها وردي عليها بحجة وبرهان ومنطقية؛ هذا يجعلها تقتنع أكثر، ولتكن ملاحظتك دائمًا أنك تنتقدين تصرفاتها ولا تنتقدينها هي كشخص، بل أنت مستاءة من التصرف.
(4) في هذه المرحلة، إياك والضرب إلا إذا كان الضرب هو الحل الوحيد، وإلا فإن الضرب له نتائج سلبية، حتى لو اضطررت للضرب فهو الضرب الخفيف المؤدب وليس العنيف الموجع الذي يهين الإنسان ويشعره بكراهية من يضربه.
(5) إذا اشتكت واحدة من أخواتها منها لأي سبب فحاولي أن توضحي لها مبررًا لأختها وأشعريها بوقوفك بجانبها أمامها. ولا تنسي بعد ذلك الإسرار لها بأنها مخطئة ولكنها لا تحب أن تظهر ذلك أمام أخواتها؛ لأن ماما تحبك وتريد أن تكون صورتك إيجابية أمام الجميع.
(6) أتمنى ألا نكون نحن الآباء والأمهات نمارس الشتم في تعاملنا مع الأبناء، فلربما هي تشتم لأننا نشتم، ولربما هي تشتم لأن صديقاتها يشتمن. اعقدي معها اتفاقًا وديًّا على ألا يتفوه أي شخص في البيت بهذه الشتائم؛ لأن هذه الكلمات لا تليق بفتاة جميلة مؤدبة تعيش في بيت مسلم، وليكن التعزيز ديدنك في ذلك، ولتكن قصص الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم حاضرة في البيت، وأكرر وأقول: لا يكون التنبيه على الخطأ وقت حدوثه وإنما الوقاية خير من العلاج، فعلينا أن نغرس في أبنائنا أثناء الجلسات العائلية المفاهيم والسلوكيات الطيبة، حتى إذا ما كان الموقف تصرف الابن وفق ما تعلمه من أبويه.
(7) افتحي بابًا للحوار بينك وبينها، خصصي ساعة من وقتك يوميًا للجلوس معها، إما على شرفة المنزل أو الذهاب إلى منتزه قريب، وكوني قريبة من ابنتك، وانصحيها، حدثيها عن نفسك لتحدثك هي عن نفسها، ومن ينظر الآن إلى حال الأمهات فسيجدهن مشغولات في أعمال البيت أو تكاليف المجتمع ومنصرفات عن الجلوس مع أبنائهن كصديقات ومحبات.
وفقك الله وسدد خطاك.
ــــــــــــــ(102/133)
الأذكار اطمئنان للقلب ... العنوان
نحن نحث أطفالنا على المواظبة على الأذكار صباحا ومساء فالرجاء توضيح الجوانب النفسية التي يشتمل عليها تلك الأذكار والأثر الذي تتركه في النفس عند الاطفال مع رجاء ذكر مثال لدعاء معين والحديث عن اثره وجزاكم الله خيرا ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...الاخت الفاضلة ...
المواظبة على الأذكار عمل رائع عظيم الأثر فى الراشدين والأطفال فذكر الله سبب من اسباب اطمئنان القلب "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب "سورة الرعد 28 ،وعنصر من عناصر تحصيل رضا النفس "فاصبر على ما يقولون و سبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن أناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى "سورة طه 130،وعامل من عوامل بلوغ الهداية "واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى ان يهدنى ربى لأقرب من هذا رشدا "سورة الكهف 24، فهل بعد الإطمئنان والرضى والهداية من مطلب .
وأما بالنسبة للأطفال فقد خصهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكون أول ما يقرع أسماعهم بعد الميلاد هو النداء للصلاة _الأذان _ فى الأذن اليمنى والإقامة فى اليسرى وأن يفتح الوالدان على طفلهما بشهادة التوحيد لتكون "لا إله إلا الله "هى أول ماينطق به لسانه .
وانصح لك ايتها الأخت الكريمة أن تجعلى من وقت الأذكار وفتا ممتعا لولدك بان يأنس لها عقله ويطرب لها قلبه ويتذوقها لسانه بالتركيز على جودة الترديد وجماله اكثر من الحفظ والتلقين ولفت نظره أن يتأمل فى الكون وهو يردد "أصبحنا وأصبح الملك لله "فهذه السماء والأرض والشجر والدواب والبشر كلها ملك لله ومن صنع الله .
أما عن آثار الأذكار (الصباح والمساء أو غيرها فكل موقف يواجهه المسلم له ذكر فى الاغلب) النفسية والمادية فأكثر من أن تحويها هذه الإجابة لأن كل ذكر له أثر وفضل ويمكنك الرجوع إلى كتاب الأذكار للإمام النووى إذا اردت التفصيل و رسالة المأثورات للإمام البنا إذا أردت الإختصار .
وأختم بحديث عن أنس رضي اللّه عنه عن الذكر في مواجهة الأمر الصعب؛
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلاً" قلتُ: الحَزْن بفتح الحاء المهملة وإسكان الزاي: وهو غليظ الأرض وخشنها.
(326) ابن السني (353) وقال الحافظ: إسناده صحيح، أخرجه ابن السني وابن حبّان.
فيتعلم أبنك المثابرة والإستعانة بالله وعدم الإستسلام للصعوبات .
وروى الترمذي عن ابن مسعود ،قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم:" لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
ــــــــــــــ(102/134)
طفلتي وجلسات صديقاتي! ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى الإخوة المشرفين على هذه الصفحة المباركة بإذن الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود منكم أن تقبلوا عرض مشكلتي وأستشيركم في حلها، وكما قيل ما خاب من استشار.
المشكلة تتعلق بابنتي ذات السبع سنوات منذ حوالي أكثر من سنة أصبحت تحب الجلوس معي عندما أكون أتحدث مع صديقاتي، وتستمع لأحاديثنا، وهذا يسبب لي إحراجًا، ويضايقني فآمرها بتركي والذهاب للعب مع إخوتها، ولكن دون فائدة؛ لأنها تعود بعد قليل البعض من صديقاتي، ربما تتحدث من مشكلة حصلت لها، والبعض يكون لها أسلوب ممتع في الحديث حتى في مواضيع عادية.. ماذا أفعل مع ابنتي؟ هل هذه ظاهرة طبيعية أم بداية لسلوك خاطئ؟ أرجو منكم مساعدتي في حلها، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة.. أهلاً بك على صفحتك.
حين قرأت رسالتك وجدت أن أسلم من يفكر فيها طفل مثل ابنتك؛ فعملت بمقولتك -ما خاب من استشار-؛ ولذلك استشرت طفلي الصغير ليشاركني التفكير، فليس هناك أفضل من الأطفال ليشيروا عليك بحلول لمشاكل الأطفال مثلهم؛ وذلك لأن هناك ضرورة حقيقية لأن نرى الموقف بعيونهم؛ ورأيهم..
ببساطة شديدة أن نفهم الاحتياج وراء الطلب أو السلوك..
ولذا علينا فهم سبب حب ابنتك للمكوث معك ومع صديقاتك؛ وهو ما سألت طفلي وما سأطرحه عليك هو رؤية الموقف بعيني طفل: (الرغبة في الصحبة - الإثارة - الملل من الوحدة - الغيرة من الصديقات اللاتي استحوذن على الأم - الرغبة في صحبة الأم نفسها - الرغبة في الاطلاع على عالم الكبار).. وربما كان لدى طفلتك وغيرها أسباب أخرى.
فدعينا نطرح بعض الأسئلة التي تكشف شيئًا من جوانب الموضوع:
- هل يقتصر الأمر على المكوث معك أنت وصديقاتك أم أن هذا يتكرر في جلستك مع الأب أيضًا أو الأقارب؟
- هل مع أشخاص معينين أم أن الرغبة تكون فقط في مكوثها معك أنت بغض النظر عن الشخص الذي يكون بصحبتك؟
- هل هذه الرغبة في المكوث معك تظل موجودة وإن لم يكن هناك صديقات؟
- هل يحدث ذلك كل وقت أم أوقات معينة؟
- ثم ما الذي تفعله أثناء مكوثها معكم: هل تتحدث وتشارككم الحديث؟ هل تستمع فقط؟ هل تناقشك فيما سمعت فيما بعد؟ هل تسأل وتستفسر؟
- هل تفهم كل الحديث؟ أم أنها تستفسر في أثنائه؟ ما أكثر ما يلفت نظرها وانتباهها في حديثكم؛ وتسأل عنه أو تكرره لك؛ أو تناقشه معك؛ أو تنقله في حديثها الخاص مع الأطفال مثلها.
- وما أكثر ما يميز هذه الأحاديث ويجعلها مثيرة ومحببة وجذابة لطفلتك:
موضوعه؛ لهجته؛ طريقة الحديث؛ الجو المحيط بالمجلس؟ هل تتضاحكون؟ هل يكون في جلساتكم شيء يوحي بأنها جلسة للأسرار بما يثير فضولها؟
- هل تجلسين وتشاركين طفلتك أوقاتا كافية في أحاديثها الخاصة؟
- هل لطفلتك أنشطة خاصة؟
أعود لطفلتك وسؤالك المحدد:
رغبة طفلتك في رفقتك وأصدقائك أمر عادي لدى الكثير من الأطفال؛ خاصة أولئك الذين نمت قدراتهم اللغوية؛ وكذلك الاجتماعية فيرغبون في صحبة ومرافقة الكبار لعدة أسباب (كما ذكرنا). على أنه لا بد أيضًا أن يعلم الطفل أن: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، ولكن برفق وبعد أن نكون قد عرفنا فعليًّا احتياج الطفل الحقيقي من هذه الصحبة. وأشبعنا لديه هذا الاحتياج بطرق سليمة وصحيحة. فلا يمكننا أن ننكر على الطفل الصحبة إذا لم نشبعها في أوقات أخرى فنعرفه أن له حقا؛ ولنا أيضًا حق. ويطمئن أنه يحصل على حقوقه ما دامت ممكنة وما دامت سليمة.
الطفلة تحتاج لأن تشعر بأنها تشاركك جزءاً هامًّا من حياتك، وتشعر أن هذا الجزء الهام والمميز والممتع هو الجزء الخاص بجلسة الصديقات؛ تلك الجلسة التي ترى فيها نموذجًا مثيرًا من الحكايات والضحكات والترافق الذي تحلم به في عالمها؛ خاصة إن كانت طفلتك من النوع الاجتماعي.
أي الذي يهتم بنماذج البشر ومراقبتهم ومصاحبتهم، كما أنها تحب أن تشعر أنها إحدى هؤلاء الصديقات المقربات لك، وأنها جزء من عالمك المحبب.
وربما أنها ترى استمتاعك مع هؤلاء الصحبة يفوق بكثير استمتاعك بصحبتها؛ وهي تغار لذلك وتريد أن تكون جزءاً من الصحبة المحببة. وأيضًا لا تريدك أن تنشغلي بغيرها، وأن يشاركها فيك أحد.
ويزيد من ذلك أن تكون الحوارات بينكما قليلة، أو غير مرضية لها، وغير مشبعة لكل ما تريده هي من الحوار والترافق والصحبة، التقدير، المرح والفكاهة، الشعور بأنها جزء من جماعة (الانتماء لجماعة محببة، كذلك تشعر بأنها كبرت وصارت عضوة هامة في جماعة الكبار).
والآن:
1 - رافقي ابنتك في حوارات كثيرة، أشبعيها من صحبتك، وأعلميها بالقول والفعل أنك تحبين هذه الصحبة.
2- يمكنك أن تديري حوارات كثيرة معها تستطلعين من خلالها عالمها الذي تعيشه هي وتراه بعقلها وقلبها. ويمكنك البدء بفتح هذه الحوارات عن طريق استطلاع صور لك في مراحل عمرك المختلفة؛ وفي مناسبات مختلفة. حدثيها عن هذه المناسبات بما تحمله من معنى خاص لك.
3- حدثيها وستعلمين كم أن الأطفال يشعرون ويفهمون ويدركون الكثير مما نتخيل أنهم لا يدركونه. كذلك اسأليها عن رأيها؛ ما تراه؛ كيف تشعر في نفس الموقف؛ لو كانت مكانك كيف كان يمكنها التصرف... تقربي إليها واعلمي ما تفكر وتشعر به.
4- كذلك يمكنك فتح مثل هذا الحوار عن طريق القصص. وعن طريق كتابة المذكرات اليومية معًا. واستمتعا بذلك متعة حقيقية معًا.
5- والأهم أن تقومي بدور "المعلق الرياضي"، أي أن تشرحي كل ما تفعليه؛ لماذا تفعلينه؟ بماذا تشعرين عندما يحدث أي موقف؟ كيف تفكرين به؟ كيف تخططين لإصلاحه؟... املئي حياة ابنتك بكيف ولماذا. فتشعر أنها جزء من عالمك. راعي عمرها بطبيعة الحال وما يسمح به إدراكها العقلي واللغوي، واستمري في ذلك دومًا، وحاولي قدر جهدك.
6- فالأم دورها الأساسي أن تشرح لأطفالها ما تقوم به، ولماذا تقوم به؛ وكيف تقوم به. وهذا الدور ليس فقط دورًا تعليميًّا وتلقينيًّا، بل دور تدريبيّ تقوم به الأم، ويتضمن ذلك المشاعر والأفكار والقيم والآراء. هذا الدور هو الذي يسمح بتمرير قيمنا الخالصة لأطفالنا دون فرضيتها، بل امتصاصها من ثنايا حديثنا الوصفي، فضلاً عن أن هذا الحديث المستمر يلعب دورًا خطيرًا ورائعًا في إحداث التقارب بين عالم الأهل وعالم الطفل ويحقق له الشعور بالأمان لانتمائه لعالم يعرف عنه الكثير.. ويحب فيه الكثير. وهو عالم الأسرة الذي هو عالمه الأول الذي ينطلق منه نحو عالم أرحب وأوسع.
7- ويمكنك بعد ذلك أو ضمنه أن تسألي طفلتك: عن سبب حبها لصحبتك في جلسة الأصدقاء: ساعديها بالأسئلة ووصف ما يحدث: (أراك تحبين كثيرًا جلستي مع...؛ أظنك تحبين...؛ هل تحبين طريقة حديثها..؛ موضوعاتها مثيرة...).
8- ابتعدي عن طريقة الاستجواب.
9- اذكري فقط ما ترينه: (أراك تحبين الجلوس..؛ أظنك تحبين طريقة الحديث؛ موضوعاتها...؛ وربما تملين الجلوس بمفردك..).
10- بعد استماعك بإنصات لها وتفهمك لاحتياجها الحقيقي، وإقرار هذا الاحتياج؛ وأفهمها بتقديرك لهذا الاحتياج؛ ابدئي بذكر ما تشعرين أنت به: "أحيانًا يكون لدي ما أحب أن أقوله لـ(الخالة)...؛ ويكون هذا الأمر غير مناسب لك أن تسمعيه، ولكن هناك بعض الأوقات التي يمكنك فيها البقاء معنا. ومشاركتنا الحديث. ماذا تقترحين من حلول.
11- اسمعي مقترحاتها باحترام، كذلك أضيفي مقترحاتك، ثم في نهاية القائمة؛ اختاروا منها ما يرضيكما أنتما الاثنتان وتتفقان على تنفيذه. واكتبا ذلك، ثم اعملا على تنفيذه فعلاً.
كوني لطيفة، صديقة ودودة، عبري عن مشاعرك بعد الاستماع لمشاعرها باحترام وإنصات، ثم ابدءوا معًا في وضع بعض الحلول.
اتبعي هذه الطريقة مع طفلتك في أي موقف تتعارض فيه رغباتكما، أو تختلفان فيه في المطلب؛ اعملوا معًا كفريق لحل المشكلات. وتكمن كل الحلول في احترام كل فرد من أفراد الفريق للآخر (مشاعره ورغباته وأفكاره)؛ والشعور الحقيقي بأننا نريد أن نصل معًا لحل يرضي كل منا. صدقيني هذه طريقة تحبب الأطفال والكبار في التعاون المخلص الحقيقي.
طبقي طريقة حل المشكلات كمنهج لحياتك مع كل من تحبين، ومن تودين الإبقاء على حبهم. فالاحترام هو وسيلتنا الوحيدة للإبقاء على حب من نحب، بل إنه المولد الأساسي للحب.
امضي قدمًا نحو علاقات مشبعة ومرضية لحل الأطراف. والله المستعان.
ــــــــــــــ(102/135)
اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة ... العنوان
السلام عليكم.. بداية أود أن أوضح إعجابي الشديد بهذا الموقع الأكثر من رائع ما شاء الله، وأود أن أشكر القائمين عليه وأهنئهم على ما يبذلونه من جهد للتغلب على مشاكل التربية التي تواجه الأسرة العربية والإسلامية بارك الله فيهم، وبعد..
أنا والدة لفتاة في الحادية عشرة من العمر، لاحظت أنها كانت تميل للعب مع الصبيان من أولاد الجيران ومن الأقارب منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، وشيئًا فشيئًا أصبحت ترتدي البنطالات والقمصان مثلما يرتديها الصبيان، ثم طلبت مني أن أقص شعرها مثلهم فرفضت، فما كان منها إلا أن قصته بنفسها بطريقة غير مرتبة، فاضطررت إلى الذهاب إلى أحد الصالونات، حيث تم قص شعرها كما تريد، ومنذ يومها أصبحت تقص شعرها على هذا الشكل، ومع مرور الأيام لاحظت أن أسلوبها في الكلام تغير، وأصبح خشنًا كالصبيان كما أنها أصبحت حركية جدًّا بل رياضية، وذلك كي تستطيع مجاراة الصبيان في لعبهم وجريهم بالكرة بخشونة، ومشكلتها تفاقمت أكثر وأكثر فعندما نذهب لشراء الملابس تشتري ملابسها من قسم الصبيان وإذا منعتها من ذلك تصرخ وتهدد، كما أنها تأخذ عطور والدها لترش منها، حتى غدا مظهرها كالصبي، وفي المدرسة تصادق فتيات ضعيفات الشخصية كي تفرض عليهن ما تريد، وإذا لم توافقنها الرأي ضربتهن بضراوة، لكنها بعد هذا تعتذر إليهن وتتودد لهن، فعلى الرغم من خشونتها فإنها كريمة وطيبة القلب وذكية لكنها لا تحب الدراسة، ومسامحة، كما أنها ذات إرادة قوية، فمرة سبقتها فتاة في الجري في حصة التربية البدنية، فلما عادت إلى المنزل أخذت تتدرب بطرقها الخاصة لمدة شهر تقريبًا، حتى استطاعت أن تسبق تلك الفتاة.
إن مشكلتي بدأت تكبر عندما لاحظت أن ابنتي بدأت تظهر عليها أمارات البلوغ منذ زمن قصير، فقبل هذا لم أكن واعية ومهتمة، ولكني الآن شعرت بخطورة الأمر فلا أستطيع منعها من اللعب مع الصبيان مباشرة، ولا يمكنني أن آمرها بالحجاب، فأرجوكم أن تفيدوني في مسألتي، وكيف يمكنني أن أحقق هدفي مستفيدة بما لديها من خصال حسنة في شخصيتها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الدكتور وائل ابو هندي أستاذ مساعد للطب النفسي جامعة الزقازيق – مصر:
الأخت السائلة أهلاً وسهلاً بك، وشكرًا جزيلاً على ثقتك، وإطرائك النبيل لموقعنا وصفحتنا معًا نربي أبناءنا. ما تعاني منه ابنتك هو في الغالب ما نسميه في الطب النفسي باضطراب الهوية الجنسية في الطفولة Gender identity disorder of childhood، وهو اضطراب يبدأ في الظهور عادة في مرحلة الطفولة المبكرة (ودائمًا قبل البلوغ بمدة طويلة)، ويتميز بضيق مستديم وشديد بشأن الجنس الفعلي، مع رغبة (أو إصرار) على الانتماء للجنس الآخر، ويكون هناك انشغال دائم بملابس أو نشاطات الجنس الآخر أو كليهما مع رفض للجنس الفعلي.
والمعتقد على نطاق واسع هو أن هذه الاضطرابات غير شائعة نسبيًّا وإن لم تكن هناك دراسات في بلادنا (على حد علمي) عنيت بهذا الأمر، وتشخيص اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة يقتضي وجود اضطراب في الإحساس الطبيعي بالذكورة أو الأنوثة (بالرغم من عدم وجود أسباب عضوية لذلك)، أما مجرد السلوك الصبياني بين البنات أو السلوك "البناتي" بين الأولاد فليس كافيًا.
والسمة التشخيصية الأساسية هي رغبة عامة ودائمة عند الطفل للتحول إلى الجنس المقابل للجنس الفعلي (أو الإصرار على الانتماء إلى الجنس المقابل)، بالإضافة إلى رفض شديد لسلوك أو صفات أو ملابس الجنس الفعلي أو لهما جميعًا، وتظهر هذه الحالة أول ما تظهر بشكل نموذجي، أثناء سنوات ما قبل المدرسة.
ولاستخدام هذا التشخيص يجب أن تكون الحالة قد أصبحت جلية قبل الدخول في مرحلة البلوغ، وفي الجنسين قد يكون هناك رفض للأجزاء التشريحية الخاصة بالجنس الفعلي، ولكن هذه ظاهرة غير شائعة ولعلها نادرة.
والأطفال المصابون باضطراب الهوية الجنسية ينكرون وبشكل متميز أن هذا الاضطراب يسبب لهم أي إزعاج، وذلك على الرغم من احتمال ضيقهم بالاصطدام مع ما تتوقعه عائلاتهم أو أقرانهم منهم، وبالسخرية أو الرفض الذي قد يتعرضون له.
وما يعرف عن هذه الحالات أكثر في البنين منه في البنات، والنمط النموذجي هو أن يبدأ الأولاد من الذكور منذ سنوات ما قبل المدرسة بالانشغال بأنواع من اللعب والأنشطة الأخرى التي تمارسها الإناث بشكل نمطي ومتكرر، وكثيرًا ما يكون هناك تفضيل لارتداء ملابس الفتيات أو النساء، وقد تكون لديهم رغبة شديدة في المشاركة في ألعاب وهوايات الفتيات، ولعبتهم المفضلة هي غالبًا "العروسة"، كذلك فإن رفاق اللعب المفضلين يكونون عادة من الفتيات، ويبدأ النبذ الاجتماعي عادة أثناء سنوات الدراسة الأولى ويصل إلى ذروته غالبًا في مرحلة الطفولة المتوسطة في شكل سخرية مهينة من الأولاد الآخرين، وقد يقل السلوك الأنثوي كثيرًا أثناء بدايات المراهقة، مثلما قد يقل السلوك الذكوري في البنات أيضًا مع البلوغ.
ولكن قليلاً جدًّا منهم يبدون تحولاً جنسيًّا في الحياة البالغية (ذلك بالرغم من أن أغلب الكبار المصابين بالتحول الجنسي يذكرون أنهم كانوا يعانون من مشكلة في الهوية الجنسية أثناء الطفولة).
وفي عينات مأخوذة من العيادات وجد أن اضطراب الهوية الجنسية أقل معدلاً بين الفتيات عنها بين الفتيان، ولكن ليس معروفًا ما إذا كانت هذه النسبة بين الجنسين تنطبق على المجتمع بشكل عام، وكما هي الحال في الفتيان، تجد بين الفتيات مظاهر مبكرة للانشغال بسلوك يرتبط بشكل نمطي بالجنس المقابل، فالفتيات اللاتي يعانين من هذه الاضطرابات يتخذن رفاقًا من الذكور ويبدين اهتمامًا شديدًا بالرياضة واللعب العنيف، كما أنهن لا يبدين اهتمامًا بالدمى (العرائس)، وباتخاذ الأدوار النسائية في ألعاب الخيال مثل لعبة "الأمهات والآباء" أو لعبة "البيت". والبنات المصابات باضطراب الهوية الجنسية لا يتعرضن عادة لنفس الدرجة من النبذ الاجتماعي مثل الأولاد، بالرغم من أنهن قد يعانين من السخرية في أواخر الطفولة أو المراهقة، وأغلبهن يتخلين عن إصرارهن المبالغ فيه على أنشطة وملابس الذكور عندما يقتربن من المراهقة، ولكن بعضهن يحتفظن بهوية الذكور وقد يتابعن التوجه باشتهاء الجنس المماثل homosexual.
ومن المعروف أن السلوك الذكوري من بنت يقبلُ في مجتمعاتنا أكثر من السلوك الأنثوي من ولد، ولعل هذا هو سبب عدم أخذك الأمر بصورة جدية من وقت مبكر، ونادرًا ما يصاحب اضطراب الهوية الجنسية رفض مستديم للأعضاء التشريحية الخاصة بالجنس الفعلي، ففي الفتيات يأخذ ذلك تأكيدات متكررة على أن لديهن قضيبًا، أو أنه سينمو لهن قضيب، وقد يرفضن التبول وهن جالسات أو قد يؤكدن على رغبتهن في ألا تنمو لهن نهود أو تكون لديهن دورة شهرية.
معنى ذلك أن المشكلة التي تواجهينها مع ابنتك قد تكون أعمق بكثير من مشكلة الحجاب في حد ذاته، فالبنت تحتاج إلى علاج نفسي طويل الأمد، خاصة وأن الاحتمال التشخيصي الذي وضعناه لها يحتاج إلى تأكيد من قبل الطبيب النفسي، وكذلك إلى تحليل ما ستتجه إليه ميولها الجنسية في فترة المراهقة، وذلك كله بعد أن يتم فحص وتحليل للهرمونات وللكروموسومات، وتكون سلامتها مؤكدة من هذه الناحية.
وفقك الله عز وجل وأعانك، ونحن في انتظار موافاتنا بالتطورات الطيبة إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/136)
التحكم في الإخراج.. عندما يسبق الصغير ... العنوان
ابني عمره سنتان يذهب إلى الحمام، لكنه لا يفعل شيئًا ويفعل في الحفاظة، أحيانًا أقوم بضربه وأحيانًا أشجعه على عدم فعل ذلك، ولكن لا نتيجة وأجعله يرى أخاه الأصغر وهو يتبول في الحمام، ولكن هذا لا يأتي بنتيجة أيضًا، ماذا أفعل؟ ... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا عزيزتي أم التوءم.. فكما يبدو أنك حملت بالأخ الثاني لطفلك الأول وهو في الشهر الخامس من عمره.. أعانك الله تعالى وأعانهما على اجتياز هذه المرحلة الدقيقة من مراحل تنشئتهما بكل سلامة.
في الحقيقة.. أنا لا أجد مشكلة في سؤالك، فطفلك الكبير أنس لم يتجاوز العامين، وبالتالي فهو ما زال في مرحلة التدريب التي تتضمن إخفاقات ونجاحات.. ولم يصل لمرحلة التحكم بعد.. فلم تطالبينه باحتراف شيء ما زال يتدرب عليه إلى الآن؟ وما أجده جليًّا هو أن طفلك يعاني الشعور بالغيرة -وهذا طبيعي- من أخيه، فيعاقبك بأن يمسك فضلاته حتى يُخرج في حفاظته بدلاً من تنفيذ رغبتك.. هذا الاحتمال يكون واردًا إن كان الطفل يتعمد إمساك فضلاته حتى يخرجها فيما بعد في الحفاظة.. أما إن كان الأمر خطأ في توقعك لموعد احتياجه للتبرز مما يترتب عليه أنه لا يفعل شيئًا سوى انتظار المجهول -بالنسبة له- الذي لن يأتي الآن، فمن الطبيعي ما يحدث.
وهناك احتمال ثالث وهو أن يكون الطفل يخاف الحمام أو السقوط في المرحاض ويحب استخدام وعاء ذي شكل طفلي بسيط محبب، فقد فهمت من سؤالك أنه يتوجه بنفسه للحمام طالبًا الوعاء، لكنه بعد ذلك لا يفعل شيئًا، فإما لأنه لا يستطيع الوصول في الوقت المناسب أو لأنه يخاف المرحاض الذي تحدثت في سؤالك عن إجادة رضيعك لاستخدامه، وبشكل عام فإن توجه الطفل بنفسه وتنبهه للعلاقة بين رغبته في التبرز -أو حتى تبرزه فعلاً- وبين الحمام أمر محمود جدًّا وخطوة متقدمة -مقارنة بمن في سنه- على طريق التحكم، وهنا يجب أن أقول بكل قوة إن عقابه أو ضربه خطأ فادح قد يتسبب له في إمساك لا يشفى أو مشكلات نفسية أخرى أنت في غنى عنها.. فهو بعد لا يفهم العلاقات بين الفعل ورد الفعل.. لا يفهم أنك تضربينه لأنه تبرز في الحفاظة، بل قد يفهم أنك تضربينه لأنه تبرز وحسب.
كما أنه لا يفهم أنك حين تكونين سعيدة بأخيه لتبرزه في المرحاض بقدر ما يصله أنك تفرقين بينهما فتفرحين بتبرز هذا وتستنكرين تبرز الآخر!!!.. فالمسائل ما زالت غير واضحة بالنسبة له؛ فحتى سن سنتين ونصف لا تزال الشبكة العصبية للطفل غير ناضجة، وأعتقد أنه لا يمكن إنضاجها بالأوامر والنواهي والعقاب.. كما أن لكل طفل موعده في اجتياز كل مرحلة من مراحل النمو والفرق الذي يتجاوز الشهور الستة عن الحد الأقصى لاجتياز هذه المرحلة هو ما يقلق، بمعنى أنه إن كان الحد الأقصى لاحتراف الطفل النطق بمقاطع عشرة مثلاً هو 16 شهرًا مثلا.. فإن وصول الطفل إلى 22 شهرًا دون نطقها يحتاج فورًا لتقصي الحالة وعلاجها، وهكذا "هذا مجرد مثال".. فما بالك بأن الطفل حتى عامين ونصف يكون من الطبيعي عدم تحكمه في البراز والبول يمتد مداه حتى 3 سنوات؟؟ أليس طفلك متقدمًا وما زال في مراحل التطور الطبيعي الذي قد يفسده العنف معه والقسوة عليه وإشعاره بتفوق من يصغره عليه.
أختي الكريمة.. إن طفلك بحاجة لإعادة تدريب وترغيب في التحكم وتعويد وتشجيع، مع الحذر من:
1- مقارنته أو معايرته بأخيه.
2- عقابه أو ضربه أو القسوة معه في التدريب.
3- الضغط عليه أو إشعاره بالتحدي فيما يخص هذه المسألة.
4- الحكم عليه وعلى تقدمه في ضوء إمكانيات أخيه، فأصابع اليد الواحدة مختلفة عن بعضها.. فكيف لا يختلف الإخوة؟؟
5- التعامل معه بيأس أو تأفف أو إظهار امتعاضك منه أو إشعاره أنه متأخر أو "خائب" أو لا فائدة معه كما قلت في سؤالك، كي لا يفت ذلك في عضده ويكسر ثقته بقدرته على التطور والتحسن.. هذا رجاء أرجوه منك بشكل عام في كل شيء يخص طفلك.
6 - جعل تلك الفقرة يوميًّا فقرة كريهة من التعذيب للطفل والتعنيف، بل على العكس يجب أن تكون فقرة ممتعة ينتظرها ويسعد بما يناله فيها من التصفيق واللعب والمرح.
أما برنامج التدريب -الذي أظن أن طفلك لم يأخذ ما يكفيه من الوقت لاعتياده- فتفاصيله تجدينها في:
المهنة السامية تفتح أبوابها للعضوات الجدد
علمي طفلك التبول الإرادي.. بحنان
وداعًا.. أيتها الحفاظات
حسن التربية.. سؤال كل أم جديدة
عزيزتي.. إن طفلك بلا أدنى شك يحتاج لعناية شديدة ومراعاة لمشاعره في التعامل معه.. فهو لم ينل ما يكفيه من الدلال لظروف حملك وولادتك لأخيه؛ ولذا فأرجوك أن تطبقي وبكل دقة المقترحات الموجودة في الرابط التالي:
احموا أبناءكم من الغيرة.
كما أنصحك بحفظها على حاسوبك وقراءتها من وقت لآخر دون الاحتياج للاتصال بالشبكة، وأخيرًا.. فأنا في انتظار موافاتنا بأخبارك وأخبار طفلك وملاحظاتك عليه وعلى استجابته، وأختم حديثي معك بقصة شيقة تمنحك -كما منحتني- الشعور بالعزيمة والهمة العالية على الصعود فوق كل المشكلات.. إذ يحكى أنه وقع حصان أحد المزارعين في بئر مياه عميقة ولكنها جافة، وأجهش الحيوان بالبكاء الشديد من الألم من أثر السقوط واستمر هكذا لعدة ساعات كان المزارع خلالها يبحث الموقف ويفكر كيف سيستعيد الحصان؟ ولم يستغرق الأمر طويلاً كي يُقنع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزًا وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها بأي شكل. وهكذا، نادى المزارع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل مشكلتين في آنٍ واحد: التخلص من البئر الجافة ودفن الحصان.
وبدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر في بادئ الأمر، أدرك الحصان حقيقة ما يجري فأخذ في الصهيل بصوت عال يملؤه الألم وطلب النجدة. وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة، وبعد عدد قليل من الجواريف، نظر المزارع إلى داخل البئر وقد صعق لما رآه، فقد وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره! كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها بدوره على الأرض ويرتفع هو بمقدار خطوة واحدة لأعلى، وهكذا استمر الحال، الكل يلقي الأوساخ إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فيهز ظهره فتسقط على الأرض، ويرتفع خطوة بخطوة إلى أعلى. وبعد الفترة اللازمة لملء البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض، حيث قفز قفزة بسيطة وصل بها إلى سطح الأرض بسلام وأمان.
فهل ستنفضين المشكلات عن ظهرك وترتفعين بذلك خطوة واحدة لأعلى؟
ــــــــــــــ(102/137)
طفلي والأنوثة.. ميل يحتاج ترشيدا ... العنوان
أعاني من تعلق ابني -3 سنوات- الشديد بي وميوله لأمور الفتيات، وحتى الآن في معظم الأوقات لا ينام إلا عندما يمسك مكان الرضاعة، مع أنني أوقفت الرضاعة عندما كان عمره سنة ونصف السنة، وإذا كان معه شيء وأخذته منه يبكي دائما، وإذا شاهد التلفاز وانتهى البرنامج يجلس ويبكي ولا يسكت إلا عندما أضربه ويشتمني، ثم لا يسكت إلا عندما آخذه بحضني.
أنا لا أفرق بينه وبين أخته إطلاقا، بل بالعكس أدلله أكثر، وأدخلته الحضانة، ولأنه لا يحب أن يذهب إليها أذهب به أنا.
هو حنون جدا وعاطفي وكريم، ولكنه على كل شيء يبكي. وهو كلامه حتى الآن قليل؛ فلا أستطيع التعامل معه، وهو يحب الجلوس على الكمبيوتر كثيرا، ويحب مشاهدة الأفلام الأجنبية، وهو كثير الشجار مع أخته. وهو يخاف كثيرا، مع أنني دائما أقول إنك بطل وأشجعه أنا وأبوه. هو نكد جدا جدا، أرجوكم ساعدوني، هو لا يحب الاعتماد على نفسه إطلاقا.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختنا الفاضلة، ومرحبا بأسرتك الكريمة بارك الله لك فيها، وفي الحقيقة لقد وجدت في كل سطر مما أرسلته ذكرا لأكثر من مشكلة تعانين منها مع طفلك.. حتى إنني شعرت أننا بحاجة أولا لتحديد وتقسيم هذه المشكلات حتى يمكننا التعامل معها وتفنيدها وتبسيطها.
إن مشكلتك الأولى هي: في الذاتية الجنسية أو الهوية الجنسية لطفلك Gender Identity، ويقصد بها تعرف الطفل على تمايزه الجنسي عن الجنس الآخر واختلافه.
أما مشكلتك الثانية فهي في ارتباطه بالرضاعة.
والثالثة: البذاءة وعدم احترامك.
الرابعة: الزن والبكاء والنكد.
الخامسة: عدم الاعتماد على النفس.
السادسة: تأخر الكلام وليس النطق.
وبالطبع فإن كل مشكلة في اتجاه، ولكن لحسن الحظ فإن كثيرا من تلك المشكلات تم عرض مقترحات للتعامل معه في أكثر من موضع قبل ذلك؛ فمسألة الهوية الجنسية للطفل في عمر 3 سنوات وارتباكه في التعامل وفقا لها تجدين تفصيلا كافيا للتعامل معها فيما يلي:
الهوية الجنسية عند ابن الثالثة
إن تواجد طفلك معك وأخته –وكلاكما من الإناث- فترة طويلة من اليوم، بل للدقة هو يقضي معكما يومه كله يؤثر على ميوله وتصرفاته وطريقة تعامله؛ فكما قيل "من عاشر قوما 40 يوما صار منهم"، فما بالك وهو معكما منذ وجد على سطح الأرض يرى تمشيطكما لشعركما وارتداء الفساتين ووضع المساحيق والتعطر والتنظيف والطهو والأعمال المنزلية، ولا يرى حوله أي شيء مذكر لا في التصرفات ولا غيرها؟ فماذا عليه إلا أن يحاكي ما يعيش فيه؟
وفي ظل ذلك لا بد من مقترحات تمنع تفاقم المشكلة مستقبلا، ذلك أن أي خلل في توجيه هذه الذاتية الجنسية يترتب عليه مشاكل جمة لا يتنبه الناس إلى خطورتها.. ذلك أن الذاتية الجنسية تتحدد عن طريق التربية والمؤثرات المحيطة بالطفل.. فالجنس البيولوجي للطفل يتحدد على طريق الجينات الوراثية والتركيب التشريحي لأعضائه التناسلية، وطريقة تربيته والتعامل معه؛ وهو ما يجعل ذاتيته تتواءم وتتوافق مع جنسه البيولوجي؛ فينشأ إنسانًا سويًّا يعيش حياة طبيعية، أو تؤدي طريقة تربيته وظروف بيئته إلى تشويش في ذاته الجنسية تتضاد مع جنسه البيولوجي؛ فينشأ إنسانًا شاذًا رافضًا لجنسه الأصلي.
وبعيدا عن التنظير تعالي نضع مقترحات عملية قابلة للتنفيذ:
1- لا بد من إيجاد مجال ذكوري واسع للطفل للتواصل معه؛ بمعنى أنه لا بد من إشراكه في ناد رياضي في لعبة جماعية ككرة القدم أو اليد يكون فيها الفريق من الأطفال الذكور، أو السماح له لو لم يكن النادي متاحًا بالنزول في أوقات محددة للعب مع أطفال الجيران الذكور في فناء البناية مثلا، أو دعوة أبناء الجيران من الذكور للعب معه.. كل ذلك سيجعل الطفل في جو صحي بصورة عامة وفي جو يساعده على نمو ذاته الجنسية في الاتجاه الصحيح.
2- لا بد من التأكيد على استحسان من حوله لكونه ذكرا أو "رجلا" من خلال كلمات المدح والثناء في هذا الاتجاه، مثل: "أنا أحبك لأنك قوي.. لأنك رجل صغير".. "إن يدك قوية لأنك رجل".. "أنت شجاع"... إلخ.
3- لا بد أن يلعب الأب دورا في مصادقة طفلك وإشعاره بالتشابه بينهما في السمات والصفات والشكل (طول الشعر وقصه – لبس البنطلون أو الجلباب – صلاة الجمعة... إلخ).
4- لا بد أن تشتري له لعبًا مختلفة عن أخته مثل البندقية أو الكرة والسيارات والمسدس مع إفهامه أنها لعبة خاصة به؛ لأنه ولد ولا بد أن تكون لعبه بهذا الشكل.
5- لا بد من التأكيد الشفوي من آن لآخر عن طريق الكلام ومفرداته على اختلافه؛ فنحن نؤكد له دائمًا اختلافه كولد ذكر عن أخته، ونرفض أن يستخدم تاء التأنيث في الحديث عن نفسه، ويكون ذلك التأكيد في مجال الحصول على المميزات وليس في مجال الانتقاص.. فلا يقال له: "لا لن تأتي معنا لأنك ولد" بل يقال له: "أنت ولد لذا يمكن أن تذهب مع بابا أما نحن فلا"..."لأنك ولد فأنت يمكن أن تلعب مع أبناء الجيران في الفناء أما أختك فلا...".. "لأنك ولد يا بختك ستلعب كرة القدم في النادي...".
أما عن ارتباطه بمكان الرضاعة فالأمر لا يتعدى كونه وسيلة لجذب النعاس لا تحدث كما قلت إلا في بعض الأوقات، ولكي يمكنك إيقافها عليك تنظيم طقوس النوم لأطفالك بتناول كوب الحليب ثم غسيل الأسنان –مثلا– ثم سماع القصة.. ثم الذهاب للأسرة للنوم.. ومن يفعل ذلك بلا تقصير يأخذ نجمة في سجل الأعمال الحسنة الذي يجب أن يعلق خلف الباب وعليه اسم ابنك واسم ابنتك، لتوضع تحت كل اسم نجمة مع كل تصرف حسن وينالا في نهاية الأسبوع هدية على الحصول على عدد معين من النجمات (كل 10 نجمات لعبة بخمس جنيهات، وكل 20 نجمة لعبة أكبر.. وهكذا)... أما التصرفات السيئة عند النوم فهي تحجب النجوم، وعليك الرفق في منع طفلك تدريجيا من تلك العادة؛ لأنها تكون إحدى "لزمات" النوم.. فأنا أعرف طفلا لا ينام إلا حين يضع إصبعه في فم أمه.. أو من ينام جواره.. وطبعا هي عادة قبيحة اعتادها لاعتياده النوم جوار أحد بالأساس، وتمرينه على تركها يحتاج للصبر والرفق والمثابرة.
أما عن بذاءة طفلك وشتمه لك عند غضبه فهو أمر لا يمكن السكوت عليه، ولا بد من عقابه إما بالحبس في غرفته أو منعه من شيء يحبه.. أو حتى تعذيره بالوقوف في ركن من الحجرة ناظرا للحائط.. المهم أن يشعر أنه فعل فعلة شنعاء بتعديه عليك أو عدم احترامك.. كما يجب امتناعك عن مسألة الضرب.. إذ ثبت لك أنه لا يجدي وأن طفلك يستمر مواصلا مشاغباته رغم ضربك له، ولا يهدأ إلا بالمعاملة الحسنة واحتضانه.. إذن فضربه لا يجدي ولا بد من معاملته برفق يجعل عقابه حدثا مختلفا ولافتا أنه صنع شيئا خطيرا يجب عدم تكراره.. وذلك تفاديا لإصابته بالبلادة واعتياد الإهانة فضلا عن اللامبالاة بالخطأ ولا بأي عقاب فالتربية فطرة وتفاهم وليست ضربا.
كما أن ملاءمة العقاب للسلوك السيئ أمر مهم، كما ينبغي ألا يكون العقاب للطفل تحت نير الاستفزاز أو العصبية.. بل بكل روية وبرغبة في ترسيخ معنى معين، والأهم أن يكون هناك اتفاقيات مسبقة مع الطفل على التصرفات الحسنة وعواقب الإخلال بهذا الاتفاق، وعندما يقع في الخطأ لا بد من تنبيهه أنه يعرض بذلك نفسه للعقاب المتفق عليه.. فإذا أصر فلا بد من عقابه.
ولتفادي تلك البذاءة لا بد من اتباع المقترحات الموجودة فيما يلي من إجابة سابقة:
الأسرة المترابطة تلجم الألسنة الطائشة.
أما بالنسبة لمسألة الزن والبكاء والعدوانية والشجار فستجدين ما يلزم للتعامل معها فيما يلي:
البكاء وسيلة الصغار للابتزاز.
وكون الطفل يخاف.. فالخوف شيء طبيعي بل مطلوب للحفاظ على الحياة، أما أن تقصدي خوفا زائدا مبالغا فيه أو يصل لحد الفوبيا فهذا أمر يحتاج أن توافينا بتفاصيل أكثر، مثل: مم يخاف طفلك؟ ولم تشعرين أن خوفه زائد؟ وهل يصاحب خوفه أعراض جسمانية كمغص أو تعرق أو احمرار؟ وهل يصاحب شعوره بالخوف صراخ أو أي سلوك غير معتاد؟
وعلى كل حال فستجدين تفاصيل مفيدة عن مسألة خوف الأطفال فيما يلي:
دعوا أولادكم يخافون
أما تأخره في الكلام وعدم قدرتك على التفاهم معها فلا أستطيع فهم كيف أنه لا يتكلم جيدا ومع ذلك يشتمك!! ولكن سنعتبر أنك تقصدين الكلام بطلاقة مثلا.. وبالنسبة لذلك فيمكنك الرجوع لما يلي من معالجات سابقة لمسألة تأخر الكلام للتحديد بشكل مبدئي ما إذا كان طفلك يعاني مشكلة تخاطب أم أن تأخره في نطاق الطبيعي.
برنامج تدريبي لدعم التأخر اللغوي
وأخير ا أختي الكريمة أرجو أن أكون قد استطعت الرد على كل ما ورد في سؤالك على اعتبار أنها ليست المرة الأخيرة التي أتلقى فيها متابعاتك.. فأنا -كما اتفقنا- في انتظار موافاتك لنا بتطورات طفلك واستجابته لتطبيقك لما ورد في الإجابة فضلا عن التفاصيل اللازمة لاستيضاح الكثير عن طفلك.. وشكرا لك.
ــــــــــــــ(102/138)
عدم الاعتبار بالأخطاء.. هل يعني الغباء؟ ... العنوان
طفلي3 سنوات يفعل الخطأ وهو يعلم عاقبته، ولكنه يكرره مرارًا وتكرارًا، وكأنه لا يبالي حتى بما تعرض له هو نفسه من ألم جراء هذا الفعل فيما سبق (كاللعب بالكهرباء مثلاً أو غلق الباب على يديه) فيظل يكررها، وكأنه لا يعلم أنها آلمته من قبل، فهل هو غبي أم ما الحل معه؟؟ ... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك يا عزيزتي.. ومرحبًا بأسرتك، وكل عام وأنتم بألف خير، وفي الحقيقة لقد ذكرني سؤالك بوصف النبي صلى الله عليه وسلم لبني آدم بأنهم خطاءون "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، فتكرار الخطأ طبيعة بشرية لا خلاف عليها، ووقوع الإنسان فيما يعلم أن به مشكلة أمر وارد جدًّا، إما لضعف إرادته أو نسيانه أو انخداعه أو محاولته النجاح فيما أخفق فيه من ذي قبل، وهكذا...، وعلى كل حال سنتعرض لكافة احتمالات تكرار طفلك للخطأ وما يلزم للتعامل معه إزاء كل احتمال.
تكرار الخطأ لدى الأطفال يحتمل 3 احتمالات:
1- شقاوة شديدة واندفاع يقللان من شعوره بالخطر أو الاعتبار مما حدث له، وتجعل لديه استعدادًا أن يكرر الخطأ عسى تكون العاقبة هذه المرة مختلفة ويستطيع اكتشاف ما لم يستطع اكتشافه في المرة السابقة.
2- تأخر في مهارات الطفل الذهنية عن عمره الزمني، وبالتالي فقدراته العضلية والحركية تفوق استيعابه الذهني فيعرض نفسه للأخطار دون أن يعتبر من العواقب أو يتوخى الحذر في المرات التالية، ويمكنك كأم تحديد ملامح مبدئية لهذا التأخر إن وجد تتمثل في:
- عدم قدرة طفلك -3 سنوات- على التفاعل مع الحديث الموجه له، أو تفهمه بما يظهر على تعابير وجهه وردود أفعاله واستجابته للأوامر.
- عدم استيعابه لكيفية التعامل مع اللعب، فلا يفرق بين الكرة التي تقذف بالقدم، وبين العروسة التي تحمل، وبين السيارة التي تحرك، والجيتار الذي يخرج أصواتًا، وهكذا... فعدم القدرة على التعامل السليم مع اللعب والمناسب هو إحدى أمارات التأخر في المهارات الذهنية.
- عدم استجابة الطفل للأوامر إطلاقًا أو عدم فهمها.
- وجود مشكلة في تواصله مع الأطفال أو من يصغرونه أو يكبرونه.
3- الاحتمال الأخير هو ضعف في التركيز لدى الطفل.
وعلى كل حال فأنا في انتظار موافاتك لنا بما ترجحينه -من خلال ملاحظتك لطفلك- من هذه الاحتمالات، فضلاً عن نبذة مختصرة عن مراحل تطوره واستجابته لمتطلبات النمو من حبو وتسنين وخلافه وأي ملاحظات لك عن اختلافه عن أقرانه خلال مروره بتلك المراحل؛ لنرشدك بما يلزم بكل دقة للتعامل مع طفلك، فالأمر جد يحتاج لتعامل ممنهج يختلف باختلاف السبب وراء تلك الحالة؛ لذا أرجو ألا يطول انتظاري.
وبشكل عام فلا بد من تقليل الأخطار في محيط تواجد الطفل قدر المستطاع، فلا حواف حادة ولا مكابس مكشوفة والأبواب مربوطة في القطعة الحديدية المخصصة؛ كي لا تفتح ولا تغلق بغير إشرافك ولا قطع معدنية أو خرزات سبحة صغيرة كي لا يحاول بلعها مثلاً، وهكذا...
كما يجب تحذيره قبل الوقوع في الخطأ وليس بعده، فقبل أن يلمس الشيء الخطير حذريه باتزان دون صراخ أو انفعال.. مستخدمة ما تتفقون عليه من تعبير دال على الخطر مثل (أوف) أو (واوا) لتصبح مصطلحا يمنع الطفل من الإقدام على الشيء الخطير، ثم اشرحي له بلغة يفهمها أن هذا الشيء يؤلم ويجب أن نبعد عنه، كما أن هناك لعبة أجمل يمكن أن نلعبها، وهكذا...
كما أن هذا الطفل في حاجة للاحتضان والرفق في المعاملة وتجنب القسوة أو التعنيف، كما أن توجيه الأوامر لا بد أن يكون وفقًا لقواعد إعطاء الأوامر، وستجدينها في الرابط التالي:
قواعد إعطاء الأوامر
وفي النهاية.. لا يسعني إلا التأكيد عليك بضرورة سرعة موافاتنا بما طلبته منك، وأختم بجملة من كتاب "روح الدين الإسلامي" لعفيف طبارة من صفحة 191 عن التوكل وأثره في نجاح كل محاولة؛ إذ يقول الكاتب: "التوكل على الله هو زاد روحي للتغلب على الخوف والقلق وهو الذي يعطي المؤمن بسمة أمام حالك الساعات التي تمر به".. ألم يقل الله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه"؟.
ــــــــــــــ(102/139)
صغيري يهوى والده ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله كل الخير على الجهد الذي تبذلونه في هذا المجال. ربنا يوفقكم ويبارك لكم في ذريتكم. عندي أكثر من تساؤل:
أولا: ابني البكر متعلق بشدة بوالده سواء في المنزل أو خارجه يريد من أبيه أن يؤكله ويشربه ويلعب معه حتى عند تغيير ملابسه لازم أبوه يكون معانا، وذلك طبعا في أوقات تواجد الأب معنا فقط وهي أوقات قليلة نسبيّا؛ نظرا لانشغاله في العمل.. إن ابني لا يريدني أن أحمله وألعب معه، وإذا قال له أبوه اذهب لماما يبكي ويهز رأسه بالرفض، مع أني أحاول أن ألعب معه، وأن أكون هادئة معه، ولكن بصراحة أبوه أكثر مني بكثير في مسايسته الصغار والمرح معهم، فهل هذا يدل على أنه يرفض تعاملي؟ وكيف يمكن أن أجعله ينجذب لي؛ لأن أباه يتعب من تعلقه الشديد به الذي يجعله لا يستطيع أن يقضي شؤونه داخل المنزل.
ثانيا: أريد أن أسأل عن أمر محرج بالنسبة لي هو أن ابني عندما يسمع القرآن الكريم مني يبكي ويغلق المصحف ولا يريدني أن أكمل. كان قبل ذلك لا يفعل هذا الفعل الذي يكون موضع تعليق العديد من الأصدقاء إذا حضروا الموقف. ولكن بدأ معه بعد رمضان، حيث أكرمنا الله في رمضان بأن نقرأ القرآن بعدد صفحات أكثر والحمد لله وكان يبكى ثم يلعب وحده. وبعد رمضان أردت أن أعوضه عن الوقت الذي أخذ منه، فكنت ألعب معه أكثر ومن هذا الوقت وهو يرفض أن أقرأ أنا القرآن أما أي أحد آخر فلا يبدي أي رفض لذلك. كيف يمكن لى أن أجعله يحب قراءة القرآن الكريم؟ ثالثا: متى وكيف يمكن لى أن أعلمه أن يستخدم التواليت في الإخراج جزاكم الله خيرا وآسفة لكثرة الأسئلة.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أختنا الكريمة وجزاك الله خيرا على ثنائك ودعائك عسى لك من الخير مثلما دعوت لنا.. بارك الله فيك، ولعلنا نكون لك عونا وعائلة في غربتك التي نحمد الله إنك تتغلبين عليها بتكوين علاقات وصداقات متعددة كما يبدو من معطيات رسالتك، فالغربة في زماننا لم تَعُد كربة كما كانت توصف، بل إنها فرصة للمعرفة والثقافة وتوسيع أطر العلاقات والصداقات والخبرات والمهارات، ولعل في قصة سيدنا يوسف عليه السلام خير ما يمثل لنا التصرف الصحيح مع كل بيئة جديدة، فقد كان عليه السلام ذا صداقات متعددة وقوية في كل مكان حل به خارج وطنه في مصر وفي السجن ولدى المسئولين، كما كان ذا نصيحة وأهل مشورة وكاتم أسرار كل من يحدثه، ولعل خلقه في غرباته المتوالية خير نموذج لكل من يبعد عن وطنه ليخلق لنفسه وطنا في كل مكان يحل به.
ولأن أسئلتك واضحة ومحددة فستكون إجاباتي مركزة ومحددة أيضا مدعمة بأطروحات سابقة لذات الموضوع في أكثر من موضع سابق، وتعالي نبدأ بسؤالك الأول وهو.. هل ميل طفلك لوالده يعني رفضه لك؟
وقد ساعدتني بالإجابة على السؤال بأكثر من معلومة:
1 - طفلك لا يمكث مع والده يوميّا أكثر من 5 ساعات، وبالتالي فهو في شوق عارم له كل يوم، والذكور بطبيعة الحال يميلون للذكور من الأهل فيحبون اللعب مع الجد أكثر من الجدة والخال أكثر من الخالة والعم أكثر من العمة، وهكذا...، وبالتالي فطفلك مع كل هذا الحب لا يستطيع أن يرى والده لأكثر من 5 ساعات فكيف لا يلتصق به فيها؟
2 - زوجك -ما شاء الله- يتعامل مع الطفل بحنان وذكاء ومداعبة تروق لطفلك الذي تجعل ساعات وجودكما الطويلة معا أمرا غير ممتع بالنسبة له، فأنت من دون شك تخطئين وأنت توجهين أو تعاقبين، وبالتالي فتلك الاحتكاكات اليومية التي لا تخلو من مضايقات لكما تجعل الطفل في شوق للتغيير وخرق هذا النمط بالالتصاق بأبيه الذي يمارس معه الوقت بشكل مختلف، فضلا أن هذا الالتصاق يحقق له نوع من الهروب من الأوامر والنواهي والتوجيهات، وبالتالي فالأمر طبيعي ومبرر، بل وهو وضع متكرر في الكثير من الأطفال الذين لا يجدون في الأب الغائب سوى مدللا وملاعبا ولا يجدون في الأم التي تحاصرهم طول اليوم سوى سياج يحاصر طاقتهم وأحلامهم في العبث والشقاوة ونثر الأشياء... إلخ.
3 - ينبغي على زوجك ألا يظهر لطفلكما تأففه أو ضيقه من التصاقه به، بل يجب أن يشعره بسعادته لذلك، وليحاول أن يدير شئونه في وجود الطفل، أو أن يحاول أن يمنح نفسه فرصة داخل المنزل بدون الطفل من خلال مشاركته طقوس نومه مثلا بعد ساعتين من حضوره للمنزل مثلا -إن كانت الخمس ساعات التي يمكثها معكما متتالية- ويحكي له قصة أو يداعبه قليلا حتى ينام، ويبقى لزوجك ساعتين ونصف تقريبا، ولكن لا تنسيا أن لطفلكما حقا أكثر من الساعات الخمس في وقت الأب يوميّا، وإن كنا نحاول التعامل مع المتاح.
4 - لا بد أن يحاول زوجك اصطحاب الطفل خارج المنزل كثيرا في الصلاة وشراء الحاجيات وغير ذلك لإشعاره بالأمان والصداقة، وأنه يخرج ويعود ولن يخرج بلا عودة إن شاء الله، فربما يكون تعلق الطفل الشديد بأبيه لخوفه من أنه سيفتقده ويفقده في الصباح فيحاول الحفاظ عليه لكيلا يفترقا، وخروج الطفل مع والده يشعره باستمتاع أبيه بصداقته ويؤمنه من الخوف من المجهول خارج باب الشقة الذي ربما -من وجهة نظره- يمنع من يخرجون من العودة.
5 - لا بد أن تكثر نزهات الطفل ورؤيته للأطفال والناس والهواء الطلق والشمس، وذلك بصحبتك أحيانا وبصحبة أسرتكم الصغيرة أحيانا أخرى، ويمكن إرساله لحضانة يوم أو يومين في الأسبوع عددا محدودا من الساعات ليشتاق إليك ويشعر بالتغيير ويستمتع بوقته وتزيد خبراته ومهاراته وقدته على التواصل، ولكن لا بد من الاختيار والانتقاء الصحيح الدقيق لتلك الحضانة لتؤدي كل تلك الأدوار.
أما عن سؤالك الثاني عن كيفية جذب طفلك لك وزيادة علاقتكما حميمية ومتعة لكليكما -دون محاولة أن يكون ذلك لتقليل تعلق الطفل بوالده فهو أمر صحي- فيمكنك مراجعة المقترحات التفصيلية في الموضعين التاليين:
كيف يتعلق بي ولدي؟؟
أيها الآباء.. إنه حقهم في الغيرة
وأخيرا.. فسؤالك عن خوف طفلك من القرآن أو من قراءتك للقرآن أمر يبرره المهابة التي تصاحب آيات القرآن، فالأطفال لديهم حساسية للمسموعات تعبر عن شعورهم العميق والدقيق بها، فتجدين الطفل يتمايل راقصا مع الإيقاع المرح الراقص، ويتباكى أحيانا أو يبكي أو يصرخ مع الأغنية الحماسية القوية أو الموسيقى الحزينة أو آيات القرآن، كل ذلك وهو لم يتجاوز بعد شهره الثالث عشر مثلا.. فهو بسجيته يستطيع التمييز بين تلك المشاعر دون توجيه؛ ولذا فما أنصحك به عند تلاوة القرآن (وهذا ما أفعله مع طفلي؛ لأنه كان يفعل نفس ما يفعله طفلك):
1 - أن تعطي طفلك مصحفا متين الغلاف لا يسهل العبث به يقرأ معك في جلسة مشتركة بينكما تمهدين لها بالضحك واللعب وكأنكما بصدد لعبة ممتعة وممارسة وقت سعيد .
2 - عند البدء بالتلاوة اجعلي على وجهك ابتسامة عريضة بها راحة واطمئنان واستمتاع تنقل له نفس الشعور دون مبالغة تشعره أن الأمر عبث أو هزل، بل إنه أمر ممتع رغم مهابته؛ فالطفل يستلهم انطباعاته عن الأشياء من والديه أولا.
3 - حاولي تشغيل القرآن في المنزل في شرائط الكاسيت مثلا أوقات عديدة يوميّا ليعتاد الطفل الاستماع له، ولكن احرصي أن يكون ذلك بشكل تدريجي، وحين يرفض طفلك لا تسرعي بإطفائه لكيلا يترسخ لديه أن الأمر مخيف فعلا وغير لطيف، بل حاولي أن تلعبي معه مثلاَ أو شغله عن الإطفاء بمرح، ثم إطفاء المسجل لاحقا وتشغيل أغنية أطفال مرحة مثلا، وما اقترحه عليك هو تشغيل شرائط المصحف المعلم للأطفال لأي قارئ وبها أصوات للأطفال، مما يقلل قليلا من شعور طفلك بالخوف أو الحزن من سماع التلاوة المسترسلة.
4 - اجعلي قراءتك للقرآن في وقت لا يريد طفلك فيه النوم أو الطعام أو تغيير ملابسه؛ لكيلا يكون متوترا أو يحتاج منك شيء فيرى أن قراءتك للقرآن تلهيك عن هذا الاحتياج.
5 - لا بد أن يكون لوالده -الأثير لديه- دور في مسألة القرآن.. فيأخذ طفلك في حضنه ممسكا بمصحفه، ثم يقرأ ويبادر طفلك بنظرة باسمة بين كل خمس آيات مثلا، وهكذا...، أو تجتمعون جميعا على موائد قرآنية كل ليلة لمدة لا تتجاوز ربع الساعة مثلا تشعر الطفل بالدفء والحنان تحت مظلة القرآن، وهكذا...
وننتقل لحديث مختلف تماما حتى في رائحته عما سبق من سطور، وهو مسألة التدريب على التحكم وهو أمر وسعناه طرحا على صفحتنا وتجدين مقترحات عدة لتنفيذه بنجاح فيما يلي من إجابات، فقط انقري لمطالعتها ويمكنك حفظها على حاسوبك لمعاودة مطالعتها من حين لآخر:
نجاح التدريب بالترغيب.
وداعا.. أيتها الحفاظات
نعم التربية شاقة.. ولكن
ريحانة البيت في طريقها للتحكم.
وأخيرا.. يا عزيزتي أستودعك الله تعالى على أمل بلقاء قريب ومتابعة قريبة لنا بأخبارك وأخبار طفلك وموافاتنا بنتائج ما طبقته مما اقترناه عليك.. وإلى هذا الحين يحفظك الله.
ــــــــــــــ(102/140)
القط المخيف.. انتكاسة تحتاج للعلاج ... العنوان
السلام عليكم، ابني يبلغ من العمر أربع سنوات شديد الخوف، استشرت الطبيب في حالته فأشار علي بإدخاله روضة أطفال ففعلت؛ ولأنه لا يحب الذهاب إلى الروضة كثيرا أكتفي بإرساله برفقة أخيه الأصغر الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات مرتين في الأسبوع، وأحسست حينها أنه ورغم الكره الشديد لكليهما للروضة فإن حالة ابني الكبير تحسنت نسبيا.
لكن ومنذ أيام تركته في الحديقة بغرض اللعب مع أخيه فرأى قطا فإذا بحالته تنتكس، والآن يخاف حتى من الذهاب لغرفته وحده، استشرت الطبيب مرة ثانية، فقال الأمر طبيعي، لكني كأم أكاد أجن من خوفه المفرط، خاصة أنه يؤثر سلبا على أخيه، وشكرا.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يقول الشاعر متألما لخوف طفله:
ونظرة الخوف في الحلقومِ تخنقني **** تكادُ تقضي على عمري وتنهيني
فعلى الرغم من أن الفطرة السليمة تقتضي الخوف، فإنه من المؤلم حقا رؤية نظرات الخوف في عين الأطفال، وخصوصا إذا تجاوز الخوف الحدود الطبيعية ليتحول إلى الهلع والجزع عند كل سبب من أسباب الخوف؛ فمنهم من يخاف الظلام، ومنهم من يخاف المياه، أو المرتفعات، أو المدرسة، أو حتى الطبيب، ولكل نوع من المخاوف أسبابه ومؤثراته، إلا أن دورنا كمربين هو محاولة القضاء على هذه الأسباب وتمرين الطفل على التعامل معها بسلاسة كيلا يتحول هذا الخوف إلى ما يسمى "فوبيا".
أختي الكريمة، لقد احتجت للإجابة على سؤالك معرفة بعض التفاصيل المهمة، مثل:
مم يخاف الطفل بالتحديد؟ وما سبب مخاوفه؟ وهل تعرض لمواقف معينة سببت له هذه المخاوف؟ ما السبب في الذعر الذي أصابه بسبب القطة؟ هل حاولت خمشه مثلا؟ منذ متى ظهرت عنده أمارات هذا الخوف الشديد؟ وهل ارتبط ظهور أمارات هذا الخوف بأحداث معينة على مستوى الأسرة أو على مستوى الطفل نفسه؟ أين ينام الطفل؟ وهل ينام بسهولة دون فزع أو كوابيس؟ وكيف كان يستجيب للنوم في غرفة مستقلة؟ هل الطبيب الذي تعرضين عليه طفلك طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال أم أنه طبيب أطفال؟ وما هو تشخيصه لحالة طفلك؟
كيف يتم التعامل مع الطفل داخل محيط الأسرة.. هل برفق وحنان أم يغلب على التعامل معه العنف أو القسوة أو الشدة؟ كيف يتعامل هو مع من حوله من الأطفال؟ هل هو اجتماعي ودود أم عدواني أم انطوائي لا يلعب مع أحد؟ هل مستوى استيعاب طفلك لا يختلف عن أقرانه؟ هل مستوى قدراته ومهاراته الذهنية تتفق مع عمره الزمني؟ هل كانت مراحل نموه جسمانيا وحركيا منذ ولادته طبيعية بلا تأخر عن أقرانه أو ملاحظات معينة؟ هل ينطق بشكل سليم؟ ماذا كان تعليق معلمته على استيعابه وإدراكاته وتعاملاته في الحضانة؟
هل يتعامل معك بتعبيرات وجهه ونظرات عينيه بشكل ينقل مشاعره، وأقصد بذلك هل يبدو في عينيه وعلى وجهه الفرح والحزن والتوسل والخوف و... أم أن نظرات عينيه ثابتة لا تتغير؟ هل هناك ملاحظات على تواصله مع المحيطين سواء باللغة المنطوقة أو غير المنطوقة؟
وعلى الرغم من أن سؤالك افتقد بعض التفاصيل المهمة فإني في انتظار موافاتك لنا بها في أقرب فرصة، وسأحاول إرشادك لبعض التوجيهات العامة التي تفيد في حالة طفلك:
أولا: لا بد من توفير جو آمن للطفل تقل به المؤثرات التي تخيفه؛ فالإضاءة كافية -كي لا يخاف الظلام- ولا يوجد حيوانات أو أصوات عالية أو مواقف مفاجئة... وأقصد محاولة إخلاء مكان تواجده قدر المستطاع مما يخيفه.
ثانيا: حذار من تهديده بما يخافه، فمثلا: "إذا لم تأكل فسأحضر لك القطة" كي لا يترسخ عنده الشعور بالخوف من تلك المؤثرات.
ثالثا: يمكن تعريضه بشكل تدريجي لنماذج مصغرة مما يخاف منه ليعلم أن التعامل مع هذه الأشياء آمن ولا يخشى منه فتزول مخاوفه منه تدريجيا... فإن كان يخاف من القطة مثلا فممكن أن تحضري له قطة فرو لعبة.. ثم تلعبي بها أمامه.. ثم تقذفيها لأعلى وتضربيها مثلا وتظهري تحكمك فيها وسطوتك عليها أمام طفليك، ثم يمكنك دعوتهما لمشاركتك اللعب بها وتنظيفها وتحميمها وتمثيل إطعامها... إلخ، وممكن القيام بهذه المواقف على مرات وليس في نفس الموقف كي لا يهرب فزعا؛ فالتدرج أهم شيء لعلاج المخاوف وعدم إجبار الطفل على التعامل مع ما يخاف يشجعه للتعامل. أما زجره وحثه ودفعه للتعامل مع ما يخاف يزيد خوفه وإحجامه عن التعامل مع ما يخاف فتزيد المسألة تعقيدا.
رابعا: لحماية أخيه من التأثر به عليك أن تقومي بما ذكرته في النقطة السابقة مع كل شيء يخيفهما.. فإذا أظهر طفلك الأكبر مثلا خوفه من البحر أو من ماء المسبح... استجيبي لخوفه ولا تجبريه على السباحة واحتضنيه ووفري له اللعب بشكل آخر على الرمال مثلا... ثم حاولي مساعدته في اللعب وأحضري مثلا دلوا به ماء للمساعدة في بناء القلعة.. ومرة اسكبي جزءا من ماء الدلو أو دلكي به قدم الصغير، قائلة: "الماء منعش"، "أريد أن أسبح" دون أن تعرضي على الصغير السباحة، فقط يكفي أنك نقلت له أن الأمر ليس سيئا أو مخيفا، ويمكن أن يسبح الأب ثم يعود فيمدح في جمال الماء... وهكذا دون حث أحد على شيء. فإذا طلب الأصغر من تلقاء ذاته السباحة فبها ونعم وإن لم يطلب فيكفي أنه وصل له أن الأمر ليس قاسيا للدرجة... وهكذا في كل شيء: القطط- الحيوانات – قص الأظافر... إلخ.
خامسا: غالبا ما يخاف الإنسان ما يجهله؛ لذا فإبداء الطفل للخوف من أي شيء لا بد أن تحاولي معه استكشاف هذا الشيء بكل ثقة ليتأكد أنه غير خطير أو غير مؤذٍ... فلو خاف من صوت عالٍ مثلا فاذهبي معه للتأكد أنه صوت المسجل، ثم أديري زر الصوت ليعلو وينخفض، ويعلم الطفل أن الأمر لا مشكلة فيه.. كل ذلك ببسمة عريضة وضحكة تمنحه الشعور بالأمان.
سادسا: لا يجوز أن تضيقي ذرعا بخوف ابنك وقلقه؛ إذ غالبا أنه يعاني ضغطا نفسيا معينا أو أنه له تجارب مؤلمة مع كثير من الأشياء... أو أن لديه اضطرابا معينا (وهو ما سنحاول اكتشافه بردك على أسئلتنا).. ومع كل الاحتمالات هو في حاجة لدعمك ومعونتك لا تضررك وتعاملك معه بتأفف أو استهجان أو تأذٍّ أن تنتقل لأخيه عدواه.
سابعا: لا بد من العمل على رفع ثقة طفلك بنفسه بكل السبل والوسائل، وسأقدم لك مقترحات لذلك تجدينها بالنقر على الروابط التالية، وإن لم يكن لديك وقت للاطلاع عليها الآن فاحفظيها على حاسوبك الخاص لمطالعتها في وقت لاحق ومعاودة قراءتها بين الفينة والأخرى:
سمك السلمون يتعلم فنون الحياة
التخوف الاجتماعي.. مظاهره وعلاجه
تربية طفل مقدام ليس من الأحلام
الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
وأخيرا يا عزيزتي، أستودعك رعاية الله على أمل بلقاء قريب توافينا فيه بما يلزم من تفاصيل تعيننا على الوقوف على منهج دقيق للتعامل مع طفلك حتى يصير له جسارة الأشاوث إن شاء الله.. كل عام وأنتم بألف خير.
ــــــــــــــ(102/141)
تنافس الأبناء.. حيلة طفولية بارعة ... العنوان
لاحظت أن ابنتي 4 سنوات لا تلقي بالاً لما يطلب منها بشدة، ويبدو في ردود أفعالها اللامبالاة وعدم التركيز، وعلى سبيل المثال حين يطلب منها إحضار أي شيء واضح وظاهر تتغيب مدة طويلة قبل أن تعود وتعلن أنها لم تجده، في حين تذهب أختها الصغرى التي تبلغ من العمر عامين وتحضره فورًا، ونحن ننهرها بشدة لهذا الموضوع، ولكن نخشى أن نكون متحاملين عليها؛ فنرجو الإفادة في كيفية التعامل معها والأسباب المحتملة لمثل هذه الحالات، ولكم جزيل الشكر. ... السؤال
الكسل والإهمال والاستهتار ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أخي الكريم ومرحبًا بأسرتك بارك الله لك فيهم جميعًا.. وفي الحقيقة لم أستطع أن أمنع نفسي من الابتسام وأنا أطالع سؤالك أكثر من مرة، فقد رأيت في تفاصيله نموذجًا حيًّا لبراعة الأطفال في استغلال المواقف لكسب رضا الآباء وإزاحة كل العقبات والمنافسين من طريق التربع على عرش قلب الأب أو الأم.
ولأن أطفالنا أذكى مما نتصور، ولأنهم أطفال.. يفوت علينا الربط بين تصرفاتهم وبين ما يعتمل في نفوسهم اعتقادًا أنهم أقل من أن يقصدوا أحيانًا ما يفعلون، ولكنها الحقيقة يا سيدي؛ فالطفل الذي لا يشعر بالسعادة من معاملة والديه يتعمد كثيرًا فعل ما ثبت له بالتجربة أنه يغضبهما أو يحرجهما أمام الناس عقابًا لهما على قسوتهما عليه، وكذلك الطفل الذي يود جذب الانتباه فإنه يفعل ما يشعر أنه مختلف عن فعل من حوله -سواء أكان هذا الاختلاف إيجابيًّا أو سلبيًّا- لينال المدح أو التوبيخ، المهم أن يحظى بالاهتمام، وهكذا...
وكما ظهر لي من سؤالك فإن ابنتك الصغرى تبرع وتبدع في فعل ما تفشل في فعله الطفلة الكبرى لتتفوق عليها وتتقدم في المنزلة لديكما -أنت وأمهما- عليها، فتسعد بتلك المنزلة، وتستخدمها أحيانًا للضغط على أختها أو لإغاظتها أو غير ذلك من أفعال الصغار.
ما أريد قوله هو ألا تظنا أن ابنتكما الكبرى تقل عن أختها في المهارات أو القدرات، فلكل طفل نسيج وحده -ما لم يثبت ذلك-، ولا تظن أن نهركما -أنت والأم- للطفلة بشدة وإحراجها وتعنيفها أمور تقلل من لا مبالاتها، بل إنها تزيد من رغبة أختها في إظهار نقائصها بالتفوق عليها واستعراض قدراتها، وتزيد من شعورها بالضآلة أو باليأس من إرضائكما أو مواكبة ما يسعدكما.. وفي النهاية فالأمر لا يتفق مع مصلحتها.
ويقول دكتور سبوك -عالم التربية الشهير-: "إن الطفل يحتاج إلى التوجيه والتصحيح عندما يخرج عن إطار المألوف، ولكن لا بد أن يتم ذلك بهدوء ودون إشعار للطفل بأنه ارتكب خطأ جسيمًا".
وتعال نعتبر أن تلك المقولة هي النصيحة رقم واحد للتغلب على تكاسل ابنتك أو لا مبالاتها - على حد تعبيرك، أما النصيحة الثانية فهي ما تجده من مقترحات في الاستشارة التالية:
ابنة السادسة حيرتني كيف أعاملها؟
أما النصيحة الثالثة فهي أن تصنع من أسرتك فريقًا، يتكامل أعضاؤه ويعاونون بعضهم البعض لصالح المصلحة المشتركة ولتحقيق هدف معين، ومبادئ العمل في الفريق تتلخص في 4 جمل:
1- كل ميسر لما خُلق له.
2- يد الله مع الجماعة.
3- الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
4- لا تحقرن من المعروف شيئًا.
فجميعنا لديه قدرات يتميز بها عن غيره وأخرى ليس له منها نصيب كالآخرين، والتكامل يجمع كل القدرات في بوتقة واحدة، ويباركها رضا الله تعالى عن التكامل فتكون يده سبحانه مع يد الجماعة، ويكون المعروف من كل فرد له دوره وقيمته بما يجب ألا يحقر أو يستهان به، والاختلاف لا يفرز أي عداء أو زجر تحصل به كراهية أو نفور أو إحجام عن الفريق.
كان هذا موجز فكرتي، أما تطبيقها فسأحاول إيضاحه كما يلي:
أولاً: لا بد من اكتشاف ابنتك وقدراتها، ومجال إبداعها وأسباب عدم تركيزها (التشتت بسبب شيء آخر - ضعف التغذية - انغماسها في شيء غير الذي تطلبانه منها كمشاهدة كارتون مثلاً)، وذلك للوقوف على الأسباب التي ذكرتها، ويمكن ذلك بالحديث معها بهدوء وود (ما أكثر شيء تحبين فعله؟ هل تستمتعين بكذا...؟).
ثانيًا: لا بد من تكليفها بفعل ما تنجح فيه (بعد اكتشاف مكامن قدراتها)، فالحياة أمامها لصدمات الفشل وهي في مرحلة بناء الثقة، ويفضل أن تنظما في جلسات الأسرة الأسبوعية مهام لكل فرد يختارها ويقوم بها بانتظام في الأسبوع التالي -بعد أن يختارها ويطلب فعلها- كل حسب طاقته وقدرته، المهم أن تصل رسالة أننا نتكامل ولسنا نتنافس.
ثالثًا: يمكن متابعة الأداء ومكافأة الجميع في نهاية كل يوم نظرًا لصغر سن الطفلتين ولو حتى بالتصفيق.
رابعًا: لا بد من ممارسة كافة يوميات الأسرة -ما أمكن- في جماعة، من تناول الطعام لمشاهدة التلفاز للعب ولو خمس دقائق ببالونة مثلاً والقراءة وتلاوة الورد اليومي من القرآن والدعاء وتنظيف الحجرات... إلخ.
خامسًا: لا بد من محاولة تنمية قدرات الابنة فيما تعجز عن أدائه بكفاءة بشكل رقيق وحنون وتدريجي، فعندما تخفق في إحضار شيء.. يمكن الذهاب معها لترى أنه أمامها في مكان واضح، وأن الأمر يحتاج للدقة في البحث والنظر جيدًا.. كل هذا في جو من الرفق والحنو، ثم ممارسة لعبة مثلاً يوميًّا يتم فيها إخفاء شيء، ثم منحها وقتًا لإحضاره مقابل هدية، وكل مرة يقل الوقت لتتعلم السرعة مع الإتقان، وهكذا...
سادسًا: جدول الحافز يُعَدّ وسيلة رائعة لتعديل سلوك الأبناء؛ إذ تقوم بصناعة جدول جميل من الورق الملون مع الابنة وتعلقه الأم (فحتى صناعة الجدول تتم في فريق) على الحائط أو خلف باب الحجرة، وبه خانات تخص البنتين وعليها أيام الأسبوع وعناصر معينة نود تطويرهما فيها (النظام - السرعة - الصدق - الحفاظ على الأدوات - الحفاظ على الأذكار - الصلاة - نظافة الفراش...)، مع تعليمهما كيفية اكتساب هذه الصفات، فالنظام هو أن تفعلي كذا وتحرصي على كذا، وتكون أشياؤك في مكانها المخصص ولا تبدئي اللعب بلعبة قبل جمع الأولى في علبتها، والصدق نقصد به كذا... إلخ، ومع النجاح في التحلي بكل صفة تحصل البنت على نجمة، وفي نهاية الأسبوع يحسب عدد النجوم ليحصلا بها على هدية فكل 20 نجمة مثلاً عليها هدية بحدود (5 جنيهات مثلاً)، و30 نجمة تساوي هدية بقيمة أعلى، وهكذا...
سابعًا: لا بد من إيجاد فقرة في الجلسة الأسرية الأسبوعية تحت عنوان "تنمية الذات" أو "حسن نفسك"..، وفيها يقول كل فرد عيبًا يشعر به في نفسه ويريد تحسينه ويعرض مقترحاته لذلك، ويسمع مقترحات الآخرين ليستقر الكلام على خطوات تدون في ورقة يعلقها على باب حجرته أو دولابه، بحيث تكون الرغبة في التغيير نابعة من داخل كل فرد فيجتهد في تحقيقها.
ثامنًا: التقريع واللوم والإهانة والعقاب مفردات يجب أن تلغى من قاموس أسرتك تمامًا، وخصوصًا عند الخطأ، فتقويم الخطأ يكون بتعليم الصحيح وكيفية تفادي الخطأ وليس بإيذاء المشاعر أو الإهانة.
أخي الكريم.. أعتذر للإطالة لكني أردت ألا أقصر في تناول أي جزئية أو مقترح قد يساهم في علاج مشكلة ابنتك وتطوير قدراتها.. وفي انتظار موافاتك لنا بمزيد من الأخبار والمتابعات والاستفسارات، وشكرًا جزيلاً لك.
الخوف.. أحد أسباب التبول الليلي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أتوجه بالشكر الجزيل للقائمين على هذا الموقع وكل المساهمين فيه، وأرجو من الله أن يوفقنا دائمًا إلى ما فيه الخير لتربية أبنائنا التربية الصالحة، وتبليغ هذه الأمانة على أكمل صورة. ابني الأوسط أحمد 3 سنوات حماه الله، طفل ذكي ووسيم وذو شخصية محببة فهو اجتماعي بالطبع ودود، وذو ابتسامة رائعة. محبوب من قبل الجميع، وله إيقاع خاص. حساس وخجول وعصبي قليلاً، لكنه ما يلبث أن يهدأ بسرعة، ويفعل ما يطلب منه بتسامح ورضا.
لم أكن على الإطلاق أشعر معه بوجود مشكلة في هذه الناحية بالذات (التبول ليلاً). فالمشكلة بدأت منذ شهر تقريبًا؛ إذ تفاجأت بأنه بدأ يتبول ليلاً في ملابسه. لم أعر الأمر كبير الاهتمام في البداية؛ إذ ظننته أمرًا عارضًا ربما لأنه كان مريضًا (أنفلونزا) أو بسبب البرد أو الغضب أو الخوف أو ما شابه. لكنني فوجئت بأن الأمر أخذ يتكرر كل ليلة، وما وبخته أبدًا ذات مرة، بل على العكس كنت أشجعه، وأقول له بأنني أفهم أنه أمر لا يقبله وهو خارج عن إرادته فيتجاوب معي، ويقول بأن الأمر لن يتكرر في الغد، لكنه وللأسف يتكرر ثانية لأصاب أنا بخيبة أمل كبيرة. حاولت أن أكون أكثر حزمًا معه كأن أقول له إن أحدًا في البيت لن يكلمه إن فعل أو إنني سأغضب منه أو أمنعه من فعل أشياء يحبها فيقول لي أنا لن أفعل ذلك سامحيني هذه المرة فأسامحه، وأضمه إلي، وأدعو له، ولكن المأساة تتكرر!!
ربما ترون أنني أبالغ إذا قلت إنها مأساة، ولكني كلما تذكرت أنه ما فعلها منذ بلغ عامين من العمر لا ليلاً ولا نهارًا مهما بلغت طول مدة نومه أصاب بالإحباط. حتى إنني أصبحت أضع له الحفاظ في الليل؛ وذلك إشفاقًا عليه من البرد والحالة النفسية التي تنتابه حين ينهض في الصباح ويجد نفسه مبتلاًّ.
في كل يوم يكون الحفاظ مبتلاًّ رغم أنني آخذه إلى الحمام قبل النوم، ويفرغ كل ما لديه ويقول وهو يحتضنني بأنه لن يبلل الحفاظ هذه الليلة، وإن الحفاظ فقط للوقاية من البرد كما أفهمته أنا. عندما بدأ التبول أول مرة كان يشكو من خوفه من الحرامي، لكنني بقيت أقنعه بأن الحرامي غير موجود وبأن الجندي قد أودعه السجن، ولن يعود ثانية فاستوعب القصة، ويقول بأن الجندي قد قتل الحرامي وإنه لن يعود. وحتى أزيل عنه الروع أكثر صرت أنومه إلى جانبي حتى ينسى الخوف تمامًا ويشعر بالأمان والدفء.
حيرتي تزداد يومًا بعد يوم مع هذا الصغير الواعي، ولا أدري لماذا تنتابني الوساوس من أن ما حدث كان فعل عين حاسدة، وكلما تذكرت أن المسألة بدأت بعد أن سألتني إحدى القريبات عنه فقلت إنه نظيف تمامًا والحمد لله، بينما اشتكت هي من صغيرها الذي في مثل سنه وتمنت لو يكون ابنها مثله. ربما أكون قد ذهبت بعيدًا لكن هذا ما حدث بالفعل ثاني ليلة تم فيها ذاك الحوار. مع العلم أن أحمد لم يسمعه ولم يكن موجودًا حينها. أرجو أن تسامحوني على إطالتي، وأن تلتمسوا لي الأعذار إن كنت قد ذهبت بعيدًا بالنسبة للحسد، أما إن شككتم بالأمر مثلي فماذا يمكن أن يكون الحل؟
أرشدوني بالسرعة الممكنة ولكم مني خالص الدعاء بالسداد والمغفرة والجنة. أحيطكم علمًا بأن أحمد يذهب إلى دار حضانة وهو محبوب جدًّا، وتقول المربية بأنه طفل هادئ ومطيع ويتصرف كالكبار، وأنه أيضًا متميز في ذلك عن سائر أقرانه. لقد قمت بإجراء فحوصات مخبرية للصغير فكانت نسبة السكر طبيعية ووجدنا التهابًا متوسطًا في البول، فأعطاه الطبيب المختص العلاج اللازم، لكن الأمر لم يتوقف. لكم مني أصدق الدعوات من أم حائرة وضعت كل الأمل فيكم لترشدوها إلى الطريق الصحيح، ولكم جزيل الشكر والامتنان.
... السؤال
الخوف, التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. وجزاك الله خيرًا على ثنائك الرقيق، ودعائك المخلص بظهر الغيب، وكل عام وأنت وأسرتك بألف خير.
ومما لا شك فيه أن كونك ووالد الطفل من الأطباء يمنحكما وعيًا واهتمامًا ربما يزيد عن غيركما من الآباء بحكم مهنتكما التي تحتاج دقة في الملاحظة وتتبع التفاصيل، ولعل هذا هو السبب في قلقك الواضح والذي أراه زائدًا على صغيرك الودود المحبوب -بارك الله لك فيه-، وسأوضح لك بعد قليل لما اعتبرت هذا القلق زائدًا، لكن قبل ذلك سنحاول معًا تفنيد ما ورد بسؤالك من معطيات للوصول للتصرف السليم:
أولاً: طفلك كان متحكمًا تمامًا من عمر سنتين في التبول ليلاً ونهارًا.
ثانيًا: حدث لطفلك هذا التراجع قريبًا، مصحوبًا بما يدل على مخاوف تعتريه "كالحرامي... إلخ".
ثالثًا: هو ودود ومحبوب ولا يشكو منه أحد.
رابعًا: هو يَعِد كل ليلة بألا يتكرر الأمر، ثم لا يستطيع الوفاء "ويحزن لذلك".
خامسًا: عاد الطفل للنوم في غرفتك.
وتعالي نبدأ من مخاوفك أن يكون الأمر فعل عين حاسدة، وإن كان الحسد لا يمكن أن يكون -من الناحية العلمية- من أسباب الإصابة بالأمراض، لكني شخصيًّا لا أستبعد تسببه في كثير من المشاكل؛ فالحسد قد وردت الاستعاذة منه بشكل واضح في آية كاملة في القرآن مما يدل على خطورته، ولعل ما حدث يترك لديك أثرًا أكيدًا بما يجعلك تتجنبين هذا الموقف مرة أخرى؛ بمعنى أن تحاولي أن يكون كلامك مع الآخرين ممن لديهم ظروفك أو أطفال في مثل سنك -أو أي وجه للتشابه بما سيسمح حتمًا بالمقارنة- كلاما عاما دون تحديد واستعراض مزايا معينة تتميزين بها عن محدثتك، فتقدمين لها النصيحة عن كيفية تعويد الطفل على كذا من واقع محاولاتك أو كيفية تدريبه على شيء أو فطامه.. داعمة كلامك بأن الأمر يحتاج وقتا وتكرارا في الأغلب وصبرا لحصول النتائج.. وما إلى ذلك بعيدا عن استعراض ما حباك الله به أو حبا به أطفالك من مميزات أو تقدم عن أمثالهم وهو ما قد ينتقد من تشكو لك بينما يهبها الله ما لا تشعر بقيمته من مزايا أخرى.. فتثيرين حسدها بلا قصد منها أو لنقل غبطتها –باعتبار أن الحسد هو تمني زوال النعمة، والغبطة هي تمني الحصول على النعمة التي لدى الآخرين- وهو ما قد يؤلمها أو يتسبب لك في مشكلة ما أو يتسبب في تقييمها الخاطئ لطفلها، وتسرعها ونفاد صبرها معه لمقارنته بغيره دون مراعاة الفروق الفردية الطبيعية بين الأطفال، أو غير ذلك مما أنت في غنى عنه، فصاحب المشكلة غالبا يحتاج منك لدعمه والتعاطف معه وإرشاده وليس في حاجة لاستعراض النعم والمزايا التي يفتقدها ليزيد قلقه وحيرته ويثار شعوره بالحرمان ومن ثم الغبطة أو الحسد بلا داعٍ.
وتعالي نعود لتحليل حالة طفلك من الناحية العلمية:
أولا: التبول الليلي حتى 5 سنوات لا يعتبر مشكلة مقلقة، بل إنها تتكرر عند كثير من أطفال هذه المرحلة العمرية، وتبليل الفراش ليلا أمر لا يضبطه الطفل حتى هذا العمر.
ثانيا: كون طفلك يعني التهابات في مجرى البول يبرر بشكل كبير حدوث مثل تلك الحالة من التبول الليلي له.
ثالثا: يجتمع مع الالتهابات شعور الطفل بخوف وقلق يحتاجان للعلاج.
رابعا: ارتداء الحفاظة ليلا إجراء له وجاهته لحماية طفلك من البرد فقط، ولا بد أن يستمر التأكيد على ذلك كي لا يؤثر الأمر سلبا عليه، ولكن لا بد من إجراءات أخرى مع هذه المسألة:
1- أن يتبول الطفل قبيل نومه مباشرة لإفراغ المثانة قدر الإمكان.
2-لا بد أن تحاولي التقليل له من شرب السوائل ليلا أو مدرات البول أو الأطعمة الغنية بالعصارات وخصوصا فيما قبل موعد نومه بحوالي ساعتين - دون تعطيشه أو إظهار حرمانه من الشرب، لكن فقط بالتنظيم تدريجيا- وهذا الإجراء يفيد في تقليل فرص التبول الليلي؛ وهو ما يرفع ثقة الطفل بنفسه، لكنه ليس في حد ذاته علاجا للمسألة.
3-لا بد من تعليق جدول على جدار حجرته أو خلف الباب فيها، بحيث يكون ملونا مزركشا به خانات بعدد أيام الأسبوع، وتقومين فيه بتعليق نجمة ذهبية عن كل يوم يصحو فيه نظيفا -وتجنبي العقاب في حالة البلل تماما- ولا يتم تعليق نجمة إذا لم يكن نظيفا، ومع نهاية الأسبوع تستبدل كل خمسة نجوم بهدية، مع تجنب اللوم أو التقريع أو نظرات العتاب التي تفت في عضد الطفل في حالة لا يملك فيها أمره، ولا يتعمد فيها إغضابك، ويحتاج مؤازرتك وليس مطالبته بما لا يستطيع الوفاء به.. بل تدريبه عليه وإعانته على تحقيقه وتشجيعه على ذلك.
4- إشعار طفلك بالحنان والأمان واحتضانه قبل النوم وعند الاستيقاظ وفي كل وقت أمر هام جدا، أما نومه بجوارك بعدما تعود الاستقلال فهو أمر لا أظنه صائبا، بل إنك إن أردت إشعاره بالأمان فلا مانع أن تنامي أنت لجواره أو معه في غرفته، لكن تراجعه ونكوصه عما اجتازه من مراحل النمو والتطور ليس تصرفا سليما، مع اعتبار أنه لا مانع من تلبية رغبة الأطفال وحتى سن الجامعة من النوم إلى جانب الأب أو الأم عند احتياجهم أو طلبهم لذلك في أوقات ما، ولكن لمرات متناثرة متباعدة لها ظروفها غير المتكررة مثلا دون خرق مستمر ومتعمد لنظام وإداريات اليوم والليلة والممارسات اليومية.
5-لا بد من التأكد من أنه شفي تماما من الالتهاب في مجرى البول، وخصوصا أن تلك الالتهابات غالبا ما تستغرق وقتا في علاجها بشكل كامل وفعال، وبعد انتهاء جرعات العلاج لا بد من التأكد أنه أحدث أثره بمعاودة التحليل وتحديد سبب الالتهاب "فطري – ميكروبي.." والعلاج الفعال للقضاء على هذا السبب.
6- لا بد من عرض الطفل على طبيب نفسي أطفال للحديث معه والوقوف على أسباب خوفه وقلقه وضيقه، دون إشعاره أنه طبيب وأنه يعالجه، بل إن كونكما في حقل العمل الطبي سيتيح لكما فرصة إجراء اللقاء مع الطبيب بترتيب تبدو فيه للطفل الصدفة مثلا كأن تصطحبينه يوما للمستشفى على موعد مع الطبيب فيقابله ويرحب به باعتباره زميلا وصديقا، وتبدأ جلسات الحوار والعلاج بشكل تلقائي وبسيط، هذا مجرد اقتراح يمكنك التفكير في غيره كما يمكن إخبار الطفل أننا بصدد زيارة طبيب لطيف من أصدقائنا للاطمئنان عليك.. وما إلى ذلك فالتصريح له بالأمر لا مشكلة فيه، لكن المشكلة في إشعار الطفل بأنه مريض أو أنه في حاجة للعلاج أو غير ذلك مما يضخم من قلقه، ويؤثر عليه سلبا.
7-لا بد من مصادقة الأب لطفلك بشكل واضح، فالأبناء الذين يعانون من تلك المشكلة يكونون في حاجة للمشاركة الأبوية الفعالة في حياتهم وإشعار الأب لهم بالاعتزاز وعدم الضيق من الابن باعتباره مخيبا للآمال، والصحبة والصداقة مع الطفل ستنفعه حتما على كافة الأصعدة.
خامسا: وهناك حقيقة هامة لا بد من التأكيد عليها وهي أن "النكوص" أو التراجع مسألة طبيعية بالنسبة لكل إنسان يعاني قلقا بل إنه إحدى العمليات اللاشعورية التي يحاول الإنسان بها حماية نفسه من القلق أو عدم الاطمئنان والشعور بالخطر؛ وبالتالي فعلاج الخوف والقلق لدى طفلك يسهم بشكل فعَّال في القضاء على السبب الرئيسي الواضح للمشكلة؛ فالمشكلة ليست التبول الليلي، وإنما المشكلة في خوف الطفل والتبول الليلي هو من آثار هذا الخوف، وبالتالي فعلاج الأثر يكمن في علاج السبب.
عزيزتي.. أرجو ألا تستسلمي للشعور بالقلق –والوسوسة من الحسد– وللحزن والألم بلا فعل ايجابي مؤثر، بل لا بد من ترجمة قلقك لعمل فعَّال يحمي طفلك بسرعة ويقيه من تفاقم المسألة –وإن كان الأمر ليس خطيرا– وما دام ثبت لدى الطفل مشكلات "كالالتهابات – الخوف" فالأمر لا يحتاج الانتظار حتى سن الخامسة كي يزول تلقائيا، بل علاج السبب والعرض على الطبيب النفسي واتباع الخطوات والمقترحات السابقة سيعجل حتما إن شاء الله بانتهاء المشكلة في أقرب فرصة.
لعلي استطعت أن أحقق أملك بتوفير كل ما يلزمك للتغلب على مشكلة طفلك، وعلى أمل بلقاء قريب أستودعك رعاية الله وحفظه موصية إياك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في تحصينه لسبطيه الحسن والحسين يوميا بدعاء "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة"، فتحصين أطفالك بذكر الله سيكون سببا في حفظهم فضلا عن إشعارك بالاطمئنان بدلا من الوسوسة بشأن الحسد.
ــــــــــــــ(102/142)
وزارة الأفراد لتعليم التفكير ... العنوان
سؤالي قد يكون عاما لكنه مهم جدا..
كيف أعلم ابنتي (5 سنوات) التفكير الصحيح، واتخاذ القرار، والاختيار والمفاضلة، والتقييم؟
أنا لا أعرف ما هو التفكير الصحيح.. هل هو ما نقوم به؟ أم أن له معنى آخر؟ ولعل ما أثار ذلك في نفسي حديث الكثيرات عن التعليم بالخارج الذي يركز على مسألة التفكير قبل القراءة أو الكتابة. فأحب أن أعرف ما هو هذا المنهج الذي يعلم التفكير وكيف نربي أبناءنا عليه؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريمة،
شكرا جزيلا على سؤالك الواعي.. خاصة أني ألمح فيه بوادر استعداد حقيقي لنشر هذا الخير والعمل على عمومه، حتى وإن حرمنا منه في مناهجنا المقررة.
وها أنت تثبتين إمكانية الفعل من الأفراد لسد جزء من الفجوات الكثيرة التي في حياتنا. فقد آن الأوان لأن نتحرك كأفراد نحو تحسين جودة الحياة التي نحياها.. نعم هناك بعض الصعوبات التي قد تعترض طريق نشر هذا الخير وتطبيقه، ولكن مما لا شك فيه أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فهيا معا نغير ما بأنفسنا..
وقد تكرمت بالسؤال الذي أنتظره منذ وقت طويل. وأود أن أقسّم استشارتك لمجموعتين من الأسئلة:
المجموعة الأولى:
- هل التفكير يعلّم؟ وكيف نعلم التفكير؟
- وهل هناك مناهج لذلك؟
المجموعة الثانية، وهي مجموعة أهم من الأسئلة:
- كيف يمكننا أن نفعل ذلك رغم أننا محرومون منه في مناهجنا الدراسية؟ وحال التعليم في بلداننا ليس بخاف على أحد. وثقافتنا التربوية تعتمد الصدفة و"التساهيل" منهجا لها.
- وهل يمكننا أن نسد هذه الفجوة لدينا؟ وكيف؟
وأبدأ بالأولى:
يقول جون هولت: "ليس علينا أن نجعل البشر أذكياء، فهم يخلقون كذلك، وكل ما علينا هو التوقف عن ممارسة ما يجعلهم أغبياء" (1982م).
وهناك حاجة للتفريق بين مفهومي التفكير ومهارات التفكير. ذلك أن التفكير عملية كلية نقوم عن طريقها بمعالجة عقلية للمدخلات لتكوين الأفكار أو الحكم عليها. وهي عملية تتضمن: الإدراك، والخبرة السابقة، والمعالجة.
أما مهارات التفكير: فهي عمليات محددة نمارسها ونستخدمها عن قصد في معالجة المعلومات مثل: مهارات تحديد المشكلة، إيجاد الافتراضات غير المذكورة في النص، أو التقييم...الخ
أما تعليم التفكير فيعني: تزويد الأطفال (والكبار) بالفرص الملائمة لممارسة نشاطات التفكير في مستوياتها البسيطة والمعقدة (هي بالترتيب من أسفل لأعلى: المعرفة – الفهم – التطبيق – التحليل – التأليف – النقد) وحفزهم وإثارتهم لممارسة التفكير.
وجدير بالذكر أن هناك أنواعا مختلفة من التفكير، وكل منها له مهاراته التي يمكن تعلمها، مثل التفكير النقدي والتفكير الإبداعي بمهاراتهما المختلفة.
- ومن هذه المهارات (للتفكير النقدي):
• تحديد الهدف: تحديد الاتجاه والوجهة، مع إرشاد للتقدم.
• حل المشكلات: للموقف الذي يتطلب حلا.
• اتخاذ القرار: الاختيار من البدائل.
• الاستنتاج: استخدام الحواس لتعلم شيء بتفاصيله.
• المقارنات: البحث عن المتشابهات والاختلافات.
• التتابعات: -التسلسل - النتائج: ترتيب الأشياء وفق ترتيب محدد.
• التصنيف: عمل مجموعات من الأشياء وفق خواص مشتركة أو علامات محددة.
• إيجاد النماذج: اكتشاف التكرار.
• التنبؤ: تحديد ما سيحدث.
• الاستدلال: استنتاج المعنى من مفاتيحه (مفتاح اللغز)؛ التلميحات؛ الشواهد أو العلامات أو الأدلة.
• إيجاد الأدلة أو الشواهد: البرهان لدعم بيان معطى.
• الفكرة الأساسية: النقطة الرئيسية؛ أو الفكرة المركزية.
• تلخيص: إعادة الصياغة بتبسيط؛ أو الصياغة الملخصة.
• السبب والتأثير: تمييز الأفعال وتأثيراتها.
• الحقيقة والرأي الشخصي: التمييز بين الحقيقة والرأي الشخصي. (الحقيقة يمكن إثباتها أو إنكارها؛ ولكن الرأي الشخصي اعتقاد أو حكم).
• وجهة النظر: تحديد الوجهات المختلفة أو زوايا الرؤية المختلفة.
• اكتشاف التحيزات: إيجاد الرؤية الواحدة، أو نقطة الانحراف في الرؤية.
• تحليل: تقسيم إلى أجزاء لتحديد المعنى.
• التأليف: ابتكار جديد.
• التقييم: التحكيم، وفق محكات محددة أو معايير معينة.
- وهناك بالفعل مناهج لتعليم التفكير في المدارس، وهناك محاولات مستمرة ودءوبة لتعليم التفكير بإحدى طريقتين: تعليم مهارات التفكير، أو استخدام هذه المهارات متضمنة في المناهج الدراسية؛ أي تطبيقها داخل المناهج الدراسية. ولهذا وذاك فوائده العديدة التي لا تحصى. وأكثر هذه المناهج انتشارا منهج كورت لتعليم التفكير؛ وواضع هذا المنهج المشهور هو العالم الفذ "إدوارد دو بونو". وهو أشهر متحمس لتعليم التفكير، وقد جال العالم ناشرا منهجه وأفكاره في تعليم التفكير. وقد وضع عدة إستراتيجيات وخطوات لتعليم التفكير. وهناك مناهج أخرى وضعها أيضا دي بونو، منها: القبعات الست للتفكير.
- وللعلم، فهناك في بقعة من بقاع الأرض أشخاص أيقنوا بأهمية التفكير وتعلمه حتى أفردوا وزارة خاصة للذكاء؛ وهي في حقيقتها وزارة خاصة للارتقاء بمستوى تفكير أفراد الشعب.
وقاد هذه الوزارة مارشاد في فنزويلا، وهو يعتبر بذلك أول وزير للذكاء!.
وأعود لنقطتك الأكثر أهمية: كيف نتدارك ذلك ونطبقه دون أن يكون مدرجا في خططنا التربوية أو التعليمية، وللأسف أيضا الثقافية، الموجهة لأي من الأهل أو الطفل على حد سواء.
البداية بالفرد، والفرد فقط -في حالتنا هذه- هو القادر على المعرفة والتطبيق والتشابك مع غيره ليزيد العاملين في حقل "حفر الصخور". وكلي أمل أن يسفر حفر هذا الصخر عن كنز ثمين؛ المهم أن نتكاتف ونعرف ونطبق وننشر بكل جهد لدينا ما عرفنا؛ وأن يفسح المجال لنشر هذا الخير كأولوية على قمة الأولويات. وهو ما عبر عنه أحد المفكرين اليابانيين حين قال: "تعيش الأمم على ثروات تحت أقدامها؛ أما نحن فنعيش على ثروة فوق أكتافنا تزيد بقدر ما نأخذ منها".
ما رأيك أن تبدأ "وزارتنا" بتعليم التفكير حتى وإن لم يدرج كأولوية لأي جهة من الجهات، ونحن -كأفراد- جهة قوية، ولكن كيف نتكامل؟ وكيف نتكاتف ونؤلف وزارتنا الجديدة؟
سنحدد أولا مهام هذه الوزارة:
1- المعرفة المستمرة لكيفية تنمية تفكيرنا وتفكير أطفالنا.
2- تطبيق ما تعلمناه والبحث عن وسائل لتمكين أطفالنا وأنفسنا من مهارات التفكير.
3- نشر كل ما نتعلمه.
4- نشر كل تطبيق مفيد.
5- ابتكار طرق لنشر هذه المعرفة.
6- البحث في كيفية للتسلل المرحلي لمناطق صنع القرار؛ لتعاون في إدراج التفكير كأولوية على قمة الأولويات في التعليم والثقافة والتربية.
وفي تقديري أن ما يمكننا الآن فعله هو التواصل والتشابك والتكامل من خلال صفحتنا لنعرف وننشر قدر جهدنا هذه المعرفة:
الخطوة الأولى أن نعرف ما هي المهارات التي يجب تعلمها؛ وقد ذكرت بعضها في أكثر من موضوع متفرق: (أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية، موهبة وتميز فض الاشتباك؛ مهارات التفكير النقدي، مهارات حل المشكلات، ...).
الخطوة الثانية: المحاولة للقراءة النشطة وللتحاور مع هذا الذي نقدمه (وهو بسيط متواضع) بالتعليق والسؤال الإضافي والربط بين ما تقرئين وبين ما تنفذين فعلا، سواء ما تنجحين فعلا في تنفيذه أو ما لم تفكري فيه من قبل أو ما تفشلين في تنفيذه؛ كذلك وضع أفكار للتطبيق على مدار اليوم مع الطفل.
وهذا نموذج بسيط للقراءة النشطة:
الموضوع الذي تقرئينه مثلا هو: مستويات التفكير الستة: اسألي نفسك: ما هي؟ (معرفة – فهم – تطبيق – تحليل – تأليف – نقد).
ثم عاودي السؤال: كيف أرقى بمستوى تفكير طفلي؛ وسجلي ما تتوصلين إليه.
مثلا: حين تقرئين قصة فدوني أسماء بعض القصص المناسبة لتُدرجيها على خططك القادمة. ثم اسأليه عن المعلومة في القصة؛ وهذا المستوى من المعرفة هو أول مستوى من مستويات التفكير وأدناها، ولكنه ضروري. ثم أسأليه سؤالا يقيس فهمه؛ ثم حاولي استدعاء ما عرفه وفهمه ليطبقه في موقف حقيقي جديد. ثم حللي الموقف لجزئيات صغيرة لتؤلفي منها شيئا جديدا. ثم حاولي وفق ما عرفنا وفهمنا أن تضعي معايير معينة للحكم على شيء ما...الخ.
الخطوة الثالثة: سجلي دوما كل جديد تحاولينه مع طفلك كنتيجة معرفية جديدة، وطبقي ذلك، وحاولي ابتكار طرق للتطبيق مثل تأليف قصة، ووضع أسئلة لقصة تقيس المستويات المختلفة. وفكري في مواقف يمكن أن تضعي فيها طفلك ليتعلم مهارة جديدة من مهارات التفكير.
الخطوة الرابعة: سجلي معوقات التنفيذ لفكرة ما أو لاقتراح ما. وسجلي إنجازك لتطبيق معرفة جديدة.
الخطوة الخامسة: أرسلي لي -وغيرك بالطبع من القراء- خطوة بخطوة كل ما تتوصلين إليه.
الخطوة السادسة: يمكننا التعليق على ما توصلت أنت وغيرك من القراء إليه والإضافة إليه والتوجيه؛ لمزيد من المعرفة والتباحث في طرق لنشر هذه المعرفة.
كما يمكننا أن نخطط معا لأنشطة إضافية لتعلم كل مهارة من مهارات التفكير، وهو ما لا يسعني دوما عمله داخل الاستشارات والموضوعات؛ وذلك لضيق المساحة المتاحة بعرض كل جزئيات الموضوع.
ولذا يمكننا أن نخرج عن حيز الصفحة لمساحة أرحب وهي مساحة ساحة الحوار حيث يمكننا التفاعل الدائم والتعليق والتكاتف من خلالها لنؤلف بحق بداية لوزارة للتفكير؛ فخبرات القراء كثيرة حقا وتستحق أن يتداولوها فيما بينهم، وهنا مكان جيد لذلك.
وأطرح سؤالا أود أن أسمع إجابات له: هل فعلا يمكننا كأفراد تغيير واقعنا؟
فكروا معنا: كيف.. كيف.. كيف؟؟؟
إلا أني أسجل مبدئيا إجابتي اليقينية هي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وهذا وعد حق. ولذا علينا حقا أن نستعين بالله ولا نعجز.
والله المستعان
ــــــــــــــ(102/143)
طاقة فوق الحدود ... العنوان
طفلتي طاقتها غير عادية.. هي تفوق أي تخيل، وهي ذكية ومتفوقة ولماحة، لكنها لا تستطيع أن تجلس ولو فترة تناولها الطعام، باستمرار تتحرك، وباستمرار لا تقف أو تتوقف إلا وقت النوم، كما أنها لا تكفيها أي نزهات أو رحلات، وقد أرهقني محاولة تصريف طاقتها، ففي حدود حوائط المنزل لا يمكن الحياة معها.. ماذا أفعل؟ ... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي العزيزة.. بارك الله تعالى لك في ابنتك وجعلها من أبناء السعادة في الدارين.. اللهم آمين. أعتقد أن هذه ليست مشكلة، بل لنسميها رغبة في الأفضل. يمكن توجيه نشاط الطفلة بأداء أشياء مفيدة وتعليمية على شكل ألعاب أو رياضة أو رسم أو أي شيء آخر، ويمكنك تنظيم الوقت بحيث يكون هناك نشاط، مثلاً مساعدتك في تنظيف المنزل من الساعة 9 - 11 صباحًا، ثم وقت لمشاهدة برامج تلفزيونية منتقاة ومناسبة لسنها، ثم الذهاب في رحلة صغيرة للتسوق معك، ثم إعطاؤها نشاط رسم أو تلوين أو لعبة معينة أثناء قيامك بإكمال أعمالك المنزلية (يمكن أن تكون تحت نظرك بحيث تكون معك في المطبخ أو أن تمري عليها كل 10 دقائق للتأكد مما تفعله، وسؤالها إذا كانت تحتاج مساعدة أو عصير أو أي شيء آخر)، ثم نوم قصير ثم الغداء عند حضور الأب، ثم نشاط آخر، وهكذا.
وعمل برنامج لعطلة نهاية الأسبوع ويمكن إدخالها في نشاط مشترك مع أطفال آخرين سواء بالروضة أو مع أفراد من العائلة الكبيرة بالتنسيق مع الأمهات الأخريات. كما يمكنك الاستعانة باختصاصي تربية طفل أو اختصاصيين في التعامل مع المتفوقين لمساعدتكم في عمل برنامج ومتابعته بشكل دوري.
أرجو أن تكون هذه الإرشادات اليسيرة مرشدًا لك لكيفية تنظيم الوقت وصرف الطاقة، ويمكنك الاستفادة من عدد من المواقع التي تقدم ألعابًا للأطفال في إعطاء المزيد من الأفكار، ولا تنسي أن توافينا بالتطورات.
حماية القوارير في الغربة (متابعة) ... العنوان
أولاً أريد أن أعرفك بنفسي، إنني صاحبة رسالة حماية القوارير في الغربة ، وإنني سعدت جدًّا لردك الذي قمت به، وسعدت أكثر بنصائحك، وهذا ما شجعني أن أكتب لك.
لقد نصحتني بأن أقوم بسرد القصص الرائعة لعلماء المسلمين والصحابة والأنبياء لابنتي، وأنا عندي بعض هذه القصص، ولكن لا تتناسب مع سن ابنتي، وما أطلبه منك -لو كان بإمكانك- أن تكتبي لي بعض القصص، وخاصة لعلماء المسلمين والصحابة والأنبياء، والتي تكون مناسبة لسنها فهي في العاشرة وأخواتها في السابعة والثانية من العمر، وأريدك أن تعطيني بعض أسماء لكتب تفيدني في تربية بناتي. هذا طبعًا بعد تفضلك بقبول طلبي ولك من الله خير الجزاء، فهذا ما أقدر عليه في غربتي والدال على الخير كفاعله.
إن لزوجي صديقًا سوف يسافر إلى أرضكم الغالية أرض مصر خلال هذا الأسبوع، وإنه سوف يشتري لي تلك الكتب، ولكن ينقصني أسماء الكتب وكاتبيها، وهل بالإمكان الحصول عليها من المكتبات أو أخبريني من أين يمكنني أن أحصل عليها؟
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أدعو لك الله أن يجازيك خير الجزاء، وحتى إن لم تتمكني من مساعدتي في طلبي هذا فإنني لا أعتب عليك؛ لأنني أعلم حجم المسئولية التي عليك، وإنني قد اتخذتك أختا لي في الله في غربتي، وسوف أرسل لك دائمًا لأستشيرك لتعينيني بعد الله ثم زوجي في تربيتي لبناتي. أرجو منك أن تردي عليّ في أقرب فرصة، ودمت في رعاية الله وحفظه.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الكريمة، وجزاك الله خيرًا على ثنائك الرقيق ومشاعرك الطيبة، ولعل رسالتك جاءت في وقت مناسب جدًّا؛ فزيارة صديق أسرتكم ستتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ وهو ما سيتيح الفرصة برحابة وسعة في الاختيار، وتوافر كل ما سأورده لك من عناوين لكتب وقصص؛ إذ يمكن شراء نفس العنوان من أكثر من دار نشر، وهو ما سيوفر جهدًا وبحثًا ويعود بحصاد غزير.
وسأحاول أن أجمع لك فيما يلي عناوين تبحثين عنها في أكثر من دار نشر، وأخرى محددة الإصدار بدار معينة، ونبدأ ببعض الكتب عن دار الكتاب المصري اللبناني، وأرشح لك منها -فيما يرتبط بما تحدثنا عنه- سلسلة تحكي لمحات من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفاحه وجهاده بأسلوب مسرحي سهل التعبير محبب لنفوس الأطفال، وهي سلسلة من 30 كتابًا تحت عنوان: "المسرح الإسلامي للأطفال".
وهناك سلسلتان بعنوان "أطفال أبطال" و"فرسان الإسلام" لنفس دار النشر تناسب سن ابنتيك الكبريين، وتتميز بسهولة أسلوبها وسلامة عباراتها وألوانها التي تبسط للطفل التعامل معها وتعينك في تحقيق ما اتفقنا عليه من تزويد بناتك بتاريخ البطولة الإسلامية، وفيها قصص طفولة البراء بن عازب وأسامة بن زيد وغيرهما، وهي من 10 كتب متسلسلة.
وأخيرًا.. مجموعة "نوابغ الملمين في العلم والمعرفة" وهي مجموعة من 47 كتيبًا يحوي كل منها حوارًا شائقًا مع علامة من علماء المسلمين بأسلوب سهل مع نشاطات تربوية.
أما طفلتك الصغرى والوسطى فتناسبهما سلسلة لطيفة لنفس دار النشر بعنوان:
"أركان الإسلام"، وهي مجموعة من 25 كتابًا تتناول كل ركن من أركان الإسلام بالتفصيل مدعمًا بالقصص والصورة بأسلوب لطيف.
"نباتات جاء ذكرها في القرآن الكريم"، وهي مجموعة من 15 كتيبًا مدعمة بصور جميلة، وفي نهاية كل منها أنشطة تربوية قيمة.
"حيوانات جاء ذكرها في القرآن الكريم"، وهي مجموعة من 25 كتيبًا لطيفًا مع نشاطات تربوية.
