ابنتي تشارك في ( الستار أكاديمي )!!
عبد الله بن عبد الهادي العمري
أقبلت ابنتي تبشرني بانضمامها إلى جماعة «الستار أكاديمي»، وقد ابتهجت كثيرًا لهذا الخبر، وأخذت أتبادل معها الخيال حول السطوع الذي يمكن أن تصل إليه، فبوادر النبوغ لديها، ولله الحمد، متوفرة وترشيحاتي تقول إنها مؤهلة لأن تصبح نجمة ساطعة أو كما يحلو لصاحب تسمية تلك المجموعة (ستارًا ساطعًا في آل سكاي)، وبعد أن استيقظنا من مخملية هذا الخيال قلت لها: وكيف تم اختيارك للانضمام إلى هذه المجموعة المباركة؟
قالت: لقد وزعت رائدة النشاط بالمدرسة بطاقات على الطالبات يحددن من خلالها رغباتهن في الأنشطة التي يمكن أن يبدعن فيها خلال حصة النشاط، وقد دونت ثلاث رغبات، وتمت الموافقة، ولله الحمد، على رغبتي الأولى وهي مجموعة التوعية الإسلامية، فقلت: بارك الله فيك على اختيارك، وسدد الله خطى رائدة النشاط.
فقد وضعتك بحق في المكان المناسب، فأنت ـ ربما ـ مثل كثير من قريناتك من الطالبات، إذ أتممت حفظ بعض من أجزاء القرآن الكريم، ودرست في كتاب تفسير القرآن العظيم للعديد من السور، وبدأت حفظ وفهم الأربعين النووية، وعندك حب اطلاع على سير الصحابة والتابعين وكبار الفقهاء، رغم أنك ما زلت في المرحلة الابتدائية، وهذه وغيرها لعلها مؤهلات لأن تكوني بحق نجمة ساطعة في سماء الدعوة بإذن الله، والتحاقك بهذه الأكاديمية التي تخرج النجوم أمر يتمناه كل عاقل لنفسه ولأبنائه ولأحبائه، فالأمة الإسلامية بحاجة مستمرة إلى هذه النجوم الساطعة، ليهتدي بها الناس حينما يضلون طريقهم في صحراء الحياة المعاصرة، فيعودوا إلى طريق الصواب والنجاة.
ولكن أي بنية!
لماذا هذه التسمية؟
لماذا يرتدي هذا المجال زيًا أظنه غربيًا؟
أليس الأجدر أن تكون التسمية بالعربية؟
مثل (مصنع النجوم) على الأقل.
قالت: لقد قالت لنا رائدة النشاط: إن اسم هذا المجال هو جماعة التوعية الإسلامية. وبعد أن بدأنا في التجمع في مصلى المدرسة، أقبلت مديرة المدرسة، وتحدثت طويلاً مع المشرفة على النشاط، وبدا لي أنهما اختلفتا على تسمية المجال حتى استقرتا على هذه التسمية، إذ قامت المشرفة فكتبتها على ورقة كبيرة ووضعتها في مكان بارز، فعرفت أن التسمية تغيرت إلى هذا الاسم الجديد وهو (الستار أكاديمي).
لم أقتنع بهذه التسمية.
ولم أتدخل في هذا الشأن، لأن الأمر لا يتعدى اسمًا لجماعة نشاط في مدرسة ابتدائية للبنات في منطقة غير متأثرة كثيرًا بحياة المدنية.
إلى أن شاهدت حلقة خاصة عن (الفضائيات في العالم الإسلامي ما لها وما عليها)، وقد تعرض المتحاورون فيه إلى تلك التسمية، فعرفت أن هناك برنامجًا أو ربما قناة فضائية خاصة (للستار أكاديمي) تهدف إلى صناعة نجوم وهمية، آيلة للسقوط، مضللة للماشين على الطريق الصحيح، مهيجة للشياطين.
حينها قلت: يجب التدخل لمعرفة سبب استبدال مسمى (الستار أكاديمي) بـ(التوعية الإسلامية) فأقنعت زوجتي بضرورة زيارة المدرسة لتناقش مديرة المدرسة والمعلمة في ذلك الأمر.
أما المعلمة (المشرفة على المجال) فقالت: لقد طلبت مني مديرة المدرسة توعية الطالبات بالمساوئ المترتبة على مشاهدة مثل هذه القنوات وهذه البرامج، وقد حاولت إقناعها بأن ذلك سوف يبصر الطالبات اللواتي لا يعرفنها بالبحث والسعي إلى مشاهدتها، ولم أنجح في إقناعها، فرأيت أن أكتب الاسم على ورقة وأراقب الطالبات اللاتي يتحدثن عن الاسم فأجلس معهن على انفراد وأناقشهن في ذلك.
فقلت: هذه بصلاحها وحسن تصرفها وافقت الصواب فأرجو لها من الله السداد والثواب الجزيل.
أما مديرة المدرسة فقد أطلعت زوجتي على استبيان وكتابات توضح انصراف كثيرات من الطالبات عن الاستذكار لمشاهدة هذه البرامج، واستغراقهن في معرفة أدق التفاصيل عنها، بل إن بعضهن يشاهدنها بترغيب من أفراد العائلة، وبعضهن يذهبن لبيوت أقاربهن فقط لمشاهدتها.
فقلت: وهذه بصلاحها وحفاظها على بنات المسلمين وغيرتها على الدين أيضًا وافقت الصواب، فأرجو لها من الله السداد والثواب الجزيل، فهي تريد أن تقلب المعادلة، في وجه الضحالة والعفن، وتقول لطالبات المدرسة إن (النجوم) أو (الستار) هو من يتكئ على قاعدة لا تلين أو تميد، تنير العالم إنارة طبيعية وحقيقية لا إنارة اصطناعية هشة.
ولكن عتبي يبقى على أولياء الأمور الذين صرفوا أنفسهم وأبناءهم وبناتهم عن حاجات أنفسهم وأمتهم إلى مثل هذه البرامج.
وأعظهم ونفسي بقول الحق تبارك و- تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارْا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (الآية 6 من سورة التحريم).
وأملي يبقى في المشرفين والمشرفات على التوعية الإسلامية في التعليم، وفي المشرفين والمشرفات على الجمعيات الخيرية، وفي المشرفين والمشرفات على اللجان الاجتماعية، وفي الوزارات والإدارات المعنية، بأن نستثمر الوقت والمال والجهد في إنشاء المشايخ أكاديمي، الفقهاء أكاديمي، النوابغ أكاديمي، علماء الطبيعة أكاديمي.
خصوصًا أن لذلك أصلاً في الشريعة الغراء وهو الاعتكاف الذي ينقطع فيه العبد عن الدنيا ويتفرغ للعبادة وقراءة القرآن الكريم فردًا كان أم مع مجموعة، عله يخرج من هذه الأكاديمية المغلقة المفتوحة معًا عابدًا زاهدًا.
http://www.almarefah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/150)
الترغيب في إنجاب الأولاد
رغب الشارع الحكيم المسلمين في النكاح والتناسل وطلب الذرية. قال - تعالى -: (فَالآن باشِرُوهُنَّ وابْتَغُوا ما كتب الله لكُمْ) (البقرة: 187) أي: الولد وعن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: "تزوجوا الودود الولود فإن مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة". كما حث الإسلام على الاهتمام بالأولاد من الجنسين والاستبشار بالإناث وعدم كراهية مجيئهن. قال - تعالى - في الآية (49) من سورة الشورى: (يَهَبُ لِمن يَشَاءُ إِناثاً ويَهَبُ لِمن يشاءُ الذُّكور). فقد قدم الله - تعالى -من الإناث بعد قوله - تعالى -: (يَهَبُ لِمن يَشَاء).
وما دامت الهبة من الله - تعالى - فهي خير على كل حال، وشأن المسلم أن يستقبل هبة الله - تعالى - بالشكر والرضا وليس بالضجر والكره. ولقد أنكر الله - تعالى -على الجاهلين تسخطهم بالإناث وذم ذلك، فقال: (وإِذَا بُشّر أحدُهُم بالأُنثى ظلَّ وجْهُهُ مُسْودَّاً وهُو كظيم * يتوارى من القوْمِ مِن سُوءِ ما بُشر به أيُمْسكه على هُونٍ أمْ يدُسُّه في التُّرابِ ألا سَاءً ما يَحْكُمُون) (النحل: 58، 59). وقال: (وإِذا بُشّر أَحَدُهُم بِما ضَرَب للرَّحمن مثلاً ظَلَّ وجْهُهُ مُسْودَّاً وهُو كظيم) (الزخرف: 17). وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا، وضم إصبعيه".
ومن طرائف ما يروى: إن أحداً من العرب يكنى بأبي حمزة تزوج امرأة فولدت له بنتاً فهجر منزلها. فمر بخبائها بعد عام وإذا هي تقول لابنتها:
ما لأبي حمزة لا يأتينا *** يظل في البيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا *** تالله ما ذلك في أيدينا
إنما نأخذ ما أعطينا
فعاد الرجل إلى بيته بعد أن أعطته المرأة هذا الدرس.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الولد ريحانة من الجنة". وقال الفضل ريح الولد من الجنة، وكان يقال ابنك ريحانتك سبعاً، ثم حاجبك سبعاً، ثم عدو أو صديق. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله - تعالى -عنه. قال: قلت لسيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله هل يولد لأهل الجنة قال: والذي نفسي بيده، إن الرجل يشتهي أن يكون له ولد فيكون حمله ووضعه وشبابه الذي ينتهي إليه في ساعة واحدة. وقيل من حق الولد على والده أن يوسع عليه حاله كي لا يفسق. وقال عمر - رضي الله عنه - : إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبحه وتذكره. وقال - رضي الله عنه -: أكثروا من العيال فأنكم لا تدرون بمن ترزقون. وقال شبيب بن شبة ذهبت اللذات إلا من ثلاث: شم الصبيان، وملاقاة الأخوان، والخلو مع النسوان. ودخل عمرو ابن العاص على معاوية وعنده ابنته عائشة فقال: من هذه يا أمير المؤمنين قال: هذه تفاحة القلب. فقال انبذها عنك فإنهن يلدن الأعداء ويقربن البعداء، ويورثن الضغائن. قال لا تقل يا عمر ذلك، فوالله ما مرض المرضى، ولا ندب الموتى، ولا أعان على الأخوان إلا هنَّ. فقال عمر يا أمير المؤمنين إنك حببتهن إليَّ. وقيل لرجل أي ولدك أحب إليك قال: صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يبرأ، وغائبهم حتى يحضر: واقل ابن عامر لامرأته أمة بنت الحكم الخزائعية: إن ولدت غلاماً فلك حكمك فلما ولدت قالت حكمي شاة ففعل لها ذلك. وغضب معاوية على يزيد فهجره. فقال الأحنف: يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة، وأرض ذليلة، وبهم نصول على كل جليلة، فإن غضبوا فأرضهم، وإن سألوا فأعطهم، وإن لم يسألوا فابتدئهم ولا تنظر عليهم شزراً فيملوا حياتك، ويتمنوا وفاتك. فقال معاوية: يا غلام إذا رأيت يزيد فاقرئه السلام واحمل إليه مائتي ألف درهم، ومائتي ثوب. فقال يزيد من عند أمير المؤمنين؟ فقايل له الأحنف. فقال يزيد بن معاوية عليّ به فقال: يا أبا بحر كيف كانت القصة فحكاها له فشكر صنيعه وشاطره الصلة. وحكى الكسائي أنه دخل على الرشيد يوماً فأمر بإحضار الأمين والمأمون ولديه، قال فلم يلبث قليلاً أن أقبلا ككوكبي أفق يزينهما هداهما، وقد غضا أبصارهما حتى وقفا في مجلسه فسلما عليه بالخلافة ودعوا له بأحسن الدعاء فاستدناهما وأسند محمداً عن يمينه، وعبد الله عن يساره، ثم أمرني أن ألقي عليهما أبواباً من النحو فما سألتهما شيئاً إلا أحسنا الجواب عنه فسرّه ذلك سروراً عظيماً، وقال كيف تراهما فقلت: أرى قمري أفق وفرعين شامة يزينهما عرق كريم ومحتد سليلي أمير المؤمنين وحائزي مواريث ما أبقى النبي محمد يسدان أنفاق النفاق بشيمة يزينهما حزم وسيف مهند ثم قلت: ما رأيت أعز الله أمير المؤمنين أحداً من أبناء الخلافة، ومعدن الرسالة، وأغصان هذه الشجرة الزلالية آداب منها السناً، ولا أحسن ألفاظاً، ولا أشد اقتداراً على الكلام روية وحفظاً منهما، أسأل الله - تعالى -أن يزيد بهما الإسلام تأييداً وعزاً، ويدخل بهما على أهل الشرك ذلاً وقمعاً، وأمن الرشيد على دعائه ثم ضمهما إليه وجمع عليهما يديه فلم يبسطهما حتى رأيت الدموع تنحدر على صدره، ثم أمرهما بالخروج. وقال كأنكم بهما وقد دهم القضاء، ونزلت مقادير السماء، وقد تشتت أمرهما، وافترقت كلمتهما بسفك الدماء وتهتك الستور. وكان يقال: بنو أمية دن خل، أخرج الله منه زق عسل. يعني عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -. وسب أعرابي ولده وذكر له حقه فقال: يا أبتاه إن عظيم حقك عليّ لا يبطل صغير حقي عليك. قال عبد العزيز الديريني - رحمه الله - تعالى -: أحب بنيتي ووددت أني دفنت بنيتي في قاع لحد وما بي أن تهون عليّ لكن مخافة أن تذوق الذل بعدي فإن زوجتهما رجلاً فقيراً أراها عنده والهم عندي وإن زوجتهما رجلاً غنياً فيلطم خدها ويسب جدي سألت الله يأخذها قريباً ولو كانت أحب الناس عندي وقال هارون بن علي بن يحيى المنجم: أربى ابني تشابه من علي ومن يحيي وذاك به خليق وإن يشبههما خُلقاً وخِلقاً فقد تسرى إلى الشبه العروق وقال أبو النصر مولى بني سليم: ونفرح بالمولود من آل برمك ولا سيما أن كان ولد الفضل وقال الحسن بن زيد العلوي: قالوا عقيم ولم يولد له ولد والمرء يخلفه من بعده الولد فقلت نعم علقت بالحرب همته عاف النساء ولم يكثر له عدد وكان الزبير بن العوام - رضي الله عنه - يرقص ولده ويقول: أزهر من آل بني عتيق مبارك من ولد الصدّيق ألذه كما ألذ ريقي وكان أعرابية ترقص ولدها تقول: وما عليّ أن تكون جارية تغسل رأسي وتكون الفالية وترفع الساقط من خمارية حتى إذا ما بلغت ثمانية أزرتها بنقبة يمانية أنكحتها مروان أو معاوية أصهار صدق، ومهور غالية قال فسمعها مروان فتزوجها على مائة ألف مثقال، وقال إن أمها حقيقة أن لا يكذب ظنها ولا يخان عهدها.فقال معاوية لولا مروان سبقنا إليها لأضعفنا لها المهر ولكن لا تحرم الصلة، فبعث إليها
بمائتي ألف درهم ... والله أعلم.
http://www.lahaonline.com المصدر:
--------------
هل تخشى أن يقول لك ابنك : أنا أكرهك ؟!
حسام فتحي
تؤثر الخلافات بين الأب والأم في النمو النفسي السليم للطفل، ولذلك على الوالدين أن يلتزما بقواعد سلوكية تساعد الطفل على أن ينشأ في توازن نفسي، ومن هذه القواعد:
أولاً: الاتفاق على نهج تربوي موحد بين الوالدين:
* إن نمو الأولاد نموًا انفعاليًا سليمًا، وتناغم تكيفهم الاجتماعي يتقرران ولحد بعيد بدرجة اتفاق الوالدين وتوحد أهدافهما في تدبير شؤون أطفالهم. على الوالدين دومًا إعادة تقويم ما يجب أن يتصرفا به حيال سلوك الطفل، ويزيدا من اتصالاتهما ببعضهما البعض، خصوصًا في بعض المواقف السلوكية الحساسة، فالطفل يحتاج إلى قناعة بوجود انسجام وتوافق بين أبويه.
* شعور الطفل بالحب والاهتمام يسهل عملية الاتصال والأخذ بالنصائح التي يسديها الوالدان إليه.
مثال على ذلك الاضطراب الانفعالي الذي يصيب الولد من جراء تضارب مواقف الوالدين من السلوك الذي يبديه:
زكريا عمره أربعة أعوام يعمد إلى استخدام كلمات الرضيع الصغير كلما رغب في شد انتباه والديه، وبخاصة أمه، إلى إحدى حاجاته فإذا كان عطشًا فإنه يشير إلى صنبور الماء قائلاً: «أمبو.. أمبو» للدلالة على عطشه.
ترى الأم في هذا السلوك دلالة على الفطنة والذكاء لذا تلجأ إلى إثابته على ذلك، أي تلبي حاجته فتجلب له الماء من ذاك الصنبور.
أما والده فيرى أن الألفاظ التي يستعملها هذا الولد كريهة، فيعمد إلى توبيخه على هذا اللفظ الذي لا يتناسب مع عمره. وهكذا أصبح الطفل واقعًا بين جذب وتنفير، بين الأم الراضية عن سلوكه والأب الكاره له، ومع مضي الزمن أخذت تظهر عن الطفل علامات الاضطراب الانفعالي وعدم الاستقرار على صورة سهولة الإثارة والانفعال والبكاء، وأصبح يتجنب والده ويتخوف منه.
ثانياً: أهمية الاتصال الواضح بين الأبوين والولد:
* على الوالدين رسم خطة موحدة لما يرغبان أن يكون عليه سلوك الطفل وتصرفاته.
شجع طفلك بقدر الإمكان على الإسهام معك عندما تضع قواعد السلوك الخاصة به، أو حين تعديلها، فمن خلال هذه المشاركة يحس الطفل أن عليه أن يحترم ما تم الاتفاق عليه؛ لأنه أسهم في صنع القرار.
على الأبوين عدم وصف الطفل بـ(الطفل السيئ) عندما يخرج عن هذه القواعد ويتحداها، فسلوكه السيئ هو الذي توجه إليه التهمة وليس الطفل، لئلا يحس أنه مرفوض لشخصه مما يؤثر في تكامل نمو شخصيته مستقبلاً وتكيفه الاجتماعي.
مثال على المشاركة في وضع قواعد السلوك: هشام ومحمد طفلان توأمان يحبان أن يتصارعا دومًا في المنزل، وهذه المصارعة كانت مقبولة من قبل الوالدين عندما كانا أصغر سنًا (أي: في السنتين من العمر) أما في عمر أربعة أعوام فإن هذا اللعب أضحى مزعجاً بالنسبة للوالدين.
جلس الوالدان مع الطفلين وأخذا يشرحان لهما أن سنهما الآن تمكنهما من أن يفهما القول، ولابد من وجود قواعد سلوكية جديدة تنظم تصرفاتهما وعلاقاتهما ببعضهما البعض.
بادر الولدان بالسؤال: هل يمكننا التصارع في غرفة الجلوس بدلاً من غرفة النوم؟ هنا وافق الأبوان على النظام التالي: المصارعة ممنوعة في أي مكان من المنزل عدا غرفة الجلوس.
* عندما يسن النظام المتفق عليه لابد من تكرار ذكره والتذكير به، بل والطلب من الأطفال أو الطفل بتكراره بصوت مسموع.
كيف تعطى الأوامر الفعالة؟
«أحمد، أرجوك.. اجمع لعبك الملقاة على الأرض وارفعها إلى مكانها».. عندما تخاطب ابنك بهذه اللهجة فمعنى ذلك أنها طلب.
أما عندما تقول له: «أحمد، توقف عن رمي الطعام أو تعال إلى هنا وعلق ملابسك التي رميتها على الأرض» فإنك تعطيه أمرًا ولا تطلب طلبًا.
* يتعين على جميع الآباء إعطاء أوامر أو تعليمات حازمة وواضحة لأطفالهم، وخصوصًا الصعبين منهم إزاء سلوكيات فوضوية أو منافية للسلوك الحسن، وليس استجداء الأولاد والتوسل إليهم للكف عنها.
* إذا قررت الأم أن تطبق عقوبة الحجز في غرفة من غرف المنزل لمدة معينة (وهذه عقوبة فعالة في التأديب وتهذيب السلوك) فعليها أن تأمر الولد أو البنت بتنفيذ العقوبة فورًا وبلا تلكؤ أو تردد. الأمر الذي نعنيه ليس معناه أن تكون عسكريًا تقود أسرتك كما يقود القائد أفراد وحدته العسكرية، وإنما أن تكون حازمًا في أسلوبك.
متى تعطى الأوامر للطفل؟
تعطى الأوامر للطفل في الحالتين التاليتين:
* عندما ترغب أن يكف الطفل عن الاستمرار في سلوك غير مرغوب، وتشعر بأنه قد يعصيك إذا ما التمست منه أن يتخلى عنه.
* إذا وجدت أن على طفلك إظهار سلوك خاص، وتعتقد أنه سيعصيك لو التمست منه إظهار هذا السلوك.
كيف تعطى الأوامر للطفل؟
لنفترض أنك دخلت غرفة الجلوس فوجدت أحمد، ابنك الصعب القيادة، يقفز على مقاعد الجلوس القماشية قفزًا مؤذيًا للفراش الذي يغلف هذه المقاعد، وقررت إجبار الولد على الكف عن هذا اللعب التخريبي.
هنا تعطي تعليماتك بالصورة التالية:
* قطّب وجهك واجعل العبوس يعتلي أمارات الوجه.
* سدّد إليه نظرات حادة تعبر عن الغضب والاستياء.
* ثبّت نظرك في عينيه وناده باسمه.
* أعطه أمرًا حازمًا صارمًا بصوت قاس تقول فيه: «أحمد.. أنت تقفز على المقاعد، وهذا خرق للنظام السائد في البيت.. كف عن هذا السلوك فورًا ولا تقل كلمة واحدة».
* يجب أن يكون الأمر واضحًا وغير غامض.
مثال: إذا أمرت طفلتك بالصيغة التالية: «سميرة تعالي إلى هنا وضعي هذه الألعاب على الرف» فإنها بهذا الأمر الواضح لا عذر لها بالتذرع بأي شيء يمنعها من التنفيذ.
أما لو قلت لها: «لا تتركي الألعاب ملقاة هكذا» فإنها ستتصرف وفق ما يحلو لها عكس مرادك ورغبتك؛ لأن الأمر كان غير واضح.
* لا تطرح سؤالاً ولا تعط تعليقًا غير مباشر عندما تأمر ابنك أو ابنتك، فلا تقل له: «ليس من المستحسن القفز على المقاعد»، ولا أيضًا «لماذا تقفز على المقاعد؟ » لأنه سيرد عليك، وبذلك تعطي لطفلك الفرصة لاختلاق التبريرات، فالقول الحاسم هو أن تأمر طفلك بالكف عن القفز دون إعطاء أي تبرير أو تفسير.
* إذا تجاهل الطفل أمرك وتمادى في سلوكه المخرب ليعرف إلى أي مدى أنت مصر على تنفيذ أمرك فهنا لا ينبغي عليك اللجوء إلى الضرب أو التهديد لتأكيد إصرارك على أمرك، فمثل رد الفعل هذا قد يعقد الموقف ويزيد عناد الولد وتحديه لك. الحل بسيط نسبيًا: ما عليك إلا أن تلجأ إلى حجزه في مكان ما من البيت لمدة معينة.
ثالثًا: الأطفال يحتاجون إلى الانضباط والحب معًا
الانضباط يعني تعليم الطفل السيطرة على ذاته والسلوك الحسن المقبول، وطفلك يتعلم احترام ذاته والسيطرة عليها من خلال تلقي الحب والانضباط من جانبك.
لماذا لا يتمكن بعض الآباء من فرض الانضباط على أولادهم؟
يجب أن يكون هناك الوعي الكافي لدى الآباء في الأخذ بالانضباط لتهذيب سلوك أطفالهم وإزالة مقاومتهم حيال ذلك، وهذا يتحقق إذا باشروا برغبة تنبع من داخلهم في تبديل سلوكهم.
يمكن إيجاز الأسباب المتعددة التي تمنع الآباء من تبديل سلوكهم بالآتي:
* الأم الفاقدة الأمل (اليائسة): تشعر هذه الأم بأنها عاجزة عن تبديل ذاتها، وتتصرف دائمًا تصرفاً سيئًا، متخبطة في مزاجها وسلوكها.
مثال: في اليوم الأخير من المدرسة توقفت الأم للحديث عن ولدها أحمد مع مدرسه. هذه الأم تشكو من سوء سلوك ولدها كلما سنحت لها الفرصة لكل من يستمع إليها، لكنها لم تحاول قط يومًا ضبط سلوك ابنها الصغير، وعندما كانت تتحدث مع المدرس كان ابنها يلعب في برميل النفايات المفتوح.. قالت الأم: أنا عاجزة عن القيام بأي إجراء تجاه سلوك ابني.. إنه لا يتصرف أبدًا بما يفترض أن يفعل. وبينما كانت مستغرقة في الحديث مع المعلم شاهد الاثنان كيف أن أحمد يدخل إلى داخل برميل النفايات ويغوص فيه ثم يخرج. توجه المعلم نحو أمه قائلاً لها: أترين كيف يفعل ابنك؟! فأجابت الأم: نعم إنه اعتاد أن يتصرف على هذه الصورة، والبارحة قفز إلى الوحل وتمرغ فيه.
الخطأ هنا: أن الأم لم تحاول ولا مرة واحدة منعه من الدخول في النفايات والعبث بها، ولم تسع إلى أن تأمره بالكف عن أفعاله السلوكية السيئة، حيث كانت سلبية، متفرجة فقط.
* الأب الذي لا يتصدى ولا يؤكد ذاته: مثل هذا الأب لا يمتلك الجرأة ولا المقدرة على التصدي لولده. إنه لا يتوقع من ولده الطاعة والعقلانية، وولده يعرف ذلك، وفي بعض الأحيان يخاف الأب فقدان حب ولده له إن لجأ إلى إجباره على ما يكره. كأن يسمع من ابنه: أنا أكرهك. أنت أب مخيف. أرغب أن يكون لي أب جديد غيرك. مثل هذه الأقوال تخيف الوالد وتمنعه من أن يفعل أي شيء يناهض سلوكه وتأديبه.
* الأم أو الأب الضعيفا الطاقة: ونقصد هنا الوالدين ضعيفي الهمة والحيوية، اللذين لا يملكان القوة للتصدي لولدهما العابث المستهتر المفرط النشاط، وقد يكون سبب ضعف الهمة وفقدان الحيوية مرض الأم والأب بالاكتئاب الذي يجعلهما بعيدين عن أجواء الطفل وحياته.
* الأم التي تشعر بالإثم: ويتجلى هذا السلوك بالأم التي تذم نفسها وتشعر بالإثم حيال سلوك ابنها الطائش، وتحس أن الخطيئة هي خطيئتها في هذا السلوك وهي المسؤولة عن سوء سلوكه، ومثل هذه المشاعر التي تلوم الذات تمنعها من اتخاذ أي إجراء تأديبي ضد سلوك أطفالها.
* الأم أو الأب الغضوب: في بعض الأحيان نجد الأم أو الأب ينتابهما الغضب والانفعال في كل مرة يؤدبان طفلهما، وسرعان ما يكتشفان أن ما يطلبانه من طفلهما من هدوء وسلوك مقبول يفتقران هما إليه، لذلك فإن أفضل طريقة لضبط انفعالاتهما في عملية تقويم السلوك وتهذيبه هي أن يُلجأ إلى عقوبة الحجز لمدة زمنية ردًا على سلوك طفلهما الطائش.
* الأم التي تواجه باعتراض يمنعها من تأديب الولد: في بعض الأحيان يعترض الأب على زوجته تأديب ولدها أو العكس، لذلك لابد من تنسيق العملية التربوية باتفاق الأبوين على الأهداف والوسائل المرغوبة الواجب تحقيقها في تربية سلوك الأولاد، ويجب عدم الأخذ بأي رأي أو نصيحة يتقدم بها الغرباء فتمنع من تنفيذ ما سبق واتفق عليه الزوجان.
* الزوجان المتخاصمان: قد تؤدي المشاكل الزوجية وغيرها من المواقف الحياتية الصعبة إلى إهمال مراقبة سلوك الأولاد نتيجة الإنهاك الذي يعتريهما ـ مثل هذه الأجواء تحتاج إلى علاج أسري، وهذه المسألة تكون من اختصاص المرشد النفسي الذي يقدم العون للوالدين ويعيد للأسرة جوها التربوي السوي.
http://www.almarefah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/151)
هل امتلأ الدلو؟
منال الدغيم 9/6/1425
26/07/2004
وقف المعلّم أمام تلاميذه، وأمامه دَلو كبير فارغ، وكيس مملوء بالحجارة، وطلب من أحدهم الحضور ومحاولة وضع الحجارة في الدّلو، كان الطلب غريبًا ومدهشًا، فتقدّم تلميذ وأخذ يضع الأحجار الكبيرة في الدّلو، حتى لم يبق مكان لحجر آخر..
قال المعلّم: أيها التلاميذ! هل ترَوْن الدّلو قد امتلأ؟ فأجابوا بما يرون أمام أعينهم: نعم! لكنّ المعلم قلَب الدّلو وأفرغه من الحجارة، وأخذ يضع الحجارة الكبيرة من جديد، ولكن مع إضافة مجموعة كبيرة من الأحجار الصغيرة في الفراغات، حتى امتلأ الدّلو وقد استوعب مزيدًا من الأحجار عن السابق.
كرّر المعلم السّؤال: هل امتلأ الدلو؟ فقالوا بصوت واحد: نعم.. تمامًا! ، فقلَب المعلم الدّلو ثانية وأخذ يصُفّ الحجارة من جديد، ساكبًا كيسًا من الرّمل في الفراغات الصّغيرة جدًا، حتى امتلأ الدّلو تمامًا..
كانت نظرات التلاميذ تتأمّل المشهد بإعجاب، وهي تتخيّل الفكرة التي يريد المعلّم إيصالها لهم من وراء هذا العمل الشّائق، وازدادت دهشتهم، والمعلّم يحضر إناءً مملوءًا بالماء ثم يصبّه داخل الدّلو الذي استوعبه مع الرّمل والحجارة الصّغيرة والكبيرة، وقد خابت ظنونهم السابقة بامتلاء الدّلو تمامًا..
قال المعلّم بعد لحظات صمت مَهِيبة:
أيها التلاميذ الأعزاء، الدّلو هو وقت كل امرئ في الحياة، هو يومك بجواهره الأربع والعشرين، نظنّ أنّنا بعمل كادح يستغرق ثلاث ساعات أو أربع، قد ملأنا الدّلو تمامًا، ولم يعد يتحمّل المزيد، رغم أنّ هناك فراغات موحشة تتسع لأعمال صغير نافعة، ودقائق زاخرة بأعمال عظيمة إيجابيّة، ولحظات يمكن فيها أنْ تقدّم أمامك ما يسرّك في آخرتك..
نحن الآن في الإجازة الصيفيّة، وهي تمتد إلى ما يقارب التسعين يوما عليك أنْ تملأها بكل مفيد نافع لك ولأمتك. استعن بالله ولا تعجِز، لا تبعثر دِلاءَك بلا طائل، وغيرك يملؤها ذهبًا وفِضّة وجواهر ودقائق ثمينة ولحظات غالية..
أعلم أنّ كل تلميذ منكم يا أعزائي، يغلبه حماس عارم في بداية كل إجازة، فيستغرق في التّخطيط والأحلام والآمال، إنّه يريد تعلّم مهارة جديدة، وحفظ شيء من القرآن، وممارسة رياضة نافعة، وقراءة كتب مفيدة، وزيارة أحباب وأصحاب، ومشاريع هائلة رائعة تتلألأ من وراء سُجُف الأحلام، والطّموح يطير بك لتنزلها على أرض الواقع..
ولكن.. لِمَ غالبا تفشل مشاريعنا؟
لأنّنا نريد المجد بيسر وسهولة، ونستصعب ركوب الصّبر ،وقوّة العزيمة، والتحمّل ومجاهدة النّفس، ونفتر عن تذكّر قصر الأعمار، وقلة الزاد، وفجأة الموت، والرّكب يتسابقون إلى أعالي الجنان، وما لنا من رأس المال إلا مُنًى هزيلة وأحلام هشة..
حدّدوا - يا طلابي- أهدافكم. هدف عظيم لكل يوم كالحجارة الكبيرة، وهدف أصغر، وهدف دقيق كحبّات الرمل، وهدف متغلغل في ساعات اليوم كله كقطرات الماء المتسرّبة، اتخذ لنفسك وقتًا معينًا لكل هدف عليك أنْ تنجزه فيه ولا تتعدّاه، وإذا انتهيت منه لا تظنّ أنّ دلوك امتلأ، كلا، فلا تستهن بسرور تدخله على مسلم، أو نفع تقدّمه لأخ، أو جلسة حميمة مع عائلتك؛ فهذه تملأ فراغات وقتك بالبركة والإيجابيّة، وليكن وقتك عامرًا بذكر الله في كل وقت، كالرّمل الذي ملأ كلّ فراغ، وجهودك متألّقة بنور حسن الخلق في كل حين، كقَطَرات الماء التي تسرّبت إلى كل حيّز في الدّلو، فجعلته نديًّا نقيًّا..
الصّحبة الصّالحة خير معين لك في الدّرب الشاقّ، فاتخذ منهم ثقات، يعينونك إذا فترت، ويحملون عنك إذا تعبت، ويذكّرونك إذا نسيت، ولتكن متوكّلا على الله في جميع شؤونك، ناظرًا إلى مستقبلك بعين التفاؤل وقلب حسن الظّن بالله.
ـــــــــــــــــــ(101/152)
قبل أن يرفع أبناؤنا الصليب !
هيا الرشيد
قد يجذبك هذا العنوان، وقد تستنكر كلماته، وقد تستعيذ بالله - تعالى - من فحواه، وقد يتبادر إلى ذهنك أنه عنوان للإثارة فقط؛ وفيه كثير من المبالغة، ولكن مهلاً فلا تتعجل الخبر، فقد يكون قد تم بالفعل بين أرجاء بيتك العامر وعلى غفلة منك ودون علمك، ستسأل: كيف يكون هذا بالضبط؟! إليك الطريقة من خلال خمسة أيام متواصلة في حياة فتىً مسلم لم يكمل الخامسة عشر من عمره بعد.
قصة الخمسة أيام:
اقتطع من مصروفه القليل يوماً بعد يوم، كان بين الحين والآخر يعد ثروته الصغيرة على حين غرة من والديه وأخوته، يحرص كل الحرص على إخفائها عن الأعين؛ وإلا تلقّى توبيخاً قاسياً من والده وتهديداً بتحويل المصروف القليل إلى الأقل، وبعد أيام طويلة، ومعاناة أطول مع الحرمان؛ أطلق صيحة نصر مفزعة، وقفز بفرحة غامرة وهو يردد: أخيراً اكتمل المبلغ، سأحصل عليها دون استجداء الآخرين، ستكون لي وحدي، سأواصل الليل بالنهار لأصل إلى النهاية...
ينتظر بفارغ الصبر أن تطلب منه والدته الذهاب لشراء أغراض من المحل المقابل، تقفز الفرحة من بين عينيه؛ فقد حانت اللحظة الحاسمة، لأن محل ألعاب الكومبيوتر على الجانب الآخر، يذهب بسرعة، دقائق سريعة لشراء أغراض والدته، ووقت طويل جداً في المحل الآخر، تقليب للأسطوانات المتنوعة، أصلي.. تقليد، لا يهم، فالمال الذي جمعه بالكاد يحصل من خلاله على تلك اللعبة في اسطوانة مقلدة، ولكن لا بأس، المهم أن ينهي اللعبة التي أنهاها كثير من زملاء المدرسة، والأكثر من أولاد الأقارب، وجدها، طلب تجريبها، دفع ثمنها وأخفاها بين ملابسه، عاد إلى البيت على عجل، ألقى بأغراض البيت أمام والدته وأسرع إلى حجرته، كان بينه وبين نفسه يشعر بالامتنان دوماً نحو خالته منذ أن فاجأته بـ(السوني تو) في الصيف الماضي، جلبته له من دولة مجاورة في إحدى رحلاتها، أصر أن تكون هديته خاصة به في حجرته، رفض مشاركة إخوته خوفاً من عبثهم بها، كان له ما أراد، فلننظر إلى النتيجة.
ابتدأ اللعبة منذ تلك اللحظة، كان من الصعب جداً أن يشارك أفراد أسرته طعامهم أو شرابهم، بضع لقيمات يبتلعها وهو واقف أمام طاولة المطبخ، ومن ثم يعود لمتابعة اللعبة، يشعر بالإرهاق الشديد ويغالبه النوم؛ فتنقذ مراحل لعبته القطعة المسماة بالذاكرة، ستحفظ لعبته وسيواصل في الغد، يصحو قبل الجميع ويواصل المراحل، تكاد الأم تجن من مكوثه المتواصل في حجرته، تستجدي الأب لمعالجة هذا الوضع الذي تأزم، وبعد مرور خمسة أيام يستشعر الأب الخطر، يطرق الباب بشدة وإذا بالابن يصرخ ويصيح بصوت هستيري: لقد وصلت، لقد انتهيت، ووالده يطرق الباب مرة أخرى، يفتح لهم وهو يقفز فرحاً، وقد بدا الذبول والنحول على وجهه، وعلامات إرهاق شديد تغالب فرحته، توجه والداه إلى الشاشة لمشاهدة ما تم إنجازه، وإذا بالنتيجة تصيبهم بصدمة شديدة، فقد وجدوا نتيجة لم تكن ضمن حساباتهم، قلعة كبيرة جداً، ارتفع فوقها عدد كبير من الصلبان، وقصاصات الورق الملون تنزل من السماء بكثافة إعلاناًً للنصر الكبير الذي أحرزه هذا الفتى المسلم؛ وهو رفعه لراية الصليب عالياً، وعبارة في الأسفل كتبت باللغة الإنجليزية بشكل ملون وجميل تقول له بكل امتنان: أنت فائز، لقد ربحت، لقد وصلت إلى الهدف.
نجيب على أصحاب هذه التقنية بأنه بالفعل قد وصل إلى الهدف، الهدف الذي سعوا هم لتحقيقه سنوات طويلة، حققوه من خلال فلذات الأكباد، ارتفع الصليب حقيقة في كثير من البيوت المسلمة، قد لا يكون ارتفاعه ملموساً في البيوت؛ ولكن رفع النشء له من خلال الألعاب الإلكترونية لها دلالات خطيرة؛ فقد تكون غفلتنا عن تفسيرها تعطيها شيئاً من البساطة، ولكن السبب الذي جعلهم يروجون لمثل هذه الألعاب والنتائج دون غيرها يعطينا دافعاً قوياً للبحث الجاد في الأسباب والملابسات ومن ثم النتائج، فالمجال واسع أمامهم لصنع ألعاب أخرى في أي شيء آخر، ولكنهم يريدون هذه اللعبة بالذات، ويريدون الوصول إلى هذه النتيجة تماماً، ويعملون على غرس مبادئ معينة في النفوس تسهم بشكل كبير في توصيل أفكارهم إلى أبنائنا بالرغم من كل شئ.
في الماضي القريب كانت المخاوف محصورة في السلوكيات التي ينتهجها الأطفال والمراهقين من جرَّاء إدمانهم ألعاب الكومبيوتر العنيفة؛ حيث كان الاعتقاد سائداً بأنها تؤثر بشكل سلبي مباشر على تعاملهم مع الآخرين في المدرسة والبيت، ويمكننا توقع حدوث مثل هذا الأمر مادام الأولاد من أطفال ومراهقين يمسكون بدفة الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة يتلقون من خلالها شتى الطرق والأساليب التي تعلمهم الجريمة بأنواعها، وتزودهم أيضاً بروح عدائية يتشربون من خلالها العنف بكافة أشكاله، فماذا نتوقع من إنتاج تكنولوجي عفن يقوم عليه في الأساس عقول يهودية ونصرانية، تدعمها الصناعة الشيوعية في كثير من الأحيان، تعددت الاتجاهات والهدف واحد، كلهم معادون للأمة المسلمة، ويسعون إلى تحطيم النشء فيها، ولا أدل على ذلك من طريقة تصميم تلك الألعاب التي يفترض أن تُصاغ بشكل أكثر براءة، فإذا بها تلقى للنشء بدروس دقيقة في فنون القتل والسلب، ودهس المارة في الطرقات، وتعودهم على منظر الدماء وهي تسيل.
كانت المخاوف سابقاً من الأسلوب المتبع في تصميم الألعاب، والأفكار التي تطرحها، والأفكار التي يأخذها الأبناء منها، ولكننا الآن نوجه مخاوفنا نحو اتجاه آخر تماماً؛ حيث نشعر من خلال لعبة رفع الصليب أن الهدف لم يعد السلوك المعتاد للطفل أو المراهق؛ بل تغيَّر الهدف وانصب نحو زعزعة العقيدة بطريق غير مباشر، وزرع مفاهيم أخرى في هذه العقول الغضة البريئة على حين غرة من الأهل، فهل نتوقع من صنَّاع هذه الألعاب تصميم لعبة مشابهة لأطفالهم تكون نتيجتها رفع راية- لا إله إلا الله، محمد رسول الله-؛ الإجابة معروفة فهم بطبيعة الحال يكرسون جلَّ وقتهم لإبعاد أبنائنا عن راية التوحيد، ولن يكون لديهم استعداداً مطلقاً لتقويض دعائم البناء الإسلامي هنا وإنشائه هناك وبين أبنائهم، ولا ننسى الفكرة الأهم التي أصبحوا يروجون لها من خلال لعبهم وهي التصوير لأبطال الخطف والعنف بشكل يوحي بهوية مسلمة، وكأنهم يؤكدون للأجيال بشكل غير مباشر بالعلاقة بين الإسلام والعنف.
الألعاب الإلكترونية التي غزت أسواق المسلمين بأفكارها المنحلة تحتاج إلى وقفة صارمة من الجميع، ويجب أن تتكاتف الجهود للوقوف أمام غزوها لعقول أبنائنا؛ حيث إن المسؤولية منوطة بعدة جهات وليست جهة واحدة، ولنذكر الجهات على حسب تسلسل المسؤولية:
نتساءل بفزع: كيف غزت هذه الألعاب عالمنا الإسلامي؟ وأين المراقبة لأفكارها وما تحمله من مفاهيم؟ فمن المسئول أساساً عن استيرادها؟ ومن المسئول عن قبول دخولها الأسواق بهذا الشكل الكبير؟ ولنا أن نعلم أن هناك منظمات خارج العالم الإسلامي ترفع قضايا ضد الشركات المصنِّعة تصل أحياناً إلى تعويضات بملايين الدولارات، خاصة عندما يتضرر أبناؤها من أفكارها، وطريقة تصميمها.
دخلت الأسواق بطريقة ما، فأين الرقابة على أصحاب المحلات؟ يروجون العنف، ويدعون لأفكار اليهود والنصارى، ويعودون النشء على مظاهر العري والانحلال، وما من رقيب ولا حسيب!
يأتي الدور الأهم وهو دور الأب الذي يجب عليه أن يكون متابعاً لما يشتريه ابنه؛ حيث يكون عوناً له -بعد الله- على الانتقاء بشكل يوفر له بعض المتعة، ويبعد عنه كثير من الشرور.
• هناك دور هام يقع على عاتق المربين الأفاضل من معلمين وموجهين؛ حيث إن لكلامهم تأثير قوي على الأبناء، خاصة عندما يتحدثون عن الأضرار التي يتعرض لها الطلاب من جراء البقاء ساعات طويلة أمام الكومبيوتر للعب، فهناك أضرار صحية، وأضرار أخرى أكثر أهمية وهي إضاعة أوقات ثمينة من حياة الإنسان المسلم، بالإضافة إلى تلقي كثير من الأفكار، ورؤية صور تؤثر على دين المرء دون أن يشعر.
• يبقى الدور الإعلامي في تبني هذه القضية؛ فقد يكون الآباء والمعلمون في غفلة عن المخاطر، ودور الإعلام هنا الحديث عنها لبيان الطريقة المناسبة للتعامل مع هذه المشكلة، والعمل الذي يجب أن يقوم به كل مسؤول حسب قدرته، وقد يكون للحديث عن الأثر السلبي الذي يعود على النشء من جراء هذه الألعاب هو الطريق الأمثل لإقناع الآباء والمعلمين بخطورة الوضع، وأهمية التصدي لهذه الظاهرة.
19/4/1425
07/06/2004
http://www.islamtoday.net :المصدر
ـــــــــــــــــــ(101/153)
يا ابني
الشيخ الأديب علي الطنطاوي
[إلي السيد " م. أ " من " الإسماعيلية " بمصر الذي كتب إلي واستحلفني أن أقرأ كتابه، وأن أرد عليه] لماذا تكتب إلي على تردد واستحياء؟ أتحسب أنك أنت وحدك الذي يحس هذه الوقدة في أعصابه من ضرم الشهوة، وأنك أنت وحدك الذي اختص بها دون الناس أجمعين؟ لا يا بني، هون عليك، فليس الذي تشكو داءك وحدك، ولكنه (داء الشباب)، وقد كتبت فيه قديماً وحديثاً، ولولا أني لا أحب الحديث المعاد، ولا أقتني - مع الأسف - إلا الأقل من مقالاتي القديمة لنقلتها إليك، أو لأحلتك عليها. ولئن أرقك هذا الذي تجد وأنت في السابعة عشرة، فلطالما أرق كثيرين غيرك، صغاراً وكباراً، ولطالما نفى عن عيونهم لذيذ الكرى، ولطالما صرف عن درسه التلميذ، وعن عمله العامل، وعن تجارته التاجر، وما الحب الذي افتنَّ في وصفه الشعراء، وفي تحليله الأدباء، إلا ما تجده أنت سواء بسواء، ولكنك أخذته مجرداً مكشوفاً، فعرفه الناس فلم يخدعوا عنه، وأخذوه فلفوه بمثل الورق (الشكلاطة) ليخدعوا عن حقيقته الناس. وشربت بفيك من الينبوع، وشربوا بالكأس المذهبة الحواشي. والماء في كأس أبي نواس التي أقام في قراراتها كسرى، كالماء في الساقية، والشهوة في رسالتك إلي كالشهوة في غزل الشعراء، وشعر الغزليين، ولوحات المصورين، وألحان المغنين، ولكن الضمير ها هنا بارز ظاهر، والضمير هنالك مستتر خفي، وشر الداء ما خفي واستتر! إنه ما أشرف على مثل سنك أحد إلا توقد في نفسه شيء كان خامداً، فأحس حره في أعصابه، وتبدلت في عينه الدنيا غير الدنيا، والناس غير الناس، فلم يعد يرى المرأة على حقيقتها إنساناً من لحم ودم، له ما للإنسان من المزايا، وفيه ما فيه من العيوب، ولكن أملاً فيه تجتمع الآمال كلها، وأمنية فيها تلتقي الأماني، ويلبسها من خيال غريزته ثوباً يخفي عيوبها ويستر نقائصها، ويبرزها تمثالاً للخير المحض والجمال الكامل، ويعمل منها ما يعمل الوثني من الحجر: ينحته بيده صنماً، ثم يعبده بطوعه رباً! إن الصنم للوثني رب من حجر، والمرأة للعاشق وثن من خيال! كل هذا طبيعي (1) معقول، ولكن الذي لا يكون أبداً طبيعياً ولا معقولاً، أن يحس الفتى بهذا كله في سن خمس عشرة، أو ست عشرة سنة، ثم يضطره أسلوب التعليم إلى البقاء في المدرسة إلى سن العشرين أو خمس وعشرين. فماذا يصنع في هذه السنوات، وهي أشد سني العمر اضطرام شهوة، واضطراب جسد، وهياجاً وغلياناً؟ ماذا يصنع؟ هذه هي المشكلة. أما سنة الله، وطبيعة النفس، فتقول له: تزوج. وأما أوضاع المجتمع وأساليب التعليم فتقول له: اختر إحدى ثلاث كلها شر، ولكن إياك أن تفكر في الرابعة التي هي وحدها الخير، وهي الزواج. إما أن تنطوي على نفسك، على أوهام غريزتك وأحلام شهوتك، تدأب على التفكير فيها، وتغذيها بالروايات الداعرة، (والأفلام) الفاجرة، والصور العاهرة، حتى تملأ وحدها نفسك، وتستأثر بسمعك وبصرك، فلا ترى حيثما نظرت إلا صور الغيد الفواتن، تراهن في كتاب الجغرافيا إن فتحته، وفي طلعة البدر إن لمحته، وفي حمرة الشفق، وفي سواد الليل، وفي أحلام اليقظة، وفي رؤى المنام. أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل ثم لا تنتهي بك الحال إلا إلى الهوس أو الجنون أو انهيار الأعصاب. وإما أن تعمد إلى ما يسمونه اليوم العادة السرية (الاستمناء)، وقد كان يسمى قديماً غير هذا، وقد تكلم في حكمه الفقهاء، وقال فيه الشعراء، وكان له في كتب الآداب باب لا أحب أن أدل عليه أو أرشد إليه، وهو إن كان أقل الثلاثة شراً، وأخفها ضراً (لست أدعو إليه ولكن أقرر حقيقة قررها كثير من كبار الأطباء ووافقوا فيها رأي الفقهاء من الحنفية في الجملة)؛ ولكنه إن جاوز حده وكثر استعماله ركب النفس بالهم، والجسم بالسقم، وجعل صاحبه الشاب محطماً، كئيباً، مستوحشاً، يفر من الناس، ويجبن عن لقائهم، ويخاف الحياة ويهرب من تبعاتها، وهذا حكم على المرء بالموت وهو في رباط الحياة. وإما أن تغرف من حمأة اللذة المحرمة، وتسلك سبل الضلال، وتؤم بيوت الفحش، تبذل صحتك وشبابك ومستقبلك ودينك في لذة عارضة ومتعة عابرة، فإذا أنت قد خسرت الشهادة التي تسعى إليها، و(الوظيفة) التي تحرص عليها، والعلم الذي أملت فيه، ولم يبق لك من قوتك وفتوتك ما تضرب به في لج العمل الحر. ولا تحسب بعد انك تشبع، كلا، إنك كلما واصلت واحدة زادك الوصال نهماً، كشارب الماء الملح (أي المالح) لا يزداد شرباً إلا ازداد عطشاً، ولو أنك عرفت آلافاً منهن ثم رأيت أخرى متمنعة عليك، معرضة عنك، لرغبت فيها وحدها، وأحسست من الألم لفقدها مثل الذي يحسه من لم يعرف امرأة قط، وهاك فاروق (الملك) مثلاً!. وهبك وجدت منهن كل ما طلبت، ووسعك السلطان والمال، فهل يسعك الجسد؟ وهل تقوى الصحة على حمل مطالب الشهوة؟ دون ذلك وتنهار أقوى الأجساد. وكم من رجال كانوا أعاجيب في القوة وكانوا أبطالاً في الربع (أي رفع الأثقال وصاحبه الرباع) والصرع والرمي والسبق، ما هي إلا أن استجابوا
إلى شهواتهم، وانقادوا إلى غرائزهم، حتى أمسوا حطاماً. عن من عجائب حكمة الله انه جعل مع الفضيلة ثوابها: الصحة والنشاط، وجعل مع الرذيلة عقابها (2): الانحطاط والمرض، ولرب رجل ما جاوز الثلاثين يبدو مما جار على نفسه كابن ستين، وابن ستين يبدو من العفاف كشاب في الثلاثين، ومن أمثال الإفرنج التي سمعناها وهي حق وصدق: من حفظ شبابه حُفظ له شيخوخته. ولو ترك الرجل لغريزته، ولم تكن هذه المغريات من الصور والروايات والأفلام، وتكشف النساء وشيوع الفاحشة، لما هاجت به الغريزة إلا مرة أو مرتين في الشهر والشهرين، لأن من القواعد الثابتة في العلم أنه كلما ارتقى الحيوان (والإنسان هنا حيوان) في سلم التطور، قل عنده السِّفاد وطال الحمل، فالديك والدجاجة يتسافدان كل يوم لأن مدة الحمل (بالبيضة) يوم واحد، أما القط (وهو من ذوات الأثداء) فيسافد القطة مرة أو مرتين في السنة لأن حملها مرة في السنة أو مرتين. وأظن أن الإنسان أرقى من القط، فلماذا يكون للقط موسم واحد، هو عندنا شباط (فبراير) وتكون شهور السنة كلها شباط عند بعض الناس؟ لهذه المغريات! فالبلاء كله من هذه المغريات، من دعاة الشر ورسل إبليس، الذين يزينون للمرأة التكشف والتبرج والاختلاط باسم المدنية والتقدمية والنهضة النسائية، وما يُعنون بالمرأة إلا كعناية الجزار بالنعجة: يطعمها ويدفع عنها ويحميها ويسمنها، ولكن للذبح. والذين دأبوا على نشر صور العاريات في مجلاتهم من الممثلات الأجنبيات أولاً، ثم من بنات المدارس بدعوى الرياضة، ونساء السواحل بحجة الاصطياف، وعملوا على ذلك الدهر الطويل، على خطة مرسومة، وسبيل معينة، صابرين محتسبين لوجه إبليس، ولولاهم ولولا مجلاتهم ولولا تلك الروايات من قبل وهاتيك الأفلام من بعد، ولولا الذين تخرجوا بمدرسة الضلال، ثم وَلُوا - مع الأسف - أمر أبنائنا وبناتنا في مدارسنا، ما رأينا ولا توهمنا أننا سنرى يوماً، بنات المسلمين يكشفن عن سيقانهن وأفخاذهن، للعبة بكرة السلة، أو لعرض في حفلة الرياضة، أو لاصطياف على الساحل، ولو بُعث قاسم أمين ومن شايعه على دعوته، من رؤوس الفتنة، ورأوا إلام انتهت إليه المرأة بدعوتهم (التي أرادوا بها غير هذا) لأخذتهم الصعقة!. وأؤكد لك أن (ذلك الأمر) في حقيقته أتفه وأهون مما تظن، وأن الحديث عنه أعظم منه، ووصفه أكبر أثراً في النفس من فعله، ولولا هذا الفن: فن الشعر والقصة والتصوير والغناء، ولولا هذا الذي يجمل المرأة، ويحسن الحب، لما رأيت لتلك (الصلة الجسمية) في نفسك ولا نفس غيرك من الشباب عشر معشار ما تحسه اليوم، إنها عملية كالعمليات الطبية كلها، إنها قذرة حقاً، لذلك وضع الله لها هذا (البنج) الذي يعمي ويصم، فلا يرى المرء القبح فيها، وهذا البنج هو الشهوة، ولو فكر المرء فيها هادئاً. لو فكر فيها بعقل رأسه لا بعقل أعصابه لما رآها إلا كما أقول. وهذه المغريات كلها لا تعمل عملها، ولا تؤتي المرَّ من ثمرها، ما لم يوجد رفيق السوء، الذي يدلك على طريق الفاحشة، ويوصلك إلى بابها، إنها كالسيارة الكاملة العدة، وهذا الرفيق كالزناد (المارش)، وليس تمشي السيارة مهما كانت قوتها إلا بالزناد. * * * وكأني أسمعك تقول: هذا هو الداء، فما الدواء؟ الدواء أن نعود إلى سنة الله، وطبائع الأشياء التي طبعها عليها، إن الله ما حرم شيئاً إلا أحل شيئاً مكانه، حرم المراباة وأحل التجارة، وحرم الزنا وأحل الزواج، فالدواء هو الزواج. الزواج وحده طريق الإصلاح، وأنا أقترح على الجمعيات الإسلامية والنوادي الإصلاحية أن تؤسس قسماً جديداً يرغب الشبان في الزواج، ويدعوهم إليه، ويسهله عليهم، ويدل الخاطب على الفتاة التي تصلح له ويصلح لها، ويقرضه المال إن كان معسراً، ولهذا الاقتراح تفصيلات وذيول، من استجاب له وأراد العمل به، شرحت له تفصيلاته. فإذا لم يتيسر لك الزواج، ولم ترد الفاحشة، فليس إلا التسامي، وأنا لا أريد أن أعقد هذا الفصل الذي أكتبه ليكون مفهوماً واضحاً، بمصطلحات علم النفس، لذلك أعمد إلى مثال أمثله لك: أترى إلى إبريق الشاي الذي يغلي على النار. إنك إن سددته فأحكمت سده، وأوقدت عليه، فجره البخار المحبوس، وإن خرقته سال ماؤه فاحترق الإبريق، وإن وصلت به ذراعاً كبيراً كذراع القاطرة، أدار لك المصنع وسيَّر القطار، وعمل الأعاجيب. فالأولى حالة من يحبس نفسه عن شهوته، يفكر فيها ويعكف عليها، والثانية حال من يتبع سبل الضلال، ويؤم مواطن اللذة المحرمة، والثالثة حالة المتسامي. فالتسامي هو أن تنفس عن نفسك بجهد روحي أو عقلي أو قلبي أو جسدي يستنفد هذه القدرة المدخرة، ويخرج هذه الطاقة المحبوسة، بالالتجاء إلى الله، والاستغراق في العبادة، أو بالانقطاع إلى العمل والانغماس في البحث أو بالتفرغ للفن والتعبير عن هذه الصور التي تصورها لك غريزتك بالألفاظ شعراً، أو بالألوان لوحة، أو بالألحان نغماً، أو بالجهد الجسدي والإقبال على الرياضة، والعناية
بالتربية البدنية أو بالبطولة الرياضية. والإنسان يا ابني محب لنفسه لا يقدم أحداً عليها، فإذا وقف أمام المرآة، ورأى استدارة كتفيه ومتانة صدره، وقوة يديه، كان هذا الجسم الرياضي المتناسق القوي أحب إليه من كل جسد أنثى، ولم يرض أن يضحي به، ويذهب قوته، ويعصر عضلاته ويعود به جلداً على عظم، من أجل سواد عيني فتاة، ولا من أجل زرقتهما. هذا هو الدواء: الزواج، وهو العلاج الكامل، فإن لم يمكن فالتسامي، وهو مسكن مؤقت، ولكنه مسكن قوي، ينفع ولا يؤذي. أما ما يقوله المغفلون، أو المفسدون، من أن دواء هذا الفساد الاجتماعي هو تعويد الجنسين على الاختلاط حتى تنكسر بالاعتياد حدة الشهوة، وفتح (المحلات العمومية) حتى يُقضى بها على البغاء السري، فكلام فارغ، وقد جربت الاختلاط أمم الكفر فما زادها إلا شهوة وفساداً (وهذي الأمم الاسكندنافية أطلقت لغرائز أبنائها العنان، فصنعوا ما شاء لهم هوى نفوسهم، فهل سعدوا؟ أليست بلادهم أكثر البلاد انتحاراً، وانهيار أعصاب، واستهلاكاً للمخدرات والمهدئات وكل ما يعين على الهرب من معركة الحياة؟)، أما المحلات العمومية فإننا إذا أقررناها وجب أن نوسعها حتى تكفي الشبان جميعاً، وإذن فينبغي أن يكون في القاهرة أكثر من عشرة آلاف بغي، لأن في القاهرة (من أصل المليونين ونصف المليون من سكانها) (3) مئتي ألف شاب على الأقل. وإذا نحن جوزنا للشباب ارتيادها فاستغنوا بذلك عن الزواج، فماذا نصنع بالبنات؟ هل نفتح لهن محلات عمومية فيها (بغايا) من الذكور؟!. * * * كلام فارغ يا ابني والله، وما تقوله عقولهم ولكن غرائزهم، وما يريدون إصلاح الأخلاق ولا تقدم المرأة، ولا نشر المدنية، ولا الروح الرياضية، ولا الحياة الجامعية، إنما هي ألفاظ يتلمظون بها، ويبتدعون كل يوم جديداً منها يهولون به على الناس، ويروجون به لدعوتهم، وما يريدون إلا أن تخرج لهم بناتنا وأخواتنا، ليستمتعوا برؤية الظاهر والمخفي من أجسادهن، وينالوا الحلال والحرام من المتعة بهن، ويصاحبوهن منفردات في الأسفار، ويراقصوهن متجملات في الحفلات، وينخدع مع ذلك بعض الآباء، فيضحون بأعراض بناتهم ليقال أنهم من المتمدنين. وبعد يا ابني: فلا تتردد في الكتابة إلي إن لم يرضك هذا الجواب، ولا تستحي مما تجد من حر هذه الشهوة التي ركبها الله في النفس، إنها علامة القوة والأيْدِ والشباب، وعليك بالزواج، ولو أنك طالب لا تزال. فإن لم تستطعه فاعتصم بخوف الله، والانغماس في العبادة والدرس، والاشتغال بالفن، وعليك بالرياضة فإنها نعم العلاج. والحديث طويل، وهذا ما اتسع له مجال المقال، ومن استزادني زدته رسالة إن شاء، أو مقالة إن شاء الناشرون. نشرت هذه المقالة عام 1955م (1) طبيعي هي الدائرة على أقلام البلفاء من القدم، وإن كان القياس طبعي. (2)يبعث الله النُذر لمن أراد أن يعتبر، ومن ذلك المرض الخبيث الذي جدَّ الآن، وأعيا الأطباء علاجه، وعز عليهم دواؤه، والذي لا يأتي إلا من الفسوق وارتكاب الفواحش، وهو (الإيدز)، ولو هداهم الله إلى معرفة دوائه لأرسل لهم نذيراً غيره، ثم تأتي الطامة الكبرى التي لا يملك لها أحد دفعاً، ولا منعاً، يوم القيامة ويوم تبرز الجحيم فتلتقم كل كفار أثيم والعياذ بالله.(3)صار مكانها اليوم أكثر من عشرة ملايين.
http://www.bab.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/154)
عندما يُستباح حمى الأسرة
يوسف العمري 24/5/1425
12/07/2004
إنّ مشكلة انحراف الأحداث ظاهرة اجتماعيّة قديمة، أصابت كل المجتمعات في الماضي والحاضر. ويتجسّد خطر هذه الظاهرة في انحلال الأسرة، وفساد الأبوين على وجه التحديد؛ إذ إنّ الأسرة هي الجوّ الطبيعيّ الملائم للنمو العاطفيّ والوجدانيّ للطفل، حينما تختلّ فيها معايير القيم الأخلاقيّة، وتنشأ الخلافات الهدّامة التي تؤدّي إلى تحطيم الدعائم الأساسيّة للأسرة، وقد ثبت لدى (البروفسور) "تشارلز" أنّ من بين الأسر المتصدّعة تلك التي تكون فيها العلاقات غير مرضية بين الزوجين، وبسبب المحاباة أو عدم الرعاية والاهتمام أو الصّرامة والإهمال أو الغيرة أو بسبب وجود زوجة أب أو زوج أم أو قريب فضولي، ومن بينها أيضاً الأسر غير المتكيّفة اجتماعياً أو أخلاقياً، وبسبب اختلاف الدين أو التقاليد أو المستويات؛ فالأسرة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن جنوح الأحداث وانحرافهم، ولها الفضل في استقامتهم وسلوكهم السويّ.
وإذا ما رجعنا إلى نظرة الإسلام لهذه الظاهرة، وجدْنا بأنّ الإسلام قد ألقى بهذه المسؤوليّة على عاتق الأبوين، ويقول القرآن الكريم في صريح آياته : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءَنا) [ البقرة :170].
ونجد بأنّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول : " كلّ مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه"، ونجد سيدنا نوحًا- عليه السلام- عندما دعا على قومه، حكم عليهم بالفساد الأسريّ (وقال نوحٌ ربّ لا تذرْ على الأرض من الكافرين ديّارا إنّك إنْ تذرهم يُضِلّوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفّارا) [ نوح: 26،27].
فالأسرة تنتابها مجموعة من العوامل والمؤثرات تؤدي إلى اضطراب في كيان الأسرة، ويكون لها التأثير على سلوك الأطفال فيها، فقد تتعرض الأسرة إلى اضطراب ماديّ، أو إلى مرض ربّ الأسرة، أو موته، أو فساد المعاشرة السويّة بين الزوجين، أو تكون الأسرة مستباحة الحِمى لكل فضوليّ يتدخل في شؤونها، كل هذه العوامل تؤثّر على نفسيّة الحدث، وقد تؤدّي به إلى الانحراف، ولكن عدم الانضباطيّة في الأسرة من أخطر العوامل التي تؤثر على سلوك الأحداث، وتدفعهم إلى الانحراف.
عندما تتحلل الأسرة من كل معاني القيم الأخلاقيّة، ويشيع في جوها نوع من الأنماط السلوكيّة الخاطئة، تتأثر نفسيّة الطفل وفطرته النقيّة بما يراه مخالفاً للاستقامة الفطريّة فيه، ويأخذ سلوكه بالاهتزاز، وشخصيّته بالتبدّد، ويجدر بنا في هذا المقام أنْ نرجع إلى جوّ الأسرة النظيف كما صوّره القرآن الكريم.
والأسرة في القرآن تقوم على دِعامتين أساسيتين هما: الأب والأم، والعلاقة بينهما هي المودة والرحمة، ( ومن آياته أنْ خلق من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون) [الروم:21]فإذا ما تحققت الرحمة والمودة بين الأبوين، ساد جو الأسرة الطمأنينة والهدوء والراحة، وانعكست بالاستقرار على كل فرد فيها، وشعر الأطفال بجوٍّ مريح وهادئ وحنان يشدّهم إلى حبّ جو البيت والتعلّق به.
ثم يحدّد القرآن الكريم علاقة الأسرة فيما بينها داخل البيت، بحيث يكون فيها الأدب الجمّ والاستئذان المؤدّب المهذّب، فإذا كان فيها خدم أو أطفال بلغوا الحُلُم، فإنّ لهم من الحدود الأخلاقيّة داخل الأسرة ما لا يجوز لأحدٍ أنْ يتخطاها، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لِيستأذنْكُمُ الذين ملكت أيمانُكم والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ثلاثَ مرّاتٍ من قبلِ صلاةِ الفجرِ وحينَ تضعون ثيابَكم من الظهيرةِ ومن بعدِ صلاةِ العشاءِ ثلاثُ عَوْراتٍ لكم ليس عليكم ولا عليهم جُناحٌ بعدهُنّ طوَّافون عليكم بعضُكم على بعض كذلك يُبيّنُ الله لكُمُ الآياتِ والُله عليمٌ حكيمٌ) [النور:58].
هذه الآداب تعلّم الأطفال التحرّز من الفوضى، ثم هي بالتالي تحفظ عليهم من أنْ تقع أبصارهم على ممارسة العلاقة الزوجيّة بين الأبوين، وكذلك حتى لا تقع أبصارهم على عورات مكشوفة داخل البيت، ثم يقول الله غزّ وجلّ : ( وإذا بلغ الأطفالُ منكُمُ الحُلُمَ فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياتِهِ والله ُعليمٌ حكيمٌ) [النور:59].
في هذا الجو من الأدب والالتزام، حدّد القرآن الكريم العلاقة الداخليّة في الأسرة، وفي مجال العلاقات الإنسانيّة وصّى الله الأبناء بالآباء، ووصى الآباء بالأبناء ثم أمر أنْ يسود جو الأسرة حِزام من الطهارة والعِفّة؛ إذ لا يمكن أنْ تستقيم الأسرة و المجتمع في وَحْل الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والفواحش كلّ ما أفحش أيْ تجاوز الحدّ؛ فالتبرّج، والتهتّك، والاختلاط المثير، والكلمات والإشارات والضّحكات الفاجرة كلّ ذلك يلفت الانتباه، ويثير كوامن دفينة في نفسيّة الطّفل.
وفي مجال النّوم حدّد الإسلام للأنثى مكانها، وللذكر مكانه من الإخوة، وخاصة عندما تبدأ لدى الحدث علامات النّضج الجنسيّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في مجمل وصاياه :(مروهم بالصّلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر،وفرقوا بينهم في المضاجع).
وعلى الزوجين أن تكون العلاقة الزوجية بينهما على درجة من السموّ؛ فلا يمارسان أمام الأطفال أي صورة من صور الجنس، ولا كل ما يدعو إليه؛ فيورث هذا السلوك لدى الطفل نوعاً من الحقد على لأبوين، ويقودهما -أحياناً- إلى الشذوذ والكراهية. وعلى ذلك يمكن أن ينطوي تحت موضوع عدم الانضباطيّة في الأسرة المسائل الرئيسة التالية:
1-عدم احترام وتقدير العادات والتقاليد وأنماط السلوك المتعارف عليها في حدود المستوى الطبقي والمكانة الاجتماعية في إطار الأسرة.
2-خفوت القيم الروحية أو انعدامها كلية وبصورة مستمرة يؤدي إلى وأد الشعور الديني لدى الأحداث؛ فلا يعرفون الحلال والحرام ومن هنا قال الله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها...)[طه:132].
3-انهيار معاني العفّة في الأسرة وتغليب جانب الغرائز يؤدي إلى ضعف مقومات الأخلاق لدى الأحداث، وخاصّة إذا حصلت الخيانة الزوجية من أحد الزوجين.
4-الهروب من الواقع الاجتماعيّ والأخلاقيّ بممارسة نماذج معينة من الحياة تخالف القيم الأخلاقيّة السائدة والتصرفات الخارجة عن السلوك السويّ، مما يدفع بالتالي الحدث إلى ممارسة هذه التصرفات خارج نطاق الأسرة.
5-الأسرة التي تقوم العلاقة فيها بين الزوجين على عدم التفاهم والاحترام؛ فتنحل المرأة والرجل أو أحدهما ويقع الأطفال ضحيّة لذلك.
وكثير من الأسرة يسودها جوّ عدم الانضباط؛ فلا تعرف الحلال والحرام، ولا تقيم وزناً للأخلاق والعادات السليمة في المجتمع تدفع الأحداث إلى الانحراف والجنوح، وخاصة إذا كانت الأسرة لا تقيم وزناً لمعاني العفّة ولا تقدّر المسؤوليّة تجاه الأطفال.
والأسرة التي تعيش جوًّا من عدم الانضباط، فيمارس الأب سلوكه الشاذّ أمام الأطفال، أو تمارس الأم نفس السلوك حسب ما يتراءى لهم دون ضابط من دين أو خلق، يولدّ ذلك عند الأطفال نوعًا من اللامبالاة وعدم الغيرة، وخاصة إذا كانت الأسرة لا تتقيد بالمعاني السّامية التي ينتمي إليها المجتمع.
فعندما يرى الأحداث أنّ الأب طلق أمّهم بغير وجه معقول، أو فقدوا نصيرهم في الحياة، فعاشوا في ظلّ أم تزوجت من رجل آخر، وأَسلمتهم للغرباء ،أو زوجة الأب الجديدة التي لا تشعر نحوهم بشيء من العناية والعطف، فعند ذلك يكره الحدث جو الأسرة، ويدفعه التعقيد إلى الخروج من كل قيم أخلاقية تسود المجتمع ؛ويتجه بالتالي نحو الإجرام، أو السرقة، أو ممارسة الأعمال المخلة بالشرف والأدب.
والأسرة التي تكون مستباحة الحِمى (ليس فيها سيطرة للأب ولا قِوامة له على زوجته،وتكون قيادة الأسرة لكل فرد فيها)، فعند ذلك تحدث الطّامة، وينفلت الجميع من قيود الانضباط والشعور بالمسؤوليّة، ويتصرف الحدث حسب ما تمليه عليه غريزته الفِجّة، وعقله القاصر، فيمارس كل ما يخالف الخلق السويّ.
وهنا نقطة هامة في عدم انضباطيّة الأسرة من الواجب التنبه إليها، وهي أن التدّليل الزائد والإسراف اللامعقول، والإغداق على الأطفال دون رقابة أو تقنين، يورث عند الأطفال نوعاً من الطّيش يقودهم إلى حافّة الانحراف، وإنّنا نشاهد كثيرا من مشاكل الأطفال الجانحين تعود إلى الغنى المبطر، والإغداق الخالي من كل معاني الاعتدال وتقدير المسؤولية.
والأسرة الصالحة في نظري هي الأسرة التي تقوم على المقومات الأساسيّة التالية:
1- القيادة المسؤولة، ممثلة بالأب والأم، وتتسم العلاقة بينهما بالعطف، والحنان ،والرغبة الصادقة في تنشئة الأطفال، ورعايتهم، ويعرف كل واحد منهما دوره وواجباته تجاه الأسرة.
2- أنْ تسود الأسرة ضوابط الأخلاق، ويكون فيها التجانس بين الزوجين من ناحية السن أو الطّاقة أو الحبّ أو المشاركة أو الدّين، ولذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " كفى بالمرء إثماً أنْ يضيّع مَنْ يعول) رواه أصحاب السنن.
3- أن يسود الأسرة جوٌ أخلاقي متين، يلتزم به الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، فلا يكون أحدهما أنانياً، ويحترم حقوق الغير ويكون هادئاً في قوله وطلبه ونهيه. فالأسرة التي تثور وتغضب لكل أمر، إنما تخلق في الطفل قلقاً نفسيًّا وصراعاً حاداً يصيب حياته؛ فالأم التي لا تنسجم مع الأب، والأب الذي يأمر ولا يطاع، والأم التي تدلّل طفلها ويقسو عليها الأب، كل هذه الأمور تجعل من الطفل إنساناً يعيش في متناقضات تُكوّن فيه اتجاهاتٍ وقيماً متأرجحة لا قوّة لها على نفسه.
4- رفض كل ما هو غريب في حدود الأخلاق السّامية، وأنْ يمارس الأبوان شعار العبادة بصدق أمام أبنائهم، ويأمرون بها، وأنْ تكون العِفّة والحياة شعاراً للأسرة من غير هيمنة أو قسوة في التزام ذلك.
والأسرة التي لا تقوم مؤسستها على أساسٍ من هذه القيم، تكون أسرةً منحلةَ البنيان، متداعية الأركان، يهرب منها الأطفال ليتلقفهم الضياع والانحراف.
إنّ عدم الانضباطيّة في الأسرة، تشكل عاملاً خطيراً في سلوك الأطفال، وتَهَتُّك الأم أو شذوذ الأب، وعدم معرفة كل منهما لدوره في الأسرة والواجبات الملقاة على عاتق كل منهما، تجعل الأسرة غرضًا مُباحًا لكل طارئ، وملجأ لكل دخيل!!
الأسرة غير المنضبطة هي التي لا تسأل عن صداقات أطفالها، ولا علاقات أبنائها، ولا متطلباتهم ولا ترعى شؤونهم، وهي التي تمارس كل عيْب وتتحلّل من كل روابط الرحمة والحبّ والمودّة، وهي التي تترك الحبْل على الغارب لأبنائها؛ فهذا يأكل على مزاجه، وذلك ينام عل مزاجه، وتلك تعود في الساعة التي تحلو لها، والأب يهمل دوره في القِوامة، والأمّ تنسى دورها كأم. حياة صاخبة، ومشاكل متلاحقة، تجعل الحدث يُولَّي هارباً نحو الخط الملتوي؛ وتحدث العقد والانحرافات.
حبذا لو أنّ أسرنا الإسلامية تعمل بقول الله - تبارك وتعالى- (الرجال قوّامون على النساء...)[النساء:34] وبقول الله - تعالى- : (...فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله...) [النساء:34]، لكانت الأسرة مثالية، والأطفال نموذجاً حياً لتلك الأسرة المتراحمة. والويل للأطفال في ظل عدم انضباطيّة الأسرة،والسّعادة لهم في ظل الأسرة المتراحمة المترابطة، التي يسودها الخلق، ويحكمها الاحترام والعطف
ـــــــــــــــــــ(101/155)
المسؤوليّة الغائبة
فاتن عمارة 11/5/1425
29/06/2004
- الأولاد هِبة من الله -سبحانه وتعالى- فلا يملك أنْ يهبهم إلا المالك القادر (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49 ـ50]
وبما أنّ الأولاد هبة من الله -عزّ وجل- فهي نعمة تستوجب شكره عليها، وشكره عليها بحمده سبحانه باللسان والحال بأن نقول: الحمد لله الذي وهبني الولد، ونرعى هذه النّعمة ونوجّهها إلى طاعة المنعم جل وعلا.
- قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) [التحريم:6]
فكيف يقي المؤمن أهله النّار إذا لم يأمرهم بما أمر به الله وينهاهم عما نهى عنه ويراقبهم ويوجّههم؟
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيّته ، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيّته ، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيّته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّتها " رواه البخاري ومسلم
إذن فعلى الوالدين مسؤولية تربية أبنائهم على الإسلام، وتعليم الطّفل أمور دينه وتدريبه على العبادات فهو واجب شرعي عليهم ، وضرورة اجتماعية ، وتربيته على الأخلاق الكريمة ، وتنشئته على حبّ الله -عز وجل- وحبّ النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، و أن يكونا قدوة حسنة لهم؛ فالطّفل مرآة و صورة حقيقيّة عن أبويه بعد عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة فلينظر كل منا:
على أيّ صورة يحبّ أن يرى ولده ؟
- كل أم تظنّ أنّها تربّي أولادها حين يأكلون ويلبسون و ينامون 000 الخ وكذلك الأب يظنّ حين يعمل ويكافح ليوفر لأبنائه احتياجاتهم ـ أنّه أدّى ما عليه من واجب تجاه أبنائه، وأمام كفاح الأب في تحصيل لقمة العيش وعدم إدراك الأم لدورها الأساسي أصبح الأولاد فريسة كلّ مَن يربّي من تلفاز أو مدرسة أو شارع أو صديق سوء000 الخ
ليس اليتيم مَن انتهى أبواه ... ...
من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
إنّ اليتيم هو الذي تلقى له ... ...
أماً تخلّت أو أباً مشغولاً
وبعد عِدّة أعوام يبكي الأب من عقوق الأبناء، وتصرخ الأمّ من انشغال أبنائها عنها، ويجني الجميع ما بذرته اليد.
- إن المسؤولية التي أعنيها هنا: هل ربّيْتِ أيّتها الأمّ المؤمنة، وأيّها الأب الفاضل ابنك على الإسلام؟
هل سألْتَ عن أداء أبنائك الصّلوات الخمس كما تسألهم عن أداء واجباتهم المدرسية؟ هل تعهّدت الأم أخلاق أبنائها كما تتعهدهم في المأكل والمشرب والدواء 000 الخ؟
- إن الإسلام هو المنهج الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لعباده ليسعدوا به في الدنيا قبل الآخرة.
" ورضيت لكم الإسلام دينا"
لذا وجب على كل أم وأب بل وكل مربٍ أنْ يتخذ هذا المنهج وسيلة لتربية أبنائه، فالولد الذي تربّى على مأدبة القرآن، وحرص أبوه على الصفّ الأوّل في المسجد لن يكون مصدر عناء لوالديه، والولد الذي تربى على الأغاني والمسلسلات والسيجارة تلازم يد أبيه سيكون مصدر الألم والنّدم في الدنيا قبل الآخرة!
لقد سمعنا بل ورأينا العديد من النماذج؛ فهذه تسخر من أمها أمام أصدقائها، وهذا يسبّ أباه، وأخرى تتعرف على شاب، وآخر يقتل أمه 000 الخ فالجزاء من جنس العمل؛ فالابن يأتي إلى الدنيا وعاءً فارغاً تماماً نظيفًا، ونقوم نحن بملأ هذا الفراغ، فهو يتلقّى كل ما نلقيه فيه سواء كان جيدا أو قبيحا، بل أحياناً يعمل البعض جاهداً على تلويث أخلاقه؛ فالابن يدخّن ويضيّع الصّلوات؛ لأنّه تربى على ذلك، والبنت تكذب وتتبرّج؛ لأنّها تربّت أيضاً على ذلك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة وأبواه إما يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه000 "
وهذا ما يؤكّده قول الإمام ابن القيّم:
(إنّ الله يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أنْ يسأل الولد عن والده، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدًى فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وتركهم دون تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً؛ فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءَهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فردّ عليه: يا أبت عققتني صغيراً فعققتك كبيراً ، وأضعتني وليدًا
فأضعتك شيخًا ).
ويستطيع الأبوان تربية أبنائهم على الإسلام عملياً من خلال عناصر هذا التقييم:
م
... أسس التقييم ... دائما ... غالباً ... أحياناً ... أبداً
1 ... أدعو الله دائماً بأن يوفقني في تربية أبنائي وأن يكونوا ذرية صالحة تنفع الإسلام والمسلمين. ... ... ... ...
2 ... أتابع أبنائي دائماً في أداء الصلوات وأحرص على تشجيعهم. ... ... ... ...
3 ... أستشعر ثواب الله حين أقوم مع أبنائي بأداء طاعة ( صلاة- صيام- صدقة) ... ... ... ...
4 ... أعمل دائماً على ربط أبنائي بالقرآن الكريم حفظاً وفهماً وسلوكاً . ... ... ... ...
5 ... أربي أبنائي على معايشة أسماء الله وصفاته ( الله سميع - الله بصير - الله رقيب00000 الخ ... ... ... ...
6 ... أغرس في أبنائي محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قدوتهم من خلال مدارسة سيرته العطرة واتباع سنته. ... ... ... ...
7 ... أجلس مع أبنائي وأحكي لهم قصص الصّحابة والصالحين وأخرج لهم الدروس العملية التي يطبقونها . ... ... ... ...
8 ... أربي بناتي على الالتزام بالزي الشرعي، والأولاد على ترك الموضات المستغربة في ملبسهم وقصّات شعرهم 000 الخ ... ... ... ...
9 ... أحرص على تسمية أبنائي الأسماء الإسلامية الجميلة. ... ... ... ...
10 ... أنتقي لأولادي ما يشاهدونه في التلفاز أو ما يتلقونه من وسائل الإعلام وأبين لهم الصواب من الخطأ. ... ... ... ...
11 ... أحرص دائماً أن أكون قدوة لأولادي في عباداتي وأخلاقي وسلوكي ومظهري. ... ... ... ...
12 ... أتعامل مع أطفالي بلين في غير ضعف، وشدّة في غير عنف . ... ... ... ...
13 ... أحرص على خروج أسرتي رحلة عائلية جميلة كل فترة محددة. ... ... ... ...
14 ... أرشد أبنائي دائما إلى مصاحبة الصالحين الأخيار والبعد عن رفقاء السوء . ... ... ... ...
15 ... أتابع الجانب الأخلاقي والسلوكي لأولادي وأوجههم دائماً ( صدق- أمانة- احترام الكبير- محبة الخير للغير- مساعدة المحتاج). ... ... ... ...
16 ... أتذكر نعمة الله عليّ في رزقه لي ذرية وأتذكّر أنّ هناك من حرموا هذه النعمة. ... ... ... ...
17 ... أحرص على برّ والديّ و صلة الأرحام ،وأعود أبنائي على ذلك. ... ... ... ...
18 ... أعلم أولادي آداب الإسلام في كل مناسبة وحال وأذكّرهم بها. ... ... ... ...
19 ... أنتهز الفرصة لكل موقف يحدث لإرساء قيمة دينيّة في نفس ابني. ... ... ... ...
أعطِ لنفسك درجة
دائما ... غالباً ... أحياناً ... أبداً
3 ... 2 ... 1 ... 0
من 10 إلى 20 اتق الله ستقف بين يدي الله، وسيسألك عما ضيّعت، راجع نفسك قبل فوات الآوان.
من 20 إلى 40 اهتم أكثر فأنت على الطّريق.
من 40إلى 60
هنيئاً لمثل هذا الوالد بهذا الابن الذي ربّاه على الدّين والبرّ السّعادة به في الدنيا قبل الآخرة.
وأخيراً عزيزي الأب عزيزتي الأم، إنّ أعداء الإسلام يعملون جاهدين ليل نهار من أجل إفساد هذا الكيان الطاهر، وهذه النبتة الصالحة. يقولون في بروتوكولاتهم " لن نستطيع السّيطرة على العالم حتى نفسد الناشئة" ؛ :لأنّهم أيقنوا أنّ إفساد طفل يعني: شابا فاسدا، يعني: رجلا تافها يعني ضياع الأمة كلها، وأنتم بيدكم إعادة مجدنا الضائع، وشرفنا المسلوب من خلال هذه الأمانة التي بين أيديكم. لماذا لا يكون ابنك مثل عمر بن الخطاب أو خالد بن الوليد أو صلاح الدين الأيوبي؟ فالنّبتة النّظيفة الموحّدة وهبها الله لك ، والمنهج الصّحيح ( قرآن وسنة) بين يديك ، والحقّ معك ، فلنتقِ الله، ولنعمل جميعاً لهذا الأمل، ولنحيَ بالإسلام قولاً وعملاً، والله مؤيّدنا ومعنا
ـــــــــــــــــــ(101/156)
أهلا بالإجازة 00ولكن00
فاتن عمارة 26/4/1425
14/06/2004
بعد تسعة أشهر من الاستيقاظ المبكر وعمل الواجبات اليومية انتهت الامتحانات وجاءت الإجازة الصيفية التي كانت حلما للكبار والصغار على حد سواء لينطلق الجميع، وتخف الضغوط النفسية التي عانيناها جميعاً من مذاكرة وامتحانات والحمد لله رب العالمين.
لكن 000 لحظة 00! الإجازة ثلاثة شهور يعني تسعون يوماً 00!
فهل يعقل عزيزتي الأم أن تهملي ثلاثة أشهر من عمر ابنك الغالي؟ قد تقولين : لقد أديت ما عليّ خلال فترة الدراسة والإجازة للانطلاق 00 لا لحبس حرية الأولاد وتقييدهم .
نعم جزاك الله خيراً لقد أديت ما عليك وبالفعل الإجازة للانطلاق والحرية فلا شك أن الأولاد في حاجة ماسة لذلك 00 فهم سينطلقون ويمرحون ويلعبون لكن سيكون هذا المرح والانطلاق هادف يعود عليهم بالنفع فأنت بذكائك تستطيعين مساعدة أبنائك على الاستفادة القصوى من وقت فراغهم،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " رواه الحاكم
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو حرصاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" رواه الترمذي
فلنتأمل أخيتي في الله هذين الحديثين الشريفين نجدهما يحملان إلينا نحن أمة الإسلام دعوة للمسارعة في الخيرات والاستفادة القصوى من جميع الأحداث التي تمر بنا: ( اغتنموا، بادروا) قبل فوات الأوان.
وانطلاقاً من هذه الدعوة النبوية المباركة إليك بعض النصائح التي تستطيعين بها مساعدة أبنائك في الاستفادة من وقت الإجازة:
أولاً :
الاستعانة بالله عز وجل للتوفيق في هذا الأمر من خلال الدعاء الدائم واستحضار النية الصالحة حتى يعينك سبحانه وتعالى على أداء هذا الواجب الذي ستسألين عنه بين يديه
قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)(التحريم:6)
وقال صلى الله عليه وسلم: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالله عز وجل سيسألك لا محالة هل اغتنموا فراغهم أم ضيعوا عمرهم ؟ هل صلحوا وأصلحوا أم فسدوا وأفسدوا ؟ فأعدي للسؤال جوابا00 !
فعليك حبيبتي بالدعاء وحسن اللجوء إلى الله عز وجل أن يعينك على تحمل هذه المسئولية وأن يصلح لك أبنائك ومن الأمور العملية التي تعينك على تذكر هذه المسئولية وضع لافتة تحمل أي كلمة معبرة تشحذ همتك كآية أو حديث شريف تضعينها في مكان تقع عليه عينك دائماً حتى تضعي هذا الأمر في حسبانك وأنت تربين أبنائك0
ثانياً: أن يكون لهم في كتاب الله النصيب الأكبر والحظ الأوفر من خلال إرسالهم إلى أحد المساجد أو دور التحفيظ المباركة بشكل محبب مع متابعتهم الدائمة في المنزل مستشعرة ثواب من يحفظ ولده القرآن قال صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا ) رواه أبو داوود.
ثالثاً: حث الأولاد على الصلوات الخمس في المسجد وكذلك البنات على الصلاة معك في أول الوقت وتشجيعهم الدائم على ذلك حتى يعتادوا الأمر في الإجازة وفي الدراسة طوال حياتهم
رابعاً: تعليم الأولاد آداب الإسلام في الطعام والشراب والنوم والاستئذان0000 الخ وتذكيرهم بها من حين لآخر0
خامساً : عمل لقاء ولو أسبوعي يتم فيه مدارسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لغرس محبته والإقتداء به في نفوسهم وأخذ صفة من صفاته تكون واجب عملي يتخلق به الجميع طوال الأسبوع كالصدق- الأمانة- العدل - الرحمة 000 الخ وكذلك سير الصحابة رضوان الله عليهم وقصص الصالحين0
سادساً: محاولة إشراك الأولاد في أحد الأندية التي يتعلمون فيها الألعاب والرياضات المفيدة كالسباحة وألعاب الدفاع عن النفس التي تقوي الجسم وتعود الولد الشجاعة مع مراعاة اختيار النوادي الخالية من الاختلاط بين الجنسين ليشب الولد وقد اعتاد الجو النظيف الذي يستمتع فيه بعيداً عما يغضب الله عز وجل ومن الممكن شغل فراغ البنت بإشراكها في أعمال البيت معك وتعليمها فنون التطريز أو فنون الطبخ وترتيب المنزل 000 الخ
سابعاً: تنمية حب القراءة عند أبناءك فمرحلة الطفولة من أفضل المراحل العمرية وأخصبها لتنمية الميل نحو القراءة لدى الإنسان، فتكوين العلاقة الحميمة بين الطفل والكتاب هي خير طريقة لتنمية حب القراءة والإقبال عليها فإن كتاباً ما قد يكون سبباً في تفجير ينابيع الخير داخل طفلك تفيض عليه إيماناً ويقيناً وعلى من حوله علماً وهداية لذلك لا بد من توفير مكتبة خاصة به تحتوي على كتب وقصص مفيدة حتى تزيد حصيلته اللغوية وقدرته على التعبير وكذلك معلوماته العامة وتدعمين ذلك بالمسابقات ( أسئلة وأجوبة يحفظها الطفل) أو عمل أسئلة على ما قرأه ويدعم بالجوائز المناسبة حين يجيب ولا تنسي مساعدته على استخلاص العبروالعظات والواجب العملي الذي سنقوم به جميعاً من كل ما يقرأه0
ثامناً : إن الإسلام دين الواقعية اعترف بكل ماتتطلبه الفطرة البشرية من سرور وفرح ولعب ومرح 00 بشرط أن تكون في حدود ما شرعه الله عز وجل فإن كان هذا المطلب إنساني بصفة عامة فهو مطلب للطفل بصفة خاصة لذلك لا بد من الترفيه عن الطفل باللعب سواء داخل البيت أو خارجه من خلال الخروج للتنزه بالذهاب إلى الحدائق أو المتاحف التي يقضي الأولاد فيها وقتاً سعيداً مع الوالدين يجددون نشاطهم ويقبلون بعدها على الحفظ والقراءة بشكل أفضل 0
تاسعاً: بالتلفزيون العديد من القنوات الجيدة كقناة المجد ففيها العديد من البرامج التربوية والترفيهية الهادفة مع مراعاة عدم تركهم فترات طويلة أمام التلفزيون وذلك بان تقوم الأم بتحديد البرامج التي يتابعها الطفل وعدد ساعات الجلوس أمام التلفزيون0
عاشراً: قال صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " رواه البخاري ومسلم
والعطلة الصيفية فرصة ذهبية لتعليم الابن صلة الأرحام من خلال زيارة الأقارب والاتصال بهم بنفسه والسؤال عنهم وكذلك استضافتهم وإكرامهم0
وأخيراً لا تنسي عزيزتي الأم عمل جدول يومي لكل ما تنوين إنجازه مع أبنائك خلال اليوم القادم كعدد آيات الحفظ والمراجعة، عدد ساعات مشاهدة التلفزيون، أوقات اللعب، والقراءة0000 الخ مع ضبط أوقات النوم والاستيقاظ مستعينة في ذلك كله بالله عز وجل
ـــــــــــــــــــ(101/157)
أبناؤنا في الإجازة
د. يحيى إبراهيم اليحي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نظرا للأخطار المحدقة بأبناء المسلمين من كل جهة وهذا الغزو المدروس الموجه إليهم عبر طوفان من الشهوات والشبهات بات الغيورون يحسبون لأولادهم ألف حساب ويبحثون عن الوسائل والسبل لتكون سفنا صالحة ينجون بها مع أبنائهم، والإجازة تضاعف المشكلة أكثر عند الكثيرين ويبحثون عن حلول عملية لقضاء أوقات أبنائهم بما يصلحهم، ولعل توصيف المشكلة يوضح حجمها ويظهر إطارها.
أولاً: توصيف المشكلة:
يعتبر كثير من الأسر الإجازة الصيفية نازلة تقع بهم فيحتارون في ملء فراغ أوقات أبنائهم، حيث تكون لديهم أزمة كبيرة تحول ليلهم إلى نهار، والعكس. ويصبح الأبناء منهباً لانحرافات الشوارع والضياع في أجواء المناسبات أو الفضائيات، وخرجت شكاوي هنا وهناك تصرخ وتنادي (ولدي أتعبني، لا يفهمني، لا يطيعني، لا يقيم وزنا للعلم والدراسة، يتعلق بتوافه الأمور، عنيف على إخوانه) أصوات تطلب حلا للمشكلة.
ثانياً: التعريف بالبرنامج:
تلبية لهذه الإلحاحات ولكون مستودع المدينة المنورة الخيري يقوم على قرابة عشرين ألف أسرة كلها ليست بمنأى عن هذه المشكلة فقد أقام لقاءً تربوياًّ بعنوان: «أبناؤنا في الإجازة» شارك فيه عدد من المختصين والمهتمين وأصحاب الخبرة من داخل المدينة وخارجها في يوم الخميس الموافق 8/4/1425هـ من الساعة السادسة صباحاً حتى 12، 30 ظهراً. وطرح في اللقاء مجموعة من أوراق العمل المهتمة بالموضوع. تخللها العديد من المداخلات، واختتمت بست ورش عمل للخروج ببرامج عملية تعين الأسرة على التغلب على هذه المشكلة.
ثالثاً: أهداف اللقاء:
الوصول إلى برنامج وأفكار تخدم وتحقق الأهداف التالية:
- حفظ أوقات الأبناء.
- الوقاية من الانحرافات السلوكية.
- اكتساب مهارات.
- تقوية العلاقات داخل الأسرة.
رابعاً: ملخص لأوراق العمل:
لما كان حق الولد يسبق حق الوالد وجب على الآباء مساعدة أولادهم في رسم برنامج مناسب لمساعدتهم على قضاء الإجازة بطريقة آمنة هادفة. فقد طرحت أوراق هادفة تحقق بعض الأمل المطلوب، ونظرا لطول بعض أوراق العمل وبعض التكرار الذي تخللها رأينا اختصارها ودمج ما يمكن دمجه وحذف ما تكرر منها.
وقد اشتملت هذه الأوراق على بعض الرؤى والأفكار والخطوات العملية التي تساعد الوالدين على استثمار الإجازة وجعلها فرصة سانحة للبناء والتربية والتوعية والترويح عن النفس والاستجمام.
افتتحت إحدى أوراق العمل بالأهداف التي ينبغي أن يحرص المربي على مراعاتها في وضع البرنامج، وهي على النحو التالي:
1 - هدف بنائي، يتم من خلاله غرس المبادئ والقيم واكتساب المعلومات والآداب الصالحة خلال فترة الإجازة.
2 - هدف وقائي، يعمل الوالدان على عمل برنامج تربوي ترويحي مناسب لأولادهم بهدف حمايتهم من البرامج المنحرفة، أو تضييع الأوقات أمام القنوات أو الإنترنت.
3 - هدف علاجي، تكون الإجازة فرصة لعلاج بعض جوانب التقصير وضعف الشخصية من خلال البرامج والأدوات واللقاءات والمشاركة في الفعاليات الهادفة في الإجازة.
وسائل تحقيق الأهداف:
1 - وضع برامج تربوية مناسبة كما يلي:
- برنامج تربوي لجميع أفراد العائلة.
- برنامج تربوي للصغار (6-12 سنة).
- برنامج تربوي للشباب والمراهقين (12-21 سنة).
2 - تحديد بيئة مناسبة لتنفيذ البرامج، وفي حالة عدم القدرة يتم تحسين وتطوير وإنشاء البيئة الأسرية بما يحقق أهداف البرنامج.
3 - وضع خطة مبدئية بصورة جماعية من أفراد الأسرة للبرنامج المقترح للإجازة.
العوامل المساعدة على نجاح البرنامج:
1 - النية الصالحة واحتساب الأجر.
2 - الصبر.
3 - فهم طبيعة الإنسان ومطالب كل مرحلة عمرية.
4 - مراعاة التوزيع الفئوي لشرائح المستهدفين (شباب، مراهقون، أطفال).
- المرحلة الأولى من 6 إلى 12 سنة. بعض خصائص هذه المرحلة:
1- الرغبة في تحقيق الذات وسط الكبار.
2- الحذر من الكبار أو التكتم على السلوكيات الصادرة منهم أمام الكبار.
3 - النشاط والطاقة الزائدة.
4 - اتساع دائرة وقت الفراغ.
5 - أخذ الأمور بجدية، ويتوقع ذلك من الكبار حيث يحتاج إلى المعاملة الثابتة.
6 - صعوبة التعامل معهم، فهم لا ينتمون إلى عالم الصغار، ولا إلى عالم الكبار.
التوجيه التربوي:
1 - تكوين وتعزيز الاتجاهات الدينية من خلال البرامج.
2 - غرس الآداب الاجتماعية في نفوسهم.
3 - تقديم معلومات عن العالم الخارجي.
4 - تعلم الأدوار حسب النوع.
5 - مساعدتهم على اكتساب المهارات المتنوعة.
6 - الاستعانة بالمتخصصين.
المرحلة الثانية: مرحلة المراهقة (12-18):
هذه المرحلة تأخذ في واقعنا عدة أنماط، وهي:
1 - المراهقة المتكيفة، تتميز بـ:
- الهدوء والانضباط.
- الاتزان الانفعالي.
- حسن التعامل مع الآخرين.
- الاعتداد بالرأي والمشاركة الوجدانية.
- زيادة الاهتمامات العلمية.
- عدم وجود المشكلات الأسرية.
- حياته غنية بالخبرات والاهتمامات الاجتماعية.
2 - المراهقة الانطوائية والانسحابية:
- الانطواء والعزلة.
- الشعور بالنقص.
- الانشغال بذاته ومشكلاته.
- كثرة التأمل في القيم الروحية والأخلاقية.
- الثورة على تربية الوالدين.
- كثرة الهواجس وأحلام اليقظة.
- الإسراف في العادة السرية.
3 - المراهقة العدوانية المتمردة:
- التمرد والعدوان على الآخرين.
- التحايل على الجماعات المرجعية.
- التمرد على الأنظمة الأسرية والمدرسية.
- كثرة الأعمال الانتقامية.
- اللجوء إلى التدخين.
- تضييع الوقار والرجولة.
- اختراع قصص المغامرات.
- الهروب من المنزل.
- الشعور بالظلم وعدم تقدير المحيطين.
4 - المراهقة المنحرفة، وهي تأخذ صورة الانحراف السلوكي الخلقي:
- ارتكاب المخالفات السلوكية.
- مصاحبة المنحرفين والشاذين.
- تعاطي التدخين والمخدرات.
- الوقوع في الانحراف الخلقي.
- ضعف الرقابة الأسرية بل انعدامها.
- معاملة الآخرين بقسوة وشدة.
على القائمين على برامج التعامل مع هذه العينات مراعاة هذه الأمور في برامجهم التربوية:
- حاجات المراهقين:
- الحاجة الروحية الدينية.
- الحاجة الثقافية.
- الحاجة الاجتماعية.
- الحاجة الترويحية البدنية.
البرامج التربوية المقترحة للجميع:
1 - اللقاءات التربوية، سواء أسرية أو شبابية.
2 - الرحلات الداخلية والخارجية.
3 - الزيارات الميدانية.
4 - المخيمات التربوية.
5 - القوافل الدعوية الرسمية.
6 - المشاركة في الجهات الخيرية.
7 - القيام ببعض الأعمال المهنية المناسبة.
8 - الدورات المهارية المتنوعة.
ضوابط مهمة:
1 - مراعاة مرحلة العمر لكل فئة، ولكل مستوى دراسي.
2 - مراعاة الحالة الاجتماعية.
3 - التركيز على البرامج التي تساعد على اكتشاف الميول والاهتمامات.
4 - مراعاة واقعية البرامج التربوية.
5 - تصميم استبانة لمعرفة احتياجات الفئة المستفيدة.
6 - تقسيم الأفراد حسب الرغبات.
7 - وضع مسابقة عامة للجميع.
8 - أن يكون البرنامج للأسرة وللمستفيدين.
9 - اختيار المربي المناسب.
10- تجنب المبالغة في تصور النتائج والوعود المثالية الخيالية.
تجنب المنغصات التربوية:
1 - التحذير المستمر.
2 - الاستجواب عند الخطأ.
3 - التهديد.
4 - إصدار الأحكام المسبقة.
5 - التشاؤم.
6 - الاستعجال في نتائج البرنامج.
7 - طلب الكمال.
8 - تقديم "الطعام البائت" (أي معلومات قديمة دون تحضير).
9 - أن يتولى العمل أناس مشغولون غير متفرغين.
10 - زيادة الجرعة العلمية والوعظية على حساب الترويح.
11 - كثرة العدد.
12 - وضع عقوبات صارمة.
13 - الجدية الكاملة.
14 - عدم التجانس بين الأفراد.
15 - طموحات المربي العالية (ارتفاع سقف الطموحات).
16 - عدم فهم خصائص المربى.
17 - عدم تنويع المناشط.
18 - الالتزام ببرنامج محدد دون خيارات.
19 - تضخيم المشكلات والمبالغة في جلد الذات أثناء البرامج التربوية بصفة مستمرة.
20 - عدم تقديم بدائل متنوعة مباحة ومتاحة.
العوامل المؤثرة في فاعلية البرامج:
- تحديد برامج خاصة لكل فئة:
1 - الفئة الصالحة. 2 - الفئة الغافلة. 3 - الفئة المنحرفة.
- العناية باختيار المربين حسب سماتهم (الأخلاقية / المعرفية / المهنية).
- وضع برامج مساعدة وبديلة.
- وضع برنامج يومي يكون مفتوحاً.
- تنزيل البرامج على الواقع.
- الاستعانة بالمتخصصين.
- معرفة خصائص المستقبل (الفئة المستهدفة).
- تحديد خصائص مهمة في المرسل (المربي).
- معرفة طبيعة القوى الخارجية والبيئة الأسرية والرفقة.
- تحديد طبيعة البيئة التي ينفذ فيها البرنامج حتى لا تكون تقليدية.
- تحديد خصائص البرنامج الناجح (معيار البرامج الناجحة).
وركزت إحدى الأوراق على إدارة الأسرة فكان مما طرح فيها:
الإدارة الناجحة للأسرة:
الخطوة الأولى: حدد الأهداف الكبرى التي ترغب في تحقيقها.
الخطوة الثانية: اجعل لكل هدف مراحل تؤدي إلى تحقيقه.
الخطوة الثالثة: قم بإعداد الجدول الخاص بك.
الخطوة الرابعة: العمل بالبرنامج وهذا يحتاج إلى أمور:
1/ الالتجاء إلى الله وسؤاله العون والتوفيق وأن يعينك على تحقيق أهدافك..
2/ الهمة العالية والصبر والجلد.
الخطوة الخامسة: إدراك أهمية الوقت.
إذا أردت أن تستفيد من الإجازة حق الاستفادة، وأن تكون فيها من الفائزين فعليك بما يلي:
1) أن تستشعر قيمة الوقت، وأن له شأناً عند الله، فبه أقسم في غير ما آية من كتابه، والله إذا أقسم بشيء دل على عظمته؛ فأقسم بالنهار وأجزائه: الفجر، والضحى، والعصر، وأقسم بالليل.
2) أن تعلم أن هذا الوقت هو رأس مالك؛ فإن ضيعته ضاع رأس مالك، وإن حفظته فالربح حليفك.
من أساليب إدارة الأسرة:
كيف تحرك الأفراد وتستفيد من طاقاتهم:
1- كافئ كل مجتهد في الأسرة ومن ذلك:
- الشخص الذي يعمل ولا يصيب أفضل من الذي لا يعمل، فلذلك أكرمه.
- قيد عمل كل عضو داخل الأسرة، على شكل جدول من ثلاث خانات:
| الاسم | العمل | النقاط |
2- ادعم إحساس الأفراد بالانتماء إلى الأسرة وذلك بالسؤال عن سبب غيابهم وشكرهم عند قيامهم بعمل معين.
- كافئ المجموعة ككل في العمل الذي اشتركوا فيه.
- اربط أعضاء الأسرة مع بعضهم.
3- إن الهدايا والدرجات وسيله لتحقيق الهدف وليست غاية.
4- حافظ دائما على الألفاظ البنَّاءة مثل: (أحسنت على فعل ذلك، نشكر الأخ فلان، بارك الله فيك) وغيرها.
التعامل مع كثرة الأعمال:
1- الإخلاص والدعاء بأن ييسر الله أعمالك.
2- ابتعد عن المتاعب وابدأ بالخطوة السليمة.
3- خفف من حدة شخصيتك عند بداية الإجازة أو الرحلة.
4- في البداية كن مستعدا لقضاء المزيد من الوقت داخل الأسرة.
5- تعرف على مواطن ضعفك.
6- حاول أن تتنازل عن تفاصيل قد تشغلك عن المهمات وأحلها إلى غيرك مثاله: (الاستفادة من أفراد الأسرة في توزيع المهام).
7- لا تتولى ما كفيته.
8- اجعل بعض الأعضاء يشاركونك الإدارة مثل الزوجة والابن الأكبر (يتابعون النظام أو العلاقات العامة أو ميزانية الأسرة أو نظافة الأسرة أو مسئول التجديد والابتكار).
التعامل مع الأعضاء مثيري المتاعب:
لا تكاد تخلو أسرة في زماننا هذا من مثيري المتاعب وهؤلاء لابد لهم من أسلوب خاص في التعامل معهم. ومنهم من ليس على درجه من الالتزام فبذلك يحتاجون إلى تأليف قلوبهم ومداراتهم، مع المتابعة فقد تصدر منهم أشياء غير مرغوب فيها مما يعود بالضرر على الأسرة ككل..
بعض الخطوات للتعامل مع هذه الفئة:
1- امنحه كامل اهتمامك ومتابعتك.
2- تحبب إليهم إلى نفسك مع زرع احترامهم لك.
3- أشعرهم أنهم مهمين وأنهم مثل غيرهم.
4- انسب لهم الفضل في الأعمال التي يقدمونها.
5- ابدأ بالمديح قبل أن تحل مشكله محدده.
6- الفت انتباه الشخص إلى أخطائه بشكل غير مباشر.
7- قدم لهم النصح أكثر من غيرهم
8- امنحهم دائما فرصه لتوضيح وتصحيح أخطائهم.
9- مراعاة حاجاتهم الروحية والثقافية والاجتماعية والترويحية والبدنية.
خامساً: برامج ووسائل عملية:
طرحت بعض البرامج والوسائل المحققة للأهداف من خلال ورش العمل المصاحبة للقاء، وتمَّ اختيار مايلي:
- مسابقة الأحاديث المقطعة وذلك بتقطيع بعض الأحاديث التي تنفع الأبناء وطلب ترتيبها الترتيب الصحيح وبعد ترتيبها يتم تقديم كلمة في شرح الحديث والفوائد المستخرجة منه..
- تعليق لوحة أسبوعية في المنزل تبرز خلق الأسبوع أو حكمة عملية هامة لتصبح هدف الأسرة هذا الأسبوع
- الكلمات بعد الصلاة. إلقاء كلمة بعد الصلاة على أعضاء الأسرة خاصة في رحلات بريه وغيرها عندما تصلي الأسرة مع بعض صلاة جماعية.
- المسابقات الثقافية المتنوعة: بحيث تبتكر فكرة معينة وتصاغ على شكل مسابقة (معكم على الهواء، من سيربح المئة، مسابقة حروف).
- ركن الحكايات: ركن يتحدث فيه عن الحكايات والقصص للأشبال.
- عمل زيارة للمكتبات (متاجر بيع الكتب) مع الأبناء.. وتكون بعد تحفيز وترغيب في الزيارة.. ويترك مجالا للابن بمعاونة الأب أو المدرس أو الأخ باختيار كتيب أو أكثر وشراءها له، ولو أمكن غرس حب الكتاب والقراءة والترغيب في كتاب محدد قبل الزيارة لكان أفضل.
- تدريب الفتيات على بعض الأعمال المنزلية و إشعارهن بمكانهن في المنزل.. ويكون لهن دور مع أمهن في رعاية المنزل في استلام مسئولية رعاية أحد الأطفال.. أو يعمل لها دورة في الطبخ مثلا.. أو ترتيب مكان محدد في المنزل.. أو ترتيب بعض الأغراض المنزلية.. ويكون ذلك تحت رعاية وتدريب الأم وحنانها وتشجيعها..
- ترك مجال للأبناء ليقوموا بالمساعدة في أعمال البيت والإصلاحات مثلا تغيير الأنوار سقاية الزرع كيفية استخدام الأدوات (مفك، زرادية، مطرقة) مع التنبيه على المخاطر والمحاذير خاصة من الكهرباء.
- اللقاءات الصيفية للفتيات (يوم واحد فقط ويمكن أن يتم في أحد المراكز النسائية) وتتضمن برامج هادفة من مسابقات وفقرات ترفيهية وتعليمية مع الحوار الهادف مع الفتيات في أمورهن ومشاكلهن..
- عمل بحث علمي في الإجازة ولو كان واحدا.. وتشجيع الأبناء على عمل بحث ولو كان صغيرا.. وترتيب الجوائز على ذلك.. وجعل الوقت من بداية المسابقة إلى تقديم الجوائز قصيرا حتى يكون لها تأثير أكبر إذا تم عمل بحث آخر أو مسابقة علمية أخرى..
- فكرة الكسب الحلال: وتقوم الفكرة على الاتفاق مع الطفل للقيام بعمل إضافي ليس من الواجبات المعروفة عليه على أن يكون له مقابل على جهده مثل طباعة بحث أو خطاب بالكمبيوتر سواء كان لأحد والديه أو أحد الأقارب فيتعود بذلك الابن على الكسب الحلال وتحمل المسؤولية.
- جلسة عائلية مع السيرة النبوية بأسلوب قصصي حماسي جذاب.
- برنامج الطفل المنظم، ترتيب ما يخصهم من ألعاب وملابس ونحوها.
- برنامج الابن البار، مساعدة الأبناء للوالدة في أعمال البيت.
- حصر أوقات الفراغ لدى كل فرد، وتوجيه الأسئلة لكل فرد: ماذا تستطيع أن تحققه للأسرة؟ وتوزيع المسؤوليات بين أفراد الأسرة، (فلان ينبه للصلاة)، (فلان مسؤول النظافة)... وإشراكهم في وضع برنامج الأسرة، تحديد مدة زمنية لتنفيذ البرنامج.
- وضع الألعاب الجماعية مثل القفز على الحبل بين الأم والأب، والركض الجماعي، وشد الحبل..
- تسجيل مشهد أسري في الشريط من غير علم الأسرة وعرضه فيما بعد.
- جلسة حوار لأبناء الأسرة لكشف الطاقات ولتصحيح الأخطاء.
- أب الأسرة المكلف: تعيين قائد يومي للأسرة ونائبه، والأفضل تغيير النائب كل فترة.
- أو تحديد ساعة خاصة لكل شخص يقوم بدور الأب أو الأم.
- التكلم بلسان المجموعة: (نحن)، وليس (أنا)، مع الاحتفاظ بالخصائص الفردية.
- برنامج اعرف وطنك أو بلدك: وهو أن تقوم مجموعة من الشباب (أقارب أو جيران، أو زملاء) بزيارة إلى مناطق المملكة، فتنطلق السيارة بهم إلى إحدى المناطق لمدة عشرة أيام فيزورونها قرية قرية وهجرة هجرة تحت إشراف موجه لهم، ثم يقودون إلى بيوتهم لمدة أسبوع، ثم ينطلقون مع مشرف آخر إلى منطقة أخرى، وهكذا، وشعارهم (علوم رجال) يقومون بخدمة أنفسهم في المطعم والمشرب والملبس، ويتعلمون من خلالها الكرم والخدمة ومساعدة الآخرين، كما في البرنامج الآتي.
كما طرحت برامج منفردة تصلح أن تكون هدفا بعينها في الإجازة الصيفية ومن ذلك:
البرنامج الأول: برنامج علوم رجال:
من خلال الاستقراء لبعض البرامج المقدمة للأبناء، سواء في الإجازة أو غيرها من أيام السنة وُجد أن الكثير من هذه البرامج لا يستوعب إلا القليل من الأبناء، لذا حرصنا أن نقدم مشروعاً يخدم الأبناء من خلال الأسرة.
المقدمة:
لا بد لنا قبل البدء في تنفيذ هذا البرنامج أن نستعرض الجوانب الإدارية والضوابط والتوجيهات العامة التي قدمت في أوراق العمل ونستفيد منها.
التفصيل:
ويشتمل على الأهداف والضوابط، ثم البرامج والوسائل.
أولاً: الأهداف:
هذا البرنامج مقدم لأفراد الأسرة لغرس بعض الصفات المحمودة كالكرم والشجاعة والأمانة وحب مساعدة الآخرين، والفزعة والجرأة والصبر والتحمل، وأخلاقيات العفو والصفح، والوفاء، والبذل والإيثار، واحترام الآخرين، الاقتداء بالمتميزين، والقيام بدور الأب والأم من قبل الجميع كل على حسبه... وغيرها.
ثانياً: الضوابط:
تنقسم الضوابط إلى قسمين:
1 - ضوابط عامة:
ومنها: معرفة خصائص المربي وخصائص المربَّى، والبيئة والأساليب وغيرها.
2 - ضوابط خاصة، ومنها:
أ - تنظيم الوقت.
ب - المرونة في التعامل.
جـ - عدم التوبيخ واللوم عند الأخطاء الطبيعية.
ثالثاً: البرامج والوسائل:
نستطيع أن نضع عنواناً للبرنامج الذي يتوقع من خلاله تحقيق أهدافنا السابقة، «وهو علوم رجال».
أما وسيلة تحقيقه فيكون في المنزل، ويفضل أن يطبق برحلة تقوم بها الأسرة خلال الإجازة الصيفية، تستغرق عدة أيام إلى مكة المكرمة أو غيرها، ونقترح عند التنفيذ اتباع الخطوات التالية:
1 - قبل الرحلة تجتمع الأسرة للاتفاق على موعد السفر ومدته وتوزيع المهام والأوراق بين أفرادها، كالتنظيم والمسؤول المالي والمشتريات والتموين ومسؤول البرامج الثقافية والترفيهية والدعوات والزيارات وتنسيق المواعيد.
2 - تبدأ الأسرة بتنفيذ البرنامج بتجهيز الأدوات المطلوبة للرحلة.
ثم السفر وقيام كل فرد من أفرادها بالدور الذي كُلف به كتهيئة السكن وتأمين المتطلبات والاستضافة والزيارة وتوزيع بعض الصدقات ومساعدة المحتاجين وغيرها.
3 - تقوم الأسرة باجتماع لتقويم البرنامج من الجميع ورصد الدروس المستفادة منه.
4 - محاولة تطبيق هذا البرنامج بعد العودة طوال أيام العام مع تطويره.
البرنامج الثاني: أسرتنا فريق تربية:
الأهداف:
استثمار أوقات الفراغ.
رفع مستوى الوعي.
تفاعل الأسرة ومشاركتها في البناء.
تحقيق أسرة مترابطة ومتآلفة وباذلة.
حمايتهم من الانحراف.
التعويد على القراءة المثمرة كل بحسبه.
وسائل تحقيقها:
البحث عن الأسرة المؤثرة في المجتمع لتكون قدوة لهم.
حصر أوقات الفراغ لدى كل فرد.
توجيه سؤال لكل فرد ماذا تحب أن تحققه للأسرة.
توزيع المسؤوليات بين أفراد الأسرة مثل النظافة تنبيه أوقات الصلاة.
إشراكهم في وضع البرنامج جماعياً.
الألعاب الجماعية للجميع مثل شد الحبل ويشترك الأبوان في ذلك.
وضع مسرح وأناشيد منزلية.
وضع برنامج قراءة من خلال المجلات والقصص.
تصوير أو تسجيل مشهد أسري من غير علم الأسرة وعرضه.
جلسة حوار لبناء الأسرة:
جلسة حوار لاكتشاف الطاقات.
جلسة حوار لاكتشاف الأخطاء.
تعيين قائد ونائب بالتناوب.
الألعاب الجماعية.
إتاحة المجال لإبداء الرأي.
تحديد يوم خاص لكل شخص يوم واحد أبونا وآخر أمنا.
تعويدهم على القيادة.
تكليفهم بإعداد برنامج رحلة.
وضع برامج بديلة.
إشراكهم في أخذ الدورات الخارجية.
إشراكهم في إقامة دورات في المنزل مثل الطبخ.
تداخل المسؤوليات الابن يقوم مقام الأب.
توزيع المسؤوليات مثل مهام البيت من نظافة.
سبورة منزلية يكتب فيها عبارة يومية يكتب فيها قيم وإيجابيات.
سبورة منزلية يكتب فيها عبارة يومية تحذير من سلبية.
نتكلم بلسان المجموعة (نحن).
مع حفظ خصائص الفردية وتحديد المرجعية.
البرنامج الثالث:
عرض برامج ومناشط الإجازة الصيفية من الشبكة العنكبوتية: تم استعراض الشبكة فاختير خمسين ملفا منها وتم تلخيصها في النقاط التالية مع بعض الإضافات أما صيغ العمل بها فيمكن الرجوع إلى الشبكة:
1. مشاريع تعبدية: استغلال فرصة الإجازة في البقاء في الحرمين والمساجد، عمرة، الإقبال على تلاوة القرآن الكريم.
2. مشاريع علمية: حفظ القرآن الكريم، حفظ السنة، حفظ المتون، حلقات التحفيظ، حضور دروس المشايخ، حضور الدورات العلمية، ودورات في تجهيز الجنائز، حضور المحاضرات والندوات، بحوث، سماع أشرطة، تلخيصات كتب وأشرطة.
3. مشاريع معرفية: دورات حاسب آلي، دورات في اللغة الإنجليزية، دورات في الدفاع المدني والهلال الأحمر، دورات في الإدارة وتربية الذات، مسابقات.
4. مشاريع متعددة الأنشطة: مراكز صيفية، مخيمات دعوية وتربوية، مخيمات على البحر.
5. مشاريع دعوية: المشاركة جولات دعوية، زيارات للقرى، أعمال احتسابية في الأسواق والمتاجر والأرصفة وتجمعات الشباب.
6. مشاريع إغاثية: المشاركة في الجمعيات الخيرية، القيام على الفقراء والمساكين وتجميع ما يحتاجونه وتوزيعه عليهم.
7. مشاريع تجارية ووظيفية: تجارة صغيرة في سوق الخضار أو عند المساجد، العمل في المتاجر والشركات، العمل في الجهات الخيرية كالجمعيات والمراكز الدعوية.
8. رحلات: طويلة، قصيرة، طويلة متقطعة تحت عنوان (اكتشف بلدك) مع العائلة أو مع الأقارب، مع الحارة، مع الزملاء.
9. مشاريع مهنية: تعلم مهنة في المصانع أو مراكز التدريب المهنية: كهراء، الكترونيات، سباكة، تبريد، سيارات، نجارة.
10. دورات رياضية: كاراتيه، الجو دو، الغوص في البحر، الفروسية، مع أخذ شهادات عليها.
11. مشروع زيارات: مكتبات، معارض، صالات ألعاب، حدائق حيوانات، حدائق عامة، مشاريع خيرية، مشاريع دعوية، جامعات، مستشفيات، معاقين، مواقع سياحية.
12. برامج للأطفال: قصص، ألعاب، سباحة، ألعاب ترابية، زيارات للأقارب، مسابقات، حلق تحفيظ، حلق بيتيه، مشاهدة برامج هادفة.
سادساً: التوصيات:
1. أجمع الحضور على تقديم الشكر والتقدير للمستودع الخيري على هذه المبادرة.
2. إخراج ملخص اللقاء ونشره لتعم الفائدة.
3. إقامة لقاءات دورية تهتم بالأبناء والأسرة.
4. التركيز على البرامج العملية في اللقاءات القادمة.
5. الاستفادة من الإمكانات المتاحة في المجتمع.
6. إنشاء جمعية أصدقاء الآباء.
7. هاتف مجاني لعلاج مشكلات الأولاد.
8. عقد لقاء في بداية الدراسة تحت عنوان (برامج عملية في تربية الأسرة).
وختاماً: نسأل الله أن يجزي القائمين على الملتقى والمشاركين فيه خير الجزاء وأن يجعل فيه النفع والفائدة المرجوة، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/159)
معك يوم الاختبار
رضا مدبولي 5/4/1425
24/05/2004
كيف تمر ليلة الاختبار بسلام؟
1- عليك أن تبعد نفسك عن الإحساس القاتل بضرورة مراجعة المادة سطراً سطراً وذلك لسببين:
- صعوبة -بل استحالة- ذلك لضيق الوقت.
- مادمت قد ذاكرت جيداً وراجعت وفق جدول زمني وخطة تأكد أنك لن تنسي المادة إن شاء الله.
2- كل ما عليك في هذه الليلة أن تراجع الأفكار الأساسية وتسمعها لنفسك وتربط بين جزيئات المادة.
3- اعلم أن هناك ضررًا يقع عليك نتيجة المراجعة لساعات طويلة وذلك لسببين:
- هذه المراجعة تنهك قواك وتستنزف جهدك.
- وكذلك لا تعطيك فرصة للربط بين عناصر المادة الأساسية.
4- بعد هذه المراجعة المركزة لابد أن تحصل على قسط وافر من الراحة. لابد هذه الليلة أن تتحلى بالثبات والهدوء والثقة في قدرتك على النجاح. وابتعد أيضاً عن الأحاديث الجانبية وركز في هدوئك وتوجه إلى الله بالدعاء. وصلِّ صلاة الحاجة.
5- ولا تحاول تعلم شيء جديد. وجهز الأدوات اللازمة للاختبار، وتأكد من سلامتها، ثم نم مبكراً.
كيف تقضي يوم الاختبار؟
1- ابدأ يوم الاختبار بصلاة الفجر في المسجد حتى تنشط روحك وترتفع معنوياتك، ثم اتلُ بعض آيات القرآن الكريم, واقرأ أذكار الصباح, وأكثر من الدعاء والاستغفار واسأل الله التوفيق واعلم أن لكل مجتهد نصيب.
2- تحلّ بالصمت قدر الإمكان وتخلّ عن أي مناقشة جانبية.
3- تناول وجبة إفطار خفيفة مع كوب من عصير الفاكهة.
4- تصفح العناصر الأساسية للمادة واربط بين أجزائها.
5- حاول ألا تجهد بدنك في الصباح وحاول أن تصل مبكراً.
6- ابعد نفسك عن أي قلق أو خوف وداوم على ذكر الله.
7- قبل دخول قاعة الاختبار ادخل دورة المياه واشرب قدراً من الماء .
8- وأنت في طريقك إلى الاختبار اشغل نفسك بذكر الله والدعاء.
القواعد المثلي لأداء الاختبار:
القاعدة الأولى: المعرفة الجيدة بجميع التوجيهات الخاصة بالاختبار، مثل عدد الأسئلة المطلوب الإجابة عنها وتوزيع الدرجات.
القاعدة الثانية: وضع خطة لاستغلال كل الوقت المخصص للاختبار, وقبل أن تبدأ في إجابة الأسئلة عليك بقراءة جميع أسئلة الاختبار ثم:
- وضع العناصر الرئيسة للإجابة على كل سؤال.
- توزيع وقت الاختبار على الأسئلة حسب درجاتها ومدى سهولتها لك.
- تذكر أن المصحح يبحث عن الجودة وليس عن الكمية.
كيف تحصل على الهدوء والاطمئنان داخل الاختبار؟
- ذكر الله في البداية.
- البدء بالإجابة عن الأسئلة ذات الدرجات الكبيرة والتي ذاكرتها جيداً حتى تعطي لنفسك الثقة بالنفس والهدوء والاطمئنان.
- احذر... احذر أن تغير إجابتك عن أي سؤال قد أجبت عنه من قبل إلا إذا كنت واثقاً تماماً من أن إجابتك السابقة كانت خطأ، فأول إجابة تطرأ على الذهن غالباً ما تكون هي الصحيحة.
من أخطاء الطلاب في الاختبارات:
- عدم تنظيم الإجابة: بعض الطلبة يعانى من عدم القدرة على الإجابة المنظمة المتدرجة، فنجده يكتب في فكرة معينة، ثم ينتقل إلى فكرة أخرى، ثم يعود ليشرح الفكرة السابقة! فيجب على الطالب التخطيط للإجابة أولاً قبل القيام بالإجابة، وهذا يتم من خلال كتابة الأفكار الرئيسة تاركاً التفاصيل الجزئية، مستخدماً القلم الرصاص على الجانب المقابل للصفحة، فيستخدمها كخريطة تحدد اتجاه سير الإجابة، ثم يعمد إلى مسحها بعد الانتهاء من الإجابة.
- تعمد خداع المصحح: بعض الطلاب يحاولون خداع المصحح عند عدم تأكدهم من الإجابة الصحيحة، بوضع إشارة مزوجة أو غير واضحة المعالم في أسئلة العبارات الصحيحة والخاطئة فيكتبون الإشارتين معاً أو في أسئلة الاختيار من متعدد فيضع دائرتين على إجابتين مختلفتين، وبالتالي يقوم المصحح بشطب الإجابة وإعطاءه صفر.
- عدم قراءة التعليمات الواردة في ورقة الاختبار: كثير من الطلاب لا يقرؤون التعليمات، ففي اختبارات الثانوية يتم فيها اشتراط استخدام نوع معين من الألوان، وعدم وضع أي إشارة مشبوهة، ومن يهمل ذلك يدخل ورقه لجنة خاصة تحاسبه على كل صغيرة وكبيرة.
- عدم فهم صيغة السؤال المطروح: وذلك بسبب التسرع وعدم التركيز في فهم السؤال وتحديد جزئياته، وبالتالي تكون النتائج وخيمة، ولكن على الطالب التمهل وقراءة السؤال أكثر من مرة حتى يفهم السؤال قبل الإجابة عنه
ـــــــــــــــــــ(101/161)
أيها الآباء رفقاً بأبنائكم
حازم الحريري
يرتفع صوت الأب: ما هذا الذي تفعله..؟
تنتفخ أوداجه، ويعلو الغضب محياه مخاطباً ابنه المراهق.
على أيامنا وحينما كنت في مثل عمرك كنتُ وكنتُ وكنتُ.
نعم هذا هو المشهد الدراماتيكي المألوف، وتلك هي طبيعة العلاقة التي يتعامل فيها الآباء مع أبنائهم في غالب الأحايين.
تنطلق النصائح التي تتلوها التأنيبات والتوبيخات، والتي غالباً ما تنتهي بالتهديدات وصولاً إلى الضرب المبرح، وربما وصل الأمر إلى الطرد من المنزل.
هكذا يبدو المشهد في كثير من بيوتنا، ودائماً الولد هو المذنب المخطئ على طول الخط، أما الآباء فقد عيل صبرهم، ونفذت أساليبهم وحيلهم تجاه أولادهم.
بالله عليك أيها الأب المسكين هل ولدك هذا إلا غرسك الذي غرست، وحصادك الذي زرعت؟
يخطئ كثير من الآباء في أسلوب تربيتهم لأولادهم فهم بين رجلين:
الأول: أفرط في تدليل ولده إلى الحد الذي أفقده السيطرة عليه، وكبح جماح تصرفاته.
والآخر: قسى على ولده قساوته على عدوه، فأخرج ولداً ناقماً على أبيه وأسرته، وعبئاً ثقيلاً على مجتمعه وجيله.
أيها الآباء رفقاً بأبنائكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.
حاولوا أن تعينوهم على زمانهم الصعب بأن تتمثلوا أمامهم قدوة حسنة في أفعالكم قبل أقوالكم.
كونوا لهم سنداً ومعيناً في تخطي مشاكلهم وما يواجهونه من فتن ومغريات.
اسلكوا معهم مسلك الصديق المحب، أسدوا إليهم النصائح والإرشادات مغلفة بكثير من الود والحنان.
إنكم إن فعلتم ذلك حافظتم على حياة قلوبكم، وأرحتم أنفسكم من عناء مشاكلهم وهمومهم، وأرحتم ضمائركم تجاه من تشعرون أمامهم بالمسئولية والتبعة، والأهم من ذلك كله أنكم أخرجتم إلى المجتمع نموذجاً من الأجيال الصالحة تفخرون بهم وبإنجازاتهم مستقبلاً.
أيُّ بيت لا يخلو من مشكلة "ومشاكل الأبناء كثيرة" نعم لكنها ليست مستعصية على الحل، لكن الآباء يصرون في معظم الأحيان أن يستنتجوا من أبنائهم صوراً تشابههم وهنا يكمن الخطأ، فهل تريد أيها الأب المحب أن يكون ولدك نسخة مكررة منك؟ أعتقد جازماً أنك غير راض عن نفسك في مرحلة من مراحل حياتك، فلماذا تصر على أن تخرج نسخاً سلبية من ذاتك، هل كنت نسخة عن أبيك؟ أشك في ذلك.
ينبغي أن تفخر بولدك ذي الشخصية المستقلة المتميزة، وأن تكون معاوناً له في صقل هذه الشخصية وتهذيبها.
المصدر : http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ(101/162)
أطفالنا من أخطائهم يبدعون !!
كل ابن آدم خطاء
تلك الحقيقة المرتبطة بطبيعة البشر، فالكل مفطور على صدور الخطأ منه، ولكن التعامل مع الخطأ يختلف من شخص لآخر. والإسلام علمنا أن خير الخطائين التوابون.
والتجارب الإنسانية تعلمنا أن: 'من الخطأ يتعلم الرجال'.
فهل استفدنا من هذه الحقائق الرائعة في أساليبنا التربوية مع أبنائنا، وفي تعاملنا مع أخطائهم.
ـ وإذا نظرنا إلى الواقع بحياد نلاحظ أننا نجعل من الخطأ سببًا ودافعًا لإحباط همم المخطئ، وتحطيم معنوياته، والتنقيص من قدره وسحب الثقة منه، وأظهر الأدلة على ذلك انتشار الخوف من الوقوع في الخطأ في حياة الناس والأطفال خاصة، فالطفل يخاف من الوقوع في الخطأ لأنه يدرك العواقب والحرمان والعقوبات والشتائم كلما أحدث جلبة أو بلية في المنزل، والمدرس الذي يهدد بالحرمان من الدرجات أو استدعاء ولي الأمر وإخباره بما صنع الابن.
وهكذا.. ينشأ الطفل وفي ذهنه هذه الصورة العقابية المحيطة لهذه الشخصيات المربية له.
إن هذه الصورة من شأنها أن ترسخ في عقله الباطن 'اللاوعي' استشعاره بعدم الكفاءة لتحمل المسئولية وعدم أهليته للثقة في ذاته كما أنه من شأنها أن توقف عملية الإبداع والانطلاق في حياته.
وهنا لا بد أن نتوقف ونتساءل:
أين موطن الخطأ تحديدًا؟ وكيف تكون خطوات العلاج؟
إن الخطأ الذي يرتكبه المربون في تعاملهم مع خطأ الطفل هو:
أن تدخلهم لا يكون مصوبًا على الخطأ نفسه واضعًا دائرة عليه لتحديده وتصحيحه، وإنما يكون التدخل مصوبًا على شخصية الطفل كلها فتوضع في ميزان التقييم مقابل الخطأ، وتتعرض غالبًا للإهانة.
أمثلة:
اصطدام الطفل بالحائط.. أنت أعمى لا ترى ما أمامك.
تبول على فراشه.. أنت قذر.
سكب الماء على السجاد.. أنت فوضوي لا تعرف النظام.
أخذ القلم من زميله.. أنت لص سارق.
عند وقوع أخطاء في الواجب المدرسي أو نقص في درجات الاختبارات.. أنت غبي.
هل هكذا نصلح أخطاء الأبناء؟
وماذا نعرف عن دوافع السلوك عند الطفل قبل تقييم خطأه؟
ـ قد يكون الخطأ الصادر عن الطفل سلوكًا عابرًا فنرسخه بتدخلنا الخاطئ، وقد نترك بصمات مؤلمة في نفسية الطفل وقد لا يتخلص منها طيلة حياته.
ـ ولكي نجعل من خطأ الطفل وسيلة للتعلم بل وللإبداع أيضًا؟ علينا نحن المربين أن ننتبه للخطوات التالية:
1ـ اسأل نفسك عندما يخطئ الطفل، هل علمته الصواب بداية حتى لا يخطئ؟
2ـ أعد الثقة للطفل بعد الخطأ؛ فالثقة دائمًا هي العلاج الذي يبني حاجزًا متينًا بينه وبين تكرار الخطأ.
3ـ علِّمه تحمل مسئوليته عن أخطائه ليكتسب مهارة التحكم في الذات.
4ـ أشعره بعواقب الخطأ حتى تولد لديه الرغبة في التغيير.
5ـ ابحث عن واقع الخطأ لديه لتعالج الأصل بدل التعامل مع الأعراض.
6ـ كن دائمًا بجانبه وشاركه إحساسه لتمارس توجيهك بشكل إيجابي.
7ـ ابتسم وأنت تقنعه بخطئه وتشعره به.
8ـ افصل الخطأ عن شخصية الطفل، فلا أحد يحب أن يُعرف بأخطائه عند الآخرين.
9ـ كون عند الطفل المعايير السليمة التي من خلالها يتعرف على الخطأ.
10ـ لا تخيفه من الفشل بشكل مغالى فيه، وعلمه فن النهوض من جديد.
11ـ لا تجعله ينسحب أو يتخلى بسبب الفشل.
12ـ لقنه كيف يكتسب خبرات إيجابية من الفشل.
13ـ ساعده في أن يضع يده على قدراته وملكاته التي تؤهله للنجاح في المحاولات المقبلة.
14ـ علمه الصلابة والإصرار على النجاح في مواجهة مشاعر الإحباط.
15ـ علمه الاعتماد على نفسه لتجاوز خطأه.
16ـ بشره لتجعل منه إنسانًا متفائلاً فالتفاؤل يقوي الإرادة الذاتية.
17ـ لا تتدخل إلا بعد تهدئته.
18ـ أنصت إليه بتمعن واهتمام لتفهم أصل الخطأ.
19ـ لا تيأس من طفلك مهما تكرر خطؤه.
20ـ تأكد أن الحب والتسامح والابتسامة أقوى من الغضب والانفعال.
إننا لا نطالب بتجاهل الخطأ وإنما ندعوا إلى علاقة ود وصداقة تنشأ بين الصغير والكبير يتعلم منها الطفل كيف يستفيد من الخطأ حتى لا يقع فيه مرة أخرى؟
وكيف يستشعر مسئولياته عن أفعاله؟
فبدلاً من أن تلعن الظلام.. عزيزي القارئ.. أشعل شمعة تنير ما بينك وبين أطفالك.
23 ربيع الأول 1425هـ - 13مايو2004 م
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/163)
مهارات المذاكرة
رضا مدبولي 28/3/1425
17/05/2004
المهارة الأولى : القراءة الفعالة
يمكنك اكتساب مهارة القراءة الفعالة، من خلال اتباع الخطوات الثلاث الآتية:
المرحلة الأولى: قبل القراءة
التهيئة النفسية والعقلية للقراءة:
اختر مكانًا هادئًا مضاء بشكل مناسب، فهذا سيعمل على زيادة تركيزك.
ابدأ بالتفكير حول ما ستقرأ ، تعرف على العنوان الرئيس والعناوين الفرعية، فهي توضح الفكرة الرئيسية للدرس وركز على الاستنتاجات والتطبيقات.
اطرح أسئلة معينة في ذهنك من واقع قراءتك للعناوين مثل (ماذا، كيف، لماذا، أين، متى، مَن) مما يثير انتباهك ويشعرك بالمتعة والتشوق لما ستقرؤه، فوجود أهداف للقراءة تجعل الطالب يسعى وراء تحقيق هدفه.
ضع بعض التوقعات الذكية على هيئة افتراضات، ثم قم بتعديلها على ضوء ما تقرؤه، فالافتراضات تساعد على تركيزنا عند القراءة ، وتجعلنا نشعر بالإثارة عندما تتحقق تصوراتنا لما قرأناه أو سمعناه فيما بعد.
المرحلة الثانية: أثناء القراءة:
عملية المسح: اقرأ الموضوع بصورة متكاملة وسريعة، دون تثبيت العين طويلاً على جزء من السطر أو على كلمة؛ فعليك أن تعويد عينيك على القراءة المنطلقة إلى الأمام، ولا تعيد قراءة الجملة، حتى لو شعرت بعدم الفهم التام للمعنى، فقد تجده في الجمل والعبارات التالية؛ والهدف من القيام بهذه القراءة السريعة أو المسحية هو التعرف المبدئي على الدرس.
المرحلة الثالثة: بعد القراءة:
عملية الاسترجاع: راجع المعلومات والأفكار الرئيسة، وذلك إما بكتابة ملخص لها، أو بتسجيل بعض الملاحظات الهامة، أو القيام بعملية التسميع لأهم الأفكار والاستنتاجات والمفاهيم، التي توصلت إليها، وقد أثبتت الأبحاث أن قيامك بعملية الاسترجاع بإمكانك تذكر 70% من المعلومات التي ذاكرتها.
المهارة الثانية: مهارة التلخيص
التلخيص من المهارات الدراسية ذات الفوائد الجمة، ويمكن اكتساب هذه المهارات وتطويرها بالممارسة، ومن أهم فوائد عملية التلخيص وكتابة الملاحظات:
- تساعد على التركيز على المعلومات الهامة والأساسية، فهو يساعد على التركيز بفاعلية على ما تقرأ أو تسمع.
- تساعد في عملية الفهم والاستيعاب، فعمل الملخصات يحدد لك الأطر العامة للموضوعات والتفصيلات المتفرعة عنها، ويضع حدودًا فاصلة بين أجزاء الموضوع، ويعمل على تصنيفه وتقسيمه بصورة توضح المعنى وتساعد في تخزينه في الذاكرة بصورة مرئية.
-تساعد في إمدادك بسجل من المعلومات المركزة، التي ستحتاج لها في المستقبل؛ فإذا ما أردت إجراء مراجعة سريعة لبعض الدروس، وليس لديك وقت كاف لمراجعتها من الكتاب بإمكانك الاستعانة بالملخصات.
- تساعد على إدارة الوقت بفاعلية، فهي تجنبك إضاعة الوقت والجهد، فبدلا من قراءة (10) صفحات يمكن تلخيصها في صفحتين باستخلاص أهم الأفكار. ولهذا الجانب أثر نفسي إيجابي عليك ، وعلى استمرارك في عملية المذاكرة والمراجعة الدورية.
كيف تلخص؟
هناك طرق عديدة لكتابة الملخصات وأخذ الملاحظات، وتعتمد الطريقة المستخدمة، على طبيعة المادة المطلوب تلخيصها، والهدف من قيامك بعملية التلخيص، والطرق أو الأشكال الأساسية لكتابة الملخصات هي:
1- الطريقة النثرية:
هي نقل مركز أو نسخة مكثفة ومركزة من الأصل، وعادة ما تكتب بشكل نثرى.
2 - الطريقة الهيكلية:
وهذه تكون على شكل كلمات مفردة أو فقرات مختصرة، وتوضع على شكل قائمة، باستخدام تقسيمات مثل: العناوين الرئيسة والعناوين الثانوية المتفرعة مع استخدام الترقيم والترميز.
3- الأشكال والخرائط العنكبوتية:
وتتم هذه الطريقة بوضع العنوان الرئيس في مركز الورقة على شكل هندسي، بيضاوي، أو مربع أو دائري أو مستطيل، ويتفرع منه أسهم وخطوط، كل فرع رئيس قد يتفرع بدوره إلى أفرع ثانوية، وتستخدم هذه الطريقة خاصة إذا كان الموضوع المدروس ذا تصنيفات كثيرة ، والكتابة تكون مختصرة في هذه الأشكال.
المهارة الثالثة : مهارة الحفظ
كيف تذاكر وتحفظ المعلومات ؟
هناك عدة طرق للمذاكرة والحفظ أهمها :
1- طريقة الببغاء :
المذاكرة عند العديد من الناس ، تعنى الإعادة والتكرار إما بالتسميع الشفهي أو الكتابي، ولكن يعيب هذا الأسلوب ، أن هذا الالتصاق أو التعليق يكون مهزوزًا؛ فقد يكتشف الطالب أن المعلومات التي قام بتسميعها ، تحت ظروف القلق النفسي، قد ذهبت بشكل كامل ، كأن الدماغ أصبح فارغًا من كل أثر للمعلومات، وهذا لا يعنى أن هذه الطريقة فاشلة، ولكن يجب أن يطور هذا الأسلوب، وتستخدم وسائل أخرى مدعمة له ، مثل قوة التخيل، والربط التسلسلي .
2-طريقة التخيل :
هي عملية تكوين صورة عقلية لشيء تم ملاحظته وتخيله ثم تحويله إلى صورة واقعية مجسمة، ثم نعمل على إعادة تكرار هذه الصورة عدة مرات في مخيلتنا مما يعمل على تعزيز قوة الذاكرة لدينا.
مثال : تخيل أنك مخرج برامج ، حينذاك كل شئ سيأخذ بعداً بصرياً وحركياً وسمعياً ، مما سيعمل على تعزيز قوة الذاكرة .
3-طريقة الربط الذهني :
إحدى الطرق المتفرعة من قوة التخيل؛ فالمعلومات الجديدة من السهل تحويلها إلى معلومات طويلة المدى، فكلما نجحت في صنع الارتباطات كلما كان تذكرك للأشياء أفضل.
المهارة الرابعة: المراجعة
1- دوّن أكثر النقاط أهمية في كراسة الملاحظات.
2- راجع هذه الملاحظات دورياً.. اقرأها بصوت عالي.
3- لخص قدر المستطاع وقلل من ملاحظاتك لتتذكرها.
4- أثناء المراجعة والمذاكرة عليك بتوقع الأسئلة.
5- راجع وفق جدول زمني.
6- استخدم الألوان وأشِّر على أهم النقاط.
7- داوم على الأدعية أثناء المذاكرة وحفظ القرآن والأذكار وحافظ على الصلاة, فلا بارك الله في عملٍ ينهى عن الصلاة.
كيف تعد برنامجاً للمراجعة؟
إن إعداد برنامج للمراجعة يلعب دوراً كبيراً في الاستعداد للامتحانات، ويتم إعداد برنامج أو جدول المراجعة تبعاً لمقدرة كل طالب, وتبعاً لنوعية المواد التي سيجري فيها الامتحان على أن يكون في الشكل التالي:
1- المذاكرة المنتظمة لجميع المواد المقررة.
2- المراجعة المنتظمة لأنها مرحلة هامة؛ فلا تبدأ بالمراجعة ليلة الامتحان ولكنها مستمرة مع نهاية كل جلسة للمذاكرة.
3- ترتيب مواد الامتحان تبعاً لقربها الزمني من تاريخ الامتحان.
4- تحديد المواد التي تحتاج لمجهود ووقت أكبر في المراجعة.
5- تحديد الزمن المتبقي على كل مادة وتقسيمه تبعاً لها.
6- وضع المادة الصعبة مع مادة أقل صعوبة.
7- تحديد فترات في الجدول للراحة ولممارسة هواية محببة مما يساعد على تهيئة الجسم والذهن للاستيعاب الأفضل.
8- تجنب أسباب التشتت الذهني وأحلام اليقظة أثناء المراجعة؛ فمن يعمل ليس لديه وقت للأحلام.
9- احذر أن تقلد زملاءك في طريقة مراجعتهم؛ فلكل إنسان طريقته ومقدرته التي تميزه, فإن طريقتك الخاصة في هذا الوقت هي أفضل الطرق.
10- اجعل مراجعتك لكل درس بأن تضع هيكلاً للدرس في عناوين رئيسة وفرعية, ثم ابدأ بمراجعة كل ما يخص كل عنوان على حدة بعد أن تكون قد وضعت الهيكل الأساسي للمادة ككل, فهذا يساعدك -إن شاء الله- على تذكر كل النقاط الخاصة بكل درس عند الإجابة في الامتحان.
لا تغضب والديك فدعاؤهما أكبر عون لك!
وادع دائما بمثل هذا الدعاء (اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين, اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك وقلوبنا بخشيتك.. إنك على ما تشاء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل).
ـــــــــــــــــــ(101/164)
معالجة انعدام النظام والقلق عند الأطفال
د. سعد رياض
يواجه كثيرًا من المربين- آباء ومعلمين ومشرفين- في تربيتهم للأبناء مشاكلُ تربويةٌ تكون عائقًا ومؤرقًا لهم في العملية التربوية للأبناء..
ومساهَمةً منا نعرض بعض المشكلات وأسبابها، وطرق حلها والتعامل معها:
1- مشكلة انعدام النظام
النظام صفة حميدة مرتبطة ارتباطًا كبيرًا بالنظافة، وتُعد من الصفات التي إذا اتصف بها طفلٌ كان محبوبًا للجميع؛ لأنه نظيف في نفسه منظَّم لشئونه وواجباته، معاونًا لغيره، مطيعًا لربِّه ولولديه.
أما انعدام النظام فهو من الآفات التي إذا اتصف بها طفل ما كان عبئًا على أهله، غير موفق في واجباته، وبالتالي فانعدام النظام من الاضطرابات التي تحتاج إلى وقاية وعلاج، وفيما يلي توضيح لهذا الاضطراب.
التعريف
هي حالٌ من الهمجية من جانب الطفل في كل سلوكه وتصرفاته في البيت والمدرسة والشارع.
الشيوع
تحدث في الغالب في الطفولة الوسطى وما بعدها من سن 6 سنوات فما بعد.
الأشكال
- انعدام النظام في البيت.
- انعدام النظام في الشارع.
- انعدام النظافة الشخصية.
- انعدام النظافة في المدرسة.
الأسباب
- التذبذُب في معاملة الأولاد.
- عدم وجود القدوة الحسنة للنظام في البيت والمدرسة.
- الرغبة في التمرد على القيود التي فرضها الآباء والمربُّون.
- وجود صراعات بين الآباء وبين الإخوة الكبار.
- الرغبة في تقليد بعض الكبار في أفعالهم حتى ولو كانت سيئة.
أساليب الوقاية أو طرق العلاج
يجب على المربين مراعاة ما يلي:
- تهيئة القدوة الحسنة للأبناء من خلال السيرة، وأفضل قدوة هي قدوة الآباء في المنزل، وقدوة المعلم في المدرسة، ففي المراحل الأولى في الطفولة يكون الطفل ناقلاً ومقلِّدًا لكل من حوله.
- يجب أن يكون النظام في الأوامر والنواهي ثابتًا، فمن الخطأ أن نمنع شيئًا في وقت ما، ثمَّ نسمح به في وقت آخر.
- يجب أن يكون النظام معقولاً مناسِبًا، وينبغي أن تكون الأوامر والنواهي قليلة، فضلاً عن ضرورة وجود أسباب وجيهة نبرزها؛ بحيث يفهمها الطفل.
- تجنب العقاب الزائد؛ لأنه يؤدي إلى الشعور بفقد الأمن والتمرد والانحراف والحقد.
- لا فائدة من فقد الأعصاب في تعليم الطفل، فالضرب و(الشخط) لا يعنيان بالنسبة له أكثر من ذلك، فضلاً عن ذلك كيف نبدي للطفل أننا فقدنا أعصابنا حينما نعاقبه لأنه فقد أعصابه؟ وليكن في علم الآباء والأمهات أن فكرَ الطفل واضحٌ عما هو عدل وما هو ظلم، فاحترس من الظلم.
2- القلق عند الأطفال
التعريف
ظاهرة شائعة لدى الأطفال تنمو باعتبارها مكونًا أساسيًّا من المكونات الانفعالية الدافعية في بناء الشخصية، ويُعد الاستقرار الانفعالي للطفل من الجوانب الأساسية في التربية، وهو عبارة عن الهدوء والسكينة التي يشعر بها الطفل فتؤدي إلى أفضل الطرق في التعامل مع الآخرين، وإذا حدث خلل انفعالي للطفل في بداية حياته كان ذلك سببًا أساسيًّا في التوتر والقلق لدى الأطفال.
الشيوع
تعتبر الطفولة هي المرحلة العمرية التي يتطور فيها نمو القلق بشكل ملحوظ، فهي الفترة الحاسمة لتعلُّم الاستجابة لمثيرات واقعية أو موهومة.. حقيقية أو رمزية.
الأشكال
1- القلق الموضوعي: وهو خوف من خطر مفهوم، مثل حيوان مفترس.
2- القلق العصبي: هو خوف غامض غير مفهوم، ولا يوجد له سبب، وهذا ما يحتاج إلى علاج سريع؛ لأنه قد يترتب عليه فيما بعد بعض الأمراض.
3- قلق الانفصال: هو من اضطرا بات قلق الطفولة الأكثر انتشارًا، وهو قلق الانفصال عن الآباء.
4- قلق أخلاقي: وهو مصدره الضمير.
الأسباب.. الوقاية والعلاج
الخلل الانفعالي قد يحدث بسبب التذبذب في المعاملة، وعدم الشعور بالأمن النفسي، وعدم وجود الاستقرار الاجتماعي، والخوف من المستقبل والأحداث القادمة.. كل ذلك قد يُحدث القلق والتوتر للطفل، وفيما يلي توضيح لأسباب القلق:
1- الرغبة في إثبات إمكانات الفرد، وفي الاستقلال والشعور بالذنب؛ مما يؤدي إلى شحنة انفعالية قوية منه؛ حتى يحقق ما يرنو إليه فتسبب له القلق.
2- مواقف ليس فيها إشباع وتكرار هذه المواقف قد يسبب الإحباط الذي يوصل للقلق.
3- إسراف الوالدين في الحماية قد يعرض الأطفال للشعور بالخطر عندما يتعرَّضون للمواقف الخارجية البعيدة عن مجال الأسرة.
4- كثرة الانتقادات التي توجَّه للأطفال فتؤدي إلى فقد الثقة بالنفس الذي يسبب القلق.
5- إسراف الآباء في رغبتهم للوصول للكمال، فيلجأون إلى الضغط الذي يولد الانفجار فيبدأ الانفجار بالقلق.
أساليب الوقاية وطرق العلاج
يجب على الآباء والمربين مراعاة ما يلي:
1- يجب تنمية قدرات الطفل على الفهم، وحل المشكلات البسيطة.. من خلال التعود على التفكير لحل المواقف البسيطة التي يتعرض لها، ومدحه إذا كان فيه قدرٌ من التوفيق.
2- يجب مساعدة الطفل على الشعور بالأمن والثقة بالذات، وذلك من خلال تكليفه بأعمال بسيطة يسهُل النجاح فيها ويتيسر له من خلالها إثبات شخصيته.
3- ينبغي أن يساعد الطفل على فهم التخيلات عن الأمور المعقدة، مثل الموت والجنة والنار والشيطان.. وما شابه ذلك.
4- مساعدة الأطفال على الاستبصار بمشكلاتهم، واقتناعهم الذاتي بأسبابها الحقيقية، وطرق معالجتها، وخاصةً حينما تظهر بوادر القلق النفسي عليهم في مرحلة الطفولة المتأخِّرة.
5- مساعدة الأطفال على التعبير عن انفعالاتهم، سواءٌ من خلال اللعب، أو من خلال جلسات للتفريغ الانفعالي؛ حيث يتم فيها التعبير عن الأفكار والآراء، دون وجود حدود أوعلا قات رسمية مشحونة بالتقاليد.. ما يجب وما لا يجب.
6- يجب تعليم الأولاد أهمية اليقين بما قدَّر الله - تعالى - والإيمان بذلك، مع وجود القدوة الحسنة في مثل هذه الأمور.
04/05/2004
http://www.ikhwanonline.com المصدر:
تدخل الأب في شؤون ابنه
هل يحق للأب التدخل في شؤون ابنه المتزوج وحياته، لدرجة التدخل في المأكل والملبس والخروج من البيت، وتعامله مع زوجته وغيره؟
وما حدود تعامل زوجة الابن مع أم زوجها إن كانت تبرها مثل أمها ولكنها لا تجد مقابلاً سوى الإساءة والتحقير، وقلب كل إيجابي سلبياً، والتشهير بها بين "السِّلْفَات" والناس كذباً وافتراء، ثم محاولة أم الزوج التفريق بين ابنها وزوجته لكرهها أن تراهما على حب وتفاهم؟ مع العلم بأن زوجة الابن حاولت الصبر ومقابلة الإساءة بالإحسان، ولكن ذلك لا يزيد أم الزوج إلا إساءة؛ مما أصبح يؤثر على نفسية زوجة الابن ويؤثر على أسرتها ودعوتها؟
السؤال يتضمن مسائل عدة:
وبالنسبة للمسألة الأولى: يحق للأب التدخل في شؤون ابنه المتزوج وفي حياته كما تصفين، لدرجة التدخل في المأكل والملبس والخروج من البيت وتعامل هذا الابن مع زوجته وغير ذلك من الأمور، من خلال التشاور معه دون توجيه الأوامر في هذه المسائل الشخصية؛ إلا إذا وجد سلوكاً غير سوي يخالف الشرع أو يخالف العرف والعادة فله أن يتدخل بالحسنى وبالنصيحة لولده، وعليه أن يعطي الفرصة لهذا الابن أن يمارس حياته مع زوجته بالطريقة التي يراها مناسبة، مع مساهمته في توجيه الابن في بعض المسائل التي تفيده في دنياه وآخرته.
وأكرر أن يكون ذلك بالإقناع والأسلوب الطيب والمعاملة الحسنة حتى يكون قدوة حسنة لابنه.
وبالنسبة للمسألة الثانية: فإننا نوصي هذه الحماة بتقوى الله - عز وجل - وأن تدع ولدها وزوجته يعيشان حياتهما بمحبة ومودة كما أمر الله - تبارك وتعالى - أن يكون عليه الزواج وجعل ذلك آية عظيمة دالة على عظمه كما قال الله - تبارك وتعالى -: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (21)(الروم).
وللأسف الشديد، في هذا الزمان تكثر المشكلات بين الكنة (زوجة الابن) والحماة، فنوصي كلتيهما بتقوى الله - عز وجل - والرفق بالزوجة أو الابن على حد سواء.
أما المسألة الثالثة: وهي محاولة أم الزوج التفريق بين ابنها وزوجته لكرهها أن تراهما على حب وتفاهم فذلك لا يجوز بحال من الأحوال وفي ذلك هدم لهذا البيت وهذه الأسرة المسلمة. خاصة إذا كانت هذه الزوجة قد صبرت وقابلت الإساءة بالإحسان كما ذكرت في السؤال، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ كما قال الله - تعالى -، إذن لا يقابل الإحسان بالإساءة فهذا ليس من شيم المسلمين.
فلا تنسَ هذه الأم أو الحماة أنها بصنيعها ذلك لا تعاقب الزوجة، ولكنها تعاقب ولدها فلذة كبدها، فلتتقي الله في هذا الولد، ولتدعه يعش حياته، ويعمر بيته مع زوجته على تقوى الله - تبارك وتعالى - ورضاه.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/165)
فيلم أبي وأمي والمرسيدس
طلال المساعد
" أف أف..... إلى متى سأظل استقبل أوامر كل شيء أوامر أوامر... اذهبي وتعالي وافعل ولا تفعل تعبت من كثرة الأوامر. "
كثير منا يردد هذا القول وهو غاضب وفي حالة من العصبية وكأنه لا يطيق الأرض بمن عليها ولكن لنرى معا لمن يقال هذا القول بهذا الشكل الرهيب؟؟
انه يقال لأكرم الناس.. يقال لمن ضحوا بالكثير من أجلنا ومازالوا يضحون لآخر لحظة في عمرهم..... يقال لمن افنوا شبابهم في خدمتنا وتحملوا الصعاب والمشاق من أجلنا..... يقال لمن ليس هناك على وجه الأرض من يحبنا مثلهم ويحن علينا حنانهم.
أعرفتم من هم؟؟
هم "والدينا" آبائنا وأمهاتنا
ترى كم منا الآن يطيع والديه حق طاعتهم ويصطبر على ذلك وهو راضى؟
كم منا يبتسم في وجه والديه ويقبل يديهما تواضعا واحتراما لهما واعترافا بالجميل؟
كم منا يعرض عليهم الخروج معه إشعارا باهتمامه بهم كما يتهافت على إرضاء أصدقائه ليقبلوا دعوته في أن يقضوا يوما معه؟
فقد جَاءَ رَجُلٌ إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول اللَّه مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ صَحَابَتي؟ قال: « أُمُّك » قال: ثُمَّ منْ؟ قال: « أُمُّكَ » قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: « أُمُّكَ » قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: « أَبُوكَ » متفقٌ عليه.
فلنعد معا بالذاكرة إلى الوراء............
عندما كنا أجنة في بطون أمهاتنا كم احتملت أمهاتنا من الآلام وصبرت لكي تخرجنا إلى هذه الدنيا!
من كان يطعمنا بيديه ويسقينا؟ من الذي كان يخفف عنا إذا بكينا أو حزنا؟... من في الدنيا كلها يتمنى أن يكون هناك من هو أحسن منه غير الوالدين لولدهما؟.... من كان يغطينا بحنانه ويحمينا بأسوار أحضانه؟؟
فهذ1حبهم لنا
وهناك من تسأله أتحب والديك؟
فيجيبك بالتأكيد وهل هناك من لا يحب والديه!
فلننظر معا كيف حبنا لهم....
إذا ما طلبوا منا شيئا نهيج عليهم ونرفع الأصوات ونشيح بالأيادي إعراضا عما يطلبون ولكننا عندما كنا صغارا فإذا طلبنا فقط أن نأكل أو نشرب نجدهم يتحركون من فورهم مسرعين ليحضروا لنا الطعام ملبين لطلبنا
فلم نبخل عليهم في الكبر وهم لم يبخلوا علينا في الصغر؟؟
ما الذي يجعلنا قاسيين معهم هكذا وجافين في معاملتهم؟؟
أتدرون ما هو السبب؟؟
السبب هو أننا ننساهم ننسى ما فعلوه من أجلنا ننظر لأنفسنا الآن وأننا نحن الذين نقوم على خدمتهم ونحن الذين نضحي ونفعل ناسيين أن السبب فيما نحن فيه من نعم كثيرة هو ثمار ما جنوه لنا بتضحيتهم بالكثير حال شبابهم.
يقول "رضا الله في رضا الوالد أو قال الوالدين وسخط الله في سخط الوالد أو قال الوالدين " رواه مسلم
ويقول الله - تعالى - (أن اشكر لي ولوالديك)
فانظروا كيف هو رضا الله وسخطه مقرونا برضا وسخط الوالدين!
وانظروا كيف كرمهما بأن جعل شكره - سبحانه - مقرونا بشكر الوالدين!
وليس ذلك فقط بل أمرنا - سبحانه - ببرهما والإحسان اليهما قال - تعالى - (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
ولقد حذرنا - سبحانه - أيضا من عقوقهما فقد صح عن رسول الله أنه قال: {ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنّان بما أعطى} [رواه النسائي وأحمد والحاكم].
وفي الصحيحين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور
ولقد أوحى الله إلى موسى:
لولا من يشهد أن لا اله إلا الله لسلطت جهنم على أهل الدنيا..
يا موسى، لولا من يعبدني ما أمهلت من يعصينى طرفة عين..
يا موسى، إنه من آمن بي فهو أكرم الخلق على.. يا موسى إن كلمة من العاق تزن جميع رمال الأرض..
قال موسى: يا رب من العاق؟!..
قال: إذا قال لوالديه: لا لبيك. (رواه أبو نعيم عن أنس - رضي الله عنه -)
فلماذا إذا كل هذا الاهتمام بهما ولماذا كل هذا الحب من والدينا؟
لقد قذف الله في قلوبهم حبنا وخوفهم علينا وهذا من رحمته - تعالى - بعباده
فتخيلوا معي لو أنا فقدنا أبوينا وأصبحنا يتامى بدون أب ولا أم كيف سيكون حالنا؟
وقتها سنتمنى لو أنهم معنا لحظة
فالحمد لله أن جعل لنا أبا و أما فشكر الله على هذه النعمة هو طاعتهم وبرنا بهم
إذا كيف نبر والدينا؟
في سنن ابن ماجه سئل: يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما؟ "قال هما جنتك ونارك"
للوالدين على الولد 10 حقوق:
1- أنه إذا احتاج أحدهما إلى الطعام أطعمه.
2- إذا احتاج إلى الكسوة كساه إن قدر عليه وهكذا روى عن رسول الله في تفسير قوله - تعالى - " وصاحبهما في الدنيا معروفا" فقال المصاحبة بالمعروف أن يطعمهما إذا جاعا ويكسوهما إذا عريا.
3- إذا احتاج أحدهما خدمته خدمه.
4- إذا دعاه أجابه وحضره.
5- إذا أمره بأمر أطاعه ما لم يأمر بمعصية.
6- أن يتكلم معه باللين ولا يتكلم معه بالكلام الغليظ.
7- أن لا يدعوه بإسمه.
8- أن يمشى خلفه.
9- أن يرضى له ما يرضى لنفسه ويكره ما يكره لنفسه
10- أن يدعو له بالمغفرة كلما يدعو لنفسه، يقول - تعالى - على لسان نوح - عليه السلام - " رب اغفر لي ولوالدي" وقال - سبحانه - على لسان إبراهيم - عليه السلام - " ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب"
قال أحد الفقهاء فأن سأل سائل كيف يبر الولد والديه بعد موتهما إذا ماتا ساخطين عليه فعل يمكنه أن يرضيهما؟
قيل له نعم: يرضيهما بثلاثة أشياء:
1- أن يكون الولد صالحاً في نفسه لأنه لا يكون شيء أحب إليهما من صلاحه.
2- أن يصل قرابتهما وأصدقائهما.
3- أن يستغفر لهما ويدعو لهما ويتصدق عنهما.
ولقد روى عن بعض الصالحين أنه كان لا يأمر ابنه بأمر وكان إذا احتاج إلى شيء يأمر غيره فسئل عن ذلك؟ فقال: إني أخاف أني لو أمرت ابني بذلك يعصينى في ذلك فيستوجب النار وأنا لا أحرق ابني بالنار.
فكفانا نسيانا لوالدينا أما آن لنا أن نبرهم ونرد جزءاً ولو بسيطاً من جميلهم؟
http://www.almualem.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/166)
رسالة إلى ابني ..
عبد الله عاتق القرشي
الحمد لله المتفرد بالإنعام المتفضل بالإكرام، خلق الإنسان وكرمه وسخر له كل شئ، علمه الفصاحة والبيان، وجعل أدب المسلمين في القرآن.
فالحمد لله بالإسلام، والحمد لله بالإيمان، والحمد لله بالمال والأهل والولد، والحمد لله بالصحة والمعافاة، والحمد لله بكل نعمة أنعمها في قديم أو حديث. واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلي الله وبارك عليه وعلي آله وأهل بيته الطيبين الطاهرين. أما بعد:
فإني أكتب لك يا أعز الناس ـــ إليك يا فلذة كبدي وحشاشة فؤادي فلكم كنت أتمني أن ترمقك عيناي ويطرب لك قلبي وأنت نطفة لم تخلق بعد، فأنت الحقيقة بعد حلم، وأنت الفرحة بعد طول انتظار، بالأمس لم تكن شيئا مذكورا واليوم أتأمل فيك وأطمع أن تكون غدا في عداد خير الرجال ـــ أنت يا بني أوصاك ربك - جل وعلا - بطاعتي في كثير من الآيات وقرن طاعتي بطاعته تبارك وتعالي فقال - عز وجل -: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) [الإسراء 23].
وقال - تعالى -: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن) [لقمان 14].
وقال - تعالى -: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها) [الأحقاف 15].
وأمرك رسول الله بطاعتي وذكر لك أن والدك أوسط أبواب الجنة وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، هل تأملت هذا يا بني؟ هل فكرت في عظيم حقي عليك وعظيم فضل أمك.
وحذرني ربي منك فقال - عز وجل -: (إنما أولادكم وأموالكم فتنة) [التغابن 15].
وقال - تعالى -: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) [التغابن 14].
ومع هذا كله تجدني أتحنن عليك وأشفق عليك، أبكي إن طرقت ليلا وأحزن إن تأخرت، أظل انتظر عودتك، أحزن لرسوبك وأفرح لنجاحك، ما تمنيت أن يتقدم علي أحد من الناس سواك، ولا تمنيت أن طرقت أو جعلت فداء إلا فداك.
أ فلك يا بني أن تحفظ هذا، ويا ترى كيف أنت وأوسط أبواب الجنة يوم فراق دنياك، هل تأملت وأنت تضع يدك في جيبي بكل جرأة وتأخذ ما تريد وذلك علي قلبي أحب من الماء البارد للهيمان الصادي.
أتراك تطيب نفسك لو وضعت يدي في جيبك لآخذ بعض مالك أنسيت أن الولد وماله لوالده.
أتذكر يا بني كم كنت أحملك علي كتفي وظهري ويدي أ فتراك تحملني كما حملتك فيما مضي والجزاء من جنس العمل.
أتذكر يا بني كم كنت تطلب مني الحلوى جوف الليل وفي لهيب الظهيرة وكنت أفزع عجلا لشراء ما تريد والنفس فرحة مسرورة.
أفتستطيع أن تفعل معي كما فعلت معك؟.
يا بني هل تأملت آخر العام كيف يكون وجهي بين الناس حينما تظهر نتائج الناجحين والراسبين، أ فتراك تعمل لأي النتيجتين؟.
إنني أعلم يا بني أن الآخرة دار المقر ولكل امرئ ما نوي ولا يجازى أحد بعمل أحد فمن هذا الباب لا أحزن ولكن في الدنيا لم تطاوعني نفسي، بل كل يوم أ تأمل فيك و أدعو الله لك وأرغب في صلاحك ونجاحك وفلاحك فيا ترى هل تحب أن تحقق أملي ورغبتي ورجائي؟. إنك بالجد والمثابرة تستطيع!! فمتي أتراك ستبدأ لتحقيق ذلك؟.
يا بني إنما أنت لبنة في بناء فهل ترى أن البنيان يحسن ويحمل إذا كانت بعض لبناته غير صالحة أو بها أثر من خدش أو كسر.
إنني يا بني آمل أن تكون اللبنة الصالحة التي يكتمل بها البنيان. والله أرجو أن يجعلك خيرا مما أرجو هو مولاي وهو يهدي السبيل.
والسلام
المرسل: والدك المحب لك الخير.
http://www.almualem.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/167)
لوحة كن أنت رسّامها!
هناء الحمراني 21/3/1425
10/05/2004
أسرة مكونة من أب وأم ومجموعة من الأبناء ما بين بنات وأولاد.. يعيشون معًا فترة من الزمان ثم يفترقون.. كذلك الحال بالنسبة للمعلم وتلميذه.. يمرون بنفس القصة.. عِشرة ثم افتراق.."أحبب من شئت فإنك مفارقه" .
ألا إن في نفس كل إنسان فارقته لا تزال هناك لوحة أنت رسامها.. تقع بين ملايين اللوحات الموجودة في قلبه..
هل هي لوحة كئيبة: سماء مربدة.. ملأى بالغيوم السوداء.. والظلام يبتلع شوارعها.. وخيوط العنكبوت على أبواب مبانيها؟
أم لوحة مورقة.. تتجدد مع الأيام.. الشمس تسير في نهارها.. والبدر يضيء ظلمتها.. الورد يتفتح في صباحها.. والأشجار تثمر في مواسمها؟
***
لنجلس معًا على مائدة إحدى الأسر..انظروا إلى طريقة الأكل.. إنهم يأكلون بأيديهم..هل يهمنا ذلك؟ كلا.. ولكن انظروا جيدًا.. الابن الأصغر كيف يطلب من شقيقته كأسًا من الماء.. نعم.. إنه خشن الطبع قليلاً.. يفتقر إلى أسلوب الخطاب والطلب: "هيه..أعطيني ماء بسرعة.. بسرعة" كلنا الآن ننظر إلى الأخت الكبرى فالماء عندها. كيف ستقابل طلبه؟ عقدت حاجبيها.. صرخت في وجه أخيها: "ألا تعرف كيف تقول (لو سمحت؟)".. يرد عليها: "لن أقولها.. هات الماء".. ترد بفظاظة أكثر: "وأنا لن أعطيك الماء" تتدخل الأم غضبى: "أنتم قليلو الاحترام".. يقوم الأب من فوق المائدة: "الحياة معكم لا تطاق"..
***
عفوًا.. ألا زلتم تشاهدون الموقف معي.. لقد بقيت الأخت الوسطى والأخ الأكبر على المائدة..انسحبا بهدوء بعد أن لملمت الأخت الوسطى الصحونَ ووضعتها في المطبخ.. أحب أن نتعرف على الأخت الوسطى أكثر وليكن اسمها (بلسم) فهي أهل لهذا الاسم..
***
وقت العشاء.. كلهم على المائدة.. كلهم يأكلون بصمت..أخذت بلسم الماء قربها..صاح الصغير:"هااااااااات كأسا من الماء" نظرت الكبرى إليه شزرًا.. تقول بنظراتها ما قالته بلسانها على الغداء..تبادلها أمها نظرات أكثر حدة.. لكي تغض طرفها.. والأب بدأ بالتململ..في هذه الثواني المشحونة.. تشرق وبقوة ابتسامة بلسم مادة كأس الماء إلى أخيها:"تفضل يا عزيزي" ..
***
كيف هي حياة بلسم اليومية؟ ما البرنامج الذي تسير عليه.. ما الألوان التي تختارها لكي ترسم لوحاتها الجميلة في قلوب الناس من حولها؟ إنها تحب لون السلام.. تضعه في لوحة كل من تقابله.. حتى ابن شقيقها الذي لم يتجاوز عمره الشهر لم يحرم من سماع هذه التحية الزكية منها..
الابتسامة ظل مبدع تضعه بلطف تحت أشجار لوحاتها..
عندما تستيقظ من النوم صباحًا..أو تعود من جامعتها مساءً..لابد وأن تدلف إلى كل فرد من أسرتها تسلم عليه وتسأله عن حاله.. وتقدم له رأيًا أو مساعدة.. أو ملاحظة رقيقة على عمله..
على المائدة .. بقدر حبات الأرز المعروضة هناك ألوان زاهية يمكن إضافتها للوحاتها.. ليست بلسم وحدها التي تستطيع استخدام هذه الألوان.. بل كل فرد يمكنه ذلك.. إن بلسم تقرب أصناف الطعام إلى والديها.. تمد البطاطس المقلية إلى شقيقها الصغير؛ فهو يعشق هذا الصنف ولا يشبع منه أبدًا.. سعل أكبر إخوتها.. قدّمت له كأس الماء دون أن يطلبه منها.. وهي التي مدت بالملعقة لشقيقتها الكبرى.. هل تتخيلون الصورة التي رسمتها في اللوحات؟ فراشة ملونة تدور بين الأزهار.. أو نحلة تجمع الرحيق لصنع العسل..
لنترك مائدة الطعام..ها هو شقيقها المشاكس يقف فوق خزانة الملابس..آه.. وقع على الأرض.. الضحكات تتعالى من إخوته.. كل يدلي بتعليق سمج.. أو متهكم: (أحسن.. تستحق ذلك.. ليتك لا تزال واقعا ولم تصل إلى الأرض بعد...) ولكن بلسم لها شعور مختلف.. وتصرف آخر.. أمسكته من يده.. رفعته عن الأرض.."سلامتك..هل تأذيت؟" هكذا رسمت بلسم القمر في لوحة أخيها..
***
هل تظنون أن بلسم لا تطلب شيئًا من أحد؟ بل على العكس فهي لا تخجل من طلب الخدمة أو المساعدة أو أي شيء آخر من أسرتها.. ولكنها تعرف المعادلة التي تصل بها إلى الطرف الثاني بنجاح.. فهي تعلم كما أنه من حقها أن تطلب فمن حق الآخر أن يرفض إن لم يستطع تنفيذ الطلب.. تعرف أن الطلب لن ينفذ إلا إذا أراد الله له أن ينفذ.. وتعرف أيضًا أن الطلبات لا يجب أن تكون كلها مجابة.. تمامًا كما لا يمكن أن تكون كلها مرفوضة..
***
اصدقوا النية..تحزموا بالصبر.. وستجدون أمامكم علبة الحياة مفتوحة تعطيكم أزهى الألوان لرسم لوحاتكم..
***
قال أكثم بن صيفي:"إنما أنتم أخبار فطيبوا أخباركم".
ـــــــــــــــــــ(101/168)
لا تتركوا صغاركم فرائس للمنحرفين
يعيش بعض الآباء في برج عاجي آو بالأحرى كهوف يخرجون منها لتوفير المطعم والمسكن ثم يختفون، يرهبون إلى مشاكلهم أحيانا أو إلى أمزجتهم أحيانا أخرى أو شلة المجالس تاركين ورائهم صغار ينشدون التوجيه والموعظة والقدوة، وهنا يلتقطهم ضعفاء النفوس فيغرسون في ادمغتهم كل ما هو متشدد بعيدا عن تعاليم الدين لتحرير أجنده خفية ... ... ... فهل تتوقف ولاية الآباء على الأبناء ... ...
ولاية الاب على صغيره هي ولاية إجبارية وليست اختيارية وعلى الاب أن يسعى لتحسين تربية أبنائه والقيام بالتوجية والمتابعة والمحافظة على دينهم وعقولهم وعدم إهمالهم، لكن بعض الآباء يضنون أن بتوفير لقمة العيش والسكن المريح برئت ذممهم وعليهم تذكرة الحال والنتيجة أهمل الأب أبنائه وساروا في طريق الضلال فاض ذلك ليقيهم النار التي (وقودها الناس والحجارة) وعلى كل أب أن يفتش أبنائه من حيث الأصدقاء والحقائب والمكتبة حتى يطمئن عليهم من أفكارهم المدسوسة التي توقعهم في شبهه.
إن الفراغ أحياناً يكون سببا انحراف للشباب، الأمر الذي يقضي بتوفير أندية رياضية وثقافية واجتماعية، لكن للأب دورا هاما في ملاحظة الأبناء بشكل ملتزم والمؤسف أن بعض الآباء يهملون أبنائهم دون رقابة في وقت تتضح فيه حاجة الشباب لضوابط اجتماعية وثقافية في مقدمتها الانتماء الوطني والوسطية والاعتدال حتى لا تجعلهم عرضة للتيارات المتطرفة.
إن الأسرة من أهم المؤسسات التربوية في المجتمع، فالأب يعتبر العنصر المهم في عملية التربية والتنشئة الاجتماعية إذ كان للام دور فعال ونشيط في مساعدة الأب وعليها عبء إشباع حاجة الأبناء، وهنا تكمن خطورة عدم متابعتهم وتركهم خارج المنزل لساعات مع أصدقائهم دون مراقبة، وعلينا أن نعرف أن المرحلة الثانوية تحتاج لمتابعة حتى بعد زواج الابن فيجب متابعتهم، واعتقد أن التساهل التربوي هو أحد أسباب انحراف الأبناء، فبعض الآباء لا يسال عن أبنائهم أو سلوكهم أو مستوى تدينهم ومدى تطبيقهم للشريعة الإسلامية، ولا يوجهونهم كأصدقاء صالحين الذين يتميزون بالأخلاق الحسنة وهنا نجد أن الأبناء يكونون عرضة لأصدقاء السوء والتأثر فكريا وسلوكيا ...
إن البعض من الآباء يتركون الحرية لأبنائهم في الدخول إلى المنزل والخروج منه والسهر والرحلات، فيتعود الأبناء على عدم الاستئذان لأنهم كبروا ويتغيبون بالأيام هنا وهناك. الكارثة أن المرحلة الحالية تحتم دورا هاما على الآباء وتوجيههم ورعايتهم والنصح والإرشاد يكون بالترغيب تارة والحوافز مع حثهم على عدم الغلو والتطرف والتشدد والتحلي بالأخلاق الإسلامية.
عن سالمة المجتمع وسلامة أفراده وفي مجتمعاتنا الشرقية نجد السلطة الذكورية فيها واضحة في كل مرحلة ولو تتبعنا علاقة الأب بأبنائه لأتضح التعاضد الاجتماعي الذي تفرضه الحياة الاجتماعية فالأب هو الأساس الخلية الاجتماعية إلا تولى ويصعب أن نقوّم العود وهو يابس وفي كل مشاكل الانحراف تتجه الأنظار للأسرة والأب في الدرجة الأولى، أما الانحراف الفكري فأسس من فقدان الحنان وإهمال الأسرة ويتحمل الآباء والمعلمون مسؤولية التربية الخطيرة وهناك توجيه نبوي شريف بالرعاية الاجتماعية التي ينبغي أن تكون على منهج الله - تعالى - والتربية المتزنة هي التي تربي الإنسان والمطلوب منذ نعومة الأظافر بشكل بعيد عن الانفراط أو التفريط. ولنشجع أبنائنا على فعل الطاعات والابتعاد عن المحرمات، وعلى الأبوين أن لا يصنعا طفليهما إلا ما هو صالح ونافع وطيب فينشأ بذلك ابنا نافعا لأهله محبا للخير كارها للشر وإيذاء الآخرين ويتجنب فعل المحرمات.
http://saaid.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/169)
يا شبابنا .. من قدوتكم؟
د. بدران بن الحسن 22/2/1425
12/04/2004
يحتاج الناس عادة إلى نماذج بشرية يتخذونها نموذجًا في حياتهم، ولا سيما الشباب ومن هم في مقتبل أعمارهم. حيث تكون القدوة أهم سبيل لتشكيل الشخصية وإشباع الرغبات في اتخاذ موقف من الحياة ومن كثير من قضاياها.
ويحتاج الشباب ومن هم في سن المراهقة إلى شخصيات واقعية؛ إما من واقع الحياة أو من واقع التاريخ، ليتخذونها ملهما لهم، ويقلدونها في تصرفاتها وأفكارها، وطريقة حياتها، ذلك أن الإنسان في هذه السن لم يرتق بعد على مستوى التجريد النظري الذي يستطيع من خلاله أن يستقل بشخصيته في الحياة.
وكما يرى علماء نفس النمو فإن الإنسان ينتقل من عمر الشيء إلى عمر الشخص ثم ينتهي إلى عمر الفكرة عندما تكتمل قواه النفسية والإدراكية. فالصبي الصغير لا فرق عنده بين ثدي أمه وبين الرضّاعة الاصطناعية، ولا فرق عنده بين أن يجلس بقربه شخص أو نضع بقربه دمية متحركة، فإن تركيزه على الحركة واللون والصورة أكثر من تركيزه على مصدرها ومن يقوم بها. أما الشاب الذي بدأت قواه الإدراكية في التطور، وأخذت قواه النفسية في النمو فإنه يحتاج إلى نموذج عملي مشخص يتمثله ويبني عليه شخصيته، ويقلده في تصرفاته، ويتبعه في أفكاره. وعندما يبلغ الإنسان مبلغ الرشد بحيث يستطيع أن يفصل بين الفعل وفاعله، وبين الشخص والفكرة، وحينما يرتقي إلى مرتبة إدراك الحقائق في ذاتها ووفق قوانينها، فإنه يستقل بشخصيته ويصبح قادرا على التمييز بين الفعل وبين صاحب الفعل، وتكون له القدرة على فك الارتباط بين فعل الشخص السليم وفعله الخطأ، ذلك أنه صارت لديه مبادئ مجردة عن الحق والعدل والخير والشر وغيرها اكتسبها أثناء مسيرة حياته بمختلف أبعادها النفسية والتربوية والاجتماعية وغيرها.
غير أن ما يهمنا في هذا المقال الوجيز هو مرحلة الشباب والمراهقة؛ وهي المرحلة الخطيرة في حياة الإنسان، حيث يتشكل فيها وعيه المستقبلي الذي يهيمن على حياته في مرحلة النضج واكتمال النمو.
ضرورة القدوة:
وفي هذا السياق فإن مسألة القدوة تثار بشكل ملح، وتأخذ أهمية كبرى لما لها من دور توجيهي لقدرات الشباب وأفكارهم؛ بل وأحلامهم أيضًا. ولقد تفطن لذلك الغربيون بشكل ذكي، فعملوا على صناعة شخصيات اجتماعية وثقافية وفكرية وفنية وسياسية ورياضية ودينية ذات صيت عالمي، وسمعة واسعة الانتشار، وبريق أخّاذ، وحضور مستمر في صناعة الحدث بمختلف أوجهه.
والمراهقون يحتاجون في بداية حياتهم إلى نموذج بشري يتخذونه قدوة لهم. فنرى بعضهم يقتدي بنجوم الرياضة أو الممثلين أو المغنيين أو غيرهم، يقلدونهم في حركاتهم ولباسهم وتسريحة شعرهم؛ بل وحتى في طريقة كلامهم.
خطر العولمة:
وفي مرحلة العولمة وزوال الحدود الجغرافية والإعلامية والسياسية وغيرها مما كان يعتبر حدودًا تحمي الداخل في وجه أي تسرب للآخر إلى حصوننا؛ فإن التدفق الإعلامي والمعلوماتي وانتشار أنماط الحياة الغربية بفعل الهيمنة والقوة الحضارية الغربية جعلنا في موقع المغلوب المتأثر بغالبه، المقلد له في صغائره وكبائره.
وبما أننا لا يمكن لنا أن ننعزل عن غيرنا في هذا العالم الذي صار قرية صغيرة تتجاوب بعض جنباتها مع ما يحدث في جنباتها الأخرى؛ فإننا أمام خطر حقيقي يتهددنا في وجودنا الحضاري وفي رصيدنا المستقبلي الذي هو الشباب. والخطر في أن ينشأ هذا الشباب على نماذج غير التي نريد، ويتخذ أمثلة حياتية على غير ما نصبو إليه من التميز الديني الحضاري. فشبابنا اليوم ينشأ مبهورًا بالمشاهير الغربيين أو حتى المشاهير المحليين - من أبناء جلدتنا- الذين لا يختلفون عن الغربيين إلا في الاسم.
قدوات ممسوخة:
فشبابنا اليوم نشأ متأثرًا بنماذج جذابة في ظاهرها أمثال: لاعبي كرة القدم، والممثلين، والرياضيين، والفنانين، وبعض الكتاب والمفكرين، والسياسيين، ودعاة حقوق الإنسان وحماية البيئة والحيوان وغيرها.
غير أن المطلع على خبايا حياة هذه النماذج التي انبهر بها شبابنا يجدها نماذج أبعد ما تكون عن النموذج الصالح؛ فمعظمهم غارق في الرذيلة والانحلال الخلقي، والإدمان على المخدرات، والإصابة بالإيدز والجنوح نحو الشذوذ، والخروج عن الفطرة. بينما نحن أحوج ما نكون إلى نماذج قوية في شخصيتها، طاهرة في نفسها، طيبة في سريرتها، سليمة في عقيدتها، متكاملة في شخصيتها، سابقة في أصالتها، مستقيمة مع فطرتها، واقعية في تجربتها، نموذجية وصالحة لأن نقتدي بها. وخاصة ونحن نسعى جاهدين إلى التميز عقيديًّا وحضاريًّا، والتفاعل مع غيرنا من الأمم بأصالة وفعالية، من أجل أن نسجل حضورنا بين الأمم، وأن نستعيد مكانتنا الحضارية الإسلامية كما كانت عليه من قبل رائدة للحضارة البشرية وهادية لها إلى عبادة الله الواحد الأحد وعمارة الأرض وتحقيق الاستخلاف.
الرسول قدوتنا:
ولهذا فالسؤال الموجه إلى كل واحد منا: مربين وطلابًا، ولاة أمور ورعية، حكامًا ومحكومين، رجالاً ونساءً، شبابًا وشيوخًا، أن نسأل أنفسنا: ما هي النماذج الصالحة للاقتداء؟ ومن يصلح أو من تصلح أن نتخذه أو نتخذها قدوة لنا؟ ومن يمكن له أو لها أن يتبوأ مكانة المثال والنموذج المقتدى في نفوسنا جميعًا وفي نفوس شبابنا خصوصًا؟
ولا شك أن بقليل من التأمل والتدبر في الشخصية التي نتخذها نحن وشبابنا قدوة هي شخصية محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- وشخصيات آله وزوجاته وأصحابه -رضوان الله عليهم-.
فقد كان محمد بن عبدالله نموذجًا في طفولته، وفي مراهقته، وفي شبابه، وفي كهولته. كان نموذجًا في الطموح، وفي العفة، وفي الصبر، وفي الأمانة، وفي الصدق، وفي الجد، وفي الهزل. كان نموذجًا في حياته الخاصة، وفي حياته العامة، في ثقافته، وفي تدينه، وفي سياسته، وفي علاقاته الاجتماعية، وفي نشاطه التجاري. كان نموذجًا في أسرته، وفي أولاده، وفي فقره، وفي غناه، وفي فرحه، وفي حزنه، وفي غضبه، وفي رضاه. كان نموذجًا في حياته، وفي مماته، في علمه، وفي اجتهاده، وفي حربه، وفي سلمه.
ذلك هو النموذج الذي ينبغي أن نتخذه قدوة، ليس لأنه نبينا فقط، ونؤمن به ونصدقه ونتبع؛ ولكن لأنه كان فعلاً نموذجًا ناجحًا بكل المقاييس، وبكل المعايير، ومن مختلف الأوجه، وعلى مختلف المستويات. فلا ينكر نموذجيته أحد؛ مسلمًا كان أو غير مسلم.
بل إن محمدًا بن عبدالله -صلى الله عليه- وسلم كان نموذجًا عمليًّا وواقعيًّا بلغت نموذجيته أن شكل نماذج أخرى تشع قدوة ومثالية؛ نساءً ورجالاً وأطفالاً، بنى بهم أمة وحضارة لم تُسبق في التاريخ.
ذلك هو فعلاً النموذج الجدير بالاقتداء والتمثل والاتباع من قبل شبابنا؛ شباب أمة تطمح إلى استعادة دورها في الشهادة والريادة، ولتكون مرة أخرى "خير أمة أخرجت للناس".
ـــــــــــــــــــ(101/170)
نبتة غريبة
بدرية الغنيم 16/2/1425
06/04/2004
نظر الفلاح إلى حقله المترامي الأطراف وقد اكتسى نضارة وخضرة بدت معالمها على وجهه سروراً وانشراحاً وفترت شفتيه عن ابتسامة دائمة زادت وضوحاً في حرارة الشمس الملهِبة التي صرّ عينيه متأذياً من وهجها، لكنه لا يمل تلك الابتسامة وكأنها من واجباته اليومية في رعاية الحقل، وكان يعمد لحقله قبل بزوغ الشمس يتفقده نبتةً نبته.. يتلمس أوراقها، ويعدل سيقانها ويبعد عنها ما يؤذيها، ويحادثها وكأنها تبادله الحديث وتبثه شكواها؛ فكان يشعر بما ينقصها فيشاركها المشاعر والأحاسيس، فغدا وكأنه من شجيرات الحقل وفي لحظات تفقده لحقله الممتد على الأرض والممتد حبًّا في قلبه نظر؛ فإذا نبتة صغيرة بين نباتات حقله نظر إليها في رحمة ولامس بيديه أوراقها بأسى لأنها غريبة تركها وهو يتمتم: "صغيرة.. صغيرة"، وأخذ يمتع ناظريه بجمال حقله وخضرته ورواء أغصانه ، يغيب عن حقله ويعود بشوق متجدد وعزم متجدد لما يرى من تسابق شجيراته في الإعلان عن طيب رعايته وحسن تعهده لها، وكأنهن يقلن له في تسابقهن للتطاول والنمو: شكراً لتلك العناية، وذلك الحب. ثم بدأن بتقديم الهدايا له بتلك الزهور التي زادت من زهو الحقل وكان كلما مرّ على النبتة الغريبه ضحك ورحم غربتها في حقله، وإذا بها تسابق شجيرات الحقل في عنفوان وصمود وشموخ... وفي يوم مشرق دلف الفلاح إلى حقله بابتسامته المعهودة، ولم تلبث إلا قليلاً حتى تلاشت لما رأى بعض الشجيرات بدا عليها الإعياء؛ فكانت لا ترتفع وفرتها عاليًا؛ بل كانت منكسة مطأطئة وجذوعها مرنة تقلبها الرياح يمنة ويسرة.. قد ذوت ولم تعد في صمودها ومقاومتها.. أخذ يقيم جذوعها ويسندها، ثم أجرى نحوها تيار الماء وأسمدها لكن الماء يتغلغل في الأرض دون أن تصيب منه نهمها..
أدرك أن الأمر فيه ما فيه حينما رأى وسطهن تلك الشجرة في عنفوان وقوة ورأى بشاعة ورقها وصلابة جذوعها ونتنها ونتن ثمارها ومستعمرات الحشرات التي ارتضتها وطناً، بعدها قرر في نفسه أن يقتلعها.. حمل فأسه فضرب الأرض حولها فإذا هي قوية متماسكة لم تعمل فيها معاوله.. حاول أخرى لكنه لم ينجح إلا ببعثرة شيء من التراب و الحشرات المتراكضة.. بعدها دب في نفسه رعدة غريبة.. هذه الشجرة التي كنت أكرمها وأرحمها وجعلتها تعيش في حقلي وبين شجيراتي نبتة خبيثة!! لا بد أن تقتلع، أخذ هدير "البلدوزر" في الحقل يثير اضطراب الشجيرات، وأمسك بالشجرة الخبيثة وأخذ يسحبها وتأبى أن تترك الأرض التي نبتت فيها.. أخذ يسحبها بعنف وتقاوم.. ويسحبها ولم يفلح.. حتى أحضر أداة للحفر تضرب في جذورها والبلدوز ممسكاً بجذعها وتكاد أن تقف تروسه من قوة جذعها وأداة الحفر كسرت مدقتها مراراً، ومع إصرار الفلاح وتضافر الأدوات والحبال والشد والقطع والجذب نتقت الشجرة الخبيثة بجذورها من الأرض وقد علقت بها جذور شجيرات الحق فتساقطن واحدة تلو الأخرى متناثرة ثمارها، ثم تبعثرت نباتات الحقل وقلبت تربته؛ فأحدثت هوة في أرض المزرعة؛ فكانت إزالتها شاقة حيث قد صنعت لها شبكة من الجذور الموصلة بكل نبتة قريبة منها و كانت تستأثر بالماء والغذاء وتتغذى على ما تصنعه الشجيرات في جذورها حتى ضعفت النباتات وذوت.
