وعليه؛ فإنه يجوز للسائلة الكريمة أن تواصل عملها ما دام ليست فيه مخالفة شرعية أو إخلال بالآداب الشرعية، ولا يؤثر على بيتها وحياتها الزوجية، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5181/5352/9708.
كما نشكر لها اهتمامها بدينها ومواصلتها للموقع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فتاوى حول عمل المرأة ...
46103
السؤال
أنافتاة بقي على زفافي أشهر قليلة فأنا امراة عاملة ويتيمة الأم أريد فعلا أن أكون تلك الزوجة الصالحة التي تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن شاء الله أتمنى أن ألقى الحنان الذي حرمت منه في صغري من أم زوجي رغم أن الناس يصرون على فكرة أن الحماة ليست بمقام الأم
انصحوني جزاكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقك النجاح في حياتك الزوجية، ويبارك لك فيها، ويرزقنا جميعاً السعادة في الدارين، ونذكرك بأن ذلك لا يتم إلا بالتزام شرع الله تعالى والوقوف عند حدوده.
وبما أنك امرأة عاملة، فنرجو منك الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها، والتي تبين ضوابط عمل المرأة المسلمة، وهي: 5181/5352/9708.
كما نشكرك على مواصلة الموقع ونشر الخير، فإن الدال على الخير كفاعله.
والله أعلم.(97/872)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مكان يوجد به رجال ...
46105
السؤال
هل عمل المرأة في مكان فيه الرجال لا يجوز مع العلم بأنها لا تحكي معهم أي لا تخالطهم في الحديث
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم عمل المرأة في مكان يوجد به رجال، فجائز إذا دعت الحاجة له والتزمت بالضوابط الشرعية، وانظر شيئا من هذه الضوابط في الفتوى رقم: 3859 والفتوى رقم: 9653 والفتوى رقم: 19233.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الإثم يلحق أصحاب العمل والمباشر له، لا العامل ...
46523
السؤال
ابنتي متدينة وتعمل بإحدى شركات القطاع الخاص ، ولكنها تعتقد أن أصحاب الشركة ربما يتعاملون في بعض الأصناف منتهية الصلاحية، أو يتهربون من الضرائب ، وهي تؤدي عملها بإخلاص ولكنها تخاف أن يكون المرتب من مال حرام ، ما الحكم بالنسبة لعملها في هذه الشركة ومرتبها منها.
وفقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/873)
فإذا كان مجال عمل هذه البنت في الشركة مباحاً، فإن ما تحصل عليه من مرتب حلال إذ هو نظير عملها الحلال، وأما إثم التعامل بالأشياء المنتهية الصلاحية فيلحق الإثم القائمين على هذه الشركة، وكذلك يلحق الموظفين المباشرين لهذا العمل، أما شخص يعمل في مجال آخر مباح فلا يلحقه شيء من الإثم، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 4434، وانظر في حكم عمل المرأة الفتوى رقم: 3859، وفي حكم الضرائب الفتوى رقم: 5458.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
اشتراط كون الطلاق بيد الزوجة ...
46786
السؤال
أنا امرأة مسلمة أعيش في مصر عندي بنت عمرها 12 عاماً، وأنا مطلقة كنت أريد أن أتزوج من أجل إنجاب أطفال ويكون لبنتي أخ أو أخت، ولكن لم أجد شخصاً مناسباً وابنتي لم ترد أن أتزوج وضحيت من أجل ابنتي، ولكن الآن ضروري أن أتزوج، لأني أعمل في التجارة وأتعامل مع رجال كثير وأنا أخشى على نفسي، المشكلة كلهم رجال الذين أعرفهم طلاب أو من غير العمل وأصغر مني سنا، ولكنهم رجال صالحون للزواج، هم محتاجون لي وأنا محتاجة لهم في العمل ولكن يحموني من طمع الرجال، المشكلة لا يتجرؤوا طلب يدي، وأنا أيضاً لا أتجرأ لي أطلب منهم الزواج، لأن الذي أعرفه أن الرجل الذي يطلب الزواج وليس المرأة، وأريد أن تكون العصمة في يدي إذا أساء لبنتي ولي كي لا أتعب في طلب الطلاق، من فضلكم أريد حلاً ماذا أفعل، أنا ضعيفة في اللغة العربية؟ أريد الرد بسرعة من فضلكم. شكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/874)
فيجوز لك أن تعرضي نفسك على من ترينه مناسباً من الرجال للزواج بك إن كان متصفاً بالدين والخلق، والأولى أن يكون ذلك بواسطة امرأة من محارمه، فإن تعذر ذلك فلا مانع من مباشرته بذلك لما في الصحيحين عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني وهبت لك نفسي، فقامت طويلاً... الحديث.، وانظري الفتوى رقم: 26711.
ولا يضر كون الرجل الذي ترغبين فيه أصغر منك أو أكبر، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة رضي الله عنها وهي أسن منه بعشرين عاماً، وتزوج عائشة رضي الله عنها وهي أصغر منه، وراجعي الفتوى رقم: 6079، والفتوى رقم: 6563.
أما بخصوص اشتراط كون الطلاق بيدك فلا مانع من ذلك إن كان الشرط مما يعود نفعه إليك بحيث لو أخلَّ زوجك بالشرط جاز لك فسخ النكاح، قال ابن قدامة في المغني: الشروط في النكاح تنقسم ثلاثة: أحدها: يلزم الوفاء به وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته مثل أن يشترط لها ألا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها ولا يتسرى عليها فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح. ثم ذكر القسمين الباقيين.
وننبهك إلى أن عمل المرأة في مكان تختلط فيه بالرجال الأجانب محرم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 19233.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
للمرأة أن تعمل إذا دعت الحاجة أو الضرورة ...
46887
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(97/875)
أما بعد : جزاكم الله كل الخير، أود أن أستشيركم في موضوع وهو أنني فتاة ملتزمة ولله الحمد وقد تم العقد الشرعي بيني و بين زوجي الملتزم أيضا, وكنا على توافق ولله الحمد إلا أنه قد شب خلاف بيننا نظرا للظروف الاقتصادية الضيقة التي نمر بها حيث إن زوجي غير قادر على توفير السكن مما حال دون زواجنا وقد مر على ارتباطنا مدة سنة و سبعة أشهر مما أدى إلى انزعاج والدي , فاقترحت عليه حلا مؤقتا وهو مساعدتي له في استئجار شقة لأنني موظفة والحمد لله إلا أنه يغضب و يقاطعني بمجرد التطرق لهذا الموضوع لأنه ينوي توقيفي عن العمل بمجرد الزواج و لم يشترط علي هذا أثناء الخطبة بل طلب مني :هل أشترط عليه العمل فأجبته بالنفي.
فجزاكم الله هل إذا كان الواحد منا واقعيا ويتماشى مع الظروف المحيطة به حيت إن ظروف المعيشة عندنا صعبة ولا يستطيع راتب واحد أن يوفر مستلزمات المعيشة معناه أنه مادي ولا يعرف حقيقة معنى الزواج وأنه لا يتوكل على الله فهذا ما يقو له زوجي لي.
فماذا أفعل اختلط علي الأمر و الأمور باقية على حالها و زوجي لحد الآن لا يعرف ماذا سيفعل، هل أتمسك بعملي، وأحاول معه مرة أخرى، أم أترك الأمر لله و أصبر لفترة أخرى؟ الله فقط يعلم متى يستطيع وجود حل لمشكلتنا مع وجود الحل الذي ذكرته سابقا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بذل الأسباب المادية التي جعلها الله موصلة إلى مسبباتها ثم تفويض الأمور إلى مسبب الأسباب، لا يتنافى مع التوكل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطريق تغدوا خماصاً وتروح بطاناً. أي تذهب في أول النهار بدون طعام ثم لا يأتي آخر النهار إلا وقد شبعت.
ولا مانع شرعاً من عمل المرأة للضرورة أو للحاجة كما في مسألتكم إذا انضبط العمل بضوابط الشرع، بل هو من التعاون المحمود لكي يتم الزواج، ولا مانع من(97/876)
مساعدتك لزوجك ولو مؤقتاً وليراجع زوجك الفتاوى التالية: 3859/5181/8528/6693.
فطالما عملك لا يعارض حقوق الزوج ولا يؤدي إلى إهمال البيت أو الأطفال فيما بعد فلا بأس به إن شاء الله.
والخلاصة أنه إن أذن الزوج لك بالعمل فلا بأس بالعمل بالضوابط المذكورة.
وعليه؛ أن يقتنع بضرورة التعاون في إنشاء البيت المسلم فكل منكما يكمل الآخر، ونسأل الله أن يبارك فيكما ولكما، وأما إذا أعسر الزوج عن النفقة والسكنى للزوجة فإنه يمهل ثلاثة أيام، وإلا فللمرأة مطالبة القاضي بالفسخ، أي أنه لا يلزمك الصبر عليه حتى يصيبه اليسار، وإن صبرت فذلك خير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أفضل مكان للمرأة هو بيتها ...
46908
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب مسلم على أبواب الزواج بمشيئة الله تعالى. أعمل بإحدى الشركات براتب متوسط. بعد صلاة الاستخارة توكلت على الله و تقدمت إلى فتاة ملتزمة ذات دين و خلق. المشكلة أن هذه الفتاة تريد العمل من أجل مساعدة أهلها و كذلك من أجل التكفل بمصاريفها الشخصية. كذلك تريد الانخراط في العمل الجمعوي داخل إحدى الجمعيات التي لها علاقة بجمعيات أجنبية. ويتضمن عملها الجمعوي سفريات وأيام عمل على شكل ورشات. بالنسبة لي أنا أرفض رفضا باتا فكرة عملها و كذلك انخراطها في العمل الجمعوي استناذا إلى ما جاء في القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة من توصيات تحث المرأة المتزوجة على إعطاء كامل إهتمامها لبيتها و تجنب(97/877)
العمل خارج البيت خصوصا في أيامنا هذه. أرجو منكم إفادتي بشكل واسع برأي الشرع في الموضوع و هل نستمر مع بعضنا أم لا. فكلانا لا يريد التنازل عن رأيه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل مكان للمرأة هو بيتها، لأن في خروجها فتنة عليها وعلى الرجال، قال تعالى:
[وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ] (الأحزاب: 33). ولكن هذا ليس بواجب، فلها أن تخرج من بيتها بشرط التزامها بالحجاب والحشمة وعدم مخالطة الرجال وغير ذلك مما ينبغي عليه مراعاته، ولا بأس على المرأة في العمل إذا انضبط عملها بالضوابط الشرعية، ومن ذلك الحجاب وعدم الخلوة بالأجانب، وعدم الخضوع بالقول وعدم الاختلاط بالرجال وغض البصر ونحو ذلك من الضوابط الشرعية، وإذا كان عملها يقتضي سفرا، فلا بد من أن يكون السفر مع محرم، وإذا كانت المرأة زوجة فلا يجوز لها العمل ولا الخروج من البيت إلا بإذن الزوج، إلا إذا، كانت قد اشترطت على زوجها عند العقد أن تعمل، فالمسلمون عند شروطهم.
أما بالنسبة لك أخي السائل، فإننا ننصحك بأن تحاول إقناع الفتاة بأهمية جلوس المرأة في البيت، خاصة عند وجود الأولاد، وأكد لها المفاسد التي قد توجد بسبب عمل المرأة خصوصا في مثل هذا الزمان، فإن اقتنعت فذاك، وإلا، فإذا كان عملها منضبطا بالضوابط الشرعية وكانت ذات دين وخلق ومأمونة الجانب ولم تجد من هي أفضل منها، فلا حرج في الاستمرار معها والزواج بها، أما إذا وجدت من هي أفضل منها وهي لا تعمل، فهي المقدمة.
نسأل الله أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/878)
اشترطت عليه إكمال الدراسة فلم يف بذلك بعد الزواج ...
46938
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم واتم الصلاة والتسليم على سيدنا محمد خاتم المرسلين
بداية جزيل الشكر لحضرتكم على هذا المركز وجزاكم الله كل الخير عليه
أعتذر للإطالة ولكن حتى أخلو من أي لبس أنا تربيت يتيمة الأب من عمر 2 سنة مع 2 إخوة لأم عمرها 23 سنة والحمدلله رب العالمين أحسنت تربيتنا على أتم وجه على الدين الإسلامي ومخافة الله ولم تتزوج/ المعيشة كانت على قولة بسم الله وبركته /إلى أن فتحها الله علي ودعوت الله أنه إذا فيها الخير والرضا له أن ييسرها لي والحمدلله أصبحت معيدة في الجامعة من الأوائل وكان التخصص الذي اخترته هو الوحيد في بلدي ليس هناك غيري إلى أن تقدم لخطبتي شاب وشاء القدير أن نتزوج ولكن منذ البداية قلت بأني سأتابع دراستي ولم يتكلم وقالها عمي عند كتب الكتاب .بعد الزواج أصبحت الحياة جحيماً لا يطاق كله من وراء إني أريد المتابعة كأن يمنعني من الذهاب للجامعة بالرغم من أني كنت أدرس طلاب سنة رابعة ومنعني من أن ألتزم بأي دورة لغة تابعة للجامعة /وقرن في بيوتكن // خير النساء من لا ترى الرجال ولا يراها الرجال / لكن ذلك لم يكن مطبقاً في كل نواحي الحياة وإنما فقط الدراسة /إحضار الأغراض يقول يا ريت تريحني من الإتيان بالأغراض وغير ذلك من الأمور التي تستلزم المخالطة وعدم رؤية الرجال
كل أنواع الإهانة -الذل -التجريح -التهديد كل ما يخطر في البال من أساليب الضغط النفسي وكان لا يجد سوى الشكوى لله الواحد /أنا إنسانة ملتزمة بالحجاب والجلباب ومخافة الله وليس لي أي خلطة إلا بالتدريس مع الطلاب وبالحدود المباحة والله العليم /فانتهى كل شيء بالتخيير بالطلاق أو ترك الدراسة /علما بأنه هو معيد/ وتم كل شيء كما يريد ولكني قصدت وجه رب العالمين الذي لا ينسى عباده ولكني الآن في غير بلد ووجدت كل زميلاتي يتابعن دراسة الكتوراة وهو قد منعني من أن ألتحق بأي(97/879)
شيء يواكب العلم / دراسة -لغة -صحبة جامع كل شيء /إلا إحضار مستلزمات البيت لأنه يخرج من الصباح لآخر المساء أحيانا أحس بالكره وعدم محبة الخير لكن من منطلق مخافة الله أعامل بما يرضي الله وأصبر لكن شعور عدم الرضى والظلم يرافقني دون أن أحسسه لكني أتمزق من الداخل.أريد أن أعرف هل ممنوع للمرأة أن تتابع تعليمها وإذا كان تخصصها فريد/ عرضت الدراسة عن طريق المراسلة دون الذهاب فرفض/
- وهل كان ما فعله من منعي المتابعة يحق له حتى وإن كنت قد كلمته به قبل الزواج ولم يرفض
-وهل صحيح أن المراة التي تطلب الطلاق من زوجها تأثم بعد أن ترى أنها غير قادرة على تأدية ما طلبه الله
-هل هذا الشعور أحاسب عليه أمام الله سبحانه وتعالى
أرجو من الله الهداية والتوفيق
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤالك قد اشتمل على عدة أمور:
الأمر الأول: حكم عمل المرأة، والأصل في ذلك الجواز إذا كان العمل في ذاته مباحاً وانضبطت المرأة في عملها بالضوابط الشرعية من الحجاب والحشمة وعدم الخلوة والنظر والخضوع بالقول وغير ذلك من الضوابط، ومع هذا فالأفضل للمرأة هو القرار في بيتها، وعدم الخروج منه إلا لحاجة، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى(الأحزاب: من الآية33)، لكن ذلك ليس بواجب فإذا انضبطت المرأة في خروجها بالضوابط الشرعية فلا بأس في الخروج.
والأمر الثاني: حكم عمل المرأة إذا كان زوجها يمنعها من ذلك، وذلك حرام إلا إذا كانت المرأة قد اشترطت على زوجها عند العقد أن تعمل، وبشرط أن تنضبط في(97/880)
عملها بالضوابط الشرعية، فإذا لم تشترط فلا تخرج إلا بإذنه، وإذا لم تنضبط بالضوابط الشرعية بأن كان خروجها يؤدي إلى الفتنة، فلا يجوز لها العمل.
والأمر الثالث: حكم دراسة المرأة، والأصل في ذلك الجواز، وقد يكون مستحباً أو واجباً بحسب العلم الذي تدرسه، لكن كل ذلك بشرط انضباط المرأة في دراستها بالضوابط الشرعية التي ذكرناها سابقاً، فإذا لم تنضبط بالضوابط الشرعية فلا تجوز لها الدرساة حينئذ.
والأمر الرابع: حكم دراسة المرأة إذا كان زوجها يمنعها من ذلك، والحكم في ذلك كالحكم في عمل المرأة إذا كان زوجها يمنعها من ذلك، فإذا كانت قد اشترطت عليه ذلك عند العقد، وكانت تنضبط في دراستها بالضوابط الشرعية فيجوز، وإلا فلا.
والأمر الخامس: ما يتعلق بطلب المرأة الطلاق، والأصل في ذلك عدم الجواز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس حرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وحسنه، ومن البأس إضرار الزوج بالمرأة وكرهها له بحيث لا تطيق العيش معه، وعدم القدرة على القيام بحق الزوج ونحو ذلك.
والأمر الخامس: ما يتعلق بحالك مع زوجك، والذي ننصحك به هو أن تكون العلاقة بينكما علاقة تفاهم وتراحم وود ورحمة، فينبغي أن تطيعي زوجك في ترك العمل والدراسة لاسيما في الأماكن المختلطة، واحتسبي أجرك عند الله، كما ينبغي له ألا يتشدد في منعك من ذلك، إذا أمكن أن تتابعي دراستك دون اختلاط، وإذا أمكن أن تعملي مع الالتزام بالضوابط الشرعية خصوصاً أنك اشترطت ذلك عليه عند العقد ووافق.
نسأل الله أن يصلح حالكم وأن يصلح ذات بينكم وأن يسهل أمركم، وأن يختار لنا ولكم ما فيه الخير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/881)
من فتاوى المرأة المسلمة ...
47172
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
أرجو من سماحتك التفضل بالإجابة على جميع هذه الأسئلة نظراً لأهمية ذلك، السؤال الأول: هل هذه الأعمال تعد حراماً أم حلالاً: عمل المرأة مزينة النساء- عمل امرأة كمعلمة في مدرسة للبنات يديرها رجل ويوجد بها عدد من المعلمين، مع العلم بأن هذه المعلمة لا تختلط بهؤلاء المعلمين وأنه لا يسمح لها بتغطية وجهها أثناء تواجدها بالمدرسة وأن جميع المدارس الموجودة في البلد الذي تسكن فيه تشترك في هذه الأمور فجميعها مختلطة ولا يسمح فيها للمعلمات بتغطية وجوههن، وهل يوجد فرق بين كون المعلمة كبيرة في السن أو شابة؟- العمل في بيع وتصليح أجهزة التليفزيون والصحون الفضائية (الدش) والديجتال- فتح محل إنترنت.
السؤال الثالث: إذا أمّت المرأة مجموعة من النساء فهل يجوز لها أن تجهر بصوتها في الصلاة الجهرية أم لا؟
السؤال الرابع: ما هي الأوقات التي تكره فيها صلاة النافلة، وما هو أفضل وقت لصلاة الضحى؟
السؤال الخامس: ما حكم الزغاريد واستعمال الطبل في الأعراس؟
السؤال السادس: هل وضع عجينة الحناء على الشعر يمنع وصول الماء عند الوضوء؟ وأعتذر عن الإطالة، ولكم جزيل الشكر، أفيدوني أفادكم الله..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1-(97/882)
فلا حرج في عمل المرأة مزينة للنساء إذا خلا عملها مما نهى عنه الشرع الحكيم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2984.
2- أما عمل المرأة معلمة فتراجع فيه الفتوى رقم: 30155.
وإذا كانت المرأة كبيرة في السن ولم تبلغ حد المتجالة أو كانت شابة فإن اختلاطها بالرجال وكشفها عن وجهها بينهم لا يجوز، وأما إذا كانت عجوزاً لا أرب للرجال فيها إطلاقاً فلا حرج عليها حينئذ في شيء مما ذكر، قال الدسوقي: النساء أربع: عجوز انقطعت حاجة الرجال منها، فهذه كالرجال فتخرج للمسجد للفرض ولمجالس الذكر والعلم وتخرج للصحراء للعيدين والاستسقاء ولجنازة أهلها وأقاربها ولقضاء حوائجها، ومتجالة لم تنقطع حاجة الرجال منها بالجملة فهذه تخرج للمسجد للفرائض ومجالس العلم والذكر، ولا تكثر التردد في قضاء حوائجها أي يكره لها ذلك.... 1/335.
ومما تجدر الإشارة إليه أن وجوب ستر وجه المرأة محل خلاف بين أهل العلم، وعند خشية الفتنة يتفقون على وجوب ذلك، وراجع الفتوى رقم:5224.
3- تراجع في حكم بيع وتصليح التليفزيون وما معها الفتوى رقم: 10101.
4- تراجع في حكم فتح محل إنترنت الفتوى رقم: 6075، والفتوى رقم: 3024.
السؤال الثالث: تراجع الفتوى رقم:4508 في حكم جهر المرأة في الصلاة.
السؤال الرابع: تراجع الفتوى رقم:7392 في معرفة الأوقات المنهي عن التنفل فيها، كما تراجع الفتوى رقم:7776 لمعرفة أفضل وقت لصلاة الضحى.
السؤال الخامس: فأما الطبل فهو من الحرمات، وراجع فيه الفتوى رقم:33031.
وأما الزغاريد فقد اختلف فيها أهل العلم تبعاً لاختلافهم في صوت المرأة هل هو عورة أم لا، والمعتمد أنه ليس بعورة، وعليه فهي مباحة إذا لم يخش افتتان الرجال بها أو تلذذهم من سماعها، قال الخرشي في صوت المرأة: المعتمد كما أفاده الناصر اللقاني في فتاويه وشيخنا الصغير: أنه ليس بعورة، ونص الناصر: رفع صوت المرأة(97/883)
التي يخشى التلذذ بسماعه لا يجوز من هذه الحيثية لا في الجنازة ولا في الأعراس، سواء كان زغاريت أم لا.... 1/271.
السؤال السادس: الذي يمكننا الإجابة عليه في موضوع الحناء إذا كانت تشكل طبقة تمنع وصول الماء إلى الشعر، فإن وضوء واضعها لا يصح إلا إذا أزالها، وأما السؤال عما إذا كانت تمنع وصول الماء أو لا تمنعه، فهذا إنما يعرفه الشخص الذي هي على رأسه، فهو الذي يستطيع تمييز ما إذا كانت الكمية الموضوعة على رأسه تبلغ من الكثافة ما يكون حائلاً دون وصول الماء أو لا تبلغه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إذا تطوعت المرأة بالعمل للإنفاق على أولادها فهي مأجورة ...
47220
السؤال
ما هو حكم الدين في عمل امرأة متزوجة من رجل لا يعمل الآن وقد كان يعمل من قبل، وترك عمله لقلة الدخل وهو الآن يراعي الأطفال بالمنزل، وأنا أعمل إلى أن يرزقه الله، هل في هذا حرمة علي؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الزوجة أن تعمل للإنفاق على أبنائها مع وجود الزوج، لأن الزوج هو المكلف بالإنفاق على الزوجة والأولاد، كما بينا في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31634، 37998، 14993، 19346.
لكن إذا تطوعت المرأة بالعمل فهي مأجورة، لكن يجب التنبه إلى أنه ليس كل عمل يليق للمرأة أن تعمله، إذ يحرم عليها الاختلاط بالرجال على الوضع المعروف الآن، وكذا الخلوة بهم والخضوع في القول عند الحديث معهم، أو إظهار زينتها عندهم، فإذا(97/884)
خلا عمل المرأة من هذه المحاذير ونحوها مما يخالف الشرع، فالعمل حينئذ لا مانع منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم كتابة المسلسلات الخليجية ...
47649
السؤال
ما حكم عمل المرأة في كتابة المسلسلات الخليجية والذهاب إلى مكان التصوير مع العلم بأن
في هذه الأشياء اختلاطا بين البنات ورجال والتزام الكتابة بالحجاب الإسلامي
وهل النقود التي تأخذها حرام كما الحال في نقود الممثلة وهل نقود الممثل حرام؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلسلات عموما لا تخلو من المحرمات القطعية في الشريعة كالتبرج والاختلاط المحرم ونحو ذلك مما لا يخفى.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 1791، والفتوى رقم: 23422، وما قيل هناك في حكم المسلسلات عموما يقال في ما يسمى بالمسلسلات الخليجية، وعليه، فإذا كان العمل محرما لم تجز الإعانة عليه، لقول الله تعالى: [وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ](المائدة: 2). ولا شك أن كتابة التمثيليات الممنوعة شرعا تندرج تحت عنوان الإعانة على الإثم، فتكون من هذه الحيثية غير جائزة.
وراجعي هذا الأمر في الفتوى رقم: 4673، والفتوى رقم: 3127.
والله أعلم.(97/885)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز الإخلال بوقت الدوام أثناء فترة العقد ...
48373
السؤال
أعمل بشركة قطاع خاص منذ 6 سنوات .. وكنت قد اتفقت مع صاحب العمل وابنه على تقاضي أجر معين والعمل من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الثالثة .. إلا أنني فوجئت بعد استقالتي من الشركة التي كنت أعمل بها أن العمل من الثامنة وعندما جادلت صاحب العمل قال إنها كانت زلة لسان .. فاضطررت للتنفيذ غير أسفة حيث أن الأمر مازال في استطاعتي .. وبعد سنة قرر صاحب العمل مد العمل إلى الساعة الرابعة فرفضت .. وعندما ذكرته باتفاقنا أصر .. فقدمت استقالتي فتمسك بي وتراجع عن القرار .. وتوفي صاحب العمل وتولى ابنه وبعد مضي خمس سنوات وصلت فيها إلى درجة مديرة .. عاد الابن ومد ساعات العمل للنساء حتى الساعة الرابعة وعندما اعترضت وذكرته باتفاقنا .. قال إنني أحظى بمكانة عالية في الشركة ولكن القرار مقصود به بعض النساء اللاتي لا يريد لهن الاستمرار فأصدر هذا القرار لتطفيشهن وإجبارهن على الاستقالة حيث أنه متأكد أنهم لن يستطيعوا ترك أطفالهن أكثر من الساعة الثالثة متحججا بأنهن يعملن أقل ساعة من قانون العمل . وبالفعل اضطرت بعضهن للاستقالة وهن في أشد الحاجة للمال . سؤالي هو أليس اتفاقنا من قبل العهد الذي لا يجب أن ينقض إلا باتفاق الطرفين . نحن لم نحتكم لقانون العمل منذ البداية فلماذا يتذرع به الآن . وهل الوسيلة التي استخدمها صاحب العمل للتخلص من بعض الموظفات شرعية.. .. وبالنسبة لي ماذا لو أصر على عدم التراجع عن القرار هل فى هذه الحالة يجوز لي أن أرفع قضية على صاحب العمل وأطلبه للحلف بيمين الله على اتفاقنا الأول خاصة أننا لم نكتب عقدا بالاتفاق ولكن سجلات الحضور والانصراف تثبت اتفاقنا على مدار 6 سنوات(97/886)
أرجو سرعة الرد من فضلكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبهك إلى أن عمل المرأة لابد أن تتوفر فيه ضوابط شرعية معينة، وإلا فلا يجوز،
وراجعي لمعرفة هذه الضوابط الفتوى رقم: 3809.
وأما اتفاقك مع صاحب العمل على وقت معين للدوام فهو عهد يجب عليه أن يوفي به، وأن لا يلزمك بأكثر منه خلال فترة العقد ، ولو كان هذا الاتفاق غير مكتوب لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " المسلمون على شروطهم " رواه أبو داود
ثم إذا انتهت هذه الفترة فله أن يتفق معك على وقت دوام آخر، وأنت بالخيار إن شئت قبلت وإن شئت رفضت، وإذا تقرر هذا؛ فإذا أراد إلزامك أثناء فترة العقد بدوام أكثر من المتفق عليه ، فلك أن ترفعي أمرك للقضاء وتطلبي منه الحلف على أنه ما اتفق معك على أقل مما يريد إلزامك به ـ إذا كان ينكر ذلك ـ ، لعموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ البينة على المدعي، واليمين على من أنكره " رواه البيهقي
وأما الطريقة التي اتبعها ليحمل بعض الموظفات على ترك العمل ، فإن كان ما طلبه منهن من زيادة ساعات الدوام مخالفا لما اتفق عليه معهن، وكان هذا خلال فترة العقد فهذه الطريقة غير جائزة
وإن كان طلبه بعد انتهاء فترة العقد فهذه الطريقة جائزة، ولا سيما إن خشي من مصارحتهن بعدم رغبته في تجديد العقد بعض المفاسد، كالوقوع في عرضه أو حدوث عداوة، أو أراد من ذلك أن يحفظ ماء وجوههن ونحو ذلك .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/887)
التقصير ببعض الواجبات لا يسوغ ترك النهي عن المنكر ...
48401
السؤال
سيدي،
أنا فتاة أبلغ من العمر 34 سنة، وأختي 32 سنة. وقد توفي والدي منذ عدة سنوات، وأقوم أنا وأختي بإعالة والدتي وأخت لنا عمرها 20 سنة.. وأخ عمره حوالي 27 سنة... حيث لا يقوم أخي بتقديم أي شيء للمنزل أو إعالتنا بأي شكل من الأشكال. بل يعيش معنا في منزل تستأجره والدتي ونحن نصرف على كامل احتياجات المنزل.
ويدعي أخي أنه قوام علينا، وأنه يأثم إذا لم يقم (بتأديبنا) على حد قوله - حيث أننا غير محجبات، وبعض لباسنا قد يكون سراويل ضيقة نوعا ما وقمصان بأكمام قصيرة... علماً بأنه يصلي، ولكنه لا يصل الرحم ولا يزور الأقارب ووالدتي غاضبة عليه لعدم طاعته لها... وارتفاع صوته في وجهها وغير ذلك.
راجية منكم تزويدي بحكم الشرع في مسألة القوامة علينا وإثمه.. هل يسقط بعد أن يقوم بنصحنا؟؟ أم هل يجب عليه إعالتنا والتكفل بنا مادياً ومعنوياً أولاً ومن ثم يقع عليه إثم لباسنا؟؟
.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة على اهتمامها بأمر عائلتها المحتاجة إلى من يصرف عليها ويقوم بشؤونها، ثم ننبهها إلى أن الحجاب فرضه الله تعالى على المرأة فلا يجوز لها خلعه ولا لبس الثياب القصيرة الأكمام، فالمرأة كلها عورة، فننصح أختنا السائلة أن تضم إلى ما تقوم به من عمل خير تجاه أمها وعائلتها حجابها والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الفتنة، كما ننبهها أيضا إلى أن عمل المرأة له ضوابط لا بد أن تتوفر فيه وإلا كان محرما، وتراجع لهذه الضوابط الفتوى رقم: 8360، والفتوى رقم:(97/888)
3859، وكان الأجدر بهذا الأخ أن يتولى العمل وإعالة البيت –أمه وأخواته- حتى لا تضطر الأخوات إلى عمل قد يسبب لهن التعرض لما لا ينبغي، علما بأن نفقة والدته والقيام بما تحتاجه واجب عليه وعلى من كانت موسرة من أخواته، أما الأخوات فلا تجب عليه نفقتهن، إلا أن مقتضى الرجولة والمروءة يدعو إلى القيام بشؤون الأخوات، أما موقف هذا الأخ من تبرج أخواته فهو كموقف غيره من المسلمين عند رؤية المنكر وهو النهي عنه وتغييره حسب الاستطاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
ولا فرق في وجوب النهي عن المنكر بين من كان قائما بواجباته الأخرى وبين من كان مقصرا فيها، فإذا قام هذا الأخ بنصحكن وتوجيهكن إلى الصواب حسب استطاعته برئت ذمته من ذلك.
وفي الأخير نوصي السائلة بتقوى الله عز وجل وبالتحلي بأخلاق المسلمات الفاضلات والتخلي عن أخلاق الفاسقات، كما نوصي الأخ بالقيام بكامل مسؤوليته وبر والدته والإحسان إليها وإلى أخواته، ولمزيد الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 6925.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ليس من العدل أن يدخل على الأخرى في غير نوبتها إلا بحاجة ...
48543
السؤال
أنا الزوجة الثانية وأعمل في قرية لا أعود إلى بيتي إلا يوم الأربعاء والخميس أما الجمعة فأعود إلى مقر عملي، المشكلة في زوجي الذي لا يرغب في المجيء ويختلق(97/889)
الأعذار لي بأنه لن يكون متفرغاً لي في هذين اليومين، وهذا غير صحيح فهو في كل مرة لا يقوم بإشغاله التي ادعاها بل يقضي في بيته الأول، فهل يأثم زوجي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبهك إلى أن عمل المرأة وسفرها لا يجوز إلا إذاتوافرت فيه ضوابط شرعية ذكرناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8360، 7550، 17758.
أما بخصوص ما سألت عنه من إيثار زوجك لضرتك بالسكنى وعدم العدل بينكما، فالحكم فيه أنه يجب عليه أن يتقي الله تعالى، ويعلم أن من شروط جواز التعدد العدل بين النساء، ومن جملة ذلك العدل في الزمن فيخصص لكل منكما يوما وليلة، وفي زمن صاحبة النوبة لا يجوز الدخول على الأخرى إلا لحاجة كدفع نفقة أو عيادة أو نحو ذلك، وانظري الفتوى رقم: 31514، والفتوى رقم: 19579.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة بهذه الصفة محرم لعدة أمور
تاريخ الفتوى : ... 13 رجب 1424 / 10-09-2003
السؤال
زوجتي تشتغل عند رجل هولندي غير متزوج وغير مسلم وفي بعض الأحيان تشرب معه الشاي وأنا لا أريد ذلك ولكن زوجتي ترفض ترك العمل ماذا تقول الشريعة في هذا الموضوع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عمل المرأة قد أباحه العلماء بضوابط يمكنك أن تراجعها في الفتوى رقم: 28006. وبناء على ذلك، فالذي نقوله في عمل زوجتك هذه هو أنه حرام من عدة أوجه: الأول: أنه(97/890)
يحملها على الاختلاط برجل أجنبي، وإذ ذكرت أنه كافر فذلك آكد في الإثم. الثاني: أنها تشرب معه الشاي مما يدل على الخلوة أو على نوع من التقارب النفسي ولا يُدرى ما يكون مع ذلك. الثالث: أنك لا تقبل عملها معه كما ذكرت، وقبولك العمل لها شرط في إباحته. الرابع: أنها تخرج من البيت بغير إذنك، وذلك يعد نشوزاً. وربما تكون ثمة أوجه أخرى للتحريم لم نطلع عليها، ولكن هذا يكفي. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة المسلمة طبيبة للرجال
تاريخ الفتوى : ... 08 محرم 1425 / 29-02-2004
السؤال
زوجتي طبيبة أمراض جلدية وهى محجبة تلبس عباءة وتكشف وجهها ويديها، نريد أن تفتينا:
1- حكم تغطية الوجه وصفة العباءة الشرعية، وأعتقد أن تغطية الوجه سوف لن يمكنها من الرؤية الجيدة للفحص.
2- هي تكشف على رجال (جلدهم) ويمكن أن تكون مع المريض وحده أو معه رجل آخر هل هذا حرام؟
3- أنا أحضرت معي من الحج عباءة إسلامية بغطاء وجه (من الرأس) وطلبت منها أن تلبسها وأن تتوقف عن الكشف على الرجال وتكتفي بالنساء والأطفال ، ونحن لا نحتاج عملها حيث أنها تأخذ دخلها مع ملاحظة أن البيت والعيادة في نفس المكان وعملها هذا لا يؤثر على ألأولاد وفي نفس الوقت هي تنفع المسلمين حيث أنها ماهرة وأمينة.
أخي ردك هذا ستأخذه هي على محمل الجد
شكرا وجزاك ألله عنا كل الخير
الفتوى(97/891)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 1111 والفتوى رقم: 5224 رجحان القول بوجوب تغطية المرأة وجهها، وأما دعوى أن النقاب يمنع من قيام الطبيبة بعملها على وجه الكمال فدعوى غير صحيحة، وكثير من الطبيبات المنتقبات يقمن بعملهن ولم يكن النقاب مانعاً لهن من القيام به، على أنها إذا احتاجت فعلاً إلى ذلك فلا بأس به بقدر الحاجة، وأما صفة الحجاب الشرعي الكامل فانظرها في الفتوى رقم: 6745، والفتوى رقم: 19184، والفتوى رقم: 20080.
وأما حكم عمل المرأة المسلمة كطبيبة للرجال فلا يخفى أن الأصل منعها من معالجتهم لما تقتضيه المعالجة من النظر واللمس والمخالطة والاطلاع على العورة في بعض الأحيان، وهذه الأمور وما يؤدي إليها لا تجوز إلا لضرورة معتبرة شرعاً، لا تدفع إلا بارتكاب ذلك المحظور، مثل أن يكون الرجل مريضاً ولا يوجد طبيب يعالجه، ولا يمكن تأخير علاجه إلى أن يوجد طبيب.
وعليه؛ فما طلبته من زوجتك الطبيبة هو الصواب، ونحن نحثك ونحثها عليه، وتكون بذلك نفعت المسلمين بخبرتها ومهارتها، ولم تقع في ما يمنع منه الشرع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ــــــــــــــ
عمل المرأة مباح مع حصول الضوابط الشرعية
تاريخ الفتوى : ... 09 محرم 1425 / 01-03-2004
السؤال
بعد التحية أتوجه إليكم بهذا السؤال أنا متزوج ولي طفلان وقد حدثت خلافات مع زوجتي إلى درجة لا أطيقها حيث أنني طلبت منها أن تتوقف عن العمل إلا أنها رفضت إطلاقا وخيرتني بين العمل أو الطلاق مع العلم بأنني لم أطق فيها لباسها(97/892)
وشكلها الذي لم يعد يقنعني نهائيا وهي لا تصلي وغير مؤدبة على الإطلاق فما حكم الشرع في ما يمكن أن أسميه بمصيبة كهذه
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التنبيه في جواب سؤالك إلى عدة أمور:
الأمر الأول بالنسبة لخروج المرأة للعمل مباح مع حصول الضوابط الشرعية لذلك التي منها:
1- ارتداؤها الحجاب الشرعي.
2- عدم استعمال الطيب والزينة.
3- البعد عن الاختلاط بالرجال بقدر المستطاع، وعدم الحديث معهم في ما لا تدعو الحاجة إليه.
4- إذن الزوج لها إذا كانت متزوجة.
فإذا توافرت هذه الشروط فلا بأس بخروجها للعمل ولو لم تكن محتاجة إليه، وراجع الفتوى رقم: 8360.
الأمر الثاني: إذا امتنعت من لبس الحجاب فعليك بنصحها بحكمة ورفق، فإن لم تمتثل فاهجرها في الفراش بقدر ما ترى أنه تأديب لها، فإن أصرت على رأيها فالأولى مفارقتها، وراجع الفتوى رقم: 26723.
الأمر الثالث: في ما يتعلق بتركها للصلاة فراجع الفتوى رقم: 23282.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة إذا لم تكن بحاجة له
تاريخ الفتوى : ... 30 محرم 1425 / 22-03-2004
السؤال(97/893)
أنا سيدة متزوجة وأعمل مدرسة في المرحلة الابتدائية، والسؤال: هل خروجي إلى العمل حرام، أو به أي شبهة على الرغم من أنني متدينة وملتزمة بالحجاب الشرعي: (الخمار)، ولا أركب مواصلات، ولا يحدث بيني وبين زملائي أي اختلاط، وفضلت أن أدرس المرحلة الابتدائية على الرغم من أنني كنت سأدرس للمرحلة الإعدادية، ولكني رفضت حتى لا أتنقل بالمواصلات، وحتى لا يحدث أي احتكاك بيني وبين أي شخص، وأريد أن أوضح أنني لا حاجة لي إلى العمل، أي أنني والحمد لله غير محتاجة لراتب الوظيفة، ولكنني أحب العمل من أجل العمل فقط، وأريد أن أوضح أيضاً أن عملي لا يؤثر على حياتي الزوجية حيث إنني أؤدي واجباتي على أكمل وجه، وأنا سيدة كبيرة أي أنني لا أخرج إلى العمل متبرجة، فأكبر أولادي في سن 30 سنة، ولكني أريد أن أستفسر هل خروجي إلى العمل حرام؟ أو به أي شبهة تشير إلى أنه حرام؟ أرجوكم أفتوني وأنا على استعداد لتنفيذ أي قرار تشيرون علي به.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من عمل المرأة إذا كانت ملتزمة بالآداب الشرعية، وكان العمل يلائم طبيعتها الفطرية والجسدية، ولا يؤثر على بيتها وتربية أولادها.. ولو لم تكن محتاجة للراتب.
وعليه؛ فإنه يجوز للسائلة الكريمة أن تواصل عملها ما دام ليست فيه مخالفة شرعية أو إخلال بالآداب الشرعية، ولا يؤثر على بيتها وحياتها الزوجية، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5181/5352/9708.
كما نشكر لها اهتمامها بدينها ومواصلتها للموقع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مكان يوجد به رجال(97/894)
تاريخ الفتوى : ... 01 صفر 1425 / 23-03-2004
السؤال
هل عمل المرأة في مكان فيه الرجال لا يجوز مع العلم بأنها لا تحكي معهم أي لا تخالطهم في الحديث
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم عمل المرأة في مكان يوجد به رجال، فجائز إذا دعت الحاجة له والتزمت بالضوابط الشرعية، وانظر شيئا من هذه الضوابط في الفتوى رقم: 3859 والفتوى رقم: 9653 والفتوى رقم: 19233.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... عمل المرأة إذا اشتمل على مخالفات شرعية
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الثاني 1425 / 30-05-2004
السؤال
سعادة المفتي :
لقد أجبت عن سؤالي وهو انشغالي عن الصلاة بالعمل وأجبت علي بترك العمل ولكني لا أقدر لأني إنسانة محتاجة وزوجي رجل فقير وأنا أنوي من وراء هذا العمل أن أجمع مبلغا بسيطا مع زوجي لشراء منزل يؤويني أنا وزوجي وأولادي الاثنين حيث إننا حاليا مشتتون نصف الوقت بيت أبي ونصف الوقت بيت أبي زوجي وكل إنسان يتمنى العيش في بيت منفرد يعيش حياته الخاصة بهدوء وسكينة وصدقني لو تركت العمل سيضيع حلمي وبعدين أنا محتاجة لراتبي لمساعدة زوجي في نفقاتي ونفقات الأولاد وأنت تعلم كيف هي متطلبات الحياة التي نحياها الآن حياة صعبة أرجو الإجابة على سؤالي ولكم الشكر مع العلم بأن متطلبات عملي كسكرتيرة أن(97/895)
أكون لبقة وأتحدث مع الرجال بأي شيء يتطلبه عملي وإن عملي أيضا يحتم علي وضع المكياج وذلك بحكم عملي كسكرتيرة تنفيذية أرجو الإجابة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة أخف درجاته أن يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يجوز بحال من الأحوال مهما كانت الظروف ومهما كانت الضرورة، وأي عمل يضطر صاحبه إلى ترك الصلاة يجب عليه تركه، مع أن الصلاة لا تستغرق من الوقت إلا القليل كما هو معروف، فالاضطرار إلى تركها بحجة العمل غير سائغ، وهو عذر غير مقبول.
أما بالنسبة لعمل المرأة فقد سبق أن ذكرنا حكمه والضوابط التي يجب توفرها فيه في الفتوى رقم: 28006.
فإذا لم تتوفر هذه الضوابط حرم على المرأة العمل، إلا إذا كانت مضطرة ضرورة ملجئة كأن لم تجد من يقوم بما يضطر إليه من وسائل العيش وتحتاجه حاجة معتبرة، ومن ذلك إيجاد سكن تأوي إليه ومن تعوله من أولاد وأبوين علما بأن ملك البيت ليس ضرورة، فمن وجدت بيتا تسكنه بإيجار ونحوه فليست مضطرة ضرورة تبيح لها ما حرم الله، ومن هذا تعلم السائلة أنه لا يجوز لها العمل الذي يستدعي ما حرمه الله تعالى من الخضوع للرجال ومخالطتهم والتحدث معهم وهي متعطرة متزينة، إلا إذا كانت فعلا مضطرة إلى ذلك ولا تجد بديلا عن هذا العمل أقل منه اشتمالا على المحرم وهي أدرى بحالها هل هي في ضرورة لعائد هذا العمل أم ليست في ضرورة ولكنها تحتاج إلى الكماليات فالله حسيبها في ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مطعم يبيع الخمر والخنزير بغير إذن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الثاني 1425 / 30-05-2004(97/896)
السؤال
هل يجوز لا مرأة حجت بيت الله أن تخالف زوجها وتعمل في تنظيف مطعم إيطالي مع مافيه من شبهة الخمر والخنزير بضغط من أهلها وهي تهدده بالطلاق إن أبى وهو يخشى على أسرته ولديه منها ثلاثة أبناء وعملها مؤقت ولثلاثة أشهر فقط
فهل يجوز ماتفعله من مخلفة لأوامر الزوج ثم العمل في مكان مشبوه
جوزيتم خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للمرأة أن تعمل عملاً مباحاً خارج منزلها إلا بإذن زوجها فكيف إذا كان هذا العمل محرماً كالعمل في مطعم يبيع الخنزير والخمر؟!!
بل لو أمرها زوجها وأهلها بالعمل في هذا المطعم لم يجز لها ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فكيف وزوجها يرفض أن تعمل في هذا العمل.
فلتتق الله عز وجل هذه الزوجة ولتعلم أنها ستقف بين يدي الله عز وجل حافية عارية في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فماذا ستقول لربها عز وجل وبماذا ستجيبه إذا سألها عن طاعة زوجها، ولتعلم أن المحاكم الإيطالية لن تغني عنها شيئاً ولن تدفع عنها عذاب الله، ولتعلم أيضاً أن حق الزوج وطاعته مقدم على حق الوالدين وطاعتهم، وانظر الفتوى رقم: 19419.
وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم عمل المرأة بدون إذن زوجها وفي بيان الأحوال المبيحة لذلك، وغيرها فنحيل السائل الكريم إليها وهي تحت الأرقام التالية: 34367، 1103، 29173، 35203، 41072.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة خادمة لدي أسرة نصرانية(97/897)
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الثانية 1425 / 29-07-2004
السؤال
ما حكم المرأة المسلمة الملتزمة تعمل خادماً في بيت النصارى مع السكن معهم طول الأسبوع أو دون السكن (أي العمل في ساعات النهار فقط). ويتضمن العمل إعداد الأكل بما فيه لحوم الخنزير والمشروبات الكحولية. وفي بعض البيوت، يشترط عليها إزالةغطاء الرأس داخل البيت (المختلط طبعاً). أما اضطرارها للعمل فبسبب مجيئها إلى إسبانيا مع أختين شقيقتين لها، للعمل، وهي تجهل صعوبة العيش في إسبانيا وما قد تضطر لفعله من أجل كسب العيش، مع العلم أن وجودها في بلدها الأصلي كان مريحا مع والديهاً، لكنها تتحرج من الرجوع نهائيا إلى بلدها خالية الوفاض.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجارة هذه المرأة نفسها للعمل في بيوت النصارى وما ذكر في السؤال من إعداد لحم الخنزير والخمر عمل محرم ولا يجوز، ولا خلاف بين العلماء في تحريمه، ويزداد الأمر سوءا وحرمة بما ذكر من أن بعض البيوت يشترطون نزع غطاء الرأس، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تذل نفسها لهذا الحد، وكشف شعرها أمام الأجانب أمر محرم، وقد قال تعالى: [
وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا] (النور: 31) بل لا يجوز لها أن تكشف عن شعرها أمام نساء أهل الكتاب، فكيف تكشف أمام رجالهم؟! وقد يفضي هذا إلى وقوعها في الفاحشة والعياذ بالله.
وكذلك تقديم لحم الخنزير والخمر، وقد قال تعالى: [وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ] (المائدة: 2).
فعلى هذه المرأة أن تتقي الله سبحانه وتعالى ولتعلم أن المال الذي تكسبه بهذه الطريقة مال حرام.(97/898)
وإذا كانت غير قادرة على العمل وفق الضوابط الشرعية وجب عليها الرجوع إلى بلدها، وحرم عليها الإقامة في بلاد الشرك، وينبغي للمسلمين هناك أن يكونوا عونا على ذلك.
وللفائدة نحيل السائلة إلى الفتوى رقم: 29125، في شروط جواز إجارة المسلم للذمي، والفتوى رقم: 417، في حكم الإقامة في بلاد الكفر، وكذلك الفتوى: 49545، والفتوى رقم: 27721، في حكم سفر المرأة للعمل في بلاد الكفر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... عمل المرأة في دعوة ومساعدة المحتاجين من الرجال
تاريخ الفتوى : ... 27 جمادي الثانية 1425 / 14-08-2004
السؤال
أنا فتاة عمري 26 سنة مهندسة وعملت لمدة عام واحد في مركز التدريب المهني أغلبية طلابه من الشباب، بعد مرور عدة أشهر كنت قد تعرفت على الطلاب وحاولت مساعدة من أستطيع، وقد وجدت أحد الشباب بحاجة ماسة لمساعدة من معظم النواحي الدينية والاجتماعية، قررت المساعدة واعتبرته بمثابة ابني، تحسن كثيراً جداً من الناحية الدينية ولكن بقيت الناحية الاجتماعية، وعملية بناء الثقة بالنفس والقوة لمواجهة الحياة وعدم اليأس، وذلك بمعرفة أهلي وأهله، هل يجوز لي اعتباره ابني، علماً بأنه يعتبرني أمه الثانية ويطيعني بكل شيء، وهل مساعدتي له أمر حرام أم جائز، علماً بأنني لا أراه بل أحاول المساعدة والنصح عبر الهاتف فقط، هو بحاجة ماسة للمساعدة، وأنا عاهدت نفسي على مساعدته، ولكننا خائفان جداً من أن يكون ما نفعله حرام، فأرجوكم أفيدوني وكيف لي أن أعيد له ثقته بكل شيء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/899)
فالمرأة إذا احتاجت إلى العمل في الأماكن المختلطة لكونها لا تجد من يعولها ولم تجد غير تلك الأماكن، فلها أن تعمل فيها مع التزام الحذر التام ومراعاة الضوابط الشرعية للخروج، من احتشام وتحجب، وتجنب طيب، وإذا أرادت الحديث مع الرجال فلا تلن الكلام ولا ترققه ولتقتصر منه على قدر الحاجة، لقول الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}، ولتغض بصرها عما لا تحل رؤيته، قال الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:31}، ولتحذر من الخلوة بينها وبين أي رجل، ففي الصحيحين: لا يخلون رجل مع امرأة إلا مع ذي محرم. ولتتجنب كل ما يدعو إلى الفتنة.
ثم متى استغنت عن العمل أو وجدت عملا آخر غير مختلط وجب عليها ترك ما كانت فيه من الاختلاط، والدعوة إلى الله ومساعدة الناس في أمور دينهم واجبتان على كل مسلم، ولكن الأحوط فيها أن يدعو الرجال الرجال والنساء النساء، فالصواب -إذاً- أن تبتعدي عن مخاطبة هذا الشاب وتقتصري على دعوته وتعليمه بواسطة محارمك من الرجال، أو من هم على صلة بمحارمك.
وأما اعتباره ابنك فإن كنت تقصدين به التبني، فإنه كان مشروعاً في الجاهلية وفي صدر الإسلام، ولكن الله أبطله بعد نزول قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {الأحزاب:4}، وإن كنت إنما تعنين مجرد الطاعة والشفقة والنصح والمساعدة، فهذا لا بأس به إذا لم يؤد إلى محذور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مكان يفرض عليها خلع الحجاب
تاريخ الفتوى : ... 30 رجب 1425 / 15-09-2004
السؤال(97/900)
أكتب هذا السؤال بالنيابة عن صديقتي، صديقتي هذه مسلمة ولكنها غير محجبة إلى الآن وقد نوت أن تتحجب إلا أن قوانين الشركة الخاصة التي تعمل بها تمنع ارتداء الحجاب لذلك فقد قررت البحث عن عمل آخر وقد وجدت عملا جيدا وبشروط تناسبها وتمكنها من ارتداء الحجاب، ولكن المشكلة هي أن رأس مال هذه الشركة الجديدة مشبوه (مع أنها شركة اتصالات كبيرة)، والآن هي محتارة، والسؤال هو: هل من الأفضل أن تبقى في عملها الحالي دون حجاب؟ أم تنتقل إلى الشركة ذات الرأس مال المشبوه والتي تمكنها من ارتداء الحجاب، أرجو الإجابة (وهذه ليست المرة الأولى التي أرسل فيها هذا السؤال)؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على السؤال نريد أولاً أن نخبرك أن إقامة علاقة صداقة بين الفتيان والفتيات هو مما لا يقره الإسلام، لما ينجر عنه غالبا من الفواحش والمنكرات.
وبالنسبة لخلع الحجاب للمرأة فإنه لا يجوز، وإذا كانت ظروف العمل تفرضه فإن ترك ذلك العمل واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وراجع في موضوع ترك الحجاب بسبب العمل الفتوى رقم: 13545.
ولا يجوز أيضاً العمل في مؤسسة تتعامل بالحرام، أو رأس مالها كله من الحرام، أما إذا كان رأس المال يختلط فيه الحرام بالحلال -فلا مانع إن شاء الله- من العمل في مثل هذه المؤسسة ما دام مجال العمل مباحاً كالاتصالات، وراجع في هذا الفتوى رقم: 28131.
وعليه فالواجب على تلك الفتاة أن ترتدي الحجاب وتتوب إلى الله مما مضى وتترك العمل في المكان الذي يلزمها بترك ارتداء الحجاب وتنتقل إلى المكان الآخر إذا لم يترتب على نقلها إليه محظور شرعي فإن ترتب عليه محظور شرعي كفت عن العمل مع الجهتين إلا إذا لم تجد أي مصدر آخر للرزق وكانت محتاجة إلى العمل في إحداهما لتحصيل قوتها، فعليها أن تختار أيهما أقل إثارة للفتنة وأبعد في الاختلاط مع(97/901)
الرجال، وأخف في ممارسة المحرمات، وهي أدرى بما يجري من ذلك في كلتا المؤسستين، ولتكن نيتها العزم على ترك العمل المذكور متى وجدت غنى عنه لأن الضرورة تقدر بقدرها.
ونعتذر لك عن عدم الإجابة على أسئلتك السابقة، فإن بريدك لم يظهر فيه عندنا سؤال قبل هذا، فلعلك لم تكن تدخل أسئلتك بالطريقة الصحيحة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مجال هندسة الكهرباء
تاريخ الفتوى : ... 01 شعبان 1425 / 16-09-2004
السؤال
سؤالي إن سمحتم لي :-
تم ترشيحي لإيفاد خارج العراق إلى الهند لمدة شهرين مع زميل لي في العمل. مع العلم أني مهندسة كهرباء وعمري 42 سنة / غير متزوجة . . مدة العمل كمهندسة كهرباء 19 سنة في نفس المكان (التقييس والسيطرة النوعية) .
وقد تم الاستفسار عن الناحية الشرعية وكان الجواب بأنه لا يحل لي السفر بدون محرم ، فهل أعتبر هذا الجواب جواباً نهائياً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأليق بالمرأة والأحوط لها في دينها هو القرار في البيت، كما أمرها الله تعالى، قال جل من قائل:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33}. ومع ذلك فإنها إذا احتاجت للعمل أو احتاج له مجتمعها فلها أن تمارس منه ما يتلاءم وطبيعتها(97/902)
وأنوثتها. وعمل هندسة الكهرباء لا يناسب المرأة من الناحية البدنية، ولا من ناحية الاختلاط الذي سوف لا ينفك عنه، لأن العاملين في هذا المجال هم في الغالب رجال.
وعليه، فالذي نراه مناسبا لك أيتها الأخت الكريمة هو ترك هذا العمل والبحث عن غيره مما يناسبك ولو كان أقل دخلا، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وإن لم تجدي ما يغنيك عنه وكنت محتاجة إليه فابقي فيه مع الاحتياط في الابتعاد عما يؤدي إلى الفتنة وعن الخلوة بالأجانب ونحو ذلك.
وأما السفر بدون محرم فإنه لا يحل للمرأة. روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
وعليه، فما كنت وجدته من الفتوى في الموضوع فإنه صحيح، وراجعي للمزيد فتوانا رقم: 5807.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مبيعات الادوية عن طريق الهاتف
تاريخ الفتوى : ... 07 شعبان 1425 / 22-09-2004
السؤال
ما حكم عمل البنت فى مجال telesales
وهو مبيعات الأدوية عن طريق التليفون،مع الأخد بعين الاعتبار أنها تراعى الله فى عملها و أثناء تحدثها مع الصيادلة العملاء(معظمهم رجال) بمعنى أنه ليس هناك خضوع فى القول و الحمد لله؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/903)
فلا حرج في عمل المرأة في هذا المجال بشرط أن يكون كلامها بقدر الحاجة، وأن لا تخضع في القول، وأن تأمن على نفسها من الفتنة، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 3054 والفتوى رقم: 30792.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مكان لا يُسمَح فيه بتغطية الوجه
تاريخ الفتوى : ... 17 شعبان 1425 / 02-10-2004
السؤال
أرجو من المسؤولين عن الموقع أن يعطوا السؤال للشيخ ولا يبعثوا لي بأسئلة مشابهة لأن جميع الأسئلة التي بعثت لي ليست مشابهة لسؤالي ولكم كل الشكر على مجهوداتكم .
هل يجوز لمعلمة أن تعمل في مدرسة ثانوية للبنات يوجد بها عدد قليل من المدرسين ويدير هذه المدرسة رجل ولا يسمح لأي معلمة أن تغطي وجهها داخل المدرسة . مع العلم بأن جميع المدارس في هذا البلد تشترك في هذه الأمور ولا توجد أي مدرسة لا تحتوي على رجال.
وإن كان عملها لا يجوز فما حكم الراتب الذي تقاضته في السابق مقابل عملها .؟ وهل يجوز لها أن تحج بهذا المال ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تحتاجين إلى هذا العمل ولم تجدي عملا غيره يخلو من المضايقات التي تتعرضين لها من مدير هذه المدرسة فلا مانع من الاستمرار فيه، مع التحرز من الخلوة بالأجانب، أو الخضوع في القول لهم، وعدم التطيب والتزين في الأماكن التي يتواجد بها الرجال، والالتزام بتغطية الوجه متى أمكن ذلك، أما إذا كنت لا تحتاجين(97/904)
إلى هذا العمل، فيجب عليك تركه حرصا على دينك، وخروجا من الحرج المترتب على مضايقات من لا يعين على طاعة الله تعالى. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ { التغابن: 16}. وراجعي الفتوى رقم: 1734.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة وما يفال عند الإفطار ومسألة في الوفاء بالوعد
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1425 / 03-10-2004
السؤال
لقد شغل فكري في هذه السنوات الأخيرة أمر عملي, فأنا أعمل بمؤسسة للإشهار بواسطة الإعلامية وفي غالب الأحيان أعمل إما وحدي أو مع مدير المؤسسة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى للذهاب إلى مقر عملي يستوجب علي اقتناء وسائل نقل عمومية تكون في الغالب مكتظة و بطبيعة الحال مختلطة .
لقد أخذت قرارا بالخروج من هذا العمل و البحث عن عمل آخر أو البقاء بالمنزل فأنا أعلم جيدا أنه لا يجب علي البقاء وحدي مع رجل أجنبي عني إلا بوجود محرم معي, وأنه يجب علي الابتعاد عن الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط, لكن عائلتي تعارض قراري هذا فقد قالا لي والدي إن الله عز و جل رزقني هذا العمل و إن الكثير من الشباب اليوم عاطلون عن العمل و إني بعد وفاتهما لن أجد مصدر عيش , لقد قلت لهما إن الله هوالرزاق وإنه يجب علي الابتعاد عن مواطن الشبهات و أن أصون نفسي و أحافظ عليها قدر الإمكان و أن أتقي الله و أنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب, لكن ماذا أفعل؟ لقد وجدت نفسي بين أمرين إما التوكل على الله وتطبيق قراري و الخروج من هذه المؤسسة رغم تحذيرات والدي أوأن أتوكل على الله و ألبي طلب والدي بالبقاء بهذه المؤسسة .فبماذا تنصحونني؟
هل هناك أدعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المعظم؟(97/905)
لقد وعدت أختي جدتي بأن تشتري لها تلفازاً لكن توفيت جدتي قبل أن تفي أختي بوعدها فماذا تفعل؟ وهل تستطيع أن تتصدق بمبلغه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل قرار المرأة في البيت، ولا ينبغي خروجها للعمل إلا لحاجة، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}.
وإذا احتاجت المرأة للعمل، فالواجب أن لا تختلي بأجنبي، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم.
والواجب أن لا تجلس في الأماكن المختلطة، وأن لا تزاحم الرجال، وأن تبتعد عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الفتنة.
وعليه، فما قلته لوالديك من حرمة العمل الذي أنت فيه ووجوب التخلي عنه وأنه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}.
هي أقوال صحيحة، واعلمي أن طاعة الوالدين في مثل هذه الأمور لا تجوز لأنها تعارضت مع طاعة الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
فالذي ننصحك به إذا هو ترك هذا العمل، ولا تترددي في ذلك، وتلطفي بوالديك واقنعيهما باسلوب حكيم وموعظة حسنة، ويمكنك أن تعرضي عليهما هذه الفتوى.
وبالنسبة للأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، فقد ثبت أنه كان يدعو عند الإفطار بما يلي:
- ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني.
- اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت. رواه أبو داود.
- وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يدعو عند الإفطار يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي. رواه ابن ماجه.(97/906)
- وقد أرشد عائشة رضي الله عنها أن تقول: إذا علمت أي ليلة هي ليلة القدر: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني. رواه الترمذي وغيره.
والوفاء بالوعد هو من الأخلاق الحميدة التي أمر بها ديننا الحنيف، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}.
وقال: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء: 34}، وبما أن جدتك قد توفيت، فإن وفاء أختك لها بالوعد صار متعذراً، وإذا تصدقت عنها بشيء من المال أو بنوافل العبادة فذلك حسن وليس واجبا عليها، وأما التلفاز فلا ينبغي التصدق به عنها لأنه قد يستخدم في برامج غير مشروعة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في نظافة المسجد
تاريخ الفتوى : ... 26 شعبان 1425 / 11-10-2004
السؤال
بارك الله لنا فيكم شيخنا الجليل
نحن جمعية تقوم بالإشراف على مسجد ونحن بصدد تعيين سيدة لتقوم بنظافة المسجد كنوع من المساعدة المادية لها نظراً لظروفها الصعبة هل هناك شرعاً ما يمنع المرأة من العمل داخل المسجد في ما بين الصلوات حين يكون المسجد خاليا من المصلين؟ كذلك ما الحكم في فترة حيضها هل لها أن تدخل المسجد بغرض تنظيف المسجد؟.
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/907)
فيجوز للمرأة في حال طهرها من الحيض والنفاس أن تقوم بنظافة المسجد، لما في الصحيحين أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ماتت. فقال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: دلوني على قبرها فدلوه، فصلى عليها.
وأما في حال حيضها أو نفاسها فلا يجوز، لأنها ممنوعة من المكث في المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: ناوليني الخمرة من المسجد. قالت: إني حائض. قال: إن حيضتك ليست في يدك. رواه مسلم.
ووجه الدليل من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على أن الحائض لا تدخل المسجد، ولكن بين أنه لا بأس بإدخال يدها فيه، لأنها ليست محل الحيض.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة مضيفة طيران
تاريخ الفتوى : ... 10 شوال 1425 / 23-11-2004
السؤال
أود أن أعرف حكم الشرع في المسلمات العاملات في شركات الطيران كمضيفة جوية، علماً بأن العمل كمضيفة جوية يتطلب خلع الحجاب، فما حكم الشرع، علماً بأنني لم أجد عملاً آخر، قبل البدء في العمل طلب مني موافقة خطية من والدي، فما حكم الشرع لأبي، بالنسبة إلى الراتب الذي اتقاضاه هل هو حرام أم حلال، وهل يسمح لي الإنفاق منه على والدي وإخوتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يرتاب عالم بالشرع في أن عمل المسلمة كمضيفة في شركات الطيران حرام شرعاً ومنكر عظيم لما يشتمل عليه هذا العمل من مخالفات لأوامر الله تعالى،(97/908)
كالتبرج بل التبرج الفاضح كما هو معروف في زي المضيفات، ولا ريب أن التبرج محرم بالكتاب والسنة والإجماع.
ويضاف إلى التبرج الاختلاط والملامسة والمصافحة مع الرجال الأجانب وهذا كله حرام، ويضاف إلى ذلك سفر المسلمة بدون محرم وهو حرام أيضاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 6693.
وبالتالي فالمرتب الذي تأخذه المسلمة من هذه الوظيفة سحت وحرام، ولا يجوز لها تملكه بل تصرفه في مصالح المسلمين العامة وعلى رأسهم الفقراء والمساكين، فإن كان الأبوان فقيرين فلا بأس أن يأخذا منه قدر حاجتهما، أما إن كانا غنيين فلا يحل لهما أخذه لأنه مال خبيث.
والواجب عليك أيتها الأخت السائلة المبادرة إلى التوبة إلى الله عز وجل والإقلاع فوراً عن هذه المهنة المحرمة، واعلمي أن الله تعالى إن علم منك صدق التوبة وفقك ويسر لك عملا آخر حلالاً، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... عمل المرأة في مجالات العمل الخيري
تاريخ الفتوى : ... 29 شوال 1425 / 12-12-2004
السؤال
سيدة تريد إنشاء مجلة إسلامية للمرأة وعمل عدة مراكز خيرية ومشروعات خدمية ومواقع إنترنت مفيدة ودار مسنين ولها طموح كبير وهي ملتزمة بالنقاب ولا تريد الاختلاط ولكن في ذات الوقت تريد أن تفعل الكثير، فما نصيحتكم لها حتى لا تتعرض للاختلاط المحرم؟
الفتوى(97/909)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزى الله الأخت المذكورة خيراً على اهتمامها بدينها، وبخدمة أهله ونسأل الله تعالى أن يتقبل منها وأن يعينها، فالعمل الخيري إعانة للمحتاجين، ومساعدة للمعوزين، وإدخال للسرور على نفوس أهل المصائب والأحزان، ودفع لدولاب الحياة بتنمية العلم والعمل معاً.
لكن الله تعالى جعل لكل مكلف ما يناسبه من التكاليف، فالرجل له مجالات تليق به، والمرأة لها كذلك ما يليق بها، فيجب عليك أيتها الأخت السائلة إذا أردت العمل في هذا المجال ألا تختلطي بالرجال بحيث تكوني لهم فتنة أو يحصل بينك وبينهم خلوة، أو تتزيني أمامهم بما يثير في قلوبهم الطمع في الحرام منك، أو تخضعي بالقول فتفتن بك الأسماع، وقد بينا مساوئ الاختلاط على الوضع السائد الآن, وآثاره السيئة في الفتوى رقم: 3539.
ووصيتنا للأخت السائلة أن تجتهد فيما هي بصدده في مجال النساء ولتترك الرجال للرجال، ولتحذر من التعامل مع الرجال ولو بالمكالمات الهاتفية إلا إذا دعت إلى ذلك الحاجة، فإن دعت إلى ذلك حاجة كان الكلام في حدود الحاجة ووفق ضوابط الشرع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة طبيبة في مكان مختلط
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو القعدة 1425 / 15-12-2004
السؤال
هل عمل المرأة كطبيبة يحرم إذا كان العمل مليئا بالاختلاط وإذا كان هناك وفرة من الطبيبات اللاتي لا خلاق لهن . أم أن لها رخصة وأنه يجوز لأننا في حاجة إلى طبيبات ملتزمات؟
الفتوى(97/910)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا احتاجت المرأة إلى العمل كطبيبة فلا مانع إذا التزمت في عملها الضوابط الشرعية.
والحاجة المذكورة آنفا قد تكون حاجة شخصية أو مجتمعية، كأن يحتاج المجتمع إلى طبيبة أمينة ملتزمة تعطي صورة مشرقة للطبيبة المسلمة الملتزمة بآداب الإسلام وتعاليمه ويأمن لديها المرضى على أنفسهم وصحتهم.
فالمقصود أن المسألة تدور مع المصلحة المتحققة من عمل المرأة، فإذا وجدت مصلحة وانضبط العمل بالضوابط الشرعية فما الذي يمنع منه؟!
وأما موضوع الاختلاط فمعلوم أنه لا يوجد مستشفى أو مركز صحي إلا وفيه اختلاط، إما كلي، وإما جزئي، وقليل جدا المستشفيات التي يكون النادر فيها نسائيا مائة بالمائة وهذا لو وجد لا يعدل عنه، ولكن إن كان لا بد أن يعمل الرجال والنساء تحت سقف واحد فلتحذر المسلمة من أن تمس رجلا لا يحل لها أو تنبسط معه أو تتحدث إليه بدون حاجة أو يخلو بها، فإذا راعت ذلك توجه القول بجواز عملها في مثل هذه الأماكن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تعمل المرأة في مكان لا يرغبه زوجها
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1426 / 13-02-2005
السؤال
أنا أسكن بعيدا عن أهل زوجي بحوالي 5 كيلو متر وأريد الشغل ولكن زوجي رافض لهذه الفكرة إلا إذا اشتغلت بمدرسة بجانب بيت أهله ولكن أنا أريد أن أشتغل بجانب بيتي لأنني لا أرتاح هناك علما بأن زوجي يشتغل أحيانا خارج البلاد لمدة يوم أو يومين فأرجو الرد على سؤالي ، جزاكم الله خيرا"؟(97/911)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيلزمك طاعة زوجك في هذا الأمر ، فطاعة الزوج واجبة في عدم الخروج من بيته إلا بإذنه، وخروج الزوجة من البيت بغير إذن الزوج مع كونه معصية فهو أيضا نشوز يستوجب حرمانها من النفقة.
فنرى أن تطيعي زوجك بعدم العمل في المكان الذي لا يريد العمل فيه، ويلزم زوجك النفقة عليك وولدك بالمعروف بحيث لا تحتاجين إلى العمل خارج البيت.
فإذا كان الهدف من العمل خارج البيت هو المعاش أو الراتب فأنت مكفية بما أوجبه الله لك من النفقة على زوجك، فإن قصر في النفقة الواجبة، فلك المطالبة بحقك ومقاضاته حتى تحصلي على حقك كاملا
وأما إن كان الهدف خدمة المجتمع والقيام بفرض الكفاية في تعليم بنات المسلمين، فاعملي حيث أذن لك زوجك ولا تخالفيه وتعملي في مكان لا يرضاه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة بدار الكفر
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الأول 1426 / 01-05-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله حمداً كثيراً على جميع نعمه والتي من بينها الإنترنت.
أنا مواطن مسلم أسكن الآن في إسبانيا ولدي أخت تسكن معي وهي متزوجة غير أن زوجها لم يوفق في الحصول على جواز سفر فضلاً عن التأشيرة, علماً بأن أختي جاءت بغاية العلاج وبعد أن أجرت العملية على ركبتها أصبحت مرتبطة بالفحوصات(97/912)
الطبية المتعلقة بصحتها مما أدى إلى إقامتها في إسبانيا من حين إلى آخر، فلهذا ترغب في البحث عن عمل عله يساعدها في سد احتياجاتها اليومية ومصاريف علاجها، ونظراً لصعوبة العثور على عمل يستوفي جميع شروط الشريعة الإسلامية في هذه البلاد فما هو الحل، علماً بأن الأعمال التي تعرض على النساء هنا هي من قبيل ما يلي:
1- العمل كحاضنة أولاد.
2- خادمة أعمال منزلية وهذه نوعان وهي مقيمة في منزل العائلة التي تشتغل عندها ولها عطلة نهاية الأسبوع، والنوع الثاني لها ساعات محددة وتذهب إلى منزلها.
3- العمل في رعاية المسنات تقوم على جميع احتياجاتهن من نظافة وطهي وعلاج وغير ذلك وفي هذه الحالة هنا أيضاً النوعان السابقان أي مقيمة أو لمدة ساعات معينة.
4- العمل في المقاهي والمطاعم في غسل الأواني -في بعض الحالات قد تكون احتوت خمرا أو لحم خنزير- أكرمكم الله.
5- العمل في الفنادق كمنظفة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة المسلمين بدار الكفر لحاجة شرعية جائزة، وتقدر الإقامة بقدر الحاجة فإذا انقضت رجعت المسلمة إلى دار الإسلام، ويشترط لجواز الإقامة أن تأمن المسلمة على دينها، وفي الحديث: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود، قال الحافظ ابن حجر: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه.
وعليه، فلا مانع من إقامة أخت السائل في بلاد الكفار لغرض التداوي، فإذا لم يعد لها حاجه بادرت إلى العودة إلى بلاد الإسلام.(97/913)
وأما بالنسبة لحكم عمل المرأة المسلمة فإنه يشترط فيه شروط من هذه الشروط أن يكون العمل في ذاته مباحاً وعليه، فلا يحل لها أن تعمل في إعداد وتنظيف آنية الخمر والخنزير ونحو ذلك من الأعمال المتعلقة بهما.
ومن الشروط كذلك أن لا يكون في عملها خلوة بأجنبي، أو كشف شيء من عورتها، أواختلاطها برجال أجانب، أو تعرضها للفتنة في مكان عملها، أو استذلال لها بخدمتها الكافرين، فإذا سلم العمل من هذه المحاذير جاز وإلا لم يجز، وإذا تقرر ذلك فإنه ينظر في الأعمال المعروضة في السؤال فأي عمل منها أمكن الالتزام فيه بالضوابط المتقدمة، فلا مانع من أن تعمل المرأة المسلمة فيه. وراجع الفتوى رقم: 29125، والفتوى رقم: 33338، والفتوى رقم: 51643.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مجال الجيش
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1426 / 15-05-2005
السؤال
ما موقف الشرع في المرأة التي تعمل في مجال الجيش علما بأنه مختلط بالرجال .