حكايات ومفاهيم، وهي مجموعة من 10 قصص تنقل معاني معينة.
كما ستجدين إصدارات إلكترونية (أقراصا مدمجة) تحكي قصصًا من الحديث النبوي من إصدار شركات متنوعة مثل "فيوتشر سوفت"، وهي تحكي قصة جرة الذهب، وقاتل المائة، وغيرهما من القصص النبوي.
أما ما ينفعك من كتب فستجدين كتبًا متنوعة في سلسلة تصدر عن مركز التفكير الإبداعي تحت عنوان "قواعد وفنون التعامل مع الأطفال"، ومن عناوينها:
1- كيف تجعل من طفلك رجلاً فذًّا.
2- سياسات تربوية خاطئة.
3- 20 طريقة للتأثير في نفس الطفل وعقله.
ولعل فرصة المعرض كما قلت آنفًا تكون فرصة طيبة لتوافر اختيارات عديدة ونماذج متنوعة ولطيفة من الكتب في مكان واحد؛ وهو ما يتيح لصديقكم حصد العديد منها.
أشكرك على ثقتك، وجزاك الله خيرًا، ولعلنا بمحاولاتنا تلك نحقق قول الشاعر:
وما دان الفتى بحجى ولكن *** يعوده التدين أقربوه
علاج الغيرة برضعات الحنان.. متابعة 2 ... العنوان
السلام عليكم، سبق أن استشرتكم من قبل في علاج الغيرة برضعات الحنان ، وأود أن أخبركم بالأخبار الجديدة، أحمد الآن على ما يرام مع أخته ويلعب معها، وقد أخذته إلى اختصاصي التخاطب وقد تحدث معه بالإنجليزية وطلب مني التحدث معه بعدد قليل من الإنجليزية بالمنزل، وقد قامت الطبيبة باختباره وأعطتني موعدًا في الشهر القادم، وسوف يستكملون العلاج والاختبارات معه، الآن هو يتحدث بعدد كبير من الكلمات، ولكن لا ينطق الكلمات كاملة، بل أول الحروف في الكلمة فقط.
وقد سبق أن سألتكم عن الصوت الذي يصدره من أسنانه (صرير الأسنان)، وقد لاحظت أنه لا يصدر هذا الصوت إذا أعطيته شيئًا أو جعلته ينظر من النافذة.
أود أن أشكر الدكتورة سحر صلاح والأستاذة دعاء ممدوح، وتمنياتي بمزيد من التقديم، وبارك الله فيكم وفي كل الأعضاء العاملين في الموقع.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة نجوى مرحبًا بك، وجزاك الله خيرًا على شعورك الطيب الذي أبادلك إياه، وأدعو الله عز وجل أن يدوم لوجهه تواصلنا وعساه يجمعنا سبحانه به على كثبان المسك في جنته، ولقد سعدت كثيرًا بمتابعتك لنا بأخبار أحمد الحبيب وتطوره واطمئنان المختصين لحالته. ولأنني سعدت بتلك الأخبار جدًّا فاسمحي لي أن أستكمل حديثي معك بما يسعدك ويطمئنك.
أولاً: عمر طفلك مناسب جدًّا لعدد 10 من المقاطع ذات المعنى بالنسبة له والتي يعبر بها عما يريد، وهذا حسب قول د. سحر صلاح في موضع سابق عن الوضع الطبيعي للنطق لطفل السنتين؛ وذلك باعتبار المقاطع درجة من درجات الكلام والنطق تتطور تدريجيًّا حتى تصل إلى حد المحادثة بشكل كامل وصحيح.
ثانيًا: بالنسبة لضرب طفلك لأخته أكثر من مرة يوميًّا.. فذاك أمر عادي بالنسبة لكونه ذكرًا.. فبعض الأطفال الذكور يحيّون بعضهم بعضًا أو يُحيّون آباءهم وأقرباءهم وأحبتهم بالضرب والركل والملاكمة أحيانًا.. وطفلي -في عمر طفلك تقريبًا- رغم كونه الأصغر فإنه يحيّي جده ووالده وأخته الكبرى ومن يحبهم بالضرب واللكمات، بل وينتظر منهم الشكر والتصفيق على عواطفه الجياشة!!!
وبالتالي فعنف طفلك مع أخته يبرره كونه ذكرًا، ويرفع عنه شبهة الغيرة أو المشاعر السلبية كون طفلك يلعب مع أخته ويحبها ويستمتع بوقته معها، لكن وصيتي لك أن تحاولي منعه من إيذائها دون إشعاره بخوفك عليها أو محاولة حمايتها منه.. وذلك بما يلي:
1- التواجد قربهما ما أمكن عند اللعب للتدخل الحكيم عند الحاجة.
2- عندما يبدأ طفلك في الغضب أو الاستفزاز ليؤذي أخته عليك أن تداعبيه أنت بلطف ممتصة لانفعاله بأن تحمليه مثلاً وتتشقلبا معًا على الأرض مثلاً.. أو أن تمثلي أنك تضربينه مثلاً قائلة "طاخ طوخ" "آي.. لن تغلبني"، وهكذا... فتشغلينه عن انفعاله ثم تحلي المشكلة بهدوء، فلو كان انفعاله على لعبة يريدها أو شيء من هذا القبيل يمكن حل الموضوع بهدوء ودون انفعال وتلبية ما يرضيه أو حل ما يضايقه، والمحصلة أن يصرف انفعاله وتحمى الصغيرة من أي تصرف غير مسئول كعضة مؤلمة أو خبطة مؤذية أو جرح أو غير ذلك.
3 - حاولي أن تكون وقت نومها أو وقت عدم قدرتها على الدفاع عن نفسها بعيدة عن متناول يديه "في غرفة مغلقة + سرير عال... إلخ"، كما يجب أن تجتهدي باستمرار في إفهام أحمد أن (البيبي) صغيرة وأنها تحبه، وأنها تحب اللعب معه لاستجلاب حنانه واستدرار شفقته عليها.
4 - أفضل أن تحاولي منح طفلك فرصة ممارسة نشاط رياضي أو لعبة حركية تصرف جزءا من طاقته وتمتعه وتهدئ من انفعالاته نسبيًّا داخل المنزل، ولا شك أن إمكانية ممارسة الرياضة في الهواء الطلق (أيروبكس) أمر سهل في مكان إقامتك في حديقة المنزل مثلاً، والأمر يمكنك أن تمارسيه مع طفلك بنفسك.. كل ما تحتاجينه شريط به إيقاع منتظم لممارسة الحركات وفقًا له أو يمكن اللعب وفقًا للأرقام دون الحاجة للإيقاع، وذلك في الهواء وتحت شعاع الشمس وهو ما يكون له أعظم الأثر في سعادة طفلك وانبساط أساريره طوال يومه.
ثالثًا: مسألة صرير الأسنان لا تقلقي إن شاء الله ما دام يمكن إلهاؤه عنه، ويمكن لطفلك التحكم فيه، وإن كنت أميل لما نصحت به الدكتورة سحر من ضرورة عرض الأمر على طبيب نفسي أطفال بحيث يفحص الطفل وجهًا لوجه ويمكنه تحديد أسباب وعلاج تلك المسألة، وكما أوردت الدكتورة سحر في الرد السابق أن الأمر قد يكون لا يتعدى التعبير عن الغضب والانفعال والغيظ ما دام إراديًّا وغير مصحوب بلعاب أو تشنجات أو شيء من هذا القبيل، لكن لا مانع من مزيد من الدقة في تحري وتشخيص الحالة على يد متخصص.
وأخيرًا.. فكما يبدو من كلامك أن هناك شيئًا من العصبية تتسم به شخصية طفلك؛ ولذا فسأحاول أن أجمل لك بعض الموضوعات السابقة التي تناولت عصبية الأطفال وكيفية التعامل معها، وذلك فيما يلي:
التعامل مع الغاضبين الصغار
عصبية أطفالنا.. لماذا؟
العصبية.. لكل داء دواء
ولدي وأعاصير الغضب.
وإلى أن أتلقى متابعتك التالية التي تبشرينا فيها بنتائج فحص القدرات السمعية لطفلك وما آلت إليه الأمور بعد فحصه.. لك مني أطيب الأمنيات وأخلص الدعوات بقرة عين لا تنقطع.
فصل المنام.. متى وكيف؟ ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم، الإخوة والأخوات القائمون على موقع الاستشارات التربوية حفظكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتوجه إليكم بجزيل الشكر على هذا الموقع وما تبذلونه خلاله من جهد مشكور أسأل المولى -جل وعز- أن يجعله في موازين حسناتكم؛ فقد استفدت من مشورتكم فيما سبق في اجتياز المشكلات التي كانت تواجهني مع طفلي. والفضل لله أولاً ثم لجهودكم المباركة وآرائكم السديدة.
وسؤالي الآن هو بشأن طفلي الأكبر عبد الرحمن والبالغ من العمر الآن 3 سنوات و8 أشهر وأخيه الرضيع البالغ من العمر 5 أشهر.
وسؤالي هو: ما السن المناسبة لفصلهما في غرفة نوم مستقلة (حيث ينامان الآن معي أنا ووالدهما في نفس الغرفة)؟ وهل من المناسب فصل الطفل الأكبر دون الأصغر أم أن ذلك سيشعره بالوحشة والإحساس بأنه منبوذ نظرًا لإخراجه وترك أخيه؟ وما النصائح والإرشادات التي تنصحونني بها إزاء هذا الأمر؟ علمًا بأنه ليس لدي خادمة، وقد ألحقت الطفل الأكبر بالروضة بناء على مشورتكم السابقة. حفظكم الله ورعاكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول الأستاذة هبة صابر من فريق الاستشارات:
أختي السائلة، بارك الله لك في ابنيك وشكرًا لك على متابعةصفحتنا وعلى ثقتك بنا، ونرجو من الله تعالى أن نكون عند حسن الظن وتقديم ما يفيدك في تربيتهما.
أختي الكريمة، سبق أن تكلمنا في استشارات سابقة عن موضوع فصل المنام وسنحاول أن نورد لك ما جاء فيها ويفيدك إن شاء الله، بداية أريد أن أؤكد على ما قالته د. ليلى أحمد إحدى مستشارات الصفحة في إحدى استشاراتها ، حيث أبرزت وجهة نظر د. سبوك أحد علماء النفس الغربيين في أنه "يجب على الطفل أن يتعود على النوم بمفرده بعيدًا عن والدته، وفي غرفة مستقلة طالما أنه يمكن للأم أن تسمع صراخه. أما إذا بدأ حياته بالنوم في غرفة أمه، فيفضل نقله منها عندما يبلغ الشهر السادس من عمره، شرط أن يكون مخدع الأم قريبًا لتلبية ندائه عند اللزوم. أما إذا استمر في النوم في حجرة والدته بعد أن يتجاوز الشهر السادس، فسوف يزيد تعلقه بوالدته، ويرفض النوم في أي مكان آخر، ويتولَّد لديه شعور مستمر بالخوف والتردد".
وأكدت د. ليلى على أن هذا الرأي قد يكون صحيحًا، وإن كانت تعتقد عدم صلاحيته في حالة الطفل البكر؛ لأن عاطفة الأم تجاه أبنائها ضرورة لنمو الطفل النفسي السليم.
ويرى الدكتور عمرو أبو خليل أحد مستشاري الصفحة أن انفصال الطفل عن أمه ونومه في مكان مستقل أو غرفة منفصلة.. هو حدث وتطور طبيعي في حياة الطفل لا بد أن يحدث إما عاجلاً أو آجلاً، وهو يعتبر نوعًا من الفطام النفسي للطفل بعد فطامه من الرضاعة، وهو إحدى الخطوات المهمة في بداية إحساس الطفل بذاته واستقلاليته ككائن منفرد، ولكن يجب ألا يكون الأمر مفاجأة، فقد يبدأ بنوم الطفل في سرير مستقل بنفس غرفة والديه، ثم يحدث أن ينتقل الطفل إلى غرفته في سريره المستقل، ولكن تظل والدته بجانبه حتى ينام ثم تترك الغرفة، وفي مرحلة تالية تحكي له قصة أو حدوتة لتهيئته للنوم، ثم تتركه وهو يستعد للنوم، وهكذا...، حتى يتعود ذلك، وتكون هذه الخطوات متدرجة وهادئة، وعلى مدى زمني قد يصل لعدة أشهر.
أما الدكتورة إيمان السيد إحدى مستشارات الصفحة أيضًا فقد أوضحت رأيًا آخر، حيث أوضحت تعدد الدراسات في مسألة السن المناسبة لفصل المنام، ولكن تبقى قاعدة ثابتة تحكم هذا الأمر، وهي أنه متى احتاج الطفل للنوم في حضن أمه أو والديه لقلق ينتابه أو لمرض أصابه أو لمشهد مخيف رآه، فإن له كل الحق في هذا، وذلك في كل سن، ومن الخطأ إشعاره بأنه قد حرم عليه هذا الحضن وهذا الجوار مهما كانت الظروف، كذلك يجب عدم التغيير المفاجئ لوضع اعتاده الطفل بدون إعداد وتدريج؛ إذ قد يؤدي هذا الأمر إلى ما يسمى بقلق الانفصال Separation Anxiety.
وأوردت الدكتورة إيمان الخطوات العملية التي يمكن بها إجراء عملية الفصل، والتي تتلخص في:
1- لا بد من تخصيص حجرة لطيفة للطفل جذَّابة له بألوانها الجميلة واللعب التي تملؤها، ولا بد من قربها من حجرة الأم.
2- يجب أن يتم الفصل بشكل تدريجي، بمعنى أن تزيد عدد الساعات تدريجيًّا، أو أن تنتقلي أنت إلى غرفته، وتبدأ ساعات تواجدك معه في التناقص يومًا بعد يوم حتى يقضي الليل وحده بعد فترة؛ نظرًا لكونه ما زال رضيعًا والرضيع لا يمكن أن يمتنع عن الرضاعة أكثر من 7 ساعات على أقصى تقدير ما لم يقل عن ذلك.
3- لا بد من توفير إضاءة مناسبة أثناء الليل، والانتقال إليه من وقت لآخر أثناء الليل للاطمئنان عليه.
4 - لا بد من وضع شيء ناعم آمن ليحتضنه، ولكن مع مراعاة ألا يكون مما يمكن أن يسبب له الاختناق لا قدر الله أو يضايقه في تنفسه.
5 - بقيت نقطة مهمة وهي تنظيم رضعاته ووجباته لينتظم نومه، ولعلَّ هذا هو سؤالك الأساسي الذي تسألين بخصوصه، ولكي يمكنك التدرج في إلغاء رضعات الليل لا بد أن يتم استبدال تدريجي بهذه الرضعات رضعات للمشروبات المخصصة للأطفال كالأعشاب وغيرها، بشرط أن تكون رضعات اليوم مشبعة بالنسبة للطفل وبالطريقة الصحيحة التي تضمن استقرار صحته ووزنه، ولعل سن طفلك مناسبة لبداية تناوله للغذاء مع الرضاعة، مثل: الزبادي، والسيريلاك، وشربة الخضار والفواكه المسلوقة المهروسة.
وللبدء في تغذيته فإنك تستبدلين وجبة برضعة من رضعات اليوم المقسمة بواقع رضعة كل 3 - 4 ساعات، أي حوالي 6 - 8 رضعات، وتتزايد كمية الطعام وعدد الوجبات المقدمة للطفل تدريجيًّا حتى نصل لسن الفطام، ولتكن الوجبة التي تبدئين بها في ميعاد الرضعة التي تسبق موعد النوم بحيث ينام في شبع بعد أن تساعديه على إخراج الغازات بالتجشؤ، ولا شك أنه إذا احتاج الرضاعة بالليل فإنك ستقدمينها له بالتبادل مع رضعات الأعشاب، وهكذا...
ولا شك أن احتياجه للرضاعة بالليل لا بد له من تواجدك معه في حجرته أو العكس حتى يبدأ عدد ساعات نومكما معًا في النقص تدريجيًّا، وحتى يستطيع قضاء الليل كله وحده بعد اختفاء رضعات الليل وانتظام مواعيد نومه واستيقاظه، لكن لا تنسي أنه لن يستغني عن الرضاعة أكثر من 7 ساعات متصلة، ولا تغفلي احتياجه للماء ليلاً.
6- لا بد من متابعة وزن الطفل وصحته؛ لاستدراك أي أمر أثَّر سلبًا عليه في نظامه الجديد.
أختي الفاضلة.. نتمنى متابعتنا بأخبارك وابنيك بارك الله لك فيهما.
ــــــــــــــ(102/144)
بنك التفاهم إيداع لصداقة جارية ... العنوان
كيف أصادق ابنتي (6 سنوات)؟ وكيف تتوطد بيننا العلاقة وكيف أجعلها صريحة معي؟
الأهم من هذا أيضا: كيف أوجهها دون أن أشعرها بالكبت.. فأنا أسمع من عمتها أنها في حوارها معها تعبر عن آمال كثيرة تتمنى أن تحدث وتجدني عقبة في طريق تحقيقها مع أني لا أمنعها منها (مثل أن تضع ماكياجا) أو أن ترقص أو غير ذلك وهذا لا أمنعها منه، لكن أوجهها لشروطه، ومن الواضح أنها تطيعني رياء أو خوفا. فكيف أقضي على تلك المشكلة؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة سلام الله عليك ورحمته وبركاته،
قبل أن أبدأ في الرد على استشارتك أود أن أشكرك على اهتمامك بقضية توطيد العلاقة بينك وبين ابنتك وهذه القضية هي من أهم القضايا التربوية التي يجب الالتفات إليها إن لم تكن أهمها على الإطلاق وذلك لأنها حجر الأساس للعملية التربوية من وجهة نظري.
حينما بدأت في الاطلاع على رسالتك قرأتها قبل أن أنظر إلى البيانات وظننت أنك تتحدثين عن فتاة لا يقل عمرها عن 12 عاما، ولكن فوجئت بأن طفلتك ما زال عمرها 6 سنوات. وهذا بالتحديد سر سعادتي فكم هو رائع أن تبحث الأم عن الوسائل والطرق التي تتقرب بها إلى ابنتها وتحاول فهمها وفهم مشاعرها وطموحاتها في وقت مبكر من عمر طفلتها حتى إذا بلغت مبلغ الأنوثة -وهي السن الحرجة التي تكون الابنة في أمس الحاجة إلى تفهم الأم وسعة صدرها وأفقها أيضا- كانت العلاقة بينهما على أفضل حال.
والآن تعالي لنستعرض معا كيف نصل إلى هذا الهدف النبيل السامي بخطوات عملية أستعيرها من "ستيفن كوفي" في كتابه الشهير (العادات السبع للناس الأكثر فاعلية)؛ فقد ذكر أنه إذا أردنا إقامة مثل هذه العلاقة الطيبة مع الآخرين فلابد أن نكوّن رصيدا كبيرا في بنك الأحاسيس.
وبنك الأحاسيس استعارة مجازية تصف مقدار الثقة التي تنشأ خلال علاقة ما، إنه الشعور بالأمان مع الآخر؛ فإذا قمنا بوضع إيداعات من الود والكياسة والحفاظ على الالتزامات تجاه من نرغب في إقامة علاقة وطيدة معه فإن رصيدنا في بنك أحاسيسه سيرتفع بل ويزيد ويصبح لدينا احتياطي يسمح باتساع الصدر وتحمل كل منا للآخر، ولكن ليحذر كل من الطرفين أن يسحب من هذا الرصيد تباعا استنادا على قوة العلاقة أو بحكم "العشم" كما نقول نحن المصريين.
والآن تعالي سيدتي لتضعي في بنك أحاسيس ابنتك ذلك الرصيد الضخم الذي يؤدي إلى تلك العلاقة الوطيدة عن طريق 6 إيداعات عظيمة كما وصفها "كوفي"، وهي:
1. فهم الفرد: لا بد من السعي بصدق لفهم ابنتك، ولا يكون ذلك عن طريق الإلحاح عليها أو ملاحقتها باستمرار؛ لتبث إليك ما يختلج في صدرها، ولكن الأمر يحتاج إلى ملاحظتها وملاحظة ما تحب وما تكره، ما تقدم على فعله وما لا تقدم عليه، قدراتها، إبداعاتها، مهاراتها.. كل هذه أشياء يمكن اكتشافها من الملاحظة والسؤال عنها في المدرسة، وكيف تتعامل مع صديقاتها وزميلاتها بالفصل من خلال ملاحظة مدرسيها، وتفاعلها مع الآخرين من خلال ملاحظتها مع المعارف والأقارب، ومن الحوار البسيط الهادئ الودود الدافئ بينكما.
كل هذا يجعلك تعرفينها وتعرفين اهتماماتها؛ فاهتمي بما تهتم به، وتحدثا سويا عن هذه الاهتمامات بصدق، ولا يكون الغرض من هذا الحديث هو استدراجها حتى تبوح لك ببعض أسرارها؛ فإذا بك تحولين هذا الحوار الدافئ الصريح إلى وعظ وإرشاد وتوجيهات، بل دعيها تتكلم دون أن تحجري على أفكارها.
2. الأشياء الصغيرة: يقول "كوفي": "الأشياء الصغيرة في العلاقات هي عينها الأشياء الكبيرة"، ولتوضيح معنى ما يقصده كوفي سأضرب لك مثلا.. إذا فوجئت يوما بأن زوجك عاد من عمله ذات مساء وحمل إليك باقة من الزهور الجميلة أو وردة واحدة دون أن تكون هناك مناسبة لذلك، وقدمها لك مع كلمات رقيقة؛ فماذا يكون شعورك عندئذ مع هذه الوردة وهذه الكلمات؟ بلا شك هذه الأشياء التي تبدو صغيرة قد أضافت في رصيده عندك الكثير والكثير، وهذا هو نفس الشيء مع ابنتك، فإذا صحبتِها معك في نزهة، وتناولتما معا مشروبا أو أكلتما "أيس كريم" مثلا، ولم تقصدي من ذلك إلا إدخال السعادة على قلبها.. فإن هذا سيزيد من رصيدك عندها زيادة عظيمة.
3. الحفاظ على الوعود: إن مرة واحدة من عدم الوفاء بالوعد مع الأبناء كفيلة لأن تسحب رصيدا ضخما من بنك الأحاسيس؛ لذا احرصي سيدتي على ألا تعدي ابنتك بشيء إلا إذا كنت على يقين –إن شاء الله– بإنجازه والوفاء به.
4. توضيح وتفسير التوقعات:
تكمن أغلب الصعوبات في العلاقات في التوقعات الغامضة والمتنازعة حول الأدوار؛ فتحديد من يقوم بفعل شيء ما، وكيف نتحاور مع أبنائنا، ومتى نطلب منهم إنجاز بعض الأعمال أو المساعدة في شيء ما.. كل هذا إن لم يكن واضحا غير غامض عند جميع الأطراف التي تُبنى بينها علاقات وطيدة؛ فإن ذلك يؤدي إلى الإحباط وسوء فهم للآخر.
ومثال ذلك إن توقعت من ابنتك مثلا أن تقوم بترتيب حجرتها ومساعدتك في ترتيب المنزل أو في شراء بعض الأغراض ولم تفعل؛ فإن ذلك يؤدي بك إلى التعامل معها على أنها ابنة غير بارة أو لا تقدر ما تتحملين من أجلها. وكذلك الأبناء عندما يتوقعون شيئا ما من آبائهم مثل التفهم لمشاعرهم ورغباتهم والسماح بقدر من الاستقلالية ثم لا يحدث هذا.. فإنهم يصابون بخيبة أمل وإحباط شديدين.
ولذا عليك أولا أن تنتهجي هذا النهج من توضيح توقعاتك منها والدور المنوط بها وكيفية الأداء، ومن ثم تتخذك قدوة، وبالتالي تعتاد أن تصارحك بتوقعاتها منك؛ فيفهم كل منكما الآخر حدود دوره، وما الذي ينبغي عليه فعله وكيف.
5. النزاهة الشخصية (القدوة الصالحة): فإذا تعاملنا مع أبنائنا وأهل بيتنا بقيم ومثل ومبادئ مثل الأمانة والصدق والوفاء بالوعد والمساواة والعدل والالتزام والإيثار و ... ولكننا نتعامل بمبادئ مغايرة مع الآخرين فسوف يشعر الأبناء بازدواجية المعايير وتسقط مصداقيتنا عندهم ولن يشعروا بالأمان، بل قد يصل الأمر إلى الازدراء والنفور منا.
6. الاعتذار بصدق عندما نقوم بعملية سحب من الرصيد:
عندما نقوم بسحب من رصيد الأحاسيس فلا بد أن نعتذر بصدق، والإيداعات الكبيرة تأتي مع الكلمات الصادقة مثل: إنني كنت مخطئة، أو لم يكن ذلك لطيفا مني أن أحرجك أمام أصدقائك، أو كان خطأ كبيرا مني أن أعرضك لهذا الموقف..
ولكن أرجو ألا تكثري من الاعتذارات؛ فإن كثرة الاعتذرات تفسر بأنها غير صادقة، فضلا عن ضياع المكانة والتقدير والتوقير اللازمين للعلاقة بين الأبناء وآبائهم.
وأخيرا سيدتي فأنا واثقة من أنك ستصلين إلى ما تبغين -إن شاء الله- من علاقة وطيدة حميمة مع ابنتك، وأنك ستبذلين في سبيل ذلك جهدا وصبرا ودعاء، وستستمتعين بثمرة ذلك في القريب حينما تشب ابنتك وتصل لمرحلة الشباب ولا تجد أقرب منك لتحادثه وتستشيره.
جعلها الله وأخاها قرة عين لك ولأبيهما في الدنيا والآخرة، كما أرجو المتابعة معنا لمزيد من الاستفادة والتقارب.:
ــــــــــــــ(102/145)
طفل الرابعة يجلس مع الخادمة ... العنوان
ملاحظة: الابن (4 سنوات) ينظر إلى المناطق الجنسية بشكل ملفت للنظر، وكذلك ضربه للخادمة على المناطق الحساسة، وفي نفس الوقت حبه للجلوس معها بشكل كبير. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... على ما في السؤال من اختصار، لكنه يحمل من الدلالة على كم التشويش الحاصل في أذهان كثير من الآباء فيما يتعلق بنمو الأطفال من الناحية الجنسية، وتفسير ما يقومون به من سلوكيات نصِفها نحن بالممارسات جعلتنا نحول أطفالنا الأبرياء إلى كائنات جنسية.. بحيث نفسر كل تصرفاتهم العفوية بشكل جنسي ورغم تكرارنا أن الأطفال وخاصة أطفال الرابعة لا يمكن أن يكون لديهم أي مشاعر جنسية أو إدراك جنسي للأمور.. فإن كثيرًا من الآباء والأمهات ما زالوا يتعاملون مع الأمر بمنطق الكبار بحيث يفسرون تصرفات أطفالهم وكأنهم يتعاملون مع مراهقين قد تعدوا سن البلوغ.
إن الطفل في هذه السن يلاحظ مناطقه الجنسية كنوع من الاستكشاف أو الفضول، فهو يستكشف أجزاء جسمه المختلفة ويزداد تعرفه عليها كلما تقدم به السن، ولكن الذي يثير اهتمامنا هو نظره إلى مناطقه الجنسية أو حتى مناطق غيره.. إنه قد يطيل النظر إلى أمه وأبيه وهما يخلعان ملابسهما أمامه ليس لأنه يشتهيهما أو لديه رغبة جنسية، ولكنه لأنه يرى أجزاء من جسديهما خافية عليه، ولم يتعود على رؤيتها عندما يخلعان ملابسهما.. ينظر بفضول واهتمام لهذه الأجزاء الجديدة التي لم يرها أو رآها مرات قليلة هكذا ببساطة.
أما ضربه للخادمة في المناطق الحساسة فهو لا يتعدى أنه يلعب معها ويضربها في أجزاء مختلفة من جسدها، ولكن الهاجس الجنسي في عقولنا يجعلنا نقف عند ضربه لمناطقها الحساسة من أجل أن نكمل به الصورة التي نريد أن نضع فيها هذا الطفل الشبق جنسيًّا.. وإلا ما كنا لنعلق على حب طفل الرابعة للجلوس مع الخادمة التي تقوم برعايته وخدمته في غياب الوالدة عنه، حيث يقضي معها معظم الوقت، وتقوم بمعظم احتياجاته، فيكون الطبيعي هو أن يحب الجلوس لمن تمنحه الرعاية والاهتمام والذي يفسره بحبها له، وبالتالي فهو يبادلها هذا الحب ولكنه أيضًا حب بريء.
ولو اهتمت به أمه كما تهتم الخادمة وجلست معه الوقت الذي تجلسه معه الخادمة لأحب الجلوس معها وفضلها عن الخادمة.. ليس لطفل الرابعة أي تطلعات جنسية أو رغبات شهوانية، ولكن الهاجس في عقولنا ونفوسنا.
إن الأمر يدعو إلى تكرار الدعوة للفهم، والممارسة الواعية في المساحات التالية:
أولاً - فهم هذا النوع من السلوكيات وكيفية التعامل معها:
الدلالات الجنسية..هل يعرفها الأطفال؟
الميل الجنسي عند طفل السابعة...حقيقة أم هم؟
!!هل هناك إثارة جنسية عند الأطفال؟
ثانيًا- عودة إلى بذل الجهد في بناء علاقتنا مع أبنائنا:
الصداقة مع أبنائنا.. كيف؟
مصاحبة الأبناء..متى، كيف و لماذا؟؟
ثالثًا- حماية أبنائنا من أي خطر يتهددهم:
التحرش.. الوقاية بدلاً من الاستجواب
كيف أحمي أبنائي؟!! مخاوف أًم
الوقاية من التحرش خير من العلاج
عفريت التحرش.. الخوف بالاستعداد
قاموس التحرش الجنسي بالأطفال
كيف تحمي ابنك من التحرشات الجنسية
ــــــــــــــ(102/146)
التلفزيون.. علاج الإدمان بالنشاط ... العنوان
ابنتي تبلغ من العمر 9 سنوات وهي أكبر أولادي تعشق التليفزيون، وهي على استعداد أن تجلس أمامه 24 ساعة مع أني أشغل وقتها بحفظ القرآن والدراسة والمذاكرة، لكنها تستيقظ من النوم وتجري لتمسك بـ"الريموت" وتدور فيه.. إيه تتفرج عليه؟! تفعل ما أطلبه منها -بعد إلحاح- بأسرع ما يمكن بدون تركيز حتى تعود له ثانية، وتجلس أمامه في انتباه وتركيز شديد لدرجة أنها لا تشعر بما يحدث حولها تترك اللعب مع صديقاتها والجلوس في أحضاننا من أجل التليفزيون. أنا طبعًا أمنعها من مشاهدة الأفلام والمسلسلات فهي لا تشاهد سوى الكرتون، أنا خائفة عليها جدًّا وأريد أن أخلعها من التليفزيون دون أن أؤثر على نفسيتها؟ لكن لا أدري ماذا أفعل؟ أرجو أن تفيدوني، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أطفالنا والتكنولوجيا ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في دراسة أمريكية صدرت في سلسلة كتاب عالم المعرفة تحت عنوان "إدمان التلفزيون" تحدثت المؤلفتان عما أحدثه التلفزيون من تغييرات في حياة البشر وعرضوا لكمية هائلة من الأبحاث التي تؤكد إثارة السلبية والتي لخصوها في مصطلح "الإدمان"، وفي النهاية عرضوا لكيفية التخلص من هذا الإدمان والتي لخصوه أيضًا في العودة إلى الأنشطة التي كنا نمارسها قبل أن يقتحم التلفزيون حياتنا بحيث يصبح التلفزيون جزءاً من حياتنا بصورة عامة وحياة أطفالنا بصورة خاصة؛ لأن الأطفال هم أكثر من ينجذب لهذا الجهاز السحري والأكثر عرضة لإدمانه.
وقد كان لي تجربة ناجحة مع أولادي كانت الترجمة العملية لما قدمه أصحاب الكتاب من حل.. مع دخول القنوات الفضائية كنت قلقًا بشأن إدمان أولادي للتلفزيون وهم بالمناسبة تتراوح أعمارهم بين التاسعة والسابعة والرابعة من العمر.. كان الصيف هو الذي يمثل التحدي الحقيقي في مواجهة التلفزيون وسحره، حيث كانت الدراسة تسمح بالتحكم في الأمر من خلال السماح بوقت محدد للمشاهدة؛ لإفساح الوقت لاستكمال الواجبات الدراسية، وكان واضحًا أنهم ينتظرون الصيف على أحر من الجمر من أن يجلسوا أمام التلفزيون بالساعات الطويلة لإشباع رغبتهم في الاستمتاع بما يقدمه التلفزيون من أشكال وألوان مختلفة للمتعة البصرية والسمعية التي تهمشهم وتأخذ بعقولهم.
جلست مع الأم وطرحنا السؤال: لماذا يجلس الأطفال الساعات الطويلة أمام التلفزيون حتى يصل الأمر لدرجة الإدمان؟ وكانت الإجابة البسيطة هو لأننا لا نقدم لهم بدائل أخرى لشغل أوقاتهم بصورة مفيدة ومثيرة تجعلهم يستغنون عن التلفزيون أو في أقل القليل يكون جزءاً من منظومة الترفيه لديهم وليس كل المنظومة، بصورة عملية اشتركنا لكل طفل في نشاطين رياضيين.. نشاط في مدرسته والآخر في النادي حسب ما يرغب ويحب..
فاشترك الطفل الأكبر في لعبة الكاراتيه، والمتوسط في لعبة كرة القدم واشتركا سويًّا في السباحة، وكان نصيب الصغرى تدريبًا مكثفًا في الجمباز لمدة أربعة أيام في الأسبوع، ثم كانت المشاركة في نشاط فريق المسرح المدرسي الذين أخرج مواهبهم المفاجئة في التمثيل والغناء، والأهم من ذلك الانخراط في عمل جماعي مع أطفال من أعمار مختلفة للقيام بعمل أو أعمال فنية تحتاج إلى جهد ودأب في التدريب عليها من أجل إتقانها، ثم كانت حلقة حفظ القرآن والتجويد يومًا بعد يوم لمدة ساعتين، ثم الاشتراك في المكتبة المدرسية وتشجيعهم على القراءة بشراء المجلات المناسبة لسنهم وحثهم على ذلك، ثم خروج حر إلى النادي أو المنتزه أو شاطئ البحر في يوم إجازتي؛ لتكون المحصلة في نهاية الإجازة الصيفية.
إن الأطفال قد فقدوا الاهتمام بالتلفزيون.. إنهم لا يكادون يجدون وقتًا لتضييعه أمام التلفزيون.. لقد كان يومهم يبدأ في الثامنة صباحًا وينتهي في الثامنة مساء ليكون الاستغناء عن التلفزيون هو أقل الفوائد؛ لأن ما اكتسبوه من فوائد في شخصياتهم ونفسياتهم كان عظيمًا، فالاعتماد على النفس، والاستقلالية، والحيوية، والنشاط، والتعاون، والقدرة على العمل في فريق، بل وروح الألفة بيننا وبينهم، حيث جو اللعب والمرح والانطلاق كان يسمح بوجود مساحات للتفاعل بيننا وبينهم جعلت التفاهم والألفة هي شعار العلاقة بيننا بحيث أصبح الحديث عن تقنين العلاقة بين الأطفال وبين التلفزيون حديثًا لا يحتاج إلى مجهود.
فهناك ما يمكننا مشاهدته وهناك ما نرفض مشاهدته، وهناك أوقات أخرى نحن منشغلون فيها بما هو أهم، وأصبح هناك نظام لكل شيء؛ لأنه أصبح ضيفًا في حياتهم وليس شيئًا أساسيًّا لا يستطيعون الاستغناء عنه.. لا بد أن نوجد لأطفالنا المجالات التي تستوعب طاقتهم ونشاطهم وخيالهم قبل أن نشكو من إدمانهم للتلفزيون.
ــــــــــــــ(102/147)
رحم الله الطفل الأكول ... العنوان
مشكلتي أن ابني (3 سنوات) يحب الأكل فهو لا يستطيع مقاومة أي طعام يقدم له، سواء كنا في البيت أو عند أحد الأهل أو الأصدقاء، فغالبًا لا يكون جائعًا؛ لأننا نحرص على إطعامه قبل خروجنا للزيارة لكي لا يضعنا في موقف محرج أمام الناس، ومع ذلك فإنه وما أن تمد السفرة يكون ابني أول الجالسين عليها سواء من الصبيان أو من الكبار، ومع كل الحرص على تعليمه آداب الطعام في كل زمان ومكان إلا أننا لا نلمس أي تحسن سواء في طريقة الأكل أو إقباله عليه، حتى في وقت فراغه إذا لم نقم بإشغاله بما ينفع (تجده يتوجه فورًا إلى المطبخ ويأخذ ما يريد إذا نسينا بابه مفتوحًا).
باختصار أنا لا أريد أن أقول إنه شره، ولا أحب وصفه بهذه الطريقة، ولكن تصرفه المخجل والمحرج يجعلنا نصفه أمامكم هكذا. ويجدر بي أن أذكر أن ذلك منذ أن كان رضيعًا، وكنا نأمل أنه عندما يكبر ويتعلم سيفهم سوء هذا التصرف. وأخيرًا أرجو إفادتي في كيفية التصرف معه أنا ووالدته، خاصة أن أخاه يقلده ويتبعه وبدأ يتصرف مثله.
... السؤال
السمات الشخصية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل.. أبو محمد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأنا أتابع سؤالكم قبل أن أرسله إلى الدكتور عمرو ليجيب عليه، تذكرت النملة والفيل (آسفة) هذه ليست حكاية خيالية وإنما حكاية واقعية، فذلك المشهد الكوميدي الذي يتكرر في بيت صديقة لي، حيث إن لها من الأبناء أربعة اثنان في غاية النحافة والاثنان الآخران ما شاء الله عليهما، وكلما جلسوا على المائدة تجدها وكأنها تقول التسليم الأخير في الصلاة فتكرر نفس الرسالتين ذات اليمين وذات الشمال (حبيبتي كلي.. يا حبيبي بطل أكل)، ومن يسمعها لا يسعه إلا الدعاء لها أن يرحمها الله مما تعانيه.
تأملت في هذا المشهد وتساءلت أليس من الأفضل أن يكون الطفل جيد الشهية عن أن يكون ضعيفها؟ فالأول يريح أهله؛ إذ يحمل هم نفسه.. المحررة.
وأتركك مع رد الدكتور عمرو أبو خليل، حيث يقول:
هل يمكن أن نصف طفلاً في الثالثة من عمره بالشراهة لمجرد أنه يكون أول الجالسين إلى مائدة الطعام، أو أنه يتوجه إلى المطبخ ليأكل ما يحب.. وهل يستحق أن يوصف تصرفه بالمخجل والمحرج؟ إن شكوى معظم الأمهات والآباء تكون من امتناع أطفالهم عن الطعام، ومن المعاناة التي يلاقونها معهم من أجل إقناعهم بالطعام، فهل إذا ما حبانا الله بطفل شهيته مفتوحة ويأكل من دون معاناة يكون نصيبه منا أن نصفه بالشراهة، خاصة وأنك لم تذكر أي أعراض للبدانة أو زيادة في الوزن، أو أي أعراض مرضية مصاحبة لهذه الشهية المفتوحة.
وإذا كان ما يحرجك هو تقدم طفلك الصغير بحيث تجلسه بجوارك ومعك.. لا يصلح التوجيه العام لآداب الطعام لطفل الثالثة.. إن التوجيه العملي المباشر هو الذي يستوعبه طفل الثالثة.. نعم عليكم إغلاق المطبخ في غير مواعيد الطعام بحيث يكون ذلك هو التوجيه العملي لمسألة أن للطعام مواعيد وأوقات، وإذا ما احتاج لطعام في غير ذلك فلنقدر الموقف، وهل هو في احتياج للطعام؛ لأنه لم يكمل وجبته الرئيسية أو لأنه بذل مجهودًا زائدًا أو لأنه يحتاج لشيء يحبه.
عليك بالتوجيه العملي الطبيعي؛ لأنه لا يصلح عمل نظام غذائي لطفل الثالثة وهو في مرحلة النمو.. إن النظام يكون في نوعية ما يقدم له بحيث يكون متوازنًا ولا يطغى فيه عنصر على آخر بحيث يوفي كل احتياجاته.. الخلاصة أنه طالما لا توجد مشكلة بدانة أو مشكلة مرضية مصاحبة لشهية طفلكم المفتوحة فلا توجد مشكلة. والتوجيه لآداب الطعام يكون توجيهًا عمليًّا وليس توجيهًا عامًّا؛ لأنه لا يستوعبه في هذه السن، وانظروا للأمر كنعمة وليس كأمر يحتاج للخجل والحرج، وهو في الحقيقة كذلك إن أحسنتم التصرف والتوجيه.
ــــــــــــــ(102/148)
لماذا خلق الله الأشرار؟ ... العنوان
أود أن أشكركم أولا على تميز موقعكم إسلاميًّا وعربيًّا.. مما قرأت لكم أن الأطفال فلاسفة، وهذا يتجلى لي يوميًّا مع ابني -ما شاء الله- وأسئلته الذكية التي أطلب منه ألا يكررها ريثما أبحث عن إجابة تفيده ولا تضره. أرجو إفادتنا جميعًا بالطريقة السليمة للإجابة، وما هو الجواب المناسب لسؤاله المتكرر "ليش الله خلق الأشرار؟"، ولسؤال "مين خلق الله؟ وكيف شكل الله؟"، وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. الأخت الكريمة، حيّاك الله وبارك لك في ولدك.
بداية أحب أن أشير إلى أهمية إلقاء الأسئلة بالنسبة إلى الأطفال وأهمية الرد عليها.
لماذا يكثر الطفل من التساؤلات في هذه المرحلة؟
- رغبة الطفل في الاستطلاع والاكتشاف.
- حاجة الطفل إلى الفهم.
- خوف الطفل من بعض الظواهر.
- حاجة الطفل إلى المشاركة وتأكيد الذات.
- الرغبة في تقليد الكبار.
- نمو القدرة اللغوية.
وقد سئل أحد علماء الفيزياء بعد حصوله على جائزة نوبل: لماذا اختار أن يكون فيزيائيًّا؟
وكان رده: أن أمه هي التي صنعت منه عالمًا فيزيائيًّا دون أن تقصد. فالسؤال الذي كانت تسأله له أمه عقب عودته من المدرسة كل يوم ليس السؤال المعتاد الذي تسأله كل أم لطفلها، وهو: ماذا تعلمت في المدرسة اليوم؟ ولكنها كانت تسأله: ما هي الأسئلة الجيدة التي سألتها اليوم في المدرسة؟
أهمية الرد على تساؤلات الطفل:
- تحقيق التوازن النفسي لدى الطفل.
- زيادة القدرة على التفكير وفهم الآخرين واحترام الذات.
- مساعدة الطفل في التعرف على القيم والعادات.
وهناك 7 مستويات للإجابة على تساؤلات الطفل أوردتها في استشارة بعنوان: "أين الله؟" يمكنك مشكورة الرجوع إليها، وأكتفي هنا ببعض الاقتراحات للإجابة على أسئلة ابنك الذكية:
- لماذا خلق الله الأشرار؟
الله سبحانه خلق الناس وأعطاهم الحرية أن يختاروا فعل الخير أو الشر؛ فأنت تستطيع أن تكون مهذبًا، وتستطيع أن تكون غير مهذب، ولكن عليك أن تتحمل النتائج، وهذه نعمة من الله وحكمة؛ فالأشرار يستطيعون أن يكونوا طيبين ودورنا أن نساعدهم على ذلك، فإذا رفضوا وأصروا على الشر فواجبنا أن نمنع شرهم عن الناس حتى يحبنا الله تعالى ويكافئنا.
- من خلق الله؟
أحكي لك حكاية: مرة سأل بعض الناس الرسول صلى الله عليه وسلم عن نسب الله سبحانه؛ يعني: من أبوه؟ ومن أهله؟ فأنزل الله تعالى سيدنا جبريل عليه السلام بسورة الإخلاص؛ ليعلمهم أن الله هو الذي يَخْلِق ولا يُخْلَق، ويُطْعِم ولا يُطْعَم، وأنه ليس له والد ولا ولد ولا يوجد له مكافئ أو شبيه.
ويمكن اتخاذ هذه الحكاية الواردة في كتب أسباب النزول مدخلا جيدًا لتشجيع ابنك على حفظ هذه السورة العظيمة والإكثار من تلاوتها.
ــــــــــــــ(102/149)
التوحد واستفسارات كثيرة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولا جزاكم الله خيرًا، وجعل كل ما تقدمونه من خير ومساعدة للناس في موازين حسناتكم. سؤالي حول مشكلة يعاني منها ابني الأوسط -عمره 10 سنوات- حيث إنه قليل التركيز، وغير مبالٍ تقريبًا، كثير الحركة.. ليس اجتماعيًّا يعيش عالمه الخاص ويحب اللعب كثيرًا.
حاولنا أن نبحث عن حلول تساعدنا في أفضل طريقة للتعامل معه ومساعدته على التركيز، وقد قرأت عن أشياء مشابهة إلى حد كبير لحالته، ولكن كل الحالات تتحدث عن عمر 6 سنوات وأقل، وقد يكون لديه نسبة من التوحد، وللأسف لم أكتشف هذا الشيء إلا قبل سنة أو أقل، ولا أعلم هل التوحد له سن معينة أم أنها مشكلة دائمة تستمر مع الإنسان طول حياته؟
نحن نواجه معه مشكلة بسبب قلة تركيزه وعدم مبالاته بما حوله؛ مما يضطرنا إلى معاقبته بشكل دائم، على العكس من إخوته فهم على النقيض منه تمامًا من حيث الطباع.. هو مؤدب وخلوق جدًّا جدًّا وذكي جدًّا جدًّا ولله الحمد، ولكني أحتاج أن أكرر عليه ما أطلبه منه عدة مرات، ومرة ينفذ ما طلبته منه، وعشرات المرات ينسى ما قلت، خصوصًا إذا كثرت عليه التعليمات.
يتكاسل عن أداء وظائفه المنزلية وواجباته المدرسية مع أنه متفوق دراسيًّا وخصوصًا في المواد العلمية، فكرنا في عرضه على طبيب، ولكن المشكلة أننا نعيش بدولة في شرق آسيا، واللغة تشكل لنا عائقًا كبيرًا جدًّا؛ لذلك أرسلت إليكم راجية من الله عز وجل أن أجد لديكم العون والمساعدة، وجزاكم الله عنا كل خير، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أختي الفاضلة أم عبد الرحمن.. أعانك الله على مسئولياتك. في الحقيقة توقفت كثيرًا عندما قرأت بلد الإقامة؛ وذلك لأنني لا أعرف مدى انتشار موضوعات التربية الخاصة والخدمات المقدمة لهم هناك، وكما ذكرتِ في رسالتك هناك مشكلة اللغة. واسمحي لي أولا أن أسألك بعض الأسئلة:
- متى اكتشفتِ أن لدى ابنك حفظه الله اختلافًا عن بقية إخوته أو أقرانه؟
- هل تم ذلك في بلدكم أو في الصين؟
- هل سبق أن عرضتم الطفل على أي اختصاصي تربية خاصة أو علم نفس سواء في السعودية أو الصين؟
- هل تقيمون بصورة دائمة بالصين أو أنكم تقومون بزيارة للسعودية من وقت لآخر؟
وأهمية هذه الأسئلة هي ما يلي:
- التوحد أو طيف التوحد هو إعاقة نمائية؛ أي أنها تحدث في خلال أول ثلاث سنوات من العمر وتستمر طوال العمر.
- يمكن أن تكون صفات التوحد بسيطة لدى الطفل؛ ولذلك لا يربط الأهل بين السلوكيات التي تحيرهم مثل فرط الحركة أو عدم الاستجابة لهم أو العيش في عالم خاص كما ذكرت، وبين أن هناك مشكلة حقيقية يعاني منها الطفل؛ ولذلك لا يلجئون إلى استشارة اختصاصيين إلا في وقت متأخر نسبيًّا (و10 سنوات سن متأخرة نسبيًّا).
- إذا كانت هناك خدمات تربية خاصة في المنطقة التي تعيشون فيها فلا بد -أكرر لا بد- من عرض الطفل عليهم؛ وذلك لأنه سيحتاج إلى خدمات خاصة، وخصوصًا إذا كنتم لا تعودون للسعودية في أوقات متقاربة؛ حيث ينبغي عدم ترك الطفل بدون مساعدة.
- مساعدة الطفل لشرح ما يعانيه، وتقديم الطرق التدريبية المساعدة له لتنظيم نفسه وزيادة مهارات التنظيم والتركيز والتذكر وغيرها له.
- أيضًا المساعدة لكم لشرح طبيعة المشكلة وتقديم برنامج للتعامل مع الطفل؛ حيث إن التعامل معه كالطفل العادي فيه ظلم له، وربما التعرض للضرب أو التقريع كما ذكرت يكون له أثر نفسي لدى الطفل يزيد من مشاكله ولا ينقصها. والتدريب سيتضمن إرشادات لكم لكيفية التعامل معه وأشياء أخرى.
- إذا كان هناك مجال للعودة إلى السعودية حتى ولو على شكل زيارة؛ فالأفضل أن يتم استشارة اختصاصيين في الموضوع لوضع برنامج لكم وللطفل بعد التقييم الشامل والتشخيص الدقيق لحالته، وربما يتم وضع أهداف تستطيعون تطبيقها في مكان إقامتكم.
إذن ما أستطيع أن أقدمه لكم هو النصح أولا بقراءة المواضيع التي تشرح عن التوحد حتى لو عن طريق الإنترنت، ويمكنك قراءة بعض الاستشارات السابقة التي تقدم شرحًا مبسطًا عن الموضوع. وثانيًا ضرورة عرضه على اختصاصي تربية خاصة ونطق ولغة وعلم نفس وإرشاد نفسي وأسري للتقييم الشامل ووضع برنامج تدريب مناسب.
وفقك الله تعالى، وأرجو منك متابعتنا بالتطورات
ــــــــــــــ(102/150)
الكتابة والقراءة.. ورحلة التعلم الممتعة ... العنوان
عندي طفل في السنة الثالثة من العمر، ومشكلتي معه أنني غير قادرة على تعليمه الكتابة وحفظ السور والأحاديث الشريفة.. مع العلم أنه عنيد جدًّا لا يحب أحدًا أن يفرض عليه شيئًا حتى ولو كان بالهداوة.. مع أنني طالبة تخصصي رياض أطفال، ولكنني غير قادرة على تعليمه بشكل جيد، وألاحظ مدرسته تضغط عليهم بكثير الواجبات والدروس، والأمر الذي أنا مستغربة منه أننا نتعلم كيف ندرس الأطفال بشكل صحيح، وهو أننا نبدأ معهم بالمحسوسات، ثم إلى الأشياء المجردة، والواقع أن أطفالنا يدرس لهم غير ذلك.
المهم أنني أريد الطريقة الصحيحة لتعليم طفلي الكتابة ونطق الكلمات بشكل جيد وكيفية استخدام الوسائل التعليمية الجيدة حتى لا أتسبب في كراهية طفلي للدراسة.. وأتمنى أنني أساعده في أن يتأهل إلى المرحلة الإجرائية العيانية، وهو قادر على الكتابة والقراءة بشكل جيد.. ولكم جزيل الشكر والعرفان.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
وصلتني رسالتك في نفس الوقت الذي التحقت فيه صغيرتي برياض الأطفال، وفيما تفكرين فيه؛ ويعتمل في رأسي ما اعتمل في رأسك..
وهناك عدة محددات هامة ننطلق منها كتمهيد للرد:
أولاً: أن تعلم القراءة والكتابة للطفل عملية تبدأ من لحظة الميلاد ولا تتم بكفاءة دون التمهيد الجيد لها؛ فالتعلم مسألة فطرية لدى الطفل؛ ويدعم هذه الفطرة الخبرة المحببة المرافقة لها، تمامًا كأن يطمس هذه الفطرة الخبرات السلبية المصاحبة لها أيضًا.
ثانيًا: لا يمكن للطفل تعلم إلا ما يتفق مع نموه العقلي واللغوي والعضلي؛ ولذا يمكننا التبكير بتعلم الطفل القراءة، ولكن لا يمكننا فعل ذلك أبدًا في مسألة الكتابة لسبب بسيط جدًّا هو أن عضلات الطفل الدثيثة في سن ثلاث سنوات لم تنضج بعد للدرجة التي يكتب فيها الطفل بكفاءة ولو مجرد حروف. ولكن يمكن لو كانت الأم صبورة ومرحة ومجيدة لفنون تحفيز الطفل أن يتعلم قراءة بعض الكلمات في هذه السن؛ لأن هذا يتفق مع قدراته الذهنية في هذه المرحلة بشرط ثراء البيئة وترافق الخبرة الممتعة التي تجعله يقبل على هذه العملية في بهجة وحماس.
أهم ما أحب تكراره هو:
ثالثًا: حب التعلم فطرة لدى الطفل يسعى الطفل بنفسه له على أن يكون التعلم بمعناه الواسع، أي أنه لا يقتصر على الكتابة والقراءة، كما نحصر نحن أطفالنا في هذه الزاوية الضيقة؛ وإنما المسألة أوسع بكثير من هذه الحروف والأشكال التي نصر على أن يكتبها دون أن يكون تأهل بعد لمسك القلم. وحين نبدأ بتعليم طفل لا بد أن يظل نصب أعيننا فكرة التعلم.. لا التعليم ، أي أن نفيد الطفل من كل ما يمر به، ونعتبره فرصة للتعلم؛ فأهم ما في رحلة تعلم أطفالنا "الإمتاع"؛ للإقبال على مزيد من التعلم، وهذا هو دورنا الذي يجب أن نقوم به تجاه أطفالنا، وهو ما يمكن أن يتعذر على المدرسات القيام به للأسف الشديد، على أن نعلم جيدًا أن مناحي النمو لدى الطفل متعددة وعلينا بالاهتمام بكل المناحي بنفس الدرجة من الاهتمام. ولكل ناحية وسائلها التي يمكننا بها إزكاء تعلم الطفل، ويمكنني أن أذكرها لك إجمالاً لتمثل رؤوس أقلام لما ينبغي علينا تعليمه للطفل في هذه السن، وذات صلة وثيقة بتعلم القراءة والكتابة والنجاح المدرسي بشكل عام، وهي:
• 1 - الاهتمام بالعضلات الدقيقة التي تساعد الطفل فى عملية الكتابة، وذلك عن طريق: التلوين؛ الصلصال؛ اللعب بالرمل؛ العجائن المختلفة؛ تزرير الأزرار؛ فتح السوستة وإقفالها؛ مسح المنضدة؛ الضغط على المنضدة بالأصابع كمخالب القطة؛.. وغيره مما يستخدم طفلك عضلاته الدقيقة فيه.
• 2 - الاهتمام بالنمو اللغوي لطفلك، وذلك عن طريق:
- القراءة الكثيرة المستمرة.
- الإجابة عن تساؤلاته.
- تحفيز المزيد من الأسئلة وعدم الإجابة إجابات مغلقة بنعم أو لا؛ بل إجابات مفتوحة تستدعي المزيد من الأسئلة
- الحديث المستمر مع الطفل.
- القيام بدور المعلق الرياضي أثناء قيامك بأي نشاط مع الطفل وذلك بشرح: "ماما تفعل كذا؛ تضع كذا؛ سأفعلها بطريقة كذا...
- مساعدة الطفل على التحدث والصبر عليه حتى ينهي كلامه دون مقاطعة، ومساعدة الطفل على حكي الحكايات القصيرة أو الأحداث التي يمر بها؛ وصف الأشياء التي يمر بها والتعليق عليها؛ الاستماع إلى الأغاني والموسيقى ومشاهدة برامج الأطفال باعتدال دون إفراط على أن تصاحبيه، ففي مشاهدة برنامج مناسب وجيد والشرح له والمناقشة فيما يشاهد.
* يمكننا القول بشكل عام: إن القراءة والكتابة والحفظ تتطلب مهارات: الاستماع والتحدث والتذكر والترافق البصري بين الكلمات وأصواتها، الفهم؛ فضلاً عن نمو العضلات الدقيقة. هذا بإيجاز شديد حتى يمكنك إبداع كل ما يمكن أن تتبعيه لتنمية طفلك في هذا المجال، ويبقى السؤال: كيف يستعد الأطفال لتعلم القراءة والكتابة؟ هذا ما سوف تجدينه في الرابط التالي:
طفلك والقراءة.. حيث التعلم متعة
أما عن حفظ القرآن والأحاديث وغيرها:
- ساعدي طفلك على الألفة مع القرآن بالاستماع إليه معًا، وبسماعه لك ووالده تقرءان القرآن. ويمكنك أن تسمعيه المصحف المعلم "عبارة عن شيخ يكرر الآية ويكررها أطفال بعده". أعتقد أن هذا يحببه في الاستماع وكذلك يحفزه لتكرار الآيات مع الأطفال. على أن تسمعيه نفس السورة عدة مرات.. الطفل يحب أن يشير لما يعرفه، فساعديه بتكوين ألفة مع عدد من الآيات يفخر بتكرارها، ثم يشير إلى معرفته بها، ثم انتقلي إلى آيات أخرى بعد ذلك.
- ويمكنك أن تسمعيه هذا الشريط في السيارة أو أثناء مرافقته لك في المطبخ أو قبل نومه، وهكذا... على أن تحاولي قدر جهدك أن تكون الخبرة ممتعة.. ابتسمي له وشجعيه واحتضنيه أثناء الاستماع، وابدي له الاحترام والتبجيل لما تستمعان له وتستمتعان به معًا. ولا تدفعي أو تنهري.. كل ما يرافقه خبرة سلبية لا يقبل عليه الطفل.. تذكري هذا جيدًا.
- إذا سمع الطفل هذه الآيات تكررونها أثناء الصلاة سيكون هذا مدعاة لفخره.. اجعليه يصلي معك خاصة الصلاة الجهرية؛ ليستمع إلى ما يعرف من القرآن أثناء الصلاة.
- كما يمكن للأب أن يصطحبه في صلاة الجماعة الجهرية أيضًا، ويستمع لما يحفظ من الإمام، وهكذا... يمكننا العزف على وتر فخر الطفل بمعارفه، وتشجيعه على الاستزادة، كما نعطيه الفرصة ليعرف أننا نستخدم كل ما نتعلمه في حياتنا اليومية.
وأرجو ألا تبخلي علينا بما تصلين له ليعم النفع، وأن تتابعينا بتطوراتكم، وننتظر منك إضافة لما طرحنا ليعم النفع.
القراءة النشطة.. العالم السحري لطفلك
القراءة المحبوبة..أمنية ممكنة
ــــــــــــــ(102/151)
فرط النشاط.. عدواني أحيانا ... العنوان
السادة المستشارون التربويون الأفاضل: أبعث لكم بمشكلة ابنتي ذات الست سنوات، ابنتي لديها مشاكل في النطق، حيث إنها غير قادرة على نطق الحروف كلها من مخارجها الصحيحة، وهذا ما كنت أخشى أن يحول بينها وبين الدراسة، لكن هذه المشكلة لا تُعَدّ شيئًا، بل لا تذكر أمام مشاكلها التي استحدثت وإليكم سادتي مشاكلها في المدرسة:
1) عدم الجلوس في الصف. 2) عدم اتباع كلام المعلمة سواء في التزام الهدوء أو حل الفروض الصفية. 3) عند إرغامها على الجلوس في الصف تصدر أصواتًا مزعجة تعبر عن رفضها. 4) لا تحافظ على نظافة ملابسها وهذه المشكلة ليست بجديدة عليها فهي لا تهتم بنظافتها سواء أثناء اللعب أو الأكل أو أي شيء آخر.
تم وضع برنامج تعزيزي لها من قبل الأم، حيث تكافأ البنت إذا ما جلست في الصف، لونت بشكل صحيح، حلت الواجب الصفي، حيث تعطيها الأم نجمة في حالة أي سلوك صحيح يتم عمله من قبل البنت، وإذا أصبح عندها خمس نجوم تكافأ بهدية. هذا البرنامج جعل التلميذة تجلس في الصف وجعلها تحل أنشطتها الصفية، ولكن لفترة قصيرة فقط، ثم سرعان ما انفكت التلميذة ترفض حل واجباتها في الصف، وترجع إلى المنزل بهذه الواجبات والأم تقوم بحلها معها.
الأم أخذت منحنى آخر، حيث تم حرمان التلميذة من مشاهدة التلفاز، أو منعها من اللعب بألعابها، لكن هذا لم يجدِ نفعًا معها، بل أصبحت التلميذة تزداد عدوانية، حيث أخذت تضرب التلميذات، وتتلفظ على المعلمة والتلميذات بكلمات بذيئة (تسمعها من الأقران، حيث إن هذه الكلمات لا تتداول في منزل البنت)، كما أنها أحيانًا ترمي الأشياء على المعلمة.
الأب يتعامل معها في أحيان كثيرة بالضرب وربما هذا أثر على تعاملها مع الآخرين، وأصبح الضرب لا يجدي معها نفعًا أيضًا، حيث إنها تَعِدُ بسلوك جيد بعد عملية الضرب وفي اليوم الثاني ترجع كما كانت بل وأحيانًا أكثر. الأم جربت أسلوبًا آخر وهو عدم معاقبة التلميذة، بل مكافأتها في أغلب الأحيان، لكنها تكون في البيت مطيعة وفي المدرسة ينقلب حالها لدرجة أن المعلمة تقوم بالاتصال بالأم حتى تجبر البنت على حل الأنشطة الصَّفية، علمًا بأن مستواها الأكاديمي التعلمي لا بأس به، وتستطيع القراءة والكتابة والعد، لكنها عندما تحل هذا الواجبات لا بد أن يكون هناك أحد بجانبها يخبرها بما تفعل أو تخبره بما تفعل أثناء حلها، لكنها نادرًا ما تحل تلك الفروض وحدها سواء في البيت أو المدرسة.
حقيقة أنا أمها أحس أني قد استنفدت كل الوسائل التي أعرفها، لكن لا جدوى أو لن نقول إن التغيير طفيف جدًّا قياسًا إلى فترة ثلاثة شهور وهي فترة التحاقها بالصف الأول الابتدائي، وجزاكم الله خيرًا في إعانتي وإفادتي، ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.
... السؤال
النشاط الزائد ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة.. شكرًا لك على التفاصيل الجيدة التي أوردتها في الاستشارة، ولكن كما تعلمين فمن الصعب إعطاء تشخيص تبعًا لمعلومات عبر الهاتف أو الإنترنت، وما أستطيع فعله هو النصائح التالية:
* ضرورة عرض الطفلة على اختصاصي تربية خاصة، واختصاصي نفسي، واختصاصي نطق ولغة؛ لإجراء تقييم شامل لقدرتها الذهنية واللغوية.
* إجراء فحص سمع والتأكد من عدم تراكم الشمع -الصمغ- أو سوائل في الأذن.
والسبب وراء طلبي هذا هو استبعاد كون الأعراض التي تظهرها البنت مرجعها لضعف بالقدرة الذهنية والتي تترافق مع أعراض مثل اضطرابات نطقية ولغوية وسلوكية وطبعًا تأخر دراسي.
أما إذا تم التأكد من أن القدرة الذهنية للبنت ضمن الطبيعي فأعتقد أن ما تظهره الفتاة هو مظهر من مظاهر متلازمة فرط النشاط وضعف التركيز، أو قد تكون هذه مؤشرات صعوبات تعلم أكاديمية، وعلى كل حال فالتشخيص الذي سيتم إجراؤه إن شاء الله سيكون كفيلاً بتحديد طبيعة المشكلة، وبالتالي وضع برنامج للحل، وسيشمل البرنامج التعامل مع البنت مباشرة، وأيضًا سيكون هناك برنامج إرشاد أسري لكم لشرح كيفية التعامل معها، ويمكن أن تتوفر هذه الخدمات في المدرسة الحالية أو أن تقدم على شكل خدمات خارج المدرسة، وأفضل أن تتم بالتعاون مع المدرسة لشرح حالتها ووضع برنامج مساعد للمعلمة أيضًا.
وهنا أود أن أوجه تقديري لك أيتها الأم، حيث يبدو أنك متفتحة الذهن ولديك قدرة جيدة للتعامل مع الطفلة، ولكن إذا كان لدى الطفلة سبب وراء هذه التصرفات فالحقيقة أن جهودك لا تكفي لوحدها، بل يجب أن تدعم بشكل علمي، وذلك سوف يجعل التعامل مع الطفلة أسهل عند فهم السبب وراء هذه السلوكيات.
ويمكنك الرجوع للاستشارات السابقة حول صعوبات التعلم وفرط النشاط وضعف التركيز كمعلومات بسيطة حول الموضوع، وسيقوم الاختصاصيون إن شاء الله بمدكم بمعلومات أوسع، وبانتظار تواصلكم معنا بالتطورات.
من فضلك انقر هنا للاطلاع على الروابط التي أشرنا إليها:
التوحد وفرط النشاط.. هل من خط فاصل؟
هذا ما جناه علي.. فرط النشاط
ــــــــــــــ(102/152)
ما يزيل مخاوف الغربة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود استشارتكم بخصوص ولدي الأصغر.. عمره 19 شهرًا.. يمشي من عمر 11 شهرًا، وزنه 10 كجم، واجتماعي ولطيف، لكن شهيته للأكل ضعيفة، ظهور الأسنان مناسب وهو أيضًا متعلق بي بشكل شديد.. لا ينطق بأي كلمات إلا بابا – ماما.. أشعر أنه يريد أن يقول أشياء، لكنه لا يعرف أن يتكلم فيظل يقول مقاطع وأحرف متشابكة غير مفهومة طبعًا.. كيف لي أن أحدد مستوى ذكائه وقدراته؟ وكيف أطمئن أن تأخره في الكلام طبيعي؟ كيف أنمِّي قدراته؟ هل ألحقه بحضانة تقوم بهذا؟ والأدهى أننا سننتقل للإقامة ببلد عربي، حيث سيعمل أبوه بعد شهور قليلة (ربما شهرين)، وهنا أخشى عليه أمورًا: عدم التدرب على الحديث والطلاقة.
الارتباط بي بشكل أسوأ وهو ذكر وهذا غير محبذ له. الوحدة وعدم وجود مجتمع من الأصدقاء والصحبة والأقارب وأطفالهم، مما سيساهم بشكل أسوأ في تعلقه بي وانطوائه.
عدم ممارسة الرياضة وكنت أخطط له بأن يلتحق برياضة كرة القدم فهو يحبها من عمر 12 شهرًا ويجيد الشوط، ولا أظن أنه يمكن أن يمارسها مثلما يتاح في بلدنا.. وهو ما سيجعله بدينًا أو محبًّا للتلفاز أو لا يجد شيئًا يفعله.
أخشى عليه مما أسمع عنه في هذا البلد من شذوذ وتحرش بالأطفال حتى في سن الحضانة.. أخاف من البعد عن أهلي ومجتمعي وأصدقائي وأصدقاء أبنائي إلى ما لا أستبشر به ولا بأهله.. وفي ذات الوقت لا أريد أن يفارق أبنائي زوجي فهم يعشقونه ويرتبطون به ويتهللون لرؤيته وكلها أشياء أحبها في أسرتي أن تظل للأبد.
بالله عليكم طمئنوني.. علموني لا تزال به مخاوفي.. امنحوا لي معلومات تتيح لي أن يستريح قلبي.. أرجوكم.. جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. ومرحبًا بك سيدتي الفاضلة، وفي الحقيقة لقد بدا في سؤالك الوعي الكبير والقراءة والاطلاع الواسع في مجال تربية الأطفال والتعامل معهم.. وسنحاول تفنيد سؤالك إلى جزئيات يجيبك عنها متخصصون فيها.
فنبدأ أولاً بـ: كيف تطمئنين أن تأخر طفلك في الكلام طبيعي؟
وتجيبك على هذه الجزئية د. سحر فتقول:
مرحبًا بك أختي الكريمة، وفي الحقيقة فإن محتوى سؤالك عن النطق أمر يقلق الكثيرات من المتابعات لأطفالهن باهتمام وانتباه وترقب لكل تطور ينال شخصياتهم، ولكن يجب أن تعلمي أن محاولة الطفل لإخراج أي مقاطع من الكلام يعتبر في حد ذاته كلام، فكما أن الطفل يحبو ثم يتسند حتى يمشي، فهو ينطق بمقاطع أولاً ثم كلمات غير مفهومة ومراحل متعددة حتى ينطق الكلام بشكل سليم، ومتوسط المقاطع التي يستطيع طفل في عمر سنتين التفوه بها حوالي 10 مقاطع.
وهو ما يعني أن الطفل قد لا يتكلم بكلمات واضحة كالتي يتكلمها الكبار، وإنما توحي كلماته بما يقصده أو يريده الطفل؛ مثل "مامه" ويعني بها حمامة، أو "ببس" ويعني بها أنه يريد من أمه أن تلبسه مثلاً أو "بو" ويعني بها أنه يريد أن يشرب، وهكذا...، ومحاولة الطفل لإخراج أي مقاطع من الكلام يعتبر في حد ذاته كلامًا، فكما أن الطفل يحبو ثم يتسند حتى يمشي، فهو ينطق بمقاطع أولاً ثم كلمات غير مفهومة ومراحل متعددة حتى ينطق الكلام بشكل سليم، وبالتالي فولدك حاليًا في مرحلة من مراحل الكلام.
فإذا كان لديه عشرة من مثل هذه المقاطع فهو طفل طبيعي. ولا يشترط أن تكون هذه المقاطع هي نفسها عند كل الأطفال؛ فهي تختلف من طفل إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. وفي قياس أغلب ما يخص الأطفال وليس فقط في النطق، بل والوزن والطول وغيره؛ هناك حد أدنى وحد أقصى لتطور الطفل في مدى زمني معين، فهناك ما يسمى مدى أو range وهو ما بين عمر كذا وكذا وتجاوز الطفل لهذا المدى دون تحقيق تطور هو ما يحتاج للعلاج؛ فمثلاً يمكن أن يبدأ الطفل بالكلام من عمر الاثني عشر شهرًا وحتى عامين ونصف، وعدم القدرة على النطق حتى هذا العمر لا بد له من علاج. أما إن كان لا ينطق إلا مقطعين اثنين؛ فذلك يعتبر متأخرًا عما يجب عند سن السنتين -لاحظي أن طفلك لم يصل للسنتين بعد-، وعندئذ يجب استشارة اختصاصي في السمع والكلام.
أهم ما أنصحك به هو كثرة الحديث مع الطفل وتسمية الأشياء باسمها، ولا تنسي أننا كأمهات قد ننسى في غمار مسئولياتنا اليومية أن نتحدث مع أطفالنا، وخصوصًا في سن طفلك، ويمكنك إحصاء مرات وعدد كلماتك مع طفلك يوميًّا، وستجدين تقصيرًا بلا شك في هذا الصدد، وبالتالي فإن حاجتك لتخصيص فترة من الوقت للحديث مع طفلك، وخصوصًا في غربتكم التي قد يقل -في بداية تحضيركم لممارسة الحياة فيها- معدل اللقاء والاحتكاك بالناس والذي يزيد من طلاقة الأطفال ومفرداتهم، بالتالي عليك تعويض ذلك باعتياد الحديث مع طفلك محادثات قصيرة ومتكررة من قبيل: "لعبة جميلة"، "لونها أحمر"، "تعالَ نلعب"، "ناولني الحقيبة الزرقاء"، "افتح الباب"، "بابا حضر"، "تعال نأكل"، "أمسك الملعقة"... إلخ.
وأدعو الله تعالى أن يعينك على الوصول بأبنائك لبر الأمان، وأن يجعلهم لك قرة عين في الدنيا والآخرة.. اللهم آمين.
أما ما بقي من أسئلتك فترد عليك بخصوصه د. إيمان السيد خبيرة الصفحة فتقول:
في الحقيقة أشكر لك اهتمامك بالتفاصيل وذكرك لكل ما يفيد في الحديث عن طفلك؛ ليكون الكلام دقيقًا وفي محله، واسمحي لي أن أبدأ معك الحديث عن السفر بأنه ليس داهية كما قلت في حديثك "والأدهى من ذلك"، بل إن السفر والانتقال من مكان لمكان هو زيادة بلا شك لثقافة المرء وخبراته الحياتية وصقل لشخصيته، بشرط أن ينتوي ذلك ويسعى إليه، وبشرط آخر هو أن يكون إيجابيًّا، فلا يجلس في بيته قابعًا منتظرًا أن تحضره المتعة والأصدقاء والثقافة والترفيه أو أمام التلفاز ينتقل من قناة لأخرى دون حراك، بل يظل يخطط أيامه وعطلاته ليقضي فيها وقتًا نافعًا وممتعًا، ويحاول التعرف على الناس وتنظيم لقاءات منتظمة بهم، ويكون مجموعة من الأصدقاء ذات الحالات المشابهة لحالته "من المغتربين من نفس البلد الأصلي مثلاً أو من زملاء العمل وأسرهم أو حتى من الجيران أو رواد المسجد"، وتبدأ اللقاءات الدورية المنتظمة تجمع بين تلك الأسر بالأطفال في البيوت أو في أماكن النزهات بما يسمح بممارسة سعيدة لحياة اجتماعية متوازنة تضمن لكافة أفراد الأسرة السعادة وتطوير الذات وكافة فوائد الاختلاط بالناس.
وأظن أن ما بدأت به حديثي هو أساس حيرتك، وخلاصة سؤالك ومنبع قلقك على طفلك؛ إذ إن طفلك لا يعاني مشكلة بعينها بيد أن خواطرك وهمومك بسبب التخوف من الغربة هي مصدر كل تلك الأسئلة، ولكني أعذرك فالإنسان دائمًا عدو ما يجهل، وكل شيء غير مجرب يظل مخيفًا في ظل ما تربى عليه الفرد من أقوال وتراثيات تدعم هذا الخوف مثل المثل الشائع: "الغربة كربة"، وغيره مما يخيف الفرد الحنون المرتبط بأسرته من مجرد التفكير في الاغتراب.
وكي أنهي الحديث في هذه المسألة أؤكد على ضرورة أن توقني أن مشاعرك تنتقل لأطفالك وانطباعاتك ستحكم تعاملك مع كل تفاصيل الحياة هناك؛ لذا تفاءلي واعقدي العزم على الاستمتاع والاستفادة والسعي لذلك، مع النية على قضاء أجمل الأوقات في ظل أسرتك السعيدة المترابطة المتآلفة -بارك الله لك فيها-، وهذه المشاعر ستجعل تعاملك مع الأمر أكثر مهارة واستعدادًا، مما سيعود عليك وعلى أسرتك حتمًا بالسعادة والاستفادة من تلك التجربة.
وننتقل إلى سؤالك الأول وهو: كيف لي أن أحدد مستوى ذكائه وقدراته؟ والإجابة على هذا السؤال توجد في المناهج الدراسية التي تدرب عليها المختصون، وبالتالي فلا مجال أن أجيبك على هذا السؤال إلا بجملتين:
الأولى: لا بد من عرض الطفل على مختص لتحديد هذا الأمر (ويسعدني استقبال طفلك في عيادتي وستجدين معلومات الوصول عنها من خلال الصفحة).
الثانية: يفضل ملاحظة الطفل ومواكبته لما ينبغي في سنه؛ لتحديد أي مشكلة أو محل للشك في تطوره، وتسجيل أي اختلاف للطفل عن أقرانه بحيث يكون لفحص قدرات الطفل هدف محدد.
أما سؤالك الثاني وهو: كيف أنمي قدراته؟ فهو سؤال فضفاض؛ لذا سأجيبك عنه بكل ما أتيح على صفحتنا من معلومات عن تنمية مهارات وقدرات الأطفال في سن ابنك، وستجدين ذلك بالاطلاع على المعلومات الموجودة فيما يلي:
فن تنمية الذكاء.
خرافة المخ الصغير
بالخطوط والألوان طفلُ ذكيّ وفنان
أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية.
مفاجأة.. ابن سنتين أيضا له أنشطته
طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
مهارات ماهر كيف ننميها.
أما سؤالك: هل ألحقه بحضانة تقوم بهذا؟ فأحتاج للإجابة عليه أولاً بإيضاح أنه لا مجال لأن يقوم أي طرف أيًّا كان بالنيابة عن الوالدين بتطوير الطفل وتربيته، وأعني بالنيابة أن يتخلى أحد الوالدين أو كليهما عن دوره في هذه المهمة متنازلاً لهذا النائب عنه بشكل كامل، ولكن من الممكن أن تتكاتف الجهود ويضع كل طرف لمسته على لوحة جميلة هي شخصية الطفل، فتساهم الحضانة بأنشطتها وبهجتها والأطفال فيها في تنمية مهارات معينة ومنها مهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين وقدرات حركية ومهارات الفك والتركيب، وتكمل الأم والأسرة هذا الدور في جو من الدفء العائلي الذي لا غنى للطفل عن أن يتمتع به، فيستعرض على أسرته ما تعلمه، ويطبق جزءاً منه مع الأسرة، فيزين حجرته بالزينة التي قصها بيديه، ويمثل معهم المسرحيات ويغني الأناشيد الجميلة، ويستمع للقصص والحواديت، ويقتدي بالوالدين ويتقمصهما في تعاملهما مع الحياة... إلخ، لكنها مهمة لا ينبغي الاتكال فيها على الحضانة، وإن كان للحضانة دور بلا شك في الإسهام فيها.
أما بالنسبة للرياضة وممارسة الهوايات فالبحث وسؤال المعارف والجيران سيهديك بلا شك للوصول لأماكن ممارسة هذه الهوايات والأنشطة، فضلاً عن أن مسألة البدانة ومصاحبة التلفاز أمر يعتمد على كيفية إدارة وقت الأسرة داخل المنزل.. حتى لو لم يوجد هناك مكان لممارسة الرياضة، فالبيت يمكن أن يقضي فيه الوقت بشكل نافع بعيدًا عن غير الهادف أو النافع من برامج التلفاز، ومن ثَم فمخاوفك أنت الوحيدة التي يمكنك الانتصار عليها والتغلب عليها ومواجهتها.
أختي الكريمة..
لقد كانت الإجابة مثل السؤال طويلة نسبيًّا، ولكن لم يكن هناك بد من التعرض لكل مخاوفك وجزئيات سؤالك بما يكفي لطمأنتك.
وأخيرًا.. أستودعك الله تعالى مذكرة إياك بمثل شعبي مصري يقول: "ما تخاف منه لن يأتيك خيرًا منه"، ونحن معك دائمًا وفي انتظار مزيد من متابعاتك واستفساراتك وأخبارك التي ستطمئننا على صحة هذا المثل.. وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/153)
التركيز.. مهارة ... العنوان
تشكو مدرسة طفلي(5 سنوات) من شقاوته الزائدة وعدم تركيزه في الفصل رغم أنه ذكي ونبيه ومتفوق، وما يركز فيه يبدع فيه، فكيف أحثه على التركيز؟ وبم أنصحها لتتعامل معه حتى تجذب تركيزه وانتباهه في الفصل، وتقلل من الضغط عليه في نفس الوقت؟ ... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... كان أحد الصالحين يُسأل عن تعلق أبويه به وحبهما الشديد له، فكان مما قال: "إنه كان حين يحلب لأبويه لبن الناقة، يختار أقوى نياقه ثم يريحها ويسكنها، ويبدأ بعد ذلك بحلبها لتكون أغزرهن حلبًا وأفضلهن لبنًا"، لاحظي إحسانه في كل التفاصيل لإسعاد والديه، فكان استقرار الناقة النفسي وطمأنتها سببًا رئيسيًّا في غزارة وجودة لبنها، ولعله مدخل مناسب للإشارة إلى أن جودة وغزارة الإنتاج يرتبطان بالراحة النفسية والشعور بالاستقرار والرضا.
سيدتي الفاضلة، إن مشكلة طفلك -بحسب الإحصاءات- مشكلة عالمية فنسبة 5 - 10% من أطفال العالم في سن المدرسة يعانون الحركة الزائدة وقلة التركيز، والتعامل مع هذا الأمر له قواعد وفنون يمكن أن تفرد لها صفحات طويلة من كتب ضخمة، ولكني سأحاول تلخيص ما أمكن منها وما يصلح تطبيقه بشكل عام، مع استبعاد وجود أي تأخر في قدرات الطفل الذهنية والحركية والمهارية والاجتماعية مع من في مثل سنه:
أولاً: في المنزل:
1- لا بد من السماح للطفل بما لا يقل عن 10 دقائق مما يمكن تسميته الحركة المسببة بعد كل 20 دقيقة من المذاكرة أو حل الواجبات، وأعني بالحركة المسببة إرساله لتوصيل شيء للجيران، أو الطلب منه أن يناولك شيئًا أو يذهب لشراء شيء أو حتى يجري في مكانه للتدفئة والتنشيط.
2- لا بد أن يسمح للطفل بلعب لعبة معينة داخل المنزل في واحدة من فترات الراحة المشار لها عاليه، ومن تلك الألعاب الرياضية المنزلية (القفز بالحبل - تنس الطاولة - كرة السرعة... إلخ).
3- أثناء مذاكرة الطفل لا بد من أمره بالوقوف أثناء استماعه للشرح مثلاً أو أثناء التسميع، أي لا بد من السماح له باستخدام جهازه الحركي.
ثانيًا: في الفصل (ما يمكن أن تنصح به المعلمة):
1- لا بد من منح الطفل نفس الفرصة للحركة كل فترة لا تزيد عن ثلث الساعة في شكل "وزّع الكراسات - امسح السبورة - أحضر لي كذا... إلخ".
2- لا بد من إجلاس الطفل في مقدمة الفصل وفي المنتصف؛ ليكون تواصله بالعين مع معلمته متاح طول الوقت بما لا يسمح له بالانصراف بنظره أو تركيزه عنها.
3- لا بد أن يجلس الطفل بجوار طفل متميز دراسيًّا ومتفوق ومنظم وهادئ نسبيًّا؛ وذلك ليقتدي به ويقلده بشكل غير مقصود.
4- لا بد من استخدام أدوات لا تسمح بالتشتت من أقلام براقة أو أشياء تحدث أصواتًا... إلخ.
5- يفضل ألا يجلس الطفل في مكان بالقرب من نافذة أو مكان مفتوح به حركة وأصوات وانتقالات وأشياء تلفت نظره وتجذبه لمتابعتها فيتشتت ذهنه.
6- لا بد أن تكون وجبات الطفل الغذائية غنية بالحديد والعناصر الغذائية المتوازنة التي تساعده على التركيز، ولا بد أن يحصل على كفايته من النوم والراحة، فضلاً عن ضرورة شعوره بالاستقرار الأسري والأمان في محيط عائلته.
7- التعامل مع هذا الطفل لا بد أن يكون وجهًا لوجه بدلاً من التواجد بجانبه، بمعنى أن الأفضل التعامل معه بالنظر في عينيه لجذب تركيزه بدلاً عن المعتاد من الجلوس لجواره لمعاونته في شيء أو إفهامه شيئًا.
8- لا بد أن تحاول المعلمة النظر باستمرار لوجه الطفل للتأكد من استيعابه بما يبدو على وجهه من أمارات، مع ضرورة تنبيه حواسه طيلة الوقت ولفت نظره وسمعه بنبرات الصوت وتعابير الوجه المتنوعة، وتنبيه حاسة اللمس لديه بالربت عليه من آن لآخر أو بمسك كفيه... أو غير ذلك.
9- لا بد أن تتفق المعلمة مع الطفل على لغة إشارة تتعامل بها معه دون لفت نظر المحيطين لتفادي إحراجه مع إشعاره بالخصوصية والمكانة الرفيعة، فمثلاً عندما تضع المدرسة يدها على رأسه فإن ذلك يعني أنه لا بد أن ينتبه، وحين يزيد من الشقاوة فإنها تصفق مرتين مع النظر له... إلخ.
10- الثناء عليه لا بد أن يكون علنيًّا وبالإشارة بينهما أيضًا.
11- لا بد من منحه الفرصة كل فترة لا تزيد عن 20 دقيقة أن يقف، أو يكتب على السبورة ما فهمه أو أن يشرح للمحيطين في إيجاز ما قالته المعلمة قبل ثوان، أو حتى أن يرسم معنى الكلمة التي قيلت، فلو قالت (APPLE) مثلاً تنهضه ليرسمها، بحيث يتحرك.
12- يمكن أن يسمح للطفل باصطحاب ميدالية في جيبه ليحركها من حين لآخر، فالحركة عند طفلك غالبًا ما تكون وسيلة لكي يركز وهي غالبًا لاإرادية.
وبشكل عام فطفلك في حاجة لتنظيم مهام يومه وأنشطته ولعبه، وتسكينها في جدول ملون جميل مزخرف يتعلم من خلاله النظام وينظم أداءه تدريجيًّا.
وعود على بدء فالضغط والقسوة أو العنف والزجر والتهديد لن تزيد المسألة إلا تعقيدًا، وبالتالي فإن تهدئة نفسية الطفل -كما فعل حالب الناقة- ومنحه الاستقرار والأمان تعينه على عطاء وافر وجهد منظم وإنتاج غزير.
أستودعك الله أختي الكريمة.. على أمل بلقاء قريب أرجو ألا يطول أمده.. وحتى هذا الحين لك مني أطيب التحيات.
ــــــــــــــ(102/154)
ابنتي تحيا أمومة تسبق أوانها ... العنوان
ابنتي الكبرى تبلغ من العمر 4 سنوات ونصفا، وأخوها يبلغ سنتين ونصفا، والحمد لله وفقني الله إلى أن أزرع الحب بينهما فهما يلعبان سويا بتفاهم وقليلا ما يتشاجران.. ألاحظ أن ابنتي تخاف على أخيها جدا وأحيانا أراها تلبي له كل طلباته وتسأله (عايز إيه وأنا أعمله لك) لو أعطيتها شيئا أول كلمة تقولها (وأخويه يا ماما)، وكثيرا وبدون سبب أراها تقول لي (أنا بأحبك يا ماما وبحب بابا وبأحب أخويه وعيزاكم تروحوا الجنة معايه)، وتأخذني بالأحضان وتقبلني وتقبل يدي كل هذا نعمة من الله والحمد لله.
ولكن المشكلة أنني لو حاولت عقاب أخيها الصغير بحرمانه من اللعب في الحديقة أو من اللعب بلعبة معينة يحبها أو من الحلوى أجد ابنتي تقول لي (عشان خاطري يا ماما سامحيه ومش هايعمل كده تاني أنا بحب أخويا قوي وعايزاه يلعب معايا ـ أو يأكل معايا) وتبكي بحرقة شديدة -تطلب مني وكأنها هي المخطئة- وتحثه (بأسلوب رقيق) على الاعتذار لي وأجده يستجيب لها ويجري ويعتذر لي وهو يضحك وعلامات الفرح بالانتصار بادية على وجهه ولا أجد سوى (ما تعملش كده تاني) ويجري الصغير الذي أصبح عنيدا ليفعل ما كان يفعله دون الاكتراث بأني هازعل منه أو هاعاقبه؛ لأنه حفظ القصة وهيلاقي المحامي بتاعه واللي شفاعته مقبولة.. لا أحب أن أنهى ابنتي عن حبها لأخيها -لأني أعتبرها نعمة من الله وشيئا ثمينا لا يمكن أن أحاربه- وفي نفس الوقت هذا الحب هو الذي جعل من أخيها عنيد جد..ا محتارة أعمل إيه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا وأعتذر عن الإطالة فقط أردت أن أوضح الصورة كاملة.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك عزيزتي ومرحبا بابنتك الرقيقة الجميلة النادرة المثال.. بارك الله لك فيها وفي أسرتك، ومما لا شك فيه أن مطالعة سؤالك أكثر من مرة أمتعتني.. فالحديث عن الحنان ورقة المشاعر والنماذج التي تشبه ابنتك يحدث في النفس ارتياحا شعرت به مع قراءة كلمات سؤالك ووصفك لابنتك وسلوكها النادر مع أخيها حفظهما الله.
مما لا شك فيه أن ابنتك تحمل من الاستعدادات الوراثية للأمومة نسبة عالية جدا، وأتوقع لها أن تكون أما حنونا، ولكنها لعبت دور الأم مبكرا، وواتتها الظروف بإعجابك ورضا الجميع بتلك الأمومة الجميلة فزاد الأمر عندها بشكل كبير يخشى منه:
1- نفاد الرصيد والمخزون الإستراتيجي لديها من الحنان والعاطفة والأمومة بما قد يؤثر على أدائها لهذا الدور حين يحين أوانه، وتلك حالة واردة ونموذج تكرر لأناس ممن استنفدت مشاعرهم وعطاءاتهم في وقت مبكر –كأخ أكبر لإخوته البنات مثلا مثل معهن دور الأب وعواطفه وحمايته ورعايته بشكل زائد- فاستنفد ذلك من رصيده، وكان نموذجا مختلفا تماما مع أبنائه.
2- كما يخشى أن تستغرق الابنة في هذا الدور فتنشغل به عن طفولتها.
3- أن تتأثر علاقتك بطفلك سلبا –كما بدا يحدث فعلا– فيصير عنيدا أو متحايلا أو يفتقد دفء وحرارة العلاقة معك.
4- أن تتأثر علاقة الطفل بأخته فيصير مستغلا لها ولحبها له لتفتح أمامه ما غلق من أبواب وتساعده على تحقيق كل ممنوع.
وبالتالي فالطفلة في حاجة لترشيد تلك الأمومة الدافقة وضبطها، كما أنها بحاجة لصرفها عن الاستغراق في هذا العطف لتفادي الوقوع في أي مما سبق، وهنا أتوقف عند قولك "لا أحب أن أنهى ابنتي عن حبها لأخيها؛ لأني أعتبرها نعمة من الله وشيئا ثمينا لا يمكن أن أحاربه"، فهناك التباس واشتباك لا بد من توضيحه؛ إذ إن ترشيد مشاعر الطفلة لا يعني بأي شكل من الأشكال محاربة الحب بينها وبين أخيها ولا إضعاف للعلاقة بينهما ولا غرس الفرقة بينهما، بل على العكس إن ما أعنيه وما تريدينه أنت هو توجيه هذا الحب لمصلحتهما ونفعهما، وسأحاول طرح بعض المقترحات عليك لتحقيق هذا الهدف، ويمكنك بما لك من خبرة بطفليك التفكير في المزيد:
أولا: لا بد من تخصيص وقت لكل طفل من طفليك على حدة تتناقشين معه، وتتحدثين معه وتسألينه عن أحداث يومه؛ وذلك ليشعر كل منهما بخصوصية وقناة مباشرة مفتوحة بينه وبينك ليس يمنعها أو يؤثر فيها شيء.
ثانيا: من خلال المسامرات والأحاديث مع ابنتك لا بد من إفهامها أن عدم تعليم أخيها مبادئ السلوك المهذب أمر يضره ولا ينفعه، ومن أحب أحدا سعى لنفعه؛ ولذلك فهو في حاجة لأن يفهم الخطأ ليجتنبه والصحيح ليفعله، وما أجمل أن تكون هي له قدوة ومثلا يُحتذى، وأقنعيها أن تحثه على التصرفات الصحيحة؛ لينال مكافآت مثل التي تنالها على حسن سلوكها.
ثالثا: لا بد أن يصل للطفلين أن الأسرة كلها فريق واحد يجمعهم جو من الألفة فينتقلون معا ويلعبون معا ويأكلون معا ويضحكون ويقرءون ويعبدون الله معا، وهذا الجو الحاني تسهل فيه إدارة المواقف.
رابعا: حين تأتي ابنتك شافعة لأخيها ارفضي ذلك برفق وحزم، وأفهميهما أن الاعتذار ليس ما تطلبين، بل ما تطلبين ألا يتكرر الخطأ، وأن العقاب لن يرفع إلا بتصرف جيد وحسن يمحو التصرف السيئ، وأنها لو أرادت أن يرفع عنه العقاب، فلتفكر معه في فكرة لفعل شيء صحيح يتبع التصرف السيئ ليمسحه ويمحيه.. كأن يرتبا ألعابهما أو يعاوناك في تنظيف البيت مثلا، مع التنبيه على أن تكرار نفس الخطأ مرة أخرى سيستلزم عقابا أكبر.
خامسا: القصة لها دور كبير في توجيه الطفلين إلى أن الحرمان من التوجيه يسبب للفرد الندم حين يكبر ويجد نفسه غير محبوب بسبب كثرة أخطائه وسوء سلوكه، فالأرنب الصغير مثلا كانت تدافع عنه أخته ولم تترك لأمهما فرصة لتدريبه على جمع الطعام مثلا، وذات مرة مرضت الأم مثلا فلم يستطع الأرنب إطعام نفسه وكاد يموت جوعا وحينها قال: يا ليت أختي تركت أمي تعلمني، حتى لو تعبت، فذلك أفضل من أن أكون غير قادر على إطعام نفسي.
سادسا: حين تبكي طفلتك مدافعة عن أخيها.. اسأليها برفق: هل تحبين أخاك؟ فستجيب حتما بالإيجاب، وهنا قولي لها: هل تحبين أن يفعل الأخطاء؟ ستقول: لا.. وهنا لخصي الأمر في حزم وحسم لا رجعة فيه وقولي لها: إذن علميه ماذا كان يجب عليه أن يفعل لكيلا يعاقب في المرة القادمة، لكنه لا بد أن يعاقب الآن.
ثم اربتي على طفلك مؤكدة له بنظرات عينيك حبك الشديد له قائلة مثلا: "أنا واثقة أنك لا تحب الأخطاء ولن تفعلها مرة أخرى".
سابعا: لا بد من توفير حيوان أليف لابنتك أو عروس يمكن أن تفرغ فيها طاقتها الزائدة من المشاعر والأمومة بما يقلل من اندفاعها في صف أخيها باستمرار، وأفضل من توفير نفس الفرصة لطفلك مع منح مكافأة شهرية لمن تكون عنايته بحيوانه أو لعبته أفضل.
عزيزتي.. أرجو أن أكون فتحت المجال أمامك لمزيد من التخطيط والتفكير والابتكار في أفكار لترشيد حب ابنتك لأخيها بعدما وضعنا أيدينا أن المشكلة ليست في الحب نفسه بقدر ما هي في كيفية ممارسته، وفي الختام.. أوصيك بمتابعتنا بأخبارك وبتطورات أطفالك ونتائج تطبيق مقترحاتنا وحتى لقاء قريب.. أستودعك الله.
ــــــــــــــ(102/155)
حماية القوارير في الغربة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله بكم وأعزكم. إنني أم لثلاثة من البنات القوارير حفظهم الله، لي أسئلة ولكن تتعلق بالبلد الذي أعيش فيه: المدارس السويدية تقيم رحلات للأولاد والبنات طبعًا ويذهبون فيها لمدة أسبوع، وهي عبارة عن رحلات ترفيهية، فماذا عليّ أن أفعل؟ ابنتي البالغة من العمر 10 سنوات وأنتم تعلمون أن الأهل إن كان ابنهم ولدًا أي صبيًّا يرسلونه وإن كان بنتًا فلا؟ أليس الولد مثل البنت أم ماذا؟ فكيف أقنع ابنتي بأننا مختلفون عنهم، ولأنه هناك من العرب الذين لا يهتمون لذلك؟
وهناك إحدى النساء تقول أنا أرسل ابنتي عندما يصبح عمرها 16 سنة أي كبرت وأنه لا خوف عليها، وأنا لست معها، فالمبدأ واحد ولكنني لجأت إليكم لأستشيركم، وبالنسبة لابنتي فهي تذهب لمدرسة سويدية وتذهب يومي السبت والأحد لتتعلم العربية والقرآن وهي تحفظ ثلاثة أرباع جزء عم والحمد لله على ذلك، ولقد أعطاها الله نعمة الحفظ، ونحن عائلة نعيش حياة مستقرة ولله الحمد هذا ما أحببت أن أخبرك به عن قارورتي الكبرى.
إنني وأبوهن ندعوا الله أن يكنّ -بناتي- حجابًا لنا من النار، وإنني في غربتي اتخذتكم إخوة لي لاستشارتكم؛ لأنني واثقة بكم وبأنكم سترشدونني إلى الصواب. في الختام تمنياتي لكم بالتوفيق وخير الجزاء من الله تعالى، واعلموا أنني من متابعي استشاراتكم ودمتم في رعاية الله وحفظه.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الفاضلة ومرحبًا بقواريرك الرقاق حفظهن لك الله، وجعل أمنيتك في الاحتجاب بهن عن النار حقًّا.. وما أجملها من نية تتخذينها مع كل يوم تمارسين فيه أمومتك معهن ومهامك اليومية من رعاية وعناية، وشكرًا لكلماتك الرقيقة وثقتك وأخوتك الغالية التي نأمل أن يديمها الله ويعمقها ويزيد أثرها.
وبالطبع فإن ما ناشدته لوجهة نظرك من دعم -بسؤالك لنا- أمر لا خلاف فيه، ولكن بتعقيب بسيط، فحماية أبنائنا وبناتنا في الغربة من كل ما قد يكون له على نفوسهم ومشاعرهم أمر لا يختلف فيه الصبيان عن البنات في مقدار الحماية، ولا معنى لما قد يعتقد من أن كون الابن ذكرًا يمنحه حرية قد تضيع في أسبوع غرس سنة من مبادئ وقيم وعادات، كما أن حماية القوارير لا تعني حرمانهن من الحرية، ولا وجاهة لحرية تمنح للذكور لمجرد كونهم ذكورًا وتحرم منها البنات لكونهن إناثًا؛ فالذكورة لا تشكل حماية لأي طرف في هذه الحالة، ومن ثَم فهي ليست الفيصل في المسألة.
نعم فالفكرة كلها في تقييم الأمر عبارة عن مبدأ وعادات يعتادها أبناءنا كما اعتدناها في بيوتنا بشكل جعلها مسلمات نقبل بها بكل رضا مثل:
- لا مجال للمبيت خارج المنزل ولو في بيت الخال أو العم.
- لا مجال للسفر بدون الأسرة مجتمعة.
- لا مجال للعودة من أي مكان بعد الساعة (كذا).
- لا يجوز استقبال مكالمات أو الاتصال بأحد بعد الساعة (كذا).
- لا مجال لقبول دعوة أحد دون استئذان... إلخ.
واستيعاب أبنائنا لتلك الأمور -التي نريدها أن تصل لمرتبة المسلمات- يكون بالتراكم من خلال المواقف المتكررة بغير تسلط، فيقال للبنت مثلاً..: "امكثي عند خالك ما شئت لكن عند المبيت لا أستطيع النوم بدونك.. أطمئن عليك وأغطيك.. وأنام مطمئنة"، والابن يخرج للقاء زملائه.. فيقال له: "لن نتناول الغداء بدونك.. فلا يجب أن تتأخر بعد موعد الغذاء".. ومع تكرار تلك المواقف تتثبت تلك القوانين في الأذهان وتصير مسلمات لا اختلاف فيها.
وأخلص من ذلك إلى القول بأن مبيت بناتك -أو حتى الذكور- خارج المنزل أمر غير محبذ إلا في أضيق الحدود، وخاصة في مجتمع يختلف عما تريدين أن ينشأ أبناؤك عليه، وبالتالي فالرحلات في حد ذاتها لا مانع منها ما دامت مأمونة وعليها إشراف كافٍ ولها غرض محدد من التثقيف أو التعليم أو الترفيه المنضبط، ولكن المبيت عائق أساسي يمنع الرحلات الطويلة التي تحتاج وقتًا، ومن ثَم فاتخاذ ابنتك للقرار لن يكون مخالفًا لما تميلين له لإيمانها بمسلمات تتفقون عليها كقوانين ثابتة لأسرتكم.
أما سن السادسة عشرة وهو عين المراهقة فهو سن لا يختلف كثيرًا عما قبله أو بعده في اتباع قوانين الأسرة ومسلمات إدارة شئونها، مع الإيمان بأن تلك المسلمات أمر متفق عليه وعلى أهميته لمصلحة وراحة كافة أفراد الأسرة، بمعنى أن الكبر في السن لا يعني استثناء ما؛ لأن تلك القوانين ليست قيودًا، بل هي سمات مميزة للأسرة يسعد أفرادها بالتمسك بها؛ فالأب لا يمكن أن يتناول عشاءه في غير حضور الجميع، والأم لا يمكن أن تفارق البيت يوم إجازة الأسرة، والأبناء لا يمكن أن يخرجوا من دون استئذان... إلخ، والجميع سعداء بهذا النظام.
أما كيف تقتنع ابنتك باختلافكم عمن حولكم من الأسر العربية فتلك قضية يحسمها الاقتناع.. أن تقتنع ابنتك أن السعادة والدفء والترابط في أسرتكم هو أجمل ما يميزها، وأن هذا التميز لا بد له من اتباع أصول وقواعد تحافظ عليه وتديمه، وأن البديل الآمن لكل ما ترفضه الأسرة موجود، فالرحلة إلى مكان ما لمدة أسبوع يمكن أن تقوم بها الأسرة بالتنسيق مع أسرتين أو أكثر لتتكون جماعة لطيفة تزيد من جمال الرحلة، بحيث تمارس الأسرة الحياة باستمرار ككتلة غير قابلة للتفكك، مع ممارسة ذلك بشكل لطيف محبب لا قسر فيه ولا عنف ولا مصادرة للآراء.
أما عن جهدك الرائع في تحفيظ ابنتك القرآن فهو أمر يستحق الثناء وإن كنت أود الإضافة أنه لا بد من أن تفهم ابنتك تفسير ما تحفظ، وقيمته، وانعكاسه على تصرفات المسلم ومراقبته لربه، كما أنه لا بد أن تستمع للقصص والسير الرائعة لعلماء المسلمين والصحابة والأنبياء بما يمنحها الاعتزاز الكافي بحضارتها ودينها وتاريخها وهويتها.
كما أن المناقشات العائلية على المائدة والحوارات الدافئة في الجلسات المسائية للأسرة لها أبلغ الأثر في تسريب المعلومة لأذهان الأبناء بشكل غير مباشر عن كل ما تريدين لهم أن يقتنعوا به، ناهيك عن ممارسة الشعائر والعبادات في جماعة، والدعاء للأمة، والتأمين على الدعاء في جماعة، وعقد مسابقات في المعلومات الدينية للأبناء، ومشاهدة الأخبار أو البرامج المختارة على القنوات الفضائية لترسيخ معلومات أو ثقافة ومعاني معينة.
وقبل أن أتركك في رعاية الله عز وجل وأمنه أوصيك بالدعاء لبناتك بأن ينبتهن الله تعالى نباتًا حسنًا، فقد دعت امرأة عمران لمريم وهي لا تزال جنينًا، وبعد ولادتها، بل ودعت لذريتها أن يعيذها الله من الشيطان الرجيم، وقد كان.. ولعلها لفتة قرآنية لكل أم تريد لأبنائها الفلاح في الدنيا والآخرة، وأخيرًا يا عزيزتي يسعدني فعلاً أن أتلقى منك المزيد من المتابعات والاستفسارات والآراء، بل ومن ابنتك أيضًا، وآمل لأخوتنا أن تدوم.. وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/156)
عفريت التحرش.. الخوف بالاستعداد ... العنوان
سؤالي لكم أوجهه للدكتورة إيمان السيد فقد قرأت لها كثيرًا عن الغربة وتنشئة الأطفال بشكل يسعدهم في كل مكان، لكن هذه المرة أنا سأغترب في بلد عربي لا يعيقني فيه اللغة ولا الثقافة، ولكن (يخوفني) الشذوذ لمعظم أفراده.
أنا ذاهبة للمملكة السعودية وطفلي جميل.. لا أعرف هل أضعه في قمقم لأحميه من تحرش الرجال هناك أم كيف أنظم الأمر بحيث يسعد وينطلق ويذهب للحضانات ولا أخشى عليه وهو بعيد عن ناظري؟ فما أسمعه من حوادث تحرش واغتصاب الأطفال هناك شيء مرعب.. أرجو النصيحة على عجل، وشكرًا.. بالله عليكم لا تتأخروا عليّ.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الفاضلة، ومرحبًا بأسرتك الكريمة حفظكم الله في كل مكان وفي كل وقت.. اللهم آمين، وشكرًا لثقتك وطلبك لنصيحتي بالتحديد.. أعانني الله تعالى أن تصلك تلك النصيحة بما ينفعك، وقبل أن أبدأ في تناول سؤالك سأنصحك بأمر غاية في الأهمية يتلخص في مثل شعبي مصري يقولون فيه -ولعلك تعرفينه- "اللي يخاف من العفريت يطلع له"، والمقصود أن الخوف الشديد أو الرعب الشديد من خطر ما قد يتعدى مرحلة الحذر والإعداد الجيد لمواجهة هذا الخطر والانتباه له ليصل للوسوسة والذعر والقلق الذي يعكر على المرء حياته، وربما يفوت عليه الإعداد والتخطيط للنجاة، ويؤدي لتعثره وتعرضه للخطر فعلاً، "فيطلع له العفريت" من فرط خوفه منه.
ولعل عفريت التحرش بالأطفال هو من أكثر العفاريت إرعابًا لذوي الوعي من الآباء لتفشي خطره في مجتمعاتنا العربية بشكل مرعب كما تصفين، ولكن يبقى لنا حقيقة هامة تقوي من عزائمنا لمواجهته، وهو أن المتحرش شخص مريض وضعيف ويخشى باستمرار انفضاح أمره، وبالتالي فالوقوع في شراكه يحتاج لوقت وعلاقة قوية مع الطفل وعدم انتباه من والديه وقلة متابعتهما للطفل وإهمالهما له ولعلاقاته، وكلها أمور لا يتراءى لي أنك ستقعين في أحدها؛ مما سيحمي أبناءك بحول الله من كل مكروه وليس فقط التحرش.
وتعالي بنا نفكر كيف نحمي طفلك الجميل من التحرش بشكل عملي:
أولاً: احرصي ألا يكون لأي فرد أيًّا كان الانفراد بطفلك، فالمتحرش لا يفعل فعلته على مرأى من أحد -غالبًا- ويحتاج للانفراد بالطفل، وبالتالي فلا بد أن يكون السائق- الخادمة***- بواب المدرسة أو الحضانة-... وغيرهم ممن يطلق عليهم care givers، أي من يعتنون بأمور الطفل أبعد ما يكونون عن الانفراد بالطفل، كما ينبغي عدم السماح لهم بالتعامل معه إلا تحت نظر الوالدين بعيدًا عن الأماكن المغلقة أو في عدم وجود الوالدين.
فيمكن أن يذهب الطفل للمدرسة أو الحضانة مثلاً بصحبة والده بدلاً من السائق أو على الأقل أن تكون الحافلة بها رقابة تابعة للمدرسة لا تسمح بأن ينفرد الطفل مع السائق -مثلاً- مطلقًا.
ثانيًا: أفضل ألا يذهب طفلك للحضانة قبل أن يمكنه الكلام والتحدث معك وفهم توجيهاتك والتي ستتضمن ما تحدثنا عنه من توعية الطفل بـ:
1 - الفرق بين اللمسة الصحية واللمسة غير الصحية:Healthy Touch & Unhealthy Touch
2 - خصوصية أجزاء جسمه، واختلافها عن بعضها البعض.
ونفرق بين اللمسة الصحية واللمسة غير الصحية :Healthy Touch & Unhealthy Touch، فنقول:
اللمسة الصحية: هي ما لا يسبب أمراضًا أو آلامًا، وهي ما يمكن أن يحدث من (ماما) أثناء تغيير الملابس مثلاً، أو من (بابا) عندما يصافح ويسلم ويقبل عندما يعود من العمل، أو من الأقارب حين يصافحوننا ويحيوننا، ويكون اللمس الصحي لليدين والكتفين والذراعين، وبصورة سريعة ودون الحاجة لكشف أي جزء من الجسم أو رفع الملابس عنه.
اللمسة غير الصحية: هي ما تسبب نقل الأمراض؛ بسبب عدم الالتزام بالقواعد الصحية أو بشروط اللمسة الصحية التي أشرنا إليها.
أما عن خصوصية أجزاء جسمه، واختلافها عن بعضها البعض فنقول:
يجب أن تعلم الأم الطفل أن أجزاء جسمه مختلفة، ولكل منها وظيفة تؤديها وطريقة سليمة يجب أن نتعامل بها معها، كما أن هناك أجزاء من هذا الجسم لا تصلح لأن يتعامل معها أو يلمسها أو يراها أحد سواه؛ لأنها ملكه هو وحده، ويجب أن يحافظ على صحته بأن يلتزم بقواعد النظافة في التعامل معها.
والتحدث مع الطفل في هذا الموضوع يجب أن يبدو تلقائيًّا؛ فهذا أمر مهم بالنسبة للتربية الجنسية للطفل بشكل عام، ويمكن أن تساق له هذه المعلومة من خلال حوارات مثلاً عنه حينما كان صغيرًا وكنت تغيرين له "الحفاضات"، أما الآن فهو كبير ولا يصح لأحد أن يطلع على كل جسمه كما كان حينما كان صغيرًا.. وحوار آخر حول أجزاء الجسم بشكل عام -لا يبدو فيه تخصيص يلفت نظره إلى جزء معين من هذا الجسم- بداية من العين، والرقبة، والرأس، والأذن، والصدر، وكيف أن كلها أجزاء جميلة وظاهرة من جسمه وأنها تختلف في الرجل عن المرأة، فشعر (ماما) طويل وشعر بابا قصير ويده كبيرة ويد ماما أصغر، وهكذا...، ثم يتم لفت نظره بشكل غير مباشر إلى أن أعضاءه التناسلية هي من أجزاء جسمه التي يملكها وحده، وينبغي أن يحرص جدًّا على النظافة في التعامل معها؛ حتى لا يصاب بالأمراض أو تنتقل له الميكروبات ويضطر لتناول دواء لا يحب طعمه لعلاج هذه الأمراض، وهكذا...
والطريقة المثلى في إشعار الطفل بخصوصية هذا المكان هي شد انتباهه دائمًا إلى النظافة والصحة، ومراعاتهما أثناء التعامل مع هذا المكان بدون حدة؛ ليشعر بشكل طبيعي باختلاف وخصوصية هذه الأعضاء دون أن نلفت انتباهه إلى شيء آخر، ودون إشعاره أن فتح هذه الموضوعات للسؤال والتعلم جريمة نكراء ومساحة غامضة تحيطها علامات الاستنكار والاستفهام والتكتم.
ثالثًا: من يتحرش بالطفل غالبًا هو شخص له به علاقة وثيقة وحميمة (ما لم يكن الأمر اختطاف أو اغتصاب)، وبالتالي فلا بد من سؤال الطفل عن مصدر أي هدية أخذها أو حلوى حصل عليها، ولمَ فاز بها؟... إلخ، مع توعيته بخطورة تناول شيء دون عرضه على (ماما) لتعرف هل هو مضر أم صالح لا يضر، وتوعيته ألا يقبل هدية من أي غريب باستثناء مدرسته مثلاً عندما تكافئه على تفوقه، وأن يشكر من يعرض عليه أي هدية دون أن يأخذها، ثم يخبرك بها -إن كان يريد مثلها- لتشتري له أنت بديلاً بها.
رابعًا: تابعي بدقة مسألة تكرار الهدايا من طرف معين دون إرعاب الطفل أو عقابه -فقط بالتحاور معه بلطف- وذلك لتتخذي احتياطات الحذر الكافية لمنع هذا الطرف من الانفراد بطفلك أو لقائه أصلاً.
خامسًا: لا بد من ملاحظة الطفل باستمرار -دون إشعاره بالرقابة الخانقة- ومتابعة ميوله في اللعب، وطريقة وأنواع لعبه، وحماية الطفل من مشاهدة قنوات فضائية أو مجلات أو أي مواد إعلامية غير مناسبة، مع غرس الوازع في نفسه إلى رفض كل ما لا يحبه الله عز وجل واستخدام نعمة -كالعين مثلاً- فيما يرضى فقط.
سادسًا: لا بد من إشعار طفلك دائمًا بالأمان والقرب منك ومن والده، وأنكما له مصدر كل الحماية، فغالبًا ما يلجأ المتحرش إلى إرعاب الطفل أو تهديده أنه لو أخبر أحدًا فسيفعل به كذا، أو أنه لو قال لأبويه فسيقتلانه... إلخ، ويقطع على المتحرش هذا الطريق شعوره بالأمان مع والديه وأنهما يحميانه ولا يعاقبانه بإفراط أو مبالغة، كما يجب تعويده على الحكي وأن يروي تفاصيل أي موقف حدث له دون عقاب أو زجر، فيكفيه أنه صادق؛ وذلك لتعويده أن ينقل بصورة واضحة ما يتعرض له أو ما قد يتعرض له أو ما يخيفه أو ما فعله في يومه؛ وبالتالي فإن تأمينه مما تم تهديده به يدفعه للاعتراف وهو ما سيساعد حتمًا في علاجه ووقايته وحمايته.
سابعًا: لا بد من فحص جسد الطفل يوميًّا أثناء تغيير ملابسه وتحميمه لكشف أي آثار لكدمات أو ضربات أو "خمش" في جسمه، وفحص ملابسه الداخلية وخلوها من الشعر أو أي إفرازات غريبة إلى غير ذلك.
ثامناً: لا بد من متابعة أي مشكلات تطرأ على الطفل في:
التحكم في الإخراج.
الشهية للأكل.
حب الناس والاندماج معهم.
التحصيل الدراسي.
الانتباه والتركيز.
السرحان أو عدم الاندماج في الواقع.
تاسعاً: لا بد من تعويد الطفل أن يدخل الحمام منفردًا دون حاجة لمساعدة أحد أو تدخل أحد، وأنه لا بد من غلق باب الحمام عليه، ولا بد من متابعة عاملة الحمامات من آن لآخر للاطمئنان على الطفل وعما يتم أثناء دخوله وخروجه وكذلك غيره من الأطفال.
أختي الكريمة.. أنا أشعر بمخاوفك وأقدر أهميتها، ولكنك أنت الأقوى من كل خطر بحبك لأبنائك وحرصك عليهم وتحسبك وإعدادك للنجاة.
وأخيرًا.. أتركك على أمل في لقاء قريب وموافاتك لنا بالمزيد من استفساراتك وأسئلتك.. آملة أن نكون لك أهلاً وصحبة في غربتك، وجزاك الله خيرًا.
ــــــــــــــ(102/157)
مشكلات وقت النوم... حب واحتياج ... العنوان
أختي الكريمة /دعاء ممدوح، لقد قمتِ بالرد علي في استشارة سابقة عن ابنتي، أما اليوم فأنا أسألك عن ابني..