فكان مشهد الشجرة الخبيثة وهي مجندلة وتلك الشجيرات الجميلة الميتة حولها والجريحة قد أثار حزن الفلاح واسفه فعض أصابع الندم إذ لم يبادر الأمر من أوله إذ أحسن الظن بنبتة دخيلة عملت على إفساد حقله ونثرت سمومها في تربته.
وهذا هو حال التربية في كثير من البيوت إلا من رحم الله حيث لا تتجاوز الغذاء والدواء والكساء، وإذا كبر الأولاد والبنات وبدأت تظهر السلوكيات الخاطئة التفت الأهل لأمر التربية في وقت متأخر جدًّا، وبدؤوا يجربون حلولهم المرتجلة والوقتية، وأخذوا يلقون بالملامة على الجيل الجديد وعصايتهم وتحديهم لإرادة الأهل وعدم التزامهم واحترامهم للقيم التي نشأ عليها الآباء؛ فيبدأ الآباء حينها بالبحث عن جميع عيوب الشاب لعلاجها؛ من تهاون في الصلاة، وتكاسل في أداء العبادات، ثم السلوكيات السيئة التي أصبح عليها الشاب؛ فيبدأ العلاج لكم هائل من المشاكل في وقت واحد بدون ترتيب للأولويات، مما يثير حفيظة الشاب، ويعلن التمرد وعدم الاستجابة، ثم يقوم الأهل بعد أن دب اليأس في أوصالهم بالانسحاب من ساحة التربية التي دخلوها متأخرين، ويترك الأمر للشاب، ويحل الفتور والقطيعة، وتخسر الأسرة والمجتمع عنصرًا مهمًّا؛ فيتهرب المعنيون من هذه المصادمة، فتزيد الحالة سوءًا أو يؤثر بعضهم البتر والقطع والعنف لعلاج المشكلة؛ فتحصل مفاسد كثيرة في سبيل إصلاح أمر كان علاجه هيناً في البداية صعب عند تضخمه. فيؤثر المربي أن يكون مدافعاً لا مبادراً، وذلك أصعب وضع يكون فيه المربي إذ تتوالى الأهداف في مرماه؛ فيضعف ولا يستطيع تحقيق أي هدف وتضيع أهدافه في ثنايا الدفاع، ويتحول من وضع التخطيط والتنفيذ إلى الترقيع وسد الخلل . فكيف يحسن عندها وضع التربية لمن يضيع الفرص المتاحة للتربية ولمن لا يدرك ولا يلاحظ المشاكل الخطيرة حال تمرحلها وتعدد أدوارها وآثارها السلبية ويعجز عن مواجهة بؤر التقصير . ويأبى أن يقر بمساهمته في صناعتها.
ـــــــــــــــــــ(101/171)
كيف أجعل ابني يراقب الله؟
السؤال
ابني يخاف مني، كيف أجعله يراقب الله أكثر من مراقبته لي؟
الاجابة
"المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق _سبحانه وتعالى_ على ظاهره وباطنه" [مدارج السالكين 2/68]، وهي منزلة عالية جعلها النبي _صلى الله عليه وسلم_ أعلى مراتب الدين، فقال في حديث جبريل المشهور: "والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
وعن عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال:" ثلاث من فعلهن فقد طعم طَعْمَ الإيمان، مَنْ عبد الله وحده؛ فإنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه، رافدةً عليه كلَّ عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة، ولا الشَّرط اللائمة ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكم؛ فإن الله _عز وجل_ لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره، وزكى عبد نفسه"، فقال رجل: ما تزكية المرء نفسه يا رسول الله؟ قال: "يعلم أن الله معه حيثما كان" [رواه البيهقي (4/95)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1046).]
ومما يعين الأب والمربي على تحقيق ذلك:
أ - الوعظ والاعتناء به؛ وإنما تعظم ثمرته حين يخرج من قلب صادق، قال أبو حفص لأبي عثمان النيسابوري: إذا جلست للناس فكن واعظاً لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماعهم عليك؛ فإنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك [مدارج السالكين 2/68]
ب - الاعتذار عما قد يطلبه المتربي - مما فيه مخالفة لأمر الله أو تقصير- بمراقبة الله واطلاعه.
ت - كثيراً ما يحدث الابن أباه أو معلمه عن بعض ما يراه من مواقف فيها مخالفة شرعية، كالغش والاحتيال ونحو ذلك، وهو في الأغلب يسوقها خبراً عادياً أثاره فيه غرابته، فيجدر أن يعلق المربي على مثل هذه المواقف بأن أولئك الذين لا يراقبون الله _تعالى_ لو كان لديهم أحد من البشر يخافونه لما اجترؤوا على المخالفة، وبأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً بعد ذلك.
ث - الحذر من مراقبة الشاب بالصورة التي تجعله يترك المعصية إرضاء لمن يربيه، بل ربطه بالله _عز وجل_ في هذا الجانب، وتنمية الرقابة الذاتية، حتى لو علم المربي بوقوع الشاب في معصية.
فضيلة الشيخ د.محمد الدويش
نقلا عم موقع المسلم
ـــــــــــــــــــ(101/172)
هل حقًّا يا أماه .. حفظتُ كتابَ الله؟!!
مريم أحمد الأحيدب 8/2/1425
29/03/2004
في إحدى الليالي.. وبعد فراغي من كتابة واجباتي و ترتيب كراساتي.. أويت إلى فراشي..
وقبل أن يطرق الكرى الأجفان.. أخذت أقلّب الأفكار.. واستعرض الخواطر فيما قد جرى وصار..
عندها بدأت مخيلتي تسبح في أغوار الماضي مقتبسةً منه أروع الصور، وأجمل الذكريات..
استوقفتني إحداها.. ولعلها كانت من أكثر الصور في ذهني رسوخاً.. وأشدها ثباتاً !!
قبل بضع عشرة سنة .. وتحديداً عندما بلغت السابعة..
أمسكتِ يا أمي الحبيبة بيدي الصغيرة.. تسابقين الخطى.. يسألك الرائح والغادي.. أين يا أم الأشبال ؟!!
تردين بكلّ فخرٍ وَ اعتزاز : سألحق ابنتي بمدارس تحفيظ القرآن..
الجميع باستنكار: مالكِ ولهذه المدارس يا أم الأشبال ؟!!..
فحصص القرآن فيها كثيرة.. ومناهجها كثيفة.. ارفقي بالبنية فهي مازالت صغيرة..
كنتِ تردين بكلّ عزة وإباء.. وصمود وكبرياء:
"على قدر أهل العزم تأتي العزائم".
أماه.. كنتِ بالفعل جبارة.. قاومتِ المجتمع والأقارب وأهل الحي..
لم يثنيكِ عن عزيمتكِ تثبيط مثبط.. ولا تخذيل متخاذل..
تهافتت الذكريات..
دلفت بوابة المدرسة متأبطةً حقيبتي.. كنتِ برفقتي تشدين أزري ، وتقيلين عثرتي..
رمقتني بنظرات كلها حنانٌ وعطف.. ربتِّ على كتفي بلطف..
وعدتني بالبقاء.. وألا تتركيني وحيدة ...
أدخلتني غرفة الصف، وجلست خارجه.. عيناكِ تراقباني.. وكفاكِ تدعوان لي..
مرّت الأيام والسنون..
كانت سعادتكِ بي غامرة.. وفرحتكِ بي بالغة..
كلما طرق مسمعي حديث رسولنا الكريم -عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم- أن حامل القرآن يُوضع على رأسه يوم القيامة تاج الوقار، ويكسي والديه حُلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا .. فيقولان : بم كسينا ؟!! .. فيقال: بأخذ ولدكما القرآن..
تخيّلت ذاك المشهد .. وسألت الله أن يبلغني إياه..
إنه العز الحقيقي والراحة السرمدية التي تذوب فيها جميع المصاعب، وتتكسر أمامها كلّ التحديات..
أمي الحبيبة.. عندما أردتِ أن أكون متميزة.. أردتِ أن تصنعي مني فتاة صالحة، وداعية ناجحة، ومربية فاضلة..
عندما أردتِ أن أكون متميزة.. اخترتِ لي العيش في ظلال القرآن حيث الأمان والاطمئنان..
أردت أن تحافظي علي كما يُحافظ على الدرّ والياقوت والمرجان..
لكن بقي في ذهني سؤال.. سؤال صال في خاطري وجال..
بعد مضيّ هذه السنوات الطوال.. هل أنا حقاً حفظت القرآن ؟!!
أكان حفظي للقرآن يعني فقط تجويدي لحروفه، و ضبطي لمخارجه؟!!
أكان حفظي للقرآن يعني فقط ترديدي لآياته، وإتقاني لحركاته وسكتاته؟!!
أم هناك للحفظ معنىً آخر.. أعمّ وأشمل؟!
كما طرحتُ هذا السؤال؛ فأنا من سيتولى الإجابة..
إن حفظي للقرآن يعني لي الكثير.. الكثير..
يعني لي الحفظ بكافة صوره.. فأجوّد حروفه، وأقف عند حدوده.. أردد آياته، وأعمل بأحكامه..
أن أُعرف به بين الناس عِلماً وعملاً وسلوكاً.. مظهراً ومخبراً..
يؤسفني كثيراً.. عندما أعقد بعض المقارنات بيني وبين بعض الأقران..ممن لم ينفقن أعمارهن في حفظ سورة من القرآن.. بل قد لا يقرأنه إلا في رمضان.. فأجد الفروق بيننا ليست بالكبيرة!!..
فالاهتمامات متشابهة.. والطموحات متقاربة.. حتى الشكل واحد.. لا فرق يُذْكر !! ..
أين بصمات كتاب الله على سلوكي ومظهري ؟!! .. لقد قضيت في حفظي لكتاب الله عُمُراً.. فأين التحصيل؟!!
أين الثمرة التي تعاهدتها بالسقاية والرعاية يا أمي؟!
أمي الحبيبة:
عندما أدخلتني المدرسة قاومتِ كلام الكثيرات.. استسهلتِ الصعب في سبيل التحاق ابنتكِ بركب الحافظات..
هيئتِ لي السبل كي احفظ كتاب الله فأرجوكِ ثم أرجوكِ واصلي معي المسير..
إن دورك يا أماه لا ينتهي عند بوابة المدرسة.. أو عند انخراطي مع الطالبات في الصف.. لا يا أمي..
إن متابعتك إياي وخاصّة فيما يتعلق بسلوكياتي أمر في غاية الأهمية فأنتِ أقرب الناس إليّ..
قد تشغلك مهام الحياة ومتطلباتها عني.. ولكن تذكري دائماً أنكِ برعايتك إياي لا تبنِينَ فرداً بل تصنعينَ أمّة..
قد ينتابني ما ينتاب بنات جنسي من لحظات العناد.. و تقلبات المراهقات فتعاملي معي بحكمة..
حذريني من الانسياق خلف رغباتي التي لا حدود لها؛ فلا تغضّي الطرف عنها، ولا تنساقي خلفها ..
بل اعرضيها معي على الشرع.. على الشرع يا أمي..
اصنعي داخلي ميزاناً حساساً أميّز به الغث من السمين .. أذكي في داخلي روح العزة والكرامة..
ذكّريني بمن أكون.. ذكريني أنني ابنة عائشة وحفصة وزينب وأم عمارة..
أشعلي في داخلي الحماس والرغبة في طلب العلم ..
ذكريني دائماً بما يجب عليّ تجاه ديني ومجتمعي وبالأخصّ بنات جنسي..
فأنا الآن في مقام المسؤولية.. الكلّ يشير إلىّ بالبنان.. فأنا ابنة القرآن..
واعلمي يا أماه أن تاج الوقار الذي طالما تمنيتُه ثقيل الميزان.. لن تناله إلا من اتسمت بالوقار وكان خُلُقها القرآن..
التميز مطلب عظيم.. تتمناه كلّ أم لابنتها.. ولا أشك لحظة يا أماه أنك تطلبينه لي..
فاجعليه تميزاً في الحياة وفي الممات !! .. في الدنيا والآخرة!!..
ودائماً اسألي الله لي الثبات.. وألّحي عليه بالدعاء أن يجعلني ممن يَصدق قوله فعله..أنه سميعٌ مجيب الدعوات..
ـــــــــــــــــــ(101/173)
مهلا.. قبل أن تربي!
إلى الآباء والأمهات في البيوت، إلى المعلمين والمعلمات في المدارس، إلى المحفظين والمحفظات في المساجد، إليكم جميعاً أيها الأحباب نوجه حديثنا من أجل تربية إسلامية صحيحة لأبنائنا، نسلط الضوء على مجموعة من الصفات الجوهرية والمهمة لكل من وضع الله بين يديه هذه الأمانة، فإنه سبحانه سائله عنها غداً يوم القيامة: "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع".
إنها صفات المربي الناجح وما يجب عليه أن يتحلى به وما يجب عليه أن يتخلى عنه، وتأتي دائمًا على رأسها:
1- القدوة:
وهي عمدة الصفات كلها بل عليها تبنى جميع صفات المربي الناجح، وإن مربياً غير قدوة ككاتب على الماء لا يرى لما يكتب أثراً، فلا وعظه ينفع ولا كلامه يسمع ولا توجيهاته تنفذ، فالطفل إذا ما افتقد القدوة فيمن يربيه فسوف يفتقد إلى كل شيء، ولن يفلح معه حينئذ وعظ ولا عقاب ولا ثواب، وكيف لا وقد رأى الكبير يفعل ما ينهاه عنه!!
إن عين الطفل مسلطة عليك كالميكروسكوب ترى فيك الأشياء الصغيرة واضحة تماماً، فالنظرة المحرمة التي تختلسها والكلمة البذيئة التي تنطق بها سريعاً وغيرها من التصرفات الخاطئة يستقبلها الصغير فيخزنها ويفعل مثلها إن لم يكن أسوأ، وحينئذ لا تستطيع أن تنهاه وإلا قال لك: "أنت فعلت ذلك وأنا أفعل مثلك!" والطفل هاهنا -غالباً- لا يعاند ولكنه يقلدك، فأنت الكبير وهو يحبك ويفعل مثلما تفعل تماماً ليتشبه بك، فإن غضبت فشتمت فإنه سيشتم عندما يغضب، وإن طلبت منه شراء الدخان أو رمي باقي السيجارة فسيشرب منها بعد ذلك ولو خلسة حتى يتمكن من شربها بحرية في أقرب فرصة، فهو يقلدك وأنت الكبير، وإن خرجت الأم متبرجة فلن تستطيع إقناع ابنتها بعد ذلك بارتداء الحجاب، وإن نادى المؤذن للصلاة وصليت في البيت فسيصلي في البيت، وإن ذهبت إلى المسجد فسوف يحب الذهاب إلى المسجد، وإن غفلت عن الصلاة ساهياً أو عامداً فسوف يقلدك فأنت القدوة.
- حسن الصلة بالله:
وهي من الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنّا نقصر في صلتنا بالله فلا نرى قلوباً مفتوحة لنا ولا آذاناً صاغية تستقبل بحب ما نقوله وما نفعله، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله فكان الله يبارك في القليل فيستجيب الصغار لنا أسرع مما نتخيل، يصلون ويذاكرون ويحفظون القرآن الكريم ويظهر منهم حسن خلق أثناء اللعب وأثناء الفسح.
إن الصلاة في جماعة خاصة صلاة الفجر والمداومة على ورد القرآن وأذكار الصباح والمساء وكثرة الاستغفار والبعد عن المحرمات والشبهات خاصة غض البصر والورع لفيها جميعاً الخير والبركة في هذا المجال فإرضاء الله غاية، ما من أحد إلا ويتمناها ويسعى إليها لينال الجنة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَنْ أسعد في الدنيا من رجل له أبناء صالحون يحسن تربيتهم فينال منهم بِراً ودعوة صالحة، نسأل الله ألا يحرمنا من هذه النعمة العظيمة.
3- نفس عظيمة وهمة عالية:
المربي لابد أن يكون عظيم النفس.. همته عالية وإرادته قوية ونَفَسه طويل، لا يطلب سفاسف الأمور، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فن له عقبات كما له حلاوة وأجر عظيم، لذلك يسعى جاهداً أن يجعلها لله ويضحي من أجلها براحته وبماله وبكل شيء عنده ويصل طموحه به إلى أن يتمنى أن يكون ابنه كمحمد الفاتح الذي علمه شيخه وهو صغير أن القسطنطينية سيفتحها الله على يد أمير مسلم يرجو أن يكون هو فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.
4- يألف ويؤلف:
نعم من صفات المربي أن يألف ويؤلف.. يألف الصغار يحبهم ولا يأنف الجلوس معهم يتبسط في حديثه ويتواضع.. يمزح ويلعب.. يلين ولا يشتد.. يعطي كثيراً بلا مقابل ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يؤلف عند الصغار وإلا فلا يتصدى للتعليم ولا للتربية، فهي مهمة ليس أهلاً لها إذ إنه دائم التجهم شديدٌ عنيفٌ لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه، فويل لأبنائه منه، تماماً كمن قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً" فقال له الحبيب المربي صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يرحم"، وعمر بن الخطاب عزل مثل ذلك الرجل عن ولاية المسلمين فمن لا يألفه أبناؤه لا يألفه المسلمون وهو بالتالي لن يرحمهم.
5- ضبط النفس:
إن الغضب والعصبية الجنونية من الصفات السلبية في العملية التربوية، فإذا ملك الإنسان نفسه عند الغضب وكظم غيظه كان ذلك فلاحاً له ولأولاده، فالمقصود بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك وتعاقب بمزاجك.. تعاقب وأنت تهدف من وراء العقاب شيئاً مهماً وهو التربية وتغيير السلوك السلبي الخاطئ إلى سلوك إيجابي صحيح، فلا تعاقب كرد فعل سريع للخطأ من غير أن تنوي قبل العقاب أن تغير من سلوك الصغير، وإلا فأنت حينئذ تكون قد عاقبت بالغضب والصياح بدلاً من التصحيح الهادئ، وكان الأَوْلى أن تظهر الغضب فقط.
ومن ضبط النفس أيضاً أن تغضب فإذا ما اعترف الصغير بخطئه يتلاشى غضبك على وجه السرعة ويتحول إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك قد تتحول الابتسامة إلى تجهم عند الخطأ، وهكذا دون أن يتأثر القلب ليربي الكبير الصغير وليس العكس أن يصير الصغير هو الذي يستفزه ويتحكم في حركاته وسكناته.
6- سعة الاطلاع:
لا يستغني المربي الناجح عن الاطلاع بشكل عام، خصوصاً الإصدارات الحديثة في مجال الطفولة بشكل خاص، وهو أولى بذلك ليستطيع تعليم الصغار وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجيدة والمفيدة في التقسير وفي الحديث وفي الفقه وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الآداب والأخلاق وفي المعلومات الإسلامية والعامة وغيرها.
إن الصغار يسألون في كل شيء وفي أي شيء فإن عجز المربي عن الإجابة أو تكرر تهربه من أسئلتهم، سقط من نظرهم ولجأوا إلى غيره يستقون منه معلوماتهم، قد يكون التلفزيون وقد يكون شخصاً سيئاً وقد يكون مجلة داعرة أو كتاباً فاسداً أو غير ذلك، وقاهم الله شرور هذا الزمان آمين
المصدر: موقع لها أون لاين
سحر الشعير
ـــــــــــــــــــ(101/174)
أ.إيمان الخطيب: لهذا السبب أكتب للأطفال!
حوار:منال الدغيم 24/1/1425
15/03/2004
حين نتأمل في نشأة كثير من المبدعين، في العلم والأدب والحياة، نجد أن لطفولتهم ظلالاً قوية وآثاراً جلية على توجههم وطريقة تفكيرهم وخريطة أهدافهم.
ولا نختلف في أن أكبر مورد لتنوع ثقافة الطفل وسعة آفاقه وابتكاره وخياله، يظل هو الكتاب والقصة بشكل أخص، حتى وإن تألق سحر الإلكترونيات والفيديو والقنوات!
ومما يؤسف حقاً إعراض بعض الآباء عن إدراك أهمية القراءة وتشجيع الصغار عليها، وإثارة التهم إلى المعرفة بحكاية القصص لهم وتضمينها القيم التربوية بشكل غير مباشر.
كان لنا هذا اللقاء مع الأستاذة إيمان الخطيب، والتي لها تجربة قيمة في الكتابة للطفل، حيث تخبرنا عن متعة الكتابة للطفل، واختيار أبطال القصة.
كيف نشأت فكرة الكتابة للطفل؟
- الكتابة للطفل جمع بين الحسنيين: نفع الفكرة وسلاسة الأسلوب، كيف نستطيع ذلك؟.
الكتابة للطفل ممتعة لمن يحب الاقتراب من الأطفال، فهناك من يكتب للأطفال لأن لديه نصائح يود توصيلها، وهنالك من يكتب لأنه يعتقد أنها أبسط أنماط الكتابة، والآخرون يكتبون بهدف الكسب المادي، وغيرهم وغيرهم، أعتقد أن قصة الطفل يجب أن تحمل رسالة، ولكن تقدم بأسلوب غير مباشر، فالأطفال يقرؤون لأن الكتاب يأخذهم إلى عالم الخيال، عالم ينسى فيه الطفل نفسه، ويترك أسلحته الدفاعية أو الهجومية، يحب الطفل القصة التي يعيش فيها ومن خلال بطلها حياة فيها المغامرة والصدق ويحب أن ينتصر فيها الحق على الباطل، يحب القوي، ويعطف على الضعيف، لأنه يربط نفسه بالبطل -وأقصد بالبطل من يصوره الكاتب بالبطل- نرى أنه يمكنه أن يتأثر به ويتعلم منه، والطفل أيضاً يحب التكرار، ويتعلم عن طريق التكرار، ويحب المفاجآت، فلا يريد أن يقرأ الخاتمة من أول القصة، يحب أن يعيش معاناة البطل وأن يفاجئه الكاتب في الخاتمة.
كيف يتم اختيار أبطال قصص الأطفال؟
أرى أن يختار الكاتب بطلاً لقصته من نفس الفئة العمرية للطفل الذي كتبت له القصة، وأن يحدث نموًّا ذاتيًّا للبطل من خلال أحداث القصة، دون أن يملي الكاتب على القارئ الصغير دروسًا، فأُحسِن حبك فكرة القصة وأحداثها وأسلوب وصول البطل إلى حل المشكلة بجهده- لا بأس من مساعدة بعض الأطراف الآخرين من أصدقاء ووالدين أو غيرهم- ولكن دون أن يكون الطفل عنصرًا سلبيًّا لا يدير أموره؛ بل يعطى الدور الإيجابي الفعّال لحل مشاكله، بهذا الأسلوب نحن نعلِّم القارئ الصغير تحمّل المسؤولية بطريقة غير مباشرة، بالإضافة إلى نوع النضج الذي يحدث للبطل من خلال أحداث القصة.
نلاحظ أن الطفل لا يحب الوعظ المباشر؛ فهو قد يقرأ قصة أو اثنتين ثم ينتقل إلى قصص مثل (ميكي)؛ لأنها تنتزعه من عالمه حيث تكثر فيه نصائح الكبار في الغالب.
هل مازال الكتاب قويًّا أمام تحدي الإلكترونيات بتشويقها وإثارتها، وكيف ذلك؟
الكتاب الشيق ذو الألوان والصور الجميلة والقصة الممتعة لم ولن يفقد سحره؛ لأن الأطفال يحبون قراءته وقت النوم بمفردهم أو مع أحد والديهم، المهم أن يتعلم الطفل حب القراءة بأسلوب جيد. وأشبه هذا بمن يقول: هل للحلوى مكان أمام تحديات المأكولات السريعة بالنسبة للطفل؟
كما ذكرت سابقاً، الطفل يحب أن يعيش عالم الخيال مع القصة، ولا أقصد بالخيال السحر وعالم الفضاء؛ بل قد تكون القصص عن طفل من نفس بيئته، ولكن البيت والأب والأم والجيران والأصدقاء غير الذين يعرفهم، وللطفل دور فعّال في هذا المجتمع؛ فهو يحل ويربط وله رأي في الأشياء، ومن أهم الأشياء التي يجب تلافيها هو عدم الكتابة التحتية للطفل، كأن نفترض فيه الغباء وأننا نحن (الكبار) الذين نملي عليه الدروس والنصائح أو أن تنتهي القصة بالدروس المستفادة؛ بل تنسج بطريقة تجعل الطفل يصل إليها بطريق غير مباشر.
لذلك نرى أن الطفل يميل إلى القصص المترجمة الملونة ذات الرسوم الجذابة، والتي لا تكتظ بالنصائح.
هلا حدثتنا عن تجربتك في الكتابة للطفل.. كيف بدأت؟ وما أبرز القيم الموجهة إلى الطفل عبر ما تكتبين؟
بدأ مشواري في الكتابة للأطفال منذ زمن بعيد، حيث كان أبنائي صغارًا وكنت أقرأ أحياناً لهم، وأحياناً أخرى أقوم بتأليف قصص لهم من خيالي، وأدخل فيها ما أريد إيصاله من عبر الأحداث أو مواقف أمر فيها معهم في تعاملاتهم اليومية وآمالهم، فوجدتهم يحبون أن أكرر لهم قصصي التي ألفتها، وبالطبع قد أنسى بعض ما قلته فيذكرونني؛ فقررت أن أبدأ بكتابة تلك القصص. مرت تلك الأيام ولم أتمكن من كتابة سوى عشر قصص أو نحوها. ثم انشغلت ولكن استمرت الفكرة تراودني بأن أطبع القصص على بساطتها لتبقى لأبنائي وأحفادي، وبعد بضع سنين رأيت إعلاناً لدبلوم في كتابة قصص الأطفال والناشئة، أيضاً ترددت، ولكني تقدمت لاختبار تقييم المستوى والاستعداد، واجتزته -بفضل الله-؛ فقررت أن ألتحق بذلك البرنامج، والذي أنهيته وأشعر أنه أعطاني الثقة بالنفس، والرؤية لأنماط الكتابة لهذه الفئة العمرية، والأطفال والناشئة.
ما آخر إنتاجك الأدبي؟
لي الآن قصة واحدة تطبعها جمعية الإصلاح بالكويت، وقد قاموا بإعادة طباعتها عدة مرات، وهي: "صور من حياة الحسن البصري"، والآن أنا بصدد طباعة ثلاث سلاسل لأعمار من 4-10 سنوات. سلسلة للمبتدئين في القراءة " أحمد فرحان"، وسلسلتين للعمر من 6-10 سنوات: " مزرعة الأصدقاء"، و " أسامة يتعلم" إلا أني أبحث الأسلوب الأمثل لطباعتها وتوزيعها.
ـــــــــــــــــــ(101/175)
في التحرش الجنسي بالأطفال.. الكل يلوذ بالصمت!!
نقلا عن موقع لها أون لاين
عندما يغتصب عالم البراءة تتجلى الجريمة في أبشع صورها.. ألعابها كانت هناك.. مطبخها الصغير.. قصصها الملونة والصلصال.. عالم تعيش فيه أحلى سنين عمرها.. وهاهي لعبتها المفضلة تنام بجانبها على السرير سعيدة هي بهذا العالم المنسوج من الجمال والألوان والخيال..
وخلف الستار يد ملوثة تحاول أن تمتد لها.. تدنس عالمها ترمي بلعبتها المفضلة من سريرها وتزحف نحوها تريد قتل براءتها وانتزاعها من عالمها الذي تحبه إلى الأبد.
التحرش الجنسي بالأطفال من القضايا التي تؤرق العالم أجمع، ما دفع بعض الدول لسن قوانين رادعة للمتحرشين بالأطفال، وتبنت المملكة المغربية قبل مدة حملة واسعة للتوعية ضد هذا الوباء الاجتماعي المدمر.. وتعد هذه القضية من أخطر القضايا الاجتماعية التي يتم التكتم عليها خشية الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي، دون بذل جهود كبيرة لاستئصالها من مجتمعاتنا العربية ما يجعلها ماضية في الاستفحال، غير مستجيبة لما يقدم حيالها من حلول لاسيما وأنها حلول مؤقتة غير ناجعة.
(لها أون لاين) طرح قضية التحرش الجنسي بالأطفال بين أيدي قراءه، وترك الباب مفتوحاً أمامهم للتعبير عن هذه المشكلة، عمقها، أسبابها، دوافعها، الحلول الممكنة لها، كما لم تخل بعض الإجابات من عرض أسرار خاصة لدى البعض في صميم هذه المشكلة.
قصص واقعية لضحايا التحرش الجنسي وصلت موقع (لها أون لاين)
للأسف إن ما سنعرضه فيما يلي قصص واقعية وحقيقية حدثت لفتيات في عمر البراءة والطفولة.. منهن من أرسلتها كطلب استشارة، ومنهن من شاركت بها في القضية التي طرحناها مؤخراً..
أخاف أن أقع معه في العقاب
تقول ن. ع. ن: أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاماً تعرضت للاعتداء الجنسي في عامي الثاني عشر من ابن أختي الذي يكبرني بثلاث سنوات.
وكان كلما رآني يتحرش بي وكان يأتي إلى بيتنا كثيراً وبخاصة في أوقات نومي فأتفاجأ به يعتدي علي وأنا نائمة!! وإذا استيقظت أضربه وأبكي وأرتجف من الخوف وكان يقول لي إنني عشيقته وأنه يحبني وكان يأتي لي بالأشياء التي أحبها دون مناسبة واستمر هذا الأمر حتى بلغت عامي السادس عشر.. لم أخبر أحداً، كنت دائماً أهدده بإخبار أمه ولكنني أتراجع في اللحظة الأخيرة، أخاف أن أقع معه في العقاب.. مع أني لم أفعل شيئاً.. وكنت دائماً أدعو عليه حتى ذهب للخارج للدراسة وكنت فرحة جداً لأنني تخلصت منه والآن عاد وخطبت له أمه فتاة من العائلة.. ولم يعد لعادته القديمة.. مشكلتي الآن أنني أكرهه كثيراً ولا أبقى معه في مجلس وإذا كلمني أجامله.. دائماً أقول لنفسي إنه ابن أختي ويجب أن أنسى ذلك الماضي لكنني لا أستطيع!!.. وبحكم ديننا وعاداتنا فأنا لم أعرف من الرجال إلا أبي وأبناء أختي الاثنين وليس لدي إخوة.. وأخاف أن أتزوج فأكره الرجل فلا أعرف هل لدي عقدة من الرجال؟.. وكثيراً ما أبكي من قسوة الحياة، فهو سيتزوج ولن تعلم زوجته عن ماضيه.. أما أنا لا أعلم ماذا أفعل فقد تقدم لي خاطب وأهلي يقنعونني بالزواج منه وأنا خائفة لم أقبل به خوفاً من أن يكون ابن أختي أفقدني عذريتي فلا تقل لي أن أذهب إلى دكتورة فهذا مستحيل ولا تقل لي أن أخبر أحداً من أهلي فأنا بالكاد كتبت لك مشكلتي الفريدة بشناعتها وواقعها المرير.. فماذا أفعل؟...
كسيرة النفس.. سارحة الذهن
تحكي بنت أبوها قصة حدثت لقريبتها: تعرضت إحدى قريباتي لموقف أليم منذ 6 سنوات أي عندما كان عمرها 14 عاماً، وهذه السن سن الزهور الحرجة التي تتكون فيها شخصية الإنسان قام أحد الأقرباء (من جهة الأم) عمره (40 عاماً متزوج) بأخذها معه في السيارة والذهاب بها إلى أحد الأماكن وهناك قام بكشف عورته وأجبرها بالقوة على لمسها (لكنه لم يقترب منها) في حين أنها لم تستطع المدافعة عن نفسها ولم تخبرنا في حينها عن هذا الموقف وتمر 6 سنوات والبنت تكبر وتكبر الصورة التي رأتها في مخيلتها حتى باتت ترى أن هناك أناساً يحاولون الاعتداء عليها، ومن تلك الفترة إلى الآن وهي تحس بآلام أسفل البطن، ذهبت إلى المستوصفات وإلى أكبر المستشفيات وأكدوا خلوها من الأمراض لا ترسبات ولا انسداد ولا التهاب (خالية من الأمراض) ورغم الأدوية والمهدئات التي صرفت بغير فائدة ما زالت تحس بهذه الآلام، لقد وصلت إلى حالة نفسية سيئة فبعد أن كنا نعرفها بمرحها ومشاكستها صارت لا صوت ولا حركة، كسيرة النفس ومترددة دائماً، نظراتها باتجاه الأرض وسارحة الذهن، اصفر لونها وفقدت شهيتها حتى أصيبت بفقر الدم وتعاني من تشنجات وشبه إغماء واستفراغ وأصبحت كثيرة النوم والبكاء لم تعد تلك البنت الجريئة التي كلما طلبت شيئاً لابد أن يجاب لها، قيل لنا ربما تكون مصابة بالعين أو حالة نفسية بدأنا علاجها بقراءة القرآن عليها وعلى الماء والزيت واستخدامه ومحاولة التغيير من أسلوب حياتها وعدم تركها وحدها مع محاولة شغل وقت فراغها مع الالتجاء إلى الله بالدعاء وكانت الجهود فردية (أي بدون الالتجاء إلى طبيب نفسي)، تحسنت قليلاً لكن الأثر مازال كبيراً ونحن الآن بين الرجاء والخوف من الانتكاسة لحالتها (علماً بأن والدها وإخوانها الأولاد لا يدرون بهذا الأمر خوفاً من ردة انفعالهم).. فما الحل؟
التحرش الجنسي وصور من الذاكرة
تقول أمة الله في استشارتها لا أعلم من أين أبدأ.. حدثت لي حادثتان في صغري ونسيتهما على مر الأيام، إذ لم تشكلا يوماً شيئا مميزا لكني من فترة سنة تقريبا بدأت الذكرى تلوح من فترة لأخرى والآن أنا أشك أنها كانت تحرشا جنسيا ولا أعلم إن كانت لها تأثير في حياتي وأنا لا أعلم.
الأولى كنت صغيرة جدا قبل دخولي المدرسة ربما كنت 4 أو 5 سنين لا اعلم كيف وصلت مع ابن خالتي وهو ابن عمي في نفس الوقت إلى الفناء حيث الأراجيح ولا اعلم من البادئ المهم أننا كنا نقوم بفعل أشياء خاطئة ولم يعلم عنا احد طبعا مع العلم انه أكبر بـ 6 شهور تقريبا ونسيت الحادثة
وكذلك حدث لي أمر مشابه مع أخي والذي بدأ عن طريق المزاح ولقد سمعتنا الخادمة وأخبرت أمي وسألتني أمي وأخبرتها ولا اعلم ماذا حدث لأخي بعدها حيث إننا عدنا كالسابق أو هذا ما اذكره ولا ادري لم بدأت هذه الذكرى تزورني كثيرا، رغم أني متزوجة من أربع سنين تقريبا وحياتي الجنسية مع زوجي جيدة والحمد لله.
من أحد محارمي
تقول حنان في استشارتها تعرضت في صغري للتحرش الجنسي من أحد محارمي وهذا يجعلني أخاف على أبنائي من أن يتعرضوا للموقف نفسه لذا فإني أود أن أعرف كيف يمكن أن أحمي أطفالي من التحرشات الجنسية في المحيط العائلي قبل غيره؟
أسرار مدفونة:
شكّل استطلاع الرأي الذي أجراه موقع (لها أون لاين) فرصة لدى البعض، في الكشف عن أسرارهم المدفونة الخاصة، التي قد لا يجدون متسعاً لذكرها خوفاً من الملامة والفضيحة، فبثّوها من خلال السطور، علّهم يحصلون على نصيحة مفيدة، أو حل ينهي لهم أزمتهم النفسية.
تقول إحدى الفتيات من السعودية: "الخوف من الأهل وعلم من يتحرش بهذا الشيء هو ما يدفع المتحرش للتحرش والتمادي في جريمته، وهذا كله بسبب عدم تقبل الأهل لحصول هذا الشيء والنظر إلى المفتعل فيه وكأنه المذنب، وأنا واحدة ممن تعرضت لهذا الأمر، وإحدى صديقاتي مازالت تتعرض للتحرش من زوج خالتها ولم تبح إلا لي.. بعد أن كادت تنهار.. تتألم وتبكي، تكره الذهاب إليهم وتخشى أن تتكلم.. وما زال قريبها حتى الآن يستغل أقل الفرص لفعله الدنيء.. السؤال.. ما الحل؟".
شهد، تؤكد أيضاً بأن هذه الجريمة تقع أكثر ما تقع من قبل الأقارب، وتقول: "نشكر تعرضكم لهذا الموضوع المهم والخطير وما له من انعكاسات على أطفالنا جسديا ونفسيا - لكن من اخطر الحالات التي يجب التنبه لها هي التحرش الجنسي من قبل الأقرباء الذين لا نشك بهم أصلا فكثير من حالات الاعتداء تقع من الأعمام والأخوال والإخوة أحيانا، ثم الجيران ثم الحارس ثم السائق ثم الخادم أو الخادمة أحياناً".
فيما تذهب (الدلوعة من مصر) إلى أبعد من ذلك، حيث تسرد قصتها بإيجاز، تقول: "أنا بنت مصريه تعرضت للتحرش أكثر من مرة وكل زملائي في الكلية، ويقولون هناك "إن هذا الفعل (موضة) هل تريدين أن تبقي (دقة قديمة)"، مع أنني أحاول أن أتلاءم مع التطورات في عصري، وأتساءل هل معنى ذلك أننا نعارض الدين في هذا؟".
أما حنان (من السعودية) فتروي قصتها التي تثير العديد من التساؤلات حول تعامل المجتمع مع المعتدى عليه، وطريقة تعامله مع المجتمع، والأثر النفسي الذي قد يلاقيه..
كتبت تقول: "تعرضت للتحرش من خالي في عمر ما قبل المدرسة في غرفته الخاصة.. كنت أحبه وكنت أظن أن ما يفعله شيء طبيعي.. ولم أفطن للأمر إلا عندما أراد إعادته عندما أصبحت في التاسعة من عمري فلم أسمح له.. ثم تحرشت فيما بعد بابن عمي وبأخواتي (مع العم أنني الكبرى بينهن) وأنا لم أتجاوز العاشرة من العمر.. ولا أعلم عن الأمر سوى أنه شيء تعلمته على يد خالي.. عشت معاناة كبيرة بعدما فهمت كل شيء.. معاناة مع تأنيب الضمير ومع شهوة عارمة عرفتها منذ صغري.. معاناة لأنني لم أجد من يقف معي.. ولم أرتح إلا عندما لجأت لربي وسخر لي صديقة صالحة بحت لها بمكنون صدري ومن بعدها امتلأ قلبي بالرضا.. واليوم كلما تذكرت ما حدث لا أجد سوى كلمة : حسبي الله ونعم الوكيل..".
وتكشف فتاة سمّت نفسها "تعيسة" عن معاناتها الدائمة التي أرغمتها على العنوسة رغماً عنها، تقول: "أنا فتاة عمري 30 سنة لم أتزوج بعد أن تعرضت للاغتصاب، أرغب بالزواج وأخاف من العار هل لديكم حل؟".
مخاوف.. وتساؤلات:
تبين من خلال استطلاع الرأي أن هذه القضية تثير مخاوف وتساؤلات العديد من الأهالي الذين كشفوا مقدار عمق هذه المشكلة في مجتمعاتنا المختلفة، والخوف المستمر الذي يحمله الناس على أبناءهم وأقاربهم وأنفسهم أيضاً، من هذه الخطيئة الأخلاقية الدينية التي يمر بها البعض، ويترك آثارها واضحة على الأشخاص الذين يعتدي عليهم.
من بين التساؤلات التي أثارتها أم لجين (من السعودية)، هي "عندما يكون احد أطفالك متحرش به من قبل قريبه ولا تدري كيف تعالج المشكلة؟ من سوف يصدقك؟"، وهي أزمة حقيقية تقتضي من الكثير من الأهالي التحاشي عن ذكر تلك المشكلة، مخافة "الفضيحة"، ولأن الناس عادة "يشككون في كل قصة من هذا النوع.
فيما تشير تسنيم (من المملكة المتحدة) إلى المخاوف من الآثار العميقة التي يتركها هذا الفعل على الطفل، وانه يدمّر حياته وذاكرته، وتقول: " إن التحرش الجنسي عموما فعل حقير ويجب معاقبة المجرم دون أي تساهل".
عمر (من الأردن) يشير إلى مخاوف أخرى حول هذه الجريمة، ويقول من واقع تجربة وقرب من هذا الأمر: "يوجد بعض التحرش الجنسي بين الطلاب وبين الأساتذة والطلاب والطالبات، إذ في السنة الماضية خرجت من المدرسة 22 بنت حاملا في عمان".
وتؤكد ميادة (من مصر) أن الأهل باتوا يخشون على أطفالهم في كل مكان من هذا التحرش الجنسي والذي قد يفضي إلى الاعتداء، قائلة: " لا أعرف ماذا أعمل، لدي ابنة عمرها 11 عاماً، وأينما نذهب نرى أناس ينظرون إليها بطريقة سيئة، آخر مرة كنا في محل مشهور لشراء ملابس، وتركت ابنتي تختار ملابس لها، فإذا بها تركض نحوي بعد وقت قصير خوفاً من أحد العمال في المحل الذي حاول التحرّش بها، مع العلم أن ابنتي محجبة، وأنا بصراحة بت أخاف عليها كثيراً".
وفي مقارنة مع الواقع الحالي، والمطالب التي بدأت تتنامى لدى البعض ممن يريد التغرير ببنات المسلمين، يقول أحمد (من السعودية): "الآن بدأ الناس من ذوي الشهوات الخاصة يطالبون بنزع حجاب المرأة المسلمة"، مشيراً إلى أن ذلك سيفضي إلى المزيد من المشاكل والفساد الأخلاقي والديني في المجتمع.
إحصاءات وأرقام
تذكر بعض الإحصاءات التي أورتها وسائل إعلام ومراكز اجتماعية عديدة، إلى أن انتشار هذه الجريمة في المجتمعات باتت أمراً متزايداً، مشيرة إلى أن معظم الحالات تمّت على يد أقارب أو جيران أو معارف. على سبيل المثال، تذكر عيادة الطبيب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية، كان المعتدي فيها من داخل العائلة في 48 حالة، وكان المعتدي معروفا للطفل الضحية (جار - قريب) في 79 حالة، وفي 47 حالة كان المعتدي غير معروف للطفل أو غريبا عنه.
وفي لبنان أظهرت دراسة صادرة عن جريدة "لوريان لوجور" أن المتحرش ذكر في جميع الحالات، ويبلغ من العمر 7- 13 عامًا، وأن الضحية شملت 18 فتاة، 10 أولاد تراوح أعمارهم ما بين سنة ونصف: 17 سنة، وأشار المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين.
وفي مصر: تشير أول دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة "فاتن عبدالرحمن الطنباري" -أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس- إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية.
كما أكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم.
وقد تبين أن هناك 77% من هؤلاء المعتدين "آباء" للأطفال الضحايا، و11% من أقاربهم، وأن أكثر من 75% من المعتدين هم أشخاص معروفون للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة. والتحرش الجنسي أحد أنواع هذا الإيذاء.
أما في الغرب، الذي انتشرت عنده الإباحية الجنسية، والذي يريد البعض من مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن يتبنى أفكار وأخلاقيات تلك الدول، فإن إحدى الدراسات صدرت في الولايات المتحدة عن الجمعية الأمريكية للتعليم الجامعي للنساء قالت: "إن نحو 80% من طلاب المدارس الأمريكية ذكورًا وإناثًا قد تعرضوا إلى نوع من أنواع التحرش الجنسي في حياتهم المدرسية".
أسباب الظاهرة:
أشار العديد من المشاركين في استطلاع الرأي إلى عدة أمور تشكّل "حسب رأيهم" أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، منها:
الأهل:
يقول أحمد عرفة (من مصر): "من رأي، فإن التحرش الجنسي بالأطفال هو بسبب غياب الأب والأم و الدين من البيت".
كما يقول أنور (من المغرب): "أسباب التحرش يرجع إلى سوء التربية وعدم الإقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيه الأبناء التوجه السليم، والسماح لهن برؤية الغير مباح مما يثير فيهن الغرائز الجنسية مع عدم المراقبة الدائمة واستغلال المواقف للتوجيه".
ويوافقهم محمد (من ليبيا) قائلاً: "هذه الظاهرة السيئة تعود إلى الوالدين لعدم تربية أطفالهم بالطريقة الصحيحة".
كما يقول فيصل الطويرقي (من السعودية): "هذه المسألة تعود إلى الوالدين في تربية أبنائهما التربية الإسلامية الصحيحة، وعلى الوالدين كذلك عدم تربية الطفل على النعومة والدلع الزائد".
أما أم زيد (من السعودية)، فترى أنه "لا بد من المكاشفة.......حتى لا ينجرف الأطفال إلى طرق خاطئة.. أو يصابوا بعقد نفسية.. لابد من المصارحة بين الأبناء والوالدين.. ولابد من التربية السليمة... ومراعاة أبنائنا حق الرعاية فهم أمانة في أعناقنا وهبة من الله علينا المحافظة عليها.."
ويحدد (مرعي طالب من اليمن) نقاطاً محدداً في دور الأهل في انتشار هذه الظاهرة، قائلاً: "من أهم أسبابها:
1) الرفقة السيئة من المدرسة وأولاد الجيران
2) عدم السؤال على الأولاد والسبب في تأخرهم عن البيت
3) التربية، مثلا الأب يعوّد الابن على الصلاة ومكارم الأخلاق والشجاعة والشهامة.
وسائل الإعلام:
باتت وسائل الإعلام تأخذ حيزاً متزايداً من وقت واهتمام الأبناء، وأيضاً من وقت واهتمام الكبار الذين باتوا يتعرضون لعمليات تشويه فكرية وأخلاقية ودينية، ساعدت في ذلك انتشار الفضائيات المخلة بالآداب، وفساد النظم الرقابية في الكثير من الوسائل الإعلام العربية والإسلامية، ما ساهم في تمرير صور ومناظر وأفكار مشوّهة عن التطور والحضارة، وساعد كل ذلك في إثارة الغرائز الجنسية الغير طبيعية عند المتابعين، خاصة في المجتمعات المحافظة.
يقول أبو علي (من الكويت): "السبب في التحرش الجنسي للأطفال هو انتشار الإعلان لمثل تلك التحرشات بوسائل الأعلام، فيستهين الناس بهذا الشيء بعد ما كان مستغرب وشاذ".
فيما تقول (عبير من السعودية): "أولاً وأخيراً وأصيح بأعلى صوتي أن السبب هي القنوات الفضائية، فهي الشيطان المدمر للنفوس والبيوت، لا بارك الله فيها، وفيها من غش أهل بيته بها. وأنا ألقي اللوم الكبير على الآباء الذين أصبحوا بلا غيره، رحم الله آباءنا وأجدادنا لما يملكون من غيره على بيوتهم ونسائهم وبناتهم".
وتقول (التائبة من مصر): "السبب هو الإعلام، وما أدراك ما الإعلام، الذي أصبح يعج بالفساد إلا ما رحم ربي، وبرأيي أنه هو السبب أولاً وأخيراً".
ويشاطرهم الرأي (أبو خالد من السعودية) قائلا:" سبب انتشار تلك الجريمة وجود القنوات الفضائية في المنزل مما يجعل (الشباب) يعتاد على الإباحية وعدم التمنع من الجنس باعتباره أمراً طبيعياً".
أما (حطين) فيسطر كلمات مهمة حول دور الإعلام المفسد في مجتمعاتنا، قائلاً:" لما توضع العراقيل للفضيلة وتعولم الرذيلة والعهر والبذاءة لا تسل عن النتائج التي قد يصل إليها المرء فيرتكس في أخلاقه ليكون دون البهائم والأنعام!!
حينما تعرض المشاهد المنكرة وينتقى لها أصحاب الجمال للإغراء والفتنة!!
حينما تنحصر علاقتنا كمربين وأولياء بالجيل في افعل ولا تفعل دون نقاش وحوار وتوعية حميمة!!
حينما يكون دور الوالدين مع الأبناء دور المطعم مع الزبائن فلا تربية ولا توجيه ولا متابعة!!
بالأمس كنا نخاف على البنت دون الولد اليوم عليهما معاً!!
إنه اللعين ذلك الإعلام الهابط علينا من السماء والذي يرعى الغرائز ويثير مكامن الشهوات دون خوف من الله ولا حياء من خلقه!! ولا ننسى من أمن العقوبة أساء الأدب".
المجتمع:
ألقى العديد من المشاركين في الاستطلاع باللوم على "المجتمع"، وطريقة تعامله مع المشكلة، ونظرته للمعتدى عليه، وطريقة التربية التي يؤثر فيها على الأهل.
تقول (عبير من السعودية): "في مجتمعنا السعودي أرى أن من أسباب انتشار التحرش الجنسي بالأطفال، طرق التربية الخاطئة وزيادة الكبت".
كما يقول (سليم من السعودية): "للأسف فإن مجمعاتنا تربي الطفل على الخوف حتى عندما يتحرش به أحد يسكت وهذا الشيء راجع للإعلام الجنسي الذي يدفع المراهقين للبحث عن أي متنفس لتلك الشهوات".
(مون من السعودية)، كتبت تقول: "التحرش الجنسي بالأطفال يعتبر من القضايا المهمة.. ومن رأيي فإن أسباب هذه القضية تعود إلى:
1- قلة الوازع الديني.
2- رؤية القنوات الفضائية التي تعرض المشاهد الإباحية.
3- الفكرة العامة أن هذا طفل لن يشعر بالجرم أبدا... وغير ذلك من الأسباب التي توقع في مثل هذه المشكلة".
أسباب أخرى عديدة:
لم يقف المشاركون في الاستطلاع عند حدود الأهل والمجتمع والإعلام، بل شملوا العديد من الأسباب التي تعتبر "بالفعل" دافعاً ومحفّزاً لهذه الأمور، منها ما ذكرته (ناصرة الإسلام من السعودية)":
* تهاون الأهل في تستر البنات وجعلهن يختلطن مع المحارم بصورة تتجاوز الحدود في المزح والخلوة التي لا داعي لها
* عدم اهتمام الأهل بلباس الفتيات والتساهل بكشف الصدور والظهور بل والبطون أيضا وغير ذلك سواء أمام المحارم أو السائقين أو حتى الصديقات
* اعتماد الوالدين على الخدم والسائقين في تربية الأبناء وإعطائهم الصلاحية الكاملة لذلك".
فيما كتبت إحدى السيدات من الإمارات العربية المتحدة تقول: "إهمال الوالدين للأبناء خارج المنزل أمام السيل العارم من الوافدين من الآسيويين خاصة الذين لا يضعون في الاعتبار أن الله تعالى يراهم.
- ترك الأبناء مع الخدم الذين يثأرون من الأهالي من الأبناء (الضحايا) فمن القصص التي أعرفها أن خادمة طالت فترة خدمتها لعائلة أمنتها على بناتها الأربع ولكنها خانت الأمانة بأن اغتالت عذرية جميع الفتيات الأربع وأخبرتهم بذلك بعدما سافرت ووصلت إلى بلادها مطمئنة أنه لن يعاقبها أحد في بلادها علما بأنها عاشت مع العائلة منذ ولادة البنت الأولى والعائلة غافلة عن البنات".
(شهد من السعودية) كتب تقول: "أظن أن من أسباب التحرش الجنسي
1/ ضعف الوازع الديني
2/ قلة الوعي الاجتماعي والأسري
3/ كثرة المثيرات الغريزية
4/ الاختلاط الأسري وغيره
5/ عدم المراقبة الأسرية
6/ الإهمال الزائد وغيرها من الأسباب".
أما سليم من سورية فيرى أن "أهم أسباب انتشار هذه الجريمة، هو ضعف الوعي والوازع الديني وإهمال هذه الظاهرة".
وتشدد (سمسم من السعودية) على أن "أكبر وأهم سبب لانتشار هذا الوباء هو البعد عن الكتاب والسنة قولا وعملا ، و أن ذلك لن ينجلي إلا برجوعنا إلى المولى جل وعلا".
نصائح وحلول:
ذكر العديد من المشاركين عدة حلول ونصائح لأنفسهم ولغيرهم، علّها تفيد في الحد من انتشار هذه الظاهرة المتنامية، أو تساعد الذين تعرّضوا لاعتداء على تجاوز تلك الأزمة.
(آسيا من الجزائر تقول): "من الأفضل أن نتكلم عن الحل وألا نسكت مخافة العار لان السكوت عن المنكر منكر، إذ لا بد أن يأخذ الجاني جزائه. علينا بالتربية السليمة لأبنائنا حتى لا نتركهم عرضة لذئاب بشرية لا ترحم الطفولة".
ويقول أيمن محمد القحطاني: "للخروج من هذه الأزمة يجب:
1- يجب تقوية الوازع الديني ومعرفة أن اللواط محرم.
2- تربية الأولاد على الصراحة مع الآباء .
3- عدم الاطمئنان لأي شخص حتى الخال وأولاد العم وغيرهم".
ويرى (سانا من تونس)، أن "تسليط أقصى العقوبات على هذه الفئة الشاذة، وإعدامهم إذا لزم الأمر"، حلاً ناجعاً لهذه الظاهرة.
فيما ترى (أم ريم) الحل في عدم التكتم على هذه الجريمة، وكتبت تقول: "أرى بأنه لو تم التكتم سيكون هذا الطفل ذكرا كان أم أنثى ضحية والديه وترددهم وعنادهم لأنفسهم ، فهذا طفل ضحية من أراد تدميره بدافع شهوة حيوانية ليس إلا؟ ففي رأي أن تتم المكاشفة فأنا طفلي لم يخطئ ويجب أن أطالب بعقاب من أخطأ في حقه ولا أتنازل أبدا".
((101/176)
يقين من السعودية) ترى الحل في:
1/ نشر الثقافة الدينية.
2/ إشباع الغريزة العاطفية.
3/ تعليم الطفل سبل الدفاع عن نفسه إذا تعرض لهذا الموقف (بالصراخ/ إبلاغ الوالدين/....).
4/ إلباس الطفل ملابس ساترة وغير مغرية.
5/ عدم إهمال الأطفال وتركهم مع الغرباء والخدم".
فيما ترى (هالة من ليبيا) أن الحل يكمن في "توعية الطفل بطرق مبسطة بالمحاذير في التعامل مع الغرباء.. وتوضيح العيب والحرام بدون بث الرعب في نفس الطفل.. وتقبل أحاديثه البريئة بصدر رحب يقي من حدوث المشكلة وإن وقعت لا قدر الله يقي من استفحالها".
(نداء من السعودية) كتبت تقول عن الحل: "أطفالنا أهم ما نملك فنصيحة يا أختا, لا تجلبي خادم رجل آسيوي أو غيره في بيتك فبعضهم ليس لديهم لا مذهب ولا دين.
راقبي أطفالك ولا تهمليهم بخروجك عنهم وتركهم عند الخادمة أو إرسالهم معها بدون رقيب
نبهيهم وحذريهم من الغرباء وأن يبوحوا لك بكل شيء".
وتشدد (الجوهرة من السعودية) على المصارحة، وتقول: "المكاشفة أهم شيء، حتى تتم معالجة المشكلة في أسرع وقت ممكن، وحتى وإن هدد المتحرش بعرض صورهم فحذار من الصمت لأنه لن يستطيع مواجهة ولي أمر المتحرش به أو المتحرش بها".
الخطر القادم من الداخل!
في استطلاع قدمه لها أون لاين بالتزامن مع إثارة قضية التحرش الجنسي بالأطفال في شاركوا بالرأي طرح سؤال لمتصفحي الموقع وكان نصه: تعرض الأطفال للتحرش الجنسي تتوقع أن يكون بدرجة كبيرة من الأقارب أم المدرسة أم الجيران؟
كان إجمالي الأصوات التي شاركت في الاستطلاع 996 صوتاً 56% وهي النسبة الأكثر تتوقع أن تعرض الأطفال للتحرش الجنسي يمكن أن يكون من الأقارب وأنهم مصدر الخطر الأول، بينما 28.7% رأوا أن الطفل معرض للتحرش الجنسي من لمدرسة، و15.3 فقط توقعوا أن الأطفال معرضين للتحرش الجنسي من قبل الجيران.
وهذه النسب تدل بشكل أو بآخر على انتشار التحرش الجنسي بين الأقارب، الأمر الذي يضعنا أمام قضية شديدة الخطورة لأننا هكذا أمام مواجهة خطر من الداخل، خطر كان حتى وقت قريب غير متوقع، وهنا سؤال يطرح نفسه ولا بد له من إجابة كيف نحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي خاصة إذا كان الخطر الذي يداهمهم قد يكون من الناس المقربين منهم والذين نتركهم برفقتهم دون أن يساورنا أدنى شك أنهم مصدر الأذى بالنسبة لهم..
كيف نحمي أطفالنا من التحرشات الجنسية؟
ما عرضناه آنفاً قصص من الماضي، كُتبت بأقلام أصحابها بعد أن مضى ما مضى، ذكريات تهدد حاضرهم، فهل سنسمع غداً قصص أطفالنا وما مروا به من أذى وتحرش ونحن لا ندري الآن ما يحصل لهم، ونحن لا نعرف عنهم شيئاً.. لو كان ذلك ما سيحدث فأي مصيبة نحن بها.. لئلا يغدو ماضيهم حاضر أبنائنا
يعرض المستشار خالد بن عبد العزيز بن إبراهيم "ماجستير في العلوم الشرعية" بعض النصائح لنحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي.
يقول: تبقى التربية الناضجة لأطفالنا ـ بعد توفيق الله وحفظه ـ هي صمام الأمان من الوقوع في مثل هذه المشاكل.. ومن أهم أولويات التربية الناضجة لأبنائناً أن نحطم كل السدود والحواجز التي تحول بيننا وبين أولادنا.. فتكون الأم هي مستودع سر أولادها.. هي الصديق الأمين التي تفضي لها البنت بكل همومها وآلامها وآمالها.. نعم.. يجب أن نتخلص من كل ما يحول بيننا وبين قلوب أبنائنا.. لنتبسط في الحديث إليهم.. لنودعهم بعض همومنا حتى يشعروا بالثقة.. لنكن مستمعين أذكياء لكل همومهم ومشاكلهم ولنتحمل كل شيء في سبيل ذلك.. فالتربية تستحق منا أكثر من هذا...
إنني دائماً أتساءل في نفسي: تلك البنت التي تتصل على المستشارين والمشايخ لتقول لهم كل ما في قلبها من هموم ولا تتحفظ في ذلك.. وتنتظر منهم كلمة توجيه وإرشاد.. هذه البنت لو وجدت من أبيها أو أمها قلباً مفتوحاً وصدراً رحباً وحباً صادقاً هل كانت تحتاج معهما إلى غيرهم؟!
إحداهن تتعرض منذ سنوات لابتزاز شرس من أحد لصوص الأعراض وتظل رهن هذا الابتزاز سنوات طويلة وتبقى تقاوم حتى تتصل علي لتعرض مشكلتها رجاء حلها...
أسألها: لِمَ لَمْ تفض بهذا إلى أمك أو أبيك أو أخيك؟! تجيب ـ بتلقائية: أخاف منهم...
نعم إنهم لم يعرفوها في وقت الرخاء لتعرفهم في وقت الشدة...
نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيد للأسرة دورها المسلوب.. إن هذه التقنيات الحديثة رغم إيجابياتها إلا أنها سرقت منا أجمل لحظات حياتنا.. سرقت منا لحظات الصفاء.. لحظات الأنس.. لحظات السرور.. لحظات البهجة..
نعم.. إنهم يجلسون ويستمعون لكن إلى التلفاز.. يتحدثون بسرور لكن عبر الهاتف!!.! نعم تجلس أجسادهم متقاربة لكن تظل أرواحهم متنافرة..
نحن بحاجة لأن يجلس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض.. يتحدثون من قلوبهم... يتجاذبون أطراف الهموم والآمال.. يتعرف كل واحد منهم على عالم أخيه أو أخته..
إن مثل هذه الجلسات هي أشبه ما تكون بالإبر الوقائية عن الكثير من الأمراض..
ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو؟! يقوم من مكانه ليستقبل ابنته فاطمة كلما أقبلت عليه.. يصافحها ويحادثها.. يسارها في الكلام فتضحك.. ويسارها مرة أخرى فتبكي...
لكن واقع الكثير منا مؤسف جداً.. فالأب مشغول بتجارته وعمله.. والأم بهمومها الخاصة.. ويبقى الأولاد هم من يدفع الثمن حتى ولو كان غالياً!!
إذن من المهم جداً أن تبني الأم بينها وبين أولادها جسوراً من الحب والتواصل..
وفي الثقافة الجنسية لا بأس ـ بل ضرورة ـ إذا بلغ الولد (والولد يطلق على الذكر والأنثى) سن التمييز أن يعطى جرعات تقيه من الوقوع ضحية للتحرش الجنسي.. ويمكن ذلك أن يكون بأن يعرف بمناطق العورات ويقال له: إن هذه المناطق مناطق محرمة لا يجوز كشفها للناس.. ولا تسمح لأحد أن يقترب منها.. أو يعبث بها وإذا وقع مثل هذا فلابد أن تخبرني..
وفي اعتقادي أن الطفل إذا تربى على هذا المبدأ فإنه سيقيه بإذن الله تعالى من الوقوع في مثل هذه المشاكل...
ورغم هذا فأنا واثق أن الأب أو الأم إذا كان قريبين من أولادهما فإن الولد سيقول لهما كل ما يهمه ويعترض طريقه..
وقناعتي التي أؤمن بها وأراهن على نجاحها بإذن الله تعالى: اعرف ولدك وقت الرخاء يعرفك في وقت الشدة..
وفي الأخير والأول لابد من التذكير ـ بلا ملل ـ أن أفضل معين لصلاح الأبناء هو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله الحفظ والتوفيق والسداد.. ومن كان الله معه فلن يخيب..
تعاريف ومفاهيم
لتكون الصورة أوضح نورد لكم مجموعة من التعاريف حول الطفولة، المتحرش والاعتداء الجنسي..
مفهوم الطفولة:الطفل هو المولود أو الصغير من كل شيء، وقد حدد القرآن الكريم مدة الطفولة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} (الحج: 5).
ومن الناحية القانونية فقد أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل وصادقت عليها دولها عام 1990، وحددت هذه الوثيقة الطفل بأنه: "كل إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، ما لم تحدد القوانين الوطنية سنا أصغر للرشد" (الأمم المتحدة، اتفاقية حقوق الطفل ص2).
المتحرش أو المعتدي:
المعتدي حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل وله علاقة ثقة وقرب للضحية، وقد دلت الدراسات أن أكثر من 75% من المعتدين هم ممن لهم علاقة قرب مثل أب، أخ، عم، خال، جد أو معروفين للضحية.
ما هو الاعتداء الجنسي على الطفل؟
الاعتداء الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق.
وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا.
ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية.
وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمّرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبه غالبا من أشكال سوء المعاملة، وهو ينطوي أيضاً على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.
ويقول الشيخ خالد أبا الخيل المستشار الشرعي والاجتماعي لموقع لها أون لاين:
هذه القضية بالتأكيد هي قضية مهمة.. وليس صحيحا أن نتجاهل قضايانا (الحساسة والهامة ) بدعوى أنها لم تصل بعد إلى درجة الظاهرة! إذ من الواجب ـ تجاه مشاكلنا التربوية أن ندق ناقوس الخطر لأدنى خطر يمكن أن يقع.
ذلك أن الخطأ التربوي تكمن خطورته بكونه يتحول تلقائيا إلى خطأ تراكمي.. وهذا هو سر الخطورة فيه..
والتحرش يمكن أن يقع فعله من المحارم .. أو من الأقارب وهذا هو الكثير.. ويمكن أن يقع من الغرباء الأجانب.. وقد جاءت شريعة الإسلام بسد الذرائع المفضية إلى هذا المزلق.. وخاصة من الأقارب.. ولذا أمر الإسلام بالتفريق بين الأولاد في المضاجع .
وهذا بالتأكيد له دلالة مهمة وهو أن التحرش يمكن أن يقع حتى بين الإخوة مع أخواتهم أو بين كل جنس مع جنسه..
ولذا كان من أهم الوسائل في صيانة الطفل من التعرض لهذا الخطر هو سد الذرائع المفضية للوقوع في هذا المنزلق.. ومن أهم الوسائل التي نُص عليها هي التفريق بين الأطفال في مراقدهم.. ويلتحق بها الحذر من تمكين ضعيف الديانة ـ حتى ولو كان من المحارم ـ من الخلوة بالولد سواء كان ذكرا أم أنثى.. وليس معنى هذا الدعوة إلى نزع الثقة من الجميع.. إنما المراد الكياسة والحذر مع التعقل.
ومن الوسائل أيضا: تشييد الجسور العالية من الثقة بين الولد ووالديه.. وغياب هذه الرؤية عند كثير من الآباء، هي في اعتقادي السبب الرئيس في كثير أزماتنا التربوية..
إن بناء الثقة بين الولد ـ ذكرا أو أنثى ـ وبين والديه هي صمام أمان ـ بإذن الله ـ للولد من الاستجابة لكل وسائل الهدم والإغراء.. لأن الولد إذا أدرك أن صدر والديه أو أحدهما هو الصدر الرحب الرحيم الذي سيمتص كل أخطائه مهما كانت فلن يرضخ للابتزاز والضغط من أي شخص كان.. والولد بطبعه ـ كإنسان ـ يبحث عن الأمان دائما.. فمتى ما وجد هذا الأمان عند أبويه أو أحدهما لم يحتج معه إلى غيره .
ـــــــــــــــــــ(101/177)
تخفيف مثيرات الشهوة في البيت
م. عبد اللطيف البريجاوي
(( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ))، (إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ) ابن حبان عن الحسن بن علي - رضي الله عنه -.
- يقول ابن القيم - رحمه الله -: إن أعداء الدين يحاربون المسلمين بسلاحين:
* سلاح الشهوات لإفساد سلوكهم.
* سلاح الشبهات لإفساد عقولهم.
وربما يكون استخدام سلاح أكثر من سلاح آخر في فترة محددة أقوى وأكبر، فقد كان سلاح الشبهات فيما مضى قوياً، فكانوا تارة يشككون بالقرآن، وتارة يشككون بأحكام الإسلام، ويستأجرون بعض الأشخاص ليبثوا بين أفراد المسلمين شبهات بوسائل عديدة، و لكن اليوم توجهوا إلى سلاح آخر هو سلاح الشهوات، وجندوا أغلب قوتهم من أجل ذلك، وساعدهم ميل النفس الإنسانية لهذه الشهوات.
- إن من أهم صفات المجتمع المسلم أنه مجتمع لا تطفو الشهوة على سطحه أبداً، وإنما هي شهوة موجهة ومرتبة، ومحاطة بهالة عظيمة من الآيات والنصوص والأوامر والنواهي، تسير في طريق مضبوطة لا تحيد عنها قيد أنملة، وإن حادت فإنها تقوم وتعاد إلى ما كانت عليه أول مرة، ومرة أخطأ الفضل بن العباس - رضي الله عنه - فجعل ينظر إلى امرأة وضيئة الوجه، فجعل النبي يصرف وجهه عنها، ويميله إلى الوجه الآخر.
- وإذا كنا نتكلم عن الأسرة المسلمة وهي جزء من المجتمع المسلم؛ فكذلك تكون الشهوة في البيت شهوة مضبوطة وموجهة ومهذبة ومرتبة، لا تكون شهوة عشوائية يسمح لها أن تنمو دون تهذيب، لذلك وجه الإسلام المسلمين على ضبط أمور الشهوة في بيوتهم - وهو أمر مهم جداً -؛ لأن له من الآثار السلبية الشيء الكثير، وأول هذه الضوابط:
- تعليم الأولاد الاستئذان إذا أرادوا الدخول على آبائهم في غرفهم الخاصة قال - تعالى -: (( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحيت تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء )).
ولنسأل أنفسنا: لماذا لله - بجلاله - يتكلم في مثل هذه الأمور؟
- إنها الضوابط الإسلامية في مجال الأسرة حيث أن هذه الأوقات هي أوقات راحة، فيخشى أن يطلع الولد أو البنت على ما لا يرضى أن يطلع عليه، فيؤثر فيه ذلك أبلغ التأثير.
- التفريق بين الأولاد في المضاجع لحديث ( وفرقوا بينهم في المضاجع )، لأن النمو الجنسي يبدأ في هذا العمر، فلا بد أن نوقف كل محفز له حتى ينمو بشكل صحيح.
- تعلم الأولاد النوم على شقهم الأيمن لا النوم على بطونهم، لأن ذلك أيضاً مثير.
- إن هذه الضوابط وغيرها في الإسلام هي للتخفيف من الشهوات في البيت المسلم، ذلك من أجل أن يعيش البيت المسلم سعيداً، ينمو نمواً سليماً، ويوجه توجيهاً سليماً.
- إن الغريب جداً جداً جداً أن لا يتنبه الآباء و الأمهات إلى هذا الموضوع ويتناسونه، بل يتجاهلونه ويخجلون منه.
- والغريب جداً أن الآباء يشجعون الشهوات عند أولادهم، وبإحصائية بسيطة وجد أن حوالي 90 - 93 % يسهرون مع أبنائهم على مسلسلات وأفلام وحفلات غنائية فيها مثيرات للشهوة، فما هو شعور الأب وهو يحفز ولده على الشهوة، وما هو شعور الأم وهي تحفز ابنتها على الشهوة، وهي بقربها؟
- إن هذه التربية الخاطئة لا تشكل إلا إنساناً مشوهاً، ولا تشكل إلا إنساناً مضطرباً، يريد أن ينعتق مما فيه من الضوابط، يضمر أشياء في نفسه يريد أن يظهرها في مكان ما، وفي وقت ما.
- ولقد منع أحد الآباء ابنه من مشاهدة برنامج معه فيه أحدى الصور الخليعة - مع الاحتفاظ للأب بحق المشاهدة -، فسأل الطفل عن ذلك، فكان جوابه: إن الأطفال لا يشاهدون مثل هذه الأمور لكن فقط للكبار.
فما هذه المعايير؟ هو محرم للكبار و الصغار، ولاحظوا كيف بدأ الولد يفكر بما سيفعله وهو كبير، إنه متابعة الأفلام والمشاهدة المثيرة.
- لا بد لنا أن نخفف الشهوة في بيوتنا إلى الدرجة الدنيا إذا أردنا أن نستعيد توازن أسرنا، وفوائد ذلك تكمن في:
1- تخفيف الاضطراب النفسي.
2- الابتعاد عن الفواحش.
3- التماسك الأسري.
http://islamselect.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/178)
أَبْلِي وأَخْلِقِي
أسامة علي متولي 25/12/1424
16/02/2004
رُوِيَ عن أمِّ خالدٍ بنتِ خالدٍ بن سعيد أنها قالت : " أَتيْتُ رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- مع أبي ، وعلَيَّ قميصٌ أصفرُ ، قال رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- : سَنه سَنه ( وهي كلمةٌ حبشيَّة بمعنى حَسَنَة ) قالت : فذهبتُ ألعبُ بخاتَمِ النُّبُوّة ، فزَبَرَني ( أي منعني ) أبي ، قالَ رسولُ الله صلى اللهُ عليهِ وسلم : دعْها ، ثم قال صلى اللهُ عليهِ وسلَّم : أَبْلي وأَخْلِقي ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي ثُمَّ أَبْلِي وأَخْلِقِي " [ رواه البخاري ].
أوّلاً : " أتيتُ رسول الله صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّم معَ أبي "
عَجيبٌ ..
أَبٌ يذهبُ إلى مَجلِسِ النبيِّ العظيم -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- مُصْطَحِبًا طِفْلتَه !
أيستطيعُ أحدُنا أنْ يَفعَلَ ذلكَ عندَ زيارتهِ أميرًا أو عالمًا ؟!
إنَّ هذا ـ في ظَنِّنا ـ سوءُ أدبٍ وقِلَّةُ حياء :
ـ مَكانتُنا لا تَسْمحُ .. فَضلاً عنْ مكانةِ مَزورِنا ، البِنتُ تشاغبُ .. تعبثُ .. تُمثِّلُ عِبئًا ، قَدْ يَغضَبُ صاحبُنا .
ما الذي جرَّأَ صاحبَ رسولِ اللهِ على اصطِحابِ بُنَيَّتِه إلى مَجلِسِ رسول الله ؟!
إنَّهُ مُوقِنٌ أنَّهُ ذاهبٌ إلى العظيمِ ذي الخُلُقِ العظيم ، فلا غَضاضة .
ثانيًا : "وعَليَّ قميصٌ أصفر".
إنها روعةُ الطُّفولةِ وَجمالُها .. ومُتعتُها وبراءتُها ، قميصٌ أصْفرُ .. لونٌ جميلٌ خلاَّب ، يأخُذ بالألباب ؛ فَلْتلْبس بُنَيَّتي ، وَلْتَفْرَحْ وَلْتَمْرَحْ .
ثالثًا : قال رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلم- : " سنه سنه " ) وهي كلمةٌ حبشية بمعنى حسنة).
أفصحُ العُرْب قَاطِبةً .. يخفِضُ جناحَهُ لتيكَ الصبيَّةِ ، بل .. ويٌُكلِّمُها بلُغةٍ حبشيَّة، رأى فيها رِقةً ولينًا ، مع غرابةٍ تَلفِتُ الانتباه .
هل لنا أن نتصوّرَ تهلُّلَ وجهِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يتصابى للصبيَّةِ ويداعبُها ؟!
وهكذا .. يُملَّحُ الطفلُ بِكلِّ ما أوتيَتْ لُغاتُ الدُّنيا ـ فُصحاها وعاميَّتُها ـ من طاقات: ( جميلة ـ حسنة ـ رائعة ـ ( أمُّورة ) ـ زينة).
ما أرَقَّكَ وما أحنَّكَ وما أعظمَكَ وما أجملَ أخلاقَكَ رسولَ الله !
ترى بُنَيَّةَ صاحبِكَ قدْ زانتْ وزانَها قميصُها ، فتُبدي إعجابَكَ بهِ بل بها ، تمدحُها بفطرتِكَ الزكيّةِ الصافيةِ ، وطبيعتِكَ النقيَّةِ الطاهرةِ ، وتواضُعِكَ العظيمِ الصَّادقِ .. دونما إمساكٍ أو مُواربةٍ ، وبلا تكلُّفٍ أو تصنُّع .
رابِعًا : " قالت : فذهبْتُ ألعبُ بخاتَمِ النُّبُوَّة ".
أيّ طُمأنينةٍ وأرْيَحيَّةٍ .. شعرتْ بها الصبيَّة في حضرةِ سيدِ الخلْق صلى اللهُ عليهِ وسلَّم ، تحركت البنتُ بِتِلقائيةٍ عجيبة .. وحبٍّ عظيم ، وشُعورٍ قويٍّ بالأمان .
وما حدثَ ذلك إلا بعدَ تَهلُّلِ النبيِّ لها ، واستحسانِهِ لِذوْقِها ، ومُداعبَتِه وَمُلاعبَتِه لها .
لا خَوْفَ ولا رَهبة ؛ إنها أمامَ الأبِ الحَنون .. الرَّحْمةِ المُهداة ، لقَدْ جُذِبَتْ إليهِ .. أحبَّتْه ، ترَكتْ أباها ، وكأنَّها قدْ خلَعتْ يدَها الصغيرةِ من يدِهِ .. عنوةً ، وانطلقتْ مُسْرِعةً إلى حبيبِ الرَّحمن ، مُلْقِيةً بِنفْسِها في أحضانِهِ الشريفة ، أو وقفتْ خلفهُ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- .. تلعبُ بخاتمِ النُّبُوَّة .
خامسًا : " فَزَبَرَني ( أي منعني ) أبي " .
شيءٌ مُذهل ، مُفاجأةٌ غيرُ سارَّةٍ للأب :
ـ يالَلْهوْل ! إنَّهُ رسولُ الله .. سيِّدُ العالمين ، تَعْبَثِينَ بِخاتمِ نُبُوَّتِهِ الشريف .
منَعَها .. زَجَرَها ، هكذا طبيعةُ الأبِ في مثلِ تلكَ المواقفِ المُحرِجة .. بل المُزعِجة .
ولكنْ ...
سادسًا : " قالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- : دَعْها " .
إنَّهُ المُربِّي .. الكريم .. عليهِ أفضلُ الصلاةِ والتسليم :
ـ اتْرُك الطِّفْلةَ تتحرَّكْ كما تشاء ، تلعبْ بما تشاء ، لا تمنعْها ، لا تُقَيِّدْ حركتَها، لا تَنْقِل الطِّفلَ مِنْ عالمِه الطُّفوليِّ إلى عالمِ الكِبار .. نَقلةً قدْ لا يَنْشَأُ بها سوِيًّا .
حُرِّيَّةُ الطِّفلِ في حرَكتِهِ .. تُنمِّيهِ عَقليًّا وَجسَدِيًّا وَرُوحِيًّا وحِسِّيًّا وإدْراكِيًّا وذَوْقِيًّا واجْتِماعِيًّا وأخْلاقِيًّا .
دَعْها تُمارس حَقَّها في الحُرِّيَّةِ .. في التِّلْقائية ، تتحرَّكُ ، تستكشِفُ ، تَعبثُ ، تلعبُ .. ولو بخاتمِ النبُوَّة .
سابِعًا : " ثُمَّ قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : أَبلِي وأَخْلِقي ثُمَّ أبلِي وَأخْلِقي ثُمَّ أبلي وَأخْلِقي ".
وَبعدُ .. فهذا رسول اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يَدعو لها بطولِ العُمر، حتَّى تُبليَ الثَّوبَ وتُخْلِقَه .. تُخرِّقَهُ وتُرَقِّعَه .
دُعاءٌ مُستجابٌ .. من أطهرِ فمٍ ؛ يقتدي بهِ الآباءُ الصالحون ، فيدعونَ لأبنائهم .. لا يدعُونَ عليْهِمْ .
فلْتعيشي ـ صغيرتي ـ وَلْتُبْلي ما تُبلين ، ولْتُخْلقي ما تُخْلِقين ، لوْ غيَّرتِ نظامًا .. لو كسَّرتِ لعبةً ، فهذا حقُّ طُفُولتِكِ وفِطرَتِك ، وكلُّ ما يَبلى على يديكِ فداءٌ لكِ بُنيَّتي .
يُكرِّرُ النبيُّ العظيمُ دعاءَهُ ، لِتفْرَحَ البِنت .. ليَسعدَ الأب.. لِترى الدُّنيا .. ليسمَعَ البشَر .. لِيقتديَ الخَلْق " أبلي وأخْلِقي ثُمَّ أبلي وأخلقي ثُمَّ أبلي وأخْلِقي " .
ـــــــــــــــــــ(101/179)
العيد في عيون أطفالنا
محمد شلاّل الحناحنة 11/12/1424
02/02/2004
يأتي العيد بحمد الله بعد أيام مباركة، يأتي بعد مناسك الحج، يأتي والقلوب تهفو إلى مكة المكرمة، وطيبة الطيبة، إنها أيام الجائزة من رب العالمين لعباده المكرمين، إنها أيام التوبة والإنابة لله، وشكره على فضله ومنّه وتوفيقه! هو عيد المسلمين طاعة، توصلهم بالطاعة، وليس احتفالاً بأساطير أو خرافات، ليس تقديساً لطغاةٍ ووثنيات! فكيف يرى أطفالنا العيد؟! وما تأثيره في نفوسهم الزكيّة، وعقولهم الصغيرة المتفتحة؟! وما مدى إدراكهم للمعاني السامية التي تشعرهم بالبهجة الحقيقية والتواصل والترابط؟! ومن هنا أقف مع الآباء في همسات مشرقة، وتساؤلات حميمة دافئة تخاطب وجدان أحبابنا الصغار الذين ننتظر أن يقوى عودهم وتزهر براعمهم .
ومن منا - إخوتي في الله - يجلس مع أطفاله وأحبائه بودّ أبوي، وحنوّ عذب، يبين لهم معنى العيد في الإسلام؟! وما آدابه ، وأهدافه وأبعاده؟ وهل العيد مجرد فرح وحلوى ولباسٍ جديد؟! ومتى نتخيّر لهم الموعظة الحسنة لتؤثر فيهم؟!
وإن كان الكثيرون منا لا يوقظون أبناءهم للصلوات المفروضة فهل ترانا نوقظهم لصلاة العيد في مصلى المسلمين، ليدركوا الأجر العظيم، وينالوا الفضل الكبير؟!
وهل عوّدنا أطفالنا على صلة الأرحام في العيد، وتهنئة الآباء والأمهات والأخوال والعمات ؟! هل يصلون الإخوان وأساتذتهم والجيران؟!
إلى أي مدى نحثهم على الصدقات وعلى التوفير من مصروفهم (للريال الخيري) مثلاً، للتصدق على الفقراء والمحتاجين، واليتامى والمحرومين؟! أليس هذا يرقق قلوبهم ويزكي نفوسهم، ويشعرهم بأن هناك من رموا الأبوة أو الأمومة الحانية من أقربائهم وأقرانهم؟! وهل ترانا نخبرهم بأن هناك أطفالاً مسلمين مثلهم يتعرضون في كل يوم للجوع والتشريد والموت في فلسطين والعراق وأفغانستان بسبب قوى الاحتلال والظلم والعدوان.
ترى ما الألعاب التي نختارها لأطفالنا في الأعياد وغيرها؟! أهي ألعاب تربوية ثقافية فيها فوائد لعقولهم وتربوية لأعصابهم وتعليم لهم على التفكير المنظم أم هي مفرقعات فيها إيذاء لهم ولأصحابهم وإزعاج وصخب في الشوارع والبيوت؟!
لسنا ضد أن ندخل البهجة على نفوس أبنائنا فنصحبهم للحدائق والأسواق والمتنزهات، ولكن إلى أي مدى نرشدهم للمحافظة على المرافق العامة، ونظافة الأمكنة وعدم إيذاء الآخرين بأقوال أو أفعال؟!
هل نحمّل أحبابنا المسؤولية أحياناً مع توجيههم ونصحهم، ليشبوا مُدركين لدورهم في المجتمع، متمسكين بأخلاق الإسلام وفضائل الرجال العاملين الأتقياء، فهم جيل المستقبل الزاهر الذي ننتظره بإذن الله؟!
ـــــــــــــــــــ(101/180)
التدليل سوس ينخر في شخصية أبنائنا
سلوى المؤيد
أن نحب أطفالنا، ونريدهم أن يكونوا سعداء ، لا يعني أن نحقق لهم جميع رغباتهم، فهذا النوع من الحب، لا يبني شخصية الطفل بطريقة إيجابية، إذ يضعف التدليل إحساسه بالأمن والطمأنينة، ويدفعه إلى التفكير في ذاته فقط، أي أن يصبح أنانيًا، كما أنه قد يتجه إلى السرقة عندما لا تحقق رغباته عندما يكبر، ويرتفع ثمن ما يرغب فيه من أشياء، ويجد الوالدان صعوبة في الاستجابة لها ماديًا.
إذن، علينا كآباء أن نضع حدودًا لرغبات أطفالنا، أن نعلمهم الفرق بين التصرف الصحيح و السلوك الخاطئ، إلا أننا لا نتوقع أيضًا أن يكون أبناؤنا سعداء بهذه الحدود، لن يبتسم الطفل لوالده ويقول له: شكرًا يا أبي لأنك طلبت مني أن أترك اللعب لكي أدرس.
أو يقول له: أشكرك يا والدي لأنك أمرتني أن أجمع ألعابي، وأعيدها إلى مكانها بعد أن أنتهي من اللعب.
كما أن الأب الذي يريد أن يعلم ابنه معنى المشاركة ، فيطلب منه أن يشارك أخته في قطعة الحلوى التي معه، لا يتوقع أن يكون ابنه فرحًا ويقول له: أشكرك يا أبي لأنك طلبت مني أن أقتسم قطعة الحلوى مع أختي.
من الطبيعي أن يتضايق أطفالنا من الحدود التي نضعها لهم، وعلينا أن نتوقع إجاباتهم الغاضبة، أو عبوس وجوههم أو تجاهلهم، لأنهم يكرهون قوانيننا وحدودنا التي نضعها لهم، كما أنهم لا يحبوننا في تلك اللحظات، إذ من الصعب على الأطفال أن يفصلوا بيننا وبين تصرفاتنا، وعندما نصر على أن يفعلوا شيئاً لا يريدون هم أن يفعلوه، أو عندما نرفض أن نستجيب لتوسلاتهم، فإننا كثيراً ما نسمع منهم هذه الجمل الغاضبة ( أنت لئيم ) ، أو ( أنك لا تحبني ) ، أو ( أكرهك ) ، أو ( أنا لن أكون صديقك ) ، أو ( أنا لن أحبك بعد اليوم ) .
إلا أن كراهية الطفل هذه مؤقتة فقط، لأنه لم يحصل على ما يريد، وللمزيد من التوضيح، سأضرب مثالاً عملياً لنرى كيف تعاملت أم سهير بمهارة مع كراهية ابنتها المؤقتة.
مثال عملي ايجابي
كانت الأم في طريقها للخروج من البيت، عندما طلبت منها ابنتها سهير البالغة من العمر أربع سنوات، أن تشتري لها بعض العلكة ، إلا أن الأم رفضت قائلة : لن أشتري لك علكة، لأنها مضرة لأسنانك.
ردت سهير غاضبة: أنت لا تحبينني، أنا أكرهك.
علقت الأم بهدوء: تبدين غاضبة.
قالت الابنة: ولن أحبك بعد اليوم، أو أكون صديقتك.
ردت الأم: أنت غاضبة إلى حد أن تقولي بأنك لن تحبيني بعد اليوم.
أجابت سهير: لن أحبك، ولا أريد أن أرى وجهك.
قالت الأم: ربما عندما لا تكونين غاضبة جداً، ستشعرين أنك تحبينني مرة أخرى، وستسرك رؤيتي.
وبعد مرور عشر دقائق
عادت سهير إلى أمها قائلة: أنا لست غاضبة الآن، هل تلعبين لعبة معي؟
ردت الأم بترحيب: طبعاً يا حبيبتي.
لقد تعاملت والدة سهير معها بمهارة عالية، لأنها توقعت أن رفضها شراء العلكة لابنتها سوف يضايقها، لذلك لم تهتم شخصياً عندما قالت لها: أنت لا تحبينني، أنا أكرهك.
فهي تعلم أن شعور ابنتها مؤقت، وقد عبرت به عن غضبها لأنها لم تستجب لرغبتها، لقد وضعت هذه الأم حدوداً لابنتها، وأشعرتها أنها تدرك شعورها من خلال إجابتها: أنت غاضبة إلى حد أن تقولي بأنك لن تحبيني بعد اليوم.
إلا أنها جعلتها ملزمة بقبول تلك الحدود من أجل مصلحتها.
مثال عملي سلبي
والدة محمد لم تفعل ذلك، وإنما استسلمت لابنها لأنه أشعرها بالذنب إذا لم تدعه يشاهد برنامجه، لم تلزم ابنها بالحدود التي وضعتها بطريقة حازمة، مثلما يتضح لنا من عرض هذا المثال:
قال محمد لوالدته: أريد أن أشاهد البرنامج القادم.
أجابت أمه: لكنك لم تتوقف عن مشاهدة التلفزيون منذ أن عدت من المدرسة.
رد محمد: أعلم ذلك، لكن ليس لدي أي واجبات مدرسية اليوم.
قالت الأم: ولو، لقد شاهدت التلفزيون بما فيه الكفاية.
قال محمد: أرجوك يا أمي، إنه استعراض عظيم.
أجابت الأم: لكن عيناك متعبتان من طول مشاهدتك للتلفزيون.
عاد محمد يلح عندما لاحظ أن أمه بدأت تلين لمطلبه: البرنامج لن يتجاوز نصف الساعة، أرجوك يا أمي.
إلا إن أمه عادت تقول: لكني أعتقد أن البرنامج غير مناسب لسنك.
هنا، بدأ الابن يضغط على شعور والدته بقوله: إن أصدقائي يشاهدونه كل أسبوع، سأكون الشخص الوحيد الذي لم يشاهده.
عندئذ، استجابت الأم لإلحاح ابنها وسمحت له بمشاهدة البرنامج، فهي لا تريده أن يكون غير سعيد، ووقعت دون أن تشعر في مصيدة إسعاد الطفل، عندما كسرت الحدود التي وضعتها لابنها.
لكن الأم تخطئ في تربية طفلها إذا فعلت ذلك، إذ كان المفروض أن تعالج هذا الموقف مع ابنها بالأسلوب الذي اتبعته والدة سهير، لكي لا تقع في مصيدة الحرص على إرضاء ابنها بصورة مؤقتة قد يكون لها تأثير سلبي على شخصيته مستقبلاً، عندئذ سيجد الطفل نفسه مضطراً للالتزام بهذه الحدود، حتى لو لم يرض بها ، لأنها تهدف من ورائها إلى مصلحته، وبهذا الأسلوب الحازم المقنع في التربية، ينشأ الطفل بنفس متوازنة تدرك الحدود التي تقف عندها في سبيل تحقيق رغباتها.
المصدر: موقع ناصح للسعادة
ـــــــــــــــــــ(101/181)
يا أبتي.. كيف أكون رجلاً ؟
فوزيه الخليوي 20/11/1424
12/01/2004
نتيجة للانفتاح العالمي في وسائل الاتصالات، أصبح التركيز على تربية الولد، تربية رجولية بعيدة عن مظاهر الخنوع والدّعة مطلب ملح! لما لهذا الانفتاح من خلط في الهوية بين الذكر والأنثى، خلطًا بعيدًا عن مظاهر الرجولة التي اتسم بها تاريخنا سواء في الجاهلية أو في الإسلام!.
فيجب على الوالدين أن يلتفتا إلى تربية الذكر من أولادهما، تربية متميزة، تختلف عن الأنثى وذلك أنه سيخرج إلى الأماكن العامة، ويخاطب الناس، ويقضي حاجات والديه مما لا تقوم به الأنثى، ومن هذه التربية:
1-تعويده على مخالطة الرجال وأساليب الكلام:
فيشب الصبي وقد اكتسب ثقة في نفسه، بخلاف ما لو تعوّد اللعب مع الإناث، فيميل بطبعه إلى الرقة والليونة في الحديث والمعاملة؟!
ومن القصص المؤثرة في هذا المجال، هي قصة المقتدر بن الخليفة المعتمد حيث مشى والده يوماً وأخذ يرقبه في الستر الذي فيه ابنه.
وكان إذ ذاك عمره خمس سنين أو نحوها! وهو جالس وحواليه مقدار عشر وصيفات من أقرانه في السن وبين يديه طبق فيه عنقود عنب، في وقت فيه العنب عزيز جداً! والصبي يأكل عنبة واحدة ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة!! على الدور حتى إذا بلغ الدور عليه أكل واحدة مثل ما أكلوا! حتى أفنى العنقود، والمعتضد يتميّز غيظاً فرجع مهموماً فسأله الخادم؛ فقال: والله لولا النار والعار لقتلت هذا الصبي اليوم! فإن في قتله صلاحاً للأمة!
فقلت: حاشاة يا مولاي.
فقال: أنا أبصر بما أقوله! أنا رجل قد سست الأمور وأصلحت الدنيا بعد فساد شديد ولا بد من موتي؛ فإن تولى ابني وهو صبي وله من السخاء مثل الذي رأيت عندما ساوى نفسه بالصبيان في شيء عزيز في العالم والشح معروف في طبع الصبيان! فسيحتوي عليه النساء لقرب عهده بهن، وسيقسم الأموال كما قسم العنب! وتضيع النقود ويزول ملك بني العباس. وقال: سترى ما يكون؟!
فمات والده وتولى فطلب الأموال وأخرجها وجعل يفرقها على الجواري والنساء ويلعب بها.
وهذه الهزيمة التي خشي منها الخليفة لتحكي أعمق أنواع الهزائم النفسية لدى الطفل حيث يشب مسلوب الإرادة مخدر الذهن، محدود الرؤيا، يعيش في أجواء الغرور والتعالي على الآخرين، وهذه الحادثة هي غيض من فيض مما تدفعه الأمة ولا تزال في أبنائها نتيجة هذا الخطأ الفادح الذي بزعمهم هو من باب الترف والدلال لأبنائهم بتوفير الخدم والندماء لهم، فكانت الحصيلة جيلاً متراخيًا منغمساً في ملذاته لا يأبه بأحوال أمته، وواقعها المرير.
ولقد تنبه إلى هذا الأمر الخلفاء في السابق؛ فكان مما قال عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده: علمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، وأطعمهم اللحم تشد به قلوبهم، وجالس بهم علية الرجال يناقضوهم الكلام.
فكان حصيلة هذا الفهم والوعي منه أن تولى أربعة من أبنائه سدّة الحكم.
2-إلباسهم ملبس الرجال:
كما قال إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف أدركت أبي وإنه ليعتم ويعمني وأنا صغير ورأيت الصبيان يعممون.
3-حضورهم لمجالس العلم:
كما حدث مع ابن عباس فكان عمر يجلس مع الأكابر ويقول له: لا تتكلم حتى يتكلموا، ثم يقبل عليهم ويقول: ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟!
ولهذا لما رآه الشاعر الحطيئة أعجب بمنطقه وقال: من هذا الذي نزل عن الناس في سنه وعلاهم في قوله.
فها هي مجالس الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع صحابته يحضرها الصغار، ومن هذا بوب البخاري: باب إذا لم يتكلم الكبير هل للصغير أن يتكلم!
4-إخراجه للغزو:
فقد خرج الزبير بابنه عبد الله إلى الغزو وهو في سن العاشرة وأوكل به رجلاً، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم- بأنس وهو طفل يتيم إلى خيبر وكان قد راهق الاحتلام.
فما ظنك بعدها بهذا الطفل الذي يرى حشد الجيوش، وصهيل الخيول ومقارعة السيوف وأي ثقة في نفسه سيشب عليها، حيث لن يهاب أحداً وإن كان أعتى الرجال.
5-أخذ مشورته:
كما يفعل إبراهيم - عليه السلام- ونصت عليه الآية الكريمة ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) [الصافات:102]
قال المفسرون لم يشاوره كي يرجع إلى رأيه ومشورته؛ بل ليتعرف على رد فعله تجاه هذا الأمر، فيثبت قدمه ويصبره إن جزع. ويخطئ بعض الآباء الذين لا يعرفون إلا إصدار الأوامر، وإلقاء التعليمات دون محاولة التعرف على أحوال المخاطبين وقدراتهم.
6-تحميله بعض المسؤوليات:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- أتى عليّ رسول الله وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا وبعثني في حاجة وأبطأت على أمي. فلما جئت قالت: ما حبسك. قلت: بعثني رسول الله في حاجة. قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تحدثن بسر رسول الله أحداً.. وهذا من عقلها. حيث لم تطلب من ابنها أن يخبرها بحاجة رسول الله . بل علاوة على ذلك أكدت عنده هذا المفهوم وحثته على كتمانه. فأين منها بعض الأمهات التي يدفعها الفضول لسؤال ابنها عما يدور من أحاديث لأبيه مع الآخرين.
7-التربية بالحوار:
فقد اشتمل القرآن الكريم على أنواع الحوار، كحوار إبراهيم مع النمرود، ولقد سلك رسول الله نفس المسلك مع صحابته، كحواره مع ابن عباس في عدة مواضع وحواره مع الجارية عندما قال لها: أين الله؟ . قالت: في السماء. قال: اعتقها فإنها مؤمنة.
8-تعليمه آداب السلام:
ليست الرجولة في إقحام الولد في مجالس الرجال، بلا تعليم مسبق لآداب السلام والحديث، ولا ألطف من دخول أحد الصبيان على أحمد بن حنبل فقال: دخلت على أحمد بن حنبل أسلم عليه، فمددت يدي إليه فصافحني، فلما خرجت قال: ما أحسن أدب هذا الصبي، لو انكب علينا كنا نحتاج أن نقوم.
9-تقديمه النفع للمسلمين:
إن لتقديم المنفعة للمسلمين على مصلحته الشخصية أكبر الأثر في رجولته، حيث يتغلب على حظوظ نفسه، فيجد سعادة تفوق ألمه الشخصي، كما أن فيه ترسيخ للرحمة في قلبه للآخرين، والتي تقود للتكافل الاجتماعي الداعي له الحديث الشريف "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل البنيان يشد بعضه بعضاً".
وهذا ابن إدريس وجه ابنه إلى البقال يشتري له حاجة؛ فأبطأ ثم جاء فقال له: يا بني ما أبطأك. قال: مضيت إلى السوق. فقال له: لمَ لم ْ تشتر من هذا البقال الذي معنا في السكة. قال: هذا يغلي علينا. قال: اشتر منه وإن أغلى علينا؛ فإنما جاورنا لينتفع.
10-توفير الرقابة المنزلية:
من الخطأ الاتكال على الرقابة الذاتية لدى الصبي، بدعوى بلوغه طور الرجولة. بل يجب أن يتكاتف الوالدان على مراقبة سلوكياته وتنبيهه إلى مواضع الخطر، ومكامن الشر، حتى وإن بدت عليه مخايل الذكاء والعقل.
فهذا يزيد بن المهلب وقعت عليه حية، فلم يدفعها عن نفسه، فقال له أبوه: ضيعت العقل من حيث حفظت الشجاعة.
وخطر المخدرات على سبيل المثال من أشد المخاوف التي يجب وضعها نصب الاعتبار.
وللكاتب الأمريكي (انتوني روبنز) تجربة مفيدة في هذا السياق؛ فقال: وجدت أن أفضل طريقة للتأكد من تجنب أبنائنا لهذه الآفة هي أن نجعلهم يربطون بين الألم الساحق وبين العقاقير، فكان أن أخذوا أبناءهم لزيارة عمارة متعفنة، مليئة بالفئران تفوح منها رائحة المراحيض من كل طابق، وما أن دخلوا حتى واجههم منظر المدمنين وهم يحقنون أنفسهم بالعقاقير دون أن يكترثوا بمن يراقبهم أيما اكتراث، وأصوات أطفال مهملين متروكين بمفردهم وكان ما تعلموه أن يربطوا بين العقاقير والدمار الذهني والعاطفي والبدني.
أمثلة واقعية:
من الأمثلة التي عرف بها سؤدد هؤلاء أن عبد الله بن الزبير كان يلعب مع الصبيان في الطريق فلما مر عمر بن الخطاب فرّوا ووقف! فقال له عمر: لِمَ لمْ تفر مع أصحابك. فقال: يا أمير المؤمنين لم أجرم فأخافك، ولم يكن في الطريق ضيق فأوسع لك.
وأول ما عرف به سؤدد خالد القسري أنه مرّ في بعض الطريق وهو غلام فأوطأ فرسه صبياً فوقف عليه، فوجده لا يتحرك فأمر غلامه فحمله ثم انتهى به أول مجلس مر به فقال: إن حدث بهذا الغلام حدث الموت فأنا صاحبه أوطأته فرسي وأنا لا أعلم.
وأول ما عرف به شرف الحسن بن زيد أن أباه توفي وهو غلام حدث وترك ديْناً على أهله أربعة آلاف دينار، فحلف الحسن بن زيد أن لا يظل رأسه سقف بيت إلا سقف مسجد أو بيت رجل يكلمه في حاجة حتى يقضي دين أبيه فلم يظله حتى قضى دين أبيه.
الطفل بين عطوفة الدلال وسندان القسوة:
يحتار بعض الآباء في اتخاذ أي المسلكين منهجاً ثابتاً للتعامل مع الولد. أما التدليل فقد نص علماء النفس على أن الإسراف فيه له عواقب وخيمة ويقصد بالتدليل قضاء كل ما يريده الطفل مهما كان سخيفاً، وأن يكون الجميع رهن إشارته فلا شيء ينقصه ولا يضايقه، والطفل المدلل يأخذ ولا يعطي مما يؤدي به إلى:
1-الشعور بالنقص حين يواجه العالم الخارجي، حيث تعود أن يكون محط الأنظار مما قد لا يتوفر له فيفقد ثقته في نفسه.
2-يتحامل على الناس ويشعر بالاضطهاد مما يهدم شخصيته.
3-يعيش في صراع نفسي بين رغبته في توكيد ذاته أو الاتكال على الآخرين كما تعود.
4-عدم تدريبه على أي مسؤولية أو قيمة أو نظام بدءًا بألعابه المرمية، أو استذكاره لدروسه.
عود على بدء..
وليس معنى هذا عدم إظهار المحبة والرحمة بالطفل، فإذا لم تتحقق المحبة للأولاد بالشكل الكافي المتزن؛ نشأ الطفل منحرفاً في مجتمعه ولا يحسن التآلف مع الآخرين ولا يستطيع التعاون أو تقديم التضحيات، وقد يكبر فلا يستطيع أن يكون أباً رحيماً أو زوجاً متزناً.
مشنقة القصوة
نص علماء النفس على أن محاسبة الطفل على كل كبيرة وصغيرة تولد الكراهية للسلطة الأبوية، فيتخذ منهم موقفاً عدائياً، قد يدفعه إلى الجنوح وقد يستسلم الطفل ولكنه استسلام مبطن بالحقد والكراهية وهذه الطاعة العمياء:
1-تبث فيه الشعور بالنقص وتميت ثقته في نفسه.
2-تقتل فيه روح الاستقلال والمنافسة مع الآخرين.
3-تجعله عاجزاً عن الدفاع عن حقوقه والتعبير عن دواخله.
وقد يتطور هذا المسلك عند بعض الوالدين إلى نبذ الطفل وذلك بإهماله والتنكر له أو الإسراف في تهديده أو عقابه، أو السخرية منه أو إيثار إخوته عليه، أو طرده من المنزل وهذه من أحد أسباب جنوح الطفل.
ـــــــــــــــــــ(101/182)
أفَضّل الموت على الإنجاب!
السؤال:
انا متزوجة منذ سنتين وانا لا أفكر بالإنجاب إطلاقا وكذلك زوجي يترك الأمر في هذا الموضوع لي أنا مع أنه لا يرغب بذلك بالرغم من أن كلينا لا يوجد عندنا مشاكل صحية إطلاقا والحمد لله رب العالمين.
أنا لا أريد الإنجاب لأنني أعتقد أن الإنجاب مسؤولية وهذة المسؤولية تستمر على الإنسان حتى بعد الوفاة وأنا لا أريد أن أسأل عن أولادي يوم القيامة فيكفيني السؤال عن نفسي، وأعتقد أن المرأة إذا أنجبت الأولاد فإن حياتها كلها تصبح تتمحور حول هذا الجانب، ومن جهة أخرى أرى أن إنجاب الأطفال متعب وتربيتهم صعبة جدًا فلماذا يجلب الشخص التعب لنفسه؟ قد تقول لي أن في ذلك الأجر الكثير ولكن ممكن تحصيل الأجر من أعمال أخرى وأنا أرى أن أجمل ما في الحياة هو الدراسة والعلم. وأنا الآن أكمل الدكتوراة ولا أريد أن أتوقف عن العلم لآخر رمق في حياتي، وكلما أرى امرأة حامل أشعر بصداع واشمئزاز من هذا الموضوع علما أنني أربي طفلين وهما أولاد زوجي وأحبهما كثيرا ولا أفكر بغيرهما. فكلامي السابق عن تجربة بتربية الأطفال فلو قدر الله وتوفي هذين الطفلين فلا أفكر بالإنجاب، وأنا أفضل الموت على الانجاب. فهل هذا التفكير بعدم الإنجاب إطلاقا جائز في حالتي؟ اعذرني على الإطالة وأنتظر الجواب بفارغ الصبر وجزاك الله خيرًا.
الجواب:
المفترض أن تتوجهي إلى الله تعالى أن يأخذ بنفسك إلى الخير ويغرس فيك ما يحبه من الصفات، لأن النفس قد يكون فيها شيء يجهله الإنسان ويكون نقصا وخطئا. فإذا توكل على الله وتوجه إليه أعانه الله على نفسه، ولهذا في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يدعو اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي.
وإذا دعوتِ الله تعالى ستجدين أثر هذا الدعاء على نفسك وتبدئين بالشعور بالرغبة في الولد ويشرح الله صدرك للإنجاب لأن فيه مصالح كثيرة جدا وثواب عظيم أكثر من أي شيء آخر كما أن من أعظم ثوابه أنه يستمر ثواب الأم حتى بعد وفاتها بما يؤديه أولادها من العمل الصالح والدعاء لها.
فخير لك أن تتوجهي إلى الله بالدعاء وأن تعيدي التفكير في موضوع الانجاب بجدية، لأن كراهيته لهذه الدرجة ليس صوابا ولا موافقا للشرع.
أما الخوف من الإنجاب بسبب المسؤولية تجاه الأبناء والخوف من المحاسبة في الآخرة، فيجب أن نفرق بين الخوف المحمود والتهرب من المسؤولية المذموم، فالشريعة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم حضت على النكاح من أجل تكثير الامة وتحصيل ثواب تربية الأولاد وتحقيق هذه المصالح العظيمة والله تعالى يحب من المسلم أن يكون أهلا لتحمل المسؤولية وأن لايتهرب منها، وهذا من علو الهمة، لأن المسلم إذا تحمل الامانة متوكلا على الله مبتغيا ثوابه يعينه الله تعالى فيسهل عليه ماكان عسيرا بإذنه.
ولهذا نجد أن غالب الناس ـ حتى من العامة الذين ليس معهم من العلم إلا القليل ـ يتعبون مع الأولاد في الصغر ثم يجدون ثمرة هذا التعب في الكبر، وهذا فضلا عن الثواب الجزيل على أعمالهم الصالحة فالمؤمن إذا اتخذ الأولاد وعلمهم الصلاة كان له مثل أجر صلاتهم في حياته وبعد موته، وكذلك كل خير يعلمهم الله تعالى له مثل أجرهم في حياته وبعد مماتهم فكأنه أضاف أعمارا إلى عمره بالإنجاب والتربية الحسنة.
ولا ننسَ أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحب أن تكثر أمته لأنه يحب أن يكون أكثر الأنبياء نفعا للناس ويتجلى ذلك بكثرة أتباعه فنحن عندما ننجب الأولاد ونكثر المسلمين ونصلحهم نرد بعض الجميل لنبينا صلى الله عليه وسلم القائل تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة.
أما إذا انحرف الولد مع تعليمنا الخير له فهذا ليس إثمه علينا، فلا تزر وزارة وزر أخرى، وقد ضرب الله تعالى لنا مثلا بابن نوح عليه السلام، كفر فلم يضر أباه، وإنما ذكر ابن نوح خصوصا، لأن أكثر الأنبياء عمرا في الدعوة إلى الخير، فأراد الله أن يبين أن انحراف أقرب الناس للداعي عن دعوة الداعي لايضره وليس عيبا فيه.
كما لاينبغي أن ننسى أيضا أن الدراسة والعلم أمور تنتهي بنهاية حياة الإنسان وفوائدها دنيوية محضة وهي أمور قاصرة على الانسان، أما الإنجاب وتربية الأولاد وتعليمهم فرصيد عظيم في الدنيا والآخرة وفي الإنجاب فائدة عظيمة على الوجود الإنساني المسلم الموحد المسبح لله تعالى، بإذن الله تعالى وهذا من أعظم النفع المتعدي، فكأن الإنسان عندما يقول لا يهمني سوى الدراسة والعلم يظهر نوعا من الأنانية وعندما ينظر إلى الإنجاب كإضافة يتعدى نفعها للعالم والكون يتخلص من الأنانية إلى العطاء المتعدي النافع.
فهذه نقطة مهمة يجب أن لايغفل عنها الإنسان.
والخلاصة أن العبد عندما يتوجه إلى الله تعالى في دعائه أن يلهمه الله رشده ويرزقه محاسن الصفات ويؤتي نفسه تقواها يرفعه الله تعالى إلى الكمالات وإذا اغتر بنفسه وأعجب بها يرى فيها النقص كمالا ويبقى في دركات سفلى وهو لايشعر.
والله أعلم
فضيلة الشيخ حامد العلي حفظه الله
ـــــــــــــــــــ(101/183)
النسيان عند الطلاب مشكلة لها حل
رضا مدبولي 13/11/1424
05/01/2004
لقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان وفطره علي النسيان وأمرنا -جل وعلا- أن نستعيذ من ذلك.
حقائق ثابتة:
80 % مما تقرؤه بدون عزم التذكر؛ يختفي من الذاكرة بعد 28 يومياً من قراءته.
90 % مما تسمعه يتبخر من الذاكرة بعد 14 يوماً فقط من سماعه.
90% من النسيان ينتج عن قصور في طريقة الاستذكار.
أنواع الذاكرة
تنقسم الذاكرة من حيث القوة إلى:
الذاكرة الذهبية:
وهي الذاكرة الراسخة طويلة الأجل لا يدخل إليها إلا كل مرتب مصنّف. ولو دخل؛ فإنه يبقى ويعيش.
الذاكرة الزئبقية:
وهذه الذاكرة لا تتبخر بسرعة مثل الأحداث شديدة الفرح أو الفزع لنا، ولها طبيعة الزئبق لا يسهل الإمساك بها.
الذاكرة الطيارة :
أو قصيرة الأجل سريعة التبخر والطيران وهذه نستعملها في أمورنا السريعة مثل مشاهدة منظر طبيعي أو مناقشة قصيرة.
وطريقك إلى النجاح مرهون بأن تكتسب مهارة ملء ذاكرتك الذهبية. وأول الطريق إلى هذا هو القدرة على التركيز والإلمام بطرق دفع المعلومات إلى الذاكرة الذهبية.. طويلة الأجل.
وهناك تقسيمة أخرى لأنواع الذاكرة كالآتي :
الذاكرة الذاتية:
هذه الذاكرة تتعامل مع المواد التي يجب استخدامها في الحال، وبعد استعمالها يقوم المخ بإزالتها ومحوها بسرعة.
الذاكرة قصيرة المدى:
التركيز هو مفتاح هذه الذاكرة، فإذا قرأنا أو سمعنا رقم هاتف أو كلمة مهمة وكانت تعني لنا شيئاً؛ فإننا سنقوم بطبعها في ذاكرتنا، ونستطيع تذكر الرقم أو الكلمة بعد مرور فترة زمنية لا تتعدى اللحظات.
الذاكرة طويلة المدى:
تتم في هذه الذاكرة عمليات أكثر تعقيداً من غيرها، حيث يتم تسجيل المعلومات مع إعطاء وقت مناسب لتخزين هذه المعلومات لاسترجاعها وقت الحاجة إليها، وهى قادرة على الاحتفاظ بمقادير كبيرة من المعلومات ولفترات زمنية طويلة، قد تصل إلى عدة سنوات، وتتميز هذه الذاكرة بأن المعلومات المخزونة فيها أقل عرضة للتداخل مع المدخلات الجديدة في الذاكرة قصيرة المدى.
ذاكرة (الريموت):
تخزن هذه الذاكرة المعلومات الأساسية غير القابلة للنسيان في الظروف الطبيعية، مثل معرفتنا لأسمائنا وأسماء أصدقائنا الدائمين، وبعض سور القرآن التي حفظناها صغاراً، فهذه الذاكرة كالصخرة، لا ننسى محتوياتها بسهولة.
أعداء الذاكرة:
العدو الأول: عدم الاستعمال
إذا لم يتم استخدام معلومة معينة، أو تذكرها على فترات زمنية معينة، فإن المسارات العصبية بين الخلايا العصبية تضعف تدريجياً، ويصبح تذكر هذه المعلومة غير ممكن وتفقد بطبيعة الحال لعدم استعمالها أو تذكرها.
العدو الثاني: الشرود الذهني
هو أحد أشكال الفشل في إبداء الانتباه، ويحدث الشرود الذهني في حال انشغالنا بأمر ما، أو استغراقنا في أحلام اليقظة، فحاول مقاومة الشرود الذهني بالتركيز في الشرح والمشاركة مع بقية الطلبة بصورة فعالة.
ولكي تتخلص من هؤلاء الأعداء عليك بالآتي:
أ- الفهم الجيد الذي يجعلك قادرًا على شرح الموضوع بأسلوبك.
ب- التحليل من مختلف الزوايا. بأن تتخيل نفسك عالماً في هذا الموضوع.
ج- ربط المعلومة مع معلومات أخرى معروفة مسبقاً من نفس المنهج أو غيره أو من حياتك مثل: ربط دراسة معلومات فلكية بما قرأت في القرآن الكريم عن الشمس والقمر والسماء والأرض.
ولإتقان هذه الخطوات الثلاث ( الفهم - التحليل - الربط ) إليك عشرة مبادئ للتعامل مع الذاكرة:
1- الاهتمام المشوق والمحفز: فالاشتياق إلى تعلم المادة يعتبر حافزاً أكيداً على سرعة تعلمها وبدونه تكون المهمة شبه مستحيلة.
2- الاختيار: لو أصررت على تذكر كل كلمة فلن تذكر شيئاً وعليك انتخاب ما يجب حفظه منها لدفعه إلى أعماق الذاكرة المستديمة.
3- عقد النية على التذكر: مثال على ذلك.. قد تجلس مدة طويلة مع أخيك الأصغر تساعده في حفظ نشيد وقد تقرؤه وتكرره معه عشرات المرات وفي النهاية هو يحفظه وأنت لا؛ وذلك لأنه عقد النية على أن يحفظ وأنت لم تعقدها.
4- خلفية المعلومات الأساسية: فلا يعتبر - أبداً - قراءتك الصحف والمجلات وذهابك إلى المكتبة مضيعات للوقت فهي إثراء للغتك التي بها تتلقى العلم وإثراء لمعلوماتك.
5- التنظيم المعبر:حاول - دائماً ترتيب المعلومة التي يجب عليك تذكرها بمنطق ما يسهل عليك تذكره لتعيد سردها مرة أخرى؛ لأن البديل عن هذا هو أن تظل تقرؤها وتكررها؛ حتى تحفظها. وهي طريقة مملة ومجهدة ومضيعة للوقت ولكن للأسف الجميع يلجأ إلى هذه الطريقة أي طريقة التكرار.
6- الإلقاء: هو من أنجح طرق النقل إلى الذاكرة الدائمة. فلو حاولت إعادة إلقاء المعلومة على نفسك أو على غيرك بأسلوبك؛ فسيضيف هذا عمقاً أكبر في الذاكرة ويعطيك ثقة أكبر في تمكنك من المادة.
7- زمن الوصول للذاكرة: خمس ثوان وخمس عشرة دقيقة. حتى تصل المعلومة إلى الذاكرة في أمان وسرعة ولتثبيتها يكون إما بالإلقاء وإما بالكتابة بعد تلقيها مباشرة. فهذا يثبتها في مراكز المخ العصبية.
8- التدريب الموزع: ينصح بفترة لا تتجاوز خمساً وخمسين دقيقة والراحة خمس دقائق. وتعتبر هذه الطريقة أكثر فائدة لأسباب أربعة:
أ- تقلل من الإجهاد الجسماني والنفسي.
ب- تحفز أكثر على العمل عند تحديد المهمة الواحدة بوقت قصير.
ج- تخفف من الملل في مذاكرة المواد غير المحببة.
د- تعتبر فترة الراحة القصيرة فرصة طيبة لاستقرار ما قبلها.
9- التعبير المرئي: يتعامل نصف المخ البشري مع الكلمات والأرقام والنصف الآخر يتعامل مع الصور؛ فلو احتفظت بكل معلوماتك في ذاكرتك في هيئة كلمات وأرقام فقط فأنت - في الواقع - تستخدم نصف قدراتك العقلية؛ فحاول أن تحول كل معلومة إلى مزيج من الرسوم والكلمات.
10- الاقتران والتداعي: واجبك أن توطد - دائماً - العلاقة بين المعلومة الجديدة ومعلومات سابقة موجودة في ذاكرتك؛ فتسكن معها وتقترن بها لتكوّنا معاً نقطة مغناطيسية متزايدة القوة تعمل على جذب المعلومات الجديدة للأخرى وهكذا...
والطالب كإنسان يخطئ وينسى، ومن الأسباب التي تؤدي إلى زيادة النسيان عند الطلاب ما يلي:
1-الإجهاد الذهني والعضلي بسبب كثرة الأعباء والمسؤوليات ونحوها.
2-كثرة المشاغل والمشاكل الاجتماعية والمعيشية والعلمية وغير ذلك فإن الأشياء يزيح بعضها بعضاً.
3-ترك الدروس فترة طويلة بدون استذكار ومراجعة بسبب عدم الالتزام بالخطة والبرنامج.
4-وجود العديد من التشابه والتداخل بين الموضوعات.
5-عدم الفهم الجيد والتركيز والاستيعاب لأسباب عديدة؛ منها: التسرع، والاستهتار، وعدم التدبر.
6-من طبيعة بعض المواد أنها سهلة النسيان.
بالإضافة إلى ما سبق: ارتكاب المعاصي وكثرة الذنوب وقسوة القلب وغلظته.
ولعلاج مشكلة النسيان عليك بالاتي:
1-الاستعانة بالله -عز وجل- والإكثار من الدعاء: ( اللهم راد الضالة وهادي الضلالة أنت تهدي من الضلالة أردد علي ضالتي بقدرتك وسلطانك فإنها من عطائك وفضلك).
2-المصالحة مع الله بالمزيد من الاستغفار والتوبة ومضاعفة العبادات.
3-الترويح عن النفس بالوسائل المشروعة؛ لأن القلوب إذا كلت عميت.
4-الاستعانة بالمذكرات والملخصات والوسائل التعليمية المعينة على الاسترجاع.
5-التلخيص أثناء الاستذكار في ورق فقد قيل: "ما حُفظ فر، وما كُتب قر).
واليك بعض النصائح الأخرى:
1-لا تذاكر وأنت مرهق؛ لأن التعب لا يساعد على تثبيت المعلومات.
2-كثير من الطلاب ينتقلون في مواد المذاكرة بغير نظام ويحفظون بدون أخذ فترات للراحة، وبذلك تتداخل المعلومات وتصبح مشوهة.
3-تكرار الحفظ مع المراجعة في فترات متفاوتة يساعد على تثبيت المعلومات.
4-حالتك النفسية المضطربة أثناء المذاكرة هي دافع للنسيان لذلك حاول دائماً التخلص من مشاكلك أولاً بأول حتى تكون مستقراً.
5-التركيز والانتباه من العوامل الأساسية لمقاومة النسيان.
6-الترك والإهمال هو أساس النسيان والذاكرة الضعيفة.
7-وأخيراً ابتعد عن الذنوب والمعاصي حتى لا تنسى.
قال الإمام الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... ...
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ... ...
ونور الله لا يهدى لعاصِ
ـــــــــــــــــــ(101/184)
كيفية إبعاد المراهقة عن الانحراف
السؤال:
ما هي الطريقة الإسلامية لإبعاد الفتاة المراهقة عن الانحراف؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التربية الإسلامية تبدأ في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان، بل تبدأ قبل ولادته بحسن اختيار أمه.
هذا، وإن الكلام في تربية المراهقين يطول ويحتاج إلى مختصين ولكننا نكتفي هنا ببعض الجمل:
أولا: ينبغي التعامل مع الفتاة المراهقة بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي يتعامل به مع الأطفال، فلا يحتقر شخصها ولا تسفه آراؤها؛ وإنما يحل النقاش الهادئ للأفكار الخاطئة محل الزجر والنهر.
ثانيا: ينبغي أن يوفر لها مساحة أوسع من وقت والديها وتعطى فرصة أكبر للتعبير عما بداخلها، وعلى الوالدين أن يكون استماعهم لها أكثر من حديثهم إليها.
ثالثا: ينبغي أن تشعر هذه الفتاة بأن أهلها يحبونها ويرحمونها وذلك لأنها إذا تشبعت في بيتها بالحنان والرحمة فلن يكون في قلبها فراغ عاطفي تحتاج لأن يملأه الأشخاص غير المرغوب فيهم كالشباب الذين يعاكسون الفتيات ويسمعونهن من كلمات الحب والحنان ما افتقدته الفتاة في بيتها.
رابعا: يجب على والديها أن يقطعوا عنها وسائل الانحراف فلا يمكنوها من مشاهدة الفضائيات ولا تصفح الإنترنت إلا برقابتهم وتحت إشرافهم، ولا يملكوها جهاز هاتف جوال، ولا يمكنوها من الخلوة مع المدرس أو السائق أو الطالب ونحوهم، ولكن ينبغي أن تكون طريقتهم في ذلك كله حكيمة.
خامسا: ينبغي أن توفر مكتبة متنوعة تحتوي كثيرا من المواد النافعة وليكن انتقاؤها بإشراف بعض طلاب العلم.
ولمزيد تفصيل حول التعامل مع المراهقين يمكنكم الاستماع إلى محاضرة بعنوان كيف نفهم المراهقين للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وهي على صفحة الشيخ في موقع طريق الإسلام www.islamway.com وكذلك محاضرة للدكتور عبد الكريم البكار بعنوان: آباء يربون، وانظروا كتاب منهج الترية الإسلامية للشيخ محمد قطب.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(101/185)
قبل أن ينحرف ابنك! (1من2)
أين الخلل؟
عفاف حمادي
أتعرفون بماذا أجابت ابنتي ذات الثلاثة عشر ربيعاً عندما وجهتها إلى آداب الحديث مع الوالدين والأشخاص الأكبر سناً؟
قالت: ما هذا الكلام؟! كان زمان، في مجتمعكم الخجول، نحن جيل الإنترنت والكمبيوتر، نحن مجتمع الانفتاح وجيل الجرأة.
نعم، فمجتمعنا انفتح بكل وسائل الاتصال على المجتمعات الأخرى المختلفة واطلع على كل أنواع السلوك فيها، لكن لكل مجتمع من هذه المجتمعات قيمه وعاداته وتقاليده وأعرافه التي تمثل المعايير التي يقيس عليها سلوك أفراده ويقيمها، فإما يقبلها أو يرفضها، فالسلوك الذي يعتبر سلوكا منحرفا في مجتمع قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر، فمثلاً شرب الخمر في مجتمعنا الإسلامي يعتبر من الكبائر ويجرمه الشرع ويعاقب عليه، بينما نفس هذا السلوك في المجتمعات الغربية هو سلوك عادي يقره مجتمعهم.
إذاً نستطيع أن نعرف السلوك المنحرف بأنه: (كل سلوك يصدر عن الفرد يمثل خروجاً جوهرياً عن معايير المجتمع المتعارف عليها من قيم وعادات وتقاليد، أما السلوك السوي فهو السلوك المتوافق مع هذه المعايير). وقد قسم علماء النفس الانحرافات السلوكية إلى ثلاثة أنماط مختلفة:
• أولاً: سلوك منحرف ناتج عن اضطرابات وجدانية، ويسميه علماء النفس (السلوك السيكوباتي).
• ثانياً: السلوك اللا اجتماعي الناتج عن الأمراض النفسية أو العقلية التي يصاب بها الفرد.
• ثالثاً: السلوك المنحرف (الجانح) الناتج عن نشأة الفرد في بيئة تعمل على تدعيم مثل هذا السلوك، فالانحراف هنا ناتج عن التنشئة والتربية.
ويتدرج السلوك المنحرف من انحرافات أولية إلى سلوك إجرامي مضاد للمجتمع، ومن أمثلة هذا النوع من السلوك (الكذب، الفشل الدراسي، التمرد، عدم ضبط الانفعالات، حدة الطبع.. ويتدرج إلى السرقة، النصب والاحتيال، التخريب، إشعال الحرائق، تعاطي المسكرات والمخدرات).
وهنا يبرز السؤال المهم: ما أسباب حدوث الانحرافات السلوكية لدى الناشئة؟
يقول علماء النفس: الفرد منذ ولادته إلى أن يشب يقضي وقته في بيئات اجتماعية مختلفة يؤثر فيها ويتأثر بها، فيبدأ ببيئة الأسرة ويتفاعل فيها مع الوالدين والإخوة والأخوات، ثم ينتقل إلى بيئة المدرسة ويتفاعل فيها مع أقرانه التلاميذ ومع معلميه وإدارة المدرسة، ثم ينتقل إلى بيئة العمل، وهي بيئة أكبر وأكثر نضج، كما يتأثر بالبيئة الترويحية التي تصاحبه طول حياته وتختلف باختلاف مراحل عمره ويقضي فيها أوقات اللعب في طفولته ووقت فراغه في المراحل المتقدمة من عمره.
وانحرافات السلوك والجنوح قد تكون ناتجة عن الاختلال في واحد أو أكثر من هذه البيئات. وسنوضح فيما يلي الاختلالات التي يمكن أن تحدث في كل بيئة من هذه البيئات.
1- اختلالات البيئة العائلية:
من الاختلالات الشائعة للبيئة العائلية ما يلي:
• التربية الخاطئة: حيث لا يوجد توجيه سليم لسلوك الطفل، أو قد يوجد التوجيه لكن في إطار معاملة خاطئة للطفل، مثل (القسوة، اللين، أو متأرجحة بين القسوة واللين).
• تصدع العائلة: مما يؤدي إلى إهمال تربية الطفل وتوجيهه التوجيه السليم، ومن أشكال تصدع العائلة ما يلي:
- انفصال الأولاد عن والديهم بالوفاة أو الطلاق.
- شدة الخصومة بين الأبوين.
- الاختلاف بين الوالدين في طريقة التربية.
- الاختلاف الكبير بين الوالدين في العمر أو في الطباع.
- إدمان المسكرات والمخدرات.
• مشاكل الوضع الاقتصادي للأسرة:
• الثراء الشديد قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
• الفقر وتضاعف الأعباء المالية للأسرة.
• انشغال الوالدين عن الأبناء.
• خروج الوالدة للعمل وانشغالها به، قال الشاعر أحمد شوقي:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هم الحياة وخلفاه ذليلاً
إن اليتيم الذي يلقي له
أم تخلت وأباً مشغولاً
• مشاكل الهجرة:
• تزايد الهجرة من الريف إلى المدن.
• هجرة الأسرة إلى مجتمعات أخرى مخالفة في القيم والعادات والتقاليد.
2- اختلالات البيئة المدرسية
لاختلالات البيئة المدرسية أثر كبير في ظهور أو تنمية السلوك المنحرف لدى الفرد، ومن أمثلة الاختلالات المدرسية:
• مصاحبة الطالب قرناء السوء.
• معاملة المعلم غير التربوية للطالب.
• معاملة إدارة المدرسة غير التربوية للطالب.
• افتقار الطلاب للقدوة الحسنة في الهيئة التعليمية للمدرسة.
3- الاختلالات في بيئة العمل:
وهي امتداد للاختلالات المدرسية، وإن كانت بصورة أكبر وأشمل. ومن أمثلة الاختلالات في بيئة العمل:
• الافتقار إلى القدوة الحسنة في الهيئة الإشرافية على العمل.
• مصاحبة قرناء السوء.
• عدم تناسب العمل مع قدرات الفرد وإمكانياته.
4- الاختلالات في البيئة الترويحية:
هي بيئة اللعب للأطفال، وهي البيئة التي يقضي فيها الفرد الكبير أوقات فراغه للاستمتاع بوقته وتجديد نشاطه، ومن اختلالات البيئة الترويحية التي تؤدي إلى انحراف السلوك قضاء الوقت في الأنشطة الضارة ومثال على ذلك:
• قضاء وقت طويل في مشاهدة التلفزيون.
• قضاء وقت طويل في ممارسة ألعاب الكمبيوتر، وخاصة الألعاب المتصفة بالعنف.
• التسكع في الطرقات العامة والأسواق.
• جلسات الثرثرة الفارغة.
• مطالعة الكتب والمجلات المضللة المفسدة.
• مشاهدة المسرحيات والعروض السينمائية التي تحتوي على مشاهد فاضحة، وألفاظ بذيئة، وتمجد سطوة المجرمين وأساليبهم، أو الإفراط في مشاهد العنف أو الرعب.
• تسهيل لعب القمار.
• تناول المسكرات وتعاطي المخدرات.
• التردد على مباءات الفساد الجنسي.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/186)
العلاقة بين الأب والابن
بين غضب الأب وغيابه وخجل المراهق وتردده
إبراهيم الزعيم 21/10/1424
15/12/2003
"لاعبه سبعًا وأدبه سبعًا وصاحبه سبعًا" ، القليل من الآباء والأمهات من يدرك هذه القيمة التربوية جيدًا ، وقليل من القليل من يطبق هذا الحديث النبوي الشريف تطبيقًا عمليًا ، فيحسن معاملة أبنائه وبناته في مرحلة المراهقة ، ويوجههم التوجيه السديد ، ويكون قدوة صالحة لهم ، فما بال كثير من الآباء أغفلوا هذا الأمر واعتبروا العلاقة بينهم وبين أبنائهم المراهقين هي علاقة الأمر والنهي فقط ، للاطلاع على هذه القضية من كافة جوانبها ، التقى موقع "الإسلام اليوم" بعض الآباء والأبناء والمختصين .
تحسس مشاكل الأبناء
يقول الأستاذ أبو رامي لي ثلاثة أبناء، ولكني لم اشعر بمراهقة الأول منهم ولم يتعبني أبدًا، وقد شعرت بمراهقة الابن الثاني والثالث أكثر بكثير، وقد اختلفت معاملتي لأبنائي في مرحلة الطفولة عنها في مرحلة المراهقة، حيث إن المراهق يعتقد بأن آراءه دائما صائبة، وتقل درجة تقبله للآراء بشكل كبير، وقد جربت كل أنواع المعاملة مع المراهق، جربت الشدة فكانت نتائجها سلبية، وجربت النصح وكانت الاستجابة جيدة، وقد جربت الجمع بين الشدة والنصح وهذه أنجح الطرق التي توصلت إليها.
ويضيف أبو رامي الذي أكد لنا في بداية اللقاء أنه سيحدثنا بكل صراحة أن معاملة الآباء للأبناء تؤثر على تصرفاتهم، فتقديم النصيحة للمراهق ومعاملته معاملة حسنة وتحقيق رغباته ولو بعضًا منها يجعله يتقبل الآراء وتسهل قيادته، أما المعاملة القاسية فإنها تؤدي إلى زيادة عناده وتقل استجابته للنصائح والتوجيهات ، ومن الصواب التقرب إلى الأبناء بدرجة كبيرة ، بحيث يقوم الأب والأم بتحسس مشاكل أبنائهم الذكور والإناث ، وعليهما أن يعملا جاهدين لحل مشاكلهم وتوجيههم التوجيه الصحيح ، حتى لا يلجأ الأبناء إلى أشخاص قد يوجهوهم توجيهًا خاطئًا ، فمن الممكن أن ينفر الابن من أبيه إذا لم يشعر بعطف وحنان والده وقربه منه ، لذلك على الآباء أن يوجهوا أبناءهم لأنهم الأقدر على ذلك.
وقال إن عدم مصارحة الابن لأبيه تعود لعدة أسباب منها خجل الابن من مصارحة والده، وهذا أمر مهم ، ومن الممكن التغلب عليه بأن يتقرب الأب إلى ابنه ويعامله كصديق، وينظر إليه نظرة احترام، ويعامله على أنه رجل. ويضيف إنني أشارك أبنائي في اهتماماتهم، فقد كنت أجلس معهم لمتابعة مباريات كرة القدم ، مع أنني أحيانًا لا أعرف من يلعب مع من ، ولكني كنت أحس بسعادتهم وأنا إلى جوارهم ، وأسألهم وأشاركهم أفكارهم واهتماماتهم. وقال إن قسوة الأب، وانتقاده لولده في كل صغيرة وكبيرة، وعدم معرفة متطلبات ابنه، وعدم تلبية رغباته؛ يؤدي إلى نفور الابن وعناده ، موضحًا أن ابنه أحمد طلب أن يشتري حذاءً وأصر على أنه لن يذهب إلى المدرسة إذا لم يحصل على الحذاء الذي يريد ، فما كان مني إلا أن اشتريت له حذاءً أغلى ثمنًا من الحذاء الذي اشتراه أخوه الكبير الذي يكد ويعمل.
وقال على الأب أن يتابع ابنه في المدرسة وداخل البيت وخارجه ، ويتعرف على أصدقائه ويتأكد من أنهم صالحون ، كما يجب أن يشجعه على النجاح والتفوق من أجل الالتحاق بالجامعة، ولكن عن بعد وعن طريق مدرسيه حتى لا يشعر الابن أنه مراقب، وهذا يؤدي إلى التواصل بين الأسرة والمجتمع.
وقدم أبو رامي نصيحة للآباء والأبناء فقال على الآباء والأمهات أن يسألوا عن أبنائهم وأن يتحسسوا مشاكلهم في هذه المرحلة العمرية ويتعرفوا عليها ويعالجوها ويتقربوا إليهم، ويشجعوهم على أن يفضوا إليهم بأسرارهم، وأنصح كل شاب أن يتخذ من والده مثله الأعلى لحل مشاكله التي يواجهها في حياته حتى يخدم نفسه وأهله ومجتمعه.
أحمد -نجل أبي رامي- في الصف الثالث الثانوي قال لنا إنه على الأب أن يتعامل مع الابن إلى سن معينة كطفل، ثم بعد ذلك يجب أن تتغير هذه المعاملة إلى معاملته كصديق يحترمه ويقدره.
ويقول إنني أقول لأبى عن مشاكلي وأعرفه على أصدقائي، إلا أنني لا أحب أن أقول له كل شيء، فهناك الكثير من الخصوصيات التي يحب الشاب في سن المراهقة أن يحتفظ بها لنفسه، وخاصة إذا كانت معرفتها أو عدم معرفتها لا تضر ولا تنفع.
ويوضح أن الابن إذا لم يستطع الحديث مع والده فإنه سيهرب من المنزل وسيلجأ إلى أصدقائه ليبوح لهم بأسراره، كما أن خشيته من غضب والده تجعله يخفي عنه مالا يجب أن يخفيه، ولذلك من الضروري أن يتابع الأب ابنه في المدرسة، ويتعرف على المشاكل التي قد تواجهه في دراسته ويساعده في حلها ، ولكن على الأب ألا يتابع ابنه متابعة دائمة في كل صغيرة وكبيرة، حتى لا يحس الابن أنه مراقب ، وأن والده غير واثق فيه، فهذه المتابعة قد تنقلب ضد الابن إذا زادت عن حدها ، وأنصح الأبناء بألا يخفوا عن آبائهم مشاكلهم ، لأنه إذا تراكمت مشاكلهم لن يستطيعوا حلها وبالتالي تؤثر عليهم سلبًا.
"إن كبر ابنك خاويه"
أما نمر يوسف العمراني أحد أولياء الأمور فقال لنا: إن علاقة الأب بابنه المراهق يجب أن تكون علاقة طيبة، والمثل يقول "إن كبر ابنك خاويه" ، فالمراهق في هذه المرحلة يحتاج إلى الراحة والأمان وتوفير متطلباته ، وتوجيهه ومتابعته ، مع من يسير ومن أصدقائه ، فإذا كانت العلاقة سيئة ولا يوجد تفاهم بين الطرفين تنقلب الأمور على الأبناء حيث من الممكن أن ينحرف الابن بسهولة، أما إذا ساد هذه العلاقة التعاون والمحبة فإنهما سيصلان إلى بر الأمان ويحلوا مشاكلهم بهدوء.
ويقول أبو ماجد إنك إذا زرعت شجرة فإنك ستعتني بها من البداية، وكذلك على الأب والأم أن يوجهوا أبناءهم من الصغر إلى الصلاة في المساجد ، ومصاحبة الأخيار ، وان يتابعوهم في مدارسهم ، من فترة لأخرى ، على الآباء أن يمسكوا العصا من الوسط ، بحيث لا يكونوا شديدين جدًا ولا متساهلين جدًا ، فخير الأمور الوسط ، وعليهم أن يكونوا منفتحين على أبنائهم ، وأن يعطوا أبناءهم هامشًا من الحرية ، حتى يتأكد الشاب المراهق أن والده يسعى لمصلحته.
أما نجله مالك العمراني فقال: إنه يجب أن تكون العلاقة بين الآباء والأبناء في سن المراهقة علاقة جيدة ، وإن يتابع الوالد ابنه في كل أموره وأن تكون العلاقة علاقة تسامح وحوار، أما إذا انعدم بينهما الحوار فإن ذلك من الممكن أن يدفع الشاب إلى فعل أشياء منافية للأخلاق ، وعلاقتي بوالدي جيدة فأنا أخبره بمشاكلي وهو يساعدني على حلها ، لأنه ربّاني على الصدق والصراحة .
"اكسر واحنا بنجبر"
د. فؤاد علي العاجز -رئيس قسم أصول التربية بالجامعة الإسلامية بغزة- يقول: إن الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع فإذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع ، ومن خلال الأسرة المكونة من الأب والأم والأبناء تدور بينهم علاقات ومعاملات ، إن تمت على الوجه الصحيح ستكون الأسرة سليمة ومتماسكة ، وإذا كان العكس ستكون الأسرة متنافرة متدابرة الأمر الذي ينعكس على المجتمع في كلتا الحالتين ، وعند الحديث عن العلاقة التي يجب أن تسود بين الآباء والأبناء في مرحلة المراهقة ، فإنها يجب أن تكون مبنية على الود والمحبة والرأفة والرحمة والاحترام المتبادل وحرية الرأي والتعبير ، وهذا من شأنه أن ينسج علاقات قوية تسودها الصراحة والالتزام من قبل الآباء والأبناء.
ويوضح أن العلاقة إذا اتصفت بالسمات الجيدة تؤثر إيجابًا على سلوك الأبناء وعلى أداء الأسرة بأكملها، فإذا ما قدر الأب ابنه واحترم رأيه وأخذ بما يقول في بعض الأحيان التي يكون فيها الابن مصيبًا ، فإن الابن سيشعر بالأمان وأنه ليس مقيدًا، وهذا ينعكس على عطائه وأدائه في الأسرة وخارجها ، أما إذا كانت العلاقة علاقة تسلط من الأب الذي لا يأبه بهذا الشاب؛ فإنه سيضطر إلى استخدام حيل دفاعية تتمثل في الكذب وغيره من الممارسات الخاطئة، وعلى هذا الأساس فإن العلاقة التي يجب أن تسود بين الطرفين هي العلاقة التي نادى بها الإسلام ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أكد أن الأب راع ومسؤول عن رعيته.
ويضيف العاجز أن مرحلة المراهقة تعتبر منعطفًا خطيرًا يمر به الشباب وأكبر منزلق قد تزل فيه أقدامهم لكونها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الرشد، وهي تمثل أفضل المراحل إذا تم توجيهها، ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة لدور الأب، فاستخدام الأب للقهر والإجبار ظنًا منه أن الأمور تسير على ما يرام خطأ كبير، لأن حقيقة الأمر أن كل شيء يسير بشكل منتظم عندما يكون موجودًا، وبمجرد أن يغادر المنزل تنقلب الأمور رأسًا على عقب، وهنا لابد من الحديث عن مشكلة خطيرة، وهي أن معظم الآباء يتغيبوا عن المنزل لفترات طويلة سواء بسبب العمل أو غيره من المشاغل ولا يجد الابن وقتًا لمصارحة والده والتحدث معه ومن ثم لا يجد الإرشاد والتوجيه السليم وهذا يدفعه للبحث عن البدائل، وهي إما في رفاق السوء أو وسائل الإعلام المشوشة ولاسيما ظهور الإنترنت وما صاحبه من وجود المقاهي.
ويوضح أنه على الآباء أن يراقبوا أبناءهم في المنزل وفي المدرسة وفي الحي ولكن ليست المراقبة بالمفهوم التسلطي، و إنما المراقبة المبنية على المصلحة الخاصة بالمراهق، وذلك من خلال التعرف على مدرسته وأصدقائه وأساتذته والمشاكل التي يواجهها، فإذا شعر الابن بقرب والده منه، وحرصه على مصلحته، و إشراكه في حل مشاكله، فإنه سيكون أكثر سعادة، ولكن كثيرًا من الآباء لا يجيدون التعامل مع أبنائهم في هذه المرحلة فيعاملونهم بعنف ويفتحون "شنطهم" ويعاملونهم أمام الآخرين على أنهم صغار، ويكررون المقولة الخاطئة " اكسر واحنا بنجبر " الأمر الذي يعود سلبًا على الشاب الذي يعتبر أن أباه في هذه الحالة واقف ضده.
العودة إلى ثقافتنا الإسلامية
د.محمد سلمان -رئيس قسم أصول التربية بجامعة الأقصى بغزة- يقول: إن العلاقة التي من المفروض أن تسود بين الآباء والأبناء في سن المراهقة هي التي نص عليها الإسلام، أي علاقة احترام وود ولطف، فالأب الذي ربى أولاده على تعاليم الإسلام الصحيحة يستطيع أن يتفهم طبيعة هذه المرحلة من حياة ولده، ومن هذا الفهم يستطيع أن يوجهه التوجيه الصحيح، ويبتعد به قدر الإمكان عن أوجه الفساد والتي كثرت في هذا الزمان ولبست أثواب متعددة، فكثير من الجهات تحاول إفساد الشباب من ناحية فكرية ومن ناحية مسلكية، وبعض هذه الجهات تتسلل إلى عقول الشباب تحت أسماء دراماتيكية تجذب الشباب كمراكز إعلام أو مراسلة وصداقة وبعضها يعمل على نشر الاختلاط من خلال ندوات يتم عقدها وتكون مجانية، وهذا يثير تساؤل حول الهدف من وراء هذه المراكز.
ويشير سلمان إلى أن هذه المرحلة مرحلة خطيرة، وعلى الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناءهم وبناتهم الذين بلغوا سن المراهقة قد دخلوا في مرحلة جديدة وعليهم أن يساعدوهم على اجتياز هذه المرحلة، وإذا لم يتمكنوا من إيصالهم إلى بر الأمان فإنهم سيلجؤون إلى أصدقائهم ليشرحوا لهم معاناتهم ومشاكلهم ، ومنهم من سيدلهم على طريق الفساد.
ويضيف أن هذه المرحلة يظهر فيها الانطواء عند المراهق وهي حالة طبيعية، لأن المراهق في هذه المرحلة يميل لطرح بعض اهتماماته على أصدقائه أكثر من والديه، وقد يكون السبب الرئيس وراء ذلك عاملاً جديدًا دخل إلى حياته وهي المشاعر الجنسية والتي تأخذ طابع الخجل والحياء في مجتمعنا، إلا أن هذا الانطواء يكون غير طبيعي إذا كان شبه كلي عن الأسرة، وانفتاح شبه كلي على الأصدقاء، ولعل هذه الفجوة التي تشهدها العلاقات الأسرية لا تنعكس على العائلة فحسب؛ بل على المجتمع أيضًا، وهذه هي العلامات التي أشار إليها ابن خلدون في مقدمته، بأنه كلما ازداد العمران قلت أواصر الروابط الأسرية والتي سماها بالعصبية أي الانتماء نحو القبيلة، وفي هذا الزمان أعباء الحياة كثيرة ووسائل التكنولوجيا متعددة، وهذا يؤدي إلى دخول كثير من هذه الوسائل في حياة الناس مما يؤثر على نوعية العلاقات الأسرية.
ويقول موجها النصيحة للآباء والأمهات: إنه مهما حاولا الحفاظ على أبنائهم وبناتهم في هذه المرحلة من حياتهم في ظل انقطاعهم أو تقاعسهم عن المسجد وتربية المسجد؛ فلا يمكن لأي تربية أن تفيد، لذلك لابد من العودة إلى الثقافة الإسلامية، لأنها الأساس في تربية الأبناء
ـــــــــــــــــــ(101/187)
التربية الجنسية تتطلب الصدق مع الأبناء
عندما نواجه بأسئلة نحار بالرد عليها وأحياناً نجهل كيفية الرد فالسؤال يطرح من صغير يريد أن يعرف وإن لم يجد الإجابة عندنا سيبحث عنها في مكان آخر وهنا تكمن الخطورة.
إن التربية الجنسية تكون سليمة بالصدق في التبليغ ومراعاة السن في التفصيل التربية الجنسية هي عملية توصيل المعلومات المرتبطة بموضوع الجنس والحياة الجنسية إلى الأطفال والمراهقين، وطبعا تتم عبر مراحل وبشكل تدريجي وبمصطلحات تحفظ عنصري الوقار والاحترام بين الآباء والأبناء، والهدف من التربية الجنسية إعداد الطفل لحياة جنسية طبيعية وعادية، خالية من المشاكل والعقد، وتكون مبنية على قواعد علمية ومعلومات صحيحة ومضبوطة.
في هذا الحوار يبسط البروفسور كمال الرضاوي " نائب رئيس الجمعية العالمية للعلاج النفسي" وطبيب نفساني بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، وأستاذ بكلية الطب بالرباط، قضايا التربية الجنسية لدى الأبناء وطرق التلقين مؤكدا أن التصدي لهذه المهمة يتطلب الصدق مع الأبناء والتدرج في معالجة بعض المسائل التي تبدو محرجة للآباء، حتى لا تترك الفرصة لتسرب المعلومات المشوهة والمغلوطة التي تجعل الموضوع يحمل طابعا دنيئا ومخجلا وعدوانيا.
ـ يشتكي مجموعة من الآباء من بعض السلوكيات التي يمارسها أبناؤهم في مراحل طفولتهم الأولى كاللعب بأعضائهم التناسلية، فكيف نفسر هذه العادة؟
الطفل في مرحلته الأولى ينشأ إنساناً عادياً، لا يفرق بين أعضاء جسمه، ولا يحس بأن هناك تمايزا بين عضو وعضو، وعندما يصل إلى مرحلة اكتشاف الذات ومرحلة التعرف على العالم من حوله فإنه يلمس كل شيء، ويعبث بأي شيء، ومن جملة الأعضاء التي يلمسها ويعبث بها عضوه التناسلي، ويزيد اهتمامه بذلك العضو من خلال إحساسه باللذة، دون أن يعلم وظيفة ذلك العضو طبعا، فيحاول تكرار عملية اللمس، وهذا اكتشاف طبيعي. لكن تبدأ المشكلة عندما يلاحظ الطفل أن والديه لا يمنعانه من لمس أي عضو من جسده باستثناء تلك المنطقة، دون تقديم أي تبرير، وأي شخص لا يستطيع أن يفسر لطفل الثالثة أو الرابعة سبب منعه من لمس أعضائه التناسلية لأن أي تفسير سيكون أكبر من مستوى إدراكه وفهمه، إذن فالطفل يصطدم بالمنع قبل التفسير. وفي الغالب التربية تبتدئ بهذا الشكل ''افعل ما أقوله لك وعندما ستكبر ستفهم''، والطفل لا يستوعب هذا الكلام لأنه يريد أن يقتنع بالشيء لأنه صريح ويحب الصراحة، ويطرح أسئلة ويقوم بسلوكيات دون أن يعلم إن كانت محرجة أم لا، وهو عندما يلمس أعضاءه التناسلية لا يشعر بحرج لأنه غير واع بهذا البعد، وإنما فقط لشعوره باللذة، وعندما يقمع أو يتعرض للعنف من أجل الإقلاع عن هذا الفعل فإنه يلجأ إلى وسائل ملتوية للاستمتاع كالابتعاد عن نظر والديه من أجل ممارسة هذه العادة، أو يستغل فترة ذهابه إلى الفراش.
ـ أفهم من كلامكم بروفسور أن الطفل لا يجب أن يتعرض للعقاب جراء هذا الفعل؟
إن لمس الطفل لجهازه التناسلي هو أمر طبيعي، وعادي جدا، لأن الطفل وهو يمارس هذه العادة تغيب عن ذهنه وظيفة ذلك العضو، ولا يفرق بينه وبين سائر الأجزاء الأخرى من جسده، والطفل مع مرور الوقت سيقلع عن هذه العادة بشكل عادي وتدريجي.
ـ إذن كيف يجب أن يتعامل الآباء في مساعدة الأبناء للإقلاع عن هذه العادة؟
إننا عندما نطلب من الطفل الإقلاع عن هذه العادة فإننا نطلب منه تصرفا منسجماً مع طريقة فهمنا للأشياء، والطفل لم يصل بعد إلى هذا المستوى من الفهم، فهذا إذن تناقض واضح لأننا نطلب من الطفل القيام بأشياء في غياب تفسير مقنع، وكما قلت في السابق فإننا حتى وإن حاولنا شرح حقيقة الأشياء للطفل فإنه لا يستطيع الإدراك. ومحاولة تركيز الآباء على هذه النقطة، يشعر الطفل بأن هناك خصوصية بالنسبة لهذه الأعضاء، فيركز عليها أكثر، ويزيد اهتمامه بها كذلك، وفي أغلب الحالات يلجأ الآباء إلى تعنيف الطفل وتعريضه للعقاب والمراقبة، وعندما لا يستجيب للعقاب ولا يقلع عن هذه العادة، يلجؤون إلى تشويه صورة ذلك العضو في ذهنه وذلك بقولهم للطفل (عيب أن تلمس ذلك المكان، سيعذبك الله، ذلك مكان نجس)، مما يكون لدى الطفل فكرة خاطئة ومحرجة، بل ترتسم في ذهنه صورة مشوهة لكل ما له ارتباط بالجنس .
ـ في نظركم ماهو التعامل الصحيح في هذه الحالة؟
التعامل الإيجابي مع هذه الحالة هو ترك الطفل على حريته، يمارس عمله بشكل عادي، لأنه، وكما قلت، الطفل لا ينظر إلى هذه الأعضاء نظرة خاصة، وإذا استطاع الآباء أن يصرفوا نظره إلى التسلية بوسائل أخرى دون تعنيف بالطبع، ودون أن يشعروه بأن لتلك المناطق خصوصية معينة لأن هذا الأمر - ومازلت أؤكد- سيدفعه إلى التركيز والاهتمام بها أكثر.
ـ هذا الكلام يدفعنا إلى طرح تساؤل مرتبط بالموضوع وهو متى تبتدئ التربية الجنسية بالنسبة للأطفال؟
ليس هناك سن معينة لبدء عملية تلقين الطفل مبادئ التربية الجنسية، لأن مرحلة اهتمام الأطفال بالمسائل الجنسية تختلف حسب مستوى ملاحظاتهم لمجريات الأمور، وكذا حسب فهمهم وإدراكهم لطبيعة الأشياء، لكن يمكن أن نقول بأن هناك أسئلة تثار حسب الفئات العمرية فالفترة العمرية من السنة الثانية إلى الثالثة تتمحور أسئلة الطفل حول الفارق بين الجنسين، ومن السنة الثالثة إلى السادسة تتركز الأسئلة حول مسألة الحمل والولادة، أما خلال فترة المراهقة فتنصب الأسئلة حول الأمور الجنسية الدقيقة كالزواج والتناسل مثلا.
ـ خلال مختلف مراحل النمو تطرح أسئلة متعلقة بالجنس تشغل ذهن الطفل، فهل ننتظر حتى يسأل الطفل، أم نبادره نحن بإثارة تلك المواضيع؟
لا يمكن للأجوبة أن تسبق التساؤلات، فعلى الطفل أن يتساءل، ويسأل، ونعلمه كيف يطرح الأسئلة، ثم نجيبه على أسئلته، وهنا يجب على الآباء أن يكونوا على استعداد لأي سؤال مهما كان محرجا، وكذلك عليهم أن لا يفصلوا في الإجابات، وأن يراعوا مبدأ التدرج في عملية التربية، وأن لا يتهربوا من الرد على أسئلة أبنائهم، لأن هذا الهروب يدفع الطفل إلى الاعتماد على مصادر أخرى تناقض الواقع.
ـ كيف نستطيع تقريب المسائل الجنسية للأطفال حسب مختلف الفئات العمرية؟ وهل هناك وسائل تسهل عملية الشرح؟
نستطيع تقريب مفهوم الجنس بالنسبة للأطفال دون سن المراهقة، بالاعتماد على النظر في الطبيعة، وإثارة انتباههم إلى عملية التوالد لدى الحيوانات وكذلك عملية تكاثر النباتات، وكيف أن الله خلق الذكر والأنثى لغاية استمرار الحياة، ثم نربط بين تلك العمليات وعملية التوالد عند الإنسان، ولكن بأسلوب بسيط وواضح دون التفصيل في الجزئيات، ثم تأتي مرحلة التحاق الطفل بالمدرسة، وهنا بإمكان تلك المؤسسة أن تصبح مصدرا كذلك للمعلومات، و تلعب دورا مهما في هذا المجال بوسائل علمية بسيطة.
ـ متى يمكن أن نتحدث مع الأطفال بالتفصيل عن المسائل الجنسية؟
الحديث بالتفصيل عن المسائل الجنسية يجب أن يؤجل إلى المرحلة التي تسبق مرحلة البلوغ والمراهقة، لأن في هذه المرحلة يصبح باستطاعة الطفل إدراك المعلومات، وهي فترة مهمة لتأهيله لمرحلة البلوغ، حتى لا يفاجأ الفتى إذا تبللت ملابسه الداخلية بالمني، وكذلك حتى لا تفاجأ البنت بظهور دم الحيض، فالحديث عن هذه الأشياء يجب أن يأخذ وقتا كافيا حتى لا يصطدم الأطفال مع الواقع الجديد. وما ينبغي إثارة الانتباه إليه هو أن الطفل عندما يلتحق بالمدرسة، يصبح أكثر استجابة للموانع الاجتماعية، فإن أسئلته للوالدين تقل، باستثناء بعض الأبناء الذين تربطهم علاقات متميزة مع الآباء، ولا يجدون حرجا في إثارة المواضيع الجنسية معهم، لذلك يجب على الآباء أن يكونوا على وعي تام بهذا المعطى الجديد، وعلى وعي كذلك بإيجابيات تلقينهم بأنفسهم للمسائل الجنسية بالنسبة لأبنائهم، لأن أي امتناع أو تهرب يفتح المجال للأصدقاء ومصادر أخرى تحمل معلومات مشوهة عن الجنس والحياة الجنسية.
ـ يثير بعض الناس مسألة مهمة وهي أن الجيل السابق لم يكن يهتم بموضوع التربية الجنسية، ولم يمنحوها هذا الاهتمام الزائد فعاشوا حياة طبيعية، ولم يتعرضوا لمشاكل جنسية سواء في حياتهم الخاصة أو في علاقاتهم الزوجية فما رأيكم دكتور في هذا الرأي؟
نحن لا نستطيع العيش في الماضي، والحاضر شيء آخر لأن التطورات التي طرأت على الحاضر لم يشهدها الماضي، والعلاقات بين الجنسين قد تغيرت، ثم إن حركية المعلومات وطريقة استقائها هي الأخرى قد تغيرت، وأصبح بمقدور أي شخص أن يصل إلى أي معلومة يرغب فيها، وهذا الأمر لم يكن في الماضي، والمعلومات المتعلقة بالجنس أصبحت تغزو العالم بفضل التقدم المعلوماتي، وتوفر وسائله كالتلفزة والإنترنيت، وغيرها من الوسائل، إذن في خضم هذا التغير، وهذا الزخم في المعلومات، لا يمكننا إغفال الحديث عن الجنس وخاصة مع الأطفال حتى نجعلهم يكتشفون هذا العالم بطريقة علمية نظيفة وواضحة، وبشكل تدريجي يتماشى مع طبيعة المرحلة العمرية، وهذا أفضل من تحريم الخوض في مثل هذه المواضيع وترك الأطفال يصلون إلى هذه المعلومات بطرقهم الخاصة.
ـ لماذا يخشى الناس الخوض في مثل هذه الموضوعات واعتبارها من الأشياء التي يحرم الحديث فيها؟
بشكل عام، المشكلة أن هناك فراغ في المصطلحات، إننا لا نملك مصطلحات جنسية بسيطة تساعد في عملية إيصال المعلومات، وكل ما نملكه إما مصطلحات علمية معقدة لا تفهم، أو مصطلحات قوية تخدش الحياء وتخون المعنى، أو مصطلحات الشارع، والملاحظ أن كبار السن لا يستطيعون الحديث عن المسائل الجنسية إلا بأسلوب النكت، إذن ما يلزم هو التفكير في مصطلحات نظيفة تحافظ على قيم المجتمع، تبلغ من خلالها معلومات لتصل إلى المستهدف بأسلوب بسيط ونظيف ومقبول ومحترم، يؤهل الشخص إلى استشراف حياته الجنسية التي سيصلها في يوم من الأيام بكل أدب وعلمية واحترام، أما مسألة الجنس وقضية الخوض فيها، فنجد أن الإسلام قد تحدث عن هذا الجانب بشكل واضح، وهذا القلق الذي يصاحب الإنسان في حياته الجنسية يجعله يفشل في كثير من الأحيان، لأنه لا يتطرق إليها بنوع من الراحة والاطمئنان والمعرفة، بل إنه يكتشف ذلك العالم بشكل صدامي، مليء بالمغالطات، وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة التي يتملكها الخوف من ممارسة علاقتها الجنسية عند الزواج، لأن المعلومات التي تلقتها عن الجنس تكون خاطئة، فمثلا تربى الفتاة على أن أول لقاء جنسي يتسبب في آلام كبيرة، مما يجعل مجموعة من الفتيات لا ينجحن في علاقتهن الجنسية مع أزواجهن عند أول لقاء، وحسب تخصصي فإن كثيراً من الفتيات بقين غير قادرات على ممارسة حياتهن الجنسية بشكل طبيعي لشهور بسبب الهواجس التي تسيطر عليهن، لأن التربية الجنسية التي تلقينها عن الجنس كانت خاطئة، ومستوى الترهيب من فض البكارة وما يتعلق بهذا الجانب، مما يؤثر على العلاقة الزوجية، وأغلب المشاكل بين الأزواج والتي غالبا ما تنتهي بالطلاق مردها إلى عدم التوافق الجنسي بين الطرفين الناتج طبعا وفي أغلب الأحيان عن التربية الجنسية المغلوطة والمعلومات المشوهة التي يحملها كل طرف عن الجنس، وأنا لا أقول بأن الآباء ممنوعون من التحذير والتربية، ولكن من غير المعقول أن تكون التربية مرتبطة بالهلع، وبأن نحكم على كل ما له ارتباط بالجنس بالسلبية والخجل، وسوء الأدب والأخلاق.
ـ من المؤهل للقيام بعملية التربية الجنسية؟
من الأفضل أن تتولى الأم مهمة التربية الجنسية بالنسبة للفتاة، وأن يقوم الأب بنفس الدور بالنسبة للفتى، لكن إذا كان أحد الأبوين لا يتقن هذه العملية، فالأفضل أن يتولى الطرف الآخر هذه المهمة، لكن ما ننصح به في هذا الباب هو مراعاة بعض الأمور حتى تكون التربية الجنسية تربية سليمة، ومن جملة ما يمكن الاهتمام به هو الصدق في تبليغ المعلومة، وكذلك عدم التفصيل في المعلومات بالنسبة للأطفال الصغار، والاستعانة ببعض الوسائل العملية كالتلفزة والفيديو والطبيعة، ثم عندما يشرف أبناؤنا على مرحلة البلوغ يجب أن نعدهم الإعداد الكامل لكافة التغيرات التي ستطرأ على حياتهم بأسلوب يجعلهم متشوقين لهذه المراحل. وعلى الآباء كذلك خلال هذه المرحلة الانتباه إلى أن المعلومات التي يتلقاها الأبناء في هذه المرحلة غزيرة مبعثرة ومشوهة في غالب الأحيان، مما يستدعي الحرص على تنقيتها وتصفيتها من كل ما يخرجها عن أهدافها السامية.
المصدر: موقع لها أونلاين
ـــــــــــــــــــ(101/188)
مهارات تجعل إبنك متفوقاً
من هو التلميذ المتفوق؟
امنح نفسك عزيزي المربي دقيقتين وفكر:
من هو التلميذ المتفوق؟
ربما تبدو الأمور لك في البداية سهلة، ولكنك بعد فترة من التفكير ستجد تعار يف كثيرة تتزاحم في عقلك وكلها تحوى تلك المعاني.
ليس بمقدورك تكوين الرغبة في التعلم، ولكن بيدك إيقاظها.
التلميذ المتفوق هو من:
تكون لديه الرغبة الداخلية في التعلم.
يتحمل مسئولية دراسته وواجباته.
يفخر بإنجازاته وأعماله.
وهذا النوع من التلاميذ لا يولد ولديه كل هذه الامكانيات، بل هو نتاج جهد وتعب من الوالدين ليبثوا فيه روح تحمل المسئولية والاكتشاف وبذل الجهد، من أجل عمل يحرص على إنجازه ويفخر به.
بداية صحيحة:
ومن أجل بداية صحيحة مع الأبناء نقترح تطبيق المهارات والوسائل التالية:
1) أرسل رسالة سريعة:
وأمثلة تلك الرسائل أن تقول لهم (إن دراستكم تعنى لنا الكثير) ورسالة أخرى تقول (إننا نتوقع منكم أن تبذلوا قصارى جهدكم)
ونقترح لتوصيل تلك الرسائل استخدام الوسائل التالية:
الوسيلة الأولى: اسأل أبنائك عن أعمالهم المدرسية وليس فقط عن واجباتهم، وأبدى اهتماماً بالمواد التي يدرسونها.
الوسيلة الثانية: حصولك على المعلومات من موسوعات أو كتب سيكون مفيداً لأبنائك، فدعهم يشاهدوك ويساعدوك إن أمكن ذلك.
الوسيلة الثالثة: احرص على التعلم سواء دورات تحضيرية أو محاضرات، فأنت بذلك تضرب لهم مثلاً على حب التعلم.
الوسيلة الرابعة: تكلم معهم عن المراحل الدراسية المقبلة في حياتهم، مثل الجامعة والتخصصات المختلفة.
2) احرص على أصدقائه:
كما أن للأصدقاء تأثيراً قوياً في طباع الأبناء وتصرفاتهم، فإن لهم تأثيراً قوياً أيضاً في مستوى الدرجات المدرسية لرفاقهم، فمنهم من يشجع ويدرس معهم ويسأل ويتبادل المعلومات وأسئلة الامتحانات، ومنهم من ينعت التلميذ المتفوق بعدد من الصفات التي تجعله ينفر من الدراسة، أو تؤثر عليه سلباً.
واستعن بالأفكار التالية:
1- شجعه على إيجاد صداقات جديدة إذا ما وجدت خللاً في أصدقائه الحاليين، دون أن تطلب منه تركهم.
2- استغل الأجازة الصيفية في تشجيعه بالانضمام لدورات مختلفة للتعرف على مواد جديدة، وأيضاً تكوين صداقات جديدة.
3- لا تنتقد أصدقاء ابنك أمامه، فهذا بداية الطريق لخلافاتك مع ابنك، ولكن حاول إيجاد حلول بديلة وبهدوء.
4- تعرف على أصدقاء ابنك وإمكانياتهم الحقيقية، فربما يكون هذا الصديق الصامت متفوقاً جداً في مواده الدراسية.
3) أيقظ الرغبة الداخلية:
إنك تستطيع أن تقود الحصان للماء، ولكنك لا تستطيع أن تجبره على أن يشرب، قول ينطبق جداً على علاقتنا بالأبناء فالرغبة في التعلم يجب أن تنشأ من داخل نفس الابن دون أن يجبر عليها، ونقترح عليك التالي:
أ - ساعده على وضع أهداف جيده لعامه الدراسي الجديد.
ب - علمه أن يحول أحلامه إلى حقائق فمن الممتع للإنسان أن يرى أحلامه تتحقق، ولهذا ساعده على أن يضع أحلاماً قصيرة المدى مثل كتابة تقرير ثم حول هذا الهدف إلى أهداف أقصر مثل قراءة كتاب للتقرير مقدمة تحدث معه عن المشاكل التي اعترضته أثناء تنفيذ الهدف، ثم شجعه إذا ما نفذ هذا الهدف في نهاية المدة المقررة.
4) دعه يقيم ذاته ويثق بقدراته:
الطفل الذي يثق بقدراته هو طفل ناجح هذه حقيقة، والحقيقة الثانية أن الابن الواثق بنفسه المدرك لقدراته هو ذلك الطفل الذي وثق به والداه، وأدركا قدراته وشجعوه على استغلالها، فمن حق الأبناء أن يشعروا بمدى حب الوالدين لهم أنفسهم وليس لدرجاتهم الدراسية فحسب.
الوسيلة الأولى: استخدم مصطلحات مثل (أنا أعلم أنك تستطيع) (لا مانع أن تخطئ) فأنت ستتعلم من أخطائك (أنا أعلم أنك ستصل للقرار الصحيح)
الوسيلة الثانية: ضع حدوداً لكل شيء مثل مشاهدة التلفاز وكتابة الواجبات المدرسية، فمن شأن هذه القوانين أن تشعر الطفل بأن والديه مهتمان به وأنه جدير بالاهتمام.
الوسيلة الثالثة: ساعده ليصنع ملفاً خاصاً به يضع فيه أجمل رسوماته وأفضل تقاريره وصور رحلاته ومواقف جميلة مرت به في المدرسة فهذا الملف يعنى له الكثير.
5) كن واقعياً:
امتدح وشجع عند المواقف التي تستحق المديح، فالأطفال أذكياء ويعلمون متى يستحقون المديح، وعندما يسمعون آبائهم يمتدحونهم وهم لا يستحقونه فإنهم يشعرون أن آبائهم يحاولون تحسين صورهم أمام ناظريهم.
04، 2003 - 09: 04
http://www.elbehira.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/189)
دور الأسرة في رعاية الأولاد
د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين * 14/10/1424
08/12/2003
إن وجود الأسرة هو امتداد للحياة البشرية، وسر البقاء الإنساني، فكل إنسان يميل بفطرته إلى أن يَظْفَرَ ببيتٍ وزوجةٍ وذريةٍ..، ولما كانت الأسرة اللبنة الأولى في بناء المجتمع لكونها رابطة رفيعة المستوى محددة الغاية، فقد رعتها الأديان عموما؛ وإن كان الإسلام تميز بالرعاية الكبرى، قال تعالى:(إنَّا عرضنا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ والجِبَالِ)(1)، جاء ضمن معاني الأمانة؛ أمانة الأهل والأولاد، فيلزم الولي أن يأمر أهله وأولاده بالصلاة، ويحفظهم من المحارم واللهو واللعب،لأنه مؤتمن ومسؤول عما استرعاه الله(2)
ومسألة الاهتمام بالأسرة من القضايا العالمية التي زاد الحديث حولها؛ لا سيما في العصر الحاضر، وذلك على مستوى الدول والهيئات والمنظمات الدولية،حيث تحاول كل منها إيجاد صبغة من عند أنفسها، من ذلك رفعها لشعارات الحرية والمساواة ؛ ودعواها إلى نبذ الأسرة التقليدية وتطوير بنائها، أو دعوى تحرير الأسرة المعاصرة من القيود وتعويضها بعلاقات شاذة محرمة .
وبالمقابل قام جمع من الكتاب في بيان المنهج الإسلامي في التربية(3).
وإِنَّ التأكيد على أهمية دور الأسرة في رعاية الأولاد، لمن أَجَلِّ الأمور،التي يجب أن تتضافر جهود الآباء والأمهات، وأهل العلم، والدعاة، والتربويين، والإعلاميين.. للمحافظة على بناء الأسرة الصالحة في المجتمع، فهي أمانة أمام الله-تعالى- نحن مسؤولون عنها، فالمرء يُجزى على تأدية الحقوق المتعلقة بأسرته، إِنْ خيرا فخير وإلا غير ذلك، قال تعالى (يأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة(4)).
وانطلاقا من هذه الأهمية نتناول الحديث عن تعريف الأسرة، ومسؤولية الوالدين في تربية الأولاد، وبناء القيم والسلوك، وأهمية المعاملة الحسنة، ومخاطر تواجه الأسرة، وبعض التوجيهات للأسرة .
أولا - تعريف الأسرة :
قال ابن منظور: "أُسرةُ الرجل: عشيرتُه ورهطُهُ الأدْنَوْنَ لأنه يتقوى بهم، والأُسرةُ عشيرةُ الرجل وأهلُ بيته"(5). وقد جاء في كتاب الله-عز وجل- ذِكْرُ الأزواج والبنين والحفدة، بمعنى الأسرة، قوله تعالى: (والله جَعَلَ لَكُم من أَنفُسِكُم أَزوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِن أَزَوَاجِكُم بَنِين َ وَحَفَدَة وَرَزَقَكُم مِن الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُم يَكْفُرُون)(6)، يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: "يُخبر تعالى عن منَّتِه العظيمة على عباده،حيث جعل لهم أزواجا، ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم، أولاداً تَقَرُّ بهم أعينُهم ويخدمُونهُم، ويقضُون حوائِجَهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة، ورزقهم من الطيبات من المآكل، والمشارب، والنعم الظاهرة، التي لا يقدر العباد أن يحصوها"(7).
ثانيا: مسؤولية الوالدين في تربية الأولاد:
فطر الله -عز وجل- الناس على حب أولادهم قال تعالى : (المالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدنيا)(8)، ويبذل الأبوان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم وتنشئتهم وتعليمهم، ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة، فالأبناء أمانة في عنق والديهم، والتركيز على تربية المنزل أولاً، وتربية الأم بالذات في السنوات الأُوَل، فقلوبهم الطاهرة جواهر نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهم قابلون لكل ما ينقش عليها، فإن عُوِّدُوا الخير والمعروف نشأوا عليه، وسُعِدوا في الدنيا والآخرة، وشاركوا في ثواب والديهم، وإن عُوِّدُوا الشر والباطل، شقُوا وهلكُوا، وكان الوِزْرُ في رقبة والديهم، والوالي لهم (9) .
ويمكن القول بأن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية الأولاد - منذ ولادتهم - وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وما أجمل مقولة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- "الصلاح من الله والأدب من الآباء" . ومن يُحَلِّل شخصية صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، فإنه سيجد أن سر نجاحه وتميزه سببه التربية التي تلقاها في البيت (10). وما أجمل عبارة : " إن وراء كل رجل عظيم أبوين مربيين"، وكما يقول بعض أساتذة علم النفس : "أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء". وكما قيل : "الرجال لا يولدون بل يُصنعون".
وكما عبر الشاعر:
وينشأُ ناشئُ الفتيانِ مِنا ... ...
على ما كان عَوَّدَهُ أبُوهُ
وإهمال تربية الأبناء جريمة يترتب عليها أَوْخَم العواقب على حد قول الشاعر:
إهمالُ تربية البنين جريمةٌ ... ...
عادت على الآباء بالنكبات
وأذكر قصة في جانب الإهمال، سرق رجل مالاً كثيرًا، وقُدّم للحد فطلب أمه، ولما جاءت دعاها ليقبلها، ثم عضها عضة شديدة، وقيل له ما حملك على ما صنعت؟ قال: سرقت بيضة وأنا صغير، فشجعتني وأقرتني على الجريمة حتى أفضت بي إلى ما أنا عليه الآن(11) .
ثالثا- الأسرة وبناء القيم والسلوك :
للوالِدَيْنِ في إطارِ الأسرة أساليبُ خاصة من القيم والسلوكِ تجَاهَ أبنائهم في المناسباتِ المختلفةِ، ولهذا فإن انحرافاتِ الأسرةِ من أخطرِ الأمورِ التِي تُوَلِّدُ انحرافَ الأبناءِ .
فالتوجيهُ القيمي يبدأُ في نطاقِ الأسرةِ أولاً، ثم المسجد والمدرسة والمجتمع . فالأسرةُ هي التي تُكْسِبُ الطفلَ قِيَمَهُ فَيَعْرِفُ الَحقَ والبَاطلَ، والخيرَ والشرَ، وَهو يَتلَّقَى هذه القيمِ دونَ مناقشةٍ في سِنيهِ الأولى، حيث تتحددُ عناصرُ شخصيتِهِ، وتتميزُ ملامحُ هويتِهِ على سلوكه وأخلاقه؛ لذلك فإن مسؤولية عائلَ الأسرةِ في تعليمِ أهلِهِ وأولاده القيم الرفيعة، والأخلاق الحسنة، وليس التركيز فقط على السعيِ من أجل الرزق والطعام والشراب واللباس..، قال : "ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم" (12)، وكان يقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه -رضوان الله عليهم-:" ارجعوا إلى أهلِيكُم فأقيمُوا فيهم وَعَلِّمُوهم"(13).
يقول ابن القيم -رحمه الله-: "فمن أهملَ تعليمَ ولدِهِ ما ينفعه، وَتَرَكَهَ سُدى، فقد أَساءَ إليه غايةَ الإساءة، وأكثرُ الأولادِ إِنما جاء فسادُهُم من قِبَلِ الآباءِ وإهمالِهِم لهم، وتركِ تعليمِهِم فرائضَ الدينِ وَسُنَنَه، فأضاعوها صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسِهِم ولم ينفعوا آباءَهُم كِبَارا)(14) .
وقصة الرجل مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي جاء يشتكي عقوق ابنه إلى أمير المؤمنين، فطلب عمر: أن يلقى ابنه، فسأل الابن عن عقوقه لوالده، فقال: إن أبي سماني جُعُلاً، ولم يعلمني آية واحدة..؛ فقال عمر للرجل: لقد عققت ابنك قبل أن يعقك.
ولذلك ينبغي تعويد الأولاد منذ صغرهم على بعض الأمور الأساسية، من ذلك:
أ-الأمر باعتناق العقيدة الصحيحة : تعريف الأبناء بأهمية التوحيد، وعرضه عليهم بأسلوب مبسط يناسب عقولهم .
ب-بعث روح المراقبة لله والخوف منه : بيان توحيد الأسماء والصفات، كالسميع والبصير والرحمن، وأثرها في سلوكهم .
ج-الحث على إقامة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "مروا صبيانكم للصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع" (15).
د- التحلي بمكارم الأخلاق والآداب العامة .
رابعا- المعاملة الحسنة في توجيه الأولاد :
أمر الإسلام بالمساواة في المعاملة بين الأولاد في العطاء المعنوي والمادي، وأوصى بمعاملة الإناث كالذكور معاملة متماثلة دون تمييز للأبناء على البنات.
لقد دعا الإسلام إلى إيجاد وسط مستقر ينشأ فيه الأبناء بعيدًا عن العقد النفسية والضغوط الاجتماعية، قال صلى الله عليه وسلم: "خيرُكُم خيرُكُم لأهلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهلِي))(16). وكان عليه الصلاة والسلام يمازح الغلمان "يا أبا عُمير، ما فعل النغير"؟ (17).
وتتباين معاملة الأسر لأولادهم في ثلاثة أنواع :
النوع الأول : المعاملة القاسية : تتسم بالشدة في التعامل كالزجر أو التهديد أو الضرب بدون ضوابط أو حدود مشروعة، أو الإهمال للأبناء بحجة ظروف العمل، وكثرة الأسفار، فيحرم الأولاد من البر بهم والتعامل معهم .
النوع الثاني : المعاملة اللينة : يُلَبَّى فيها كل ما يطلبه الأولاد، ويُطلق عليها "التربية المدللة" والإفراط في الدلال يؤدي إلى خلق شخصية فوضوية.
النوع الثالث : المعاملة المعتدلة : تعتمد على المزج بين العقل والعواطف، وتوجيه النصح والإرشاد، وبهذا تتكون شخصية سليمة وصحيحة، وإذا لم يستجب الأولاد بالإرشاد والتوجيه يلجأ الأبوان إلى توبيخهم ثم هجرهم ثم حرمانهم من بعض الأشياء والأمور المحببة إليهم أحيانًا، وأخيرًا إلى ضربهم-إذا لزم الأمر- لإعادتهم إلى الطريق الصحيح، وهذا النوع من المعاملة هي المعاملة الصحيحة التي ينبغي أن تسير عليها الأسرة، يقول الدكتور أكرم ضياء العمري: "إن حب الطفل لا يعني بالطبع عدم تأديبه وتعليمه آداب السلوك الاجتماعي منذ الصغر، مثل تعويده على التعامل الحسن مع أصدقائه، وتعويده على احترام من هو أكبر سنا منه، وتعميق الرقابة الذاتية لديه، أي قدرته على تحديد الضوابط لسلوكه تجاه الآخرين ؛ فإذاً لا بُدَّ من التوازن بين التأديب للطفل والتعاطف معه، فكما أنه لا يصلح الخضوع الدائم لطلبات الطفل، إنه لا يصلح استمرار الضغط عليه وكَبْتِهِ، فالتدليل الزائد لا يُعَوِّدُهُ على مواجهة صعوبات الحياة، والضغط الزائد يجعله منطويا على نفسه مكبوتا يعاني من الحرمان"( [18]).
خامسا- مخاطر تواجه الأسرة :
هناك مخاطر عديدة تواجهها الأسرة، ولا يمكن الإسهاب في تناولها، فنتناول أبرزها بإيجاز:
أ-التناقض في أقوال الوالدين وسلوكياتهم :
بعض الآباء والأمهات يناقضون أنفسهم بأنفسهم، فتجدهم يأمرون الأولاد بأمور وهم يخالفونها، وهذه الأمور تسبب تناقضا لدى الأولاد، فالأب الذي يكذب؛ يعلم أبناءه الكذب، وكذلك الأم التي تخدع جارتها بمسمع من بنتها تعلم ابنتها مساوئ الأخلاق.
ب-الانفصام بين المدرسة والأسرة:
الانفصام بين دور الأسرة في الرعاية والتوجيه، ودور المدرسة في التربية والتعليم؛ له آثار سلبية عديدة، ولذا ينبغي مد جسور التعاون بين الأسرة والمدرسة، وإيجاد جَوٍ من الثقة والتعاون في سبيل الرقي بالأولاد قدما نحو البناء والعطاء .
ج-وجود المربيات والخادمات الأجنبيات :
أصبح وجود المربيات والخادمات ظاهرة بارزة في المجتمع الخليجي، ولا شك أن وجود هؤلاء له آثار خطيرة في التنشئة الاجتماعية للأسرة، لاسيما هؤلاء الكافرات وذوات السلوكيات المنحرفة، لا بد أن تعي كل أسرة خطورة وأبعاد وجود الخادمات والمربيات الأجنبيات وتحذر من شرورهن.
د-وسائل الإعلام :
تؤكد نتائج الأبحاث والدراسات بما لا يدع مجالا للشك أن الطفل العربي المسلم يتعرض لمؤثرات خطيرة، وأن شخصيته وهي في مراحل تكوينها تخضع لضغوط سلبية متنوعة .. يقول شمعون بيريز-رئيس وزراء إسرائيل السابق-: "لسنا نحن الذين سنغير العالم العربي، ولكنه ذلك الطبق الصغير الذي يرفعونه على أسطح منازلهم"(19).
هـ- الفراغ وعدم الإفادة من الوقت :
ينبغي أن يشغل الأبناء في أوقاتهم بالنفع والفائدة، يقول النبي ': (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس، الصِّحة والفراغ )(20). فهناك الأعمال التي يسهمون فيها بمساعدة والديهم والبِرِّ بهم، ويمكن تعويدهم حضور مجالس الذكر وحلق العلم، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة قصص الصحابة والصالحين، أو الاستماع إلى الأشرطة النافعة وغير ذلك.
وأخيرًا؛ أذكر مجموعة من التوجيهات التربوية الموجزة :
1-محاولة تخصيص وقت كاف للجلوس مع الأبناء، وتبادل الأحادبث المتنوعة: الأخبار الاجتماعية والدراسية والثقافية وغيرها .
2-التركيز على التربية الأخلاقية والمُثُل الطيبة، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهما .
3-احترام الأبناء عن طريق الاحترام المتبادل، وتنمية الوعي، والصراحة، والوضوح.
4- فهم نفسية الأولاد، وإعطاؤهم الثقة في أنفسهم .
5-إشراك الأولاد في القيام بأدوار اجتماعية وأعمال نافعة .
6-قبول التنوع في اختيارات الأبناء الشخصية، كاختيار اللباس وبعض الهوايات..، طالما ليس فيها محاذير شرعية.
7-التشجيع الدائم للأولاد والاستحسان والمدح؛ بل وتقديم الهدايا والمكافآت التشجيعية، كلما قَدَّموا أعمالاً نبيلة ونجاحًا في حياتهم.
8-عدم السخرية والتهديد بالعقاب الدائم للأبناء، متى ما أخفقوا في دراستهم أو وقعوا في أخطاء من غير قصد منهم؛ بل يتم تلمس المشكلة بهدوء، ومحاولة التغلب على الخطأ بالحكمة، والترغيب والترهيب.
9-عدم إظهار المخالفات والنزاعات التي تحدث بين الوالدين أمام سمع أبنائهم .
10-الصبر الجميل في تربية الأبناء، وتحمل ما يحدث منهم من عناد أو عصيان، والدعاء بصلاحهم وتوفيقهم .
ومن هنا أود التأكيد مرة أخرى، على أن دور الأسرة في رعاية الأولاد ؛ هو أقوى دعائم المجتمعِ تأثيرًا في تكوينِ شخصيةِ الأبناء، وتوجيهِ سلوكِهمِ، وإعدادهم للمستقبل .
* كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(1) سورة الأحزاب من الآية : 72 .
(2) انظر : البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (10/112)، ودرة الناصحين في الوعظ والإرشاد لعثمان الشاكر الخوبري، ص169.
(3) هناك العديد من المؤلفات في هذا الموضوع، منها على سبيل المثال-: تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان،ومنهج التربية الإسلامية لمحمد قطب،والسلوك الاجتماعي في الإسلام لحسن أيوب، ومسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة لعدنان حسن صالح باحارث، وتربية الناشئ المسلم د. علي عبد الحليم محمود .
(4) سورة التحريم من الآية: 6 .
(5)لسان العرب، مادة (أَسَرَ) (1/141) .
(6)سورة النحل : 72 .
(7)تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،ص397 .
(8)سورة الكهف : 46 .
(9)انظر : إحياء علوم الدين للغزالي (2/200) .
(10)ألف الأستاذ يحي حسين كتابا بعنوان : (عظماء اشتهروا بأمهاتهم) ذكر فيه نخبة متميزة أثرت في التاريخ وغيرت مجرى الحياة، يراجع مقال: ((هل عام 99 هو عام الحزن)) لجاسم المطوع،مجلة : (ولدي) الكويتية- العدد الثالث عشر-ديسمبر 1999م،ص66 .
(11)انظر : إصلاح المجتمع لمحمد البيحاني، ص127 .
(12)متفق عليه، البخاري حديث893، ومسلم حديث1829 .
(13)رواه البخاري ،حديث 631 .
(14)تحفة المودود بأحكام المولود، تحقيق : بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان بدمشق، ومكتبة المؤيد بالطائف، الطبعة الثانية،1407هـ،صفحة 139 .
(15)رواه أحمد وأبو داود .
(16)رواه الترمذي، وقال: حسن غريب صحيح،حديث 3904 (5/709) .
(17)رواه البخاري، حديث6129 .
(18)التربية الروحية والاجتماعية في الإسلام،ص192 .
(19) انظر : الأطفال ومشاهدة العنف في التلفزيون لعبد الرحمن غالب،ص88؛ نقلا عن: ((التربية الأسرية بين الضوابط الشرعية والمتطلبات العصرية))د. محمد السيد علي،مجلة المنهل، شوال/ذو القعدة 1420هيناير/فبراير2000م،ص76.
(20]رواه البخاري، حديث6412 .
ـــــــــــــــــــ(101/190)
التربية الوقائية للأولاد
د. خالد بن عبد الله القاسم
الفصل الأول:
أهمية تربية الأولاد في الإسلام:
الأولاد كما في القرآن الكريم زينة الحياة الدنيا قال - تعالى -: [الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا] (1)، وهم نعمة تستحق الشكر [وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا، وَبَنِينَ شُهُودًا، وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا] (2)، "وفي نفس الوقت هم مسؤولية يجب العناية بهم لاسيما فيما يصلحهم [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ](3)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (علموا أنفسكم وأهليكم الخير) (4)، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، فكلكم راع ومسئول عن رعيته) (5)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ، أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) (6)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما نحل والد ولداً من نحل أفضل من أدب حسن) (7)، والمعنى ما أعطى والد ولداً من عطية وهبة أفضل من تعليمه وتأديبه أدباً حسناً.
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بين السبابة والوسطى، وفرج بينهما(8)، وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين) وضم أصابعه(9)، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخلت عليَّ امرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا، فأخبرته فقال: (من ابتلي بهذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار) (10)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) (11).
كل هذه النصوص وغيرها كثير دلت على فضل تربية الأولاد وهو فرع من تربية الفرد الذي يسعى الإسلام إلى إعداده وتكوينه ليكون عضواً نافعاً وإنساناً صالحاً في الحياة، بل هو مدار بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث قال - تعالى -: [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ](12)، "والتزكية هي التربية وأعظم بل أسمى ما يربى عليه الفرد تحقيق العبودية لله رب العالمين وإخلاص العبادة له والسلامة من الشرك" (13)، قال ابن كثير(14) - رحمه الله -: "ويزكيهم: يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية" (15).
لذا اهتم العلماء المسلمون بتربية الأولاد، ويتضح ذلك من مؤلفاتهم وكتبهم سواء ما يتعلق بأهمية التربية أو بيان وسائلها أو ثمراتها، قال الغزالي(16) - رحمه الله -: "الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه؛ فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له" (17)، وقال أيضاً: "وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً وإنما يكمل ويقوى بالنشوء والتربية بالغذاء، وكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال وإنما تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق والتغذية بالعلم" (18).
بل إن الإنفاق على الأهل والأولاد عبادة؛ حيث قال الله - تعالى - [وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ] (19)، وقوله - تعالى -: [لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا] (20)، وقوله - تعالى - [وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ] (21)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك) (22)، ذكر الراغب الأصفهاني" (23) أن المنصور بعث إلى من في الحبس من بني أمية من يقول لهم: (ما أشد ما مر بكم في هذا الحبس؟)، فقالوا: ما فقدنا من تربية أبنائنا " (24).
ــــــــــــــ
(1) سورة الكهف 46.
(2) سورة المدثر 12-15.
(3) سورة التحريم 6.
(4) رواه الحاكم 4/494.
(5) أخرجه البخاري ك/ الجمعة، ب/ الجمعة في القرى والمدن، رقم 844، ومسلم ك/ الإمارة، ب/ فضيلة الإمام العادل، رقم 3408، والترمذي ك/ الجهاد عن رسول الله، ب/ ما جاء في الإمام رقم 1627 وأبي داود ك/ الخراج والإمارة ب/ ما يلزم الإمام من حق الرعية رقم 2539، ومسند الإمام أحمد برقم 4266.
(6) أخرجه الترمذي ك/ الجهاد عن رسول الله ب/ ما جاء في الإمام رقم 1627.
(7) أخرجه الترمذي ك/ البر والصلة عن رسول الله ب/ ما جاء في أدب الولد رقم 1875.
(8) رواه البخاري ك/ الأدب، ب/ فضل من يعول يتيماً رقم 5546، والترمذي ك/ الصلة ب/ ما جاء في رحمة اليتيم رقم 1841.
(9) رواه مسلم ك/ البر والصلة والأدب، ب/ فضل الإحسان إلى البنات رقم 4765.
(10) أخرجه البخاري ك/ الزكاة، ب/ اتقوا النار ولو بشق تمرة رقم 1329.
(11) رواه أبو داود ك/ الأدب، فضل من عال يتيماً رقم 4481.
(12) سورة الجمعة 2.
(13) من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام د. محمد عبد الله السحيم ص 8.
(14) إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي الحافظ المفسر المؤرخ، توفي سنة 774هـ.
(15) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/196.
(16) أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، فيلسوف ومتصوف، مولده ووفاته بخراسان صاحب المصنفات الكثيرة، توفي سنة 505هـ.
(17) إحياء علوم الدين 3/72.
(18) إحياء علوم الدين 3/61.
(19) سورة البقرة 233.
(20) سورة الطلاق 7.
(21) سورة سبأ 39.
(22) رواه مسلم ك/ الزكاة ب/ فضل النفقة على العيال رقم 1661.
(23) الراغب الأصفهاني أبو القاسم الحسين بن محمد الأصفهاني المتكلم صاحب التصانيف، توفي سنة 502هـ.
(24) تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، 2/499-5.
http://www.almurabbi.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/191)
وانكسر الجناح!
لا تتعجبوا إن قلت أني ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال؛ فكلما هممت بأن أكتب هذا الموضوع تبادرت لي صور كثيرة.
فأحيانًا أتوقف لأني أحس بمشاعر من قد يهزه هذا الموضوع, وأحيانًا أقول بأني لست جديرًا بأن أكتب في هذا الموضوع لأن الجناحين مازالا قائمين, وتارة أتردد أن أكتب خوفًا من حالتي حينما ينكسر الجناح.
ولكني حينما أيقنت بقدر الله, وأنه ما أصابنا لم يكن ليخطئنا والعكس, فهنا تجرأت أن أكتب هذا المقال.
حينما يكون البيت عامر بكل جوانحه, فتسمع الضحكات المنبعثة من الداخل, وترى البسمات على شفاه الموجودين, وترى تلك الوجوه الدائرية التي وكأنها تقول ما أجمل حياتنا.. وما أروع مكاننا.. وما أنقى نفوسنا..