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ضربت المرأة المسلمة أمثلة رائعة في الدفاع عن دينها وعرضها، من ذلك ما فعلته أم سليط يوم أحد، يقول عنها عمر رضي الله عنهما: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما التفت يمينا ولا شمالا يوم أحد إلا وأنا أراها تقاتل دوني. فتح الباري 6/93. وكذلك أم عمارة" نسيبة بنت كعب" التي أخبرت عن نفسها قالت: خرجت ـ يعني يوم أحد ـ ومعي سقاء ماء فانتهينا إلى رسول الله صلى الله(97/914)
عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي عن القوس حتى خلصت الجراح إلي. فمشاركة هاتين المرأتين في القتال تدل على أصل جواز حضور النساء للقتال بل ومباشرتهن له ,ومع ذلك فإن المرأة مأمورة بالاحتياط في التستر والبعد عن كلما من شأنه أن يثير فتنة. وإذا اضطرت للعمل وجب عليها أن لا تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال. وإن كانت طبيعة عملها تستوجب التعامل مع الرجال فليكن ذلك بدون اختلاط. وبغاية قصوى من الحذر. ويجب عليها أن تكون متحجبة بالحجاب الشرعي ومحتشمة، وإن اضطرت إلى مكالمة الرجال فلا تخضع بالقول كما قال الله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ{الأحزاب: 32}. وانطلاقا مما ذكر يتبين لك أن المرأة ليس لها أن تعمل في مجال تختلط فيه مع الرجال ما لم تضطر إلى ذلك العمل، فيباح لها حينئذ من باب أن الضرورات تبيح المحذورات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة عدل إشهاد
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1426 / 07-06-2005
السؤال
هل يجوز أن تعمل المرأة كعدل إشهاد (تكتب عقود الزواج وعقود البيع والشراء وتشهد على القسم في المسجد وتستجوب المتخاصمين) مع العلم أنها لا تلبس الحجاب؟.
وشكراً
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى(97/915)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل المرأة عدل إشهاد وكتابتها للعقود يعتبر فيما يظهر لنا من نوع شهادتها، وشهادة النساء إنما تقبل فيما هو مال أو آيل إلى المال، كالبيع والإقالة والحوالة والضمان، والحقوق المالية كالخيار والأجل، وغير ذلك.
واختلف الفقهاء في شهادة النساء في الأمور التي يطلع عليها الرجال غالباً مما ليس بمال ولا يؤول إلى المال، كالنكاح والطلاق والرجعة والإيلاء والظهار والنسب والإسلام والردة والجرح والتعديل والموت والإيجار والوكالة والوصاية، فذهب الجمهور إلى منع شهادة النساء في ذلك لقوله تعالى: إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ {المائدة: 106}.
ولحديث: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. رواه البيهقي بإسناد صحيح، ولقول الزهري: مضت السنة بأنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا في النكاح والطلاق. وقيس عليها ما شاركها في المعنى.
وذهب الحنفية إلى قبول شهادة النساء فيما سوى الحدود والقصاص مطلقاً أخذاً بعموم الآية.
وقد جعل الله تعالى شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، قال الله تعالى: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى {البقرة: 282}.
وعليه، فلا مانع من أن تعمل المرأة موثقة لعقود البيع والشراء وما شاكلهما بشرط تعددها، لأن شهادتها إذا انفردت لا يثبت بها حكم، ولا يجوز أن تعمل موثقة لعقود النكاح ونحوه، إلا على المذهب المخالف للجمهور.
وسواء أخذنا بقول الجمهور أو بقول الأحناف، فإن ترك الحجاب بالنسبة للمرأة أمر غير مباح، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 34385.
وإذا قلنا بعمل المرأة في المجالات التي تباح لها، فإن لذلك ضوابط يلزم الأخذ بها، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 522.(97/916)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة مذيعة أو مقدمة برامج في وسائل الإعلام المرئية
تاريخ الفتوى : ... 23 جمادي الأولى 1426 / 30-06-2005
السؤال
إخواني أشهد الله تعالى أني أحبكم فيه ولي استفسار أو هو طلب رأي: المرأة كلها عورة، وأمرت بالحجاب من رأسها إلى قدميها قال تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء....) وقال تعالى: (وقرن في بيوتكن ...) ونحن الآن نرى الممثلات والمذيعات وغيرهن في بروز دائم على شاشات التلفاز فما رأيكم؟ ولماذا صرح لهم بالبروز؟
أرجو الاجابه علي من غير إحالتي إلى إجابات سؤال آخر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أفتنيا بعدم جواز عمل المرأة مذيعة أو مقدمة برامج في وسائل الإعلام المرئية، فراجع الفتوى رقم: 3269، والفتوى رقم: 27242.
وأما لماذا تسمح أغلب القنوات للنساء بالعمل في هذه الوظائف، فإن السؤال ينبغي أن يوجه لمن سمح بذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مسائل في عمل المرأة ومساهمتها في النفقة
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1426 / 05-07-2005
السؤال(97/917)
إنّي متزوّج ولي بنتان أعمل موظّفا ومرتّبي لا بأس به. زوجتي موظّفة لكن مرتّبها أقلّ منّي. اتفقت معها أن تساهم في مصاريف البيت بـ 250 دينارا (وهو يمثّل ثلث مرتّبها تقريبا) وأنا أدفع
250 دينارا. إلاّ أنّها امتنعت بعد اتفاقنا على ذلك بدعوى أنّ الرّجال قوّامون على النّساء وبدعوى أنّ مرتّبي يفوق مرتّبها. فقلت لها أنت تعرفين أنّي غير مبذر وأنّي لا أصرف باقي مرتّبي في ملذاتي الخّاصة وإنّما أدّخر الباقي لأشتري به بيتا لبناتي وابني الرّضيع الّذي أنجبته دون استشارتي ودون موافقتي خصوصا وأنّي متقدّم في السنّ وأنّ هذا الابن أنجبته حسب تعليمات من أهلها وبعد سنين عديدة من زواجنا.
أمّا مرتّبها فهي تصرفه في شراء الملابس الفاخرة لها وشراء المصوغات والهدايا الثّمينة لجميع أفراد عائلتها مع العلم أنّ حالتهم الماديّة ميسورة. وقد قالت لي أنّها لا يهمّها من مستقبل الأولاد وإنّما تريد أن تعيش، كما قالت لي أنّها تدعو عليّ في صلاتها لأنّي لا أريد أن أتكفّل بجميع مصاريف البيت. وقد أصبحت تخرج بدون إذن منّي ولا أدري أين هي تذهب وتبقى الأيّام عند أهلها هي والأولاد لإغاظتي وتركي في البيت وحدي وتعتبر أنّ ذلك يدخل في قوّة شخصيّتها كما تلقى التّشجيع من أبويها اللّذين يشجّعانها على التّمرّد والعصيان وهي تقضي معظم أوقاتها خارج البيت متنقّلة بين بيت أبويها وبيوت أقاربها وصديقاتها والمنتزهات علاوة عن سوء أخلاقها وقلّة أدبها وسلاطة لسانها.
والسؤال :
1) ما حكم الشّرع في هذه الزّوجة؟
2) هل من حقّي أن أطلب منها ترك العمل والعناية بأبنائها على أن أتولّى الإنفاق على العائلة وحدي؟
3) هل من حقّها أن لا تساهم في الإنفاق وتهمل البيت والأولاد وتتجاهل حقوقي مع العلم أنّ القانون التّونسي يشترط على الزّوجة عند كتب القران أن تساهم في الإنفاق إذا كان لها دخل قار؟(97/918)
4) هل من حقّي أن أطالبها بالمساهمة في الإنفاق مقابل إهمالها لأسرتها وسماحي لها بالخروج من البيت للعمل.
5) هل من حقّها أن ترتدي ملابس خليعة أمام بناتها المراهقات بحجّة أنّ الإسلام لا يمنعها من ذلك داخل البيت.
أرجو أن تجيبوني بوضوح حتّى أتبيّن ما لي وما عليّ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجواب على أسئلتك هذه يحتاج إلى تفصيل، وهذا يقتضي أن نذكر الحقوق التي لك على زوجتك والتي لزوجتك عليك، فمن الحقوق التي لك على زوجتك:
-أنه لا يجوز لها أن تخرج من بيتك بغير إذنك إلا للضرورة وقد فصلنا ذلك في الفتاوى التالية: 7996 ، 33969، 21016، 18688 فراجعها، ومن باب أولى لا يجوز لها المبيت خارج بيتك إلا برضاك، فإذا خرجت من البيت رغم منعك لها من ذلك فإنها تكون بذلك ناشزا؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 9904 والفتوى رقم: 30463 وقد بينا شروط خروج المرأة لزيارة أقاربها في الفتاوى التالية: 4185، 59548، 24400
- لك الحق في منعها من العمل، ولا يجوز لها حينئذ العمل ولا الخروج له بغير إذنك؛ إلا إذا كنت معسرا غير قادر على النفقة عليها وعلى أولادكما أو امتنعتَ من ذلك فيجوز لها حينئذ الخروج للعمل دون إذنك؛ كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 19680 والفتوى رقم: 42518 كما ينبه على أن جواز عملها مشروط بخلو العمل من المخالفات الشرعية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 9708 والفتوى رقم: 8528.
وأما إذا كنت غير معسر وغير ممتنع عن النفقة عليها ومع ذلك تريد هي أن تعمل فلك أن تشترط مشاركتها في نفقة البيت مقابل موافقتك على عملها، فإذا وافقت زوجتك على ذلك فيجب عليها الالتزام بما اتفقتما عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم(97/919)
المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود و الترمذي وابن ماجه، وصصحه الترمذي والسيوطي والألباني، وراجع الفتوى رقم: 19680.
وأما الحقوق التي لزوجتك عليك فإن لها أن تتصرف في راتبها في أي وجه من أوجه الحلال ما دام عملها برضاك وبدون شرط أن تصرف هي على البيت، فلها أن تنفق على أهلها منه وليس لك أن تأخذ من مالها شيئا إلا بطيب نفس منها،أو كان بشرط سابق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 42518 ومن حقها أن لا تساهم في الإنفاق على البيت لأن النفقة على الزوجة وعلى شؤون البيت واجبة على الزوج، لقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34} ولقوله: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 233}
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 33898 والفتوى رقم: 19453.
وينبغي للزوجين في مسألة النفقة أن يتعاملا بالتسامح من كل طرف حتى تستقيم الحياة الزوجية وتبتعد عن الخلاف والشقاق.
وأما بخصوص لباس المرأة أمام النساء فقد تقدم الكلام عنه في الفتاوى التالية: 284، 1265، 8703 فراجعها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مجال الصيدلية
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الثانية 1426 / 21-07-2005
السؤال
عمل المرأة كصيدلانية
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/920)
فلا مانع أن تعمل المرأة في مجال الصيدلية أو غيرها مما هو مباح، ويتناسب مع طبيعتها إذا انضبط عملها بالضوابط الشرعية اللازمة لجواز عمل المرأة، والتي ذكرناها الفتوى رقم: 3859 والفتوى رقم: 28006.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في الأسواق وصلاتها مع جماعة من الرجال والنساء
تاريخ الفتوى : ... 27 جمادي الثانية 1426 / 03-08-2005
السؤال
أعرف امرأة مطلقة تعيش في تونس ليس لها من يعيلها وأطفالها حتى أبوهم، لذلك فإنها مضطرة -حسب ما تقول- للعمل في الأسواق. سؤالي 1- هل يحل لها ذلك.2- إن كان ذلك كذلك فإنها تخرج من بيتها قبل أذان الصبح. فكيف تصلي خاصة وأنها في رفقة رجال و نساء كثر.3- هل يحل لهؤلاء الصلاة جماعة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن فصلنا شروط جواز عمل المرأة في الفتوى رقم: 7550، والفتوى رقم: 3859. فراجعهما، فإذا توفرت هذه الشروط جاز لها العمل، وإلا لم يجز لها ذلك ما لم تصل إلى حد الضرورة، وأما بخصوص صلاة الصبح، فإنها تصليها في الوقت، وهو من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولا يجوز لها أن تصليها خارج هذين الوقتين، لا قبل طلوع الفجر، ولا بعد طلوع الشمس، لأن الله تعالى قال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً {النساء: 103}.إلا أنه تنبغي المبادرة بالصلاة في أول الوقت، وهو ما بين طلوع الفجر إلى الإسفار البين الذي تظهر فيه الوجوه ظهورا بينا وتختفي فيه النجوم. فإذا تعذر عليها أن تصلي صلاة الصبح في ذلك الوقت لكونها لم تجد مكانا مناسبا للصلاة فيه مثلا، فلها أن تؤخرها إلى قبيل(97/921)
طلوع الشمس، ويجوز لهؤلاء العمال أن يصلوا جماعة إذا أمنت الفتنة، ويكون الرجال في الصفوف الأولى والنساء في الصفوف الأخيرة، مع الالتزام الكامل بآداب الشرع كالحجاب وعدم الاختلاط بالرجال، إلا أن صلاة المرأة كلما كانت أبعد عن الرجال الأجانب كلما كان أفضل لها، لقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود في سننه وصححه الألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مجال الصحافة
تاريخ الفتوى : ... 02 رجب 1426 / 07-08-2005
السؤال
هل العمل كصحفية حرام أم حلال؟
وهل العمل في جريدة روزاليوسف (جريدة مصرية) حلال أم حرام؟ وقد قامت الجريدة بمهاجمة الدين في أكثر من مقال (جائز عن جهل)؟ وهل إذا كانت تكرر هذا الموضوع فهل يفرق هذا إذا لم أشارك أنا فيه؟ وهذه المجلة مملوكة لمؤسسة لها مجلات فنية وإصدارات أخرى؟ وهل التقاط الصور للأفراد لضمها في التحقيقات حلال أم حرام؟ وهل يختلف إذا كانت الصورة لشخص مخطئ أم الحكم عام؟
وما هي ضوابط العمل في هذا المجال؟ وهل إذا عملت في جريدة أو مجلة وكانت جيدة ولكن مملوكة لمؤسسة صحفية لها إصدارات أخرى سيئة ؟ مع العلم بندرة خلو أي جريدة أو مجلة من بعض التجاوزات.
الرجاء الإجابة عن كل سؤال على حدة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/922)
فالإسلام يحرص على الحفاظ على النساء وعفتهن وسلامة دينهن وأعراضهن مما يخدشها، فقد أمرهن بالقرار في البيوت، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33}.
وأباح لهن الخروج لقضاء حاجتهن في حدود الشرع، كما في حديث البخاري: قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن.
والأولى بالمرأة أن تسعى في عمل منزلي كالخياطة والصناعة المنزلية، فإن اضطرت لعمل آخر يضطرها للخروج من المنزل، فلتسع في أن يكون مجاله مما يختص بالنساء كتدريس النساء أو تطبيبهن، ولتلتزم بالضوابط الشرعية في لباسها وببعدها عن مخالطة الأجانب والسفور والخضوع بالقول عند لقائهم وعدم الكلام معهم لغير حاجة، والعمل في الصحافة إذا التزمت فيه المرأة بجميع الضوابط الشرعية، ولم يؤد بها إلى الإخلال بشيء من واجباتها فلا حرج عليها فيه.
ولا يجوز لأي من الرجل ولا المرأة العمل في جريدة تهاجم الدين ولو لم يشارك الشخص العامل في مهاجمة الدين، ولو كانت مملوكة لمن يقوم بأعمال خيرية، لأن العمل فيها فيه تعاون معها على الإثم الذي تبثه، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.
والتقاط الصور الفوتوغرافية قد اختلف أهل العلم في حكمه إذا لم تتعلق به مصلحة، وهو مباح إذا أريد لمصلحة، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 680.
ولا مانع من العمل في جريدة أو مجلة مملوكة لمؤسسة لها إصدارات سيئة، بشرط أن تكون تلك الجريدة أو المجلة مستقلة في كافة أعمالها عن تلك المؤسسة ذات الإصدارات السيئة، وبشرط أن لا تكون ثمت تجاوزات شرعية.
وإذا كانت الجرائد والمجلات لا تخلو من التجاوزات الشرعية، فإن العمل فيها لا يجوز لغير ضرورة، ومن اتقى الله فإنه ييسر أمره، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}.(97/923)
وفي الحديث: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة المستلزم لاستعمال دهن الخنزير
تاريخ الفتوى : ... 27 رجب 1426 / 01-09-2005
السؤال
إني متزوجة ولدي أطفال متغربة منذ حوالي 7سنوات خريجة جامعة المهم إني أبحث عن عمل وذلك لاحتياجنا ولتأمين مستقبل أطفالنا، والبحث عن عمل صعب خاصة أني ملتزمة وتوجد وظيفة إلقاء محاضرات في مركز إسلامي لكني مترددة حيث إن الراتب قليل وأنا ابحث عن عمل راتبه أحسن
، توجد دراسة لمدة 3 سنوات ولكني سأضطر لاستخدام دهن الخنزير في إعداد معجنات الخبز والتي هي من ضمن الدراسة فهل أبدأ بهذه الدراسة أم لا، وما هي نصائحكم إن كان التدريس أحسن لي كيف سأدرس أي الأسلوب الأمثل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلمة أن تعمل في مجال مباح لائق بها، ولاسيما مع الحاجة، ولكن بشرط أن ينضبط عملها بالضوابط الشرعية والتي ذكرناها في
الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5181، 8360، 8528.
ومن هذا تعلمين أنه لا يجوز لك العمل أو الدراسة إذا كان ذلك يستلزم استعمال دهن الخنزير لأن استعمال ذلك حرام كما هو مبين في الفتوى رقم: 31415.(97/924)
أما العمل في إلقاء محاضرات في المركز الإسلامي فإذا كان منضبطا بالضوابط الشرعية السالفة فلا حرج فيه، ونسأل الله أن يوسع رزقك وأن يغنيك بحلاله عن حرامه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 24295، والفتوى رقم: 11701.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ــــــــــــــ
عمل المرأة المختلط وملاطفة الزبناء
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1426 / 12-09-2005
السؤال
أنا فتاة أعيش في دولة أروبية وأشتغل بمكان عام فأغلب الزبائن رجال بعضهم من نفس بلدي(مسلمون).
المهم طبيعة عملي هي التعامل معهم بلطف وطبعا هذا لكسب الزبون.
المشكلة هي أني أعلم بأن هذا العمل حرام شرعا مع العلم أني متحجبة.
فهل أترك هذا العمل وإن تركته فليس لدي مكسب آخر ريثما أجد عملا آخر
وأيضا أضطر لجمع الصلاة بسبب وجود الزبائن غالبا في أوقات الصلاة .
هل أتركه مع الظن بأن من ترك شيئا لله عوضه بأحسن منه مع العلم بأن هناك صعوبة لإيجاد عمل آخر
أعتذر على الأسلوب.
أتمنى الرد في أقرب وقت
وجزاك الله ألف خير وأن يجعلك من أصحاب جنة الخلد
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/925)
فقد ضبط الإسلام التعامل بين الرجال والنساء بضوابط شرعية، تصون الأعراض وتحقق العفة والطهارة وتمنع الفواحش وتسد الذرائع إلى الفساد، فمن ذلك أنه حرم الاختلاط والخلوة، وأمر بالستر الشرعي وغض البصر والاقتصار في الكلام مع الرجال على قدر الحاجة وعدم الخضوع بالقول في محادثتهم ونحو ذلك من الضوابط الشرعية، وراجعي الفتوى رقم: 3859
.
وعليه، فإذا كان عملك هو ملاينة الرجال والخضوع لهم بالقول أو الفعل طلبا لإرضائهم وكسبهم فإن هذا العمل لا يجوز ولا يجوز لك البقاء فيه، فإن ذلك من خطوات الشيطان للوقوع في الفاحشة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21} وقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأنعام: 151} وقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32} والأجر المأخوذ مقابل هذا العمل حرام، والواجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين كما هو الشأن في كل كسب خبيث كمهر البغي وحلوان الكاهن ونحو ذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 45011، والفتوى رقم: 51620.
أما إذا كان عملك أمرا مباحا مثل أن تكوني مسؤولة عن بيع سلع أو توفير خدمات مباحة أو استلام أموال ونحو ذلك فعملك في ذاته مباح والأجر المأخوذ عليه حلال ولكنك تأثمين بملاطفة الرجال والخضوع لهم بالقول أو الفعل ونحوه لما في ذلك من ارتكاب الحرام واتباع خطوات الشيطان كما تقدم.
والذي ننصحك به أن تتوبي إلى الله وتتركي هذا العمل وسيعوضك الله خيرا منه. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في(97/926)
الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره.
وروى الإمام أحمد عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى، وقال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرا منه.
ولا يجوز لك الجمع بين الصلاتين فضلا عن الجمع بين الصلوات بسبب وجود زبائن في أوقات الصلاة فإن ذلك ليس بعذر يبيح الجمع وقد قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم من السلف يؤخرونها عن وقتها، وروى ابن أبي شيبة عن عمر وأبي موسى رضي الله عنهما أنهما قالا: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر.
فعليك بالمحافظة على الصلاة في وقتها، وراجعي للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10767، 2007، 51334.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يحفظك بحفظه، وأن يوسع عليك رزقه، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا مانع من عمل المرأة بالشروط الشرعية
تاريخ الفتوى : ... 16 شعبان 1426 / 20-09-2005
السؤال
أنا رجل أريد الزواج من زميلة لي في العمل، الحمد لله أنا قادر على تحمل مسؤولية بيت بدون أي مساعدة، غير أن الخطيبة تريد أن تشتغل لمدة معينة حتى ترد بعضا(97/927)
من دين والديها عليها، هل تركها تعمل يجعل مني ديوثا والعياذ بالله؟ وإن أجبرتها على الجلوس في البيت يجعلني إنسانا أنانيا؟
أفيدوني جازاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في عمل المرأة الجواز لعدم وجود دليل يمنعها منه، لكن يشترط لعمل المرأة عدة شروط، انظرها في الفتوى رقم: 28006 والفتاوى المحال عليها.
واعلم أن حرص هذه الفتاة على مساعدة والديها مادياً دليل على رحمة قلبها وبرها بوالديها، وهذا ينبغي أن يزيد من تمسكك بها، ولك أن تشترط عليها أن تبقى في العمل مدة محددة كسنة مثلاً، ثم تترك العمل بعدها، لأن الأصل بقاء المرأة في البيت ومكثها فيه، عملاً بقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33}.
وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7550، 3539، 1357.
فإن التزمت هذه الفتاة بضوابط عمل المرأة وشروط جوازه فلست ديوثاً -إن شاء الله- إن سمحت لها بالعمل، واعلم أنها قبل عقد القران بينك وبينها تعتبر أجنبية عليك، فلا يحل لك أن تخلو بها، وليست ملزمة بأي شيء تأمرها به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في بلاد الكفر
تاريخ الفتوى : ... 22 شعبان 1426 / 26-09-2005
السؤال
أعيش في بلد أوروبي
وعن قريب سأذهب لزيارة أهلي وبلدي لأني حصلت على الإقامة بعد مدة عامين وأنا قررت البقاء في بلدي وذلك بسبب العمل هنا فأنا أعمل في مكان مختلط ولم أجد(97/928)
عملا آخر فكيف أخبرهم بأني لن أعود إلى الغربة مع العلم أني كلمتهم سابقا فرفضوا بحجة الاعتماد على نفسي وبناء المستقبل فكيف أقنعهم؟
آسفة على الإطالة
وجزاك الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمل المرأة في الأماكن التي يغشاها الرجال لا يجوز، لاسيما في بلاد الكفر فالغالب الأعم أن ذلك لا يخلو من محادثة أو خلوة غير مشروعة ونحو ذلك مما لا يبيحه الشرع.
هذا فضلا عن أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقد بينا ذلك وافيا في الفتوى رقم: 3859.
كما أن الإقامة في ديار الكفار لغير ضرورة لا تجوز لما في الإقامة بين أظهرهم من خطر على دين المسلم وقيمه وأخلاقه، وراجعي هذا في الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 5045.
وبناء على هذا، فلا يجوز لك الرجوع إلى تلك البلاد لما ذكرت من الاختلاط في العمل. والظاهر من السؤال أنه لا محرم يسافر معك ولا يجوز لأهلك أن يجبروك على ذلك، ولا تجب عليك طاعتهم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في ميزان الإسلام
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1426 / 28-09-2005
السؤال
رأي الشيخ الألباني و الغزالي في عمل المرأة؟(97/929)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأليق بالمرأة والأحوط لها في دينها هو القرار في البيت، كما أمرها الله تعالى، قال جل من قائل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33}.
ومع ذلك فإنها إذا احتاجت للعمل أو احتاج له مجتمعها ـ فلها أن تمارس منه ما يتلاءم وطبيعتها وأنوثتها، كأن تكون طبيبة نساء أو مدرسة للبنات، ونحو ذلك. وانظر ضوابط عمل المرأة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7550 // 3859 // 5181 // 9653 // 3539 .
وأما رأي الشيخ الألباني في عمل المرأة فلم يتسن لنا الوقوف عليه في كتبه المطبوعة، وقد يكون قد ذكره في بعض أشرطته التي بلغت الآلاف.
وإذا أردت معرفة رأي الشيخ محمد الغزالي في عمل المرأة فارجع إلى كتبه فهي متوفرة في كل مكان .
والحجة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وسواهما يؤخذ من قوله ويرد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة إذا استدعى الكذب على العملاء
تاريخ الفتوى : ... 24 رمضان 1426 / 27-10-2005
السؤال
أنا فتاة مغربية أعمل بمركز اتصال متخصص في الدعاية لصالح مستثمرين فرنسيين, عملي يحتم علي أن أتصل بمواطنين فرنسيين وأقدم نفسي على أني فرنسية, مرة أنوي فتح محل للتجهيز المطبخي بمعية زوجي مرة مستخدمة لدى شركة ما, وذلك على حسب الحملات الدعائية التي أشارك بها، سؤالي هو: كالتالي(97/930)
هل ما أدعيه يعتبر كذبا, وبالتالي هل عملي في هذا المركز حلال أم حرام، مع العلم بأنه من غير الوارد أن أكشف عن هويتي الحقيقية أثناء الاتصال، الرجاء الرد في أقرب فرصة, نحن في رمضان ولست مستعدة لارتكاب المعاصي؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف الواقع، ولما كان واقعك هو أنك مغربية ولست فرنسية فقولك للمتصل بهم أنك فرنسية يعد كذباً غير جائز شرعاً، وفي الحديث: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار. رواه مسلم، وعليه فإذا كان يلزم من عملك بهذا المركز أن تكذبين فلا يجوز لك البقاء فيه كما لا يجوز لك البقاء فيه إذا تضمن الترويج والدعاية لما هو محذور شرعاً، كما ننبهك إلى أن لعمل المرأة المسلمة ضوابط شرعية يجب عليها الالتزام بها، وراجعي هذه الضوابط في الفتوى رقم: 522، والفتوى رقم: 28006، والفتوى رقم: 53387.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة عن طريق البريد الألكتروني مع الرجال
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو الحجة 1426 / 01-01-2006
السؤال
أنا أعمل مهندسة في الإعلامية وقبل عقد قراني اشترطت على زوجي أن أواصل العمل في الفترة ما بين العقد والزفاف وذلك قصد توفير مصاريف الحج لوالدي لكن ظروف عملي لا تخلو من الاختلاط، زوجي يطالبني بترك العمل وقد أتيحت لي فرصة عمل فى المنزل ويتم التواصل مع فريق العمل عبر البريد الإلكترونى، والذي(97/931)
يحتوي رجالاً، فهل يعتبر ذلك من الاختلاط، وهل عملي الحالي حرام، علما وأن والداي لا يستطيعان توفير مصاريف الحج وأنهما يأملان أن أعوضهما ولو جزءًا من تعبهما أفيدوني؟ وجزاكم الله عني كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاما الشرط فيلزم الزوج الوفاء به والسماح لك بالعمل في الفترة المذكورة، فالشرط في حد ذاته ليس حراماً، إذ لا مانع من عمل المرأة بحسب الضوابط والشروط المتقدم بيانها في الفتوى رقم: 28006.
لكن للزوج منعك من العمل في مكان مختلط، لأن من حقه أن يمنعك من ذلك بمقتضى المسؤولية والقوامة.
وحيث قد أتيح لك العمل عن بعد، فقد وقاك الله شر الاختلاط، ولا بأس بالعمل عن طريق البريد الإلكتروني، مع الالتزام بعدم الكلام مع الرجال إلا في حدود الحاجة ومتطلبات العمل.
ولا يلزمك العمل لتوفير زاد الحج لك، ولا لوالديك من باب أولى، وراجعي الفتوى رقم: 53658، ولكنك لو فعلت لكان ذلك من البر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مكان يقتضي كشف وجهها
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو الحجة 1426 / 29-01-2006
السؤال
أعمل بإحدى الشركات الكبري فى قسم العلاقات العامة وأرغب فى ارتداء الإسدال، ولكن طبيعة العمل الذي أعمل به لا يصلح أن أرتدي الإسدال فماذا أفعل؟
الفتوى(97/932)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمل المرأة في الأماكن المختلطة لا يجوز إلا لضرورة أو حاجة ملحة، كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8528، 32685، 24827.
وسبق لنا في الفتوى رقم: 54064 بيان حكم عمل المرأة في مكان لا يسمح فيه بتغطية الوجه، وذكرنا فيها أن المرأة إذا كانت محتاجة إلى العمل، ولم تجد عملاً آخر يسمح لها فيه بتغطية وجهها، فلا مانع من الاستمرار في عملها مع التحرز من الخلوة بالأجانب أو الخضوع في القول لهم، وعدم التطيب والتزين في الأماكن التي يتواجد بها الرجال، والالتزام بتغطية وجهها متى أمكن ذلك.
وأما إن كانت غير محتاجة حاجة ملحة إلى هذا العمل، فالواجب عليها تركه حرصاً على دينها وبعداً عن الفتنة، وللمزيد من الفائدة حول ضوابط وشروط عمل المرأة، راجعي الفتوى رقم: 3859، وحول حكم تغطية الوجه راجعي الفتوى رقم: 4470.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة بوظيفة ضابطة شرطة
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1427 / 25-05-2006
السؤال
هل يجوز عمل المرأة ضابط شرطة أم هو حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل قرار المرأة في بيتها وقيامها بتربية أولادها وإصلاح بيتها, وإذا أرادت العمل فلا مانع من ذلك, ويفضل أن يكون عملها بين النساء فقط . فإن كان عملها مع الرجال فلا بد أن تنضبط بالضوابط الشرعية كأمن الفتنة والتزام الحجاب الشرعي بمواصفاته المعروفة, وعدم الخلوة بالرجال, وعدم الخضوع بالقول لهم ونحو ذلك.(97/933)
وعليه فيجوز للمرأة أن تعمل كضابطة شرطة بالضوابط الشرعية, وأما إذ اختلت هذه الشروط فلا يجوز لها, وهي أعلم بالواقع الذي ستعمل فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة شرطية
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1427 / 28-05-2006
السؤال
هل يجوز عمل المرأة شرطية أم هو حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأليق بالمرأة والأحوط لها في دينها هو القرار في البيت كما أمرها الله تعالى قال جل من قائل : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى { الأحزاب :33 } ومع ذلك فإنها إذا احتاجت للعمل أو احتاج له مجتمعها فلها أن تمارس منه ما يتلاءم وطبيعتها وأنوثتها, كأن تكون طبيبة نساء, أو مدرسة للبنات ونحو ذلك. وأما أن تعمل المرأة في مجال الشرطة وهي مهنة لا تنفك عن الاختلاط لأن العاملين فيها هم الغالب رجال؛ ولأن الممارسات والتحقيقات تكون في الغالب مع الرجال, فهذا ما لا نرى إباحته لما سينجر عنه من الفتنة والفساد, وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفتنة أيما تحذير ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء . وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فاتقوا الدنيا واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء . وقد سألت أمنا عائشة رضي الله عنها فقالت : يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه؛ الحج والعمرة رواه أحمد وأصله في البخاري. ولا شك أن(97/934)
أقل ما سيؤول إليه حال المرأة العاملة في الشرطة هو التبرج والسفور إضافة إلى ما ذكر من الاختلاط ، فنسأل الله العلي القدير أن يرد المسلمات إلى بيوتهن, ويصلح حال الأمة, إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة وهل تعمل إذا كفيت النفقة
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الأولى 1427 / 26-06-2006
السؤال
هل يجوز للمرأة دخول ساعة الشغل من بابه الواسع، أو عليها أن لا تعمل وتبقى في البيت، وإن كان وجوب بقاء المرأة في البيت فهل يجب على بيت المال أن يرسل لها قدراً من المال إذا لم يكن لها معيل، وإن كان حلالا لها العمل في بعض الأمور هل تتنقل كما تشاء في المدينة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أنه ليس من المحظور على المرأة أن تعمل في وظيفة تلائم طبيعتها وفطرتها، بشرط أن تتقيد بالضوابط الشرعية لذلك، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 28006، والفتوى رقم: 20667.
وإذا قلنا بإباحة عملها بالضوابط المذكورة، فليس عليها من حرج في أن تدخل الشغل من بابه الواسع ما لم يؤد ذلك إلى اختلاط بالرجال أو ازدحام معهم أو نحو ذلك، مع أنه من الأفضل أن يكون للنساء باب خاص بهن يدخلن معه، كما أن الأصل جواز تنقل المرأة في المدينة في غير سفر إذا أذن الزوج لها بذلك، وتوفرت الضوابط الشرعية التي ذكرناها في الفتوى رقم: 4185.(97/935)
أما إذا كان ذهابها في المدينة يعد سفراً في عرف البلد، فلا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم، لما في صحيح مسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
واعلم أن الأفضل للمرأة مع كل ما ذكر إذا كانت مكفية النفقة، أن تقر في بيتها استجابة لقول الله سبحانه وتعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة وتدربها على السياقة بدون إذن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 10 شعبان 1427 / 04-09-2006
السؤال
أنا قمت بحادث سير وزوجي تعقد من الحادث ومصر على أن لا أقود السيارة وأنا أشعر بعدم الاستقرار وأني اتكالية في أخذي من الدوام وذهابي إليه على زميلاتي وصرحن بأكثر من مرة بضيقهن من ذلك ومواصلاتي صعبة ومتعبة وأنا أم لطفلتين عمرهما(سنتان، ثمانية أشهر) لا أستطيع نقلهن يوميا من بيتي إلى بيت أهلي دون سيارة وعندي رغبة شديدة في قيادة السيارة فهل يجوز لي أن أتدرب على السيارة دون علم زوجي مع أنه رافض .أرجو منكم مساعدتي أو على الأقل الدعاء لي بأن ييسر ربي أمري ويكفيني سؤال الناس في توصيلي لأنني والله في ضيق من وضعي هذا ؟
وجزاكم الله عني كل الخير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/936)
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن عمل الزوجة خارج بيتها لا يجوز إلا بشروط هي: أن يرضى به الزوج، وأن يكون في أماكن غير مختلطة، وأن لا يمنعها من أداء شيء من واجباتها، وأن لا يخشى عليها منه الفتنة.
والظاهر أن هذه الشروط مفقودة كلها أو أكثرها فيما ذكرتِه، مع أن دور المرأة الأول والأهم هو: حسن سياستها لبيتها، وتربيتها لأبنائها، والتبعل لزوجها. فإن تعارض هذا الدور مع غيره من الأعمال، فينبغي لها تقديم عملها في بيتها على غيره، وكل هذا على افتراض موافقة الزوج، وعدم ممانعته من ممارسة الأعمال خارج البيت.
أما إذا منع الزوج زوجته من الخروج للعمل أو لتعلم السياقة أو لأي أمر آخر، فالواجب عليها طاعته لورود التوجيه النبوي بذلك، ففي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. وفي النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره.
وبناء على ما ذكر، فلا نرى أن لك أن تتدربي على قيادة السيارة دون علم زوجك إذا كان رافضا، بل ولا أن تستمري في الوظيفة إذا كان لا يرضى باستمرارك فيها، أو كان يترتب على ذلك تضييع بعض الحقوق. وواجب على الزوج أن ينفق عليك بالمعروف؛ وبهذا يزول عنك الحرج والضيق. ونسأل الله أن يعينك على الاستقامة، والعمل بما يرضي زوجك، وعلى حسن القيام بأمر بيتك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة سكرتيرة عند رجل كافر
تاريخ الفتوى : ... 07 شوال 1427 / 30-10-2006
السؤال(97/937)
تعمل أختي كسكرتيرة في إحدى الجامعات الأمريكية ويتطلب عملها أن تخرج مع زميلاتها غير المسلمات في العمل ورئيسها المسيحي غير العربي إلى أحد المقاهي للعمل، ما حكم هذا الخروج، وهل يعتمد هذا الخروج على نوع المكان المراد الخروج إليه، وما حكم الذهاب إلى هذه المقاهي عموما سواء لعمل أو لغير عمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل الذي تدعو إليه الشريعة هو قرار المرأة في بيتها ومجانبتها مخالطة الرجال، قال الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}، وإذا كانت المرأة مأمورة بتجنب مخالطة الرجال المسلمين، فأحرى بها أن تمنع من العمل كسكرتيرة عند رجل كافر، وإذا انضاف إلى ذلك كون عملها يتطلب أن تخرج مع زميلاتها من غير المسلمات ومع رئيسها المسيحي إلى أحد المقاهي التي لا تخلو في بلاد الكفر -عادة- من أن تقترف فيها المحرمات كانت تلك آثاماً على آثام.
فالواجب أن تنصح أختك بترك هذا العمل والتوبة إلى الله مما كانت عليه، ولا يجوز الذهاب إلى هذه المقاهي إذا كانت محلاً للمحرمات كشرب الخمر وغيره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر. أخرجه أحمد عن عمر، والترمذي عن جابر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ملابسات عمل المرأة بالمحاماة
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو الحجة 1427 / 07-01-2007
السؤال(97/938)
أنا فتاة مسلمة ولقد درست الحقوق رغبة في مساعدة كل من سلب حقه وقد التحقت بنقابة المحامين وأثناء عملي أتعرض لضغوطات كثيرة وأرجو من سماحتكم إبداء الرأي الشرعي بهذه الضغوطات وأهمها ما يلي :
1- الاختلاط مع زملائي المحامين والموكلين مع حرصي الشديد على اتباع أوامر الله .
2- عندما أخسر دعوى هل يحق لي أخذ مصاريف الدعوى , وماذا عن أتعابي "علما أنني في هذه الحالة أدفع كافة المصاريف طبعا من مال والدي لأنه هو المكفول برعايتي .
3- إن الرشوة منتشرة بين موظفي قصر العدلي وإن لم أدفع لن أستطيع مواصلة عملي " كل العاملين في القصر العدلي محامون وموظفون يدفعون الرشوة " .
4- أجد صعوبة كبيرة في أخذ أتعابي من الموكل فما حكم أتعابي في الشريعة الإسلامية وإن عملت مجانا فمن يدفع نفقاتي.
5- بعض القوانين لدينا تتعارض مع الشريعة الإسلامية هل علي إثم في تطبيقه .
وأشكركم جزيل الشكر إن أجبتم على أسئلتي هذه فهذه النقاط دائما تقلقني وتتعبني في ممارسة مهنتي التي أحبها كثيرا ولا أستطيع ممارسة غيرها . وعلى الله فليتوكل المؤمنون .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مهنة المحاماة الأصل فيها الجواز ما لم يدخل عليها مانع شرعي خارجي، لأن المحامي وكيل عن موكله، وانظري الفتوى رقم: 1028
.
ولا مانع شرعا أن تكون المرأة وكيلا عن غيرها ما لم يكن هناك مانع شرعي خارجي كالاختلاط المحرم أو الخلوة بالأجنبي.(97/939)
ولذلك، فإذا كان ما يحصل هو من الاختلاط المحرم الذي يؤدي إلى ما يمنع شرعا فإنه لا يجوز لها، وبالتالي، لا يجوز العمل فيما يؤدي إلى الحرام لأن وسيلة الشيء تأخذ حكمه - كما قال أهل العلم - فما أدى إلى الحرام فهو حرام.
وأما أخذ أجرة أو مقابل على قضية خسرها المحامي، فإن كان قد اتفق مع الموكل على أن يعمل في هذه القضية مدة معينة بأجر معين، فله أجر عمله سواء كسب القضية أو لا، وهذا من باب الإجارة. وأما إن كان قد حدد له مبلغا معينا إذا تم العمل وكسب القضية فهذا من باب الجعالة، ولا يستحق المحامي شيئا إلا إذا تم العمل وكسب القضية. قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
وليس يستحق مما يجعل ***** شيئا سوى إذا يتم العمل
وللمحامي الرجوع على وكيله بمصاريف الإجراءات التي يدفعها عادة للجهات المعنية.
وأما الرشوة أخذا ودفعا فهي من كبائر الذنوب، وأصحابها ملعونون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه.
ولكن ما يعطى لدفع ظلم أو ضرر أو من أجل التوصل إلى حق لا يمكن الوصول إليه إلا بذلك لا يدخل في الرشوة، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 2487.
وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع وما يتعلق به من عمل المرأة محامية وفي ظل القوانين الوضعية وأجرة المحامي، نرجو أن تطلعي على الفتاوى:13104، 18505، 49813، 52988، 62299.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة سكرتيرة شركة إنتاج مسلسلات عربية
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1427 / 08-01-2007
السؤال(97/940)
هل يجوز أن أعمل في شركة إنتاج وتوزيع فني أي تنتج المسلسلات العربية - هنا في سوريا علما أن عملي هو سكرتيرة تنفيذية والرجاء التفصيل فيما إذا كان يجوز ولكن فيه شبهة؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى حرم الإعانة على المنكر بأي وجه من وجوه الإعانة فقال: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .
فظاهر الآية الكريمة يقتضي النهي عن معاونة الغير على معاصي الله تعالى.
ومعنى الإعانة والتعاون المساعدة على الأمر، ولا ريب أن العمل كسكرتيرة في شركة تنتج مسلسلات عربية أو غير عربية أن ذلك إعانة مباشرة على عمل الشركة، كما لا يخفى أن المسلسلات العربية تشتمل على قبائح ومنكرات عظيمة. وبالتالي فالإعانة على هذا العمل حرام شرعا، وليس فيه شبهة، بل هو صريح في الحرمة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة مع رجل عن طريق الإنترنت
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1428 / 23-01-2007
السؤال
ما حكم عمل المرأة مع رجل كرئيس عمل علما أن مقر عملها في بيتها وتعاملها معه عن طريق الانترنت ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/941)
فإذا التزمت هذه المرأة بالضوابط الشرعية من الكلام مع هذا الرجل بقدر الحاجة، وما يتعلق بجانب العمل والبعد عن كل ما من شأنه أن يكون ذريعة إلى الفتنة فلا حرج عليها في هذا العمل . وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 3054 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
...(97/942)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
فتاوى المرأة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(98/1)
اعتكاف النساء في المساجد
نرى شيئا جديدا لم نكن قد اعتدنا عليه من قبل ، وهو تسارع الفتيات والنساء إلى الاعتكاف في المسجد ، فهل مثل هذا العمل صحيح ، أم أنه مجرد موضة بعيدا عن السنة . ... السؤال
14/10/2006 ... التاريخ
مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فإنه يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد على رأي كثير من أهل العلم ، بشرط أن يكون بعيدا عن معتكف الرجال، وأن يكون ذلك بإذن الزوج، ويرى الأحناف أن للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها .
وقد عرف الفقهاء الاعتكاف بأنه : لزوم المسجد بنية العبادة لله تعالى ، ومن المعلوم شرعا أن الشرائع الأصل فيها التساوي بين الرجل والمرأة ، إلا ما نص الشرع على المفارقة بينهما ، وفيما يخص المسجد بشكل عام ، فإن الإسلام أوجب على جماعة المسلمين إقامة الصلوات في المساجد ، من باب فروض الكفايات، مع أن الصلاة في المسجد من السنن المؤكدة ، لكنها في حق الأمة فرض كفائي، يجب على البعض، ولكن لا يجوز أن يترك المسلمون جميعا المساجد دون الصلاة.
وفيما يخص المرأة ، فإن الإسلام أجاز لمعشر النساء الذهاب إلى المساجد ، ولكنه لم يوجبه عليهن ، فقال صلى الله عليه وسلم :" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وبيوتهن خير لهن"، وهذا يعني أن ذهاب المرأة إلى المسجد مباح شرعا، وأنها تنال بالصلاة في المسجد ثواب الجماعة .
وعلى هذا الأصل ،وهو ذهاب المرأة إلى المسجد، كان الاعتكاف للنساء مباحا ، على رأي جمهور الفقهاء ، لأنه لما جاز الخروج لها للمسجد ، جاز لها الاعتكاف فيه ، وإعمالا لمبدأ المساواة في أجر العمل الصالح بين الجنسين ، مصداقا لقوله تعالى :" أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ".
وفي الحديث عن عروة عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله تعالى } . زاد الشيخان { ثم اعتكف أزواجه من بعده } .
وقيل لابن القاسم : ما قول مالك في المرأة تعتكف في مسجد الجماعة ؟ فقال : نعم , قيل : أتعتكف في قول مالك في مسجد بيتها ؟ فقال : لا يعجبني ذلك , وإنما الاعتكاف في المساجد التي توضع لله .
ولكن الفقهاء قد اشترطوا أن يكون الاعتكاف بإذن الزوج ، وهذا من باب المحافظة على مؤسسة الزوجية، ولحاجة البيت إلى الزوجة أكثر من الزوج ، فالزوج قد لا يستغني عن زوجته ، والأولاد لا يستغنون عن أمهم ، فغياب الزوجة غير غياب الزوج ، وإن كان كلاهما وجوده غاية في الأهمية .(98/2)
على أن المرأة لو لم يكن عندها ما يشغلها عن بيتها ، ففي ظني أن اعتكافها أولى ، وخاصة أن الاعتكاف مدرسة روحية ، وفي ظل زخم الحياة المادية ، تحتاج المرأة – كما يحتاج الرجل – إلى تجديد العلاقة بالله تعالى ، والانقطاع ولو لبضعة أيام عن مشاغل الدنيا التي لا تنتهي ، وإن كان الرجال في حاجة إلى هذا المعنى ، فالمرأة أيضا في حاجة إليه .
إن وظيفة المسجد الروحية من تجديد معنى العبودية لله تعالى ، ومن مراجعة النفس، وشغلها بكثير من الطاعات ، يعطي للمرأة شحنة إيمانية تدفعها لتصحيح مسارها في الحياة ، وإن كانت الدنيا كلها تسعى الآن لأن تعطي المرأة حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فإن حق المرأة من أن تخلو بنفسها بينها وبين ربها ، وأن تجدد العلاقة معه سبحانه لا يقل أهمية عن بقية الحقوق .
على أن يكون الاعتكاف للنساء في مسجد خاص بهن ، لطبيعة التعايش بين النساء، فاختلاط الرجال بالنساء يفقد الاعتكاف الثمرة المرجوة من ورائه، إذ المقصود منه أن تختلي المرأة بنفسها ، أما الاختلاط فإنه يوقظ مشاعر الميل بين الجنسين ، مما يخرج الاعتكاف عن مقصوده .
ومن جميل ما قاله السادة الأحناف أن اعتكاف المرأة يكون في مسجد بيتها، يعني في المكان الذي تصلي فيه باستمرار في البيت، حيث كانت النساء تجعل لنفسها حجرة للصلاة ، وهذا الرأي يجعل المرأة لا تحرم نفسها من الاعتكاف ، فللمرأة التي يمنعها زوجها من الاعتكاف في المسجد ، أن تستأذنه في الاعتكاف في مسجد بيتها .
وفي الجمع بين رأي الجمهور ورأي الأحناف تأكيد على دور الاعتكاف في حياة المرأة المسلمة ، وأنه من المستحسن أن يأخذ طريقه في حياته ، وأن يكون جزءا من نشاطها الديني في حياتها .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
عيادة المريض : بين الرجال والنساء
أنا امرأة مسلمة، أحب أن ألتزم بأمر الله تعالى في حياتي كلها، وفي علاقاتي بالناس جميعًا، وأنا أعمل ناظرة مدرسة ثانوية للبنات، ومعي مجموعة من المدرسين والمدرسات، وبيننا مجاملات في المناسبات المختلفة كالتهنئة بزفاف أو بمولود، أو بترقية ونحو ذلك .. ولكن الأمر الذي توقفنا فيه هو عيادة المرضى من زملائنا الرجال، فقد يمرض أحدهم أو يعمل عملية جراحية، ويدخل المستشفى، فهل يجوز لي ولزميلاتي المدرسات أن نذهب لعيادة زميلنا لما له من حق الزمالة، أو يعتبر هذا من حقوق الرجال بعضهم على بعض.
ومثل هذا يقال بالنسبة لعيادة الزملاء للزميلة التي تمرض أو يصيبها حادث ونحو ذلك مما يعرض للرجال وللنساء جميعا.
نرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة في ضوء النصوص الثابتة التي هي المرجع المعتمد والمعصوم لدى كل مسلم ومسلمة.. وندعو لكم بدوام التوفيق في نشر الفهم الصحيح والوعي الرشيد لديننا العظيم.(98/3)
... السؤال
02/03/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
لقد حث الإسلام على عيادة المريض ورتب على ذلك فضائل كثيرة، ولم تفرق النصوص الحاثة على زيارة المريض بين الرجل والمرأة ، بل وردت نصوص في السنة تؤكد على زيارة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبعض النساء، وما دامت ضوابط التعامل بين الرجل والمرأة قائمة فلا مانع من زيارة الرجال للنساء أو العكس .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
من الآداب التي جاء بها الإسلام، وحث عليها الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- : عيادة المريض.. وقد اعتبرها النبي الكريم من حقوق المسلم على المسلم.
يقول عليه الصلاة والسلام: "حق المسلم على المسلم ست" قيل: وما هن يا رسول اللّه ؟ قال: " إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه". (رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة(
وقوله صلى الله عليه وسلم:ـ " فكوا العاني أي الأسير وأجيبوا الداعي، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض ". (رواه أحمد والبخاري عن أبي موسى، كما في صحيح الجامع الصغير(
وقوله صلى الله عليه وسلم:ـ
" عودوا المرضى واتبعوا الجنائز، تذكركم الآخرة ". (رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبخاري في الأدب المفرد كما في صحيح الجامع الصغير(
وقوله صلى الله عليه وسلم:ـ " من عاد مريضًا ناداه منادٍ من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً " (رواه الترمذي وحسنه (2009) وابن ماجة (1442) وابن حبان في صحيحه (712) من حديث أبي هريرة (.
وقوله صلى الله عليه وسلم:ـ " إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع". قيل: يا رسول اللّه، وما خرفة الجنة ؟ قال: " جناها " (رواه أحمد ومسلم واللفظ له). أي ما يخترف ويجتني من ثمرها.
وقوله صلى الله عليه وسلم:ـ
" إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا بن آدم مرضتُ فلم تعدني ! قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ". (رواه مسلم).
ولا يجد المرء أروع ولا أبلغ من هذا التصوير لفضل عيادة المريض ومثوبته عند الله، حتى إن الله جل جلاله ليجعل عيادة المريض كأنما هي عيادة له.(98/4)
وهذه الأحاديث كلها تدل على أهمية هذا الأدب الإسلامي، الذي رغبت فيه السنة النبوية القولية والعملية، حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاد يهوديًا مريضًا فعرض عليه الإسلام فأسلم.
ويتأكد استحباب هذا الأدب الذي عدته بعض الأحاديث حقًا للمسلم على المسلم إذا كان بين المسلم والمسلم صلة وثيقة، مثل القرابة والمصاهرة والجوار والزمالة والأستاذية، ونحو ذلك مما يجعل لبعض الناس حقًا أوكد من غيره.
والملاحظ أن هذه الأحاديث جاءت بألفاظ عامة، تشمل الرجل والمرأة على السواء.. فحديث: " عودوا المريض " أو " من عاد مريضًا.. " أو " إذا مرض فعده " ليست خاصة بالرجال، بلا جدال.. وهذه الأدلة العامة كافية في مشروعية عيادة النساء للرجال في ظل الآداب والضوابط الشرعية المقررة.
ومع هذا هناك أدلة خاصة تدل على مشروعية عيادة المرأة للرجل:.
فقد أورد الإمام البخاري في كتاب المرضى من صحيحه " باب عيادة النساء للرجال ".قال: وعادت أم الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار. (رواه في " الصحيح " معلقًا ووصله في " الأدب المفرد ").
وروي عن عائشة أنها قالت: " لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟"الحديث. (البخاري في كتاب "المرضى". انظر فتح الباري 12/221).
ومعنى " كيف تجدك ؟ ": أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك ؟.
وقد دخلت أم مبشر بنت البراء بن معرور الأنصارية على كعب بن مالك الأنصاري لما حضرته الوفاة، وقالت: " يا أبا عبد الرحمن، اقرأ على ابني السلام "ـ تعني مبشرًا " الحديث. (رواه ابن ماجة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه. الحديث رقم (1449) ورواه أحمد في المسند 3/455 عن عبد الرحمن، وذكره الألباني في الصحيحة برقم 995).
فلا مانع إذن من أن تعود المسلمة أخاها المسلم المريض، ما دامت ملتزمة بالقواعد الشرعية، والآداب المرعية، فلا خلوة ولا تبرج ولا تعطر، ولا خضوع بالقول.
والأولى أن تكون العيادة في مثل هذه الحالة المسئول عنها في صورة جماعية، بمعنى أن تتفق الناظرة ومعها بعض المدرسات، على الذهاب معًا لقضاء حق العيادة، دفعًا لأي شبهة.
ولا معنى للتوقف في عيادة زميل مريض من زميلة له أو رئيسة له، مع أنها تتعامل معه في المدرسة يوميًا، وبلا حرج، فهل يشرع التعامل مع الزملاء في حالة الصحة، ويقاطَعون في حالة المرض ؟ مع أن المريض أولى بالشفقة والرعاية.
وأما عيادة الرجل للمرأة فهي تدخل في الأدلة العامة التي ذكرناها في الحث على عيادة المرضى.
وهناك أدلة خاصة أيضًا تدل على مشروعية عيادة الرجال للنساء:.
فقد روى الشيخان عن عائشة قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير، فقال لها:" لعلك أردت الحج ": قالت: والله لا أجدني إلا وجعة..(98/5)
فقال لها :" حجي واشترطي... " الحديث. (رواه البخاري في كتاب النكاح، ومسلم في كتاب الحج).
وروى مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: " مالك يا أم السائب تزفزفين أي ترتعدين ؟ " قالت: الحمى لا بارك الله فيها ! فقال: " لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد " رواه مسلم في كتاب البر والصلة.
وروى أبو داود عن أم العلاء قالت: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا مريضة، فقال: " أبشري يا أم العلاء... " الحديث. (رواه أبو داود في كتاب الجنائز، باب " عيادة النساء ").
وروى النسائي عن أبي أمامة قال: مرضت امرأة من أهل العوالي أي عوالي المدينة فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن شيء عيادة للمريض، فقال: " إذا ماتت فآذنوني " رواه النسائي في كتاب الجنائز.
وروى البخاري أن ابن عباس استأذن على عائشة في مرض موتها، فأذنت له، فقال: " كيف تجدينك " ؟ قالت: " بخير إن اتقيت " ! قال: " فأنت بخير إن شاء الله تعالى، زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم ينكح بكرًا غيرك، ونزل عذرك من السماء ". (رواه البخاري في كتاب "التفسير". وانظر كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة للأستاذ عبد الحليم أبو شقة 2/269 271).
وبعد هذه النقول الصحيحة الثبوت، الصريحة الدلالة، لا يجوز لمسلم إلا النزول على هُدَى الله تعالى، وهَدْى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينبغي لنا أن نحجر ما وسع الله تعالى أو نعسِّر ما يسره عزَّ وجَلَّ.. وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحق أن تتبع من أقوال الرجال، وتقاليد الناس.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
دخول الحائض المسجد وجلوسها فيه
الشيخ الكريم : السلام عليكم ورحمة الله، نقيم في فرنسا، وأعطي أنا وصديقة لي دروس في المركز الإسلامي، وأحيانا تأتينا العادة الشهرية معا في وقت واحد، فهل يجوز لنا أن ندخل المسجد ونعلم الفتيات أثناء فترة الحيض، أو لسماع درس علم من أحد الدعاة؟ وشكرا على كل ما تقدموه
... السؤال
27/02/2006 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد اختلف الفقهاء في دخول الحائض المسجد، ومكثها فيه، واستشهد من أجاز ذلك بضعف حديث منع الحائض من الجلوس في المسجد، وبأن المؤمن لا ينجس،(98/6)
وتيسيرا على الحيض وللضرورة يمكن الأخذ بمذهب الحنابلة بجواز الجلوس في المسجد للعلم.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
اختلف الفقهاء كثيرا في لبث الجنب والحائض في المسجد، بلا وضوء، لقوله تعالى: (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) النساء:
ومعنى (عابري سبيل): أي مجتازي طريق.
وأجاز الحنابلة اللبث للجنب في المسجد إذا توضأ، لما روى سعيد بن منصور والأثرم عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجلسون في المسجد، وهم مجْنبون، إذا توضأوا وضوء الصلاة.
ترجيح جواز اللبث في المسجد للجنب والحائض:
وهناك من الفقهاء من أجازوا للجنب ـ وكذلك للحائض والنفساء ـ اللبث في المسجد، بوضوء أو بغير وضوء، لأنه لم يثبت في ذلك حديث صحيح، وحديث "إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" ضعفوه، ولا يوجد ما ينهض دليلا على التحريم، فيبقى الأمر على البراءة الأصلية.
وإلى هذا ذهب الإمام أحمد والمزني وأبو داود وابن المنذر وابن حزم، واستدلوا بحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما: "المسلم لا ينجس". وكذلك قياس الجنب على المشرك، فقد أجيز للمشرك وغير المسلم دخول المسجد، فالمسلم الجنب أولى.
وأنا أميل إلى هذا اتباعا للأدلة، وجريا على منهجنا في التيسير والتخفيف، وخصوصا على الحائض، فإنها أولى بالتخفيف من الجنب، لأن الجنابة يجلبها الإنسان باختياره، ويمكنه وقفها باختياره، أي بالغسل، بخلاف الحيض، فقد كتبه الله على بنات آدم، فلا تملك المرأة أن تمنعه، ولا أن تدفعه قبل أوانه، فهي أولى بالعذر من الجنب. وبعض النساء يحتجن إلى المسجد لحضور درس أو محاضرة أو نحو ذلك، فلا تمنع منه.أ.هـ
ـــــــــــــــــــ
خلوة المرأة بابن زوجها
هل يجوز للمرأة أن تختلي بابن زوجها وخاصة إذا كان الزوج كبيرا وابنه شابا؟ نرجو بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة، التي تسبب عنها الكثير من المشاكل لعدم معرفة الجائز منها والممنوع.
... السؤال
08/11/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:(98/7)
فقد أباح الإسلام للمرأة أن تتخفف أمام ابن زوجها ، بقوله تعالى :( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن) وذلك رفعا للحرج الذي قد يصيبها ، لأن ابن زوجها غالبا ما يسكن معها ، ولكن ذلك مشروط بأمن الفتنة ، فإن كان يخشى من ابن الزوج الفتنة ، حرم على المرأة ما أحل لها ، كأن يكون هناك تقارب في السن، كما أن المباح هو إبداء بعض الزينة ، وليس الخلوة به .
يقول فضيلة الشيخ القرضاوي – حفظه الله - :
إن الشرع الشريف حينما أباح للمرأة أن تبدي بعض الزينة لبعض الفئات من الناس، ومنهم أبناء بعولتهن، أراد الشارع بذلك أن يرفع الحرج وأن يدفع العنت والمشقة عن الناس، فلو كلفنا المرأة وهي تسكن في بيت واحد مع أبناء زوجها أن تغطي جسمها كله من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، كلما دخل عليها أحد أبناء زوجها، أو كلما دخلت هي عليه، لكان في ذلك حرج كثير. لهذا قال: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن.. الآية).
فابن البعل اعتبر بهذا من الناس المخالطين والمعاشرين دائما، فلم يطلب من المرأة أن تتحفظ منه كما تتحفظ من الأجنبي تماما، كأن نطلب منها أن تغطي شعرها وألا تكشف شيئا من ذراعها، أو رقبتها أو غير ذلك ... لأن في ذلك حرجا شديدا، وما جعل الله في هذا الدين من حرج.
ولكن ليس معنى هذا أن يصبح ابن البعل كالابن تماما، أو كالأخ، له مثل هذه المحرمية، لا.. لا بد أن يراعى الفرق، كما نبه على ذلك الإمام القرطبي وغيره، من الأئمة المحققين، وخاصة إذا تزوج رجل كبير السن فتاة لا يزيد عمرها عن عشرين سنة مثلا، وله ابن في مثل سنها، وفي مثل هذه الحالة نجد فرقا شاسعا بين المرأة وزوجها، بينما نجد تقاربا وتماثلا في السن بينها وبين ابنه، وهنا تخشى الفتنة، وعلى هذا نص الفقهاء، وقالوا: إن كل ما أبيح في مثل هذا الموضوع يحرم عند خوف الفتنة.. سدا للذريعة، كما أن كل ما حرم هنا يباح عند الضرورة أو الحاجة وذلك مثل علاج المرأة على يد طبيب لا يوجد سواه من الطبيبات. وفي مقابل ذلك، يمنع ما أبيح عند خوف الفتنة، كالمسألة التي نحن بصددها.
فلو فرضنا أن هذا الزوج سافر، نقول بجواز أن يختلي ابنه الشاب بزوجة أبيه الشابة مع خشية الفتنة؟ طبعا لا.. وإنما خفف الشارع على المرأة في موضوع التستر، وأما الخلوة التي تبعث على الريب، وتسبب الفتنة فلا ... كما لا يجوز للرجل أن يعرض زوجته للفتنة.
ومثل هذا أيضا الحماة -وهي بطبيعة الحال بمنزلة الأم- ولكن إذا خشيت الفتنة ينبغي على المرء أن يتجنب دواعيها. قد لا يكون هناك تفكير في الشر ولكن حينما يفتح الباب قد يؤدي إلى الشر -والشيطان ينتهز الفرصة، ليوقع الفتنة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما".
لهذا ينبغي الحذر والاحتياط في مثل هذه الحالات، وسد أبواب الفساد، حتى نتجنبه ولا نقع فيه.
والله أعلم(98/8)
ـــــــــــــــــــ
العطر النسائي بين الحظر والإباحة
هل العطر النسائي محرم ؟ أرجو الإجابة بالدليل الشرعي القاطع و ذلك لقطع الشك باليقين.
... السؤال
31/10/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالتعطر نوع من النظافة التي ترتاح إليها النفوس ، وكل ما تقبله النفوس على الفطرة النقية ، لا يتصادم مع الشرع .
وكثير من الناس يظن أن التعطر للمرأة محرم شرعا على الإطلاق ، ولكن التحقيق أن العطر كغيره على الإباحة حتى يرد النص بالتحريم.
والوارد في النهي عن التعطر للنساء أن يشمه غير المحارم ، ولكن لها أن يشم منها زوجها ومحارمها ، ولذا جاء النهي في حديث أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا استعطرت المرأة ، فمرت على القوم ليجدوا ريحها، فهي كذا وكذا. قال قولا شديدا. رواه أبوداود.
يقول الأستاذ عبد الحليم أبو شقة في كتابه :"تحرير المرأة في عصر الرسالة":
يلاحظ أن هذا الحديث قد ذكر أمرين خالفت فيهما المرأة الحدود التي رسمها الشارع : أولهما : أنها استعطرت أي مست عطرا مما يظهر ريحه.
وثانيهما: أنها مرت على قوم ، ليجدوا ريحها ، أي قصدت إثارة الفتنة ، ومن هذا استحقت الحكم الرادع.
أما الذي نقرره نحن – أخذا من النصوص- فهو مشروعية تزين المرأة في الحدود التي رسمها الشارع.
فإن محظورات تطيب المرأة ثلاثة:
أولها : حضور صلاة الجماعة في المسجد وهي متطيبة.
ثانيها : خروجها من بيتها يفوح منها رائحة العطر.
ثالثها : التبرج وقصد استدعاء شهوة الرجال.
فإذا انتفت هذه المحظورات الثلاثة ، فلا حرج على المرأة في التزين بطيب ظهر لونه ، وخفي ريحه.انتهى
فوضع المرأة للعطر يكون للزوج وكذلك للمحارم عند أمن الفتنة، وكذلك بين النساء ، أو في بيتها ، أما خروج المرأة بالعطر ليشمها الناس ، فهذا منهي عنه ، باتفاق العلماء.
بل وضع العطر للزوج مماحث عليه الشرع الحكيم ، وجعله من آداب العلاقة بين الزوجين.(98/9)
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - عن حكم تعطر المرأة وتزينها وخروجها من بيتها إلى مدرستها مباشرة هل لها أن تفعل هذا الفعل؟
فأجاب:
خروج المرأة متطيبة إلى السوق محرم لما في ذلك من الفتنة، أما إذا كانت المرأة ستركب في السيارة ولا يظهر ريحها إلا لمن يحل له أن تظهر الريح عنده وستنزل فورا بدون أن يكون هناك رجال حول المدرسة كأنها في بيتها ولهذا لا يحل للإنسان أن يمكن امرأته أو من له ولاية عليها أن تركب وحدها مع السائق لأن هذه خلوة، أما إذا كانت ستمر إلى جانب الرجال فإنه لا يحل لها أن تتطيب.
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: في الكلام على اهتمام الشرع بسد الذرائع أنه نهى المرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تتطيب أو تصيب بخورا وذلك لأنه ذريعة إلى ميل الرجال وتشوفهم إليها فإن رائحتها وزينتها وصورتها وإبداء محاسنها تدعو إليها، فأمرها أن تخرج تفلة وألا تتطيب وأن تقف خلف الرجال وألا تسبح في الصلاة.
فلتنظر المسلمة بعين البصيرة إلى أن التطيب إذا كان محرما على مريدة المسجد فكيف حكمه لمن تريد مجامع الرجال كالأسواق والمحلات التجارية ونحو ذلك؟ انتهى
والإسلام لا ينهى المرأة أن تتطيب أو تمنع نفسها من الزينة ، ولكن ينظر إلى مفاسد الأمور ، فإن كانت المرأة ستتطيب ويترتب على ذلك فتنة ، فتمنع من التطيب، لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
كما أن الإسلام يربي النفوس على جهاد النفس ، فليس كل ما تطلبه النفوس يستجاب لها ، فقد يكون في ذلك ضررها .قال تعالى :"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ".
ويمكن الاطلاع على هذه الفتوى بعنوان:
وضع المرأة للعطر
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
قيادة المرأة للسيارة بين المجيزين والمانعين
ثارت في هذه الأيام قضية قيادة المرأة للسيارة وارتفعت الأصوات بين من قال نعم لقيادة المرأة للسيارة وبين من قال لا لقيادة المرأة للسيارة فعلي أي أساس أباح هؤلاء أو منع هؤلاء، وجزاكم الله خيرا
... السؤال
13/02/2007 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..(98/10)
السيارة من المخترعات الحديثة التي فتح الله بها على الإنسان المعاصر؛ وأصبحت في هذه الأيام من الوسائل التي تشتد حاجة الناس إليها، ولا غنى لهم عنها، ولا نجد لها حكما عند علمائنا السابقين، ولم يتطرق لها الفقهاء في كتبهم، وقد اجتهد علماؤنا في تنزيلها على القواعد الشرعية، فمن أباح أباح بناء على أن الأصل في الأشياء الإباحة، ومن حرَّم حرَّم بناء على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأن ما أفضى إلى حرام فهو حرام، وإليك فتاوى الفريقين المجيزين والمانعين .
أولا فتاوى المجيزين:
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي ـ من علماء سوريا:
من المقرر شرعًا أنه لا يحجر أي لا تمنع المرأة من ممارسة الأعمال المباحة شرعًا.
ومثل هذا العمل جائز سواء كانت المرأة تقود السيارة منفردة، أو معها غيرها، وذلك لأن النساء في صدر الإسلام وفي العصور الإسلامية المختلفة كن يركبن الإبل والخيول وبقية الدواب، ولا يعد ذلك محظورًا شرعًأ.
ولكن الشرط الأساسي في هذا، أن تلتزم المرأة في تحركاتها، وممارساتها العملية لقيادة السيارة أو غيرها، وأن تكون ملتزمة الحجاب الشرعي حتى لا تكون فتنة للناظرين. أهـ
ويقول فضيلة الشيخ يوسف أبرام ـ عضو المجلس الأوروبي للإفتاء:
القيادة أمر مباح، ولكنه إذا أفضى أو سيفضي إلى محرم؛ فإنه سيحرم للسبب المفضي إليه، وعليه فإذا ما تيسر لك أن تتعلمي القيادة في مدرسة بدون اختلاط، وفي جو محترم، وحبذا برفقة أخت مسلمة، ثم بعد الحصول على الرخصة استعملت السيارة لما ينفعك وينفع الأسرة؛ فأرى أنه لا مانع من ذلك أهـ
ويقول فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عاشور ـ من علماء الأزهر:
ما دامت المرأة قد خرجت من بيتها ملتزمة بشرع الله، فلا حرج عليها من أن تقود سيارتها، وما دمنا قد اقتنعنا بأن المرأة شريكة للرجل ومساوية له تتعلم كما يتعلم، وتعمل في الوظائف المختلفة، وتخرج من بيتها لمثل هذه الأمور -فلا حرج عليها من قيادة السيارة، ولعل من منع ذلك إنما منعها من باب الحذر والاحتياط، وهذا الحذر والاحتياط لم يعد له مكان الآن في ظل خروج المرأة لكل نواحي الحياة، وفي ظل مشاركتها للرجال في كل موقع من مواقع الأعمال.
وكل الذي يجب أن نؤكد عليه هو ضرورة الالتزام بآداب الإسلام، وألا تخرج بسيارتها إلى أماكن فيها شبهات أو أماكن تتعرض فيها للخطر، وما عدا ذلك فليس هناك مانع يمنعها من القيام بهذه المهمة، وهذا أفضل بل أولى من ركوبها مع رجل أجنبي لا تعرفه ولا يعرفها. أهـ
ثانيا فتاوى المانعين:
قال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
قد كثر حديث الناس .. عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها السفور ، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه(98/11)
الأمور ، والشرع المطهر مَنَع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجَنُّب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الأحزاب/33 الآية ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) النور/31 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " ، فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات ؛ صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك، وهذا لا يخفى، ولكن الجهل بالأحكام الشرعية، وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب - ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال سبحانه : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/168 ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم وفيه دخن ، قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ فقال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.(98/12)
وإنني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف.
وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ووفق كُتَّاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .أهـ
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن قيادة المرأة للسيارة، وأنها أي ـ قيادة المرأة للسيارة ـ أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي ؟ فقال رحمه الله:
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين :
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم . والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الأنعام/108 ، فنهى الله عن سب آلهة المشركين – مع أنه مصلحة – لأنه يفضي إلى سب الله تعالى .
القاعدة الثانية: أن درء المفاسد – إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم – مقدم على جلب المصالح . والدليل قوله تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وقد حرم الله الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما .
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسدها :
1- نزع الحجاب : لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال ، ولا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا بوجهها ، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة ، لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، وإذا قصد غيره فلا بد من التقييد ، فيقال جميلة اليدين ، أو جميلة الشعر ، أو جميلة القدمين . وبهذا عرف أن الوجه مدار القاصدين .
وقد يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب ، بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين .
والجواب على ذلك أن يقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة ، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى ، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فإن الأمر لن يدوم طويلا ، بل سيتحول – في المدى القريب – إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى ، كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة .
2- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، والحياء من الإيمان – كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم – والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتنة ، ولهذا كانت مضرب المثل فيه فيقال ( أحيا من العذراء في خدرها ) ، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
3- ومن المفاسد : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها – كما أخبر بذلك النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم – لأن عاشقي القيادة يرون فيها(98/13)
متعة ، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .
4- ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده ، لأنها وحدها في سيارتها ، متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل . وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب ، فما بالك بالشابات ؟؟! وحيث شاءت يمينا وشمالا في عرض البلد وطوله ، وربما خارجه أيضاً .
5- ومن المفاسد : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها ، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملا من المرأة .
6- ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة : في الوقوف عند إشارات الطريق – في الوقوف عند محطات البنزين – في الوقوف عند نقطة التفتيش – في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث – في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء– في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق ، فتحتاج المرأة إلى إسعافها ، فماذا تكون حالتها حينئذ ؟ ربما تصادف رجلا سافلا يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها ، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .
7- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام الشوارع ، أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهم أحق بذلك وأجدر .
8- من مفاسدها أنها سبب للإرهاق في النفقة ، فإن المرأة – بطبيعتها – تحب أن تكمل نفسها مما يتعلق بها من لباس وغيره ، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء ، كلما ظهر زِيٌّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإن كان أسوأ مما عندها . ألا ترى ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة . وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى منه – السيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد .
أما قول السائل : وما رأيكم بالقول : ( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي)؟
فالذي أراه أن كل واحد منهما فيه ضرر ، وأحدهما أضر من الثاني من وجه ، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما .
واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة ، والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها .
وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه ، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، ويستظلون برايتنا . قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق، تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة . ا.هـ(98/14)
مع الأخذ في الاعتبار أن فتوى العالمين الجليلين كانت لنساء المملكة فقط لا لعموم نساء الأرض.
قال فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد ـ من علماء السعودية:
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين ، وأما ما عداها من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات؛ فإنهم أعلم بأحوال بلادهم.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
أفضل النساء ... أقلهن مهرا
يلاحظ أن الناس الآن يزيدون جداَّ في المهر في النكاح . فعل هذا من السنة ؟ وهل حدد الشرع مقدارا معينا للمهر لا يزاد عليه ؟.
... السؤال
11/06/2005 ... التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
المرأة في الإسلام أكرم من أن تباع وتشترى؛ لذلك لم يجعل الإسلام صداق المرأة ثمنا لها يزيد بجاهها، وينقص بهوانها.
ولو كانت كثرة الصداق تدل على شرف المرأة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاب بناته أن يكيلوا بكلتا أيديهما، لكنه صلى الله عليه وسلم خفف، ودعا إلى التخفيف، بل وجعل خير النساء أقلهن مهرا، وأيسرهن مؤنة.