ابني عمره عامان، ينام كل يوم بأعجوبة، إنه يلتصق بي ويأبى مفارقتي ويتعمد عدم النوم لئلا أغادر حجرته، ويظل يرفض النوم حتى تمر ساعتان على الأقل يقاوم فيهما النوم، وحين يشعر بي أخرج من الحجرة يستيقظ ويصرخ ويبكي وتنتابه حالة من الرعب مؤلمة فيجري ورائي ويستمسك بي.
إنني أتركه مع مربية فترات تواجدي في العمل، وتحكي لي عن أدبه وسلوكه الطيب وعدم مشاغبته طيلة النهار، ويسمح لها بإطعامه وتغيير ملابسه بكل هدوء ومثالية وينام بسهولة، وحينما أعود فإنه يرفض أن تلمسه ويظل "يلف" ورائي في المنزل باحثا عني وملتصقا بي.. فهل من سبيل للتغلب على تلك المشكلات؟.
معلومة: هو ينام في حجرة غير حجرة أخته
... السؤال
اضطرابات النوم ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختي الكريمة للمرة الثانية – أدام الله تواصلنا – ومرحبا بطفليك الحبيبين.
في الحقيقة لقد عبرت كلماتك القليلة المركزة عن حالة من التوتر العنيف لدى طفلك، وهي تعطي إشارة عن حالته الانفعالية وما يملؤه من تمسك وتشبث شديدين بك وبمصاحبتك وعدم الافتراق عنك، وتعالي نحاول الاقتراب أكثر في المسألة من خلال عرض بعض النقاط:
1- إن عددا كبيرا من الأطفال في عمر ما تحت العام والعام والنصف ينامون بغير كثير من الإجراءات، فيما عدا النظافة والشبع والجو المناسب والمكان الملائم.
2- عندما يكبر الطفل قليلا ويتخطى العام والنصف -وهو في هذا العمر لا يميز الوقت جيدا؛ فلا يميز الصباح من المساء بشكل كامل حتى الرابعة- تبدأ مشكلات النوم في الظهور. بداية من رفض النوم أو التعلل بأسباب ملفقة لبقاء الأم جوار الطفل أطول فترة ممكنة.
ومن هذه الأسباب التعلل بالرغبة في التبول أو الشرب وغيرها مما يدرك الطفل بذكائه أن الأم لن تستطيع رفضه، وستظل – رغما عنها – منتظرة لجواره في ظل كل تلك المعاذير وقتا أطول.
3- أحيانا قد يستخدم الأطفال التسلل لرفض النوم في الفراش دون رفيق؛ فتفاجأ الأم في الصباح بطفلها إلى جوارها، رغم أنها قد غطته بنفسها في فراشه – وكثيرا ما كنت أواجه هذا الموقف مع ابنتي – وعلى كل، فالطفل يفهم بدهاء أنه إنسان جذاب؛ فيستغل جاذبيته التي لا تستطيع الأم مقاومتها، والتي يزيدها دهاؤه، فيربط لسانها عن أي اعتراض بعناق ساحر أو بسمة تفتح مغاليق الأمور أو نظرة تجعل الأم تتغاضى عن أي مخالفة هي في حقيقتها تعبير عن الحب وعن رفض الانفصال عن الأحبة.
4- الطفل في المرحلة العمرية من 18-28 شهر يمر بمرحلة من النمو يكون من السهل فيها أن يشعر بالوحدة – وفقا لما ذكره د.سبوك الطبيب النفسي الشهير في مجال تربية الأطفال في كتابه "مشاكل الآباء في تربية الأبناء"- وقد تزيد تلك المشاعر إلى حد الشعور بالضعف عندما يفترق عن الأم، وهو ما يسمى "قلق الانفصال"، بل إن هذا القلق قد يصيبه عند الافتراق عن أحد الأقارب أيضا الذين اعتاد رفقتهم أو عندما تنتقل العائلة من مكان إقامتها إلى مكان آخر.
إذن فطفلك الحبيب يعبر بكل ما وصفته من أعراض عن رغبته العارمة في البقاء بجوارك وعدم السماح للنوم أن يغمض جفنيه عن رؤيتك أو يضيعك من بين يديه كما يحدث كل يوم في النهار؛ فهو يحتاجك ويدرك بفطرته أنك أنت أمه وليست من ترعاه بالنهار ومن تنظفه وتغذيه، لذا فهو لا يقبلها إلا مضطرا حال عدم وجودك، أما حين يجدك فهو يرفضها ولا يريد له أمًّا إلا أنت ولا يريد يدا تلمسه إلا اليد التي يشعر بفطرته أنها له ولطمأنته ولصناعته.
يبقى لنا أن نحاول سويا الوصول لحلول للتغلب على تلك المسألة:
أولا: عليك العمل بكل استماتة ومواظبة ومثابرة على غرس الإحساس بالأمان والاطمئنان المطلق في نفس طفلك، ويمكنك محاولة إفهام الطفل سبب افتراقك عنه كل يوم للعمل باصطحاب هدية لطيفة عند عودتك يفهم منها أنك تخرجين لصالحه ولكي تجلبي له ما يسعده... كما يجب بعد عودتك المكوث معه ما استطعت في أوقات مثمرة مليئة باللعب والضحك وممارسة الأنشطة والمداعبة وقراءة القصص والقص واللصق وتكوين الزينة للحجرة وصنع هدايا للأب والجد وغير ذلك.
وطالعي ما يلي للاستزادة:
- ازرع حبا تجن برا
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا
ثانيا: من الضروري أن تمارسي مع الطفل طقوس ما قبل النوم من حكايات وتلاوة القرآن ودعاء النوم مع لمس الشعر والإمساك بكف اليد وتقبيل الجبين، وغير ذلك مما يهيئ جوا آمنا مبهجا مناسبا للنوم، مع عدم التعجل على ترك الحجرة، فعندما تحاولين (التسلل) خارج الحجرة والطفل لا زال في بداية النعاس؛ فسيحاول بكل طاقته أن يبتعد عن النوم، لا لشيء إلا لأنه يخاف من الافتراق عنك، وقد تضايقك قليلا مسألة التواجد لفترات طويلة حتى ينام الطفل تماما، ولكن تأكدي أن الأمر لن يستغرق سوى ساعتين أو أقل فقط في الأيام الأولى، ثم تقل حتى لا تتجاوز نصف الساعة وقد تتقلص بعد فترة (شهرين مثلا) لأقل من ذلك، ويمكنك التغلب على ضيقك عند هذا المكوث بأن تجعلي قراءة وردك اليومي من القرآن في تلك الفترة مع قراءة الجريدة أو كتاب أو مقال أو الحياكة، أو حتى النعاس قليلا إلى جانب الطفل في سريره أو في كرسي مريح بجوار سريره.
وطالعي ما يلي للاستزادة من الأفكار والمعلومات عن طقوس النوم:
- للنوم طقوس أيضا
- فصل المنام.. حلول مقترحة
- إن شبعوا غنوا.. وإن جاعوا زَنُّوا - متابعة
ثالثا: حاولي أن تعودي طفلك وأخته على إقامة صداقة وألفة مع الغرباء، وأكثري من نزهاتهما وخروجهما واختلاطهما بالناس، مما ينحو بطفلك نحو استقلال يسهم في إشعاره بالأمان وبكينونته وعدم احتياجه الدائم لوجودك بصفتك داعمة لوجوده.
رابعا: حاولي عدم إظهار القلق أو الخوف على طفلك، فمثل تلك التصرفات تجعل الطفل مقتنعا بأن الأم لا تطمئن إلى تركه بمفرده وأن لديها خوفا عليه يتلاقى مع إحساسه بالخطر؛ فيدفعه نحو المزيد من الضغط على الأم ليستبقيها معه في غرفته وليبقى معها أطول وقت ممكن هروبا من خوفه.
خامسا: حاولي إيقاظ طفلك في موعد مبكر صباحا ليصبح من السهل أن ينام في موعد مناسب ليلا، فلو استيقظ في الثامنة مثلا يصبح من السهل أن ينام في العاشرة أو التاسعة ليلا، ولو اختلف النظام ولو ليوم واحد يصعب جدا إعادة ضبطه.
وتأكدي أن النوم بعد يوم حافل بالسعادة والنشاط واللعب والأحداث السعيدة سيكون له طعم جميل ومحبوب لدى الطفل استعدادا وشحنا لطاقته لاستقبال يوم آخر جميل مثل سابقه، فقط اعملي على أن يكون نوم الطفل ختاما سعيدا ليوم سعيد، وليس إلزاما أو إجبارا أو حكما بالإقصاء والإبعاد.
أختي الكريمة، أختم كلامي معك بقول الإمام الغزالي: "إن الصبي مهما (أي إذا ما) أُهمل في بداية نشوئه خرج في الأغلب رديء الأخلاق كذابا حسودا سروقا نماما ذا ضحك وكياد ومجانة".
أعانك الله وإيانا على أن نهتم بأبنائنا على خير وجه، وأن نحسن إليهم مهما ثقلت علينا الأعباء.
ــــــــــــــ(102/158)
التعاطف وحده لا يكفي لنمو الأطفال ... العنوان
لدي ابنة لديها من العمر عامان وثلاثة أشهر. أعمل سكرتيرة في إحدى الشركات الأجنبية. قمت برعاية ابنتي لمدة ثلاثة أشهر هي إجازة الوضع، ثم كانت ابنتي في رعاية أمي حتى سن عام وأربعة أشهر، ثم قمت بإلحاقها بإحدى دور الحضانة.
والمشكلة هي أنني أترك ابنتي من الساعة السابعة صباحًا إلى الساعة السادسة مساء (حيث إنني أعمل من 8 صباحًا إلى 5 مساء)، وبالتالي فابنتي هي أول طفلة تصل إلى الحضانة، وآخر طفلة تغادر الحضانة. فعندما أذهب لأخذها من الحضانة أجدها تجلس وحيدة في الشرفة في انتظاري.
وسؤالي هو: هل لذلك أي تأثير نفسي على ابنتي، حيث إنني في بعض الأحيان أقضي معها فقط ساعتين في اليوم؟ هل وجودها وحيدة في دار الحضانة بعد انصراف جميع الأطفال له تأثير نفسي سيئ عليها؟ وهل إذا كان له تأثير نفسي سوف يؤثر على شخصيتها في الكبر أم أنه مرحلة مؤقتة؟ وهل أنا بذلك أعتبر أمًّا سيئة؟ ما زلت أبكي حتى الآن إذا تذكرت ابنتي وهي تقول لي: "اقعدي معي يا مامي"، ويحدث هذا يوميًّا عندما أتركها في الحضانة -إذا كانت مستيقظة-.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أنا لا أدري حقيقة هل أنت تسأليننا لأنك تريدين الرد التربوي والنفسي الصحيح وسوف تقومين بتنفيذه من أجل مصلحة ابنتك وصحتها النفسية ونموها النفسي السليم... مهما كانت التضحيات أو الخسائر المادية.. أم أنك تسأليننا فقط لتقيِّمي حجم الخسائر النفسية التي لحقت أو ستلحق بابنتك من باب العلم بالشيء فقط؟!
يا سيدتي..
ماذا تريدين أكثر من نظراتها الحزينة وهي تنتظرك وحيدة في الحضانة كل يوم بعد انصراف باقي الأطفال بحوالي ثلاث ساعات.. ماذا تنتظرين منها أكثر من رجائها لك كل يوم عند تركك لها قائلة لك: "اقعدي معايا يا مامي"؟!!
يا سيدتي أقول لك بدون أي مبالغة: إن ابنتك سلمى تعيسة وحزينة جدًّا، وتحتاج إليك وتفتقدك بشدة.
إن سلمى تشعر بالإهمال الشديد منك وعدم اهتمامك بها، أنا أعرف أن هذا ليس صحيحًا، ولكن صدقيني هي ليس عندها أي تفسير آخر لكل ما يحدث منك إلا هذا، والبكاء الذي تبكينه عندما تتذكرين منظرها لا يفيدها بشيء، ولا يعوضها ما تفتقده من حبك وحضنك وحنانك ورعايتك لها الذي هو الشيء الأساسي جدًّا لاستقرارها النفسي والعاطفي وتنشئتها بصورة صحيحة.
إن نفسية سلمى لا تتأثر فقط ببعدك عنها وبقائها وحدها في الحضانة، ولكنها تصاب بأضرار بالغة ودائمة وستبقى معها حين تكبر.
تخيلي يا سيدتي لو أن سلمى تأكل في اليوم ربع ما هو ضروري لها من الطعام، وأحيانًا يمر عليها أيام لا تأكل شيئًا.. كيف ستكون صحتها الجسمانية.. وهل سيؤثر ذلك على صحتها في المستقبل؟؟
إن احتياجات الطفل النفسية والعاطفية في سنين عمره الأولى للحب والحنان والاهتمام -خاصة من الأم- هو أهم وأخطر الاحتياجات.. وما نراه الآن في الأجيال الجديدة من أبناء ضعاف الشخصية.. مهزوزين.. ضعاف الثقة بأنفسهم.. جامدي العواطف.. علاقتهم بوالديهم باردة ومتقطعة.. كل هذا نتاج مثل هذه التربية.
أنا أدرك تمامًا أن دخلك المادي من الشركة كبير جدًّا، وربما يكون له دور كبير في دخل الأسرة، وأنك ربما لا تستطيعين أخذ إجازة، وأنك لو تركت العمل ربما لا تجدين مثل هذه الفرصة ثانية، وأن الاحتياجات المادية والضغوط أصبحت كثيرة.
ولكن كل هذا في كفة وسلمى في الكفة الأخرى.. وأنت الآن أمام الاختيار. في كل استشاراتنا نحن لا نختار للسائلين قرارًا في حياتهم، ولكن نحاول أن نقدم لهم الدعم والنصيحة في حدود ظروفهم، ولكن هذه المرة أنا لا أجد ما أقوله.. فهذه الظروف تعتبر جريمة في حق الطفولة إذا كان لا بد أن تعملي فابحثي عن عمل يحترم فيك كونك أمًّا، ويسمح لك بممارسة دورك، والتمتع بأمومتك. وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/159)
كيف تجعل من طفلك صاحب قضية؟ ... العنوان
أود الاستفسار بخصوص تربية ابنتي (9 سنوات) على حب الشهادة في سبيل الله وحب الدعوة إلى الله وفهم رسالتها ودورها لدينها.. أريد أن تعلم أنها خلقت لكي تحدث شيئًا في الحياة.. كيف ذلك؟ وأود نصحي بطريقة لتعليمها الأدعية والأذكار وقصص الأنبياء باللغة الإنجليزية؛ لأن مدرستها فيها أجانب لا ينطقون بغير الإنجليزية، وأود أن تتعلم هذه الأشياء لتعلمها لهم وتدعوهم بها، فهل تنصحوني بمصادر معينة مترجمة ترجمة صحيحة أو مواقع على النت أو غير ذلك؟ وأرجو السرعة في الرد.. شكرًا. ... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم.. بارك الله فيك وفي ابنتك وأنبتها نباتًا حسنًا.. إن تربية ابنتك على حب الشهادة فى سبيل الله والدعوة إلى الله وغيرها من القيم الإسلامية يتطلب منك العمل على محورين.
المحور العام وأعني به توفير البيئة المناسبة أو قل المناخ الملائم لزرع القيم الإسلامية بصفة عامة.
والمحور الخاص وأعني به توفير البرنامج المبسط لغرس قيمة إسلامية بعينها، ولتكن مثلاً حب الشهادة.
أولاً: البيئة المناسبة:
ويمكن إيجازها فى النقاط الآتية:
1. البيت الصالح:
الذي يهتم بأداء الفرائض وإحياء السنن والآداب الإسلامية والمسارعة فى الخيرات واجتناب السيئات، وقد مدح الله عز وجل زكريا -عليه السلام- وأهل بيته بقوله تعالى: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين".
2. الصحبة الصالحة:
التي توفر لابنتك مجالاً طيبًا لتبادل الخبرات والمعلومات والتنافس الإيجابي وتأثر الطفل بأقرانه قد يفوق تأثره بوالديه في بعض الأحيان، فاجتهد في معاونة ابنتك على اختيار صديقاتها.
3. المربي أو المعلم:
دأب المسلمون على مدار فترات طويلة من تاريخهم على توفير المؤدب أو المعلم لأولادهم مع التدقيق فى اختياره، وأظن أننا في حاجة إلى إحياء هذه الوظيفة في عصرنا؛ لينعم أطفالنا بقدر أكبر من الإشراف والتوجيه والرعاية والمشاركة.
وأضف إلى هذه النقطة محاولة توفير المدرسة المناسبة أيضًا، وأهم سماتها المعلم ذو الكفاءة الدينية والأخلاقية بجانب الكفاءة المهنية.
4. الوسائل المشوقة:
وتتضمن القصة والشريط والفيلم والأماكن التي تقدم ما يعزز الإنتماء الإسلامى للأطفال بشرط الثقة في القائمين عليها والمادة المقدمة مثل: المؤسسات الخيرية - معارض الكتاب - المساجد - النقابات... إلخ.
5. نقطة الانطلاق:
ونقطة الانطلاق في جميع ما سبق وما سيأتي هي بناء الشخصية الإسلامية عند ابنتك وأول أركانها إسلامية المرجع، بمعنى أن تربى ابنتك على الرجوع دائمًا إلى المنهج الإسلامي في كل الأمور، ثم الإذعان والتسليم أي الرضا بعطاء هذا المنهج في كل مسألة، وهذا الأمر يكتسب من خلال الممارسة الحياتية والمشاركة فأنت القدوة لها في ذلك.
ثانيًا: البرنامج المبسط:
وهذا يتطلب مادة علمية ثرية ووسيلة عرض ناجحة ولقاء أسبوعيًّا مع ابنتك داخل أو خارج المنزل.
1. المادة العلمية:
ففي موضوع حب الشهادة في سبيل الله كمثال يمكنك إعداد المادة العلمية من القرآن، والسنة، ومن السيرة، والتاريخ، ومن الواقع المعاصر، فالقرآن والسنة غنيان بالآيات والأحاديث التي تتناول هذا الموضوع، ففي تفسير قوله تعالى: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون".
سنجد حكاية جابر بن عبد الله وأبيه رضي الله عنهما وهي قصة رائعة مؤثرة يمكن تبسيطها لابنتك وجعلها مادة للحوار والمناقشة.
والسيرة والتاريخ غنيان بقصص الغزوات والفتوحات الإسلامية والأبطال والبطولات.
والواقع المعاصر يسوق إلينا كل يوم المزيد من الأحداث والوقائع، مثل قصة الشهيد يحيى عيَّاش مهندس العمليات الفدائية في فلسطين الذي كان لا يبيت ليلتين متتاليتين فى مكان واحد، وعندما استشهد أحد أصدقائه تنكر في زي حاخام يهودي ليحضر جنازته، وأخيرًا اغتاله اليهود بواسطة الخيانة والهاتف المحمول، وقصة محمد الدرة مشهورة وقد رزق والداه بغلام منذ شهور وسموه محمدًا أيضًا.
ويمكنك الاستعانة بإمكانية البحث في الإنترنت أو المعجم المفهرس لكلمات القرآن أو الإسطوانات المدمجة المسجل عليها كتب السنة أو السيرة، بالإضافة إلى المتابعة اليومية لنشرات الإخبار والجرائد والمجلات، وكذلك معارض الكتاب للأطفال أو الكبار لتوفير المادة المطلوبة ونفس الشيء بالنسبة للإصدارات الأجنبية، حيث إنني لا أعلم أسماء مواقع معينة أو كتب بعينها تقدم هذه المادة باللغة الإنجليزية بطريقة مناسبة.
2. وسيلة العرض الناجحة:
ويمكن أن تكون قصة أو كتاب ويمكن أن تكون لعبة على الحاسب الآلي أو لعبة تبتكرها أنت لتلعبها مع ابنتك وصديقاتها، ويمكن أن تكون أفلام رسوم متحركة مثل محمد الفاتح، وعين جالوت، وطارق بن زياد، وغيرها...
وأخيرًا.. لكي تنجح في غرس أي قيمة لا بد من ثلاثة أشياء:
الاهتمام - الرعاية والمتابعة - الوقت.
وعن الجزء الثاني من سؤالكم حول تعليم ابنتكم الأدعية باللغة الإنجليزية تجيبك الأستاذة تقوى سيف الحق من فريق الاستشارات الدعوية:
أخي الكريم..
جزاك الله تعالى خيرًا على حرصك على تنشئة ابنتك التنشئة الإسلامية الصحيحة، ومحاولتك الجميلة جدًّا لتعويدها على الدعوة إلى الله تعالى على الرغم من صغر سنها؛ لتكبر وينضج عودها على أمر صحيح سليم. فإنها -بإذن الله تعالى- ستصبح كالشجرة تنمو لأعلى ضاربة جذورها في الأرض.
كانت جدتي تقول: "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، فإن أمامك عقل واعٍ على الرغم من صغر سنه، واسمح لي أن أشبِّه صغيرتك كما الأرض الخصبة التي لم تمتد لها يد إنسان، فإذا أراد الزارع أن يبدأ بزراعتها فإنه يتعهد بها ويهتم بها اهتمامًا قد يكون أكبر من اهتمامه بالأرض التي زرعت من قبل؛ لعلمه المسبق أن هذا الاهتمام لا بد منه ليجني الثمر.
والأمر -مع الفارق- ذاته مع ابنتك الصغيرة، فهي بحاجة لعناية ورعاية، ومن الأهمية بمكان ألا تعوِّدها أن تكون متلقية منك فقط.. فأنت تريد تعليمها وتريد أن تجعل منها داعية في آن واحد. فلو كان الأمر ظاهرًا لها أنها ستكون متلقية فحسب، ستمل ولن تفعل ما تؤهلها لعمله، أما إذا أردت أن تجني الثمر الناضج الحلو المذاق فعليك أن ترعاه بعناية وصبر. وليكن المرح واللعب هو وسيلتك في غرس وتوصيل ما تريد من معاني.. فهي إذا أحبَّت أمرًا سعت إليه بنفسها وتعهدته بيديها الصغيرتين واهتمت به اهتمامًا قد يفوق اهتمامك.
أما وقد التمست من كلماتك أن اللغة الرسمية في المدرسة التي تتعلم بها طفلتك هي الإنجليزية فيمكنك أن تتفق وإياها على لعبة تقول فيها أنت الدعاء كبداية، وتطلب إليها أن تعيده عليك، كأنك تختبر ذاكرتها أو شيء من هذا القبيل. ويمكنك أن تعمل على وضع الدعاء بكلمات متفرقة تطلب إليها أن تجمعها معًا لتكوِّن الدعاء الذي تعلمته. ولا أظنني بحاجة إلى تذكيرك إلى أهمية ألا يكون الأمر مجرد تعليم، وتلقين.. فإنه سيجرّ خسارة ما بعدها خسارة. ولا بد من الإشارة -بطريقة مبسطة جدًّا- إلى فضل الذكر مما يضيف إليها ويحببها به.
كما أن هناك العديد من الوسائل التي يمكنك من خلالها تعليم طفلتك الأدعية والأذكار وغيرها كاستخدام الكمبيوتر وكتب التلوين. ويمكنك من خلال الروابط المرفقة أن تطّلع على أساليب عدّة في تعليم الأطفال. وأظن أن الأطفال من طبيعتهم حب الكمبيوتر واستخدامه، فلو استخدمت هذا الأمر لسهَّل عليك آلية التعليم، ولزوَّدت ابنتك بما يفيدها في حياتها.
ــــــــــــــ(102/160)
الممارسة.. أولى خطوات اكتساب اللغة ... العنوان
الأستاذة الفاضلة.. نيفين السويفي أود نصيحتي ببعض الأنشطة المنزلية التي أستطيع بها معاونة ابنتي على الطلاقة في التحدث والقراءة واكتساب اللغة الإنجليزية.. فقد علمت أن تعليم اللغة يختلف عن اكتسابها فتعليمها لا يعني اكتسابها والطلاقة فيها.. فبم تنصحينني؟ ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الفاضلة، ومرحبًا بطفلتك النابهة بارك الله لك فيها، ولا بد أن أبدأ حديثي معك بالثناء على اهتمامك على تعليم ابنتك على خير وجه، فتعليم أبنائنا من أبواب الصدقة الجارية "علم ينتفع به"، والحرص على اللغات -من باب الحرص على ما ينفع وليس ميلاً للتغريب- أمر هام أمر به نبينا صلى الله عليه وسلم صحابته لنشر الرسالة وكشف النور للعالمين، وسفارة للدين العظيم في كل مكان.. وقد كان من صحابته من يتقن اللغة في أسبوعين تحدثًا وكتابة فيكاتب ويخاطب بها من يوجهه الرسول صلى الله عليه وسلم لهم من أقوام.
وقد حدثتنا نيفين السويفي مدرسة لغة إنجليزية خبيرة في تدريسها لأعمار مختلفة- قبل ذلك عن أن تعلم اللغة له جوانب أربعة:
تحدث + سمع + كتابة + قراءة، وعليه فإن اكتساب اللغة الذي يعنى به الطلاقة فيها هو عبارة عن ممارسة لبعض الأنشطة والمحادثات وخلافه التي تركز على التحدث والاستماع، وهو ما يجعل الفرد طلقًا -من كثرة التمرين- في إرسال واستقبال اللغة حتى لو أنه لا يتقن كتابة شكل حروفها، ويدعم هذه النظرية طلاقة المتعاملين مع السائحين في المناطق الأثرية بمصر، فمنهم بائعين وأصحاب جمال أو حمير أو خيول يؤجرونها للسياح ومعظمهم لم يكمل تعليمه أو لم يتعلم على الإطلاق، ومع ذلك تستغربين من طلاقتهم وحسن نطقهم لمخارج الحروف ولمفردات الإنجليزية والأسبانية والروسية وغيرها من اللغات.
إذن -وبحسب أ. نيفين- فالتركيز على السمع والتحدث يكسب الطلاقة في اللغة، لكنه لا يعني تعلمها، والعكس ليس صحيحًا بنسبة كبيرة، بمعنى أن تعلم اللغة بالكتابة والقراءة والنحو واللغويات لا يمنع اكتسابها إطلاقًا؛ إذ سيتم من خلاله محادثات أيضًا وتعرض لإرسال واستقبال اللغة باللسان والأذن وهو ما يساعد على اكتسابها والطلاقة فيها، والفيصل في ذلك أسلوب التعليم.
فلو أن الطفل تعلم مثلاً زمن المضارع البسيط فهو لا يعني بالنسبة له معلومة لها قيمة ما لم يعرف كيف ومتى يستخدمه، وما لم يتدرب على ممارسة بعض المحادثات التي يكون له فيها موقع، وبالتالي فتكامل الجوانب الأربع التي تحدثنا عنها هو ما ييسر تعلم اللغة واكتسابها في آنٍ واحد.
وينتهي كلام أ. نيفين، وأقدم لك فيما يلي أنشطة مارستها بالفعل مع ابنتي وجمعتها من دراسات على الإنترنت، ومن خلال التعامل مع القائمين على أحد مراكز تعليم اللغة للصغار، فضلاً عن خبرتي المتواضعة في مجال تدريس اللغة الإنجليزية.
أنت في حاجة للآتي:
أولاً: لا بد أن تتعرض ابنتك بشكل يومي لما يلي:
*45 دقيقة على الأقل في استخدام أسطوانة تعليمية ناطقة بالإنجليزية -مع اتخاذ ما يلزم من احتياطات لحماية عينيها بفلتر للشاشة أو نظارة لحفظ النظر أو ما شابه-، وليس ألعابًا عادية بل تعليمية (ويمكنك استخدام الإنترنت في ذلك)، فتستمع للصوت الناطق في الأسطوانة يقول لها: أحسنت - حظ سعيد في المحاولة القادمة - حاولي - ما هو الحرف الذي يلي حرف الـ w مثلاً وهكذا...، فتظل في حوار مع الأسطوانة وفي استماع للغة منطوقة بشكل سليم، وممارسة لألعاب تنمي قدرتها على اكتساب وفهم اللغة ناهيك عن المفردات ومعاني الكلمات التي تكتسبها.. كل ذلك بخلاف الغرض التعليمي من الأسطوانة نفسها إن كان لتعليم الحروف أو الصوتيات phonics أو الرياضيات أو غيره.
*45 دقيقة في قراءة قصة لها شريط كاسيت وهي متوفرة في كثير من المكتبات والإصدارات، فتستمع للشريط وعينها على الكلمات والصورة في صفحات القصة، فتفهم القصة وتكتسب مفردات وتتعلم القراءة وتتعرف على الشكل السليم لنطق المفردات التي تعلمتها، وتكتسب أذنيها حسًّا مرهفًا للغة فتفهمها، وتتعرف بسهولة على معنى ما يوجه لها من جمل و... و... و... فوائد عديدة لهذا النوع من الأنشطة التعليمية.
*20 دقيقة في مشاهدة كارتون تعليمي باللغة الإنجليزية مثل Barney أو Seasom Street فكليهما يركز على تعليم الأطفال (المعكوسات - وسائل المواصلات - الحواس - قواعد الأمان والسلامة - قواعد المرور... إلخ) في إنجليزية سليمة وفي حوارات ومواقف طفولية مرحة ولطيفة تساهم في اكتساب الطفلة ألفة في استخدام اللغة إرسالاً واستقبالاً.
ثانيًا: يمكنك تخصيص يوم أو أكثر أسبوعيًّا تكون حواراتك مع ابنتك فيه طوال اليوم بالإنجليزية -إن كانت لغتك جيدة ونطقك صحيح- فتكون ممارسات اليوم من تناول طعام وترتيب الحجرة وخروج للنزهة مثلاً باللغة الإنجليزية فتزداد قدرتها على التعامل بها بلا حواجز... وإن لم يكن لديك القدرة على ذلك فيمكنك البحث عن مكان ترفيهي مثلاً (النوادي الصيفية للحضانات الأجنبية مثلاً لأطفال سن المدرسة)؛ لتقضي طفلتك فيها أوقاتًا لطيفة في المرح واللعب لكن باستخدام الإنجليزية.
ثالثًا: لا بد أن تكون القراءة نشاطًا يوميًّا تمارسه ابنتك ولو في أبسط صوره وهو القراءة اعتمادًا على الصورة، أي تعرف أن هذه الصفحة بها قطة بدينة مثلاً، فالصورة تعني It Is a fat cat ، وهكذا...، وتلقائيًّا ستتعرف على شكل الكلمات وتلقائيًّا ستكون منها فيما بعد جملاً، وتتعرف عليها في جمل أخرى، وهكذا...، وتلك الطريقة في تعليم القراءة هي ما يسمى بالطريقة الكلية، وأنا شخصيًّا أراها أفضل من الطريقة التي يحلل فيها الطفل الكلمة لأصوات بحسب الحروف ليتهجاها معًا فتنتج عنها كلمة، فهذه الطريقة في السن الصغيرة تضيع متعة القراءة ومتابعة أحداث القصة في محاولة الهجاء وقراءة الكلمات ببطء، والتركيز في ذلك بشكل يرهق ويضيع معنى قراءة القصة نفسه، والخلاصة أن تتناولي القصة مثلاً مع ابنتك فتشيرين على الصفحة ناطقة بالجملة المدونة أسفلها، ثم تطلبين منها تكرارها مع ضرورة ضبط نبرات صوتك لتمثيل وإفهام الابنة معنى الجملة بجانب الصورة، وهكذا تكررون الأمر.. ستجدين ابنتك تمسك بالقصة وحدها وتكرر الجمل مع رؤيتها للصور حتى إنها تدريجيًّا ستتعرف على الجملة ولو بدون الصورة.
ولا بد من لفت نظرك إلى أن القراءة هي من أفضل مهارات اكتساب اللغة وأكثرها ضمانًا لاكتساب الثلاثة الباقين.
رابعًا: يبقى أمر هام وهو أن الخطة التي حاولت وضع يديك على خطواتها لا بد فيها من الدوام والانتظام وطول المدى، وتذكري دائمًا أن "خير الأعمال أدومها وإن قل".. وتعلم اللغات على وجه الخصوص لا ييسره شيء مثل الممارسة ودوام تلك الممارسة، ولعلك تلاحظين بنفسك أن انقطاع الأطفال في شهور الصيف مثلاً عن ممارسة اللغة يؤثر كثيرًا باتجاه السلب وباتجاه ضياع ما اكتسبوه خلال العام سواء في اللغات أو غيرها.
وأخيرًا أستودعك وابنتك رعاية الله وحفظه.. وفي انتظار موافاتك لنا بمزيد من التطورات وأخبارك واستفادتك مما قدمناه لك وشكرًا لثقتك الغالية.
لمزيد من المعلومات المفيدة يمكنك مطالعة ما يلي:
توصيات لتعلم اللغات
في الغربة.. كيف تندمج وتحفظ هويتك؟
وهذه بعض المواقع المفيدة لتعلم اللغة الإنجليزية:
English Vocabulary Generator
موقع لتنمية مفردات اللغة عن طريق الألعاب المختلفة، مثل: البازل، والكلمات المتقاطعة
English Exercises Online
- تدريبات للغة الإنجليزية عن طريق الإنترنت، كل أسبوع هناك درس جديد وتدريبات؛ لتنمية مهارات: الإملاء، والقراءة، والكتابة، والنحو
- Learn English Online
تعلم الإنجليزية عن طريق المحادثة. هناك أيضًا التدريب لاجتياز بعض الاختبارات، مثل
- Alpha Club
تعلم الإنجليزية عن بُعد عن طريق الاشتراك. هناك دورات للأطفال والمراهقين والكبار، ولكن بمصروفات.
- Learn English Online
موقع تعلم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، وهناك أيضًا اختبارات للمستوى، مراجع على الإنترنت، بالإضافة إلى 900 كتاب، وقسم خاص لتحسين اللغة عن طريق Internet Phone.
ــــــــــــــ(102/161)
الأب الرمز.. دعيه يصنع ذاته ... العنوان
أرسلت لكم من قبل أني مطلقة وأني أريد أن تتعلق بناتي بأبيهن على شكل رمز، فلم تفهموني، وكان ما قصدته هو أن أباهم لا يستحق أو لا يريد أن تتعلق به بناته، لكن دوره هام في حياتهم؛ لذا سألت عن كيف أحسِّن صورته وأجعل منه رمزًا للحنان والحب وقدوة لمصلحتهم، لا لأنه يستحق، مع كامل علمي أنه لن يتعاون معي ولو بسلوكه على ذلك؛ لذا سألت عن مسألة الرمز.. أرجو الإجابة سريعًا، و شكرًا لكم. ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ليست الأبوة علاقة الدم فقط، فعلاقة الدم هي البداية أو هي البذرة التي تحتاج للرعاية والاهتمام والحب والحنان والدفء حتى تنمو وتترعرع علاقة صحية سوية بين الأب وأبنائه، فما يبذله الأب من تضحيات وما يقدمه من مجهود وما يمنحه من عاطفة هو الذي يقوي الوشائج بينه وبين أبنائه ويعطي للأبوة معناها ومبناها، فالأبوة حقائق على الأرض وفي الواقع رمزًا للحنان أو قدوة لأبنائه وهو لا يقدم لهم شيئًا ولا يتعامل معهم.
إن أقصى ما تستطيعين أن تقدميه في حالتك، حيث لا أمل في تعاون الأب معه هو ألا تهاجمي الأب أو تشوهي صورته أمام بناته، ولكن ترسمي لهن صورة وهمية لأب حنون أو قدوة غير حقيقية؛ لأنهن في النهاية سيقيِّمن الواقع الذي يعشنه ويتعاملن معه، فإذا كانت الصورة مغايرة لما سمعنه منك فستكون صدمتهن كبيرة، وستكون نقمتهن عليه أعظم وأشد، وسيكون المردود النفسي السلبي عليهن عكس ما تريدين.
إن الأب حقيقة في حياة بناتك فاجعليهن يكتشفنها كما هي بدون تدخل منك دون رتوش أو تحسين، وعندها سيحددن هن علاقتهن به كرمز يحتجنه في حياتهن مع إدراكهن لحقيقته.. أو كحقيقة هن اللائي يقررن كيف يتكيفن معها سلبًا أو إيجابًا.. اتركي الأمر لاختيارهن ولا تتدخلي، وسيجبره ذلك على محاولة تحسين صورته أمامهن إن شاء أن يتواصل معهن.
وفي النهاية.. لا تيئسي من محاولة التفاهم معه على التعاون المشترك من أجل مصلحة البنات، فبعد هدوء الأحداث والنفوس يمكن أن يكون التفاهم أيسر.. ابذلي ما عندك من الحب والتفاهم والحوار وعندها سيكن سويات بما يسمح لهن بصياغة علاقتهن مع أبيهن بما يناسب مواقفهن معه.
ــــــــــــــ(102/162)
احترام الطفل يضبط رغباته ... العنوان
ابنتي -6 سنوات- طويلة اللسان، وليست ثرثارة أو بذيئة، بل إنها فقط تجادل وتلح وتتكلم كثيرًا، فكيف أتعامل معها؟ وأيضًا هي كثيرة التعلق بالأشياء فلو كنا في سوبر ماركت فهي تريد أن تشتري لنفسها كل الألعاب والحلويات وكل شيء.. وقد هددتها كثيرًا ألا أصطحبها.. فهل هذا حل؟ وكيف العلاج؟.. كيف أعلمها ضبط شهواتها وضبط النفس وترتيب الأولويات... إلخ؟ ... السؤال
إفشاء الأسرار والثرثرة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخت الكريمة أهلاً بك ومرحبًا بابنتك الجميلة الرقيقة ميرال.. كم أعجبني الاسم وليتك تتكرمين بإرسال معناه لي.. وأتخيل طفلتك التي تتحدثين عنها وأحاول أن أرسم لها صورة في مخيلتي.. خاصة وأنك تتحدثين عن طفلتي.. فأجد الأكثر بروزًا في مخيلتي أنها طفلة ذكية تبحث عن إجابات لأسئلتها الكثيرة وتعجبها الأحاديث والمناقشات التي تبرز قدراتها اللغوية التي حباها الله بها.. هذا ما تخيلته من رسالتك القصيرة جدًّا التي تصفين فيها ابنتك بأنها تلح وتجادل وتتكلم كثيرًا.
منذ ما يقرب من العام رددت على استشارة بعنوان ثرثرة ابنتي: من يوقف هذا الصداع - متابعة. وكنت أركز في ردي أن أحاديث الأطفال الكثيرة خاصة في هذه السن إنما يكون لأمرين: الأول إثبات القدرة اللغوية؛ فالطفل في هذه السن لغوي ويرغب في استعراض هذه القدرات التي يحصلها على طول الطريق؛ ولذا يحب الحديث وخاصة إلى من يحبهم والأم على رأس هؤلاء بالطبع، وخاصة إن كانت طفلة مؤنثة. ثانيًا الرغبة في أن يكونوا موجودين بارزين على ساحة المناقشات الأسرية.
ثم تذكرت هذا الرد الذي كتبته منذ زمن حينما كنت مصطحبة ابنتيّ لزيارة عمتهم، فلم تتوقفا عن الحديث طيلة الطريق.. فضحكت وقلت لزوجي: "أعتقد أنني ينبغي علي أن أرسل لهذا الأب الذي رددت عليه منذ زمن لأقول له معك كل الحق في أن تتعب من الحديث الدائم والمناقشات الدائمة". ولكنها مجرد كلمة أسررتها بيني وبينه. فالحق أن الحديث مع الأطفال أحد المتع في هذه الحياة؛ وإن أتقنا فنّه فُزنا بالخير الكثير. خاصة أن هذه الأحاديث هي الوسيلة الأساسية للتواصل مع الطفل. والوسيلة المثلى لنفهمه ونتعرف على داخل هذا العالم الرائع الجميل؛ وسنحتاج لهذا الحديث ذات يوم، فإن أوصدنا الباب اليوم دون أحاديث الصغار فلن نتمكن غدًا من رؤية عالمهم الذي لا بد أن نكون أحد أبطاله.
ولكن مع ذلك هناك ما يجب أن يتعلمه الأطفال أيضًا: فالحديث حق للطرفين؛ واحترامه واجب الطرفين. فلا بد أن يتعلم الطفل أن ينصت للآخرين كما ينصتون إليه، كما يجب أن يتعلم أن يهتم بما يقوله الآخرون كما يهتم الآخرون بحديثه، كما أنه من المهم أيضًا أن يتعلم متى وكيف يتدخل في حديث ما، على أن يكون الحديث أثناء وجوده حديثًا مناسبًا لأن يسمعه وأن يشترك فيه ويسأل عنه، ويدلي برأيه، كما يجب أن يُسأل عن رأيه ويستمع له باحترام؛ ليشعر أنه عضو محترم في الأسرة. وأيضًا علينا أن نعلم الطفل أنني من حقي أن أرفض الحديث عن شيء ما في وقت ما؛ ولأني أحترم الحديث فأنا لا أقبله إلا إذا كنت مستعدة له. وهذا يجعل الطفل على ثقة دائمة في أنك لا تملين حديثه أو تستمعين إليه مجاملة.
ماذا يمكننا أن نفعل أنا وأنت وغيرنا ممن يتعبون من الثرثرة ويرغبون أيضًا في الاستفادة من إيجابياتها؟
- أقترح عليك أن تمكني هذا التصور الذهني الإيجابي من عقلك: "طفلتي لغوية؛ لا بد من مساعدتها على التعبير والتواصل الإيجابي؛ ولا بد أن أعلمها كيف تتواصل بشكل جيد". هذا التصور الذهني الذي ننطلق منه في تعاملاتنا مع أطفالنا مهم جدًّا.. فهو يوجه شعورك وبالتالي تفكيرك في اتجاه موجب يرى المزايا ويقلص السلبيات. فكرري هذا بينك وبين نفسك دومًا، خاصة في حديثك مع نفسك قبل أن تتحدثي مع طفلتك أو تواجهين أي موقف بينك وبينها.
فنحن يمكننا أن نوجه تفكيرنا في اتجاه ما. ويمكنك أن تفعلي ذلك دومًا بشكل لفظي في حديثك مع نفسك. فمن المعروف أننا يمكننا أن نستخدم قوة عقلنا الباطن وقوة تخيلنا بحديثنا مع النفس؛ فكأنك تشحذين همتك وتعملين عقلك في تفاصيل تنفيذ الشيء الذي تفكرين فيه.
- الخطوة الموازية: أخبري طفلتك لفظيًّا أنك تحبين وتستمتعين بالحديث معها، (وأثبتي لها ذلك عمليًّا: فانتبهي لها وجهًا لوجه بينما تحدثك، وعلقي تعليقات تظهر أنك تستمعين لها جيدًا؛ واسألي أسئلة توسع دائرة المناقشة وتوسع رؤية طفلتك. ولا تقاطعيها)، خلاصة الأمر احترمي حديثها واهتمي به.
- إذا لم تكوني مستعدة للحديث معها فأخبريها بذلك بلطف: "ميرال حبيبتي؛ أعلم أن لديك الكثير من الأشياء الهامة التي تودين حكيها لماما حبيبتك. وأنا أحب أن أستمع إليك بتركيز.. هل تفضلين الحديث في موضوعك قبل العشاء أم بعد برنامج".
أيضًا ومن المهم أن يفهم الأطفال أن هناك أوقاتًا لا يمكنني الاستماع والانتباه فيها. وينبغي أن يعلموا أننا ككبار نتعب ونتوقع منهم أن يساعدونا في التغلب على هذا التعب.. عامليها باحترام ومكنيها من الحديث فعليًّا كلما كان هذا ممكنًا؛ وستجدين نتيجة رائعة بإذن الله تعالى.
ولمزيد من النفع أرجو أن تطالعي:
- في الحوار مع الطفل قل ولا تقل.
- ثرثرة ابنتي من يوقف هذا الصداع.
كما أرجو بعد قراءتهم أن تسجلي بعض المواقف التي تمر بك وابنتك الحبيبة وتصفينها فيه بأنها لحوحة، ثم اسألي نفسك هل هذا الوصف هو أقرب وأدق وصف لما أشكو منه وأريد تغييره في ابنتي، ثم تابعي وراقبي نفسك جيدًا: واسألي نفسك: هل أقوم بشيء هو الذي يجعل ابنتي تلح؟ هل هي تلح دومًا في أشياء معينة أو في أوقات معينة.. ما هي؟
سجلي ذلك، ولا تبخلي به علينا لنحلله معًا ونصل سويًّا للوصف الصحيح، وتعرف الأسباب، وتقديم مقترحات مشتركة بيننا.
كما يمكنك أيضًا تسجيل انتصاراتك: كل مرة ترين أنك تعاملت بطريقة مرضية مع حديث ابنتك، سجلي ذلك وسجلي تعليقك: لماذا تعاملت هذه المرة تحديدًا بهذه الطريقة (هل هو الهدوء - هل هي الصورة الذهنية - هل هي معرفة تجددت لديك - هل هو شعور معين انتابك...) تعرفي على ذلك ليمكنك الإبقاء عليه. وأرجو أن ترسليه إلينا؛ ولا يهم أن يكون مرتبًا جدًّا أو مصاغًا بطريقة ما؛ ما نرمي إليه هو هذه التجارب بعفويتها، وهذه الأحاديث والسيناريوهات اليومية التي هي نسيج حقيقي لحياتنا اليومية مع الطفل؟ هيا معًا نحدث فرقًا.
أما الجزء الثاني من استشارتك والتي تتحدثين فيه عن ميرال في رحلتها معك للسوبر ماركت:
التمهيد للموقف هو أفضل ما يمكننا فعله. الاتفاق في وقت سابق للتجربة (زيارة
السوبر ماركت) مسألة هامة.
"ميرال سنخرج اليوم لشراء بعض الأشياء: من فضلك هيا نكتب القائمة".. أملي على ما الذي نحتاج لشرائه: "سكر، بن، زيت...".
ماذا أيضًا تحبين أن نشتريه لميرال الجميلة: " اطلبي شيئًا أو شيئين (حسب ما تقررين أنت؛ وعليها أن تعرف أن هناك ميزانية للأسرة تسمح بكذا اليوم؛ ولا تسمح بكذا، حتى وإن كانت الأحوال المالية للأسرة ميسرة، فالطفل يتعلم من تجاربه وخبراته اليومية.
المهم أن تشعر أنها أحد أفراد أسرة تخطط معًا وتتخذ القرارات معًا وتنفذها معًا.. حين تشعر ميرال أنها جزء هام من مجموع ستتصرف وفق هذا الشعور بالاحترام والأهمية؛ كذلك ستجدينها بعد وقت مسئولة وتتابع هذه المسئولة. ولن تخرج عن الخطة التي كانت هي جزءًا منها، بل ستسعى لتنفيذها وإن رغبت أنت في الخروج عنها.
وأثني على تعاونها ومساعدتها لك في التسوق فيمكن أن تُملِيك وقت التسوق من القائمة المعدة سلفًا؛ ويمكن أن تتولى هي القيام ببعض المشتريات من قسم معين بينما تشترين أنت الباقي، وأفهميها أننا سنلتزم بما هو مكتوب في القائمة.
وفي نهاية رحلتك الناجحة أعطها النقود لتتولى هي الدفع.
الخلاصة: حاولي الإشراك الذي يشعر بالاحترام والأهمية والعضوية الحقيقية في جماعة.
ومن المهم أيضًا أن تتعلم الطفلة أن تشتري في حدود مصروف شخصي تتفقان عليه وتعلمينها ما الذي يمكن أن تشتريه به: (هذا المبلغ يمكن أن يشتري مصاصة ولبان؛ ويمكن أن يشتري كيسًا واحدًا من البطاطس...، وإذا أردت شراء آيس كريم عليك أن تدخري مبلغًا من مصروف اليوم السابق".. علميها من تجارب الحياة اليومية، وأتوقع نتيجة مختلفة إن شاء الله.
وفقك الله وهداها وهدى كل أطفالنا.. اللهم آمين.
وأكرر رجائي بأن ترسلي لنا مواقفك مع طفلتك، وما حدثت به نفسك وقت قراءة هذه الرسالة أيًّا كان: تعليق أو سؤال أو فكرة تنفيذية، أو... فأحسب أن هذا التواصل سيجعلنا شركاء بحق لنربي أبناءنا معًا.. والله المستعان.
ــــــــــــــ(102/163)
صلة الرحم في الغربة.. أمنية ممكنة ... العنوان
سؤالي قد يكون مختلفًا فأنا ليس لدي مشكلة بعينها، ولكن يؤرق مضجعي في غربتي.. أن ابنتي(5 سنوات) لا تعرف من أهلنا أحدًا.. اللهم إلا جديها.. أما أبناء عمومتها والأقارب، فهي بالكاد تسلم عليهم إن رضيت عند عودتنا في الإجازات، وأسألكم: كيف لي أن أربي ابنتي على صلة الرحم؟ وكيف تعرف أقاربنا؟ فنحن سنعود يومًا ولن نهاجر للأبد. وحتى إن أقمنا للأبد فإن لأهلنا علينا على الأقل حق المعرفة والصلة.. فكيف أعلم أبنائي هذا رغم البعد؟ وشكرًا لكم. ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الفاضلة ومرحبًا بأسرتك، وفي الواقع لقد أثر في رغبتك الأكيدة في تربية ابنتك على صلة الرحم وألفة الناس، ولعلك بهذا التعلق الصادق بصلة الرحم تكونين ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.. بل وعساها صدقة جارية تربيتك لأبنائك على هذا العهد أسعدك الله بهم في الدنيا والآخرة.
وأبدأ حديثي معك ببعض الملاحظات الهامة قبل أن نلج في مقترحات تفصيلية لتنشئة أطفالك متعلقين بذويكم؛ فأود أولاً: أن أؤكد على أن يكون بيتكم -في غربتكم- مختلفًا عن بيوت السكان الأصليين للبلد- وهذا من الداخل طبعًا؛ فيكون غنيًّا بثقافة بلدكم أو لنقل نموذج مصغر لبلدكم بدءًا من اللوحات المعلقة على الحائط والإكسسوارات التي تزين المنزل إلى السجاد والمفروشات وحتى (الدواسة) التي تمسح فيها الإقدام على باب المنزل.. يفضل أن يكون المكتوب عليها بالعربية (فلو أنه يكتب عليها welcome في المعتاد يفضل أن تبحثين عن واحدة مكتوب عليها "مرحبًا" أو "أهلاً وسهلاً")؛ ليشعر أبناؤك بالاختلاف عمن حولهم والانتماء إلى جذر مختلف -مع احترامهم لثقافة من حولهم بالطبع- ويستشعرون بمرور الوقت حنينًا إلى هذه الجذور.
وثانيًا: فسأؤكد على ضرورة التحدث بالعربية داخل المنزل قدر المستطاع ومشاهدة قنوات فضائية عربية، وقراءة بعض الكتب ومشاهدة شرائط فيديو بالعربية في جلسات ممتعة تجمع الأطفال بشكل يومي معك ومع أبيهم؛ ليستشعروا أن لهم ما يستمسكون به ويستمتعون به ويخصهم وينتمون إليه.. ويجمع أفراد الأسرة كلها، فضلاً عن ضرورة إيجاد علاقات عديدة ومتنوعة مع أبناء الجالية العربية الموجودين في موطن إقامتك والتواصل معهم بشكل أسبوعي وقضاء العطلات في رحلات ممتعة معهم والاحتفال بالعيدين بينهم، وهكذا...
ومع تنفيذ ما سبق والمواظبة عليه، سيتكون داخل أبنائك -وابنتك على وجه الخصوص- حنين وتنبعث أسئلة عن (أهلنا وأقاربنا وبلدنا وأجمل ما فيها... إلخ)، وهو ما سيفتح المجال أمامك لتنمية هذا الحنين وزيادته وتغذيته.
ولدي بعض المقترحات العملية لتكون ابنتك على صلة بالأهل باستمرار رغم الاغتراب:
أولاً: لا بد من اصطحاب صور الأهل من أعمام وأخوال وأبنائهم... إلخ، وما أجمل أن تكون هذه الصور قد التقطت في مناسبة لطيفة أو اجتماع عائلي مبهج أثناء قضاء إجازاتكم السنوية، ولا مانع من اصطحاب آلات التصوير الفوتوغرافي والفيديو في كل زياراتكم العائلية أثناء الإجازة -ويا حبذا في رحلاتكم مع الأقارب والأهل- لالتقاط صور طريفة تظل مرجعكم في الغربة ومزاركم بين الفينة والأخرى.. ففي نهاية كل أسبوع تعرضين هذا لشريط أو تصنعين بعض (الفشار)؛ لتأكليه مع ابنتك وزوجك وأنتم تشاهدون صور العائلة معرفة إياهم بها.. (فهذا عمو فلان وهذا هو ابنه..وهذه خالتو.. كم تحبك... إلخ).
ثانيًا: لا بد من تدوين المناسبات الخاصة لهؤلاء الأقارب في مذكرة مع ابنتك لتذكيرها كل فترة أن غدًا هو يوم ميلاد جدو أو أنه يوم الأم مثلاً فهيا نتصل بخالتو أو نرسل لها كارتًا بالبريد أو بالبريد الإلكتروني.. واليوم هو عيد الفطر فهيا نتصل بكل الأهل نهنئهم، وقدوم رمضان وهذا عيد الأضحى، ولا ينبغي أن يمر أكثر من أسبوع دون اتصال بأحد هؤلاء الأقارب بالتناوب هذا بخلاف الاتصال الأسبوعي الثابت بالجدين.
ثالثًا: يمكنك شراء هدايا جميلة مع ابنتك كذكريات ظريفة لتهدونها الأقارب لدى عودتكم في الإجازات، مع إشراك ابنتك في اختيارها هذا لفلان وهذا لفلان، كما يجب أن تقدمي لها أنت بعض الهدايا على أنها مرسلة لها من أقاربكم وجديها، ويفضل أن يتكرر هذا الأمر بانتظام، ويفضل أن تختاري هدايا يبقى أثرها وليس شيئًا يؤكل مثلاً؛ لتظل ذكرى أمامها تجدد ذاكرتها ومشاعرها نحو أهلكم وأقاربكم.
رابعًا: لا بد من متابعة أخبار العائلة بانتظام وتداولها مع زوجك وأبنائك على مائدة الطعام مثلاً، لكي تظل ابنتك على ارتباط بهم ومتابعة لكل جديد يطرأ عليهم، فتقولين مثلاً: "في إجازة هذا العام سنجد فردًا جيدًا في العائلة.. إنه طفل جميل جدًّا أنجبته زوجة عمو فلان مثلاً.. واسمه كذا.. حين نراه سيكون في سن الحبو.. وسيرسلون لنا صورته بالبريد..) مثلاً.
خامسًا: لا بد أن تشاركي ابنتك صياغة خطاب مثلاً للجدين والأقارب ولو كل شهر.. تسأل فيه عنهم وترسل لهم بأخبارها وتطمئن عليهم وتعدهم بلقاء قريب، ثم تذهبان معًا عند التسوق لوضعه في صندوق البريد مع صورة حديثة لابنتك مثلاً أو كارت لطيف تشتريه معك أو صنعته بيدها خصيصًا لإسعاد خالتها أو جدتها.
سادسًا: لا بد من لزوم الدعاء لأهلكم في ظهر الغيب في كل حال وفي أوقات الإجابة، وإشراك ابنتك في التأمين على هذا الدعاء.
وهكذا تظل المسألة تشغل حيزًا غير بسيط في حياة ابنتك اليومية وأنشطتها وممارساتها المختلفة.. فيتشبع وجدانها بصلة الرحم وبالارتباط بالعائلة.
وأخيرًا يا عزيزتي أترك لخيالك العنان لتفكرين في المزيد من الابتكارات والأفكار -بما لك من خبرة مع ابنتك- التي تزيد من ميل ابنتك وارتباطها بأهلكم.. وأؤكد على ضرورة البعد تمامًا عن لومها أو إشعارها بالملامة على عدم معرفة الأهل أو بالألم للغربة.. كي لا يؤثر ذلك مستقبلاً على تقبل ابنتك للوضع الذي تعيشونه.
وأنا في انتظار متابعاتك وملاحظاتك ومزيد من استفساراتك.. وأرجو ألا يطول انتظاري.
كيف يتم التلقيح في الإنسان؟ ... العنوان
الإخوة الكرام القائمون على قسم الاستشارات جزاكم الله عنا كل خير وثقل ميزان أعمالكم.
الحمد لله أعتبر نفسي أمًّا متفهمة، وثقافتي العلمية قليلة نوعًا ما، إلا أنني أقرأ باستمرار، وأتابع استشاراتكم والأسئلة التي تصلكم، واكتسبت مهارات ومعلومات في سنوات زواجي السبعة عشر بما يتعلق عن الثقافة الجنسية وأمور المراهقة والتربية، ومن فضل الله تعالى أصبح عندي الآن من الأبناء ثلاث بنات وثلاثة ذكور، وعلى الرغم من كل ما تقدم وقفت موقف الحائرة التائهة عندما سألتني ابنتي ذات الأحد عشر عامًا بعد عودتها من المدرسة (اليوم في المدرسة أخذنا درس التلقيح عند النباتات، وسألنا المعلمة كيف يكون التلقيح عن الإنسان؟ فأجابت أسألوا أمهاتكن!).
في الوهلة الأولى قلت لها عندما تكبرين سوف تعرفين، لكنني لست راضية عن هذه الإجابة، كما أنها لم تشبع تساؤلها، وأخاف أن تعرف من غيري، علمًا بأنني منذ فترة وعندما لاحظت عليها بداية التغييرات الطفيفة ومن خلال النقاش أخبرتها بأنها بعد فترة وجيزة سوف تجتازين إلى مرحلة جديدة وسوف يحدث لك ما يحدث لكل البنات من أمور الطمث والأشياء الأخرى، وكان ذلك عندما سألت لماذا فلانة لم تصلِّ؟ علمًا أنها هي أكبر إخوتها.
ساعدوني كيف تكون الإجابة على هذا السؤال مع ذكر فوارق العمر، جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك وعيك الذي وصل بك أنك تعرفين مخاطر إجاباتك المدمجة والمختصرة، ولكنك بعثت تطلبين المساعدة.. بالطبع لا تصلح إجابة عندما تكبرين ستعرفين؛ لأن البنت بمنتهى البساطة ترى أنها كبيرة، وبالتالي تستحق أن تعرف بالإجابة، وإذا لم تحصل عليها منك ستذهب لتحصل عليها من إحدى زميلاتها أو من أحد الكتب غير العلمية، أو من أي مصدر مجهول يعطي المعلومة الخطأ والخطرة مع المعلومة الصحيحة.
إن ابنتك على حد وصفك قد ظهرت عليها العلامات الجنسية الثانوية من بروز للصدر أو ظهور للشعر يملأ الإبطين، وهي فرصة للجلوس معها والحديث بصراحة عن ماهية هذه التغيرات، وكيف أنها البداية والعلامة لمرحلة جديدة في حياتها تترك فيها مرحلة الطفولة وتنتقل إلى مرحلة المراهقة وأن هناك هرمونات تفرز في الجسم لإعداد الفتاة لاستقبال هذه المرحلة، وأنها تمهيد وإعداد لها للقيام بدورها في الحياة وفي إعمار الأرض وفي خلافة الله في الكون، حيث تهيئ هذه التغيرات الفتاة من أجل أن تصبح أمًّا؛ ولذا تنمو أجهزتها التناسلية الداخلية من مبيض ورحم والخارجية أيضًا، وأن هذه التغيرات تحدث أيضًا تغيرًا في مشاعرها نحو الجنس الآخر، حيث يحدث هذا الميل الفطري بين الجنسين الذي يهيئ الأمر للقائهما بالزواج من أجل إنشاء الأسرة التي تحتضن الأبناء والذرية لإحداث مراد الله في إعمار الكون ليس بإنجاب الأولاد فقط، ولكن بإنشاء الأسرة التي يسودها المودة والرحمة، وتكون النواة الصلبة التي تتكون منها المجتمعات الساعية لإرضاء الله.
ويتم شرح علمي مبسط لهذه التغيرات الجسمية والجنسية وكيفية حدوث الطمث، وكيف أنه التهيئة الشهرية لاستقبال البييضة.. وكيف أن المتغيرات الجسمية والتي جعلها الله لغاية سامية تستحق من الفتاة أن تخضع لأمر الله بالحجاب؛ لأنها تصبح رمزًا لجمالها وأنوثتها وهو أمر يستحق الزوج فقط أن يطلع عليه، وتشرح الآثار الفقهية المترتبة على هذه التغيرات من اغتسال وصيام وصلاة، ومتى تتوضأ، ومتى تغتسل.
ويكون هذا الحديث والحوار هو الفاتحة لحوار مستمر تعلنين فيما استعدادك للإجابة على كافة ما يدور في رأسها من أسئلة دون حرج أو حدود فكل ما تسمعه أو يعرض عليها من ممارسات أو معلومات من زميلاتها فأنت الأولى للإجابة عليه... ليس هناك طريقة أفضل في توصيل المعلومات من ذكر الحقيقية ببساطة وهدوء.
ــــــــــــــ(102/164)
سمك السلمون يتعلم فنون الحياة ... العنوان
أشعر أن طفلي (سنتان) جبان وهياب رغم أنني أربيه بكل شفقة وبدعم لثقته بنفسه، فلا أنهره أو أصرخ فيه، لكنه عند سماع الصوت العالي - الظلام - الماء في البحر أو المسبح.. يملأ الدنيا بكاء وهروبًا من هذا الشيء.. لو قال له أبوه مثلاً: "خللي بالك يرتعد.. لو قلت له حاسب يا حبيبي كذا أراه ينتفض، ثم يدفن رأسه في حضني..".
ماذا أفعل لأرفع ثقته بنفسه وأربيه شجاعًا لا يهاب أحدًا ولا يخاف شيء.. أرجوك يا دكتورة إيمان أرجو أن تشرحي لي كيف أحببه في البحر والمسبح.. رغم أنه يحب الحموم ويحب اللعب.. وأخوه الأكبر جريء وشجاع ومنطلق لدرجة أنه يخشى عليه من التهور.. فهما ضدان.. كيف أعدل من ابني؟.. آسفة للإطالة.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول دعاء ممدوح من فريق الاستشارات:
مرحبًا بك عزيزتي ومرحبًا بطفلك الغالي بارك الله لك فيه، واسمحي لي أن أتطرق لسؤالك مباشرة دون مقدمات، ولكن من خلال رحلة بحرية تسعدك.. بالطبع أنت تعرفين سمك السلمون، وهو نوع من الأسماك محبب جدًّا لدى مختلف الشعوب والإقبال عليه يفوق أي نوع آخر؛ وبالتالي تعرض لصيد يفوق معدلات تكاثره، وخاصة أن رحلته وهجرته عكس تيارات البحار والمحيطات تؤدي لهلاك الكثير منه رغم معدلات تكاثره التي قيل إنه لو ترك دون صيد أو لم تكن له رحلة الهجرة التي حدثتك عنها لسرنا على جسور من سمك السلمون.
ستتساءلين ما علاقتنا بالسلمون الآن؟
أرد عليك بسرعة فأقول:
علاقة سؤالك قوية بسمك السلمون، فهذا السمك -لتناقص أعداده بشكل كبير- يتم تربيته في مزارع سمكية وحضانات، ثم يلقى به في البحر بالمليارات، ولكن العجيب أنه ينفق منه 90% بعد فترة وجيزة من إلقائه في البحر.. أتعرفين لماذا؟ لأن سمكة الحوض التي تأكل بميعاد وتأكل علفًا، وتعيش بعيدًا عن الأخطار حين تلقى في البحر لا تعرف أن الدودة الحمراء هي أفضل غذاء لها؛ وبالتالي فهي حتى إن وجدتها أمامها لا تأكلها، ولا تعرف ظلام قاع المحيط فلا تعرف أن تعيش فيه، ولم ترَ قط أعداء فلا تعرف كيف تهرب منهم ولا كيف تقاومهم، وهذا الدرس الأول الذي نتعلمه من السلمون.. نحن عزيزتي نربي أبناءنا بمعزل عما سيعيشون معه حقيقة في الحياة فيصيبهم الذعر والهلع مع أول احتكاك لهم بهذا العالم غير المعتاد، والعضو الذي لا يستخدم يضمر.. وعليه فالخبرة التي لا تنمى والقدرة التي لا تستثمر في أبنائنا تتلاشى.
أما الدرس الثاني الذي نتعلمه من السلمون فهو التعليم بالمحاكاة.. لقد تغلب (محدث الأسماك) وهو عالم أمريكي في مجال الثروة السمكية.. على هذه المشكلة بأن جاء بأحواض بها سمك ساذج من أبناء المزرعة وأحواض أخرى بها سمك نابه من أبناء المحيط.. ووضع الحوضين بمقابل بعضهما، وصار يعلم السمك الساذج بالمحاكاة، فيلقي بالدودة في كلا الحوضين، وبالطبع لا تحرك السمكة البلهاء ساكنًا، في حين تسارع سمكة المحيط لخطف الدودة الملقاة، وبتكرار العملية بدأت السمكة البلهاء بمحاكاة زميلتها في الحوض الآخر، فتسارع لتنال ما تحاول زميلتها اقتناصه.. حتى فهمت أن هذا هو صيد غذائها، وأن هذا ما ينبغي أن تبحث عنه لتعيش، وتعلمت من زميلتها ذات الخبرة أن تسارع للدودة الحمراء.
أما الحماية من الأعداء فكان التدريب عليها بعرض شرائط فيديو للأسماك عن مطاردة أسماك القرش للسلمون مثلاً وكيفية اختبائه وهربه واحتمائه.. (لاحظي دور الإعلام)، وبالتالي تربت السمكة وفهمت المنوط بها عمله قبل أن يلقى بها لحياتها الحقيقية في المحيط.
هل وصلك ما عنيته عزيزتي؟، إننا كآباء وأمهات نميل أحيانًا إلى التيسير على أنفسنا وعلى أبنائنا، فنفعل عن أبنائنا ما يجب عليهم فعله ونحرمهم من الخوض بأنفسهم في غمار الحياة، اختصارًا للوقت وتعجلاً أو ميلاً للأيسر.. فتقضي تلك الحماية الزائدة على قدرات الأطفال ومهاراتهم، وتقلل من خبراتهم فتجعلهم يخافون من كل شيء، يخافون من كل ما نشعرهم أننا نخافه عليهم، ويصير هنا العلاج أن نمنحهم الثقة فيما حولهم مع مراقبتهم من بعيد، لكي يتعاملوا هم مع الحياة ويصلوا لأفضل الطرق للتغلب على عقباتها، ولنا في سمك السلمون عبرة تغني عن كلمات كثيرة.
وأتركك للدكتورة إيمان السيد توضح لك وجهة نظر الطب النفسي في حالة طفلك:
تقول د. إيمان:
إن حديثك عن طفلك يوحي بأن نموه وتطوره وقدراته العقلية وتواصله مع الوسط المحيط به ليس به ما يقلق، حيث إن الخوف الزائد من الأشياء والأصوات وخلافه قد يكون أحد أعراض الإعاقات الذهنية أو التأخر العقلي كالتوحد وغيره، لكن من حديثك اتضح أن طفلك بعيد عن هذا كله.
يبقى لنا أن نتحدث عن حساسيته الزائدة لأي شيء مخيف (مسموع - مرئي)، وهذا شيء يمكن التغلب عليه بالتعلم، فيتم تعريض الطفل لما يخافه بهدوء ورفق وتدرج ونعطي مثالاً بماء المسبح:
حاولي أن تقدميه فقط مع جلوسك أو الأب معه على حافة المسبح، ثم دلّكي فخذيه بالماء، والمرة التالية الإمساك به مع تدلية قدميه وحثه على رش الماء بهما مع الضحك معه واللعب والدغدغة، وهكذا... حتى يتطور هو بنفسه وببطء ودون إجبار في اتجاه تقبل هذه الأشياء التي يخشاها، مع ضرورة أن يرى أمامه نماذج تتعامل مع تلك الأمور التي يخافها بسعادة وتلقائية؛ ليتأكد أنه ليس بها ما يخيف إطلاقًا، فيرى أباه يسبح مثلاً وإخوته يلعبون في الماء تحته -وهو على الحافة- بسعادة، وهكذا... فيتشجع.. ويراكم تضحكون عند انقطاع التيار الكهربي وتصفقون عند عودته فيفهم أن الأمر ليس مقلقًا، وعند الصوت العالي تعلقون بمرح أمامه فتقولون مثلاً "بوم".. وتضحكون.. فيفهم أن الأمر ليس مرعب، وهكذا...
وأخيرًا.. فحذار من تهديده بشيء مما يخافه لكي لا يتأكد لديه هذا الخوف، فلا يقال له "سأطفئ عليك النور إذا فعلت كذا".. أو "سأحبسك في غرفتك وحدك"، وهكذا...، مع تجنب الحكايات المفزعة أو المرعبة حتى إذا بدت بسيطة..
وينتهي كلام د. إيمان
وأخيرًا.. أستودعك رعاية الله وحفظه موصية إياك بالدعاء لطفلك أن يربط الله على قلبه وينشئه جريئًا شجاعًا.. وفي انتظار موافاتك لنا بنتائج ما عرضناه لك من مقترحات، وما لديك من استفسارات، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/165)
التغيرات السلوكية..وقفة للتساؤل ... العنوان
المكرم عزيزي المستشار، بعد السلام والتحية والتقدير، ابنتي هذه كانت من أفضل بنات الحي أدبا وخلقا وعلما وما زالت، إلا أنها تغيرت بشكل غريب علينا كوالدين لها فصارت مهملة نوعا ما في دروسها، أحيانًا لا تستمع إلينا، "طناش لمدة زمنية معينة" توافق ثم نفاجأ بأنها تركت كلامنا واتجهت إلى شيء آخر.
شكت إحدى المعلمات عن تبدل حالها بالمدرسة؛ إذ إنها غالب أوقات الحصة تكون في سرحان وشرود ذهني بعيدا عن المعلمة، كتبها وأقلامها ودفاترها مبعثرة وبالأحرى تعطيها لزميلاتها، حتى نقود الفطور تعطيها لزميلاتها، كذلك تسلقها لبعض أعمدة المبنى المدرسي، أيضا لا أخفيك بأنها قاسية على أخيها الأصغر منها.
أخي المستشار وعزيزي: لقد بذلنا معها كافة الطرق التربوية كالنصح والتشجيع وتلبية رغباتها وميولها واتجاهاتها وكذلك إقامة الرحلات، حتى إنني حاولت الدخول إلى أعماقها، لكن دون جدوى، لم أصل إلى معلومة تفيد بأنها متأثرة نفسيا من شيء معين، أضف إلى ذلك أننا اتجهنا إلى مسألة العقاب حتى إنني أخبرت والدتها بأنه إذا اشتد أحدنا في مسألة العقاب فعلى الآخر الحماية والنصح لها.
وأخيرا عزيزي المستشار، خوفي على ابنتي من إصابتها بالخوف والذعر والتبلد الحسي جعلني ووالدتها نفكر ماذا نفعل؟ وكيف نعالج هذه المشكلة قبل أن تستفحل وتكبر؟
أخي: لم يبق أمامي غير خيارات الاستشارة والبحث في الكتب والكتابة إليكم لمساعدتنا في حلها بعد الله. تقبلوا فائق احترامي وتقديري.
... السؤال
صعوبات التعلم ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لكم رسالتكم لأنها في التوقيت المناسب؛ لأن التغيرات السلوكية عند الأطفال من الأمور التي يجب الوقوف عندها وعدم تمريرها بسهولة؛ لأنها في الغالب تعبر عن أسباب خفية تحتاج للبحث، خاصة إذا كان الأمر متعلقا بتدهور مفاجئ في المستوى الدراسي، وهو ما ظهر في الرسالة من إهمال لدروسها وشكوى مدرستها من تبدل حالها إلى الشرود الذهني وتبعثر كتبها وأقلامها ودفاترها...
المهم أن يكون ذلك فعلا تغيرًا في طبيعتها الأصلية وليس امتدادًا لسلوكها منذ صغرها، لكن أصبح أكثر وضوحًا، لأن الأمر يختلف. لأن التغيرات السلوكية هي التي تحتاج إلى وقفة للبحث عن أسبابها، أما السلوكيات الخاطئة منذ الصغر فهي تحتاج إلى علاج سلوكي عادي يقوم على الحفز والتشجيع في اكتساب السلوكيات الجديدة والتخلص من السلوكيات السابقة.
الانطباع الذي لدينا من الرسالة هو أنه تغيرات جديدة قد طرأت على طفلتكم، لم تكن جزءًا من سلوكها السابق، لم نقرأ في الرسالة ما تُقدمه هذه الطفلة من مبررات لسلوكياتها خاصة ما يبدو منها غريبا مثل تسلقها لسور المدرسة أو إعطائها نقود الإفطار لزميلاتها.. وأيضًا بماذا تبرر موافقتها على كلامكم ثم تحولها لشيء آخر.. وهل ما تصفه من عدم استماعها لكم لمدة معينة ناتج فعلا عن "طناش" كما تصف في رسالتك أم ناتج عن غيابها الفعلي عنكم بحيث تبدو لدقائق وكأنها غير حاضرة معكم.
لم أستطع أن أتعامل مع رسالتك على أنها مجرد مشكلة سلوكيات خاطئة؛ لأن هناك الكثير من علامات الاستفهام التي أثارتها والتي ربما لو حصلنا على إجابات عليها لأصبحت أكثر وضوحًا.. لا نريد إدخال القلق إلى قلوبكم، لكن نريد أن نوجهكم التوجيه الصحيح الذي يعينكم على التعامل مع طفلتكم.. نريد أن تجيبونا على الأسئلة الخاصة بردود فعل الطفلة ومبرراتها التي تقدمها وحالتها وهي لا تسمع أي أوامر لكم، وهل كان هناك مشاكل أثناء الحمل والولادة فيها، وهل هناك أي حالات مرضية تعاني منها.
ــــــــــــــ(102/166)
كيف توجه صداقات المراهقة؟ ... العنوان
مشكلتي مع ابنتي(15 سنة) في صديقتها؛ فلها صديقة شديدة التعلق بها، علمًا أن صديقتها لها ظروف نشأة خاصة بها؛ حيث إن والدها متوفَّى، ولها أخت من أب آخر أيضًا متوفى، وتعيش في منزل جدها.
ابنتي شديدة التعلق بها؛ لدرجة أن صديقتها لو تشاجرت مع ابنتي الصغرى تصبح ابنتي لا تطيق كلمة لأختها الصغرى. علمًا أن ابنتي تتكلم معها في التليفون بشكل مرضي.
ومثلاً نحن في مرحلة تحديد أدبي أو علمي؛ فابنتي متفوقة في الرياضيات، وصديقتها متفوقة في المواد الأدبية، وابنتي تلحّ عليّ لتلتحق بالقسم الأدبي، وقس على ذلك كل المواقف.
كي لا أطيل عليكم ماذا أفعل لإبعاد ابنتي عن هذه الصديقة أو إزالة هذا التعلق المرضي؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إحدى نقاط الخلاف بين الآباء والأمهات وأبنائهم وبناتهم في سن المراهقة هي قضية الأصدقاء واختيارهم وطبيعة العلاقة بينهم، حيث يكون اختيار الأصدقاء هو أحد نقاط التعبير عن الاستقلال والشعور بالذات لدى المراهق، حيث يعتبر اختياره لصديقه وعلاقته به أمرًا شديد الخصوصية ليس من حق أحد أن يتدخل سواء في اختياره أو في طبيعة العلاقة معه.
وفي المقابل يقف الآباء يصرخون ويحتجون على اختيارهم أولادهم للصداقة ولهم أسبابهم التي يرون أنها وجيهة وصحيحة، فإما اختلاف المستوى الاجتماعي، أو عدم الرضا عن المستوى الأخلاقي، أو الالتصاق الشديد بين الأصدقاء والانتماء لهم وسماع نصائحهم وآرائهم وعدم الاكتراث برأي الآباء في المقابل.
ويتدخل الآباء بقوة السلطة والقانون متصورين أن لديهم القدرة وأن لهم الحق في إثناء أولادهم عن هذه الصداقات، وأنه طالما أظهر الآباء للأبناء سلبيات هذه الصداقة فعلى الابن أو الابنة المراهقة أن يذعنوا لهذا الطلب؛ لأنهم يرون مصلحتهم في ذلك... ويفاجأ الآباء بالصدام الرهيب مع الأبناء ورفض الأبناء لهذه الطلبات، والسبب المعلن هو عدم إقناعهم بما يسوقه الآباء من مبررات.
والسبب الحقيقي هو أن المراهق يشعر أنها معركة لإثبات ذاته وإعلان استقلاله (إنني لي عالمي الخاص الذي ليس من حق أحد أن يتدخل فيه.. والأصدقاء جزء من هذا العالم.. إنهم يفهمونني ويشعرون بي يشاركونني آلامي وآمالي، فلماذا تريدون أن تحرموني منهم.. إنهم يشعروني بكياني وشخصيتي.. أشعر في وسطهم أنني صاحب رأي وصاحب موقف... هناك من يحتاجني وأحتاجه في عالمنا الخاص بعيدًا عن رقابة الكبار وتطفلهم، وهكذا... يكون لسان حال المراهق)، وهو في سبيل ذلك مستعد لخوض معارك طويلة تزيده عنادًا وإصرارًا على هؤلاء الأصدقاء وصداقتهم؛ لأن المعركة تزيد إحساسه بالتفرد... منها هو صاحب قضية يدافع عنها وهي فرصته لإثبات ذاته وكيانه المستقل، والأهالي يتعجبون لهذا الإصرار وهذا الارتباط ويفسرونه كضعف في شخصية أبنائهم المنقادين لأصدقائهم.. والكل يشكو نفس الشكوى وهم لا يجدون لمن ينقاد هؤلاء المراهقين.. فكلهم منقاد لبعضه البعض لرغبتهم في الانتماء أيضًا لمجموعة أو جماعة يقفزون بها ويجدون في هؤلاء الأصدقاء هذه المجموعة يبحثون عنها للانتماء لها.
الخروج من إطار الأسرة إلى إطار جديد هم الذين يحددونه ويختارونه؛ لذا فإن الأسلوب الصحيح للتعامل مع هذه القضية هو الخروج من هذه المواجهة والعودة إلى الأصل المعتمد في التعامل مع المراهق وهو الحوار والتفاهم في إطار الصداقة معه... بحيث نتحدث معه في مسألة أصدقائه... كصديق يتحاور معه ويبدي رأيه في علاقته به كقضية مطروحة للنقاش وليس كأمر لا بد أن ينفذه.
مع الوضع في الاعتبار أننا في بعض الأحيان يكون لنا مبررات غير منطقية في رفضنا لصداقات أبنائنا؛ لذا فيجب أن نكون موضوعيين ومنطقيين بحيث نستطيع أن نقنع أبناءنا بما نريده، فإذا فشلنا في ذلك فالمشكلة عندنا وليست عندهم؛ لأننا لم نجد ما نقنعهم به.
ويجب أن نصبح جزءًا من مجموعة الأصدقاء، بمعنى أنك بصورة طبيعية تتعرفين على أصدقاء أو صديقات ابنك أو ابنتك المراهقين.. عن طرق دعوة لحفل ميلاد أو رحلة ترفيهية أو مذاكرة مشتركة.. فتتعرفين عليهم وتصادقينهم عن قرب وتستمعين لأفكارهم بحيث يكون رأيك بعد ذلك مسموعًا لدى ابنك المراهق؛ لأنك تتحدثين عن واقع وليس انطباعات شخصية.. بهذه الطريقة القائمة على عدم المواجهة وإبداء الرأي في إطار التفاهم والحوار مع التعرف على الأصدقاء عن قرب بصورة طبيعية تحل جميع المشاكل.
وفي النهاية.. تعليقًا على مسألة اختيار ابنتك لطريقها في الدراسة سواء كان العلمي أو الأدبي فهو يحل بنفس السياسة من الحوار والتفاهم بدلاً من المهاجمة وتحويل الأمر إلى إلقاء للوم على هذه الصداقة، بل اطرحي رأيك ببساطة ووضوح وأعطها الحق في الاختيار بعد ذلك دون تدخل... الخلاصة صداقتك التي تستطيع أن تحل مشكلة الصديقات بهدوء وصبر وموضوعية.
ــــــــــــــ(102/167)
الصبر.. مفتاح التربية ... العنوان
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.. تزوجت حديثًا بشابة مسلمة لديها ابن عنده 11 سنة وطفلة عندها 8 سنوات. المشكلة باختصار هو أن الطفلة بعد أيام بدأت تنفر مني ونريد أن نستنير بخبرتكم المستقاة من الإسلام الحنيف من أجل إنشاء أسرة سعيدة متحابة، علمًا بأن المعرفة بيني والأولاد قبل الزواج كانت بحكم البعد عبر الأم والهاتف، وكانت استجابة الأولاد حسنة.
وفي أول لقاء لي مع الأولاد كان هناك انسجام وتقبل جيد، لكن المشكلة بدأت بعد انتهاء الحفل في بيت أسرة زوجتي وعودتنا إلى بيتنا الخاص، ونعتقد أن الغيرة على أمها هي السبب رغم أننا نعطيهم الوقت الكافي والأولوية.
أما طبيعة علاقتي بالولد فهي جيدة جدًّا ولله الحمد، وهناك اتصال دائم بالهاتف بينهم وبين والدهم ولا نذكره إلا بكل خير.
أما عن تيسير شئونهم وتوجيههم تربويًّا فإن الأم هي من تتدخل في مهامهم والفصل في مشكلاتهم؛ لأني أنا من انتقل إليهم ولم أتعلم بعد لغة البلد والأم هي المترجمة، ولم يحصل أي تغير في طبيعة حياتهم وتبدو عليم السعادة والمرح.
وطبيعة الطفلة غالبًا اجتماعية وعلاقتها بأخيها عادية، ولكم واسع النظر والشكر الجزيل، وخالص الدعاء.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك الذي وصل إلى حد طلب المشورة من صفحتنا، وهي بادرة تدل على روح طيبة في التعامل مع أبناء زوجتك ورغبة في التعامل معهم بصورة صحيحة تجعل السعادة ترفرف على هذه الأسرة الجديدة.. الملاحظة المبدئية هو أنك حكمت على علاقتك بالطفلة بعد عدة أيام ووصفتها بالنفور.. وهي فترة وجيزة جدًّا لعمل أي علاقة من أي نوع بصورة عامة، فضلاً عن إقامة علاقة تربوية مع طفلة عمرها ثماني سنوات.
إن اللقاء الأول الجيد ليس كافيًا للقول إن العلاقة كانت جيدة أو بها انسجام وعلاقاتك مع الطفل ذي الاثني عشر عامًا أيضًا مختلفة أولاً من حيث كونه ذكرًا يحتاج إلى رجل يتعامل معه ويتمثله فيكون قبوله لك واستقباله أفضل، وثانيًا من حيث السن حيث يكون في سن الثانية عشر أقدر على تفهم الوضع والتعامل معه، في حين أنه بالنسبة للفتاة أو الطفلة ستجد ارتباطها بالأم أكثر وإحساسها بالغيرة نحو أي شخص يأخذها منها على حد تصورها أشد، وحيث إنها في سن يجعل تقبلها للأمور أكثر صعوبة.. كل ذلك يجعل الأمر يتعلق في حله بالوقت والصبر.
فهذه الطفلة تحتاج إلى وقت حتى تتفهم الأوضاع من ناحية، وأن تتقبلك أنت كشخص من ناحية أخرى، وهذا يحتاج إلى جهد تربوي طويل ومستمر ودءوب بحيث تتجاهل أنت هذا النفور منها تمامًا، ولا يكون لك أي ردود عكسية عليه، وتضع مع الأم خطة تسير في مسارها دون اعتبار لأي ردود فعل من الطفلة.. خطة تقوم على دخولك الهادئ إلى حياة الأسرة بصورة عامة، ثم حياة الطفلة بصورة خاصة. إنك كما ذكرت في رسالتك لم تتواصل معهم عفويًّا بعد، فضلاً على أن تتواصل معهم بأي صورة أخرى ستحتاج الطفلة أن ترى وتسمع ما يطمئنها إليك ويأخذ بها إلى القرب منك، وهذا سيحتاج منها لفترة ترقب.. تشاهد فيها ما يحدث، وعندما ترى تصرفاتك الحنونة والمحبة والراعية فإنها ستقترب بحذر، فإذا ما تأكدت تصرفاتك.. كان الاقتراب الحقيقي سيحتاج هذا إلى عدة شهور سيكون سلاحك الأول فيها هو الصبر، وسيكون ترجمة مشاعرك الحانية إلى مواقف عملية تراها الطفلة.
وانتهاز الفرص للقرب.. هي طريقك الطويل لحدوث علاقة طيبة مع هذه الطفلة.. لا تحاول الإسراع بقطف ثمرة قبل أوانها.. أو التدخل في توجيه الأطفال بصورة قوية قبل أن تكون قد أقمت علاقة قوية متينة معهم تكون الأساس في توجيهك لهم وفي قبولهم هذا التوجيه.. إن بناء قاعدة قوية من الثقة وحتى ولو أخذت منك وقتًا سيوفر عليك مجهودًا تربويًّا هائلاً لو تسرعت بالتدخل قبل الآن، فالصبر مفتاح التربية.
المخجل...رسالة استغاثة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو أن تفيدوني، ابنتي تبلغ من العمر عاما و9 أشهر، وأنا مطلقة أعيش مع والدي، أحس أن ابنتي عدوانية قليلا مع ابن أختي وبنت صديقتي ويدها طويلة بعض الشيء على من أكبر منها وتخجلني أحيانا؛ وهو ما أثر على نفسيتي، ولا أعرف التصرف المناسب معها. ... السؤال
العنف والعدوانية ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا ندري ما الذي يمكن أن تأتيه طفلة صغيرة لم تكمل العامين من عمرها؛ حيث يبلغ عمرها عاما و9 أشهر.. ما الذي يمكن أن تأتيه طفلة في هذه السن من تصرفات تخجل الأم وتؤثر على نفسيتها؟!
ونتساءل أيضًا عن مظاهر العدوانية التي ظهرت عليها مع ابن الأخت وبنت الصديقة.. من أين تعلمت هذه الصغيرة طول اليد على من هو أكبر منها إن لم تكن قد تعلمته من الكبار الذين تقلدهم في مزاحهم معًا باليد أو بالضرب؟ فهي إذن فعلت مثلما يفعلون.. فإنها تصبح طويلة اليد، ولا مانع أيضًا أن يعتبر البعض منهم طول اليد نوعا من المرح الذي يضحكون له ويشجعونها عليه.
إن هذه الطفلة الصغيرة التي لم تكمل العامين هي صفحة بيضاء نخط عليها نحن بتصرفاتنا وأفعالنا ما نريد.. إننا نقوم بالتصرفات أمام أطفالنا لا نلقي لها بالا، أو الكلمات نتحدث بها لا تلقى منا اهتمامًا، وهي تضع العلامات والآثار العميقة في نفوس أطفالنا، فإذا ظهرت على هيئة سلوكيات هي ردود أفعال لما تعلموه منا أو سمعوه ذهبنا نلومهم بل نخجل من تصرفاتهم وكأنهم ولدوا بهذه التصرفات ولم نطبعها نحن فيهم.
إن أطفالنا أهم من كل الناس ومن كل تعليقاتهم.. إن الناس يحبون أن يعيشوا أدوار التوجيه التربوي؛ فيعلقون على تصرفات أطفال الآخرين؛ فهذا غير مؤدب، وهذا لا يصح أن يتصرف هكذا، وهذا زائد الدلع... والأم تسمع وتتصور أن هذا الكلام اتهام لها بالتقصير؛ فتتخذ مواقف اندفاعية فجائية قد تتميز بالعنف تجاه طفلها حتى ترضي الآخرين، وتشعرهم أنها غير مقصرة في تربيته، ولكنه شيطان صغير لا يخضع لأي توجيه ليتحول الطفل إلى موضوع للحديث لأناس لا يجدون ما يتكلمون فيه.. والأم تخجل مما تتصوره سوء تربية ابنها وعجزها عن تربيته وهو طفل لم يبلغ الثانية من عمره.
لا تخجلي وابعثي لنا وصفا لما يخجلك من تصرفات ونماذج من عدوانية هذه المسكينة الصغيرة، ونحن معك.
راعي البستان.. حقيقة أزلية!!(مشاركة) ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، الأخت الفاضلة، مما لا شك فيه أن للأب دورا مهما وحيويا في حياة الأسرة، وأن المشاغل العائلية والكفاح الشريف في الحياة لإعالة الزوجة والأبناء وتوفير الحياة الكريمة لهم نوع من الجهاد قال عنه بعض الصالحين إنه أفضل من الغزو في سبيل الله؛ ولأن القوامة للرجل على أسرته، لكننا عكسنا الآية وظننا أنها بأيدي النساء فتركنا لهن شئون البيت والأسرة، وظننا أن ذلك مما لا يليق بالرجال، وفي بعض الأحيان يكتفي الأب بموقف الجالس على الشاطئ مسترخيا وهو يرى زوجته تلاطم الأمواج لإبقاء سفينة الأسرة طافية فوق الماء مكتفيا بانتقاد طريقة السباحة دون مشاركتها في قيادة هذه السفينة إلى بر الأمان، وبعدنا عن التأسي بسنة نبينا محمد في معاملته لأهل بيته وكما قال "خيركم خيركم لأهله".
والخطأ المشترك هو نظر البعض إلى شركاء العمر رجالا كانوا أم نساء وكأنهم حقائق أزلية غير قابلة للتغير، فلا ينشطون لتنبيه المشاعر بالتقدير المشترك، وإلقاء قطع جديدة من الأخشاب كل حين إلى المدفئة لكي يستمر لهيبها ولا يخمد بطول الإهمال وتجاهل الاحتياج إلى مدد الوقود كل حين.
والوقود هنا هو الإطراء والتشجيع من قبل الأم للأب حتى تمكنه من أداء دوره عن طريق أن تشعره بمدى أهمية هذا الدور والتعظيم من شأن هذا الدور كتشجيع وحث لتقديم المزيد؛ فالنفس البشرية يطربها ويسعدها أن ترى التقدير والإعجاب بما تقوم به حتى تعتاد على هذا الدور؛ فالحب والحياة الاجتماعية هما مشاركة وتآلف واعتياد وكل ذلك يفجر السكينة والرحمة في النفوس.
والسعادة بين أيدينا إذا سعينا إليها بإخلاص، وأخيرا علينا بالدعاء "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكرا جزيلا على إيجابيتك وحماستك التي فاضت بها رسالتك.
وكم نتوق لمثل هذه الإيجابية في التعامل مع المشكلات خاصة التي تتعدد أبعادها وتتداخل تفصيلاتها، كمشكلة غياب الأب عن الأسرة، والتي حملت عنوان: "راعي البستان كيف يعود".
ومما لا شك فيه أن أي إضافة من قراء الصفحة تثري الموضوع وتشير لمناطق يجب الالتفات إليها، بما يساعدنا على مواصلة المناقشات والمحاولات لوضع بعض الأفكار والمقترحات. فشكرا لك مرة أخرى على تلبية النداء بالخروج من الإطار الفردي الضيق للإطار الجماعي الأوسع، ومرحبا بك على صفحتنا صديقة دائمة.
وسأنتقل بين كلمات رسالتك بترتيبها على أن أحاول إبرازها في نقاط تتطلب مزيدا من المناقشة لنترك بابنا يولج منه من أراد إضافة المزيد.
ولا أود أن تحمل رسالتي تقريرا بأهمية دور الأب البالغة.. وحسبي أن أذكر قول الله تعالى: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" لندلل على هذه الأهمية البالغة لدور الراعي المسئول عن رعيته، وليس الراعي المحصور في مساحة الإنفاق الذي ربما كان في حد ذاته طريقا لوصولنا لهذه النار.
وأعرف أن كل بيئة تملي على أفرادها مفردات أدوارها.. فتملي على الرجل مفردات دوره كزوج وأب؛ كما تملي على الأم مفردات دورها كزوجة وأم... ولا بأس إذا لم يتعارض هذا مع سنة نبينا عليه الصلاة والسلام الذي حددت سيرته مفردات هذا الدور منذ زمن بعيد.. ولا بأس أيضا إذا ما أثبت هذا العرف فعالية الأداء وحقق سعادة للأفراد الذين يحيون تحت لوائه. ولكن ما نراه تنافرا بين العرف والشرع بما يستحيل معه سعادة الأفراد؛ وكفاءة أداء الأسر المسلمة أداء يرضي الله على المستوى الضيق في حدودها أو على المستوى الأوسع في المجتمع، ولا أدل على ذلك من حال أسرنا العربية والمسلمة بين تصدعات وانهيارات تبدو في نسب الطلاق العالية، كما تبدو أكثر جلاء في الأسر التي تعيش بين جدران واحدة متباعدة متنافرة.
هذه هي النقطة الأولى التي يجب علينا مراجعتها، وسأوجزها في جملة وسؤال لييسر ذلك على القارئ مشاركتنا المناقشة والتعليق وطرح المزيد من التساؤلات.
نقطتنا الأولى هي: تحديد مفردات دور الأب والزوج وفق الشرع والسنة.
ولدي أسئلة تنتظر المزيد والمزيد من المشاركات:
- كيف تحدد التفاصيل وفق السنة والسيرة؛ ووفق ما أمرنا الله به في محكم آياته -بغض النظر عن ثقافات كل مجتمع؟
- ما مفهوم الرعاية وفق ما نفهم من الآية الكريمة: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا"؟ وكم نفهم من حديث نبينا عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"؟. تُرى ما حدود هذه الرعاية؟ وما الأشمل الرعاية أم الإنفاق؟ وما الذي قصر المفهوم على هذا المعنى الضيق وجرده من شموليته وعظمة مفرداته؟ وما تفاصيل دور الزوج والأب وفق ذلك على المفردات اليومية في حياة الأسرة؟ ومن بعد ذلك أتمنى أن نسمع صوت الرجال ليحدثونا عن تجارب النجاح في حياتهم الأسرية؛ كما يشيرون إلى مساحات الإخفاق وأسبابه المحتملة وطرق لسد هذه الفجوات وتحويل هذه الإخفاقات إلى نجاحات؛ راجين بذلك تبادل الخبرات وتناقلها بما يعمم النفع.
بالله شاركونا تحديد هذه التفاصيل. بعد توضيح المفاهيم.
وإذا ما كانت ثقافة مجتمعاتنا تحدد مفردات الأدوار فهي تحدد أيضا أشكال ومسارات العلاقات وتفصيلاتها بين الزوج والزوجة بما ينعكس أثره على أدوارهم كأب وأم.. وهذه العلاقات الصحية السليمة هي المحدد لمناخ الأسرة ومن ثم أدائها في كل مساحة في الحياة.
ومن المعروف أن الاتصال الجيد أحد محددات بيئة العمل الفعالة؛ والهدف من وراء خلق هذه البيئة الفعالة هو زيادة الإنتاجية، إذا ما ترجمنا هذا ونقلناه بعيدا عن جدران الشركات والمؤسسات لنوقعه على حياة الأسرة التي هي في حقيقتها مؤسسة أيضا؛ نجد ألا يمكن ضمان كفاءة وفعالية أفراد الأسرة الواحدة إلا بخلق بيئة أسرة آمنة متعاونة وهذا ما يفعله الاتصال الفعال بين أفراد الأسرة، ولعله يساعد أيضا في تحقيق ما أمرنا رسولنا الكريم به حين قال: "فليسعك بيتك"، وكأنه رأى ببصيرته حينها هذا الكم من رجال أمتنا وعتادها تتكدس بهم المقاهي والنواصي والديوانية تاركين من ورائهم بيوت خالية من راعيها.
و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، بما يعني ضرورة تعلمنا وتدربنا على كل ما من شأنه تحسين أدائنا.. خاصة إذا ما كنا بصدد الحديث عن أسر هي نواة المجتمع المسلم الذي يضم في مجموعه الأمة المسلمة.
فالتعلم والتجدد والتدريب يضمن لنا ألا تستمر نظرتنا طويلا إلى شركاء الحياة على أنهم حقائق أزلية علينا قبولهم كما هم؛ وعليهم قبولنا كما نحن.. فصدق رسولنا حين قال: "إنما العلم بالتعلم؛ والحلم بالتحلم"، أي أنه يمكننا تعلم الكثير من الأشياء وتغيير الكثير من الصفات حتى الصفات الأخلاقية منها (كالحِلْم)؛ وما يميل البعض لتسميته طبعا، ويحلو لهم ترديد أن "الطبع غلاب"؛ فهذا يجافي الصدق تماما، فكل خصلة وخاصية إنسانية يمكن تغييرها ولا ننفي في ذلك الجهد والمشقة.. وهو ما ذكر في ديننا الحنيف على أنه مجاهدة النفس؛ وإنما تكون هذه المجاهدة لتزكيتها وطبعها على كل خير تراه لازما لها... ولكل أجره.
وأهم ما ينبغي علينا تعلمه هو مهارات الاتصال التي تشمل:
- التحدث (التعبير عن المشاعر والأفكار والاحتياجات).
- الإنصات (الاستماع التعاطفي للمشاعر والأفكار والاحتياجات).
ومن المفيد تعلم طرق لهذا والتدرب عليها؛ وهو ما يخضع فعليا للتدرب والتعلم كغيره من المهارات التي تخضع من بعد بناء المفاهيم إلى وضع التطبيقات؛ ومن ثم خطوات التنفيذ خطوة خطوة.. أتمنى عم قريب أن يصلنا سؤالا طالبا تعلم هذه المهارات.
وأرحب بك صديقتنا مرة أخرى وعساها لا تكون أخيرة.. وفي انتظار مزيد من المشاركات الجادة والثرية.
وأختم تماما كما ختمت: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" والله المستعان.
ابني عنيد وابنتي لا تتكلم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكر لكم جهودكم وبارك الله فيكم، وجزاكم الله عن كل المسلمين كل الخير.
ابني عمرو عمره 4 سنوات ونصف، وأعتقد أنه لا هو طفل هادئ ولا هو عنيف، وهو ذكي وسريع التعلم، ولكنه عنيد وعصبي ويبكي كثيرا لأتفه الأسباب، فكيف أجعله لا يبكي لأتفه الأسباب؟.
وكذلك هناك مشكلة أخرى، وهي أنه يمكن لأي طفل صغير أن يضربه ويبكيه، ولكنه معي في المنزل يعرف كيف يأخذ حقه، فأحيانا كثيرة يبكي إذا وجهته، ويقول لي لا تغضبي مني ويرفض أن أقول له أي كلمه تعبر عن غضبي منه، وأحيانا يحاول ضربي وأحيانا يصرخ، والده علاقته به حميمة جدا، ويقول له إذا ضربك أحد فاضربه، فهل ذلك صحيح؟ أم ماذا يفعل؟ وماذا علينا أن نعلمه لكي يأخذ حقه دون أن يصبح إنسانا غير مهذب؟.
مع أسفي على الإطالة، هناك أخته الأصغر منه "دينا" وعمرها سنة و3 أشهر، وهي لا تعبر عما تريد بالكلام، وبالكاد تقول عن الأكل "مم" وعن
الماء "امبو"، و"بابا وماما"، ولكن لا تنادينا بهذا وتقول: "ده ودي وإززي" عندما تريد أن ترضع فهل كلماتها هذه طبيعية بالنسبة لعمرها؟
فلي ابن أخ في نفس عمرها ويعيد كل كلمة يسمعها -ربنا يبارك فيه- وأحيانا هذان الصغيران يقبلان بعضهما، وابن أخي يقبل ابنتي من خدها قبلة بريئة، وهي لا تعرف أن تقبله، ولكنها تميل عليه وتضع شفتيها على خده، وزوجي يقول لي: أبعديهما عن بعض عندما يفعلان ذلك حتى لا يتعودا على ذلك، وأهلي يقولون: هما ما زالا صغيرين، فماذا أفعل؟ فأنا أحرج ولا أعرف كيف أتصرف.
وشكرا لكم.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك أختي الكريمة، وكل عام وأنت بخير.. أعاد الله عليك الشهر بالخير واليمن والبركات..
إن مسألة بكاء الأطفال يا عزيزتي -لأتفه الأسباب أحيانا كما تقولين- أمر لا يكاد يفارق الطفولة بل إني بحثت في تاريخه فوجدته غير سياسات دول وعدل آراء الحكام العدول، وكان له احترامه دائما بأمر من سيد الرحماء النبي صلى الله عليه وسلم، وتعالي أوضح لك كيف.
كان الخليفة العادل عمر بن الخطاب يجوب أنحاء المدينة فإذا بطفل يبكي ويصرخ، وهو دون الثانية من عمره كما سيظهر لك من الحديث، فتأثر لبكائه عمر وهو من هو في قوته، ولكن لا تضاد بين القوة والحنان، ولما سأل أمه عن سبب بكائه -وهي لا تعرفه، فقالت: أريد أن أفطمه وهو يأبى؟ فقال ولِمَ تفطمينه؟ قالت لأن عمر فرض للفطيم (أي جعل ما يشبه الراتب الشهري لكل فطيم في بلاد المسلمين)، فتأثر عمر وبكى وأمر بتعديل سياسة الدولة.. انظري سياسة الدولة لاسترضاء الباكي الصغير، وجعل الراتب لكل وليد حتى دون الفطام حتى لا تجبر الأم وليدها على الفطام لتحصل على هذا الراتب، وكان النبي يداعب عميرا ويلاطفه كي لا يبكي فيقول له: "يا عمير ما فعل النغير"، وسهر عمر بن الخطاب ليلة يطهو ويعد الطعام ليبدل بكاء أبناء المرأة الفقيرة -التي كان يبكي أبناؤها من الجوع- بابتسامة الرضا والشبع.
ومن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترضى صبيا من نسله حتى يرضى ترضاه الله يوم القيامة"، ولو تأملت من نسله لوجدت معنى قويا غير أن المقصود من الحديث هم أبناء المرء فقط، لكن تأملاتي أنا الشخصية المتواضعة أثبتت لي أن (من نسله) تؤكد أن الطفل لا يتدلل غالبا ولا يكثر البكاء و"الزن" إلا مع أحب الناس له وألصقهم به وهما والداه -فهو يخجل من الآخرين الغرباء- وإن تكرار هذه المسألة قد يفقد المرء أعصابه ويجعله يغضب وينهر الطفل ويزجره، وهو ما يريد منا النبي -صلى الله عليه وسلم- التدريب على اجتنابه أملا في الثواب الجزيل من إرضاء الله لنا يوم القيامة... ويدعم وجهة نظري ما تحكينه عن قوة بطش طفلك في البيت وتحوله لحمل وديع قد يعتدى عليه أحيانا خارج المنزل، وعلى هذا كل أبنائنا تقريبا.
لكني شعرت من سؤالك أن الطفل متخبط نوعا ما؛ لاختلاف أسلوب تربيتك عن أسلوب والده أو لغيرته من أخته الصغيرة ولطفكما في تعاملكما معها دونه، لكن أيا كان السبب فنحن نريد الوصول لكيفية واضحة للتعامل مع مشكلات الطفل -التي ترينها مشكلات- وهي:
• العناد والعصبية.
• عدم الجرأة.
• البكاء و"الزن".
وتعالي نبدأ بأمر هام، وهو كيفية التعامل مع طفلك وتوجيه الأوامر إليه بما يضمن طاعته وامتصاص غضبه وتأليف قلبه وتكوين صداقة حميمية معه؛ ولذا لا بد من إطلاعك على
- قواعد إعطاء الأوامر
ثم ننتقل لمسألة التعامل مع المعاندين والغاضبين الصغار؛ ولأنك لم تحددي مواقف بعينها فسأتركك مع ما سبق من معالجات، ويمكنك حفظها على جهازك في ملف خاص ولتعاودي قراءتها بتمعن مرات ومرات لتجديد طاقتك على التعامل الصحيح مع عناد طفلك، من خلال المقترحات الموجودة في الاستشارات التالية:
- علاج العند بقوانين الكرة
- العناد الحل السحري في القصص.
- ولدي لا يطيع الأوامر.
وللتعامل مع العصبية والغضب يمكنك الاطلاع على ما يلي:
- أريد حلا لعصبية ابنتي.
ويبدو من حديثك عن طفلك أنه مرهف الحس لا يحب إيذاء مشاعره ولا غضبك منه ولا حتى توجيهه، فربما يقترن هذا التوجيه ببعض اللوم والتقريع مما يؤلمه ويؤذيه، وكم يلفت نظري أن أعتى المشاغبين من الأطفال يملك غالبا رهافة حس غير عادية، مما يعقد إمكانية التعامل مع هذا المزيج المتناقض، ولذا فهو في حاجة للطف والحنان في توجيهه والتعامل مع مشاغباته ومشاكساته -الطبيعية جدا- والتعامل حتى مع صراخه و"زنه"، وتابعي ما يلي للحصول على نقاط عملية لتنفيذ هذا الكلام النظري:
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم.
وكما تحدثنا عاليه عن مسألة بكاء الأطفال وأهمية تفقد سبب بكاء الطفل واسترضائه والصبر عليه فلا بد أيضا من تعويده وتعليمه عدم البكاء لتوافه الأمور وعدم استخدام البكاء كوسيلة ضغط للحصول على طلب معين، واطلاعك على ما يلي سيوفر لك تفاصيل ما أعني:
- ابنتي زنانة أفيدونا
- بكاء طفلي من يوقف هذا الصداع؟
بقيت نقطة الجرأة، وما أنصح به -للتعامل مع الطفل في هذا الجانب- هو تعليمه الدفاع عن نفسه وليس الانتقام أو أخذ حقه، فبدلا من أن يقال له: "اضرب من يضربك" يقال له: "لا تسمح لأحد أن يضربك، ودافع عن نفسك، فمن يحاول ضربك أمسك يده أو ادفعه أو تفادَ ضربته، المهم أنك كبير وشجاع وقوي، ويجب ألا تسمح لأي أحد أن يضربك، ولا تبكِ أمام من يحاول إيذاءك كي لا تظهر له أنه انتصر عليك، بل أسرع وأبلغ من يكبرونك لعقابه على فعلته، وفي المرة القادمة كن أكثر حرصا على ألا يضربك أو ينال منك"، ويمكن تعويده ذلك بإشراكه في لعبة رياضية للدفاع عن النفس، والتأكيد عليه من حين لآخر أنكما تعلمانها له لتزيد قوته وقدرته على صد أي عدوان عليه أو على أخته مستقبلا وليس لإيذاء أحد، كما يمكن أن تحكيا له عن جرأة فتيان الصحابة لإيمانهم القوي بالله وثقتهم في أنه وحده القادر على كل شيء فكان ذلك يجعلهم لا يخافون الأعداء ولا الظلام ولا الوحوش، فتحكين له قصة أصحاب الأخدود، وجرأة الصبي، وعدم خوفه من بطش الملك، وشجاعة إبراهيم في مواجهة قومه من الكفار وهكذا.
وستجدين تفاصيل أكثر في الاستشارة التالية:
- بندق وشرشرة ودبلوماسية فض المنازعات
ويبقى لنا الحديث عن ابنتك الحبيبة واختلافها عن ابن أخيك، والأمر طبيعي جدا؛ لأن هناك ما يسمى بالفروق الفردية التي تجعل لكل طفل خصوصية في تطور نموه وقدراته، بل إن كل شهر في شهور العمر الأولى يكبره طفل عن الآخر لا بد أن يكون له أثره الواضح في اختلاف كل منهما عن الآخر في القدرات، كما أن الأطفال من نفس تاريخ الميلاد لا بد أن يكون بينهم اختلافات في كل وظائفهم وقدراتهم ومراحل وطبيعة نموهم.(102/168)
وبالنسبة لمسألة النطق من الناحية العلمية فقد أفادتنا الدكتورة سحر صلاح من مستشاري الصفحة أن الأمر طبيعي جدا، ومن الطبيعي أن يتدرج الطفل في جمع مفردات اللغة، بل ويتدرج في استخدامها؛ فهو لا يبدأ حديثه بكل ما جمع من مفردات في بداية إتقانه للكلام، بل يتكلم بجزء مما يعرف معناه من المفردات، وتزداد تدريجيا حصيلته اللغوية جنبا إلى جنب مع مصطلحاته التي ينطقها ويستمر في ذلك حتى يكون جملا من كلمة أو اثنين بعد عمر العامين وهكذا.
وبالنسبة لتقبيل الأطفال لبعضهما، فلا أرى فيه مشكلة، ولكن لا أحبذ أن يكون الأمر مفتوحا على مصراعيه فيجب ألا تعتاد طفلتك على التواجد مع ابن خالها باستمرار دون رقابة حتى في السن الصغيرة، ومع تقدم العمر لا بد أن تعتاد اللعب مع قرينات لها من البنات أو مع أخيها أو بمرافقة أخيها مع صبية آخرين إن أردت، وذلك لتعتاد التمييز بين ما يصح وما لا يصح، وتخجل تلقائيا من أي تصرف غير لائق بسجيتها، ولكن احذري أن تمنعيها بالقوة أو تبدي لها استياء من تقبيل ابن أخيك أو العكس، فالأطفال يمشون على قاعدة (خالف تعرف) فالممنوع لديهم مرغوب والمطلوب منهم مرفوض، ولذا فحاولي إلهاءها أو شغلها بشيء ما عندما تقترب من فعل شيء غير مرغوب.. واعملي دائما على تحويل انتباهها لشيء ممتع لطيف بدلا من أي شيء تفضلين لها تركه.
أختي الكريمة، بارك الله لك في طفليك، وأدعو الله أن أتلقى منك قريبا رسالة أخرى أتعرف منها على أحوالك وأخبارك.. ونأمل أن تدوم علاقتنا لله فما كان لله دام واتصل
ــــــــــــــ(102/169)
الوجل والخجل مشكلات لها حل.. متابعة ... العنوان
أنا صاحبة رسالة" الوجل والخجل.. مشكلات لها حل التي قامت بالرد عليها دكتورة إيمان السيد ، وأود أولا أن أشكرها وأعتذر عن رغبتي في الاستزادة والتوضيح.
د. إيمان، سوف أرد على الأسئلة التي أوردتيها في نهاية الرد، فأقول:
1-إن خوفه من الآخرين يكون مصحوبا فقط برغبته في الابتعاد عنهم وعدم التعامل معهم، ولكن لا ألاحظ أي شكوى من ألم في البطن ولا اضطرابات في القلب.
2- بالنسبة لنومه أحيانا يكون مضطربا.. لا يستيقظ ولكن يمكن أن يبكي وهو نائم أو يتكلم.
3-لا توجد حوله علاقات اجتماعيه كثيرة للأسرة نظرا لانشغالي أنا ووالده، فالعلاقة المستديمة المستقرة هي مع الجدود في عطلة نهاية الأسبوع نظرا لسكنهم بعيدا.
4-نحن لم ننتقل أو نغير مكان إقامتنا من يوم زواجنا حتى الآن.
5-تم تدريبه على الإخراج من عمر سنة و10 شهور، وتم خلع "الكافوله" تماما نظرا لتحكمه عند سن سنتين وشهر (هو الآن سنتين و3 أشهر).
6-هو لم يمارس بعد أي رياضة نظرا لصغر سنه، حيث إن أي رياضة بالنادي لا تبدأ قبل سن 3 سنوات. عنده puzzle ويحبها ويتقنها ويعشق لعب الكرة وأي لعبة فيها حركة وجري.
7-أستطيع أن أقول: تركيزه جيد حيث إنه يستطيع تكوين الـpuzzle بمفرده.
8- يقضي وقته نهارا في الحضانة وعند عودته معي أنا ووالده نلعب بألعابه في حجرته أو نذهب إلى النادي، أو إذا كنت أريد أن أفعل شيئا في المطبخ أحاول أن يتواجد معي يلعب بإحدى لعبه أو يناولني شيئا وهكذا.
هذا هو ردي على الأسئلة ولكن أريد أن أقول: إنني لا أجد في أي من مسببات الخجل التي ذكرتيها ما فعلته أنا أو والده، فبالعكس نحن نشجعه دائما ونحاول أن نعطيه فرصة أن يقوم بعمل أي شئ بنفسه ونلتفت له دائما ونهتم بأي تعليق له أو محاولة للفت أنظارنا، ولكن أنا معك في أننا نهتم بكلام الناس من أنه خجول ونجبره أحيانا على أن يقوم بالسلام أو الكلام مع فلان، وهذا أعترف للأسف أننا كنا نفعله وكان كل القصد أن يعتاد التعامل مع الناس.
أرجو أن أكون أوضحت الصورة لك كاملة وأرجو أن تشعري بما أعانيه حيث إني أجد أن ابني أكثر من ممتاز ويمتلك الكثير، وأنا ووالده يشهد الله نحاول جاهدين أن لا نقصر معه، وأن ننشئه تنشئة سليمة ولكن عدم قدرته على التعامل السلس مع الغير هو ما يؤرقنا. أخيرا آسفة للتطويل وأرجو أن يتسع صدرك ووقتك لكي أصل بأحمد لأفضل صورة.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك يا عزيزتي ومرحبا بأسرتك مرة أخرى، ولا يسعني إلا الثناء على اهتمامك وتواصلك وحرصك على المتابعة، وهو ما يفيد طفلك كثيرا في أي مشكلة تعترض طريق تربيتك له، فالاهتمام والبحث عن جذور المشكلات، ومن ثم علاجها بشكل جذري أمر هام في التعامل مع كل مشكلاتنا وبالأخص مشكلاتنا مع الأطفال.
وبالنسبة لما طرحته عليك من تساؤلات فكان غرضي منها التأكد من كون خجل طفلك أمرا طبيعيا لا تكمن وراءه مشكلة نفسية كالإرهاب الاجتماعي أو ما يسمى Social Phobia، وكما يتبين من ردك أن الطفل ولله الحمد لا يعاني مطلقا من أي من هذه الأمور، وأن خجله أمر طبيعي يعود لأسباب:
• علائقية.
• أسباب تعود لمرحلة العمر.
• أسباب مزاجية.
وعلى رأس الأسباب العلائقية ما أكدت لنا، وهو مطالبة الطفل أمام الآخرين بما لا يعينه خجله عليه، والطموح المفرط بالنسبة للطفل مما يثقل كاهله ويزعزع ثقته بنفسه، فرغبة لأهل في التباهي بولدهم أمام الناس دون اعتبار لتهيئته للمثول أمام الناس، أو دون حساب لرغبته، تنشئ عند الطفل -بسبب ذلك- نفورا من المجتمع وخشية من مواجهته.
ولأن الطفل في عمر من 2-4 سنوات يكون في مرحلة تمايز عن البيئة واكتشاف قدراته ومميزاته الشخصية فإن نوعا من الشرخ أو الفصل قد يحدث بينه وبين محيطه، وتضعف -بشكل مؤقت- قدرته على التجاوب مع هذا المحيط، ريثما يصبح أقدر على التكيف معه مجددا بشكل مختلف، ولعلها المراهقة الأولى في حياة الطفل، إذ تشابه التغيرات التي تطرأ على شخصية الطفل ما يحدث للطفل في بداية مراهقته بشكل أو بآخر، وبالتالي فعمر طفلك من الطبيعي جدا أن يبرز فيه الخجل بشكل واضح، ويمكن التغلب عليه بالتعامل المناسب بحيث يختفي لاحقا.