فسرعان ما تتبدل الضحكة حزنًا, والبسمة غضبًا, فترى تلك الوجوه المصفرة الهالكة, فتشفق لحالها, ويندى لها الجبين, وتبكي لها العين, ويغمض الجفن حزنًا وكمدًا.
حينما ينكسر الجناح, وتنطفئ إحدى شموع المنزل, ينهد الوجدان, وتتبعثر كلمات الحنان.
أواااه ما حالنا حينما ينكسر إحدى أجنحة المنزل.. نعم.. ما حالي وحالك وحالها حينما نكرر النظرات, ونتحرك في أرجاء المنزل, ونبحث في كل مكان, وننادي.. أماه ,, أماه ... أجيبيني يا أمي..
أين أنتِ يا أمي ... فيرد لك صدى غرفتها, لقد ماتت.
فتقف مذهولا أمام المكان المعهود لجلوس الأم, فتغمض عينيك وكأنك تراها تركض إليك لتضمك إلى قلبها وجسدها.. وسرعان مات تفتح العين فلا تراها.
فتنظر إلى ثيابها.. وكأنك تراها متزينة بلباسها .. متجملة,, فتشم عطرها الجميل.. الذي طالما تبسمت حينما تشمه.
وتسمع طرق وقوع الأقدام, وكأنها أجراس المحبة والوفاء, فتبحث عن صاحبة الأجراس فلا تراها
فتمر أمام مصلاها، ويُخيل إليك سماع صوتها الحزين وهي تقول (( رب أصلح لي أولادي .. رب أمد لي في عمري حتى أرى أبنائهم )).
كأنك تسمع كل جدار يقول.. أمك قد ماتت..
تعثرت الكلمات.. وأصاب القلب اليأس.. وبدأت الذاكرة تخون صاحبها، فلا تتذكر إلا بريق عين الأم فوق وجنتيها فتحرق القلب, وتكسرت أحلامك السابقة والآمال.. وذلك الجسم النحيل الذي هده التعب والحمل وطول السهر .
فكيف يقر العين بنوم وأنت تتذكر تلك اللحظات، التي طالما سهرت من أجلك، وباتت إلى جنبك، وأنت تتأوه من التعب والألم.. فلا تحس إلا باليد الحانية، والقلب الدفين، وكأنك تسكن بين أضلعها.
فكبرت وازددت عمرًا، وتجبرت وعتيت وكأن اللحظات التي كنت بين أحضان أمك هي لحظات صارت في يوم من الأيام كالسراب.
تتذكر طالما أقبلت إليك بروحها.. وأنت تصرف عنها بروحك وجسدك.
ويح نفسي, كيف أخفي وجهي؟ وكيف أواري جرمي الذي لو مزج بماء البحر لمزجه ؟!
فترى نفسك غارقا بين الأمواج وطبقات البحار, فما تدري هل ماتت أمك غاضبة عليك، أم ماتت وهي تقول ((رب اغفر لولدي )) ؟
أماه:
إني أحمل في قلبي أضعاف ما تحملينه من حسرات من ابنك العاق, وأذوق الهموم أكثر مما تذوقينه من الهموم والكدر, فلقد وصلتني رسالة ملأها قلبك المكلوم, وملأتها عينك الحزينة, بدمعات ساقطة على وجنتيك.
أماه:
وصلتني الرسالة الربانية من فوق سبع سموات، فأعرضت عنها وقلت لك "أف" بل أكثر من هذا.
فها أنا أتذكرها وكلي حزنا وأسفا ولكن.. هل تسامحينني؟ هل تعفين عني؟
إن الكبْر يا أماه الذي أخرج إبليس من الجنة هو ما الذي منعني من أن أقبل رأسك.. أو أقبل يديك الطاهرتين.. فيا أماه:
هل تعفين عني؟
أماه لو أستطيع لأعطيتك عمري, وأهديتك شبابي, وما بخلت عليك قبل هذا ولكن، ما كنت أتصور في يوم من الأيام أن ترحلي عن أنظاري .
ولو فعلت ما فعلت ما رددت لك زفرة من زفراتك, وما وفيتك حقك الذي علي.
أمي.. كأني أسمع صوتك الدفين الهادي وهو يردد : أقبل يا ولدي .. أقبل.. تعال.. أقبل فإني غفرت لك.
تعال يا ولدي.. تعال ولا تخف فإني أمك التي ربيتك.. تعال وكن لي عونًا في دنياي.
آآه يا أماه! ماذا أقول وكيف أتكلم وها أنا ذا أمامك جاثيا على ركبتي, خنقتني العبرة, وضاقت علي الأرض؟
ياااه ما أجملها من كلمات يا أمي .. حينما تقولين: تعال قد غفرت لك من فمك الذي طالما قبلني، ويدك تلك التي طالما ضمتني إلى صدرها، وأعطتني من حنانها وأمومتها.
متى... متى هذا يا أماه؟ حتى أنادي بين كل الجوانح: لبيك يا أماه.. لبيك يا من سكن قلبي.
اطلبي مني يا أمي.. فسمعًا وطاعة لك، فمن لي بعد طاعة الله ورسوله طاعة سواكِ؟
ولكن سرعان ما يرد على صدى صوتي (( متى ... متى ))
رَحلتي يا أمي.. وما أدري أقلبك حامل على ابنك الصغير؟
فمن ماتت أمه فليبادر بالدعاء لها وطلب العفو من الله، وعمل ما يرضي الله سبحانه وتعالى. فقد جاء في الحديث أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. وذكر منها ولد صالح يدعو له.
وأما من كانت أمه على قيد الحياة:
فتنبه، وأفق من غفلتك، ولا تجعل نفسك ألعوبة لشهواتك وملذاتك.
وقل: سمعا وطاعة يا أمي، قبل أن تناديها.. فلا مجيب.
كتبه الداعية: عبدالله بن محمد آل بوعينين
ـــــــــــــــــــ(101/192)
كيف تحطم شخصية ولدك
لا يبنى الأمم إلا الأشخاص الأقوياء الجادون الذين يتمتعون بشخصية قادرة على اتخاذ القرار فكيف يستطيع الأبوان تربية أبناء يتمتعون بشخصيات قوية وقادرة على اتخاذ القرار؟ إن هذا السؤال يقودنا إلى معرفة الأمور الثلاثة التي تضعف الشخصية.
حتى تحطم شخصية أبنائك اتقن ثلاثة أمور فقط:
التدليل القسوة الحماية
الدلال الزائد والشخصية القوية، أمران لا يجتمعان.
* الإفراط في التدليل:
ينسى المربى نفسه أحياناً من فرط حبه لابنه فيدلله دلالاً يفقده شخصيته ويحوله إلى شخص لا يمكننا الاعتماد عليه.
* والتدليل يعنى:
تلبية كافة طلبات الابن مهما كانت صعوبتها، في أي وقت كان، الأمر الذي يجعل الطفل يشعر بأنه شخص مجاب الطلبات والأوامر لذلك فإن الإفراط في التدليل يعنى:
1- إضعاف جانب تحمل المسئولية في الابن لأن جميع طلباته مجابة.
2- تحكم الابن في أبويه وإخضاعهما له.
3- تمكن مشاعر الغرور والتكبر لدى الابن وتكراره لعبارة " أبى لا يرفض لي طلباً " أو " أمي لا تقول لي "لا" أبداً ".
4- تمرد الابن على سلطة والديه وعدم احترامه لوالديه أو تطبيقه لقوانينهما.
عندما لا يحترمك ابنك، ولا يطبق قوانينك فاعلم أنك أفرطت في تدليله
اعط ابنك الفرصة لحل مشاكله بنفسه ولا تبالغ في حمايته.
الإفراط في الحماية الزائدة:
عندما يرزق الله الأبوين ابناً واحداً بين مجموعة من الإناث، أو بنتاً وحيدة بين مجموعة من الذكور، أو عندما يولد طفل بعد فترة طويلة من العقم، تحاول الأم أو الأب حماية هذا الابن الصغير بطرق مختلفة مثل
- منعه من اللعب مع الأطفال الآخرين، وإن لعب لا يجعلونه يسقط أو يتأذى ويظهرون خوفهم الشديد عليه.
- المحافظة عليه من الدخول في مشاكل، ومحاولة حل كافة المشاكل التي تعترضه.
- الحماية من الأمراض والبكتريا والجراثيم وذلك بالتعقيم الزائد والإفراط في الاهتمام بالصحة.
الإفراط في القسوة:
* يخطئ المربى عندما يعتقد أنه بالقسوة والشدة والضرب يربى رجال أشداء أو نساء أقوياء.
* لأنه في هذه الحالة يقتل فيهم أهم نقاط قوة الشخصية وينشئ أشخاصاً تكون صفاتهم:
1- الخواف: فالابن يكون دائم الخوف من والديه، فتنعدم العلاقة بينه وبينهم، ويتأثر سلوكه معهم فيبتعد عنهم، وإذا رآهم ارتعد وهرب إلى غرفته وإذا مر بالقرب منهم ارتجف وتنحى.
2- التردد: أن هذا الابن يفقد الثقة في نفسه، ويكون دائم التردد ولا تكون لديه القدرة على اتخاذ القرار ويظهر ذلك جلياً عند الكبر.
3- الانطواء وعدم القدرة على تكوين علاقات مع الآخرين، فيصبح شخصاً وحيداً، منكمشاً فاقداً لأهم صفات قوة الشخصية.
النتيجة:
حتماً ابن ضعيف الشخصية وأهم صفات هذا الصغير تكون:
1- الاعتماد على الآخرين.
2- عدم القدرة على تحمل المسئولية.
3- الخوف والتردد.
4- عدم القدرة على التكيف الاجتماعي وتكوين علاقات جيدة.
5- عدم القدرة على حل المشاكل.
مارس 04، 2003
http://www.elbehira.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/193)
مسؤولية المرأة العاملة ودورها التربوي
هيام فؤاد ضمرة 7/10/1424
01/12/2003
تشكل المرأة العنصر الثاني في المجتمع، والتي يقع على كاهلها نصف المسؤولية فيه، والإسلام لعظمته ساوى بينها وبين الرجل في الواجبات والحقوق بقوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) وهذه الدرجة القوامة التي عزز فيها الإسلام قيمة أنوثتها وأشبع حاجاتها وحصن رهافة أحاسيسها، ويظل عليها عبء المسؤولية العامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف ضمن نطاق أسرتها وفي نفسها ثم في محيطها، فيقع عليها دور الإرشاد بكل ما في هذا الدور من مسؤولية تجاه دينها وأسرتها ومجتمعها، وبما أكسبته لها الحياة من تجربة ومعايشة وخبرة فدورها أساسي في زرع الفضائل والخلق القويم من خلال إلمامها بالتربية الإسلامية الحضارية التي من شأنها أن تكون قلعة خُلقية وصحية ونفسية تصون المجتمع الشاب وتباعد بينهم وبين ارتكاب ما يغضب الله ويسجل عليهم في صحيفة أعمالهم ما قد يذهب بهم إلى العذاب الدنيوي وعذاب الآخرة.
وإذ يشترك الرجل والمرأة في هذه المسؤولية، فإن المرأة تشكل محورها الرئيس لما لدورها من تأثير، ولقرب الأولاد واقعياً ونفسياً منها بصفة خاصة، ولما لفكرها من فاعلية عليهم لمدى قوة التقارب العاطفي بين الأم والأبناء، وبين الزوجة والزوج من ناحية أخرى.
فإذا ما كان الأب مرآة أبنائه الذكور، فإن المرأة الأم مرآة بناتها الإناث ونصف التكوين الخُلقي والنفسي في الأبناء الذكور، أي أن دورها الاجتماعي والأسري يرتكز على شخصيتها وتدينها وثقافتها، ويقول الرحمن تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم).
والآية الكريمة تلزم المرأة كما الرجل بدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتعميم فضائل الأخلاق والتحذير من خطورة الرذائل على الصحة والنفس والدين، وتوطيد الأسس الدينية وواجبات الإيمان والإخلاص لخالق الكون عز وجل بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعته ورسوله، وجائزتهم في ذلك الرحمة والعزة والنجاة وفضائل دخول جنة الآخرة.
ولا تستقيم الحياة بالمثل والسمو بدون مشاركة الرجل والمرأة وبشكل متوازٍ في التكليف الإرشادي. والسائر بعد الغروب في بعض أحيائنا وشوارعنا يدرك تماماً كم يحتاج جيلنا الجديد لعودة الأمهات لأدوارهن الرئيسة وعودة الآباء للإشراف التربوي لانتشاله من فوضى الضياع وخطوات التيه الذي هو سائر فيه بلا انضباط.
سر التدهور هذا وازدياد الجرائم بين جيل الشباب بسبب غياب الوعي بأهمية التربية الإسلامية وغياب الدور الإرشادي للأم والأب، فالأب يجدّ في العمل لتأمين حياة مثلى للأسرة والأم تغيب في العمل لزيادة دخل الأسرة، وبغيابهما معاً انخفض المستوى الأخلاقي بالأبناء والوازع الديني فيهم، وقد تنبه الغرب لهذا الأمر فارتفعت الأصوات تنادي بعودة الأم لدورها الرئيس لأن مجتمعها أصبح تواقاً إلى بيوت ترفرف عليها السعادة والوفاق، وإلى أبناء صالحين متحملين للمسؤوليات واستلام الأدوار من الكبار.
فاضطلعي سيدتي بدورك كما ارتضاه لك خالقك، وكوني وثيقة الصلة بعقيدتك وتعاليم دينك، وانقلي مفاهيم دينك وتعاليمه إلى أبنائك بصورة تربوية إسلامية محضة.
فتكسّبي ضبطاً اجتماعياً يعود عليك وعلى أبنائك ومجتمعك بالفائدة، وكوني عنصراً وطنياً فاعلاً يرفع من شأن الوطن فارتفاع شأن الأوطان هو بارتفاع شأن مواطنيها
ـــــــــــــــــــ(101/194)
ليكون صغيرك أجمل في العيد
مي بنت إبراهيم 30/9/1424
24/11/2003
للعيد فرحه، إلا أنها فرحة مضاعفة بالنسبة للوالدين..
خاصة وهم يرون صغارهم يعدون الأيام والليالي انتظاراً لهذا اليوم السعيد، صغارنا كم تعبنا وخسرنا من الوقت لانتقاء أفضل الملابس لهم.. فرطنا في أوقات، وخسرنا أموال، وذلك للظفر ببسمة تعلو محياهم البريء، وهذا كله أمر مشروع ومن السنن إن لم يتجاوز المنهي عنه؛ لكن ما أروع لو جمعنا ما بين جمال المظهر ورقي وسمو المخبر، وكأني بك تقولين كيف؟!.
إن حرصك عزيزتي على إسعاد طفلك بالأشياء المحسوسة دليل حنانك الفياض... فماذا لو وجهت بعضه لعقله لينمو ويسمو فكرياً ألا توافقيني بأن العيد له فرحة عند صغارنا للجديد والأعطيات فقط؟! وغفلنا عن بيان المقاصد الشرعية لهذا اليوم العظيم..
ماذا لو قلت له : نحن نفرح بالعيد لأن الله بلغنا رمضان، ورزقنا صيامه، ورزقنا صيامه وقيامه وعسى أن يتقبله منا؟.
ونحن نفرح به لأننا نلتقي بأقاربنا وأحبابنا، وفي هذا صلة للأرحام وتترتب عليها الحسنات العظام.
ماذا لو ذكرتيه بالنعيم الوارف الذي يتفيأ ظلاله، بأنه منةٌ ورزق من الله لينظر أيشكر أم يكفر .
وذكريه بالفقراء وأحوالهم، وأن العيد يمر عليهم وليس عندهم ما يقيهم برد الشتاء وحر الصيف.
فأنت بهذا ترفعين من مستوى تفكيره؛ ليرى بمنظار آخر رفيع، فالعيد ليس اجتماعات ولقاءات فقط؛ بل عبادة مشروعة... واغتنمي المواسم التي نمر بها.
فرغبيه وحثيه على حضور صلاة العيد وبيان أجرها وفضلها، وأن صغار الصحابة كانوا يحضرونها. كبري وإياه ليلة العيد لإظهار شعائر الإسلام وكم نفتقد هذا ؟! وبما أن التوسعة من إدخال السرور على الصغار أمر مشروع؛ احصري مع ضبطه بضوابط الشرع .. فنجد بعض الآباء يطلق العنان لصغاره، يهيمون في الطرقات وعند البقالات، وقد أغدق عليهم بالأموال فيبذرونها بلا أي حساب، ويا حبذا لو أعلمتيه مسبقاً بأنك ستشاركينه في مشروع رائع، لكنه يحتاج إلى المال فهنا سيحرص عليه.. فإن أتاك به؛ فقولي: ما رأيك لو تبرعنا ببعضه للصغار أمثالك الذي يقضون العيد تحت أزيز الطائرات وصوت المدرعات؟، واذكري بعض الأحاديث المُرغبة بأسلوب شيّق واستغلي ما بقي معه لاكتشاف كيفية صرفه للمال، مع وصاياك طبعاً.
كما أننا نرى ونسمع الألعاب النارية في كل جهة، بيني له الحكم الشرعي وأنها إضاعة للمال بغير وجه حق، فضلاً عن ما ينتج عنها من ضرر قد يلحق به، وفي كل هذا إياك ثم إياك من التنازل عن شيء تمسك به! وإن كان هذا يوم فرح إلا أن المراقبة لله لا تنفك عنه. فإن كنت ممن لا يذهب بصغاره للمسارح وأماكن اللهو التي فيها منكرات فاثبتي على هذا، وليس العيد بمسوّغ للذهاب إليها. كما أنه ليس بمسوّغ لإلباس الصغار ما يحرم وما نُهي عنه، وتخلي الصغيرات اللاتي شارفن الحلم عن الحجاب.
ويا ليت لو اصطحبتيه معك لمعايدة قريب مريض- إن كان وضعه الصحي يسمح بذلك- ليرى فعلاً نعمة الله عليه، وكيف يمر العيد عليه وهو في قمة النعيم ويستشعر لو كان مكان المحرومين.
وليعلم أن العيد ليس لبساً للجديد فقط؛ بل هو يوم للسمو والشكر والعطاء.
ـــــــــــــــــــ(101/195)
أفلام الكارتون.. نظرة فاحصة
د.خالد بن سعود الحليبي
وُجّهت ضربات عديدة إلى مقاتل المجتمع المسلم بقصد تغريبه عن دينه، وتجهيله بحقيقته، ومسخه إلى مجتمع مفتوح على كل الثقافات دون احتفاظ بشخصيته المتميزة، بحيث يكون بدون هُوِيّة يعتنقها، أو يدافع عنها، ولم تكن كل تلك الضربات عسكرية، بل إن بعضها نوع غريب وخبيث، بطيء التغيير، ولكنه يصل إلى العظم، استهدف به أعداؤنا فئات عدة من مجتمعات المسلمين، مثل الشباب والنساء،ولكنهم لم يتركوا ـ أيضا ـ فئة عزيزة على نفوسنا جميعاً، تمثل مستقبلنا الواعد، وأمانينا الجميلة، فئة هي أكثر استعداداً لقبول كل جديد، والتغير السريع، إنها فئة (الأطفال)، تلك الفئة العمرية التي تتعامل مع ما حولها ببراءة، مقتصرة على التلقي واكتناز المعلومات، لتحويلها إلى سلوك عملي، يحدّد كثيرًا من منحنيات حياتهم بعد البلوغ.
إننا إذا كنا نظن أن الخطر الغربي عسكري محض، فذلك خطأ تاريخي جسيم، وغفلة حضارية خطيرة، فإن التأثير على القيم، وتغيير الشعوب من الداخل أكثر خطورة من التغيير بالتهديد العسكري؛ لأن التهديد العسكري سرعان ما ينهار، وتنتفض عليه الشعوب الحرة، ولكن الخطورة في التأثير الذي يبرز في أثواب التسلية والترفيه، حيث يسري السمّ مع العسل، يقول الفيلسوف الوجودي (البيركامي): (على اتساع خمس قارات خلال السنوات المقبلة سوف ينشب صراع لا نهاية له بين العنف وبين الإقناع الودي ... ومن هنا سيكون السبيل المشرف الوحيد هو رهن كل شيء في مغامرة حاسمة مؤداها أن الكلمات أقوى من الطلقات).
لقد علم أعداؤنا أن غالب الأطفال في عالمنا اليوم يتلقون ثقافتهم ـ وبخاصة قبل المدرسة ـ من التلفاز، بحيث تشكل تلك الثقافة الخارجية 96% من مؤثرات الثقافة في حياتهم، وغالبها من أفلام الرسوم المتحركة،أو ما يُسمّى أفلام الكارتون، يليها برامج الأطفال الأخرى، والمسلسلات والأفلام وأمثالها. حتى أصبح لتلك الأفلام الكارتونية قنوات خاصة تبث طوال اليوم، في قالب فني جذاب متطور، وأنطقوها بلغتنا، فالتصق بها أطفال المسلمين التصاقاً مخيفاً، أثّر على تشكيل عقيدتهم وعقولهم وبناء شخصياتهم، إلى جانب التأثير السلبي على صحتهم العضوية والنفسية.
الرسوم المتحركة خطر غير مدرك
إن أفلام الكارتون قنابل تتفجر كل يوم في شاشاتنا الصغيرة دون وعي منا أو متابعة ، فهي لا تزال بريئة في أعيننا، مجرد تسلية، وأشد الأمراض فتكاً ما يغفل عنه صاحبه، وأشد الأعداء توغّلاً وإضراراً، ذاك الذي يبدو لك بعيني صديق حبيب، وهو يحفر الخندق، ويطعن الظهر. ومن عادتنا ألا نتنبه لأمر حتى يبلغ ذروته، بل بلغت الغفلة بإحدى الأمهات حين سُئلت عن علاقة أولادها بأفلام الكارتون أن تصرح بأنها لا تعلم عن أولادها شيئاً [المصدر: كيف غزا أبطال الديجتال عقول أبنائنا ؟ ولدي ، العدد 45 ، أغسطس 2002م ، ص : 23 .] وأخرى تتمنى أن ترتاح من أولادها وضجيجهم، ولو أن تلقيهم في الشارع!! فأينها من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" رواه البخاري.
لقد أشغلت هذه الرسوم المتحركة أطفال المسلمين أيما إشغال .. فما عادوا يطيقون أن يستغنوا عنها، ولو يوماً واحداً دون أن يشاهدوها، بل فضلوها حتى على مرافقة الآباء والأمهات في النزهات والحفلات، حتى أكلت أوقاتهم، وبدّدت طاقاتهم، وشلّت تفكيرهم، وزاحمت أوقاتهم في مراجعة الدروس، وحفظ كتاب الله، فضلاً عن أن يجلسوا مع أهليهم جلسة صافية، ليتلقوا منهم الأدب والدين والخلق، وقد اشتكت من ذلك عدد من الأمهات الواعيات حتى قالت إحداهن: "إن جهاز التلفاز يرتفع صوته بشكل غير مقبول أثناء عرض مسلسل أبطال الديجتال، ويمتنع أبنائي ( 6 - 9) سنوات أثناء مشاهدته عن الأكل أو مجرد الرد ّعلى أي سؤال، أنا مستاءة جداً ولا حول لي ولا قوة، وأرجو أن أجد الحل للتخلص منه"، وتقول أم أخرى: "إن أبنائي يتابعون المسلسل أكثر من مرة في اليوم، وبمجرد انتهائه يبدأ الشجار والعنف بينهم تقليداً لحركات أبطال الديجتال" [المصدر: كيف غزا أبطال الديجتال عقول أبنائنا ؟ ولدي ، العدد 45 ، أغسطس 2002م ، ص : 23 .].
ويؤكد أحد الباحثين أن الأطفال يشاهدون تلك الأفلام "لمدة قد تصل إلى عشرة آلاف ساعة بنهاية المرحلة الدراسية (المتوسطة) فقط .. وهذا ما أثبتته البحوث والدراسات من خلال الواقع المعيش".
أخي المسلم .. يكفي أن تعلم أن الرسوم المتحركة ما هي إلا حكاية عن واقع رسمها من عقائد وأخلاق يعترف بها، ويتعامل بها؛ كما يثبته علماء الاجتماع، فإذا علمت بأن70% من هذه الأفلام تنتج في الولايات المتحدة الأمريكية ، علمت مدى خطورة نقل خزايا المجتمعات الغربية وعريها وسقوطها الأخلاقي والديني إلى أذهان أطفالنا؛ مما يدخلهم في دوامة الصراع بين ما يرون وما يعيشون من مُثُل وقيم، وأفكار وحضارات؛ مما يجعلهم في حيرة وتذبذب، كل ذلك ونحن نظن أنهم يستمتعون بما يشاهدون وحسب.
إن هذه الرسوم ـ كما يقول المختصون ـ تشغل قلوب فلذات أكبادنا، وتصوغ خيالهم وعقولهم وتفكيرهم، وتشوّه عقائدهم وثقافاتهم بعيداً عن تقييمنا الدقيق، بل ربما يكون إدمانهم على مشاهدتها تحت رعاية منا، ومشاركة في معظم الأحيان. وننسى أنها من أبرز العوامل التي تؤدي إلى انحراف الطفل، وتبلّد ذكائه، وتمييع خلقه؛فأفلام الكارتون سريعة التأثير؛ لما لها من متعة ولذة. والطفل سريع التأثر؛ لأنه يعيش مرحلة التشكل واكتساب المعرفة مما حوله، وما تعرضه الفضائيات منها لا يعتمد على حقائق ثابتة، وإنما على خرافات وأساطير ومشاهد غرائزية، وتشكيك في المعتقدات لا يجوز الاعتماد عليها ـ بحال من الأحوال ـ في تنشئة أطفالنا، وتربيتهم.والعجيب أن يتغافل الآباء والأمهات عن هذه الحقيقة، ويديرون لها ظهورهم كأنهم لا يعلمون ذلك كله؛ بحجّة تحقيق الهدوء في المنزل، بتخدير الطفل أمام الشاشة، حتى قال أحدهم: "فور صدور أية حركة تنبئ عن استمرار طفلي في اللعب والصراخ، أدير التلفاز على إحدى القنوات، لا إرادياً أجد طفلي ممدداً على الأرض وبصره إلى التلفاز، في حالة أشبه ما تكون بالتنويم المغناطيسي".
ربما كان هناك من سيقول لمن يدق أجراس الحذر من هذه الأفلام: تلك مبالغات منفوخة، وخوف متوتر لا داعي لهما؛ فالمسألة مسألة تسلية وحسب، ولكنها الحقيقة التي نضعها بين أيديكم لعدد من المختصين الذين أبدوا رأيهم بحياد شديد وموضوعية، وعدد من الآباء والكتاب الذين رأوا بأعينهم، وقالوا بألسنتهم.
إنني اليوم أبلغ ما رأيت وجوب تبليغه، وأبرئ ذمتي بأن أشارك في كشف الآثار الصارخة، التي يمكن رصدها بكل سهولة في أي مسلسلات كارتونية غير موجهة تربوياً ولا شرعياً.
تعالوا أيها الآباء ويا أيتها الأمهات نتعرف على بعض الآثار السلبية للرسوم المتحركة على أطفالنا:
وأولها: زعزعة عقيدة الطفل في الله:وإليك هذا المشهد الذي بثته قناة فضائية واسعة الانتشار، وهو مشهد (( يوجه الأطفال توجيهاً معاكساً في أساس من أسس ديننا وحياتنا؛ فعدم نزول المطر، والجدب والقحط، قضية تربط المسلم بالخالق، والسنة النبوية المطهرة، تبني في كيان الطفل المسلم من خلال صلاة الاستسقاء التوجه إلى الله تعالى. وفي هذا المسلسل تظهر الشخصيات الكارتونية وهي تقف في الغابة تنتظر سقوط المطر، فيتقدم كبيرهم قائلاً: لا ينزل المطر إلا بالغناء، فهيّا نغني، وتبدأ شخصيات المسلسل تغني أغنية سقوط المطر، يصاحبها الرقص والأدوات الموسيقيّة:
هيا اضربي يا عاصفة كي يسقط المطر هيا اضربي لتغمري الجميع بالمطر مطر مطر مطر يا منزل المطر مطر مطر مطر نريد شيئاً واحداً مطر مطر مطر
وعندما لم ينزل المطر يتساءل أحدهم: لماذا لم تمطر السماء؟ فيجيب آخر: لعلها مشغولة بالبحث عن أمنا الطبيعة.
نعوذ بالله من هذا الشرك الذي يُلقّن لأبنائنا ونحن غافلون عنهم، فرحون بأنهم هدؤوا بين يدي التلفاز؛ لنفرغ نحن عنهم لأمور لن تكون أهم من سلامة أولادنا من الانحراف في عقائدهم وأخلاقهم.
وكذلك ما يحصل في برنامج (ميكي ماوس) هذا الفأر الأمريكي الذي يوهم أطفالنا ـ في بعض حلقاته ـ بأنه يعيش في الفضاء .. ويكون له تأثير واضح على البراكين والأمطار فيستطيع أن يوقف البركان!! وينزل المطر ويوقف الرياح!! ويساعد الآخرين، والسؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن: لماذا يجعل هذا الفأر في السماء؟!! ولماذا يُصوّر على أن له قوة في أن يتحكم بالظواهر الأرضية؟!
وتشير باحثة إلى أن هذا البرنامج يحمل ظاهره مغالطة علمية وواقعية واضحة، وهو وجود فأر يطير وخلاصة هذا المسلسل عبارة عن تأكيد للقوى الخيالية الخارقة الجبارة (الخرافية) التي تقف مع المضطر وتنقذه في أحلك الظروف وأشدّها حرجاً، فهذه القوة الخرافية هي الرجاء والأمل في الخلاص، ومثل هذه الأفكار من شأنها أن تهزّ عقيدة الطفل هزاً عنيفاً فتنحي عن ذهنه الصغير قرب الله من عبده، وإجابته له حين يدعو، وعون الله عز وجل له [المصدر: بصمات على ولدي ، طيبة اليحيى ، مكتبة المنار الإسلامية ، ط /3 ، 1409هـ ( 1989م ) ، ص: 49].
وأما مسلسل السندباد وهو عربي المضمون والشخصيات، ولكنه مليء بالعقائد الفاسدة والخرافات، فمرة نرى السندباد يخر ساجداً أمام والي بغداد والسجود لغير الله لا يجوز في ديننا الإسلامي، ومرة يستعين بصاحب المصباح وهو الجني الأزرق لكي يحقق له مطالبه، فأين التوكل على الله والاستعانة به، ومرة يسجد تحت قدمي الجنيّ الكبير الذي يخرج من الماء والصحراء ويتوسل إليه ألاّ يقتله، أين الاستعانة بالله وطلب العون منه، وانظر إلى الجواري والفتيات وهن يتراقصن في القصور وسندباد ورفاقه يأكلون ويغنون، فماذا يتعلم الأطفال من هذا العرض؟ ليس إلا الفحش وسوء الأدب والاستعانة بالشعوذة والكهنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه الإمام أحمد رحمه الله.
ونرى في فلم آخر رجلاً ضخماً فوق السحاب يمتلك دجاجة تبيض ذهباً، ورجلاً ضخماً آخر في فيلم آخر يصب الماء على السحاب فينزل المطر.
والله إنها لتلميحات خبيثة.. أهدافها واضحة للجميع.. لا تتطلب إجهاداً ذهنياً لمعرفتها.
وهذا كثير جداً في تلك الرسوم..ومن الأخطاء العقدية المنتشرة في تلك البرامج: الانحناء للغير .. حتى تكون الهيئة أقرب ما تكون للسجود والركوع، والانحناء في الشرع محرم كما نص على ذلك حديث أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدُنَا يَلْقَى صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا )) الحديث رواه الإمام أحمد. وهذا نجده كثيراً جداً في هذه الأفلام، ومنه ما يكون في البرنامج الشهير (الكابتن ماجد) فعند نهاية المباراة يقوم أعضاء الفريقين بالانحناء لبعض بشكل أشبه ما يكون بالركوع للصلاة.. كتعبير للمحبة والصفاء.. وهو ما يحصل ـ على سبيل المثال في برنامج (النمر المقنع) من وضع مماثل للسجود. ومثل هذا المنظر قد يقوم الطفل بتقليده دون وعي بعد نهاية مباراة يلعبها مع أصدقائه.
وفي مسلسل (كاسبر) الكارتوني الشهير الذي أذكره جيداً في طفولتي، لاحظت الأستاذة مها النويصر مجموعة من المخالفات العقدية، وهي تراقب أولادها وهم يشاهدونه ويتعلقون به، مثل: الاعتقاد بوجود أشباح الموتى بيننا تأكل وتشرب وتتعامل مع الأحياء في تمثيل سيئ لعالم البرزخ، وأنهم في مرح ولعب دون جزاء ولا حساب. وأن الإنسان قادر على الإحياء والإماتة، وأن روح الإنسان الطيب تصبح ملكاً. نجد ذلك في مشهد فتاة ورثت قصراً عن أبيها مليئاً بالأشباح فتحضر المختصين لطردهم، وكان مع أحدهم ابنته الصغيرة التي يظهر لها الشبح الصغير المحبوب (كاسبر)، ويصبح صديقها، ثم يريها آلة صنعها صاحب القصر تعيد الروح للشبح فيعود للحياة، ويموت والد الطفلة خلال بحثه، فيعطيها كاسبر سائل الحياة فيعود حياً، وفي حفلة تقيمها الطفلة تأتي أمها من عالم الأرواح لتقدم نفخة من روحها ليكون (كاسبر) حبيباً جميلاً لمدة ساعات؛ لأنه ساعد الطفلة، ثم يتراقصان على أنغام الموسيقى، ثم يعود شبحا [المصدر: أطفالنا في قبضة الأشباح ، مها النويصر ، الأسرة ، العدد : 118 ، محرم 1424هـ ، ص : 50 ]
كل ذلك وأطفالنا ساهمون في قبضة هؤلاء الأشباح.
ومنه أيضا ما تتبادله الشخصيات الكارتونية من عبارات مخلة بالعقيدة، مثل: (أعتمد عليك)، و(هذا بفضلك يا صديقي العزيز)، أو حتى أحياناً حين ينزل المطر: (ألم تجد وقتاً أفضل من هذا لتنزل فيه؟) وفي برنامج صفر صفر واحد يقول أبطال الفيلم: إن نظامهم يسيطر على كل المجرات في الكون ما خلا المجموعة الشمسية.
وقد يُشار إلى بعض تعاليم الديانات الأخرى:فتجد فتاة تطلب الانضمام للكنيسة، كما تجد مشاهد لتعلم العادات الدينية النصرانية، أو إظهار الراهب ومعه الصليب وإلباس المنضم ذلك الصليب، أو حتى إظهار الصليب في غير تلك المواطن كأن يظهر رجل قوي وشجاع ، ثم يخرج من داخل ثيابه الصليب ويقبله، ويبدأ المعركة.
وانظر إلى لينا وهي تصلي في حال الشدة وصلاتها عبارة عن أن تضم يديها إلى بعضهما ثم تغمض عينيها وتنظر إلى أعلى، وهي صلاة النصارى فتتعلم المسلمة الصغيرة هذا في حين أنها تجهل صلاتها.
وظهور شجرة أعياد الميلاد المسيحية(الكريسماس)، والاحتفال بأعيادهم، وكذلك الدعاء قبل الأكل بضم اليدين وأصوات أجراس الكنيسة.
واشتمالها على السحر :وهذا كثير جداً ..فهم يصورون السحر على أن حكمه يختلف حسب المقصد من استعماله.. كيف ذلك؟فمرة يصورون الساحر أو الساحرة رجلاً كان أم امرأة قد ملأهما الشر والبغضاء والحسد، يحققون بالسحر ما يصبون إليه من طموحات شخصية على حساب الآخرين..كما في برنامج (السنافر)، الذي يتمثل في الرجل الشرير شرشبيل. وأحياناً يصورون الساحر بأنه رجل طيب محبّ للخير لجميع الناس، يساعد المظلومين كما في السنافر أيضاً، ويمثل بزعيم القرية أو كما في برنامج (سندريلا) والتي تصور فيها امرأة ساحرة طيبة، تساعد سندريلا على حضور حفلة الملك و الاستمتاع بالرقص!! وغير ذلك ..
وبلغ تأثير مثل هذه المشاهد أن الأطفال يردّدون كثيراً من عباراتهم، بشكل نخاف فيه أن يطلب أبناؤنا تعلم السحر، أو على الأقل أن يحبّوا الساحر الذي بالغوا في تصوير طيبته لهم. حتى سألت طفلة أمها: "هل الساحرات طيبات؟" فتساءلت الأم: ما سر هذا السؤال؟ وكيف تكون الساحرة طيبة؟ أجابت الطفلة: "لأنها أحضرت الحذاء لسندريلا" ولا نقول إلا اللهم سلم، اللهم سلم ..
ويضاف إلى ذلك الاستهانة بالمحرّمات ، وخلطها بالمباحات،ففي حلقة واحدة من حلقات (سنان) وهي (33)، رصدت الباحثة طيبة اليحيى سبعاً وثلاثين مخالفة شرعية، وفي حلقة واحدة من مسلسلة (السنافر) وهي الحلقة التاسعة، رصدت أكثر من أربعين مخالفة شرعية [المصدر: بصمات على ولدي لطيبة اليحيى : 52-54]
وفي حلقة جديدة أتابع معكم -بإذن الله- أيها الغيورون هذه المصائب المطلية بالترفيه، المنصب كالرصاص المذاب على رؤوس وعواطف وعقائد أولادنا حماهم الله.
ـــــــــــــــــــ(101/196)
أدركني يا أبي.. أرجوك!
أرجوك أسرع قبل فوات الأوان..
إن كنت نائمًا فاستيقظ، وإن كنت في عملك فدعه وتعال، وإن كنت تسمر مع أصحابك ففارقهم وأدركني دون توانٍ..
يا أبتي هناك من أصابني بسهامه.. هناك من يلعب بعواطفي ويدغدغ مشاعري بكلام لم أسمعه أبدًا! هناك من أوجد لي ما كنت أرجوه وأطلبه منك ومن أمي وإخوتي منذ زمن.. نعم يا أبي هناك من أمسكني من اليد التي تؤلمني!
لا أعلم كيف انسقت إليه؟ أسرتني كلماته التي أحس أنها كالحبل المحيط بعنقي، والتي أشعر أنها تقودني إلى ما كنت أخشاه وتخشاه أنت من قبلي.. صدقني لا أعلم يا أبي كيف حدث هذا؟
في لحظة فراغ وعبث وبحث طائش عن تغذية عاجلة أروي بها ظمئي وعاطفتي؛ وقعت من حيث لا أشعر بشاب تقول كلماته أنا من سيروي لك هذا الظمأ.. أنا من سيوفر لك الحنان والسعادة اللتين ضاق بهما منزلك، تقول كلماته أنا من سيحترمك ويقدرك ويناديك بأحب الأسماء والألقاب إليك، تقول كلماته يا أبتي أشيااااء كثيرة لم أظن في يوم من الأيام أنني سأسمعها فضلا عن أن تُوجه لي!!
كانت كلماته يا أبي تحيط بعنقي وتجذبني إليه دون أي مقاومة أو عناء مني! بل لا أكذب إن قلت لك أنني لم أشعر إلا وأنا أجري خلفها بلهف! نعم يا أبي كنت أجري خلفه وأنا على يقين تام بأن هذه الكلمات وإن برقت لي إلا أنها ستقودني إلى ضياع الشرف والعفة والطهر وكل معان النزاهة التي تنتظرها مني!
كنت أعلم ذلك.. لكن نفسي الفقيرة ووجداني الخاوي من عطفك وبرد حنانك، هما اللذان دفعاني وحثاني على إسراع الخطى خلف ذلك الشاب ( الماكر ) الذي استطاع بذكائه أن يفعل معي ما لم تفعله أنت وأمي وإخوتي جميعًا!
بل لا أبالغ إن قلت لك بأنه أشعرني بأنني إنسانة من الممكن أن يكون لها احترامها وتوقيرها بعد أن كانت قناعتي في ذلك أن البنت مثلي ليس لها كرامة ولا وزن، وإنما حقها أن تُنهر وتلام وتضطهد تحت وطأة التسلط والسيادة!
كنت وأنا أسمع كلمات هذا الشاب - الذي لا أعلم كيف لقيت - استرجع بذاكرتي ما كنت تعاملني به من قسوة مقذعة ليس لها مبرر! كنت أسترجع تحطيمك المتواصل لي بين إخوتي وأخواتي! كنت أسترجع ضربك الذي يكون على أتفه الأمور! كنت أسترجع بذاكرتي الأليمة بعدك عني رغم وجودي معك في سكن واحد وتحت سقف واحد! كنت أتذكر وأنا أتذوق كلمات هذا الشاب ما كانت تفعله أمي بي بين زميلاتها وقريباتها! من طردي من المكان الذي هم فيه عند وقوعي في أي خطأ أو تأخير في تلبية طلب لها!
إي والله يا أبي كانت كلمات هذا الشاب تنبش جراحي وتوهمني بلملمتها من حيث لا أشعر! كل هذا يا أبي أذكره بألم تقرعه كلمات هذا الشاب الذي لا زلت أصر على أنه ماكر يصطاد في الماء العكر.. حتى أصبحت في صراع معه ومع نفسي وذاكرتي الحزينة التي تتربع أنت على أكبر سهم فيها!
أسرع يا أبتي العزيز وأدركني قبل أن أغرق في مستنقع الرذيلة وأكون بعد ذلك قصة تُلاك وتعجن في كل مكان! أشعرني بكياني أرجوك وبوجودي كإنسانة لها عزة وكرامة.. لا كإنسانة تشعر بأنها ضيف ثقيل تنتظرون فراقه في أي لحظة يطرق الباب فيه خاطب!
أسرع يا أبتي وعوضني ذلك النقص الذي يساومني عليه هذا الشاب ويساوم أسرتي معه .. صدقني لا أريد المستحيل ولا أطلب المطالب الصعبة أبدًا.. كل الذي أريده أن تعاملني كما تحب أن يعاملك الناس..
عاملني برفق ولين بدلا من العنف والقسوة الذين تلبسهما أمامي وتخلعهما أمام الناس! عوضني هذا النقص الذي أبحث عنه، والذي يريد هذا الشاب أن يصطادني من خلاله.. أروي عاطفتي من أجل أن تقطع الطريق على كل من يريد الظفر بي وإسقاطي.. نعم يا أبي أريد منك ( الدلال ).. الذي فقدته من سن السابعة أو العاشرة.. أريد ذلك الدلال الذي يربطني بك وبأسرتي ويغنيني عن كل عابث..
تنازل يا أبي عن جبروتك وعزتك وأنفتك ورفع صوتك.. وانزل إلى مستوى ابنتك التي توشك أن تفلت بسببك! انزل إلى مستوى ابنتك التي يكفيها منك أحيانًا الابتسامة أو الثناء البسيط على أي عمل تقوم به!
صدقني لست مغفلة يا أبي.. وأرجو ألا تظن ذلك يوم أن علمتَ أنني انسقتُ خلف هذا الشاب.. بل والله إنني لست ساقطة يوم أن كلمته أو هاتفته على غفلة منك ومن أمي .. كل ما في الأمر أنني أعيش بلا حنان.. أعيش فراغًا عاطفيًا أوهمني هذا الشاب بأنه من سيعوضه ويحققه لي بأسرع وقت.. هذا الفراغ يا أبي إن لم تملأه أنت ببرد أبوتك وعطفك فقد يملأه عبث العابثين من المتخصصين في سرقة الطهر والعفاف!
أرجو ألا تفهمني خطأ يا أبي.. فأنا لا أبرر لنفسي ولا لأي فتاة أن تقع في الخطأ مقابل إساءة معاملتها.. بل الفتاة مطالبة بأن تعف نفسها بنفسها وأن تكون حذرة فطنة من الذئاب من حولها حتى وإن كانت في بيت عقيم من الحنان.. لأن شرف الفتاة وسمعتها كالزجاجة إذا انكسرت صعب جبرها.. فليس لأي فتاة عذر في أن تضيع هذا الشرف بحجة البحث عن عاطفة.. وليس لها الحق في أن تعالج الخطأ بخطأ أسوء..
فقط كل الذي أردت إيصاله يا أبي.. هو أن تعلم بأن القسوة والجفاء خشبتان من الممكن أن تُعلق بهما عفة الفتاة وينحر بعد ذلك تحتهما شرفها ولات حين مناص!!
لا أعلم حقيقة يا أبي هل ستهزك كلماتي هذه وتحثك على إسراع الخطى من أجل إنقاذي وانتشالي من هذا الخطر المحيط؟ هل ستدفعك إلى التغيير تجاهي؟ أم ستقرئها على أنها من فتاة مبالغة ليس لها خبرة في الحياة.. فتاة طائشة تتحدث بكلام لا تعيه!
باختصار شديد يا أبي أنا أشكو لك من جرح عميق أنت طبيبه وإن وصل إليه غيرك أفسده وأعطبه! فماذا أنت فاعل؟!
ابنتك من على حافة الهاوية!
ـــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ
نعم هذه هي الحقيقة التي يجب ألا يغفل عنها كل أب وكل أم.. يجب أن يعلم الآباء والأمهات وكل معنِي بالتربية أن السنارة التي يرميها هذا الشاب وأمثاله على أمثال تلك الفتاة البائسة لم تكن لتُصب لو كانت هناك معاملة حسنة.. هذه السنارة ستقع بعيدًا كل البعد عن كل فتاة تعيش في ظل حنان الأبوة والأمومة..
هذه السنارة ستنكسر بيد الفتاة نفسها إن هي أشبعت وغذيت بتغذية أسرية نافعة.
ـــــــــــــــــــ(101/197)
أطفالنا والصيام ؟
وفاء طه 22/9/1424
16/11/2003
يشعر أفراد العالم الاسلامي بسعادة كبيرة لاقتراب شهر رمضان المبارك، ويترقبون هذا الشهر الفضيل بالاستعداد له لإحياء لياليه وقضاء أوقاته في التعبد و صلاة التراويح بعد صلاة العشاء و قراءة القرآن و زيارة الأقارب و الاستعداد للاحتفال بالعيد, وفي رمضان يتعلم المسلم الصبر على العطش و الجوع وتحمل المصاعب في سبيل الله، ويشعر المسلم بشعور الفقراء والمحتاجين عندما يُحرم من الطعام والشراب، وينال رضى الله -سبحانه وتعالى- ويشعر المسلمون بالأخوة و التعاون و التكافل بين الأغنياء والفقراء في رمضان.
وقد فرض الله الصيام على جميع المسلمين, فوجب على كل مسلم بالغ عاقل الصيام وعلى الطفل أن يعتاد عليه منذ الطفولة حتى لايجد صعوبة عند الكبر, وعلى الأم أن تحرص على تربية طفلها على ذلك, والسؤال الذي يبرز في هذا السياق لدى العديد من الأباء والأمهات هو:
كيف نعود أطفالنا على الصيام ؟..
القدوة الحسنة:
السيدة بثينة القواسمي -معلمة تربية إسلامية- قالت: يجب أن نهتم بالأطفال بخصوص العبادات و بالأخص مع شهر الصوم اهتمامًا كبيرًا، فمثلاً علينا إعطاؤهم القدوة الحسنة، فالطفل الذي ينشأ في أسرة تصوم هو بالتأكيد مختلف عن طفل ينشأ في بيئة لاتصوم , وعلى الأباء تعويد أطفالهم على تناول وجبة السحور مع العائلة فالطفل قد لا يستطيع الصبر على الجوع، فمرحلة الطفولة هي مرحلة إعداد و تدريب وتعويد للوصول إلى مرحلة التكليف عند البلوغ ليسهل عليه أداء الواجبات والفرائض عند الكبر.
ويعد التشجيع حافزاً قوياً للفرد, فكيف بالنسبة للطفل؟! فالطفل بحاجة دائما للدعم ويكون بعدة طرق : كتحضير الوجبات التي يحبها ، ومدحه أمام الآخرين، والإخبار أنه استطاع أن يصوم، ولابأس من زيادة مصروفه مكافأة له، و جلوسه مع الكبار عند الإفطار ليحس أنه مثلهم. وعلى الأم أن تظهر الاهتمام بابنها الصائم، بأن تأخذ رأيه في نوع الطعام الذي يحب أن يفطر عليه، ومن ثم تصنعه له، و تعد له مكانًا على مائدة الإفطار مثله مثل الكبار.
مراعاة الحالة النفسية للطفل:
وتقول د. فاتن النهار -مدرّسة الثقافة الإسلامية-: على الوالدين أن يربيا أولادهما على محبة شهر رمضان المبارك، و يرغبانهم في صومه وذلك بذكر الأجر الذي أعده الله للصائمين في الجنة وأن الصوم لله، وشرح ذلك بأسلوب لطيف و بسيط، و عرض مشوق يتناسب مع عقول الأطفال و مستوى تفكيرهم، و لا ننسى أهمية القدوة الحسنة للأطفال، فإذا شاهد الطفل نماذج حسنة سيقلدها , وعلى الأم مراعاة ظروف الطفل النفسية، فقد يكون متوترًا و غاضبًا من أثر الجوع و العطش، فعليها ألا تحاول استفزازه , فربما يفطر بحجة الغضب، وبالتالي يجب توفير جو ديني هادئ. وإذا طلب الطفل الصائم الطعام قبل موعد الإفطار على الأم أن تلهيه عن موضوع الطعام، و تناقشه في موضوع آخر، وعليها أن تشد عزمه، ولا تذكره بالمدة المتبقية للإفطار إذا كانت طويلة , وقد تلهيه باللعب أو بقراءة القرآن و الكتب المفيدة , وعلى الأم ألا تنسى إخبار الصغار بأهمية هذا الشهر و فضله بما تدركه عقولهم، و تذكيرهم بما يعانيه الأطفال المسلمون في كثير من الدول من فقر وجوع، وتحملهم العطش و الجوع، فنحن نقتدي بهم ونتذكر حالهم، ونحاول التحمل و الصبر مثلهم.
روح التنافس والتحفيز:
وتقول الأستاذة فريال العرموطي -مدرسة التربية الإسلاميه-: على الطفل أن يدرك بأن شهر رمضان فرصة عظيمة وأيام فضيلة لا بد من استغلالها، والأم مسؤولة أمام الله -عز وجل- بتربية قلوبهم و عقولهم وتغذية أبنائها التغذية السليمة حتى يتمكنوا من الصيام, وعلى الأم ألا تتساهل في الصيام حتى ينشأوا على حب هذه العباده, وإذا كان في البيت أكثر من طفل؛ فعلى الأم أن تحيي بينهم روح التنافس على الصوم والعمل الصالح، وتعدهم بالهدايا لمن أتم الصيام، وتنفذ وعدها. والأهم من كل ذلك إعداد الطفل قبل رمضان للصيام، والتدرج بتصويمه ولو لساعات محدودة، حتى لو لم يكمل كل اليوم، وإنما يتدرج معه إلى الظهر ثم إلى العصر إلى أن يتعب وهكذا..
ومن الخطأ أن تصر الأم على صوم الطفل مع إهماله لجانب الصلاة، وهذا فيه مخالفة للشرع، فقد أمرنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- بتعويد الطفل على الصلاة منذ السابعة، فالصلاة قبل الصيام, إن اصطحاب الأطفال إلى المساجد له أثر واضح في انشراح الصدر ونزول السكينة , حيث يتذوق الطفل حلاوة العبادة، وبالتالي يحس بإلإيمان، فيحب شهر رمضان, وعلى الأم أن تحدّث أطفالها عن فضل رمضان وثواب الصائمين، وعن شوقها القوي لقدومه، وأن تدعو الله بخشوع أمام أولادها , وعليها أن تأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين الأطفال، وذلك في القدرة على الصبر، فهناك من لا يصبر على الجوع، وهناك من لا يبالي بالطعام، فعليها أن تعامل كل طفل بما يتناسب معه.
التربية الروحية:
السيدة منيرة الصيفي -أم لثلاثة أطفال- تحدثنا عن تربيتها لأطفالها؛ فتقول: عودت صغاري منذ الطفولة على الصيام، حتى لا يجدوا صعوبة عند الكبر، وكنت أتغاضى عن بعض أخطائهم في الصيام في أول مرحلة لتعويدهم، ثم التدرج بهم إلى مرحلة الصيام الكامل، و كنت أوحي لأطفالي من خلال طريقة حديثي و تعاملي معهم بقدرتهم على تحمل المسؤولية وإرادتهم القوية، ولم أشتمهم أبدًا؛ بل استخدمت سياسة الترغيب لا الترهيب , وكنت أذكّرهم بالفقراء و المساكين، وأحذّرهم من الإفطار في نهار رمضان، وتقبيح هذا الفعل و تشنيعه، وإظهار أنه من صفات الكفار، وأهم من كل ذلك القدوة الحسنة، وأقوم بجمع الأسرة قبيل الإفطار، وبيان فضل هذا الشهر ومزاياه، فزرع محبة ذلك الشهر وفهم الغاية منه تبدأ منذ الطفولة، وينبغي ألا تمنع الأم طفلها من الصيام، فهناك من الأمهات من تمنع طفلها من الصوم شفقة به، وهذا يحرم الطفل من فوائد تربوية عديدة كضبط النفس و التعويد على العبادة وبناء ثقته بقدراته.
المسايرة والتدرج :
السيدة فاطمة العورتاني -أم لخمسة أولاد، من بينهم طفلان- تقول: لم أعاني سابقًا من رفض أحد الأبناء الصيام، لكن حاليًا أعاني من طفلي لؤي، وعمره عشر سنوات، أي أنه ليس صغيرًا، لكنه لا يحب الصيام، ولاحظت ذلك من كثرة شكواه، فهو يدعي المرض كثيرًا، لكن الطبيب أخبرني أنه يتظاهر به حتى لا يصوم, وقد عاقبه أبوه أكثر من مرّه بمنعه من المصروف، ووعدنا أنه سيصوم؛ لكننا تفاجأنا بأنه يفطر بالسر، وتعلمت أن العقاب لا يفيد؛ لذلك بدأت بأسلوب جديد وهو عدم عقابه، لأن العقاب زاد من المشكلة بسبب عناده، فقلت له: لا بأس من صيامك نصف النهار فقط، ففرح كثيرًا وصام نصف النهار، وكانت تلك البداية الموفقة له، واستمر الحال لمدة خمسة عشر يومًا من رمضان إلى أن خجل من نفسه؛ لأن أخوه الأصغر يصومه كله. ووعدني أنه سيصوم رمضان القادم كله إن شاء الله.
أريد تقديم نصيحة لكل أم، وهي: عدم إجباره على الصيام؛ لأنه سيكرهه، بل إن المسايرة أفضل طريق، وأنصحها أن تتغاضى عن أطفالها إذا أخطأوا , كما أن الكلمة الطيبة من الأم والأب المصحوبة بالثناء و التشجيع لها مفعول أكيد، والأم ستحتاج إلى الكثير من الصبر و المجاهدة، ولكن ستنضبط الأمور فيما بعد بإذن الله، ربما يكون ذلك في آخر شهر رمضان، وربما لا تنضبط أكثر إلا فيما بعد.
التراحم العائلي:
عند حلول رمضان قائمة الطعام المتنوعة و الإستعدادات المادية، فنحن بذلك نزرع في حسّه أن رمضان شهر (الفتوش و العصائر و الحساء)!، وعلى كل أم أن تزرع الخلق الحسن في الطفل، ولا ننسى أن الأسرة المتوافقة المتحابة، و التي يقوم فيها الأب و الأم بدورهما الوظيفي من الرحمة و العطف و الحنان و التربية؛ هي أسر سعيدة مطمئنة، فينشأ الطفل مطمئنًا، ويتعود على الصيام. فمثلاً ابني علاء يصوم وهو حاليًا بالصف الثالث الابتدائي، أما ابني عمر فبدأ الصيام من الصف السادس فبنية جسمه نحيفة, ولم أجبره يومًا على الصيام، بل راعيت ظروفه الجسمية. وهناك طريقة جيدة للتدرج في الصيام للأطفال، وكنت أطبقها مع ابني علاء وهي أنني كنت أوقظه باكرًا وأجعله يتناول طعام الإفطار ثم ينوي الصيام وكان هذا في الصف الأول الابتدائي.
وتضيف أن حب شهر رمضان ينشأ منذ الطفولة، والأطفال سيحبونه من خلال حب الأم و الأب له، فالجو الذي يعيشه يؤثر عليه، و ينبغي الحرص على غرس الإخلاص، وطلب الأجر و المثوبة من عند الله في نفوس الأطفال، وبناء معنى الاحتساب في نفوسهم الصغيرة، وتأصيل الرغبة في الارتقاء إلى الأفضل في علاقة الطفل بخالقه، بحيث يتقدم دائمًا إلى الأمام, وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لتربية أولادنا على الخير و البركة
ـــــــــــــــــــ(101/200)
حتى لا تفشلي!
دلال محمد 17/9/1424
11/11/2003
جلست حائرة.. واضعة الخدين على كفيها، تستغفر الله وتسترجع..
إنها كلما حاولت ترقيع الشق تمزق من جهة أخرى، وكلما رفعت كفة هوت الكفة الأخرى، فاضطرب عقلها قبل ميزانها!
"تعبتُ.. حقًا لقد تعبتُ!" تقولها بكل أسى..
أخذت تتذكر النصائح الموجهة إليها صباح مساء..
- كوني قوية الشخصية مع أبنائك..
- لا.. لا تعنفيهم بشدة..
- اضربيهم حتى يتأدبوا..
- لا تضربيهم كيلا تحطميهم..
واستدار بها رأسها.. لم تعد تعرف ماذا تفعل ولمن تسمع، ربما نجحت طريقة ما معها، لكنها فشلت مرة أخرى، وربما لاحظت حقًا أن هذا الأسلوب مجد، ولكن ليس في كل مرة.
وهذا في الحقيقة طبيعي..
لأن التعامل مع النفس البشرية من أصعب الأشياء، فهي تحب وتكره، تريد هذا اليوم ولا تريده غدًا، وتناقضات أخرى كثيرة، فسبحان من سواها وألهمها فجورها وتقواها.
ولأن واهب الهداية والصلاح هو الله؛ فإن أول خطوة في سبيل التربية الناجحة هي الدعاء، فمهما عملت واجتهدت في تربيتهم فلن يصلح شأنهم إلا بإذن الله..
"رب هب لي من الصالحين"
"وأصلح لي في ذريتي"
ثم، الرفق الرفق، فما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، كما قال صلى الله عليه وسلم، حتى في شدتك مع أبنائك وعقابك لهم، ليكن الرفق رفيقك.
ثم التفكر في أساليب التربية الجادة العلمية، بتفهم النفسيات ومعرفة الحاجة، فلا يكن أبناؤك ميدانًا لتجارب شخصية، وهذه الأساليب معروفة في مظانها لمتخصصين ثقات.
إن رأيت صغيرك مقبلاً حمليه، وإن رأيته مدبرًا خففي عنه، ولا تظني أن كل ما في ذهنك من حميد الخصال وجليل الفعال لا بد وأن تطبعيه طبعًا على ابنك في لحظة واحدة، فإن ذلك لن يكون، وإن كان فسينسلخ في لحظة واحدة أيضًا، والوردة تنمو بُرعمًا بُرعمًا.. والصخر لا يحفر بنقط الماء إلا بعد سنين
ـــــــــــــــــــ(101/201)
كيف تعودين ابنك على الصوم ؟
تحقيق هدى السيد 3/9/1424
28/10/2003
شهر رمضان الكريم له فرحة خاصة في قلوب الكبار والصغار, فهو شهر الروحانية والعودة إلى الالتزام بتعاليم المولى -عز وجل- من خلال ضبط النفس ومنعها عن شهواتها المباحة حتى يعتاد المسلم بعد ذلك منع نفسه عما حرم الله سبحانه وتعالى.
ولا تخفى على أحد أهمية تعويد أطفالنا الصيام منذ الصغر حتى يشبوا ولديهم الفهم والوعي لمعاني الصوم السامية، والقدرة على تحمل المصاعب، والصبر عند الأزمات، والمثابرة في العمل وغيرها من الخلال الحميدة التي نوضحها في هذا التحقيق.
تجربة أم
تحكي (أم أسامة ) عن تجربتها في تعويد أطفالها الصيام وهي لديها (4أطفال): أسامة 8 سنوات, ومنار 7 سنوات, سمية 4 سنوات, ياسمين عامين.
فتقول إن البداية جاءت معها من قصة السيدة (أم أنس) حيث كانت تلقن رضيعها قول لا إله إلا الله, محمد رسول الله، وكان زوجها يسألها أيفهم هذا المعنى وهو مازال رضيعًا, فتخبره أنه إذا استشعر الطفل معنى هذه الجملة وجد حلاوتها في قلبه، وعززت فيه حب الله ورسوله ومن ثم يسهل عليه تنفيذ تعاليم الله عز و جل وأداء عباداته. (وأم أسامة ) بدأت مع ابنها بهذا الشكل منذ سن 4 سنوات، كانت تعوده الصوم ساعة أو ساعتين تزيد تدريجيًا إلى أن يصل ليوم كامل، ومع رغبة الطفل في التقليد أصبحت منار تقلد أسامة وترغب في الصوم مثله.
ولم تلجأ أم أسامة لإعطاء مقابل لأطفالها لتعودهم الصوم؛ لأنها إذا وجدت أطفالها مقبلين على الطاعة والعبادة لا تعطيهم مقابلاً ماديًا حتى تكون خالصة لله عز وجل وحده، وحتى لا يعتادوا ذلك في كل شيء.
وبفضل الله اعتادوا على الصيام بحب وشوق منهم إلى إرضاء الله ورسوله، ولأني زرعت في قلوبهم منذ الصغر أن فعل الطاعة والعبادة ترضي الله عز وجل عنهم وتقربهم إليه، ويحبهم ويدخلهم جنته، وهم الآن على شوق لمجيء شهر رمضان المبارك حتى يفوزوا بحب الله سبحانه وتعالى وحب رسوله- صلى الله عليه وسلم-
الرفق واللين
في البداية يقول( د. أحمد الشحات موسى) أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر الشريف: إن عملية تعويد الطفل على الصيام تحتاج إلى نوع من الحنان والهدوء والرفق واللين، من خلال إدراك مدى قدرة الطفل على التحمل, فالطفل قوى البنية يختلف عن الطفل الضعيف أو المريض الذي لا يستطيع الصيام لفترات طويلة.
كذلك لابد من تعويد أطفالنا على الصيام لمدة ساعتين أو أكثر، تزيد تدريجيًا حتى يصل في النهاية إلى صوم اليوم كله.
والأسرة لها دور أساسي في هذه العملية، حيث تعد المحضن الأول للطفل والبيئة التي يتعلم منها الصواب والخطأ, لذلك على الأبوين أن يكونا مثلاً أعلى وقدوة حسنة لأولادهم بتعليمهم الصوم والصلاة وغيرها من العبادات والطاعات، في سن مبكرة من سن 7 سنين كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- (مروا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر, وفرقوا بينهم في المضاجع ) فالصلاة مرتبطة بالصوم حتى يسهل بعد ذلك أداء الفريضتين.
ويضيف د.أحمد الشحات أنه كلما كانت البيئة الأسرية المحيطة بالطفل ملتزمة دينيا كلما كان له أثر على التنشئة الصحيحة للأطفال.
ولكن للأسف فإن القدوة والمثل الأعلى الآن في حياة أولادنا قد تكون نماذج غير ملتزمة دينيا ومع عدم توافر البديل الإسلامي لكل الناس أصبح من السهل انجذابهم إلى أي شيء آخر.
فعلى الوالدين تحبيب أولادهم في الصوم من خلال بعض القصص المصورة التي تحكي فضائل الصوم، وتعلم الأطفال أمور دينهم بلغة بسيطة وسهلة، ولذلك لابد من إدخال المفاهيم الإسلامية في أذهانهم منذ الصغر حتى يتعلموا من خلالها مكارم الأخلاق ومبادئ الإسلام ونحببهم في قضايا دينهم دون شدة أو مغالاة.
ونعرفهم على نماذج من الصحابة رضوان الله عليهم وكيف كانوا يحثون أولادهم على الطاعة، وكانوا يلهونهم باللعب من العهن(القش) حتى يكملوا الصوم في شهر رمضان.
لا مانع من التحفيز
ويؤكد د. أحمد الشحات أنه لا مانع من تحفيز الطفل على الصوم بإعطاء بعض الهدايا والأشياء المحببة إلى نفسه، حيث تعد وسيلة للترغيب ولكن يجب أن تكون بشيء من الاعتدال وعدم الإسراف والمبالغة. إذًا على الأسرة أن تبين لأولادها معنى الصوم والهدف منه، ولماذا شرعة الله عز وجل؛ لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر . بذلك ينشأ الأطفال وهم على دراية وفهم لتعاليم دينهم السمحة ويشعروا القرب من الله سبحانه وتعالى ونزرع في قلوبهم حب وتقوى الله, كذلك يعتاد الطفل أن يراقب الله في جميع أفعاله؛ لأن الذي يعلم بصومه هو الله وحده وهو الذي سيجازيه عليه لذلك ينشأ بداخلة رقابة ذاتية ويعتاد الأمانة والخلق القويم.
صوموا تصحوا
ومن الناحية الصحية توضح لنا( د.سهام ناجي) طبيبة الأطفال بمركز الأمومة والطفولة آثار وفوائد الصوم فتقول: من المفترض تعويد الطفل على الصوم عدة ساعات حتى يستطيع تدريجيًا إكمال اليوم كله وذلك منذ سن مبكرة بعد 6 أو سبع سنين وذلك حسب قدرة الطفل على التحمل.
وللصوم فائدة عظيمة للأطفال وهي ضبط كميات الغذاء التي يتناولها الطفل وخاصة الطفل البدين والذي لديه شراهة في تناول الطعام، فمع تعوده الصوم يستطيع أن يقلل من نسبة الدهون والسكريات التي يتناولها، وبالتالي تقلل من إصابته بأمراض السمنة مثل السكر والضغط وأمراض القلب, فالصوم يعتبر في هذه الحالة نوع من الرجيم.
وبذلك يقلل من الأكلات الخارجية المشبعة بالدهون الضارة، والتي لا تفيد الجسم في شيء كـ"الشبسي والبسكويت والشيكولاتة" ويجعل الطفل يشعر بالفقير والمحتاج.
ومع تعود الطفل منذ سن مبكرة يعتاد جسمه هذا الأمر ولا يجد صعوبة في صوم الشهر كله عندما يصل إلى سن التكليف لأنه أصبح فرض عليه أن يصوم ولابد من تعلمه الصواب والخطأ.
غذاء صحي
وتضيف د.سهام أن الطفل عند الإفطار يجب أن يتناول غذاءً صحيًا يحتوى على شوربة اللحم أو الدجاج؛ فهي مفيدة جدًا ومليئة بعناصر غذائية كثيرة، وكذلك يتناول الخضروات والبروتين والعصائر وبذلك تكون وجبة متكاملة وتمد جسمة بكل ما يحتاجه من عناصر غذائية هامة.
وتنصح د.سهام الأم أن تحرص على إعطاء أطفالها التمر مع اللبن وهو يعد وجبة غذائية متكاملة تحتوى على الحديد والماغنيسيوم وفيتامين A.B
لذلك يجب إعطاء الطفل مكسرات في شهر رمضان على حسب توافرها والقدرة على شرائها مثل (الجوز - اللوز -البندق- الفول السوداني ) فهي تحتوى على فيتامينات A.B التي تذوب في الدهون وتحتوي كذلك على مركب (OMEGA3) وهو مركب ضد الأكسدة حيث يعمل على تكسير السموم التي توجد في الجسم.
وتشير د. سهام أن شهر رمضان يرتبط ببعض العادات الغذائية مثل الإقبال على تناول الحلويات بصورة كبيرة ولكن من الأفضل تناولها قرب السحور أو أثناء السحور؛ لأنها تمد الجسم بالطاقة وتزوده بالسكر الذي يتناقص في الجسم ويجعلنا نشعر بالتعب والإرهاق أثناء النوم, وكذلك تعمل على الإحساس بالشبع لمدة طويلة, فيجب على الأم إلا تعطي طفلها الحلوى عقب الإفطار مباشرة وكما هو متبع عندنا جميعا, لكن عليها تقديم وجبة غذائية متكاملة لطفلها أثناء الإفطار ثم تناولة الحلوى في السحور حتى لا تتخم المعدة بالطعام ويسبب الكسل والخمول للأطفال ولجميع أفراد الأسرة.
كذلك توضح د. سهام فائدة الزبادي في السحور فهو غذاء ملين ويحتوى على كمية خمائر تنبه البكتريا النافعة في المعدة لتكوين فيتامين B المفيد للجسم .
وفي النهاية تقول د. سهام إن الأطفال مرضى القلب والسرطان ومرضى السكر لا يجب عليهم الصيام وذلك بشهادة أكثر من طبيب ثقة مسلم؛ لأن الصوم قد يؤثر على صحتهم.
فوائد الصيام
يوضح (د. محمد حسن غانم) أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة حلوان أن التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل من البداية تؤثر في سلوكه طوال حياته, فالطفل يقلد كل من حوله، وعندما يرى والديه يصليان أو يصومان؛ فإنه يحاول محاكاتهم حتى يصل إلى سن التكليف فتكون العبادة فرض عليه.
والقدوة في حياة الأبناء مهمة جدًا فعلى الوالدين أن يوضحا لأولاد معني الصيام وأهميته ولم شرعه الله عز وجل... وما هي القيم والأخلاقيات التي نتعلمها من شهر رمضان؛ فالصوم فريضة شرعها الله -عز وجل- له أهداف عظيمة: خلقية, جسدية, اجتماعية, روحية. وعلى الأسرة أن تعلم هذا لأبنائها. فمن الناحية الجسدية أهمية الصوم تكمن أنه راحة للجسم بتقليل كميات الطعام التي نتناولها طوال شهر كامل في العام مما يؤثر على النواحي الصحية للمرء تأثيرًا إيجابيًا, كذلك الصوم يعود المسلم على التحكم في رغباته وشهواته واحتياجاته الضرورية، فتتكون لديه الثقة في النفس ومراقبة الله -عز وجل- وبالتالي الصوم يساعده أن يتحكم أو يؤجل أو يلغي بعض الرغبات والعادات الضارة على الصحة كالتدخين وغيرها.
ومن الناحية الاجتماعية يجعلنا الصوم نشعر بالفقير والمحتاج الذي لا يجد قوت يومه وفي الصوم يحرص الناس على التراحم بينهم وكظم الغيظ وكف الأذى حتى يحفظ المرء صومه.
وكما ذكر الرسول الكريم في الحديث الشريف: (إذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق وإن قاتله أحد أو سابه أحد؛ فليقل: إني صائم إني صائم.
والصوم ينمي الإيمان بالغيب في قلوب الأطفال فالذي شرع الصوم هو الله عز وجل وهو الذي عنده الجنة والنار وبيده الموت والبعث والحساب والجزاء، وكل هذه أمور غيبية لا يصح إيمان المسلم إلا بها.
عادات سيئة
ويأسف (د. محمد على) وجود بعض العادات السيئة والتي تظهر في شهور رمضان، حيث أثبتت الدراسات والإحصائيات على زيادة معدل استهلاك الدول الإسلامية للطعام خلال شهر رمضان بمعدل أعلى من باقي شهور العام، وهذا يدل على عدم فهم المعنى العظيم والهدف الجليل للصيام.
كذلك اعتياد السهر طوال الليل أمام التلفاز أو غيرة من وسائل اللهو أو الخروج مع الأصدقاء أو جلسات السمر التي تمتد حتى السحور هو مضيعة للوقت وسوء استغلال لاوكازيون الحسنات في شهر رمضان فالسهر لا يكون مطلوبًا إلا إذا كان في طاعة الله عز وجل في الصلاة وتلاوة القرآن وتعلم العلم، وصلة الرحم وغيرها من أمور الخير.
كذلك هناك عادة سيئة أخرى وهي النوم كثيرًا أثناء النهار بحجة إزهاق الوقت والإرهاق من الصيام، وقد دلت الإحصائيات أيضًا على انخفاض معدل إنتاج الفرد المسلم في شهر رمضان.
لكن على المؤمن أن يستغل وقته كله فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة فنهار رمضان فرصة عظيمة لإنجاز أعمال كثيرة لتخلص المرء من ثقل الطعام الذي قد يعوقه عن التفكير.
الصلاة والصيام
ويبين دكتور (سعيد عبد المعز) أستاذ التربية بكلية رياض الأطفال أن ارتباط تعويد الطفل الصيام يرتبط مع بداية تعلمه الصلاة من سن 7سنوات. فالطفل بطبيعته لديه حب استطلاع ورغبة في المحاكاة والتقليد؛ فعلى الوالدين أن يوجدا البيئة الخصبة لنمو الطفل وإعداده وتربية تربية صالحة.
والصوم يعود الطفل الصبر، ويؤجل الرغبات وتقوية الإرادة والمثابرة في أداء العمل وكذلك الإحساس بالفقراء والمحتاجين.
والصوم يعمل على إعادة بناء الجسم والروح معًا، وعلى الأب ولأنه رب الأسرة أن يجلس مع أولاده قبل مجيء شهر رمضان يعلمهم معني الصوم والقيام والتراويح، ويجعل لهم وردًا قرآنيا كل اليوم.
فمشاركة الطفل والديه في حدود قدراته وما يستوعبه يجعله قادرًا على اتخاذ القرار والاعتماد نفسه.
التعزيز باعتدال
قد يستجيب بعض الأطفال بصعوبة إلى التعود على الصوم؛ فيدفع ذلك الوالدين إلى تحفيزه بإعطائه بعض الأشياء التي يحبها، لكن مع الاعتدال وعدم المبالغة في هذا حتى لا يرتبط أداء العبادة في ذهنه بحصوله على مقابل مادي من والديه.
ـــــــــــــــــــ(101/202)
ثَقْب آذان البنات
فضيلة الشيخ حسن قاطرجي
ما هو حكم ثقب أُذُنَيْ البنت بقصد تعليق الحَلَق فيهما؟
الجواب:
معلوم أن بعض الأهالي اعتادوا القيام بثقب آذان بناتهم عقب الولادة أو بعد ذلك، ولقد انتشرت هذه العادة من قديم بقصد تزيين آذان البنات بالحَلَق، ولذا نجد للعلماء كلاماً فيها:
لقد أفتى الفقيه الشافعي شهاب الدين القَلْيُوبي في حاشيته المشهورة على شرح المَحَلِّي لمنهاج الإمام النووي بجواز ثقب الآذان للبنات وكراهته للذكور (الحاشية 4/209).
وأفرد العلامة ابن القيِّم الحنبلي باباً في كتابه الفريد الجامع " تحفة المودود في أحكام المولود" الذي جمع فيه الأحكام والآداب التي تتعلق بالأولاد وقدّمه هدية لابنه الشيخ برهان الدين عندما رُزق مولوداً بعدما لم يجد شيئاً من متاع الدنيا يهديه إليه، فكان هذا الكتاب هدية باقٍ أثرها ونفْعُها إلى ما شاء الله وعَنْوَن الباب بقوله: (الباب العاشر في ثقب أُذُن الصبي والبنت).
وقال فيه: (أما أُذُن البنت فيجوز ثقبها للزينة، نص عليه الإمام أحمد، ونصَّ على كراهته في حق الصبي. والفرق بينهما أن الأنثى محتاجة للحِلية يعني للزينة فثقْب الأُذُن مصلحة في حقها بخلاف الصبي)، ثم استدل من السُّنّة بما رآه يدل على الجواز. وقد يكون ما فَهِمَهُ منها غير مسلَّم لأن الأدلة ليست صريحة في المسألة إذ يمكن أن يقول قائل: إنّ غاية ما تدل عليه تعليقُ النساء الحِليّ بالآذان من دون ثقب وهذا جائز بالإجماع بينما السؤال عن الثقب.
على أي حال يُستحسن الرجوع إلى كتابه لمن أراد مزيداً من الفائدة.
ومن العلماء المعاصرين أفتى العلاّمة الشيخ علي الطنطاوي - حفظه الله - لمن سأله عن ذلك بالجواب التالي:
إن كان من أسباب الزينة المتعارف للمرأة ولم يكن فيه تشويه لها ولا ضرر عليها فليس حراماً ولكنني أرجِّح عَدَمَه. وإذا كَبِرَتْ المرأة وصارت هي المسؤولة عن عملها واختارت ثقب أُذُنها فَعَلَتْه بنفسها. انتهى منقولاً من فتاويه: ص 170 من الطبعة الثالثة لدار المنارة.
ولعله يُفَضِّل عدم الثقب لنفس ما رآه بعض الأئمة القائلين بالحُرْمة كالإمام الغزالي - رحمه الله - تعالى - فقد قال كما في حاشية عَميرة على شرح المَحَلِّي أيضاً لمنهاج الإمام النووي: 4/211 ما يلي: (وتثقيب أُذُن الصغيرة لتعليق الحلق حرام لأنه جُرْحٌ لم تدعُ إليه ضرورة، إلا أن يَثْبُت فيه شيء من جهة الشرع ولم يبلغنا ذلك).
والإمام الغزالي من أئمة الفتوى في المذهب الشافعي، ولكن المعتمد في المذهب في هذه المسألة هو ما تقدم من الجواز كما في حاشية القليوبي، أي خلاف رأي الإمام الغزالي، وكأن المجيزين من الفقهاء وهم الأكثر يرونَ أن هذا الجرح متسامحٌ فيه لأنه غير مؤذٍ وليس فيه تشويه، وتستدعيه حاجة حبِّ الأنثى للزينة.
والخلاصة في هذه المسألة أنه يجوز ثَقْب أُذُن الصغيرة لتعليق الحلق بالشروط التالية:
1- أن يكون بإذن ورضا وليِّها كالأب، أو الجدّ إن لم يوجد الأب، إن كانت صغيرة، والأفضل تأخير ذلك إلى بلوغها ليكون بإذنها.
2- أن لا يكون فيه إضرارٌ وإيذاء.
2- أن لا يترتب عليه تشويه.
والأفضل عدم الإقدام على ذلك احتياطاً وخروجاً مِنْ خلاف مَنْ قال بالحرمة.
وأريد أن أنوِّه في ختام الكلام بميزة الفقه الإسلامي من حيث دقّتُه واتّساعُه المُدْهش من جهة، وبمدى احتفائه بحقوق الإنسان عامّة والنساء خاصّة والبنات بشكل أخصّ من جهة أخرى حيث اعتنى هذا الفقه بالكلام عن هذه الجزئية المحدَّدة واشتُرطت كل الشروط السابقة ضماناً لئلا يكون في الثَّقْب مُثْلة وتشويه أو يكون منه إيذاءٌ وإضرار. فأين من هذا الرقيّ الحقوقي كل ما وصلت إليه الجاهلية المعاصرة إلى الآن فيما يتعلق بتكريم المرأة؟! علماً بأن مَشَاهد إهانة المرأة مملوءة على صفحات سِجِلّ هذه الجاهلية حتى بممارسات " الوأد" الحديث الإجهاض كما هو حاصل بالملايين وفي الصين بالذات البلد المستضيف للمؤتمر العالمي للمرأة، عدا عن ممارسات إيذائها واستغلالها على مستوى إنسانيّتها وأنوثتها.فالحمد لله على دين الإسلام.
http://itihad.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/203)
إغواء الأبرياء
ياسر بن علي الشهري
ليس غريباً أن يكون هذا العنوان وصفاً لما تمارسه قنوات الرذيلة العربية - عربية المال والسحنات ممسوخة الفكر والهوية - فهي تستحق أن تشتم بما هو أرذل وأنقص من فعلها الشنيع هي ومن يمولها من عبدة الدرهم والدينار، الذين يحاربون الله على رؤوس الأشهاد بنعمه وبفضله وحلمه عليهم.
الغريب أيها القارئ الكريم أن يكون هذا العنوان لكتاب كتبه فردريك فيرثام (عالم النفس الأمريكي) ومتى؟ قبل حوالي خمسين سنة، قائلاً فيما اشتهر من هذا الكتاب: " كلما وقع نظري على كتب العنف والجنس المصورة للأطفال، وهي في يد صبي في السابعة من عمره، وكأنما عيناه ملتصقتان بغراء على الصفحة المطبوعة، أشعر وكأني أبله حين أطالب بأن آتي بالدليل على أن مثل هذا مدمر لعقول هؤلاء الأطفال".
وإذا ما قارنا هذا القول لفردريك بما يعيشه أبناء المسلمين اليوم مع قنوات التسول الخلقي الغربي لوجدنا أن من يطالب بالدليل على أن ما يبث فيها مدمر لعقول وأرواح أبناء الأمة (مجنون) وليس أبله - كما يقول العالم الأمريكي - للأسباب التالية:
أ- أن فردريك يتحدث عن مجتمع كافر، قال عنه - تعالى -: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ" (محمد: من الآية12)، فإذا كان هذا حالهم في الدنيا والآخرة؛ ثم هم يعدون صورة ثابتة لا حركة فيها مدمرة لعقول أبنائهم؛ فكيف يكون تدميرها على عقول أبنائناالذين تتناقض هذه القنوات مع المصادر التي نشؤوا وهم يستقون منها معلوماتهم، وأسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم؟ فهل يقول عاقل بأنها ليست مدمرة؟!
ب- أن فردريك يتحدث عن تدميرها لعقول الأطفال، ونحن أمام ظاهرة تستهدف قوة الأمة ومخزونها الاستراتيجي وهم الشباب، مستغلة الاستعداد الفطري الغريزي لديهم فهو سلوك لا يمكن التحكم فيه متى ما أثير إلا من رحم الله، فهل يقول عاقل بأنها ليست مدمرة؟!
ج- أن فردريك الذي يخاف على الأطفال في بلاده يتحدث عن لحظات أو دقائق من التعرض، أما نحن فنخشى والله على شبابنا وأبناء أمتنا المكلومة؛ لأن القائمين على هذه الرذيلة يضربون على أوتار نفسية وتركيبة شخصية قد أصابت شباب المسلمين، وهي: الفراغ، والبطالة، والعنوسة، وتأخير الزواج، وارتفاع تكاليفه، وتفشي ظاهرة خروج النساء وتسيب الرجال في القوامة الشرعية، وتنامي السفر إلى الخارج، والأخطر من ذلك كله غياب مكانة العلماء أو تغييبها من حياة كثير من الناس، وتشويه صورة الناصحين المخلصين وربطها بحال بعض الغلاة، كل ذلك أتاح لمروجي القذارات أن يجدوا من يتعاطى سمومهم، فهل يقول عاقل بأنها ليست مدمرة؟!
د- أن التدمير العقلي الذي يعنيه فردريك هو أن يوجه هذا الطفل اتجاهاً يسير فيه بقية حياته فيخسره أهله وأمته، أما نحن فنخشى على أبناء أمتنا أن يمتد هذا الخسران إلى آخرتهم "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (لقمان: 6، 7).
وخسارة الآخرة هي الخسران الحقيقي، فهل يقول عاقل بأنها ليست مدمرة؟!
أعتقد أن استمرار هذه القذارات التي تمطر المسلمين ليل نهار سيصيب العقلاء بشلل في التفكير وعجز في المواجهة، خاصة عندما يسمعون أو يشاهدون تهافت إخوانهم وذويهم وأحبتهم على هذه الإثارة الجماعية والاستثارة العاطفية والمفاهيم المنكوسة و الواقع البهيمي، وعندها سيكثر البلهاء ولا حول ولا قوة إلا بالله.
15/2/1425
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/204)
كيف أجعل ابني يراقب الله؟
السؤال
ابني يخاف مني، كيف أجعله يراقب الله أكثر من مراقبته لي؟
الاجابة
"المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق _سبحانه وتعالى_ على ظاهره وباطنه" [مدارج السالكين 2/68]، وهي منزلة عالية جعلها النبي _صلى الله عليه وسلم_ أعلى مراتب الدين، فقال في حديث جبريل المشهور: "والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
وعن عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال:" ثلاث من فعلهن فقد طعم طَعْمَ الإيمان، مَنْ عبد الله وحده؛ فإنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه، رافدةً عليه كلَّ عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة، ولا الشَّرط اللائمة ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكم؛ فإن الله _عز وجل_ لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره، وزكى عبد نفسه"، فقال رجل: ما تزكية المرء نفسه يا رسول الله؟ قال: "يعلم أن الله معه حيثما كان" [رواه البيهقي (4/95)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1046).]
ومما يعين الأب والمربي على تحقيق ذلك:
أ - الوعظ والاعتناء به؛ وإنما تعظم ثمرته حين يخرج من قلب صادق، قال أبو حفص لأبي عثمان النيسابوري: إذا جلست للناس فكن واعظاً لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماعهم عليك؛ فإنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك [مدارج السالكين 2/68]
ب - الاعتذار عما قد يطلبه المتربي - مما فيه مخالفة لأمر الله أو تقصير- بمراقبة الله واطلاعه.
ت - كثيراً ما يحدث الابن أباه أو معلمه عن بعض ما يراه من مواقف فيها مخالفة شرعية، كالغش والاحتيال ونحو ذلك، وهو في الأغلب يسوقها خبراً عادياً أثاره فيه غرابته، فيجدر أن يعلق المربي على مثل هذه المواقف بأن أولئك الذين لا يراقبون الله _تعالى_ لو كان لديهم أحد من البشر يخافونه لما اجترؤوا على المخالفة، وبأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً بعد ذلك.
ث - الحذر من مراقبة الشاب بالصورة التي تجعله يترك المعصية إرضاء لمن يربيه، بل ربطه بالله _عز وجل_ في هذا الجانب، وتنمية الرقابة الذاتية، حتى لو علم المربي بوقوع الشاب في معصية.
فضيلة الشيخ د.محمد الدويش
نقلا عن موقع المسلم
ـــــــــــــــــــ(101/205)
أحوالنا والتربية (1/3)
أسامة علي متولي 4/3/1424
05/05/2003
- 1 -
(الرفق)
الواقع :
يخطئ الابن خطأً يسيراً : يتعثر ويقع ، يسكب العصير على السجادة ، يتأخر قليلاً في نومه ، يلعب في بيته ، يعلو صوته ، تقع من فمه لقمة ، ينقص درجةً في اختبار .
نصرخ ، نُهدّد ، : أنت محبوس ، محروم من المصروف ، تمتد يدي إلى الحزام أو العصا ، أو ليّ الماء ، أو سلك الكهرباء ، أضربه بلا رحمة ، وكأنه يهوديٌّ قد احتلّ أرضي ، أو دنّس مقدّساتي ، وأنا أهذي : { والله في سمائه ، لأربيّنك أيها الكلب ، لعنة الله عليك وعلى ... .. }
الخطورة :
ينشأ طفلٌ ضعيف ، جبانٌ ، تابعٌ ، ذليلٌ ، يكره أمه وأباه والناس أجمعين ، لا ينفعُ نفسه ولا أمته ، وإذا تحكم .. انتقم وتشفى ، وكان من المفسدين .
انتبه
هوّن على نفسك ، ارحم فلذة كبدك ، أحبّ طفلك الحب العملي ، قبّله كما كان نبيك يُقبّل حفيديه ، دع ابنك في نشاطه وحيويّته ، كلّفه بما يفيد واشغله بالخير ، وضّح له خطأه برفق ولين ، اصبر عليه ، تغافل عن أخطائه أحياناً ، اجعل من نفسك قدوةً له ، اغرس السلوكياتِ السليمةَ في نفسه ، استخدم أسلوب الثواب ،والعقاب بالحرمان من الثواب .
لا تضرب ، لا تحبس ، لا تحطم معنوياته ، لا تذل نفسه ، ارحم ، فإنه { من لا يرحم لا يُرحم } [ متفق عليه ] .
- 2 -
( المبادرة)
الواقع :
{ عندما يكبر ابني ، سأقوم بدوري نحوه ، سأوجهه ، سأربيه }
يؤجل ويسوّف ، ابنه لا يزال صغيراً ، لا يفهم ، لا يستوعب ، يتركه لهواه ، لا يحميه ولا يرعاه .
الخطورة :
والنشء إن أهملته ... ...
طفلاً تعثر في الكبر
طفلك الصغير ، صفحة بيضاء ، عجينة طرية ، يسهل تشكيله ، يمكن تقويمه ، وإذا كبر ـ وسرعان ما يكبر ـ أصبح كالنخلة العجوز المعوجة ، أنّى لك أن تُقيمَها ؟ .
أنت بهذا تترك أبناءك تربيهم الشوارع ، يشكّلهم الأصدقاء ، يقتدون بالفنانين ، يتأثرون بالفنانات ، تنحرف أخلاقهم ، تشذ سلوكياتهم ، ومن شب على شيءٍ شاب عليه .
انتبه :
لا تسوِّف ، وإلا اعتدت التسويف .
بادر قبل فوات الأوان ، خفّف عن نفسك بعض الأعباء الخارجية ، اجعل لأولادك جزءاً أصيلاً من وقتك ، اعقد مع أهل بيتك جلساتٍ منتظمة ، أعدّ لها البرامج الهادفة المثمرة ، استمع وأسمِع ، خطط وراقب ، تابع وقوِّم ، عش مع أولادك ، فهم أولى الأولويات في حياتك .
احذر أن تخالف ، فالصغير عينُه معقودةٌ عليك ، وعقله يسجِّل عنك ، وجوارحه تعمل منك .
قِ ولدك النار قبل أن تقيه الجوع والبرد والمرض { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } . [ التحريم 6 ]
- 3 -
(الملاعبة)
الواقع :
الرجولة عنده عنترية وفروسية ، لا ينزل إلى مستوى طفله ، لا يتصابى له ، يكلمه من علٍ ، يعامله من برج عاجيّ ، لا يتخيل أن يلعب معه ، لا يطيق أن يداعبه ، لا يتحمل أن يمازحه ، كرامته ..أوضاعه الاجتماعيّة لا تسمح .
الخطورة :
يشعر الصبيّ بفجوة عظيمة ، بشرخ كبير ، بحاجز هائل بينه وبين والده ، فأبوه لا دور له في حياته ، إلا أنه دكتاتور متسلط ، يلقي أوامره وتعليماته ، بصوتٍ عالٍ ، وسوطٍ حادّ ، وجبينٍ مقطب ، أسدٌ .. فقط على أولاده ، وكأنه فرعون زمانه ، وقراقوش عصره وأوانه .
لا يطيق ابنه أن يراه ، لا يجد في حضرته متعة ، ولا في وجوده لذّة ، يتمنى أن يسافر إلى الصين ، ولا يعود ولو بعد حين .
انتبه :
أشبع ولدك عاطفيّا ، أعطِه حقّه فيك ، اخرج معه في نزهات دورية ، إلى الملاهي أو الحدائق ، العب معه أنت وأمه .
مُجّ الماء في فمك ، ورشّه به مُلاعبا .
أخرج لسانك له مضاحِكا ، حتى يرى حمرتَه .
اعمل جَملاً لابنك ، احمله على ظهرك ، دُر به في غرفته ، اجعله يوجهك أينما شاء .
إذا ركب فوق ظهرك وأنت ساجد ، فأطِل السجود ، حتى يشبع .
هكذا كان يفعل نبيّك محمد ، سيّد الخلق أجمعين ، قدوتك وقائدك .
اجرِ مع أولادك ، اختبئ منهم واجعلهم يبحثون عنك ، العب معهم لعبة القطة العمياء ... ... .
فهيا ، أسعد أولادك واسعد بسعادتهم
4 ـ زوجاتنا:
الواقع:
يبحث عن زوجٍ جميلٍ محيّاها، يخفق القلب لمرآها، ذات مالٍ وجاه، تعينه لمواجهة أعباء الحياة، وما فكّر في ولده، فهو في علم الغيب، ونحن لا ينبغي أن نفكر في المستقبل، فالمستقبل بيد الله، وصدق الله وما صدقوا، فما كان محمّدٌ - صلّى الله عليه وسلّم - وصحبُه - رضوان الله عليهم - يعملون ـ فقط ـ لحاضرهم؛ بل إنهم زرعوا لنجني نحن الثمرة.
وعند الزواج يطير لبُّه، يضطربُ قلبُه، إنّه الهائم الولهان، لا يكادُ يصدّق نفسَه، يُغرقُ زوجَه بعواطفَ دافئةٍ، ومشاعرَ فيّاضة، ودررٍ نادرة، وكلماتٍ ساحرة، وينسى عندما يأتي زوجتَه أن يصلِّيَ ركعتين، أن يسمّيَ الله ويدعوَه أن يجنبَهما الشيطان، وأن يُجنّبَ الشيطان ما رزقهما.
تمرّ الأيّام، ويمتلئ البيت بالبنين والبنات، تفترُ بينهم العلاقات، تتغيّر اللغة، تضيع الأوهام، يستيقظ الزوجان على كابوس الآخر، باتت لغة الحبّ لغةَ أوامرٍ ونواهٍ، زمجرة.. استطالة.. استبداد.. سوء عِشرة.. ثِقَل طبع.. شجارٌ دائم.. خلافٌ مستديم.
نسي تماماً ولدَه، تركَ زوجَه لهم، تكفيه تربيتَهم، تُقوّم مُعوجّهم، تعاني مشكلاتِهم، ترك البيت برُمّتِه، ما شاركها، ما أعدّها من قبلُ، ولا تابعها من بعد، بل ولم يهيئ لها جوّا نفسيّا يمكن أن تُبدعَ فيه، تعيش معه في عناء، وتتقلب في شقاء، وتتجرّع غُصص البلاء، فأنّى لها أن تفيق لتربية ولدك؟
ويتعلّل الواحد منا بضغط العمل، وأعباء الحياة، ينشغل عن أولاده من أجل أولاده، يريد أن يغذِّيَهم.. كما نغذّي البطَّ والحمام.
الخطورة:
سينشأ الابن نشأة اليتيم، فأمّه لا تُحسن تربيته، وأبوه لا وقت عنده له، وهذا هو اليتيم الحقُّ " الذي ترى له أمّا تخلّت أو أباً مشغولا " فمن ذا سيربيه؟
انتبه:
أنت مسؤولٌ عن إعداد جيلٍ يحمل راية دعوتِنا، ويكون قرّة عينٍ لك ولزوجِك ولأمتنا، فليكن شغلَك الشاغل، وهمَّك الدائم.
زوجُك لها دورٌ، ولك الدور الأكبر، هي مسؤولةٌ عن ولدك، وأنت مسؤولٌ عنها وعن ولدِك.
اعقد معها لقاءات دوريّة - أسبوعيّةً على الأقل- اقرأ معها في كتابٍ تربويّ، تناقشا معاً في أحوال أولادكما، ضع قدمها معك على الطريق، خطّطا ونفّذا وقوِّما.
لا تُظهر خلافاً مع زوجتك أمام ولدِك ـمهما كانوا صغاراًـ فإذا وقع الخلاف (ولا بدّ) وكاد صوتكما يرتفع، ربِّت على كتفها برفق، قرِّب فمك من أذنها: أريدكِ بالداخل قليلاً، سأحلُّ لكِ المشكلة. انفرِد بها، ناقشها بهدوء، وأكرَمُكما من يتنازل.
اهتمّ بزوجتِك، أدِّ حقوقها كاملةً، وأدناها المودّة والرحمة، والحبُّ والحنان، والاحترام والتقدير، احفظها في سُويداء قلبِك، أغلق عينيكَ عليها، ابذل الحبّ صادقاً لها، اشعُر بقيمتها وأشعِرها بشعورك، فهي صاحبة فضلٍ عليك، بل إنها نفسُك، أمّ ولدك.. الذي يحمل اسمَك، ويُبقي عملَك.
أكثِر من دعاء ربِّك { ربَّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتِنا قرَّةَ أعين}.
5 ـ القدوة
الواقع:
يظن أن صغيرَه أعمى وأصمّ، يفعل الأب ما يشاء، يستمع إلى الموسيقى والغناء، يرتكب الفحشاء، ينظر إلى ما حرّم الله، يسبُّ، يكذب، يغتاب، يدخِّن، بل يأمر ابنه بالكذب: إذا اتّصل فلان يسأل عنّي فقل له: " بابا غير موجود".
وإذا انتبه إلى أن ابنَه قد كبر، وشعر بأنه يفهم، سعى جاهداً لأن يستتر بمعصيته، دافناً رأسه في الرمال، كمن جعل لنفسه تلفازاً خاصّا، في غرفةٍ خاصّة، وبرمجه بأرقامٍ خاصّة، حتى لا يرى ابنُه ما يراه، من مصائبَ سوداء، يغلقُ الأب التلفازَ والغرفة، ينطلقُ آمناً مطمئناً، هادئاً مرتاحاً، يقضي مشاويره، يتسلل الابن إلى غرفة والده، لقد عرف كيف يفتحُ الغرفة، وكيف يفتح التلفاز، وكيف يتعامل مع الأرقام السريّة، ثم.. يعيش مع ما يعيش فيه أبوه، بل ويسخر منه، يقول لنفسه أو لصديقه، بعد أن يأخذ نفَساً رجوليًّا عميقاً من سيجارة أبيه: " أبي هذا ولد، يعرف كيف يتمتع، والمصيبة ... يظنني صغيراً ... لا أفهم شيئاً ... ها ها ها ".
الخطورة:
ينشأ الابن كما رأت عيناه من أبيه، يكذب، يغتاب، ينمّ، يدخّن، يتجرّأ على حرمات الله، لا فرق عنده بين صغيرةٍ أو كبيرةٍ، يسير على هواه، يعيش أيّامه، يعيش لياليه.
وفي كِبَرِه، يسخط على أبيه، يرمي بكلّ اللوم عليه، عندما يجد نفسه غير قادرٍ على التغيير، بل وقد يدعو عليه.
انتبه:
عدّل سلوكَك، راجِع أخلاقَك، فالرضيع ـ في عصرنا ـ يفهم، وإذا لم يجد الابنُ فيك قدوتَه، فهل تظنُّ أنه سيجدُها في الشارع ؟؟
ثمّ، إنّك حريصٌ على إخفاء بعضِ حلالك عن ولدك، كإتيانِك زوجتَك، فكيف بالحرام ؟
لا تكتفِ بإخفاء ما فيك من ذنوبٍ كِبار، فالله مظهر
ومهما تكن عند امرئ من خليقةٍ
وإن خالها تخفى على الناس تُعلَمِ
ولا تكتفِ بنهي ابنك عن المنكر
لا تنه عن خلُقٍ وتأتيَ مثله
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
ولكنها القدوة، الأبقى أثراً والأعظم تأثيراً
" قل؛ فسوف أنسى.. اعمل؛ فسوف أذكر.."
6 ـ المصاحبة
الواقع:
الابن في وادٍ..، يهيمُ على وجهه، والأبُ في وادٍ..، مشغولٌ في همِّه، لا يتكلَّمُ الابن مع أبيه، ولا يسمع الأبُ لابنِه، وإذا حاول الابنُ الكلام في مواضيعِه الساذجة، رأى أسداً هصوراً.. يُبرز أنيابه.. يكاد يفترسه، يسمع أصواتًا منكرة: أنا " فاضي " لتفاهاتك هذه ... .
أصبح دور الأب في بيته قاصراً على: " افعل.. لا تفعل.. حرام.. عيب.. يا قليل الأدب.... يا تافه.. يا سافل.. يا بليد.. يا كذّاب.. يا لصّ.. يا.. يا.. "
البيت وحدة عسكريّة، محكمة جنائيّة، سجونٌ تأديبيّة؛ بل أشدُّ وأنكى.
في المدرسة: ذاكِر.. انضبط، في البيت: ذاكِر... انضبط، أوامر، تهديد، سخرية..
أصيب الابن بالملل، يصرخُ داخلُه: كفاكم يا عالَم، كلكم تقولون، ولا أحدَ يسمع، متى أتحرّر من أقفاصكم الذهبيّة، أنفكُّ من قيودِكم الحديديّة؟
يبحث الابن المسكين عمّن يسمعه.. وسيجدُه، ويا لسوء الأثر، إذا كانت الآذان المصغية، والقلوب الدافئة، لأصدقاء سوء: إنّ ساعةً مع" شِلّتي " خيرٌ من عمرٍ معكم.
الخطورة:
قد يستجيب ابنُك لأوامرك - مرغمًا-، ولكن لأنه لا سبيل له سوى ذلك، لا يقتنعُ بما يفعلُه، بل يكره أباه وما يأمرُ به، وإذا خلا بنفسه؛ لم يذكر ربَّه، تمرّد على كلِّ القوانين، وانطلق يفعل ما يشاء، "ويا سعده وهناه " لو أنه فارقَ أباه.
أما الآن وقد أصبحتَ فرضًا عليه، فسوف يبحث عمّن يستمع إليه، ويا لفداحة الخطب لو كانت الباحثة ابنةً، فأين يا تُرى ستجد بُغيتَها؟ ومن الذي سيُشبعُ عاطفتَها؟
انتبه!
صاحب ابنَك، عامله معاملة الصديقِ لصديقِه، أعني الصديقَ الصالح، ولا صالحَ له مثلُك.
والصديقُ لا يملك على صديقِه سلطانًا، إلا سلطانَ الحجّةِ والبرهان، والنصح والإقناع.
فلا تجعلْ ابنَك تابعًا لك ذليلاً، تأمرُه وتنهاه، وهو أخرسُ لا يتكلّم، ولو تكلّم لكانت الطامّة الكبرى، والدُّوَيْهِيَة العظمى: " الابن يردّ على أبيه؟ لقد فسد الزمان، وقلّ الأمان، وخاب بنو الإنسان، فلننتظر الساعة"
ولكن وجِّه ابنك التوجيه الهادئ، غيرَ المباشر، لا تُقلّل من شأنه، لا تُجبره على الانصياع لك، استخدم أسلوب الحوار لا القهر، وأسلوب التلميح لا التجريح.
ليست القضيّة: " أنت لن تنفع، لا فائدة منك، لن تكون شيئًا " ولكن القضية: زرع الثقة في قلبه.
احترم ابنك مهما كانت سِنُّه، لا تسخر منه، لا تحطم نفسيّته، لا تشعرْه بالدونيّة والنقص والتردّد والخجل، وضعفِ القدرة على مواجهة الآخرين.
لو استطعت أن تصل بابنِك إلى مصاحبةٍ تامّة، يحكي لك فيها أدقَّ أسرارِه ومشاكلِه، فقد نجحت أيّما نجاح، فاجعل ذلك أول أهدافِك وأولى أولويّاتِك، وأنت تقدر على ذلك لو احترمت ولدَك، ودعوتَه إلى الخير، دعوةَ حبٍّ وإخاء، بكلِّ وُدٍّ وصفاء.
7ـ ماذا تفعل لو ... ؟
أولاً : جاءك ابنُك يطلعُك على درجة اختباره، وقد نقص درجةً فيه أو أكثر.
أ ـ أمتدِح الجوانب الإيجابيّة المضيئة في نتيجة ابني: "ما شاء الله، ممتاز لأنك أجبت على كذا وكذا، أنت الآن على الطريق الصحيح، فاستمرّ وسترى نتيجة مجهودك، بل وتكون الأوّل في الامتحان القادم بعون الله، بارك الله فيك يا بنيّ، وهذه قبلةٌ منّي في جبينك الطاهر ..
ب ـ أقول له: "لماذا نقصت درجتُك؟ هل قصّرنا في شيء نحوك أيها المهمل اللعّاب؟ أم أنه ينقصُك عضوٌ عن باقي الخلق؟ أنت لا تفهم، لا عقلَ لديك، لماذا فلان يطلع عليك الأوّل ؟ أما تستحي؟ أما تخجل ؟ أما .. أما .. ؟؟
ثانياً : ـ اعتاد ابنُك التأخّرَ في نومه، وتريد أن ينام مبكرًا.
أ ـ أجلسُ معه جلسةً ودّيّةً أخويّة، أحدِّثه عن أنسب ساعات النوم، وما لها من فوائد عظيمة على الصحّة والعطاء، أهيئ له جوًّا جميلاً هادئًا مريحًا لنومه، لا أجعلُه ينام نهارًا لأكثر من ساعة أو ساعةٍ ونصف.
ب ـ أقول: قم .. نم، سأعلّقك ..، سأجلدُك إن لم تنم، سأحضر لك الدكتور يعطيك الحقنة، سيأتي العفريت الآن ويأكل المستيقظين.
ثالثاً : ـ يخطئ وهو يأكل؛ فيقع الطعامُ على ملابسه.
أ ـ أدعُه يأكل، ولا أُشعِرُه أنَّا ننظرُ إليه، أتركُه يشعر بالخطأ بنفسه عندما ينسكب الطعامُ على ثوبه؛ وإلا فيمكنُ توجيهه برفق ولين في غير وقت الأكل بطريقة " ما رأيك لو فعلنا كذا ؟ بيّن لي طريقة كذا ؟".
ب ـ أُمطره أنا ووالدتُه بوابلٍ من الشتائم والتعليمات : " افعل ..، لا تفعل.. ".
رابعاً : ـ أنه لا يذاكر، ولا يؤدّي واجباتِه المدرسيّة.
أ ـ أستخدم معه أسلوب التوجيه الهادئ غير المباشر:
ـ "تعال يا بُنيّ نشرب كوباً من الشاي معاً".
ـ وأثناءه : " كيف حالك؟ أخبارك في المدرسة؟ يا سلام .. أشعر أنك ستحقق آمالنا فيك، أتمنى أن تكون أحسن منِّي ومن كل شباب الدنيا، الطريق الجميل للوصول إلى هذا الهدف الجميل.. المذاكرة وحل الواجبات، لتحصل على شهادة عالية .. تستطيع معها أن تواصل السير نحو القمة".
ـ أشرح له كيفية المذاكرة، واستخدام الورقة والقلم، والتخطيط، وتنظيم الوقت، وأنه لا بد من التعب ..ليصل إلى ما يحب.
ومن تكن العلياءُ همةَ نفسه ... ...
فكل الذي يلقاه فيها مُحبَّبُ
ب ـ أصرخ بأعلى صوتي : " أنت لن تنفع ..، فاشل ..، ضائع "، "على راحتك ، أنا عملت ما عليّ ، وفرت لك البيت .. المكتب .. الكتب .. المدرسة .. المدرسين، هل ينقصك شيء آخر؟ تُفلح أو لا تُفلح .. أنت حُر، من ينفع ينفع نفسه ".
خامسا ً : حدث مثلاً وأنت تعبر بابنك الصغير الطريقَ إلى المدرسة، توقّف منك فجأةً وأصرَّ أن يعبرَه بمفرده.
أ ـ أقول له: " ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله، يا بني : كنت أساعدك في قطع الشارع عندما كنتَ صغيراً، والآن أريد أن تساعدني في عبوره، مرةً أنا ومرةً أنت ".
ب ـ أصيح في وجهه: " امش يا غبي .. الله يقطعك .. " ستتسبب لنا في مصيبة.
أجذبه من يده جذبةً شديدة، يخضع بدنه الضعيف لسلطان قهري وجبروتي، ولم أستطع إخضاع عقله بسلطان الحجة والإقناع والاحترام.
سادساً ـ حدثت فجوة كبيرة بين الابنة وأمّها، البنت تغلق على نفسِها باب غرفتها، كثيرةَ الشرود، دائمةَ الاكتئاب.
أ ـ تدخلُ الأمُّ إلى ابنتها: " تعالي يا بنيتي، هناك برنامج جميل في الطبخ، هيا نشاهده معاً".
"هيه .. متى سنأكل من يدك الحلوة صينية حلويات ؟".
" الله .. هذه أجمل صينية حلويات ذقتُها في حياتي .. ".
تفتح الأم مع ابنتها مواضيع عن قصص بعض البنات في مثل سنها، أو عن نفسها، وكيف أن البنت إذا واجهت مشكلة، ولم تحك لأحد حريص عليها فستتصرف تصرفاً خطأ، وأفضل صديقة للبنت أمها، فالأم تتمنى أن تكون بنتها أفضل منها ..
وهكذا ..
تنشأ صداقةٌ عميقة بين الأم وابنتها بأمثال هذه التصرفات؛ لتصل الأم إلى أن تحكي لها ابنتُها كلَّ مشاكلها، وعندها ما أسهل العلاج!.
ب ـ تتركُها أمها، تقول لنفسها: نحن مشغولون، وهذه طبيعة مرحلتها تلك، وسوف تعالجها الأيام ..
سابعاً : ابني يسأل عن أي شيء، وفي أي وقت، وبأي كيفية:
ـ أين الله؟.
ـ من أين جئتُ؟.
ـ لماذا نموت؟.
ـ هل يمكن أن أدخن مثلك يا أبي ؟.
ـ أين تذهب الشمس آخر النهار؟.
أ ـ أقابل أسئلة طفلي بكل احترام وتقدير، وأجيب عن أسئلته بكل وضوح وصِدق، وبما يحتملُه عقله:
ـ الله سبحانه وتعالى في السماء، وهو ليس مثلنا، وليس كمثله شيء.
ـ أنت كنت في بطن أمك، وعندما كبرت في بطنها، وأمكن أن تعيش وحدك خرجت إلى الدنيا.
ـ نحن ضيوفٌ على هذه الأرض، خلَقَنا الله لعبادته، ونصرةِ دينه، والاستمتاع بحياتنا، وعند نهاية الأجل الذي كتبه الله لنا؛ يأتينا الموت، لنذهب بعده لملاقاة خالقنا، ليحاسبَنا على أعمالنا، فإن عمِلنا خيراً أدخلَنا الله الجنة، وهي أجمل من كل ما رأته أعينُنا ..، ومن يعملْ سوءًا فسيغضب منه ربُّنا -جل شأنه-.
ـ أنا مخطئ في تدخيني هذا، فالتدخين حرام؛ لأنه مُضرٌّ بصحتنا، لكن ضحك عليّ أصدقاء السوء، وجعلوني أعتاده، وهاأنذا أحاول التخلص منه، فلتدعُ لي يا بني أن يوفقني الله لذلك، واحذر أن يخدعك أحد ..
ـ أحضرُ لابني كرةً ومصباحاً، أبين له عمليًّا أن الشمسَ في النصفِ الآخر من الكرة الأرضية.
ب ـ أم سأقول له في غضب: أنت " صداع" .. " إزعاج "، هل ترى عندنا وقت .. أو فينا " رأس " لتفاهاتك هذه؟.
ـ أو أدعه يتكلم وكأنه يكلم نفسه، وأنا مشغول في حديث أو مشاهدة.
ـ أو أؤجله: سوف تعرف عندما تكبر.
ثامناً : يبكي كثيراً، بسبب وبدون سبب، في البيت وفي السوق، بالليل والنهار..
أ ـ أجلسُ معه جلسة ودية في وقت سروره، أحدثه :" يا بني، المبالغة في الحزن والبكاء ضررها عظيم، وخطرها كبير، وهذه الدنيا لا تستحق منا أن نحزن على شيء فيها، فما بالنا وأنت إنسان مسلمٌ قويٌّ شجاع ..؟ تسلِّم أمرك لله، ولا تجزع من شيء، ثم ليس من الضروريّ أن كل إنسان يحصل عل كل ما يريد".
أعقدُ معه اتفاقية على عدم البكاء وأذكِّره بها بين الحين والآخر، مع محاولة تفادي أسباب بكائه.
وإذا رأينا طفلاً يبكي في الحديقة، أقول له: ما رأيك في هذا الطفل؟ إذا كان يبكي بدون سبب؟.
ب ـ أضربُه بقسوة وعنف، وأسبُّه وأهدده، أو أتركه يبكي كما يشاء، وأتجاهله حتى ينتهي وقتما يشاء، أو لا ينتهي، لا يهم ، فقد مللتُ منه.
تاسعاً: يُكثر الحركة، يجري ويقفز، يشاكس ويعاند، يُكسِّر ويخرِّب، يضرب إخوته وزُوَّاره.
أ ـ أعلمُ جيداً أن الحركة والنشاط مهمان لنمو الطفل سليماً، وهذا أفضلُ من التقوقع والانطواء، فالمشاكس كثير الحركة يصبح طبيعيًّا عندما يكبر، ولكن:
ـ أفرِّغ نشاطه وطاقته فيما يفيد كالألعاب البدنية والعقلية الشيقة.
ـ أنصحه - بهدوءٍ - بالهدوء، وأؤكد ذلك في بيوت الآخرين بالذات ..
فأنت تتحمله؛ أما الآخرون فلا.
ـ أحذِّرُه - مع شيء من الشدة- من الإساءة للآخرين، ومن ضربهم، بعد أن أفصلَ بين المتشاجرين.
ـ أدعو له بالهداية والسكينة.
ب ـ أضربه وأسبه وألعنه ..، وأدعو عليه، وأقيِّده مهدداً متوعداً.
عاشراً : يكذب دائماً، بداعٍ وبغير داعٍ.
أ ـ أنصحه بأسلوبٍ غير مباشر، أحكي له حكاياتٍ عن الصدق وجزائه، والكذبِ وعاقبته. ـ أعدّ آياتِ وأحاديثَ شريفةٍ، وأقدمها له مشروحةً شرحاً ميسَّراً؛ مثل قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة: 119]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البرَّ يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتبَ عند الله صدِّيقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا "[متفق عليه].
ـ إذا كذب ثم اعترف بالحقيقة لا أعاقبه، فالصادق لا يعاقب، وأسعى لتقوية شخصيته، وعلاج جبنه ليزول دافع الكذب عنده.
ـ أحرص على علاج من يقتدي به طفلي من داء الكذب.
ب ـ أنفعل عليه إذا كذب، أعاقبه أشدَّ العقاب، أناديه دائماً: يا كذاب، وأجعل إخوته ينادونه: يا كذاب، أذكره بين الحين والآخر بمواقف كذبه، سيصبح بعد قليل، أكبر كذابٍ بلا حرج.
حادي عشر: جبان رِعديد، يخاف من النملة، يرتعب من "الصرصار"، لا يتحمل النزول إلى البحر، يستحيل أن يمشي أو ينام في الظلام، وإذا أخطأ ولو خطأً يسيراً غير مقصود زاغ بصره، واصفرَّ لونه, وارتعشت أطرافه.
أ ـ أحكي له حكاياتٍ عن الشجاعة، وبخاصة شجاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام (رضي الله عنهم).
ـ أعوده على الملاهي، وأتدرَّج معه في الألعاب، أدخل معه غرفةً مظلمة، وأتركه دقيقة ثم أعود، أركب معه الحصان والقارب والأتوبيس النهريّ، أدربه على رياضات مناسبة .. تبث الثقة في نفسه، كألعاب الدفاع عن النفس، أعمل على زيادة جرعة الإيمان في قلبه.
ب ـ آمره أمراً بالشجاعة، أناديه دوماً: "تعال يا جبان .. رح يا جبان"، أسخر من جبنه أمام إخوته وأصدقائه؛ بل وأجعل منه لعبة بالقيام بحركاتٍ تُظهر جبنه، كأن أُلقي عليه شيئاً فجأة؛ لنتسلى ونضحك عليه .
ثاني عشر: أنانيّ طماع، لا يقبل أن يلمسَ لعبتَه أحد، يريد الحلوى له أكثر من إخوته؛ بل ونصيبه من الطعام، وفي الملعب يستأثر بالكرة.
يحب نفسه، يريد أن يكون المقدَّم دائماً أو الوحيد، حتى في العطف والحنان والحب.
أ ـ أبين له فضل الحب للآخرين كما يحب لنفسه.
ـ أضرب له الأمثلة في الأخوة والإيثار، وما أكثرها وأروعها في تاريخنا!.
ـ أعلِّمه العطاء وأمرِّنه عليه، أُحضرُ لعبةً لأخيه الأصغر، وأجعله يُهديه هو إياها، أعطيه مالاً يضعه في صندوق التبرعات، ثم أشجعه أن ينفق في ذلك من مصروفه الخاصّ، وأنتبه إلى مجالات العطاء الأخرى، كبذل الوقت والجهد، وكعمل حساب الآخرين في اللعب.
ـ وأبين له جزاء العطاء والبذل، وكيف أن الله يعوضه بما هو أفضل مما أعطاه في الدنيا والآخرة.
ب ـ أعاقبه على طمعه، أُرجئ تربيتَه حتى يكبر، أعيِّره: يا طماع ..، يا بخيل ..، يا أنانيّ.
ثالث عشر : انطوائيّ، مسكين، لا يجيد التعامل مع الآخرين، يؤثر الوحدة والانعزال، وإذا اختلط بالآخرين أخذ لنفسه ركناً قصيّاً وقبع فيه، لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم.
أ ـ أهتم لهذه المشكلة، أبحث عن أسبابها، وأسعى جادًّا لعلاجها.
ـ أتحدث معه كثيراً، وأستنطقُه.
ـ آخذه معي في غالب مجالسي، أُجلسه بجواري، أُشجِّعُه على الحديثِ وتقديم المواهب.(101/206)
ـ أدفعه إلى الاختلاط بأترابه من أبناء العائلة والأصدقاء؛ بزيارتهم أو استزارتهم، أو الخروج معهم إلى الملاهي، ويمكن أن أتركه معهم وأنصرف إذا كان موثوقاً فيهم، مع مراقبة تصرفاته من بعيد.
ب ـ أتجاهله وأتجاهل مشكلتَه: " عندما يكبر سيتغير، وعموماً؛ الوحدة خيرٌ من جليس السوء".
ـ أو أضعه وسط الأطفال المشاكسين غير المؤدبين ليقتدي بهم.
فمع أيِّ الفريقين نحن؟!.
9 ـ الثقافة
الواقع :
أكتفي بالثقافة الكرتونيّة والـ "بلاي ستيشن".. يرتاح بالي عندما أرى ولدي منشغلاً بما ينفع ولا يضرّ، هو على الأقل يتسلى، ونحن الآن مرتاحون منه ومن جلبته.
لا شيءَ عندي اسمه "جلسة مع ولدي" لا أتحملُ تعليمَه، لا أطيقُ أسئلتَه السخيفة؛ فإما أن أنهرَه وإما أن أقهرَه.
لا مكتبةَ خاصّةً بطفلي في بيتي، أكسلُ عن حمله إلى حلقاتِ تحفيظ القرآن مُدَّعِياً الانشغال.
ثمَّ، ولا أسأل عن مستواه العلميّ في المدرسة، ولا أتابع مذاكرتَه وواجباتِه في البيت.
الخطورة:
ينشأ ابنُنا ضعيفَ العقل، خاوي الوفاض، جاهلاً، بليداً، متخلِّفا.
لا يعرفُ شيئاً عن دينه، لا يحسنُ عبادةَ ربِّه، يقيمُ على خطئه في صومه وصلاتِه، طيلةَ حياتِه.
لا يحفظ شيئاً من كتابِ ربِّه، ولو فتحَ المصحف لما فرّق بين: " الم " البقرة و " ألم" الشرح.
ومع التلفاز يُصاب الطفلُ بالبله، والسرحان، والإغراق في الخيال، أصبح يقتدي بـ " جرانديزر ـ سوبرمان ـ باتمان ـ زورو"؛ فيقفز في الهواء، ولو استطاع أن يلقي بنفسه من الدور العاشر لفعل؛ ليجرب، ربما يكون كهؤلاء العظماء في نظره.
يسمع الأطفال عن الحب عندما يرى الأسد الملك يغني لحبيبته، تتمنى البنت أن تكون " سندريلا " يبحث عنها الأمير، أو " فُلة " ينقذها الأمير لجمالها، وتحلم بفارس ذي جاهٍ ومالٍ وجمال على حصانه الأبيض ينتشلها إلى عالم الخيال والجمال، ثم تُصدَم بواقعٍ مغاير.
يتعلم المقالب من "توم وجيري" ويرى الصراع حول العمودية في "أنااستازيا".
يحلم بالمصباح السحري كـ "علاء الدين "، وينتظر الجني العملاق ليحقق أحلامه، ويبحث عن خاتم سليمان وتفسد عقيدته وثقافته وحياته.
وفي المدرسة، يشرحُ المعلم لنفسِه، وابني منشغلٌ بمهامِّه العليا، يُشاغبُ، يسرَح، يأكل، يستمع إلى موسيقى، ويومَ الامتحان؛ لن يُهان، فوسائل الغشّ تنوعت، وهو يتابع الجديدَ ـ فقط ـ فيها.
وبمثل هذا الجيلِ المُهمَل؛ تهونُ الأمة على نفسها، قبلَ أن تهونَ على أعدائها، نظلُّ تابعين، أذلاءَ خاضعين، لقومٍ ملكوا علينا أرضَنا وسماءنا وأموالَنا وأقواتَنا، نستوردُ الإبرةَ والصاروخ، الطعامَ والشراب، الملبسَ والمفرش، أدوات المطبخ وآلات المصنع، والقلم والدفتر..، نستورد العقل الإلكتروني والعقلَ البشريّ .
انتبه!
قم الآن لا غداً، أمسِك الورقة والقلم، اكتبْ:
ـ ماذا أريد لابني؟
ـ أريده قارئاً متفوِّقاً مثقَّفَ الفكر مبدِعاً.
ـ لماذا؟
ـ ليكون صالحاً في نفسِه، نافعاً لوطنِه وأمّتِه، يعملُ لتمكيِن دينِ الله.. وسيادتِه في أرضِ الله.
ـ وما خطَّتي لأحقِّقَ هدفي؟
1 ـ إذا سألني ابني عن أيِّ شيءٍ؛ أجيبُه إجابةً وافيةً واضحةًً مُقنِعة، وإن لم أعرف الإجابة؛ أعتذر له في لطف، وأعده بالبحث، وأفي بالوعد.
حكاية:
سأل طفلٌ في الخامسة من عمره: من أين أتيتُ يا أمي؟ ضحكت وقالت: من "الكرنبة "(1).
وذات يومٍ خرج الأب إلى سوق الخضار ومعه ابنه، وبعد الأنتهاء:هاء من الشراء؛ وجد الأبُ البائعَ يصرخ في طفله: ما الذي تفعله يا ولد ؟ التفت الاب فوجد ابنه قد مزّق أوراق "الكرنب"، صاح الأب: ما هذا ؟ قال الابن: أبحثُ عن أخي الصغير.
جلس الأب مع الأم وأفهمها خطأها، فجلست الأم مع ابنها؛ وقالت: كنت أمازحُك، ثم أجابت الإجابة الصحيحة.
2 ـ أحبِّبه في القراءة وأتدرَّجُ معه:
أحكي له حكاياتٍ مشوِّقةً ممتعة، أهديه كتباً مصوَّرة ليَطّلعَ، ويُعلِّقَ، ويُلوِّن، وبعدها يأتي دورُ القصَّة المصوَّرة، والخيالِ العلميِّ المعقول.
3 ـ أُسمعه أشرطة مفيدة نافعة، فيها أناشيد وحكايات، أو أحكي له أنا في جلساتي المنتظمة معهم قصص الأنبياء والسيرة والعظماء.
4 ـ اكتشف موهبةَ ابنك، واعمل جاهداً على توجيهِه لتنميتِها، بطريقة: " اعرف شيئاً عن كل شيء، واعرف كلَّ شيء عن شيء".
5 ـ أُلحقُه بمراكزِ تحفيظِ القرآن، وبالدوراتِ العلميَّة بالمساجد، أما مَدرستُه.. فأُحسنُ اختيارَها، أطمئنُّ لإخلاص القائمين على أمرِها، وحسن الخلق في طلابِها.
6 ـ أنظم مذاكرتَه بمساعدته على تنظيم وقتِه، وتعويدِه الجلوسَ على المكتب والمذاكرةَ الصحيحة منذ نعومة أظفارِه.
أضمِّن جدول مذاكرتِه:
أـ مراجعة دروس اليوم.
ب ـ حلّ تمرينات هذه الدروس.
ج ـ تحضير دروس الغد.
د ـ مراجعة مادة أو أكثر مراجعةً شاملة.
ولن أنسى التحفيز والتشجيع؛ ليواصل ولدي الاجتهاد والتفوق.
7 ـ أعلِّمُ ابني عن طريق الممارسةِ والتجريب، كالتجارب العلمية والجغرافية، مثل: تجربة انتقال الظل؛ بوضع قلم في كرتونة وتعريضه للشمس مع رسم الظل كل ساعة.
8 ـ أجعل للثقافة السياسية لابني نصيباً، أشجعه لمتابعة أخبار المسلمين، أحثه على المشاركة في مجلس الفصل والاتحادات الطلابية؛ ليصل إلى الانتخابات المحلية والبرلمانية.
9 ـ أنقِّي عقلَ ابني من بعض المفاهيم والأفكارِ الخاطئة التي تؤثرُ على تقدُّم طالب العلم وتصدُّرِه، مثل: التعصب، الكبر، غلبة العاطفة، التأثر بالشائعات، الرؤية الجزئية، اليأس عند عدم الوصول، العجز عن مواصلة العمل.
10 ـ ومن أول يوم يستهل فيه الطفل إلى الحياة؛ أختارُ إحدى الشخصيات العظيمة، وأدرس حياته، وأستوعبُ سيرتَه، ثم أبدأ مع طفلي أولى خطواتِه، سائراً على خطا قدوتي وقدوتِه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
(أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).(1): الكرنب : نبات له ساق قصيرة وبرعم في الرأس، يلتف ورقه بعضه على بعض ، وينبت في المناطق المعتدلة، ويسمى في الشام: الملفوف.
ـــــــــــــــــــ(101/207)
كيف تصنعين طفلا يحمل هم الإسلام ؟
تحقيق: أمل المجيش
تعد تربية الأطفال وإعدادهم إيمانيًا وسلوكيًا من القضايا الكبرى التي تشغل حيز واهتمامات الأئمة المصلحين على كرّ الدهور ومر العصور، وإن الحاجة إليها في هذا العصر لهي أشد وأعظم مما مضى، نظرًا لانفتاح المجتمعات الإسلامية اليوم على العالم الغربي حتى غدا العالم كله قرية كونية واحدة عبر ثورة المعلومات وتقنية الاتصالات مما أفرز واقعًا أليمًا يشكل في الحقيقة أزمة خطيرة وتحديًا حقيقيًا يواجه الأمة.
من هنا... كان هذا التحقيق الذي نسلط فيه الضوء على مشكلات الأطفال والعوامل التي تؤثر بشكل سلبي على سلوكهم وأخلاقهم.. ثم أخيرًا الخطوات العملية التي من شأنها أن تسهم بشكل فعال.. بإذن الله في صناعة طفل يحمل هم الإسلام.
إذا أردنا أن نزرع نبتة.. فإننا نقوم بغرس بذرتها الآن.. ونظل نسقيها ونعتني بها كل يوم.. من أجل شيء واحد.. ألا وهو الحصول على ثمرة حلوة.. تلذ لها أعيننا وتستمتع بها أنفسنا.
ولكن!! ماذا لو كان الهدف أسمى.. والحلم أكبر.. وأبناؤنا.. زهور حياتنا.. أين نحن من صناعة هدف غال وعزيز لمستقبلهم؟! أين الأم من رعاية فلذة كبدها بقلبها الرؤوم ليلاً ونهارًا.. من أجل حلم فجر مشرق.. [ابن وابنة يحملان هم الدعوة بين جنباتهم البريئة]... يرفعان جميعا راية الدعوة إلى الله - عز وجل - على بصيرة، قال - تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
كم من أم تحمل هذا الهدف.. إن مستقبل أمة الإسلام.. أمانة تحملها كل أم.. كل مرب.. وكل مسؤول عن فلذات الأكباد، لذا قمنا بإجراء تحقيق مع بعض الأمهات، وقد لمسنا فيه سرعة التجاوب معنا في كل أبوابه، وكأننا طرقنا باباً كان ولا شك عند كل أم مفتاحه.
أول سؤال وجهناه إليهن كان: هل أنت ممن يهتمون بتربية أبنائهم تربية صالحة؟
وكم أسعدنا مستوى الوعي الذي وجدناه والذي تمثل في مئة إجابة بنعم من بين مئة استبانة تم توزيعها على الأمهات بمختلف مستويات تعليمهن.
ولأن كل هدف عظيم لا بد فيه من عمل جاد ودؤوب لتحقيقه، سألناهن عن خطواتهن العملية التي اتبعنها لتحقيق هذا الأمل.
معظم الإجابات كانت متمثلة في حث الأبناء بكل جد على القيام بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، مما يعكس مستوى الوعي الذي وصلت إليه الأمهات في الاهتمام بهذه الشعيرة المهمة، وكان الحرص على إلحاق الأبناء بدور التحفيظ له النصيب الأكبر في الاختيار بعد أداء الصلاة ثم الحرص الكبير على اختيار رفقة صالحة للأبناء ومعرفة رفقائهم...
التنشئة المبكرة:
مريم محمد.... 48 سنة.. منذ صغر أبنائي وأنا أشجعهم على الانضمام إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم.. كما أتبع معهم أسلوب معرفة الله - سبحانه وتعالى- وغرس محبته في أنفسهم.. ودعائي لهم المستمر بالهداية.. كما أشجعهم دائمًا على طلب العلم الشرعي ليتقربوا من الله - عز وجل - بمعرفة أحكامه.
العبادة الشرعية منذ الصغر:
أم صهيب.. 42 سنة.. أحرص على أداء الصلوات الخمس في وقتها، وبالنسبة للأولاد يبدؤون في تأدية الصلوات الخمس في المسجد من المرحلة الابتدائية.. وأحرص على الرفقة الصالحة لهم سواء داخل المدرسة أو خارجها... وبناتي ألبسهن الحجاب والعباءة على الرأس من سن مبكرة حتى يتعودن عليها بعد ذلك.
أم وصديقة!!
غادة.. 26 سنة... تعمل إدارية..
أولاً: لا بد أن أكون صديقة لأبنائي قبل أن أكون أمهم.. كي أكسبهم ويكون لي تأثير بإذن الله عليهم..
ثانيًا: أبدء بإصلاح نفسي... حتى لا يروا مني أي خطأ يهز ثقتهم بي.. وحتى يكون لنصيحتي الصدى الأقوى عليهم.. وأحببهم بأماكن الخير.. وأجعلهم يتعاونون معي لنشر الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تنافس شريف:
أم عبد العزيز.. 30 سنة: أحرص على تحقيق التنافس فيما بينهم في حفظ بعض السور والأدعية، وأشجعهم عندما يقومون بتصرف حسن.. ليستمروا عليه.. واقتناء بعض الأشرطة التي تعلمهم الآداب الإسلامية وأشتري أقراص الكمبيوتر الهادفة [بابا سلام].. وأحكي لهم قصصًا هادفة مفيدة..
جلسة حوار:
أم عبد الله.. 33 سنة: أجلس مع أبنائي جلسات جوار بناء وأتحدث معهم بكل واقعية ومصداقية عن كل الأمور التي لا يفهمونها.. ولدينا أيضًا جلسات ممتعة على [النت] مع مواقع هادفة تحوي كل ما يهم الأطفال من الأسئلة والقصص.
أساعد أطفالي:
أم محمد.. أزرع الوازع الديني في أطفالي، وأوضح لهم الحلال والحرام والجنة والنار، وأساعد أطفالي على اختيار الصديق المناسب لهم، ودائمًا أستمع إليهم، وأوجههم بدون كلل أو ملل.. وأخاطبهم بصوت هادئ ومنخفض ولا أستخدم العقاب الشديد عند الخطأ.
قدوتهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
زبيدة الصالح 38 سنة معلمة: أربي أبنائي على أذكار الصباح والمساء وأجعلهم يتخذون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوة لهم في جميع تصرفاتهم.. وأهذب من سلوكهم سواء داخل المنزل أو خارجه.. وأخيرًا أشتري لهم القصص والأشرطة الدينية الهادفة.
التربية الصالحة أساس تأسيس طفل يحمل هم الإسلام:
ولكن كيف نغرس في أبنائنا حب الدعوة إلى الله؟
أجابت عن سؤالنا الأستاذة فاطمة السابر.. رعاها الله:
جميل أن نغرس حب الدعوة في عروق أبنائنا منذ الصغر، فالدعوة ثمرة من ثمار العلم، والأجمل من ذلك أن نحلق مع أبنائنا ليكونوا دعاة إلى الله يدعون أنفسهم ويدعون الآخرين... وهذه همسات بسيطة لمن تهفو نفسها لأن ترى أبناءها دعاة صالحين:
1ـ ليكن لديك اهتمام بالتغذية الفكرية الصائبة فالدعوة بلا علم دعوة بلا رصيد، فلا بد أن نغذي الطفل برصيد من المعلومات بقدر ما يحتاجه لكي يثبت في كل خطوة، فالطفلة التي تمتنع عن ارتداء الملابس القصيرة أو البنطال، لا بد أن تعرف لماذا تركتها، وأن تدعو زميلاتها أيضًا إلى ذلك.
2ـ قص القصص من القرآن الكريم والسنة والسلف الصالح، وتذكيرهم بمواقف صغار الصحابة في الدعوة إلى الله.. إضاءات جميلة لها أثرها في نفوس أبنائنا.
3ـ استثمار أوقات الزيارات في عمل برامج مسلية يتخللها مسابقات مفيدة مع توفير هدايا بسيطة يقدمها ابنك للأطفال.
4ـ قد نحتاج لمرافقة أبنائنا في بعض الأماكن كالأسواق والمستشفيات، فما أروع أن نعود أبناءنا توزيع بعض الأشرطة والكتيبات أثناء هذه الجولات.
5ـ ما أجمل أن يتحلق الأطفال [كل حسب جنسه] وأن يكون من بينهم من يقص عليهم ما سمعه من شريط أو ما قرأه من كتيب.... وحتى ينجح الطفل في جذب زملائه فليكن له محاولات في المنزل تقيمينها بنفسك.
6ـ إشراكهم في المكتبات العامة التي تنمي فيهم روح العلم والمعرفة، وبالتالي الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى-.
7ـ زيارة المراكز الاجتماعية ودور الأيتام وتقديم الهدايا لإخوانهم.. لها أبلغ الأثر في نفوس الطرفين..
العوامل التي تؤثر سلبًا على تربية الأبناء.. تكتبها الأمهات بأنفسهن:
أـ نجوى.. 43 سنة:
1ـ كثرة التوجيهات والأوامر من غير إقناع ومحبة وكأنها أوامر عسكرية تطبق بلا فهم لأهميتها.
2ـ غياب غرس الرقابة الربانية والخوف من الله.. بحيث يطبق الأبناء العبادات من صلاة ونحوها في حضور الوالدين.. ويفعلون ما يريدون في غيابهم.. مع الأسف.
ب ـ أم إبراهيم:
1ـ الاختلاط السيئ في الأسرة وخارجها.
2ـ الدش والإنترنت.
3ـ السفر للبلاد غير المتمسكة بالإسلام.
ج ـ أم خالد 45 سنة.. ربة منزل:
1ـ القدوة السيئة أمامهم.
2ـ الإهمال وعدم متابعتهم.
3ـ أصدقاء السوء من حولهم، وقد يكونون من القرابة، وهذا يكون تأثيره أقوى عليهم.
وذكرت لنا العديد من الأمهات الأسباب التالية:
1ـ ابتعاد الآباء عن أبنائهم وعدم مصاحبتهم.
2ـ كثرة مشاهدة التلفاز وألعاب [البلاي ستيشن].
3ـ الفراغ وعدم وجود الصديق الصالح.
4ـ عدم الاستمرار على الأمور والعادات الحميدة.
5ـ المجلات والقنوات الفضائية التي تعرض صورًا مثيرة.
6ـ اختلاف الوالدين في طريقة التربية.
7ـ وجود الخدم.
8ـ عدم تفعيل المحاضرات والإعلان عن الأشرطة التربوية التي تسهم في تثقيف الوالدين.
9ـ عدم وجود برامج إعلامية هادفة.
10ـ عدم الاستقرار الأسري وإثارة المشكلات ومناقشتها أمام الأبناء.
11ـ عدم مراقبة الأبناء بشكل دائم، والملل من التوجيه والنصح.
12ـ عدم تثقيف الأبناء بدينهم بالشكل الصحيح.
13ـ تقليد الأبناء لأقرانهم.
14ـ نهي الأبناء عن أمور سيئة، ثم قيام الوالدين بعلمها.
15ـ عدم معرفة رغبات الأبناء، وعدم محاولة التركيز على الجوانب الإيجابية فيها وتنميتها.
ولنا وقفة واقعية مع أطفال بدأت غراس التربية الحميدة تعطي ثمارها فيهم.. فهذا طفل يأمر بالمعروف.. وتلك طفلة تنهى عن المنكر.
لنترك هذه القصص الواقعية تتحدث عن نفسها.. وروعة معانيها:
1ـ سارة 19 سنة، طالبة جامعية: قالت لي أختي الصغيرة موجهة الخطاب لي: كل شيء في غرفتك جميل... ما عدا هذه الصورة التي تمنع الملائكة من دخول الغرفة.. حقًا كان وقع كلماتها البريئة عليَّ كبيرًا في نفسي.
2ـ صديقة لي كانت تحكي لطفلها عن امرأة إفريقية تعمل عندهم وتحاول أن تتكلم بطريقتها... وبعد هذه القصة بفترة قال لها الطفل أحكي لي الحكاية مرة أخرى، وكانت المرأة موجودة.. في نفس المكان.. فأشارت الأم إليها بعينها.. أي قالت له: عندما لا تكون موجودة.. فقال الطفل: حرام يا ماما.. أنا وأنت الآن.. ندخل في الآية: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1].
3ـ وفي نفس الموضوع تروي لنا أشراق أحمد 22 سنة، أنها كانت تتحدث مع امرأة من أقاربها وكانت هذه تغتاب وتكذب، فرد ابنها الصغير وقال لها: يا أمي لا تكذبي فالكلام الصحيح كذا وكذا [من كذب تكتب عليه سيئة].
4ـ طفلة صغيرة كان تتمشى مع أبيها بالسيارة رأت بجانبها سيارة كان سائقها يدخن فتحت نافذة السيارة، وقالت للرجل: [عيب، الدخان حرام... استحي من ربك]. فرمى الرجل السيجارة.. هذه الطفلة لا يتعدى عمرها الثلاث سنوات.
5ـ الجوهرة معلمة 42 سنة.. بالنسبة لي ابني دائمًا ينهر أخته الكبرى ويأمرها بالحجاب الشرعي.. وعدم لبس الملابس الضيقة.
6ـ مريم محمد تحدثنا عن موقف رائع لن تنساه.. حيث كانت في زيارة لإحدى صديقاتها.. وأرادت إحدى الزائرات أن تضع شريطًا غنائيًا فقام أحد أطفال المضيفة، ورمى بالشريط الغنائي ووضع بدلاً منه شريط القرآن.. أثار هذا الموقف إعجابي به.. ما شاء الله.
7ـ أثير 17 سنة طالبة مرة كنت أشوف الدش.. فضغطت على قناة كلها أغانٍ.. وكان معي بنات عمي الصغار جاءت بنت عمي وعمرها خمس سنوات تريد أن تخرج من الغرفة، قلت لها: سارة أين تذهبين؟ قالت لي: أريد أن أخرج: قلت: لماذا؟ ردت: لا أريد أن أسمع أغاني وأنت الله يدخلك النار لأنك تسمعين أغاني.. كانت بمعنى كلامها تريد مني أن أغير هذه القناة.
لقطات سريعة:
ـ طفلة صغيرة تدخر من مصروفها الشخصي وتودعه في صناديق التبرعات وتحث من هم أكبر منها على هذا العمل.
ـ طفل كلما فتح أبوه التلفاز، يطلب منه أن يخفض صوت الموسيقى عند الفاصل، وبعدم النظر إلى النساء.
ـ خلود في الصف الرابع رأت صديقتها لا تعرف كيف تؤدي الصلاة.. فوجهتها للمصلى وعلمتها كيف تؤديها.. ثم جاءت إلى أمها وسألتها ماما.. أنا لي أجر في ذلك؟
فقالت لها الأم: نعم، وشجعتها كثيرًا على ذلك.
ـ طفل نصح أقاربه الأولاد بعدم سماع الغناء.. وقرأ عليهم الآية الكريمة {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] فقالوا: ينقصك ما شاء الله لحية.
ـ أم خلود.. سألتني ابنتي عن إحدى قريباتي هل هي من أوروبا؟ قلت لها: لا! بل هي مسلمة مثلنا.. فقالت: لماذا لا تغطي وجهها إذا كانت مسلمة!! هذا الذي تعلمته منك ومن المدرسة.. فذهبت إليها وقالت لها: إذا كنت مسلمة غطي وجهك.. لأن إظهار الوجه من التشبه بالكافرات، وأنت مسلمة.
لقاء مع طفل:
لقاء مع طفل بدأ يحمل هم الإسلام في قلبه، ويدعو إلى الله.. عن تجربة البداية.. بدأ أسيد معنا هذا اللقاء..
اسمي.. أسيد قاضي.. عمري إحدى عشرة سنة.. أدرس في الصف الخامس.. وأحفظ من القرآن الكريم ثلاثة وعشرين جزءًا ولله الحمد.
ـ من شجعك على طلب العلم؟
أسيد: بفضل الله ثم بفضل أبي وأمي وكذلك مدرستي.
ـ من تصاحب يا أسيد وكيف تؤثر في الآخرين؟
أصاحب الناس الطيبين.. وأؤثر في الآخرين بأن أنصحهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأبين لهم طريق الخطأ، وأضع في بالي أنه إن استجابوا لي فسوف آخذ أجرهم ولا ينقص من أجورهم شيئًا لأن الدال على الخير كفاعله.
ـ وما هو هدفك في الحياة؟
طاعة الله ورسوله لأن الله - تعالى - قال في كتابه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
ـ وأخيرًا ما هي أمنيتك؟
أن أصبح إمام مسجد لأن الله - تعالى - يقول: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74] فإني أسأل الله أن يجعلني إمامًا للمتقين.
وبع تلك الجولة المتميزة مع تلك النماذج الرائعة، التي نسأل الله لها التوفيق والاستمرار على طريق الدعوة، لتكون نبراسًا شامخًا لهذه الأمة ودعاة صالحين في المستقبل.. كان للأستاذة أسماء الرويشد.. - حفظها الله - هذا التعليق على هذا التحقيق:
توظيف قدرات الطفل لخدمة دينه:
من الضروري أن يهتم المربون بمساعدة الطفل على أن يفهم نفسه، وعلى أن يستعمل إمكاناته الذاتية وقدراته المهارية واستعداداته الفطرية، لتحقيق إسلامه وخدمة دينه، فيبلغ بذلك أقصى ما يكون في شخصيته الإسلامية وفاعليته الاجتماعية.
إن تربية الطفل التربية الإسلامية الصحيحة هي التي توظف طاقات الطفل لكي يمارس تأثيره في مجتمعه وفق ما تعلمه وعمل به من دينه؛ إذ لا بد أن يوجه الطفل لعبادة الله وحده، وهو أول ما يجب عليه أن يتعلمه ويلتزم بأدائه. ثم توجيه طاقاته إلى أداء حقوق الآخرين والإحسان إليهم، مع تعويده على ممارسة الدعوة إلى ما تعلمه وفهمه، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الطفل إذا شب ودأب على ممارسة الدعوة إلى الله على حسب فهمه واستيعابه، وهو حصيلة تربيته الدينية، فبعون الله وتوفيقه يجني الآباء والأمهات ثمرات ذلك ناشئًا مؤهلاً للقيام بأعباء الدعوة حاملاً هم الإسلام والمسلمين... فالأطفال متى ما تربوا على هذا الدين قادرون على أن يمارسوا مهمة الدعوة مع أقرانهم وزملائهم وإخوانهم وأسرهم، بل حتى في الطريق كما في موقف الطفلة مع المدخن.
لكن ينبغي للمربين أن يوضحوا للأطفال مفهوم الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان آدابه وأساليبه اللائقة، حتى لا يقعوا في حرج المواقف الصعبة، وتذكيرهم بالأجر والصبر إن حصل شيء من ذلك، مع مراعاة عدم إشعارهم بالتخذيل والتخويف من القيام بتلك المهمة.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/208)
مهلا.. قبل أن تربي!
إلى الآباء والأمهات في البيوت، إلى المعلمين والمعلمات في المدارس، إلى المحفظين والمحفظات في المساجد، إليكم جميعاً أيها الأحباب نوجه حديثنا من أجل تربية إسلامية صحيحة لأبنائنا، نسلط الضوء على مجموعة من الصفات الجوهرية والمهمة لكل من وضع الله بين يديه هذه الأمانة، فإنه سبحانه سائله عنها غداً يوم القيامة: "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع".
إنها صفات المربي الناجح وما يجب عليه أن يتحلى به وما يجب عليه أن يتخلى عنه، وتأتي دائمًا على رأسها:
1- القدوة:
وهي عمدة الصفات كلها بل عليها تبنى جميع صفات المربي الناجح، وإن مربياً غير قدوة ككاتب على الماء لا يرى لما يكتب أثراً، فلا وعظه ينفع ولا كلامه يسمع ولا توجيهاته تنفذ، فالطفل إذا ما افتقد القدوة فيمن يربيه فسوف يفتقد إلى كل شيء، ولن يفلح معه حينئذ وعظ ولا عقاب ولا ثواب، وكيف لا وقد رأى الكبير يفعل ما ينهاه عنه!!
إن عين الطفل مسلطة عليك كالميكروسكوب ترى فيك الأشياء الصغيرة واضحة تماماً، فالنظرة المحرمة التي تختلسها والكلمة البذيئة التي تنطق بها سريعاً وغيرها من التصرفات الخاطئة يستقبلها الصغير فيخزنها ويفعل مثلها إن لم يكن أسوأ، وحينئذ لا تستطيع أن تنهاه وإلا قال لك: "أنت فعلت ذلك وأنا أفعل مثلك!" والطفل هاهنا -غالباً- لا يعاند ولكنه يقلدك، فأنت الكبير وهو يحبك ويفعل مثلما تفعل تماماً ليتشبه بك، فإن غضبت فشتمت فإنه سيشتم عندما يغضب، وإن طلبت منه شراء الدخان أو رمي باقي السيجارة فسيشرب منها بعد ذلك ولو خلسة حتى يتمكن من شربها بحرية في أقرب فرصة، فهو يقلدك وأنت الكبير، وإن خرجت الأم متبرجة فلن تستطيع إقناع ابنتها بعد ذلك بارتداء الحجاب، وإن نادى المؤذن للصلاة وصليت في البيت فسيصلي في البيت، وإن ذهبت إلى المسجد فسوف يحب الذهاب إلى المسجد، وإن غفلت عن الصلاة ساهياً أو عامداً فسوف يقلدك فأنت القدوة.
- حسن الصلة بالله:
وهي من الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنّا نقصر في صلتنا بالله فلا نرى قلوباً مفتوحة لنا ولا آذاناً صاغية تستقبل بحب ما نقوله وما نفعله، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله فكان الله يبارك في القليل فيستجيب الصغار لنا أسرع مما نتخيل، يصلون ويذاكرون ويحفظون القرآن الكريم ويظهر منهم حسن خلق أثناء اللعب وأثناء الفسح.
إن الصلاة في جماعة خاصة صلاة الفجر والمداومة على ورد القرآن وأذكار الصباح والمساء وكثرة الاستغفار والبعد عن المحرمات والشبهات خاصة غض البصر والورع لفيها جميعاً الخير والبركة في هذا المجال فإرضاء الله غاية، ما من أحد إلا ويتمناها ويسعى إليها لينال الجنة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَنْ أسعد في الدنيا من رجل له أبناء صالحون يحسن تربيتهم فينال منهم بِراً ودعوة صالحة، نسأل الله ألا يحرمنا من هذه النعمة العظيمة.
3- نفس عظيمة وهمة عالية:
المربي لابد أن يكون عظيم النفس.. همته عالية وإرادته قوية ونَفَسه طويل، لا يطلب سفاسف الأمور، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فن له عقبات كما له حلاوة وأجر عظيم، لذلك يسعى جاهداً أن يجعلها لله ويضحي من أجلها براحته وبماله وبكل شيء عنده ويصل طموحه به إلى أن يتمنى أن يكون ابنه كمحمد الفاتح الذي علمه شيخه وهو صغير أن القسطنطينية سيفتحها الله على يد أمير مسلم يرجو أن يكون هو فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.
4- يألف ويؤلف:
نعم من صفات المربي أن يألف ويؤلف.. يألف الصغار يحبهم ولا يأنف الجلوس معهم يتبسط في حديثه ويتواضع.. يمزح ويلعب.. يلين ولا يشتد.. يعطي كثيراً بلا مقابل ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يؤلف عند الصغار وإلا فلا يتصدى للتعليم ولا للتربية، فهي مهمة ليس أهلاً لها إذ إنه دائم التجهم شديدٌ عنيفٌ لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه، فويل لأبنائه منه، تماماً كمن قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً" فقال له الحبيب المربي صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يرحم"، وعمر بن الخطاب عزل مثل ذلك الرجل عن ولاية المسلمين فمن لا يألفه أبناؤه لا يألفه المسلمون وهو بالتالي لن يرحمهم.
5- ضبط النفس:
إن الغضب والعصبية الجنونية من الصفات السلبية في العملية التربوية، فإذا ملك الإنسان نفسه عند الغضب وكظم غيظه كان ذلك فلاحاً له ولأولاده، فالمقصود بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك وتعاقب بمزاجك.. تعاقب وأنت تهدف من وراء العقاب شيئاً مهماً وهو التربية وتغيير السلوك السلبي الخاطئ إلى سلوك إيجابي صحيح، فلا تعاقب كرد فعل سريع للخطأ من غير أن تنوي قبل العقاب أن تغير من سلوك الصغير، وإلا فأنت حينئذ تكون قد عاقبت بالغضب والصياح بدلاً من التصحيح الهادئ، وكان الأَوْلى أن تظهر الغضب فقط.
ومن ضبط النفس أيضاً أن تغضب فإذا ما اعترف الصغير بخطئه يتلاشى غضبك على وجه السرعة ويتحول إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك قد تتحول الابتسامة إلى تجهم عند الخطأ، وهكذا دون أن يتأثر القلب ليربي الكبير الصغير وليس العكس أن يصير الصغير هو الذي يستفزه ويتحكم في حركاته وسكناته.
6- سعة الاطلاع:
لا يستغني المربي الناجح عن الاطلاع بشكل عام، خصوصاً الإصدارات الحديثة في مجال الطفولة بشكل خاص، وهو أولى بذلك ليستطيع تعليم الصغار وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجيدة والمفيدة في التقسير وفي الحديث وفي الفقه وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الآداب والأخلاق وفي المعلومات الإسلامية والعامة وغيرها.
إن الصغار يسألون في كل شيء وفي أي شيء فإن عجز المربي عن الإجابة أو تكرر تهربه من أسئلتهم، سقط من نظرهم ولجأوا إلى غيره يستقون منه معلوماتهم، قد يكون التلفزيون وقد يكون شخصاً سيئاً وقد يكون مجلة داعرة أو كتاباً فاسداً أو غير ذلك، وقاهم الله شرور هذا الزمان آمين
المصدر: موقع لها أون لاين
سحر الشعير
ـــــــــــــــــــ(101/209)
من يسترني ؟
د. محمد فهد الثويني
نداء.. إلى كل الآباء و الأمهات و المربين و المربيات، و إلى المسؤولين في وزارة التربية من طفلة تخشى على نفسها الوقوع في الرذيلة، فتقول: من يسترني بعد أن فرض علي و الديّ و ألبساني الملبس الداخلي الـ(streach) المطاط فقط؟
الحمد لله وكفى والصلاة و السلام على النبي المصطفى، وبعد.. أقول لهذه الفتاة العفيفة وإلى كل فتاة تنشد العفة والستر والحجاب:
ارفضن اللباس الفاضح وكل ملبوس لا يتفق مع الفطرة و الدين.. و كم أتحسر على تلك الأيام التي بنى أصولها أبي و أبوك و أمي و أمك، فكانت الطفلة تخرج بفستان طويل و البخنق (لباس يغطي الرأس و الرقبة) و إلا تمنع من الخروج، وكان لباس البنت الشابة لباساً طويلاً مع العباءة و الفتاة في سن الزواج تضيف عليه البوشية (غطاء الوجه) و إلا تمنع من الخروج حتى جاء الوقت الحالي الذي ندعي فيه الحضارة فترى من يجبر ابنته أو يسمح لها أن تخرج باللباس الداخلي السترتش، والفساتين القصيرة و البنطلونات الضيقة - البودي - و نقول: لماذا ينتشر الفساد؟ و نسمع عن حالات هتك العرض و الخطف والاعتداءات التي لا توصف وهي الدخيلة على مجتمعنا مجتمع الأصل و الكرامة و الدين؟
والنداء يوجه إلى وزارة التربية:
كيف يسمح النظار و الناظرات لشباب في سن الزهور من البنين و البنات في الرياض و المرحلة الابتدائية و المتوسطة بدخول المدرسة أو الخروج منها بهذا اللباس الفاضح للعورة؟
ولا أود أن أعلق أكثر من ذلك فأقول لكل ولي أمر: إن من يسمح لهذه الطفلة وهذا الطفل فضلاً عن الشباب بالخروج بلباس السترتش بدون ساتر، فهو يساعد على طعن العفة و فقد الغيرة و تعويد الآخرين على النظر إلى العورات وهتك المستورات، ولا غرابة إن قاد البعض إلى فعل الرذائل و المنكرات.. نسأل الله لنا ولكم ولأبنائنا و أبنائكم الستر في الدنيا و الآخرة
http://64.37.109. 38 المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/210)
ابنتي ولد.. وولدي بنت!
منال الدغيم 17/8/1424
13/10/2003
اقترب "أحمد" ذو السنوات الثلاث من مجموعة صغيرات كن يلهين بالدمى، وأخذ يتأمل لعبهن بشغف، ثم قال ببراءة: أريد أن ألعب معكن؟، ردت أكبرهن سناً: حسناً، أنت الأب وأنا الأم، لكن أحمد صاح باحتجاج: لا أنا الأم!، رفضت البنات فكرته قائلات: أنت ولد! أنت الأب! فإذا به يجري إلى والدته باكياً: أنا أريد أن أكون الأم، أنا الأم!
تحكي "سارة" والدة أحمد هذا الموقف بأسىً، وتتابع: تعبت من اهتمامات ابني الأنثوية، فعند كل زيارة لأحد ما يبكي يريد أن يلبس فستاناً كأخواته، وأن يضع حليا في شعره مثلهن، وعندما نكون في المنزل لا أدري إلا وقد ارتدى فستاناً وظل يقفز بحبور وفرح معجباً بألوانه الزاهية، دائما ما يختار لعبه أدوات مطبخ أو زينة أو دمية، رغم أنه يقع بين أخوين ذكرين، لكنه يميل إلى أخواته الأكبر الصبايا اللاتي يشجعنه على اهتماماته الأنثوية، واجدات في ذلك نوعاً من الطرفة المضحكة!
هذه المشكلة، والتي تتلخص في ميل الطفل الذكر إلى صفات البنات بما فيها من نعومة وأنوثة، وميل الفتاة الصغيرة أيضاً إلى خشونة الصبيان وغلظة التصرفات ورفع الصوت واستخدام المفردات الذكورية الجافة في الحديث، يعاني منها كثير من البيوت، وكما في مشكلة "أم أحمد"، نجد أن العائلة قد تبدي قلقاً تجاه هذا الأمر، أو تبدي تعجباً ساخراً وتشجيعاً بالضحك والاهتمام، مما يضخم هذا الاتجاه لدى الطفل لأنه يسلط العيون عليه.
لا يخفى على الجميع أهمية استقلال الشخصية والهوية الجنسية منذ الصغر، ففرق بين فتاة تنشأ على ما فطرها الله عليه من الأنوثة والهدوء والحنان، وحب اللعب بالدمى والمطبخ ومساعدة والدتها، وأخرى تتصف بالخشونة والميل إلى اللعب مع الذكور، وربما تجد رفضا كبيراً منهم بالطبع، مما يدعوها إلى العناد والتحدي، فإذا بها لا تنعم بعلاقات جيدة مع الأطفال من الجنسين.
أسباب هذا الاهتمام المغاير متعددة، وللأسرة دور كبير في رسم شخصية الطفل بلا شك، وسني الطفولة الأولى أساس في تكون الهوايات والميول والصفات الذاتية، ولذا كان من الواجب تأهيل الطفل منذ بدء إدراكه لما حوله، لأجل إنشاء فرد صالح واع بدوره في المجتمع، وتحميله مسؤولية خاصة، تبني في نفسه الصغيرة جبالاً من الثقة بالنفس، والصبر والتحمل، وتحديد الهدف والسعي إليه.
كما أن لانحراف التربية لدى الأسرة، بسلوك أساليب خاطئة في التعامل، كتهميش دور الإناث دائما وتمجيد الذكور، وأنهم الأهم والأنفع والأفضل، ومن ناحية أخرى تشجيع الإناث على حب الزينة مع منع الذكور تماماً منها، أو منعهم من أداء أي واجب منزلي، وتأكيد أن ذلك خاص بالفتيات؛ لهذا الانحراف أثر في ميل الطفل إلى اهتمامات الجنس الذي يراه أفضل في نظر أهله بلا شك.
متى.. ولماذا؟!
حسنا.. منذ متى يبدأ إدراك الهوية الجنسية لدى الطفل؟
تجيب على ذلك أ.وفاء طيبة من جامعة الملك سعود - قسم علم النفس؛ فتقول:
"يبدأ ذلك حوالي السنة الثانية من العمر، حيث يبدأ الطفل بمعرفة أن هناك فرقا بين الجنسين - وإن كان لا يعرف كل الفروق -، وأن أمه شيء مختلف عن أبيه، ويبدأ بتصنيف الأشخاص ونفسه بالطبع إلى هذين الصنفين، ثم بعد ذلك التصنيف يبدأ بتصنيف سلوكيات الأشخاص إلى سلوكيات مناسبة للذكور وأخرى مناسبة للبنات.
ومن أهم العوامل التي تساعد على ذلك عاملين:
- وجدت الدراسات أن للهرمونات دوراً كبيراً في تحديد سلوكيات كل من الذكور والإناث في وقت مبكر من العمر، وأهم هذه الهرمونات هي: التستستيرون للذكور، والاستروجين والبروجيسترون للإناث، فنجد لدى الأطفال الذكور الرغبة والاستعداد للعب بالكرة والسيارات، ويميلون للعدوان والحركة الزائدة ويفضلون بعض الألوان عن غيرها، بينما تحب البنات اللعب بالعرائس وأدوات صنع الشاي مثلاً، ويميلون للهدوء وإظهار الحنان، ولهن ألوانهن المفضلة.
- كما أن للمجتمع دوراً كبيراً في ربط بعض السلوكيات بالإناث وأخرى بالذكور، ويختلف ذلك التنميط للسلوكيات من مجتمع إلى آخر، فما قد يكون مقبولاً كسلوك أنثوي في مجتمع ما قد لا يقبل في غيره والعكس صحيح، وبما أن إناث وذكور مجتمع بعينه سوف يمارسون عادة السلوكيات المسموح بها في مجتمعهم لجنسهم، والمجتمع سوف يتقبل منهم هذه السلوكيات ويرفض غيرها، والصغير والصغيرة يراقبان ذلك من جهة، ويشجعان على سلوكيات جنسهم من قبل الراشدين ويعاقبان - بالرفض على الأقل - عند ممارسة سلوكيات الجنس الآخر؛ فالنتيجة المنطقية هي أن يمتص الطفل والطفلة سلوكيات جنسهم حسب ما يمليها عليهما المجتمع.
ما السبب في ذلك؟
وعن السبب الذي يؤثر في سلوك بعض الأطفال الذكور مثلا لسلوكيات الأطفال الإناث، والعكس، تتابع أ.وفاء طيبة:
الواقع أننا نفتقر إلى الدراسات العربية في هذا المجال، والأخذ برأي الدراسات الأجنبية يعتبر مضللاً، حيث إن لمجتمعاتنا الإسلامية والعربية موازين مختلفة عن الغرب، خاصة فيما يتعلق بالأمور بين الجنسين.
ويجب لفت الانتباه إلى أننا في هذا الصدد نتكلم عن حالات تجمع بين بعض سلوكيات الإناث والذكور، ولا نتكلم عن الحالات الشاذة التي تحتاج إلى تدخل الطبيب، فالهرمونات عبارة عن رسائل كيميائية يحملها الدم إلى كل أنحاء الجسم، ولدى كل من الذكور والإناث شيء من الهرمونات الذكرية والهرمونات الأنثوية، ويتوقف الاختلاف بين الجنسين وبين الجنس الواحد على نسبة أحد أنواع هذه الهرمونات في الدم إلى النوع الآخر.
قد يرجع الاختلاف البسيط الذي يشكو منه الوالدان إلى هذا الاختلاف الطفيف في الهرمونات، فاختلاف نسب الهرمونات الذكرية والأنثوية أمر وراثي طبيعي، وقد تمكنت البحوث العلمية من التوصل إلى أن هناك بعض الأفراد من الجنسين تفرز غددهم الأدرينالية إفرازاً زائداً في المرحلة الجنينية، إما لقصور جيني أو لأسباب أخرى منها إعطاء الأنثى الحامل هرمونات الذكورة لإيقاف إسقاط الجنين.
هؤلاء الأطفال والراشدون، لو تم خضوعهم لاختبار سلوكيات الذكورة والأنوثة؛ نجد أنهم يحصلون على درجات مرتفعة في كل من السلوك الذكري والأنثوي، ويمكنهم أن يتصفوا بصفات إيجابية من الجنسين، ولا تخلو الحياة حولنا من الأمثلة على هؤلاء، وقد يكون ذلك سبباً في وجود إناث أقل اهتماما بالعرائس من غيرهن، ويفضلون الحركة واللعب الرياضي، واللعب بالكرة والسيارات على أدوات التجميل والعطور والمجوهرات، وهن أكثر استقلالية من غيرهن، ووجود ذكور من الناحية الأخرى يحبون اللعب بالعرائس على ألعاب الصبيان، وهم أكثر إظهاراً لمشاعرهم وحنانهم، وجميعهم (الذكور والإناث) يتمتعون بتقدير عالٍ لذواتهم وتكيف كبير ومرونة.
ما أريد توكيده هنا هو أن الدراسات أظهرت أن هؤلاء الأفراد أظهروا تكيفا أكبر مع الحياة في الرشد، وأمكنهم أن يتصفوا بالصفات الإيجابية لكل من الذكور والإناث، كما أود توكيد أن العلم أثبت أن لا علاقة لهذه الحالة بحالات الشذوذ الجنسي، كما أود أن أؤكد، أن الطفل يعرف هويته الجنسية؛ بمعنى هل هو ذكر أو أنثى..، ولكنه يأتي ببعض سلوكيات الجنس الآخر، أي أنه لا يخلط في هويته.
وماذا عن أثر المجتمع؟
وتشير أ. وفاء طيبة إلى أثر المجتمع القوي في رسم شخصية الطفل وتحديد اهتماماته، فتبين ذلك وتقول:
"بالنسبة لأثر المجتمع، فإنني أطرح عدة فروض:
- غياب دور الأب في المجتمع السعودي في كثير من الأسر؛ فالأب عادة مشغول خارج المنزل، ولا يراه الولد كثيراً ولا تستمتع الطفلة بحنانه، وإن كان موجوداً فهو في كثير من الأحيان يعتبر دور التربية من مهام زوجته!
- اختلاط الأدوار والمهام وتشوش صورة كل من الرجل والمرأة في المجتمع في العصر الحالي، أو فلنقل: تغيرها، مما يسبب اختلافاً في سلوكيات الأطفال إذا ما قورنوا بالجيل الماضي الذي ورَّث صورة الرجل والمرأة لنا ودور كل منهما، وكما اتفقنا؛ فإن السلوكيات تختلف من مجتمع إلى مجتمع، وهي أيضا تختلف من عصر إلى عصر باختلاف المفردات التي يمليها ذلك العصر، فقديماً كانت التكنولوجيا في معناها البسيط هي من اختصاص الرجل فقط، أما الآن فكل أطفالنا ذكوراً وإناثاً يتساوون أمام جهاز الكمبيوتر.
والحل؟
ثم توضح أ. وفاء طيبة السبيل الذي يسلكه الوالدان في تقويم سلوك منحرف لدى أبنائهما في هذا المجال، وذلك بعد أن نتأكد من كون تصرفاتهم أولاً سليمة شرعاً، ثم مقبولة اجتماعياً؛ فإذا اختل ذلك اتبعنا الآتي:
- على الوالدين أن يزِنوا التصرف بالميزان الشرعي، ولنتذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما كان يرى إلا في مهنة أهله)، مع أن هذا السلوك قد لا يكون شائعاً بين الرجال في مجتمعنا.
- التعامل مع السلوك الذي لا يحبانه بالهدوء واللين، فالعصبية والرفض قد تكون سبباً في زيادة المشكلة.
- مراجعة النفس، هل قدمنا لأولادنا المثل والقدوة والنموذج الصحيح؟ هل نقضي مع أولادنا الوقت الكافي حتى يستطيعون اكتساب سلوكياتهم كما نحب؟
- استخدام أسلوب التغذية الراجعة، باختيار الأب مثلاً لسلوك ذكري جيد يحبه من ابنه ذي الثمان سنوات، ويلقي عليه الضوء، ويظهر له وللحاضرين كيف أن ذلك السلوك كان جميلا منه: "إن الطريقة التي تصرف بها محمد اليوم جعلتني فخورا ًبه، لقد ساعدني اليوم بالخروج مع أمه إلى الطبيب بدلاً مني فقد كنت مشغولا، وقد ساهم ذلك في إنهاء مشكلة أمه في الخروج مع السائق إلى الطبيب، أنا سعيد جداً أن لدي رجلاً مثلك، لا بد أنك فخور بنفسك أيضا..".
- جملي السلوك الذي ترغبينه في ابنتك بطريقة غير مباشرة إن كنت تشعرين أنها سوف ترفض، اجلسي أنت والعبي معها لفترات بالعروسة ومثّلي وإياها أنها طفلة وأنها تريد أن ترضع أو أنها مريضة..، وذلك لتحبيبها وتدريبها على مثل هذه المهام الأساسية في دور الأم، وأرجو ألا يفهم من أمثلتي أن الأب يشجع ابنه والأم تشجع ابنتها فقط، فالأطفال يحتاجون إلى التأييد من الطرفين.
- فلنتجنب بعض أنواع التنميط الشائع الذي لا داعي له لبعض السلوكيات، والذي لا يتمشى مع النفس البشرية، مثل قولنا للولد: "أنت رجل والرجل لا يخاف أو لا يبكي.."، أو قولنا للبنت: "لماذا تجرين وتقفزين مثل الأولاد أنت بنت..".
ولنتوقع أن كل الأطفال يزداد ميلهم إلى جنسهم وسلوكياته ببلوغ فترة الطفولة المتأخرة 9-12 سنة.
ولنتقبل أطفالنا بالحب أولا، ثم نتعامل مع سلوكياتهم التي لا نريدها، وليكن هدفنا دائما أن ننشئ أطفالا ليكونوا راشدين صالحين لدينهم ومجتمعهم، لا أن ننشئ أطفالا نفصِّلهم على ما نحب نحن وما نكره، فالشخصيات تختلف ولا بد أن نتقبل ذلك.
وللشرع رأي..
تؤكد د. الجوهرة المبارك -دكتوراه في الحديث وعلومه، ومدير عام نشاط الطالبات بالوكالة المساعدة لشؤون الطالبات بوزارة التربية والتعليم- على أن للتربية دوراً هاماً في التنشئة، ومصداق ذلك في الشريعة السمحة، مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود يولد إلا على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
فالأولاد قد فطروا على صفات الرجولة، وكذلك الحال عند الفتيات، فطرن على صفات الأنوثة وحب الزينة والتحلي (أو من يُنشّؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)؛ بل إنه يعتبر من السخرية في حق كل منهما لو وصف بصفات الجنس الآخر، وما يحصل من التميع من قبل الرجال والاسترجال من قبل النساء إنما هو مخالف للفطرة وللتربية كما ذكرت.
لا بد للآباء والأمهات أن يتنبهوا إلى هذا الأمر منذ بدايته، خاصة إذا كان المحيط يساعد على ما يخالف الفطرة، فبعض المجتمعات مهيئة للانحراف في الفطرة، يساعدها في ذلك ما تبثه وسائل الإعلام من سموم بطريق مباشر أو غير مباشر، ومما يساعد على ذلك أيضاً معيشة الفتاة منفردة بين العديد من الذكور والعكس، فيجب في هذه الحالة أن يكون الجهد مضاعفاً لدى الآباء والأمهات لتوجيه كل جنس للعيش لما خلق له، حتى يسعد في دنياه وآخرته، ويكفينا في التحذير من الوقوع في ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال".
والعلاج الحقيقي هو أن يعمل المربون على غرس المبادئ الإيمانية والخوف من عقاب الله والرغبة في ثوابه في نفس الطفل منذ نعومة أظفاره، حتى يكون همه إرضاء خالقه والبعد عن كل ما يغضبه.
ـــــــــــــــــــ(101/211)
ابني ... لا يكفيني أني أحبك !!
إلى من يشتكى؟
عابد طفل في الصف الأول الإعدادي يحاول أن يبذل كل وسعه وجهده في مذاكرته حتى يحقق توقعات والديه وطموحاته.
ولكن للأسف والداه لا يقدران جهوده.. ويصفانه دائمًا بالتقصير ويتعاملان مع مشاكله معاملة هجومية.. مما جعل عابدًا ينطوي وينزوي في البيت وفي المدرسة ولا يصادق الكثير... لا يستمتع بالرياضة ولا ينتمي إلى مجموعة معينة فهو شارد عن القطيع سابح في ملكوت وحده.
وفي يوم من الأيام سأله صديقه الوحيد الخروج معه أثناء الفسحة لشراء شيء ما من أحد المحلات القريبة.
ذهب معه عابد بحسن نية، فإذا بصديقه يشتري علبة دخان [تبغ] وبدأ في التدخين... وأراد أن يعطي سيجارة لعابد ولكنه أبى.. مع أنه وجد صعوبة في أن يرفض هذا العرض لِما عند الأطفال من فضول لمعرفة كل غريب.
ولكنه بعد جهد طويل استطاع أن يقول: لا لن أدخن.
نعم لم يدخن عابد فلقد منعته فطرته السليمة من ذلك، ولكنه في موقف صعب الآن.. وتحت ضغط نفسي شديد.
فصديقه الوحيد الذي كان أقرب إنسان إليه هو الآن يدخن... ماذا يفعل عابد؟
سؤال يدور في خاطره.. ماذا أفعل؟ هل أصادقه أم لا؟ هل أحكي لوالدي عما حدث أم لا؟ هل أدخن أنا أيضًا؟ أريد أن أعرف ما سر هذه السيجارة؟
علامات استفهام تدور في خاطر عابد ولكنه لا يجد لها إجابة.
وهو في الوقت ذاته يخاف أن يشتكي أو يحكي إلى والده لأنه يعلم تمام اليقين أن رد فعل والده سيكون عنيفًا وأنه سيوبخه.
إلى من يشتكي هذا الصغير؟
أيقبل على الخطأ؟
لو أقبل فإنه سيكون معذورًا لأنه لم يجد من يوجهه ويعلمه بهدوء، لأنه كان خائفًا مرتعدًا من ردود أفعال أهله.
وازداد الليل ظلمة!
وفي نفس اليوم عاد من المدرسة ومعه تقريره الدارسي [شهادة درجات المواد] نظر الوالد إلى التقرير وأبدى امتعاضًا شديدًا وبدأ يوبخ عابدًا لأنه لم يحصل على درجة عالية في مادتين من المواد دون أن يناقش عابدًا ويسأله عن السبب، فأصبح عابد حزينًا جدًا، ويرى أن الحياة صعبة في المنزل نتيجة لتوبيخات والده غير العادلة، نتيجة لضغوط الأقران في المدرسة...! مسكين عابد.
ـ نقول لأم عابد ولوالد عابد لا يكفيكم أنكم تحبون عابدًا.. نعم لا يكفيكم أن تكون مشاعر الحب كامنة في صدروكم.. لا بد أن يراها عابد.. لا بد أن تقولوا لعابد:
'لا يكفيني أني أحبك'
ماذا فعلت مشاعر الحب الكامنة؟
هل حلت مشكلة عابد؟ هل قضت على انطوائه وانزوائه؟
لا وإنما زادت منه خوفًا من ردود أفعالكم المرعبة.
لابد أن يكون الآباء هادئين في انفعالاتهم عند سماع مشاكل أبنائهم حتى يتعود الأبناء أن يحكوا إلى آبائهم مشاكلهم لأنهم الأقدر على حلها وتصويبها.
أما إذا اعتاد الطفل أن يرى الهجمات والكلمات إثر أية مشكلة يحكيها فسيمتنع عن ذلك وسيحل مشاكله بنفسه الضعيفة قليلة الخبرة والنضج.
أو سيلجأ إلى رفقاء السوء الذين سيحلون المشكلة بلا وعي وبلا دين.
ـ لو استمر الوضع على هذا الحال فإن عابدًا ربما يلجأ بعد ذلك إلى طاعة صديقه كي يقضي على الكبت النفسي داخله... في المرة التالية ربما يدخله ويكون حينها ضحية سوء التربية والتفاهم مع الأبناء.
ـ لابد أن يشعر الابن دائمًا بمشاعر الحب من والديه مشاعر مترجمة إلى كلمات وأفعال ووقائع عملية في كل وقت حتى عندما يخطئ الابن، فأنت لا تكرهه هو وإنما تكره فعل الخطأ الذي قام به.
كما أنك لا تطلب منه دائمًا أن يكون [عبقرينو] أو نابغة عصره وزمانه فلكل جواد كبوة، وتختلف قدرات الأطفال ومستوى ذكائهم عن بعضهم البعض.
الأم شقت قلبها نصفين لولديها!
جاءت امرأة إلى عائشة - رضي الله عنها - فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخرته عائشة، فقال: - صلى الله عليه وسلم -: 'وما يعجبك من ذلك لقد - رحمها الله - برحمتها صبييها' [رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه].
فهذه الأم لكأنما شقت قلبها نصفين رحمة بأطفالها.
أبرزت معاني الحب ظاهرة في أفعال وحركات ليس مشاعر كامنة ليس لها من الواقع العملي حظ ولا نصيب.
إن الطفل الذي يشبع من الحب والحنان يكون أميل إلى الطاعة والتعاون، ولذا فالحب والعطف ركنان أساسيان من أركان تربية الطفل.
ومن الخطأ أن يعتقد الآباء أن المحبة هي توفير الحاجيات والملابس والهدايا والمآكل الطيبة وما شابه ذلك... إن الحب الحقيقي الذي لا ينتبه إليه الكثير من الوالدين هو: عاطفة ومشاعر وتفهم.
أبو القاسم يترجم الحب:
ها هو محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الخلق وأعظمهم قدرًا وإيمانًا يترجم الحب في وقائع عملية.
روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن بريدة عن أبيه - رضي الله عنهما - قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فجاء الحسن والحسين - رضي الله عنهما - وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فحملها ووضعهما بين يديه ثم قال: 'إنما أموالكم وأولادكم فتنة' نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
فيالرحمة سيد الخلق التي ذكرها الله في كتابه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].
ويالقساوة قلوب هؤلاء الجهلة الذين يطردون الأطفال من المساجد ويعاملونهم بقسوة فينفرونهم من بيوت الله.
ـ وروى النسائي والحاكم 'بينما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته قالوا: قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال: إن ابني قد ارتحلني أي جعلني كالراحلة فركب على ظهري فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
ـ وجاء في الإصابة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يداعب الحسن والحسين - رضي الله عنهما - فيمشي على يديه وركبتيه ويتعقلان به من الجانبين، فيمشي بهما ويقول: 'نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما'.
ـ وفي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي [أي أختصر] مما أعلم من وجد أمه من بكائه'.
ـ وفي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أنه - عليه الصلاة والسلام - مر على صبيان فسلم عليهم.
ـ وروى مسلم أن الناس إذا رأوا أول التمر جاءوا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أخذه قال: 'اللهم بارك لنا في تمرنا، وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا. ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك التمر'.
انظر إلى الهدي النبوي الشريف في حب الأطفال والرحمة بهم، أفعال قليلة وصغيرة ولكن لها أكبر قدر وأثر في نفس الطفل، عندما يشعر أنه محبوب ومرغوب من الآخرين.
لا تدمر معنى الحب:
كثير من الآباء يظنون أن الطفل كائن هلامي لا يشعر ولا يحس.
ولكن على العكس، فالطفل شديد الحساسية يتأثر أكثر من غيره بأسلوب المعاملة التي يتلقاها، يخطئ من يعتقد أن الطفل قليل الإحساس والتأثر... والحقيقة أن الطفل أكثر إحساسًا من غيره، ومشكلته الوحيدة هي أنه لا يحسن التعبير عن هذه الحساسية، أو بعبارة أدق وأكثر موضوعية هو أن الكبار ليسوا في مستوى فك الرموز والرسائل غير الشفوية التي يبعث بها الطفل مستنكرًا طرق التعامل معه أو محتجًا أو معارضًا، فلا تدمر الحب إذن بأن تسخر من الطفل... كأن تسخر من عيوبه وإخفاقاته الطبيعية فكما قلنا لكل جواد كبوة.
إياك أن تستهزئ به: كأن تصفه بأوصاف الحيوانات أو بإطلاق الألقاب السيئة عليه.
تجنب الاتهام المتكرر: كاتهامه بالفشل دائمًا أو المس بأمانته وقدراته.
واحذر الخطاب المهين: من خلال ألفاظ وجمل معينة مثل: أنت غبي، لا تفهم كالحمار، أخجل لكونك ابني، لن تنجح أبدًا، تأكل كالحيوان، يا ليتك مثل أخيك.
ـ كل هذا يهزم الطفل داخليًا ويضعف ثقته بنفسه ويجعله متجنبًا للجميع ويترك صداقة أمه وأبيه.
من لا يرحم لا يُرحم:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: 'قبّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن والحسين بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدًا قط فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: 'من لا يرحم لا يُرحم'، وفي رواية: 'وأملك أن قد نزع الله من قلبك الرحمة' [رواه البخاري].
فلا تظن أن هذه القبلة تمر على الطفل هكذا دون أن يشعر بها.. لا.. إن لها دورًا فعالاً في حياة الطفل وفي تحريك مشاعر الطفل وعاطفته وهي دليل رحمة القلب للطفل، ثم هي أولاً وأخيرًا سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
أولادنا... أكبادنا:
كم دعونا الله أن يرزقنا إياهم وقلنا وعهدنا أننا سنحافظ عليهم.
قال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 189].
ولكننا للأسف عندما رزقنا الله الذرية أهملناها، وكأنها لم تكن أولادنا، ونسينا أو تناسينا الرحمة أو المحبة لهم.. وهم أحوج ما يكونون إليها في هذه السن.
ولا يحتج أحد بأن يقول: إننا إن فعلنا ذلك سنفرط في تدليلهم، فهؤلاء حجتهم داحضة وقولهم مرفوض، فهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يدلل أبناءه ليكونوا قادة تفتح على أيديهم الفتوح وتمصر على أيديهم الأمصار.... والله أعلم
السبت 4 ربيع الأول 1425هـ - 24 أبريل 2004م
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/212)
رسالة من أم إلى ابنها العاق
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة كتبتها على استحياء بعد تردد وطول انتظار أمسكت بالقلم مرات فحجزته الدمعة وأوقفت الدمعة مرات فجرى أنين القلب.
يا بني.. بعد هذا العمر الطويل أراك رجلاً سوياً مكتمل العقل ومتزن العاطفة من حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة وإن شئت بعد فمزقها كما مزقت أطراف قلبي من قبل.
يا بني.. منذ خمسة وعشرين عاماً كان يوماً مشرقاً في حياتي، عندما أخبرتني الطبيبة أنني حامل والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيداً، فهي مزيج من الفرح والسرور وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية وبعد هذه البشرى حملتك تسعة أشهر في بطني، فرحة جذلا، أقوم بصعوبة وأنام بصعوبة وآكل بصعوبة وأتنفس بصعوبة ولكن كل ذلك لم ينقص محبتي لك وفرحي بك بل نمت محبتك مع الأيام وترعرع الشوق إليك. حملتك يا بني وهناً على وهن وألماً على ألم، أفرح بحركتك وأسر بزيادة وزنك وهي حمل علي ثقيل، إنها معاناة طويلة أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه القلم ولا يتحدث عنه اللسان ورأيت بأم عيني الموت مرات عدة حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي وأزالت كل آلامي وجراحي.
يا بني.. مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي جعلت حجري لك فراش وصدري لك غذاء أسهرت ليلي لتنام واتعبت نهاري لتسعد، أمنيتي كل يوماً أن أرى ابتسامتك وسروري في كل لحظة أن تطلب مني شيئاً أن أصنعه لك فتلك هي منتهى سعادتي.
ومرت الليالي والأيام وأنا على تلك الحال، خادمة لم تقصر ومرضعة لم تتوقف وعاملة لم تفتر حتى اشتد عودك واستقام شبابك وبدت عليك معالم الرجولة فإذا بي أجري يميناً وشمالاً لأبحث عن المرأة التي طلبت، وأتى موعد زفافك فتقطع قلبي وجرت مدامعي، فرحة بحياتك الجديدة وحزناً على فراقك، ومرت الساعات ثقيلة فإذا بك لست ابني الذي أعرفك لقد أنكرتني وتناسيت حقي. تمر الأيام لا أراك ولا أسمع صوتك وتجاهلت من قامت بك خير قيام.
يا بني لا أطلب إلا القليل اجعلني في منزلة أطرف أصدقائك عندك وأبعدهم حضوة لديك، اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق.
يا بني.. احدودب ظهري وارتعشت أطرافي وأنهكتني الأمراض وزارتني الأسقام، لا أقوم إلا بصعوبة ولا أجلس إلا بمشقة ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك.
لو أكرمك شخص يوما لأثنيت على حسن صنيعه وجميل إحسانه، وأمك أحسنت إليك إحسانا لا تراه ومعروفا لا تجازيه، لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات، فأين الجزاء والوفاء؟ ألهذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام.
يا بني.. كل ما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري ولكني أتعجب وأنت صنيع يدي، أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوا لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل زيارتي، هل أخطأت يوماً في معاملتك أو قصرت لحظة في خدمتك، اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم وامنحني جزءاً من رحمتك ومُنَّ علي ببعض أجري وأحسن فإن الله يحب المحسنين.
يا بني.. أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك.
يا بني.. تفطر قلبي وسالت مدامعي وأنت حيٌ ترزق ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجودك وكرمك.
يا بني.. أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق وألجمها الحزن، جعلت الكمد شعارها والغم دثارها وأجريت لها دمعا وأحزنت قلبا وقطعت رحما.
لن أرفع الشكوى ولن أبث الحزن، لأنها إن ارتفعت فوق الغمام واعتلت إلى باب السماء، أصابك شؤم العقوق ونزلت بك العقوبة وحلت بدارك المصيبة، لا لن أفعل. لا تزال يا بني فلذة كبدي وريحانة حياتي وبهجت دنياي.
أفق يا بني.. بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أباً شيخاً والجزاء من جنس العمل. وستكتب رسائل لإبنك بالدموع مثل ما كتبتها إليك، وعند الله تجتمع الخصوم.
يا بني.. اتق الله في أمك، كفكف دمعها ووآسي حزنها وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها واعلم أن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/213)
المناعة الروحية(1)
د.مصطفى جاويش 7/5/1424
07/07/2003
مع بداية إجازات الصيف الطويلة تثار مناقشات وجدل كثير عن وقت أبنائنا وكيف نرتبه لهم؟ وكيف نستثمره في النفع لهم ؟ وفي كل الأحوال غالباً ما تكون آراء الآباء دون مراعاة رأي أو رغبة الأبناء، وكما ورد في الأثر "علموا أولادكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، وتكون المشكلة والأزمة حين يبدي أحد الأبناء رغبته بسؤال بريء وهو أن يطلب مشاهدة الفضائيات، ومع الرفض المبدئي والخوف الغريزي لدى الآباء! يدور التساؤل مرة أخرى لماذا؟ أليس بها برامج إسلامية وثقافية وعلمية ورياضية ومحاورات ومناقشات مفيدة؟ وتبدأ حيرة الآباء في كيفية الرد وأسلوب تبرير الرفض، وتلك مشكلة أخرى فرضية؛ لأن الخوف الغريزي والرفض المبدئي من الصعب عرضه وتفصيله أمام الصغار!.
وهنا يبرز السؤال: لماذا الخوف وما السبب الموضوعي للرفض؟ والرد الفوري والإجابة التلقائية تدور حول فرضية مشاهدة القنوات والبرامج الإباحية أو على أحسن الفروض التعرض للإعلانات البينية بين البرامج الجادة في القنوات المحترمة!
وهنا نعرض لعدد من المواقف والأفكار:
ففي حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" (أخرجه ابن ماجه وغيرة ).
وقصة نبي الله يوسف عليه السلام: لماذا وكيف حفظه الله تعالى وهو ينشأ في بيئة غريبة عليه، ويعيش فترة المراهقة داخل أروقة القصور، حيث لا اهتمام بالكثير من الأمور الأخلاقية، بدليل رد فعل (العزيز) عند رؤيته الواقعة "يوسف أعرض عن هذا": فقط لا تتحدث بالأمر ولا تنشر الإشاعات، ثم قال لزوجته: "استغفري لذنبك". رد فعل يعبر عن طبيعة الأخلاقيات في تلك البيئة، ومع ذلك فإن يوسف عليه السلام عبر الأزمة وخرج من الموقف سليماً مخلصاً لربه؛ لماذا؟.
في الطب الوقائي للأجسام يتم إعطاء الطفل تحصينات ضد عدد من الأمراض بهدف إنشاء وتنمية المناعة الجسمانية الذاتية ضد تلك الأمراض، وتشمل تلك التحصينات جرعات ضعيفة ومتحكم فيها من مسببات الأمراض بحيث يتعرف عليها الجسم، ولكن لا تسبب المرض، ويبدأ الجسم في تكوين مناعة ذاتية داخلية ضد تلك الأمراض إذا تعرض لها، وهنا السؤال: أليس من الأفضل أن ينشأ الطفل في وسط سليم خال من المرض طوال حياته، وبذلك نضمن سلامته وعزلته عن مسببات الأمراض؟، الفكرة واردة، لكنها مستحيلة التنفيذ؛ لذا كان لا بد من التحصين لرفع المناعة.
وفي الطب الوقائي للأرواح والنفوس نعرض الموضوع بعكس الخطوات فنقول: أليس من الأفضل عزل أفكار أبنائنا وغلق عيونهم عن فساد المجتمع وعن شرور الشيطان، وبذلك نضمن عدم تعرضهم لأية أمراض ومفاسد خلقية وسلوكية ونوفر لهم محيطاً نقياً خالياً من الشرور؟، الفكرة أيضاً نظرية، ولكن من الصعب بل من المستحيل تطبيقها، فالابن لا بد له من التعامل مع المجتمع وتداخلاته ومستوياته وأخلاقياته من: زملاء، وأصحاب، وأقارب، وتاجر، وجيران؛ فالعلاقات الاجتماعية متشعبة، ومن غير المنطقي الحديث عن "الابتعاد" . إذاً فالمعايشة واقع مفروض وضرورة حياتية، وليس الخطر فقط في مشاهدة الفضائيات، ولكن الحديث حولها في المدرسة وعند زيارة الأقارب والجيران يكون أشد تأثيراً، خاصة لو دخلنا في دائرة الممنوع والمرغوب والمجهول وغير المعروف، ويترتب عليه إحساس بالنقص، ولا قدر الله الكبت!.
كيف نرفع المناعة الروحية لأبنائنا لتكون لديهم ذاتية التفاعل الإيجابي والسلامة السلوكية في مواجهة الشرور والمفاسد والتعامل معها، وليس بالهروب والانعزالية
المناعة الروحية (2)
د. مصطفى جاويش 13/6/1424
11/08/2003
من تأمل موقف نبي الله يوسف -عليه السلام- وكيف عرض القرآن الكريم لأدق التفاصيل النفسية والاجتماعية والثقافية والروحية، وأسلوب بداية الأحداث وتصاعدها وصولاً إلى الأزمة وما ترتب عليها ثم السجن؛ نلاحظ قول يوسف عليه السلام وهو يدعو " صاحبا السجن" إلى عبادة الله الواحد الأحد ويبدأ ببيان المصادر الإيمانية والمرجعية الروحية التي يستمد منها قيمه وأخلاقه ومقومات شخصيته حيث يقول:
1- (ذلكما مما علمني ربي)
2- (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون).
3- ( واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء).
حيث تشير الآية الأولى إلى أهمية العلم والتعليم والمعرفة الربانية مصداقاً لقوله تعالى " ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين"[يوسف:22].
وتشير الآية الثالثة إلى القدوة الصالحة الواجب اتباعها خاصة وهي من آباء ربانيين يحملون رسالة الله تعالى من إبراهيم عليه السلام في موكب متصل إلى الرسول الخاتم - عليه الصلاة والسلام- "الأنبياء إخوة لعلات،أمهاتهم شتى ودينهم واحد "رواه البخاري، وقوله عليه الصلاة والسلام : "إننا معشر الأنبياء ديننا واحد" والآيات القرآنية الكريمة عن الرسالة الواحدة لجميع الأنبياء والرسل، فهي ملة واحدة وشريعة واحدة مشتركة، وتصور رباني يؤثر في السلوك والتصرفات لتكون الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة من الآباء والمربين، يراها الأبناء ويتعايشون ويتفاعلون معها كواقع عملي في الإقامة وفي السفر، وفي الجد والمرح.
أما الجملة الثانية فهي تبدأ بكلمة " تركت" وتدل على الأثر والنتيجة وحصيلة المعاناة ودور المناعة الروحية الفعالة التي جعلته بذاتية وإخلاص وشفافية يعايش القوم ولكن في عالمه الخاص لدرجة أنه يترك " ملتهم" بما تشمله الكلمة من معاني الثقافة والعبادة ونمط الحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية، والترك هنا يدل على المعرفة بالخطأ والصواب والدراية الكاملة بالخير والشر، وكما قال الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وأنا أسأله عن الشر مخافة الوقوع فيه"، فتلك المعرفة صاحبتها قدرة ذاتية على التمييز واتخاذ الموقف الإيجابي الواضح بمرجعيته الإيمانية، وهذا الأثر وتلك النتيجة حصيلة مؤثرين هما:
1- المعرفة والعلم الرباني
2- القدوة الربانية القريبة والمؤثرة.