يقول الشيخ محمد بن صالح المنجد- من علماء المملكة العربية السعودية:-
إن الزواج نعمة من نعم الله تعالى ، وآية من آياته ، قال الله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم / 21
وأمر الله تعالى الأولياء أن يزوجوا من تحت ولايته ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور / 32
وذلك لما يترتب على النكاح من المصالح العظيمة ، كتكثير الأمة ، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الأنبياء ، وتحصين الرجل والمرأة من الوقوع في المحرم . . . وغير ذلك من المصالح العظيمة .
ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات.
وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج .
حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج .(98/15)
والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء /4 .
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق .
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه .
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره .
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر .
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة .
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته .
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه .
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194)
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل(98/16)
صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ .
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" :
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ .
وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال :
فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله . . . وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره اهـ .
وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها أمر مخالف للشرع .
والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة :
وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
منع الزوجة من الخروج للعمل
هل يجب على الزوجة إذا أرادت أن تعمل استئذان زوجها في ذلك ؟ وهل يجوز له منعها متى شاء ؟ وهل يجوز أن تشترط عليه قبل العقد أن تعمل ؟ وهل يعتبر هذا شرطا واجب النفاذ؟ وهل يجوز للزوج الرجوع عن موافقته بعد العقد؟
وهل يجوز للزوج أن يشترط عليها المساعدة في نفقة البيت جراء موافقته لها بالعمل؟ وهل تكون شريكته في البيت إذا ساعدته في تكوينه؟ أم أن ذلك يذهب سدى؟ وهل يحق له منعها من العمل بقصد الإضرار بها؟ وهل يجوز لها الاستمرار في العمل بقصد الإضرار به؟
... السؤال
23/04/2005 ... التاريخ
مجمع الفقه الإسلامي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
العلاقة بين الزوجين تقوم أول ما تقوم على المودة والرحمة والعشرة بالمعروف قبل أن تقوم على الحقوق والواجبات، وعلى الزوج أن يوفر لزوجته المسكن والغذاء والكسوة والدواء بحسب قدرته ويساره بالمعروف .
وعلى الزوجة – وقد توفر لها ذلك – أن تنهض لمهمتها الأساسية من حسن التبعل لزوجها، وحسن إعداد بيت الزوجية ليكون المرفأ الذي يستريح فيه الزوج -بعد كده وعنائه- مع زوجته التي اختارها ليسكن إليها، وتسكن إليه.(98/17)
وللزوجة أن تشترط على زوجها مزاولة عمل لائق بالمرأة قبل العقد، فإن قبل فعليه الوفاء إلا إذا أضر عملها بمهمتها الرئيسة فله منعها ساعتئذ.
وقد ناقش مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشرة هذا الموضوع ، وخرج بهذا القرار:-
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) من 30 صفر إلى 5 ربيع الأول 1426هـ ، الموافق 9 – 14 نيسان ( أبريل ) 2005م ،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع اختلافات الزوج والزوجة الموظفة ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يأتي :
أولاً : انفصال الذمة المالية بين الزوجين :
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة ، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها ، ولها ثرواتها الخاصة ، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها ، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها .
ثانياً : النفقة الزوجية :
تستحق الزوجة النفقة الكاملة المقررة بالمعروف ، وبحسب سعة الزوج وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعاً ، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز .
ثالثاً : عمل الزوجة خارج البيت :
(1) من المسؤوليات الأساسية للزوجة رعاية الأسرة وتربية النشء والعناية بجيل المستقبل ، ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعاً مع طبيعتها واختصاصها بشرط الالتزام بالأحكام الدينية ، والآداب الشرعية ، ومراعاة مسؤوليتها الأساسية .
(2) إن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعاً ، وفق الضوابط الشرعية ، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المُسقط للنفقة .
رابعاً : مشاركة الزوجة في نفقات الأسرة :
(1) لا يجب على الزوجة شرعاً المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء ، ولا يجوز إلزامها بذلك .
(2) تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعاً لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين .
(3) يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة .
(4) إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات .
خامساً : اشتراط العمل :(98/18)
(1) يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به ، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة .
(2) يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد .
(3) لا يجوز شرعاً ربط الإذن ( أو الاشتراط ) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءاً من راتبها وكسبها .
(4) ليس للزوج أن يُجبر الزوجة على العمل خارج البيت .
سادساً : اشتراك الزوجة في التملّك :
إذا أسهمت الزوجة فعلياً من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به .
سابعاً : إساءة استعمال الحق في مجال العمل :
(1) للزواج حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين ، وهي محددة شرعاً وينبغي أن تقوم العلاقة بين الزوجين على العدل والتكافل والتناصر والتراحم ، والخروج عليها تعدٍ محرم شرعاً .
(2) لا يجوز للزوج أن يسيء استعمال الحق بمنع الزوجة من العمل أو مطالبتها بتركه إذا كان بقصد الإضرار ، أو ترتب على ذلك مفسدة وضرر يربو على المصلحة المرتجاة .
ينطبق هذا على الزوجة إذا قصدت من البقاء في عملها الإضرار بالزوج أو الأسرة أو ترتب على عملها ضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الحكمة من تحريم نكاح أمهات المؤمنين
لماذا حرم الله تعالى على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ان ينكحن ازواجا من بعده؟ نرجو الإفادة ... السؤال
03/04/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
ذكر العلماء عدة أسباب لتحريم النكاح من أمهات المؤمنين منها أنهم أمهات ولا يجوز للرجل أن يتزوج أمه، وأيضا أن هذا من إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأن المرأة لآخر أزواجها في الدنيا، وهذا شرف ما بعده شرف لهنَّ.
وقد كنَّ ـ رضي الله عنهن ـ يتنافسن في الحصول على هذا الشرف في الدنيا وفي الآخرة أيضاً ففي صحيح الإمام مسلم : عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أسرعكن لحاقا بي، أطولكن يدا". قالت: فكن يتطاولن أيتهن(98/19)
أطول يدا. قالت: فكانت أطولنا يدا زينب. لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق" وفي صحيح البخاري: "فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا"
فيدل هذا السلوك من أمهات المؤمنين على رغبتهم الشديدة في اللحوق بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأن هذا منتهى ما تطمح إليه النفس.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عن تحريم نكاح أمهات المؤمنين على التأبيد:
ثبت ذلك بنص القرآن الكريم، فقال جل شأنه: { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا، إن ذلكم كان عند الله عظيما} .
وقد ذكر القرطبي في تفسيره لهذه الآية الكريمة سببا لذلك فقال:
إنما منع من التزوّج بزوجاته؛ لأنهن أزواجه في الجنة، وأن المرأة في الجنة لآخر أزواجها. قال حذيفة لامرأته: إن سرّك أن تكوني زوجتي في الجنة إن جمعنا الله فيها فلا تزوجي من بعدي؛ فإن المرأة لآخر أزواجها. أهـ
وقال أبو حيان في تفسيره البحر المحيط:
لأن ذلك يكون أعظم الأذى، فحرم الله نكاح أزواجه بعد وفاته ... وهذا من أعلام تعظيم الله لرسوله، وإيجابه حرمته حياً وميتاً، وإعلامه بذلك مما طيَّب به نفسه، فإن نحو هذا مما يحدث به المرء نفسه. ومن الناس من تفرط غيرته على حرمته حتى يتمنى لها الموت، لئلا تنكح من بعده، وخصوصًا العرب، فإنهم أشد الناس غيرة حتَّى إن فتى منهم قتل جارية له يحبها خوف أن تقع في يد غيره بعد موته.
وذكر الألوسي علة أخرى لهذا فقال:
وعلة كون تزوج أحد المسلمين إحدى نساء النبي صلى الله عليه وسلم إثماً عظيماً عند الله، أن الله جعل نساء النبي عليه الصلاة والسلام أمهات للمؤمنين فاقتضى ذلك أن تزوج أحد المسلمين إحداهن له حكم تزوج المرء أمَّه، وذلك إثم عظيم.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
هل نساء بني إسرائيل هن أول من حِضْنَ؟
سمعنا من أحد الوعاظ في الجمعة الماضية أن النساء قبل بني إسرائيل لم يكن يأتيهن الحيض وإن أول نساء في العالم أرسل الله عليهم الحيض هم في بني إسرائيل فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
22/02/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
الذي عليه السلف أنَّ الحيض أمرٌ قد كتبه الله على بنات آدم، وأنه غير مختص ببني إسرائيل.(98/20)
وقد ورد في شأن أولية الحيض حديثان يظنُ المرء عند الوهلة الأولى أنهما متعارضان، ولكن عند إنعام النظر نجد أنه لا تعارض بينهما.
الحديث الأول: ما جاء من حديث عروة عن عائشة موقوفاً أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح ولفظه: (قالت: كنَّ نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلاً من خشب يتشرفن للرجال في المساجد فحرم اللَّه تعالى عليهن المساجد وسلطت عليهن الحيضة) قال الشيخ الألباني: إسناده صحيح.
الحديث الثاني : ما صدَّر به الإمام البخاري كتاب الحيض وهو وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هَذا شيء كتبه الله على بنات آدم ).
وقد رجّح البخاري الحديث الثاني على الأول بقوله:
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر) أي كلام النبي صلى الله عليه وسلم أكثر قوة وآكد ثبوتا، وأقرب إلى العقل قبولا، وقد قال: (كتبه الله على بنات آدم) وهو يدل على أنه جبلة للمرأة منذ خلقها الله تعالى. أهـ
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه فتح الباري على صحيح البخاري:
وأما ما رجحه البخاري مِن أن الحيض لَم يزل في النساء منذ خلقهن الله ، فَهوَ المروي عَن جمهور السلف .. وقد استدل البخاري لذلك بعموم قول النبي ? : ( إن هَذا شيء كتبه الله على بنات آدم ) ، وَهوَ استدلال ظاهر حسن .. وفيه اللفظة التي استدل بها البخاري على أن الحيض لازم للنساء منذ خلقهن الله ، وأنه لَم يحدث في بني إسرائيل.أهـ
وقال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري:
قال الداودي: ليس بينهما مخالفة فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا فقوله بنات آدم عام أريد به الخصوص.
قلت: ويمكن أن يجمع بينهما مع القول بالتعميم بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده.
وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم (وامرأته قائمة فضحكت) أي حاضت. والقصة متقدمة على بني إسرائيل بلا ريب، وروى الحاكم وابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس " أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أهبطت من الجنة"، وإذا كان كذلك فبنات آدم بناتها. أهـ
وعلى هذا فيمكن أن يحمل الحديث الأول على أنَّ الله عاقب بنات بني إسرائيل بأن يشتد عليهن الحيض أو يطول حتى يحرمن من دخول المسجد لأنهن أسأنَّ الأدب؛ فكانت هذه عقوبة من الله عليهن، والحديث لم يتطرق إلى أولية الحيض، ولكن أفاد أن هؤلاء النسوة لمَّا اتخذن الأرجل الخشبية من أجل أن يتطلعوا للرجال منعن من المسجد، وسلطَّ الله عليهن الحيض.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حرمان البنات من الانتفاع بالوقف
لدينا وقفية وقد شرط الواقف فيها إعطاء الذكور من ورثته دون الإناث فما الحكم في هذا الشرط ؟ ... السؤال(98/21)
15/08/2006 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
ما يشترطه بعض الواقفين بحبس الوقف على الذكور دون الإناث شرط لا تقره الشريعة الغراء، ويجب إبطاله.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :
الوقف قربة يتقرب بها الواقف إلى الله سبحانه وتعالى، وهو داخل في عموم النصوص التي تحث على أفعال البر كما في قوله تعالى :( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) سورة البقرة الآية 267. وقوله تعالى :( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) سورة آل عمران الآية 92 ويدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه البخاري ومسلم.
وثبت في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا، فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ)رواه البخاري ومسلم .
وجاء في رواية أخرى أن عمر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم :( إن المئة سهم التي بخيبر لم أصب مالاً قط أعجب إليَّ منها وقد أردت أن أتصدق بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : احبس أصلها وسبل ثمرتها ) رواه النسائي وابن ماجة والبيهقي وهو حديث صحيح كما قال الألباني في إرواء الغليل 6/31 .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علَّمه ونشره وولداً صالحاً تركه ومصحفاً ورَّثه أو مسجداً بناه أو بيتاً لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه بعد موته ) رواه ابن ماجة وابن خزيمة وهو حديث حسن كما قال الألباني ، صحيح سنن ابن ماجة 1/46 . وغير ذلك من النصوص .
إذا تقرر هذا فنعود إلى ما ذكره السائل من شرط الواقف بحرمان البنات من وقفيتة فأقول إن كثيراً من الواقفين للوقفيات الأهلية أو الذرية يشترطون شروطاً لا تقرها الشريعة الإسلامية، ومن ذلك حرمان البنات، وهذا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي أوجبت العدل بين الذكور والإناث.
ومن المعلوم عند أهل العلم أن الإنسان ليس حراً فيما يشترطه من شروط في عقوده ومعاملاته بل لا بد أن تكون هذه الشروط لا تتعارض مع قواعد الشريعة وأصولها.(98/22)
قال الإمام البخاري في صحيحه :
[ باب المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله ... وقال ابن عمر أو عمر : كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مئة شرط ] ثم روى البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت :( أتتها بريرة تسألها في كتابها فقالت : إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرته ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق . ثم قام رسول الله على المنبر فقال: ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ! فمن اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مئة شرط ) رواه البخاري .
قال الحافظ ابن حجر:
[ وأن المراد ما خالف كتاب الله ثم استظهر على ذلك بما نقله عن عمر أو ابن عمر وتوجيه ذلك أن يقال المراد بكتاب الله في الحديث المرفوع حكمه وهو أعم من أن يكون نصاً أو مستنبطاً فكل ما كان ليس من ذلك فهو مخالف لما في كتاب الله ] فتح الباري 6/282 .
ولا شك أن اشتراط حرمان الإناث من الوقفية مخالف للأحكام الشرعية التي أمرت بالعدل بين الأبناء فعن عامر قال : سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول :( أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة - أم النعمان - : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله . قال عليه الصلاة والسلام : أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال : لا . فقال صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ، قال فرجع فرد عطيته ) رواه البخاري . وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير والد النعمان :( لا تشهدني على جور أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء . قال : نعم . قال : أشهد على هذا غيري ) رواه أبو داود بسند صحيح .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( سووا بين أولادكم في العطية لو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء ) رواه سعيد بن منصور والبيهقي، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، وغير ذلك من الأحاديث .
فبناءً على ذلك فيجب إبطال هذا الشرط لمعارضته للشريعة كما سلف، ولا ينبغي التمسك بما قرره الفقهاء أن شرط الواقف كنص الشارع، حيث إن بعض الفقهاء اعتبروا هذه القاعدة موجبة لتنفيذ شروط الواقفين وأنه يجب العمل بها مهما كانت وإن خالفت الشرع، وهذا غير مسلم، وغير مقبول.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
[ وقد اتفق المسلمون على أن شروط الواقف تنقسم إلى صحيح ، وفاسد ، كالشروط في سائر العقود.
ومن قال من الفقهاء : إن شروط الواقف نصوص كألفاظ الشارع ، فمراده أنها كالنصوص في الدلالة على مراد الواقف لا في وجوب العمل بها أي أن مراد الواقف يستفاد من ألفاظه المشروطة كما يستفاد مراد الشارع من ألفاظه فكما يعرف(98/23)
العموم والخصوص والإطلاق والتقييد والتشريك والترتيب في الشرع من ألفاظ الشارع فكذلك تعرف في الوقف من ألفاظ الواقف .
مع أن التحقيق في هذا أن لفظ الواقف ولفظ الحالف والشافع والموصي وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها ، سواء وافقت العربية العرباء أو العربية المولدة أو العربية الملحونة أو كانت غير عربية وسواء وافقت لغة الشارع أو لم توافقها فإن المقصود من الألفاظ دلالتها على مراد الناطقين بها فنحن نحتاج إلى معرفة كلام الشارع لأن معرفة لغته وعرفه وعادته تدل على معرفة مراده وكذلك في خطاب كل أمة وكل قوم فإذا تخاطبوا بينهم في البيع والإجارة أو الوقف أو الوصية أو النذر أو غير ذلك بكلام رجع إلى معرفة مرادهم وإلى ما يدل على مرادهم من عادتهم في الخطاب وما يقترن بذلك من الأسباب .
وأما أن تجعل نصوص الواقف أو نصوص غيره من العاقدين كنصوص الشارع في وجوب العمل بها فهذا كفر باتفاق المسلمين إذ لا أحد يطاع في كل ما يأمر به من البشر - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - والشروط إن وافقت كتاب الله كانت صحيحة . وإن خالفت كتاب الله كانت باطلة كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب على منبره وقال :( ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل . وإن كان مئة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق ] مجموع الفتاوى.
وقال العلامة ابن القيم :
[ فالصواب الذي لا تسوغ الشريعة غيره عرض شرط الواقفين على كتاب الله سبحانه وعلى شرطه، فما وافق كتابه وشرطه فهو صحيح، وما خالفه كان شرطاً باطلاً مردوداً، ولو كان مئة شرط، وليس ذلك بأعظم من رد حكم الحاكم إذا خالف حكم الله ورسوله، ومن رد فتوى للمفتي، وقد نص الله سبحانه على رد وصية الجانف في وصيته والآثم فيها مع أن الوصية تصح في غير قربة، وهي أوسع من الوقف، وقد صرح صاحب الشرع برد كل عمل ليس عليه أمره، فهذا الشرط مردود بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يحل لأحد أن يقبله، ويعتبره ويصححه ... معنى قولهم : شرط الواقف كنص الشارع ثم إن العجب العجاب قول من يقول: إن شروط الواقف كنصوص الشارع، ونحن نبرأ إلى الله من هذا القول، ونعتذر مما جاء به قائله، ولا نعدل بنصوص الشارع غيرها أبداً.
وإن أحسن الظن بقائل هذا القول حمل كلامه على أنها كنصوص الشارع في الدلالة وتخصيص عامها بخاصها وحمل مطلقها على مقيدها واعتبار مفهومها كما يعتبر منطوقها، وأما أن تكون كنصوصه في وجوب الإتباع وتأثيم من أخل بشيء منها فلا يظن ذلك بمن له نسبه ما إلى العلم فإذا كان حكم الحاكم ليس كنص الشارع بل يرد ما خالف حكم الله ورسوله من ذلك فشرط الواقف إذا كان كذلك كان أولى بالرد والإبطال ] إعلام الموقعين 1/315-316 .
وقال العلامة صديق حسن خان :
[ والحاصل أن الأوقاف التي يراد بها قطع ما أمر الله به أن يوصل ومخالفة فرائض الله - عز وجل - فهي باطلة من أصلها لا تنعقد بحال . وذلك كمن يقف على ذكور(98/24)
أولاده دون إناثهم، وما أشبه ذلك فإن هذا لم يرد التقرب إلى الله تعالى بل أراد المخالفة لأحكام الله عز وجل والمعاندة لما شرعه لعباده، وجعل هذا الوقف الطاغوتي ذريعة إلى ذلك المقصد الشيطاني فليكن هذا منك على ذكر فما أكثر وقوعه في هذه الأزمنة ] التعليقات الرضية 2/515-516 .
وخلاصة الأمر:
أنه ينبغي إبطال الشرط بحرمان البنات من الوقفية وإذا لم يمكن الإلغاء أمام المحكمة الشرعية فالمطلوب هو أن يصطلح المنتفعون بالوقفية على إلغاء الشرط .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ثقب أذن المولودة
جرت العادة في بلادنا بثقب أذن البنات بعد الولادة من أجل تعليق القرط بها، وقد قال لي أحدهم: إنه ممنوع في الشرع؛ لأنه يؤذي الفتاة الصغيرة.فأفيدوني جزاكم الله خيراً ... السؤال
20/09/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يجوز ثقب أذن الجارية من أجل وضع القرط؛ لأنه من زينة المرأة فيما بعد، ولا حرج على هذا ولا نكير؛ لأن الصحابة كانوا يفعلونه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن ينكر عليهم أو ينزل الوحي بالمنع.
يقول الشيخ صالح الفوزان ـ من علماء المملكة العربية السعودية:
لا بأس بثقب أذن الجارية لوضع الحلي في أذنها، ومازال هذا العمل يفعله الكثير من الناس، حتى كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النساء كن يلبسن الحلي في آذانهن وغيرها من غير نكير.[انظر: "صحيح البخاري"]
وأما كونه يؤلم الجارية؛ فالمقصود بهذا مصلحتها؛ لأنها بحاجة إلى الحلي، وبحاجة إلى التزين؛ فثقب الأذن لهذا الغرض مباح ومرخص فيه لأجل الحاجة، كما أنه يجوز جراحتها للحاجة وكيها للحاجة والتداوي، كذلك يجوز خرق أو ثقب أذنها لوضع الحلي فيه؛ لأنه من حاجتها، مع أنه شيء لا يؤلم كثيرًا، ولا يؤثر عليها كثيرًا. أهـ
كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
أباح الفقهاء ثقب أذن الجارية لإلباسها القرط . وليس لذلك مكان محدد في كتب الفقه، وقد ذكره الحنفية في كتاب الحظر والإباحة، وذكره القليوبي في كتاب الصيال، وذكره بعضهم فيما يحق للولي فعله في الصغير المولى عليه.. قد أباح لها الإسلام أن تتخذ من وسائل الزينة ما يكفل لها المحافظة على أنوثتها، فيحل ثقب أذنها لتعليق القرط فيه . يقول الفقهاء: لا بأس بثقب آذان النسوان، ولا بأس بثقب آذان الأطفال من البنات؛ لأنهم كانوا يفعلون ذلك في زمان رسول الله صلى الله عليه(98/25)
وسلم من غير إنكار، يقول ابن القيم: الأنثى محتاجة للحلية فثقب الأذن مصلحة في حقها . ويباح لها التزين بلبس الحرير والذهب دون الرجال؛ لأنه من زينة النساء، فقد روى أبو موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { حرام لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم } قال ابن قدامة: أبيح التحلي في حق المرأة لحاجتها إلى التزين للزوج والتجمل عنده . كذلك يجوز لها أن تخضب يديها، وأن تعلق الخرز في شعرها، ونحو ذلك من ضروب الزينة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الحجاب في الأديان السماوية
في الأيام الماضية هالنا أن هناك في بلاد الغرب من يحارب الحجاب؟ فهل الحجاب فريضة إسلامية فقط تخص المسلمين دون غيرهم أما ماذا؟
... السؤال
07/01/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فكل الشرائع السماوية أمرت المرأة بالحجاب ونهتها عن التبذل والسفور،ودعتها للحجاب وصون نفسها، وذلك لأن الفضيلة من الأخلاق الحميدة والتهتك والعري من الأخلاق المذمومة، وستر العورة وحجبها عن الظهور مما تعبَّد به الله جميع الناس من لدن آدم وقد أمر الله أبا البشر آدم بسترها وكان كشف العورة دليلا على طاعة الشيطان فقال تعالى:
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ".
قال الإمام القرطبي في تفسير الآية:
في الآية دليل على قبح كشف العورة, وأن الله أوجب عليهما الستر; ولذلك ابتدرا إلى سترها, ولا يمتنع أن يؤمرا بذلك في الجنة; كما قيل لهما "ولا تقربا هذه الشجرة"
وقد كان الحجاب أيضا عند اليهود وقد تأكد هذا في أكثر من نص من نصوص التوراة، وكتب اليهود أن الحجاب عندهم مشروع ولازم، فقد ورد في التوراة المتداولة في أيديهم وبمواضع عديدة، منها: ما في سفر التكوين، إصحاح 24 آية 64 ـ 65: ورفعت برقعة عينيها فرأت الحق فنزلت عن الجمل، وقالت: للعبد من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟ فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت.
وفي الإصحاح 47/3 في مقام تهديد المرأة بارتكابها المعاصي: اكشفي نقابك، شمري الذيل، اكشفي الساق، اعبري الأنهار، تنكشف عورتك وتري معاريك.
وواضح المراد من النص هو التهديد بالفضيحة والعار، إن كشفت المرأة عن عوراتها.(98/26)
والحجاب أيضا في المسيحية وقد تأكد وجوبه من عدة أدلة وشواهد ونصوص تحث على الحجاب وعدم التبرج ووجوب التزام الحشمة والتفرغ لإدارة البيت والأسرة، من ذلك رسالة «بولس» يقول فيها عن النساء، وأمّا كلّ امرأة تصلّي أو تتنبّأ ورأسها غير مغطّى فتشين رأسها لأنّها والمحلوقة شيء واحد بعينه. إذ المرأة إن كانت لا تتغطّى: فليُقص شعرُها.
وفي (1كورنث 11: 30) احكموا في أنفسكم: هل يليق بالمرأة أن تصلّي إلى الله وهي غير مغطّاة؟!
(1تيمو 2: 9) النّساء يزيِن ذواتهن بلباس الحشمة لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثّمن.
جاء في رسالة بطرس الأولى [ 3 : 1 ]:
(( كَذَلِكَ، أَيَّتُهَا النساء، اخْضَعْنَ لأَزْوَاجِكُنَّ. حَتَّى وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بِالْكَلِمَةِ، تَجْذِبُهُ زَوْجَتُهُ إِلَى الإِيمَانِ، بِتَصَرُّفِهَا اللاَّئِقِ دُونَ كَلاَمٍ، 2وَذَلِكَ حِينَ يُلاَحِظُ سُلُوكَهَا الطَّاهِرَ وَوَقَارَهَا. 3وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَلاَّ تَعْتَمِدَ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ لإِظْهَارِ جَمَالِهَا، بِضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ. وَإِنَّمَا لِتَعْتَمِدِ الزِّينَةَ الدَّاخِلِيَّةَ، لِيَكُونَ قَلْبُهَا مُتَزَيِّناً بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ وَالْهُدُوءِ. هَذِهِ هِيَ الزِّينَةُ الَّتِي لاَ تَفْنَى، وَهِيَ غَالِيَةُ الثَّمَنِ فِي نَظَرِ اللهِ! 5وَبِهَا كَانَتْ تَتَزَيَّنُ النِّسَاءُ التَّقِيَّاتُ قَدِيماً، فَكَانَتِ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ تَتَّكِلُ عَلَى اللهِ وَتَخْضَعُ لِزَوْجِهَا. ))
ولهذا نرى الراهبات المسيحيات محجبات، وهذا راجع إلى أن الفضيلة ملمح من ملامح الأديان السماوية الصحيحة قبل تحريف بعضها.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
سن اليأس يختلف من امرأة لأخرى
بلغت الخامسة والخمسين، وأرى الدم، فهل هذا حيض فأمتنع عن الصلاة والصوم؟ ... السؤال
04/09/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
تقدير السن التي ينقطع فيها الحيض تختلف من امرأة إلى أخرى، وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه السن، فبعضهم قال: سن الخمسين أو الخمسة والخمسين، وبعضهم قال: ستون سنة وقال آخرون غير ذلك، لكن نقول إنه بين الخمسين والستين، فإذا انقطع الدم بعد الخمسين فهو سن اليأس، وإن لم ينقطع الدم فتسأل عن مثيلاتها، ويعرف النساء دم الحيض من غيره.
لكن الحكم الغالب أن ما تراه المرأة بعد الخمسين لا يعد دم حيض، بل هو دم استحاضة، فلا تقطع الصلاة والصوم. أ.هـ
ويمكنكم مطالعة الفتاوى التالية:(98/27)
بداية سن الحيض واليأس منه
سن اليأس والإنجاب
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
عمل المرأة في مهنة الكوافير
ما حكم الشرع فيما يسمى بكوافير السيدات فيما إذا كانت تقوم به سيدة ؟ ويتمثل هذا العمل في تصفيف الشعر للمحجبات وغيرهن وأخذ شعر من الحاجبين والوجه والذقن وعمل الماكياج للعرائس وغير العرائس، وهل الكسب العائد من ذلك حلال أم حرام؟
... السؤال
19/05/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فيقول الدكتور أحمد الطيب مفتي مصر :
إذا كان الحال كما ورد في السؤال فإنه يجوز للمرأة أن تعمل فيما يسمى بالكوافير ، وذلك بتصفيف الشعر للمحجبات ، وبأخذ الشعر من الحاجبين ، بشرط ألا يصل إلى حد التنمص ( وهو الإزالة الكاملة لشعر الحاجبين أو ترقيقهما ترقيقا يخرجهما عن الشكل الطبيعي للحاجبين ) ، وذلك لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة .
أما إزالة الشعر عن الوجه والذقن وبقية الجسد فجائز ولا شيء فيه، ويجوز للمرأة أن تمارس مهمة تزيين الزوجة زوجها ،والعرائس لأزواجهن، وذلك لما رواه الطبري أن امرأة أبي إسحاق دخلت على عائشة رضي الله عنها ، وكانت شابة جميلة يعجبها الجمال ، فقالت :"المرأة تتحف جبينها لزوجها؟ فقالت رضي الله عنها :" أميطي عنك الأذى ما استطعت"، فمثل هذه الأعمال لا مانع من أن تقوم بها المرأة .
وبالنسبة لتصفيف شعر غير المحجبات ، فإنه ينبغي على المرأة المسلمة العاملة بالكوافير أن تتجنبه قدر الإمكان ، فإن كانت مضطرة لذلك ، بحيث لا يمكنها الاعتذار عن مثل هذا العمل ، فالإثم في هذ ه الحالة على التي تصفف شعرها ، وتخرج به دون حجاب ، ولا إثم على التي تقوم بهذا العمل ،مادامت مضطرة إليه.
ويمكن الاطلاع على هذه الفتوى بعنوان :
حكم الشرع في كوافير المرأة
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
كيف لا أكون متبرجة ؟
أنا فتاة مسلمة ، أحب الجمال وأحب أن أفرح بشبابي ،ولكني أكره أن أعصي الله، وأخشى أن أكون متبرجة ، فما الحد الذي يمنعني من التبرج ؟ ... السؤال(98/28)
19/05/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فخلاصة ما جاء في كلام الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أن الحد الذي يمنع من التبرج هو غض المرأة بصرها ، وعدم الاختلاط الفاحش بالرجال ، وأن تكون ملابسها موافقة للشرع .
وإليك نص كلامه :
والذي يخرج المرأة المسلمة عن حد التبرج ويسمها بأدب الإسلام أن تلتزم الآداب التالية:
(أ) غض البصر: فإن أثمن زينة للمرأة هو الحياء، وأبرز عنوان للحياء هو غض البصر قال تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن).
(ب) عدم الاختلاط بالرجال اختلاط تلاصق وتماس، كما يحدث ذلك في دور السينما ومدرجات الجامعات وقاعات المحاضرات ومركبات النقل ونحوها في هذا الزمان. وقد روى معقل بن يسار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". المخيط: ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوهما.
(ج) أن تكون ملابسها موافقة لأدب الشرع الإسلامي. واللباس الشرعي هو الذي يجمع الأوصاف التالية:
أن يغطي جميع الجسم. عدا ما استثناه القرآن في (ما ظهر منها) وأرجح الأقوال أنه الوجه والكفان.
ألا يشف ويصف ما تحته. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "أن من أهل النار نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ... لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"
ومعنى كاسيات عاريات: أن ثيابهن لا تؤدي وظيفة الستر فتصف ما تحتها لرقتها وشفافيتها.
دخلت نسوة من بني تميم على عائشة -رضي الله عنها- وعليهن ثياب رقاق، فقالت عائشة: "إن كنتن مؤمنات فليس هذا بثياب المؤمنات".
وأدخلت عليها امرأة عروس عليها خمار رقيق شفاف فقالت: لم تؤمن بسورة (النور) امرأة تلبس هذا.
ألا يحدد أجزاء الجسم، ويبرز مفاتنه، وإن لم يكن رقيقا شفافا، كتلك الثياب التي رمتنا بها حضارة الجسد والشهوة -أعني الحضارة الغربية- التي يتسابق مصممو الأزياء فيها في تفصيل الثياب التي تبرز النهود والخصور والأرداف ونحوها، بصورة تهيج الغرائز وتثير الشهوات الدنيا، فلابساتها كاسيات عاريات أيضا، وهي أشد إغراء وفتنة من الثياب الرقيقة الشفافة.
ألا يكون مما يختص بلبسه الرجال كالبنطلون في عصرنا، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال، كما لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ونهى المرأة أن تلبس لبسة الرجل، والرجل أن يلبس لبسة المرأة.(98/29)
ألا يكون لباسا اختص بلبسه الكافرات من اليهوديات والنصرانيات والوثنيات، فإن قصد التشبه بهؤلاء محظور في الإسلام الذي يريد لرجاله ونسائه التميز والاستقلال في المظهر والمخبر، ولهذا أمر بمخالفة الكفار في أمور كثيرة. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم".
(د) أن تلتزم الوقار والاستقامة في مشيتها وفي حديثها وتتجنب الإثارة في سائر حركات جسمها ووجهها؛ فإن التكسر والميوعة من شأن الفاجرات لا من خلق المسلمات. قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) سورة الأحزاب:32.
(هـ) ألا تتعمد جذب انتباه الرجال إلى ما خفي من زينتها بالعطور أو الرنين أو نحو ذلك. قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن).
فقد كانت المرأة في الجاهلية حين تمر بالناس تضرب برجلها، ليسمع قعقعة خلخالها فنهى القرآن عن ذلك، لما فيه من إثارة لخيال الرجال ذوي النزعات الشهوانية، ولدلالته على نية سيئة لدى المرأة في لفت أنظار الرجال إليها زينتها.
ومثل هذا في الحكم ما تستعمله من ألوان الطيب والعطور ذات الروائح الفائحة، لتستثير الغرائز، وتجذب إليها انتباه الرجال، وفي الحديث: "المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني: زانية".
ومن هنا نعلم أن الإسلام لم يفرض على المرأة -كما يقال- أن تظل حبيسة البيت، لا تخرج منه إلا إلى القبر، بل أباح لها الخروج للصلاة وطلب وقضاء الحاجات، وكل غرض ديني أو دنيوي مشروع. كما كان يفعل ذلك نساء الصحابة ومن بعدهم من خير القرون. وكان منهن من يخرج للمشاركة في القتال والغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الخلفاء والقواد. وقد قال عليه الصلاة والسلام لزوجه سودة: "قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن".
وقال: "إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها". وفي حديث آخر: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".
وقد ذهب بعض العلماء المتشددين إلى أن المرأة يحرم عليها أن تنظر إلى أي جزء من الرجل، مستدلين بما رواه الترمذي عن نبهان مولى أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ولميمونة، وقد دخل عليهما ابن أم مكتوم: "احتجبا" فقالتا: إنه أعمى. قال: "أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟" ولكن المحققين قالوا: إن هذا الحديث غير صحيح عند أهل النقل؛ لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لا يحتج بحديثه.
وعلى تقدير صحته فإن ذلك منه عليه السلام تغليظ على أزواجه لحرمتهن، كما غلظ عليهن أمر الحجاب؛ كما أشار إليه أبو داود وغيره من الأئمة .. ويبقى معنى الحديث الصحيح الثابت، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تقضي عدتها في بيت أم شريك ثم استدرك فقال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل إعمى، تضعين ثيابك ولا يراك".
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(98/30)
بيع ذهب الزوجة دون إذنها
امرأة باع زوجها بعض ما تملكه من ذهب، وأتاها بالمبلغ وهي تقول إنها لا تريد أن تبيع الذهب، فما الحكم الشرعي في تصرف زوجها؟! ... السؤال
18/05/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد ذهب العلماء إلى أن بيع ما يخص الآخرين من أملاكهم، يسمى بيع الفضولي، وهو بيع صحيح ولكنه يتوقف في نفاذه على إجازة المالك الأصلي.
وبيع الرجل مصاغ زوجته يدخل في هذا النطاق، فهو تصرف فضولي، تتوقف صحته على إجازة الزوجة، وذلك لأن للزوجة ذمة مالية مستقلة، والأولى والأفضل مع هذه الذمة المالية أن تشاور المرأة زوجها فيما تصرفه، وذلك تطييباً لخاطر زوجها ومحافظة منها على العشرة الزوجية.
وذلك لأن للمرأة ذمة مالية مستلقة عن ذمة زوجها المالية، وتصرف الزوج في الذهب دون رضاها لا يجوز شرعا.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
هذا التصرف بالبيع من قبل الزوج يسمَّى بيع الفضولي، وهو أن يبيع الشخص ملك غيره دون إذنه، أو يبيع ملكه وهو غائب.
وهذا العقد يعتبر عقداً صحيحاً، لكن لا يصبح لازماً للمالك الأصلي إلا إذا أجازه، فإذا لم يُجزه يعتبر باطلاً، ودليل صحة هذا البيع وعدم نفاذه إلا برضا المالك الأصلي، ما رواه البخاري عن عروة البارقي أنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بدينار لأشتري له به شاة، فاشتريت له به شاتين، بعتِ إحداهما بدينار وجئته بدينار وشاة، فقال لي: "بارك الله في صفقة يمينك". فأنت بالخيار: إما أن تجيزي ما فعل زوجك من البيع أو تبطليه.أ.هـ
قال الإمام النووي في شرح الحديث إن من فوائده : " أن تصرف المرأة في مالها جائز ،ولا يشترط إذن الزوج سواء تصرفت في الثلث، أو أكثر وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور . وموضع الدلالة من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل هل هو من مالها ويخرج من الثلث أو بإذن الزوج أم لا ؟ ولو اختلف الحكم لسأل" انتهى.
ويمكنكم مطالعة الفتاوى التالية:
هل للمرأة ذمة مالية مستقلة؟
الذمة المالية للمرأة
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استعمال الأطعمة والأغذية في التجميل
هل يجوز استعمال الحنة مع صفار البيض لتسريح الشعر؟أو استعمال بعض الأطعمة للتجميل؟ ... السؤال(98/31)
27/04/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فاستخدام بعض الأطعمة والأغذية الطبيعية في غير الأكل مباح شرعا ، مادام في ذلك الفعل فائدة للإنسان ، لأن الاصل في الأشياء الإباحة ، حتى يرد نص بالتحريم.
يقول الشيخ ابن باز مفتي السعودية رحمه الله :
لا حرج في ذلك إذا كان فيه فائدة استعمال الحنة مع صفار البيض أو غيره من الأمور المباحة - لا بأس إذا كان فيه فائدة للشعر بتطويله أو تمليسه أو غيرها من مصالحه أو بقاءه وعدم سقوطه . انتهى
ويقول الشيخ ابن عثيمين من علماء السعودية رحمه الله :
من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله -عز وجل- لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج، فإن هذا لا بأس به، لقوله تعالى: ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) فقوله تعالى " لكم" يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم، وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه فاستعمالها أولى..
وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به ويغفل كثيراً من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا الأمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
قص شعر المرأة دون إذن الزوج
هل يجوز للمرأة أن تقص شعرهادون إذن من الزوج ولو كان قليلا ،أم يجب إذن الزوج؟
... السؤال
22/03/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فإن كان الأخذ من الشعر قليلا ، بحيث لا يلحظه الزوج، ولا يغير من شكلها، فلا يشترط فيه إذن الزوج ،أما إن كان ملحوظا يغير من شكلها ، فواجب على المرأة استئذان الزوج ،لأن شعرها نوع من الزينة لزوجها، فوجب استئذانه .
وإليك فتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :
هناك نوع من تقصير الشعر للمرأة لا يحس به الرجل، إذا كان شيئاً قليلاً تعتاده المرأة بين الحين والحين، حتى لا يطول شعرها جداً، ويكلفها جهداً في ترجيله وتمشيطه، وهو معتاد من عامة النساء، ولا يحتاج فيه عادةً إلى إذن من الزوج.(98/32)
وهناك نوع آخر من التقصير الذي يغير شكل المرأة وصورتها أمام زوجها، وقد ألفها على صورة معينة مدة من الزمن، فإذا هي تفجؤه بصورة أخرى غير مألوفة له، فكأنما هي امرأة جديدة، فهذا اللون من التقصير الظاهر هو الذي يحتاج إلى تفاهم بين الزوجين قبل تنفيذه، حتى تستمر المودة والوئام بينهما.
والأصل في المسلمة أنها لا تكشف شعرها في الطريق، ولا أمام الرجال الأجانب عنها، غير المحارم لها، ومن ثَمَّ يكون الزوج هو أول من يحق له الاستمتاع بجمال شعر زوجته والنظر إليه على الصورة التي يحبها.
والزوجة العاقلة هي التي تحرص على كل سبب يبقي المحبة وحسن العشرة بينها وبين زوجها وينميها، فبهذا تتكون البيوت الصالحة التي هي أساس المجتمعات الصالحة.أ.هـ
ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان أستاذ الشريعة بجامعة الإيمان باليمن :
تقص بعض النساء شعورهن في الوقت الحاضر باعتبار أن هذا القص من نوع الزينة لشعورهن، أو يفعلن ذلك لوجود تجعد في شعورهن لا ينفع معه إلا تقصير الشعر بقص شيء من طوله، فيكون هذا القص بمثابة تزيين وتجميل للمرأة ولشعرها بالذات.
ويبدو لي أن هذا القص سواء كان بسبب التجعد في الشعر أو لغير هذا السبب، وإنما لمحض الزينة في نظر المرأة، هذا القص جائز –كما يبدو لي- لأنه لا يدخل في مفهوم حلق شعر رأس المرأة، وتقصير شعر المرأة للتحلل من الحج جائز، فإلحاق قص شعرها للزينة في حكم الجواز بقص شعر رأسها لتحلل من الحج أولى بحلق رأسها المحظور.
وللزوج حق الطاعة على زوجته و أساس هذا الحق هو ما للزوج من حق القوامية على المرأة إذ لا معنى لحق القوامية بدون حق الطاعة.
وأدلة هذا الحق:
أولاً: قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء..) وقد جاء في تفسير هذه الآية: "وأن عليها –أي على الزوجة- طاعته وقبول أمره –أي طاعة الزوج وقبول أمره- ما لم تكن معصية".
ثانيًا: قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، إن الله كان عليًا كبيرًا). قال الإمام الكاساني في هذه الآية: "أمر الله تعالى بتأديبهن بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن، ونهى عن ذلك إذا أطعن أزواجهن. بقوله عز وجل: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً) فدل أن التأديب كان لترك الطاعة، فدل على لزوم طاعتهن للأزواج.
ثالثًا: وقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، قال الرازي في تفسير هذه الآية: "إن الزوج كالأمير والراعي، والزوجة كالمأمور والرعية، فيجب على الزوج بسبب كونه أميرًا وراعيًا أن يقوم بحقها ومصالحها، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج.(98/33)
والزوجة الصالحة هي التي تطيع زوجها، قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات..). قال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: (فالصالحات قانتات) ما يأتي:
"واعلم أن المرأة لا تكون صالحة إلا إذا كانت مطيعة لزوجها؛ لأن الله تعالى قال: (فالصالحات قانتات) وحرف الألف واللام في الجمع يفيد الاستغراق، فهذا يقتضي أن كل امرأة تكون صالحة فهي لا بد أن تكون قانتة مطيعة. قال الواحدي رحمه الله: لفظ القنوت يفيد الطاعة، وهو عام في طاعة الله وطاعة الأزواج".أ.هـ
ويقول الشيخ ابن باز مفتي السعودية السابق – رحمه الله - :
قص شعر المرأة لا نعلم فيه شيئاً ، المنهي عنه الحلق ، فليس لك أن تحلقي شعر رأسك لكن أن تقصي من طوله أو من كثرته فلا نعلم فيه بأساً ، لكن ينبغي أن يكون ذلك على الطريقة الحسنة التي ترضيها أنت وزوجك ، بحيث تَتَّفِقِين معه عليها من غير أن يكون في القص تشبُّه بامرأة كافرة ، ولأن في بقائه طويلاً فيه كلفة بالغسل والمشط ، فإذا كان كثيراً وقصَّت منه المرأة بعض الشيء لطوله أو كثرته فلا يضرُّ ذلك أو لأن في قصِّ بعضه جمالاً ترضاه هي و يرضاه زوجها فلا نعلم فيه شيئاً أما حلقه بالكلية فلا يجوز إلا من علة ومرض . أ.هـ
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
قد ثبت في صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ...قَالَ : ( وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ )
والوفرة هي ما يُجاوز الأذنين من الشعر
قال النووي : وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
التصدق من أموال الزوج
أنا ربة بيت، وأحب أن أتصدق، فهل يجوز لي أن آخذ من مصاريف البيت أو من طعامه مثلاً وهي من أموال زوجي وأتصدق بها؟وجزاكم الله خيرا
... السؤال
11/03/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فيفرق العلماء في الصدقة من أموال الزوج بين القليل والكثير، فإن كان المال المتصدق به قليلاً، فلا يشترط إذن الزوج، أما إن كان كثيرا فلابد من علم الزوج وإذنه.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
يجوز للمرأة أن تتصدق من أموال زوجها فيما هو تحت يدها وفي بيتها، لكن لابد من علمه بذلك ورضاه، أما إن كان المتصدَّق به تافهاً بسيطاً وجرى به العرف فلا بأس من الإنفاق دون علم الزوج.(98/34)
وقد روي في ذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً".
وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع: "لا تنفق المرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها"، قيل: يا رسول الله: ولا الطعام؟ قال: "ذلك أفضل أموالنا".
فكل ذلك يدل على اشتراط إذن الزوج ورضاه، أما الشيء القليل التافه فلا بأس به كما قلنا دون علم الزوج، لما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الزبير رجل شديد ويأتيني المسكين فأتصدق عليه من بيته، بغير إذنه، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "أرضخي أي أعطي القليل ولا توعي فيوعي الله عليك؛ أي لا تدخري المال في الوعاء فيمنعه عنك" (رواه البخاري ومسلم وأحمد).أ.هـ
ويمكنكم قراءة الفتاوى التالية:
تصدق المرأة من مال زوجها
حدود تصرف المرأة فى مال زوجها
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة لدراسة الطب
هل يجوز للمرأة السفر لدراسة الطب ، فقد سمعت أنه لا يجوز للمرأةم السفر بدون محرم مسافة تزيد على ثمانين كيلو؟ ... السؤال
18/02/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فسفر المرأة للعلم يجب له أن تكون مع محرم ، فإن تعذر ، فمع نسوة ثقات ، فإن تعذر، فيباح السفر والإقامة إن كان مع طالبات ، هذا إن كان السفر أكثر من ثمانين كيلو ، أما إن كان أقل من ثمانين فيجوز السفر للدراسة ، وقد يباح السفر الطويل إن كانت المرأة لا تجد في بلدها مكانا لهذا العلم الذي قد يعود بالنفع عليها وعلى بنات جنسها كالطب ، مع شرط أمن الفتنة أو النسوة الثقات .
يقول الشيخ المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث
إنّ سفر البنت لمتابعة الدراسة جائز بشرط أن تكون الإقامة في البلد الذي تسافر إليه منضبطة بالقيود الشرعية وهي على التتابع: الإقامة مع محرم لها إن تيسّر ذلك. وإلاّ فالإقامة مع امرأة مسلمة صالحة أو نسوة ثقات. وإلاّ فلا بأس من الإقامة في سكن خاصّ بالطالبات .
أمّا السفر، فإذا كان لأقلّ من ثمانين كليومتراً فهو جائز عند أغلب المذاهب، أمّا إذا كان لأكثر من ذلك فقد يتشدّد كثير من العلماء ويمنعونه، لكنّي أرى مع كثير من العلماء المعاصرين أنّه جائز في هذا العصر، إذا كانت البنت تأمن على نفسها في(98/35)
الطريق، وإذا كان سفرها جائزاً شرعاً (كأن يكون لطلب العلم أو لزيارة الأقرباء المحارم ..) وإذا كانت إقامتها أثناء السفر منضبطة بالقيود الشرعية.
أمّا دراسة الطب للفتاة المسلمة فهو جائز، بل ومستحبّ لأنّه يغطّي حاجة المسلمات إلى طبيبات بدل الأطباء. لكن ممارسة مهنة الطب بعد ذلك تخضع لموافقة الزوج وظروفه، ولا بدّ من أن تنظّم الطبيبة المسلمة وقتها، وتعطي زوجها حقّه.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
نظرة الإسلام للتكامل بين الرجل والمرأة
كيف ينظر الإسلام إلى التكامل بين المرأة والرجل ، وما رأيكم في سعي المرأة أن تتقلد بعض وظائف الرجال الخاصة بهم ؟ ... السؤال
22/01/2003 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فلم يأمر الإسلام أن تكون المرأة بمعزل عن الرجل ، ولا أن تكون معزولة عن المجتمع ، ولكنها لابد أن تبقى المرأة مرأة بلطفها وعطفها ، وأن تتخير لنفسها ما هو أقرب لطبيعتها ، فلابد من التكامل بين الرجل والمرأة ، وهذا يعني ألا يحل أحدهما مكان الآخر .
يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي :
المرأة لم تُعْزَل إلا في عصور الضعف والتَّخَلُّف والانحطاط.
فحينما نقول: إن المرأة المسلمة يجب أن تحتفظ بشخصيتها الإسلامية، فليس معنى هذا أنها ستُعْزَل عن الحياة، أو أنها ستُحْرَم شيئًا من الحقوق.
يمكن أن تَتَعَلَّم، بل يجب أن تَتَعَلَّم، ولكن تَتَعَلَّم في حُدود فطرتها، وفي حدود وظيفتها، المرأة أنثى.. كما قال الله ـتعالىـ: (والليلِ إذا يَغْشَى* والنَّهارِ إذا تَجَلَّى* وما خَلَقَ الذَّكَرَ والأُنْثَى) (الليل: 1ـ3).
وكما خَلَق الله في دورة الحياة اليومية ليلًا ونهارًا، خلَق الذكر والأنثى كما يَتَقابَل الليل والنهار. فكما أن الحياة لا تَتَمُّ إلا بليل ونهار.. فلا بد من ذُكورة وأُنوثة: (ومِنْ كلِّ شيءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) (الذاريات: 49).
وقد أقام الله الكون كله على الازدواج. بل في الجمادات، كالكهرباء: مُوجَب وسالب، كذلك المرأة والرجل يُمَثِّلان المُوجَبَ والسالب.
المرأة ليستْ ضدَّ الرجل ولا خصمًا.. وليستْ هي نفس الرجل، ولذلك قال تعالى: (فاستجابَ لهُمْ ربُّهم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عاملٍ منكم من ذَكَرٍ أو أُنْثَى بعضُكم من بَعْضٍ) (آل عمران: 159). أي: أن المرأة من الرجل، والرجل من المرأة.. ولا يَسْتَغْنِي الرجل عن المرأة ولا تَسْتَغْنِي المرأة عن الرجل؛ ولذلك لا يَصِحُّ أن تَجْعَلَ المرأة نفسها عَدُوًّا للرجل ولا خَصْمًا ولا مُنافِسًا للرجل، بل هي تُكَمِّل الرجل.(98/36)
ومن هنا لما خُلِق آدم وأسكنه الجنة لم يدَعْه وحده؛ لأنه لا معنى لجنة يَعِيشُ فيها آدم وحده، إن الله لما خَلَق له امرأة معه، وقال له: (اسْكُنْ أنتَ وزَوْجُك الجنةَ) (البقرة: 35)، أما جنة بلا حَوَّاء فلا معنى لها، ولذلك قال: (وجَعَلَ منها زوْجَها ليَسْكُنَ إليها) (الأعراف: 189)، إليها؛ لِيُتَمِّمَ سُكونَه وأُنْسَه بها.
الرجل من المرأة، والمرأة من الرجل، لا ينبغي أن تجعلَ المرأة هَمَّها منافسة الرجل ومُعارضة الرجل، ولا يَنْبَغِي لمسلمة الغد أن تجعلَ من نفسها منافسة للرجل، تَعْمَل ما يَعْمَل وتَلْبَس ما يلبس.
في عصرنا اختلط الحابل بالنابل.. المرأة تريد أن تصبح رجلًا، والشاب يَتَأَنَّثُ ويَتَكَسَّر حتى تكاد تَحْسَبه فتاة.
يجب أن يظل الرجل رجلًا بخشونته ورجولته، وتظل المرأة امرأة برقتها ولطفها، وإذا فقد الرجل خشونته وفقدت المرأة لطفها.. فَقَدَتْ الحياة معناها، ومن هنا نهَى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يَلْبَس الرجل لباس المرأة، وتَلْبَس المرأة لباس الرجل، ولَعَنَ المُتَشَبِّهين من الرجال بالنساء، والمُتَشَبِّهات من النساء بالرجال.. ليَظَلَّ كل جنس محتفظًا بخصائصه، كما فَطَرَه الله.
ولذلك تَصَوُّري لمسلمة الغد أنها سَتَحْتَفِظ بأُنوثَتِها.. لا تُنافس الرجل في رُجولته، وإنما تُعاونه على أن يقوم بواجبه، وتَعمل في حدود ما هَيَّأَتْها لها الفِطرة تَعمل مُعَلِّمة وطبيبة ومُمَرِّضة للنساء، بدلًا من أن يَفْحَص المرأة المسلمة رجل أو طبيب، وربما يكون غير مسلم، حتى بعض المَتاجِر إذا كانت تبيع الأشياء الخاصة للمرأة كأشياء داخلية وما شابهها فَلْتَبِعْها المرأة للمرأة.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
صورة المرأة في العصور الأولى للإسلام
لا ندري أين الصواب في صورة المرأة في المجتمع المسلم ، ونريد أن نعرف صورة المرأة في حياة السلف الصالح ؟ ... السؤال
22/01/2003 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فقد كانت المرأة في عصر السلف بدءا من عصر النبي صلى الله عليه وسلم نموذجا فريدا في المجتمع ، فهي تعاون زوجها على متاعب الحياة ، وهي التي تحرض أولادها على الجهاد ، وهي التي تتفقه في الدين ،بل وصل بعضهن إلى مرتبة المشيخة في العلم ، فقد أخذ بعض العلماء عن بعض النساء الحديث والفقه وغيرهما من العلوم الشرعية .
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
كانت المرأة تأتي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسأله في أخص الشئون. حتى إن "عائشة"ـ رضى الله عنهاـ قالت: "رحم الله نساء الأنصار، لم يَمْنَعَهُنَّ الحَياء أن(98/37)
يَتَفَقَّهْن في الدين". حتى في علاقة الرجل بامرأته، وفى علاقة المرأة بزوجها، كانت تسأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ لأنه لا حياء في الدين، وكانت النساء حريصات على اتباع ما أمر الله، ولما نزل قوله ـ تعالى ـ: (وقُلْ للمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ منها ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ علَى جُيُوبِهِنَّ) (النور: 31)، لما نزلت هذه الآية، قالت "عائشة" ـرضى الله عنهاـ: "ذهبتْ نِساءُ الأنصار كل واحدة تَبْحَثُ عن غِطاء عندها، وجِئْنَ إلى الصلاة، وقد وضعْنَ الأَغْطِية على رؤوسهِنَّ وتلَفَّعْنَ، وكأن على رُؤوسِهِنَّ الغِرْبَان".
لم يَنْتَظِرْنَ لحظة واحدة، بل سارعْنَ إلى امتثال أمر الله ـ سبحانه وتعالىـ. وهكذا كان شأن المرأة مع ربها وأوامر دينها.
أما زوجها فقد كانتْ نِعْمَ العَوْنِ له.
المرأة تعين زوجها في العمل :
ذات النِّطاقين "أسماء بنت أبي بكر"ـ رضي الله عنهماـ كانت تُعِينُ زوجها "الزبير بن العوام"، ابن عمةِ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحَوَارِيُّه، كانتْ له أرض على ثُلُثَي فرسخ من المدينة ... أي: عِدَّة كيلو مترات، وكانت تذهب ماشية إلى هذه الأرض، وكانت له فرس فكانت تَدُقُّ لها النوى، ومرة عادَتْ فرآها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماشية فأَرْدَفَها، فَحَكَتْ ذلك لـ"لزبير" فتَأَلَّم لما تُعانِيه من مَشَقَّة، ولكن هذا واجبها، تُساعِد زوجها. المُهِمُّ أن تكونَ مع زوجها وقتَ الشدة وساعة العُسْرة.
كانت "فاطمة الزهراء" ـ بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيدة نساء العالمين ـ، تَكْنِس في بيتها، وتَعْجِن وتَطْبُخ وتَخْبِز، حيث لا يُوجَد خُبْز حاضر، كما هو الحال في زماننا، بل كانت المرأة تَطْحَن الشعير وتَعْجِنه.
طَحَنَتْ "فاطمة"ـ رضي الله عنهاـ حتى مَجِلَتْ يداها وظَهَرَتْ فيها آثارُ هذا الطحن ـ تَقَرَّحَتْ وصار بين الجِلْد واللحم ماء ـ وكانت بعد الطحن تعجن وتخبز.
وذهبت يومًا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تشكو إليه ما تُلاقي، وتَطْلُب خادمًا، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "فاطمة بضعة مني، يُرِيبُنِي ما رابَها"، فقال لها عندما اشتَكَتْ إليه: "ألا أَدُلُّكِ على خير من ذلك.. عندما تَنامِين تُسَبِّحين الله ثلاثًا وثلاثين، وتَحْمَدِينه ثلاثًا وثلاثين، وتُكَبِّرينه ثلاثًا وثلاثين، إن ذكر الله خير لك من الخادم". أي: أن ذِكْرَ الله يَمْنَحُك قوةً رُوحِيَّة تُعِينُك على أعباء الحياة، استعيني بالله عزَّ وجل.
ساعدت زوجها "على بن أبى طالب"؛ لأن عليا لم يكن يَمْلِك في ذلك الوقت أن يأتي لها بخادم يساعدها، فكان لابد أن تُشاطِرَهُ أعباء الحياء، لابد أن تعيش الحياة بحُلْوِهَا ومَرِّها، ووردها وشَوْكها.
هذا هو الإخلاص.. وهذا هو الوفاء.
المرأة في عهد السلف كانت نِعْم العَوْن للزوج، بينما امرأة اليوم تريد نقودًا وثيابًا وحَلْيًا. وتُرِيد أن تكون في مَظْهَرِها أحسن من فُلانة وفلانة، وتُحَرِّض الرجل على أن يُوَفِّر المالَ عن أيِّ طريق كان، حلالًا أو حرامًا.. عزيزًا أو ذليلاً.
المرأة في عصر السلف الصالح كانت تقول لزوجها إذا خرج للعمل أو للتجارة أو نحو ذلك: يا أبا فلان، إياك وكسب الحرام! فإننا نَصْبِر على الجُوع والطَّوَى، ولا(98/38)
نَصْبِر على النار، وغضب الجَبَّار! فلو كان الزوج رِخْو العُود، أو ضعيف الإرادة أمام الحرام، فإن هذه الكلمة من امرأته سَتَجْعَلُه يصحُو لنفسه وبيته، ويستيقظ ضميره، ويُحاسِب نفسه مرة ومرة قبل أن يرتكب حرامًا.
المرأة والجهاد :
وإذا ذهب الرجل إلى الجهاد، ماذا كان موقف زوجته منه؟ لم يكن موقفًا مُثَبِّطًا وإنما كانت تَحُثُّه على الجهاد. فلو قيل لها: ماذا تصنعين أنت وعيالك بلا زوجك؟ قالت لهم في إيمان الواثقة وثقة المؤمنة: إني عرفتُ زوجي أكَّالًا لا رَزَّاقًا، فإن ذهب الأكَّال فإن الرزاق باقٍ!
نريد مسلمة الغد أن تكون صورة من هذه المسلمة. مُعِينة لزوجها على طاعة الله وأداء الواجبات. نريدها صالحة. وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة.
نريدها أُمًّا صالحة تُحْسن تربية أولادها.. نريدها أن تُنَشِّئهم على مكارم الأخلاق، وعلى فضائل الإسلام، وعلى محبة عبادة الله وطاعة الله، وأن تُكَرِّهَهُم في معصية الله، وتُنَفِّرَهم من الرذائل، وتُرَغِّبَهم في الفضائل، وتُذَكِّرهم بالآخرة.
هذه الأمُّ المسلمة عندما يدعو الداعي وينادى منادي الجهاد، وعندما يَدُقُّ ناقوس الخطر، وعندما يقول القائل: يا خيل الله اركبي، ويا كتائب الله سيري.. نَجِدُها تَدْفَع أبناءها لأداء الواجب، كما كانت الأم المسلمة من قبل، فالأم المسلمة كانتْ تَحُثُّ أبناءها على الجهاد.
نريد أُمًّا كـ"الخنساء"... الخنساء هذه كانت لها حالتان: حالة قبل الإسلام، وحالة بعد الإسلام. قبل الإسلام مات أخوها "صخر" وكان أخاها من أبيها، فملأت الدنيا بكاءً وصُراخًا وعَويلًا، نَظَمتْ ديوان شعرٍ، كله بُكاء وعويل على "صخر"..
ومما قالتْ في رثائه:
يُذَكِّرُنِي طُلوعُ الشمسِ صَخرًا وأذْكُرُهُ لكلِّ غُروبِ شَمْسِ
ولَوْلا كثرةُ الباكينَ حَوْلِي على إخوانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسي
وما يَبْكِينَ مِثْلَ أخي ولكِنْ أُعَزِّي النفسَ عنه بالتَّأَسِّي
وقصائدها مشهورة في رثاء أخيها، ولكنها بعد أن دخلت الإسلام، وخالَطَتْ بَشاشة الإيمان قلبها، غَيَّرها الإسلام، وأنشأها خلْقًا آخر، وصاغها من جديد، وأصبحتْ إنسانة أخرى، لها أهداف أخرى، ولها تفكير آخر.
فعندما ذهب أبناؤها ليُقاتِلوا في معركة القادسية في عهد "عمر"ـ رضي الله عنه ـ، ظَلَّتْ تُعَلِّمَهم وتَنْصَحُهم وتَعِظُهم أن يُقْدِمُوا ولا يُحْجِموا، وأن يَثْبُتوا ولا يَتَرَدَّدُوا، وأن يَحْرِصُوا على الشهادة في سبيل الله. وأوْقدَتْ شُعلة الحماسة واليقين في صدورهم، ولهذا لما خاضوا المعركة ـ وكانوا أربعة فرسان ـ كان كل واحد يُذَكِّر أخاه كلما رأى منه بعض التكاسل فيقول له: أَنَسِيتَ وصية الأمِّ العجوز؟ فيُقْدِم غير هَيَّاب ولا وَجِل، وخاضوا المعركة بهذه الروح الإيمانية، وكان أن اختارهم الله جميعًا شهداء.
أربعة قُتِلوا في سبيل الله.
ونعَى الناعي الأبناء الأربعة. وجاء الخبر إلى الأم، فماذا صنعتْ؟
هل لَطَمَتْ خدًّا أو شَقَّتْ جيبًا؟(98/39)
هل دَعَتْ بدَعْوَى الجاهلية؟ هل ضَعُفَتْ؟
موت أربعة!!!
هي أمٌّ، ولكن إيمانها كان أقوى من لَوْعَتِها، فقالت: الحمد لله الذي شَرَّفَنِي بقَتْلِهم في سبيله، وجعلهم شُفَعاء لي يوم القيامة. هذا ما قالته المرأة الأم!!
كما نعرف موقف ذات النِّطاقين "أسماء" من ابنها "عبد الله بن الزبير"، حينما كان يُقاتِل بني أُمَيَّة على الخلافة.
وحينما حُوصِر ولم يبقَ معه إلا أتباع قليلون، وجاء يَسْتَسْلِم، فقالتْ له الأم الصابرة الشجاعة: يا بُنَيَّ، إن كنتَ على الحق فلا تدعْ هؤلاء القوم يلعبون برأسك، فقال لها: يا أمِّ، إني أخشى إذا قُتِلْتُ أن يُمَثِّلوا بي، فقالتْ له: يا بُنَيَّ، إن الشاة لا يَضُرُّها سَلْخُها بعد ذَبْحِها!
و"أم الفضل" ـ زوج العباس عم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما قيل لها: إن ابنك فلانًا قُتِل في البلدة الفلانية، وابنك فلان مات في البلدة الفلانية، فقالت كلمة حكمة: "لقد باعَدَتْ بينهم الهِمَم! ولو كانوا ذَوِي هِمَمٍ مُنْحَطَّة لمَاتُوا حيثُ وُلِدوا".
نريد أمَّ الغد أن تكون على هذا المستوى.
نريد مسلمة الغد مسلمة فاقهة لدينها، عارفة بحياتها، غير معزولة عن الحياة وعن الدين.
نريدها أن تعيش في عصرها، ولكن على ألا تَتَخَلَّى عن دينها.
أنا مُوقِن بأنه لابدَّ أن يأتي هذا اليوم.. وهو قريب.. لتستعيد المسلمة الثقة بدينها، والثقة بشخصيتها، الثقة برسالتها، والثقة بتراثها، وتقول:
أنا لستُ أوربية ولا أمريكية ولا روسية، إني مسلمة، ومعنى مسلمة، أي: من خير أمة أُخْرِجَتْ للناس.
أنا قد رَضِيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبالقرآن كتابًا، وبمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبيًّا ورسولًا.
لا بد أن أظل محتفظة بإسلامي وبقِيَمي الإسلامية، بشخصيتي الإسلامية، وبتقاليدي الإسلامية.
لابد أن تعود إليها هذه الثقة، واحتفاظها بهذا لن يُحْرِمَها من الحياة إطلاقًا، لن يُحْرِمَها شيئًا من حقوق الحياة.
المرأة والتعلم :
لابد أن تَتَعَلَّم؛ لأن طلب العلم فريضة على المرأة، والذين فرضوا الجهل على المرأة في بعض الأوقات كانوا هم جُهَلاء، الجهل عمَّ الرجال والنساء جميعًا.
أما الإسلام فهو يريد التَّعَلُّم لكلا الجِنْسَيْن.
لقد كان من نساء المسلمين مَنْ يُفْتِي الرجال.
نعرف أن الرجال كانوا يَذْهَبُون إلى أُمَّهَات المؤمنين كأمثال السيدة "عائشة" ـ رضى الله عنها ـ و"أم سلمة" ـ رضى الله عنها ـ؛ لِيَرْوُوا عنهنَّ الحديث ويَسْألوهُنَّ في كثير من أمور الإسلام، وكان كِبار الصحابة والتابعين يذهبون إلى السيدة "عائشة" ويسألونها، وكانت تَرُدُّ عليهم، وتَسْتَدِرك عليهم، وقد أُلِّفَ في هذا أكثر من كتاب.(98/40)
أَلَّف الإمام "الزركشي" كتابًا أسماه "الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة"، حيث كانت "عائشة" تَرُدُّ على الصحابة.. فلان مخطئ في كذا، وفلان في كذا.. بكل شجاعة وبكل قوة.
وفي العصور الأخرى كانت النساء المسلمات لهن مجالس.
كانت السيد "سكينة بنت الحسين"، يُرْحَل إليها، وكان لها مجلس علم. وقالوا: إن الإمام "الشافعي" ـ أحد الأئمة الأربعة ـ حضر مجلسها.
كانت بعضهن تَرْوي الحديث، ويأتي الرجل لِيَرْوِي عنها قائلا:
حَدَّثَتْنِي الشيخة الصالحة المُسْنِدة فلانة بنت فلان.
الحافظ "ابن حجر العسقلاني" ـ أعظم شارح لـ"لبخاري"، وأمير المؤمنين في الحديث ـ يقول: إن من شيوخي فلانة بنت فلان.
أحد أئمة المذهب الحنفي، ومن كِبار علمائه، كانت له بنت تُفْتِي كما يُفْتِي أبوها. ويَخْرُج الخَطُّ من بيت أبيها وعليه توقيع الأب.. وتوقيع البنت بأنها أَقَرَّتِ الفَتْوَى.
وقد زَوَّجها لأحد تلاميذه، وهو أيضًا من كبار العلماء، وهو "علاء الدين الكاساني"، وكان يُسَمَّى: (مَلِك العلماء). ألَّفَ كتابًا في الفقه الحنفي، اسمه "بدائع الصنائع"، وهو عبارة عن تَوْسِعة لكتاب شيخه وأستاذه المُسَمَّى: "تُحْفَة الفُقَهاء"، ولذلك قال العلماء: شَرَح تُحْفَته وتَزَوَّج ابنتَه! وكانت الفتوى ـ أيضًاـ تخْرُج وعليها توقيع ابنته وتوقيع زوج ابنته.. البنت كانت تُفْتِي، كما يُفْتِي أبوها، كما كان يُفْتِي زوجها.
وأيضا نجد أن "أبا حيان" كان له من شيوخه ثلاث نساء ذَكَرَهُنَّ، ونَوَّه بِهِنَّ.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
النظر إلى الصور العارية
يدعي البعض أن النظر إلى العورة غير النظر إلى صورتها ، فهل صحيح هناك من الآراء الفقهية التي ترى أن يباح النظر إلى صورة العورة ، وبالتالي النظر إلى الصور الخليعة ؟ وما مدى صحة هذا الكلام؟ ... السؤال
14/01/2003 ... التاريخ
الشيخ عبد الخالق الشريف ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
النظر إلى عورة المرأة الأجنبية حرام ، وكذلك صورتها فتأثير الصورة في النفس لا يختلف عن المشاهدة بالعيان للعورات ، وما يدعيه البعض أمر باطل منكر ، لا سند له صحيح من الشرع.
ويقول فضيلة الشيخ عبد الخالق الشريف ـ من علماء مصر ـ فيمن ادعى إباحة النظر للصور الإباحية:
إن الصور الإباحية محرمة في ذاتها؛ لأنها تكشف عورات النساء، أو عورات الرجال إن كانت كاشفة للعورة المغلظة، وكشف العورات مما عوقب به آدم -عليه(98/41)
السلام- حين عصى ربه في الجنة، فإنه حينما أكل مع زوجته حواء من الشجرة التي حرمها الله عليهما، كشفت سوءاتهما، فكانت الفطرة السليمة المسارعة لتغطية هذه السوءة، والمسارعة بتورية هذه السوءة.
أما القول إن الصورة لا تأخذ حكم الأصل، فهذا قول لا يستند على دليل، فللصورة تأثيرها في نفس الرائي، وتحرك في الناظر إليها غرائزه، وتظهر له الفتن، والعبرة في الأمر بالمرء العادي الطبيعي، أما من تبلَّد حسه أو فقد شهوته، فعلى مثل هذا فلا يقاس، فإن قومًا قد يشربون زجاجة من خمر فلا يصيبهم من السكر شيء، فهل يصبح الخمر لهم حلالاً، هذا ما لم يقل به أحد، ولكن العبرة في مقياس تحريم الخمر بالمرء الطبيعي الذي لم يشرب هذه المسكرات، فإن أثَّرت عليه صارت محرمة على الجميع، كذلك فإن الصورة التي تؤثر في الشاب المراهق تصبح محرمة على جميع المسلمين؛ لأنها كاشفة للعورة مهيجة للشهوة.
ومثل هذه الفتوى نرى عدم الاعتداد بها، خاصة أن هؤلاء الشباب قد عرف عنهم الفتوى في كثير من الأمور على اختلاف ما عليه أهل العلم.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
صبغ الشعر بالميش
أخوتي أفيدوني أفادكم الله ما حكم صبغ الشعر بما يعرف بالميش فقد سمعت بأنه حائل ويمنع الطهارة وبوجوده لا يصل الماء للشعر ولكم جزيل الشكر
... السؤال
13/01/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
صبغ الشعر بالميش اختلف العلماء فيه بين مجيز ومانع ، على أننا نرجح المنع نظرا إلى أنه في إجراء المرأة لهذا اللون من التزين تقليد للنساء المجتمعات غير الإسلامية، علاوة على الضرر الذي به إن تحقق وجود الضرر.
وعن حكم وضوء من صبغت شعرها بالميش ، فإذا كان له جُرم يمنع من وصول الماء للشعر فحكمه حكم ( المانوكير) فيجب إزالته قبل الوضوء .
يقول الشيخ خالد بن عبد الله الخليوي ـ من علماء السعودية :
أمَّا بالنسبة لوضع (الميش) على الشعر، فننصح بعدم استخدامه؛ لا لأنه يمنع وصول الماء، فهو لا يمنعه، بل لما يتضمَّنه من التقليد للمجتمعات غير الإسلامية .
وجاء في فتاوى الشبكة الإسلامية ـ قطر :
فلا بأس في الصبغ بالميش ما لم يكن بالسواد، ولم يسبب ضرراً لأنه قد قيل: إنه يؤدي إلى تساقط الشعر، فإن كان كذلك فالأولى اجتنابه.أهـ
ويقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بجامعات سورية :(98/42)
سألت من قديمٍ أهل الاختصاص عن الميش ، فقالوا : إنه يحرق الشعر ويلوِّنه ، ولا يترتب عليه إلصاق مادة عازلة للماء عن الشعر ، وحينئذ يصح الاغتسال ، والمسح عليه في الوضوء ، وهو دواء كيماوي طاهر ، ولا إشكال فيه . أهـ
ويقول فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع ـ عضو هيئة كبار العلماء ـ السعودية :
لا يخفى أن من شروط الوضوء: إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، فإذا كان هذا الصبغ المسمى الميش فيه مادة تغلف الشعرة، بحيث لا يصل إليها الماء في الاغتسال أو المسح على الرأس في الوضوء، فهذا غير جائز لأنه يمنع من استكمال الطهارة، حكمه في ذلك حكم طلاء أظفار الأصابع بما يسمى المناكير، أما إذا كان لا يغلف الشعرة وإنما يصبغها فقط كالحناء، فلا يظهر لي بأس في جوازه وصحة الوضوء.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم الأكل من ذبيحة المرأة
هل تجوز ذبيحة المرأة إذا لم يكن من يقوم بالذبح من الرجال ؟ ... السؤال
02/01/2003 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
الأكل من ذبيحة المرأة جائز إذا التزمت المرأة الذابحة بشروط الذبح ،وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذبح المرأة.
يقول فضيلة الشيخ عبد الباري الزمزمي ـ عضو رابطة علماء المغرب :
ذبيحة المرأة صحيحة سواء كان الرجل موجودا أو لم يكن ، فالذكاة لها شروط إذا توفرت في الذبيحة كانت صحيحة سواء كان المذكي رجلا أو امرأة ، وهذه الشروط جمعها حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول :( ما أنهر الدم و ذكر اسم الله عليه فكل؛ ليس السن والظفر) .
فالشروط ثلاثة :
أولها: إهراق الدم بذبح الحيوان في عنقه .