وهناك أسباب أخرى مزاجية تعود لطبيعة الطفل وإحساسه المرهف مثلا، مما يجعل لديه بطئا في التجاوب مع الحياة الاجتماعية والتفاعل العفوي مع البيئة.. وفي كل الأحوال فإن ما عليك -لعلاج الخجل- هو الالتزام بتفاصيل ما نصحناك به في الإجابة السابقة، لكن بشكل مختلف، وهو تقبل الطفل والإعجاب به وبكل ما فصلته من قدرات تستحق تأييد الطفل وإشعاره بالسعادة به وبقدراته.
وتذكري أن التشجيع الكلامي وحده لا يكفي الطفل الخجول المرهف من نوع طفلك، وتصنع الإعجاب كذلك لا يكفي بل لا بد من إفساح المجال أمامه لتحقيق ما يرفع ثقته بنفسه وتحقيق نجاح يلمسه بيده فيسترد اعتباره لذاته تدريجيا، والمجال أمامك مفتوح في الحضانة مثلا- وأرجو أن تكون حضانة جميلة ومناسبة وحافلة بالبهجة وحسن التعامل مع الأطفال- والبيت ومع الأب والجدود، فاحملي لمدرسته مثلا رسومه أو أوراقه التي يحل فيها بعض التمارين فتكافئه، أو حثي مدرسته على إبراز مهارته أمام زملائه والتصفيق له لبراعته في الرسم أو اختيار الألوان أو تركيب البازل أو لالتزام الأدب والأخلاق في الفصل، وكذلك الضمي معه الخرز ثم تباهي بما صنعه أمام والده، أو اشتركي معه في عمل مشهد تمثيلي أو تحريك العرائس لعمل مسرحية لطيفة أمام الأب أو الجدة مثلا فيصفقون له؛ فما يستشعره طفلك من نجاحات يمنحه الزخم الكافي لاستعادة ثقته بنفسه والسير في طريق تخطي الخجل.
وأعود وأؤكد أن تشجيع الطفل على الاحتكاك بأولاد آخرين بشكل متواصل يساعد على تأمين شروط النمو السوي له، وأعتقد أن الحضانة مجال مناسب لذلك، ولاحقا يكون النادي والرياضة ومجموعات الكشافة مجالات مناسبة للتفاعل العفوي والموجه مع أترابه في إطار نشاطات جماعية محببة.
وأخيرا فلا بد لك من مراجعة ما نصحناك به في الإجابة السابقة جنبا إلى جنب مع ما ورد من مقترحات فيما يلي:
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ.
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا.
- الانطواء والخجل..كيف نعالجه ؟
وأختم حديثي معك بقول خبير التربية "كوستي بندلي" في مجال مكافحة خجل الأطفال إذ يقول: "مكافحة الخجل تكون بأن يثق الأهل بولدهم وبما يحمل من طاقات متوثبة، وإن كانت لا تزال تتلمس طريقها وتتعثر في انطلاقها العفوي، ومهمتهم أن يساعدوها على الانطلاق وعلى اختيار التوجه السليم لها.. إن ثقتهم العميقة بولدهم هي خير دعامة لثقته بنفسه وخير واق ومحرر من قيود الخجل".
وأستودعك الله إلى لقاء قريب إن شاء الله تبشرينني فيه بتطورات مبهجة لطفلك على كل صعيد، وبأخبار سعيدة عن أسرتك كلها.
وأريد التنويه عن مسألة هامة، وهي اختيار الحضانة، وهو ما استفضنا في شرحه في مواضع أخرى يمكنك الاطلاع عليها فيما يلي:
ويمكنك الاطلاع على ما يلي لمزيد من التفاصيل:
- التخوف الاجتماعي، مظاهره وعلاجه.. متابعة ثالثة.
- أم نحكوش تختار الحضانة
ــــــــــــــ(102/170)
راعي البستان.. حقيقة أزلية!!(مشاركة) ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، الأخت الفاضلة، مما لا شك فيه أن للأب دورا مهما وحيويا في حياة الأسرة، وأن المشاغل العائلية والكفاح الشريف في الحياة لإعالة الزوجة والأبناء وتوفير الحياة الكريمة لهم نوع من الجهاد قال عنه بعض الصالحين إنه أفضل من الغزو في سبيل الله؛ ولأن القوامة للرجل على أسرته، لكننا عكسنا الآية وظننا أنها بأيدي النساء فتركنا لهن شئون البيت والأسرة، وظننا أن ذلك مما لا يليق بالرجال، وفي بعض الأحيان يكتفي الأب بموقف الجالس على الشاطئ مسترخيا وهو يرى زوجته تلاطم الأمواج لإبقاء سفينة الأسرة طافية فوق الماء مكتفيا بانتقاد طريقة السباحة دون مشاركتها في قيادة هذه السفينة إلى بر الأمان، وبعدنا عن التأسي بسنة نبينا محمد في معاملته لأهل بيته وكما قال "خيركم خيركم لأهله".
والخطأ المشترك هو نظر البعض إلى شركاء العمر رجالا كانوا أم نساء وكأنهم حقائق أزلية غير قابلة للتغير، فلا ينشطون لتنبيه المشاعر بالتقدير المشترك، وإلقاء قطع جديدة من الأخشاب كل حين إلى المدفئة لكي يستمر لهيبها ولا يخمد بطول الإهمال وتجاهل الاحتياج إلى مدد الوقود كل حين.
والوقود هنا هو الإطراء والتشجيع من قبل الأم للأب حتى تمكنه من أداء دوره عن طريق أن تشعره بمدى أهمية هذا الدور والتعظيم من شأن هذا الدور كتشجيع وحث لتقديم المزيد؛ فالنفس البشرية يطربها ويسعدها أن ترى التقدير والإعجاب بما تقوم به حتى تعتاد على هذا الدور؛ فالحب والحياة الاجتماعية هما مشاركة وتآلف واعتياد وكل ذلك يفجر السكينة والرحمة في النفوس.
والسعادة بين أيدينا إذا سعينا إليها بإخلاص، وأخيرا علينا بالدعاء "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكرا جزيلا على إيجابيتك وحماستك التي فاضت بها رسالتك.
وكم نتوق لمثل هذه الإيجابية في التعامل مع المشكلات خاصة التي تتعدد أبعادها وتتداخل تفصيلاتها، كمشكلة غياب الأب عن الأسرة، والتي حملت عنوان: "راعي البستان كيف يعود".
ومما لا شك فيه أن أي إضافة من قراء الصفحة تثري الموضوع وتشير لمناطق يجب الالتفات إليها، بما يساعدنا على مواصلة المناقشات والمحاولات لوضع بعض الأفكار والمقترحات. فشكرا لك مرة أخرى على تلبية النداء بالخروج من الإطار الفردي الضيق للإطار الجماعي الأوسع، ومرحبا بك على صفحتنا صديقة دائمة.
وسأنتقل بين كلمات رسالتك بترتيبها على أن أحاول إبرازها في نقاط تتطلب مزيدا من المناقشة لنترك بابنا يولج منه من أراد إضافة المزيد.
ولا أود أن تحمل رسالتي تقريرا بأهمية دور الأب البالغة.. وحسبي أن أذكر قول الله تعالى: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" لندلل على هذه الأهمية البالغة لدور الراعي المسئول عن رعيته، وليس الراعي المحصور في مساحة الإنفاق الذي ربما كان في حد ذاته طريقا لوصولنا لهذه النار.
وأعرف أن كل بيئة تملي على أفرادها مفردات أدوارها.. فتملي على الرجل مفردات دوره كزوج وأب؛ كما تملي على الأم مفردات دورها كزوجة وأم... ولا بأس إذا لم يتعارض هذا مع سنة نبينا عليه الصلاة والسلام الذي حددت سيرته مفردات هذا الدور منذ زمن بعيد.. ولا بأس أيضا إذا ما أثبت هذا العرف فعالية الأداء وحقق سعادة للأفراد الذين يحيون تحت لوائه. ولكن ما نراه تنافرا بين العرف والشرع بما يستحيل معه سعادة الأفراد؛ وكفاءة أداء الأسر المسلمة أداء يرضي الله على المستوى الضيق في حدودها أو على المستوى الأوسع في المجتمع، ولا أدل على ذلك من حال أسرنا العربية والمسلمة بين تصدعات وانهيارات تبدو في نسب الطلاق العالية، كما تبدو أكثر جلاء في الأسر التي تعيش بين جدران واحدة متباعدة متنافرة.
هذه هي النقطة الأولى التي يجب علينا مراجعتها، وسأوجزها في جملة وسؤال لييسر ذلك على القارئ مشاركتنا المناقشة والتعليق وطرح المزيد من التساؤلات.
نقطتنا الأولى هي: تحديد مفردات دور الأب والزوج وفق الشرع والسنة.
ولدي أسئلة تنتظر المزيد والمزيد من المشاركات:
- كيف تحدد التفاصيل وفق السنة والسيرة؛ ووفق ما أمرنا الله به في محكم آياته -بغض النظر عن ثقافات كل مجتمع؟
- ما مفهوم الرعاية وفق ما نفهم من الآية الكريمة: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا"؟ وكم نفهم من حديث نبينا عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"؟. تُرى ما حدود هذه الرعاية؟ وما الأشمل الرعاية أم الإنفاق؟ وما الذي قصر المفهوم على هذا المعنى الضيق وجرده من شموليته وعظمة مفرداته؟ وما تفاصيل دور الزوج والأب وفق ذلك على المفردات اليومية في حياة الأسرة؟ ومن بعد ذلك أتمنى أن نسمع صوت الرجال ليحدثونا عن تجارب النجاح في حياتهم الأسرية؛ كما يشيرون إلى مساحات الإخفاق وأسبابه المحتملة وطرق لسد هذه الفجوات وتحويل هذه الإخفاقات إلى نجاحات؛ راجين بذلك تبادل الخبرات وتناقلها بما يعمم النفع.
بالله شاركونا تحديد هذه التفاصيل. بعد توضيح المفاهيم.
وإذا ما كانت ثقافة مجتمعاتنا تحدد مفردات الأدوار فهي تحدد أيضا أشكال ومسارات العلاقات وتفصيلاتها بين الزوج والزوجة بما ينعكس أثره على أدوارهم كأب وأم.. وهذه العلاقات الصحية السليمة هي المحدد لمناخ الأسرة ومن ثم أدائها في كل مساحة في الحياة.
ومن المعروف أن الاتصال الجيد أحد محددات بيئة العمل الفعالة؛ والهدف من وراء خلق هذه البيئة الفعالة هو زيادة الإنتاجية، إذا ما ترجمنا هذا ونقلناه بعيدا عن جدران الشركات والمؤسسات لنوقعه على حياة الأسرة التي هي في حقيقتها مؤسسة أيضا؛ نجد ألا يمكن ضمان كفاءة وفعالية أفراد الأسرة الواحدة إلا بخلق بيئة أسرة آمنة متعاونة وهذا ما يفعله الاتصال الفعال بين أفراد الأسرة، ولعله يساعد أيضا في تحقيق ما أمرنا رسولنا الكريم به حين قال: "فليسعك بيتك"، وكأنه رأى ببصيرته حينها هذا الكم من رجال أمتنا وعتادها تتكدس بهم المقاهي والنواصي والديوانية تاركين من ورائهم بيوت خالية من راعيها.
و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، بما يعني ضرورة تعلمنا وتدربنا على كل ما من شأنه تحسين أدائنا.. خاصة إذا ما كنا بصدد الحديث عن أسر هي نواة المجتمع المسلم الذي يضم في مجموعه الأمة المسلمة.
فالتعلم والتجدد والتدريب يضمن لنا ألا تستمر نظرتنا طويلا إلى شركاء الحياة على أنهم حقائق أزلية علينا قبولهم كما هم؛ وعليهم قبولنا كما نحن.. فصدق رسولنا حين قال: "إنما العلم بالتعلم؛ والحلم بالتحلم"، أي أنه يمكننا تعلم الكثير من الأشياء وتغيير الكثير من الصفات حتى الصفات الأخلاقية منها (كالحِلْم)؛ وما يميل البعض لتسميته طبعا، ويحلو لهم ترديد أن "الطبع غلاب"؛ فهذا يجافي الصدق تماما، فكل خصلة وخاصية إنسانية يمكن تغييرها ولا ننفي في ذلك الجهد والمشقة.. وهو ما ذكر في ديننا الحنيف على أنه مجاهدة النفس؛ وإنما تكون هذه المجاهدة لتزكيتها وطبعها على كل خير تراه لازما لها... ولكل أجره.
وأهم ما ينبغي علينا تعلمه هو مهارات الاتصال التي تشمل:
- التحدث (التعبير عن المشاعر والأفكار والاحتياجات).
- الإنصات (الاستماع التعاطفي للمشاعر والأفكار والاحتياجات).
ومن المفيد تعلم طرق لهذا والتدرب عليها؛ وهو ما يخضع فعليا للتدرب والتعلم كغيره من المهارات التي تخضع من بعد بناء المفاهيم إلى وضع التطبيقات؛ ومن ثم خطوات التنفيذ خطوة خطوة.. أتمنى عم قريب أن يصلنا سؤالا طالبا تعلم هذه المهارات.
وأرحب بك صديقتنا مرة أخرى وعساها لا تكون أخيرة.. وفي انتظار مزيد من المشاركات الجادة والثرية.
وأختم تماما كما ختمت: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" والله المستعان.
علاج الغيرة برضعات الحنان.. متابعة ... العنوان
السلام عليكم.. أود أن أشكر د. سحر صلاح وأستاذة دعاء اللتين قامتا بتقديم الإجابة لي في علاج الغيرة بوصفات الحنان . أحمد الآن في تحسن فهو لا يشعر بالغيرة مثلما كان والحمد الله، وبخصوص الكلام فهناك تحسن بسيط وقد حددت موعد مع اختصاصي التخاطب، ولكني لاحظت مشكلة جديدة فهو يحدث صوتًا بأسنانه (صرّ الأسنان).. فهل أضربه ليتوقف أم أتجاهله؟ ... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، ومرحبًا بك مرة أخرى أدام الله تواصلنا على ما يحبه ويرضاه؛ فما كان لله دام واتصل وما كان لسواه انقطع وانفصل، وشكرًا لتحيتك الرقيقة وثنائك الذي ندعو الله أن نكون له أهلاً.
وبالطبع لقد أسعدتنا كثيرًا أخبارك بتحسن حالة أحمد واتخاذك لخطوات سريعة بتحديد موعد مع اختصاصي التخاطب جعل الله سعيك في تنشئة أبنائك في ميزان حسناتك، أما عن مسألة الصرير التي لاحظتها على طفلك مؤخرًا فهي أمر غريب يحتاج منك للإيضاح:
- فمتى يحدث هذا الصرير؟ هل عند خوفه أم غيظه أم رغبته في شيء أم عند عدم قدرته على تجميع الكلام والنطق به؟ وهل يصاحبه خروج للعاب مثلاً من فمه أو عدم قدرته على التحكم في حركة فكيه مثلاً؟
وعلى كل حال فلا بد من موافاتنا بتلك التفاصيل ليمكن الحكم على طبيعة هذا الصرير، هل هي حقًّا مشكلة أم أنها مجرد تعبير عن الغيظ والعصبية؟
أما بالنسبة للتصرف الأمثل مع طفلك في تلك الحالة فليس التجاهل ولا النهي والزجر، بل يفضل أن تحاولي إلهاءه -إن استجاب لذلك- بقطعة من الحلوى أو إعطاءه مصاصة أو قطعة من العلكة ينشغل بمضغها عن فعل هذا الصرير -إن كان الأمر لديه إراديًّا- كما يمكن سؤاله عما يريد وتلبية سؤاله للتخفيف من انفعاله وغيظه.
وبوجه عام تأكدي أن نهي الأطفال بشكل مباشر عن فعل ما يزيد من تعلقهم به، واجعلي سبيلك باستمرار لتغيير أي تصرف غير سليم يتعلق به أطفالك هو إلهاءهم بشكل غير مباشر عنه وإيجاد بديل لطيف يجذبهم إليه تدريجيًّا.
ولمزيد من المعلومات يمكنك مطالعة الموضوعات التالية :
- قواعد إعطاء الأوامر
- كيف تجعل طفلك يريد ما تطلب؟
وأخيرًا.. أختي الكريمة فأنا في حاجة لردك بشكل سريع حتى أتمكن من معاونتك.. وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/171)
مشكلات طفليّ.. جملة وقطاعي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي الأولى في ابني الأصغر عبد العزيز وهي تأخره في الكلام؛ فعمره الآن 13 شهرا تقريبًا ولا يقول بابا أو ماما ويقول بعض الكلمات فقط مثل كوت يعني بسكوت أو أكل أو عطس عندما يسمع أحد يعطس فيقلد صوته، وكورة أيضًا، ولكن عندما أحاول أن أجعله يقول كلمات جديدة فأشير له مثلاً إلى الورقة وأقول ورقة يبتسم؛ فهو لا يقلد إلا ما يريد تقليده، ولا أدري كيف أجعله يقلد نطق باقي الكلمات، ولا أدري هل هو متأخر فعلاً أم لا؛ فهو متأخر بالنسبة لأخيه الأكبر.
وأعتقد أني ألاحظ أن سمعه جيد فهو كما قلت يقلد أشياء يسمعها أحيانًا وحين أناديه ينظر إليّ حتى لو كان مستديرًا، وكذلك فهو يصحو من النوم على أبسط الأصوات، وحاولت تعليمه الأنف والفم وهكذا، وأحيانًا أقول له فين الفم فيمسك فمي وأحيانًا يخطئ فيمسك أنفي، ولكني لا أحس أنه يكون متحمسًا فيتركني مسرعًا ليلحق بأخيه ليحاول اللعب معه، فما رأيكم؟
ومشكلتي الثانية في ابني الأكبر فهو يضرب أخاه كثيرًا، وقد كان يعضه كثيرًا منذ فترة قريبة، وقد جربت معه الشطة والعقاب، وهو الآن لم يَعُد يعض منذ فترة ولكن يضرب أخاه، حتى إن قلت له لا تضربه يظل يضربه وأمامي.
وابني الأكبر عمره الآن سنتان و10 أشهر، ولا أدري ما أنسب طريقة للتعامل معه أو لعقابه حين أكرر عليه ألا يفعل شيئًا ويصر عليه؟ وخاصة ضرب أخيه، فهذا أكثر ما يضايقني، وهو أيضًا يصر على الصعود على المناضد والكونتر (الخشب)، وحين أنزله يصعد مجددًا فما الحل؟
وأحيانًا يبكي لأتفه الأسباب فيقول لي شيلي الطبق مثلاً فأقول ليس الآن فيظل يكررها ويبكي أو يلقي الطبق بمحتوياته أرضًا، فما رأيكم في كيفية التعامل مع هذا؟
وللعلم أنا أحيانًا أضربه مثلاً على كتفه ضربة أو في مؤخرته عندما يظل يفعل هذا، وخاصة حين يصر مثلاً على البكاء في الصباح ويوقظ والده مبكرًا رغم أني أفهمته كثيرًا ألا يبكي في الصباح؛ لأن أباه نائم وأحيانًا أرفع صوتي -أصرخ عليه- عندما يفعل أشياء هكذا وأهدده بالضرب أو بأن أدخل حجرتي وأغلق الباب فهو يخشى من تركي له وإغلاق باب حجرتي بشدة منذ أن كان صغيرًا حتى إنني كنت أجد صعوبة في الذهاب للوضوء بدون أخذه معي.
هل عقابي له أو تهديدي بدخولي حجرتي أو أن يدخل هو حجرته إذا أخطأ أسلوب يجب ألا أتبعه أو أستمر فيه؟ علمًا بأنه أحيانًا يجدي، أم لخوفه من هذا فيجب ألا أفعله فهو أحيانًا يظل يبكي ويجري في المنزل جيئة وذهابًا إلى أن أخرج من الحجرة.
وأنا أندم في المرات التي أضربه فيها وأعزم كل مرة ألا أكررها، ولكن أريد أن أعرف وسيلة أخرى لمنعه عن الأفعال الخاطئة، خاصة ضرب أخيه، علمًا بأنني قلت له مرارًا إن هذا خطأ، وضربت له أمثلة بإخوة متحابين، وقلت إن الذي يضرب أخاه ماما وبابا يغضبان منه وأشياء كثيرة، ولكن ما زال الوضع هكذا.
وأنا أحبه جدًّا وألعب معه كثيرًا حتى أكثر من أخيه، وهو يحب اللعب معي كثيرًا، وأتمنى أن أصل لطريقة في التعامل معه ليطيعني على الأقل في الأشياء التي يجب ألا أتركه يفعلها مثل الأشياء الخطيرة، وهكذا... آسفة للإطالة، وجزاكم الله خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
فريق الاستشارات التربوية ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... تقول دعاء ممدوح من فريق الاستشارات:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، ومرحبًا بك وبطفليك الحبيبين ذويا الطاقة والانطلاق منحهما الله المزيد وأسعدك بهما في الدنيا والآخرة.
إن مشكلاتك التي ذكرتها في رسالتك كانت تحتاج للعرض على أكثر من متخصص لمدك بما يكفي من معلومات تغطي استفساراتك، ونبدأ بمشكلة طفلك الأصغر (13 شهرًا)، وبالطبع فقد تم عرضها على طبيبة تخاطب د. سحر صلاح رغم عدم وجود أدنى شك في وجود أي مشكلة أساسًا لديه، ولكن ليطمئن قلبك.
وتقول د. سحر:
مرحبًا بك أختنا الكريمة، وبالطبع فلا يوجد لدى طفلك أي مشكلة تذكر فلا يوجد سن معينة يجب أن ينطق عندها الطفل، بل إنه هناك ما يسمى مدى أو range وهو ما بين عمر كذا وكذا، وتطبق تلك المسألة في قياس أغلب ما يخص الأطفال وليس فقط في النطق، بل والوزن والطول وغيره؛ إذ إن هناك حدا أدنى وحدا أقصى لتطور الطفل في مدى زمني معين، وتجاوز الطفل لهذا المدى دون تحقيق تطور هو ما يحتاج للعلاج؛ فمثلاً يمكن أن يبدأ الطفل بالكلام من عمر 12 شهرًا وحتى عامين ونصف، وعدم القدرة على النطق حتى هذا العمر لا بد له من علاج.
والأهم من ذلك هو أن تعلمي أن محاولة الطفل لإخراج أي مقاطع من الكلام يعتبر في حد ذاته كلاما، فكما أن الطفل يحبو ثم يتسند حتى يمشي.. فهو ينطق بمقاطع أولاً، ثم كلمات غير مفهومة ومراحل متعددة حتى ينطق الكلام بشكل سليم، وبالتالي فولدك حاليًا في مرحلة من مراحل الكلام.
والمطلوب منك تمرينه وتكرار الكلمات أمامه بشكل سليم ومتأن وبطيء مع عدم استعجال النتائج، مع التعامل معه ومع أخطائه برفق وهدوء دون عصبية أو ضرب أو حتى (شطة) كيلا تفاجئي بمشكلات متنوعة لدى طفليك من تأتأة وتلعثم إلى خوف اجتماعي وغيره من مشكلات تسببها عصبية الأمهات مع الأطفال وفي التعامل مع أخطائهم.
وينتهي كلام د. سحر صلاح.
وحين ننتقل لمشكلات طفلك الأكبر نجد أنه لا يتعد كونه طفلاً طبيعيًّا لديه طاقة كبيرة بحكم كونه ذكرًا أولاً وبحكم كونه في أوج سن الاستكشاف والتعرف على الحياة حوله ثانيًا، فضلاً عن جزئية مهمة جدًّا وهي الغيرة.. فهو لا يفصله عن حملك في أخيه سوى عام واحد ولا يفصله عن ميلاد أخيه سوى عام و9 أشهر، وبالتالي فهما كتوءمين لكن مع الألم؛ فالتوءمان يتلقيان قدرًا متساويًا من الرعاية، أما في حالة طفليك فقد حرم الأكبر لحساب الأصغر من العديد مما يمتعه كطفل وحيد وكبير وأبسط ما حرم منه الرضاعة.. ناهيك عن غيرها من مظاهر الدلال.. وعلى كل فإن معاركه مع أخيه طبيعية وليس بها ما يقلق؛ فشجار الأشقاء أمر طبيعي يصعب القضاء عليه كلية في أعمار أطفالك، ويحتاج لوسائل أكثر فعالية ورفق من الشطة والضرب والعقاب والحبس.. إنه يحتاج لتطبيق النصائح والمقترحات التي تجدينها فيما يلي:
- احموا أبناءكم من الغيرة.
- علاج الغيرة بإعادة ترتيب الأولويات
أما بالنسبة لطاعة الأوامر فقد تناولنا الأمر في العديد من المواضع، مؤكدين على أن طاعة الأمر تعتمد بشكل كبير على كيفية توجيهه للطفل، وستجدين تفاصيل قواعد إعطاء الأوامر في الرابط التالي:
- قواعد إعطاء الأوامر.
وبالطبع فإن مسألة الحبس والعقاب بغلق الباب وغير ذلك من وسائل قد بدا لك استنكار طفلك لها وعدم استفادته منها.
ولا تنسي أن العقاب هو وسيلة لتعليم الأطفال وليس تعذيبهم أو الانتقام منهم أو إرعابهم لعدم معاودة الفعل الخاطئ؛ لأنهم لن يتوقفوا عن الوقوع في الخطأ أبدًا بل سيخطئون ليتعلموا ويستفيدوا ويتدربوا على الصحيح ويعتادوا اجتناب الخطأ، وستجدين في الرابط التالي مقترحات تفيدك في التعامل مع طفلك:
- طفلي في حلبة القتال.
وأما عن تسلق المناضد وغيره من الأفعال الخطيرة فما أفعله مع أبنائي هو منع أي خطر من أماكن تواجدهم، فلو كان مكان لعبهم وقضاء أوقاتهم هو حجرة المعيشة مثلاً، فضعي المناضد جانبًا أو ارفعيها نهائيًّا واستخدمي أنواعًا بلاستيكية خفيفة تطوى وتفرد عند الحاجة فقط، حاولي إخفاء كل ما له حواف حادة من قطع الأثاث وتغطية مفاتيح الكهرباء بالأغطية البلاستيكية التي تباع في الكثير من المحال، وكذلك اخفي كل القطع المعدنية الصغيرة من مسامير أو دبابيس أو أزرار أو غيره مما يمكن بلعه أو قذفه.
وكذلك اعملي على إطفاء أنوار وغلق أبواب الأماكن التي بها أخطار حال عدم وجودك فيها (كالحمام والمطبخ وحجرة الصالون...) حتى لا يحاول الأبناء اقتحامها في غيابك عن ناظريهم والتسبب لأنفسهم بالأخطار؛ بحيث يظل طفلاك تحت متابعتك في مكان آمن مضاء باستمرار، وعندما يشرع طفلك بشيء خطير تصنعي أنك لم تريه نهائيًّا، ثم ناده ليشاركك لعبة لطيفة تمارسينها أو ليرى نملة في الأرض أو حمامة تطير من النافذة أو مشاهدة كارتون بحيث تشغلينه برفق وحنكة عما يفعل من أخطاء.
أما عن غرس الحب بين طفليك فهو ما سيتحقق بكل تأكيد بتطبيقك للمقترحات المشار إليها عاليا للتغلب على الغيرة لدى طفلك، وأضيفي عليها ضرورة أن تلعبي معهما معًا مكونة منهما فريقًا ضدك أنت والأب مثلاً أو من عبد العزيز وأبيه ضدك أنت وطفلك الأكبر وهكذا... مما سيقوي العلاقة بين كل الأطراف بشكل عام وبين ولديك على وجه الخصوص، واحضنيهما معًا قبل النوم مثلاً وقبليهما معًا وافعلي كما كان يفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليحبب صغار الأمة في بعضهم البعض؛ إذ كان يقف ويفرد ذراعيه، ثم يجثو على ركبتيه ليتسابق الأطفال إليه ومن يلمس كفه أولاً يكون الفائز، فكان رضي الله عنه بعد أن يصلوا إليه جميعًا يضم ذراعيه عليهم جميعًا ويضغطهم برفق قائلاً: هكذا كونوا"، ويمكنك تطبيق هذه الفكرة اللطيفة لربطهما ببعضهما البعض، وحاذري التحيز لأحدهما ضد الآخر.
وفي الختام.. أوصيك بحفظ هذه الإجابة على حاسوبك ومطالعتها مرة تلو الأخرى لترسيخ ما ورد بها من مقترحات في ذهنك وتطبيقها بكل دقة، وأخيرًا أستودعك الله على أمل بلقاء قريب وجزاك الله خيرًا.
ــــــــــــــ(102/172)
كيف يتعلق ولدي بي؟ ... العنوان
السلام عليكم، وكل عام وأنتم بخير، معذرة فإني أكتب باللغة الإنجليزية؛ لأني لا أستطيع أن أكتب باللغة العربية. مشكلتي تتمثل في أننا عندما نخرج فإن ابني "آدم" البالغ من العمر عامين يرفض أن أمسك بيده عندما نسير معًا، فهو يريد أن يعتني به والده فقط، فعلى سبيل المثال عندما يذهب والده إلى موقف السيارات لمدة 5 دقائق فإنه يبكي ويصرخ، وفي هذه الحالة أكون محرجة؛ لأن الناس تعتقد أنني زوجة أبيه ولست أمه.
وفي المنزل يكون الوضع أفضل فهو يقبل أن أعتني به، ولكنه يفضل أباه لو كان موجودًا بالمنزل، أنا سعيدة بالعلاقة الجيدة مع أبيه، فهذا شيء جيد في المستقبل، ولكني أريد أن أعرف ماذا أفعل حتى أجعله يتقبلني خارج المنزل، وشكرًا لكم.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختي الكريمة، ومرحبًا بك، وكل عام وأنت إلى الله أقرب، وفي الحقيقة لقد توقفت عند سؤالك كثيرًا لأكثر من سبب:
1- اختلاف الأمر لدى طفلك عن المتعارف عليه في سنه ممن لهم ارتباط شديد بالأم.
2- تفهمك الواعي لطفلك وتغليبك مصلحته على مشاعرك، وهو ما أحييك عليه.
3- تحديدك للمطلوب من عرض المشكلة، وهو رغبتك في تحسين علاقتك معه خارج المنزل فقط.
وبكل تأكيد فإن الأمر هين إن شاء الله، ولا ننسى أنه من فضل الله تعالى أن ابنك ذكر بحيث يفيده صداقته القوية بأبيه وليست الاستفادة فقط على مستوى طفلك، بل إن تعلقه الشديد بأبيه سيلين له بكل تأكيد قلب أبيه فيمنحه من وقته وحبه واهتمامه ما يفيده حقًّا في نموه وتطور شخصيته، وفي نفس الوقت يزيد من ارتباط الزوج بالأسرة وشعوره بتأثيره فيها واحتياجها لدوره وهو أمر هام فعلاً.
ولأنك متفهمة من البداية لمصلحة الطفل وقد قررت أن لها الغلبة في تقييمك لحالة طفلك، فسأدخل مباشرة في طرح مقترحات تحسّن من تعامل طفلك معك خارج المنزل دون محاولات للتفتيش عن أسباب أو تحليلات للمسألة، فقد اختصرت هذه الجزئية بما أبديته من تفهم واستيعاب وثبات.
أولاً: حاولي أثناء تواجدكما معًا أنت والطفل أن تلعبي معه ما يحبه من ألعاب (كرة قدم مثلاً...)، وأن تمارسا معًا كافة الأنشطة المنزلية المتاحة من تلوين ورسم وصلصال ومكعبات، ولا مانع من الجري والقفز، وغيرها من الألعاب الحركية التي يحبها الأولاد الذكور، وتتناسب في الغالب مع طاقتهم، وأثناء اللعب لا مانع من قبلة على جبينه وحضن خفيف، أو دغدغة لطيفة تجعله يتكور بين ذراعيك فتغمريه بالقبلات، وغير ذلك مما يجعله يستمتع بوقته معك ويحب اللعب معك ويتعلق بك.
ثانيًا: في الغالب إن طفلك يحب مع زوجك ما لا يجده إلا معه مثل الخروج للشارع والانطلاق خارج المنزل مثلاً، ويشعر أنك من تعودين به للمنزل فيبكي ليأخذه معه الأب ولا يتركه لك فتعودين به إلى حيث يمل ويحبس كل يوم؛ لذا فما أنصحك به وفقًا لهذا التصور وبشكل عام أن تكثري من التنزه مع طفلك وحدكما ولو للتسوق أو التمشية حول المنزل مرة يوميًّا على الأقل، اذهبا مرة للمكتبة ومرة للتسوق ومرة للمتنزه؛ ليلعب مع الأطفال تحت نظرك، حققي له أمنيته في أن يرى العالم ويستكشفه ويرى من فيه، وستجدينه تدريجيًّا يفهم أنك لست مسئولة الحبس في المنزل، بل إنك تخرجين مثل الأب وتفعلين ما يمتع ويسعد خارج المنزل أيضًا.
ثالثًا: تجنبي العصبية أو أي عنف في التعامل مع طفلك، وكوني ليّنة الجانب معه ما استطعت، وأشعريه بحنانك الشديد في كل لمسة وكلمة وقصة قبل النوم وطقوس النوم من تقبيل الجبين والتغطية والبسمة، وفي كل موقف ارسمي في ذهنه صورتك كأم كما تريدين لها أن تبقى معه بسّامة ودودة حنون.
رابعًا: لا بد أن يشاركك الأب في المسألة فيشعر الطفل بحاجتهما معًا إليك ولرعايتك وحنانك، فيقول للطفل مثلاً: "إن "ماما" تعمل لنا عشاء جميلا.. هيا لنأكله.. تسلم يداك يا ماما... ماما حبيبتنا رتبت اللعب هيا اذهب وأحضرها نلعب بها.. لولا ماما ما عرفنا طريق شيء.." إلى ما هنالك من مثل هذا الكلام.
وقبل أن أتركك سأروي لك قصة لطيفة جدًّا ستستبشرين بحدوث مثلها مع ولدك، فقد أتى أبو هريرة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مستاء من نفور أمه من الإسلام ومشفقًا عليها وطلب منه أن يدعو لأمه بالهداية، فدعا لها النبي صلى الله عليه وسلم فلما ذهب للبيت وجدها تستقبله بالشهادتين فرجع للنبي صلى الله عليه وسلم باكيًا من الفرح، وطلب منه أن يدعو الله أن يحبب أبا هريرة للمؤمنين هو وأمه ويحبب المؤمنين إليهما، فدعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم فما من مؤمن يسمع بأبي هريرة إلا أحبه رضي الله عنه. والأجمل أنه كان يحاور أمه كلما دخل البيت فيقول :"السلام عليكم يا أماه رحمك الله كما ربيتيني صغيرًا، فترد عليه وجزاك الله خيرًا ورضي عنك كما بررتني كبيرًا".
لعل هذه القصة دفعتك للابتسام كما فعلت معي عندما قرأتها لما تحمله من معانٍ سامية واعتراف بالجميل، وولاء وبر وحنان من الطرفين.. جعل الله ولدك كأبي هريرة في بره لأمه.
وأخيرًا يا عزيزتي فأنا في انتظار المزيد من أخبارك وأخبار ولدك وموافاتك لنا بكل التطورات. وإلى لقاء قريب.
العربية أولا شعارنا في الغربة (مشاركة) ... العنوان
أود أن أشارك بخبرتي ولكن في البداية أعتذر؛ لأني لا أستطيع الكتابة باللغة العربية، نحن نعيش في كندا ويبلغ ابني الآن 3.5 أعوام وظل بالمنزل حتى بلغ العامين، ونتحدث معه باللغة العربية فقط (نادرًا ما يشاهد التليفزيون)، ومنذ أن بلغ العامين أرسلناه إلى حضانة (3 أيام أسبوعيًّا) وهو يعرف فقط 3 كلمات بالإنجليزية هي شكرًا - لو سمحت - أجل.
في البداية ولمدة 2 أو 3 أسابيع كان هناك نوع من الارتباك لديه فكان يلعب بمفرده داخل المدرسة، ولكنه تأقلم على الوضع بعد ذلك، وتحسنت الأمور فبدأ تعلم الإنجليزية سريعًا وترجمة الكلمات، ونحن حتى الآن نتحدث معه بالعربية وهو يدمج بين الإنجليزية والعربية، تعلم العربية صعب ولكن يمكن تحقيقه وأنا أرجح عدم التحدث مع الأطفال بالإنجليزية داخل المنزل، حيث إنهم سيتعلمونها في أي مكان.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيها الزائر الغالي، وجزاك الله خيرًا على مشاركتك بتجربتك القيمة حول تعليم ابنك اللغتين العربية والإنجليزية، بارك الله لك فيه، ولكن أود التوقف مع كلامك عند بعض النقاط وهو ما ستحتويه الإجابة على سؤالك.
أولاً: ليس لدى كل الأطفال القدرة على اكتساب اللغتين معًا بنفس الكفاءة في ذات الوقت، بل إنه فيما ندر يحدث ذلك، والأولى تعليم الطفل إحدى اللغتين أولاً حتى يتقنها، ثم تقديم اللغة الجديدة له بشكل تدريجي حتى يتفهمها ويجيد التعامل معها وبها.
ثانيًا: قد لا يستجيب كل الأطفال لما حدث مع طفلك من حيث التفهم للغة الأطفال في الحضانة دون أي معاونة منزلية، بل إنه يخشى أن تطول بالطفل فترة الانعزال وعدم التفاعل أو التكيف حتى تصل لمرحلة الانطواء، وتطور طفلك السريع ما شاء الله ليس قاعدة، بل إنه من الأفضل معاونة الطفل منزليًّا على اكتساب بعض المفردات من لغة زملائه، ومنحه فرصًا للاختلاط بأبناء الأصدقاء مثلاً ممن ينطقون اللغة الإنجليزية ليكتسب معهم بعض المفردات التي تعينه على التعامل داخل الحضانة، مع ذكر بعض الكلمات له مرة باللغة الأم ومرة أخرى باللغة الأجنبية؛ لمعاونته على فهمها واكتسابها بما يجعل تعامله مع من حوله ميسورًا.
ثالثًا: اعتبار أن اكتساب أي من اللغتين سواء العربية أو الأجنبية أمر سيحدث حتمًا -كما ورد في نص سؤالك عن اللغة الإنجليزية- أمر غير مؤكد على إطلاقه، وحالة طفلك ليست دليلاً على ذلك، بل إن إعانة الطفل على تخطي الحواجز مع البيئة المحيطة أولى من قذفه بين أمواجها يلاطمها وتلاطمه، فهل نعلم أبناءنا السباحة بقذفهم في اليم فقط؟؟ أم نعلمهم مبادئ السباحة أولاً ثم نتركهم يمارسون؟؟
رابعًا: اعتبار تعلم اللغة العربية أمرًا شاقًّا فيه بعض القول، فهي لغة قوية لكن تعلمها ليس شاقًّا والحفاظ عليها له وسائل متعددة منها حفظ القرآن والاستماع له وغير ذلك، ودخول أي لغة عليها لا يضعفها أو يقلل من كفاءة النطق بها، بل على العكس فإن من يتقن العربية يستقيم لسانه واستيعابه لأي لغة يتعلمها بعدها بشكل سليم.
وأخيرًا أشكر لك اهتمامك بعرض تجربتك لإفادة الآخرين ممن يعيشون ظروفًا مماثلة، وهنيئًا لك بطفلك النابه بارك الله لك فيه وأقر به عينك في الدنيا والآخرة.
الاستقرار الأسري والتحصيل الدراسي (متابعة) ... العنوان
السيدة الفاضلة عزة التهامي أنا لا أفرق بين أولادي، ولكن تكمن مشكلتي في قلة تواجد الأب مع أولاده، وهذه الحالة تسبب الضيق لي ولهم حاولت عدة مرات أن أفهم زوجي أن لهم حقًّا عليك، ولكن هناك ظروفًا تحكمنا؛ لذلك أكون عصبية معهم ولأنه وحيد أريد أن يكون كما هم أخواته، فهم من الممتازين في المدرسة. بالنسبة لعيسى فوالده يأخذه معه إلى عمله، ولكن إذا حصلت أي مشادة في العمل يجن جنونه ويبدأ صراخه.. لو سمحت أريد معرفة المراكز الموجودة في الأردن. ... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة أم عيسى.. سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنت وأسرتك وجميع المسلمين في كل مكان بخير، أسعدتني متابعتك معنا مرة أخرى، وسوف أتناول ثلاث نقاط أساسية برسالتك:
أولاً: كون زوجك -بحكم عمله- لا يتابع أو يشارك في تربية الأبناء، وهذا من شأنه أن يسبب لك عصبية وحدة مع أبنائك.
ثانيًا: قدرات عيسى وتنميتها.
ثالثًا: التعرف على مركز بالأردن لاختبارات الذكاء.
وقبل أن أرد على الثلاث نقاط السابقة دعيني أولاً أحييك على عدم التفرقة بين أبنائك في المعاملة وهذا ما نرجوه وننادي به كل الآباء، وعندما نوّهت عنه في رسالتي السابقة لك كان على سبيل التذكرة فالذكرى تنفع المؤمنين، وثانيًا أود أن أذكر لك قصة صديقة لي عانت مما تعانين منه وخاصة في النقطة الأولى، وكيف توصلت لحل مقبول قد أراحها كثيرًا لكنها بذلت في سبيل تحقيقه مجهودًا وصبرًا غير عاديين وأنا بالتالي أوصيك بهما: فقد وجدت أن زوجها كريم إلى أقصى درجة معها ومع أبنائهما ولا يبخل عليهم بشيء، ولكن ترك لها مسؤولية التربية على عاتقها، ولا يعرف عن أبنائه سوى أسمائهم، فأصبحت عصبية وحادة مع الأبناء لتحملها أعباء التربية وحدها، وحاولت مرارًا وتكرارًا أن توضح له مدى أهمية مشاركته معها في التوجيه والإرشاد، وأن الأولاد لا يحتاجون إلى المال أو تلبية حاجاتهم المادية فقط، ولكن لا حياة لمن تنادي. فقررت أن تتبع أسلوبًا جديدًا معه حتى يندمج مع أولاده ويكون مشاركًا حقيقيًّا في العملية التربوية، وهذا الأسلوب يتخلص نقاطه فيما يلي:
1. حاولت -قدر استطاعتها- أن يكون البيت مصدرًا للراحة والسكينة والسعادة، وأضفت على جو البيت روح المرح بوجه عام؛ ليحب الأب تواجده بالمنزل أو على الأقل يفتقد هذا التواجد.
2. بدأت تخبره -كلما سنحت الفرصة- عن تعلق الأولاد به ومدى حبهم له، وكم يحاولون تقليده في بعض السلوكيات أو كم يشبهونه في طريقة مشيته مثلاً أو كلامه، حتى أصبح يشتاق إلى رؤيتهم قبل أن يترك البيت أو عند عودته من العمل، فيدخل ليقبّل كلاًّ منهم وهو نائم، وقد أدى ذلك إلى قرار بأن يقضي معهم يوم إجازته مهما كانت الظروف.
3. بدأت تخبره عن بعض سلوكيات الأبناء المقبولة (درجاتهم الجيدة بالمواد الدراسية بالمدرسة مثلاً أو بعض ما فعلوه معها من تنظيم وترتيب في المنزل، أو مشاركة في صنع بعض الحلوى التي يصرون أن يتركوا لأبيهم نصيبه ليتذوقها)، أو بعض الفكاهات والتعليقات اللطيفة التي تصدر من الأطفال -عادة- في هذه السن.
4. ثم بدأت -بعد هذه المرحلة التمهيدية- تستشيره في بعض القضايا والمواقف المختلفة في أمور تخص الأبناء (ويمكنك أنت -سيدتي- أن تفعلي ذلك مثل: هل من الأفضل أن نستعين بمدرس خاص لعيسى في هذه المرحلة أم لا؟ أو.. لقد لاحظت على الابنة الكبرى أنها أصبحت أكثر اعتدادًا بنفسها أو.. ألم تلاحظ أن الابنة الوسطى أكثر قدرة على التعبير عن نفسها من أخوتها؟ أو هل الأفضل أن يلتحق الأولاد بأنشطة رياضية بالنادي أم نكتفي باشتراكهم في الأنشطة بالمدرسة؟)، وهكذا يكون مجال الحديث عن الأولاد، إما ملاحظات تحتاجين أن يشاركك فيها الرأي أو يدلي برأي مخالف، أو بعض القضايا التي تحتاجين رأيًا فيها ومشورة، ولا تفعلي هذه الخطوة إلا بعد فترة التمهيد السابقة.
5. ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي أن تخبريه عن كل ما يخص الأبناء وتحاولي أن تقربي بين الأبناء وأبيهم ليقصوا هم بأنفسهم على والدهم ما يرغبون وخاصة عيسى -لأنني كما ذكرت- أن الطفل الذكر يتوحد مع والده (يرى فيه النموذج والمثل الذي يحتذيه) بدءاً من هذه المرحلة والمرحلة القادمة؛ لذا فهو في أمسّ الحاجة إليه، فعليك أن تهيئي الفرص لكي يكونا معًا فيخرجا سويًّا للتسوق أو للصلاة مثلاً أو -كما ذكرت- للذهاب إلى عمل الوالد ولو حدث ما يزعج الابن هناك فعلى الأب أن يهدئ من روع ابنه قائلاً: إن مثل هذه الأمور تحدث في العمل ويناقش معه مخاوفه (كما سبق وذكرت لك بالاستشارة الأولى)، وأنه -أي الأب- سيحاول تجنب ذلك في مرات قادمة، ومما يجعل الابن يتقبل هذا هو العلاقة الجديدة والتواصل الذي سيحدث بينهما والذي تساهمين في تكوينه أنت إذا التزمت -سيدتي- بكل النقاط السابقة.
6. لا تملي -سيدتي- المحاولة ولا تيئسي، وحاولي دائمًا تهدئة نفسك بأنك تبذلين الجهد الكافي في سبيل تنشئة أبنائك تنشئة صالحة، وأن الله تبارك وتعالى يحاسبنا على العمل والسعي والجهد أما الثمرة والنتيجة فغير محاسبين عليها.
ثانيًا: بالنسبة لعيسى وقدراته ومستواه الدراسي فعليك بما نصحتك به في الاستشارة الأولى في طريقة مذاكرتك معه إلى جانب أمر غاية في الأهمية: ألا تعقدي بينه وبين إخوته مقارنة حتى لو كان ذلك في نفسك أو تحاولي أن تجعليه ممتازًا مثل أخواته وتذكّري دائمًا أن هناك فروقًا فردية بين الأطفال، وكل طفل به قدرات وإمكانات تختلف عن غيره، وكل ما علينا أن نكتشف هذه القدرات ولا نجعل الجانب الدراسي هو المعيار الوحيد الذي نقيس به نجاح أو فشل أولادنا؛ ولذا أنصحك بالبحث عن أهم قدرات ومواهب ابنك، وركزي عليها وعززيها فربما يكون متفوقًا رياضيًّا أو اجتماعيًّا أو أدبيًّا أو علميًّا أو عمليًّا أو يدويًّا، وهيئي له ما ينمي هذه القدرات (هناك العديد من الموضوعات على هذه الصفحة عالجت قدرات ومواهب أبنائنا وكيفية تنميتها يمكنك الاطلاع عليها في نهاية الاستشارة)، وسوف تجدينه بعد ذلك يبذل قصارى جهده في الجانب الدراسي وهذا يكفي، وخاصة إذا كانت قدراته في التحصيل محدودة، وهنا نأتي لطلبك الأخير وهو: التعرف على مركز لإجراء اختبارات الذكاء بالأردن.
بعد البحث وجدت جمعية تعرف باسم الجمعية العربية لصعوبات التعلم مقرها عمّان، ويمكن التوصل لها عن طريق الزميلة الاستشارية الفاضلة سناء جميل، حيث إنها عضوة بالجمعية، ويمكن التوصل للزميلة عن طريق هذه الصفحة أو مراسلتها على العنوان التالي: عمّان – الأردن
ص.ب 230702 عمّان 11123 هاتف : 5059762 – خلوي : 077945245 – 0795766637، وأخيرًا.. أدعو لك الله تعالى بالتوفيق والمتابعة معنا مرة أخرى.
ــــــــــــــ(102/173)
أعيدوا ابنتي إلى أحضاني.. ... العنوان
السلام عليكم، أنا أم لطفلتين، الأولى عمرها 4 سنوات والثانية عمرها سنتان، مشكلتي في طفلتي الكبرى، نحن نسكن في بيت جدها وبجوار بيتنا يسكن بيت عمها.. مشكلتي أنها شديدة التعلق ببيت عمها وبأطفالهم.
هذا في الواقع لا يزعجني إنما تواجدها المستمر في بيت عمها طوال النهار هو ما يضايقني، خاصة أن لهم طريقة في التربية تختلف عن طريقتي فهم يعتمدون مبدأ اللامبالاة في تعاملهم مع الأطفال، وفي نفس الوقت يوفرون حنانًا ومحبة لكل الأطفال دون تفريق، بينما أنا حريصة جدًّا على أطفالي من جميع النواحي، وربما عصبية أحيانًا في تعاملي معهم، لكني أعطيهم حبًّا وحنانًا أيضًا، ولطالما كنت مقتنعة بأن تربية الطفل في بيئتين مختلفتين تفسد تربيته.
ألا يحق لي أن أربي ابنتي كما أريد؟!! أصبحت ابنتي ترفض البقاء معي وعندما تحضر إلى بيتنا غالبًا ما تكون عصبية المزاج ولا تتقبل أي كلمة مني حتى ولو كانت باللين والرفق.. هي تفضل البقاء عندهم على أن تكون قربي حتى إنها صارت تتحدث بنفس كلماتهم.. أنا خائفة جدًّا على ابنتي، ولا أريد أن أخسرها فقد جربت معها كل الوسائل التي أعرف دون جدوى.. أرشدوني إلى حل يعيد ابنتي إلى أحضاني، وجزاكم الله كل خير عنا.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الفاضلة ومرحبًا بك.. وأبدأ حديثي معك بقول أحد الشعراء ليطمئن قلبك إذ يقول:
"إني بأمي أغني من عشرين بحرًا.. كل رمالها جواهر، وكل مياهها لجين.. وكل صخورها ذهب خالص..."..
فاطمئني يا عزيزتي إلى مكانتك في قلب ابنتك، لقد بدأت الحديث في أول سطور سؤالك بكلمة (مشكلتي)؛ ولذا فسألج في الموضوع مباشرة مفندة معك ما أسميته مشكلة، إن ما وصفته عن بيت عم الأولاد من حيث اللين والرفق والحنان مع الأبناء لا يوجد به نهائيًّا ما يقلق حول البيئة التي تخشين تأثر ابنتك بها.. اللهم إلا إذا كان هناك غير ذلك مما لم تذكريه في حديثك، وكون الطفلة تحب التواجد في بيت عمها، فهذا أمر محبب وطبيعي، بل ومحبذ وربما يكون أنت من تسبب في اعتيادها له، نعم لا تستغربي... فمن المؤكد أنك من سمحت من البداية بتواجدها هناك مرة تلو الأخرى لفترات طويلة ومتكررة، فاعتادت الطفلة عشرتهم وجلستهم وتعلقت بأهل المنزل، وأصبحت تسعد جدًّا بقضاء الأوقات معهم، وليس في الأمر أي مشكلة بخلاف أنك -واسمحي لي- بدأت تستجيبين للغيرة تتسلل لقلبك، وتشعرين بانفلات ابنتك من أحضانك وتملصها من بين ذراعيك وهنا مربط الفرس.
وأعتقد أن هذه الأمومة التي تملأ عروقك هي ما جعلتك تصفين رفق أسرة العم باللامبالاة، وقد توقعت ذلك لأنك ربطت بشكل أو بآخر بين اهتمامك الشديد بأطفالك من كافة النواحي وبين التشدد والعصبية والانفعال معهم، وهو ما وصفته أنه ضد مبدأ أسرة العم.. إذن فما وصفته باللامبالاة غالبًا أنه الرفق... وهو ما جذب ابنتك بالطبع وجعلها تميل بشكل كبير لهذا الجو الهانئ الحاني المريح لتقضي فيه جل وقتها.
وتعالي نناقش قناعتك بأن تربية الطفل في بيئتين مختلفتين تفسد تربيته وهو ما أختلف معك فيه، فالأمر لا يطلق على عمومه، بل قد يكون تعرض الطفل للأوساط والبيئات والمجتمعات المختلفة سببًا رئيسيًّا في تنوع ثقافته وثراء شخصيته واتساع أفقه، بخلاف تطور قدراته الاجتماعية وقدراته على تكوين علاقات وصداقات إلى غير ذلك، أما ما أتفق معك فيه فهو أن السلبيات التي قد يتعرض الطفل لها بشكل أو بآخر في بيئة مختلفة عما نشأ فيه قد يحاكيها الطفل ويتمثل بها، وهذه مشكلة إن لم يكن لتفاديها إعداد مسبق.
بالطبع أنه من حقك أن تربي ابنتك تربية سليمة، وهو حقك الذي لم ينازعك فيه أحد ولا يجوز لأحد أن ينازعك فيه، ولكن هو لا يؤكد أي أحقية في امتلاكها أو حبسها داخل علبة من المخمل لا ترى منها غيرك ولا يراها غيرك.. نعم يا عزيزتي.. إن أكثر الحكام ديكتاتورية كانوا أكثرهم منعًا لشعوبهم من الخلطة بالعالم، وتابعي التاريخ لتتأكدي.. ستجدين أنه كلما زاد ظلم الحاكم زادت العزلة التي يفرضها على شعبه لكيلا يرى سواه ولا يعرف غيره ولا يسمع أو يرى إلا ما يريده له، ولكن ما إن يلتفت تجدين كل أصنامه تنهار؛ لأنه لم يخلق بتلك العزلة حبًّا له في قلب أحد، بل خلق ضيقًا وكرهًا ونفورًا فما إن يجد له مجالاً يسرع بالانفلات.
إذن فما أعنيه هو أن تجذبي ابنتك إليك بأن تكوني الأكثر جاذبية لها.. إن كان ما يجذبها اللين فكوني ألين من يتعامل معها، وإن كان ما يجذبها اللعب فتصابي لها، وإن كان ما يجذبها الرفق والحنان فاغمريها بهما.. تغاضي بشكل مرحلي عما لا يعجبك من تصرفاتها، ثم تحدثي عن أحداث اليوم كلها قبيل النوم مثلاً محللة ما كان لطيفًا منها وما لم يكن، أو مشخصة تلك الأحداث في قصة قبل النوم التي تعلقين فيها بشكل غير مباشر على تصرفاتها من خلال البطة التي كان صوتها عالٍ فلم يحبها باقي البط، أو القطة التي أرادت أن تلعب وحدها بالكرة فضاعت منها ولم تجد من يساعدها في إحضارها، وهكذا...، ثم إن تكرر الخطأ في اليوم التالي ذكريها بالقطة قائلة "ما هذا هل سنخطئ خطأ القطة...؟"، وأنت باسمة مازحة فيكون نصحك لها مرحًا وتعليمك لها بهجة.. فتنطلق إليك من دون أدنى شك.
كذلك فإنه لا يجب عليك مطلقًا منعها عن عمها أو أبناء عمها، بل يمكنك دعوتهم للعب عندكم مرة والسماح لابنتك باللعب عندهم مرة، وهكذا...، مع شغل فراغ ابنتك بألعاب مسلية على الحاسوب أحيانًا وبالخرز أحيانًا ومرات تشاركينها تشكيل الصلصال والتلوين والمكعبات.. إن ابنتك يا عزيزتي تطلب عندهم الرفقة والتسلية والدفء.. فإن توفروا لها فلن تبحث عنهم بالخارج.
كما أن وجود طفلة صغيرة لديك -هي ابنتك الصغرى- وما تتطلبه من رعاية وعناية ناهيك عن أعمال المنزل ينتزعك -مما لا شك فيه- انتزاعًا من بين أحضان ابنتك، كما أن أختها قد لا تكون الرفيقة المثالية في اللعب معها، وبالتالي فالابنة تذهب إلى حيث تستمتع، والحل كما أسلفنا هو توفير ما تحبه الطفلة لتسكن إليه.
ولدي حكاية لطيفة عن أم ذكية عرفت لولدها حبه الشديد للكلاب، وكان متأخرًا دراسيًّا في اللغة الإنجليزية ويكره القراءة بها ولا يحبها، ففكرت أن تدخل له من بابه المفتوح (حب الكلاب) حتى يمكن أن تعبر به هذه المشكلة، فأحضرت له كتبًا عديدة كلها عن الكلاب وعن العناية بها وعن أنواعها وأسمائها، وبدأت تطالع معه صورها في شغف وتقرأ معه وتجعله يقرأ لها وتذهب معه للمكتبة ويستعيرون كتبًا وهكذا... حتى عشق الكتاب والقراءة وتحسن كثيرًا في اللغة الإنجليزية، فعبرت به من بابه المفتوح وهو حب الكلاب إلى ما كان موصدًا وهو حب الكتاب...، فماذا استفدت من هذه القصة؟
إن كل أم تعلم عن أبنائها مفاتيح شخصياتهم، وتعرف كيف يمكن أن تتقرب إليهم وتتحبب لهم، وهو ما يسهل أمر تكوين صداقة معهم، المهم اتخاذ الخطوة الأولى والثبات على الدرب، درب الصداقة مع ابنتك.. اقتربي منها وحدثيها وتصابي لها، ترافقا في النزهات والتسوق والطهي واللعب والصلاة، استشيريها في ألوان ملابسك وألوان مفروشاتك وشكل الأطباق ونوع الوجبة التي ستعدينها على الغداء.. حدثيها عن طفولتك وأحداث يومك واسمعي لها قصصها وما تشعر به.
الأهم من كل ذلك أن تبتعدي تمامًا عن العصبية والانفعال.. فأنت تقولين إن ابنتك تأبى أي كلمة منك حتى لو كانت باللين، أي أن الاستثناء هو اللين والأصل هو الانفعال.. فكيف تريدين لها الانجذاب إلى هذا الجو؟
وكيف لا تريدين لها أن تحاكيه حين تجبر على التواجد فيه، هي تخلع حلة اللين على باب منزلكم لترتدي حلة العصبية التي هي زي أهل هذا البيت -من وجهة نظرها- وتتقمص ما تراه رغم كرهها له.
يبقى أمر هام جدًّا وهو خوفك على ابنتك، وتبدل ألفاظها، ورغم إنك لم تحددي ما قصدته أنها تتكلم بكلماتهم هل يعني ذلك البذاءة أم ماذا؟.. فإنني سأوجه لك بعض المقترحات بهذا الخصوص:
أولاً: لا بد أن تتيقن ابنتك بأن حلاوة اللسان وطهارته مما يستجلب حب الله تعالى والناس ومن أجمل الصفات؛ وذلك بالقصص اللطيفة والأحاديث النبوية، والتوجيهات غير المباشرة والتعليقات وغير ذلك.. بحيث تكون مقتنعة بذلك.
ثانيًا: لا بد من حثها على تغيير هذا الخلق في من تحبهم لكي يحبهم الناس؛ فإن أحبت ابنة عمها عليها أن تنصحها بما يجعل الله والناس يحبونها، فتنصحها أن تحرص على كلماتها ولفظاتها؛ لأن الله يرانا ويسمعنا، ولأن اللسان يشهد عنا يوم القيامة إن كنا استخدمناه بشكل سليم أو خطأ.
ثالثًا: من خلال حواراتك معها حاولي بثها ألا تكون إمعة تقلد من حولها، بل أن تكون قوية لا تفعل إلا الصحيح، بل وتكون قدوة، بحيث يقلدها في حسن أفعالها من حولها.
رابعًا: اجعلي شعارك وشعارها في تلك الجزئية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم" (رواه أحمد في مسنده والبخاري في الأدب والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر"، واحذروا أن تكونوا من الأبرار الهالكين باجتنابهم الناس والتأثير فيهم والتفاعل معهم.
وستجدين المزيد من المقترحات حول هذا الموضوع في الرابط التالي:
- بين سب عمان وحلم العقبة
وأخيرًا.. فأنا في شوق لتلقي المزيد من رسائلك ومتابعاتك وأخبارك وأخبار ابنتك، ويسعدني مناقشتك وتداول الرأي معك حول ابنتك وأفضل ما توصلت إليه في تعاملك معها، وتطور علاقتك وصداقتك معها.. وسأنتظر رسالتك التالية سريعًا.. وحتى ذلك الحين أستودعك رعاية الله وحفظه.. وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/174)
طفل بالتبني ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وجزاكم الله عني وعن أمة محمد علية الصلاة والسلام أفضل جزاء..
سؤالي باختصار: كيف أخبر طفلي بالتبني أنني لست أمة، ولكنني تبنيته عندما رزقني الله بأول أبنائي وأرضعته معه ليصبح ابني أيضا؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... هذه رسالة لا يصلح معها الاختصار وليس أي اختصار إنه الاختصار الشديد.. لا بد أن توضحي لنا الكثير من النقاط حتى يسهل لنا مساعدتك والإجابة على تساؤلاتك:
1- ما هي ظروف هذا التبني؟ وما معنى التبني الذي تقصدينه؟ خاصة أن التبني محرم شرعا في ديننا الحنيف، وممنوع قانونا؟
2- هل يحمل هذا الطفل اسم زوجك أم اسما مختلفا؟ وكم عمره؟ ومنذ متى تم التبني؟ ولماذا لا تريدين إخباره؟ ومتى تريدين إخباره؟
3- ما الذي دعاك للتبني إذ تذكرين في رسالتك أن الله قد رزقك طفلا وأرضعت هذا الطفل مع ابنك الأصلي فلماذا حدث؟ وكيف حدث؟
ــــــــــــــ(102/175)
افعل ولا تفعل لعلاج مشكلات التخاطب ... العنوان
الأخت الفاضلة د. سحر صلاح قد أجبتني بضرورة عرض طفلي على طبيب تخاطب، وأود أن أسأل عن أمر مهم عن طفلي، وعمره الآن 3.5 أعوام وهو في حضانة، وله أخ يصغره بـ 14 شهرا، وهو إلى الآن مع جلسات التخاطب منذ أكثر من 6 أشهر، ويتحسن ببطء في مسألة الكلام.. فهل هناك خطوة تنقص فيما فعلت؟
ولقد توجهت لطبيب التخاطب ويجري تمرينات، لكنه لا يتقدم بقوة؛ فهل عليّ دور أمارسه لأدعم هذه الجلسات؟ وهل هناك علاج مكثف مثلا للحالة يعالج الأمر بسرعة؟ أخبرينا عما يجعل الجهود تتكامل قبل أن يدخل الطفل المدرسة على هذه الحالة.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله، أختي الكريمة ومرحبا بك وبطفلك، وفي الحقيقة لقد ألقى سؤالك الضوء على منطقة مهمة في مسألة علاج التخاطب، وهي ما سنركز عليه في الإجابة على سؤالك.. فكما نعرض الإرشادات لا بد أن نتناول محاذير التعامل مع الطفل الذي يحتاج لعلاج مشكلات التخاطب لديه.
أولا: استبطاء الأمهات لنتيجة العلاج في حالات التخاطب يؤثر سلبا -من دون شك- على نفسية الأم، ومن ثم يؤثر على تعاملها مع طفلها، ومعاملة أي طفل على اعتباره معاقا أو ينقصه شيء، أو مريضا تعود به للوراء مسافات طويلة على درب أي علاج.
والخلاصة أنك في حاجة إلى الصبر والتعامل مع الطفل بسعادة دون إشعاره بأي نوع من الاختلاف عن غيره؛ فذاك ركن ركين من أركان العلاج، مع التأكد أن اللغة لا تُكتسب في يوم وليلة.. ومن الطبيعي جدا أن يحتاج الأمر شهورا ليتحسن ويتغير ويحدث له التطور؛ فلا تدعي طموحك في الخير لابنك كأم يطغى على صبرك كمعالجة؛ فيحدث أثرا عكسيا.
ثانيا: المحذور الثاني هو تكرار النطق المشوه للكلمات أمام الطفل؛ بمعنى أن تطلقي على الأشياء الاسم الذي يطلقه الطفل عليها -إن كان في هذا الاسم اختلاف عن نطقه الصحيح- كنوع من مجاراته والتقرب منه، وهذا للأسف يؤكد على الشكل الخطأ للكلمة لدى الطفل.
ثالثا: احذري أن تقولي للطفل حين ينطق بشكل خطأ: "ردد معي... أو قل مثل ما أقول... إلخ"، بل يكفي أن تقولي له حين ينطق مثلا كلمة "كرة" بشكل خطأ؛ فيقول (تورة أو أورة أو...)، تقصد "كرة؟" نعم الكرة.. سأحضر لك الكرة، فتصححين له النطق بشكل غير مباشر وتكررين الكلمة أكثر من مرة بشكل صحيح أمامه ليتقنها.
رابعا: حذار أيضا من أن يشعر طفلك بعجز أو نقص من خلال معاملتك له أو معاملة المحيطين له.. فيؤثر ذلك على تفاعله مع المحيطين به؛ وهو ما يفقده الثقة بنفسه ويدفعه للإحجام ومن ثم الانطواء والتقوقع.
لاحظي معي أن كل المحاذير تدور في فلك واحد تقريبا وهو تفادي خدش ثقة الطفل بنفسه أو مسه بأي إحباط أو نقص أو اختلاف عمن حوله لكيلا يؤثر ذلك سلبا على استجابته للعلاج.
يبقى أمر مهم وهو مشاركتك المنزلية مع الطفل، وهو أمر لا شك في أهميته ودوره مع جلسات التخاطب لدعم تأثيرها، وهو جزء معتمد في العلاج يسمى family counseling، وهو عبارة عن التعامل مع الطفل داخل المنزل بشكل معين يتم فيه إكسابه للغة بتمارين تتضمنها المعاملات اليومية معه؛ فتوجه إليه جمل مختلفة قصيرة مركزة تتكرر فيها كلمة واحدة ببطء بشكل مستمر كالمثال الآتي:
"تعال نغسل شعرك"، و"شعرك سيصير نظيفا"، و"بعد الغسل سنمشط شعرك"، أو: "أعطني كوب الماء ".. "الماء بارد".. "أنا أحب الماء".. "هل تحب الماء؟".. وهكذا بحيث يلتقط منك موسيقى الكلمة وقافيتها tone وكيفية نطقها بشكل صحيح ومعتدل.
ويمكنك التشاور مع طبيب الطفل عن المزيد من التمرينات التي يحتاج منك التعاون معه بأدائها.
أختي الحبيبة تذكري أن كليم الله موسى -وهو النبي الوحيد الذي تكلم مع الله وتكلم معه الله- كان يتلعثم في كلامه ولا ينطلق لسانه أحيانا حين يضيق صدره، وقد شد الله عضده بأخيه وآزره بمعجزات تلجم الألسنة لما دعاه أن يحلل عقدة من لسانه، ففقه قومه قوله باللسان وبالمعجزات المبهرة.. ما أريد قوله هو أن تطرقي باب الدعاء؛ فعساه يقوي من أثر ما التمسته من أسباب مادية فتقر عينك بالنتائج.
وأخيرا أؤكد أن حالة طفلك حالة عادية جدا ستتطور إن شاء الله بشكل ممتاز ولكن لا تتعجلي.. واصبري وصابري وثابري في الدعاء، وأنا على يقين أن رسالتك القادمة إن شاء الله ستحمل من المبشرات الكثير والكثير إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/176)
العربية أم الإنجليزية؟.. حيرة تحسمها المصلحة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود أن أشكركم كثيرًا على ما تقدمونه من معلومات قيمة في مجال التربية. طفلي الأول عمره عامان ونصف وحتى الآن لا يستطيع أن ينطق غير 10 كلمات، ولكن عندما أقول له كلمة ما فإنه يرددها ورائي ليس بنفس الحروف ولكن بنفس الوزن، ولقد قرأت الكثير من الاستشارات عن هذا الأمر فأستنتج منها أنه إذا بلغ طفلي العام الثالث، ولم ينطق فلا بد أن أذهب به إلى مراكز التخاطب كي يتم إعطاؤه دروس التخاطب، وسؤالي هو أننا نعيش في أمريكا وأنا أريد أن تكون لغته العربية جيدة، وأخاف إن تعلم الإنجليزية لا يستطيع أن يتعلم العربية فماذا علي أن أفعل؟
هل إذا أتم من العمر 3 سنوات ولم يتحدث أذهب به إلى مراكز التخاطب بأمريكا أم إذا أردت أن أحفظ له لغته العربية عليّ أن أرجع إلى بلدي وأعطيه دروس التخاطب هناك؟ كما أنني أريد أن أعرف إذا قمت بإعطائه دروس التخاطب بأمريكا هل لا بد أن أتحدث معه في المنزل باللغة الإنجليزية أم إذا تحدثت معه بالعربية كما يقول لي طبيبه الخاص سيجعله ذلك يتحدث اللغتين معًا، وهل إذا بدأت من الآن سيكون هذا الأمر أفضل بالنسبة له أم من الأفضل أن أنتظر؟ وإلى متى يجب عليّ أن أنتظر؟
ملحوظة: منذ أن بلغ طفلي سنة ونصفًا وهو يقول جُملاً وكلمات غير مفهومة بالمرة ومنذ شهر تقريبًا، وهو يقول كلمة مفهومة ويكمل حديثه بكلمات غير مفهومة، فعلى سبيل المثال عندما أقول له "حوت في الميه" يردد ورائي ويقول "ميه تا بكا تا" أو يقول "ميه"، ويكمل بنغمة الجملة التي قلتها، أو بمعنى آخر على وزن الجملة. أعتذر فما يقوله من كلمات وهمهمة غير مفهومة من الصعب كتابتها. أعتذر إن كنت أطلت عليكم بأسئلتي؟ ولكم مني جزيل الشكر والاحترام على ما تقدمونه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا عزيزتي، ومرحبًا بطفلك، وكل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم، وبالطبع لقد كان سؤالك محيرًا لحساسية أي كلمة تقال لك وتأثيرها الذي قد يمتد لفترات، وعليه فسيدعم كلامي معك شواهد من الواقع العملي لتكون الخيارات بين يديك وتحت تصرفك.
مما لا شك فيه أن تعلم لغتين في نفس الوقت دون التمكن التام من أيهما يحدث إرباكًا شديدًا للأطفال قد يستطيع بعضهم بقدراته المتميزة اجتيازها وقد يخفق الكثيرون في ذلك، وبالتالي فإن الطفل الذي يعاني من مشكلة في النطق لا يمكن أن أكبله بتعلم لغتين في وقت واحد، مما يعقد المسألة بالنسبة له بشكل كبير؛ حيث إنه لا يتقن لغة واحدة فكيف أعالجه بتعليمه لغتين معًا.. هذا أولاً.
ووجودك في الولايات المتحدة في بيئة تتعامل بلغة معينة سيتحتم على طفلك التعامل معها عاجلاً أو آجلاً تجعل هناك أولوية لهذه اللغة لكي يستطيع الطفل التعامل مع مَن حوله، وهو ما سيحدث في غضون شهور بالتحاقه بحضانة ثم المدرسة، وعدم إتقانه للغة من يتعامل معهم قد يسبب له إحجامًا عن التعامل، ومن ثَم فقْد للثقة بنفسه، ثم الانطواء أو غيره كنتيجة حتمية وطبيعية للحواجز التي تمنعه عمن حوله وعن الاندماج معهم وعلى رأسها اللغة.
إذن فوجودك في أمريكا -إن كان سيطول- يحتم عليك لمصلحة طفلك إكسابه لغة من حوله وهي الإنجليزية، وبالتالي فجلسات علاجه عند اختصاصي التخاطب لا بد أن تكون بالإنجليزية، ومن ثَم فإن تدريبات المنزل المطلوبة منك لجانب جلسات التخاطب لا يمكن أن تكون بالعربية، فهل يصلح أن نؤكد على شرح درس العلوم الذي تم شرحه للطفل بالعربية في مدرسته بالإنجليزية عند عودته للمنزل؟ بالطبع لا فهو لن يستفيد شيئًا لسبب بسيط أنه لا علاقة بين ما درسه وبين ما نشرحه له، والأولى التأكيد على الشرح والمذاكرة بنفس اللغة التي تم بها شرح الدرس أولاً.
والخلاصة أن طفلك لا بد أن يتحدث أولاً بالإنجليزية ليتواصل مع من حوله من الناس والأطفال، وذلك من خلال تدريبات التخاطب ومعاونتك المنزلية، ثم حين يتقن الإنجليزية تبدئين معه اللغة العربية، وما أنصحك به أن تبدئي جلسات التخاطب من الآن وليس عند بلوغ السنوات الثلاث.
تبقى لنا جزئية مهمة وهي كيفية تعلم اللغة العربية، ولحسن الحظ فقد مرت صديقة لي بنفس الموقف؛ إذ تأخر طفلها في اكتساب اللغتين العربية والإنجليزية وكانت مقيمة في الولايات المتحدة، وكان ما نصحه بها الأطباء هو ما نصحتك به، إلا أنها زادت على ذلك مشروعًا متميزًا لتعلم اللغة العربية -بعدما انطلق لسان طفلها بالإنجليزية- وهو أن تقضي إجازتها السنوية (3 شهور) في بلدها الأصلي بين الأهل والأقارب مع الذهاب بالأبناء لمركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها 3 مرات أسبوعيًّا في شكل دورة مكثفة، وما زالت تفعل ذلك إلى الآن في كل إجازة ليتقن أطفالها الفصحى وليس فقط لغة الحديث بالعربية، ومن ثَم يظل قرآنهم ودينهم وتراثهم مفهومًا ومستوعبًا بشكل ممتاز بالنسبة لهم، وبالتالي فما أود أن أجمله لك من هذه التجربة أن تعملي على تطبيق ما فيها من أفكار ليتقن طفلك العربية، ولا مانع لديّ مطلقًا من التواصل معك في إجازتك السنوية، ومدك باسم المركز الذي تعاملت معه تلك الصديقة لتتعاملين معه أيضًا.
وتعالي نطرح بديلاً آخر وهو أن يتلقى طفلك جلسات التخاطب بالعربية عند طبيب عربي مقيم في الولايات المتحدة -إن وجد- ولكن يظل اتصاله بمن حوله بالإنجليزية أمر قد يطول أمد تحقيقه، وهو ما قد يكون له آثار غير مرغوبة، وهذا الحل لا يختلف كثيرًا عن فكرتك في علاج طفلك في بلدك، ثم العودة به مرة أخرى.. فالنتيجة تقريبًا واحدة، ناهيك عن أن هذا الخيار -العلاج في بلدك- يترتب عليه اضطرابات في وضع الأسرة من دون شك، وفراق للطفل عن الأب وتغيير في الوجوه والمحيطين حوله بشكل قد يزيد من تعقيد المسألة لدى الطفل.
أعتقد أني ناقشت معك كل ما طرحته من حلول، وفندنا معًا إيجابياتها وسلبياتها ليظل الخيار بين يديك في تحديد الأنسب والأفضل وفقًا لكل المعطيات التي قد يكون بعضها خافيًا عليّ... وأرجو أن يوفقك الله تعالى لأفضل الخيارات، وأخيرًا أوصيك بالاستخارة للوصول لأفضل الحلول.. وبالله التوفيق.
في انتظار متابعتك لموافاتنا بآخر أخبارك وأخبار طفلك عساها تكون كلها خيرًا، وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/177)
هل الطفل الوحيد طفل تعيس؟! (متابعة) ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته د/ عمرو أبو خليل.. أنا صاحبة تساؤل هل الطفل الوحيد طفل تعيس؟وهل في حالة الانفصال عن أبيه يصبح تعيسا وغير سوي؟
بداية أشكر لحضرتك الإجابة.. وأريد أن أوضح بعض الأشياء..
أولا: الانفصال بيني وبين زوجي قد يحدث نتيجة لعدم صلاته منذ تزوجنا مع محاولاتي معه بكل الوسائل، ولأنه يبرر ذلك دائما بالكسل، وأيضا لوجود اختلافات جوهرية بيننا في الشخصية، هذه الأسباب أدت إلى تسرب أي مشاعر له عندي؛ مما أدى إلى كرهي للعلاقة الخاصة بيننا، ولكن كل ذلك لا يخرج في صورة مشاجرات أو أي شيء من هذا القبيل؛ فنحن نتعامل بشكل عادي ومحترم أمام الولد وأمام الجميع، ولكن ألمي ألم نفسي داخلي.
ثانيا: بالنسبة إلى صراخي أحيانا في وجه ابني فأنا أحاول جاهدة أن أتحكم فيه؛ لأنه أغلى ما عندي، ولا يوجد سبب لذلك سوى المشكلة التي أنا فيها، ولكن للأسف من قبل ميلاده، أما أنا فشخصية هادئة، ولكن قد ينطبق عليَّ "اتقِ شر الحليم إذا غضب".
الأهم الآن أني فعلا تائهة في هذه المشكلة ولا أجد معينا سوى الله، وأن أجتهد لمعرفة الأصلح والصواب؛ لذلك أرجع إلى سؤالي الأساسي بعد التوضيح السابق: هل إذا تم هذا الانفصال هل هناك سمات أو خصائص للطفل الوحيد سواء بالسلب أو الإيجاب؟ وهل إذا استطعت أنا ووالده حتى بعد الانفصال توفير هذا المناخ الصحي.. هل لن يختلف عن أي طفل آخر يعيش في وسط إخوة وفي كنف أمه وأبيه وإذا كان فيه اختلاف فما حجمه؟ وهل أستطيع أن أفعل شيئا قد تبدو أفكاري مضطربة، ولكني أسعى لتحقيق أهم أهداف عندي؛ وهي رضا الله سبحانه وتعالى، وإسعاد ابني وتربيته تربية قويمة ما استطعت، لكم جميعا جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سنبدأ بسؤالك الأخير، وسنتعامل مع رسالتك الثانية وكأننا لن نجيب عليك بالرغم من أننا سنكرر الكثير من المعاني التي ذكرناها في رسالتنا الأولى.. هل أستطيع أن أفعل شيئا؟ كان هذا هو سؤالك الأخير، ونعتقد أنه السؤال الأهم؛ لأنه يعتمد على ما تقصدينه بما يمكنك عمله.. هل تقصدين ما يمكنك عمله الآن قبل قرار الانفصال؟ أم ما يمكنك عمله بعد الانفصال المحتمل؟ هل لو كانت الإجابة على تساؤلاتك فيما يخص طفلك أنه بالرغم من عدم وجود إجابة قاطعة محددة تقول سيحدث التغير الفلاني أو سيتأثر بالشكل العلاني.. فإنه من المؤكد أن تربية الطفل وسط أبويه اللذين يعيشان تحت سقف واحد مع الحد الأدنى من التفاهم، وعدم وجود خلافات ظاهرة سيكون تأثيره مختلفا عن تربية الطفل مع أمه فقط أو أبيه فقط حتى لو اتفق الأبوان على صورة مثالية للتفاهم والتعامل مع هذا الطفل..
الشيء المؤكد أن افتقاد الطفل للجو الأسري الدافئ سيكون له أثر في نفسيته وشخصيته.. في إحساسه بالأمان والاطمئنان اللذين لهما دور هام في النمو النفسي الطبيعي للطفل بصورة خاصة وللإنسان في مراحل حياته المختلفة بصورة عامة.. ولكن صورة هذا التأثير وعمقه لا يستطيع أحد أن يجزم به؛ لأن هناك عوامل عديدة تتدخل لرسم الصورة النهائية لنفسية الإنسان وشخصيته؛ بدءًا من العوامل الوراثية ومرورا بالصفات الشخصية ثم العوامل البيئية، ثم ما يتعرض له هذا الطفل من ضغوط وأحداث في حياته.. فلا يوجد شخص مثل الآخر تماما في تفاعله مع الأحداث، وربما يكونان أخين من نفس العائلة ويتعرضان لنفس الحدث ويكون ردا فعلهما وتأثيرهما عليهما مختلفان تماما؛ لأن الإنسان ليس مادة تطبق عليه قوانين الفيزياء والكيمياء بل هو كتلة من المشاعر والأفكار والأحداث التي تتفاعل جميعها مع بعضها البعض لتخرج نتيجة تخص هذا الشخص تحديدا دون غيره..
هل إذا كانت إجابتنا على تساؤلك بهذه الصورة؛ فهل سيكون لذلك تأثير على قرارك بالانفصال؛ بحيث يكون اختيارك بين تحملك لعيوب زوجك وحياتك معه مقابل أن يعيش الطفل في كنف الأبوين أو انفصالك مع تحملك للنتائج المتوقعة على طفلك والتي فيها كل الاحتمالات مفتوحة.. لسنا مع أو ضد أحد الاختيارين، ولكننا نشرح لك أن من لحظة اختيارك لقرار الانفصال وليس من بعد ذلك؛ لأنه بعد الانفصال سيكون ما يمكنك عمله محددا؛ لأن تأثير الانفصال عن الأب وغياب الجو الأسري سيحدث، ولا يمكن تلافيه؛ لأنه واقع لا يمكن تغييره، بل يتم التعامل معه كما هو الطفل بأي صراعات، وإعطاؤه الإحساس بتعاونكما من أجله وقدرتك النفسية على إعطائه الحنان والحب والدفء الذي يحتاجه والذي ترين أنك مع ألمك النفسي في الحياة مع الأب لا تستطيعين أن تمنحيه إياه؛ بل العكس أنت في حالة عصبية تحت تأثير مشكلتك؛ مما يجعلك تسيئين معاملته، ولكن هل فعلا ستكونين هذه الهادئة التي تتمنينها؟ وهل ضغوط واقعك الجديد كمطلقة لن تجعلك أيضا في حالة نفسية لا تسمح بمنحه ما يحتاجه من رعاية؟
خلاصة ما نريد قوله لك أنك تختارين عن وعي وإدراك ومسئولية أي سلبيات الاختيارين ستستطيعين التعامل معها؟ هل سلبيات الاستمرار أم سلبيات الانفصال؟ حدوث السلبيات أمر واقع سيحدث، ولكننا نسأل هل سنستطيع تجاوزها؟ لا يستطيع أحد أن يرسم لك خريطة محددة واضحة تقول لك سيحدث لنفسيته كذا فتعاملي معه بكذا؛ لأن هذا أمر لا يمكن أن يحدث مع نفسية البشر، وهذا ما يزيد من صعوبة الاختيار، الكرة في ملعبك، والاختيار لك، والإجابة يجب أن تحدد من الآن وليس بعد ذلك.
ــــــــــــــ(102/178)
بين اللين والشدة.. أين العلاج؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع جدًّا والذي ازداد روعة بكم فريق الاستشارات التربوية.. أسأل الله أن يبارك فيكم ويوفقكم لكل خير. الاستشارة تتعلق بفلذة كبدي والتي أنجبتها بعد ثماني سنوات من زواجي والحمد لله، ابنتي عائشة، علمًا بأني الزوجة الثانية لزوجي، والفرق بين عمرينا حوالي 17 عامًا، وعلاقتي مع ضرتي والحمد لله طيبة جدًّا، فقد عاشت طفولة مدللة جدًّا الكل يلبي طلباتها ورغباتها ولا نخاصمها ونحبها جدًّا، وهي كانت فتاة مطيعة ومؤدبة، ولكن بمجرد بلوغها إحدى عشرة سنة بدأت في عصياننا وعدم سماع الكلام والعناد الذي يفقدني صوابي أحيانًا، وبدأت تصرفاتها تزداد سوء يومًا بعد يوم، وهذا عرض لتصرفاتها:
لا تصلي إلا المغرب والعشاء؛ لأننا نكون في المسجد النبوي، صراخها كثير خاصة عندما لا نلبي لها طلبا فإنها تصرخ وتشد شعرها، لا تحترم أباه ولا تسمع كلامه، لا تذاكر دروسها ومهملة لواجباتها وأغراضها ونظافتها الشخصية فهي لا تستحم إلا مرة كل شهر، تحب المال حبًّا شديدًا وتريدنا أن نلبي لها جميع طلباتها وأحيانًا أجد معها مالاً، ولا أدري من أين أحضرته وعندما أسألها تتهرب من الجواب، وتقول لا أحب أن يسألني أحد هذا السؤال، تهتم جدًّا بالموضة والمكياج وتعجب بالفتيات السيئات وتقلدهن، تحب الخروج لوحدها إلى السوق وغيره، وخاصة عندما نكون في المسجد فإنها تخرج وتتسوق لوحدها، لا تعمل في المنزل أبدًا.
والمشكلة الأكبر أنها تتبول لاإراديًّا ليلاً منذ مدة طويلة، وقد عرضتها على الطبيب فأعطاها دواء وطالب بتخفيف وزنها، ووزنها 112 كيلوجرامًا مع أن عمرها أربعة عشر عامًا، أفيدوني وأرشدوني فقد عاملتها بلين فازدادت دلعًا وعاملتها بالشدة، فازدادت عنادًا، فأرجو أن تفيدوني لطريقة معاملتها فأنا أحبها وأريدها أن تكون أفضل فتاة بخلقها ودينها، معذرة على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أخطاء المربين الشائعة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد بدأت ابنتك في التغير مع دخلوها سن المراهقة فلم تَعُد تلك الطفلة المدللة الهادئة المطيعة، بل إن معاملتها على هذا الأساس تسبب غضبها ورغبتها في تغيير هذه الصورة عن نفسها.. إنها تريد أن تصرخ من خلال تصرفاتها المتمردة، وتقول إنني "لم أعد هذه الطفلة المدللة إنني إنسانة جديدة صاحبة ذات وكيان مستقل؛ ولذا فإنني لم أفعل أي شيء مما تقوم به هذه الطفلة".
ويزداد المر سوءًا عندما تقع فيما أسميه التطرف التربوي فإما لين وإما شدة، وكما تقولين في رسالتك فاللين والشدة يجعلان الأمر يزداد سوءًا؛ لأن الحلول التربوية أو التعامل التربوي ليس لينًا أو شدة هكذا ببساطة وسطحية... عندما تفهم الأم أنها تتعامل مع فتاة مراهقة فهذا يحل نصف المشكلة، وعندما تتعلم كيف تتعامل معها فهذا يحل النصف الآخر، والكلمة السحرية في التعامل مع المراهقة هي "الصداقة" هي أن نصادق ابنتنا المراهقة، وهذا لا يعني أن ندللها أو نتباسط معها، بل معناه أن نتواصل معها في إطار من الحوار والتفاهم.. أن تشعر أننا نحترم ذاتها وشخصيتها، وأننا نتعامل معها على أساس أنها شخصية مستقلة ذات احترام وليست طفلة مدللة نلبي لها طلباتها.
وهذا الأمر لن يكون بين يوم وليلة، بل يحتاج إلى وقت وصبر حتى تستطيعي الوصول إليها وكسب ثقتها كصديقة؛ لأنك لن تذهبي إليها فجأة وتقولي لها تعالي من أجل أن نصبح أصدقاء، بل لا بد وأن تلمح هي تغيرًا في طريقة معاملتك لها تكف عن نقدها ورؤية عيوبها، وهذا ما يحتاج إلى صبر وحكمة وتنتهزين المواقف لكي تثبتي لها أنك تفهمينها وتتعاطفين مع مشاعرها، بل وتقدري هذه المشاعر، وربما يبدأ ذلك بالبحث عن النقاط الإيجابية في شخصيتها لامتداحها وتطويرها والدخول من خلالها إليها.. بدلا من رؤية العيوب ابحثي عن المميزات ولا شك أنك ستجدين الكثير الذي تبدئين به وتبنين عليه.. وأظهري استعدادك للسماع منها دون انتقاد ودون أن تشعر أنك تحكين للآخرين عنها واحترمي أسرارها.. وربما تكون بداية التواصل في حوار معها حول طبيعة المراهقة وما يحدث فيه من تغيرات.. وربما تكون بداية النقاش حول حبها للماكياج والموضة ليس من باب الانتقاد كما تفعلين بل من باب إحساسها بالمشاركة في هذا الاهتمام والتساؤل عن هذا التغير وربطه بسن المراهقة وما فيه من تغيرات وعندها أيضا سيكون الحديث عن النظافة الشخصية كأحد صور الجمال والاهتمام مدخلا طبيعيا مع الحديث عما يستوجبه سن المراهقة من تعاملات شرعية مثلا على مستوى النظافة بصورة عامة والطهارة بصورة خاصة.
إنني أقدم مجرد نماذج واقتراحات لنقاط بداية.. أشعرك كيف أن ما ترينه سلبيات يمكن أن يكون بداية لحوار بناء متدرج ذكي حكيم يجعل هذه الفتاة تشعر بتفهمك لها وشعورك بها وأنك تجيبين على ما بداخلها من أسئلة.. بل وتساعدينها من غير أن تشعر في اتخاذ قرارات هي تحتاج لها ولا تستطيع ولا تريد أن تسأل حتى لا تشعر بالعجز، إنها منظومة تحتاج إلى ذكاء شديد في التعامل مع هذه النفسية التي تريد أن تشعر بذاتها وترفض السيطرة وفي نفس الوقت هي ما زالت بحاجة للمساعدة.
إذا حققت هذه المعادلة الصعبة من الصداقة المتفهمة من خلال الحوار المستمر مع فتح كل القنوات دون أي انسداد فكل ما ذكرته من مشاكل سيصبح مطروحا للحور والتعامل والإصلاح وهي تشعر أنها التي تريد أن تتغير؛ لأنها ستدرك وقتها أن ذاتها المستقلة لن تكون في التمرد والرفض بل في التفاعل مع هذه الصديقة الأم.. ستجدينها هي التي تأتي وتشكو لك زيادة وزنها وتطلب منك مساعدتها في عمل برنامج غذائي لذلك؛ لأنها لن تجد حرجا عندها في الكلام مع صديقتها فيما يؤلمها وهي تخفيه وراء هذه التصرفات ستجدينها هي التي تأتي وتطلب منك أن تساعدك في أعمال البيت؛ لأنها تريد أن ترضي هذه الصديقة وتشعر أنها تسعدها.. ستجدين صيغة أخرى للاتفاق عل ما تريده من طلبات وستبادر بإخبارك بمصدر الأموال التي معها حتى ولو كانت من مصدر خاطئ؛ لأنها ستعتبر ذلك سرا تفضي إليك به من أجل مساعدتها للخروج من المأزق.. والأب إذا أراد أن يحصل على تقديرها واحترامها فلا بد أن يكون له نفس الدور وأن يساعد معك في رسم خريطة الصداقة معها بل إن فرص الأب في أن يسبقك في الحصول على صداقتها أقوى من فرصك إن هو أحسن احتواءها واستيعابها...
الخلاصة..
أن التعامل مع ابنتك لا يصلح أن يكون بالقطعة أو بطريقة أنها عبارة عن مجموعة من المشاكل التي تحتاج إلى حل بل بالنظر إليها كمراهقة تمر بمرحلة سنية حرجة تحتاج للفهم والإدراك والاستيعاب وأن ما تسميه مشاكل ما هو إلا مظاهر لهذه المرحلة إن أحسنت التعامل معها مرت بسلام وخرجت بفتاة سليمة وسوية.
ــــــــــــــ(102/179)
الضرب أم التجاهل لعلاج التبرز اللاإرادي؟ ... العنوان
السادة المستشارون الكرام عندي مشكلة أعاني منها منذ ما يقارب السنتين، ابني الكبير عمره الآن 10 سنوات، (عائلتي تتكون من صبيين فقط، الكبير 10 سنوات، والصغير 6 سنوات)، وما زال يوسخ ملابسه الداخلية بالبراز وبالبراز فقط، ودائمًا بكميات قليلة، شرحت له مرارًا وتكرارًا أن عليك أن تذهب إلى الحمام بمجرد شعورك بحاجة التبرز، شرحت له بناء على الطهارة والنجاسة وأهميتها للمسلم، وضحت له أن الله سبحانه وتعالى يحب المسلم النظيف، جلست معه ملايين المرات، ووعدني بأنه لن يكررها ولا فائدة، ذهبت به إلى الطبيب لخوفي من أن يكون هناك أي سبب مرضي، أجرى له التحاليل وكانت سليمة والحمد لله.
نحن كأسرة لا نعاني من أي مشاكل والحمد لله، فالوضع العائلي مستقر وأغلب ما يطلبه يجاب إلا فيما ندر، لا يوجد أي طفل جديد في العائلة (حتى لا نقول إنه يشعر بالغيرة)، أخوه الصغير نظيف باستمرار، إلا هو، جلس أبوه معه مئات المرات وتحدثا ولا فائدة تذكر، تتكرر الحالة مرارًا وتكرارًا، أحيانًا تكون ملابسه الداخلية وسخة عند عودته إلى المنزل سواء من المدرسة أو من عند الأصحاب، وأحيانًا تكون وسخة حتى وهو موجود بالمنزل.
أحيانًا أفقد أعصابي وأثور عليه وأضربه، وأحيانًا أتجاهل الموضوع وأشعره بأني لم أره وهو يغير ملابسه الداخلية، عسى أن يرى عدم اهتمام فيقلع عن هذه العادة النجسة والكريهة، ولا فائدة، لم أعد أعرف ماذا أفعل، حاولت بكل الاتجاهات ولم أرَ أي تحسن، حاولت أحيانًا أن أنظم له خروج معدته فيكون بوقت معين من كل يوم، ولكنه كثيرًا ما يقول إنه لا يشعر برغبة في الدخول إلى الحمام ولا يشعر برغبة في التبرز.
أرجوكم لم أعد أدري ماذا أفعل، بت أخجل من الخروج به إلى أي مكان خوفًا من أن يشعر أحد من الناس به وبرائحته الكريهة، أفيدوني أطال الله في عمركم، هو يريد أن يصوم في رمضان ولا أدري كيف يصوم من في حالة نجاسة، لا أدري ماذا أفعل؟؟؟ أضربه، أم أتجاهل، أم أتكلم معه أيضًا، لقد مللت وأصبت بحالة اكتئاب ولم يَعُد لدي ما أتحدث به معه.
أرجوكم أنا بانتظار إجابتكم الكريمة، عسى الله أن أجد حلاًّ جذريًّا لديكم فأعصابي لم تَعُد تحتمل.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختنا الكريمة.. مرحبًا بك ومرحبًا بأسرتك الكريمة، وكل عام وأنتم بخير.
في الحقيقة لقد كان سؤالك محيرًا بنسبة كبيرة لالتباس الأمر بين كون مشكلة طفلك حدثت منذ عامين فقط على حد قولك، وبين كلمة (ما زال يوسخ ملابسه بالبراز)، وهو ما يعني أن الطفل لم يتحكم في برازه قط منذ طفولته، والحالتان مختلفتان تمامًا ولا شك، فإن كان طفلك قد تحكم في إخراجه حتى سن السابعة، ثم حدثت له هذه المشكلة فما تسمى به حالته هو حالة تبرز لاإرادي من النوع الثانوي، لها كيفية معينة من العلاج، وإن كان لم يتحكم قط فهو تبرز لاإرادي من النوع الأول والذي يعود في الأغلب لأسباب عضوية تحتاج للعلاج.
إن عدم التحكم في البراز عرض له نوعان:
الأول:
هو ما يكون في الأغلب لسبب عضوي، وهو ما يحكم به إذا كان الطفل لم يتحكم في البراز أبدًا أو لم يكمل عامًا كاملاً متحكما في برازه بعد سن التحكم (2.5 - 3 سنوات).. وهو عرض قابل للعلاج وقد تدخل في علاجه الجراحة، ولكنه يحتاج لعدة فحوص، أما الطبيب الذي نتوجّه له للتشخيص وبنتائج هذه الفحوص فهو: طبيب جراحة أطفال - طبيب أطفال، ثم يبقى الطفل في حاجة للعلاج النفسي لدى طبيب نفسي أطفال.
وانتبهي يا سيدتي لحقيقة غاية في الأهمية، هي أن من ستتوجهين إليهم من الأطباء سيكون الهدف الأول للتوجه إليهم هو تشخيص الحالة بدقة وليس من أجل عمل جراحة، وتوجهك لطبيب جراحة الأطفال ليس معناه إجراء جراحة للطفل، ولكنه يعني أن تشخيصه في هذه الحالة سيكون أكثر دقة من تشخيص طبيب الأطفال وهو ما يوصله لنتائج واضحة.
الثانوي:
وهو ما يحكم به إذا كان الطفل قد أمضى ستة شهور بعد سن التحكم متحكمًا تمامًا في الإخراج، ثم طرأت عليه هذه الحالة، نتيجة لضغوط نفسية مثلاً أو حادث ما.. وهنا يجب استبعاد الأمور التالية:
- تعرض الطفل للتحرش الجنسي أو الاعتداء الذي يمكن أن يكون هذا العرض نتيجة له.
- يجب استبعاد أي سبب عضوي، وذلك بإجراء منظار شرجي وتحليلات وأشعة بالصبغة على الجهاز الهضمي للتأكد من عدم وجود عيوب به.
ولقد ذكرت في سؤالك أنك أجريت لطفلك تحاليل، فأي نوع من التحاليل تلك؟ إن مشكلة الطفل لا تكشفها التحاليل، بل الفحص لدى طبيب جراحة أطفال لاكتشاف حالة عضلات الشرج، ومن ثَم سبب عدم التحكم إن كان عضويًّا، وما يتم بالتفصيل في هذا الفحص هو عمل حقنة شرجية بالصبغة لتحديد السبب العضوي الذي يمكن علاجه ولو بالجراحة.
إن طفلك يا عزيزتي يحتاج في تشخيص حالته -من حيث كونها أولية أو ثانوية- للرد على الأسئلة التالية:
- هل تحكم ابنك في البراز قبل ذلك؟ وهل دربتِه على التحكم في الإخراج، ثم عاد إلى التبرز في ثيابه بعد أن كان قد تحكم تمامًا في إخراجه أم أنه لم يتحكم أبدًا طيلة حياته؟
- كم عدد المرات التي يتكرر فيها هذا الأمر يوميًّا؟ ومتى يحدث ذلك: هل أثناء النوم أم الاستيقاظ أم على مدار اليوم؟ أم كل فترة مرة؟ فمعدل تكرار الأمر عامل هام.
- هل برازه في صورة إمساك أم إسهال؟ وذلك لمعرفة حالة العضلة العاصرة المتحكمة في البراز.
- هل ما يحدث له هو إمساك يصاحبه إسهال؟ وهو ما يسمى Constipation with overflow، وهو ما يحدث نتيجة لمحاولة إخراج الفضلات الصلبة المختلطة بسوائل داخل المستقيم، ونتيجة للضغط على العضلة المتحكمة نتيجة امتلاء المستقيم بالفضلات، وبسبب تيبس الفضلات؛ فتخرج السوائل لينة القوام فقط والتي تشبه الإسهال، في حين أن الحالة إمساك، حيث يصاحب حالة البراز اللاإرادي عادة إمساك.
- هل تشعرين بصلابة أو تحجر في بطنه؟ وهل يعاني من الإسهال رغم هذا التحجر؟
- هل يصاحب هذه الحالة ألم في البطن أو قيء؟
- ما انطباع طفلك عن حالته؟ هل يحاول التحكم فعلاً ولا يستطيع، مما يسبب له الإحباط والحزن أم أنه يتعمد توسيخ ملابسه؟
- ما محتوى حوارات الطفل مع أبيه؟ وما ردود أفعال الطفل على ما يطرحه أبوه عليه من أسئلة أو نصائح؟
ودعينا من التشخيص حتى توافينا بالرد على الأسئلة، وإن كنت أميل لأمر ما في تشخيص حالته، فهو في الأغلب يعاني من مشكلة عضوية في عضلاته العاصرة، وقد تسبب فيها تعرضه لحادث ما -كاعتداء جنسي مثلاً- تسبب في تلف عضلاته، مما يحتاج علاجًا عضويًّا يتواكب جنبًا إلى جنب مع العلاج النفسي.
وعلى كل حال ففحص الحالة يحتاج لجراح أطفال كما بينت لك سلفًا، وعرض الطفل كذلك على طبيب نفسي أطفال للحديث مع الطفل وسبر أغواره، ومعرفة ما تعرض له ثم علاجه بشكل سليم.
إن طفلك يا أختي الكريمة في حاجة لعونك وليس لاشمئزازك منه أو خجلك أو عدم احتمال أعصابك؛ فكما يظهر من حديثك أن حواراتك معه التي تكررت (ملايين المرات) على حد تعبيرك لم تكد تخلو من الوعظ والإرشاد والتأنيب وإظهار الامتعاض، وهو في حاجة لأن يُسمع منه وأن يسأل عما به وعما يمنعه من التحكم، وعن مشاعره إزاء هذا العرَض الذي ألمّ به.
وكما بدا من حديثك أنه لا ملاحظات عن أي عذر يبرر به الطفل حالته أو يرد به على سيول العظات والتقريع، وهو ما يجعل الجدوى من ملايين العظات صفرا، كما أن أسلوب العظة ليس علاجًا، وكذلك التجاهل؛ فكلاهما لا يمت لعلاج مثل هذه الحالات بأي صلة ناهيك عن الضرب لرجل صغير على مشارف المراهقة، والأحرى احتواء الطفل ومساندته في مشكلته التي قد لا يكون سببها ما ذهبت إليه ظنونك من الغيرة الأخوية -وخصوصًا في سنه تلك- أو الحرمان من تلبية أمر ما.
والخلاصة أنه لا بد من عرض طفلك على:
1 - طبيب جراحة أطفال.
2 - طبيب نفسي أطفال ومتابعة علاج الطفل معه.
والأهم من تلك الخطوات الصداقة مع الطفل وفتح المجال أمامه للحديث وللمصارحة بمشكلته، ومن ثَم دعمه للتغلب عليها وإشعاره بأن لديه من الإرادة والعزيمة ما سيمكنه من التغلب على سحابة الصيف هذه حتى تنقشع، وهكذا...
ولعل ما شرعت فيه من تنظيم مواعيد إخراج معدة الطفل هو أمر هام جدًّا للمشاركة في التغلب على حالة الطفل بشكل جزئي حتى يتم العلاج الجذري؛ فلا بد من دخوله الحمام كل ساعتين -في البيت والمدرسة وفي كل مكان- حتى وإن لم يشعر برغبة في التبرز؛ لإخراج أي فضلات متجمعة وتقليل فرص خروجها في الملابس.
كما أن هناك تمرينًا لا بد من تدريب الطفل عليه في مرات دخوله الحمام، وفي كل وقت يمكن أن يقوم به وهو تمرين (النفس) strain لتمرين وتقوية عضلات الشرج، ويوصي بالقيام بهذا التمرين مرات عديدة يوميًّا بخلاف مرات دخول الحمام، وهو كالآتي:
يأخذ الطفل نفسا عميقا من أنفه ثم يكتمه داخل صدره قليلاً (كأنه تحت الماء)، ثم يخرجه ببطء، ويظل يكرر هذا التمرين شادًّا لعضلاته في كل مرة، حتى تتقوى تلك العضلات، ولا بد من التنبيه على ضرورة الامتناع تمامًا عن عقاب الطفل أو توبيخه أو لومه، فالمريض لا يعاقب على مرضه، بل يعالج منه.
أعلم يا عزيزتي أن الأمر شاق عليك وعلى زوجك وأن الابتلاء غير سهل، ولكن بقدر المشقة يكون الثواب الجزيل، فتجلدي وحاولي معاونة طفلك على التغلب على حالته، وواصلي متابعتنا بأخبارك وأخبار طفلك وأسرتك.
ولا بد من إعلامنا بنتائج الفحوص وإجابات أسئلتنا عسى أن يمكننا المشاركة بشكل أكبر في علاج طفلك.. وأختم معك بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِين" (البقرة: 153).
-ــــــــــــــ(102/180)
أعيدوا لها طفولتها.. تعود لكم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكر لكم هذا الموقع المتميز وجزاكم الله خيرًا. ابنتي تبلغ من العمر 3 سنوات و4 أشهر، من يوم ولادتها وتبقى عند والدتي فترة غيابي في العمل وكانت سعيدة جدًّا، خاصة وأن هناك أولادًا وتنسجم معهم، وعندما بلغت السنتين أصبحت تبكي عند دخول البيت تريد أن تبقى خارجه، ولكنها مرحلة وعند بلوغها الثلاث سنوات قررت إرسالها إلى حضانة وروضة، أي جميع الموجودين أصغر من سن المدرسة، والصف الذي تتواجد فيه كلهم من جيلها، ولكنها رفضتها رفضًا باتًّا، وكانت تبكي في الصباح، وفي الليل تصحو تصرخ مع أن المربية مهتمة فيها جدًّا، ولكنها لم تقبلها عادت عند جدتها لمدة شهر وعند فتح المدارس أرسلتها إلى مدرسة خاصة، أي فيها من بسنها وحتى الثانوية.
سعدت بها جدًّا، خاصة أن أبناء خالها معها، ولكنهم أكبر منها سنًّا وكانت تحفظ معهم وتأتي تسمع لي وللجميع ما تأخذه.. بعد مرور شهر تقريبًا أصبحت لا تريد الذهاب وتقول لا أحبها.. ذهبت إلى المدرسة فلم أجد مشكلة والمدرسة تقول إنها تلعب وتحفظ مثل غيرها، وبالمحايلة آخذها وتعود عند جدتها لتقضي ساعتين لحين عودتي إليها، وكانت كل يوم تقول لي أريد الذهاب عند تاتا ولا أريد المدرسة، وكانت تعود من عندهم مبسوطة جدًّا، أما الآن فإنها حين تصل لا تريد أن تكلم أحدًا ولا تلعب حتي آتي لآخذها، حتى إذا جاء أحد لزيارتنا تبقى في غرفتها ولا تريد الخروج لهم.. حتى والدها أحيانًا تصنع معه نفس الشيء مع أنه يدللها، ولكنه يتضايق منها عندما ترفضه.
أنا قلقة عليها جدًّا، وهي عنيدة جدًّا جدًّا كلما أقول كلمة تريد العكس في أي شيء إلا أحيانًا بسيطة فإنها تنسجم.. أنا في البداية كنت لا أحتمل، ولكني منذ بدأت مطالعة موقعكم أنا ووالدها ونحن حريصان ألا نغضبها، ولكنها تزيدها ولا تريد الذهاب للمدرسة وتريد كل شيء على خاطرها.. شيء آخر عندما أناديها لا ترد عليّ إلا بعد فترة من الصراخ هذا إن ردت.. أنا قلقة جدًّا عليها ولا أعرف كيف أتعامل معها؟ حاولت قراءة القصص لها بدون فائدة.. دلوني على الطريق الصواب، ومعذرة على الإطالة.
... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة.. ومرحبًا بطفلتك وبأسرتك الصغيرة بارك الله لك فيها، وسأبدأ حديثي معك بمثل قديم يقول "نقطة من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصيده برميل من العلقم"، ولعل العسل الذي يصيد البشر هو الحنان والحب والعطف والاحتواء وبالأخص أطفالنا؛ فإشعارهم بالمودة والمحبة والعطف ومنحهم الابتسامة الصادقة تبني جسورًا حقيقية من المحبة والود معهم، فتعيد الشارد منهم إلى أحضان والديه وتطوعه وتعالج جل مشكلاته.
واسمحي لي أن أسألك يا عزيزتي بعض الأسئلة عن طفلتك، وإن كنت واثقة أن ما تعلمينه عنها قد لا يكون كافيًا لإجابة أسئلتي بحكم تغيبك عنها يوميًّا من ولادتها كما وضحت في سؤالك!!!، ولأني أقدر ما قد تتطلبه الحياة من كفاح، وما قد تكون ظروف المعيشة والاقتصاد عليه في بلادكم الحبيبة، فسأحاول ألا تحوي كلماتي أي لوم لك عن طفولة ابنتك التي لم تنل حقها في رعايتك لها ولا عن أمومتك الغالية التي حرمت ابنتك منها وحرمت نفسك الاستمتاع بها، ولكن تعالي نحاول معًا البحث عن أسباب حالة طفلتك، وهي ما يسمى (انسحاب اجتماعي) أو SOCIAL WITHDRAWER ؛ ولا شك أن لهذا الانسحاب سبب ما ولا شك، وستكون إجاباتك على أسئلتي هي مفتاحنا للوصول لهذا السبب، ويمكنك سؤال والدتك أو من يرافق الابنة باستمرار حال غيابك عنها لمعرفة ما يخفى عنك من تفاصيل لازمة للإجابة على الأسئلة:
1- هل هناك أي حدث سيئ حدث لها أثناء خلطتها بأبناء خالها عند والدتك أو في المدرسة (مشادة قوية أو عراك عنيف أو خصام أو تهديد بالخصام... إلخ)؟
2- هل صاحب ما تحكينه عن الطفلة وفاة عزيز لديها أو غياب أحد أفراد الأسرة؟
3- هل كان ما حدث من انسحاب تدريجيًّا أم فجائيًّا دون مقدمات؟
4- هل اللغة التي كانوا يتحدثونها في المدرسة لغة مفهومة وواضحة للطفلة، وهل كانت تتواصل مع المحيطين بها بطلاقة؟
5- هل تعرضت لتعنيف أو عقاب من أحد الأطراف؟
6- هل يتم التعامل معها بأمانة، بمعنى هل تكون على علم عند الذهاب للجدة أنك ستتركينها؟ وهل تعطين لها موعد لعودتك وتعودين فيه فعلاً؟
7- هل تلقى الاهتمام والحنان الكافيين في الحضانة أو عند الجدة؟
ولعل سؤالي الأخير هو مربط الفرس كما يقولون، فأيًّا كان نوع الاهتمام والرعاية التي تجدها ابنتك مع مربية أو مع الجدة أو مع معلمتها بالمدرسة، فهو لا يغني عن حضنك وحنانك عليها، وكونه كافيًا من عدمه يقدر باعتباره أمر زائد أو إضافي ولا يعوض عن نصيب الابنة منك، ولعل ما يحدث لها سببه أنها تحاول استجداء الحنان والحياة بشكل طبيعي في كل مكان توضع فيه -رغمًا عنها-، فتحاول أن تجد لها أمًّا مع الجدة مثلاً أو مع معلمتها، لكنها لا تجد هذه الأم فالجدة جدة والمعلمة معلمة، فتعود محبطة حزينة كسيرة إن لم تجد ما تبحث عنه، وتعاود البحث من جديد -لأنك فرضت عليها هذا الوضع ولا مناص لها- باعتبارها تبحث عن الحياة نفسها، وعن الطبيعي لها في حدود ما هو متاح فتخذل وتخذل فتنسحب وتحاول أن تعود أدراجها وتنكمش بين جنبيها وفي قوقعة خاصة عسى أن تنأى بنفسها عن هذه الجروح.
لا تستغربي من كلماتي فتفاصيل سؤالك تؤكده، طفلة تترك منذ ولادتها مع الجدة لا تجد اهتمامًا خاصًّا بها، بل ينقسم اهتمام الجدة عليها مع كثيرين -في حين أن الطفل الواحد له في الدنيا أبوان، أي أن الحد الأدنى للطفل السعيد أن يعتني به وحده فردان-، ثم تحاول أن تعبر عن رفضها في سن السنتين فتجبر أن تكمل المسيرة، ثم ترسل للحضانة، وهكذا دواليك... كلما طلبت القرب أجيبت بالإبعاد.. فكيف تستغربين من ردة فعلها؟
وننتقل إلى ما عليك فعله يا عزيزتي إلى أن تصلني إجابات ما طرحته عليك من أسئلة:
1 - الإكثار من إهداء الطفلة ومكافأتها عند كل فعل صواب تفعله.
2 - الإكثار من احتضانها وتقبيلها وابتكار الأساليب لقضاء الوقت معها والحديث معها والاقتراب منها وإشعارها بالاحتواء، ويمكنك الاستعانة بما يلي:
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلا
3 - لا بد من التفاهم مع والدتك والاتفاق معها على غمر طفلتك بالحنان وقت غيابك عنها والإكثار من ملاطفتها بالكلام والحديث والأسئلة والحكايات.
4 - لا بد من اتفاقك مع ابنتك على عدد معين من حبات الفول تقوم بوضعها في الكوب البلاستيكي الجميل -الذي تشترونه معًا- ريثما تعودين، ولا بد أن تعودي قبل انتهائها من عد حبات الفول، ولكي يكون الأمر دقيقًا وممكنًا فيمكنك افتعال هذا الموقف في وقت غير وقت العمل مثلاً، وعليك تكراره أكثر من مرة لتبتهج طفلتك حال غيابك وتثق فيك، وتجدك حين تريد أن تجدك فتستعيد بعضًا مما فقدت بسبب شعورها بفقدك وشعورها بأنها لا تجدك حين تريدك وتحتاج إليك. وممكن بدلاً من الفول الحمص أو أي حبات كبيرة لا يمكن أن تبتلعها الطفلة بحيث تتسلى في جمعها داخل الكوب مع الجدة أو وحدها في سعادة وحين تنتهي تجدك أمامها كما وعدت.
5 - تأكدي أن علاقة الطفلة بمن حولها ستتحسن تدريجيًّا بتحسن علاقتها بك وشبعها منك لكن احذري التدليل المفرط المفسد الذي لا يقف عند حدود، فالابنة رغم ما ستغمرينها به من اهتمام يجب أن تظل على وعي بأنه لا يقبل منها فعل الأخطاء، وأنها تكافأ عند فعل الصواب ويزيد الاهتمام بها.
6 - أكثري من الخروج مع ابنتك للتسوق وشراء الحاجيات تارة، والتنزه تارة أخرى، وأكثري -أنت ووالدها- من اللعب معها خارج المنزل وداخله، فملاعبة الأطفال والتّصابي لهم له فعل السحر في تأليف قلوبهم وتطويع نفوسهم وتقريبها...
7 - تجنبي تعنيف الطفلة أو عقابها على مرأى من أي شخص، واحرصي على عقابها بشكل مخفف بالخصام مثلاً لدقائق، ويفضل عدم اللجوء للعقاب إلا في الأمور التي لا يجوز التهاون بشأنها ويفضل استخدام التحفيز والتشجيع والمكافأة باستمرار للحث على التصرفات الحسنة.