وهذان المؤثران هما جناحا تكوين المناعة الروحية المنشودة لأبنائنا للوصول إلى بر الأمان وحصن الصلاح ومعايشة الواقع، والتعامل مع المجتمع بإيجابية وذاتية تقاوم المنكر وتصلح الفاسد وتسعى للتغيير ليكون الفرد صالحاً مُصلحاً في آن واحد.
وقياساً على طرق اكتساب المناعة الجسمانية والتي تشمل وسائل سريعة عاجلة تعطي مناعة ووقاية جاهزة ومباشرة، ووسائل أخرى تعطي مناعة على المدى البعيد؛ نجد أن المناعة الروحية لها مؤثر سريع، ويعطي النمط السلوكي الواضح من خلال تقليد الابن واتباعه لعمل المربي وتكرار سلوكه حتى وإن لم يفهم أو يعي السبب، وتعرف هذه الطريقة بـ"أسلوب اتباع القدوة"، فالابن يتصرف بالأسلوب السليم وبصورة مرضية دون أن يرتبط هذا بعمره أو بمدى إدراكه ويزداد الفهم رسوخاً مع تقدم العمر وزياد الإدراك.
أما المؤثر الثاني الذي يكون المناعة الروحية على المدى البعيد فهو التعليم على أساس من العقيدة والمبادئ والقيم الربانية .
والمؤثران متكاملان؛ فالتعليم جانب نظري لا بد له من تطبيق عملي يُستمد من القدوة، وتصرفات وسلوكيات الأبناء تنبع من الحصيلة التراكمية للمعرفة والملاحظة المتكررة.
فالقدوة إذا هي المؤثر العملي التطبيقي ذو الأثر السريع في تكوين المناعة الروحية للأبناء، وتلك القدوة الصالحة من المربي يلزم لها إطار من الحب والمودة والرحمة تجذب الابن وتنتقل به من مرحلة التقليد إلى مرحلة ومرتبة " الاتباع" بإحسان (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم...) [ سورة الطور:24].
وهنا وقفة لنا كمربيين لنبدأ في تغيير أنفسنا لبناء القدوة المؤمنة الصالحة، ولنخطوا أول خطوة على طريق التربية الذاتية، ولينظر كل منا إلى نفسه بمقياس الإيمان والتقوى ويتفكر في قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وقوله سبحانه وتعالى: (لم تقولون مالا تفعلون) ، أين الأخطاء وما هي نسبة السلبيات السلوكية، وكيف ينهى المربي عن أمر ويأتي مثله ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)، فالبداية إذًا هي أن نصلح من أنفسنا ذاتياً لتكون لنا المصداقية الإيمانية والشفافية السلوكية أمام أبنائنا، تلك هي الخطوة الأولى ولا بد لها من خطوات تالية بإذن الله وتوفيق
المناعة الروحية(3)
د.مصطفى جاويش 10/8/1424
06/10/2003
البداية هي أن نصلح من أنفسنا ذاتياً لتكون لنا المصداقية الإيمانية والشفافية السلوكية أمام أبنائنا، تلك هي الخطوة الأولى ولا بد لها من خطوات تتبعها.
فالحركة الفعالة للمربي نحو إصلاح الذات وتزكية النفس وهو يبتغي الفلاح والصلاح لأهله يقيناً في قوله تعالى(وكان أبوهما صالحًا) [ الكهف:82] فصلاحه له ثمرة خاصة لذاته، وثمرات متعددة ومتتابعة لولدها من بعده، يكون المربي مهيئاً لبدء "المشروع" المرتقب نحو تكوين وتنمية " المناعة الروحية" للأبناء.
وأحسب المربي يمر بالمراحل الآتية:
أولاً: مرحلة الإحساس بالذات والمسؤولية الاجتماعية:
1- إحساس المربي بقدرته على أن يكون قدوة ربانية على منهاج النبوة ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) [الأحزاب:21]، ويعلن عن نفسه من خلال الطاعة لله سبحانه وتعالى، والالتزام القولي والفعلي لقوله جل شأنه (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ..) [ يوسف:108].
2- إدراكه لمكانته في الأسرة ومسؤوليته عنها أمام الله تعالى لحديث ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسؤولة عنه، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" [رواه البخاري].
وعن أنس -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه؛ حفظ أم ضيع؟" حتى يسأل الرجل عن أهل بيته، ومن ثم يدرك المربي مدى مسؤوليته القيادية لأسرته في إطار الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ...) [التحريم:6].
3- الوعي الكامل لأهمية وواقعية أن " الأسرة مؤسسة تربوية" (حسب رأي الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله-) تقوم بغرس الاتجاهات نحو الحياة والبيئة في نفوس أبنائها؛ لأن الطفل يعتمد على دائرة الأسرة كمصدر أساس لمعرفة أحكامه الأخلاقية وعادات وتقاليد مجتمعة ويستنشق ويتغذى ويمتص رحيق العقيدة من والديه "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أويمجسانه" ثم يقول أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)" [رواه مسلم].
ثانياً: مرحلة تكوين الرؤية المستقبلية:
لما ترنو إليه نفسه من بناء جيل سليم العقيدة، متزن الفكر، صحيح الجسم، قادر على الإنتاج والتنمية، متفاعل مع مجتمعه، يعيد الوسطية كمنهج حياة (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) [البقرة:143].
ثالثاً : مرحلة التخطيط والتحرك صوب الهدف:
وقبل أن يخطط الإنسان لشيء عليه أولاً أن يجعل الله تعالى نصب عينيه، وأن يستعين به ويتوكل عليه، فلا حول ولا قوة إلا به، ولا ملجأ ولا منجىً منه إلا إليه، وكما قال ابن تيمية: "إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة فاستغفر الله ألف مرة أو أكثر أو أقل، حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل"، ومن حديث أنس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " ... وإذا أراد الله بعبده خيراً استعمله قبل موته قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه" [رواه الإمام أحمد]، وتكون الحركة مصداقاً لقوله تعالى : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) [التوبة:105] وبذلك تمضي الخطوات واثقة على أساس متين لتشمل:
1-تحديد الهدف، وهو تربية جيل يحمل "مناعة روحية"، أفراده صالحون في أنفسهم، مصلحون لما حولهم، مقبلون بعزيمة على تعمير الدنيا وقلوبهم معلقة بإرضاء الله تعالى وابتغاء مرضاته.
2-تكوين فريق التنفيذ من أفراد الأسرة (فريق تربوي أسري) لتفعيل دور الأسرة كمؤسسة تربوية، وأعضاء الفريق هم:
أ-الأب والأم في علاقة قوامها المودة والرحمة والسكينة والألفة، إطارها التفاهم والثقة المتبادلة، حيث يعملان سوياً بإخلاص وثبات وفهم مشترك لتحقيق هدف واضح، ويتحاوران بلغة واحدة، وسلوكيات أساسها التكامل والتشاور والتناصح، وحسب الآية الكريمة (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) [التوبة:71] أي تكون بينهما علاقة موالاة إيمانية.
ب-الأبناء: أعضاء مهمون في الفريق، ولهم دور في المشاركة حسب مراحلهم السنية لتكوين صفة الإيجابية وتنمية الذاتية والثقة بالنفس فيهم.
3- الوسائل والإجراءات التنفيذية:
أ-الدعاء: حيث إن للدعاء منزلة عظيمة عند الله تعالى؛ فهو أكرم شيء عند الله،والدعاء قد يرد القضاء، ودعاء المسلم مستجاب لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها الله له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر؟! قال: الله أكثر" [رواه أحمد والترمذي]، وهنا يتردد الدعاء بصوت واضح من الأب والأم أمام الأبناء بتلاوة قوله تعالى: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء* ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) [ إبراهيم: 41.40] فالدعاء متصل ومتواصل من الآباء لصلاح الأبناء ومن الأبناء بالمغفرة والرحمة للآباء، فذلك التواصل والإخلاص ينمي في الأبناء الانتماء، والحرص على الدعاء هام جداً كأساس تربوي مع حفظ الصيغ الصحيحة ومعرفة الأوقات والشروط اللازمة للقبول.
ب-القرآن الكريم محور أساس للتربية:
في القلب وحشة وقلق واضطراب ليس له علاج إلا في كتاب الله -عز وجل- لقوله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين* قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) [ يونس: 58.57]، ويشمل محور القرآن الكريم عدة إجراءات تنفيذية منها:
1-الاهتمام بحفظ وترتيل القرآن الكريم لأقصى طاقة ممكنة، وتحفيز الأبناء لكفاءة واستمرارية الحفظ في السن الصغيرة.
2-جلسة منزلية لمدارسة القرآن الكريم، وفيها تجتمع الأسرة في موعد ثابت، ولمدة تناسب المراحل السنية للأبناء، ويتم في تلك الجلسة مدارسة كتاب الله. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله -عز وجل- ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) [رواه مسلم والترمذي وأبو داود]، قال ابن حجر: "فيه تعويد الناشئة على المدارسة، والمدارسة مع الناشئة تعليم لهم، وتربية وتزكية لنفوسهم، وتدريباً لعقولهم" [فتح الباري]. وعن الآية الكريمة (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) [ص:29] يقول ابن القيم: "وبهذا أنزل الله القرآن ليُتدبر ويُتفكر فيه ويُعمل به، لا لمجرد التلاوة مع الإعراض عنه".
3-معايشة القرآن الكريم:
بمعنى تكليف أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم بعد كل جلسة مدارسة بتنفيذ حكم أو سلوك أو تنمية صفة وخلق ومتابعة ذلك في الجلسة التالية، يقول ابن عمر -رضي الله عنهما-: "لقد عشنا دهراً طويلاً، وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، فتنزل السورة على -محمد صلى الله عليه وسلم- فنتعلم حلالها وحرامها، وأمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده فيها [أخرجه الطبراني].
وجاء رجل إلى أبي الدرداء وقال له: إن ابني جمع القرآن؛ فقال : " اللهم غفراً، إنما جمع القرآن من سمع وأطاع.
4-الاهتمام بالقصص القرآني:
للقصة دور هام في بناء الشخصية وتنمية القيم والأخلاق، وللقصص القرآني طبيعة خاصة تجذب القلوب، وتنبه العقل وترسخ القيم والمفاهيم، ويتم مدارستها مع الأبناء، وتراعى المرحلة السنية ومستوى الإدراك حيث يبدأ المربي بقصص الحيوانات والطيور ( الهدهد، الفيل...) ثم قصص الأنبياء عليهم السلام في مراحل الطفولة حتى بلوغ السعي وقصص المواقف مثل ثبات أصحاب الأخدود.
ج-السنة النبوية المطهرة كمحور أساسي للتربية:
لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة نبيه"، فحياته عليه الصلاة والسلام شاملة لكل النواحي الإنسانية والاجتماعية التي توجد في الإنسان من حيث إنه فرد مستقل بذاته أو عضو فعال في المجتمع (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [الأحزاب:21].
1-حفظ شيء من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة التي تعتبر أصولاً في الدين، مثل حديث البخاري "إنما الأعمال بالنيات".
2- مدارسة السيرة النبوية العطرة (جلسات المدارسة لأفراد الأسرة):
أ-الرسول القدوة والأسوة الحسنة : الأخلاق - المعاملات ....
ب-حب الرسول: " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: قراءة القرآن وحب نبيكم وحب آل بيته" [رواه الطبراني].
ج-المواقف والغزوات: يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: " كنا نعلَّم أولادنا مغازي الرسول كما نعلمهم السورة من القرآن".
3-معايشة السنة النبوية: من خلال تكليفات لكل فرد من أعضاء (فريق التربية الأسري) للتطبع والتخلق بسلوكيات الرسول القدوة -عليه الصلاة والسلام- ومتابعة التنفيذ.
4-قصص وتاريخ حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ومراحل الدعوة الإسلامية بأسلوب المدارسة والتأمل.
ومن القرآن الكريم والسنة النبوية يتم تحقيق سلامة العقيدة ومتانة الإيمان والخلق، ونربي في الابن خاصية الاستعلاء الإيماني والاعتزاز بالانتماء للإسلام، والإحساس بالتميز ومسؤوليته تجاه ذلك.
وحيث إن جميع الخطوات والإجراءات التنفيذية تمت بأسلوب جماعي لكل أفراد الأسرة وبصورة عملية تلتزم بالوقت وفق برنامج واضح ومدروس، فإنه بالتالي يكون من السهل على المربي البدء في أية خطوات تربوية أخرى وإعطاء توجيهات - أو حتى مواعظ- طالما أن البيئة داخل محيط الأسرة قد أصبحت مهيأة بصورة واقعية للتفاعل والاستجابة وجني الثمار بإذن الله.
مثال تطبيقي:
يطلب الأبناء مشاهدة الفضائيات، وأحسب أن مؤسسة الأسرة لن ترفض؛ لأن الأبناء قد تدربوا على أسلوب جلسات المدارسة وكيفية المشاركة بالرأي والقدرة على المناقشة وكفاءة تنفيذ تكليف معين بروح طيبة أساسها الحب والمودة؛ لذا: وحسب خطة المربي - قائد الفريق الأسري- يتم تحديد أوقات مناسبة لجلسات أسرية لمشاهدة الفضائيات، ويتم استخدام نفس الأسلوب لمدارسة ومناقشة وفهم ما يرونه وإبداء الرأي - حسب إدراكهم- مع قيام المربي بترسيخ معاني الآيات الكريمة : (إنه يعلم الجهر وما يخفى)[ الأعلى:7]، (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) [غافر:19]، (ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء) [إبراهيم:38]. والنتيجة هي قدرة كل فرد من الأسرة على اختيار ما يمكن مشاهدته في إطار من الاستعلاء الإيماني والقدرة الذاتية على تحمل مسؤولية حماية النفس والعقل، حيث إن " المناعة الروحية" تم اكتسابها، ومن الممكن لها النمو والفعالية بإذن الله .
الخلاصة:
الأسرة هي المحضن الأساس لتنشئة الأبناء، وبتفعيل دور الأسرة كمؤسسة تربوية يتم تكوين وتنمية "المناعة الروحية" لكل أفراد الأسرة من خلال:
1-المعرفة بالعلم الرباني بمدارسة ومعايشة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
2-القدوة الربانية القريبة والمؤثرة من المربي الصالح الذي يدعو إلى الله على (بصيرة) بمعنى وضع "مشروع تربوي" متكامل الملامح يتفاعل من خلاله جميع أفراد الأسرة لتحقيق الهدف في جو من الموالاة الإيمانية
ـــــــــــــــــــ(101/214)
كيف نعاقب أبناءنا ؟؟ ' علي الصغير ومشكلة العصير ! '
علي طفل صغير يبلغ من العمر ثلاث سنوات، عادة ما يذهب إلى الثلاجة ويفتحها وينظر بالداخل، وفي أحد الأيام أخذ علي إناء العصير من الثلاجة ووضعه على طاولة المطبخ وبدأ يسكب لنفسه كوباً من العصير! بالطبع أثناء سكبه للعصير تناثر على الأرض وعلى طاولة المطبخ بعض من العصير.
عندما حضرت أم علي إلى المطبخ ووجدت ما حدث غضبت غضبًا شديدًا وصاحت في احتداد في علي: 'انظر ماذا فعلت أيها الولد الشقي الغبي'
ثم أخذته إلى غرفة المعيشة وانهالت عليه ضربًا حتى صرخ علي ثم تركته وذهبت بعد ذلك لتنظف أرض المطبخ والطاولة من العصير'
- ما رأيك في رد فعل الأم؟
- وهل ترى أن رد الفعل صحيح يختلف إذا كانت أم علي حذرته من فتح الثلاجة؟
- تخيل ابنك في هذا الموقف ماذا سيفعل؟ وما إحساسه بعد ضربك إياه وتوبيخك له ثم مغادرتك الغرفة.
- هل علم هذا التصرف عليًا شيئًا؟ هل أكسبه ثقة في نفسه أم العكس؟
يقول الأستاذ: حسن عشماوي: 'أول ما يجب علينا قبل الإقدام على الإيلام أن نصبر طويلاً على تشخيص الطفل وظروف خطئه الذي نريد أن نقسو عليه ليقلع عنه.. ولكن كثيرًا من الأخطاء تتكرر لأسباب لا يمكن علاجها عن طريق الإيلام كأن يكون مرجعها سوء الفهم أو الفكرة الخاطئة من أمر أو تصرف أو شعور ما، أو الرهبة من موقف معين ومحاولة علاج الأخطاء التي ترجع إلى ذلك عن طريق الإسلام أمر غير مجد، بل هو ضار أبلغ الضرر لأنه يزيد الأمور تعقيدًا، فإذا أساء الطفل التصرف في أمر ما لأنه لم يفهم فهمًا سليمًا واضحًا التصرف الصحيح فيه، أو إذا أكثر من إتلاف الحاجيات مثلاً لأنه يظن أنه يحرم حقًا من حقوقه أو يميز بينه وبين غيره في المعاملة، أو إذا كذب لأنه يرهب العقاب أو إذا أمر على فعل يعاب عليه لأنه رأى غيره يثاب عليه كل هذه الأخطاء وأمثالها تكررت لن يجدي الإيلام في إزالتها بل إنه سيؤدي إلى صورة من صور الكبت التي تعصف بكيان الطفل وتهدم شخصيته وتسلمه إلى أقبح العقد النفسية'
فالأم أخطأت في تصرفها بلا شك سواء كانت حذرت الطفل علي أم لا.
فلو كانت حذرته وعصى أمرها هنا يكون العقاب ولكنه ليس بهذه الصورة المعنفة، وليس بهذا القدر بل يكون العقاب على قدر الخطأ ليس متأثرًا بانفعالات الأم النفسية والعصبية من ثورة أو غضب فضلاً عن أن منعها وتحذيرها له أسلوب تربوي غير سليم يفقده ثقته في نفسه.
'أما إذا كانت الأم قد قررت أن تسمح لعلي بسكب العصير لنفسه في الكوب فلا بد أن تتوقع أن هذا يؤدي إلى تناثر بعض العصير على الأرض وهذا يترك المكان في حالة غير نظيفة، وعلى هذا فلا يجب أن تصرخ وتصيح في علي إذا فعل ذلك.
وعليها أن تتحلى بالهدوء وتدرب طفلها على كيفية تنظيف المكان إذا تناثر عليه بعض العصير، وبهذه الطريقة يتعلم علي أن لكل فصل عواقبه وتزداد ثقته بنفسه'
الآباء والعقوبة:
إن كثيرًا من الآباء لا يفهم مسألة العقوبة بالصورة الصحيحة المعتدلة:
- فمنهم المتساهل الذي يبالغ في العطف والحنان على أطفاله ولكنه ضعيف في عملية تحديد الحد المسموح بعدم تجاوزه من الطفل.
- ومنهم مطلق الحبل على الغارب وهو ضعيف في الجانبين فلا يعطي اهتماماً لأبنائه ولا تنمية مواهبهم وملكاتهم، وفي الوقت نفسه ليس لديه القدرة على رسم دائرة الحدود المسموح للأطفال العمل والتعامل من خلالها وعدم تجاوزها.
- ومنهم المتسلط وهذا ضعيف الاهتمام بأبنائه واحتياجاتهم ولكنه قوي في رسم الحدود التي لا يجب عليهم تجاوزها.
- ومنهم المتحكم وهذا قوي الاهتمام بالأطفال ولكنه يضع حدودًا أكثر من اللازم ولا يعطي للأطفال فرصة الحركة والتصرف من ذوات أنفسهم من خلال دائرة حدود أوسع'.
وقليل منهم من يحقق معادلة التوازن والاعتدال، ويحاول الوصول إلى القدر المعتدل بين إعطاء الرعاية والاهتمام وبين وضع الحدود المسموح للابن التصرف في إطارها وإن كان الوسط والاعتدال هو الصواب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}.
اللين هو الأصل:
إن معاملة الولد باللين والرحمة هي الأصل.. يروى البخاري في الأدب المفرد 'عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش'.
- وورد عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: 'وما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قط ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله' صحيح مسلم.
وفي حديث آخر عن ابن مسعود البدري ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت أضرب غلامًا لي بسوط فسمعت صوتًا من خلفي 'اعلم أبا مسعود' فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو يقول: 'اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام' فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا' صحيح مسلم.
فالأصل في معاملة الأطفال هو اللين ولا يلجأ إلى العقوبة إلا اضطرارًا.
العقوبات متفاوتة:
'تتفاوت وفقًا لأفعال وطبائع الأطفال، فمنهم من تكفيه الإشارة البعيدة فيرتجف قلبه ويهتز وجدانه ويعدل عما هو مقدم عليه من انحراف، ومنهم من لا يردعه إلا الغضب الصريح، ومنهم من يكفيه التهديد بعذاب مؤجل التنفيذ، ومنهم من لا ينزجر إلا بتقريب العصا منه حتى رآها على مقربة منه، ومن بعد ذلك فريق لا بد أن يحس لذع العقوبة على جسمه لكي يستقيم.
ولعل ذلك يجعلنا نفهم أن استخدام العقوبة ليس معناه الضرب ولكن هو وسيلة من وسائل التأديب، كحرمان الطفل مثلاً من مصروفه اليومي لعدد من الأيام عقابًا على خطأ ارتكبه، أو عدم السماح له بزيارة بعض الأصدقاء لمدة معينة عقابًا على تصرف غير سليم'.
العقوبة لا تغرس سلوكاً:
'لا تظن أن العقوبة يمكنها أن تغرس سلوكًا في الطفل، فلن تكون العقوبة أبدًا بديلاً عن الإشراف والتوجيه وممارسة الطفل الفعلية لهذا السلوك، وإنما دور العقوبة المهم هو أن يفهم الصغير أن 'لا' تعني 'لا' فالعقوبة تفهم الطفل أنك تعني ما تقول، ويمكن أن توقف السلوك الخاطئ وهذا أمر مهم... ولهذا لا تصدق ما يقال عن ضرورة استمرارية العقوبة فالعقوبة لا تؤتي ثمارها وأثرها في الواقع إلا أن تكون نادرة، فإذا كثرت العقوبة أصبح لدى الأطفال مناعة ضدها'.
وهي آخر خاطر..
وليست العقوبة أول خاطر يخطر على قلب المربي، ولا أقرب سبيل، فالموعظة هي المقدمة والدعوة إلى عمل الخير والصبر الطويل على انحراف النفوس لعلها تستجيب'
ذلك لأن المربي كالطبيب كما يقول الإمام الغزالي - رحمه الله - والطبيب لا يلجأ إلى العملية الجراحية إلا اضطرارًا فيستخدم المسكنات ما أمكن، فيكون التوجيه والملاحظة والإشارة والتوبيخ والهجر، ثم بعد ذلك إن فشلت كل هذه السبل يلجأ للضرب، ولا يجوز اللجوء إليه إلا بعد اليأس من كل وسيلة للتقويم والإصلاح، وقد قرر ابن خلدون في مقدمته أن القسوة المتناهية مع الطفل تعوده الخور والجبن والهروب عن تكاليف الحياة فمما قاله: 'من كان مرباه بالعسف والقهر من المعلمين أو المماليك أو الخدم سلطانه القهر، وضيق على النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمله على الكذب والخبث خوفًا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة ولذلك صارت له هذه عادة وفسدت معاني الإنسانية التي له'.
وإن كان لابد!
'اهدأ من فضلك.. وحافظ على شعور طفلك'
حينما يرتكب الطفل أي خطأ، على الوالدين الانتظار قليلاً حتى يهدأ الأمر، وعدم معاقبته مباشرة في حالة الغضب حتى لا يشعر الطفل أنك تكرهه أو تنتقم منه، بل انبذ السلوك الخاطئ لا الطفل.
لا تساهل مرة وتعاقب مرة..
على كل والدين عدم التراخي في تطبيق مبدأ التأديب فكلما ارتكب الطفل خطأ يجب أن يوجه نظره إلى ذلك فلا يعاقب مرة ويترك مرة.
لا تضرب....
إلا في الحالات النادرة التي يحتاج فيها الخطأ إلى عقاب جسدي، على أن يكون الضرب في صورته الشرعية بعيدًا عن الوجه، ولا يكون أثناء الغضب، ولا يكون للطفل الأصغر من عشر.
لا تجعل طفلك في قفص الاتهام ينتظر حكم القاضي...
أمهات كثيرات كل ما يفعلونه مع أبنائهم هو تهديدهم وتوعدهم بغضب أبيهم وما سيوقعه عليه من عقاب عندما يعود من العمل... يعود الأب عليه نصب المحكمة والعمل كقاضي والحكم في قضايا اليوم كله، وإيقاع الجزاءات والغرامات على مرتكبي الأخطاء من أطفاله، هذا يفسد العلاقة بين الطفل وأبيه فلا يرى منه إلا الشدة، ويشعر الطفل بعدم قدرة أمه على التعامل مع الأحداث، وهذا يقلل من قيمة الأم في نظر الطفل فيستهينون بكل ما تقول، ولا يلقون له بالاً'.
فلتكن العقوبة مسئولية كلا الوالدين من كان منهم حاضرًا.
عود طفلك أن يجعل خطأه هو ذنب بينه وبين الله.
اجعل العقاب على قدر الخطأ... سواء بسواء.
الأحد 14صفر 1425هـ - 4 ابريل 2004م
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/215)
الخجل عند الأطفال
الخجل الطبيعي: 'من المعلوم أن ظاهرة الخجل من طبيعة الأطفال ' ولعل أماراته تبدأ في سن الأربعة أشهر، وأما بعد كمال السنة فيصبح الخجل واضحًا في الطفل، إذا يدير وجهه أو يغمض عينيه أو يغطي وجهه بكفيه إن تحدث شخص غريب إليه، وفي السنة الثالثة يشعر الطفل بالخجل عندما يذهب إلى دار غريبة، فهو قد يجلس هادئًا في حجر أمه، أو إلى جانبها طوال الوقت لا ينبس ببنت شفة'. [تربية الأولاد] ولكن عندما يتجاوز الطفل سن السابعة ويبدأ في التعامل مع الناس سواء في المدرسة أو في الأسرة... فإن ظاهرة الخجل هنا تكون ظاهرة مرضية بحاجة إلى علاج.
حسام.... والخجل: حسام طفل يبلغ من العمر 8 سنوات لديه موهبة في الرسم وكراسة مليئة بالرسومات الجميلة. اجتمعت أفراد أسرته يومًا في بيت حسام بمناسبة عيد الفطر، وجلس الآباء والأعمام والأخوال يتسامرون.. والأولاد يلعبون.. فبادرت أم حسام وقالت: إن ابني حسام رسام موهوب. وما إن قالت هذه الكلمة حتى بدأ وجه حسام في الاحمرار، وانزوى عن الأهل وجلس بعيدًا. فقالت الأم: هيا يا حسام اذهب وأحضر كراستك لتريهم رسمك الجميل، سكت حسام وهو يبتسم ابتسامة الممتنع وهو يدقق الحاضرين بنظراته الخاطفة، والكل يلح عليه ليحضر كراسه.. وهو يمتنع.. لا لا.. لا أريد أن يرى أحد رسمي.. وأخذ يبكي ويصيح.. فقالت الأم له في إلحاح: حسنًا أرهم أنت يا حسام. فأخذ حسام الكراسة وأخيرًا أراهم رسمه، فتطايرت عليه عبارات المديح والإعجاب ولكن يظهر عدم الاهتمام واللامبالاة بتلك العبارات. اعقد مقارنة! إن نموذج حسام يتكرر كثيرًا في مجتمعنا. ولكنك إن تأملت أبناء السلف تجد أنهم كانوا يتربون على التحرر التام من ظاهرة الخجل، ومن بوادر الانكماش والانطوائية، وذلك بسبب تعويدهم على الجرأة ومصاحبة الآباء لهم لحضور المجالس العامة وزيارة الأصدقاء ثم بالتالي تشجيعهم على التحدث أمام الكبار، ثم دفع ذوى النباهة والفصاحة منهم لمخاطبة الخلفاء والأمراء، ثم استشارتهم في القضايا العامة والمسائل العلمية في مجمع من المفكرين والعلماء' [تربية الأولاد]. ـ
مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مرة في طريق من طرق المدينة وأطفال هناك يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير وهو طفل يلعب، فهرب الأطفال هيبة من عمر، ووقف ابن الزبير ساكتًا لم يهرب، فلما وصل إليه عمر قال له: لِمَ لمْ تهرب مع الصبيان؟ فقال على الفور: لست جانيًا فأفر منك، وليس في الطريق ضيق فأوسع لك. إنه جواب جريء وسديد، فهو يخرج من ثنايا غلام شجاع واثق بنفسه غير خجلان ولا خائف. ـ
ودخل على عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - في أول خلافته وفود المهنئين من كل جهة، فتقدم من وفد الحجازيين للكلام غلام صغير لم تبلغ سنه إحدى عشرة سنة. فقال له عمر: ارجع أنت وليتقدم من هو أسن منك. فقال الغلام: أيد الله أمير المؤمنين. المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا منح الله العبد لسانًا لافظًا وقلبًا حافظًا، فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان في الأمة من هو أحق منك' [تربية الأولاد]ـ وانظر إلى هذا الطفل الذي لا يخجل ولا يخاف في الحق لومة لائم، يراه الإمام أبو حنيفة وهو يلعب بالطين فقال له: 'إياك والسقوط في الطين، فقال الغلام الصغير للإمام الكبير ' إياك أنت من السقوط لأن سقوط العالِم سقوط العاَلم' [نجابة الأطفال]. ـ وتأمل هذا الغلام الموهوب الذي يجهر بموهبته ولا يخجل.
يروى أن البحتري مر بجماعة من الناس فرأى بينهم صبيًا تبدو عليه مخايل الذكاء، فقال له مداعبًا: أشاعر أنت؟ قال الصبي: نعم وإنني لأشعر منك! فقال البحتري: هل تستطيع أن تجيز قولي: ليت ما بين من أحب وبيني قال الصبي: أتريد أن تقربه أم تبعده؟ قال البحتري: أقربه فقال الصبي: ليت ما بين من أحب وبيني مثل ما بين حاجبي وعيني فطرب البحتري وقال: وإذا أردت أن أبعده فماذا تقول؟ قال الصبي: ليت ما بين من أحب وبيني مثل ما بين ملتقى الخافقين [نجابة الأطفال]. ها هم أطفال السلف فلماذا أطفالنا يخجلون...؟!
الخجل: أعراض ـ أسباب ـ علاج:
1ـ الأعراض:
1. الانطواء والانزواء.
2. أحلام اليقظة.
3. الحساسية الشديدة.
4. القلق الشديد.
5. عدم الثقة بالنفس والإحساس بالنقص.
6. توقع الخطر وإن كان بعيدًا.
7. الخوف من نقد الغير له.
8. الامتناع عن الاشتراك مع الأقران.
9. الجمود والخمول في الوسط المدرسي.
10. الأنانية ومحاولة فرض رغباته على من حوله.
11. التمارض لجذب الأنظار إليه.
12. اللامبالاة في بعض الأحيان.
أسبابه:
1ـ إخفاء الأبوين لابنهما عن أعين الزائرين خوفًا من الحسد أو غيره.
2ـ التدليل الزائد عن الحد فلا يجد الطفل هذا التدليل عند الأقران فينزوي.
3ـ القسوة الزائدة والإكثار من زجر الطفل وتأنيبه وتوبيخه خاصة أمام الناس.
4ـ انشغال الأب عنه ظنًا أن دوره جباية الأموال والصرف على العيال.
5ـ الشعور بالنقص.. إما لعاهة جسدية أو عقلية أو ضعف مستواه الدراسي أو الرياضي عن أقرانه.
العلاج:
1ـ عدم إخفاء الأبناء عن المجتمع ومحاولة خلطهم بالرفقاء الصالحين.
2ـ التوسط في المعاملة بين التدليل والقسوة.
3ـ اهتمام الأب بأبنائه منذ ولادتهم كالأم تمامًا وإحاطتهم بجو من الحب والتقدير والدفء العاطفي؛ لأن دور الأب في غرس معاني الشجاعة والجرأة والرجولة أكبر بكثير من دور الأم.
4ـ إبراز جوانب التميز في الطفل الخجول وإشعاره بالثقة في نفسه، وإن كان ذا عاهة ذكره بأصحاب العاهات المتفوقين، فإن كان أعرج ذكره بعمرو بن الجموح، وإن كان أعمى ذكره بعبد الله بن أم مكتوم.
5ـ عدم مقارنة الأطفال بمن هم أكثر حظًا منهم سواء في الاستعداد الذهني أو الجسمي فهذا يضعف ثقته بنفسه ويؤدي به إلى الخجل.
6ـ عدم دفع الطفل للقيام بأعمال تفوق قدراته فليس هذا يزيد الثقة بل إن عجزه عن أدائها يصيبه بالانهزام والإحباط، بل عليه أن تدفعه إلى ما يتقنه ويجيده حتى يشعر بالنجاح.
7ـ تدريب الطفل الخجول على الأخذ والعطاء وتكوين الصداقات مع أقرانه من الأطفال في الأسرة أو في المدرسة أو في نادي الشباب وفي المسجد.
8ـ تشجيع الطفل على ممارسة أحد الألعاب في النادي أو ممارسة هواية ما كالرسم أو الزخرفة أو الكمبيوتر.. إلخ.
9ـ الإكثار من ذكر أمثلة من السيرة وقصص الصحابة والصالحين التي تساعد على الجرأة والشجاعة كقصة عبدالله بن الزبير، وقصة معاذ ومعوذ.[من تربية الأولاد في الإسلام ـ باختصار].
الخجل والحياء: علينا أن نميز بين الحياء والخجل.فالخجل:هو انكماش الولد وانطواؤه عن ملاقاة الآخرين.أما الحياء: فهو التزام الولد مناهج الفضيلة وآداب الإسلام وهو المرغوب. [تربية الأولاد].
http: //links. islammemo. cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/216)
كيف تكون بيوتُنا بواباتٍ إلى التفوق الدراسي؟
تحقيق: إحسان سيد 3/8/1424
29/09/2003
- الثقافة الغذائية.. تنظيم الوقت.. والاستعداد الذاتي لبذل الجهد؛ أعمدةُ النجاح الدراسي والحياتي.
- التفوق استعداد فطرى تقويه الأسرة أو تقتله!.
- تعليم الأبناء فن استثمار الوقت مسؤولية تربوية وضرورة لتكوين الشخصية السوية.
تفوق الأبناء ونجاحهم في الحياة هو أمل كل أسرة؛ فالأمهات والآباء يأملون بأن يحقق أبناؤهم ما لم يستطيعوا هم تحقيقه في حياتهم العملية، لذا فهم يتفانون في دعم هؤلاء الأبناء وحثهم على التحصيل والتفوق؛ فتكون الأسرة هي المحطة الأولى في مشوار النجاح في الحياة العملية؛ فيستعدون هم أنفسهم للعام الدراسي، فكيف تهيئ الأسرة المناخ المناسب لعام دراسي ناجح؟ وكيف تقوم بدورها في هذه المرحلة المهمة في حياة الأبناء، وتأخذ بأيديهم إلى بر الأمان (التفوق والنجاح)؛ لتكون بيوتناً بوابات إلى عالم النجاح والتفوق.
نظام للجميع
هالة محمود - ربة بيت-: مع بداية العام الدراسي - أو قبله بقليل - يتم وضع برنامج لنظام البيت، يطبق على الجميع بمن فيهم أنا وزوجي؛ من حيث النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، مشاهدة التلفاز يومي الخميس والجمعة فقط.
ولهذا النظام فائدة كبيرة في إتاحة مساحة كبيرة من الوقت للمذاكرة والمراجعة وحل الامتحانات، وكذلك الراحة، وقد جعلت فترات الاستراحة من المذاكرة لقراءة الأذكار وبعض الأدعية مع الأولاد، أو لقراءة أو تسميع الورد القرآني اليومي، أو لبعض الحكايات المفيدة من القرآن والسنة، أو من القصص التي تستعيرها ابنتي من مكتبة المدرسة أو المسجد.
أما يوم الخميس؛ فهو آخر الأسبوع بالنسبة لنا، ونستغله في زيارة الأهل أو بعض النزهات، ولكن على فترات متباعدة، ثم نبدأ الاستعداد للأسبوع الدراسي التالي يوم الجمعة بمذاكرة ومراجعة ما فات، وتحضير الدروس التالية.
وقد أعانني الله على التفرغ لمتابعة الأبناء ليس فقط في البيت، لكني أيضًا كنت على اتصال دائم بالمدرسة من خلال الزيارات المتكررة، سواء للاطمئنان على مستواهم الدراسي، أو الاستفسار من المدرسين عن الأمور التي تقف أمامنا أثناء المذاكرة.
دعاء وحيد رجب -ابتدائية 99.3%-: الفضل في نجاحي وتفوقي يرجع إلى الله سبحانه وتعالى أولاً، والمواظبة على الصلاة، وقراءة وحفظ القرآن في المسجد، سواء في الإجازة أو أثناء الدراسة.
ثم يأتي فضل أمي ورعايتها لي، ووقوفها بجانبي أثناء المذاكرة، فكانت تذاكر معي كل الدروس، وتساعدني في المراجعة.
سامي عبد الله عبد العليم -ثاني ثانوي 97.5%-: برغم أن أمي موظفة وتعود من العمل مرهقة، فإنها كان تحرص على أن أتفرغ للمذاكرة فلا تكلفني بأي عمل في البيت، بل كانت تستيقظ مبكرة لترتيب البيت وإعداد الطعام قبل ذهابها للعمل بحيث يكون البيت هادئًا ومنظمًا ومناسبًا للمذاكرة والتركيز لي ولأخي في المرحلة المتوسطة، وفي الوقت نفسه كانت تساعدنا في المذاكرة بالشرح والمراجعة إلا أنني بدأت أعتمد على نفسي في المرحلة الإعدادية، وألجأ إليها فقط في المسائل أو الموضوعات التي لا أفهمها.
كما كانت تزور المدرسة باستمرار، وكانت تصحبني في الدروس الخصوصية وتنتظرني حتى انتهاء الدرس لتعود معي إلى البيت، وتتعرف على زملائي في الدروس، وتتصل بأسرهم وتناقشهم في أية مشكلة تتعلق بنا كانت تستفيد برصيد أجازاتها في فترة المراجعة النهائية لتكون بجانبي، وكانت تحثني على المواظبة على الصلاة والتقرب إلى الله، فهذا هو السبيل إلى النجاح في الدنيا والآخرة أيضًا.
أمل شوقي (مدرسة ثانوي) أتصور أن اهتمام الأسرة بدراسة أبنائها يبدأ بالاهتمام بهم شخصيًا من حيث النظافة والتغذية والإشباع النفسي، سواء كانت الأم ربة بيت أو عاملة، وهذا يتحقق عندما يكون للأبناء أولوية في برنامجها بحيث لا يأتي الاهتمام بالبيت أو المطبخ أو التليفون أو الكلام مع الجارات على حساب الوقت والاهتمام المخصص لهم، فهي تتفرغ لهم ذهنيًا ومعنويًا وتأخذ بالأسباب، وتثق فيما عند الله من رزق؛ فمثلاً تراعى الأم إشراك الأب معها في رعاية الأبناء صحيًا وغذائيًا ودراسيًا، بحيث يساعدها في إعدادهم للذهاب للمدرسة أو تحضير الشطائر مثلاً في الوقت الذي تقوم هي فيه بترتيب البيت وإعداد الطعام إذا كانت امرأة عاملة، بحيث يكون عندها وقت لمتابعتهم والجلوس معهم للمذاكرة عند عودتهم من المدرسة.
وإذا كانت أيام الأسبوع كلها عمل بالنسبة لجميع أفراد الأسرة؛ فلا مانع من الترفيه لتجديد نشاطهم يوم الخميس أو الجمعة، سواء بالزيارات أو ممارسة الرياضة في النادي.
التغذية والتفوق
وحول أهمية تخطيط حياة الأسرة أثناء الدراسة تقول د. زينب حقي - أستاذة إدارة المنزل بجامعة حلوان-: ينبغي على الأم أن تضع نصب عينيها عدة أمور، سواء أثناء الدراسة أو الإجازة:
1 - فتهتم بتغذية أبنائها، وتوفير احتياجاتهم تبع السن والجنس والجهد المبذول؛ لأن هناك علاقة قوية بين استيفاء العناصر الغذائية والتحصيل الدراسي والتذكر، وهذا يتطلب أن يكون لدى الأسرة ثقافة غذائية لتخطيط الوجبات حسب (الاحتياجات - الرغبات - مراعاة ميزانية الأسرة).
2 - من ناحية أخرى عليها تعليم الأبناء كيفية الاستفادة بوقتهم منذ الصغر، وهذا يتحقق بالقدوة الحسنة من جانب الأم في تنظيم الوقت بين الغذاء والراحة والمذاكرة والترفيه، فمن شأن هذا التنظيم أن يحقق للأسرة أكبر قدر من الإنجازات بسبب الموازنة بين الأعمال المطلوب إنجازها والوقت المتاح لها حسب الأولويات.
فيمكن للأم أن تضع جدولاً زمنيًا لأنشطة اليوم وتحديد وقتاً للانتهاء منها وإعادة جدولة الأعمال وفق الوقت الذي تحتاجه.
لا لمضيعات الوقت
تجنب مضيعات الوقت التي تسبب ارتباكًا وفوضى في إدارة وتخطيط الوقت، تقوم الأم برقابة ومتابعة يومية لكل المواد، وبخاصة للصغار، ثم يتخلل المذاكرة القيام بالأعمال الخفيفة في المطبخ، مع الحرص على تنظيم المطبخ بما يسمح بالحركة وسهولة الحصول على الأدوات.
- الاهتمام بفترات النوم والراحة والترفيه؛ فهي جزء مهم من تنظيم الوقت بالنزهات والرياضة والزيارات الأسبوعية أو الشهرية.
- المشاركة والتعاون الأسرى في القيام بالأعباء.
- الاستعانة بالتقنيات الحديثة لإنجاز الأعمال في أقل وقت، وبأقل جهد وتكلفة بما يتيح مساحة أكبر للأولاد، ويختصر خطوات إنجاز الأعمال.
استعداد فطرى مدعوم
وتؤكد د. سوزان محمد المهدى - أستاذة أصول التربية بجامعة عين شمس - أن التفوق استعداد فطرى لدى الأبناء وتقوم الأسرة بدعمه وتفعيله باعتبارها المحطة الأولى في تربية الأبناء وتنشئتهم على التفوق، إلا أن تفوق الأبناء لا يرتبط بالمستوى المادي أو الاجتماعي للأسرة، فهناك أسر بسيطة يتفوق أبناؤها لوجود حافز ذاتي لديهم للتفوق، سواء لتحسين أوضاع الأسرة بعد تخرجهم أو تعويضهم لوالديهم عن معاناتهم من أجلهم.
كذلك فإن الأبناء في الأسر البسيطة يتفرغون للمذاكرة، ولا توجد عوامل قد تعطلهم كالدش والإنترنت والسيارة والنادي، مع الاعتراف بالفروق الفردية التي تؤدى إلى اختلاف نتائج مستويات التحصيل والتفوق، حتى مع تشابه مستويات الأسر وظروفها.
غير أن توتر الأسرة وتسلطها على الأبناء وتضييقها عليهم قد يفرز نتائج سلبية قد تدفعهم للعناد، وتؤثر على تركيزهم وتحصيلهم؛ لأنهم يشعرون بأنهم محاصرون.
أما الأسرة الواعية المتوازنة المعتدلة؛ فتقيم علاقة صداقة مع أبنائها وتحقق لهم مناخ الاستقرار النفسي الذي يدفعهم إلى بذل أقصى الجهد لإسعاد الأسرة بالنجاح والتفوق.
ويرتبط بوعي الأسرة الحرص على عدم مقارنة الطالب بغيره ممن هم أكثر تفوقًا في العائلة أو بين الجيران والأقارب؛ لأن ذلك قد يحبطه، بل عليها أن تشجعه وتحفزه بالمكافآت، وترفع معنوياته وتبث فيه الأمل في النجاح والتفوق؛ فيصبح أكثر استجابة للمذاكرة والتحصيل دون ضغط أو قيد أو إكراه.
المشاركة الوالدية للمدرسة
وتنبه د. سوزان إلى أن من عوامل تفوق الأبناء المشاركة الوالدية بالمدرسة للوقوف على مدى التزام الطالب سلوكيًا وأخلاقيًا ودراسيًا، وقدراته التحصيلية؛ فالمدرسة والأسرة هما جناحا العملية التعليمية، وهما أساس التفوق والإبداع إذا توافر الاستعداد الذات
ـــــــــــــــــــ(101/217)
لماذا لا نسيطر على أبنائنا تماماً ؟!
هاني العبد القادر
أولاً: أبناؤنا والضيوف:
لماذا نشعر أحياناً أن أساليبنا في التربية تحت الامتحان عندما يتعامل ضيف مع أحد أبنائنا؟!! لماذا نكون قلقين نخاف فشل الولد أو لا يتصرف بشكل صحيح؟!! الولد يشعر بأنه محاصر بنظرات الضيف من جهة وبنظراتنا المشحونة برغباتنا، ومنها: أنه يسلم على الضيف ويقبل رأسه ويبتسم في وجهه...، فالولد يقول في ذهنه: لماذا نظرات أبي إليّ هكذا؟!! لم أفعل شيئاً!!
بعض الآباء يعلم ابنه الأدب بطريقة خطأ..
مثال: عندما ينسى الطفل أن يقول: شكراً.. نجد الأب يقول له: قل: شكراً، قل: شكراً.. وبعض الأطفال الصغار مع زيادة إطلاق النظرات والأوامر والإحراج يبكي، ومع كل ضيف يتكرر نفس الموقف.
وتخيلي أختي القارئة لو كنتِ في مجلس كبير وقدمت لك امرأة لا تعرفينها عصيراً ونسيتِ أن تقولي: شكراً، ثم قالت امرأة في نهاية المجلس بصوت عالي: قولي لها شكراً، ما شعورك؟!! لا شك (قلة ذوق من هذه المرأة؟!)
كذلك نحن لا يصح أن نعلم أبناءنا الذوق بقلة ذوق، وإنما نعلم الابن مُسْبَقاً وليس أثناء دخول الضيوف أو قبلها مباشرة، كذلك عندما يرى والديه ينتهجان السلوك الصحيح يبدأ يقلدهما تدريجياً - إن شاء الله-.
ثانياً: أساليب خاطئة للسيطرة:
1 يتمنى كل الآباء السيطرة على سلوك الأبناء بتوجيهه حسب رغبته، سواء مع الضيوف أو بشكل عام إلى ما يظنون أنها مصلحة الابن، وفي سبيل ذلك قد يستخدم الآباء أساليب غير سليمة للسيطرة مثل: التهديد أو أسلوب (يا ويلك) وهو أول الأساليب مثل ما نقول للطفل الصغير: اعمل كذا مرة ثانية وستشاهد ما أفعل بك! (تهديد) وليس هذا التهديد إلا تحدٍّ لاستقلال الطفل الذاتي، فإذا كان عنده أي احترام ذاتي لنفسه لا بد أن يخالف مرة أخرى ويظهر لنفسه وللآخرين أنه ليس جباناً، ولذلك إذا قلت له اعمل كذا مرة ثانية وتشوف وش أسوي بك! فهو لا يسمع كلمة (وتشوف وش أسوي بك).
مثل قصة عبد الكريم عمره (9 سنوات) أمسك البندقية البلاستيك ثم صوبها على أخيه وعمره سنة، فقالت له أمه: عبد الكريم يا ويلك إن ضربت أخاك الصغير، صوِّب على الجدار.
يتغافلها عبد الكريم ويصوِّبها على أخيه مرة ثانية فيبكي الولد وتنزعج الأم أكثر، لكنها تصرفت بحكمة لما أخذته بهدوء مع يده وأجلسته في حضنها وضمته وقبلت رأسه، وقالت: يا ولدي الناس ليسوا هدفاً حتى تصوب عليهم البندقية، إلا إذا أصبحت مجاهداً تقتل الكفار، هل تريد أن تدخل الجنة؟! قال: نعم، قالت: هل تريد أن يدخل أبوك وأمك الجنة؟! قال: نعم، قالت: إن كَبُرت تصبح مجاهداً في سبيل الله إن شاء الله-.
لاحظوا كيف وجهت ابنها بدون ما تثيره للعناد بتحدي استقلاليته، وجهته إلى مفاهيم إسلامية عظيمة وغرستها في نفسه.
الأسلوب الثاني: تطيعني غصب:
فعندما يقول الأب مثلاً: أنا أبوك ولازم تسمع الكلام، فكأن الأب يقول: أنا لا أستطيع أن أقنعك وليس عندي إلا القوة حتى يمشي كلامي، أتمنى أن يتخيل هذا الأب وهو يسمع مديره في العمل يقول له أمام الموظفين: أنا مديرك ولازم تنفذ ما أقول لك، فكيف سيكون رد الفعل؟!
الأسلوب الثالث من الأساليب الخاطئة: الأب الراشي والابن المرتشي:
الصورة الأولى، كقول أحد الوالدين لابنه: إذا حفظت جدول الضرب فسأعطيك كذا وكذا يعني ليس متأكداً أن الابن يقدر يحفظ، فالبديل المناسب أن نعترف له أن في جدول الضرب صعوبة ونؤكد على ثقتنا في قدرته على الحفظ كأن تقول الأم مثلاً: الله يعينك، أنا أعرف أن جدول الضرب صعب، وفي نفس الوقت متأكدة أنك ستحفظه، ولا مانع من مكافأته بحافز جيد إذا حفظ ولكن بدون وعد والتزام مسبق، ومن صور هذا الأسلوب:
الصورة الثانية: أن يقول أحد الوالدين لابنهما: إذا لم تضرب إخوانك سأعطيك كذا، من ناحية كأننا نقول: نتوق أنك تضرب إخوانك، وهذا يجعله يستمر؛لأننا رسمنا له صورة عن نفسه.
ومن ناحية أخرى يبدأ الولد يتعمد المخالفة حتى يحصل على ما يريد بطريقة الرشوة، وهذه مشكلة أخرى..
الأسلوب الرابع من أساليب السيطرة الخاطئة: طريقة (أوعدك):
يجب ألاّ يعطي الآباء وعوداً ولا يأخذوا وعوداً من أبنائهم بقدر الإمكان؛ لأن علاقتنا مع أبنائنا يجب أن تبنى على الثقة، فإذا اهتزت ثقة أحد الطرفين بالآخر أصبحت الوعود والمواثيق ضرورية مثل نبي الله يعقوب عندما فقد الثقة بأبنائه "قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ" (يوسف: من الآية64)، فطلب تأكيد أقوالهم بالأيمان المغلظة والمواثيق "قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ" (يوسف: 66)، وهذا توكيد آخر عندما يلزم أحد الأبوين نفسه بأن يعد ويؤكد ما يقول فإنه بذلك يعترف أن كلامه غير الموعود به غير جدير بالثقة، كأنما يقول لأبنائه: إذا لم أعدكم فلا تصدقوني، فعندما يعد الأب ابنه ولم يتيسر ذلك لظروف خارجة عن إرادته يشعر الأطفال بأننا نضحك عليهم، ويقتنعون بأن آباءهم ليسوا محل ثقة، والشكوى لا تتوقف، أنت قلت كذا، أنت وعدتني، ويجلس يكررها بطريقة تجعل الأب يندم أنه وعده ولا يستطيع أن يرد رداً مقنعاً، وتصبح شخصيته ضعيفة أمام أبنائه.
الأسلوب الخامس: من أسوأ أساليب السيطرة على الأبناء الصغار وأخطرها أثراً على نفسية الطفل: أسلوب التلاعب بالثوابت النفسية لدى الطفل، كأن تقول الأم لابنها إذا أخطأ: (ما أحبك)، أو تجمع هذا الأسلوب السيئ مع أسلوب التهديد، فتقول بأسلوب التهديد: إذا فعلت كذا فأنا لا أحبك، فهذا أسلوب سيئ للغاية؛ لأن الأساس الذي يستمد منه الطفل قوته وثقته بنفسه وطمأنينته هو حب أمه له، فإذا هدد بهذا الحب ينشأ ضعيفاً غير واثق بحب أحد له، متعطشاً دائماً للمزيد من الطمأنينة لحب الآخرين له، وللأسف الشديد هذا القلق وعدم الطمأنينة والحاجة للحب تخزن في العقل ولا يمسحها سرعة تغيير الأم لموقفها بابتسامة حنونة بعد استسلام طفلها لهذا التهديد الغريب، أبداً لا يمسحها، ثم إن الأم يجب عليها أن تصدق حتى مع الطفل فإن هذه الكلمة كذب، فهي في الحقيقة ستظل تحبه وإن فعل ما لا تريد، وإنما هي لا تحب الفعل بذاته وليس صاحبه، لا يستهان بالكذب مع الصغير، أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قال لصبي: تعال هاك أعطك ولم يعطه كتبت كذبة"، وللأسف مثل هذه الأم تهدي الأمة أجيالاً ضعيفة من الداخل بسوء استغلال هذه لعاطفة ابنها وحاجته لحبها.
الأسلوب السادس: (كلمة عيب):
يقول الدكتور عبد الكريم بكار في شريط (هكذا تكون الأمهات): "إن كلمة عيب تنمي عند الابن الشعور بالرقابة الاجتماعية فيفهم أنه من الخطأ أن يراك أحد تفعل هذا الأمر، وهذا يعني لا مشكلة لو لم يرك أحد.. " انتهى كلامه، يعني تربية يومية على الرياء، وهذا سيئ جداً، والبديل الصحيح تنمية الشعور لمراقبة الله بدلاً عن مراقبة الناس كما ذكرت صاحبة الرسالة التي ذكرناها في (رسالة أم) مقال سابق وكيف قال ابنها إنها تجلس معه دائماً في الصباح وتنصحه وتذكره بأنه إن لم يكن يرى الله فإن الله يراه وتوصيه بالإخلاص وصدق النية وتغرس في ابنها بذلك سر الصلاح في الدنيا وسر الفلاح في الآخرة، هذا ما نريده تماماً تنمية الرقابة الذاتية في نفس الطفل بتنمية شعوره بمراقبة الله له.
الأسلوب السابع من أساليب السيطرة الخاطئة: أسلوب الغضب والزعل:
يقول الدكتور قتيبة الجلبي في كتابه القيّم (100 سؤال) في مشاكل الأطفال: إن استعمال الغضب والزعل كوسيلة للسيطرة على تصرفات الطفل الخاطئة هي من أكبر وأكثر الأخطاء التربوية شيوعاً، فترى الأم تظل طول النهار عابسة الوجه غاضبة على طفلها وقد تصرخ به بين الحين والحين، وكأن هذا الزعل هو بالذات وسيلة للسيطرة على الطفل وتعليمه الانضباط.
ولو أن شرطياً لا يحق له استعمال أياً من سلطاته وكل ما يبديه هو العبوس في وجه المخالفين والصراخ هنا وهناك، هل تعتقد أن هناك من سيطيعه؟! أبداً ليس الخطأ إظهار زعل الوالدين أحياناً حتى يعرف المشاعر التي سببها، ولكن إظهار الغضب دائماً هو الخطأ. انتهى كلامه.
إضافة إلى ما في ذلك من استنزاف أي: الغضب والانفعال إضافة إلى ما فيه من استنزاف لأعصاب الوالدين وإرهاق لنفسيتهم وإضعاف تدريجي لقيمة غضبهم في أعين صغارهم، كل هذا يجتمع ليجعلنا نبتعد عن هذا الأسلوب.
الطرق السليمة للسيطرة على الأبناء (العلاج):
الخطوة الأولى: نَقْل العلاقة من الصراع إلى الوفاق، الوالدان يعيشون مع أبنائهم فيما يشبه حالة حرب على الواجبات المدرسية، على وجبات الطعام، على الحفاظ على أثاث المنزل، على الشجار بين الإخوان.. وهكذا، والحقيقة الأطفال لديهم طاقة ووقت لمقاومة ضغط الوالدين أكثر مما لدى الآباء، ولا يمكن كسب هذا الصراع إلا إذا كسبنا الأطفال أنفسهم، هل يمكن فعلاً أن نكسب الأطفال؟!!
نعم يمكن أن نكسب أطفالنا من خلال بعض التعديلات على طريقتنا معهم ستكون متعبة في البداية فقط ثم ستكون متعة في حد ذاتها إن شاء الله:
أولاً: الاستماع بحساسية، الأب أو الأم الذي يستمع باهتمام لابنه ينقل له المعنى التالي (أنت أفكارك قيمة، أنت محترم وتستحق اهتمامي)، وهذا يعطيه رضا وهدوءاً داخلياً وثقة جيدة في نفسه وبمحبة أهله وتقديرهم له، حب الاستماع من الابن يشعره بقبولنا له على طبيعته واحترامنا لشخصيته وتفهمنا لحاجاته.
ثانياً: الامتناع عن إلقاء القنابل والمتفجرات عليه.. كيف؟!!
1 أي الامتناع عن الإهانات.. يا قليل الأدب، يا قليل الحياء، أنت ما تفهم، ولا يمكن أن نتوقع من الطفل احترام نفسه والآخرين إذا كان والداه يهينانه بهذه الطريقة.
2 التنبؤات والتوقعات السلبية، مثل: أنت راسب نهاية هذه السنة.
3 التهديد: إذا ما سمعت الكلام تجلس في البيت ونذهب ونتركك وحدك أو خلّك تضايق أختك تشوف وش أسوي لك!!
4 الاتهامات: أكيد أنت الذي ضربت أخاك، أكيد أنت الذي كسرت الإضاءة، أو نتهمه بأنه ما يسمع الكلام.
5 الدعاء على الابن: ونحذر من الدعاء عليه، مثل: الله يأخذك أو الله يعلك، وهذه خطيرة جداً، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم لا توافق من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم".
ثالثاً: ذكر الوالدين مشاعرهم وأفكارهم بدون هجوم: يحرص الوالدان على ذكر مشاعرهم وأفكارهم بدون هجوم على شخصية طفلهم وكرامته، كما يحرصون على إبداء رأيهم سواء مدح أو ذم للسلوك نفسه وليس الطفل وهذا مهم جداً.
إن هذه العناصر الثلاثة السابقة، وهي: الاستماع، والامتناع عن إلقاء القنابل عليه، وذكر الوالدين مشاعرهم وأفكارهم بدون هجوم عليه، هذه العناصر تخلق جواً ودياً يشد الطفل أكثر لوالديه بسبب مواقفهم العادلة ومراعاتهم لمشاعره وظروفه ولباقتهم معه، وهذا كله يجعلهم يكسبون الطفل تماماً ويملكون أقوى وسيلة للسيطرة عليه.
17/2/1425هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/218)
في التحرش الجنسي بالأطفال.. الكل يلوذ بالصمت!!
نقلا عن موقع لها أون لاين
عندما يغتصب عالم البراءة تتجلى الجريمة في أبشع صورها.. ألعابها كانت هناك.. مطبخها الصغير.. قصصها الملونة والصلصال.. عالم تعيش فيه أحلى سنين عمرها.. وهاهي لعبتها المفضلة تنام بجانبها على السرير سعيدة هي بهذا العالم المنسوج من الجمال والألوان والخيال..
وخلف الستار يد ملوثة تحاول أن تمتد لها.. تدنس عالمها ترمي بلعبتها المفضلة من سريرها وتزحف نحوها تريد قتل براءتها وانتزاعها من عالمها الذي تحبه إلى الأبد.
التحرش الجنسي بالأطفال من القضايا التي تؤرق العالم أجمع، ما دفع بعض الدول لسن قوانين رادعة للمتحرشين بالأطفال، وتبنت المملكة المغربية قبل مدة حملة واسعة للتوعية ضد هذا الوباء الاجتماعي المدمر.. وتعد هذه القضية من أخطر القضايا الاجتماعية التي يتم التكتم عليها خشية الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي، دون بذل جهود كبيرة لاستئصالها من مجتمعاتنا العربية ما يجعلها ماضية في الاستفحال، غير مستجيبة لما يقدم حيالها من حلول لاسيما وأنها حلول مؤقتة غير ناجعة.
(لها أون لاين) طرح قضية التحرش الجنسي بالأطفال بين أيدي قراءه، وترك الباب مفتوحاً أمامهم للتعبير عن هذه المشكلة، عمقها، أسبابها، دوافعها، الحلول الممكنة لها، كما لم تخل بعض الإجابات من عرض أسرار خاصة لدى البعض في صميم هذه المشكلة.
قصص واقعية لضحايا التحرش الجنسي وصلت موقع (لها أون لاين)
للأسف إن ما سنعرضه فيما يلي قصص واقعية وحقيقية حدثت لفتيات في عمر البراءة والطفولة.. منهن من أرسلتها كطلب استشارة، ومنهن من شاركت بها في القضية التي طرحناها مؤخراً..
أخاف أن أقع معه في العقاب
تقول ن. ع. ن: أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاماً تعرضت للاعتداء الجنسي في عامي الثاني عشر من ابن أختي الذي يكبرني بثلاث سنوات.
وكان كلما رآني يتحرش بي وكان يأتي إلى بيتنا كثيراً وبخاصة في أوقات نومي فأتفاجأ به يعتدي علي وأنا نائمة!! وإذا استيقظت أضربه وأبكي وأرتجف من الخوف وكان يقول لي إنني عشيقته وأنه يحبني وكان يأتي لي بالأشياء التي أحبها دون مناسبة واستمر هذا الأمر حتى بلغت عامي السادس عشر.. لم أخبر أحداً، كنت دائماً أهدده بإخبار أمه ولكنني أتراجع في اللحظة الأخيرة، أخاف أن أقع معه في العقاب.. مع أني لم أفعل شيئاً.. وكنت دائماً أدعو عليه حتى ذهب للخارج للدراسة وكنت فرحة جداً لأنني تخلصت منه والآن عاد وخطبت له أمه فتاة من العائلة.. ولم يعد لعادته القديمة.. مشكلتي الآن أنني أكرهه كثيراً ولا أبقى معه في مجلس وإذا كلمني أجامله.. دائماً أقول لنفسي إنه ابن أختي ويجب أن أنسى ذلك الماضي لكنني لا أستطيع!!.. وبحكم ديننا وعاداتنا فأنا لم أعرف من الرجال إلا أبي وأبناء أختي الاثنين وليس لدي إخوة.. وأخاف أن أتزوج فأكره الرجل فلا أعرف هل لدي عقدة من الرجال؟.. وكثيراً ما أبكي من قسوة الحياة، فهو سيتزوج ولن تعلم زوجته عن ماضيه.. أما أنا لا أعلم ماذا أفعل فقد تقدم لي خاطب وأهلي يقنعونني بالزواج منه وأنا خائفة لم أقبل به خوفاً من أن يكون ابن أختي أفقدني عذريتي فلا تقل لي أن أذهب إلى دكتورة فهذا مستحيل ولا تقل لي أن أخبر أحداً من أهلي فأنا بالكاد كتبت لك مشكلتي الفريدة بشناعتها وواقعها المرير.. فماذا أفعل؟...
كسيرة النفس.. سارحة الذهن
تحكي بنت أبوها قصة حدثت لقريبتها: تعرضت إحدى قريباتي لموقف أليم منذ 6 سنوات أي عندما كان عمرها 14 عاماً، وهذه السن سن الزهور الحرجة التي تتكون فيها شخصية الإنسان قام أحد الأقرباء (من جهة الأم) عمره (40 عاماً متزوج) بأخذها معه في السيارة والذهاب بها إلى أحد الأماكن وهناك قام بكشف عورته وأجبرها بالقوة على لمسها (لكنه لم يقترب منها) في حين أنها لم تستطع المدافعة عن نفسها ولم تخبرنا في حينها عن هذا الموقف وتمر 6 سنوات والبنت تكبر وتكبر الصورة التي رأتها في مخيلتها حتى باتت ترى أن هناك أناساً يحاولون الاعتداء عليها، ومن تلك الفترة إلى الآن وهي تحس بآلام أسفل البطن، ذهبت إلى المستوصفات وإلى أكبر المستشفيات وأكدوا خلوها من الأمراض لا ترسبات ولا انسداد ولا التهاب (خالية من الأمراض) ورغم الأدوية والمهدئات التي صرفت بغير فائدة ما زالت تحس بهذه الآلام، لقد وصلت إلى حالة نفسية سيئة فبعد أن كنا نعرفها بمرحها ومشاكستها صارت لا صوت ولا حركة، كسيرة النفس ومترددة دائماً، نظراتها باتجاه الأرض وسارحة الذهن، اصفر لونها وفقدت شهيتها حتى أصيبت بفقر الدم وتعاني من تشنجات وشبه إغماء واستفراغ وأصبحت كثيرة النوم والبكاء لم تعد تلك البنت الجريئة التي كلما طلبت شيئاً لابد أن يجاب لها، قيل لنا ربما تكون مصابة بالعين أو حالة نفسية بدأنا علاجها بقراءة القرآن عليها وعلى الماء والزيت واستخدامه ومحاولة التغيير من أسلوب حياتها وعدم تركها وحدها مع محاولة شغل وقت فراغها مع الالتجاء إلى الله بالدعاء وكانت الجهود فردية (أي بدون الالتجاء إلى طبيب نفسي)، تحسنت قليلاً لكن الأثر مازال كبيراً ونحن الآن بين الرجاء والخوف من الانتكاسة لحالتها (علماً بأن والدها وإخوانها الأولاد لا يدرون بهذا الأمر خوفاً من ردة انفعالهم).. فما الحل؟
التحرش الجنسي وصور من الذاكرة
تقول أمة الله في استشارتها لا أعلم من أين أبدأ.. حدثت لي حادثتان في صغري ونسيتهما على مر الأيام، إذ لم تشكلا يوماً شيئا مميزا لكني من فترة سنة تقريبا بدأت الذكرى تلوح من فترة لأخرى والآن أنا أشك أنها كانت تحرشا جنسيا ولا أعلم إن كانت لها تأثير في حياتي وأنا لا أعلم.
الأولى كنت صغيرة جدا قبل دخولي المدرسة ربما كنت 4 أو 5 سنين لا اعلم كيف وصلت مع ابن خالتي وهو ابن عمي في نفس الوقت إلى الفناء حيث الأراجيح ولا اعلم من البادئ المهم أننا كنا نقوم بفعل أشياء خاطئة ولم يعلم عنا احد طبعا مع العلم انه أكبر بـ 6 شهور تقريبا ونسيت الحادثة
وكذلك حدث لي أمر مشابه مع أخي والذي بدأ عن طريق المزاح ولقد سمعتنا الخادمة وأخبرت أمي وسألتني أمي وأخبرتها ولا اعلم ماذا حدث لأخي بعدها حيث إننا عدنا كالسابق أو هذا ما اذكره ولا ادري لم بدأت هذه الذكرى تزورني كثيرا، رغم أني متزوجة من أربع سنين تقريبا وحياتي الجنسية مع زوجي جيدة والحمد لله.
من أحد محارمي
تقول حنان في استشارتها تعرضت في صغري للتحرش الجنسي من أحد محارمي وهذا يجعلني أخاف على أبنائي من أن يتعرضوا للموقف نفسه لذا فإني أود أن أعرف كيف يمكن أن أحمي أطفالي من التحرشات الجنسية في المحيط العائلي قبل غيره؟
أسرار مدفونة:
شكّل استطلاع الرأي الذي أجراه موقع (لها أون لاين) فرصة لدى البعض، في الكشف عن أسرارهم المدفونة الخاصة، التي قد لا يجدون متسعاً لذكرها خوفاً من الملامة والفضيحة، فبثّوها من خلال السطور، علّهم يحصلون على نصيحة مفيدة، أو حل ينهي لهم أزمتهم النفسية.
تقول إحدى الفتيات من السعودية: "الخوف من الأهل وعلم من يتحرش بهذا الشيء هو ما يدفع المتحرش للتحرش والتمادي في جريمته، وهذا كله بسبب عدم تقبل الأهل لحصول هذا الشيء والنظر إلى المفتعل فيه وكأنه المذنب، وأنا واحدة ممن تعرضت لهذا الأمر، وإحدى صديقاتي مازالت تتعرض للتحرش من زوج خالتها ولم تبح إلا لي.. بعد أن كادت تنهار.. تتألم وتبكي، تكره الذهاب إليهم وتخشى أن تتكلم.. وما زال قريبها حتى الآن يستغل أقل الفرص لفعله الدنيء.. السؤال.. ما الحل؟".
شهد، تؤكد أيضاً بأن هذه الجريمة تقع أكثر ما تقع من قبل الأقارب، وتقول: "نشكر تعرضكم لهذا الموضوع المهم والخطير وما له من انعكاسات على أطفالنا جسديا ونفسيا - لكن من اخطر الحالات التي يجب التنبه لها هي التحرش الجنسي من قبل الأقرباء الذين لا نشك بهم أصلا فكثير من حالات الاعتداء تقع من الأعمام والأخوال والإخوة أحيانا، ثم الجيران ثم الحارس ثم السائق ثم الخادم أو الخادمة أحياناً".
فيما تذهب (الدلوعة من مصر) إلى أبعد من ذلك، حيث تسرد قصتها بإيجاز، تقول: "أنا بنت مصريه تعرضت للتحرش أكثر من مرة وكل زملائي في الكلية، ويقولون هناك "إن هذا الفعل (موضة) هل تريدين أن تبقي (دقة قديمة)"، مع أنني أحاول أن أتلاءم مع التطورات في عصري، وأتساءل هل معنى ذلك أننا نعارض الدين في هذا؟".
أما حنان (من السعودية) فتروي قصتها التي تثير العديد من التساؤلات حول تعامل المجتمع مع المعتدى عليه، وطريقة تعامله مع المجتمع، والأثر النفسي الذي قد يلاقيه..
كتبت تقول: "تعرضت للتحرش من خالي في عمر ما قبل المدرسة في غرفته الخاصة.. كنت أحبه وكنت أظن أن ما يفعله شيء طبيعي.. ولم أفطن للأمر إلا عندما أراد إعادته عندما أصبحت في التاسعة من عمري فلم أسمح له.. ثم تحرشت فيما بعد بابن عمي وبأخواتي (مع العم أنني الكبرى بينهن) وأنا لم أتجاوز العاشرة من العمر.. ولا أعلم عن الأمر سوى أنه شيء تعلمته على يد خالي.. عشت معاناة كبيرة بعدما فهمت كل شيء.. معاناة مع تأنيب الضمير ومع شهوة عارمة عرفتها منذ صغري.. معاناة لأنني لم أجد من يقف معي.. ولم أرتح إلا عندما لجأت لربي وسخر لي صديقة صالحة بحت لها بمكنون صدري ومن بعدها امتلأ قلبي بالرضا.. واليوم كلما تذكرت ما حدث لا أجد سوى كلمة : حسبي الله ونعم الوكيل..".
وتكشف فتاة سمّت نفسها "تعيسة" عن معاناتها الدائمة التي أرغمتها على العنوسة رغماً عنها، تقول: "أنا فتاة عمري 30 سنة لم أتزوج بعد أن تعرضت للاغتصاب، أرغب بالزواج وأخاف من العار هل لديكم حل؟".
مخاوف.. وتساؤلات:
تبين من خلال استطلاع الرأي أن هذه القضية تثير مخاوف وتساؤلات العديد من الأهالي الذين كشفوا مقدار عمق هذه المشكلة في مجتمعاتنا المختلفة، والخوف المستمر الذي يحمله الناس على أبناءهم وأقاربهم وأنفسهم أيضاً، من هذه الخطيئة الأخلاقية الدينية التي يمر بها البعض، ويترك آثارها واضحة على الأشخاص الذين يعتدي عليهم.
من بين التساؤلات التي أثارتها أم لجين (من السعودية)، هي "عندما يكون احد أطفالك متحرش به من قبل قريبه ولا تدري كيف تعالج المشكلة؟ من سوف يصدقك؟"، وهي أزمة حقيقية تقتضي من الكثير من الأهالي التحاشي عن ذكر تلك المشكلة، مخافة "الفضيحة"، ولأن الناس عادة "يشككون في كل قصة من هذا النوع.
فيما تشير تسنيم (من المملكة المتحدة) إلى المخاوف من الآثار العميقة التي يتركها هذا الفعل على الطفل، وانه يدمّر حياته وذاكرته، وتقول: " إن التحرش الجنسي عموما فعل حقير ويجب معاقبة المجرم دون أي تساهل".
عمر (من الأردن) يشير إلى مخاوف أخرى حول هذه الجريمة، ويقول من واقع تجربة وقرب من هذا الأمر: "يوجد بعض التحرش الجنسي بين الطلاب وبين الأساتذة والطلاب والطالبات، إذ في السنة الماضية خرجت من المدرسة 22 بنت حاملا في عمان".
وتؤكد ميادة (من مصر) أن الأهل باتوا يخشون على أطفالهم في كل مكان من هذا التحرش الجنسي والذي قد يفضي إلى الاعتداء، قائلة: " لا أعرف ماذا أعمل، لدي ابنة عمرها 11 عاماً، وأينما نذهب نرى أناس ينظرون إليها بطريقة سيئة، آخر مرة كنا في محل مشهور لشراء ملابس، وتركت ابنتي تختار ملابس لها، فإذا بها تركض نحوي بعد وقت قصير خوفاً من أحد العمال في المحل الذي حاول التحرّش بها، مع العلم أن ابنتي محجبة، وأنا بصراحة بت أخاف عليها كثيراً".
وفي مقارنة مع الواقع الحالي، والمطالب التي بدأت تتنامى لدى البعض ممن يريد التغرير ببنات المسلمين، يقول أحمد (من السعودية): "الآن بدأ الناس من ذوي الشهوات الخاصة يطالبون بنزع حجاب المرأة المسلمة"، مشيراً إلى أن ذلك سيفضي إلى المزيد من المشاكل والفساد الأخلاقي والديني في المجتمع.
إحصاءات وأرقام
تذكر بعض الإحصاءات التي أورتها وسائل إعلام ومراكز اجتماعية عديدة، إلى أن انتشار هذه الجريمة في المجتمعات باتت أمراً متزايداً، مشيرة إلى أن معظم الحالات تمّت على يد أقارب أو جيران أو معارف. على سبيل المثال، تذكر عيادة الطبيب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية، كان المعتدي فيها من داخل العائلة في 48 حالة، وكان المعتدي معروفا للطفل الضحية (جار - قريب) في 79 حالة، وفي 47 حالة كان المعتدي غير معروف للطفل أو غريبا عنه.
وفي لبنان أظهرت دراسة صادرة عن جريدة "لوريان لوجور" أن المتحرش ذكر في جميع الحالات، ويبلغ من العمر 7- 13 عامًا، وأن الضحية شملت 18 فتاة، 10 أولاد تراوح أعمارهم ما بين سنة ونصف: 17 سنة، وأشار المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين.
وفي مصر: تشير أول دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة "فاتن عبدالرحمن الطنباري" -أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس- إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية.
كما أكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم.
وقد تبين أن هناك 77% من هؤلاء المعتدين "آباء" للأطفال الضحايا، و11% من أقاربهم، وأن أكثر من 75% من المعتدين هم أشخاص معروفون للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة. والتحرش الجنسي أحد أنواع هذا الإيذاء.
أما في الغرب، الذي انتشرت عنده الإباحية الجنسية، والذي يريد البعض من مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن يتبنى أفكار وأخلاقيات تلك الدول، فإن إحدى الدراسات صدرت في الولايات المتحدة عن الجمعية الأمريكية للتعليم الجامعي للنساء قالت: "إن نحو 80% من طلاب المدارس الأمريكية ذكورًا وإناثًا قد تعرضوا إلى نوع من أنواع التحرش الجنسي في حياتهم المدرسية".
أسباب الظاهرة:
أشار العديد من المشاركين في استطلاع الرأي إلى عدة أمور تشكّل "حسب رأيهم" أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، منها:
الأهل:
يقول أحمد عرفة (من مصر): "من رأي، فإن التحرش الجنسي بالأطفال هو بسبب غياب الأب والأم و الدين من البيت".
كما يقول أنور (من المغرب): "أسباب التحرش يرجع إلى سوء التربية وعدم الإقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيه الأبناء التوجه السليم، والسماح لهن برؤية الغير مباح مما يثير فيهن الغرائز الجنسية مع عدم المراقبة الدائمة واستغلال المواقف للتوجيه".
ويوافقهم محمد (من ليبيا) قائلاً: "هذه الظاهرة السيئة تعود إلى الوالدين لعدم تربية أطفالهم بالطريقة الصحيحة".
كما يقول فيصل الطويرقي (من السعودية): "هذه المسألة تعود إلى الوالدين في تربية أبنائهما التربية الإسلامية الصحيحة، وعلى الوالدين كذلك عدم تربية الطفل على النعومة والدلع الزائد".
أما أم زيد (من السعودية)، فترى أنه "لا بد من المكاشفة.......حتى لا ينجرف الأطفال إلى طرق خاطئة.. أو يصابوا بعقد نفسية.. لابد من المصارحة بين الأبناء والوالدين.. ولابد من التربية السليمة... ومراعاة أبنائنا حق الرعاية فهم أمانة في أعناقنا وهبة من الله علينا المحافظة عليها.."
ويحدد (مرعي طالب من اليمن) نقاطاً محدداً في دور الأهل في انتشار هذه الظاهرة، قائلاً: "من أهم أسبابها:
1) الرفقة السيئة من المدرسة وأولاد الجيران
2) عدم السؤال على الأولاد والسبب في تأخرهم عن البيت
3) التربية، مثلا الأب يعوّد الابن على الصلاة ومكارم الأخلاق والشجاعة والشهامة.
وسائل الإعلام:
باتت وسائل الإعلام تأخذ حيزاً متزايداً من وقت واهتمام الأبناء، وأيضاً من وقت واهتمام الكبار الذين باتوا يتعرضون لعمليات تشويه فكرية وأخلاقية ودينية، ساعدت في ذلك انتشار الفضائيات المخلة بالآداب، وفساد النظم الرقابية في الكثير من الوسائل الإعلام العربية والإسلامية، ما ساهم في تمرير صور ومناظر وأفكار مشوّهة عن التطور والحضارة، وساعد كل ذلك في إثارة الغرائز الجنسية الغير طبيعية عند المتابعين، خاصة في المجتمعات المحافظة.
يقول أبو علي (من الكويت): "السبب في التحرش الجنسي للأطفال هو انتشار الإعلان لمثل تلك التحرشات بوسائل الأعلام، فيستهين الناس بهذا الشيء بعد ما كان مستغرب وشاذ".
فيما تقول (عبير من السعودية): "أولاً وأخيراً وأصيح بأعلى صوتي أن السبب هي القنوات الفضائية، فهي الشيطان المدمر للنفوس والبيوت، لا بارك الله فيها، وفيها من غش أهل بيته بها. وأنا ألقي اللوم الكبير على الآباء الذين أصبحوا بلا غيره، رحم الله آباءنا وأجدادنا لما يملكون من غيره على بيوتهم ونسائهم وبناتهم".
وتقول (التائبة من مصر): "السبب هو الإعلام، وما أدراك ما الإعلام، الذي أصبح يعج بالفساد إلا ما رحم ربي، وبرأيي أنه هو السبب أولاً وأخيراً".
ويشاطرهم الرأي (أبو خالد من السعودية) قائلا:" سبب انتشار تلك الجريمة وجود القنوات الفضائية في المنزل مما يجعل (الشباب) يعتاد على الإباحية وعدم التمنع من الجنس باعتباره أمراً طبيعياً".
أما (حطين) فيسطر كلمات مهمة حول دور الإعلام المفسد في مجتمعاتنا، قائلاً:" لما توضع العراقيل للفضيلة وتعولم الرذيلة والعهر والبذاءة لا تسل عن النتائج التي قد يصل إليها المرء فيرتكس في أخلاقه ليكون دون البهائم والأنعام!!
حينما تعرض المشاهد المنكرة وينتقى لها أصحاب الجمال للإغراء والفتنة!!
حينما تنحصر علاقتنا كمربين وأولياء بالجيل في افعل ولا تفعل دون نقاش وحوار وتوعية حميمة!!
حينما يكون دور الوالدين مع الأبناء دور المطعم مع الزبائن فلا تربية ولا توجيه ولا متابعة!!
بالأمس كنا نخاف على البنت دون الولد اليوم عليهما معاً!!
إنه اللعين ذلك الإعلام الهابط علينا من السماء والذي يرعى الغرائز ويثير مكامن الشهوات دون خوف من الله ولا حياء من خلقه!! ولا ننسى من أمن العقوبة أساء الأدب".
المجتمع:
ألقى العديد من المشاركين في الاستطلاع باللوم على "المجتمع"، وطريقة تعامله مع المشكلة، ونظرته للمعتدى عليه، وطريقة التربية التي يؤثر فيها على الأهل.
تقول (عبير من السعودية): "في مجتمعنا السعودي أرى أن من أسباب انتشار التحرش الجنسي بالأطفال، طرق التربية الخاطئة وزيادة الكبت".
كما يقول (سليم من السعودية): "للأسف فإن مجمعاتنا تربي الطفل على الخوف حتى عندما يتحرش به أحد يسكت وهذا الشيء راجع للإعلام الجنسي الذي يدفع المراهقين للبحث عن أي متنفس لتلك الشهوات".
(مون من السعودية)، كتبت تقول: "التحرش الجنسي بالأطفال يعتبر من القضايا المهمة.. ومن رأيي فإن أسباب هذه القضية تعود إلى:
1- قلة الوازع الديني.
2- رؤية القنوات الفضائية التي تعرض المشاهد الإباحية.
3- الفكرة العامة أن هذا طفل لن يشعر بالجرم أبدا... وغير ذلك من الأسباب التي توقع في مثل هذه المشكلة".
أسباب أخرى عديدة:
لم يقف المشاركون في الاستطلاع عند حدود الأهل والمجتمع والإعلام، بل شملوا العديد من الأسباب التي تعتبر "بالفعل" دافعاً ومحفّزاً لهذه الأمور، منها ما ذكرته (ناصرة الإسلام من السعودية)":
* تهاون الأهل في تستر البنات وجعلهن يختلطن مع المحارم بصورة تتجاوز الحدود في المزح والخلوة التي لا داعي لها
* عدم اهتمام الأهل بلباس الفتيات والتساهل بكشف الصدور والظهور بل والبطون أيضا وغير ذلك سواء أمام المحارم أو السائقين أو حتى الصديقات
* اعتماد الوالدين على الخدم والسائقين في تربية الأبناء وإعطائهم الصلاحية الكاملة لذلك".
فيما كتبت إحدى السيدات من الإمارات العربية المتحدة تقول: "إهمال الوالدين للأبناء خارج المنزل أمام السيل العارم من الوافدين من الآسيويين خاصة الذين لا يضعون في الاعتبار أن الله تعالى يراهم.
- ترك الأبناء مع الخدم الذين يثأرون من الأهالي من الأبناء (الضحايا) فمن القصص التي أعرفها أن خادمة طالت فترة خدمتها لعائلة أمنتها على بناتها الأربع ولكنها خانت الأمانة بأن اغتالت عذرية جميع الفتيات الأربع وأخبرتهم بذلك بعدما سافرت ووصلت إلى بلادها مطمئنة أنه لن يعاقبها أحد في بلادها علما بأنها عاشت مع العائلة منذ ولادة البنت الأولى والعائلة غافلة عن البنات".
(شهد من السعودية) كتب تقول: "أظن أن من أسباب التحرش الجنسي
1/ ضعف الوازع الديني
2/ قلة الوعي الاجتماعي والأسري
3/ كثرة المثيرات الغريزية
4/ الاختلاط الأسري وغيره
5/ عدم المراقبة الأسرية
6/ الإهمال الزائد وغيرها من الأسباب".
أما سليم من سورية فيرى أن "أهم أسباب انتشار هذه الجريمة، هو ضعف الوعي والوازع الديني وإهمال هذه الظاهرة".
وتشدد (سمسم من السعودية) على أن "أكبر وأهم سبب لانتشار هذا الوباء هو البعد عن الكتاب والسنة قولا وعملا ، و أن ذلك لن ينجلي إلا برجوعنا إلى المولى جل وعلا".
نصائح وحلول:
ذكر العديد من المشاركين عدة حلول ونصائح لأنفسهم ولغيرهم، علّها تفيد في الحد من انتشار هذه الظاهرة المتنامية، أو تساعد الذين تعرّضوا لاعتداء على تجاوز تلك الأزمة.
(آسيا من الجزائر تقول): "من الأفضل أن نتكلم عن الحل وألا نسكت مخافة العار لان السكوت عن المنكر منكر، إذ لا بد أن يأخذ الجاني جزائه. علينا بالتربية السليمة لأبنائنا حتى لا نتركهم عرضة لذئاب بشرية لا ترحم الطفولة".
ويقول أيمن محمد القحطاني: "للخروج من هذه الأزمة يجب:
1- يجب تقوية الوازع الديني ومعرفة أن اللواط محرم.
2- تربية الأولاد على الصراحة مع الآباء .
3- عدم الاطمئنان لأي شخص حتى الخال وأولاد العم وغيرهم".
ويرى (سانا من تونس)، أن "تسليط أقصى العقوبات على هذه الفئة الشاذة، وإعدامهم إذا لزم الأمر"، حلاً ناجعاً لهذه الظاهرة.
فيما ترى (أم ريم) الحل في عدم التكتم على هذه الجريمة، وكتبت تقول: "أرى بأنه لو تم التكتم سيكون هذا الطفل ذكرا كان أم أنثى ضحية والديه وترددهم وعنادهم لأنفسهم ، فهذا طفل ضحية من أراد تدميره بدافع شهوة حيوانية ليس إلا؟ ففي رأي أن تتم المكاشفة فأنا طفلي لم يخطئ ويجب أن أطالب بعقاب من أخطأ في حقه ولا أتنازل أبدا".
((101/219)
يقين من السعودية) ترى الحل في:
1/ نشر الثقافة الدينية.
2/ إشباع الغريزة العاطفية.
3/ تعليم الطفل سبل الدفاع عن نفسه إذا تعرض لهذا الموقف (بالصراخ/ إبلاغ الوالدين/....).
4/ إلباس الطفل ملابس ساترة وغير مغرية.
5/ عدم إهمال الأطفال وتركهم مع الغرباء والخدم".
فيما ترى (هالة من ليبيا) أن الحل يكمن في "توعية الطفل بطرق مبسطة بالمحاذير في التعامل مع الغرباء.. وتوضيح العيب والحرام بدون بث الرعب في نفس الطفل.. وتقبل أحاديثه البريئة بصدر رحب يقي من حدوث المشكلة وإن وقعت لا قدر الله يقي من استفحالها".
(نداء من السعودية) كتبت تقول عن الحل: "أطفالنا أهم ما نملك فنصيحة يا أختا, لا تجلبي خادم رجل آسيوي أو غيره في بيتك فبعضهم ليس لديهم لا مذهب ولا دين.
راقبي أطفالك ولا تهمليهم بخروجك عنهم وتركهم عند الخادمة أو إرسالهم معها بدون رقيب
نبهيهم وحذريهم من الغرباء وأن يبوحوا لك بكل شيء".
وتشدد (الجوهرة من السعودية) على المصارحة، وتقول: "المكاشفة أهم شيء، حتى تتم معالجة المشكلة في أسرع وقت ممكن، وحتى وإن هدد المتحرش بعرض صورهم فحذار من الصمت لأنه لن يستطيع مواجهة ولي أمر المتحرش به أو المتحرش بها".
الخطر القادم من الداخل!
في استطلاع قدمه لها أون لاين بالتزامن مع إثارة قضية التحرش الجنسي بالأطفال في شاركوا بالرأي طرح سؤال لمتصفحي الموقع وكان نصه: تعرض الأطفال للتحرش الجنسي تتوقع أن يكون بدرجة كبيرة من الأقارب أم المدرسة أم الجيران؟
كان إجمالي الأصوات التي شاركت في الاستطلاع 996 صوتاً 56% وهي النسبة الأكثر تتوقع أن تعرض الأطفال للتحرش الجنسي يمكن أن يكون من الأقارب وأنهم مصدر الخطر الأول، بينما 28.7% رأوا أن الطفل معرض للتحرش الجنسي من لمدرسة، و15.3 فقط توقعوا أن الأطفال معرضين للتحرش الجنسي من قبل الجيران.
وهذه النسب تدل بشكل أو بآخر على انتشار التحرش الجنسي بين الأقارب، الأمر الذي يضعنا أمام قضية شديدة الخطورة لأننا هكذا أمام مواجهة خطر من الداخل، خطر كان حتى وقت قريب غير متوقع، وهنا سؤال يطرح نفسه ولا بد له من إجابة كيف نحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي خاصة إذا كان الخطر الذي يداهمهم قد يكون من الناس المقربين منهم والذين نتركهم برفقتهم دون أن يساورنا أدنى شك أنهم مصدر الأذى بالنسبة لهم..
كيف نحمي أطفالنا من التحرشات الجنسية؟
ما عرضناه آنفاً قصص من الماضي، كُتبت بأقلام أصحابها بعد أن مضى ما مضى، ذكريات تهدد حاضرهم، فهل سنسمع غداً قصص أطفالنا وما مروا به من أذى وتحرش ونحن لا ندري الآن ما يحصل لهم، ونحن لا نعرف عنهم شيئاً.. لو كان ذلك ما سيحدث فأي مصيبة نحن بها.. لئلا يغدو ماضيهم حاضر أبنائنا
يعرض المستشار خالد بن عبد العزيز بن إبراهيم "ماجستير في العلوم الشرعية" بعض النصائح لنحمي أطفالنا من التعرض إلى التحرش الجنسي.
يقول: تبقى التربية الناضجة لأطفالنا ـ بعد توفيق الله وحفظه ـ هي صمام الأمان من الوقوع في مثل هذه المشاكل.. ومن أهم أولويات التربية الناضجة لأبنائناً أن نحطم كل السدود والحواجز التي تحول بيننا وبين أولادنا.. فتكون الأم هي مستودع سر أولادها.. هي الصديق الأمين التي تفضي لها البنت بكل همومها وآلامها وآمالها.. نعم.. يجب أن نتخلص من كل ما يحول بيننا وبين قلوب أبنائنا.. لنتبسط في الحديث إليهم.. لنودعهم بعض همومنا حتى يشعروا بالثقة.. لنكن مستمعين أذكياء لكل همومهم ومشاكلهم ولنتحمل كل شيء في سبيل ذلك.. فالتربية تستحق منا أكثر من هذا...
إنني دائماً أتساءل في نفسي: تلك البنت التي تتصل على المستشارين والمشايخ لتقول لهم كل ما في قلبها من هموم ولا تتحفظ في ذلك.. وتنتظر منهم كلمة توجيه وإرشاد.. هذه البنت لو وجدت من أبيها أو أمها قلباً مفتوحاً وصدراً رحباً وحباً صادقاً هل كانت تحتاج معهما إلى غيرهم؟!
إحداهن تتعرض منذ سنوات لابتزاز شرس من أحد لصوص الأعراض وتظل رهن هذا الابتزاز سنوات طويلة وتبقى تقاوم حتى تتصل علي لتعرض مشكلتها رجاء حلها...
أسألها: لِمَ لَمْ تفض بهذا إلى أمك أو أبيك أو أخيك؟! تجيب ـ بتلقائية: أخاف منهم...
نعم إنهم لم يعرفوها في وقت الرخاء لتعرفهم في وقت الشدة...
نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيد للأسرة دورها المسلوب.. إن هذه التقنيات الحديثة رغم إيجابياتها إلا أنها سرقت منا أجمل لحظات حياتنا.. سرقت منا لحظات الصفاء.. لحظات الأنس.. لحظات السرور.. لحظات البهجة..
نعم.. إنهم يجلسون ويستمعون لكن إلى التلفاز.. يتحدثون بسرور لكن عبر الهاتف!!.! نعم تجلس أجسادهم متقاربة لكن تظل أرواحهم متنافرة..
نحن بحاجة لأن يجلس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض.. يتحدثون من قلوبهم... يتجاذبون أطراف الهموم والآمال.. يتعرف كل واحد منهم على عالم أخيه أو أخته..
إن مثل هذه الجلسات هي أشبه ما تكون بالإبر الوقائية عن الكثير من الأمراض..
ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو؟! يقوم من مكانه ليستقبل ابنته فاطمة كلما أقبلت عليه.. يصافحها ويحادثها.. يسارها في الكلام فتضحك.. ويسارها مرة أخرى فتبكي...
لكن واقع الكثير منا مؤسف جداً.. فالأب مشغول بتجارته وعمله.. والأم بهمومها الخاصة.. ويبقى الأولاد هم من يدفع الثمن حتى ولو كان غالياً!!
إذن من المهم جداً أن تبني الأم بينها وبين أولادها جسوراً من الحب والتواصل..
وفي الثقافة الجنسية لا بأس ـ بل ضرورة ـ إذا بلغ الولد (والولد يطلق على الذكر والأنثى) سن التمييز أن يعطى جرعات تقيه من الوقوع ضحية للتحرش الجنسي.. ويمكن ذلك أن يكون بأن يعرف بمناطق العورات ويقال له: إن هذه المناطق مناطق محرمة لا يجوز كشفها للناس.. ولا تسمح لأحد أن يقترب منها.. أو يعبث بها وإذا وقع مثل هذا فلابد أن تخبرني..
وفي اعتقادي أن الطفل إذا تربى على هذا المبدأ فإنه سيقيه بإذن الله تعالى من الوقوع في مثل هذه المشاكل...
ورغم هذا فأنا واثق أن الأب أو الأم إذا كان قريبين من أولادهما فإن الولد سيقول لهما كل ما يهمه ويعترض طريقه..
وقناعتي التي أؤمن بها وأراهن على نجاحها بإذن الله تعالى: اعرف ولدك وقت الرخاء يعرفك في وقت الشدة..
وفي الأخير والأول لابد من التذكير ـ بلا ملل ـ أن أفضل معين لصلاح الأبناء هو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله الحفظ والتوفيق والسداد.. ومن كان الله معه فلن يخيب..
تعاريف ومفاهيم
لتكون الصورة أوضح نورد لكم مجموعة من التعاريف حول الطفولة، المتحرش والاعتداء الجنسي..
مفهوم الطفولة:الطفل هو المولود أو الصغير من كل شيء، وقد حدد القرآن الكريم مدة الطفولة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} (الحج: 5).
ومن الناحية القانونية فقد أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل وصادقت عليها دولها عام 1990، وحددت هذه الوثيقة الطفل بأنه: "كل إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، ما لم تحدد القوانين الوطنية سنا أصغر للرشد" (الأمم المتحدة، اتفاقية حقوق الطفل ص2).
المتحرش أو المعتدي:
المعتدي حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل وله علاقة ثقة وقرب للضحية، وقد دلت الدراسات أن أكثر من 75% من المعتدين هم ممن لهم علاقة قرب مثل أب، أخ، عم، خال، جد أو معروفين للضحية.
ما هو الاعتداء الجنسي على الطفل؟
الاعتداء الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق.
وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا.
ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية.
وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمّرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبه غالبا من أشكال سوء المعاملة، وهو ينطوي أيضاً على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.
ويقول الشيخ خالد أبا الخيل المستشار الشرعي والاجتماعي لموقع لها أون لاين:
هذه القضية بالتأكيد هي قضية مهمة.. وليس صحيحا أن نتجاهل قضايانا (الحساسة والهامة ) بدعوى أنها لم تصل بعد إلى درجة الظاهرة! إذ من الواجب ـ تجاه مشاكلنا التربوية أن ندق ناقوس الخطر لأدنى خطر يمكن أن يقع.
ذلك أن الخطأ التربوي تكمن خطورته بكونه يتحول تلقائيا إلى خطأ تراكمي.. وهذا هو سر الخطورة فيه..
والتحرش يمكن أن يقع فعله من المحارم .. أو من الأقارب وهذا هو الكثير.. ويمكن أن يقع من الغرباء الأجانب.. وقد جاءت شريعة الإسلام بسد الذرائع المفضية إلى هذا المزلق.. وخاصة من الأقارب.. ولذا أمر الإسلام بالتفريق بين الأولاد في المضاجع .
وهذا بالتأكيد له دلالة مهمة وهو أن التحرش يمكن أن يقع حتى بين الإخوة مع أخواتهم أو بين كل جنس مع جنسه..
ولذا كان من أهم الوسائل في صيانة الطفل من التعرض لهذا الخطر هو سد الذرائع المفضية للوقوع في هذا المنزلق.. ومن أهم الوسائل التي نُص عليها هي التفريق بين الأطفال في مراقدهم.. ويلتحق بها الحذر من تمكين ضعيف الديانة ـ حتى ولو كان من المحارم ـ من الخلوة بالولد سواء كان ذكرا أم أنثى.. وليس معنى هذا الدعوة إلى نزع الثقة من الجميع.. إنما المراد الكياسة والحذر مع التعقل.
ومن الوسائل أيضا: تشييد الجسور العالية من الثقة بين الولد ووالديه.. وغياب هذه الرؤية عند كثير من الآباء، هي في اعتقادي السبب الرئيس في كثير أزماتنا التربوية..
إن بناء الثقة بين الولد ـ ذكرا أو أنثى ـ وبين والديه هي صمام أمان ـ بإذن الله ـ للولد من الاستجابة لكل وسائل الهدم والإغراء.. لأن الولد إذا أدرك أن صدر والديه أو أحدهما هو الصدر الرحب الرحيم الذي سيمتص كل أخطائه مهما كانت فلن يرضخ للابتزاز والضغط من أي شخص كان.. والولد بطبعه ـ كإنسان ـ يبحث عن الأمان دائما.. فمتى ما وجد هذا الأمان عند أبويه أو أحدهما لم يحتج معه إلى غيره .
ـــــــــــــــــــ(101/220)
إليك يا أبتي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أبتي! هذه رسالتي إليك.. أبث فيها أشجاني.. وهمومي وأحزاني.. باذلاً ما أراه واجباً عليّ من النصح.. على سبيل التذكير والتحذير.. لعلك تنال به خير ما يناله أب من ابنه.. فإن الإبن الصالح ذخر للمؤمن في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله: { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له }.
وكل أب كانت لديه في صلاح ابنه يد فإنه ينال بصلاحه أجر التربية.. ثم يلحقه دعاؤه الصالح.. أما إذا كان الأب سبباً في فتنة ولده، فإنه يأثم على ذلك إثماً عظيماً.. ويسأل عن ذلك يوم القيامة.
ولو كنت اعتنيت بي صغيراً.. لكنت تجاوزت محناً خطيرة.. ولكن قدّر الله وما شاء فعل، فأفضل ما تكون التربية الصالحة.. حالة الصغر.. فإنها أسهل وأيسر.
قد ينفع الأدب الأحداثَ في صغر *** وليس ينفعهم في بعده الأدبُ
إن الغصونَ إذا عدّلتها اعتدلت *** ولا يلينُ إذا قوّمتَهُ الحطبُ
وإليك يا أبتي نص الرسالة:
لولدك عليك حق!
أجل يا أبي! وحقه أن تحسن تربيته وتأديبه.. ليكون لك ذخراً وثواباً عند الله، ولكي ترفع عن نفسك مغبة السؤال!
قال رسول الله: { إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، [ ولولدك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه } [رواه مسلم].
وقال النبي في بيان مسؤولية التربية: { كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، ومسؤول عن رعيته } [رواه البخاري ومسلم].
وقد حمّل رسول الله من فرط في تلك الأمانة إثماً عظيماً فقال: { ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة } [رواه البخاري].
وقال: { كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت }.
يقول ابن القيّم - رحمه الله -: (وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة، بإهماله، وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء) [تحفة المودود بأحكام المولود].
وفي هذا المعنى قال رسول الله: { كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه }.
أبي.. تذكر!
ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمّا تخلّت أو أباً مشغولاً
لا يا أبتي!
لا يا أبتي.. فما أراك بنيت بيتنا على أساس صلب من التقوى والإيمان والطاعة.. بل مكنت فيه للشيطان.. ومن وسائل تمكينه:
الغناء: ذلك الشر المستطير الذي كان يؤزني إلى المنكرات أزاً.. ويدعوني إلى المخالفات.. بما ينطوي عليه من المجون.. والمعاني السافرة.. وتذيبه في مضاميها كما يذوب الملح في الماء!
ألم تدرك يا أبتي أن الغناء ينبت النفاق في القلوب.. وأنه رقية الزنى.. فلا ترى غالب أهله إلا قد جانبوا الحياء ووقعوا في المحظور.. وقد حرمه الله - تعالى - بنص قوله - تعالى -: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان: 6].
الفضائيات: فما يبقى من الحياء نهاراً.. كانت الفضائيات في بيتنا تجهز عليه.. بما فيها من سفول الغناء.. وأفلام مشينة.. ومسلسلات ذميمة تتنافس على قتل العفة والحياء فيها مئات المحطات.. بل ومنها من يهدف إلى إيقاع الشباب في المنكرات كالزنى وشرب الخمر، والمخدرات والجريمة المنظمة.. وكل ذلك كان يؤثر في شخصيتي بشكل كبير.. ويجعل مني شخصية ممتلئة إلا من الحياء والعفة والطاعة..
قلة الالتزام في البيت: فبالإضافة إلى الغناء الذي يجمع في البيت حشوش الشياطين.. فهناك الاختلاط الذي تنتهك به الحرم.. وقد نهى عنه رسول الله فقال: { إياكم والدخول على النساء! }قالوا: أفرأيت الحمو؟ قال: { الحمو الموت }.
وكم دمر هذا الاختلاط من بيوت.. وكم أفقدها العفة.. وقطع الأرحام والمودة والألفة..
يا أبتي! فلا تتبع خطوات الشيطان.. وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [النور: 21].
وجنّب بيتك المعاصي والمخالفات.. فإن ذلك من أسباب البركة في البيوت وفي الذرية.. وفي الألفة.. قال - تعالى -: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه: 124، 123].
عدم التحريض على الطاعة والالتزام: وقد علمت يا أبتي أن الله - جل وعلا - قد أمرك بتحريض أهلك وأبنائك وقرابتك على طاعة الله - جل وعلا - فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6].
(وجلي من هذه النصوص وجوب تربية الأولاد على الإسلام، وأنها أمانة في أعناق أوليائهم، وأنها من حق الأولاد على أولياؤهم من الآباء والأوصياء، وغيرهم، وأنها من صالح الأعمال التي يتقرب بها الوالدان إلى ربهم، ويستمر ثوابها كاستمرار الصدقة الجارية.
وقد ثبت عن النبي أنه قال: { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية }، وأن المفرط في هذه الأمانة آثم عاص لله - تعالى -. يحمل وزر معصيته أمام ربه، ثم أمام عباده!) [حراسة الفضيلة: 128].
أبتي! وتذكّر أن نشر الطاعة والالتزام في بيتك هو مفتاح البركة فيه قال - تعالى -: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ [الأعراف: 96].
كما أنه مفتاح السعادة والسكينة قال - تعالى -: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل: 97].
أبتي: لا تغفل عنا.. فبغيابك عن البيت تغيب الرعاية.. ويسود الفراغ.. وتنحدر هيبة البيت في هوة سحيقة! فأنت في البيت عزه وهيبته.. بك نقتدي.. وإياك نستشير.. وبنصائحك نسترشد.. ولتوجيهاتك نطمئن.. فإذا تركتني وإخوتي لأجل كماليات تافهة.. أو تجارات لا تقف بك عند حد.. أو أسفار للمتعة، فاعلم أن بيتك آيل لا محالة إلى الخراب والسقوط..
وكما أن لنفسك عليك حقاً.. فإن لولدك وأهلك عليك حقاً.. وحقهم أكبر من مجرد كسرة خبز.. وشراب ومأوى!
فأنت كل ما يريدون لو تعلم!
لمَ لمْ تأمرني بالصلاة؟
أبتي: هذا نبي الله يخاطبه ربه ويأمره بأن يحض أهله على الصلاة.. وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه: 132].
وامتدح الله - سبحانه - نبياً من أنبيائه بالحرص على الصلاة فقال: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ [مريم: 55].
أبتي ومع أني بلغت سن السابعة لم أرك تحمسني وتشجعني على الصلاة... بل وحتى لما بلغت سن العاشرة لم تنهرني ولو مرة واحدة على تركي للصلاة... وكم من المرات نهرتني على أشياء أخرى أقل شأناً كنظافة ثيابي مثلاً ألم تسمع حديث رسول الله، وهو يقول: { علموا أبناءكم الصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع } [رواه أبو داود]؟
أبتي ليتك غرست في نفسي حب المسجد في الصغر... وليتك عودتني على الذهاب إليه... وأذقتني حلاوة الصلاة والعبادة!
وهذا طبعاً ليس عذراً لي.. أو مسوغاً لي كي أترك الصلاة بعدما صرت شاباً يافعاً.. لكنني أتقطع أسفاً على أن حرمت لذة الصلاة يوماً من دهري.. وكنت لا أحظى بأجر النشأة على الهداية والصلاة على يديك يا أبتي!
فالصلاة نور وضياء ورفعة وسناء.. وهي عهد الإسلام الذي إذا تركه العبد كفر، كما قال رسول الله: { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر } [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].
وقال أيضاً: { من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة يوم القيامة، وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف } [رواه أحمد].
لم لم تسل عن رفقتي؟
أبتي رافقت الأشرار.. وتلاعبت بي أفكارهم.. واستهوتني شهواتهم.. وأضلتني شبهاتهم.. فلم أدر بحالي إلا وأنا أتمرغ في ألوان من الرذائل الهالكة، والمعاصي القاتلة فلم تركتني بين أيديهم!
تعلمت من بعضهم ترك الصلاة.. وجاريت بعضهم في فعل المنكرات.. فهذا يحثني على المعاكسات.. وذاك يشجعني على الأفلام والمسلسلات.. وآخر يرغبني في الرذائل والسيئات.. وكلهم أعوان لي على المعصية.. يجتالون الضحية كما تنفرد السباع بالفريسة.. فلم سمحت لي بمصاحبتهم!
لقد تركتني في بحر الحياة وحيداً.. تتقاذف بي الأمواج في دربها الوعر.. بينما كنت تدرك أنني أضعف من أن أقود مركب حياتي وحدي!
ومن ركب الأمواج العاتية من غير أن يتقن فن الإبحار.. غرق! وها أنا غريق بين رفقاء السوء.. أتجرع سمومهم في صمت سحيق!
أبتي أنت عيني التي أرى بها الصالح من الفاسد.. لا سيما وأنا في مرحلة الرشد وما بعدها.. وقد قال رسول الله: { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }.
فهذا توجيه نبوي كريم إلى كل مصاحب أن ينظر قبل مرافقته في دينه وخلقه، فإن وجده ديناً على خلق حسن رافقه وصاحبه، وإن لم يجده كذلك تركه ولم يرافقه حتى لا يتأذى بأخلاقه.
أبتي ولا شك أنني أقصر نظراً من أن أميز الصالح من الأصدقاء من الفاسد.. وأحوج ما أكون في مطلع شبابي إليك لتدفع عني رفقاء السوء.. وتتابع أحوالي.. وتسأل عن أخلاقي وأصحابي.. وتوجهني إلى الطرق المرضية لاختيار الرفيق الصالح.
فالناس يا أبتي.. كالمفاتيح.. فمنهم مفاتيح للخير، ومنهم مفاتيح للشر كما قال رسول الله: { إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر } [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في الصحيحة: 1332].
فإن تركتني أرافق الناس مع فقداني لأهلية النظر.. فكأنما تركتني أدخل الشر من أوسع أبوابه..
فليتك ترى كم من شاب بريء أوقعه رفقاء السوء في التدخين.. بل في المخدرات والمسكرات!
وليتك تدري كم لعب رفقاء السوء بعقول الأبرياء حتى أوقعوهم في المخالفات والجنايات.
وليتك تدري ما لرفقة السوء من تأثير على المرء في دراسته وإيمانه وخلقه!
ويكفي لبيان ضررها البالغ تشبيه رسول الله لها بأقبح الأمثلة حيث قال: { مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة } [رواه البخاري].
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم *** ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
فلله در أب لم تشغله نفسه ولا ماله.. ولا كمالياته عن تتبع أحوال ابنه.. يسأل عن حاله مع الله.. وحاله مع الدراسة.. وحاله مع أصحابه.. وحاله في البيت فإن وجد في أحواله خللاً سده.. وإن وجد خيراً حمد الله حمداً كثيراً.. وكان لابنه أباً صالحاً.. وصاحباً وفياً.. وصار له قدوة يحاكيها في الأخلاق والمعاملات..
أين حظي من تعلم القرآن؟
أبتي وكم يتحسر قلبي.. وتعتصر نفسي إذا رأيت شاباً في سني قد حفظ القرآن الكريم أو أوشك من ذلك.. وليست تلك الحسرة حسداً لذاك الشاب.. وإنما هي حسرة على حالي، إذ لم أجد من يحرضني على الجلوس في حلقات التحفيظ.. ولم أجد من يأخذ بيدي لتلك المجالس الطيبة لأتشرف بتلاوة وحفظ القرآن.. وأتلذذ بقرآته وتجويده.
أبتي لقد كان المسجد على بعد خطوات من بيتنا.. وكنت أتمنى أن ألتحق بالحلقات الإيمانية حلقات التحفيظ.. لكن هداك الله كنت تتجاوز المسجد بمسافات لتأتيني بالأفلام.. وأشرطة الغناء.. واللهو والمرح.. ولم أجدك لي معيناً ولا محفزاً على الالتزام بتلك الحلقات!
أين أنت من الوقوف على فضائل حفظ القرآن وتلاوته.. كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد.. من قال به صدق.. ومن حكم به عدل.. ومن استعصم به عصم..
قال رسول الله: { إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين } [رواه مسلم].
وهذه الرفعة يا أبتي تشمل الآباء والأبناء ما حضوا على القرآن وعلموه وعملوا به.. وكان لينالك منها حظ عظيم لو أنك بذلت وسعك في تنشئتي على كتاب الله..
فإن الدال على الخير كفاعله.. ثم إن التحريض على حفظ القرآن وتلاوته يجعل من ابنك فتى صالحاً وولداً طيباً، ذكره في الأرض وفي السماء ندي، فيصيبك الخير به.. وترزق به.. وتحفظ به.. وتنالك دعواته الصالحة في حياتك ومماتك.
فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله: { مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأُترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو } [متفق عليه].
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/221)
نحو جيل جديد
د.مصطفى جاويش 18/7/1424
15/09/2003
من دراسة فترة الاحتلال الصليبي لديار المسلمين في القرن الرابع الهجري، وكيف بدأ التغيير بالتربية ونشر الوعي تدريجياً على مدى حوالي المئة عام حتى بدأ ظهور جيل يحمل راية الجهاد لتحرير الأرض وتوحيد الأمة، ومقارنة بالواقع الحالي لفهم أسباب الضعف وتحديد عوامل النصر، فقد نخلص إلى أن حياة نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي حفلت بعوامل تجديد كان لها بالغ الأثر في نهضة الأمة وتوحيد البلاد وهزيمة الأعداء، وتلك العوامل هي:
1- إقامة العدل.
2- حسن التصرف في المال العام.
3- وضوح العلاقة بين الدين والدنيا.
4- الاهتمام بالعلم والعلماء.
5- الحديث عن الجهاد وممارسته عملياً.
وبتحليل تلك العوامل وربطها بالواقع الحالي في خطوات عملية واضحة تصل بالأمة إلى أهدافها؛ نخلص (على المستوى الفردي للإنسان المسلم وأسرته ومحيط حركته ودائرة نشاطه) إلى الآتي:
1- إقامة العدل:
الالتزام بمعاني العدالة والاعتدال من أنواع الأخلاق الفاضلة، وقد وردت كثير من النصوص تحض على العدل:
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) ، (وإذا قلتم فاعدلوا).
عملياً :
1- المعاملات المالية والتجارية وأداء الحقوق : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).
2- الاعتدال وعدم الإفراط والتفريط في أي شيء (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا).
3- الاعتدال حتى في العبادات مع الحرص على دوام العبادة وإن قلّت.
4- العدل والمساواة بين الأبناء ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً.
2- وضوح الرؤية نحو المال العام وحسن التصرف فيه :
في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه- قال: استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم- رجلاً من الأزد يقال له "ابن اللّتبية" على الصدقة؛ فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أُهدي إليّ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-
" ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله فيقول : هذا لكم، وهذا أُهدي إليّ. فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر أيهدى إليه أم لا. والذي نفسي بيده لا يأخذ منه شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خواء أو شاة تثغر، ثم رفع يديه حتى رأينا عُفر إبطيه وقال: اللهم هل بلغت؟ الله هل بلغت؟ ثلاثاً.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من شفع لأخيه شفاعة؛ فأهدي إليه هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا" [رواه أحمد في المسند].
"إنك لا تدع شيئاً اتقاء لله تعالى إلا أعطاك الله - عز وجل- خيراً منه " [رواه أحمد].
الخطوات العملية:
1- بالنسبة للمال العام: الحفاظ، الحرص، الاقتصاد في الإنفاق.
2- صرف ما أخذ بغير حق - ولم يمكن رده- على مصالح المسلمين العامة.
3- تربية الأبناء على الحفاظ على ممتلكات الغير مثل: الأثاث المدرسي، والأدوات بالمساجد والنوادي والاستراحات وغيرها.
3- وضوح العلاقة بين الدنيا والدين:(السياسة الشرعية) على مستوى الفرد:
لقد اعتبر بعض العلماء المعاصرين أن زماننا هذا في الجملة - ليس زمان هجر، وإنما زمان مؤالفة وصبر، والمؤالفة لا تعني مجرد المخالطة؛ بل لا بد من بذل الجهد في النصح والدلالة على الخير والهدى.
الموالاة الإيمانية: قال ابن تيمية : " على المؤمن أن يعادي في الله، ويوالي في الله؛ فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه، فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية".
وبالتالي فعلى الفرد أن يقيم علاقته مع إخوانه المسلمين على الميزان الشرعي للأخوة والموالاة الإيمانية، وبالتالي فإن سلوكه وتصرفاته تكون في إطار من المرجعية الإيمانية؛ فمثلاً توجد قواعد أساسية في:
الاحتقار: " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" [البخاري ومسلم].
الهجر فوق ثلاث: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال" [البخاري ومسلم].
الاعتداء على العرض والمال أو النفس: (إن الله لا يحب المعتدين) [البقرة:190]
السب والتشاجر: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" [الترمذي وأحمد].
الظن السيئ: (إن بعض الظن إثم) [ الحجرات:12].
الغيبة : (ولا يغتب بعضكم بعضا) [ الحجرات: 12].
وبصورة عامة : قوله تعالى : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا ًوإثما مبيناً) [ الأحزاب 58].
وتلك كلها من فعل الشيطان: "إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم" [البخاري ومسلم].
والإطار العام لعلاقة المسلم بأخيه (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) [الأنفال:1].
وحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" [البخاري ومسلم].
وتكون التوصية العملية على المستوى الفردي:
1- الحب في الله.
2- الولاء والوفاق للمؤمنين.
وذلك الأمر له ضوابط شرعية تنمي البناء النفسي للداعية ومن أهمها:
1- الصبر:
(وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) [ آل عمران:186].
(وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون) [ الفرقان: 20].
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) [الكهف: 28].
2- الرفق ولين الجانب وسعة الصدر والحلم:
(ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) [ آل عمران: 159].
3- الاعتدال في المعاملة: كما ورد في سنن الترمذي عن قوله عليه الصلاة والسلام : "أحبب حبيبك هوناً عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وابغض بغيضك هوناً عسى أن يكون حبيبك يوماً ما".
ومن نصيحة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأحد أبنائه " لا يكن حبك كلفاً ولا بغضك تلفاً".
4- الاهتمام بالعلم والعلماء:
فضل العلم وأهله معروف نطق به القرآن الكريم، ورفع شأنه، وأكدته السنة النبوية، (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) [ الزمر: 9]. وقد ربط الله سبحانه وتعالى بين الإيمان وطلب العلم (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجا) [ المجادلة:11]. ومن هديه عليه الصلاة والسلام عندما أسلم عمير بن وهب أن قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه:" فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن". كما أرسل عليه الصلاة والسلام مصعب بن عمير ليعلم مسلمي المدينة القرآن حتى لم يبق داراً إلا وفيها مسلمون وقال عليه الصلاة والسلام: " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "، وأشار أئمة المسلمين إلى أن طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، وقد أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [ فاطر:28] إلى أهمية تفكر العلماء في خلق السماوات والأرض والجبال والدواب والأنعام وكيف أن هذا التفكير العلمي جعلهم يخشون الله تعالى، ومن الواقع الحالي نجد كثيراً من علماء الغرب هداهم الله للإيمان بعد تفكير علمي دقيق في قدرة الله تعالى.
ومن ذلك يكون من أهم تكاليف الإسلام للفرد أن يسعى إلى طلب العلم الديني والدنيوي، الروحي والمادي، وفي نفس الوقت يسعى لنشر ما تعلمه، وذلك بهدف:
1- استحضار النية بالقربى إلى الله تعالى بطلب العلم ونشره وتطبيقه.
2- السعي لطلب العلم.
3- نشر المفاهيم السليمة.
4- التربية والتطبيق العلمي.
الخطوات العملية:
1- استمرارية التعليم والتدريب الذاتي.
2- فهم مدلولات المصطلحات الحديثة، وتحديد المعنى قبل الحديث عنها.
3- الاعتناء بترسيخ القيم وتأصيل المفاهيم الشرعية.
4- المثابرة على زيادة المعرفة.
وبالنسبة للأبناء:
1- وضوح هدف التعليم والتربية لتكوين فرد صالح في نفسه مصلح لغيره سليم العقيدة ، صحيح العبادة، قادر على الكسب، نافع لوطنه.
2- تقوية مفهوم الانتماء والاعتزاز بالثقافة ومظاهر الحياة الإسلامية والهوية؛ لتكون سياجاً يحميهم من عواصف العولمة.
3- بذل المال بنية تعليم الأبناء حسب متطلبات العصر.
4- دفع الأبناء للاشتراك في المسابقات العلمية والإسلامية والثقافية على كافة المستويات لتكوين شخصية واعية تعيش الواقع على أساس من الفهم الدقيق.
5- متابعة الدوريات المتخصصة والاطلاع على صفحات شبكة المعلومات بإشراف الأب.
6- التعريف بالعلماء والفقهاء ورواد وبناة الحضارة الإسلامية قديماً وحديثاً من خلال ( كتب - دورات- مناقشات- صوتيات- ومرئيات).
7- الاهتمام بتعليم التاريخ الإسلامي من المصادر السليمة المعتمدة.
5- الحديث عن الجهاد وممارسته عملياً:
الجهاد هو بذل الجهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله وإقامة المجتمع المسلم.
يقول ابن عباس - رضي الله عنهما- : "هو استفراغ الطاقة فيه، وأن لا يخاف في الله لومة لائم".
معناها: المعنى الخاص : القتال في سبيل الله
المعنى العام: أن تكون الحياة من أولها إلى آخرها جهاد، وله مراحل وحلقات:
1- جهاد النفس على تعلم الحق.
2- الجهاد على العمل بالحق.
3- جهاد الصبر والثبات على الحق.
أنواعه:
1- جهاد باللسان لبيان شرائع الإسلام ودحض الأباطيل المفتراة.
2- جهاد بالمال وإنفاقه في وجوه البر، وعلى المقاتلين في سبيل الله.
ومن أصل المال: جهاد بذل الوقت.
3- الجهاد بالنفس.
ونوضح معنى الجهاد ونحدده خطواته في نقاط:
1- عاطفة حية قوية.
2- تفكير جدي في طريق النجاة.
3- بذل الوقت والمال.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5- التنكر لمن تنكر لدينه (البراء من الكافرين).
6- الجندية لله.
7- العمل على إقامة ميزان العدل.
8- حب المجاهدين والنصح لهم ( لمن لم يحصل شيئاً من الأمور السابقة)،
ومن متطلبات الجهاد على المستوى الفردي:
1- صدق الإيمان.
2- تجاوز عقلية البطل المنتظر أو المُخَلَّص وأن يهيئ كل فرد نفسه ليساهم في بطولة الإسلام.
3- الثبات على الحق والصبر على الأذى فيه (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه...).
سئل أحد الدعاة المعاصرين عما أصابه من البلاء والمحن: ألم تصدك هذه المحن والابتلاءات عن الطريق إلى الله أو توهن عزيمتك؟ فقال: لولا هذه المحن والابتلاءات لشككنا في طريقنا، وقرأ قوله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون).
ولما سئل الشافعي - رحمه الله- أيهما أفضل للرجل أن يمكن أو أن يبتلى؟ قال " لا يمكن حتى يبتلى". وقال ابن تيمية - رحمه الله-: "بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين، ثم تلا قوله تعالى : (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) [ السجدة : 4].
ومن الخطوات العملية :
1- الإيمان الصادق وتنمية العاطفة لتصبح حية قوية من خلال :
أ. الإلمام بأحوال المسلمين، ومناقشة المستجدات مع الأهل والأولاد والزملاء مع التركيز بوجه خاص على:
1- بيان حقيقة اليهود وفضح أهدافهم.
2- أهمية وحدة المسلمين وأثرها خلال مراحل التاريخ.
3- شمولية الإسلام وأن ما أصلح أول الأمة يصلح آخرها.
ب. توفير مصادر تاريخية إسلامية لتنمية وعي الأبناء بالحضارة الإسلامية مثال:
1- موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي للأولاد.
2- برمجيات CD عن السيرة.
2- التفكير الجدي في طريق النجاة:
إدارة الحوار اليومي والمناقشات حول موضوع صلاحية الحل الإسلامي، والعمل في سبيل الله لقيادة الأمة على أن يكون النقاش في إطار الثوابت المتعارف عليها بعيداً عن الجدال والخوض في الأمور الخلافية، على أن يكون التفكير الفردي الذاتي العميق حول تلمس أوجه الحل بغية إيجاد مخرج للأمة وللمرء ثواب النية الصادقة.
3- بذل الوقت والمال والولد: (وكلاً وعد الله الحسنى) [ الحديد:10].
أ. الوقت: الذي هو أصل جلب المال: القائد في مطالب القيادة والتابع في مساعدة الداعين والأعمال الخيرية والجماعية مع أهمية:
1- الحرص على المشاركة بانتظام في الأنشطة العملية الدعوية.
1- الإيجابية والابتكار.
ب. المال : بذل المال وحض الأهل والأولاد على البذل لدعم العمل في سبيل الله.
إجراء عملي: وضع صندوق صغير لكل ابن يجمع فيه من مصروفه للإنفاق في سبيل الله، وكل شهر تجمع الحصيلة وتمنح جائزة عينية للأكثر إنفاقاً.
ج.الولد: هم أقرب وأسهل من الحركة الخارجية، ومن حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- عندما سأل أصحابه : أتدرون من الرقوب فيكم؟ قالوا: الرقوب من ليس عنده ولد. قال عليه الصلاة والسلام : " الرقوب من لم يقدم من أولاده شيئاً"
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ويشمل النصح لله ورسوله، ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
- التنكر لمن تنكر لدينه (البراء من الكافرين):
ويشمل البعد عن معاملة من يحاد الله ورسوله، وفي الحديث الشريف :" إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض" [رواه الترمذي].
وتطبيق أسلوب البراء يكون في إطار من العمل الإيجابي لنشر الدعوة واستمالة القلوب وجذبها إلى دين الله بأداء الحقوق وعمل الواجبات، مع وضع حدود وفواصل ومسافات واضحة للولاء والاتباع.
6- الجندية لله :
تصديقاً لقوله عليه الصلاة والسلام : "من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق" [رواه مسلم].
الخطوات العملية: الحركة الدائمة مع قطار الدعوة دون اعتبار لترتيب مكان العربة فالمهم هو التوجه صوب الأهداف المرجوة لنصرة دين الله، وتحمل التبعات والأعباء بفهم وعمل وإخلاص وتضحية وأخوة وثقة.
7- حب المجاهدين:
إذا لم يوفق الإنسان إلى شيء من ذلك كله ولم يقدر على دعوة الآخرين للبذل والعطاء؛ تبقى درجة أعمال القلوب وتشمل حب المجاهدين والدعاء لهم ونصحهم والنصح لهم.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
ـــــــــــــــــــ(101/222)
القراءة في المجتمعات العربية
أميرة جمال الطويل 20/6/1424
18/08/2003
"اقرأ" أول ما نزل من القرآن الكريم على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولعلها لفتة لأمته من بعده ، وتوجيه لهذه الأمة للأخذ بأسباب العلم ولعل أول أسباب الرقي والتقدم هي القراءة.
ومن الأمراض التي تفشت في المجتمع العربي هذه الأيام؛ مرض كره أطفالنا للقراءة والبعد عنها والضجر لمجرد النظر في كتاب للحظات، ولعل هذا له من الأسباب ما يدفعه إلى ذلك.مع أن الطفل لا يمل من الساعات الطوال أمام التلفاز لمشاهدة أفلام الكرتون وغيرها!.
والطريق لإيجاد مجتمع قارئ يتحدد بأسلوب تربية الأطفال ، ودراسة العوامل التي تؤثر في إعدادهم وتوجهاتهم وبناء فكرهم.
فرغم تعدد وسائل المعرفة وسهولتها اليوم إلا أن القراءة أهم تلك الوسائل للحصول على الثقافة ، فالقارئ هو الذي يختار ويبحث عن المادة، التي تشبع حاجاته ، والقراءة تتيح للقارئ الحرية الكاملة لتصور المعنى وفهمه ، فهو الذي يختار المادة والوقت المناسب للقراءة مما يساعده على حسن التصور والاستيعاب لما يقرؤه ، فهي تنمي فيه الفهم الواضح وحرية التفكير على عكس حديث الإذاعة أو التلفزيون أو الأفلام وغيرها . فلا يخفى على أحد أن الاعتماد على هذه الوسائل لا ينمي ثقافة ولا يزيد من وعي ، إلا بعض البرامج الهادفة ونسبتها ضئيلة جداً مقارنة بالبرامج الأخرى . إذاً تبقى القراءة هي أهم سبيل نحو الثقافة .
ولا بد أن نعترف بأنه في بلادنا العربية لم يعد الاهتمام بتنمية الميول القرائية يشغل أولياء الأمور ولا حتى المنشغلين بالتربية ، فكل ما يهم هؤلاء هو أن يستطيع الطفل أن يتقن مهارات القراءة والكتابة دون الاهتمام بتنمية ميول هؤلاء الأطفال نحو القراءة والاطلاع، مع أن الطفل (الذي لا يعاني من مشاكل صحية أو اجتماعية) في الصفين الأول والثاني الابتدائي على استعداد تام بأن يقرأ ويفهم ويلخص ما يقرأ ويعبر عنه بأسلوبه أمام زملائه ومعلمه في الفصل، وعلى ولي الأمر في البيت أن يتابع طفله وينمي هذه الموهبة متى وجدها في طفله، وأن يزوده بالكتب والقصص المفيدة والتي يشغف بها الطفل في هذا السن. ولا بد أن تستثمر الأسرة ذلك في تنمية هذه المهارة لدى طفلها، ولا تترك الطفل لبرامج التلفزيون تلقنه التربية في وقت هو في أمس الحاجة فيه إلى الأسرة لتنمية المهارات لديه وغرس السلوكيات الحسنة فيه .
وإذا كان هناك من يهتم من أولياء الأمور بتنمية الميول القرائية لدى أبنائهم ولديهم الرغبة الصادقة في ذلك إلا إنهم لا يعرفون نوعية الكتب التي تناسب أطفالهم فضلاً عن عدم معرفتهم كيفية تنمية هذه الميول لديهم.
الوسائل التي تعين على تنمية الميول القرائية لدى أطفالنا
والوسائل التي تعين على تنمية الميول القرائية لدى أطفالنا كثيرة، منها المنزل والمدرسة ووسائل الإعلام وقصورا لثقافة وبرامج الكمبيوتر وغيرها، لكن تبقى الوسائل الأساسية الثلاث: المنزل والمدرسة ووسائل الإعلام هي الأساس الذي يعتمد عليه في تنمية هذه الميول.
أولاً: المنزل:
تنمية القراءة لدى أطفالنا تبدأ من المنزل ، فالأطفال الذين ينشؤون في بيئة تهتم بالقراءة وتقدرها وتقتني الكتب وتعتز بها وتقدر هذه الكتب وتجعلها موضع اهتمام ؛ مثل هؤلاء الأطفال ينجحون في تعلم القراءة ، ويكونون أكثر ميلاً للكتاب عندما يلتحقون بالمدرسة.ولهذا قيل:" الطفل الذي يولد في بيت لا يقرأ فيه الوالدان؛ لا يمكن أن يحب القراءة إلا بمجهود جبار من أساتذته وربما نفسه عندما يكبر" (تنمية القراءة لدى الأطفال- وقائع الندوة الدولية لكتاب الطفل، في نوفمبر 1986)
وقد أثبتت الدراسات أن من المشكلات التي تؤثر على عادات القراءة لدى الأطفال الأسرة ، ويمثل ذلك في :
1ـ عدم إقبال معظم الأسر على القراءة مما ينتج عنه عدم توفر الأسوة الحسنة في ميدان القراءة الحرة.
2ـ ندرة المكتبات الخاصة في معظم المنازل وخصوصاً الكتب التي تهم الطفل.
وإن وجدت المكتبة في البيت فهي مهملة وقد لا يوجد بها كتب تهم الأطفال، وما فائدة المكتبة ما دام الوالدان لم يخصصا وقتاً للقراءة أمام أطفالهم؟! وهنا تتضح ضرورة القدوة في البيت.
الإجراءات التي يجب على الوالدين اتباعها لتنمية الميول القرائية لدى أطفالهم
هناك العديد من الإجراءات التي تنمي الميل إلى القراءة عند الطفل نذكر منها:
1ـ البدء في القراءة بصوت عال للطفل في عمر مبكر ، ومن خلال هذه التجربة يعتاد الطفل صوت الإنسان ويعتاد الصوت الرتيب في القراءة وما أجمل أن تكون هذه القراءة لآيات القرآن الكريم، وكثيراً ما تجد الطفل يسكت ويصغى عند سماعه لصوت القرآن من المصحف المرتل، ويمكن أن تتبع هذه الطريقة مع الطفل وهو مع بداية الستة أشهر الأولى من عمره.
2ـ ترديد الأم لأغنيات المهد لطفلها يساعد في زيادة محصوله اللغوي ويثير فيه الإحساس بجمال بعض الألفاظ ومعانيها.
3ـ استغلال ميول الطفل في مرحلة نموه المبكرة نحو التخيل والتقليد عن طريق سرد القصص واتخاذها مدخلاً للقيم والمبادئ الحسنة.
4ـ الاستعانة بالكتب المصورة الجذابة ومساعدة الطفل في اختيارها وقراءتها.
5ـ تشجيع الأطفال على إنشاء مكتبة منزلية مع حسن عرض الكتب واختيار ما يناسب المرحلة السنية للأطفال.
6ـ تشجيع الأطفال على التردد على المكتبات العامة والمدرسية وتيسير إجراءات الانتقال إليها.
7ـ إتاحة الفرصة أمام الأبناء كي يعبروا عما قرؤوه في المناقشة مع الآباء أو بالإنصات إلى تلخيص ما قرؤوه .
8ـ سؤال الطفل من يوم لآخر عما فعل في مدرسته وعما قرأ من الدروس، وعلى الكبار أن يمتدحوا إجابته ، ويظهروا الميل إلى مساعدته بالاشتراك معه في قراءاته المدرسية.
ولا ينبغي أن يقتصر الدور على الوالدين فقط ، ولكن ينبغي أن يتعاون إخوة الطفل وأخواته الكبار،كما أنه من الخطأ أن يعتقد أولياء الأمور أن انشغال أطفالهم بقراءة كتب خارج المنهج المدرسي إضاعة للوقت ، ولكن ما دامت هذه القراءات تخلق القيم وتنمي الفضائل، فهي في صالح أطفالهم وعندها تصبح القراء سلوكاً وعادة لدى أطفالنا، وبذلك تتغلب الأسرة على المشكلات التي تظهر مستقبلاً عندما يكبر هؤلاء الأطفال
حين يكون الأب حاضرًا..غائبًا
مركز الاعلام العربي 12/6/1424
10/08/2003
- غياب الدور الأبوى يؤثر سلبًا على نفسية الأبناء ويصيبهم بالالتباس فى تحديد أدوارهم الجنسية.
- دور الأب لا يقل خطورة عن دور الأم، بل يزيد، والنمو العقلى للطفل مرهون بوجوده فى أسرة متكاملة الأدوار.
- الأب يلعب دورًا فى تكوين الذات العليا للطفل، ويؤثر على النمو العقلى.
- القدوة، والرحمة، والعدل، والدور العقابى؛ مقومات مهمة لقيام الأب بواجباته التربوية.
عندما يكون حضور «الأب» فى حياة أسرته حضورًا مكانيًا فحسب، بينما دوره التربوى والإنسانى غائب أو مغيب، يواجهنا السؤال الضرورى: ماذا جدَّ فصنع هذا الخلل الواضح فى الصورة الفطرية للأسرة، كما أرادها الله - كيانين متكاملين - دون تنافس على السلطة كلاهما يعرف دوره ويدرك مهامه؟
ظاهرة الأب الحاضر الغائب استوقفتنا؛ وبحثًا عن إجابة هذا السؤال الملح، وبهدف الوصول، أو العودة إلى الصورة المثلى للأسرة المسلمة؛ كان هذا التحقيق:
الزوجات تشتكين
فى البداية تقول فادية الديب (ربة منزل): إن زوجى للأسف لا يهتم إلا بجانب الإنفاق فقط، أما رعاية الأبناء وتوجيههم فإنه لا يهتم بهما، وقد أتقبل ذلك حين يكون مشغولاً فى عمله، أما أن يتخلى عن دوره حتى فى يوم أجازته فهذا ما لا يطاق.
أما نقاوة العيفى (ربة منزل) فتنفى حتى اهتمام الزوج بالإنفاق، فتقول: إن لديها ثمانية أبناء، وهى التى تسعى على رزقهم من خلال العمل فى المنازل، أما زوجها فهو عامل باليومية قد يعمل وقد لا يعمل، وهى تتحمل مسؤولية الإنفاق كاملة، مما يجعلها غير متفرغة لتربية الأبناء، كما لا يهتم أبوهم بذلك.
وتؤكد سحر عبد الله (إخصائية اجتماعية) أنها تتعرض لضغوط نفسية بسبب غياب زوجها فى سفر له أسبابه، وتجد صعوبات شتى فى مواجهة مشكلات الحياة وحدها، وبالرغم من وجود الأهل حولها وتتساءل: فما بال زوجة تفتقد زوجها وهو معها! وتعلق قائلة: إن الإحساس بعدم وجود الزوج ودوره وحضوره القوى نفسيًا، وإن وجد مكانيًا إحساس مرير مرير.
يؤثر على النمو العقلى
وتعليقًا على مشكلة غياب الدور الأبوى فى الأسرة ترى الدكتورة سهير محمد خيرى على (المدرسة بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلون) أن العائلة لها أهمية قصوى فى نمو الطفل، هذا النمو يتم ويكتمل فى إطار الأسرة عن طريق التقليد والمشاركة، مما يعنى اعتماد الطفل على والديه اعتمادًا وثيقًا على المستوى الوجدانى والنفسى فى إدراك الدور الذكرى والأنثوى، والذى لا يتم إلا من خلال وجود كل من الأب والأم داخل الأسرة.
ويعتقد البعض أن دور الأم أكثر خطورة من دور الأب، بينما الواقع يؤكد أن دور الأب له ذات خطورة دور الأم، فأصول التنشئة السليمة تقتضى وجود الأب بدوره المؤثر الفعال فى تطور نمو الطفل وتنمية ما لديه من إمكانات ذهنية ووجدانية إلى أقصى غايتها، ولقد أكدت الدراسات أن حنان الأب يجنب الطفل عوامل القلق أو الخوف أو العدوان، ويزيد من شعوره بالثقة بالنفس وتقدير الذات، بناء على شعوره بعاطفة أبيه والثناء عليه وتشجيعه لسلوكه، وتقويم أخطائه فى حب.
فوجود الأب لا يقصد به وجود صورة الأب فى الأسرة فقط دون أن يكون له أى دور فعال فى حياة الطفل، بل يعنى الأب الذى يعطى أسرته من وقته وحنانه وتفكيره واهتمامه.
وتؤكد د. سهير أن الأطفال المحرومين من الأب سريعو التأثر والحساسية والتردد والالتباس فى تحديد أدوارهم الجنسية، وذلك لأن الأب يلعب دورًا كبيرًا فى تحديد الدور الجنسى للأولاد، بمعنى تنمية السمات السلوكية التى تتناسب مع جنس الطفل وإكسابه صفات الذكورة أو صفات الأنوثة.
والأب لا يسهم فقط فى بلورة دور الجنس للطفل الذكر، بل يسهم أيضًا فى شعور البنات بأدوارهن الجنسية على عن طريق مساعدتهن نمو مفهوم الذات الأنثوى الإيجابى وتعلمهن ما يجب أن يكون عليه سلوكهن والطريقة التى تتعاملن بها مع زوج المستقبل، فتقبل الأب لابنته كأنثى يسهل تقبل الأنثى لنفسها، وهذا يساعدها بصورة أفضل على تحقيق التوافق النفسى الاجتماعى.
ويلعب الأب دورًا كبيرًا فى تكوين الذات العليا أو الضمير، بناء على درجة استيعاب الطفل لشخصية الأب واندماجه معه، وتعتبر صورة الواجبات الاجتماعية التى يتلقاها الطفل عن أبيه أول صورة للنظام الاجتماعى يواجهها الطفل، ويكيف نفسه معها.
كما يؤثر غياب الأب على النمو العقلى للطفل، إذ وجد أن غياب الأب عن الأسرة، ولو كان هذا الغياب جزئيًا لفترة قصيرة، من شأنه أن يؤثر تأثيرًا سيئًا على النمو العقلى للطفل من سن الثانية حتى السادسة.
مقومات الأب ومسؤوليته
وقد أكدت دراسة أجراها الدكتور (عدنان حسن صالح) بجامعة أم القرى، وهى إحدى الدراسات المتميزة فى حقل التربية حول دور الأب، ومسؤولية دور الأب فى تربية أبنائه، وهو دور لا تستطيع الأم القيام به بمفردها، وقد توصلت هذه الدراسة لنتائج أهمها:
إن عدم وجود الأب فى الأسرة، أو عدم قيامه بواجباته التربوية، كما يريدها الإسلام، وعدم تفهمه لطبيعة الأبناء فى مرحلة الطفولة يعيق نموهم الخلقى والفكرى والجسمى، ذلك أن للأب فى الأسرة مكانة عظيمة، فهو القائم على الأسرة بما فيها من أفراد، وهو المسؤول عن استقامتهم، وبناءً على هذه المسؤولية يتكفل تبعات تكوين الأسرة، وهى المحضن الصالح لنمو الذرية نموًا سويًا صالحًا.
وتبعًا لهذه المسؤولية؛ فإن هناك التزامات ومقومات يجب أن يتحلى بها الأب فى نفسه ليتمكن من التأثير فى الأبناء وتوجيههم الوجهة السليمة التى تكفل لهم الاستقامة والسواء.
وهذه المقومات أهمها:
القدوة: فالأب دائمًا فى موضع قدوة، والأبناء يتعلمون ويقلدون الآباء أكثر مما يظن هؤلاء الآباء، ولن يجدى معهم نصح يخالف ما يرون أو يسمعون.
وتعد الرحمة والحب من أهم دعائم وأسس التربية، وهو أمر يجمع التربويون عليه، إذ إن الآباء لا يمكنهم أن يربوا أولادهم بأسلوب الرهبة فقط، فالأبناء مهما صغروا يستطيعون أن يلمسوا البسمة الحانية ويفهموا كذلك نظرات الغضب.
كما أن العدل من أهم هذه المقومات؛ فالعدل بين الأبناء صفة يجب أن تتوفر فى الأب المربى حتى لا يثير شيطان الحقد فى نفوس الأبناء، وأخيرًا فإن مخالطة ومصادقة الأب لأبنائه ومعرفة مشاكلهم، واستخدام الحكمة فى توجيههم يعينه على جنى ثمار هذه التربية، وللأب أدوار عديدة لا تستقيم الأسرة إلا بالقيام بها، فكيف يكون حال الأسرة حين التراجع عن هذه الأدوار الأساسية والجوهرية فى تربية الطفل؟
فالأب هو المعلم الأساس للطفل فى سنواته الأولى، والتى تتم فيها (90%) من العملية التربوية، فلمن نترك تعليم أبنائنا إن نحن تخلينا عنهم فى هذه السن؟ ذلك أن الطفل يميل فى هذه الفترة لإرضاء والده، وهى فترة يجب أن يستغلها الأب فى توجيه ابنه الوجهة الحسنة، حتى لا ينشأ على ما لا يحب ولا يستطيع تقويمه، فالشاعر يقول:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ...
ولا يلين إذا قومته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث فى مهل ... ...
وليس ينفع فى ذى الشيبة الأدب
ومن أهم أدوار الأب فى تربية طفله وتهذيبه قيامه بدور المعاقب. والمربون يعترفون بأهمية العقاب ويقرونه، وفى هذا المجال لا تستطيع الأم القيام بالدور العقابى المطلوب لما هو معروف عن النساء من لين ورقة وتغلب العاطفة على العقل، فإن همت الأم بعقاب طفلها لا تلبث أن تأخذها الرأفة به وترجع عن عقابه
ـــــــــــــــــــ(101/223)
كيف تجعل ابنك مطيعا
عبد اللطيف بن يوسف المقرن
فضل تأديب الولد:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع) الترمذي وقال (ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن) الترمذي.
كيف تجعل ابنك مطيعا ً؟
نقصد بالولد/الذكر والأنثى، ومن كان دون الرشد وليس رضيعاً، وإن كان لكل مرحلة سمات وأساليب في التعامل، لكن الحديث هنا عام بسبب صعوبة التفصيل لكل مرحلة على حدة، ومنعاً للإطالة.
ما هي صفات الابن الذي نريد؟
أن يتصف بصفات فاضلة أجمع العقلاء على استحسانها وجاء الشرع حاظاً عليها وأهمها ما يلي:
أ_ الدين:
نعني الابن صاحب القلب والضمير الحي، والابن موصول القلب بالله والمؤمن حقاً.
قال - تعالى -: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) الطور
و قال - عليه الصلاة والسلام -: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد إذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب)، فصلاح القلب بالدين فإذا استقام دين المرء استقامت أحواله كلها.
قال - تعالى - (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) الفرقان
ب_ كبر العقل:
قال الشاعر:
يزين الفتى في الناس صحة عقله *** وإن كان محظورا عليه مكاسبه
يشين الفتى في الناس قلة عقله *** وإن كرمت أعراقه ومناسبه
يعيش الفتى بالعقل في الناس إنه ** على العقل يجري علمه وتجاربه
و أفضل قسم الله للمرء عقله *** فليس من الأشياء شيء يقاربه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله *** فقد كملت أخلاقه ومآربه
وأشد ما يخشاه المرء الحمق، قال الشاعر:
لكل داء دواء يستطب به *** إلا الحماقة أعيت من يداويها
ج - الطاعة:
أن يستجيب لتوجيهاتك ويعمل ما يعلم أنك ترضاه ويترك ما يريده رغبة في تحقيق رضاك (إنما الطاعة بالمعروف) وبالقدوة الحسنة يتربى الابن على صفات الأب الحسنه
د - حسن الخلق:
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) الحديث فالابن الحسن الخلق كثير الطاعة لله ولوالديه.
من الذي يصنع الرجال؟ من يحدد سمات الابن؟
لاشك أنه الأبوان حيث أنه كلما كانا قدوة حسنة لأبنائهم كلما كان صلاح الأبناء أقرب، ففي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) الحديث.
و إذا كانا مسلمين كان الولد مسلماً، فصلاح الآباء سبب لصلاح الأبناء قال - تعالى -: (وكان أبوهما صالحاً)الكهف.
1 التنشئة المتدرجة:
- تنشئة الطفل شيئاً فشيئاً حتى يرشد قال - تعالى - (و لكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) آل عمران.
تربيته وتعاهده حتى يشب ويقوى ساعده ويبلغ أشده مثال ذلك تربية إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام، ثم كيف استجاب لطلب والده بتنفيذ رؤياه بقتله إياه.
فلا بد من التنمية المتدرجة (التعليم للفعل المرغوب)، التقويم للخطأ والرد إلى الصواب، وذلك بأن تعمل على تعديل ما تراه من خطأ شيئاً فشيئاً، ولا تعجل فإن الإخفاق في التغيير الشامل ثقيل وله عبء على النفس قد يقعد بها عن السعي بما ينفع ولو كان هذا السعي قليلاً سهلا.
2 _ بذل الحقوق للطفل (اختيار الأم، التسمية الجيدة، التعويد على الفضائل).
3_حفظ القرآن.
فحفظ القرآن الذي به أكبر مخزون من المعارف التي تهذب النفس وتقوم السلوك وتحيي القلب لأنه لا تنقضي عجائبه، فكلما زاد مقدار حفظ الولد للآيات والسور زاد احتمال معرفته بمضامينها التي هي إما عقيدة تقود السلوك أو أمر بخير أو تحذير من شر أو عبر ممن سبق أو وصف لنعيم (أهل الطاعة أو جحيم أهل المعصية).
4 - التعليم قبل التوجيه أو التوبيخ:
(حيث أن البناء الجيد في المراحل المبكرة من حياة الطفل تجنبه المز الق وتقلل فرص الانحراف لديه مما يقلل عدد الأوامر الموجهة للطفل فمن الأوامر ما يوافق هواه وخاطره وباله ما يخالف ذلك،تدل الدراسات أن هنالك ما يقارب من 2000 أمر أو نهي يوجه من الجميع للطفل يومياً!! لذا عليك أن تقلل من المراقبة الصارمة له، ومن التحذيرات، ومن التوجيهات، ومن الممنوعات، ومن التوبيخ التلقائي.
نعم الطفل يحب مراقبة الكبار له لكنه ليس آلة نديرها حسب ما نريد!!. فلماذا نحرم أنفسنا من رؤية أبنائنا مبدعين؟
و هناك أهمية بالغة في تربية الطفل الأول ليقوم هو بمساعدتك في تربية من بعده، لكن احذر ((كثرة الأوامر له وقلة خبرتك في التعامل مع الصغير لأنها التجربة الأولى لك ولأمه في تربية إنسان!!!)).
وأنت تتعامل مع أخطاء ابنك تذكر ذلك:
أن الجزء الأفضل من ابنك لمََا يكتمل بعد، وأن عقله وسلوكه وتعامله لم يكتمل بعد!!
هل فات الوقت المناسب للتربية؟
الوقت باقي مادام الابن دون سن الرشد.
ما الذي يقطع عليك الطريق إلى اكتمال ابنك بالصورة التي ترغب؟
هناك عدة أمور أهمها:
- ترك المبادرة إلى تقويم الأخطاء:
- القدوة السيئة:
إذا شاهد الولد الأب أو الأم _ القدوة _ يكذب فلن يصدق الابن أبداً!.
- إبليس: قال - تعالى - على لسان إبليس (لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين).
- النفس الأمارة بالسوء:
((وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم)) يوسف.
-أصدقاء السو ء:
ورد في الحديث (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير) هناك الكثير من أصدقاء السوء أوصلوا أصاحبهم إلى المهالك.
إذا سارت الأمور على طريق مختلف
أو تُرك الابن وأهمل وحدث الخلل!!
فما موقفك...؟ عند الخلل في..؟؟؟ فلذة كبدك!!
ابنك من استرعاك الله إياه تذكر أنه صغير - ضعيف - قليل الخبرة - بسيط التجربة - يعايش ظروف تجعله غير مستقر بسبب مرحلته العمرية!
هنا لابد أن تلاحظ ما يلي:
1 - الأحداث مؤقتة.
2 - ليس المهم ما الذي حصل لكن المهم كيف تفكر في الذي حصل.
3 - حاول أن تقلل التفكير في الإساءات أو الإزعاجات.
4 - لا تترك وتتجاهل الأمور التي يفعلها وتزعجك.
5_ لا تجعل رضاك متوقفا على أمر واحد.
6_ أحذر النقد القاسي للأسرة والأبناء.
7_ تذكر الذكريات الإيجابية.
8_ لا تركز على صرا عات خاسرة.
9 - علمه ولا تعنفه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف) الحديث.
10 - تقبل ابنك مرحلياً بلا شروط.
11_ الرضا التام قليل ونادر.
أدرك كل هذا حتى ترى طريق التربية الهادئة بوضوح. ما لذي يفيد في جعل طاعة الابن لأوامر الأب أكثر؟
هناك عدة وسائل أهمها:
أولاً:_ التربية على الاستقامة:
مهم تربيته على الفرائض ومحبة الخير وأهله وبغض المنكر وأهله، ورد في الحديث (مروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فذلك وقاية لكم ولهم من النار).
ثانياً: _ أدنو منه:
عند ما تريد توجيهه فاقترب منه أولاً حتى تلامسه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للشاب الذي جاء يستأذنه في الزنى (أدن مني ثم مسح على صدره) الحديث.
إذا شعرت بقربك من الآخرين فانك سوف تشعر بالرضا عن نفسك.
ثالثاً:_ قويٍ العلاقة به:
لا بد من بناء العلاقة الجيدة معه وتنميتها وصيانتها مما يعكر صفوها، فالعلاقة القائمة على الرحمة والشفقة والتقدير والصفح لها أثر كبير.
عندها ستقول: علاقاتي قربت مني الناس قاطبة!! وسوف تزيد من شبكة العلاقات الطيبة؟
وجد أن العلاقة السامية لها ميزات كثيرة منها:
سرعة إنجاز العمل، تسهيل الخدمة دون ضرر، الاستعداد لأداء العمل برغبة، تذليل المشاكل إن وجدت.
و أن العلاقة العادية لها آثار منها:
تبادل الخبرات، حرارة اللقاء، اكتساب عدد من الأصدقاء.
و العلاقة المؤقتة لها آثار منها:
إنجاز بطيء، عدم الاكتراث بالمتكلم، تبادل الخبرات
أما العلاقة السيئة فأضرارها:
عدم أداء الخدمة برغبة، عدد قليل من الأصدقاء،الترصد الأخطاء، إنهاء اللقاء بأسرع وقت، عدم بروز العمل الجماعي.
رابعاً: _ قابله بالابتسامة وبطلاقة وجه:
تبسمك في وجه ابنك صدقة وقربى وتقارب للقلوب، فإن عمل الابتسامة في نفس الابن لا حدود لها في كسبه واستجابته لما تريد منه.
خامساً:_مارس طلاقة الوجه:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحقرن من المعروف شيء ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) الحديث. تعود على طلاقة الوجه مع أبنائك لأنه كلما كنت سهلا طليق الوجه كلما ازدادت دائرتك الاجتماعية معهم أو مع غيرهم، وكلما كنت فظا منغلقا كلما ضاقت دائرتك حتى تصبح صفراً. قال - تعالى - (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل عمران.
الدور الذي تجنيه عندما تملك مهارة طلاقة الوجه:
1_تبعث هذه المهارة روح التجديد والنشاط.
2_ تقضي على التوتر والضغوط النفسية.
3_ينجذب إليك الناس.
4_تجعلك مقبولا لدى الناس.
5_ تذيب السلوكيات غير المرغوبة مثل: (الكبر، الحسد، الحقد والعناد).
6_ تضفي روح التواضع.
7_ تشعر عند تمثلك هذه المهارة بسهولة المؤمن وليونته
8_تعيد روح الود وتبث روح المداعبة.
9_تكسبك الجولة في النقاشات الحادة.
سادساً:_ امنحه المحبة:
المحبة تفعل في النفوس الأعاجيب ورسول الله خير قدوة في ذلك لأنه تحلى بأفضل خلق يتحلى به بشر فأحبه أصحابه محبة لم يشابهها محبة من قبل ولا من بعد، فهل يستطيع أحد أن يجاري فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخلاقه وسجاياه التي حببته للناس والدواب حتى الجماد، ويدل على ذلك قصة ثوبان - رضي الله عنه - ففي الحديث (أن ثوبان - رضي الله عنه - كان شديد الحب للنبي - صلى الله عليه وسلم - قليل الصبر عنه أتاه ذات يوم وقد تغير لونه فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما غير لونك فقال يا رسول الله ما بي من مرض ولا وجع غير أني إذا لم أراك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنك ترفع مع النبيين وإني إن دخلت الجنة فإن منزلتي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة لم أراك أبداً فنزلت الآية: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) النساء.
غريب أمر الحب في حياة الناس فلا أحد يشبع منه، وكل من يحصل عليه يشع بدفئه وصفائه على من حوله.
- ليس هناك أفضل من أن تظهر ذلك التقدير بأن تخبر شخصاًً ما مقدار اهتمامك به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي قال: أنه يحب فلاناً
" هلاَ أخبرته أنك تحبه " الحديث - الدراسات بيَنت أن الذي لا يفعل ذلك قد تكون علاقته مع الآخر تنافسية وأفضل مكافأة للولد هو شعوره أن أمه وأبو يحبانه ويثقان به فعلا!!! عندها سوف يحبهما فعلاً لا لمصلحة ما.
- إذا أحبك الناس فانك بأعينهم كحديقة فيها شتى أنواع الزهور ذات الرائحة الفواحة.
كل طفل يحب أن يكون محبوباً ومُحباً وإلا فإنه سوف يلجأ إلى إزعاج من حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب
سابعاً: _ عليك بالهدوء :
تحلى بالهدوء والحلم والرفق ورد في الحديث (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شي إلا شانه)
لا تجعل جفوة والدك _ أن وجدة _ عليك صغيراً سبباً في تعاسة ابنك مستقبل
ثامناً:_ عامله بالثقة والتقدير والتقبل.
أشعره بمدى أهميته بالنسبة لك، وبثقتك به، فإن شخصيته تتحدد بحسب ما يسمع منك من أوصاف تصفه بها فإذا كنت تصفه دائما بالذكاء فإنك ستجده ذكياً، وإن كنت تصفه بالبخل فستجده مستقبلاً بخيلاً شحيحاً وهكذا فكن واثقاً من نفسك واجعل ابنك واثقاً من نفسه حتى يكون لنفسه مفهوماً جيداً وايجابياً.
فقد ثبت أن الإيمان الراسخ في قدراتنا الذاتية يزيد من الرضا في الحياة بنسبة 30 % ويجعلنا أكثر سعادة! وأقدر على النجاح، وكن متفائلاً..! وواقعياً في توقعاتك......... إن السعداء من الناس...
لا يحصلون على كل ما يريدون!!! ولكنهم يرغبون في كل ما يحصلون عليه
فنظرتك لنفسك سوف تجدها واقعاً بفعل الإيحاء النفسي، سواء اعتقدت أنك تستطيع أو لا تستطيع فأنت على حق في كلتا الحلتين فاجعل ابنك واثقاً من نفسه وفي قدراته ولا تحطمها _ بقلة الثقة به _ قبل أن يبرزها للوجود.
و لكن لا تكن مفرطا في الثقة!! واعلم أن التقدير الإيجابي للذات مهم في تربية الرجال ليحققوا ذوات هم على حقيقتها بعيداً عن تحطيم الشخصية الذي قد يمارسه الكبار مع الناشئة.
تاسعا: _ اجعل لابنك هدفا في الحياة
تشير الدراسات أن من أفضل أدوات التنبؤ بالسعادة هي...... فيما إذا كان الإنسان يعتقد أن هناك هدف في حياته؟؟؟، بلا أهداف محددة نجد أن سبعة أشخاص من بين عشرة يشعرون بعدم الاستقرار في حياتهم. عاشراً:_ احرص على تماسك أسرتك فعبارة _ إنني أعيش مع زوجي من أجل الأطفال _ احذر أن يسمعها ابنك من أمه حتى لا يشعر بمدى التفكك الحاصل بين والديه _أن وجد _ فيضعف بسبب ضعف الأسرة ذلك الركن الذي يركن إليه_ بعد الله _ ويرتاح.
حادي عشر: _ تعرف على صفات ابنك:
لابنك صفات تختلف عن صفات الكبار أهمها:
1_ يميل الصغير دائماً إلى أن يحصل على رضى الكبار المهمين في حياته.
2_الثناء والثقة والتقدير تؤثر على سلوكه أكثر من التوبيخ والزجر.
3_عادة ما يستقبل الابن أوامر الوالدين بمنتهى الحب والرغبة في التنفيذ ولكن قد يرتبك عندما يتلقى الأوامر بعصبية أو فتور أو استهجان فيتخيل أنه كائن غير مرغوب فيه أو أن والديه قد قررا التخلي عنه أو أنهما ضاقا ذرعاً به وأنه مصدر إزعاج لهما، وهذا الارتباك قد يؤدي به إلى عدم تنفيذ الأوامر الصادرة عنهما.
4_ والولد يُحبُ أن يقوم هو بالجزء الأكبر من العمل فإذا زاد عليه الإلحاح ظهر عليه العناد.
5_ ويحارب كثير من الأبناء من أجل أن يلعب باللعب المحبب لديه.
6_ الكبار عندما يصرخون في وجه الصغير هي دعوة له ليتحدى الكبار _ خاصة إذا كانت الأوامر متناقضة، وأن يستمر في السلوك السيئ ويتمادى فيه ليعرف لأي درجة يمكن أن يصل الصراع بينه وبين الكبار.
7_ الطفل يمتلك قدرة هائلة على تحمل والديه فهو أطول منهما نفساً عند العناد والتحدي.
8_الأولاد يحتاجون قدراً من الحرية ليختاروا نوع النشاط الخاص بهم.
9_ الولد بحاجة أن تعلمه كل جديد دون أن تكرهه عليه.
10_الطفل يدرك مشاعرك تجاهه ويركز عليها ولا يهتم للتوجيه إذا كانت المشاعر تجاهه سلبية _ وقت لخطأ الذي يرتكبه _ مثل الغضب منه أو الحيرة تجاه سلوكه.
مثال ذلك: -
عند ما يجري أمامك ليفتح الباب ثم تصطدم رجله بإناء فينكسر الإناء إذا كان رد فعلك أن تغضب تنفعل فإنه لن يستقبل أي معلومة أو توجيه. أمَا إذا ضبطت نفسك وحاورته بهدوء ووجهته كيف يجب أن يجري مستقبلاً داخل الصالة فإن الرسالة سوف تصل إليه ومعها احترامك له وتقديرك لأخطائه التي لا يجد هو نفسه مبرراً لها. وقد يكون منزعجاً منها ولا يرغب في تكرارها دون أن تحدثه عن الخطأ الذي ارتكبه!!!.
11_ يحتاج إلى الرعاية الممزوجة بالثقة فلا تكن مفرطاً في الوقاية له من أخطار ما يتعامل معه من ألعاب أو مهام.
12_الصغار لا يحبون ما يشعرهم بالعجز أمام الكبار، ومن ذلك إثارة العواطف عند الحديث معهم كقولك إني أخاف عليك من كذا إني مشفق عليك من كذا، فلا نجني من إثارة العواطف معهم إلا الإعراض أو العناد.
13_ الولد تتوسل إليه فيعاندك وتتحدث معه كصديق فيطيعك!!! بسبب المنافسة على قلب الأم والبنت على قلب الأب.
14_ يحب الصغار أن تتضمن الأوامر الصادرة من الكبار معنى إمكانية المساعدة منهم له.
15_ النفاق مع الابن لا يفيد لأنه قادر على اكتشاف حقيقة الأمر!.
16 -استجابة الولد تتأثر بالوقت والعبارات، فاختر الوقت المناسب للتوجيه أو النقد... وكذلك العبارات المناسبة.
اعلم!
أن هناك من هو أقدر منك على كسب ود ابنك فالجد والجدة أقدر على التعامل المعقول مع الأبناء بسبب أن الوقت بالنسبة لهم وقت حصاد ولعدم تأثرهم بالانفعالات الناتجة عن تصرف الصغير ولقدرتهم على النزول لمستواه ولوجود الخبرة الكافية لديهما، وعلى أساس أن الصغير عندهما صاحب حق في إجابة رغبته المعقولة، والآباء والأمهات ينتابهم الخوف على مستقبل الولد وفيختلط لعبه _ الأب / الأم _ مع الابن برغبته / رغبتها في التوجيه وعدم الصبر وضيق الوقت فتصدر الأوامر المختلطة بالتهديد، وكذلك الأقارب والغرباء يستطيعون أن يحققوا تواصلاً جيداً في الغالب مع الصغير فيكون مطيعاً لهم فما هو السبب!! تأمل ستجد أن نوع العلاقة التي أنشئت تختلف عن العلاقة التي بينك وبينه غالباً.
لاحظ!
أنك لست دائماً على حق وأنت تتعامل مع مشكلات أبنائك، فاجعل عقلك هو ارتكاز السهم!... وليس عاطفتك؟.
ثاني عشر:_ عوده على الحوار:
تفاهم فالحوار الهادئ هو أساس الامتزاج والاندماج لا بد أن يُعطي فرصة لسماع ما لديه ثم محاورته بهدوء وبمنطقية وعقلانية، لأنه قد لا يعرف الكثير من المعلومات عن سلبيات الأمر الذي وقع فيه ولا ايجابيات تركه، لأنه لم يخبر من قبل بذلك، أو أنه قد نسي ما تعلم، أو كسل عنه.
حدد ما الذي يجعلك حزيناً أو سعيداً وبلغ به في وقت الهدوء فقط
ابحث عن مراكز القوة لديه وأبرزها له وامتدحه فيها ولا تشعره بالضعف أبداً.
البدء بالثناء عليه ومدحه والتركيز على الأمور التي يتقنها
افتح المجال للحوار وافتعال المواقف لذلك.
ابحث عن السبب الحقيقي لما دفعه لفعل ذلك الأمر ثم وجه أو وبخ أو عالج وقد تلوم نفسك على تقصيرك إذا كنت منصفاً. مهم إيجاد جو مناسب للحديث عن المخالفات، وذلك بعد أن تهدأ الأمور لأن الولد لا يدرك سلبيات فعله للصواب ولا إيجابيات تركه للخطأ.
إذا أخطأ لا تركز على إظهار مشاعر السخط أو الضجر، بل ركز على إيضاح التصرف المطلوب منه مستقبلاً في مثل هذا الموقف مع مراعاة أن تكون هادئ وغير منفعل.
مثال:(سلوك رفع صوته في وجهك متذمراً) فعل لابد أن تُعرِفه بسلبياته وإيجابياته ثم تناقشه في وقت هدوءه وارتياحه وإقباله، وابدأ بالثناء عليه يما يستحق الثناء بأي فعل آخر، وطالبه بأن يكون في موضوع احترام الوالدين كما هو في ذلك الأمر (الممدوح فيه) لاحظ أنه من الضروري أن يكون إدراكه للموضوع محل الحوار مشابه لإدراكك أنت وأنه فهم منك ما تعنيه فعلاً وأن تركيزه على ما تقول مناسب جداً حتى تستطيع أن تطالبه مستقبلا بتنفيذ ما عرفه منك من صواب في هذا السلوك.
من المفيد أن يسمع حوارا عن المشكلة _ محل النقاش _ من شخص أخر محايد وقد يفيد افتعال موقف يجعله يسمع الحوار على أنه من غير قصد منك، أو أن يشعر أن الحديث ليس موجها إليه هو بالذات.
إذا لا تواجه المشكلات منفرداً فمساهمة أي شخص آخر في معالجة الأمور مهم.
كمخلوق اجتماعي تحتاج إلى أن تناقش مشكلاتك مع أشخاص آخربن ممن يولونك وتوليهم اهتماما خاصا، أو ممن مر بنفس المشكلة أو من أصحاب الخبرة.
مستشارو القروض المالية يقولون:
إن الشيء الوحيد الذي يحققه إخفاء مشكلاتك هو ضمان عدم مساعدة غيرك لك في الحل.
اسمع ما لديه أو اجمع معلومات....... ماذا يدور في خلده؟ ما هي رؤيته للمشكلة ومن يؤثر عليه؟ وما هي المعلومات التي تصل إليه؟
ثالث عشر: _استغل الصداقة. لماذا الصداقة....؟، الصداقة لا بد له منها، وأنت تستفيد منها، كإيصال رسالة لا تستطيعها، وقد تجد عند الصديق الكثير من الدعم والمشاركة للأفراح والأحزان. الصداقة على التقى تهزم المال، وإذا أردت أن تعرف هل فلان سعيد فلا تسأله عن رصيده في البنك ولكن سله عن علاقته بربه ثم عن عدد أصدقائه الذين يحبهم ويحبونه؟.
رابع عشر: _أغلق التلفاز:
و لكن بحكمة وأوجد بديلاً يساعد على تحقيق أهدافك....!
التلفاز ما هو إلا حشوت الكريمة التي تبعدك عن جوهر الطعام، يقطع فرص التواصل الطبيعية، يسرق وقتنا ولا يعيده أبداً، افتحه عندما يكون هناك ما يستحق المشاهدة، إنه يفرض علينا ما نشاهد ولا نختار ما يجب أن نشاهد!! مثل من يدخل السوق ويشتري كل ما يراه أمامه ثم عندما يعود لداره يكتشف ضعف نفسه وقلة عقله.
لا تقبل الصورة التي ينقلها لك التلفاز أو الناس من حولك.
خامس عشر:_ آخر العلاج الكي:
عندما تسير الأمور على خلاف ما تراه...! ولم تتيقن الخطأ..!، لا تفترض أن هناك خطأ كبيراً يستحق العقاب...! أو أنه فعل ذلك لتحقيق مصلحة شخصية فردية له...!، أو أنه كان يريد النيل منك...!،
افترض أنه محق....! أو مجتهد معذور....!، أو مخطئ يحتاج التوجيه....!
و أحذر العقاب وقت الغضب فلا تجعل كتفه ملعباً تلهو فيه _ بكرة القلق الزائد الموجود لديك، العقاب المثمر هو ما تضمن التالي:
1_تعليم السلوك المرغوب فيه والتحذير من السلوك المرفوض وذلك قبل الوقوع في الخطأ.
2_ الاتفاق على العقوبة حال الخطأ، بحيث تكون مناسبة لحجم الخطأ.
3_ أن يفهم أن هذا خطأُ يستحق العقوبة عليه.
4_ أن يدرك أن العقوبة متجهة للسلوك وليس لشخصه هو.
وأخيراً تأكد من أنه أدرك خطأه حتى لا يكون للعقوبة أثر سلبي يجلب العناد أو التمرد.
كن حكيماً في عقدك للمقارنات
في الواقع أنه لم يتغير شيء نتيجة للمقارنة...! إلاَ أن شعورنا تجاه حياتنا يمكن أن يتغير بشكل كبير بناء على تلك المقارنة، فكثير من حالات الشعور بالرضا أو عدم الرضا تعود إلى كيفية مقارنة أنفسنا بالآخرين من هم أفضل منا أو قل حظاً منا! في تربية أولادهم.
فوض غيرك ينكر عليه بالأسلوب المناسب إذا وقع في منكر.
عليك أن تبقى دائماً مع الحقيقة وتسعى جاهداً على تحسين الأمور!... كل يحلم بأسرة مثالية ولكن ينجح في تحقيق شيئاً من ذلك الواقعيين منهم!!.
إذا لم تكن متأكداً.... ليكن تخمينك على الأقل..... إيجابيا انتبه فقد تحصل على ما تريد بأبسط طريق.
افعل ما تقول أنك ستفعله. لا تكن عدوانياً. لا تفكر في مبدأ (ماذا لو). طور اهتماماً مشتركاً مع الابن ولاعبه. اضحك معه ومازحه. لتكن حمامة سلام. لا تساوم على أخلاقياتك. لا تشتري السعادة بالمال فقط.
أخيراً تذكر أن مشوار التربية طويل والبداية الصحيحة تختصره ووتضفي عليه طعماً مختلفاً،
و اطلب العون من الله واستعن ولا تعجز ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن جدد وو اصل العمل وقل قدر الله وما شاء فعل ثم ابذل السبب.
و الحمد لله رب العالمين.
http://www. dawah. ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/224)
ارفع رصيدك العائلي
مريم عبد الله النعيمي
جرت العادة أن تكون الدعوة لرفع رصيد المال في البنوك، فلِمَ اليوم ندعو إلى رفع رصيد من نوع آخر أسميناه الرصيد العائلي، إن هذا السؤال جدير بالإجابة عنه في زمن تغلبت فيه النظرة المادية للأشياء على النظرة الجوهرية والقيمة لأمور الحياة، فبتنا نقيّم الأمور بمقياس المادة حتى ولو كانت في حقيقتها تحتاج إلى تقييم من نوع آخر.
نعم إن الرصيد الذي ندعوك إلى زيادته أيها الأب هو حب أبنائك لك من خلال قربك منهم، والنظر في أحوالهم وتفقد أخبارهم، والجلوس معهم، والتواصل مع أفكارهم، والتحليق مع أحلامهم في أجواء تملؤها المحبة ويسودها الوئام والدفء والاطمئنان.
ترى هل خطر ببال أحد الأبوين أن يناقش هذه القضية مع نفسه، ليكتشف هل هو قريب من نفوس أبنائه، أم أنه بعيد عنهم؟!
إن لم يكن ذلك وارداً على أذهان بعض الآباء والأمهات، فقد آن الأوان ليبحثوا ويكتشفوا بأنفسهم عن مقدار حب أبنائهم لهم، فإن وجدوا رصيدهم عالياً في قلوب أبنائنا فليحمدوا الله، فإن ذلك نصف الطريق إلى بلوغ الأهداف الأسرية وتحقيق السعادة العائلية مع الأبناء والأسرة.
وإن كان رصيد الحب قليلاً أو متواضعاً أو ضئيلاً، فإن الطريق إلى بلوغ السعادة مع الأبناء سيكون أكثر حاجة إلى بذل المزيد من الجهد والطاقة في سبيل الالتقاء مع الأبناء نحو الهدف الواحد والغاية الواحدة، ليحيوا حياتهم متقاسمين الأدوار متعاونين، يسودهم الوئام ويشملهم الانسجام.
بداية على من يكتشف أن رصيده من حب أبنائه ضعيف ومحدود أن يسأل نفسه عن السبب وراء هذا الاكتشاف الخطير والغريب كذلك!!
إن اعتزاز الأبناء بالآباء هو الصورة الطبيعية لنوعية العلاقة الخاصة التي تربط الأبناء بآبائهم.
وهو التعبير الأمثل والظاهر، عن الحب الذي يغمر قلوب الصغار تجاه والديهم، ويحضرني في هذا موقف طريف دار بين الفرزدق وبين الكميت بن زيد حينما كان زيد صبياً.
فلقد أنشد الفرزدق أبياتاً من الشعر بجامع البصرة، وكان الكميت حاضراً يحسن الإصغاء والإنصات لأبيات الفرزدق!!
يقول الفرزدق: فأعجبني حسن استماعه، فقلت له: يا غلام أيسرك أنني أبوك؟
فقال الغلام على الفور: أما أبي فلا أبغي له بديلاً، ولكنني وددت لو تكون أمي!!
قال الفرزدق: فأخجلني.
وهذا موقف آخر معبر عن ذات المعنى، دار بين أحد الصبيان والمنصور، فجعل يسأله عن أبيه، وكلما سأله عن أمر من أموره يقول: فعل أبي - رحمه الله - كذا، وصنع أبي - رحمه الله - كذا!!
فزجره الربيع حاجب المنصور، وقال: إلى متى تترحم على أبيك في مجلس أمير المؤمنين؟
فالتفت الصبي إليه، وقال: إنك لا تعرف حلاوة الآباء.
إن هذين الشاهدين هما مثال حي على ما يعتلج في نفوس الأبناء من حب غامر لآبائهم، ولكن من سوء حظ الكثيرين من أبناء هذا الزمن بالتحديد أنه ليس هناك مجال للتعبير عن هذا الحب، فالكل مشغول إلا ما رحم ربي.
حتى بلغ من انشغال الأبوين بأعمالهما أنهما لم يعودا يجدان الفرصة المناسبة للتعبير عن هذا الحب المتبادل بينهم وبين أبنائهم، ظناً من الأبوين أن الترجمة الحقيقية للعواطف الأبوية هي في المزيد من الانشغال، والمزيد من الانهماك وراء الأعمال.
إني والحق يقال أخشى لتلك المشاعر الغضة من الانطفاء في أجواء مشحونة بالانهماك وراء الأعمال التي استولت على كل الأوقات دون أن نعي أن ذلك لا يصح ولا ينبغي، فإن الإفراط في الانهماك بأداء الأعباء الوظيفية مذموم، شأنه شأن التفريط.
لذلك لا بد من إعادة جدولة لأوقات الوالدين، ولا بد من إعادة توزيع الحصص بين الأعمال والعائلة بما يكفل تحقيق الأهداف الكبرى للوالدين، ويضمن لهما ألا يضربا رأسيهما في الحائط حينما يكبران ويصيبهما الهرم، فيتلفتان حولهما باحثين عن أولادهما، فإذا المعادلة تنقلب وبالحال يبدو قاتماً مؤلماً حين يكتشف الأبوان أن أولئك الأبناء قد انشغل كل واحد منهم بنفسه، ونسي في الطريق أبويه من شدة الانهماك بالأعمال والجري وراء تحقيق الأهداف الشخصية.
نعم أيها الأبوان لا بد لكما من الآن أن تنشغلا برفع رصيدكما من محبة أبنائكما لكما، بدلاً من أن يهبط ذلك الرصيد إلى مستوى ضعيف لا ترضيان به، ولا تتوقعانه على الإطلاق.
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/226)
قصتي مع القرآن
حوار/ عز الدين فرحات 6/6/1424
04/08/2003
(فادي زكي شريف) مدير إدارة بإحدى الشركات، و أب لعشرة من الأبناء؛ يحفظ ستة منهم القرآن الكريم، والباقون على الدرب سائرون، وهم أوائل دفعاتهم في مدارسهم وكلياتهم،كيف حفظوا القرآن الكريم؟ وما أثر ذلك على مستوياتهم الدراسية؟.
للتعرف على ذلك كان هذا الحوار معه لموقع (الإسلام اليوم):
نود في البداية التعرف على شخصكم الكريم
- أخوكم في الله فادي بن زكي عبد العال شريف، من مواليد عام 1373هـ الموافق 1953م، تخرجت في كلية التجارة - جامعة طنطا عام 1975 وتزوجت عام 1978م بعد أن أديت الخدمة العسكرية.
كيف كانت بدايتكم مع القرآن الكريم؟
- كانت بدايتي مع القرآن الكريم في بداية السبعينيات الميلادية في المرحلة الجامعية، وكان ذلك على يد أحد الإخوة الفلسطينيين، والذي كان يجلس معنا جلسات يعلمنا فيها أحكام التجويد، ثم كان للجمعية الشرعية بمصر دور آخر، ثم كانت المساجد والدروس والمحاضرات خاصة بعد أن تم الإفراج عن الدعاة من جماعة الإخوان المسلمين من المعتقلات، وكان ذلك عام 1973م .
ومتى أتممت حفظه؟
- حتى الآن لم يتيسر لي إتمام الحفظ وإن كنت قد قطعت شوطاً والحمد لله، ولكني استعضت عن ذلك بإتمامه مع أبنائي ولله الحمد والمنة، حيث دفعت بأول أبنائي وثانيهما إلى الأزهر الشريف بغرض حفظ كتاب الله تعالى، وحيث كنا نعاني من التضييق على من يعتلون المنابر من غير الأزهريين؛ فأحببت أن أدفع بابني لما عجزت عنه، وذلك من خلال الأزهر الشريف.
كم من أبنائك يحفظون القرآن الكريم؟
- لقد منَّ الله عليّ بعشرة من الأبناء: ثلاثة ذكور، وسبع بنات، وحفيد واحد والحمد لله رب العالمين ، أتم ستة منهم حفظ القرآن الكريم، والسابع (عبد الله) في الصف السادس، وهو الآن في الجزء العشرين وباقي له عشرة أجزاء، وبعده (سمية) في الصف الرابع الابتدائي، وهي الآن انتهت من حفظ عشرة أجزاء، والتاسعة (ابتهال) في الصف الأول الابتدائي، وقد أوشكت على الانتهاء من حفظ الجزء الثلاثين.
في أي عمر أتموا الحفظ؟
- البنت الكبرى والتي تخرجت في كلية الدراسات الإسلامية قسم الشريعة بالمنصورة بمصر؛ أتمت حفظ كتاب الله وهي في الصف الأول المتوسط.
- (محمد) وهو حاصل على ليسانس أصول الدين قسم التفسير من جامعة الأزهر هذا العام 1424هـ؛ فقد أتم الحفظ وهو في الصف الثاني المتوسط.
- أما (أسماء) وهي تدرس الآن في السنة الثالثة بكلية الطب جامعة طنطا بمصر، وتنجح كل عام بتقدير عام (ممتاز)؛ فلها مع ختم القرآن الكريم قصة مباركة حيث كنا في رحلة عمرة إلى مكة المكرمة، وكنا في نهاية شهر رمضان عام 1415هـ ثم عيد الفطر وصلينا العيد، وجلسنا في المسجد الحرام بعد صلاة العيد إلى أن صلينا الضحى، وسألت ابنتي كم بقي من القرآن يا بنيتي؟ فأجابت: بقي لي ربع أو ربعين؛ فقلت لها: لو أنك جلست أمام الكعبة المشرفة ولم تخرجي حتى تنتهي من حفظ ما تبقى فإن ذلك سيكون ذكرى لك على مر السنين، وستذكرين ذلك لأبنائك وأحفادك وستقولين لهم يومئذ: "إنني انتهيت من ختم القرآن الكريم في المسجد الحرام أمام الكعبة المشرفة يوم عيد الفطر"، وسيظل ذلك حافزاً لك ولأبنائك وأحفادك لكي تستحضري القرآن دائماً في صدرك.
والحمد لله ما زالت أسماء مستحضرة للقرآن الكريم حتى اليوم وتحوز على المركز الأول في المسابقات التي تجريها كلية طب طنطا كل عام.
- (هاجر) في السنة الأولى بكلية الهندسة جامعة طنطا؛ فقد أتمت حفظ كتاب الله وهي في الصف الأول متوسط، وكان ذلك قبل عيد الفطر بيومين عام 1417ـ أما (حسناء) والتي نجحت في الثانوية العامة هذا العام 1424هـ بمجموع 94% ؛ فقد ختمت القرآن وهي في الصف الثاني المتوسط.
- (حفصة) ختمت حفظ القرآن الكريم بعد نهاية الصف الأول المتوسط، وكان ذلك في العام الماضي.
- أما (إبراهيم)؛ فقد تأخر في ختم كتاب الله حيث شغلناه بمنهج دراسي إضافي مما أثر على حفظه لكتاب الله تعالى، وعندما لاحظنا ذلك أوقفنا دراسته في المنهج الإضافي ليستكمل حفظ القرآن الكريم.
- ندعو الله -تعالى- أن ينتهي (عبد الله) من ختمه في هذا الصيف 1424هـ.
- أما (سمية وابتهال) فما زالتا في البدايات، وقد بدأت أختهما الكبرى برنامجاً صيفياً معهما لحفظ القرآن الكريم، ومن بشائره أن سمية أتمت حفظ سورة البقرة خلال الشهر الماضي (جمادى الأولى 1424هـ)، ونسأل الله تعالى أن يعيننا على توريث القرآن الكريم لكل ابن من أبنائنا. اللهم آمين.
ما البرنامج الذي اتبعته مع أبنائك لحفظ القرآن؟
01 كان الابن يحفظ في البيت الجزء الثلاثين قبل دخوله المدرسة.
02 فإذا دخل المدرسة (الأزهر في مصر) لاحظ أساتذته تفوقه على أقرانه في الحفظ وفي طلاقة اللسان وفي اللغة العربية؛ فيقدمونه في الإذاعة وباقي الأنشطة مما يعطي الطفل ثقة في نفسه تعينه على الانطلاق والتركيز في حفظ القرآن الكريم، حيث يشعر أنه تقدم وتفوق على أقرانه بالحفظ فيضاعف جهوده.
03 مع انتقالنا للمملكة العربية السعودية وفقنا الله إلى إلحاق البنت الكبرى في ذلك الوقت بمدرسة تحفيظ القرآن الكريم الثانية بالرياض، وكذلك الابن محمد.
توالى دخول البنات والبنين إلى مدرسة التحفيظ، وكنا نتبع معهم أسلوباً سهلاً؛ حيث نعمل معهم في البيت على أن يحفظوا مقرر التلاوة؛ وبذلك يشعر الطفل بأنه متقدم على المدرسة؛ فيضاعف مجهوده ليحافظ على تقدمه حتى ينتهي الطفل من الحفظ مع نهاية المرحلة الابتدائية أو بداية المرحلة المتوسطة.
ما دور الأم مع الأبناء في سبيل حفظ القرآن الكريم؟
لقد كان دور الأم دوراً رئيساً في تحفيظ الأولاد القرآن الكريم، وأيضاً كان لها الدور الأساس في تفوق الأبناء في حياتهم الدراسية، حيث إن الأم خريجة كلية التجارة عام 1975م من جامعة طنطا، وكان لها سابق خبرة بالتدريس فكانت وما زالت - حفظها الله- تقوم بدور الأم والمعلمة والزوجة والمديرة للبيت، وكان يقتصر دوري على شرح قواعد التجويد للأبناء، وأحياناً مراجعة الحفظ معهم أو التدخل أثناء التسميع لتصحيح بعض الأخطاء إن وجدت. فإن كان من فضل بعد الله في هذه النعمة فهو للأم، وكذلك للأخوات المعلمات في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم اللاتي كن يشجعن البنات بالمدرسة بشتى الوسائل.
نصيحة توجهها لمن يريدون حفظ القرآن الكريم؟
- أنصح نفسي أولاً ثم إخواني الذين مَنَّ الله عليهم بالذرية أن :
01 أن يتقوا الله في هذه النعمة التي أنعم الله بها عليهم (الذرية) ويوجهوا أولادهم للقرآن.
02 أن يحفزوهم برصد الهدايا والمكافآت، وأحياناً يمكن أن يكون العقاب في حال التقصير.
03 أن يتفقوا مع الأولاد على برنامج للحفظ يتم متابعته (التخطيط، التنفيذ، المتابعة........)
نصيحة توجهها للآباء الذين يريدون لأبنائهم حفظ القرآن الكريم؟
- إن من يريد لقلبه أن يمتلئ بكلام الله لا بد أن يفرغه من كلام غيره، خاصة الأغاني والمسلسلات وغيرها من لغو الحديث.
يظن البعض أن انشغال الأولاد بحفظ القرآن الكريم قد يؤثر على مستواهم الدراسي؛ فما رأيكم في ذلك؟
- أقول لمن يظن أن عملية تحفيظ الأولاد للقرآن الكريم في سن مبكرة تؤثر على أدائهم الدراسي: "لا، والدليل على ذلك أن بناتي -ولله الحمد- من أوائل دفعاتهم في الكليات سواء النظرية أو العملية، بل إن حفظ القرآن له نور وعطاؤه مستمر في الدنيا قبل الآخرة
ـــــــــــــــــــ(101/227)
ارضعيه هم الدعوة
عفاف فيصل
كثير من الأمهات تلك التي تحرص على إيقاظ طفلها قبل موعد ذهابه إلى المدرسة بوقت طويل، حتى يتمكن من تناول فطوره ولبس ملابسه، وفي كل صباح تضع حلقة في أذنه ذاكر يا بني واجتهد كي تنجح وتأخذ الشهادة لتجد لك مكاناً في الجامعة ثم وظيفة ممتازة ثم تبني بيتاً وتتزوج، تلك هي الوصية وذلك الهدف الذي تربي الأم طفلها كي يصل إليه.
مَن مِن الأمهات التي ترضع طفلها هم الدعوة في مهده؟ ثم بعد فطامه تربي نفسها أولاً على تعويده على الواجبات الشرعية المطلوبة منه، تغرس في نفسه الطرية منذ الصغر حب السنة النبوية وحب صاحبها فيصبح وتردد على مسمعيه أذكار الصباح توضئه تدفعه للمسجد كي يصلي الفجر، تحثه كي يطوي ركبتيه في حلقة القرآن.
تنهره إذا مد يده اليسرى إلى الطعام ولم يسم "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك".
وإذا حل المساء أسمعته أذكار المساء وإذا وضع جنبه للنوم أسمعته المعوذتين وورد النوم.
من منا تلك الأم التي إذا سمعت الآذان للصلاة دفعت ابنها للصلاة دفعاً؟ وجعلته يفهم أن معنى الآذان أن قم وتوضأ ثم سر إلى المسجد ومعنى الإقامة قم وصف بطولك في الصف.
فالأول يقيمه للصلاة من بيته والثانية تقيمه للصلاة وهو في المسجد.
من منا تلك الأم التي ترسل في يد ابنها طعاماً لجارهم الفقير؟ من منا تلك الأم التي تولي أبنائها عناية خاصة؟ وترى أنهم عماد الأمة مستقبلاً وهم أحفاد السلف الصالح، تحتسب الأجر في تربيتهم، تدفعهم إلى المعالي، ترسخ في نفوسهم القيم الفاضلة، تروى لهم سيرة الرسول ودعوته وصبره ومعاناته وسيرة ومعاناة أصحابه والعلماء الأخيار حتى تغرس في نفوسهم الصافية محبة هذا الدين ومحبة حمله.
يحق لكل أم بعد هذا أن تفتش في نفسها أي نوع من الأمهات هي، أتربي جيلاً يقيم للإسلام راية؟ أم ستربي جيلاً يقيم غير ذلك؟
http://www.dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/228)
محمد حسين الطفل المعجزة ... هل هو معجزة؟
في زمن يتنافس فيه أطفالنا على من يحفظ من الأغاني أكثر تتفاخر أمهاتهم وآبائهم بين أقاربهم..... انظروا ابني/ ابنتي كيف يحفظون أغنية المطربة فلانة....ابنتي لها مستقبل
في هذا الزمن يخرج لنا الطفل الطاهر بمعنى الكلمة محمد حسين حافظا للقراّن ولكثير من القصائد العربية الصعبة كالفية ابن عقيل وغيرها
ملاحظة عمره خمس سنين فقط
حاز الطفل المعجزة على شهادة دكتوراه في العلوم القرانية من جامعة لندن وكذلك حاز على هذه الشهادة الدكتوراه الافتخارية في علوم حفظ القران من جامعة الحجاز...
ما هي قصة هذا الطفل المعجزة؟
كانت والدته المؤمنة تصطحبه معها في جلسات لحفظ القران الكريم حينها لم يكن تجاوز السنتين، وكانت وقتها تحفظ الجزء الثلاثين من القران الكريم عادت في أحد الأيام للبيت وكان محمد يلعب ويردد شيئا، أراد والده أن يسمع ما الذي يقوله بهذا الاهتمام، فأستغرب كثيرا عندما علم انه يردد الجزء الثلاثين من القران الكريم و ذهب إلى زوجته متسائلا منذ متى وأنت تحفظينه الجزء الثلاثين من القران الكريم؟ استغربت الزوجة قائلة لم أحاول في ذلك حتى فذهب الوالد إليه مرة أخرى وحاول أن يمتحنه بالجزء الثلاثين فعلم أنه يحفظه بشكل جيد. حينها علم أن لولده ذو السنتين قابليه لحفظ القران، فرح كثيرا وبدا معه مشوار حفظ القران. وعندما وصل إلى سن الخامسة كان محمد حسين قد أكمل حفظ القران الكريم.
كان والده يلقبه وكل إخوته الثلاثة بألقاب المسلمين التي غابت هذه الأيام واستبدلت ب ميمي لالا وفوفو..... سوسو
كان لقب محمد حسين ب علم الهدى
لم يكن علم الهدى عربي اللغة بل كان إيراني الأصل من مدينة (قم) مما يعني أن اللغة العربية بعيدة عنه كل البعد مع ذلك كان يدرك معاني الكثير مما يقراه وكان يلقي بخطاباته لمن هم بعمره ولمن هم أكبر من عمره
ما أريد أن أقوله في هذا الموضوع ليس التعريف بهذا الطفل فقط. إنما لأقول الكلمات التي قالها والده عندما سألوه هل تعتقد أن علم الهدى طفل معجزة؟
محمد حسين ليس إلا طفل عادي قد يفوق أقرانه بالقليل من الفطنة لكن هناك الكثير من الأطفال الأذكياء لكن لم يفكر أحد باستغلال ذكائهم، الذي ساعد ابني هو أنني في البيت مع زوجتي وأطفالي نردد القران في الصباح والمساء وان سكتنا نسمعه من المسجل أو التلفزيون فكيف لا يحفظ القران طفل مثل علم الهدى؟
كي يكون لديك طفل مثله عليك أنت أن تغير ما في نفسك كي يسير طفلك في مسارك وفي النهاية أود أن أقول كلما ردد ابنك أغنية فأعلم أنه قادر على أن يحفظ ويردد القران كما حفظ تلك الأغنية
وكلما رددت أنت أغنية فأعلم أنك لا تسلك بنفسك للنار فقط إنما بمهجة قلبك على طريقك
http://www.mashail.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/229)
كيف تستثمر وقت فراغك؟
رضا مدبولي 28/5/1424
28/07/2003
أهداف وقت الفراغ:
الإنسان في تنظيمه لأوقات فراغه يسعى عادة إلى ثلاثة أهداف أساسية:
01 التخفيف من وطأة الضيق والتوتر النفسي الذي يعتري الإنسان إذا ابتعد عن العمل.