ثانيها :ذكر اسم الله على الذبيحة بأن يقول الذابح: ( بسم الله ) عند الذبح .
ثالثها: أن تكون آلة الذبح حادة سكينا أو نحوه مما يعجل بالقضاء على الحيوان، و لا تكون سنا أو ظفرا أو خشبة، أو غير ذلك من الأدوات التي لا تجهز على الذبيحة بالسرعة المريحة لها، فكل من حقق هذه الشروط جازت ذبيحته وكانت حلالا رجلا كان أو امرأة.
جاء في فتاوى الشبكة الإسلامية ـ قطر :
ثبت في صحيح البخاري أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمر بأكلها.(98/43)
وعند البخاري أيضاً أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما بسلع، فأصيبت شاة منها، فأدركتها فذبحتها بحجر، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كلوها".
وقد بوب الإمام البخاري على هذين الحديثين بقوله: باب ذبيحة المرأة والأمة.
قال الحافظ ابن حجر: قوله: باب ذبيحة الأمة والمرأة: كأنه يشير إلى الرد على من منع ذلك، وقد نقل محمد بن عبد الحكم عن مالك كراهته، وفي المدونة جوازه.
وفي وجه للشافعية: يكره ذبح المرأة الأضحية، وعند سعيد بن منصور بسند صحيح عن إبراهيم النخعي أنه قال في ذبيحة المرأة والصبي: لا بأس إذا أطاق الذبيحة وحفظ التسمية، وهو قول الجمهور... إلى أن قال: وفيه جواز أكل ما ذبحته المرأة ، سواء كانت حرة، أو أمة كبيرة أو صغيرة، مسلمة أو كتابية طاهراً أو غير طاهر، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بأكل ما ذبحته ولم يستفصل، نص على ذلك الشافعي، وهو قول الجمهور. انظر: فتح الباري .
ومن هنا تعلم أن الراجح هو أنه لا بأس بأن تذبح المرأة بيدها كالرجل سواء بسواء.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم استمناء المرأة المتزوجة
سيادة الشيخ الفاضل: آسفة جدا لهذا السؤال ولكنى أعلم أنه لا حرج في الدين وأريد ألا أستمر في الخطأ إذا كان خطأ كبير لا رحمة فيه.
كما هو مبين من اسمي فأنا امرأة متزوجة ولي أبناء ولكن عندي مشكلة أعلم أنها خطأ ولكن لا أعلم مدى حرمتها وهي العادة السرية. ما حكم ممارستها للمرأة المتزوجة عند ترك زوجها لها لفترات بعيدة لظروف العمل والسفر أو للمرأة الأرملة أو حتى للمرأة إذا طال الجفاء بينها وبين زوجها؟
آسفة مرة أخرى وأرجو إفادتي بحكمها بشكل واضح وصريح حلال أم حرام.
وإذا كانت حراما هل علي شيء أقوم به لأكفر به؟
وجزاكم الله خيرا
... السؤال
23/12/2002 ... التاريخ
الشيخ عبد الخالق الشريف ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
العادة السرية محرمة ،ولو كانت مباحة لأرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم مع الصوم ، ولذا لا يسوغ فعله في الأمور العادية ، ومن غاب عنها زوجها وتضررت بغيابه فعليها بإعلامه أنها تضرر من هذا السفر وعلى الزوج أن يقوم بإشباع رغبة زوجته فيما يتعلق بالمعاشرة الجنسية .
ومن وصل بها أمر الشهوة حدا جعلها مخيرة بين أن تقوم بالزنا أو أن تلجأ إلى هذه العادة ففي هذه الحالة أجاز العلماء فعل العادة السرية من باب ارتكاب أخف الضررين .(98/44)
يقول فضيلة الشيخ عبد الخالق الشريف فقيه وداعية مصري :
جزاك الله خيرًا على سؤالك عن دينك، وكما قلت: إن الله لا يستحيي من الحق. والسؤال عن الدين ليس فيه حرج، وقد سألت النسوة النبي صلى الله عليه وسلم في أمور كثيرة تتعلق بهن.
الضابط لهذا السؤال قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} (من سورة المؤمنون والمعارج).
ومن هنا نستفيد أن الله ما أحل المتعة بين الرجل والمرأة إلا إذا كان بين زوجين، أو بين سيدٍ وسُريته (مملوكته)، ثم أخبر تعالى قائلاً: {فمن ابتغى وراء ذلك}، أي من ابتغى المتعة الجنسية بأي وسيلة خلاف ذلك؛ فهو متعدٍ لحدود الله.
ومن هنا فاللواط وهو متعة الرجل للرجل، والسحاق وهو متعة المرأة بالمرأة، وما يعرف بالعادة السرية، وهو الاستمناء للرجال، وما تفعله النساء لإتمام الشهوة، كل هذا فيه تعدٍ على حدود الله، وبالتالي هو باطل ومحرم.
ولقد دل النبي صلى الله عليه وسلم الشباب مطلقًا شاملاً بذلك الذكور والإناث: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" (أي حماية). والشاب كما له شهوة، فإن للمرأة شهوة. وعلى ذلك فأولى بالمرأة التي يغيب عنها زوجها لعمل أو سفر، أو للأرملة التي لا زوج لها، أن تكثر من الصيام؛ فإنه حماية لها وكسر لشهوتها.
ومن العجيب أن المقصود ليس قلة الطعام، ولكن المقصود عين الصيام، لأن الصوم يكسر الشهوة بما لا يفعله قلة الطعام.
أما التي يهجرها زوجها فنقول لهذا الزوج: اتق الله في امرأتك، فإن من حقها عليك أن تعفها. وكذلك نقول للزوج الذي يسافر سفرًا طويلاً، لأي ظرف من الظروف: اتق الله في أمر زوجتك، وعد إليها بين الحين والآخر، فعفة النساء بإمتاعهن بالحلال من مسئولية الرجل.
أما إذا حدث ظرف أو غلبت المرأة شهوة، كادت بسببها أن تقع في الزنا، بمعنى أنه وجد أمامها أسبابه وتهيأت ظروف الوقوع في الزنا، لا مجرد أمر احتمالي، أو خيال نفسي، وكادت المرأة أن تقع في الزنا، ففي مثل هذه الحالة من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، أجاز الإمام أحمد فيما ينقل عنه، أن يفعل الرجل أو غيره العادة السرية من باب ارتكاب أدنى الضررين بتفويت أعلاهما.
ولكن الذي ننصح به أيتها الأخت الفاضلة الآتي:
1 - الإكثار من الصيام.
2 - صحبة الأخيار.
3 - الابتعاد عن المثيرات الجنسية مثل الأفلام، أو المسلسلات، أو النظر في الجرائد، أو غيرها مما يؤدي إلى إثارة الجانب الجنسي، وكل إنسان يعلم ما يثيره.
4 - الإكثار من تلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه.
5 - الإكثار من ذكر الله.(98/45)
6 - ألا تجلسي خالية بنفسك فترة طويلة، مما يعين الشيطان على الإنسان، أو يزكي فيه أمر المعصية.
7 - الانشغال بالكثير من الطاعات كعيادة المرضى، ومساعدة المحتاج، والسهر على الأولاد، وفعل الخيرات التي تجعلك في شغل دائم.
فإنك إذا فعلت مثل هذا، أشعر أن الله سيعينك على ما أنت فيه. وليس عليك شيء فيما تكوني قد وقعت فيه من قبل إلا أن تتوبي توبة نصوحاً، بمعنى ألا تعودي لمثل هذا.
أعاننا الله وإياك على التوبة من كل معصية، وتقبل توبتنا وتوبتك.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
مسابقة ملكات الجمال
تظهر على الساحة بين فترة وآخرى مسابقات لاختيار ملكات جمال العالم ، ويتم انتقاء الفائزة وفق شروط غاية في الإسفاف ، ويحدث هذا الان في كثير من بلدان المسلمين فهل هذا جائز ؟ ... السؤال
09/12/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإن مسابقات ملكات الجمال تقليد غربي يدخل في نطاق البدعة ، فلقد صان الإسلام المرأة ونأى بها أن تمتهن بهذه الطريقة ، فحفظ لها جسدها وكيانها كله .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
مِن البِدَعِ التي وفدتْ إلينا من البيئات الغربيَّة عنا تلك البِدْعة التي ظهرت ضيِّقة النطاق أولاً، ثم أخذتْ تَذِيعُ وتستشري كالوباء، بدعة إقامة المباريات المكشوفة، لاستعراض أجسام النساء، وأَخْذ مقاييس أغلب أطرافهن وأعضائهن، وهُنَّ في حالة أقرب إلى العُرْي والتجرُّد، مما لا يرتضيه عُرْفٌ سليم، ولا تَصَوُّنٌ كريم، ولا دِين إلهيّ يَهدِي إلى سواء السبيل.
إن الإسلام ينظر إلى المرأة على أنها موطن للصيانة والحصانة، فهي رمز العِفَّة والوَقَار، وهؤلاء الذين يُقيمون مباريات ملكات الجمال يتخذون المرأة سلعة مُمْتَهَنَة يتَّجِرُون فيها، إرضاء للرغبات والأهواء وتافه المقاصد.
ولذلك لا ينظر الإسلام إلى هذه المسابقات بعين الرضا أو القبول، ولسنا ندري سرَّ الشَّغَف بإجراء المسابقات بين أجسام النساء المتجرِّدات، وهناك ألوان من المسابقات الكريمة في مجالات العلوم والفنون والآداب والصناعات المختلفة، ويمكن عن طريق هذه المباريات الهادفة إلى التنافس الشريف النظيف وبذْل الجهود والطاقات لإبراز المَلَكات والخيرات في شتى شؤون الحياة ؟.
والأجدر بأبناء الإسلام ألا يُقلِّدوا الغرباء عنهم أو المفسدين منهم تقليدًا أعمى وقد آن الأوان أن يمدُّوا يد الإصلاح والتهذيب إلى هذه المسابقات المتحلِّلة؛ ليقيموها على سواء السبيل، حتى تكون مسابقات يَرْضَى عنها الدِّين الحنيف. أ.هـ(98/46)
حكم مسابقات ملكات الجمال
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الختان بين الكتاب والسنة
تحدث البعض عن الختان ،وقالوا :إن الختان لا دليل له من الكتاب ،وأن الأحاديث فيه ضعيفة،فمارأيكم في هذا الكلام؟ ... السؤال
30/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
فالأحكام الشرعية تؤخذ من أدلتها كالقرآن والسنة والإجماع والقياس وغير ذلك من أدلة التشريع ، ولا يشترط للحكم أن ينص عليه في الكتاب ، فكثير من العلماء يرون أن السنة قد تستقل ببعض الأحكام ،وإن رأى البعض أن أصل هذه الأحكام في القرآن والخلاف بينهما لفظي ،فالسنة أتت بأحكام لم تذكر في القرآن .
والختان من الأمور المشروعة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم وجعلها من سنن الفطرة ،وقد يستشهد لها من القرآن بقوله تعالى :"ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا "،ومن المعلوم أن إبراهيم عليه السلام قد اختتن.
والأحاديث الواردة في الختان فيها ماهو صحيح يحتج به ،وليست كلها ضعيفة.
وقد اختلف الفقهاء في حكم الختان للرجال والنساء،فمنهم من جعله في حق الرجال واجبا ،ومنهم من جعله سنة ،وأما في حق النساء ،فهو إما سنة أو مكرمة ،وليس هناك من الشرع ما يحظر على النساء فعله ،شريطة أن يقوم به طبيبة ثقة أو طبيب ثقة ، وذلك في الرجال والنساء ،وإن كان الأمر في النساء آكد.
وعلى كل ،فالختان مشروع ولا يمكن القول بخلاف هذا لا في النساء ولا في الرجال،والمطلوب هو أن يتم في وجود طبيب ثقة ،وإن لم تفعله المرأة فلا حرج عليها في هذا ،لأنه في حقها مكرمة على الراجح وليس بواجب فلا تلزم به .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بالجامعات السورية :
أحكام الشرع تؤخذ في أصلها إما من القرآن الكريم أو السنة النبوية، ولا يوجد آية في القرآن تدل على مشروعية الختان، إلا آية {ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} [النحل: 16/123]. وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة، كما ثبت في الحديث المتفق عليه عند أحمد والبخاري، وصح عن ابن عباس أن الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن هن خصال الفطرة ومنهن الختان، وثبت في شرعنا فيما رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي من حديث عائشة أن الختان من خصال الفطرة العشر. ويؤيد ذلك حديث ((من أسلم فليختتن)) وحديث عُثيم عند أحمد وأبي داود: ((ألق عنك شعر الكفر واختن))، وحديث أم عطية عند الحاكم والطبراني والبيهقي وأبي نعيم، وكانت خافضة (مطهِّرة) بلفظ ((أشمي ولاتنهكي)) أي اقطعي بخفة شيئاً قليلاً ولا تجوري.(98/47)
لكن الحق أن هذه الأحاديث في مجموعها وإن طعن في بعضها لاتدل على الوجوب، فيكون الختان في حق الرجال والنساء سنة فقط، قال النووي: وهو قول أكثر العلماء، ومنهم الإمامان مالك وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى. وقال الشافعي وآخرون: الختان واجب في حق الرجال والنساء. وأوجبه الناصر الإمام يحيى من الزيدية في حق الرجال لا النساء، فهو تكرمة أو سنة لا واجب.
الخلاصة: إن الختان مطلوب شرعاً على أنه سنة في الراجح من الأقوال في حق الرجال، وتكرمة أو سنة في حق النساء، لاسيما بالنسبة للنساء في الأقاليم الحارة، بعكس الباردة. ودليله ثابت في السنة الشريفة الصحيحة، على أنه من خصال الفطرة، وأدلة إيجابه غير متوافرة في الواقع. والطب قديماً وحديثاً يؤيد مشروعية ختان الرجال، على سبيل التنظف ومنع الالتهابات في قُلْفة عضو الرجل بسبب تجمعّ الميكروبات والأوساخ أو الفيروسات في هذا المكان، حتى صار الختان من الشعائر الإسلامية المتميزة عن غيرها، فلايصح لمسلم إنكاره. والسنة إجراؤه في الصغر قبل البلوغ، ولا مانع من إجرائه حال الكبر .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم الزيادة عن العامين في الرضاعة
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حسب علمي أن إرضاع الطفل عامين .فهل هناك إثم إذا أرضعت الطفل أكثر عن هذه المدة؟ إذا هناك إثم في إرضاع الطفل أكثر عن هذه المدة بشهر أو شهرين فما هي الكفارة عن ذلك ؟ وشكرا لكم وجزاكم الله خيرا ... السؤال
29/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
يقول تعالى في سورة الأحقاف (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) ومعنى هذه الآية - والله أعلم - أن مجموع مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً، سنتان منها هي مدة الرضاع المثلى، لقوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) وهذه الآيات تشير إلى أن الفترة المثلى للإرضاع هي حولان كاملان ، وهذا على سبيل الإرشاد لا الوجوب بحيث لا يلزم من مخالفة هذه المدة زيادة أو نقصانا إثم تترتب عليه عقوبة.فإذا زادت المدة شهر أو أكثر لمصلحة الرضيع فلا إثم في ذلك ولا كفارة.
جاء في فتاوى موقع الشبكة الإسلامية ـ قطر:
أرشد القرآن إلى تحديد الفترة التي ينبغي أن تكون بين كل مولودين في ذكره لفترة الحمل وفترة الرضاع في قوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة:233]. وفي قوله: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف:15].(98/48)
فنبه القرآن هنا على أن الفترة المثلى في نظر الإسلام بين كل مولودين هي ثلاثون شهراً، وهو مجموع فترة الرضاع، وأقل أمد الحمل.
وهذا التحديد إنما هو على سبيل الإرشاد لا على سبيل الإلزام؛ لأن موضوع الحمل والرضاع والفطام متروك للأسرة، تقرر فيه ما ترى على أساس المصلحة للرضيع ولأمه، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) [البقرة: من الآية233].
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
مبيت الأجنبية في بيت أجنبي أثناء السفر
السلام عليكم
أنا أقيم في بلد أوروبي، وأعرف فتاة من بلدي تسكن في مدينة أخرى تمر بعض الاحيان على المدينة التي أسكن فيها، فأستضيفها في بيتي
حيث تبيت في غرفة منفصلة لمدة يوم أو أكثر أحيانا، وهي مأمونة وعفيفة وتبقى بحجابها وسترها،
هل في الأمر من حرج؟ وهل يدخل هذا في الخلوة غير المشروعة؟ علما انها لا تأمن على نفسها الا في بيتي،
وتثق بي وأنا أأمنها على نفسي تماما.
... السؤال
29/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
فيقول الدكتور عبد الله الفقيه :
فإذا كان في البيت غيرك، وكان المكان الذي ستقيم فيه الفتاة مكانا منفصلا عن المكان الذي تقيم فيه أنت في مرافقه ، كالحمام والمطبخ وغيرهما: فلا نرى مانعا من نزولها عندكم، إذا كان الوضع على الحال الذي ذكرته في السؤال من أنها هي فتاة مأمونة ومتحجبة، وأنك أنت تأنس من نفسك القدرة على السلامة من كل ما يجر إلى ما حرم الله، خصوصا أنك ذكرت أنها لا تأمن على نفسها ما لم تبت عندكم.
أما إذا لم تتوفر هذه الشروط المتقدمة: فلا تسمح لها أبدا بأن تبيت معك، فالسلامة لا يعادلها شيء، واعلم أن شرط عدم الاشتراك في المرفق العام كالحمام والمطبخ والممر مدخلا أو مخرجا، نص عليه ابن حجر الهيتمي الشافعي في فتاويه.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
استظهار الحائض
بسم الله الرحمن الرحيم أود أن أن أسأل سيادتكم عن معنى الاستظهار الذي تفعله المرأة في أيام الحيض ما معنى الاستظهار؟ و ما كيفيته؟ و لكم جزيل الشكر ... السؤال(98/49)
07/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
استظهار المرأة الحائض يقصد به أن تحتاط المرأة لنفسها في فترة الحيض بأن تجلس ثلاثة أيام بعد انقطاع الحيض حتى تتأكد أنها قد طهرت من الحيض .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
الاستظهار يكون بمعنى بمعنى الاحتياط , قال صاحب اللسان : " في كلام أهل المدينة إذا استحيضت المرأة , واستمر بها الدم فإنها تقعد أيامها للحيض , فإذا انقضت استظهرت بثلاثة أيام , تقعد فيها للحيض ولا تصلي , ثم تغتسل وتصلي .
قال الأزهري : ومعنى الاستظهار في قولهم هذا : الاحتياط والاستيثاق " .
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسول المحجبات
شاعت ظاهرة التسول للنساء المحجبات في بلادنا فبدأ البعض بمحاربة هذه الظاهرة واقترح عدم السماح بالتسول إلا للسافرات غير المحجبات؛ مرة بدعوى أنهن غنيات ومرة أخرى بدعوى أنهن أصبحن سببا لعدم احتجاب كثير من النساء اللاتي يقلن بأنهن لا يردن لبس زي المتسولات؛ مما أثار حفيظة الآخرين الذين يسمحون لهن بالتسول أخذا بظاهر حالهن وبرؤيتهن أن إجبار المتسولة على خلع الحجاب كبيرة.
فما هو الصحيح في ميزان الشرع وفقكم الله لما يحب ويرضى؟
... السؤال
07/10/2002 ... التاريخ
أ.د عبد المعز حريز ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
التسول ظاهرة منتشرة في الكثير من بلاد العالم ،وهي غير قاصرة على مجتمع دون آخر ، وفي الآونة الأخيرة صار حرفة للكثيرين ، وانتشار ظاهرة تسول المحجبات يجعلنا أمام أمرين إما أن نعطيهم بمعروف أو نردهم بإحسان ، أما أن يطلب من المتسولة المحجبة خلع حجابها حتى لا تسيء للمحجبات فهذا لا يجوز.
يقول د عبد المعز حريز ـ أستاذ الفقه وأصوله في الجامعة الأردنية:
إن موضوع التسول المنتشر في الكثير من البلاد الإسلامية مقلق لأنه يزداد في كل يوم، ولأن عددا كبيرا من هؤلاء اتخذوا التسول صنعة فهم لا يتسولون للحاجة وإنما بعضهم على هيئة موظف عند متسول كبير.
لكن مع هذه المعلومات التي نعرفها جميعا فإننا أمام حكم شرعي أمام هؤلاء المتسولين. هذا الحكم من جانبين:(98/50)
الجانب الأول:
إننا مأمورون إما أن نعطيهم ، أو نردهم بالحسنى ما دمنا لا نعرف حالهم.
والجانب الآخر:
يتعلق بلباسهم، وهو موضع السؤال فإنه لا يحل لنا أن نلزم فتاة مسلمة بخلع الحجاب بمثل هذه الحجج الواردة في السؤال أيا كانت النتائج التي يقولها بعض الناس، كالدعاية السيئة للمحجبات، أن بعض الناس يرفضن لبس الحجاب لأن بعض المتسولات يلبسنه، وهي حجج واهية لا يبنى عليها حكم شرعي.
والمرأة المسلمة حتى لو كانت كاذبة في دعواها في موضوع التسول، وكانت غنية ،أو تتخذ التسول صنعة فإنه لا يحل لأحد أبدا أن يأمرها بخلع الحجاب، ولكن الذي نستطيعه ويستطيعه ولي الأمر أن يمنع التسول بتوفير الحاجيات الأساسية للفقراء منهم، ومحاسبة من يتخذ التسول صنعة.
وبهذا يمكن منع التسول بشكل كبير.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
ترك الصلاة بسبب نزيف الحمل والإجهاض
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: زوجتي حامل بالشهر الثاني ونزل منها دم وما زال الدم مستمراً بالنزول حتى أقرّ الاطباء سقوط الحمل وأثناء ذلك... تركت الصلاة وما زالت. فما الحكم لترك الصلاة لهذا السبب ؟ وما حكم الصلاة الفائتة لهذا العذر؟ولكم جزيل الشكر ... السؤال
16/09/2002 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء :
اختلف الفقهاء قديماً وحديثاً في هذا الدم الذي تراه الحامل أهو حيض أم استحاضة؟ فذهب مالك والشافعي في أصح قوليه وغيرهما إلى أن الحامل تحيض، وذهب أبو حنفية وأحمد والثوري وغيرهم إلى أن الحامل لا تحيض وأن الدم الظاهر لها دم فساد وعلة إلا أن يصيبها الطلق فإنهم أجمعوا على أنه دم نفاس ، وأن حكمه حكم الحيض في منعه للصلاة وغير ذلك من أحكامه.
وسبب اختلافهم في ذلك صعوبة الوقوف على ذلك بالتجربة واختلاط الأمرين فإنه مرة يكون الدم الذي تراه الحامل دم حيض، ومرة يكون دم علة ومرض وسببه ضعف الجنين ومرضه التابع لضعفها ومرضها، وهو في الأكثر دم علة.
ومن هنا وبما أن الأطباء أقروا بأنه يجب إسقاط الحمل فإنه يتبين أن الدم هو دم علة ومرض ، وهذا يعني أنه يعطى حكم دم المستحاضة وهي التي تتوضأ لكل صلاة وتصلي ولو وجد الدم بكثرة .(98/51)
وبناء عليه فإن على الأخت التي حصل لها هذا وتركت الصلاة تلك الأيام الماضية أن تعيد قضاء الصلوات.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم تركيب الرموش المستعارة
ما حكم تركيب الرموش المستعارة بغرض الزينة للزوج ، أو في المناسبات النسائية الخاصة مع عدم الظهور بها في أمام الرجال ،و جزاكم الله خيرا ؟ ... السؤال
04/09/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
الرموش المراد بها الأهداب أي الشعر النابت على الأجفان, وقد خلقه الله تعالى لحماية العينين من الأتربة والأقذار، وهو شعر ثابت لا يطول ولا يقصر, وقد اختلف العلماء هل يدخل تركيب الرموش الصناعية في وصل الشعر المنهي عنه أو لا ؟ فمن العلماء من أدخله في وصل الشعر المنهي عنه فحرمه ، ومنهم من لم يدخله فيه، وجعل الأمر على الإباحة فيجوز للمرأة أن تضعه للزوج فقط إلا أنه فضَّل الترك خروجا من الخلاف ، وعلى المرأة أن ترضى بما قدر الله لها، أما إن كانت المرأة بلا رموش أو ذات رموش مريضة ففي هذه الحالة أجاز العلماء لها تركيب الرموش الصناعية للضرورة وتكون بالقدر الطبيعي.
يقول الدكتور عبد الله الفقيه مشرف مركز الفتوى بموقع الشبكة ـ قطر :
إذا كان تركيب الرموش لضرورة كمن أصيب بمرضٍ أو حرق أو نحوه من الآفات عافى الله المسلمين من كل بلاء فأتلف هدب رموش العين مما أدى إلى تغير شكله وقبح صورته فهذا إن شاء الله لا حرج فيه إذا كان بالقدر المطلوب فالضرورات تقدر بقدرها.
أما إذا كانت هذه الرموش للزينة فقد حصل بها مفسدتان:
الأولى: أنها تغيير لخلق الله.
والثانية: أنها دخلت تحت النهي العام الوارد عن نبيّنا صلى الله عليه وسلم حيث ورد عنه أنه "لعن الواصلة والمستوصلة" [متفق عليه]. والواصلة هي: التي تصل شعرها بشعر غيرها.
أهـ
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
لا يجوز تركيب الرموش لأنه في حكم وصل الشعر .أهـ
ويقول فضيلة الشيخ سلمان العودة من علماء المملكة العربية السعودية :
الوصل الوارد لعْن فاعله هو وصل شعر الرأس، ولا يظهر دخول الرموش فيه، لكن إن كانت رموشها قليلة، وتؤثر على جمالها ونفسيتها فلا بأس عليها بالرموش الصناعية، وإلا فالأفضل تركها.(98/52)
أهـ
ويقول الشيخ ناصر الفهد من علماء المملكة العربية السعودية :
لا يظهر لي فيها شئ ، فليست من باب -الوصل- لاختلافها عنه من وجوه، وهي قريبة من باب -تحمير الوجه وتزيينه الجائز- ومن باب -تركيب سن الذهب وأنف الذهب عند الحاجة- والأصل في هذه الأشياء الإباحة إلا عند قيام الدليل الحاظر .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم الرطوبة التي تخرج من المرأة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ماحكم الرطوبة التي تخرج من المرأة أحياناً في أيام الحمل من بعض النساء وأحياناً في غير أيام الحمل هل هي نجسة؟ وهل يجب منها الوضوء؟ ولكم جزيل الشكر
... السؤال
04/09/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
الصحيح أن الرطوبة التي تخرج من مخرج الولد في أيام الطهر أو الحمل طاهرة إذا لم يخالطها دم ، ولا دليل على أنها تنفض الوضوء، أما ما يخرج من مجرى البول وهو يتصل بالمثانة فحكمه كالبول لأنه نجس ، وهو ينقض الوضوء لأنه خارج من أحد السبيلين .
يقول الشيخ محمد بن حمد الحمود عضو لجنة الفتوى بجمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت :ـ
الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة لها مجريان:
(1) مجرى الولد وهو يتصل بالرحم.
(2) مجرى البول وهو يتصل بالمثانة، فالخارج منه نجس.
أما الخارج من مجرى الولد فالصحيح أنه طاهر إذا لم يخالطه دم وهو ما اختاره ابن قدامه في المغني .
قال: لأن عائشة (رضي الله عنها) كانت تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من جماع فإنه ما احتلم نبي قط، وهو يلاقي رطوبة الفرج. انتهى
وما ذكر ظاهر جداً في إنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعتبر رطوبة فرج المرأة نجسة حتى في حال الجماع وإلا لأمر عائشة (رضي الله عنها) بغسل ثوبه بدلاً من فركه.
وهو أيضاً من الأمور التي تعم بها البلوى فلو كانت نجسة لبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم والقول بالنجاسة أيضاً فيه حرج شديد على النساء والرجال.
والحرج مرفوع في هذه الشريعة السمحة، والقول بالطهارة قول جمهور الفقهاء، فالحنفية قالوا بذلك انظر: (حاشية ابن عابدين 1/349)، والشافعية في مذهبهم قولان منصوصان عن الإمام ونصر النووي والرافعي رواية الطهارة انظر:(98/53)
(المجموع: 2/570 ـ 571)، والحنابلة قد مر معك قول ابن قدامة من الحنابلة وهو ما رجحه ابن مفلح في الفروع (1/248) والبهوتي في شرح منتهى الإرادات (1/301)، والشرح الممتع للشيخ محمد العثيمين رحمه الله (1/390 ـ 392).
حكم نقض الوضوء بالرطوبة أو بالسوائل التي تخرج من المرأة:ـ
أما ما يخرج من مخرج البول فهو ينقض الوضوء لأنه خارج من أحد السبيلين، فحكمه كالبول، لكن ما يخرج من مخرج الولد في أيام الطهر أو الحمل فلا دليل على أنه ينقض الوضوء.
قال ابن حزم في المحلى : لا ينقض الوضوء غير ما ذكرنا، لا رعاف ولا دم سائل من شيء من الجسد أو من الحلق أو من الأسنان... إلى قوله: ولا شيء يخرج من فرج المرأة من قصة بيضاء أو صفراء أو كدرة أو كغسالة اللحم...
ثم قال: برهان إسقاطنا الوضوء من كل ما ذكرنا هو أنه لم يأت قرآن ولا سنة ولا إجماع بإيجاب وضوء في شيء من ذلك. انتهى
واختار عدم النقض أيضاً: أبو الوليد بن رشد من المالكية كما في الذخيرة (1/421) للقرافي.
ويؤيده حديث أم عطية (رضي الله عنها) قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً (رواه البخاري 1/426) زاد أبو داود: بعد الطهر شيئاً.
والكدرة: الماء الذي يميل إلى السّواد.
والصفرة: الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار، وعلى هذا فالراجح عدم النقض، وإن أخذت امرأة بقول من يقول إنه ناقض احتياطاً فلا إنكار عليها.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
الحجاب بين العادة والتشريع
تتعالى بعض الأصوات في هذه الأونة منادية أن الحجاب عادة اجتماعية وليس هناك دليل من القرآن أو السنة على فرضيته ،فما الرأي في ذلك؟
... السؤال
24/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لم يكن الحجاب في الإسلام يوما ما عادة اجتماعية ، ولا يعني وجود الشيء قبل الإسلام أنه ليس من الإسلام ،فكثير من الأمور الحميدة التي وجدت قبل الإسلام أقرها،لأن الإسلام دين الفطرة النقية ، وقد جاءت نصوص شرعية كثيرة تدل على فرض الحجاب دون تحديد هيئة أو شكل له ، وجاءت نصوص أخرى تحذر من التبرج والتعري ، فكان هذا دليلا واضحا على شرعية الحجاب وستر عورة المرأة .
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر :
رُزِئ المجتمع الإسلامي في أيامنا هذه بمَن يُريدون التخلُّص من أسُس الإسلام وثوابته؛ توطئةً لهدم الإسلام في جُملته، وانطلاقًا من هذا المَقصِد السيئ تعرَّض(98/54)
البعض لموضوع حجاب المرأة، فزعم أنه ليس من أمر التشريع الإسلامي، وإنما هو مجرد ملبَس جرى عُرْف النساء في المجتمع على ارتدائه حتى قبل ظهور الإسلام، وبوُسْع المجتمع أن يتخلَّص منه إذا ظهر أنه لا جدوى من ارتدائه، لا سيما أنه مُعَوِّق للعمل، ولا يُعَدُّ دليلًا على التزام مَن ترتديه من النساء بأحكام الإسلام وتعاليمه، فضلًا عن عدم مناسبته لمكانة المرأة التي ينبغي أن لا يُنظَر إليها كجسد، يجب تغطيته وحبسه في البيت، إلى غير ذلك مما يتذَرَّع به نُفاة الحجاب.
وفي البداية نقرر أن الحجاب ليس عادة اجتماعية، كما توهَّم البعض، وإنما هو أمر تشريعي وفريضة فرضها الله تعالى على نساء هذه الأمة؛ صيانة لهن وخوفًا عليهن من أذًى قد يتعرَّضْنَ له من غير المُبالين بالحلال والحرام، وسدًّا للذريعة إلى الفساد في المجتمع المسلم، ومن الأدلة الكثيرة الدالَّة على فرضية ستر المرأة عورتها ما يلي :
قول الله تعالى: (وَقُلْ للمؤمناتِ يَغْضُضْنَ من أبصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ ولا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظهرَ منها وَلْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ...) إلخ الآية، إذ المقصود من الزينة في الآية ما تتزيَّن به المرأة من الحُلِيِّ وغيرها، ونَهْي النساء عن إبداء هذه الزينة نهي عن إبداء مواضعها من أبدانهن بالأولى، مبالغة في الأمر بالتصوُّن والتستُّر.
وقوله سبحانه: (وقَرْنَ في بُيوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهليةِ الأُولَى)، وهو نهي كذلك عن إبداء المرأة عورتها.
وقوله جل شأنه: (يَا أَيُّهَا النبيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وبناتِكَ وَنِساءِ المُؤمنينَ يُدْنِينَ عليهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ).
وفي هذه الآية أمر بستر المرأة كذلك، الذي هو أدْعى إلى عدم تعرُّض المرأة المستورة العورة لأذًى من فُسَّاق الرجال.
ورُوِي عن أم سلمة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إِذَا كَانَ لإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبِ، فملكَ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْه" أي أن العبد ـ وهو مَن استثناهم الشارع من حُرْمة النظر إلى عورة سيدته في قوله: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) إذا كاتبتْه سيدتُه، وملك ما يُحَرِّر به نفسَه من الرقِّ، وجب على سيدته أن تَحتَجِب منه.
وروي عن عائشة قالت: "إن أسماء دخلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليها ثياب رِقاق، فأعرض عنها، وقال: إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يَصلُح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفَّيْهِ".
وتوعَّد الشارع مَن تُبدي عورتَها بالعذاب الأليم، فرُوِي عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "صنفانِ من أهل النارِ لم أرهما... ونساء كاسِيَات عارِيَات مُميلات مائلاتٌ، رؤوسهن كأسنِمة البُخْت المائلة، لا يدخُلْن الجنةَ ولا يَجِدْنَ ريحها"، ومعنى نساء كاسِيَات عارِيَات، أي يبدين بعض أبدانهنَّ ويستُرْن البعض الآخر، إظهارًا لجمالهن.
كل هذا وغيره دليل قاطع على أن الحجاب من التشريع وأنه مفروض على نساء هذه الأمة، وليس هناك موديل معيَّن لثياب المرأة المسلمة، يتحقَّق به ستر عورتها، فبوُسْع كل امرأة أن تختار من هذه الموديلات ما يكون مناسبًا لبدنها أو عملها، سواء(98/55)
كانت تعمل داخل المنزل أو خارجه، بحيث تكون الثياب المختارة غير مُلْتَصِقة ببدن المرأة، وأن تكون سميكة نوعًا ما، حتى لا تصف تفصيلات البدن إن كانت ضيقة، أو تبدي شيئًا منه إن كانت رقيقة "شفافة"، فإذا اختارت المرأة ما يناسبها من ذلك فلا يُتصور أن تُعَوِّقها عن العمل، إلا أن تكون المرأة قد اختارت ما لا يُناسبها منها، فتكون بهذا قد أساءت الاختيار، وعليها في هذه الحالة أن تبحث عما يُناسبها.
وليس في أحكام الحجاب ما يُفهَم منه أن الإسلام ينظر إلى المرأة كجسد يجب أن يُغَطَّى.. إلخ، بل إن الذين يريدون التبرُّج للمرأة والتنكُّب عن شرع الله، هم الذين ينظرون إليها كجسد، يجب أن يتعرَّى لتعود المرأة به إلى عصر النِّخاسة، وقت أن كانت الإماء تُعرَض فيه كما تُعرَض الدواب، مُتَجَرِّدات من كل ما يستُرُهن، ليرُقنَ في نظر مَن يُريد شراءهن، وهذه الصورة المُهِيِنة، التي لم يردها الإسلام للنساء الحرائر، يريد نُفاة الحِجاب أن يرتدوا بالمرأة إليها؛ تحقيرًا لشأنها، وتحبيذًا على أن تكون في هذه الحياة مجرد جسد، تتعَلَّق الأعين بمواضع الفتنة والإثارة فيه في غُدُوِّه ورواحه، والإسلام الذي كرَّم المرأة، ورفع من منزلتها، وحفظ لها حقوقها أسوةً بالرجل، ينأَى بها أن تهوى إلى هذا المستَنْقَع الذي يريده لها نُفاة الحجاب، فما قصد الإسلام من أحكام الحجاب إلا صيانةَ المرأة وتكريمها وحمايتها من أن تُصاب بأذًى، وهذا يُدرِكُه المتصفِّح لنصوص الشريعة، ولو لم يكن متفَقِّها في هذه الأحكام.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
دخول النساء الحمامات العامة
هل يجوز للنساء دخول الحمامات العامة . وإذا كان جائزا فمتى يحق لها الدخول وماذا تفعل ؟
... السؤال
13/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فيجوز للنساء الدخول للحمامات العامة ، بضوابط محددة منها أن تكون بحاجة للنظافة ، وأن يكون الحمام خاصا بالنساء ، وأن تأمن من أن يطلع عليها أحد ، ولا تتعمد النظر لعورة أحد ، كما تأمن من لمس العورة ، وهذه الضوابط للرجال والنساء .
يقول الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي :
يقول العلامة شمس الدين ابن قدامة المقدسي في شرحه الكبير على المقنع : فأما النساء فليس لهن دخوله، إلا لعذر؛ من حيض، أو نفاس، أو مرض، أو حاجة إلى الغسل، ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها، لتعذر ذلك عليها، أو خوفها من مرض، أو ضرر، فيباح لها إذا سترت عورتها، وغضت بصرها، ولا يجوز من غير عذر. واستدل بما روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستفتح لكم(98/56)
أرض العجم، وستجدون بيوتا فيها يقال لها: الحمامات، فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر، وامنعوها النساء، إلا مريضة أو نفساء".
وروى أيضا أن عائشة دخل عليها نسوة من أهل الشام، فقالت: لعلكن من الكورة اللاتي يدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى" والحديث الأول ضعيف، والثاني لم يخل من كلام.
وإن صح هذا الحديث فينبغي أن يحمل الحديث على من تخلع ثيابها في غير بيت زوجها في ريبة، ولغير حاجة، فإن المرأة ـ ولا سيما في عصرنا ـ قد تضطر لخلع ثيابها في الفندق، أو عند إجراء عملية جراحية، أو نحو ذلك مما قد تدفع إليه الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة.
ولهذا رأينا المذاهب المتبوعة تبيح للرجال والنساء جميعا: دخول الحمامات العامة للحاجة، ولا سيما أن أكثر البيوت في الأزمنة السابقة لم يكن فيها ما في أكثر بيوتنا اليوم من الحمامات الخاصة المزودة بالماء الساخن والبارد. على أن كثيرا من الناس لا ينعمون بذلك.
وبعض هذه الحمامات يكون من مياه معدنية يحتاج إليها الكثيرون للاستشفاء، وقد تطورت كثيرا، وأصبح فيها الخاص والعام، والمغلق والمفتوح.
ففي الفقه الحنفي: نجد صاحب (الدر المختار) يقول: وجاز إجارة الحمامات وبناؤه للرجال والنساء، وهو الصحيح للحاجة، بل حاجتهن أكثر، لكثرة أسباب اغتسالهن (أي مثل الحيض والنفاس) (وكذلك عدم قدرتهن على الاغتسال في الأنهار والبحار ونحوها مما يقدر عليه الرجال).
قال ابن عابدين: واستعمال الماء البارد قد يضر، وقد لا يتمكن من الاستيعاب به، وإزالة الوسخ.
قال: وكراهة عثمان لأجر الحمام : محمول على ما فيه كشف عورة.
قال: وفي الأشباه والنظائر لابن نجيم الشافعي ـ: ويكره لها دخول الحمام في قول، وقيل: إلا لمريضة أو نفساء، والمعتمد: أن لا كراهة مطلقا. قلت: وفي زماننا لا شك في الكراهة لتحقق كشف العورة.اهـ.
قال ابن عابدين: ولا يختص ذلك بحمام النساء، فإن في ديارنا كشف العورة الخفيفة أو الغليظة: متحقق من فسقة العوام الرجال. فالذي ينبغي التفصيل، وهو: إن كان الداخل يغض بصره، بحيث لا يرى عورة أحد، ولا يكشف عورته لأحد، فلا كراهة مطلقا. وإلا فالكراهة في دخول الفريقين حيث كانت العلة ما ذكر. اهـ.
وأقوال المذاهب الأخرى قريبة مما ذكر هنا.
وفي قول عند المالكية: أن منع النساء من دخول الحمامات، إنما كان حين لم يكن لهن حمامات منفردة عن الرجال. فأما مع انفرادهن فلا بأس.
ويجيز جمهور الفقهاء ـ خلافا للحنابلة ـ للمرأة إذا كانت في الحمام: أن تكشف من جسمها ما ليس بعورة بالنسبة إلى المرأة، وهو ـ عند الأكثرين ـ ما عدا ما بين السرة والركبة، وقيل غير ذلك.(98/57)
وفرق بعضهم بين المسلمة وغير المسلمة. بناء على تفسير قوله تعالى: (أو نسائهن) في سورة النور.
وشدد بعضهم فأوجب على المرأة في الحمام أن تستر جميع بدنها، وهو تشديد ينافي نفي الحرج في الدين (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج:78.
وفصَّل ذلك ابن تيمية تفصيلا حسنا مبينا الضوابط العامة سواء للرجال أو النساء فقال:
فالحمامات لغرض النظافة مشروعة مؤكدة، وقد يكون به من المرض ما ينفعه فيه الحمام، واستعمال مثل ذلك: إما واجب، وإما مستحب، وإما جائز. فإنها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره.
وأيضا فالحمام قد يحلل عنه من الأبخرة والأوساخ، ويوجب له من الراحة ما يستعين به على ما أمر به من الواجبات والمستحبات، ودخولها حينئذ بهذه النية يكون من جنس الاستعانة بسائر ما يستريح به، كالمنام والطعام. كما قال معاذ لأبي موسى: إني أنام وأقوم، وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. ونظائره في الحديث الصحيح متعددة. كما في حديث أبي الدرداء، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما.
وسئل ابن تيمية عن ترك دخول الحمام؟
فأجاب: من ترك دخول الحمام لعدم حاجته إليه فقد أحسن، ومن دخلها مع كشف عورته، والنظر إلى عورات الناس، أو ظلم الحمامي فهو عاص مذموم، ومن تنعم بها لغير حاجة فهو منقوص مرجوح، ومن تركها مع الحاجة إليها حتى يكثر وسخه وقمله فهو جاهل مذموم.
وسئل عن رجل عامي سئل عن عبور الحمام. ونقل حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي يحرم دخول الحمام)، وأسند الحديث إلى كتاب مسلم هل صح هذا أو لا؟
فأجاب: ليس لأحد لا في كتاب مسلم، ولا غيره من كتب الحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم الحمام، بل الذي في السنن أنه قال: "ستفتحون أرض العجم وتجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكور أمتي فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من إناث أمتي فلا تدخل الحمام إلا مريضة أو نفساء".
وقد تكلم بعضهم في هذا الحديث.
والحمام من دخلها مستور العورة، ولم ينظر إلى عورة أحد، ولم يترك أحدا يمس عورته ولم يفعل فيها محرما، وأنصف الحمامي، فلا إثم عليه، وأما المرأة فتدخلها للضرورة مستورة العورة.
وهل تدخلها إذا تعودتها وشق عليها ترك العادة؟ فيه وجهان في مذهب أحمد وغيره.
أحدهما: لها أن تدخلها، كقول أبي حنيفة واختاره ابن الجوزي.
والثاني: لا تدخلها، وهو قول كثير من أصحاب الشافعي، وأحمد، وغيره .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
حكم الزواج بالإكراه(98/58)
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك رجل تزوج بامرأة، على رضا أبويها، دون رضاها، ودفع الرجل في سبيل زواجها أموالاً، ثم فرَّت المرأة منه. فهل يجب أن ترد إلى الزوج أمواله؟ وما حكم الزّواج بعد ذلك؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
03/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لم يجز الإسلام تزويج المرأة إلا برضاها ، لما في إجبارها من فقد الحياة المطمئنة والراحة النفسية والمودة والسكن والرحمة، وتلك من أهم أهداف الزواج في الشريعة الإسلامية ، ، فنكاح البنت من غير رضاها لا يمضي إلا إذا هي أمضته ، فإن لم تمضه فإنه لا ينعقد ، وقد فسخ النبي صلى الله عليه وسلم نكاح الإجبار، وللمرأة الصداق لأنه دخل عليها ، ويعود الزوج على الولي بهذا المال فيدفعه الولي له.
وإليك تفصيل هذا في كلام الشيخ أحمد الشرباصي من علماء الأزهر ـ رحمه الله :
لا يجوز شرعًا تزويج المرأة بإرغامها أو إكراهها أو دون رضاها. لأن الإسلام جعل للمرأة الحق في اختيار زوجها، أو الموافقة عليه؛ لأنّها هي التي ستعاشره وتشاركه الحياة، فكيف نفرض عليها من تأباه؟ وفي الحديث النبوي الشريف: " الثَّيِّب أحقّ بنفسها من وليِّها، والبِكر تُستأذن في نفسها، وإذنها صمتها".
وجاء في الحديث أيضًا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " لا تُنْكَح البكر حتى تُستأذن. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنُها ؟ قال: أن تسكتَ". وفي حديث ثالث: " فإن سكتتْ فقد أذِنتْ، وإن أبتْ لم تُكْرَه ". ورُوِيَ عن رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه فسخ زواج امرأة اسمها " الخنساء بنت خِذام الأنصاريّة " لأن أباها زوجها على الرغم منها. وكانت
قد خطبها رجلان: أبو لبابة بن المنذر الصحابي الجليل، والثاني رجل من عشيرتها، ففضَّلت المرأة أبا لبابة، وفضل أبوها الآخرَ، ثم زوَّجها له دون رضاها.
وذهبت الخنساء إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وقالت له: يا رسول الله، إن أبي قد تعدَّى علي فزوَّجني ولم يُشعرني فقال الرسول: " لا نِكاحَ له، انكحي مَن شئتِ ". وفي رواية أن الخنساء قالت: إن أبي زوَّجني من ابن أخيه وأنا كارهة. فقال: أجيزي ما صنع أبوك. فقالت: ما لي رَغبة فيما صنع أبي، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ اذْهبي فلا نكاحَ له، انكحي مَن شئتِ. فقالت: أجزتُ ما صَنَع أبي، ولكني أردتُ أن يعلَمَ الناس أن ليس للآباء من أمور بناتِهِم شيءٌ.
وعن عبد الله بن عباس ـ رَضِيَ الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ردّ نكاح بِكر وثَيِّب زوَّجهما أبوهما وهما كارِهتان، فردَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نكاحَهما. ومن هذا نفهم أن الزواج غير صحيح، وأن الأموال تُردُّ إلى الزّوج.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ(98/59)
حق الزوجة في إنجاب الولد
أنا امرأة متزوجة ولي رغبة في الإنجاب ولكن زوجي يتخذ الوسائل لمنع الإنجاب فما الحكم في ذلك ؟
... السؤال
07/07/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
حق الزوجة في إنجاب الولد ثابت شرعاً، ولا يجوز للزوج أن يحرمها منه، فلا بد من إذنها عند العزل أو استعمال وسائل منع الحمل، فإذا فعل ذلك بدون إذنها فهو آثم شرعاً، وأتى بما ينافي المقاصد الشرعية .
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
قرر العلماء أن للزوجة حقاً في الإنجاب فإذا قام الزوج باتخاذ الوسائل لمنع الإنجاب كاستعمال العزل عند الجماع أو استخدام الوسائل الحديثة لمنع الحمل فإنه يلحق ضرراً بزوجته ومن المعلوم عند الفقهاء أنه يحرم إلحاق الضرر بالزوجة وبغيرها . وجمهور العلماء الذين أجازوا العزل اشترطوا إذن الزوجة فيه وأنه يحرم بدون إذنها ويقاس على ذلك استخدام الوسائل الحديثة من قبل الزوج لمنع الحمل دون إذن الزوجة فيلحق بالعزل دون إذنها .
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ ولا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها قال القاضي – أبو يعلى – ظاهر كلام أحمد وجوب استئذان الزوجة في العزل ... لما روي عن عمر قال :( نهى رسول الله أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ) رواه الإمام أحمد في المسند وابن ماجة . ولأن لها في الولد حقاً وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها ] المغني 7/298 .
وقال البهوتي الحنبلي : :[ ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها ] كشاف القناع 3/112 .
وقال الحافظ ابن حجر : [ اتفقت المذاهب الثلاثة على أن الحرة لا يعزل عنها إلا بإذنها ] فتح الباري 9/382 . ويقصد الحافظ ابن حجر بالمذاهب الثلاثة الحنفية والمالكية والحنابلة وأما الشافعية فلهم قولان في المسألة أحدهما موافق للمذاهب الثلاثة وقال الحافظ ابن حجر أيضاً :[ وقد اختلف السلف في حكم العزل قال ابن عبد البر : لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل . ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هبيرة ] فتح الباري 3/382 .
ويدل لحرمة العزل عن الزوجة بدون إذنها حديث عمر المتقدم في كلام الشيخ ابن قدامة المقدسي وهو ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ) رواه أحمد وابن ماجة وضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/188-189 .(98/60)
ولكن صح ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : (إن الحرة تستأمر في العزل) رواه عبد الرزاق بسند صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 9/383 .
ووردت آثار كثيرة عن السلف تدل على ذلك منها:
ما رواه عبد الرزاق بسنده عن عطاء أنه كره أن يعزل عن الحرة إلا بأمرها يقول هو من حقها .
قال سعيد بن جبير : لا يعزل الحرة إلا بأمرها .
وعن عكرمة قال : : (لا بأس أن يعزل الرجل عن امرأته إذا استأمرها فأذنت له ) مصنف عبد الرزاق 7/143-144 .
وكذلك ما رواه ابن أبي شيبة بسنده عن إبراهيم التيمي وعمرو بن مرة قالا : يعزل عن الأمة ويستأمر الحرة .
وعن سعيد بن جبير قال : (لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها) .
قال جابر بن يزيد : ( لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ). ثم نقل عن جماعة من السلف اشتراط إذن الزوجة الحرة في العزل مصنف ابن أبي شيبة 4/222-223 .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
طاعة الوالد وطاعة الزوج
اختلف الوالد والزوج في الرأي والمشورة، والزوجة حائرة بينهما، أتُطيع أباها أم تطيع زوجها فما هو حكم الله في هذا الموضوع؟ ... السؤال
13/06/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تكون ولاية الأب على ابنته مادامت في بيته ، فإذا انتقلت إلى بيت زوجها فإن ولايتها تكون لزوجها .
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
المرأة ما دامت في بيت أبيها فوليُّها أبوها، يأمر فتطيع، ويُرشدها فتستجب؛ أمَّا حين أصبحت زوجةً فقد انتقلت الولاية عليها إلى زوجها؛ إذ أصبحت فردًا في أسرة جديدة، وزوجها حينئذ أحقُّ بالطاعة ممَّن سواه كأبيها وأمها، وأئمة الدين يرون أن الزوجة يجب عليها أن تُطيع زوجها في كل ما يأمر به، ما لم يأمر بمُحرم، وأن تعصي أبويها إذا أمراها بمخالفة زوجها، وحسبنا في هذا المقام أن نتذكر قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لو أمرتُ أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ الزوجة أن تسجد لزوجها".. فيا أيتها الزوجة الحائرة، ما سبب الحيرة؟ الطريق أمامك واضح، فأطيعي زوجك، والله الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حقيقة قطع المرأة للصلاة(98/61)
أنا مسلم جديد من أمريكا وقد رأيت في صحيح البخاري حديثاً يقارن المرأة بالكلب أو الحمار.. فأريد من فضيلتكم توضيح الأمر ... السؤال
18/05/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قد كرَّم الإسلام المرأة ورفع من قدرها ، وما ذكر من حديث قطع المرأة للصلاة ليس المراد منه تسوية المرأة بالحمر والكلاب في الحقارة فهذا أمر بعيد جدا ، والتشبيه لا يكون في جميع الأوجه بل من الوجه الذي يقصده المتكلم فقط ، ووجه الشبه هنا اشتراك الثلاثة في قطع خشوع المصلي .
يقول د عبد الله الفقيه مشرف مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية :
ليس هناك حديث يساوي بين المرأة والكلب والحمار، ومن فهم هذا فقد أخطأ، وإنما ورد الحديث بذكر حكم شرعي وهو قطع الصلاة أي نقص أجرها بسبب مرور شيء من الثلاثة أمام المصلي، ثم بين الحديث نفسه سبب قطع الكلب الأسود للصلاة فقال: "إنه شيطان" وبينت الأحاديث الأخرى سبب قطع المرأة للصلاة، وهو افتتان المصلي بها واشتغاله بها، بخلاف الرجل فإنه إذا مرَّ أمام الرجل لا يفتتن به، وليس السبب أن المرأة مساوية للكلب والحمار.
ويدل على هذا أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت أول من أنكر هذا الحديث، فقالت رضي الله عنها: شبهتمونا بالحُمُر والكلاب، والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة" رواه البخاري.
فدلَّ هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي والمرأة أمامه، فإما لأنها زوجته فلا يخاف الافتتان بها، وإما لأنها كانت في ظلام كما يفهم من بعض الروايات، وإما لأن النبي صلى الله عليه وسلم أملك الناس لشهوته، وعلى كل الاحتمالات فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى وعائشة أمامه لعدم الافتتان بالمرأة.
ثانياً: العمل بهذا الحديث وهو قطع الصلاة بمرور المرأة ليست قضية اتفاق بين علماء الإسلام، بل بينهم خلاف كثير، فقد ادعى كثيرون أن هذا الحديث منسوخ بحديث عائشة، وهذا القول الأخير هو الصواب، وهو الذي أخذ به أكثر أهل العلم.
أهـ
يقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
أَرَى أن الحديث الخاص بهذه الثلاثة لا يُقصَد منه إبطال الصلاة، بل قد يكون المقصود إبطال الخشوع فيها أو نقْصه، لما يَحدُث للمصلِّي من خوف من هذين الحيوانين واشتهاء للمرأة، وفيهن حَثٌّ على اتخاذ السُّترة حتى لا تَسمَح بمرور هذه الأشياء أمامه، ولَفَتَ نَظَرِي ما ذَكَرَهُ ابن قدامة أنَّ عائشة قالت معترضة على هذا الحكم: عَدَلْتُمُونَا بالكِلابِ والحُمُرِ مع أن الرسول كان يُصلِّي وهي معترضة أمامه.(98/62)
وأقول: ليست تسوية في التحقير أبدًا، فالفرق كبير، ولكن الموضوع أساسه الاحتياط لعدم الانشغال في الصلاة رَهَبًا بمثل الكلب الأسود والحِمَارِ، ورَغَبًا بمثل المرأة، وأثرها في الانشغال لا يُنْكَر، ومقام الرسول يأبَى الانشغال بمثل ذلك، فما كان يُبالِي كما تَذْكُرُ الروايات ولكن غيره يَتأثَّر في أغلب الأحوال على الوجه المذكور.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
سؤال المرأة طلاق ضرتها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أسعى في هذه الأيام للزواج من ثانية ، وقد اشترطت هذه المرأة طلاق زوجتي الأولى حتى لا أنام خارج المنزل ، وحتى يخلو وقتي للثانية ، بدعوى أنه يكفي الأولى الوقت الذي أخذته مني ، وسؤالي :
هل من حقوق الزوجة الثانية أن تجبر زوجها على تطليق زوجته الأولى ؟
وجزاكم الله خيرا.
... السؤال
04/05/2002 ... التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها طلاق زوجته الأولى:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم ... لا يحل لامرأة أن تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح ، فإنما لها ما قدر لها " رواه البخاري ( 5144 ) – واللفظ له – ومسلم ( 1413 ) .
وفي لفظ " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تشترط المرأة طلاق أختها " رواه البخاري ( 2577 ) ، وبوّب له البخاري رحمه الله : باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح.
وقد قال ابن القيم رحمه الله : وتضمن حكمه صلى الله عليه وسلم بطلان اشتراط المرأة طلاق أختها ، وأنه لا يجب الوفاء به .أ.هـ. "زاد المعاد" (5/107).
و قال الحافظ ابن حجر : قوله "لا يحل" ظاهر في تحريم ذلك. وهو محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يجوِّز ذلك كريبة في المرأة لا ينبغي معها أن تستمر في عصمة الزوج ، ويكون ذلك على سبيل النصيحة المحضة أو لضرر يحصل لها من الزوج ، أو للزوج منها ... . قال ابن بطال: نفى الحل صريح في التحريم ، لكن لا يلزم منه فسخ النكاح ، وإنما فيه التغليظ على المرأة أن تسأل طلاق الأخرى ، ولترضى بما قسم الله لها .أ.هـ. "الفتح" (9/274).
وقال الإمام النووي : ومعنى هذا الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل طلاق زوجته، وان ينكحها ويصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ونحوها ما كان(98/63)
للمطلقة ، فعبر عن ذلك باكتفاء ما في الصحفة مجازا .أ.هـ. "شرح مسلم"(9/193).
وبناء عليه ، فلا يجوز للمرأة الأولى أن تطالب زوجها بطلاق زوجته ، ولا تلتفت إلى ما تقوله ، واعلم أن هذا من الغيرة الموجودة عند النساء عموماً ، بل قد وجدت الغيرة عند أفضل النساء وهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، فالغيرة أمرٌ طبيعي .
ولتعلم الزوجة الجديدة أنه ليس لها إلا ما قُدِّر لها كما في آخر الحديث السابق من رواية البخاري .
قال الحافظ ابن حجر :
ولهذا ختم بقوله " فإنما لها ما قُدِّر لها " إشارة إلى أنها وإن سألت ذلك وألحت فيه واشترطته فإنه لا يقع من ذلك إلا ما قدره الله ... "الفتح" (9/275) .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
بركة الرضاعة الطبيعية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ ، نمى إلى علمي أن الله يبارك الرضاعة الطبيعية ، وأن القرآن ينص على : "أن كل قطرة من الحليب الطبيعي" هي مباركة . أرجو أن تخبرني أين ورد ذلك في القرآن .
وجزاكم الله خيرا
... السؤال
27/03/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،
مما لا شك أن الله تعالى يرضى عن عباده الطائعين ، ويرزقهم خيراً ثواباً لهم على طاعته ، ورضاعة الأم لأطفالها من الأشياء التي حثَّ الله تعالى الأمهات عليها ، ولكن لم ترد آية معينة تنص على حصول هذه البركة نصًّا ، بل الأمر على العموم فالاستجابة لأمر الله بركتها عظيمة ، هذا في حق المرأة الطبيعية التي تقوى على إرضاع أولادها ، أما المريضة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
لا شك أن البركة تحلّ حيث شاء الله عز وجل ، وتحلّ إذا دعا اللهَ العبد أن يبارك له في ماله أو رزقه فيجعله مباركا ، أو يجعل شخصه مباركا كما قال عيسى عليه السلام ، قال تعالى : ( واجعلني مباركا أينما كنت ) مريم/31 فتكون البركة حيث يجعلها الله تعالى كما قال تعالى عن المطر : ( وأنزلنا من السماء ماء مباركا ) سورة ق/9(98/64)
أي : تحصل البركة بنزوله حيث تنمو الأشجار والنباتات ، وأما بركة الرضاعة الطبيعية فلا أذكر آية وردت بخصوصها .
يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين من علماء المملكة العربية السعودية :
وقد ورد الحث في القرآن الكريم على الرضاعة الطبيعية من الوالدة لولدها ، فقال تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) البقرة/233
وهذا خبر بمعنى الأمر كما قال العلماء أي على الوالدات أن يرضعن أولادهن وذكروا أن جزءاً من الرضاع واجب لابد منه وهو اللبأ الأصفر[ أوَّلُ اللَّبَنِ ] الذي يكون في أول الرضاع ، ومعلوم طبياً أن له فوائد عظيمة في بناء مناعة الولد وغيرها ، ولا شك أن في تنفيذ أمر الله والاستجابة له بركة عظيمة .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
شروط علاج الطبيب للمرأة
اقتضت ظروفي الصحية، أن تجرى لي عملية جراحية (أمراض نساء) برعاية أطباء رجال. ونجحت العملية بفضل الله إلا أن الشك يساورني دائمًا بأن الواجب أن يكون من أجراها طبيبات لا أطباء، فهل يجيز الشرع للرجل أن يجري للمرأة عملية جراحية أو يعالجها دون ما حرج؟
... السؤال
26/03/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة
مداواة المرأة المسلمة ومعالجتها وتوليدها وإجراء عملية جراحية لها واجب شرعًا أن تكون على يد امرأة مثلها، سواء أكانت المعالجة مسلمة أو غير مسلمة، إلا أن الطبيبة المسلمة تقدم على غير المسلمة في علاج المسلمات، فإن لم تتيسر الطبيبة المسلمة ولم يوجد لعلاج المسلمة إلا غير مسلمة أو مسلم فالظاهر أن الطبيبة غير المسلمة. تقدم على الطبيب المسلم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل، فإن لم توجد الطبيبة المتخصصة في أمراض النساء، فليكن العلاج على يد طبيب مسلم. فهو يقدم على غيره بشروط
أولاً: أن يكون مسلمًا أمينًا.
ثانيًا: أن يكون العلاج بحضور زوج أو محرم أو امرأة ثقة.
ثالثًا: أن يؤمن الافتتان.
رابعًا: ألا يكشف الطبيب المعالج عن بدن المريضة إلا قدر الحاجة المطلوبة لمعالجتها.
خامسًا: ألا ينظر إلا إلى موضع الداء والألم ليعالجه.(98/65)
واشتراط فقهاء الإسلام ذلك. وتقديمهم المرأة في معالجة بنات جنسها. فإن لم توجد فالمسلم مقدم على غيره، بشرط أن يكون عدلاً أمينًا، فإنه يقدم على المسلم الذي افتقد العدالة والأمانة كل ذلك لصيانة المرأة والحفاظ على مروءتها وكرامتها وعفتها ووقارها، فإن شرعنا الحنيف يولي المرأة عناية خاصة، فبمقدار سياجتها بالأخلاق والحياء يكون عطاؤها وأداؤها المتميز في بناء الأسر والعائلات متماسكة قوية نزيهة عفيفة مهذبة نقية.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم إظهار حلي المرأة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجاء أفادتى بالجواب الشافى فى الخلاف الحادث فى أمر إظهار المرأة للذهب الذى تتحلى به حيث ورد حديث:
"يامعشر النساء أما لكن فى الفضة ما تحلين به أما إنه ليست منكن امرأة تحلى الذهب تظهره إلا عذبت به" وقد قرأت أن كثير من العلماء يجيز إظهار الذهب طالما أن المرأة ملتزمة بالزى الشرعى.. برجاء الإفادة
وجزاكم الله خيراً
... السؤال
19/01/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
نعم هذا حديث رواه النسائي في سننه تحت باب : الكراهية للنساء في إظهار الحلي والذهب
قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي عن امرأته، عن أخت حذيفة قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"يا معشر النساء أما لكن في الفضة ما تحلين، أما إنه ليس من امرأة تحلت ذهبا تظهره إلا عذبت به" .
ولكن وردت أحاديث أخرى بجواز تحلي النساء بالذهب مثل الحديث الذي رواه النسائي في سننه عن علي بن أبي طالب أنه قال :
-إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي.
ومن العلماء من خرًّج الحديث على كراهية الأمر إذا كان فيه افتخار و تكبر ، ورد السيوطي هذا في شرحه على سنن النسائي ـ المسمى بزهر الربى ـ بقوله :
لكن الفضة مثل الذهب في ذلك .
والذي عليه أهل العلم أن الحديث الثاني ناسخ للحديث الأول ، وأن عمل الأمة على الحديث الثاني الذي يقضي بحل لبس الذهب للنساء ، وجواز تحليهن به .
قال السيوطي في شرحه للحديث الأول في كتابه زهر الربى :(98/66)
هذا منسوخ بحديث: أن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها، ونقل ابن شاهين ما يدل على ذلك وقال: وحكى النووي في شرح مسلم إجماع المسلمين على ذلك.
أهـ
فالحديث منسوخ حكما ، والمنسوخ لا يعمل به ، فيجوز للمرأة التحلي بالذهب ما دامت ملتزمة بالآداب الشرعية .
والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكم انتساب الزوجة لزوجها
لقد شاع بين كثير من الناس انتساب المراة إلى زوجها لا إلى أبيها وصار يستعمل في الكثير من المعاملات الرسمية فما حكم ذلك ؟ ... السؤال
06/01/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يجيب فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة- أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - بقوله :ـ
إن من أمراض الأمة الإسلامية الشائعة اليوم تشبهها بغيرها من الأمم وتقليدها في كثير من الأمور ؛ وهذا الأمر - وهو أن تسمى الزوجة باسم زوجها- من التقاليد الغربية الوافدة وهي تقاليد غريبة عن المجتمع المسلم ؛ وهذا الأمر صار شائعاً ومنتشراً بين الناس ومستعملاً في كثير من المعاملات ، وهو تقليد سخيف لغير المسلمين.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة وللأسف تتبع الأمم الأخرى في كثير من أمورها ؛ وهذا دليل على الضعف وعلى الهوان ، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذعاً بذراع حتى لو دخل جحر ضب لدخلتموه ) .
وجاء في حديث آخر قوله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم سنة سنة ) رواه الترمذي وأحمد وقال الترمذي حسن صحيح .
وانتساب المرأة لغير أبيها لا يجوز شرعاً وهو حرام .
وإذا كانت الزوجة منكرة لنسبها قد يكون كفراً والعياذ بالله فقد ورد في جملة أحاديث صحيحة وثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام منها :
1. عن أبي ذر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :( ليس من رجل ادعى لغير أبيه إلا كفر بالله ... ) رواه البخاري ومسلم وذكر الرجل في الحديث خرج مخرج الغالب والمرأة كذلك .
2. وعن وائلة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه ... ) رواه البخاري والفرى جمع فرية وهي الكذب .(98/67)
3. وعن أبي بكر وسعد رضي الله عنهما كلاهما يقول : سمعته أذناي ووعاه قلبي محمداً صلى الله عليه وسلم يقول :( من ادعى لغير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ) رواه مسلم .
وهذه الأحاديث تحمل على من انتسب لغير أبيه واستحل ذلك .
وأما الشائع اليوم من انتساب المرأة لزوجها وإن كان لا إنكار فيه للأبوة وللعائلة إلا أنه محرم أيضاً لأن فيه تشبهاً بغير المسلمين وفيه تلبيس على الناس فعلى المرأة أن تتسمى باسم أبيها فتقول فلانة بنت فلان وزوجة فلان .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم نزول السائل الأصفر من المرأة
أشتكي من نزول سائل اصفر طوال الوقت مما يدعوني للاستحمام كلما صحوت من النوم مع إنني لا احتلم إلا في النادر بمعنى أني لا أحس بأي مشاعر وأنا نائمة وهذه الصفرة تنزل مني طوال الوقت بدون أي سبب ؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا ... السؤال
05/11/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
السائل الأصفر الذي ينزل على المرأة قد يقصد به هذا السائل الذي يكون في فترة الحيض أو بعد فترة الحيض ، فهذا السائل نجس ناقض للوضوء ، ويجب غسل المحل الذي خرج منه ، وإن كان نزوله مستمرا تعامل المرأة معاملة من به سلس بول و تصبح من ذوات الأعذار فعليها أن تتحفظ ( أي تضع قطنا في الموضع الذي يخرج منه السائل ) ثم تتوضأ لكل صلاة .
وقد بحث هذه المسألة فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد ـ من علماء المملكة العربية السعودية فقال :
إن كان المراد بالسائل الأصفر الذي يكون في الحيض وأحياناً بعده كما ورد ذلك في حديث أم عطية كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً " رواه البخاري/326 فهذا مما لا خلاف فيه إنه نجس .
قال الشيخ ابن عثيمين :
المعروف عند أهل العلم أن كل ما يخرج من المرأة فهو نجس إلا شيئاً واحداً وهو المني ؛ فإن المني طاهر ، وإلا فكل شيء ذي جرم يخرج من السبيلين فإنه نجس وناقض للوضوء .
وبناء على هذه القاعدة يكون ما يخرج من المرأة نجساً وموجباً للوضوء هذا ما توصلت إليه بعد البحث مع بعض العلماء وبعد المراجعة.
ولكني مع ذلك في حرج منه ؛ لأن بعض النساء يكون معها هذه الرطوبة دائماً، وإذا كانت دائماً ؛ فإن التخلص منها أن تُعامل معاملة من به سلس البول فتتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها ، وتصلي ثم إني بحثت مع بعض الأطباء فتبين أن هذا السائل إن(98/68)
كان من المثانة فهو كما قلنا وإن كان من مخرج الولد فهو كما قلنا في الوضوء منه لكنه طاهر، لا يلزم غسل ما أصابه .
والله تعالى أعلم .
ـــــــــــــــــــ
خلوة المرأة مع ابن زوجها
هل يجوز للمرأة أن تختلي بابن زوجها وخاصة إذا كان الزوج كبيرًا وابنه شابًا ؟ نرجو بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة، التي تسبب عنها الكثير من المشاكل لعدم معرفة الجائز منها والممنوع. ... السؤال
07/10/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إن الشرع الحنيف حينما أباح للمرأة أن تبدي بعض الزينة
لبعض الفئات من الناس، ومنهم أبناء بعولتهن، أراد الشارع بذلك أن يرفع الحرج وأن يدفع العنت والمشقة عن الناس، فلو كلفنا المرأة وهي تسكن في بيت واحد مع أبناء زوجها أن تغطي جسمها كله من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، كلما دخل عليها أحد أبناء زوجها، أو كلما دخلت هي عليه، لكان في ذلك حرج كثير .
لهذا قال الله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن . . . الآية). (النور: 31).
فابن البعل اعتبر بهذا من الناس المخالطين والمعاشرين دائمًا، فلم يطلب من المرأة أن تتحفظ منه كما تتحفظ من الأجنبي تمامًا، كأن نطلب منها أن تغطي شعرها وألا تكشف شيئًا من ذراعها، أو رقبتها أو غير ذلك . . . لأن في ذلك حرجًا شديدًا، وما جعل الله في هذا الدين من حرج.
ولكن ليس معنى هذا أن يصبح ابن البعل كالابن تمامًا، أو كالأخ، له مثل هذه المحرمية، لا .. لابد أن يراعى الفرق، كما نبَّه على ذلك الإمام القرطبي وغيره، من الأئمة المحققين، وخاصة إذا تزوج رجل كبير السن فتاة لا يزيد عمرها عن عشرين سنة مثلا، وله ابن في مثل سنها، وفي مثل هذه الحالة نجد فرقًا شاسعًا بين المرأة وزوجها، بينما نجد تقاربًا وتماثلاً في السن بينها وبين ابنه، وهنا تخشى الفتنة، وعلى هذا نص الفقهاء، وقالوا: إن كل ما أبيح في مثل هذا الموضوع يحرم عند خوف الفتنة سدًّا للذريعة، كما أن كل ما حرم هنا يباح عند الضرورة أو الحاجة وذلك مثل علاج المرأة على يد طبيب لا يوجد سواه من الطبيبات،وفي مقابل ذلك يمنع ما أبيح عند خوف الفتنة، كالمسألة التي نحن بصددها.
فلو فرضنا أن هذا الزوج سافر، نقول بجواز أن يختلي ابنه الشاب بزوجة أبيه الشابة مع خشية الفتنة ؟ طبعًا لا .. وإنما خفف الشارع على المرأة في موضوع التستر، وأما الخلوة التي قد تبعث على الريب، وتسبب الفتنة فلا . . . كما لا يجوز للرجل أن يعرض زوجته للفتنة.(98/69)
ومثل هذا أيضًا الحماة - وهي بطبيعة الحال بمنزلة الأم - ولكن إذا خشيت الفتنة ينبغي على المرء أن يتجنب دواعيها . قد لا يكون هناك تفكير في الشر ولكن حينما يفتح الباب قد يؤدي إلى الشر - والشيطان " شاطر " كما يقولون - ينتهز الفرصة، ليوقع الفتنة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ".
ولهذا ينبغي الحذر والاحتياط في مثل هذه الحالات، وسد أبواب الفساد، حتى نتجنبه ولا نقع فيه.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حجاب المرأة بين الغلو والتفريط
ثار عندنا جدال طويل حول موضوع السفور والحجاب . وبالذات حول وجه المرأة:
أهو عورة، فيجب تغطيته أم لا ؟ ولم يستطع أحد الفريقين أن يقنع الآخر أو يلزمه فلجأنا إليكم لنجد عندكم الجواب الحاسم مستمدًا من نصوص الشرع وأدلته ؟. ... السؤال
02/10/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المجتمع الإسلامي مجتمع يقوم - بعد الإيمان بالله واليوم الآخر - على رعاية الفضيلة والعفاف والتصون في العلاقة بين الرجل والمرأة، ومقاومة الإباحية والتحلل والانطلاق وراء الشهوات.
وقد قام التشريع الإسلامي في هذا الجانب على سد الذرائع إلى الفساد، وإغلاق الأبواب التي تهب منها رياح الفتنة كالخلوة والتبرج، كما قام على اليسر ودفع الحرج والعنت بإباحة ما لابد من إباحته استجابة لضرورات الحياة، وحاجات التعامل بين الناس كإبداء الزينة الظاهرة للمرأة . مع أمر الرجال والنساء جميعًا بالغض من الإبصار، وحفظ الفروج: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم) (النور: 30 - 31)، (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن). (النور: 30 - 31).
وقد روى المفسرون عن ابن عباس في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) (النور: 31)، قال: الكف والخاتم والوجه، وعن ابن عمر: الوجه والكفان، وعن أنس: الكف والخاتم، قال ابن حزم: وكل هذا عنهم في غاية الصحة، وكذلك عن عائشة وغيرها من التابعين.
وتبعًا للاختلاف في تفسير (ما ظهر منها) اختلف الأئمة في تحديد عورة المرأة اختلافًا حكاه الشوكاني في " نيل الأوطار ". (نيل الأوطار، جـ 2، ص 68).(98/70)
فمنهم من قال: جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وإلى ذلك ذهب الهادي والقاسم في أحد أقواله، وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه، ومالك . ومنهم من قال: ما عدا الوجه والكفين والقدمين والخلخال . وإلى ذلك ذهب القاسم في قول، وأبو حنيفة في رواية عنه، والثوري، وأبو عباس.