8 - بالنسبة لمسألة عناد طفلتك والذي عرفته بكونه (رغبتها في أن تكون الأمور على خاطرها) أو أنها لا تريد العكس مما تريدينه لها، فالأمر طبيعي ولا مشكلة فيه؛ لأنها من سمات المرحلة العمرية التي تمر بها ابنتك، وإن كنت أود قول شيء وهو لما لا تريدين أن تكون لابنتك شخصيتها ورغباتها؟؟ ألم تتحدثي عن انسجامها أحيانًا مع وجهات نظرك؟ أي أنها لا تعاند لمجرد العناد، بل إن لها وجهات نظر تريد تطبيقها أحيانًا وتسعد باتفاقها مع ما تريدينه فلم لا تتعاونان على ما تتفقان عليه وتعذرينها على ما تختلف معك فيه؟ أو لنقل لم لا تسألينها عما تريد قبل أن تملي عليها الأمر؟
فمثلاً اسأليها عن الملابس التي تريد أن ترتديها قبل أن تأمريها بارتداء ملابسها.. واسأليها عما تفضل من الطعام قبل أن تقولي: "كلي هذا"، واسأليها أين تريد أن تذهب قبل أن تدفعيها إلى الجدة.. أو اسأليها ما الذي يسليها عند الجدة لتصطحبه معها مثلاً... إلخ.. تفاهمي معها يا عزيزتي واحترمي رغباتها ولا تمارسي عليها ديكتاتورية الآباء التي تطمس ملامح شخصيات الأبناء أو تدفعهم للهروب إلى داخل قواقعهم.
9 - استمري في قراءة القصص لها وممارسة كافة الأنشطة معها من قص ولصق وخرز وتلوين وعجن وطبخ وتلوين ومكعبات وألعاب كومبيوتر، فالملاعبة في سنها تلك هي من أسس التربية والتوجيه.
10 - وأخيرًا احرصي أن يصل للطفلة حرصك أنت ووالدها عليها دون أن تشعر بأن إغضابها أمر تخشونه، فكما قلت لا بد من التوازن والتفرقة بين التدليل المفسد وهو مرفوض وبين الحب الغامر والحنان الدافق وهما مطلوبين.
أرى أن ما في جعبتي لم ينته، لكنني لا بد أن أتوقف عند هذا الحد حتى تصلني إجاباتك على أسئلتي فيكون الأمر حينها أكثر وضوحًا.. وإلى أن ألقاك مرة أخرى لك مني أسعد الأمنيات وأرق التحيات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــ(102/181)
تاخر النطق متي يعتبر مشكلة؟ ... العنوان
طفلي عمره ثلاثة أعوام ولم يتكلم بعد، والمشكلة أن أخيه الأصغر (عام ونصف) بدأ ينطق ببعض المقاطع والمفردات، ورغم أني ذهبت لطبيبة لقياس السمع والقدرات، ورغم أنه شخص على أنه لديه تكاسل في مراكز الكلام في المخ. إلا أني أود الاطمئنان على الحالة منكم، وعما أفعل معه في البيت لأنشطه وأدعم ما تفعله الطبيبة في جلسات التخاطب، فهي لا تطيل النصح لي وأنا لا أعرف كيف أواجه هذه المشكلة بلا خبرة ذوي الخبرة.
ملاحظة: الطفل يتحسن ولكن ببطء.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم، أختي الفاضلة ينقص رسالتك الكثير من المعلومات الهامة، مثل:
- كيف كانت فترة الحمل والولادة؟ وهل حدث خلالهما أمر يستحق الذكر، مثل التعرض لحوادث أو تعاطي أدوية أو نقص الأوكسجين أثناء الولادة أو ارتفاع درجة الحرارة للطفل خلال
أو سنتين من العمر؟
- ما هو مستواه التواصلي هل يعتمد على الإشارات أم الصراخ لتلبية حاجاته. هل لديه مفردات أو مقاطع؟
- ما هو مستوى اللغة الاستقبالية لديه حسب تقييم الإخصائية المدربة له عند التقييم هل مقارب لعمرة الزمني أو بعيد جدا عنه (مثلا أداؤه بمستوى 2 أو سنة من العمر الأدائي)؟
- هل تحضرين الجلسات مع الإخصائية؟ وهل من الممكن أن تكتبي ما تفعل وتسأليها عن هدف كل نشاط تعمله؟
- ولمزيد من الاستفادة يمكنك الإطلاع على البرنامج التدريبي المبسط التالي الذي أرجو من الله تعالى أن يساعدك:
- برنامج تدريبي لدعم التأخر اللغوي
ــــــــــــــ(102/182)
برنامج تدريبي لدعم التأخر اللغوي ... العنوان
أود السؤال عن التأخر اللغوي عند الأطفال ماذا يعني؟ وما هي مظاهره؟ وما هي حدوده الطبيعية؟ ومتى يجب استشارة طبي تخاطب؟ وهل توجد برامج تدريبية لأنشطة يمكن ممارستها بالبيت يمكن أن أدعم بها ما تفعله الطبيبة في جلسات التخاطب للتعامل معه؟ ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... يمر الأطفال أثناء نموهم اللغوي بمراحل معينة تسمى "مراحل جداول التطور الطبيعي للنمو"، وتكون هذه المراحل متوقعة حسب فترات أو مراحل نمو متوقعة يتبعها معظم أو غالب الأطفال بشكل متشابه أو قريب من التشابه.
وقد يكون هناك اختلاف في تطور طفل عن أقرانه، فإذا كان هذا التأخر بسيطًا فإنه يمكن أن يعزى إلى الفروق الفردية بين الأطفال، ولكن يجب التنبه أنه إذا كان التأخر واضحًا فيجب استشارة اختصاصي نطق ولغة للتأكد من طبيعة المشكلة.
ويكون هذا التأخر ذا أهمية إذا كان هناك تأخر بين المستوى المتوقع لأداء الطفل تبعًا لعمره الزمني والأداء الملاحظ منه بأكثر من 6 أشهر حسب جداول التطور الطبيعية، مثل أن يكون الطفل بعمر سنتين ولا يزال يصدر مقاطع أو ألفاظًا بسيطة مثل (با - ما - هم - دادا)
أو أن يكون عمر الطفل 3 - 4 سنوات ولا يزال يصدر كلمات مفردة، أو أن يكون عمر الطفل 4 - 5 سنوات ولا يزال يصدر جمل بدائية (ما يسمى بالكلام التلغرافي - البرقي) مثل بابا روح - ماما هم، وهكذا...
ويدخل ضمن الأطفال المتأخرين لغويًّا الأطفال الذين يعتمدون على الإشارة أو الإيماءات أو الأصوات للتواصل، والأطفال في سن المدرسة الذين لا يستطيعون استعمال جمل واضحة أو مرتبة أو كاملة التفاصيل وصحيحة التسلسل أو الاستمرار في الحديث أو الحوار أو البدء في حوار، أو أن تكون جملهم غير صحيحة نحويًّا.
وفي حال كان هذا التأخر لا يعود إلى سبب واضح مثل القدرة الذهنية للطفل أو القدرة السمعية أو ضعف الإثراء اللغوي في البيئة المحيطة بالطفل، أو عدم وجود شركاء تواصل لممارسة التواصل اللغوي بشكل مناسب، أو وجود أسباب عضوية فإن السبب يعزى غالبًا إلى أنه تأخر طبيعي، وهنا ينصح باتباع برنامج تحفيز لغوي يمكن تطبيقه من قبل الأهل في المنزل مع ضرورة المتابعة الدورية مع اختصاصي النطق واللغة.
ما يترتب على كون الطفل محدود اللغة:
إذا كان الطفل غير قادر على مجاراة الآخرين في التواصل أو غير قادر على التعبير عن نفسه أو طلب حاجاته فيترتب على ذلك حدوث العديد من التصرفات سواء من قبل الطفل أو من قبل المتعاملين معه من أهل أو معلمين أو أطفال آخرين مثل:
الطفل:
- استخدام الإشارة لطلب احتياجاته.
- استخدام الصراخ أو البكاء لعدم قدرته على التعبير عما يريد.
- الشعور بالنقص أو الاختلاف عن الآخرين.
- الانسحاب من المشاركة الاجتماعية أو الأسرية وعدم المشاركة في اللعب أو النشاطات مع الأسرة أو الأطفال الآخرين.
- اللجوء للعدوانية للرد على استهزاء الآخرين.
- كره المدرسة وتدني مستوى التحصيل العلمي.
الأهل والمحيطين بالطفل:
- التقليل من استخدام اللغة في التواصل مع الطفل.
- استباق تلبية حاجاته قبل أن يطلبها.
- عدم مشاركته في الأنشطة مثل اللعب والمشاركة الشفهية بالصف وغيرها.
- إعطاء الطفل ألقاب مثل كسول - بليد - غبي - عنيد، وغيرها...
- مناقشة موضوع الطفل بشكل شكوى أمام الطفل وإصدار ملاحظات، مثل لا تسأله فهو لا يعرف أن يجيب - إنه لا يعرف - إنه لا يتكلم - لن يجيب - أخوه أصغر منه ويتحدث أفضل منه... إلخ.
- استهزاء المعلمين - الطلبة - الإخوة وغيرهم من الطفل.
- ربط أي خطأ يقوم به الطفل بمحدودية لغته، واتخاذها فرصة للتعبير عن الامتعاض من ذلك مثل "كيف لو كنت بتحكي كويس - مش يكفي إنك ما بتعرف تحكي - ما هو أخرس ما يعرف يحكي... إلخ".
وهذا ملخص شامل لأهم نقاط برنامج التحفيز اللغوي والذي يمكن تطبيقه في المنزل:
برنامج التحفيز اللغوي
- ضع نظاما روتينيا حازما والتزم بتنفيذه ولكن بلطف.
- يحتاج الأطفال إلى معرفة ما سيفعلونه؛ لأنهم يشعرون بقدر أكبر من الأمان حين يعرفون ماذا ينبغي عليهم عمله في جميع الأوقات.
- أعطِ الفرصة للطفل للاستماع حينما تعطيه إرشادات، وتأكد من أنه يصغي لما تقول ويفهمه.
- شجع الطفل على الاستجابة لك لفظيًّا "أو صوتيًّا".
- عزز محاولات الطفل لإصدار الألفاظ أو الأصوات مهما كانت بسيطة.
- لا تتوقع من طفلك نتائج كاملة وبوقت قصير.
- ابتسم أو كرر الصوت أو بين بأي طريقة بأنك فهمت ما قاله الطفل.
- استخدم أية طريقة لتشجيع الطفل على التواصل اللفظي.
- شجع الطفل على التعبير عن نفسه باستخدام أية طريقة مع تشجيع ربط الألفاظ بأي من هذه الطرق.
- تفادي التنبؤ باحتياجات طفلك وتزويده بما يحتاج أو يريد حتى لا يصبح الكلام غير ضروري، واجعل الطفل يشعر بالحاجة لاستخدام الألفاظ للتواصل.
- استمع لما يقوله الطفل أو يحاول أن يقوله بانتباه شديد، وحاول أن تفهم ما يريد التعبير عنه بالاستفادة من تعابير الوجه والجسد ونص الحوار.
- استغل النشاطات اليومية للتحفيز اللغوي.. تحدث عن كل ما تقوم به - صف ما تقوم به وتشاهده والأشياء والأماكن والنشاطات التي تمرون بها.
- قدم للطفل نماذج لغوية صحيحة (يمكن استخدام لغة الأطفال في البداية كتشجيع للطفل على التواصل، ولكن بعد ذلك ينبغي استخدام كلمات صحيحة).
- ساعد الطفل على الربط بين الأصوات والكلمات والأشخاص والأشياء والنشاطات وشجعه على تقليد الأصوات والكلمات.
- سمِّ جميع الأشياء والأشخاص، وكرر ذلك كلما مر الشخص أو الشيء.
- قلّد أصوات الحيوانات والآلات وغير ذلك أمام الطفل وشجعه على تقليد جميع الأصوات التي يسمعها، وردد عبارة اسمع إنني أسمع.
- احك للطفل واقرأ له قصص وأناشيد وشاركه في النشاط، مثل فتح الكتاب أو تقليد الأصوات في القصة أو تمثيلها، واجعله يشاهد الصور أثناء ذلك.
- لا تتوقع من الطفل أن ينطق صوتًا أو كلمة بصورة صحيحة من أول مرة.
- يحتاج الطفل إلى تكرار سماع الأصوات والكلمات تكرارًا ومرارًا قبل أن يستطيع تقليدها.
- لا تنتقد طفلك ولا تناقش مشكلته أمامه.
- حاول ألا تجعل الآخرين صغارًا أو كبارًا يضايقون الطفل بخصوص كلامه.
- اطلب من طفلك القيام بالأشياء التي يجب القيام بها، ثم انتقل تدريجيًّا إلى الأشياء أو النشاطات التي لا يحبها.
- لا تجبر الطفل على قول شيء في الوقت الذي لا يرغب فيه بقول شيء.
- لا تقاطع الطفل أثناء كلامه - لا تطلب منه أن يبطئ في الكلام أو أن يبدأ من جديد - ولا تكمل عنه جملة.
- لا تصحح كلام الطفل أو تعدله بشكل مباشر أو أثناء رغبته في إفهام الآخرين شيئا ما أو أثناء فترات غضبه أو إحباطه أو وقوعه في خطأ ما.
- لا تعاقب طفلك على الأخطاء في كلامه.
- لا تظهر اهتماما مبالغا فيه بمشكلة كلام الطفل؛ لأنه أحيانًا قد يستمر فيها للفت الانتباه، أو أن تساعد على جعل الأمر أكثر صعوبة عليه والنظر إلى الكلام كتجربة صعبة أو سيئة؛ مما يجعله يتجه للتعبير عن نفسه بالعدوان الجسدي أو الانسحاب من النشاطات الاجتماعية.
- اعمل على أن تصحح كلام الطفل بشكل غير مباشر، ولا تُعِد الكلام كما يقوله، بل الفظ الكلمات بشكل صحيح.
- اعمل على زيادة مفردات طفلك بكلمة واحدة أو كلمتين، مثل إذا قال الطفل "كوه" يمكن أن تقول له: "كرة - بدك تلعب كرة - يلا نجيب الكرة... إلخ".
- إذا كان كلام الطفل غير واضح فأعد الكلام بشكل صحيح للتعبير له أنك فهمت ما قصده مثل إذا قال "اتلابلا (إذا كان يقف عند الباب ويمسك المقبض) يمكنك أن تقول نطلع برة يلا نطلع برة - بدك تطلع برة".
- لا تتجاهل المحاولات التي يقوم بها الطفل من أجل التخاطب حتى ولو كانت غير صحيحة أو غير مفهومة. حاول أن تفهم ما يريد من خلال النص أو موضوع الحديث أو المكان. وإذا لم تفهم اترك الفرصة للطفل ليأخذك إلى المكان الذي يريد أو الشيء الذي يريده.
- قدم للطفل ما يحتاجه من كلمات.. قدم له نموذجًا للكلمات التي يجب أن يستخدمها مثل - إذا وقع قل له آه - أنت تتألم - أين يوجعك - ركبتك مجروحة. وإذا بكى عند مغادرة منزل أحد معارفكم ممن لديهم أطفال قل: أعرف أنك تحب اللعب - أنك تحب البقاء فترة أطول للعب، ولكن يجب أن نعود للمنزل الآن وسنعود مرة أخرى فيما بعد.
- أعط الطفل خيارات كطريقة للحصول على الإجابة، مثل "شو بدك تشرب عصير ولا حليب - وين بدك نروح عند الجدة ولا عند صاحبك فلان". لأن إعطاء خيارات يحتاج لإجابات لفظية. أما الأسئلة العادية، مثل "بدك مي فلا تحتاج أكثر من هزة رأس".
- يمكنك استخدام المفارقة لتوضيح أخطاء الطفل وزيادة مهارة التمييز السمعي لديه مثل "صير - بدك عصير - أنت قلت عصير".
- يمكنك استخدام المبالغة في التركيز على الأصوات التي يحذفها الطفل أو ينطقها بشكل خاطئ مثل: إذا قال الطفل "تمكة نقول له سمكة – أنت بدك سمكة – سمكة كبيرة – تسبح بالمي – س – سمكة، وهكذا...".
- استغل كل فرصة ممكنة لاستعمال الكلام أمام الطفل ومعه.
- تكلم مع الطفل بجمل بسيطة أو كلمات مفردة إذا دعت الضرورة.
- اجعل بعض الأشياء بعيدة عنه واجعله يحاول طلب ما يريد وهيئ له مواقف يحتاج فيها لطلب المساعدة، مثل ألعاب تحتاج لتحريك مفاتيحها – علب مغلقة بحاجة لفتحها.
- اجعل وقفات وفواصل في كلامك – اجعل الطفل يشعر بأنك تنتظر منه إجابة أو رد.
- استعمل نغمات وعلو صوت مختلفة.
- حاول أن تجعل مستوى كلامك على مستوى الطفل اللغوي (كلمة – كلمتان – جملة) وزيادة بسيطة في كل مرحلة..
- تحدث مع الطفل بنفس مستوى بصره وتأكد من تواصله البصري.
- تجنب الأسئلة والأوامر الكثيرة.
- اجعل الحديث تجربة شيقة وممتعة.
- اشرح كلماتك وجملك وبسط ما تقوله أمام الطفل، أي حاول توصيل الفكرة له بشكل مبسط.
- اجعل لنفسك هدفًا معينًا للتركيز عليه بشكل مكثف مثل استخدام صيغ الجمع – استخدام حروف الجر، وهيئ نشاطات تساعدك على تحقيق هذا الهدف.
- تأكد من أن الطفل مهتم بالشيء أو الموضوع الذي تتحدث عنه لتحقيق أقصى درجات الاستفادة؛ لأن الحديث حول شيء مشترك يجعل الاستفادة من المعلومات أفضل.
- استغل الفترات التي يكون لدى الطفل الرغبة بالتواصل.
- حاول أن تشجع الطفل على التفاعل الاجتماعي (يستفيد الأطفال كثيرًا من وجود أطفال آخرين معهم، خصوصًا إذا كانوا في نفس السن).
- استشر اختصاصي النطق واللغة إذا لاحظت أي شيء مثير للشك حول الطفل من ناحية: الاستيعاب – فهم اللغة - السمع – التطور النطقي واللغوي.
المراجع:
برنامج تدريب من إعداد عيادة اضطرابات النطق واللغة – مستشفى الملك فيصل التخصصي - الرياض - السعودية.
ورقة عمل من إعداد د. موسى العمايرة قدمت لمؤتمر اضطرابات النطق واللغة – 2000 - الجامعة الأردنية – عمّان – الأردن.
ــــــــــــــ(102/183)
كيف نعلم أبناءنا الروح الرياضية؟ ... العنوان
الأخت الكريمة مي حجازي، لقد أجبتني من قبل عن سؤال لي بخصوص ابنتي التي تبلغ من العمر 6 سنوات، وحثها على الحديث معي ومصارحتي بما لديها من مشاعر أو أحداث، واليوم أسألك توجيهاتك لأعلم ابنتي الروح الرياضية التي تعني قبول الفشل والنجاح بنفس الروح الواثقة مع عدم اليأس والسعي لتغيير الفشل، فهي حين تلعب مع أصحابها تخاصم من يغلبها في السباق أو اللعبة، وتبكي أحيانا وترفض إكمال اللعب وحتى معي تريدني أن أخسر أمامها دائما وإلا بكت ورفضت استئناف اللعب فما الحل معها؟؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبا بك يا عزيزتي ومرحبا بابنتك الطموحة التي تهوى المعالي، وتأبى إلا القمم، بارك الله لك فيها.. وبالطبع لقد طرق سؤالك منطقة هامة قد يغفل عنها الآباء غالبا، فغالبيتنا كآباء نريد لأبنائنا التفوق والسبق ونطالبهم بذلك ونكافئهم على تحقيقه، وقد لا يلتفت أحد لما التفت إليه من أهمية؛ لأن نعلمهم كيف يتعاملون مع الفشل أيضا، فالحياة بها النجاح وبها الفشل، وإنه كما ينبغي أن ننجح فإن الفشل لا يعني النهاية، بل قد يكون بداية لنجاح جديد، وقد عرفت الروح الرياضية تعريفا ممتازا في سؤالك مما سيسهل علي الانطلاق معك لأفكار عملية مباشرة لتحقيق ما سألت عنه.
أولا: لكي تفهم طفلتك أن الفشل ليس أمرا كريها أو وصمة عار فلابد عند لعبك معها أن تحددا جائزة للغالب والمغلوب، بحيث تكون الجائزتان متشابهتين فتفهم أن الفشل لا يعني الألم والضياع، وإننا نلعب ليسعد كلانا في النهاية، وكل منا يحاول، ومن فاز فسيكافأ ونهنئه، ومن هزم فسيكافأ ويحاول أن يعرف كيف هزم ليكون أمهر في المرة القادمة.
ثانيا: حينما تهزمك –ويمكنك افتعال ذلك – قولي لها فكري معي لم هزمتني؟؟ هل كنت متسرعة أم لم أنظر جيدا أم قل تركيزي؟ وحددي الأسباب أمامها ثم قولي لها في المرة القادمة سأتعلم ألا أفعل هذه الأخطاء.. وبذلك تمثلين أمامها مشهدا حقيقيا لكيفية التعامل مع الفشل... ويمكن صنع نفس الشيء عندما تلعب مع صديقة لها – ويفضل بإشرافك – إذ تحللين لكل منهما أسباب النصر والهزيمة وتكافئين كليهما، بل واجعلي من تنتصر بعد الفشل في المرة التالية لها مكافأة وتصفيق وليست مكافأة الفائز فقط مع توضيح أن ذلك سببه المحاولة والنجاح وعدم اليأس.
ثالثا:أكثري أمامها من جمل تؤكد لها أن الجميع يحاول ويجرب وينجح ويفشل فقولي مثلا: "سأصنع اليوم أكلة جديدة ربما تكون جيدة وربما لا، على كل حال سأجرب وإن كانت سيئة فسأتعلم من الخطأ وأحاول أن أصنعها أفضل.. تعالي معي ونجرب". أو "إذا كان الكيك غير جيد الطعم فلن أغضب لأني كنت أتعلم صنعه للمرة الأولى ولن أتعلم أجمل طريقة له إلا لو جربت وأخطأت".
رابعا: أكثري من القصص التي تدعم هذا المعنى مع مواقف من حياتك حين كنت في سنها – ولو مواقف مفتعلة – لتتعلم منها كيف تتفوق وتتقدم دائما وحين تفشل كيف تسعى لتغير الفشل، وقصص أخرى عن الحب والعطاء وحب الخير للناس وكيف يعود بالخير على صاحبه.. وهكذا.
خامسا: احرصي على إشراكها في لعبة رياضية جماعية مثلا أو فريق للغناء أو أي نشاط يمارس بشكل جماعي ويناسب سنها لتقوية معنى الجماعة والمصلحة المشتركة داخل نفسها على الأثرة أو الشعور بالتفرد والرغبة فيه بحيث يكون البحث عن النصر للمجموعة وليس لنفسها فقط.
سادسا: حاولي أن يصل لفهمها أن الإنسان حين يحب الشخص يحب له الفوز لأنه يحبه ويحب له الخير كما يحبه لنفسه، وإنكما حين تلعبان معا فإنك تفرحين حين تفوز عليك لأنك تحبينها وتفرحين حين تنتصرين لأنك تحبين اللعب معها..
وأحب أن أؤكد أن ابنتك بطموحها وحبها للعلياء تملك صفات ممتازة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب معالي الأمور، ولا يحب سفاسفها "..وكل ما تحتاجه تلك الصفات هو الترشيد والتوجيه وليس الإلغاء، بحيث لا يتخطى طموحها ذلك حدوده فيطغى على أو ينسيها حبها لمن حولها.. وأخيرا استودعك الله على أمل بلقاء قريب إن شاء الله.
ــــــــــــــ(102/184)
غياب الأم والنمو النفسي والاجتماعي للطفل ... العنوان
طفلي وحيد، عمره عامان، وتضطرني ظروف عملي لتركه مع المربية بعض الأيام للمبيت في المستشفى التي أعمل بها، وأكون على اتصال باستمرار بهما للاطمئنان عليه ولا أتلقى أي شكوى، ولكن المشكلة عند عودتي حيث ينفجر كبركان من الخوف والاضطراب، يراقبني ويملأ الدنيا بالصراخ والضجيج ويلتصق بي، ويأبى أن ينام إلا وأنا جواره، ولو تركته بعد أن ينام يستيقظ فزعا، ويحاول أن يقفز من السرير أو يتسلق الجدار ليمسك بي، ويكون في حالة غريبة، حتى إنني أتألم لمنظره فعلا.. أريد أن أعرف حلا لحالة ابني. ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا كنت فعلا تسألين عن الحل فأنت الحل.. أنت الداء والدواء.. ليس عند فارس أي مشكلة إلا غيابك عنه وليس له حل إلا أنت.. هل تتصورين أن كل احتياج فارس لك هو أن تطمئني عليه بالهاتف من المستشفى، ماذا يمكن أن تعطيه له من الحب والحنان بالهاتف؟! إنه حتى لا يشعر بهذا الاتصال ولا يفهمه.. إذا تصورت أنه يمكنك أن تتابعي مرضاك من البيت بالهاتف دون الذهاب إلى المستشفى لأمكنك متابعة تربية فارس عبر الهاتف.
إنك يا سيدتي لاحظت ورصدت الأعراض التي يعانيها فارس عندما يراك، وهي الخوف الشديد والاضطراب والصراخ بشدة والبكاء والالتصاق الشديد بك والفزع خوفا من أن تتركيه ثانية، ولكنك لم تشخصي المرض.. إن فارس يعاني مما نسميه قلق الانفصال أو "Separation Anxiety ".
وهو يحدث عندما تبتعد الأم عن طفلها فجأة أو لفترات طويلة وهو غير مؤهل لذلك بعد؛ فيشعر باحتياج شديد لها، وعندما تغيب يشعر بالخوف والفزع، ويتخيل أنها لن تعود، ويفقد شعوره بالأمان، وليس ضروريا أن يعبر عن ذلك بالبكاء؛ فبعض الأمهات يرفضن هذا التفسير، قائلات: إنه يحب المربية ولا يبكي معها وهي تجيد الاهتمام به، بل بالعكس ربما يخرج الطفل الذي يبكي بعضا من قلقه أو خوفه وانفعالاته في البكاء، بينما يحتجز طفل آخر كل خوفه وانفعالاته داخله فلا يبكي، ولكن نجده لا يأكل بصورة كافية ولا يلعب، ولكنه في حالة انتظار لأمه؛ ولذلك عندما تصلين يبكي ويصرخ بشدة ليخرج كل الانفعالات والخوف والقلق الذي كان يكبته في داخله، ثم يبدأ في خوف جديد وهو خوفه من أن تغيب عنه ثانية فلا يدعها تغيب عن نظره، وإذا قامت من أمامه يبكي ويبحث عنها، خاصة إذا كانت دائما تعتمد أسلوب التسلل عند الخروج بحيث لا يراها، ولا تعلمه أنها خارجة الآن وتسلم عليه؛ فهو يشعر كلما قامت من أمامه أنها ستتسلل إلى الخارج.
إن الطفل في هذه الحالة يكون في حالة من الخوف والقلق والاضطراب بصورة مستمرة أثناء وجودك أو أثناء غيابك، وطبعا هذا له أسوأ الأثر على نمو الطفل النفسي والعاطفي وثقته بنفسه وقوة شخصيته؛ فكل ذلك يتأثر ويتعطل نموه الطبيعي؛ بسبب مشاعر الخوف والقلق، بل حتى صحته ونموه الجسمي يتأثر؛ لأن أكله لا ينتظم بصورة جيدة، وكذلك نومه يكون مضطربا.
يا سيدتي، إن الأم أكثر بكثير من مجرد إرضاع الطفل والاهتمام بطعامه ولبسه ونظافته والسؤال عنه بالهاتف، وتوفير كل احتياجاته المادية من لعب وملابس؛ فكل هذا احتياجات ظاهرية ثانوية برغم أهميتها، ولكن دور الأم المصيري والحيوي والأساسي الذي لا يمكن أن يؤديه عنها أي أحد هو استيعاب طفلها نفسيا، وإشعاره بالحب والأمان والثقة في نفسه وفي العالم حوله.. في إشعاره بحبها له والاهتمام به، وهو في ذلك لا يفهم لغة القول.. إنه لا يفهم سوى لغة الفعل.. تواجدك معه، اللعب معه، إطعامه بنفسك، أن ينام في حضنك وأنت بجوار سريره تغنين له أو تحكين له قصة، أن يأخذ حمامه وأنت تداعبينه وتغنين له، تلمسين يديه ووجهه وتقبلينه، تنهرينه وتعلمينه الخطأ والصواب.. تأخذينه في نزهة أو تمشية إلى الخارج.. إذا كان عندك مفهوم آخر للتربية فقوليه لنا.
أنا أعلم أنك لست أول أم تعمل وتترك طفلها، ولكنك لا ترين باقي صور عمل الأم بصورة مكثفة هكذا في سني عمر الطفل الأولى.. الأطفال المنطوون والعدوانيون والمتأخرون دراسيا والفاقدون للعلاقة ولغة الحوار مع أهلهم.. كل هذه نتائج لا ندركها إلا بعد فوات الأوان، بل ربما لا ندرك أسبابها بوضوح.
عندما تشتكي أم من أعراض قلق الانفصال لدى طفل كبير عند دخوله إلى المدرسة وفي سن المدرسة الطبيعية (4 أو 5 سنوات) أقول لها: اتركيه يبكي أو انصرفي من المدرسة وهو سيتعود ولا تقلقي؛ لأن هذه هي السن الطبيعية التي يستطيع الطفل فيها أن يتحمل البعد عن الأم لبضع ساعات في المدرسة، بل إن هذا مطلوب لنضج شخصيته.
أما عندما يكون طفلا صغيرا فعلا فهو غير مؤهل لبعد أمه عنه، وفعلا هو في احتياج شديد لها، وفعلا سيتأثر جدا نفسيا وتربويا لبعدها عنه؛ فليس عندي مع الأسف حل آخر.. أنت ثم أنت ثم أنت.. مهما كانت الخسائر أو الأمور التي ستتعطل لأخذك إجازة من عملك أو تخفيف أعبائك وساعات عملك إلى أضيق الحدود، ثقي أنك في المقابل ستحصلين على طفل طبيعي وصحيح نفسيا وعلاقة سوية معه، والأكثر من ذلك ستستمتعين بأجمل نعمة في الكون أنعمها الله على حواء.. الأمومة.
إنه أمانة في عنقك، وسيسألك الله تعالى عليها يوم القيامة.. إن المربية يمكن أن تساعدك في نظافة ملابسه وفي إعداد طعامه وفي نظافة بيتك، ولكن أبدا لا يمكن أن تربي لك ابنك.
ــــــــــــــ(102/185)
كيف تُكلم المراهق عن العادة السرية؟ ... العنوان
الإخوة الكرام، السلام عليكم.
أخي الصغير عمره 15 سنة، وكما بدا لي فإنه قد بلغ منذ مدة قليلةالذي ألاحظه عليه، والذي يؤلمني أني أشك بأنه يمارس العادة السرية، ولست متأكدًا تمامًا، لكن هذا ما لاحظته. ولا أدري كيف أفاتحه بموضوعها؛ إذ إنني أخشى المواجهة المباشرة وأفضل الطرق غير المباشرة.
الأمر الثاني أنه يبحث في الإنترنت عن مواقع وصور إباحية، وأنا متألم لهذا جدًّا، ولا أريد أن يسلك هذا الطريق، وبنفس الوقت أريده أن يتركه من نفسه بدون أن أخبر أهلي أو أن آمره أو أنهاه. علمًا بأننا في عائلة ملتزمة ولله الحمد، وهكذا نحسب أنفسنا والله حسيبنا.
أرجوكم ساعدوني في إنقاذ أخي، وشكرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نشكر لك اهتمامك البالغ بأخيك الصغير، ونشكر لك ملاحظته، ونشكر لك سعيك للحصول على المشورة حتى تتعامل معه بطريقة صحيحة.
إننا حينما نتحدث عن مشاكل المراهقة فإننا دائمًا نقول: إن حل مشاكلها له مدخل أساسي وهو إيجاد العلاقة الطيبة مع هذا المراهق، أي أننا لا نبدأ في التعامل مع أي مشكلة للمراهقة إلا انطلاقًا من أرضية صلبة من التفاهم والحوار في إطار الصداقة التي يشعر فيها المراهق بأننا نحترم ذاته ونقدرها ونشعر به، بل ونحن معه نريد أن نعاونه ونساعده دون أن نشعره بالعجز من ناحيته أو التسلط من ناحيتنا.
قد تكون فرصتك كأخ أكبر لتحقيق هذه العلاقة أكبر من بعض الآباء والأمهات؛ لأن بعضهم يفشل في تحقيق هذا التوازن بين سلطة الأبوة وتواصل الصداقة، ولكنك كأخ أكبر لا تغريك سلطة الأبوة ولا تملك إلا نصح الأخوّة، وسيكون إطار الصداقة هو الأنسب لك في التعامل مع هذا الأخ المراهق. هذا الإطار وهذا المفهوم في التعامل مع المراهق هو مسألة مبدئية تجعل التعامل مع أي مشكلة سهلاً ميسورًا بإذن الله تعالى.
النقطة الثانية -وهي مكملة للأولى- أنه نتيجة لهذه الصداقة فلن يكون التعامل مع مشكلة العادة السرية أو تصفح المواقع الإباحية مباشرًا، أو في إطار توجيه الاتهام أو ضبطه متلبسًا وهو يرتكب الخطأ، بل إن الحوار المفتوح المستمر بينك وبينه، والذي هو روح هذه العلاقة بينكما، يسمح بأن يفتح موضوع المراهقة وماهيتها وما يجري فيها من تغيرات على كل المستويات، وبالتالي فسيكون من الطبيعي أن تفتح مسألة المشاعر العاطفية ناحية الجنس الآخر بصورة عامة، والمشاعر الجنسية بصورة خاصة لتوضع في إطارها الصحيح.
إن مشكلة الكثير من المراهقين مع مشاعرهم الجنسية هو أنه لا يوجد من أفهامهم طبيعتها، فبين من يتجاهلها وكأنها غير موجودة، ويظل المراهق حائرًا لا يعرف من يسأله أو من يجيب عليه، وبين من يجرمها له ويضعها في إطار من الاستقذار والرفض يجعله يدخل في دائرة من الصراع بين ما يشعر به من مشاعر يراها طبيعية ولا ذنب له فيها وبين إحساسه بالذنب نتيجة لاعتقاده أنها خطأ في حد ذاتها؛ لينتهي به الأمر إلى عالم سري من الممارسات والأفعال يختاره بنفسه ليحقق ما يراه مناسبًا من وجهة نظره.
في حين أن هذا المراهق الصغير لو وجد من يفهمه أن هذه المشاعر التي أوجدها الله فيه لم يوجدها ليعذبه بها أو يؤلمه، وأنها مشاعر خلقها الله من أجل غاية سامية هي إعمار الأرض لربط الرجل والمرأة في رباط قدسي من المشاعر السامية، وأنها في حد ذاتها ليس بها خطأ، ولكن لا بد أن يتم ذلك في إطار شرعي، ويتعلم كيف يتعامل مع هذه المشاعر وكيف يوطنها وكيف يتسامى عليها لحين يأتي الوقت المناسب لإخراجها في إطارها الصحيح.
لو فهم المراهق ذلك وأجبنا على تساؤلاته وكنا بجانبه خطوة بخطوة وفكرة بفكرة وتساؤلاً بتساؤل ما حدثت الأزمة.
عندها ستكون الخطوة التالية هي أن يفتح المراهق قلبه ويتحدث عن ممارساته ويطلب المساعدة أو أن نفتح له نحن الطريق لذلك، وعندها أيضًا سيكون سهلاً أن نوجهه لبرنامج عملي نشترك في وضعه سويًّا، بل ويبدو أنه صاحب الحظ الأعظم في وضعه ويكون ذلك على خلفية أن يكون لدينا ما نقوله.
وعند هذا المستوى نتابع معه البرنامج بهدوء وصبر وبدون نقد ونشجعه كلما حقق نجاحًا ونشعره بالثقة فيه.. عندها سيعرف أن هناك من يريد مساعدته فعلاً وبصدق، وسيكون تجاوبه رائعًا.
من أجل برنامج عملي للتخلص من العادة السرية نرجو أن تراجع حلنا بعنوان:
- المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان
ومن أجل أن تجد ما نقوله في مسألة الجنس ودوره في الحياة تراجع:
- علموا أولادكم الجنس
ولا تتعجل الحديث معه في المشكلة أو في وضع برنامج للتخلص منها إلا بعد كل ما قدمناه من صداقة قائمة على التفاهم والحوار، ثم إطار شامل لفهم مرحلة المراهقة وما يتم بها، ثم الدخول في القضية الشائكة بهدوء، وستكون النتائج رائعة بإذن الله فاستعن بالله عز وجل . وجزاكم الله خيرًا على ما تفعله مع أخيك.
ــــــــــــــ(102/186)
الحجاب والملابس.. مشكلة لها حل ... العنوان
السلام عليكم.. أعجبني كثيرًا إجابة على سؤال حجاب الصغيرات متى وكيف، وشجعني على توجيه سؤالي وهو: أن ابنتي بالفعل قد ارتدت الحجاب في سن 10 سنوات وهي قليلة الجسم وقد سمحت لها به لإقبالها الشديد، لكني بصراحة لا أجد لها ملابس مناسبة فمقاسها مقاس الأطفال وملابس الأطفال لا تناسب الحجاب؛ لأنها غالبًا بدون أكمام مثلاً، وملابس الحجاب كبيرة على جسمها النحيل، فبم تنصحوني هل أقنعها بخلع الحجاب حتى يكبر جسمها قليلاً أم ماذا أفعل لكيلا تشعر بأن مظهرها سيء وتتفادى سخرية الأهل والأقارب من مظهرها غير المتناسق مع عمرها؟
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/مني يونس ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قرأت سؤالك أختي الفاضلة وضحكت، ثم نظرت إلى النتيجة يا سبحان الله، وكأنك أنا ولكن من عام مضى، ففي مثل هذه الأيام، أوائل رمضان، حدث في بيتنا تمامًا ما حدث عندكم، ابنتي الكبرى نحيفة الجسم قررت وحسمت أمرها ولبست الحجاب، شجعتها ولم أقف في طريق قرارها، ولكن وقفت حائرة من أين آتي بالملابس المناسبة، ففي بلادنا لا تجدي الملابس المناسبة إلا بصعوبة شديدة، ولكني والحمد لله وجدت الحل، عند أم مرت بنفس التجربة قبلي بقليل.. العودة إلى "الخياطة" هو الحل المناسب.ولكن هذا يقتضي منك:
أولاً: السؤال عن خياطة ماهرة والحمد الله هن كثيرات في بلادنا، الحمد الله لم تندثر هذه المهنة بعد.
ثانيًا: استعيري من أقرب مكتبة أو اشتري من بائع الصحف عددًا من المجلات المتخصصة في الملابس (بوردا على سبيل المثال وافتعلي معها بعض الموديلات واضعين في الاعتبار إمكانية التغيير، فلو كان الموديل نصف كم يمكن أن تجعل الخياطة الموديل كم طويل لو كان الفستان قصير يمكن تحويله لفستان طويل أو دريل طويل، وهكذا...
ثالثًا: الذهاب إلى أحد محال القماش واختيار اللون المناسب وهنا لا بد أن تتركي الاختيار للابنة، فلا بد أن نعترف أن الأذواق تختلف، وذوق الابنة الحبيبة لا بد أن يحترم، فإحساسها بأنها كبرت وتختار وتنتقي الألوان والموديلات يزيد من ثقتها بنفسها.
ملحوظة: لا تذهبي لمحل القماش إلا بعد معرفة دقيقة بعد الأمتار المطلوبة، وهذا قد يقتضي زيارة الخياطة قبل شراء القماش.
رابعًا: لا تغفلي التفاصيل الصغيرة التي قد تطغى على الملابس جمالاً وبهاء (ألوان الزاير، شريط مطرز على الأكمام، تطريز بسيط على الجيب).
وإليك بعض الموديلات المقترحة:
- "سالوبيت جينز" بجيب من الأمام وهو عبارة عن جيبة طويلة ومربع على الصدر يخرج منه شريطان على الكتفين قابلتين للتطوير والتقصير.
- "دريل" بفيونكة من الخلف.
- "تونيك" وهو عبارة عن جاكيت طويل يصل إلى الركبتين، وتحته بنطلون واسع أو جيبة، وهنا يجب اختيار ألوان متناسقة.
يمكن دومًا استغلال باقي القماش في عمل الباندة تحت الطرحة، والبنات تحب أن تكون الطرحة من نفس قماش الجيبية وحلية الفستان.
هذا هو الاقتراح الأول، أم الاقتراح الثاني الأصعب هو البحث في محال الملابس الأطفال على أكبر مقاس، وهنا قدوم الشتاء يجعل الأمر أسهل نوعًا ما؛ لأن الملابس الشتوية أكثر "حشمة" ومقبولة في موديلاتها عن الملابس الصيفية، ولكن هذا الحل يحتاج منك إلى تفرغ؛ لأن الموضوع سوف يحتاج النزول عدة مرات ومحلات ما يسمي بالملابس الـ casual بها أحيانًا ما يناسب.. كان الله معك فالعيد على الأبواب، والمهمة تحتاج إلى وقت ومجهود، ولكن في النهاية الأمر يستحق التعب.. ابنة مقبلة على الطاعة ثمرة تعب وتربية واعية تحتاج منا إلى استكمال خطوات المسيرة.
كل عام وأنت بخير، وفقك الله تعالى.
وينتهي كلام الأستاذة منى حول تجربتها الثرية فالأمر بالفعل يمثل حيرة لقطاع كبير من الأمهات ممن يخضن نفس التجربة حتى وإن لم ترغب فتاياتهم في لبس الحجاب في نفس السن، فمعظم الأمهات تبدأ في البحث عن ملابس محتشمة، في محاولة لبدأ التطبيع المبكر - إن صحت الاستعارة- مع مرحلة التكليف والبلوغ، خاصة وبعض الفتيات تبدأ أنوثتهم في الظهور مبكرًا من بلوغهن الفسيولوجي.
عرضت لك أستاذة مني كيفية الاختيار والخروج من الأزمة وأشعر أن رغبتها الملهفة لإغاثتك هي ما جعلها تنسى أن تذكر لك تفاصيل رحلة اختيار الملابس مع طفلتها الجميلة.. فالظاهر اختيار الملابس لكن الخفيفة أنها فرصة تربوية نادرة لتوطيد صداقتك بطلفتك وإقامة حوارات ونقاشات حول أمور في غاية الأهمية قد تتكلفين كثير العناء لتوفير الظروف المواتية لمناقشتها.
ومن هذه الأمور: إكساب طفلتك أسس الاختيار ومعاييره الشرعية، وتغذية إحساسها بأنوثتها الصاعدة ونضجها حين تتكلمون عن الألوان والتفصيلات وتتأملون في المعروض في المحلات من ملابس، فهذا طويل، وهذا قصير وهذا ضيق يبرز ما لا يحل، وهذا يفتقد إلى روح الذوق، وهذا مفرغ من ذاتيتنا.
إنك لن تبادري بالخطابة، وإنما عليك أن تعرضي عليها محل الأذواق ولا ترينها من المناسب إلا أجمله وأبهاه، فتلك عباءة من التراث مناسبة لمناسبة جميلة وتلك، وغيرها...، بحيث تعملين على إكسابها هذا الذوق عبر ترغيبها بما فيه من جماليات، وحرص على أناقتها لتصل إلى الصورة السليمة..أن المسلمة جميلة في مظهرها ومخبرها، وأن جمالها ينبع من تناغمها الداخلي والخارجي واتساقها بعيدًا عن التقليد.. كل هذا وأنت تعرضين لها النماذج وتتركين لها بداية السؤال، وتعلقين بالقليل المتفاعل مع فكرتها في حوار كما يدور بين الأصدقاء الأنداد لا الوضع الأفقي.
وفرصة أيضًا لإقامة حوار حول مما يعنيه الحجاب من التكليف عند البلوغ، وماذا يعني البلوغ، وما التحولات التي تنبني عليه، لتسأل وتجيبين في غير خجل ولا مداراة ولا زيادة عما تطرحه من أسئلة.. لتجد أنك أصدق صديق وأوفى رفيق على طريقها نضجها القادم.
ويخدم على هذا أن تبدأ في معاملتها على المستوى العقلي على أنها كبيرة يأخذ رأيها، ولكن ليس على المستوى التكليف بالأعباء فما زالت صغيرة.
ــــــــــــــ(102/187)
في الغربة.. دراستي أم هوية طفلي؟ - متابعة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. كنت قد أرسلت إليكم منذ حوالي السنة استشارة تحت عنوان في الغربة.. دراستي أم هوية طفلي؟ وقد أجبتموني عليها مشكورين واستفدت كثيرًا، إلا أنني في وقتها عرضت عليّ صديقة لي عربية مسلمة أن تعتني به، وفعلاً تم ذلك وقد كان ابني -وما زال- يفرح كثيرًا عندها ويحب ابنتها التي هي في مثل سنه، ومتعلق بها جدًّا.
المهم أنني ابتداء من الشهر المقبل سأضطر لنقل ابني إلى الحضانة؛ لأن صديقتي ستكمل دراستها. لكني لم أستطع الحصول على الدوام الذي أريده؛ لأن الحضانة ليس عندها مكان لابني في الوقت الحالي إلا ليومين في الأسبوع بسبب تأخري بتسجيله، وهذا يعني أنني سأضطر لتقسيم دراستي على يومين أسبوعيًّا فقط.
ابني الآن عمره 21 شهرًا، ذكي جدًّا ما شاء الله ويتعلم كل شيء بسرعة كبيرة، ولكنني قلقة مما قالته لي الدكتورة إيمان السيد حفظها الله من أن الارتباك بين لغتين يبدأ حينما يبلغ الطفل 18 شهرًا. فهل إرساله إلى الحضانة لمدة يومين فقط سيربك لغته أكثر من أن ينميها؟ وللعلم هو سيقضي 5 ساعات في اليوم.
أفكر أنه قد لا يتعلم الكثير في يومين فقط، وبهذا ربما يجب عليّ أنا أيضًا أن أنمي لغته الإنجليزية بالمنزل. والله أنا محتارة، أريده أن يدخل هذه الحضانة أو بالأحرى هي "بري سكول" ومعروف عنها الاهتمام الجيد بالأطفال، ومن ناحية أخرى أخشى أن يتضرر ابني أو تهتز ثقته بنفسه. وما زال أمامي خيار أخير هو أن أترك الدراسة لمدة سنة كاملة ثم أنقله إلى المدرسة الإسلامية حين يبلغ الثالثة من عمره. ما رأيكم؟ ماذا أفعل؟
أنا أحاول أن أعلمه اللغتين في نفس الوقت، فمثلاً أدله على السمكة وأقول له هذه سمكة "فيش"، ونفس الشيء بالنسبة للقطة، والكتاب، وغيرها... وهو أصبح يعرف كل هذه الكلمات باللغتين، ولكنه لا يفهم الجمل والأحاديث إلا بالعربية.
آسفة على طول رسالتي، وأتمنى ألا أكون حيرتكم بأفكاري المرتبكة، فأنا أثق برأيكم وأنتظره بفارغ الصبر.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك عزيزتي مرة أخرى ومرحبًا بطفلك الغالي، جعله الله قرة عين لك، وكم سعدت برسالتك مجددًا وبكل ما حملت من ود وتأكيد على التواصل المثمر المستمر بيننا لصالح طفلك الحبيب.
وبالطبع لقد كان الحل المتمثل في صديقتك التي ترعى طفلك في وقت غيابك حلاًّ ممتازًا بما وفّر لطفلك من بيئة آمنة وصحبة لطيفة، وهو أفضل بكثير من فكرة الحضانة، ومع تغير الحال الآن فالوضع يحتاج لتعديلات:
أولاً: يفضل إلحاق طفلك بالحضانة التي التحقت بها ابنة صديقتك.
ثانيًا: إلحاق الطفل بالحضانة يومين لمدة 5 ساعات أمر لا مشكلة فيه مطلقًا ما دامت الحضانة جيدة، وتتوفر بها إمكانيات كافية لإسعاد الأطفال والعناية بهم وتطوير قدراتهم.
ثالثًا: الطفل لم يصل بعد للعامين، وبالتالي فكونه لا يفهم سوى العربية في الجمل والأحاديث؛ فهذا هو عين الصواب والطبيعي؛ لأن إدخال اللغتين في وقت واحد على التوازي في عمر اكتساب اللغة المنطوقة يسبب إرباكًا وربما تأخرا في اكتساب الطفل للغة، وتكون الغلبة للغة الأكثر استخدامًا بنسبة أكبر من الأخرى.
رابعًا: دخول الطفل الحضانة لمدة يومين فقط لن يؤثر مطلقًا على لغته العربية ما دام التعامل معه داخل المنزل بالعربية، كما أنها فترة كافية ليكتسب الطفل من المفردات ما يتيح له التعامل داخل الحضانة، خاصة أن من في عمره من الأطفال الذين يتحدثون الإنجليزية ما زالوا في طور اكتساب اللغة مثله، وبالتالي فلن يتفوقوا عليه في التواصل مع من حولهم بشكل يفقده ثقته بنفسه كما تخشين، فهم جميعًا ينطلقون تقريبًا من نفس نقطة الانطلاق.
خامسًا: فكرتك في تعليم الطفل المفردات باللغتين هي إحدى النصائح التي ننصح بها آباء الأطفال ممن هم في حالة طفلك، الذين يعيشون في بيئة مزدوجة اللغة، بين لغتهم الأصلية وأخرى أجنبية، وبالتالي فتعليمك للطفل المفردات باللغتين أمر محمود، وكذلك هو ينمي لديه اللغتين على التوازي بهدوء وتدرج يضمن عدم تضرر لغته الأم.
سادسًا: كون الطفل لا يقضي في الحضانة سوى يومين، مما قد يؤثر على كم ما يتعلمه أمر لا بد من التنسيق فيه مع القائمين على الأمر في الحضانة، كأن تتحدثين معهم عن كيفية تعويض ما قد يفوته في باقي الأيام أو على الأقل وضعه في فصل دراسي مثلاً كل من فيه من الأطفال لا يحضرون كل الوقت ليكون مستواه ومعلوماته متقاربين معهم، ولكي لا يشعر باختلاف في معلوماته عن أقرانه.
وما دامت الحضانة تعتني بالأطفال بشكل جيد فأعتقد أن التنسيق معهم في مثل تلك الأمور لصالح الطفل لن يكون عسيرًا؛ لكن لا بد أن تتأكدي أنه لن يتلقى طفلك من التعليم والتلقين ما قد يتضرر لعدم وجوده كل الوقت؛ لأنه من المفترض أن الحضانات تتعامل مع كل طفل على حدة فتطور من قدراته وترفع من كم معلوماته بغض النظر عن مَن أقرانه، فهم يبدءون مع الطفل من الحد الأدنى الذي تسمح به قدراته وينطلقون معه إلى أبعد ما يمكن له استيعابه حتى وإن فاق ذلك من حوله.
وأقصد في إيجاز أنه من المفترض أن الحضانة لا تطبق منهجًا دراسيًّا محددًا لا بد من الانتهاء منه في مدى زمني محدد، وعلى جميع الأطفال الاستجابة لذلك ولو رغمًا عن استعداداتهم.. فلا تقلقي من تلك الجزئية.
سابعًا: عليك عدم التعجل مطلقًا مع طفلك بخصوص تحصيله وإتقانه لأي من اللغتين، أو انتظار إتقانه لهذه اللغة أو تلك؛ فما يبدو من كلامك أن الطفل يتطور بالشكل السليم والمناسب لظروفكم، ولا يوجد ما يقلق من تلك الظروف على اكتسابه لأيهما لكن ما يجب عليك هو مواصلة التعامل معه بالشكل الصحيح من حيث تعليمه اللغتين معًا والتعامل داخل المنزل بالعربية، وستقوم الحضانة بالباقي.
ثامنًا: إن أردت تنمية لغة طفلك الإنجليزية بما يسمح له باندماج واثق مع الأطفال داخل الحضانة، فيمكنك الاختلاط بأصدقاء -من مزدوجي اللغة أمثالكم أو من الناطقين بالإنجليزية فقط- ممن لهم أبناء في عمر طفلك أو يفوقونه بشكل دوري (ولنقل أسبوعيًّا أو مرتين في الأسبوع) في عطلات نهاية الأسبوع مثلاً؛ ليلعب معهم ويتحدث معهم فيكتسب اللغة تلقائيًّا وتدريجيًّا وبشكل طبيعي من خلال الاحتكاك، ومع إضافة ما سيكتسبه مع ما سيحصله في الحضانة سيكون لدى الطفل ما يكفيه للتعامل مع من حوله بشكل واثق.
تاسعًا: بالطبع خيار المدرسة الإسلامية مثالي؛ لأن من فيها كلهم من الجالية المسلمة والعربية بنسبة كبيرة، وهو ما يجعل حالة الأطفال داخلها موحدة تقريبًا، فكلهم مزدوجو اللغة، ما يجعل المناهج مصممة لتنمية اللغتين وعدم التقصير في حق أيهما لصالح الأخرى؛ فضلاً عن أن الأطفال يكون لديهم القدرة على التعامل مع بعضهم البعض باللغتين؛ ما يجعل أجواء اختلاطهم أكثر مثالية.
ولكن الأمر لن يتاح قبل الثالثة، وبالتالي فلا مجال للمفاضلة بين الحضانة والمدرسة الإسلامية الآن، ولكن المفاضلة بين ذهاب طفلك للحضانة من عدمه، وإن كنت أميل لإرساله للحضانة فهذا لن ينسيني التأكيد على محاولات تخصيص وقت كافٍ لرعايته والعناية به وتنمية قدراته ولغته، بمعنى ألا يكون إرساله للحضانة مصحوبًا بانشغال في الدراسة ومهام البيت بما يلتهم وقتك المخصص له.
عاشرًا: في نفس الوقت لو كان ميلك لتأجيل دراستك للعام المقبل؛ لينال طفلك كفايته من رعايتك وحنانك، فلا بد من مواصلة تعريض طفلك للإنجليزية بشكل متدرج وبسيط -وقد وفرت لك بعض المقترحات لذلك- حتى لا يفاجأ بها عند المدرسة بشكل كبير.
وأخيرًا.. لا بد من الاستخارة قبل اتخاذ قرارك، فقد قدمت لك ما يجعل الخيارين أمامك واضحي المعالم بمزاياهما، واختيار الأنفع منهما والأصلح ستتيحه الاستخارة إن شاء الله.
وأخيرًا.. أختم حديثي معك بقول نابليون -القائد الفرنسي الشهير المعروف بامتنانه لأمه ولصنعها له- إذ يقول: "أستطيع أن أنسى كل ما تعلمته في المدارس لكن لن أنسى ما علمته لي أمي".. ولعل هذا القول يؤكد لك أهمية دورك مع طفلك.. وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/188)
فرعون صغير تحت رعاية أب مشغول ... العنوان
ابني جعفر عمره سنتان ونصف، وهو "شقي جدًّا"، وصوته عالٍ ومشكلتي هي معه عندما يعود أبوه إلى البيت فهو يعمل عملاً شاقًّا جدًّا؛ لأنه "مواسرجي" فعندما يعود لا يريد أن يسمع صوت جعفر ولا صوتي، وأنا أسكت ولا يريد هو أيضًا أن يتكلم مع الولد؛ لأنه يعتبر هذه هي مسؤوليتي وليست مسئوليته؛ لأنه متعب، وإذا سمع صوت الولد يغضب مني أنا، وأشعر أحيانًا أن الولد يستغل هذه الفرصة لعمل وطلب الأشياء الممنوعة وأبوه غائب فيضرب أخاه الصغير عمر الذي عمره سنة ونصف ويصرخ ويبكي إذا لم ألبِّ طلبه، وبعدها يذهب لأبيه يبكي فإما أن أستسلم أنا، وإما تصبح مشاحنات بيني وبين زوجي، فأنا أريد النصيحة لأن عندي ولدين والثالث على الطريق وإذا ضل الحال ستصبح الحياة صعبة جدًّا للجميع، فالولد يعتبر نفسه الآمر الناهي لي عندما يحضر أبوه وزوجي يلومني أنا، فهل أنا فعلاً الملامة؟ الرجاء النصيحة وجزاكم الله خيرًا، والسلام. ... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... هناك مثل دارج معناه أنه لو سُئل فرعون ما الذي فرعنك أو جعلك جبارًا لأجاب: لم أجد من يقف أمامي ويمنعني.. بالتأكيد عندما نضع طفلاً في عمر جعفر في مثل هذه الظروف لا بد أن يصبح الآمر الناهي في البيت، ولا بد أن يشعر بعجزك وضعفك أمامه وبطبيعة تفكيره كطفل سوف يستغل هذه الظروف ليفعل كل ما يريد.. إنكم بكل بساطة تصنعون فرعونًا صغيرًا.. وسوف تتفاقم المشكلة مع تقدم سن أخيه أو أخويه؛ لأنهما سوف يقلدانه.. وعندها سوف تفقدين السيطرة على الموقف كله.
إن الطفل لا بد أن يشعر أن هناك حدودًا لتصرفاته، وأن هناك تصرفات مسموح بها وهناك تصرفات ممنوعة تمامًا حتى يعرف ويتعلم الصواب والخطأ، لا بد من الثبات على رفض الخطأ في كل الأوقات وكل الظروف وعدم الاستسلام له مهما بكى أو صرخ، وهكذا... مرة بعد مرة سوف يتوقف عن هذا التصرف، ولكن طبعًا في ظل الجو القائم عندك في البيت لا يمكن تنفيذ هذا؛ ولذلك أقول لك إن حل مشكلة جعفر تحتاج إلى مراجعة طريقة تعاملك أنت وزوجك في تربية أبنائكم.
إنه سؤال واحد أسأله لك ولزوجك لماذا أنجبتما طفلين والثالث في الطريق إذا كان الأب لا يريد أن يسمع صوت أبنائه، فضلاً عن أن يكون له دور في تربيتهم والتفاعل معهم.. أنت فعلاً ملامة، ليس لأنك لا تستطيعين إسكات جعفر في وجود أبيه، ولكن لأنك لا تحاولين أن تشركي الأب معك في التربية ولا تحدثيه بهدوء وعقل ودون انفعال أو مشاكل عن دوره في تربية أبنائه طالما ارتضى أن يكون له أبناء.. نعم في ظل الحياة الصعبة وشقاء الأب في العمل تتحمل الأم معظم مسئولية تربية الأبناء؛ لأنها هي الموجودة معهم في أغلب الأحيان أثناء غياب الأب، ولكن ليس معنى ذلك أنها مسئولة وحدها عن هذا الدور وليس للأب فيه نصيب.
إن الأم مسئولة عن إدارة العملية التربوية، بمعنى أنها تتعامل مع الأولاد وتحدد احتياجاتهم وتتولى معظم أمورهم، ولكن لا بد أن يتم كل ذلك من خلال منظومة تم التفاهم عليها مع الأب حول تربية أبنائنا والقيم التربوية التي نريد أن نغرسها فيهم والأسلوب الذي نتعامل به معهم والأفكار والرؤية التي من خلالها نربي هؤلاء الأبناء والأب في هذه المرحلة أو الجزئية من التربية له الدور الأساسي في تحديد معالم تربية أبنائه والأم تنفذ ما تم الاتفاق عليه بحكم تواجدها مع الأبناء.
ولكن يظل للأب دور الإشراف والمتابعة وأداء بعض المهام أثناء وجوده مع الأولاد، بل والتدخل عند حدوث المشاكل وكثرة أعباء الأم بالأولاد المتوالين كما في حالتكم، لا بد أن يزداد دور الأب، وخاصة مع تقدم الأولاد في السن واحتياجهم إلى حنان ورعاية وصداقة الأب وكذلك حزمه واحترام رأيه.. كل هذه الأدوار لا يمكن أن تؤديها الأم بمفردها، وعدا ذلك لا يمكن أن نقول إننا نربي أبناءنا.
إن كل الأعمال شاقة بدرجات متفاوتة، ولكن عند الأب الواعي المتفهم لدوره يصبح سماع صوت الأبناء بعد يوم من العمل الشاق هو الشيء الذي يمسح العرق ويهون التعب ومجالستهم وملاعبتهم هي لحظات الاسترخاء التي ينتظرها، أما ألا يطيق سماع صوتهم.. فلماذا أنجبهم ولماذا يتعب ويعمل؟ ليحضر لهم نقودًا، واحتياجهم الأساسي لحبه وحنانه من يحضره لهم؟... وإذا نشأ هؤلاء الأبناء متمردين وجانحين وليس بينهم بينه ود أو علاقة سوية كم سيتعب ويندم وقتها، ولكن بعد فوات الأوان.
يا سيدتي.. إن دورك هو توصيل هذه المفاهيم للأب بهدوء وتفاهم وتساعديه على ذلك كالآتي:
• تخيري أوقات الإجازات أو الأوقات التي يكون فيها مسترخٍ وتحدثي معه عن أولادنا، وكيف نريد تربيتهم ومستقبلهم وشخصياتهم؟
• احكي له دائمًا عن نوادرهم وشقاوتهم المحببة وأشركيه معك في هذه اللحظات.
• تجنبي تمامًا في البداية أن تحكي له دائمًا عن مشاكلهم واحتياجاتهم وتعبك معهم.
• حين يأتي إلى البيت وفّري له جوًّا من الهدوء والاسترخاء وجهزي له احتياجاته ولا تتعللي بانشغالك بالأولاد، وبعد ساعة أو ساعتين بعد أن يستريح تعالي وحاولي الجلوس معه بالأولاد، وحدثيه عن حبهم له، وسؤالهم طوال النهار عليه وارتباطهم به.
• لا تجعلي الأولاد أبدًا مادة للشجار بينكم.
• قولي له دائمًا إنك مقدرة تعبه طول اليوم في عمله.
• اجعلي الأولاد دائمًا عند حضوره في أهدأ حال ممكن؛ وذلك بأن تكون كل احتياجاتهم مستوفاة ويكونون مرتبين ويرتدون ملابس نظيفة وفي أبهى صورة.
• عندما تنجح محاولاتك هذه في إطار اهتمامه وارتباطه بالأولاد حاولي بهدوء إشراكه معك في تربيتهم وخذي رأيه في مشاكلهم.
وثقي أنه لو تصرفت بحكمة وذكاء وهدوء ستنجحين في إثارة اهتمام زوجك بالأولاد، ولا تيئسي أو تتعبي؛ لأن هذا هو الحل الوحيد لتربية أطفال طبيعيين أسوياء نفسيًّا، ويمكنك الاطلاع على تجارب أمهات مثلك في التوفيق بين الأولاد والزوج من خلال النقر على الروابط التالية:
- حائرة بين ربيعي عمري
- راعي البستان كيف يعود
- - هدف في مرمى راعي البستان
- نزهة المشتاق للتخلص من العصبية والعناد
ــــــــــــــ(102/189)
مشاكل التخاطب والطريق الصحيح للعلاج ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحية مني لهذا الموقع الجميل الذي نستفيد منه كثيرًا، أما المشكلة التي أطرحها عليكم فهي مشكلة ابني بلال الذي يبلغ من العمر 4 سنوات و3 شهور فهو إلى الآن لا تزال الكلمات التي يتكلم بها قليل وفي أحيان أخرى غير مفهومة، ونحن أنا وأمه قد نستخدم معه بعض العنف في الأوقات التي لا يسمع فيها الكلام، وقد قمت بعرضه على اختصاصي تخاطب عندما كان عمره 3 سنوات، وتابعنا معه لمدة 4 شهور وكان التحسن ضعيفًا، ثم انقطعنا عن جلسة التخاطب فترة لوقوع حادثة لابني بلال لازم فيها الفراش 3 شهور، وكانت الحادثة هي سقوطه من الدور الثالث، ولكن بفضل الله جاءت سليمة، وهو الآن في الحضانة، ولكن المدرسة قالت إنه يستجيب معها، ولكن يحتاج إلى جلسات تخاطب، ونحن سوف نعود به إلى اختصاصي التخاطب، فهل لكم من نصائح تسدونها لنا حتى نعبر ببلال هذه المشكلة مع حضوره جلسات التخاطب؟ وجزاكم الله خيرًا. ... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الفاضل.. بارك الله لك في بلال وجعله من أبناء السعادة في الدارين، وأشكر لكم اهتمامكم به في هذه السن المبكرة، وإن شاء الله سوف تشعر بأهمية ما فعلته مستقبلاً عند ظهور بوادر التحسن على بلال.
الحقيقة أن مراجعتك لاختصاصي تخاطب هو أفضل ما يمكن القيام به مع وجود بلال بالروضة، حيث يستفيد من التدريب النطقي واللغوي وكذلك الأكاديمي والاجتماعي معًا.
وأهم ما يمكن النصح به هو أولاً: عمل تقييم قدرات شاملة لبلال للتأكد من عدم وجود تأخر في المهارات الأخرى مثل المعرفية والإدراكية والمهارات الدقيقة والكبيرة، ويمكن أن يقوم به اختصاصي التخاطب، ويمكن أيضًا استشارة اختصاصي تربية خاصة حتى لا نغفل جانب عن آخر.
ثانيًا: ضرورة الاستمرار في التدريب؛ لأن نتائج التدريب تراكمية، أي أن كل هدف يعتمد على الأهداف الأخرى فلا يغرنا أن أظهر الطفل تحسنًا في مهارات معينة فنكتفي بها وننقطع عن الذهاب للتدريب؛ لأن هناك حالات قد يستدعي تدريبها أشهرًا أو سنوات حسب حالة الطفل وقدراته وهذا يحدده الاختصاصيون. كما أنه يفترض أن يقوم الاختصاصي أو الاختصاصية بمدكم ببرنامج متابعة في المنزل للأهداف والمهارات التي يتم التدريب عليها؛ لأن هذه المهارات هي مهارات حياة يومية، أي لا يكفي أن يتدرب عليها الطفل في الجلسة، ثم لا يعرف كيف يعممها في المنزل، بل إن معظم الأهداف في هذه السن الصغيرة هي أهداف بيئية ومنزلة لتحقيق هدف التواصل مع الطفل، وشرح مشاعره والتعبير عن احتياجاته وغير ذلك.. إذن لا بد أن تكون هناك متابعة مستمرة وتعاون بين الأهل والاختصاصي لتحقيق الأهداف المناسبة للطفل
ــــــــــــــ(102/190)
حائرة بين أسئلة الموت وعدم طلاقة اللسان ... العنوان
جزاكم الله خيرًا على اهتمامكم بمشاكل أطفالنا، أرسلت لكم قبل ذلك بسؤال خاص بابني يتعلق بعدم الطلاقة في الكلام، وقد حاولت نطق بعض الأصوات معه (ش) وحدث تحسن، ولكني قرأت العديد من الأسئلة والأجوبة، وأعتقد أن هذا سيسبب له مشكلة في مرحلة المراهقة؛ فكيف نجعله يتحدث دون أن نؤذي مشاعره، مع ملاحظة أنه يغني كثيرًا من الأناشيد بنفسه، ويقرأ السور القصيرة من القرآن الكريم بشكل جيد، ولكن عندما يكون بمفرده؛ مما جعلني أعتقد أنه يفعل ذلك حتى نهتم به.
سؤالي الآخر خاص بأخيه -5 سنوات- فهو دائمًا يسأل عن الموت، ولماذا نحن (والداه) سوف نموت قبله؟ ولماذا سيموت هو قبل من هم أصغر منه؟ ماذا نفعل لنجعله يتقبل أن ما يحدث هو من عند الله؟ مع ملاحظة أنه لم تحدث مؤخرًا أي حالة وفاة في العائلة.
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
أ/سناء جميل أبو نبعة ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأم الفاضلة، نشكر لك اهتمامك المبكر بموضوع ابنك والموضوع قد يبدو دلعًا أو للفت الانتباه، لكن هناك مؤشرات لكون المشكلة مؤقتة -حيث يمر معظم الأطفال بمرحلة عدم طلاقة في مرحلة اكتساب اللغة من عمر 2 - 6 سنوات تقريبًا- ويكون السبب هو العبء اللغوي على الطفل، وتكون معظم مظاهر عدم الطلاقة هي الإعادة مثل "ماماماما" أو "عاعاعاوز" أو "سيسيسيارة".
على ألا تتجاوز مرات التكرار 3 مرات أي مثلا لا يقول سيسيسيسيسيسيارة، وألا تكون مرات الإعادة أكثر من 10 مرات لكل مائة كلمة. هذا بشكل عام وأيضًا ألا يصحب الإعادة مظاهر مثل رمش العين أو احمرار الوجه أو شد الفك أو الرقبة أو تحريك بالرجلين أو اليدين، وغيرها...
وذلك لأن ظهور مثل هذه المظاهر هو غالبًا مؤشر لتأتأة حقيقية؛ فعدم الطلاقة الطبيعية التي يمر بها معظم الأطفال تختفي تقريبًا بعد سن 6 – 8 سنوات كحد أقصى، لكن التأتأة الحقيقية تبدأ بالرسوخ، ويزداد الأثر النفسي المصاحب لها.
ومن بعض المظاهر التي يظن الأهل أنها مؤشر جيد كون الطفل يتحدث بطلاقة عندما يتحدث مع نفسه أو مع حيوانات أو جمادات أو يغني، أو عندما يكون تحت تأثير البنج أو كون المشكلة تختفي لفترات -أحيانًا أشهر- ثم تعود، ولكن للأسف هذه مظاهر أو مؤشرات التأتأة الحقيقية، والتي لا بد عند ظهورها من استشارة اختصاصي نطق ولغة لوضع برنامج تدريبي للطفل -خصوصًا أن عمره مقبول لتلقي تدريب فردي نوعًا ما- ويجب أن يشمل البرنامج برنامجًا منزليًّا مصاحبًا يسمى تعديل البيئة؛ بحيث تكون هناك إرشادات للأهل حول كيفية التعامل مع الطفل، وكذلك سرعة كلام الوالدين، وغيرها... ويمكنك الرجوع للاستشارات التالية للمساعدة أكثر:
- التلعثم والتأتأة.. متى تعتبر مشكلة؟
- التأتأة.. أسباب وعلاج
- التأتأة والحركات اللاإرادية
- التأتأة النفسية.. هل لها علاج؟
أما بالنسبة لسؤال ابنك عن الموت فقد أفاد دكتور علاء التهامي : بأنها ظاهرة طبيعية لا داعي للخوف أو القلق منها، وتكراره للسؤال لا يعني رفضه للإجابة أو عدم الاقتناع بها، وإنما قد يعني حبه لسماع نفس الإجابة، وتأكيدًا للمعلومة وحبًّا لفتح حوار معك، فتعاملي مع أسئلته هذه ببساطة، وحاولي توصيل المعلومة الصحيحة بأسلوب سهل، ولا داعي للبحث عن إجابة جديدة لكل مرة يسأل فيها نفس السؤال، ولا تملي من تكرار نفس الإجابة طالما أنها صحيحة، وضعي أمام عينك أثناء إجابتك أنه لا يدرك المعاني المجردة فاستخدمي القصص وضرب الأمثلة.
وعليك أن تتناولي في إجابتك هذه أن الموت ما هو إلا نقطة بداية لحياة أخرى وليس نقطة نهاية، وبقدر ما نفعل الخير في حياتنا الأولى بقدر ما نجعل حياتنا الثانية جميلة، وأن الترتيب ليس شرطًا في موت الأشخاص؛ فالأكبر ليس من الضروري أن يموت أولا، ولا أحد غير الله يعلم متى سيموت كل منا، وأن الموت آية مكررة نراها في النوم، وفي البيات الشتوي لبعض الحيوانات، وهذا من رحمة الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
وانظري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفية تعامله مع أبي عمير عندما مات النغير (عصفوره الصغير الذي كان يربيه)، فلقد تفاعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع موت الطائر، وجلس يواسي الصبي ويخفف عنه، وأصبح بعد ذلك يسأله عنه مداعبًا له.
ويمكنك الحصول على مزيد من المعلومات من خلال الرابط التالي:
- حكمة الموت.. ما لا نعلمه لأطفالنا
ــــــــــــــ(102/191)
الاستقرار الأسري والتحصيل الدراسي ... العنوان
ذات يوم حدثت مشاجرة بيني وبين زوجي واستيقظ ابني 8 سنوات على صراخنا، ومن يومها وهو يخاف إذا حدثت مشادة كلام بين شخصين، وهو ضعيف في المدرسة، وأنا أجلس بجانبه ساعات، ولكن دون فائدة.
هو وحيد بين 5 فتيات، يخبرني أحيانًا أنه يريد أخًا له، ولكني لا أعرف كيف أتعامل معه؛ فأمره يحيرني، وأنا أشعر بضيق شديد عندما تكون علامة المدرسة سيئة؛ لأني أكون قد بذلت جهدًا في تدريسه، أرشدوني.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سلام الله عليك -أم عيسى- وبركاته أشكر لك اهتمامك.
أما عن استشارتك وسؤالك عن ابنك "عيسى" -بارك الله لك فيه وفي أخواته جميعًا- فتتحدد مشكلته في النقاط التالية:
1. خوفه من أي مشادة كلامية بعد سماعه لشجارك أنت ووالده.
2. ضعفه الدراسي وحصوله على درجات سيئة رغم مجهودك معه.
3. طفل وحيد بين 5 فتيات.
تعالي الآن لنستعرض اقتراحات للرد على هذه النقاط:
أولاً: بالنسبة للشجار الذي حدث بينك وبين والده وعلا صوتكما حتى أفزع الطفل، لا بد من تدارك هذا الأمر بالأسلوب التالي:
* في هذه المرحلة من عمر الأطفال حينما يتشاجر الوالدان فإن أخوف ما يخافه هؤلاء الأطفال هو انفصال الوالدين، أو ترك أحدهما أو كليهما لهم وتخليهما عنهم؛ لذا لا بد أن تمنحيه الثقة والأمن، وأشعريه بأن ما حدث كان مجرد شجار عابر، وذلك عن طريق تحسين العلاقة بينك وبين والده ورؤيته لكما وأنتما تمازحان بعضكما وتضحكان وتتحدثان بطريقة ودودة؛ ليشعر بالأمن والطمأنينة.
عند فزعه بعد ذلك من أي مشادة كلامية أو من أي صوت مرتفع حدثيه عما يشعر به وما الذي يفزعه، وشجعيه على أن يتكلم عن مشاعر الخوف هذه، وحاولي تهدئته ليس بتهوين ما يشعر به ولكن بتقدير كلامه، فإذا حدث شجار أو مشادة كلامية بين أي طرفين فاسأليه مثلاً: هل تخاف من الصوت المرتفع؟ أو من هذا الشجار؟ عند إجابته بالإيجاب قولي: نعم إن الصوت العالي شيء مزعج حقًّا؟ ولكن تعالى نفكر لماذا نخاف منه؟
وانتظري لتسمعي إجابته فإذا احتار ولم يعرف فساعديه قائلة: "هل تخاف مثلاً أن يضربك صاحب الصوت المرتفع؟"، ثم انتظري لتري تعبير وجهه، ثم أعطيه اختيارًا آخر بقولك: "أو أنه سيضرب الذي يتشاجر معه"، أو تخاف لأنك لا تعرف ماذا سيفعل هذا الذي يتشاجر على وجه التحديد؟ ثم انظري إليه في كل اختيار وانتظري أن يجيب أو تستشفِّي شيئًا من تعبير وجهه.
* حينما يتكلم طفلك عما يخيفه فإن هذا من شأنه أن يحد من هذا الفزع، ويقل تدريجيًّا. (ويمكنك الاطلاع على عدة موضوعات أخرى عالجت الخوف عند الأطفال على هذه الصفحة سنورد لك بعضها في نهاية الاستشارة).
ثانيًا: بالنسبة لموضوع التأخر الدراسي لم توضحي -سيدتي- هل تأخره هذا في كل المواد أم في بعض المواد دون الأخرى؟ وهل لاحظت هذا التأخر في هذا العام أم أنه هكذا منذ التحق بالمدرسة؟ على كل حال فأسباب التأخر الدراسي متعددة ومختلفة، فقد يكون التأخر بسبب حالة توتر يعيشها ابنك، وقد يكون الأسلوب والطريقة التي تذاكرين له بها تؤثر عليه فلا يفهم، أو لحرصك الشديد على أن ينجز أو يحرز تقدمًا فتتعاملين أنت معه بقلق وتوتر وعصبية، مما يؤثر عليه وعلى تحصيله، وربما يكون هناك سبب ما بالمدرسة أو مع المدرسين أو مع أصحابه بالفصل، أو يكون لديه صعوبة من صعوبات التعلم وأن قدراته في التحصيل ضعيفة بوجه عام؛ ولذا يجب عليك أن:
1. يجتاز ابنك اختبار للذكاء (وهذه الاختبارات يقوم بها متخصصون في هذا المجال يمكنك التعرف عليها من مدرسة ابنك، وتشمل هذه الاختبارات أيضًا قياس للقدرات المختلفة والتعرف عليها، ولم توضحي سيدتي في البيانات في أي البلاد تقيمين أنت وأسرتك حتى أرشح لك بعض المراكز المتخصصة في هذا الشأن).
2. الاتصال بمدرسي ابنك والتوصل معهم لطريقة للتعامل معه بناء على النتيجة التي ستحصلين عليها من الاختبارات السابقة.
3. وإذا وجدت نسبة ذكائه عادية فعليك بالبحث عن سبب تأخره مع مدرسيه والتعاون معًا لتحسين مستواه.
4. حاولي مساعدته في المذاكرة بطريقة يعتمد فيها على نفسه لا عليك، بأن تساعديه في وضع جدول للمذاكرة تحددان فيه وقتًا لكل مادة، على أن تلعبي معه أو تتركي له فترة راحة بين كل مادة وأخرى مدتها لا تزيد عن 10 دقائق، وأن تشرفي على كل مادة انتهى من أدائها، ولا تجلسي بجواره وهو يذاكر، بل كوني على مقربة منه بحيث إذا لم يفهم شيئًا تشرحينه له (هناك موضوعات تناولت كيفية المذاكرة مع الأبناء على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها بنهاية الرد).
5. أن تتعاملي مع ابنك بأسلوب التشجيع والدعم والحب بغض النظر عن مستواه الدراسي.
6. أن تشجعيه على حب المدرسة والالتحاق بالأنشطة المختلفة فيه.
7. أولاً وأخيرًا لا بد أن تتحلي بالصبر في علاج هذا الأمر.
(ثالثًا: كونه الطفل الوحيد بين 5 فتيات:
* كون الطفل وحيدًا بين أخوات فتيات أو العكس لا يصبح مشكلة إلا إذا تعامل معها الوالدان على أنها كذلك، وطلب ابنك بأن يكون له أخ آخر ليلعب معه هو طلب طبيعي لا يشكل مشكلة إلا إذا لمس منك الحيرة وعدم الرضا منك أو من والده بكونه صبيًّا واحدًا وسط فتيات، وربما تكون الإجابة الأمثل على طلبه هذا بابتسامة وبساطة: "إن الله هو الذي يرزق الناس الذكور والإناث، وكون الله اختارك لتكون أنت الذكر الوحيد ربما لتتعلم على مر الأيام والسنين كيف تكون رجلاً مسئولاً تحمي أخواتك وترفق بهن وتكون في حاجتهن حينما يحتجن إليك كما يفعل والدك معنا وكما يفعل فلان وفلان"، واذكري له نماذج طيبة ممن حولكم تتحمل المسئولية بشهامة ورجولة، واحكي له قصصًا مماثلة عن علماء وصحابة كانوا ذكورًا وسط فتيات أو كانوا بلا إخوة على الإطلاق، فنحمد الله لأن له أخوات يلعب معهن ويلاطفهن.
* عليك أنت ووالد الصبي مراعاة العدل والمساواة في التعامل مع أولادكم جميعًا، فإذا كنت تجلسين بجواره بالساعات لتعينيه على المذاكرة فأين حق أخواته منك ومن وقتك، ولنتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال للبشير: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم".
* لا بد أن يكون للأب دور مهم في حياة أبنائه وخاصة هذا الصبي الذي سيجد فيه النموذج الذي يحتذيه عندما يكبر، فلا بد أن يوفر الأب وقتًا (أيام الإجازات) للعب معهم جميعًا ويمازحهم ويتنزه معهم ويصحب الصبي للمسجد وللتسوق، ويساعده على الاعتماد على نفسه، ويؤهله لدوره الذكري، حيث يُعتمد عليه في كثير من شؤون البيت وخاصة الخارجية منها، ويعلمه بالقدوة كيف يراعيك ويراعي أخواته، والتبسط والتلطف معكن عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفقًا بالقوارير".
وأخيرًا -سيدتي- نرجو المداومة والمتابعة معنا، ونسأله تعالى أن يعيننا جميعًا على تربية أولادنا ويوفقنا لما يحب ويرضى.
ويمكنك الاطلاع علي الروابط التالية لمزيد من المعلومات حول علاج المخاوف وهي:
- العلاج السلوكي المتدرج و المخاوف
- مخاوف الأطفال مرآة لتجربة سيئة
- الاضطراب الأسري مرتع المشاكل
وفيما يتعلق بأفضل طرق المذاكرة يمكنك الاطلاع علي:
- مع الدراسة.. كيف نذاكر لأطفالنا؟
- أسرار التفوق الدراسي للأبناء
ولمزيد من المعلومات حول صعوبات التعلم يمكنك مطالعة الموضوعات التالية:
- صعوبة التعلم والفروق الفردية ...الخط الفاصل
- صعوبات التعلم :العلاج في سرعة التشخيص
- صعوبات التعلم ... طرق مساعده للتغلب عليها
ــــــــــــــ(102/192)
حب بلا شروط.. تفوق بلا حدود ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرًا على تعاونكم معنا.
أنا أم لثلاث بنات.. الكبرى 10 سنوات والوسطى 8 سنوات -وهي التي أود أن أستشيركم بشأنها، والثالثة 5 سنوات.
والدهن منذ 6 أشهر أصبح -بسبب عمله- لا يتواجد معنا إلا يومًا واحدًا أسبوعيًّا. والمشكلة تتلخص في أنها ملولة جدًّا وبسرعة من كل شيء حتى اللعب، وهذا الأمر يسبب لي مشكلة كبيرة معها حتى نتمكن من عمل الواجبات والمذاكرة، مما يجعل وقت المذاكرة وقتًا أفقد فيه أعصابي وأعنفها.
وهي في الصف الثاني، ومعلماتها يقلن إن مستواها جيد، وهي تبكي كثيرًا؛ لأنها ملت ولا تريد الاستذكار ودائمًا تردد أنها لا تصلح للقيام بأي عمل، وهي شديدة العصبية مع أخواتها بالرغم من أنها أكثرهن حنانًا علينا جميعًا، وأنا أكافئها على أي عمل جيد تقوم به، وهي تشعر أن أختها الكبرى دائمًا أفضل منها؛ لأنها متفوقة عنها دراسيًّا وأنا لا أقارن بينهما في الدراسة لأني أعرف أن القدرات تختلف من شخص لآخر، وأبحث دائمًا عن شيء إيجابي فيها لأكبره أمامها وأعطيها من خلاله ثقة في نفسها، لكني لم أنجح في ذلك.
وعلى الجانب الآخر فهي اجتماعية جدًّا، ومن السهل أن تندمج وتتأقلم مع الغير عكس أختها الكبرى، ولها صداقات كثيرة وعلاقتها بوالدها جيدة جدًّا، وبدأت مؤخرًا في أن تكون كتومة في كل ما يخصها في المدرسة، وهذا يقلقني لأني أريد أن نكون أصدقاء، وأنا أعترف أني كثيرًا ما أتعصب عليهن جميعًا -وهي أكثرهن، وهي كثيرة الشجار مع أخواتها، وأصبحنا في مشكلة لأني أطلب منها أن تصلي، بالرغم من أني لا أطلب منها أن تصلي كل الفروض. إذا أردتم أي إيضاح أو استفسار فأنا على استعداد، وجزاكم الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
سيدتي، بارك الله فيك من أم، وأشكر لك حسن عرضك للمشكلة
فقد وضحت فيها مالك وما عليك، وإن كان هناك بعض الأمور تحتاج إلى توضيح مثل: ذكرت في البيانات أن "تسنيم" -حفظها الله- عمرها ثماني سنوات وفي عرضك للاستشارة ذكرت أنها في الصف الثاني الابتدائي، فهل التحقت بالمدرسة متأخرة أم هو خطأ غير مقصود في ملء البيانات، وهل كانت "تسنيم" تتصف بالعصبية والملل منذ طفولتها المبكرة أو أن هذا أمر عارض؟ وإذا كان عارضًا فمنذ متى لاحظت عليها هذا؟ وكيف يقضي الأب اليوم الوحيد الذي يتواجد فيه معكم في الأسبوع؟
على كل حال سأستعرض معك الحل من خلال ما ورد من بيانات في رسالتك إلى حين لقاء آخر بيننا على نفس الصفحة تردين فيه على التساؤلات السابقة.
وسوف أحدد استشارتك في النقاط التالية وهي:
1. "تسنيم" ملولة جدًّا من كل شيء حتى اللعب.
2. عدم إنجازها لواجباتها بسهولة نتيجة للنقطة السابقة؛ ولذا فهي كثيرة البكاء لالتزامها بشيء تمله.
3. ترديدها بأنها لا تصلح للقيام بعمل شيء.
4. أصبحت كتومة في كل ما يخصها بالمدرسة.
5. عصبية وكثيرة الشجار مع أختيها.
6. لا تلتزم بالصلاة رغم أنك لا تطلبين منها ذلك في كل الفروض.
وقبل أن أبدأ في الإجابة لي كلمة أهمس بها في أذنك وأصرخ بها للمجتمع كله:
سيدتي، إذا تخلينا قليلاً عن التوقعات الاجتماعية ومعايير المجتمع والناس في الحكم على الأشخاص بشكل عام والأطفال بشكل خاص، خاصة الذين يختلفون عن النمط السائد لوجدنا أن أطفالنا متميزون في قدراتهم وعقولهم، ولكننا -مع الأسف وبعد قليل- ننمطهم ونضعهم في قوالب بحسب ما يراه ويستحسنه الآخرون، ونتيجة لهذه "القولبة" نهدم إبداعاتهم وابتكاراتهم، فطفلتك -سيدتي- تتميز بعدة صفات وقدرات رائعة وهي لا تجد شيئًا يستوعب هذه القدرات؛ لذا تمل سريعًا مما تفعله، حتى اللعب بالنسبة لها أقل من إمكانياتها وقدراتها، وما يصدق قولي هو المزايا التي تتمتع بها شخصية ابنتك فهي -ما شاء الله- اجتماعية ودودة تكسب الأصدقاء سريعًا، وبرغم ما تشكين منه في عملية المذاكرة فإنها جيدة وذلك بشهادة مدرساتها.
سيدتي، إن الأنظمة التعليمية قد استطاعت وببراعة أن تقضي ليست على إبداعات أطفالنا وقدراتهم فحسب، بل قضت أيضًا على الاستمتاع بالأمومة والعلاقة الحميمة والصداقة بين الآباء وأبنائهم، فأرجوك لا تقعي في هذا الشرك، ومن خلال الأسطر التالية سوف أستعرض معك كيف تستعيدين صلتك بابنتك، حتى لا نخوض في موضوعات عامة وبعيدة عن لب المشكلة، وحتى لا نعيب على شيء ليس في إمكاننا إصلاحه في الوقت الحالي، فسوف نتناول المشكلة، وحلها في ظل الظروف الراهنة، ولنبدأ بموضوع الملل حتى نعالجه لا بد أولاً من علاج البيئة المحيطة به والتي تؤثر بأسلوب أو بآخر على ابنتك، ومن ثَم فعليك:
1. أن ترددي على مسامعك أن ابنتك شخصية مميزة وكونها ليست متفوقة في المدرسة لا يعني هذا أن تعامل بأقل مما تستحق من هدوء وحب وحنان ورعاية ورفق، وأستشهد بمقولة للدكتور طارق السويدان "أحبوا أولادكم كما هم بلا شروط لهذا الحب"، وربما كانت المواد التي تأخذها أقل من قدراتها ونموها العقلي بحكم أنها أكبر عامًا عن الصف الدراسي الذي هي به (إذا صحت هذه المعلومة حسب البيانات).
2. الاطلاع على كتب ومراجع لألعاب وأنشطة جديدة وليست رتيبة لتلعبيها وتمارسيها مع بناتك وهناك الكثير من الموضوعات والمواقع الخاصة بالأطفال بها أنشطة متعددة:
موقعgoogle يمكنك البحث فيه عن هذه المواقع ما عليك إلا أن تكتبي في خانة البحث: مواقع الأطفال فيعطيك مئات منها).
3. تخلي تمامًا عن العصبية معها، وما سيساعدك على ذلك هو تذكرك أنك إذا ظللت على هذا النهج من العصبية سيزداد الأمر سوءا، وبدلاً من أن تنمى قدرات ابنتك فستفقدها تمامًا، بل وتفقدي أنت أيضًا قدرتك على ضبطها وتوجيهها.
4. عليك أن ترددي دائمًا على مسامعك أن المذاكرة ليست هدفًا في حد ذاته، بل التعلم لا التعليم والإنجاز هما الهدف؛ ولذا لا تحتدي عليها أثناء المذاكرة، وأسمعك تقولين وماذا عن الواجبات ومستواها الدراسي أقول لك إذا هدأت أعصابك وتعاملت مع ابنتك بأسلوب بعيد عن التهديد والعصبية وركزت على مجالات إبداعها وذلك من خلال الأنشطة المنوعة التي ستمارسينها معها بأسلوب يسوده الحب والمرح والود والرفق لاختلف الأمر كثيرًا ولأنجزت واجباتها، بل وسوف يتحسن مستواها الدراسي بعد ذلك بشكل تلقائي، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر.
5. حاولي ابتكار بعض الأساليب المتنوعة التي تحببها في المذاكرة مثال ذلك: عند تعلمها اللغة فاصنعي لها بطاقات عليها كلمات واخلطيها، ثم اطلبي منها ترتيبها لتكون جملة كما يمكنك أن تقلبي البطاقات، ثم تطلبي منها سحب بطاقة وقبل أن تراها تخمن ما هي، ثم تقرؤها، وهكذا...، ويمكنك ابتكار بعض الأساليب الأخرى وهناك موضوعات عدة عن الأساليب المتنوعة لكيفية مساعدة الأبناء في المذاكرة بأسلوب مشوق وأقترح عليك قراءة كل من الاستشارتين (ابن سبع معذور والتفوق في الرياضيات بالألعاب)، وبالطبع تشركي ابنتيك في مثل هذه الأنشطة، بل يمكن أن تعاونك الابنة الكبرى في كتابة هذه البطاقات والصغرى في قلبها وخلطها.
6. لا بد أن يُحدد وقت للراحة بين كل مادة وأخرى تلعبين فيه معها وكما سبق لا بد من التجديد في هذه الأنشطة والألعاب، بل اطلبي منها هي أن تبتكر جزءاً منها.
7. احرصي على جو يسوده المرح والضحك في تعاملك معهن.
8. جزّئي المهام المطلوبة منها حتى في المذاكرة، واطلبي منها أن تنتهي من المهمة في مدة قصيرة جدًّا، ولتكن دقيقة واحدة ثم بعد ذلك تزداد الفترة الزمنية رويدًا رويدًا مع زيادة المهمة نفسها، وأمثلة ذلك: إذا كان هدفك أن ترتب "تسنيم" حجرتها فلا تطلبي ذلك منها مرة واحدة، بل قولي لها عليك بترتيب السرير في دقيقة (أو دقيقتين مثلاً)، وسأتسابق معك في ترتيب سريري أنا أيضًا (افعلي ذلك مع بناتك كلهن)، ثم بعد ذلك سنرى الأسرّة وكيف رُتبت، ثم تنتقلين لأمر ثانٍ بالحجرة: علينا أن نضع الأحذية في موضعها خلال دقيقة، وهكذا حتى تنتهي من ترتيب الحجرات.
والمثال الثاني: في المذاكرة فإذا كان لديها واجب عبارة عن حل مسائل الحساب مثلاً، فعليها أن تجهز الكراسة أو الورقة التي ستقوم بالحل فيها حتى تضعي ملابسك في الخزانة (افتعلي أي عمل مدته قصيرة جدًّا)، ثم تعودي وتطلبي منها أن تحل مسألة واحدة فقط حتى تعودي لها مرة أخرى لتحل مسألة أخرى، وهكذا... حتى تنتهي من حل المسائل المطلوبة، وافعلي ذلك لمدة من أربعة أيام إلى أسبوع، ثم كلفيها بمهمة أكبر فبدلاً من مسألة واحدة اجعليها مسألتين مع زيادة المدة الزمنية، وهكذا...
9. يمكن أن يساعدك الوالد في هذه المهمة، خاصة أن للأب مهابة ومكانة تختلف عن الأم؛ لذا اتفقي مع زوجك أن يطلب منها مهمة معينة أثناء تواجده معكم وثقي أنها ستفعل هذه المهمة دون أن يحتاج الأب أن يجزئ المهمة أو أن يتخذ نفس الخطوات السابقة، ويمكن أن يفعل ذلك عن طريق مسابقة كأن يطلب من كل واحدة أن تختار مهمة محددة تساعدك بها، وذلك قبل الخروج للتنزه مثلاً، فواحدة تقوم بطي الملابس، وأخرى بإعداد السلطة، وثالثة تقوم بغسل بعض الأطباق حتى يتهيأ الجميع للنزهة بعد الانتهاء من هذه المهام، دون أن يجعله شرطًا للخروج.
10. لا بد أن يكون للأب دور في توجيه البنات في هذا اليوم الذي يقضيه معهن ولا أقصد بالتوجيه إلقاء محاضرات ومواعظ وتعليمات مباشرة، ولكن تنزهه معهن وملاطفته لهن، والسؤال عن أحوالهن، وزيارة الأهل والأقارب والمناقشة والحوار معهن هو التوجيه الذي أقصده، كما يجب عليك إخباره بكل الإيجابيات التي فعلنها أثناء غيابه.
11. الآن وبعد كل ما سبق لن تحتاجي لأن تصرخي في وجه "تسنيم" حتى تنتهي من واجباتها أو تكوني عصبية معها فتضطر هي أن تخفي عنك ما يدور بالمدرسة؛ لأنها أصبحت تعلم أن لها أمًّا وصديقة تستمع إليها دون غضب أو عصبية أو توتر، بل وتقدر إمكانياتها وقدراتها، وبالتالي سوف يقل شجارها مع أختيها، ولا تنتظري أن يتوقف هذا الشجار؛ لأن الشجار بين الإخوة أمر طبيعي، بل صحي في بعض الأحوال
12. وأما بالنسبة لترديدها أنها لا تصلح للقيام بشيء فهذا أمر طبيعي عند الإنسان الملول؛ لأنه لا يكاد يبدأ في عمل حتى يتركه إلى غيره، فبالتالي لا يشعر بإنجاز، وإذا اتبعنا النقاط السابقة فسوف تتخلص بالتدريج من الملل أو تصل لحد أدنى مقبول، وبالتالي سوف تنجز بعض الأعمال وتسعد بهذا الإنجاز.
13. أما بالنسبة للصلاة لم أجد خيرًا من الطريقة التالية لتعليم الأولاد الالتزام بها، وهي:
• اشتري لبناتك ملابس للصلاة زاهية جميلة خاصة بكل واحدة (يمكن تفصيلها).
• تابعي ابنتك وهي تتوضأ وصححي لها الخطأ، ثم اجعليها تحضر سجادة الصلاة وملابس الصلاة، وتتجه للقبلة واجلسي أمامها لتعلميها كيفية الصلاة بطريقة صحيحة وقت الصبح، ثم الظهر، وهكذا...
• افعلي معها هذا في الصلوات الخمس لمدة يوم واحد فقط.
• تابعي معها كل يوم بأن تذكريها موعد الصلاة ولا تسأليها سؤالاً مباشرًا هل صلت أم لا، بل ذكريها فقط، فإذا أخبرتك بأنها صلت وأنت تعلمين أنها لم تفعل فلا تعلقي ولا تكذبيها، لكن يمكنك قص حكايات لها فيما بعد عن الكذب وأضراره متجنبة الوعيد.
• يمكن أن تصلي معهن جماعة في أوقات صلاتك.
• اذكري لها أهمية الصلاة وتحدثي معها عن الجنة وما فيها من نعيم، ولا تذكري الوعيد والنار وما إلى ذلك من الأمور التي تنفر من الصلاة ولا تحبب فيها.
• احكي لها القصص عن الصالحين (استعيني بشرح وتفسير الآيات القرآنية التي تتحدث عن الصلاة وصفات عباد الرحمن).
• افعلي ذلك مع بناتك كلهن.
• اربطي موعد الصلاة بشيء يحبه بناتك كاللعب مثلاً (لا تربطيه بالتلفاز بالطبع إلا إذا كان برنامجًا للأطفال يحبونه)، ولا تجعلي الصلاة شرطًا للعب.
• أفضل أن يقوم الأب بخطوات تعليم الصلاة وتقومين أنت بخطوات المتابعة، وفي اليوم الذي يتواجد فيه الأب معكن أدوا الصلاة في جماعة، ولا بد أن يحرص الأب ضمن سؤاله عن أحوالهن على أن يسأل عن الصلاة، ويمكن الاستعانة بجدول للمواظبة على الصلاة (كل واحدة تصنع جدولاً خاصًّا بها) يضعن علامة بأنفسهن على الصلاة التي أدينها ويراها الأب، ويشجع من أدت الصلاة في وقتها، ولا يعلق على من لم تواظب إلا بقوله: في المرة القادمة أود لو رأيت العلامات أكثر.
هناك بعض الموضوعات التي تعرضت لموضوع الصلاة على هذه الصفحة يمكنك الاطلاع عليها عبر النقر على الروابط التالية:
- فنون محبة الصلاة
- محبة الصلاة..برامج للاقتراب
- ابن العاشرة يتشاغل عن الصلاة
وأخيرًا.. أدعو لك الله بالتوفيق، كما أدعوك للمتابعة معنا.
و لمزيد من الافكار المفيدة حول تنظيم موضوع المذاكرة يمكنك الاطلاع علي الاستشارات التالية:
- شهرزاد وألف ليلة وليلة مذاكرة
- كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز
- اهزم الساعة اهزم الكسل
- نصائح ذهبية للتخلص من العصبية
ــــــــــــــ(102/193)
طفلي احتضن صديقته "متابعة" ... العنوان
الدكتور عمرو أبو خليل.. النقطة التي أود طرحها هي أن عندنا أمورًا أخلاقية وشرعية، وهؤلاء الأطفال في سن السابعة قد اقتربوا من سن التكليف فربما بلغت البنت في التاسعة (أعلم أن هذا قليل)، ولكن كيف يمكن تلافي أية مشاعر أو رغبات جسدية خاطئة؟ كما أنه كيف يمكن بعد فترة أن تقول للبنت تحجبي، وليس هناك خلوة بولد، وغيره من تعاليم الشرع.
إنني أعلم أننا لا نريد ترك أثر نفسي سلبي، ولكن كيف نتلافى ما ذكرت،
وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأمر ببساطة أنه في هذه السن لا توجد أي مشاعر أو رغبات جسدية؛ لأنهم أطفال... والانتقال إلى سن المراهقة لا يتم بين يوم وليلة ولا يتم فجأة، فهناك تغيرات هرمونية تمهد للدخول إلى مرحلة المراهقة تظهر أول ما تظهر في الصفات الثانوية مثل رقة الصوت عند البنت، وبداية تضخم الصدر وظهور الشعر تحت الإبط وحول العانة.. مع بداية هذه العلامات يكون الأوان قد آن للوقوف مع البنت لتفسير ما يحدث من تغيرات والتي أيضًا تصاحبها تغيرات نفسية... تشعر فيها البنت بمشاعر مختلفة ناحية الجنس الآخر تحتاج إلى من يفسرها لها ويأخذ بيدها، ويبين لها أنها على أعتاب مرحلة جديدة هي مرحلة المراهقة.
ولا نبدأ الحديث بالموانع أي الأشياء الممنوعة، بل نبدأ بحديث الترغيب، وكيف أن هذا يعني أنها كبرت وأنها أصبحت مسئولة، وأن مساحة الاعتماد على نفسها ستزيد، ثم نتحدث عن كيف أنه سيترتب على ذلك في علاقتها بالبنين تغير في حدود العلاقة.. سيكون ذلك قبل فترة كافية من حدوث علامة البلوغ البيولوجي بحدوث الطمث.. هذا الحوار والحديث سيكون تهيئة مناسبة متدرجة تنقلها من الطفولة إلى المراهقة دون أي مشاكل... كل شيء في وقته دون تعجل أو إبطاء... كل شيء يشرح بهدوء من خلال الحوار والتفاهم... دون توترات أو مخاوف لا داعي لها.
صب الماء على الرأس ... العنوان
منذ دخول طفلي الحضانة قبل شهرين وهو يخاف خوفًا شديدًا من الاستحمام أو بالأصح صب الماء على الرأس، لدرجة أنه يصبح في حالة هستيريا عند محاولة مني لغسل رأسه.. عمره الآن سنتان وستة شهور.. أفيدوني أرجوكم، وشكرًا لكم. ... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا ندري سبب ربطك بين دخول ابنك الحضانة وبين خوفه من صب الماء على رأسه.. هو تزامن لا علاقة له بدخول الحضانة، فالذي لا بد أنه حدث بدون أن يلفت انتباهك هو أنك في إحدى المرات وأنت تقومين بعملية الاستحمام لابنك الصغير قمت بصب الماء ربما بشدة أو بصورة مفاجئة لم يتوقعها أو أي شيء أفزع الطفل وقتها، وقمت أنت بتهدئة روعه، ولم يلفت هذا الحادث الصغير انتباهك.. في حين أن الأمر في ذهن الطفل أخذ أبعادًا أخرى فحدث ارتباط شرطي بين غسيل الرأس وصب الماء عليه بأي صورة حتى ولو لم تكن بالصورة التي أفزعته وبين إحساسه الذي شعر به وقتها.. فأصبح كلما تصبين على رأسه الماء يبكي؛ لأنه يستحضر حالته النفسية وقتها ويزداد الأمر سوءًا مع إصرارك على غسل رأسه وربما نهره والصراخ في وجهه تعجبًا لما يحدث.
الحل ببساطة هو أن تقومي بعملية متدرجة لإزالة هذا الارتباط، فتطلبي منه هو أن يقوم بصب الماء على رأسه بنفسه أولاً وتصبري على عدم قدرته على ذلك... وبهدوء وببطء تساعديه في صب الماء فإذا بدأ البكاء.. أسرعت بالتأكيد عليه أنه هو الذي يصب لنفسه.. وهكذا بالتدريج وبالتكرار وبالصبر عليه عدة مرات حتى يعود لحالته الطبيعية.
ــــــــــــــ(102/194)
اكتئاب الصغار ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود أن أطرح مشكلتي لعلي بإذن الله أجد لها الحل المناسب.. أنا أبوي الله يرحمه توفي من 6 شهور وفجأة.. هو طيب جدًّا ومع ذلك شاب بس سبحان الله الموت لا يعرف لا صغير ولا كبير.. كلنا انصدمنا وكلنا إلى الآن مو مستوعبين الذي حصل.. ما أطيل عليك دكتور بس ودي أقول إن أختي الصغيرة طبعها تغير بس تحب تتهاوش مع إخواني الكبار والصغار، وصار لسانها طويلاً. أحس أنها على طول متوترة ما تجيب أبوي أبدًا، حتى مستواها الدراسي قلّ كثيرًا هو كل شي تغير عليها، أبوي مات والبيت تغير عليها وحتى المدرسة فما الحل الممكن علشان تهدأ نفسيتها وتصير أقل عصبية؟ وشكرًا. ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الابن الكريم إن البقاء لله، إنا لله وإنا إليه راجعون، فرحم الله والدكم وأسكنه فسيح جناته وربط على قلوبكم جميعًا من بعده وإن كنت استطعت أن تتقبل أنت وأختك وفاة والدكم رحمة الله، فإن الأطفال غير ذلك فلا يستطيع الأطفال أن يعبروا عن مشاعرهم بطريقة مباشرة، فيعبرون عنها بطرقة غير مباشرة تظهر في سلوكياتهم بصورة مفاجئة.
فهمنا من رسالتك أن التغير في سلوك أختك مرتبط بوفاة الأب، أي تزامن مع اختفاء الأب من حياة هذه الطفلة الصغيرة والتي يبدو أنها الأخيرة في الترتيب وسط عائلة كبيرة حسب البيانات المرفقة لتجد هذه الطفلة نفسها بدون هذا الأب الذي ربما كان الوحيد الذي يهتم بها بصورة خاصة أو يعطيها الرعاية المناسبة أو حتى تشعر بالأمان والاطمئنان برؤيته والارتماء في أحضانه، وفجأة اختفى هذا الأب.. إنها تسمع أنه مات أو هكذا يقال لها، ولكنها لا تدرك معنى الموت إلا بأنها حرمت من حنانه أو بإحساسها بالأمان... إنها تشعر بالحزن... لا أحد يتصور ذلك فلا أحد يتعامل مع أحزانها.
فالكبار يواسي بعضهم البعض أو يجدون العزاء في أنشطة أخرى في حياتهم المستمرة، أما هذه الطفلة فلا أحد يهتم بمواساتها في مصابها الفادح، بل هم أصلاً لا يتصورون أنها تفهم أو تعي ما يحدث، بل ويتصورون أنها غير مهتمة... هذا الحزن يظهر نفسه على هيئة تمرد فتتهاوش مع إخوانها وتعتدي عليهم لفظيًّا، ويتدهور مستواها الدراسي؛ لأنها لم تَعُد مهتمة.. إنه "اكتئاب الصغار"... وهو أمر لا بد من فهمه على هذا المستوى، والتعامل معه على أنه اكتئاب وليس سوء سلوك يحتاج لتقويم.
هذه الطفلة تحتاج لمن يحتويها ويراجع ما كان يقدمه أبوها لها فيحاول تعويضه.. إنها لا تحتاج لمن يرد على مناوشاتها ولسانها الطويل بمثله، بل تحتاج للإحساس بالدفء والحنان والعطف والرعاية.. هو أمر يجب أن يتشارك فيه الجميع... الأم والأخوات الأكبر... يجب أن تدرك أن هناك من يدرك أحاسيسها ويحترمها، بل ويعوض ما ينقصها... عندها ستعود طفلة وديعة كما كانت ويعود مستواها الدراسي للارتفاع فهي قد شعرت أن الدنيا ما زالت بخير، وأنها تستطيع أن تكون في أمان واطمئنان.
وأتركك مع الروابط التالية والتي احتوت على معالجات في نفس الشأن أرجو أن تطلع عليها وتستفيد مما جاء بها:
- الأب الرمزي يرحم ولا يرحل
- الشوق الصامت للأب الغائب
- حكمة الموت.. ما لا نعلمه لأطفالنا
- طفل في عيادة نفسية .. تجربة لا تدعو للخجل
ــــــــــــــ(102/195)
ما هو دور المدرسة؟! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه من نصائح مفيدة إن شاء الله. ابنتي ميرة -8 سنوات- تحب اللعب بمفردها في أغلب الأوقات حتى لو كنا في بيت جدها مع أنها أحيانًا تشارك الأطفال اللعب حسب رغبتها. في السنة الماضية كانت في الصف الأول وكانت المدرسات يشتكين من عدم مشاركتها في الفصل وعدم انتباهها وكثرة اللعب في الفصل لدرجة أن ترتيبها كان (12)، وكنت أتابعها باستمرار وأشجعها، وكلما أسأل المدرسات يقلن تكون خلال يوم أو يومين جيدة وترجع للعب والعبث مرة أخرى حتى نهاية العام حصلت على ترتيب (6)، ولم يكن لها صديقات، وهمها الأكبر هو الأكل.
وهذه السنة هي في الصف الثاني وقمت بتحويلها إلى مدرسة أخرى وهي تحب هذه المدرسة كثيرًا، واليوم قمت بزيارة المدرسة لأسأل عنها فوجدت نفس المشكلة مرة أخرى من اللعب والعبث وعدم الانتباه، وما زالت من غير أصدقاء، وتحب الأكل كثيرًا، بل هو همها، ووزنها في تزايد وطول الوقت تشتكي من الجوع. مع أنها حنونة معي كثيرًا، فما الحل يرحمكم الله؟
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد أصبحت ظاهرة مزعجة بدأت أرصدها في الآونة الأخيرة وهي تخلي المدرسة والمدرسين عن أداء دورهم التربوي وإلقائه على عاتق الآباء والأمهات.. يذهب الآباء للاطمئنان على أطفالهم ومتابعتهم فلا تجد شكوى تتعلق بمشكلة تخص الأب والأم، بل تجد أن الشكوى هي أن الطفل يلعب ولا ينتبه في الفصل، والمدرس يقصد من ذلك أن يتخلص من عبء هذا التلميذ ويلقيه إلى الأب والأم في البيت، بمعنى أن الطفل إذا كان يلعب في الفصل ولا ينتبه فهي مشكلة المدرس الذي لم يستطع أن يجذب انتباهه وأن يعدل سلوكه بحيث يعرف متى يلعب ومتى ينتبه وكيف يتفاعل مع مدرسه... هذا أمر مهم يجب أن يعيه الطرفان.
إن هناك أمورًا تحتاج إلى تعاون من الطرفين، وهناك أمور تخص البيت، وهناك أمور تخص المدرسة، وحتى تنتظم العملية التربوية وتؤتي ثمارها فلا بد أن يقوم كل بدوره ولا يلقي أحدًا عبأه على أحد... إذا اشتكى المدرسون من عدم انتباه ابنتك فاسأليهم وماذا فعلتم حتى تجذبوا انتباهها.. عندما يصفون خطة حقيقية وتفشل عندها يكون دورهم أيضًا إعطاءكم تقريرًا وافيًا من أجل اعتبار المشكلة قد تعدت الحدود الطبيعية، وتحولت إلى مشكلة مرضية تحتاج إلى تدخل الطبيب، ويكون هذا التقرير موضحًا لكل الخطوات التي تمت وكيف فشلت، أما الكلام العام والتنصل من المسئولية دون تحديد واضح لأبعاد المشكلة فهو كلام غير مقبول بالنسبة للعلاقة مع الآخرين، فأفضل شيء هو إيجاد مجتمعات احتكاك لابنتك تقوم فيها بعمل العلاقات بطريقة تلقائية، مع فهم ما هي حدود العلاقات المطلوبة وما هي مساحتها حتى لا نبالغ في تقدير هذا الأمر.
بمعنى أن الأطفال في هذه السن المطلوب منهم أن يتفاعلوا مع زملائهم ويلعبوا معهم ويستطيعوا التواصل، ولكن عمل صداقات بمعنى علاقة ممتدة خارج المدرسة وتفاعل في مناسبات فهذا سابق لأوانه والمجتمعات المقصود بها.. عمل حفل في البيت للطفلة ودعوة مجموعة مختارة لحضور الحفل... أو عمل الحفل في المدرسة... إشراكها في لعبات جماعية وخاصة أنها تحتاج للرياضة لعلاج مسألة النهم في الأكل... إشراكها في الرحلات الجماعية ودعوة زميلاتها لمشاركتها في فسحة جماعية تحت إشراف الأسرة كل ذلك يكسر عزلتها بالتدريج.
بالنسبة للطعام يحتاج الأمر إلى كشف طبي لتفسير سبب إحساسها الدائم بالجوع الذي يدعوها لتكرار طلب الطعام فإذا ما استبعدت الأسباب العضوية، فيصبح التوجيه الهادئ للاعتدال في الطعام دون نهر أو توبيخ مع ممارسة الرياضة هو أفضل طريقة لتوجيهها في هذا الأمر.
بمعنى أن التوجيه المباشر مع الانتقاد المستمر لطريقة أكلها أو لوزنها الزائد يحدث أثرًا عكسيًّا لدى الأطفال، خاصة إذا كان هذا الطعام زائدًا تعويضي عن إحساس نفسي بالحرمان العاطفي وعدم الاهتمام، حيث يزيد النقد المستمر هذا الإحساس بالحرمان، وتزداد حاجة الطفل للطعام ونهمه له، في حين أن التوجيه غير المباشر وإخراج الطاقة الزائدة من خلال الرياضة، والحديث غير المباشر عن الطعام الصحي وعن ضرورة الاعتدال دون توجيه كلام مباشر لها يجعل الاستجابة أفضل مع معالجة إحساسها بالحرمان والعطف المفتقد بمزيد من الاهتمام دون الدخول معها في صراع المذاكرة الدائم التي يوتر العلاقة معها.
الخلاصة.. اتركي للمدرسة مهمتها في توجيه طفلتك، وحسِّني علاقتك معها حتى تشعر بدفئك وحنانك وعندها ستنتهي مشاكلها.
ــــــــــــــ(102/196)
محاولة إنقاذ من براثن الشذوذ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. ابني مهند الآن 9 سنوات هو وأخوه معتصم الذي هو أكبر منه هما كل حياتنا. المشكلة تخص مهند فقد نشأ بداية صحية جدًّا ولم أقصر ووالده في تربيته، وحتى لا أطيل عليكم باختصار رجعت يومًا من الأيام من عملي مبكرًا وقبل أن أتوجه إلى غرفتي فوجئت بحركة غريبة في غرفة مهند، فتوجهت بهدوء ناحية الباب وفتحته بحذر، فوجدت ما جعلني أفقد الوعي.. ابني يمارس الجنس مع زميله لا تعلمون مرارة الكلمات وهي تخرج من فم أم فقدت براءة أعز ما تملك وهي طفولة ابنها الوسيم الجميل.
تمالكت الصدمة وبعدها لم أستطع أن أنطق كلمة واحدة، خرج مسرعًا طالبًا مني ألا أقص ذلك على والده، وأنه لن يفعل ذلك مرة أخرى وقد وعدني بذلك، ولكن بعد فترة قصيرة وجدته مع جار لنا.. إن الموت عندي أهون مما يحدث بارك الله فيكم، دلوني ماذا أفعل لكي ينجو ابني من براثن الشذوذ الجنسي؟ وشكرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نحن نقدر انزعاجك وفزعك، ولكن مع عظم المشكلة التي بعثت تسألين عنها والتي وصفتها بأنك رأيت ابنك يمارس الجنس مع زميله، فإنك لم تذكري أي تفاصيل بشأن هذه الواقعة والتي عدت أيضًا لإقرار أن هذه الممارسة قد تمت مع جاره.. والحقيقة أنه من واقع خبراتنا السابقة مع الآباء والأمهات في وصف هذه الأمور، فإنهم يلجئون إلى وصف ما يحدث بين الأطفال بما نصف به تصرفات الكبار.