02 تحرير الفرد من نزعاته الأنانية وتهيئته للنزعات الاجتماعية كاحترام قوانين المجتمع وأعرافها، وإنماء روح التعاون والخلق الكريم).
03 التخفيف من الضغوط الجنسية الملحة على الشباب، وتعديل الفواتير بتوجيهها وجهة نافعة لتتفق ومصلحة الأسرة، وتنفع المجتمع.
استثمار وقت الفراغ:
لقد أنعم الخالق - جل شأنه- على الإنسان بالوقت؛ ففاز من استغله في بناء حياته وسار على الطريق المستقيم، وخاب من هدمه بسلك طريق لا يقبله الله ورسوله ثم المجتمع . ومن ثم اهتم المربون باستثمار وقت الفراغ منذ الطفولة حتى الشيخوخة لبناء فردٍ صالح في أسرته ومجتمعه ووطنه، غير جانح، يلفظه الجميع.
كيف يمكن استثمار وقت الفراغ؟
يمكن أن تُستثمر أوقات الفراغ في مزاولة جوانب عديدة من الأنشطة، ومنها: الجانب الثقافي، والجانب الحركي ( الرياضي)، والجانب الفني ( التشكيلي).
الجانب الأول: الجانب الثقافي : كيف تستثمر وقتك في رفع ثقافتك؟
- أن تتقن فنون اللغة ( القراءة، والكتابة، والتحدث، والاستماع)؛ بحيث تتمكن من كتابة حديث أو قصة. وترويهما بلغة عربية صحيحة بسيطة.
- أن تستخدم هذه القدرات في فهم النفس، وفهم ما حولك.
- أن تفسر ما يجري حولك من ظواهر اجتماعية وطبيعية، وسياسية، واقتصادية وعلى أسس واقعية.
- أن تجيد التعامل مع الآخرين، كحسن الحديث والأخذ والعطاء على أساس الحق والعدل.
- أن تبني لنفسك كياناً مستقلاً.
- أن تتعاون مع غيرك على البر والخير.
- أن تعمل بنجاح داخل فريق.
- أن تسلك سلوكاً يعكس انتماءك لدينك ووطنك.
- أن تسلك سلوكاً يعكس ثقتك بنفسك، وشعورك بالطمأنينة.
- أن تتقن المهارات الأولية في استخدام الأدوات والآلات الشائعة الاستعمال.
- أن تستخدم ما اكتسبته من معارف، وحقائق، وعلوم، في حل المشكلات اليومية التي تواجهها.
- أن توضح أساسيات دينك، مع ربطها بمواقف الحياة، على أن تُظهر ذلك في سلوكك.
- أن تميز بين ما يمكن تفسيره على أساس من العلم. ومالا يمكن قبوله إلا على أساس الإيمان، مما لا يجترئ العلم على تفسيره.
أهم مصادر الثقافة:
أولاً: المسجد، هنالك كثير من الخبرات التي لا نستطيع تعلمها في المدرسة أو الأسرة، مثل: تلاوة القرآن الكريم، وكيفية الصلاة، والإجابة عن بعض الأسئلة التي تثيرها العقول، وقد يرجع ذلك إلى ضعف مستوى المعلمين والآباء، أو لضعف الإمكانات بالمدرسة وبالأسرة، أو لضيق الوقت.. إلى غير ذلك.
ثانياً: الأسرة: الأسرة هي أول مؤسسة تربوية فيها امتصاص طرق التفكير والتعبير، وفيها يكتسب الدين، واللغة، والتقاليد، والعادات، وطريقة الكلام، وللوالدين دور فعال في تكوين الميل إلى القراءة وتنمية الأبناء وبطرق واعية.
ثالثاً: الصحافة: هناك الصحف الإخبارية التي تهتم بأخبار الرياضة، والسياسة والعلوم والفنون وشؤون البيت.
رابعاً: البرامج الإذاعية : مما لا شك فيه أن للبرامج الإذاعية أثراً كبيراً في بناء الشخصية، فهي تنمي لديه القيم الإيجابية اللازمة، والعادات الصحيحة، وتزوده بالمعارف والمهارات.
خامساً: البرامج التلفازية: للتلفاز قدرات كبيرة تجعله في مقدمة مصادر الاتصال، ولكل برنامج إيجابياته وسلبياته؛ فعلينا أن نحرص على مشاهدة البرامج المفيدة.
سادساً: القراءة: ولابد من السؤال الهام: ماذا نقرأ ؟
النشاط الترويحي
ما مفهوم الترويح؟
هو نشاط يختاره الفرد، غالباً يكون بعد تعب وجهد " معاناة جسدية"، أو بعد حزن " معاناة نفسية"؛ فيزيل التعب ويبدله إلى نشاط، ويزيل الهم والغم ويبدله إلى فرح وسرور . وهو مفيد للفرد إما عقلياً بالمعرفة، وإما جسمانياً بالرياضة بأنواعها، وإما نفسياً بقيم الإيمان، كما أنه تحقيق لعبودية الفرد لله وليس انقطاعاً عنها.
أنواع النشاط الترويحي التي يمكن للشباب شغل أوقات فراغهم فيها.
أولاً: الترويح النفسي:
وينطوي تحت هذا النوع كل نشاط ترويحي تبرز فيه العوامل النفسية بشكل واضح، وتعمل فيه تلك العوامل كأنها الأساس الذي يقوم عليه النشاط، ويجوز أن يضم هذا النوع كل أنواع النشاط الترويحي على الإطلاق.
ثانياً: الترويح الجسماني:
من الواضح أن جميع أنواع النشاط الرياضي يمكن أن توضع تحت قائمة هذا النوع.
ثالثاً: الترويح الاجتماعي:
ويهدف هذا النوع إلى تدعيم العلاقات بين الأفراد والجماعات على أساس من الصداقة والتعاون والديمقراطية السليمة. كما يهدف أيضاً إلى تشجيع التطوع للخدمات الاجتماعية بمختلف أنواعها.
الترويح وقضاء وقت الفراغ داخل الأسرة بين الأبناء:
في مرحلة الطفولة:
يقسم اللعب أو الترويح إلى القسمين الرئيسيين الآتيين بحسب الأماكن التي يحدث بها:
01 لعب أو ترويح داخلي؛ كاللعب بالدمى المصنوعة من المطاط أو القطن وغيرها.
02لعب أو ترويح خارجي.
وذلك حين يخرج الطفل إلى فناء منزله أو حديقة بيته أو يخرج هو والأسرة للمتنزهات والملاعب والأندية، وقد يحتاج فيها إلى لعب خاصة؛ كدراجة أو دلو أو رشاشة أو جاروف أو كرة.
في مرحلة الشباب:
يمكن شغل الوقت بين الأبناء بعمل سباقات الدراجات والمارثون وألعاب القوة في النادي وبعمل الأبحاث وحفظ القرآن والمسابقات الدينية في المسجد وبعمل حفلات السمر المفيدة والتعليم والتمثيل والفناء داخل المنزل، والرحلات الليلية ورحلات التفكر وقت الغروب، أو التمشية مثل رحلات الملاهي والسفر.
وقت فراغ الأولاد مع الآباء:
لا بد أن يشعر الأبناء بالدفء والحنان من آبائهم. ويساعد على ذلك أن يقضوا معاً أوقات فراغهم بشكل منظم وسليم، وأن يشمل ذلك نواحي الأنشطة التي يحبها الأبناء ويفضلونها، من أنشطة رياضية وفنية وألعاب ومسابقات ثقافية.
ثلاث عشرة وسيلة مفتوحة للآباء المشغولين حتى يتم استغلال وقت الفراغ مع أبنائهم.
01 استغلال فترة الغذاء وتجمع الأسرة بالأحاديث والمواقف التي تواجه الأم والأب وشرح طريقة تصرفهم تجاه كل موقف.
02 الاستفادة من المسافات الطويلة التي يقطعها أفراد الأسرة معاً في السيارة بسماع قصة من الأب أو عمل مسابقات أو حديث في مواضيع متنوعة.
03 استغلال عطلة نهاية الأسبوع للخروج العائلي والأحاديث العائلية.
04 السفر فرصة لبث القيم والحديث عن التقاليد والأخلاق الإسلامية الأصيلة.
05 عندما يكون الآباء قدوة لأبنائهم يختصر ذلك الوقت الكبير الذي يقضى في زرع القيم.
06 تعويد الأبناء على القراءة يسهل وصول المعاني التربوية للأبناء.
07 الأنس بقراءة القرآن عندما يكون خلقاً متأصلاً في الأبناء، يجعل القرآن النبع الأساس لاستقاء الأخلاق واستغلال الوقت في أفضل العبادات.
08 إعطاء هدية لصاحب المواقف الأخلاقية العالية ومكافأته أمام الآخرين يدعو إلى تأصيل هذه الأخلاق وتحويلها إلى سبب راق للتنافس بين الأبناء.
09 قصص ما قبل النوم تغرس القيم والأخلاق وتشيع جو الحنان والحب في الأسرة، بسبب هذا الاحتضان بين الآباء وأبنائهم أثناء سرد القضية.
10 تخصيص مكان من المنزل لعمل مكتبة تضم العديد من الكتب والمراجع.
11 تشجيع كل ابن على اقتناء مجموعة من الكتب وتكوين مكتبة خاصة به.
12 شراء أشرطة الكمبيوتر التي تزرع القيم وتعويد الأبناء على استخدامها.
13 ترديد الأناشيد والأشعار التي تحث على العمل ومجاهدة النفس والصبر وغيرها من المعاني الراقية.
ـــــــــــــــــــ(101/230)
وصايا طفل بار لأمه
- أرجوك يا أمي لا تفسديني بالدلال وإعطائي كل ما أطلب من لعب أو طعام أو مال.
- أرجوك يا أمي لا ترهقي أعصابي بالإهمال أو تتركينني أصرخ وأتألم فوق الاحتمال.
- كوني حازمة معي، فالحزم مفيد والتردد رديء، فإن قلت لا فاجعليها لا، وإن قلت نعم فاجعليها نعم حتى أشعر بالأمان والثقة.
- لا تتركيني أصنع أشياء رديئة وأعتاد عليها، فالمرء هو نتاج عاداته.
- لا تهينني أمام الغرباء والأقرباء إن أخطأت، فالنصيحة في السر أفضل.
- لا تجعليني أشعر أن أخطائي لا تغتفر؛ لأن ذلك يضيق على وسع الحياة.
- لا تكثري في لومي وسبي، فأنا حينئذٍ سأصم أذني.
- حاوريني إذا استفسرت، وأجيبيني إذا سألت، حتى نتصادق دومًا ولا أبحث عن بديل.
- لا تقولي إنك لا تخطئين؛ لأنني إذا صدقتك وأخطأتِ فقدت الثقة بك؛ لأني سأصدم وأكتشف حقيقتك.
- اقبلي عذري إذا تأسفت، واغفري لي إذا أخطأت، حتى أتعلم فضيلة التسامح.
- لا تنسي أن الحب أفعال وليس أقوال، وكلما حسن فعلك زاد حبي لك وللناس.
- أعطيني الأمان، أعطيني الحنان، أكن لك خير الأنام.
- علميني آداب الطعام حتى يثني عليَّ الضيوف، ويقولون: يا لها من أم عظيمة أحسنت الأدب.
- علميني احترام الناس وخاصة الجيران والكبار.
- علميني متى أقول من فضلك، إذا أردت شيئًا من إنسان أو لو سمحت؟ وإن قدم لي أحد شيئًا أحبه أقول له: شكرًا لك جزاك الله خيرًا.
- علميني أن أعترف بخطئي مع الآخرين، وأقول: آسف لقد أخطأت.
- أمي.. أنا مقلد لك ولأبي، سأحاكي فعلكما قبل قولكما.
- علميني الحب والحنان والرحمة ومبدأ العطاء في مقابل الأخذ.
- علموني الصلاة وحب الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بالترغيب وطمعًا في الثواب لا بالترهيب والعقاب.
- قدروني معنويًا إن أحسنت أو أكلت، ولا ترشيني ماديًا إن غضبت أو عن الطعام امتنعت، فالتربية تحتاج إلى وعي وحنكة.
- علموني آداب الاستئذان معكم في البيت.
- علموني كيف أعبر الطريق وانظر إلى اليمين واليسار، وأفهم معنى ضوء الإشارة، فالأحمر معناه قف، والأصفر معناه استعد، والأخضر معناه سر.
- اشغلوني بشيء حتى لا أشغلكم.
http://go2top.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/231)
10 خطوات لتكون صديقا لابنك
الشيخ مازن الفريح
الحقيقة أن توثيق الصلة بين الأم وابنتها والأب وابنه من أهم منطلقات التربية والتي من خلالها يستطيع الوالدان أن يغرسا الصفات السلوكية والآداب الإيمانية ويمكن أن أذكر بعض ما يزيد من التقارب بين الآباء والأبناء:
1. الاهتمام بالأبناء منذ نعومة أظفارهم.
2. المداعبة وحسن المعاشرة.
3. التعرف على مشكلاتهم ومساعدتهم على حلها.
4. تعليم الطفل منذ صغره على الانفتاح على والديه وتشجيعه على أن يخرج ما في نفسه.
5. تجنب استخدام الشدة المنفرة.
6.الاستماع إليهم وحثهم على إبداء وجهة نظرهم.
7.العدل بينهم وعدم الميل إلى واحد دون الآخر.
8.فتح المجال للأبناء بأن يساهموا في حل بعض المشكلات التي تعرض للأسرة.
9.الإشباع العاطفي الذي يستشعرون به إشفاق الوالد وحنان الأم الرؤوم.
10.الدعاء وتقوية الصلة بالله.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/232)
يغرسون الوهم ويحصدون الندم
مشاعر في مرحلة المراهقة.. خدعة كبيرة:
قلة الحياء والفراغ والصحبة الفاسدة والمثيرات الخارجية فخاخ توقع الفتى والفتاة في شراك الحب.
الميل وحده ليس حرامًا والحرمة في السلوك والتصرفات المعبرة عن هذا الميل من المصافحة وتوابعها
هكذا تنقذ نفسك من براثن الحب المحرم؟
كانت مرحلة ما قبل الخطبة، موضوع كتاب العدد الماضي، تلك المرحلة التي تشتعل فيها المشاعر، وتتأجج أحاسيس اللهفة والإعجاب، وحتى يعرف الفتى أو الفتاة الفارق بين الوهم والحقيقة في هذه المشاعر، نقرأ معًا كتابًا لمؤلف شاب هو أشرف عبد الرحمن - مدرس اللغة العربية بالمرحلة الثانوية - والذي يكتسب كتابه صدقه وواقعيته من معايشة المؤلف لتلاميذه في فترة الفوران العاطفي، مما جعل كلامه غير نظري، ولا يأتي من برج عاجي منفصل تمامًا عن حياة الشاب.
وللحب مكانته وقدره في ديننا، فهو حقيقة إنسانية واقعة بعيدًا عما أصابه من فكر خاطئ وفهم مغلوط، ورسولنا (- صلى الله عليه وسلم -) هو آية المحبين عندما قال عن خديجة - رضي الله عنه -: «إني رزقت حبها» لكن هذا الحب الذي اعترف به الإسلام، وجعل له قدره وشأنه، ليس هو ما نراه في الشوارع والطرقات، لقد تبدلت هذه العاطفة السامية، وصارت مرادفة لنداء الرغبة والشهوة والجنس الرخيص، وخرجت على حدود العلاقة التي قررها التشريع الإسلامي، ونظمها بين الرجل والمرأة في إطار الزواج.
ولقد كان هلاك بعض الأمم السابقة كاليونان والإغريق نتاجًا طبيعيًا لعدم مراعاة الضوابط الحاكمة للعلاقة بين الجنسين، والانغماس في الشهوات والترف والزنى.
في شراك الحب:
يؤكد الكاتب أن الشيطان لا ييأس من غواية ابن آدم، ويتدرج معه حتى يصل به إلى الفاحشة العظمى، وللعشق مراحل بعضها يسلم للآخر في خطوات هي: الاستحسان «بالنظرة المحرمة»، الإعجاب «تعلق قلبي»، الهيام والعشق، وهكذا أثمر الاستحسان والنظر فكرًا وانشغالاً، صادف قلبًا خاليًا فتمكن منه، وبذلك يصبح العاشق ذليل محبوبه.
لهذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده.
إن وقوع الفتى في حب الفتاة والعكس، وما يتبع ذلك من تجاوزات لا تأبه لخوف من إله أو رادع من ضمير، أو حساب لمجتمع له أسباب ودوافع عديدة يمكن إجمالها في:
(1) الجهل بالدين.
(2) قلة الحياء من الله - سبحانه - وتعالى -.
(3) غياب القدوة الصالحة عن الشباب.
(4) سوء التربية وانشغال الأب وغفلة الأم، بعد أن صارت الأسرة - إلا نادرًا - مكانًا للتعليم فقط لا للتربية.
(5) الصحبة الفاسدة: فكما يقول الشاعر
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
فللصحبة الصالحة آثار لا تنكر وللصداقة الفاسدة أضرار لا تخفى..
(6) الفراغ القاتل:
فإذا كان القلب فارغًا، فإنه يأمر الجوارح بكل خسيسة، ولذلك فإن شباب اليوم يعانى فراغًا عظيمًا على كل المستويات، فراغًا عقليًا، وفراغًا قلبيًا، وفراغًا نفسيًا.
(7) المثيرات الخارجية من أفلام ومسلسلات وأغان تشجع على الرذيلة، وتدفع للهيام، والتعلق بالمحبوب، ومن تبرج للنساء، وتعر فاضح، وهذا يستلزم وقفة من أولى الأمر لبث ما هو نافع لشبابنا، وفتياتنا، وما هو أجدى للأمة، ففي دراسة أجريت على 500 فيلم تبين أن 72% منها يتحدث عن الحب والجريمة والجنس.
كما أظهرت دراسة أمريكية أن 29.6% من أفلام الأطفال تتحدث عن الحب بمفهومه الشهواني الخاطئ.
(8) الاختلاط غير المنضبط والثقة المبالغ فيها بين الفتى والفتاة؛ لذا فقد أوصى بعض الباحثين بالفصل بين الجنسين، واعتبروه علاجًا لكثير من المشكلات الأخلاقية والاجتماعية.
العواقب والآثار:
ومن الطبيعي أن يثمر الفهم المغلوط لعاطفة الحب بين الفتيان والفتيات عواقب وخيمة تترك آثارها على الجميع، ومنها:
- الصد عن الحق والنفور منه.
- ظلام القلب وسواده.
- دنو الغاية وحقارة الهدف.
- عذاب القلب وشغله بمن يحب، وما في ذلك من صد عن ذكر الله.
- ضياع الوقت فيما لا يفيد.
- العمى عن العيوب.
- ضياع المال وتبديده فيما لا يحل.
- سخط الله، وغضبه لما فيه من معاداة أوامره، وارتكاب نواهيه.
- تلويث السمعة وضياع العرض بحلو الكلام، وجميل الحديث.
ويتساءل الكاتب على لسان كل فتى وفتاة: هل الحب حرام؟
والمقصود بالحب هنا تلك العلاقات الشهوانية الرخيصة بين الشباب والفتيات.
ويجيب بأن الميل ليس جريمة ولا نوعًا من الإفساد، ولا فسادًا ينكر، إنما الذي يرفضه الشرع هو تلك الشهوانية المفتوحة بلا ضابط، يحارب الدين تلك اللحظات التي تعقبها الآلام والحسرات، فإذا كان مراد الله من العلاقة بين الجنسين استمرار الحياة فإن ذلك لا يكون إلا بتنظيم محكم وضبط جيد لصور هذه العلاقات، كي تكون أداة بناء وعامل استقرار، وتأسيسًا على ما تقدم يتضح أن هذه العلاقة التي تسمى زورًا الحب ما هي إلا عشق منكر وحرام بيِّن لا خفاء فيه.
وينطلق تحريم هذه العلاقة من القاعدة الفقهية «سد الذرائع» فالذريعة هي الوسيلة؛ لذا حرم الله - تعالى - الخمر، وحرم الخلوة بالأجنبية سدًا لذريعة الزنى فكما حرم الله الزنى حرم كل وسيلة تدعو إليه.
سبل العلاج:
من رحمة الله بعباده أنه لم يخلق داءً إلا وضع له دواء، وداء العشق أو تلك العلاقة المستهترة بين الشباب والفتيات ليست بمنأى عن العلاج والإصلاح إذا أحسنت النفع بالنصائح والوصايا التالية:
- الزواج: إذا تيسر السبيل لذلك لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لم نر للمتحابين مثل النكاح».
- حسم الأمر قبل وقوعه: «ولا تقربوا الزنى»، «تلك حدود الله فلا تقربوها».
فمن المهم ابتعاد الشباب والفتيات عن دواعي الإثارة من نظر ولمس ولقاءات ومصافحة.
- تدبر الأمر وإشعار النفس بعيوب هذا المحبوب، وإيثار المصلحة التي تعرفها الأسرة أكثر من الشاب والفتاة في هذه المرحلة الحساسة من مراحل حياتهم.
- غض البصر عما حرم الله، فالنظر أساس الشرور، ورسول الشيطان للقلب.
- محاربة الفراغ وشغل الوقت بما ينفع في الدنيا والدين.
- استشعار عظمة الله - سبحانه -، وأنه مطلع عليك، وأن الملائكة والجوارح والأرض كلها شهود عليك أمام الله - سبحانه -.
- معرفة أن الجزاء من جنس العمل، وأن المرء السوي لا يرضى ذلك لأخته أو لأحد من ذويه.
وصدق القائل: عفوا تعف نساؤكم، وتجنبوا ما لا يليق بمسلم.
- تذكر وتدبر الأضرار الناجمة عن مثل هذه العلاقات من أضرار دنيوية مثل تشتت الذهن، وضعف الذاكرة، وسوء السيرة، والغم العظيم.
- تغير الصحبة والبحث عن رفقة الخير، والخوف على السمعة، والذكر الحسن بين الناس.
- قطع هذه العلاقة فورًا، والهروب من كل ما يقرب منها، والصبر على ذلك مع صعوبته في البداية.
«فمن صام عن الحرام في الدنيا أفطر على النعيم في الآخرة».
وفى الخاتمة فرأى علماء الاجتماع أن أبناءنا تأثروا بالمادية التي طغت على المجتمع، بينما ذهب أساتذة الإعلام إلى أن الإعلام يزيف الوعي، ويركز على القيم السلبية.
بينما يرى علماء الأخلاق أن أولادنا ضحيتنا، والدين هو قارب النجاة بما يدعو إليه من: إدراك الذات والغاية من الخلق، والالتزام والتسلح بقيم الدين ومثله، وتنمية الوازع الديني، ومجاهدة النفس، وتحقيق الأمن العاطفي في البيت، وتحقيق الحب المتبادل بين جميع أفراد الأسرة، والمتابعة، والتقويم المستمر في الوالدين لأبنائهما وقاية لهم من الوقوع في المحظور.
http://alzohur.masrawy.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(101/233)
اللاعن الصغير!
منال الدغيم 14/5/1424
14/07/2003
تلتمع عيناه الضاحكتان، وتتأرجح ضحكاته السعيدة، فتشعر بأن روحه بتلات وردة بيضاء، تندى بالطهر وتفوح بالنقاء، وهو يخطر في حلة الطفولة الحلوة العذبة!
لكن لطخة إثم مقيتة تعكر ذلك النقاء إذ يتلفظ فجأة بكلمة نابية كريهة أو لفظ شاتم شنيع، فيدنس بذلك إهاب الطفولة النقي، ويخنق في أخلاقه براعم الاحترام والمروءة الغضة.
إنه ليحز في النفس أن ترى الطفل لما يبلغ سن التمييز بعد، وهو يقذف بشتام يكسره ولا يقيم حروفه، فلا يجد من بعض الوالدين والأهل إلا ضحكا وتعجبا واستحسانا، حتى تراه يعاود الشتم مرة بعد مرة، ليصير ذلك ديدن لسانه وعادة كلامه، فيصعب بعد ذلك الإصلاح له، ويوقع أهله في الحرج الشديد، خاصة إذا ما وجه هذه الكلمات لأصدقاء أو غرباء، أو كبار في السن.
لا شك أولا أن الوقاية خير من العلاج، والطفل الذي جاء إلى الدنيا لا يعرف شيئا، إنه لم يقتنص هذه الكلمات النابية إلا بسماعه لأحد ما، خاصة إذا كانت تصب في مسمعه ليل نهار من أب غاضب، أو أم مرهقة، أو أخ غير مهتم، ومن زرع حصد.
وعلاج ذلك يعود إلى مرحلة الابن العمرية، فإذا كان في سنواته الأولى، فهَوِّلي من أمر صنيعه وشنعي فعله، وأبدي الأسف الشديد تجاهه إذ نطق بها.
في المرحلة التالية، استخدمي أسلوب الترهيب والترغيب، هدديه بالحرمان، ورغبيه في أمر يحبه، واهتمي كثيرا بتأسيس ركيزة دينية لهذه القضية في نفسه، بتخويفه من غضب الله والنار، وترغيبه في الجنة ووصف نعيمها له، وتقوية جانب الإحسان لديه بمراقبة الله عز وجل، كأن تقولين: إن الله يسمعك ويغضب لكلامك.
قربي شناعة الأمر لعقله بضرب الأمثلة الحسية، فهو في مرحلة لا يعرف بعد فيها تقدير القيم والأخلاق والمبادئ، فيحتاج إلى تشبيه وتمثيل، قولي له مثلا: كما تحب أن يكون ثوبك نظيفا، فليكن لسانك نظيفا أيضا، واحكي له قصصا تجسد كل مبدأ تودين أن تزرعيه في نفسه.
فيما بعد، قد تلاحظين استفزاز الطفل وعناده لك بنطق الكلمات النابية، فلا تبدي فورا التذمر والقلق له، فهو لا يريد إلا لفت نظرك وجذب اهتمامك إليه، فعليك إذن التنويع في أساليب مواجهتك لفعله غير السوي، تجاهليه يوما، وعظيه يوما، واحرميه يوما، وهكذا، كي لا يربط بين اهتمامك الشديد وتلفظه بهذه الكلمات أمامك.
إن حدث وسمع طفلك شخصا كبيرا يقذف بالكلمات الشنيعة وأبدى تعجبا، فوافقيه على إنكار ذلك، وركزي في نفسه أساسا بأن الحق أكبر من الجميع، وقد يقع في الخطيئة كل أحد، وحاولي أن تجعليه يستقل بشخصيته عن التقليد والتبعية إلا لمثل أعلى، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحذر من تبرير أخطائه بوقوع الناس في ذات الأمر.
نقطة مهمة! لا أنسى طفلة عذبة حزنت يوما على والدتها إذ حرمتها من شيء، فقالت غاضبة ببحة طفولية رائعة: الله يهديك! هكذا سمعت دعاء طيبا من في والدها أو والدتها إذا ما غضبا، فأعادته لما احتاجت إليه، فاملئي إذن لسان أطفالك بالحق والذكر والدعاء، كي لا تنشغل ألسنتهم النقية بالباطل والإثم
ـــــــــــــــــــ(101/234)
كيف تربين أبنائك على البر؟!
منال الدغيم 1/5/1424
01/07/2003
حين تلتقي عينا الأم لحظة بعيني وليدها الباسمتين فتترسم على ثغره أسرار بسمة عذبة، تصخب في قلب الأم بهجة عظيمة وسرور عارم، وتنهال من أعماقها دعوات صالحات لوالدها بالصلاح والهداية، وأن يجعله الله باراً بوالديه محسناً إليهما!
هذه الدعوات الطيبات، ودعوة الوالد لولده لا ترد، هي في الحقيقة إكليل يتوج كل خطوة نحو تربية الابن على بر والديه، والاعتراف بفضلهما، والإحسان إليهما، وبذل الوسع في القيام بحقهما..
في البدء، تذكري أن كل جهد تبذلينه، سيروح هباءً إن لم يعزز أركانه قدوة صالحة يقتفون آثارها، فكوني المبادرة باحترام والدهم، وكن أيها الزوج مظهراً لزوجتك التقدير والاهتمام، احرصي أمامهم على تلبية طلبات الأب دون تذمر، رحبي به عند دخوله، اسأليه عما يحتاجه، واجهري بالدعاء له بالبقاء على الطاعة، والعافية والجزاء الحسن.
عودي صغارك - منذ سن مبكرة- على السلام على والدهم منذ دخوله، وتحيته بحرارة، وتقبيل رأسه إجلالاً وإكراماً، وإظهار الفرح بمجيئه، لقنيهم عبارات الترحيب والإكرام والاحتفاء، ولا يبدأ أحد من أبنائك الأكل على سفرة الطعام حتى يبدأ والدهم، معللة ذلك بعظيم حقه عليهم، وجزيل ثواب الرب في الإحسان إليه، وكذلك لا يدخل أحدهم مكانا وهو يمشي أمامه، أو يجلس في صدر مجلس دونه، أو يبدي إزعاجاً ولعباً وقت نومه وراحته.
عوديهم على الشكر له إذا ما أحضر شيئاً، والثناء عليه، والدعاء له، وامتداح ذوقه، وتقدير جهوده وتعبه وكدحه في سبيل تحصيل الرزق، ولا يزل لسانك رطباً بذكر محاسن الأب دائماً، معترفاً بفضله، دائم الدعاء له بالتوفيق والحفظ والرعاية، واحذري من غيبة أبيهم وتنقصه وازدرائه، فإنه حينئذ لن يجني العقوق وجليد المشاعر وهباء التجاهل غيرك!
بالنسبة إلى علاقتك مع زوجك، قد تفلت من أفواه الزوجين عبارات تحتوي على تنقص الآخر والسخرية به مزاحاً ومداعبة، وهذا لا بأس به بين الزوجين -باحترام طبعاً-، لكن حذار حذار أن يكون ذلك أمام صغارك، فهم لا يدركون هدفه، وربما اجترأ أحدهم على والده تقليداً لك، أو على أقل تقدير زعزع ذلك من هيبته واحترامه في قلبه.
أيضاً لا يخلو بيت من خلافات، فإذا ما قدح أوارها، فأبقيها في غرفتكما ولا تخرج نفحة منها إلى أبنائكما، فالزوجين سرعان ما ينسيان المشكلة من أساسها، أما الصغار فتظل ذاكرتهم تحتفظ بالنظرات الحانقة والكلمات الحارقة، مما يوهن الاحترام لكما، ويضعف التقدير لحقكما!.
ـــــــــــــــــــ(101/235)
الأولاد نعمة وزينة وأمانة ومسئولية
الأولاد نعمة:
ـ من أعظم نعم الله على الإنسان في هذه الحياة نعمة الأولاد، فهم نعمة إلهية، وهبة ربانية، يختص الله بها من يشاء من عباده ولو كان فقيرا، ويمنعها عمن يشاء من خلقه ولو كان غنيا، قال - تعالى- : (لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير) "الشورى : 49، 5.".
وإذا أردت أن تعرف عظيم منة الله عليك بهذه النعمة فانظر إلى من حرمها كيف يحترق ويتمنى أن يرزق ولدا يملأ عليه دنياه فرحا وسروراً.
الأولاد زينة:
فهم زينة الحياة الدنيا، وهم زهرتها، يخففون عن آبائهم متاعب الحياة وهمومها، وجودهم في البيت كالأزهار في الحدائق، يضفون عليهن البهجة والسرور، تسر الفؤاد مشاهدتهم، وتقر العين رؤيتهم، وتبتهجح النفس بمحادثتهم، قال - تعالى- : (المال والبنون زينة الحياة الدينا) "الكهف : 46".
ـــ وهم بسمة الأمل، وأريج النفس، وريحان القلب، وهم أكبادنا التي تمشي على الأرض.
إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض، أو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمض.
الأولاد فتنة:
يقول - تعالى- : (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (التغابن : 15)، والافتتان بهم يحصل من وجوه منها :
ـــ أن الولد قد يحمل أباه على الكسب الحرام من اجله، فيجتهد في جمع المال من طريق الحرام من اجل ابنه.
ـــ ومنها : أن الولد قد يحمل أباه على البخل فيأتي الوالد كي يتصدق فيأتيه الشيطان ويقول له : ولدك أولى وأحق، فيمسك عن الإنفاق في سبيل الله من اجل ابنه.
ـــ ومنها أن الولد قد يحمل أباه على الجبن، يأتي الوالد كي يجاهد في سبيل الله فينظر إلى ولده فيفتن به ويتخلف عن الجهاد.
ـــ ومنها أن الولد قد يمرض مرضا شديدا، فيجزع والده حزنا عليه، فيحمله ذلك على الاعتراض على قدر الله وعدم الرضا بقضائه.
كما أن الأولاد قد يكونون سببا في أن ينشغل الأبوان عن ذكر الله، ولهذا حذرنا الله من الانشغال بهم عن ذكره، وعد من يفعل ذلك خاسرا فقال : (يا أيها الذين امنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) "المنافقون : 9"، بل إنهم قد يصبحون عدوا لآبائهم، قال - تعالى- : (يا أيها الذين امنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) "التغابن : 14".
الأولاد أمانة ومسئولية:
ـــ الأولاد أمانة عند الوالدين، كلفهما الله بحفظها ورعايتها، وأوصاهما بتربيتهم تربية صالحة في دينهم ودنياهم، وهم أولى الناس بالبر وأحقهم بالمعروف، والأبوان مسئولان بين يدي الله عن تربية أبنائهم، قال - صلى الله عليه وسلم - : (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع في بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسئولة عن رعيتها..) "متفق عليه".
ـــ وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - : أدب ابنك فانك مسئول عنه، ماذا أدبته وماذا علمته ؟ وهو مسئول عن برك وطواعيته لك.
فهل سيقوم الآباء بالحق الذي أوجبه الله تجاه أبنائهم؟
وهل سيحفظ الآباء هذه الأمانة التي حملهم الله إياها؟
وهل سيؤدي الآباء المسئولية التي كلفهم الله بها؟
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/236)
ورث حب القرآن عن والده فورثه لأبنائه
حوار:عز الدين فرحات 23/4/1424
23/06/2003
د.فوزي إبراهيم المليسي، طبيب أطفال من قرية (منصورية الفرستق) التابعة لمركز كفر الزيات محافظة الغربية بمصر،كان والده يحفظ القرآن الكريم، ويحرص على أن يحفظ أبناؤه القرآن كذلك ،ورث الدكتور فوزي هذا الحب عن والده ؛فورثه أبناءه حيث رزقه الله سبعة من الأبناء .
كيف كانت بدايتكم مع القرآن الكريم؟
كان والدي - رحمه الله - يحفظ القرآن، ولذلك حرص - رحمه الله - على أن ينال أبناؤه هذا الشرف العظيم، كنت ابنه البكر فأرسلني إلى كتّاب القرية منذ الصغر، وكان ذلك في السنة الرابعة أو الخامسة، وفي سن السادسة التحقت بالمدرسة الابتدائية بالقرية، فكنت منتظماً بالمدرسة ومنتظماً بالكتّاب، وكان شيخنا ومعلمنا - رحمه الله - يجلس لتعليم أبناء القرية والقرى المجاورة لنا من صلاة الفجر إلى ما بعد صلاة العشاء يومياً دون كلل أو ملل منه - رحمه الله- وكان برنامجي اليومي كالآتي: كنا بعد صلاة الفجر نذهب إلى الكتّاب لتغييب المقرر اليومي على الشيخ، وكان هذا في الوقت بين الفجر وبين دخول المدرسة حوالي الساعة والنصف، بعدها نذهب إلى المدرسة الابتدائية؛ لنأخذ حصص اليوم الدراسي، وبعد الانتهاء من المدرسة نعود إلى البيت؛ لتناول طعام الغذاء مباشرة، ونذهب إلى الكتّاب نكتب الجزء المقرر حفظه في اللوح الخشبي المعد لذلك، ثم نقوم بتصحيح ما كتبناه على الشيخ - رحمه الله- وبعد ذلك نقوم بحفظ الجزء الجديد ثم مراجعه ما سبق حفظه، فكنا كل يوم نحفظ جزءاً مقرراً مما سبق حفظه بالإضافة إلى الجزء الجديد، كان الشيخ - رحمه الله - يحدد لنا الجزء المراد مراجعته تبعاً لكمية الحفظ من القرآن الكريم، شريطة ألا يتعدى وقت المراجعة شهراً لمن أتم حفظ القرآن كاملاً، وكان هذا هو البرنامج اليومي بالنسبة لي، حتى أتممت حفظ القرآن كاملاً بفضل الله ومنته.
كم من الوقت استغرق ذلك ومتى أتممت حفظه ؟
كنا في الكتاّب نتعلم مبادئ القراءة والكتابة ومبادئ الحساب، ثم بعد ذلك حفظ القرآن، وقد استغرق ذلك حتى سن العاشرة والحادية عشرة من العمر.
0 هل يحفظ أبناؤك القرآن الكريم ؟ وكم كانت أعمارهم حين أتموا الحفظ؟
محمد أتم حفظ القرآن كاملاً في سن الحادية عشرة ، ونهى أتمت حفظ القرآن كاملاً في سن الثامنة ، وسمية عمرها الآن إحدى عشرة سنة، وتحفظ من القرآن ثمانية عشر جزءاً ، وإيمان عمرها الآن عشر سنوات وتحفظ من القرآن الكريم ثمانية عشر جزءاً، آلاء عمرها الآن سبع سنوات، وتحفظ من القرآن ثمانية أجزاء .
ما البرنامج الذي اتبعته مع أبنائك لحفظ القرآن؟
المتابعة اليومية، تصحيح جزء جديد كل يوم؛ حتى يستطيع الأبناء قراءة هذا الجزء الجديد قراءة جيدة، فكنت أبدأ لهم بقراءة الجزء الجديد المراد تصحيحه، ثم يقوم الأبناء بترديد الجزء خلفي، ثم يبدأ كل واحد منهم بقراءة الجزء الجديد بمفرده، وأقوم بتصحيح ما عنده من أخطاء، ويستمر الحال على ذلك حتى يجيد كل منهم قراءة الجزء الجديد قراءة جيدة لا خطأ فيها، ثم يقوم كل منهم بعد ذلك بحفظ الجزء الجديد ثم مراجعة جزء مما سبق حفظه.
ما دور الأم مع الأبناء في سبيل حفظ القرآن الكريم؟
دور الأم في هذا الأمر دور أساس، فقد كانت جزاها الله خيراً تقوم بعد التصحيح بمتابعة الأبناء في حفظ الجزء الجديد، وكذلك متابعتهم في مراجعة ما سبق حفظه.
نصيحة توجهها لمن يريدون حفظ القرآن الكريم؟
من يريدون حفظ القرآن من الكبار أنصحهم بصدق النية وصدق العزيمة، وليعلموا أنهم إنما يريدون شرفاً عظيماً، فليكونوا على مستوى هذا الشرف العظيم، كما أنصحهم بالمداومة اليومية على تصحيح الجزء الجديد المراد حفظه، وليكن ذلك على يد معلم، ثم المراجعة اليومية لما سبق حفظه، وخير العمل ما قل ودام عليه صاحبه، كما ندعو لهم بالتوفيق والسداد .
نصيحة توجهها للآباء الذين يريدون لأبنائهم حفظ القرآن الكريم؟
من تذوق حفظ القرآن من الآباء لا بد وأن يسعى جاهداً لأن ينال أبناؤه هذا الشرف العظيم، أنصح الآباء أن يصدُقوا في نياتهم وعزائمهم، وأن يكون عملهم خالصاً لوجه الله وابتغاء مرضاته، وحفظاً لأبنائهم من الضياع في الدنيا والخسارة في الآخرة، كما أنصحهم بالمداومة وحسن المتابعة، فقليل دائم خير من كثير منقطع، وإن كانوا هم المحفظين فبها ونعمة وإلا فليرسلوهم إلى يد معلم، وأنصحهم بالتفرغ ساعة يومياً للتحفيظ والمتابعة.
هل لديكم إضافة على ما سبق؟
أدعو الله أن يرحم أبي رحمة واسعة، كما أدعوه أن يرحم شيخي ومعلمي فضيلة الشيخ (عبد الحفيظ المداح) رحمة واسعة، فقد كانا سبباً في أن أنال هذا الشرف العظيم، وأذكر نفسي وإخواني بفضل القرآن العظيم، فقد قال عنه الأعداء، إن به لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثير وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه، إذا كانت هذه شهادة الأعداء في القرآن، فما بالك بقول الله - عز وجل- فيه؟ فقد قال الله تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الآية ، وقال تعالى (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) وقال تعالى ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) وقال تعالى ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) هذا بعض ما جاء في فضل القرآن العظيم، فهل بعد هذا من شرف يحرص عليه المسلم؟
نسأل الله أن ينفعنا بالقرآن، وأن يجعله لنا إماماً وحجة، وأن يجعله ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا إنه على ما يشاء قدير .
ـــــــــــــــــــ(101/237)
الأنماط السلبية في تربية الطفل
د.عبد الرحمن العيسوي
تتبع الأسرة عدة أنماط في تربية الطفل والتي تؤثر على تكوين شخصيته وهى:
النمط الأول: الإسراف في تدليل الطفل والإذعان لمطالبة مهما كانت.
أضرار هذا النمط:
1-عدم تحمل الطفل المسئولية.
2- الاعتماد على الغير.
3- عدم تحمل الطفل مواقف الفشل والإحباط في الحياة الخارجية حيث تعود على أن تلبى كافة مطالبه.
4- توقع هذا الإشباع المطلق من المجتمع فيما بعد.
5- نمو نزعات الأنانية وحب التملك للطفل.
النمط الثاني: الإسراف في القسوة والصرامة والشدة مع الطفل وإنزال العقاب فيه بصورة مستمرة وصده وزجره كلما أراد أن يعبر عن نفسه.
أضرار هذا النمط:
1- قد يؤدى بالطفل إلى الانطواء أو الانزواء أو انسحاب في معترك الحياة الاجتماعية.
2- يؤدى لشعور الطفل بالنقص وعدم الثقة في نفسه.
3- صعوبة تكوين شخصية مستقلة نتيجة منعه من التعبير عن نفسه.
4- شعوره الحاد بالذنب.
5- كره السلطة الوالية وقد يمتد هذا الشعور إلى معارضة السلطة الخارجية في المجتمع.
6- قد ينتهج هو نفسه منهج الصرامة والشدة في حياته المستقبلية عن طريق عمليتي التقليد أو التقمص لشخصية أحد الوالدين أو كلاهما.
النمط الثالث: النمط المتذبذب بين الشدة واللين، حيث يعاقب الطفل مرة في موقف ويثاب مرة أخرى من نفس الموقف مثلا.
أضرار هذا النمط:
1- يجد صعوبة في معرفة الصواب والخطأ.
2- ينشأ على التردد وعدم الحسم في الأمور.
3- ممكن أن يكف عن التعبير الصريح عن التعبير عن أرائه ومشاعره.
النمط الرابع: الإعجاب الزائد بالطفل حيث يعبر الآباء والأمهات بصورة مبالغ فيها عن إعجابهم بالطفل وحبة ومدحه والمباهاه به.
أضرار هذا النمط:
1- شعور الطفل بالغرور الزائد والثقة الزائدة بالنفس.
2- كثرة مطالب الطفل.
3- تضخيم من صورة الفرد عن ذاته ويؤدى هذا إلى إصابته بعد ذلك بالإحباط والفشل عندما يصطدم مع غيرة من الناس الذين لا يمنحونه نفس القدر من الإعجاب.
النمط الخامس:
فرض الحماية الزائدة على الطفل وإخضاعه لكثير من القيود ومن أساليب الرعاية الزائدة الخوف الزائد على الطفل وتوقع تعرضه للأخطار من أي نشاط.
أضرار هذا النمط:
1- يخلق مثل هذا النمط من التربية شخصا هيابا يخشى اقتحام المواقف الجديدة.
2- عدم الاعتماد على الذات.
النمط السادس: اختلاف وجهات النظر في تربية الطفل بين الأم والأب كأن يؤمن الأب بالصرامة والشدة بينما تؤمن الأم باللين وتدليل الطفل أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة والأخر بالطريقة التقليدية
أضرار هذا النمط:
1- قد يكره الطفل والده ويميل إلى الأم وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والده.
2- ويجد مثل هذا الطفل صعوبة في التميز بين الصح والخطاء أو الحلال والحرام كما يعانى من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما.
3- وقد يؤدى ميله وارتباطه بأمه إلى تقمص صفات الأنثوية.
من كتاب (مشكلات الطفولة والمراهقة).
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/238)
وقفات مع الامتحانات
د.ناصر بن يحيى الحنيني 16/4/1424
16/06/2003
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
أيها المؤمنون: يمر أبناؤنا الطلاب بموسم متكرر ، موسم الحصاد، وجني الثمار ، حصاد وجني ما قدموه من جهد في تحصيل العلم النافع ، الذي يعود عليهم أثره في الدنيا والآخرة بإذن الله إن خلصت فيه النيات، وحتى لا يتشعب الحديث نختصر الكلام في بعض الوقفات التي أسأل الله أن ينفع بها قائلها وقارئها ، وهي على سبيل الإجمال ما يلي :
الوقفة الأولى : أوصيك أيها الطالب الموفق ، وأنت أيها الأب المبارك ، والمعلم المسدد ، بل هي وصية الله للأولين والآخرين التي أوصانا الله بها في كتابه حيث قال : (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ) والتقوى إخواني هي سبب الفلاح والنجاح في كل أمورنا، وقد أوصانا بها نبينا الكريم r في كل أحوالنا؛ فقال r : "اتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"، ومعنى التقوى : أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية؛ باتباع أوامره واجتناب نواهيه، فهذا هو السر الحقيقي للتفوق والنجاح إذا ضممت إليه الأخذ بالأسباب ، فالله عزوجل وجل قد تكفل لمن اتقى أن ييسر أمره ويفرج همه، فقال سبحانه : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) ، وقال سبحانه : (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً).
الوقفة الثانية :في مثل هذه المواسم يتغير برنامج حياة البيت المسلم ،فينقلب البيت بعد الهزل واللعب إلى الجد والحزم ، وبعد العبث واللهو إلى الحرص والعمل ، وهذا أمر يفرح القلوب؛ لأنه مظهر إيجابي ، ونحن نطالب كل أب غيور صادق أن يجعل جزءًا من هذا البرنامج مستمراً بعد الامتحانات ، لماذا بعد الامتحانات؟ لأنه لا يصبح للوقت قيمة في بيوتنا، ولا للبرامج الجادة مكاناً في حياتنا، فعلينا بمراجعة أنفسنا، فنحن محاسبون أمام الله في وقت الامتحانات وقبلها وبعدها حتى نلقى الله ، فنسأل الله التسديد والتوفيق لكل خير.
الوقفة الثالثة: إن من المظاهر الجيدة والمواقف المسددة والمباركة ما يصنعه كثير من الآباء من قطع كل وسائل اللهو والعبث المحرم عن أبنائه وبناته أثناء فترة الامتحانات ، فالدش يغلق والغناء يسكت ، وكل ما يلهي ويغضب الله لا طريق له في بيوتنا؛ رغبةً في التوفيق وعدم الخذلان من رب العالمين ، وهنا تستيقظ الفطرة في قلوب كثير من الآباء والأمهات -وهو حق وخير، يجب أن نتواصى به في كل وقت- يستيقظ الإيمان في قلوبنا، ويصبح في قلوبنا يقين بأن الذي يوفق ويسدد ابناءنا هو الله، فينبغي عدم التعرض لما يغضبه، فيقوم الآباء والأمهات بتطهير البيوت من كل ما يغضب الله رغبة في ما عند الله، وحرصاً على عدم إنشغال أبنائهم فيما لا يرضي ، فيا أيها الأب المبارك والأم الحنون : اعلما بارك الله فيكما أن الله مطلع ويعلم ما تكن صدورنا وما توسوس به أنفسنا فالله الله أن يكون همنا شيئاً من أمور الدنيا، وننسى التوفيق والنجاح في الآخرة ، الحياة الباقية التي لا تقارن بنجاح الدنيا (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) ، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، وإن من الأمور السلبية التي يتعود عليها الأبناء أن يعلقوا مرضاتهم لربهم بالطمع بما في الدنيا. لنعودهم التقوى، والبعد عن الموبقات في كل حياتهم، في الامتحانات وغيرها حتى تصلح حياتهم، وتستقيم نفوسهم علي الخير وفقنا الله إياكم لما يحبه ويرضاه .
الوقفة الرابعة :إن مما يفرح قلب كل مؤمن إقبال الشباب على الصلاة والعبادة والمحافظة على صلاة الجماعة وخاصة صلاة الفجر في مثل هذه الأيام ، وهذا أمر يدل على وقور الإيمان في قلوبهم ونسأل الله لهم الثبات، ولكن لا يليق بك أخي أن تتنكر لربك وتترك عبادته بعد أن يمن عليك وينعم عليك ويسددك ويوفقك، و احذر من أن ينطبق عليك قول الله عزوجل : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ، فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) .
الوقفة الخامسة :لاتنس أخي الطالب وأنت أيها الأب المبارك اللجوء والتضرع إلى الله؛ فإن الله يحب من عبده كثرة الدعاء والإلحاح فيه، وهو من أعظم ما تتقرب به إلى مولاك ، وقد وعدك ربك بالإجابة إن أقبلت إليه بصدق (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ).
الوقفة السادسة :تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، أيها الطالب الموفق والأب المسدد ، لاشك أننا جميعا نحرص على التوفيق لنا ولأبنائنا، ولكن من الأسباب المهمة التي طالما نغفلها أن صلتنا بالله قد يشوبها شيء من الضعف في غالب أيام السنة، وقد تقدم شيء من ذكر بعض المظاهر؛ كالتقصير في تقوى الله ومراقبته، والبعد عما يسخطه، فحري بنا أن نعلم أن الله حكم عدل، ومن كانت صلته بالله قوية في كل حال فحري بأن يوفق ويسدد.
الوقفة السابعة:أيها الآباء...، أيها المربون والمعلمون ، هناك أمر نمارسه مع أبنائنا والدافع هو الحرص عليهم، ولكنه يعود في الغالب بالضرر عليهم، وهو تهويل وتضخيم أمر الامتحانات بشكل غير معقول، بحيث تصبح الامتحانات عند كثير من الطلاب والطالبات شبحاً وكابوساً، يراد له أن ينتهي بأية صورة، ولا أدل على ذلك ما نراه من النفسية المتردية لدي كثير من الطلاب -والطالبات على وجه الخصوص- من ظهور القلق والارتباك وعدم التركيز وقلة النوم ، بل الاضطراب، وبعضهم يدخل المستشفى من شدة ما يجد، بل إن حالات الإغماء في قاعات الامتحانات في مدارس البنات أصبحت أمراً مألوفاً، وهذا أمر لابد أن نعالجه بالأمور التالية:
أولاً: لنرسخ في أبنائنا أن الامتحانات أمرها هين، وأنها مرحلة عادية كغيرها من المراحل، وذلك بالتوجيه والحوار المستمر مع أبنائنا سواء من قبل الأب أو المدرس ، وأذكر إخواني المعلمين بأنه قبل توزيع الأسئلة، بل حتى قبل دخول الامتحانات أن يخاطبوا الطلاب بلهجة تبعث في نفوسهم التفاؤل والأمل، والبعد عن العبارات التي تبعث على التشاؤم والإحباط، كالتهديد المستمر لهم بالرسوب والعقاب ، أو بالتوبيخ لهم دائماً بأنهم لا يفهمون؛ فإن هذا مخالف لهدي نبيكم أولاً ، ومخالف لأسس التربية الحديثة ثانياً.
ثانياً : لنرسخ في قلوب أبنائنا أن هذه الامتحانات ليست المحطة النهائية ولا الرئيسية في حياة المسلم، وأن الخسارة الحقيقية في ترك مرضاة الله والتعرض لسخطه وخسران الآخرة والجنة، كما قال سبحانه: (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ).
ثالثاً :ليكن لك أيها الوالد المبارك جولات متفرقة تمر بها على ابنك وابنتك فتشد من أزرهما بالكلمات الحانية، وبالتلطف معهما والبشاشة تعلو محياك مع خلطها بشيء من المزاح والضحك الذي يبعث في قلوبهم الأمن، ويخفف عنهم الوطأة، ولا تنس عبارات الثناء والتشجيع والتأكيد بأن النجاح حليفهم بإذن الله .
الوقفة الثامنة والأخيرة :
أيها الطالب الموفق: سوف أهدي لك بعض النصائح وبعض التحذيرات على وجه الاختصار، فأرجو أن تنال حيزاً في قلبك وعقلك، وأسأل الله أن ينفعنا ويوفقنا وإياك للعلم النافع والعمل الصالح .
1ـ احرص على بر والديك، وطلب الدعاء منهم قبل الامتحانات، وأثناء الذهاب للامتحان، وبعد الامتحان .
2ـ احرص على النوم مبكراً، وأعط لنفسك قسطاً من الراحة، ولو لم تنته من مراجعة المنهج؛ لأن الاستيعاب واستحضار المعلومات متوقف على راحة الدماغ والجسد عموماً.
ثالثاً : إياك والقلق وعدم الثقة بنفسك، ولا تجعل لوساوس الشيطان عليك سبيلاً ، أو الخواطر السيئة على قلبك؛ مثل: التفكير المستمر بالفشل، وعدم النجاح، ونحو ذلك، وليكن التفاؤل حاديك في كل أعمالك.
رابعاً :احذر مصاحبة الكسالى وأهل الباطل، واربأ بنفسك عن مجالستهم، وخاصة أهل المعاصي والموبقات، وأعلم أن من أقل أضرار المعصية عدم التوفيق في أمورك كلها.
قد رشحوك لأمر لو فطنت له ... ...
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
خامساً :احذر من الغش، واعلم أنها حيلة العاجزين وطريق الفاشلين وصفة قبيحة لا تليق بالمؤمنين، كيف لا؟ والنبي r يقول "من غشنا فليس منا" كيف ترجو السداد والنجاح ونبيك يتبرأ منك؟ - نسأل الله السلامة والعافية-، وإنني أخاطب الطلاب والمدرسين على حد سواء، بل حتى الآباء فإن التقصير في مسؤولياتنا تجاه أبنائنا هو نوع من الغش ، وأنت أيها المدرس: صن الأمانة التي ألقاها الله على عاتقك بحفظ سر الأسئلة فإياك أن تفرط في هذه الأمانة، وتذكر قول ربك: (يا أيها الذين آمنو لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم) .
وأرجو أن تكون من قبيل الإشاعات ما نسمعه من تسريب الأسئلة، خاصة عند من يدرسون الدروس الخصوصية في البيوت مقابل دراهم معدودة، ويكون المقابل هو ضياع الأمانة!.
سادساً :إذا دخلت صالة الامتحان فأكثر من ذكر الله وتبرأ من حولك وقوتك، ولا تغتر بحافظتك أو جهدك، وتوكل على ربك، واقرأ الأسئلة بهدوء ودون عجلة، ولا تفكر فقط بأن تنهي الأسئلة؛ بل عليك بالتأني والهدوء والمراجعة، فإنها من أهم أسباب الإجابة الصحية.
سابعاً : كلمة أهمس في بها في أذنيك، أخي الطالب، سمعت -وأرجو ألا يكون ما سمعته صحيحاً- أنك تمارس بعض ما لا يليق بعد خروجك من الامتحان أهكذا يكون شكر النعمة ، أهكذا يتصرف العقلاء ، أخي الطالب إربا بنفسك عن مثل هذه الأعمال
ـ العبث بالسيارة و"التفحيط" والتهور والسرعة القاتلة، وغالباً ما تكثر المصائب، نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا بعد الامتحان.
ـ التسكع عند مدارس البنات ومضايقتهن أثناء خروجهن، وإنني أهيب بالطلاب أن يتقوا الله، ويتذكروا بأن الله مطلع عليهم، وليعلموا أن لهم أخوات وأعرض، والجزاء من جنس العمل .
أوجه نصيحة للآباء والأمهات والمدرسين ومدراء المدارس والمعلمات بأن يتقوا الله، وأن يلاحظوا الطلاب والطالبات وقت خروجهم، ويوجهوهم، وأن يتعاونوا مع رجال الهيئة ورجال الأمن في إرشادهم، وأن يتواصلوا مع أولياء الأمور في ذلك، والله الحافظ والمعين والموفق والمسدد.
أيها المؤمنون لنتذكر دائماً قول الله عزوجل ( وما بكم من نعمة فمن الله) فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
ـــــــــــــــــــ(101/239)
ذلك " الشبح " المخيف .. الامتحان!
أحمد المقبل 9/4/1424
09/06/2003
ورد سؤال من أحد الطلاب يشكو فيه من رهبة الامتحان يقول فيه:
السؤال :
أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، وكما تعلم الاختبارات على الأبواب، مشكلتي تكمن في أيام الاختبارات حيث الشبح المخيف ليس لصعوبة الاختبارات وإنما لصعوبة التحكم في أعصابي، إذ أفقد كثيراً من الوقت لتشتت الذهن وصعوبة الموقف. آمل من سعادتكم إشارات ونصائح لي ولغيري من الطلبة بشأن هذا الموضوع.
أجاب الأستاذ / أحمد بن علي المقبل مشرف نافذة الاستشارات بموقع الإسلام اليوم بقوله:
أخي الكريم أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما عن استشارتك حول الامتحانات والمخاوف المتعلقة بها، وكيفية الاستعداد لها ؛ فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً : استعن بالله وتوكل عليه والجأ إليه بالدعاء بطلب التوفيق والعون، والله تعالى قريب مجيب.
ثانياً : كن متفائلاً بقوة بأنك ستحقق النجاح والتوفيق، واحذر بشدة من (التفكير السلبي)، أو الرسائل السلبية حول (الفشل) وصعوبة المنهج واستحالة النجاح! وغيرها من الأفكار الخطيرة جداً؛ فمثل هذه الأفكار تعتبر رسائل سلبية ينتج عنها - غالباً - إخفاق وفشل بعكس (الأفكار الإيجابية) المبنية على الثقة والنجاح والتوفيق.
ثالثاً : لا يعني ذلك التوقف عند مجرد التفكير الإيجابي وصناعة الأحلام؛ بل لابد من فعل الأسباب المتمثلة في تنظيم الوقت بطريقة معقولة، تراعي فيها تقسيم وقتك بين الدراسة الجادة واستقطاع بعض الوقت للراحة بين كل فترة وأخرى، والبدء بالمواد الدراسية حسب أهميتها، (ووضع جدول للمذاكرة يعتبر خطوة ضرورية وهامة جداً).
رابعاً : اختيار المكان المناسب للمذاكرة أمر ضروري للحصول على أفضل النتائج بعون الله، واحرص فيه على توفر أمور ضرورية جداً ، وهي :
1-النظام في وجود الأشياء من حولك أثناء المذاكرة؛ لأن ذلك يمنحك إحساساً بالارتياح وهدوء الأعصاب.
2-الجلوس المناسب؛ لأن الجلوس المناسب والمريح يضمن لك وضعاً صحياً لأطول فترة من الجلوس، ولكن تنبه إلى أن الراحة الزائدة أثناء الجلوس قد تبعث على الخمول والكسل! فحاول أن تغير من نمط جلستك بن فترة وأخرى.
3-التهوية المناسبة؛ وهذا أمر ضروري لإنعاش الذهن والقدرة على التركيز.
4-الإضاءة المناسبة.
خامساً : يخطئ البعض فيتصور أن كثرة السهر تعني الجدية في الدراسة، وهذا الأمر ليس على إطلاقه؛ إذ أن الأولى الموازنة بين احتياج الجسم للراحة التي تعين - بعد عون الله - على الاستيعاب وبين احتياج الطالب للوقت الكافي للمذاكرة، والإنسان عموماً أعرف بظروفه الخاصة والمناسبة له، ولكن أؤكد هنا على أهمية أن ينال الجسم حقه الكامل من الراحة، ولعل الفترة التي تعقب صلاة الفجر هي من أثمن الأوقات وأحسنها للمذاكرة، حيث يكون الجسم في أحسن حالاته الاستيعابية، وكذلك الوقت " بورك لأمتي في بكورها" .
كيفية المذاكرة
(1) أثناء المذاكرة حاول أن تسترجع في ذهنك كل العناصر والموضوعات التي درستها وتعلمتها طوال فترة الدراسة، وقم بحل الأمثلة المطروحة لها، واستعن في ذلك بملاحظاتك سواء في كراستك الخاصة أو كتابك المدرسي، وضع لك نماذج افتراضية، وقم بالإجابة عنها.
(2) أما أثناء الإجابة على ورقة الاختبار فابدأ بذكر الله، ثم اقرأ ورقة الأسئلة جيداً، وحدد السؤال الذي ستبدأ بالإجابة عنه، ويفضل دائماً أن يكون الأسهل حتى ولو كانت درجاته قليلة؛ لأن ذلك يمنحك المزيد من الثقة والاستفادة من الوقت.
(3) إذا كانت هناك أسئلة صعبة أو تحتمل أكثر من إجابة فاتركها حتى تنتهي من بقية الأسئلة، ثم ابدأ بها مستعيناً بالله، واقرأ السؤال جيداً، وحاول أن تتفاعل مع السؤال وتسترجع بعض النماذج المشابهة التي مرت عليك أثناء الدراسة أو المذاكرة.
(4) لا تترك أي سؤال- مهما كانت صعوبته-؛ لأنك تستطيع بإذن الله اقتناص بعض الدرجات من بعض الأسئلة الصعبة، حتى ولو لم تستطع استكمال حل معظم المسائل، فكل خطوة صحيحة تقوم بها في حل أي مسألة تسجل بها بعض الدرجات لصالحك.
(5) بعد الانتهاء قم بمراجعة الورقة مرة واثنتين، واستكمل النقص - إن وجد- ولكن لا تتسرع في تغيير أي إجابة إلا بعد التأكد من خطئها .
(6) بقي أن أذكرك بأمر هام جداً، وهو أن المذاكرة والاستعداد للاختبار تمر بثلاثة مراحل وهي مرحلة الاستذكار، ثم الاستيعاب، وأخيراً الاسترجاع، وكل مرحلة تنبني على ما قبلها سلباً أو إيجاباً؛ فإجادتك لكل مرحلة سيسهل لك إجادة ما بعدها، وهكذا.
(7) أما الرهبة من الاختبار فهي شعور طبيعي وإحساس شائع بين الطلبة؛ فتعامل معه بشكل عادي، ولا تحمله أكثر مما يحتمل، واجعله حافزاً لك للتفوق وبذل الجهد.
(8) مرة أخرى؛ قبل هذا وبعده الدعاء الصادق، وطلب المعونة والتوفيق من الله، وقراءة الورد أثناء خروجك من المنزل متوجهاً لمدرستك، ثم خذ نفساً عميقاً واذكر الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
وكن واثقاً أنك قد بذلت جهدك، وأن التوفيق بيد الله ، ولا يؤثر عليك إخفاقك في أحد المواد -لا قدر الله-؛ فتتساهل فيما بعدها، ولا تعطيها حقها من الاستعداد
الأسرار النفسية للاختبارات
حوار: عز الدين فرحات 8/4/1424
08/06/2003
الأستاذ الدكتور/ علي أحمد سيد مصطفى أستاذ علم النفس المشارك بكلية البنات بالرياض في حوار مع الإسلام اليوم حول كيفية مواجهة الطالب للاختبارات والنصائح التي تعين الطالب على تجاوزها بتفوق ونجاح
1- ما النصائح النفسية التي توجهونها للطالب قبيل وأثناء الامتحانات ليحقق التفوق والنجاح؟
ينبغي على الطالب قبيل الامتحان أن يركز على مهارات تخزين المعلومات Information Storge واسترجاعها، وهو ما يستتبع معرفة النشاطات والعلميات الذهنية، وأساليب التعلم ومهارات الاستذكار والتعلم والتحكم الذاتي.
وقد أرجع العديد من الباحثين الصعوبات المتعلقة بالفهم والانتباه إلى خصائص ما وراء المعرفة، أي كيف نتعلم؟
وكيف إنه لكل فرد منا طريقة أو استراتيجية للتعلم تختلف عما يمارسه للغير.
ويصل الفرد لدرجة الوعي بإمكاناته ومهاراته الدراسية من خلال الملاحظة الذاتية لذاكرته.
2- ما المهارات التي ينبغي أن يراعيها الطالب قبيل الامتحان ؟
- أهم تلك المهارات :
01 تكوين مجموعة من الأسئلة يطرحها الطالب على نفسه قبل قراءة النص، وأثناء القراءة وبعد القراءة، مما يجعل الطالب أكثر اندماجا مع المادة المقروءة، وقد أظهرت نتائج تطبيق تلك الطريقة أو الاستراتيجية إلى زيادة الاتجاهات المعرفية الحميدة.
02 البدء بعد قراءة النص أو المادة المطلوب استيعابها بتحديد الفكرة الرئيسية في النص.
03 أهمية القيام بعمليات عقلية مثل (تركيز الانتباه) المرتبط بفهم ما يتم قراءته، أو معرفة معناه كسبيل لتحديد الأفكار الرئيسية أو تفسير النص واستنباط النتائج.
04 أهمية ممارسة أساليب التقييم الذاتي لمعرفة مدى التقدم أثناء التعلم قبل الامتحان ويتم ذلك من خلال استخدام الورقة والقلم والتسميع والاستنباط الذاتي للمادة المقروءة.
3- كيف يحقق الطالب هذه المهارات في نفسه؟
لابد للطالب حتى يدعم مهارات الاستذكار لديه من توافر شروط من أهمها:
01 أن يتحول الهدف من مجرد النجاح في المادة إلى هدف معرفي في إطار من حب لتلك المادة، بما يحولها من مادة مفروضة إلى مادة مختارة ومحببة.
02 يستتبع ذلك أن لا يشكل الامتحان العقبة في اجتياز تلك المادة بلا خوف، وإنما يتم بشكل إبداعي متميز.
03 الثقة بالنفس وبالقدرات الذاتية، وتوظيفها كمدخل لاستيعاب جيد.
04 التدريب الموزع أفضل من التدريب أو الاستذكار المستمر بما يشتت الجهد والانتباه.
05 تجريب أكثر من استراتيجية ( طريقة أو خطة) محددة لتنمية مهارات الاستذكار، والأخذ بالأفضل سواء كانت القراءة الجهرية أو القراءة الصامتة أو باستخدام الورقة والعلم.
4- هذا قبيل الاختبارات فماذا عن فترة الامتحانات ؟
لا شك أن مهارة أداء الامتحان قدرة تختلف من طالب لآخر، وإن الذكاء والخبرة لهما دور مؤثر في تدعيم تلك المهارة أو القدرة ، وأهم تلك النصائح:
01 عمل جدول عكسي في الأيام التي تسبق الامتحان بمعنى البدء بآخر مادة في الجدول، وصولاً إلى أول مادة في الجدول المعلن للامتحان.
02 أن الليلة التي تسبق امتحان أية مادة لها دور حاسم في جمع المادة كلها بشرط التركيز المختصر للنقاط الجوهرية بقليل من الحفظ لرؤوس الموضوعات، وفهم بقية أصولها الأخرى .
03 البدء ببسم الله الرحمن الرحيم قبل قراءة ورقة الأسئلة .
04 مراعاة أن زمن الاختبار موزع على عدد الأسئلة، لذلك لا بد من البدء بقراءة ورقة الأسئلة وتوزيع نسب للزمن على عدد الأسئلة.
05 أهمية قراءة ورقة الأسئلة كلها بصورة كاملة ثم البدء بالسؤال الأسهل ثم الأصعب وذلك وفقاً للوقت المتاح.
06 ضرورة الإجابة على الأسئلة المطلوبة فقط دون زيادة أو نقصان، كما يمكن لتفادي السهو وضع علامة ( ) بجوار السؤال الذي تم الانتهاء من إجابته.
07 فهم السؤال قبل الإجابة يوازي 50% من الدرجة المحددة له، لذا ينبغي التمهل قبل البدء بالإجابة حسب الزمن المحدد للاختبار.
08 طرح الأفكار السلبية قبل الامتحان أو أثناء الأداء، مثل فقد الثقة بالنفس أو الاعتقاد الخاطئ بأن كل ما سبق مذاكرته قد مُحي من الذاكرة، وهذا اعتقاد خاطئ، حيث ثبت إنه بمجرد البدء بالإجابة وعن سابق استيعاب جيد، يتم بعدها تداعي جديد ومتسلسل للإجابة.
09 مراجعة ما تم إجابته قبل تسليم ورقة الإجابة تفادياً للسهو أو عدم الدقة والإتقان.
5- ينصح البعض أحيانا بعض الأطعمة الخاصة أثناء فترة الاختبارات مامدى صحة هذه النصائح ومدى فاعليتها؟
نعم لها قدر كبير من الصحة والفاعلية، فينبغي الاهتمام بالماء والغذاء الجيد، وقد أثبتت الأبحاث أن المخ يفقد الماء أكثر من أي عضو آخر في الجسم والكمية المناسبة يومياً تتراوح ما بين 1.5-2 لتر يومياً مما يساعد على تنشيط عمليات المخ وأدائه بصورة جيدة، كما ثبت أن الإشارات الناقلة للتعليمات إلى جميع أجزاء الجسم عبر شبكة الأعصاب تتم بواسطة مواد كيميائية تسمى الناقلات العصبية، والتي يلعب الغذاء الذي نتناوله دوراً مهماً في تكوينها، وبالتالي يزداد النشاط الذهني والاستيعاب بشكل جيد.
ومن أهم العناصر الغذائية لهذه المهمة عنصر الكولين والذي يحسن القدرة على التركيز والتحصيل، ويوجد الكولين في صفار البيض والحبوب والخضروات، إضافة إلى أهمية المنجنيز كما في البقوليات وفيتامين "ب" المركب، والحديد الذي يوجد في الكبد واللحم والعسل والأسود والفواكه، والفسفور لدعم الذاكرة والذي يتوفر في الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات الطازجة والتمر.
وأخيراً اليود الذي ينشط من فاعلية الجهاز العصبي ويتوفر في الأسماك بأنواعها خاصة البحرية منها، ولا ينسى عسل النحل والذي تعم فوائده وتحسن من أداء نشاط المخ والذاكرة والتي تهم الطالب قبل وأثناء الامتحان
عود ابنك القراءة!
د.مصطفى أبو سعد 18/3/1424
19/05/2003
في زمن ارتفع فيه صوت التلفزيون والأجهزة المرئية المختلفة ، وتراجع فيه دور القراءة .. وما وصل الآخرون وما تقدموا إلا عن طريق القراءة فما يقدم بالأجهزة المرئية سطحي للغاية ولا يفي بالغرض المطلوب؛ من ترسيخ للقيم والثقافة وإثراء للملكات.
ولا شك أيضا أن الكتاب أصبح في متناول الجميع ، لذا وجب على كل أب وكل ومربٍ أن يعمل على تنمية ملكة حب القراءة لابنه ، وأن يساعده على اختيار ما يقرأ بما يتناسب مع عمره ومقدرته على القراءة.
ابدأ أولا بإعطاء ابنك كتابا سهلا ومسليا ، ثم تدرج في مستوى الكتاب إلى الثقافي الذي يستطيع من خلاله التزود بالعلم والثقافة ، وعليك أن تجهز له مكتبة صغيرة خاصة به يضم فيها جميع كتبه ، وكما تقدم إليه هدية مع كل عمل جيد يأتي به أيضا اجعل من الكتاب هدية تقدمها له كلما فاز أو نجح .
تناقشا مع طفلكما كل ما يقرأ . ماذا قرأ وماذا أعجبه وماذا استفاد مما قرأ ؟
ومن خلال تلك المناقشات يستفيد الطفل الكثير والكثير فينشأ مثقفا مطلعا واثقا بنفسه محصنا من الوقوع في العادات الضارة.
يقال بأن تعليم الطفل وتهذيبه يعني أنك تقوم بتأهيل رجل للمستقبل، وهذه الخطوة لا تتم عن طريق الصدفة أو مجرد كلمة تقال، وإنما خطوات ومراحل تستمر بصورة منتظمة لنيل النتائج.
وأول المرحلة هي المدرسة، ومدى التعاون مع الأسرة. فالأسرة لها مسؤوليتها بجانب المدرسة، من خلال اللقاءات الدورية، وتفهم طبيعة الطفل، ليكون هناك حوار مفتوح بين الأسرة والمدرسة.
أما أبرز الاهتمامات التي يجب تناولها في هذه الاجتماعات واللقاءات: مستوى الدراسة، حالته النفسية، طرق التعلم والتدريب.
هذه الأمور الثلاثة ، لها دورها في تربية الطفل وتنشئته نشأة جيدة ناجحة.. فالدراسة أول ما تهتم به الأم لتكون صديقة وزميلة لطفلها، بتقديم التوجيهات وتعليمه. أما أفضل الأوقات للمذاكرة في المنزل، فهو ما يلحق عودته من المدرسة، ولكن هناك بعض الأمهات اللاتي يرغمن الطفل على الدراسة في المساء، عندما يكون مسترخيا، غير قادر على التركيز.
ويؤكد المدرسون على أن جو الدراسة يجب أن يعيشه الطفل في المنزل، بعمل مكتبة خاصة به، وكأنه في الفصل، ذلك يزيد من رغبته في الدراسة، ويقضي وقتا طويلا دون أن يشعر بالملل والتعب مع التركيز على الإضاءة كما أن ذلك يعطي الطفل تفهما أكبر، وفرقا بين وقت الدراسة ووقت اللعب والتسلية.
لا يعني وقت المذاكرة أن تقومي بحل وعمل الواجبات المدرسية، وإنما التوضيح ومساعدته على المذاكرة وغالبا ما تقع الأمهات في خطأ، بأن تقوم بعمل الواجبات، لتضيع فرصة الدراسة من الطفل، وهكذا تستمر معه، ليتحول إلى إنسان اتكالي.
حاول تنظيم الوقت جيداَ، مابين اللعب والتسلية، ومابين الدراسة والراحة... وجه له أسئلة عدة لاختبار ذاكرته، ومدى قدرته على الاستيعاب.
وعند نجاحه لما يقوم به من نتائج جيدة، ابدأ بتشجيعه مباشرة من خلال اتباع إحدى
الخطوات التالية:
شارك الطفل وقت اللعب.
فتح حوار ومناقشته في أمور بسيطة حسب إمكاناته وقدراته الذهنية.
حاول أن يقضي الطفل وقتا كافيا من الراحة، ومن ساعات النوم أيضا.
تقديم وجبات غذائية متوازنة، وعدم إهمال الناحية الصحية.
عمل جدول يومي للدراسة، والمراجعة في المنزل.
يجب إعداد حقيبته المدرسية في المساء وقبل الذهاب للمدرسة لعدم نسيان أي شيء.. كما أن ذلك يشجع الطفل ويشعره بأنك مهتم به.
ـــــــــــــــــــ(101/240)
أساليب التربية 1 / 2
ليلى الجريبة
للتربية أساليب متعددة، منها:
أولاً: التربية بالملاحظة:
تعد هذه التربية أساساً جسَّده النبي - صلى الله عليه وسلم - في ملاحظته لأفراد المجتمع تلك الملاحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد، والمقصود بالتربية بالملاحظة ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقدي والأخلاقي، ومراقبته وملاحظته في الإعداد النفسي والاجتماعي، والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي، وهذا يعني أن الملاحظة لا بد أن تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية.
ويجب الحذر من أن تتحول الملاحظة إلى تجسس، فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز ونحاسبه على هفوة نجدها؛ لأنه لن يثق بعد ذلك بالمربي، وسيشعر أنه شخص غير موثوق به، وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من الأشياء عند أصدقائه أو معارفه، ولم يكن هذا هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في تربيته لأبنائه وأصحابه.
كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان؛ لأن الطفل وبخاصة المميز والمراهق يحب أن تثق به وتعتمد عليه، ويحب أن يكون رقيباً على نفسه، ومسؤولاً عن تصرفاته، بعيداً عن رقابة المربي، فتتاح له تلك الفرصة باعتدال.
وعند التربية بالملاحظة يجد المربي الأخطاء والتقصير، وعندها لا بد من المداراة التي تحقق المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى الطفل، والمداراة هي الرفق في التعليم وفي الأمر والنهي، بل إن التجاهل أحياناً يعد الأسلوب الأمثل في مواجهة تصرفات الطفل التي يستفز بها المربي، وبخاصة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة، حيث يميل الطفل إلى جذب الانتباه واستفزاز الوالدين والإخوة، فلا بد عندها من التجاهل؛ لأن إثارة الضجة قد تؤدي إلى تشبثه بذلك الخطأ، كما أنه لا بد من التسامح أحياناً؛ لأن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربوية والنفسية.
ثانياً: التربية بالعادة:
المبحث الأول: أصول التربية بالعادة:
الأصل في التربية بالعادة حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن الصلاة؛ لأن التكرار الذي يدوم ثلاث سنوات كفيل بغرس العبادة حتى تصبح عادة راسخة في النفس، وكذلك إرشاد ابن مسعود - رضي الله عنه - حيث قال:"وعودوهم الخير، فإن الخير عادة"، وبهذا تكون التربية بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها، بل تشمل الآداب وأنماط السلوك.
المبحث الثاني: كيفية التربية بالعادة:
ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية.
يبدأ تكوين العادات في سن مبكرة جداً، فالطفل في شهره السادس يبتهج بتكرار الأعمال التي تسعد من حوله، وهذا التكرار يكون العادة، ويظل هذا التكوين حتى السابعة، وعلى الأم أن تبتعد عن الدلال منذ ولادة الطفل، ففي اليوم الأول يحس الطفل بأنه محمول فيسكت، فإذا حمل دائماً صارت عادته، وكذلك إذا كانت الأم تسارع إلى حمله كلما بكى، ولتحذر الأم كذلك من إيقاظ الرضيع ليرضع؛ لأنها بذلك تنغص عليه نومه وتعوده على طلب الطعام في الليل والاستيقاظ له وإن لم يكن الجوع شديداً، وقد تستمر هذه العادة حتى سن متأخرة، فيصعب عليه تركها، ويخطئ بعض المربين إذ تعجبهم بعض الكلمات المحرمة على لسان الطفل فيضحكون منها، وقد تكون كلمة نابية، وقد يفرحون بسلوك غير حميد لكونه يحصل من الطفل الصغير، وهذا الإعجاب يكون العادة من حيث لا يشعرون.
وترجع أهمية التربية بالعادة إلى أن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين، الأول: الطبع والفطرة، والثاني: التعود والمجاهدة، ولما كان الإنسان مجبولاً على الدين والخلق الفاضل كان تعويده عليه يرسخه ويزيده.
ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية.
ثالثاً: التربية بالإشارة:
تستخدم التربية بالإشارة في بعض المواقف كأن يخطئ الطفل خطأ أمام بعض الضيوف أو في مَجْمَع كبير، أو أن يكون أول مرة يصدر منه ذلك، فعندها تصبح نظرة الغضب كافية أو الإشارة خفية باليد؛ لأن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معانداً؛ لأن الناس ينظرون إليه، ولأن بعض الأطفال يخجل من الناس فتكفيه الإشارة، ويستخدم كذلك مع الطفل الأديب المرهف الحس.
ويدخل ضمنه التعريض بالكلام، فيقال: إن طفلاً صنع كذا وكذا وعمله عمل ذميم، ولو كرر ذلك لعاقبته، وهذا الأسلوب يحفظ كرامة الطفل ويؤدب بقية أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم المربي.
رابعاً: التربية بالموعظة وهدي السلف فيها:
تعتمد الموعظة على جانبين، الأول: بيان الحق وتعرية المنكر، والثاني: إثارة الوجدان، فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه، وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها؛ لأن النفس فيها استعداد للتأثر بما يُلقى إليها، والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه.
ومن أنواع الموعظة:
1- الموعظة بالقصة، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه، وهو أكثر الأساليب نجاحاً.
2- الموعظة بالحوار تشد الانتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيوياً، وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة.
3- الموعظة بضرب المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم.
4- الموعظة بالحدث، فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربوياً، كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم الله، ويؤثر هذا في النفس؛ لأنه في لحظة انفعال ورِقّة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد.
وهدي السلف في الموعظة: الإخلاص والمتابعة، فإن لم يكن المربي عاملاً بموعظته أو غير مخلص فيها فلن تفتح له القلوب، ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه، كما أنه يحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسية ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس، وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ لأنه في تلك الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأباعد فلا يحقق الفائدة.
ويجب أن يَحْذَر المربي من كثرة الوعظ فيتخوَّل بالموعظة ويراعي الطفل حتى لا يملّ، ولأن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الأوقات.
للتربية أساليب متعددة، منها:
1- التربية بالملاحظة.
2- التربية بالعادة.
3- التربية بالإشارة.
4- التربية بالموعظة وهدي السلف فيها.
وقد تم التفصيل فيها في الحلقة السابقة، وهذه بقية الأساليب:
خامساً: التربية بالترغيب والترهيب وضوابطها:
الترهيب والترغيب من العوامل الأساسية لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الاجتماعية.
المبحث الأول: الترغيب:
ويمثل دوراً مهماً وضرورياً في المرحلة الأولى من حياة الطفل؛ لأن الأعمال التي يقوم بها لأول مرة شاقة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة، كما أن الترغيب يعلمه عادات وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها.
والترغيب نوعان: معنوي ومادي، ولكلٍّ درجاته فابتسامة الرضا والقبول، والتقبيل والضم، والثناء، وكافة الأعمال التي تُبهج الطفل هي ترغيبٌ في العمل.
ويرى بعض التربويين أن تقديم الإثابة المعنوية على المادية أولى؛ حتى نرتقي بالطفل عن حب المادة، وبعضهم يرى أن تكون الإثابة من جنس العمل، فإن كان العمل مادياً نكافئه مادياً والعكس.
وهناك ضوابط خاصة تكفل للمربي نجاحه، ومنها:
• أن يكون الترغيب خطوة أولى يتدرج الطفل بعدها إلى الترغيب فيما عند الله من ثواب دنيوي وأخروي، فمثلاً يرغب الطفل في حسن الخلق بالمكافأة ثم يقال له: أحسن خلقك لأجل أن يحبك والدك وأمك، ثم يقال ليحبك الله ويرضى عنك، وهذا التدرج يناسب عقلية الطفل.
• ألا تتحول المكافأة إلى شرط للعمل، ويتحقق ذلك بألا يثاب الطفل على عمل واجب كأكله وطعامه أو ترتيبه غرفته، بل تقتصر المكافأة على السلوك الجديد الصحيح، وأن تكون المكافأة دون وعد مسبق؛ لأن الوعد المسبق إذا كثر أصبح شرطاً للقيام بالعمل.
• أن تكون بعد العمل مباشرة، في مرحلة الطفولة المبكرة، وإنجاز الوعد حتى لا يتعلم الكذب وإخلاف الوعد، وفي المرحلة المتأخرة يحسن أن نؤخر المكافأة بعد وعده ليتعلم العمل للآخرة، ولأنه ينسى تعب العمل فيفرح بالمكافأة.
المبحث الثاني: الترهيب:
أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المربي إلى الترهيب، وأن الطفل الذي يتسامح معه والداه يستمر في إزعاجهما، والعقاب يصحح السلوك والأخلاق، والترهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة الغضب والعتاب وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس والحرمان من الجماعة أو الحرمان المادي والضرب وهو آخر درجاتها.
ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطفل قدر الإمكان، وإن كان لا بد منه ففي السن التي يميز فيها ويعرف مغزى العقاب وسببه.
وللترهيب ضوابط، منها:
• أن الخطأ إذا حدث أول مرة فلا يعاقب الطفل، بل يعلم ويوجه.
• يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها وإفهام الطفل خطأ سلوكه؛ لأنه ربما ينسى ما فعل إذا تأخرت العقوبة.
• إذا كان خطأ الطفل ظاهراً أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم؛ لأن ذلك سيحقق وظيفة تربوية للأسرة كلها.
• إذا كانت العقوبة هي الضرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد، وأن يتجنب الضرب على الرأس أو الصدر أو الوجه أو البطن، وأن تكون العصا غير غليظة، ومعتدلة الرطوبة، وأن يكون الضرب من واحدة إلى ثلاث إذا كان دون البلوغ، ويفرقها فلا تكون في محل واحد، وإن ذكر الطفل ربه واستغاث به فيجب إيقاف الضرب؛ لأنه بذلك يغرس في نفس الطفل تعظيم الله.
• ويجب أن يتولى المربي الضرب بنفسه حتى لا يحقد بعضهم على بعض.
• ألا يعاقبه حال الغضب؛ لأنه قد يزيد في العقاب.
• أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ ويكفي بيان ذلك.
المبحث الثالث: ضوابط التربية بالترغيب والترهيب:
وهذه الضوابط _ بإذن الله_ تحمي الطفل من الأمراض النفسية، والانحرافات الأخلاقية، والاختلالات الاجتماعية، وأهم هذه الضوابط:
1- الاعتدال في الترغيب والترهيب:
لعل أكثر ما تعانيه الأجيال كثرة الترهيب والتركيز على العقاب البدني، وهذا يجعل الطفل قاسياً في حياته فيما بعد أو ذليلاً ينقاد لكل أحد، ولذا ينبغي أن يتدرج في العقوبة؛ لأن أمد التربية طويل وسلم العقاب قد ينتهي بسرعة إذا بدأ المربي بآخره وهو الضرب، وينبغي للمربي أن يتيح للشفعاء فرصة الشفاعة والتوسط للعفو عن الطفل، ويسمح له بالتوبة ويقبل منه، كما أن الإكثار من الترهيب قد يكون سبباً في تهوين الأخطاء والاعتياد على الضرب، ولذا ينبغي الحذر من تكرار عقاب واحد بشكل مستمر، وكذلك إذا كان أقل من اللازم، وعلى المربي ألا يكثر من التهديد دون العقاب؛ لأن ذلك سيؤدي إلى استهتاره بالتهديد، فإذا أحس المربي بذلك فعليه أن ينفذ العقوبة ولو مرة واحدة ليكون مهيباً.
والخروج عن الاعتدال في الإثابة يعوِّد على الطمع ويؤدي إلى عدم قناعة الطفل إلا بمقدار أكثر من السابق.
كما يجب على المربي أن يبتعد عن السب والشتم والتوبيخ أثناء معاقبته للطفل؛ لأن ذلك يفسده ويشعره بالذلة والمهانة، وقد يولد الكراهية، كما أن على المربي أن يبين للطفل أن العقاب لمصلحته لا حقداً عليه.
وليحذر المربي من أن يترتب على الترهيب والترغيب الخوف من المخلوقين خوفاً يطغى على الخوف من الخالق _سبحانه_، فيخوّف الطفل من الله قبل كل شيء، ومن عقابه في الدنيا والآخرة، وليحذر أن يغرس في نفسه مراعاة نظر الخلق والخوف منهم دون مراقبة الخالق والخوف من غضبه، وليحذر كذلك من تخويف الطفل بالشرطي أو الطبيب أو الظلام أو غيرها؛ لأنه يحتاج إلى هؤلاء، ولأن خوفه منهم يجعله جباناً.
وبعض المربين يكثر من تخويف الطفل بأن الله سيعذبه ويدخله النار، ولا يذكر أن الله يرزق ويشفي ويدخل الجنة فيكون التخويف أكثر مما يجعل الطفل لا يبالي بذكره النار؛ لكثرة ترديد الأهل"ستدخل النار"أو"سيعذبك الله؛ لأنك فعلت كذا"، ولذا يحسن أن نوازن بين ذكر الجنة والنار، ولا نحكم على أحد بجنة أو نار، بل نقول: إن الذي لا يصلي لا يدخل الجنة ويعذب بالنار.
2- مراعاة الفروق الفردية:
تتجلى حكمة المربي في اختياره للأسلوب التربوي المناسب من أوجه عدة، منها:
• أن يتناسب الترهيب والترغيب مع عمر الطفل، ففي السنة الأولى والثانية يكون تقطيب الوجه كافياً عادة أو حرمانه من شيء يحبه، وفي السنة الثالثة حرمانه من ألعابه التي يحبها أو من الخروج إلى الملعب.
• أن يتناسب مع الخطأ، فإذا أفسد لعبته أو أهملها يُحرم منها، وإذا عبث في المنزل عبثاً يصلُح بالترتيب كُلِّف بذلك، ويختلف عن العبث الذي لا مجال لإصلاحه.
• أن يتناسب مع شخصية الطفل، فمن الأطفال من يكون حساساً ليناً ذا حياء يكفيه العتاب، ومنهم من يكون عنيداً فلا ينفع معه إلا العقاب، ومنهم من حرمانه من لعبه أشد من ضربه، ومنهم من حرمانه من أصدقائه أشد من حرمانه من النقود أو الحلوى.
• أن يتناسب مع المواقف، فأحياناً يكون الطفل مستخفياً بالخطأ فيكون التجاهل والعلاج غير المباشر هو الحل الأمثل، وإن عاد إليه عوقب سراً؛ لأنه إن هتك ستره نزع عنه الحياء فأعلن ما كان يسر.
وقد يخطئ الطفل أمام أقاربه أو الغرباء، فينبغي أن يكون العقاب بعد انفراد الطفل عنهم؛ لأن عقابه أمامهم يكسر نفسه فيحس بالنقص، وقد يعاند ويزول حياؤه من الناس.
• المراوحة بين أنواع الثواب والعقاب؛ لأن التكرار يفقد الوسيلة أثرها.
• مراعاة الفروق الفردية في التربية فالولد البالغ أو المراهق يكون عقابه على انفراد؛ لأنه أصبح كبيراً، ويجب أن يحترمه إخوانه الصغار، ويعاتَب أمامهم عتاباً إذا كان الخطأ معلناً؛ لأن تأنيبه والقسوة عليه في الكلام يحدثان خللاً في العلاقة بين المراهق والمربي، ويكون ذلك أوجب في حق الولد البكر من الذكور؛ لأنه قدوة، وهو رجل البيت إذا غاب والده أو مرض أو مات.
• ومن الفروق الفردية جنس الطفل فالبنت يكفيها من العقاب ما لا يكفي الذكر عادة؛ لأن جسدها ضعيف وهي تخاف أكثر وتنقاد بسهولة.
__________
من كتابها (كيف تربي ولدك؟) بتصرف يسير.
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/241)
مدرس رياضيات ستة من أبنائه يحفظون القرآن
حوار : عز الدين فرحات 11/3/1424
12/05/2003
عبد الرحمن عكاشة مدرس رياضيات في العقد الخامس من عمره، رزقه الله عشرة من الأبناء ، ستة منهم أتموا حفظ القرآن الكريم، والباقون في سبيلهم للحفظ .
التقينا به، وكان هذا الحوار لموقع (الإسلام اليوم).
الأستاذ الكريم ،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
كيف كانت بدايتكم مع القرآن الكريم؟
بعد حمد الله والثناء عليه بما هو أهله، أقول وبالله التوفيق: كانت بدايتي مع القرآن في الكتّاب، ولكني لم أستفد منه كثيراً في الحفظ، حيث وصلت إلى معهد المعلمين وأنا لا أجيد القراءة في المصحف، وكانت أمي - غير المتعلمة - تصحح لي الأخطاء عند قراءتي في جزء عم، وعندها عرفت قيمتي وبدأت أهتم فعلياً بحفظ بعض السور، ثم التحقت بالجامعة وزاد اهتمامي بتعلم كيفية تلاوة القرآن الكريم، وبدأت أحفظ بعض السور التي لها من الفضل: كخواتيم البقرة وأولها، والكهف، والواقعة، والرحمن، والملك، وتعلمت التلاوة على زميل بكلية الطب ، ثم ازداد الاهتمام بتعلم التلاوة وسجلت في دورة عند أحد مشايخ الأزهر المخلصين- ولا نزكيه على الله- ، وبدأت أرتب لنفسي قدراً أحفظه يومياً بتوجيهات الشيخ ، وكنت أكتب المقرر عليّ حفظه في ورقة، وأحفظه أثناء ذهابي للجامعة وعودتي، فتخرجت -بحمد الله- وأنا أحفظ قرابة العشرة أجزاء، وفي الحقيقة إن عملية الحفظ لم أبذل فيها الجهد المطلوب، حيث إنني كانت لديَّ قناعة أنه بتكرار التلاوة للقرآن كاملاً يتم حفظه، قياساً على حفظ المقررات الدراسية، فكنت أختم كل شهر،عملاً بتوصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم- ، ولكني فوجئت بعد مرور خمس عشرة سنة على هذه النظرية أنني لم أحفظ القرآن جيداً،ثم انتقلت إلى العمل بالسعودية سنة 1411هـ وأنا أحفظ خمسة وعشرين جزءاً، فانضممت إلى حلقات التحفيظ بالمساجد، وراجعت الحفظ السابق (كل سنة عشرة أجزاء)، حتى ختمت خلال ثلاث سنوات - بفضل الله تعالى- أعاننا الله على المراجعة الدائمة وتعهد القرآن، وجعلنا من العاملين المخلصين.
متى أتممت حفظه؟
بعد سفري إلى هذه البلاد المباركة والتحاقي بحلقات المساجد على يد الشيخ أحمد ياقوت - رحمه الله- ، ثم قرأته على يد الشيخ أحمد خليل شاهين - حفظه الله-.
كم من الوقت استغرق ذلك؟
يمكن القول عشرين سنة ويمكن ثلاث سنوات، حيث بدأت المحاولات وعمري 19 سنة، وختمته وعمري 39 سنة بحمد الله .
متى أتم أبناؤك حفظ القرآن الكريم ؟
الأولى ختمت وعمرها 15 سنة.
- الثانية ختمت وعمرها 13 سنة.
- محمد ختم وعمره 9 سنوات.
- أحمد ختم وعمره 10 سنوات.
- إبراهيم ختم وعمره 12 سنة.
- السادسة -إن شاء الله- تختم قريبا وعمرها 15 سنة.
ما البرنامج الذي اتبعته مع أبنائك لحفظ القرآن؟
منذ ولادة الطفل يسمع تلاوة أبيه أو الإذاعة، ثم عند نطقه يتعلم الشهادة وبعض السور التي يقبل تردادها، وبعد الفجر يبدأ البرنامج مع الأم- فهي الأصل- والأب أحياناً للمتابعة والتسميع والترغيب والترهيب، وكان لسورة الواقعة مع أبنائنا الصغار حظ عظيم في حفظها هي والملك قبل الدراسة، ثم جزء عم ثم الانطلاق في باقي القرآن عن طريق الحلقات والمدارس.
ما دور الأم مع الأبناء في سبيل حفظ القرآن الكريم؟
ما أعظم دور الأم في تحفيظ الأبناء القرآن الكريم، حيث هي المحضن الرئيس للطفل، فهي تطعمه وتسقيه القرآن في الأوقات المناسبة للطفل، وهي المسؤولة عن تحديد وقت وبرنامج معين - قدر الحفظ- للطفل يومياً ، في كل يوم سورة تكرارها مع السور السابقة، يومياً هناك جديد مع الأم ، والابن يحفظ بعون الله .
نصيحة توجهها لمن يريدون حفظ القرآن الكريم؟
أيها الآباء..أيتها الأمهات.. أيها الأبناء: القرآن العظيم أعظم كنز بين أيدينا، وهو سهل وميسور لمن عقد العزم على حفظه " ولقد يسرنا القرآن للذكر" ومن سهولته يحفظه الطفل الصغير والأعجمي من هنود وباكستان وغيرهم، المهم أن يطَّلع الله على قلبك ؛ فيعلم أنك تريد حفظ القرآن ابتغاء مرضاته ، فهو سعادة الدنيا والآخرة، أما يكفيك أنه ميراث الله لمن يصطفيهم من خلقه ، قال تعالى " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا" جعلنا الله وإياكم من المصطفين الأخيار السابقين بالخيرات، وإذا أردت أن تحفظ القرآن فعليك بالآتي:
01 سجل في حلقات التحفيظ: عصرا،ً أو فجراً ،أو حسب ظروف شيخك.
02 اقرأ على يد الشيخ ؛ ليحدد مستواك، واحترم شيخك وأطعه، فذلك يساعدك على الحفظ.
03 يحدد لك الشيخ لوحاً يومياً حسب جهدك، يبدأ من آيتين حتى صفحتين.
04 اقرأ ما تحفظ على والديك، أو نفسك، أو أحد زملائك قبل القراءة على الشيخ، وحدد ما تقع فيه من الأخطاء وراجع حفظه جيداً.
05 اقرأ على الشيخ ما حفظت.
06 اجعل لك ورداً للمراجعة اليومية مع نفسك، أو زملائك ، أو إخوانك، أو في صلاة السنن، أو ليلاً حسب طاقتك.
07 اجعل نصب عينيك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-"أحب الأعمال إلى الله أدوها وإن قل " ، لا تتعجل النتائج، ولا يثبطنك الشيطان، ولا تنظر كل يوم كم بقي من القرآن لتختم، وطالع الرسائل الخاصة بفضل القرآن ومعجزاته، وتفكر في آياته لتعلم عظم ما تقوم به من عمل.
08 استعن بالله ولا تعجز، فإن الأيام والشهور والسنون تمر مرَّ السحاب، والعاقل يستغل الفرصة، وإلا ستغادر الدنيا ولا رصيد لك في الآخرة، حيث يقال يوم القيامة لقارئ القرآن: "اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" ، فكم تحفظ أيها الحبيب؟.
نصيحة توجهها للآباء الذين يريدون لأبنائهم حفظ القرآن الكريم؟
أيها الأب الحنون: إنك حريص على سعادة ابنك، وتبذل له كل ما تملك من أجل أن يتفوق في دراسته، أفلا أدلك على أسهل الطرق لتحقيق ذلك، ابذل هذا الجهد في تحفيظ ابنك القرآن فستضمن له التفوق في الدنيا والسعادة في الآخرة، ويكفيك تاج النور الذي يكسوك به ابنك في الآخرة ، وكذا الأمهات.
هل لديكم إضافة على ما سبق؟
جزاكم الله خيراً على إتاحة هذه الفرصة لي لأعرض تجربتي على إخواني المسلمين، وأذكر نفسي وإخواني أن واجبنا تجاه القرآن العظيم والسنة المباركة عظيم، فالحفظ ثم العمل، ونهضة أمتنا يعوزها حفظة القرآن الفاهمون له العاملون به، فهم الذين يوقظون الإيمان في نفوس الناس، ويحفظ الله بهم أمة الإسلام بحفظه لكتابه " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" والحمد لله من قبل ومن بعد . آمين.
ـــــــــــــــــــ(101/242)
مهارة في التعامل مع الابن المراهق
المراهقة نضج نشاط وتطلع إلى الكمال ولما كانت حيوية المراهق تستدعي الحذر والتوجيه كان لزامًا على المربين أن يتعاملوا مع المراهق معاملة دقيقة ومتنوعة ومشوقة من أجل إيصال الهدف السلوكي والتربوي إليه. وهذه نقاط على هذه السبل متنوعة المجالات والنشاطات:
أولاً: في المجال التعبدي:
كيفية علاقة المراهق بربه وبرسوله:
1ـ أهم عنصر في توجيه المراهق كون الأبوين قدوة في الحفاظ على العبادات والتزام الطاعات أمام الابن المراهق.
2ـ قيام الأبوين بأمر المراهق وبأسلوب لطيف بالقيام بالعبادات الواجبة.
3ـ توجيه المراهق لأسرار ولطائف الحكمة الإلهية في العبادات التي افترضها الله وسنها رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
4ـ تحبيب المراهق بربه وبرسوله عن طريق تذكيره بنعم الله وفضله. وبيان منزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكيف قام بواجبه تجاه أداء أمانة الرسالة، وبيان منزلته في القرآن وأنه شفيع الأمة يوم القيامة.
5ـ ربط طاعة الله بطاعة رسوله وأنهما متلازمان مع الفرق بين الخالق والمخلوق [المرسل والرسول].
6ـ لا يتحقق الحب الحقيقي إلا بطاعة المحبوب، وهذه المنزلة تركز في نفس المراهق من خلال الأسلوب التربوي الصحيح للأبوين.
7ـ بيان الأبوين لمنزلة الشاب الذي ينشأ في طاعة الله.
8ـ تعليم المراهق الرضوخ لأوامر الله سبحانه وكذا رسوله دون تردد. والإنصات لكلام الله، والصلاة على رسوله كلما ذكر.
9ـ تحذير الأبوين للمراهق من المجالس التي يعصى فيها الله ورسوله.
10ـ تشجيع المراهق لارتياد المساجد والمحافظة على الصلوات.
توجيه المراهق للآداب الإسلامية والأخلاق النبوية:
11ـ عدم استخدام التعنيف في تعليم الأبوين للمراهق.
12ـ كون الأبوين قدوة أخلاقية هذا شيء عظيم.
13ـ تنبيه الأبوين للمراهق على أهمية الأخلاق في المجتمع.
14ـ استغلال المناسبات في بيان التصرف الصحيح المربوط بالسيرة النبوية.
15ـ بيان الأبوين للمراهق بأن سبب دمار المجتمعات الإباحية وعدم التزام أفرادها بالأخلاق والآداب.
16ـ بيان الوالدين للمراهق بأهمية وحساسية المرحلة التي يمر فيها المراهق.
17ـ تخصيص وقت معين لجلسة بين الأبوين والأولاد المراهقين لتدارس مستوى مناسب من الكتب في الأخلاق والآداب.
18ـ اصطحاب الأب للمراهق في بعض الزيارات والرحلات مع أصدقاء الوالد الصالحين بغية التعلم والتأدب.
19ـ استخدام الأسلوب القصصي والأمثلة لبيان مكارم الأخلاق.
ثانيًا: في المجال الأخلاقي:
كيفية توجيه المراهق إلى الأخلاقيات الإيجابية [الصدق، والأمانة]:
ـ الحياة اليومية للأبوين كقدوة خلال حياتهما مع المراهق:
1ـ استغلال الأبوين للمناسبات والمواقف والوقوف عندها للحديث عن الأخلاق الإيجابية، أو لبيان قبح الأخلاق السيئة.
2ـ جلوس الأبوين مع المراهق وسرد بعض القصص الاجتماعية المعبرة.
3ـ تدارس الأبوين مع المراهق بعض الكتب الحاوية على قصص الشرفاء والذين تمتعوا بأخلاق عالية كالأنبياء والصحابة والعلماء والصالحين.
4ـ اختيار الصحبة الصالحة للمراهق.
5ـ اختيار الوسائل الثقافية المحتوية على أهداف سلوكية إيجابية مثل القصص والكتب والمجالات الاجتماعية المتخصصة في هذا المجال وكذا الأفلام الهادفة التي لا تحتوي على محرمات.
6ـ اصطحاب الأب للمراهق في زيارة الصالحين.
7ـ تشجيع المراهق على ارتياد المساجد وتلاوة القرآن، والجلوس مع العلماء وحضور دروسهم المنمية للأخلاق.
8ـ هناك بعض الرياضات تنمي الأخلاق وروح الشهامة والكرامة لدى الإنسان كركوب الخيل والرمي.
كيفية تغيير بعض السلوكيات السلبية لدى المراهق [السرقة، التدخين، الهروب من المدرسة..إلخ].
9ـ ابتعاد الأبوين عن السلوكيات غير المناسبة كالتدخين والكذب وما إلى ذلك، له الأثر الأكبر في تغيير سلوكيات المراهق السيئة.
10ـ مراقبة المراهق من قبل الأبوين ومعرفة رفاقه وأصحابه ثم تحديد السلوكيات السلبية عند المراهق.
11ـ تحذير المراهق ومحاولة إبعاد المراهق عن تلك الصحبة بالوسائل المناسبة.
12ـ إشغال المراهق بالمفيد حتى يمتلئ وقته.
13ـ حل المشاكل التي يعاني منها المراهق، باعتبار أن الضغوط النفسية قد تسبب أحيانًا لجوءه إلى الانحراف.
14ـ التعاون من أهل الاختصاص والصلاح ومشاورتهم في حل مثل هذه القضايا.
15ـ التعاون مع المدرسة مثلاً في تغيير بعض السلوكيات التي يمكن للمدرسة الإسهام بها. وكذلك أحيانًا يفيد في حل هذه المسائل الاتصال بأهل الصاحب الذي جعل الابن المراهق يزل في هذه السلوكية السيئة.
16ـ تنمية روح الدين لدى المراهق، باعتباره الوازع الأكبر.
17ـ التركيز على الإخلاص في العمل الشخصي والمتعدي.
ثالثًا: في المجال الثقافي:
كيفية تنمية الثقافة العامة لدى المراهق:
1ـ بيان الوالدين للمراهق أهمية العلم ومنزلة العالم، والفرق بين العالم الجاهل.
2ـ حرص الوالدين على إدخال المصادر الثقافية المفيدة للبيت من كتب ومجلات وجرائد ونشرات.
3ـ إرشاد المراهق إلى المصادر الثقافية المفيدة.
4ـ تشجيع المراهق عند إقدامه على الاطلاع بالكلمة والهدية، ولعل الهدية إن كانت كتابًا تكون أفضل.
5ـ تهيئة الجو المناسب للدراسة والاطلاع.
6ـ لفت انتباه من في المنزل إلى احترام القارئ وتوفير الجو المناسب له.
7ـ ذكر الوالدين لقصص العلماء والمثابرة على الدرس والتحصيل.
8ـ جلب الوسائل الثقافية إلى المنزل: الكمبيوتر والأشرطة العلمية: كاسيت أو فيديو.
9ـ حرص الوالدين على عدم تضييع وقت المراهق فيما لا فائدة فيه، حتى لا ينشغل فكره بما لا فائدة فيه أو بما فيه ضرر.
10ـ تحذير الوالدين للمراهق من رفقة السوء، وهذا يؤثر سلبًا على مستوى ونوعية الثقافة وكمية تحصيلها.
تعريف المراهق بالمنتجات الثقافية:
تعريف المراهق بالمنتجات الثقافية هي أحد أساليب تنمية الثقافة لدى المراهق ومن طرق تعريف المراهق:
11ـ قيام الأبوين بالمناقشات الثقافية المفيدة أمام المراهق.
12ـ جلب الوالدين للمنتجات الثقافية المناسبة.
13ـ قيام الوالدين بإشراك المراهق بالمنتجات الثقافية.
14ـ قيام الوالدين بزيارة مراكز إنتاج المصادر الثقافية بصحبة المراهق مثل المكتبات العامة، المراكز الثقافية.
15ـ تكليف المراهق بالتعاون مع الأبوين والمدرسة بزيارة المراكز الثقافية بالمكتبات العامة والاطلاع على الكتب وكتابة البحوث الصغيرة.
رابعًا في المجال الاجتماعي:
كيفية ترغيب المراهق بصلة أرحامه وبر والديه وتحسين علاقاته الاجتماعية:
1ـ قيام الأبوين بواجب صلة الرحم وحسن العلاقات مع الآخرين هو العامل الرئيسي في تنشئة المراهق تنشئة مناسبة.
2ـ اصطحاب الأبوين للمراهق في زيارات أسبوعية مثلاً للأرحام مع تعمد اصطحابه له أثر كبير.
أو اصطحاب الأب المراهق أو الأم للمراهقة في زيارات للجيران أو الاصطحاب وإظهار حسن الخلق من اصطحاب هدية أو الطيب من الكلام.
3ـ استغلال المواقف المناسبة للحديث عن صلة الرحم وواجبات المرء تجاه غيره من الناس.
4ـ تدارس أبواب صلة الأرحام وحقوق الناس من خلال كتب الآداب الإسلامية له أثر بالغ.
5ـ الحديث عن قصص وأمثال لها علاقة بذلك وتحمل العبرة.
6ـ التركيز على زرع التدين في نفس المراهق.
7ـ توجيهه إلى الاهتمام بأمور المسلمين وتوسيع إطار تفكيره.
توجيه المراهق إلى مساعدة الآخرين وحب العمل الخيري:
8ـ قيام الأبوين بمساعدة الآخرين وعمل الخير له الأثر الأكبر.
9ـ تعمد أن يدفع الأبوان المراهق لمساعدة الآخرين وللعمل مثل: أن يكلف الأب المراهق بوضع دينار ـ مثلاً ـ في صندوق خيري أو أن يكلفه بمساعدة عجوز يعبر الشارع وما إلى ذلك.
استغلال المواقف المناسبة للحديث عن هذه القضايا أمام المراهق كأن تكون قصة فيها مدح لفاعل خير.
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/243)
دمرت ابني بيدي
الأستاذ جاسم المطوع
نسمع آهات كثيرة من الأسر ذات العائل الواحد (كالأسر المطلقة، أو دخول الزوج السجن، أو عند وفاة أحد الزوجين)، فيبقى في البيت عمود واحد إما أم أو أب، وفي غالبية الأحيان تبقى الأم منفردة تتحمل المسؤوليات الجسام على عاتقها، وتبرر لنفسها عند انحراف أبنائها، أو عند التقصير في تربيتهم بأن الأبناء محرومون من الأبوة الحقيقية والوالدية المتكاملة، وقد تكون وجهة نظرها صحيحة، ولكن الواقع يشهد قصصاً ومواقف رأيتها بعيني لنساء يعلن أسرهن وأبناءهن بعيداً عن ظل الأبوة، ومع ذلك ترى في أبنائهن تميزاً وإبداعاً واستقراراًَ نفسياً وصحياً
إن النجاح لا يكون في الأبناء إلا إذا كانت الأم ناجحة، ولهذا فلو تأمل معي القارئ درجات تفضيل الله للخلق، فقد فضل الله المسلمين على الكافرين، وفضل المؤمنين على المسلمين، وفضل الصالحين من المؤمنين، كما فضل الشهداء من المؤمنين على غيرهم، وفضل الصديقين من الشهداء، وفضل الأنبياء على الصديقين، ثم فضل الرسل على الأنبياء، ثم فضل أولو العزم وهم (محمد، وإبراهيم ونوح وعيسى وموسى - عليهم السلام -) عن بقية الرسل، ولو لاحظنا البيئة التربوية لثلاث من أفضل الناس على مستوى العالم والخلق، لرأينا أنهم ربتهم أمهات من غير آباء، مثل (نبينا محمد، وعيسى وموسى - عليهما السلام-)، وهم من أولو العزم من الرسل، ولعل في ذلك تسلية ودعم معنوي للأسر المطلقة والمترملة ولكل أسرة من عائل واحد ليجتهدوا في التربية حتى يحققوا النجاح التربوي، أما أن يساهم الوالدان في تدمير ابنهما ويسعيان لذلك، كما حصل لأحد أبناء الأسر المطلقة، حيث عمل جاسوساً بين أبيه وأمه بعد طلاقهما، فيذهب لأبيه فيقول له: كلما أعطيتني معلومات عن أمك أعطيك مبلغاً من المال، وكذلك تقول له أمه، فكان يحصل شهرياً من والده ووالدته المطلقين على أكثر من ثلاثمائة دينار شهرياً، فكيف سيكون مستقبل هذا الابن الذي اشتغل جاسوساً بين والديه، ولسان حال كل واحد منها يقول: «أنا أدمر ابني بيدي من أجل مصلحتي»، فلا تستخدموا أبناءكم دروعاً بشرية والجزاء من جنس العمل.
http://www.alislam4all.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/244)
يا أبتي .. كيف أكون رجلاً؟
فوزيه الخليوي
نتيجة للانفتاح العالمي في وسائل الاتصالات، أصبح التركيز على تربية الولد، تربية رجولية بعيدة عن مظاهر الخنوع والدّعة مطلب ملح! لما لهذا الانفتاح من خلط في الهوية بين الذكر والأنثى، خلطًا بعيدًا عن مظاهر الرجولة التي اتسم بها تاريخنا سواء في الجاهلية أو في الإسلام!.
فيجب على الوالدين أن يلتفتا إلى تربية الذكر من أولادهما، تربية متميزة، تختلف عن الأنثى وذلك أنه سيخرج إلى الأماكن العامة، ويخاطب الناس، ويقضي حاجات والديه مما لا تقوم به الأنثى، ومن هذه التربية:
1 - تعويده على مخالطة الرجال وأساليب الكلام:
فيشب الصبي وقد اكتسب ثقة في نفسه، بخلاف ما لو تعوّد اللعب مع الإناث، فيميل بطبعه إلى الرقة والليونة في الحديث والمعاملة؟!
ومن القصص المؤثرة في هذا المجال، هي قصة المقتدر بن الخليفة المعتمد حيث مشى والده يوماً وأخذ يرقبه في الستر الذي فيه ابنه.
وكان إذ ذاك عمره خمس سنين أو نحوها! وهو جالس وحواليه مقدار عشر وصيفات من أقرانه في السن وبين يديه طبق فيه عنقود عنب، في وقت فيه العنب عزيز جداً! والصبي يأكل عنبة واحدة ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة!! على الدور حتى إذا بلغ الدور عليه أكل واحدة مثل ما أكلوا! حتى أفنى العنقود، والمعتضد يتميّز غيظاً فرجع مهموماً فسأله الخادم؛ فقال: والله لولا النار والعار لقتلت هذا الصبي اليوم! فإن في قتله صلاحاً للأمة!
فقلت: حاشاة يا مولاي.
فقال: أنا أبصر بما أقوله! أنا رجل قد سست الأمور وأصلحت الدنيا بعد فساد شديد ولا بد من موتي؛ فإن تولى ابني وهو صبي وله من السخاء مثل الذي رأيت عندما ساوى نفسه بالصبيان في شيء عزيز في العالم والشح معروف في طبع الصبيان! فسيحتوي عليه النساء لقرب عهده بهن، وسيقسم الأموال كما قسم العنب! وتضيع النقود ويزول ملك بني العباس. وقال: سترى ما يكون؟!
فمات والده وتولى فطلب الأموال وأخرجها وجعل يفرقها على الجواري والنساء ويلعب بها.
وهذه الهزيمة التي خشي منها الخليفة لتحكي أعمق أنواع الهزائم النفسية لدى الطفل حيث يشب مسلوب الإرادة مخدر الذهن، محدود الرؤيا، يعيش في أجواء الغرور والتعالي على الآخرين، وهذه الحادثة هي غيض من فيض مما تدفعه الأمة ولا تزال في أبنائها نتيجة هذا الخطأ الفادح الذي بزعمهم هو من باب الترف والدلال لأبنائهم بتوفير الخدم والندماء لهم، فكانت الحصيلة جيلاً متراخيًا منغمساً في ملذاته لا يأبه بأحوال أمته، وواقعها المرير.
ولقد تنبه إلى هذا الأمر الخلفاء في السابق؛ فكان مما قال عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده: علمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، وأطعمهم اللحم تشد به قلوبهم، وجالس بهم علية الرجال يناقضوهم الكلام.
فكان حصيلة هذا الفهم والوعي منه أن تولى أربعة من أبنائه سدّة الحكم.
2 - إلباسهم ملبس الرجال:
كما قال إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف أدركت أبي وإنه ليعتم ويعمني وأنا صغير ورأيت الصبيان يعممون.
3 - حضورهم لمجالس العلم:
كما حدث مع ابن عباس فكان عمر يجلس مع الأكابر ويقول له: لا تتكلم حتى يتكلموا، ثم يقبل عليهم ويقول: ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟!
ولهذا لما رآه الشاعر الحطيئة أعجب بمنطقه وقال: من هذا الذي نزل عن الناس في سنه وعلاهم في قوله.
فها هي مجالس الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته يحضرها الصغار، ومن هذا بوب البخاري: باب إذا لم يتكلم الكبير هل للصغير أن يتكلم!
4 - إخراجه للغزو:
فقد خرج الزبير بابنه عبد الله إلى الغزو وهو في سن العاشرة وأوكل به رجلاً، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنس وهو طفل يتيم إلى خيبر وكان قد راهق الاحتلام.
فما ظنك بعدها بهذا الطفل الذي يرى حشد الجيوش، وصهيل الخيول ومقارعة السيوف وأي ثقة في نفسه سيشب عليها، حيث لن يهاب أحداً وإن كان أعتى الرجال.
5 - أخذ مشورته:
كما يفعل إبراهيم - عليه السلام - ونصت عليه الآية الكريمة (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) [الصافات:102]
قال المفسرون لم يشاوره كي يرجع إلى رأيه ومشورته؛ بل ليتعرف على رد فعله تجاه هذا الأمر، فيثبت قدمه ويصبره إن جزع. ويخطئ بعض الآباء الذين لا يعرفون إلا إصدار الأوامر، وإلقاء التعليمات دون محاولة التعرف على أحوال المخاطبين وقدراتهم.
6 - تحميله بعض المسؤوليات:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أتى عليّ رسول الله وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا وبعثني في حاجة وأبطأت على أمي. فلما جئت قالت: ما حبسك. قلت: بعثني رسول الله في حاجة. قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تحدثن بسر رسول الله أحداً.. وهذا من عقلها. حيث لم تطلب من ابنها أن يخبرها بحاجة رسول الله. بل علاوة على ذلك أكدت عنده هذا المفهوم وحثته على كتمانه. فأين منها بعض الأمهات التي يدفعها الفضول لسؤال ابنها عما يدور من أحاديث لأبيه مع الآخرين.
7 - التربية بالحوار:
فقد اشتمل القرآن الكريم على أنواع الحوار، كحوار إبراهيم مع النمرود، ولقد سلك رسول الله نفس المسلك مع صحابته، كحواره مع ابن عباس في عدة مواضع وحواره مع الجارية عندما قال لها: أين الله؟. قالت: في السماء. قال: اعتقها فإنها مؤمنة.
8 - تعليمه آداب السلام:
ليست الرجولة في إقحام الولد في مجالس الرجال، بلا تعليم مسبق لآداب السلام والحديث، ولا ألطف من دخول أحد الصبيان على أحمد بن حنبل فقال: دخلت على أحمد بن حنبل أسلم عليه، فمددت يدي إليه فصافحني، فلما خرجت قال: ما أحسن أدب هذا الصبي، لو انكب علينا كنا نحتاج أن نقوم.
9 - تقديمه النفع للمسلمين:
إن لتقديم المنفعة للمسلمين على مصلحته الشخصية أكبر الأثر في رجولته، حيث يتغلب على حظوظ نفسه، فيجد سعادة تفوق ألمه الشخصي، كما أن فيه ترسيخ للرحمة في قلبه للآخرين، والتي تقود للتكافل الاجتماعي الداعي له الحديث الشريف"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل البنيان يشد بعضه بعضاً".
وهذا ابن إدريس وجه ابنه إلى البقال يشتري له حاجة؛ فأبطأ ثم جاء فقال له: يا بني ما أبطأك. قال: مضيت إلى السوق. فقال له: لمَ لم ْ تشتر من هذا البقال الذي معنا في السكة. قال: هذا يغلي علينا. قال: اشتر منه وإن أغلى علينا؛ فإنما جاورنا لينتفع.
10 - توفير الرقابة المنزلية:
من الخطأ الاتكال على الرقابة الذاتية لدى الصبي، بدعوى بلوغه طور الرجولة. بل يجب أن يتكاتف الوالدان على مراقبة سلوكياته وتنبيهه إلى مواضع الخطر، ومكامن الشر، حتى وإن بدت عليه مخايل الذكاء والعقل.
فهذا يزيد بن المهلب وقعت عليه حية، فلم يدفعها عن نفسه، فقال له أبوه: ضيعت العقل من حيث حفظت الشجاعة.
وخطر المخدرات على سبيل المثال من أشد المخاوف التي يجب وضعها نصب الاعتبار.
وللكاتب الأمريكي (انتوني روبنز) تجربة مفيدة في هذا السياق؛ فقال: وجدت أن أفضل طريقة للتأكد من تجنب أبنائنا لهذه الآفة هي أن نجعلهم يربطون بين الألم الساحق وبين العقاقير، فكان أن أخذوا أبناءهم لزيارة عمارة متعفنة، مليئة بالفئران تفوح منها رائحة المراحيض من كل طابق، وما أن دخلوا حتى واجههم منظر المدمنين وهم يحقنون أنفسهم بالعقاقير دون أن يكترثوا بمن يراقبهم أيما اكتراث، وأصوات أطفال مهملين متروكين بمفردهم وكان ما تعلموه أن يربطوا بين العقاقير والدمار الذهني والعاطفي والبدني.
أمثلة واقعية:
من الأمثلة التي عرف بها سؤدد هؤلاء أن عبد الله بن الزبير كان يلعب مع الصبيان في الطريق فلما مر عمر بن الخطاب فرّوا ووقف! فقال له عمر: لِمَ لمْ تفر مع أصحابك. فقال: يا أمير المؤمنين لم أجرم فأخافك، ولم يكن في الطريق ضيق فأوسع لك.
وأول ما عرف به سؤدد خالد القسري أنه مرّ في بعض الطريق وهو غلام فأوطأ فرسه صبياً فوقف عليه، فوجده لا يتحرك فأمر غلامه فحمله ثم انتهى به أول مجلس مر به فقال: إن حدث بهذا الغلام حدث الموت فأنا صاحبه أوطأته فرسي وأنا لا أعلم.
وأول ما عرف به شرف الحسن بن زيد أن أباه توفي وهو غلام حدث وترك ديْناً على أهله أربعة آلاف دينار، فحلف الحسن بن زيد أن لا يظل رأسه سقف بيت إلا سقف مسجد أو بيت رجل يكلمه في حاجة حتى يقضي دين أبيه فلم يظله حتى قضى دين أبيه.
الطفل بين عطوفة الدلال وسندان القسوة:
يحتار بعض الآباء في اتخاذ أي المسلكين منهجاً ثابتاً للتعامل مع الولد. أما التدليل فقد نص علماء النفس على أن الإسراف فيه له عواقب وخيمة ويقصد بالتدليل قضاء كل ما يريده الطفل مهما كان سخيفاً، وأن يكون الجميع رهن إشارته فلا شيء ينقصه ولا يضايقه، والطفل المدلل يأخذ ولا يعطي مما يؤدي به إلى:
1 - الشعور بالنقص حين يواجه العالم الخارجي، حيث تعود أن يكون محط الأنظار مما قد لا يتوفر له فيفقد ثقته في نفسه.
2 - يتحامل على الناس ويشعر بالاضطهاد مما يهدم شخصيته.
3 - يعيش في صراع نفسي بين رغبته في توكيد ذاته أو الاتكال على الآخرين كما تعود.
4 - عدم تدريبه على أي مسؤولية أو قيمة أو نظام بدءًا بألعابه المرمية، أو استذكاره لدروسه.
عود على بدء..
وليس معنى هذا عدم إظهار المحبة والرحمة بالطفل، فإذا لم تتحقق المحبة للأولاد بالشكل الكافي المتزن؛ نشأ الطفل منحرفاً في مجتمعه ولا يحسن التآلف مع الآخرين ولا يستطيع التعاون أو تقديم التضحيات، وقد يكبر فلا يستطيع أن يكون أباً رحيماً أو زوجاً متزناً.
مشنقة القصوة
نص علماء النفس على أن محاسبة الطفل على كل كبيرة وصغيرة تولد الكراهية للسلطة الأبوية، فيتخذ منهم موقفاً عدائياً، قد يدفعه إلى الجنوح وقد يستسلم الطفل ولكنه استسلام مبطن بالحقد والكراهية وهذه الطاعة العمياء:
1 - تبث فيه الشعور بالنقص وتميت ثقته في نفسه.
2 - تقتل فيه روح الاستقلال والمنافسة مع الآخرين.
3 - تجعله عاجزاً عن الدفاع عن حقوقه والتعبير عن دواخله.
وقد يتطور هذا المسلك عند بعض الوالدين إلى نبذ الطفل وذلك بإهماله والتنكر له أو الإسراف في تهديده أو عقابه، أو السخرية منه أو إيثار إخوته عليه، أو طرده من المنزل وهذه من أحد أسباب جنوح الطفل.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/245)
أبناؤنا في حلقات القرآن
د . إبراهيم الدويش 22/2/1424
24/04/2003
من البشائر والحمد لله أن هناك الكثير من الأبناء الصغار والكبار والذكور والإناث الذين أتموا حفظهم للقرآن، فأصبحوا منارات إشعاع وفخراً لنا جميعاً، وهذه بشائر تلوح في الأفق تعلن سلامة المنهج والسير على طريق سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.
وكل ذلك إنما هو بفضل الله أولاً، ثم بفضل مثل هذه المناشط التي تعتني بتحفيظ القرآن من مدارس ودور تحفيظ، والمنتشرة في ربوع البلاد الإسلامية، فجزى الله المسؤلين والقائمين عليها خير الجزاء.
وفي الحقيقة، كم نود أن تعتني هذه المحاضن -علاوة على الحفظ بتربية النشء- على فهم القرآن، وتشجيعهم على تدبر معانيه، فإن الكثير إذا حفظ وتخرج توقف بعد ذلك وربما نسي أو ظل يراجع ويجاهد نفسه جهادا على تذاكره، ولو تفطن هؤلاء لتدبره ما نسوه بل لسهل عليهم حفظه، ولتذوقوا معانيه وفرحوا به فرحاً عظيماً.
وكذلك، لو تنبه القائمون على هذه المحاضن لتعليم النشء تدبر القرآن لوجدوا الإجابة الشافية الكافية لتساؤلاتهم الكثيرة حول ضعف إيمان بعض الطلاب في الحلق، وسوء أخلاق بعضهم وتساهل البعض، إلى غير ذلك مما نسمعه كلما جلسنا والتقينا ..
أما السلف الصالح فقد تنبهوا إلى هذا وفهموا أن المقصود من تلاوة القرآن ليس مجرد التلاوة وتحريك اللسان به دون فهم أو بيان، قال تعالى:"وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ"[البقرة: 78].
قال الشوكاني قيل: (الأماني: التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر.
وقال ابن القيم:ذم الله المحرفين لكتابه، والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني .
ولما راجع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي - صلى الله عليه وسلم- في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".فدل على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود بتلاوته لا مجرد التلاوة، وروى حذيفة رضي الله عنه :"أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فكان يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ"، فهذا تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ.
وعن ابن عمر - رضي الله عنه- قال:"كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن،وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به .وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به" (الجامع لأحكام القرآن،1/39-40 وانظر مجلة المجتمع عدد 1216).
ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم- لا يتجاوزون العشر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل، كما نقل أبو عبد الرحمن السلمي عن عثمان وابن مسعود وأبي كعب رضي الله عنهم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا".(الجامع لأحكام القرآن، 1/39، وعزاه إلى كتاب أبي عمرو الداني (البيان)، والطبري، 1/60، 72) .
وهذا يدل على أن الصحابة - رضي الله عنهم- كانوا يتعلمون التفسير مع التلاوة،"وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ".فكان البيان منه - صلى الله عليه وسلم - بالألفاظ والمعاني،"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" والله تعالى يقول:"كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ".
وتدبروا هذا الموقف الذي يرويه المطلب بن عبد الله قال:"قرأ ابن الزبير رضي الله عنهما آية، فوقف عندها أسهرته حتى أصبح، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني قرأت آية وقفت الليلة عندها فأسهرتني حتى أصبحت:" وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ"[يوسف : 106]؟ فقال ابن عباس:لا تسهرك إنما عني بها المشركون . ثم قرأ:" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ"[ لقمان:25]،فهم يؤمنون هنا ويشركون بالله".(مختصر قيام الليل للمروزي، ص 149).
وفي موطأ مالك - رحمه الله- أنه بلغه:"أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها"(الموطأ1/205؛وابن سعد في الطبقات عن أبي مليح عن ميمون عن ابن عمر).
وعن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزوراً".(انظر:الجامع لأحكام القرآن، 1/40؛ وتهذيب سير أعلام النبلاء، 1/35 ،وابن سعد في الطبقات 4/121).
وسفيان بن عيينة يقول: أول العلم: الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ .
فيا أيها القائمون والقائمات على حلق القرآن: هذا هو منهج السلف في قراءة وحفظ القرآن، فهل نراجع أنفسنا ونصحح المسار، والكلام في هذا يحتاج لبسط وتفصيل ليس هذا مقامه، لكني أختمه بكلام جميل نفيس لأحمد بن أبي الحواري، حيث يقول:"إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ القرآن؛ كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله! أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه فتلذذوا به، واستحلوا المناجاة،؛ لذهب عنهم النوم فرحا بما قد رزقوا" (انظر:لطائف المعارف،ص 203).
ويؤكد هذا الزركشي بقوله(البرهان 2/171): "من لم يكن له علم وفهم وتقوى وتدبر، لم يدرك من لذة القرآن شيئا ".
ويقول ابن جرير الطبري (معجم الأدباء، 18/63):"إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذ بقراءته!. ويقول أيضاً(مقدمة في أصول التفسير، ص2): "وحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن ".
وأقول: بل هي اليوم أحوج ما تكون لفهم القرآن، نسأل الله الكريم المنان، أن يمن علينا بتدبر القرآن، وأن نجد حلاوته عند تلاوته،ونعوذ بالله من قلب لا يخشع، وعين لا تدمع، اللهم اجعلنا من أهل القرآن،الذين هم أهله وخاصته، ومن مفاتيح الخير والعطاء، اللهم عظم حب القرآن في قلوبنا، وقلوب أبنائنا، واجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا،وارزقنا تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم آمين .
ـــــــــــــــــــ(101/246)
كيف أتعامل مع ابنتي المراهقة
هذه بعض التوجيهات للأم عن كيفية التعامل مع ابنتها المراهقة..
أسأل الله أن يُنتفع بها..
•*يجب أن يكون عند الأم الوعي الكافي عن كيفية هذه المرحلة؟وكيفية التعامل معها..
وهناك الكثير من الكتب التي تبحث في هذا المجال.
•*يجب أن تتقرب الأم من ابنتها المراهقة قدر الامكان ويجب عليها تعويدها مسبقا على الصراحة والوضوح.. يجب أن تكون الأم... أما وصديقة وأختا.. لأبنتها..
•*أن تفتح الأم مجالا للحوار والمناقشة مع ابنتها وإعطائها المجال في التفكير والتعبير عن رأيها وعما يدور في نفسها... هذه كله سيعزز الثقة ما بين الابنة وأمها... ويقربهما من بعضهما..
•*يجب على الأم ألا تخجل في التحدث مع ابنتها عن سن البلوغ وعن التغيرات التي يمكن ان تحدث مع ابنتها في هذه المرحلة... لجعل الفتاة واعية... وان لا تصدم بشيء بعد ذلك...
•*أن تغرس الأم في ابنتها حب الدين والانتماء إليه... والاقتداء بالصحابيات الصالحات من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته ونساء الصحابة... منذ صغرها... لكي لا تبحث عن قدوة أخرى... وربما تكون فاسدة مثل المغنيين والممثلين وعارضات الأزياء وملكات الجمال....
•*يجب على الأم أن تعلم من هي صديقات ابنتها.. من الذين تمشي معهم وتذهب وتأتي معهم؟؟؟ يجب عليها أن تتأكد من حسن خلق ودين صديقاتها... وأن تتابعها في علاقاتها معهن.. ولا بأس من المراقبة ولكن بشكل غير مباشر حتى لا تفقد الثقة بنفسها.
•*أن تساعد ابنتها على قضاء وقت الفراغ...
فكما نعلم يمكن للفراغ أن يكون قاتلا.. لكن أنت أيتها الأم يمكنك أن تملئي فراغ ابنتك أو أن تساعديها على ذلك... فمثلا شجعيها على حفظ القرآن وتعلم أحكامه...
ولا مانع أن تشاركيها الحفظ... فتشجعيها بذلك... ومن الجميل أن تشجعيها بتقديم الهدايا لها أن حفظت جيدا.. فترفعين من معنوياتها وتحببينها في الحفظ...
•*عدم التهاون بمشاعر الابنة المراهقة... وسماعها.. وعدم الاستخفاف بكلامها وآرائها.. فهذا كله سيفقدها الثقة في الأم ومن ثم ثقتها في نفسها.. وبذلك لن تكون الأم هي ملجأ الابنة عندما تريد البوح والتحدث عما يدور في نفسها.. فتبحث عن ملجأ آخر.
http://www.almeshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/247)
أطفال اللاجئين ضحية السياسة
محمد عبد الفتاح 8/2/1424
10/04/2003
إن أقسى ما في القضية هو شعور الفلسطينيين بأن من يقوم بتكريس مأساتهم ليس الصهاينة فقط، وإنما بعض الدول العربية التي يعاني فيها هؤلاء من ظلم ذوي القربى بصورة محزنة جداً، فالعدو الصهيوني يقتل ويدمّر علناً دون محاسبة، بينما يقوم بعض العرب بقتل كرامة وإنسانية فئة كبيرة من اللاجئين والنازحين باسم الحفاظ على هويتهم حيناً ومن أجل الكيانية الفلسطينية أحياناً أخرى، فقد طردهم الصهاينة من أرضهم ويحاول البعض الإجهاز عليهم، حيث هم من خلال وضعهم في ظروف لا يتصورها إنسان فضلاً عن كونه عربياً ومسلماً.
وتتجلى هذه المأساة لدى الأطفال الفلسطينيين الذين أظهرت دراسة نشرها مركز دراسات اللاجئين التابع للأمم المتحدة حجم هذه المشكلة وآثارها السلبية على الأطفال وانعكاسها على توجهاتهم المستقبلية، وأوضحت الدراسة المنشورة في العدد 15 من نشرة الهجرة القسرية شوال/ كانون الأول 2002 أن هؤلاء الأطفال ضحايا الاحتلال الصهيوني والأنظمة العربية في آن واحدٍ معاً.
وتأتي هذه الدراسة لرأب الصدع النظري والتطبيقي الشائع في معظم الأبحاث التي كتبت عن اللاجئين وأولادهم، حيث يتم تصويرهم على أساس إنسانية مبنية على أساس النموذج الغربي لنمو الأطفال، في حين أن الواقع العلمي يؤكد أن الجميع يساهم في قتل طفولة الفلسطينيين وخلق تحديات ومشاكل تحول دون منح الفرصة لهم جميعاً للحصول على متطلبات الحياة المناسبة، التي تؤهلهم لمستقبل واعد كبقية أطفال العالم.
وقد برز من خلال الدراسة الفهم المشوّه وغير الواضح للتاريخ الفلسطيني، إضافة إلى تداخل المعلومات والأسماء والتواريخ بصورة كبيرة، إلى جانب أن الفترة ما بين حرب حزيران 1967 وبداية عقد التسعينات من القرن الماضي تبدو غائبة عن أذهان الأطفال الفلسطينيين، وتؤكد الدراسة أن السبب هو عدم توفر أي منهاج تعليم فلسطيني في مدارس الأونروا في الدول العربية "أو الضفة الغربية وغزة، حيث على مدارس وكالة الغوث أن تتبع منهاج الدول العربية المضيفة، وبالتالي رؤية هذه الدول للأحداث الفلسطينية أو حتى غيرها.
أما الفتيات الفلسطينيات فإن المشكلة لديهنّ مضاعفة، حيث تعاني الفتاة الفلسطينية -إلى جانب كل المشاكل السابقة- من الحرمان من فرصة التعليم في أكثر الأحيان، حتى تذهب الفرصة لإخواتهنّ أملاً في تحسين الأوضاع الاقتصادية أولاً، ورغبة من الأهل باقتصاد النفقات الآنية إلى أكبر درجة، بل إن التقرير يشير إلى أن الزواج " المرتّب" أو المبكّر جداً لا يزال واسع الانتشار، وهو ما سيؤثر حقاً على وعي وتربية أبناء المستقبل الذين حُرم أهلهم من الحصول على التعليم والصحة والظروف الإنسانية الملائمة للحياة الكريمة.
ويمكن القول -بشيء من المجازفة- إن أطفال فلسطين يتم خلق المشاكل النفسية والصحية والتعليمية لديهم خلقاً، لإيجاد إنسان فلسطيني عاجز عن المطالبة بحقوقه الإنسانية فضلاً عن حقوقه الوطنية في أرضه ومقدساته، فمن الشكوى الجماعية من الاكتظاظ الكبير في المدارس إلى انعدام فرص الخلود للنفس (الخلوة) إلى انعدام وجود مساحات خضراء، مروراً بشبكات الصرف الصحي السيئة وانعدام الخدمات العامة. وانعدام وجود المكتبات العامة كذلك، أو أماكن اللعب والنوادي، فالمساحات العامة الوحيدة المتوفرة خارج البيوت هي الشوارع والأزقة بين البنايات.
إن النتيجة التي تخرج بها الدراسة حول الأطفال والمراهقين الفلسطينيين أنهم أفراد نشطون ذوو وعي وإدراك سياسي رغم كل أوضاعهم المأساوية تحملوا ويتحملون عبء ومسؤولية الاعتناء بأنفسهم وعائلاتهم، وهم يدركون مدى الظلم وعدم المساواة الفاضح، وغياب البنى التحتية، والفرص والحقوق التي ورثوها، ويتمثل ردّهم على هذه الأوضاع في تركهم المدارس قبل الأوان والبحث عن عمل أو الزواج المبكر، وهم في كل هذا يتعمدون على دعم ومساندة عائلاتهم وأقربائهم ضمن المجتمع المحلي".
من أجل فلسطين وبين من يعيش ويبني مجده وثروته على هموم ومأساة الشعب الفلسطيني، فهؤلاء الأطفال نموذج صغير لما يعيشه اللاجئون بشكل عام، إلى درجة أن بعضهم يشعر بأن الاحتلال الصهيوني أقلّ إيلاماً من أوضاعهم في مخيمات اللجوء، فذلك عدو ولا تتوقع منه الإحسان إليك، أما أن يمارس أبشع السلوكيات، ويخلق أسوأ الظروف بحجة دعم قضية فلسطين فذلك أمر مقيت.
ـــــــــــــــــــ(101/248)
اجعل ابنك طائرة أنت قائدها !
التعامل مع الابن المراهق يشبه كثيراً التحكم بالطائرة، فأنت مضطر دائماً إلى أن تطبق هذه التعليمات:
1- اجعل الطائرة (ابنك) في مجال رؤيتك وراقبه على شاشة الرادار.
2- عندما يكون هناك عطل ما أو تأخير في وصول الطائرة فعليك أن تصلح هذا العطل وتعيد جدولة رحلة الطيران القادمة.
3- لا تستطيع ترك عملك كمراقب ومتحكم في الطائرة (ابنك) إلا إذا سلمت هذه المأمورية لمن تثق به كي ينوب عنك.
4- عندما تتعرض الطائرة لبعض المطبات، عليك الالتزام بعملك والقيام بواجبك، فلا يوجد شيء آخر أكثر أهمية في هذا الموقف.
5-من اكبر الأخطار فقدان الاتصال بالطائرة (ابنك) وإذا حدث هذا لابد وأن تبذل أقصى جهدك لإعادة الاتصال به.
الآباء كمراقبي حركة الطيران في المطار يتحملون عبئاً وقدراً عاليا من الضغط، وكثيراً منهم من يتخلى عن هذه الوظيفة بسهولة اعتقاداًً منهم أنهم يتركون الفرصة لأبنائهم ليكبروا بحرية، ولكنهم في هذه الحالة يتركون أبناءهم (الطائرة) بدون خط سير واضح للطيران، وكثيراً ما تحدث المشاكل بعيداً عن برج المراقبة.
وحتى لا تصادف طائرتك الكثير من المطبات تعرف على أجهزتها الدقيقة وتعرف على ما يقلق ابنك.
خمسة أشياء تقلق الشاب:
عندما يعرف الآباء ما يقلق أبناءهم ويفهمونه، يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع هذا الابن وتقدير مشاعره السلبية ومساعدته على التغلب عليها، ومن الأشياء الرئيسية التي تقلق الأبناء المراهقين ما يلي:
1-رأي الآخرين:
مهم جداً لدى المراهق ما سيقوله الأصدقاء عنه، فهو دائماً يخشى نظرة الآخرين له ولذلك فهو يحاول أن يختار دائماً الأفضل من وجهة نظر الآخرين. وهنا تأتي أهمية زرع الثقة في نفس الابن من الصغر من أجل التغلب على هذه المشكلة.
2- العلامات المدرسية:
إن الأبناء في قرارة أنفسهم يعلمون أن الدرجات العالية هي طريقهم لكسب احترام الآخرين، فإذا كنت أباً لأحد منهم فهناك الكثير من الوسائل التي تزرع بها في نفس ابنك الثقة عن طريق مساعدته للوصول إلى مستوى دراسي معين أو البحث معه عن هواية يحبها يشعر عندما يمارسها بهذا التفوق.
3-الوقت:
لابد وأن تركز على تعليم ابنك أهمية الوقت وكيفية التعامل مع الأولويات وكيفية تنظيم وقته، فالأبناء كثيرو الشكوى من ضيق الوقت.. والأفضل أن تبدأ الآن تعليمه أن الحياة بها الكثير من الأشياء التي يمكن أن يقوم بها.
4-المشاكل العائلية:
مهما حاول الآباء إخفاء مشاكلهم سواءً المالية أو العاطفية عن أبنائهم الكبار، إلا أن الأبناء لديهم مقدرة ليستشفوا هذه المشاكل ويتأثروا بها، والأفضل هنا أن يتحدث الوالدان مع الأبناء عن هذه المشاكل بصورة بسيطة، وأن يشعروا الأبناء أن لديهم عدداً من الحلول، وأنهم بصدد الوصول لحل معين، فهذا من شأنه أن يعلمهم أن لكل مشكلة حلاً إذا حاول الإنسان الوصول إليه.. كما تشعرهم بأهميتهم في المنزل.
5- المستقبل:
قلق الأبناء يبدأ عندما يشعرون بأن عليهم أن يختاروا كلية معينة لتكملة دراستهم، ماذا سوف يدرس وما هي الوظيفة التي سيبحث عنها.
ودور الآباء في هذه الأثناء أن يخرجوا من شخصية أبنائهم الجزء الذي هم ناجحون فيه سواءً العملي أو الشخصي مثل: مقدرتهم على تحمل الضغوط أو مقدرتهم على استخدام الكمبيوتر أو حبهم للقراءة والكتابة..
ويضعوا يد الأبناء على هذا الجزء ليعرفوا إمكانياتهم، وأنه سيكون لهم مكان في المجتمع إذا أتقنوا هذا العمل وتفوقوا فيه.
http://www.alnadwa.net المصدر:
من الفأس إلى عالية القراءات
فلاح يزرع حب القرآن في أسرته
حوار. عز الدين فرحات 7/2/1424
09/04/2003
الشيخ رشاد عبد اللطيف أحمد مدرس القرآن الكريم بمعهد القرآن بالرياض بدأ مع القرآن متأخرا
فأتم حفظ القرآن وحصل على عالية القراءات خلال فترة وجيزة وحفظ أبناؤه القرآن الكريم وهم في السابعة من أعمارهم.
كيف تم له ذلك ؟! هذا ما سنحاول التعرف عليه من خلال هذا اللقاء.
فضيلة الشيخ رشاد مرحبا بكم في موقع الإسلام اليوم ونود في البداية التعرف على شخصكم الكريم.
مرحبا بكم وأهلا وسهلا .
أخوكم رشاد عبد اللطيف أحمد - من محافظة الشرقية - مصر
مُدرس قرآن كريم
العمر : 42 سنة ، متزوج وأب لبنت واحدة وأربعة أبناء
فضيلة الشيخ: كيف كانت بدايتكم مع القرآن الكريم؟
*** كانت البداية متأخرة إلى حد ما في سن الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة. كنت أعمل بالزراعة، ولم أحصل على أي مؤهل دراسي، وفي الثامنة عشرة من عمري أصبت بمرض في يدي، فأقعدني عن العمل وكانت هذه البداية، ولا أحد يدري أين الخير، فقد كان مرضي سبباً لتفرغي للقرآن الكريم.
حضرت إحدى حلقات التلاوة في مسجد القرية، ولكني لم أستطع قراءة آية صحيحة، حتى إن القائمين على الحلقة توقفوا عن التصحيح لي لكثرة أخطائي، وبسبب ما تعرضت له من الحرج تولد في نفسي إصرار عجيب على حفظ القرآن الكريم وتجويده، فكنت أستمع إلى الآيات من خلال شرائط الكاسيت، ثم أردد بعدها وأحفظها كما أسمعها، حتى أتممت حفظ سبعة أجزاء خلال العام الذي مرضت فيه، ثم جاءت فترة التجنيد بالقوات المسلحة لمدة ثلاث سنوات، وخلال هذه الفترة التحقت بمعهد القراءات بالزقازيق بعد ما أتممت حفظ نصف القرآن، فحصلت على إجازة حفص قبل إتمام حفظ القرآن الكريم.
وبعد انتهاء فترة التجنيد التحقت بالعمل كمؤذن ومقيم شعائر في أحد المساجد، وكانت فرصة لإتمام حفظ القرآن الكريم، وقد منَّ الله عليَّ بإتمام حفظه سنة 1984م وكنت في الرابعة والعشرين من عمري.
ثم حصلت على شهادة عالية القراءات سنة 1988م.
علمنا أن أربعة من أبنائك يحفظون القرآن الكريم، متى أتموا الحفظ؟
*** نعم لقد منَّ الله - تعالى- عليَّ بأن حفظ أربعة من أولادي القرآن الكريم ،
- البنت وهي أكبر الأولاد، وقد أتمت حفظ القرآن الكريم وهي في الثامنة من عمرها .
- إسلام أتم 9 أجزاء قبل المدرسة، وختم وكان عمره سبع سنوات وشهر واحد وثلاثة عشر يوماً.
- مصعب أتم حفظ 6 أجزاء قبل المدرسة، وختم وكان عمره سبع سنوات وثلاثة أشهر .
- عزام ختم وعمره سبع سنوات.
- والابن الأخير خمس سنوات الآن وهو في البدايات وأدعو الله - تعالى- أن يعينه ويختم كما ختم إخوته حفظ القرآن في السابعة من عمره.
كيف استطعت أن تصل مع أبنائك إلى هذه النتيجة؟ وما البرنامج الذي اتبعته معهم ؟
*** أولاً: كان قول الله - تعالى- من آخر سورة الفرقان ماثلاً أمام عيني دائماً، وحاضراً في ذهني وهو قوله " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً" وخير إمامة هي إمامة الدين وقوامها وعمودها القرآن الكريم، من هنا كان حرصي على أن يحفظ أبنائي القرآن الكريم.
ثانياً: إشعار الأولاد بأهمية القرآن، وأنه مقدم على أي عمل، فكنت أبدأ متابعتهم بالقرآن قبل متابعتهم في واجباتهم المدرسية، وبالنسبة للأم فقد كان اهتمامها بالمراجعة معهم مقدم حتى على أعمال المنزل، من هنا شعر الأولاد باهتمام البيت بكل أفراده بالقرآن، في هذا الجو لم يكن هناك ما يشغلهم غير القرآن الكريم.
ثالثاً: بالنسبة لبرنامج الحفظ فكنت أقوم بتسجيل السورة والمقطع الذي سيحفظه الابن بصوتي على شريط كاسيت، وأكررها على كامل الشريط ويقوم الولد بالسماع والترديد، ومع نهاية الشريط يكون الولد قد حفظ السورة نتيجة التكرار، هذا مع الأولاد قبل المدرسة، أما بعد المدرسة فأصحح لهم من خلال القراءة من المصحف .
لا بد من المتابعة اليومية، فلا بد من تسميع الواجب المقرر على الولد يومياً، وقد كنت أحياناً أظل مع الولد حتى الواحدة صباحاً أو الثانية صباحاً حتى ينجز مقرره من الحفظ؛ لأنه لو أهمل في يوم فسوف يهمل في غيره.
هل كنت تقوم بكل الجهد مع أبنائك وحدك؟
*** في البداية كان الجهد عليَّ وحدي مع بعض المساعدة من أم الأولاد خصوصاً مع البنت والولد الأكبر، ثم بعد ذلك وحين أتمت البنت وأتم الولد الأكبر حفظ القرآن بدأوا يقومون بدور المساعد، فيراجعون لإخوانهم الأصغر منهم، ولكن على أي حال القراءة الأولى للتصحيح لا بد أن أقوم بها بنفسي، ثم يقومون هم بعد ذلك بالمراجعة بعضهم لبعض.
ألا يشعر أبناؤك بالملل والضيق من ذلك ؟
*** طبيعي إنهم أطفال ويرغبون في اللعب، ولكن فسحة اللعب كانت تؤخَّر إلى ما بعد الانتهاء من القرآن، ثم من باب تشجيعهم فإنني أعتبر نفسي مثلهم عليَّ قسط من المراجعة اليومية، واجعل واحداً منهم يراجع لي وأسمع له وأحرص ألا أخطئ في التلاوة لأكون قدوة لهم .
و أين دور الأم؟
*** لها دور كبير في المراجعة للأولاد، وهي مقدمة على أعمال المنزل مما يشعر الأولاد بأهمية القرآن وأنه مقدم على أي شيء .
ما شعورك كلما ختم أحد أبنائك القرآن الكريم؟ وما شعور الأولاد أنفسهم بذلك؟
***:أما أنا فأشعر كأنني أديت مهمة عظيمة، وأن الولد قد حصل على أعظم شهادة، شهادة حفظ القرآن، بل هي أفضل من إنهاء الدراسة الجامعية، ثم إني أشعر بالفخر بهم بين الناس فخراً حقيقياً وتشجيعاً لهم..
وأما شعور الأولاد فهو شعور الفخر على زملائهم وأصدقائهم بأنهم يحفظون القرآن الكريم.
ورد في الأثر: ( من أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن ومن أرادهما معاً فعليه بالقرآن..)، هل ترى لهذا واقعاً في حياتك؟
***: نعم وبكل تأكيد، فقد كنت في البداية عاملاً زراعياً، وحين حفظت القرآن الكريم تحولت حياتي إلى خير عظيم، ويسر الله لي العمل بالرياض كمحفظ للقرآن الكريم أولاً ثم مدرساً في معهد القرآن والحمد لله -تعالى- وأدعوه -عز وجل- أن يرزقني به خير الآخرة.
بصفتكم تعملون في حلقات التحفيظ كلمة توجهها لمشرفي الحلقات:
***: أولاً الاستعانة بالله - عز وجل-
ثانياً : التواصل مع أهل الطالب، ولا بد من التكامل بين دور كل منهما.
ثالثاً: الحرص على التسميع والمتابعة الدقيقة مع استخدام أسلوب الترغيب ثم الترغيب ثم الترغيب وأخيرا الترهيب.
نصيحة لمن يريدون حفظ القرآن الكريم
***: أولاً: تقوى الله - عز وجل- " واتقوا الله ويعلمكم الله"
ثانياً: العزيمة الصادقة
ثالثاً: إزالة العوائق النفسية وأوهام عدم القدرة على الحفظ، بل يوقن الشخص أنه قادر على الحفظ ويعزم، فسوف يحفظ بإذن الله.
رابعاً: الحرص دائماً على حفظ الجديد كل يوم ولو آية واحدة ( خير العمل أدومه وإن قل).
نصيحة للآباء الذين يريدون لأبنائهم حفظ القرآن الكريم
***: أولاً: أصل الحفظ بالتلقين، قال تعالى : " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه" من هنا لا بد من تلقين الأبناء الآيات أولاً عن طريق الأب إذا كان مجيداً، أو إلحاقهم بحلقات التحفيظ في المساجد.
ثانياً : حلقات التحفيظ بداية وليست النهاية.
ثالثاً: لا بد من المتابعة الدقيقة كما يتابع الطالب في مستواه الدراسي وواجباته المدرسية، أو أشد متابعة ودقة.
رابعاً: الترغيب ثم الترغيب ثم الترغيب وأخيراً الترهيب.
جزاكم الله خيراً، ونفعكم الله بالقرآن، ونفع المسلمين بكم.
ـــــــــــــــــــ(101/249)
التعامل مع الأطفال أثناء الأزمات
د. ساجد العبدلي 20/1/1424
23/03/2003
يعتبر الأطفال أشد الفئات العمرية تأثرا بالأوضاع الناجمة عن الظروف الصعبة، ويرجع ذلك إلى قلة خبرتهم المعرفية والحياتية، ومحدودية آليات التكيف التي يمتلكونها، ناهيك عن أنهم يعيشون في عالم من الخيال الواسع الذي يصور لهم الأحداث بصورة أكبر بكثير من حجمها الحقيقي.
وتشمل آثار الظروف الصعبة عدة جوانب في حياة الطفل، تتمثل غالبيتها في التهديد الموجه نحو تلبية احتياجاته المادية والنفسية الأساسية، والتي تعتمد بشكل مباشر على أفراد أسرته والراشدين من حوله، ولذا فان للبيئة المتوافرة له أهمية خاصة في مساعدته على استعادة قدرته على التكيف، والعودة إلى النمط الطبيعي. وعلى الرغم من أن الأطفال من مختلف الفئات العمرية يتأثرون بالأوضاع الصعبة، إلا أنه يبقى هناك تفاوت كبير بينهم في درجة وكيفية تأثرهم بها. ويعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية يمكن تلخيصها كالتالي:
1- يلعب إدراك الطفل للحدث الصعب دورا رئيسيا في تحديد المعنى الخاص والذاتي لهذا الحدث بالنسبة إليه، وهذا يعني أن الذين يشاهدون منهم حدثا معينا يتأثرون به بطرق مختلفة بحسب المعنى الخاص الذي يعطيه كل واحد منهم للحدث، وهذا الأمر يعتمد بدوره على المميزات الشخصية الخاصة بهم.
2- حدة الضغوط النفسية الناجمة عن الظروف الصعبة، والتي تستند إلى حجم ونوع التغيرات التي تطرأ على حياة الطفل وقدرته على السيطرة عليها.
3- الخصائص الشخصية للطفل -الذي يتعرض للأزمة تلعب دورا- مهما في درجة تأثره بها. وتشمل هذه الخصائص:
- طبيعة مرحلته العمرية.
- أسلوب تعامله مع الوضع الصعب، ويشمل ذلك حدة القلق وقدرته على التحدث عن الحدث.
- وجود خبرة سابقة مهما كانت فيما يتعلق بأوضاع صعبة مشابهة أو غير مشابهة، مثل الفقدان والتعرض للعنف وغيرها.
- المعنى الخاص الذي يعطيه كل طفل للحدث بحسب حصيلته المعرفية والتجاربية والخيالية.
4- توافر جهاز الدعم العائلي والذي يلعب دورا مساعدا أو معوقا للطفل في عملية تكيفه.
كيف يختبر الأطفال الوضع الصعب؟
يختبر الأطفال والراشدون على حد سواء الحدث الصادم على شكل ردود أفعال تؤثر على عدة نواح من حياتهم. ففي المرحلة الأولية ينتاب الأفراد شعور بعدم التصديق والترقب لحدوث ما هو أشد سوءا، وتغلب عليهم مشاعر الخوف والقلق، والغضب والحزن بشكل مكثف، وقد يواجهون نوعا من الجمود في مشاعرهم. وفي الأيام التالية قد يعمدون إلى تجنب ما يذكرهم بالصدمة المباشرة، بينما يقومون بمراجعة الحدث بشكل متكرر، ويتأثر (روتين) حياتهم اليومي فيشعرون بالتشتت وعدم القدرة على مزاولة نشاطاتهم اليومية كالسابق. وقد يصحب هذا الوضع مشاعر الذنب ولوم الذات، كما يجد معظم الأشخاص صعوبة في التركيز وفي الخلود إلى النوم، بينما يلجأ البعض الآخر إلى النوم المتواصل للهرب من مواجهة الواقع المؤلم ومشاعر العجز. وبالإضافة إلى ما سبق فإن ردود فعل الأطفال قد تتميز بما يلي:
1-. الشعور بالخوف والقلق.
2- حدوث الكوابيس المتكررة التي تتخللها مشاهد الحدث.
3- النوم المتقطع.
4- ظهور سلوكيات عدوانية موجهة ضد الآخرين.
5- العزوف عن الطعام أو الإفراط في تناوله.
6- انخفاض الأداء المدرسي.
7- ردود فعل فسيولوجية مثل: التبول اللاإرادي وازدياد حالات الإثارة والتوتر.
8- ظهور حالات من الإمساك أو الإسهال.
9- التعلق القَلِق بالوالدين من خلال الخوف من الانفصال عنهم.
10- تضاؤل الاشتراك في النشاطات الخارجية وقلة اهتمامه باللعب.
11- الخوف الواضح من البرامج التلفزيونية التي تحتوي مشاهد عنيفة.
إرشادات عامة في التعامل مع الأطفال أثناء الأزمات
1-يجب ألا يفترض الوالدان أنه ليس لدى الأطفال أي معرفة عن الأشياء التي سوف تحدث، وذلك لأن من المؤكد أنهم يعرفون أكثر مما قد يعتقد الوالدان. فالأطفال يكتشفون الأحداث من خلال متابعتهم للبرامج التلفزيونية أو من خلال تواصلهم مع الآخرين. ولذلك على الوالدين أن يقوما بتصحيح المعلومات غير الكافية، أو التي تنقصها الدقة وسوء الفهم من دون اللجوء إلى تقديم أي شيء غير واقعي أو غير حقيقي.
2- يجب أن يتواجد الوالدان وأن يستمعا لأطفالهما، وأن يعرَّفوهم أنه أمر طبيعي أن يتحدثوا عن الحدث الصعب، وهنا يجب أن يستمعا لما قد يفكر فيه الأطفال ويشعرون به دون إبداء أي استخفاف أو سخرية، فمن خلال الاستماع يستطيعان أن يعرفا طبيعة الدعم الذي يحتاجه أطفالهما. كما يجب عليهما أن يكونا مستعدين للإجابة عن جميع أسئلة الأطفال حتى وإن بدت غريبة أو سخيفة.
3- يجب على الوالدين أن يتشاركا بمشاعرهما مع أطفالهما، وأن يخبروهم بأنهما يشعران أيضاً بالخوف والغضب من الأحداث، حيث إن ذلك يساعد الأطفال على أن يعرفوا أن الراشدين أيضا يشعرون بالضيق عند التفكير بالحدث القادم، وإذا ما أخبرهم الوالدان بمشاعرهما فيجب عليهما إخبارهم بالطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه المشاعر دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة مشاعر الاضطراب عند الأطفال.
4- يجب استخدام وسائل اتصال مختلفة لتسهيل عملية تعبير الأطفال عن مشاعرهم: وذلك بترك المجال لهم حتى يعبروا بحرية عما يجيش بداخلهم من مشاعر وأحاسيس، ومخاوف وأفكار، وتشجيعهم للتعبير عن أنفسهم بكل السبل كالرسم والكتابة واللعب من دون تدخل من الكبار بالمواعظ أو الإرشادات، فمقاطعة الطفل الذي يصف مشاعره لها آثارها السلبية. وعدم احترام هذه المشاعر لا يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط والاضطراب.
5- يجب مساعدة الأطفال على الشعور بالأمن والاطمئنان، فعندما تحدث الأمور المأساوية كالحروب مثلا، يبدأ الأطفال بالشعور بالخوف من أن ما قد يحدث في ساحة الحرب يمكن أن يحدث لهم، لذا فمن المهم للوالدين أن يجعلوا الأطفال يشعرون بأنهم بمنحى عن موقع الخطر وأنهم سوف يفعلون ما بوسعهم لحمايتهم.
6- يجب التركيز على مشاعر الخوف لديهم، فبعد أن يكون الوالدان قد جعلا الطفل يشعر بالأمان والاطمئنان وبأنه ليس هناك أي مكروه سيصيبه شخصيا، فإنهما لا يجب أن يتوقفا عند هذا الحد، فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال يشعرون بالحزن أو الغضب أيضا، وهنا يجب على الوالدين أن يساعدوهم على التعبير عن هذه المشاعر، بالإضافة إلى تدعيم مشاعرهم بالتعاطف والاهتمام تجاه ما قد يتعرض له الآخرون.
محاذير يجب عدم الإقدام عليها
1- التخفيف عن الطفل ومشاعره باستعمال عبارات مثل «انس الأمر لقد انتهى كل شيء الآن»، وعوضا عن ذلك يمكن للوالدين أن يقولا للطفل «نفهم بأنك قلق ونرغب في مساعدتك».
2- قول أي شيء غير حقيقي أو غير واقعي مثل «إن الحرب سوف تنتهي قريبا».
3- إثارة آمال وعود غير حقيقية أو توقعات يصعب تحقيقها.
4- الحدة والمقاطعة أو الاستهزاء والسخرية في أثناء النقاش مع الأطفال.
5- عدم ترك مشاعر الشعور بالإحباط والغضب تنعكس بشكل مباشر على تعامل الوالدين مع أطفالهما.
وكخلاصة لما سبق، لا بد من معرفة أن الطفل - وعلى الرغم من محدودية قدراته التفكيرية- فإن قدراته وحاجاته الشعورية قد تكون وصلت إلى مرحلة حساسة تحتاج عناية وتعاملا خاصا، لذا يجب عدم تجاهل الوالدين لها والانتباه لها بشكل دقيق، خصوصا في أوقات الأزمات
ـــــــــــــــــــ(101/250)
بورك لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ رشده ورزقك بره
عبد الملك القاسم
الحمد لله الذي رزقك زوجة ولوداً، وجعلك ممن تخلفه ذريته. فكم من رجل عقيم لا يولد له ولد، وكم من امرأة كذلك. فهذه نعمة عظيمة الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف:46] ولهذا فاستقبل عطية الله - عز وجل - بفرح وسرور وشكر وحمد، ذكراً كانت هذه العطية أم أنثى. فيكفي أنه سليم الأعضاء، مكتمل النمو، خال من الأمراض، فتبارك الله أحسن الخالقين الذي وهب وأعطى بمنه وفضله: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً [الشورى:50،49] وقد وُلد للنبي أربع من البنات - رضي الله عنهن - ولما ولد لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل - رحمه الله -بنت قال: (الأنبياء آباء البنات، وقد جاء في البنات ما علمت) أي من فضل تربيتهن القيام عليهن. وكُره البنات من عادات الجاهلية؛ أما في الإسلام فإنهن من الأبواب الموصلة إلى الجنة قال: {من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا} وضم أصبعيه [رواه مسلم].
والأبناء في ميزان حسناتك إن أحسنت في تربيتهم وتوجيههم قال - صلى الله عليه وسلم -: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث} وذكر منها: {أو ولد صالح يدعو له} وقال: {إن العبد لترفع له الدرجة فيقول: أي ربّ أنّى لي هذا؟ فيقول: باستغفار ولدك لك من بعدك} [رواه أحمد].
وفي كثرة نسل أمة محمد ما لا يخفى من إخراج من يوحدون الله - عز وجل - ويقومون بحفظ هذا الدين ونشره قال رسول الله: {تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة} [رواه أحمد].
فهنيئاً لك هذه الزوجة المباركة التي تلد لك البنات وتنجب لك البنين.
وإليك بعضاً من سنن وآداب المولود:
1 - التأذين في أذن المولود:
لعل أول السنن إسماع المولود نداء الحق حتى ينشأ وهذا الصوت يتردد على مسامعه خمسة مرات كل يوم فيكون من المحبين له المسارعين إلى أداء هذا الركن العظيم، والأذان يكون في الأذن اليمنى، عن أبي رافع قال: {رأيت رسول الله أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة} [رواه أبو داود].
وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات الرب المتضمنة لكبريائه وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام.
2 - تحنيك المولود:
في الصحيحين من حديث أبي بردة عن أبي موسى قال: {ولد لي غلام فأتيت به النبي فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة - زاد البخاري: ودعا له بالبركة ودفعه إليّ} والتحنيك تليين التمرة ثم دلك حنك المولود بها بعد ولادته أو قريباً من ذلك، وذلك بوضع شيء من هذه التمرة على الأصبع ثم إدخال الأصبع في فمه، وتحريكه يميناً وشمالاً.
3 - تسمية المولود بالاسم الحسن:
الذي تتعبد الله - عز وجل - وتتقرب إليه به، ووقت التسمية إما في اليوم السابع من الولادة لحديث سمرة قال: قال رسول الله: {كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه} [رواه أحمد].
وقد تكون التسمية يوم الولادة لقول النبي: {ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم} [رواه مسلم]. ووقت التسمية فيه سعة ولله الحمد. ويقوم بالتسمية الأب والأم وهي من حق الأب في حال الاختلاف. إن شاء الأب سماه بنفسه وإن شاء أعطى الخيار لزوجته، وإن شاء اقترع معها، ويجوز أن يَكِلَ الأبوان التسمية إلى الجد أو الجدة أو أي شخص آخر.
ويسمى المولود بالأسماء الإسلامية وأحب الأسماء إلى الله - سبحانه و- تعالى - (عبد الله وعبد الرحمن) لحديث: {إن أحب أسمائكم إلى الله - عز وجل - عبد الله وعبد الرحمن} [رواه مسلم]. ثم يليها ما كان معبداً لله بغيرهما من الأسماء كعبد الرحيم وعبد اللطيف وغير ذلك.
يلي ذلك أن يسمى المولود باسم من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام قال: {تسموا بأسماء الأنبياء} [رواه أحمد].
يلي ذلك أن يسمّى بأسماء الصالحين من الصحابة والعلماء والشهداء والدعاة، كعمر وعثمان وعلي وسعد وطلحة ومعاوية وعروة وسهيل ومصعب وياسر وعمار وعاصم وأنس وغيرهم، وتسمى البنات بأسماء زوجات النبي وبناته وكذلك من عُرِف صلاحهن وعفافهن ودينهن كخديجة وعائشة وفاطمة وأسماء وسمية ونسيبة وخولة وغيرهن.
وله أن يسمي المولود بأسماء لها معان سامية نبيلة مثل: حمزة وخالد وأسامة وحارث وهمام، وللبنات: سارة وسعاد وعفاف.
يدخل في ذلك تسمية المولود على اسم الجد أو الجدة إذا كان الاسم حسناً.
ومن الأسماء الممنوعة:
أولاً: المحرمة:
1 - من الأسماء المحرمة الأسماء المعبدة لغير الله - تعالى - مثل عبد النبي وعبد الرسول وغيرها.
2 - من الأسماء المحرمة الأسماء الأجنبية الخاصة بالكفار مثل جورج ويارا وديانا وجاكلين وغيرها. وكذلك أسماء الطغاة والمجرمين كفرعون وأبي جهل وماركس وغيرهم.
ثانياً: المكروهة شرعاً أو أدباً وذوقاً:
1 - مما يُكره التسمية به تلك الأسماء التي فيها تعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله الحسنى مثل: عبد الموجود، عبد المقصود، وعبد الستار.
2 - ومن تلك الأسماء التي تحمل في ألفاظها تشاؤماً أو معاني مذمومة كحرب وحمار وكلب.
3 - ومن الأدب أن يجنب الأولاد الأسماء التي فيها تميع وغرام وخدش للحياء كهيام ونهاد وسهام وفاتن.
4 - تُكره التسمية بالأسماء التي فيها تزكية دينية للمسمى: مثل برّة وغيرها.
5 - يُكره أيضاً التسمي بأسماء الملائكة كملاك.
6 - يُكره أيضاً التسمية بأسماء سور القرآن مثل طه ويس وغيرها.
7 - يُكره أيضاً التسمية بأسماء يسار ورباح وبركة.
4 - العقيقة:
وهي سنة مؤكدة قال: {كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه..} [رواه أحمد]. وهي عن الذكر شاتان، وعن الأنثى شاة واحدة. قال: {عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة} [رواه أحمد].
والعقيقة تشمل الذكر والأنثى من الضأن والمعز ولفظ الشاة يشمل ذلك كله. والأفضل الكبش. قال: {تذبح العقيقة لسابع، أو لأربع عشرة، أو لإحدى وعشرين} [رواه الطبراني في الصغير]. وله أن يأكل ويتصدق ويهدي من العقيقة، ويكره كسر عظمها.
5 - حلق رأس المولود:
ومن الآداب المشروعة حين استقبال المولود أن يحلق رأسه يوم السابع من ولادته أي في يوم ذبح العقيقة قال لفاطمة - رضي الله عنها -عندما ولدت الحسن: {احلقي رأسه، وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين} [رواه أحمد].
فحلقته - رضي الله عنها - ثم وزنته، فكان وزنه درهماً أو بعض الدرهم، ويبدأ في الحلق بالجزء الأيمن من الرأس ثم الجزء الآخر.
6 - الختان:
من الآداب الشرعية ختان المولود قال: {الفطرة خمس..} وذكر منها {الختان} ووقت الاستحباب اليوم السابع من الولادة ويجوز قبل السابع وبعده إلى البلوغ فإذا قرب وقت البلوغ دخل وقت الوجوب.
7 - الكنية للطفل الصغير:
وهي من السنن الثابتة عن النبي وفي تكنية الصغير بأبي فلان أو أم فلانة تقوية لشخصيته وتكريم له وإبعاده عن الألقاب السيئة.
أيها الأب المبارك:
احرص على حسن التربية والتوجيه لأبنائك وغرس الفضائل الإسلامية في نفوسهم منذ الصغر.
كن قدوة لهم فإن الصغير ينشأ على ما كان عوده أبوه.
ها قد أصبحت أباً وعرفت عظم حق الوالدين فتدارك ما بقي من عمرك وبر والديك وأحسن إليهم.
ها قد علا مفرقك بياض الشعر وهو رسول إليك يذكرك بتقادم العمر وتصرم أيامه فاجعل ما بقي من أيامك في طاعة الله - عز وجل -.
احذر أن تطعم أبناءك المال الحرام قال: {كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به} [رواه أحمد].
أكثر من الدعاء لك ولذريتك فقد كان هذا ديدن الأنبياء والصالحين.
هذا المولود الصغير إذا نشأ على الصلاح والطاعة كان لك ذخراً بعد موتك فاحرص على ذلك بحسن التوجيه واختيار أفضل الصحبة له، وأبعده عن رفقاء السوء وجنب منزلك الفتن والشرور.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[للاستزادة انظر كتاب ابن قيم الجوزية: تحفة المودود بأحكام المولود].
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/251)
كيف نتعامل مع المراهقين ؟
د. ليلى بيومي 19/12/1423
20/02/2003
- بداية الخطأ.. أننا نتعامل مع المراهقين بالمفاهيم الغربية العلمانية
- مسئولية الأسرة تعميق الإيمان عند الطفل وصرفه عن رفقاء السوء .
- آداب الاستئذان وغض البصر والتفريق في المضاجع .. مطلب شرعي
- على الأب أن يصادق طفله ويعترف بإنجازاته.
تشكو إحدى الأمهات قائلة: أدخل على ابنتي في حجرتها فأجدها مستغرقة في التفكير , وشاردة دائمًا وقد لا تحس بوجودي ، وتفضل الحديث عن شئونها مع صديقاتها ، وأخرى تقول طفلي لم يعد صغيرًا، لقد أصبح يهتم أكثر بملابسه ومظهره ، وصارت هناك حواجز بيني وبينه ، ولم يعد يحكي لي شيئًا عن عالمه .
وأخرى أصبح ابنها يشاكسها ولا يستمع لنصائحها ، حكايات عديدة ومتباينة عن التغيرات التي تحدث للأبناء في فترة المراهقة، وعلاقتهم بآبائهم والمجتمع الذي يعيشون فيه ..
وقد كثر الحديث في الكتابات الأكاديمية والصحفية عن فترة المراهقة وما يحدث فيها من تغيرات واضطرابات ترتبط من ناحية بالبلوغ الجسدي، ومن ناحية أخرى بالإقدام على حياة جديدة تختلف عما كان عليه العهد في الطفولة، غير أن معظم الكتابات التي تدور حول سن المراهقة تركز على نواحي البلوغ الجسدي، وتنطلق من نظرات غير إسلامية،
وتدعو إلى أنواع من التحرر من الدين والخلق، باعتبار أن هذا هو الأسلوب الوحيد لحل مشكلات المراهقة ، فهم لا يرون في المراهقة إلا فوراناً، ولا يقترحون حلاً لمشكلاتها إلا تلبية للرغبات خوفًا من شبح رهيب أقاموه في كتاباتهم باسم الكبت أو العقد النفسية ..
ومازلنا -حتى الآن- نفتقر إلى معالجة إسلامية سليمة وشاملة لهذه الفترة، تضعها في الميزان وتحدد مشكلاتها تحديدًا دقيقًا لا يخضع للتبسيط أو المبالغة، ولا يجعل من الجانب الجنسي فيها محور الاهتمام، وإن كان لا يدعو إلى رهبانية، بل يجد في شريعة الإسلام وفي سنن الرسول - صلى الله عليه وسلم- ما يكفل الحل المناسب لهذا الجانب .. ولهذا فنحن ندعو إلى أن تكون لدينا نظرة إسلامية متكاملة إلى موضوع المراهقة تحيط بجوانبه في هدى القرآن والسنة والشريعة، ونحاول فيما يلي أن نضع اللبنات الأولى من هذه النظرة؛ باستطلاع آراء قد تكون مؤشرات على سبيل وضع فكرة إسلامية صحيحة عن فترة المراهقة.
غرس القيم الإسلامية
الدكتور "فرماوي محمد" أستاذ التربية بجامعة حلوان يقول : لا بد من إحياء الوازع الديني لدى الأبناء منذ مرحلة الطفولة، ومنذ أن يعي الطفل ويدرك معنى الألوهية وعقيدة التوحيد، وغرس القيم الإسلامية يكون من خلال الرفق والقدوة الصالحة، ومعرفة قصص الأنبياء وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام بصورة مبسطة تتناسب مع قدرات الطفل ووعيه الإدراكي، وهذا يتم في إطار أسرة مستقرة تراقب الطفل عن بُعد وقُرب لإبعاد هذه الزهرات الإيمانية عن رفقاء السوء ،وإصلاح أي تشويه قد تبثه وسائل الإعلام التغريبية أو غيرها ،وقد وضع الإسلام أصولاً وقواعد لآداب الاستئذان وغض البصر وتجنب الإثارات الجنسية، فأصول التربية في استئذان الصغار على أهليهم، حينما يكونون في سن ما قبل البلوغ كما ورد في سورة النور : آية 58- 59 من قبل صلاة الفجر ووقت الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء؛ لأنها أوقات نوم وراحة، أما إذا بلغ الأولاد سن الرشد والبلوغ، فعلى المربين أن يعلموهم آداب الاستئذان في الأوقات الثلاثة وفي غيرها، امتثالاً لقوله تبارك وتعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم).
أما غض البصر فعلى أولياء الأمور أن يعلموا أولادهم ذلك بالتربية
والقدوة منذ أن يبلغوا مبلغ الرجولة أو الأنوثة، وعدم مجالسة الولد لمجالس النساء وكذلك البنت نجنبها مجالس الرجال.
صداقة أبوية
أما الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ الفلسفة الإسلامية فيقول : لعل أهم أصول التربية الأسرية كما يقول علماء التربية والنفس أمران :
الأمر الأول: حب الأب والأم للأطفال، والتعبير عن هذا الحب بكل الأساليب الممكنة.
الأمر الثاني: الاعتراف للطفل بأي إنجازات مهما كانت عادية أو أقل من عادية، وتقدير ذلك له؛ حتى يستقر في ذهنه أن المجتمع يعترف به وبإنجازاته، هذان هما المحركان والمؤثران في تربيته من الصغر ، ويظل ذلك يتطور مع نمو الطفل إلى أن يصبح نوعاً من الصداقة بين الأبوين والأولاد .
وعندئذ يستطيع الوالدان استغلال هذا الرصيد من الحب في تقويم سلوك الأطفال بدلاً من اللجوء إلى القسوة والضرب ، والمراهقة تتطلب المزيد من هذا الحب والمزيد من الاعتراف بالإنجازات وتطوير الحب إلى صداقة حميمة بين الوالدين والمراهق، ويجب عليهما أيضًا أن يثابرا على الحوار مع المراهق أو المراهقة والأخذ والعطاء معهما بالمنطق والإقناع ومناقشة جميع المسائل التي تخص المراهق في تعليمه وفي صداقاته وفي طعامه وشرابه وملابسه بمنطق وحرية ،ويسمح للولد أو البنت أن يبدي كل ما عنده من آراء؛ لأنه في هذه المرحلة يريد أن يشعر بأنه قد صار رجلاً أو امرأة له الحق في الاستقلال والإرادة الحرة، ولديه القدرة على اتخاذ القرارات التي تهمه، ومن ثم يصاب بحساسية زائدة إزاء التوجيهات التي كان يتقبلها من قبل من والديه، وقبل أن يطالب هو بحقه في الاستقلال عليهما أن يعلقا المسئولية في عنقه، ويصرحان له بأنه صار رجلاً أو أنها صارت امرأة، ولهما إرادتهما وعليهما المسئولية .
وهكذا فلا يكون هناك مجال للصدام أو العصبية أو التصرفات العنيفة من جانب المراهق مع حركات الرفض والتمرد، فبعض الآباء والأمهات يتشبث بالنظر للولد أو الطفل على أنه مازال صغيرًا، ويكثر من الأمر والنهي، وعندما ترتفع حدة الأوامر يندلع الشجار ..
ولكن الإرشاد والحوار كافيان لحل أي مشكلة يعيشها المراهق.
خطورة رفقاء السوء
الدكتورة زينب فاضل أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة ترى أن أخطر شيء على حياة المراهق هم رفقاء السوء وخصوصًا هذه الأيام، حيث المخدرات وضغوط الحياة الاقتصادية وأفلام العنف والإباحية، فمن المهم في هذه المرحلة المراقبة وليس التجسس، في إطار من المتابعة والاهتمام الذكي المشفوع بالحب والرفق، وعلى الأم أن تصادق أولادها بدلاً من الآخرين الذين قد يعطونهم إرشادات ونصائح خاطئة مع مراعاة أن تكون هذه الصداقة في إطار من الاحترام، إلى جانب إشغال المراهق بنشاط سواء كان رياضيا أو علميا أو ثقافيا دينيا يوجه من خلاله طاقاته .. وعندما ينجز شيئًا في هذا الإطار يكافأ من قبل الوالدين حسب مستواهما الاجتماعي من ناحية، والنشاط الذي قام به من ناحية أخرى، وأنا أؤكد على أن الاعتدال في الحوار والصداقة وروح النقد والمراقبة
دون إفراط أو تفريط هو أفضل طريقة للوصول بالأبناء إلى الطريق المستقيم.
الدكتورة ملك الطحاوي أستاذة الدراسات الإنسانية بجامعة المنيا تقول : إن مرحلة المراهقة تتسم بالجموح وأحلام اليقظة والحساسية الشديدة والتقلب ومحاكاة الكبار، وكلها أسلحة ذات حدين، ووعي الأم وإدراكها وكذلك الأب يحولان دون تحول الأحلام إلى أوهام ،والحساسية الشديدة إلى قلق نفسي، ومحاكاة الكبار إلى تقليد رموز السوء، ويكون هذا بالقدوة الحية الحسنة، والتوجيه السليم في إطار كل ما هو مرتبط
بالإسلام وتشريعاته.
أما الدكتور سمير محمود أستاذ التربية بمعهد دراسات الطفولة فيقول : إن مرحلة الطفولة لا تنفصل عن المراهقة؛ لأن هذه تقسيمات وهمية ، فالتغيرات التي تحدث في مرحلة المراهقة لا تأتي طفرة؛ لأن كل سنة تعطي لنا تغيرات نفسية وفسيولوجية، ولابد أن يتفق الأم والأب على أسلوب تربية واحد منذ أن يعي الطفل ويستوعب قبل أن ينطق
بالكلام، فلا كذب مهما كان بسيطًا ولا مخالفة للوعد ولا ألفاظ خارجة، لأن كل أمر - مهما كان صغيراً- يترسب في وجدان الطفل ويكوّن سلوكياته.
ـــــــــــــــــــ(101/252)
حتى يصبح طفلك.. هيناً ليناً ضع القواعد وامدح وكافئ
منى أمين
من المشكلات التي تؤرق الآباء والمربين، عدم طاعة الأطفال للأوامر، مما يخلق حالة من الشد والجذب معهم. ولهذا عدة أسباب يلخص بعضها الخبير الأسري محمد ديماس فيما يلي:
* التساهل من قبل الوالدين أو القسوة المفرطة أو عدم الثبات في التربية.
* إهمال دور الأبوة بسبب الانشغال أو مشكلات شخصية أو الطلاق أو الخلافات الزوجية.
* أن يكون الطفل قوي الإرادة ويتصرف على هواه.
* عدم احترام الأبوين لمصدر السلطة أو القانون، فإن الأطفال حينئذ يكونون أقل احترامًا للراشدين.
* حالة الطفل البدنية المتعبة قد تقلل من احتمال طاعته.
وحتى نعوّد أطفالنا الطاعة يجب:
* أن تكون قدوة لهم في الطاعة.
* لا تتبع أسلوب الأوامر باستمرار.
* أعطِ فرصة للأطفال لإبداء الرأي.
* لا تتوقع منهم الاستجابة الفورية.
* حاول أن تكون العقوبة منطقية متناسبة مع المخالفة.
* تجنب القسوة في العقاب.
* اسمح للأطفال بالتعبير عن مشاعرهم بشكل مناسب.
* ضع القواعد بشكل غير شخصي؛ أي لا تربطها برغبتك الشخصية ولكن اربطها بالطفل فقل مثلاً: "يجب أن تحافظ على نظافة حجرتك"، بدلاً من"أحب أن تنظف حجرتك".
توجيهات لوضع القواعد أو المبادئ:
1 كن محددًا وعرف طفلك ما الذي عليه أن يعمله ومتى.
2 اذكر سبب طلبك لا أمرك وراع حقوق الآخرين فيه.
3 لا تعط أوامر كثيرة مرة واحدة.
4 توقع الطاعة ولا تُشعر الطفل بأنك تتوقع منه غير ذلك.
5 ضع القاعدة بطريقة إيجابية بمعنى "عليك أن تفعل كذا" بدلاً من"عليك ألا تفعل...".
وبالطبع لن يكون الأبناء سعداء بهذه الحدود والأوامر والنواهي، وعلينا توقع إجابتهم الغاضبة؛ لأنهم يكرهون حدودنا التي وضعناها، بل قد يقولون أحيانًا إنهم يكرهوننا، إلا أن هذه الكراهية مؤقتة، ويجب ألا يقع الآباء في مصيدة إسعاد الأبناء والموافقة على رغباتهم الملحة لإسعادهم؛ لأن هذا يؤثر على شخصياتهم بالسلب مستقبلاً، وفي هذه الحالة سيجد الطفل نفسه مضطرًا للامتثال للأوامر حتى لو لم يرض بها، وبذا ينشأ الطفل متوازناً يدرك الحدود التي يقف عندها.
خفض الميل للمعارضة
هناك أساليب يمكن اتباعها لتقليل ميل الطفل للمعارضة منها:
* امتدح سلوك الطفل عند تلبية مطلبك.
* علّم الطفل أن العصيان سيؤدي لنتائج غير سارة.
* عبر عن مشاعرك وعدم رضاك حيال عدم طاعته لك.
* بين العواقب السيئة التي ستترتب على استمراره في سلوك عدم الطاعة مثل: "إذا لم تفعل كذا فستذهب إلى غرفتك وتبقى فيها".
* اقرن مكافأة الطفل إذا أطاع بعقابه إذا لم يطع.
* اعمل على تقوية علاقتك بالطفل من خلال قضاء وقت معه في نشاطات يحبها.
* أعط اهتماماً 100% لسلوك الطاعة وتجاهل سلوك عدم الطاعة؛ خصوصاً في الحالات البسيطة.
* أعطه توجيهات واضحة بوقت زمني.
* إذا استمر الطفل في عصيانه، فاحرمه من جميع أشكال التفاعل الأسري إلى أن يمتثل.
* أمسك الطفل وامنعه من الحركة حتى يعترف بمسؤوليتك في إدارة البيت.
موقف عملي:
كانت الأم في طريقها للخروج حينما طلبت منها إيمان أن تشتري لها بعض الحلوى، إلا أن الأم رفضت قائلة: لن أشتريها لك؛ لأنها مضرة لأسنانك.
ردت إيمان غاضبة: أنت لا تحبينني، أنا أكرهك.
علقت الأم بهدوء: تبدين غاضبة.
قالت إيمان: ولن أحبك بعد اليوم، أو أكون صديقتك.
ردت الأم: أنت غاضبة إلى حد أن تقولي إنك لن تحبينني مرة أخرى!
وبعد مرور عشر دقائق عادت إيمان إلى أمها قائلة: أنا لست غاضبة الآن، هل تلعبين لعبة معي؟
ردت الأم بترحيب: طبعاً يا حبيبتي.
لقد تعاملت الوالدة مع ابنتها بمهارة؛ لأنها توقعت أن رفضها شراء الحلوى لابنتها سوف يضايقها لذلك لم تهتم شخصياً عندماً قالت لها: أنا أكرهك.
الاستسلام للشعور بالذنب تجاه الابن
قال محمد لوالدته: أريد أن أشاهد البرنامج القادم.
أجابت الأم: لكنك لم تتوقف عن مشاهدة التلفاز منذ أن عدت من المدرسة.
رد محمد: أعلم ذلك لكن ليس لدي أي واجبات مدرسية اليوم.
قالت الأم: ولو.. لقد شاهدت التلفاز بما فيه الكفاية.
قال محمد: أرجوك يا أمي.
واستجابت الأم لإلحاحه وسمحت له بمشاهدة البرنامج، وهذا الموقف خاطئ من الأم، لأنها وقعت في مصيدة الحرص على إرضاء ابنها ولو بشكل مؤقت.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/253)
التوجيه الإسلامي لدور الأسرة في التربية الترويحية
دكتورة ليلى بيومي * 4/12/1423
05/02/2003
- الأسرة العربية عاجزة عن القيام بدورها الترويحي
- مجتمعاتنا يغيب عنها المفهوم الصحيح للترويح.
- الترويح عند المسلمين له مجالاته المتميزة بتميز عقيدتهم.
تشير شواهد الواقع الاجتماعي للأسرة العربية إلى خلل واضح في دورها الترويحي تجاه الأبناء، ويظهر ذلك في اعتناق مفاهيم خاطئة عن الترويح لدى بعض الآباء، ونقص الممارسات الترويحية الهادفة، وسيادة أنماط من الترويح السلبي كالمشاهدة والتشجيع للأحداث الرياضية والأفلام والتمثيليات، بينما يغيب الترويح الإيجابي الذي يشارك فيه الإنسان بنفسه.
هذا ما يؤكده د. مصطفى عبد القادر عبد الله أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس في دراسته عن "التوجيه الإسلامي لدور الأسرة في التربية الترويحية".
ويضيف أن الأسرة العربية تمر اليوم بأزمة بالنسبة للتربية الترويحية، وهي جزء من الأزمة التربوية للمجتمع الذي ارتبط التعليم فيه بمفهوم قاصر للتنمية وزيادة تطلعات الأفراد وتوجيههم إلى رغبات متزايدة للإشباع الاستهلاكي، وما يرتبط به من الطلب على الخدمات المحققة لهذا الإشباع، وأصبحت التربية الترويحية تعني بتنمية الروح الفردية، واعتبر الترويح مجالاً للمتعة والاستمتاع بمقتضيات الحضارة الحديثة وليس كمكافأة عن عمل حقيقي وإنجاز يفاخر به المرء وكفرصة تربوية حقيقية تنمي شخصيات الأفراد.
غياب المفهوم الصحيح عن الترويح
وتؤكد الدراسة على أن المشكلات التي تعترض دور الأسرة في الترويح تكمن في غياب المفهوم الصحيح عن الترويح المرتبط بتراثنا وأصالتنا والسير وراء النزعات التغريبية في محاولة للتعويض، ودعاة التغريب الثقافي في مجتمعنا واهمون، فثقافة الغرب محل نقد شديد من مفكري الغرب أنفسهم، وثقافة أي أمة تحمل خصائصها هي وليس خصائص أية أمة أخرى .
والترويح هو أحد عناصر التكوين الثقافي، لأنه متضمن لجوانب النشاط الإنساني التي يراها المجتمع في أوقات الفراغ .
ومن هنا فإن إتمام أساليب ترويحية بعيدة عن واقعنا الثقافي، ودخيلة على نمط الحياة الأسرية واستيراد أفكار ومفاهيم لا تنسجم مع الأصول الإسلامية لمجتمعنا هو أمر بحاجة إلى مراجعة، ولا معنى لما يروجه البعض من أن الترويح حرية مطلقة يتنسمها الإنسان بعد الكدح والمعاناة التي يلقاها في الحياة اليومية، ولا بأس في نظر هؤلاء من أن يقترن الترويح بتناول المسكرات المخدرات والاختلاط الشاذ والأفلام المهمة.
ومن هذا المفهوم انزلق إعلامنا في كل ما يقدمه للصغار والكبار، فاستورد للأطفال شخصيات غريبة عنهم (سوبرمان - طرزان - وولت ديزني) وقصص المغامرات والعنف، ونقلها كما هي بما يهز قيم ومعتقدات الطفل، بينما الإعلام في مجتمع إسلامي لابد أن يعكس شمول العقيدة وتكامل البناء الاجتماعي بدءاً من أبسط أمور الحياة بما فيها من الطرفة والفكاهة وحتى أدق المسائل الجادة، وهو في هذا إسلامي في صدق أخباره وإسلامي في الترويح والترفيه وإسلامي في إعلاناته.
مفهوم الترويح في الإسلام
تحدد الدراسة هذا المفهوم فتقول إنه النشاط الهادف سواء كان بدنياً أو ثقافياً أو اجتماعياً أو ترفيهياً، موجهاً بالعقيدة، وتقدم عليه الجماعة المسلمة لتحقيق تكاملها النفسي والاجتماعي والديني، ويتم في الأوقات والمناسبات بما لا يطغى على وقت العمل أو العبادة في حياة المجتمع المسلم.
فالشخصية بطبيعتها في حاجة إلى ترويح لنموها ونضارتها وحيويتها والتغاضي عن إشباع هذا الجانب يؤثر في إشباع حاجات الإنسان ويجعله منطويًا على نفسه قلقًا عبوسًا ..
والترويح يعين على مواصلة العمل والإقبال على أداء العبادات.
ففي الحديث (وإن لبدنك عليك حقًا وإن لأهلك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه) .. وفي القرآن الكريم ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ).