وقيل: بل جميعها إلا الوجه، وإليه ذهب أحمد بن حنبل وداود.
الوجه ليس بعورة:
ولم يقل أحد بأن الوجه عورة إلا في رواية عن أحمد - وهو غير المعروف عنه - وإلا ما ذهب إليه بعض الشافعية.
والذي تدل عليه النصوص والآثار، أن الوجه والكفين ليسا بعورة، وهو ما روي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة والتابعين والأئمة، واستدل ابن حزم - وهو ظاهري يتمسك بحرفية النصوص - بقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن) (الخمر: جمع خمار، وهو غطاء الرأس، والجيوب: جمع جيب، وهي فتحة الصدر في الثوب) على إباحة كشف الوجه، حيث أمر بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه، كما استدل بحديث البخاري عن ابن عباس أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى، ثم أتى النساء، ومعه بلال، فوعظهن وذكَّرهن وأمرهن أن يتصدقن . قال: فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه - أي المال - في ثوب بلال . قال: فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن، فصح أن اليد من المرأة ليست بعورة.
وروى الشيخان وأصحاب السنن عن ابن عباس، أن امرأة من خثعم، استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والفضل ابن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث: أن الفضل جعل يلتفت إليها - وكانت امرأة حسناء - وأخذ النبي يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، وفي بعض ألفاظ الحديث " فلوّى صلى الله عليه وسلم عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " رأيت شابًا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما " وفي رواية: فلم آمن عليهما الفتنة ".
وقد استنبط بعض المحدثين والفقهاء من هذا الحديث: جواز النظر عند أمن الفتنة حيث لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بتغطية وجهها، ولو كان وجهها مغطى، ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء، وقالوا: لو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن فهمه صحيحًا ما أقره النبي عليه.
وهذا بعد نزول آية الحجاب قطعًا، لأنه في حجة الوداع سنة عشر، والآية نزلت سنة خمس.
معنى الغض من البصر:
والغض من البصر الذي أمر الله به ليس إغماض العين، أو إطراق الرأس، حتى لا يرى الإنسان أحدًا، فهذا ليس بمستطاع، وإنما معناه خفضه وعدم إرساله بحيث لا يغلغل النظر وراء المفاتن المثيرة، وهذا سر التعبير بالغض من الأبصار لا بغض(98/71)
الأبصار . فيجوز للرجل أن ينظر إلى ما ليس بعورة من المرأة ما لم يكن بشهوة . فإن كان بشهوة وخاف على نفسه الفتنة صح القول بالتحريم سدًا للذريعة.
والمرأة، في هذا كالرجل، فيجوز لها أن تنظر - مع الأدب والغض - ما ليس بعورة من الرجل . وقد روى أحمد وغيره عن عائشة أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله في يوم عيد . قالت: فاطلعت من فوق عاتقه، فطأطأ لي منكبيه، فجعلت انظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت، ثم انصرفت.
وذهب بعض الشافعية إلى أنه لا يجوز للرجل أن يرى امرأة، ولا للمرأة أن ترى رجلاً، واستند إلى ما رواه الترمذي عن أم سلمة وميمونة - زوجي النبي - أن رسول الله أمرهما بالاحتجاب من عبد الله بن أم مكتوم . . فقالتا له: أليس أعمى لا يبصرنا ؟ قال: " أفعمياوان أنتما . . . ألستما تبصرانه ؟ ! ".
وليس لصاحب هذا الرأي حجة بهذا الحديث، فالحديث لم يسلم من الطعن: طعن في سنده وطعن في دلالته ومهما تسوهل فيه فليس في درجة الأحاديث التي رويت في الصحيحين، وهي تفيد جواز الرؤية، ومنها أحاديث فاطمة بنت قيس التي أمرها الرسول أن تقضي عدتها في بيت ابن أم مكتوم، وقال لها: إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده.
وقال الحافظ ابن حجر: إن الأمر بالاحتجاب من ابن أم مكتوم لعله لكون الأعمى مظنة أن يتكشف منه شيء وهو لا يشعر به . وقد كان كثير من العرب لا يلبسون السراويل.
وجعل أبو داود حديث أم سلمة وميمونة، مختصًا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم . وحديث فاطمة بنت قيس وما في معناه لعامة النساء، واستحسنه ابن حجر وغيره، وهو الذي نميل إليه . فإن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وضعًا خاصًا بحيث ضاعف الله العذاب مرتين لمن يأتي منهن بفاحشة، كما ضاعف الأجر مرتين لمن تعمل منهن صالحًا . وقال القرآن: (يا نساء النبي، لستن كأحد من النساء . . . .)، وجعل لهن أحكامًا خاصة لمنزلتهن وأمومتهن الروحية للمؤمنين، وقد تكفلت ببيانها سورة الأحزاب.
عادة الحجاب:
أما الغلو في حجب النساء عامة الذي عرف في بعض البيئات والعصور الإسلامية، فهو من التقاليد التي استحدثها الناس احتياطًا منهم، وسدًا للذريعة في رأيهم، وليس مما أمر به الإسلام.
فقد أجمع المسلمون على شرعية صلاة النساء في المساجد مكشوفات الوجوه والكفين - على أن تكون صفوفهن خلف الرجال، وعلى جواز حضورهن مجالس العلم.
كما عرف من تاريخ الغزوات والسير أن النساء كن يسافرن مع الرجال إلى ساحات الجهاد والمعارك، يخدمن الجرحى، ويسقينهم الماء، وقد رووا أن نساء الصحابة كن يساعدن الرجال في معركة " اليرموك ".
كما أجمعوا على أن للنساء المحرمات في الحج والعمرة كشف وجوههن في الطواف والسعي والوقوف بعرفة ورمي الجمار وغيرها، بل ذهب الجمهور إلى(98/72)
تحريم تغطية الوجه - ببرقع ونحوه - على المحرمة لحديث البخاري وغيره: " لا تنتقب (لا تلبس النقاب) المرأة المُحْرِمة، ولا تلبس القفازين ".
ومن الفتاوى السديدة ما أفتى به ابن عقيل الفقيه الحنبلي ردًا على سؤال وُجِّه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام - مع كثرة الفساد اليوم -: أهو أولى أم التغطية.
فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعًا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخًا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسًا . وليس ببدع أن يأمرها الشرع بالكشف، ويأمر الرجل بالغض، ليكون أعظم للابتلاء، كما قرب الصيد إلى الأيدي في الإحرام ونهى عنه . ا هـ . نقله ابن القيم في بدائع الفوائد.
هذا موجز رأي الشريعة في مسألة الحجاب والسفور، كما بينته مصادرها الصحيحة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم لبس الشعر المستعار الباروكة
ما حكم لبس " الشعر الصناعي " الذي تلبسه الكثيرات الآن ويُسمى " باروكة " . هل يجوز هذا شرعًا ؟ فمن الناس من يزعم أنه ليس إلا غطاء للشعر الأصلي وإذا كان شعر المرأة عورة فهذا قد سترها ... السؤال
30/09/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
جاء الإسلام يحارب نزعة التقشف المتزمتة التي عرفت بها بعض الأديان والنحل، ودعا إلى التزين والتجمل في توازن واعتدال، منكرا على الذين يحرمون زينة الله التي أخرج لعباده. لهذا جعل أخذ الزينة من مقدمات الصلاة:
(خذوا زينتكم عند كل مسجد) سورة الأعراف:21.
وإذا كان الإسلام شرع التجمل للرجال والنساء جميعًا فإنه قد راعى فطرة المرأة وأنوثتها فأباح لها من الزينة ما حرم على الرجل من لبس الحرير والتحلي بالذهب.
ولكن الإسلام حرم بعض أشكال الزينة التي فيها خروج على الفطرة، وتغيير لخلق الله الذي هو من وسائل الشيطان في إغوائه للناس (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله).
وفي هذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة، والنامصة والمتنمصة، والواصلة والمستوصلة، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة لا مطعن فيها.
والوشم معروف من قديم، وهو النقش - عن طريق الوخز - باللون الأزرق.
والوشر هو تحديد الأسنان، وتقصيرها بالمبرد.
والنمص هو إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما أو نحو ذلك.(98/73)
والوصل . المراد به: وصل الشعر بشعر آخر طبيعي أو صناعي كالباروكة التي يسأل عنها السائل.
وكل هذه الأمور محرمة ملعون من فعلها أو طلبها على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
وبهذا نعلم حكم ما يسمى " الباروكة " وما شابهها، وادعاء أنها مجرد غطاء للرأس كذب وتضليل يخالف الواقع، فأغطية الرأس معلومة بالعقل والعرف، وإنما هذه زينة وحلية أكثر من الشعر الطبيعي نفسه، مع ما فيها من الغش والتزوير من ناحية، والإسراف والتبذير من ناحية ثانية، والتبرج والإغراء من ناحية ثالثة . وكل هذه مؤكدات للتحريم.
روى سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة آخر قدمة قدمها، فخطبنا فأخرج كبة من شعر (أي قصة - كما في رواية أخرى) قال: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا غير اليهود . . . إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه " الزور " يعني الواصلة في الشعر.
وفي رواية أنه قال لأهل المدينة: " أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي عن مثل هذه " ويقول:
" إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم " . رواه البخاري.
وهذا الحديث نبهنا على أمرين:
الأول: أن اليهود هم مصدر هذه الرذيلة وأساسها من قبل، كما كانوا مروجيها من بعد . فتش عن اليهود وراء كل فساد.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى هذا العمل " زورًا " ليشير إلى حكمة تحريمه فهو ضرب من الغش والتزييف والتمويه، والإسلام يكره الغش، ويبرأ من الغاش في كل معاملة مادية أو معنوية . " من غش فليس منا " مع ما ذكرنا من الحكم الأخرى.
إن لبس هذه الباروكة حرام، ولو كان في البيت، لأن الواصلة ملعونة أبدًا، فإذا كان في الخارج وليس على رأسها غطاء فهو أشد حرمة لما فيه من المخالفة الصريحة لقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) ولا يزعم أحد أن " الباروكة " خمار . وإذا كان هذا حرامًا على المرأة فهو على الرجل أشد حرمة من باب أولى.
ويرى فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر أن الأمر فيه خلاف ويرى بعض الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تلبس الباروكة إذا كانت من شعر صناعي طاهر لزوجها فقط وهذا بعد علمه وإذنه حتى لايكون هناك غش أو تدليس على الزوج ،أما الخروج بهذه الباروكة دون أن تغطيها المرأة ليراها الأجانب عنها فهذا لاخلاف في حرمته وإليك نص فتواه
الشعر المُستعار " الباروكة " ورد فيه أن امرأة قالت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إن لي ابنة عُرَيِّسًا ـ تصغير عروس ـ أصابتها حصبة فتمزَّق شعرُها، أفأصِلُه ؟ فقال " لعنَ الله الواصلة والمُستوصِلة " رواه ومسلم .
وبعد كلام العلماء في شرح هذا الحديث وما يماثله نرى أن التحريم مبنى على الغِش والتدليس، وهو ما يُفهم من السبب الذي لُعنتْ به الواصلة والمُستوصِلة، ومبنيٌّ أيضا على الفتنة والإغراء لجذب انتباه الرجال الأجانب. وهو ما أشارت إليه بعض(98/74)
الأحاديث بأنه كان سببًا في هلاك بني إسرائيل حين اتّخذه نساؤهم. وكن يَغْشَيْنَ بزينتِهِنَّ المجتمعاتِ العامّة والمعابد كما رواه الطبراني .
هذا ، وجاء في كتب الفقهاء : أنَّ لبس الشعر المستعار حرام مطلقًا عند مالك ، وحرام عند الشافعيّة إن كان من شعر الآدمي، أو شعر حيوان نجِس، أما الطاهر كشعر الغنم وكالخيوط الصناعيّة فهو جائز إذا كان بإذن الزوج، وأجاز بعضهم لبس الشعر الطبيعي بشرطين: عدم التدليس وعدم الإغراء، وذلك إذا كان بعلم الزوج وإذنه، وعدم استعماله لغيره هو.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
خلع الحجاب خشية الاضطهاد
نحن هنا في أمريكا ندرس في إحدى الجامعات، وكنا نرتدي الحجاب بشكل عادي، ولكن منذ يوم الثلاثاء، الذي وقعت فيه التفجيرات، ونحن لا نستطيع أن نسير في الطريق؛ لأنهم بدءوا يضطهدوننا ويضيقون علينا، وأقل أذى يلحقنا السب بألفاظ نابية.. هل نترك الحجاب، خاصة وقد ظهرت بعض الفتاوى التي أباحت للمرأة في حالة مثل هذه أن نلقي بالحجاب حتى تهدأ الأوضاع، أم ماذا نصنع مع ضرورة الخروج من أجل الدراسة ومن أجل أشياء أخرى؟
... السؤال
24/09/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحجاب فريضة شرعية ،لا يجوز خلعه أو التنازل عنه ،ويمكن للمسلمة في أمريكا أن تلبس مايستر عورتها ولا يشترط أن تلبس الحجاب المعهود للناس ،فالإسلام لم يأمر بهيئة معينة ،فإن كان ارتداء الحجاب سيؤدي إلى إهلاكها إهلاكا محققا،فيجوز ساعتها أن تخلع الحجاب حتى يزول الخوف،فإن زال الخوف عادت إليه،وإلا كانت آثمة عند ربها ،مضيعة لحيائها .
يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور الأستاذ بجامعة الأزهر:
الضرورات تبيح المحظورات، ومن المعلوم لديكن أن الحجاب فريضة مقررة في دين الله، ولا يجوز للمسلمة أن تخلع حجابها، وهذه الضرورة تقدر بقدرها، فإذا كان في الإمكان المحافظة على الحجاب مع تحمل بعض المضايقات؛ فهذا أمر لا بد من تحمله، وهو من باب الاختبار لإيمان المؤمنة، وقد قال تعالى: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"..
فلتصبرن على ما يصيبكن من أذى في سبيل الله، والله سوف يحفظكن بحفظه، فإذا وصل الأمر إلى الحد الذي تستحيل معه الحياة وتتوقف؛ فيمكن التخفيف من الحجاب الكامل إلى شيء من الحجاب فيه مجرد غطاء للرأس والرقبة، وهذا ربما(98/75)
لا يظهر المرأة المسلمة في مظهر يجعلها في نظر هؤلاء عرضة للأذى، وإلا فلا سبيل إلا أن تخلعن هذا الحجاب حتى تهدأ الأمور.
ولكن أخشى إذا ما قلنا هذا، وتم خلع الحجاب ألا تعدن إليه مرة أخرى، وتكون هذه مكيدة شيطانية للابتعاد عن دين الله، فاخترن لأنفسكن ما ترين، والله بفضله يحفظكن من كل سوء ومكروه.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حق النفساء في فترة نقاهة
هل للمرأة الحق في فترة راحة ونقاهة بعد الوضع (فترة النفاس) أم أنها ملزمة في هذه الفترة أيضا بالقيام بواجب الضيافة للزوار الذين يأتون للتهنئة أو لرؤية المولود ؟
... السؤال
19/09/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم للمرأة النفساء الحق في فترة نقاهة وراحة مدة النفاس ، خاصة في أيامه الأولى التي تلي الولادة ، وإذا كان الله تعالى أسقط الصلاة والصيام عنها في هذه الفترة تخفيفا منه تعالى ورحمة بها ، فأولى بنا أن نرحمها ، والراحمون يرحمهم الرحمن ، كما ينبغي لنا أن نساعدها ونكرمها .
اللهم إلا أن تجد في نفسها قوة علي الخدمة ، أو تضطر إليها فتكون بقدر الضرورة ، ولكن لا يطلب منها ما يتعبها.
جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
لقد علم الله تعالى أن الوضع أو الولادة تجهد المرأة وتتعبها، لما تبذل من جهد ومشقة في الطلق والزفرات حتى تضع وليدها، كما قال تعالى: "حملته أم كرهًا ووضعته كرهًا" (الأحقاف: 15)
ولا غرو أن أعفى الله تعالى المرأة بعد الولادة (أي في حالة النفاس) من الصلاة والصيام، وهما ركنان من أركان الإسلام، وإن كان الفرق بينهما: أن الصلاة في أيام النفاس لا يجب على المرأة قضاؤها بعد ذلك، بخلاف الصوم فإن أيامه تقضى بعد فترة النفاس، والمراد بها: الفترة التي ينزل فيها الدم بسبب الولادة، والنفاس في ذلك مثل الحيض فأحكامهما سواء.
ومن هنا نتبين أن الشارع الحكيم اعتبر المرأة النفساء في حالة تستوجب التخفيف عليها رحمة من الله تعالى بها، وعاملها كأن النفاس لون من المرض أصيبت به.
فمن الطبيعي ألا ترهق المرأة في تلك الفترة وتكلف بما يتعبها ويشق عليها، وقد جرت عادة المسلمين في البلاد الإسلامية أن المرأة النفساء هي التي تُخدَم وتُكرَم حتى تعود إليها عافيتها وتغدو في حالة طبيعية.(98/76)
ولكن المرأة في حال الغربة تضطر إلى أن تخدم نفسها وطفلها وبيتها بحكم الضرورة، لكن يجب أن تقدر تلك الضرورة بقدرها، ولا ينبغي للضيوف والزوار أن يرهقوها من أمرها عسرًا أو يكلفوها فوق طاقتها، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا ينبغي لزوجها أن يشدد عليها في ذلك، فقد قال تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" (البقرة: 185) وقال صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" وقال: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" وهذه الأمور إنما يحكمها الذوق والفضل ومكارم الأخلاق.
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقصان عقل المرأة ودينها
في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم قال –صلى الله عليه وسلم "يا معشر النساء، تَصدَّقنَ وأكثِرْنَ الاستغفارَ؛ فإني رأيتكنَّ أكثرَ أهل النار" فقالت امرأةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: وما لَنَا يا رسول الله أكثَرَ أهل النار؟ قال: "تُكثِرْنَ اللعنَ وتَكفُرنَ العشيرَ. ما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أغلَبَ لِذي لُبٍّ منكنَّ" قالت: يا رسول الله، وما نُقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتَين تَعدل شهادةَ رجل، فهذا نُقصان العقل. وتَمكث اللياليَ ما تُصلي، وتُفطر في رمضان، فهذا نُقصان الدين". " فما المقصود من هذا الحديث وهل يعد هذا انتقاص لقدر المرأة في الإسلام؟
... السؤال
08/09/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم: لم تعرف البشرية دينا حفظ للمرأة كرامتها وأعطاها حقها كاملا غير منقوص مثل الإسلام فلقد كرمها باعتبارها إنسانًا، وكرمها باعتبارها ابنة، وكرمها باعتبارها زوجة، وكرمها باعتبارها أما، وكرمها باعتبارها عضوا في المجتمع. وهذا الحديث ليس فيه أي انتقاص من قدر المرأة إنما هو وصف للخلقة والتكوين وليس فيه نقص للمكانة بل المرأة والرجل في مناط التكليف سواء كل ما في الأمر أن الله سبحانه وهب الرجل من التكوين والصفات ما يناسب دوره المنوط به في الحياة كما وهب المرأة من التكوين والصفات ما يناسب دورها في الحياة.
يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي –رحمه الله-:
الجواب: هكذا نرى أن وَصْفَ رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ النساءَ بأنهنَّ ناقصات عقل معناه أن المرأة تفعل أشياء بعاطفتها يقف العقل عندها.
أما مسألة الدين فهي بحكم طبيعة خَلقها تمر عليها أيام لا تؤدي فيها صلاة ولا صيامًا، وهذا ليس عيبًا؛ لأن الله خلقها هكذا، فهذه طبيعتها لتؤديَ مهمتها في الحياة.
إذًا فالمسألة شرح لطبيعة المرأة وليست محاولةً للانتقاص منها، وإلا ما كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أخذ برأي أمِّ سلمة في صلح الحديبية.(98/77)
إن من يحاول تفسير هذا الحديث النبويّ الشريف على أنه طعن في المرأة يكون قد جانبه التوفيق ولم يفهم معنى الحديث ولا المقصود بالنقص في العقل والدين. إن الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل من الرجل والمرأة مهمته في الحياة وتم الخلق ليناسب هذه المهمة، فالرجل لأنه يسعى في سبيل الرزق محتاج لأن يحكّم عقله وحده دون عاطفته حتى يستطيع أن يحصل على الرزق ويوفر للأسرة احتياجاتها. والمرأة لأنها هي التي تحنُو وتربّي وهي السكن فلا بد أن تكون عاطفتها أقوى لتؤديَ مهمتَها، ومن تمام الخلق أن يكون كل مخلوق ميسرًا لما خُلق من أجله (أخرج البخاريّ 304 عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه، ومسلم 79/132 عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء، تَصدَّقنَ وأكثِرْنَ الاستغفارَ؛ فإني رأيتكنَّ أكثرَ أهل النار" فقالت امرأةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: وما لَنَا يا رسول الله أكثَرَ أهل النار؟ قال: "تُكثِرْنَ اللعنَ وتَكفُرنَ العشيرَ. ما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أغلَبَ لِذي لُبٍّ منكنَّ" قالت: يا رسول الله، وما نُقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتَين تَعدل شهادةَ رجل، فهذا نُقصان العقل. وتَمكث اللياليَ ما تُصلي، وتُفطر في رمضان، فهذا نُقصان الدين".
قال الحافظ في الفتح 1/541: ليس المقصودُ بذكر النقص في النساء لَوْمَهنَّ على ذلك؛ لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيهَ على ذلك تحذيرًا من الافتتان بهنَّ، ولهذا رتَّب العذابَ على ما ذكَر من الكفران وغيره لا على النقص، وليس نقصُ الدين منحصرًا فيما يَحصُل به الإثم بل في أعمَّ من ذلك ـ قاله النوويّ ـ لأنه أمر نسبيٌّ، فالكامل مثلًا ناقص عن الأكمل، ومن ذلك الحائضُ لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها ناقصةٌ عن المصلِّي. وهل تُثاب على هذا الترك لكونها مكلَّفةً به كما يُثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشُغل بالمرض عنها؟ قال النوويّ: الظاهر أنها لا تثاب، والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته، والحائض ليست كذلك. وعندي في كون هذا الفرق مستلزِمًا لكونها لا تُثاب وقفةٌ. وفي الحديث أيضًا مراجعةُ المتعلم لمعلمه والتابع لمتبوعه فيما لا يَظهر له معناه، وفيه ما كان عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الخلق العظيم والصفح الجميل والرفق والرأفة زاده الله تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا).
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ضوابط التعامل في اللقاء بين الجنسين
نريد أن نعرف ضوابط الاختلاط بين الجنسين وما يحل ويحرم على كل منهما ؟
... السؤال
26/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله(98/78)
إن التعامل بين الجنسين ليس محرما على إطلاقه وليس مباحا على إطلاقه ولكنه مباح بالضوابط والشروط التالية التي وضعها المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء وإليك نص فتواه في هذه المسألة
اللقاء والتعاون والتكامل بين الرجال والنساء أمر فطري، ولا يمكن منعه واقعاً، ولم يرد في دين الفطرة ما يحجره بإطلاق، وإنما أحاطه بالضوابط التالية:
منع الخلوة (وهي وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في موضع لا يراهما فيه أحد) امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" أخرجه أحمد (رقم: 114، 177) والترمذي (رقم: 2165) من حديث عمر بن الخطاب، ولفظه: "لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"..
توقي التَّماسّ (وهو التلاصق والتراص بالأبدان بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه) حذر الإثارة والفتنة.
تجنب التبرج (وهو الكشف عما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بستره من البدن)، إذ يجب على المرأة حين اجتماعها بالرجال غير المحارم أن تستر كل جسدها ما عدا الوجه واليدين، على مذهب جمهور الفقهاء.
التزام المرأة الحشمة في حديثها وحركاتها، فلا تتصنع من الكلام والحركات ما يؤدي إلى إثارة الغرائز، قال تعالى: }إن اتقيتنَّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وقلن قولاً معروفاً{ [الأحزاب: 32]، وقال تعالى: }ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن{ [النور: 31].
فإذا التزم الرجال والنساء في أي لقاء أو نشاط بهذه الضوابط الشرعية، فلا حرج عليهم في ذلك، ما كان موضوع اللقاء أو النشاط جدياً، سواء أكان علمياً أم ثقافياً ونحو ذلك.
ولا فرق في ضرورة الالتزام بهذه الضوابط بين أن يتعلق الأمر بفتيات مسلمات أو غير مسلمات؛ لأن الإثارة محتملة في الحالتين، على أن الانفصال في المجلس الواحد في المقاعد بين الرجال والنساء هو الأفضل، خصوصاً إذا لم تكن هناك حاجة إلى خلافه.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكانة المرأة عند المسلمين وغيرهم
بسم الله الرحمن الرحيم
يتهم الغرب الإسلام بأنه يظلم المرأة ، ويحط من قدرها . فما هي مكانة المرأة في الإسلام ؟.
... السؤال
22/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :(98/79)
نزل الإسلام في الأرض وهي تموج بألوان من الظلم و الجور ، وممن وقع عليه الظلم المرأة حيث كانت كمَّا مهملا ففي بعض الشرائع كانوا يعدونها شيطاناً يسير في الأرض ، وأنها صنيعة الشيطان ، وفي بعض الملل الأخرى نجدهم يعدونها شرًّا من الموت . وكانت لا ترث من المال شيئا بل كانت تعد ـ نفسها ـ بضاعة تورث كالمتاع والدور والبهائم . ولم يكن لها حق في التملك بل هي ملك للرجل ليس لها من الأمر شيء إلا أن تكون أداة يلهو بها الرجل حيثما شاء فإذا ملَّ منها تركها ، وبحث عن أداة أخرى يلهو بها .
بل في بعض البلاد إذا مات الرجل لم يكن للمرأة حق في الحياة بل الموت ينتظرها جزاءً ظالما هذا حال المرأة قبل الإسلام أو عند غير المسلمين . وفي أحسن أحوالها كانت تُعد مخلوقا من الدرجة الثانية ، وذلك بعدما جلسوا يتناقشون هل هي إنسان مثل الرجل أم لا و ارتاحوا إلى أنها مخلوق خلق لخدمة الرجل ، فهي من الدرجة الثانية أما الدرجة الأولى فهي للرجل .
أما الإسلام فقد رسم القرآن الكريم صورة للمرأة المسلمة الكريمة العزيزة المصونة ، وهي صورة قائمة على احترام الذات، وكرامة النفس، وأصالة الخلق، بل قد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الرجال خيراً بالنساء ، وجعل الإسلام المرأة مساوية للرجل في التنافس على الخيرات فالجنة لمن يعمل صالحا من ذكر أو أنثى ، وخطاب الشرع لم يكن موجها للرجل فقط بل وجَّه الله خطابه لكل من المرأة ، وفي ظل الإسلام وجدت المرأة حقها المسلوب بين يديها فارتقت في شتى الميادين .
يقول : د محمد بن عبد الله بن صالح السحييم في كتابه (كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه )
بلغت المرأة في الإسلام مكانة عالية، لم تبلغها ملة ماضية، ولم تدركها أمة تالية، إذ أن تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة و الرجل على حد سواء، فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء, كما أنهم أمام ثوابه وجزاءه في الدار الآخرة سواء، قال تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم ) سورة الإسراء /70، وقال عز من قائل : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) سورة النساء/7, وقال جل ثناؤه ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) سورة البقرة / 228, وقال سبحانه : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة /71، وقال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً - واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء / 23 ,24 .
وقال تعالى : ( فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) سورة آل عمران / 195, وقال جل ثناؤه : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) سورة النحل /97، وقال عز من قائل : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ) سورة النساء/124 .(98/80)
وهذا التكريم الذي حظيت به المرأة في الإسلام لا يوجد له مثيل في أي ديانة أو ملة أو قانون فقد أقرت الحضارة الرومانية أن تكون المرأة رقيقاً تابعاً للرجل، ولا حقوق لها على الإطلاق، واجتمع في روما مجمع كبير وبحث في شؤون المرأة فقرر أنها كائن لا نفْس له، وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس .
وكانت المرأة في أثينا تعد من سقط المتاع، فكانت تباع وتشترى، وكانت تعد رجساً من عمل الشيطان .
وقررت شرائع الهند القديمة : أن الوباء والموت والجحيم وسم الأفاعي والنار خير من المرأة، وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها - الذي هو سيدها - فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه، وإلا حاقت عليها اللعنة .
أما المرأة في اليهودية فقد جاء الحكم عليها في العهد القديم ما يلي : ( درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً، ولأعرف الشر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون ؛ فوجدت أمرّاً من الموت : المرأة التي هي شباك، وقلبها شراك، ويدها قيود ) سفر الجامعة، الإصحاح 7 : 25، 26، ومن المعلوم أن العهد القديم يقدسه ويؤمن به اليهود والنصارى .
تلك هي المرأة في العصور القديمة، أما حالها في العصور الوسطى والحديثة فتوضحها الوقائع التالية :
شرح الكاتب الدانمركي Wieth Kordsten اتجاه الكنيسة الكاثوليكية نحو المرأة بقوله : ( خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الأوربية محدوداً جداً تبعاً لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مخلوقاً في المرتبة الثانية ) .
وفي فرنسا عقد اجتماع عام 586 م يبحث شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنساناً أو لا تعد إنساناً ؟ وبعد النقاش : قرر المجتمعون أن المرأة إنسان، ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل .
وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون الفرنسي على ما يلي : ( المرأة المتزوجة - حتى لو كان زواجها قائماً على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها - لا يجوز لها أن تهب، ولا أن تنقل ملكيتها ولا أن ترهن، ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض بدون اشتراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية ) .
وفي إنجلترا حرّم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس وظلت النساء حنى عام 1850 م غير معدودات من المواطنين، وظللن حتى عام 1882 م ليس لهن حقوق شخصية، سلسلة مقارنة الأديان، تأليف د . أحمد شلبي .
أما المرأة المعاصرة في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلاد الصناعية فهي مخلوق مبتذل مستهلك في الأغراض التجارية، إذ هي جزء من الحملات الإعلانية الدعائية، بل وصل بها الحال إلى أن تجرد ملابسها لتعرض عليها السلع في واجهات الحملات التجارية وأبيح جسدها و عرضها بموجب أنظمة قررها الرجال لتكون مجرد متعة لهم في كل مكان.(98/81)
وهي محل العناية ما دامت قادرة على العطاء والبذل من يدها أو فكرها أو جسدها، فإذا كبرت وفقدت مقومات العطاء تخلى عنها المجتمع بأفراده ومؤسساته، وعاشت وحيدة في بيتها أو في المصحات النفسية .
قارن هذا بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى : ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة/71، وقوله جل ثناؤه : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) سورة البقرة / 228 . وقوله عز وجل : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً - واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء / 23, 24 .
وحينما كرمها ربها هذا التكريم أوضح للبشرية قاطبة بأنه خلقها لتكون أماً وزوجة وبنتاً وأختاً، وشرع لذلك شرائع خاصة تخص المرأة دون الرجل .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
مشروعية سباحة المسلمة مع غير المسلمات
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تسبح في مسبح مخصّص للنساء فقط، مع وجود نساء غير مسلمات؟ وما هي حدود عورة المرأة على المرأة؟ وخصوصا في حمامات السباحة المخصصة للنساء؟
مع العلم أنّنا نواجه هذه المشكلة منذ أن جئنا إلى هذه البلاد ... السؤال
20/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهناك من الفقهاء من نزَّل المرأة الذمية منزلة الرجل الأجنبي في مسألة النظر ، وهناك من فسر قوله تعالى :{ أو نسائهن } أن المقصود بها جميع النساء .وهذا أيسر للناس ،ولا سيما في تلك المجتمعات الغربية التي يصعب فيها تخصيص حمام سباحة للنساء يكون بمعزل عن الرجال فكيف بحمام يخصص للنساء المسلمات دون غيرهن من أهل الملل الأخرى .
فالمسألة خلافية يدور أمرها بين الأخذ بالأحوط ، فلا تكشف المرأة عن جسمها أمام غير دينها من النساء .
وبين الأخذ بالأيسر وذلك نظراً للحاجة إليه في هذا العصر و في تلك البلاد .
يقول سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
للجواب على هذا السؤال نبيّن أولاً آراء المذاهب. وثانياً دليل القائلين بالتفرقة في عورة المسلمة فيما إذا كانت الناظرة إليها مسلمة أو غير مسلمة. وثالثاً: في الرأي الراجح كما نراه.
أولاً: ملخّص آراء المذاهب:(98/82)
قال الأحناف: (وتنظر المرأة من المرأة إلى ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من الرجل) وهو سائر الجسد إلاّ ما بين السرّة والركبة. [فتح القدير، الجزء الثامن، ص 102].
وأكثر كتب الأحناف ذكرت هذا الحكم، ولم تقيّد المرأة بكونها مسلمة أو غير مسلمة.
إلاّ أنّ صاحب الدرّ المختار ذكر: (وتنظر المرأة المسلمة من المرأة المسلمة كالرجل من الرجل، والذمّية (غير المسلمة) كالرجل الأجنبي في الأصح، فلا تنظر إلى بدن المسلمة) وورد مثل ذلك في الفتاوى الهندية.
ومعنى ذلك : أنّ جواز كشف المرأة المسلمة بدنها أمام النساء غير المسلمات – إلاّ ما بين السرّة والركبة – رأي صحيح عند الأحناف، ولكنّ الأصح منه عدم جواز هذا الكشف.
وقال الشافعية بمثل رأي الأحناف في هذه المسألة.
جاء في نهاية المحتاج : (والأصح تحريم نظر كافرة ذمّية أو غيرها إلى مسلمة، فتحتجب المسلمة عنها .. والقول الثاني: لا يحرم نظر الكافرة إلى المسلمة، لاتحاد الجنس كما هو الحكم في الرجال ..)
وقال المالكية: (إنّ عورة المرأة في حقّ المرأة، كعورة الرجل في حقّ الرجل، وهو من السرّة إلى الركبة فقط) ورد مثل هذا النص في أكثر كتب المالكية، دون تفريق بين نظر المسلمة أو غير المسلمة إلى المرأة المسلمة.
إلاّ أنّه ورد في حاشية الدسوقي : (أمّا الحرّة الكافرة، فعورة الحرّة المسلمة معها ما عدا الوجه والكفّين، لا ما بين السرّة والركبة فقط، لئلاّ تصفها لزوجها الكافر. فالتحريم لعارض لا لكونه عورة).
وقال الحنابلة: إنّه لا فرق بين المسلمتين، ولا بين المسلمة والذمّية، كما لا فرق بين الرجلين المسلمين ولا بين مسلم وذمّي في نظر أحدهما للآخر. قال الإمام أحمد: (ذهب بعض الناس إلى أنّ المسلمة لا تضع خمارها عند اليهودية أو النصرانية، وأمّا أنا فأذهب إلى أنّها لا تنظر إلى الفرج ..)
ثانياً: دليل القائلين بالتفرقة:
تبيّن ممّا تقدّم أنّ القول الأصحّ عند الأحناف والشافعية، وهو القول المعتمد عند المالكية عدم جواز نظر المرأة غير المسلمة إلى المرأة المسلمة باستثناء الوجه والكفّين.
ومعنى ذلك : أنّه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف شيئاً من جسمها أمام النساء غير المسلمات ؛ لأنّ المرأة المسلمة هي المطالبة بتنفيذ الحكم الشرعي.
ودليل هؤلاء يدور حول الآية الكريمة: (وقل للمؤمنات يغضُضنَ من أبصارهنّ، ويحفظنَ فروجهنّ، ولا يبدينَ زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها، وليضربنَ بخُمُرِهنّ على جيوبهنّ، ولا يبدينَ زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ، أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ، أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ، أو بني أخواتهنّ، أو نسائهنّ .. ) [سورة النور، الآية 31].
وفسّر هؤلاء كلمة (نسائهنّ) بأنّها تعني النساء المؤمنات.(98/83)
مناقشة هذا الدليل:
ممّا لا شكّ فيه أن هذا التفسير قال به جمهور السلف والمفسّرين. وهو مروي عن مجاهد وابن عبّاس، وأيّده الزمخشري وابن كثير والقرطبي وصديق خان وسيّد قطب وغيرهم.
• لكنّ عدداً مهمّاً من كبار المفسّرين يرى تفسير {أو نسائهنّ } بجميع النساء، ولا يحصره بالنساء المسلمات.
• ذكر هذا القول الإمام الرازي في تفسيره وأيّده، وقال: هذا هو المذهب (أي مذهب الشافعي)، وحمل قول السلف على الاستحباب والأولى.
• وذكر أبو بكر بن العربي القولين في تفسير (.. أو نسائهنّ...) ثمّ قال: (والصحيح عندي أنّ ذلك جائز لجميع النساء ..) كما ذكر الآلوسي في تفسيره القولين، ومال إلى الثاني بقوله: (.. وهذا القول أرفق بالناس اليوم، فإنّه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الذمّيات)
وإذا كان الأمر كذلك أيّام الآلوسي، وفي مجتمع إسلامي، فكيف يكون الأمر اليوم بالنسبة للمسلمات المقيمات في بلاد غير إسلامية، وهنّ محتاجات إلى التواصل الدائم مع النساء غير المسلمات؟
• وقد ذكر الإمام أبو الأعلى المودودي رحمه الله – في تفسير سورة النور – رأياً ثالثاً نقله عن طائفة من المفسّرين، وهو أنّ المراد بـ (نسائهنّ) النساء المختصّات بهنّ بالصحبة والخدمة والتعارف سواء كنّ مسلمات أو غير مسلمات، فليست العبرة بالاختلاف الديني بل هي بالاختلاف الخلقي. فللنساء المسلمات أن يظهرن زينتهنّ بدون حجاب ولا تحرّج للنساء الكريمات الفاضلات ولو من غير المسلمات. وأمّا الفاسقات اللاتي لا حياء عندهنّ، ولا يعتمد على أخلاقهنّ وآدابهنّ، فيجب أن تحتجب كلّ امرأة مؤمنة صالحة، ولو كنّ مسلمات)
ومن الطبيعي أن نقول : إنّ النساء غير المسلمات اللواتي يحرصن على ارتياد مسابح خاصّة هنّ من النساء الكريمات الفاضلات لأنّ حياءهنّ هو الذي منعهنّ من الانكشاف أمام الرجال في المسابح المختلطة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (الحياء لا يأتي إلاّ بخير).
ثالثاً: الترجيح:
وقد رجّح الرازي والآلوسي وابن العربي أنّ كلمة (نسائهنّ) تعني جميع النساء ، وليس فقط المسلمات، وحملوا رأي السلف على الاستحباب.
ومال إلى هذا الترجيح الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه (المفصل في أحكام المرأة ، وبعد أن ذكر أدلّة الحنابلة المذكورة آنفاً أضاف إليها: إنّ القول بحجاب المرأة المسلمة عن الكافرة يحتاج إلى دليل من نصّ صريح أو قياس صحيح.
أمّا النصّ الصريح فلا وجود له، لأنّ قوله تعالى: (.. أو نسائهنّ ..) يحتمل التفسيرين كما ذكرنا. ومع الاحتمال يبطل الاستدلال. أمّا القياس الصحيح فلا يوجد أيضاً، فليس من القياس الصحيح مساواة غير المسلمة بالرجل الأجنبي، من جهة النظر إلى المسلمة ووجوب الحجاب عليها، للفرق الواضح بين الأجنبي وهو رجل وبين غير المسلمة وهي أنثى (بتصرّف).(98/84)
الخلاصة :
إنّي أرى جواز انكشاف المرأة المسلمة أمام غير المسلمة بمقدار ما تنكشف أمام المرأة المسلمة وهو رأي الحنابلة، وكثير من الشافعية والحنفية والمالكية، فلا حرج على المسلمة أن تدخل المسبح الخاص بالنساء طالما أنّها تستر ما بين السرّة والركبة، ومن تريد أن تأخذ بالرأي الأحوط ، وتمتنع عن دخول هذه المسابح فهو أفضل لها بلا شكّ، ولكن لا يصحّ لها ولا لمن يأخذ بهذا الرأي أن يلزم به جميع النساء، طالما أنّه أمر مختلف فيه. وإنّ وجود مسابح خاصّة للنساء، ولو دخلها غير المسلمات، تعتبر مدخلاً مهمّاً لنشر قيمنا الإسلامية في هذا العصر.
ومن المعروف أنّ اللباس الشرعي للسباحة يغطّي ما بين السرّة والركبة، لكن حتّى لو وجدت بعض النساء ممّن يكشفن أفخاذهنّ أثناء السباحة فإنّ هذا لا يؤثّر على إباحة دخول المرأة المسلمة للمسابح الخاصّة بالنساء.
إنّما يطلب منها غضّ البصر رغم ورود أحاديث صحيحة أن الفخذ ليس بعورة، لكنّنا نميل إلى الأخذ بالأحوط في هذه المسألة، وهو أنّ الفخذ عورة يجب ستره.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
استئذان المرأة للخروج وسفرها دون محرم
هل يجب على المرأة أن تستأذن عند خروجها من المنزل ؟ وهل يحل لها السفر بغير محرم ؟
... السؤال
18/08/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
على المرأة أن تستأذن زوجها عند خروجها من المنزل إذا أردت أن تذهب لمكان لايعرفه الزوج وليس لديها أذن عام بالخروج إلى مثل هذا المكان أما خروجها لحاجتها اليومية كالعمل وغيره فيكفي الاتفاق بين الزوجين على ذلك ولاتحتاج إلى إذن خاص مادام هذا العمل متكررا
أما سفرها دون محرم فالأصل عدم جوازه وقد أباحه بعض الفقهاء إذا كان في صحبة آمنة تأمن فيها المرأة على نفسها وعرضها
وإليك فتوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء في هاتين المسألتين :
استئذان المرأة عند الخروج من المنزل أمر واجب على المرأة إذا أرادت الخروج من منزلها أن تعلم زوجها بذلك. والخروج من المنزل بالنسبة للمرأة إن كان للعمل أو الدراسة أو لقضاء شؤون المنزل والأولاد فإن هذا الخروج لا يحتاج إلا إلى موافقة عامة من الزوج، ولا تحتاج الزوجة أن تستأذن في كل مرة، وهذا أمر يحكمه العرف.(98/85)
أما إذا كان هذا الخروج إلى زيارة أسرة غير معروفة عند الزوج، أو أن هذا الخروج يترتب عليه مبيت خارج بيت الزوجية، فهذا لا بد فيه من إذن وموافقة الزوج. فإن لم يوافق لا يصح للمرأة الخروج.
والخلق الإسلامي يقتضي أن الرجل أيضاً إذا أراد أن يسافر أو يبيت خارج المنزل أن يخبر زوجته بذلك؛ لأن من حقها أيضاً أن تعرف مكان زوجها عند غيابه من المنزل.
أما سفر المرأة دون محرم فالأصل فيه عدم الجواز لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها". متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1038) ومسلم (رقم: 1339) من حديث أبي هريرة.
ومن هذا النص العام قال بعض أهل العلم بعدم جواز سفر المرأة وحدها.
وقيد آخرون جواز السفر بوجود رفقة مؤمنة من الرجال أو من الرجال والنساء معاً. والنهي في الحديث معلل بالخوف على المرأة من الأذى الذي قد يلحقها، وبالفتنة إذا سافرت وحدها، خاصة وأن مخاطر الأسفار قديماً كثيرة. وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذن لأمهات المؤمنين أن يسافرن إلى الحج مع الرفقة المؤمنة، وأرسل معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف أخرجه البخاري (رقم: 1761) والبيهقي (4/326-327).
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم: "فإن طالت بك حياة لترَيَنَّ الظَّعينة ترتحلُ من الحِيرَة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله". أخرجه البخاري (رقم: 3400) من حديث عدي بن حاتم وهذا يؤكد أن العلة هي الخوف، فإن تحقق الأمن وانعدم الخوف جاز للمرأة أن تسافر، خاصة إذا نظرنا إلى سهولة السفر في الوقت الحاضر، وأصبح السفر في الطائرات والقطارات والحافلات، وفي جميع هذه الوسائل تتحقق الرفقة ويتحقق الأمن للمرأة المسلمة.
هذا في السفر الذي تسافره المرأة من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر وتصل في نفس اليوم الذي سافرت فيه حيث تجد الرفقة الآمنة. أما إذا كان السفر يتطلب مبيتاً في الطريق كالفنادق، أو أن السفر للقيام بعمل معين يتطلب إقامة مدة معينة، فالأصل في هذه الحالة أن تسافر المرأة مع محرم لها، أو تقيم المدة المطلوبة مع أسرة مسلمة في ذلك البلد، سداً لذريعة الفتنة أو الأذى الذي قد يحصل للمرأة.
وأخيراً فإن المجلس يوصي الآباء بتربية بناتهم والأزواج بتربية زوجاتهم على منهج الله تعالى، فالمرأة المسلمة إذا أخذت حقها في التربية والتوجيه وتعلمت أحكام شرعها وفقهت دينها كان ذلك هو الضمان الأساسي للاستقامة على منهج الله تبارك وتعالى
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الفرق بين الذكر والأنثى في التكليف
هل هناك فرق بين الذكر والأنثى في التكاليف الشرعية ؟
... السؤال(98/86)
21/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،و الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
الفروق بين الذكر والأنثى فروق طبيعية ،وذلك لطبيعة الخلقة ،ومن هنا كان اختلاف طبيعة التكليف ،فقد فرض الله الجهاد على الرجال،ولم يفرضه على النساء،وفرض عليهم الجمع والجماعات ،ولم يفرض على النساء،وفرض عليهم السعي على طلب الرزق ،وجعل المرأة مكفولة من الرجل ،وساوى بينهم في ثواب الأعمال الصالحة،ومع أن المرأة قد لا تقوم بما يقوم به الرجل من أعمال شاقة ،وذلك لطبيعة خلقتها،إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل لها الأجر إن أحسنت وظيفتها كأم وزوجة ومربية .
يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق رئيس لجنة تحقيق التراث الإسلامي بالكويت :
والشريعة الحكيمة أيضاً قد جاءت بالتفريق بين الذكر والأنثى في التكليف، فهناك تكاليف شرعية يشترك فيها كل من الذكر والأنثى، وهناك ما يفترقان فيه، فيشتركان في الإيمان بالله ورسالاته ولوازم هذا الإيمان من محبة الله وتقواه، وخشيته والطمع في رضوانه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدخلان جميعاً تحت دائرة الحساب كما قال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب } (آل عمران:195)
ولكنهما يفترقان في القتال حيث أوجبه الله على الرجال دون النساء، وإن كان يشرع للمرأة دفاعاً عن نفسها، وصلاة الجماعة حيث وجبت على الرجال دون النساء وخفف عن المرأة إعادة الصلاة أيام الحيض... الخ
والخلاصة: أن كلاً من الرجال والنساء مكلفون من حيث الجملة، فالمرأة مكلفة كالرجل، ولكن الشريعة جاءت بأحكام خاصة مناسبة لكل من الرجال والنساء مما هو معلوم تفصيله في القرآن والسنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سفر الزوجة للعلاج والدراسة
ما حكم الزوج الذي يمنع زوجته من السفر ؟ وهل يجوز للزوجة أن تسافر بدون إذنه إذا تعسف في منعها ؟ حيث إن بعض الكُتَّاب يُرددون إسقاطَ حق الزوج في منع زوجته من السفر، ويطالبون بتعديل القرارات التي تُجيز للزوج الحقَّ في منع سفر زوجته إلى الخارج، وتُرَدِّد بعضُ السيدات أن بعضَ الأزواج يَستخدم حقَّه بشكل فيه إساءة استعمال هذا الحق للإضرار بزوجاتهم، خاصة إذا كانت الزوجة تريد السفر للدراسة أو للعلاج ، كما ترى بعضُ السيدات أن السماح للمرأة بالسفر إلى الخارج دون وجود قيود من جانب الزوج من شأنه هدم كيان الأسرة ، فهل هناك ضوابط شرعيّة في ذلك ؟
... السؤال(98/87)
16/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنه لا بد للزوجة من إذن الزوج لها بالخروج أو السفر ، وقد يكون إذن الخروج عاما تخرج به متى احتاجت للخروج ، أما السفر فلا بد من إذن خاص، فإذا ما أذن لها سافرت مع محرم أو رفقة مأمونة ـ على الراجح ـ ، فإن تعسف في منعها وكانت في حاجة ملحة للسفر فلها أن ترفع أمرها للقضاء لتحصل على إذن بالسفر ، وعلى القضاء تعجيل البت في أمرها.
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر :
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (ولَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيهِنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجة) (البقرة: 228).
فالأساس الذي وضعه الإسلام للتعامل بين الزوجين وتنظيم الحياة الزوجية بينهما فطريّ وطبيعيّ، فالرجل أقدر على العمل والكَدْح والكسب خارج المنزل.
والمرأة أقدر على تدبير المنزل، وتربية الأولاد، وتيسير أسباب الراحة والطمأنينة المنزلية. فيُكَلَّف الرجلُ بما هو مُناسِب له، وتُكَلَّف المرأةُ بما هو من طبيعتها، وبهذا ينتظم البيت من ناحية الداخل والخارج.
والإسلام أعطى الزوج الحق في أن يكون هو المسؤول عن البيت ومسؤول عن زوجته وأولاده ومسؤول عن الإنفاق عليهم لقوله تعالى: (الرجالُ قَوَّامونَ على النساءِ بما فَضَّلَ اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنْفَقوا مِن أموالِهم) (النساء: 34) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيته.. " فالزوج وهو رَبُّ الأسرة هو المسؤول عنها.
وإن الإسلام نَظَّم حقوقًا على الزوج لزوجته، وهذه الحقوق منها حقوق مالية، وهي المَهْر والنفقة، وحقوق غيرُ مالية، وهي عدم الإضرار بالزوجة والمعاملة بالمعروف، وأوجب على الزوجة حق الطاعة ، ولكنه مُقَيَّد بالمعروف "فإنه لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق" فلو أَمَرَها بمعصية وجب عليها أن تخالفه.
ومن طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألا تحج تطوعًا إلا بإذنه، وألا تَخْرج من بيتها إلا بإذنه، هذا بخلاف زيارة أبوَيها فلها أن تزورَهما حسَب العُرْف والعادة المشروعَيْن ولو لم يأذَن لها؛ لأن ذلك من صلة الرَحِم الواجبة التي أوجبها الإسلام.
فإذا ما استعمل الزوج حقَّه في أنها لا تسافر إلا بإذنه، وأساء استعمالَ هذا الحق وكان مُتعسّفًا وألحَق ضررًا بزوجته، فيكون آثمًا شرعًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضَرَرَ ولا ضِرار" ولها الحق أن تلجأ للقضاء لمنع هذا الضرر عنها بمُقْتضى هذا التعسف غيرِ المشروع من الزوج، ولها أن تطلب الإذن لها من القاضي بالسفر؛ لأن القاضيَ وليُّ من لا وليَّ له شرعًا.
والمبادئ الإسلامية التي أَقَرَّتْها الشريعة ونَظَّمَتْها هي الواجبةُ الاتباعُ في جميع الأحوال، ومن ضمنها أيضًا قوله تعالى: (فمَنْ اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه(98/88)
إنَّ اللهَ غفورٌ رحيم) (البقرة: 173) وقوله تعالى: (ولا تُلْقوا بأَيْديكم إلى التَّهْلُكَةِ وأَحْسِنُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسنين) (البقرة: 195). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ العلمِ فريضةٌ على كل مسلمٍ ومسلمة".
ومن هذه المبادئ يتضح الآتي جوابًا عن المسؤول عنه:
1 ـ فبالنسبة لخروج الزوجة لطلب العلم، فالقاعدة العامة تُقَرِّر أن عَقْد الزواج شريعة المُتعاقدَين، وبمقتضى هذا العقد يترتب عليه حقوق وواجبات مُتبادَلة بالنسبة لكلا الزوجين. وبمقتضى هذا العقد فإن الزوجة مُحْتَبَسَة لحق الزوج في مقابل الإنفاق عليها بجميع أنواعه التي تجب عليه، وعليها الطاعة والاحتباس له في مقابل ذلك، وهذا هو الأصل، لكن يجوز اشتراط الزوجة لنفسها في عَقْد الزواج من الإذن ما يُحِلُّه الله، كخروجها لطلب العلم أو العمل، فإذا ما وافق الزوج على هذا الشرط يلتزم به ويجب عليه الوفاء به، لقوله تعالى: (يا أيُّها الناسُ آمنوا أوْفُوا بالعقود).
وهذا الشرط إما أن يكون صريحًا أو ضمنًا، فالصريح هو المذكور بالعقد ولا يحتاج إلى إذن جديد.
أما الضمنيّ فكما إذا تزوجها وهي تعمل أو كانت طالبة، ومُدَوَّن بالعقد أنها تعمل، ولم يشترط الزوج في العقد عدم خروجها للعمل أو للعلم إلا بإذنه، أو المنع من العمل والاحتباس في منزله لطاعته، وكان العلم الذي ستسافر إليه مفروضًا عليها، وفيه نفع للصالح العام، ولم يكن فيه إضرار بالأسرة أو المجتمع، فإنه بمقتضى هذا الإذن الضمنيّ يكون لها حق الخروج للعمل بدون إذنه؛ لأن الإذن في هذه الحالة ضمنيّ وعُرْفيّ، والمعروفُ عُرْفًا كالمشروط شرطًا، يجب الوفاء به شرعًا.
فإن مَنَعَ هذا الإذنَ كان متعسفًا في استعمال الحق، فلها أن تلجأ إلى القاضي لمنع الضرر عنها بمقتضى هذا التعسف وطلب الإذن بالخروج أو السفر من القاضي؛ وذلك لأن القاضيَ وليُّ من لا وليَّ له. وإذنُ القاضي رخصةٌ قائمة على الضرورة الشرعية، والرخصة والضرورة تُقَدَّر بقَدْرها.
وبناءً على ذلك فلها أن تَخرج لاستكمال تعليمها بناءً على الإذن الصريح أو الضمنيّ، بشرط ألا يترتب على ذلك ضررٌ شديد بالحياة الزوجية يُؤثر على كيان الأسرة.
2 ـ أما بالنسبة لسفر الزوجة للعلاج في الخارج فنفيد بالآتي:
إذا لم يوجد طبيب مُعالِج ثقة له الخبرة والدراية في علاجها في مَحَل إقامتها، وقرَّر الأطباء المتخصصون أنه لا علاج لها داخل البلاد، وأن هناك ضرورةً قُصوى وأمرًا مُحَتِّمًا لسفرها للعلاج خارج البلاد، فلا مانع من سفرها شرعًا مع مَحْرَم أو جمع ثقاة للعلاج حتى لا تتعرض للتَّهْلُكة، لقول الله تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيديكم إلى التَّهْلُكة) ولأن القاعدة الشرعية العامة تُقَرِّر أن الضروراتِ تُبيح المَحْظورات، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تَدَاوَوْا عبادَ اللهِ فإنَّ اللهَ لم يَضَعْ داءً إلا وَضَعَ له دواء" والضرورة تُقَدَّر بقَدْرها.
فإن لم يأذن الزوج لزوجته لسفرها للعلاج وهي في هذه الحالة كان متعسفًا في استعمال حقه الشرعيّ، فلها أن تلجأ إلى القضاء المُخْتَصّ لطلب الإذن من الزوج أو الحكم به من القاضي لإزالة الضرر عنها؛ لأنه لا ضَرَرَ ولا ضِرار في الإسلام.(98/89)
ومما ذُكِرَ يُعْلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
عورة المسلمة أمام الكوافر
أعيش في بلاد الغرب ،وأضطر لأن أجلس مع بعض غير المسلمات ،فماحدود عورة المسلمة أمام المشركة أو الكافرة ؟
... السؤال
12/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الأصل في ذلك قوله تعالى : (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن) .
ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن المراد من قوله تعالى : (أو نسائهن)، أنهن المؤمنات المختصات بالصحبة والخدمة، وكأنه تعالى قال : أو صنفهن.
وعليه فليس للمؤمنة أن تتجرد عن بعض زينتها بين يدي مشركة، لئلا تصفها لزوجها، فإنها أي المشركة لا يمنعها من أن تصفها لزوجها مانع بخلاف المسلمة، وقالوا : إن المرأة الكافرة ليست من نسائنا وأجنبية في الدين، وهو قول عمر، وابن عباس، ومجاهد، ومكحول، وابن جريج وغيرهم.
والمعتمد عند الشافعية أن للمسلمة أن تكشف أمام المشركة ما يبدو عند المهنة عادة، أي الرأس والعنق واليدين إلى العضدين والرجلين إلى الركبتين. وهو مذهب الحنابلة،
واستدلوا على ذلك بما يلي :
1- ما صح من أن نساء كوافر قد كنّ يدخلن على أمهات المؤمنين، ولم يكنّ يحتجبن ولا أمرن بحجاب.
2- ما رواه عطاء أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لما قدموا بيت المقدس، كان قوابل (جمع قابلة، وهي المرأة التي تساعد الوالدة عند الولادة وتتلقى الولد) نسائهن اليهوديات والنصرانيات.
3- أن الحجاب إنما يجب بنصّ أو قياس، ولم يوجد واحد منهما. وقال الألوسي : (وهذا القول أرفق بالناس اليوم، فإنه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الكافرات) .
وأما قوله تعالى : (أو نسائهن)، فيحتمل أن يكون المراد جملة النساء.. وقول السلف محمول على الاستحباب، وهو الراجح إن شاء الله، لسلامة الأدلة ورجحانها.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(98/90)
إظهار الشعر ليلة العقد
سيُكتب عقد قراني قريبًا، وأنا فتاة مسلمة مُتَدَيِّنة مُحَجَّبة، فهل يجوز أن أُظهِرَ شعري في هذه الليلة؟
... السؤال
12/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
حث الشرع على إشاعة الفرح والسرور في الأفراح ،بشرط ألا تنتهك حرمة من حرمات الله ،وألا يكون فيه مخالفة شرعية ،وإظهارالمرأة شعرها إن كان أمام الرجال فيحرم شرعا،أما إن كان في محفل نسائي بعيدًا عن أعين الرجال -عدا المحارم- فلا شيء في ذلك ،أو أن يكون بينك وبين زوجك .
يقول الدكتور عبدالرازق فضل وكيل كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر:
أيُّتها الأخت الكريمةُ، سلام الله عليكِ، يبدو من رسالتِكِ أنكِ فتاة نابهة تَتَحَرَّينَ إرضاءَ الله عز وجل، وحيث إنكِ كذلك فما أظنُّ أن حفل عقد قِرانك سيكون مهرجانًا يَختَلِط فيه الرجال بالنساء، بل أحُسُّ أنه سيكون حفلًا إسلاميًّا، للرجال فيه مكان بعيد كل البُعد عن مكان النساء، وحيث إن الحفل سيكون كذلك فلا بأس عليك في إظهار شعرك؛ لأن رؤيتك على هذه الحال لن تكون إلا من النساء، وللمرأة أن تنظُر من المرأة جسدَها إلا ما بين السرَّة والركبة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ميراث المرأة كرهًا
ما معنى قول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا ولا تَعضُلُوهنَّ) ؟
... السؤال
02/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الآية قد أبطل الله بها حكماً من أحكام الجاهلية التي كانت تمتهن المرأة فيها فأتى الإسلام وأرسى العدل في البلاد بين العباد ، ويوضح هذا فضيلة الشيخ الشعراوي علامة مصر ـ رحمه الله ـ قائلاً :
يقول الحق سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا ولا تَعضُلُوهنَّ لتَذهَبوا ببعضِ ما آتيتموهنَّ إلا أن يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ وعاشرُوهنَّ بالمعروفِ فإن كَرِهتموهنَّ فعسى أن تَكرَهوا شيئًا ويَجعلَ اللهُ فيه خيرًا كثيرًا) (النساء: 19).(98/91)
ساعة ينادي الحق سبحانه وتعالى عباده الذين آمنوا به يقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا) فمعناها: يا من آمَنتم بي بمَحض اختياركم ، وآمَنتم بي إلهًا له كلُّ صفات العلم والقدرة والحكمة والقيُّومية، ما دمتم قد آمنتم بهذا الإله اسمَعوا من الإلهِ الأحكامَ التي يَطلبها منكم.
إذًا فهو لم ينادِ أيَّ مؤمن ، وإنما نادَى مَن آمَن باختياره ، وبترجيح عقله، فالحق سبحانه وتعالى يقول: (لا إكراهَ في الدينِ قد تَبيَّنَ الرُّشدُ من الغَيِّ فمن يكفُرْ بالطاغوتِ ويُؤمِنْ بالله فقد استَمسَكَ بالعُروةِ الوُثقَى لا انفصامَ لها واللهُ سميعٌ عليمٌ) (البقرة: 256) يريد الحق سبحانه وتعالى أن يعالج قضية تتعلق بالنساء باستضعافهنَّ، لقد جاء الإسلام والنساء في الجاهلية في غَبْن وظلم عليهنَّ، فقال الحق سبحانه: (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا) وكلمة : "ورث" تدل على أن واحدًا قد تُوُفِّيَ وله وارث، وهناك شيء قد ترَكه الميت ، ولا يصح أن يَرِثَه أحد بعده ؛ لأنه عندما يقول: (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا) فقد مات مورِّث ويخاطب وارثًا.
إذًا فالكلام في الموروث، لكن الموروث مرة يكون حلالًا ، ولذلك شرَع الله تقسيمه، وآخر يكون حرامًا فلا يصح ، ويجب تركه، والكلام هنا في متروك لا يصح أن يكون موروثًا، فقال سبحانه: (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا) فهل المقصود ألّا يَرثَ الوارث من مورِّثه إمَاءً تَرَكَهنَّ؟
لا، إن الوارث يَرث من مورِّثه الإمَاءَ اللاتي تَرَكَهنَّ، ولكن عندما تنصرف كلمة "النساء" تكون لأشرف مواقعها، أي : للحرائر، لأن الإمَاء تُعتبَر الواحدة منهنَّ ملكَ يمين (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا) وهل يوجد ميراث للنساء برضًا؟ وكيف تورث المرأة؟
ننبّه هنا إلى قوله سبحانه وتعالى: (كَرْهًا) وكان الواقع في الجاهلية أن الرجل إذا مات وعنده امرأة جاء وليّه ، ويُلقي ثوبه على امرأته فتصير ملكًا له، وإن لم تقبَل فإنه يَرثها كَرْهًا، أو إن لم يكن له هوًى فيها فهو يحبسها عنده حتى تموت ويَرِثَها، أو يأتيَ واحد ، ويزوجَها له ، ويأخذ مهرها لنفسه، كأنه يتصرف فيها تصرف المالك، لذلك جاء القول الفصل: (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا) والعَضْلُ في الأصل هو المنع، ويقال: عَضَلَت المرأة بولدها.
(أخرج البخاريّ [4579] وأبو داود [6089] والنسائيّ في الكبرى [11094] عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما "يا أيها الذين آمنوا لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا" قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، وإن شاء بعضهم تزوَّجها ، وإن شاءوا زوَّجوها ، وإن شاءوا لم يزوِّجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك.
وروى أبو داود [2090] عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا ولا تَعضُلُوهنَّ لتَذهَبوا ببعضِ ما آتيتموهنَّ إلا أن يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ" وذلك أن الرجل كان يرث امرأةَ ذي قرابته فيَعضُلُها حتى تموت ، أو تَرُدَّ إليه صَدَاقَها، فأحكَمَ الله تعالى عن ذلك. أي: نهَى عن ذلك.
وروَى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : "يا أيها الذين آمنوا لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهًا" قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية ألقَى عليها حميمة ثوبه(98/92)
فمنَعَها من الناس، فإن كانت جميلة تزوَّجها، وإن كانت دميمة حبَسها حتى تموتَ فيَرثَها.
وقال مجاهد: كان الرجل إذا تُوُفِّيَ كان ابنه أحقَّ بامرأته، يَنكِحها إن شاء إذا لم يكن ابنَها أو يُنكحها من شاء أخاه أو ابنَ أخيه.
وقال عكرمة: نزلت في كبيشة بنت معن بن عاص بن الأوس، تُوُفِّيَ عنها أبو قيس بن الأسلت فجنَح عليها ابنه فجاءت رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله، لا أنا وَرِثْتُ زوجي ولا أنا تُرِكْتُ فأَنكَحَ! فنزلت هذه الآية.
قال ابن كثير: فالآية تعُمّ ما كان يفعله أهل الجاهلية، وما ذكره مجاهد ، ومن وافَقَه ، وكل ما كان فيه نوع من ذلك.
والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الأم أحق الناس بحسن الصحبة
بسم الله الرحمن الرحيم : بين الحين والحين نجد تشكيكاً من المستشرقين في الإسلام ، ومن إفكهم يقولون:
إن الله فضّل الأمّ على الأب بدليل أنه ذكرها وحدها في القرآن الكريم. مع أنه أوصى بالوالدين معًا، فكيف نرد عليهم؟
... السؤال
01/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
جاءت الوصية في القرآن الكريم بالوادين عموماً وبالأم خاصة ،وذلك في آية سورة لقمان : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
إِلَيَّ الْمَصِيرُ } وفي سورة الأحقاف أيضا يقول تعالى :{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }.
ففي هاتين الآيتين الكريمتَين يذكر الله تعالى أسباب وحيثيات التوصية لجانب الأم، فيذكر القرآن الكريم متاعب الأم بالنسبة للولد من حيث قيامها بحمله مدة الحمل ، وهي امرأة ضعيفة ،تتعب من هذا الحمل الذي يستمر لشهور عديدة ، ثم بعد تلك المعاناة من الحمل تضعه كُرهاً : أي بكُرهٍ ومشقة ، ثم بعد ذلك قامت بإرضاعه ،وهذه الأمور قد حدثت في مرحلة لم يبلغ فيها الابن بعد مسألةَ الإدراك لما يحدث، فهي أمور غير منظورة للطفل ، وبهذا لا يستطيع أن يدرك حجم المتاعب التي تتكبدها الأم في فترة الحمل والرضاعة، وما تبذله من جهد عظيم لرعايته في مرحلة طفولته المبكرة.(98/93)
أما فضل أبيه عليه فهو ظاهر له يعاينه فلذلك ذكره الله بفضل أمه عليه في الفترة التى لم يكن يعي فيها شيئاً 0
ويوضح هذا المعنى فضيلة الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ من علماء الأزهر الشريف قائلاً :
إن الله سبحانه وتعالى في توصيته بالأم قد اختصّها ؛ لأنها تقوم بالجزء غير المنظور في حياة الابن أو غير المُدْرَك عقلًا، بمعنى أن الطفل وهو صغير في الرضاعة وفي الحمل والولادة، وحتى يبلغ ويعقل، الأم هي التي تقدم له كل شيء، هي التي تسهر لترضعه ، وهي التي تَحمِل وهي التي تَلِدُ، فإذا كِبر الطفل وعقَل مَن الذي يجده أمامه؟ يجد أباه؛ إذا أراد شيئًا فإن أباه هو الذي يحققه له، وإذا أراد أن يشتريَ لُعبة جديدة وملابس جديدة، وإذا أراد مالًا.. الخ، كل هذا يقوم به الأب .
إذًا فضلُ الأب ظاهر أمامه ، أما فضل الأم فمستتر؛ ولذلك جاءت التوصية بالأم أكثر من الأب، لماذا؟ لأن الطفل حينما يحقق له أبوه كل رغباته يحُسّ بفضل أبيه عليه، ولكن نادرًا ما يقدّر التعب الذي تعبته أمه، وهو يزيد أضعاف أضعاف ما يقدمه له أبوه، من هنا جاءت التوصية بالأم، حتى أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "أمك.. أمك .. أمك.. ثم أبوك" (يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاريّ 5971 ومسلم 2548/1 وابن ماجه 3658 وأبو داود 5139 والترمذيّ 1898 ولفظه عند البخاريّ: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله من أحقُّ بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "ثم أبوك").
ولكن ما هو الهدف من هذا التذكر إذا كان الإنسان لا يَعقل هذه الفترة ولا يتذكرها من حياته مطلقًا؟
الهدف هو أن ينظر إلى الأمهات ليرى كيف يَتعَبنَ، كيف يعانِينَ ويقاسِينَ، وكيف يَسهَرنَ على أطفالهنَّ، وماذا يَتحمَّلنَ من مشقة، وعندما يراه على غيره يدرك أن هذا الهدف قد حدث له ، ويحسّ به؛ ولذلك يردّ لهنَّ الجميل. فالله ـ سبحانه وتعالى ـ يريد أن يذكّرنا بتعب الأم ، ويريد أن يوصيَنا بالاثنين معًا، الأبِ والأمِّ، ولكنه يوصينا بالأم ، ويخصّها بالذكر أكثر لأن تعبها كان والطفلُ صغير لم يُدرك بعدُ، بينما ما يفعله الأبُ واضح وظاهر أمام الابن بعد أن كبر واشتد عوده.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
المرأة وتَزْيِينِ النساء
بسم الله الرحمن الرحيم
ما رأْي الدِّين في امرأة تَفتح مكانًا آمنًا لتُزيِّنَ شعر النساء، ولا تقوم بأيِّ عمل يُخالف السُّنة المُطهرة مثل الحواجب، ولا تعمل الأظفار ، ولا أيّ شيء يُغيِّرُ من خلْق الله؟ والذي يقوم بهذا العمل نساءٌ مثلهنَّ فقط ، ومَمنوع دخول الرجال.
فما الحُكم الشرعيِّ في ذلك ؟
... السؤال(98/94)
13/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و بعد :
لا مانعَ شرعًا من أن تَفتح المرأة مكانًا آمنًا لتَزْيِينِ شَعر النساء، لأن تجميل المرأة وتزيينها واجبٌ للزوج على زوجته ، ولكن يشترط في هذا المكان ألا يُقام فيه أيِّ عمل يُخالف الدين الإسلاميَّ والسُّنة المُطهرة. ويشترط أن من يَقوم بالعمل في هذا المكان نساء مثلهنَّ ، ومَمنوع دخول الرجال فيه مُطلقًا. فإذا إذا تَوافرتْ فيه كل هذه الشروط فهو حلال ، وليس فيه مُخالفة للدِّينِ والعائد مِن ورائه حلال.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل (مفتي مصر ) :
إذا كان الحال كما وَرَدَ بالسؤال ـ من أن هناك امرأةً تُريد أن تَفتح مكانًا آمنًا لتَزْيِين شعر النساء، ولا تقوم فيه بأيِّ عمل يُخالف الدِّينَ الإسلاميَّ والسُّنَّة المُطهرة مثل طلاء الأظفار وتزجيج الحواجب أو أيّ شيء يُغيِّرُ من خلْق الله، وإنما مهمة المحلِّ تَزيين شعر المرأة فقط، والذي يقوم بهذا العمل نساءٌ مثلهنَّ، وممنوع دخول الرجال في هذا المحل كما وَرد بالسؤال، إذا توافرتْ في المحل هذه الشروط وتلك الصفات ـ فإنه لا مانعَ شرعًا من ذلك، وليس فيه مُخالفة للدِّين، والعائد من ورائه حلال، شريطةَ أن يكون تَزيين شعر المرأة لزوجها وليس لأيِّ شيء آخر.
فالتَّزيُّن من المرأة لا يكون إلا للزوج، وهو واجبٌ عليها وحقٌّ له لا يَسقط وإن مضى الشطر الأعظم من الحياة لقوله تعالى: (ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ) (النور: 31).
وما مِن امرأةٍ قابلتْ زوجَها على هذا الوجه إلا حازت في قلبه المَكانة الغالية والمنزلة السامية، ولقد ورَد في الأثَر: "خيرُ النساءِ التي إذا أُعْطِيَتْ شَكَرَتْ، وإذَا حُرِمَتْ صبَرتْ، تَسُرُّكَ إذا نَظرتَ، وتُطيعُكَ إذا أمَرْتَ".
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
علامات سن اليأس
امرأة في الخمسين مِن عمرها طُلِّقَتْ مِن زوجها وهي على أبواب اليأس مِن الحيْض، فإنها قد لا تَحيض إلا بعد شهرينِ أو ثلاثة، ولا يَنزل منها إلا بعض نُقط صغيرة في كل مرة لمدة ساعة أو ساعتَينِ، وهي لا تَدري هل هذا حيْض فتَعتدُّ به مِن زوجها الذي طلَّقها أم هو دمٌ عاديٌّ؟ وإذا كان دمَ حيضٍ تعتدُّ به فإن عدَّتَها سوف تَطول جدًّا، وإنِ اعتبرتْهُ دمًا عاديًّا فبأيِّ شيء تَعتدُّ مِن زوجها، هل تَعتدُّ بثلاثة أشهر أم بأكثر؟
... السؤال
12/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...(98/95)
بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
للحيض علامات معروفة ،فإن كان الدم النازل من المرأة فيه هذه العلامات كان دم حيض ويجب على المرأة أن تعتد بالحيض أو الأطهار حسب اختلاف الفقهاء في ذلك،وأما إن لم تنطبق علامات الحيض على الدم، كان الدم فاسدًا،وتعتد ساعتها بالأشهر.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعةالأزهر:
اعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن دمَ الحيضِ له علامات يُعرف بها، منها أنه دمُ لا يتجلَّط، وأن له رائحةً كريهةً، وأنه مَصحوب بمُخاط، فإن كان الدم الذي يَنزل منك هكذا فهو حيْض يجب عليك أن تَعتدِّي به ولو طالت العِدَّة، وإنْ لم يكن كذلك فهو دم فاسد، وعندئذ تَعتدِّينَ بالأشهر، لقوله تعالى: (واللائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِسائِكُمْ إنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ).
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
حق المرأة في الانتخاب والترشيح
بسم الله الرحمن الرحيم
نريد أن نعرف حكم الشرع في مشاركة المرأة في البَرلمانِ ترشيحًا وانتخابًا
و جزاكم الله خيراً
... السؤال
09/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وبعد :
يَجوز للمرأة أن تَشهد على غيرها فيما أُبيحَ لها الشهادة فيه متى طُلِبَ منها ذلك؛ لقوله تعالى: (ولا تَكْتُمُوا الشهادةَ ومَن يَكْتُمْهَا فإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (البقرة: 283) والانتخابات في مَخْبَرها وجَوهرها نوع من أنواع الشهادة والتزكية لمَن يُرشِّح نفسَه عن طريق الإشْهاد ؛ كما أن من حقها الترشيح للمجالس النيابية على اعتبار أن ذلك من باب الوكالة ؛ وهي مكفولة في التشريع الإسلامي للذكر والأنثى على حد سواء ..