فاليوم عندما نتحدث عن طفلين في سن التاسعة ونقول إنهما يمارسان الجنس سويًّا، فماذا يمكن أن يرد إلى أذهاننا وخواطرنا بهذا الشأن.. كيف يمكن لطفلين لم يبلغا بعد أن يمارسا الجنس معًا؛ لذا فنحن نطلب منك أن تصفي لنا بالتفصيل ماذا رأيت. الواقعة كما رأيتها وليس بإعطائها وصفًا من عندك.. ماذا رأيت من أفعال لهذين الطفلين؟.. وماذا قال طفلك في وصف ما حدث؟... وما هو تبريره له؟... وأين شاهد هذه الممارسة حتى يقلدها؟ وما هو شعوره وهو يفعلها؟... ولماذا كررها رغم وعده لك بعدم التكرار؟... وما هو توصيفه لطبيعة الخطأ الذي يرتكبه؟ وماذا قلت له أنت في توصيف هذا الخطأ؟... وهل هو الذي دعا زميله لفعل ذلك أم العكس؟... وما هي ردود أفعالك التفصيلية تجاه ذلك؟... كل ذلك يساعدنا في توصيف الأمر أولاً والتعامل مع المشكلة كما هي ثانيًا... ونحن معك وفي انتظار إجابتك.
ــــــــــــــ(102/197)
التدرج في علاج خوف الانفصال ... العنوان
ابني رفعت عمره أربع سنوات وهو من النوع الحساس جدًّا، فإذا تضايق أو غضب يكبت في نفسه ويظهر عليه بعد ذلك بصورة تأتأة في الكلام رغم أنه بالبداية طريقة تلفظه للكلمات صحيحة، ولكن لما يتضايق أو يغضب تبدأ التأتأة ويبدأ معها التبول اللاإرادي بالليل، وآخر مرة عندما دخل المدرسة هذه السنة كان يبكي أول يومين، وعندما يكون بالبيت يقضي الوقت كله بالبكاء أو النوم للهروب من المدرسة، ويعتذر بالأعذار المرضية حتى لا يذهب للمدرسة، وكانت النتيجة أنني أخرجته من المدرسة رغم أن أخته معه بنفس المدرسة، ولكن بالصف المقابل غير أنه لا يريد البقاء بالمدرسة فأخرجته منها خوفًا عليه، ولكني أسأل ماذا سأفعل العام القادم؟ وكيف أتغلب على هذه المشكلة، علمًا بأنه كان سعيد جدًّا عندما أخرجته من المدرسة وكان بالبيت يلعب كثيرًا وهو فرحان، وعاد نطقه للكلمات كما كان من قبل، وتوقف التبول اللاإرادي بالليل. ولكن سؤالي: ماذا سأفعل السنة القادمة؟ ... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن التمهيد المتدرج الهادئ هو عنوان المرحلة القادمة في التعامل مع ابنك في هذه الفترة الزمنية من الآن وحتى يحين وقت دخوله المدرسة في العام القادم بإذن الله.. إن البداية قد تكون في روضة أطفال متميزة سواء من حيث النشاط الذي يمارس بها أو نوعية المشرفات بها من حيث الصبر في التعامل، وإعطاء الاهتمام لكل طفل كأنه الطفل الوحيد في الروضة.. إن روضة مليئة بالأنشطة المسلية والألعاب المتنوعة التي تشغل وقت الطفل، مع تدرج في عدد ساعات تواجده في هذه الروضة بحيث تبدأ بساعة واحدة تزيد نصف ساعة يوميًّا حتى يصل لأن يقضي اليوم بأكمله مع انضباط في الذهاب لإحضاره بحيث لا يحدث أي تأخير عليه يجعله يشعر بالقلق.. كل هذا سيجعل الطفل يكسر حاجز الخوف من الانفصال عن أمه أو ما نسميه قلق الانفصال.
ويكرر هذا الأمر بإشراكه في لعبة جماعية في أحد الأندية والتي يمارس فيها أيضًا نشاطًا رياضيًّا يحبه تنفصل فيه الأم تدريجيًّا عن حضور التدريب حتى يحضر في النهاية التدريب بمفرده، ثم تأتي المرحلة الأخيرة قبل بدء الدراسة القادمة بشهرين، حيث يسرب الخبر تدريجيًّا إليه.. خبر دخوله المدرسة مع عمل طقوس احتفالية واعتباره حدثًا جميلاً ومثيرًا وليس الحديث عنه كعقاب يهدد به كلما ارتكب مخالفة، ويتم زيارة المدرسة في زيارات متقاربة، حيث يشاهد الملاعب والفصول ويتعرف على مدرساته بحيث تتحول المدرسة لشيء مشوق ينتظر الذهاب إليه.. ولا مانع بعد كل ذلك أن يبكي قليلاً في الأيام الأولى عند تركه، خاصة وأنه في كل الأحوال سيكون جو المدرسة مختلفًا عن جو الروضة، ولكن سيكون البكاء فقط هو التفاعل ولن يتطور الأمر لما حدث هذا العام... الصبر والهدوء والتدرج يضمن لك بإذن الله عامًا قادمًا هادئًا. ونحن معك..
ــــــــــــــ(102/198)
إنقاذ الدار من تحرش الجار ... العنوان
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد.. لا أعلم كيف أبدأ استشارتي أقول لكم إني أجد الحل في طيب كلامكم.. إن ابني 12 سنة صاحب المشكلة ربيته تربية حسنة فلم أطعمه حرامًا.. ربيته منذ نعومة أظافره على الصلاة وكتاب الله، ولا يعدو عندما تنظر في وجهه وكأنما رزق بهاء ونورًا، فمنذ صغره تحبه منذ أن تراه.. شديد الأدب فلا يصنع أي شيء بدون استئذان، وإذا شرحت في كثرة أدبه فلا تكفني صفحات الدنيا.
تنظر إليه وهو يراجع درسه أحسست أن ابني سيصبح عالمًا لا محالة، ولكن كله أصبح سراب بسبب تعرضه للتحرش الجنسي من جار لنا منذ حوالي 5 شهور بعدها انقلب الحال، ولو يعلم ماذا يفعله السفاح مغتال البراءة لفكر ألف مرة قبل أن يذبح براءته ويذبحنا جميعًا ويدمر بيت أسرة دام بناؤها سنوات طويلة أصرخ حزنًا على حلمي الجميل أهذا هو (مهند العالم) لقد ذبل وانطفأ نور وجهه.
لا يريد الذهاب إلى المدرسة أو أن يفتح كتابًا أو يلعب أو يأكل إلا بالكاد ما يكفيه تسأله فلا يجيب في حالة سرحان مستمر يقوم مفزوعًا ليلاً ذهبت به في كل مكان لا جدوى من كل ما فعلت ضاعت حياتي وحياة أمه حتى أخوه الصغير بسبب لحظات سعادة واهية من مجرم لا يراعي الله في طفل بارك الله فيكم.. ماذا أفعل؟! إني قرأت كل التجارب بلا جدوى.. سامحوني من أب مذبوح على اغتيال براءة ابنه.
... السؤال
عالم المراهقة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن ما يعاني منه ابنك هو ما نسميه اضطراب ما بعد الصدمة، حيث يعتبر الاعتداء الجنسي الذي وقع عليه صدمة نفسية شديدة عليه يظل يعاني بعدها من آثارها على هيئة كوابيس مفزعة واستعادة للحدث وحالة من التوتر والقلق والاكتئاب الذي يظهر في امتناعه عن الطعام والشراب والتدهور في المستوى الدراسي.. ويزداد الأمر سوءًا في حالة الاعتداء الجنسي، حيث يشعر الطفل بالقهر لعدم قدرته في الدفاع عن نفسه، بل وربما يوجه لنفسه اللوم ويشعر بالذنب نتيجة أن هذا المعتدي قد نجح في الاعتداء عليه...
لم نجد في رسالتك أي إشارة لما تم فعله مع هذا المعتدي، وهل تم عقابه، وهل علم ابنكم بهذا العقاب، وهل شعر أنه قد حصل على حقه من هذا المعتدي، وهل فهم بإنزال العقاب بهذا المعتدي أنه مجرم وأنه كان لا يملك شيئًا تجاهه فهو ليس له ذنب فيما حدث، فهو كأي شخص يتعرض له مجرم بالسرقة أو الاعتداء بأي صورة، وأن المجتمع يقف بجانبه ضد هذا المجرم؛ ولذا فإنه ينزل به عقابه.. أم أن الأمر مر بتستر وكأنها فضيحة مما زاد شعور الطفل بالإهانة والذل... فها هو المعتدي يقهره مرتين.. مرة بنجاحه في الاعتداء عليه ومرة بأنه لم يستطع أخذ حقه منه، وهذا مما يزيد حالته النفسية سوءًا ويزيد شعوره بالذنب لعجزه أيضًا مرتين... مرة في دفع الاعتداء عنه ومرة في عدم الحصول على التعويض المناسب لما وقع عليه... لم توضح في رسالتك ظروف الاعتداء على طفلك، وكيف حكاها، ولمن حكاها، وما هي مشاعره لحظة الاعتداء عليه، وهل تكرر الاعتداء عليه أم كان مرة واحدة، وهل استخدم المعتدي القسوة والعنف معه، وهل هناك أي آثار جسمية، وهل تعرض للتهديد البدني أو المعنوي من قبل المعتدي...
إن ابنك يحتاج إلى إعادة تأهيل نفسي متكاملة تتم تحت إشراف الطبيب النفسي.. لقد قلت في رسالتك إنك ذهبت لكل مكان ولم نفهم هل تم عرضه على الأطباء النفسيين أم لا... في كل الأحوال ستكون أول خطوة في هذا العلاج وفي خروج ابنك مما فيه هو رؤيته للمعتدي والعقاب يقع عليه ويناله؛ لأن هذا الذي سيشفي غليله ويخرجه من إحساسه بالمهانة والعجز ويشعر بالدعم من كل من حوله.. بعدها سيصبح سهلاً عليه أن يراجع التجربة، ونبين له فيها مواقفه الشجاعة في الدفاع عن نفسه ونبين له أن ما تعرض له يمكن أن يتعرض له أي شخص من أي مجرم وأن المجرم ربما يغلبه في لحظة، ولكن ليس معنى هذا أن يشعر بالهزيمة أو الانكسار.
ثم يتم إعادة تأهيل له للعودة لحياته الطبيعية فتحل أي مشاكل سببها له هذا الحادث مثل تدهور المستوى الدراسي، فيتم عمل برنامج دراسي متدرج بمساعدة المدرسين لإعادة ثقته بنفسه.. برنامج متكامل يحتاج لتعاضد الأسرة والمدرسة والطبيب النفسي ليخرج هذا الطفل كل المشاعر التي بداخله، وعندها لن يعود الحادث ليظهر له في هيئة كوابيس، وعندها يخرج من حالة الاكتئاب التي يعانيها... كل ذلك منوط بشعوره بوقوف الجميع بجانبه ضد المعتدي ورؤيته للمعتدي وهو ينال عقابه.. وإذا لم يحدث ذلك فلن يجدي مع هذا الطفل شيئًا؛ لأنه سيفقد الثقة في المجتمع وفي كل من حوله، ويفقد الشعور بالأمان وسيشعر بالكراهية لنفسه ولكل من حوله، وربما تحول إلى غاصب في كبره كرد فعل سلبي لعجز المجتمع عن حمايته.
ــــــــــــــ(102/199)
ابني حساس جدًّا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مشكلة ابني 5 سنوات أنه حساس جدًّا حتى أن مدرسيه (kg2) لاحظوا عليه ذلك. فهو يبكي لأي سبب، فإذا أراد شيئًا يبكي، وإذا أغضبه أحد يبكي، وهنا تختلف درجة بكاؤه من البسيط حتى البكاء الشديد وأحيانًا يبكي منفردًا بنفسه في أي غرفة أخرى متكلمًا مع نفسه بصوت عالٍ معاتبًا لنا بأننا أغضبناه أو أننا لا نستجيب لطلباته. أو أننا عصبيون معه، علمًا بأن الأب يكون أحيانًا فعلاً عصبي، علمًا بأن أخته التي تصغره عمرها 3 سنوات 4 أشهر ليس لديها نفس مشكلته.
جربنا معه كافة وسائل التفاهم والإقناع وفي حالة عدم استجابته يكون الأمر. لاحظنا مؤخرًا ظهور ما يشبه الثعلبة في رأسه. السؤال: ما هو سبب مشكلته؟ وهل لها حل أم أنها ستستمر معه؟ وهل يحتاج للعرض على طبيب نفسي؟
... السؤال
الحضانة والاستعداد للدراسة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وسأحاول في الكلمات التالية أن نتفهم أسباب بكاء ابنك يوسف، فالطفل له أسبابه في البكاء، فهو يبكي إذا أغضبه أحد، وهو يبكي إذا أراد شيئًا؛ لأنه يبدو أنه لا يحصل على شيء إلا بالبكاء، فأصبح البكاء هو وسيلته في الحصول على ما يريد، والطفل يصرح بذلك في حديثه مع نفسه في الغرفة فيعلن أنكم أغضبتموه، ويعلن أنكم لم تستجيبوا لطلباته ويعلن أنكم عصبيون معه.. فماذا تريدون أكثر من ذلك ليعبر لكم عن سبب بكائه؟!
وهي أسباب منطقية في مجملها واختلاف درجة البكاء تكون باختلاف الموقف ومدى إحساسه بالمهانة إذا أغضبه أحدهم أو مدى رغبته فيما يريده إذا امتنع أحدهم عن إعطائه ما يريد.. فنحن نتعامل مع طفل عادي في السنة الخامسة من عمره يعبر عما يغضبه منكم، ويبكي عندما لا يتفهمه أحد أو يستجيب له أحد.
المطلوب هو أن نتعامل مع شكواه بمحمل الجد، فنرى لماذا نغضبه ونتفاهم معه فيما يطلبه، فنوضح له لماذا نرفض طلبه إذا كان لدينا أسبابًا لذلك ولا نرفض لمجرد الرفض، ولا نتعصب معه تحت ادعاء أننا عصبيون فهذا ليس مبررًا لإساءة معاملته.. لا يحتاج الأمر لطبيب نفسي، بل يحتاج لاهتمام ورعاية وحنان وتفاهم وتفهم وصبر.
بالنسبة لظهور الثعلبة في رأسه، فالأمر يحتاج إلى علاج لدى اختصاصي الأمراض الجلدية، وإن كان هناك حديث كثير عن علاقة الأمراض الجلدية بالحالة النفسية، ففي كل الأحوال لا بد من الرعاية النفسية وتوصيل رسالة الحب للطفل من خلال الاهتمام به بالسماع له واللعب معه وتوصيل رسالة الحب اللفظية والبدنية باستمرار.
ــــــــــــــ(102/200)
كيف تجعل طفلك يريد ما تطلب؟ ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد التحية.. أريد أن أطرح عليكم سؤالي وأرجو أن لا أطيل عليكم، فمشكلة ابني 4 سنوات أنه عنيد جدًّا ولا يستمع لكلامي أو كلام والده مهما عاقبناه فلا يفعل إلا الشيء الذي يريده هو فقط فأحيانًا يخرجنا عن شعورنا ويجعلنا نضربه بقسوة، ولكن بعد ذلك نحزن لاتباعنا هذا الأسلوب معه، وخصوصًا أننا لا نحب أن نتبع هذه الطريقة معه في التعامل، ولكنه يستمر في استفزازه وعدم سمعانه للكلام وعندِه، فكل ما يقال له يفعل عكسه تمامًا.
غير أنه كثير البكاء لأي سبب، مثلاً عندما يطلب شيئًا يطلبه، وهو يبكي بصوت عالٍ وإزعاج فظيع، ولا يسكت إلا إذا أخذ ما طلبه، رغم أني لم أعوده على ذلك، فليس كل ما يطلبه أجيبه مهما بكى طالما به ضرر له، وجربت معه كل الطرق لإقناعه بالمحايلة والتفاهم حتى الضرب والخصام يفعل ما يريد، ثم يأتي لي لمصالحتي ولا يكف عن الزن إلا إذا صالحته، وأحيانًا كثيرة يحرجني أمام الناس بما يفعله، هذا ولا أعرف كيف أتصرف معه بطريقة مثالية تصلح معه.. نرجو منكم الإفادة بما يصلح معه، وجزاكم الله خيرًا.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن الطفل يفعل ما يريده.. هذا هو الشيء الطبيعي في الإنسان، فالإرادة لا بد أن تكون موجودة حتى يحدث الفعل، فلا يصبح السؤال كيف نجبره على ما لا يريده، فهذا فعل مدمر للإنسان بصورة عامة وللطفل بصورة خاصة، ولكن السؤال يصبح كيف نجعله يريد ما نطلبه منه.. هذه هي المعضلة التربوية الحقيقية هو كيف نجعل الطفل يقتنع بما يفعله أو يمتنع عنه بحيث يصبح نابعًا من إرادته فلا يحدث الصدام سواء في صورة ضرب من قبل الآباء أو عناد من قبل الأطفال، فيكون حل المعضلة هو أن نجعل أطفالنا يريدون ما يفعلون لا أن نجبرهم عليه فيدخلوا معنا في التحدي والرفض والعناد في حلقة مفرغة لا تنتهي.
ومن أجل ذلك يجب أولاً أن نفهم لماذا نوجه أولادنا... لماذا نريدهم منضبطين... هل لأن الانضباط هدف في ذاته أم لتحقيق غاية؟ لأن البعض يتعامل مع أطفاله بصورة عسكرية فهو يريد أن يلقي الأوامر وعلى الأطفال أن يتلقوها للتنفيذ دون مناقشة حتى يتعودوا الطاعة وهذا أمر غير صحيح.
إننا لا نشكل أطفالنا، ولكننا نفسح لهم المجال للنمو الطبيعي حسب قدراتهم وإمكاناتهم، ويكون دورنا هو وضع الحدود لهذا النمو حتى يتم بصورة صحيحة لا إفراط فيها ولا تفريط، فنحن نرعاهم حتى نحصل منهم على أفضل إمكاناتهم.. فيكون التوجيه والإرشاد من أجل أن تكون حياتهم أفضل؛ ولذا فإن الحوار والتفاهم من أجل الوصول للإقناع حتى يصبح الأمر نابعًا منه ومن إرادته هو الوسيلة التي تبلغنا الغاية وهو أن يفعل الأطفال ما نراه مناسبًا لهم.
الأمر الثاني هو أن نفهم نفسية الطفل فلا نطلب منه ما هو فوق قدراته، حيث نتصور طفل الرابعة الذي يمشي وبدأ يتكلم يفهم كل شيء، وبالتالي يستطيع عمل كل شيء وهذا أمر غير حقيقي، فطفل الرابعة ما زال لديه الكثير ليفهمه ويتعلمه، وهناك أمور تبدو بسيطة ونتخيل أنه يدركها وتكون مشكلتنا معه هو أنه بالفعل لا يدركها، ونضرب مثلاً لذلك مسألة تقدير الارتفاع، حيث نطلب من الطفل ألا يقفز من مكان عالٍ حتى لا تكسر قدمه، ونفاجأ بالطفل يقفز من مكان عالٍ ولا يبالي، ونتصور أن الطفل يعاندنا، والحقيقة أن قدرته على تقدير الارتفاعات تكتمل في السادسة من عمره، ولا يستطيع فهمها في الرابعة مهما أوضحنا أو شرحنا، ويكون الحل هو أن نؤمن المنطقة ونبعده عن أي مكان يحتمل أن يقفز منه.
ومثل ذلك مراعاة حالة الطفل واحتياجاته أثناء التوجيه مثل الجوع والعطش والإرهاق والرغبة في النوم والرغبة في قضاء حاجة.. كل تلك أمور تؤثر في قدرة الطفل على التلقي، وتجعله في حال لا يمكن معها أن يستجيب لتوجيه، ومثلها مراعاة أن انفعالات الطفل وردود أفعاله حادة ومتغيرة، وأن نشاطه لا بد منه، فلا نحاول أو نوقفه أو نحد منه، ولكن أن ندرك أن الطفل الساكن إما مريض عضويًّا أو نفسيًّا.
ولذا فإننا يجب أن نختار توقيت تدخلنا، فلا نتدخل في كل حركة ولفتة للطفل، بل لا يكون تدخلنا إلا عند الخطر أو عند وجود قاعدة تربوية نحتاج لتعليمها إياه، والقواعد محدودة وفي أمور متفق عليها مسبقًا مع الطفل، وتراعى كل ما قلناه سابقًا من قدرات الطفل وحاجاته وحقوقه، ونجعل العواقب أكثر من العقاب تعمل عملها في تعليم الطفل ما أخطأ فيه، فلعبته التي كسرها لا نشتري غيرها ولم نصلحها له، وسنتركها في مكانها حتى يتحمل هو مشقة البحث عنها، فيدرك فداحة ما فعل ويتعلمه بصورة عملية دون صراخ أو ضرب، والعقاب يكون مناسبًا للخطأ، ويكون واضحًا للطفل لماذا هو يعاقب، ويكون محدودًا، ويبدأ من النظرة الغاضبة مرورًا بالحرمان والخصام، والإبعاد في مكان آمن مفتوح مضاء لمدة زمنية قصيرة، ويكون التهديد بالضرب أهم من الضرب الذي لو اضطررنا للجوء عليه فيكون في حالات محددة جدًّا معلومة للطفل ولا يكون مؤذيًا أو مهينًا أو انتقامًا أو تنفيسًا لغضب أو استجابة لإحراج أمام الناس، فأولادنا وأطفالنا أهم من كل الناس.
نحن نطبق ما اتفقنا عليه من قواعد مع أطفالنا بغض النظر عن الناس؛ لأن الناس ينظرون بصورة ضيقة، ويحبون أن يعيشوا دور الموجه الفاهم لكل شيء، وهم لا يعرفون الطفل أو طبيعته أو حالته النفسية التي تجعله في الحال الذي يبدو أمامهم.
الخلاصة.. إن أمر التوجيه والتربية عملية صعبة طويلة مستمرة تحتاج إلى تخطيط وعلم وفهم ودراسة لهذا الطفل حتى ندرك مفاتيح شخصيته، وكيف نوجهه بطريقة إنسانية تحترم ذاته وتقدرها مهما كان سنه، وعندها سنجد منه كل الاستجابة.
فلنصبر قليلاً لنحصل على خير كثير. ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/201)
علاج الغيرة برضعات الحنان ... العنوان
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة أشكركم كثيرا على هذا الموقع الهام والمفيد، أود أن أسالكم بخصوص ابني أحمد الذي يبلغ من العمر 26 شهرا وهو ذكي، ولكنه لم يتكلم بعد، أحيانا يردد كلمات بعدي وأحيانا أخرى لا وهذا يجعلني قلقة عليه خاصة أننا لا نعرف أي أطفال عرب.
المشكلة الأخرى أنه يغار جدا من أخته فهو يرفض أن يراها ترضع مني، وعندما يراها يظل يبكي ويحاول أن يبعدها حتى أحمله.
المشكلة الثالثة أني أحاول أن أجعل ابني يذهب إلى الحمام وعندما لا أسأله لا يطلب هو ذلك. وأريد أيضا أن أسأل عن وزنه فهو 10.5 كيلوجرامات فهل هذا جيد علما بأن وزنه عند الولادة كان 3.8 كيلوجرامات.
أيضا هو يحب أن ينام على سريري، ويرفض النوم على سريره، ماذا أفعل؟ رجاء لا تقولوا لي حاولي أن تضعيه على سريره أو اصبري فهو لن ينام بمفرده ويظل يبكي طوال الليل فقد حاولت معه كثيرا.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة ومرحبا بأسرتك الكريمة بارك الله لك في كل أفرادها. في الحقيقة سأتعامل مع استشارتك بنظرية الهرم، أي سأبدأ بقاعدة الهرم متدرجة إلى قمته التي هي المشكلة التي تحدثت عنها في البداية وهي تأخر النطق عند طفلك، وتلك الجزئية ستجيبك عنها د.سحر صلاح طبيبة التخاطب، مستشارة صفحتنا، ولكن لا بد من تناول المشكلات الأصلية -قاعدة الهرم- لكي يمكن علاج تلك المشكلة.
إن كل مشكلات طفلك يا حبيبتي تدور في فلك واحد وهو الغيرة الأخوية الشديدة والطبيعية التي يعاني منها طفلك المسكين الذي لم يكد يستمتع بطفولته ولا بالرضاعة ولا بدلال الطفل الأول؛ إذ فاجأته شريكة تنزع منه ثدي أمه وتنام مكانه في جوارها وترتدي الحفاظات التي كان يرتديها برضا الجميع فأصبحت تنزع منه بغضب أحيانا ويضن بها عليه -كما يرى- ويطالب أن يقاوم ما تلح به عليه أمعاؤه وعضلاته ليحتفظ به حتى يجد وعاء الإخراج، يجدها بمناغاتها وهمهماتها تلقى الحمل والتدليل والإرضاع وكل ما حرم منه.. فيا لها من مأساة (من وجهة نظره).
عزيزتي لقد تناولنا كثيرا هذه المشكلة في أكثر من موضع، وهي مشكلة أشباه التوائم، إن جاز التعبير، أو الأبناء الذين تتابع حملهم وولادتهم في أقل من عامين.. فإن الأم حينها تكون تحت ضغط شديد ومطالبة بجهد -يرفع درجاتها إن شاء الله- جهيد لاسترضاء طفليها وتنشئتهما بشكل سليم لا يؤثر سلبا على أي منهما.. وهذا ما سيكون عليه دورك مع طفليك فيما هو آت من أيام وتابعي معي فيما يلي مقترحات عملية لحماية طفلك من الغيرة وهي أحد بنود دورك السامي المطلوب منك وسأزيد عليها فيما بعد ما أستشعر حاجة طفلك إليه، ويمكنك الاطلاع بدقة على المقترحات الموجودة في الروابط التالية وتنفيذها بكل دقة:
- أحموا أبناءكم من الغيرة
- . علاج الغيرة بإعادة ترتيب الأولويات
ومسألة معارضته لإرضاعك لابنتك وإصراره على أن تحمليه بدلا منها؛ ما أنصحك به أن ترضعيها على غير مرأى منه وفي غير وجوده أثناء نومه أو لعبه أو مشاهدته للكارتون، وإن كان لا بد من أن يرى هذا المشهد، فاحمليه على فخذ وأخته على الآخر، واحضنيه بذراع واحد بكل ما لديك من حنان وقبلي رأسه وجبينه ووجهه..
وعندما تكمل ابنتك رضعتها.. أنزليها سريعا ثم لفيه بالذراع الآخر وواصلي احتضانه برهة، ثم اصطحبيه للمطبخ لإحضار شيء أو للتغيير لأخته أو للعب قليلا أو لممارسة أي شيء كرضعة بديلة عن رضعة أخته، وأقصد رضعة من العاطفة والحنان اللذين افتقدهما.
ولا بد من مشاركة زوجك في تدعيم طفلك عاطفيا والاهتمام به وإسعاده واللعب معه وترفيهه؛ ولذلك أثره الهام على شخصية الذكور بالتحديد، واصطحاب الأب لطفله إلى المسجد والسوق وغيرها من الأماكن تنشئ بينهما صداقة رائعة تحمي الطفل من كل عثرة فيما بعد إن شاء الله بقدر قوة هذه الصداقة، كما تدعم ثقته بنفسه وتبني شخصيته بشكل سوي.
أما مسألة فصل الطفل في المنام في الوقت الحالي فسأستجيب لندائك ولن أنصحك أن تنقليه لسرير آخر حتى ينام ثم تتركيه؛ لأنه لن تعينني عاطفتي وأمومتي أن أنصحك بما لن أفعله مع أطفالي في مثل حالة ابنك، بل سأقول لك تحملي قليلا حتى تكبر طفلتك ثم وقتها يمكن أن يناما معا في غرفة جميلة لهما معا، وقد فصلنا ذلك سابقا في إجابة أخرى سيفيدك جدا الاطلاع عليها:
- أيها الآباء إنه حقهم في الغيرة
وبالنسبة لمسألة تدريبه على التحكم فليس من الضروري أن يكون خطيبا مفوها ليطلب الذهاب للحمام، بل يمكنك الاتفاق معه على حركه باليد، أو كلمة من مقطع واحد (نو- بو- كو... إلخ) للتعبير عن حاجته تلك، هذا بخلاف أن لمتابعتك لطفلك وتنظيم وجباته دخلا كبيرا في قدرتك على تخمين مواعيد حاجته للإخراج بشكل يسير لا يطيل فترات جلوسه انتظارا للإخراج ولا يفوت عليه أيضا الأمر بحيث يخرج في ملابسه، وتكرار مصادفة جلوسه مع وقت إخراجه الحقيقي مع تعبيرك بالإيماءة التي ستتفقان عليها وتكررينها أمامه كتعريف لتلك العملية بحيث يستطيع تدريجيا التعبير عن حاجته وفقا لقدراته الحالية، حتى تتحسن حالته في مسألة النطق.
ويمكنك الاستعانة بتفاصيل هامة تجدينها في الرابطين التاليين للوصول لأفضل النتائج في مسألة التدريب على التحكم:
- نجاح التدريب بالترغيب .
- ريحانة البيت في طريقها للتحكم .
أما مسألة وزن الطفل فيحكم عليها طبيب الأطفال؛ لأنه لا يقيم صحة الطفل بوزنه فقط، وإنما بوظائفه وقدراته وحيويته، وغير ذلك من عوامل تؤكد كون وزنه مثاليا ومناسبا لسنه ونشاطه أم لا، وبوجه عام فلا يوجد وزن محدد لكل عمر، وإنما هناك حد أدنى وحد أقصى للوزن الطبيعي الذي يتناسب مع السن في خطين بيانيين، وكون وزن الطفل بين الحدين فالأمر طبيعي ويبدأ القلق إذا ما قل أو زاد عنهما.. والوزن الطبيعي لطفلك في عمر 26 شهرا وفقا للرسم البياني الذي أملك نسخة منه أعارها لي طبيب أطفالي منذ سنوات يبدأ من 10 كيلوجرامات وينتهي عند 16 كيلوجرامات، مع اعتبار أن الوزن وحده لا يكفي لتقييم حاجات الطفل الغذائية وحيويته وصحته ونشاطه.
ونصل إلى قمة الهرم وهي مشكلة تأخر النطق لدى طفلك، وقد حدثنا عنها ذوو الاختصاص والخبرة؛ فقالت د.- سحر صلاح ما يلي:
قدرة النطق لدى الطفل تبدأ من عمر الشهور التسعة، إذ يمكن أن ينطق بمقاطع لا معنى لها من حرفين كان يقول (ما، دا، نا، بو... إلخ)، ويبدأ في جمع حصيلة لغوية من احتكاكه مع الآخرين والبيئة المحيطة فتصل حصيلته حتى سن 18 شهرا حوالي من 20-50 كلمة، وهي كلمات يعرفها ولا ينطقها بالضرورة، ويمكن اختبار ذلك بأن تطلبي منه أن يحضر الكوب مثلا فيتوجه للكوب؛ لأنه يفهم هذه المفردة، كما أنه في هذه السن لا بد أن يكون لديه القدرة على التعامل بما يسمى NON VERBAL LANGUAGE أو اللغة غير المنطوقة أي أنه يرسل ويستقبل مع من حوله بدون نطق واضح لكثير من الكلمات؛ فكما أنه يفهم "أحضر الكوب"، لا بد أن تكون لديه القدرة على طلب الكوب مثلا عند حاجته إليه بالإيماء برأسه أو الإشارة للكوب أو غير ذلك مما يدل على أن لديه الإرسال والاستقبال والفهم لمعاني بعض أو كثير من المفردات الدالة على ما يحيط به من أشياء.
وعند سن 24-30 شهرا لا بد أن تتطور قدرة الطفل على نطق كلمات كاملة ولو بشكل غير واضح بنسبة 100%، فيقول (بابا- ماما- اسم الجدة مثلا...) وإن كان الأمر غير ذلك لا بد من الذهاب بالطفل لطبيب تَخَاطُب فورا لتنمية قدرته على النطق وكشف سبب تعثر النطق لديه في وقت مبكر.
ويمكن أن تلح الحاجة لطبيب التخاطب قبل هذه السن إن كان هناك ما يقلق في لغة الطفل غير المنطوقة التي تحدثنا عنها سابقا، أو إذا كان الطفل لا يفهم تعابير الوجه ولا يتبادلها مع أمه بالذات، كأن لا يضحك لها حين تضحك له أو لا يبادلها ما تنطقه العيون من لوم يقابله خجل أو تشجيع يقابله تبسم... إلى غير ذلك، وقد تكون الحالة حينها في حاجة لطبيب نفسي أطفال أيضا لتدارك المشكلة سريعا وتشخيصها.
وأظن أنه قد يكون لغيرة الطفل دخل في رغبته التراجع للوراء لمرحلة البكاء والمناغاة لتقليد أخته مما يعوق تطوره اللغوي نوعا ما. وأيا كان السبب في تأخر نطقه، فسيكون الأقدر على علاجه وتحديد أسباب هذه المشكلة طبيب التخاطب المتخصص.
إذن فطفلك في حاجة لزيارة طبيب تخاطب، وأعتقد أن الأمر لن يكون شاقا على زوجك الذي يعمل بمهنة الطب، ويمكن له بسهولة البحث بدقة عن مكان متخصص في بلد إقامتكم للتعامل مع تلك الحالة، لكن المشكلة ستكون في تحديد اللغة التي سيتم تدريبه عليها -إن كان في حاجة لذلك.
فإن كان تدريبه سيتم من قبلك ببعض الإرشادات من طبيبه تطبق منزليا وفقا لحالة الطفل، فالأمر لن يكون به مشكلة إذ ستدربينه على العربية، أما لو كان غير ذلك فسيدربه الطبيب أو الإخصائي على الإنجليزية، ولا مانع من ذلك مرحليا من التعامل معه في المنزل بالإنجليزية تكاملا مع جهد الطبيب حتى يتجاوز مسألة تعثر النطق، وبعدها يمكنك تدريجيا إكسابه العربية من خلال نطق الكلمة بالإنجليزية ومعناها بالعربية، واستعمال العربية بالبيت حتى يتقنها.. وهكذا وآمل أن تتحسن حالة الطفل سريعا إن شاء الله.
وأخيرا وليس آخرا أكرر أهمية قضاء وقت لطيف مع طفلك وتوظيف فراغه بشكل مفيد له يمتعه ويزيد قدراته، وستجدين فيما يلي مقترحات عملية لتطبيق ذلك:
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً!!
-مفاجأة: ابن سنتين أيضا له أنشطته
أختي الكريمة أرجو أن أكون قد أجبت بما يكفي من المعلومات عن كل جزئية في سؤالك، وأوصيك بقوة أن تكثري من الدعاء لطفلك في تلك الأيام الفاضلة أن يطلق الله تعالى لسان طفلك وأن يحلل عقدة من لسانه، وأن يجعل له شأنا عظيما في الدين والدنيا، وواظبي على الدعاء بيقين في الإجابة مع العلاج والأخذ بالأسباب المادية، وأتوقع أن يصلني بعدها سريعا متابعتك لنا بتحسن حالة طفلك وابننا الحبيب.. وإلى هذا الحين أستودعك رعاية الله وأمنه.. وسلام الله عليك.
ــــــــــــــ(102/202)
البعض يطالب بإلغاء باب الحمام ... العنوان
د. إيمان المعنية بالثقافة الجنسية لأبنائنا.. هل لي من إجابة على سؤال يحيرني وهو: ابنتي (سنتان) تريد أن تدخل الحمام معي ومع أبيها أحيانًا، وتبكي بشدة عندما يغلق باب الحمام وتظل تبكي حتى أخرج، وبعدما أخرج تسأل ماذا كنت تفعلين في الحمام، ولماذا لا أدخل، وغير ذلك من أسئلة محرجة فماذا أفعل معها؟
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها الأخت الفاضلة.. ومرحبًا بطفلتك الحبيبة بارك الله لك فيها، ومتعها برفقتك لها دائمًا، فنفسها تهفو إليك بما يجعلها لا تطيق فراقك ولو للحظات، فالحبل السري الذي يغذي الطفل في رحم أمه رغم قطعه بعد الولادة إلا أن بديلاً له يظل هناك خفيًّا يربط الطفل بأمه ويجعله في حاجة دائمة لسريان الحنان والحب والارتباط خلاله -كما كانت المغذيات في الحبل السري- ليستطيع الحياة.
وقد ربطت بين رغبة ابنتك في مرافقتك في الحمام وبين الثقافة الجنسية أو الفضول الجنسي لدى الطفلة، والأمر أبعد ما يكون عن ذلك، فطفلتك في مرحلة من العمر لا يمكن فيها التفكير في هذه النواحي كدافع لهذا السلوك الذي وصفته، ولو تابعتها جيدًا ستجدين أن الأمر لا يحدث عند دخولك الحمام فقط، بل عند غلق أي باب بينكما، وربما ما يعوقك عن رصد ذلك بدقة.. أنك تضطرين فقط لغلق باب الحمام بينما لا تحرصين على غلق أبواب أخرى بينكما.
وبكاء الطفلة لا يبرره سوى قلق الانفصال وعدم استيعابها الكامل أنك ستعودين من خلف هذا الحاجز أو متى ستعودين، وهي لا غنى لها عنك، وتركك لها يعني لها نهايتها بشكل أو بآخر وهو ما يجعلها تصرخ بتلك الكيفية خوفًا من فقدك أو فقد أبيها خلف هذا الباب الكريه بالنسبة لها.
وما أقترحه عليك لتفادي هذه المشكلة ما يلي:
1- لا بد من تركها في رعاية بديلة عن رعايتك وقت دخولك الحمام، كالأب أو الجدة أو انشغالها بالكارتون أو باللعب.
2- لا بد من التسلل للحمام بهدوء ودون إشعارها مع إنارة النور في مكان تواجد الطفلة، والخروج سريعًا قبل أن تفتقد الطفلة وجودك.
3- لا بد من تخصيص وقت استحمامك أو ما يستغرق وقتًا داخل للحمام في وقت تواجد الأب ليشغلها عنك أو عند نومها.
4- لا تحكمي غلق الحمام تمامًا بحيث يمكن أن تستشعر الطفلة وجودك خلف الباب بما يطمئنها قليلاً.
5- يمكنك تدريجيًّا أن تفهميها أنك ستدخلين الحمام وتعودين سريعًا، ويمكنك اصطحابها مرة أثناء غسل يديك مثلاً، ثم تخرجين سريعًا مؤكدة على طبيعية هذا الأمر وسهولته، ومن ثَم يمكنك التدرج وزيادة وقت وجودك في الحمام تدريجيًّا مع تقبلها التدريجي لفكرة إمكانية عودتك من وراء هذا الباب.
6- يمكن أن تعدي لها على باب الحمام مفرشًا من قماش قوي عليه بعض ألعابها المحببة بحيث تجلسينها عليه وتستأذنينها في دخول الحمام كما وضحنا عاليه، وتدخلين سريعًا ثم تعودين، ويمكنك اصطناع هذا الموقف مرتين أو ثلاثًا مع فتح الباب فتحة بسيطة والدخول لغسل يديك مثلاً، بحيث تطمئن الطفلة للمسألة وتعتادها ولا تخاف منها.
7- حين تسألك عما كنت تفعلين فأجيبيها بصراحة وعلميها في طيات حديثك أنه من الأدب أن نغلق الباب، ولا يصح أن يدخل أحد الحمام مع غيره حتى لا نمرض، كما يجب غسل اليدين جيدًا قبل الخروج من الحمام.
وبالطبع فإن ما نصحتك به هو ما يجب فعله من قبل الأب، ويزيد على ذلك أن تحاولي إلهاءها عن الأب وإشغالها عنه.
وبشكل عام فتخليص الطفل من قلق الانفصال يعتمد على إشعاره بالأمان من جهة وعلى التدرج في فصله عما يخشى الانفصال عنه من جهة أخرى، ولك أن تبتكري من الوسائل ما تشائين لتحقيق هذين الأمرين لتخليص طفلتك من قلق الانفصال عنك أو عن أبيها.
وفي نهاية الحديث.. أختم معك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي طالما كتب في إجابات صفحتنا لأهميته ولتمحور جل مبادئ تربية الأطفال حوله وهو ويقول: "من ترضى صبيًّا صغيرًا من نسله حتى يرضى أرضاه الله يوم القيامة حتى يرضى" رواه ابن عساكر في الجامع الكبير، وأخيرًا أستودعك الله تعالى آملة لقاءك في أقرب فرصة، وشكرًا جزيلاً لك.
ــــــــــــــ(102/203)
قلب الصغار له أحكام ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أشكركم جدًّا على هذه الصفحة الرائعة والمفيدة ولا أملك إلا أن أقول لكم جزاكم الله خيرًا..
المشكلة التي أود استشارتكم بها متعلقة بابنة صديقتي فنحن نذهب إلى المسجد النبوي يوميًّا؛ وذلك لحضور حلقات تحفيظ القرآن عدا يومين في الأسبوع، والمشكلة أن هنادي عمرها ثلاث سنوات وهي قليلة الكلام، ولا تبوح عما بداخلها بسرعة وتبكي لأقل شيء -ابنة صديقتي- أصبحت متعلقة بي بشدة ودائمًا تنام على رجلي، وترفض أن تذهب لأمها وهذا يحرج أمها خاصة أننا نكون في الحلقة، وعندما تقول لها تعالي نامي عندي ترفض وتبكي، وإذا بكت لا تسكت حتى أسكتها ودائمًا بجانبي، مع العلم أن لدي ابنة عمرها سنة وهي تحبها وتلاعبها أحيانًا، وإذا مشت ابنتي بعيدًا عنا ذهبت وأحضرتها معنا، إننا نقول لها اتركيها نحن نراقبها ولكنها لا تسمع الكلام، وإذا طلبت منها والدتها أي شيء، مثل إحضار كوب ماء فإنها ترد: "ما أبغي"، وأمها تتضايق من عدم سماعها لكلامها ومن تعلقها بي، وتقول إنها في البيت تكون طول الوقت في حضنها وخاصة أثناء النوم وإنها لا تضربها، ولكن تصرخ عليها أحيانًا وهذه الحالة بدأت من خمسة أشهر.
أرجو إفادتنا، ومعذرة على الإطالة فأنا أكتب لكم لأول مرة، وفقكم الله لكل خير، وبارك فيكم، وسدد خطاكم.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة.. ومرحبًا بك في رسالتك الأولى لنا والتي لن تكون الأخيرة إن شاء الله.
وفي الحقيقة لقد كان سؤالك غريبًا ومحيرًا لسببين:
- أنك أنت من ترسلين وليست أم الطفلة.
- كون الطفلة وحيدة أمها ولا يوجد من ينازعها المكانة مع والديها.
ولقد دعم هذين السببين ظنوني وبكل قوة في اتجاه واحد وهو رغبة الطفلة في الحنان وتعطشها للاستزادة منه، إما لرقة زائدة بمشاعرها أو لمعاملة لا تُرضيها ممن تنتظر منهم الإرواء لهذا التعطش، ويزيد من ميلي لهذا التصور عناد الطفلة مع أمها وما يشبه خصامها لها ورفضها تقريبًا للتعامل معها، وقد يكون هناك حدث ما وراء هذا الحاجز بينهما، وكون الأم تؤكد على أنهما في البيت في حالة صفاء دائم وتبادل للحب إلا فيما ندر.
وكون الحالة بدأت من خمسة أشهر يجعلني أظن أن الطفلة رأت عنايتك بطفلتك التي كانت رضيعة من خمسة أشهر وربما قبل ذلك، فاشتاقت لطفولتها ولتدليل الرضع، وربما ربطت بشكل أو بآخر بين هذا التدليل وبين كونك مصدره المتاح أمامها لما تجده من حنان لا تتعامل به أمها معها لأن سنها جاوزته مثلاً.. ومن ثَم تجدينها تحرص على أن تكون طفلتك معك دائمًا وألا تبعد عنك؛ لكي تظل الصورة التي تحبها وترسمها مكتملة دائمًا كاملة الأجزاء والملامح.
على كل حال فوالدة الطفلة في حاجة لما يلي:
أولاً: أن تحمل طفلتك عند اللقاء بك وأن تداعبها وتدللها تدليل الرضع المعروف، وكأنها تحاول في رسالة ما أن تفهم ابنتها أن ذلك وزيادة ما كانت تصنعه معها، ويفضل أن تقول لها ذلك شفاهة، وأن تصرح لها: "أترين كيف تضحك؟ لقد كنت ألاعبك نفس اللعبة فتضحكين أجمل ضحكة؟.. انظري يا هنادي كيف أحملها كما كنت أحملك وأنت في سنها"، وما أجمل أن تعمل على أن تتصفح معها صورًا فوتوغرافية مثلاً تم التقاطها للطفلة في أوضاع تدليل ورفاهة في حضن الأم أو الأب أو على رجل أحدهما.. وما إلى ذلك؛ لتتأكد أنها كانت دائمًا محط كل حب وكل رعاية، ولتغار على أمها فتعود فورًا لأحضانها بعدما تتأكد أنها تملك حضنًا حانيًا مثلك وربما أحن.
ثانيًا: لا بد أن تعمل الأم على اكتساب قلب هنادي بشتى الصور وستجدين تفصيلاً لمقترحات عديدة يمكن لأم هنادي تطبيقها؛ وذلك في الاستشارة التالية:
- أين أنا من قلب ابنتي ؟
ثالثًا: لا بد أن تستفيد أم هنادي من وجودها مع ابنتها طوال اليوم في تقوية أواصر العلاقة بينهما، والأفكار للاستفادة من التواجد مع الأطفال وإمتاعهم والاستمتاع بهم كثيرة تجدين نماذج منها فيما يلي:
- الاستمتاع بالامومة ليس مستحيلا .
- طفلي يصرخ ..افهموني استجب لكم..متابعة
رابعًا: لا بد أن تحادثها كثيرًا، لعلها تستطيع أن تفهم منها ما يشوش علاقتهما، فتبرره لها أو تصلح الأمر بينهما.
خامسًا: بالنسبة لمسألة العناد فهي أمر طبيعي في سن هنادي، ويزيد من طبيعيتها رغبة هنادي في لفت نظر أمها أنها غير راضية عن علاقتهما معًا، عسى أن تقترب منها الأم لتصلح ذات بينهما، وعلى كل حال فمسألة العناد والتعامل مع المعاندين الصغار قد قتل تحليلاً على الصفحة، وفيما يلي تجدين ما يمكن أن تهديه لأم هنادي من مقترحات للتعامل مع عناد الأطفال -وليس التغلب عليه- وفي تطبيقها ستلاحظين تحسنًا كبيرًا:
- ولدي لا يطيع الاوامر
- علاج العند بقوانين الكرة :
- افهم النغمة لتسمتع بها
عزيزتي.. أشكر لك اهتمامك بهنادي، وأتمنى أن تبلغي والدتها رغبتي الأكيدة في التواصل معها ومعرفة المزيد عن هنادي والتعاون معها على تنشئتها وتربيتها وحل مشكلاتها.
وأخيرًا.. أسأل الله العلي القدير أن يجمعك مع أم هنادي على سرر متقابلين، وعساني أرافقكما، فأنعم بها من صحبة تلك الصحبة القرآنية التي تتوادون فيها لله تعالى وتجتمعون عليه وتفترقون عليه، فكما يقول سبحانه في الحديث القدسي: "حقت محبتي للمتحابين فيّ".. وأخيرًا أستودعك الله إلى لقاء قريب، وشكرًا لك.
ــــــــــــــ(102/204)
السبيل لتسامح بلا ضعف ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ابنتي عمرها سنة وعشرة أشهر. عندما نذهب لأحد لا تأخذ من عندهم شيئا -أي لعبة تلعب بها- وتتركه دون بكاء أو شغب؛ فأنا لا أسمح منذ كانت صغيرة، وكنت آخذ لها لعبتها لألهيها بها، والآن لا مشكلة معظم الوقت.
لم يكن هناك أطفال في العائلة غيرها، فلا أحد يأخذ حاجياتها أو يشد أي شيء منها، المشكلة عندما بدأ ناس يزوروننا مع أطفالهم، وتعجب بعض ألعابها أو أغراضها أطفالهم فهي تقف صامتة، وعندما شكت لي قلت لها قولي لهم: لو سمحت أريد كذا، وهي تقول، ولكنه طفل؛ أي لا إجابة؛ فماذا أفعل إن أراد أحدهم أخذ لعبتها، وبكى، وصرخ، وطبعا والداه يحاولان معه؟ طبعا لا أريد إحراجا مع أحد من الأهل أو الجيران أو غيرهم، ولكن لا أريد أن أؤذي ابنتي أو الطفل الآخر، وهل ذلك يؤثر على شخصيتها وتهاونها بحقها؟ مرة قلت لها: دعي الكرة للطفلة، وسأشتري لك غيرها، وفعلت، وذهبنا مباشرة، واشترينا غيرها. ما الصحيح في هذه الأحوال؟
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د. مي حجازي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أيتها الأم الفاضلة، مرحبا بطفلتك التي حباك الله بخلقها الطيب وسماحتها -ما شاء الله لا قوة إلا بالله- وليونة طباعها؛ فتلك نعمة غالية من الله عز وجل، زادك الله منها وحفظها لك من الزوال.
ولقد ذكرني كلامك بقول جميل عن الأم وما يدور حولها من تأملات العابدين والصالحين؛ فيقول أحدهم: "إن الأم كلمة تدخل في تركيب كلمة الأمة والإمام، وليس ذاك الارتباط من فراغ بل لأنها تصنعهما بشكل أو بآخر"... ويقول آخر: "ابحث وراء كل قائد أو عظيم خرج من رحم أمة الإسلام فستجد في قصته أما عظيمة"، ولو تابعت لوجدت ذلك فعلا؛ فالشافعي وابن حنبل والزبير بن العوام وغيرهم ستجدين لأمهاتهم دورا عظيما في صياغة شخصياتهم وفي صناعة ما وصلوا إليه من مكانة عالية بين العباد وعند رب العباد.
أما عن السبب الذي جعل كلامك عن ابنتك يذكرني بتلك الكلمات والأقوال هو كون ابنتك أرضا خصبة لزراعة بذور الخير بها؛ فهي طيعة هينة لينة متسامحة بارك الله لك فيها، لكن ما سيدور حديثي عنه هو ألا تحولي مسألة الطيبة بداخلها إلى هوان وضعف وجبن يجعلها مطمعا لكل من أراد النيل منها أو الاعتداء على ما يخصها.
إن الاستعداد الوراثي للطيبة لدى ابنتك الذي يبدو في ملامح شخصيتها -كما تبدو تلك الاستعدادات لدى كل طفل على حدة منذ ولادته وبداية تكوين ملامح شخصيته- يدعمه وتوظفه عوامل البيئة من حولها؛ فتنميه وتفيد الطفلة بها أو تسيء استغلاله أو تدمره، وكما أظن فإن ابنتك في حالة من اثنتين:
إما أنها تقمع غضبها عند أخذ الآخرين لحاجياتها إرضاء لك.
أو إنها فعلا متسامحة بشكل زائد فلا مشكلة لديها في أن يأخذ أحدهم ما تملك.
وكلتا الحالتين في حاجة لتعامل بشكل معين مع الطفلة؛ فكي لا تتحول طيبة ابنتك وطاعتها لك إلى ضعف تحتاج الابنة لمزيد من القوة، إن الله يا عزيزتي علمنا أن القصاص فيه حياة لأولي الألباب، والقصاص يجعل مكاييل التعامل واحدة؛ فلا يمكن أن يمنعك الله من قتل الناس بينما يبيح لهم ذلك، ويحرم عليك سرقة ممتلكاتهم بينما يجعل ما تملكين غنيمة للجميع، ولله المثل الأعلى، فكيف تريدين أن تعلمي ابنتك ألا تأخذ شيئا من أحد، في حين تسمحين للآخرين بحمل ما يريدون من أشيائها رغما عنها وعنك وعن آبائهم وعن الجميع كما تصفين في سؤالك؟ إن هذا الموقف لن يثمر إلا شعورا بالقهر والظلم لديها أو ارتباكا؛ فلا تفهم أين الصواب؟ وما هو التصرف الصحيح أو شعور باللامبالاة طالما أنك تعوضينها ما يسلب منها أمامك ورغما عنها؟
إذن فالمطلوب منك أمران:
- ألا تبالغي في قمع رغبتها في الاحتفاظ بأشيائها.
- ألا تبالغي في تعويضها بما يسلب منها حتى لا تعوديها الإهمال والتفريط، طالما أن كل شيء يتم تعويضه.
وسأفصل لك ما أعني في السطور التالية:
إن لكل مقام مقالا، فلا يصلح اتخاذ موقف واحد صلب لا يلين في كل الحالات، وكما أنك تأمرين ابنتك ألا تفكر في أخذ ما لا يخصها، فعليك أن تمنحيها نفس الصلاحية، وهي ألا يأخذ أحد أشياءها، وبالطبع ستكون هناك حالات استثناء معينة؛ كأن يكون الطفل صغيرا جدا أو ابنا لقريب أو صديقة لها عقلية معينة؛ بحيث يحرجك معها التزامك بهذا القانون أو غير ذلك؛ فحينها فقط يمكنك السماح بالاستثناء بشرط استئذان ابنتك؛ فتقولين أمام الجميع: "هل تأذنين يا عيون ماما لفلان بتلك اللعبة؟ هو صغير وسيفرح جدا بتلك الهدية.. هل تعطينها له؟"، بحيث تبررين للطفلة سبب هذا الاستثناء، وتؤكدين لها حقها في التمسك أو التنازل عن حقها.
إنك يا عزيزتي لا بد أن تكوني اليد التي تساعد ابنتك في الدفاع عن ممتلكاتها، والتي تعينها على تفادي سيف الحياء الذي يرغمها على ترك أشيائها رغما عنها، فلو حدث موقف ما كالذي حكيته يمكنك أن تتدخلي بحزم وأنت تبدين معاونة والدي الطفل على إيقافه عند حده، قائلة: "يا فلان إن صديقتك فلانة لا تأخذ شيئا لا يخصها إلا بإذن أصحابه وتعيده له بعدها، وهي أيضا لا تحب أن يأخذ أحد أشياءها بدون إذنها.. لذا اترك هذه اللعبة الآن، كي تلعب بها المرة القادمة عندنا كلما جئتنا".. كما يمكن أن تعديه أنك ستحضرين له هدية مثلها إن تركها مكانها.
وحين تشكو لك ابنتك من أن أحدهم أخذ لعبتها فلا بد أن تثني أولا على أدبها، ثم تقترحين عليها أن يلعبا بها سويا، أو إمهاله قليلا ثم أخذها منه، كما يمكنك إعداد لعب ابنتك قبل زيارة الناس، وذلك بإخفاء اللعب الأثيرة لدى ابنتك حفاظا عليها بالتعاون مع ابنتك، وترك اللعب الجماعية التي يمكن أن يلعب بها اثنان مثلا أو أكثر أو اللعب المكررة كالعرائس وغيرها؛ بحيث لو أخذ أحد الأطفال عروسة يمكن أن تلعب ابنتك بالأخرى، لكن لا بد من إشعارها أنك تشاركينها الحفاظ على أشيائها، وأن تمتدحي هذا الشعور، وتحثيها عليه بشكل لا يتعارض مع الكرم والعطف على من يصغرونها؛ فتعلمينها أننا ممكن أن نسمح لفلان باللعب باللعبة الفلانية؛ لأنه ضيفنا؛ فعندما يأتي العبا بها معا واسمحي له أن يلعب بها، لكن هذه اللعبة سنضعها في مكان آخر؛ لأنها ممكن أن تكسر بسهولة أو تفسد.
أما حين يكون الأمر محرجا أو تكون والدة الطفل الذي يريد أخذ حاجيات ابنتك ليست على القدر الكافي من التفهم؛ فلا بد حينها من أن تستأذني ابنتك على مرأى ومسمع من الجميع كما سبق أن أشرنا، بل وتقولين: "ائذني لفلان بلعبتك يا حبيبتي فقط لأجل الخالة فلانة، أنا أعرف أنك تحافظين على كل أشيائك.. ولكن سأحضر لك مثلها تماما مكافأة لك على حبك لخالتك وابن خالتك".. وإحضار البديل يجب ألا يقدم على سبيل العوض، بل على سبيل المكافأة على الكرم والعطف على الأصغر والعطاء، وبالتالي يتحول الأمر من تشجيع لها على الإهمال إلى تدريب لها على الكرم والعطاء.
أرجو يا عزيزتي أن أكون قد وفقت في تصور نماذج متعددة من المواقف والتصرفات المناسبة فيها بما يضمن لابنتك توازنا كافيا في هذه المسألة، بارك الله لك فيها، وأسعدك بها في الدنيا والآخرة، وقبل أن أستودعك الله إلى لقاء قريب أود أن أطلب منك موافاتي بنتائج تطبيق تلك المقترحات على تصرفات وسلوك ابنتك، والمزيد من تساؤلاتك وملاحظاتك واستفساراتك.. وشكرا جزيلا لك.
ــــــــــــــ(102/205)
حجاب الصغيرات.. متى وكيف؟.. متابعة ... العنوان
السلام عليكم.. أنا صاحبة مشكلة - حجاب الصغيرات.. متى وكيف؟
أشكركم جدًّا على النصيحة الغالية وأشكرك نيفين جزاك الله خيرًا.. لقد لفت نظري لأشياء هامة جدًّا وبعد.. ابنة صديقتي عندها 7 سنوات، وهي دخلت هذا العام أولى ابتدائي في مدرسة إسلامية ورغم مرور أسبوع فقط على الدراسة فإنها تأثرت بمدرساتها وإحدى صديقاتها، وتطلب الآن من أمها ارتداء الحجاب، بل وطلبت الخمار بشكله المعروف، وهي تلح في طلبها فهل بعد مناقشتها والتأكد من رغبتها تستجيب لها أمها أم ترجئ هذا الأمر أم ماذا تفعل؟
هناك سؤال آخر مع الاعتذار على الإطالة هو: ابنتي ذات الأربع سنوات والدها مسافر من سنة تقريبًا أو أكثر قليلاً وعندما حضر من شهور قليلة، ولكنه الآن سافر مرة أخرى كانت هي دائمًا مصرّة على تسييب شعرها ووضع مكياج ولبس قمصان النوم مثلي تمامًا، حتى إن أختها الصغيرة قلدتها في تقليدها لي، وسؤالي هو: هل عليّ ألا أفعل تلك الأشياء الطبيعية والضرورية أمامها الآن أم أمنعها من تقليدي؟ وكيف أقنعها أم أتركها تفعل ذلك أم ماذا؟ وهذا ليس سؤالي وحدي، بل أنا وصديقاتي وكل واحدة فينا لها وجهة نظر مختلفة، والسلام.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
أ/نيفين السويفي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أختنا الكريمة وجزاك الله خيرًا على إطرائك الرقيق وثنائك الذي ندعو الله تعالى أن يجعلنا دومًا له أهل.
وفي الحقيقة.. لقد حمل سؤالك أكثر من جانب يحتاج كل منهم لتفنيد أرجو ألا يطول، وتعالي نبدأ بمسألة حجاب الطفلة الصغيرة ذات السنوات السبع:
أولاً: تأثر الابنة بمدرستها ورغبتها الجميلة في محاكاة مظهر رائع من مظاهر الالتزام بالإسلام وهو الحجاب شيء يبهج بالفعل، ويسعد أن تكون القدوة الحسنة محببة للأطفال بهذا الشكل.
ثانيًا: رغبة الطفلة في الحجاب أمر طبيعي ومبرر، ولكنه يجب التعامل معه بحذر لئلا يتم تضييع هذا الأثر الرائع للمدرسة وجوها المتميز على الطفلة، وفي نفس الوقت لكي لا يتخذ قرار متعجل قد يؤول للنتيجة نفسها فيما بعد.
ثالثًا: مناقشة الطفلة في الأمر يجب ألا تكون في حدود التعرف عن مدى تمسكها بتنفيذ تلك الرغبة، بل يجب أن تكون عرضًا موضوعيًّا لخطوة الحجاب كنموذج لما يجب أن تعتاده الطفلة من أسلوب في التفكير والتخطيط هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون مناقشتها في الموضوع من باب تبصرتها بأمرين غاية في الأهمية:
أولاً: معنى كلمة واجب الوقت.
ثانيًا: مغزى الحجاب وسبب فرضيته.
فلا بد أن تقنع الأم طفلتها بأن حبنا لله عز وجل لا ينبغي أن يكون على طريقتنا نحن، بل بتنفيذ ما أمرنا به، ومن حكمة الله أن جعل لكل شيء وقته، فلا تصلي العشاء بالنهار ولا نصلي المغرب بدلاً من الظهر، ولا نصوم رمضان في محرم، والله تعالى يقول: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا"، بل إن الأوامر الربانية نفسها لها مواعيد، فهناك سِن للصلاة لا يجب أن تؤخر عنها، وهناك سن للحجاب، وهناك سن لبدء التعود على الصوم، والخلط وعدم انتظام هذه الواجبات في مواعيدها ليس هو المطلوب من كل منا، بل الأولى فعل كل واجب في وقته.
ويمكن التمثيل لها بأمثلة عديدة مثل: إن الدواء له مواعيد، والذي يصوم بلا صلاة مردود صيامه، وإن المذاكرة بعد الامتحان لا تؤثر... إلى غير ذلك لتستوعب معنى واجب الوقت، ومن ثَم يمكن توظيف تأثرها الجميل ومشاعرها الرائعة تجاه دينها لتنمية الجوانب الإيمانية والعقائدية والعبادات تدريجيًّا؛ فعمرها هذا هو عمر بداية الحفاظ على الصلاة، ومن ثَم حفظ القرآن والأذكار والأدعية.. والالتزام بآداب الاستئذان والأخلاق الكريمة، ويمكن أن تنقل لها الأم تلك المعلومة وهي حاجتها لتنمية تلك الجوانب في هذا العمر، ثم سيأتي العمر الذي يجب فيه الحجاب كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من في سنك بالصلاة ولم يأمرهن بالحجاب.
تعالي أولاً نلتزم بهذا وهذا وذاك.. حتى يأتي الوقت الذي ننفذ فيه ما طلبه منا النبي فيه، وبالطبع فإن هذا الذي أرجحه من رأي لضمان ألا يكون القرار حماسيًّا ثم تخبو جذوته بعد فترة وتتراجع الطفلة لأنها ما زالت طفلة، ثم قد تتحول لطرف النقيض، وبالتالي فتربيتها تربية إسلامية صحيحة وغرس الإيمان والإحسان في نفسها هو الأولى في تلك المرحلة، فقد ظلّ النبي صلى الله عليه وسلم يربي مسلمي الصدر الأول على الإيمان والعقيدة والتوحيد سنوات طوال قبل أن تشرع التكاليف؛ لتكون نفوسهم أقوى وأطيب على تنفيذها بسعادة وإقبال واستمساك.
والتدرج مع الطفلة لا بد أن يتخلله شرح وتبسيط لمغزى كل عبادة أو طاعة يتقرب بها المرء لربه، فالصلاة نكلم بها الله عز وجل ونظهر له بها خضوعنا، والصيام لندرب أنفسنا على ترك الحرام، والزكاة ليعيش الجميع سعداء، وهكذا...، ولا بد من الإشارة إلى أن الحجاب فرضه الله لتغطي الفتاة جسدها الجميل عن عيون الناس؛ لأنها عندما تكبر تكون لها شكل غير ما كانت عليه وهي طفلة، فيصبح جسدها في حاجة لأن يُغطى؛ لأنه ملك لها وحدها، ولا ينبغي أن يراه الغرباء.
وصدقيني يا أختاه أن التربية الاسلامية الجيدة المتدرجة التي تضع كل أمر في مكانه، وتحسن تدريب الطفل على كل تكليف في موعده بحب وتسليم لله عز وجل، ولا يفوت بها المربي أمرًا مطلوبًا ويسعى لغير المطلوب هي التي تحمي بناتنا من أن يكن منتقبات في سن الغضاضة وما تحت البلوغ ولا يحافظن على الصلاة، وهذه أمثلة تتكرر للأسف.
أما بالنسبة لسؤالك عن طفلتك ومسألة ارتداء الملابس المفتوحة وإظهار الزينة وخلافه فالأمر له أكثر من وجه:
أولاً: لا مانع بالطبع من تزينك وتجملك لزوجك، ولا مانع نهائيًّا من أن تنادي على ابنتك لتضعي لها من الزينة ما تحبه؛ فالأطفال في هذه السن من البنات يستهويهن جدًّا وضع الزينة وارتداء ملابس أمهاتهن وتقليدهن بوضع المساحيق وخلافه، ولا شك أن صداقتك مع ابنتك وإسعادها بتجميلها تحت إشرافك سيوطد بينكما العلاقة بشكل أكبر، ويضمن لك عدم مساسها بهذه الأدوات بغير إذنك طالما أنها متاحة لها بشكل يسير.
ولكن ما أراه مشكلة ارتداء الملابس الكاشفة وخلافه، فالأمر يحتاج لتنظيم فينبغي أن تكون هناك نوعية من الملابس الراقية الجميلة لكنها غير مكشوفة بشكل لافت للطفلة أو بشكل يبدو أن فيه اختلافًا عن الأوقات العادية التي يكون فيها الزوج غير موجود، بمعنى أنه لا بد من تخصيص ملابس ذات درجة معينة من الانكشاف والزينة للارتداء في أوقات تواجدكما أنت وزوجك بين ابنتيكما، وملابس أخرى لأوقاتكما الخاصة أو ما بعد نومهما أو في حجرة نومكما، وخلط الحابل بالنابل في تلك الأمور أمر غير محبذ بالمرة لما له من أثر في لفت نظر الأطفال لأمور معينة وترسيخ مشاهد معينة في أذهانهم، وحثهم أحيانًا على المحاكاة كما حدث مع ابنتك، والاعتقاد بأن هذا النوع من الملابس مثلاً هي ما يسبب الإعجاب من الأب.. إلى غير ذلك.
ثانيًا: لا بد من تدريب الطفلة على آداب الاستئذان حتى في وقت عدم وجود الأب، فلا بد أن تستأذن قبل الدخول عليك في أوقات النوم، ولا بد ألا تفتح بابًا مغلقًا قبل طرقه والإذن لها بالدخول، وعدم وجود أبيها فرصة لتعليمها تلك الآداب دون أن يلفت نظرها إلى أن هناك ما يثير الفضول خلف الأبواب المغلقة التي يجب عليها طرقها، فتتعلم أن هذا الأمر بديهيًّا دون أن يرتبط بشيء معين، كبديهية الطرق على بيوت الناس قبل دخولها.
ثالثًا: احرصي أن تكوني مستشارة تجميل ابنتك، بمعنى أن تكون لكما أمسيات تتزينان فيها -بدون سبب سوى الأنس والألفة- وتصففان شعريكما بشكل جميل، وابدئي بها أولاً ثم أكثري من الثناء على إبداع خلق الله في وجهها وملامحها وأختها، وتكون فرصة لتعليمها دعاء النظر في المرآة، ثم تبادلا الحديث وغيرا التسريحة مرات ومرات.. وركزي على التوضيح لها أننا نفعل ذلك في بيتنا أما عند الخروج نغطي هذا الجمال لأنه ملك لنا فقط، بحيث تكون فرص سانحة للصداقة والتعليم وتوطيد الصلات مع ابنتك ومنحها الأمان لمصارحتك ومشاركتك في كل رغباتها، وهي على ثقة بأنه لا يوجد ممنوعات أو محظورات إلا ما يشين.
رابعًا: لا بد من تعويد الطفلة الحياء، ولكن لا مانع من أن تحضري لها ملابس شبيهة بما تلبسين -خارج نطاق حجرة نومك كما اتفقنا- لترتديها في البيت مثلك، دون أن يرتبط ذلك في ذهنها بحلول مناسبة معينة لذلك كمجيء الأب وغيره، فاحرصي على أن يكون اهتمامك بمظهرك وملابسك وأسلوب حياتك ثابت تقريبًا في وجوده وعدم وجوده، مع إظهار الاهتمام والسعادة بوجوده أمام البنات، لكن دون إشعارهن باختلاف في اهتمامك أنت شخصيًّا بالتغيير في ملابس أو زينة أو تسريحة أو غيره.
أختي الكريمة.. أرجو أن تكون الإجابة قد وفّت بكل ما يحيك في صدرك من تساؤلات، وأرجو أن تدوم صلتنا معًا دائمًا؛ لذا فسأنتظر متابعتك التالية قريبًا بمزيد من أخبارك وأسرتك وأخبار صحبتك الصالحة جمعك الله معهم على منابر من نور يوم القيامة، وأوصيك بالدعاء في أيامنا المباركة تلك التي يستجاب فيها الدعاء.. وأستودعك الله.
ــــــــــــــ(102/206)
الثبات والسرعة.. قوانين إدارة الصراع ... العنوان
أنا صاحبة مشكلة - كيف تجعل طفلك يذاكر بتركيز؟
والحمد الله استطعت أن أنتهي من مشكلة بطء الكتابة والتركيز، وهذا إلى الحد القريب من الطبيعي، ولكن المشكلة الآن في أن ابني (6 سنوات) دائمًا الشكوى يوميًّا من المدرسة من ضرب أحد الأطفال له. لا أعلم إذا كان هو ضعيف الشخصية أم ماذا؟ مع العلم أنه طفل اجتماعي ويحب أن يلعب مع الأطفال، وهذا ما ألاحظه منه عندما نذهب إلى الحدائق أو الملاهي حتى وإن لم يكن يعرفهم، ولكن عندما يضربه أحد قليلاً ما يرد بالمثل. ولكنه يبتعد عنه وغالبًا هذا ما يحدث في المدرسة مع غياب ملاحظة المدرسة التي من المفروض أن تكون مراقبة للأطفال طيلة وقت الدوام المدرسي، وهذا ما لا يحدث في كثير من الأحيان.
أما في المنزل فعلاقته مع أخيه الصغير (4 سنوات) جيدة، ولكن هناك خطأ قد نكون نحن السبب فيه وهو أنه دائمًا ما نطلب منه ألا يرد على أخيه الصغير بالضرب مثله، وهذا في كثير من الأحيان وبحكم فارق السن. مع العلم أنه لا يوجد أطفال في مثل سنه يلعب معهم في محيط الأصدقاء المحدودين جدًّا جدًّا، وهذا بحكم الغربة وإن وجد فهم أصغر منه دائمًا.
وأيضًا النزهات الخارجية قليلة جدًّا، وهذا بحكم عمل الأب وعدم اقتناعه بأهمية هذه الأشياء في بناء شخصية الطفل؟ أرجو أن تفيدوني في حل لما أنا فيه، وأشكركم مرة أخرى على حسن قراءتكم لرسالتي وأرجو ردكم السريع لمشكلتي.
... السؤال
فنون المذاكرة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك زائرتنا العزيزة ومرحبًا بطفلك الذي سعدت كثيرًا بأنباء تحسنه وتطوره، ونسأل الله تعالى أن يديم تواصلنا معًا، وأن يباركه بثمار طيبة دائمًا إن شاء الله.. اللهم آمين.
وبعيدًا عن مسألة التركيز فإن كلمة (غالبًا) التي ذكرتها في جملتك: (غالبًا هذا ما يحدث في المدرسة)، تجعل حل المشكلة هين وبسيط؛ لأن كل المطلوب منك لتعويد طفلك على الجرأة في الحق وعدم السماح لأحد بالاعتداء عليه هو: الثبات والسرعة والتوحيد في رد فعل المحيطين بالطفل تجاه ما يصادفه من هذه المواقف، وبالتالي فكلمة غالبًا تدل على عدم تأكدك، ومن ثَم قلة زيارتك لطفلك في المدرسة بشكل أو بآخر، ومن ثَم تصبح نصيحتنا الأولى هي كثرة زيارتك له في المدرسة ومتابعة أحواله والتفاهم مع مدرسته والمشرفين وأصحاب الصلاحية للتعامل مع الأطفال في أوقات الدوام على ما يلي:
أولاً: لا بد من حث طفلك على اللجوء للكبير المسئول في المكان لرفع شكواه إليه من أي اعتداء.
ثانيًا: لا بد أن يكافأ طفلك على ذلك فور حدوثه، وفي نفس الوقت لا بد من فورية عقاب المعتدي، وعقاب المعتدي دون مكافأة طفلك أو العكس لن يجدي شيئًا فلا بد من تلازمهما.
ثالثًا: لا بد أن يتم الاتفاق مع الطفل على ذلك أمام المسئولين في المدرسة عن مراقبة الأطفال، مع توضيح الأهمية التربوية لذلك الأمر.
ولأن ما نصحناك به هو الثبات والسرعة وتطابق رد الفعل -الموضح عاليه- من كل مربٍّ يتعامل مع الطفل فإن المطلوب منك ومن والده نفس رد الفعل لنحقق الثبات، وفورية اتخاذ هذا الرد عند شكوى الطفل، مع الثبات على هذا المنهج المتفق عليه مضافًا إليه ما يلي:
1 - حين يعتدي عليه أخوه الأصغر فلا بد من عقابه فورًا كما أشرنا (بالحرمان من شيء مثلاً أو حدة النظر أو بمنع الحلوى... إلخ)، ولكن مع التهديد أنه لو تكرر الأمر مرة أخرى فستضربينه نفس الضربة التي ضربها لأخيه ليعرف كم هي مؤلمة، مع توضيح أن التعامل بالضرب ليس من سلوك المهذبين، ولا بد من رد اعتبار طفلك الأكبر فورًا.
2 - كون الطفل يتعامل مع من يصغرونه لا يعني أن يكون فرصة لمن هب ودب ليضربه دون أن يرد؛ فهو طفل مثلهم ولا ذنب له أنه يكبرهم قليلاً، هذا توجه غير عادل.. وما أراه أنسب هو أن يتعلم أن كونه الأكبر والأقوى لا بد أن يجعله أقدر على منعهم من ضربه أو الاعتداء عليه، بمسك يد المعتدي قبل أن تضربه، أو تفادي ضربته.
3 - لا بد أن يتعلم الطفل لعبة دفاعية منشطة للعضلات، تسهم في تنمية بدنه (الكونغ فو مثلاً)، وتجعل بنيته قوية وترفع ثقته بنفسه وقوته وتعالج أي شعور بالنقص أو الضعف لديه، وتجعل تسامحه مع المعتدين من باب العفو مع المقدرة وليس للضعف أو الخوف، وإن كان الأب لا يرى للنزهات ضرورة -وفي هذا خطأ كبير-، فلا بد من قناعته بأن الرياضة لا خلاف على ضرورتها والأندية الرياضية في المملكة كثيرة ومتاحة، وكذلك ممارسة الرياضة.
4 - منع الضرب أو التشابك بالأيدي لا بد أن يكون قانونًا موحدًا يخضع له الصغار والكبار، ويعاقب الخارج عنه ولا يسمح في تطبيقه بتجاوزات من أي طرف لكونه صغيرًا أو لأي اعتبار.
5 - لا بد من وجود قدر من السماح والتغاضي في أن يثأر لنفسه مرة أو يخطئ مرة بالاعتداء على أحد الأطفال، طالما أنه ليس البادئ.. وذلك ليشعر بأنه ليس مفعولاً به دائمًا وأنه المطالب دائمًا بضبط النفس.
6 - لا بد من تعزيز ثقة الطفل بنفسه من خلال تطبيق المقترحات الموجودة حول هذه المسألة فيما يلي:
- الثقة بالنفس تمرُّ عبر تحمُّل المسئولية
- تربية طفل مقدام ليس من الاحلام .
- قوة الأمة تبدأ باحترام الذات
حل المشكلات ...ثراء و خبرات
أختي الحبيبة.. لقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، وعلى ذلك فعليك التماس كل ما يقوي طفلك ليظل دائمًا قريبًا من الله وعزيزًا بين الناس.
وأخيرًا أستودعك الله تعالى.. آملة في لقاء قريب.. وكل عام وأنت بألف خير.
ــــــــــــــ(102/207)
أريد وحيدي محبوبًا بين الأطفال ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. ابني وحيد يبلغ 3 سنوات و3 أشهر، يعاني من كل سيئات الطفل الوحيد فهو لا يشارك أحد في ألعابه، بل يأخذ زاوية من المنزل ويلعب بسياراته التي يعشقها، ويا ويل من يحاول الاقتراب منها.
أحاول دائمًا أن أجتمع مع أخواتي حتى يلعب مع أبنائهم، ولكن في كل مرة يتحول الاجتماع إلى نكد، فهو لا يمنع أحدًا من أخذ ألعابه فقط، (على الرغم من أنه أحيانًا لا يلعب فيها، بل تكون مهملة على الأرض)، إنما يحاول أخذ الألعاب التي بيد الآخرين، ولكني أقوم بسرعة بإرجاعها لصاحبها، وأفهمه أن هذه لعبة فلان لا يجوز أخذها إلا بإذنه فيغضب ويصرخ صراخًا هستيريًّا متواصلاً، ويبدأ برمي كل شيء أمامه، وللأسف هذا هو الأسلوب الذي يتبعه مع الأطفال من حوله ليرعبهم ويأخذ ما بيدهم.
عندما قام بذلك هربت مباشرة إلى المنزل بعد أن فقدت أعصابي وحرق دمي، وطول الطريق للمنزل وأنا أفهمه أنني سوف أعاقبه على عمله هذا لأنه يصرخ ويأخذ ما ليس له، وقمت بالفعل بحبسه في غرفته لمدة 15 دقيقة، وكان طول فترة العقاب يقول أنا آسف ولكني لم أرد عليه، وهو عادة ما يتأسف عندما يخطئ، ولكنه يعود إلى ما كان عليه، وكأنك (يا زيد ما غزيت). الفترة التي عوقب فيها بالغرفة كنت أسمعه يلعب بألعابه ويغني ويتأسف أحيانًا وكأن شيئًا لم يكن.
البارحة قمت بعقابه بحبسه في غرفته فقد كان يصرخ بدون سبب مقنع فقلت له "سوف أدخلك في غرفتك لتصرخ كما تشاء، فأنا لا أريد أن أسمعك وأنت تصرخ وإن انتهيت سأفتح لك"، وقبل أن أغلق الباب قام بالصراخ وأخذ يرمي كل ما تطاله يده، ودمر غرفته، وأنا الآن لا أعلم إن كان أسلوب الحبس مفيدًا أم لا (مع العلم أنني أقوم بهذه الطريقة حتى لا أضربه عندما أفقد أعصابي).
مع العلم أنني لا أعاقبه كثيرًا بالحبس في غرفته، بل أعتمد أحيانًا أسلوب الحرمان مما يحب كأكل الشوكولاتة أو استخدام جهاز الكمبيوتر. كما أقوم أيضًا بمكافأته عندما يقوم بعمل جيد كأن أصفق له، أو أعانقه وأقبله، أو أُطري على الفعل الحسن الذي قام به وأشعره أنه فعل شيئًا عظيمًا مثلاً عندما يرمي القمامة في سلة المهملات (كمثل بسيط). علاقته ممتازة بوالده فعندما يكون بالمنزل يطلب منه القيام بكل الواجبات التي أقوم بها عادة كتلبيسه أو اللعب معه وعادة يخرجان سويًّا سواء للمسجد أو لإحضار بعض الحاجيات للبيت، وهو عندما يخرج مع والده يرفض أن أكون معهما.
أدخلته الحضانة قبل شهرين مع أنني لا أعمل فقط حتى يحتك بمن حوله من أطفال بمثل عمره في الحضانه ولتكون له حياته الاجتماعية، لقد أحب الحضانة جدًّا حتى إنني أحسست أنه تعود عليها بسرعة، وخلال الفترة التي كان فيها بالحضانة قالت لي مدرسته على الرغم من أنه لا يحتك كثيرًا بالأولاد فإنه نشيط ومؤدب ومجتهد ويشارك في الصف (أي أن عاداته السيئة مع أولاد خالاته لا يقوم بها في الحضانة)، كما أقوم أيضًا كلما سمح الوقت بالخروج معه في أماكن يتواجد بها الأطفال كالحدائق وأماكن الألعاب، إلا أنه لا يبادر باللعب معهم، أما إذا جاء أحدهم وبادر باللعب معه فإنه يستجيب. أريد التخلص من هذا العادات ما أمكن فأنا لا أحب أن يكون ابني مكروهًا من باقي الأطفال.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختي الحبيبة، وبحبيبي يحيى الذي يحمل اسم ولدي، وحتى في وصفك لعصبيته كأنه وصف لولدي ذو العامين، ولعلي أود من ذلك لفت نظرك لأمرين:
أولهما: أن الأولاد الذكور لديهم طاقة دافقة بكل ما تحمل من معاني حتى في عصبيتهم واندفاعهم وإبداء اعتراضهم، وهو ما لا نستوعبه أحيانًا ونظنه صفة تخص الطفل نفسه.
ثانيهما: أن كون طفلك وحيدًا ليس هو كل المشكلة -وإن كان له سهم فيها- فطريقة التعامل مع الطفل لها عامل كبير فيما آلت إليه سلوكياته.
ومن وجهة نظري فقد تصرفت بشكل صحيح حين قررت إلحاق طفلك بالحضانة، وأهدافك من هذا القرار ممتازة، فطفلك بالفعل في حاجة لمجتمع يخصه، وبحاجة لخلطه بالأطفال تعلمه بشكل غير مباشر حدود الملكية والنظام واحترام دور كل منا وآداب التعامل وغيرها من حسنات الاختلاط بالأقران في بيئة مناسبة، كما أن متابعتك لإخراج الطفل في نزهات أمر مفيد للغاية، فالتنزه يعين الطفل على تنفيس جزء كبير من الطاقة والضغوط، ويمنحه سعادة ويزيد من ارتباطه بوالديه، وما يمكنني اقتراحه كمجرد لمسة بسيطة تزيد من اللوحة الجميلة جمالاً، هو أن تكون نزهاتك مع طفلك متضمنة على لعبك أنت شخصيًّا معه ومعكما الأب الكريم، فكم تكون سعادة الأطفال عندما يشاركهم آباءهم اللعب، فالطفل حين يجري خلفه الأب ليمسك به أو تختبئ منه أمه ويحاول هو متابعتها حينما يتبادل الضحكات معهما، حينها تذوب الحواجز وتقوي أواصر المحبة وتختفي مشكلات كثيرة بشكل تلقائي من سلوكيات الطفل بعلاقة طردية مع قربه من والديه واندماجهما معه.
كما لفت نظري مسألة قناعتك بعدم جدوى اللجوء للضرب في عقاب الأبناء، بل ومدى فداحة آثارها السلبية، والأمر يدل على وعي جدير بالاحترام في مسألة تربية الأطفال -وإن كان مسألة الحبس في الغرفة لي عليها بعض الملاحظات سنتعرض لها لاحقًا-، وهذا ما سيسهل مهمتي كثيرًا إن شاء الله.
وتعالي بنا ننتقل لتفنيد سؤالك لنحدد مشكلات طفلك، ومن ثَم مقترحاتنا للتغلب عليها:
أولاً: تلمحين في طفلك بعض الأنانية أو الرغبة الزائدة في التملك مع عدم السماح للآخرين بمشاركته ممتلكاته.
ثانيًا: الصراخ والبكاء الهستيري لإرهاب المحيطين والضغط عليهم للرضوخ لمطالبه.
ثالثًا: مدى جدوى مسألة الحبس في الغرفة.
رابعًا: كونه لا يبادر باللعب مع أقرانه حتى يبادروه فيستجيب لهم.
خامسًا: تكرار الخطأ وتكرار الاعتذار.
بالنسبة لأنانية طفلك ورغبته في التملك فالأمر طبيعي جدًّا، وربما زاده عدم تعوده على مشاركة أحد له فيما يملك، لكن بشكل عام فالطفل حتى سن خمس سنوات يكون متمحور حول ذاته، لا يشعر بمن حوله، بمعنى أنه لا يشعر بأهمية رغبات من حوله قياسًا برغبته، كما أنه إن كان الأول أو الوحيد فإن تلك المشاعر تأخذ نصيبها بالظهور بشكل أوفر؛ لأن الطفل يرى نفسه مركز لحياة والديه، وقد أكدت لي طبيبة نفسية أطفال من الثقات تلك المعلومة بشكل علمي وهو ما تدعمه الشواهد بلا شك، ولكن هناك دورًا لنا كآباء وأمهات في تقنين وتحجيم تلك النزعة الأنوية إن جاز التعبير وذلك كما يلي:
أولاً: تعليم الطفل قواعد وقوانين الملكية بشكل مباشر وغير مباشر وتعويده احترام ملكية الغير وقد عرضنا بعض المقترحات لهذا الأمر وردت في موضع آخر، ونلخصها لك فيما يلي:
- لتعليم طفلك حدود الملكية بهدوء يمكن أن تمثلي معه مواقف شبيهة لما يحدث خارج المنزل مع تقمصك لشخصيته، فتلعبين معه ثم تأخذين لعبته وتخرجين خارج الحجرة، وعندما يعترض تجيبينه: "أنا آسفة.. كان يجب أن أستأذنك أولاً لأنها ملكك"، "إنها ملكك فلن آخذها دون علمك أو إذنك"، "إن ما يملكه الآخرون لا يصح أن آخذه دون إذن"؛ وبالتالي يتعلم الطفل معنى وحدود الملكية وضرورة أن يعامل الناس بما يحب أن يعامل به، وكذلك يمكنك أن تبثينه ما تريدين من نصائح من خلال تلك المواقف التمثيلية أو المصطنعة.
- عند زيارتكم لأحد يمكن لك شراء لعبتين بسيطتين جميلتين متشابهتين واحدة له والأخرى لابن الأقارب مثلاً، ليعطيها له ويلعبا معًا؛ فيتعلم معنى الأخذ والعطاء.
- عندما يبدي الطفل تطورًا إزاء أي مما سبق بمكافأة سريعة حبيبة إليه.
ثانيًا: لا بد من تعليم الطفل العطاء والإيثار، وإعانته على تجاوز الشح باعتباره نزعة فطرية وعد الله تعالى من يتخطاها بالفوز في قوله: "... وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون" (سورة الحشر: 9)، وتعليم الطفل الكرم يمكن تبسيطه من خلال متابعتك للمقترحات الموجودة في الرابط التالي:
- كيف يعتاد الأبناء العطاء ؟
وننتقل لمسألة البكاء والصراخ للضغط لتنفيذ مطالبه، والتعامل مع هذا النوع من الابتزاز الطفولي المبتكر تجدين أفكار ومقترحات فيما يلي:
- البكاء وسيلة الصغار للابتزاز .
- ابنتي زنانة أفيدونا.
- طفلي يصرخ أفهموني أستجب لكم - متابعة
أما عن مسألة الحبس في الغرفة فهي أحد أساليب العقاب بعيدًا عن الأذى أو الضرب، ولكن لا بد من التنوع في أساليب العقاب وربطه بمقدار الخطأ، فمثلاً الموقف الذي حكيت عنه الذي ظل طفلك يصرخ فيه، كنت أرى أن تستمعي إليه وتعرفين ما يريد، شريطة أن يكف عن الصراخ وذلك بكل هدوء، بينما كان الحبس في الغرفة مناسبًا لعقابه على عدوانيته مع الأقارب كجزاء من جنس العمل، فعدم إحسانك للناس ستحرمك من الخلطة بهم، لكن الأصل أن العقاب لا بد أن يكون عن الخطأ المتعمد، بمعنى أن تتفقا أولاً على أخلاق معينة وآداب معينة وتأخذي منه وعدًا بتنفيذها، بحيث يصبح العقاب مبررًا حين يقصر في الالتزام بما اتفق عليه أما أن يعاقب لمجرد أنه تصرف بسجيته وسبب لك الحرج فهو ما لا أرى أنه سيحدث أثرًا؛ لأن العقاب في النهاية ليس للتعزير ولا الانتقام ولا للتنفيس عن غيظ الوالدين، بل إنه إحدى وسائل التربية والتقويم والموعظة، ومكانه بعد تعليم الطفل التصرف الصحيح ثم إصراره على مخالفة الصحيح واقتراف الخطأ.. هل وصلك ما أعنيه؟
وكون الطفل لا يبادر أقرانه بطلب اللعب، فأراها طبيعة شخصيته، فلكل منا سماته الشخصية، فربما لديه من الكبرياء أو الاعتزاز بالنفس أو حتى الخجل ما يمنعه عن هذه المبادرات، لكنه لا يمنعه من الاستجابة لها، أما تكراره للأسف مع تكرار الخطأ، فمن الطبيعي والمتوقع أن يعاود الطفل فعل ما ينهى عنه لسبب بسيط، وهو كونه طفلاً، ولأن إرادته الغضة غالبًا ما تهزم أمام رغباته ونزعاته، وبالتالي فلا بد من إعانته على تقوية إرادته كما يلي:
1- حثه على التفكير في كلمة (آسف)، بمعنى أن تفهميه أن (آسف) تعني أنك حزين أنك فعلت كذا.. فهل هذه حقيقة؟.. لا تقولها إن لم تكن حقيقة.
2- علميه أن كلمة (آسف) تعني أنك لن تفعل هذا مرة أخرى، فإن قلتها لا بد أن تكون أقوى المرة القادمة، وإلا تقع في الخطأ المرة القادمة؛ لأنك جربت كم هو شيء غير لطيف.
3- علميه إن قلت (آسف) ثم عاودت الخطأ، فلن يكفيني حينها (آسف)؛ لأنك عندها لا بد أن تعاقب عقاب أكبر، فلو كنت حرمت من الحلوى ليومين ستحرم من الحلوى والعصير ليومين، أو من لعب الكرة ومشاهدة الكارتون ليومين.. وهو ما يعرف بنظام Time Out، أي زيادة حجم ومدة العقاب بتكرار الخطأ.
4- علميه أنه إذا قلت (آسف) فلا بد أن تفكر قبل أن تفعل الخطأ مرة أخرى؛ لأنك اعتذرت عنه مرة، أي أنك تعلم أنه شيء سيئ لا يجب فعله.
ولله المثل الأعلى فهو سبحانه يفتح الباب للتوبة أمام عباده آناء الليل وأطراف النهار، لكي تستقيم حياتهم على أفضل صورة، ولا يعجل بعقابهم حتى يثبت إصرارهم وإيثارهم لمعصيته.
أختي الكريمة.. أرجو أن تكون الإجابة قد وفت بما يلزم للرد على سؤالك، وأتركك على أمل بلقاء قريب إن شاء الله، وأوصيك بدعاء عريض في تلك الأيام المباركات أمل ألا يفوتنا منه نصيب.
ــــــــــــــ(102/208)
كيف يعتاد الأبناء العطاء؟ ... العنوان
أرى أن الأبناء وخصوصًا في عمر ما تحت الخامسة تشيع فيهم طباع الأنانية والأثرة ولا يفهمون معنى الإيثار ولا يطبقونه، فكيف نعلمهم هذا الخلق ونعينهم على اكتسابه؟ ... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها الأخت الفاضلة، ولقد مس سؤالك وترًا حساسًا والتقى مع حاجة أكيدة لدى الكثير من المربين لتعويد أبنائهم مكارم الأخلاق، وبشكل عام فالطفل حتى سن 5 سنوات يكون متمحورًا حول ذاته، لا يشعر بمن حوله، بمعنى أنه لا يشعر بأهمية رغبات من حوله قياسًا برغبته، وفيما يلي نقدم لك بعض المقترحات لتعويد الأبناء من العمر الذي ذكرته على العطاء:
1- القدوة الحسنة، فيرى في والديه مثالاً للكرم، يعطيان الأطفال من أبناء العائلة الحلوى، ويكرمون ضيوفهم، ويحملون الهدايا أو الفاكهة للأهل عند زيارتهم، مع ضرورة شرح الأمر، بمعنى أن يوضح له الأب أن هذا هو الكرم، وأنه يجب على الإنسان أن يسعد الناس ليسعده الله، ويا حبذا لو ربط الأب أو الأم حدثًا سعيدًا بأنه جزاء الله لهم على الخير، بمعنى أن يقال له: (أتعرف لم رزقك الله بهذه الحلة الجديدة؟ لأننا أعطينا التي ضاقت عليك لمن يحتاجها؟ أتعلم لم رزقنا الله بالسيارة الجديدة؟ لأن بابا يوصل بها جدو ويفعل بها الخير.. إلى غير ذلك من استشهادات.
2- القصص والحكايات عن فضائل الأخلاق بشكل عام وعن الكرم والعطاء بشكل مكثف.
3- يمكنك الاستعانة بالتمثيل أحيانًا لتجسيد القصة -التي تتحدث عن الكرم مثلاً- بما فيها من مشاعر وأحداث، كما يمكن إشراك الطفل في تمثيلها أيضًا، كل هذا يحفر في ذهن الطفل مغزى القصة، ويسهل توصيل المعلومة فيها، كما أن مشاركته أحيانًا بدور في المشهد التمثيلي تعمق التأثير لهذا المشهد.
4- اصطحاب الطفل إلى ملجأ للأيتام وأماكن رعاية أطفال المعاقين مثلاً، وحثه على مشاركتك ووالده في توزيع الحلوى عليهم، والألعاب والملابس، ويمكن الاكتفاء بأن يشاهد ذلك بنفسه ويشارك فيه بدافع من داخله، كما يجب تأهيله بما يكفي من تحميس وتحفيز قبل مثل تلك الزيارات.
5- مسرح العرائس المنزلي له دور كبير أيضًا في توصيل القيم والتعليق على يوميات الطفل بما يكفي للاستفادة منها وتقويم سلبياتها، وتدعيم والحفز على المزيد من إيجابياتها، والعرائس التي تلبس باليد -والتي يمكن للأم أو الأب أو كليهما استخدامها في فقرة أسبوعية أو يوميًّا- متوفرة ويسهل استخدامها، ويسعد الأطفال في مثل سن طفلك بالعرائس أيما سعادة.
ــــــــــــــ(102/209)
التشخيص الصحيح للتبرز اللإرادي ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أشكر هذا القسم المفيد جدًّا، وأدخل في موضوعي مباشرة
لديّ 3 أبناء، وعلاقتي بهم فوق الممتازة، ربما بعد الذي حصل يكون ذلك من وجهة نظري الشخصية.. اثنان منهم لا يشتكيان من أي أعراض كما يشتكي ابني البكر.. فهو إلى الآن يتبرز على نفسه وهو بهذه السن.
بصراحة شيء يجعلني أشعر دائماً بالضيق، خاصة أن الأمر مضى عليه وقت طويل. وقد حاولت مراراً وتكراراً حله ولكن دون فائدة، والفائدة دائمًا تكون وقتية، أي لفترة معينة فقط.
حاولت جاهدة في بداية الأمر أن أحل الموضوع بنفسي بالجلوس معه والتحدث ومناقشته.. ثم بدأت في عمل جدول له وتشجيعه بأنه إذا استطاع التحكم في نفسه والوصول إلى الحمام -أعزكم الله- دون أن يكون ذلك في ملابسه، بشراء هدية له ومدحه.. يتحسن الأمر في البداية ولكن يعود مرة أخرى.. ذهبت به إلى عيادة خاصة وأجريت له فحوصات وكلها أكدت أن الأمر نفسيٌّ ولا علاقة له بالأمور الأخرى.
لا يوجد مرض يمنعه من التحكم في التبرز اللاإرادي، ونصحوني بعرضه على طبيب نفسي.. وكم كان ذلك مؤلماً.. أرجع لأوكد أن العيادات النفسية لدينا في دولنا العربية ليست بذاك المستوى.. ضغطت على نفسي ولجأت إلى عيادة تابعة للصحة النفسية بوزارة التربية لدينا، واستمر بالعلاج النفسي بين أخذ الأدوية والإيحاء، واندهش الطبيب أنني تابعت مع "قاسم" طريقة الجدول، وطرقا أخرى، أدرك أنني بذلك مهتمة بالموضوع، ولكن الأمر طويل.. وفترة العلاج النفسي تتحسن حالته، ولكن نظرًا لسفر الطبيب وقطع العلاج عاد كما كان.
وتابعت في عيادة خاصة عند طبيبة وكانت النتيجة نفسها!! ماذا أفعل وكم يلزمني من الوقت وقد وصل إلى سن 11 سنة وهو على هذه الحال علماً بأنه منذ دخوله المدرسة لم يفعلها أمام الطلبة ولا في مدرسته أبدا وهذا أكبر دليل على أنه يتحكم في نفسه بالوقت الذي يريده.. وعندما أجلس معه يقول ويكرر (أنه لا ذنب له وأنه يحاول ولا يستطيع)؟ بكل صراحة قد يتصور المرء منا أن الأمر عادي، ولكن يتبع الموضوع متاعب مثل ما يحدثه من إحراج في السفر وفي بيت العائلة الكبير وموقفه بين الأطفال في مثل عمره، وإحراجي أمامهم وخوفي أن يؤثر ذلك عليه في المستقبل.
قد نتغاضى عن الأمر جميعنا، ولكن تبقى الذكريات عالقة في أذهان أولئك الذين في نفس عمره من أبناء العائلة؟ أريد حلا أرجوكم، ولا أريد أن أراجع العيادات النفسية لأنني مللت منها ومن رداءة الأطباء والمعالجين!! ومللت الوضع الذي أنا فيه معاناة منذ 10 سنوات لم تنتهِ بعد.
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أم قاسم.. ومرحبا بك وبأسرتك، ورسالتك لم تكن من الرسائل العادية بل إن لها وضعا خاصا يحتاج إلى مزيد من التمحيص والتدقيق في كل حرف يُكتب في الرد عليها، وتعالي أحاول أن أوضح لك لماذا حكمت عليها بهذا:
أولا: دقة وغرابة حالة وسن ولدك.
ثانيا: استجابته للعلاج، وعدم رغبتك في معاودته!
ثالثا: وجهة نظرك في كونه يتحكم في الأمر وقتما يشاء.
أولا: وغرابة الحالة لما يلي:
عمر ولدك الذي تخطى العشر السنوات، وعدم وجود مانع عضوي للتحكم، وفي نفس الوقت وصفك أنه لم يتحكم قط منذ ولادته، رغم أنه لا يحدث ذلك منه في مدرسته ولا مع أصدقائه، فالأمر محير حقا، إن ما يبدو من كلامك أنه تبرز لا إرادي من النوع الأوليّ (هذا ليس تشخيصا لحالته بل مجرد ربط للمعلومات الواردة منك لتبسيط وتفصيل الحالة)، والنوع الأولي يقصد به أن الطفل لم يتحكم قط لفترة 6 شهور متتالية؛ لأنه لو تحكم وصار نظيفا طوال هذه المدة ثم انتكس لصار ما يعانيه من النوع الثانوي، ولكل منهما أسبابه وأسلوب علاجه، وقد وضحت أنه استجاب للعلاج النفسي، ولكن يهمني تحديد المدة التي تواصل فيها تحكمه وتحسنت فيها حالته دون إخفاق تقريبا، وسنعود للتفصيل في نوعي التبرز الإرادي المشار إليه بنهاية الاستشارة.
ثانيا: يزيد من تعقيد الأمر عدم رغبتك في معاودة العلاج النفسي، وهو أمر مبرر من وجهة نظري بأن ذكريات هذه التجربة بالنسبة لك غير لطيفة، فضلا عن موروثاتنا بأن زيارة العيادة النفسية مدعاة للخجل والوصمة، ولكن يا عزيزتي هل تظنين أني سأوجد لك علاجا غير ذلك؟ أم تنتظرين مني تدعيما لك وتشجيعا لمعاودة العلاج النفسي بشكل أكثر انتظاما لتحقيق تحسن قوي ونهائي؟
أعتقد أنني سأركز على ذلك التدعيم، مع التأكيد على أن خطأ الطبيب الذي سافر وقطع العلاج دون أن يحيل المرضى لزميل له أو يضع لهم برنامجا ريثما يعود - إن كان مقررا عودته - أو ينيب عنه أحد الثقات من الزملاء من الأطباء لا يبرر عدم معاودة العلاج الذي يحسن من حالة الطفل كما ثبت من التجربة، كما أن توقف التجربة مع الطبيبة التالية لا أدري أمر غريب ولا أدري لِمَ انقطعت صلتكم بها، ولا أدري لم وصفت الأطباء والمعالجين على مستوى الوطن العربي كله بالرداءة؟ رغم أنك كما يبدو لم تتعاملي إلا مع طبيبين من داخل بلدك..
ولأن ليس هذا هو المجال لطرح هذا الأمر فخلاصة ما أود قوله هو أن معاودة العلاج النفسي أمر لا فكاك منه؛ لأنه السبيل الوحيد لعلاج طفلك.. ولكن يمكنك طرق الجديد من السبل، كالبحث عن أماكن أكثر دقة وعناية بالمرضى، والتعامل مع أطباء لهم تاريخ مشرف في العناية بمرضاهم، ويسعدني أن أشاركك البحث عن ذلك، ويسعدني أكثر أن أعاونك أنا شخصيا في مسألة العلاج النفسي للطفل ومتابعة حالته حتى يشفى، وهو ما لا يمكن تقييم مداه الزمني الآن دون تشخيص حالته بدقة وأسبابها والبدء معه في برنامج محدد للعلاج.
إن وعيك الواضح يا عزيزتي بتربية الأبناء، وكذلك صبرك ومثابرتك سيلينان لك ما يبدو قاسيا وعسيرا من مشكلات تعترض طريقك في تربيتهم، وما اتبعته مع ابنك من وسائل كجدول الحافز وغيره كلها أمور تؤكد ذلك، لكن الأمر لم يعد يحتمل أي إضاعة للوقت أو تشتيت للجهود، بل لا بد من الانتظام بجدية في مسألة العلاج النفسي - الذي لا يوجد ما يشين بخصوصه- وفقا لجدول محدد له نقطة بداية وتوقع بمدى زمني للشفاء بإذن الله تعالى.
وأخيرا أؤكد على ضرورة متابعتك لنا بالرد على كل ما ورد بالإجابة من أسئلة وإن أمكن صور نتائج الفحوص السابقة التي أجريت للطفل، وأتمنى أن يكون المجال أوسع لمزيد من التعاون بيننا والتواصل بإذن الله، وأخيرا أوصيك بوصية الله تعالى للمؤمنين أن (اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله).
ولمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الأمر يمكنك مراجعة ما يلي:
- خطوات لضبط عملية الإخراج
- التبرز.. أعراض عدم التحكم
عدم التحكم في البراز عرض له نوعان:
الأولي:
وهو ما يكون في الأغلب له سبب عضوي، وهو ما يحكم به إذا كان الطفل لم يتحكم في البراز أبدا أو لم يكمل عاما كاملا متحكما في برازه بعد سن التحكم (2.5-3سنوات)... وهو عرض قابل للعلاج وقد تدخل في علاجه الجراحة.. ولكنه يحتاج لعدة فحوص، أما الطبيب الذي نتوجه له للتشخيص وبنتائج هذه الفحوص فهو:
طبيب جراحة أطفال –طبيب أطفال ثم يبقى الطفل في حاجة للعلاج النفسي لدى طبيب نفسي أطفال، وانتبهي يا سيدتي لحقيقة غاية في الأهمية: وهي أن من ستتوجهين إليهم من الأطباء سيكون الهدف الأول للتوجه إليهم هو تشخيص الحالة بدقة وليس من أجل عمل جراحة، وتوجهك لطبيب جراحة الأطفال ليس معناه إجراء جراحة للطفل، ولكنه يعني أن تشخيصه في هذه الحالة يكون أكثر دقة من تشخيص طبيب الأطفال مما يوصله لنتائج واضحة.
الثانوي:
وهو ما يحكم به إذا كان الطفل قد أمضى ستة شهور بعد سن التحكم متحكما تماما في الإخراج ثم طرأت عليه هذه الحالة، نتيجة لضغوط نفسية مثلا أو حادث ما.. وهنا يجب استبعاد الأمور التالية:
- تعرض الطفل للتحرش الجنسي أو الاعتداء الذي يمكن أن يكون هذا العرض نتيجة له.
- يجب استبعاد أي سبب عضوي؛ وذلك بإجراء منظار شرجي وتحليلات وأشعة بالصبغة على الجهاز الهضمي للتأكد من عدم وجود عيوب به.
يتوقف الحكم على الحالة على معرفة الآتي:
1-هل تحكم ابنك في البراز قبل ذلك؟ وهل دربته على التحكم في الإخراج ثم عاد إلى التبرز في ثيابه بعد أن كان قد تحكم تماما في إخراجه؟ أم أنه لم يتحكم أبدا طيلة حياته؟
2-هل يصاحب ذلك عدم التحكم في التبول أيضا؟
3-كم عدد المرات التي يتكرر فيها هذا الأمر يوميا؟ ومتى يحدث ذلك هل أثناء النوم أم الاستيقاظ أم على مدار اليوم؟ أم كل فترة مرة؟ فمعدل تكرار الأمر عامل هام، حيث يحكم على كونه حالة في حاجة للعلاج من عدمه. فهو لا يعتبر حالة مقلقة إذا تكرر ثلاث مرات في الشهر الواحد وحتى مرة في كل شهر لثلاث شهور متوالية.
4-هل برازه في صورة إمساك أم إسهال؟ وذلك لمعرفة حالة العضلة العاصرة المتحكمة في البراز.
5- هل ما يحدث له هو إمساك يصاحبه إسهال وهو ما يسمىConstipation with overflow، وهو ما يحدث نتيجة لمحاولة إخراج الفضلات الصلبة المختلطة بسوائل داخل المستقيم، ونتيجة للضغط على العضلة المتحكمة نتيجة امتلاء المستقيم بالفضلات فتخرج السوائل لينة القوام التي تشبه الإسهال في حين أن الحالة إمساك -حيث يصاحب حالة البراز اللاإرادي عادة إمساك- ويحكم بالإمساك على من يقل عدد مرات التبرز لديه عن 3 مرات أسبوعيا.
و لمزيد من المعلومات حول هذا الامر يمكن مطالعة:
- ضبط الإخراج بجدول الحافز
- ضبط الإخراج..قناعات وتوصيات
ــــــــــــــ(102/210)
طفلي يريد أن يأكل بمفرده! ... العنوان
طفلي -سنتان- لا يرضى أن يأكل بمساعدتي، يريد أن يأكل وحده فما الحل؟ ... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/مديحة حسين ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة.. عايدة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بك ومرحبًا على صفحتنا.
قد تبدو الإجابة على شكواك بسيطة، أقول لك: وما المشكلة؟ وهل تعيبين على طفلك ميزة هي جزء من شخصيته، ويسعى كثير من الآباء إلى إكسابها لأطفالهم، بل ويشكون من عدم وجودها، وهي الاستقلالية وقوة الشخصية.. قد تبدو الإجابة غريبة وقد تقولين مندهشة: ماذا؟!
أفهم ضيقك، فأنت أم لطفلين وامرأة عاملة في وظيفة مجهدة إلى حد كبير وأمامك مسئوليات جسام، وطفلك حين يصر على هذا يحتاج إلى أم متفرغة لتمنع المصائب التي يحدثها وتعيد ترتيب الأشياء وتجري وراءه بكل أدوات التنظيف الممكنة.. فكيف لك بهذا وأنت مجهدة؟ وحتى وإن كنت ربة منزل فإن هذا ليس إجهادًا فحسب، بل هو الهلاك بعينه.
وللنظر معًا إلى الأمر من منظور آخر؛ هل الفوضى التي يحدثها هي سبب رفضك لأن يأكل بمفرده أم أن هناك سببًا آخر؟
أترك لك الرد على هذا السؤال، وأعود لأوضح لك ما قلته آنفًا عن نزوعه إلى الاستقلالية.. فالطفل في عامه الأول يكون متمركزًا حول جسده، وعالمه هو دائرة مغلقة عليه وعلى والدته، هذه الدائرة لا يسمح الطفل لأحد باختراقها أو كسرها حتى ولو كان هذا الشخص والده، إلا بإذن من والدته، فهي المانحة وهي المانعة، المانحة للطعام والحنان، والمانعة الآمرة الناهية.
ثم تبدأ هذه الدائرة في الاتساع عبر وساطة الأم، ويبدأ الطفل مع بداية انطلاقة ساقيه وقدرته على التجول في الأنحاء المختلفة في اكتشاف العالم من حوله، ويكتشف قدرته على النجاح في صنع بعض الأشياء، وقدرته على الاعتماد على ذاته في أدائها، فيدرك أن لديه قدرة، ويحاول اختبار هذه القدرة في المواقف المتعددة، فهو يريد أن يلبس بنفسه ويعبث بالماء وهو يستحم، ويشرب بنفسه، ويأكل بنفسه، فإن لم تفهم الأم الخلفيات السابقة فإنها تفسر الأمر بأنه عناد من الطفل، وتحاول أن تكسر العناد بالأوامر والرفض الحازم أو القاسي.
ولأن الطفل في محاولة اختبار قدرته على الفعل يعرف ما لا يريد أكثر من درايته بما يريد يجابه رفض أمه بمزيد من الرفض الذي قد يتطور إلى العدوان.. فهل هذا ما تريدين؟الأمر أبسط من ذلك.. ابحثي عن السبب الذي يضايقك من أكله بمفرده لتعملي على حله.
فإن كان اتساخ المكان -مثلاً- فحاولي تأمينه بأن تفرضي له مكانًا آمنًا للأكل فيه واجعلي هذا شرطًا له لأن يأكل بمفرده، قولي له: إذا أردت أن تأكل بمفردك فللأكل مكان مخصص لحبيبي فقط.. وليكن منضدة ملونة بألوان زاهية توضع بالمطبخ وتحتها مفرش كبير يتلقى ما قد يقع على الأرض.
ويكون له أدوات الطعام الخاصة به إلى جانب مفرش صغير يوضع تحت الطبق بحيث تكون مساحته متوسطة تستوعب كل أدوات الطعام ولها حدود، وتأكدي أن هذه الحدود هي رمز لبناء مفهوم النظام والحدود في ذهنه مستقبلاً، وذلك حسب ما أوضحته لي أحد معلمات المونتسوري الأمريكيات.
وأعطي له المثل في كيفية تجهيز مائدة الطعام الخاصة به، فقومي بإعدادها بمفردك مرات عديدة حتى تتوصلي معه إلى طريقة لتحضير المائدة تكون محدودة الخطوات ومرتبة بشكل منطقي، ثم قومي بتجيهزها أمامه لعدد من المرات دون أن تتكلمي، ثم دعيه يقلدك في تجهيز المائدة وإذا أخطأ لا تعلقي على خطئه ودعيه يكمل التجربة للنهاية ويتعلم من خطئه، فإذا أخطأ مرة ثالثة فعاودي تمثيل الطريقة أمامه مرة ثانية.
امنعي نفسك من الانسياق وراء الشعور الذي قد يبدو فطريًّا في سيطرته على معظم الأمهات في الرغبة تجنيب الأبناء المشقة والتعب والإشفاق عليهم من المحاولة؛ فأنت بهذا تمنعينه متعة ليست من حقك أن تسلبي إياها.. متعة الاكتشاف.. متعة تحقق الذات واكتساب الثقة والاعتماد على الذات الذي يستمد منه الإنسان الشعور بالأمان في الحياة.
ــــــــــــــ(102/211)
ابني يبقى على الكمبيوتر لساعات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أود أن أستشيركم بخصوص ابني الكبير.. ولدي يبلغ 8 سنوات، فهو طيب وخلوق جدًّا.. كل أهلي وأصحابنا يتحاكون على أخلاقه.. مشكلتي معه الأساسية هي قلة تركيزه فعندما أطلب منه أي شيء ينسى فورًا.. يذهب ثم يعود ويقول لي ماذا قلت أو غير موجودة، مع العلم أنها أمامه تكاد تناديه وعندما أنبهه يضحك ويقول لي: "آه آه معلش يا ماما" حتى في دروسه، مع أنه ذكي جدًّا والمدرسة دائمًا تشكر فيه.
فهو يشارك في الفصل ولكنه بطيء جدًّا في الكتابة فأحيانًا تجده منتبهًا لك وأحيانًا نقضي اليوم كله في الواجب لا أريد الضغط عليه، ولكنني قلقة فهو يقضي معظم وقته على الكمبيوتر لا يمل منه أبدًا حتى إنه ينسى الأكل والشرب.. ليست لديه أي مشاركات أخرى أو اهتمامات سوى الكمبيوتر، ففي فترة المدرسة حددت له وقته على الكمبيوتر علّني أستفيد من الوقت في أداء الواجب، لكن الحال كما هو.. هل البقاء على الكمبيوتر لساعات أو الـ"بلاي ستيشن" يسبب السهو؟ وكيف أتعامل معه في هذه الحالة؟ علمًا أنه لا يلعب إلا مع أخيه الأصغر منه 6 سنوات فلا يوجد في العائلة أطفال في سنهم ولا يلعبون في الشارع؛ لأنه مؤذٍ ولا يعلّم إلا السلوك السيئ.
ليس لهم صديق سوى أخي وهو عمره 18 سنة يمكن أن تستغربي، ولكن أخي لا يخرج من البيت إلا نادرًا فهو الذي علمه الكمبيوتر، ويتبادلون الديسكات كأنه في سنه تمامًا، وعندما يتعبون من الكمبيوتر يلعبون مصارعة، ثم يعودون له.. أفكاري ليست مرتبه كفاية، ولكنني متأكدة أنكم ستفهمونني، فأنا أريده ينشط قليلاً، ولكم الاحترام والتقدير.
... السؤال
أطفالنا والتكنولوجيا ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن المشكلة التي تعانين منها مع ابنك هي نتيجة لانغلاق دائرة اهتماماته فنحن نحبس أطفالنا في المنازل ونمنعهم حتى من النزول في الشارع؛ لأن الشارع مؤذٍ ولا يعلم إلا السلوك السيئ.. فلا يصبح أمام هذا الطفل إلا الكمبيوتر أو التليفزيون، فيكون الشيء العادي والنتيجة التلقائية أن يرتبط الطفل بالكمبيوتر أو التليفزيون؛ لأنه وسيلة التسلية الوحيدة المتاحة أمامه، ولأنه يعتبر نافذته الوحيدة على العالم الخارجي، ثم نذهب نشكو من ارتباط ابننا بالكمبيوتر وبقائه أمامه لساعات؛ لأن النشاط البديل له هو المذاكرة وليس شيئًا آخر، فهل أتحنا لأطفالنا مجالات نشاط أخرى؟ وهل علمناهم هوايات أخرى وهم فضلوا الكمبيوتر؟
وقد كان لي تجربة شخصية مع أطفالي في الصيف الماضي، حيث قمت بالاشتراك لهم في مجالات متعددة للنشاط بدءاً من النشاط الرياضي، فاشتركت لكل طفل منهم في نشاطين رياضيين كانت السباحة هي القاسم المشترك بينهم، ثم كان لكل منهم ما يفضله من رياضة مثل كرة القدم أو الكاراتيه، وانخرطت الصغيرة في تدريب مكثف للجمباز لمدة أربعة أيام في الأسبوع، وبجوار ذلك كان هناك النشاط الفني متمثلاً في الاشتراك بفريق المسرح، ثم كان الانضمام لأحد مجموعات حفظ القرآن المناسبة لسنهم بحيث كان يومهم يبدأ من الثامنة صباحًا لينتهي الثامنة مساء في معظم أيام الأسبوع.