كما يرتبط مفهوم الترويح في الإسلام بإشاعة روح المرح والدعابة ودفع التجهم والحزن، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دائم البشر سهل الطبع لين الجانب، ومع مسؤولياته الجسام يشارك صحابته الفكاهة الرقيقة، فيقول لعمته صفية (لا تدخل الجنة عجوز، فبكت فقال لها -وهو يضحك- الله -تعالى- يقول : "إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكارًا عُرُبًا أترابًا".
والترويح في الإسلام ينطوي على معاني الحب والتراحم والرفق، وأعياد المسلمين إنما شرعت لأغراض عدة على قمتها الغرض الترويحي، وكذلك الحث على زيارة الأقارب والأصدقاء.
والترويح في الإسلام ينم عن معاني القوة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصرع الرجل القوي ويركب الفرس عاريًا فيروضه على السير ويداعب من يحب بالمسابقة في العدو كما فعل مع أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-.
وتتعاظم أهمية الترويح في الإسلام من اعتبار النشاط الترويحي فرصة تعليمية وتربوية،
ففي سياق النشاط الترويحي تنمي في شخصية النشء والشباب الجوانب الإبداعية والمهارية، وتنمي روح التعاون والعمل الجماعي ويتعود الولد على الخشونة والإباء والابتعاد عن التراخي والميوعة واللامبالاة، ويتعلم قوة الإرادة والصبر والإصرار على بلوغ الأهداف في الحياة ،ويتعلم كيف ينظم وقته فيما بين مشاغله، فعمر بن الخطاب يقول مناشدًا الآباء والمربين "علموا أولادكم الرماية والسباحة ومروهم أن يثبوا على الخيل وثبًا".
الترويح الإسلامي .. خصوصية وتميز
وتؤكد الدراسة أن الترويح في المجتمع الإسلامي متميز بتميز منطلقاته القيمية والدينية، فلهذه الأمة مناسباتها الترويحية العديدة مثل الأعياد الإسلامية (عيد الفطر - عيد الأضحى) وتحري رؤية هلال رمضان وأوائل الشهور العربية، والترويح الثقافي ممثلاً في قصص الأنبياء، والسيرة النبوية وزيارات المساجد ومتابعة في الندوات ومحاضرات كبار العلماء.
والترويح الاجتماعي ممثلاً في الزيارات الاجتماعية وحضور الدعوات، كذلك تتضح خصوصية الترويح الإسلامي في بعض المناسبات كحفلات العرس والاحتفال بالمواليد (العقيقة) وحفلات الختان وغيرها .. كذلك هناك الرياضات التي حث عليها الإسلام بصفة خاصة، مثل الفروسية والصيد، ورياضات الخلاء العدو والمصارعة والقفز، كذلك فإن المسامرات التي تحدث بعد صلاة العشاء، وفيها ذكر الأمجاد والبطولات والسير الشعبية هي أمور ترويحية تشكل وعي ووجدان الإنسان المسلم.
المشكلات التي تحول دون الأسرة والترويح
حددت الدراسة نوعين من المشكلات التي تعوق دون قيام الأسرة بدورها الترويحي، وهي مشكلات ذات طابع اقتصادي، ثم مشكلات ذات طابع ثقافي، فالعامل الاقتصادي مهم جدًا في هذه القضية، فقد يكون لدى الأب والأم درجة عالية من التعليم والثقافة، وعلى وعي بقيمة الترويح وأهميته، ولكن انخفاض دخل الأسرة لا يسمح لهما بالقيام بهذا الدور ..
كذلك فإن غياب الأب والأم لفترات طويلة في العمل لزيادة دخل الأسرة يترتب عليه آثار نفسية واجتماعية، أهمها اختلال الأدوار المنوطة بكل منهما خاصة الدور الترويحي، فهذا الدور بحاجة إلى تفرغ واستقرار وحالة ذهنية تسمح بأدائه على نحو مرض، وتتفاقم المشكلة إذا سافر الأب وحده للعمل في الخارج، وهناك أيضًا عدد من المشكلات الاقتصادية في الدول العربية الفقيرة التي تحول دون القيام بالدور الترويحي، مثل ازدحام المساكن وضيقها وارتفاع تكاليف الترويح خارج المنزل، كما أن ارتفاع المستوى الاقتصادي لدى بعض الأسر، وتخلف الوعي الثقافي لديها يؤدي إلى إنفاق غير رشيد على الترويح وتأديته بصورة غير سليمة.
أما المشكلات الثقافية التي تعترض دور الأسرة العربية في الترويح فتكمن في غياب المفهوم الصحيح للترويح كما قدمنا سابقًا.
* رئيسة تحرير مجلة هاجر القاهرية
ـــــــــــــــــــ(101/254)
أن اشكر لي ولوالديك
محمد بن عبد الرحمن آل مفرح
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد..
ظاهرة سوء تبدو خاصة في بعض شباب الأمة، إنها ظاهرة عقوق الوالدين، التي نشاهد بعض شبابنا قد وقع في شباك صيدها، قال الله - تعالى -: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً} قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله - تعالى -: ((يقول - تعالى - آمرا بعبادته وحده ولا شريك له فإن القضاء هاهنا بمعنى الأمر، قال مجاهد. وقضى يعني وصى وكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود والضحاك بن مزاحم: ((ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)) ولهذا قرن بعبادته بر الوالدين فقال: {وبالوالدين إحساناً} أي وأمر بالوالدين إحساناً كقوله في الآية الأخرى: {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} ثم قال - رحمه الله -عند قوله - تعالى -:{إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما} قال: أي لا تسمعهما قولاً سيئاً حتى ولا التأفف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ {ولا تنهرهما} أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح كما قال عطاء بن أبي رباح في قوله:{ولا تنهرهما} أي لا تنفض يدك عليهما... إلى آخر كلامه رحمه الله. ومن نظر في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجد آيات وأحاديث تأمر بالبر والطاعة، وترك التأفف في وجههما أو أحدهما بل وتنهى وتتوعده وتحذر وتنذر من عصى والديه، وأبى إلا الاستكبار فتعالى عليهما، وفتل عضله، كأنه هو المنعم المتفضل، يعلوه عليهما كبر وغرور، وغطرسة وفجور، لا ينظر إليهما إلا بطرف عينه، يتوعدهما، وهما سبب وجوده بعد الله، يهددهما، وهما اللذان حزنا عليه في مرضه، يستخف بهما وهما اللذان يفرحان لفرحه، تناديه الأم الحنون: أي بني أن اتق الله واجتهد في الطاعة، فتنتفخ أوداجه، وتحمر عيناه، وينطمس نوره، فيرد بكلمة قبح عليها، فتتحطم نفسيتها، وينهدم أملها في فلذة كبدها. هذا إذا نادته لمصلحته هو، لكن إن طلبت منه مساعدة أو غرضاً لها، لو تراه حين يزور، ويرفع صوته، نغصت عيشه لأنها أمرته أو نهته بحنان، فسبحان الله العظيم، بدلاً من أن يلبي طلبها يقول نغصت معيشتي. فحسبنا الله ونعم الوكيل.
لم يعلم أن السنة قد (نوهت) بكبير جرمه وعظيم وزره، فعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر ثم قال: ((آمِين آمينْ آمين)) قيل: يا رسول الله علام أمنت؟ قال: أتاني جبريل فقال: يا محمد رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك قل: آمين، فقلت: آمين. ثم قال: رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج فلم يغفر له قل آمين فقلت. آمين. ثم قال: رغم أنف رجل أدرك والديه لم و أحدهما فلم يدخلاه الجنة، قل آمين فقلت: آمين)). فالشريعة الغراء قد أمرت وحذرت، وبشرت وأنذرت. قال - تعالى -: {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}، قال الذهبي- رحمه الله- فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره.
قال ابن عباس- رضي الله عنهما- ثلاث آيات بثلاث، لا تقبل واحدة بغير قرينتها: قال إحداها: قول الله - تعالى -: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. الثانية: قول الله: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه. الثالثة. قوله - تعالى -:{أن اشكر لي ولوالديك} فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. وصدق من قال: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. والعاقل اللبيب يتخذ من بره بوالديه وصلته رحمه طريقاً إلى الجنة، ووقاية من جهنم، وطريقاً ممهداً إلى رضوان الله - عز وجل -، واعلم أن طاعتهما إنما تكون في طاعة الله وفي كل مباح بعيد عن الإثم والحرام، إذ القاعدة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وإن مطالع الشريعة يرى صور التكافل والبر والصلة واضحاً جلياً في كل ما تدعو إليه، بل إنها جعلت البر بالوالدين من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله - سبحانه و تعالى -، ففي صحيح البخاري سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله - عز وجل -؟ فقال: الصلاة على وقتها، ثم قال: أي قال: بر الوالدين قال: ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله. بل إن من أعظم ما جعله الإسلام لحقوق الأبوين ألا يخرج للجهاد في سبيل الله حتى يطلب إذن والديه، فإن أذنا فبها ونعمت وإلا فبرهما وخدمتهما والقيام على شؤونهما أولى وأفضل. روى البخاري بسنده عن عبد الله بن عمرو قال. قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - جاهد؟ قال: لك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد، وأما صور احترامهما واحترام حقوقهما فكثيرة منها. ألا ترفع صوتك عليهما، وألا تنهرهما، بل نهي عن التأفف فكيف بما فوقه ولتدع لهما فإن الدعاء سهام تنطلق إلى السماء ثم لا تلبث أن ترجع على صاحبها بالبشرى بإذن الله، ولا يفتر لسانك عن الاستغفار لهما، واطلب رضاهما، ولا تنس صديقهما، واعلم إن كنت من أهل البر والصلة فإن الله ييسر أمورك، ويسهل دروبك، ويحفظك من كل مكروه. ألا ترى بعين باصرة إلى حال النفر الثلاثة الذين دخلوا الغار فانطبقت عليهم تلك الصخرة، فكان أولهم يدعو الله بصالح عمله وهو بره بوالديه. لقد بوب البخاري لهذا الحديث باباً فقال: باب إجابة دعاء بر والديه، وباب إذا اشترى شيئاً لغيره بغير إذنه فرضي، وبوب له في كتاب، حديث الأنبياء باباً فقال: باب: حديث الغار. فارجع إليه في أحد هذه الأبواب وتأمل هذا الحديث العظيم في مغزاه، الشامل في معناه، ترى العجب العجاب. أيها العاق- احذر من غضب الله- عز وجل - وعقابه، فإن العقوق كبيرة من الكبائر فقد ورد في صحيح البخاري عن المغيرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعا وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)).
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر، أو سئل عن الكبائر، فقال: الشرك بالله وقتل النفس، وعقوق الوالدين، فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور أو قال شهادة الزور. قال شعبة- أحد رواة الحديث في السند- وأكثر ظني أنه قال:شهادة الزور)) رواه البخاري. بعد هذا كله هل من تائب يرجع إلى الله - عز وجل -، فيصل رحمه، ويبر والديه، ويوقرهما ويتلطف لهما، بل علم من الواقع أن البار لوالديه الواصل لرحمة المتلطف لهما أنه من أكثر الناس راحة وطمأنينة، وأمناً ورزقاَ وهذا ورب الكعبة مصداق لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أراد أن يبسط له في رزقه ويسأله في أثره فليصل رحمه)) نعم والله. ما أصدقك يا رسول الله، إنه الواقع المجرب، والأمر الملموس الذي نجده في حياتنا.
http://mknon.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/255)
لكي يصبح طفلك قارئاً
الإسلام اليوم - التحرير 2/8/1423
08/10/2002
تعد القراءة أساس تربية الطفل في المرحلة الأولى من التعليم؛ لذلك كان التخلف فيها تخلفاً في الحياة الدراسية بل في حياته النفسية، فماذا أعددنا لنصل بأطفالنا إلى بر الأمان نحو تعلم القراءة وتقدمهم فيها ؟
إن جو المدرسة الجديد على نفسية الطفل المقيد بالنظام والأوامر لن يمكنه من اكتساب خبرات تعليمية إلا إذا كان هذا الجو يكسوه نوع من الحرية والحب، مما يعكس ذلك على حب الطفل للنظام الجديد، وسيجعله يبذل قصارى جهده إرضاء لمن يحسنون معاملته.
لذلك كان لا بد من تنظيم خبرات الطفل في المدرسة على أن تكون استمراراً لخبراته المنزلية ومؤدية إلى خبرات تربوية يتبعها نمو مستمر، وإذا كان التعليم لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة فإنه يقع على عاتقنا ألا نصدم الطفل فجأة بالقراءة والكتابة والعد؛ لذلك كانت مدرسة الحضانة هي خير وسيلة للتدرج في الانتقال بالتعليم من مرحلة إلى أخرى. وإذا كان الأطفال يختلفون في قدراتهم اللغوية لظروف البيئة المنزلية والذكاء فإن الطفل الذي ينشأ في بيئة تتاح فيها الكتب والقصص والرحلات تزداد قدراته اللغوية، فلو أتحنا لأطفالنا هذا الجو الثقافي الترفيهي قبل دخولهم المدارس ولو بالمجلات المصورة التعليمية التي تعطيهم شيئاً من الخبرة والتعلم، فإننا نحبب فيهم الرغبة في معرفة ماذا يكتب تحت الصور.
ويكون الوقت الأنسب لتعليم الطفل القراءة هو سن السادسة، حيث اكتمال النضج العقلي ولا بد من توافر الصحة العامة لأطفالنا؛ لأن القراءة تتطلب انتباهاً ويقظة وتركيزاً في كل عملية من عملياتها، فإذا كان الطفل مرهقاً فإنه سرعان ما يشرد ذهنه وبالتالي يعوق نجاحه في القراءة، والطفل الذي يتغيب عن المدرسة بسبب المرض تفوته كلمات جديدة وتضيع من ذاكرته الكلمات القديمة، مما يكون سبباً في إصابته بالركود في التعليم، وإذا كان الطفل يعاني من ضعف في البصر فإنه يجب أن نتيح له مقعداً قريباً من السبورة أو الضوء ونستخدم الخط الواضح والحروف الكبيرة والورق الجيد، وأن نجنبه الإرهاق الذي يتأتى من تركيز العينين مدة طويلة في القراءة، وإذا كان الطفل يجد صعوبة في السمع فينبغي على المدرسة أن تأخذ الاحتياطات؛ حتى لا يكون ضعف السمع معوقاً للطفل عن الإفادة من البرنامج التعليمي.
وكذلك فإن الطفل الذي يجد صعوبة في النطق مما يعرضه للخجل بين زملائه حين يتحدث أو يقرأ جهراً، الأمر الذي يؤدي به إلى عدم الرغبة في المشاركة في النشاط القرائي في الفصل، والانطواء والقلق خوفاً من أن يطلب منه أن يقرأ، فيزيده توتراً وانفعالاً خاصة حين يسخر منه التلاميذ، فإننا يجب أن نعالج فيه هذا العيب بالمران الهادئ بالشجاعة عند مواجهة الآخرين، وسوف نجد بأن شعوره بحديثه المعيب سوف يثير فيه ميلاً إلى القراءة وشغفاً بها حين يكتشف أن عثرات اللسان لا تظهر في القراءة الصامتة، على عكس ما تبين عند مشاركته التلاميذ النشاط الاجتماعي، فيندفع إلى القراءة ويلتهم كل ما تقع عيناه عليه من الكتب والصحف والمجلات، ويناله فيها من التوفيق والبراعة ما لا يناله زميله السوي .
والطفل المستقر انفعالياً أقدر على الاستجابة الفعالة للمواقف التعليمية بعكس الطفل الذي ينشأ في بيئة اجتماعية غير مواتية، فإنه يجد صعوبة في التكيف مع أي موقف تعليمي جديد. وإذا كان الأساس في تعليم المبتدئين القراءة هو التمييز بين الكلمات بعضها عن بعض فإن الطفل لن يصل إلى هذه المرحلة إلا إذا كانت لديه القدرة على إدراك المتشابه وغير المتشابه من صور الكلمات والحروف، ثم إن نشأته في بيت مثقف يتيح له فرصة رؤية الحروف والكلمات والأخبار بالمتشابه وغير المتشابه، وهي قدرة لا بد من توافرها قبل أن يبدأ الطفل القراءة بمعناها الصحيح، وإلا أصبحنا كمن يضرب على حديد بارد .
وما يقال عن التمييز بين الكلمات المتشابهة وغير المتشابهة يقال كذلك عن الأصوات مسموعة ومنطوقة .
وقدرة الطفل على أن يبقى في ذهنه سلسلة من الأفكار في ترتيبها الصحيح أساسية في نجاحه في تعليم القراءة والتقدم فيها؛ كي تعينه على استرجاع الحوادث المتعاقبة في قصة من القصص أو العناصر المترابطة في خبرة من الخبرات، كذلك فإنها تعينه على معرفة الكلمات الجديدة، ومما يمت إلى هذه القدرة بصلة قدرة الطفل على إدراك العلاقات، إذ يمكنه ذلك من ربط ما يعرفه من قبل بالمعاني التي يدركها من قراءة العبارات المكتوبة، وإذا انعدمت القدرة فلن تكون قراءة الطفل إلا تصعيداً وترديداً مجردة من المعاني والفكرة .
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة دفع الطفل إلى تعلم القراءة بالرغبة فيها والتشوق إليها، وهي رغبة تختلف من طفل لآخر باختلاف البيئة الثقافية التي عاشوا فيها، والخبرات التي تمرسوا عليها، وبعضهم لا يعرفون عن القراءة إلا اسمها وأنها شيء سيتعلمونه في المدرسة .
وطبقاً لمفهوم الطفل المبتدئ عن القراءة ورغبة الطفل واهتمامه بها يكون مدى استعداده لعملية التعليم، من أجل ذلك كان واجب المعلم أن ينمي فيهم هذا الاستعداد قبل أن يأخذهم إلى تعلم القراءة .
ـــــــــــــــــــ(101/256)
وصايا لتربية الأبناء
عبد الملك القاسم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن نعم الله - عز وجل - لا تحصى، وعطاياه لا تعد، ومن تلك النعم العظيمة وأجلها نعمة الأبناء، قال الله - تعالى -:" المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَوةِ الدُّنيَا " [الكهف:46] ولا يَعرفُ عِظَم هذه النعمة إلا من حُرم منها، فتراه ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاج لما أصابه.
وهذه النعمة العظيمة هي أمانة ومسئولية يُسأل عنها الوالدان يوم القيامة، أحَفِظا أم ضيعا؟ وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحسن الخلق، وإلا كانت وبالاً على الوالدين في الدنيا والآخرة.
يقول الرسول: {كلكم راعٍ وكلكم مسؤل عن رعيته: فالإمام راعٍ وهو مسؤل عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤل عن رعيته} [متفق عليه].
وهذه الرعية أمانة حذر الله - عز وجل - من إضاعتها والتفريط في القيام بحقها، قال - تعالى -: "إِنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ وَالجِبَالِ فَأبَينَ أَن يَحمِلنَهَا وَأشفَقنَ مِنهَا وَحَمَلَهَا الإنسَنُ إِنَّه كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً " [الأحزاب:72]. وقال - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً " [التحريم:6].
يقول ابن القيم - رحمه الله -: (فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدَى، فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسُننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً).
وإلى كل أب وأم ومرب. وقفات سريعة لعل الله أن ينفع بها:
أولاً: الأصل في تربية النشء إقامة عبودية الله - عز وجل - في قلوبهم وغرسها في نفوسهم وتعاهدها، ومن نعم الله علينا أن المولود يولد على دين الإسلام، دين الفطرة، فلا يحتاج إلا إلى رعايتة، ومداومة العناية به، حتى لا ينحرف أو يضل.
ثانياً: الأب والأم في عبادة لله - عز وجل - حين التربية والإنفاق والسهر والمتابعة والتعليم، بل وحتى إدخال السرور عليهم وممازحتهم إذا احتسبوا ذلك، فالأصل تعبد الله - عز وجل -: " وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسََ إلا لِيَعبُدُونِ " [الذاريات:56].
والنفقة عليهم عبادة كما قال - عليه الصلاة والسلام -: {دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك} [رواه مسلم]. وقال - عليه الصلاة والسلام -: {إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة} [متفق عليه].
ثالثاً: لابد من الإخلاص لله - عز وجل - في أمر التربية، فإن أراد المربي الدنيا فقد إنثلم إخلاصه، وترى البعض يحرص على تعليم أبنائه لكي يحوزوا المناصب والشهادات، ولاشك أن الخير في تعليمهم ابتغاء ثواب الله - عز وجل - وما عداه فهو تابع له، ولهذا يركز من يريد الدنيا على التعليم الدنيوي المجرد من خدمة الإسلام والمسلمين، والآخر الموفق يسعى لكسب شهادة في الطب مثلاً لمداوة المسلمين ولكي نستغني عن الأطباء الكفار، فهذا له أجر وذاك ليس له أجر، والنية في هذا الأمر عظيمة وهي من أسباب صلاح الأبناء وحسن تربيتهم، فما كان لله فهو ينمو ويكبر، وما كان للدنيا فهو يقل ويضمحل. وبعض من الآباء يبر والديه لكي يراه صغاره فيعاملونه إذا كبر وشاخ بمثل ذلك. وهذا فيه حب الدنيا وحظوظ النفس، ولكن المؤمن يخلص لله في بر والديه رغبة في ما عند الله - عز وجل - وطاعة لأمره في بر الوالدين، لا للدنيا والمعاملة بالمثل.
رابعاً: عليك باستصحاب النية في جميع أمورك التربوية حتى تُؤجَر. الزم النية في تعليمهم وفي النفقة عليهم، وفي ممازحتهم وملاعبتهم وإدخال السرور عليهم وعوَّد نفسك على ذلك.
خامساً: الدعاء هو العبادة، وقد دعا الأنبياء والمرسلون لأبنائهم وزوجاتهم "رَبَّنَا هَبّ لَنَا مِنّ أزوَاجِنَا وَذُرِيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ " [الفرقان:74]، "وَإذّ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِ اجْعَلّ هَذَا البَلَدَ ءَامِنًا وَاجنُبنِي وَبَنَيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصنَامَ " [إبراهيم:35] وغيرها في القرآن كثير. وكم من دعوة اهتدى بسببها ضال، وكم من دعوة اختصرت مسافات التربية. وتحرَّ أوقات الإجابة وابتعد عن موانعها، وتضرع إلى الله - عز وجل - وانكسر بين يديه أن يهدي ذريتك وأن يجنبها الشيطان، فأنت ضعيف بجهدك قليل بعملك.
سادساً: عليك بالمال الحلال وتجنب الشبه، ولا تقع في الحرام، فإنه صح عن النبي أنه قال: {كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به} ولا يظن الأب أو الأم أن الحرام في الربا والسرقة والرشوة فحسب، بل حتى في إضاعة وقت العمل وإدخال مال حرام دون مقابل.. فكثير من الموظفين والمدرسين يتهاونون في أعمالهم ويتأخرون عن مواعيد عملهم بضع دقائق.. لو جمعت إذا بها ساعات تضيع في الحديث مع الزملاء وقراءة المجلات والجرائد والمكالمات الهاتفية. وهذه الأموال التي يأخذها مقابل هذه الأوقات سحت، لأنها أخذ مال بدون وجه حق.
وكذلك أكل أموال الناس بالباطل وهضم حقوقهم، فاحذر أخي المسلم أن يدخل جوفك وجوف ذريتك مالٌ حرام. وتحرَّ الحلال على قلته فإن فيه بركه عظيمة.
سابعاً: القدوة الحسنة من ضروريات التربية، فكيف يحرص ابنك على الصلاة وهو يراك تضيَّعها، وكيف يبتعد عن الأغاني والمجون وهو يرى والدته ملازمة لسماعها! ثم في صلاحك حفظ لهم في حياتك وبعد مماتك. وتأمل في قول الله - تعالى -: " أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ " [الكهف:82] فصلاح الأب هذا عمَّ أبناءه بعد موته بسنوات. وليكن لك أجر غرس الإسلام في نفس طفلك وحرصه على أداء شعائره فإن {من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده..} الحديث.
ثامناً: وجَّه بعضاً من حرصك على أمور الدنيا ومعرفتها وكشف دقائقها إلى معرفة أفضل السبل في أمر التربية، واستشر من ترى فيه الصلاح، وابحث عن الأشرطة والكتب التي تتحدث عن التربية الإسلامية للطفل المسلم. ولا يكن شراء سيارة أو جهاز كهربائي أهم من تربية ابنك. فأنت تسأل عن السيارة والجهاز كل من تراه! ثم تُهمل ابنك ولا تتلمَّس الطريق السوي لتربيته!!
تاسعاً: الصبر.. غفل عنه البعض وهو من أهم عوامل نجاح التربية. فعليك به واصبر على صراخ الصغير ولا تغضب، واصبر على مرضه واحتسب، واصبر على توجيهه ولا تملَّ. واصبر على مسافات بعيدة لتذهب بابنك لمدرسة ناجحة وفيها المدرسون الأكفاء. واصبر على أن تنتظر ابنك ليخرج معك للصلاة، واصبر على أن تجلس بعد العصر في المسجد ليحفظ معك ابنك. وأبشر فإنك في طريق جهاد: "وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهّدِيَنّهُمّ سُبُلَنَا " [العنكبوت:69] وأنت مأمور بالتربية أما الهداية فهي من الله - عز وجل -، فابذل السبب واصبر، وسترى من الخير ما يُسرك ويؤانس طريقك.
عاشراً: الصلاة، الصلاة، فهي الفريضة العظيمة والركيزة الثانية من فرائض الإسلام بعد الشهادتين، فاحرص عليها وليشعر ابنك بأهميتها وعظم قدرها. وهي يسيرة على من يسرها الله عليه. والتزم الأدب النبوي في تربية الأطفال فقد قال - عليه الصلاة والسلام - كما روى ذلك الإمام أحمد: {مروا أبنائكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر}. ومن طبق هذا الحديث فإنه لا يرى مشقة ولا تعباً في أمر الصلاة، فإن الصغير في ما بين السابعة والعاشرة من عمره يفرح بالخروج للمسجد، وتأمل في هذه الفترة التي يتخللها أكثر من 5000 مرة تناديه للصلاة ويخرج فرحاً بذلك كعادة الصغار.. هل يا ترى إذا بلغ العاشرة وقد صلى 5000 صلاة يتركها؟!
ولاتكن أيها الأب المبارك مثل جهلة بعض الآباء، الذي يرحم ابنه من برد الشتاء ولا يوقظه للصلاة، بل كن من العقلاء وارحمه من نار جهنم والعياذ بالله، وأطع أمر الله ورسوله واصبر على إيقاظه وتشجيعه وتحبيب الصلاة إليه حتى تبرأ ذمتك يوم القيامة. وليهنك حفظ الله - عز وجل - لصغارك طوال يومهم فقد قال: {من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله} [رواه ابن ماجه]. واستشعر أن صغيرك في ذمة الله طوال ذلك اليوم.
قال ابن تيمية: (ومن كان عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة، فإنه يُعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويعزّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغاً لأنه عصى الله ورسوله).
الحادي عشر: لابد من مراعاة المَلَكات الخاصة والفوارق الفردية بين الأطفال، والعدل معهم في المعاملة، وبعض الآباء يهمل مَلَكات عظيمة لدى صغيرة تضيع سدى. فتجد بعض الصغار يحفظ الأناشيد والدعايات وغيرها مما لا فائدة ولا يحفظ كتاب الله - عز وجل - ولا يُوجّه لذلك. ولو تأملت في حياة علماء الأمة لوجدت الكثير يملكون مثل إمكاناتهم وقوة حفظهم ولكنهم وجهوا هذه الثروة إلى غير فائدة، فهذا عالم الأمة ومفتي الديار وذاك يحفظ الشعر والقصص.
الثاني عشر: اغرس في نفوس صغارك تعظيم الله - عز وجل - ومحبته وتوحيده، ونبههم على الأخطاء العقدية التي تراها، وحذرهم من الوقوع فيها؛ فإن ذلك تحصين لهم، واحرص على أن تعودهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتشجعهم عليه فإن ذلك من دواعي ثباتهم على هذا الدين ولما في ذلك من الوجوب والأجر العظيم.
الثالث عشر: احرص على كتم الغضب والانفعال وتعوذ من الشيطان إذا داهمك، ولقد جعل الإسلام للعقوبة حداً. فجعل ضرب الطفل لا يتجاوز العشر ضربات، وأن يضرب بمسواك أو عصا صغيرة، ويتجنب الوجه والعورة، واحرص على التسميه عليه حال الضرب، ولا تضرب وأنت غضبان هائج، وإن استبدلت الضرب بالتشجيع أو الحرمان فهو خير لك ولابنك.
الرابع عشر: نحن في زمن انتشرت فيه الفتن من كل جانب، فكن كمن هو قائم يذبُّ عن صغاره السهام ويحوطهم من الأذى واحرص على ذلك أشد الحرص، وليكن لك حسن توجيه في اختيار رفيقهم وجليسهم فإن الصاحب ساحب والرسول يقول: {الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل} [رواه أحمد]. واحذر أن تصحبهم إلى محلات ضياع الأوقات وإلى ما فيه منكرات. وكن لهم الأب والصاحب والصديق. واغرس في نفوس أبنائك الرجولة وفي بناتك الحياء والعفة وذلك عبر اللباس والتوجيه والمحاكاة ولا تتساهل في خروجهن من المنزل إلا برفقتك أو برفقة والدتهن.. ولا تظن أن من دواعي التحضر أن تلقي تعاليم الإسلام جانباً.. واحذر أن يخرج من صلبك من يحارب الله - عز وجل - قولاً وفعلاً!!
الخامس عشر: وقتك طويل ولديك ساعات كثيرة بعد نهاية عملك فما نصيب أبنائك منها؟ فإن كنت مفرطاً في حقهم فتدارك ما فات واجعل لهم النصيب الأكبر، وإن كنت ممن حفظ هذا الوقت وجعله لهم فهنيئاً لك، ولا تغفل أن يكون بيتك ومملكتك الصغيرة واحة إيمانية تقرأ عليهم فيها من سيرة الرسول وتجعل فيها المسابقات الثقافية والإسلامية والعلمية. واجعل لمن حفظ القران جوائز قيمة. واحرص على تلمُّس سيرة الرسول وحسن تعامله وتواضعه وممازحته للصغار.
رزقنا الله وإياكم الذرية الصالحة، وأقرَّ أعيننا بصلاحهم وفلاحهم، وجمعنا وإياهم ووالدينا في جنات عدن، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/257)
فرقة مساء : الترفيه للفائدة
16/7/1423
23/09/2002
قد يكون من السهل أن تدبج خطبة، أو تعقد محاضرة، أو تخاطب جمهوراً فتطنب وتسهب وتسترسل في نسج العبارات والجمل والألفاظ...
ولكن حين يكون الحديث موجه إلى الطفل فقلة من القليل من يحسن ذلك .
تنوعت المشاريع الموجهة إلى الأطفال ، وسار بعضها في أودية منها ما شرّق ومنها ما غرّب . حيث أهملت تلك المشاريع مسألة التوجيه والتربية وركزت على الترفيه لذات الترفيه لا كوسيلة تستصحب لتحقيق الغاية والهدف الأسمى، إذ لن تعدم أبداً أن تقرن بين الترفيه والتوجيه، فضلاً عن الجهل بأدوات خطاب الطفل وآلياته وفهم سيكيولوجيته، وأسلمة ترفيهه - إن صح الوصف- في ظل امبراطوريات الإعلام التغريبي الموجه إليه ، وما ميكي والبوكيمون منا ببعيد .
إلا أن ثمة مشاريع حملت على عاتقها رسالة الإصلاح والجمع بين المتعة والفائدة في برامج الأطفال، ومن ضمن هذه المشاريع مشروع ( فرقة مساء) الذي بدأ نواة صغيرة على أيد فتية عاملة، وسرعان ما حقق خلال سنة واحدة انتشاراً غير محدود وغدا اسم الفرقة يحفظ على ألسنة الصغار، وتتابع برامجهم بكل شوق ومتعة وحماس.
وسعياً من موقع الإسلام اليوم في إبراز التجارب الناجحة ، أجرينا هذا الحوار مع مؤسس الفرقة ( أ. سامي الجار الله) ليعطي قراء الموقع نبذة عن (فرقة مساء) وأبرز ما تقدمه .
سؤال:ما أبرز الصعوبات التي تواجهكم في التعامل مع الأطفال؟ وكيف تتغلبون عليها ؟
جواب:ليست هناك صعوبات في التعامل مع الأطفال، إذا وجدنا المكان المهيأ والمعد من قبل أصحابه، فحينها يسهل علينا التعامل مع جميع الأطفال، فالصعوبة تكمن في الأماكن التي لا يهتم أصحابها بترتيبها وتهيئتها بالحواجز وغير ذلك، لأن طبيعة الفقرات والألعاب التي تقدمها الفرقة تجعل الأطفال لا يستقرون في أماكنهم، بل أحياناً - من شدة حماسهم- تجهدهم داخل المسرح، أو ملتفين على أطرافه كما حصل معنا في بعض الأماكن .
سؤال:ما أهم المعاني التربوية من - وجهة نظركم- التي يجب أن تحتويها البرامج الموجهة للطفل ؟
جواب:أهم المعاني إيصال رسالة الترفيه البريء للأطفال وأسرهم ، ولتوضيح هذه الرسالة نقول :
إن رغبات الطفل متعددة، ومن أهم الرغبات التي حاول غيرنا أن يقدمها للأطفال رغبة الترفيه، فالإعلام لا زال يحاول أن يلبي حاجة الطفل من الترفيه بكثير من الأمور التي لا نوافقه عليها، حتى استقر لدى الناس استحالة الترفيه بغير ما يُبث في الإعلام بوسائله المختلفة، فعندما نستطيع أن نشبع حاجة الطفل من الترفيه نكون قد حققنا أموراً كثيرة منها:
01 صرف الطفل للبديل النافع، أو - على الأقل- إذا لم ينفع فإنه لا يضر بإذن الله -تعالى-.
02 كون الطفل يفرق بين أنواع الترفيه، ويستجيب بقوة للترفيه البريء ويتحمس له أكثر من جميع البرامج التي تُقدم له من خلال الإعلام والقنوات، فإن هذا مكسب من المكاسب التي نسعى إليها، ونحن - بشهادة من حضر عروض الفرقة - وجدنا حماس الجميع من الآباء والأمهات والأطفال لما يُقدم لهم، وكأنهم في عطش شديد على الرغم من كثرة البرامج التي يشاهدونها ، مما يدل على أنها بقدر ما تضيع أوقات الأطفال بقدر ما تصنع فيهم الفراغ الروحي، لأن ما يُقدم لهم في تلك الوسائل يختلف كلياً عن ثقافتهم وطريقة تفكيرهم، هذه الرسالة من أهم الرسائل التي نسعى لتحقيقها وفرضها على الواقع، وقلب المعادلة لصالح الترفيه البريء ، بحيث يصبح الشذوذ والتأخر في البرامج الأخرى التي تعيش على موائد الآخرين، ونحن جادون في هذا الطريق الذي نلمس شيئاً من آثاره، وستقرب المسافات أكثر فأكثر إذا تفهمنا الآخرون وساعدونا على تحقيق هذه الرسالة، فالمرحلة الأولى التي ينبغي أن ننجزها تتطلب نوعاً من التوسع في المباحات التي يحق لمن كان بعيداً أن يعترض علينا ونحن نعذره؛ لأن ما نفهمه من واقع الطفل ومن المزاحمة التي تفرض نفسها تجعلنا نركز على الترفيه المباح بشكل كبير، ومع ذلك فإن المعاني التربوية لها حظ وافر من برامج الفرقة، فلا يخلو عرض من العروض إلا وله المعاني الكثيرة، لكنها تُقرأ من بين السطور، لأن من فنون الترفيه خلطه بالمعاني التربوية الجيدة، وهذا ما نسعى دوماً لتحقيقه، ولكن ربما يكون على نار هادئة ، إلى أن يبلغ الماء قلتين !
سؤال:ما مدى الحاجة إلى سد الفراغ الذي يعانيه الطفل، نتيجة لقلة البرامج الترفيهية الهادفة الموجهة له ؟
جواب:الحاجة إلى سد الفراغ ملحة وواضحة للعيان، فالعرض أقل بكثير من الطلب.
سؤال:ما الذي يمكن للفرق الترفيهية أن تضيفه لشخصية الطفل المسلم ؟
جواب:
01 القدرة على التفكير الجيد من خلال الألعاب والمسابقات التعليمية والذهنية.
02 تعظيم حقوق الله - تعالى -، وحقوق الآخرين.
03 البعد عن الأنانية ، من خلال الألعاب الحركية التي تعتمد على المشاركات الجماعية، والإنجاز الذي ينتسب للجميع.
04 العمل بروح الفريق الواحد.
05 تكريس مبدأ التشاور.
06 تعليمه معنى التنافس الشريف.
07 تعليمه بعض الآداب والقيم.
08 تنبيهه عن طريق المنلوجات التي تقدمها الفرقة إلى بعض الأخطاء السلوكية والاجتماعية.
سؤال:في عصر الترفيه الإعلامي والقنوات الفضائية: ربما يقول البعض إن الفرق الترفيهية ستكون أمراً ثانوياً بالنسبة للطفل، وبالتالي لن تجد التفاعل المنشود منه.. ما رأيكم ؟
جواب:نستطيع أن نختصر الجواب ونقول لك: التجربة تفيد عكس ذلك تماماً، بل ما سمعناه وما جاءنا من كتابات بعض الآباء والأطفال، ما يمكن عده مؤشراً يدل على أن ما يُقدم لهم في تلك القنوات يدور بين التافه والحقير، وأنت ربما شاهدت أو رأيت بعض البرامج التي تُعلّم الطفل الميوعة والتكسر، والأسئلة التي هي من نوع الأرض أرضٌ والسماء سماء!! وهذا لا ينطبق على جميع البرامج بالتأكيد، لكننا واثقون - بإذن الله- أن ما عند الفرق يفوق كثيراً ما تقدمه القنوات والتلفزيون.
سؤال:من خلال تجاربكم الناجحة مع الأطفال، ما نوعية البرامج التي تناسب الطفل ؟
جواب:البرامج الحركية تستثير أذهان الأطفال أكثر من أي برامج أخرى، وهذه دعوة منا للاستفادة من جميع البرامج الحركية لتوجيه الأطفال في المنازل والمدارس.
سؤال:ما الآثار التي تتوقعون أن يجنيها الطفل من برامجكم ؟
جواب:هناك آثار قريبة تتمثل في تذكير الطفل بالآداب والقيم واحترام الحقوق .. وهناك آثار بعيدة تتمثل في ربط الطفل بهويته الإسلامية، وتعزيز شعوره بانتمائه لدينه، وحبه لكل مظهر إسلامي .
سؤال:نأمل منكم إعطاءنا فكرة مبسطة عن أسباب المبادرة الإيجابية من قبل أعضاء الفرقة للوصول إلى شريحة الأطفال؟
جواب:أؤكد أن الحاجة ملحة الآن وحتمية للترفيه سواءً للأطفال أو لغيرهم، ومن جهة أخرى وجدنا لدينا - ولله الحمد- القدرة على إيصال ما نريد من البرامج التربوية والدعوية لهؤلاء الأطفال، ومن الأسباب: أن هذا العمل - في هذا الوقت بالذات- ربما يُعد من الواجبات الكفائية التي تفرض على من لديه قدرة واستطاعة أن يبادر لسد ثغرة ولج منها غيرنا واستطاع أن يغزو وأن يسرح ويمرح دون منافس له أو حسيب، وأن الآثار التي تجنيها الأمة اليوم جزء نتج عن الفروق مدة طويلة عن أداء دور يهتم بالطفل ويكون -على الأقل- دارئاً لبعض الشر .
سؤال:ما مقدار الإقبال على هذا الصنف من الترفيه الذي تقدمونه والذي يتسم بالطابع الإسلامي الخالي من المخالفات الشرعية ؟
جواب:ولله الحمد .. الإقبال كبير جداً رغم بدايتنا المبكرة إلا أننا نلمس تفاعلاً كبيراً من الحاضرين لبرامجنا والسامعين والقارئين عنها، والعجيب أننا نجد من حماس الرجال لهذا النوع من الترفيه ربما أشد من الأطفال، فعلى سبيل المثال: قدمت الفرقة عروضاً في مدينة أبها وكان الإقبال عليها منقطع النظير من مختلف الأعمار -قرابة (4000-4500 تقريباً)-، ووجدنا رجلاً كبيراً تجاوز السبعين يقول: أنا حضرت إلى هنا من مدينة خميس مشيط من أجل عروضكم، فالإقبال لا يوصف ونحن نقيس مدى التجاوب بمعيار مهم يصلح قياساً في كثير من البرامج التي تُعرض على الناس، هذا المعيار أو المقياس هو رغبة الناس في بقائك مدة أطول عندما تعرض لهم ما عندك ثم تهم بالانصراف ، فإذا لم يشعر الناس بالملل ولم ينصرفوا عنك وبقوا مدة ساعة أو ساعة ونصف فأظن أن هذا دليل على النجاح والتميز، وهذا ما شاهدناه كثيراً في عروض الفرقة ولله الحمد، ولك أن تجرب .
- للمزيد من المعلومات حول الفرقة :
* هاتف : 055291462
* بريد إلكتروني : msaa10@hotmail.com
ـــــــــــــــــــ(101/258)
علِّم ابنك لعبة «عيّن الكذبة»!
جاسم المطوع
هل هناك اتفاق بين التلفاز والمخدرات؟
نعم. فإنهما يشتركان في استغراق الوقت الطويل فيهما، وكذلك يعملان على نفس المستوى الخيالي والذهني، فالطفل يشاهد البرامج الخيالية حتى يظن أنه في عالم غير العالم الذي نعيش فيه، وكذلك متناول المخدرات يصيبه العته والانفصال عن الواقع، وأثناء مشاهدة أبنائنا للتلفاز فإنهم لا يستطيعون أن يفكروا أو يتحركوا، وكذلك متعاطي المخدرات. فكيف نتعامل مع التلفاز حتى نحصن أبناءنا من التمادي في الكذب والخيال؟ إن الإدمان على التلفاز قد يعتبر إدماناً لأمور أخرى، وقد أعجبني ما فعله المحلل الثقافي Os Guinness مع ابنه ليقيه من سحر التلفاز، وليعطي مساحة أكبر لعقله في التفكير على الرغم من صغر سنه، فابتكر له لعبة «عيّن الكذبة»، وكان ابنه في سن الخامسة، فأراد من ابنه أن يتعلم كيف يميز بين الحق والزيف في الإعلانات التلفزيونية وذلك بأن يقول الأب لابنه عندما يرى مشهداً أو إعلاناً عبارة: «عيّن الكذبة»، فيحاول الابن اكتشاف المشهد غير المعقول ويشعر بتزييف الحقيقة، ويكون في نفس الوقت قد فهم بأسلوب بارع التلاعب الموجود في المشهد.
يقول الأب الذي سن هذه التجربة بعدما أصبح ابنه في الحادية عشرة، بأن ابنه تحرر من وهم الشاشة وخيالها كما أنه أصبح يفضل كثيراً قراءة الروايات والقصص، أو عمل أشياء أخرى عن الجلوس أمام التلفاز، إن هذا يعتبر انتصاراً حققه الأب في عالمنا اليوم، الذي أصبحت فيه لعبة الأطفال الأمريكية «باربي» الشقراء تأتي على شكل ثلاثين جنسية مختلفة، مثل النمساوية والمغربية، هذا ما أكده الدكتور محمد الرميحي في مقاله «لا عزاء للثقافة العربية» بمجلة المجلة، وأضاف بأن «شارع سمسم» البرنامج الأمريكي المخصص للأطفال يشاهد اليوم بأكثر من تسع لغات عالمية من بينها الصينية، لقد أخذ التلفزيون الملون ثلاثين سنة للوصول إلى ثلاثة عشر مليون مستخدم، أما شبكة الانترنت فقد أخذت من الزمن خمس سنوات للوصول إلى ذلك الرقم.
لاشك في أن مثل هذه الثورة بحاجة إلى وعي وإدراك متميز من الوالدين تجاه أبنائهم وابتكار ألعاب تربوية كلعبة «عيّن الكذبة» في سن يكون الكذب فيه عند الأبناء من سن السابعة إلى العاشرة أمراً طبيعياً، وهذا ما أكدته أ. ثناء عز الدين المدرس المساعد سابقاً بجامعة هارفارد وقد نشرت في ذلك بحثاً بمجلة صحتك - العدد العاشر.
فحماية أبنائنا تحتاج منا إلى ذكاء يتناسب مع الذكاء الإعلامي في الأسواق ويتناسب مع الذكاء الترفيهي الذي يمارسه أبناؤنا.
المصدر : http://www.almutawa.ws
ـــــــــــــــــــ(101/259)
على أي تربية نتربى ؟
أم حسان الحلو 3/7/1423
10/09/2002
هل يمكن أن ينشأ الطفل دون تربية أو رعاية ؟
الجواب : حتمًا لا يمكن ، بل إن الطفل الذي لا يربى هو طفل تعرض لإهمال أو تربية عشوائية، يقول الإمام الغزالي في هذا الشأن (الصبي أمانة عند والديه ، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما نقش وسائل إلى كل ما يمال به إليه ، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه ، و سعد في الدنيا والآخرة كل معلم له ومؤدب ، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له، ويقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كل مولود يولد على الفطرة ...)
والذي يهمنا هو قوله: " أهمل إهمال البهائم " فالذي لا يتعرض لمنهاج تربية سليمة هو مهمل إهمال البهائم، ومن التي ترضى وتقتنع بهذا الوصف لها أو لصغارها ؟ إذن لا بد من التربية ، ولكن أي تربية ؟
هل هي التربية الموروثة عن الآباء ؟
إن قلنا: نعم، فهذا يعني أننا نبارك الأجيال الآن ، وإن قلنا : لا ، فهذا يعني أننا نجحد جهد الآباء، ولكنا نقول : نأخذ بعضها ونترك الآخر . نأخذ ما اتفق مع قرآننا الكريم وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - وما توارثه صالح المسلمين وترك ما يعارض منهاجنا الحنيف .
فالقضية تحتاج إلى تمحيص في كل صغيرة وكبيرة ، على أننا نقدر ونعذر وندعو لآبائنا؛ لأنهم افرغوا جهدهم وقدموا لنا كل ما يستطيعون حسب طاقتهم ، ونسأل الله - سبحانه- أن يوفقنا أن نفرغ جهدنا وطاقتنا لأبنائنا الأحباء .
هل هي التربية الغربية ؟
وهل أفلحت التربية الغربية الغريبة في إعداد الإنسان السوي ؟ إذن ماهو تفسير الحروب والدمار والأنانية وحب الذات و الضياع الذي يعيشه الإنسان الغربي ، الإنسان الذي قتل يده وغيره بسلاح المادة ، هل هذا هو الإنسان الذي تقتفى آثاره ؟
بل ..ماذا قدمت الحضارة الغربية للطفولة ؟
إنها طالبت بتحديد النسل، وتقليل عدد الأطفال الشرعيين، مقابل زيادة مطردة في الأطفال اللقطاء ..
واهتمت بمأكل وملبس وألعاب الطفل مقابل سلبه لحنان والديه وخروج أمه للعمل دون مبرر ، حتى لو عملت عملاً ميكانيكي أو عاملة قمامة ..
منحته الاهتمام الكبير بالمظهر مقابل سلب أجمل معاني الجوهر .
أعطته الدنيا وعلقته بها، وسلبته التفكير بالآخرة ونعيمها .
قالت :
الفن للفن ، والأدب للأدب ، وأنت لنفسك ، وإن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب ..
فهل هذا الذي ترتضيه القلوب المعلقة بالله ، المتطلعة لرضاه و جنته ؟ لا ، وألف لا .
فما معنى التربية الإسلامية التي نريد ؟
إنها تعني بذل الجهد ووضع الشيء في مكانه ومتابعة النظر إليه بالرعاية والإصلاح بعيدًا عن الإهمال، وذلك بالتدرج شيئًا فشيئًا ، وأن ما أمكن تحقيقه اليوم يمكن أن يتحقق غدًا ، حتى نصل إلى حد التمام والكمال، وهو الحد الذي يصل فيه الطفل إلى أن يتمسك بشرع الله ويحاسب نفسه بنفسه ويراقبها وينابيع تربية نفسه .
إذن التربية الإسلامية تنشئ إنسانًا متميزًا ومجتمعًا متميزًا ، يرفض الذوبان في المجتمعات الأخرى التي جاء هو أصلاً لهدايتها وقيادتها ، وأفراد هذا المجتمع يرفضون الأزياء التربوية المتغيرة .. إنهم يعتزون بذواتهم وبمناهج تربيتهم وخصائصه .
أما خصائص منهج التربية الإسلامية، فهي:
أولاً / منهج رباني:
صادر من الله للإنسان ، فالحلال ما أحله الشرع والحرام ما حرمه الشرع ..
كذلك هو رباني الوجهة والغاية ، فالمسلم يجعل غايته حسن الصلة بالله -تبارك وتعالى- ويعتقد تمامًا أنه سيلاقي نتيجة كدحه " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا فملاقيه"..
وبذلك يختلف اختلافا جذريًا عن أي منهج آخر ، يُرى اليوم صواب أمر ، ويقدح به غدًا ، ويأتي بعد غد بنظرية جديدة .
مثال ذلك :
طلب العلم فريضة شرعية ، أما أن يستخدم العلم في رماد البشرية فهذا نتاج فكر كافر بعيد عن منهاج الله ، لا يدرك منشأ علومه ولا نهايتها .
ثانيًا/ التوحيد:
عقيدة التوحيد التي يحققها المسلم في ذاته وفي مجتمعه ويهديها للعالم أجمع كي يشهد ميلاد إنسان جديد ، إنسان تحرر من قيود الأرض وفهم معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- :" يا غلام ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله . واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك إلا بشيء لن يضروك بشيء قد كتبه الله عليك ، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف "
كم هو سعيد الإنسان الذي يعيش هذه المعاني ، وكم تسعد به أمته ، والبشرية جمعاء .
يقول أحدهم معلقًا على حالنا:
يوم أن خفنا الله وحده كان منا كل شيء ، وسخر لنا كل شيء حتى وحوش الأرض ، ويوم أن خفنا غيره -سبحانه -أ صبحنا نخاف من الفئران وترتعد فرائصنا منها .
ثالثًا /العالمية:
فالنهج الإسلامي يربي الإنسان الصالح وليس المواطن الطالح ، الإنسان الذي يعيش انسانيته بكل عمقها ونبلها ، لا يهمه عرق ولا حدود ضيقة ولا نوع ، إنه يرتقي بمشاعره ، ويحس أن المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا ، وأن أكرمكم عند الله أتقاكم .
ويوم أن أصبح هذا الإنسان الصالح سيد العالم ، فيستطيع أن يستغل موارد الكون لخدمة الأرض ولخلافة الله على هذه الأرض ، فلا نسمع أو نقرأ في نفس الصحيفة عن أناس يموتون جوعًا وفي بقاع أخرى ترمى المنتجات في البحر حفاظًا على سعرها !! إنه الإنسان الذي يرفض أن يكون إمعة؛ لأن منهاجه واضح أمام عينيه، وهو يمتثل هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لا يكن أحدكم إمعة، يقول : إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤوا ألا تظلموا "
رابعًا/الثبات :
لأن مبادئ التوحيد ثابتة ، وأما التغيرات ففي المظهر والشكل لا في الجوهر، فالأجيال لا تتصارع ولكنها تختلف، ومن هنا قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: " أحسنوا تربية أولادكم فقد خلقوا لجيل غير جيلكم " .
قد يركب الإنسان الجمل أو الصاروخ أو الطائرة ، لكنه يجب عليه في كل الأحوال أن يقول : "سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون" .
خامسًا/الشمول
لأن المنهج التربوي يتناول الحقائق كلها شاملة ، حقائق الكون والإنسان والحياة ، وهو يخاطب الإنسان ككيان واحد .
فالعبادة هي الصلة الدائمة بين العبد وربه، وتشمل الروح والجسد والعقل ، مثال ذلك :
التربية البدنية والرياضية لا تنفصل بأي حال عن الضوابط الشرعية ذلك ما نفتقده تمامًا في مناهج التربية الأخرى .
سادسًا : التوازن :
تتوازن مصادر المعرفة ، وتتناسق كل بحسب وزنه دون تطرف أو شطط ، أو تأليه ما ليس منها بإله،
ومصادر المعرفة هي :
الوحي ، أي: القرآن والسنة .
الكون وكل الحياة والأحياء / أي البحوث العلمية .
الإنسان ذاته من آداب وأفكار وسير عظماء .
وعندما يعي المسلم هذا التوازن جيدًا فإنه يسير ثابت الخطى مبارك النتائج في طريقه إلى الله ، فلا يقيم الدنيا ويقعدها امن أجل أبحاث ودراسات غير شرعية ، وكم سمعنا بمثل هذه الدراسات ، مثل عملية استئجار الأرحام وبنوك النطف، وهلم جرا من تخريفات العلم .
فالتوازن وضع ضوابط لمصادر العلوم وجعلها متناغمة متناسقة منطقية علمية عالمية .
سابعًا /الإيجابية:
فالمؤمن يعتقد جازمًا أنه عبد لرب فعال لما يريد ، وإلهه مطلع عليه وهو معه أينما كان ، فقد قال -سبحانه- : "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" لذلك فالمؤمن يري الله من نفسه خيرًا ويتحرك ليكون فاعلاً وينفي عن نفسه السلبية فيتحرك للعمل، ويشعر أن الله -سبحانه وتعالى- سيعينه عليه .
فالإنسان قوة إيجابية فاعلة في هذه الأرض ، فهو مخلوق ابتداء ليستخلف فيها ليحقق منهج الله في صورته الواقعية ، ومن هنا وصف بعض الصالحين بأنه كان قرآنًا يمشي على الأرض ، وليس المطلوب من المسلم أن يجتهد فقط، بل مطلوب منه أن يفرغ جهده في سبيل تحقيق أهدافه العليا،وهنا المبدأ جد هام في العملية التربوية؛ لأنه يبدد الكسل والملل والفراغ والدعة والتخاذل والتواكل والتماس المبررات وإيراد المثبطات ، ويبعث الهمة والنشاط والحيوية والمجاهدة والمصابرة والاستمرار على ذلك، بل وجعل هذا النشاط و الحيوية المتوقدة والحماسة المتزنة منهاج حياة .
والواقع أن الفاجر لا يشعر أنه سلبي بل هو إيجابي عدواني بطبيعته ، يريد أن يمحو الحق، والذي يشعر بالعجز والضعف غالبًا ما يكون قد ابتعد عن روح العمل الإسلامي، وهو لا يكتفي بالكسل والتخاذل ، بل ويسلق العاملين بألسنة حداد أشحة على الخير ، وصدق القائل :
"إن الجالس يحصي أخطاء السائر " .
وأورد هنا مقولة الإمام علي -رضي الله تعالى عنه -:
قصم ظهري رجلان : جاهل متنسك وعابد متهتك ! علينا أن ندرك تماما قول الشاعر :
وإذا كانت النفوس كبارا ... ...
تعبت في مرادها الأجسام
فإن كانت لنا أهداف نبيلة بل في غاية النبل علينا أن نوطد أنفسنا أننا سنسير رحلة شاقة ، ولكن الرحمن الرحيم -سبحانه- وعدنا بالتيسير والعون ، نسأل الله التوفيق والسداد والرشاد .
يقول أبو القاسم الشابي :
هو الكون حي يحب الحياة ... ...
ويحتقر الميت المندثر
فلا الأفق يحضن ميت الطيور ... ...
ولا النحل يلتثم ميت الزهر
ومن لا يحب صعود الجبال ... ...
يعش أبد الدهر بين الحفر
ومن لا يعانقه شوق الحياة ... ...
تبخر في جوفها واندثر
ثامنًا : الواقعية :
إن مبادئ ديننا الحنيف راقية المعنى نبيلة الغاية ، سامية الهدف، عاشها جيل فريد ، بالمثالية الواقعية، إنها ليست نسيج خيال أو أحلام أولياء ، إن سيرهم العطرة لتنفذ إلى القلوب وتصحح العيوب ، ومن شاء فليتأمل سيرة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ،وسيرة الصحابة والتابعين ، والصالحين في كل زمان وحين ، وقد يعلق البعض تقصيره بأن هذه المبادئ كانت ولن تعود ، وأقول : هل هو اعتراف ضمني بهزيمة الإسلام ؟ كلا وحاشا ، سيعود الإسلام كما كان ، وكما أخبر وبشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطوبى للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس .
ـــــــــــــــــــ(101/260)
حياة المراهق وأخطاء الوالدين في التربية
محمد حامد الناصر
للوالدين أثر كبير في توجيه الأبناء والبنات، وخاصة في فترة المراهقة؛ لأنها فترة حساسة، وللأخطاء مخاطرها التي ستؤثر في حياة هؤلاء الشباب وتوازنهم النفسي.
وهنالك أخطاء قد يقع فيها الوالدان، سنذكر في هذا المقال أخطرها وأشدها شيوعًا. ومن ذلك:
1ـ التربية على الأنانية والسيطرة:
ذلك أن تربيتنا في المنزل وفي المدرسة، هي تربية تؤدي إلى الأثرة وحب الذات، وإلى جعل الغرض من الحياة منزلاً فخمًا وأثاثًا وريشًا.
فالأم تضع هذه المعاني في ذهن الطفل، ولا تحسن أبدًا أن تقول له: يا بني! إني لأرجو الله أن تقر عيني بجهادك في سبيل الله، ونضالك في سبيل الحق، واستشهادك في سبيل إعلاء كلمة الله.
إن هذه الكلمات قد أصبحت مرعبة، فتستعيذ الأم من أن تسمع ابنًا لها ينطق بمثلها...
والمدرسة كذلك تنمي الفردية، وتشعر كل فرد بأنه يستطيع أن يعيش وحده، ويمضي في أموره وحده.. فنشأ عن ذلك عدم ثقة الأفراد ببعضهم، وأصبحت الروح التي تسود المجتمعات الإسلامية هي روح النقد الممزوج بالسخرية وعدم الثقة والشدة في التجريح.
2ـ التأرجح بين الشدة واللين:
كثيرًا ما نجد التردد والتأرجح في معاملة الوالدين للأبناء؛ فقد يُعطي المراهقون حرية ولا حدود لها، أو يعاملون بقسوة وشدة لا رحمة فيها.
وشواهد الحياة الأسرية على هذا الأسلوب كثيرة:
ـ فهل نسمح مثلاً للمراهق أن يسهر خارج المنزل ويتأخر في عودته بحجة أنه حريص على مستقبله وسمعته؟
ـ وهل يسمح للفتاة في وضع الزينة والمكياج، ولو أمام النساء من غير مناسبة؟ وخارج المنزل؟
ـ قد لا يتقبل المراهقون كل ما يقوله الآباء لهم، ويحسون بعدم الأمان والتقبل لما يقولون.
ـ فما موقف الآباء والأمهات عند ذلك؟
هنا لا يجوز التساهل؛ لأن الضابط الشرعي هو الحكم في هذه القضايا، ولا مانع من استخدام الأسلوب الهادئ لتحقيق المطلوب.
ينبغي أن نعلم أبناءنا ضرورة الانصياع إلى حكم الشرع الحنيف منذ الصغر، ولا خيار للجميع في خلافه؛ فللحرية حدود لا بد من الوقوف عندها، ولا بد من الاستئذان قبل خروج الابن أو الابنة، ولا بد من التعود على أسلوب المشورة وتقبل النصيحة المخلصة.
لا بد من الاعتدال؛ فلا يفرط الوالدان في التسامح والتساهل، ولا يفرطان في السيطرة واستخدام العقوبات كيلا يؤدي ذلك إلى النفور والهرب من المنزل؛ فلتعط الحربة ضمن الضوابط المستمدة من تعاليم الإسلام.
أما التربية اللينة: فسوف تؤدي إلى التسيب، ولن تربي أجيالاً سوية، ولن تؤدي إلا إلى الانحراف والإحباط لدى المراهقين والمراهقات.
وقد يظن بعض الآباء أن التستر على الخطأ وسيلة مجدية في معاملة الأبناء، وهذا خطأ شنيع؛ لأن الأبناء لا يحبون الأب الضعيف ولا يقدرون الأم التي لا تعينهم على كبح نزواتهم.
فالثقة المتبادلة والحوار الدائم بين الشباب والأسرة، هما الطريق الوحيد لاستعادة العلاقات الأسرية الدافئة.
وعلماء الاجتماع يقولون: الثقة المتبادلة بين الشباب والآباء كانت موجودة من قبل؛ لأنه كان يوجد اقتناع بدور الآباء، وكانوا متفهمين للمصارحة بينهم وبين آبائهم.. أما في الوقت الحالي فقد تغلبت الماديات على التفكير، وأصبحت لغة الآباء هي لغة الأرقام، فكانت النتائج مؤسفة الآن.
والشدة في التربية: لا تأتي غالبًا بخير؛ لأنها ستربي أجيالاً مذعورة مهزوزة، متناقضة في تصرفاتها، تنصاع أمام المربي الشديد، وتنقلب إلى مَرَدة إذا رفع عنها الكابوس... وطالما عرفنا كثيرًا من الأبناء يعانون من هذه الأساليب ـ يضربون لأتفه الأسباب وبأسلوب عصبي حتى تحولت البيوت إلى ثكنة عسكرية صغيرة؛ فالرعب مطبق يرتجف له قلب الفتاة لمجرد ذكر اسم الوالد، ويهرب الولد إن خوف بوالده، فلا يستطيع أن يصارح أباه خوفًا وهلعًا، ولا يبوح لأمه بمكنون نفسه؛ لأنه لا يجد لديها إلا التسفيه والكلمات الجارحة، ولا تستطيع الفتاة أن تشاور أمها، خوفًا من لسان سليط وقلب سقيم، فتنكفّ المسكينة تنتظر الفرج.
فعلى الوالدين أن يتقيا الله في تربية الأبناء، وخير الأمور أوسطها فلا قسوة مرعبة، ولا لين ضعيف، وإنما هي أمانة، فلتؤد بحقها، وعلى الوالدين أن ينميا ثقافتهما ليواكبا العصر ويطلعا على مشكله، فيحصلا على احترام الأبناء وثقتهم.
كما أن الأبناء الذين يعيشون في جو مشبع بالتفاهم والتشاور هم أقرب الناس إلى الشعور بالثقة بالنفس والاستقلال، وتمتعهم بصحة نفسية جيدة تساعدهم على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين.
فالنمط المتسلط، الذي يفرض الطاعة العمياء سوف يضعف نشأة الأبناء، فتقل قدراتهم الإبداعية في كثير من المجالات، بل وكثيراً ما يهرع هؤلاء إلى الهروب من المنزل، أو خارج البلد والعيش مع رفقاء السوء.
أما النمط المنضبط: فيمتاز سلوك آباء هذا النمط بالتقبل والتفهم والمنطق مع إعطاء مساحة مقبولة من الحرية والاستقلال للأبناء، فينشأ هؤلاء الأبناء نشأة الأسوياء.
3ـ ضعف متابعة الأبناء:
إن ضعف متابعة الأبوين، سيقود إلى ضعف الأثر التربوي لهما، ومن ثم وقوع هؤلاء المراهقين بين أيدي العابثين من الأقران، أو دعاة السوء.
والمتابعة لا تعني سيطرة مستمرة للأبوين، وإنما هي متابعة ودودة،مباشرة أو غير مباشرة.
نتابع أخبار الابن [أو البنت] في المدرسة وفي خرجاتهم وفسحهم، وفي المنزل له ولأصحابه: نعقد صلات طيبة مع أسر ملتزمة بدينها من أجل معايشته مع أبنائها.
وخلال ذلك كله نقوم وننصح، ونناقش الكبار منهم، ونعلم الصغار، ونضرب لهم الأمثال من واقع النماذج الرائدة من تاريخ أمتنا المجيد.
4ـ سوء استخدام وسائل اللهو والترفيه:
وفي مقدمتها التلفاز والفيديو، فلا نسمح بمشاهدة محرم، ولا سماع مكروه منهي عنه.
ونوجه الأطفال والمراهقين نحو اقتناء وقراءة الكتب النافعة والقصص المفيدة، والمداومة على حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد، والقيام بالرحلات الأسرية المناسبة.
هذا وإن قضية تفكك العائلة كثيرًا ما يؤدي إلى مختلف العقد النفسية، والاضطرابات العقلية.
فقد أكدت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها، أن هنالك [380] مليون مريض بالاكتئاب على مستوى العالم، وذلك بسبب التفكك الأسري، وفقدان الحنان الأبوي، وإهمال الشباب في مرحلة التكوين النفسي، مما يسبب الإحباط الشديد والقلق والتوتر النفسي، وفي الاكتئاب تكون حالات الحزن شديدة وبدون سبب أو مسوغ، وأفضل وسيلة لتجنب الإصابة هي التعاطف مع الطفل طوال فترة تربيته، وعدم إساءة معاملته، أو ضربه بعنف، مما يجعله فريسة سهلة للمرض.
وفي مصر الآن ستة ملايين مريض بالاكتئاب بسبب ضغوط الحياة وانفعالاتها النفسية، وأكثر ضحاياها من الشباب والنساء، والأخطر من هذا كله أن المرضى لا يرغبون في العلاج، ولا يعترفون بمرضهم أصلاً.
هذه القضية كشف عنها 'المؤتمر الدولي للطب النفسي وخدمات الصحة النفسية في القرن المقبل' الذي أقيم في القاهرة.
وقد أثبتت الأبحاث العلمية ـ حتى الغربية منها ـ أن الإيمان بالله - تعالى - يأتي في مقدمة أسباب الشفاء، ويساعد الجسم في إفراز مركبات لها مفعول الدواء.
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/261)
سفير من وسط البحر
رياض بن سليمان السلطان 22/6/1423
31/08/2002
أبي :
أنت ظل السعادة الوارفة .. !
وبسمة الفجر ..
التي تخلصني من ظلمة الليل العابسة ..!
والزورق ..
الذي يقلني إلى ظل الطمأنينة ، وبلاد الأفراح
الخالدة ...!
امتلأت هذه الحياة بالعجائب ؛ فقدت القلوب مبدأ التأثر بالغرائب والمستجدات.. بدأت واثقة النظرة، هادئة الأركان، ثابتة الجنان أمام كل جديد، تحتاج في السابق إلى إغماض متعاقب، وجبذ للنفس مرة بعد مرة، والتفاتات جبرية سريعة يمنة، ويسرة؛ حتى تتقبل الجديد بنفس مستريضة، وتنفض عدم القناعة، لتلقيها من شاهق؛ وتصبح الغريبة كالبيضة الناصعة في عش القلب المتحير! .
كنت أفكر مراراً وتكراراً ! هل يوجد بشر يسير مع الناس .. يمشي في الأسواق، ويصارع أبواب الحياة المستغلقة، ويعاني ويتألم ويفرح ويترح.. مع الناس .. كالبشر وهو في حقيقته درة: سفير للبحار المفحمة للنفوس المتكاسلة، النازلة!
بحثت.. سألت .. أخذت عمن دوني ، وسألت من فوقي، والتمست من هو مثلي فلم أجد... سرت في الليالي المظلمة بين البيوت الموشاة بالزينة، ومظاهر الترف.. أهدهد الحصى الصغيرة في أحياء تهالكت أطلالها، واحترقت ذكريات ساكنيها تحت حياة المدن الواسعة؛ فلم أجد! بحثت.. سألت وقفت على رؤوس الجبال الشاهقة؛ لأخلع ذلك السؤال على من أبلاه تعاقب الليل والنهار، وحرارة الشمس المحرقة، والليالي التي فقدت أنوار البدر الهادئة .. رفعتُ الصوت .. صرختُ وكنت مقتنعاً وقتها أنه لا أحد سيجيب علي .. وتوسعت دائرة الاستفهام، والاستعجام حتى لفظت كل تبعات لذلك السؤال المؤرق.. وفجأة ! حصل ما لم يكن بالحسبان؛ لم أسترع وقتها جواباً من أحد؛ فالكل قد أجاب بـ(لا)؛ ولكن أبت ألسنة الحقيقة الهالكة من قديم، والعقول التي اضمحلت عافيتها مع تعاقب الأيام المضنية إلا أن تجيب؛ فتكلمت رسوم أطلال (خولة) ورجعت العيون الحور إلى الجماجم البالية .. واستحال عدم اللسان إلى عنفوانه، وطلاقته كل ذلك حصل؛ ليردوا السؤال الذي أيقنت أنه لا راد له .. الأمم الغابرة ، العقول العارفة المنقرضة كل أولئك رجعوا إلى ما كانوا إليه لينطقوا بالحقيقة؛ فرجع السؤال إلي بالجواب وأنا ذاهل النظرة؛ فقد أصبح جوابهم بمنزلة الإجماع؛ فلم يختلفوا .. قالوا: تلك الدرة التي أردتها: من صففت الورود الحمراء، والزرقاء في ( مزهرية) حياتك؛ حتى اكتملت سعادتك، وضمك بين ذراعيه؛ ليحول بينك، وبين بنات الدهر القارصة ..
تحملك كأنك غصة في حلق لم يرق عليك الماء ليذهبك؛ اعترافاً منه أن التضحية حق من الحنون على من يرحم، ويكرم .. عبد كل العقبات؛ لينظم طرق السعادة إلى قلبك؛ كيلا تنزع خريطة العمر من ظلام الليل الحالك فأنقذك من طرق طامسة مهلكة..
مضغ التراب، ولعق الصبر، وحاصر الجوع بالحجر، والحبال حول كشحة؛ حتى لا يقف عيشك على اللبن، والتمر، ومزق عناوين الضيق الساكنة في صلب الدنيا الفانية؛ لتتثاءب الأحزان، والأتراح دون الوصول إلى قلبك ... ومذ بدؤوا يركبون مفردات تلك الدرة اللامعة.
كنت أعلم يا أبتاه أنهم يعنونك بتلك النعوت القاصرة، ولكنني احترمت وجهات النظر، ولم المشاعر المترامية النيرة ممن استحال إلى عالم الآخرة ؛ إذا كان أولئك - يا أبتاه- يقولون ذلك؛ فكيف يجدون أقوالهم بجانب قولي فهم يروون الحقيقة؛ وأنا أعيش الحقيقة نفسها..؟!
أبتاه:
لو رأوني وأنا في نعومة أظافري، وعيناي لا تستقران.. لا تهدآن بفعل البراءة المتوهجة في سنيّ العمر الأولى؛ وأنت تجعل قلبك لحداً لصرخاتي الحزينة، وهذا اللحد كأنه لا نهاية له؛ فقد دفنت فيه آهاتي، وأناتي! سنوات متعاقبة ...
لو رأوني وأنا أحبو على صدرك الرحب الذي وسع الكفاح؛ لتتوج بالسعادة هامة أيامي المنتظرة ...
لو رأوني مخوف الجناب، حرام الحمى؛ تذود بنفس صليبة عني كل الهوامّ، والسّباع الضارية ؛ تفرّق الشرور عني .. كما تتفرق دوائر الماء عن الحجارة الصغيرة عندما تلقى في البحيرة الراكدة ...
لو رأوني ؛ وأنا أخلل بكفيَّ ظلام الليل لأبصر الحياة، والطمأنينة، والسكون؛ فلا أستطيع حتى أراك كأنك بسمة الفجر تتساقط أمامه تجهمات الليل المفزعة ...
فهل علمتم - يا هؤلاء - أنني أعيش الحقيقة نفسها ! أنني أعيش الحقيقة ذاتها! وأن الخبر ما تراه بعينيك لا كما تسمعه الأذنان، ويبلغه اللسان؛ لأن الحق لا تنطق به إلا ألسنة القلوب ...!
أبتاه ! ما نطقت به الحقيقة :
إنما هو غيض من فيض، وقليل من كثير، ووشال من بحر، وزهرة من حافة رياض الثناء الغناء، وأول نجمة بعد ذهاب شمس الأصيل ...!
وختاماً لا أستطيع أن أقول إلا كما قال الشاعر:
بعثنا ببر تافه دون قدركم ... ...
وما تبعث الألطاف للقل والكثر
ولكن ظرفاً أن تزيد مودة ... ...
فهل تكرمنا بالقبول وبالعذر
فلو كان بري حسب ما أنت أهله ... ...
أتاك إذاً زوجي على طبق البر
ـــــــــــــــــــ(101/262)
التفرقة في معاملة الأبناء .. كارثة
أثبتت الدراسات الحديثة أن أفضل الأساليب والاتجاهات التربوية التي تحقق الصحة النفسية للأطفال هي المساواة بين الأبناء , بصرف النظر عن الجنس (ولد أو بنت ) أو السن : (الأكبر أو الأصغر ).., تقول د . بثينة حسنين عمارة أستاذ علم النفس التربوي ورئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية لتنمية وتثقيف الأسرة : إن عدم التفرقة يساعد علي تنمية قدرة الطفل علي مواجهة مشكلات الحياة بصورة أفضل وتقويمها بواقعية كذلك تقبله لذاته فتنمو قدراته الخاصة وتتولد لديه الثقة في النفس وفيمن حوله وتساعده علي الاستقلالية في التفكير والسلوك القويم وحب الاستطلاع والرغبة في الإنجاز واكتساب الخبرات والبحث عنها بصورة ايجابية .
وقد أكدت الدراسات أن التفرقة في المعاملة بين الأطفال في الأسرة سواء من جانب الأب أو الأم أو كليهما يترتب عليه تكوين شخصية حقودة مملوءة بالغيرة فضلا عما يتكون لدي الشخص المميز في الأسرة والذي يحظى بالقسط الوفير من الاهتمام والامتيازات من أنانية ورغبة في الحصول علي ما في يد الغير وكثرة الطلبات التي لا تنتهي مع عدم الاكتراث بالآخرين أو مراعاة مشاعرهم .
ومن مظاهر هذه التفرقة خاصة في الأوساط الشعبية خدمة البنت لأخيها أو أسرتها , وإعطاء الولد حق الأمر والنهي والطلب وفي بعض الأسر يتميز الطفل الأكبر عن الأصغر أو العكس بحق الرعاية والعناية والحب والاهتمام عن بقية إخوته مما يثير داخلهم الحقد عليه ونبذه وبذلك تسوء علاقة الأخوة بعضهم ببعض .
http://www.lahaa.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/263)
سَكاكين الجَماجم!
سالم السيف 4/6/1423
13/08/2002
في صالون الحلاقة الواقع أمام مسجد حيّنا ،كل الأشياء تحرضك على العودة بتفكيرك إلى الوراء، كل الأشياء ابتداءً بالديكور الخشبي والكرسي البلاستيكية الحمراء التي مازالت تقاوم السنين وانتهاءً بالمجلات القديمة التي تتناثر على الطاولة أمامي...!
جلست في الركن البعيد أنتظر دوري، أمامي مجموعة من الوجوه التي أعرفها ولا أعرفها وتعرفني ولا تعرفني !!!!
آه... لقد كبر أطفال الحي وصاروا يحلقون ذقونهم فلم أعد أعرفهم وغبت أنا كثيراً عن أعينهم فصاروا لايعرفونني.
بدأت أدقق في الوجوه، يا للغرابة ! ...لا أدري ما هي الرغبة التي تغمر الإنسان في أن يلحظ ملامح غيرهُ ..بينما يكون سارحاً كأنه آتٍ من كوكبٍ آخر وليس ببشر مثله!
قلت في نفسي: إن أغبى لحظة للإنسان حين يكون على كراسي الانتظار عند الحلاق ...
تنبهت لدخول رجل معه طفل يكفكف دموعه ويتشبث بثوب أبيه، أعرف أن هذا الطفل خائف من الحلاق وأعرف أيضاً أنه يخاف من الطبيب، وأعرف كذلك أنه لا يفرق بين الاثنين ( الحلاق والطبيب) ومعه حق فكلاهما يطعن صاحبهُ، رغم الفارق الكبير بينهما!
في لحظة من التفكير العميق تناولت مجلة من المجلات القديمة، وصرت أسترجع معها طفولتي.. صباي .. حزني .. فرحي
في الصفحة الرياضية من هذه المجلة تصريح للاعب كبير اعتزل اللعب منذ سنوات كان يقول : سأرد على المشككين .
الصفحة الفنية تتوسطها صورة فنانة توفيت قبل مدة، كانت تتحدث عن مسلسلها الجديد ودورها فيه، وأنها سترد على النقاد من خلاله.
في صفحة الشعر لقاء مع شاعر كبير اعتزل الشعر والتزم، وقد غرَّد بقوله:
توديع الأحباب مثل الموت له سكرة ... ...
أدمى ضلوعي وشق الصدر منيا
هل هذا هو شعوره الآن؟ لا أعتقد فكل شيء يتغير حتى الشعور .
هل شفيت جراحه؟ ... أتمنى ذلك !!!
كنت أقرأ المجلة وأراقب كرسي الحلاق وما يطرأ عليه من تغيرات، وفي اللحظة نفسها استرق النظر إلى الطفل الذي كان يبكي وقد هدأت نفسه واطمأنت روحه، وهو يرى بأم عينه كيف نزل أناس من هذا الكرسي وأخذ آخرون مكانهم، وأدرك أن هذه هي حال الدنيا ، فلا شيء يدوم أبداً ثم أيقن أنه سيصعد ثم ينزل بسهولة مثلهم تماماً...
يا للعجب!
كل شيء ينتهي .. لقد اعتزل اللاعب قبل أن يرد على المشككين، وتوفيت الفنانة قبل أن تكمل حلقات مسلسلها، والتزم الشاعر قبل أن يرى أحبابه الذين ودعهم.
أيها الطفل: كنت مثلك يوماً ما ، ولكنك اليوم أوفر حظاً مني فأنا لم أشاهد هذا المنظر بهذه الواقعية ولكنك شاهدته وأدركت أبعاده.. هكذا أحس من نظراتك ،تبدو في غاية الذكاء أيها الصغير .
هل ترى كيف ينزل أناس ويصعد آخرون؟
النازلون اليوم فرحون بالنزول؛ لأنهم حلقوا ذقونهم ورؤوسهم وانتهوا من هذا الهم,
ولكن يا عزيزي هناك من يحزن للنزول من كرسيه لأنه يريد من خلاله الارتقاء فوق جماجم البشر والنظر إليهم من الأعلى كما لو كانوا حشرات.
أيها الطفل: إن أطال الله سنين عمرك ستصعد فوق كرسي ٍ ما ولكن عليك أن تتذكر- يا عزيزي- أنك ستنزل لا محالة ، وتذكر كرسي الحلاق هذا واستحضر صورته أمام ناظريك . وتأكد بأن لكل بداية نهاية.وإن أتيت إلى هنا لاحقاً فاحرص على قراءة المجلات والصحف القديمة ففيها الكثير من العبر والمزيد من الدروس!
" تفضل يا سيدي لقد حان دورك" كان ذلك هو صوت الحلاق الذي قطع عليَّ هذا التفكير العميق، فقمت للكرسي و أنا أتمتم بعباراتٍ لم يفهموها،ولكنني أفهمها...!
ـــــــــــــــــــ(101/264)
حتى لا تفشلي!
دلال محمد
جلست حائرة.. واضعة الخدين على كفيها، تستغفر الله وتسترجع..
إنها كلما حاولت ترقيع الشق تمزق من جهة أخرى، وكلما رفعت كفة هوت الكفة الأخرى، فاضطرب عقلها قبل ميزانها!
"تعبتُ.. حقًا لقد تعبتُ!"تقولها بكل أسى..
أخذت تتذكر النصائح الموجهة إليها صباح مساء..
- كوني قوية الشخصية مع أبنائك..
- لا.. لا تعنفيهم بشدة..
- اضربيهم حتى يتأدبوا..
- لا تضربيهم كيلا تحطميهم..
واستدار بها رأسها.. لم تعد تعرف ماذا تفعل ولمن تسمع، ربما نجحت طريقة ما معها، لكنها فشلت مرة أخرى، وربما لاحظت حقًا أن هذا الأسلوب مجد، ولكن ليس في كل مرة.
وهذا في الحقيقة طبيعي..
لأن التعامل مع النفس البشرية من أصعب الأشياء، فهي تحب وتكره، تريد هذا اليوم ولا تريده غدًا، وتناقضات أخرى كثيرة، فسبحان من سواها وألهمها فجورها وتقواها.
ولأن واهب الهداية والصلاح هو الله؛ فإن أول خطوة في سبيل التربية الناجحة هي الدعاء، فمهما عملت واجتهدت في تربيتهم فلن يصلح شأنهم إلا بإذن الله..
"رب هب لي من الصالحين"
"وأصلح لي في ذريتي"
ثم، الرفق الرفق، فما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، كما قال صلى الله عليه وسلم، حتى في شدتك مع أبنائك وعقابك لهم، ليكن الرفق رفيقك.
ثم التفكر في أساليب التربية الجادة العلمية، بتفهم النفسيات ومعرفة الحاجة، فلا يكن أبناؤك ميدانًا لتجارب شخصية، وهذه الأساليب معروفة في مظانها لمتخصصين ثقات.
إن رأيت صغيرك مقبلاً حمليه، وإن رأيته مدبرًا خففي عنه، ولا تظني أن كل ما في ذهنك من حميد الخصال وجليل الفعال لا بد وأن تطبعيه طبعًا على ابنك في لحظة واحدة، فإن ذلك لن يكون، وإن كان فسينسلخ في لحظة واحدة أيضًا، والوردة تنمو بُرعمًا بُرعمًا.. والصخر لا يحفر بنقط الماء إلا بعد سنين.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/265)
شبابنا: إلى الأمام أم إلى الوراء سر؟
محمد عبد الفتاح 26/5/1423
05/08/2002
إن عالمنا الإسلامي اليوم على مفترق طرق ، تجتاحه تيارات عاتية من الأفكار ، والتصورات والعادات والتقاليد التي في مجملها مخالفة للرؤية الإسلامية لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع المسلم ، وتكمن ثالثة الأثافي في هذه التيارات أن الشباب المسلم يتعرضون إلى حرب شاملة بهدف خلق أجيال بعيدة عن دينها ومنهاجها ، في ظل استبعاد الإسلام كأسلوب حياة ، والمسجد كمحضن أساس ، وتهميش دور المدرسة ، وإشغال الآباء والأمهات عن الدور المنوط بهم ؛ فبرزت أجيال مهزومة في نفسها ، تعشق التقليد الأعمى ، وغارقة في أوحال الفساد والضياع .
ونظرًا لدور الشباب المسلم المتميّز والمتسم بالعطاء في حياة المجتمع ، لا بد من عرض مشكلاتهم ودراستها للتعرف على صفاتهم النفسية، وتحديد مواقفهم السلوكية ودوافعهم واتجاهاتهم ، التي ينطوي بعضها على الكثير من العطاء والكرم والحماس ، وينطوي بعضها الآخر على التسرع والتردد والقسوة والعنف ، وبناءً على ذلك يمكن تحديد مشكلات الشباب المسلم على النحو الآتي :-
- مشكلات جسمية ( بدنية وصحية )
- مشكلات نفسية
- مشكلات اجتماعية
- مشكلات ثقافية
أولاً : المشكلات الفسيولوجية ( الصحية والبدنية ) :-
يمكن القول: إن مرحلة الشباب تتميز بالنضوج الجسمي ، والطاقة الزائدة ، التي تترافق معها العديد من الحاجات، والمشكلات تبرز بصورة واضحة من خلال : مشكلة التعب السريع ، والمعاناة من أوجاع الرأس ، والضعف البدني ، وكثرة الغياب عن المدرسة بسبب المرض ، وفقدان الشهية للطعام ، وغيرها .
من جانب آخر تبرز بعض المشكلات المتعلقة بشكل الشباب مثل البشرة غير الصافية ( حبّ الشباب ) ، وقصر القامة المفرط ، وطولها المفرط ، والسمنة والنحافة إلى غير ذلك مما نجده لدى الشباب خلال بدايات نضوجهم الجسدي .
ويكاد الشباب -ذكورًا وإناثًا- يكونون عرضة لمعظم هذه المشاكل التي يحتاج علاجها إلى تضافر عدة جهات؛ لتحقيق نتائج ملموسة تمنح الشباب القدرة على التعامل معها كأمر طبعي يكون الزمن فيه جزء من العلاج ، وفي حال تفاقم أي من هذه المشكلات فان مراجعة الطبيب أو المدرسة من قبل أولياء الأمور تصبح مسألة ملحة وضرورية لوضع الحلول المناسبة خوفا من تأثيراتها على شخصية الشاب مستقبلاً ، وبشيء من المجازفة يمكن القول أن المشكلات الفسيولوجية هي أسهل أصناف المشكلات التي تواجه الشباب كونها أصبحت عامة ، ويستطيع الشاب تقبلها وتجاوزها أحيانا .
ثانياً : المشكلات النفسية :-
إن من أكبر وأعقد المشكلات التي نتجت عن ابتعاد التربية في مجتمعاتنا عن منهج الإسلام التربوي هي خلق إنسان ضعيف غير مؤمن بأي شيء ، يخاف من ارتكاب الأخطاء قبل حدوثها ، وتسحقه الأحلام المزعجة ، ويفشل في التعلم من الأخطاء فضلاً عن تجاوزها أو نسيانها ، إضافة إلى عصبية المزاج وحدّته ، ناهيك عن سرعة الاضطراب والانفعال ، كما تقف أحلام اليقظة - إذا زادت عن حدها - عائقًا أمام تكيّف الشباب النفسي والاجتماعي مع الآخرين ، وتبرز كذلك مشكلة الخجل الشديد عند الجلوس مع الآخرين ، والقلق الدائم وعدم الشعور بالسعادة .
وغني عن القول ، إن الهروب النفسي الذي تشكّله هذه المشكلات ناتج عن غياب التربية الإسلامية القائمة على القدوة الحسنة ، وبث روح الإيمان ، والثبات على الحق والعطاء الدائم ، إضافة إلى تخلّي أحد الأبوين أو كليهما عن مسؤوليته في التربية ، أو رغبة الأب بالزواج من امرأة ثانية غير الأم ، كما يلعب سفر الأب لسنوات طويلة - بحجة العمل - إلى ضياع الأبناء ، وعدم قدرة الأم وحدها على السيطرة عليهم ، بينما قد تخلق مشكلة التمييز في المعاملة بين الذكر والأنثى مثل هذه المشكلات وغيرها ، أما القسوة والتسلط في التعامل مع الأبناء فإنه كفيل بتأجيج هذه السلبيات وتعظيمها وتكريسها في شخصية الأبناء ، وقتل روح التميّز لديهم ، وتحويلهم بالتالي إلى مجرد أرقام تضاف إلى سلسلة طويلة من الأبناء الذين نعدّهم عدّاً ولا نكاد نجد لهم أثرًا في مجتمعاتنا .
ثالثا : المشكلات الاجتماعية :-
تعاني مجموعة كبيرة من شبابنا في مجتمعاتنا الإسلامية من صور عديدة للفساد الأخلاقي، أو الانحراف نتيجة مشكلات اجتماعية من أبرزها: العلاقة مع الأشقّاء مثل التحاسد والتنافس المذموم والغيرة بسبب التمييز في المعاملة ، كذلك مشكلة العزلة الاجتماعية ، ورفاق السوء ، والقسوة والعدوانية في التعامل مع الآخرين .
ومن أهم مظاهر السلوك الناتج عن المشاكل الاجتماعية: العناد وعدم الطاعة أو العصيان ، إضافة إلى مرض السرقة الناتج عن الفقر أو شح الأوضاع الاقتصادية للأسرة أو المرض النفسي ، كما تبرز مشكلة الكذب بأنواعها الادّعائي كادعاء الشاب بأن والده يملك مصنعًا كبيرًا بينما هو عامل فيه ، أو كذب دفاعي ، أو كذب انتقامي كاتّهام شاب بريء بعمل مخالفة لم يرتكبها ، وتكثر في هذا الإطار أيضًا عمليات التخريب ، كتخريب مرافق المدرسة أو الكتابة على الجدران ، أو كسر الألواح والأعمدة ، أو الاعتداء على ممتلكات الآخرين والتحامل والعدوانية ، والغش في الامتحانات .
ولا ريب أن الأسباب الكامنة وراء هذه السلوكيات كثيرة جداً يمكن إجمالها بحياة الحرمان والفقر التي يعيشها الفرد ، يضاف إليها الخلاف والشقاق بين الوالدين ، أو الانفصال الزوجي بالطلاق ، كما تؤدي البطالة دورًا كبيرًا في إيجاد التربة المناسبة لهذه المشكلات، في حين يلعب رفاق السوء أخطر الأدوار في تسهيل ارتكاب هذه الأخطاء ، فضلاً عن التفكك الأسري بسبب جهل الآباء والأمهات بواجبهم التربوي ، أو بسبب تعدد الزوجات مع انعدام العدالة بينهن ، وقبل هذا وذاك فإن ضعف الالتزام بمنهاج الإسلام في الحياة زواجًا وعملاً وسلوكًا وتربية - بلا شك - هو العامل الأساس الذي يقذف الشاب في أتون حياة الفساد والمهالك .
رابعاً : المشكلات الثقافية :-
إن الحديث عن المشكلات الثقافية يستدعي بالضرورة التطرق إلى وسائل التثقيف ، أي الوسائل التي يحصل منها الفرد على المعرفة والثقافة والتربية كالمسجد والمدرسة والجامعة ، ووسائل الإعلام المختلفة ، حيث يبدو أن جميع هذه الوسائل - باستثناء المسجد- قد تلعب دورًا ثنائيًا إيجابيًا وسلبيًا حسب طريقة توظيف هذه الوسيلة .
ومن أبرز مشكلات الشباب الثقافية الازدواجية والتناقض بين ما يشاهده أو يسمعه ، وبين القيم السائدة في مجتمعه ، مما يجعله حائرًا مشتت الفكر ، فالمسجد تم تحويله إلى مكان للعبادة فقط، وتم تغييب دوره القيادي والتربوي في بناء شخصية المسلم ، والمدرسة باتت في معظم مجتمعاتنا أداة تجهيل بصورة صارخة ، أما وسائل الإعلام فإنها تأمر وتنهى وما على شبابنا سوى السمع والطاعة - إلا من رحم الله - حيث بات التلفاز (مثلاً ) يملك القدرة على توجيه سلوك الأبناء بصورة يعجز عنها الآباء والأمهات تمامًا؛ بسبب الفراغ القاتل لدى هؤلاء الشباب وانعدام الهدف الحقيقي لحياته .
وفي الإطار ذاته ، تشكل أزمة الهوية ( وهي إحساس الشاب بالضياع ) أخطر أنواع المشاكل في مجتمع لا يساعده على فهم ذاته ، أو مواجهة تحدياته بنفسه ، وذلك في ظل إسراف وسائل الإعلام في تكريس كل ما هو بعيد عن الإسلام وقيمه ، ويبدو جليا أن التربية التي تأخذ القرآن الكريم والسنة النبوية منهاجًا ، والمسجد والأسرة المسلمة الصالحة محضنًا هي التربية الكفيلة بصناعة شاب مسلم قادر على تقديم النموذج الإسلامي المميز والصادق .
ـــــــــــــــــــ(101/266)
الإشارات التي تدل على تعاطي المراهقين للمخدرات
كل يوم يقوم أطفالنا بفعل أشياء لم نكن نحلم بها أبدا أيام طفولتنا و يعتبر الضغط الذي يواجهه المراهق أو المراهقة من نظرائهما عاملا قويا جدا بهذا الصدد. ويقوم المراهقون بالابتعاد عن الناس وفعل أشياء مضرة. وإذا استمر الحال على ما هو عليه فانه سوف يعبر عن نفسه على شكل إدمان و يمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج وخيمة تتعلق بالسلوك والعواطف والصحة.
وتظهر على المراهقين أعراض مرضية مثل اضطراب عدم التركيز و فرط النشاط والاكتئاب وغيره مما يجعل تشخيص الحالة أمرا صعبا بالنسبة للمختصين. و بدورنا كآباء وأمهات نستطيع معرفة ما إذا كان أطفالنا مدمنين على المخدرات أم لا و يسأل العديد من الآباء أنفسهم هذا السؤال حين يواجه أطفالهم المصاعب. لسوء الحظ فان الكثير من الآباء لا يعلمون بالفعل الجواب على ذلك لأنه موضوع مخيف بالنسبة لهم.
وفيما يلي بعض الإشارات التي ينبغي على الآباء و الأمهات البحث عنها و الاهتمام بها و ذلك من اجل معرفة ما إذا كان أطفالهم مدمنين على المخدرات ولكي تكون أمامهم فرصة لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان:
حدوث تغيير في شخصية الطفل:
يمكن أن يحدث هذا التغيير عند البلوغ ولكنه يكون أسوأ من ذلك بكثير إذا كان الطفل مدمنا على تعاطي المخدرات. وعلى الآباء والأمهات أن يشكوا في إدمان أولادهم على المخدرات إذا أصبح هؤلاء الأطفال مصابين بالهياج،عصبي المزاج أو يتصرفون "كالفتوات" مع أفراد عائلتهم الآخرين بالإضافة إلى استفزازهم بسهولة كذلك إذا أصبح الأطفال متعبين و منهكين بسبب نشاط معتاد أو أصيبوا بالسعال الشديد أو نزيف متكرر من الأنف.
حدوث تغير في مظهر الطفل:
ويمكن أن يشمل هذا الشعر الطويل استخدام المكياج بإفراط من قبل الفتيات و ارتداء ملابس غير مناسبة. كذلك على الآباء القلق بشأن ارتداء أطفالهم للسراويل الفضفاضة التي تحتوي على جيوب كثيرة حيث أن مثل هذه الملابس توفر للطفل أماكن كثيرة لإخفاء الأشياء فيها. وإذا قام الأب أو الأم بشراء حذاء لولده أو ابنته و قال هؤلاء إن أقدامهم كبرت و يحتاجون الآن إلى قياسات ضعف الحجم الذي اعتادوا عليه، فعليهما أن لا يصدقا ذلك بل يقوما بقياس حجم القدم باستخدام أجهزة القياس الموجودة في محلات بيع الأحذية.
ظهور الطفل بشكل غامض لا مبال أو غير مهتم :
و يعني ذلك أن الطفل واقع تحت تأثير المخدرات حين تتكلم معه أو انه متأثر بمخدر تعاطاه في اليوم السابق حيث أن بعض أنواع المخدرات مثل LSD التي تعمل على تخفيف مستوى السيروتونين في دماغ المراهق يمكن أن تسبب له نوعا من السلوك المحبط و على أية حال، يجب ملاحظة أي إشارات تدل على الاكتئاب أو الميل للانتحار ولذا فإذا استمر هذا السلوك، ينبغي على الآباء عدم إهمال ذلك بل السعي للحصول على مساعدة المختصين من اجل أبنائهم.
عودة الطفل متأخرا إلى المنزل ليلا:
حين يعود المراهقون متأخرين إلى المنزل ليلا، لا تصدق مبرراتهم أبدا و حين يقوم الأطفال بذلك فان هناك احتمالا كبيرة بأنهم تعاطوا المخدرات ولم يتمكنوا من العودة إلى المنزل أو حتى الاتصال هاتفيا في الوقت المناسب و بسبب تعاطي المخدرات لا يعيير المراهق انتباهة لأي شيء بما في ذلك الآثار الناجمة عن عدم تقيده بتعليمات ذويه.
احمرار العيون:
إذا حاول الطفل إخفاء احمرار عينيه، فان ذلك يعني انه قام بتدخين الحشيش أو نفخه و كلا الأمرين يجعل العين تصاب بالاحمرار فإذا وجد الآباء أو الأمهات زجاجات دواء لمعالجة احمرار العيون فان ذلك يعد بمثابة إشارة إلى أن الطفل يقوم بفعل شيء ما حيث أن المراهقين نادرا ما يشترون قطرات للعين ما لم يرغبوا في إخفاء شيء ما عن ذويهم أما فيما يتعلق بإخفاء الأشياء فان عثور الوالدين على الأشياء المنعشة للنفس بين أغراض المراهقين،يمكن أن يشير في بعض الأحيان إلى محاولة إخفاء رائحة الكحول.
إشارات على النفخ (إساءة الاستنشاق):
إن نفخ أو استنشاق المواد الكيماوية التي تستخدم في المنازل من قبل المراهقين كي يشعورا بالنشوة يعتبر عملا خطيرا جدا على صحة هؤلاء المراهقين و قد لا يخطر على بال ذوي المراهقين قيامهم بذلك ولكنهم ربما يكونوا أقدموا عليها إذا لاحظ ذووهم رائحة مادة كيماوية قادمة من غرفة المراهق بانتظام و حين يسال ذووا المراهق حول الرائحة، يتظاهر هؤلاء الأطفال بالانشغال و يمكن أن يدعوا إنهم كانوا يقومون بالتنظيف و لسوء الحظ، و بما أن ادعاءهم يبدو منطقيا، يتجنب ذووهم توجيه مزيد من الأسئلة لهم لذا فإذا كنتم تشمون رائحة مادة كيماوية في ملابس أطفالكم أو في غرفهم ينبغي أن يتبادر الشك في أذهانكم.
يؤدي استنشاق المواد الكيماوية إلى أحداث ثقوب في دماغ الطفل و تلف دائم و لذا فمن الأفضل البحث في ذلك حيث انه أفضل من تجاهل المسألة. يبدا الأطفال عادة باستنشاق المواد الكيماوية لأنها متوفرة حولهم بما في ذلك ماسح الحبر الذي يستخدم في المكاتب فإذا سألكم أطفالكم بشراء تلك المادة لهم ينبغي أن تشكوا في ذلك. و يستخدم الأطفال أيضا أقلام الخط العريض و خاصة الكبيرة منها في الاستنشاق و بناء على ذلك ينبغي عليكم الشك و البحث إذا شاهدتم أطفالكم يحملون هذه الأقلام في حقائبهم دوما و من بين المواد الكيماوية التي تثير الشك علب الايرسول بما في ذلك الذي يستخدم لتلميع الجلود و قد لا يصدق الآباء إذا ما قيل لهم أن الأطفال يفضلوا استنشاق الايروسول الملطف للهواء. و يسبب استنشاق المواد الكيماوية آلام الرأس و الاحتقان المزمن و ربما نوبات الربو.
إساءة استخدام أدوية البرد و السعال:
يفضل المراهقون تبادل أقراص كوريسيدين التي تستخدم لعلاج نزلات البرد و يباع هذا الدواء دون وصفة طبية وله مفعول بعض أنواع المخدرات و من الحكمة بمكان أن لا يدعوا مثل هذه المواد في متناول أطفالكم.
إساءة استخدام الأدوات المنزلية و الأدوات الأخرى:
تتوفر في المنزل مود لا يشك الآباء أبدا بان أطفالهم قد يستخدموها من أجل الشعور بالسعادة و الراحة و الهلوسة و من بين هذه المواد مستخلص الفانيلا الذي يستخدم في عملية الطهو حيث انه يحتوي على الكحول و كذلك المستحضرات الخاصة بغسل الفم مثل الليسترين الذي يحتوي على الكحول أيضا. وفي الحقيقة فان أي مركب يحتوي على الكحول يستطيع المراهق شربه يمكن أن يستخدمه كذلك اكتشف المراهقون بذور بعض التوابل و التي تعتبر LSD الفقراء و قاموا باستخدامها لنفس الأغراض.
الأدوية التي تصرف بوصفة طبية:
إذا تم تشخيص الطفل بأحد أمراض الاكتئاب أو الاستحواذ الإلزامي فان هناك فرصة لاعطائة علاجة لحالة النفسية لفترة معينة و قد لا يكون العلاج مفيدا في مثل هذه الحالة ولكن أقراص هذه الأدوية تباع في الشوارع و تكرر النصيحة هنا أيضا بضرورة حفظ الأدوية في خزائن مقفلة بعيدا عن متناول الأطفال و المراهقين.
أصدقاء مشكوك بهم:
يمكن لبعض المراهقين الاعتراف بان أصدقاءهم يتعاطون المخدرات و لكنهم ينكرون دائما أنهم جزء من العملية فإذا كان المراهق يقضي كثيرا من الوقت مع الأصدقاء، فلا تصدقوه أما إذا كنتم تعتقدون أن أصدقاء أطفالكم لا يتعاطون المخدرات أمامهم أو أن أطفالكم يجلسون و يراقبون أصدقاءهم و هم يفعلون ذلك،فعليكم إعادة التفكير بهذا الشأن و إذا كان أطفالكم بالفعل يقاومون تعاطي المخدرات، يمكنكم التأكد من ذلك يقول المثل إن البائس يحتاج إلى رفاق،كذلك فان الأشخاص الذين يسعون للنشوة يحبون أن يكون ذلك مع أصدقائهم.
فقد الوزن:
يمكن أن يفقد المراهق/ المراهقة وزنها بسبب الإحجام عن تناول الطعام و هي مشكلة خطيرة تتطلب علاجا طبيا و استشارة مكثفة و خاصة بالنسبة للفتيات و يمكن أن يكون ذلك نوعا من التغطية على إساءة استخدام الكوكايين و الامفيتامينات و التي من شأنها أن تنتزع الشهية و بالتالي تسبب نقصا شديدا في الوزن لذا فان مراجعة الطبيب مهمة جدا في حالة المراهق الذي يفقد الكثير من وزنه و ذلك للتأكد من عدم إدمانه على المخدرات أو إصابته بمرض خطير.
الإفراط في الأكل:
إذا قام المراهق و رفاقه بتنظيف الثلاجة من محتوياتها و مع ذلك ظل يعاني من نقص في الوزن، فان ذلك مؤشر على تعاطيه المخدرات و يجب على الأهل مراقبة ما إذا كان المراهق يذهب إلى المرحاض بعد الوجبة مباشرة حيث أن المصابين بهذه الحالة يسبب المخدرات يذهبون إلى الحمام للتقيؤ بعد الأكل و إذا كان ذلك مترافقا مع احمرار العين، الكلام المتقطع، المزاج المتعكر، الضحك أو الدوران،فان هناك دليلا قويا أن المراهق تناول شيئا ما و ربما دخن الحشيش.
http://arabe.casanet.net.maالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/267)
ابنك الذي لا يكف عن الضحك .. مشكلة !
طفلي .. لا يأخذ شيئا بجدية .. دائم التهريج والضحك .. عندما أعنفه .. أجده يرتمي على ظهره من كثرة الضحك .. وعندما أستشيط غضبا .. يداعبني ويقبلني حتى لا أعنفه ولكنه يعاود الضحك من جديد .. ودائما ما تشكو منه مدرسته .. فعندما تعنف تلاميذ الفصل كي ينتبهوا يلتزم كل الأطفال بتعليماتها , ما عدا طفلي الذي يأخذه الضحك .. فماذا يعني هذا؟ هل سيصبح طفلي في المستقبل مستهترا ورجلا غير مسؤول؟ !
الدكتور فاروق وصفي استشاري طب الأطفال بالأكاديمية الطبية:
يقول لهذه الأم : لا تجزعي ولا تخافي فكثيرا ما تشكو بعض الأمهات من أن أطفالهن يتعاملون مع أي توجيه أو تأنيب بالضحك المتواصل ويتباهون أن لا شيء يهمهم , ويجب علي الأم في هذه الحالة اتباع الآتي :
أولا : التجاهل التام لما يفعله ابنها الضاحك , وعدم الانفعال في مواجهته وعدم الضحك أو الابتسام , مع الأخذ في الاعتبار عدم الحكي عن هذا السلوك الضاحك للآخرين , لأنه إذا لاحظ أن ما يفعله يثير الانتباه ويجعله محور الكلام والمناقشة بين الكبار , فإنه يعتبر ذلك هدفا ساميا لا يجب التنازل عنه .
ثانيا : إذا أعطت الأم توجيها أو ملاحظة للطفل وكان رد فعله هو الضحك , فيجب على الأم أن تخبره بلهجة حازمة , وليست عنيفة بالعقاب الموقع عليه , وليكن مثلا حرمانه من رؤية برنامجه المفضل في التليفزيون , وإن لم يرتدع فلا تثير الموضوع ثانية , وتتصرف بطريقة عادية , وعندما يحين موعد البرنامج تغلق التليفزيون بدون انفعال , وتذكره فقط أن هذا ناتج عن سوء تصرفه السابق , وتواصل تعاملها معه بشكل طبيعي , فإذا ما كرر الطفل نفس السلوك , فإنه يجب علي الأم تغيير العقاب وزيادته , وليكن العقاب هذه المرة منع المصروف أو عدم الخروج في عطلة نهاية الأسبوع , وبعد العقاب والكلام لا يزال علي لسان د . فاروق وصفي يكون الحب والحنان بينهما , ومناقشة كافة الأمور الأخرى في حياته داخل المدرسة وخارجها , فهذا التوازن في المعاملة يشعر الطفل بأنه لا يفقد حنان الأم فيدفعه لليأس والتمادي في سلوكه الخاطئ .
ثالثا : كما يقول د . فاروق وصفي علي الأم أن تثير نقاشا هادئا مع إحدى الصديقات في حضور الطفل , عن صغار كانوا يفعلون نفس الشيء ولم يكونوا محبوبين لذلك وقع عليهم عقاب ما , وذلك بدون توجيه كلام مباشر للطفل حتى لا يشعر أنه محور الحديث . أو توجيه نصيحة لأطفال آخرين في حضور طفلها فتقول لأحدهم : لا تفعل هذا لكي تكون محبوبا من أهلك , وتقول لآخر إنها قد سمعت أنه طفل جاد غير مستهتر وتعطيه مكافأة صغيرة من الحلوى , وتتصرف طبيعيا مع ابنها بعد ذلك , فقد وصلته رسالة أن هناك أوقاتا للضحك و أوقاتا للعمل والمذاكرة .. وأخري للراحة والاسترخاء , وأن الحياة ليست كلها هزارا .
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/268)
السلوكيات القبيحة المنتشرة بين الأولاد
إلهام محمد إبراهيم
توجد في مجتمعنا السلوكيات القبيحة المنتشرة بين الأولاد، والتي تعد في نظر الإسلام من أقبح السلوكيات التي يجب علينا أن نلاحظها في أبنائنا لنقوم بتقويمها وعلاجها في الوقت المبكر، وقبل أن يشبوا عليها ويصبح من الصعب مقاومتها وعلاجها، لأن تأديب الأطفال في صغرهم، وتعليمهم الأخلاق الحميدة من أنجح طرق التربية السليمة، ولذلك قيل: قد ينفع الأولاد الأدب في صغر وليس ينفعهم من بعده أدب
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا يلين لو لينته الخشب فعلى كل أم أن تكون قوية الملاحظة، على ترقب دائم لسلوكيات أبنائها، حتى إذا وجدت خللاً في بعض سلوكياتهم أسرعت لمعالجته في الوقت المناسب.
ومن هذه السلوكيات: الكذب _السرقة _السباب
(1) الكذب فالكذب من أقبح السلوكيات وأخبثها، لأنه مفتاح الجرائم، وبه تؤتى السيئات، والأفعال القبيحة، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((..... وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار..)) الحديث. وهو صفة ذميمة من صفات المنافقين، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان))، فهي صفة لا تعود على صاجها إلا بالخسارة في الدنيا والآخرة، فمن خسارة الدنيا؛ فقد ثقة الآخرين وبعدهم عنه، وفي الآخرة؛ غضب الله - عز وجل - ودخول النار.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى اكتساب هذه الصفة بسهولة:
1- القدوة السيئة: فحينما يجد الطفل من حوله في البيت يتحدثون فيكذبون، ويوعدون فيخلفون، فأنى له أن يتعلم الصدق؟ فكما يقولون: (لا يستقيم، والعود أعوج)، وأيضاً (إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص)
2- سوء معاملة الآباء: هناك بعض الآباء لا يحسنون معاملة أطفالهم، فهم ينشرون الرعب في البيت، ويعالجون الأمور بالعقوبات الساخنة والتوبيخ القارع والتشهير والسخرية مما يضطر الأبناء إلى الكذب عند حدوث أي تصرف خاطئ منهم خشية وقوع العقوبة عليهم.
3- قرناء السوء: ومن العوامل التي تساعد الولد على اكتساب رذيلة الكذب، اختيار رفقاء سوء يلعبون معه، والطفل بطبيعته يحب اللعب، ويقضي معظم وقته مع رفقائه الذين يتصفون بهذا الصفة القبيحة، فيكتسبها منهم.
4- القصص والأساطير الخرافية: كثير من الأمهات يقصصن على أبنائهن عند النوم قصصاً لا أصل لها من الصحة، وأحيانا يرى الأطفال في التلفاز بعض المشاهد الخرافية، أو يقرأ القصص الذي يأتي به الأهل، أو من المدرسة، ومعظمه يحتوى على قصص خيالية. طرق المعالجة:
1- امتثال القدوة الصالحة: فلا يتحدث الآباء إلا بالصدق مزحا كان أو جدا، يوفون بوعودهم لأبنائهم للناس، فينتشر الصدق في البيت، وحينها يصعب على الأولاد أن يكذبوا، لأنهم اكتسبوا هذه الصفة من آبائهم، وتعودوا عليها، وإذا حدثت شاذة وكذب الولد فسرعان ما يعود إلى صوابه، ويصدق، لأنه لم يتعود الكذب.
2- إحسان معاملة الأبناء: لا شك أن معاملة الأبناء بالحكمة والعطف والحنان من الأساليب الهامة الناجحة في تربيتهم، فبالحكمة والموعظة الحسنة ينصحون أبناءهم، وبلين الكلام يدعونهم إلى الخير، ويشعرونهم بأنهم ذوو تقدير واحترام. فإن ظهر من الأبناء خلق جميل وفعل محمود ينبغي علينا أن نكرمهم ونكافئهم عليه بالهدايا وبالمدح والثناء. وإن حدث منهم تقصير أو مخالفة في بعض الأحوال، فلا ننسى لهم حسن صنيعهم في المرات السابقة، ولا نوبخهم بما لا يليق بهم أمام الناس حتى لا نهتك سترهم. وليكن من الأحسن معاتبتهم سراً بما يتناسب مع طبيعتهم، وكثيراً ما نعف عنهم لصدق حديثهم، فإن في ذلك حافزاً لهم على الصدق دائماً، ونعظم لهم فعلهم بالحكمة وحسن الخلق حتى لا يعودوا إلى فعلهم مرة أخرى. لأن هناك بعض الأولاد تأبى طبيعة تربيتهم سماع اللوم والتأنيب. فبالرحمة واللين والحكمة نصل بأبنائنا إلى أعلى درجات التربية
3- اختيار الرفقة الصالحة: من الأمور الهامة التي يجب أن يتبعها الآباء، هو اختيار الرفقة الصالحة لأبنائهم، وحثهم على ذلك بالقول الحسن والأحاديث النبوية التي تحثنا على ذلك والتي منها: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (أي يعطيك)، أو تشتري منه، أو تجد منه ريحاً طيباً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحاً منتنة" [رواه الشيخان]. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) [رواه أبو داود والترمذي]. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)) [رواه أبو داود والترمذي]. وذلك لما للرفيق الصالح من تأثير كبير في صلاح أخلاق الأبناء وحسن سلوكهم.
4- اختيار القصص النافع لأبنائنا: فما أكثر الكتب النافعة في مكتباتنا، والتي تتناسب مع أعمارهم من سيرة، وشعر إسلامي وكتب تنمي عقولهم فكرياً، فما على الوالدين إلا الذهاب للمكتبات، واختيار الكتب المناسبة، والتي تتناسب مع أعمارهم وقدراتهم، فهم أدرى بذلك من غيرهم.
(2) السرقة وهذا السلوك أيضاً لا يقل خطورة وسوء عن صفة الكذب، فكما أسلفنا أن الذي يكذب يسهل عليه أن يسرق ويفعل كل محظور.
أسباب انتشار هذه الصفة:
1- عدم اتباع الحكمة في تلبية رغبات الأبناء: إن الطفل بطبيعة عقله يميل دائماً إلى ما في أيدي الآخرين سواء كانت حلوى أو لعباً أو غير ذلك، وسرعان ما يطلب الطفل من والديه كل ما يراه أو يرغب فيه. وهناك بعض الآباء يعتقدون أن الطفل الذي يلبى له كل ما يطلب يتعود العفة عما في أيدى الآخرين، وهناك فريق آخر يعتقد خلاف ذلك، وهو عدم تلبية رغبات الطفل، تجعله متعففاً عما في أيدي الآخرين، وتكون النتيجة في الحالة الأولى نشأة الطفل على الطمع، والإسراف، وحب الذات، والتطلع الدائم إلى ما في أيدي الناس وأخذه بأي وسيلة، لأنه تعود على نيل كل مطالبه، والنتيجة في الحالة الثانية نشأة الطفل على الحرمان من معظم احتياجاته سواء الأساسية أو غير ذلك، فيضطر إلى أخذ ما في أيدي زملائه سواء كانت أدوات مدرسية أو طعاماً أو لعباً؛ وبهذه الأسباب ينمو عند الطفل سلوك السرقة، والذي إن لم ندركه في الوقت المناسب كان صعباً علينا علاجه.
2- عدم رقابة الأهل: كثيراً من الآباء والأمهات لا يراقبون أبناءهم ولا يحاسبونهم فيما يجدونه معهم من أشياء جديدة مثل بعض اللعب والنقود، من أين لهم ذلك، فأحيانا يدعي الولد أنه التقطها من الطريق أو أعطاها له أحد أصدقائه، فتصدقه الأم دون أن تتحقق من صدق قوله وخاصة إذا كان الولد كثيراً ما يكذب، وإن اكتشفت الأم السرقة كان أمراً عادياً وكأنه مزحة كاذبة فهي لا تعطى الأمر اهتماماً، بل لا تخبر الوالد بهذا الأمر خوفاً عليه من العقاب، وبهذا يتجرأ الولد على هذه العادة السيئة مرة بعد أخرى، فتنمو هذه العادة السيئة في دمه ويصير محترفاً، وحينها لا ينفع تغيير ولا ندم إلا أن يتوب الله عليه.
3- رفقاء السوء: كثيراً ما يقوم الأبناء برفقة أصدقائهم باللعب بجانب حدائق الجيران المليئة بالفواكه في غياب صاحب الحديقة، فيلتقطون بعض الفاكهة خفية، وهذا الشيء البسيط مع تكراره يولد في الأبناء حب أخذ متاع الآخرين بغير إذنهم، وللأسف الشديد أحياناً يجد الأبناء تشجيعاً من آبائهم على ذلك، فحينما يعود الولد من الخارج وفي يده فاكهة من حديقة الجيران، فعوضاً عن توبيخ الولد وأمره برد الفاكهة، نجد الأم تشاركه في أكلها وكأن شيئاً لم يحدث. ولا شك أن الولد حينما يرى من حوله من أصدقاء وأهل لا يعيرون لهذا الأمر اهتماماً بل مشاركة وتشجيعاً، يتمادى في ذلك، والشيء البسيط يكبر مع الأيام وتصير حرفة نعوذ بالله منها.
وعلاجاً لهذا السلوك يجب اتباع ما يلي:
1- الاعتدال في تلبية رغبات الطفل: يجب علينا أن نوفر ما يحتاج إليه أبناؤنا بالقدر المعقول الذي يجعلهم لا يتطلعون إلى الآخرين بحرمان أو بأنانية وتحكم، وإذا طلب الطفل شيئاً مثل أصدقائه نفهمه أنه لا يليق أن نطلب كل ما نرى في أيدي الآخرين، وأن هذه صفة ذميمة، ثم بعد فترة نحضرها له بغير إشعاره أننا لبينا رغبته، وهذا لكي نشبع رغبة الطفل ولا نشعره بالحرمان، وليكن ذلك أيضاً بالقدر المعقول وحسب إمكانيات الوالدين.
2- امتثال القدوة الصالحة: يجب دائماً على الوالدين تحري الحلال والحرام في المأكل والمشرب ورد الأمانات إلى أهلها. ومثالاً على ذلك إذا اكتشفنا بعد شرائنا لبعض المتطلبات أن الحساب زاد لصالحنا، فوراً نرده إلى البائع مع إظهار أهمية هذه الأمر لحرمته... وهكذا ينشأ أبناؤنا على صفة الأمانة التي هي من صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
3- المراقبة الدائمة والتوجيه السليم: دائماً يجب علينا مراقبة أبنائنا في كل تصرفاتهم وفيما معهم، ونسألهم عن كل جديد في أيديهم وندقق المسألة وإذا ما اكتشفنا فعلاً قبيحاً أعظمنا هذا الفعل وبينا عاقبته في الدنيا والآخرة، وأمرناهم بإعادة الحقوق إلى أصحابها،كما يجب علينا تعويد الطفل على الاستئذان في كل ما يرغب أخذه سواء كان من البيت أو خارجه، هذا مع تحفيزهم على أمر الأمانة عن طريق القصص الصالح للسلف، كقصة الراعي الذي رفض بيع الشاة لعمر خوفاً من الله - عز وجل - رغم غياب صاحب الغنم، والفتاة التي رفضت سماع نصيحة أمها وغش اللبن بالماء خوفاً من الله - عز وجل -. والقصص في هذا المجال كثير.
4- اجتناب خروج الأولاد في الشارع واختلاطهم بالصحبة السيئة: فاللعب الكثير خارج البيت يؤدي إلى سوء الأخلاق والاجتماع برفقاء السوء والانشغال عن العبادة والدراسة، فحرصاً على تحلى أبنائنا بالأخلاق الحسنة يجب علينا أن نجنبهم الخروج الكثير واللعب.
(3) السباب كثيراً ما نرى بعض الأولاد يطلقون سباباً وشتائم لا حصر لها، تنفر منها النفوس وتشمئز منها العقول، وترجع هذه الصفات الذميمة إلى ما يلي:
1- القدوة السيئة: حينما يسمع الأبناء من أبويهم كلمات الفحش والسباب لا شك أنها تتعلق بأذهانهم وترددها ألسنتهم فلا يجدوا من يحاشهم أو يقومهم وأنى لهم ذلك وأبواهم يحتاجان إلى تقويم ومحاسبة، بل إنهم يفرحون عندما يسمعون ابنهم يشتم لأول مرة يطلبون منه ترديدها فرحين ومبتهجين ومفتخرين لأنه كبر ووصل لمرحلة السب، وهذا لا يكون إلا في بيوت انعدمت فيها التقوى والأخلاق الحسنة، أعاذنا الله من ذلك.
2- رفقاء السوء: كثيراً ما يترك الأهل أبناءهم للعب في الشارع دون قيود ولا حساب ليريحوا أنفسهم من إزعاج الأبناء، فيلتقون بأولاد لا رقيب عليهم ولا مؤدب، وحينها يستمعون منهم ما لا يعد ولا يحصى من الشتائم التي يكرهها الإسلام، فيلتقطونها ويرددونها دون خوف من رقيب أو مؤدب وأنى لهم الرقيب والمؤدب وهم في الشارع، وحينها ينشأون على أسوأ ما يكونون من الأخلاق الفاسدة. فيجب علينا: أن نتخلق بخلق المسلم فلا نتلفظ بالألفاظ البذيئة التي يأباها الشرع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي)). [رواه الترمذي] قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) [الشيخان وغيرهما] وأن نحد من خروجهم إلى الشارع، ونشغل فراغهم دائماً بالنافع المفيد حتى تنمو عقولهم وتهذب أخلاقهم وينشأوا شباباً وفتيات يمثلون المجتمع الإسلامي في حسن خلق وتربية فاضلة، ويكونوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله
http://www.alasad.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/269)
أيتام في حياة آبائهم!!
عواطف العبيد
أتعجب من كثرة المشكلات التي تردني من بعض الأخوات، وشكواهن من تصرفات الأزواج وانشغالهم الدائم عن المنزل والأولاد بأمور قد لا تعود على الإنسان بالنفع الذي يستحق أن يفرط مقابله بمسئولياته، ومن ذلك السهر على شبكات الإنترنت والبقاء خارج المنزل إلى منتصف الليل، فمن الاستراحات والمقاهي إلى لعب الورق وغيره.... إلا أن عجبي يزداد حينما أبحث عن الأسباب وراء هذه الظاهرة وشيوعها بهذا الشكل المزعج، فلا أجد خلفها إلا حب إضاعة الوقت وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية من هؤلاء الأزواج.
فحينما خصص الله - سبحانه وتعالى - لكل من المرأة والرجل أعمالاً وحدوداً، جعل "القوامة" في يد الرجل ليقود سفينة الحياة نحو شاطئ الأمان، ويقوم بكل ما تمليه عليه الحياة الزوجية من مسؤوليات وتكاليف، ولا يرى في ذلك حرجا، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان في خدمة أهل بيته حتى إذا سمع النداء انشغل عنهم بالصلاة.
هذا هو الفهم العميق للقوامة والمسؤولية، أمَّا من يخرج كل مساء لإضاعة الوقت والجهد والمال بلا نفع فإنَّه حتماً مفرط، لم يفهم من القوامة إلا ظاهر اللفظ، فإحضار ما يقتات به الأولاد من طعام أو دواء، ثم الانصراف عنهم والانشغال بتوافه الأمور لا يعدُّ قوامة، ولا حفظاً للأمانة التي جعلها الله في عنقه.
فأين هو من زوجة خرجت من بيت أهلها تبحث عن المودة والرحمة، فما وجدت إلا جدران المنزل تبث إليها شكواها، أو جهاز تنتقل بين قنواته ليكتمل الضياع الأسري.!!
وأين هو من ابنه المراهق أو ابنته المراهقة؟! بل أين هو من ابنه الرضيع أو طفله المريض الذي يحتاج إلى حنانه وعطفه ورعايته بجانب والدته القلقة التي إن أحسنت التصرف - بعد أن ضاقت بها السبل - اتصلت بأهلها للحضور لخدمتها ومعاونتها، فغالباً ما يقوم الزوج بإغلاق جواله حتى لا يزعجه أحد أو يعطله عن سهراته الترفيهية!!
أين هو من فرح أبنائه ومناسباتهم السعيدة؟! أين هو عند حاجتهم إليه للتعليم والتربية؟! أين هو ليمسح دمعة الحزين ويزيل عناء المتعب ويشارك السعيد أفراحه وآماله؟
ما أصعب أن يعيش الأبناء أيتاما في حياة آبائهم، وما أصعب أن يكبر الإنسان ويبلغ به العمر عتياً ثم يبحث عن أبنائه فلم يجدهم حيث ينشغلون عنه بما كان يشغله عنهم!! فمن يزرع اليوم يحصد غداً، فأحسن الزرع إن كنت عازماً على الحصاد في يوم ما.
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/270)
قراءة في مؤتمر الأمم المتحدة ..عالم جدير بالأطفال
الإسلام اليوم - القاهرة 5/4/1423
16/06/2002
بعد أكثر من عشر سنوات على انعقاد قمة الطفل عام 1990عقدت الأمم المتحدة جلسة خاصة للجمعية العمومية في الفترة من 8 : 10 مايو 2002 " والذي كان من المزمع عقدها في سبتمبر 2001 " وقد طرح في هذا المؤتمر وثيقة جديدة للطفل بعنوان " عالم جدير بالأطفال A world Fit For Children " تتجاهل تمامًا التحفظات التي وضعت على CRC عام 1990 .
وتمت مناقشة هذه الوثيقة على مدى عدة مؤتمرات تحضيرية عقدتها اللجنة التحضيرية للجمعية العامة المعنية بالطفل من يونيو 2000 وحتى 2002 .
والوثيقة كلها تحتوى على أيديولوجية غربية، غريبة عن الواقع العربي الإسلامي فهي تتحدث في مجملها عن تمكين الطفل بشكل يخرجه من سلطة الأسرة والأبوين على النسق الغربي ، فالوثيقة تدعو إلى تآكل السلطة الأبوية والمدرسية بشكل واضح وتضع بدلاً منها مؤسسات الدولة حتى أن كلمة " أسرة " في وثيقة كهذه للأطفال لم ترد إلا مرتين أو ثلاث على الأكثر فالتعامل مع الطفل يتم بطريقة فردية كما تم التعامل مع المرأة من قبل في وثيقة بكين خارج الإطار الأسرى والاجتماعي .
وفي الإجمال فإن هناك عدة نقاط ضعف تتضح في الوثيقة مثل :
- إهمال دور الأسرة .
- إهمال دور الدين كعامل فعّال في عوامل تنمية الطفل .
- الحرص الشديد على إعطاء كل الحقوق للأطفال دون مطالبتهم بأي واجبات أو التزامات نحو أسرهم أو مجتمعاتهم .
- التظاهر بالاهتمام بحقوق كل الأطفال بينما يتعرض الأطفال للقتل والتشريد والسرطان في كثير من المناطق ( العراق - فلسطين - الشيشان ) دون أن تعيرهم الوثيقة الاهتمام المطلوب .
" اتفاقية غير جديرة بالأطفال "
وعند القراءة المتأنية لبنود الوثيقة نجد أن لغة الخطاب بها تعتمد على البعد التعاقدي في التعامل مع الطفل وليس على البعد التراحمي السائد في مجتمعاتنا الإسلامية والشرقية ، فالطفل - كما في الوثيقة - استثمار يجب الحفاظ عليه كما ورد في بند رقم 46 " ويدر الاستثمار في الطفل أرباحًا تفوق التصور إذا كان على المدى المتوسط أو البعيد .. "
وبالرغم من أن الوثيقة خاصة بالأطفال إلا أنها مستغرقة في كم رهيب من المفاهيم الجنسية التي تحكمها تحت دعوى أن الطفل من يندرج تحت عمر 18 عامًا وبذلك فإن المشاكل الجنسية تدخل في اختصاص الوثيقة .
فتدعو إلى إباحة الإجهاض للنساء والفتيات من خلال مصطلحي " خدمات الصحة الإنجابية " و " الرعاية الإنجابية " والتي وردت في عدّة من بنود الوثيقة مثل بند 34 النقطة الثالثة " مع إيلاء الاحترام الواجب لحقوق الأبوين وعلى نحو يتسق مع القدرات المتنامية للمراهقين ، تعزيز وحماية حق المراهقين في التربية الصحية الجنسية والإنجابية والحصول على معلومات وخدمات؛ بغية تشجيع المساواة بين الجنسين والسلوك الجنسي المسؤول تفاديًا للحمل غير المرغوب فيه أو المبكَّر وللأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي وفيروس الإيدز " .
" الحرية الجنسية "
ولقد أقرَّت وفود عدة دول مثل الولايات المتحدة وكندا باشتمال هذين المصطلحين على الإجهاض ، وعلى الرغم من رد الفعل الغاضب من جانب الدول الإسلامية والفاتيكان تجاه هذا الأمر إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء لضمان استبعاد الإجهاض من خدمات الصحة الإنجابية .
كذلك تدعو الحرية الجنسية قبل الزواج عن طريق إتاحة خدمات الصحة الإنجابية للفتيان والفتيات كما في النقطة الرابعة من بند رقم 43 " القيام بحلول عام 2005 بتنفيذ تدابير لزيادة قدرة النساء والمراهقات على حماية أنفسهن من خطر الإصابة بالإيدز عن طريق تقديم خدمات الرعاية الصحية بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية .."
كما تطالب الوثيقة إلى إقرار الأسرة بصورها المتنوعة مما يعد دعوة مفتوحة إلى الشذوذ الجنسي كما ورد في البند رقم 14 " الآباء والأمهات والأسر والأوصياء الشرعيين ومقدمي الرعاية الآخرين " .
بالإضافة إلى مطالبة الوثيقة بضرورة تدريس الجنس في المدارس وتضع تصورات لمناهج الثقافة الجنسية للأطفال خارج نطاق الأسرة بشكل يثير الفوضى الأخلاقية ويدمر براءة الأطفال في الأجيال القادمة ويجعلها نموذج للطفولة الغربية المفعمة بالعنف والاستحواذ الجنسي من خلال النقطة التاسعة في البند رقم 37 مثلاً " إدماج برامج التربية الجنسية في النظم التعليمية داخل المدرسة وخارجها على أن تشجعه هذه البرامج بدعم الأسر والمجتمعات المحلية بالسلوك الجنسي المسؤول والأبوة المسؤولة بما في ذلك مسائل الحمل المبكر والأبوة المبكرة ومنع الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي وتنفيذ برامج تمكن المراهقات الحوامل والأمهات المراهقات من مواصلة تعليمهن وإتمامه .
وبالرغم من مطالبة الوثيقة - بوضوح- بالحرية الجنسية للمراهقين تحت سن الثامنة عشرة إلا أنها تستنكر الزواج المبكر وتعتبره نوعًا من التعذيب والقهر حين تقول في البند رقم 40 النقطة الثامنة " القضاء على الممارسات التقليدية الضارة أو التعسفية التي تنتهك حقوق الطفل والنساء مثل الزواج المبكر والقسري وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث ( الختان ) ".
وتسلك الوثيقة مسلكًا خبيثًا يؤكد التحفظات السابقة عندما تحاول تمرير الاعتراف بعدد من الاتفاقيات المشبوهة السابقة والتي ووجهت بعاصفة كبيرة من الرفض والاستنكار مثل مؤتمرات المرأة ببكين والسكان وغيرها ، وذلك من خلال البند رقم 34 النقطة الأولى " .. وعلى حصول جميع الأفراد الذين بلغوا عمرًا مناسبًا لا سيما النساء والمراهقات على الرعاية الصحية الجيدة وفي المتناول في مجال الصحة الإنجابية على النحو الذي تم الاتفاق عليه في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية والمؤتمر العالمي الرابع المعنى بالمرأة ببكين ، وتم التأكيد عليه أثناء الاستعراض الذي أُجري بعد مرور خمس سنوات على المؤتمر ( بكين + 5 ) .
" وثيقة بديلة "
هذا وقد لاقت الوثيقة العديد من التحفظات والاعتراضات أثناء جلساتها التحضيرية من جانب كثير من المنظمات مثل الـ Pro - Family ( وهي منظمات كاثوليكية تقاوم بشدة التيار الغير أخلاقي الموجود في الأمم المتحدة والعولمة وأثرها الواضح في تدمير الأخلاق والقيم ) وكذلك العديد من المنظمات الإسلامية الحكومية وغير الحكومية كالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، والمجلس العالمي للعالمات المسلمات، واللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التي أعدت وثيقة بديلة حظيت بتأييد كبير وعرضت خلالها أهم مقترحاتها المتمثلة في :
1 - اقتراح العفة أو الامتناع عن ممارسة الجنس خارج نطاق الزوجية كوسيلة وقائية لمكافحة مرض الإيدز .
2 - ربط تقديم خدمات الصحة الإنجابية بالعمر المناسب وسلطة الأبوين ومراعاة الخصوصيات الأخلاقية والثقافية والعقائدية للدول الموقعة .
وبالرغم من التحفظات التي أبديت حول العديد من النقاط السابقة من جانب الدول المشاركة إلا أن هذه الوثيقة تفتح الباب أمام مواجهات غير مرغوب فيها بين الوثيقة والقيم الأخلاقية وخاصة التعاليم الإسلامية ، خاصة وأنه بعد قيام الحكومات ( خاصة حكومات العالم الثالث ) بالتوقيع على الوثيقة تحت الضغوط الاقتصادية التي تمارسها الأمم المتحدة عليها ستتحول هذه المواد إلى سياسيات قوانين ملزمة .
وللخبراء رأي
وفي هذا الإطار تقول د. مكارم الديرى الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالأزهر : تلك الوثيقة وغيرها من المسميات والأشكال هي في الحقيقة محاولات تسعى إلى إخضاع الشعوب والسيطرة عليها سياسيًا واقتصاديًا بل واجتماعيًا أيضًا .. حيث تسعى إلى سلب الشعوب أهم خصائصها وتميزها وطمس هويتها وحضارتها وذلك أخطر ما نتعرض له من قبل الأمم المتحدة ووسيلتها في ذلك تقيدنا بالعديد من البرامج والقوانين والسياسات التي تهدف إلى تشكيل فكر ووجدان شعوبنا بفرض أنماط من النظم والقيم الغربية الفاشلة على مجتمعاتنا ، وتكمن خطورة هذه الوثيقة أن الأمم المتحدة وجدت أنها لم تنجح بالصورة المقلوبة - من خلال مؤتمرات المرأة- في تمرير تلك البنود المخالفة للشريعة الإسلامية والقيم الدينية والأخلاقية فسعت إلى تنفيذ ذلك من خلال وثيقة ( عالم جدير بالأطفال ) التي تعطي الطفل حق مقاضاة والديه إذا تعارضت رغباته مع مصلحة الأسرة وبذلك يتراجع الدور التربوي للأسرة وتتفكك إلى رجل وامرأة وطفل وليس والد ووالدة وابن وهو ما تهدف إليه مثل هذه المؤتمرات .
" صورة من صراع الحضارات "
ويؤكد د. حاتم آدم دكتور الصحة النفسية على ما سبق قائلاً : تعتبر وثيقة ( عالم جدير بالطفل ) صورة جديدة قديمة من صور الصراع الحضاري بين مجموعتين من البشر إحداهما تضع اعتبارًا للدين لضبط السلوك والأخرى تريد تنحية الدين جانبًا بعيد عن الحياة .. وحسما للفوضى فإن هناك أسس ثانية لا يمكن التنازل عنها مثل
- إن لكل إنسان الحق في الحياة متى دبت فيه الروح ولا يحق لأحد الاعتداء على حياته التي وهبها الله له وقواعد الإجهاض الطبية لا يدخل فيها التخلص من الجنين لمجرد الرغبة أو خوفا على إعالته ومعاشه أو دفعًا للحرج عن الأبوين .
- أثبت علماء التشريح والفسيولوجيا وعلماء النفس كافرهم ومؤمنهم أن الذكر غير الأنثى في التركيب التشريحي والغدد والهرمونات والسلوك والنزعات وهناك تساوٍ في المسؤولية والواجبات، وهذا ما أقره الدين الإسلامي ولا يمكن التفاوض فيه .
- ممارسة الجنس بغير زواج أمر ترفضه اليهودية والمسيحية والإسلام وعلى جميع معتنقي هذه الأديان أن يرتبوا حياتهم وفقا لذلك وليس وفقا لمقررات الأمم المتحدة .
وما ورد في الوثيقة يتعارض مع هذه الثوابت فلا يجب علينا اتباعه بأي حال من الأحوال .
وعن المصطلحات الواردة في الوثيقة تقول ألفوينا مشلر مستشارة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ( وهي أمريكية مسلمة ) : لا يوجد عداء خاص بيننا وبين هذه المصطلحات ولكن الاعتراض على ما يقصده تطبيقه من خلالها على أرض الواقع .
فإذا نظرنا إلى مفهوم الصحة الإنجابية مثلا نجد أن الوثيقة معدة للأطفال فلماذا ندرج هذا المفهوم بها؟ إلا إذا كنا نرمي إلى الحرية الجنسية وحمل المراهقات وغيره ..!!
أما بالنسبة لمفهوم الثقافة الجنسية فإننا لسنا ضدها ولكننا نريد المادة العلمية والمنهج المدرسي الذي يتضمن وسائل الطهارة والعفة والسلوك الجنسي القويم وأن تعطى كل دولة الحرية في وضع المناهج حسب ثقافتها وأعمار التلاميذ لديها ، أما ما تريده الأمم المتحدة من خلال الوثيقة فقد اتضح أمام أعيننا عندما أخبرتنا إحدى نساء أمريكا الجنوبية أن كتابًا للثقافة الجنسية عليه شعار اليونسيف ويدرس لأبنائها في المدرسة يحتوى على جميع الأوضاع في ممارسة العلاقات الجنسية الشاذة والطبيعية وكيفية ممارستها بطريقة آمنة دون حمل غير مرغوب فيه أو إصابة بأمراض كالإيدز فهل نقبل أن يدرس هذا لأبنائنا
ـــــــــــــــــــ(101/271)
10 حقوق للأبناء على آبائهم.. أهمها حُسن التربية
د. السيد علي بلاسي
الأسرة هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع.. وهي مصدر استقراره وسعادته أو ضياعه وشقاوته.
ولذا حرص الإسلام على قوة بنيانها وتماسك دعائمها.. وأولى الأبناء عناية خاصة، فهم فلذات قلوب الآباء، ومحط آمالهم وثمرة فؤادهم.. وهم بناة المستقبل وأمله المنشود، وحملة راية الدعوة والجهاد.
ومع أن حب الآباء للأبناء فطرة ربانية وغريزة بشرية، إلا أن الإسلام الحنيف حرص على تأكيد هذه الغريزة حتى تصير واقعاً حياً ملموساً، فقال -صلى الله عليه وسلم-:"أحبوا الصبيان وارحموهم.. وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم...".
وقد وضع الإسلام ضوابط عدة يضمن بها تربية الأبناء على أسس سليمة وقواعد متينة أهمها:
أولاً: حسن اختيار الزوجة: فهي سكن للزوج، وحرث له، وهي شريكة حياته، وربة بيته، وأم أولاده، ومهوى فؤاده، وموضع سره ونجواه، وهي أهم ركن من أركان الأسرة، إذ هي المنجبة للأولاد، وعنها يرثون كثيراً من المزايا والصفات، وفي أحضانها تتكون عواطف الطفل، وتتربى ملكاته، ويتلقى لغته، ويكتسب كثيراً من تقاليده وعاداته، ويعرف دينه، ويتعود السلوك الاجتماعي، من أجل هذا عُني الإسلام باختيار الزوجة الصالحة، وجعلها خير متاع ينبغي التطلع إليه والحرص عليه. يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
ويضع - عليه السلام - مواصفات للمرأة الصالحة، وأنها الجميلة المطيعة البارة الأمينة، فيقول: "خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك"(1).
ثانياً: حق الابن في الحياة: كان الطفل قبل الإسلام يعتبر من خلق والديه، ومن هنا كان للدولة حق قتل الطفل الضعيف مثلما كان في أسبرطة وأثينا، وقد كان قتل البنات شائعاً عند بعض قبائل العرب في الجاهلية، وجاء الإسلام فحرم قتل الأولاد في قوله - تعالى-: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا) (31) (الإسراء).
ثالثاً: حقه في اسم حسن: وقد حرص الإسلام كذلك على حق الطفل في التسمية الحسنة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تُدعون يوم القيام بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم".
رابعاً: حق الطفل في التغذية: وهو ضروري بالنسبة للطفل منذ ولادته حتى يتزود بالطاقة التي يحتاج إليها للقيام بنشاطه العقلي والجسمي، كما أكد الإسلام أهمية الرضاعة من الأم، وأثبت العلم أنه أفضل غذاء للطفل، فقال - تعالى -: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) البقرة:233).
خامساً: حقه في معاملة طابعها الحب: فليس بالغذاء وحده يحيا الطفل، فهو يحتاج إلى الحنان والود من الآخرين، كما أنه يحتاج إلى أشخاص يلتصق بهم مادياً في صورة الاحتضان والتقبيل والمداعبة.
سادساً: حقه في العدل بينه وبين إخوته: فكلما عدلنا في معاملة الطفل مع بقية إخوانه، ولم نفضل واحداً على الآخر، كانت الفرصة مواتية لنموه نمواً سليماً، وقد اهتم الإسلام بهذه الناحية ولم يفرق بين الذكر والأنثى، ولقد كانت نصيحة النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر"، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من كانت له أنثى ولم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها يعني الذكور أدخله الله الجنة"، كما أكد الإسلام أن العدل في معاملة الطفل يحميه من كل صور الاضطراب النفسي والاجتماعي.
سابعاً: حقه في الحرية واللعب: والإسلام كفل للطفل حق اللعب واللهو المباح باعتباره يشبع فطرته التي فطره الله عليها، فمن يعارض الأطفال في لعبهم إنما يعارض غريزة حب الحياة عندهم.
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدع حفيديه الحسن والحسين يلعبان مع أترابهما، وقد اقتدى الصحابة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشأن، وقد بيَّن العلم أهمية اللعب في نضج الطفل اجتماعياً واتزانه انفعالياً، فبدون اللعب يصبح الطفل أنانياً ضيق الأفق غير محبوب، ومن ثمَّ فإن للعب مزايا عديدة في العملية التربوية وليس مضيعة للوقت.
ثامناً: حقه في الأمن الاجتماعي: يحرص الإسلام على إشباع حاجة الطفل إلى الأمن بكل الوسائل المشروعة، وأهمها ألا يكون مسرحاً لنزاع الوالدين وشقاقهما، وقد قال - تعالى -: (لا تضار والدة بولدها) (البقرة:233)، ويرى الإسلام أن الأمن الاجتماعي يجب أن يتوافر للطفل وخاصة اللقيط أو اليتيم، لأنه أكثر الأطفال تعرضاً للإساءة والظلم والقسوة والإهمال، وندد القرآن بمن يسيء للطفل الضعيف أو اليتيم: (كلا بل لا تكرمون اليتيم) [17 الفجر]، ووجه الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم -: (فأما اليتيم فلا تقهر) [9 الضحى].
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُساء إليه، وأنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.
تاسعاً: حقه في التربية السليمة: وهذا الحق مأخوذ من قوله تعالى: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) 24 (الإسراء).
والمقصود بالتربية هنا: عملية الإعداد والرعاية في مرحلة النشأة الأولى للإنسان، والتربية في هذه المرحلة مسؤولية الأسرة، فقد ألزم الإسلام الآباء بضرورة تربيتهم وتأديبهم: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) (التحريم:6)، لذا أقر الإسلام نظام الإلزام في التعليم، فأوجب على الوالد تعليم ابنه القرآن والصلاة، فإن لم يستطع يرسله إلى الكتاب، فإذا لم يستطع نفقته فعلى أقربائه فإن لم يجدوا فعلى المحسنين، وإلا فبيت المال ملزم بذلك.(2)
عاشراً: حقه في النفقة: فقد كفل الإسلام حق الأبناء في النفقة.. وأمر بها الآباء حتى يكبروا ويعملوا ويعتمدوا على أنفسهم، بل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حري بالمسلم أن يترك لأولاده ما يستغنون به عن سؤال الناس وتكففهم، فقال لسعد - رضي الله عنه - في حديث طويل: "... وإنك إن تذرهم أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" (رواه البخاري)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت".
إلى هذه الدرجة بلغت عناية الإسلام بالأبناء بدءاً من اختيار أم صالحة له، وانتهاءً بحقه في النفقة حتى يقوى ساعده ويعتمد على نفسه.
فليت الآباء الذين ينفقون أموالهم التي استخلفهم الله عليها في الملذات والشهوات المحرمة... ليتهم يتقون الله فيما وُلوا عليه.. قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
________________
الهوامش
(1) فقه السنة، السيد سابق، 2-14، 15.
(2) حقوق الطفل في الإسلام، د.حلمي القاعود، مقال منشور بمجلة الخفجي، يوليو 1995م.
http://www.al-eman.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/272)
لماذا يهرب تلاميذ المدارس إلى فلسطين المحتلة .. الوعي بالقضية مكسب !
محمد جمال عرفة 1/4/1423
12/06/2002
مع تصاعد الآمال الزائفة بعقد اتفاقيات سلام بين الفلسطينيين والصهاينة في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي المقتول الأسبق إسحاق رابين ،وانتشار ثقافة السلام وتدفق شباب مصريين وأردنيين على الدولة العبرية للعمل هناك والزواج أحيانًا من صهيونيات ، أبدى بعض المثقفين العرب مخاوفهم من التأثير السلبي لهذا السلام المزعوم علي الوعي بحقيقة القضية الفلسطينية والتغييب الخطير لحقائق الصراع وتزييف القضية في عقول الصغار وجيل المستقبل .
وزاد القلق خصوصا أن هذا التزييف لحقيقة الصراع استمر حوالي 25 عاما منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والدولة العبرية ، وهو عمر آخر نما فيه الأطفال الذين ولدوا في هذا التاريخ وترعرعوا على واقع أن هناك دولة اسمها إسرائيل ، وبالمقابل ..لاجئين فلسطينيين وحكم ذاتي فلسطيني ، ولا يعرفون شيئا عن كيفية بناء هذه الدولة الصهيونية على عظام وجماجم الأجيال الفلسطينية القديمة في عام 1948 ، ولا كيفية اغتصابها أراضي خمس دول عربية تحيط بها .
بل إن بعض الغيورين بدؤوا يعلنون هذه المخاوف صراحة ويحذرون من "ثقافة السلام" و"جيل السلام" بعدما سعى الصهاينة - بأموال أمريكية - لإنشاء مؤسسات يهودية أو أوروبية يديرها اليهود، تعني بثقافة السلام هذه وتسعى لجمع أطفال وتلاميذ الدول العربية (مصر وفلسطين والاردن وسوريا ) مع الأطفال الصهاينة تحت دعاوى تبادل الآراء والأفكار وترسيخ دعائم السلام ومنها مؤسسة شهيرة باسم وزير الخارجية الصهيوني شيمون بيريز لتبادل الشباب.
فيما راحت منظمات أخرى ترتب لتبادل شبابي بين شباب مصر وإسرائيل مثلا بحيث يذهب الشباب المصري إلى "الكيبوتزات" اليهودية في الدولة العبرية، حيث يتم غسل عقولهم بثقافة السلام وانتهاء الصراع وقوة إسرائيل التكنولوجية وتفوقها التقني وتطورها .. ليعود بعدها الشاب العربي وهو يقارن إسرائيل بأي دولة أوروبية من حيث الفكر والرقي ومستوي المعيشة والدخل والتقدم، مقارنة بدولته الفقيرة مما يغري عشرات الشباب الآخرين العاطلين والمغيبين فكريا للسفر للدولة العبرية للعمل هناك بل والزواج أيضا سواء من فلسطينيي 48 حاملي الجنسية الإسرائيلية أو من اليهوديات الإسرائيليات .
وزادت المخاوف أكثر واكثر مع توالي وقوع شبكات تجسس إسرائيلية في مصر يشارك فيها شبان مصريين ممن تم غسيل عقولهم ، وإعلان أرقام غريبة عن زواج 1500 مصري من إسرائيليات ( سفير مصر في إسرائيل السابق نفى مؤكدًا وجود سبع حالات زواج فقط لمصريين من إسرائيليات أغلبهم عرب ) .
ووصل الأمر للبرلمان المصري الذي طلب منع سفر الشباب لإسرائيل ، وفتح النقاش حول زواج المصريين من إسرائيليات وخطورة ذلك مما دفع السلطات لتشديد القيود علي السفر للدولة العبرية .
طوق النجاة !
ويمكن القول إن انتفاضة الأقصى الأولي والثانية اللتين اندلعتا منذ عامين قد ساهمتا بشكل كبير في إعادة الوعي المغيب للشباب والتلاميذ العرب من الجيل الجديد ( جيل ثقافة السلام) الذين لم يكونوا يعرفون شيئا عن حقيقة الصراع العربي - الصهيوني ،أو طوق النجاة.. حيث انطلقت الفضائيات في التوعية بظروف القضية وعرض الأفلام والوثائق التاريخية التثقيفية الجديدة .
وقامت المظاهرات الشعبية بدور آخر تمثل في تحريك هؤلاء الشباب وتفاعلهم مع إخوانهم في فلسطين .
أما أبرز دليل على نجاح مشروع التوعية هذا هو هرب قرابة 15 تلميذًا وطالبًا مصريًا من مدارسهم على مدار الستة أشهر -فقط- الماضية للحاق بفلسطين عبر التسلل من الحدود في منطقة رفح المصرية ، بل لقد وصل الأمر ببعض التلاميذ ( ما بين 10 و14 عاما ) أن هربوا من مدن تبعد مئات الكيلو مترات عن حدود فلسطين المحتلة بمصروفهم وسألوا -ببراءة وعفوية- الضباط المصريين عن الطريق لدخول فلسطين لمشاركة زملائهم الفلسطينيين في رشق الصهاينة بالحجارة ! .
وقد أعادت شرطة محافظة شمال سيناء في شهر أبريل ثلاثة تلاميذ بالمرحلة الإعدادية بمحافظة أسيوط (أقصى جنوب مصر ) إلى ذويهم كانوا يحاولون دخول الأراضي الفلسطينية للمشاركة فى الانتفاضة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وقطعوا كل هذه المسافة التي تقترب من الألف كيلو متر !! .
ونقل عن التلاميذ الثلاثة وهم من طلاب مدرستي عمر مكرم وطه حنفي الإعداديتين بحي مبارك بأسيوط أنهم قرروا السفر إلى العريش عقب اليوم الدراسي لمشاركة الفلسطينيين فى انتفاضتهم ضد القوات الإسرائيلية حيث استقلوا سيارة من أسيوط (جنوب مصر) للعريش(شمال شرق مصر ) ، وهناك سألوا بعفوية عن الجهة التي تسجل أسماء المتطوعين للاشتراك في الانتفاضة، فتم إبلاغ الأمر للشرطة حفاظًا على حياتهم وجرى الاتصال بأهاليهم لاستلامهم مع التعهد بعدم تكرار ذلك مرة أخرى .
وكانت هذه المحاولات من جانب طلبة مدارس وجامعات للهرب إلى رفح بهدف التسلل عبر الحدود ومشاركة إخوانهم الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال قد بدأت في أعقاب مشاهد اغتيال الطفل الشهيد الدرة ، والطفلة إيمان حجو حيث تم إعادة عددٍ من الأطفال أصغرهم طفلة فى التاسعة تدعى نادية جمال مبروك ، وكذلك تلميذ لم يبلغ سن الرشد فى شهر أكتوبر الماضي كانوا متوجهين لمدينة العريش وهم يحملون حجارة في أيديهم ومبلغًا صغيرًا من المال .
وكان مشهد هذا التلميذ الطفل (أحمد شعراوي) وهو يتقدم ببراءة لضباط الحدود المصريين طالبا المرور "لأنه ذاهب للمشاركة في الانتفاضة" معبرًا عما يجيش في صدور أطفال مصر مما دعا العديد من الأفلام المصرية مثل فيلم ( رحلة حب) لتصوير مشاهد كاملة لأطفال المدارس وهم يخرجون متظاهرين في الشوارع، حاملين الأعلام الفلسطينية وصور زملائهم الشهداء الفلسطينيين أما الطفلة نادية فقالت - كما جاء فى محضر التحقيق - أنها قررت الالتحاق بأطفال الحجارة لإحساسها بالقهر الذي يتعرض له الأطفال ، وقال والدها أن ابنته سبق لها التبرع بالدم عدة مرات لصالح أطفال الانتفاضة، وكانت تبكي كثيرًا عندما كانت ترى منظر استشهاد الطفل محمد الدرة فى أحضان والده على يد قوات الاحتلال الصهيوني .
وكان آخر ثلاثة شبان مصريين ضبطوا بينما كانوا يحاولون التسلل إلى قطاع غزة من أجل المشاركة في الانتفاضة الفلسطينية يوم 2 مايو الجاري هم : محمد سلامة غنيم (24 عاما) المزارع في الجانب المصري من رفح وشكري سعيد سليمان (19 عاما) من سيناء،ومحمد عزب (20 عاما) .
وقد نجح شاب غيرهم يدعى ( ميلاد محمد حميدة) -21 عاما- في الإفلات من قوات الحدود المصرية والهرولة إلى داخل حدود فلسطين المحتلة، بيد أن جنود الاحتلال أطلقوا عليه الرصاص واستشهد ليصبح أول شهيد مصري لانتفاضة الأقصى .
أيضًا لم يقتصر الأمر على الشبان ولكن انضمت إليهم فتيات، منهم فتاة مصرية تم اعتقالها من قبل قوات الأمن المصرية ، وهي تتجه للحدود وتحمل متفجرات .
ولأول مرة في مصر منذ اندلاع انتفاضة الأقصى يظهر طلاب وهم يلفون رؤوسهم بعصابة حمراء مكتوب عليها "استشهاديون" ، ويزداد إقبال الشباب على الجهاد لدرجة إعداد طلاب الجامعات المصرية قوائم للجهاد وقع عليها 100 ألف طالب ، وطالبوا بتدريب الشباب عبر لجان الدفاع الشعبي (على غرار ما حدث عقب العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي عام 1956 علي مصر ) .
فهناك صحوة وانهيار لثقافة وخداع السلام الزائف مع الصهاينة ..والجيل الجديد أصبح مؤتمنًا على حمل الراية بعدما استردّ وعيه المسلوب .. وهذا من "حسنات" شارون !؟
عودي أولادك على...
ذكر اسم الله قبل البدء بالطعام حتى لا يشاركهم الشيطان فيه. ثم الحمد لله بعد الانتهاء من الطعام، فهذا ينمي عندهم توحيد الربوبية.
وإذا سقطت اللقمة من طفلك، فاطلبي منه أن يمسح ما بها من أذى ويأكلها ولا يدعها للشيطان كما امرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
إذا وقع طفلك على الأرض فلا تصرخي بل أسمعيه أول كلمة تقولينها عندئذ وهي ((بسم الله)) واطلبي منه أن يقولها دائماً عند وقوعه.
اغرسي الحياء في نفس أولادك عموماً وبنياتك خصوصاً عن طريق حثّهم على ستر عوراتهم عن القريب قبل البعيد وأعطي هذا الموضوع اهتماماً بالغاً وأشعريهم بحرمة العورة ووجوب حفظها.
لا تسمحي لأولادك بمناداتك باسمك مجرداً دون كلمة أمي لأن هذا يفقدهم احترامك تدريجياً.
كذلك لا تدعيهم ينادون والدهم باسمه مجرداً من كلمة أبي... ففيه من سوء الأدب الكثير.
عوديهم على حب الكتابة والقراءة عن طريق شراء القصص المفيدة والدفاتر وكتب التلوين والألوان والأقلام المناسبة للأطفال، فكثرة مشاهدتهم لهذه الأشياء مع كثرة استعمالها تورث لديهم محبتها وحسن التعامل معها وكيفية الاستفادة منها.
عوّدي طفلك على حب الجمال والظهور بمظهر جميل مرتب، فمهما كان منظر الأم نظيفاً وجميلاً يبقى مظهر طفلها ونظافته الدليل القاطع على نظافتها أو إهمالها.
لا تشتكي إلى أحد شقاوة طفلك وهو بجوارك يسمع كلامك لأن هذا يشعره بالانتصار والقوة بأنك عجزت عنه فيدفعه إلى التمرد أكثر، بينما هو في الواقع كان يهاب منك ولو بقدر ضئيل.
عودي طفلك على اقتناء دفتر خاص به يكتب فيه المفيد من العبارات والحكم والقصص والأشعار والألغاز واتركي له المجال مفتوحاً للنقل من الصحف والكتب وكلما ملأ 3 صفحات اطلبي منه أن يقرأ عليك ما كتب وثبّتي الجيّد واطلبي منه إزالة السيئ وبذلك تنمين عنده ملكة عظيمة تنفعه مستقبلاً، كحب القراءة والتأليف وتوسيع الثقافة والإطلاع ومعرفة الجيّد والسيئ...
http://www.resalah.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/273)
اكتشاف المورثة المسببة للشيخوخة المبكرة لدى الأطفال
كشف العلماء وجود خلل وراثي في جين يسبب تقدم عمر الطفل سريعا نحو الشيخوخة إذ يطلق عليه مرض الشيخوخة المبكرة Progeria.
وذكر العلماء أن الخلل يكمن في جين واحد فقط وفي أساس بروتيني واحد، أو جزء واحد منه بالذات. وهو الخلل الذي يجعل يافعا في الثانية عشرة من عمره يبدو كالمسن. وكانت أسباب حصول هذه الحالة مجهولة للأطباء والباحثين، إلا أن فريقي عمل منفصلين، من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، توصلا إلى الكشف عن خلل في جين يدعى «لامين» (Lamin) في خلايا الأطفال المعانين من الشيخوخة المبكرة. وتوصل الباحثون إلى أن الأساس C في جين لامين استبدل لدى هؤلاء الأطفال بالأساس T وان هذا التغير هو اصل المشكلة.
ونشرت ماريا اريكسون، من المعهد الوطني للأبحاث الوراثية نتائج أبحاثها، في العدد الالكتروني من مجلة «ساينس» كذلك نشر نيكولاس ليفي من الكلية الطبية تيمون في مرسيليا نتائج أبحاثه في العدد الالكتروني من مجلة Nature، النسخة الفرنسية. واتفق الباحثان على أن سبب الشيخوخة المبكرة هو التغير في جين «لامين» الذي يعمل على إبطال الجين بأكمله ويغير طبيعة وظيفته. ويعتبر جين «لامين ـ A» (Lamin - A) و«جين لامين ـ سي» (Lamin - C) من البروتينات التي توجد اعتياديا في نواة الخلية ويمنحان الخلية شكلها الأساسي الطبيعي. ويعمل الجينان على تثبيت شكل الجهة الداخلية من نواة الخلية ويحرصان على أن تنتظم الكروموسومات بشكل طبيعي. ويؤدي إضعاف أو تحوير جين لامين ـ A إلى إضعاف جدار نواة الخلية.
ويعتقد العالمان أن هذه النتائج ستعين في فهم اكبر لحالة الشيخوخة المبكرة كما ستفتح الأبواب على مصراعيها أمام تطوير نوع جديد من الفحوصات الجينية التي يمكن أن تفسر حصول الحالات الوراثية النادرة. ويمكن لهذا الاكتشاف أيضا أن يكشف أسرار حصول الشيخوخة المبكرة لأطفال لا تعاني عائلاتهم من حالات سابقة. وستعرض النتائج الأخيرة على مؤتمر لعوائل الأطفال المعانين من الشيخوخة المبكرة يعقد في فوندنبيرغ (غرب ألمانيا) نهاية الشهر الجاري.
من ناحية أخرى قال العالم الوراثي الألماني المعروف، والباحث المختص بشؤون الشيخوخة المبكرة، ثورستن ماركواردت ان النتائج التي توصل إليها ليفي واريكسون ستكون «حجر أساس» في أبحاثه على الأمراض النادرة. وذكر ماركواردت ان تحور جين «لامين» سيفتح الطريق أمام الأبحاث حول علاقة جزيئات السكر بنشوء هذا المرض.
وبدأ ثورستن ماركواردت وزميله توماس بونة من جامعة ماغدبورغ تجارب على الفئران المختبرية قاما خلالها بزرع جين «لامين» البشري المعطوب في الخريطة الوراثية. ونفذ العالمان عملية الزرع بحيث تمكنا من تشغيل ووقف الجين المعطوب عن العمل وقتما يريدان. ويعتقد الباحثان أن أول النتائج ستظهر على الفئران خلال ستة اشهر من الآن. ويعول ماركواردت وبونة على البحث الجديد في تطوير طريقة علاجية تعمل على وقف تقدم الحالة أو الشفاء منها. ومعروف أن وقف الحالة أو علاجها كان حتى الآن متعذرا على الطب.
وتعتبر الشيخوخة المبكرة من الأمراض النادرة، ويقدر خبراء الصحة العالمية وجود 6 حالات في أوروبا و 12 حالة في أميركا وحوالي 50 حالة على المستوى العالمي. ويبدو الطفل طبيعيا في السنة الأولى من عمره فقط قبل تساقط شعره ابتداء من السنة الثانية، فضلا عن الإصابة بتكلس الشرايين وتنخر العظام بدءا من السنة السادسة. وهذا ليس كل شيء لأن العالمين الألمانيين يخططان لتأسيس مركز للأطفال المعانين من الشيخوخة المبكرة. ويفترض أن يتحول المركز إلى مكان للقاء لسنوي بين الأطفال الشيوخ وذويهم ومركز للأبحاث حول الحالة يتبادل العلماء وجهات النظر والمعلومات الجديدة حولها مرة كل عام.
http://www.almualem.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/274)
أطفالنا ..ماذا يحتاجون منا ؟(1-2)
وفاء إبراهيم العساف 6/3/1423
18/05/2002
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد :
فإنه عند حديثنا عن تربية الأطفال يرتبط هذا الحديث بالمشكلات السلوكية التي تعانيها الأم أثناء قيامها بالعملية التربوية ، وبالسياسة المتبعة لتنشئة الابن أو البنت،وهذه المشكلات موجودة عند جميع الأطفال بدون استثناء، وهي لا تدل بحال من الأحوال على شذوذ الطفل واضطرابه أو فساد طبعه، بل إن كثيراً منها يعتبر جزءاً متمماً لتطوره الطبعي ونتيجة لتفاعله مع البيئة، وهذه المشكلات تزول بصورة عفوية تلقائية إذا أحسن علاجها وتدبيرها دون أن نترك أثراً، وقد تستعمل وتزداد ثباتاً ورسوخاً وتصبح خلقاً ثابتاً أو عادة دائمة إذا ما أسيء علاجها وتدبيرها.
وكما قال أحد الباحثين: إنه لا يوجد أطفال سيئون ولكن يوجد أهل سيئون ،وإن الطفل ليس بحاجة إلى توجيه بل الأهل هم الذين بحاجة إلى توجيه.
ولا يشك أحد أن الأهل يبذلون جهدهم في تنشئة أطفالهم، وليس المقصود لوم الأهل بل محاولة إفهامهم طبيعة هذه المشكلات ، وكيفية حدوثها ، والطريق الأمثل في معالجتها . أما نمو شخصية الطفل بشكل طبيعي فلا يتم إلا بإيجاد الاستقرار والاطمئنان ، وهذا لا يتحقق إلا بتلبية حاجات الطفل الأساسية النفسية والفكرية .
أولاً: الحاجة إلى العطف والطمأنينة والقبول
إن الطفل بحاجة إلى العطف والحماية منذ يومه الأول ، والطفل في سنين عمره المبكرة ترتبط حاجته إلى الأمن بإشباع حاجته الفسيولوجية الأساسية من غذاء ونوم وغيرهما.
ولذلك ربط القرآن الكريم بين هذه الحاجات الجسمية كالطعام وبين الحاجات النفسية كالأمن وذلك في قوله - تعالى - :" فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" .
وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :" من نام آمناً في سربه عنده قوت يومه معافى في بدنه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".
والطفل يضطرب كذلك بالانتقال من دار إلى دار، أو بتغيير المربية ،أو حين ولادة أخ جديد إذ يخاف فقدان المحبة التي كان يتمتع بها وحده دون مزاحمة، فلذا يجب بذل الجهد ليشعر أنه لا يزال محبوباً كالسابق وأن مكانته لم تتأثر .
إن انتقاد الطفل اللاذع ومقارنته السنية مع الآخرين خطأ فاحش، وقد تؤدي إلى وجود الحقد والحسد وعدم الاطمئنان عند الطفل .
قال أحد الباحثين: إن من أهم عواقب حرمان الطفل من العطف والحنان والمحبة في سنينه الأولى هو عدم قدرته على محبة الآخرين أو تلقيه المحبة منهم فيما بعد .
ولقد اهتم الإسلام بهذا الأمر اهتماماً شديداً ودلنا على الطريقة التي نبني بها عاطفة الطفل ونؤدي له حقه ليكون إنساناً سوياً في مستقبله.
نذكر أمثلة من الواقع
01 القبلة والرأفة والرحمة :
أخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقال: نعم، قالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أَوأَملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة" رواه أحمد في مسنده 6/70.
عن أنس، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "أرحم الناس بالصبيان والعيال" انظر صحيح الجامع 4797 رواه مسلم .
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء صبي فأتجوّز في صلاتي لما أعلم من وَجْد أمه من بكائه" رواه الخمسة إلا أبا داود .
"وكان يصلي بالناس وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها" أخرجه الستة إلا الترمذي.
ومن صور العطف والحنان المداعبة والملاعبة للصغار:
روى الطبري عن جابر - رضي الله عنه - قال : "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ورغبنا إلى طعام ، فإذا الحسين يلعب في الطريق مع صبيان فأسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمام القوم ثم بسط يده فجعل يفرها هنا وهناك فيضاحكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه ثم اعتنقه وقبله، ثم قال : حسين مني وأنا منه ، أحبّ اللهُ مَنْ أحبه ، الحسن والحسين سبطان من الأسباط" حديث حسن رواه البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجة والحاكم، انظر صحيح الجامع 3146.
وكان رسول الله يزور الأنصار كما روى أنس عنه ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم - صحيح ورواه النسائي ورواه ابن حبان .
وروى مسلم عن جابر بن سمرة وهو من أطفال الصحابة قال :صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني صلاة الظهر، ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان أي صبيان فجعل - صلى الله عليه وسلم - يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً، قال جابر وأما أنا فمسح خدي فوجدت ليده برداً وريحاً كأنما أخرجها من جُونة عطار ( سُليلة مستديرة يجعل فيها العطار عطره ) وكان -صلى الله عليه وسلم- يضع في فمه قليلاً من الماء البارد ويمجه في وجه الحسن فيضحك .
وكان عمر - رضي الله عنه - يمشي على يديه ورجليه وأولاده على ظهره يلعبون وهو يسير بهم كالحصان فيراه بعض الناس فيقول له : أتفعل ذلك وأنت أمير المؤمنين؟ فيقول: نعم فينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي - أي في الأنس والسهر - فإذا كان في القوم كان رجلاً .
وأورد الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي يعلى قال كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم- وعلى صدره أو بطنه الحسن أو الحسين - عليهما السلام- فبال فرأيت بوله أساريع يعني طرائق يمشي، فقمت إليه فقال: دعوا ابني لا تفزعوه حتى يقضي بوله ثم أتبعه الماء ،وفي رواية " لا تستعجلوه" قال الهيثمي : ورجال الحديث ثقات .
ويستمر الباحث ليقول: على قدر ما يطبق الأهل طرق العنف تلبية لرغبتهم الجامحة في الحصول على طاعة أبنائهم وعلى قدر ما يستعملون يدهم الثقيلة وعضهم على الأنامل من الغيظ وتعابير وجوههم القاسية على قدر ما يعظم عصيان الطفل وسلبيته ومساوئه وشعوره بالقلق وعدم الطمأنينة .
ويزداد احتياج الطفل للمحبة والشعور بالاطمئنان بعد السنة الأولى، إذ يزداد اعتماده على أهله فهو يرغب أن يكونوا إلى جانبه طوال الوقت.
ويشتد احتياج الطفل للعطف والاطمئنان في بعض الظروف الخاصة كالمرض والألم التعب فهو يريد أن يتأكد دائماً أنه شخص محبوب له مكانته وأنه لا يفرط به بأي شكل ، وهو أيضاً بحاجة إلى مزيد من العطف عندما يكون في مواقف حرجة كحالات الغضب أو البكاء أو حالات الاضطراب ، وهو بحاجة إلى العطف بصورة أخص عندما لا يكون جميلاً جذاباً لعله لنقص في الجمال، أو نقص في الذكاء . وهذا ما يسمى بالحاجة إلى القبول.
ولذلك نجد أن الإسلام تحرى العدل بين الأولاد والمساواة بينهم ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم ".
وكذلك لو استبدل الأهل الكلمات النابية وعبارات التوبيخ بكلمات جميلة مقبولة لقلت أو ألغيت الاضطرابات السلوكية عن الأطفال .
وعلى قدر ما نعطي أبناءنا من التشجيع والثقة بالنفس والعاطفة الصادقة وعلى قدر ما ننهض بهم ونمنحهم الحرية على قدر ما تكون استجابتهم وتعاونهم .
ـــــــــــــــــــ(101/275)
شبابنا ماذا يحتاجون منا؟
ميسون الدخيل*
على هامش المؤتمر الثالث للفكر العربي الذي أقيم مؤخرا في مراكش التقيت بإحدى الصحافيات البريطانيات التي تعمل لحسابها الخاص... بدأنا نقاشا حول مفهوم "ثقافة التغيير" و"تغيير الثقافة"... وكان محور الحوار "مشاكل شباب اليوم"، حيث ترى الصحافية من واقع تعاملها مع العالم العربي، أن المشكلة تكمن بالأصل في حالة الإحباط الذي يشعر به الشباب نتيجة النسبة العالية للبطالة الأمر الذي يدفعهم إلى ترك أوطانهم للبحث عن فرص أفضل للحياة رغم السلبيات والمخاطر التي يتعرضون لها والمبالغ الطائلة التي يدفعونها فقط من أجل الدخول إلى تلك البلاد شرعيا أو غير شرعي.
بقدر ما أصابني كلام الصحفية من إحباط بقدر ما جعلني أفكر في الموضوع من نواحٍ عديدة... لنفترض أن هؤلاء الشباب العرب استطاعوا أن يصلوا إلى دولة أوروبية ما... هل ستفتح هذه الدولة ذراعيها ترحيبا بهم؟ أم سوف يجدون من الصعوبات ما يفقدهم آدميتهم قبل كرامتهم... شباب يحملون شهادات في مختلف التخصصات التي لا تحتاجها بلادهم... فيقبلون على الأعمال التي كانوا ينأون عن العمل بها في بلادهم! أين الخلل؟ هل غسل الأطباق... مسح البلاط... وجمع الزبالة في الخارج أهون عليهم من القيام بها في بلادهم؟ (هذا لا يعني أنني ضد هذه النوعية من الأعمال لأن أي عمل يحتاجه المجتمع هو طبيعي وشريف. ولا أتكلم هنا عن الشباب العربي ذوي التخصصات العلمية والمهنية المطلوبة في الغرب... فإنهم يجدون فرص عمل أفضل مما يساعدهم على الاستمرار في النمو والتطور مساهمين في رقي وازدهار البلاد التي تبنتهم... وهذا يعتبر نزيفاً لثروات البلاد العربية).
الشباب العربي من ذوي التخصصات التي لا تحتاجها مجتمعاتهم هم في الواقع ضحية تخطيط غير مدروس لاحتياجات التنمية... وهذا ما تدل عليه الإحصاءات التي تشير إلى تخرج الأعداد الكبيرة من الطلبة في تخصصات لا يحتاج لها السوق... المشكلة أن الكليات والجامعات العربية ما زالت تستمر في إغراق السوق بهذه النوعية من الخريجين فأصبح هنالك عرض أكثر من الطلب... كذلك فإن الشباب ضحية مجتمع لا يقدر العمل اليدوي... يقدر الرجل العصامي الذي بدأ من الصفر ولكن بعد وصوله إلى القمة وليس خلال صعوده! والشباب فوق ذلك كله ضحية تشجيع التعليم الأكاديمي في التعليم العام وعدم تقديم التشجيع الكافي للتعليم المهني من قبل الدولة والإعلام... فيقضي الطالب في الدراسة 12 إلى 16 عاما في التعليم ليتخرج في مجال لا يحتاجه السوق وليس لديه مهنة أو مهارة تسانده في إيجاد عمل يساعده على العيش الكريم أو يساعده على الإنفاق على تعديل أو تغيير مجال تخصصه للحصول على فرص عمل أفضل... فيبدأ بالسخط على وضعه وعند البعض يتحول هذا السخط إلى ظهور تصرفات عدائية...ماذا حدث؟ لماذا لم نتدارك هذه المشكلة منذ البداية وكنا نرى بوادرها؟ لقد قام بعض مفكرينا ومثقفينا بدق ناقوس الخطر منذ زمن ولكن ما من أحد سمع أصواتهم! الذي حدث أن أغلب المجتمعات العربية قررت (عن قصد أو غير قصد) تجاهل هذه المشكلة أو تأجيل التعامل معها كل دولة حسب أولوياتها... واهتماماتها الأخرى سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية... والآن تعلو الصرخات عاليا... شبابنا ضائع... لا يصلح... عديم المسؤولية! البعض يرمي اللوم على المناهج والبعض الآخر على الإعلام الخارجي وقصور الإعلام الداخلي... وهنالك من يتهم ندرة فرص العمل... التربية الأسرية... الأصحاب... الفراغ.
ما أراه هنا أن المشكلة مكونة من أسباب عديدة لا تقل أهمية أحدها عن الآخر... منها ما ذكر ومنها ما لم يذكر ولكن بالطبع أثره موجود ويحتاج إلى من يعرّفه... المهم يجب أن لا نستهين بأي من الأسباب أو نقلل من شأنه... لأن التقليل من الشأن أو الاستخفاف يجرنا إلى الاختلاف وعدم فهم الآخرين... إننا نتعامل مع القضية كما فعل العميان الثلاثة عندما صادفهم فيل لأول مرة... قام كل منهم بالتعرف عليه من خلال اللمس... وبعد أن ابتعد عنهم اجتمعوا ليتداولوا فيما مر بهم وهنا ظهر الاختلاف في الرأي... وصف الأول أن ما مر هو طويل دائري ومرن كحية كبيرة... أما الثاني فوصفه بأنه عالٍ، أسطواني الشكل وصلب كجذع شجرة... وأما الثالث فكان استنتاجه أنه كان عريضا مسطحا كحائط كبير... المغزى هنا أنهم جميعا كانوا يتعاملون مع نفس الشيء ولكن كل قام بوصفه حسب خبرته ومعرفته السابقة مستخدمين الأداة التي كانت متاحة لهم ألا وهي حاسة اللمس... ونحن كذلك نتعامل مع قضية واحدة ولكن كلّ من الجزئية الواضحة له وحسب الأدوات المتاحة له من الخبرات والمعلومات السابقة... لا يوجد مشكلة إن انتهى الأمر عند هذا الحد ولكن عندما يصر كل على أن الجزء الذي يراه من القضية هو الأهم وهو المسبب الأكثر تأثيرا، وما يقدمه من حلول هو ما يجب التركيز عليه ومن ثم تنفيذه... أضف إلى تشبثه برأيه ورفض آراء الآخرين... هنا يصبح الأمر ليس دراسة ومشاركة في الرأي للوصول إلى حل المشكلة الأساسية (كل الفيل وليس جزءا منه) بل تعارض وتناحر واستخفاف بالآخرين... ويقف الشباب مذهولا مما يجري لهم بسببنا... فبدلا من أن يتعلموا منا كيف نصل إلى حل المشكلة والتعامل معها يتعلمون كيف يستخفون بالآخرين... والتعامل مع مشاكلهم بالقوة... بالعضلات أو أقصى الحالات في الهروب بالانتماء إلى ثقافات الغير التي حسبما يرونها تعطيهم الإجابات أو الهجرة بحثا عن تحقيق أحلامهم... لنقف ونتحد ونتفق على أن الرؤية واحدة ونتقبل أن المنظور والتعامل معها هو حد الاختلاف الذي يعتبر منبع إثراء وليس سببا للشقاق... ومن هذه الأرضية المشتركة لننطلق... فإن ما نخسره يوميا وما سنخسره على المدى البعيد أغلى وأهم بكثير من عزة النفس والتكبر والتعالي والأنانية التي نتعامل بها مع الآخرين بالتثبت بالرأي.. فهؤلاء الشباب قنابل موقوتة متحركة قابلة للانفجار في أي لحظة للسقوط في مزالق خطرة أو الانسحاب من المجتمع للانضمام إلى مجتمعات أخرى أو التقوقع على النفس ومعاناة المشاكل النفسية المختلفة... فعلينا أن نقف لحظة صدق مع أنفسنا ونتحد لإيجاد الحلول المناسبة والواقعية لحل مشاكل هؤلاء الشباب.
*كاتبة سعودية
ـــــــــــــــــــ(101/276)
الأسرة أول دوائر التنشئة الاجتماعية
الأسرة هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية، وهي المؤسسة الأولى من المؤسسات التربوية؛ فحين يخرج الطفل الرضيع من بطن أمه، فأول مجتمع يواجهه هو مجتمع الأسرة؛ بل إن التأثير التربوي يبدأ من مرحلة الحمل, فالطفل وهو في بطن أمه يتأثر بانفعالات الأم، ويتأثر بالحالة النفسية التي تعيشها، ويتأثر باتجاه الأم نحو حملها ونظرتها له، ولهذا تبدأ مهمة الأم في تربيته منذ أن يكون حملاً في بطنها.
ثم يخرج وهو رضيع وتوصل له الأم رسائل تربوية يفقهها هو وربما لا تفقهها الأسرة, في رضاعته من
والدته، في مداعبة أهله له، في حمل أمه له ووضعها له، يتلقى مشاعر العطف والحنان، والتي تعتبر مطلباً ضرورياً في نموه الاجتماعي والنفسي والعاطفي, وهذا الأمر تجهله كثير من الأمهات ويجهله كثير من الآباء.
ويمتد به العمر إلى أن يصل إلى سن المدرسة, وهو لا يتعامل مع أي مؤسسة أخرى.
إذن حين تكون الأسرة هي المؤسسة الأولى، وهي أول ما يفتح الطفل عينه عليه فهذا يؤكد أهمية الرسالة التربوية للأسرة، وهو في المقابل أيضاً يعيننا في الإجابة على كيف؟ فبقدر ما نواجه من تحديات نملك فرصاً في تربيتنا ربما لا نثمنها.
http://www.almurabbi.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/277)
كيف يصبح المراهق صاحب قرار؟
فاطمة رضا
يتخذ المرء الكثير من القرارات والاختيارات يومياً. وهدف الأهل عادة هو إيصال أبنائهم إلى حياة مليئة بالنجاح والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة وتحمّل مسؤوليتها.
وفي حين يتخوف بعض الأهل من القرارات التي يتخذها أبناؤهم لعدم ثقتهم بقدرة هؤلاء على التمييز بين الصح والخطأ، ولاعتقادهم بأنهم الوحيدون القادرون على تحديد مصلحة أولادهم.
يشعر بعض المراهقين بالخوف وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب لأنهم لم يتعلموا كيفية تحمل المسؤولية في حياتهم ويشعرون بأنهم غير مؤهلين لاتخاذ القرارات الصحيحة. وإذا لم نعلّم المراهقين كيفية اتخاذ القرارات والتعامل مع انعكاساتها ونتائجها نرتكب بحقهم خطأ جسيماً ونسيء إليهم إساءة كبيرة لأن على الأهل إدراك أن أولادهم - عاجلاً أم آجلاً - سينفصلون عنهم ويعيشون بمفردهم.
وتأهيل المراهق لاتخاذ القرارات المناسبة هو الحل الأمثل، لينمو في بيئة سليمة، متمتعاً بالثقة لتحقيق النجاح. لأنه إذا لم يثق المراهق بقدرته على اتخاذ القرارات المناسبة سيعاني طوال حياته من عدم القدرة على تحمل المشكلات أو حلها. ومن الطبيعي أن يسعى المراهقون للوصول إلى قرارات خاصة ويرفضوا الخضوع لتدخل الأهل في حياتهم.
وليستطيع ابنك المراهق الوصول إلى القرار السليم، يمكنك أن تساعديه عبر التأكيد على أن اتخاذ القرار ليس صعباً أو محاطاً بالضغوط إلا أنه يتطلب وقتاً حتى لا يقع في الخطأ. ويمكنك مساعدته عبر تحديد بعض الخطوات التي يمكنه اتباعها. ومن خلال إجابته عن بعض الأسئلة التي تساعده على رسم الطريق الصحيح والسليم لاتخاذ القرار المناسب:
1- تعريف المشكلة: ما هو القرار الذي يجب اتخاذه؟ علّميه أن يضع تعريفاً موجزاً للقرار الذي يحتاج إليه.
2- تحديد الوقت: لماذا يجب اتخاذ هذا القرار الآن؟ ما الذي يفرض عليه اتخاذ هذا القرار؟
3- التحقق من نتائج التأخير: ما الذي يحصل إذا تأخر بالوصول إلى قرار؟ وما هي عواقب هذا التأخير؟
4- تحديد النتائج المرجوة: ما الذي ينتظره من هذا القرار؟ وما هي النتائج المرجوة جراء اتخاذه؟
5- الخيارات: ما هي الخيارات التي يفكر بها؟
6- الحلول: على المراهق أن يضع أمامه جميع الخيارات المتوافرة لديه ويبدأ بالتفكير بأنسبها. وإذا لم تكن الخيارات على قدر النتائج المتوخاة. وشعر المراهق بأن أياً من هذه الخيارات غير صحيح، وأنه لم يعد يرى خياراً آخر. يمكنه الابتعاد عن المشكلة ومناقشتها مع شخص آخر أو الأخذ برأي ثانٍ لأنه من الممكن أن يستطيع الآخرون مساعدته.
7- تحليل الخيارات: ما هي عواقب كل خيار؟ على المراهق تعريف كل خيار وتحديد انعكاساته؟ ما الذي سيزعجه باعتماد هذا الخيار وما الذي سيخسره؟ وما الذي سيشعر به إذا خسر هذا الشيء؟
8- تعريف النتائج: على المراهق إدراك نتائج خياره الذي سيتحول إلى قرار وهل هو بصدد تحمل مسؤولية هذا القرار؟ وعليه استبعاد الخيارات التي ستعرضه للخسارة أكثر من الربح.
9- الاختيار: على المراهق اختيار ما يراه الأفضل له. ولا بد له من الإدراك أنه لن يستطيع إطلاقاً الجزم بمدى صحة هذا القرار. ولذلك يمكنه اتباع حدسه في هذا الموضوع.
10- التأكيد على الخيار: لماذا يشعر بأن هذا هو الخيار الصحيح؟ ما الذي دفعه إلى هذا الشعور؟ ومن الطبيعي أن يكون جواب المراهق عن هذا السؤال أن هذا مجرد إحساس.
11- مدى صحة الخيار: ماذا بعد اتخاذ القرار؟ معظم الناس يعتقدون أنه بمجرد اتخاذهم قراراً ما، سيعيشون مع انعكاساته مدى الحياة. ولكن الحقيقة أن هذا القرار أو ذاك ليس إلا خطوة في طريق الحياة، لأن أي قرار يتخذ هو جسر عبور إلى مرحلة ثانية في الحياة. وإذا اكتشف المراهق أن قراره غير صحيح ما عليه إلا التفكير بأنه حصل على معلومة تفيده لاتخاذ قرار مقبل في حياته. وإذا شعر بأنه لا يمكنه العيش مع ما سينتج عنه فعليه ألا يأخذ به.
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/278)
آيات الله "الأمريكان " يدافعون عن الصهيونية لآخر أمريكي !
الكونجرس "الإسرائيلي" يحمي "أمريكا " !؟
الإسلام اليوم- محمد جمال عرفة 26/2/1423
09/05/2002
لو أصدر الكونجرس الأمريكي قرارات ضد دولة فيتنام مثلا لبرر المحللون ذلك بالحرب الأمريكية - الفيتنامية السابقة وعقدة أمريكا منها ، ولو أصدر قرارات ضد العراق أو إيران لفُهم الأمر في إطار محاولات أمريكا هدم نظام الحكم في البلدين ، ولكن ما معني أن يصدر الكونجرس (بمجلسيه النواب والشيوخ) قرارين يوم 30 أبريل الماضي بإعلان الدعم الساحق لحكومة شارون في عملياتها ضد الفلسطينيين ، والإشادة بالديمقراطية الإسرائيلية ومناقشة مسألة إقامة الدولة الفلسطينية في أي جزء من الأراضي العربية كما فعل اليهود تماما عندما جاءوا من أصقاع العالم المختلفة وبنوا دولة في فلسطين ؟!
هل يمكن أن يتصور أحد أن تصدر قرارات من برلمان دولة ما تؤيد قرارات دولة أخرى ؟ .. وهل هي مصادفة أن يناقش الكونجرس فكرة توطين الفلسطينيين في أرض أخرى بعد 48 ساعة من طرح رئيس الحزب القومي الديني في حكومة شارون فكرة توطين الفلسطينيين في جزء من أرض سيناء مما دعا وزير الخارجية المصري لوصفه بأنه( حشاش) ؟!
عندما رفض العراق تنفيذ قرارات سابقة لمجلس الأمن دمرت مدنه الطائرات الأمريكية والبريطانية ، وعندما رفضت مصر التوقيع علي معاهدة حظر المواد النووية حتي توقع عليها إسرائيل أظهرت لها واشنطن العين الحمراء وأجبرتها علي التوقيع ، ولكن عندما رفضت الدولة الصهيونية قبول مجرد لجنة لتقصي الحقائق ( لا صلاحيات لها) في مجزرة مخيم جنين وظلت ترفض ثلاث مرات متتالية ثم رفضت نهائيا قدوم اللجنة ، كان الرد هو السف من جانب أمريكا والأمم المتحدة وأُهيل التراب علي حقيقة ذبح شهداء المخيم !.
إن الجمهوريين - حزب الرئيس بوش - الذين يوصفون بأنهم (آيات الله الأمريكان) لأنهم إنجيليون ومتحالفون مع التيار الديني المسيحي الإنجيلي ويؤمنون بحق "إسرائيل" في احتلال فلسطين وضرورة مساندتها ضد أعدائها لتسريع معركة هرمجدولين التي تسبق الآخرة ونزول المسيح -عليه السلام- وربما يفسر ذلك تأييدهم الأعمى لإسرائيل ، ولكن الملفت أن قرارات الكونجرس الأخيرة لدعم إسرائيل أعدها وصوت عليها سويا أقطاب الحزبين الجمهوري الديمقراطي معا واتفقا سويا في عدائهما للعرب .
والحقيقة أن الكونجرس الذي تسيطر عليه أغلبية من اليهود الخالصين واليمين المسيحي المتطرف الذي يؤيد إسرائيل سعى لمنافسة الرئيس بوش وإدارته في دعم إسرائيل وصور الأمر كأن الدولة العبرية تواجه حرب إبادة من قبل جيرانها الفلسطينيين الضعفاء بسبب العمليات الاستشهادية وسارع لتصنيف الفلسطينيين علي أنهم إرهابيون .
فقد أقرَّ مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الديموقراطيون قرارًا قدمه السناتور الديموقراطي جوزف ليبرمان (يهودي ) بأغلبية 94 صوتا مقابل اثنين .. وبعد ذلك بقليل صوت مجلس النواب على مشروع قرار آخر أيضا بأغلبية ساحقة يعبر عن دعم الكونغرس الأمريكي لإسرائيل ولكنه أقل اعتدالاً من القرار الذي صوت عليه مجلس الشيوخ لانه يتناول الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالاسم .
وأشار قرار مجلس الشيوخ إلى أن "إسرائيل والولايات المتحدة تقومان حاليا بحرب مشتركة ضد الإرهاب" (!) مؤكدا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والتأكد من "تفكيك البنى التحتية الإرهابية لدى الأطراف الفلسطينية"؟ . وأوضح القرار بالإضافة إلي ذلك، أن الولايات المتحدة ستواصل "تقديم المساعدات لإسرائيل في ما يتعلق بتعزيز أمنها الداخلي" ؟.
وأخيرًا، ندد القرار بموجة العمليات "الانتحارية" الأخيرة التي شهدتها إسرائيل "مشددًا على ضرورة أن تفي السلطة الفلسطينية بالتزاماتها الهادفة إلى تفكيك البنى التحتية الإرهابية" الفلسطينية .
وقال ليبرمان خلال درس مشروع القرار إن "الهدف من هذا القرار بالنسبة لمجلس الشيوخ الأميركي هو تثبيت دعمه لإسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس". ? وعلى عكس ذلك، فإن القرار الذي تبناه مجلس النواب وقدمه النائبان الجمهوري توم ديلاي والديموقراطي توم لانتوس جاء أكثر تطرفًا اذ يعتبر مثلا أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ليس "شريكًا موثوقًا" من أجل السلام.
الكونجرس : إسرائيل هي بابا وماما !
وبالرغم من تحفظات البيت الأبيض الذي أعرب عن خشيته من أن يضر هذا الأمر بجهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة، فإن تطور الوضع على الأرض وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون المنتظرة الأسبوع المقبل إلى واشنطن حثا الكونغرس على الذهاب إلى الأمام حول هذين القرارين حسب ما أوضح عدد من البرلمانيين . وقال توم لانتوس إن "افضل كلمة هي أن إسرائيل ديموقراطية وإسرائيل صديقنا وإسرائيل حليفنا في الحرب ضد الإرهاب العالمي" ، لوم لم يبق له سوى أن يقول إسرائيل هي بابا وماما وكل أملنا ؟!.
ومع أن هذين القرارين غير ملزمين للرئيس جورج بوش فهما يعبران عن حقيقة الفهم الأمريكي (الشعبي) لإسرائيل حتي أن زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي نادى بالتطهير العرقي للفلسطينيين علي غرار ما يقوم به شارون ؟!
ولاؤهم لمن ؟!
وقد دفع هذا التحيز غير المسبوق للكونجرس للدولة الصهيونية مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) - وهو أحد أكبر المنظمات السياسية المسلمة الأمريكية - لإصدار بيان للصحافة الأمريكية يصف فيه مساعي أعضاء الكونجرس لتمرير قرار مؤيد لإسرائيل بأنه "حلف يمين الولاء لحكومة أجنبية" !!.
وذكر المجلس على لسان مديره العام نهاد عوض أن " على أعضاء الكونجرس الأمريكي أن يتذكروا أنهم انتخبوا بواسطة الناخب الأمريكي وليس الإسرائيلي، وأنه لأمر مخزٍ أن نرى نواب الكونجرس المنتخبين يهرعون إلى حلف يمين الولاء لحكومة أجنبية وجماعات اللوبي الداخلية التابعة لها".
وأضاف نهاد عوض أن أعضاء الكونجرس قد تجاهلوا مصالح أمريكا القومية وموقف الرأي العام الأمريكي الذي ينادي 71 % منه بضرورة أن تقف أمريكا موقف محايد تجاه الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط. وأنهم تجاهلوا مطالب الإدارة الأمريكية المتكررة بعدم طرح أو تمرير قرار تأييد إسرائيل لأن من شأن ذلك الإضرار بسياسة أمريكا الخارجية ومصالحها في الشرق الأوسط.
وأوضح نهاد عوض أن قرار تأييد إسرائيل الذي يسعى أعضاء الكونجرس إلى تمريره ليس قانونا ملزما، وأنه لم يكن هناك داع لتمريره سوى رغبة أعضاء مجلس النواب في إرضاء اللوبي الإسرائيلي بأمواله وناخبيه.
ودعم المجلس بيانه بالإشارة إلى بعض الانتقادات التي وجهت إلى نص القرار المقدم في الكونجرس لأنه يسقط من اعتباره أية إشارة إلى معاناة الشعب الفلسطيني المحتل، كما أشار المجلس إلى قول أري فليشر المتحدث باسم البيت الأبيض أنه "لا يمكن أن تصمد سياسة خارجية إذا كان هناك 535 وزيرا للخارجية" مشير إلى عدد أعضاء الكونجرس وهرولتهم في اتخاذ بعض المواقف الضارة بالسياسة الخارجية الأمريكية.