و على هذا فمُشاركة المرأة في الانتخابات والترشيح لعُضوية مجلس مِن المَجالس النيابيَّة جائزٌ شرعًا ما دام هذا العمل يَتَّفق وطبيعتَها التي خلَقها الله عليها.
ودار الإفتاء المصرية قد رأت أنه لا مانعَ شرعًا من مُشاركة المرأة في الانتخابات ، ولها حقُّ الترشيح للمَجالس النِّيابيَّة، لأنه إذا كان الإسلام قد أباحَ لها أن تَتملَّكَ ، وأن تَتصرَّفَ في مالِها كيفمَا شاءت ، ومنَحها الحق في مباشرة الحقوق المدنيَّة، وأيضًا أباح لها أن تُباشر أخطرَ شيءٍ في حياتها وهو الزواج، فمِن بابٍ أوْلَى إباحته لها مباشرة الحقوق المدنيَّة ترشيحًا وانتخابًا.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر :(98/96)
الإسلام دِينُ العدْل والمساواة بين الناس جميعًا، وهو أول مَن أعطى المرأة حُقوقَها كاملةً، وأعلَى قدْرَها ورفَع شأنها ، وجعَلَ لها ذِمَّةً ماليةً مُستقلةً، واعتبرَ تصرُّفاتِها نافذةً في حقوقها المشروعة، وسوَّى بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات، وثمرةً لهذا وُجدتْ نساءٌ فُضلياتٌ شاركْنَ بنَصيبٍ وافرٍ في كل مجالات الحياة، وكان يُرجَعُ إليهنَّ في كثير مِن الأمور، ومُقتضَى التسوية بين الذكَر والأنثَى أن المرأة لها حقُّ المُشاركة في الحياة العمليَّة بما يَتناسب وطبيعتَها التي خلَقها الله عليها، ومما يَتناسب وطبيعة المرأة حقُّ التحمُّل وحقُّ الأداء، أي : أنها تَستطيع تَحمل الشهادةَ ، وأداءَها إذا طُلب منها ذلك.
والقرآن الكريم قرَّر هذه الحقيقة في قوله تعالى: (واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجَالِكمْ فإنْ لمْ يَكونَا رجلَينِ فرَجلٌ وامرأتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهداءِ) (البقرة: 282).
يقول الإمام القرطبيُّ عند قوله تعالى : (فإنْ لم يَكُونَا رَجلَينِ فرجلٌ وامْرَأتَانِ) جعَلَ ـ تعالى ـ شهادةَ المرأتَينِ مع الرجل جائزةً مع وُجود الرجل في هذه الآية، ولم يَذكرها في غيرها، فأُجِيزتْ في الأموال خاصَّة في قول الجمهور بشَرط أن يَكونَ معها رجلٌ.
وإنما ذلك في الأموال دون غيرها؛ لأن الأموال كثَّرَ اللهُ أسباب تَوْثِيقِها لكثرةِ جهات تَحصيلها ، وعُموم البلوَى بها وتَكرُّرها، فجعل التوثيقَ فيها تارةً بالكِتابة ، وتارةً بالإشهاد ، وتارةً بالرهْن ، وتارةً بالضمان، وأدخلَ في جميع ذلك شهادةَ النساء مع الرجال.
ولمَّا كانت الشهادةُ وِلايةً عظيمةً شَرَطَ الله ـ تعالى ـ لها الرِّضا والعَدالة في قوله تعالى: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ).
ومِن هذا يَتضِحُ أن المرأة يَجوز لها أن تشهد على غيرها فيما أُبِيحَ لها الشهادة فيه حتى طُلِب منها ذلك، لقوله تعالى: (ولا تَكْتُمُوا الشهادةَ ومَن يَكْتُمْهَا فإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (البقرة: 283).
يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه "السُّنة النبويَّة بين أهل الفقه وأهل الحديث" تحت عنوان "حول شهادة المرأة":
ومَعروفٌ أن شهادة المرأة على النِّصف من شهادة الرجل، وقد علَّلَ القرآن الكريم لذلك بأن المرأة قد تَنْسَى أو تَحارُ أو يَشتبِهُ عليها وجهُ الحقِّ، وعندما تكونُ معها امرأةٌ أخرى فسوف يَتعاوَنانِ على الإدلاء بالحقيقة كاملةً، ومعروف أيضًا أن المرأة في عادتها الشهريَّة تكون شِبْهَ مريضةٍ ومُنحرفَةَ المِزاج، واضطرابُ أجهزتها الحيويَّة يُصيبُها ببعض الارْتباك، والتثبُّتِ في أداء الشهادة واجبٌ، وذاك سِرُّ اشتراط وُجود الرجل مع المَرأتَين في قوله تعالى: (فإِنْ لمْ يَكونَا رَجلَينِ فرجلٌ وامرأتانِ ممَّن تَرْضَوْنَ من الشُّهداءِ أن تَضِلَّ إحداهُمَا فَتُذَكِّرَ إحداهمَا الأُخْرَى).
انتهى
والذي تَجدُرُ الإشارة إليه أن عملية الانتخاب في مِخْبرها وجَوهرها نوعٌ من أنواع الشهادة والتزكية لمَن يُرشِّح نفسَه عن طريق الإشهاد.
وتأسيسًا على ذلك فإن مشاركة المرأة في الانتخاب والترشيح لعُضوية مجلس من المجالس النيابية جائزٌ شرعًا ما دام هذا العمل يتَّفقُ وطبيعتَها التي خلَقها الله عليها(98/97)
ورَضِيَ الناسُ أن تكون نائبةً عنهم تُمثِّلُهم في تلك المجالس، وقاموا بانتخابها بإرادتهم الحرَّة المُستقلة أو قامت هي بانتخاب غيرها لهذه المجالس؛ لأن ذلك من باب الشهادة المُباح لها القيام به شرْعًا، وبخاصةٍ أن مُشاركةَ غيرِها معها في هذه الشهادة يَتحققُ بيَقينٍ من الرجال بما يَصل إلى حدِّ التواتُر أو الشهرة.
وما يُقال: إن عملية الانتخاب تُناسِبُ ما عليه الرجال ، وهم أقدرُ عليها، ولا يَتحمَّلها النساء. فليس مِن المعقول ، ونحن على مَشارِفِ القرن الواحد والعِشرينَ أن يُحرم نِصفُ المجتمع من إبداءِ رأيه في اختيارِ مَن يَتولَّى أمرَه؛ لأنها غير قادرةٍ على تحمُّل ذلك.
والإسلام منذُ فجْره حمَّلَ المرأةَ عِبْءَ المُساهمة في مُجريات الأمور، فالسيدة خديجة رضي الله عنها تحمَّلت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسؤوليةَ حينما أخذتْه وذهبتْ به إلى ورقةَ بن نَوفلٍ ليَسمع منه حديثَه.
وأم المؤمنين أم سلَمة كان لها رأيٌ في صُلح الحديبية، وأشارت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يَخرجَ إلى المُسلمين فيَحلِقَ أو يُقصر ويَنحر الهَدْيَ. بل إن السيدة عائشةَ ـ رضي الله عنها ـ أعلنت رأيها في النزاع على الخِلافة بين عليٍّ ومعاوية ، وانتخبَتْ معاويةَ خليفةً للمسلمين، وذهبت إلى أبعد من ذلك حينما خرَجت مُؤيِّدةً لمُعاوية.
ـ أما عن عدم مُشاركة المرأة في الانتخابات طِيلةَ العصور الإسلامية ولاسيَّمَا القرون الثلاثة الأولَى التي شهِد لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالخيْريَّة، فلا يَعنِي أن الإسلام قد حرَمها مِن حُقوقها وأسقطَ عنها عِبْءَ تَحمُّلِ الشهادة.
ـ وما يُقال مِن أن التزكية مِن الوِلاية العامَّة، فالذي عليه أهلُ الرأي أن الولاية العامَّة لا تكون إلا للحَاكم، أيْ : الخليفة.
ـ وأما عن البدائل المَشروعة عمَّا يُرادُ تَحصيله مِن مُشاركة المرأة في الانتخابات دون مَحاذيرَ، فإن هذا يكون صحيحًا في حالة عدم خُروج المرأة إلى العمل .
أما وقد خرَجتْ واقتحمت ميادينَ العمل على اختلاف ألوانِه وأشكاله وأصبحتْ جنْبًا إلى جنبٍ مع الرجل فإن المَحاذير لا تكونُ في الانتخاباتِ فقط.
ـ وأما ما يُقال من أن التجربة المَشهودة في البيئات المُختلفة أكَّدتْ أن فتْح مثل هذه الأبواب يَستتبعُ تَجاوُزاتٍ أخرى تُخالفُ الشريعة الإسلامية، فإن هذا القول ليس على إطلاقِه؛ لأن الإسلام أعطى المرأة كلَّ الحقوق ـ عدا الولاية العامَّة ـ وحق الانتخابات من باب الشهادة، ولا يَستلزم ذلك تَغيير أحكام الشريعة؛ لأن المرأة يَصحُّ أن تكون وَكيلةً ومُوكِّلةً، على أنه يجبُ مُراعاةُ أعراف الناس وعاداتِهم، وما يَصلح في بيئة قد لا يَصلح في غيرها، وقد جَعلت الشريعة الإسلامية العُرْفَ مَصدرًا من مصادر التشريع الإسلاميِّ.
والتلازُم بين الانتخاب والترشيح أمرٌ غير شرعيٍّ، حيث إن الانتخاب من باب الشهادة، والمرأة لها أهلية تَحمل الشهادة، كما سبقت الإشارة إليه (في البقرة: الآية 282) وهي آية المُدايَنة. كما أن لها حقَّ الترشيح؛ لأنه من الحقوق التي تكون لجميع الأفراد كامِلِي الأهليَّة والأداء، واختيارُها عُضوًا في المجلس النيابيِّ لا تَستحقه بالترشيح، وإنما يَتوقَّفُ على اختيار الناس لها ، وثِقتِهم فيها مُمثِّلةً لهم،(98/98)
وشَهادتهم لها بقُدْرتها على تحمُّل المسؤولية التي تُناط بها ، والتي تُرشِّحُ نفسَها للقيام بها.
والشريعة الإسلامية حينما خَصَّتِ الرجال بأمورٍ كالجهاد ، وخصَّتِ النساءَ بأمورٍ أخرى تَدخل في النِّطاق الخاصِّ بالنساء لا يَعني هذا حِرمانَ المرأةِ من مباشرة حقِّ الاختيار لمَن يَتولَّى أمْرَها فقد أمَرَ الإسلام بأن تُسْتأمَرَ في اختيار شَريكِ حياتها، ولا بدَّ مِن مُوافقتها عندَ زواجها، ولا تُجْبَرُ على الزواج ممَّن لا رَغبةَ لها فيه.
وفي هذا دليل على ثُبوت حقِّها في اختيار عضو المجلس النيابيِّ الذي يُمثلها أو يَنوبُ عنها ، ويَتكلم باسْمِها استعمالًا للقياس الذي يُعَدُّ مصدرًا من مصادر الشريعة الإسلامية؛ حيث إن العلَّة في استئذانِها في الزواج هي مَصلحتها، وهي نفس السبب في أخْذ رأيِها فيمَن يتولَّى أمرَها في المجلس النيابيِّ.
ومُشاركة النساء في بيْعة العقبة دليلٌ قاطعٌ على أن الإسلام لم يُغفل دورَ المرأة ولم يُعطِّل حقَّها في المشاركة في إدارة دفَّة الحياة لعلْمه بأن المجتمع قائمٌ على عنصرينِ: الذكَر والأنثَى لقوله تعالى: (يا أيُّها الناسُ إنَّا خَلقناكُمْ مِن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعلْناكُمْ شُعوبًا وقبائلَ لِتَعارَفُوا إنَّ أكرَمَكمْ عندَ اللهِ أتْقاكُمْ) (الحُجرات: 13)
وقوله تعالى: (مَن عمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أو أنثَى وهُوَ مُؤمنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياةً طيِّبةً) (النحل: 97).
والخلاصة :
أن دار الإفتاء المصرية ترى أنه لا مانعَ شرعًا من مُشاركة المرأة في الانتخاب، ولها حقُّ الترشيح للمَجالس النيابيَّة.
لإن الإسلام سوَّى بين المرأة والرجل في الحُقوق والواجبات ، وأعطَى المرأة حقَّها، وأعلَى شأنها بعد أن كانت مِن سَقَطِ المتاع في الجاهلية وقبل الإسلام، وجعل لها ذِمَّةً ماليَّة مُستقلةً عن الرجل، وأباحَ لها أن تَتملَّكَ ، وأن تَتصرَّفَ في مالِها كيفَما شاءت، ومنَحها الحقَّ في مباشرة الحقوق المدنية وغيرها ؛ ما دامتْ تَتناسب وطبيعتَها التي خلَقها الله عليها.
وإذا كان الإسلام أباحَ للمرأةِ أن تُباشرَ أخطرَ شيء في حياتها وهو الزواج فمِن بابٍ أولَى مباشرة الحقوق المدنيَّة وغيرها.
وعلى ذلك فلا مانعَ شرعًا مِن أن تكونَ المرأةُ عضوًا بالمجالس النيابيَّة والشعبية إذا رضِيَ الناسُ أن تكون نائبةً عنهم تُمثلهم في تلك المَجالس، وتكون مُواصفات هذه المَجالس تَتَّفِقُ وطبيعتَها التي ميَّزها الله بها، وأن تكونَ فيها مُلتزمةً بحُدود الله وشرْعه كما بيَّن اللهُ ، وأمَر في شريعة الإسلام.
هذا وبالله التوفيق.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمل المرأة في توثيق عقود النكاح
هل يجوز للمرأة أن تكونَ مَأذونًا شرعيًّا؟
... السؤال
06/06/2001 ... التاريخ(98/99)
... ... الحل ...
...
... بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هناك فرق بين عقد الزواج و توثيق هذا العقد ، فتوثيق عُقود الزواج من الرجل والمرأة جائزٌ شرعًا؛ لأنه لا يُشترط فيه الذكورة فللمرأة مباشرةُ كلِّ العقود بنَفسها ولغيرها إن كانت بالغةً عاقلةً رشيدةً . أما عقد النكاح فلا يصح منها عند جمهور الفقهاء.
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر :
اشترط الفقهاء في الزواج أن يَتوافرَ الركنُ الحقيقيُّ له ، وهو رضا الطرَفَينِ الزوج والزوجة ، وتَوافُق إرادتَيهما في الارتباط ، ويُعبر عن ذلك بالإيجاب والقبول، وأن يَكونَا بلفظَينِ وُضِعَا للماضي ، أو وُضِعَ أحدهما للماضي والآخر للمُستقبل.
ومتى استوفَى العقد شُروطه صحَّ الزواج ، وترتَّب عليه كلُّ آثاره.
ولا يُوجد في الشريعة الإسلامية شيءٌ اسمه المأذون الشرعيُّ، ولا أن وُجودَه شرط للزواج ، ولا يتمُّ بدونه، إنما هي أمور تَنظيميَّة مُستحدَثة اقتضَتْها ظروف العصر ومُقتضيات الأحوال.
فعندما خَرِبَت الذمَم ، وفسَدت الأخلاق ، وضلَّ الناس وأصبح إنكار الزواج وكذا إنكار التبنِّي أمرًا واردًا، كان لولِيِّ الأمر مُبرِّر للتدخُّل وإنشاء القوانين واللوائح الخاصة ، وما يَتراءَى له ومصلحةَ الجماعة، فأنشأ ما يُسمَّى بالمأذون، وعملُه تَوثيق العُقود وتَدْوِينُها؛ كيْ يُصبح إنكارُها أمرًا مُستحيلًا، ويَحميَ كيان الأسرة التي هي اللَّبِنةُ الأولَى في بناء المجتمع، وأصبح الحاكم مسؤولًا عن استقرارها ودَرْءِ كل ما يَعِنُّ لها مِن فساد.
والتوثيق من الرجل أو المرأة جائزانِ شرعًا، والمرأة فيه كالرجل؛ لأن توثيق العقد لا يُشترط فيه الذكورة، وللمرأة مباشرةُ كلِّ العقود بنفسها لنَفسها ولغَيرها إن كانت بالغةً رشيدةً، ما عدا عقد النكاح عند جمهور الفقهاء.
وعليه، فيَجوز لها تَوثيقُه فقط لا عقْدُه، مشروطًا بالضوابط الشرعية المُحقِّقة للمصلحة بما لا ضررَ فيه ولا ضِرارَ.
ولوليِّ الأمر الشرعيِّ وَضْعُ الضوابطِ والقوانينِ المُنظِّمة لهذا التوثيق بين الناس بما يُوافق أعراف الناس وعاداتهم الحسَنة، وبما لا يَتعارض مع نصٍّ صريح وقطعيٍّ من كتاب أو سُنَّةٍ.
و الله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تناول وسائل تأخير الحيض
هل يجوز للمرأة أن تأخذ بعض حبوب منع الحمل ،لأداء بعض العبادات ؟
... السؤال
05/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...(98/100)
... بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لامانع شرعًا من أن تستخدم المرأة حبوبًا لتأخير الحيض ،حتى تستكمل أداء بعض العبادات ،على ألا يكون هناك ضرر من استخدام هذه الحبوب.
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
إن نزول دم الحَيْض على المرأة يمنعها من أداء بعض العبادات شرعًا كالصلاة والصيام لِما رُوِيَ عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للنساء: "أليس إحداكنَّ تَمْكُثُ اللياليَ لا تصلي، ولا تصوم"، وفي رواية أخرى: "أليس إذا حاضت المرأة لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ"، كما يمنعها من قراءة القرآن؛ لِما رُوِيَ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "لا يَقرأُ الجُنُب ولا الحائض شيئًا من القرآن"، ويمنعها كذلك من الطواف بالبيت، والسَّعْي بين الصفا والمروة؛ لِما رُوِيَ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعائشة بعد أن نزل عليها دمُ الحيض، وهي متلبسة بأداء الحج معه: "افْعَلِي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تَطْهُري"، وقال لأسماء بنت عُمَيْس، وقد حاضت في الحج: "افعلي كلَّ ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت، ولا تَسْعَيْ بين الصفا والمروة" ويمنعها نزول دم الحيض من دخول المسجد لحضور درس علم أو نحوه، أو لغير ذلك؛ لِما رُوِيَ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "لا أُحِلَّ المسجد لحائض ولا لجُنُب".
ولهذا فقد تلجأ المرأة إلى اتخاذ وسيلة تُؤَخِّر بها نزولَ دم الحيض فترة من الزمن حتى تنتهيَ من صيام وجب عليها أداءً أو قضاءً، أو تفرُغ من أداء مناسك الحج أو العمرة، أو لتتخلَّص من آلام الحيض وما يُصاحبه من اضطرابات بدَنية تؤثِّر على الاستيعاب والتركيز، إذا كانت تؤدي الامتحان.
ويرى الأطباء أن بإمكان المرأة أن تؤخر نزولَ دم الحيض عليها لمدة أسبوع قبل موعد نزوله المُعتَاد، إذا تناولت قرصًا من أقراص منع الحمل يوميًّا، حتى تنتهيَ من الأعمال التي تَلَبَّسَتْ بها، والتي ترغَب في عدم نزول دم الحيض عليها أثناءها، فإذا ما توقَّفت عن تناول هذه الأقراص فإن الدم ينزل عليها في خلال ثلاثة أيام من تاريخ التوقُّف، وهناك وسائل أخرى غير هذه يمكن بها تأخير نزول دم الحيض، أسفرت عنها الطفرة الهائلة في المجال الطبي.
ولا يُمتنَع عند فقهاء المسلمين جواز تناول المرأة دواءً، أو اتخاذها وسيلة تُؤَخِّر بها نزول دم الحيض عليها، حتى تنتهيَ من العبادات أو نحوها، إذا ما تَلَبَّسَتْ بها، ورَغَبَتْ في الفراغ منها قبل موعد نزول دم الحيض، إذا لم يترتب على تناولها هذا الدواء، أو اتخاذها هذه الوسيلة الإضرار بها، ويُحْكَم بالطُّهْر لمَن رفعت حيضَتها عن النزول في وقتها المعتاد، وقد رُوِيَ عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه سُئِلَ عن الحائض تشرب الدواء ليرتفعَ حيضُها حتى تَطوف وتَنفِر، فأجاز ذلك، ووصف لها ماء الأراك، بل إن فقهاء الحنابلة يَرَوْن جواز تناول المرأة دواء لقطع الحيض مطلقًا، إذا كان الدواء مُباحًا لا يَضُر المرأة تناوله.
ومَن ثَمَّ فلا حرج على المرأة أن تَتَّخِذ وسيلة من دواء أو غيره تؤخر بها نزول دم الحيض عليها حتى تَفْرُغ من الأعمال التي تَلَبَّسَتْ بها، سواء كانت عبادات أو(98/101)
غيرها، بشرط أن تكون هذه الوسيلة مباحة شرعًا، وأن لا يترتب على اتخاذ المرأة لها الإضرار بها.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الرد على شبهة نقصان المرأة في الميراث
شيخنا الحبيب:السلام عليكم ورحمة الله. يشنع كثير من الناس على الشريعة الإسلامية لأنها تجعل للذكر مثل حظ الأنثيين فكيف نرد عليهم ؟ وهل توجد حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل ؟
... السؤال
23/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أختنا الفاضلة :أكرمك الله وهداك إلى مايحبه ويرضاه وبعد:
الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك يصرفه كيف يشاء وهو العدل لا يظلم عنده أحد وهو جل وعلا يحب عباده ولذلك نجد أن لكل دقائق الشرع حكمة بالغة وقد تخفى على العبد ولكن حين ينظر للأمر بعمق ويتعامل معه يفرح برحمة ربه ويظل لسانه يلهج بذكره ,وإليك أختنا الفاضلة ماذكره فضيلة الدكتور "سعيد رمضان البوطى" أستاذ الشريعة بالجامعات السورية فى الحكمة فى قوله تعالى"للذكر مثل حظ الأنثيين"
قال فضيلته: ذلك الجدل التقليدي الذي تطاول أمده حول حق المرأة في الميراث، متمثلا في قرار "للذكر مثل حظ الأنثيين"، وهذه القاعدة جزء من آية في كتاب الله تعالى، وتمام الجملة التي تعبر عن هذا الحكم هكذا: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" إذن، فالآية إنما رسمت هذا الحكم في ميراث الأولاد دون غيرهم. وللورثة الآخرين ذكورًا، وإناثًا، أحكامهم الواضحة الخاصة بهم، ونصيب الذكور، والإناث واحد في أكثر هذه الأحكام. بل يرجح نصيب الإناث على نصيب الذكور في بعض الأحيان. وها أنا أضعكم أمام نموذج وأمثلة تساوي الرجل مع المرأة في الميراث، ولرجحان نصيبها عليه في بعض الحالات.
أولا: إذا ترك الميت أولادا وأبا وأما ورث كل من الأب والأم سدس التركة، دون تفريق بين ذكورة الأب وأنوثة الأم، ودون أي وجود في هذه المسألة لسلطان "للذكر مثل حظ الأنثيين" لصريح قول الله تعالى: "ولأبويه لكل واحد منهما السدس".
ثانيًا: إذا ترك الميت أخا لأمه أو أختا لأمه، ولم يكن من يحجبهما عن الميراث، فإن كلا من الأخ والأخت يرث السدس دون تفريق بين الذكر والأنثى، ودون النظر إلى "للذكر مثل حظ الأنثيين"، وذلك عملا بقوله تعالى: "وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس"
.(98/102)
ثالثاً: إذا ترك الميت عددًا من الإخوة للأم اثنين فصاعدا، وعددا من الأخوات اثنتين فصاعدا فإن الإخوة يرثون الثلث مشاركة، والأخوات أيضا يرثن الثلث مشاركة دون تفريق بين الإناث والذكور، ودون اعتبار لقاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين".
رابعًا: إذا تركت المرأة المتوفاة زوجها وابنتها، فإن ابنتها ترث النصف، ويرث والدها الذي هو زوج المتوفاة الربع. أي أن الأنثى ترث هنا ضعف ما يرثه الذكر.
خامسًا: إذا ترك الميت زوجة وابنتين وأخا له، فإن الزوجة ترث ثمن المال، وترث الابنتان الثلثين، وما بقي فهو لعمهما وهو شقيق الميت. وبذلك يرث كل من البنتين أكثر من عمها؛ إذ أن نصيب كل منهما يساوي 8/24 بينما نصيب عمهما 5/24.
إذن فقد تبين أن قول الله تعالى: "للذكر مثل حظ الأنثيين" ليس قاعدة مستمرة مطبقة كلما اجتمع ذكر وأنثى وكان لهما نصيب من الميراث كما يتوهم كثير من الناس. وإنما هو خاص بالحالة التي ذكرها الله تعالى، وهي أن يجتمع من الورثة أخ عصبة مع أخت له، فإن الأخ يعصب أخته، سواء كانا ولدين للميت أو أخوين له. وعندئذ يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. ولهذه الخصوصية حكمتها الباهرة في تحقيق العدالة بين الأخ المعصب والأخت المعصبة
والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير إذن زوجها
هل يجوز للمرأة السفر بدون إذن زوجها ،حيث إنه يرفض سفرها؟
... السؤال
21/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لم يبح الشرع للمرأة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها،ولم يستثن العلماء من ذلك إلا صلة الرحم ،وهو أمر خلافي بين الفقهاء،ولكن لم يبح أحد للمرأة أن تسافر بغير إذن زوجها،سواء أكان ذلك للعمل ،أم للدراسة ،أم لأي أمر آخر،لما في سفر المرأة من تفويت كثير من الحقوق على الزوج بدون رضاه،ولا يعني ذلك حبس المرأة،بل هو تنظيم للحياة الاجتماعية،فإنه لامانع من سفرها ،ولكن بعد إذن الزوج في ذلك ،والأمور تقدر بقدرها،فإن دعوى حرية المرأة أقل بكثير من تفويت حقوق الزوجية،التي على أساسها تبنى البيوت .
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر :
اهتم الإسلام بالمرأة وجعل لها من الحقوق مثل ما جعل للرجل، وراعَى الشارع في بعض الأحكام طبيعة المرأة وما جُبلَت عليه فاختصَّها ببعض الأحكام التي تتحقق بها صيانتها وحمايتها ومصلحتها. وعقد النكاح كسائر العقود الشرعية رتَّب الشارع عليه حقوقًا والتزاماتٍ متقابلةً بالنسبة لكل من الزوجين في مقابلة الآخر، ومن هذه الحقوق القَرارُ في بيت الزوجية وعدم خروج الزوجة منه إلا بإذن الزوج، وقد ورد في ثبوت هذا الحق للزوج أحاديثُ، منها ما رُوي عن ابن عمر قال: أتت امرأة إلى(98/103)
النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على زوجته؟ قال: "حقه عليها ألاّ تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعَلَت لَعَنَتها ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب" قيل: يا رسول الله، وإن ظَلَمَها؟ قال: "وإن ظَلَمَها".
وعدم خروج المرأة من منزل الزوجية إلا بإذن الزوج وإن كان أصلًا إلا أن الفقهاء أوردوا عليه استثناءً بمقتضاه يكون للزوجة الحقُّ في زيارة والدَيها وعيادتِهما في مرضهما، بل وتمريضهما وخدمتهما ومواساتهما في مُصابهما والخروجِ لذلك وإن لم يأذَن الزوج، وأجازوا لها الخروج لبعض ذلك مع سائر الأقارب غير الوالدَين بضوابط اعتبروها لذلك، ولا تُعَدّ ناشزًا بخروجها لذلك باعتباره من الإحسان للوالدَين وصلة الرحم المأمور بهما.
وقرار الزوجة في منزل الزوجية كحقٍّ قرَّره الشارع للزوج على زوجته لم يُقصد منه حبس الزوجة في منزل الزوجية أو تقييد حريتها في الخروج منه أو الدخول إليه، وإنما قُصد به القيام على أمر هذا المنزل ورعايته والمحافظة على ما فيه، باعتباره الواحةَ التي تَفَيَّأ الزوجُ المكدود ظلَّها بعد عناء البحث عن أسباب الحياة له ولزوجه وأولاده، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها". ومقتضى مساءلتها عن رعايتها لهذا البيت أن تَقَرَّ فيه ولا تخرجَ منه إلا لما تقتضيه مصلحته إن أَذِنَ لها في الخروج، وليس من رعايتها لبيت الزوجية أن تخرج منه مسافرةً للعلم بدون رفقة الزوج وبدون إذنه، بل هو تقويض لبنيانه وتفويتٌ لحقٍّ شرعيٍّ أوجبه الشارع للزوج على زوجته، وإخلافٌ لقول الحق سبحانه: (ومن آياته أن خلَق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها) لفوات الاستئناس والاستراحة إلى الزوجة بسفرها بدون رفقه الزوجة، ومعصيةٌ لله سبحانه الذي رتَّب هذا الحقَّ للزوج على عقد النكاح الصحيح. وإذا كان الحق سبحانه قد أوجب على كل من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف بقوله سبحانه: (ولهنَّ مثلُ الذي عليهنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجةٌ) وقوله تعالى: (وعاشروهنَّ بالمعروف) فإن سفر المرأة بدون إذن الزوج ليس من المعاشرة بالمعروف، وتلك معصية أخرى تضاف إلى السابقة، فضلًا عما فيه من حرمان الزوج من حق معاشرة زوجته وما يقتضيه من قضاء الوَطَر فيما أحلَّ له بعقد النكاح، وتَسَبُّبُها في حرمانه من ذلك معصيةٌ ثالثة قد تستتبع العديد من المفاسد إذا قلَّ الوازع الدينيّ لدى الزوج أو اندثَرَ، وقد تَهوِي في هذه المفاسد إذا توافر لها أسبابها.
والغالب في سفر المرأة الذي لا يأذن به الزوج السفرُ للعمل، ولا يُعَدّ هذا مبرِّرًا مشروعًا لسفر المرأة بعد أن أوجب الشارع نفقتها على زوجها بنصوص عدة، منها قول الله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذو سَعَةٍ من سَعَتِه ومن قُدِرَ عليه رزقُه فليُنْفِقْ مما آتاه اللهُ لا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلا ما آتاها سيَجعل اللهُ بعد عُسرٍ يُسرًا) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء؛ فإنهنَّ عوان عندكم، أخذتموهنَّ بأمانة الله(98/104)
واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، لكم عليهنَّ ألا يوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرهونه، ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف".
ولم يوجب على الزوجة في حال عسر الزوج أن تتكسب لتنفق على نفسها أو زوجها أو بنيها، ليكونَ لها تبعًا لذلك السفرُ للعمل، وإنما أوجب الشارع للزوجة هذا الحقَّ على الزوج في جميع الأحوال. ودعاوى الحاجة وزيادة النفقة وأعباء الحياة ونحو هذا، مما يُبديه البعض مبرِّرًا لتكسُّب المرأة وسفرها لأجله، لا يُلغي نصوص الشرع ولا يُخصصها، ومن ثَمَّ فإن سفر المرأة للعمل أو نحوه بدون استئذان الزوج لا يَحلّ، لما سبق ذكره، وتُعَدّ به المرأةُ ناشزًا، وَفْقًا لما قرره الفقهاء في أسباب النشوز وما يترتب عليه.
واشتراط سفر المرأة، وإن لم يأذن الزوج فيه، في صلب عقد النكاح هو من قبيل اشتراطِ ما لا يَقتضيه العقد ولا يؤكد مقتضاه، ولم يَقُمْ دليل شرعيّ على وجوب الوفاء به، ومثل هذا يكون شرطًا باطلًا فيُلغَى، عند جمهور الفقهاء، ولا يؤثر على عقد النكاح ولا يجب الوفاء به.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استعمال دهن الخنزير ولحمه في العلاج
هل يمكن استخدام دهن الخنزير في العلاج ؟ حيث ينصح البعض في استخدامه كدهان لعلاج آلام في الكعب .وجزاكم الله كل خير . ... السؤال
21/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الأمر في الحالة المذكورة لا يجوز فيه استخدام دهن الخنزير لعلاج مفاصل الكعب ،فإن الله تعالى لم يجعل شفاءنا فيماحرم علينا،كما ورد عن النبي صلىالله عليه وسلم.
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعةالأزهر:
يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة البقرة: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الآية : 173).، ويقول تعالى في سورة المائدة: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) (الآية: 3).
ويقول تعالى في سورة الأنعام: (قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لَغْيرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الآية : 115).(98/105)
ومن هذه النصوص القُرآنية الكريمة نفهم بوضوح أن الله ـ تبارك وتعالى ـ قد نصَّ على تحريم لحم الخنزير أكثر من مرة، وهذا يدُل على تحريم عينه في الأكل، سواء ذُبِحَ أَمْ لَمْ يُذْبح، وهذا التحريم يشمل اللحم والشحم والغضاريف وهي العِظام اللَّينة الطَّرية، وقد أجمعت الأمة الإسلامية على تحريم لحم الخنزير، ومن يُنكر هذا يكون مُنْكِرًا لأمرٍ ثابت في الدِّين لا شَكَّ فيه ولا ريب في تصديقه.
ولا يجوز التداوي بلحم الخنزير؛ لأن هناك من الأدوية ما يقوم مَقَامه، بل ما هو خَيْرٌ مِن لحم الخنزير، إن كان في لحم الخنزير خير، ولقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "إن الله لم يجعل شِفاء أمتي فيما حَرَّم عليها".
ولقد رُوي أن طارق بن سويد سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الخمر، وقال له: إنما أصنعها للدواء، فقال له ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "إنها داءٌ وليست بدواء".
ولقد أثبت الطِّب الحديث أن أكل لحم الخنزير يُسبب أكثر من مرض، ويُحْدِث في الجسم مَتَاعِب مُخْتلفة، وثِقَاتُ الأطباء يقولون اليوم: إنه لا يُوجد أي دواء في العالم تدخله أشياء مُحَرَّمَة في الدين الإسلامي إلا ويُوجد بديل عنه، يقوم مَقَامه، ويُؤَدِّي الْغَرَضَ المقصود منه، فعلى المسلم أن يَتحَرَّزَ من ارتكاب المعصية. ومَن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا.انتهى
والخلاصة أن التداوي بدهن الخنزير –وكذلك لحمه –لايجوز،لأن هناك البدائل التي يمكن استعمالها،ولأن الأصل هو تحريم العلاج بالمحرم،ولا يجوز إلا ضرورة ،وليس هناك ضرورة، لوجود البديل،وهو متوافر كما يخبر الثقاة من الأطباء.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
السحاق :تعريفه وأحكامه
ماحكم الشرع فى ممارسةالمرأه الجنس مع امرأة مثلها وماذا يسمي ذلك في الشرع ؟ ... السؤال
15/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ممارسة المرأة الجنس مع امرأة أخرى محرم بإجماع الفقهاء وهو ما يعرف في كتب الفقه باسم السحاق
وقد جاء في الموسوعة الفقهية بالكويت أحكام السحاق وإلي السائل هذه الأحكام :
السحاق والمساحقة : أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل0
ولا خلاف بين الفقهاء في أن السحاق حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { السحاق زنى النساء بينهن } ، وقد عده ابن حجر من الكبائر ،واتفق الفقهاء على أنه لا حد في السحاق ; لأنه ليس زنى ؛ وإنما يجب فيه التعزير لأنه معصية 0
و اختلف الفقهاء في نقض السحاق للوضوء ؛ فذهب الحنفية إلى أن تماس الفرجين سواء كان من جهة القبل أو الدبر ينقض الوضوء ولو بلا بلل - وهو عندهم ناقض(98/106)
حكمي - واشترطوا أن يكون تماس الفرجين من شخصين مشتهيين وهو ما يفهم من مذهب المالكية حيث إن مس امرأة لأخرى بشهوة ينقض الوضوء , لأن كلا منهما تلتذ بالأخرى ، وصرح الحنابلة بأنه لا نقض بمس قبل امرأة لقبل امرأة أخرى أو دبرها ، وهو مذهب الشافعي0
واتفق الفقهاء على وجوب الغسل إذا حصل إنزال بالسحاق , إذ أن خروج المني من موجبات الغسل , أما إذا لم يحصل إنزال فلا يجب الغسل
كما اتفق الفقهاء على أنه إذا حصل إنزال بالسحاق فإنه يفسد الصوم ويجب القضاء على من أنزلت ؛ إذ أن خروج المني عن شهوة بالمباشرة مفسد للصوم
قال الكمال بن الهمام : وعمل المرأتين أيضا كعمل الرجال جماع فيما دون الفرج لا قضاء على واحدة منهما إلا إذا أنزلت ولا كفارة مع الإنزال 0
وأوجب المالكية الكفارة عليها حينئذ ، أما إذا لم يحصل إنزال فإن الصوم صحيح 0
وهذا في خروج المني أما إذا حصل بالسحاق خروج المذي فقط فمذهب المالكية والحنابلة أن خروج المذي بلمس أو قبلة أو مباشرة مفسد للصوم كذلك , خلافا للحنفية والشافعية
واختلف فقهاء الشافعية في جواز نظر المرأة المساحقة إلى المرأة المسلمة فذهب العز بن عبد السلام وابن حجر الهيثمي وعميرة البرلسي إلى منعه وحرمة التكشف لها لأنها فاسقة , ولا يؤمن أن تحكي ما تراه 0
وذهب البلقيني والرملي والخطيب الشربيني إلى جوازه ; لأنها من المؤمنات , والفسق لا يخرجها عن ذلك 0
و لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في قبول شهادة الشاهد أن يكون عدلا , فلا تقبل شهادة الفاسق . ولما كان فعل السحاق مفسقا ومسقطا للعدالة فإنه لا تقبل شهادة المساحقة ، وهذا وإن لم يصرح الفقهاء برد الشهادة بالسحاق إلا أنه مفهوم من كلام العامة في قبول الشهادة وردها .
ويقول ابن قدامة المقدسي في المغني
وإن تدالكت امرأتان , فهما زانيتان ملعونتان ; لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أتت المرأة المرأة , فهما زانيتان : } ، ولا حد عليهما لأنه لا يتضمن إيلاجا , فأشبه المباشرة دون الفرج , وعليهما حد فيه , فأشبه مباشرة الرجل المرأة من غير جماع .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
عواقب التبرج
يزعم البعض أن خروج المرأة متبرجة، حاسرةالرأس ،كاشفة عن سيقانها، أن ذلك من الصغائر التي يكفرها اجتناب الكبائر، فهل هذا صحيح؟
... السؤال
28/10/2006 ... التاريخ
مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...(98/107)
...
...
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالتبرج هو إظهار الزينة التي يجب سترها لغير المحارم، كما أن التبرج يطلق أيضا على مشية المرأة بتكسر بين الرجال، وكل إظهار لما يجب إخفاؤه من العورة أو الزينة فهو من التبرج المحرم .
غير أن التبرج الذي ذكره الحديث الشريف وفيه الوعيد بعذاب الله هو ما ذكره الإمام ابن العربي المالكي من أن تلبس المرأة ثوبا رقيقا يصفها، وقال : وإنما جعلهن كاسيات؛ لأن الثياب عليهن ، وإنما وصفهن بعاريات لأن الثوب إذا رق يكشفهن ; وذلك حرام .
لم يقل أحد من فقهاء المسلمين أن التبرج من صغائر الذنوب ، بل إن علاج قضية التعري من أولى القضايا التي عالجها القرآن في حديثه عن قصة آدم –عليه السلام -،قال تعالى :"إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى،وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى"، وأوضح القرآن أن هدف الشيطان كان أن يعري آدم وحواء ، إشارة من القرآن إلى خطورة التعري ، فقال تعالى:"فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ماووري عنهما من سوآتهما "، وذلك لأن العري والتبرج من أسس هدم المجتمع ، وانحطاط أخلاقه، وما نجح الاستعمار وأعداء الإسلام في تدمير الشباب المسلم ، وإبعاده عن الإسلام إلا من خلال أسلحة كان أهمها نشر العري بين أوساط المجتمع المسلم ، حتى أضحى المرء يسير في الشوارع في بلاد إسلامية، وكأنها بلاد الغرب!
مع إدراك أن كثيرا من الفتيات المسلمات لا يضعن في أذهانهن التبرج لأجل الإغواء، وإنما هو عندهن عادة حسب الوسط الذي نشأوا فيه، أو نوع من التقليد والسعي للخروج عن تقاليد مجتمع يجدن فيه بعض المشكلات، أو محاولة الظهور بمستوى أعلى مما هن عليه ، غير أن النية شيء، و التبرج وما يترتب عليه شيء آخر.
ولقد جاء الوعيد لمن تبرجت ، وخلعت عنها خلق الحياء، وعيدًا شديدًا ، صيانة للمرأة أولاً ثم صيانة للمجتمع بأسره من الرذيلة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقاب المتبرجة إن استمرت على تبرجها، ولم تتب منه وخيما ، فكان أجدر بالمرأة المسلمة أن تلتزم أمر الله تعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، واستجابة لفطرتها النقية،لا خروجًا عن فطرة الله التي فطر الناس عليها .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :
وإني لأتعجب من قول أحد الكتاب في إحدى المجلات: إن خروج المرأة بالثياب العصرية التي تكشف معها السيقان والأذرع والصدور والشعور وما هو أكثر منها، والتي تشف وتصف وتحدد مفاتن الجسم، إنما هي من صغائر الذنوب، التي يكفرها مجرد اجتناب الكبائر !!!
وغفل هذا الكاتب عن الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤسهن(98/108)
كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ".
والحديث يصور في شقه الثاني ـ نساء عصرنا بثيابهن ورؤوسهن، كأنه يراهن رأى العين .
وقد جعلهن من أهل النار، ولو كان لبسهن للثياب التي تجعلهن كاسيات عاريات، من صغائر المحرمات، ما جعلهن من أهل النار، ولا حرم عليهن دخول الجنة ووجدان ريحها، فهذا من موجبات الكبائر من غير شك .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
مكانة المرأة في الإسلام
كيف رسم القرآن الكريم صورة المرأة التي تُحدِّد مكانتها في المجتمع؟.
... السؤال
08/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول فضيلة الشيخ أحمد الشرباصي رحمه الله
المرأة نصف المجتمع. هذه حقيقة يعرفها العقل، ويؤيدها الواقع. وحينما نرجع إلى القرآن الكريم، نجد أنه قد رسم للمرأة شخصية متميزة، قائمة على احترام الذات، وكرامة النفس، وأصالة الخلق، وإذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "النساء شقائق الرجال" فإنه يستمد هذا من هدي القرآن الكريم، فإنَّ آيات كثيرة منه تشعرنا بالمساواة البشرية في الحقوق الطبيعية بين الرجل والمرأة، فهو يتحدث عنها بما يُفيد مشاركتها للرجل، وتحملها للتبعة معه، فيقول في قصة آدم أبي البشر: ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ، وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا، وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) (البقرة: 35) ويقول عن النساء والرجال: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) ( البقرة: 228 ). وهي درجة القوامة والرعاية في الأسرة.
ويقول: ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) ( النساء: 7 ). ويقول: ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) ( آل عمران: 195). ويقول أيضًا: ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ، وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ، وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ، وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ، وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ، وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ، وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( الأحزاب: 35).
ثم نجد القرآن الكريم ـ من إشعاره لنا بشخصية المرأة وكيانها الذي يجب أن يُصان ويرعى ـ يُسمي سورة من أطول سورة باسم " النساء "، يتحدث فيها عن كثير من شئونهن، التي تدل على أن شخصية المرأة في المجتمع الإسلامي مبنية على أساس(98/109)
من التقدير والاحترام في نظر الإسلام، وها هو ذا القرآن يُسمي سورة أخرى باسم " المُجادلة " يفتتحها بالحديث عن استماع الله من فوق سبع سماوات إلى امرأة تجادل النبي وتحاوره . فيقول في بدء هذه السورة: ( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ، وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ( المجادلة: 1).
ِويحدثنا القرآن الحكيم عن المرأة، فيشير إلى أن شخصيتها تعلو وتسمو حين تتجمل بطائفة من مكارم الأخلاق الدينية والاجتماعية، فيوجه الخطاب إلى بعض نساء النبي في سورة التحريم فيقول: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ) ( التحريم: 5)، أي مُطيعات لله قائمات بالحقوق، يحفظن ما يجب حفظه من النفس والمال والعِرض والشرف، ففيهن خلق الأمانة والصيانة، وهن مهاجرات وصائمات، وهذه أمهات للأخلاق الكريمة الفاضلة.
وقد عرض علينا القرآن الكريم نماذج رائعة سامية لفُضْليات النساء في تاريخ البشرية، فهو يُحدثنا عن نساء ضربن المثل في الإيمان والصبر والعفة والاعتصام بحبل الله المتين، فكان لهن على الأيام تاريخ مُخَلَّد، وذكر مُمَجَّد. فلنستمع إلى قول الله تعالى: ( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ، وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) ( التحريم 11، 12).
ويعود القرآن في مواطنَ كثيرة إلى الحديث عن مريم البتول العذراء، وتكريمها بطهارتها وعِفَّتِهَا وصيانتها لنفسها، فيقول عنها مثلًا: ( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ، وَكَفَّلََهَا زَكَرِيَّا، كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا. قَالَ: يَا مَرْيَمُ أَنَّي لَكِ هَذَا ؟ قَالَتْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابْ ) ( آل عمران: 37). ويقول أيضًا: ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينْ، يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينْ ) ( آل عمران 42 ، 43 ).
ويُحَدِّثُنا القرآن عن أم موسى التي تمثلت فيها عاطفة الأمومة بأجلى معانيها، خوفًا على وليدها، وحِرصًا على وحيدها. ولكنها لا تتأبَّى على أمر ربها، بل تُلقيه في الْيَمِّ طاعة لقول ربها: ( فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الَْيَمِّ، وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي، إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) ( القصص: 7).
ولكنها بعد إلقائها بابنها في اليَمِّ، يُصبح تفكيرها فيه هو الشغل الشاغل لها، بطبيعة أمُومتها وحنانها، ولكنها تلجأ إلى عون الله الذي يُثَبِّت فُؤَادَهَا، وَيَرْبِطُ على قلبها، فذلك حيث يقول: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا، إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( القصص: 10 ). فنفهم أن من مقومات الشخصية الرفيعة عند المرأة الفاضلة: الإيمان بالله والاستعانة بالله ، وحُسن احتمال الأحداث .
وفي القرآن الكريم إشارة إلى أن المرأة استطاعت أن تبلغ في بعض العصور السابقة منازل مرموقة سامية. فهو يُحدثنا عن " مَلِكَة سَبأ " التي تحلَّت بالذكاء وبُعْد(98/110)
النظر، مع تطلب المشورة والنصيحة، فيقول عنها في أمرها مع سليمان: قالت: ( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي، مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ، قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بِأْسٍ شَدِيدٍ، وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) ( النمل32 ، 33 ) . وبعد أن يقص القرآن علينا مواقفها مع سليمان تنتهي ملكة سبأ إلى الإيمان، وتُرَدِّد قولها كما حكى القرآن: ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَان للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (النمل: 44 ).
إن المرأة تستطيع بشخصيتها الأصيلة، وأخلاقها الجميلة، وأعمالها الجليلة، أن تُقيم البرهان على أنها شطر المجتمع الذي لا يُستهان به بِحَالٍ من الأحوال ..
والله ـ تبارك وتعالى ـ أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخفيف الحواجب
إني أعلمُ أن النَّمْصَ حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: "لعَنَ اللهُ الواشِماتِ والمُستوشماتِ والنامصات والمُتَنَمِّصات". ولكن شعرُ حاجبِي كثيفٌ وعَريض، بعضه على عَيني، وزَوجي يَكره ذلك ويَأمرني بنَتْفه أو تَخفيفه وتَرقيقه، فهل تَجدون لي رُخصة في ذلك؟
... السؤال
08/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
من المقرر شرعًا أن ترقيق الحواجب من النمص الذي ورد النهي عنه ،ولكن قد أباح بعض الفقهاء تخفيف الحواجب إذا كان شعر الحاجب كثيفًا،كأن يكون مقتربًا من العين جدًا ،أو كان عريضًا ،ويتأفف الزوج منه ،فلا مانع من ترقيقه ترقيقًاخفيفًا عند الحاجة ،وخاصة للزوج،أما الترقيق الفاحش أو التخفيف الشديد،فلا يجوز.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر:
النَّمْص الوارد في الحديث هو إزالة شعر الحاجبينِ والوجهِ بالمِنْماص، وهو المِنقاش أو الفتْلة أو ما يَقوم مَقامهما. وتَرقيق الحواجب يُسمَّى نَمْصًا أيضًا، وهو من الكبائر، ولكن يجوز تَخفيفُ شعر الحاجبَينِ وتَرقيقُهما ترقيقًا يَسيرًا وإزالة ما تَدلَّى منه إلى العَيْنِ لإرضاء الزوج ودفْع الضرَر، أما الترقيق الشديد والتخفيف الشديد فلا يجوز. كذلك لا يجوز للفتاة التي ليس لها زوج أن تأخذ من شعر حاجبَيها شيئًا إلا إذا طالَ شعرهما جدًّا، هذا ما أفتَى به بعض الفقهاء مِن الحنابلة وغيرهم.
والأولَى بالمرأة المسلمة أن تَحتاط لدِينها فلا تأخذ بهذه الرخصة إلا إنْ لَحِقَها مِن ذلك ضررٌ؛ بأن كان شعر الحاجبينِ عريضًا جِدًّا، أو مُشَوَّهًا تشويهًا يَلْفِتُ النظر، أو مُتدلِّيًا إلى عينَيها حتى لا تَتشبَّه بالخَليعات مِن النساء.
والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
إظهار كحل العينين(98/111)
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،هل يجوز للنساء الظهور أمام الأجانب والكحل على عينيها لأن مادة الكحل لا تزول من العينين إلا بعد يومين أو ثلاثة ؟
... السؤال
03/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
إبداء المرأة الكحل التي تضعه في عينيها اختلف الفقهاء في جوازه تبعًا لتفسيرهم لقوله تعالى :"إلا ماظهرمنها " فمن قال :إنه الثياب،فحرم إظهار الكحل ،ومن قال :إنه السوار والكحل ،أجاز ذلك ،وهو الراجح ،على أن لايكون مثار فتنة ،فإن كان مثار فتنة نهي عنه بلا خلاف .
يقول الدكتور رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم:
قال الله تعالى: (وقُلْ للمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ ولاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا).
قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية الكريمة: يقول ـ تعالى ذكره ـ لنبيِّه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وقلْ يا محمد للمؤمنات من أمتكَ يغضضن من أبصارهن عمّا يكرهُ الله النظر إليه ممّا نهاكم عن النظر إليه، ويحفظنَ فروجهنَّ عن أن يراها مَن لا يحلُّ له رؤيتَها بلبس ما يسترُها، كما يحفظن فروجهن مما حرَّم الله من الفاحشة، ولا يُظهرْنَ للناس الذين ليسوا لهنَّ بمحرَم زينتَهُنَّ، وهما زينتان إحداهما ما خَفِيَ، وذلك كالسِّوارين والقُرْطين والقلائد، والأخرى ما ظهر منها، وذلك مختلَف في المعنى منه بهذه الآية الكريمة، فإن بعضهم يقول زينة الثِّياب الظاهرة وروى ذلك عن ابن مسعود وإبراهيم النخعي والحسن البصري وقال آخرون: الظاهر من الزّينة التي أُبيح لها أن تُبديَه الكحلُ والخاتَم والسِّواران والوجه.
ورُوي ذلك عن ابن عباس، ومن أقواله في ذلك قال: قوله تعالى: (ولا يُبْدِينَ زِينتهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال: والزينة الظاهرة: الوجه، وكُحل العين وخِضاب الكفِّ والخاتَم، فهذا تُظْهِر في بيتها لمَن دخل من الناس عليها. ورُوي ذلك أيضًا عن المسور بن مخرمة في قوله: (إلا ما ظَهَرَ منها) قال: السِّوار والخاتَم والكُحْل.
ورويَ عن مجاهد قوله إلا ما ظهر منها: الكُحل والخِضاب والخاتم كما رواه عن الشعبي وجابر بن زيد والأوزاعي.
قال الطبري: وقال آخرون: أي قول ثالث: عَنَى به الوجه والثِّياب.
ثم قال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: عنى بذلك الوجه والكَفّان، يدخل في ذلك الكحل والخاتم والسِّوار والخِضاب. وعلى هذا فالرأيان الأخيران وما اختاره الطبري على أنه من الصواب أن الكُحل من الزينة التي أبيح للمرأةِ أنت تُبديها. على ألا يكون ذلك مَثار فتنة. والله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
حكم تفضيل الذكور على الإناث(98/112)
شيخنا الفاضل :اليس من العجيب أنه مازال فى عصرنا من يحزن إذا رزقه الله بأنثى؟
... السؤال
18/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أختنا الفاضلة أكرمك الله وهداك إلى مايحبه ويرضاه وبعد:
بالنسبة لسؤالك يجيب عنه الدكتور محمد البهى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهرسابقا: يقول فيها:
إنَّ من أماراتِ تخلُّف الإنسان في تصوره للحياة أنْ يرى أنَّ الذكر أفضل من الأنثى بين الأولاد: (وإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ) (النحل: 58). فجعل القرآن الكريم ذلك المظهر من الاكتئاب والحزن عندما يبشَّر الوالد بمولود له هو أنثى ـ أمارةً على عدم التحضُّر وعدم الفَهم المستقيم؛ لأن ذاك الذي يفضِّل الذكر على الأنثى في الأولاد هو إنسان يحرص على أنانيته أكثر مِمَّا يحرص على أداء مسؤوليته. فهو يرى في الذكر قوة ينشُدها ليستندَ إليها في حياته، بينما يرى في الأنثى ضعفًا يطلب لها الحماية. مع أن الأمر قد يصير إلى العكس.
وقيمة الإنسان في واقع أمره ليس في أنه ذكر أو أنه أنثى، بل في أنه "إنسان" في تهذيبه وفي سلوكه وحُسْن مُعاملته واستقامة تفكيره. ولعل الأنثى ـ إذا وُجِّهَتْ توجيهًا سليمًا ـ أقربُ إلى ذلك الإنسان المستقيم الناجح من الذكر؛ لأنَّها تجعل بحكم الفطرة استقامة التفكير وحسن السلوك وسيلةً لقَبولها في الأسرة المجتمع.
وهذا القَبول نفسه نوع من الحماية لضعفها أو لما يُظَنُّ أنه ضعف في عضلاتها وفي مِراس هذه العضلات على التحدِّي لمصادمات الحياة.
على أن الإنسان المؤمن يجب أن يؤمن بأن نوع الإنسان في خلقه ـ ذكرًا كان أو أنثى ـ من صُنْع الله وحده، وما يأتي به الله للإنسان خير له في واقع أمره: (للهِ مُلْكُ السَّمواتِ والأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا ويَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وإِنَاثًا ويَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (الشورى: 49ـ 50).
فالله عليم بما يُفيد وينفع وبما هو أنسب وأليق، وقدير على خلْق أي نَوْع من الإنسان فاختياره للذَّكَر أو للأنثى ليس عن عجز في الخلْق، بل لحكمة ولمصلحة تتعلق بمَن أنجب الولد.
وتصوُّر أفضلية الذَّكَر على الأنثى لدى بعض الناس أو كثيرًا من الناس في مجتمعاتنا المعاصرة ليس غريبًا؛ لأنَّ أمارات الجاهلية في السلوك والتصوُّر لا ترتبط بالتخلُّف في الصناعة، إنَّما ترتبط قبل بكل شيء بالتخلُّف في الإيمان بالله على وجهه الصحيح. إذ الإيمان بالله هو إيمان بمستوى الإنسانية في ذاتها و "تقويم" سليم لخصائص الإنسانية في التصور والادراك، والاعتقاد والمعاملة والسلوك.
وليس بلازم ـ إذنْ ـ أن يكون التقدُّم في الإيمان والإنسانية مرتبطًا بالتقدُّم في العلم أو الصناعة.(98/113)
والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
وصل الشعر
تقول امرأة مسلمة: تَساقَطَ شعرُ رأسي لمرض أصابني، وزَوجي كان يحب الشعر الطويل ويَتغنَّى به، فلمَّا تَساقط شعري أعرَضَ عني، ولكن لم يُسئْ عِشرتي ولم يُقصر في واجبي، وقد نَصحني أن أُطيلَ شعري بشَعر امرأة أخرى هي في غنًى عنه كما يفعل النساء عند الضرورة، فهل يجوز لي ذلك إرضاءً له وتَقرُّبًا إليه؟
... السؤال
17/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،و الصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
لا يجوز للمرأة وصل شعرها بشعر آدمي،ولو كان هذا إرضاء للزوج ،ولا مانع من وصله بغير شعر الآدمي إن دعت الضرورة الملحة إلى هذا.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر :
لا يجوز للمرأة أن تَصِلَ شَعرها بشعر امرأة أخرى لمَا رواه مسلم في صحيحه أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لعَنَ اللهُ الواصلةَ والمُستوصِلةَ". والواصلة: هي التي تَقوم بوَصْل الشعر لامرأةٍ أخرى. والمُستوصِلة: هي التي تَطلب منها ذلك.
وهذا الحديث يدلُّ على أن هذا العمل من الكبائر؛ لمَا فيه من الغِشِّ والتدْليس، حتى ولو كان هذا العمل لإرضاء الزوج.
وإنَّ الزوج ـ في نظري ـ لا يَرضَى لامرأته أن تَصِلَ شَعرها بشعر امرأة أخرى إلا على مضضٍ، ولا يَلبَث أن يأمرها بنَزعه لشُعوره أنه شعر مُستعارٌ أو شعرٌ عِيرةٌ كما يَقولون.
ويجوز لكِ أيتها الأخت السائلة أن تَصلي شَعرَك بغير شعرٍ آدميٍّ بشَرط أن يكون طاهرًا، إن كان لا بدَّ مِن ذلك.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
النظر إلى الصور الخليعة
لقد ضَعُفتْ شَهوتِي بسبب كِبَرِ السِّنِّ، وزَوجتي ليست على جانب مِن الجمال، وهي لا تُثير شهوتي لأسباب لا داعي لذِكْرها، فأجدُني مُضطرًّا إلى النظر في الصورة الخليعة قبل الجماع لاستحضار الشهوة، ولكي تَظلَّ الشهوة حاضرةً أثناء الجِماع أتخيَّل أني أجامع امرأةً أخرى مثل التي أشاهدها في تلك الصورة الخليعة، فهل هذا جائز؟
... السؤال
14/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...(98/114)
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
لا يجوز النظر إلى الصور الخليعة ،حتى ولو كانت لاستحضار الشهوة ،ويكره أن يستحضر الرجل صورة غير امرأته وقت الجماع .
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر :النظر إلى الصورة الخليعة حرامٌ بالإجماع؛ لأن هذه الصورة تقوم مقامَ صَواحبِها في الرؤية إلى حدٍّ كبيرٍ، فإنْ نظرتَ إلى صورة امرأة خَليعة فكأنَّك نظرتَ إليها مع فارقٍ يَسير، ثم إن النظر إلى تلك الصورة يَفتح عليك كثيرًا من أبواب الشرِّ، وينشأ عنه فسادُ الطبع وسوء الخُلق وظلام القلب وقَسوته وانصرافه إلى المُغريات.
أمَّا التخيُّل أثناء الجماع فإن للعلماء فيه أقوالًا، والأصحُّ الذي عليه الجمهور أنه يُكره ولا يَحرم، كما ذكَر ابن القيم في كتابه "بدائع الفوائد 4/130".
وأنصحك أيها السائل أن تُقوِّيَ إيمانَكَ بكثْرة الذكْر وتِلاوة القرآن والصلاة بالليل، فإن قوة الإيمان لها دخْلٌ كبير في تَقوية الباءة؛ لأن الإيمان يُصحِّح القلب ويُصلحه فإذا صلَح القلبُ صلَح الجسدُ كله.
وعليك بالغذاء المُقوِّي للشهوة والدواء النافع لذلك، ويُمكن أن تَستشير الأطباء في هذه المشكلة، فربما تَجد عندَهم الحلَّ الأمثل، واصبرْ على هذا النقْص فهو بالنسبة لغيره هيِّنٌ، وسَلِ الله العافية، وارضَ بما قسَم الله لك، وعاشِرْ زَوجتك بالمَعروف ولا يَحملُك ما ذكرتَه وما لم تذكره على بُغْضِها، وانظرْ إلى ما تَتميَّز به عن غيرها مِن الأخلاق والصفات فلعلَّها تكون أفضل مِن غيرها بكثير. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَفْرَكُ مُؤمنٌ مُؤمنةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ مِنها آخَرَ". ومعنى لا يَفرَك: لا يَغضب ولا يَحزن ولا يَشمئزُّ.
ويقول الله تبارك وتعالى: (وعَاشِرُوهُنَّ بالمَعروف فإنْ كَرِهْتُمُوهنَّ فَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شَيئًا ويَجْعلَ اللهُ فيهِ خيرًا كثيرًا).
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
ذهاب المرأة للمساجد طلباً العلم
هل صلاة المرأة في بيتها أفضل أم في المسجد؟
... السؤال
07/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
فقد وردت عدة أحاديث تُرغب المرأة في الصلاة في بيتها منها:
أولا ـ قالت أم حميد، امرأة أبي حميد الساعدي: "يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك. فقال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي. وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك؛وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك،وصلاتك في دارك(98/115)
خير من صلاتك في مسجد قومك،وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي".
قال الراوي: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه، حتى لقيت الله (عز وجل). رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وبوَّب عليه ابن خزيمة باب (اختيار صلاة المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها، وصلاتها في مسجد قومها على صلاتها في مسجد النبي "صلى الله عليه وسلم" ).
وإن كانت الصلاة في مسجد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد ما عدا المسجد الحرام.
وفيه دليل على أن قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ): "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد". إنما أريد به: صلاة الرجال دون صلاة النساء.
وثانيا ـ جاء حديث "خير مساجد النساء مقر بيوتهن". رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة والحاكم وصححه.
حديث آخر: "ما صلت المرأة من صلاة أحب إلى الله من أشد مكان في بيتها ظلمة". رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه.
أيضا حديث يقول: "لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن". رواه أبو داود عن ابن عمر.
هذه الأحاديث، وغيرها تدل على:
جواز صلاة المرأة في المسجد، لكن صلاتها في بيتها أفضل، وكلما كانت بعيدة عن العيون كان أفضل، هذا في الصلاة.
أما ذهابها إلى المسجد، وتعلم العلم وسماع خطبة الجمعة ـ مثلا ـ فهذا شيء آخر، فإذا لم يتيسر لها التعلم في بيتها عن طريق: القراءة، أو سماع الأحاديث الدينية أو مشاهدتها في الإذاعة المسموعة والمرئية، كان لها أن تذهب إلى المسجد أو المدرسة للتعلم.
وكل ذلك بشرط إذن الزوج أو الولي، وعدم الخوف عليها من الفتنة، والتزامها الآداب الشرعية المعروفة.
وكانت المرأة أيام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ملتزمة ذلك، لكن بعد وفاته قصر بعضهن؛ ولذلك قالت السيدة عائشة (رضي الله عنها) كما رواه مسلم: "لو أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رأى ما أحدث النساء؛ لمنعنهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل".
ويفسر النووي ما أحدثه النساء بالزينة والطيب، وحسن الثياب؛ ولذلك جاء في حديث رواه أحمد وأبو داود "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن كسيلات أي: غير متزينات".
وفى حديث مسلم "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا". وفى حديث ابن خزيمة في صحيحه "لا يقبل الله من امرأة صلاة خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع فتغسل".(98/116)
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
تسع وتسعون شهوة للمرأة
هل للمرأة 99 شهوة أم لا ؟
... السؤال
31/03/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم،
المرأة مخلوق إنساني كالرجل، وكماأن الرجل له شهوة كذلك المرأة لها شهوة، ولكن أن يُعَدّ للمرأة تسع وتسعون شهوة فذلك لم أسمع به، ولا دليل عليه لا من شرع ولا من عرف،
وقضية الشهوة في النهاية حسب نوعية الإنسان رجلاً كان أوامرأة، والله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
شبهة نقصان عقل ودين النساء
ماذا يعني أن النساء ناقصات عقل ودين؟
... السؤال
27/11/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... مبعث هذا الشبهة عند القوم هو قول الآية : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل فتذكر إحداهما الأخرى ). ومثلها قول الرسول صلى الله عليه وسلم ،وقد مر على النساء يوم عيد فقال : يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب للرجل العاقل من إحداكن . قلن وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله ؟ قال : أليس شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ؟ قلن : بلى . قال : فذلك من نقصان عقلها . أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ قلن : بلى . قال : فذلك من نقصان دينها . رواه الشيخان . ولنا وقفات أمام الآية والحديث . فأما جعل شهادتها نصف شهادة الرجل فقد عللتها الآية ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) فاستشهاد امرأتين هو لضمان التأكد من صحة المشهود عليه .
فإذا قيل ولم لم يشترط ذلك فى الرجل ؟ قلنا : إن الأمر هنا أمر الدقة فى تذكر الأحداث وضبط روايتها وهو فى الرجال أكثر وأوفر لما بين الجنسين من فروق فى الخلقة والتكوين .
وننقل هنا ما جاء فى دائرة المعارف الكبيرة قول الدكتور روفارينى : إن المجموع العضلى عند المرأة أقل منه كمالاً عن الرجل ، وأضعف بمقدار الثلث ، فالقلب عند المرأة أصغر وأخف بمقدار ستين جرامًا فى المتوسط ، والرجل أكثر ذكاءً وإدراكًا ، أما المرأة فأكثر انفعالاً .(98/117)
وفى دائرة المعارف نفسها يقرر الدكتوران : نيكوليس وبيليه : أن الحواس الخمس عند المرأة أضعف منها الرجل ، وأن مخ الرجل يزيد عن مخ المرأة بمقدار مائة جرام فى المتوسط فنسبة مخ الرجل إلى جسمه 1/40 واحد إلى أربعين ، ونسبة مخ المرأة إلى جسمها 1/44 واحد إلى أربعة وأربعين ، كما يوجد اختلاف فى المخيخ أيضًا ، وفى المادة السنجابية فهى عند النساء أقل بدرجة ملحوظة ومحسوسة جدا .
هذا مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار أن استشهاد أخرى مع المرأة ليس انتقاصًا من مكانتها ، ولكنه لضمان الدقة فى الشهادة بدليل أن الأمر نفسه حدث مع الرجل حيث اشترط القرآن أربعة شهود من الرجال لإقامة حد الزنا وحد القذف بنص القرآن ( واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) . وقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ). وقوله : ( لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) .
فالمراد من هذا هو الحرص على المزيد من التثبت من الواقعة المشهود عليها وليس طعنًا فى الرجل أو فى المرأة .
على أن هذا الوصف بنقصان العقل وصف معنوى لا يعدو أكثر من أنه تعبير عن نقص أو ضعف الذاكرة ليس بالضرورة أن تتساوى فيه جميع النساء بل هو وصف الغالب ، والحكم الشرعى ينبنى على الغالب .
وهو كذلك لا يراد به إنقاص المكانة بدليل أن الرجل أيضًا تعرض لمثل هذا القيد .
ولعل المناسبة التى روى فيها الحديث تحتاج إلى بعض إيضاح : فالمناسبة كانت عند مروره صلى الله عليه وسلم عند خروجه إلى الصلاة فى يوم عيد .. ولا يتصور منصف أن الرسول بما عرف عنه من رقة الشمائل والتلطف الرقيق فى الخطاب يمكن أن يوجه إلى النساء فى هذا اليوم ما يكسر خواطرهن أو يشعرهن بالدونية والإهانة .
وإذن فهناك سبب آخر يمكن أن يكون مدعاة لهذا الخطاب النبوى للنساء : " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل العاقل من إحداكن " . فالنساء المخاطبات هن نساء الأنصار اللاتى كن مشتهرات بتملكهن وسيطرتهن على بعولتهن ،وهن اللاتى قال فيهن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم ،فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار .
وهو ما يوضح ما نشير إليه من قول الرسول " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل العاقل من إحداكن " .
فالصيغة النبوية هنا كأنما تحمل معنى التعجب من تغلب النساء وفيهن ضعف على الرجال ذوى الحزم والقوة .. كما تحمل معنى التعجب من حكمة الخالق سبحانه الذى أوجد القوة حيث يظن الضعف ، وأوجد الضعف حيث تظن القوة . ثم : ألا نلمس فى الخطاب النبوى بهذه الصيغة " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل العاقل من إحداكن " ألا نلمس فيها شيئًا من الملاطفة التى تكون كالتمهيد لموعظة كبيرة وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا كان الله قد منحكن هذه القوة رغم ضعفكن فاتقين الله ولا تستعملنها إلا فى الخير " ، على أن ثمة مجالات كثيرة(98/118)
قبل الفقهاء فيها شهادة النساء منفردات كالحيض والولادة وعيوب النساء واستهلال الوليد وغيرها مما لا يطلع عليه الرجال ومما تكون معرفته لا تحتاج إلى إعمال العقل وتكفى الحواس الظاهرة فى معرفة اليقين منه .
دار الإفتاء بالأزهر
ـــــــــــــــــــ
حكم وضع المرأة للعطر
قرأت فى كتاب عن موسى بن يسار رضى الله عنه قال مرت بأبى هريرة امرأة وريحها تعصف فقال لها : أين تريدين يا أمة الجبار؟ قالت : إلى المسجد، قال:وتطيبت ؟ قالت : نعم، قال فارجعى فاغتسلى فإنى سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:" لا يقبل الله صلاة من إمرأة خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع فتغتسل"، فما حكم وضع المرأة للعطر؟ وهل معنى الحديث السابق أنني لو وضعت فى مناسبة ما عطرا وخرجت إلى مكان ثم رجعت المنزل لأصلي أحد الفروض وجب على الاستحمام؟
... السؤال
17/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية" رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ورواه الحاكم أيضا وقال: صحيح. كما رواه أبو داود والترمذي بلفظ "كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس كذا وكذا" يعني زانية، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي المأثور: خير عطر المرأة ما ظهر لونه وخفي ريحه.
يفهم من هذا أن وصف المرأة بأنها زانية أي تشبها، يقوم على وضعها العطر بقصد أن يجد الناس ريحها، وهذا واضح لا يشك أحد في أنه مذموم، فالقصد به حينئذ الفتنة والإغراء، ولا يكون كذلك إلا إذا كان العطر نفاذًا أو قويًا، أما الخفيف الذي لا تجاوز رائحته مكانة إلا قليلاً، والذي لا يقصد به الإغراء، بل إخفاء رائحة العرق مثلا فلا توصف المرأة معه بأنها كالزانية، وذلك لانتفاء القصد ومع ذلك أرى انه مكروه على الأقل، فإن الرائحة حتى لو كانت خفيفة فستجد من يتأثر بها من الرجال الذين تزدحم بهم الطرق والأسواق والمواصلات.
فأولى للمرأة الحرة العفيفة أن تبتعد عن كل ما يثير الفتنة من قريب أو بعيد.
وإزالة رائحة العرق تمكن بالاستحمام أو غسل المواضع التي يتكاثر فيها العرق ولا يحتاج إلى وضع روائح، فإن الخفيف منها يجر إلى الكثير القوي.
وهذا كله عند وجود رجال أجانب خارج البيت أو داخله، أما مع المحارم أو الزوج أو النساء فلا مانع من الروائح، وذلك لعدم فتنة المحارم بها ولإدخال السرور على قلب زوجها، وعدم انتقاد النساء لها.(98/119)
وضمير المرأة له دخل كبير في هذا الموضوع
انتهت فتوى فضيلة الشيخ عطية صقر، وبقي الحديث المذكور في السؤال، والحقيقة أنني لم أجده في الكتب التسعة، ولم يرد في شروحها، والأغلب ضعفه والله أعلم، وعلى فرض صحته فالمقصود بالاغتسال فيه ليس بسبب عدم الطهارة وإنما بسبب إزالة الرائحة قبل الذهاب للمسجد، والله أعلم.المحرر
ـــــــــــــــــــ
الهجر فى المضاجع
ما حكم هجر الزوج لزوجته؟وماأسبابه؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... في "تفسير الجصاص": "قال ابن عباب وعكرمة والضحاك والسدي: المقصود بالهجر: هجر الكلام. وقال سعيد بن جبير: هجر الجماع. وقال مجاهد والشعبي: هجر المضاجعة. [تفسير القرآن وأحكام القرآن للجصاص، ج2 ص189].
? وفي تفسير القرطبي: "الهجر في المضاجع هو أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها، عن ابن عباس وغيره. وقال مجاهد: جنبوا مضاجعهن" [تفسير القرطبي أحكام القرآن، ج5 ص171].
? وفي تفسير الرازي: "فإن أصرّت على النشوز؛ فعند ذلك يهجرها في المضطجع وفي ضمنه امتناعه من كلامها. قال الشافعي: ولا يزيد في هجره الكلام ثلاثًا، وأيضًا إذا هجرها في المضطجع، فإن كانت تحب الزوج شقَّ ذلك عليها فتترك النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران، فكان ذلك دليلاً على كمال نشوزها". [تفسير الرازي، ج10 ص90].
? في تفسير المنار: لا يتحقق هذا بهجر المضجع نفسه وهو الفراش، ولا بهجر الحجرة التي يكون فيها الاضطجاع، وإنما يتحقق بهجر في الفراش نفسه. وفي الهجر في المضطجع نفسه معنى لا يتحقق بهجر المضطجع أو البيت، لأن الاجتماع في المضطجع هو الذي يهيج شعور الزوجية فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول اضطرابهما الذي أثارته الحوادث قبل ذلك. فإذا هجر الزوج زوجته وأعرض عنها في هذه الحالة احتمل أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى سؤاله عن السبب ويهبط من نشز المخالفة إلى مستوى الموافقة. [تفسير المنار، ج5 ص73].