وهكذا كانوا يعودون للبيت وقد أصبح التليفزيون أو الكمبيوتر جزءًا من اهتمامهم أو ربما قلّ اهتمامهم به تمامًا؛ لأنهم ربما يجدون مجلات للأطفال وقصصًا تنتظرهم ليقرءوها لينتهي الصيف وقد اكتسبوا مهارات جديدة وهوايات جديدة بعيدًا عن الكمبيوتر والتليفزيون الذي أصبح جزءاً صغيرًا من اهتمامهم وسط ساعات المذاكرة؛ لأنهم رأوا وتعلموا مجالات أخرى للنشاط والتفاعل والترفيه.. هذا هو الحل العملي لمشكلة نحن السبب في إيجادها وليس الأطفال.. الحل ببساطة أن نفتح لأولادنا مجالات جديدة للنشاط تفتح أعينهم أمام عوالم جديدة فيدركون أن في العالم أشياء أخرى مهمة غير الكمبيوتر والبلاي ستيشن.
بالنسبة لما تسميه مشكلة التركيز.. فنقطة التقييم التي نحكم بها على هذا الأمر هو تقييم المدرسة والتي تذكرين في رسالتك أنها تشكر فيه وأنه مشارك في الفصل، وهذا ضد مسألة عدم التركيز التي تدعيها عليه.. أما ما يحدث في البيت من عدم استجابته لما تطلبينه منه رغم وجود الأشياء أمامه.. فهو عدم تركيز لعدم الاهتمام وليس لحالة مرضية، وكذلك ما تسميه البطء في الكتابة فهو في أيام يكون متنبهًا وفي أيام لا يكون لديه الدافع الكافي فيتباطأ ويظل طوال اليوم في أمر ينتهي في وقت بسيط.
والحل هو أن توجدي لديه الحافز بألا تتركي الوقت مفتوحًا، بل تقسمي المطلوب منه إلى وحدات تقسم على أزمنة قصيرة وتحددي حافزًا أو مكافأة في نهاية كل فترة زمنية، بمعنى أنك تحددين زمن ساعة مثلاً ينتهي فيها من كمية محددة من الكتابة والمذاكرة، وفي نهايتها يكون له مكافأة مدتها نصف ساعة مثلاً يختار فيها ما يفعله سواء كان كمبيوتر أو غيره، وهكذا كل ساعة يليها الحافز مباشرة وبهذا انكسر إحساسه بالرتابة والملل ونوجد لديه الدافع للعمل.
ــــــــــــــ(102/212)
حينما يكون العناد لاإراديًّا ... العنوان
لديّ بنت عمرها 7 سنوات، كانت ولادتها غير طبيعية، حيث ولدت لسبعة أشهر، وكانت نصف توءم، وقد ماتت أختها (النصف الآخر)، وضعت في الحاضنة لمدة شهرين، ووضع عليها جهاز التنفس لمدة أسبوعين مباشرة كان نموها متأخرًا، حيث بدأت تجلس متأخرة، ومشت في سن 3 سنوات، وكانت تعاني من شد في وتر القدم، وكانت تمشي على أطراف الأصابع، وأجريت لها عملية تصحيح.
الآن هي تمشي ولكنها غير طبيعية، تتكلم ولكنها لا تنطق بعض الحروف صحيحة، وأنا الآن أعمل جلسات في عيادة التخاطب، وهي أيضًا تعاني من ضعف في السمع ولم نكتشفه إلا متأخرًا (من 3 شهور تقريبًا)، وألبسناها السماعة، وتعاني أيضًا من طول النظر، وألبسناها النظارة منذ شهرين.
ومشكلتي معها أنها عصبية جدًّا وعنيدة وتصر على رأيها.. في هذه السنة ذهبت إلى المدرسة ولكنني قلقة عليها جدًّا على الرغم من أنها ذهبت إلى الروضة سنتين، وكان مستواها في البداية جيدا جدًّا ولكنها تحسنت وأصبح مستواها ممتازا.
أشيروا عليّ.. كيف أتعامل معها في البيت؟ علمًا بأننا نعيش في بيت العائلة مع جدها وجدتها وعماتها، ولها أخ واحد، وهي تضربه وتغار منه، فكيف أتعامل معها، خاصة أنها تمر بمرحلة جديدة "مرحلة المدرسة".
ملاحظة: في أغلب الأحيان أتعامل معها بالعصبية، وكذلك والدها، حيث إنها لا تستجيب لما نقوله لها.
... السؤال
العناد والعصبية ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أختنا الكريمة ومرحبًا بابنتك، وهنيئًا لابنتك بتفهمك ووعيك ودعمك لها وعملك على تنمية مهاراتها وقدراتها.. أعانك الله وأسعدك بها وأسعدها بك.
إن حالة ابنتك يا عزيزتي حالة متشابكة، وقد تعاملت مع أشباهها كثيرا، وتسمى حالة NEURO PSYCATRY، أي إن ابنتك تتداخل لديها مشكلات عصبية مع مشكلات سلوكية -مثل العناد والعصبية- وبالتالي فهي تحتاج للتعامل مع قاعدة الهرم، وهي علاج الناحية العصبية في المشكلة قبل السعي لإصلاح القمة وهي النتيجة السلوكية للمشكلات العصبية، فلا يصح تعديل السلوك بدون حل المشكلة الأساسية وراء هذا السلوك.
وأستعين بمزيد من التفصيل فأقول: إن ابنتك قد تعرضت للتنفس الصناعي عند ولادتها مع وضعها في الحضانة وولادتها غير الطبيعية، ورغم أنك لم تذكري لنا أو تحيطينا علما بنتائج هذا الأمر فإني أستطيع أن أجزم بكل ثقة بأن العديد من وظائف المخ الفسيولوجية والتشريحية قد تضررت من ذلك بشكل أو بآخر، وأبلغ دليل على ذلك هو تأثر مراكز السمع والإبصار لدى لطفلة. وأيضا مشيتها على أطراف أصابعها وهي حالة TIP TOE، وهذه حالة شهيرة عند الأطفال الذين تعرضوا لمثل تلك التجربة التي عادة ما يصاحبها نقص مستوى الأكسجين في المخ.
وعلى كل حال فتضرر الطفلة ليس المشكلة، وإنما المشكلة هي تحديد حجم ومستوى هذا الضرر لتحديد مقدار الدعم وكيفيته.
وتحديد حجم ومقدار الضرر يحتاج لإجراء الآتي:
أشعة رنين مغناطيسي.
أشعة مقطعية على المخ.
رسم مخ لتوضيح نشاط المخ، أو ما يسمى بالبؤرة الكهربائية.
تقييم التطور في النمو العصبي، ويجريه متخصص أعصاب أطفال، واسمه Neuro- developmental.
وطبعا أنا في حاجة لموافاتي بنتائج كل تلك الفحوص، لتقييم تأثيرها على النمو العقلي والسلوكي لدى ابنتك الحبيبة؛ فمما لا شك فيه أن سلوكا مثل العناد سببه الأساسي أن النمو المهاري والمهارات الذهنية قد تأخرت بما يعيق التواصل مع المجتمع ومع البيئة، وبما يؤدي إلى عدم القدرة على تلبية متطلبات من حولها، مما ينعكس سلبا على سلوكياتها من أجل الهروب من الطلبات أو من باب جذب الانتباه بالسيئ من السلوك طالما انعدمت القدرة على جذبه بالحسن غير المستطاع -بالنسبة لها- من السلوك.
ولا بد أن أعلمك يا عزيزتي بأن تقييم الطفلة سيتيح لنا تحديد مناطق القوة ومناطق الضعف لديها، مما يتيح لنا تقوية الضعيف بالقوي، والنهوض به إلى حد مناسب، فتحدد لطفلتك تمرينات أو ألعاب معينة لتقوية عضلة كذا، أو حركة الذراع، أو أعصاب معينة، وقد أكدت أن ابنتك تحسن مستواها بدعمها في الروضة إلى ممتاز، وأن معاونتها على التقدم تؤتي ثمارها ولله الحمد، ويمكنك الاتصال بي تليفونيا من خلال الموقع أو على بريد الصفحة لتحديد موعد -إن أردت- لإجراء هذه الفحوص في زيارة سريعة للقاهرة، ولمزيد من المساعدة الطبية المتخصصة في مجال الأطفال، أو موافاتي بنتائج إجراء هذه الفحوص لنصيحتك بما يفيدك وبما يلزم طفلتك.
وتأكدي يا عزيزتي أن ضعف القدرات لا يعني بشكل أو بآخر غباء أو تخلفا أو إعاقة ذهنية، وإنما يعني وجود قصور في وظيفة معينة، فأنت قد تجيدين الطهي لكن لا تستطيعين الحياكة، وقد تستطيعين القراءة لكنك لا تحسنين استخدام الحاسوب مثلا، وهكذا الأطفال ممن لهم تاريخ منذ الولادة كابنتك، فلديها مهارات وتنقصها مهارات، ودورنا هو تطوير الموجود والنهوض بالضعيف والناقص من المهارات.
وهناك نقطة مهمة لا بد من طرقها، وهي أن سلوكيات الطفلة في مسألة العناد والعصبية لن تتعدل كثيرا بدون تحسين مهاراتها وتطبيق برنامج متكامل للنهوض بها، ولن تتحسن نهائيا مع عصبيتك وعصبية والدها.. وهل يشفى المريض بنهره وزجره؟
وبالنسبة لمسألة غيرتها من أخيها وضربها له فالأمر مبرر بلا شك، فهو ذكر ومن المؤكد أنه -لكونه في سن جذابة ولطيفة- يحظى بإعجاب وتدليل من حوله، فضلا عن تأخرها هي في بعض الأمور والقدرات مما يقلقها ويؤذي نفسيتها فيغذي غيرتها نحوه، والأمر يحتاج لأسلوب ممنهج ثابت من التعامل، وهذا تجدينه مفصلا فيما يلي:
- احموا أبناءكم من الغيرة.
- مقاتل من أجل الحب.
وبشكل عام فسأعرض لك بعض التوجيهات العامة للتعامل مع ابنتك
في ظل وجودكم في بيت العائلة:
1-لا بد أن تكون الأوامر الموجهة للطفلة متوافقة مع مهاراتها ومع ما تستطيع القيام به.
2-لإقناعها برأي معين فلا بد من اللين والرأفة والإقناع بالمزايا أو العيوب، دون نهر أو زجر أو تشدد يسبب عنفا مضادا وعنادا.
ويمكنك الاطلاع على قواعد إعطاء الأوامر للأطفال في الرابط التالي:
- ولدي لا يطيع الأوامر
3- لا يفضل مطالبتها بالكثير، أو نهيها عن الكثير على مدار اليوم، وينبغي ألا تزيد الأوامر والنواهي والمهام التي تسند إليها عن أمرين أو مهمتين، يكفيها ذلك في تلك السن، ووفقا لهذه الظروف.
4- كل ما ذكرته لا بد أن يكون ثابتا في التعامل معها من كل الأطراف وأن يتم توجيههم بأن ذلك هو ما نصح به الطبيب، كما ينبغي نصيحتهم بعدم إثارة غيرة الطفلة بتدليل أخيها أمامها، ومراعاة مشاعرها في وجودها، وإبداء الإعجاب بها واستحسان كل تصرفاتها الحسنة.
5 – لا بد من منع العصبية تماما في التعامل مع ابنتك من قبل أبيها أو من قبلك، وستجدين الكثير عن التدريب على عدم العصبية مع الأبناء في الرابط التالي:
- جرح الحضانة أم جرح الإقصاء؟!!
6- في الرابطين التاليين تجدين نصائح مفيدة في التعامل اللطيف مع المعاندين الصغار، ولكن تأكدي أن الوضع مع ابنتك يختلف قليلا؛ فعنادها شيء لا يحتاج للعلاج السلوكي فقط، كما أشرنا:
- كنز الطاعة المفقود.. موجود
- افهم النغمة لتستمتع بها
7- لا بد من تخصيص وقت لك أو لوالد الطفلة -يمكن أن يتم ذلك بالتبادل، يوم للأب ويوم لك- بشكل يومي دوري يتم فيه اللعب معها ومشاركتها بعض الهوايات أو المهارات أو القراءة، وتابعي أهمية ذلك وتفاصيله في الاستشارة التالية:
- برنامج مميز للوقت المميز
عزيزتي لقد علمنا رسولنا الكريم أن الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم، ومما لا شك فيه أن لكل إنسان نصيبا من اسمه، وأرى أن اسمك الرائع (حليمة) لا بد أن لك به نصيبا لا بأس به من الحلم. فاعملي على زيادته بمزيد من التحلم مع الغالية زهراء؛ فهي في حاجة لحلمك ودعمك ومساندتك لها.. لا لشيء سوى أنها ابنتك، ولا أم لها إلا أنت.
أنتظر متابعتك في القريب العاجل، وأستودعك الله إلى لقاء قريب أرجو ألا يطول أمده. وشكرا جزيلا لك.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول الموضوع يمكنك مراجعة ما يلي:
- أصحاب الحق في الحياة.
- كيف أعرف مستوى ذكاء ابنتي؟
- واجه الحقيقة والنصيحة بجمل
- ضعف الفهم كيف يكتشف.؟
ولمزيد من المعالجات السابقة عن الغيرة:
- مشتقات الغيرة.. عرفت فالزم.
- مهرجان الغيرة.. العرض مستمر.
ــــــــــــــ(102/213)
حل المشكلات.. ثراء الحب والخبرات ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأساتذة المستشارون الكرام، أسأل الله عز وجل أن يجزيكم خير الجزاء لما تقدمونه لنا من نصائح وفوائد من إجاباتكم لمشكلاتنا اليومية.
لدي 3 أبناء والحمد لله، بنت 6 سنوات، وولد 4 سنوات، والصغير أيضًا ولد 15 شهرًا.
والمشكلة في الابن الأوسط 4 سنوات؛ فأنا أتضايق منه دائمًا؛ لأنه لا يعرف حل مشكلة له بنفسه، وهو دائمًا إما أن يحل مشكلته أو يكون رد الفعل البكاء.. هذا مما يضايقني أنا ووالده، وكثيرًا ما نوضح له هذا التضايق إما بالكلام أو بالضرب، وبعد ذلك نرجع للندم ونقول لن نضربه مرة أخرى، بل سنحاول معه بالتفاهم، ولكننا في تلك اللحظات لا نتحكم في أنفسنا؛ فأنا خائفة من نتيجة هذه الأساليب على نفسية الطفل مستقبلا، مع العلم أنه يتميز بذكاء شديد وكثير الكلام والأسئلة في البيت.
أما في المدرسة فإنه لا يتكلم مع المدرسة طوال اليوم إلا قليلا، وأحيانًا لا يتكلم نهائيًّا، وبمجرد الرجوع إلى البيت يكلمني كثيرا، ويقول لي بأنه لا يتحدث في المدرسة وأنه لا يريد الكلام مع المدرسة، ولكن في صيغة عناد؛ لأنني أطلب منه أن يتكلم معها.
وجهوني جزاكم الله خير كيف أتعامل مع هذا الابن الذكي والعنيد إذا كانت المشكلة فيه؟ أما إذا كانت فيّ أنا فانصحوني مأجورين، والسلام عليكم.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
أ/نيفين عبدالله صلاح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاك الله خير الجزاء على تحيتك الطيبة. وأعانك الله وسدّد خطاك على طريق التربية الصعب الممتع.
أعتذر عن تأخري في الرد على رسالتك؛ لأني رأيت أنه من الأفضل أن يعم النفع بالتعمق أكثر في مراحل تطور حل المشكلات لدى الطفل، وهو ما أفردت له موضوعًا مستقلاً في باب أب وأم على نفس الموقع؛ ليكون توطئة لما يمكننا البناء عليه وفق كل حالة. وعساك تطلعين عليه قبل قراءة رسالتي إليك.
وسيكون ترتيب اطلاعك المقترح كالآتي:
- موضوع تطور مهارات الأطفال على حل المشكلات؛ لنعرف أولاً لتطور في نمو الطفل الذي يحدد تطور القدرة لدى الطفل على حل المشكلات؛ حتى لا نظلمه ونطالبه بما هو فوق قدراته.
- ثم استشارة فن حل المشكلات؛ لنعرف كيف يمكننا أن نحدد المشكلة التي نتعامل معها بدقة.
- ثم هذه الرسالة عن كيفية تدريب الطفل على حل المشكلات.
وحديثي موجه لكل من الأب والأم معًا. (هكذا يكون دائمًا الفريق الأسري أب وأم وأبناء):
ما الذي تودان التفاهم بشأنه مع طفلكما؟
- أن يجيء ليقص عليكما ما حدث في المدرسة حرفًا حرفًا. (هل هو آمن في حالة قصه عليكما ما لا ترغبان فيه؟)
- أن يتكلم مع المدرسة التي لا يعلم إلا الله مدى حبه وتقبله لها، ولا مدى تعاملها السليم هي شخصيًّا معه.
- وتُرى هل بيئة المدرسة أو الحضانة بيئة آمنة للمشاركة أم أنه غير متقبل أصلاً لذهابه لهذا المكان؟
- وتُرى هل هناك أنشطة محببة يشارك فيها طفلك مدرسته الحوار أو المشاركة أم مطلوب منه أن يتحلى بكل لباقة الرجال، وأن يذهب هو ليفتح الموضوعات المشتركة ويتحدث ويعبر عن نفسه؟
- ثم هل تدرب على التعبير عن نفسه؟ وهل يتمتع ببيئة آمنة ينطلق فيها التعبير عن الآراء والمشاعر دون خجل أو خوف، أم في بيئة تتقبل وتتعاطف وتشجع وتدرب وتساند؟
- ما الطرق التي يمكن أن يعبر فيها الطفل عن نفسه؟ فهو إذا عبر عن نفسه داخل الأسرة فسيتشجع ليعبر عن نفسه خارجها.
كذلك ترغبان منه أن يحل مشكلاته بنفسه، كيف يعرف هذا الصغير أن يحل مشكلته بنفسه:
• هل يعرف كيف تحل مثل هذه المشكلات؟
* هل تدرب عليها؟
* هل رأى نموذجًا في الأسرة لحل المشكلات بطريق سليمة؟
* هل حكيت له بعض القصص عن حل المشكلات؟
* هل لديه ما يكفيه من خبرة ومهارة وثقة ليواجه ويجرب؟
* هل لديه الدافع ليفكر؟
* هل تترك له الفرص ليمارس فيها المشاركة في حل المشكلات؟
* وسؤالي الأخير: لماذا تضربانه: هل هذه وسيلتكما لحل المشكلة؟!
قد ذكرتما في رسالتكما أنكما توضحان لطفلكما الحبيب ضيقكما من عدم قدرته على حل المشكلة؛ بدلاً من ذلك وضّحا له كيف يحل المشكلة ودرباه على ذلك، واجعلاه يراكما عن قرب أثناء حلكما لمشكلاتكما الخاصة. فيكتسب بذلك معرفة وثقة وقربًا لازمين له.
فمن عوائق القدرة على حل المشكلات:
- قلة الخبرات والتجارب والمعلومات التي يتعرض لها الطفل.
- الخوف من الخطأ والفشل.
- عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار.
- قلة التدريب على حل المشكلات.
- قلة المشاركة في حل المشكلات الأسرية. واطلاعه على كيفية حل الآخرين لمشكلاتهم من خلال الواقع والقصص والبرامج الخاصة بالأطفال والمسلسلات التليفزيونية.
- عدم المشاركة والتعبير بحرية وأمان.
- عدم الثقة بالنفس والثقة بالقدرة على حل المشكلات.
- ولتكن التوقعات في حدود السن وفي حدود الخبرات وما ندرب الطفل عليه. إذا تدرب على الرقص رقص، وإذا تدرب على الخطابة خطب، وإذا تدرب على أي شيء أمكنه إتمامه وفق محددات:
- ما يسمح به نضجه العقلي والنفسي والوجداني والاجتماعي.
- وما يبذل من جهد في تدريبه وتعليمه.
- وما يبذل من جهد لتعرفا الطرق السليمة للتعلم.
- والطرق السليمة لمد جسور الاتصال بينكما وبين طفلكما. وما يبذل من صبر وحب يتيح بيئة آمنة للطفل ليتشرب ما تعلمانه إياه.
أصدقك الحديث عما رغبت في معرفته وسألت عنه: المشكلة ليست في طفلك مطلقًا وإنما في توقعاتنا المفرطة في أطفالنا.
والآن تعاليا معًا نتدرب وأطفالنا على كيفية حل المشكلات:
وسأصنف مشكلات الأطفال – مجازًا – لنوعين:
1 - مشكلات العلاقات مع الغير. (الإخوة، الأصدقاء...) وهو ما يلزمها:
• تدريب الطفل على التعبير عن مشاعره وقبول مشاعر الآخرين.
• البحث عن بدائل.
• التفاوض.
2 – مشكلات المعلومات (كيف أصنع - كيف أعمل – كيف أذهب...).
كيف يتعلم طفلك حل المشكلات؟
وفي خلال برنامج طفلك اليومي عدد من الأسئلة التي تومض فجأة (ماذا – لماذا – ماذا لو – هل – ماذا لو لم – كيف...): "ما أقصى مدى يمكنني أن أقذف هذه الكرة - كيف يمكنني اللحاق بها - ما الذي يحدث لو ألقيت كل الأقلام الملونة من الصندوق - هل يمكن للدب اللعبة أن يطفو - كيف يمكنني أن ألصق الأوراق الممزقة لهذه الورقة - لماذا يسقط برجي الأسود"؟.
- يبني الطفل القدرة على حل المشكلات في كل مرة يسأل الطفل هذه الأسئلة ليحدد ويبلور الطرق للحل.
كذلك يبنيها أيضًا حين يختبر ويجرب الأشياء في العالم، مثل: "المدى الذي يصل إليه الماء حين يرشه من مسدسه اللعبة...".
- كذلك حين يختار وينتقي الخامات والمواد لبناء برجه أو لعبه.
- أو حين يتعلم فض مناقشة مع صديق أو أخ حول لعبة.
وإذا نظرنا لحل المشكلات عن قرب فسنكتشف أنها تتضمن كلا من التفكير النقدي والإبداعي. كل منهما مهم لتحديد وبلورة حلول لأي نوع من أنواع المشكلات.
1- التفكير الإبداعي: يعتبر قلب عملية حل المشكلات؛ فهو يمثل القدرة على رؤية طرق مختلفة لعمل الأشياء، وتوليد أفكار جديدة واستخدام الخامات بطرق جديدة. ويعتبر الترحيب بالمخاطرة؛ وبالتجريب مركز التفكير الإبداعي.
ومن مكونات التفكير الإبداعي "طلاقة" التفكير الذي يمثل القدرة على توليد الأفكار؛ لذا اسأل طفلك أسئلة مفتوحة النهاية: على سبيل المثال:
• تخيل كل الطرق المختلفة لتذهب للمدرسة. (السير – السباحة – الطيران – السيارة – العجلة...).
• دوّن أسماء كل الأشياء التي تعرفها ولونها أحمر.
• دوّن أسماء كل الأشياء التي تعرفها مستديرة.
• تخيل كل الأشياء التي يمكنك عملها من الورق، الصناديق الفارغة، الطين...
وقد أوضحت الأبحاث أن القدرة على التفكير بطلاقة ذات علاقة وثيقة بالنجاح المدرسي فيما بعد.
وجزء آخر من التفكير الإبداعي هو التفكير "المرن"، أي القدرة على رؤية عدد من الإمكانيات (الأشياء الممكنة) أو رؤية الأشياء أو المواقف بطرق مختلفة.
فحين يتخذ طفلك من الطبق قبعة؛ أو من الملعقة ميكروفونا أو حين التفكير في أسباب حزن طفل في صورة فهو في هذه الحالة يدرب التفكير المرن لديه.
2- التفكير النقدي أو المنطقي: هو القدرة على تقسيم الفكرة وتحليلها لأجزائها. ويدرب الطفل عليه من خلال المهارات الرياضية في التصنيف والفرز؛ المقارنة بين المشابه والمختلف.. في كل مرة يحاول طفلك النظر -مثلاً– لكوبين في محاولة للاكتشاف أيهما يحتوي على كمية أكثر.. يحاول الطفل أن يتدرب على هذا النوع من التفكير.
- فشجعه واسأل:
• كم عدد الطرق المختلفة التي يمكننا بها تقسيم هذه المكعبات (باللون – بالحجم – بالشكل – بالملكية – من الأصغر للأكبر والعكس، بالنمط أحمر أزرق؛ أحمر أزرق...).
• كم عدد الطرق المختلفة التي يمكن أن تصنع برجا من المكعبات.
• كيف سيختلف شكل البناء إذا استخدمت نوعا واحدا فقط من المكعبات.
• ما أوجه الشبه والاختلاف بين كل من كوب العصير وصندوق الطعام.
• ما الشبه والاختلاف بين حذاء كل فرد من الأسرة.
- كذلك طرح الأسئلة حول الأشياء التي لا تبدو محسوسة للطفل تعتبر طريقة أخرى لتنمية التفكير المنطقي والنقدي عند الأطفال، مثل: "لماذا أرى ظلي في الخارج ولا أراه داخل المنزل؟"، "لماذا لا يمكنني رؤية الرياح؟".
وهذه تتطلب منا:
• تعريض الطفل لخبرات كثيرة قدر الإمكان.
• البناء المعرفي للطفل بالإجابة عن كل تساؤلاته من خلال أسئلة أشخاص متخصصين، الكتب، البرامج التعليمية، الدراما، الرحلات الميدانية للمصانع والمتاحف ومبنى المطافئ والإسعاف والبوليس و...
- كذلك تدريب الطفل خطوة خطوة على كل عمل يطلب منه، بتقسيم العمل لسلسلة من الأجزاء والتدريب على كل جزء (مثلاً: تنظيف المطبخ يعني: رفع الأطباق، تنظيف المنضدة، تنشيف الأكواب، كنس الأرض. دربي الطفل على خطوة واحدة كل مرة إلى أن يتقنها وشجعي المحاولات والجهد، ثم اطلبي منه تدريجيا القيام بعمل متكامل على أن يحدد له تمامًا أجزاء هذا العمل)، ووصلي له ثقتك في قدرته وسعادتك بمشاركته. وربما كانت دائمًا صيغة أسرية جماعية جميلة وحميمة تتم فيها المناقشات وتتبادل فيها خبرات الأسرة وفكاهاتها اليومية؛ اصبغي وقت التعلم بالمتعة والمرح).
- تكليف الطفل بأعمال على قدر طاقته وجهده والتشجيع على المحاولات.
- قيام الطفل بالعناية بنفسه كإلباس وإطعام وتنظيف نفسه.
- المعاونة في أعمال الأب والأم.
- تكليفه ببعض المهام المنزلية والأسرية.
- ترك المسئولية للطفل في إتمام أعماله بطريقته الخاصة، وإمهاله الوقت لذلك.
- فتح باب الاستكشاف والتجريب للطفل.
- تذكر دومًا أنه هناك عدة إجابات صحيحة لكل شيء فلا تغلق دونه الأفكار الرحبة. وشجع الطفل ليعبر عن أفكاره. هناك شيء آخر حاول تذكره عن حل المشكلات هو: إنه لطيف!
- ولذا أترك مساحة للعفوية والتلقائية.. استعد وأعد نفسك لتندهش وتتعجب، بينما تستكشف الطريقة المتميزة والمتفردة التي يفكر بها طفلك.
وخلاصة الأمر:
- الحب والأمان.
- الخبرات والتجارب.
- الثقة بالنفس. (ليعبر ويحاول).
- التدريب.. التدريب.. التدريب.. (لكل من الأهل والطفل على حد سواء).
يبقى لدينا كيفية تدريب الطفل على التفاوض، أي مواجهة المشكلات التي تعتري علاقاته مع الآخرين (الأهل – الأصدقاء – الإخوة...)، وهو ما تسمح المساحة بذكره؛ ولذا سأسعد جدًّا بتلقي مواقف محددة نتدرب من خلالها على كيفية حل المشكلات، والتفاوض مع أطفالنا وتعليم أطفالنا التفاوض، راجية من الله أن يكون فيما ذكرت بعض النفع.. ويعييننا جميعها على الوفاء بما حملنا من أمانة الوالدية.
والله المستعان.
ــــــــــــــ(102/214)
ذات السنتين.. متقلبة المزاج!! ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله.. ملخص مشكلتي مع ابنتي(سنتان) سأقولها في نقاط كالتالى:
1- مريم كثيرة البكاء على الأشياء التي تريدها حتى يتم تلبية رغبتها سواء كان الذي تريده لعبًا أو خروجًا من المنزل أو طعاما... إلخ.
2- لا تسلم على الآخرين سواء أكانوا أصدقاء لنا أو أقارب مثل عمها أو جدتها (سواء هم حضروا إلينا أو نحن قمنا بزيارتهم)، ولو حاول أحدهم أن يسلم عليها تجري منه وإن نادى عليها أحد تهمله ولا ترد عليه ولا تهتم بكلامه، ولكن إن طال بنا المكث عند جدتها مثلاً تبدأ في الكلام معها واللعب معها شيئًا فشيئًا. فإذا حضرنا في يوم آخر نجد البنت مثل سابق عهدها في التعامل مع جدتها: عدم السلام والاهتمام، علمًا بأننا نزور جدتها يومًا بعد يوم تقريبًا (أنا أضرب مثالاً بجدتها على سبيل التوضيح وهي هكذا مع الباقين).
3- مشكلة "التطنيش" كثيرة جدًّا معها فكثيرًا أنادي عليها أنا أو أمها ولا تلتفت إلينا مع أنها تكون جالسة أمامى، أو أحاول أن أعطيها شيئًا تلعب به تتركني وتذهب حتى عندما أعود من العمل لا تهتم بحضوري حتى ولو أحضرت لها حلوى.
4- أيضا هي متقلبة المزاج بدرجة كبيرة.
5- وأريد أن أوضح ما يلي: أنها تفهم كل شيء من حولها بوضوح، وتستوعب كل شيء أيضًا استيعابًا جيدًا. أقول ذلك حتى لا يتم تأويل الحالة إلى مرض عضوي أو ما شابه ذلك.
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يبدو أن ما تسميه مشاكلك مع ابنتك نابع من شعورك واعتقادك أنها طفلة كبيرة رغم أنها ما زالت ذات عامين.. هذا الاعتقاد، اعتقاد أن ابنتك تفهم كل شيء وتستوعب كل شيء، ولأنها الطفلة الأولى والوحيدة فإننا نتعامل معها تعامل الكبار ونحاسبها محاسبة الكبار، ولا مانع من أن نصفها بصفات الكبار فتقول عن طفلة تبلغ من العمر عامين متقلبة المزاج بدرجة كبيرة... ولا أدري عن أي مزاج تتحدث، وأي تقلب تقصد؟ فانفعالات الأطفال الحادة والمتغيرة شيء طبيعي في هذه السن، بل هي من صفات هذه السن، وبالتالي فإن بكاء الطفل للتعبير عن رغباته التي يجب أن تلبى في الحال.. هو أيضًا تفاعل طبيعي حيث يكون البكاء هو وسيلة التعبير الأساسية عن انفعالاته في هذه السن؛ وذلك لأنه لا يزال غير قادر على التعبير بشكلٍ كاف عما يريده أو عما يضايقه، وهكذا يعلن بالبكاء أن هناك شيئا ما خطأ حتى نتنبه.
والأطفال في هذه السن يحتاجون وقتًا حتى يعتادوا المكان والأشخاص، وهذا ما يحدث مع طفلتك، فانتقالها إلى بيت الجدة -حتى ولو كان يومًا أو بعض يوم- يخرجها من البيت الذي اعتادته واعتادت الحركة فيه واعتادت وجود أبيها وأمها فقط معها فيه، إلى بيت لم تعتده وأشخاص لم تتعودهم.. وبعد مدة تبدأ الألفة معهم والرد عليهم، وهذا أيضًا سلوك طبيعي ليس فيه "طناش" أو عدم اكتراث.
وسلوكها معك في عدم الرد عليك أو عدم الاهتمام بما تعطيه لها فيه نوع من الرغبة في إثارة اهتمامك بها، فهي تسمعكم وتريد أن تكرروا النداء كنوع من اللعب وحتى تظلوا مشدودين إليها مهتمين بها.
الخلاصة أن ابنتك الصغيرة طفلة طبيعية عادية ليس لديها أي مشكلة.. تحب إثارة الاهتمام بها حتى تشعر بحبكم.. لها انفعالاتها عادية طبيعية.. هي تستوعب على قدر سنها وتفهم على قدر سنها، ولكن هي في النهاية طفلة في الثانية من عمرها، فلا تنس ذلك، أنها طفلة.. فلا نعاملها أو نحاسبها إلا على أنها طفلة، ولا نستخدم صفات الكبار في وصفها، فللأطفال عالمهم الخاص الذي يجب أن نفهمه نحن حتى لا نخطئ في التعامل معهم أو الحكم عليهم.
ــــــــــــــ(102/215)
الحياة في جحيم أسرة مضطربة.. أخبار مفرحة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذي الفاضل الدكتور عمرو أبو خليل، جزاك الله كل خير على كلماتك التي أثلجت صدري ؛ إذ أحسست ساعتها أن هناك من يشعر بألم هؤلاء الصغار ويتمنى لو يقاضي أهاليهم؛ فهذا ما يجب أن يحدث فعلا لكل من لا يحسن القيام بمسئولية التربية.
بعد أن نصحتني بأن أوصل كلمات حضرتك بشكل أو بآخر لوالد الفتاة عساه يشعر بما يفعله بابنته، أخذت أفكر طويلا ولأيام كيف سأفعل ذلك؛ لأن حديثي مع زوج أختي في هذا الموضوع بشكل مباشر أمر مستحيل؛ لأنه أصلا لا يوجد بيني وبينه من الكلام إلا السلام، ثم كيف سيتقبل فكرة نقدي له في تربيته لأولاده؟!
المهم، لم يطل بي التفكير؛ إذ فوجئت بما كنت أتمنى أن يحصل، لقد وصلت الرسالة للأب، وبدأ فعلا بالعمل بمقتضاها.. أظن أن أبلغ أسلوب وصلت به هذه الرسالة إليه هو رؤيته لنفور ابنته الشديد من البيت ومنه هو شخصيا.. والحمد لله رب العالمين أنه قد فهم فهما صحيحا.
عرفت ذلك حين سألت أختي: ألا تقول جود بأنها تريد العودة إلى بيت جدها؟ فقالت: لم تعد تذكر ذلك إلا نادرا جدا.. فقلت لها: غريب.. فقالت: لا فوالدها قد غيّر أسلوب معاملته معها كثيرا، وأصبح يسمعها كلمات الحب والفخار بها ويدللها كثيرا، وأصبح يتجنب كثيرا المواقف التي فيها "غضب وزعيق".
والله يا سيدي، فرحتي كانت غامرة وازداد احترامي لزوج أختي كثيرا بعد هذا الموقف؛ لأنه قد عاد للصواب بعد أن تبين له خطأ ما يفعله وتأثيره السيئ على نفسية ابنته خصوصا وأولاده عموما، لقد تبين لي أنه يملك وعيا كبيرا ونفسا إن شاء الله ستدخل الجنة؛ لأنها لا تكابر.
الحمد لله رب العالمين الذي فتح قلبه للحق، وأعانه على نفسه، الحمد لله، ثم الشكر لكم أنتم يا من أعتبركم الملاذ الآمن الذي أهرع إليه كلما عبست الحياة في وجهي؛ فجزاكم الله كل خير، وأدامكم لي وللحائرين أمثالي.
كتبت لك يا سيدي الكريم فقط لأخبرك بهذا الخبر الجميل، ولأقول لك بأن جهودكم لا تضيع سدى؛ فهي إن لم تؤت نتيجة بشكل مباشر فإن الله تعالى يخلق لها الجو المناسب لتؤتي أكلها من سبل أخرى، وقد هيأ الله تعالى هذه الطفلة لتري والدها الخوف منه وبغضه وهيأ قلبه وعقله ليتلقى الرسالة واضحة تماما.
وأما سؤالي وجوابكم فما كان إلا الجهد الذي يجب أن نبذله لنصل إلى هذه النتيجة، أليس كذلك؟ جزاكم الله كل خير، وإلى اللقاء مع أخبار مفرحة جديدة إن شاء الله. ... السؤال
أسر مضطربة ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... جزاكم الله خيرا على هذه الرسالة الرائعة، والتي هي وأمثالها من الرسائل التي يحرص أصحابها على متابعتنا بتطورات الأحداث ونتائج الاستشارة.. هذه الرسائل تثلج صدورنا؛ لأننا نشعر بصدى ما نقدمه من جهد بصورة مباشرة؛ فيزداد إحساسنا بالمسئولية ناحية زوارنا، ويزداد بذلنا لمزيد من الجهد حتى تتحقق النتائج الإيجابية بفضل الله وعونه.
ولأنها من ناحية أخرى تحقق فائدة مزدوجة لرواد الصفحة، حيث يتابعون المشكلة والحل ونتائج الحل؛ فيكون ذلك أكثر فائدة، حيث يزداد اقتناعهم بما يقدم، حيث يلمسون نتائجه العملية في عالم الواقع.
نحمد الله على حل المشكلة واستيعاب الأب لأزمة ابنته، ونوافق معك على أن الجهد الذي بذلته أنت في بعث الرسالة واهتمامك بايجاد حل للمشكلة ثم جهدنا في حل المشكلة قد أثمر ثمرته، خاصة أنني أذكر أن هذه المشكلة بالتحديد قد أرقتني وأتعبتني في صياغة الحل، وبعد كتابته استشرت الكثير من الزملاء وعدلت بعض فقراته.. وظل لدي قلق لم يذهبه إلا هذه الأخبار الجميلة التي حملتها رسالتك؛ فجزاكم الله خيرا مرة ثانية، ونرجو من قرائنا وعملائنا الكرام أن يحذو هذا الحذو من أجلنا وأجلهم.
ــــــــــــــ(102/216)
تعلقه جنوني.. وقلبه أمه يعتصر ... العنوان
السلام عليكم، أيها الإخوة الأفاضل إن لابني مشكلة كبيرة؛ فعمره الآن يزيد عن 5 سنوات، وما زال متعلقًا بـ "الرضّاعة" تعلقًا جنونيًّا فهو لا يتركها من فمه ليل نهار، وكلما حاولت إبعادها عنه صرخ صراخًا شديدا، لدرجة تحس منها أنه يصل إلى درجة الإغماء.
لا أعرف إذا ما تركتها له هل تعود عليه بأثر سلبي عندما يكبر؟ من أم تائهة في سلوك صغيرها، الرجاء الحل لقلب أم يعتصر على ابنها، والسلام عليكم.
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة، وبارك الله لك في طفلك، وحماه من كل مكروه وسوء.
وقبل الشروع في الرد أود أن أؤكد على أمر مهم في مسألة التربية والتعامل مع الأطفال، وهو أن مشاعرنا كمربين تنتقل كالعدوى لأبنائنا بشكل يؤثر كثيرًا فيهم وفي نظرتهم للأشياء حولهم وفي تعاملهم معها ومعنا؛ فخوف الأم الشديد من شيء أو تعاملها برهبة مع شيء أو إبداؤها للتألم أو عصبيتها من شيء يصل عدواه بسرعة لطفلها؛ فإما أن يتأثر هو الآخر وتصبح لديه نفس المخاوف تجاه هذا الشيء (الظلام مثلاً)، وإما أن يتعمد إثارة عصبية أمه بفعل ما ثبت له أنه يغضبها كثيرًا ردًّا على تسلط ما أو حرمانه من شيء ما.
ومن الطبيعي يا عزيزتي أن يتعلق أبناؤنا ببعض الأشياء كالرضّاعة أو لعبة من الفرو، أو حتى مصهم لأصابعهم، ويظل الأمر طبيعيًّا ما دام لا يصاحبه أي تأخر في قدرات الطفل أو مهاراته أو تطوره المناسب لعمره الزمني.
ولكي يكون كلامي أكثر وضوحًا فلا بد أن تتأكدي من أن طفلك لديه:
1- قدرة مناسبة على التواصل معك ومع أفراد الأسرة، وفهم مناسب للغة العين، بمعنى أنه يفهم أن نظرتك تعني غضبا أو تحذيرا أو إعجابا، ويرد بنظرات مناسبة أو تصرفات تدل على فهمه للغة التواصل غير المنطوقة.
2- قدرة مناسبة على فهم تعبيرات الوجه (Facial Expression)، ولديه قدرة أيضًا على الرد عليها بشكل مناسب.
3- قدرة مناسبة لسنه على تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية مع أقرانه من الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء، واللعب معهم.
4- الرغبة في التعامل مع أشياء حية بنفس القدر الذي يحب فيه اللعب مع الجماد أو الكمبيوتر أو الألعاب الفردية.
وبعد تأكدك من كل هذه الجوانب -وأنت أقدر من يستطيع تقييم طفلك وقدراته ومهاراته- لا بد من موافاتنا بتفاصيلك وملاحظاتك حول هذه النقاط؛ لكي نتمكن من مساعدتك بشكل أكثر فاعلية.
كما أنه لا بد من موافاتنا بالرد على ما يلي:
1- هل يعمل الطفل بيده أو برأسه حركات معينة بشكل متكرر؟
2- هل يصدر أصواتًا غريبة لا تتناسب مع الموقف مثلاً؟ أو يتكلم بلغة غير مفهومة؟
3- هل يحدث نفسه بلغة غير مفهومة أو بأصوات غير مفسرة؟
4- هل ردود أفعاله وتصرفاته تتناسب مع ما يوجه له من أوامر؟ وهل نموه اللغوي والحركي متناسب مع سنه؟
بالطبع إن ردك على كل هذه الأسئلة سيساعدني كثيرًا في تقييم حالة طفلك، وأؤكد أنك الأقدر على تقييمه بموضوعية ودقة؛ لأنك أمه، والأهم أنه طفلك الثاني؛ وهو ما يجعل خبرتك أقوى في التعامل مع الأطفال.
وتأكدي لو أن كل ما سبق لا مشكلة فيه وليس به أي اضطراب لدى طفلك؛ فمسألة تعلقه بالرضّاعة تكاد تكون حينها أمرًا طبيعيًّا سيقلع عنه تدريجيًّا بأن يجد ما يلهيه عنه، وعليك إبعاده عنها تدريجيًّا؛ فمثلاً عند الخروج من المنزل يجب عدم اصطحابها والتأكيد على هذه القاعدة، وإهداؤه الحلوى مثلاً كبديل، ثم أكثري من الخروج معه لإلهائه عن هذه العملية، وبالتكرار سينحصر استخدامه لها في البيت وتدريجيًّا سيخف تعلقه بها، مع التأكيد على ضرورة اجتناب إيلامه أو نهره أو تهديده أو العنف في منعه من استخدامها.
وأعود وأكرر أن أفضل طريقة لإثنائه عن استخدام الرضّاعة هو إقناعه بالبديل (حلوى - مصاصة - علكة - مقرمشات...) الذي يحل تدريجيًّا محلها فيلغي أهميتها بالنسبة له بشكل نهائي.
وننتقل لنقطة مهمة جدًّا في سؤالك وهي مسألة الإغماء، فكما وضحت أن طفلك يصرخ لدرجة الإغماء -أو يبدو كذلك- وهو أمر مقلق للغاية يحتاج أن أطمئن منك ببعض الأسئلة لا بد من إجابتها، وهي:
1- هل تحدث لطفلك نوبات إغماء في حالات أخرى بخلاف البكاء والصراخ؟
2- هل تبدو في أي من يديه أو كلتيهما أي رعشة أو هزة خفيفة؟
3- عليك مراقبته عند نومه، ثم التأكد من عدم وجود حركات غريبة أو أصوات غريبة تصدر منه أثناء نومه؟
إن مسألة الإغماء جد مقلقة؛ لأنها تشير بشكل أو بآخر لاحتمال وجود نشاط كهربي زائد في المخ وهو ما يسمى (صرع)، وهو متعدد الصور والأسباب؛ لذا أحتاج لتفصيلات دقيقة أرجو منك موافاتنا بها.
أختي الحبيبة، أعانك الله تعالى في غربتك، وأرجو أن تكون الإجابة على سؤالك قد ألقت الضوء على الجوانب المظلمة التي بدت في سؤالك وأثارت انتباهك لما قد يكون غير واضح من تفاصيل في حياة طفلك، بما قد يعينك ويعيننا على مزيد من القدرة على مساعدته وتدعيمه.
أنتظر إجاباتك على أسئلتنا وموافاتنا بالتفاصيل اللازمة، فلا تستسلمي للألم والحزن على طفلك وتسمحي لهما باعتصار قلبك، بل حاولي مساعدته والعمل على تحسين حالته. أستودعك الله عز وجل، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/217)
تعلم الروسية أولًا أم العربية؟ ... العنوان
السلام عليكم، أنا فلسطيني درست الهندسة في روسيا، وزوجتي روسية درست في كلية الآداب في جامعة الكويت تخصص أدب عربي، وقد تعارفنا في الكويت وتزوجنا وأنجبنا، ونحن نريد لطفلنا أن يتقن اللغتين العربية والروسية، وكلانا يجيد الاثنين، وغالبا ما نتحدث في البيت بالروسية، أما مع أهلي الذين نزورهم يوميا فبالعربية.
والسؤال هو: هل الأفضل للطفل أن يتعلم العربية في البداية، ثم الروسية، أم يمكن أن يتم الأمر بالتوازي كما هو حالنا أن نتحدث معه في البيت بالروسية، وهو سيتعلم العربية من الأهل والجيران وعموم الناس؟
... السؤال
التربية الناجحة ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي الكريم من الأرض الغالية، وربما تناولت سؤالك الذي طالما تناولناه على صفحتنا من زاوية جديدة، والسبب أمران:
أولا: أن جنسية الأم مختلفة وليست عربية.
ثانيا: أنكما -أنت والأم- تعيشان في بلد عربي وتجيدان اللغتين إجادة تامة، ولا داعي أو اضطرار أن يتعلم الطفل الروسية كما الحال في المشكلات التي تصلنا من المغتربين مثلا.
إذن فمشكلتك لا يوجد بها -كباقي المشكلات التي تعرضنا لها بالنسبة لمسألة تعدد اللغات- عامل كون الطفل في مجتمع ينطق بلغة غير لغته الأم؛ فيضطر الوالدان لإعداده للخلطة بهذه اللغة الجديدة، فضلا عن حيرتهما عن إتقانه للغته الأم، ولا يوجد بها مشكلة عدم إتقان الأم للغة العربية.. وإنما كل المشكلة أنك تحتاج للقناعة بأن لغتك الأم العربية لغة الفن والذوق هي الأولى بالإتقان؛ لأنها الأثرى والأثمن والأفيد لطفلك أن يتعلمها.
نعم يا أخي سيكون مدخل تناولي للأمر بعيدا عن التخاطب، وإن كنت سأعرض وجهة النظر العلمية في الأمر بلا شك، ولكن سأركز بشكل أكبر على مزايا إتقان طفلك للعربية وتذوقه لها بل وحفظه للقرآن وإسماعه له منذ سن صغيرة، وإرجاء مسألة اللغة الروسية بحيث تعلمها له أمه لاحقا أو يتحدث بها في البيت معكما أو كيفما يتراءى لكما أو حتى على التوازي مع العربية، ولكن يا أخي العربية أولا.
من المعروف من الناحية العلمية أنه يجب أن يتعلم الطفل لغته الأم أولا، ويتقن النطق بها وتكوين جمل بها، ثم نبدأ في إدخال لغة مختلفة له، مع تعليمه اللغتين على التوازي، بمعنى ألا يتعلم اللغة الثانية ويترك الأولى اعتمادا على إتقانه لها، بل يتم تعليمه اللغتين بنفس القوة وعلى التوازي، وهناك أطفال كثيرون يمرون بسلاسة خلال تلك المرحلة ويتقنون اللغتين.
وهناك من يحدث لديهم إرباك يحتاج التمسك بلغة واحدة -وهي اللغة الأم طبعا- لفترة ثم محاولة إدخال اللغة الثانية من خلال اللغة الأولى، بمعنى أن يتعلم مثلا "أن هذه قطة ويقال لها بالإنجليزية مثلا cat، أو أنا ألعب وبالإنجليزيةI am playing "، وهكذا يتدرج إتقانه للغة الثانية من خلال القنوات الأربع لاكتساب اللغة (قراءة- كتابة- تحدث- استماع) حتى يصل لمرحلة الإتقان التام.
ونعود للغتنا الجميلة فأقول لك لقد ثبت علميا أن الطفل حين يسمع منذ سن صغيرة موسيقى الموسيقار الشهير "بيتهوفن" مثلا، ثم يتعرض للسماع حين يكبر لموسيقى "نشاز" أو سيئة فإنه يستاء وينفر منها ولا يستطيع تذوقها لاعتياده على الشكل الراقي المنظم للموسيقى.
وقد تم الاستدلال بتلك الحقيقة على أن اللغة العربية بجرسها الموسيقي المنتظم وحروفها الرنانة، وخاصة في القرآن المرتل يتذوقها الطفل وهو بعد لم يتقن الكلام، وأن تذوق اللغة في السن المبكرة تضبط لسان الطفل ومخارج حروفه وتجعله ذواقا للغة ذا أذن موسيقية تستطيع تبين الغث من السمين والقوي من الركيك.
إذن فما أريده أن يصلك أن يتعلم طفلك العربية أولا، وأن تشغل له شرائط القرآن الكريم منذ سنه الحالية حتى يكون أول كلماته، وأن تبدأ في تحفيظه القرآن منذ سن صغيرة، ثم بعد ذلك يمكنك تعليمه الروسية.
بالطبع لقد عرضت لك وجهة النظر العلمية في الأمر والتي لا تتعارض -بل تدعم- ما نصحتك به، وعليه فأرجو أن أكون أجبت بشكل كافٍ ووافٍ على سؤالك، في انتظار تعقيبك ومتابعاتك، وشكرا جزيلا لك.
ــــــــــــــ(102/218)
التوءم المشاغب.. رسالة للأب الغائب ... العنوان
أنا أم مثقفة ولدي 4 أبناء أكبرهم حبيبة 7 سنوات، ثم توءم إبراهيم وإسماعيل 5 سنوات، وقد ولد التوءم بعد 7 شهور من الحمل، ثم إسلام وعمره عام ونصف، ومشكلتي تكمن في أن والدهم سافر للعمل في بلد عربي، وأتحمل أنا المسئولية وحدي تماما؛ وهذا يجعلني عصبية، خاصة في معاملة التوءم؛ لأنهما دائما الشجار قبل وبعد العودة من المدرسة ولأسباب واهية؛ وهو ما يجعلني ألجأ إلى العنف معهما، خاصة أثناء المذاكرة.
قد جربت كل أنواع الثواب والعقاب من حرمان أو الامتناع عن الحديث معهما إلى أي وسيلة أخرى دون أي استجابة، علما بأن ابنتي مطيعة ومريحة جدا، وهي نعم العون لي؛ فأرجو إفادتي عن أفضل وسيلة للتعامل معهما في ظل هذه الظروف، مع اعتبار أن ابني الصغير شديد الالتصاق بي؛ وهو ما يعيقني عن أفعال كثيرة، وأحيانا من فرصة للجلوس معهم.
... السؤال
الطفل المشاكس ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدتي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اسمحي لي رغم الضغوط الواقعة عليك والتي تشتكين منها ألا أجيب عن السؤال الذي طرحته بنهاية رسالتك؛ وأعول في ذلك على ما وصفت به نفسك من أنك أم مثقفة، أي أنك تدركين مشكلتك جيدا وتعرفين الحل بناء على ذلك.
وكل ما يمكن أن أقوله لك بأنك على صواب في تشخيصك وتوصيفك الصادق للمشكلة وفي بحثيك عن الحل؛ لأن التوصيف الصحيح جزء من الحل.. البداية فعلاً هي في غياب الأب وتحملك الكامل للمسئولية، وهو ضغط شديد وزائد، وهذا نتج عنه عصبيتك التي تعني ببساطة أن ردود أفعالك تجاه الأمور العادية ستكون أشد، وأن قدرتك على التحمل ستكون أقل؛ وبالتالي سيكون العنف هو الحل الذي يبدو الأسهل، ولكنه يتحول إلى دائرة مغلقة من العناد والمزيد من العنف.
خاصة أن هذا التوءم ليس هو الوحيد الذي يحتاج للرعاية؛ فطفلك الصغير الذي ما زال ملتصقا بك، وحتى طفلتك المريحة تحتاج للرعاية، فأين الحل؟ هل المشكلة حقًا في هذا التوءم المشاغب دائم الشجار.. أم المشكلة في الوضع الذي وجدت نفسك فيه مسئولة عن هؤلاء الأطفال الأربعة بدون أب يساعد أو يتحمل جزءا من المسئولية؟ هل توءم الذكور ذو الخمس سنوات ننتظر منه غير ما نسميه نحن الشجار ويسميه هو اللعب؟
إنهما ذكران من نفس السن يحتاجان للعب معا، وعندما تستخدمين العنف معهما فإنك في الحقيقة تفعلين ما تنهيهما عنه.. لا تتشاجرا ثم تتشاجرين أنت معهما.. لا ترفعا أصواتكما، ويرتفع صوتك، والعلاقة في معظمها صراع لا ينقطع؛ فأنت لا تجدين الوقت الكافي للجلوس واللعب الطبيعي معهما وإعطائهما الجرعة الكافية من الحب والحنان الذي تحتاجين أنت أيضا إليه وتشعرين بفقدانه مع غياب الزوج.
هل تريدين الحل الحقيقي الواقعي الفعلي.. هو أن تلتحقي بزوجك فإن لم يكن ممكنا فليلتحق هو بكم ليعود للأسرة استقرارها، وعندها سترين أن التوءم طفلان عاديان يعيشان طفولتها يلهوان ويلعبان، وتستطيعين عندها تحملهما ولن تستخدمي العنف معهما.
إن ما ترينه من تحسر وتعثر العلاقة مع التوءم هو البداية لمشاكل تربوية عديدة في التعامل مع أطفالك نتيجة لغياب الأب وانقسام الأسرة.. ليس هذا وضعا طبيعيا، لا بد أن يجتمع شمل الأسرة حتى تعود أسرة صحيحة سوية.
إن انقطاع الأب عن أسرته من أجل الادعاء بتأمين مستقبلهم المادي ينتهي بأن تفقد هذه الأسرة استقرارها العام في سبيل احتمال استقرار مادي قد يحدث أو لا يحدث.. عندما تتخذان هذا القرار ستهدأ أعصابك؛ لأنك تشعرين أنك ستعودين إلى حالة الاطمئنان، وعندها ستهدأ انفعالاتك مع توءمك الجميل.
بالطبع يا سيدتي أنت وزوجك الأعلم بظروفكما، لكني لا أملك إلا أن أصدقكما القول من واقع ما عاينت من مشكلات في أرض الواقع في الحياة أو على هذه الصفحة وأتركك مع بعضها. وتابعينا بأخبارك.
ــــــــــــــ(102/219)
الوعي بالغيرة أول العلاج ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعزائي القائمين على الموقع هذه المرة أنا لا أبحث عن تبرير لسلوك معين من طفلتي فأنا تقريبًا أضع يدي على أبعاد المشكلة، ومن خلال قراءتي المتواصلة لموقعكم الرائع أكاد أعرف الحل، ولكني ما زلت أشعر بالحاجة إلى الحديث إليكم؛ لأني أعلم أن عندكم دائمًا الأكثر.
ابنتي الكبرى كانت نعمة من الله تلفت انتباه الجميع لذكائها واستجابتها السريعة لأسلوب اللين والتفاهم وتفوقها في حفظ القرآن، فنحن ولله الحمد لم نلجأ في تربيتها أبدًا للعنف أو القسوة، ولكن من حوالي ثلاثة أسابيع انقلبت هذه الشخصية تمامًا، حيث أصبحت فجأة سلسلة من المخالفات والأخطاء "تبصق في الطعام، تضع يدها في أنفها، تخلع ملابسها كلها بدون داع، تتعامل بعنف مع الآخرين"، ولا تستجيب أبدًا لنهري لها، علمًا بأن هذه الأخطاء لم تكن معتادة منها ولم تعاقب عليها مطلقًا، كما توقفت عن حفظ القرآن تمامًا، ورفضت تسميع ما تحفظ، كما أنها كانت معتادة أن تزور صديقاتها من الجيران، وكانت تمكث ما لا يزيد عن 10 دقائق ثم تطلب من صاحبة البيت المغادرة وتعود، وذلك بعكس بقية أصدقائها الذين كانت أمهاتهم تستعمل معهم أساليب الترغيب والترهيب ليغادروا منزلنا.
وكان هذا يسعدني لأني أشعر أن ابنتي تحب منزلها ولا ترضى به بديلاً، ولكن حتى هذه العادة فقدتها في الفترة الأخيرة، ورغم أن الجميع أسرعوا إلى التبرير السهل وهو أنها "محسودة"، فإنني حاولت أن أبحث عن نقاط الاختلاف أثناء حياتنا في الفترة الأخيرة ووجدتها كالآتي:
1- ابنتي الصغرى في شهرها الثامن عشر، ولا يخفى عليكم ما يتمتع به طفل هذا العمر من قدرة على جذب الأنظار.
2- قضينا بعض الأوقات في بيت الجدات وهما يفضلان دائمًا السن الصغيرة.
3- ابنتي الصغرى تعاني من بعض الألم بسبب عملية ظهور الأسنان، مما يضطرني إلى حملها باستمرار.
أي أن هذه التصرفات ليست سوى نتاج للغيرة، ورغم أنها لم تصدر منها أي تصرفات عدائية ضد أختها، فإن ما أكد لي هذا الشعور هو أنها طلبت مني أن أرضعها مثل أختها.
لقد مرت ابنتي بأوقات كثيرة مثل هذه منذ ولادة أختها، وكنت ولله الحمد أمتص ذلك بزيادة الاهتمام بها، ولكن هذه المرة هي ترفض أي اهتمام، فإذا اقترحت عليها أي لعبة نلعبها سويًّا تقول "لا" وتطلب مني أن أشغل لها الكمبيوتر أو أن أسمح لها بالذهاب عند أصدقائها، وإذا رفضت تصرخ وتبكي مما يجعلني أشعر أنني أزيد الحالة سوءاً.
أعلم أن عليّ أن أصبر وأحاول أن أعطيها أكثر، ولكن مشكلتي تكمن بأن الأخت الصغرى أيضًا من حقها أن تلقى الحنان والاهتمام وأنا تقريبًا أقضي معهما اليوم وحدي؛ بسبب انشغال الأب وظروف عمله.
أرجو أن أحظى منكم برد يقدم لي بعض الحلول لأتخطى هذه المرحلة وتعود لي طفلتي الجميلة.
... السؤال
غيرة وشجار الأشقاء ... الموضوع
أ/دعاء ممدوح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الحبيبة، ومرحبًا بك، وجزاك الله خيرًا على ثقتك ومجاملتك وصداقتك، وكل ما منحتنا إياه في كلمات مركزة من تأييد وحب. ونبدأ بالاعتذار عن التأخير في الرد، ونرجو أن نتبع سيئة التأخير بحسنة تمحوها، ولعلّ تقديم ما نوفق إليه من حلول يكون تلك الحسنة.
عزيزتي.. رغم عدم تحديدك لسن ابنتك الكبرى فسأفترض أن عمرها وفقًا لبيانات سؤالك وما رويته عنها من حفظ والقدرة على اللعب بالكمبيوتر وخلافه، وليكن (4-5 سنوات)، ودعيني أبدأ حديثي معك بأن وعيك البادي في كلماتك ينبئ بيسر واضح في الوصول لحل المشكلة، فأنت تتفهمين أسبابها، ولديك فكرة كافية عن علاجها، والمشكلة في أنك تجدين ما طبقته من أساليب في معالجة الغيرة غير مجدٍ إلى الآن في تحسن حالة ابنتك.
ولقد ظللت أفكر في السبب برهة؛ فتوصلت لسبب هام.. تخيلت نفسي مجروحة من أكثر من طرف لسبب ما؛ فأهانني ذلك (من أقارب زوجي مثلاً)، وتجاهلتني تلك وتعمد غيرهما عدم مجاملتي أو الإطراء على ما أستحق الثناء عليه، كل ذلك على مرأى ومسمع من زوجي -مثلاً- الذي لم يحرك ساكنًا، أو يحاول الذود عني أو مؤازرتي أو مرافقتي في وحدتي رغم الزحام، فماذا يكون رد فعلي حين يجيء ليعتذر لي -بشكل غير مباشر- بعد أن مزقتني تلك التصرفات كل ممزق؟ هل سأستجيب له بسهولة؟ هل ستداوى جراحي بين طرفة عين وانتباهتها؟
أعتقد أن الإجابة ستكون "لا" بكل تأكيد.. فلكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه كما تؤكد قوانين الفيزياء، ورد فعل ابنتك يساوي في القوة ما تعرضت له من جروح، وهو ما يحتاج لكثير من الصبر والفن والحنان للتغلب عليه.
إذن فمحاولاتك اللعب معها وإن كانت إحدى خطوات العلاج، فإنها ليست هي العلاج كله، فطفلتك في حاجة للكثير من الوسائل المتنوعة والمتجددة لحمايتها من غيرتها، ويمكنك مطالعتها فيما يلي:
- احموا أبناءكم من الغيرة
- كيف استعيد حب وثقة ابنتي؟
وحين ترفض ابنتك مرافقتك وتحب اللعب بالكمبيوتر -مثلاً- فلا ينبغي أن ترفضي، بل قولي لها بود وحب صادقين: "هل الكمبيوتر أفضل من ماما؟!.. على كل حال سأفتحه لك لتلعبي قليلاً وأنتظرك حتى نجلس معًا بعده".. وحين تريد الذهاب لصديقاتها.. لا ترفضي، بل قولي لها أن تذهب ثم تعود بصديقتها ليلعبا سويا، فلديك مفاجأة بلعبة لم يلعبانها من قبل، وبالفعل حاولي التفكير في لعبة ممتعة تديرينها بينهما، ولا مانع من إشراك الصغيرة تدريجيًّا في اللعب معهما -برغبتهما بالطبع- حتى تزول الحواجز وتلتئم الجروح.
ويهمني أيضًا لفت نظرك إلى غرس الحب بين ابنتيك، فحاولي باستمرار لفت نظر الكبيرة إلى حب الصغيرة لها واشتياقها لها، وبكائها عند فراقها، وكم تحبها لأنها حنونة وذكية ولطيفة، واستغلي الفرص التي يمكنك من خلالها التعليق على حب الصغيرة لأختها "تكثر الصغيرات من تلك الحركات من التمسح والتقبيل والتبسم"، وحاولي لفت انتباه الكبرى إلى -وحث الصغرى على- حركات لطيفة من إرسال قبلة في الهواء مثلا لأختها، وذلك عند عودتها من الخارج أو عند خروجها، ومعانقتها، واحك لابنتك عند عودتها عن اشتياقك وأختها لها، فهي تنير البيت وبدونها لا بهجة فيه، واحرصي دائمًا على إشعارها باحتياجك لها ولحبها وضحكاتها.
والأهم من ذلك هو أن تنال ابنتك قدرًا كافيًا من رد الاعتبار أمام من فقدت اعتبارها أمامهم، فتحترم وتمدح ويثنى عليها وعلى ذكائها وجمالها وأدبها، وحب أبيها لها، ويمكن أن تتفقي مع الأهل على زيادة جرعة الثناء والمدح والعناق والتقبيل والتدليل لابنتك الكبرى، بغير إهمال الصغرى بالطبع.
ويمكنك الاطلاع على ما يلي للاستزادة حول تلك الجزئية:
- مقاتل من أجل الحب
- احترم طفلك يحترم نفسه
ولا تنسي أيتها الأخت الكريمة أمرًا غاية في الأهمية، وهو أن ابنتك لن تستجيب لمحاولاتك من أول مرة أو تتبدل أحوالها مع أول محاولة، بل إن الأمر لا بد أن يستغرق وقتًا والأهم ألا تنتظري النتائج، وأن يكون لديك الهمة لإسعاد ابنتك ومداواة آلامها وجراحها قبل أملك في استعادتها واستعادة سهولة التعامل معها، فالأهم أن تستعيد هي نفسها وتجمع شتات أمرها وأشلاء مشاعرها لتنتصب واقفة مرة أخرى في أرض ثابتة من الحب والحنان والتفهم والصدر الرحب الواسع لاستيعاب حتى تمردها، والأمر يعتمد أيضًا على مقدار حرارة العلاقة بينكما.
هل وصلتك وجهة نظري؟
إن ما أريده أن تتحول شكواك من تململ لتمرد ابنتك أو ضيق لتصرفاتها أو جزع في انتظار تبدل أحوالها لتعود المياه لمجاريها -مما يدفعك دفعًا لتطبيق مقترحات علاج الغيرة بميكانيكية وتلهف للنتائج- أريد أن يتحول كل ذلك إلى مؤازرة لها في أزمتها هي، ومعاونة لها على الاستمتاع بحياتها بظروفها الجديدة.. وأُذن خير لكل ما يعتمل بصدرها من آلام أو مشكلات.. إنها الفرصة السانحة لعلاقة صداقة حميمة مع ابنتك سترسخ للأبد، فالصديق هو من تجده عند الضيق، وهو ما سيترسخ في مشاعر ابنتك.. إنها وجدتك وتجدك دائمًا عند الضيق، فأنت الحائط الراسخ الذي تستند إليه وتستريح من متاعبها وآلامها.
ومما لا أشك فيه أن تعاملك مع الطفلة من هذا المنطلق سيؤتي ثماره بإذن الله تعالى بشرط ألا تنتظري ذلك -كما قلنا- وإصرارك على مرافقتها ومصاحبتها وحبها سيعينها حتمًا، فقط حاولي الابتكار في التعامل مع نفورها، كالزوجة التي تتفنن في استعادة زوجها من براثن امرأة أخرى، فمرة تثيرين شفقتها عليك "هل تتركين ماما؟!" ومرة تطلبين منها سماع شكواك "تعالي يا حبيبتي أريد الحديث معك قليلاً عن أمر يضايقني"، وتارة أخرى تصرين على الإمساك بكفها أو كفيها حتى في التجول داخل البيت مع الغناء مثلاً أغنية تدل على الصداقة... والمزيد متروك لبنات أفكارك.
عزيزتي.. أرجو أن توافينا بالمزيد من الأخبار عنك وعن تطورات ابنتك وسننتظر رسالتك التالية قريبًا.
وقبل أن أغادرك على أمل باللقاء.. أوصيك بالدعاء لابنتك، فدعاؤك لها مستجاب وأيامنا تلك أيام نفحات؛ فادعي لها بالسعادة في الدنيا والآخرة وادعي لها أن يشرح الله صدرها وأن يرزقك برها ويرزقها رضاك عنها.. وأن يصنعها على عينه.. ولا تنسينا في صالح دعائك.
ــــــــــــــ(102/220)
المراهقة.. توجيه فوران البركان ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أود أن أشكر القائمين على هذه الصفحة لمجهودهم الطيب، جعله الله في ميزان حسناتهم، وإلى الأمام بإذن الله.
أنا أم لفتاة في عامها الرابع عشر، مشكلتها أنها عنيدة جدًّا، فهي ترفض ارتداء الحجاب مع أنه فرض لأمثالها، والحقيقة أن الله قد حباها بجمال رائع أخاذ يبهر من يراها ولله الحمد، وهو ما زادني على حثها لارتداء الحجاب، وزادها بالمقابل عنادًا وإصرارًا على عدم ارتدائه.
كما أني لاحظت أنها تحب ارتداء الملابس الضيقة والقصيرة عند الخروج، وحينما نمنعها من هذا تصرخ وتمتنع عن الخروج وتلجأ إلى غرفتها، ومن الأشياء التي تضايقني بابنتي أنها تبتسم في وجه بعض الصبية، رغم أننا أسرة محافظة، ولا نترك لها فرصة للقاء الصبيان والحديث معهم.
أفيدوني جزاكم الله وأرشدوني إلى الطريقة التي أعامل بها ابنتي كي تمشي على النهج القويم إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ. صفاء فريد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الفاضلة الأم السائلة، بارك الله لك في ذريتك، وجعل منها الخلف الصالح إن شاء الله، وحتى نكون ممن يعقلها ويتوكل، فلا بد من كافة الأسباب المبذولة للوصول إلى كل هدف سامٍ في تربية الأبناء؛ لذا أنصحك أختي الفاضلة بما يلي:
(1) أشرت إلى عمر ابنتك، وبداية المرحلة التي تغيرت معها، ولا بد أنك توصلت في عقلك إلى مفهوم سن المراهقة التي تعتبر سنًّا مهمًّا في تشكيل حياة الفرد، وإعطاء صورة لمستقبله. ولعلك أختي الكريمة قد قرأت وتعرفت على خصائص المراهق في هذه المرحلة، وأنه بلا شك من خصائصه الانفعال السريع والحساسية والاعتداد بالنفس، وكل من يعارضه في عقليته ونفسيته فهو عدوه بمقياسه لا يستحق سوى السب والشتم والإهانة، وهذا يعطي مؤشرًا واضحًا للتصرف الأكثر سوءًا في نظرك وهو مداومة هذه الفتاة على السب والشتم.
وأرجو أن ألفت انتباهك إلى جملة من النصائح لكيفية التعامل معها:
أ - تحيني الفرصة الطيبة المناسبة للحديث معها حول موضوع السب والشتم. تحيني هذه الفرصة عندما تكون هادئة وتتحدث معك بحب وصراحة، تحدثي معها بنفس الأسلوب واطرحي أمامها القصص الرائعة في تاريخنا الإسلامي حول حفظ اللسان من الزلات، لا سيما مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم.
ب - أرجو ألا تكون هذه الابنة قد اكتسبت عادة السب والشتم من الوالدين في البيت، وإلا فالوضع صعب، فيكف يمكننا إقناعها بعدم فعل شيء لم نمتنع عنه نحن، وأقصد بهذا كيف يمكن لها أن تبتعد عن الشتم وتستمع إلى نصائح الكبار، وهي تسمع الكبار يشتمون ويسبون. ولك في هذه النقطة أن تشعري أنك تخضعين لقوانين الحياة، فكما أنك لا تستطيعين تغيير نفسك بسرعة، وكذا لا أطلب من ابنتي أن تغير سلوكها مباشرة.
جـ - من اللطيف أحيانًا أن نفتح قنوات للحوار الهادف مع أبنائنا حتى نستطيع أن نصل إلى طرق تفكيرهم، ومبرراتهم للتصرف، ويشترط في بدايات الحوار مع أبنائنا أن نكون مستمعين أكثر من متحدثين وآمرين وناهين، ونترك لهم حرية التعبير عن أنفسهم، ولا نتسرع في إطلاق الأحكام العامة والسريعة، ولعل الحوار الهادف أول خطوة يجب أن تبدئي بها مع ابنتك، فإن تواصلت معها كان من السهل جدًّا أن توصلي لها قناعاتك حول الألفاظ التي تستعملها مع أختها.
د - أثرت انتباهي إلى أن الأخت الكبرى أكثر ذكاء من الصغرى، ولعل هذا تقييمك أنت والأسرة لها، وقد لا تكون هي نفسها مقتنعة بأنها أفضل؛ فالغيرة تكمن بداية بعدم قناعة الشخص بذاته، فهو لا يقدر ذاته ولا يرقى بذاته فيحترمها، وبالتالي فسيرى غيره مهما كان أفضل منه.
حاولي أن تتحسسي تقديرها لذاتها، وارفعي هذا التقدير.
هـ - لا أعتقد أن هذا وضع ستكبر البنت عليه؛ لأنها -كما أسلفت- تمر بمرحلة تختلط فيها العواطف وتهيج، وبالتالي ستحب كثيرًا وستكره كثيرًا، وبعد انتهاء المرحلة ستعود الأمور بإذن الله تعالى إلى طبيعتها.. فالصبر الصبر.
و - أرجو ألا يكون اليأس من الحل هو أقصر الطرق لإنهاء المشكلة، فيجب ألا نستسلم من بداية الطريق، وأقصد بالاستسلام أن أجرب الأسلوب مرة واحدة ثم أقول بأنه لا ينفع، فما تقومين به من تقديم هدايا من الأختين لبعضهما أو تحمل المسئولية أمر في غاية الأهمية، ولكن ليس بالضرورة أن يكون العلاج معه مباشرة ومن أول مرة. وتذكري أن الدواء نشربه نفسه ولكن بجرعات، وقد يكون لأيام وقد يكون لأسابيع وقد يكون العمر كله، والهدف منه الشفاء، وكذا الأساليب التربوية فنحن بحاجة لها دائمًا للكبار وللصغار، وفقك الله سبحانه في تربية أبنائك.
سيدتي الفاضلة.. كان هذا رد الأستاذة صفاء فريد التي حاولت أن تضع معك الخطوط العامة للعلاج وخلفية هذا العلاج.
أما عن العلاج التفصيلي لكل نقطة من النقاط التي طرحتها في سؤالك، وحاولت أن تضع الأستاذة صفاء لها إطار الحل.. فقد طرحناه في معالجات سابقة يمكنك الاطلاع عليها عبر النقر على الروابط التالية، آملين في متابعتك لنا بنتائج تطبيق ما جاء بها من اقتراحات
ــــــــــــــ(102/221)
حكمة الموت.. ما لا نعلمه لأطفالنا ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أنا أم لابنة تبلغ من العمر 14 عامًا، لاحظت أنها أصبحت منطوية ومنعزلة عن العالم الخارجي بعد وفاة جدتها لأبيها، وقد جربت معها العديد من الوسائل التي لم تُجدِ نفعًا، فحينما أفاتحها بخصوص هذا الموضوع تثور وتصرخ في وجهي، أرجو أفادتي، وشكرًا. ... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختنا الكريمة، ومرحبًا بك وبابنتك وبأسرتك جميعًا، وأبدأ حديثي معك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم للمصاب بفقد أحد أحبته بأن يدعو الله عز وجل قائلاً: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف علي خيرًا منها"؛ فالموت ابتلاء يبتلى به المرء في فقد عزيز لديه، لكن استمرارية الحياة وعدم توقفها عند هذا الابتلاء هو المحك الحقيقي لقوة عقيدة الإنسان.
ولعلي أقصد من هذا المدخل الإشارة إلى ما نفتقده أحيانًا في تربية أبنائنا وهو التربية الدينية التي ترتكز عليها اليوم وغدًا أصول عقيدة الشباب وتصرفاته وأحاسيسه ونظرته للحياة والموت والواقع المحسوس والمجهول ومعنى الفضيلة والرذيلة، وإجمالاً حقيقة الأشياء والمشاعر التي يشعر الفرد المؤمن أن عينًا ساهرة ترقبها.. فيضبطها كلما حادت.
يا عزيزتي، إننا غالبًا ما نجنب أطفالنا في صغرهم حضور أو مشاهدة أو حتى الحديث عن أي شيء يخص الموت، ونظل نهرب منه -أحيانًا- ظنًّا منا أننا نحميهم من الخوف والحزن كلما حاولوا أن يفهموا شيئًا عن الموت أو أين يذهب من مات؟ أو لماذا يموت؟ حتى نملأ جوفهم رعبًا من هذا الشيء المخيف الذي لا نود حتى ذكره، وهو ما ينعكس سلبًا على تعاطي أطفالنا مع الموت أو فقد أي عزيز.. كما حدث مع ابنتك، فبدأت في التمرد على فكرة الموت ورفضها والسخط عليها، ثم انطوت وانعزلت.. وربما تطور الموضوع.. رغم أن الجدة متوقع -مع كبر السن- أن تنتقل لجوار ربها في أي وقت.
وربما يفسح المجال في موضع آخر للحديث عن كيفية تربية الطفل على تقبل فكرة الفقد والموت، وملء أعماقه بالاطمئنان والرضا اللذين يقتلان القلق والشكوك حول مسألة الموت؛ وهو ما يضمن له تعاملاً أكثر هدوءًا مع هذه الحقيقة.. لكن الآن سيكون حديثنا عن كيفية التعامل مع ابنتك بعدما حدث لها، ومحاولة تصحيح فكرتها عن الموت، ومشاعرها تجاهه، والتخفيف من آثار هذه المعاناة التي تعانيها بعد وفاة الجدة.
أولاً: لا بد من وضع قواعد تحكم التعامل مع الأبناء حتى في ظل الغضب أو الخوف أو الانزعاج، وهذا أمر بديهي في تربية الأبناء؛ فهناك حدود لا يتخطاها الابن الغاضب أو الابنة الحزينة وهي في إطار "فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا"؛ فالثورة والصراخ في وجهك أيتها الأم الحبيبة لا علاقة لهما بالانطواء أو الانعزال، ويكفي التنويه بشكل حنون وحازم في أكثر من موضع عما يمكن أن يتم التجاوز عنه وما لا يصح التجاوز عنه من أسلوب التعامل مع الأم والأب.
ثانيًا: ربما يكون هناك أمر ما من علاقتك بحماتك رحمها الله تجعل ابنتك تشعر بأنك غير حزينة على جدتها التي كانت تحبها؛ ولهذا فهي تغضب عند مفاتحتك أنت بالتحديد لها في الأمر؛ فهي تشعر أن حبك لها غير كافٍ أو غير حقيقي، وبالتالي فليس من حقك أن تتحدثي عنها بعد وفاتها ويكفيها أنها ماتت ورحلت؛ لذا فإن كان الأمر كذلك فأنت في حاجة لأمرين:
- ألا تفاتحي ابنتك في مسألة وفاة جدتها نهائيًّا.
- أن تكثري من الحديث أمامها -وليس إليها- عن محاسن الجدة الراحلة ومناقبها وحبك لها، وحسن خاتمتها؛ ليتأكد لدى ابنتك حبك للجدة واعتزازك بذكراها.
ثالثًا: لا بد من ترسيخ الرضا في أعماق فتاتك والثقة في مواءمة قدر الله لعباده، وذلك كما يلي:
- بالحوارات الهادئة المباشرة التي يتجاذب أطراف الحديث فيها الأب أحيانًا وأنت أحيانًا أخرى والأسرة كلها في إحدى جلساتها الدافئة أحيانًا أكثر، حيث يتم من خلال هذه الحوارات توجيه الطفل بما يناسب سنه بأن أقدار الله كلها خير وأن ما يختاره للإنسان غالبًا ما يكون الأصلح، فحينما فارقتنا الجدة كان هذا خيرًا لها لتلقى ربها الذي تحبه والله يعرف أكثر منا ما هو الأفضل لها، وما علينا إلا أن نفرحها بأن نفعل ما يرضيها ويرضي الله وما كانت توصينا به، وأن الأمر قد يكون ظاهره مؤلمًا لكنه كل الرحمة؛ فربما يحيا الإنسان في ألم بسبب المرض مثلاً أو ضعف البدن، ويكون الأفضل أن يتنعم في جوار الله بالجنة، وربما يكون الألم والمرض سببًا في ثواب جزيل يتنعم المرء على إثره في جنات الخلود.
(ب) يمكن استخدام أسلوب الحوار غير المباشر، أي إدارة مناقشة لا تكون ابنتك طرفًا فيها لكنها تسمع ما يدور فيها من بعيد، وتدور حول فلسفة الموت وأنه لا يعني -كما تعلم الكثيرون ويورثون أبناءهم هذا الفهم الخاطئ- فقدا وحرمانا، بل هو أحيانًا يكون أفضل خيار، وهو بداية الحياة الحقيقية وبداية الحصول على أجر الجهد الذي بذل لإرضاء الله وإعمار أرضه في أيام طوال، وواجب من مد الله تعالى في عمره أن ينتهز الفرصة ليكثر مما يجعله سعيدًا في حياته التي يخلد فيها.
رابعًا: لا بد من تقوية صداقتك مع ابنتك بغير نية مباشرة لتجاوز هذه الأزمة بالتحديد، وإنما كضرورة أساسية من لوازم مراهقتها؛ فصداقتك معها تكفل لها الانتقال لعالم الأنوثة بأمان، وعبور نفق المراهقة المليء بالعثرات بكل انطلاق، وتقوية صداقتك مع الابنة بالحوار المتكرر الدافئ كصديقتين، بالمرافقة في جولات التسوق، بسعة الصدر لحديثها وأحاسيسها ومشاعرها التي تتغير كل يوم، بعدم إسدائها أي نصائح في صورة مباشرة، ولكن من خلال حكايات -حتى ولو مفتعلة- عن ذكرياتك وخبراتك وما كان الأمثل في التعامل مع كل موقف تتعرض له المراهقة.. وباشتراككما في العناية بالجمال، فتعملان معًا حمام كريم لشعريكما، وتقضيان أمسية لطيفة أخرى في التجمل ووضع أشكال مختلفة من الماكياج والتسريحات، وغير ذلك من أفكار تجعل العلاقة بينكما قوية لتسمتعا بها وتكون سدًّا منيعًا ضد فيضانات المراهقة العارمة.
خامسًا: سيفيدك الاطلاع على تفاصيل مهمة لنصائح مفيدة حول نفس الموضوع في معالجة سابقة تحت عنوان:
- الشوق الصامت للأب الغائب
سادسًا: ستجدين فيما يلي مقترحات مفيدة جدًّا في إخراج الابنة من حالة الانطواء تدريجيًّا:
- الانسحاب من الواقع.. انطواء أم خجل؟
- واصلي سباقك نحو الجنة.
- ومات كاتم أسراري.
سابعًا: قد يحتاج الأمر للعرض على طبيب أو طبيبة نفسية للتعرف على مشاعر الابنة بشكل أكثر تفصيلاً والوقوف على ما يسبب لها الرغبة في الانسحاب من الحياة الاجتماعية بكل دقة وعلاج هذه المسألة، ويسعدني مشاركتك في ذلك إن أردت، كما أن دولة الكويت بها الكثير من المراكز التي تُعنى بالصحة النفسية والإرشاد الأسري وغيره والتي يمكن أن يكون لها دور مفيد في حل مشكلة الابنة إن لم تتحسن حالتها بتطبيق ما سبق من مقترحات.
ثامنًا: لا شك أن الابنة في حاجة لأن تسمع أو تقرأ أو تعلم معنى ومغزى وأثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند المصيبة الذي يعمق الشعور بالرضا، ومن ثَم الأمل فيما هو خير مما كان، وليس فقط أن يرضى الإنسان ويستأنف حياته في حزن.
أختي الكريمة، أرجو أن أتلقى سريعًا موافاتك لنا بأخبار فتاتك وبنتائج تطبيقك الدقيق لما سبق من مقترحات ولما تم الإشارة إليه من نصائح في مواضع أخرى، ويسعدني التواصل معك وأوصيك بالدعاء في أيامنا الرائعة تلك.. وإلى لقاء قريب.
ــــــــــــــ(102/222)
التشجيع أولي خطوات حفظ القرآن ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. في البداية أحب أن أحيكم على هذا العمل العظيم الذي يساعد في تنشئة أولاد المسلمين عبادًا لله ، ويربي أولادنا على الوجه الذي يرضيه عنا.
أنا لا أستطيع أن أعبر لكم عن مدى حيرتي في أمر ما ولا أجد من يرشدني فيه غيركم نفعنا الله بنصحكم وجزاكم الله خيرًا، الأمر الذي يؤرقني ربما لا يكون لبعض الناس بنفس درجته من الأهمية عندي، فأنا أم لبنت وولد 8 سنوات و6 سنوات منذ أكثر من 3 سنوات، وأنا بدأت في تحفيظهم القرآن الكريم حتى وصلت معهم إلى قدر كبير بفضل الله ما يقرب من ثلاثة أجزاء.
وبعد ذلك حدثت بعض التغيرات في حياتنا منها دخول المدرسة حتى وصل الحال الآن بالأولاد إلى أني إذا قلت لهم هيا نقرأ القرآن يبكون ويتضايقون، وهذا الأمر يحزنني كثيرًا وهم بدءوا ينسون بعض الآيات، وأنا لا أعرف التصرف المناسب لهذا الأمر. هل أترك أمر تحفيظهم القرآن أم أكتفي بجزء عم أم أراجع الثلاثة أجزاء.. ماذا أفعل؟
كل ما أتمناه أن أربي أولادي على محبة الله والرسول والقرآن، وأنا أخشى من تركيزي على الحفظ أن أفقد الأهم وهو محبة الله والقرآن. وسؤال آخر عن الصلاة: هل أشدد عليهم فيها أم أتركهم وأكتفي بالتذكرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د. علاء الدين مختار التهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. الأخت الكريمة.. بارك الله لك في ولدك وابنتك وزادك حرصًا على ما ينفعهما.
بداية لا بد من تفسير التغير في سلوك ولديك تجاه حفظ القرآن الكريم، فحداثة الأمر وكثرة التشجيع وقلة الكم المطلوب حفظه كلها كانت عوامل نجاح في البداية، ومع مرور الوقت وكما هو متوقع بدأت المسألة تفقد الكثير من البريق، بسبب الاعتياد وفتور التشجيع وتراكم الكم المطلوب حفظه، مما يشعر الطفل بأن القرآن الكريم مادة صعبة تحتوي على الكثير من المفردات اللغوية غير المفهومة والمتشابهة، وأن الكم المطلوب في تزايد مستمر مما يزيد من صعوبة المسألة، بالإضافة إلى أنها أصبحت أحد أسباب استياء الوالد أو الوالدة من الطفل؛ لأنه لم يصل إلى المستوى المرجو.
وهنا يطرأ السؤال:
من المسئول عن هذا الشعور لدى الطفل؟ الإجابة هي: نحن وعصرنا ومجتمعنا.
فمجتمعنا يتحدث اللغة العامية، وبالتالي أصبحت اللغة العربية -لغة القرآن- غريبة على الآذان ثقيلة على اللسان، وعصرنا يقدم للطفل الكثير من المغريات الصارفة عن حفظ القرآن (ألعاب الفيديو - أفلام الكرتون -... إلخ) من ناحية، ومن ناحية أخرى تؤكد مؤسساته التعليمية والإعلامية على ذم الحفظ وعدم جدواه، وأن التعليم القائم على الحفظ والتلقين لا فائدة له ولا جدوى منه، وهذا الأمر يستشعره الأطفال عمليًّا وإن لم يستوعبوه نظريًّا.
ونحن المسلمين الصالحين ربما لا يستحوذ القرآن الكريم على قدر كبير من اهتمامنا وأوقاتنا في نفس الوقت الذي نطالب فيه أولادنا بذلك.
المراد من هذه المقدمة إدراك أن نجاح أولادك في حفظ القرآن الكريم يتطلب منك الرفق الشديد والصبر المديد والعمل الرشيد، فأمامك هدفان أساسيان:
1 - تغيير البيئة المحيطة بأولادك إلى بيئة مساعدة ومحفزة على حفظ القرآن.
2 - تغيير أفكار ومشاعر أطفالك تجاه حفظ القرآن، وبالتالي تغيير سلوكهما تجاه هذه المسألة.
وتحقق الهدف الأول يؤدي إلى تحقيق الهدف الثاني وإليك بعض الاقتراحات العملية:
1 - التعاون مع الأصدقاء والجيران لإعادة نظام الكتاب إلى مجتمعنا مع مراعاة حسن اختيار المحفظ الحنون الواسع الاطلاع القادر على جذب الانتباه والتشويق وكذلك حسن اختيار الأقران.
هذا الاقتراح سيوفر لأبنائك مناخًا مناسبًا للحفظ من حيث الشعور بالمشاركة وتنظيم الوقت ووسائل التشويق والتفاعل.
2- تحبيب الأولاد في اللغة العربية عن طريق القصص المسلية وأفلام الأطفال الهادفة الناطقة باللغة العربية الفصحى حتى يألفوها وتطرب لها آذانهم وتصدح بها ألسنتهم.
3 - رفع درجة الاهتمام بالقرآن الكريم داخل المنزل فيرى أولادك من يقرأ القرآن بصوت نديّ في النهار، ومن يقوم به في الليل للصلاة، وكلما جاء ضيف أو قريب اطلبي منهم أن يسمعوه ما حفظوه هذا الأسبوع وإذا فعلوا فكافئيهم وشجعيهم.
4 - تشويق الأطفال إلى القرآن عن طريق قصص القرآن وقصص الأنبياء والتفسير المبسط لكل سورة يحفظونها.
5 - عمل جدول يومي لهم بالأعمال المطلوب إنجازها بحيث يحتوي على فقرة القرآن وسط فقرتين من الأعمال المحببة إليهم.
6 - مشاركة الأطفال في الحفظ فالأب أو الأم يحفظ ويسمع لهم ويطلب منهم نفس الشيء، ثم تتفق الأسرة على صلاة ركعتين كقيام لليل يؤم الطفل فيها أخته أو أباه أو أمه وتؤم فيها الطفلة أمها ويقرأ أو تقرأ كل يوم صفحة أو صفحتين، مما تحفظ وبعد الصلاة يتناولان مشروبا أو حلوى.
7 - عدم إشعار الطفل بالاستياء أو التقصير، بل الثناء الدائم والتشجيع المستمر ومراعاة التقلبات المزاجية لدى الأطفال.
أما عن مسألة الصلاة فإليك ما كتبته ردًّا على سؤال مماثل:
من ثمرات التربية التغيير في الشخصية والسلوك في اتجاه إيجابي ونموها في هذا الاتجاه كمًّا ونوعًا؛ ولذلك فهي تحتاج إلى فكر ووقت وجهد، وكلما ازدادت أهمية الهدف المراد الوصول إليه من خلال التربية ازداد الوقت والجهد المطلوبان لإنجازه، ولذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعويد الأطفال على الصلاة قبل موعد التكليف بها بزمن طويل قد يمتد إلى خمس أو ست سنوات لتكون هناك فسحة طويلة لإنشاء هذه العادة وترسيخها من خلال الممارسات التربوية الآتية:
1 - إشعار الطفل بأهمية الصلاة وتحبيبها إليه باستخدام الوعظ والقصة والحدث، والمقصود بالتربية بالحدث استغلال حدث معين لإعطاء توجيه معين، والتربية بالقصة لون آخر من التربية يستخدم الحدث، ولكنه حدث خارجي وقع لأشخاص آخرين ومع ذلك فهو مؤثر في النفس كما لو كان يقع للإنسان ذاته.
ومن أمثلة القصص التي يمكن استخدامها في مجال تعليم الصلاة قصة الإسراء والمعراج وكيف فرضت الصلاة من فوق سبع سموات، وقصة الأذان وكيف اهتم المسلمون باختيار الوسيلة المناسبة لإعلام الناس بدخول الوقت حتى باتوا يحلمون بها، وقصة استشهاد خبيب رضي الله عنه وكيف سنّ الصلاة لمن شعر بقرب استشهاده، وقصة عباد بن بشر وكيف منعه حب الصلاة من قطعها رغم رميه بالسهام، وغيرها من قصص الصحابة -رضوان الله عليهم جميعًا.
2 - تعويد الطفل على الصلاة واستنفاره إليها باستخدام التعزيز الإيجابي -التربية بالمثوبة- من خلال الهدايا والجوائز والثناء عليه.
3 - التدريب العملي من خلال توفير القدوة الحسنة والصحبة الصالحة، فتأثير الأقران ربما يفوق تأثير الأسرة والمشاركة العملية، ففرق كبير بين أن آمر الطفل بالصلاة وأنتظره حتى يؤديها وبين أن آخذ بيده إلى المسجد الذي يلقى فيه أصحابه، وفي طريق الذهاب نحكي حكاية ونتناول الحلوى في طريق العودة.
في هذا الإطار التربية بالوعظ والقصة والحدث والمثوبة والقدوة والصحبة والمشاركة نفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر" أخرجه أبو داود.
أما أن يفهم الآباء والمربون أن دورهم هو قولهم للطفل إذا بلغ السابعة: "صلّ يا ولد"، ثم ضربه إذا بلغ العاشرة فهذا ظلم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، والعقاب هنا ليس الهدف منه هو الإهانة والقهر والإيلام الجسدي، ولكنه إجراء حاسم نلجأ إليه بعد استخدام جميع الممارسات المذكورة آنفًا، بالإضافة إلى وسائل العقاب دون الضرب من الكف عن التشجيع والثناء، إلى الإعراض المؤقت وإعلان عدم الرضا، إلى العبوس والتقطيب، إلى الزجر، إلى المخاصمة، إلى الحرمان من الأشياء المحببة إلى الطفل، إلى التهديد بالضرب، إلى الضرب بشروطه التي بينها الشرع.
فالأمر بالصلاة والضرب عليها نقطتا البداية والنهاية لعملية تربوية طويلة تحتاج إلى حب وصبر وفكر ووقت وجهد وليسا أسلوبين وحيدين للتربية.
ــــــــــــــ(102/223)
التبول اللاإرادي.. أسباب وحلول ... العنوان
تواصلاً معكم فيما يخص مشكلتي مع أطفالي مهند وروان أود أن أجيب على الاستفسارات التي وجهتموها لي فيما يخص بعض الأمور المرتبطة بأولادي وعليه أجيب على السؤال الأول والذي يتعلق مع من يجلسون أثناء غيابي في العمل، والجواب كانت لديّ شغالة في المنزل قبل سنة وحصلت بعض المشاكل واستغنيت عنها، وبعدها أقلمت نفسي وأولادي بأن أجعلهم يسهرون نوعًا ما لعدم وجود دوام مدرسي وصباحًا آتي البيت وأجهز فطورهم وبعدها يذهبون إلى بيت والدتي القريب مني، وبعد أسبوع سيبدآن العام الدراسي ويلتحقون بالمدرسة.
وبالنسبة للسؤال الثاني وهو أمثلة العناد ومعدلها باليوم ومنها مثلاً عندما يقوم مهند بعمل أي شيء مثل الرسم أو اللعب بلعبة معينة لا بد لأخته من الصراخ والبكاء لأخذها منه دون وجه حق، مثال آخر كإفهامهم ضرورة ترتيب غرفتهم وترتيب الألعاب الخاصة بهم، لا فائدة فلا بد لي أن أذكرهم كل يوم بعمل هذا الشيء، مثال آخر إفهامهم على عدم أكل الحلوى والشيكولاتة إلا بعد أكل الوجبة الرئيسية كالفطور والغداء يتذمرون من هذا الشيء.
بالنسبة للسؤال الثالث فيما يخص تمردهم أمام الضيوف وكمثال ما إن يأتي الضيوف إلا وتكثر طلباتهم، ولا يمنحوني فرصة للتحدث إليه بالشكل اللائق يقوم ابني بعمل حركات بهلوانية والقفز فوق الكراسي، بالرغم من الحديث معهم وإفهامهم بأن هذا الأسلوب سيئ وسيأخذ الضيف عنهم نظرة غير لائقة.
بالنسبة لتعويضهم عن الوقت المتبقي لي معهم بصراحة أشعر بأنني مقصرة في هذا الشيء نوعًا ما ولكن غصبًا عني؛ لأن ظروفنا باليمن لا تسمح بالخروج إلى المتنزهات والحدائق دون وجود زوجي، وزوجي من النوع الذي يمانع خروجي في غير وجوده، وفي البيت إما أن نجلس معًا أو يتابعوا التلفاز وقنوات الأطفال.
وبالنسبة لموضوع التبول اللاإرادي فقد زاد هذه الفترة عما كان عليه ولا أدري ما هو السبب لدرجة أن ابنتي تتبول أثناء النهار، ولا أستطيع تحديد عوامل معينة تزيد منه أو تنقصه.
وقمت بمحاولات عديدة، مثل عمل لوحة هرمية فوق كل سرير لكل منهم ومربعات داخل الهرم بحيث أقوم بمساعدتهم في عمل مربعات وبداخلها (علامات صح) لكل يوم لم يتبولوا فيه، وعلامة إكس ليوم التبول في السرير، ومن يأخذ أكثر من العلامات الصح أقوم أنا ووالدهم بشراء أي هدية قد يختاره أيًّا منهم وأقل واحد منهم يأخذ علامات صح يأخذ هدية عادية ليس بنفس الدرجة لمن لا يتبول.
قمت بعمل حوافز مالية وهدايا لمن لا يتبول، لكن دون فائدة. بالرغم من الامتناع من إلباسهم الحفاظ وتعويدهم على استخدام الحمام من سن سنة ونصف، وتعويدهم على التبول قبل النوم، وعدم شربهم للعصائر قبل النوم بساعات.. دون فائدة أحاول هذه الفترة إيقاظهم للتبول أثناء الليل، ولكن أوقظهم بصعوبة بالغة لدرجة أنهم يجلسون على المرحاض لدقائق وهم يبكون ويقولون لا يوجد، وبمجرد إرجاعهم وهم نيام بنصف ساعة يتبولون بالفراش، وهذا الشيء يزيدني عصبية. ما هو الحل برأيكم؟ أفيدوني وجزاكم الله ألف خير
... السؤال
التبول اللاإرادي ... الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... بالنسبة لمشكلة التبول اللاإرادي من المهم جدًّا أن نفهم كيف تتحكم المثانة في التبول أثناء النوم؟ فالطفل الصغير يتبول على نفسه ليل نهار وهو مستيقظ وهو نائم؛ وذلك لأن المتحكم الوحيد في بدء عملية التبول هو امتلاء المثانة، والمخ ليس عنده بعد أي ضابط آخر لهذا الأمر، بمعنى أن الطفل ليس عنده أي تحكم في هذه العملية.
وعندما نبدأ في تعويد الطفل على التحكم في إخراجه فإننا نبدأ بتعويده التحكم أثناء اليقظة أولاً، وذلك بمتابعة إجلاسه في الحمام على فترات متقاربة وتنبيهه عندما يتبول على نفسه، وكل الخطوات المعروفة حتى نصل إلى المرحلة التي يستطيع فيها مخه أن يستقبل إشارة امتلاء المثانة، ولكن لا يستجيب لها فورًا وإنما يتحكم فيها حتى يعبر الطفل عن رغبته وتصبح الظروف مناسبة وعندها يفتح الصمام ويفرغ المثانة، وتكون هذه هي الخطوة الأولى.
ثم نبدأ في محاولة تعويده على ذلك أثناء النوم، وفي هذه المرحلة نحن نعود المخ على أن يتصرف بنفس الطريقة أثناء النوم، ونعود المثانة على ألا تفتح أثناء النوم؛ ولهذا ندخله الحمام قبل النوم ونوقظه أثناء الليل وأول ما يستيقظ من النوم حتى تتعود المثانة ألا تفتح أبدًا أثناء النوم.
وطبعًا هذا يحتاج إلى تدريب طويل ومتواصل دون انقطاع؛ لأنه عند أي انقطاع نبدأ من جديد، ولكن إذا كان نوم الطفل عميقًا جدًّا أو ينام لفترات طويلة فإن قدرته على التحكم تقل وربما انفتح الصمام وتبول على نفسه دون أن يشعر، ومع تكرار ذلك تنسى المثانة ما كانت قد تعودت عليه من تحكم أثناء النوم، ويصبح التبول أثناء النوم عادة.. كل هذا طبعًا إذا لم يكن عندنا حالة مرضية تسبب التبول أثناء النوم.. هذا شرح مبسط جدًّا لما يحدث.
وفي حالة أولادك فإن نومهم متأخرين وسهرهم الذي تحاولينه معهم حتى يستيقظوا متأخرين أثناء وجودك في العمل يؤدي إلى أن يناموا مرهقين جدًّا، وبالتالي يكون نومهم عميقًا جدًّا، وبالتالي يضعف تحكمهم في التبول أثناء النوم، وكذلك عندما ينامون متأخرين ينامون لفترة طويلة أكثر من المعتاد، وهذا طبعًا يؤدي إلى امتلاء المثانة جدًّا أكثر من قدرتهم على التحكم والتي هي أصلاً ضعيفة بسبب النوم العميق، وأخيرًا لا يمكن أبدًا أن يسهر الأولاد كل هذا الوقت دون طعام وشراب في وقت متأخر قبل النوم.
وطبعًا مع عدم إيقاظهم أثناء النوم للتبول وكذلك عدم وجودك عندما يستيقظون من النوم بحيث تذكرينهم بدخول الحمام بمجرد استيقاظهم.. كل هذا أدى إلى ضعف تحكمهم في التبول وزاد الأمر إلى النهار أيضًا.. الحل هو أن نعتبر أنفسنا نعودهم ونعلمهم التحكم في تبولهم ثانية كما فعلنا وهم صغار حتى تتعود المثانة على التحكم ثانية، مع ملاحظة نقاط هامة جدًّا:
1-ضرورة انتظام مواعيد نومهم وعدم السهر أبدًا، بل النوم في موعد مناسب للأطفال.
2-ضرورة إيقاظهم أثناء النوم والإصرار والصبر عليهم حتى يتبولوا وعدم التهاون في ذلك.
3-عدم نومهم لفترات طويلة أكثر من اللازم.
4-التأكد من عدم شربهم لأي سوائل قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل، وكذلك الأطعمة أو الفواكه التي تحتوي على ماء كثير.
5-ضرورة دخولهم إلى الحمام بمجرد استيقاظهم من النوم.
6-الاستمرار في سياسة الهدايا مع عدم إحضار أي هدية لمن لا يتعاون ويتبول على نفسه.
7-إلزامهم بتنظيف مكان نومهم عندما يتبولون على أنفسهم، وكذلك يغسلون ملابسهم بأنفسهم حتى ولو أعدت أنت كل ذلك ثانية من ورائهم، ولكن لا بد أن يتحملوا هم مسئولية ما فعلوا.
8-أخيرًا.. من المهم جدًّا تشجيعهم وإعطاؤهم الثقة في أنفسهم وعدم توبيخهم بشدة أو إهانتهم، وخصوصًا أمام الناس، بل بالعكس التعامل معهم باحترام وحب وحنان.
ثانيًا: بالنسبة لباقي الأمور فأنا لا أرى فيها أي سلوك شاذ أو غريب أو مبالغ فيه، ولا يمكن تحمله من طفلين في السادسة والرابعة من العمر. يا سيدتي.. إنهم أطفال من الطبيعي جدًّا أن يتشاجروا ويعاندوا ويتذمروا من منعهم من أكل الحلوى وقتما يريدون وأن يكثر شغبهم وطلباتهم في الوجود الضيوف؛ وذلك لشعورهم بانشغالك عنهم ورغبتهم في التعبير عن أنفسهم.
المشكلة أنك تضعين في اعتبارك رأي الضيوف في أطفالك فتتوتر أعصابك وتتعصبين عليهم وتعاملينهم بعنف فيدفعهم ذلك للعناد والشغب أكثر وهكذا تستمر المشكلة وتزداد في كل المواقف.
يا سيدتي.. أولادنا ونفسياتهم وعلاقتنا بهم أهم من كل الضيوف، ولا بد أن تدركي أنهم أطفال صغار وليسوا شبابًا أو أناسًا كبارًا عاقلين مسئولين عن تصرفاتهم، ولا بد أن يعرف ضيوفك ذلك.. ليس معنى ذلك الفوضى والتسيب، ولكن التعامل معهم برفق وهدوء وصبر وعدم توتر حتى يمكننا اكتساب حبهم وثقتهم والتفاهم معهم حتى نربيهم على السلوكيات الصحيحة.
من المهم جدًّا وضع قواعد للأشياء التي تريدين تثبيتها في البيت، مثل مواعيد أكل الحلوى وترتيب الغرفة، ولكن عليك تكرار ذلك عليهم كل يوم ومساعدتهم في ترتيب الغرفة والصبر عليهم والتفاهم معهم بهدوء ومرح وحب ومكافئتهم وتشجيعهم والتحدث عنهم أمام الناس باحترام.
كذلك حاولي إيجاد علاقة من الحب والصداقة والمرح واللعب معهم والغناء معهم وقومي بالتلوين معهم واللعب بالصلصال ومشاركتهم اهتماماتهم، وحاولي عدم التدخل بينهم عندما يتعاركون، وقولي لهم ذلك إنك لن تتدخلي مطلقًا وعليهم حل مشاكلهم معًا وحدهم، والتزمي بذلك، وزيدي من المساحة التي تعذرينهم فيها وتسامحينهم؛ لأنهم مجرد أطفال وفي انتظار النتائج.
ــــــــــــــ(102/224)
الوجل والخجل.. مشكلات لها حل ... العنوان
ابني "سنتان" يذهب إلى الحضانة منذ أن كان عمره 6 أشهر؛ نظرًا لظروف وظيفتي وبُعدي عن والدتي. منذ الصغر وهو ملتصق بي وبوالده بشدة. مستوى ذكائه طبيعي وهذا يتضح من أسلوبه ومن مستوى اللعب التي نأتي له بها ويتكلم بدون مشاكل.
خجول لأقصى درجة، ففي أي تجمع حتى ونحن معه يتمسك بنا بشدة ويرفض التحرك من مكانه. ومؤخرًا بدأ يطلب مني أو من والده أن نحمله ويبدأ في عض كتفنا ولا يتوقف حتى نبتعد عن الناس.. أيضًا بدأ في وضع أصبعه في فمه عند إحساسه بالخجل.
حاولنا منذ فترة بعيدة وحتى الآن أن نخرج به كثيرًا إلى النادي أو الزيارات، فلاحظنا أنه في وجود أطفال يكون طبيعيًّا جدًّا، ولكن بمجرد وجود أي فرد كبير يبدأ في الانكماش مرة أخرى. حاولت أن أتحاور معه بعبارات بسيطة قبل أي زيارة ليتقبل من سوف يقابلهم ورغم تجاوبه مع كلامي فإنه يعود لطبيعته الخجولة مرة أخرى بمجرد رؤيته لهم. أنا لا أعرف ماذا أفعل.. حاولت أنا ووالده معه كثيرًا أن يتقبل الناس ولكننا فشلنا، بل إني أشعر أن الأمر يزداد سوءًا. أخاف عليه أن يشب هكذا انطوائيًّا وخجولاً، ماذا أفعل؟ هل تنصحونني بعرضه على طبيب؟
... السؤال
الخجل والانطواء ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها الأخت الفاضلة ومرحبًا بطفلك الحبيب، بارك الله لك فيه، يبدو أن عملك مبرمجة مَنَحك الدقة مع الإيجاز والوصول للهدف، ففي الحقيقة كان سؤالك مركزًا ومستوفيًا لتفاصيل مهمة ومحددة، مما سيسهل عليّ الإجابة إن شاء الله بنفس طريقتك.
عزيزتي.. إن الطفل الخجول هو الطفل الذي يفقد إمكانياته أمام الغير، ويسعى بكل الوسائل إلى الاختفاء عن أنظارهم، ويكون قيامه بأي مهمة مهما كانت سهلة أمرًا مستحيلاً حالما يجد نفسه في جماعة، وخلفيات هذا السلوك -كما يوضحها الدكتور "أفرد أدلر"- أن عبارة خجل تشير إلى انتقاص في تقدير الذات أو تقدير مفرط للآخرين.
ومن أعراض الخجل الذي يتصف به طفلك:
1 - التهرب من العلاقات الاجتماعية؛ فيختبئ إذا ما أتى مثلاً زائر للمنزل تلافيًا لتوديعه، ويتجنب بشكل عام الاتصالات الاجتماعية؛ لأنها بالنسبة إليه شاقة ومكلفة، وهو يخشى ألا يستطيع مواجهتها بشكل مشرف.
2 - احمرار الوجه وبرودة اليدين والتعرق، في حين يحاول الطفل فعل كل ما في وسعه لكيلا يشعر أحد به، ولكن على العكس تكون محاولاته سببًا في مزيد من لفت الأنظار إليه.
3 - اضطرابات في الأحاسيس والنطق (فيتأتئ أحيانًا)، والذاكرة (فينسى ويطير الكلام من رأسه).
وأعتقد أن الأعراض التي حكيتها عن الطفل تتضمن بشكل أو بآخر هذه الأعراض، مما ينفي التردد في الحكم على طفلك بأنه خجول -من الناحية الطبية- وكون الطفل طبيعيًّا مع أقرانه، في حين أنه يخشى الكبار ويضطرب عند لقائهم، قد يطمئن بأن الطفل فقط يغالي في تقدير قدر هؤلاء الكبار بشكل يلجم قدراته ويعيقه عن التعامل معه فيميل لحجب نفسه عنهم.
وعلى كل حال فأنت في حاجة للتعامل معه وفقًا لقواعد معينة، وإن لم تجدي تحسنًا على إثر هذه المقترحات فيمكن التفكير في عرضه على طبيب أطفال نفسي؛ وذلك لمزيد من العون فقط وللتعجيل بالتحسن وليس لصعوبة الحالة، ويسعدني أن أكون من يساهم معك في حل مشكلة طفلك، ويمكنك الاتصال بي لتحديد موعد للقاء بيننا عبر بريد الصفحة.
وهناك أسباب لخجل الأطفال يمكنك مراجعتها وتقييم أسلوب تعاملك مع طفلك لعله أحد أسباب خجله:
1 - الحماية الشديدة للطفل واحتضانه بشكل مفرط يشعره بالقلق حيال الحياة، ويشعره بصعوبة التعامل مع الدنيا بدون والديه، ويأسر لديه المبادرة والإقدام.
2 - الاستهزاء بالطفل أو تصرفاته أو إنجازاته أو توبيخه عند الفشل مثال: "لقد مللت من إهمالك!"، "هل يمكن أن تصنع شيئًا صحيحًا ولو مرة واحدة؟!"، بدلاً من تعليمه وتشجيعه والتعاون معه لاكتشاف أسباب أخطائه والتغلب عليها لتحقيق النجاح في مرات تالية.
3 - التربية المتسلطة التي تحرم الطفل من الاكتشاف والجري والقفز والتخريب أحيانًا؛ فالطفل حين يعترض طاقته وحيويته حواجز راسخة من المحرمات والممنوعات فإنه بلا شك يتأثر سلبًا ويساوره الشك في قدراته وإمكانياته مما يخرب ثقته بنفسه.
وبخصوص السبب الثالث، أرى أن تراجعي مع الحضانة كيفية التعامل مع "شقاوة" الأطفال واستكشافهم، فقد يكون مطلوبا من طفلك التجمد في مكانه لفترات طويلة وعدم الحركة وربما تعرض أحد زملائه لعقاب بسبب الانطلاق، مما قيد طفلك وأخافه من الكبار في ذات الوقت.
4 - اهتمام الأسرة بكلام الآخرين.. أو التفاتهم له، والأدهى هو مجاهرة هؤلاء الناس بآرائهم السلبية حول الطفل أمامه، بحيث يكون الطفل وأسرته أسرى للناس وتعليقاتهم وآرائهم بما يضع أسلاكًا شائكة في طريق ثقة الطفل بنفسه يصطدم بها حيثما اتجه.
5 - عدم اهتمام الوالدين بما يحاوله الطفل من محاولات للتواصل معهما، وبما يريده من أن يعبر لهما عنه من أسئلة وأفكار واقتراحات ومشاهدات ويوميات وغيره، وقد يكون انشغال الوالدين أو قلة صبر أحدهما سببا في وصول هذا الشعور للطفل، مما يقلل الثقة بالنفس ثم يترجم خجلا وانطواءً.
وأكرر لك بعض المقترحات التي أوردتها سابقًا في استشارة قريبة جدًّا من استشارتك مضافًا لها بعض المقترحات الأخرى لتنمية ثقة طفلك بنفسه:
أولاً: يقتضي علاج الخجل التركيز على جوهر المشكلة، أي على التأزم عينه وليس على أعراضه من احتماء بك أو بوالد الطفل، وعض الكتفين وخلافه؛ فاستعادة الطفل ثقته بنفسه وبقدراته تخفف أعراض الخجل تدريجيًّا وتلقائيًّا، ومن ثَم تخف وطأتها.
ثانيًا: يجب عدم الشكوى من طفلك أو انتقاده أمام الآخرين حتى ولو من قبيل استفزازه ليتكلم معهم أو غير ذلك، بل يجب المباهاة به وبتفوقه في أي أمر يظهر فيه تفوقًا ومدحه باستمرار أمام الغير.
ثالثًا: يجب محاولة تعريض طفلك للحياة الاجتماعية خطوة بخطوة، وإظهار السعادة له ولو على القليل من الاستجابة لهذا التفاعل، ومدح تطوره لحثه على المزيد، والإكثار من التباهي به أمام الآخرين.. وتجنب محاصرته بالأسئلة أو بضرورة الرد عليها، فلو أبى أن يجيب على سؤال أحد، بادري بالدفاع عنه أمام هذا الشخص بأنه استيقظ لتوّه من النوم أو يريد أن يأكل ليتقوى قليلاً، أو غير ذلك مما لا يزيد المسألة تعقيدًا ويجعل الزائر لا يتبرع بقول "أنا زعلان منك" أو غير ذلك مما يسهم في تعقيد الحالة والإمعان في إضعاف ثقته بنفسه، فمثل ولدك شديد الحساسية لآراء الآخرين فيه وسريع العطب أمامها، وبالتالي فانتقاد خجله لن يزيده إلا خجلاً، بل إن شعور الطفل بتفهم الوالدين له ولخجله يشكل أفضل تشجيع له للتغلب على هذا الخجل.
رابعًا: رغبة الطفل في عدم اللقاء بالكبار يجب تفهمها وإشعاره بذلك، بمعنى أنه يجب تخطي الموقف -إن حدث- وعدم لوم الطفل عليه ولو بالنظرات، ثم محاولة تحسس خبرته من الداخل كما يحيا هو، وذلك عن طريق التعبير بالصيغة الكلامية المناسبة بتفهمك لخجله، مما يشكل له أفضل تشجيع للتغلب على خجله وهو ما يسمى feed back، أي عكس مشاعر الطفل إليه بما يثبت له التفهم والمؤازرة ويساعده على الإفصاح عما يعتمل بداخله ويقويه في التغلب على الخجل، فتقولي مثلاً: "أرى أنك خائف من عمو فلان.. ولا تريد السلام عليه.. لا مشكلة ربما كان طفله لطيفًا".
خامسًا: لا بد من إتاحة الفرصة لولدك للتعبير عن نفسه بوسائل شتى؛ ليوثق بذلك علاقاته بالمحيط الخارجي وذلك بالرسم أو اللعب بالصلصال والمكعبات، والرياضة التي تكسب البدن مرونة تنعكس على النفس فتسهل تفاعلها مع المحيط الاجتماعي، كما ستتيح له فرصة الاندماج مع آخرين بشكل عفوي وطبيعي، مما يساعد على تأمين شروط النمو السوي بشكل عام وتفادي الخجل بشكل خاص.