كما أشارت (كير) إلى أن قرار الكونجرس المؤيد لإسرائيل يعني أن الكونجرس يؤيد ما تقوم به إسرائيل من قتل للمدنيين وسرقة للمنازل وإعاقة لعمل هيئات الإغاثة الدولية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية ، وأن موقف الكونجرس سوف يعطي انطباعا خاطئا بأن الشعب الأمريكي لا يساند العدالة وحقوق الإنسان والسلام في الشرق الأوسط، لذا طالب المجلس الشعب الأمريكي بالاتصال بممثليهم في الكونجرس للتعبير عن استيائهم من مشروع القرار.
نواب يؤيدون طرد الفلسطينيين من أرضهم !
كذلك طالب مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) بالتحرك الفوري لإدانة التصريحات التي أدلى بها زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي النائب الجمهوري ريتشارد أرمي ممثل ولاية تكساس، والذي نادى خلال مقابلة صحفية أجرتها معه شبكة MSNBC الأمريكية يوم 30 أبريل الماضي بحل الصراع في الشرق الأوسط عن طريق طرد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين من فلسطين !!.
إذ قال النائب ريتشارد أرمي لمذيع قناة MSNBC كريس ماثيوز : " أنا أرحب باستيلاء إسرائيل على الضفة الغربية كلها ".
وعندما استغرب المذيع وسأله : " إذن، أين نضع الدولة الفلسطينية؟ في النرويج؟ إذا ما استحوذ الإسرائيليون على الضفة الغربية للأبد وصادروها لن يكون هناك مكان أخر للفلسطينيين ليقيموا دولتهم "؟! ، رد (أرمي) قائلا :" لا، لا، هذا ليس صحيحا كلية. هناك العديد من البلدان العربية التي لديها مئات الآلاف الهكتارات من الأراضي والتربة والأملاك والفرصة لإقامة دولة فلسطينية " !!.
وعاد ليقول : "غالبية الناس الذين يسكنون إسرائيل اليوم نقلوا من جميع أنحاء العالم لهذه الأرض وجعلوها وطنهم. الفلسطينيون يمكن أن يفعلوا نفس الشيء، ونحن راضون تماما على العمل مع الفلسطينيين على تحقيق ذلك ...
وقد دعا هذا المذيع لتذكير مسئول الكونجرس بأن : "هذا يسير في عكس الطريق الذي تسير فيه السياسة الأمريكية منذ عام 1948 ... ويسير ضد سياسة الرئيس وأية سياسة سمعت أن رئيس اتخذها، وهي أن تتخلى إسرائيل عن مستوطناتها في الضفة الغربية وترجعها إلى العرب في مقابل السلام. وأنت تقول إن الصفقة هي أن يرحل الفلسطينيون؟
ومع ذلك عاد (أرمي) زعيم الأغلبية في الكونجرس ليقول: "هذا صحيح ... أنا أعتقد أنه ينبغي على الفلسطينيين الرحيل" !!.
ولهذا أبدى عمر أحمد رئيس إدارة مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) إدانته الشديدة لتصريحات النائب ريتشارد أرمي وقال "من المؤسف والمقلق أن تصدر هذه التصريحات عن رجل يشغل أحد أهم المناصب السياسية في الولايات المتحدة بصفته زعيم الأغلبية داخل مجلس النواب"، وأضاف عمر أحمد "أن تصريحات أرمي لا يجرؤ على التفوه بها العديد من السياسيين الإسرائيليين أنفسهم لأنها تنتهك القوانين الدولية ومعايير حماية حقوق الإنسان، فهي تطالب بتطهير شعب بأكمله من على أرضه لمصلحة آخرين".
ووصف "تصريحات أرمي بأنها تعبر عن "جهل وغطرسة كبيرين وتجاهل لتأثير الصوت المسلم والعربي والرأي العام الدولي المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني".
وأهاب عمر أحمد بالمسلمين والعرب وأصحاب الضمائر في العالم للمشاركة في حملة ضغط فورية على النائب ريتشارد أرمي لمطالبته بالاعتذار على ما تفوه به من عبارات عنصرية".
جرائم الإسرائيليين في عيون الأمريكان "شقاوة أطفال" !!
والغريب أن كل الجرائم الإسرائيلية في العالم وحتى تلك التي تقع داخل الولايات المتحدة الأمريكية يعتبرها الأمريكيون في نهاية المطاف "شقاوة أطفال" ويسارعون للتغطية عليها وعدم الحديث عنها .
فعندما قصف الصهاينة السفينة الأمريكية ليبرتي في عرض البحر - لأنها كانت ترصد جرائم الحرب الإسرائيلية في سيناء عقب هزيمة 1967 وذبح الأسرى المصريين أحياء - وقتل الصهاينة وأصابوا قرابة 50 أمريكيا في حادث السفينة ، تمت التغطية علي العملية كلها بدعوى أنه خطأ بسيط غير مقصود رغم أن أجهزة السفينة سجلت تعمد الضرب وكان العلم الأمريكي علي ساريتها واضحا ! .
وعندما سعي عشرات الأمريكان اليهود لسرقة المواد النووية والتكنولوجية ذات الحساسية العسكرية الفائقة وتسليمها لتل أبيب لم يزد الأمر عن سجن هؤلاء اللصوص وقبول الوساطة الإسرائيلية في بعض الأحيان لإطلاق سراحهم .
وقد أدانت محكمة بكاليفورنيا خلال شهر أبريل الماضي لجنة مكافحة التشويه اليهودية (ADL) - والتي تعد أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية المهتمة بمكافحة اللاسامية - بتهمة التجسس على عدد من الشخصيات الأمريكية وغرمتها مائة وخمسين ألف دولار أمريكي.
والملفت أن هذه ليست المرة الأولى التي تدان فيها لجنة مكافحة التشويه (ADL) بسوء الممارسات، الأمر الذي يعبر عن انحراف اللجنة والتي تعد أكبر جماعات الحقوق المدنية اليهودية الأمريكية عن الخط العام للمؤسسات الحقوقية والإعلامية الأمريكية ، ومع ذلك تم السكوت على انحرافات لجنة مكافحة التشويه .
وكان تقرير للصحفية بربرا فيرجسون - قد أوضح أن محكمة عليا بمدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا أدانت لجنة مكافحة التشويه (ADL) في أواخر شهر أبريل الماضي بتهمة التجسس على عدد من الشخصيات الأمريكية، وأوضح التقرير أن القضية تعود إلى عام 1993 حين داهمت قوات المباحث الفيدرالية مكاتب لجنة مكافحة التشويه بمدينة سان فرانسيسكو ومدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا وعثرت على وثائق إلكترونية عن حوالي عشرة آلاف شخصية أمريكية تم تجميع أكثر من 75 % منها بطرق غير شرعية من مكاتب الشرطة ومكاتب قوات التحقيقات الفيدرالية ومكاتب استصدار رخص قيادة السيارات.
كما توصلت التحقيقات إلى أن العديد من المعلومات المسروقة قد تم شراؤها بطريقة غير شرعية من أحد رجال شرطة مدينة سان فرانسيسكو وذلك من خلال أحد موظفي لجنة مكافحة التشويه.
كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا في الثالث من يناير 2002 عن مساندة بعض المنظمات اليهودية الأمريكية ومنها لجنة مكافحة التشويه (ADL) واللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)لقوانين مكافحة الإرهاب التي أقرها الكونجرس الأمريكي بعد الحادي عشر من سبتمبر. وكشف التقرير عن أن أكبر منظمات الحقوق المدنية الأمريكية مثل اتحاد الحريات المدنية الأمريكية (ACLU) ومجلس الكنائس الوطني دعت المنظمات اليهودية الأمريكية للانضمام إلى تحالف لمواجهة الآثار السلبية التي قد تتركها قوانين مكافحة الإرهاب الجديدة على الحقوق والحريات المدنية الأمريكية، ولكن المنظمات اليهودية رفضت هذه الدعوة وفضلت تأييد القوانين السابقة !.
القضية بالتالي لم تعد لماذا يساند الكونجرس والإدارة الأمريكية إسرائيل كل هذه المساندة ، فقد أصبح الجواب معروفا ، ولكن السؤال هو : هل يظل الكونجرس " الإسرائيلي" يحمي مصالح " أمريكا أيضا ؟! .
ـــــــــــــــــــ(101/279)
من أخطائنا في تربية أولادنا
من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس في التربية:
1- خشية الناس: حيث تغفل خشية الله، وتعظم في نفسه خشية الناس ومراقبتهم لكسب مديحهم.
2- السخرية: حيث ينشأ الطفل في بيئة فيها الكثير من التهكم، والتندر، والازدراء بالغير.
3- التربية على توافه الأمور: حيث يكون الهدف من الدراسة الحصول على لقمة العيش، والمكانة المرموقة، والبيت الواسع، والمركب الفاره، حتى ولو كان ذلك بالغش.
4- إيثار الدنيا، وإهمال الآخرة.
5- تربية البنت على الاهتمام بالمظهر بدون قيود شرعية.
6- العمل المجرد من النية الصالحة.
7- عدم مخالطة الرجال: حيث لا يسمح للأطفال بمجالسة الرجال أولي الألباب.
8- انعدام القدوة.
9- فقد الثقة بين الأب والولد: حيث الأب يتصرف مع الابن وكأنه لا يزال طفلاً، والابن لا يثق بأبيه؛ بسبب وعد لا يأتي، أو وعيد لا ينفد، وحاجز من هيبة كاذبة.
10- عدم الثقة في النفس.
11-الإسراف في الضرب.
12-الخوف الزائد على الولد.
13-الفوضى وعدم الترتيب.
14-الكذب.
15-الدخول بغير استئذان.
16-التحريش.
17-العبارات النابية.
http://www.lakii.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(101/280)
الأطفال المكفوفون في فلسطين
يداعبون رماد الألعاب والكتب بعد تدمير مدرستهم
الاسلام اليوم - نزار رمضان 11/2/1423
24/04/2002
كانوا يطيرون كالفراشات من مكان إلى آخر في جنبات الحديقة المزهرة ، مزهوين بها رغم أنهم حرموا رؤية زهورها دون عكازات أو دليل ، فقد حفظوا المكان وألفوه جيدًا وكل واحد منهم يعلم موقع مقعد دراسته وكتبه ، ويعلم موقع أرجوحته ، وبأي درج تغفو دميته ، وكيف يصل إلى مسامعهم خرير الماء من بركة ماء صغيرة تتوسط المكان .
كل شيء كان هادئًا جميلاً حتى جاء القتلة، فالأرجوحة تكسرت والدمى احترقت ، والكتب الدراسية تناثرت أوراقها بين أطلال المكان حتى الماء توقف عن الانسياب في بركته ووقف الأطفال المكفوفون يرون الدمار - الذي خلفته طائرات الـ" F 16 " الأمريكية الصنع - بقلوبهم والذين اعتقدوا يومًا أن مركزهم لن تطاله أسراب البوم الإسرائيلية؛ لأنه مرفوع على ساريته علم الأمم المتحدة " UN " كما يظنون .
مركز النور لتأهيل المعاقين بصريًا بغزة التابع للأمم المتحدة لم تشفع له حروفه المضيئة المكتوبة بلغة واضحة والمثبتة في مكان مرتفع من اتقاء الطائرات الإسرائيلية له ، وقد دعا (بيتر هانسن) مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا " لاستهجان هذا الهجوم الذي لم يتوقعه ، لأن قصفه مخالف لأبسط المواثيق الدولية .
الأمان المفقود ..!
عبد المنعم أبو جربوع مدير المركز جلس يحدثنا بعد أن بحثنا عن مكان نظيف وخالٍ من الشظايا وقال : أصاب صاروخ إسرائيلي المبنى مباشرة واندلع حريق فيه ، كان المركز محصنًا أمنيًا يهرب الناس إليه عندما تغير الطائرات على المنطقة والآن تغير كل شيء .
ووقف أبو جربوع على رأس عدد من عمال النظافة يوجههم لتنظيف المكان المدمر وإزالة الأنقاض وجمع الأوراق والكتب المبعثرة التي احترق الجزء الأكبر منها .
وعاد ليحدثنا بعد تنهيدة عميقة مفعمة بالحزن ، هذه المرة الخامسة التي يصاب فيها المركز بأضرار جراء القصف غير أنها الأكثر تدميرًا .. هذا المركز كان من أجمل مؤسسات قطاع غزة ولا نعلم متى سيعود كما كان .
وذكر مدير المركز أن المهندسين قدروا الخسائر الناجمة عن القصف الإسرائيلي بحوالي مائة ألف دولار بعدما قضى القصف على كل محتويات المكان من مكتبة وألعاب وأجهزة سمع وكتابة - خاصة بالمكفوفين- ووحدة الطباعة وغيرها من أثاث ومواد تعليمية .
يا لفرحة ما تمت
المركز حاز العام الماضي على جائزة أفضل مؤسسة للمكفوفين في الشرق الأوسط وهو المؤسسة الوحيدة في القطاع التي تقدم خدمات تعليم وتأهيل للأطفال المكفوفين وضعاف البصر تحت سن 13 عامًا .
وأوضح أبو جربوع أن المركز يضم 160 طفلاً من كافة مناطق قطاع غزة مصابين بعمى جزئي وكلي من بينهم طفلان أصيبا بإعاقة بصرية خلال الانتفاضة وبأثر عدوانية الاحتلال الذي يفرغ جام حقده على الأطفال .
الحزن الشديد أصاب أطفال المركز والعاملين فيه، إضافة إلى مشاعر الخوف التي تسللت إلى قلوب الأطفال بعد قصف مركزهم وشعورهم بعدم الأمن فيه، وهو ما دعا إدارة المركز للطلب من أولياء أمور الطلبة المساهمة في تخفيف الآثار النفسية الناجمة عن التدمير .
معرض الموت
داخل غرفة ألعاب المكفوفين تولى أحد الأطفال جمع أجزاء الصاروخ الإسرائيلي وأخذ يتحدث معها وكأنه " يدعو عليها " لأنها حرمته أن يكون مثل باقي أطفال العالم .
والتفت إلينا الطفل حمزة بحسرة وألم وقال : لماذا تحرم إسرائيل أطفالاً مكفوفين من العيش بأمن وسلام ؟ .
وأشار بيده إلى الدمار ولسان حاله يقول : كيف سنتعلم .. كيف نلعب .. كيف سننتج؟ فلم يعد هناك طريق آمن للمرور إلى غرف المركز.
ويشار إلى أن المركز تأثر بظروف الحصار والإغلاق المشدد فتقلصت برامجه ونشاطاته وخاصة البرامج الرياضية التي كانت تتم بمشاركة مكفوفين من داخل المركز وخارجه .
ويضم المركز عدة برامج أهمها : برنامج الإرشاد البيئي والاكتشاف المبكر ، وخدمات الروضة والدمج والتشغيل والتدريب المهني والخدمة الاجتماعية والنفسية، إضافة إلى خدمات المكتبة ووحدة الطباعة ووحدة تقييم بقايا الأبصار .
وقد شكَّل قصف مركز المكفوفيين في قطاع غزة صدمة للمؤسسات الانسانية التي كانت ترى في هذا المركز بصيص أمل للمكفوفين الذين حرموا نعمة البصر وعاشوا ظروفهم وحياتهم الخاصة .. وقالت الحاجة أم نصري والدة أحد المكفوفين وهي ترفع الأكف تضرعًا إلى الله أن ينتقم من الظلمة :" أين العرب ؟ أين المسلمون ؟ الله أكبر .. أطفال يقصفون في مقرهم وهم مكفوفون لا يضرون أحدًا ولا يقاومون عدواً !
أين العالم فليحضر ليتفرج على مأساتنا ".
وكان القصف قد طال المركز المذكور بعد دقائق من مغادرة الأطفال مركزهم إلى منازلهم ولولا رعاية الله ورحمته لكانوا جميعا بين الأنقاض والركام
ـــــــــــــــــــ(101/281)
هل ابنك واثق من نفسه؟
عبد اللطيف بن يوسف المقرن
الثقة بالنفس أو عصا الثقة:
إن الفرد يُعتبر مجموعة نجاحات متتابعة, فكل فرصة ينجح فيها الفرد في أداء سلوك ما, تعتبر نقطة إيجابية تضاف لرصيده في الثقة بالنفس, و قد يكون قلة رصيد الفرد في الثقة بالنفس سبب في إخفاقه في إنجاز أي مهمة, أو سبب في إيجاد بعض الصعوبات النفسية التي قد يتعرض لها في مستقبل حياته عندما تزداد ضغوط الحياة عليه.
إنّ مقدار الثقة يتأثر بأسلوب التربية في الصغر، فالشدة والقسوة الفعلية أو اللفظية لها أثر سلبي.
إنّ كل فرد يريد القيام بعمل ما، يحتاج لأمر يعتمد عليه بعد الله - تعالى- وذلكم الأمر هو الثقة بأنه قادر على القيام بما يريده, وعلى هذا فيمكننا أن نسمي هذا الأمر بالعصا التي يتكئ عليها ليستجمع طاقته وجهده للنهوض بالعمل المطلوب, سواء كان ذلك العمل صغيراً أو كبيراً.
إنّ تلك العصا قد يكون لها جذوة تضيء له طريق العمل الناجح الذي يختاره بنفسه، قال - تعالى-: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) [سورة طه:17- 18].
إنّ عصا الثقة وسيلة قوية للنجاح في أي سلوك أدائي. فهل يحمل ابنك تلك العصا؟ أم أنّها قد كُسِرَتْ، أو فُقِدَتْ؟
ماذا نعني بالثقة بالنفس؟
إنّ الثقة بالنفس معناها: أن يكون لدى الفرد شعور كافٍٍ بأنه قادر على النجاح في هذا الأمر الذي يرغب القيام به
إنّ الحاجة للثقة بالنفس تتبين عند التفكير في القيام بسلوك ما, و عند البدء في تنفيذه, حيث أن هناك لحظة حاسمة في الإقدام على السلوك أو الإحجام عنه, وهي عندما يقترب وقت البدء لتنفيذ السلوك المعين، فعندها يظهر أثر ومقدار الثقة الذي يتمتع به الفرد, فإن كانت الثقة كافية فإنّ الفرد سيقدم على تنفيذ السلوك المراد، وإن كانت ناقصة ارتبك وتردد، وأحجم عن التنفيذ, فهو بهذا كأنه يحول الثقة الذاتية إلى عكاز يعتمد عليه في القيام بالسلوك.
قد يكون الذي مع ابنك هو ثقة العصا وليس عصا الثقة، أي قد تتحول عصاه التي يحملها إلى عصا وقتية توجد مع الإكراه على الفعل، مما قد يفقده ميزة اعتماده الاختياري على عصا الثقة التي هي من أسباب النجاح في الحياة.
إنّ الفرق بين الأولى و الثانية، أنّ الحالة الأولى مع الإكراه والقسر والشدة التي قد تمارس مع الصغير - حال توجيهه للفعل المطلوب منه - قد تُفقده عصا الثقة وتوجد لديه ثقة مهزوزة غير حقيقية، يمكننا أن نسميها ثقة العصا, أمّا في الحالة الثانية، فهي الوضع الطبيعي للفرد الذي يتمتع بثقة عالية.
كيف تُُوجد عصا الثقة لدى ابنك؟
يتم إيجاد عصا الثقة من خلال:
1- تعامل الفرد مع نفسه.
2- تعامله مع الآخرين.
3- تعامل الآخرين معه.
إنّ الفرد يميل إلى تصنيف الآخرين إلى عدة أصناف هي:
1/ المهم جداً: الوالدان المحبوبان، غير العدوانيين بدرجة كبيرة, والمعلمين المحبوبين، بعض الأقارب المحبوبين بعض الأخوة المحبوبين وغير المنافسين له.
2/ المهم: الأقران غير المنافسين له بدرجة كبيرة, و المعارف الذين يتكرر تعامله معهم, بعض الغرباء.
3/ غير المهم: الأخوة المنافسون, و الأقران غير المحبوبين والمنافسين له, والغرباء.
أولاً: أفعال يمارسها الفرد ذاته مع نفسه:
إنّ الفرد يولد ومعه النظرة الإيجابية العالية للذات. وتمثل السنتان الأوليان من عمر الفرد المرحلة الأولى في إدراك الفرد لقوة الشخصية, لذا يبذل جهوداً للتعرف على معاني مفردات (أنا) و (لي) لأنهما تضيفان له شعوراً بالهوية الذاتية كفرد متميز مستقل عن الآخرين.
إنّ الفرد ينتبه ويعي بنفسه وبالعالم من حوله، ويكون أول ما يعيه أهمية نفسه وذاته الإيجابية.
إنّ لدى الفرد قدرة فائقة على الاحتفاظ بنظرة إيجابية عن نفسه - لكن كثرة المواقف التي يتم فيها النفخ على جذوة الثقة تؤدي إلى خفوتها في نفس الفرد, لذا فكثر التوبيخ و التقريع تكسر عصا الثقة في يده وهو ينظر - لذا فعليك أن تعلمه، لا أن تعنفه، فالتعليم و التوجيه للصواب يقوي عصا الثقة، وأمّا التعنيف والتخويف فإنّه يكسرها, فإن كان لابد من التقريع و الضرب فلابد من محاورته وإقناعه بأنه مُخطئ يستحق العقاب أو اللوم.
إنّ الأفراد الذين يمتلكون مشاعر إيجابية عن أنفسهم هم أكثر قدرة على تحديد اتجاهاتهم وأهدافهم، وتوضيح نقاط قوتهم والتكيف مع النكسات والعقبات التي تواجههم، كما أنهم يتقبلون عواقب أفعالهم بسهولة, وهم أقوى شخصية من سواهم, لذا فالتوجيه في حقهم خير من التوبيخ.
يميل الفرد إلى النظر للذات على أنها قادرة على القيام بأي فعل مهما صعب التغلب على تحديات الحياة و أنها تستحق النجاح والسعادة - يظهر ذلك جليا لدى الأطفال - لذلك نجد الفرد يميل دائماً إلى ما يشعره بالقوة والقدرة و ينفر مما يخالف ذلك, وهو تصوّر ينمو لدى الشاب ويتطور من خلال عملية عقلية تتمثل في تقييم الفرد لنفسه، ومن خلال عملية وجدانية تتمثل في إحساسه بأهميته وجدارته، ويتم ذلك في نواح ست هي:-
المواهب الموروثة مثل الذكاء، والمظهر والقدرات.
الفضائل الأخلاقية والاستقامة.
الإنجازات أو النجاحات في الحياة مثل المهارات, والممتلكات.
الشعور بالأهلية، والاستحقاق لأن يكون محبوباً.
الشعور بالخصوصية والأهمية والجدارة بالاحترام.
الشعور بالسيطرة على حياته.
تعاملاته مع جسمه و نفسه:
السعي لإفادة الجسم بالغذاء...
وصيانته بالنظافة...
وتزيينه بالملبس...
وتقويته بالنوم...
وإبراز نفسه بالفعل الباهر والفائق والممدوح...
وتطهير جسده من الدنس و نفسه من القبائح...
وتعطير جسده بالطيبِ...
وتزكية جسده بالتخلص من الفضلات...
وإبعاد نفسه عن الخطر والألم...
و مكافأة نفسه بإيجادها في مواطن السرور والأنس...
- فرحه بالتكليف بالأعمال المختلفة.
- سعادته بالمدح و الثناء لما يتصف به من صفات, أو ما يقوم به عمل ناجح.
- اغتباطه بمشاركته الكبار في الأعمال المهمة.
- زهوه بمحبة الآخرين له - المهمين له وغير المهمين -
- افتخاره بقدراته و مواهبه و إمكانياته و إنجازاته.
- حرصه على ممتلكاته و ميله لتمنيتها.
كل ذلك لبناتٌ تبني و تُنشئ ذاتاً موثوقاً بها، مُعتزاً بها - وغير ذلك الكثير من الأفعال التي يقوم بها الفرد من أعمال أو مهام - شريطة القدر المناسب و السلامة من التأثير السلبي للكبار عليها، وهي في نفس الوقت أفعال يومية للفرد تؤدي أدواراً طبيعيةً يوميةً مطلوبةً للفرد.
ثانياً: أفعال يمارسها الآخرون معه:
الأطفال يربطون شعورهم بالأهمية بمقدار الانتباه الذي يحصلون عليه من الآخرين و ذلك بشكل منتظم.
لقد اتفق الباحثون والمختصون في تقدير الذات على أنه تعزيز جميع أوجه الحياة وذلك من خلال تمكين الفرد من زيادة إنتاجيته الشخصية والوفاء بمتطلبات علاقاته البين شخصية.
من خلال دراسة لـ (1730) أسرة ثبت أن هناك ثلاثة طرق منزلية تسهم في تكوين تقدير الذات هي:-
- الحب والعاطفة غير المشروطين.
- وجود قوانين محددة بشكل جيد يتم تطبيقها باتساق.
- إظهار قدر واضح من الاحترام للطفل.
لقد وُجِدَ أنّ استقبال أفعال الأطفال من قبل المحيطين بهم - في وقت مبكر - من التعامل معهم مثل (بداية الكلام, بداية المشي، استخدام الحمام) بردود فعل إيجابية وبتشجيع، يجعلهم يكوِّنونَ ثقة جيدة بأنفسهم.
إنّ الخوف على الطفل أو حمايته الزائدة من الخطر عند بداية تعلم الكلام أو المشي يعطيه مزيداً من الشعور بفقد الثقة بنفسه، كما أن جعل الطفل يمارس سلوكه المُشَاهَد والظاهري في مكان بعيد عن أعين الكبار (الذين يقّيِمون ويشجعّون سلوكه) يجعله يكتسب شعوراً بأنه غير مرغوب فيه أو أنه أقل أهمية من غيره, ومن هنا فلا ينبغي أن نطالبه بأن يذهب ليلعب بعيداً عنا لأننا نريد أن نرتاح من إزعاجه أو بحجة أننا نريد مزيداً من الهدوء.
إنّ الطفل الذي يغيب عنه أحد أبوية أو كلاهما بسبب العمل أو الانشغال بأمور الدنيا مع عدم محاولة تعويضه بأوقات أخرى للجلوس معه، قد يؤدي ذلك إلى تكوُّنِ شعورٍ ناقصٍ بالهوية الذاتية، و قد يجد الطفل صعوبات في المعرفة الدقيقة بجوانب قوته أو قصوره، وقد يصعب عليه أن يشعر أنه فرد مهمٌ أو جديرٌ بالاحترام والسعادة.
تشير الدراسات إلى أنّ الأطفال الذين يفتقرون للانتباه والتغذية الراجعة من الوالدين لديهم مفهوم للذات أكثرُ تدنياً من غيرهم من الذين يتلقون استجابات كتغذية راجعة سواء كانت إيجابية أو سلبية.
أهم جوانب التعامل المطلوبة لتنمية الثقة بالذات:
1- فتح الطريق المُيسر للأفعال الذاتية السابقة الذكر في (أولاً).
2- أن يكون أول رد فعل لك عندما تلقاه الابتسامة مهما كان حاله و سلوكه, وأن تحرص على أن يبتسم هو لك عندما تلتقيان دائماً.
3- بذل العطايا في الحاجيات غير الأساسية (هدايا - أجهزة - أدوات مدرسية - ألعاب).
4- حسن التعامل مع طلبات الفرد التي لا تلبي له، وذلك بأن يبين له العذر في عدم إمكانية التلبية.
5- السكوت عن أخطائه والتغاضي عن هفواته، مع تحيُن الفرص المناسبة لتوجيهه وإعلامه بما يعينه على عدم تكرار تلك الأخطاء.
6- حمايته من تعديات الآخرين، والوقوف بجانبه إذا تعرض لشيء من ذلك, ومن المهم أن يطلب منه التسامح في مقابلة أخطاء الآخرين، مع تذكيره بفضل العفو عن الناس، والصبر على ما يكره، وتعليمه أن لكل فرد نصيب من الأمور التي يكرهها، ولابد له أن يصبر عليها.
7- منحه الحب قولاً: بأن يسمع كلمات الحب منك، وفعلاً: بأن يُمازح ويُضم ويُقبل ليشعر بأنه محبوب ومقبول ومُقدر بقيمة عالية لديك، ولدى الكبار غيرك.
8- أن يُمْدَحَ حال فعلة لما يحسن، أو عند تجنبه مالا يحسن، فإن إمساكه عن الشر منقبة له، يجب أن يمدح عليها، و يُمْدَحَ كذلك عندما تسير أمور حياته الدراسية، أو علاقاته المنزلية، أو الاجتماعية في الحي بصورة طبيعية، أو جيده، فإن هذا يُعَدُّ إنجازاً يجب أن يُمْدَحَ عليه.
9- أن تبحث عن الأمور التي تتوقع أنه يستطيع إنجازها بنجاح، فتعمل على تكليفه بها، ثم تمدحه عليها.
10- أن تُسمع الزوار والأقرباء الثناء عليه بحضوره، مع الحذر من توبيخه أو لومه أمامهم.
أن تتعامل معه بصورة فردية ولا تربطه بأخواته، أي أجعل لكل أبن تعامل مستقل عن أخوته وذلك في جميع تعاملك معه فيما سبق، ولا تربط تعاملك مع أبناءك بإجراء موحد إلا عندما يتطلب الموقف ذلك، وليكن غالب التعامل معهم هو التعامل الفردي لأهمية ذلك في بناء الثقة الذاتية لكل منهم.
11- تعويده على الفأل الحسن والتفاؤل في جميع أموره يفيد في المحافظة على ذاته قوية وإيجابية.
الحياء له مساس بالتقدير للذات فصاحب التقييم العالي لذاته أميل للحياء من غيره فشجعه عليه.
الصدق له أثر على تقوية الثقة بالذات فهو يزيد فرص الفرد في إثبات ذاته و قوتها واستقامتها, و الكذب عكس ذلك.
12- تعويده الإحسان للناس، لأن ذلك يترك في نفسه أثراً طيباً عن ذاته.
13- تجنب الإيذاء البدني والنفسي أو النيل منه بما يسؤه إما بسبب غير مقنع, أو بدون سبب (وهو الأسوأ).
إنّ بناء النفس البشرية أمر في غاية التعقيد، فهو يحتاج إلي علم، وإلى صبر ومثابرة، ويحتاج قبل ذلك إلى توفيقٍ من المولى عز وجل، فابذل و صابر و اسأل الله العون و السداد.
وصلى الله على نبنا محمد وآله وسلم
http://www.almurabbi.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/282)
الهدي النبوي في تربية الأبناء
د.أحمد عبد الكريم نجيب 5/2/1423
18/04/2002
( ورقة مقدّمة إلى ندوة : أطفالنا في الغرب التي عقدت في دبلن يوم السبت 9/3/2002م)
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبيه الأمين ، و آله و صحبه أجمعين ، و بعد ..
فإن الله - تعالى- امتنَّ علينا بنعمة الذرّية ، و حذَّّرنا من الافتتان بها فقال : ( إنّما أموالكم وأولادكم فتنة ) ، وانتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلينا عن النار فقال : ( قوا أنفسكم و أهليكم ناراً ) ، و ذلك من حقّ أهلينا علينا ، و تمام رعايتنا لهم ، و كلنا راعٍ و مسؤول عن رعيته كما في الحديث .
ولأداء أمانة الرعاية لا بدّ للأبوين من الحرص و العمل على تعليم الأبناء و تربيتهم ، و لا يفوتهما أنهما محاسبان على التهاون و التقصير في ذلك .
فقد روى الترمذي و أحمد و غيرهما بإسناد صحيح، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِى يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا « أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ » . قَالَتْ لاَ . قَالَ « أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ » . قَالَ فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ .
و الشاهد هنا أنّه رتب العقوبة على الأم و ليس على البنت التي لبست المسكتين في يدها ، و لعل هذا لإقرارها على المنكر أو تسببها فيه .
و التربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار ، قال الإمام الغزّالي - رحمه الله- في ( الإحياء ) : ( ممّا يحتاج إليه الطفل أشد الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه ، فإنّه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره من حَرَدٍ و غضب لِجاجٍ و عَجلةٍ و خفّةٍ و هوىًَ و طيشٍ و حدّة و جشع ، فيصعب عليه في كِبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات و هيئات راسخةٍ له ، فإن لم يتحرّز منها غاية التحرّز فضحته لابدّ يوماً ما ، و لذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم ، و ذلك من قِبَل التربية التي نشؤوا عليها ) .
و قال الشاعر :
و ينشأ ناشئ الفتيان فينا ... ...
على ما كان عوّده أبوه
و قد قيل : العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، و العلم في الكبر كالغرز بالإبر
و حدّث و لا حرج عن هدي النبي - صلى الله عليه و سلّم- في التربية ، لترى مدرسةً متكاملة المناهج ، راسخة الأصول ، يانعة الثمار ، وافرة الظلال في التربية و التنشئة الصالحة ، حيث اعتنى بهم بنفسه ، و أوصى بهم خيراً في العناية و الرعاية .
و من عنايته - صلى الله عليه و سلم- بتعليم الأطفال دعاؤه بالعلم النافع لبعضهم، كما في مسند أحمد و مستدرك الحاكم بإسناد صححه و وافقه الذهبي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَوْ عَلَى مَنْكِبِي شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ » .
و من هديه - صلى الله عليه و سلم- في تربية الأطفال :
تشجيعه على طلب العلم ، و إفساح المجال أمامه لمخالطة من يكبرونه سنّاً في مجالس العلم :
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ :"بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- جُلُوسٌ إِذْ أُتِىَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ » . فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِى النَّخْلَةَ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم - « هِىَ النَّخْلَةُ » .
و روى البخاري و غيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ - قيل إنّه عبد الرحمن بن عوف - : لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا ، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ ؟ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ . قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ ، وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ ....) حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا . وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى . وْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئاً . فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ لاَ . قَالَ فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) فَتْحُ مَكَّةَ ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ) قَال عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ .
و في حضور الناشئ مجالس من يكبرونه سناً و قدراً تكريم له ينبغي ألا يعدِم التأدّب و التخلّق فيه ، و من أدبه في مجلسهم أن لا يُطاولهم أو يتعالم بينهم ، أو يتقدّمهم بحديث أو كلام .
روى مسلم في صحيحه، أن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه- قال : لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- غُلاَماً فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يَمْنَعُنِى مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ أَنَّ هَا هُنَا رِجَالاً هُمْ أَسَنُّ مِنِّى .
و في هذا المعنى يرد قول الحسن البصري في وصيّته لابنه - رحمهما الله- : ( يا بني ! إذا جالست العلماء فكن على السمع أحرص منك على أن تقول ، و تعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن الكلام ) .
مع أنّ حسن الإصغاء و الاستماع أدبٌ رفيعٌ في حق الكبار و الصغار جميعاً ، و قد أحسن من قال : المتحدّث حالب ، و المستمع شارب ، فإذا كفيت مؤونة الأولى فأحسن الانتهال منها .
و من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
تهيئته لما ينبغي أن يكون عليه ، أو يصير عليه في كبره كالقيادة و الريادة و الإمامة ، و كفى دليلاً على ذلك تأمير رسول الله - صلى الله عليه و سلم -أسامة بن زيد ذي السبعة عشر ربيعاً، على جيش يغزو الروم في بلاد الشام ، و فيه كبار الصحابة كأبي بكر و عمر - رضي الله عنهم أجمعين- ، و بعثه معاذ بن جبل - رضي الله عنه- أميراً على اليمن و هو في التاسعة عشرة من العمر .
و من هذا القبيل ما يدل عليه ما رواه البخاريّ في صحيحه، عن عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - أنه قال : َلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- حَقًّا فَقَالَ « صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا ، وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً » . فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآناً مِنِّى ، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ . فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصاً ، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ .
فانظروا - رحمكم الله- كيف حفظ من أفواه الركبان قسطاً من كتاب الله فاق ما حفظه بنو قومه، رغم تلقيهم عن خير الخلق - صلى الله عليه و سلّم- ، و الأغرب من ذلك أنّه تصدّر لإمامة قومه في الصلاة- رغم حداثة سنّه- إلى حدّ لا يُعاب عليه فيه انحسار ثوبه عن سوأته .
و من هديه - صلى الله عليه و سلم- في تربية الأطفال :
المداعبة و التعليم بطريق اللعب ، و هو من الوسائل التي تعتبرها المدارس الغربية في التربية اليوم من أنجع الوسائل و أهمها و أقربها إلى نفس الطفل و أنفعها له ، رغم أن الهدي النبوي سبق إلى ذلك و قرره و شرع فيه صاحبه - صلى الله عليه و سلّم- بالفعل ، في مواقف كثيرة، من أشهرها ما رواه الشيخان و غيرهما من حديث أَنَسٍ - رضي الله عنه- قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً ، وَكَانَ لي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ « يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ » . نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ، فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِى بَيْتِنَا ، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِى تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا .
و مداعبته - صلى الله عليه و سلم- لأبي عمير - رضي الله عنه- درسٌ عظيم يرسم منهجاً في تربية الأطفال و تعليمهم و آباءهم بأسلوب التشويق و التودد لهم ، و لذلك اهتم العلماء بهذا الحديث أيّما اهتمام .
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله في ( الفتح ) : ( في هذا الحديث عدّة فوائد جمعها أبو العباس الطبري المعروف بابن القاصّ الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزءِ مفرد ، و ذكر ابن القاصّ في أوّل كتابه أنّ بعض الناس عاب على أهل الحديث أنّهم يروون أشياء لا فائدة فيها ، و مثل ذلك التحديث بحديث أبي عمير هذا ، قال : و ما درى أنّ في هذا الحديث من وجوه الفقه و فنون الأدب و الفائدة ستين وجهاً ثمّ ساقها مبسوطةً ) .
و من هديه - صلى الله عليه و سلم- في تربية الأطفال :
الضرب و التأديب بالضوابط الشرعيّة في التعليم :
وردت في هذا الباب أحاديث جيادٌ كثيرة منها :
- ما رواه أحمد في مسنده بإسناد حسن عَنْ مُعَاذٍ - رضي الله عنه- قَالَ أَوْصَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ . قَالَ « لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلاَ تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلاَ تَتْرُكَنَّ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَلاَ تَشْرَبَنَّ خَمْراً فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مُوتَانٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ وَلاَ تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً وَأَخِفْهُمْ فِى اللَّهِ » .
- و ما رواه الشيخان عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - وَهْىَ خَالَتُهُ - قَالَ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الْوِسَادَةِ ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَجَلَسَ ، فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى ، وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَوْتَرَ ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ .
و من هديه - صلى الله عليه و سلم- في تربية الأطفال :
تعويدهم على فعل الخيرات و منه ارتياد المساجد للصلاة و التعبد :
روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قوله : ( حافظوا على أبنائكم في الصلاة ، و عوّدوهم الخير فإنّ الخير عادة ) .
و لهذا القول ما يؤيده في السنّة فقد روى ابن ماجة بإسناد صحيح عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ - رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « الْخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ » .
و قد ورد في السنّة ما يدل على مشروعية تعويد الصغار على الصيام، و صلاة الجماعة و اصطحابهم للحج صغاراً و من ذلك :
-روى الشيخان عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ « مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلْيَصُمْ » . قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا ، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ . قال ابن حجر : ( في الحديث حجة على مشروعيّة تمرين الصبيان على الصيام ) .
- و روى مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- أن النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- لَقِىَ رَكْباً بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ « مَنِ الْقَوْمُ ؟ » . قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ . فَقَالُوا : مَنْ أَنْت؟َ قَالَ : « رَسُولُ اللَّهِ » . فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: « نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ » .
- و روى ابن خزيمة في صحيحه، و الترمذي و أبو داود بإسناد صحيح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دعي إلى طعام ، فأكل منه ثم قال : قوموا فلنصل بكم . قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس ، فنصحته بالماء ، فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصففت عليه أنا واليتيم وراءه ، والعجوز من ورائنا ، فصلى بنا ركعتين ثم انصرف .
و ليس المقصود تعويدهم على صلاة الجماعة في البيت إلا أن يكون ذلك في النوافل ، كالركعتين التين أم النبي - صلى الله عليه و سلّم- فيهما الغلامين و المرأة ، و هذا هدي نبوي شريف ، و من هديه - عليه الصلاة و السلام - أيضاً ربط الأبناء بالمساجد و توجيههم إليها ، بل كان يذهب أكثر من ذلك فيتجوز في صلاته، مراعاة لحال الصبية الذين تصطحبهم أمهاتهم إلى المسجد .
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى قَتَادَةَ - رضي الله عنه- عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنِّي لأَقُومُ فِى الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا ، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ ، فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ » .
و روى النسائي بإسناد صحيح، عن عبد الله بن شدّاد - رضي الله عنه- قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه و سلم- يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه و هو ساجد ، فأطال السجود بين الناس حتى ظنوا أنّه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته ، سألوه عن ذلك ، فقال عليه الصلاة و السلام : (إن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته ) .
فالمسجد إذن روضة يجتمع فيها الصغير و الكبير، ويرتادها الرجل و المرأة ، و إن كان بيت المرأة خير لها ، و قد كان السلف الصالح - رضوان الله عليهم- في ارتيادها يستبقون الخيرات فيذكرون ربهم ، و يأخذون العلم عن نبيهم الذي قال : ( من جاء مسجدنا هذا يتعلم خيراً أو يعلمه ، فهو كالمجاهد في سبيل الله ) و هذا حديث حسن بشواهده : أخرجه ابن ماجة و أحمد و ابن حبان في صحيحه و الحاكم في المستدرك ، و قال عنه : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ فقد احتجا بجميع رواته ، و لم يخرجاه ، و لا أعلم له علة .اهـ .
لذلك كان المسجد المدرسة الأولى ، و الجامعة الأم التي تنشر العلم ، و تشيع المعارف بين الناس ، وهو المكان الأفضل و الأمثل لهذا المقصد العظيم ، و ينبغي ألا يعدل به شيئٌ في تعليم الناس و الدعوة إلى الله إلا لضرورة .
و ما تنكبت الأمة و لاامتهنت علوم الشريعة ، و لا جفّت منابعها إلا بعد أن أغفل دور المسجد في التعليم .
يقول ابن الحاج الفاسي - رحمه الله- في ( المدخل ) : ( ... و المقصود بالتدريس ، إنما هو التبيين للأمة ، و إرشاد الضال و تعليمه ، و دلالة الخيرات ، و ذلك موجود في المسجد أكثر من المدرسة ضرورة ، وإذا كان المسجد أفضل ، فينبغي أن يبادر إلى الأفضل ويترك ماعداه ، اللهم إلا لضرورة ، و الضرورات لها أحكام أخر ) .
و قبل اصطحاب الطفل إلى المسجد يحسن تعليمه و تأديبه بآداب دخول المساجد .
سئل مالك عن الرجل يأتي بالصبي إلى المسجد أيستحب ذلك ؟ فقال : إن كان قد بلغ مبلغ الأدب و عرف ذلك ، و لا يعبث فلا أرى بأساً ، و إن كان صغيراً لا يقَر فيه ، و يعبث فلا أحبّ ذلك .
و بسط البحث في هذه الآداب و ما يتعلّق بها من أحكام ، لو استرسلنا فيه لتشعب بنا البحث و تفلتت أزمّته منّا ، و هذا يتنافى مع الوقت المتاح لتقديم هذه المقالة .
لذا نكتفي بهذا القدر ، من هديه - صلى الله عليه و سلم - في تربية الأطفال ، و نكل إتمام البحث إلى عزائمكم و أنتم أهل للبحث و المتابعة كما يظن بكم .
و صلى الله و سلم على نبيّنا محمد و آله و صحبه أجمعين .
ـــــــــــــــــــ(101/283)
لا تعلم ابنك الكذب
إننا حين نكون أمام أبنائنا قدوة صالحة، فإن ذلك يعني أننا نقدم لهم النموذج المستقبلي لحياتهم. فلك أن تختار عزيزي المربي ما يناسبك لحياة ابنك وشخصيته التي تنشدها وتتمناها.
القدوة في المنزل:
هل تحب أن ينشأ ابنك كذاباً؟ إجابتك الطبيعية هي لا، ولكن كيف تجنبه هذه الآفة؟ لا يكفي أن تعلم ابنك قول الصدق أو تنهاه عن قول الكذب.. بل يجب أن تكون قدوة له.. فالأبناء لهم عيون ترى وتسجل وتراقب، فلا يجوز أن يكون الأب في المنزل ويطلب من ابنه أن يجيب على الهاتف ويقول أنه غير موجود!
ولا يجوز للأم أن تسترسل في حديثها مع صديقتها مختلقة أحداثاً لم تحدث وابنتها الصغيرة تسمعها، ومهما علمنا أبناءنا الصدق فلن يتعلموه أو يحرصوا عليه مادمنا نصرّ على تصرفاتنا هذه؟ ولكن يسأل البعض: ماذا نفعل إذا أردنا التهرب من شخص ما .. لأننا مرهقون مثلاً؟! فأذكر هنا قول الرسول- صلى الله عليه وسلم- (إن في المعاريض مندوحة عن الكذب) فبدلاً من أن تقول لابنك أنك غير موجود وأنت موجود.. علّمه أن يقول: أبي لن يستطيع التحدث معك الآن، وبدلاً من أن تقول له( أبي نائم) وأنت مستيقظ، فليقل الابن: هذا وقت نوم والدي، بدون أن يكذب.
القدوة في المدرسة:
والقدوة الحسنة يجب توفرها أيضاً في المدرسة وفي معلمة الفصل.. فإذا كانت المعلمة تطلب من الأطفال أن يكونوا مؤدبين هادئين، وهي طوال الحصة تصرخ فيهم وتشتمهم فمن أين سيتعلمون الأدب؟ أو تدرسهم عن فضائل الأخلاق وهي أمامهم تغتاب بقية المعلمات!!
إن تربية الأبناء بدون قدوة صالحة تكون كمثل من يكتب على الماء.. فكتابته بدون فائدة.
وجوب الطهارة:
عندما يبلغ ابنك 7 سنوات يبدأ سن الوعي للأبناء وفي هذا السن لابد لنا من عمل شيء جديد يلفت وينبه الأبناء إلى بلوغهم سن الوعي مثل عمل حفلة، وفي هذا السن عموماً من 7-9 سنوات يجب أن نؤكد على أهمية الطهارة قبل تعليمهم للوضوء.. فالأم في المنزل يجب ألا تترك ابنها يذهب للحمام دون أن تباشره وتتأكد أن تطهَّر بالفعل والمعلمة في مرحلة رياض الأطفال يجب ألا تترك تلميذها يذهب دون أن تؤكد عليه وجوب التطهر من بوله بالكامل، بدعوى أن هذا الأمر لا يخصها، فالأطفال أمانة لديها كأبنائها، ويجب أن لا ننسى أن أحد المخالفات التي يتعذب عليها ابن آدم في القبر هو الاستهتار بالنجاسة وعدم التطهر منها.
فلقد مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال: "إنهما يعذبان.. وما يعذبان لكبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول - أي لا يتنظف جيداً -.
الوضوء:
من سن سبع سنوات علمي ابنك الوضوء حتى إذا بلغ سن الوعي أصبحت ممارسته فعلياً أمراً سهلاً، وفي المدرسة يتعلم الطفل طريقة الوضوء فتقوم المعلمة بأخذ الأطفال للحمام للوضوء، وهي وسيلة جيدة ولكن لابد من خطوة تسبقها وهو أن يستمع الطفل ويشاهد طريقة الوضوء باستخدام الوسائل التعليمية أو شرائط الفيديو، والأخيرة. هذه ناجحة جداً وهناك شريط (أركان الإيمان) إنتاج حسن يوسف(الممثل التائب) توضح كيفية الوضوء، ويا حبذا لو قامت المعلمة بتصوير أحد الأطفال وهو يقوم بحركات الوضوء فيستأنس بقية الأطفال ويحاولون تجربة نفس الشيء بشغف، فاستخدام الأطفال للتدريب على مهارات معينة يعد من أنجح الوسائل التربوية لأنهم يحفز بعضهم البعض.
وكذلك عند تعليم أبنائنا الصلاة- وكما ذكرت في الحلقات السابقة - هناك عدة أشياء يمكن من خلالها تحبيب أبنائنا في الصلاة .. مثل أن تجعل ابنك إماماً لك في الصلاة.
حساسية الأطفال:
في المرحلة الابتدائية يكون الطفل حساساً جداً في مشاعره وحتى في أفكاره، فلقد جاءتني ابنتي وعمرها 8 سنوات لتقول لي: أمي أريد أن أسألك سؤالاً لكن لا أريدك أن تغضبي مني.
فقلت: لن أغضب منك، قالت: لماذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقيراً ويتيماً؟!!
فلقد انطبعت الصورة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في ذهن ابنتي أنه فقير ويتيم فقط في حين أنها لا تريد نبيها العظيم هكذا.. لم تسمع إلا هذا عن نبيها فكيف يمكننا أن نعلمهم محبة الرسول (صلى الله عليه وسلم).
فقلت لها: إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان جميلاً فلقد أخذته حليمة السعدية فاخضرَّت الأرض لدى أهلها.. وكانت لا تنزل الأمطار في مكة فأخذه جده إلى الكعبة وقال: اللهم إني أسألك بحق هذا الغلام فنزلت الأمطار.
ولقد كان جده يحبه لما مات أبوه وأمه وأيضاً حليمة السعدية.
فالمعلومات المبتورة أو الناقصة أحياناً تكون نتائجها سلبية على خيال أبنائنا، فهناك معلومات كثيرة تحبب الأطفال في النبي (صلى الله عليه وسلم) كعلاقة النبي بالحيوانات وعطفه عليهم كالجمل وموقفه مع الطائر والذئب والغزال.
وكيف كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحب الأطفال ويعطف عليهم ويعلمهم الآداب أثناء الأكل.
إثبات ودليل:
من سن 10-11 سنة عندما يسأل الطفل يحتاج إلى إثبات ودليل لكل شيء، ويمكننا هنا إثبات وجود الخالق عن طريق مخلوقاته والكتب متوفرة، وهو يحتاج لإجابات قصيرة ووافية.
وفي هذا السن علينا أن نعلمه الحلال والحرام.. فنقول له هذا هو الحلال وهذا هو الحرام.. فالكذب حرام والسرقة حرام والغش حرام والظلم حرام، وهذه أمور لابد أن يتعلمها الطفل منذ صغره.
فإذا اشتكى طفل في المدرسة من اختفاء أغراضه، على المعلمة أن تفتش المكان لتتوصل إلى السارق وتعالج المشكلة من بدايتها حتى لا يستفحل أمرها ويتعلم الأطفال السرقة.
وفي المنزل لا تتهاون الأم عندما تسمع ابنها يكذب مهما حدث وتبين له أنه حرام وتطلب منه أن يتحرى الصدق موجهة إياه؛ لأنه ربما نسى المعلومة ونقلها دون تثبيت، ونعرفه أن الظلم حرام فلا يضرب أحداً ولا يشتم أحداً، وهناك مثال لأم قديرة وجدت ابنها وعمره 9 سنوات وقد أهان الخادمة بكلمات لا تليق ورفع صوته صارخاً فيها موبخاً لها وكانت سيدة كبيرة في السن في سن جدته، فنادت أمه عليه وطلبت منه أن يعتذر للخادمة ويصافحها، وفعل الابن ما طلبته أمه، وأحضرت هدية ثم طلبت منه أن يعطيها للخادمة، وأيضاً فعل الابن، فتعلم من هذا أن لا يظلم أحداً أبداً بعد ذلك والآن هو رجل صالح وهذه ثمرة التربية الصالحة.
المصدر: http://www.waldee.com
ـــــــــــــــــــ(101/284)
كيف تعلم ابنك التفكير السليم؟
تنمية مهارات الأبناء الفكرية يعد أساساً وهدفاً لكل مربٍ، وتنمية مهارات الذكاء والتفكير لم يعد هدفاً شخصياً أو هدفاً أسرياً فقط، بل امتد للحكومات والدول التي أصبحت تهتم الآن بعملية تنمية التفكير وبناء الذكاء عند الأطفال، ونناقش في حلقة اليوم من مطبات تربوية كيف يستطيع المربي تنمية قدرات أبنائه في التفكير وفي علاج المشاكل، ونستضيف الأستاذ عبد الناصر فخرو وهو متخصص في التفوق العقلي وحاصل على درجة الماجستير ومدرب متخصص في مهارات التفكير.
تدريب بنكي:
س: ماذا يقدم الوالدان لأبنائهما في هذا الزمان المتسارع جداً خاصة مع قلة الثقافة التربوية وعدم استطاعتهما مواكبة العصر مع رغبتهما في تجهيز أبنائهما لمواكبة هذا العالم الجديد يومياً؟
ج: يجيب الأستاذ عبد الناصر فخرو: ليس المطلوب مني كأب أن أحشو رأس ابني بالمعلومات فكل معلومة سأعطيها لأبني ربما تصبح قديمة فيما بعد، ولكن المهم أن أعلم ابني كيف يتعامل مع المعلومة ومع المتغيرات الكثيرة التي يقابلها في كل ساعة، وأن أضعه أمام مشاكل إما واقعية أو افتراضية وأجعله يتصرف في مواجهتها.
ومثال ذلك: الطفل الذي عمره 10 سنوات يمكن أن يذهب برفقة أمه إلى البنك وتعطيه أمه بطاقة السحب الآلي وتخبره برقمها السري وتطلب منه سحب مبلغ معين بنفسه، بينما تنتظره هي بالسيارة، وهذه العملية تبني عند الطفل ثقة بالنفس وتعلمه كيف يتدرب على مهارات الحياة منذ الصغر ولا ننتظر حتى يكبر الصبي ليمارس هذه الأمور بنفسه فقط حين الحاجة لها.
ألعاب الذكاء:
س: ما هي طرق التفكير السليم في علاج المشاكل والتي من المفترض تنميتها في أبنائنا من صغرهم؟
ج: يجيب الأستاذ فخرو: لنحاول ألا يلجأ الطفل دائماً للحلول السهلة البسيطة والمباشرة، بل نوجهه للتحليل والتفكير في المشكلة والحل، ويمكن أن يساعدنا في ذلك استخدام الألعاب المعتمدة على الصور وعلى استخدام الذكاء.. والسوق مليء بالألعاب الرخيصة والتي تحقق هذا الهدف، ولو استثمرنا الطاقة البشرية والعقلية التي لدى أبنائنا فمن الممكن أن ننمي تفكيرهم بشكل جيد.. والخطأ الذي يقع فيه الكبار أو الآباء كثيراً هو قفزهم للحلول دون التفكير في خطوات حلها التي تعتمد من الأصل على البحث في مسبباتها، وعلى الآباء النظر إلي المشكلة التي تواجههم من جميع الجهات وليس من وجهة نظرهم فقط فربما يكون الحل أبسط مما نتوقع، وأحياناً يكون التفكير في البدائل أفضل من الحل الذي نصل إليه بسرعة ودون ترو.
فروق فردية:
س: ما هو رأيك في دور الفروق الفردية بين الأبناء؟
من موزة النعيمي - قطر
ج: يقول د. عبد الناصر فخرو: لا شك أن كل إنسان له شخصيته المستقلة التي تميزه عن الآخرين، فمهما توافق الناس في أشياء حتى لو كانوا أخوة توائم فكل فرد عبارة عن مزيج من البيئة والوراثة يختلف عن الآخرين، والميزة الأساسية في الفروق الفردية أنها تجعل لكل فرد سمة ليست موجودة لدى الآخرين، وهذا ما يحتاجه المجتمع من فروقات فردية بين أفراده الأمر الذي يحدث تكاملاً اجتماعياً لتدور وتدور عجلة الحياة.
النقد البناء:
س: ما هو رأيك في نقدنا لأبنائنا وهل نتائجه توسع إدراكهم وتفكيرهم أم على العكس يولد إحباطاً لنفسية الطفل؟
ج: يقول د. عبد الناصر فخرو: هذا يعتمد على نوعية النقد فلا ينبغي التجريح وإخراج السلبيات فقط من سلوكيات الأبناء كما نراها، بل النقد الصحيح هو أن نخرج السلبيات والإيجابيات معاً، والأفضل توجيههم لتعديل سلوكياتهم بدل من نقدها فقط، وعلى الآباء التركيز على الإيجابيات وتنميتها وبالنسبة للأمور التي تحتاج إلى تعديل علينا أن نحدد أولاً ما هي المشكلة وتفاصيلها، ومن ثم حلول المشكلة والبحث في خطوات حلها.
اللبنة الأولى:
س: وكيف يمكن توجيه الطفل منذ نعومة أظفاره لتنمية موهبة معينة؟
عبد الرحمن - السعودية
ج: يعلق الأستاذ فخرو قائلاً: هذا السؤال حيوي وهام جداً، فليس دور الأسرة فقط أن تنجب أطفالاً ولكن دورها أن تعتني بالأطفال ومنذ نعومة أظفارهم، وكنموذج عملي هناك الكثير من الخطوات التي يمكن إعطاؤها للآباء، والتي من خلالها يمكن تنمية مهارات أطفالهم ونبدأ:
أولاً: الاهتمام بالطفل وعدم الاستهانة به أو تحقيره ومنحه الثقة بالنفس والاستماع لرأيه ومناقشته به، ويعد هذا اللبنة الأولى لبناء شخصية الطفل.
وثانياً: تحديد المهارات التي نود تنميتها في الطفل فمنذ عمر 4 سنوات نحدد تلك المهارات ونشرع في تنفيذها.
التحصيل العملي:
س: غدير من السعودية تسأل: نلاحظ في مجتمعنا أن ارتباط الذكاء لدينا مرتبط بتفوق الطفل في مواد معينة علمية غالباً.. فيشعر الطفل المتفوق في المواد الأدبية مثلا أنه محدود الذكاء ويسبب له هذا حساسية في التعامل مع المواد الدراسية الأخرى فما هو رأيكم في ذلك؟
ج: يجيب د. عبد الناصر فخرو: في الواقع الخطأ ليس في الميول أو الذكاء بل الخطأ في نظرتنا لعملية الذكاء عند الأطفال.. فنحن نربط بين الذكاء والجوانب العلمية وهذا خطأ فلكل إنسان ذكاء خاص به ويمكن أن يكون في مجال معين فهناك إنسان ذكي اجتماعياً يستطيع أن يستثمر علاقته جيداً ويعرف كيف يتعامل مع من حوله، وآخر ذكاؤه رياضي وهناك أنواع عديدة من الذكاء فهناك طفل عمره 7 سنوات ويحفظ القرآن عن ظهر قلب وهو لم يقرأ بعد، وهناك طفلة عمرها 11 سنة عندما تسألها عن أي آية قرآنية ترد عليك في الصفحة كذا وتحددها إذا كانت يميناً أو يساراً.. ولذلك أؤكد أنه من الخطأ ربط ذكاء الطفل بمقدار تحصيله العلمي.
http://www.waldee.com المصدر
ـــــــــــــــــــ(101/285)
لماذا نفشل في الحوار مع أبنائنا؟
هاني العبد القادر
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول".
وقال ابن القيم الجوزية في كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود) - ولاحظ ما يقول -: "وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَل الآباء وإهمالهم لهم".
أما أبو حامد الغزالي فيقول: "الأبناء جواهر". ونقول له: صدقت - الأبناء جواهر - ولكن يا أبا حامد، كثير من الآباء - مع الأسف - حدادون مع هذه الجواهر.
أستغرب ممن يقول بكل ثقة: أولادي هم أغلى الناس، ثم يخبئ الكلام المهذب، والأسلوب الظريف ليقدمه للغرباء، ولا يكاد يقدم شيئاً منه لأولاده؛ مع أنهم أولى الناس بالكلمة اللطيفة، والتعامل اللبق.
ولعل هؤلاء شغلتهم متاعب التربية وروتينها عن حلاوتها ولذتها، وهي متاعب وآلام لا بد منها، ولا ينبغي أن تؤثر على علاقتنا بهم رغم شدة هذه المتاعب وكثرتها.. إنها كآلام الولادة! هل رأيتم أمّاً تضرب ابنها المولود حديثاً؛ لأنه سبب آلامها؟!! مستحيل.. إنما تحتضنه.. راضية.. سعيدة.. قريرة العين رغم كل ما تسبب فيه من معاناة وآلام. وكذلك التربية يجب أن نفصل فيها بين متاعبنا بسبب الأطفال، وبين تعاملنا معهم. يجب أن نبحث عن المتعة في تربيتهم، ولا يمكن أن نصل لهذه المتعة إلا إذا نزلنا لمستواهم، هذا النزول لمستوى الأطفال: (ميزة) الأجداد والجدات، عند تعاملهم مع أحفادهم، ينزلون لمستوى الطفل، ويتحدثون معه عما يسعده، ويتعاملون معه بمبدأ أن الطفل هو صاحب الحق في الحياة، وأن طلباته مجابة ما دامت معقولة، ورغم أن الأطفال يحبون أجدادهم وجداتهم لا شك، إلا أنهم ينتظرون هذا التعامل اللطيف، والعلاقة الخاصة منا نحن، وتظل صورة الأب الشاب القوي التقي هي النموذج الذي يحبه الولد ويقتدي به، ويتعلم منه كيف يقود البيت، ويرعى زوجته وأبناءه في المستقبل.
وتظل صورة الأم الشابة الأنيقة، ذات الدين والحياء والعفة، والذوق الرفيع هي النموذج الذي تتعلق به الفتاة وتقتدي به، وتتعلم منه كيف تكون زوجة وأماً، والفرصة لا تزال متاحة للجميع لتغيير العلاقة بالأبناء، تغييراً ينعكس إيجابياً عليكم وعليهم، سواء في التفاهم والحوار معهم، أو احترام شخصياتهم المستقلة، أو قبولنا لعيوبهم ونقائصهم. إذن: تفهم، واحترام، وقبول.
كل هذا ممكن أن نحققه إذا جعلنا علاقتنا بأبنائنا أفقية، كعلاقة الصديق بصديقه، يغلب عليها الحوار والتفاهم، أما إذا كانت العلاقة رأسية كعلاقة الرئيس بمرؤوسه، ويغلب عليها الأوامر والنواهي، لا شك سيكون تأثيرها الإيجابي قليل.
من علامات نجاحنا في التربية: نجاحنا في الحوار مع أبنائنا بطريقة ترضي الأب وابنه، ولكننا - للأسف - نرتكب أخطاء تجعلنا نفشل في الحوار مع الأبناء؛ وهذا هو مادة هذه المقالة (لماذا نفشل في الحوار مع أبنائنا؟)، وهو العنوان الثاني من العناوين التي تتناولها سلسلة حلقات (من أجل أبنائنا).
أهم أسباب الفشل في الحوار أسلوبان خاطئان:
الخطأ الأول: أسلوب (ما أريد أن أسمع شيئاً).
والخطأ الثاني: أسلوب (المحقق) أو (ضابط الشرطة).
الخطأ الأول: هو أننا نرسل عبارات (تسكيت)، وكذلك إشارات (تسكيت) معناها في النهاية: (أنا ما أريد أن أسمع شيئاً منك يا ولدي). مثل العبارات التالية: (فكني)، (بعدين بعدين)، (أنا ماني فاضي لك)، (رح لأبيك)، (رح لأمك)، (خلاص خلاص)، بالإضافة إلى الحركات التي تحمل نفس المضمون، مثل: التشاغل بأي شيء آخر عن الابن أو عدم النظر إليه، وتلاحظ أن الولد يمد يده حتى يدير وجه أمه إلى جهته كأنه يقول: (أمي اسمعيني الله يخليك) أو يقوم بنفسه، ويجيء مقابل وجه أمه حتى تسمع منه.. هو الآن يذكرنا بحقه علينا، لكنه مستقبلاً لن يفعل، وسيفهم أن أمه ممكن تستمع بكل اهتمام لأي صديقة في الهاتف أو زائرة مهما كانت غريبة، بل حتى تستمع للجماد (التلفاز) ولكنها لا تستمع إليه كأن كل شيء مهم إلا هو.
لذلك عندما تنتهي من قراءة المقال، ويأتيك ولدك يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، اهتم كل الاهتمام بالذي يقوله، هذا الاستماع والاهتمام فيه إشعار منك له بتفهمه، واحترامه، وقبوله، وهي من احتياجاته الأساسية: التفهم، والاحترام، والقبول بالنسبة له، حديثه في تلك اللحظة أهم من كل ما يشغل بالك أياً كان، إذا كنت مشغولاً أيها الأب أو أيتها الأم.. أعطِ ابنك أو ابنتك موعداً صادقاً ومحدداً.. مثلاً تقول: أنا الآن مشغول، بعد ربع ساعة أستطيع أن أستمع لك جيداً، واهتم فعلاً بموعدك معه.. نريد أن نستبدل كلماتنا وإشاراتنا التي معناها (أنا ما أريد أن أسمع منك شيئاً) بكلمات وإشارات معناها (أنا أحبك وأحب أن أسمع لك وحاس بمشاعرك) وبالأخص إذا كان منزعجاً أو محبطاً ونفسيته متأثرة من خلال مجموعة من الحركات: الاحتضان، الاحتضان الجانبي، والاحتضان الجانبي حتى نتخيله.. حينما يكون أحد الوالدين مع أحد الأبناء بجانب بعضهم وقوفاً، كما في هيئة المأمومين في الصلاة، أو جلوساً يمد الأب أو الأم الذراع خلف ظهر الابن أو فوق أكتافه ويضع يده على الذراع أو الكتف الأخرى للابن ويلمه ويقربه إليه، بالإضافة إلى الاحتضان الجانبي التقبيل بكل أشكاله، والتربيط على الكتف، ومداعبة الرأس، ولمس الوجه، ومسك اليد ووضعها بين يدي الأم أو الأب... وهكذا.. لمّا ماتت رقية بنت الرسول - صلى الله عليه وسلم - جلست فاطمة - رضي الله عنهما - إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذت تبكي .. تبكي أختها.. فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه يواسيها مواساة حركية لطيفة، ودخل علي بن أبي طالب وفاطمة ومعهما الحسن والحسين - رضي الله عنهم أجمعين - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأخذ الحسن والحسين فوضعهما في حجره، فقبلهما، واعتنق علياً بإحدى يديه، وفاطمة باليد الأخرى، فقبّل فاطمة وقبّل علياً - رضي الله عنهما -.
حتى الكبير يحتاج إلى لغة الحركات الدافئة، فما بالكم بالطفل الصغير؟! والشواهد على احتضانه وتقبيله للصغار كثيرة جداً.
كان حديثنا في هذه الحلقة علاجاً للخطأ الأول في الحوار مع الأطفال، وهو ما لخصناه في عبارة (ما أريد أن أسمع شيئاً).
أما علاج الخطأ الثاني من أخطاء الحوار، وهو أسلوب (المحقق) أو (ضابط الشرطة)..
ومع مشهد ننقله كما هو بكلماته العامية:
جاء خالد لوالده، وقال: (يبه اليوم طقني ولد في المدرسة).. ركّز أبو خالد النظر في ولده، وقال: (أنت متأكد إنك مش أنت اللي بديت عليه)؟! قال خالد: (لا والله.. أنا ما سويت له شي).. قال أبو خالد: (يعني معقولة كذا على طول يضربك؟!).. قال: (والله العظيم ما سويت له شي).. بدأ خالد يدافع عن نفسه، وندم لأنه تكلم مع أبيه.. لاحظوا كيف أغلق أبو خالد باب الحوار، لما تحول في نظر ابنه من صديق يلجأ إليه، ويشكي له همه إلى محقق أو قاضٍ يملك الثواب والعقاب، بل قد يعد أباه محققاً ظالماً؛ لأنه يبحث عن اتهام للضحية، ويصر على اكتشاف البراءة للمعتدي.. الأب في مثل قصة أبي خالد كأنه ينظر للموضوع على أن ابنه يطلب منه شيئاً.. كأن يذهب للمدرسة ويشتكي مثلاً، ثم يستدرك الأب في نفسه، ويقول: قد يكون ابني هو المخطئ، وحتى يتأكد يستخدم هذا الأسلوب.. في الحقيقة الابن لا يريد شيئاً من هذا أبداً، إنه لا يريد أكثر من أن تستمع له باهتمام وتتفهم مشاعره فقط لا غير..
الولد يريد صديقاً يفهمه لا شرطياً يحميه، ولذلك يبحث الأبناء في سن المراهقة عن الصداقات خارج البيت، ويصبح الأب معزولاً عن ابنه في أخطر مراحل حياته، وفي تلك الساعة لن يعوض الأب فرصة الصداقة التي أضاعها بيده في أيام طفولة ابنه، فلا تضيعوها أنتم.
أسلوب المحقق يجبر الطفل أن يكون متهماً يأخذ موقف الدفاع عن النفس، وهذه الطريقة قد تؤدي إلى أضرار لا تتوقعونها.. خذ على سبيل المثال، قصة يوسف والسيف المكسور.. يوسف عمره سبع سنوات.. اشترى له والده لعبةً على شكل سيف جميل، فرح يوسف بالسيف، أخذه الحماس، وعاش جو الحرب وكأنه الآن أمام عدو، وبدأ يتبارز معه، وقع عدوه على الأرض، رفع السيف عليه وهوى به بشدة على السيراميك فانكسر السيف طبعاً، خاف يوسف من والده، فكّر في طريقة يخفي بها خطأه، جمع بقايا السيف وخَبَّأه تحت كنب المجلس.
جاء ضيف لأبي يوسف، وأثناء جلوسهم سقط الهاتف الجوال لأبي يوسف فانحنى لأخذه وانتبه عندها للسيف المكسور، عندما خرج الضيف، نادى ابنه (لاحظوا الآن سيأخذ الأب دور المحقق) صرخ قائلاً: (يوسف وين سيفك الجديد؟).. قال: (يمكن فوق..) قال: (إيه يمكن فوق.. ما أشوفك يعني تلعب به؟) قال الولد: (ما أدري وينه..). قال الأب: (ما تدري وينه؟ دوّر عليه أبغى أشوفه هالحين).. - ارتبك يوسف - ذهب قليلاً.. رجع قال: (يمكن أختي الصغيرة سرقته) صاح الأب قائلاً: (يا كذاب.. أنت كسرت السيف.. صح ولاّ لا..؟ أنا شايفه هناك تحت الكنب.. شوف ترى أكره شيء عندي الكذاب)، وأَمْسَكَ يد ابنه وضربه، ويوسف يبكي، أخذته أمه، ونام ليلته ودمعته على خده لتكون هي هدية والده وليست السيف.
في هذه القصة ظن الأب أنه معذور في ضرب ابنه؛ لأنه لا يريد أن يكون ابنه كذاباً، وهذا العذر غير مقبول نهائياً.. نقول له: ما الذي جعل يوسف يكذب غير أسلوبك.. كان يكفيه أن يقول: (أشوف سيفك انكسر يا يوسف) يقول مثلاً: (إيه كنت ألعب فيه وكسرته) يقول الأب: (خسارة؛ لأن قيمته غالية).. وينتهي الأمر عند هذا الحد. وقتها يفهم يوسف عملياً أنه يستطيع التفاهم مع والده، وأن يقول مشاكله وهو مطمئن، وسيشعر بالخجل من نفسه ويحافظ على هدايا والده أكثر؛ لأن الأب أشعر يوسف بأنه مقبول رغم خطئه بكسر السيف.
أسلوب المحقق أدّى إلى الكذب، والكذب هو موضوع العنصر الثالث الذي سنتناوله - بمشيئة الله - في الحلقة القادمة.
والله يرعاكم.
http://www.almoslim.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(101/286)
سهر البنات
علي الطنطاوي 25/1/1423
08/04/2002
لي بنت مولعة بالسهر ، لا تستطيع أن تأوي إلى فراشها حتى يدخل كل من في الدار فراشه ، ولا تقدر أن تغمض عينيها ، وفي المنزل أحد مفتوحة عيناه ، وقد جربنا فيها الأساليب ، وبلونا معها الحِيَل ، فلم ينفع معها ترغيب ولا ترهيب ، حتى أخذ ذلك من لون خدَّيها ، ومن بريق عينيها ، ونال من صحتها ...
وسألت إخواني فوجدت أكثرهم يلقى من أولاده - من كرههم للنوم وحبهم للسهر- مثل الذي ألقى منها ، ولم أجد عندهم دواء لهذا الداء ...
ففكرت ، فخطر لي خاطر.
فقلتُ لأُمَّ البنت : أنا أستطيع أن أحبَّب إلى بنتك المنام ، وأكرِّه إليها السهر ، ولكن الدواء مرّ ، فهل تعدينني ألا تأخذك بها رأفة إذا أنا جرعتها هذا الدواء ؟
فقالت : نعم .
ولم تكن لتخالفني في شيء ، ولكن أحببت أن أتوثق ، ثم دعوت البنت فقلت :
- عنان !
- قالت : نعم.
- قلت : سنسهر الليلة، فهل تحبين أن تسهري معنا ؟ ففرحت وأشرق وجهها ، وجعلت تقفز من الابتهاج وتقول :
- إي بابا ، إي أرجوك يا بابا...
- قلت : ولا تتأخرين في القيام إلى المدرسة صباحاً؟
- قالت : لا ، لا والله ، جرَّبني ...
- قلت : أسمح لك بالسهر ، ولكن بشرط واحد ، فجزعت قليلا ، وقالت : ماهو ؟
- قلت : ألاَّ تنامي حتى أنام أنا.
فعاودها الفرح ، لما تتصور من مسرات السهرة ومباهجها وقالت :
- قبلت ....
وامتدت السهرة ، وتعمدت أن أحشد فيها كل ما تحبه البنت من قصص حلوة ، وألاعيب ، وأنقال ، حتى نعست ، وكادت تنام في مكانها ، ثم نامت ...
- فقالت: أمها : لقد نامت أفأحملها إلى سريرها ؟
- قلت: هيهات ، الآن بدأ العلاج ، فشدي أعصابك ، وعمدت إلى البنت فهززتها حتى أيقظتها ، فاستيقظت مكرهة ، ومرت ربع ساعة ، فعادت إلى المنام ، وعدت إلى إيقاظها ، وتكرر ذلك حتى صارت تتوسل إليَّ ، وتقبَّل يدي أن أدعها تنام ، وأنا أقول لها بدم بارد :
- لا ، السهر أحلى ، ألا تحبين السهر ؟ ، حتى قالت : لا ، لا أحبه ، لا أحبه ، (بدي أنام) ، وانطلقت تبكي ...
وبرئت البنت من علة السهر ، من تلك الليلة !
ـــــــــــــــــــ(101/287)
من المسؤول الأول
رحمة بنت يوسف الحارثي
تربية الأبناء مسؤولية من؟؟ الأسرة أم المدرسة ؟أم ... ؟
قضية جدلية كثيرا ما تطرح للمناقشة في مختلف المجالس الاجتماعية. والحقيقة أبعد من ذلك، فتربية الأجيال تدخل في إطار متعدد الأبعاد والزوايا والمحاور.
فهي ليست مسؤولية محور واحد بعينه تقع التربية على كاهله، بل هي مسؤولية نمط الحياة برمتها بكل خصوصياتها الثقافية والدينية والاجتماعية ... . الخ.
وانطلاقا من الحقيقة القائلة بأن التربية عملية مستمرة تبدأ من النفس الأول للإنسان وحتى أنفاسه الأخيرة في الحياة. وانطلاقا من تتعدد جوانب وحقول ومجالات التربية بمختلف المراحل العمرية لهذا الفرد فإننا لن نستطيع إسناد نوع التربية على جهة معينة بعينها لأنها في الواقع هي كل متكامل وعصارة زمن بأكمله تحت ظروف متباينة بأشكال وألوان وروائح مختلفة ولكنها تصب في بوتقة واحدة ( ألا وهو الفرد )أما مخرجات هذه العمليات التربوية هي سلوك ذلك الفرد.
فالأسرة هي النواة الأولى للتربية وقاعدتها العريضة هي الأم الصالحة..وهي المسؤولة الأولى في تشكيل تلك العجينة الطرية لتعد فردا مهذبا مؤهل بأن يكون عضو مقبول ومتجانس مع مجتمعه بما يحمله من قيم ومبادئ. ومن ثم تستلم المدرسة ذلك الفرد وهو مازال لينا لتشترك وبجدارة في أداء مهمتين وهما التربية والتعليم معا بهدف خلق جيل صالح مؤمن بربه ومخلص لوطنه متلائم ومجتمعه ومنتج اقتصاديا متدبر أمره سديد الفكر والقرار.
كذلك لا ننسى دور بيئة الفرد ومدى تأثره بأفراد المجتمع بما يفرزونه من عموميات وخصوصيات ثقافية وقيم وعقائد ومبادئ راسخة بالمجتمع بالوارثة وأخرى دخيلة ومستحدثة .جميعها مناهج حيوية تترك بصماتها على شخصية الفرد من جراء احتكاكه المباشر بأفراد مجتمعه.
إن بيئة العمل التي يعمل بها الفرد تعد أيضا مدرسة تربوية ينهل منها خبرات العمل والحياة وايضا لها دور أحيانا في تغيير السلوك تأثرا بزمالة العمل ، وهذه الزمالة قد تكون القدوة الحسنة أو العكس.
وفي الختام ومن خلال هذا التحليل المبسط نستنبط مدى تعدد زوايا ومحاور مسؤوليات تربية الأجيال ونوافذها المتعددة.نسأل الله إن يوفق الجميع في تأدية هذه الرسالة العظمى والسامية فكل راع مسؤول عن رعيته أمام رب العالمين.
والله ولي التوفيق،،،
http://www.geocities.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(101/288)
تربية الأبناء الأهمية والوسائل
د. خالد بن عبدالله القاسم
إن من أعظم ما افترضه الله علينا تجاه نعمة الذرية أن نقوم على أمر تربيتهم وتعاهدهم بما يصلح لهم أمور دنياهم وآخرتهم، ولذا فإننا حينما نتحدث عن تربية الأبناء؛ فإنما نتحدث عن أمانة عظيمة ومسئولية جسيمة.
الأولاد في القران الكريم زينة الحياة الدنيا: ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الكهف: 46، وهم منّّة من الله ونعمة تستحق الشكر: ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً* وَبَنِينَ شُهُوداً*وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) المدثر 12-14.
إن الأبناء أمانة ومسئولية، يقول عليه الصلاة والسلام :( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه البخاري (893) ومسلم (1829). وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :( إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ ) رواه الترمذي (1705)
إن بعض الآباء يؤدي حقوق الأبناء من مطعم وملبس ويغفل عما هو أهم من ذلك، فيغفل عن ما هو أهم وأعظم ألا وهو تأديبهم وتعليمهم وتربيتهم، وقد رُوِىَ عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: ( مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ ) رواه الترمذي (1952) واللفظ له، وأحمد (14977). والمعنى أن أفضل ما يهب الوالد لولده حسن الأدب، ولا شك أن ذلك خير من صنوف الأموال والهبات.
ومن الأخطاء أن بعض الآباء يعتني بالأبناء الذكور، ويهمل البنات وقد قال عليه الصلاة والسلام:( مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ ) رواه أبو داود (1547).
إن التربية من أفضل الأعمال وأقرب القربات، فهي دعوة وتعليم، ونصح وإرشاد، وعمل وقدوة، ونفع للفرد والمجتمع. وكيف لا تكون من أعظم الأعمال وأجلّها وهي مهمة الأنبياء والرسل وقد قال تعالى:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) الجمعة: 2.
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: ويزكيهم: ويطهرهم من رذائل الأخلاق، ودنس النفوس. وهي أعظم مسئوليات الآباء تجاه أبنائهم.
قال الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى -: ( الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش، ومائل إلى كل ما يمال إليه، فإن عوِّد الخير نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وإن عوِّد الشر وأًهْمِلَ إهمال البهائم، شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه.
وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً وإنما يكمل ويقوى بالغذاء، فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال؛ وإنما تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق والتغذية بالعلم ).
وذكر الراغب الأصفهاني - عليه رحمة الله -: ( أن الخليفة المنصور بعث إلى من في الحبس من بني أمية مَنْ يقول لهم: ( ما أشدَّ ما مرَّ بكم في هذا الحبس؟ قالوا: ما فقدنا من تربية أبنائنا ).
إنّ مهمَّةَ تربية الأولاد مهمة عظيمة يجب على الآباء أن يحسبوا لها حسابها، ويعدوا العدة لمواجهتها، خصوصاً في هذا الزمان الذي كثرت فيه دواعي الفساد، وتنوعت فيه وسائل التأثير، وكَثُرَ إهمال الشباب فلم يعد يُسأل عنهم، وخرجت البنات مع السائقين، وقل الحزم والغيرة في الرجال، وكل ذلك مقرون مع الإهمال في التربية.
استمعوا إلى التوجيه الإلهي العظيم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم: 6. والمعنى: قوا أهليكم النار بفتح أبواب الخير لهم، وتوجيههم إليها، وتشجيعهم عليها، بينوا لهم الحق وفوائده، ومروهم به، وبينوا لهم الباطل وأضراره، وحذروهم منه، وعرفوهم بأحوال الإيمان، وألزموهم بأركان الإسلام، مروهم بالصلاة، وعودوهم مخافة الله والالتجاء إليه، واغرسوا في قلوبهم محبته وتعظيمه، وبينوا لهم نعمه الظاهرة والباطنة، واغرسوا في قلوبهم محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وما حصل على يديه من الخير العظيم لأمته، وبينوا لهم أخلاق النبي الكريمة. وعلموا أبناءكم محاسن الأخلاق، والصدق في القول والعمل، وكونوا لهم قدوة.
عودوهم الإحسان إلى الخلق، وحذروهم من الاعتداء والظلم، أغرسوا في قلوبهم محبة المؤمنين ووجهوهم لما ينفعهم، شجعوهم على قراءة الكتب النافعة وحذروهم من الكتب الضارة والمجلات الهابطة و القنوات السيئة.
احرصوا على الرفقة الصالحة لهم، وباعدوهم عن رفقة السوء. ألزموا نساءكم وعودوهن العفة والحياء والحجاب.
إن مما يعين على صلاح الأبناء الاهتمام بهذا الأمر؛ واستخدام الوسائل المعينة، ومن ذلك اختيار الزوجة الصالحة، والعناية بالأبناء وعدم إهمالهم. وقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يشكو عقوق ولده، فأمره بإحضاره فسأله، فقال: يا أمير المؤمنين ما حقي على والدي؟ قال: أن يحسن اختيار أمك، ويحسن اختيار اسمك، ويعلمك القران. قال: ما فعل شيء من ذلك، فقال عمر للأب: انطلق فقد عققت ابنك قبل أن يعقك.
إن البعض يشتكي عقوق الأبناء؛ وهو يصلى بهم شقاءاً بدل أن يجد السعادة، ولو فطن قليلاً لعرف أن السبب في ذلك أنه أهملهم ولم يعتنِ بتربيتهم.
إن مما يعين على إصلاح الأبناء وصلاحهم؛ القدوة الصالحة، فلا ينفع التوجيه بالقول مع المخالفة بالفعل، فالقدوة لها أثرها البالغ دون ضجيج، ولقد كان الرسل قدوة لأممهم، فعلى المربين أن يكونوا قدوة صالحة لمن يربونهم.
روى الجاحظ أن عقبة بن أبي سفيان قال لمؤدب ولده: ( ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينيك، وعلمهم سير الحكماء، وأخلاق الأدباء، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ).
ومما يعين على تربية الأبناء كثرة الدعاء لهم بالهداية والصلاح، وهذا دأب الأنبياء فهم أكثر الناس دعاء لصلاح أبنائهم؛ مع أنهم أفضل الخلق قدوة وعلماً وأخلاقاً، فهذا إبراهيم الخليل - عليه السلام - يقول: ( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) الصافات:100. ويقول: ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) إبراهيم: 35. ويقول وإسماعيل - عليهما السلام -: ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) البقرة: 128.
وهذا نبي الله زكريا - عليه السلام - يقول الرب - جلّ وعلا - في شأنه: ( هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) آل عمران: 38.
وقد وصف الله - تعالى - المؤمنين: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) الفرقان:74.
إن الدعاء دليل الحرص وعلى الاهتمام، وإن دعوة الوالدين حري أن تستجاب؛ وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ) رواه أبو داود (1536) والترمذي (1905) واللفظ له. فعلى الوالد أن لا يحرم ولده هذا الفضل، وأن يمنحه كل دعوة صالحة تكون سبباً في هدايته واستقامته، ومن باب أولى ألا يدعو على ولده، فإن دعوته مستجابة كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
يقول الله - تعالى -:( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ*أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) المؤمنون: 8-11.
إن أولادكم أعظم أمانة لديكم فاتقوا الله فيهم، وأكثروا من مصاحبتهم ومجالستهم، ولا تتركوهم لغيركم.
ليس اليتيم من انتهى أبواه وخلفاه في همّ الحياة ذليلاً، إن اليتيم هو الذي تربى عند أم تخلت عنه أو أبٍ مشغول.
لقد كان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - على كثرة مشاغله وتنوع مسئولياته؛ يردف معه صغار الصحابة، ويكثر من توصيتهم، فقد أردف ابن عباس - رضي الله عنه - وقال له: ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ). رواه الترمذي (2516)
فيا لها من وصية عظيمة، وتربية حميدة.
كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أردف الفضل وأسامة وغيرهما في مواضع أخرى.
أيها الأخوة وجهوا أبناءكم بالرفق واللين قبل الشدة، والقدوة والعمل قبل القول، وبالرحمة قبل العنف، تحببوا إليهم ليقبلوا منكم، استخدموا وسائل التربية النبوية، علموهم بالقصة والحوار، والوعظ والترغيب والترهيب، اعدلوا بينهم وليكن هدفكم إصلاحهم وتعبيدهم لخالقهم، وتهذيب أخلاقهم، وتعليمهم وتأهيلهم لما يصلحهم في الدنيا والآخرة، استخدموا وسائل الترفيه لإصلاحهم، وجنبوهم كل ما يفسدهم، جنبوهم الترف والميوعة، لا تهملوا أوقات فراغهم، أبعدوهم عن الخلطة الفاسدة، احذروا من سفرهم وحدهم، جنبوهم الخلافات العائلية، لا تسرفوا في إنفاق الأموال عليهم فتفسدهم، ولا تمنعوهم ما يحتاجون إليه، علموهم بالقول والعمل آداب المجالس، وآداب الطريق وقيادة السيارات، وعدم إيذاء المسلمين، وحب النظام والبعد عن التخبط والفوضى، والحرص على تنظيم أوقاتهم والحفاظ عليها.
ابشروا أيها المربون بمرضاة الرب - عز وجل - وبقرار أعينكم بصلاح أبنائكم، ونفعهم لكم في الدنيا، وبرهم بكم. وأعظم من ذلك بعد وفاتكم كما قال عليه السلام: ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ). رواه مسلم (1631)
وليس ذلك فحسب، بل أنهم نفع لكم في الآخرة لقوله عليه السلام :( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ ) رواه ابن ماجة (3660) وأحمد (10232) واللفظ له. قال تعالى: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) الطور: 21.
وها هي الملائكة تدعو لمن صلح من الآباء والأبناء: ( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) غافر:8.
إن هذا الصنف من الأبناء ممن نشأ بطريقة صحيحة سيكون - بإذن الله - نفعاً للمجتمع، وحفظاً للأمن، وصلاحاً للأمة.
المصدر: http://www.almurabbi.com/a1.asp
-ـــــــــــــــــــ(101/289)
زرع الإسلام في نفوس الأبناء
ربى أبو العينين
قال الرسول - عليه الصلاة والسلام -:"أكرموا أولادكم وأحسنوا تأديبهم"
المرحلة قبل سن الرشد تحتاج إلى تربية مكثفة من الوالدين وجهد.. لأن ما ستزرعه في نفوس أبنائك ستجد نتائجه في سن الرشد.. لذا علينا الاهتمام بهذه المرحلة واستغلالها في غرس القيم والدين الإسلامي.
**الله خالقنا:
سيبدأ طفلك بالاستفسار عن الله وكيف خلقنا؟؟ ومن عمّر هذا الكون؟؟ فعليك أن تبسطي الأمور وفقاً لمستوى طفلك.. وأيضاً في عمر الثلاث سنوات يقلد الطفل من حوله خاصة والديه كونوا القدوة له.. لذا علميه الرحمة والرقة والرفق.. وأيضاً حدثيهم عن الجنة ونعيمها وما تحتويه من ألعاب ومأكولات وانه سيحصل عليها إذا التزم بالآداب الإسلامية.
** الرسول قدوتنا:
في هذه لمرحلة تكون مشاعره فياضة لذا استغلي ذلك لتنمية حب الرسول في داخلهم... لذا علينا التكلم عن الرسول وأخلاقه عن طريق القصص والتكلم عن الصحابة وعن عطفهم وكرمهم ..
قال الرسول - عليه الصلاة و السلام -:"أدبوا أولادكم على ثلاث خصال:حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القران"
لذا لن ننسى كتابنا (القران)ففي هذا السن لدى الأطفال قدرة خارقه على الحفظ فعلميه السور القصيرة.
**رمضان وأولادي:
ها قد اقبل رمضان لنعد العدة ولا أقصد الطعام وإنما الطاعات لوضع جدول يومي ليوم رمضاني مليء بالطاعات..
أما عن أطفالنا: إذا سألك ابنك عن الصيام؟ عليكي التوضيح له وتشجيعه على الصوم ولو ساعة.. وانه لو صام لمدة ساعتين الله سيضع له حسنات وان صام 3 ساعات له حسنات أكثر.. وممكن أن نعمل لوحة بالبيت لكل طفل مع النجوم والوقت الأطول يوضع له نجمة وفى نهاية رمضان له جائزة وحدثيه عن الفقراء والأيتام عندما يشعر بالجوع.. واذهبي بصحبته إلى زيارة بيوت الفقراء والأيتام وأشعريه بالنعمة ليشكر ربه وإن ما يغرس الآن في نفسه سيبقى للأبد..
أيضاً إذا ذهبتم للصلاة في المسجد خذوا أولادكم معكم ولا تتركوهم في المنزل.
دعيهم يساعدونك في إعداد المائدة ليشعروا برمضان وكيف انه تهذيب للنفس والروح..
أختي أنت من تربين الجيل القادم:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
http://www.wahaweb.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(101/290)
عدم التعامل مع أخطاء الطفل بسياسة النفس الطويل
محمد راشد ديماس
لا شك أن ديننا الإسلامي ما دعانا إلى شيء إلا فيه خير لنا إن التزمنا به، ومما دعانا إليه طول البال والصبر في مواجهة المشكلات.
يقول الله - تعالى -: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين، الذين يُنفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المُحسنين ". (آل عمران: الآيات 133-134).
ويقول - تعالى -: " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ". (الشورى: الآية 43).
ويقول - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم، وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ". (التغابن: الآية 14).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أوصني، قال: " لا تغضب" فردد مراراً قال: " لا تغضب ".
وعن معاذ بن جبل عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من كظم غيظاً، وهو يقدر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء". ( رواه الترمذي).
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: " جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم قال: " كل يوم سبعين مرة ". ( رواه أبو داود والترمذي).
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: " كفى بالمرء إثماً أن يقال له اتق الله فيغضب ويقول عليك بنفسك". وقيل لابن المبارك - رحمه الله تعالى -: اجمع لنا حسن الخلق في كلمة واحدة قال: " ترك الغضب". وروى ابن السماك أن غلاماً لامرأة من قريش قد أذنب فأخذت السوط، ومضت خلفه حتى إذا قاربته رمت بالسوط وقالت: " ما تركت التقوى أحداً يشفي غيظه ".
حكي عن جعفر الصادق - رضي الله عنه - أن غلاماً له وقف يصب الماء على يديه فوقع الإبريق من يد الغلام في الطست فطار الرشاش في وجهه فنظر جعفر إليه نظرة غضب فقال الغلام: يا مولاي.. والكاظمين الغيظ. قال: قد كظمت غيظي. قال: والعافين عن الناس. قال: قد عفوت عنك، قال: والله يحب المحسنين. قال: اذهب فأنت حر لوجه الله - تعالى -.
وثمة حقائق أساسية لو فهمها المربي لوصل بسلوكه إلى درجة عالية من ضبط النفس, وطول البال في مواجهة مشكلات الطفل وهي كالآتي1:
1. إن المعايير في عالم الطفل، تختلف عن المعايير التي اكتسبناها عبر عشرات السنين من أعمارنا، بل إن التربية في إحدى معانيها هي تعديل وتنقية للسلوك، والسلوك لا يتعدل هكذا بطريقة آلية.. وإنما يتعدل عندما تتعدل القيم، والمعايير التي تحكمه، لذا فإن السعي الصحيح إلى تعديل سلوك الطفل يكون بداية بمحاولة الاقتراب به رويداً.. رويداً من معاييرنا وقيمنا..هذا إذا كانت قيم ومعايير حق وخير وجمال.
2. إن الخطأ هو من طبيعة السواد الأعظم من الأطفال، ولا يوجد ذلك الطفل الذي لا يخطئ فالأطفال يمرون بمراحل متدرجة من النمو، يكتشفون فيها العالم من حولهم يقلدون عالم الكبار بخيره وشره، يجربون استخدام مكتسباتهم من الحواس والعضلات، يحاكمون كبارهم، يحبون المغامرة والاكتشاف، لا يستطيع وعيهم أن يلم بالحق والصواب والمعاني المجردة كما نفهمها نحن، يتعرضون؛ لتأثيرات خارجية بعضها إيجابي وبعضها سلبي، لا يمكنهم استيعاب حدود حريتهم, أين تبدأ؟ وأين تنتهي؟ فيخطئون ويخطئون.. ويكون لأخطائهم مبرراتها وفق ما ذكرناه آنفاً..بينما لا يكون للوالدين والمربين مبرر لعدم الصبر على هذه الأخطاء ولعلاجها بأناة وحلم.
3. إن مشكلات الأطفال الفردية لا يمكن أن تنتهي بين يوم وليلية، وإنما تتطلب زمناً يطول, أو يقصر حسب شخصية الطفل، وظروفه وبيئته، وواهم من يظن من الآباء والأمهات والمربين أن بإمكانه أن يشفي طفلاً من مص أصابعه، أو بذاءة ألفاظه، أو ميوله التخريبية، أو أنانيته، أو كذبه، أو عدوانه على ممتلكات الآخرين..الخ (بصفعة) ساخنة أو باردة. فالأمر يتطلب أكثر بكثير من هذا الحل المتعجل المنفعل والسهل.. يتطلب برنامج علاج متأن يتراوح بين الثواب والعقاب، والقدوة والنصيحة، والزجر، والتودد، والترغيب، والترهيب زمناً طويلاً.. فقد نحتاج إلى سنوات عديدة مثلاً، لنعالج طفلاً من التبول اللاإرادي.
" ولا شك أن فهم المربي لهذه الحقائق الثلاث آنفة الذكر يؤدي بالكبار إلى درجة عالية من ضبط النفس، وطول البال, والصبر في مواجهة مشكلات, وأخطاء أطفالهم.. وهي لا شك كثيرة تثير أعصاب الكبار، تستفز صبرهم، و فينهالون على أطفالهم, وأطفال الآخرين صفعاً, وركلاً وضرباً.. وإهانات متعددة الأشكال والأنواع.. فتنشأ العلل النفسية في حياة الطفل.. وبذلك - فحيث نريد أن نقوم سلوكاً مضطرباً.. فإذا بنا نزيد الأمور تفاقماً, ونضيف إلى الاضطراب الواحد.. عدة اضطرابات. لذا الأسلم والأكثر جدوى أن نقابل أطفالنا في مشكلاتهم, وأخطائهم المعتادة بسياسة النفس الطويل، والسيطرة المحكمة على الانفعالات الغاضبة ".2
ولو اتبعنا هذه السياسة وتعلمنا كيف نسيطر على مشاعرنا وكيف نواجه المواقف بهدوء وحكمة لاستطعنا أن نتجنب العديد من المواجهات اليومية العنيفة مع أطفالنا.
والواقع، أن معظم الآباء مع الأسف، لا يفعلون ذلك مع أبنائهم، والموقف الذي سنذكره الآن يمثل تلك المواجهة اليومية السلبية التي يكررها الآباء مع الأبناء.3
قالت الأم لابنها:
محمد انتبه، ستسقط العصير.
رد محمد: لا.. لن أسقطه.
إلا أن الأم علقت قائلة:
- لقد أسقطته من قبل.. وستسقطه الآن، أعلم أن ذلك سيحدث لأنك تضع كأسك دائماً على حافة الطاولة.
بدأ التوتر واضحاً على نبرة محمد وهو يجيب والدته:
- أوف يا أمي، ألا تكفي وتتركيني وحدي.
وبعد عدة دقائق سقط العصير.
أنّبت الأم ابنها قائلة: ألم أقل لك: إنك ستسقطه، هل تتعمد أن تثير أعصابي؟ حذرتك ألف مرة أن تبعد الكأس عن حافة الطاولة..لكنك لا تسمع كلامي، انهض الآن ونظف المكان.
إذا أردنا أن نحلل هذا الموقف بين الأم وابنها محمد.. سنجد أن هذه الأم لم تتعلم كيف تسيطر على تصرفاتها معه..رغم أنها لم تقصد بالطبع إثارة أعصابه..إلا أن أسلوبها في الحديث معه كان يثير أعصابه بالفعل.. فهي عندما تقول لابنها:
- محمد انتبه، ستسكب العصير.
كأنها تدفعه للدفاع عن نفسه بقوله:
لا لن أفعل ذلك.
وعندما تقول له: أعلم أن ذلك سيحدث.. لأنك تضع كأسك دائماً على حافة الطاولة.
فإنها بهذه الجملة الاستفزازية تهاجم اعتزاز ابنها بنفسه..
وكأنه لا يملك القدرة على التصرف الصحيح.
إذن، حديث الأم مع ابنها لم يدفعه إلى إصلاح سلوكه بأن يبعد العصير عن حافة الطاولة، وإنما استفزه، وأثار غضبه فتذمر محتجاً على والدته بقوله:
- أوف يا أمي، ألا تكفي وتتركيني وحدي.
لكن إذا تعلمت هذه الأم وغيرها.. كيف تتصرف بطريقة سليمة ومتزنة مع أطفالها، فإنها ستلاحظ بالتدريج التغيير الإيجابي على سلوكهم، خصوصاً عندما تبعد الانتقاد السلبي الاستفزازي عن أسلوبها في الحديث معهم..وبالطبع يتطلب ذلك من الوالدين أن يتعلم كل واحد منهما كيف يسيطر على أعصابه. ويفكر بما سيقوله لابنه قبل أن تصدر من شفتيه الجمل الانتقادية التأنيبية له.
تقول إحدى الأمهات اللواتي استفدن من جلسات إرشاد الآباء في أوربا:
- لقد تغيرت علاقتي بأبنائي، أصبحت هادئة ومريحة، لأنني تعلمت كيف أتحكم في تصرفاتي معهم بالصبر والتمرين، أراقب ردود أفعالي التلقائية، وأحاول التحكم فيها بأن أفكر قبل أن أحدثهم بما أريد منهم أن يفعلوه.. وبالتدرج وجدت نفسي، أسمعهم بطريقة مختلفة انعكست على حياتنا العائلية، فأصبح الهدوء يسود تصرفاتي معهم، حتى لو لم أنجح في بعض الأحيان إلا بنسبة 10% عندما أستخدم تلك الأساليب الجديدة، فإنها أفضل من لا شيء، لقد أصبح ابني اليوم في العشرين من عمره والثاني في الثانية والعشرين، وبسبب تلك الطرق التي تعلمتها في تلك الجلسات، فإن علاقتي بهم قامت ولا زالت على الحب والاحترام والثقة.
" ولا شك أن مواجهة الطفل بهذه السلوكيات الناضجة من صبر وحلم وأناة وعفو وكظم غيظ قد ثبت - من مشاهداتنا اليومية - جدواها في بناء شخصية متوازنة للطفل على المدى الطويل، وهذا ما يجب أن نعيه جميعاً بصورة عميقة.. ذلك أن كل تصرفاتنا نحن الراشدين مع الطفل يجب أن تكون لها غاية.
ولا يمكن أن تكون الغاية هي مجرد تنفيس غضبنا، وإنما يجب أن تكون شخصية الطفل مستقبلاً نصب أعيننا، في كل تصرفاتنا معه، ذلك أن انعدام هذه السلوكيات الإسلامية التربوية في تعاملاتنا معه، وممارسة نقيضها من غضب، وصراخ وانفعال وعدوان.. كفيل بأن ينبت في نفسه اليوم وغداً الخنوع، أو التمرد، أو الانهزامية، أو العدوان، أو الانطواء، والسلبية والحقد..كما إنه كفيل بأن يدفن إلى غير رجعة، ميله إلى المغامرة والاكتشاف والمبادرة، وكثيراً مما هو أدهى وأمر.
ولا يعني هذا على الإطلاق ترك حباله على غاربها... بل لا بد مع تكراره للأخطاء التي نفترض مسئوليته المباشرة عنها.. من إظهار استيائنا واستهجاننا وعدم تقبلنا لتلك السلوكيات السلبية..على أن يتم ذلك بصورة حازمة غير عنيفة يرافقه تبيان لما ارتكبه من أخطاء، وكيفية السلوك الأمثل، ثم الحصول على وعد منه بعدم التكرار ".4
_________________________________
1 الثواب والعقاب في التربية، ص 54-55.
2 المرجع السابق ، ص 56.
3 ابني لا يكفي أن أحبك ، ص 79-80.
4 الثواب والعقاب في التربية، ص 59.
المراجع محمد راشد ديماس، سياسات تربوية خاطئة، ص 22-30
http:// المصدر : 209.15.171.39
ـــــــــــــــــــ(101/291)
الأثر التربوي للتوتر النفسي
خولة العناني 4/1/1423
18/03/2002
ربما تنهمر الدموع لمرأى أطفالٍ قد ارتدوا من الحزن أثوابًا، وغدَوْا ضحايا صراعات دولية . فهلا فكرنا يومًا بضحايا الصراعات الأسرية والاجتماعية، ترى كم يعانون من العقد النفسية؟ وكم من الساعات تشلهم الكآبة ! فلربما تجد أحدهم هاربًا من ذكريات طفولة باكية عابسة وهو أشد هربًا من تأمل واقع كئيب، ولا يخطر بباله أن يرسم صورة لمستقبل مبهم.
وشرارة هذه الصراعات لا تنقدح إلا بيد شخص متوتر . وقد يزور التوتر معظم الأشخاص ، بل قد يكون التوتر لازمة من لوازم الحضارة العصرية؛ لأن لحياتنا المعاصرة مرافق تبعد الشخص السوي عن مواقف التوازن ، وتشده نحو سلوكياتٍ طائشة تسحق من حوله، وبعدها تتركه يأكل أصابعه ندمًا ، ولات حين مندم .
وهل يتوقع ممن تهدم شماله ما بنت يمينه أن يرتفع له بنيان ؟
وقبيل أن نرفع رايات الاحتجاج في وجوه المتوترين لا بد أن نلتمس لهم شيئًا من العذر، وذلك أن التوتر قد يزور الشخص لتزاحم أولويات عمله أو لتراكم أعماله أو لتعثر خطواته . والمهم أن المتوتر هو إنسان متحرك فاعل له غاية وهدف، لكن حركته اضطربت في لحظة ما . فهو غير الإنسان البارد التائه الذي تغلب عليه اللامبالاة، ويغشى بصره عمى القيم وضبابية الرؤيا .
وإنما الذي يخشى منه هو طول ساعات التوتر وتكرار المواقف التي تسببه؛ لما له من آثار سلبية قد تصل إلى حد الدمار أحيانًا . خاصة إن صدرت عن شخص مسؤول عن تربية أجيال كالآباء والمعلمين .
وإن كان أمر الأسر هو الذي سنناقشه الآن، إلا أن خطورة توتر المعلمين في المدارس وما يترتب عليها من نتائج لا تقلّ حدة عنها في الأسر .
فإن غضب أحد الوالدين وعاش لحظات توتر نفسي، حينئذ يرتفع صوت الغاضب،وقد تصدر منه شتائم وكلمات نابية ، وربما يحمله الغضب على الاعتداء البدني على غيره، ويرفض أن يستمع لآراء الآخرين .
وقد ينشر مكنونات صدره دون حسيب أو رقيب ، ويخشى عليه من نفسه خاصة إن كان يقود سيارته ، وإن تكررت مثل هذه المواقف فقد تورث قسوة القلب ،وتذهب بسكينة النفس، خصوصًا إن كانت الغضبى هي الأم التي وصفت بأنها " سكن " .
وإن كثر الأفراد المتوترون وحدث بينهم ملاحاة وملاسنة وجدال مقيت فقد يذهب ذلك بروح عباداتهم، قياسًا على أن الجدل يفسد الحج . كما تسقط عاصفة الريح صغير الثمر الذي كان معقد الأمل، فإن عاصفة التوتر قد تضرب صغار الأطفال بسهام تربوية نجلاء منها :
1- اهتزاز صورة القدوة في عيني الصغير .
2- وأد الحوار الهادئ بين أفراد الأسرة .
3- تباعد خطوات الصغار عن الكبار .
4- فقدان الثقة بالمبادئ وأصحابها ، ومن ثم فقدان الثقة بالنفس .
5- قتل المواهب والإبداعات لدى الصغار .
6- غرس الكراهية والحقد بين أفراد الأسرة، وما لذلك من أثر مستقبلي على تفكك العائلة .
وكل ضربة نجلاء من هؤلاء تحتاج إلى تحليل ودراسة لخطورة أثرها فلهذا ولغيره لم تكن وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذهبية: (لا تغضب) عبثًا والحمد لله رب العالمين .
إضاءات
*إن التربية السليمة للأبناء لا تتطلب مالاً ولا شهادات جامعية عليا ، وإنما قدوة صالحة مفعمة بالعطف والحب، وقدرة على الصبر والتحمل، واستعدادًا للمعرفة
من كتاب
الأسرة ورعاية الذات الإنسانية للطفل
ريما كمال الضامن
*إن سلطان العلم أعظم من سلطان اليد، فإن الحجة تنقاد لها القلوب، وأما اليد فإنما ينقاد لها البدن ..
المفتاح لابن القيم
*أصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل ...
المفتاح لابن القيم
*قال الشاعر :
كم طوى البؤس نفوسًا لو رعت ... ...
منبتًا خصبًا لكانت جوهرًا
ـــــــــــــــــــ(101/292)
تخيل فتحت بريدك فوجدت هذه الرسالة بماذا سترد عليها؟
رسالة من أمك:
السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله فارج الهم، وكاشف الغم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد:
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة.. كتبتُها على استحياء بعد تردد وطول انتظار.. أمسكتُ بالقلم مرات فحجزته الدمعة! وأوقفتُ الدمعة مرات، فجرى أنين القلب.
يا بني.. بعد هذا العمر الطويل أراك رجلاً سوياً مكتمل العقل، متزن العاطفة.. ومن حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة وإن شئت بعدُ فمزقها كما مزقت أطراف قلبي من قبل!
يا بني.. منذ خمسة وعشرين عاماً كان يوماً مشرقاً في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أني حامل! والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيداً! فهي مزيج من الفرح والسرور، وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية. وبعد هذه البُشرى حملتُك تسعة أشهر في بطني فرِحةً جذلى؛ أقوم بصعوبة، وأنام بصعوبة، وآكل بصعوبة، وأتنفس بصعوبة. لكن ذلك كله لم ينتقص من محبتي لك وفرحي بك! بل نَمَت محبتُك مع الأيام، وترعرع الشوق إليك!
حملتك يا بني وهناً على وهن. وألماً على ألم.. أفرح بحركتك، وأُسر بزيادة وزنك، وهي حمل عليَّ ثقيل!
إنها معاناة طويلة أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن، ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه قلم، ولا يتحدث عنه لسان.. أشتد بي الألم حتى عجزت عن البكاء، ورأيت بأم عيني الموت مرات عديدة! حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي، وأزالت كل آلامي وجراحي، بل حنوت عليك مع شدة ألمي وقبَّلتُك قبل أن تنال منك قطرة ماء!
يا بني.. مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشاً، وصدري لك غذاء.. سهرت ليلي لتنام.. وتعبت نهاري لتسعد.. أمنيتي كل يوم أن أرى ابتسامتك.. وسروري في كل لحظة أن تطلب شيئاً أصنعه لك، فتلك هي منتهى سعادتي!
ومرت الليالي والأيام وأنا على تلك الحال خادمة لم تقصر، ومرضعة لم تتوقف، وعاملة لم تسكن، وداعية لك بالخير والتوفيق لا تفتر، أرقبك يوماً بعد يوم حتى اشتد عودك، واستقام شبابك، وبدت عليك معالم الرجولة، فإذا بي أجري يميناً وشمالاً لأبحث لك عن المرأة التي طلبت!
وأتى موعد زواجك، واقترب زمن زفافك، فتقطع قلبي، وجرت مدامعي، فرحة بحياتك الجديدة، وحزناً على فراقك! ومرت الساعات ثقيلة، واللحظات بطيئة، فإذا بك لست ابني الذي أعرفك، اختفت ابتسامتك، وغاب صوتك، وعبس محياك، لقد أنكرتني وتناسيت حقي! تمر الأيام أراقب طلعتك، وأنتظر بلهف سماع صوتك. لكن الهجر طال والأيام تباعدت! أطلت النظر على الباب فلم تأت! وأرهفت السمع لرنين الهاتف حتى ظننت بنفسي الوسواس! هاهي الليالي قد أظلمت، والأيام تطاولت، فلا أراك ولا أسمع صوتك، وتجاهلت من قامت بك خير قيام!
يا بني لا أطلب إلا أقل القليل.. اجعلني في منزلة أطرف أصدقائك عندك، وأبعدهم حظوة لديك! اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق..
يا بني.. إحدودب ظهري، وارتعشت أطرافي، وأنهكتني الأمراض، وزارتني الأسقام.. لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك!
لو أكرمك شخص يوماً لأثنيت على حسن صنيعه، وجميل إحسانه.. وأمك أحسنت إليك إحساناً لا تراه ومعروفاً لا تجازيه.. لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات! فأين الجزاء والوفاء؟! ألهذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام؟!
يا بني.. كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري.. وأتعجب وأنت صنيع يدي. أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوة لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل زيارتي؟! هل أخطأت يوماً في معاملتك، أو قصرت لحظة في خدمتك؟! اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم.. وامنحني جزءاً من رحمتك. ومُنَّ عليَّ ببعض أجري.. وأحسن فإن الله يحب المحسنين! يا بني أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك! دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك.
يا بني.. تفطر قلبي، وسالت مدامعي، وأنت حي ترزق! ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجودك وكرمك!
يا بني.. أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق، وألجمها الحزن! جعلت الكمد شعارها، والغم دثارها! وأجريت لها دمعاً، وأحزنت قلباً، وقطعت رحماً..
يا بني هاهو باب الجنة دونك فاسلكه، واطرق بابه بابتسامة عذبة، وصفح جميل، ولقاء حسن.. لعلي ألقاك هناك برحمة ربي كما في الحديث: { الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب، أو احفظه } [رواه أحمد].
يا بني أعرفك منذ شب عودك، واستقام شبابك، تبحث عن الأجر والمثوبة، لكنك اليوم نسيت حديث النبي : { إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه]، هاك هذا الأجر دون قطع الرقاب وضرب الأعناق، فأين أنت من أحب الأعمال؟!
يا بني إنني أُعيذك أن تكون ممن عناهم النبي بقوله: { رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه } قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم].
يا بني.. لن أرفع الشكوى، ولن أبث الحزن، لأنها إن ارتفعت فوق الغمام، واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق، ونزلت بك العقوبة، وحلت بدارك المصيبة.. لا، لن أفعل.. لا تزال يا بني فلذة كبدي، وريحانة فؤادي وبهجة دنياي!
أفق يا بني.. بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أباً شيخاً، والجزاء من جنس العمل.. وستكتب رسائل لابنك بالدموع مثلما كتبتها إليك.. وعند الله تجتمع الخصوم!
يا بني.. اتق الله في أمك.. { والزمها فإن الجنة عند رجلها } كفكف دمعها، وواس حزنها، وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها!
يا بني إن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها..
التوقيع:
والدتك المنسية
http://www.emanway.com المصدر:
مشاكل الولد مع أبويه
د. مصطفى السباعي
من مشاكل الأسرة التي تؤثر في سلوكنا الاجتماعي علاقة الآباء والأمهات، فكثيراً ما يقع الخلاف بين الولد وأبيه، وكثيراً ما يجر هذا الخلاف وراءه ذيولاً أخلاقية, واجتماعية مؤلمة، وقد تؤدي إلى ارتكاب جرائم القتل والعدوان. ونستطيع أن نقسم أسباب الخلاف إلى سببين رئيسيين:
سبب معقول: لا بد فيه من استعمال الحكمة.
وسبب غير معقول ولا مشروع: وهو ما يتسم بسمة العقوق من الولد نحو أبيه.
أما الأول: فهو ما ينشأ عن تحكم الأبوين في علاقة ولدهما بهما بعد الزواج أو عنده، فهما يحرصان غالباً على زواج ولدهما بفتاة يريدانها. أو ليست له مصلحة حقيقية في الزواج منها، بل إنهما ليرغبان في ذلك طمعاً في مال، أو انسياقاً وراء عاطفة، أو حرصاً على صداقة أو قرابة، دون نظر إلى مصلحة الولد الحقيقية في هذا الزواج، وهذا خطأ فادح يجر إلى أسوأ العواقب، وهو تحكم من الأب أو الأم لا يبرره الشرع ولا العقل ولا الحكمة، ومن الخير أن يؤخذ في ذلك رأي الابن ويقتنع به، لأنه هو الذي سيتزوج الفتاة ويشترك معها في السراء والضراء، فإذا لم يجد فيها سَكَنَه النفسي والروحي كان زواجه منها مبعث شقاء له ولها، وقد يتعدى ذلك إلى شقاء أسرتيهما معاً.
وحين يتزوج الولد يرغب الأبوان ( غالباً ) في أن يظل بجانبهما، يسكن معهما هو وزوجه وأطفاله، فتنشأ المشاكل بين الأم والزوجة، وبين الأب والابن، وكثيراً ما تكون أسباب المشاكل التافهة ناشئة عن رغبة الأب أو الأم في فرض سلطانهما على الولد بعد زواجه، كما اعتادا ذلك أيام طفولته وعزوبته، وقد تنشأ عن غطرسة الزوجة أو نفرتها من حماتها، أو تدخل الأبوين في العلاقة بينها وبين زوجها، وفي البيئات الجاهلة أو الظالمة يحمل الأبوان ولدهما على القسوة على زوجته وتعذيبها، وأحياناً على طلاقها لأنها لا تخضع لهما أو لا تنسجم معهما.
وعادة إسكان الولد مع أبويه بعد الزواج لا تزال منتشرة في القرى وفي أكثر سكان المدن، وهي عادة قديمة نرى آثارها في البيوت القديمة التي كانت تعد لإسكان الأولاد حين زواجهم مهما كان عددهم في البيت الواحد، وكان الأب حين يريد تزويج ابنه يكتفي بأن يفرد له في الدار غرفة واحدة لسكنه وزوجته، بينما يشترك مع أبويه وأخوته في غرف الأكل والجلوس والاستقبال، وقد رأينا عدة أبناء يشتركون مع أبويهم في بيت واحد، ويتكاثر الأولاد في هذا البيت حتى يشبه خلية من النحل تعج بالأطفال والنساء والرجال، ولهذه العادة محاذير متعددة من جهة الشر ع والأخلاق والصحة النفسية والجسمية.
والآن وقد تطورت الحياة وتعددت مشكلاتها ومطالبها، وتطور بناء البيوت من الأسلوب الإسلامي الشرقي إلى الأسلوب الغربي الحديث، لم يعد من المستحسن أن يتمسك الأبوان بهذه العادة، ومن الخير لهما ولولديهما أن يهيئا بأنفسهما له سكناً خاصاً خارج بيتهما، لتظل علاقات الود, والحب, والاحترام قائمة بينهما وبين ولدهما وزوجه، فيحال دون وقوع المشكلات, وتجددها يوماً بعد يوم في البيت الواحد والعائلة الواحدة.
والقسم الثاني: من أسباب الخلاف هو ما يكون منشؤه العقوق, والجحود، عقوق الولد لأبويه و جحوده لفضلهما، ويتجلى ذلك في تأففه من أوامرهما وتكاليفهما، ومن رقابتهما لسلوكه ونصحهما له في أعماله، كما يتجلى عقوق الولد في انشغاله بنفسه, وعائلته عن النظر في شؤون والديه, وإعالتهما حين يحتاجان إلى إعانته, وإنفاقه وقد يتطور هذا العقوق إلى الغلظة في خطابهم، والتعدي عليهما بالضرب والإهانة. وكم رأينا أبناءً مجرمين اعتدوا على حياة آبائهم وأمهاتهم بالقتل, أو الضرب المبرح الذي تنشأ عنه إحدى العاهات المزمنة.
ومن أقبح مظاهر العقوق أن يتبرأ الولد من أبويه حين يرتفع مستواه الاجتماعي عنهما، كأن يكونا فلاحين وهو يعيش في المدن، ويتسلم بعض الوظائف الكبيرة، فيخجل من وجودهما في بيته بثياب الفلاحين, أو الأزياء القديمة، وقد شاهدنا من بعض هؤلاء العاقين المغرورين من زعم لزواره عن أبيه أنه خادم مستأجر لشؤون البيت، لما يتوهم في لباسه, وهيأته من حطَّة تتنافى مع وظيفته, أو مقامه الاجتماعي الكبير، وهذا بلا ريب دليل على حطة نفس، وصغر عقل، وحقارة شأن. والنفس العظيمة تعتز بمنبتها وأصلها، وتفخر بأبيها وأمها، مهما كانت حياتهما ونشأتهما وبيئتهم، وحسبك أن القرآن الكريم - مع تشديده على الشرك والمشركين - أوصى الولد بأن يعاشر والديه المشركين بالمعروف: ( وإنْ جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعْهما و صاحبهما في الدنيا معروفاً ). لقمان:15.
هذه هي بعض مظاهر العقوق من الولد نحو أبيه وأمه، ومن ثم كان العقوق قبيحاً في نظر المروءة والشريعة.
أما قبحه في نظر المروءة: فلأنه مكافأة لإحسان الأبوين بالإساءة, ولنعمتهما بالكفران، فلو استحضر الولد ما عاناه أبواه منذ أن حملته أمه إلى أن وضعته, وأرضعته, وربته، ومنذ أن أنفق الأب عليه جنيناً في بطن أمه حتى أصبح رجلاً ذا زوج وأولاد، ولو تذكر فضل أبويه وكفاحهما من أجله في مراحل حياته منذ الاجتنان حتى الزواج، لوجد أن ما يقدمه لهما بعد ذلك من بر وعون في حياته كلها لا يعادل فضل يوم واحد من أيام أبويه معه، فكيف يكون من المروءة أن يجحد فضلهما، ويبدلهما بالإحسان إساءة وبالشكر كفراناً ؟
ولو كان فضل الأبوين قاصراً على الإنفاق المادي لهان الأمر، ولكن فضلهما في حياطته بالعاطفة, والحب والرعاية, والسهر هو أقوى, وأشد تأثيراً في حياته, وهو طفل صغير، إن الطفل يعيش بعاطفة أبويه وحنانهما أكثر مما يعيش بمالهما، ويا الله للأبوين، ما أكبر قلبيهما، وأنبل عاطفتيهما، حين يسهران الليل كله لطفلهما الوليد الذي يصرخ ويبكي، فلا يذوق الأبوان طعم المنام, ولا برد الاستقرار، يكبان عليه ساهرين جزعين وجلين على حياته وصحته، حتى ليتمنيَّان أن يفدياه بحياتيهما، فإذا بزغ الفجر وهدأ الألم وعاودت الطفل ابتسامته، نسيا سهرهما وآلامها وأكبّا عليه يقبلانه ويضمانه ؟! إن ليلة واحدة من هذه الليالي - وما أكثرها في حياة الطفل - في آلامها وأحزانها وتعبها وسهرها، لتعدل مال الدنيا يصبه الولد حين يكبر بين قدميهما، ثم لا يكفي ذلك في جزائهما, ولا شكرانهما.
فما يطيق الولد - مهما كان براً وفياً - بعض ما كان يطيق الأب من عذاب وآلام ولده الصغير حين كانت تنتابه الأوجاع والأسقام.
أفليس قبيحاً إذن في عرف المروءة والأخلاق أن يقف الولد من أبويه في كبره موقف الجحود، وهو المدين لهما في حياته منذ ولادته وطفولته ؟
ومن هنا كان حقاً ما تقرره الشريعة من أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وأشد الذنوب بعد الشرك بالله ـ عز وجل ـ: ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير ). لقمان: 13-14.
فانظر كيف قرن النهي عن الشرك بالله مع الوصية بالوالدين، ووجوب الشكر لهما في آية واحدة ونسق واحد.
http://www.balagh.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/293)
قراءة في "قراءة الأطفال"
مرتضى أبو حسين 22/12/1423
06/03/2002
تعد القراءة أساس تربية الطفل في المرحلة الأولى من التعليم، لذلك كان التخلف فيها تخلفاً في حياة الطفل الدراسية بل في حياته النفسية فماذا أعددنا لنصل بأطفالنا إلى بر الأمان نحو تعليم القراءة وتقدمهم فيها؟!
ولئن كانت البيئة المنزلية من أهم الأسباب التي تساعد الطفل على تطوير قدرته اللغوية فلزام علينا أن نساهم بجدية في تحقيقها وتوفيرها للطفل (وذلك بتوفير بعض القصص والمجلات المصورة على سبيل المثال).فتوفير هذه البيئة المناسبة للطفل قبل دخوله المدرسة يؤدي حتما إلى تنمية حب القراءة والتعلم لديه .
وأيضا،لابد من توافر الصحة العامة لأطفالنا؛ لأن القراءة تتطلب انتباهاً ويقظة وتركيزاً في كل عملية من عملياتها،فإذا كان الطفل مرهقاً فإنه سرعان ما يشرد بذهنه وبالتالي فإن ذلك يعوق نجاحه في القراءة، والطفل الذي يتغيب عن المدرسة بسبب المرض تفوته كلمات جديدة وتضيع من ذاكرته الكلمات القديمة مما يكون سبباً في إصابته بالركود في التعلم.وإذا كان الطفل يعاني من ضعف في الإبصار فيجب علينا أن نوفر له مقعداً قريباً من السبورة أو الضوء ونستخدم الخط الواضح والحروف الكبيرة والورق الجيد وأن نجنبه الإرهاق الذي يتأتى من تركيز العينين في الحروف والكلمات لفترة طويلة.وإذا كان الطفل يجد صعوبة في السمع فينبغي على المدرسة أن تفعل مابوسعها حتى لا يكون ضعف السمع معوقاً للطفل عن الإستفادة من البرنامج التعليمي.
في بعض الأحيان نلاحظ أن الطفل الذي يواجه صعوبة في النطق يخجل من التحدث أو القراءة أمام زملائه وذلك بسبب خوفه من تهكمهم به وسخريتهم منه.ويؤدي ذلك إلى مزيد من الخوف والإنطواء والقلق وزيادة التوتر عند الطفل .حينئذ يمكننا توجيه الطفل إلى القراءة الفردية الصامتة ،ولن نجد صعوبة في ذلك ، فحديث الطفل المعيب سوف يؤدي به إلى الحرص على القراءة لأنه سيلاحظ أن عثرات اللسان لاتظهر في القراءة الصامته على عكس ما تبين له عند قراءته أمام التلاميذ ، فيندفع إلى القراءة ويلتهم كل ما تقع عيناه عليه من الكتب والصحف والمجلات، ويناله فيها من التوفيق والبراعة ما لا يناله زميله السوي.
والطفل المستقر انفعالياً أقدر على الإستجابة الفاعلة للمواقف التعليمية بعكس الطفل الذي ينشأ في بيئة اجتماعية غير مواتية، فإنه يجد صعوبة في التكيف مع أي موقف تعليمي جديد.
وإذا كان الأساس في تعليم القراءة للمبتدئين هو التمييز بين الكلمات ، فإن الطفل لن يصل إلى هذه المرحلة إلا إذا كان لديه القدرة على إدراك المتشابه وغير المتشابه من صور الكلمات والحروف.
ثم إن نشأته في بيت مثقف يتيح له فرصة رؤية الحروف والكلمات والأخبار بالمتشابه وغير المتشابه، وهي قدرة لا بد من توفرها قبل أن يبدأ الطفل القراءة بمعناها الصحيح وإلا أصبحنا كمن يضرب على حديد بارد.
وقدرة الطفل على أن يبقي في ذهنه سلسلة من الأفكار في ترتيبها الصحيح أساسية في نجاحه في تعلم القراءة والتقدم فيها كي تعينه على استرجاع الحوادث المتعاقبة في قصة من القصص أو العناصر المترابطة في خبرة من الخبرات، كذلك فإنها تعينه على معرفة الكلمات الجديدة.
ومن المهم أن يكون الطفل قادرا على إدراك العلاقة بين مايقرؤه وبين المعاني الموجودة في ذهنه مسبقا، إذ يمكنه ذلك من ربط ما يعرفه من قبل بالمعاني التي يدركها من قراءة العبارات المكتوبة، وإذا انعدمت القدرة فلن تكون قراءة الطفل إلا تصعيداً وترديداً مجرداً من المعنى والفكرة.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة دفع الطفل إلى تعلم القراءة بترغيبه فيها وتشويقه لها. وهي رغبة تختلف من طفل لآخر باختلاف البيئة الثقافية التي عاش فيها الطفل والخبرات التي تمرس عليها من قبل.
ونتيجة لمفهوم الطفل المبتدئ للقراءة ورغبة الطفل واهتمامه بها يكون مدى استعداده لعملية التعلم،من أجل ذلك كان واجبا على المعلم أو المربي أن ينمي في الطفل هذا الإستعداد قبل أن يأخذه إلى عالم القراءة الفعلية
ـــــــــــــــــــ(101/294)
ابني المخرب كيف أعالجه؟
إن التخريب من قبل الأطفال يُعدُّ سلوكا مزعجاً للآباء؛ لأنه يؤدي إلى الإتلاف وهو غالباً مكلف، ويمكن تقسيمهم إلى مجموعتين:
1 ـ الأطفال الذين يفعلون ذلك ببراءة أو عن غير قصد.
2 ـ الأطفال الذين يفعلون ذلك عن قصد وبمكر حيث يمكن للعداوة أو الملل أن يستجرأ هذا السلوك.
ويمكن علاج هذا السلوك - بإذن الله - بما يأتي:
1 ـ المواجهة: قم بعمل فوري لوقف سلوك التخريب كلما ظهر على النحو التالي:
أ ـ اعمل على وقف السلوك التخريبي.
ب ـ أصدر له أمراً لفظياً بذلك.
ج ـ اشرح له سبب المنع ( قيمة الممتلكات، حقوق الآخرين).
د ـ ضع الطفل في منطقة لعزله مدة دقيقتين إلى خمس دقائق حتى يهدأ، ثم امتدح هدوءه وأثن عليه.
هـ ـ ساعد الطفل في التعويض عن الضرر مثلا: (عليك أن تدفع ثمن زجاج النافذة الذي كسرته)، أو إصلاح ما خربه إن كان ذلك ممكناً.
2 ـ حاول أن تعرف السبب (التفهم): فعندما يقوم الطفل بالتخريب متعمداً، حاول أن تعرف السبب هل هو تخريب مقصود لذاته أم هو مجرد حب الاستطلاع، واستكشاف محتويات الشيء، أو كراهيته للذات بإيلامها، فعلى أساس معرفة الدافع والسبب تكون المعالجة والعقاب.
3 ـ علم الطفل التنفيس عن الغضب بشكل مناسب: فإن بعض الأطفال يعبرون عن بشكل تخريبي؛ لأنه لم يسبق لهم تعلم طرق مناسبة لتفريغ انفعالاتهم، ويمكنك أن تقترح على الطفل أن يقوم بلكم وسادة، أو لعبة بلاستيكية منفوخة، أو أن يقوم بتقطيع الأخشاب أو طرقها، أو تمزيق (صور) المجلات، أو التعبير عن المشاعر من خلال الرسم أو التلوين أو عمل الصلصال.
4 ـ البدائل البناءة: وجه الطفل التوجيه المناسب ووفر كل المناشط التي من شأنها تصريف طاقته.
5 ـ المكافأة: لاحظ بعناية وسجل عدد المرات التي يقوم فيها الطفل بتخريب أو محاولة تخريب الممتلكات، وثبت العدد اليومي على جدول بياني، ثم كافئ الطفل بمكافأة مناسبة عندما ينخفض المعدل اليومي لحوادث التخريب انخفاضاً ملحوظاً.
وأخيراً: كن هادئاً متزناً في التعامل مع الطفل في علاج مثل هذه السلوكيات، وإلا فإن الطفل سيزيد من سلوكه السيء، ولن يستفيد الوالدين من الشدة والعصبية والعقاب الشديد شيئاً.
ثم قل وداعاً للطفل المخرب، وعش سعيداً هانئاً مع طفلك الجديد.
http://gesah.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/295)
هل أعتذر لابني؟
أ . جاسم المطوع
أثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه، ونزلت دمعة من عينه علي خده، وكنت وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم.
وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني علي انفراد قائلاً: هل تعلم لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي؟! قلت له: لا والله!! فقال: إن لي ابنا عمره سبعة عشر سنة وقد هجرته منذ خمس سنوات لأنه لا يسمع كلامي، ويخرج مع صحبة سيئة، ويدخن السجائر، وأخلاقه فاسدة، كما أنه لا يصلي ولا يحترم أمه، فقاطعته ومنعت عنه المصروف، بنيت له غرفة خاصة في السطح، ولكنه لم يرتدع، ولا أعرف ماذا أعمل، ولكن كلامك عن الحوار وأنه حل سحري لعلاج، المشاكل أثر بي، فماذا تنصحني؟
هل استمر بالمقاطعة أم أعيد العلاقة؟! وإذا قلت لي ارجع إليه فكيف السبيل؟!
قلت له: عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد، وإن ما عمله ابنك خطأ ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً، أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه، ومستقيماً في سلوكه، فرد علي الرجل قائلاً: أنا أبوه أعتذر منه، نحن لم نتربى علي أن يعتذر الأب من ابنه!!.
قلت: يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً وإنما علي المخطئ أن يعتذر، فلم يعجبه كلامي، وتابعنا الدورة وانتهي اليوم الأول، وفي اليوم الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه، وقلت له: ما الخبر؟
قلت: أخبرني، قال: طرقت علي ابني الباب في العاشرة ليلاً وعندما فتح الباب قلت له: يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات، فلم يصدق ابني ما قلت ورمي رأسه علي صدري، وظل يبكي فبكيت معه، ثم قال: يا أبي أخبرني ماذا تريدني أن أفعل، فإني لن أعصيك أبداً.
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة، نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، بل إن النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - في إحدى الغزوات كان يساوي بين الصفوف، فوضع عصاه في بطن أحد الصحابة ليساوي وقوفه مع بقية الصف، فطلب هذا الصحابي أن يقتص من النبي علي فعلته، فكشف النبي - صلي الله عليه وسلم - عن بطنه وأعطاه العصا ليقتص منه، ولكن الصحابي انكب علي بطنه يقبله، فقال له النبي - صلي الله عليه وسلم -: لم فعلت ذلك. فقال أردت أن يكون آخر عهدي بالدنيا أن يمس جلدي جلدك، واستشهد الصحابي في تلك المعركة.
إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار عند الخطأ، وإذا لم يعتذر فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر.. هذا ما كنت أقوله في أحد المجالس في مدينة بوسطن بأمريكا، وكان بالمجلس أحد الأصدقاء الأحباء وهو: د. وليد فتيحي، فحكي لي تعليقاً علي ما ذكرت قصة حصلت بينه وبين أحد أبنائه عندما كان يلعب معه بكتاب من بلاستيك، فوقع الكتاب خطأ علي وجه الطفل وجرحه جرحاً بسيطاً، فقام واحتضن ابنه واعتذر منه أكثر من مرة حتى شعر أن ابنه سعد باعتذاره هذا، فلما ذهب به إلي غرفة الطوارئ في المستشفي لعلاجه وكان كل من يقوم بعلاجه يسأله كيف حصل لك هذا الجرح؟
يقول: كنت ألعب مع شخص بالكتاب فجرحني ولم يذكر أن أباه هو الذي سبب له الجرح.
ثم قال د. وليد معلقاً، أعتقد أن سبب عدم ذكري لأنني اعتذرت منه، وحدثني صديق آخر عزيز علي وهو دكتور بالتربية بأنه فقد أعصابه مرة مع أحد أبنائه وشتمه واستهزأ به ثم اعتذر منه فعادت العلاقة أحسن مما كنت عليه في أقل من ساعة.
فالاعتراف لا يعرف صغيراً أو كبيراً أو يفرق بين أب وابن.
قال - تعالى -: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) سورة طه
http://www.islammessage.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/296)
كيف نربي العقلية المبدعة ؟
الإسلام اليوم- القاهرة - خاص: 6/11/1423
18/02/2002
يوجه المستشرقون والغرب عموما ومعهم العلمانيون في بلادنا انتقادات حادة إلى المسلمين بأنهم يربون أبناءهم على اتباع النصوص وحفظها ولا يربونهم على الابتكار فهم متبعون وليسوا مبدعين . ترى هل العقلية الإسلامية فعلا عقلية غير مبدعة وغير مبتكرة ؟
يقول د. عبد الغني عبود أستاذ التربية المقارنة والمناهج بكلية التربية جامعة عين شمس إنه لا إبداع دون اتباع لأن الأمر في هذه الحالة يتحول إلى فوضى ... والفوضى لا يمكن أن تكون إبداعا على الإطلاق . إن الفهم الصحيح للإبداع يعنى أن أفكر في الواقع الذي أعيشه وأن أستوعبه وأتفاعل معه وأنفعل به ثم أحاول تطويره ..وهذا هو قمة الإبداع . فالإبداع لا يأتي من فراغ وإنما يأتي من الواقع المعاش ومحاولة نقله من صورة إلى صورة مختلفة 00 وهذه الصورة المختلفة في الإسلام تكون في إطار عام هو إطار التوحيد والعبودية لله وإذا نظرنا إلى القضية من هذه الزاوية فإننا نجد أن الإسلام هو السباق إلى هذا الإبداع العاقل المتزن الملتزم الذي يسعى لصالح الإنسان .
أما الذين يقولون بأن الحفظ ضد الإبداع فنحن نقول أنه لا إبداع دون مخزون يقوم عليه هذا الإبداع 00فلا إبداع من فراغ 00 وإنما يكون الإبداع بناء علي معطيات محفوظة يتم تقليدها والنظر إليها بنظرة نقدية واعية حصيفة فالإبداع لا يأتي من فراغ إلا في حالة الأطفال الذين في سن المهد أو إبداع المجانين فالذاكرة أساس على ألا تكون هذه الذاكرة ذاكرة ببغاء تقوم على ترديد ما حفظته دون وعي ودون فهم ودون نقد وكيف يتهم المسلمون بأنهم يحفظون ولا يبدعون رغم أن علم الحديث عندهم قام في البداية على حفظ مئات الألوف من الأحاديث ثم طبقوا بعد ذلك منهج التثبت والنقد والجرح حتى صار هذا العلم علوما متعددة شكل آلية متكاملة لأسس البحث العلمي وتمييز الحق من الباطل وإذا كان الغربيون يتهموننا بأننا تقليديون وحفاظ فإننا نقول أن الأمريكيين أكثر الناس تقليدية 00 فلا يزال وليم جيمس الذي مات منذ قرنين مقدسا عندهم ويرددون كلامه وكذلك جون ديوي 00 فكل مفكر البرجماتية الأمريكية لا يزالون يعيشون في فكر كل أمريكي يعيش اليوم فالأمريكيون أكثر تقليدية ولكنهم يقلدون النمط البرجماتي النفعي الذرائعي الذي هو دين الأمريكيين هذه النفعية الذرائعية تنظر إلى الأمور بمقياس قيمتها ومردودها المادي ، أما نحن فتقليديون على مذهب نبذ الدنيا وليس هجرها ، وإنما أن نجعل لها مثلا أعلى رفيعا نعيش له أو نموت على طريقه 0
"الإسلام دعوة للتأمل وإعمال العقل "
أما د0 حسن شحاته أستاذ التربية ورئيس مركز تطوير التعليم بجامعة عين شمس فيقول أن الإسلام دين يدعو إلى التفكير وإعمال العقل ويدعو إلى الإبداع 0
والتعلم في الإسلام يتم في إطار هذا المثلث 00 وهذا التعليم يدفع المتعلم إلى الإبداع والاختراع والابتكار والنصوص الإسلامية كلها دعوة إلى التأمل والنظر واستخدام العقل وذم التقليد والمقلدين ودعوة إلى التعلم والتفقه وهي دعوة إلى التأويل والتفسير والتأويل في الإسلام متعددة الرؤى والنظرة نتيجة لاختلاف التفكير والفهم في الإطار الإسلامي .
إن تفسير النصوص في هذا الإطار وفي إطار أن الإنسان مسئول عن عمارة الكون وعبادة الله وأنه يجمع بين خيري الدنيا والآخرة هو الذي حكم المسلمين رغم اختلاف الزمان والمكان 00 فكيف يكون الإنسان المفكر الذي يعمل لدنياه وأخراه إنسانا آليا مبرمجا ؟ إن لدينا تفسيرات مختلفة للقرآن عبر العصور وليست كلها نسخا متطابقة وإنما فهم متعدد للنصوص وإضافات تتفق مع سعادة ومستقبل الإنسانية 00فهل العقليات التي فعلت ذلك عقليات آلية ومبرمجة أم عقليات حية مبدعة ؟
إن معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والخاص والعام والمطلق والمقيد والمحكم والمتشابه وفهم الأحاديث النبوية التي هي بمثابة المذكرة التفسيرية للقرآن الكريم 00وربط هذه الأحاديث بالقرآن كل ذلك يشكل فهما وإبداعا ولا يستطيع العقل الجامد أن يقوم بهذه المهمة .
إن الإنسان مسئول عن تصرفاته وأفعاله أمام الله 00فكيف يكون هذا الإنسان المسئول المكلف إنسانا لا يفكر ؟ إن الإسلام يدعونا إلى الاجتهاد وإعمال العقل 00ففي الحديث النبوي (( من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر )) والمسلمون الذين تفوقوا في العلوم والآداب دليل على العقلية المسلمة وبراعتها في التفكير والتدبر أليست العمارة الإسلامية والهندسة الإسلامية وفن المعاملات التجارية تدل على تفكير عميق وإعمال كامل للعقل ؟
ويضيف د0 حسن شحاته أن الإسلام يدعو إلى تغيير الذهنية ويخاطب القوى المفكرة لا القوى الحافظة 00 كما أن حفظ المسلمين لكتاب الله وللأحاديث النبوية لا يتناقض أبدا مع قدرتهم على التفكير وإعمال العقل والنقد والربط بين النصوص والاستنباط أليست المذاهب الإسلامية الفقهية بما تحتويه من مناهج استنباط ومسائل رياضية كلها تفكير وفهم عميق وتدبر ؟
العقل يتكون حسب الخصائص الشخصية والوسط الاجتماعي
بينما تقول الناقدة والكاتبة الإسلامية صافي ناز كاظم أن الكثيرين من أئمة الإسلام المجددين كانوا دائما يحاربون التقليد الأعمى الذي هو تقليد المذاهب وتقليد المجتهدين بدون إعمال للنظر والعقل وبدون استقلالية في النظر وحتى العلماء المعاصرين المجددون كثيرا ما يوجهون الأنظار إلى عدم التقليد الأعمى .
وهكذا فإن الإسلام كله مقاومة للتقليد الأعمى دون إعمال النظر والتدبر والعلماء المسلمون كثيرا ما انتقدوا الصوفية المبتدعة الذين يتبعون شيخا معينا ويقلدونه دون التبصر بحاله فهذا تقليد مذموم ..وإذا كان الغرب ينتقد المسلمين ويصفهم بأنهم عقول متبعة للنصوص وليست عقولا مبتكرة فإن هذه المذمة موجودة لديهم في الغرب وليست بنت العقلية المسلمة فالمذاهب الكبرى في الغرب سواء كانت دينية أم دنيوية كلها قائمة على التقليد وعدم الابتكار والكنائس الأوروبية تخاطب أتباعها على أساس أنه عليهم السمع والطاعة والتنفيذ والخضوع 0
كما أن العلمانية والمذاهب العقلية الغربية حينما أسست أحزابا مثل الأحزاب الشيوعية فإنما أسستها على الطاعة العمياء للقائد الذي هو ملهم وعبقري وحتى البروتستانتية التي قامت على عدم التقليد فإنها ما لبثت أن عادت وبنت كنائسها على التقليد .
وتضيف كاظم أن اتهام العقلية المسلمة بصفة خاصة بالتقليدية لأنها قائمة على اتباع النصوص اتهام غير صحيح فالأمر يعود إلى طبيعة الشخصية فقد يكون لدي الشخص قدرات عقلية جيدة ويسعى لتكوين رأي مستقل 00 وهذا الإنسان لن يكون مقلدا سواء كان مسلما أو غير مسلم أما إذا كان الشخص متواضع القدرات الفكرية فسوف يكون مقلدا حتى ولو كان علمانيا أو شيوعيا أو ملحدا 0
كما أن قضية التقليد والإبداع ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية التربية والوسط الاجتماعي الذي ينشأ فيه الطفل فإذا نشأ الطفل في وسط اجتماعي يشجع العلم والتعليم والقراءة والمناقشة والنقد يتعود الطفل على الاستقلالية والنقد والتفكير وربما الابتكار والعكس صحيح وإذا كان المقصود بالابتكار هو الابتكار العلمي فإن حضارة المسلمين مليئة بالابتكار في مختلف المجالات من هندسة وجبر وفلك وفيزياء وكيمياء وطب 00 الخ
والحضارة الإسلامية مليئة بالفنون المتنوعة
ـــــــــــــــــــ(101/297)
أضاعوك وأي فتى أضاعوا
أم حسان الحلو 4/11/1423
16/02/2002
نعم .. كلا .. لا .. لا .. تعثرت كلماته وكأن صوته يخرج من بئر سحيقة القرار وقد أخذ الصراع النفسي يأكل قلبه الغض .
كان المحقق يصيخ السمع للفتى " نجيب " مصوبا نحوه نظرات نارية منذرة بفنون التهديد والتعذيب ، ثم أصدر أمره الحازم ..
عد إلى غرفتك وإلى جدرانك الصماء ، وستدرك جيدا أنك تضر نفسك بتبديل أقوالك .
سار المحقق خارج غرفته بضع خطوات وإذا به أمام رجل في عقده الخامس قد كسي من الوقار والاتزان حللا ، حاملا بيده أوراقاً
طلب تسليمها للفتى " نجيب " .
فحص المحقق الأوراق بسرعة ونظر إليها بتعجب ظاهر ثم رفع رأسه وقال مخاطبا الرجل :
إذن نجيب من الطلبة الممتازين وفي المرحلة المتوسطة كما يظهر من شهاداته المدرسية ، ومن تكون حضرتك ؟ أجاب الرجل بتأثر بالغ :
- أستاذ وموجه في مدرسته منذ تسعة أعوام تقريبا .
- حسنا هل يمكنني طرح بعض الأسئلة ؟
- تفضل .
- ماذا تعرف عن نجيب ؟ زفر الأستاذ زفرة عميقة جالت في رحاب الأسى وقال بثقة بالغة :
- نجيب أيها المحقق طالب يقطر الأدب من كلامه، وترتقي المعالي بأخلاقه ، إنه رقيق الإحساس ، شفيف المشاعر ، نادر المثال ، تتمازج إبداعات عقله بإشراقات روحه ؛ كان يقدم لنا أعمالا مدرسية رائعة ..
- هل لاحظتم عليه ما يريب في سابق أيامه ؟ دارت الكآبة في محيا الأستاذ وقال بتأسف ظاهر :
- أقسم أننا ( كهيئة تدريسية ) لم نلحظ على نجيب سوى مايدعو للفخار والرفعة والشموخ والعزة، كان يغذي سفوح آمالنا إذا أجدبت لمرأى الأجيال أمامنا .. كان الأمل والعزاء ، كان ثمرة العطاء . صمت الأستاذ قليلا وهو ينظر للأفق ثم أكمل :
- هل تصدق أننا جميعا في حيرة بالغة ؟!! لم نصدق حتى أثبت لنا أنه متهم. مسكين ، كيف أصبح متهما .. ماهي الظروف التي قتلته ؟ شيء عجيب .. شيء .. وغادرت الكلمات مرفأها لفترة ثم قال :
- أتسمح لي بزيارته ؟
لم يستطع المحقق منع الأستاذ من زيارة طالبه الأثير ، وقال لنفسه : " قد تبدد هذه الزيارة بعض الغيوم وتفسر شيئاً من الأحداث " .
* * * *
ما أن رأى نجيب أستاذه الوقور أمامه حتى نهض مصافحاً خجلاً وقد بدا منكمشاً كسيفا قد غادرت الابتسامة محياه وذهبت الآمال من مقلتيه ، وقبل أن ينطق الأستاذ بهمسة أحس نجيب بوابل الأسئلة تمطره وأنه يقف تحتها مرتدياً أثواباً شفافة خفيفة مهترئة وتذكر أن " الحقيقة لا تغطى بغربال " ، كما علمه أستاذه الفاضل .
ود لو يتطاير رماداً ليعود محمولا مع ذرات الغبار وينعم في فصله الدراسي بين زملائه وأمام أساتذته ، لكنه خاطب نفسه " قاتل الله القسوة و الغلظة والبخل والجفاء وسامح الله الأثرياء الذين لم يلتفتوا إلى أمثالنا " .
وأحس بيدي الأستاذ الحانيتين تربتان على كتفه لتطمئن وجيب قلبه .
" نجيب .. أضاعوك وأي فتى أضاعوا " .
- نجيب ولدي الحبيب ، اصدقني و أخبرني كيف دخلت سراديب الضياع .. ومتى أصبحت تلهث خلف الأفاعي والذئاب ؟ نجيب ولدي .. كيف ؟
ومد الأستاذ يدين مرتجفتين لتمسح دموعاً حرى انهمرت من عيني الفتى فرأى الأحزان قد نسجت ستراً . بدا نجيب فيه حزيناً ذاهلا دامعاً وبعد أن هدأ روعه رفع حاجبيه وطار إلى الأفق حيث كان يستمع إلى حديث أمه وشكواها المتواصلة ، فالعمل قد ضاق على والده، وقبل أن تثمر غرسات الوالد انقطع شريان الماء ، فجفت الأزاهير والبراعم ".. لم يفكر أحد بالإسعاف الأولي أو المبدئي ، جميع من حولنا يركضون خلف عرباتهم التي تحمل رياشهم .. ربما رمى أحدهم لنا شيئاً من فتات مائدته أو قمامات أدواته مغطاة بنظرات الشفقة والرثاء ومختومة بعبارات المن والأذى .
تحملت أمي وتحمل جميع الأهل جبال هموم الفقر ، لكن أخي الذي كان يدرس في الخارج - وقد اقترب من نيل شهادة عالية بتقدير مشرف - لم يرحمه أحد من عباد الله فكاد أن يقطع دراسته ويبتر آمال أمي وأحلام أبي وتحرم العائلة جميعها من أكل ثمرة واحدة قد تحمل غراس ثمرات قادمة " . صمت نجيب قليلا ثم أردف بصوت حزين : " أكلتنا الفاقة يا أستاذ ..
الغذاء الذي يمد به الأغنياء الفقراء سام مدمر غير ذاك الذي تمدنا به دروسك يا أستاذ .
حاولت الهرب من الذل والكآبة والحزن والآهات والدموع التي استعمرت حياتنا الأسرية .. تجولت في الشوارع ليلا ونهارا ، بحثا عن هواء نظيف ينعش كياني ، فأنعشني هواء الليل ولفحتني شمس النهار.
وتعرفت إلى أصحاب وزملاء ، تماسكت وشائجنا .. وعلقت آمالنا على سفوح همومنا . وهمس لي أحدهم : هل تبحث عن إسعاف و إغاثة ؟ أجبت بحماس :
أجل أجل .
- إذن أخبر أهلك أنك ستعمل منذ الليلة القادمة في شركة لتوزيع البضائع الضوئية وهذه شركة لا تعمل إلا ليلا !! تساءلت بلهفة :
بمقابل ؟ فأجابني بثقة وسرور :
يبلغ مئات الدولارات كل ليلة !!
- مئات الدولارات ؟ كدت أرقص طرباً في ليلة حالكة في شارع مظلم متشعب الأزقة .. وحدثت نفسي : بعد غد فقط سأضع بلسم الإغاثة الأول بين يدي أمي ، بل سأبرقه إلى أخي ليكمل فصله الأخير وأحمل الوصولات إلى أمي ، سأحقق حلمها وستتوقف أمواج الحزن التي فتت قلبها وسأغيث أنفاسها المتحشرجة وسيثبت والدي قدمه المترجرجة .. والمهم أن أخي سيكمل فصله الأخير دون من أو أذى ! " ..
وانعقدت بنفس نجيب غصات حزن مرير وأطبق أهدابه وغاص في بحار ضياعه بصمت مريب .
لكن الأستاذ سأله وقد زارت الشكوك قلبه وعقله الفطن :
- ما حقيقة البضائع ؟
- " هذا ما أحطت به علماً عندما أحاطت الشرطة بيتنا ليلا وتم الفصل الأخير يا أستاذي " ( فقد ثبت أن البضاعة التي لا تحتمل الضوء هي التي تقتل النور في قلوبنا .. إنها المخدرات ) .
ماجت الدنيا بناظري الأستاذ واستوطنت الآلام سراديب أحاسيسه واحتوى نجيب بيديه وهو يقول :
ستبقى جرائم المجتمعات المادية تلطخ شوارعها المضيئة ..
ـــــــــــــــــــ(101/298)
أليس رأي الطفل مهماً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
عندما تعزم أيها الأب أنت, وزوجتك على الخروج من المنزل لزيارة أحد الأقارب, أو للخروج في نزهة خارج المنزل فيا حبذا لو أخذتما رأي الطفل في ذلك فالطفل لن يتردد في مثل هذه الأشياء وإنما الهدف من ذلك هو زرع الثقة في نفسيته من الصغر وتعليمه على التجاوب مع الآخرين وطرح الرأي, ومحاولة طرد التردد, والخجل الذي يصاب به كثير من الشباب الذين لم تتح لهم الفرصة لقول ما لديهم وهو أطفال ولم تسمع آراؤهم في ذلك الوقت فتعلموا الصمت, والخجل أكثر من تعلمهم الحديث, والجرأة فتجدهم يعرفون أشياء كثيرة عن الحياة, والمجتمع وغير ذلك لكنهم لا يجرءون, وعما تحمله قلوبهم ولو تجرءوا على ذلك لما استطاعوا عرض ما لديهم بوضوح, وبيان. أليس كذلك أيها الأب, ويا أيتها الأم..؟؟
رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي
و الحمد لله رب العالمين..
http://osrti.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/299)
هل لديك وقت لتربية أبنائك
مهمة التربية مهمة شاقة, وصعبة على النساء اللواتي لا يعملن، فما بالك بالأم المناط بها وظيفة يومية
عليها الذهاب إليها, وترك حضن التربية وراءها؟!
إن اجتياز هذا الاختبار بنجاح يتطلب منك - عزيزتي الأم العاملة - كثيراً من المهارة, والحكمة في استغلال كل دقيقة من وقتك.
في حياة كل أم عاملة نقطتان مهمتان:
الأولى: متعلقة بواجبها تجاه المنزل, وترتيبه, والإشراف عليه، وإيقاظ الأبناء, وتوصيلهم للمدرسة، وهذه النقطة يمكن للأم بسهولة تنظيمها بقليل من التخطيط, والاستعانة بالورقة, والقلم.
أما النقطة الثانية: فهي المتعلقة بتربية الأطفال الصغار أكثر نضجاً, وبأخلاق رفيعة، وأكثر تحملاً للمسئولية.
تعد تربية الأبناء موضوعاً مهماً جداً, وخاصة بعد أن بدأت أصابع الاتهام تتجه نحو الأم العاملة في أنها السبب في فشل كثير من الأبناء في حياتهم، وتتهمها أيضاً؛ بأنها السبب في انحراف الأبناء.
? الوقت من ذهب
ولكن لماذا تتهم الأم العاملة بانحراف الأبناء وضياعهم؟
يجيب البعض بأن عمل الأم يأخذها من منزلها وأبنائها إلى جانب المضايقات, والضغوطات التي تتعرض لها الأم في عملها مما ينعكس عليها في تعاملها مع أسرتها, وأبنائها.
ونقول بدورنا لك عزيزتي الأم: إنه قد لا يكون لديك الوقت الكافي، ولكن لابد أن تستغلي كل دقيقة في تعليم أبنائك شيئاً جديداً, أو غرس قيمة, أو مبدأ، وأيضاً عليك أن تقدمي دروساً سريعة لهم تكون ذخراً في حياتهم المستقبلية.
والخطوات التالية ستساعدك على ذلك:
1- انتبهي لكل ما تقولينه, وكيف تقولينه:
يقلد الأبناء وخاصة الصغار منهم، ولهذا عليك عزيزتي الأم بالحرص الشديد في الطريقة التي تكلمين بها والدهم أمامهم، أو تتعاملين بها مع أي شخص آخر، فطريقتك في التخاطب, والتحادث هي الطريقة المثلى التي يتعلم منها أبناؤك وسائل الاتصال مع من حولهم، وعليك ألا تبخلي بالحوار المستمر, والمثمر مع أبنائك, وبالطرق الصحيحة.
2- اغرسي في أبنائك هذه المفاهيم :
- إن أفعالنا يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الآخرين وفي إسعادهم.
- عندما يشعر الآخرون بالحزن يجب أن نمد لهم يد المساعدة.
- أفعل الأشياء الجيدة التي تدخل السعادة على قلوب الآخرين.
- أن الناس جميعاً متساوون.
3- ولا تنسى:
- استمعي لابنك جيداً, وشجعيه على وجود حوار بينكما.
- راقبيه عندما يلعب بألعابه, ويتحدث مع نفسه فسوف تكتشفين الكثير عن شخصيته.
4- استغلي كل الدقائق والثواني:
استفيدي من كل الدقائق التي تجمعكما معاً، لا تجعليه يجلس أمام التلفاز لمدة طويلة, وأنتِ موجودة.. حيث يمكنكما عمل أشياء كثيرة وممتعة.
- استغلي لحظات الصباح في أحاديث هادئة, وجميلة بدلاً من مشاحنات الاستيقاظ, و ترتيبات الذهاب للمدرسة.
- أعطيه فرصة؛ ليكون دائماً معك في المطبخ, وأنتِ تعدين له الطعام، أو بجانبك وأنتِ ترتاحين على الأريكة، ولا تنسي لحظات ما قبل النوم؛ لرواية قصة أو الحديث معاً.
5- تعرفي إلى أصدقائه:
تحدثي مع أصدقاء أبنائك, وتناولي الطعام معهم, وأوجدي حواراً لتتعرفي إليهم، وضعي حدوداً يلتزم بها أبناؤك عند استقبال أصدقائهم في المنزل.
6- استفيدي من عطلات نهاية الأسبوع
بنشاط أسري بعد أسبوع طويل مملوء بالعمل, والدراسة بشيء من التغيير، فقومي بأي عمل سهل, وممتع للآخرين، كإعداد وجبة غريبة مثلاً.
7- امنحي الأبناء فرصة للحديث مع الآخرين
..واتركي لهم الفرصة للاقتراب من شخص تثقين به, وفي آرائه حيث يخبرك بما يشعر به أبناؤك.
8- بماذا يفكر الأبناء؟
ناقشيهم دائماً لتعرفي بماذا يفكر أبناؤك، فمثلاً: عندما تقرئين في إحدى الجرائد عن موضوع معين, أو عندما تشاهدين برنامجاً خاصاً ناقشيهم في رأيهم, واعرفي وجهة نظرهم.
وإذا أخبرك ابنك عن موضوع خاص بأصدقائه ناقشيه في رأيه, وعن شعوره حياله، وإذا سألك ابنك عن حلول لأي مشكلة، أعيدي عليه السؤال, واستنبطي منه الإجابة.
http://www.naseh.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/300)
ودارت الأيام ..!!
أم حسان الحلو 28/10/1423
12/01/2002
كثرت الأعمال وازدحمت ، ومرت الأوقات مرورا سريعا لاهثا ، وأنا أتمزق بين كثرة الواجبات وقلة الأوقات ، ولا أجد حلا لمعادلتي الصعبة هذه سوى الاستعانة بـ ( خادمة ) رغم كراهيتي لإيحاءات هذه الكلمة البغيضة جدا إلى نفسي !!
شاهدت ( أنغام ) وقوف حافلة مكتب الخدمات أمام (فيلتها) ، فعلمت أن المكتب قد أرسل إليها خادمة لتساعدها في هذا اليوم العصيب ، رأت أنغام سيدة أنيقة تنزل من باب الحافلة تغطي عينيها بنظارات شمسية سوداء ، وترتدي ملابس جميلة شبه محتشمة ، وبيدها حقيبة فاخرة ، توقفت السيدة قليلا ، ودققت في عنوان (الفيلا) ثم أشارت للسائق أن يكمل طريقه ، وقرعت جرس الباب ..
اعتلت الحيرة وجه أنغام ؛ إذ يبدو أن السيدة المهذبة التي أمامها هي "مديرة المكتب" حضرت لأمر ما . تأملت أنغام نعومة اليدين ، ونضارة الوجه ، والكلمات الرقيقة المهذبة ، الصوت الهادئ المتزن ... لا، يستحيل أن تكون هذه المرأة هي الشغّالة المطلوبة ليوم عمل شاق كهذا ... !!
أما الاسم ( رونق ) فسوف يستغيث لو أضيف إلى كلمة " خادمة " ، جلست "رونق " صامتة شبه متوترة قبالة أنغام ، وبعد مرور لحظات صمت قليلة سألت :
-من فضلك أخبريني من أين أبدأ العمل ؟
-من المطبخ لو سمحت .
ظنَّت أنغام أن تطاير الوقت قد توقف ،وأن كل واحدة منهما ستسير صوب عملها غير آبهة بغيره ، لكن هذه الخادمة "اللغز" شغلت فكر أنغام ، وشحذت ذاكرتها ..
-"رونق" اسم نادر جداً لم يمر علي سوى مرة أو مرتين طوال حياتي ... ثم توقفت عن بوحها لنفسها فقالت بصوت مرتفع ما لبثت أن خنقته عنوة :
-نظرات العينين ، ذلك الصوت الرخيم ، تقاسيم الوجه ، حركة اليدين تذكرني أجل تذكرني بامرأة غرست كل معاني الحقد والكراهية والقسوة بل وكل المعاني السيئة البشعة في نفسي ... امرأة لا أحسن ذكر اسمها وأذكر اسم ابنتها "رونق" فقط ... إني أكاد أسمع صوتا أتى من الماضي .." ... أنغام أيتها الصبية العابثة اجلسي هنا أمامي وابدئي بتدريس ابنتي رونق ، مفهوم ؟" .. ثم تلتفت تلك السيدة نحو الصغيرة "رونق" ، وتأخذ بمخاطبتها قائلة : إلى متى ستبقى ابنة سعدة هي الأولى على مدرستنا قاطبة وتبقى "ابنة المديرة" متربعة على الكرسي الأخير ؟ ..
فتجلس الصغيرة اليتيمة أنغام جلسات إجبارية طويلة وهي تدرس الصغيرة المدللة "رونق" دون جدوى ، وتتسلل صورة قاتمة جدا لوالدة رونق يوم أن اتهمت (الخالة سعدة ) والدة أنغام بسرقة أسئلة الامتحانات من غرفة الإدارة من أجل رفع مستوى ابنتها . كم أذلتها وكم أهانتها !! أي الكلمات الجارحة صبت فوق رأسها غير آبهة بدفاع المعلمات عن الخالة ( سعدة ) وابنتها ، ولم تفكر بالمتهم الحقيقي لتلك الجريمة ؛ إذ ربما ارتد بعض وصفها عليها فكانت تقول :
-صدق من قال ( حاميها حراميها ) وأمي كانت تقول صدق أيضا .
وتشرق صورة "أمي" الصابرة المحتسبة أمام ناظري ، صورة طالما آلمتني وعلمتني وشحذت همتي ، إذ كان رد أمي الحبيبة وابلا من الدموع وعبارة :
-حسبي الله وهو نعم الوكيل!!
ثم قررت المديرة أن تنقلني إلى مدرسة أخرى فقاست أمي الأمرين من معاملات النقل ، وذقت أنا العلقم من جراء نقلي هذا ؛ فقد كنت أذهب وأعود وحدي في الحر والقر دون مؤانسة أمي أو مؤازرتها ، ولم يكن معي أحد من بنات الجيران ، وما كسبته هو "إصراري الأكيد على التفوق الدائم" ، وكانت سعادة المديرة تتابع أخباري ولم يهدأ لها بال إلا عندما قرأت اسمي على صفحات الجرائد الأولى يوم إعلان نتائج الثانوية العامة وربما لم يهدأ بالها أيضا ...
نسيت أنغام نفسها وهي تقلب صفحات ذكرياتها ، وعندما أبصرت واقعها توجهت إلى بارئها مناجية : (( الحمد لك يا رب ، لك الفضل والشكر والمنة فقد أنعمت علي بنعم كثيرة لا تحصى ورزقتني أما عظيمة جاهدت من أجلي ، ولك الحمد على توفيقك العظيم لي فها أنذا أخطو الخطوة الأخيرة في رسالة الدكتوراه أسألك أن توفقني وتساعدني في خدمة ديني ... !!
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، على نعمة الزوج الصالح الموفق في دنياه ... )) وقبل أن تكمل ابتهالاتها سمعت صوت والدتها الواهن يدعوها ، فهرولت نحوها وإذا بها تسألها عن سبب كثرة الأصوات والضجيج الذي أقلق ، نومها فأجابتها :
-لقد استدعيت اليوم خادمة لمساعدتي ...
-آه لو كان بي قوة لم أضطرك لهذا يا ابنتي ، إن صوت مكنسة الكهرباء ممزوجا بصوت صنبور الماء مختلطا بصوت المجفف الكهربائي يشعرني بأن هذه الخادمة لا تفقه شيئا في عمل البيت ، قومي يا ابنتي ، وتابعي أعمالها أو أرسليها لي كي أسألها ...
ومثلت "رونق" أمام الخالة سعدة ، نظرت قليلا ، حدقت بها ثم أشاحت بوجهها عنها ... لقد عرفتها وتذكرتها ، هذه الخالة التي ظلمتها أمي ... إنها هي ...
حاولت الهرب من ذاتها والتفلُّت من ذكرياتها ، فسألتها برفق :
-أي خدمة يا خالة ... وخنقت كلمة ( سعدة ) .
-" إنه ذلك الصوت وتلك الملامح ، إنما الذي قضى عليه هو خطاب الاستعلاء والاستكبار ، أيعقل أن تكون هي ابنة المديرة ؟ " ... اجتاحت الخالة سعدة موجة عارمة من الحزن ، وطلبت من رونق ترك كل شيء في مكانه والجلوس بجوارها لكي تستمع إليها ...
-نعم يا خالة أنا ابنة السيدة نفيسة - وأطرقت كأنها تحدث نفسها- : تفرحني الذكريات ويجرحني الواقع ، وأنت يا خالة تؤلمك الذكريات ويفرحك الواقع ... أجل أنا رونق المدللة المرفهة التي حرمت تعلم المهارات في صباها ، أجل أنا رونق "الضحية" التي دفعت سعادتها ثمنا لفرعنة أمها - رحمها الله -، أنا "رونق" التي لم تحمل سلاحا ضد أنياب الحياة سوى مؤهل واحد : أنها ابنة المديرة .. !! أجل أنا رونق التي كانت تقضي ساعة يوميا في دراسة أغنية المساء ... وكانت تعشق أغنية ( دارت الأيام ) ، والآن تعيش حقيقة دورة الأيام ... !!
ابنة المديرة التي لا تعرف سوى الاستهلاك والتبذير ، ابنة المديرة التي لم تستطع في السابق أن تحصل على الشهادة الثانوية ، ولم تستطع في اللاحق أن تدبر عش الزوجية فرميت خارجه ، ابنة المديرة ربما لا تستطيع أن تحافظ على وظيفتها المرموقة الآن ( خادمة ) ، لأنها لا تملك المهارات التي تؤهلها لذلك ... !!
ثم قامت متثاقلة ، واتجهت نحو أنغام معتذرة عن عجزها عن إتمام العمل ، فناولتها ضعف حقوقها ، وودعتها كما ودعت أيامها الماضية ...
ـــــــــــــــــــ(101/301)
البديل لكلمة "لا"
قد تكون كلمة "لا" غير متوفرة في قاموس طفلك الصغير ذي العامين، أو قد تكون لديكِ الرغبة في جعل طفلك أكثر انضباطاً، ولكن يخبرك المختصون بوجود الكثير من البدائل لكلمة النهي "لا" ولأسباب موضوعية.
تقول "روني لايدرمان" العميد المشارك لمركز العائلة بجامعة "نوفاساثوسترن" بفلوريدا: "بدأ الأطفال يرفضون سماع كلمة "لا" وستلاحظين أنَّ طفلك لا يتجاوب معك إلا بعد تكرارك لهذه الكلمة أكثر من عشر مرات! فإذا كانت لديك الرغبة في إبعاد طفلك عن المشاكل، أو تعليمه الصواب من الخطأ، فيوجد عدة أساليب لها فعالية أكثر من كلمة "لا"، وذلك على النحو التالي:
• تعديل الكلمة:
لا يمكنك الاعتماد على طفل لم يتعد السنتين في التحكم والسيطرة على نفسه، مهما استعملت من العبارات الحازمة لإيقاف ما يقوم به، لذا يتوجب عليك تعليمه السلوك القويم والتأكد من أنه ينفذه، وبدلاً من استخدام كلمة "لا" مباشرة يمكنك استخدام عبارات أخرى، لا سيما وأنَّ الأطفال يتفاعلون بصورة أفضل مع العبارات الايجابية، بعكس تفاعلهم مع العبارات السلبية، فبدلاً من القول بشدة "لا تقذف الكرة في غرفة المعيشة" فيمكنك القول له: "دعنا نخرج من الغرفة للعب بالكرة".
وإذا أوشك طفلك أن يفعل شيئاً خطيراً، فقومي بإخطاره بأسلوب إيجابي بأنك لن تسمحي له بذلك الفعل، وذلك بقولك: "لن أسمح لك بالخروج إلى الطريق؛ وذلك لأنني أريدك أن تكون في أمان" وإذا لم يكن لديك الوقت الكافي لشرح خطورة حركة السيارات في الطريق، فيمكنك استخدام تحذير مباشر مثل "قف" أو "خطر".
• تقديم خيارات:
مهما كان طفلك صغيراً في العمر فإنه يحاول قدر الإمكان الشعور بالاستقلال والسيطرة، ولذلك عندما يحاول الوصول إلى سكين المطبخ، فبدلاً من القول له "لا" يمكنك أن تقدمي له بديلاً من أدوات المطبخ التي لا تؤذي، وبعد ذلك ضعي السكاكين وكل الأشياء الحادة والخطرة في أماكن لا يستطيع الوصول إليها. وإذا توسَّل إليك بأن تعطيه قطعة حلوى قبل الغداء، ففي هذه الحالة يمكنك تخييره بين شريحة من البرتقال أو شريحة من التفاح.
• حوِّلي انتباهه:
الطفل الصغير يصعب أمره بترك الأشياء الممنوعة، ولكن في نفس الوقت يمكن تحويل انتباهه لشيء آخر بسهولة.
• تفادي المواقف:
حاولي الابتعاد عن المواقف التي قد تدفعك لقول كلمة "لا" لطفلك.. واحرصي على وضعه - قدر الإمكان - في الأماكن الآمنة التي تشبع فضوله وحب استطلاعه، وبالطبع لا يمكن عزل طفلك عن كل المواقف التي تتطلب أن تقولي فيها كلمة "لا"، ولكن بكل تأكيد إذا استطعتِ تقليل المواقف التي تضطرين فيها لقول كلمة "لا" فإنَّ الحياة ستكون أكثر سهولة لكما معاً، كما سيزداد استعمالك لكلمة "نعم".
• تجاهلي المخالفات البسيطة:
تتيح لك الحياة الكثير من الفرص التي تستطيعين من خلالها تعليم طفلك السلوك السوي والمنضبط، ولكن يجب ألا تذهبي في ذلك إلى أبعد الحدود، فيمكنك مثلاً تركه يلعب في بركة ماء صغيرة وما شابه ذلك من المخالفات الصغيرة التي لا تمثل خطراً على الطفل.
• قوليها بطريقة تؤكد أنكِ تعنيها:
إذا لم يؤد استعمال البدائل إلى نتيجة فعَّالة، فلا تيأسي وقولي كلمة "لا" بكل حزم (ولكن بهدوء) وبوجه غاضب "لا تجذب ذيل الحمل"، أو قوليها بطريقة مرحة: "لا يا حبيبي" وإذا تفاعل معك امنحيه ابتسامة رضا أو قومي بضمه إليك أو يمكنك القول "نعم أنت تسمع الكلام".
http://www.naseh.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/302)
كيف ننقش القرآن على صدور صغارنا؟
لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن أفضل مراحل تعلم القرآن، الطفولة المبكرة من (3 - 6) سنوات؛ حيث يكون عقل الطفل يقظاً، وملكات الحفظ لديه نقية، ورغبته في المحاكاة, والتقليد قوية، والذي تولوا مسئوليات تحفيظ الصغار في الكتاتيب, أو المنازل يلخصون خبراتهم في هذا المجال؛ فيقولون:
إن الطاقة الحركية لدى الطفل كبيرة، وقد لا يستطيع الجلوس صامتاً منتبهاً طوال فترة التحفيظ، ولذلك لا مانع من تركه يتحرك, وهو يسمع أو يردد.
- المكافأة مدخل طيب لتحبيب الطفل في القرآن، وذلك بإهدائه شيئاً يحبه حتى؛ ولو قطعة حلوى، كلما حفظ قدراً من الآيات، وعندما يصل الطفل إلى سن التاسعة, أو العاشرة يمكن أن تأخذ المكافأة طابعاً معنوياً، مثل كتابة الاسم في لوحة شرف، أو تكليفه بمهمة تحفيظ الأصغر سناً مما حفظه, وهكذا.
- الطفل الخجول يحتاج إلى معاملة خاصة، فهو يشعر بالحرج الشديد من ترديد ما يحفظه أمام زملائه، ولهذا يمكن الاستعاضة عن التسميع الشفوي بالكتابة إن كان يستطيعها، وإذا كان الطفل أصغر من سن الكتابة يجب عدم تعجل اندماجه مع أقرانه، بل تشجيعه على الحوار تدريجياً حتى يتخلص من خجله.
- شرح معاني الكلمات بأسلوب شيق، وبه دعابات, وأساليب تشبيه، ييسر للطفل الحفظ، فالفهم يجعل الحفظ أسهل، وعلى الوالدين, والمحفظين؛ ألا يستهينوا بعقل الطفل، فلديه قدرة كبيرة على تخزين المعلومات.
- غرس روح المنافسة بين الأطفال مهم جداً، فأفضل ما يمكن أن يتنافس عليه الصغار هو حفظ كتاب الله، على أن يكون المحفظ ذكياً, لا يقطع الخيط الرفيع بين التنافس, والصراع، ولا يزرع في نفوس الصغار الحقد على زملائهم المتميزين.
- ومن الضروري عدم الإسراف في عقاب الطفل غير المستجيب، فيكفي إظهار الغضب منه، وإذا استطاع المحفظ أن يحبب تلاميذه فيه، فإن مجرد شعور أحدهم بأنه غاضب منه؛ لأنه لم يحفظ سيشجعه على الحفظ حتى لا يغضب.
- على المحفظ محاولة معرفة سبب تعثر بعض الأطفال في الحفظ "هل هو نقص في القدرات العقلية أم وجود عوامل تشتيت في المنزل" وغير ذلك بحيث يحدد طريقة التعامل مع كل متعثر على حدة.
- من أنسب السور للطفل, وأيسرها حفظاً قصار السور؛ لأنها تقدم موضوعاً متكاملاً في أسطر قليلة، فيسهل حفظها، ولا تضيق بها نفسه.
- وللقرآن الكريم فوائد نفسية جمة، فهو يُقوِّم سلوكه, ولسانه، ويحميه من آفات الفراغ، وقد فقه السلف الصالح ذلك فكانوا يحفظون أطفالهم القرآن من سن الثالثة.
http://www.islamweb.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/303)
الأطفال ... محرقة منسية!!
الإسلام اليوم- تقرير: مرتضى عبدالله 4/10/1423
19/12/2001
قبل أكثر من نصف قرن شهدت العاصمة الفرنسية "باريس" تجمعاً حافلاً من الدبلوماسيين أصحاب الياقات الزاهية وربطات العنق الحريرية، توافدوا من كل حدب وصوب يبشرون بعالم جديد ينعم فيه الإنسان بحقوقه التي أهدرت مراراً، وهكذا ولد الإعلام العالمي لحقوق الإنسان. رافق المولد أمال عظام في عالم أكثر عدلاً وسلماً ينعم فيه الإنسان بحقوقه كافة، لكن طوال أكثر من نصف قرن جرت في الأنهار مياه كثيرة جرفت هذه الآمال، والآن يستعد العالم للتوقيع على اتفاقية دولية تحمي حقوق الطفل شعارها "عالم جدير بالأطفال" هذا ما تسطره الكلمات، أما الواقع فيقول: إن عالمنا يفتك بالأطفال، ربما لأنهم أضعف قوة وأخفض صوتاً، فهم صغار حرموا سحر البيان وقوة الزحام، إنهم الأطفال الذين يدفعون ثمن طفولتهم ولا يعرفون من الطفولة سوى اسمها، ففي بقاع عديدة من العالم في (رواندا وبروندي والكنغو والبوسنة والشيشان والعراق وأفغانستان) تتفتح عيون ملايين الأطفال على الدموع، ويكبرون على صليات الرصاص تدوي من حولهم وتحصد بعضهم، فيما يبقى البعض الآخر يصارع الفقر والمرض وتغض بهم المخيمات والملاجئ وتنطق عيونهم بالبؤس والمعاناة.
عالمنا الذي سبق واحتفل بنصف قرن على صدور ميثاق حقوق الإنسان مازال يتفنن في صناعة اليتم وخنق الابتسامة وخطف الفرحة من عيون صغيره هدّها الفقر والألم.
الإحصاءات خير دليل ففي نصف القرن نفسه الذي احتفل به بميثاق حقوق الإنسان شهد العالم مائة وتسعا وأربعين حرباً كبيرة قتل فيها ثلاثة وعشرون مليون شخص 90% منهم مدنيون وأطفال، ذلك لأن الحروب التي تخوضها الجيوش النظامية المحترفة استبدلت بها حرب أهلية بين جماعات عرقية يشارك فيها كل أعضاء هذه الجماعات، مما يجعلهم وأطفالهم أعداءً مستهدفين.
وفي الخمس عشرة سنة الأخيرة تسببت الحرب في قتل وإصابة سبعة عشر مليون طفل، وشردت اثنى عشر مليونا آخرين كما يقول تقرير صندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف).
في محرقة البوسنة التي استمرت أربع سنوات دفع الأطفال الثمن غالياً، ففي مسح أجرته اليونيسيف على أطفال (سراييفو) و(موستار) تبين أن 23% من أطفال (سراييفو) هجروا مدينتهم فيما ارتفعت النسبة إلى 85% في (موستار)، أما الأطفال الذين قتل أو أصيب أحد أفراد عائلتهم فهم 37% من أطفال (سراييفو) و57% من أطفال (موستار)، ومن تعرضوا للقصف المركز 97% من أطفال (سراييفو) و100% من أطفال (موستار)، كما استهدف القناصة 55% من أطفال سراييفو و90% من أطفال موستار، وشوهد 63% من أطفال (سراييفو) جرحى أو قتلى وارتفعت النسبة إلى 67% من أطفال (موستار).
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" (AP) في تقرير لها عن الأطفال الأفغان، بأن آلاف الأطفال اللاجئين تعرضوا للإصابة بحفنة من الأمراض النفسية والحالات الهستيرية، فضلاً عن سوء التغذية ومصير مجهول، وهم على أي حال أفضل ممن حولهم القصف إلى أشلاء تتناثر بين أكوام الصخر وبقايا المزروعات وجثث الحيوانات النافقة، كما إن إخوانهم ممن أصابهم القصف من الأطفال والذين تم تحويلهم إلى المستشفيات للعلاج - الذين تم إجراء ما يلزم لهم من إجراءات صحية بالغة البدائية لعدم توافر الإمكانات - قد تم استئصال بعض أعضاء أجسادهم النحيلة التي نال منها القصف،وهم في وعي كامل لعدم توافر مواد التخدير. فهم على أية حال في حالة أفضل كثيراً؛ فهم لا زالون على قيد الحياة في انتظار دورهم في الهلاك جوعاً أو مرضاً أو قصفاً عن طريق الخطأ بأذكى القنابل.
وأعلن صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة والأمومة "يونيسيف" في بيان نشر حديثاً في برلين بأن مائة ألف طفل قد لا ينجون من قسوة الشتاء في أفغانستان في حال لم تتلق عائلاتهم فوراً مساعدات خارجية.
وحذرت "يونيسيف" بعد اجتماع الدول المانحة لمساعدة أفغانستان في برلين ليومين أنه "في أقسام كبيرة من أفغانستان بدأ تساقط الثلوج ، والكثير من الأماكن ستصبح قريباً معزولة عن العالم الخارجي".
وقدرت الوكالة الحاجة إلى مائة وعشر ملايين (يورو) بحلول نهاية مارس (آذار) 2002 لتتمكن من أداء عملها في أفغانستان.
وقد أعلنت وزارة الصحة العراقية مؤخرا أن أكثر من واحد وثلاثين ألف عراقي ، بينهم حوالي واحد وعشرين ألف طفل دون سن الخامسة ، توفوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية ، بسبب انعكاسات الحظر الدولي ، فيما حذرأطباء عراقيون من كارثة تهدد السكان في جنوب البلد ، بسبب نزايد الأمراض السرطانية.
كما حذروا من أن حالات الإصابة بالأمراض السرطانية ، خصوصا سرطان الدم ( اللوكيميا ) تتزايد وأن كارثة حقيقية تهدد المنطقة الجنوبية من العراق نتيجة قربها من مسرح العمليات العسكرية خلال حرب الخليج . وكانت تقارير رسمية عراقية أكدت أن الإصابات بالأمراض السرطانية في العراق ارتفعت منذ 1991 أربعة أضعاف نتيجة استخدام اليورانيوم المنضب في العمليات العسكرية الأمريكية خلال الحرب.
وذكر الأطباء العراقيون أن مائة واثنين وتسعون طفلا كانوا يعانون أمراضا سرطانية توفوا خلال الأربعة أشهر الماضية ، وأن الإصابات لا تقتصر على سرطان الدم ، بل تشمل سرطانات العظام والدماغ وأمراض سوء التغذية.
وفي الصومال مات نصف الأطفال تحت سن الخامسة في عام واحد، وأصيب بالهزال الشديد 40% من أطفال ثلاث بلدان تشهد حرباً أهلية هي: السودان و(ليبريا) و(أنجولا)، وفي القرن الماضي لقي 500 ألف طفل مصرعهم منذ عام 1991م.
وخلال هذه الفترة انفصل 20% من أطفال (أنجولا) عن عائلاتهم مات منهم ثلث مليون طفل بسبب الحرب الأهلية، ومات نصف مليون طفل في موزمبيق خلال الفترة نفسها، فيما افترست الكوليرا مائة وخمسين ألف طفل (رواندى) فروا من الحرب الأهلية التي اشتعلت هناك في منتصف التسعينيات.
وفي خمس وعشرين دولة انخرط مئات الآلاف من الأطفال في الحروب طوعاً أو كرهاً، ويرجع هذا التزايد المضطرد في أعداد "الجنود الصغار" إلى تطور تكنولوجيا الحرب، فالأسلحة الخفيفة تيسر للأطفال المحاربين استخدامها بسهولة حتى إن أطفال السنوات العشر في (ليبريا) و(سيراليون) يستخدمون البندقية TT47 التي تباع بستة دولارات فقط، كما وجد (لوردات) الحرب في الأطفال جنوداً مثاليين فهم مطيعون ويمكن ترويضهم بسرعة، ولا يتقاضون مقابلاً مادياً، فضلاً عن أنهم أقل هرباً من الكبار.
المصائب لا تأتي فرادى
الأطفال هم الحلقة الأضعف في سلسلة المجتمع، وبالتالي فهم الفئة الأكثر معاناة من شتى أنواع الاضطهاد، مما كان سبباً في اندفاع ممثلي مائة وثمانين دولة إلى عقد مؤتمر دولي في العاصمة السويدية (استكهولم) لمناقشة ظاهرة استغلال الأطفال في الجنس، ومن خلال مداولات المؤتمر تبين أن ما يزيد عن مليوني طفل استخدمتهم (المافيا) الدولية في تجارة الجنس، وأن الشواذ في أوروبا وأمريكا أصبحوا قوة اقتصادية قادرة على جلب الصبيان من (تايلاند والفلبين وبيرو والبرازيل وكولومبيا وهندوراس والمكسيك) لاستخدامهم في أغراض المتعة الجنسية.
وهناك عصابات في أوروبا الشرقية متخصصة في توريد عشرات الآلاف من الأطفال للعمل في المواخير وعلب الليل، وأصبحت ظاهرة الاتجار في الأطفال لأغراض الجنس صناعة تستثمر عشرة مليارات دولار معظم مروجيها من الصهاينة أصحاب الحانات وعلب الليل وبيوت الهوى.
وللحد من استغلال الأطفال الجنسي ، تجتمع مئات الجهات المعنية في يوكوهاما في اليابان من 17 إلى 20 ديسمبر الجاري ، وذلك في المؤتمر العالمي الثاني لمناهضة الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال .
دراسات واجتماعات تحضيرية عدة عقدتها منظمة "يونيسيف" ومنظمة "الحملة الدولية" للقضاء على دعارة الأطفال واستخدامهم في الأعمال الإباحية والمتاجرة بهم ( إيكابات ) بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية لدعم اتفاقية حقوق الطفل ، وحكومة اليابان . وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة "يونيسيف" (كارول بيلامي) : عن ارتباط فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب ( الإيدز ) بالانتشار واسع النطاق للاستغلال الجنسي للأطفال يعتبر واحدا من أكثر القضايا تعقيدا وإثارة للقلق .
ويذكر أن معدل إصابة المراهقات بهذا الفيروس في عدد من الدول تبلغ خمسة أو ستة أضعاف معدل إصابة المراهقين . ويقدر عدد اليافعين واليافعات المصابين بالفيروس بنحو ثلاثة عشر مليونا ، ويصاب يوميا نحو سبعة آلاف يافع ويافعة .
يتناول المؤتمر ثلاث قضايا رئيسية هي : وقاية وحماية وعلاج الأطفال ، وسبل المقاومة . ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى دراسة نشرها صندوق الأمم المتحدة للطفولة ( اليونيسيف ) في عنوان : "من يفيد من الجريمة ؟".تبين فيها أن الأطفال الذين يقعون ضحايا الاستغلال الجنسي لأغراض تجارية يتحولون رقيقا بأيدي سلسلة من الوسطاء يستفيدون من الإتجار بهم ، وتشمل سلسلة الوسطاء هذه الأشخاص الذين يجندون الأطفال وأولئك الذين ينقلونهم وأصحاب بيوت الدعارة والقوادين ، فضلا عن العاملين في الفنادق وسائقي سيارات الأجرة .
ثالوث الفتك
وبخلاف القتل والاستغلال الجنسي تحصد الأمراض الفتاكة ملايين الأطفال كل عام، ففي عام 1999م وحده أودت الأمراض والأوبئة بحياة تسعة ملايين طفل في العالم بمعدل يقرب من ثلاثين ألف طفل يومياً من بينهم ثلاثة ملايين طفل في الأسبوع الأول من ولادتهم.
ويعاني أكثر من ربع أطفال العالم الثالث من سوء التغذية إذ يعيش 80% منهم في عشر دول من بينها بنجلاديش - التي يولد 40% من أطفالها بوزن يقل عن خمسة أرطال- والعراق وأفغانستان وباكستان واندونيسيا وإيران.
ولا يستطيع اثنان وخمسون مليون طفل في بلدان العالم الثالث الاستفادة من التعليم بسبب إصابتهم الخطيرة بنقص (اليود).
ويعد مرض الحصبة أكثر أسباب موت الأطفال شيوعاً بين الشعوب الفقيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، فقد أودى هذا المرض بحياة مليون وسبعمائة ألف طفل في عام 1997م وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية.
هذا المرض الذي يحصد الملايين من أبناء الفقراء يعالج في الولايات المتحدة ببقاء الطفل ليوم أو يومين في البيت. ويفتك الالتهاب الرئوي بأكثر من أربعة ملايين طفل سنوياً ، يليه الإسهال الذي يحصد أرواح ثلاثة ملايين طفل في السنة الواحدة، ويموت بسببه من الهند وحدها ألف وتسعمائة طفل يومياً أي ما يعادل مصرع جميع ركاب خمس طائرات بوينج 747 بعد تحطيمها، ولا يثير هذا الموت الجماعي اهتمام أحد!!
أحلام ضائعة
قبل أكثر من سبعة وعشرين عاماً استضافت (المآتال) عاصمة (كازخستان) -إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي وقتئذ - مؤتمراً دولياً رعته اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، وخرج المؤتمر ببرنامج عمل قوامه "الصحة للجميع.. لكل أطفال العالم حق متساوِ في الحياة".
بعد المؤتمر انطلقت حملات التطعيم وبرامج التغذية وقوافل مكافحة الأمراض تجوب أنحاء المعمورة.
وجاءت النتائج مشجعة فقد انخفض عدد وفيات الأطفال بمقدار مليونين ونصف مليون طفل، وفي الهند وحدها أثمرت حملات مكافحة (الدفتيريا والشلل والتيتانوس والكوليرا) عن إنقاذ حياة مليون طفل خلال الثمانينات.
لكن ذلك أصبح جزءاً من الماضي وعاد شبح الموت يطل على الأطفال الفقراء في العالم من جديد، فبالرغم من انخفاض معدل وفيات الأطفال بنسبة 30% إلا أن معدلات التطعيم ضد الأمراض الفتاكة تتناقص، وهناك مخاوف متزايدة من عودة (الكوليرا) والسعال والطاعون وكل الأمراض المرتبطة بالفقر.
تحتاج (اليونيسيف) إلى أكثر من خمس وعشرين بليون دولار سنوياً لمواجهة الأمراض والمجاعات التي تحصد أرواح ملايين الأطفال وهو مبلغ أقل مما ينفقه الأوروبيون على السجائر، ونصف ما ينفقه الأمريكيون على البيرة.
درجات حتى في البؤس
يعتبر أطفال إفريقيا هم الأشد بؤساً بين نظرائهم في العالم الثالث، وتقف وراء ذلك قائمة من الأسباب:
أولها: المياه، وذلك لأن 42% فقط من سكان جنوب الصحراء الإفريقية يحصلون على مياه نقية وتنخفض هذه النسبة إلى 3% في سيراليون و18% في وسط إفريقيا و24% في تشاد وأثيوبيا و39% في نيجيريا.
وثانيها: انخفاض معدل التطعيمات ضد الأمراض، ففي الصومال تمكنت اليونيسيف من تطعيم ستمائة ألف طفل 1992م، ولكن مع انتهاء مهمة الأمم المتحدة لم تستطع المنظمة سوى تطعيم خُمس ذلك العدد أي ما يعادل 20% فقط من الأطفال الذين ولدوا بعد عام 1993م.
وحذر الاطباء العراقيين منظمة "أطباء بلا حدود" من أن هناك مخاطر مؤكدة لعودة وباء الحصبة الذي سيصبح أشد من المرات السابقة.
وخلال الحرب الأهلية في رواندا فر مليونان من (الهوتو) مات منهم خمسون ألفاً في معسكرات اللاجئين معظمهم من الأطفال، وفي نيجيريا تدهور معدل تطعيم الأطفال ضد الأمراض المعدية من 80% إلى 20%، أما في النيجر ومالي وغينيا ومالاوي فإن نصف المتزوجات تفقد كل واحدة منهن طفلاً على الأقل، بل إن ثلث المولودين في النيجر لا يعيشون حتى سن الخامسة.
ورغم أن مساحة موزمبيق تبلغ ضعف مساحة ولاية كاليفورنيا -درة الولايات المتحدة الأمريكية- إلا أن سنوات الحرب من أجل الاستقلال فضلاً عن سنوات الحرب الأهلية جعلت أطفال هذا البلد عرضة للأوبئة والمجاعات حتى إنه من بين كل ألف مولود يموت مائة وأربعة وستون مولودا منهم دون أن يكملوا عامهم الأول، وبات هذا الوضع دون تحسن، وذلك لأن ميزانية الخدمات الصحية تأتي بالكامل من المساعدات الخارجية التي ولى زمانها.
فبعد سقوط الشيوعية لم تعد الدول الغنية في الغرب في حاجة إلى استرضاء دول الجنوب بتقديم المساعدات إليها وتركتها منذ أعوام تغوص في بحر من الحروب والنزاعات والأمراض، وتبرأت مما صنعت أيديها، فقد خفضت كندا مساعداتها للدول الفقيرة بمقدار الثلث، واقتطعت بريطانيا حوالي خمسة وعشرين مليون دولار من مساعداتها للدول الإفريقية، أما في الولايات المتحدة فقد أصبح من الصعب إقناع دافع الضرائب - الذي لا يعرف إذا كان سينعم بالأمن وبالتأمين الصحي الشهر القادم أم لا خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر - بإنفاق الأموال لتأسيس نظام صحي في بلد آخر.