? ويقول د/عبد الكريم زيدان في "المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم": الراجح في معنى الآية هجرها في المضجع نفسه، أي هجرها في مكان النوم الذي ينامان فيه عادة؛ بأن يوليها ظهره ولا يجامعها ولا يكلمها إلا بقدر قليل جدًا حتى لا يضطر إلى كلامها إلا بعد ثلاثة أيام، لأنه لا يجوز عدم كلامها أكثر من ثلاثة أيام.
ولأن هذا الهجر في فراش النوم وعدم جماعها وعدم التحدث معها إلا قليلاً يُشعر الزوجة بجدية الزوج في تصرفه وهجره لها، وأن هناك ما يزعجه منها حقًا إلى درجة أنه لا يرغب في وطئها وهي في فراش النوم، وأنه قادر على حبس نفسه عن وطئها وقد يُحملها ذلك كله على ترك نشوزها والرجوع عن عصيانها.(98/120)
رؤية الطب النفسي
لنستعرض سريعًا مراحل اللقاء الجنسي كما ذُكرت في التصنيف الأمريكي الأخير للأمراض النفسية اهتداءً بما قرره "ماستر وجونسون" في دراستهما الشهيرة:
1- المرحلة الأولى: مرحلة الرغبة، وهي توصف بأنها مرحلة تعبر عن دوافع الإنسان وأشواقه وشخصيته، وأنها تتميز بالخيالات الجنسية والرغبة في ممارسة الجنس.
2- المرحلة الثانية: مرحلة الإثارة، وهي تتكون من شعور شخصي [ذاتي] بالنشوة الجنسية، وتكون مصحوبة بتغيرات فسيولوجية.
3- المرحلة الثالثة: مرحلة ذروة المتعة، وهي تتميز بالوصول لقمة النشوة الجنسية.
4- المرحلة الرابعة: مرحلة الاسترخاء، وتتميز بالإحساس العام بالراحة.
فالعامل النفسي يكاد يكون القاسم المشترك لكل المراحل إن لم يكن هو العامل الأساسي
وكأن النصوص التي ذكرناها سابقًا إذا توازت مع تلك المراحل الأربع تتحدث عن الهجر على مقصودات ثلاث:
هجر المضاجعة: أي ترك النوم مع الزوجة في فراش واحد.
هجر الجماع : أي النوم معها في نفس الفراش، ولكن دون جماع عمدًا.
هجر الكلام: وهو إضافة عدم الكلام إلى عدم الجماع والمضاجعة.
وفي هذا رد مبدئي على السائل الذي وكأنه يرى أن للجنس جانباً واحداً هو الجسدي البيولوجي، بينما الجنس عملية شديدة التركيب يتداخل في إنجازها الجسدي مع النفسي، والروحي مع المادي بشكل يضيق المقام عن التفصيل فيه.
وكما يبدو فإن سلفنا الصالح قد فهموا هذا التركيب حتى اعترض بعضهم على "العزل" – وهو أن ينزل الرجل ماءه خارج مهبل زوجته –، لأنه يؤذي المرأة "نفسيًا".
والأبحاث العلمية الحديثة تؤكد على الدور الكبير للناحية النفسية في العلاقة الجنسية، ودور الاضطراب النفسي في غياب التوافق الجنسي.
بل إن هذه الأبحاث ترسم منحنى لمراحل اللقاء الجنسي يتوازى فيها الانفعال النفسي مع الأداء الجسدي، ويتكامل معه، بحيث إن أي خلل في أحدهما يؤثر على الآخر، ومن المعروف أن الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق بأنواعها تؤثر على الأداء الجنسي للزوجين بشكل قد يصل إلى الفشل الكامل، ولذا أصبح باب الاضطرابات الجنسية من أهم الأبواب التي يتواصل تضخمها في مكانها وسط فروع تخصص الطب النفسي.
وعليه فإن الهجر في المضاجع ليس عقابًا جسديًا، كما نجد في اعتقاد الكثيرين، بل هو تعبير نفسي جسدي يقول به الرجل لزوجته: إنه لا يرغب في معاشرتها لما بدر عنها مما اعتبره هو "نشوزًا"؛ حتى إن غضبه منها غلب رغبته فيها، وسكنه إليها. لأنها لما لم تطعه، أو بدر منها ما خاف معه نشوزها أصبح هذا متنافيًا مع معنى السكن الذي هو من لوازم ومقاصد الحياة الزوجية فكأنه يقول لها: لا يمكن أن يسكن(98/121)
الإنسان لمن يغضبه، ويعبّر عن هذه الحالة من "عدم السكن" تعبيرًا معنويًا بعدم الكلام أو الملاطفة، وتعبيرًا ماديًا بهجر الجماع أو الفراش أو هجرهما معًا.
وهو أيضًا يسألها بهجره هذا: هل تريدين الاستمرار أم لا؟!
"فإن كانت تحب الزوج شق ذلك عليها فتترك النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران، فكان ذلك دليلاً على كمال نشوزها".
ولا يبعد أن في الهجر ألماً للرجل أيضًا، لكنه حين يتخذ القرار بالهجر لا بد أن يعرف أنه يختار أخف الأضرار بين ألم مؤقت–إذا انصلح الحال- وبين ألم أشد بالحياة مع زوجة لا تريده، ولا تطيعه، أو فراقها للأبد وفي هذا خراب للبيت، ومعاناة للأطفال، وبالتالي ألم للنفس.
إذن.. الهجر في المضجع تدبير وقائي صعب يُستخدم للضرورة، وهو يحمل تصعيدًا للخلاف، ونقله في العلاقة الزوجية، فالأصل أن الخلافات تحل بالحوار الذي قد يصل إلى الوعظ أو الزجر، وهو ما تحدثت عنه نفس الآية، لا الهجر والخصام، واللجوء إلى هذا التدبير يعني أنه "لم يعد يجدي الكلام"، فليحذر الأزواج والزوجات أن يصل الوضع بينهما إلى هذه الدرجة، لأن الدخول فيها أو الخروج منها صعب على الطرفين.
وقد يكون في الهجر فرصة للرجل أن يُراجع نفسه وموقفه لعل ما بدر من زوجته لم يكن يستحق الهجر فيعود إلى الوعظ والكلام، أو أنها كانت تستحق الهجر وزيادة، وعندها ينتقل إلى التدبير التالي وهو الضرب ... وهو مبحث آخر يستحق النقاش.
ولنا –من قبل ومن بعد- في رسول الله أسوة حسنة فهو قد غضب من زوجاته غير مرة، وقد فعلن ما أثار غضبه مرات، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يهجر إحداهن أبدًا على فعلٍ أغضبه، إلا بأمر من الله في موقف التوسعة في النفقة، ونحسب أن الذي يهجر زوجته لغير ضرورة قصوى تجعل الهجر أخف الأضرار يكون مخالفًا لسنة رسول الله الفعلية، وسيرته العملية.
د. أحمد عبد الله
مدرس مساعد الطب النفسي-القاهرة د. عمرو أبو خليل
أخصائي الطب النفسي -الإسكندرية
ـــــــــــــــــــ
قوامة الرجال على النساء
لماذا كان الرجال قوَّامِينَ على النساء؟ ولماذا كانت الطاعة من المرأة للرجل؟ وكيف تكون؟
... السؤال
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أختنا الفاضلة أكرمك الله وهداك إلى ما يحبه ويرضاه وبعد:(98/122)
كرم الله سبحانه وتعالى المرأة وأعلى الإسلام من قدرها ومكانتها فهى الأم والأخت والإبنة والزوجة وبالنسبة لسؤالك ورد ما يلى فىفتوى لفضيلة الشيخ "أحمدالشرباصىرحمه الله ورد بها ما يلى:
:
يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ علَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ علَى بَعْضٍ وبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ). ( النساء: 34). ومعنى هذا أن الرجال هم الذين يَقومون بالنَّفَقَةِ على النساء، والحِفْظ لهن، والصِّيانة لحُرُماتهن؛ وبمُقتضى هذه التبعات يكون الرجال قوَّامينَ على النساء.
والأسرة لا بد لها من عميدٍ مسئولٍ، وليس من الطبيعي أن تكون العِمادة في الأسرة للمرأة على الرجل، وإلاَّ كان هذا قلبًا للأوضاع، ومن هنا أوجبت الشريعة على الزوجة أن تُطيع زوجها في حقوق الزوجية، وفيما أحلَّ الله، لا فيما حرَّم؛ لأنه لا طاعة لمَخلوق في معصية الخالق.
وإذا عجز الزوج عن النَّفَقَةِ والقِوَامَةِ فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن المرأة يكون لها الحق في فسْخ عقد الزواج.
ومن الواضح أنه لا يمكن استقرار الحياة الزوجية إذا سَيطرتِ البغْضاء على الطرفين، فوُجد بينهما النُّفُور والكراهية، لأن هذا يُؤدِّي إلى سُوء العِشْرة، واختلال الأسرة، وقد يوجد النُّشُوز وهو الكراهية والتمرُّد من قبل الزوجة، وقد يوجد من قِبَلِ الزوج، فإذا كان النشوز من المرأة فالأصل أن تسقط حقوقها قبلَ زوجها، ومنها النفقة، وله أن يُطالبها بطاعتها له، وقيامها بواجبها نحوه؛ لأنها ارتبطت معه بعقد الزوجية، وإذا كان النشوز والفساد من قِبَلِ الزوج سقطت الطاعة، ووجبت النفقة على الزوج.
ومن هذا البيان يتضح أن " بيت الطاعة " بالصورة التي يتحدث عنها الناس في هذا الزمان بصُوَرِهِ المُرْعِبَةِ، وحالته المُرْهبة، لا يُوجد في الشريعة، ولعلَّ هذا التعبير قد نشأ من حالات نشزتْ فيها الزوجة وتمرَّدتْ على الزوج، فاحتكم الزوج إلى القضاء طالبًا أن يَحكم له بطاعة الزوجة، وهذه الطاعة تتمثَّل في استقرارها في بيت الزوجية، ومن هنا أطلقوا على هذا البيت في تلك الحالة اسم " بيت الطاعة ".
ويلاحظ أن الإسلام قد وضع وسائل لعلاج المرأة الناشز، يقوم بها الزوج على مراحل، ثم شرع الإسلام نظام التحكيم بين الزوجين في قوله ـ تعالى ـ : ( وإنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِمَا فابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وحَكَمًا مِنْ أهلِهَا إنْ يُرِيدَا إصلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إنَّ اللهَ كانَ عليمًا خبيرًا ).
( النساء: 35 ).
فإذا وقع الخلاف بين الزوجين، ولم يستطع الزوج بوسائله أن يُعالِج هذا الخلاف، يجتمع حكمانِ، أحدهما من أهل الزوج، والآخر من أهل
الزوجة، ويبحثان الموضوع في عدالةٍ وإخلاص، فإن وَجَدَا أن النُّشوز من الزوج حكمَا للزوجة بالنَّفقة، ولم يَحكمَا عليها بالطاعة، وإن وجدَا النشوز من الزوجة حكمَا عليها بالطاعة، ولم يَحكمَا لها بالنفقة ما دامت ناشزًا، وإن رأى الحكمان أن العلاج في التطليق حكمَا به.(98/123)
هذا والملاحظ أن أغلب القضايا المسماة بقضايَا " بيت الطاعة " الآن يُراد بها العناد والإفساد، أكثر مما يراد بها الوصول إلى الحقوق، أو المطالبة بالواجبات.
والله ـ تبارك وتعالى ـ أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تعيد بكارتها بعملية جراحية لإمتاع زوجها؟!
إيمان حسن**
الأصل في شرعنا السمح الإباحة إلا ما ورد فيه نص بالتحريم.. هذه قاعدة شرعية أصيلة، لكن ثمة أشياء تحتاج إلى تأمل ونظر؛ حتى إن لم يرد فيها نص فهي تثير الريبة في النفوس، والشك في الصدور، ببعدها عن روح ومقاصد الشريعة الغراء.
ومن هذه الأمور التي بدأت تشيع في مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة لجوءُ بعض الزوجات إلى عيادات متخصصة لإجراء جراحات إعادة غشاء البكارة مرة أخرى في مناسبات بعينها كعيد الزواج أو أعياد الميلاد بهدف إمتاع الزوج وإسعاده.. كما نقلت الكثير من المواقع العربية.
أمور منكرة
الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق كان قد صرح في وقت سابق بفتوى لجريدة اللواء الإسلامي عن المتزوجات اللاتي يطالبهن أزواجهن بترقيع البكارة قائلا: إن مثل هذه الأمور منكرة وغريبة على أخلاقيات المسلمين، كما أنها أفعال تأباها الفطرة الإسلامية والدين الحنيف والخلق القويم، فضلا عن أنها تتنافى مع قدسية العلاقة الزوجية وسموها عن هذه الصغائر؛ إذ إن من الأمور الواجبة على الزوج تجاه زوجته معاشرته لها بالمعروف لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(النساء: 19)، فلا يجوز للزوج شرعا أن يؤذي شعورها ولا يجرح كرامتها بإجبارها على هذه التفاهات والعادات السيئة، كما أن هذه العملية غير مأمونة النتائج وتؤدي إلى الإضرار بالزوجة، وقد تؤدي إلى تلوث هذا المكان بالميكروبات الخطرة، وكل ذلك منهي عنه شرعا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وبناء عليه فإن إجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة للزوجات أمر منكر وحرام شرعا.
هذا أيضا ما أكده الدكتور رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون السابق، والذي أوضح أن هذه العملية لا تجوز شرعا؛ لأنه لا يوجد داعٍ لها من الناحية الطبية، فهي ليست علاجا لمرض من الأمراض، كما يترتب عليها كشف عورات دون الحاجة لذلك؛ حيث تتكشف عورة المرأة التي تُجرى لها هذه الجراحة، ولهذا فهي من الأمور المحرمة التي لا يجوز أن تلجأ إليها إلا عند ضرورة أو حاجة، ويجوز للطبيب أو الطبيبة أن يعالج في موضع العورة إذا كان الأمر يستدعي ذلك، وأما هذه العملية التي تدخل في باب "الدلع" فلا مبرر لها إطلاقا.
أما السبب الآخر للحرمة كما يؤكد الدكتور رأفت عثمان فهو إنفاق الأموال التي لا تدعو إليها الحاجة، ولا يتحقق منها فائدة، ولا يرجى منها منفعة، فهي في الواقع أموال تستهلك دون غرض شرعي يدعو لإباحة هذا الأمر، ومن باب التبذير والإسراف الذي نهى عنه الشرع.(98/124)
سفه وإسراف
الدكتور صفوت حجازي رغم إجازته الفقهية لتلك العملية إلا أنه استنكرها ؛ موضحا أن إعادة غشاء البكارة مرة ثانية بهدف إمتاع الزوج ليس محرم شرعا شريطة ألا يترتب عليه ضرر طبي.. مع تنبيهه على أن ذلك يعد من باب السفه والإسراف، واصفا من تقوم به بأنها مريضة نفسيا، وموضحا أنه حرام شرعا في حالة ذهابها لطبيب يجري لها مثل هذه العملية، أما إن كانت طبيبة فيجوز هذا.
وفي نفس الوقت يستنكر الدكتور صفوت حجازي مثل هذا الفعل، ويرى أن المرأة تستطيع أن تمتع زوجها بوسائل متعددة وأشياء كثيرة، ومن خلال سلوكياتها وأخلاقها، وتأتي له بأغلى وأثمن الأشياء، ولكن لا يجب أن تقوم بهذا الفعل.
الدكتورة ناهد الملا أستاذة الشريعة بكلية دار العلوم وإن كانت توافق الدكتور صفوت حجازي في أن هذا الأمر من باب السفه والإسراف، وأن الزوجة في إمكانها إسعاد زوجها بوسائل كثيرة، فإنها لا تجيز ذلك شرعا ولا تؤيده، مؤكدة أن هذا الأمر من باب تلبيس إبليس للمرأة والرجل على السواء.
وتقول: لا يمكن تقبل هذا الأمر لا من الفتاة التي أخطأت، ولا من المرأة المتزوجة التي تريد أن تجذب زوجها، مؤكدة أنها مدخل من مداخل الشيطان، وموضحة أن العلاقة الجنسية هي أرقى ما في العلاقة الزوجية، ولا يجب تدنيسها بهذه الأفعال.
كما أنها لا تجيز شرعا اطلاع الطبيب على عورات النساء فيما يتعلق بهذه المسألة، مشيرة إلى أن أغلب من يقومون بإجراء مثل هذه الجراحات من الأطباء، وأن هذا من باب الاطلاع على العورات بلا ضرورة، وموضحة في الوقت نفسه أن هذه من البدع والعادات التي جاءت من دول أخرى تنتشر فيها الفاحشة في نفس الوقت الذي يتمسكون فيه بالتقاليد.
الحرمة المغلظة
الدكتورة إلهام شاهين مدرسة العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر ترى أن هذا الأمر لا يخرج عن شقين: الأول: أن تكون الزوجة نفسها هي التي تسعى لهذا إرضاء لزوجها وطلبا للمتعة والتجديد، والثاني: أن يكون الزوج هو الذي يطلب ذلك، وفي كلتا الحالتين ترتكب المرأة محرما من عدة وجوه؛ فهي تتعرض لمس الفرج، والنظر من قبل الطبيب أو الطبيبة على السواء، وهذا حرام شرعا للرجل والمرأة، إلا للضرورة القصوى؛ لأنها من الحرمة المغلظة التي يحرم النظر إليها.
تضيف الدكتورة إلهام شاهين: إن هذه الزوجة تعرض نفسها للمخاطر، فقد تموت أو تصاب إصابة بالغة أو تعرض نفسها لفشل العملية فتؤدي إلى مساوئ أكبر، وقد تلقى ربها وهي على هذه الحالة، فماذا ستقول له؟ ثم إنها تتحمل الكثير من الآلام، تتحمل آلام إجراء الجراحة، ثم تتحمل آلام الجرح الذي قد يمتد لأسابيع، وأيضا تعرضها لآلام نفسية نتيجة شعورها أنها مجرد أداة للمتعة.
وتحذر الدكتورة إلهام شاهين من أن هذه العملية التي تظن المرأة أنها تأتي لها بالسعادة قد تكون سببا لتعاستها بقية عمرها، وسببا لنهاية الحياة الزوجية لأنها إذا فعلت ذلك فقد يظن بها الزوج الظنون، والشيطان الذي يحتال عليها، والذي جعلها(98/125)
تتحمل الآلام في مقابل متعة زائفة يأتي للزوج فيوسوس له أنها قد تكون فعلت ذلك معه من قبل، وأنها قد تزوجته وليست بكرا، فمن أدراه بالحق، ومن أدراه أنها لم تغشه من قبل، وها هي التجربة تثبت له أن هذا الغش ممكن، وأنه ليس ببعيد عن هذه المرأة، إن الذي يستعين بالشيطان ويرضي غروره لا يرضى الشيطان إلا أن يهلكه ويدمره، قال تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الحشر: 16)، مشيرة إلى أن اتباع الشيطان لا يورث إلا الندم والحسرة، والشيطان يقول لله إنه سوف يمني الإنسان بالسعادة، وأنه سوف يعده باللذة، فإذا اتبعه فإنه يأمره بتغيير خلق الله، فإذا فعل الإنسان ذلك كان من أتباع الشيطان، وخسر رضوان الله تعالى في الدنيا والآخرة، وحوّل النعمة إلى نقمة، فينفق ماله في غضب الله وفي رضا الشيطان، ونجد ذلك في كتاب الله حيث يقول: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} (النساء: 119).
ومن الناحية الطبية تستنكر الدكتورة هبة قطب أستاذ الطب الجنسي والشرعي بجامعة القاهرة هذا الفعل، وتصفه بالتمثيلية السخيفة، مشيرة إلى أن هذه العملية ليست آمنة، ولها أضرارها الصحية الخطيرة، فهي على حد وصفها عملية كأي عملية جراحية أخرى، تستخدم فيها أدوات الجراحة من مشرط وبنج، ومن ثم تترتب عليها نتائج أي عملية جراحية من احتمال النجاح أو الفشل، والإصابة بأية مضاعفات، حيث إن أي عملية جراحية غير آمنة بنسبة 100%، فلماذا تتحمل المرأة نتيجة عملية لها أضرارها ولو وصلت إلى واحد في المليون؟!.
** صحفية مصرية
ـــــــــــــــــــ
الداعيات السعوديات والفضائيات.. الاقتراب الحذر!
أحمد العمودي**
سمية محسن*
جددت الدعوة التي أطلقها بعض العلماء السعوديين لظهور داعيات عبر شاشات الفضائيات الخلاف حول إمكانية هذا الظهور وجدواه، وتباينت وجهات النظر حيال هذا الأمر.. ففي الوقت الذي رأى فيه البعض حاجة المجتمع السعودي خاصة وباقي المجتمعات العربية عامة لتواجد عنصر نسائي في برامج الإفتاء والدعوة يثري هذين المجالين، شدد طرف آخر على خطورة ذلك، وألمح إلى تنافيه مع فقه المجتمع، واعتبره نوعا من الترف الإعلامي...
طرح القضية أثمر وجهات نظر مختلفة داخل وخارج المملكة تقدمها السطور التالية...
جائز بضوابط
دكتور عبد الله بن بيه(98/126)
الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه - نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة - لا يرى مانعا من مشاركة المرأة قائلا: "إن مشاركة المرأة في الدعوة سائغ شرعاً وجائز".
وضرب المثل بنساء النبي صلى الله عليه وسلم اللائي كن يمارسن الدعوة بلا حرج، مبيناً ضرورة الاحتفاظ بالسلوك الشرعي الذي لا تشوبه أية شائبة.
وحول قابلية المجتمعات الإسلامية- لظهور داعيات - وخاصة المجتمع السعودي أوضح أن الأمر أصبح مقبولاً ومستطاعاً، لكن مع التشديد على ضرورة التزام المرأة بالضوابط الشرعية، مبينا أنه إذا التزمت الداعية آداب الحشمة فلا بأس بمشاركتها الدعوة والإفتاء عبر الفضائيات.
نفس الاتجاه أكد عليه الدكتور خالد بن عبد الله القاسم - أستاذ الثقافة الإسلامية والمذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود بالرياض – مضيفا أن واقع المجتمع في مثل هذه الأمور له أثر لا ينكره أحد، ولكن ظهور المرأة كداعية أو مفتية أمر ليس فيه إشكال.
ويشير إلى أن مشاركة الداعيات عبر الإذاعة لا إشكال فيه من أساسه؛ لأن الصوت البعيد عن الخضوع لا اختلاف بين العلماء عليه.
وتوقع د. القاسم أن تظهر العديد من الداعيات في المستقبل القريب عبر الإعلام بأصواتهن فقط، فيما سيظهر بعضهن منتقبات ومحجبات بالحجاب الشرعي عبر الفضائيات، إلا أن ذلك الأمر لن يتسع أكثر لقناعات الداعيات أنفسهن.
العادات ليست حكمًا
الدكتور عبد الفتاح إدريس - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر - يؤكد على ما سبق، ويقرر أن مجال الدعوة يفتقر بالفعل إلى الوجود الفاعل للمرأة التي هي أقدر على مناقشة بعض القضايا المتعلقة بها.
ويستطرد: "أما ما أثير بخصوص وجود محظور شرعي واجتماعي في ظهور الداعية السعودية على شاشة التلفاز فإن مسألة كشف المرأة عن وجهها مسألة خلافية، وإن ما ينكر هو المجمع عليه، ولا ينكر المختلف فيه.. أما صوت المرأة - الخالي من الخضوع - فهو ليس بعورة باتفاق العلماء، وإن كان المجتمع السعودي لم يألف هذا الأمر فإنه سوف يألفه تدريجيا.
في حين يستنكر الدكتور عبد الحميد مدكور- أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بكلية دار العلوم - أن تتحكم العادة في تحقيق المصالح الشرعية، ويؤكد على أن مسألة خصوصية المجتمع السعودي لا ينبغي التوقف عندها طويلا؛ لأننا في عصر العولمة والسماوات المفتوحة، فحجب المرأة بدعوى الخصوصية يؤدى إلى حجب منفعة.
ومع ذلك يؤكد د. مدكور على أنه ينبغي مراعاة عدة أمور: أولها الإعداد الجيد للداعية حتى لا يكون الأمر فوضى وتساهلا أو إفتاء بغير علم، ثانيها أن يؤخذ الأمر بحكمة وروية وتدرج، وأن يفعل كل ما يمكن فعله لتحقيق المقصد الشرعي دون الوقوع في محظورات.
فكرة مرفوضة(98/127)
وعلى الجانب المقابل كانت هناك آراء مضادة تماما لذلك الظهور، ورافضة للمبدأ ولطرحه من الأساس.. فالدكتور صالح بن علي أبو عرّاد- أستاذ التربية الإسلامية المساعد ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين بأبها - انتقد في البداية طرح مثل هذه الأمور، متسائلاً: "هل نحن في حاجةٍ إلى طرح هذا الموضوع أم أنه ترف، وبحث عن الإثارة الإعلامية التي لا نجني منها غير إثارة الفتن والمُشكلات والبلبلة التي نحن في غنى عنها؟".
وقال إن فكرة ظهور الداعيات السعوديات في الفضائيات هي بلا شك فكرةٌ مرفوضةٌ جملةً وتفصيلاً، وطرحٌ غيرُ مقبولٍ لا شرعاً ولا عقلاً؛ لأن الداعيات الصادقات لن يوافقن على الظهور على شاشات الفضائيات وهن يعلمن أنهن مأموراتٌ من الله تعالى بالحجاب الذي أعزهن الله تعالى به؟!.
وتساءل: "كيف تكون إحداهن داعية، أو مفتية"ً وصوتها وصورتها تظهر في الفضائيات صباح مساء؟! وكيف يمكن أن يتقبل الناس من الداعيات دعوتهن إلى التزام أوامر الله تعالى والبُعد عن نواهيه، وهن قد تنازلن عن أهم المبادئ الدعوية أمام بريق الإعلام الزائف، وبزعمٍ باطلٍ وغير صحيح، وهل الداعية المسلمة الصادقة مأمورةٌ بالظهور في الفضائيات في الأصل؟.
وأضاف: "وإذا كانت لبلادنا بعض الخصوصية التي لا يُنكرها إلا مُكابر أو جاهل؛ فالواجب احترامها وعدم العبث بها، والحرص على عدم امتهانها حتى لا تفقد معناها"، مذكرا بما سبق وأشار إليه في إحدى جلسات المؤتمر العالمي العاشر الذي نظمته الندوة العالمية للشباب في القاهرة قبل شهرين حينما قال: "إن المرأة المسلمة ليست في حاجةٍ إلى اعتلاء المنابر، والوقوف أمام الناس، والتنقل بين البلاد، أو الظهور على الشاشات، ويمكنها أن تكون داعيةً إلى الله تعالى بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى من خلال استخدام الحاسب الآلي لهذا الشأن العظيم عبر شبكة الإنترنت وهي في عُقر دارها".
ليس ضروريًا
هكذا أكدت الدكتورة حياة بنت سعيد باأخضر- عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى – وأشارت إلى أنه من المفترض في الداعية أن تكون أتقى وأورع، وأن تأخذ في جميع شئونها بالأحوط لأنها قدوة، فحتى لو أن البعض أباح للمرأة الخروج فالمفترض أن تكون أكثر ورعًا فلا تخرج، وتكفي أصواتهن كما يحدث في بعض القنوات.
وأضافت: نعم لدينا من النساء من لديهن علم وقدرة على الفتوى.. لكن هل هناك ضرورة لخروجهن في حال وجود رجال يتصدون للفتوى، وفي ظل زمن مليء بالفتن؟!.. أنا أرى أن ذلك ليس ضروريا.
وبينت د. باأخضر أنه يمكن للمرأة أن تفتي النساء إذا كان لها قدرة على الفتوى واستوعبت جميع شروط الإفتاء عن طريق الهاتف أو عبر موقع إنترنت.
نفس الاتجاه تؤيده الدكتورة مريم هنداوي مدرس الشريعة بكلية دار العوم بالقاهرة؛ حيث تؤكد أنه على المرأة أن تعمل في المجالات التي يحتاج إليها المجتمع فيها كامرأة، أما ظهور المرأة على شاشة التلفاز فليس أمرا ملحا، بل من شأنه أن يقود(98/128)
المرأة إلى الاختلاط غير المرغوب فيه، كما أنه لا بد من مراعاة الأعراف وخصوصيات المجتمعات.
تجربة إعلامية
وعلى صعيد العمل الإعلامي يرى الدكتور نبيل بن عبد العزيز الحماد - مدير عام قناة "اقرأ" الفضائية سابقاً - أن تجربة القناة في جانب ظهور المرأة بدأت منذ عام 2001 حيث ظهرت المرأة بشكل كبير في البرامج الفضائية كداعية ومفتية، وبين أن ظهورها كداعية أعطى صورة حسنة عن القناة، حيث سطرت بعض النماذج سطورا مشرقة في مجالات الدعوة والإفتاء.
وأوضح بأن الدراسات تطالب بتكثيف هذا الأمر، منتقداً التركيز على سلبيات الظهور والتي كانت في أغلبها أخطاء فنية مثل تقريب الصورة على الوجه، مؤكداً أن الإيجابيات أكثر بكثير من السلبيات التي ظهرت في هذه التجربة، وطالب د. الحماد بتصحيح التجربة وتصويبها من خلال القنوات الإسلامية القائمة حاليا على أمور الإفتاء والدعوة والتوجيه.
وقال د. الحماد: "يجب أن لا تغيب المرأة عن الإعلام بشكل عام وعن الفضائيات بشكل خاص للحاجة لذلك"، في إشارة لدورها الإيجابي الكبير في رد الكثير من الحملات المثارة ضد الإسلام، والتي تستخدم المرأة كسلاح فيها.
وتساءل: "كيف ندعو بدون امرأة ؟"، مؤكداً على أنه "يجب فصل العادات عن الواقع والشرع"، مشيراً إلى أن "المرأة عنصر مهم جداً في الدعوة، وهذا لا يخفى على الجميع"، وأوضح أنه لم يقصد بالتجربة السابقة السعودية بحد ذاتها بل المقصود هو العالم الإسلامي بشكل عام، مطالباً التركيز على هذا الأمر.
وهكذا تكشف هذه السجالات عن وجود تحولات ربما تشهدها ساحة العمل الشرعي النسوي في المجتمع السعودي في الفترة المقبلة.
يذكر أن النشاط الدعوي والإفتائي النسوي بالسعودية قد شهد حراكا ملحوظا في الآونة الأخيرة، فلم يعد يقتصر على إلقاء المحاضرات الدينية في المؤسسات التعليمية والجمعيات الخيرية، بل شهدت المواقع الإلكترونية حضورًا مكثفًا ومشاركة فاعلة لهن، حيث ما زالت تتوالد مواقع إسلامية إلكترونية مختصة بمناقشة القضايا النسوية – بحسب ما نشره موقع جريدة الشرق الأوسط – يناير / 2007.
* من أسرة التحرير بالقسم الشرعي بشبكة إسلام أون لاين.نت
** مراسل شبكة إسلام أون لاين.نت بالسعود
ـــــــــــــــــــ
تجريم الختان بين الشرع والقانون
إسلام عبد العزيز**
لا أحد يختلف على أن مقاصد الإسلام العليا ترفض الضرر أيا كان نوعه، ولا أحد ينكر كذلك احتياط الإسلام في كثير من أحكامه ألا تكون سبب ضرر لأحد، وأن الفتوى تختلف في بعض الحالات التي يمكن أن يحدث للمستفتي ضرر بسببها.. ولكن... لا ينكر أحد أيضًا أن الافتئات على مقاصد الإسلام واستخدام بعض القواعد(98/129)
في غير موضعها، والتعميم في الأحكام كلها أمور تخالف صحيح الإسلام ومقاصده العليا...
من هنا فإن المؤتمر الذي عقدته دار الإفتاء المصرية بعنوان "حظر انتهاك جسد المرأة" والذي صدرت عنه في توصياته مطالبة للجهات التشريعية في الدول الإسلامية بسن قانون يجرم ختان الإناث.. لا شك أن هذا المؤتمر قد جانبه الصواب خاصة أن التجريم لا يكون إلا لشئ قد حرمه الإسلام، وإن كان الإسلام يجيز للسلطان منع وحظر الجائز باعتبار منع الضرر إلا أن الختان منتهى اختلاف فقهاء الإسلام المعتبرين حوله يدور بين الوجوب، والسنة، والإباحة ، ولم يقل أحد من الفقهاء في أصل الختان الشرعي أنه محظور، وكذلك فإن الممارسة الخاطئة لهذه العملية لا تبيح منعها بالكلية..
القرضاوي ضد التجريم
وكان لغط كبير قد نشب بسبب ادعاء البعض أن حضور الشيخ القرضاوي للمؤتمر يعني موافقته على سن قانون يجرم عملية الختان، غير أن القراءة المتأنية للورقة التي تقدم بها القرضاوي للمؤتمر تؤكد أنه فرق بين شيئين أساسيين وهما: الممارسة الخاطئة لعملية الختان، والطريقة الشرعية التي لا تسبب ضررًا للفتاة، بما يؤكد أن الشيخ ضد التجريم الكامل لعملية الختان، وما يؤكد ذلك أيضًا أنه وضع حلولا كثيرة تقوم على وضع ضوابط للممارسة يرجع فيها لأهل الاختصاص من الأطباء وغيرهم مما يضمن عدم إلحاق الضرر..
ومما يؤكد ذلك أيضًا أن القرضاوي أظهر اعتراضه على العنوان الأولي للمؤتمر والذي كانت كلمة التجريم ضمن مفرداته، إذ أكد على أن المؤتمر بهذه الطريقة قد اتخذ قرارًا مسبقًا ولا داعي للمناقشات مادام الحكم بالتجريم جاهزًا، كما اعترض الشيخ أيضًا على أن يقبل الأزهر بتمويل أية جهة خارجية لمثل هذه المؤتمرات.
أما د. أحمد طه ريان أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر فقد اعتبر صدور هذا القانون من باب الإفساد، والتعميم الذي لا تقبله الشريعة الإسلامية في معالجتها لقضاياها، مؤكدا على أن فقهاء الإسلام المعتبرين لم يختلفوا إلا حول درجة حكمه فالشافعية أوجبوه والحنفية قالوا سنة والمالكية والحنابلة قالوا مكرمة، وهناك حديث في صحصح مسلم فيه دلالة على إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للفعل حيث يقول " إذا التقى الختانان وجب الغسل" وهذا دليل على وجود الفعل وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له، وإلا ما كان يسمي الموضعين باسم العملية نفسها.. وأوضح د. ريان على أن الخطأ في الممارسة لا يعني تجريم الفعل بالكلية وإنما علينا أن نؤكد على الفارق بين الختان الشرعي بالطريقة الإسلامية وبين غيره من الطرق التي يرفضها الإسلام نفسه من باب لا ضرر ولا ضرار، وناشد د. ريان كل العلماء الذين بقيت عندهم خشية من الله أن يقفوا بكل قوة أمام إصدار هذا القانون
تحكيم الأحاديث الضعيفة
أما د.مصطفى إمام الاستاذ بجامعة الأزهر وأحد الذين حضروا المؤتمر وعارضوا توصياته فيؤكد أن البعض يرفض الختان من منطلق عدم جواز تحكيم الأحاديث الضعيفة غير أن حديث الختان قد حسنه الألباني، ثم يتساءل د. إمام عن اعتبار(98/130)
اجتماع الأمة مصدرا من مصادر الحكم؟ ويؤكد أن النساء اللائي يختتن في كثير من بلدان العالم الإسلامي منذ مئات السنيين لم يشتكين من ضرر قد وقع عليهن، أفلا يمكن اعتبار سكوتهن رضا بهذه الطريقة خاصة أن الإحصائيات تؤكد وجود أكثر من 160 مليون أنثى في العالم يقومون بالختان وأنا أعتقد أن النسبة أكبر من ذلك بكثير ومن ثم فاجتماع الناس على إجراء الختان للأنثى لا يأتي ضمن التناول العشوائي لهذه المسألة.
كما يوضح أن المختونات تنتشر بينهن العفة إلا ما ندر في الوقت الذي تنتشر فيه الفواحش بين غير المختونات في الغرب وهو ما نتج عنه العديد من الأمراض التي مازالوا يبحثون عن المليارات لعلاجها.
ويشدد د. إمام على أن ينتبه الجميع إلى أن كل المنظمات التي تسعى بدأب لتجريم عملية ختان الإناث ترفض الخوض في موضوع ختان الذكور، وقد تبين لنا أن رفضها نابع من الخوف من اليهود الذين يعتبرون المساس بختان الذكور مساسا بهويتهم الدينية والسياسية، وهو ما دعي إحدى المسئولات في منظمة الصحة العالمية في إجابتها حول أسباب رفض المنظمة عمل أبحاث بخصوص ختان الذكور قالت" إن ختان الذكور منصوص عليه في التوراة ونحن لا نريد أن نخلق مشاكل مع اليهود" هذا بالطبع في الوقت الذي يهاجم فيه ختان الإناث وتنفق في سبيله الملايين وهو من المنصوص عليه في السنة النبوية أيا كانت طبيعة هذا النص.
القانون باطل
وعن جواز صدور القانون بهذه الطريقة أكد قانونيون كثيرون أنه قانون باطل لأنه يخالف مبدأ دستوريُا، حيث يشير أ. منتصر الزيات المحامي الشهير إلى أن سن قانون بهذا التوصيف سيتم الطعن عليه بعدم الدستورية لأنه يخالف المبدأ الدستوري الثابت والذي يمنع جواز إصدار قوانين تخالف مبادئ الشريعة، فإن قيل أن الخلاف في الختان يخرجه من دائرة المبادئ نؤكد على أنه مع وجود الخلاف إلا أنه لم يصل بين الفقهاء المعتبرين لمرحلة التحريم، وهو ما يؤكد فشل سن هذا القانون.
أما الدكتور أحمد فؤاد -أستاذ القانون الجنائي- فيؤكد على أن القانون الجنائي يعتبرها عملية غير مشروعة لوقوعها تحت طائلة التجريم إذا تم ممارستها بشكل خاطئ ومن غير متخصص وفقا لقانون العقوبات إذ ينطوي على جرائم ثلاثة الإيذاء البدني وهتك العرض وممارسة العمل الطبي بدون ترخيص، أما عملية الختان غير السليمة التي يجريها الطبيب فالقانون يعتبرها جريمة جرح عمدية يعاقب عليها طبقا للمادة 242-241 عقوبات وتصل مدة العقوبة إلى السجن لمدة ثلاث سنوات ويعتبر الولي أو الوصي شريكا بالاتفاق والتحريض والمساعدة ويتحمل المسئولية الجنائية والمدنية بجانب مسئولية الطبيب.
لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن صدور هذا القانون لن يكون رادعًا لمن يقوم بعملية الختان مؤكدا أن الناس لن يخيفها صدور مثل هذا القانون وستظل على ما تقوم به في الخفاء وهو ما يحدث الآن حتى من قبل الأطباء أنفسهم فمهما أخرجوا وأصدروا(98/131)
من قوانين لن تلتزم الناس بها والواقع يقول ذلك لاقتناع الناس الشديد بطهارة وعفة الفتاة التي تقوم بإجراء هذه العادة.
أما نبيه الوحش -المحامي بالنقض والدستورية العليا- فأكد أن صدور قانون يجرم ختان الأنثى مباشرة هو قانون يشوبه عدم الدستورية لأنه مخالف للمادة 2 من الدستور المصري الذي ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، كما يؤكد أن صدور هذا القانون باطل لأن خروج الفتوى بهذا التجريم ينبغي أن تكون بإجماع لجنة الفتوى بالأزهر وليس دار الإفتاء أو شيخ الأزهر، لأن المفتي موظف في وزارة العدل واختصاصه ينصب أولا على استطلاع شهور الأهلة العربية والاستشارة في قضايا القصاص "الإعدام".
ثم يتساءل الوحش لماذا هذا التناقض من قبل شيخ الأزهر؟! ففي سابقة له قال إن الختان عفة وطهارة، ثم عاد وقال هي عادة وليست عبادة وأن الموضوع يتعلق برأي الأطباء... مشيرا الى أن صدور مثل هذا القانون هو استكمال لحلقة العولمة التي سوف تقضى على مبادىء الأزهر الشريف ومن ثم فإن أي قرار ينبغي أن يستمد من الشريعة الإسلامية وإلا يكون باطلا ولا سند له من القانون
الختان والزواج العرفي
دراسة حديثة سترى النور قريبًا تؤكد على العلاقة بين منع الختان والزواج العرفي خاصة بين الفتيات المراهقات خاصة من سن 14: 15، هذا ما أكده د. أحمد المجدوب أستاذ القانون الجنائي والخبير الاجتماعي وصاحب هذه الدراسة، حيث يقول إن هناك خطة موضوعة لتدمير الأسرة المصرية والمسلمة بصفة عامة وإفساد النساء من خلال إبقائهن دون ختان لكي يسهل استثارتهن جنسيا خاصة مع الملابس الضيقة والزحام في وسائل المواصلات والأسواق وحتى في السكن -إذ أن 20% من الأسر المصرية تقيم في غرفة واحدة فكل هذه الأسباب تؤدي إلى إمكانية حدوث الاستثارة في أي لحظة، ومن ثم فلو اعتبرنا منع الختان لأنه يحدث للفتاة ضررًا فإن الضرر الواقع على الفتاة من عدم إجراء الختان يكون أكثر وأكثر، وهنا تحكم قاعدة ارتكاب أخف الضررين، التي هي أصل من أصول الفقه الإسلامي.
وحول استصدار قانون يجرم ختان الإناث يتوقع المجدوب فشل هذا القانون وتحدي الأسر لمثل هذه القوانين لأن الختان عادة راسخة ومستقرة في المجتمع ومرتبطة بنصوص تشريعية أيا كانت طبيعتها، ويدلل على ذلك انه بعد فشل وزارة الصحة في قرارها الوزاري بمنع الختان قام بفحص الإحصاءات التي ذكروها فوجد أن أكثر من 70% من الأسر المصرية مازالت تمارس الختان كما أن هناك إحصائية أخرى صادرة عن المجلس القومي للطفولة والأمومة تقول أن 65% من الأسر تقوم بختان بناتها، ويتوقع د. المجدوب أنه إذا خرج قانون يجرم الختان سيتم الطعن فيه على أساس مخالفته للدستور وسيواجه بانتقادات كثيرة.
وفي النهاية يتساءل المجدوب لمصلحة من يقوم الغرب بعمل العشرات من الأبحاث التي تبين أن ختان الإناث يصيب فتياتنا بأضرار وينفق على ذلك المليارات؟!
** صحفي مصري
ـــــــــــــــــــ(98/132)
هل الختان جريمة شرعية؟
مسعود صبري**
عقد بالقاهرة تحت رعاية دار الإفتاء المصرية مؤتمر بعنوان "حظر انتهاك جسد المرأة"، واقتصر المؤتمر على الختان والذي أوصى المؤتمر بجعله جريمة يجوز لولي الأمر أن يعاقب كل من يختن ابنته أو من يقوم بالختان، واستدل غالب الفقهاء المشاركين -وليس كلهم- من أن ختان الإناث ليس واجبًا، ولا مكرمة، بل أقصى ما فيه أنه جائز، ولكنه إن كان اعتداء على الجسد، فيجوز تجريمه ومعاقبة من يقوم به.
وخرج المؤتمر بتوصيات عدة، أولها التأكيد على كرامة الإنسان رجلاً وأنثى، وهو حقيقة لا مراء فيها، وأن الختان عادة لبعض الشعوب قبل الإسلام، وتبنَّتها بعض الشعوب الإسلامية لا من باب التشريع ولكن من باب اتباع العادة التي لا تمت للإسلام بصلة، وأن الختان الذي يمارس الآن يضر بالمرأة نفسيًّا وجسديًّا؛ ولذا يجب الامتناع عنه، لقاعدة رفع الضرر، وأن المؤتمر يناشد المسلمين عن الكف عن هذه العادة، وأن تقوم المؤسسات الإعلامية بدور الترشيد والتوجيه، كما طالب المؤتمر الجهات التشريعية بسن قانون يجرم عادة الختان.
هل الختان عادة فرعونية؟
والقول بأن الختان عادة، ووصفها شيخنا مفتي مصر بأنها عادة فرعونية، فيه شيء من الصواب وجانبه شيء من الصواب، فليست كل عادات الناس في الإسلام مذمومة، ولم يجئ الإسلام ليهدم كل العادات، بل سعى ليهذب تلك العادات إن كان يمكن تهذيبها، أو يقرها إن كانت صوابًا، أو يلغيها إن كانت خطأ، والبحث في كون الختان عادة فرعونية إنما يعود لحفظ الفراعنة تاريخهم وحضارتهم وعاداتهم، ولكن لا يعني هذا أنها لم تكن موجودة قبلهم، وقد أوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم باختتان إبراهيم عليه السلام وهو في سن الرجولة كما في الصحيح، ويُروى أن هاجر قد اختتنت، بإيعاز من سارة.
وفي الحديث عن الختان يجب أن نفرق بين نوعين من الختان، ختان شرعي، وختان فرعوني، فالختان الشرعي هو ما أشار إليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمن تقوم بهذه العملية "أشمي ولا تنهكي"، وهو حديث اختلف حوله المحدثون، فقد صححه البعض، وحسّنه آخرون، وممن حسنه الشيخ الألباني، وهذا الختان مبني على أخذ اليسير في عملية الختان بحيث لا يضر الفتاة.
أما "الختان الفرعوني"، فيكون فيه تشويه للأماكن الحساسة من جسد الفتاة، بحيث تتعدى الخافضة فتزيل البظر والشفرين، مما ينتج عنه التصاق الشفرين بعضهما ببعض، وهو فيه نوع من الضرر، ولا علاقة بالختان الشرعي بهذا النوع من الختان، وهذا الختان أقرب للعادة منه للتوجيه النبوي.
على أن الفقهاء مختلفون في الختان الشرعي للإناث، فمنهم من يقول بالوجوب، ومنهم من يقول بأنه سنة، والبعض يرى أنه مباح فحسب، لمن أراد أن يفعله، وليس بصحيح قول من يرى أنه لم يصح حديث في الختان، كما قال ذلك شيخ الأزهر، فهناك حديث في صحيح مسلم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الختانان(98/133)
وجب الغسل"، ولكنه لا يدل على الوجوب، بل هو وصف للختان أنه كان موجودًا ولم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يقل أحد من الفقهاء في أصل الختان الشرعي أنه محظور.
ونحن مع الشيوخ بأن الختان الفرعوني بما فيه من ضرر، وكذلك تلك الطريقة الوحشية واللاطبيَّة التي يتم بها الختان، أنه ختان أقرب للعادة السيئة، ولا علاقة للشرع به، فيكون هو المحظور، لكن أن يحكم على الختان كله بأنه محظور وجريمة وحرام، فهذا ما لم يقل به فقيه في الدنيا من الأسلاف، بل نلحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجد الناس يفعلون الختان بطريقة مؤذية نهاهم عن إيذاء الفتيات، وأرشدهم إلى الطريقة السليمة في الفعل لمن شاء أن يفعله، لكن الذي نتفق معه هو محاربة تلك الطريقة الفرعونية في الختان؛ لما فيها من ضرر بالغ على الإناث، ويجب منعه، وأن تؤخذ الاحتياطات اللازمة لإلغائه، من منع النساء غير الطبيبات من ممارسة مثل هذا الأمر، وأن يكون تحت إشراف طبي كامل، وأن يتم الكشف الطبي أولاً لمن يريد إجراء هذه العملية حتى يتم التأكد من حاجة الفتاة لها، غير أنه ما ينبغي أن يحكم على الختان بالحرمة المطلقة، ولا الرفض الكامل، فقد تحتاج بعض الفتيات إليه، إن رأى الأطباء هذا.
مراعاة الاختلاف والتنوع
والختان في ظني من الأمور التي قد تختلف من بلد لآخر، بل ومن فتاة لأخرى؛ ولهذا يجب علينا أن نحارب التطبيق الخاطئ لها، مع عدم إغلاق الباب بالكلية، حتى لو لم يُقبل عليه الناس، فيكون باختيارهم؛ لأن ما يفهم من نصوص الشريعة هو أن يكون الختان بالاختيار لمن شاء، مع الهدي النبوي في فعله، فلا يجبر الناس على فعله، ولا على تركه؛ لأن هذه الطريقة فيها نوع من العنف والإجبار في اتباع رأي، أيًّا كان هذا الرأي، ومثل هذا السلوك يجب فيه الإرشاد والبعد عن الخطاب الإرهابي فعلاً وتركًا، فنحن في حاجة إلى اتزان في خطاب الفقهاء، سواء في دعوة الناس إلى فعل شيء أو الإرشاد إلى خطأ الممارسة أو حتى الرفض، أما خطاب الوصاية، فنحن في حاجة إلى التخفيف منه، وإشراك الناس في قبول الدعوة أو رفضها، ما دام في الأمر سعة.
أما التجريم بقانون، فقد أجمع الفقهاء على أن الدماء والأموال مصونة في الشرع، وأن الأصل فيها الحظر، وأنه لا يحل الاعتداء على الإنسان، ومن اعتدى عمدًا أو تصدى لشيء ليس له أهلاً فعليه الضمان، بما يراه القاضي بعد رفع دعوى الضمان إليه. ويتحقق الضمان بالتعدي، وهو مخالفة ما حده الشرع والعرف، أو الضرر، بإلحاق مفسدة للغير، سواء أكانت بالإتلاف أو الإفساد، أو بسبب يفضي إلى الإتلاف أو الإفساد، فتكون دعوى التجريم إذا ثبت ضرر على الفتاة من الختان، أما إن لم يثبت عليها ضرر، فبأي وجه يجرم؟.
ولا أدري كيف يوصف الختان كلّية بأنه جريمة، وأقل حكمه الشرعي أنه جائز، فهذا تناقض في فهم الشرع، فإن الشرع ما يجيز ما فيه الضرر والاعتداء، وكان الأجدر بفقهائنا أن يجرموا الختان الفرعوني لا أن يصفوا الختان كله بأنه فرعوني ولا أصل له في الشرع، وبعض نصوص الشرع تصرح به، وأن ينادوا بتجريم ما(98/134)
فيه ضرر، وأن يتركوا التجريم للأطباء الثقات، وأن يقفوا عند حد الحكم الشرعي، لا أن يتناسوه، وهم أهل ثقتنا ومنهم نستقي العلم.
والعجيب في هذا المؤتمر أن هناك من الفقهاء من يرى أن ما حدث "مؤامرة غربية"، ولم يوافقوا على التوصيات، ومنهم من رفض التجريم، ولكنه حُسب عليه، غير أن أصواتهم لم تسمع في خضم الزخم الإعلامي الذي من الواجب أن يظهر كل الآراء لا بعضها؛ لأن توجيه الإعلام لخط معين هو أشد ضررًا من القول برأي واحد في مسألة خلافية.
** عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
ـــــــــــــــــــ
الحجاب.. معركة الوزير المصري والمؤسسات الدينية
إسلام عبد العزيز**
فاروق حسني وزير الثقافة المصري
الحجاب ردة.. الحجاب رجعية وتخلف.. موروث لا علاقة له بالدين.. عبارات نسمعها من حين لآخر، يرددها أدباء، ومثقفون، ومفكرون.. وفي بعض الأوقات مسئولون.. والسيناريو واحد لا يتغير، ردود وانتقادات، محاولات لتأكيد فرضية الحجاب، ثم ما يلبث الأمر أن يهدأ، ولا تعدو القضية كونها فكرًا أمام فكر، وجهة نظر أمام وجهة نظر.
أثارت تصريحات وزير الثقافة المصري عن الحجاب ردود فعل غاضبة من كافة أطياف المجتمع، سواء على المستوى الرسمي من الحكومة والحزب الحاكم، وكذلك المعارضة، غير أن العجيب أن ردود فعل المؤسسات الدينية لم تكن على المستوى، فقد أحجمت عدد من المؤسسات عن الإدلاء بأية تصريحات؛ وهو ما يطرح تساؤلا حول دور المؤسسات الدينية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخاصة إذا كانت التصريحات صادرة عن وزير دولة.
مصيدة فكرية
شيوخ وعلماء اتفقوا على رفض تصريحات وزير الثقافة المصري بشأن الحجاب، لكن تباينت ردود أفعالهم حول الطريقة التي يمكن بها مقابلة ما يعتبرونه منكرًا حتى اعتبرها بعضهم كالمستشار طارق البشري نوعا من الهراء وصرف الناس عن قضاياهم الحقيقية.
ويعتبر المستشار طارق البشري أن الحديث عن الحجاب موضوع قديم ينبغي ألا يأخذ أكبر من حجمه، لكن القضية هذه المرة أن الحديث عنه صدر من مسئول بحجم وزير في حكومة من المفترض أن دستور بلادها إسلامي.. ومع ذلك أكد أن المقصود بإثارة مثل تلك القضايا هو صرفنا عن قضايانا الإسلامية والوطنية.
ووصف البشري وزارة الثقافة المصرية بأنها وزارة المشاكل، حيث أكد أن المتابع لنشاطات وزارة الثقافة في العقد ونصف العقد الأخير سيدرك أنها تحاول بين الحين والآخر إثارة المشاكل والأزمات والقضايا الخلافية، ولا تلقي بالاً لما يتعلق بالفكر الإسلامي... وأنا أؤكد أنها مع كل ما تبذله من جهد فإن تأثيرها لا يتعدى قدرًا(98/135)
ضئيلاً جدا من النخب الثقافية ذات التوجهات والرؤى الغربية، ولا يظهر لها تأثير مطلقًا على جماهير الشعب المسلم.
هجوم على الفكر الديني
ويؤكد الدكتور عبد الصبور شاهين أن مسألة الحجاب والنقاب مما يثار بقصد الهجوم على الفكر الديني في مجتمعنا. وبالطبع الدين في مصر مستهدف بشكل خطير، وتصريح وزير الثقافة عندنا امتداد لتمثيلية علمانية يحاول العلمانيون استخدامه فيها بسبب موقعه علَّه يكون مؤثرًا، وأنا شخصيًا أرى أن تأثيره منعدم؛ إذ ليس لديه أي رصيد من الثقافة، وقد أثار هذا الكلام ليشغل الرأي العام الديني ويثير مشكلة أمامه.
الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوة يؤكد على أن الحجاب فريضة إسلامية لا ينكرها إلا من عميت بصيرته، ويتعجب الشيخ شوقي من أولئك الذين يتهمون الحجاب بأنه شكل من أشكال التخلف والرجعية، وسبب من أسباب تأخر المسلمين، حيث يؤكد أن الحجاب يدفع المجتمع إلى الالتزام في منظومة القيم والأخلاق الرشيدة التي تحفظ المجتمع من الانزلاق في مهاوي الرزيلة، وأن سلف الأمة ما سادوا إلا من خلال التزامهم بتلك المنظومة التي يمثل الحجاب أهم مفرداتها، ورفض الشيخ شوقي بشدة أن يدخل تناول موضوع الحجاب في إطار حرية الفكر أو وجهات النظر؛ لأنه فرض إسلامي.
أما الدكتورة سعاد صالح عميدة كلية الدراسات الإسلامية للبنات سابقًا فترى أن الإسلام أركان وحدود؛ فالأركان التي بني عليها الإسلام لا يجوز إنكارها مطلقا، ومن ينكرها ويصر على إنكارها فهو مرتد تسري عليه أحكام المرتد. أما الحدود والتي تسمى في الإسلام أيضًا فرائض وواجبات فمن ينكرها ويجحدها يكون عاصيًا لا كافرًا، والاجتهاد في مثل تلك الأمور لا يعبر عنه بحرية الرأي والتفكير فهي ثوابت قطعية الدلالة لا مجال للاجتهاد فيها؛ فمثلاً مسألة ميراث المرأة يقول فيها الله عز وجل: "يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ" فلا يجوز لأحد أن يقول إن المرأة خرجت للعمل وأصبحت تنفق على الأسرة فيجب أن تأخذ مثل الرجل في الميراث... وكذلك مسألة الحجاب فهي فرض بنص القرآن "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ" لذلك فمثل تلك الأمور حدود يجب ألا يتعداها الإنسان المسلم وإلا كان ممن قال عنهم الله تعالى: "تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
دور المؤسسات الدينية
وحول دور المؤسسات الدينية وإقامتها لفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الصادر من أفراد في السلطة تباينت وجهات نظر العلماء والمفكرين، بين من يرى أنها تقوم بدورها وأنه لا يطلب منها أكثر من هذا، كما ذهب إلى ذلك المستشار طارق البشري، والشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، وبين من يرى أن هذه المؤسسة لا يمكن أن تقاوم المنكر الصادر من السلطات؛ لأنها جزء منه، كما ذهب إلى ذلك الدكتور عبد الصبور شاهين، وبين من يرى أن الفكر لا بد أن يقابل بالفكر مهما كان، كما ذهبت إليه الدكتورة سعاد صالح.(98/136)
فالمستشار طارق البشري يرى أنه ليس مطلوبا من المؤسسات الدينية الوقوف أمام مثل هذه الظواهر، وأن الوقوف طويلا أمام تلك القضايا وإثارة الزوبعات حولها غير مطلوب، وذلك لسببين: الأول عدم إعطاء الزخم الإعلامي لها. والثاني انصرافنا إلى القضايا الأكبر حسب أولويات الأجندة الإسلامية التي تعج بالكثير من القضايا الأهم.
أما الدكتور عبد الصبور شاهين فيرى أن هذه المؤسسة الدينية لا تستطيع تجاوز هذا الدور الذي تقوم به؛ لأنها جزء من نظام علماني بالدرجة الأولى، وهي أداة طيعة في يد النظام، وإلا فهل يعقل أن تهاجم ثوابت الإسلام من رموز النظام وتكتفي تلك المؤسسة بمجرد رد شكلي وترديد معلومات يعلمها الجميع؟!!.
ويواصل الدكتور عبد الصبور قائلا: أريد أن أؤكد على أن تلك المؤسسة قادرة إن انعزلت عن كونها جزءا من هذا النظام أن تقف موقفًا صلبًا يحسب لها ويقطع الطريق على أية محاولة لتمرير العلمانية على حساب ثوابت الدين.
مقابلة الفكر بالفكر
وعن مدى قناعته بدور المؤسسة الدينية ومدى فاعليتها في مثل تلك المواقف خاصة أنه يمثل واحدة من لبنات تلك المؤسسة وهي وزارة الأوقاف.. يقول الشيخ شوقي عبد اللطيف: دور المؤسسة الدينية دائمًا هو إحقاق الحق وإبطال الباطل، ومؤسستنا الدينية في مصر بفضل الله دورها ورد فعلها إزاء تلك الأحداث واضح وقوي في ظل ما تملكه من إمكانات؛ فقد قامت باستنكار تلك التصريحات، وقبلها رددنا على جريدة الغد، وقبلها صدر بيان للرد على البابا؛ فموقفنا واضح في مثل تلك الأحداث مهما كان صاحب الفكر، ومهما كانت الجهة التي أخطأت؛ فدين الله وحرماته عندنا أعلى وأغلى وأكبر.
الدكتورة سعاد صالح ترى أن الأمر بالمعروف يجب أن يكون كما قال ابن تيمية بالمعروف.. وأن يكون هناك احترام للآخر حتى لو كان مخالفًا في الرأي، وهذا مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ضد التكفير وضد التشهير، وأيضًا ضد المظاهرات التي تخرج لتكفر أمثال هؤلاء؛ لذلك فأنا ضد مصادرة أي فكر أو أي كتاب حتى إن كان خارجًا عن الملة؛ لأن الإسلام قادر على استيعاب كل الأفكار، ولا تزيد المصادرة الفكر أو الكتاب إلا شهرة.
ودعت الدكتورة سعاد المؤسسات الدينية كالأزهر ووزارة الأوقاف ومجمع البحوث وغيرها إلى عقد مناظرات علنية مع أصحاب الفكر المخالف حتى يعلم العامة وأنصاف المثقفين الذين من الممكن أن ينجرفوا خلف هؤلاء، وأن يعلموا لماذا نرفض هذا الفكر، ولا يجوز أبدًا التشهير أو التكفير لمجرد المخالفة في الرأي.
وتتابع الدكتورة سعاد قائلة: ومن هنا فإن المؤسسة الدينية مقصرة في هذا الأمر وعليها تشكيل لجنة أقترح لها اسم "لجنة الحوار الداخلي" بين طوائف الأمة ليتم من خلالها التحاور مع أصحاب هذا الفكر وإقامة الحجة عليهم أيًا كانت مواقعهم.. وأنا شخصيًا كانت لي مناظرات مع الكثيرين أمثال إقبال بركة، وجمال البنا، وغيرهما وأذاعتها قناة أوربت. وهذه فيما أرى ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحدوده في مثل تلك الحالات.(98/137)
على الجانب الآخر يتعجب الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق ممن يطلب من المؤسسة الدينية رد فعل أكبر وأكثر مما تفعله؛ إذ يؤكد أن المؤسسة الدينية في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ليس مطلوبًا منها أكثر من الدفاع فقط، وأن تعلم الناس وتوجههم بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا ما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له ربه: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"؛ لذلك فلن تمسك المؤسسة الدينية بالكرابيج لتحمل الناس على الإسلام.
يذكر أن تصريحات وزير الثقافة المصري أثارت ردود غضب رافضة من كافة الأطياف، حتى من الحزب الوطني الحاكم الذي رأى أن ما يقوله وزير الثقافة لا يمثل وجهة نظر الحكومة، وإنما يمثل وجهة نظر شخصية ترى رموز الحكومة أنه مخطئ فيها، وهو موقف قل أن تقفه الحكومة فيما تسميه قضايا حرية الرأي، في الوقت الذي لم تخرج فيه تصريحات من المؤسسات الدينية، كما طالب نواب بالبرلمان المصري بإقالة الوزير من منصبه، وقدموا مذكرة ضده من مائة نائب للمثول أمام البرلمان فيما قاله من تصريحات، والتي وصفها وزير الثقافة بأنها كانت مجرد دردشة، وأنه يحترم المحجبات.
** صحفي مصري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علماء ببريطانيا: توظيف سياسي لأزمة النقاب
صبحي مجاهد **
الشيخ سالم الشيخي
أكدت كبار الشخصيات الإسلامية المقيمة في المملكة المتحدة البريطانية أن النقاب لا يعد مرفوضا قانونا في بريطانيا، وأن الأزمة الأخيرة التي أعقبت تصريحات جاك سترو وزير خارجية بريطانيا إذ دعا المسلمات إلى خلع النقاب، وحادثة طرد المدرسة المسلمة عائشة عزمي بسبب النقاب، وراءها تفعيل سياسي، وأن هناك بعض المسلمات يتشددن أحيانا في لبس النقاب أمام الأطفال في المدارس، مع كون الشرع أباح لها الكشف أمامهم.
منع النقاب كلام سياسي
الدكتور سالم الشيخي أمين عام لجنة الفتوى ببريطانيا، ورئيس الهيئة القضائية ببرمنجهام يشير إلى نقطة هامة في حديثه عن أزمة النقاب وهو أن الدافع وراء حذر النقاب ليس قرار دولة وإنما هو كلام سياسيين، وقال: "لا نعرف ما الذي يراد من هذا؟".
وألمح إلى أن المجتمع البريطاني متعدد الأعراف والثقافات ومعتاد على وجود المسلمين وحريتهم في ارتداء الزي الإسلامي بما فيه النقاب، فجميع المدن البريطانية تعرف النقاب، كما أن هناك مدنا النقاب فيها أكثر من الحجاب، ومع ذلك فلم يظهر أي اعتراض.
ويؤكد الشيخي أن قضية النقاب لا يمكن أن تكون أزمة حقيقية للمسلمين في بريطانيا، ولا يمكن أن تؤثر في وضعهم، بشرط عدم تدخل بعض الأطراف التي(98/138)
تريد أن تؤجج الموضوع، وتخرج أمر النقاب كأمر معتاد كما يعتبره البريطانيون بما فيهم جمعيات المرأة البريطانية التي دافعت عن حرية ارتداء المسلمة للنقاب إلى نوع من محاولة إظهار النقاب على أنه تعصب.
وحول ما حدث في أزمة المدرسة المنتقبة التي تم إيقافها عن العمل بسبب النقاب، أوضح الدكتور سالم قائلا: "إن الخطأ يقع على المدرسة المسلمة نفسها، حيث طلبت منها إدارة المدرسة التي تعمل بها أن تخلع النقاب أمام الأطفال لتعليمهم اللغة في حين أنها أصرت على عدم خلعه على غير علم أو فقه، وهو ما تم اعتباره من قبل علماء المسلمين بأنه نوع من الجهالة".
ويستطرد الشيخي قائلا: "نحن نقول إن النقاب لا ننظر إليه من الناحية الشرعية ولكن ننظر إليه من جانبين أن النقاب يتعلق بالحرية الدينية، وحرية الملبس، ومنع النقاب بأية صورة من الصور ومحاولة التدخل في ارتدائه من عدمه لمسلمات بريطانيا إنما يضر بهاتين الحريتين، مع العلم أن قضية النقاب، مختلف فيها بين الفقهاء".
ويضيف: "مع ذلك فإنه إذا كانت هناك ضرورة لنزع النقاب نرى لا شيء في هذا، وأن المسلمة التي تريد العمل وهي تراه لازما لها، ولكنه يشترط عدم النقاب فلها أن تقدر الأمر بنفسها تبعا لاحتياجها".
بريطانيا لا ترفض النقاب
الدكتور عزام التميمي
الدكتور عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن يؤكد أيضا أن بريطانيا لا ترفض النقاب، ولا يوجد أي قانون يجرم ارتداءه، بل هو شأن خاص بالمسلمين، وكل ما في المسألة أن جاك سترو وزير الخارجية البريطاني أعرب عن رأيه في هذه المسألة وهو أمر متحفظ عليه.
ويلمح إلى أن جاك سترو له منصب سياسي كبير، والناس لهم مآخذ على أن يكون له رأي يتبنى تجاه قضية تتعلق بالمسلمين من قبل سياسيين، وأكد أن سبب إثارة قضية النقاب أن هناك من يريد أي باب ليثير قضايا تتعلق بالمسلمين بسبب أو غير سبب، فتم تسييس الموضوع.
وحول المدرسة التي منعت بسبب النقاب من أحد المدارس البريطانية أشار إلى أن: "هناك بعض المدارس وليس كلها تتحفظ على ارتداء النقاب إلا أن ذلك لا يمثل قضية أساسية، خاصة أن المجتمع البريطاني ليس شيئا واحدا وهناك أكثر من موقف للدفاع عن النقاب من باب الحرية، وكتبت مقالات عديدة من نساء بريطانيات تؤكد على حق المرأة المسلمة".
على الجانب الآخر يقول الدكتور كمال الهلباوي مستشار مركز الدراسات الحضارية العالمية في بريطانيا: "لا أظن أن وجود حديث عن النقاب بسبب تصريحات سترو لا يعد أمرا استثنائيا، حيث إن رجلا في مثل مركز جاك سترو لا يتحدث إلا بهدف وراءه، وهو أن له علاقة باليهود يريد أن يحافظ عليها، وهو ليس بحاجة للمسلمين في دائرته، فأفصح عما في داخله، لذا فتصرفه يعد تصرفا سياسيا هدفه الرغبة في إرضاء اليهود".(98/139)
ويشدد على أن النقاب أمر إسلامي يجب أن يحترم، وأنه إلى الآن، فإن المجتمع البريطاني هو أحسن المجتمعات الأوروبية في تقبل الهوية الإسلامية، لكن النقاب قد يكون غير مقبولا لدى البعض.
ومع ذلك فإن الدكتور الهلباوي يلمح إلى أنه لا يوجد مشكلة حقيقية للبس النقاب إلا إذا كانت المرأة المنقبة ستذهب إلى بنك أو الجوازات أو إلى بعض الأعمال، فالمجتمع البريطاني متقبل لمسألة النقاب بشكل كبير.
المنقبات بالعشرات في الشوارع
وعن المدرسة المفصولة بسبب نقابها قال الهلباوي: "إن هذه المدرسة المنتقبة ستحصل على حكم المحكمة يتيح لها الاستمرار، خاصة أن القانون إلى الآن لا يمنع من العمل بنقابها"، ويعتبر أن الخطر الحقيقي للزي الإسلامي يواجهه مسلمو ألمانيا لأن الأمر أكثر خطورة، حيث منعت بالفعل المدرسات المحجبات وليس من المنقبات من العمل.
ويعتبر الدكتور كمال الهلباوي أن المخاطر الحقيقية على الهوية الإسلامية قائمة بحسب سلوك بعض المسلمين، وأعمال العنف التي تنسب إليهم، وهذه كلها من دلائل وأمارات للتعرض للهوية الإسلامية، ويوضح أن هذا كله يأتي على نطاق ضيق في بريطانيا إلا في حزب الوسط البريطاني الذي يكره وجود الأجانب جميعا وفي مقدمتهم المسلمين.
وكانت مدرسة هيدفيلد جونيور للمرحلة الابتدائية ببريطانيا قد اعتبرت أن الأطفال قد لاقوا صعوبة في فهم المدرسة عائشة عزمي أثناء قيامها بشرح دروس اللغة الإنكليزية بسبب النقاب، غير أن عائشة عزمي قالت إنها على استعداد أن تخلع النقاب أمام الأطفال، مع أنها كانت تدرس لهم من قبل، ولم يشتك أحد من التلاميذ، ولكن المدرسة طلبت منها خلع النقاب طوال اليوم الدراسي، غير أنها رفضت أن تظهر وجهها أمام زملائها؛ لأنها اختارت النقاب طريقة لزيها الإسلامي، وهي ترى أن هذا من الحرية الشخصية.
وكان عمدة لندن كن ليفينغستون قد أدلى بتصريحات أنه يتمنى من كل المسلمات المنتقبات ببريطانيا أن تخلع النقاب، ولكن هذا لا يمكن أن يأتي بنوع من الإجبار من خلال السلطة، بل يجب أن يكون بنوع من الاقتناع الديني، وهو ما يتطلب فتح قنوات حوارية مع الإسلاميين التقدميين، لكنه لن يأتي عن طريق السلطة أبدا.
ومن المعلوم لدى علماء المسلمين أن هناك من يرى وجوب النقاب على المرأة المسلمة، وهذا يتطلب أن تستر المرأة كل شيء من جسدها، بينما يرى عدد كبير من الفقهاء القدامى والمعاصرين أن على المرأة ستر جسدها إلا الوجه والكفين، وزاد الأحناف أنه يجوز لها أن تظهر القدمين أيضا.
** صحفي مصري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جدل حول شرعية النقاب
صبحي مجاهد - نهال محمود **
لماذا يرفضون النقاب(98/140)
أبدى عدد من علماء الأزهر الشريف، وكبار مسئولي المؤسسات الإسلامية في مصر تأييدًا لما ذهب إليه الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري من أن النقاب ليس عبادة، وإنما مجرد عادة، بينما وضحت العديد من الآراء المخالفة لهذا التوجه، واعتبار النقاب ثيابًا شرعية يتأرجح بين الوجوب والندب، رافضة ما ذهب إليه وزير الأوقاف المصري من كونه عادة.
فمن الجانب المؤيد لرأي وزير الأوقاف أوضح الشيخ عمر الديب -وكيل الأزهر الشريف- أن النقاب في حقيقته هو عادة زيادة في العفة والفضل.
وقال الشيخ الديب: "إن الإسلام أمر جميع النساء المسلمات أن يضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين شيئًا من زينتهن لأحد غير المحارم أو الأزواج، حيث إن الآيات القرآنية، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الواردة في ذلك الشأن تبين أن المرأة كلها عورة عدا وجهها وكفيها؛ ولذا كان هذا هو الحجاب المفروض على المرأة أما ما زاد على ذلك مثل النقاب أو غيره فلا يُعَدّ فرضًا.
واختتم وكيل الأزهر كلامه بالتأكيد على أنه لم يرد في الإسلام ما ينص على النقاب أو على كونه عبادة من العبادات، ولكنه فضيلة ومكرمة إذا فعلته المرأة عدّ فعلها تفضلاً وتكرمًا، وإذا لم تفعله لا وزر عليها طالما أنها ترتدي ما يستر جميع جسدها".
أدلة لعدم الوجوب
الشيخ شوقي عبد اللطيف -وكيل وزارة الأوقاف للإرشاد الديني- يذهب أيضًا إلى أن النقاب عادة، ويوضح أن الحجاب فريضة إسلامية وهو محدد في قول الله تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، وجمهور الفقهاء يفسر ما ظهر منها: بالوجه والكفين، حيث إن الوجه لا تستطيع المرأة أن تسير في طريقها إلا من خلال ظهوره، وظهور الكفين ضرورة؛ لأن اليدين هما أساس المعاملة، وكما قال المفسرون فالوجه هو موضع الكحل لما يحويه من العينين، واليدان هما موضع الزينة، وهذا هو الرأي الراجح، والصحيح فللمرأة أن تكشف وجهها للضرورة، ولا حرج في ذلك مطلقًا.
ويستطرد الشيخ شوقي قائلاً: "أما النقاب فهو فضيلة لمن أرادته اختيارًا من منطلق حرية المرأة في اختيار زيها، ومع أن هناك من يفسر قول الله عز وجل: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" بأنه النقاب، إلا أن أصح الآراء أن الجيوب هي موضعا العنق والصدر وليست الوجه كما يفسر البعض، وهذا هو الرأي الراجح.
الدكتور محمد رأفت عثمان
الدكتور محمد رأفت عثمان -عضو مجمع البحوث الإسلامية- أكد نفس ما ذهب إليه الشيخان عمر الديب وشوقي عبد اللطيف، مضيفًا أن النقاب لا يوجد له سند شرعي بأي حال من الأحوال، ولو كان النقاب له أصل إسلامي ما أمر الرجال بغض أبصارهن عند التقائهم بالنساء، ولو كانت المرأة من الواجب أن تنتقب، فعن أي شيء يأمر الرجال بغض أبصارهم، حيث تكون المرأة هنا مغطاة كاملة!، وأي مزية وقربة إذا غض الرجل بصره عن شيء لا يرى فيه شيئًا!!!.(98/141)
ويسوق الدكتور محمد رأفت عدة أدلة لعدم كون تغطية وجه المرأة واجبًا من الواجبات الشرعية، ويشير إلى أن الدليل الأول هو قول الله عز وجل: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، وقد اختلف العلماء في تفسير قول الله إلا ما ظهر منها فتعددت الآراء في ذلك، وأقوى ما نقل عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ورجحه كثير من العلماء أن ما ظهر منها هو الوجه والكفان، ومعروف أن عبد الله بن عباس رضي الله عنه من أكبر الصحابة الذين يفهمون القرآن الكريم، فهو كما يطلق عليه العلماء "ترجمان القرآن".