سادسًا: من بين سبل مساعدتنا للطفل الخجول أن نعهد إليه بمهمة ذات أهمية ترفع من اعتباره ويكون بوسعه التغلب عليها والقيام بها على أكمل وجه والتغلب على صعوباتها؛ فلو شعر الطفل أنه قادر على أن ينجح في ميدان ما؛ فإن ثقته بأهليته تزيد حيال انتزاع اعتراف الآخرين بقدراته ومهاراته.
سابعًا: لا بد من تشجيع اتصال الطفل بالأطفال، وإفساح المجال أمامه ليحتك بالأطفال بشكل متواصل، مما يؤمن شروط النمو السوي وتفادي الخجل بشكل خاص.
وأخيرًا.. عزيزتي يهمني ردك على الأسئلة التالية للمزيد من المعاونة في التغلب على مشكلة الطفل:
1 - هل يصاحب خوف الطفل ألم في بطنه أو ازدياد في ضربات قلبه؟
2 - هل ينام بشكل طبيعي ويأخذ قسطًا كافيًا من النوم والراحة؟
3 - هل يوجد حوله علاقات اجتماعية طبيعية وكثيرة للأسرة؟
4 - هل تزامنت هذه الأعراض مع تغييركم للبيئة بالانتقال للإقامة في مكان آخر أو فقدان عزيز لديه؟
5 - متى تحكم في الإخراج تمامًا؟
6 - هل يمارس رياضة أو هواية؟ هل عنده هوايات أو ألعاب يحب ممارستها؟
7 - هل تركيزه جيد؟
8 - كيف يقضي وقته؟
وأخيرًا -عزيزتي- أستودعك الله تعالى موصية إياك بضرورة تحقيق مناخ ينعش لدى الطفل الثقة بالنفس، ويجنبه الخوف من الحياة، ويحرر مبادرته، ويطلق لديه الشجاعة والجرأة والإقدام.
وفي انتظار متابعتك لنا وشكرًا جزيلاً لك.
لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك مراجعة ما يلي:
- التخوف الاجتماعي مظاهره وعلاجه
- كلام الناس يقتل روح المبادرة
- الثقة بالنفس يعيدها الاحتواء الهادئ
- الاستمتاع بالأمومة ليس مستحيلاً
- الانطواء والخجل.. كيف نعالجه؟
- القاعدة الصدئة.. كبرى معززات الخجل
ــــــــــــــ(102/225)
آخر التطورات في علم النوم ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أود شكر جميع القائمين والقائمات على هذا الموقع المميز جدًّا، وأسأل الله العلي القدير أن يجازيكم كل خير على كل جهد بذلتموه أو تبذلونه في تنوير ومساعدة زوار الموقع.
المشكلة أيها السادة أو السيدات في ابني الصغير -8 سنوات- الذي ينهض كل ليلة تقريبًا من نومه ليمشي ويتحدث ويخرج خارج الغرفة، وإذا لم نحاول اللحاق به.. فإنه لا يرجع، علما أنه الوحيد بين أولادنا الذي لديه هذه المشكلة.. أود أن تفيدوني فربما هناك سبب معين لهذه المشكلة قد يكون مني أو من والدته.. أفيدوني أفادكم الله، مع جزيل الشكر.
... السؤال
اضطرابات النوم ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. شكرًا لك على تحيتك الكريمة، ونأمل أن نرد بأحسن منها بإذن الله تعالى.
مع التطور الأخير في علم النوم والذي وصل إلى اعتباره فرعًا مستقلاً في الطب بعد أن كان جزءًا من الطب النفسي... أصبحت قضية المشي أثناء النوم لا تعامل بالبساطة التي كانت تعامل بها سابقًا... وأصبح التشخيص الفارق لا يكتفي برسم المخ العادي الذي كان يتم في الماضي، بل أصبح التقييم الشامل للنوم بصورة خاصة وللشخص الشاكي بصورة عامة من خلال ما أسموه بمعمل النوم أمرًا لا يمكن إغفاله، ليس لأن الأمر خطير ولكن للوصول للتشخيص الصحيح وعدم الدخول في متاهات نتيجة للتشخيص الخاطئ.
ما كنا نقوله في الماضي ما زال صحيحًا وهو أن مشي طفل أثناء النوم قد يكون لضغط عصبي ونفسي متعرض له، وقد يكون تعبيرًا عن نوع من أنواع الصرع، ولكن هذه الأمور تم تقسيمها وتوضيحها بصورة أكثر تحديدًا وأكثر دقة في التشخيص من خلال معمل النوم، حيث أصبح هذا الذي يحدث لابنك يمكن وصفه تحت ما يسمى باضطرابات مرحلة النوم المسماة REM أو مرحلة حركة العين السريعة.
لن ندخلك في تقسيمات وتفريعات.. الأمر يحتاج مراجعة أحد مراكز النوم المتخصصة. في مصر يوجد مركز النوم التابع لمستشفى عين شمس التخصصي تحت إشراف أ. د. طارق أسعد، ونتوقع وجود مركز مماثل في مستشفى حمد الطبي بدولة قطر. في كل الأحوال الأمر يحتاج مراجعة متخصص في أمراض واضطرابات النوم حتى يحدد الأمر بدقة ويحدد العلاج المطلوب. وأهلاً بك.
ــــــــــــــ(102/226)
التخلص من مص الأصابع بالميقات ... العنوان
لدي أخت تبلغ من العمر 8 سنوات، تمارس عادة مص الإصبع، ولا تكترث بالآخرين عند ممارستها حتى أمام الأغراب.. عاملناها بمختلف الطرق فلم نفلح في ذلك، إلا أنها تخاف أن تفعل ذلك أمام زوجي فقط (زوج أختها)؛ لأنه هددها بأنها إذا قامت بالمص فسوف يلون إصبعها وكذا وكذا.
ونحن لا نعرف كيف نمنعها من هذه العادة؛ فأنا أقول لها سوف تتشوه إصبعك وكذلك أسنانك، وهي تهتم لكلامي عن هذا الموضوع أحيانًا، ولكنها ترد وتقول لا أستطيع النوم إن لم أمص إصبعي؛ حتى إن ابني البالغ من العمر سنتين يمص مثلها ومعها أيضًا في نفس الوقت، ولا أعرف ما الحل.. أرشدوني رحمكم الله.
... السؤال
قضم الأظافر ومص الأصابع ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... عادة مص الأصابع مما نطلق عليه العادات العصابية (Neurotic traits) وهي تظهر عند الأطفال في سن مبكرة ثم تختفي بالتدريج، وهي قد تعبر عن حالة من القلق والتوتر يمر بها الطفل في مرحلة من حياته، ولكن المشكلة هي أنها في بعض الحالات تستمر كعادة يعتادها الطفل وترتبط لديه شرطيًّا ببعض شئونه خاصة النوم، وفي هذه الحالة نتعامل معها كعادة سيئة نحتاج للتخلص منها، ويكون العلاج السلوكي هو أفضل السبل لذلك.
ويقوم العلاج السلوكي على الحفز والتشجيع للامتناع عن السلوك والعاقبة المضادة في حالة الاستمرار في السلوك، وأعرف نموذجًا لطفلة في مثل عمر أختك كانت تعاني من نفس المشكلة ولم تفلح معها أي من السبل سوى فكرة اهتدت إليها والدتها بالمصادفة حينما كانوا في زيارة لأحد الأصدقاء وكان عندهم دمية لسنجاب بحجم كبير بأسنانه البارزة المميزة، فقالت لها أمها: انظري.. إن مص الأصابع من الممكن أن يشوه منظرك وتخرج أسنانك مثل هذا السنجاب، وكان هذا كفيلاً بأن تقلع الطفلة عن هذه العادة للأبد.
ويكون البرنامج بعمل برنامج سلوكي يتم الاتفاق فيه مع الطفلة على عمل جدول للتحفيز توضع فيه خانات تضع فيها الطفلة بنفسها علامات تدل على نجاحها باستخدام الملصقات الملونة على هيئة نجوم وغيرها من الأشكال، ويتم الاتفاق معها على تقسيم اليوم إلى وحدات دورتها ثلاث ساعات مثلاً، إذا مرت كل وحدة منها دون أن تقوم بمص أصابعها كانت جائزتها أن تضع بنفسها في الخانة المخصصة نجمة تدل على إنجازها، ويكون العقاب هو عدم الحصول على هذه النجمة.
وفي نفس الوقت إذا كان النوم هو المشكلة الأصعب في تخلص الطفلة لاعتيادها على مص أصابعها للدخول في النوم فيمكن مساعدتها بوضع مادة "مُرة" غير مستساغة الطعم على الأصابع قبل النوم، وهناك مادة في الصيدليات مجهزة لهذا الغرض تسمى No Habit، وهي مادة شديدة المرارة تمنع الطفل أو تساعده في الامتناع عن مص الأصابع.
وقد يكون وضع اليد في قفاز أثناء النهار وأيضًا قبل النوم إحدى الوسائل المساعدة، حيث لا يستطيع الطفل الوصول لأصابعه من ناحية، ويصبح لبس القفاز عقابًا غير مباشر يريد التخلص منه لعدم قدرته على القيام بوظائفه عن طريق يده المحبوسة داخل القفاز.
ويحتاج الأمر إلى مثابرة وصبر واستمرار في تطبيق هذا البرنامج السلوكي لمدة لا تقل عن 3 أشهر، مع تحويل النجوم في جدول الحفز إلى مكافآت مادية تصرف كل شهر من أجل المزيد من تدعيم السلوك الإيجابي، والبعض قد استخدم في السن المماثلة لسن أختك أثناء النهار اللبان والمصاصة كبدائل يلجأ إليها الطفل عند إحساسه بالرغبة في مص أصابعه. الخلاصة أنها عادة تحتاج لعلاج سلوكي، والعلاج السلوكي يحتاج إلى وقت حتى يؤتي ثماره.
التحرش.. الوقاية بدلاً من الاستجواب ... العنوان
أنا والد لطفل 7 سنوات هو الأخ الأكبر لطفلين ذكر وأنثى يصغرانه بثلاث سنين، قد صببت فيه كل جهدي وجعلت فيه كل أملي بفتى مستقيم صالح ينشأ على القرآن والاستقامة، فاعتنينا به أنا وأمه أيما عناية وأدخلناه حلقة القرآن مبكرًا، وكانت ثمرة ذلك طيبة بحمد الله، من بداية جيدة في الحفظ واستقامة في السلوك والآداب.
وقد أتم ولدي الآن وبحمد الله السابعة، إلا أنه ضعيف الشخصية سهل الانقياد من قبل الغير، لا سيما ممن يحب ويأنس به، سهل زعزعة القناعات والآراء بكل ما يملك أو يؤمن به؛ ولذا ولكونه يعيش معنا في وسط بعيد عن الأهل والأقارب فيكون معظم أيامه معزولاً عن الناس، وعند الاختلاط بأقرانه فإنه يتعلق بهم جدًّا ويتطبع بطباعهم وآدابهم ويتغير كثيرًا عما عودناه عليه من السلوك، لكن ما يلبث أن يعود إلى طبيعته عند العودة إلى البيت.
إلا أن الحال قد تغير منذ سنة تقريبًا، حيث إنه في الصيف الماضي حدثت له مشكلة أخلاقية مع قريب له ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومضت الأيام تلو الأيام واستطعنا بتبصير الله لنا أن نتجاوز تلك المأساة، إلا أن آثارها لم تزل في النفوس من دوام التفكير في الأمر، والخوف من الوقوع مرة أخرى لا قدر الله، والمتابعة والمراقبة الشديدة والمنع من الخلطة الزائدة مع الأطفال أو الخلوة معهم دون رقيب أو النوم خارج البيت.
وقد سبّب ذلك الأمر الكثير من الضغط النفسي والقلق عليّ وعلى والدته، إضافة إلى خوفنا من شعوره بذلك؛ وهو ما قد يسبب ردة فعل عكسية من جانبه، لا سيما أنه حساس جدًّا وذكي وقوي الملاحظة.
والآن نحن بين نارين؛ الخوف عليه من الوقوع في مثل هذه الانحرافات، لا سيما على مثل شخصيته الضعيفة، ومن خطر انتقالها إلى إخوته، والخوف كذلك من أن يسبب حرصنا المتزايد عليه لأي مشاعر عكسية لديه أو تأثير على شخصيته وزعزعة ثقته بنفسه.
فحفظكم الله كيف يمكن لنا متابعة هذه المشكلة والتأكد من تحصنه بإذن الله ضد الوقوع فيها، دون أن نتشدد معه فنؤذيه بأي أسلوب أو تصرف خاطئ ونؤثر على نفسيته؟ وما الأسلوب الجيد لمتابعته والتعرف من خلاله على مَن يسلك سلوكيات سيئة من أقرانه لنبعده عنه؟ علمًا أنه يتساءل كثيرًا ويتضجر من الأسئلة الاستجوابية المباشرة عند ملاحظتنا لأي شيء.
هل يحتاج إلى طريقة معاملة خاصة بسبب هذه المشكلة؟ هل هذه الانحرافات لها أسباب نفسية أو تربوية مع محافظتنا الشديدة؟ هل أنا محتاج إلى تنبيه مدرسه لهذه الأمور كي يزداد تنبهه له وملاحظته؟ كيف يمكن أن أقوي من شخصيته أمام اقتياد وتسلط الآخرين؟ كيف نحمي بقية إخوته؛ حيث إنه شديد الغيرة منهم مع حنوه عليهم وحبه لهم؟
... السؤال
أبناؤنا والإيمان ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... سيدي الفاضل، لقد تتابعت الأسئلة الحيرى في سؤالك، وهي تكشف عن عمق القلق الذي ينتابك ويشوبه الإحساس بالذنب المتسائل، فهل بالغت في طموحاتك بالنسبة لتربية ابنك؟ وهل بالغت في التعبير عنها أم أخطأت وسيلة تحقيقها فكان ما كان من انعكاسات في ضعف شخصية ابنك وسهولة انقياده، ثم تعرضه للحادث اللاأخلاقي الذي لم يتضح في رسالتك طبيعته التي حدثت له مع هذا القريب؟ وما هي سن هذا القريب؟ وهل كان الأمر مجرد تحرش جنسي بالابن أم تعدى الأمر إلى اعتداء كامل عليه؟
وسوف أعود لمناقشة طبيعة هذا الغموض بعد قليل، لكن قبل ذلك أحب أن أناقش معك السؤال المهم حول طموحاتك لتربيتك طفلك وكيفية تطبيقها، وهو ما اشترك معك فيه كثير من الآباء حتى تجمع لدينا زخم من أسئلتهم تدور حول ما أسميناها "المثالية في التربية"، ولن أعيد عليك الكلام؛ فليس الهدف من مناقشته هو تقريعك أو لومك، وإنما محاولة الكشف عن جوانب أخرى ربما تكون خافية عليك كما هي خافية على كثير من الآباء والأمهات ولا تزال.
وهنا أدعوك لقراءتها عبر الروابط التالية:
- الطيران فوق حقول الألغام
- ضد التربية العشوائية: هدف أو لا هدف!
- التربية بين الطموح والواقعية
وبعد قراءتك لهذه المعالجات أنتظر منك المناقشة.
ولنأت إلى الغموض حول عرضك للمشكلة الأخلاقية التي مر بها طفلك وما انبثق عنها من مخاوف وتساؤلاتك حولها وإجابتنا عنها:
فهذا الغموض نابع من الثقافة التي ترى في هذا الاعتداء الذي يقع على طفلنا فضيحة يجب سترها، بل ويصبح هذا الطفل الضحية هو المتهم والمذنب الذي يتم استجوابه والخوف منه على إخوته، بل والتساؤل لماذا انحرف ونحن نربيه تربية محافظة.. أما المجرم الحقيقي فيترك ليعود ويرتكب جريمة مع أطفال آخرين يجدون أنفسهم في نفس الدوامة من الاتهام بالرغم من أنهم لم يعلمهم أحد أو ينبههم أو يحذرهم أحد.
إن الحل الذي يحمي هذا الطفل وإخوته وكل من في مثل سنه هو التعليم المسبق.. تعليمهم كيفية وقاية أنفسهم من مثل هذا الاعتداء؛ ليتعلموا ألا يسمحوا لأحد أن يقترب من أعضائهم التناسلية أو يستجيبوا لأحد يطلب منهم خلع ملابسهم وكيفية التصرف مع من يفعل هذا، سواء كان قريبًا أو بعيدًا، سواء بالصراخ والاستغاثة أو الاستعانة بأقرب من هو موجود أو عدم الاستجابة لتهديداته أو إغراءاته، مع التنبيه للإبلاغ السريع في حالة وقوع أي شيء مشابه لذلك وعدم الخوف من العقاب؛ لأن الأمر لا يستحق عقابًا لطفلنا (الضحية) أو تأنيبًا، بل من يستحق العقاب هو الذي اعتدى أو حاول الاعتداء، فلا بد أن نبلغ عنه فورًا.
ونعلمهم كذلك أن اللعب لا يشمل هذه الأجزاء، وأن من يفعل ذلك نرفض ذلك منه، وأن نستمر في الصراخ في وجهه ونبلغه أننا سنخبر والدينا؛ فهذا تعليم مبدئي وأساسي لا بد أن يتم لجميع أطفالنا في أي مجتمع يكون فيه هذا السلوك الشاذ سائدًا أو متوقعًا بهذه الطريقة.
يمتلك الطفل الأدوات التي تمكنه من رد الاعتداء ورفضه، وهذا لا ينفي ضرورة الإشراف على أطفالنا ورعايتهم وملاحظتهم وقت التجمع مع من هم أكبر سنًّا منهم أو في الأماكن العامة، ولكنه سيظل أمرًا إضافيًّا يكمل حمايتهم لأنفسهم بأنفسهم.
ليس لطفلك خصوصية سواء في التعامل معه في البيت أو المدرسة، وبالتالي لا داعي للفت انتباه مدرسه إلى معاملة خاصة له؛ حيث إن رعاية كل التلاميذ وحمايتهم من هذا الأمر، بل وتعليمهم في المدرسة كيف يتقونه أمر عام لا يخص ابنك وحده، والأفضل أن يتحول إلى ثقافة عامة في المدارس بحيث يتعلم الأطفال كيف يحمون أنفسهم من التحرش أو الاعتداء، وعندها لن يختفي أحد بسبب ما حدث لابنه؛ لأن الفضيحة ستكون فضيحة المعتدي والذي سيفضحه سيكون أطفال قد تعلموا كيف يحمون أنفسهم وكيف يفضحون من حاول فعل ذلك.
ونرجو أن تراجع إجابتنا السابقة:
- امسك.. متحرش جنسيا
ــــــــــــــ(102/227)
ما يجب عندما يتأخر النطق ... العنوان
طفلتي تبلغ من العمر 3 سنوات و3 أشهر.. لا تتحدث معي كثيرًا عندما أحدثها، وبعض الكلمات التي تنطقها غير سليمة النطق، وهي لا تكوّن جملاً مفهومة عندما تتحدث إلا نادرًا، مع أنها تفهم جيدًا عندما أطلب منها شيئًا.
وكذلك لا تخبرني عندما تريد الذهاب إلى الحمام، مع أنه مر عليها فترة أسبوع تقول وتذهب بعض الأحيان بنفسها، ثم انقطعت عن ذلك بدون سبب، مع أنه لا أحد يوبخها، وإنما شجعناها على ذلك، ونقول لها عندما تريدين الذهاب للحمام قولي.
لقد سجلتها في الروضة للعام القادم، ولكنني مترددة في إرسالها بسبب هذا الوضع.. أرجو منكم إرشادي، ماذا أفعل؟
... السؤال
أمراض التخاطب ... الموضوع
د/سحر صلا ح ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... مرحبًا بك أيتها الأم الكريمة ومرحبًا بطفلتك، واسمحي لي ألا أخفي عليك شعوري بالعجب من تتابع وكثرة حالات التأخر في الكلام حتى سن كبيرة من واقع ما لمست في الاستشارات وفي أرض الواقع بين المعارف والأصدقاء؛ فالأمر لافت فعلاً للنظر.
وفي الحقيقة لقد تناولنا ما يجب فعله في مثل حالة ابنتك وما يجب فحصه للبدء في برنامج مناسب للعلاج لدى اختصاصي التخاطب إن احتاج الأمر، كما تناولنا بعض احتمالات مثل تلك الحالات، وستجدين ذلك بالضغط على ما يلي:
- العناد الصامت.. مشكلة تخاطب.
- صغار أنطقهم العطاء (مشكلة تخاطب)
- إذا عرف السبب.. سهل العلاج (مشكلة تخاطب)
وفي الحقيقة مسألة تدريب ابنتك على التحكم أمر قد تأخر كثيرًا؛ فالطفلة عمرها 3 أعوام، وكون تدريبها لم يمر عليه سوى أسبوع -وفقًا لما جاء بسؤالك- فهو أمر مثير للغرابة، وعلى كل؛ فما أميل إليه لتبرير هذا التراجع المفاجئ وجود حدث ما غير سعيد في حياة الطفلة أو الأسرة، أو حدوث شيء أرعبها في الحمام مثلاً حين كانت تذهب وحدها، كأن انزلقت، أو انطفأ عليها النور أو غير ذلك؛ وهو ما دفعها لتحري السلامة باجتناب الأمر برمته.
ومسألة علاج الردة أو الانتكاسة في مسألة التحكم تأتي في الأهمية بعد النظر في تأخر الكلام، ويمكن التعامل معها وفقًا للنصائح الواردة في الاستشارات التالية:
- التبول النهاري الخلل المفقود.
- التبول الليلي مشكلة وحل.
- ضبط الإخراج بجدول الحافز
كما يفضل إرسال أجوبة الأسئلة الواردة في الاستشارة التالية، وإجراء الفحوص الواردة بها، واتباع النصائح الواردة بها كذلك:
- من يجفف ملابس طفلتي؟
- مشتقات الغيرة.. عرفت فالزم
يبقى أمر إلحاق طفلتك بالحضانة، وهو أمر لا أحبذه حتى يتم ضبط الأمور وعلاج الطفلة؛ لئلا يتسبب لها أي مما ذكرت في الحرج، ومن ثَم فقد الثقة بنفسها أمام زميلاتها وزملائها ومدرستها، ومن ثَم مزيد من التعقيد والتراجع تحت الشعور بالعجز والقهر والضعف؛ لذا فلا بد من بثّ الثقة بنفس ابنتك أولاً ومعاونتها على التحدث بطلاقة، والتحكم في إخراجها قبل السعي إلى تعريضها للمواجهة غير المرغوبة مع المجتمع.
ومن العام القادم -عندما تبلغ الرابعة- سيكون الوضع أنسب إن شاء الله لإلحاق الابنة بالمدرسة بعد تحسن حالتها الأكيد إن شاء الله، ولكن ما يهمني التأكيد عليه هو ضرورة اتخاذ خطوات لعلاج الابنة قبل فوات الأوان.
أختم يا أختي الكريمة حديثي معك، داعية الله لك بقرة العين وسلامة ذريتك من كل سوء، وفي انتظار المزيد من استفساراتك وأسئلتك التي نسعد بتلقيها، وأختم معك الحديث بالتأكيد على الدعاء لابنتك؛ فالدعاء هو العبادة كما قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.. بارك الله لك فيها.
ــــــــــــــ(102/228)
التخوف الاجتماعي مظاهره وعلاجه.. متابعة ثالثة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكرًا على الرد عليّ الأجوبة التي طلبتموها مني كالآتي:
1- لغة الحوار في الحضانة هي الإنجليزية وهي اللغة الثانية بالنسبة له؛ لأن المدارس الفرنسية هنا مكلفة جدًّا وكذلك لا تدرس العربية والقرآن؛ لذا فضلنا أن يدخل مدرسة ماليزية يدرس فيها جميع المواد العلمية بالإنجليزية وتركز على العربية والتربية الإسلامية. بالنسبة للفرنسية فلا يعرفها ولا يحتاجها هنا، عندما يبلغ 9 سنوات سوف أبدًا تعليمه الفرنسية في البيت.
2- نعم هو يتقن اللغة الإنجليزية، وهو يتعامل بها بسلاسة وطلاقة خارج محيط الحضانة.
3- نعم يفهم اللغة شفويًّا، حد الجملة التي يفهمها أكثر من 6 كلمات، وهو يفهم الجمل المركبة، مثل ( and, then, so, because ... ) ويتكلمها أيضًا.
4- أود أن أقول بأن التأتأة زالت الآن منذ 3 أسابيع. التأتأة كانت في لغة الأم في بعض الأحيان ومرات أخرى في اللغة الثانية. حواراته خارج الأسرة جد مفهومة وخصوصًا عندما يتكلم بالإنجليزية؛ لدرجة أن البعض يستغرب لاستخدامه بعض الكلمات المعقدة في الإنجليزية.
5- ملاحظاتي حول مراحل نموه الجسماني والمهاري هي جد طبيعية. من ناحية نموه الجسماني فصحته جيدة. أما المهارات كانت في الوقت الطبيعي سواء حبوًا أو جلوسًا، أما الأسنان ظهرت في وقت مبكر فأول سن ظهرت له كان عمره 3 أشهر فقط. أما التحكم في الإخراج فكان في سن سنتين. بالنسبة لنطقه بكلمات كان وعمره سنة و3 أشهر، والجمل المفهومة كانت في سن السنة والنصف، حتى إنه تعلم الأشكال الهندسية المتنوعة وعمره فقط سنة و7 أشهر بما فيها السداسي، الخماسي، والثماني.
6- فيما يخص اختبار الذكاء فأنا لا أدري تحت أي تخصص طبي يجرى هذا الاختبار، وكذلك أريد أن أسأل عن اسم هذا الاختبار بالإنجليزي هل هو IQ test or Intelligence test.
مع العلم أن زوجي مختلف معي حول التفاصيل التي كتبتها في الرسالة السابقة، ويتهمني بأنني لم أذكر التحسن الذي طرأ على ابني فيما يخص علاقاته مع أبناء الجيران؛ حيث كون بعض الصداقات معهم، ويذهب معهم إلى حديقة الحي وحده، ولكن لا يتكلم مع الكبار والمعلمة. أود أن أوضح نقطة وهي أن عدم لبسه لسرواله، ليس لأنه لا يعرف ذلك، بل هو يعرف جيدًا، ولكن يتكاسل ويرفض فعل ذلك.
... السؤال
الخوف ... الموضوع
د/ إيمان السيد ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أيتها الأخت الكريمة، ومرحبًا بك للمرة الرابعة، وقد سعدت جدًّا لاهتمامك ومتابعتك لنا، ويتضح من كل رسالة تقدم ملحوظ في حالة طفلك الحبيب -ما شاء الله- كما يتأكد لدي حرصك ووعيك وثقافتك التربوية التي تتيح لأطفالك إن شاء الله جوًّا مثاليًّا للتنشئة السليمة.
ولكني مع زوجك في ضرورة وأهمية موافاتنا بكل تطور يطرأ على حالة طفلك حتى إن كان طفيفًا من وجهة نظرك، لكن له أثره في تقييم الحالة والحكم على جدوى البرامج المتبعة معها، ومما لا شك فيه أن هناك اختلافًا كبيرًا بين حالة الطفل الموصوفة في الاستشارة الأولى منذ شهور تسعة وحالته - في المتابعة الأخيرة الشهر الماضي ؛ فالطفل بفضل الله قد تجاوز مرحلة الخجل من الاندماج مع أقرانه وأصبحت لديه القدرة على تكوين علاقات والذهاب مع أصدقائه للحديقة واللعب معهم دون حاجة إليكما أنت ووالده.
ولكن طبيعة طفلك في التكيف مع الظروف المحيطة قد يكون بها بعض الاختلاف عن أقرانه؛ فهو يتأنى ويأخذ وقتًا كافيًا في التأقلم والتطور والاندماج، كما أن التأتأة قد زالت ولا تعاوده إلا بخشونة المعاملة معه أو تعرضه للعنف والقسوة منك أو من والده لحساسيته ورقته، وهو ما يؤكد على دورك ووالده في تجنب هذه الأمور مع التزام النصائح التي قدمتها لك عن مسألة التأتأة والتعامل معها والتغلب عليها.
وردك على استفسارات الإجابة السابقة أكد أنه لا يوجد لدى طفلك -إلى حد ما- ارتباك بسبب تنوع أو تعدد اللغات التي يتعامل بها، وكذلك تمكنه مع النطق، وما زلت أؤكد على أمرين اكتشفتهما من خلال تواصلي معك قبل أن نرد على السؤال:
أولاً: تعجلك للنتائج ورغبتك في أن يتبدل حال الطفل بين غمضة عين وانتباهتها، وعدم اقتناعك بأي تطور يحرزه، وهذا مما لا شك فيه ينعكس على تعاملك مع طفلك، ويجعلك ترقبين حركاته وسكناته محللة إياها وضاغطة عليه، وهو ما لا يلائم مسألة تنمية ثقة الطفل بنفسه.
ثانيًا: عدم الالتزام بتنفيذ مقترحاتنا التي نوردها لك في الاستشارات؛ فرغم كل ما قلناه عن تنمية ثقة طفلك بنفسه، وتعزيزه ودعمه وإشعاره بالرضا عما يحمل من قدرات وطاقات لحثه على المزيد، فإنني أجدك تهددين الطفل وتلجئين لأسهل الطرق لدفعه لطاعتك حتى ولو كان ذلك بالتهديد بالفلفل الحار أو الصراخ أو غيره.
إذن فهناك شق كبير من علاج الطفل يقع على كاهليك أنت شخصيًّا بتعديل هذه الأمور؛ فكي تتقدم ثقة الطفل بنفسه يجب ألا يوضع تحت ضغط أو إجبار أو ملاحقة؛ فلكل تغيير مدى يحدث خلاله.
وأخلص من ذلك إلى لفت انتباهك إلى ضرورة إفساح المجال لطفلك لتوطيد وتوسيع علاقاته تدريجيًّا مع من حوله بحيث تتنامى تلك العلاقات بالمعدل الذي يناسبه هو دون ضغط عليه، وتدريجيًّا سيتسع نطاق تلك العلاقات ليشمل المعلمة في الحضانة والكبار.
وأعود وأؤكد على ضرورة تجنب إقحام الطفل في الحياة الاجتماعية دون تدرج ودون إبدائه للاستعداد وتقبل هذا التفاعل مع المجتمع، فقد ينشأ عن ذلك نفور الطفل من المجتمع وخشيته من مواجهته وانطباع الخجل على كل سلوكياته، كما أؤكد على ضرورة التواصل مع معلمته ولفت نظرها إلى التعامل معه بشكل خاص فيه تأليف لقلبه وتأمين لمخاوفه، مع الإكثار من الثناء عليه ومدح تصرفاته الحسنة وهدوئه والتزامه.
ولا شك أنني أود لفت نظرك إلى ضرورة الاطلاع على المقترحات السابقة في الإجابات الثلاث السابقة حول تنمية ثقة الطفل بنفسه، والعناية بتنمية مهاراته وقدراته، وتطبيق تلك المقترحات بدقة مع التراخي في انتظار النتيجة.
ثم نعود فنتحدث عن نقطة مهمة في التعامل مع الطفل وعناده والفوضى والتكاسل اللذين يقعدانه عن العناية بنظافة المكان أو الاعتماد على النفس في ارتداء الملابس وغيرها، وقد تناولنا الأمر باستفاضة في الموضع التالي:
- العزف على أوتار المسئولية
- ابنة السادسة حيرتني.. كيف أعاملها؟
وعلى كل حال فإلزامه بالحفاظ على النظافة والنظام والاعتماد على النفس سيكون أسهل بالمكافأة وجدول الحافز ومدح تحسنه أمام الآخرين؛ وأعني بدول الحافز هو جدول تعلق فيه النجوم أو الصور اللطيفة اللاصقة كجزاء لكل إنجاز في هذا الصدد؛ فترتيب الحجرة نجمة، وتعليق الملابس نجمتان، وخلع وارتداء الملابس دون مساعدة ثلاث، والحفاظ على نظافة الحجرة نجمة، وهكذا...، وكل يوم يأخذ فيه عددا من النجوم يستبدل بها هدية عينية يحبها وفقًا لعدد النجوم، وأقل من 10 نجوم يوميًّا مثلاً لا يستبدل بها أي هدايا، وهكذا...
أما عن طريقة إعطاء الأوامر المطاعة بعيدًا عن التوتر والتهديد والفلفل الحار فيمكنك الاطلاع على ما يلي:
قواعد إعطاء الأوامر
أولاً: تعامل مع الطفل على أنه إنسان ناضج؛ فالطفل يهوى أن يعامل باحترام وأن يستأذن، وعندما نعامله على أنه إنسان ناضج فإنه يستريح إلى ذلك ويتصرف بنضج.
ثانيًا: لا بد من التنويع في أسلوب توجيه الأوامر، فبدلاً من أن تقول الأم مثلاً: "كل طعامك وإلا..." تقول له: "من سيلعب معي لعبة القطة؟ وما هي لعبة القطة؟" تغمض الأم عينها مثلاً وهي تحمل اللقمة، ثم تحذر محمد -بأسلوب مرح- على أنه (القطة) ألا يأكل طعامها وهي نائمة، وتغمض عينيها وتمثل أنها نائمة، وهي تغني: لا تأكلي طعامي يا قطة حتى أصحو، وبالطبع سيأكل الطفل (القطة) اللقمة التي تحملها الأم ويضحك ويقهقه، "فتزغزغه" الأم في مرح.. أهكذا أكلتها يا قطة، لا تفعليها ثانية.. أكلت الجبن فلا تأكلي البيض.. وهكذا...
وبدلاً من "ضع حذاءك مكانه يا..." تقول: "الحذاء العجيب حين يجلس في مكانه سنرتاح من شقاوته ولخبطته لحجرتنا.. هلا انتصرت عليه ووضعته مكانه".
ولا يفوتني أن أقول إن اللغة التي يجب أن تسود تعاملات اليوم مع الطفل هي المرح والابتسام والصوت المبتهج مع توجيه الأوامر بصداقة وحزم مع جلوس الأم أو الأب -حال توجيه الأمر للطفل- على الركبة وفي مستوى ارتفاع الطفل عن الأرض.
ثالثًا: لا بد من احترام رغبة الطفل عند توجيه أمر إليه، فلو
كان تنفيذه لطلبكما سيأخذه من شيء يستمتع بفعله فلا بد لك من إشعاره بأنكما مقدرين لهذا الاستمتاع، وأنه على الفور سيعود لما كان يستمتع به، فتقول الأم له مثلاً: "أعلم أنك تستمتع بهذا اللعبة، لكن نحن مضطرون الآن لتركها قليلاً لكي نأكل على أن نعود ونلعب بها معًا بعد ذلك"، مع ضرورة تحقيق هذا الوعد باللعب معه.
رابعًا: يجب أن يكافأ الطفل فعليا عندما يطيع ليعلم الفرق بين الطاعة وعدم الطاعة، كما يجب أن تستخدما أساليب الحفز والتشجيع المختلفة؛ فالأم ما زالت مرآته التي يرى فيها ذاته، وتتدعم من خلالها ثقته بنفسه وبحب المحيطين له وبقدرته على الحفاظ على هذا الحب بالفعل الصحيح، كما يجب عدم اللجوء للصراخ نهائيًّا؛ فالعصبية معدية.
خامسًا: لا بد من المداومة على احتضان الطفل وتقبيله والتبسم له ومشاركته اللعب والمرح، والاختباء منه والجري وراءه حتى أثناء مزاولة أعمال المنزل وتنظيف الحجرات، مع إشراكه في أداء هذه المهام، وذلك:
- لتحقيق صداقة قوية تربط بينكما؛ فتؤدي إلى أن المحب لمن يحب مطيع.
- لتحقيق جو مناسب لنمو ونضج سليم بعيدًا عن التوتر والعصبية والأوامر والعناد فالعقاب... إلخ.
سادسًا: قصة قبل النوم لها من أثر في تقويم المعوج من السلوكيات بإسقاط هذه السلوكيات على الأرنب الذي فعل كذا وحصل له كذا، ولما سمع كلام أمه وفكر جيدًا حمى نفسه من كذا... إلخ، وبشكل عام فقراءة القصص من كتب القصص الملونة -سواء قرأها الأب أو الأم مع الطفل- تصنع جوًّا من الدفء والحنان والترابط حول الطفل تدعم سواء نشأته ونموه.
سابعًا: لا بد أن تكون روح التعامل مع الطفل مزيجا من الإقناع والمودة والصداقة، مع تعليمه لماذا الخطأ خطأ، ولماذا الصحيح صحيح بهدوء ومن خلال "الحواديت" تارة وتركه للتجربة تارة، وإخباره بنتيجة هذا الفعل حينما فعله بابا وهو صغير تارة أخرى وهكذا... المهم أن يعرف لماذا يتجنب الخطأ ولماذا يفعل الصحيح.
ثامنًا: كل يوم يمر في حياة الطفل -ما دمنا نتعامل معه بشكل صحيح وهادئ وحنون- يتطور فيه للأفضل، وما يبدي عليه رفضه اليوم، ستجدونه ينصح به أخته غدًا.. وهذا عن تجربتي.
تاسعًا: هناك فرق بين الهدوء -الذي تظنين أنه يجعل ابنك يتمادى في عناده- وبين عدم الجدية والحزم؛ فالطفل يريد أن يتأكد من مدى صدق الوالدين في معاملته بشكل جيد؛ فيستفزهما أحيانًا ليعرف نهاية ما يظنه تمثيلية مصطنعة من الهدوء؛ فيثبت لنفسه -باستجابتهما لاستفزازه- أنه كان محقًّا؛ لذا فانضباط الطفل لن يتحقق إلا بإشعاره بالحب الكبير والمكانة العالية التي يحتلها والتي ستدفعه لأن يحافظ عليها بالتزام السلوك الحسن، وهنا نعود لمسألة الإقناع مع المودة والحزم مع الحنان وليس اللين المصطنع -الذي يعاملون به المجانين في الأفلام السينمائية- الذي يعقبه نهر وزجر عند عدم الطاعة.
عاشرًا: على الأم أن تتجنب الشكوى من الطفل لأبيه أمامه أو لغير أبيه، بل تحرص على مدحه عند أبيه بكل فعل حسن فعله خلال اليوم لحفزه على المزيد، ولكن دون مدح لشخصه، بل تمدح فعله، فلا تقولي: "محمد أشطر طفل"، بل: "كان ترتيب محمد لألعابه اليوم ممتازًا".. "تناول محمد اليوم طعامًا مفيدًا ليكبر"... وهكذا.
حادي عشر: لا بد من توفير فرص عدة للطفل لممارسة أنشطة لطيفة تسعده وتجعل قضاءه لوقته مفيدًا له وممتعًا، كما أنه لا بد من مشاركة الأب أحيانًا والأم أحيانًا والوالدين معًا مع الطفلة الصغيرة أحيانًا أكثر في ممارسة هذه الأنشطة (تلوين- رسم- مكعبات- صلصال- مسرحيات عرائس بسيطة- فك وتركيب بازل- ... إلخ).
ومسألة اختبار أو قياس مستوى الذكاء فهو إجراء يتابعه طبيب نفسي أطفال، أو مركز متخصص في طب نفس الأطفال، وعلى كل فعليك محاولة تنمية أنواع الذكاء المختلفة لدى طفلك، فضلاً عن مهاراته باتباع النصائح الواردة في المواضع التالية:
- أمة ذكية تساوي ثروة حقيقية
- الذكاء الوجداني.. نظرية قيمة حديثة
- تنمية القدرات التوجيه لا الضغط
أختي الكريمة، أتمنى أن أتلقى المزيد من استفساراتك ومتابعاتك وأخبار طفلك الذي أتمنى أن يكون دائمًا في تحسن، وأحب أن يكون خاتمة كلامي معك بقول المحللة النفسية "فرنسواز دولتو" وتعليقها على النزعة الوالدية التملكية التي لا تراعي حرية الطفل، فتغالي في الرقابة على حركاته وسكناته بطموح زائد، فتقول: "إنها لمستبدة، تلك الامتلاكية اللحمية إذا ما اعتبرت الولد بمثابة قطعة من الذات، وينبغي مطاردتها دون هوادة".
ــــــــــــــ(102/229)
المراهقة..السهل الممتنع ... العنوان
ابنتي الكبرى فاطيما تبلغ من العمر 10 سنوات، وهي بنت جيدة، ترتدي الحجاب منذ أربع سنوات من نفسها وبدون أي ضغط من أحد، كما أنها تؤدي الصلوات الخمس، وتحفظ 5 أجزاء من القرآن، هي أيضا تحب أخواتها البنات وتعاملهم بحكمة، وفي الحقيقة هي طفلة ذات عقلية متفتحة وجميلة.
نحن بحاجة لإعداد أنفسنا لفهم مرحلة المراهقة ونود أن نعرف الأفضل في:
• كيفية التعامل مع المراهق؟
• كيف يفكر؟
• كيف يمكننا تشكيل شخصيتها، تفكيرها، خبراتها الحياتية، وفي نفس الوقت تجنب الصدام مع طموحاتها وشخصيتها.
... السؤال
تربوي ... الموضوع
أ/عزة تهامي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... السلام عليكم -سيدتي- ورحمة الله وبركاته، كم يسعدني أن أتلقى مثل هذه الرسائل التي تحمل وعيا بالغا بالتربية، ومحاولة من الآباء للتهيئة والإعداد لمرحلة مقبلة في حياة أبنائهم.
وقبل أن أبدأ دعيني أحييك على حسن تربيتك وثنائك على ابنتك "فاطيما" -ما شاء الله لا قوة إلا بالله- وأدعو الله أن يحفظها ويحفظ إخوتها ويجعلهم قرة عين لك ولزوجك في الدنيا والآخرة.
فأهلا بك -سيدتي- ومرحبا بسؤالك عن كيفية الاستعداد لمرحلة المراهقة؛ فهو سؤال غاية في الأهمية، وهو جد خطير، وأنا أعتبره مما يطلق عليه "السهل الممتنع"؛ لأنه يحتاج إلى التطرق للعديد من النقاط والقضايا، وفي نفس الوقت يحتاج إلى تركيز وتلخيص هذه القضايا في مساحة محدودة، لكني سوف أكتفي بأهمها، وسوف أرشح لك في النهاية بعض الكتب التي تتناول هذه المرحلة لمزيد من الاستفادة.
وبداية أقول: إن هذه المرحلة يعتبرها بعض علماء التربية من أخطر مراحل النمو عند الإنسان وأكثرها تعقدًا لما يحدث فيها من طفرة في مظاهر النمو المختلفة (الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية)... إلخ، ولما يتعرض المراهق فيها من صراعات متعددة (صراع بين الاستقلال من الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق).
وقد قمت ببحث ميداني ولقاءات متعددة مع بعض المراهقين وآبائهم، وقد تبين أن أهم ما يعاني الآباء منه خلال هذه المرحلة مع أبنائهم:
* الخوف الزائد على الأبناء من أصدقاء السوء.
* وباعتبار أن المراهقين قليلو الخبرة في الحياة، ومتهورون، على حد تعبير كثير من الآباء، فإنهم لا يميزون بين الخطأ والصواب.
* إنهم -أي المراهقين- متمردون ويرفضون أي نوع من أنواع الوصايا أو حتى النصح.
* يطالبون بمزيد من الحرية والاستقلال.
* يعيشون في عالمهم الخاص الذي يحاولون فيه الانفصال عن الآباء بكل الطرق.
وأما شكوى المراهقين فكانت الوجه الآخر لكل ما سبق:
* فالآباء لا يقدرون مشاعرهم ويتذبذبون في طريقة التعامل معهم؛ فهم صغار وقتما يحلو لهم -على حد تعبير أحد المراهقين- وأحيانا أخرى هم كبار مسئولون.
* لا يثقون -أي الآباء- في حكم أبنائهم المراهقين على الأشياء، ولا في تقديرهم للأمور.
* يتدخل الآباء في كل صغيرة وكبيرة.
* متأخرون -أي الآباء- في أفكارهم ومعلوماتهم، ولا يكتفون بذلك، بل يريدون من أبنائهم المراهقين أن يكونوا مثلهم.
* يرغبون في تحقيق أحلامهم في أبنائهم أو يريدون نسخا منهم.
* لا يؤمنون بمبدأ الحوار والنقاش.
ومما سبق يتضح لك أن السبب الرئيسي لهذه التصادمات هو عدم فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة من جهة الآباء.
وحتى تتفادي -سيدتي- هذه التصادمات وهذه الصراعات مع ابنتك فسوف أقترح عليك بعض الاقتراحات، ولكن قبل ذلك أود أن أنبهك إلى أن هذه المرحلة هي من أهم المراحل بالنسبة للأم والابنة معا؛ فهي المرحلة التي تكون فيها الابنة في أشد الحاجة إلى الأم؛ لتفهّمها لها وتقديرها، وهي التي تعبر معها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الأنوثة الناضجة، وبقدر مهارة وتفهّم الأم لهذه المرحلة بقدر الاتزان الذي ستتمتع به ابنتها فيما بعد وتصبح هي بدورها أُما ناضجة تصلح أن تربي أجيالا تربية صحيحة سوية، وكذلك الحال بين الأب وابنه.
أما الاقتراحات فهي:
1- أن تعديها لمرحلة البلوغ بأن توضحي لها أن هذه الفترة هي أجمل الفترات التي تمر بها الفتاة على الإطلاق؛ لأنها هي المرحلة التي تنتقل من مجرد فتاة صغيرة إلى امرأة جميلة.
2- أن تشرحي لها بعض الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة بشكل بسيط تلقائي، ويمكن التمهيد لذلك عندما تراك هي في رمضان تفطرين أو لا تصلين فعليك بإفهامها أن هناك فترة لا تصوم فيها المرأة ولا تصلي وهي فترة الحيض، فإن سألت المزيد فأجيبي وإذا لم تسأل فاتركيها.
3- أن يكون بينك وبين ابنتك حوار مفتوح تتبادلان فيه موضوعات متعددة، وأهم ما يشغلها دون سؤال مباشر، بل دعي الحوار يسير بتلقائية.
4- عند الحديث أظهري الاهتمام والتقدير لكل ما تقول.
5- يمكنك اصطحابها بمفردها كل فترة للنزهة أو للتسوق، فهذا له أبلغ الأثر عليها (الأفضل أن يكون بشكل دوري بالتبادل بينها وبين إخوتها؛ حتى تحققي العدل بينهم).
6- احترمي رغبة ابنتك -في المرحلة القادمة- للاستقلالية، ورغبتها في أن تشعر بمزيد من الاعتماد على نفسها، وأنها يمكن أن تتخذ قرارات خاصة بها دون قيود، مثل اختيارها لصديقاتها أو لملابسها أو لأكلها... إلخ.
7- احترمي أيضا خصوصياتها، فليس معنى أنها تتحاور معك وتفتح قلبها لك أن يكون من حقك معرفة كل ما يجول بخاطرها؛ لذا لا بد أن تتركي لها فرصة الاختلاء بنفسها وغلق باب حجرتها عليها فترة إذا أرادت، وكثيرا ما يرغب الأبناء في هذه المرحلة أن يكتبوا مذكراتهم أو خواطرهم فلا تطلبي رؤية هذه الأشياء إلا إذا عرضتها هي عليك.
8- اهتمي بها كأنثى تنضج وتخطو خطوات حثيثة نحو الأنوثة؛ بأن تهتمي بملابسها على أن تتركي لها حرية الاختيار، وأن تهدي لها بعض الحلي الذي يناسبها... إلخ.
9- لا تندهشي من العصبية أو الحدة أحيانا وهي تتعامل مع إخوتها مثلا، أو في مواقف لا تستدعي هذه العصبية أو تلك الحدة، لكن عليك فقط أن تتجاهلي هذا التصرف، فإذا تمادت فيمكنك أن تتحدثي معها على انفراد قائلة لها: أنا أعرف أن إخوتك يسببون بعض المضايقات، وأنا نفسي أحس بالإزعاج، لكن على ما يبدو أن هناك أمرا آخر يكدرك ويغضبك، فهل ترغبين في الحديث عنه؟ وانظري إليها نظرة تشجيع حتى تتحدث معك عما يدور في نفسها، فإن سكتت فربتي عليها واتركيها تخلو بنفسها دون إلحاح أو قلق عليها.
10- وجدير بالذكر في هذا المقام أن تتعرفي على طريقة تفكير المراهقين في هذه المرحلة، وسأستشهد بما ورد في كتاب "أولادنا" للدكتورة ريتا مرهج، حيث توضح أن "التطور الفكري عند المراهق (من المادي إلى المجرد، ومن الحدس إلى المنطق) ينعكس بشكل حاد على نظرة المراهق لنفسه وللمجتمع، وإن جميع الأهل يلاحظون أن ابنهم الذي كان يسمع الكلام ويقتنع بسهولة بما يقال له قد أصبح مناقشا مجادلا ينظم أفكاره ومعطياته، ويحتاج ألف حجة لإقناعه".
فعليك سيدتي ألا تنزعجي من ذلك.. تفهمي فقط أن هذه هي طبيعة المرحلة، وحاولي إدارة المناقشة دون عصبية حتى لو جادلتك ابنتك مجادلة طويلة، كما أن المراهق يصبح مهتما بشكل مبالغ فيه بأفكاره ومظهره وتصرفاته، ويحاول أن يتجنب الظروف المحرجة، ومن هنا نعرف لماذا يخجل المراهق أو تتلعثم الفتيات خوفا من أن يظهر عليهن حمرة الخجل أمام الآخرين؛ وهو ما يشل تصرفاتهن، وبالتالي يحجمن عن التعامل مع الآخرين لفترة.
كما يتميز تفكير المراهق بالذاتية فلديه شعور مضخم حول أهميته، وهو يستطيع أن يرى نفسه في قمة المجد، وكذلك في أدنى مستويات اليأس، ويشعر وكأن أحدا لا يعاني ما يعانيه، وللطف الله بنا فهذه الفترة المشحونة بالتناقضات العاطفية والتمرد لا تستمر طويلا؛ فما يلبث المراهق في تغيير نظرته للمجتمع إلى الأفضل بطريقة إيجابية في منتصف هذه المرحلة؛ وهو ما يساعده على الانفصال بسلاسة عن أهله، وإقامة علاقات مهمة مع الآخرين، وتكوين هوية مستقلة.
إن تطور تفكير المراهق المجرد أيضا يجعله ينظر إلى الأمور والحياة بمثالية، ويتخيل كما لو كانت الحياة بلا نواقص ولا بؤس أو حرمان؛ لذا فهو لا يطيق هذا الواقع، واقع أجداده وآبائه؛ ومن هنا تأتي الفجوة بين الأجيال.
هذه هي بعض خصائص تفكير المراهقين في هذه المرحلة، وهناك الكثير الذي لا يتسع المقام لسرده، فعليك الاطلاع على خصائص هذه المرحلة من أي كتاب يحمل عنوان "علم نفس النمو" شريطة أن يشمل مرحلة المراهقة.
ومن هذه المراجع على سبيل المثال:
• أولادنا: د/ ريتا مرهج
• سلسلة المراهقة: د/ أكرم رضا (3 أجزاء)
• علم نفس النمو: د/ حامد زهران
• رعاية نمو الطفل: د/ علاء الدين كفافي
• سيكولوجية النمو والنمو النفسي: د/ على سليمان
وهناك في نهاية كل كتاب مما سبق عدة مراجع يمكنك الاطلاع عليها.
كما يمكنك الاستعانة بمواقع عديدة تناولت هذا الموضوع بالتفصيل من خلال بحثك عنها في موقع البحث: www.google.com
وأخيرا دعواتي الخالصة بالتوفيق، كما أرجو أن تتابعي معنا، وأن تسألي عن أي شيء يعن لك عن خصائص هذه المرحلة، أو غيرها من الأمور التربوية.
ــــــــــــــ(102/230)
طفلي احتضن صديقته ... العنوان
السلام عليكم، وجزاكم الله ألف خير، المشكلة أن ابني له صديقة طفلة من نفس عمره تقريبًا يحب أن يلعب معها، وهي طفلة جميلة ولطيفة جدًّا.. كلما اجتمعا معًا ابتعدا عنا كثيرًا وبالذات إذا كنا في حديقة عامة، وأحسست أن تعلقه بها يزيد قليلاً عن الحد الطبيعي.
واليوم كانت مع أمها عندنا، ولاحظت أنه يحتضنها ربما ببراءة، لكني تضايقت أنا وأمها من ذلك، ولم أعرف ماذا أفعل؟
كما ترون في الاستبيان أننا في الغربة بأمريكا؛ لذا يجب أن أكون حذرة من هذا.. فكيف أفهمه أن هذا التصرف خاطئ؟
... السؤال
تربوي ... الموضوع
د/عمرو أبوخليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا ندري ما الفرق بين أن يحتضن طفلك ذو السبع سنوات صديقته الطفلة من نفس سنه في الأردن أو يحتضنها في أمريكا؟ وما هو سبب الحذر في أمريكا من احتضان طفل لطفلة؟ وبالتالي يصبح من الواجب أن نفهمه خطأ التصرف.
إنك تقرين ببراءة الطفلين فيما أقدما عليه من تصرف، ومع ذلك تضايقتما أنت وأمه وبعثت تسألين كيف تفهمينه الخطأ.. أتقصدين الخطأ في البراءة أم الخطأ في أنه تعلق بها أكثر من اللازم، على حد تعبيرك في رسالتك، فترك عاطفته الجامحة تسيطر عليه فوصل به الأمر إلى أن يحتضنها أمامكما ولم يراعِ المخاطر والمحاذير التي يمكن أن تنجم عن هذا التصرف البريء؟
إنكما في غربة كما تقولين، وهذه الطفلة ابنة صديقتك يبدو أنها المتنفس الوحيد لطفلك المسكين فيلعب معها ويهيم بها، وطبيعي أن يبتعد بها عنكما حتى يلعبا بحريتهما وببراءة شديدة يحتضنها كنوع من اللعب والتعبير الجسدي البريء عن الحب الطفولي.
أي مشكلة في ذلك وأي غضاضة، وماذا حدث في عقولنا ونفوسنا حتى أصبح للبراءة ألف معنى ومغزى؟! طفلان بريئان يلعبان معا كل منهما لا يجد غير الآخر ليلعب معه في هذا المجتمع الغريبان هما فيه، فيلعبا كما يشاءان وليحتضنا بعضهما كما يشاءان؛ فليس لأحضانهما دلالة إلا البراءة في أحلى صورها... وعقولنا ونفوسنا هي التي تحتاج لأن نغسلها بهذه المشاهد البريئة حتى تزول منها هذه الأفكار الغريبة التي جعلتنا نتضايق ونبعث في إرسال المشورة في كيفية تعديل هذا السلوك الخاطئ.
سلوك كان في الماضي عندما يراه الآباء والأمهات يمرحون ويفرحون، بل ويستشرفون المستقبل، متسائلين يا ترى ماذا سيفعل هؤلاء الأطفال عندما يكبرون؟ ولكن أبدًا لم ينزعج أحدهم من البراءة سواء كانت حضنًا أو في لعب للأطفال بعيدًا عن أعين الكبار؛ لأنهم لا يريدون لأحد أن يغتال براءتهم بنظراته المتهمة من غير دليل.
ــــــــــــــ(102/231)
طفلي احتضن صديقته العنوان
السلام عليكم، وجزاكم الله ألف خير، المشكلة أن ابني له صديقة طفلة من نفس عمره تقريبًا يحب أن يلعب معها، وهي طفلة جميلة ولطيفة جدًّا.. كلما اجتمعا معًا ابتعدا عنا كثيرًا وبالذات إذا كنا في حديقة عامة، وأحسست أن تعلقه بها يزيد قليلاً عن الحد الطبيعي.
واليوم كانت مع أمها عندنا، ولاحظت أنه يحتضنها ربما ببراءة، لكني تضايقت أنا وأمها من ذلك، ولم أعرف ماذا أفعل؟
كما ترون في الاستبيان أننا في الغربة بأمريكا؛ لذا يجب أن أكون حذرة من هذا.. فكيف أفهمه أن هذا التصرف خاطئ؟
السؤال
تربوي الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
لا ندري ما الفرق بين أن يحتضن طفلك ذو السبع سنوات صديقته الطفلة من نفس سنه في الأردن أو يحتضنها في أمريكا؟ وما هو سبب الحذر في أمريكا من احتضان طفل لطفلة؟ وبالتالي يصبح من الواجب أن نفهمه خطأ التصرف.
إنك تقرين ببراءة الطفلين فيما أقدما عليه من تصرف، ومع ذلك تضايقتما أنت وأمه وبعثت تسألين كيف تفهمينه الخطأ.. أتقصدين الخطأ في البراءة أم الخطأ في أنه تعلق بها أكثر من اللازم، على حد تعبيرك في رسالتك، فترك عاطفته الجامحة تسيطر عليه فوصل به الأمر إلى أن يحتضنها أمامكما ولم يراعِ المخاطر والمحاذير التي يمكن أن تنجم عن هذا التصرف البريء؟
إنكما في غربة كما تقولين، وهذه الطفلة ابنة صديقتك يبدو أنها المتنفس الوحيد لطفلك المسكين فيلعب معها ويهيم بها، وطبيعي أن يبتعد بها عنكما حتى يلعبا بحريتهما وببراءة شديدة يحتضنها كنوع من اللعب والتعبير الجسدي البريء عن الحب الطفولي.
أي مشكلة في ذلك وأي غضاضة، وماذا حدث في عقولنا ونفوسنا حتى أصبح للبراءة ألف معنى ومغزى؟! طفلان بريئان يلعبان معا كل منهما لا يجد غير الآخر ليلعب معه في هذا المجتمع الغريبان هما فيه، فيلعبا كما يشاءان وليحتضنا بعضهما كما يشاءان؛ فليس لأحضانهما دلالة إلا البراءة في أحلى صورها... وعقولنا ونفوسنا هي التي تحتاج لأن نغسلها بهذه المشاهد البريئة حتى تزول منها هذه الأفكار الغريبة التي جعلتنا نتضايق ونبعث في إرسال المشورة في كيفية تعديل هذا السلوك الخاطئ.
سلوك كان في الماضي عندما يراه الآباء والأمهات يمرحون ويفرحون، بل ويستشرفون المستقبل، متسائلين يا ترى ماذا سيفعل هؤلاء الأطفال عندما يكبرون؟ ولكن أبدًا لم ينزعج أحدهم من البراءة سواء كانت حضنًا أو في لعب للأطفال بعيدًا عن أعين الكبار؛ لأنهم لا يريدون لأحد أن يغتال براءتهم بنظراته المتهمة من غير دليل.
ــــــــــــــ(102/232)
حتى لا يذهب الذكاء العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أشكر كل القائمين على هذا الموقع؛ فكل ما فيه غاية في الأهمية.
بنان ابنتي الكبرى ذات الست سنوات والنصف في الصف الثاني ذات شخصية قوية على إخوتها وتحب اللعب والرسم جدًّا.. ذكية نبيهة، وتحب أن تكون لها الأولوية في كل شيء، المشكلة تكمن في أن ذكاءها ذاهب بدون فائدة فهي تحب الانتباه إلى كل ما يدور حولها من أحاديث وقصص وتحفظه بشكل كبير فهي شديدة الملاحظة.
أما بالنسبة للدراسة فهي تحب الكتابة، ولا تسمع إلا كلام نفسها، وما زالت مع عادة مص الأصبع لكن أقل من الأول.
أما عبد الرحمن فعمره 5 سنوات ذكي وطيب ويحب أخته ويسمع كلامها على خلافها هي، وهو محبوب وعنده طلاقة وخاصة في حفظ القرآن الكريم، ويسأل كثيرًا.
لم أعان من مشكلة كبيرة مع عبد الرحمن سابقًا، لكن الآن مع بداية العام الدراسي الجديد بدأت أشعر بوجود بعض الحلوى معه وأشياء أخرى من أصناف الحلوى، فاتصلت بمدرسة الفصل وهو بالروضة الثانية وكانت محرجة من إخباري، حيث إن الأهل لا يتقبلون هذا، وذكرت لي أنه يأخذ من درجها بعض الحلوى دون علمها، ويأخذ من المقصف، وأحيانًا يشتري دون أن يكون لديه نقود.
وحين أسأله يلزم الصمت ولا يتكلم كلمة واحدة ولا يتحرك، علمًا أني أوفر له كل ما يريد ولم أتأخر عنه بشيء ضمن الإمكانيات.. كل يوم أدعه يختار ما يريد حلوى، شبسي، عصير... أو نقود.. كما أنه بدأ بالكذب مؤخرًا، لكن أستطيع كشفه فهو طيب جدًّا.
وأخوه الصغير محمد 3 سنوات ونصف يغار منه كثيرًا.. عمومًا الغيرة بين أولادي كبيرة جدًّا وأنا منذ زمن طويل وأنا أحاول علاجها بكل الطرق، وهي الآن بفضل الله أقل درجة من الأول وأحاول العدل بينهم بقدر الإمكان.
وأنا لديّ نظام في البيت من النوم والأكل والخروج، وطبعًا الأب يلين معهم أكثر، والنقطة الأخرى أني أوفر لهم جوًّا ثقافيًّا وإيمانيًّا، ولكن مع مشكلة عبد الرحمن لا أعرف ما هو الحل الأمثل؟ وعذرًا على الإطالة، ولكم ألف شكر.
السؤال
الكذب والسرقة الموضوع
أ/عزة تهامي اسم الخبير
الحل
وعليكم السلام عليكم ورحمته وبركاته، ونسأله تعالى أن ينفع بنا وبك.. اللهم آمين.
وردًّا على استشارتك أقول:
اتضح من رسالتك أن كلاًّ من "بنان" و"عبد الرحمن" هما موضوع الاستشارة، وسأبدأ بالرد على ما يخص بنان أولاً، وسأبدأ بجملتك: "إن ذكاءها ذاهب بدون فائدة فهي تحب الانتباه إلى كل ما يدور حولها من أحاديث وقصص بشكل كبير، أما بالنسبة للدراسة تحب الكتابة...".
مع الأسف -سيدتي- نحن ما زلنا نحكم على أبنائنا وذكائهم من خلال تفوقهم الدراسي فحسب، وكون ابنتك تنتبه لكل ما حولها وتسجله في ذاكرتها وأنها قوية الملاحظة كل هذا مدعاة للفخر والسرور وعلامة تدل على نجابتها في هذه السن، وكل ما يجب عليك فعله لاستثمار ملكاتها ومهاراتها بشكل جيد وتوجيهه للوجهة الصحيحة أن:
1- تستثمري هذا الذكاء وهذا الانتباه للأحداث حولها في إثارة الحوار بينك وبينها؛ لتعرفي ما الذي علق في ذهنها من هذه الحكايات والأحداث، وكيف أثرت هذه الأشياء في تكوين فكرها وتصوراتها، بل وبناء شخصيتها، وثقي أنك إذا قمت بهذا فستقتربين أكثر من ابنتك وتفهمين احتياحاتها وبالتالي تشبعينها.
2- عليك أيضًا أن توجهي هذا الانتباه وهذا الاهتمام إلى مساره الصحيح بحيث لا يكون انتباهها منصبًّا على ما لا يعنيها من شؤون الكبار والتدخل في خصوصياتهم، فمثلاً إذا حدثتك عن حوار دار بينك وبين والدها -ولم يكن من المفترض سماعه- فعليك تنبيهها بلطف إلى أن ما يدور بينك وبين أبيها أمر خاص ولا يصح التدخل فيه، وعلى الفور غيِّري مجرى الحديث إلى شيء آخر تحبه وتحب التحدث بشأنه، مثل: آخر ما شاهدته من أفلام الكارتون وأعجبها أو عن رحلة أو نزهة ستقومون بها كأفراد للأسرة وكيف تساعدك في إعدادها.
3- استخدمي معها بعض اللعب التي تستغل قوة ملاحظتها وانتباهها مثل أن تجعليها تختبئ وتغيري مكان بعض الأشياء في الغرفة، ثم تطلبي منها ذكر هذه الأشياء، ويمكنك أن تطلبي منها أن تستخرج الاختلاف بين صورتين متشابهتين، وفي مجلة ماجد -مثلاً- يمكنها أن تبحث عن فضولي بين صفحات المجلة، أن تكرر وراءك عددًا من الأرقام تبدئين برقمين ثم ثلاثة ثم أربعة، وهكذا...، وغيرها من الألعاب التي تستثمر قدراتها على التذكر وقوة الملاحظة والانتباه وهي كثيرة جدًّا في مواقع الأطفال على الإنترنت.
ثانيًا: لا أدري بالتحديد ماذا تقصدين -سيدتي- من قولك "أما بالنسبة للدراسة فهي تحب الكتابة"، فهل هذا يعني أن مستواها غير مقبول دراسيًّا وتحصل على درجات غير مرضية؟ وهل حبها للكتابة هذا يعني أنها لا تتفاعل في الفصل وتتميز فقط في الكتابة دون المهارات الأخرى للتعلم مثل القراءة والاستماع والتحدث وغيرها...؟
على كل حال إذا كان مستواها غير مقبول دراسيًّا (وأقصد بغير مقبول أنها تحصل على درجة النجاح في كل مادة)، فما عليك إلا أن تفعلي مثلما فعل "ستيفن كوفي" مع ابنه، حيث عرف كيف يعالج أمر تأخر ابنه دراسيًّا بعد أن نظر لمواضع تفوقه التي ليست بالضرورة أن تكون في المجال الدراسي فقط بل في نواح متعددة قد تكون في الموسيقى أو الرسم -كما هو الحال مع ابنتك- وغيرها من مجالات التفوق التي تتعدد بتعدد النشاط الإنساني كله.
وعليه فيجب عليك -سيدتي- أن تشجعي ابنتك على الرسم، وإذا كان متاحًا لك أن تلحقيها بأحد المراكز التي تدرب الأطفال على تنمية هذه الملكة فافعلي، وعلقي لها إبداعاتها بحجرتها، بل يمكنك أن تقيمي لها معرضًا خاصًّا بها في أحد أركان حجرتها يقوم بزيارته أصدقاؤها وزملاؤها بالمدرسة، وبالطبع لن أحدثك عن أثر هذا على ابنتك من زيادة الثقة بنفسها وزيادة الدافعية، فضلاً عن تخلصها من عادة مص الأصابع والتي لا داعي للقلق بشأنها؛ لأنها تقل كما ذكرت.
أما بالنسبة لعبد الرحمن ومشكلة أخذه الحلوى دون علم أصحابها فإن سن عبد الرحمن ما زالت صغيرة على أن يميز بين ملكيته وملكية الآخرين، وأن مفهوم أخذ الأشياء دون علم أصحابها عنده ليس له نفس مفهوم السرقة عند الكبار، وغالب ظني أنه قد وجّه إلى عدم أخذ الحلوى بصورة جعلته يكرر هذا الأمر في الخفاء ويبدأ في عملية الكذب.
وأفضل طريقة عندما يأخذ الأطفال أشياء لا يمتلكونها هي:
1- أن يقال له بهدوء حتى يتعلم حدود الملكية: هذا الشيء (ويسمى له) ليس ملك عبد الرحمن، بل هو لـ(فلان)، فإذا أردت أن تأخذه فاستأذن منه أولاً، ونمثل أمامه حوارًا يدل على طريقة الاستئذان، كما يجب التعاون مع معلمة فصله لعلاج الأمر.
2- أن يعيش الأبناء في وسط عائلي يتمتع بالدفء العاطفي بين الآباء والأبناء.
3- يجب أن نحترم ملكية الطفل ونعوده على احترام ملكية الآخرين، وأن ندربه على ذلك منذ الصغر مع مداومة التوجيه والإشراف.
4- كذلك يجب عدم الإلحاح على الطفل للاعتراف بأنه سرق؛ لأن ذلك يدفعه إلى الكذب فيتمادى في سلوك السرقة والكذب.
5- ألا يعير بما فعل من قبل.
6- ضرورة توافر القدوة الحسنة في سلوك الكبار واتجاهاتهم الموجهة نحو الأمانة.
7- أن نحكي ونمثل معه حكايات عن الأمانة.
يمكنك الإطلاع على عدة استشارات تطرقت لهذا الموضوع:
- تنمية القدرات.. التوجيه لا الضغط
- السرقة.. الجميل أولا قبل
- قل: استعارة.. ولا تقل: سرقة
وأخيرًا -سيدتي- أدعو الله تعالى أن يوفقك في أمر تنشئة أبنائك وفي أمرك كله، كما أرجو المتابعة معنا.
ــــــــــــــ(102/233)
اعتماد العنف وسيلة للتربية!! العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لديّ أكثر من مشكلة في العلاقة مع ابنتي(11سنة) فهي طفلة وحيدة ذكية ومتميزة، ولكنها عنيدة وملولة بشكل رهيب ودائمًا متذمرة. ولي عدة تساؤلات هي:
1 - هل استعمال العنف يصلح كوسيلة للتربية والإصلاح أم أن الإقناع واستخدام وسائل العقاب غير البدني أفضل وأجدى بينما العقاب الجسدي يؤدي لمزيد من العناد والتمسك بالموقف الخاطئ؟
2 - أخشى من تعرض ابنتي لتحرش جنسي؛ ولذلك أصبحت أخاف عليها بشكل مرضي؛ وذلك نتيجة تعرضها لتحرش من السائق وبعدها أصبحت أخاف من الجميع حتى الأقارب والأصدقاء ولا أعرف ماذا أفعل؟
3 - ابنتي مقبلة على مرحلة المراهقة وهي ذكية ولماحة وأخشى عليها من مشاهد الجنس في الأفلام الأجنبية وأغاني الفيديو كليب، ولا أعرف كيف أتصرف معها؟
4 - هي طفلة وحيدة وهذه إرادة الله، ولكنها غير راضية وتشعر دائمًا بالوحدة وليس لنا جيران في مثل سنها والأقارب يسكنون في مناطق بعيدة. أفيدوني أفادكم الله. السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
يبدو أننا نعرف الإجابة على بعض ما نوجه من أسئلة، ولكننا نريد أن نتأكد ويبدو ذلك من صيغة السؤال.. فسؤال بصيغة هل يصلح العنف وسيلة للتربية.. لا بد أن من تسأله لا تريد الحصول على إجابة، ولكنها تريد أن تقرر حقيقة هي أن العنف لا يصلح وسيلة للتربية، بدليل أنها تكمل السؤال بحقائق تربوية أيضًا لا يختلف عليها وهي أن الإصلاح والإقناع ووسائل الإقناع غير البدني أفضل وأجدى، بينما العقوبات الجسدية تؤدي لمزيد من العناد والتمسك بالموقف الخطأ.
نحن نقر هذا الكلام تمامًا، ونضيف أننا نعتبر العقاب البدني في التربية مثل عقوبة الإعدام في التشريع، والقانون لا يلجأ إليه إلا في الحالات القصوى وهي حالات محددة ومعدودة، وهذا حال الضرب أيضًا فهو وسيلة أخيرة في حالات محددة مسبقًا ومعدودة جدًّا، ويكون بشروطه التربوية والشرعية فلا يكون مؤذيًا أو مهينًا أو بدافع الغضب والانتقام، ولكن يكون رمزيًّا في أنه يعبر عن أقصى العقاب نتيجة لارتكاب الخطأ الكبير المتعمد فيكون بضربة اليد على يد الطفل أو مقعدته بحيث يفهم الطفل أنه ليس للانتقام ولكنه للتربية.
هذا إذا اضطررنا للجوء إليه وما أغنانا عنه إذا أحسنا التفاهم والحوار واستخدام وسائل العقاب الأخرى غير البدنية، مثل الخصام والحرمان والإبعاد.
وبالنسبة لمسألة التحرش الجنسي فكما قلنا في حل سابق الأسبوع الماضي بعنوان (ابني يرتجف عندما أناديه ).
إن الحل بصورة عامة لكل أطفالنا وليس لمن تعرض للتحرش هو أن نعلمهم كيف يحمون أنفسهم وأن الرقابة اللصيقة أو الخوف الزائد لن يحل المشكلة بل ربما يفاقمها؛ ولذا فلا بد من وجود ثقافة جنسية حمائية إن صح التعبير يتعلم فيها الطفل ألا يسمح لأحد بالاقتراب منه بصورة معينة وكيف يصرخ ويستغيث، وكيف يبلغ أهله أو مدرسيه بحدوث أي محاولة اعتداء عليه بغير خوف من العقاب، حيث إن المتهم هو الجاني وليس هو.
وأن نلاحظ بصورة عامة أيضًا أي تغيرات سلوكية حادة في أطفالنا مثل التدهور الدراسي المفاجئ أو عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة دون مقدمات وبعد فترة استقرار، أو ظهور عادة عصابية مفاجئة، مثل مص الأصابع أو قرض الأظافر أو العودة المفاجئة للتبول اللاإرادي، حيث تكون كلها علامات على حدوث أزمة للطفل يعبر عنها بصورة غير مباشرة لهذه التغيرات السلوكية والتي يكون أحد أهم أسبابها تعرض الطفل لتحرش جنسي لا يستطيع التعبير عنه.. هذه التغيرات الحادة والمفاجئة في سلوكياته.
الخلاصة.. هي أن الوقاية والتعليم المبسط المباشر لأطفالنا لكيفية حماية أنفسهم والإبلاغ عما يتعرضون له دون خوف بحيث لا يكونون هم المذنبون، مع ملاحظة أي تغيرات سلوكية هو الذي يجعلنا مطمئنين في التعامل مع هذه القضية.
لا ندري.. لماذا اخترت مشاهدة الجنس في الأفلام الأجنبية وأغاني الفيديو كليب لتخشى على ابنتك منها وهي على أعتاب المراهقة؟.. المراهقة ليست جنسًا ومشاكل جنسية فقط.. المراهقة مرحلة متكاملة تشهد تغيرات على كل المستويات العقلية والعاطفية والجسمية والجنسية والاجتماعية لطفلتك وتحتاج إلى استعداد منذ الآن لإعداد طفلتك لاستقبال هذه المرحلة وبالتالي تمر بسلام وأمان؛ لذا فإننا على صفحتنا قد قدمنا حلولاً عديدة تعرضنا فيها لهذا الأمر كيف أعد ابنتي لاستقبال المراهقة.
عندها ستكون مشكلة المشاهد الجنسية جزءاً بسيطًا من كلٍّ كبير يتم التعامل معه؛ لذا فنحن ننصحك بمراجعة هذا الملف بأكمله: "كيفية إعداد ابنتي لمرحلة المراهقة"، ثم كيفية التعامل مع ابنتي المراهقة، وستجدين الإجابات الكافية المتكاملة عن هذه المرحلة وليس عن جزئية صغيرة بها، وسنوردها لك بنهاية الرد.
بالنسبة لمسألة إحساسها بالوحدة فحلها أن توجدي لها مجالاً حيويًّا من الصديقات المقربات، فتقومين بعمل حفل لها وتشجعينها على دعوة أكبر عدد من زميلاتها، وبالتالي سيقوم هؤلاء الزميلات بدعوتها لمناسبات خاصة بهن فتشجعينها على تلبية هذه الدعوات، ومن خلال ذلك تتعرفين على أسر هؤلاء الزميلات وتوطدين العلاقة أكثر بإعداد رحلة مشتركة لمن ترينه الأقرب من زميلاتها، والتخطيط مع الأمهات الأخريات على تبادل هذه الرحلات أو الزيارات بحيث تقوم كل أم بالإشراف على رحلة أو زيارة لمكان يجمع بين عدد من الزميلات.
وأيضًا بالاشتراك لها في لعبة جماعية بأحد النوادي بحيث يكون لها فرصة للاحتكاك، والتعارف مع مجموعات جديدة من الزميلات، هكذا تجد ابنتك مجالات مختلفة لتكوين صداقات متعددة تخرجها من إحساسها بالوحدة.. الأمر يحتاج إلى خطة هادئة ودءوبة، وستجدين نتائج جيدة بإذن الله تعالى.
ــــــــــــــ(102/234)
هل الطفل الوحيد طفل تعيس؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، برجاء الاهتمام باستشارتي والإجابة عليها بتفصيل على قدر الاستطاعة، ولكم مني جزيل الشكر والعطاء من عند الله. لا أعلم كيف أبدأ؟ ولكني زوجة وعندي طفل وحيد عمره 4 سنوات، وأنا في حالة عدم استقرار في زواجي، وقد يحدث انفصال بيني وبين زوجي، وموضوع المشكلة سوف أرسله إليكم في "اسألوا أهل الذكر" بإذن الله.
ولكن سؤالي هنا يتعلق بابني، وهو: هل الطفل الوحيد بالضرورة طفل تعيس؟ وهل في حالة انفصالي هل سيكون تعيسًا وغير سوي أيضًا؟ هل من الممكن في هذه الظروف (أنه وحيد وفي حالة ترك أبيه) هل من الممكن أن ينشأ طفلاً سويًّا سعيدًا؟ لأن هذا هو هدفي في الحياة.
ولكني في أسوأ حالة نفسية في حياتي، وينعكس هذا عليه في شدة العصبية، وقد قرأت في موقعكم الكريم عن التأثيرات السلبية لعصبية الأم، وأنا أعلم هذا حتى قبل قراءتي، ولكني فعلاً لا أملك نفسي عند أخطائه، ولا أعرف أيهما أختار له؛ أم في شدة العصبية عند أتفه الأخطاء، أم أن أترك أباه ويصبح وحيدًا وتعيسًا وغير سوي كما يقول لي الناس؟
لا أرى سبيلاً لحل هذه المشكلة سوى أن أستخير الله سبحانه وتعالى، وأسأل عن رأيكم الكريم، ولكم الجزاء من الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
في بعض الأحيان تكون المشكلة في السؤال الخطأ الذي بالضرورة يؤدي إلى نتائج خاطئة وتبدو أسئلتك في الرسالة من هذا النوع.. هل الطفل الوحيد طفل تعيس؟ أيهما أختار أم عصبية أم أن أترك أباه ويصبح وحيدًا وتعيسًا وغير سوي؟... الأسئلة بهذه الطريقة تؤدي إلى تشويش الفكر واختلاط الأمور.. تعالي نرتب أفكارنا وأسئلتنا لنصل إلى نتائج صحيحة.
أنت بصدد اتخاذ قرار بالانفصال عن زوجك، هناك عدة مستويات في اتخاذك لهذا القرار.. مستوى العلاقة بينك وبين زوجك... كزوجين، وهل وصلتما فعلاً إلى طريق مسدود تستحيل فيه العشرة بينكما بحيث لا يمكن أن يكون هناك أي فرصة للتفاهم والتعامل؟ ومستوى النتائج المترتبة على اتخاذ هذه الخطوة، وهنا يكون الطفل أحد أهم الأمور التي يتم التفكير فيها.
وهناك تكون المفاضلة بين ترعرع هذا الطفل بين أبوين استحالت العشرة بينهما وأصبح الخلاف هو عنوان العلاقة بينهما، وما يترتب من تأثيرات سلبية على النمو النفسي للطفل في جو يخلو من الإحساس بالأمان والاستقرار سواء لإحساسه المستمر بالتهديد بانفصام العلاقة بين الأبوين، أو لما يراه من صراعات بينهما، أو لعجز الأبوين لما يحدث بينهما من إعطائه ما يحتاجه من الرعاية والحنان، وبين ترعرعه مع أحد الأبوين بعد اتفاقهما على الانفصال وإقرارهما بوجود طفل ليس له ذنب في فشل حياتهما الزوجية.
لذا فلا بد أن يتفقا على مصلحته فيما نسميه بالطلاق الناجح الذي يتفق فيه الزوجان على طريقة لرعاية طفلهما، فيحددان من هو الأنسب في رعاية الطفل في هذه السن، وما هو دور الطرف الثاني بحيث لا يشعر الطفل بإهماله له أو رفضه، والاتفاق ألا يستخدم الطفل في كيد أحد الطرفين للآخر، بل العكس هو الصحيح، وهو أن يتحدث كل طرف عن الآخر أمام الطفل بالاحترام والتقدير، وإعلان أن عدم التفاهم والقدرة على الاستمرار في الحياة الزوجية لا يعني سوء أحدهما، ولكن اختلاف الطباع أو عدم القدرة على التكيف هو الذي أدى لهذا الانفصال.
وبالتالي يترعرع الطفل في كنف الأبوين حتى ولو انفصلا في جو صحي يشعره بالثقة والأمان، ويشتركان في اتخاذ القرارات المهمة في حياة هذا الطفل بما يحقق مصلحته قبل أي شيء، أي أن توفير الجو المناسب لنمو النفسي للطفل هو الذي يجعله سعيدًا.
من الأفضل أن يكون بين أبويه، ولكن إذا استحالت العشرة فليس معنى هذا أنه بالضرورة سيكون غير سوي أو سعيد؛ لأن توفير المناخ الصحي هو مسئولية الوالدين، سواء كانا معًا أو كانا منفصلين؛ لأن طفلاً في وسط أبويه لا يستطيعان توفير هذا المناخ من الاطمئنان والاستقرار والثقة والإحساس بالأمان سيكون طفلاً غير سوي بالرغم من وجود والديه، والعكس صحيح إن استطاع والدان منفصلان التفاهم في إيجاد هذا المناخ الصحي لطفلهما فسيكون أكثر استواء من أطفال آخرين.. الخلاصة أن الطفل السوي السعيد هو الطفل الذي ينمو في مناخ صحي.
ويجب على الأبوين أن يجتهدا في توفيره؛ لأن ذلك مسئولية وأمانة على عاتق الأبوين، وبالتالي فلا بد أن تتحكمي فيما تسميه عصبيتك تجاه تصرفاتك سواء انفصلت أم استمر الزواج؛ لأن عصبيتك في الحالتين لها تأثيرات سلبية على نفسية طفلك، ليس لأنه سيصبح طفلاً عصبيًّا فقط، ولكن ربما وصلت له رسائل سلبية عن حبك له من عدمه أو عدم قدرته على تقدير ردود أفعالك؛ وهو ما يصيبه بالتشوش وعدم القدرة على التصرف وغير ذلك من السلبيات التي تؤثر على ثقته بنفسه.
لذا فلا يجب التعامل مع عصبيتك على كونها أمرًا مسلمًا به، بل يجب أن تعالجي هذه العصبية، فإذا كانت ناتجة عن الظروف التي تمرين بها فيجب حسمها حتى تهدئي، وإن كانت ناتجة عن تصور خاطئ لتعاملك مع طفل صغير فيجب أن تراجعي إجابتنا حول مراعاة أننا نتعامل مع طفل، ويجب ألا ننسى ذلك ونحاسبه بطريقة الكبار، وإذا كان الأمر أكبر من ذلك ويحتاج للعرض على طبيب نفسي لمساعدتك على الاسترخاء سواء نفسيًّا أو دوائيًّا فلا مانع من ذلك؛ لأن الأمر ليس على سبيل الاسترخاء أو الاختيار، ولكن على سبيل الضرورة والفعل الحقيقي حتى يكون هذا الطفل سويا.
ــــــــــــــ(102/235)
ابني يرتجف عندما أناديه العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، كنت مقيمًا في إحدى دول الخليج، وعندي ولد عمره الآن 12 سنة يسيطر عليه الخوف من كل الناس ولا يدافع عن نفسه في المدرسة أو في الأماكن الأخرى، وأيضًا يخاف مني لدرجة عندما أناديه يرتجف!!
ومنذ أيام عرفت من أمه أنه تعرض لحالة فعل لواط من طفل أكبر منه بقليل، وأخفى عني وعن أمه. وكان عمره 7 سنوات، والآن حاول هو مع طفل من إحدى عائلات أقربائي.
ومن طبعه أنه طيب ومحب للجميع، وسؤالي كيف أتصرف معه؟ مع العلم أنني حتى الآن لم أفاتحه في الموضوع. كل شكري لكم مقدمًا.
السؤال
الخوف الموضوع
د/عمرو أبوخليل اسم الخبير
الحل
إنه غياب الارتباط المفجع.. يتعرض طفل لاعتداء جنسي يجعله في حالة خوف من كل الناس إلى درجة العجز عن الدفاع عن نفسه، بل والارتجاف عندما يناديه أبوه، ولا يلفت ذلك انتباه أحد إلى أن هذا الطفل قد تعرض لكارثة وأنه يمر بأزمة رهيبة تستمر لمدة 5 سنوات وهو يكتمها بين ضلوعه وتتفاعل داخل نفسه والخوف أحد مظاهرها، ولكن تتحول إلى سلوك مع محاولته مع أحد الأطفال لممارسة نفس السلوك الذي مورس معه.. إنه الحل الذي وصل إليه ليحل أزمته وهو أن يتمثل الجاني ويفعل مثله حتى يكسر شعوره بالإهانة والذل الذي تعرض له وهو يتعرض لهذا الاعتداء.
المشاعر تتفاعل داخله وتتفاقم وتتحول إلى سلوكيات شاذة وعدوانية، ونحن غائبون، ولا أدري كيف علمت الأم أو متى علمت، وربما علمت منذ زمن ليس بقريب، ولكنها رأت ستر الفضيحة أولى أو أن الأمر لا يحتاج إزعاجك حتى تحرش الطفل بطفل آخر فربما وجدت أن الوقت مناسب لإخبارك.
نعود لنكرر أن ما تعرض له ابنك من اعتداء جنسي وما وصل إليه هو مصيبة، ولكن المؤكد أن غياب أهله عنه وعدم شعورهم به وعدم سؤالهم عنه وعدم اكتشافهم لما يجري بداخله هو المصيبة الأكبر في حياة هذا الطفل؛ لأنه كان على هذا الطفل المسكين ذي السبع سنوات أن يواجه مشاعر الصدمة والخوف والانزعاج وحده دون أن يقف بجانبه أحد يطمئنه ويفهمه ويربت على كتفه؛ لينزع عنه إحساسه بالذنب؛ لأنه لم يستطع الدفاع عن نفسه.. هذا الإحساس الذي يمتزج مع الخوف ليصل لحالة الارتجاف من كل شيء، ثم ليتحول إلى محاولة تقليد الجاني كإثبات أنه أصبح قويًّا مثل الذي اعتدى عليه.
ليست القضية إذن هل تفاتحه في الموضوع أم لا أو كيف تفاتحه، ولكن الإطار النفسي الذي يجب أن يتم فيه فتح هذا الموضوع أنه يجب أن يشعر بك، بأنك بجانبه.. تشعر بمشاعره وتقدرها.. أنك لا تستجوبه سواء من أجل ما وقع في الماضي أو ما وقع حديثًا.. الرسالة هي كما عانيت يا بني وحدك... كيف لم أشعر بك... تعالى لتلقي كل آلامك في أحضاني.. ليس للحساب ولكن حتى أساعدك.. حتى أسمع منك.. حتى آخذ بيدك.
ليحكي ويحكي كل ما تعرض له.. كل ما أحس به.. كل ما فكر فيه.. كل ما مر به من أحداث ونحن ننصت متألمين متفاعلين... كل ذلك يا بني حملته وحدك كل هذه السنين... آن الأوان لنخفف عنك الأحمال، ما حدث في الماضي ليس لك ذنب فيه... فقد كنت طفلاً صغيرًا لا تستطيع الدفاع عن نفسك.
خفت حتى أن تخبرنا.. نلوم عليك لأننا يجب أن نكون بجانبك.. لا تكررها... إذا تعرضت لأي أزمة فالجأ لنا فسنسمع ونتفاهم حتى لو أخطأت.. فدورنا أن نقوّم خطأك لا أن نحاسبك عليه، والآن ليس الحل أن تتمثل الجاني وتفعل مثله، فهو خاطئ مجرم سلوكه شاذ.. سلوكه مرفوض.. إن تخلصك من هذه الذكرى ومن هذه المشاعر هو انتصارك وانتقامك الحقيقي عليه.
إن لك مشاعر طبيعية أخرى نحو البنات ستبدأ بالشعور بها الآن مع بداية سن المراهقة.. هي المشاعر الفطرية.. أما شعورك نحو زملائك وأقربائك ممن الذكور فهو مشاعر الصداقة ويظهر ذلك في مصاحبتهم في الأنشطة المختلفة والشعور بالألفة منهم دون أي تفكيرات شاذة لا داعي لها... لقد انتهت هذه التجربة في حياتك... نحن بجانبك... كل الأمور مفتوحة للحوار... لا تخجل من أي مشاعر تشعر بها، كن صريحًا معي... سنناقش كل شيء دون حدود أو قيود حتى تخرج من هذه الأزمة، إنها فرصة لأن نقترب كما تباعدنا... ولكن لن نتباعد بعد الآن.
هذه هي الروح السائدة في حوارك الذي سيكون جزءاً من تغيير شامل في علاقتك بهذا الابن بحيث تعود قريبًا منه جدًّا وإلا فإنها الكارثة.
نرجو أن تراجع الاستشارات التالية:
- امسك متحرشا جنسيا
- الوقاية من التحرش خير من العلاج
عندما يعود الارتباط بينك وبين ابنك طبيعيًّا فلن يرتجف منك ولن يخاف مواجهة المجتمع، بل سيعود إلى المجتمع بالتدريج قويًّا وقد عادت له ثقته بنفسه، ولأنه عرف الآن أن له قوة يستند لها ولن تخذله... الخوف عرض لفقدان الإحساس بالثقة والأمان، أعد له أمانه وثقته في نفسه، تَعُد له ثقته في الدنيا كلها، ونحن معك.
ــــــــــــــ(102/236)
أقبله كثيرا وأضربه كثيرا.. ماذا أفعل؟! العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم.. بارك الله في جهودكم.. وجعلها في ميزان حسناتكم.. ونفعنا بعلمكم إن شاء الله..
لدي طفل رضيع عمره 8 شهور، أحبه حبا جما، وهو طفلي الأول، حيث إنني أقبله باليوم مئات المرات، وألعب معه كثيرا، وكلما أتيحت لي الفرصة بسبب انشغالي بالبيت وبالعمل، أشعر أنني بحبي الزائد له سأفسده مستقبلا وليس الآن، المهم أعتمد في تربيتي له على الحب والحنان والصبر الكثير، ولكني لاحظت أنني قمت بضربه عدة مرات (حوالي 3-4) مرات وفي أعمار متفاوتة (في عمر 4-8 شهور) ضربا مبرحا وبدون سبب وجيه!!
مثلا سكب الطعام أثناء إطعامي له أو أي شيء يثير أعصابي، مع العلم أنني أندم أشد الندم بعدما أضربه وأؤنب نفسي كثيرا، وأتساءل لماذا أضربه؟ الأمر لا يستحق كل هذا!! وأعاهد نفسي ألا أكررها ثانية ولكني فعلت!!
قد يكون الوضع النفسي الذي نعيشه بعامة غير سوي، وظروفنا الاقتصادية والاجتماعية تأثرت ولا شك، ولكنني لا أبرر لنفسي ذلك! فكيف يمكن أن تؤثر هذه الأفعال مني على نفسيته حاليا وبالمستقبل، وإذا كانت أثرت فما الحل لعلاجها؟
ملاحظة: الطفل يقيم أثناء فترة عملي عند والدتي، ويرضع طبيعيا، بالإضافة لبعض المساعدات مثل الفواكه والخضار.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
مرحبا بك مرتين أولا؛ لأنك من الأرض الحبيبة.. فلسطين.. فأنت تتيحين لنا فرصة لأن نكون معكم حتى ولو من خلال الإنترنت... وثانيا لأنك أم جديدة تعيشين تجربة الأمومة الرائعة لأول مرة وتحتاجين لكل دعم نفسي ولكل خبرة، بارك الله لك في أمير وأنبته نباتا حسنا ورزقكم بإخوة وأخوات له..
أنت بحبك الطبيعي وليس الزائد له لا تفسدين مستقبله، ولكنك تبنين مستقبله وتبنين شخصية قوية مستقرة واثقة من نفسها، لو أتيح لنا أن نقرأ أفكار طفل رضيع ونعرف مشاعره تجاه أمه وكيف ينظر لها لوجدناه يقول لها أنت ملاذي وملجئي... أنت مصدر أماني واطمئناني... أنت التي لا أجد راحتي إلا بقربك ولا يفهمني ويلبي لي كل احتياجاتي إلا أنت... عندما تبتسمين لي أشعر أن الدنيا كلها تحبني وترحب بي وعندما تتركينني أو تغضبي مني أشعر أن الدنيا كلها ترفضني ولا أشعر بالأمان... أنا لا أريد أن أتعبك أو أضايقك، ولكنك أحيانا تغضبين مني وعندها أشعر بخوف شديد وأنتظر بشدة أن تأتي لتصالحيني.
هل ترين هذا الكلام خياليا وغير حقيقي... كلا إنه أقل من الحقيقة بكثير، فالأم بالنسبة للطفل هي كل شيء هي الحب والحنان والأمان والاستقرار.
إنك عندما تقبلينه وتلعبين معه وتنظرين في عينيه وتبتسمين له وتضميه في حضنك يشعر بالأمان والثقة بنفسه والاستقرار... يشعر أن هذا العالم جميل ويرحب به ويحبه فينشأ شخصية قوية مستقرة نفسيا وواثقة من نفسها قادرة على التعامل مع الآخرين... وهذا الفيض الغامر من الحب والحنان لا يعني الإفساد والتدليل الزائد، ولكن الأم الناجحة هي التي تعطي كل هذا الحب والحنان والاهتمام، وفي نفس الوقت تكون حاسمة عندما يخطئ الابن أو يقصر لا تتهاون في أن تفهمه خطأه وتصلحه له، ولكن تشعره أنها ترفض تصرفه الخاطئ ولا ترفضه هو شخصيا.
ولكن في هذه السن كيف يفهم هو خطأه عندما يسكب الطعام أو يفعل شيئا يثير أعصابك دون أن يقصد فيجد أنك فجأة تتسبين له في ألم شديد وتغضبين ونتظرين له نظرات حادة فيشعر بالخوف، ولكن دون أن يفهم شيئا.
أنا أدرك وأقدر كم تكونين أحيانا مرهقة ومتوترة من كثرة أعباء أمير، ومن الظروف المحيطة بكم، ولكن أولا أمير ليس له ذنب في ذلك، وثانيا من أجل هذه الظروف المحيطة بكم نريد أبناءنا أن يكونوا شخصيات قوية وواثقة من نفسها فلا نساهم نحن في إضعاف شخصياتهم وجعلها مهزوزة عندما تخوننا أعصابنا ويغلبنا التوتر فنثور عليهم دون ذنب منهم
طبعا هذه الثلاث أو أربع مرات لا تؤثر عليه في هذه السن الصغيرة، ولكن أرجو أن تتوقفي تماما عن ضربه؛ لأنك تحتاجين في المستقبل أن يكون لك عنده رصيد من الحب والارتباط الشديد والانتماء لك حتى عندما تبدأ المرحلة التي تحتاجين فيها إلى توجيهه وتأنيبه تجدين منه حرصا على إرضائك وطاعتك.
ــــــــــــــ(102/237)
لماذا تبكي آية؟ العنوان
السلام عليكم ورحمة الله، أنا أب لطفلة عمرها 8 أشهر، وهي أول طفلة لي.. مشكلتي هي كثرة بكائها وتعلقها المفرط بأمها، وقد تفاقمت هذه المشكلة بعد أن خضعت طفلتي إلى عملية جراحية في فمها في شهرها السابع، والآن تصحو من النوم وهي تبكي، وقلنا بأن هذا ردة فعل من المستشفى ومن العملية.
لذلك كنا شديدي الاهتمام بها، لكن دون جدوى؛ فهي تبكي تقريبًا في كل حالاتها، خصوصًا عندما تتركها والدتها عندها تصرخ بصورة مؤلمة وكأن شيئًا يؤلمها، مع أنها من الناحية الصحية والحمد لله لا تشكو من شيء.
وفي إحدى المرات سمعنا من أحد أقاربنا الأكبر منا سنًّا أن تركها لكي لا تتعود على هذا الدلال هو الحل، وفعلاً تركناها تبكي في فراشها دون أن نحملها فاستمرت بالبكاء الجنوني حوالي نصف ساعة وأخيرًا تعبت ونامت، وحاولنا بهذه الطريقة مرتين أو ثلاثة لكن إصرارها على البكاء الشديد ساور الشك في نفوسنا من جدوى هذه الطريقة.
أرجو أن يكون هناك طريقة تربوية نفسية لحل هذه المشكلة، شاكرًا لكم مساعدتكم.
السؤال
أخطاء المربين الشائعة الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
من الطبيعي أن يكثر بكاء الطفلة في الشهور الأولى من العمر، وأن يكون ارتباطها بوالدتها شديدًا، ثم يتحسن الأمر تدريجيًّا، سواء من ناحية البكاء، فتبدأ الطفلة تتعلم كيف تعبر عما تريد دون البكاء، وكذلك تبدأ في التعود على اللعب أو البقاء بمفردها بعض الوقت بعيدًا عن الأم، ولكن هذا يعتمد على تعويدنا الطفلة على ذلك.
بمعنى أن الأم تبدأ في ترك الطفلة تلعب في غرفتها وتقوم هي لأداء أعمالها في المنزل بعض الوقت وبالتدريج تعتاد الطفلة على ذلك، وكذلك يمكن أن تحاول تركها مع الوالد أو الجدة وتنزل لقضاء بعض المهام، وهكذا يبدأ دخول أشخاص آخرين في هذه الدائرة التي كانت تقتصر على الأم وهي دائرة الارتباط النفسي والعاطفي الشديد، ولكن طبعًا تظل الأم لها المكانة المفضلة.
ولكن إذا لم نحاول مطلقًا تعويد الطفلة على أي شخص غير الأم فلا نتوقع من الطفلة أن تقلل هي من نفسها ارتباطها الطبيعي والقوي بالأم.
وطبعًا لم توضح الرسالة طبيعة وسبب العملية التي أجريت لها، ولكن ربما بسبب هذه الحالة المرضية التي كانت تعاني منها آية كان اهتمام الأم والأب شديدا بها، وكانت هي تبكي كثيرًا ربما من الألم وربما لأسباب أخرى؛ فبعض الأطفال يبكون كثيرًا دونما سبب واضح خلال السنة والنصف أو السنتين الأوليين، ولكن النتيجة أنها كانت تحظى باهتمام كبير وحرص عليها وعلى عدم بكائها كثيرًا طوال فترة مرضها والعملية.
ولهذا فقد اعتادت هي على البكاء كثيرًا وعلى الاهتمام والقرب الشديد من والدتها بها، ومن غير الطبيعي أن نتوقع منها أنها من نفسها سوف تتفهم أن العملية انتهت وأن حالتها الصحية أصبحت ممتازة فلا داعي للبكاء.
فهذا ليس من منطق الأطفال، ولكننا نتعامل مع الواقع الآن، وهو أن آية اعتادت على كثرة البكاء والارتباط بوالدتها وليس الحل هو تركها تبكي؛ لأن هذا يعطيها إحساسًا بعدم اهتمامنا بها وإهمالها، ولكننا نريد تعويدها بهدوء وصبر على عدم البكاء وذلك بمحاولة البحث في كل مرة عن سبب بكائها أو إلهائها عن البكاء إذا لم نجد سببًا.
بمعنى أن تحاول الأم اللعب معها أو الغناء لها أو إعطاءها شيئًا تلهو به أو تشغل لها شريط كاسيت أغاني أطفال أو شريط فيديو أو تخرج بها إلى الشرفة، وأن تكثر التنزه بها وإخراجها في جو اجتماعي به أطفال آخرون حتى لا يظل عالمها كله هو البيت والأم والأب فقط؛ فالأطفال في هذه السن تتسع مداركهم ويملون البقاء في البيت، وهذا في حد ذاته ممكن أن يكون سبب بكائها.
أما ارتباطها بالأم فهو يكاد يكون طبيعيًّا وصحيًّا، ولكننا سنحاول أيضًا أن نعودها عدم البكاء إذا غابت الأم وذلك تدريجيًّا بأن نحضر لها ألعابًا كثيرة ونضعها لها أمامنا في الصالة مثلاً، وتحاول الأم تدرجيًّا أن تقوم قليلاً لأداء بعض المهام في البيت، وتعود لها بسرعة وتطيل المدة كل فترة، وإذا بكت الطفلة تحاول من الغرفة الأخرى أن تتحدث معها وتغني لها.
وكذلك يمكن الاستعانة بالمشاية التي يجلس الطفل فيها ويتحرك خلف الأم، وهذه المشاية تعطيها إحساسًا بالحرية والاعتماد على النفس في الحركة والبعد قليلاً عن الأم، وهكذا...
ليس هناك مشكلة وسلوكيات آية طبيعية في هذه السن.. هي فقط تحتاج للتعامل بهدوء وصبر.
ــــــــــــــ(102/238)
بين الصبر والضرب.. اختيارات أخرى العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولدي عبد الرحمن عمره 16 شهرًا مشكلته أنه يعبر عن انفعالاته بالعض والصفع على الوجه والقرص المؤلم أو الخربشة؛ لدرجة إصابته أو إصابة والدته، وزادت هذه المسألة خلال هذه الفترة، ونكون بين نارين؛ الصبر على إيذائه، أو ضربه ليتوقف عن ذلك، وإذا ضربناه ندمنا؛ لأنه لا يدري شيئًا.
إضافة أن لديه عادة غريبة وهي أنه عند الغضب أو عندما نأخذ منه شيئًا يرمي نفسه على الأرض ويضرب مؤخرة رأسه في الأرض؛ وهو ما يخوفنا عليه كثيرًا.
ورغم ذلك فإن ولدي -ولله الحمد- يتميز بذكاء واضح وسرعة بديهة وحب للجلوس على الكمبيوتر واللعب بـ"الماوس" أو لوحة المفاتيح وتقليد للأصوات والحركات بشكل ملحوظ واجتماعي بدرجة كبيرة، ونرى ذلك عند خروجنا لمكان عام، وأحيانًا يسبب لنا حرجًا من اجتماعيته الكبيرة التي هي زيادة عن الحد.
وسؤالي: كيف أنمي فيه الأشياء السليمة وأبعده عن السلوكيات غير المقبولة، وكيف أعرفه في هذه السن أن هذا صحيح وهذا خطأ؟ وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
العناد والعصبية الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
لا أفهم لماذا حصرتم تعاملاتكم وتربيتكم لعبد الرحمن بين الصبر والضرب، وكأنهما الأسلوبان الوحيدان لا ثالث لهما.
فطفل عمره 16 شهرًا كيف يتعلم عندما يخطئ فتسكتون أنتم عن خطئه من باب الصبر أو تضربونه فيتعلم هو أن التفاهم يكون بالضرب، وأن من يريد أن يوصل معلومة أو يعلم أحدا شيئًا يضربه، ثم نعود ونشتكي إذا استخدم هو الأسلوب ذاته معنا أو مع إخوته.
إن المشكلة أننا نتعامل مع أطفالنا ونربيهم دون أن نفهم كيف يفكرون ويتعاملون هم معنا، وكيف يستقبلون تصرفاتنا وكلامنا وتعاملنا معهم، فيتخيل بعضنا أنهم لا يفهمون شيئًا ولا يمكن التفاهم معهم بالعقل أو توجيههم، والبعض الآخر يدرك أنهم يفهمون ويستوعبون الكثير مما حولهم، ولكنهم مشاغبون؛ ولذلك لا يطيعون الأوامر، فنجد الأم تقول بأنه يفهم كل شيء ولكن لا يسمع الكلام.
الحقيقة أن الأطفال يفهمون ويدركون الكثير جدًّا مما يحدث حولهم منذ اليوم الأول من عمرهم، ولكنهم يفهمونه وينظرون إليه ليس كما نراه ونفهمه نحن، ولكن بنظرة وفهم خاص بهم هم.
فعبد الرحمن لا يفهم أنه يؤلمكم بخربشته وعضه، ولكنه يتصور أنه يلعب معكم، وعندما تسكتون فأنتم راضون عن اللعبة، أما عندما تضربونه فأنتم تلعبون معه أيضًا.
وحتى نعلم أطفالنا الصحيح والخطأ فإننا نعودهم عليه؛ فكل المطلوب عندما يتصرف عبد الرحمن تصرفًا خاطئًا أو مرفوضًا هو أن نعبر له عن غضبنا ونخاصمه ونمنعه منه.
بمعنى أنه عندما يحاول أن يضرب أو يخربش نمسك يده، وفي كل مرة نمسك يده ونقول له كلمة تحذيرية نعوده عليها بتكرارها عند كل خطأ؛ حتى يفهم عندما يسمعها أننا نرفض هذا السلوك، ولا يحدث في مرة أن نتركه يضرب أو يعض.
وكذلك لا نسمح لأحد من الضيوف أو الجدات أن يضحك من هذه التصرفات أو يشعره بإعجابه بها، ومن الممكن أن نخاصمه فلا نلعب أو نتحدث معه لفترة وجيزة ربع ساعة أو 10 دقائق مثلاً، وذلك عندما يرفض الاستجابة لتحذيرنا له.
ولكن طبعًا مرفوض تمامًا الضرب؛ لأنه يعلمه العنف وسيرد علينا بمثله.
وكل ما تحكيه عن سرعة بديهته واجتماعياته ولعبه يدل على ذكائه وقوة إدراكه لما حوله؛ لذلك هو يستخدم معكم أسلوب التهديد أو ضرب رأسه في الأرض ويتحمل ألم الضربة في سبيل ما يحصل من اهتمام منكم وإسراع نحوه.
وإذا استمر الحال على ذلك فسوف يتعود على هذا الأسلوب ويستخدمه كثيرًا ما دام يحصل منه على ما يريد؛ لذلك لا بد من إيقافه فورًا، والحل الوحيد لذلك هو إهماله تمامًا عندما يفعل ذلك وعدم نهيه عنه أو عقابه أو ضربه حتى يتوقف، ولكن فقط التجاهل الشديد.
بمعنى أنه عندما يفعل ذلك لا يقوم أحد منكم من مكانه ولا يعلق أي تعليق كأن شيئًا لم يكن، وبعد فترة سيتوقف هو من نفسه عن ذلك؛ لأنه سيدرك أنه لا يحصل على ما يريد، وثق تمامًا أن هذا هو الحل الوحيد الناجح.
وكما قلنا بأن تعليم الخطأ والصواب في هذه السن يكون بالتعويد والتكرار والصبر.
وبارك الله لكم فيه وأنبته نباتًا حسنًا، ونحن معكم.
ولمزيد من الإيضاح ولإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأخرى الخاصة بهذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الاستشارات التالية:
- نعم التربية شاقة ولكن
- ضد التربية العشوائية هدف أو لا هدف
- الوالدية الحانية فن له أصوله
ــــــــــــــ(102/239)
أريد أختا ولا أريد أخا العنوان
السلام عليكم، رزقت منذ شهر ونصف تقريبًا بابني الرابع، ومنذ أن كان جنينًا وأنا أهيئ أطفالي الثلاثة (الولدين والبنت) لهذا الضيف الجديد، وما كنت أخشاه هو غيرة الثلاثة، خاصة الصغير منهم، وهو بالفعل كان وما زال غيورًا، ولكني أستطيع إلى حد كبير أن أقنع الثلاثة بمدى احتياج هذا الرضيع لي؛ فأنا أعاملهم على أنهم كبار ومسئولون؛ فأقنعهم بأنه غير قادر على فعل شيء وأنه عاجز، وأن عليكم أن تساعدوه، وهذا بالفعل أقنعهم جميعًا لحد كبير.
المشكلة الأساسية في البنت؛ فهي منذ أن علمنا بأنه ولد عن طريق السونار، وهي تبكي وتقول إني أريدها بنتا حتى ألعب معها، وظلت تبكي وتقول لا أريده. وبعد أن وضعت هذا الوليد أصبحت هي أكثرهم بكاء وغيرة، وعندما تحدث أي مشكلة بينها وبين أخيها الأكبر تبكي وتقول لي بأنني أنا السبب؛ لأني أنجبت ولدًا وليس بنتًا، فلو كانت بنتًا للعبت معها.
ومثال آخر، ذات مرة نزل الولدان (10 و6 سنوات) للصلاة في المسجد؛ فظلت البنت تبكي وتقول: "لو كنت أنجبت بنتًا لكنت نزلت معها"، فقلت لها: "ما هو ولد، وها هو نائم ولم ينزل معهما"، فقالت: "ماليش دعوة أنا.. أنت السبب". وكذلك أخوها الأكبر عندما يريد أن يداعبها ويمزح معها يقول لها من باب الاستفزاز "إحنا ثلاثة وأنت واحدة" ويغيظها، فتظل تبكي.
ومثل ذلك الكثير من الأمثلة، وهي لم تكن كذلك أبدًا عندما رزقت بالولد الثاني، فقد تغيرت تمامًا عندما رزقت بالثالث، وتعتبر نفسها في جانب وهم في جانب آخر، وعلى الرغم أنهم مندمجون جدًّا وتلازمهم في اللعب دائمًا، فإنها تستحضر الشعور بأنها حزب والأولاد حزب آخر.. فما يمكنني أن أفعله حتى أمحو عندها هذا الشعور بالغيرة والحزبية؟
السؤال
غيرة وشجار الأشقاء الموضوع
د/ منى أحمد البصيلي اسم الخبير
الحل
أحيانًا يتخذ أبناؤنا سلوكيات محيرة وغريبة تصيبنا بالارتباك والحيرة، ونظن أنها مسألة معقدة وليس لها حل، في حين أن الحل قريب، ولكنه يحتاج إلى تفاهم وصبر وصراحة وصداقة.
إن آية ليست في سن صغيرة بحيث نتخيل أنها لا تفهم وتدرك الأحداث، بل هي كبيرة بما يكفي للتفاهم والمناقشة معها بعقل ومنطق واحترام لمشاعرها وتفكيرها.
إن آية كانت تتعامل مع أخويها بطريقة طبيعية وتلعب معهما ولا تشعر بمشكلة غياب أخت لها، وربما مع بداية الحمل وقبل معرفة نوع الجنين بدأت آية تتمنى أو تتوقع أن يكون المولود بنتًا، وأنها سوف تكون لها أخت تلعب معها وتكون معها حزبًا للبنات، كما أن أخويها حزب للبنين، وربما كان هذا الظن أو التخيل يسري بين أحاديث الأسرة، وهذا طبيعي جدًّا في حالة وجود ولدين وبنت ونكون في انتظار مولود جديد أن نحلم ونتمنى أن يكون بنتًا.
وهكذا عاشت آية فترة في هذا الأمل، وعندما جاءت نتيجة السونار كان من السهل على الكبار أن يتفهموا ويتقبلوا كون المولود ذكرًا وأن هذا رزق ومنة من الله تعالى.
أما آية فقد كانت المفاجأة بالنسبة لها مثيرة للإحباط والصدمة، وأصبحت المشكلة مجسدة أمامها أنها ابنة وحيدة وأن أخويها مع بعضهما البعض رغم أن هذا الوضع موجود منذ البداية وقبل حدوث هذا الحمل وكانت سعيدة ومستقرة ومنسجمة مع أخويها.
كل المطلوب الآن هو التعامل مع المسألة بهدوء، وأن الأمر لا يعني أن آية ستكره أخاها أو تصبح وحيدة وكئيبة ومنطوية.. إنها فقط مسألة وقت حتى تتعود آية على الوضع الجديد وتنسى حلم أو فكرة أنها كانت سوف ترزق بأخت بنت، وستعود لعلاقتها الطبيعية مع إخوتها.
علاج المشكلة الآن يحتاج إلى محورين: محور عقلي وتفكيري، ومحور سلوكي:
المحور العقلي أو التفكيري نقصد به مناقشتها وتوضيح بعض النقاط لها:
1- تحدثي معها بهدوء واشرحي لها هذا الكلام، وذكريها أنها كانت سعيدة وتلعب مع أخويها ولم تكن تشعر باحتياج لأخت، ولكنها مع الحمل تمنت أن يكون لها أخت.
اشرحي لها أن هذا رزق وتقدير من الله تعالى، واقرئي لها الآية الكريمة {يَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}، وأن الله تعالى يقدر لنا دائمًا ما فيه الخير لنا وربما لا نفهم نحن ذلك في وقته.
2- ذكريها بفضل الله عز وجل عليها أن لها إخوة تحبهم وتلعب معهم ويحبونها، واضربي لها أمثلة مما حولكم من أطفال وحيدين ليس لم أشقاء وكم هم وحيدون، ويتمنون لو أن لهم أي شقيق أو شقيقة.
3- اضربي لها المثل بنفسك، وأنك رضيت بكل ما يرزقك الله سبحانه به بسعادة ورضا ويقين أن هذا هو الخير لك.
4- قولي لها بأنك أنت وهي ستكونان دائمًا قريبتين من بعضكما وأنك صديقتها وأختها وكاتمة أسرارها، واتخذي هذا الدور فعلاً، وكوني أنت وهي حزب البنات في البيت.
5- ذكريها دائمًا بنعم الله تعالى علينا الكثيرة وبأننا أسرة واحدة سعيدة ومترابطة.
المحور السلوكي ويقصد به تعاملها مع الوليد:
1- حاولي أن تزيدي ارتباطها به، وذلك بإشراكها في المسؤولية عنه معك.
2- شجعيها أن تساعدك في استحمامه أو إلباسه أو الاعتناء به أثناء انشغالك.
3- أشعريها بالأمومة والمسئولية عنه، وقولي لها بأنه يسكت معها وأنه يحبها؛ لأنها أخته الكبيرة الحنونة عليه.
4- أشعريها أن كونها البنت الوحيدة في البيت ميزة وليست عيبًا، حيث إنها ريحانة الدار، وأن لها أشياءها المخصوصة التي لا يشاركها فيها أحد باعتبارها البنت الوحيدة ودائمًا خذيها معك واشتري لها مساكات الشعر والملابس والحقائب فهي البنت.
5- دائمًا اذكري لأخويها أن عليهما الاعتناء بها ومعاملتها برقة؛ لأنها بنت.
6- حاولي إيجاد والتركيز على كل مزايا أنها بنت وسط البنين.
7- الوالد عليه دور كبير في مصادقتها ومصاحبتها وتدليلها دون إفساد، فإن العلاقة بين الأب والابنة خاصة لو وحيدة تكون دائمًا متميزة جدًّا، وتشبع لدى الابنة الكثير من احتياجاتها العاطفية.
8- أشيدي دائمًا أمام الناس بها وبسلوكياتها وعنايتها بأخيها ونظامها ونظافتها، ولا تشتكي منها أمام أحد.
وفي النهاية، أقول لك: تعاملي بهدوء؛ فالأمر بسيط والمسألة مجرد وقت، وبارك الله لك فيهم جميعًا.
ــــــــــــــ(102/240)