وفي النهاية لا يمكن إعفاء البلدان الفقيرة من المسئولية فبعضها ينفق الأموال لشراء السيارات الفارهة للوزراء والجنرالات، بينما لا يصل ما تنفقه على الرعاية الصحية للفرد خمس دولارات سنوياً.
وبعض الدول النامية تجد نفسها في دوامة الحرب لأسباب حقيقية دفاعاً عن النفس أو لأسباب مختلفة استجابة لمصالح شركات السلاح
ـــــــــــــــــــ(101/304)
كيف تعامل طفلك الصغير ؟؟؟
يطمح الطفل في هذا العمر إثبات هويته وأهميته هذا ما أثبتته الدراسات المختلفة.
عليكم ما يأتي:
1 ـ إعطاء أهمية له بالطرق المختلفة التي تجدوها مناسبة له ولكم.
2ـ تكليفه بمهام تخص العائلة وتشجيعه على أدائها وأن تكون حسب طاقته وقدرته أي بعيدا عن تكليفه بما لا طاقة له كي لا يتسبب له نوع من الإحباط.
3ـ تثمين أعماله الإيجابية بالطرق المناسبة بعيدا عن المبالغة في ذلك.
4 ـ إهمال السلوك السلبي الذي يسلكه أو بإشارة خفيفة بعيدا عن التركيز على ذلك.
5 ـ الابتعاد عن تذكيره بالسلوكيات السلبية وبدلها ذكر السلوكيات الإيجابية التي تصدر أو صدرت عنه.
6 ـ مراقبة أصدقائه بصورة لا تثير لديه الشك أو التوتر، وإن شعرتم بمحذور من الأصدقاء عليكم إبعاده عنهم بالإقناع وبأسلوب هادئ.
7 ـ تشجيعه على الاستفادة من الهوايات والمهارات التي لديه.
8 ـ إشراكه بالاجتماعات العائلية وانظروا له على انه رجل وليس طفل بعمر 8 سنوات مما يشعره بأهميته ومكانته.
9 ـ اصطحبوه معكم في الزيارات العائلية المختلفة مع إعطائه فرصة التحدث مع الكبار بعيدا عن المبالغة في ذلك.
10 ـ إعطائه فرصة التعبير عن أفكاره وآرائه ولو شعرتم بسذاجتها.
11 ـ تزويده بكتب وقصص بمستواه عن القادة المشهورين وقصص الأنبياء مع تشويقه لقراءتها بعيدا عن إجباره على ذلك.
12 ـ اختاروا له لعب لا تتمثل بالسلوك العدواني.
13 ـ إبعاده عن مشاهدة مسلسلات وأفلام العنف.
14 ـ الابتعاد عن الضرب مهما كانت الظروف لان نتائج الضرب ستكون عكسية مع هذا النوع من الأطفال.
15 ـ عليكم تنبيهه فقط إن استعمل ألفاظا نابية بعيدا عن التركيز عليها و إبعاده عن الأطفال الذين يستعملون هذه الألفاظ عن طريق إقناعه وتشجيعه على الابتعاد عنهم مع إعطائه أمثلة من سلوك الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وكيف كان يكره الألفاظ غير المحببة.
http://www.dr-omar.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/305)
البنت أبرّ أم الابن ؟
قالت المعلمة لزميلتها: لماذا لم تتزوجي حتى الآن رغم أنك تتمتعين بالجمال والخلق الحسن؟
فقالت: كان هناك امرأة لا تنجب إلا البنات. فأنجبت من البنات خمس، ثم حملت بعد البنت الخامسة.. فهددها زوجها إن هي ولدت بنتا فسيتخلص منها.
فلما وضعت مولودتها جاءت بنتاً، فقام الرجل ووضعها في المسجد بعد صلاه العشاء وعند صلاه الفجر وجدها مكانها، فعاد بها إلى البيت وفي اليوم التالي حملها إلى المسجد بعد صلاة العشاء ووضعها فيه، ثم عاد عند صلاة الفجر فوجدها في مكانها، فحملها وعاد بها إلى البيت. فتكررت هذه المحاولة من الأب القاسي سبعة أيام متتالية ولم يتمكن من التخلص من هذه الطفلة البريئة التي لا تعي شيئاً.
وتحت ترحم الأم وتضرعها إلى الله - عز وجل - قرر الأب أن يبقي على هذه الطفلة عند أمها. ففرحت الأم بذلك وحمدت الله - تعالى - على ما من به عليها وعلى طفلتها من رحمة.
ثم حملت الأم بعد ذلك بمدة وعاد الخوف إليها من جديد. لكنها هذه المرة ولدت طفلاً ذكراً، وشاء الله - عز وجل - أن تموت البنت الكبرى لهذه الأم عند ميلاد أول الأولاد الذكور لها.
وتتابعت السنوات إلى أن أنجبت هذه الأم خمسة أولاد ذكور وفقدت - تزامنا مع ميلاد كل طفل ذكر - واحدة من البنات. وبقيت البنت السادسة التي أراد والدها أن يتخلص منها.
فأصبحت هذه البنت هي الأخت الكبرى للأولاد الخمسة. وتوفيت الأم بعد ذلك فتحملت هذه الأخت البارة مسئولية الأخوة الخمسة والبيت
قالت المعلمة: أتدرين من هي هذه البنت التي أراد والدها التخلص منها؟
إنها أنا....
تقول المعلمة: والدي الآن شيخ مسن وهو بحاجة إلى من يتفرغ لبره والقيام بخدمته. وقد آثرت أن أفوز بهذا الأجر على أن أتزوج عندما رأيت أخوتي الخمسة قد شغلتهم الحياة فلا يحضرون لزيارته إلا مرة كل شهر ومنهم من يزوره مرة كل شهرين.
أما أبي فهو دائم البكاء ندماً على ما فعله بي
http://www.islammessage.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/306)
فلذات الأكباد وحفظ كتاب الله
عبد الملك القاسم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فإن الله - عز وجل - أنعم علينا بنعم عظيمة وآلاء جسيمة؛ من أعظمها نعمة الأبناء الذين تقر بهم الأعين، وتهنأ بهم النفوس، وهم يتراوحون بين قول الله تعالى: ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [الكهف:46]، وبين قوله تعالى: ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ) [الأنفال:28]، وبين قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) [الأنفال:27].
ومن فضل الله علينا أن يسر حفظ القرآن العظيم في مدارس تحفيظ القرآن النظامية، أو عبر حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد للأبناء، وفي دور تحفيظ القرآن المسائية للنساء. وقد قامت الحُجة وتيسّرت السبل ليكون أبناؤنا وبناتنا من حملة كتاب الله - عز وجل -، فهنيئاً لك أيها الأب أن يكون فلذة كبدك غداً إماماً للمسجد الحرام أو للمسجد النبوي أو لمسجد من المساجد، فما خرج هؤلاء الأئمة إلا من هذه الحلق المباركة التي نفع الله بها.
قال خباب بن الأرت لرجل: ( تقرب إلى الله ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه ) [رواه الحاكم].
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ( من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله ) [رواه الطبراني].
قال الحافظ السيوطي: ( تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام به ينشأ على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال ).
وقال ابن تيمية - رحمه الله -: ( وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علماً وهو إما باطل أو قليل النفع ).
وحتى تكتمل فرحة الآباء بما لأبنائهم في طَرْقِ هذا الباب العظيم، فإن الله - عز وجل - تكفل ووعد لحفظة كتابه بثمرات كثيرة منها:
1 - الرفعة في الدنيا والآخرة لقول النبي - صلى الله عيه وسلم -: { إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين } [رواه مسلم]، فهنيئاً لك أن يكون ابنك أو ابنتك ممن يرفعهم هذا القرآن العظيم ويعلي شأنهم.
2 - إرادة الله - عز وجل - بأبنائك الخير لقول النبي : { من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين } [رواه البخاري] وأعظم الفقه في الدين قراءة وحفظ كتاب الله - عز وجل - حيث هو مصدر التشريع الأول.
3 - أنهم من أهل الله وخاصته لقول النبي : { إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته } [رواه أحمد والنسائي].
4 - أن إجلالهم من إجلال الله - عز وجل - لقول النبي : { إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه } [رواه أبو داود].
5 - تقديمه في الإمامة للصلاة لقول النبي : { يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله تعالى } [رواه مسلم].
6 - تقديمه في القبر، عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: { أيهما أكثر أخذاً للقرآن } " فإن أشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد " [رواه البخاري].
7 - أن أولادك ذكوراً وإناثاً في حرز من الشيطان وكيده، قال : { إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة } [رواه مسلم].
8 - أنهم في مأمن من فتنة الدجال قال : { من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال } [رواه مسلم].
9 - أما منازل ذريتك في الآخرة فهي أعظم المنازل وأرفعها، قال : { يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها } [رواه أبو داود والترمذي].
10 - يلبس حلة الكرامة قال : { يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلِّه، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيُلبس حُلة الكرامة، ثم يقول: يا رب أرضََ عنه، فيرضى عنه، فيقال: اقرأ وارقَ ويزاد بكل آية حسنة } [رواه الترمذي].
11 - القرآن شفيع لمن تحب يوم الفزع الأكبر، قال : { اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه } [رواه مسلم].
12 - يُلبس تاجاً من نور يوم القيامة: قال : { من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس } [صحيح الحاكم].
13 - القرآن حجة يوم القيامة، قال: { يؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما } [رواه مسلم].
14 - أن ابنك من خيار هذه الأمة وكفى بها منزلة قال : { خيركم من تعلم القرآن وعلمه } [رواه البخاري].
15 - بلوغ منزلة السفرة الكرام البررة قال: { الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة.. } [رواه مسلم].
16 - أن ابنك يعيش وينشأ في مجالس ذكر عظيمة قال: { وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده } [رواه مسلم].
17 - رجاء الثواب العظيم: قال الله - تعالى -: ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ) [فاطر:29].
18 - كثرة الثواب على قلة العمل: قال: { من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ( ألم ) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف } [رواه الترمذي].
19 - أن ذريتك من المغبونين بهذا العمل العظيم، قال: { لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأناء النهار... } [متفق عليه].
20 - السلامة والنجاة من النار قال: { لو جُمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار } [رواه البيهقي في الشُعب وحسّنه الألباني].
21 - سلامة قلبه من الخراب قال: { إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب } [رواه الترمذي].
22 - أن له بكل غدوة أجر حجة تامة لقوله: { من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلّم خيراً أو يُعلّمه، كان له كأجر حاج تاماً حجته } [رواه الطبراني وصححه الألباني].
23 - أن ابنك يتأدب بآداب حملة القرآن، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ( ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون، وبورعه إذ الناس يخلطون، وبتواضعه إذ الناس يختالون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون ) فأنعم بها من محاسن الأخلاق ومكارمه. ويكفي ابنك وابنتك فخراً أنهم يحملون في صدورهم كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، في زمن امتلأت فيه صدور الشباب والفتيات بما هو تافه محرم.
24 - أن ابنك من حملة راية هذا الدين. قال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: ( حامل القرآن حامل راية الإسلام.. ).
أما أنت أيها الأب وأنتِ أيتها الأم فلكم من الأجر والمثوبة الشيء الكثير ومن ذلك:
1 - تلبس يوم القيامة حلتين. قال : { من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به، أُلبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل الشمس، ويُكسى والديه حُلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا؛ فيقال بأخذ ولدكما القرآن } [صححه الحاكم ووافقه الذهبي].
2 - لكما أجر الدلالة على الخير: { الدال على الخير كفاعله } [رواه مسلم].
3 - استمرار ثواب غرس الإسلام في قلوبهم ومحبة هذا الدين وكتاب الله، قال : { من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.. } [رواه مسلم].
4 - إقامة معالم الإسلام وسننه في الأهل والجيران والمعارف، فإن الناس يتبعون بعضهم بعضاً، قال : { من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده.. } الحديث.
5 - تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخراً بعد موتكما، فإن النبي اشترط الصلاح في الولد فقال : { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث } وذكر منها { أو ولد صالح يدعو له } [رواه مسلم].
6 - إبعاد الابن عن مواطن الفتن والشبه ووقايته من النار يقول الله - جل وعلا -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) [التحريم:6].
7 - تقرُّ عينك وأنت تسمع وترى اهتمامات ابنك وابنتك وكلها منصبة في حفظ القرآن وكم حفظ، وإلى أي آية قرأ؟ وهم بهذا ينشأون في طرق الخير بعيداً عن الانحراف ودواعيه، وهذه نعمة عظيمة.
8 - الأجر العظيم الذي تناله من الله - عز وجل - على الصبر على حسن التربية والتنشئة قال تعالى: ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) [العنكبوت:69].
9 - براءة الذمة من عدم التفريط في التربية قال : { كلكم راع ومسئول عن رعيته... والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته } [متفق عليه].
10 - نفع الأمة والإسهام في تقديم جيل صالح حافظ لكتاب الله ليكونوا صالحين مُصلحين.
وبعض الآباء يتعذر بأن ملَكَات ابنه ضعيفة، أو أن مواهبه قليلة، وهو ضعيف الحفظ، قليل الفهم، ولهذا الأب بعض النقاط التي توضح ما غاب من أمره ومنها:
1 - يكفي ابنك أن يحضر كل يوم حلق التحفيظ وهي مجالس ذكر عظيمة تغشاها الرحمة وتتنزل فيها الملائكة ويذكرهم الله ـ عز وجل ـ فيمن عنده.
2 - الملائكة تستغفر لابنك، والله - عز وجل - يُسهِّل له أمر هذا الطريق قال: { من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يطلب، وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء.. } [رواه أحمد].
3 - ابنك ممن يحملون ميراث النبوة قال: { وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر } [رواه أحمد].
4 - إنه في عبادة عظيمة قال مخاطباً أبا ذر: { يا أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مئة ركعة.. } [رواه ابن ماجة بإسناد حسن].
5 - تعويدهم على ارتياد أماكن العبادة وربطهم بها، وحتى لا يكون بينهم وبين المساجد وحشة إذا كبروا وشبّوا، ولتكون قلوبهم منذ الصغر معلقة بالمساجد وأهلها.
6 - الصحبة الطيبة التي يجدونها في طلبة حِلَقِ التحفيظ فهم من صفوة الصغار الذين نراهم وهؤلاء هم زملاؤه وصحبته إذا كبر.
7 - إن هذا القرآن ميسر قراءته وحفظه للكبير والصغير قال تعالى: ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) [القمر:40] وهناك رجال ونساء كبار في السن يحفظون القرآن الكريم كاملاً بالرغم من أنهم لا يعرفون القراءة والكتابة، إنما حفظوا عن طريق السماع.
8 - في بقائهم بعد صلاة العصر مثلاً حفظ لهم من المؤثرات الخارجية: كالشارع والشاشة والصحبة السيئة، وفي ذلك حفظٌ لأوقاتهم وعقولهم واستثمارها فيما ينفع.
9 - لا يشترط في التحاق ابنك لحلق التحفيظ أن يحفظ القرآن كاملاً، بل دعه يسير مع الركب ولا تحرمه أجر المشاركة ويكفي أن يحفظ ما تيسر ففي هذا فضل عظيم.
10 - بعض الآباء يتعذر بأن حفظ أولاده للقرآن الكريم يقلل من تحصيلهم العلمي، والتجربة أكبر برهان على عكس ذلك، ولك أن تسأل عن الطلاب النابغين في إدارات التعليم لترى أنهم من حفظة كتاب الله - عز وجل -.
11 - فترة الطفولة والشباب فرصة ذهبية لحفظ القرآن بعيداً عن المشاغل وكثرة الأعمال مع ثبوت الحفظ في هذه السن. ومن قرأ القرآن في صغره حسنت لغته وتعرف على شواهد القرآن وبلاغته وسَلِمَ من اللحن.
12 - أن ابنك الذي يجد مشقة في القراءة والحفظ له أجر عظيم لقول النبي : {.. والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران } [رواه مسلم].
أيها الأب المبارك: إن فاتك أمر حفظك لكتاب الله - عز وجل - فلا تحرم أبناءك وبناتك من ذلك، واحرص على أن يكون لك سهم من سهام الخير بدعم هذه الحلق والمدارس المباركة بما تراه من طيِّب مالك فهم أحق وأولى بالدعم، وليكن لجماعات تحفيظ القرآن جزء من أوقافك فإنها من أكثر المصارف نفعاً وأعظمها أجراً، وأسهم بإسداء الرأي والتوجيه للرفع من مستوى الحلق، فإن ذلك من التعاون على البر والتقوى وفيه إعانة لهم على الاستمرار.
أيها الأب الموفق: أما وقد انشرح صدرك لهذا الأمر العظيم، وسمت همتك للعلياء، لا يفوتك الحرص على اختيار الحلق الجيدة حتى يستفيد أبناؤكم الفائدة المرجوة، وذلك عن طريق السؤال عن حسن تعامل القائمين على الحلق، ومدى انضباط الأبناء في الحضور والانصراف، ومعرفة وقت بدء الحلقة ونهايتها، ومقدار الحفظ والمراجعة، وابذل لهم الجوائز وكن خير مشجع ومساند لهم.
يا أمة محمد : اجعلوا بيوتكم دوحات إيمانية ولتكن شجرة أسرتكم أوراقاً خضراء مورقة، فأنتم تحفظون كتاب الله - عز وجل - وأبناؤكم يسعون في حلقات التحفيظ، وأما أزواجكم وبناتكم فهن في رياض الجنة يتقلبن ويغدين إلى دور التحفيظ النسائية المسائية يحفظن كتاب الله - عز وجل -.. إنها أسر مباركة. فلا تحرموا أنفسكم من هذا الخير..
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ( إن هذا القرآن مأدبة الله فخذوا منه ما استطعتم، فإني لا أعلم شيئاً أصغر من بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، وإن القلب الذي ليس فيه من كتاب الله شيء خرب كحجرات البيت الذي لا سكن له ) [رواه الدارمي].
قال تعالى: ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ) [الفرقان:30] قال ابن كثير - رحمه الله -: ( فتركُ تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وفهمه من هجرانه وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء من هجرانه.. ).
أصلح الله لنا الذرية، وجعلهم ممن يحملون راية هذا الدين، وجعلنا ممن يستعمله في طاعته ومرضاته.
http://www.kalemat.org بتصرف من :
ـــــــــــــــــــ(101/307)
فلسطين: حان وقت المدرسة وحان وقت الخطر!
فلسطين المحتلة - خاص الإسلام اليوم 21/9/1423
06/12/2001
مع إطلالة كل صباح، وعند الظهيرة، بينما يكون طلبة المدارس ومدرسوهم في طريقهم إلى مدارسهم أو عائدين منها أو خلال اليوم الدراسي الذي يمتد من الثامنة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، يكون المشهد مهيئاً لقيام جنود الاحتلال الإسرائيلي و المستوطنين باعتداءات محتملة ضدهم.
وتكررت اعتداءات الجنود الاحتلاليين والمستوطنين ضد التلاميذ والمدرسين خلال الأيام الأخيرة بشكل ملحوظ، في محاولة لشل الحياة التعليمية في الأراضي الفلسطينية والقضاء عليها .
وبات انتشار الحواجز الاحتلالية بكثافة على الطرق الرئيسة والفرعية، يشكل خطراً دائماً وحقيقياً على الطلبة ومدرسيهم خلال تنقلهم من مدارسهم وإليها, حيث يضطرون إلى التنقل عبر الطرق الخارجية الخطرة، لا سيما وان معظم القرى الصغيرة تكاد تخلو من المدارس خاصةً المرحلة الثانوية، فيضطر الطلبة إلى الالتحاق بمدارس خارج قراهم وبلداتهم، كما هو الحال في محافظة نابلس ومناطق الأغوار الشمالية والوسطى.
وبدأت المخاوف والاضطرابات الشديدة تظهر على وجوه التلاميذ في أعقاب المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في خانيونس في نهاية الأسبوع المنصرم وراح ضحيتها خمسة تلاميذ من عائلة واحدة، حيث انفجرت الألغام الأرضية التي زرعها الاحتلال في طريقهم أثناء توجههم إلى مدرستهم.
ويتبادل التلاميذ في شتى مدارس فلسطين الأحاديث حول هذه المجزرة البشعة بخوف وقلق شديدين، ملمحين لبعضهم أنهم ربما يتعرضون لمثل تلك الحادثة اللاإنسانية أو زملاء لهم في مدارس أخرى.
وكان العام الدراسي الماضي قد تعرض إلى عدم انتظام متكرر حيث انقطع التلاميذ عن مدارسهم لأكثر من مرة نتيجة الإغلاقات المتتالية والأوضاع الأمنية الصعبة اثر الهجمة الشرسة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في أعقاب الزيارة المشؤومة التي قام بها شارون إلى الحرم القدسي الشريف في أيلول/سبتمبر من العام الماضي.
ويشير تقرير وثق الانتهاكات الإسرائيلية للعملية التعليمية منذ بداية العام الدراسي الحالي إلى استشهاد 23 طالباً وطالبة ومعلماً وإصابة 129 طالباً وطالبة و8 ما بين معلم ومعلمة ومدير، وتحويل 4 مدارس إلى ثكنات عسكرية، وقصف واقتحام 40 مدرسة وتعطيل الدوام في 148 مدرسة واعتقال 18 طالباً و11 معلماً وهدم أسوار 3 مدارس وإغلاق مدرسة.
ويضيف التقرير أن استمرار منع التجول وبخاصة على البلدة القديمة في الخليل وعلى العديد من القرى منذ بداية العام الدراسي الماضي وحتى الآن أدى إلى تشريد العديد من طلبة المدارس، موضحاً أن جنود الاحتلال لن يتوانوا عن إطلاق مختلف أنواع الرصاص تجاه الطلبة والمعلمين وقصف المدارس بقذائف المدافع والرشاشات الثقيلة وغيرها، وتعريض حياة الطلبة والمعلمين للخطر في كل لحظة, سواء أثناء الدوام المدرسي أو خارجه.
ويبين التقرير أن بعض الطلبة تلقوا دروسهم التعليمية في أول يوم من افتتاح العام الدراسي على قارعة الطريق وتحت الحراب العسكرية الإسرائيلية ومطاردة جنود الاحتلال لهم.
وتعتبر بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس من أكثر البلدات تأثراً بالإغلاق، فقد توالت أيام العطل القسرية للتلاميذ حتى تجاوزت خمسة وأربعين يوماً وبات قرابة (3000) طالب وطالبة لا يستطيعون الانتظام في الدوام المدرسي لأن 74 معلماً ومعلمةً من أصل 93 يعملون في التدريس في بيت فوريك هم من خارج البلدة.
ولا يستطيع هؤلاء المعلمون والمعلمات الوصول إلى مدارسهم في البلدة بسبب الحاجز الاحتلالي المقام على مدخل البلدة منذ أكثر من سنة، حيث يقوم الجنود بإعادة المعلمين وعدم السماح لهم بالدخول.
وينظر أهالي البلدة إلى هذه المأساة التي يتعرض لها أبناؤهم وبناتهم بخطورة بالغة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتلاميذ الصف الأول الأساسي، الذين التحقوا هذا العام بمقاعد الدراسة وكذلك الحال لطلبة التوجيهي الذين ضاعت معظم دروسهم التعليمية.
ويشعر تلاميذ بلدة بيت فوريك ببالغ الحزن والأسى الشديدين، كونهم لم يستطيعوا تلقي دروسهم التعليمية أو رؤية معلميهم إلا قليلاً, مشيرين إلى أنهم باتوا قلقين وخائفين على مدرسيهم من اعتداءات جنود الاحتلال المتمركزين على مدخل البلدة.
ونفذ أهالي البلدة خلال الأيام الماضية عدة نشاطات احتجاجية طالبوا خلالها المؤسسات التعليمية الدولية حماية العملية التعليمية فيها ووضع حد للحرب التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد العملية التربوية والتعليمية في البلدة.
ووجه أهالي بيت فوريك نداء استغاثة عاجل إلى جمعيات حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة طالبوها بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه ما يحدث من اعتداءات مستمرة ضد التلاميذ والمؤسسات التعليمية.
وواقع الحال في مدارس بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس ليس أفضل من بيت فوريك، فقد أغلقت سلطات الاحتلال "مدرسة ذكور حوارة الثانوية" أكثر من مرة وتعرض تلاميذها لاعتداءات يومية من قبل الجنود والمستوطنين الذين يرابطون في محيطها على مدار الساعة.
وفي مطلع الأسبوع الماضي هاجم مستوطن كان يمر بجوار "مدرسة ذكور حوارة الثانوية" التلاميذ ومدرسيهم واعتدى عليهم بالضرب تحت تهديد السلاح، مما أسفر عن إصابة بعضهم بجروح مختلفة.
وكانت مصادر التربية والتعليم في محافظة نابلس، أشارت إلى أن جهاز التربية والتعليم يعاني من أضرار مادية ومعنوية بالغة الخطورة نتيجة للمارسات الإسرائيلية العدوانية، مشيرة إلى أن "مدرسة القدس" في شارع القدس، جنوب مدينة نابلس تعرضت لقصف بمدافع الدبابات قبل يومين من بدء العام الدراسي الحالي.
ويتأثر 23 ألف طالب وطالبة في منطقة جنوب محافظة نابلس من الحصار المحكم والإغلاق وغالباً ما تتوقف الدراسة في مدارس حوارة ، وعقربا، وبيتا حيث لا يستطيع 550 معلماً الوصول إلى مدارسهم في تلك المنطقة.
وشهد الشهر الماضي والشهر الجاري انتهاكات سافرة من قبل قوات الاحتلال بحق المؤسسات التعليمية والتربوية، و تعرضت مدارس كثيرة في شتى أنحاء الوطن إلى قصف مدفعي وإغلاق قسري ، فيما تحولت بعض المدارس إلى ثكنات عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي
ـــــــــــــــــــ(101/308)
أبناؤنا
ربما لا نتخيل حجم التأثير الذي يمكن أن تلعبه قصص الأطفال في إدارة الصراع الدائر بين المسلمين واليهود، نعم قصص الأطفال التي يعدّها بعضهم شيئاً من متاعب الأطفال التي تزول مع الوقت!.
لنبدأ من الجانب اليهودي حيث يوجد توجه ملموس ومدروس لاستغلال قصص الأطفال في غرس المفاهيم الأساسية لتوجيه الصراع في فلسطين لصالح اليهود...
وتتمثل هذه المفاهيم في عدة نقاط:
أبرزها: إقصاء الإسلام عن الصراع، فهم يتحدثون عن (العربي) و(العرب) بدل (الإسلام) و (المسلم).
والنقطة الثانية: تتمثل في تشويه صورة العربي/المسلم، وتصويره بأنه سفاح وخائن وفاجر، وأنه قاتل محترف لا يتورع عن قتل الأطفال والنساء وحرق الحقول والمزارع.
والنقطة الثالثة: تنمية الشعور بالعداء والاضطهاد، والاعتزاز باللغة العبرية، والدعوة إلى الدفاع عن مقدسات الشعب الصهيوني.
والنقطة الرابعة: غرس محبة إسرائيل في نفوس الناشئة من اليهود، وتمجيد المهاجرين إليها، بوصفهم يهوداً صالحين ومخلصين.
قصص الأطفال باب من أبواب الجهاد!
في دراسة قامت بإعدادها جهة يهودية استهدفت تحليل محتوى 520 كتاباً من كتب الأطفال العبرية للتعرف على المفردات والصفات التي تتحدث عن العرب وطبائعهم، خلصت الدراسة إلى أن 63% من الكتب تصف العرب بصفات سلبية، منها: القسوة، والظلم، والخيانة, والكذب, والمبالغة, والمداهنة, والوقاحة, والشك, والوحشية, والجبن, والبخل, وحب المال, وسرعة الغضب, والتملق, والنفاق, والتباهي, والخبث.
بينما بلغت نسبة الكتب التي أوردت صفات إيجابية 24% حيث ذكرت أن العربي: صديق ، وشجاع، ومجتهد، وذكي في حين كانت نسبة الكتب التي لم تصف العربي بشيء 13%.
كما تشير الدراسة إلى أن ملامح الشخصية العربية في أدب الطفل العبري كانت على النحو التالي: وجهه ذو شطوب أو شقوق، أنف معكوف، أحول، وجهه خشن، معتوه، أسنانه صفراء وكريهة الرائحة، وجهه ذو ملامح شريرة، عيونه تبث الرعب.
وفي دراسة أخرى لمجموعة من 380 كتاباً أشارت إلى أن هذه القصص أظهرت العرب فئة هامشية تهدد الوجود الصهيوني, ووجد فيها 576 عبارة سلبية في وصف الإنسان العربي, منها: عدو، وقاس، ولص، ومخرب، ورجل عصابات، وجاسوس وناهب للممتلكات، وخاطف طائرات، وعميل أو خائن.
إن مثل هذه الثقافة الطفولية الموجهة خلقت جيلاً يحمل عداءً أكبر من قلبه الصغير، ولذلك لا تستغرب حين تذهب إلى فلسطين المحتلة فتسمع أطفال اليهود يغنون وهم في طريقهم إلى المدارس: (كل العالم يكره العرب.. والشيء المهم قتلهم واحداً واحداً.. بقدمي هذه دست عدوي, وبأسناني هذه عضضت جلده, وبشفتي مصصت دمه, ومازلت أشعر أنني لم أنل الانتقام الكافي)!.
ويخرج أطفالنا يغنون (خروفي... خروفي... لابس بدلة صوفي...)!!
هذه الثقافة جعلت الإسرائيليين قلقين من تنامي التطرف الديني اليهودي بين الأطفال على شكل ظاهرة تسمى ظاهرة ( أطفال الهاريديم) حيث يرمي هؤلاء الأطفال الحجارة على السيارات التي يسوقها أصحابها في يوم السبت، ثم انتقل عداؤهم إلى الأطفال اليهود العاديين مما اضطر بلدية ضاحية( بناي براك) التابعة لتل أبيب إلى إقامة حاجز من الأسلاك الشائكة في ساحة إحدى المدارس للفصل بين أطفال الهاريديم والأطفال العاديين.
مادام الأمر بهذا المستوى من الأهمية، وما دام أن أطفالنا سيلحون علينا بأن نقص عليهم قصّة، إذاً فلماذا لا نستثمر استجابتنا لرغبتهم بقصة تتميز بميزتين: أن تكون مؤثرة، وأن تكون ذات مضمون؟!
كيف تكون قصصنا مؤثرة؟
حتى تكون قصصنا مؤثرة فيجب أن تتصف بالوضوح، وبساطة العرض، وسهولة اللغة، والوصول للمعنى بأقل عدد ممكن من المفردات، و لا بأس بالتكرار والتأكيد في غير ملل ولا تكلف، واستخدام أسلوب المفاجأة، وعنصر التشويق والإثارة، والتنوع في التعبير بين المحاورة والأسئلة ثم العودة إلى الصيغ السهلة فإنها تساعد في نجاح الفكرة وضمان وصولها إلى الطفل.
وبالمقابل يجب علينا البعد عن المبالغة في سرد قصص الخرافات والخيال المبالغ فيه، ونحرص على الأسلوب غير المباشر في التوجيه، كأن تربط حدثاً ساراً بخلق نبيل أو حدث غير محبب للطفل بخلق مذموم وهكذا. ونتحدث مع الطفل دون أن نحتقر عقليته أو نستصغر مداركه.
ولكن، ماذا عن الأسلوب؟
يقسم علماء النفس مراحل الطفولة إلى الأقسام التالية: -
• المرحلة من 5 إلى 7 سنوات
يميل الطفل في هذه المرحلة إلى القصص المصورة، ويحب أحداث البطولة والمغامرات، ويتسع شوقه لمعرفة البيئة التي حوله، و يميل إلى التخيل.
• المرحلة من 7 إلى 9 سنوات
يميل الطفل في هذه المرحلة إلى قصص الفكاهة والتسلية والمسابقات، ويفضلون كتب التراجم وقصص السيرة، والحياة في الماضي، ومن المناسب له المواد ذات الطبيعة الجماعية كالتعاون ومساعدة الآخرين، كذلك لابد أن تُوفر له القصص ذات القدر المعقول من الخيال بعيداً عن العنف والفزع، وتكون متميزة بالخفة والقصر والخاتمة الطريفة، وأن تقدم له نماذج من القدوة الصالحة إضافة إلى قصص العلماء الذين قاموا بأعمال عظيمة. وفي جانب الخيال يميل الطفل إلى الخرافات والخوارق والمعجزات ويبدي اهتماماً إضافياً حيالها مما يؤكد الحاجة إلى تغذية هذا الجانب لديه بصورة معقولة متوازنة بعيداً عن الإسراف في الخيال والخوارق.
• المرحلة من 9 إلى 12 سنة
في هذه المرحلة يكون الطفل قد قطع شوطا جيداً في التعليم وتكون قدراته اللغوية ومهاراته في القراءة جيدة، ويستطيع أن يقرأ المواد القصيرة السهلة في التعبير والواضحة في المضمون، وفي الجانب الواقعي يقل ميله للخيال الجامح لذلك يحب قصص المغامرات الواقعية، والسير والتاريخ والأحداث الاجتماعية والمحلية، ويظهر في هذه المرحلة اعتماده على نفسه وبالتالي يسعى إلى ما يقوي هذا الجانب لديه من مواد ثقافية وعلمية وبخاصة الألغاز والمسابقات. ونظراَ لحبه للمغامرة والاكتشاف والبطولات والتحدي فإن تنمية هذا الجانب لديه من خلال القصص والأحداث المشوقة والمناقشة أمر ضروري.
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/309)
لكي تبقى هادئاً...
14/9/1423
29/11/2001
* لا تعتقد أن كل شيء ينبغي أن يسير على خير ما يرام " وأن لاشيء ينبغي أن يمنى بالخيبة والإخفاق"!؟؟ فهذه سنة الله في خلقه .
* أعترف بأن الحياة مليئة بالخير والشر " وهيئ نفسك دائماً لتقبل أموراً قد تكون غريبة وغير متوقعة ،واعلم أنك مطالب فقط بالعمل الجاد ولست مسؤولاً أو مطالباً بالنتائج.
* لا تعتقد أن كل شيء مهم " ولا تعطي الأمور أكثر من حجمها واعمل دائماً بنظام الأولويات " ،وضع الأمور بحجمها الطبيعي وتذكر دائماً أنك بشر تخطئ وتصيب .. ولايلام المجتهد بعد اجتهاده .
* لا تعتقد أن رضا كل الناس هو الصحيح " وأن إسخاطهم هو الخطأ "ولكن المهم هو أي نوع من الناس أرضيت" ؟ وأي صنف منهم أسخطت ؟!
* تأكد أنه لا أحد يمتلك كل الحقيقة " ولا يدعي ذلك إلا جاهل أو مكابر" فللحقيقة أكثر من زاوية وأكثر من جانب .. ونحن مطالبون بمحاولة الإلمام ببعض زواياها "وصولاً إلى جوهرها.
اشهد يا تأريخ
في يوم من الأيام، وبعد عقودٍ بعيدة من الزمن، وبعد أن فتح المسلمون كلاً من روما والقسطنطينية، وبعد أن قُتل المسيح الدجال، قام أحد طلبة العلم يبحث في مكتبته ما يقضي به وقته الثمين، وفي مروره على كتب التأريخ لفت نظره كتاب لأحد المؤرخين يتكلم فيه عن التربية في القرن الواحد والعشرين، فأخذ الكتاب بعيداً وجلس يتصفحه وهو فرحٌ في نفسه بما يحققه المسلمون من انتصاراتٍ قوية على أعداء الله بعد عودتهم إلى الله، واجتماعهم على كلمة الحق، وجد في بعض صفحات الكتاب مبحثاً يتكلم فيه المؤرخ عن فشل المسلمين في تربية أبناءهم في بداية ذلك القرن، قرأ شيئاً كبيراً من توافه الأمور التي امتلأت بها نفوس أبناء هذا الزمن والتي كان السبب فيها الآباء أولاً، فأخذ يقارن بين تربيتهم وتربيتنا، فرأى الشيء الكبير من الفرق في التربية، ثم نادى بزوجته وأطلعها شيئاً مما جاء في هذا الكتاب من مواضيع قيمة، ثم جلسا يعجبان ويضحكان على ذلك الزمن العجيب، والتي طغت فيه المادة على كل شيء.
نعم وألف نعم. سيأتي ذلك اليوم الذي نكون فيه عبرة لغيرنا.
نعم وألف نعم. سيأتي ذلك اليوم الذي نكون فيه أضحوكة في مجالس غيرنا.
سيضحك علينا الصغير والكبير في ذلك اليوم على تربيتنا الضائعة، على التربية التي لم نقدرها حق قدرها.
سيشهد التأريخ أننا أحضرنا بأنفسنا ألعاباً مثل ( البلاي ستيشن ) وغيره من الألعاب المفسدة لندمر به عقول أطفالنا.
سيشهد التأريخ أننا بملء إرادتنا وللأسف أدخلنا في بيوتنا تلك الأطباق والقنوات الفضائحية لنخرب بها أخلاق أبناءنا.
سيعجب التأريخ يوماً أننا لم نستطع منع أبناءنا من تقليد أبناء الغرب في عفونة شعرهم من القصات العجيبة والغريبة.
سيعجب التأريخ يوماً أننا لم نستطع منع أبناءنا من شراء تلك الملابس التي امتلأت بالعبارات القذرة والصور الفاضحة.
سيضحك التأريخ يوماً على بحثنا في الأسواق، وفي كل مكان من أجل رضى أبناءنا على أتفه الأمور من برامج وألعاب البوكيمون والنينجا والديجيتال وسابق ولاحق والقادم أكثر.
سيضحك التأريخ يوماً على تلهُّفِنا للذهاب بأبناءنا إلى ملاهي الضياع، ومدينة الضياع، وفن fun الضياع، والتي امتلأت في كل مكان لنضيع به المفاهيم والقيم.
سيشهد التأريخ على تلكم الفئة من الآباء والذين أسرفوا في إعطاء أبناءهم المال الكثير، فصرفوها في ............ لا ..........لا ...........لا .........تعليـ....ق.
سيضحك التأريخ على أبناءنا الذين امتلأت بهم النوادي والمدرَّجات والديوانيات والمقاهي من صغرهم بلا رقيب ولا عتيد.
سيضحك التأريخ على أبناءٍ ضيعوا أوقاتهم في تعلًم فنون الكاراتيه والدفاع عن النفس والكونغ فو، ثم لم يجدوا أحداً إلا إخوانهم وأمهاتهم الضعفاء ليطبقوا فيهم ما تعلموه في تلك الدور.
سيعجب التأريخ يوماً من تكالب الأعداء وأحزاب الكفر علينا من كل حدبٍ وصوب، ونحن غافلون عن ذلك بما نلهي به أبناءنا مما يبعدهم عن أمور السياسة ـ زعموا ـ.
سيشهد التأريخ أن أبناءنا بحثوا عن الحلال في شهوتهم فلم يروا إلا آباءاً أرادوا بيع بناتهم بأبخس الثمن، ( وليس تزويجهم ) فلما استيئسوا منهم لم يجدوا إلا الحرام في دور العهر والفساد.
كل ذلك وغيره كثير مما نراه في أبناء هذا الزمن سيضحك ويعجب منه التأريخ يوماً، ولهم كل الحق في ذلك ونحن السبب فيه إن لم نتدارك أنفسنا، ونعود بأنفسنا وأبناءنا عودة جادة إلى تعاليم ديننا الحنيف.
انتهى ذلك الطالب من طلاب العلم من الجلوس مع زوجته وأخذ ينادي بأبناءه العشرة لكي يستعدوا للخروج إلى المعركة والغزوة القادمة و( خنساء ) ذلك الزمن تبتسم، وتدعو لهم بالشهادة.
دمتم في رعاية الله،،
http://www.dr-omar.com المصدر
ـــــــــــــــــــ(101/310)
رسالة من طفل أفغاني إلى الرئيس بوش
عبدالله بن عبدالرحمن العيادة 24/8/1423
09/11/2001
أيها الرئيس .... من فم المأساة أكتب كلماتي . .
فأنا طفل بين الصخور ترقد حكاياتي . .
أسمع أزيز الطائرات . .
وأشم رائحة البارود والرصاص . .
والأرض تتحرك تحت أقدامي . .
فأسأل أمي عن دمعة أراها تحرق وجنتيها: لماذا البكاء يا أمي؟ هل سيصيبنا مكروه؟ فلا تجيب، وتلوذ بوجهها عني وتمسح دمعها بطرف ردائها، فألح بالسؤال فترد بصوت ممزق كتمزق أفغانستان : يا صغيري , قد قدر لنا في الأزل أن نكون كبش فداء للأقوياء بدون خطيئة !!
وأسأل أمي عما أرى في الأفق من أسراب الطائرات، وإلى أين هي ذاهبة؟ فتقول:
- هي ليست ذاهبة هي قادمة إلينا . .
- وهل نحن بحاجة إلى هذه الطائرات يا أمي؟
- يا صغيري هي ليست لنا بل ستمزق جسدك النحيل الصغير . .
- ولماذا يا أمي؟ هل اعتديت على أحد؟ هل سرقت لعبة أحد؟ فأنا لا أعرف اللعب ولم أر اللّعب يوماً !
- يا بني هكذا هم الضعفاء , هم دائماً كبش الفداء .
فأطرقت بصري وسرحت بذهني أرمق الجبال البعيدة المملوءة بالصخور الصماء، وأتسمّع رجع صدى صوتي فلا أسمع إلا صوت الريح التي تنقل لأذني أزيز الطائرات وضحكات الجنود وهم يحلمون بوجبة شهية من البيتزا الأمريكية فوق جليد أفغانستان . .
أيهاالرئيس ... استنطق السؤال المتحجر في فؤادي هؤلاء الجنود الذين حملتهم الطائرات هذه المسافات وهم يبتسمون ويضحكون : هل لهم أطفال؟ كيف يفكرون فيهم ؟ ما شعور أحدهم لو شاهد على شاشة التلفاز طفلهُ الوحيد المدلل وجسمه يتمزق بطلقة خاطئة من جندي آخر؟ هل لديه استعداد أن يطلق النار على طفل يلعب بالحجارة عوضاً عن الدمى البلاستيكية؟ ما ذنب طفولتي إذاً وأنا الذي لم أجنِ شيئاً؟ هل يحتاج جسدي إلى هذه الطائرات والدبابات؟ والناس الذين يحاصرون بيتي من كل اتجاه ، وأسمع أصوات العالم وهي تتنادى لقتلي، هل وجودي فقط من دون أطفال الأرض خطيئة؟ .
أسير في طرقات العالم أبحث عن ابتسامة . . أبحث عن حضن دافئ . . أبحث عن حلوى . . أبحث عن مأوى . . لا أحد يجيب . . فأعود لأجد حضن أمي قد مزقته الطائرات الجارحة.
هل لي أن أتجرأ بسؤالكم : ما ذنب طفولتي تسرق مني وأنا الذي لم أجن ذنباً؟ طفولة أصدقائي ما الذنب الذي اقترفت ؟ وبأي ذنب قتلت؟ أشجار بلادي تحرق لماذا؟ زهور دياري تدوسها الدبابات لماذا؟.
كانوا يحدثوننا في بلادكم عن أنهار الحرية . . وساحات العدل وأنا أستمع إلى حديثك وأنت تهددنا بالصواريخ التي ستعبر القارات، تحمل في رؤوسها العدل والسلام والبيتزا الأمريكية لتنعم الشعوب بالرفاه ولكن على الطريقة الأمريكية . . إذ تحمل هذه الطائرات الموت والدمار واللهب والنار !!
هل الإسلام في نظركم خطيئة؟ فأين حرية الأديان التي تزعمون؟ غضبتم يوم اعتدي عليكم . . وهذا من حقكم . . وتعتدون علينا وتريدون منا أن نبتسم . . فأين العدل الذي تزعمون؟ .
أيها الرئيس : سيتشرد أهلي وتقتل طفولتي، فهل تتوقع أن نمنحكم أنهار الحب؟ وهل من السهولة أن يمنح الحب لمن يقتل الأطفال الأبرياء وهم يرقدون على صدور أمهاتهم يستجدونها قطرة من حليب قد نضب وجف من الجوع والخوف وشبح الموت يتربص في كل زاوية من أيامها الرمادية وهم لا يعرفون لماذا يُقتلون؟ !
قصفتم ديارنا , ومزقت صواريخكم خيامنا , وتناثرت أشلاؤنا مع لعبنا القماشية، فهل أرويتم غضبكم ؟ وشفيتم حقدكم؟ أسمع أنين الأطفال وجراحهم تسيل دماً . . وأسمع دقات قلوبهم وهي ترسم على وجه الحياة مأساة شعب ذنبه في الحياة أنه مسلم وضعيف، فأصرخ وأصرخ فلا أسمع إلا رجع الصدى مع الريح التي تعبث بخيامنا، وخيامنا تقاوم من أجل البقاء . . أنادي أطفال العالم لعلهم يسمعون , لعلهم من أجلنا يبكون , ولكن أطفال العالم خلف آبائهم يختبئون، وآباؤهم قد صموا آذانهم وقالوا دعوهم لعلهم عن جهادهم أقصد عن إرهابهم يتوبون !!
أي طفل هذا الذي يرهب العالم؟ أيرهب العالم طفل لا يجد مأوى؟ أيرهب العالم طفل لا يعرف طعم الحليب؟ أيرهب العالم طفل نسي وجه أمه من الدموع؟ أم يرهب العالم طفل فقد بعضاً منه حينما قبّل صاروخاً أمريكياً في ليلة ظلماء بدون سابق إنذار؟ فمن يجيب؟ .
سأكبر يوماً وستكبر معي مأساتي . . وستبقى صورها في ذاكرتي وحياتي . .
صورة صديقي يوم تمزق جسده برصاص أمريكي . . وصورة أمي وهي تنزف دماً وأنا أصرخ بجوارها !! صورتها يوم ودعتني وهي تفارق الحياة وعيناهها توصيني :لا تنس الجهاد في سبيل الله يابني !! صورة المآذن وطائراتكم تدكها . . صور قطع الحلوى التي تناثرت ولم نذق طعمها أبداً !! ألعابنا الخشبية من قصفكم تكسّرت، هل أنسى صورتها؟ . .
ما أصعب الخوف وما أقسى الكره الذي قد يتحول مع الزمن إلى جليد من اللهب يحرق الزهور والرياحين وكل الشجيرات والمؤتمرات المفروشة للحب والسلام !! فهل تتوقع مني أن أمنح الجندي الأمريكي حباً وأضع في يده زهرة أو وردة وأنا أراها مخضبة بألوان الدم من أجساد العصافير والأطفال؟!
هل تتوقع أن أحبكم يوماً ما؟ هل تتوقع أن ننسى مأساتنا يوماً ما؟ ما ظنك بطفل شب ونما في أحضان المأساة وسط الرصاص ونام فوق الرماد . . كيف سيصحو؟!
ـــــــــــــــــــ(101/311)
العيش مع ولد مُعاق
كتب candy "لا شك في أن الولد المعاق يكون سبباً لحياة مضطربة داخل الأسرة. إلا أن النواحي الإيجابية و القدرات المتنوعة تُكتشف عنده شيئاً فشيئاً........
قد يولد الطفل مُعاقاً، وقد تقع الإعاقة للولد فيما بعد بشكل فجائي، كما قد تصيبه بشكل تدرجي. على أثر هذا الواقع، يمر الولد في مرحلة أولى طبية، يعمد خلالها المتخصصون إلى وضع التشخيص الدقيق والعلاج المناسب، وعلى ضوء ذلك يسير الولد في حياة يومية برعاية والديه اللذين قد يحتاجان إلى دعم لمساعدته في متابعة نمط من العيش ضمن المعطيات الصحية المفروضة.
صعوبات متنوعة
* الإعاقة العقلية: قلمّا يهتم الولد المعاق عقليًّا بما يحيطه، وهو يتطور ببطء ويكون تصرفه غير طبيعي. وإذا ما لقي اهتماماً متواصلاً من الأهل ودعماً مستمراً، فقد يكون تقدمه ملموساً.
* الإعاقة الحركية: مع الإعاقة الحركية، يجد الولد صعوبة في التنقل أو الاستعانة بيديه، بسبب الشلل، أو التصلب، أو عدم تناسق الحركة. وفي هذه الحال، يساعد التدريب الحركي على تصحيح الوضع، وكذلك التجبير لتقويم الاعوجاج، أو العملية الجراحية.
* الإعاقة الحواسية: غالباً ما يكون قصور النظر أو السمع قابلاً للمعالجة لا سيما و أن تأهيل الحواس الضعيفة و استعمال الأجهزة المناسبة، يساهمان مساهمة فعالة في تعويض هذا النقص.
* تعدد الإعاقة: عندما يكون الولد ضحية إعاقات متعددة، يصبح وضعه أكثر صعوبة.
كيفية المساعدة
ينبغي أن يعيش الولد المعاق وفق نظام يتوافق مع تطوره، و أن يُكافأ على تقدمه. وأولى مكتسبات الولد الجوهرية تبدأ في الحياة اليومية ( في اللباس، الطعام، الاغتسال). وتتوفر لذلك مساعدات طبية متخصصة."
http://www.lakii.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/312)
لمياء الجواعدة .. النموذج المثالي للطفلة المسلمة
نزار رمضان 24/8/1423
09/11/2001
في إحدى مدارس مدينة بيت لحم , وفي مدرسة حليمة السعدية في منطقة التعامرة على وجه الخصوص ، تدرس لمياء محمود الجواعدة في الصف السابع الأساسي ورغم صغر سنها إلا أنها ترتدي حجابا كاملا ويطلق عليها الطالبات الشيخة لمياء .. لم يزد عمر لمياء عن (12 عاما) ، لكن التدين يزين حياتها , فقد التزمت منذ صغرها بدورات تجويد القرآن في مسجد القرية ، وبعد حصولها على إجازة تجويد القرآن وهي في سن الثامنة بدأت لمياء تحفظ القرآن ، وعندما أصبح عمرها في نهاية الثانية عشرة كانت تحفظ القرآن الكريم كاملا , وشاركت في مسابقات حفظ القرآن التي كانت تقيمها اللجنة النسائية في المسجد فكانت لمياء دوما متفوقة .
اتصلنا بأمها كي نتحدث معها فرفضت الفتاة - رغم صغرها - أن تتحدث مع الرجال قائلة على لسان أمها : إن ذلك رياء ولا ترغب أن تتحدث عن نفسها وحفظها لكتاب الله .
وقد تمكنا برفقة إمام المسجد وبحضور والدها وأمها أن نتحدث معها مباشرة عن حبها لكتاب الله والرغبة في حفظه قالت لمياء : كنت عندما استمع لإذاعة القرآن الكريم أشعر براحة نفسية ، وكانت الإذاعة تعرض لنماذج من الطلبة والطالبات الصغار الذين يقرؤون القرآن عبر الهواء في المذياع فأتمنى لو أكون واحدة منهم .
وتضيف لمياء : أكثر ما شجعني على حفظ القرآن الكريم والدي ، الذي كان يقول لي : كل سورة تحفظينها أدفع لك مكافأة مالية مقدارها ( 2 شيكل ) أي : ما يعادل نصف دولار, وعندما بدأت أحفظ السورة الكبيرة ارتفعت المكافأة , ووصلت إلى عشرين شيكلا أحيانا , بالإضافة إلى الهدايا الأخرى التي كان والدي يحضرها لي .
إذا , هل حفظت القرآن من أجل النقود والهدايا ؟ غضبت لمياء , وقالت : لا .. لا .. أنا مؤمنة بأن الله سيجازيني على حفظي لكتاب الله , ولكنني كنت مسرورة وسعيدة لتشجيع والدي لي ومواظبته على دعمي معنويا في هذا الجانب .
وحول انعكاس حفظ القرآن على حياة لمياء ، قالت : أصبحت أخشى على نفسي من الحديث كثيرا خشية صدور أخطاء أو ألفاظ لا تتناسب مع حفظي لكتاب الله . شعرت بأن القرآن علمني السكينة والهدوء والتعامل مع الآخرين برأفة وسكون ، هذا بالإضافة إلى أنني أدركت وأنا أرتل كتاب الله بأنه لا بد من معرفة معاني القرآن وتفسير العديد من الآيات .
وعند سؤالنا لها عن كيفية تمكنها من ذلك , وهل تستطيع أن تقرأ التفسير من أمّات الكتب , قالت حاولت ذلك , وكنت أجد صعوبة ، لكنني ارتحت كثيرا وأنا أقرأ القصص القرآنية من خلال سلسة موجودة في داخل مكتبة المسجد ، حيث قرأت تفاصيل قصة أصحاب الكهف , وقصة فرعون مع سيدنا موسى , وقصة أصحاب الأخدود والكثير من القصص .
عن علاقاتها مع طالبات المدرسة , قالت لمياء : الكل يحترمني وكذلك المدرسات ، خاصة وأن مواظبتي على الحفظ جعلتني - أيضا - أواظب على الدراسة , فكنت من المتفوقات في المدرسة مما حبب المدرسات والطالبات فيّ .. وفي بداية العام أقامت المدرسة باحتفالاً ترحيبياً للطالبات , وطلبت مني مديرة المدرسة أن أفتتح الحفل بآيات من كتاب الله , فكان لذلك الأثر الكبير على نفسي ونفسية الطالبات والمدرسات أيضا .
والد لمياء مؤذن يعمل في مسجد البلدة قال : أحمد الله كثيرا على هذه النعمة التي أنعمها الله علي أن جعل لي ومن بين بناتي الأربع واحدة تحفظ كتاب الله مشيرا أنه يشعر أن لمياء أحب بناته إليه خاصة وهو يسمعها تقرأ القرآن .
وحول دوره في إعدادها وتأهيلها لهذا الأمر , قال : نعم لقد كنت أشجعها وأدعمها , ولكن كانت لديها القابلية أيضا , ويبدو أن الله يريدها من أهل القرآن , وأسأل الله أن ينعم عليناا بالأجر جراء ذلك .
وهكذا يكون القرآن نورا وسكنية ووقارا في حياة الأسرة المسلمة التي تحرص على إعداد أبنائها إعدادا قرآنيا رائدا .
ـــــــــــــــــــ(101/313)
قِصَّةُ أبْ
علي الطنطاوي
دخل عليّ أمس بعدما انصرف كتّاب المحكمة ولبست معطفي رجل كبير في السن يسحب رجليه سحباً لا يستطيع أن يمشي من الضعف والكبر. فسلّم ووقف مستنداً إلى المكتب وقال:
إني داخل على الله ثم عليك أريد أن تسمع قصتي وتحكم لي على من ظلمني.
قلت: تفضل، قل أسمع.
قال: على أن تأذن لي أن أقعد فوالله ما أطيق الوقوف.
قلت: اقعد وهل منعك أحد من أن تقعد؟ اقعد يا أخي فإن الحكومة ما وضعت في دواوينها هذه الكراسي وهذه الأرائك الفخمة إلا ليستريح عليها أمثالك من المراجعين الذين لا يستطيعون الوقوف. ما وضعتها لتجعل من الديوان (قهوة) يؤمها الفارغون ليشتغل الموظف بحديثهم عن أصحاب المعاملات ويضاحكهم ويساقيهم الشاي والمرطبات والناس قيام ينتظرون لفتة أو نظرة من الـ(بك)!
لا. لسنا نريدها (فارسية) كسروية في المحكمة الشرعية فاقعد مستريحاً فإنه كرسي الدولة ليس كرسي أبي ولا جدي، وقل ما تريد.
قال: أحب أن أقص القصة من أولها فأرجو أن يسعني صبرك ولا يضيق بي صدرك وأنا رجل لا أحسن الكلام من أيام شبابي فكيف بي الآن وقد بلغت هذه السن ونزلت علي المصائب وركبتني الأمراض ولكني أحسن الصدق ولا أقول إلا حقاً.
كنت في شبابي رجلاً مستوراً أغدو من بيتي في حارة (كذا) على دكاني التي أبيع فيها الفجل والباذنجان والعنب وما يكون من (خُضر) الموسم وثمراته فأربح قروشاً معدودات أشتري بها خبزي ولحمي وآخذ ما فضل عندي من الخُضر فيطبخه (أهل البيت) ونأكله وننام حامدين ربنا على نعائمه لا نحمل هماً ولا نفكر في غد ولا صلة لنا بالناس ولا بالحكومة ولا نطالب أحداً بشيء ولا يطلب منا شيئاً ولم أكن متعلماً ولا قعدت في مدرسة ولكني كنت أعرف كيف أصلي فرضي وأحسب دراهمي... ولقد عشت هذا العمر كله ولم أغش ولم أسرق ولم أربح إلا الربح الحلال وما كان ينغّص حياتي إلا أنه ليس لي ولد فجرّبنا الوسائل وسألنا القابلات ولم يكن في حارتنا طبيب ولم نحتج إليه فقد كان لنا في طب (برو العطار) وزهوراته وحشائشه ما يغنينا عن الطبيب والصيدلي. وإذا احتجنا إلى خلع ضرس فعندنا الحلاق أما أمراض النساء فمردّ أمرها إلى القابلة ورحم الله أم عبد النافع قابلة الحارة فقد لبثت أربعين سنة تولّد الحاملات ولم تكن تقرأ ولا تكتب.
أقول إنّا سألنا القابلات والعجائز فوصفن لنا الوصفات فاتخذناها وقصدنا المشايخ فكتبوا لنا التمائم فعلقناها فلم نستفد شيئا، فلم يبق إلا أن ننظر أول جمعة في رجب لنقصد (جامع الحنابلة) فلما جاءت بعثت (أهل البيت) فقرعت حلقة الباب وطلبت حاجتها فنالت طلبها- خرافة دمشقية وثنية من آمن لها أو بأمثالها من الخرزة الزرقاء لرد العين والسحر والشعوذات واعتقد أن لغير الله نفعاً أو ضرراً فيما وراء الأسباب الظاهر فقد خالف الإسلام- فنالت طلبها وحملت.
وصرت أقوم عنها بالثقيل من أعمال المنزل لأريحها خشية أن تسقط حملها وأجرمها وأدللها وصرنا نعدّ الأيام والساعات حتى كانت ليلة المخاض فسهرت الليل كله أرقب الوليد فلما انبلج الفجر سمعت الضجة وقالت (أم عبد النافع): البشارة يا أبا إبراهيم! جاء الصبي.
ولم أكن أملك إلا ريالاً مجيدياً واحداً فدفعته إليها.
وقلّبنا الصبي في فرش الدلال، إن ضحك ضحكت لنا الحياة وإن بكى تزلزلت لبكائه الدار وإن مرض اسودّت أيامنا وتنغّص عيشنا وكلما نما أصبعاً كان لنا عيد وكلما نطق بكلمة جدّت لنا الفرحة وصار إن طلب شيئاً بذلنا في إجابة مطلبه الروح... وبلغ سن المدرسة فقالت أمه: إن الولد قد كبر فماذا نصنع به.
قلت: آخذه إلى دكاني فيتسلى ويتعلم الصنعة.
قالت: أيكون خضرياً.
قلت: ولم لا؟ أيترفع عن مهنة أبيه.
قالت: لا والله العظيم! لابد أن ندخله المدرسة مثل عصمة ابن جارنا سموحي بك. أريد أن يصير (مأموراً) في الحكومة فيلبس (البدلة) والطربوش مثل الأفندية.
وأصرّت إصراراً عجيباً فسايرتها وأدخلته المدرسة وصرت أقطع عن فمي وأقدم له ثمن كتبه فكان الأول في صفه فأحبه معلموه وقدروه وقدّموه.
ونجح في الامتحان ونال الشهادة الابتدائية فقلت لها: يا امرأة! لقد نال إبراهيم الشهادة فحسبنا ذلك وحسبه ليدخل الدكان.
قالت: يوهْ! ويلي على الدكان... أضيّع مستقبله ودراسته؟! لابد من إدخاله المدرسة الثانوية.
قلت: يا امرأة من علّمك هذه الكلمات؟ ما مستقبله ودراسته؟ أيترفع عن مهنة أبيه وجده؟ قالت: أما سمعت جارتنا أم عصمة كيف تريد أن تحافظ على مستقبل ابنها ودراسته؟ قلت: يا امرأة اتركي البكوات ... نحن جماعة عوام مستورون بالبركة فما لنا وتقليد من ليسوا أمثالنا.
فولولت وصاحت. ودخل الولد الثانوية وازدادت التكاليف فكنت أقدمها راضياً... ونال البكالوريا.
قلت: وهل بقي شيء.
قال الولد: نعم يا بابا. أريد أن أذهب إلى أوربا.
قلت: أوربا؟ وما أوربا هذه.
قال: إلى باريس.
قلت: أعوذ بالله تذهب إلى بلاد الكفار والله العظيم إن هذا لا يكون.
وأصر وأصررت وناصرته أمه فلما رأتني لا ألين باعت سواري عرسها وقرطيها وذلك كل مالها من حلي اتخذتها عدة على الدهر ودفعت ثمنها إليه فسافر على الرغم مني.
وغضبت عليه وقاطعته مدة فلم أردّ على كتبه ثم رق قلبي وأنت تعلم ما قلب الوالد وصرت أكاتبه وأساله عما يريد... فكان يطلب دائما.
أرسل لي عشرين ليرة... أرسل لي ثلاثين... فكنت أبقى أنا وأمه ليالي بطولها على الخبز القفار وأرسل إليه ما يطلب.
وكان رفاقه يجيئون في الصيف وهو لا يجيء معهم فأدعوه فيعتذر لكثرة الدروس وأنه لا يحب أن يقطع وقته بالأسفار.
ثم ارتقى فصار يطلب مئة ليرة... وزاد به الأمر آخر مرة فطلب ثلاثمئة.
تصور يا سيدي ما ثلاثمائة ليرة بالنسبة لخضري تجارته كلها لا يساوي ثمنها عشرين ليرة وربحه في اليوم دون الليرة الواحدة؟ وياليته كان يصل إليها في تلك الأيام التي رخت فيها الأسعار وقل العمل وفشت البطالة ثم إنه إذا مرض أو اعتل علة بات هو وزوجته على الطوى ... فكتبت إليه بعجزي ونصحته ألا يحاول تقليد رفاقه فإن أهلهم موسرون ونحن فقراء فكان جوابه برقيّة مستعجلة بطلب المال حالاً.
وإنك لتعجب يا سيدي إذا قلت لك أني لم أتلق قبلها برقية في عمري فلما قرع موزع البريد الباب ودفعها إلي وأخذ إبهام يدي فطبع بها في دفتره انخرطت كبدي في الخوف وحسبتها دعوة من المحكمة وتوسلت إليه وبكيت فضحك الملعون مني وانصرف عني، وبتنا بشر ليلة ما ندري ماذا نصنع ولا نعرف القراءة فنقرأ ما في هذه الورقة الصفراء حتى أصبح الله بالصباح ولم يغمض لنا جفن وخرجت لصلاة الغداة فدفعتها لجارنا عبده أفندي فقرأها وأخبرني الخبر ونصحني أن أرسل المبلغ فلعل الولد في ورطة وهو محتاج إليه.
فبعت داري بنصف ثمنها أتسمع يا سيدي؟ بعت الدار بمئتي ليرة وهي كل ما أملك في هذه الدنيا واستدنت الباقي من مرابٍ يهودي دلوني عليه بربا تسعة قروش على كل ليرة في الشهر أي أن المئة تصير في آخر السنة مئتين وثمانية! وبعثت إليه وخبرته أني قد أفلست.
وانقطعت عني كتبه بعد ذلك ثلاث سنوات ولم يجب على السيل من الرسائل التي بعثت بها إليه.
ومر على سفره سبع سنين كوامل لم أر وجهه فيها وبقيت بلا دار ولاحقني المرابي بالدين فعجزت عن قضائه فأقام علي الدعوى وناصرته الحكومة عليّ لأنه أبرز أوراقاً لم أدر ما هي فسألوني: أأنت وضعت بصمة أصبعك في هذه الأوراق.
قلت: نعم. فحكموا علي بأن أعطيه ما يريد وإلا فالحبس. وحبست يا سيدي. نعم حبست وبقيت (المرأة) وليس لها إلا الله فاشتغلت غسّالة للناس وخادمة في البيوت وشربت كأس الذل حتى الثمالة.
ولما خرجت من السجن قال لي رجل من جيراننا: أرأيت ولدك؟ قلت: ولدي؟! بشّرك الله بالخير. أين هو؟ قال: ألا تدري يا رجل أم أنت تتجاهل؟ هو موظف كبير في الحكومة ويسكن مع زوجته الفرنسية داراً فخمة في الحي الجديد.
وحملت نفسي وأخذت أمه وذهبنا إليه وما لنا في العيش إلا أن نعانقه كما كنا نعانقه صغيراً ونضمه إلى صدورنا ونشبع قلوبنا منه بعد هذا الغياب الطويل. فلما قرعنا الباب فتحت الخادمة فلما رأتنا اشمأزت من هيئتنا وقالت: ماذا تريدون؟ قلنا نريد إبراهيم. قالت: إن البك لا يقابل الغرباء في داره اذهبا إلى الديوان. قلت: غرباء يا قليلة الأدب؟ أنا أبوه وهذه أمه.
وسمع ضجتنا فخرج وقال: ما هذا؟ وخرجت من وراءه امرأة فرنسية جميلة.
فلما رأته أمه بكت وقالت: إبراهيم حبيبي؟ ومدّت يديها وهمّت بإلقاء نفسها عليه. فتخلى عنها ونفض ما مسته من ثوبه وقال لزوجته كلمة بالفرنساوي، سألنا بعد عن معناها فعلمنا أن معناها (مجانين).
ودخل وأمر الخادم أن تطردنا ... فطردتنا يا سيدي من دار ولدنا.
وما زلت أتبعه حتى علقت به مرة فهددني بالقتل إذا ذكرت لأحد أني أبوه وقال لي: ماذا تريد أيها الرجل؟ دراهم؟ أنا أعمل لك راتباً بشرط ألا تزورني ولا تقول أنك أبي.
ورفضت يا سيدي وعدت أستجدي الناس وعادت أمه تغسل وتخدم حتى عجزنا وأقعدنا الكبر فجئت أشكو إليك فماذا أصنع.
فقلت للرجل: خبرني أولا ما اسم ابنك هذا وما هي وظيفته.
فنظر إليّ عاتباً وقال: أتحب أن يقتلني.
قلت: إن الحكم لا يكون إلا بعد دعوى والدعوى لا تكون إلا بذكر اسمه.
قال: إذن أشكو شكاتي إلى الله.
وقام يجرّ رجله يائساً... حتى خرج ولم يعد
http://www.alnoor-world.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/314)
من مذكرات معلمة
مها عبد الرحمن 24/8/1423
09/11/2001
منذ نعومة أظفاري وأنا أحلم أن أكون معلمة قديرة ، وكثيراً ما كنت أتقمص ذلك الدور حينما كنت ألعب مع أترابي الصغيرات ، ومرت الأيام وشاء الله تعالى أن يتحقق ذلك الحلم الجميل بعد أن تخرجت - بحمد الله - في كلية شرعية زودتني - بفضل الله - بحصيلة علمية جديدة ورغبة قوية تدفعني من الأعماق لنشر ذلك العلم والدعوة إلى الله - تعالى- ، وكدت أطير من الفرح ، ولم أصدق أن قدمي تحملاني لأول مرة لأكون معلمة حقيقية تغذي العقول وتغرس القيم ، وبدأت رحلتي الجميلة مع التعليم ، وفي تلك الثانوية التقيت بطالباتي الحبيبات بسطت لهن وجهي ، وتودّدت لهن في نصحي وقولي ، منحت لهن وقتي وراحتي ، بل وبذلت لمن أراها تحتاج منهن بعضاً من مالي ، كنت قريبة إلى نفوسهن فانجذبن نحوي ، وفتحت قلوبهن لي ، فتعلمت من خلال ذلك كيف أبذر بذرة الخير فأراها تنمو لتصبح شجرة طيبة تؤتي ثمارها في كل حين رأيت بعضاً منهن يتسابقن إلى مصلى المدرسة وقت الفسحة، ليركعن ركعتي الضحى بعد أن كانت ضحكاتهن وقت الفراغ تملأ الممرات والساحات .
كانت تلك الثمار تمسح عن جبيني آثار التعب والإرهاق من جراء الجهد الذي كنت أبذله في مدرستي مع واجبات بيتي ، فأنا زوجة وأم لأطفال .
كابدت المصاعب وأعانني زوجي فهو - بحمد الله - رجل صالح ، وكان كثيراً ما يردد : أخلصي في عملك ، ودعوتك ليقيض الله لأولادك من يمنح لهم ذلك ، فإن الجزاء من جنس العمل .
لم تكن المادة تعني لنا شيئاً ولا دافعاً - بحمد الله - للعمل ، ولم نتخذ تلك الوظيفة مطية لتحقيق شهوات دنيوية ، ولا أنسى يوم فاتحته برغبتي بمساعدته بجزء من مالي لبناء بيت لنا ، ولأطفالنا فقال لي : لن نبني بيتاً في الدنيا فبل أن نبني بيتاً في الجنة ، وقمنا بتخصيص مبلغ من كل شهر للمساهمة في بناء بيت من بيوت الله ، وواصلت مسيرتي وأنا بحمد الله أقطف كل يوم ثمرة ، وأرقب تفتح زهرة حقاً ، كم في قلوب بناتنا من خير ! ولكن أين المعلمات الداعيات ؟!
ومع مرور الأيام زاد عدد أطفالي ، وتضاعفت مسؤولياتي ، وبلغ بعضهم مرحلة من العمر يحتاجون فيها إليّّ أكثر من ذي قبل ، ولأنني لن أحضر خادمة تسرق مني أطفالي ، وتهدم فيهم ما بنيت من مبادئ، وتجتث ما زرعت من أخلاق كان أمامي قرار صعب جداً وهو التخلي عن مدرستي ، والتفرغ لبيتي وأطفالي ، ترددت كثيراً واستخرت الله تعالى ، ثم استشرت زوجي فأخبرني أن تركي للعمل لحاجة بيتي وأطفالي هو جزء من دعوتي لطالباتي للفهم الصحيح لدور المرأة في المجتمع ، وترتيب الأولويات في حياتها ، وأن عليها أن تعطي مادامت قادرة على العطاء ، وأن تفسح المجال لغيرها حينما يتراجع ذلك العطاء ويؤثر على واجباتها ، وأولوياتها .
فمضيت في عزمي ، وقررت إنهاء عملي خارج مملكتي الصغيرة ؛ لأن هناك مهامَّ كبرى تنتظرني ، فقدمت استقالتي ، وأنا استشعر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( المؤمن كالغيث أينما حل نفع ) فإن كانت الدعوة في صفوف الطالبات بالنسبة لي أصبحت متعذرة فمجالات الدعوة الأخرى تنادي العاملين ليبذلوا لها شيئاً من وقتهم وطالب الخير سيجده إن شاء الله - تعالى- إذا صدق في العزم وأخلص النية .
كان القرار قاسياً على قلوب زهراتي المتفتحة ، وقاسياً أيضاً على قلبي ، ولكنه قبل كل شيء استجابة لنداء الفطرة ، وعودة إلى عرش الأمومة داخل مملكتي الصغيرة .
وحان وقت الفراق فودعت طالباتي ودعوت الله لهن بالتوفيق ، وتمنيت أن تأتي إلى مدرستي من ترفع رايتي ، وتحمل شمعتي لتضيء للأجيال الدروب ، وتغرس فيهن القيم .
هذه تجربتي وما أجملها من أيام ! تعلمت فيها دروساً في البذل والدعوة ودروساً في فن التعامل مع الآخرين ، ولكنها - على حلاوتها - كشفت لي واقعاً مراً ، وهو أن الكثيرات من العامملات في مجال التدريس لم يدركن المعني الحقيقي للمعلمة ، ولا الهدف الصحيح لمهنة التعليم النبيلة ، فالتعليم لديهن ميدان لحصد المال فقط ، فمنذ بداية الشهر وهن يرقبن آخره للحصول على المال ، ومنهن - وهذا أدهى وأمَّر- من استغلت مهنتها للدعوة إلى باطلها وسفورها ، وفكرها المنحرف ، وعدد ليس بالقليل جعلن من هذه المهنة مجالاً للغرور ، والتعالي ، والتكبر على طالباتها ، وكل هؤلاء أخطأن ، وخبن وخسرن ؛ فالتعليم قبل كل شيء أمانة أمام خالقهن أولاً ، ثم مجتمعهن ثانياً ، وهو ميدان خصب للتربية والتوجيه فهلا أدركن ؟
إن هناك فتناً كثيرة تعصف بقلوب فتياتنا المراهقات في المرحلة المتوسطة والثانوية ، فالأغنية الماجنة ، والفلم الرخيص ، وما تعرضه شاشات الأطباق الفضائية سيل عارم لا بد أنْ يوقف بسد منيع من الإيمان والخلق ، فهلاّ ساهمت معلمة في بنائه في نفوس طالباتنا ؟
إنني لا أدعي السبق إلى هذه التجربة فأنا أعلم أن الكثيرات سبقنني إليها ، بل لا أبالغ إذا قلت إنني ثمرة من ثمرات هذه التجربة ولكنني أسبق إلى نشرها ، لعل هناك من ينتفع بها ، ولأن ذلك جزء من دعوتي بعد أن فارقت مدرستي
ـــــــــــــــــــ(101/315)
اللاعن الصغير!
منال الدغيم
تلتمع عيناه الضاحكتان، وتتأرجح ضحكاته السعيدة، فتشعر بأن روحه بتلات وردة بيضاء، تندى بالطهر وتفوح بالنقاء، وهو يخطر في حلة الطفولة الحلوة العذبة!
لكن لطخة إثم مقيتة تعكر ذلك النقاء إذ يتلفظ فجأة بكلمة نابية كريهة أو لفظ شاتم شنيع، فيدنس بذلك إهاب الطفولة النقي، ويخنق في أخلاقه براعم الاحترام والمروءة الغضة.
إنه ليحز في النفس أن ترى الطفل لما يبلغ سن التمييز بعد، وهو يقذف بشتام يكسره ولا يقيم حروفه، فلا يجد من بعض الوالدين والأهل إلا ضحكاً وتعجباً واستحساناً، حتى تراه يعاود الشتم مرة بعد مرة، ليصير ذلك ديدن لسانه وعادة كلامه، فيصعب بعد ذلك الإصلاح له، ويوقع أهله في الحرج الشديد، خاصة إذا ما وجه هذه الكلمات لأصدقاء أو غرباء، أو كبار في السن.
لا شك أولاً أن الوقاية خير من العلاج، والطفل الذي جاء إلى الدنيا لا يعرف شيئاً، إنه لم يقتنص هذه الكلمات النابية إلا بسماعه لأحد ما، خاصة إذا كانت تصب في مسمعه ليل نهار من أب غاضب، أو أم مرهقة، أو أخ غير مهتم، ومن زرع حصد.
وعلاج ذلك يعود إلى مرحلة الابن العمرية، فإذا كان في سنواته الأولى، فهَوِّلي من أمر صنيعه وشنعي فعله، وأبدي الأسف الشديد تجاهه إذ نطق بها.
في المرحلة التالية، استخدمي أسلوب الترهيب والترغيب، هدديه بالحرمان، ورغبيه في أمر يحبه، واهتمي كثيراً بتأسيس ركيزة دينية لهذه القضية في نفسه، بتخويفه من غضب الله والنار، وترغيبه في الجنة ووصف نعيمها له، وتقوية جانب الإحسان لديه بمراقبة الله - عز وجل-، كأن تقولين: إن الله يسمعك ويغضب لكلامك.
قربي شناعة الأمر لعقله بضرب الأمثلة الحسية، فهو في مرحلة لا يعرف بعد فيها تقدير القيم والأخلاق والمبادئ، فيحتاج إلى تشبيه وتمثيل، قولي له مثلاً: كما تحب أن يكون ثوبك نظيفاً، فليكن لسانك نظيفاً أيضاً، واحكي له قصصاً تجسد كل مبدأ تودين أن تزرعيه في نفسه.
فيما بعد، قد تلاحظين استفزاز الطفل وعناده لك بنطق الكلمات النابية، فلا تبدي فوراً التذمر والقلق له، فهو لا يريد إلا لفت نظرك وجذب اهتمامك إليه، فعليك إذن التنويع في أساليب مواجهتك لفعله غير السوي، تجاهليه يوماً، وعظيه يوماً، واحرميه يوماً، وهكذا، كي لا يربط بين اهتمامك الشديد وتلفظه بهذه الكلمات أمامك.
إن حدث وسمع طفلك شخصاً كبيراً يقذف بالكلمات الشنيعة وأبدى تعجباً، فوافقيه على إنكار ذلك، وركزي في نفسه أساساً بأن الحق أكبر من الجميع، وقد يقع في الخطيئة كل أحد، وحاولي أن تجعليه يستقل بشخصيته عن التقليد والتبعية إلا لمثل أعلى - رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيحذر من تبرير أخطائه بوقوع الناس في ذات الأمر.
نقطة مهمة! لا أنسى طفلة عذبة حزنت يوماً على والدتها إذ حرمتها من شيء، فقالت غاضبة ببحة طفولية رائعة: الله يهديك! هكذا سمعت دعاء طيباً من في والدها أو والدتها إذا ما غضباً، فأعادته لما احتاجت إليه، فاملئي إذن لسان أطفالك بالحق والذكر والدعاء، كي لا تنشغل ألسنتهم النقية بالباطل والإثم!
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/316)
حتى لا يغار طفلك الكبير من مولودك الصغير
مرتضى عبد الله 27/7/1423
14/10/2001
يكتسب الطفل العادات الطيبة وغير الطيبة من تصرفات والديه وتصرفات الأهل والأصدقاء مع بعضهم ومع الآخرين ، ومن تعليمات الآباء والأمهات له ولإخوته بالإضافة لبعض العادات المتوارثة ومن مجموع ذلك تتكون شخصية الطفل التي تمتد من الميلاد وحتى البلوغ ، فتظهر بعض الظواهر الطبيعية التي لا يلزم أي تدخل , كذلك بعض الظواهر غير الطبيعية التي يلزم التدخل الطبي لعلاج بعضها والبعض الآخر لا يلزمه التدخل الطبي إذ يشفى بحيث يشفى الطفل مع مرور الوقت منها : فقدان الشهية , الخوف ، الخجل , الغيرة .. إلخ .
وعن الغيرة عند الطفل يحدثنا الدكتور عمير الحارثي ـ استشاري طب نفس الأطفال ـ فيقول : الغيرة شيء طبيعي موجود عند كل الأطفال وأحيانا في صور مختلفة مثل : التبوّل اللا إرادي أثناء النوم , إغماض العينين بطريقة عصبية ، التأتأة ، الرغبة في التبول كل فترة قصيرة ، سؤال والدته دائماً لتحمله أو لتطعمه بيدها ، الرغبة في تناول زجاجة الرضاعة ثانية ، التكلم مثل الأطفال الصغار ، السلبية , رفض الطعام ، تحوله إلى طفل شرس أو مدمِّر ، ويجب على الأم أن تلاحظ كل هذه التصرفات ، كذلك تصرفاته مع اللُّعب ومحاولة تكسيرها .
ويضيف د. الحارثي : لكي نعرف كيفية علاج الغيرة يجب أن نعرف أولا كيف تحدث ، ونحاول منعها . فعند اقتراب موعد ولادة الطفل الثاني يُؤخر الأول بعيداً عن والدته لفترة بقائها في المستشفى وعند عودتها من المستشفى تكون مُجهدة وترغب أن تستريح ، وهو يرغب في القرب منها نتيجة بعده عنها فترة ، وبعد استراحتها تقوم بالعناية بالصغير ، ويقل الوقت الذي تعطيه له , ويصل الأهل والأصدقاء للتهنئة بالمولود الجديد , أي كل شيء وكل الوقت للضيف الجديد ثم تبدأ سلسة من التعليمات ، وباستمرار يكون الصغير في أحضان والدته ويذهب هو إلى فراشه حزيناً لانشغالها مع الصغير ويعتقد أنه فقد حب أمه له ، وبعد أن يكبر قليلاً يلاحظ أنه يُعاقب لأشياء يُسمح لأخيه الصغير أن يفعلها ولا يعرف سبباً لذلك أو أنه أصغرُ من أن يعرف السبب ، وتزداد الغيرة بالمقارنة والتفضيل ..
أما الغيرة في الطفل الصغير فتأتي عند ما يذهب الكبير إلى المدرسة ويهتم المنزل كله ببدء الدراسة ويأخذه أحد والديه إلى المدرسة في الصباح وهو في قمة السعادة ..
ويضيف د / الحارثي : إنه من الصعب جداً تقبل طفل يبلغ اثني عشر شهراً أو سنتين قدوم الطفل الثاني ومعه التعليمات : لا تفعل كذا ...
والحل الأمثل هو عدم حدوث أي تغير في الجدول اليومي للعناية بالطفل الكبير بعد قدوم الثاني أو تحاشي أسباب الغيرة ، وعلاجها صعب ومن أساسيات العلاج التظاهر أمام الطفل بأن كل شيء يفعله طبيعي , ومعاملته بالحب والاحترام ..
والطفل الغيور عموماً هو طفل غير سعيد وعلى الأم أن تبذل كل المحاولات لجعله سعيداً فيجب أن تتحاشى التأنيب أو التوبيخ حتى لو أصاب أخاه الصغير , فكل هدفنا أن نجعله يلعب معه ويساعد أمه في خدمته ,ففي حالة ضربه أو إصابته تأخذه الأم بعيداً ,ً وتجعله مشغولاً , ولا تؤنبه إطلاقا بل تعطيه الحب والأمان. وإذا تكرر القبول اللا إرادي لا تنصحه الأم بأي شيء وإنما تشعله في لعب أو خلافه ، وإذا دمر لعبته أو أفسدها فلا تفعل له شيئاً بل تشغله في شيء آخر وتعطيه الحب والحنان والأمان . وأي توبيخ أو عقاب سيزيد المشكلة تعقيداً ..
من مظاهر الغيرة أيضاً محاولة جذب الانتباه مثل مصّ الإصبع ، التبول اللا إرادي الرغبة في التدمير . وعلاج ذلك يستلزم معرفة الأسباب التي تؤدي إلى عدم الإحساس بالأمان ، ودائماً تكون في العقل الباطن ، ويلزم علاجها ولا يكفي علاج الظواهر فقط ، ولكن من المهم جداً معرفة الأسباب التي أدت إلى إحدى الظواهر المرضية ، وبذلك يعيش الكبير والصغير في سعادة وهناء ، وتقوى الارتباطاتت الأسرية بينهما من البداية.
ـــــــــــــــــــ(101/317)
المناعة الروحية
د.مصطفى جاويش
مع بداية إجازات الصيف الطويلة تثار مناقشات وجدل كثير عن وقت أبنائنا وكيف نرتبه لهم؟ وكيف نستثمره في النفع لهم؟ وفي كل الأحوال غالباً ما تكون آراء الآباء دون مراعاة رأي أو رغبة الأبناء، وكما ورد في الأثر "علموا أولادكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، وتكون المشكلة والأزمة حين يبدي أحد الأبناء رغبته بسؤال بريء وهو أن يطلب مشاهدة الفضائيات، ومع الرفض المبدئي والخوف الغريزي لدى الآباء! يدور التساؤل مرة أخرى لماذا؟ أليس بها برامج إسلامية وثقافية وعلمية ورياضية ومحاورات ومناقشات مفيدة؟ وتبدأ حيرة الآباء في كيفية الرد وأسلوب تبرير الرفض، وتلك مشكلة أخرى فرضية؛ لأن الخوف الغريزي والرفض المبدئي من الصعب عرضه وتفصيله أمام الصغار!.
وهنا يبرز السؤال: لماذا الخوف وما السبب الموضوعي للرفض؟ والرد الفوري والإجابة التلقائية تدور حول فرضية مشاهدة القنوات والبرامج الإباحية أو على أحسن الفروض التعرض للإعلانات البينية بين البرامج الجادة في القنوات المحترمة!
وهنا نعرض لعدد من المواقف والأفكار:
ففي حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" (أخرجه ابن ماجه وغيرة ).
وقصة نبي الله يوسف - عليه السلام-: لماذا وكيف حفظه الله تعالى وهو ينشأ في بيئة غريبة عليه، ويعيش فترة المراهقة داخل أروقة القصور، حيث لا اهتمام بالكثير من الأمور الأخلاقية، بدليل رد فعل (العزيز) عند رؤيته الواقعة "يوسف أعرض عن هذا": فقط لا تتحدث بالأمر ولا تنشر الإشاعات، ثم قال لزوجته: "استغفري لذنبك". رد فعل يعبر عن طبيعة الأخلاقيات في تلك البيئة، ومع ذلك فإن يوسف - عليه السلام- عبر الأزمة وخرج من الموقف سليماً مخلصاً لربه؛ لماذا؟.
في الطب الوقائي للأجسام يتم إعطاء الطفل تحصينات ضد عدد من الأمراض بهدف إنشاء وتنمية المناعة الجسمانية الذاتية ضد تلك الأمراض، وتشمل تلك التحصينات جرعات ضعيفة ومتحكم فيها من مسببات الأمراض بحيث يتعرف عليها الجسم، ولكن لا تسبب المرض، ويبدأ الجسم في تكوين مناعة ذاتية داخلية ضد تلك الأمراض إذا تعرض لها، وهنا السؤال: أليس من الأفضل أن ينشأ الطفل في وسط سليم خال من المرض طوال حياته، وبذلك نضمن سلامته وعزلته عن مسببات الأمراض؟، الفكرة واردة، لكنها مستحيلة التنفيذ؛ لذا كان لا بد من التحصين لرفع المناعة.
وفي الطب الوقائي للأرواح والنفوس نعرض الموضوع بعكس الخطوات فنقول: أليس من الأفضل عزل أفكار أبنائنا وغلق عيونهم عن فساد المجتمع وعن شرور الشيطان، وبذلك نضمن عدم تعرضهم لأية أمراض ومفاسد خلقية وسلوكية ونوفر لهم محيطاً نقياً خالياً من الشرور؟، الفكرة أيضاً نظرية، ولكن من الصعب بل من المستحيل تطبيقها، فالابن لا بد له من التعامل مع المجتمع وتداخلاته ومستوياته وأخلاقياته من: زملاء، وأصحاب، وأقارب، وتجار، وجيران؛ فالعلاقات الاجتماعية متشعبة، ومن غير المنطقي الحديث عن "الابتعاد" . إذاً فالمعايشة واقع مفروض وضرورة حياتية، وليس الخطر فقط في مشاهدة الفضائيات، ولكن الحديث حولها في المدرسة وعند زيارة الأقارب والجيران يكون أشد تأثيراً، خاصة لو دخلنا في دائرة الممنوع والمرغوب والمجهول وغير المعروف، ويترتب عليه إحساس بالنقص، ولا قدر الله الكبت!.
كيف نرفع المناعة الروحية لأبنائنا لتكون لديهم ذاتية التفاعل الإيجابي والسلامة السلوكية في مواجهة الشرور والمفاسد والتعامل معها، وليس بالهروب والانعزال؟
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/318)
حتى لايفشل أبناؤنا !
عمر السنيدي - الرياض 27/7/1423
14/10/2001
مشاهد متكررة، وصور متعددة أصبحت مصدر قلق لكثير من الأسر والبيوت، هنا فتاة في بداية حياتها الزوجية يتفاجأ أبواها بطلاقها !، وهناك شاب في بداية حياته الوظيفية يفصل من عمله، ومشاهد أخرى مشابهة تعكس نفس المعاناة . حملنا هذه المشاهد وعرضناها على الأستاذ/ محمد بن فهد الجيفان ( المتخصص في شئون الأسرة والمجتمع) وسألناه عن السبب - من وجهة نظره-.
يقول الاستاذ محمد :"هذه المشاهد التي أصبحت ظاهرة في كثير من البيوت والمجتمعات من أهم أسبابها - في نظري - إهمال تربية الأبناء والبنات على تحمل المسئوليات اليسيرة في مقتبل العمر بحجج متعددة، منها أنهم يعيشون مرحلة الشباب ، وأن خبرتهم في الحياة قليلة ، وبحجة ثالثة ، وهي: أن إشغالهم بالمسئوليات سيؤثر على تحصيلهم العلمي ، والنتيجة في الغالب هي العكس ، فكلما ازداد الشاب تفرغاً اتجه نحو العبث واللهو واللامبالاة والرفاهية القاتلة للهمة والطموح.
إن التربية تبدأ مع الطفل منذ صغره ولن يضيره ذلك ، فهذا إمام المربين- صلوات ربي وسلامه عليه- يولي من حوله من الشباب إمامة المسلمين في الصلاة ، و قيادة الجيوش ، والخروج للجهاد، والسفر لطلب العلم ، وإنجاز المهمات الصعبة والخطيرة ، وما نقص ذلك من شبابهم شيئاً ، بل كانوا قادة الأمة بعده - عليه الصلاة و السلام- في العمل، والعلم،والدعوة ،والجهاد.
ماذا نتوقع من فتاة لم تتحمل مسئولية ترتيب غرفة نومها ، كيف ستقوم بمسئولية بيت الزوجية؟ و ماذا نتوقع من شاب لم يتعلم أصول الضيافة اليسيرة ، كيف سيتحمل مسئولية البيت أ, الوظيفة؟.
نحن نسمع عن شباب هذا الجيل وعدم قدرتهم على الانضباط بوقت الدوام حضوراً وانصرافاً، رغم توفر وسائل الترفيه والراحة جميعها له بما لم يتيسر للسابقين قبله ، كما نسمع الأب عند حضوره للمدرسة ولقائه المدرسين ؛ يرفع صوته قائلاً لابنه: أنا لا أريد منك شيئاً في خدمة أهلك أو خدمتي، فالسائق موجود ، تفرَّغ لدراستك فقط!. يظن هذا الأب أنه قدّم لولده خدمة عظيمة!، وهو في الحقيقة قد قضى على معاني تحمّل المسئولية في حياة ابنه!.
وكذلك الحال للأم مع ابنتها ، فهي تحرمها من التدرب على تحمّل المسئولية ، ولاتريد منها القيام بشيء من شئون المنزل ، فالأم موجودة والخادمة كذلك! إلى آخر مسلسل حرمان الأبناء من جانب كبير من جوانب التربية . ولكن، كيف نربّي أبنائنا على تحمل المسئولية ؟
لابد أن نبدأ بتعويد الأبناء والبنات على تحمل المسئولية منذ الصغر، حسب وسعهم وطاقتهم وعن طريق تعويدهم إدارة شئونهم الخاصة اليسيرة ، مثل: تعويده على ترتيب حجرته ومكان نومه ، وتحمّل نتيجة أخطائه إذا أخطأ ، وتكليفه بشراء بعض مايحتاجه البيت ، كما يعوّد على اسقبال الضيوف، والقيام ببعض واجبات الضيافة.
وكذلك الأمر للفتيات؛ تعتاد مساعدة والدتها في عمل البيت حتى مع وجود الخادمة، وتعوّد على المشاركة في القيام بشئون إخوانها الصغار حتى مع وجود المربية، فمن هنا نكون بدأنا مشوار تربية الأولاد على المسئولية، ونترك لكل مربٍّ جهده وطاقته في غرس هذا الجانب في نفوس أولاده، ليرى بعد ذلك ثمار هذا الغرس يانعة تقرُّ بها عينه.
إضاءة :
ليس من الرحمة في شيء ترك تربية الأبناء على المسئولية.
ـــــــــــــــــــ(101/319)
الجدية في تربية الأبناء
أم أسامة الفدّا
إن من الواجب اللازم على أولياء الأمور اتخاذ أسلوب الجدية في تربية الأبناء لكي ينشأ جيل قوي متحمل للمسئولية ولديه إحساس بواجبه نحو إخوانه المسلمين في الداخل والخارج من أمر بمعروف ونهي عن منكر وتقديم يد العون لهم بالمساعدات الحسية والمعنوية إما بالمال أو الجهد في تبليغ هذا الدين والحرص كل الحرص في تنمية الشعور لدى أبنائنا أنهم جزء من الأمة الإسلامية وعضو منها ويلزمهم واجبات تجاه هذه الأمة لكي تنهض وتستعد لمواجهة الأعداء الذين يتربصون بنا فإن أبناءنا هم عماد الأمة والطاقة الشابة التي نرجو أن تكون همهم عالية في السعي لردع أعدائنا وحماية ديننا والنهوض بأمتنا وأن يجعل الله على أيديهم لنصرة هذا الدين وإعلاء كملة الله.
ولكن الذي نراه في هذا الوقت هو التساهل والتهاون من المربين في توجيه الأبناء الوجهة السليمة وإحياء الشعور لديهم بواجبهم ليكون بهم عز الإسلام ورفعة شأنه. فلا نجد من الأولياء إلا محاولة إشباع رغبات أبنائهم من الأكل والشرب والملبس وغير ذلك من الحاجات الدنيوية والمبالغة في صرف الأموال لتوفيرها. ولا نقول إن ذلك محرم ولكن المبالغة فيه تخرج جيلاً لا يحس ولا يهتم إلا بنفسه وتلبية رغباتها فيصير عبداً لشهواته لا يشعر بمسئولية ولا بواجب تجاه إخوانه.
والجدية في التربية تشمل الأبناء والبنات كل حسب ما جبل عليه، فالأبناء هم القوة الصامدة لمواجهة الأعداء، وهم العتاد الذي تعتمد عليه الأمة بعد اعتمادها على الله تعالى، فيجب تربيتهم على القيام بحقوق الله تعالى عليهم وعدم التهاون فيها؛ وأول ذلك الصلاة التي هي عماد الدين، وجعلها أكبر همهم، والحرص على أدائها على أكمل وجه من الصغر، وتعظيم شأنها في نفوسهم وما يليها من شعائر هذا الدين من زكاة وصيام وحج وجميع التكاليف الدينية. والبنات هن مربياتٍ و محاضن للأجيال القادمة وهن عماد الأسرة المسلمة فالواجب تربية الشعور لديهن بأهمية موقعهن في الحياة، ومسئولتيهن في قيادة المجتمع وحمايته من الفساد، ويحرصهن على الستر والعفاف وعدم الاهتمام بتوافه الأمور والاهتمام بالحياة الأسرية والشعور بتحمل المسئولية، وهذا يبدأ منذ الصغر حيث ننمي هذا الجانب في حياة الطفل على حسب عمره حتى تُخرج نساءً ورجالاً أقوياء يتحملون المسئولية ويكونون صرحاً شامخاً صامداً أمام أعداء الدين.
http://www.almoslim.netالمصدر :
ـــــــــــــــــــ(101/320)
لماذا عجزتِ عنها ؟
د.مديحه السدحان 27/7/1423
14/10/2001
كنا في نزهة برية في ساعة من الليل ...مجموعة من النساء يجلسن......
الجو لطيف جداً ، والهواء بارد عليل.
ثم أقبلت، ضيفة جديدة ، تسير خلفها ابنتها لا تتجاوز السابعة عشرة من عمرها كأقصى تقدير ، الأم محتشمة ، لم تتجاوز الأربعين أي: أدركت التعليم النظامي ، والبنت كأجمل مظهر، عباءة ضيقة على الكتف ، أسفلها موشىً بحبات تعكس الضوء ، والأكمام واسعة مزخرفة الأطراف.
أسرعت الأم لأداء صلاة العشاء قبل أن يخرج وقتها ، ثم ذكرت الله طويلاً.
وكان هذا الحوار:
- هذه ابنتك؟
- نعم
- ما شاء الله كأنها أختك
- شكراً
- لكن عباءتها؟
- ما بها ؟
- مزينة ، مخصّرة ، وهذا حرام لا يجوز.
- هداها الله ، عجزت عنها.
هذا موضع الشاهد : ( عجزت عنها ).
هذا هو رد كثير من الأمهات عند تذكيرهن بوجوب حجاب بناتهن.
هل تعجز الأم عن تربية ابنتها ؟ إذن فمن الذي يستطيع ؟
وهل الأمهات عاجزات حقاً ؟ أم أن الأمر مجرد كسل واستسلام للراحة.
لا أكاد أشك في أمر وهو : لو أن كل أم جعلت ابنتها تنشأ على حب الحياء و الستر لكبرت على ذلك وهذا هو موضع الخلل الأول .
التساهل مع الصغيرات حتى لو بلغت العاشرة ، والحادية عشر ، والثانية عشر فهي في نظرهم صغيرة !
وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تقول:"إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة "
وصدقت - رضي الله عنها- ، من هذا السن يبدأ جسمها في التغير حتى يصل إلى مثل أجسام النساء البالغات .
وموضع الخلل الثاني :
أن هذه الفتاة لا تُذكر بأهمية الحجاب وفوائده ، ولا تسمع شيئاً عن كيد الكفار ،والمنافقين في سبيل هتكه وإزالته .
ثم تكبر يأسرها جمال المنظر لا ترى غيره ، والطريق إليه بالعباءة هو بالتبرج ، وإظهار الزينة .
فيأتي موضع الخلل الثالث:
لا الأب ، ولا الأم يبادران في علاج مشكلة تبرج البنت وسفورها ، بشتى وسائل الترغيب و الترهيب ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مروا أولادكم للصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر " أي : لابد عند التربية من الأمر المتضمن بيان فضل المأمور به وأهميته، والتحذير من تركه، فإن لم يفد فالأمر يحتاج إلى قوة ، وهي من الوالدين - خاصة - لها أثر عظيم ، خصوصاً إذا كان الإبن أو البنت حريصان على رضى والديهما ، فهما محتاجان لهما .
والقوة هنا ، لا تعني بالضرورة الضرب والإيذاء ، ولكن ثمة وسائل أخرى يمكن أن تكون أبلغ منها أثراً.
تحكي إحداهن فتقول : إذا رفضت إحدانا أمراً لوالدتي تركتنا ذلك الأسبوع جميعاً في المنزل ، وذهبت يومياً لزيارة والدتها ، وكان لذلك أكبر الأثر في نفوسنا ، فلا نجرؤ على عصيانها في أمرٍ مهم إطلاقاً.
وهذا هو الحق لمن أخلص لدينه ومبادئه، أرأيتم لو أن حفرة من النار قريبة ، وذهبت إليها فتاة جهلاً أو عناداً ، أتتركها والدتها وتتعذر بعجزها عنها؟ لا. ولكنه ضعف الإيمان
إنها دعوة صريحة لكل أم ، أن تتقي الله في دينها ، وفي بناتها ، وهل هؤلاء المتبرجات إلا أختي وأختك، وقريبتي وقريبتك ، فلو تعاونا لاختفت مظاهر التبرج شيئاً كثيراً .
إن الأمر يحتاج إلى صبر ومجاهدة ، لكن ثمرته أحلى من العسل .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
ـــــــــــــــــــ(101/321)
تعرف على الأنشطة التي تناسب طفلك من الثالثة حتى الثالثة عشرة
تعرف على الأنشطة التي تناسب طفلك من الثالثة إلى الثالثة عشرة كنا قد ذكرنا في مقال سابق أن ابنك إن بلغ سن الثالثة علمه القرآن ، وفي هذا المقال سوف نتطرق لنشاطات أكثر يمكنك أن تعلمها لطفلك مع ذكر التعليل ، ولكن قبل ذلك نود الإشارة إلى أن ما من أب وأم إلا ويقع في حيرة ويسأل نفسه...هل ابني يستطيع الاعتماد على نفسه في إعداد الطعام البسيط كفطيرة مثلاً؟!!...وقد تحاول الضغط عليه ليتعلم مثلاً الاستحمام لوحده وبسبب عدم تهيئه لذلك تراه يتأذى جسدياً أو نفسياً وأنت لم تقصد أن تتسبب له في أي كبت أو إعاقة لأحاسيسه..فببساطة أنت لست بحاجة للتخمين أو الحيرة ما عليك سوى اتباع ما ذكره الخبراء والمربون.
طفل الثالثة يلبس القميص ويعجز عن ربط الأزرار
أطفال الروضة يمتثلون للأوامر ويدركون معنى النظام
نوع النشاط
...
العمر
1- يرتدي ملابسه بنفسه. 2 - يتعود على النوم بمفرده في السرير. 3- يملأ كأساً من الحليب. 4- يستخدم الألوان.
...
3سنوات
- لا يضايق والديه عند اصطحابه لزيارة الأهل لأنه يفهم التعليمات التي يصدرها له الولدان.
...
4سنوات
- يشترك في إحدى الرياضات.
...
5سنوات
- يجيب على المكالمات.- يستحم بمفرده مع رقابة الأهل.
...
6سنوات
- يركب الدراجة ذات العجلتين.- يتعرف على التوقيت الدقيق للساعة.
...
7سنوات
- يعد طعاماً بسيطاً لنفسه.
...
8سنوات
يعبر الشارع بمفرده.
...
10سنوات
يستخدم السكين الحادة.
...
12سنوات
- يهتم بأخيه الأصغر عند غياب الأهل.
...
13سنوات
1- النشاط: يملأ كأساً من الحليب أو العصير
العمر المناسب: 2-3 سنوات
التعليل: بداية لابد أن يكون بمقدوره حمل الإناء 'الإبريق' ثم أن يكون لديه معصم 'رسغ' قوى مرن حتى يستطيع سكب السائل وهو في كامل سيطرته على الإناء ولابد من مساعدته في هذه الحالة بوضع السائل في إبريق صغير يسهل عليه حمله.
2- النشاط: من المهد إلى السرير
العمر المناسب: 3 سنوات
التعليل: لا يزال السقوط من على المهد غير مفهوم لديه وهذا خطر قد يتأذى منه ، كما وأن التبكير في النقل قد يتسبب بالأرق عنده مما يجعله يستيقظ لأخفت الأصوات فنومه خفيف ، وقد تعود أيضاً أن يتدحرج في مهده ذي الحواف العالية وفي السرير لا حواف فمن السهل سقوطه عند الحركة ليلاً.
وإن بدأ طفلك بالتسلق على حواف مهده فما عليك إلا أن تخفض المهد إن أمكن ذلك حتى لا يصاب عند سقوطه ، أو وضع غطاء خاص كالذي يحمى من الحشرات والذي على شكل خيمة فهذا لن يهيئ المجال لتسلقه ومن ثم سقوطه.
3- النشاط: يرتدي ملابسه بنفسه
العمر المناسب: 3 سنوات
التعليل: التحدي الأكبر بالنسبة له أو لها هو فك الأزرار أو ربطها إلا أن باستطاعة كل منهما لبس البنطال أو القميص ، إلا أنهما بحاجة إلى وجودك إلى جانبهم عند اختيار ما يناسبهم من ملابس ليرتدوها.
4- النشاط: استخدام الألوان وبالأخص الشمعية
العمر المناسب: 3 سنوات
التعليل: هو بارع في استخدام الألوان ويبدع إن وجد التشجيع من قبلك ، لكن عليه أن يعرف أنه يجب إلا توضع هذه الألوان داخل الفم ، أيضاً يجب عليك التأكد من أن هذه الألوان لا تحوى أي مواد سامة أو مضرة.
5- النشاط: اصطحابه لزيارة حفلة
العمر المناسب: 4 سنوات فأكثر
التعليل: الأطفال قبل عمر أربع سنوات لا يتبعون ما يملى عليهم ، وقد تسبب تصرفاتهم إحراجاً للأهل فعند بلوغهم الرابعة وخصوصاً البنات يبدون اهتماماً ويتبعون التعليمات بدرجة أكبر.
ركوب الدراجة يعتمد على التوازن الجسدي ، وعبور الشارع يعتمد على التناسق البصري
مكافأة الطفل عند عنايته بأخيه الأصغر تشعل حماسه ، وتضاعف حرصه على أخيه
6- النشاط: الاشتراك في إحدى الرياضات
العمر المناسب: 5 سنوات
التعليل: ها هي طفلتك في عمر الروضة تعرف كيف تمتثل للأوامر ولديها شخصية شبه مصقولة وتفهم معنى النظام ومتى تكون منتبهة بالإضافة إلى أن مداركها اتسعت فهذا يمنحها قوة للتحمل أكثر ومهارات أكبر لتصبح لاعبة متميزة مستقبلاً فقط كن على يقين من أنك اقترحت له أو لها الرياضة المناسبة للسن والطموح فمثلاً عند اختيار السباحة لابد أن يتوافر في الطفل حب الركض والتمكن من ذلك والقفر أيضاً ولديه الحرص والقوة لتعلم أساسيات هذه اللعبة.
7- النشاط: عقد رباط الحذاء
العمر المناسب: 5 سنوات
التعليل: تتوافر لدى الطفل في هذا السن على ربط حذاءه بمفرده ، ويستمتع بهذا السلوك وهو يشعر بأنه يقلد الكبار ، لكن الأمر يحتاج إلى التدريب والتسلسل حتى يتقن هذه المهارة.
8- النشاط: الرد على الهاتف
العمر المناسب: 6 سنوات
التعليل: باستطاعته السؤال من المتكلم..من فضلك؟ وباستطاعته قول 'أبي ليس في المنزل' ولكن من الصعب عليه حفظ رسائل المتصلين أو كتابتها وسيكون أكثر تمكناً بعد سنة أو اثنتين بعد أن يتعلم ويتقن الكتابة.
9- النشاط: يستحم بمفرده
العمر المناسب: 6 سنوات
التعليل: إحساس التوازن لديه جيد في هذا السن كما وأنه لديه رغبة في ذلك ، ولكن لا يترك كلياً دون مساعدة فهو لا يزال غير قادر على استعمال الصنبور ليوازن تدفق الماء الحار والبارد ، ولأمان أكثر أفتح له الصنبور قبل بدئه بالاستحمام.
10- النشاط: ركوب الدراجة
العمر المناسب: 7 سنوات فأكثر
التعليل: يحتاج ركوب الدراجة أكثر مما يحتاج للتوازن وبما أن طفلك لديه التنسيق في أمور حياته والنظام فهو على استعداد لتعلم ركوب الدراجة بسرعة ، فقط يحتاج لعدة محاولات ومن ثم يبدأ بالدوران حتى يتمكن تماماً من دراجته.
11- النشاط: كم الساعة؟!
العمر المناسب: 7- 8 سنوات
التعليل: بمقدوره في هذه المرحلة العمرية التعرف على الأرقام إلا أنه لا يزال يحتاج لعام آخر حتى يدرك مفهوماً مثل 'الساعة الثانية إلا ربعاً' أو 'الخامسة والثلث'..إلخ.
12- النشاط: يعد طعاماً بسيطاً لنفسه
العمر المناسب: 8 سنوات
التعليل: يستطيع إعداد شطيرته المفضلة كما وأنه كفء ليختار ما يناسبه فقط لا تسمح له باستعمال الأدوات الحادة ويفضل أن تكون قريباً منه حين الإعداد وتحت مراقبتك وتشجيعك له مطلوب.
13- النشاط: عبور الشارع بمفرده
العمر المناسب: 10 سنوات
التعليل: أقل من هذا العمر من الصعب على الطفل الحكم على سرعة السيارة المقابلة وتقدير المسافة أيضاً ، كما وإنه يوجد سائقون لا يلتزمون بالقوانين فلا يتوقفون عند الإشارات المخصصة لذلك.
14- النشاط: استخدام السكين الحادة
العمر المناسب: 12 سنة
التعليل: يكون العصب المحرك والعضلة قد اكتملا لدى الطفل في هذا العمر وبالتالي المقدرة لديه أفضل على التحكم بالأشياء كما وأنه يدرك النتائج المترتبة على الاستخدام غير الأمن للآلات عموماً والحادة خصوصاً.
15- النشاط: اهتمامه بأخيه الأصغر عند غياب الأهل
العمر المناسب: 13 سنة
التعليل: هو في عمر كاف يؤهله لفهم أنه يجب عليه أن يبقى حذراً ويراقب الأخ الأصغر له ، إلا أنه لا يستطيع العناية به في كل شيء لذلك يجب عدم تركه مع أخيه إلا عند الضرورة وليس لفترة طويلة كما وأن الطفل الصغير لا يبدى تعاوناً في الغالب في بعض الحالات ، والمكافأة مهمة عند الرجوع إلى المنزل فهي تحمسه وتجعله أكثر حذراً وحرصاً في المرات القادمة ، وهذه تعد دورة حالات طارئة لابد له أن يجتازها للمستقبل فالتدريب مهم.
http://198.169.127.218/kashafبتصرف من :
ـــــــــــــــــــ(101/322)
حتى لاتخسر الأُمّة أطفالها!
الإسلام اليوم - مكتب الرياض 27/7/1423
14/10/2001
احتقار النفس والتواضع المبالغ فيه والتقدير السلبي الذي يحمله الفرد عن نفسه حتى ولو كان هذا التقدير يخالف واقع الشخص وحقيقته من أعظم المشاكل التي تخسر الأمة بسببها كثيراً من الطاقات البشرية كيف تنشأ هذه المشكلة ؟ وهل للتنشئة الأسرية دور فيها ؟ وهل يمكن علاجها إذا استحكمت في الشخص ؟ وكيف ؟
في صالتنا اليوم سيلقي الضوء على هذه القضية سعادة الأستاذ الدكتور : عمر بن عبد الرحمن المفدى أستاذ علم نفس النمو ورئيس قسم علم النفس بجامعة الملك سعود بالرياض.
فعن أهمية هذا الموضوع يقول: يعد مفهوم الذات جانباً من أهم جوانب الشخصية ، ويقصد بمفهوم الذات الفكرة التي يحملها الفرد عن نفسه .
أما أهمية مفهوم الذات بل مكمن خطورته فلأن الفرد غالباً ما يتصرف وفقاً لمفهومه عن ذاته، حتى ولو كان هذا المفهوم يخالف واقع الشخص وحقيقته ، فعلى سبيل المثال : قد يكون ذكاء الفرد عادياً، ولكنه يرى نفسه غبياً، والنتيجة أنه سيتعامل مع نفسه وفقاً لمفهومه عنها ( أي أنه غير ذكي ) وسيظهر هذا في مواقف مختلفة، فعندما يشرح المعلم موضوعاً ما، فإنه لن يحاول استيعاب الموضوع؛ لأنه يظن أنه عاجز عن فهمه ، وعندما يعرض أحد مشكلة أو لغزاً فلن يحاول التفكير فيه وقد يكون قادراً لو حاول ، وهكذا نجده يتصرف وفقاً لمفهومه عن نفسه وليس وفقاً لقدراته الحقيقية ، ومثال آخر : عندما يعتقد الطفل أو المراهق بأنه غير مقبول من الآخرين ، بينما قد يكون مقبولاً أو عادياً ، فمن الواضح أنه سيتصرف وفقاً لمفهومه عن ذاته وقد ينزوي أو ينعزل عن الآخرين أو يكون عدوانياً معهم .
وعندما يثبت مفهوم الذات، فإن الفرد لن يتأثر كثيراً بالأحداث التي تخالف مفهومه عن ذاته . وإنما سيقوم بتأويلها بما يتناسب مع مفهومه عن ذاته ، ففي المثال الأول : لو استطاع الطالب أن يجيب عن سؤال لم يستطع الآخرون الإجابة عنه، فسيعلل هذا الحدث بأن الآخرين يستطيعون الإجابة ولكنهم لا يريدون ذلك أو يربط الحدث بالحظ والصدفة .
ولكن كيف يتشكل وينشأ مفهوم الفرد عن ذاته ؟ يقول ضيفنا: الدراسات النفسية تشير إلى أن مفهوم الذات تبدأ بالتشكل التدريجي لدى الأطفال في سن مبكرة، وإن كان مقتصراً على الجانب الجسمي ، فقد يرى الطفل نفسه جميلاً أو العكس ، وقد تدرك الطفلة أن أختها أجمل منها ونحو ذلك .
أما كيف تنشأ الأفكار التي تشكل مفهوم الذات: فمن خلال ردود الأفعال الصادرة من الآخرين تجاه الشخص أو تجاه سلوكه .
فالطفل الذي يُكرر عليه الآخرون بأنه جيد وذكي، وغيرها من الصفات الإيجابية، فمن المتوقع أن يتجه في مفهومه لذاته بالإيجابية ، بينما الطفل الذي يكرر على مسامعه بأنه طفل سيئ أو شقي أو غبي وغيرها من الصفات السلبية فمن المتوقع أن يتجه في مفهومه لذاته نحو السلبية . وهذا ما أطلق عليه أحد الباحثين اسم المرآة الاجتماعية ، فالشخص يرى نفسه ويتعرف عليها من خلال انطباعات الناس عنه .
إن بعض الآباء يكثر من وصف ابنه بالصفات السلبية بهدف حثّه وتشجيعه على أن يحسن من وضعه ، ولكن يغفل الأب أنه مع تكرار هذه الأوصاف فإن الابن يأخذها فيما بعد على أنها حقائق ومسلمات فقد يقول لنفسه : إن أبي على حق فأنا غبي .
وينطبق على هذا كثرة المقارنات السلبية بالآخرين مثل قول الأب لابنه : لماذا لا تكون كابن عمك الذي حصل على الترتيب الأول ؟ أو أخوك الأصغر أحسن منك يعرف هذه المسألة وأنت لا تعرفها .
ولا نقصد هنا ألا يقوم الأب أو الأم بتأديب أبنائهم ولكن المقصود أن يكون التأديب موجهاً بشكل صحيح . أي أن نستخدم التأديب الموجه للذات عندما يصدر من الطفل سلوك إيجابي فبدلاً من أن نقول للابن : ( حلك صحيح ) نقول : ( أنت فاهم ) أو ( أأنت ذكي ) أما عندما يصدر عنه سلوك سلبي فنقول له : ( عملك هذا خطأ ) ولا نقول له : ( أنت ولد سيئ ) .
ـــــــــــــــــــ(101/323)
زواج عبر الانترنت.. وندم لا ينفك؟!
الرباط: "دردشة، فموعد، فلقاء".. ربما هذا هو المثل الذي يصدق على العلاقات التي تتم عبر الانترنت بين الجنسين في المغرب، فقد فتحت هذه التكنولوجيا أبواب التواصل في وجه الراغبين في إنشاء علاقات صداقة وتعارف مع الجنس الآخر، وقد يذهب الأمر بعيدا ليصل إلى الزواج.
ويكاد يستحيل أن يلج الإنسان مقهى أو ناديا للانترنت دون أن يجد شبابا يستعملون غرف الدردشة أو يتصفحون إعلانات الراغبين في التعارف أو حتى الزواج، وهي مسألة عملية كما يزعم البعض. فعلى سبيل المثال؛ يقول (م. ب، 40 سنة، تاجر): "نحن الآن في عصر العولمة والانترنت، والتعرف على شخص من الجنس الآخر بواسطة هذه التكنولوجيا أمر عملي، ثم انه يساهم في (رفع المحظور)، وهو ليس سوى خطوة أولى للراغبين في التعارف الذي قد يتطور إلى زواج، فلدي ثقة كبيرة في نجاح العلاقات التي تتم عبر الانترنت"!.
وإذا كانت خدمة الدردشة الفورية تمكن من التعارف على أشخاص من الجنس الآخر ومحاورتهم باستمرارـ كما تقول جريدة الشرق الأوسط ـ فإن المواقع التي تنشر إعلانات التعارف والزواج لا تقل شعبية وإقبالا، فموقع "ماروك أنونس" www.marocannonces.com يضم حوالي خمسة آلاف إعلان للباحثين عن النصف الآخر أو الراغبين في الصداقة، تتضمن مواصفات الشخص المرغوب ونوع العلاقة المطلوبة، وهو ما يمكن اعتباره خروجا عن التقاليد التي كانت شائعة في المجتمع المغربي، ذلك أن الفتاة بدل أن تنتظر قدوم "فارس الأحلام" الذي قد يطرق بابها طالبا يدها، صارت "تعرض نفسها" على الانترنت، من خلال إعلانات تهدف إلى جذب الراغبين في التعارف أو الزواج.
لكن وجود إعلان على الانترنت قد لا يعني في بعض الأحيان سوى الرغبة في إشباع الفضول أو اختبار أمر التعارف بواسطة هذه التكنولوجيا.
ويقول رشيد وهو شاب يبلغ من العمر(29 سنة) والذي وضع إعلانا للزواج على أحد المواقع: "عندما وضعت إعلانا للزواج، لم يكن غرضي سوى خوض تجربة التعارف عبر الانترنت، المهم بالنسبة لي أن التقي بفتاة، لكن لن أستطيع الجزم بما قد تؤول إليه العلاقة".
التعارف على الانترنت قد يخفي وجها آخر، إذ انه قد يشكل خطورة على الفتاة خاصة، فضلا عن مخالفات شرعية قد تقع فيها؛ إذ كيف يتم التأكد من جدية الشاب الذي يبدي رغبته في إنشاء علاقة حقيقية أو يعلن عن رغبته في الزواج؟.
تقول مريم. أ. وهي تبلغ من العمر 27سنة وتعمل مساعدة إدارية: "لي إعلان منشور بأحد المواقع، وقد اتصل بي كثير من الشباب، لكن لم ألتق بأي منهم، لأنه بكل بساطة لا أثق بهذا الأمر، إذ يصعب التأكد من سلامة نية الأشخاص، هل هم جادون أم لا؟ هل هم مرضى أم لا؟".
وهناك حالات انتهت بالزواج وحتى بالهجرة، لكن بالنسبة للفتيات ففي الأمر مغامرة كبرى، إذ لا سبيل إلى معرفة نفسية الآخر وماضيه.
ولا يخلو الأمر من قصص مأساوية، وعلاقات انتهت بالفشل، مما قد يشكل حاجزا أمام الراغبين في إنشاء علاقات جديدة، ويفقدهم الثقة بهذه التكولوجيا كوسيلة للتعارف والذهاب إلى أبعد حد أي الزواج، فكم كانت غرف الدردشة وسيلة لإيذاء الآخرين، وكم تحولت الإعلانات التي يضع أصحابها أرقام هواتفهم المحمولة لتسهيل الاتصال، وبالا عليهم ومصدر إزعاج لهم.
تقول فتيحة. أ.(20 سنة طالبة): "شبكة الانترنت تتيح التعرف على أشخاص من مدن أخرى وحتى من خارج المغرب، لم يكن بالإمكان التعرف عليهم لولا هذه التكنولوجيا، وبالنسبة لي هدفي هو خلق معارف وصداقات فقط والاكتفاء بالمراسلة أو المكالمات الهاتفية، ولا أفكر في الزواج بهذه الطريقة، كما لا أرغب في الالتقاء بأي شخص ممن يتصلون بي فأغلب الشباب المغاربة الذين اتصلوا بي لهم نفس الهدف، أي الالتقاء بي، ولا يسألون سوى عن مظهري الخارجي ومستوى جمالي.. وفي الحقيقة أنا ضد الزواج بواسطة الانترنت، لأني عايشت ما حدث لإحدى صديقاتي التي تعرفت على شخص خليجي مقيم بدولة النرويج، وتقدم لخطبتها بالمغرب وتم الزواج بالفعل، ثم انه بعد عودته إلى النرويج، اتصل هاتفيا بزوجته التي كانت ما تزال بالمغرب، ليخبرها بتطليقه لها، دون حتى أن يرسل لها وثيقة الطلاق، وهي إلى حد الآن معلقة، إذ أنها مطلقة، لكنها لا تتوفر على وثيقة تثبت ذلك، وبالنسبة لي، فقد أخذت درسا من هذا الأمر، ولن أكرر تجربة صديقتي"!.
المصدر: http://www.lahaonline.com
ـــــــــــــــــــ(101/324)
من أجل طفل مبدع.. الذكاء لا يكفي!
لا شك أنه يقع على الأسرة دور مهم في تكوين الجوانب المختلفة لشخصية الطفل خاصة في مراحل النمو المبكرة حيث يرى علماء النفس أن السنوات الأولى في حياة الطفل هي التي تكون شخصيته وتحدد سلوكه وأسلوب تفكيره الذي سيواجه به مشوارحياته الطويل، ويتطلب ذلك أن يكون لدى الآباء وعي تربوي لتوفير جو أسري ملائم وعناية دقيقة تجاه الصغار لتكسبهم الشخصية السوية وحتى تهيئهم للحياة المدرسية فتتولاهم المدرسة لتكمل الدور التربوي فيحدث تكامل بين دور الأسرة والمدرسة في بناء المفاهيم والجوانب المعرفية، وأهم هذه الجوانب تنمية القدرة على التفكير الابتكاري، تلك القدرة الإنسانية التي يعزى إليها ما أحرزته البشرية من انتصارات ومنجزات. وللتفكير الابتكاري الصائب فوائد جليلة من النجاح في الحياة ولا سيما في الحياة العصرية المعقدة التي تتطلب الكثير من المعارف والخبرات والمهارات. فإذا ما نجح الفرد في الوصول إلى أحكام جديدة صائبة اكتسب شعوراً بالثقة بنفسه والاعتداد بها والاحترام لذاته، ومن ناحية أخرى فإن التفكير الابتكاري يفيد أكثر ما يفيد في ظل الحياة «الديمقراطية» التي يتاح للفرد فيها أن يفكر بنفسه، ويناقش أفكاره مع عدد كبير من أفراد الجماعة. وعن طريق تدريب التلميذ على التفكير العلمي الجيد يصبح قادراً على التمييز بنفسه بين الحق والباطل وبين الأهواء الذاتية وبين الموضوعية وبين الواقعية. الابتكار أو الإبداع: هو إيجاد حل أصيل وجديد لمشكلة علمية أو عملية أو فنية أو اجتماعية ويقصد بالحل الأصيل الحل الذي لم يسبق صاحبه فيه أحد، ومن المشكلات ما يتطلب إيجاد شيء جديد أو أداة جديدة، مادية أو معنوية أو ظروف اجتماعية معينة، وهذا هو الاختراع كاختراع الميكرسكوب أو تأليف قصة. وقد جرت العادة على التمييز بين الاستدلال والابتكار فيقال: إن الاستدلال هدفه الكشف عن أشياء أو علاقات خافية كانت موجودة من قبل في حين أن الابتكار هدفه إيجاد أشياء أو علاقات جديدة لم تكن موجودة من قبل فجاليليو ابتكر المنظار المسمى باسمه واكتشف توابع المريخ فكل اكتشاف يمكن اعتباره إبداعاً إن جاء بحل جديد أصيل للمشكلة. ولقد كان الابتكار يعتبر إلى عهد قريب مرادفاً لحدة الذكاء فكان كل ذي ذكاء رفيع يسمى «عبقريا»، وكان الطفل المتوقد الذكاء يسمى موهوباً، ولا شك أن بين الذكاء والابتكار صلة وثيقة، غير أنه اتضح من الدراسات التجريبية الحديثة والقياس العقلي أن الذكاء وإن كان شرطاً ضرورياً للابتكار إلا أنه شرط غير كافٍ، فلا بد أن تقوم إلى جانبه قدرات ابتكارية معينة: 1- الأصالة: وهي قدرة الفرد على التجديد وإعراضه عن الإذعان المألوف والمعتاد. 2- مرونة التفكير: وهي قدرة الفرد على تغيير وجهة نظره إلى المشكلة التي يعالجها بالنظر إليها من زوايا مختلفة، ويصور لنا شوبنهاور هذه المرونة بقوله: ليس المهم أن نرى شيئاً جديداً بل الأهم أن نرى معنى جديداً في شيء يراه كل الناس. فقد أوحى سقوط التفاحة من الشجرة إلى نيوتن بأسس قانون الجاذبية. 3- الطلاقة: وهي قدرة الفرد على إدماج أجزاء ومعان وصور ذهنية مختلفة في وحدات جديدة كالتأليف بين رأس الإنسان وجسم الأسد في وحدة أبي الهول. وللأسرة دور مهم في تكوين البناء المعرفي لدى الطفل حيث تستطيع الأسرة أن تنمي في طفلها القدرات الإبداعية إذا هيأت له فرص البحث والتنقيب والاطلاع وزودته بالمعارف والمعلومات، وأتاحت له فرصة الاشتراك في الرحلات العلمية الاستكشافية ووفرت له الكتب والمجلات والمراجع وشجعته على قراءتها على شرط أن تتفق مع مستوى قدراته العقلية، وكذلك إذا وفرت له جواً يتسم بالحرية الفكرية وفرص التعبير الصريح عن الذات. وحيث إن الإبداع ينمو ويزدهر إذا تمتع الطفل بالصحة العقلية السوية فان حرص الأسرة على أن تهييء جواً خالياً من الأزمات والانفعالات الحادة والتوترات وخبرات الفشل والاحباط والصد والزجر فإن ذلك ولا شك يؤدي إلى تكوين الطفل تكويناً سليماً، ومن ثم ينعكس أثره على قدرته في الخلق والابداع ويتمشى هذا مع الحقيقة العلمية التي تواترت في كثير من البحوث ومؤداها أن الابداع أو الخلق ليس ثمة فطرة محضة وإنما يكفي لكي يكون الفرد مبدعاً أن يتمتع بقدر من الذكاء حدد في بعض الأبحاث بـ 120 نسبة ذكاء ومؤدى هذا أن الابتكار لا يعتمد على الذكاء وحده، بل يعتمد على كثير من العادات الذهنية والسمات التي تلعب الأسرة والمدرسة دوراً أساسيا في تكوينها. وقد دلت الدراسات أن الآباء الذين يشغلون الوظائف الفنية التخصصية الراقية يوفرون بيئة تعليمية مثيرة ومشجعة لأبنائهم كأن يتوفر للطفل الغذاء الجيد والكتاب والمجلة والمذياع والتليفزيون والأحاديث الراقية. إن مؤدى هذه الدراسات هو أن هناك تأثيراً للعوامل البيئية على نمو القدرة الابتكارية، ولقد وجد أن الطفل الذي يذهب إلى إحدى دور الحضانة يمتلك قدرة ابتكارية أعلى من زميله الذي لا يذهب
إليها على اعتبار أن دور الحضانة تمثل بيئة أكثر غنى من الناحية التعليمية عن البيئة المنزلية الصرفة للطفل، وهناك دراسات أخرى أوضحت أن البيئة المثبطة عقلياً للطفل تؤدي إلى انخفاض القدرة الابتكارية، فحرمان الطفل من الاتصال الطبيعي بالأم يخفض القدرة الابتكارية، ومن الآثار الإيجابية على نمو القدرة الابتكارية لدى الطفل مقدار الساعات التي يقضيها معه الأب وكذلك فرص اللعب البنائي أمام الطفل، وعدد الساعات التي يقضيها الأب في القراءة مع ابنه، فالعوامل البيئية تؤثر على نمو القدرة الإبداعية وتؤثر بالقطع في كيفية استخدام الإبداع وتحدد الوجهة التي يتخذها إبداع الفرد فإما أن يتجه نحو الخلق والإبداع والابتكار في العلم والتحصيل والأعمال الإيجابية النافعة وإما أن يتجه نحو الإبداع في مجال السرقة والجريمة والانحراف. كما ينبغي للأسرة إشباع الحاجة إلى الحب والانتماء والاستقرار والتقدير، وأن تشجع الطفل على النجاح وأن توفر له الحرية وأن توجهه وتنمي فيه الحاجة إلى المعرفة وتشجعه على ممارسة النشاط الذاتي لأن هناك أشياء لا يمكن تعليمها إلا عن طريق بذل النشاط الذاتي مثل السباحة. وموهبة الإبداع والابتكار يمكن تنميتها عند الطفل في المراحل المبكرة من العمر خاصة سن الثانية، هذا ما أكدته الدراسات والأبحاث التي أجريت بجامعة شيكاغو الأمريكية، بالإضافة إلى أن الطفل في هذه المرحلة من العمر تكون لديه القدرة على التعبير عن احتياجاته ومطالبه وأحاسيسه ومشاعره ويستطيع أن يقوم برسم بعض الرسومات البسيطة أو ممارسة بعض الألعاب الفردية أو الجماعية التي يتعلم من خلالها النظام والتعاون الاجتماعي، ففي هذه المرحلة يكون خيال الطفل خصباً فيختلق بعض القصص والحكايات ويتخيل اللعب الخاصة به شخصيات حقيقية، وفي هذه الحالة يجب مشاركة الطفل في تخيلاته وعدم إظهار الدهشة إذا ما رسم الطفل وجه أي شخص بطريقة غريبة بل يجب تشجيعه حتى يتعلم الرسم بطريقة سليمة. وقد أكدت الأبحاث والدراسات العلمية أهمية موهبة الإبداع والابتكار عند الأطفال لأنها تسمح لهم بالتفكير السليم وتساعدهم على التوصل إلى أنسب الحلول لمشاكلهم. فموهبة الإبداع والابتكار تشغل كيان الطفل وتفكيره ومشاعره منذ المراحل الأولى من العمر وتساعده على النجاح في حياته الدراسية والاجتماعية فيما بعد، وهي أحد المفاتيح المهمة في تكوين شخصيته فينمو بطريقة طبيعية ولا يصاب بالانطواء والتوتر النفسي، ولذا يجب إتاحة الحرية الكاملة للطفل لكي يكتشف موهبة الإبداع والابتكار عنده دون الاعتماد على الآخرين. ولقد ركز العديد من الدراسات والأبحاث العلمية التي أعدها فريق من الخبراء وإخصائيي الطب النفسي بالنسبة للأطفال بجامعة شيكاغو الأمريكية على أهم الوسائل التي تؤدي إلى نجاح موهبة الإبداع والابتكار لدى الأطفال ومن أهمها تزويدهم بالأشياء والأدوات التي تساعدهم على الإبداع والابتكار. فقد ثبت أن بعض الأجهزة والأدوات تساعد على الابتكار أكثر من أي نوع من اللعب، وبالنسبة للطفل في سن الثانية فإن الأشياء التي تقدم له يجب أن تكون بسيطة التركيب. إن هناك بعض أنواع اللعب التي تتم صناعتها من بعض الأدوات المنزلية تساعد على تنمية الإبداع والابتكار أكثر من اللعب المعقدة التركيب فهناك بعض اللعب الخاصة بالطفل يمكن صناعتها من الصناديق (الورق المقوى) الفارغة وغيرها، ومن أهم الأدوات التي تساعد على تنمية الموهبة عند الطفل الصغير بعض اللعب المصنوعة من الطين والصلصال والتي تساعد على الابتكار دون الاعتماد على الآخرين. وهناك بعض أنواع الأدوات المنزلية مثل قطع القماش والإسفنج والقطن يمكن أن يقوم الطفل بتصنيع بعض أنواع اللعب منها مثل العرائس والحيوانات. وخلاصة القول يجب إتاحة الحرية الكاملة للطفل في ابتكار تكوين الأشياء التي يريدها من هذه الخامات. خصائص الطفل الأكثر ذكاء وهدوءاً أثبتت دراسة حديثة أجرتها جامعة مانشستر بإنجلترا: أن الأطفال الذين ولدوا من أمهات في الثلاثين أو الأربعين من عمرهن أفضل وأكثر ذكاء أو هدوءاً من أطفال الأمهات اللاتي في العشرينات والسبب كما تقول الدراسة: أن الآباء والأمهات الأكبر سناً يقضون وقتاً أطول مع أولادهن في حين يقضي صغار السن وقتاً أطول في العمل والبحث عن لقمة العيش، بجانب التحرر من قيود الأطفال وكثرة خروج الأم مما يبعدها عن الطفل وتركه للجدة أو المربية. وتقول الدراسة: إن الأمهات الأكبر سناً لا يصبن بالتعب والإرهاق الذي تصاب به الأصغر سناً، وأنهن أكثر خبرة في التعامل مع أطفالهن ولديهن صبر على ممارسة الألعاب داخل المنزل أو المساعدة في قراءة الكتب المدرسية أو الترفيهية. أطفالنا.. آلية قياس ذكائهم بعد أن أصبح معروفاً لدى فئة كبيرة من الناس وجود اختبارات لقياس ذكاء الأطفال، فإننا نفاجأ كاختصاصيين نفسيين بعدد متزايد من أولياء الأمور الراغبين في قياس مستوى ذكاء
أبنائهم على الرغم من أن هؤلاء الأطفال يكونون عاديين جداً ومستواهم في التحصيل الدراسي جيد للغاية. إن الأصل في هذا الموضوع، هو أنه إذا لم تكن هناك مؤشرات أساسية وعامة تستدعي إخضاع الطفل لاختبارات قياس الذكاء، فليس هناك أي داع لذلك في الحقيقة. وحتى نكون أكثر دقة، نقول إن تلك الاختبارات لا يجب أن تكون مستهلكة فهي أقرب ما تكون إلى المضادات الحيوية التي يؤدي تعاطيها باستمرار إلى أن تفقد مفعولها بمعنى أنه إذا أخضع طفل ما لاختبار مقياس ذكاء لمرات متعددة فإنه سوف يفقد مصداقيته بمرور الوقت. ما نود التنويه إليه أيضاً هو ضرورة توافر مجموعة من الملاحظات في الطفل الذي سيخضع لهذا الاختبار مثل أن يكون هذا الطفل غير عادي، فإما أن يكون متدهور القدرات بشكل ملحوظ وإما أنه لديه قدرات عقلية فائقة مقارنة بأقرانه في المرحلة العمرية نفسها. إن ذلك يعني بشكل واضح أنه يجب ألا يكون فضول الوالدين هو وحده الدافع لإخضاع أبنائهم لاختبارات قياس الذكاء. من الأمثلة الحية على ذلك: إحدى الأمهات طلبت قياس مستوى ذكاء أحد أبنائها، وقد جاءت نتيجة الاختبار الذي خضع له الطفل لتثبت أنه بطيء التعلم، ويحتاج إلى مساعدة كبيرة من الأهل والمدرسين الخصوصيين في عملية الدراسة. وقد تبين من خلال مثل هذه الحالة وحالات أخرى مماثلة أن مثل هؤلاء الأمهات لا يتقبلن مثل هذا الأمر برحابة صدر فتكون النتيجة عكسية إلى حد كبير . والحقيقة التي نهدف إليها من خلال إجراء اختبارات قياس الذكاء ليس مجرد التعرف على مدى قدرة ذلك الطفل على التفكير والإدراك والوعي، وهل بالإمكان الاعتماد عليه أم لا، وهكذا. وإذا ما تطرقنا بإيجاز إلى الحديث عن الكيفية التي تتعامل بها الدول الغربية المختلفة تلك المسألة نجد أنهم لا يكتفون بمجرد تشخيص تلك الحالات وإنما يتعاملون معها في إطار قدرات وإمكانيات كبيرة وضمن برنامج علاجي واضح المعالم. مدارس التربية الفكرية وفي العادة فإنه يتم إجراء قياس الذكاء عندما يرد تقرير من مدرسة الطفل يفيد بأنه غير قادر على مسايرة المناهج الدراسية، فإذا أثبت اختبار مقياس الذكاء أن نسبة ذكاء ذلك الطفل منخفضة، عندئذ تحويله إلى مدرسة أخرى تكون مؤهلة على التعامل مع هذه الفئة مثل المدارس الخاصة بصعوبات التعلم التي تمكنه من تحقيق مستوى تحصيل أفضل أو مدارس التربية الفكرية. وفي جميع الحالات يكون الهدف هو وضعه في بيئة مناسبة بحيث يكون قادراً على التكيف النفسي والاجتماعي والتعليمي السليم. أما إذا كان مستوى ذكاء الطفل طبيعياً ولكن لديه قدرات معينة أضعف من أخرى، مثل أن تكون قدرته العددية أضعف من قدرته في الحفظ فإنه يتم تدريبه على تنمية تلك القدرة الضعيفة والتعايش معها بشكل سليم أيضاً. وفي الولايات المتحدة الأمريكية يشترطون إخضاع الأطفال لمقاييس الذكاء قبل التحاقهم بالمدارس، وذلك لتحديد الفئات التي يتم إلحاقها بالمدارس المتميزة والأخرى بالمدارس العادية وهكذا.. غير أن المدارس في المملكة العربية السعودية لا تلتزم غالباً بإجراء تلك المقاييس عند قبول تلاميذ جدد. لذلك فعندما يتعرض طفل ما للرسوب أكثر من مرة في السنة الأولى فإنه يتم تحويله إلى الاختصاصية الاجتماعية لبحث أسباب رسوبه. في حالات أخرى لابد أن يكون لدى المدرسة اختصاصيون نفسيون عندما تنعدم لدى مثل ذلك الطفل أي قدرة على التركيز أو فهم ما يقال له، حيث يحاول الاختصاصي النفسي عادة أن يبدأ مع الطفل ما يسمى (i9) وهي تعني درجة تحديد الذكاء لتقرير ما إذا كان هذا الطفل يصلح للدراسة في المدارس العادية أم لا. غير أن تلك الخطوة لا تتخذ عادة إلا بعد أن تظهر الأعراض على الطفل فتبدأ محاولات معالجتها، بمعنى أنه لا يوجد دور وقائي وإنما علاجي، لاحق، والأخطر من ذلك أنه لا يوجد علاج حاسم للطفل المتخلف، وإنما يظل على ذات المستوى تقريباً مع ملاحظة أن توافقه وتكيفه مع بيئته والمحيطين به من الممكن أن يكون أفضل لو تم وضعه في الجو المناسب. مثال ذلك أننا عند ما نلحق الطفل المتخلف بمدارس الأطفال العاديين فإنه سيشعر أنه أقل من الآخرين ومنبوذ منهم، مما يؤدي إلى تأزمه نفسيا والتأثير على دافعيته أو طموحه سلبياً. وفي المقابل فإننا إذا ألحقنا مثل هذا الطفل بمدارس متخصصة في التربية الفكرية مثلاً فسوف يكون بصحبة زملاء مشابهين له مما يجعله لا يتعرض للآثار النفسية السلبية التي ذكرناها سابقاً. كما أنه سيكون أكثر قابلية لاستيعاب البرامج المقررة، فهو في مثل تلك الحالة أشبه بالشخص الذي كان نائماً ثم استيقظ من النوم! أضف إلى ذلك، أن طريقة تعليم الأطفال المتخلفين تختلف عن سواهم من أقرانهم العاديين وفي حال تطبيق هذه الطرائق التعليمية عليهم بشكل سليم فإن ذلك يسمح لهم بالتلقي الجيد ومن ثم الإنتاج. وقد يصل الصف الرابع أو السادس من التعليم الابتدائي، لكن من غير الممكن بالطبع تعدي تلك المرحلة لكن على
الأقل يكون قد تمكن من القراءة وممارسة بعض الأعمال البسيطة المنتجة في قطاعات معينة. بحيث لا يمثل عبئاً على نفسه أو على المجتمع في المستقبل. كيف نكشف عن القدرات العقلية لشخص ما ؟ تلك المسألة لا تتم بواسطة عمل الأشعة مثلاً أو إجراء التحاليل أو فحص الخلايا الدماغية أو غير ذلك من الإجراءات الطبية المعتادة. فالعلماء حتى هذه اللحظة لم يتمكنوا من تحديد موقع الخلايا الدماغية المسؤولة عن القدرات العقلية المختلفة، وإنما المعروف علمياً أن هناك فصين بالدماغ كل واحد منهما مسؤول عن عدة وظائف مختلفة مثل القدرة على الحفظ أو التفكير أو الإبداع والابتكار وغير ذلك. أما دور الأشعة فيقتصر على المساعدة في تحديد ما إذا كان هناك تلف بالمخ أو تكوين غير طبيعي. وطبيعة عملي كاختصاصية علاج نفسي تقوم على تحديد ما إذا كان هذا التلف أثر على قدرات ذلك الشخص أم لا، وذلك هو ما يعرف باختبار الذكاء. وبالنسبة لمقاييس الذكاء التي نستخدمها حالياً فإننا نقوم من خلالها بتحديد قدرات معروفة سلفاً مثل القدرة على الإحساس والتفكير واللغة والفهم وتحديد وجه الاختلاف أو الاتفاق بين الأشياء. يتم ذلك في بعض الأحيان من خلال مجموعة من الألعاب أو المسائل الحساسة أو وضع قائمة الأسئلة والإجابات وغيرها من الأشياء المثيرة بالنسبة للطفل ويتم تقييم قدراته العقلية بناء على نتيجة هذه الاختبارات من خلال درجات محددة يتم وضعها في جداول معروفة ومقننة على مستوى العالم وأثبتت صدقيتها في مختلف دول العالم، مما يجعله صالحاً للتطبيق في أي مجتمع من المجتمعات البشرية. ولكننا عندما نقوم بتطبيق أي من اختبارات الذكاء تلك على الأطفال في المملكة العربية السعودية فإننا نراعي الأشياء غير المناسبة لثقافة أطفالنا، مع الحرص على عدم المساس بجوهر الاختبار، فهناك سؤال مثلاً: ينص على من اكتشف القارة الأمريكية؟ مثل هذا السؤال نغيره إلى: من بنى الكعبة؟ وهكذا إن الإجابات عن تلك الأسئلة، فيمكن عن طريقها التفريق بين الأطفال الطبيعيين وسواهم، على اعتبار أن الإجابة عن أسئلة الاختبارات من المفترض أنها تمثل معلومة معروفة لدى أي طفل طبيعي، فضلاً عن بعض المعلومات العامة الأخرى التي نشترك جميعا في الإلمام بها. بعدها نقوم بقياس النتائج فإذا كانت مماثلة لنتائج الاختبارات التي تجرى في الدول الأخرى يكون الاختيار الذي أجريناه سليماً، حيث إن الجميع هنا يعتمد على المقاييس نفسها، أي أنها تعتبر معايير دولية بمعنى أنه إذا حصل طفل ما على 85% في اختبار «ويكسلتر» مثلاً فإنه يشخص باعتباره بطيء التعلم وهي نتيجة يتم الأخذ بها في أي مكان بالعلم. مع إمكانية تطبيق اختبارات أخرى على الشخص نفسه. وهناك اختبارات لقياس الذكاء معروفة عالمياً، من بينها الذكاء المصور الذي لا يعتمد إطلاقاً على اللغة، كما يمكن تطبيقه على عشرين طفلاً في وقت واحد وهو يختلف عن اختبار «بينيه» مثلاً الذي يهتم أكثر بالتفصيل لمعرفة أي القدرات ضعيفة لدى الشخص وأيها قوية لكن «الذكاء المصور» يعتمد على عرض رسومات داخل مربعات في نسق معين، مع وضع رسم مختلف بشكل واضح فيما بينها لاختبار مدى قدرة الطفل على تحديد هذا الاختلاف، وهو كما نرى اختبار يصلح تطبيقه في أي مكان بالعالم. ودائماً ما تتدرج تلك الاختبارات من السهولة إلى الصعوبة، حتى يتم التمييز بين مستويات ذكاء الأطفال، حيث يتم تصميم أي اختبار، بحيث نستطيع من خلاله قياس جميع المستويات بداية من المتخلفين حتى شديدي الموهبة، وهم فئة نادرة ومحدودة وكذلك الأمر بالنسبة للمتخلفين. ولكن الملاحظة العامة هنا هي أن النسبة الأكبر من الأطفال هي التي تستمر حتى منتصف الاختبار، وهي التي تشكل المتوسط الطبيعي أو العادي بالنسبة لمستوى الذكاء. وإذا انتقلنا إلى الحديث عن المراكز المتخصصة مثل مدارس التربية الفكرية المختصة بالتعامل مع فئات الأطفال المتخلفين فإنه بالنسبة لنا كاختصاصيين نفسيين عاملين بالقطاعات الطبية العامة- غير المتخصصة- فإن المقاييس التي نقوم بتطبيقها يخضع لها جميع الأطفال، فإذا ظهر من نتيجة قياس اختبار الذكاء أن الطفل متخلف عقلياً نقوم بتحويله على التربية الفكرية التي تقوم بدورها باستعمال مقاييس خاصة بالتعامل مع الأطفال المتخلفين، فتعطيه نسبة قياس أدق، وبناء عليه تحدد طريقة التعامل معه ومستوى دراسته وبرنامج التأهيل الذي يتم تطبيقه عليه. ينطبق ذلك من ناحية أخرى على الأطفال الذين تظهر لديهم بوادر النبوغ أو العبقرية، حيث يتم إلحاق مثل هؤلاء الأطفال بمدارس متخصصة في ذلك. وبطبيعة الحال فإن إصابة طفل ما بنوع من التخلف العقلي لا يعني إطلاقاً أن مثل ذلك الشخص ميئوس منه، فقد يثبت أنه قادر على التدرب على أشياء بسيطة ولكن ذلك يتم حسب مستوى أو نسبة التخلف، لأننا نجد ذلك يكون مصحوباً في بعض الأحيان بتشوهات خلقية لا يستطيع الطفل فيها التحكم في تصرفاته(101/325)
وإن كان ذلك يحدث في حالة التخلف العقلي العميق. الأطفال الموهوبون.. حساسون جداً! ترى لورنسي بيرنو مؤلفة كتاب «أربي طفلي» إن الأطفال أصحاب المواهب المميزة يحتاجون إلى المساعدة في نموهم، وكلما ازدادوا تميزاً عن أطفال جيلهم ازداد خطر ظهور اضطرابات في سلوكهم، فهؤلاء الأطفال، الذين يضجون بالحيوية وينجحون في أي شيء دون صعوبة ولهم ذاكرة قوية وتركيز واستيعاب اللغة، ينمون بسرعة أكبر من رفاقهم، وسيجدون صعوبة في أن يكون لهم أصدقاء. فمن هم في عمرهم سيبدون لهم صغيري السن، والذين يحبون الحديث معهم سيعاملونهم كأنهم أطفال صغار، لذا فقد يجدون أنفسهم وحيدين ومعزولين. وهم كذلك يشعرون بالضجر في صفوفهم؛ لأن المدرسة تكرر أشياء استوعبوها فينتهي بهم الأمر إما بإثارة الضجة وإما بالبقاء كابحين قدراتهم. ومن ناحية أخرى فإن تربية مثل هؤلاء الأطفال غير سهلة وتتطلب صبراً؛ لأنهم حساسون جداً، ويستحسن تسجيلهم في دورات للغات أو في ناد علمي. مواهب أطفالنا: من يرعاها؟ تتراءى لك براءة الأطفال في أحداق عيونهم حينما يسرحون ويمرحون مع إخوتهم في المنزل، أو زملائهم في الحضانة أو الروضة أو المدرسة فتبرز لك صورة جمالية لامعة مع صور التلاحم الطفولي البريء تعبر عنها مظاهر نموهم الحركي المتمثلة في عبثهم بأي شيء تقع أياديهم عليه كالأدوات والأجهزة والأفياش الكهربائية وغيرها. ولك أن تعلم بأن اليد الطولى ستنال من هؤلاء الأطفال «العابثين» عقاباً لهم وردعاً لأمثالهم من بني جلدتهم اعتداءً منا على هذه الطفولة الوادعة، فلم يدر بخلد السواد الأعظم منا بأن هؤلاء الصغار اليافعين يبدأون خطواتهم البسيطة نحو اكتشاف المجهول والذي يقدر بحد ذاته بداية البدايات وأول أبجديات البحث عن المعرفة الإنسانية بأبعادها وجوانبها المتشابكة. وهكذا عندما يحلم الأطفال في يقظتهم متأملين ذواتهم كالنسور المحلقة في فضاءات الحياة الرحبة.. فذاك يأمل في أن يصبح طبيباً مكباً على معالجة العلل والأسقام البشرية من أوجاعها وآلامها، وطفل ثان يتطلع إلى اليوم الجميل الذي يصبح فيه مهندساً بارعاً، وثالث يأمل في أن يشتغل في بلاط صاحبة الجلالة «الصحافة» ورابع يتشوق للعمل في مجال التجارة.. وهكذا دواليك. إنها أحلام صغيرة بالفعل تحتاج إلى من يرعاها وينميها لتغدو كبيرة في واقع الأمر، حيث تترعرع هذه البراعم وتزدهر معها أحلامهم وطموحاتهم الصغيرة التي تنتظر من يقوم بتوجيهها وإنمائها رعاية وصقلاً ومتابعةً. وفي هذا الشأن فإنه لا يُفعل الدور العظيم الذي ينبغي أن تقوم به الأسرة في هذا الجانب من الاهتمام والعناية بهؤلاء الأطفال وإن اختلفت المهام والتبعات التي تقوم بها في ضوء التفاوت في المستوى الثقافي ونوع البيئة الاجتماعية المحيطة به، ومدى اهتمام كل من الأب والأم في الأخذ بأيدي فلذات أكبادهم في الطريق القويم الذي ينبغي أن يوضعوا فيه، ويمكن لكل منهما توفير ما يمكن توفيره من اللعب والدّمى التي يسعدون بها، حيث يمكن ملاحظة سلوكهم من خلال هذه اللعب حيث يقودون مركباتهم الصغيرة بزهو الطفولة البريئة ويبنون البنايات بعقلية البناء الصغير ويضعون سماعات الأطباء على آذانهم والمشارط في أياديهم كما يفعل كبار الأطباء.. يا لها من أحلام! ويأتي دور المدرسة متمماً لرسالة المنزل في الرعاية والعناية بسلوك هؤلاء الطلاب من الأطفال، وينبغي أن تهتم المدرسة بتوفير غرف خاصة للعب الأطفال تتوفر فيها جميع الأدوات المستخدمة في اللعب والتي تمثل معملاً لاكتشاف سلوك الأطفال لنبحر في عوالمهم الخاصة منذ وقت مبكر من طفولتهم السعيدة. لذا فإن معلمي الصفوف المبكرة في المرحلة الابتدائية معنيون بهذه الطفولة بكل ما فيها من شفافية وبراءة، فهم مطالبون بتبسيط مفردات المنهاج الدراسي وتطويعها لتحقيق أحلام هؤلاء الصغار من خلال أساليبهم وطرائقهم في التدريس، وباستخدامهم لوسائل وتقنيات التعليم المعينة كالمصورات والرسوم والأفلام التعليمية المختلفة، ومن الأفضل أن يدربوهم على كيفية إعداد بعض المشروعات المبسطة التي تتلاءم مع إمكاناتهم وأعمارهم ويمكن الاستفادة من خامات البيئة المحيطة بهم على أن يعدوها بأنفسهم. ويفضل أن يربط المعلمون بين ما يعلموه لطلابهم من موضوعات دراسية وبين ما يشاهدونه عبر الشاشة الفضية «التلفاز» كالصناعات والتقنية والحياة الفطرية بشقيها النباتي والحيواني، وكل ما يتعلق بحياة الإنسان، وما يمكن أن يصيبه من غوائل الأمراض ونائبات الزمان، وذلك لما له م تشويق وإثراء للخبرات والتجارب. ويمكن أن نسهم في اكتشاف الأحلام الصغيرة أيضاً من خلال الزيارات الميدانية لمواقع الإنتاج والإنماء كالمصانع والمستشفيات والمدارس والمراكز المهنية والمعاهد والمؤسسات التقنية المختلفة. ويكلف الطلاب بكتابة موضوعات صغيرة مبسطة حول المهن المختلفة ومنها ما يتوقون إلى تحقيقه من آمال وأماني عريضة في مستقبلهم
الحياتي. إن للمرشد الطلابي في المدرسة يداً عليا في وضع هذه الآمال والأماني موضع التنفيذ، وذلك من خلال التوجيه المستمر للطلاب بتحسين الأداء الدراسي من خلال الاستذكار الجيد والمراجعة المستمرة للدروس جميعها، والاهتمام بالجوانب العلمية من خلال غرس الخيال العلمي لديهم، وأن يستنبط لهم ما يناسب مع طموحاتهم من الفرص المهنية التي قد تتيسر لهم وفق قدراتهم واستعداداتهم والتي يتضمنها دليل الطالب التعليمي والمهني، أو تلك الأدلة التي تعدها بعض المعاهد والكليات والمدارس والجامعات والمراكز التدريبية المختلفة وعرضها من خلال اللوحات وشاشات عرض الأفلام والتسجيلات والنشرات المتنوعة بأسلوب أكثر تشويقاً وإقناعاً. ألستم معي بأنه يمكن لأبنائنا الصغار فلذات أكبادنا الاستمرار في العطاء والتحليق في سماء الإبداع بما يسهم في تحقيق أحلامهم الصغيرة والتي ستكبر وتتعاظم يوماً بعد يوم لتصبح واقعاً عملياً ملموساً؟ لذا فكم نحن بحاجة ملحة إلى ذلك الشبل الذي كان يترنم في سعادة بالغة.. ينشد ألحان الطفولة الحانية الجميلة حيث سيصبح دون أدنى شك رجلاً مهماً في بناء أمته ووطنه، فقد أصبحت أحلام يقظته حقيقة واقعة لا مراء فيها.. السؤال الذي يفرض نفسه بكل قوة واقتدار هل نحن قادرون حقاً على تحقيق المرامى والآمال المتمثلة في الأحلام الصغيرة، وجعلها حقاً فردياً مشاعاً ومشروعاً لأبنائنا الأطفال؟ أقول: إذا فعلنا ذلك فإننا وبدون شك أيضاً قادرون على المبادرة والمبادأة في صناعة الرجال.. فيا لها من صناعة شاقة تفوق في مفهومها وأهدافها ومراميها صناعة المواد الخام. الوالد: لاحظت حفظ ابني للإعلانات: فبعت التلفزيون الطفل عبدالله محمد جبر ليس طفلاً عادياً بل إنه آية من آيات الله في حفظ القرآن والأحاديث النبوية والإلمام بالمذاهب الفقهية والبراعة في الخطابة على المنبر.. اشترك في المسابقة العالمية للقرآن الكريم بالسعودية ومصر وحصل على المركز الأول فيها. احتضنه شيخ الأزهر وشجعه باتخاذ قرار استثنائي بإلحاقه بالصف الأول الإعدادي الأزهري بعد أن كان طالباً بالصف الثالث الابتدائي. التقيناه ووالده لنتعرف على قصة هذا النابغة.. قال والده المهندس محمد جبر: لاحظت تعلق ابني بالتلفزيون وحفظه للإعلانات بصورة لا مثيل لها.. فاتخذت قراراً على الفور ببيع التلفزيون والاتفاق مع أفضل محفظي القرآن الكريم ليتولوا تحفيظه.. كانت سنّه ثلاث سنوات ونصف السنة.. نبغ في الحفظ حتى إنه كان يحفظ في اليوم ربعاً وربعين.. شجعته بكل الوسائل وتفرغت لمتابعته بعد عملي.. أتم حفظ القرآن وهو في السابعة من عمره..ولم يكن حفظه عادياً وإنما بالقراءات السبع بل وحفظ أرقام الآيات.. بعدها احتضنه أستاذ بكلية أصول الدين بالمنصورة ليحفظه صحيحي البخاري ومسلم وبعض الحواشي.. أتمها خلال عام واحد فقط.. بدأ هذا الأستاذ تدريبه على الخطابة وإلقاء الدروس الدينية عقب الصلاة.. نال استحسان الجميع.. اشترك في المسابقة الدولية لحفظ القرآن بالسعودية فحصل على المركز الأول.. بعدها اشترك في مسابقة القرآن العالمية التي تنظمها مصر فحصل على المركز الأول أيضاً.. زاده التشجيع اجتهاداً حيث أصبح مثار اهتمام الجميع.. ألقى خطبة أمام فضيلة شيخ الأزهر في حفل تخريج طلاب البعوث الإسلامية فكانت المكافأة فورية بقرار استثنائي بإلحاقه بالصف الأول الإعدادي الأزهري بدلاً من الصف الثالث الابتدائي الذي يدرس فيه.. بل إنه قال إن مستواه يفوق الكثير من طلاب الجامعة. وأضاف: خلال هذه السنوات رعيت عبدالله بأسلوب تربوي سليم من خلال الترفيه والرحلات والمكافآت التشجيعية التي لم تقتصر على ما أمنحه له فقط وإنما امتدت إلى رعاية الجمعيات الإسلامية ومشاهير العلماء الذين شاركوني في تحمل المسؤولية لأنني أعدها رسالة وأمانة وأدعو الله أن يوفقني فيها.. وليس ابني فلتة أو معجزة من بين الأطفال بل إن هناك من هو أفضل منه ولكن أهله لم يهتموا به لهذا اتجهت موهبة أطفالهم إلى الرقص وحفظ الأغاني.. فكل الأطفال أذكياء ولكن المهم من يحسن اكتشاف الموهبة ويوجهها إلى ما فيه المصلحة.. فالذكاء يمكن استخدامه في الشر كما يمكن استخدامه في الخير.. فالمهم كيف نستخدم ذكاء أطفالنا. تحدثنا إلى الطفل فسألناه عن شعوره وهو يلقى كل هذا التكريم فقال: كلما زاد التكريم زدت اجتهاداً في تحصيل العلوم الشرعية عسى أن ينفع الله بهذا. كنت أقرأ الآية مرة أو مرتين فقط فأحفظها بفضل الله.. وأراجع القرآن كله مرة شهرياً.. وأدعو الله أن أكمل دراستي بالأزهر حتى الدكتوراه ثم أتفرغ للدعوة في الداخل والخارج. أعمل على إجادة اللغة الإنجليزية من الآن حتى أكون ملماً بما يجري في العالم.. فالداعية يجب ألا يكون منعزلاً عن واقعه بل عليه أن يستقي منه موضوعاته.. فالدعوة التي تنفصل عن الواقع تكون غير مؤثرة. رفقاً بالطفولة: الإبداع.. لا تقتلوه! إنه يصرخ بأعلى صوته،
ولكن صرخاته لم تطرق مسامعنا، وأناته المؤلمة لم تحرك قلوبنا، إنهم يقتلونه صباحاً ومساءً، عجيب هذا القتيل، يحبه الجميع ويشارك في قتله الكثير، لا يسمع صرخات هذا القتيل إلا القلة، ويستغيثون قائلين لا تقتلوه، لا تقلتوه، ولكن هل من مجيب، هل يتوب القاتل عن فعلته ويمسح دمعة المظلوم ويقول له اعف عنا قتلناك ونحن لا ندري؟. إن القتيل هو الفكر الإبداعي الذي يموت قهراً في زمن الطفولة، إن علماء التفكير ينظرون إلى الإبداع على أنه توأم للطفولة، إن الطفولة هي الإبداع، والإبداع هو الطفولة، ولكي تعرف مصداق هذه المقولة راقب الأطفال وهم يلعبون، انظر إليهم يلعبون بذلك الصندوق الورقي الذي أتى فيه مكيف الهواء الجديد في منزلك، تجدهم تارة يجعلون هذا الصندوق منزلاً لألعابهم الصغيرة، وتارةً يجعلونه مختبئاً، وتارة يجعلونه عريناً لأسودهم وحيواناتهم المصنوعة من خيالهم المجنح، إنهم يلعبون بذلك الصندوق ألف لعبة ولعبة، ونحن الكبار لا ننظر إلى هذا الصندوق إلا بمنظور واحد، إنه صندوق لمكيف الهواء أو حاوية لتخزين الحاجيات القديمة. إن هذا الصندوق يجعلنا نسأل أنفسنا: من أكثر إبداعاً نحن الكبار، أم الأطفال بمنظورهم المبدع الذي طار إلى آفاق لا تكاد تدركها عقولنا الكبيرة بمنظورها الأحادي الضيق؟ ما الذي حصل للفكر الإبداعي منذ زمن الطفولة إلى باقي مراحل حياتنا؟ إن الطفل يتعرض لكثير من الضغوط النفسية التي تعوق طاقاته الإبداعية وتخنقها وتكاد تقتلها، وللأسف تأخذ هذه الضغوط السلبية صوراً إيجابية، وتلبس في بعض الأحيان أقنعة تربوية مزيفة. من أهم هذه الضغوط التي تقتل الفكر الإبداعي في زمن الطفولة الرقابة المستمرة على الأطفال من قبل الكبار ونقدهم لأعمال الأطفال وتقويمهم لها، وإقحامهم في منافسات عقيمة مع غيرهم من الأطفال، هذه الضغوط تجعل الطفل يهتم لرأي الكبار وتقويمهم، وتجعله يسعى لإرضائهم بدلاً من أن يكون همه من لعبه وعمله إرضاء ذاته الصغيرة عن طريق إعمال فكره الإبداعي المستقل. يجب على البالغين أن يتذكروا دوماً أن ينظروا إلى الطفل على أنه طفل وليس رجلاً في صورة طفل ومن الضغوط الضارة بالإبداع الطفولي تحكم الكبار في تصرفات الطفل وتلقينه الكيفية التي يؤدي بها كل شيء في حياته، إنهم يعلمونه كيف يلعب، ويعلمونه كيف يرسم، ويعلمونه كيف يؤدي واجباته المدرسية. إن هذا الأسلوب يعلم الطفل أن الأصالة في الأداء، واكتشاف أساليب جديدة ومختلفة يعتبران نوعاً من العبث وإضاعة للوقت، إن الكبار بفعلهم هذا يقولون للطفل لا تفكر تفكيراً مستقلاً، اعتمد علينا فنحن الكبار نفكر لك. في بعض الأحيان تأتي بعض الضغوط المضرة بالفكر الإبداعي لدى الأطفال في صور إيجابية مزيفة، ومثال هذه، الضغوط المبالغة في استعمال المكافأة التي تجعل رغبة الطفل في الحصول عليها تطغى على اللذة الناتجة من قدرة الطفل على الأداء الإبداعي في كل أعماله، وهناك مثال آخر لهذه الضغوط المستترة هو تدخل الكبار في تشكيل هوايات الطفل وتوجيه ميوله بدلاً من اكتشاف مواهبه الفطرية وميوله الأصلية وتهذيبها وتطويرها، ونشاهد مثالاً واضحاً على هذا الأمر في جهود كثيرٍ من الآباء والأمهات الذين يجبرون أطفالهم على تعلم القراء ة ومبادئ الحساب في سن مبكرة جداً. إن من أكثر الضغوط على الإبداع الطفولي تستراً هو فرض منظور الكبار إلى مسألة الوقت على الطفل الذي تختلف نظرته إلى الوقت عن الكبار، إن الناظر إلى الأطفال حال لعبهم يكتشف أن الوقت في نظر الطفل له سمة انسيابية ليس لها حدود، إن الوقت لايهم الأطفال كثيراً، وحتى يظهر الفكر الإبداعي لدى الأطفال لابد على الكبار أن يدركوا أهمية إعطاء الطفل الوقت الكافي في لعبه واكتشافاته المستمرة حسب مقياس الطفولة وحاجتها الذي يختلف عن مقياس البالغين وحاجاتهم. إن حب الكبار للأطفال ومشاعرهم النبيلة لا يكفيان لتوفير المناخ الملائم لظهور الفكر الإبداعي المستقل ونموه، لابد أن يصاحب هذا الحب احترام لشخص الطفل وميوله، والإقرار بأنه كائن حي مستقل ومملوء بالطاقات والمواهب، وإضافة إلى الحب والاحترام للطفولة يجب على الكبار أن يفهموا بوضوح دورهم في رعاية الإبداع في زمن الطفولة، إن دور البالغين في هذا المجال يتعدى بمراحل المفهوم الضيق للرقابة الخانقة والتحكم العنيد إلى مفهوم أوسع وأرحب يتلخص في توفير البيئة المناسبة التي تعطي الطفل الحب والتشجيع والوقت الكافي، وتوفر له كل الوسائل الإيجابية المعينة على ظهور الفكر الإبداعي المستقل وتطويره. الإبداع: متى يبدأ؟ مدارس علم النفس والسلوك الإنساني تختلف حول سن الإبداع المطلق لهذا المخلوق المعقد التركيب، لكن مدرسة زائعة الصيت، ترى أن سن الإبداع هو سن الثالثة، حيث ينطلق المخلوق الصغير معبراً عن داخله دون قيود أو روادع لا تتفق مع الفطرة والنشأة السليمة.. بعض أطفالنا يملكون إبداعاً يفوق إبداع مشاهير الكون
وابتكاراتهم، وهذا بالضبط ما تقوله ابنة الثالثة لأختها الأكبر سناً حينما لاحظت أنها نجحت في تقليد لوحة «طفولية» لفنان كهل. قالت لها: أطلقي مكامن الإبداع فلوحاتك و«خربشاتك» أجمل ألف مرة من لوحة هذا «الرمز» وذاك الفنان..! أطلقوا مكامن الإبداع في نفوسكم، فداخل كل منا مبدع مكبوت في قمقم ينتظر من يفجر طاقاته المحجورة منذ كان طفلاً أو طفلة في الثالثة من العمر! احترم طفلك.. يتفوق قال «صلاح أبو الفضل» استشاري الطب النفسي في لندن: الحب والاهتمام والرعاية مسألة مهمة للطفل جداً، والحب هنا بمعنى احترام الطفل ورعايته وتشجيعه، والطفل الذي لا يستطيع عمل شيء.. يجب أن نفهم لماذا لا يستطيع عمل شيء، الطفل الذي يلعب ولا يريد أن يذاكر أو يقرأ لابد أن عنده سبباً لذلك، يجب أن نحاول مساعدته لأن الطفل بطبعه يريد أن يتعلم ويكتشف، ولكن يجب أن نعلمه كيف ينفق هذه الطاقة في اتجاه التعلم والاستفادة والنمو والنضج، إذا راقبنا سلوك الطفل سنتعلم نحن من الطفل أشياء كثيرة جداً عن قدراته وإمكاناته والصعوبات التي يواجهها، وبالتالي نستطيع مساعدته فيها. ويجب على الأهل ألا ينزعجوا من مشكلات النمو في الأطفال، فحلها هو النمو... فالذعر والانزعاج لا يفيد الطفل كثيراً، بالعكس بل يقلقه هو أيضاً ويوقعه تحت ضغط نفسي شديد. عقول ضعيفة: ليست مرضاً بالضرورة! يعرف الاختصاصيون النفسيون والاجتماعيون الطفل المتخلف عقلياً بأنه «أقل قدرة على الفهم وعلى التفكير من الأطفال العاديين، وأقل استعداداً للتعلم، وقدرته على التذكر والتركيز محدودة». وتتضح آثار ذلك في ضعف مستوى أداء الفرد سواء كان هذا الأداء في المدرسة أو في عمل يدوي يحتاج إلى مهارة أو إلى قدرته على التوافق النفسي والاجتماعي، أو في معاملاته مع الآخرين في الأخذ والعطاء. والضعف العقلي يختلف عن المرض العقلي، في أنه ليس مرضاً وإنما هو حالة تلازم الفرد منذ طفولته ويكون فيها نموه العقلي أبطأ من نموه الجسماني، أي أن سنه العقلية تكون أقل من سنه الزمنية. والضعف العقلي مشكلة اجتماعية يزداد خطرها كلما تطور المجتمع وازداد تقدمه. ويعد مشكلة تربوية ومهنية، لأن معظم ضعاف العقول إما قابلون للتعليم البسيط وإما للتدريب، ومشكلة صحية ونفسية لأن نسبة كبيرة من ضعاف العقول يصابون بأمراض نفسية وعقلية وعصبية، ولذلك يكون تضافر جهات الشؤون الاجتماعية والتعليم والعمل والصحة وتعاونهم معاً أمراً هاماً لرعاية تلك الحالات. الذكاء والضعف العقلي يعرّف الذكاء بأنه القدرة على القيام بعمل على درجة من الصعوبة والتعقيد، ويحتاج إلى مستوى من التجديد أو الابتكار، ويعتقد بعض العلماء أنه موروث وراثة بيولوجية، وأن ذكاء الفرد يتأثر بدرجة الثقافة وانتشارها في البيئة التي يعيش فيها. ولذلك فإن ذكاء أهل الجبال والصحراء والريف يختلف عن ذكاء أهل المدن لاختلاف الثقافة والبيئة. ولا تختلف الشعوب والأجناس المختلفة من حيث نسب الذكاء الفطري بين أفرادها ولكنها تختلف في البيئة والثقافة، فليس الذكاء ولا العبقرية حكراً أو صفة لأفراد شعب من الشعوب، ولا الغباء وضعف العقل صفة لأفراد شعب آخر، بل إنه ليست هناك فروق بين الملونين والبيض أو الذكور والإناث من حيث توزيع معدلات الذكاء الفطري بين الأفراد في الشعوب المختلفة، وكل ما يقال عكس ذلك يخدم سياسة لا صلة لها بالعلم والعدل! شيوع الضعف العقلي تقدر نسبة ضعاف العقول الذين يتراوح ذكاؤهم من سبعين درجة فأقل بأربعة بالمائة من مجموع السكان. والواقع يشير إلى اكتشاف شيوع النقص العقلي خلال سنوات الدراسة الأولى من عمر الطفل مع اكتشاف حالات محدودة تسبق مرحلة الدراسة. أما درجات ضعاف العقول على أساس معدلات الذكاء والعمر العقلي والزمني فنجد منها ثلاثة أنواع هي: المأفون، الأبله، المعتوه. مع ملاحظة أن كثيراً من الأطفال المتخلفين عقلياً يموتون في سن مبكرة .ويقاس النمو العقلي عادة بمقاييس الذكاء لاستخراج معدل ذكاء الفرد الذي هو حصيلة العمر العقلي على العمر الزمني في 100، يساوي نسبة الذكاء. ويتم ذلك عن طريق عمل اختبارات مختلفة للأطفال تحدد ذكاءهم، في حين أن العمر الزمني هو عمر الطفل من حيث عدد سنوات حياته. وينمو الذكاء عادة حتى سن السابعة عشرة، بعدها يصبح ثابتاً، ولكن الفرد يزداد خبرة وإدراكاً في أساليب الحياة. أسباب الضعف العقلي إما أن تكون وراثية ويقصد بها قوانين الوراثة المنقولة من الأجداد والآباء، وإما بيئية أو خارجية، وهي التي تؤثر على الفرد من بدء حياته كبويضة مخصبة في أحشاء الأم، أو عندما ينمو الجنين، أو أثناء الحمل وعند الوضع، أو بعد الولادة ،أو بسبب تناول الأم بعض الأدوية دون استشارة الطبيب، أو إصابتها بمرض معد قد يؤثر على الجنين أثناء تعرضها للكشف والعلاج بالأشعة السينية أو سوء الصحة العامة للأم أو نقص شديد لفيتامين «ب». وهناك أيضاً عوامل ترجع لتعسر الولادة(101/326)
مثل الاختناق عند الولادة أونقص الأكسجين، وجرح الرأس بعد الولادة وتلف جزء من المخ، وعوامل مرضية في الطفولة المبكرة كإصابته بحمى شديدة مثل الحمى الشوكية والمخية أو إصابة الجمجمة في حوادث التصادم. خطوات العلاج: أهم خطوة في علاج الضعف العقلي تنحصر في إقناع الوالدين بتخلف ابنهما عقلياً وأنه لا توجد أي عقاقير أو عمليات جراحية ترفع نسبة الذكاء. وبعد إقناعهم تبدأ خطة العلاج وفقاً لدرجة تخلفه، ويكون العلاج عادة طبياً ونفسياً واجتماعياً وتربوياً. 1- العلاج الطبي: ويتمثل في الفحص الدقيق للمؤثرات الجسمية التي قد يكون لها دخل كبير في الذكاء والقدرات مثل أمراض سوء التغذية أو الغدد أو العلاج بالأدوية المهدئة لعلاج الاضطرابات السلوكية والعصبية. 2- العلاج النفسي: ويتمثل في توعية الوالدين بالاحتياجات النفسية للطفل المتخلف عقلياً، فالعائلة هي المصدر الأساسي للحب والحنان اللذين بدونهما يكون سهلاً على الابن أو الابنة المتخلف عقلياً أن ينمو نمواً يستغل ما لديه من ذكاء وقدرات مهما كانت محدودة. وكلما كان تصرف الأم ليناً هادئاً متفهماً لسلوك الطفل وكان الأب عوناً له، نشأ الصغير في جو من الأمن والطمأنينة، ونما على درجة مقبولة من الصحة النفسية والتوافق المعقول. 3- العلاج الاجتماعي: يعتمد على تدريب الأطفال المتخلفين وإكسابهم مهارات اجتماعية لازمة للاعتماد على النفس مثل تناول الطعام واللبس والمحافظة على نظافته والعادات الاجتماعية اللائقة. 4- العلاج التربوي المهني: يتمثل في تعليم الطفل «القابل للتعليم» القراءة والكتابة وإعداده مهنياً في برامج خاصة تستوعبها المدارس والمؤسسات الخاصة بهم، لتدريبهم على القيام بأعمال بسيطة أو لمساعدة أنفسهم. ومن الثابت علمياً أن الأمهات السليمات صحياً وعقلياً واللاتي يحصلن على غذاء كاف قبل فترة الحمل وخلالها يضعن أطفالاً أصحاء جسمياً وعقلياً. لذلك كان من أهم برامج الوقاية من الضعف العقلي نشر المعرفة عنه وعن أسبابه المعروفة كسوء التغذية والأمراض والتدخين أو المخدرات أو إدمان الخمور، ورعاية الحامل ووقاية الطفل في طفولته المبكرة من أهم برامج الوقاية ولذلك تهتم برامج الوقاية بالإرشاد قبل الإنجاب للتعرف على فصيلة الدم عند الأبوين، ومازال العلم يبحث في العوامل الوراثية وزواج الأقارب! مهارات اجتماعية مهمة للأطفال: لاشك في أن للعلاقات الاجتماعية السليمة أثراً طيباً في حياة الأفراد والجماعات. فالإنسان اجتماعي بطبعه إذ لا يمكن للإنسان أن يعيش بمفرده حيث لا يستطيع الإنسان سد جميع حاجاته، وكلما كانت علاقة الفرد بالآخرين وطيدة أدى ذلك إلى تكيفه وشعوره بالأمن والانتماء. وتعد العلاقات الاجتماعية السليمة فناً من الفنون وقدرة من القدرات الإنسانية التي تختلف من فرد لآخر لوجود الفروق الفردية، غير أنه من الممكن تنمية هذه القدرة، وربما كان أحد تعريفات الذكاء أنه القدرة على إقامة علاقات اجتماعية سليمة. ومن خلال هذه السطور نحاول التعرض لبعض العوامل التي تساعد على تنمية الذكاء الاجتماعي لدى الطفل. إذ تعاني بعض الأسر من أن أطفالها لا يجيدون فن تكوين الصداقات مع الأطفال في مثل سنهم ويفضلون اللعب بمفردهم، وقد يصل الأمر ببعضهم إلى حد الغلظة والفظاظة في الرد على مبادرات الآخرين. كما تعاني بعض الأسر من افتقار أطفالها إلى الحس المرهف الذي يجعلهم يراعون مشاعر الآخرين، فلا يختارون كلماتهم بعناية، وقد يجرحون زملاءهم دون قصد، ويتعاملون معهم بخشونة وأنانية وعدوانية دون أي مراعاة لشعورهم، وتتساءل تلك الأسر في قلق: لماذا يتصرف أطفالها بهذه الطريقة؟ ويجيب المتخصصون بقولهم: أن الطفل لا يولد متعلماً المهارات الاجتماعية اللازمة للتعامل مع الآخرين. فتكوين الصداقات يحتاج إلى مهارات لا يكتسبها معظم الأطفال بطريقة طبيعية، وحين يتصرفون بهذه الطريقة الفظة مع أطفال آخرين فإنهم لا يقصدون ذلك. كل ما في الأمر أن الذكاء الاجتماعي لديهم لم يتم بالقدر الكافي بعد. ويرى علماء النفس والتربية، أن الطفل يحتاج لكي يكوّن صداقات سليمة إلى أن يتعلم بعض المهارات الاجتماعية التي تعده للتعامل مع الآخرين وأهمها القدرة على الاستماع وفن التفاوض والتوصل إلى حل وسط في أي خلاف، ثم نأتي إلى مرحلة النظر إلى المواقف من وجهة نظر الآخرين حتى يمكن رؤية الأمور والحكم عليها بموضوعية. ويقرر علماء النفس أن هناك بعض الأطفال يولدون ولديهم موهبة تكوين الصداقات، أو يتعلمونها بمفردهم، مثلما يولد آخرون ولديهم موهبة طبيعية للرسم أو الرياضيات. أما الأطفال الذين يفتقدون هذه المهارات فمن السهل جداً على الأسرة تعليمها لهم وغرسها في نفوسهم، ويقدم لنا علماء النفس بعض الخطوات التي تساعد على ذلك، حيث ينبغي عدم توقع الكثير، ومعظم الأطفال يمكنهم أن يتصرفوا كالكبار في لحظة ثم يعودوا إلى طفولتهم من جديد في اللحظة التالية. لذلك
ينبغي للأسرة ألا تقلق من كل خطأ صغير يبدو من طفلها وتعمل على تفادي الضغط عليه لكي يتبنى مهارات تفوق نضجه السني والنفسي والعاطفي، فهذا لا يساعد إلا على تضاؤل ثقته بنفسه. إذ إن علماء الصحة النفسية يرون أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 7 سنوات يكوّنون الصداقات عادة عن طريق الاشتراك في الألعاب المختلفة ولا يهتمون كثيراً بالمشاعر، وفي المرحلة من 8 إلى 10 سنوات يكون الأطفال عادة أقل أنانية ولديهم القدرة على تفهم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم، ولكنهم لايزالون يتميزون بالقسوة والغلظة في التعامل ولا يجيدون فن التفاوض والوصول إلى حل وسط لحل خلافاتهم. أما ابتداء من سن 12 سنة فيستطيع الطفل أن ينظر إلى الأمور من وجهة نظر الآخرين ويمكنه أن يسامح أخطاءهم ويتعاطف معهم. ويوصي علماء التربية بمراعاة ظروف الطفل واحترام أسلوبه في المعاملة، فالمعروف أن بعض الأطفال يكونون غير مستعدين للتكيف الاجتماعي السريع، فإذا كنا نلاحظ أن الطفل تظهر عليه أمارات القلق في وسط مجموعة كبيرة من الناس ولا يحبذ الوجود في الحفلات العامة فينبغي أن نحترم رغبته هذه؛ لأننا إذا ضغطنا عليه ووجد نفسه مفروضاً على مجتمع لا يشعر بالراحة فيه فإنه سينزوي على نفسه أكثر ويتجنب الاختلاط بالآخرين. ويمكن للأسرة في هذه الحالة أن تحاول إيجاد طفلها الخجول مع طفل أو اثنين على الأكثر، وعندما يتعود هذا الوضع ويبدأ في الاسترخاء تزداد ثقته بنفسه ويستطيع مواجهة عدد أكبر دون إحساس بالحرج. كما يجب تحليل مشاعره عن طريق اختيار كتاب أو برنامج تلفزيوني يحبه الطفل، ونبدأ بالحديث معه عن الشخصيات التي يراها ونوجه إليه أسئلة عن رأيه في الأسباب التي تدعو أحدهم إلى البكاء مثلاً، أو لماذا يكذب الآخر، وما الذي يدفع الثالث إلى الهرب؟ فهذا النوع من المناقشات يساعد الطفل على التفكير في الدوافع التي تحرك الآخرين وتدربه على النظر إلى الأمور من ناحية الآخرين أو من وجهة نظر الآخرين لكي يستطيع فهم دوافعهم، إلى جانب العمل على توسيع دائرة لغة المشاعر. فإذا لاحظنا أن الطفل يسيء معاملة الآخرين أو يدفع أحد الأطفال عمداً أثناء اللعب فينبغي أن نسأله لماذا فعلت ذلك في محاولة منا لمعرفة الدوافع التي تكمن وراء ذلك، أو ربما يكون الدافع هو الغيرة لأنه يشعر أنه محبوب واجتماعي أكثر منه. وهكذا فالطفل يحتاج إلى أن يكون قادراً على التعبير عن مشاعره الداخلية قبل أن يتجاوب مع الآخرين، وعندما نطلق على الأشياء والمشاعر أسماءها الحقيقية فإننا نساعد الطفل على تفهم أسباب ردود فعله، وبالتالي ردود فعل الآخرين. كما ينبغي للأسرة أن تساعد الطفل على قراءة الوجوه، فالذكاء الاجتماعي يعني سرعة فهم التعبيرات والتلميحات. فيمكن أن نتصفح كتاباً أو مجلة مصورة ونطلب من الطفل أن يفسر لنا تعبيرات الناس التي يراها في الصور. فالهدف هو أن يتوصل الطفل في النهاية إلى التقاط الرسائل غير الشفهية، بالإضافة إلى أن تفسير الطفل لما يراه في الصور يعكس لنا حالته النفسية ويسقط لنا بعض مشاعره التي من خلالها نتعرف على بعض المكبوتات الداخلية وبعض المشاعر والرغبات. كما ينبغي أن نجيد فن التفاوض والمرونة أمام الطفل ليكتسب منا هذا السلوك ويتعوده فيشب وقد أتقن أسلوب المناقشة مع الغير دون تعصب أو تحيز، ويبدي تعاونه مع الأطفال الآخرين من حيث تبادل اللعب الخاصة به دون أن تحدث مشاجرة بينهم بسبب لهو أحدهما بلعب الآخر، خصوصاً إذا اجتمعوا في مكان واحد. فالطفل يحتاج إلى أن يتعلم أن هناك اختيارات في الحياة عليه أن يعرف كيف يختار منها ما يناسبه. ومن الأمور المفضلة أن نعترف بإنجازات الطفل ولا نجعلها تقتصر على الدرجات الدراسية المرتفعة، فإذا شعرنا أن الطفل أجاد في اللعب مع أصدقائه وأمضوا الساعات الطويلة دون خلافات أو مشاجرات، أو شاهدناه يعتذر عن خطأ ارتكبه دون قصد، أو تنازل عن شيء يخصه لإسعاد آخر، فنبادر بتهنئته على سلوكه هذا الذي يستحق الثناء والإعجاب والتقدير. كما ينبغي أن نوفر للطفل فرص الاشتراك في المناسبات الاجتماعية وأن نشجعه على الحديث وإجابته عن الأسئلة التي توجه إليه من قبل الآخرين في أدب. وهناك أنواع من اللعب الجماعي التي يمكن عن طريق اشتراك الطفل فيها أن تنمي بعض المهارات الاجتماعية لديه كالتعاون والالتزام بالنظام الذي يحكم اللعبة وعدم الاعتداء على حقوق الآخرين، إذ إن له حقوقاً وعليه واجبات ينبغي الالتزام بها، كذلك يتعود تقبل الهزيمة دون إحباط حيث يتسم بالروح الرياضية ويكتسب بعض القيم الأخلاقية.
المصدر http://www.bab.com
ـــــــــــــــــــ(101/327)
قصص الأطفال ... جهاد وتربية
الإسلام اليوم - مكتب الرياض 27/7/1423
14/10/2001
ربما لانتخيل حجم التأثير الذي يمكن أن تلعبه قصص الأطفال في إدارة الصراع الدائر بين المسلمين واليهود، نعم قصص الأطفال التي يعدّها بعضهم شيئاً من متاعب الأطفال التي تزول مع الوقت! .
لنبدأ من الجانب اليهودي حيث يوجد توجه ملموس ومدروس لاستغلال قصص الأطفال في غرس المفاهيم الأساسية لتوجيه الصراع في فلسطين لصالح اليهود...
وتتمثل هذه المفاهيم في عدة نقاط، أبرزها: إقصاء الإسلام عن الصراع، فهم يتحدثون عن (العربي) و(العرب) بدل (الإسلام) و (المسلم).
والنقطة الثانية: تتمثل في تشويه صورة العربي/المسلم، وتصويره بأنه سفاح وخائن وفاجر وأنه قاتل محترف لا يتورع عن قتل الأطفال والنساء وحرق الحقول والمزارع.
والنقطة الثالثة: تنمية الشعور بالعداء والاضطهاد، والاعتزاز باللغة العبرية، والدعوة إلى الدفاع عن مقدسات الشعب الصهيوني.
والنقطة الرابعة: غرس محبة إسرائيل في نفوس الناشئة من اليهود، وتمجيد المهاجرين إليها، بوصفهم يهوداً صالحين ومخلصين.
قصص الأطفال باب من أبواب الجهاد !
في دراسة قامت بإعدادها جهة يهودية استهدفت تحليل محتوى 520 كتاباً من كتب الأطفال العبرية للتعرف على المفردات والصفات التي تتحدث عن العرب وطبائعهم، خلصت الدراسة إلى أن 63% من الكتب تصف العرب بصفات سلبية ،منها: القسوة،والظلم، والخيانة, والكذب, والمبالغة, والمداهنة, والوقاحة, والشك, والوحشية, والجبن, والبخل, وحب المال, وسرعة الغضب, والتملق, والنفاق, والتباهي, والخبث.
بينما بلغت نسبة الكتب التي أوردت صفات إيجابية 24% حيث ذكرت أن العربي: صديق ، وشجاع، ومجتهد، وذكي في حين كانت نسبة الكتب التي لم تصف العربي بشيء 13%.
كما تشير الدراسة إلى أن ملامح الشخصية العربية في أدب الطفل العبري كانت على النحو التالي: وجهه ذو شطوب أو شقوق ، أنف معكوف ، أحول ، وجهه خشن ، معتوه ، أسنانه صفراء وكريهة الرائحة ، وجهه ذو ملامح شريرة ، عيونه تبث الرعب.
وفي دراسة أخرى لمجموعة من 380 كتاباً أشارت إلى أن هذه القصص أظهرت العرب فئة هامشية تهدد الوجود الصهيوني, ووجد فيها 576 عبارة سلبية في وصف الإنسان العربي, منها: عدو، وقاس، ولص، ومخرب، ورجل عصابات، وجاسوس وناهب للممتلكات ، وخاطف طائرات، وعميل أو خائن.
إن مثل هذه الثقافة الطفولية الموجهة خلقت جيلاً يحمل عداءً أكبر من قلبه الصغير، ولذلك لاتستغرب حين تذهب إلى فلسطين المحتلة فتسمع أطفال اليهود يغنون وهم في طريقهم إلى المدارس: (كل العالم يكره العرب.. والشيء المهم قتلهم واحداً واحداً.. بقدمي هذه دست عدوي, وبأسناني هذه عضضت جلده, وبشفتي مصصت دمه, ومازلت أشعر أنني لم أنل الانتقام الكافي)!.
ويخرج أطفالنا يغنون (خروفي ... خروفي ... لابس بدلة صوفي ...) !!
هذه الثقافة جعلت الإسرائيليين قلقين من تنامي التطرف الديني اليهودي بين الأطفال على شكل ظاهرة تسمى ظاهرة ( أطفال الهاريديم) حيث يرمي هؤلاء الأطفال الحجارة على السيارات التي يسوقها أصحابها في يوم السبت، ثم انتقل عداؤهم إلى الأطفال اليهود العاديين مما اضطر بلدية ضاحية( بناي براك) التابعة لتل أبيب إلى إقامة حاجز من الأسلاك الشائكة في ساحة إحدى المدارس للفصل بين أطفال الهاريديم والأطفال العاديين.
*****
مادام الأمر بهذا المستوى من الأههمية، وما دام أن أطفالنا سيلحون علينا بأن نقص عليهم قصّة، إذاً فلماذا لا نستثمر استجابتنا لرغبتهم بقصة تتميز بميزتين: أن تكون مؤثرة وأن تكون ذات مضمون؟!
كيف تكون قصصنا مؤثرة؟
حتى تكون قصصنا مؤثرة فيجب أن تتصف بالوضوح وبساطة العرض وسهولة اللغة والوصول للمعنى بأقل عدد ممكن من المفردات و لا بأس بالتكرار والتأكيد في غير ملل ولا تكلف و استخدام أسلوب المفاجأة وعنصر التشويق والإثارة والتنوع في التعبير بين المحاورة والأسئلة ثم العودة إلى الصيغ السهلة فإنها تساعد في نجاح الفكرة وضمان وصولها إلى الطفل.
وبالمقابل يجب علينا البعد عن المبالغة في سرد قصص الخرافات والخيال المبالغ فيه، ونحرص على الأسلوب غير المباشر في التوجيه، كأن تربط حدثاً ساراً بخلق نبيل أو حدث غير محبب للطفل بخلق مذموم وهكذا.ونتحدث مع الطفل دون أن نحتقر عقليته أأوو نستصغر مداركه.
ولكن، ماذا عن الأسلوب ؟
يقسم علماء النفس مراحل الطفولة إلى الأقسام التالية: -
• المرحلة من 5 إلى 7 سنوات
يميل الطفل في هذه المرحلة إلى القصص المصورة، ويحب أحداث البطولة والمغامرات، ويتسع شوقه لمعرفة البيئة التي حوله، و يميل إلى التخيل .
• المرحلة من 7 إلى 9 سنوات
يميل الطفل في هذه المرحلة إلى قصص الفكاهة والتسلية والمسابقات ، ويفضلون كتب التراجم وقصص السيرة، والحياة في الماضي، ومن المناسب له المواد ذات الطبيعة الجماعية كالتعاون ومساعدة الآخرين، كذلك لابد أن تُوفر له القصص ذات القدر المعقول من الخيال بعيداً عن العنف والفزع، وتكون متميزة بالخفة والقصر والخاتمة الطريفة، وأن تقدم له نماذج من القدوة الصالحة إضافة إلى قصص العلماء الذين قاموا بأعمال عظيمة. وفي جانب الخيال يميل الطفل إلى الخرافات والخوارق والمعجزات ويبدي اهتماماً إضافياً حيالها مما يؤكد الحاجة إلى تغذية هذا الجانب لديه بصورة معقولة متوازنة بعيداً عن الإسراف في الخيال والخوارق.
• المرحلة من 9 إلى 12 سنة
في هذه المرحلة يكون الطفل قد قطع شوطا جيداً في التعليم وتكون قدراته اللغوية ومهاراته في القراءة جيدة، ويستطيع أن يقرأ المواد القصيرة السهلة في التعبير والواضحة في المضمون، وفي الجانب الواقعي يقل ميله للخيال الجامح لذلك يحب قصص المغامرات الواقعية، والسير والتاريخ والأحداث الاجتماعية والمحلية، ويظهر في هذه المرحلة اعتماده على نفسه وبالتالي يسعى إلى ما يقوي هذا الجانب لديه من مواد ثقافية وعلمية وبخاصة الألغاز والمسابقات. ونظرا لحبه للمغامرة والاكتشاف والبطولات والتحدي فإن تنمية هذا الجانب لديه من خلال القصص والأحداث المشوقة والمناقشة أمر ضروري.
ـــــــــــــــــــ(101/328)