ويضيف الدكتور رأفت "أن الدليل الثاني ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن لأسماء أخت زوجته عائشة رضي الله عنها أن المرأة إذا بلغت سن التكليف لا يجوز أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى الوجه والكفين، مع أن البعض يضعف هذا الحديث؛ لأنه منقطع إلا أنه مقوّى بأدلة أخرى.
أما الدليل الثالث فهو ما رواه سهل بن سعد الساعدي الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس مع مجموعة من الصحابة فجاءت امرأة وقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي يقول الراوي: فصعد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم النظر وصوبه -وهذا طبيعي لأن الرسول كان جالسًا والمرأة واقفة-، فلما رأت المرأة أن الرسول لم يقضِ فيها لشيء جلست؛ لتستمع للرسول...". إلى آخر الحديث، ومحل الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم نظر إلى وجه المرأة، ومعنى هذا أنها جاءت كاشفة وجهها.
ويوضح الدكتور عثمان: "أن الدليل الرابع ما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه عقب صلاة الفطر إلى صفوف النساء ومعه بلال بن رباح وجعل يعظهن، ويقول لهن: "تصدقن فإن رأيتكن -في ليلة الإسراء والمعراج- أكثر أهل النار، فقامت امرأة -كانت معروفة بأنها خطيبة النساء- من سطة النساء أي من وسط النساء "سفعاء الخدين"، أي لون وجهها فيه حمرة وسمرة، فقالت: ولم يا رسول الله.. إلى آخر الحديث والشاهد في هذا الحديث أن راوي الحديث وصف لون وجه المرأة وخديها، وهذا يدل على أنها كانت مكشوفة الوجه.
ويؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان: "أنه من غير المتصور عقلاً أن يكون الشرع قد أمر بتغطية جزء معين وهو ما يسمى في العرف الإسلامي بعورة الرجل وعورة المرأة، ثم يجيء وقت من الأوقات ويأمر بكشفه؛ لأن معنى كونه عورة أنه منظر لا يليق النظر إليه في رأي الشرع".
ويضيف أن من الأدلة القوية أيضًا لكون النقاب عادة لا أصل لها في الإسلام أنه من المعلوم أن المرأة في أثناء أدائها لشعائر الحج مأمورة بكشف وجهها، فكيف يتصور أن يكون وجه المرأة عورة، ثم تؤمر بكشفه في أثناء عبادة من العبادات، ومعروف أن الحج لا يؤدى فرديًّا وإنما يؤدى مع آلاف الناس مجتمعين نساء ورجالاً، وأما ما ورد من أن عائشة قالت كنا نغطي وجوهنا عندما تمر القوافل في أثناء الحج فهو حديث ضعيف".
لا فرضية للنقاب(98/142)
الدكتورة سعاد صالح -أستاذة الفقه بجامعة الأزهر- ترى أن النقاب عادة قد يتخذ في كثير من الأحوال بابًا للتحايل، والغش والتدليس، وتوضح أنها ضد فرضية النقاب فمن ترتدي النقاب عليها أن ترتديه لكونها تحبه وليس لكونه فريضة.
وتضيف أن كتب الفقه جميعها قالت إن عورة المرأة جسدها كله عدا الوجه والكفين، وهو ما يدل على أن النقاب ليس بفريضة هذا بالإضافة إلى أن هناك العديد من الآيات التي تدل على أن كشف الوجه للمرأة من الأمور اللازمة، ومن استدل على فرضية النقاب استند على تفسير عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ".
واختتمت الدكتورة سعاد حديثها بالقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تأتيه النساء وهن كاشفات وجوههن ولم يحرم الرسول عليهن ذلك، بدليل أن الله تعالى قال لنبيه "لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ" والإعجاب؛ بالحسن لا يكون إلا إذا كان وجه المرأة مكشوفا" .
شرعية النقاب
الشيخ يوسف القرضاوي
على الجانب الآخر ومعارضة لرأي الوزير المصري يقف مجموعة من العلماء موقفا محايدا وعلى رأس هؤلاء فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي الذي يرى أن أقل ما يمكن أن يقال في النقاب أنه جائز، وأن من قال بأن النقاب بدعة أو حرام فهو جاهل بأصول شريعة الله عز وجل.
ويوضح العلامة القرضاوي –في فتوى نشرت له على موقع إسلام أون لاين.نت- أن الواجب على المرأة هو أن تستر جميع جسدها سوى الوجه والكفين فلها أن تظهرهما.
لكنه -في الوقت ذاته- لم يغفل الرأي الآخر الذي يقول بوجوب تغطية الوجه، فهو رأي موجود –على حد قوله - قال به عدد من العلماء القدامى، وعدد من العلماء المعاصرين، ومن رأت أن تأخذ بهذا الرأي، وأن النقاب فريضة فلا يجوز لأحد أن ينكر عليها صنيعها، كما لا يجوز لها أن تنكر على من سترت جميع الجسد إلا وجهها.
بل من رأت أن تغطية الوجه أقرب للورع والحيطة، وأبعد عن الفتنة، وعملت بذلك فلا يستطيع أحد أن يلومها، فإن لهذا الرأي ما يسنده من أقوال المجتهدين.
في حين ذهب الدكتور عبد الفتاح عاشور الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أن النقاب أمر مختلف في حكمه بين الفقهاء، ولا يحق للمنتقبة أن تأخذ على المختمرة؛ التي تستر جميع جسدها عدا الوجه والكفين، ولا تصفها بالتساهل والتسيب، كما لا يصح من المختمرة أن تتهم المنتقبة بالتشدد والتعنت، بل الواجب على الجميع أن يعشن في جو من التآلف والتحاب والجميع على الصواب إن شاء الله، مؤكدا على أن العبرة بعد الالتزام بالنقاب أو الخمار هي أن يتحول هذا اللباس إلى منهج حياة يظهر في أخلاقنا ومعاملاتنا.
نفس الأمر اتفق عليه الشيخ سالم محمد سالم -أمين عام لجنة الفتوى في الأزهر الشريف – في تصريحات خاصة لإسلام أون لاين.نت، ومضيفا لتساؤل يستنكر به(98/143)
وصف النقاب بالعادة : كيف تفعله – أي النقاب - المرأة كعادة في حين أن العقل في الأساس سيهدي المرأة إلى تغطية الوجه؟، فلابد أن يكون هناك ولو أثر للنقاب في الإسلام، والإمام ابن كثير يقول عن أحد الصحابة إنه سئل عن آية "يدنين عليهن من جلابيبهن" فقال إن المعنى من إدناء الجلباب؛ هو أن يوضع من فوق الرأس إلى القدم على أن تكشف العينين.
ومع ذلك فإن الشيخ سالم يؤكد عدم إمكانية القول بفرضيته؛ لأنه لا يوجد دليل قاطع فيه، وعليه فهو مستحب ولا تمنع منه المرأة ولا تجبر عليه.
الدكتور عبد المعز حريز أستاذ الشريعة بالأردن رأى أن حكم النقاب أو غطاء الوجه بالكامل -على الصحيح من أقوال العلماء- مندوب إلا إذا خُشيت الفتنة من كشف الوجه، والفتنة يقدّرها المفتي أو مَن كان عنده قدرة على تحديدها من أهل العلم الشرعي؛ لأنها تختلف باختلاف الزمان والمكان والأعراف.. أما إذا كانت المرأة ذات جمال فائق عن مثيلاتها في مجتمعها فقد نص العلماء على وجوب تغطية الوجه.
أزمة فقهية كبرى
الباحث مسعود صبري
وبشيء من التفصيل الفقهي العلمي أوضح الباحث الشرعي مسعود صبري أن النقاب لا يمكن اعتباره عادة لا أساس له من الشرع، وذلك أن حكم الفقهاء يدور حوله بين الوجوب والندب؛ والوجوب حكم شرعي لا علاقة له بالعادة، وهو يعني طلب الفعل على وجه اللزوم، بحيث يأثم تاركه، ويثاب فاعله، والندب أيضا حكم شرعي، وهو طلب الفعل على وجه الاستحباب، بحيث يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
ويرى الباحث أن المشكلة الأساسية التي قال فيها من قال إن النقاب عادة لا أساس له من الشرع هي أنهم قصدوا ترجيح الرأي الذي يذهب إلى أن النقاب ليس بواجب، وهو رأي قد يعتبر –عند البعض- لذهاب عدد من الفقهاء القدامى والمعاصرين إليه، غير أنه لا يصح أن يطلق عليه أنه عادة؛ وذلك لأن معنى هذا نفي الوصف الشرعي عنه، وهذا ما لم يقله فقيه في القديم والحديث، وأن ما ورد على ألسنة من يرى أن النقاب عادة أن كتب الفقه جميعها لم تذكره هو نوع من التعجل وعدم مراجعة المصادر الفقهية، وإلا فمن أين أتى الخلاف الفقهي بين كونه واجبا أو مندوبا إن لم ينقل عن كتب الفقهاء؟
وأشار الباحث الشرعي إلى قول الفقهاء "لا اعتبار للعادة مع وجود النص بخلافها"، مؤكدا على وجود نصوص في مسألة النقاب، بعيدا عن اختلاف الفقهاء في حكمه بين الوجوب والندب، لكن المشكلة هي عدم انضباط استخدام المصطلح الشرعي، وهي أزمة فقهية كبرى يجب الانتباه لها، فقد يكون المقصود شيئا، والتعبير شيئا آخر، محذرا الفقهاء من استخدام مصطلحات إعلامية والابتعاد عن المصطلحات الشرعية التي تتميز بالدقة في تحديد المعنى، وعدم الانجرار وراء الصنعة الإعلامية التي تسعى للمفرقعات.
*صحفيان مصريان(98/144)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قانون الحشمة البحريني.. وجدل صنعه الإعلاميون
نهال محمود مهدي**
جامعة البحرين
أثار قرار مجلس أمناء جامعة البحرين بتفعيل ما عرف بقانون الحشمة ضجة كبيرة داخل البحرين، وتحديدًا بعد أن سلطت الأضواء الإعلامية عليه في الآونة الأخيرة لتثار بشأنه العديد والعديد من علامات التعجب والاستفهام من قبل شرائح مختلفة من المجتمع البحريني، ولتتباين الآراء ما بين مرحب على استحياء بالقانون، وبين مستنكر للقانون وساخط عليه.. لذا حاولنا في هذا التقرير المجمع أن نرسم ملامح سريعة لأوضاع ما بعد قانون الحشمة في البحرين، ولنتلمس حقيقة هذا الجدل والتي كشفت عن مفاجأة غير متوقعة.
بنود القانون
ينص القانون الذي أقرته الجامعة في لائحتها الداخلية بشكل عام على مجموعة من الأمور، لعل أهمها أن يكون مظهر وملبس طلبة وطالبات جامعة البحرين متفقًا مع عادات وتقاليد المجتمع البحريني وقيمه الدينية والاجتماعية ?والأخلاقية المتعارف عليها، وذلك مع مراعاة احترام حرياتهم الشخصية، والتنوع في ?خلفياتهم الاجتماعية والثقافية.
كما ينص في مجمل مواده على ضرورة ألا يكون الملبس شفافًا يكشف معالم الجسم، وألا يكون ملتصقًا بالجسم أو ضيقًا يحدد معالم الجسم، وألا يكون قصيرًا. أو ذا فتحات واسعة تكشف معالم الجسم.
كما يمنع القانون الملبس المقترن بإكسسوارات مثل سلسلة القدم أو الزند، ?وكذا الرسم على الوجه أو الزند، كما يحذر من ألوان ?وأصباغ ?الشعر ذات الألوان الغريبة غير المألوفة.
ولم تقتصر بنود القانون على الطالبات دون الطلاب؛ فالمادة الثالثة من الفصل الأول تنص على أنه ?يجب أن ?يكون ملبس ومظهر طلاب جامعة البحرين وفقًا لشروط، منها: عدم اتباع تقليعات، ?وقصات الشعر الخارجة عن المألوف، ?وعدم ارتداء الإكسسوارات التي ?تنافي ?الذوق العام وعدم ارتداء الشورت والبرمودا، وعدم ارتداء الفانيلات ذات الحمالات، ?وعدم ارتداء تي ?شيرت دون أكمام، ?وعدم ارتداء نعال المنزل أو الشاطئ، ?وعدم ارتداء قمصان أو بنطلونات عليها كتابات أو رسوم ?غير لائقة. طالع تفاصيل النصوص...
القانون العجيب!
تلك كانت بعض بنود القانون الذي يرجع تاريخ صدوره الفعلي لعام 1983 والذي لم يفعل إلا ببداية العام الدراسي الحالي؛ ليلقى هجومًا عنيفًا من عدد كبير من مفكري البحرين وكتابهم: فمن موقع الوقت اللبناني ترى الكاتبة البحرينية منيرة فخرو في مقال بعنوان "قانون الحشمة العجيب" أن الفتاة التي تصل إلى المرحلة الجامعية تكون عادة على درجة من النضوج تؤهلها للاستقلالية والوعي ومراعاة مجتمعها وأسرتها، فهي لا تحتاج إلى قوانين تأمرها بالاحتشام.(98/145)
وفي ختام مقالها تقول: نصيحة أخيرة أوجهها لرئيس مجلس أمناء الجامعة - المسئول الأول عن إقرار اللائحة- بالالتفات إلى القضايا الأهم، مثل إخراج الجامعة من أزماتها الحالية والمطالبة برفع الميزانية بدل التدخل في زينة وتسريحة شعر الطالبات.
الإعلامي البحريني سعيد الحمد في مقال له بعنوان "ماذا بعد لائحة مواصفات الملبس في جامعة البحرين؟" يستنكر عملية وضع معايير محددة وصارمة وضوابط محكمة يتفق عليها الجميع لما يسمى "بالحشمة"، مفترضًا أنه لا يمكن لأية عبقرية قانونية مهما كانت أن تفّصل "قانونًا للحشمة".. لأن الحشمة قيمة يسري عليها ما يسري على القيم الأخرى من اختلاف في رؤى الأفراد والجماعات لها.
ويرى أن "الحشمة" هذا الاختراع الجديد.. -على حد قوله- مسألة نسبية تمامًا ومسألة يختلف في تقديرها الأفراد فما بالك بالجماعات والمجتمعات.. فما يراه هذا الفرد مثلاً قمة "الحشمة" يراه آخر قمة التهتك.
ويتخوف سعد الحمد من أن تكون مثل تلك القوانين هي البداية أو هي البوابة التي سيمرر المتشددون عبرها أجندتهم الخاصة جدًّا ويفرضونها شيئًا فشيئًا على الجامعة وعلى طلبتها، ثم على كادرها التعليمي والأكاديمي حتى يتمكنوا من فرض وصايتهم وتطبيق مشروعهم الذي يتناقض أساسًا مع مشروع الدولة ومع قوانينها.
الحشمة أم الفتنة!
طالبة بحرانية تحصد جائزة للجامعة
أما الكاتب البحريني عبد المنعم إبراهيم فقد تساءل أيضًا في مقال له بعنوان "قانون للحشمة أم للفتنة؟" أين الديمقراطية والعدالة والمساواة في المعاملة الإنسانية في "قانون الحشمة"؟ فقط لأن البعض افترض أنه هو الشخص الذي يجسد (الحشمة) بينما الآخرون يجسدون "الانحلال الخلقي"! وبالتالي أقمنا على هذا الرأي الأحادي الجانب حكمًا بالرجم على الآخرين! فهل هذا عدل؟؟.
ولم تقتصر المعارضة على الكتاب والإعلاميين فقط، بل تجاوزتها لبعض رجال القانون الذين عدوا ذلك القانون مخالفة صريحة للمادة 19 من الدستور البحريني والتي تنص على أن الحرية الشخصية مكفولة للجميع ولا يجوز المساس بها.
وبالرغم من تلك المعارضة القوية فإن ألسنة كثيرة انطلقت بالدفاع عن القانون فخالد علي من البحرين وعلى موقع الوقت يتعجب من تهويل وتضخيم مثل هذه القوانين، متسائلاً أليست الحشمة من الأمور التي تحفظ إخوتنا وأخواتنا من الجري وراء التقليد الأعمى للغرب وعاداته المدمرة للأخلاق الإنسانية بصفة عامة، والأخلاق الإسلامية بصفة خاصة؟ وهل قانون اللاحشمة هو الذي يجب أن تتبناه الجامعة!!.
مجموعة أخرى من الآراء المؤيدة رصدتها الكاتبة سوزان بركات -في تحقيق لها بعنوان "في أول يوم حشمة في جامعة البحرين.."- نشر بموقع "مركز أمان لأخبار المرأة".
تقول شيماء عبد الله سنة ثانية إعلام من حق الجامعة أن تنفذ أي قانون تراه مناسبًا، والطالب عندما يقدم أوراقه يعرف أن عليه الالتزام بكل القوانين، فلا عذر لأي معترض ما دام موافقًا على التسجيل.(98/146)
توافقها الرأي فاطمة العباسي التي تعتقد أن القانون جيد ولا تعترض عليه، خصوصًا أن اللبس غير المحتشم يؤثر على الفتيات مثلما يؤثر على الشباب. وتوضح: حتى نحن البنات نستحي أن ننظر إلى غير المحتشمات! هناك معارضون للقرار، ولكن يجب أن يعلموا بأننا في بلد إسلامي وعلينا أن نطبق ولو 75% من تعاليم الإسلام.
جدل زائف
ومع حالة الجدل تلك وما يصاحبها من اتهامات تتعلق ببنود القانون وتوقيت صدوره وكون ذلك يخدم جماعات وتيارات بعينها في البحرين، وكونه يأتي متزامنًا مع قرب الانتخابات البرلمانية ليحسن من صورة جامعة البحرين لدى تلك الجماعات كان لـ"إسلام أون لاين.نت" حديث مع الدكتور محمد عبد الحليم عضو هيئة التدريس بجامعة البحرين الذي كشف لنا عن مفاجآت غير متوقعة.
بداية يخبرنا د. عبد الحليم أن الصورة الميدانية داخل الجامعة صورة مغايرة تمامًا لما تنقله بعض وسائل الإعلام، فالطلبة وأولياء الأمور مرحبون تمامًا بالقانون الذي يُعَدّ خطوة وقائية، وليست خطوة علاجية على الإطلاق، فنسبة الاحتشام في جامعة البحرين تفوق الـ90% عن رضا وقناعة.
ويشير الدكتور عبد الحليم -أيضًا- إلى أن أصحاب الأقلام المعارضة، بل الشديدة المعارضة هم بعض الإعلاميين، من محترفي الكلام ومن ذوي التوجهات الأيدلوجية العلمانية، منبهًا إلى أن المجتمع البحريني صغير جدًّا، ومن السهولة أن يصبح صوت الإعلام فيه هو الأقوى عن صوت المجتمع الحقيقي، ولو حمل رأيًا يخالف التوجه العام لذلك المجتمع.
وينفي د. محمد عبد الحليم وجود أية ممارسات عنيفة تمارس ضد الطالبات حتى من تنطبق عليهن بعض بنود القانون، فالقائمون على الأمر ذوو عقول متفتحة ويطبقون القانون بمنتهى المرونة وبدون أي صدام مع الطالبات.
ويختم حديثه بأن كل ما يثار من حديث بشأن موعد تطبيق القرار، أو علاقته بكسب ود جماعات أو تيارات معينة لا علاقة له بالصحة، فالقرار كان متوقعًا من فترة وقوبل بارتياح شديد، وهو في النهاية شأن داخلي من شئون الجامعة.
أما ما يثار من أن على إدارة الجامعة الاهتمام بزيادة ميزانية الجامعة أوضح أن مشاكل الميزانية مشاكل تواجه كل الجامعات، خاصة في جامعة يتضاعف عدد طلابها سنويًّا، ولا توجد أدنى علاقة بإقرار هذا القانون واهتمام إدارة الجامعة بما تعانيه من مشكلات أخرى.
*من أسرة إسلام أون لاين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحن الكعبة.. للرجال فقط!
أحمد العمودي* وصبحي مجاهد**
جدل واسع النطاق أثاره مشروع قرار الرئاسة العامة لشئون الحرمين بشأن استبدال موقعين في الدور الأرضي يقعان في الشرفة الشمالية ويطلان مباشرة على الكعبة(98/147)
المشرفة بعيدا عن الزحام بالموقع الحالي المخصص للنساء في صحن المطاف لأداء الصلوات -بالمسجد الحرام بمكة المكرمة.
وتوالت ردود الأفعال المتباينة على هذه الخطوة التي تعد الأولى من نوعها (والتي نشرت قبيل 30 يوما من بدء شهر رمضان المبارك) حيث نشرت صحيفة "المدينة" السعودية الجمعة 25-أغسطس-2006 (1-شعبان-1427هـ) تصريحا لمصدر مسئول بالرئاسة قال فيه: "إن الموقعين الجديدين يحققان السلامة والخصوصية والإطلالة على الكعبة المشرفة وعدم التضييق على الطائفين خاصة خلال المواسم".. موضحا أن هذين الموقعين أكثر ملاءمة للنساء حيث تبلغ مساحتهما ضعف مساحة الموقع السابق التي لم تكن تزيد على 630 مترًا.
وبرر أعضاء اللجنة هذا الاقتراح بأنه "بعيد عن أماكن الزحام والحركة، ويحقق السلامة والخصوصية والإطلالة على الكعبة المشرفة، وعدم التضييق على الطائفين، ويعد أكثر وجاهة للنقل عبر التلفاز والفضائيات".
من جانبه أوضح الدكتور أسامة البار عميد معهد أبحاث الحج في تصريح نشرته وكالة "رويترز": أن "بعض النساء اعتقدن أن هذا ليس جيدا لكن من وجهة نظر العلماء سيكون هذا أفضل لهن".. مبينا أن "القرار ليس نهائيا ويمكن الرجوع عنه. خاصة أنه من المتوقع أن يثير غضب النساء المسلمات في دول أخرى".
ولأن الأمر ما زال في طور النقاش فقد أبدى الكثير من العلماء آراءهم الداعمة والمؤيدة لهذه الخطوة.
تكريم للنساء
فمن جانبهما اتفق كل من الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة والدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية، ومجمع فقهاء أمريكا على أن ما اتخذ في الاقتراح الجديد من تنظيم النساء في المسجد الحرام متفق مع مقاصد الشريعة؛ من حسم لأسباب الفتنة؛ لما فيه من الحرص على المرأة، وليس كما فهمه البعض من أن فيه انتقاصا لحقها؛ فللنساء كل الحق أن يصلين في صحن الكعبة المشرفة.. لكن لو ترتب على وجودهن مع الرجال أمر لا يرضاه الشرع كاختلاط أجسام الرجال بهن فإنه يجوز أن يخصص لهن مكان، ويكون ذلك من باب ما يسمى في القواعد الشرعية بسد الذرائع.
واتفق مع ما سبق الدكتورة حياة با أخضر والدكتورة سعاد بابقي -عضوتا هيئة التدريس بجامعة أم القرى- موضحتين أن صواب القرار يرجع لأسباب مهمة وحيوية لعل أبرزها: أن جلوس النساء في صحن الطواف يشكل عائقا للطائفين خصوصا أيام الذروة، كما أن بعضا من النساء اللاتي يأتين من دول إسلامية لا يلتزمن بالحجاب الإسلامي الساتر، إضافة إلى أن تداخل صفوف الرجال بالنساء يضيع الخشوع لدى الجنسين على حد سواء؛ لذا فوضعهن في مكان مناسب بعيدا عن الرجال يمنع فتنا عظيمة، ولا غضاضة على مشروع هذا القرار مطلقا.
في حين أشار كل من الدكتور محمد دسوقي أستاذ الشريعة بجامعة قطر، والشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف إلى أن القضية بسيطة لا(98/148)
تمثل مشكلة بل هي قمة التكريم للنساء؛ فالمرأة يمكن أن ترى الكعبة وهي تصلي خارج منطقة المطاف، خاصة أن الكعبة ترى من كل الزوايا، وأكدا على أننا بحاجة إلى عملية توعية بمناسك الحج والعمرة للنساء والرجال خاصة عند وجود تزاحم.
قرار مؤسف وظالم
ومع موافقة البعض إلا أن صيحات الرفض والاعتراض لمشروع اللجنة كانت الأكثر وضوحا؛ فمن جانبها ترى الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه بجامعة الأزهر أن الأصل في مناسك الحج أو العمرة هو المساواة بين الرجل والمرأة، بدءا من الطواف وانتهاء بالرمي والوقوف بعرفة وغير ذلك، ومن هنا فمن حق المرأة أن تشعر بطعم الصلاة في حرم الكعبة، ولا يملك أحد أن يمنعها من هذا الشعور.
في حين نبهت الدكتورة عزيزة المانع الكاتبة السعودية إلى أن القائمين على هذا الأمر يجب ألا يغفلوا عن أن هناك عددًا من النساء العاجزات اللاتي لا يستطعن الصعود للأعلى وفي ذلك مشقة كبيرة عليهن، كما أن المسجد الحرام له حكم يختلف تماما عن حكم باقي المساجد؛ لذلك لا بد من إعادة النظر في هذا القرار بحيث يتاح للنساء مكان أكبر وأوسع في الصحن بدلاً من نقله إلى الدور الأول.
واعتبرت الكاتبة والباحثة الاجتماعية الأستاذة سارة الخثلان والكاتبة السعودية والمؤرخة الدكتورة هتون بنت أجواد الفاسي أن القرار مؤسف وظالم، وطالبتا بمراجعة مثل هذه القرارات وعدم الأخذ بها لما فيها من ضرر على رسالة الإسلام ونساء المسلمين.
رفع للحرج ولكن!
وبين كلا الطرفين المؤيد والمعارض هناك طرف ثالث أبدى موقفا محايدا: فقد أوضح د. حسن بن محمد سفر أن وضع تنظيم لتطبيق أداء الشعائر في يسر وسهولة أمر لازم وقانون فرضي لما في ذلك من رفع الحرج وأداء الفريضة على أتم وجه وأحسن حالا، إلا أنه في ذات الوقت أبدى خشيته من أن تتخذ بعض وسائل الإعلام والفضائيات من هذه الخطوة ذرائع لإشاعة وجود تفرقة في أداء العبادات بين الرجال والنساء وعزلهن حتى في الأجر والثواب.
كما أبدت الداعية الدكتورة فوز كردي رغبتها بأن يكون للنساء نصيب من صحن الحرم المكي، وأضافت أنه مع احترامها لقرار اللجنة؛ فإنها تتمنى وكرغبة شخصية أن يكون للنساء نصيب من صحن الطواف للجلوس فيه وأداء الصلاة ويكون مكانا جيدا ومتسعا.
آراء متعددة ووجهات نظر متباينة وجمهور كبير في كل بقاع العالم ينتظر بفارغ الصبر القرار النهائي للرئاسة العامة لشئون الحرمين والذي ستسفر عنه الأيام القادمة، ولكن بأي قرار.. ليس بعد.
* صحفي سعودي
** صحفي مصري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسبب اشتراط موافقة ولي الأمر بالسعودية
جدل حول مفهوم قوامة الرجل(98/149)
أيمن شوقي - نهال محمود
أثارت شكاوى بعض السعوديات من إلزام الدوائر الحكومية موافقة ولي الأمر في كثير من أمورهن جدلاً كبيرًا حول مفهوم القوامة للرجل على المرأة.
وفي الوقت الذي رأى فيه أحد الدعاة أن موافقة ولي الأمر في تصرفات المرأة أحد جوانب القوامة التي أساسها المودة والرحمة، اعتبرت مفكرة سعودية أن موافقة ولي الأمر لا تشترط شرعًا إلا في عقد الزواج، وأن المجتمع هو من أوجد هذا العرف ونسبه للدين.
ودعا بعض أساتذة الاجتماع والنفس أن الأخذ بموافقة ولي الأمر أو عدمها يعود إلى تحقيق المصلحة للمرأة والمجتمع، ولا يشترط القبول أو الرفض دائمًا.
من جانبه أشار باحث شرعي بـ"إسلام أون لاين.نت" إلى ضرورة فهم القوامة بشكل متوازن حتى لا تتحول فيه إلى ممارسة مطلقة للسلطة، أو إلى حالة من اللامبالاة بحيث يفعل كل فرد ما يشاء دون ضابط.
ويأتي هذا الجدل في إطار ما ذكرته صحيفة "الوطن" السعودية السبت 17-6-2006 بأنه لا تزال موافقة ولي الأمر إحدى أهم الإشكاليات الاجتماعية المؤثرة في نشاط المرأة السعودية على أنحاء متعددة وعلى رأسها الزواج.
ونقلت الصحيفة نماذج لبعض شكاوى تقدمت بها سعوديات، حيث تقول "أم محمد" سيدة سعودية واجهت مشكلة صحية؛ ووقفت موافقة ولي الأمر في طريق تلقيها العلاج. ولكن زوجها كان خارج المنطقة لظروف عمله، ورُفض إجراء عملية قيصرية لها دون موافقته واضطرت للاتصال بمن ينوب عنه.
سيدة أخرى تعبر عن حزنها، بعد أن فقدت هي وشقيقتها فرصتين لوظيفيتين بسبب ممانعة والدهما، قائلة: "جهة التوظيف رفضت رفضًا قاطعًا الموافقة على طلب الوظيفة ما لم يتم إحضار ورقة موافقة ولي الأمر".
الرجل قيم المرأة
وتعليقًا على تلك الشكاوى، رأى فريق ضرورة تطبيق إجراء "موافقة ولي الأمر" في جميع شئون المرأة؛ استجابة لأمر الله.
وشدّد الداعية السعودي الدكتور سعد بن عبد الله البريك على أن "الرجل قيّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت".
وعزا ذلك إلى ما نص عليه الشرع بأن "الرجال أفضل حالاً من النساء والرجل خير من المرأة؛ ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال". موضحًا أن القوامة تعني الحفاظ على الشيء ورعايته بجانب القيام على شأنه.
مفهوم القوامة
على الجانب الآخر رأت المفكرة السعودية الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد أن "المجتمع الإسلامي ككل أخطأ فهم القوامة وليس المجتمع السعودي فقط".
وأضافت أن "القوامة في الأصل للرجل منذ الأزل في جميع المجتمعات والديانات وليس في الإسلام فقط، غير أن الإسلام لم يجعل هذه القوامة استرقاقًا واستعبادًا للمرأة، كما كان يحدث في عصور سابقة".(98/150)
وأوضحت أن "الإسلام جعل للقوامة شرطين أولهما هو فضل الرجل على المرأة، بذلك لا يمكن اعتبار المجرم والفاسق أهلاً للقوامة.. أما الشرط الثاني يتمثل في الإنفاق على الأسرة، فلا قوامة للرجل على أهل بيته ما لم ينفق عليهم".
وشددت الدكتورة سهيلة على "ضرورة التفريق بين الولاية والقوامة.. فالولاية في اصطلاح الفقهاء هي تدبير الكبير الراشد شئون القاصر الشخصية والمالية"، مشيرة إلى أن الولاية تنتهي على الأنثى إذا بلغت سن الرشد -18 عامًا- في السعودية، حيث تصبح مأمونة على نفسها.
المشكلة في المجتمع
وعن أصل المشكلة قالت: "إن الشرع الإسلامي لم يظلم المرأة إطلاقًا، لكن المجتمع هو من فرض القيام بمثل هذه الإجراءات (موافقة ولي الأمر)".
واعتبرت أن "هذه الإجراءات جاءت عن طريق بعض أفراد المجتمع الذين توصلوا إلى استصدار أحكام تختص بموافقة الولي في جميع أمور حياة المرأة، وألبسوها لباس الدين".
وطالبت الدكتورة سهيلة "الدولة بضرورة النظر في مثل هذه الإجراءات التي لا تمت للدين بصلة"، مؤكدة على أن فرض إجراء موافقة ولي الأمر عطّل نشاط نصف المجتمع.
كما رأت أنه "أدى إلى ممارسة عنف أسري داخل البيوت إلى أن أصبح اعتقادًا سائدًا بين أفراد المجتمع عرض الكثير من نساء المجتمع إلى الكبت واللواتي يقبعن داخل بيوتهن مقهورات مغبونات؛ بسبب تسلط أولياء أمورهن عليهن".
رؤية اجتماعية
الدكتور عمرو أبو خليل المستشار النفسي لشبكة "إسلام أون لاين.نت" يرى بداية أنه من البديهي في مجتمعاتنا احترام آراء أولياء الأمور ووضعها في الاعتبار طالما كانت في حدود المنطق والمعقول، ويخشى من أن تجنح هذه الصيحات المتعالية -والمنددة بقهر المرأة- نحو المغالاة والتهويل.
إلا أنه في ذات الوقت عاد وأكد على أن إساءة استغلال ولي الأمر لحقوقه جدير بأن يشعر المرأة بالقهر والظلم والاضطهاد؛ الأمر الذي قد يولد لديها أشكالاً عديدة من الأمراض النفسية كضياع الإحساس بالذات والذي ينتج عنه مزيدًا من الصور العدائية تجاه أسرتها ومجتمعها وربما تجاه نفسها.
أما الدكتور محمد عبد المنعم الخبير الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة فيقول: "بالرغم من أنني لا أعتبر نفسي من أنصار الحركات والدعاوى النسائية الرامية إلى تنحية الرجل جانبًا في حياة، فإنني وعلى الرغم من ذلك أرى أن هذه الاجتهادات -مع تقديري لها- تساهم بشكل أو بآخر في عملية إقصاء المرأة عن المشاركة الفاعلة في مجتمعها.
ويشير إلى أن تحجيم دور المرأة في المجتمع بهذه الصورة وتوقيفه على موافقات أولياء أمورها لجدير بأن يعطل أنشطتها في كل المجالات، ولن يؤثر ذلك بالسلب على المجالات العامة فقط، بل سيمتد حتى إلى أنشطتها الأسرية الخاصة، فالمرأة(98/151)
هي النصف في أي مجتمع، والتعسف في استخدام الحقوق تجاهها هو عزل لها عن ذلك المجتمع بلا شك.
حدود القوامة
وتعليقًا على هاتين الرؤيتين، يقول مسعود صبري الباحث الشرعي بشبكة "إسلام أون لاين.نت": "إن الأصل هو أن تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة على الفضل قبل العدل، وعلى الحوار والتفاهم، وفي ذات الوقت يجب ألا تتحول القوامة إلى نوع من ممارسة السلطة المطلقة".
ويشدد في الوقت نفسه على أنه "لا يمكن أن نترك كل أحد في المجتمع يفعل ما يشاء، ولو أضر بشركائه في الحياة، وتضيع الحقوق بين عادات غلبت قواعد الشرع، وبين دعوات استغرابية متطرفة تدعو لانحلال المجتمع لا ترعى دينًا ولا خلقًا".
ويوضح: "قوامة الرجل وولايته منوطة بالمصلحة ورعايته بتطبيق شرع الله تعالى في أسرته، والرجل يستحق الولاية -كما أشار إلى ذلك الفقهاء- بثلاثة أمور هي: كمال العقل والتمييز، وكمال الدين، وبذل النفقة والقيام بما تحتاجه المرأة".
ويضيف: "أي خلل في هذا ينقص حقه في الولاية، فهي ليست ولاية ذكورية، ولكنها ولاية فضل ورعاية؛ ولهذا قال الإمام الزمخشري إن الولاية تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة والقهر".
ويستدرك قائلاً: "لكن الولاية لا تعني أن تكون المرأة محبوسة على وليها في كل تصرف، فمن المتفق عليه شرعًا أن للمرأة ذمة مالية مستقلة، لا تحتاج فيها إلى إذن وليها، لا زوجًا ولا أبًا، وأنه يجب عليها أداء شعائر الله المفروضة دون إذن من أحد".
وأشار إلى أن بعض الفقهاء "رأى أنه يحق للمرأة وصل رحمها دون إذن زوجها إن منعها، وأنه يحق لها الحج رغمًا عنه إن رفض، فالمرأة أمة الله محاسبة على أعمالها، كما الرجل محاسب على عمله".
ولم يقل أحد من الفقهاء -يوضح مسعود صبري- أنه يجب إذن الولي في علاج المرأة؛ إذ علاجها يعني تحقيق مقصد الحفاظ على نفسها، وهو مقدم على حق الولي، أو أنه يجب إذنه في تصرفها في مالها.
ما يؤثر في الحياة الزوجية
ولكنه يبين أن "الأمر يختلف فيما قد يؤثر في طبيعة الحياة الزوجية مثلاً، فالعمل والوظيفة والسفر وبعض الممارسات التي تؤثر على طبيعة التعامل والحياة بين المرأة والرجل، فهذه لا بد فيها من إذن الزوج، فلا يتصور عقلاً أن تخرج المرأة لعمل دون رأي زوجها، أو أن تسافر دون علمه؛ لأنها بذلك تفوت عليه حقوقًا شرعية، يجب عليها أداؤها".
ويتابع قائلاً: "قد جاء الإسلام وسطًا، فلا هو حرم المرأة ما يخص شخصها بذاتها، ولا هو أباح لها ما يضر حق الغير، وهو منهج يتساوى فيه الرجل مع المرأة، فلا يجوز له أن يتصرف بما فيه ضرر لغيره من الزوجة والأبناء".(98/152)
وخلص إلى "ضرورة فهم القوامة بشكل متوازن حتى لا تتحول فيه إلى ممارسة مطلقة للسلطة، أو إلى حالة من اللامبالاة بحيث يفعل كل فرد ما يشاء دون ضابط
ـــــــــــــــــــ
الوقاية الشرعية من جريمة زنا المحارم
الشيخ حامد العطار**
من أهم سمات المجتمع المسلم أنه مجتمع عفيف، فتكوينه الرباني يجعل الحفاظ على المحارم والوقوف عند الحرمات من أهم سماته البارزة، وتكوين مجتمع المسلمين على مفهوم "الأمة" يجعل الرابطة بينهم قوية، كما يعد مفهوم "الربانية" من أهم العوامل التي تساعد المجتمع على ضبط أدائه الاجتماعي.
فأخوة الإسلام التي عبر عنها القرآن بقوله "إنما المؤمنون إخوة"، والولاية بين المسلمين فيما بينهم رجالا ونساء "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" تجعل حرص المسلم على أخته المسلمة من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله، بل تدفع المسلم إن رأى مسلما ومسلمة تعديا حدود الله أن يقوم بواجب النصح لهما، امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة"، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".
كما يعد الوازع الديني ورقابة الضمير، وتحقيق مقام "المراقبة" أنجح قانون وأنجع وسيلة لعدم التعدي على الحرمات، بل نعدها من إعجاز القرآن التشريع أن ينضبط سلوك الناس دون القانون الذي يضع العقاب، فالخوف من الله تعالى، وشؤم المعصية، ومخافة الحساب والوقوف على الصراط، ورد المظالم وغيرها من القيم الإيجابية في الدين تجعل المرء يخاف أن يتعدى حدود الله، بل "أولئك هم الظالمون".
أما فيما يخص الوقاية من زنا المحارم، فقد وضع الإسلام التدابير الوقائية التي تحمي المجتمع من الاقتراب منه، وتحول بينهم وبين الوقوع فيه.
غرس النفرة الجنسية
فقد جبلت النفوس على عدم الميل الجنسي بين المحارم، بل استعظام هذا واستقباحه، ولا يزال الرجل يجد في نومه أنه مع أمه أو أخته في وضع جنسي فتجده يقوم من نومه مهموما مغموما، معنفا لنفسه، موبخا لها -مع أن القلم عن النائم مرفوع- ولربما ذهب يستفتي أهل العلم عن حكم ما رآه وكأنه وقع في معصية.
وإن كان الزنى -في حد ذاته- مستقبحا في النفوس والفطر، فإن الفطر السليمة تكاد تنكر وقوعه لو سمعوا به، وهذا دليل على أن الله فطر في النفوس قبحه والنفرة منه والابتعاد عنه.
ومن التدابير الوقائية أيضا تحريم الزواج بين المحارم؛ وأدًا لكل شهوة عساها تثور بين رجل وامرأة يمكن لهما أن يتزوجا يوما ما. فحرم الإسلام على المسلم أن يتزوج جميع قريباته إلا بنات العم والعمة، وبنات الخال والخالة، وكذلك الرجل، وما عدا هؤلاء على التحريم، بل سماهن "محارم"، ومن شأن الرجل أن يحمي حريمه ويذود عنهم، فيكون ذلك أدعى ألا يفكر في الاستمتاع بهن، وهو الذي(98/153)
يحميهن من أن يعتدى عليهن، فلا يتصور أن يعتدي هو عليهم، بل لا يفعل ذلك إلا من خرج عن فطرته.
بل لم يكتف الإسلام بهذا الحاجز النفسي الذي غرسه في النفوس، ولا بالحكم التكليفي الذي وضعه تشريعا يمنع اقتراف الإثم، ولكنه حتى يسد كل باب يمكن أن تنفذ منه الشهوة بين المحارم أوجب ستر العورات بينهما، ولم يتوسع في القدر المعفو عن ستره بينهما حتى لا تقع العين على ما يهيج الجسد، ويحرك الشهوة، فيضعف مع هيجانها رقابة الضمير، أو يتلاشى الحاجز النفسي تحت ضغط الشهوة أو يضعف تحت وطأتها الملحة.
فقد رخص الإسلام للرجل أن يرى منهن ما يظهر غالبا أثناء مزاولة المهنة في بيتها كالعنق والشعر والقدمين والذراعين لسببين اثنين:
الأول: لرفع الحرج؛ لأنه لو كلف الرجل وهو يعيش مع محارمه في بيت واحد أن لا يرى منهم إلا الوجه والكفين لأدى ذلك إلى العنت والمشقة، وفي ذلك تعسير على الناس في حياتهم، وإحراج لهم، والشرع جاء بالتيسير ورفع الحرج.
الثاني: ثقة في الرجل بمحارمه، لأن الرجل يعتبر الحصن والملاذ والأمان بالنسبة لمحارمه.
وليس المقصود أنها تذهب خصيصا لتتزين وتظهر هذه الأشياء أمام محرمها، فإن هذا لا يجوز، والزيادة على هذه المواطن لا يجوز رؤيتها بحال، وعند عدم أمن الفتنة يمنع الرجل من رؤية كل هذا، وتمنع المرأة من إبداء شيء أمام من تخشى الفتنة في وجوده، وليس المقصود بالفتنة الزنا، ولكن مجرد الشهوة والتلذذ.
وما زلت أذكر كلمة العلامة الصاوي المالكي منذ الصبا في طلب العلم، وهو يبين مذهب المالكية فيما يجوز كشفه بين المحارم حيث عرض لقول العلامة الدردير من فقهاء المالكية قبله: "فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا (أي على المحرم) كَشْفُ صَدْرِهَا" فقال: "وأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ رُؤْيَةَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَذَلِكَ فُسْحَةٌ". أي أن الحاجة ربما اقتضت أن ترضع الأم أو الأخت وليدها أمام محرمها لضيق المكان أو نحو ذلك.
ولقد بلغت الحيطة مداها، فاحتاط الإسلام من وقوع النظر على العورات ولو خطأ، ففي موطأ مالك عن عطاء أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: استأذن على أمي؟ فقال: "نعم" فقال الرجل: إني معها في البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها" فقال الرجل: إني خادمها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة؟" قال: لا. قال: "فاستأذن عليها". فانظر إلى تعليل وجوب الاستئذان، وهو الخوف من احتمال رؤية أمه عريانة.
التفريق في المضاجع
وقد يتساهل بعض الناس فيتركون أولادهم الذكور والإناث ينام بعضهم إلى جوار بعض ثقة منهم بهم، واعتمادا على النفرة الجنسية المودعة فيهم،وينسون أن الغريزة الجنسية عاتية بطبعها تحتاج إلى ما يصرفها عن استرسالها في الحرام، ولا غرو أن نجد هذه الوقاية النبوية: "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم(98/154)
عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد وأبو داود، وصححه الشيخ الألباني.
وما أحسن ما قاله العلامة الحنفي ابن عابدين: "إذا بلغ الصبي عشرا لا ينام مع أمه وأخته وامرأة..... إلى أن قال: فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفا من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشرا عقل الجماع، ولا ديانة له ترده فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة، وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصا في أبناء هذا الزمان فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار. انتهى.
بل وضع الشرع تدابير تحول دون رؤية المحارم بعضهم لعورات بعض حتى لو كانوا أطفالا!: من ذلك ما سبقت الإشارة إليه من بيان حدود العورة بين المحارم، وكذلك أيضا من وجوب الاستئذان بينهم، ولمزيد من الإحكام في هذا الباب أوجب الإسلام على الأطفال المميزين أن يستأذنوا في الدخول على آبائهم وأمهاتهم في الأوقات التي يتصور أن يتم فيها الاتصال الجنسي عادة بين الزوجين، والتي يحب أن يجلس فيها الإنسان متخففا من ثيابه، كاشفا بعض ما لا يظهر منه أمام أبنائه، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (النور: 58)" وذلك حتى لا يقع بصر الطفل على صورة ترتسم في ذهنه، بحيث يستدعيها من ذاكرته حينما يمكنه التفكير فيما لم يكن يفكر فيه وهو صغير، إذ إن رؤية الصور الجنسية تطبع صورة ذهنية، بل هياجا حين يتكرر النظر، ويدفع للإثم إن حانت له فرصة في حال ضعف.
ولا غرو أن ذهب بعض الفقهاء إلى منع الأبوين من ترك الطفل بينهما أثناء الاتصال الجنسي، حتى لا تعلق تلك الصور الجنسية في ذهنه منذ الصغر، فتؤثر في سلوكه في الكبر، بل بلغ التحوط منتاه عند ابن عابدين منتها حينما قال: " ويفرق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين، ويحول بين ذكور الصبيان والنسوان وبين الصبيان والرجال، فإن ذلك داعية إلى الفتنة ولو بعد حين".
فأين هذا من أسرة مستهترة تتحلق جميعا لمشاهدة ممارسات جنسية فاضحة باسم مشاهدة الفن!
تشديد عقوبة زنا المحارم
ولأجل منع تلك الجريمة الأخلاقية في المجتمع، كانت العقوبات في الإسلام مثلها مثل السلاح النووي، يحرص صاحبه على امتلاكه ليس لاستخدامه، ولكن لإرهاب عدوه وتخويفه، وكذلك الحدود في الإسلام، فمن أهم حكم تشريعها أنها للزجر والردع، ردع الأنفس المريضة التي تفكر في الجريمة، فإذا رأت العقوبة التي تنتظرها أحجمت وتراجعت، فكأن العقوبة تقول لمن يفكر في الجريمة أنا أنتظرك!
ولذلك عظمت الشريعة عقوبة الزاني بمحارمه، فأشهرت في وجهه أعتى سلاح نووي يمكن أن يصيب الإنسان إنه القتل.(98/155)
فقال ابن حجر الهيتمي من فقهاء الشافعية في كتابه "الزواجر": وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم.
وعن البراء بن عازب قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله" رواه الخمسة.
وعلى رأي من قال: إن من زنا بذات محرم منه فإن عليه حد الزنا، فهذا الرجل محصن، وقد اتفق العلماء في أن المحصن إذا زنا فإن حكمه في الشرع هو الرجم.
بل ذهب بعض العلماء إلى أن من زنى بمحرم من محارمه فيقتل، سواء أكان محصنا أم لا، تغليظا له في العقوبة، وإن كان جمهور الفقهاء على أن عقوبة زنى المحارم هي عقوبة الزاني، فيجلد إن كان غير محصن، ويرجم إن كان محصنا.
ولهذا قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتاب: (الجواب الكافي):
قد اتفق المسلمون على أن من زنا بذات محرم فعليه الحد، وإنما اختلفوا في صفة الحد هل هو القتل بكل حال أو حده حد الزاني على قولين، فذهب الشافعي ومالك وأحمد في إحدى روايتيه إلى أن حده حد الزاني وذهب أحمد وإسحق وجماعة من أهل الحديث إلى أن حده القتل بكل حال.أهـ
وإن كانت هذه تدابير وقائية تحمي المجتمع من جريمة "زنا المحارم"، فإن الرقابة الفردية التي مردها أن الإنسان عبد لله، سيحاسبه عن كل صغيرة وكبيرة، لهي خير كفيل للوقوف عند حدود الله، وإن الالتزام والسير في طريق الله تعالى والسعي لابتغاء مرضاته، والطمع في جنته، لتجعل المرء أبعد ما يكون هذه الطريق، وإن كان له شهوة، ففي المباح مرتع لمن شاء، أما الحيد عن الفطرة السوية، فينزل بها المرء نفسه منزلة البهائم بل هم أضل، أولئك هم الخاسرون.
** باحث بالنطاق الشرعي بشبكة "إسلام أون لاين.نت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ختان الإناث.. بين المشروع والممنوع
مسعود صبري**
من العجيب أنه كلما أثير موضوع الختان، ثار جدل كبير، وتقوم الدنيا ولا تقعد، وكأن الختان قضية من قضايا الساعة الكبرى التي يجب أن نترك كل شيء في سبيلها، وهذا لا يعني التقليل من شأن القضية، ولكن يجب أن توضع في موضعها، وأن تناقش وفق الرؤية الصحيحة لها، في سياقها الشرعي والاجتماعي والطبي.
فمسألة الختان يمكن أن ننظر إليها من أكثر من زاوية للتناول: من ذلك الشق الشرعي، وهو أساس في المسألة، والشق الطبي، وهو شق مهم ومكمل وموضح عند التحقيق لوجهة النظر الشرعية، وذلك كما قال بعض العلماء: "إن لله تعالى كتابين: الكتاب المنظور، والكتاب المقروء، والكتاب المنظور هو الكون بما فيه من علوم وحياة وغيرها، والكتاب المقروء، وهو كلام الله تعالى القرآن الكريم، ويستحيل -بداهة- أن يكون هناك تناقض بين كتابين مصدرهما من عند الله تعالى".
يضاف إلى هذا البعد الاجتماعي، وخاصة في المسائل غير المتفق عليها، أو المسائل التي تدور على حكم الجواز، فلا ينكر قوم على قوم الأخذ بهذه العادة أو(98/156)
تركها، ما دام هذا يوافق المجتمع الذي يعيشون فيه، المهم أنه لا يجوز مخالفة أوامر الشرع الحكيم، وللناس أن تختار الأوفق لها، حسب ما يرى فقهاء كل مصر وعصر، وفق عملية الاجتهاد وإعماله بأدواته الشرعية، وأن يوضع السياق الطبي والاجتماعي في الاعتبار؛ لأنهما يفسران حقيقة الحكم الشرعي. والأساس في الحكم الشرعي على الشيء أن يكون بدليل شرعي واضح، فإذا انتفت صفة الوضوح، كان الحكم حسب الاجتهاد الذي يراه كل فريق.
حكم الختان
وحين النظر إلى حكم الختان، نرى الفقهاء منقسمين في هذا إلى أقوال:
الأول: أن الختان سنة في حق الرجال والنساء.
الثاني: أن الختان واجب في حق الرجال والنساء.
الثالث: أن الختان واجب في حق الرجال، مكرمة للنساء.
الرابع: أن الختان لا حكم له، فلا هو واجب، ولا هو مستحب، وهو منقول عن الإمام الحسن البصري، حيث نقل عنه ابن قدامة قوله: "إذا أسلم لا يبالي ألا يختتن ويقول: أسلم الناس الأسود، والأبيض، لم يفتش أحد منهم، ولم يختتنوا". المغني لابن قدامة، ج1/63-64.
ومن الأمور التي ذكرها الفقهاء أنه إذا خيف على الطفل من الختان، فلا يجب عليه.
كما أن من المقرر أن الفقهاء حين الحديث عن الختان جعلوا ختان الرجل بخلاف ختان المرأة؛ مراعاة لطبيعة الجزء المأخوذ من كل منهما، فالواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف الحشفة كلها، وفي المرأة قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول، وهو ما يعرف بالبظر، ومنع الفقهاء من أن يأخذ الختان في أي جزء آخر من المرأة، حتى لا يصيبها الضرر، وكأنهم يشيرون إلى العادات السيئة التي تحدث في ختان الإناث، والتي يقوم بها بعض جهال الناس من الرجال والنساء، بحيث يجعلون عملية الختان عملية تعذيب للفتاة؛ وهو ما دعا الأطباء إلى القول بتركها، بل صرح الفقهاء بأنه يستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير، ولا يبالغ في القطع.
وهذا الكلام يوافق وجهة النظر الطبية، من أن ختان الرجل هو قطع جلدة زائدة عنه، أما الأخذ من المرأة فإنه يكون من شيء من جسدها، ولذا نرى كثيرا من الأطباء يرفضون الختان للإناث؛ لأن ما يؤخذ منها ليس شيئا زائدا في الجسد.
ومع كون كثير من الأطباء يذكرون أن عملية الختان ضارة بالمرأة، نجد بعضا منهم يرفض هذا التعميم، وأن الختان الذي يوصف بالختان الشرعي لا الختان الذي يقوم به كثير من الناس ليس فيه أي ضرر على الفتاة.
مشروعية الختان
والقول بأنه ليس هناك دليل على مشروعية الختان للإناث كلام غير صحيح، غير أنه لا يمكن القول بوجوبه، ففي الحديث الصحيح: "إذا التقى الختانان، وجب الغسل"، وهذا الحديث يشير إلى أن النساء كن يختتن، ولكن ليس فيه ما يدل على الوجوب، ولا وجوب إلا بدليل قاطع، وقد وردت بعض الأحاديث الأخرى، كحديث أم عطية رضي الله عنها "أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله(98/157)
عليه وسلم: لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل" فقد ذكره الإمام النووي الشافعي، وقال رواه أبو داود، ونقل حكم أبي داود عليه، وقال: "ولكن قال: ليس هو بالقوي". ومن المعلوم أن الشافعية هم الذين يقولون بوجوب الختان على الإناث، ومع هذا ينقل واحد من أكبر علمائهم أن الحديث فيه ليس بالقوي، وقد ذهب المحدثون المعاصرون إلى تصحيحه، ولكنه أيضا لا يفهم منه قطعا وجوب الختان، ولكنه يدل على وجوده فحسب.
واستدل أيضا بأنه من فعل إبراهيم عليه السلام، وقد قال تعالى "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا"، وقد دار كلام كبير بين الفقهاء: هل نتبع إبراهيم عليه السلام في كل ما فعل، أم ما ورد الأمر به في شرعنا؟ يعني أن هذا الدليل ليس متفقا عليه عند كل الفقهاء.
والعلة التي تجعل فقهاء الإسلام يجعلون من الختان مشروعا هو ما نقله الإمام ابن تيمية في فتاواه من أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت شديدة الشهوة. وإذا حصل المبالغة في الختان ضعفت شهوة المرأة، فلا يكمل استمتاع الرجل بزوجته كما يحب، فإذا قطع من المرأة شيء يسير حصل المقصود باعتدال. غير أن كلام الإمام ابن تيمية هذا تفسير وليس دليلا شرعيا. وقد ضعف العلماء حديث: "الختان سنة في الرجال، مكرمة في النساء".
دعوة للتأمل
والذي يبدو لنا في مسألة الختان ما يلي:
1 - أنه لا يمكن القول بأن الختان واجب؛ لأنه لا يفرض على الأمة إلا ما كان بدليل يفهم منه الوجوب، وكل الأدلة الواردة لا تحتمل الوجوب.
2 - أن الفقهاء كانوا يميزون في الختان بين الرجال والنساء، ويدركون خطورة ختان الإناث، وأنه يجب فيه أن يحصل -إن حصل- بنوع من الاعتدال، حتى لا تضر الفتاة، وأن يمنع قيام الجهال من النساء بالقيام بهذه العملية، بل لا بد من أن تكون -إن حدثت- بإشراف الأطباء الموثوقين حتى لا نضر بناتنا، وأن نحافظ على صحتهن، حتى لا تصاب بالبرود الجنسي، فنكون قد ضررنا أكثر مما نفعنا.
3- أن الختان إذا كان ضارا، فإنه لا يجب، ولا يعمل، لا على الرجال ولا على النساء، حسب ما قال الإمام أحمد والحسن البصري وغيرهما من الأئمة، فإن الله تعالى رفع الضرر عن المسلمين، ولا يجوز للمسلمين أن يسعوا للضرر بأنفسهم.
4 - أنه يمكن الجمع بين الحوادث التي ترى الختان موجودا، وبين عدم وجوده، وكونه مكرمة، بأن يرجع فيه للعرف والعادة، وأن ينظر فيه للبيئة، فالبيئة الحارة غير البيئة الباردة، وقد فطن الإمام ابن الحاج في كتابه "المدخل" إلى هذا المعنى، وذكر أنه "اختلف في حق النساء: هل يختتن مطلقا أم يفرق بين أهل المشرق وأهل المغرب؟ فأهل المشرق يؤمرون به لوجود الفضلة عندهن من أصل الخلقة، وأهل المغرب لا يؤمرون به لعدمها عندهن".
وفي ظني أن هذا الكلام غاية في الروعة؛ لأن من الفقهاء من صرح أن الختان يرجع فيه لعادة الناس وأعرافهم، وكذلك أيضا يجب النظر إلى طبيعة الجو(98/158)
المختلف، وأن الناس لا يجب أن يكونوا سواء فيه، بل يختار كل منهم ما يراه مناسبا لنفسه دون نكير.
كما أنه يعني أن الناس كانوا يطبقون هذا الاختلاف دون حرب تقوم بين علماء الدين فيما بينهم، وعلماء الطب فيما بينهم، وعلماء الاجتماع فيما بينهم، وكل حزب بما لديهم فرحون. ويجب أن ندرك تماما طبيعة الاختلاف بين الناس وبين الأماكن، وألا تكون نظرتنا كلية على الحالات التي فيها نوع من الخصوصية في كثير من السلوك البشري العام.
وهذا يعني أن الختان إن كان فيه ضرر فلا يعمل به، وأنه حسب الوقائع التي رويت فإنه قد يكون مفيدا حتى يهذب شهوة المرأة، فلا بأس بعمله آنذاك إن رأى أهل الطب ذلك، وأنه يجب أن يكون بإشراف طبي، حتى يتم وفق الصورة الصحيحة التي أوضحها فقهاؤنا في الحديث عنه.
وبعد هذا أقول: إن هناك اتفاقا كبيرا بين الفقهاء والأطباء في موضوع الختان، ولكن يجب علينا ألا يتشدق كل إنسان برأيه، بل يجب أن نحلل الأمور جيدا، وأن نستنبط منها مواضع الاتفاق والتوفيق، وأن نتعاون فيها بشكل كبير، إسهاما في مشروع الأمة الواحدة، التي تتفق ولا تتفرق، وإن اختلفت في بعض الأحايين، وأنه ليس بلازم أن يكون في الاختلاف رأي أحد الفريقين صوابا والآخر خطأ، ولكن ربما -وأقول: ربما- يمكن أن يعمل بهذا الرأي في وقته وحاله وزمانه ومكانه، وأن يعمل بالرأي الآخر في وقته وحاله وزمانه، المختلف عن الحال الأول، وبهذا نستفيد من ثروتنا الفكرية التي تنبع من علمائنا جميعا في الفقه والطب والاجتماع وغيرها من العلوم.
** باحث شرعي بكلية دار العلوم وموقع "إسلام أون لاين.نت(98/159)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
فسخ الزواج بسبب العيوب
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(99/1)
«تزويج من لا يوجد لها كفء»
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 12598)
23 - نص بعض الشافعية على أنّه إذا كانت المرأة بحيث لا يوجد لها كفء أصلاً جاز للوليّ تزويجها - للضرورة - بغير الكفء . قال الحنابلة : إن تزوجت المرأة غير كفء ، وكانت الكفاءة معدومةً حال العقد ، فرضيت المرأة والأولياء كلّهم صح النّكاح على القول بأنّ الكفاءة ليست شرطاً في صحة النّكاح وإن لم يرض بعضهم ففيه روايتان عن أحمد :
إحداهما : أنّه باطل ، لأنّ الكفاءة حقّ لجميعهم ، والعاقد متصرّف فيها بغير رضاهم ، فلم يصح ، كتصرّف الفضوليّ .
والثانية : أنّه صحيح ، بدليل « أنّ المرأة التي رفعت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ أباها زوجها من غير كفئها » ، خيرها النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يبطل النّكاح من أصله ; ولأنّ العقد وقع بالإذن ، والنقص الموجود فيه لا يمنع صحته ، وإنّما يثبت خيار الفسخ ، والحقّ في الخيار لمن لم يرض بالنّكاح من المرأة والأولياء كلّهم ، حتى من يحدث من عصبتها بعد العقد ; لأنّ العار في تزويج من ليس بكفء عليهم أجمعين ، وهذا الحقّ في الفسخ على الفور وعلى التراخي لأنّه خيار لنقص في المعقود عليه ، فأشبه خيار العيب، فلا يسقط الخيار إلا بإسقاط العصبة الأولياء بقول مثلَ : أسقطنا الكفاءة ، أو رضينا به غير كفء ، ونحوه ، وأما سكوتهم فليس رضاً ، وخيار الزوجة يسقط بما يدلّ على رضاها من قول أو فعل ، كأن مكنته من نفسها عالمةً أنّه غير كفء .
ويملك الحق في خيار الفسخ لفقد الكفاءة الأبعد من الأولياء مع رضا الأقرب منهم به ، ومع رضا الزوجة ; دفعاً لما يلحقه من العار ، فلو زوج الأب بنته بغير كفء برضاها ، فللإخوة الفسخ ; لأنّ العار في تزويج من ليس بكفء عليهم أجمعين .
---------------
ك- العيب الذي يثبت الخيار
173 - إذا وجد أحد الزوجين- وقد استوفى عقد النكاح أركانه وشروطه- بصاحبه عيبا من العيوب التي تثبت الخيار في النكاح، ولم يسبق علمه بهذا العيب قبل العقد، ولم يرض بالعيب بعد اطلاعه عليه، واكتملت الشروط اللازمة للتفريق بالعيب، فإنه يجوز لهذا الزوج- في الجملة- فسخ العقد ورد النكاح بهذا العيب.
وقد أحصى الفقهاء العيوب التي يفرق بها وبينوها، كما فصلوا شروط التفريق بها كلها أو بعضها، ومن تكون به هذه العيوب هل هو الزوج وحده أو كل من الزوجين؟ ونوع الفرقة بالعيب، وما تقع به هذه الفرقة.
والتفصيل في مصطلح ( طلاق ف 93- 107 ).
173 - إذا وجد أحد الزوجين- وقد استوفى عقد النكاح أركانه وشروطه- بصاحبه عيبا من العيوب التي تثبت الخيار في النكاح، ولم يسبق علمه بهذا العيب قبل العقد، ولم يرض بالعيب بعد اطلاعه عليه، واكتملت الشروط اللازمة للتفريق بالعيب، فإنه يجوز لهذا الزوج- في الجملة- فسخ العقد ورد النكاح بهذا العيب.(99/2)
وقد أحصى الفقهاء العيوب التي يفرق بها وبينوها، كما فصلوا شروط التفريق بها كلها أو بعضها، ومن تكون به هذه العيوب هل هو الزوج وحده أو كل من الزوجين؟ ونوع الفرقة بالعيب، وما تقع به هذه الفرقة.
والتفصيل في مصطلح ( طلاق ف 93- 107 ).
-----------------
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 10356)
«التّفريق للعيب»
93 - اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز التّفريق بين الزّوجين للعيوب .
إلاّ أنّ الحنفيّة خصّوا التّفريق هذا بعيوب الزّوج دون عيوب الزّوجة ، وجعلوا التّفريق به حقّاً للزّوجة وحدها ، لامتلاكه الطّلاق دونها .
أمّا المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة فقد ذهبوا إلى جواز التّفريق لعيب الرّجل والمرأة على سواء ، وأنّ التّفريق للعيب حقّ لهما على سواء .
إلاّ أنّ الفقهاء جميعاً اتّفقوا على تضييق دائرة التّفريق للعيب ، وعدم التّوسّع فيه ، ثمّ اختلفوا في العيوب المثبتة للتّفريق على أقوال :
فذهب الشّيخان من الحنفيّة - أبو حنيفة وأبو يوسف - إلى التّفريق بالجبّ ، والعنّة ، والخصاء فقط ، وزاد محمّد بن الحسن على ذلك : الجنون .
وذهب الجمهور إلى التّفريق بعيوب اتّفقوا في بعضها ، واختلفوا في بعضها الآخر على أقوال ، وقسّموها إلى ثلاثة أنواع :
قسم منها خاصّ بالرّجال ، وقسم خاصّ بالنّساء ، وقسم مشترك بين النّساء والرّجال .
فعند المالكيّة يفرّق بالعيوب التّالية :
عيوب الرّجال وهي : الجبّ ، والخصاء والعنّة ، والاعتراض .
وعيوب النّساء هي : الرّتق ، والقرن ، والعفل ، والإفضاء ، والبخر .
والعيوب المشتركة هي : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والعذيطة والخناثة المشكلة .
وعند الشّافعيّة يفرّق بالعيوب التّالية :
عيوب الرّجال وهي : العنّة ، والجبّ .
وعيوب النّساء هي : الرّتق ، والقرن .
والعيوب المشتركة هي : الجنون ، والجذام والبرص .
وعند الحنابلة يفرّق بالعيوب التّالية :
عيوب خاصّة بالرّجال هي : العنّة ، والجبّ .
وعيوب خاصّة بالنّساء هي : الفتق ، والقرن ، والعفل .
وعيوب مشتركة ، هي : الجنون ، والبرص ، والجذام .
إلاّ أنّ أبا بكر ، وأبا حفص من الحنابلة زادا على العيوب المتقدّمة استطلاق البطن ، وسلس البول ، وقال أبو الخطّاب : ويتخرّج على ذلك من به النّاسور والباسور ، والقروح السّيّالة في الفرج ، لأنّها تثير النّفرة ، وتعدي بنجاستها ، وقال أبو حفص : الخصاء عيب ، وفي البخر والخناثة وجهان .(99/3)
94 - وظاهر نصوص الفقهاء توحي بالحصر في هذه العيوب ، فقد جاء في المغني : أنّه لا يثبت الخيار لغير ما ذكرناه .
وجاء في مغني المحتاج قوله : واختصار المصنّف على ما ذكر من العيوب يقتضي أنّه لا خيار فيما عداها ، قال في الرّوضة : وهو الصّحيح الّذي قطع به الجمهور .
وجاء في بداية المجتهد قوله : واختلف أصحاب مالك في العلّة الّتي من أجلها قصر الرّدّ على هذه العيوب الأربعة ، فقيل : لأنّ ذلك شرع غير معلّل ، وقيل : لأنّ ذلك ممّا يخفى ، ومحمل سائر العيوب على أنّها ممّا لا يخفى ، وقيل : لأنّها يخاف سرايتها إلى الأبناء .
إلاّ أنّنا إلى جانب هذه النّصوص نجد نصوصاً لبعض الفقهاء تدلّ على عدم قصر الأئمّة التّفريق على العيوب المتقدّمة ، فيلحق بها ما يماثلها في الضّرر .
من ذلك ما قاله ابن تيميّة في الاختيارات العلميّة : وتردّ المرأة بكلّ عيب ينفّر عن كمال الاستمتاع .
وما قاله ابن قيّم الجوزيّة في زاد المعاد : وأمّا الاقتصار على عيبين أو ستّة ، أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها أو مساو لها فلا وجه له ، فالعمى والخرس والطّرش ، وكونها مقطوعة اليدين والرّجلين أو أحدهما ، أو كون الرّجل كذلك من أعظم المنفّرات . وقوله : والقياس أنّ كلّ عيب ينفّر الزّوج الآخر منه ، ولا يحصل به مقصود النّكاح من الرّحمة والمودّة يوجب الخيار .
وما قاله الكاسانيّ : وقال محمّد : خلوّه من كلّ عيب لا يمكنها المقام معه إلاّ بضرر ، كالجنون ، والجذام ، والبرص شرط للزوم النّكاح ، حتّى يفسخ به النّكاح حيث جاءت هذه العيوب بصيغة التّمثيل .
هذا إلى جانب أنّ نصوص الفقهاء عامّة كانت تعلّل التّفريق للعيب بالضّرر الفاحش وبالعدوى ، وعدم القدرة على الوطء ، وهو ظاهر في جواز القياس عليها .
«شروط التّفريق للعيب لدى الفقهاء»
اختلف الفقهاء في الشّروط المثبتة للتّفريق للعيب على مذهبين ، وفق ما يلي :
أوّلاً : ذهب الجمهور إلى أنّ التّفريق بالعيب يشترط فيه ما يلي :
«أ - عدم الرّضا بالعيب»
95 - قبل الدّخول أو بعده ، في العقد أو بعده ، صراحةً أو دلالةً ، فإن رضي السّليم من الزّوجين ، كأن يقول : رضيت بعيب الآخر ، أو يطأها ، أو تمكّنه من الوطء ، فإنّه لا خيار لهؤلاء في الفسخ بعد ذلك .
هذا مذهب الحنابلة ، والشّافعيّة يوافقونهم فيه إلاّ في مسألة العنّين ، فإنّ زوجته إذا رضيت بعنّته بعد الدّخول فلا خيار لها عندهم خلافاً للحنابلة .
ومذهب المالكيّة يوافق مذهب الحنابلة أيضاً إلاّ في مسألة المعترض ، وهو العنّين عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إذا مكّنته من التّلذّذ بها بعد علمها باعتراضه ، فإنّه لا يسقط بذلك حقّها في التّفريق عند المالكيّة ، لاحتمال أنّها كانت ترجو برأه بذلك .
قال الدّردير في الشّرح الكبير : الخيار لأحد الزّوجين بسبب وجود عيب من العيوب الآتي بيانها ، إن لم يسبق العلم ، أو لم يرض بعيب المعيب صريحاً أو التزاماً حيث(99/4)
اطّلع ، إلاّ امرأة المعترض إذا علمت قبل العقد أو بعده باعتراضه ومكّنته من التّلذّذ بها ، فلها الخيار ، حيث كانت ترجو برأه فيهما ولم يحصل .
وهل يعدّ الرّضا بالعيب قبل النّكاح مسقطاً للخيار ، كما لو أخبرها بعنّته فرضيت بذلك صراحةً أو دلالةً ؟
الجمهور على أنّ ذلك مسقط للخيار ، وقال الشّافعيّ في الجديد كذلك ، إلاّ في العنّين ، فإنّه قال : يؤجّل ، لأنّه قد يكون عنّيناً في نكاح دون نكاح ، ثمّ إنّ عجزه عن وطء امرأة ليس دليلاً على عجزه عن وطء غيرها .
«ب - سلامة طالب الفسخ من العيوب في الجملة»
96 - المبدأ العامّ لدى الجمهور : أنّه لا يشترط لطلب التّفريق بالعيب سلامة طالب التّفريق من العيوب ، خلافاً للحنفيّة ، كما تقدّم ، إلاّ أنّهم اختلفوا في ذلك في بعض الصّور ، على ما يلي :
فذهب المالكيّة - فيما فصّله اللّخميّ من مذهبهم - إلى أنّ طالب التّفريق للعيب إذا كان فيه عيب مماثل للآخر ، فإنّ للزّوج التّفريق دون المرأة لأنّه بذل الصّداق لسالمة ، دونها هي ، قال اللّخميّ : وإن اطّلع كلّ واحد من الزّوجين على عيب في صاحبه ، فإن كانا من جنس واحد كجذام ، أو برص أو جنون صريح لم يذهب ، فإنّ له القيام دونها ، لأنّه بذل صداقاً لسالمة ، فوجدها ممّن يكون صداقها أقلّ من ذلك .
فإذا كان عيبه من جنس آخر كان لكلّ واحد من الزّوجين طلب التّفريق مطلقاً وفي قول آخر للمالكيّة : له التّفريق مطلقاً ، سواء أكان عيبه من جنس عيبه ، أم لا ، أم لم يكن معيباً ، وهو الأظهر عندهم .
وذهب الشّافعيّة في الأصحّ ، إلى أنّ للمعيب أن يطلب فسخ النّكاح لعيب الآخر ، وسواء أكان عيبه من جنس عيبه أم لا ، وقيل : إن وجد به مثل عيبه من الجذام والبرص ، قدراً وفحشاً مثلاً ، فلا خيار له لتساويهما .
وذهب الحنابلة إلى أنّ طالب الفسخ ، إذا كان معيباً بعيب من غير جنس عيب الآخر ، كالأبرص يجد المرأة مجنونةً ، فلكلّ واحد منهما الخيار لوجود سببه ، إلاّ أن يجد المجبوب المرأة رتقاء ، فلا ينبغي ثبوت الخيار لهما ، لأنّ عيبه ليس هو المانع لصاحبه من الاستمتاع .
فإن كان عيبه من جنس عيب صاحبه ، ففيه وجهان :
أحدهما : لا خيار لهما ، لأنّهما متساويان ، ولا مزيّة لأحدهما على صاحبه ، فأشبها الصّحيحين .
والثّاني : له الخيار لوجود سببه .
ج - وهل يشترط أن يكون العيب قديماً ؟
97 - جمهور الفقهاء متّفقون على أنّ العيب القديم السّابق على العقد ، والمرافق له ، والحادث بعده ، سواء في إثبات الخيار ، لأنّه عقد على منفعة ، وحدوث العيب بها يثبت الخيار كما في الإجارة ، إلاّ أنّ بينهم نوع اختلاف في بعض ذلك على ما يلي :(99/5)
فالمالكيّة يصرّحون بأنّ العيب القديم السّابق على العقد أو المقارن له هو المثبت للخيار ، أمّا العيب الطّارئ على العقد ، فإن كان في الزّوجة لم يكن للزّوج خيار مطلقاً ، وهو مصيبة حلّت به ، وبإمكانه التّخلّص منها بالطّلاق ، وأمّا العيب الحادث في الزّوج بعد العقد ، فإن كان فاحشاً كثير الضّرر فإنّها تخيّر فيه ، لأنّه لا تمكن معه العشرة ، وإن كان يسيراً لم تخيّر .
والعيوب الفاحشة عند المالكيّة هي : الجذام البيّن المحقّق ولو كان يسيراً ، والبرص الفاحش دون اليسير ، والعذيطة ، فقد استظهر بعض المالكيّة أنّها عيب فاحش يثبت به الخيار ، والاعتراض ، والخصاء ، وكبر الذّكر المانع من الوطء ، هذا إذا حدثت قبل الوطء، فإذا حدثت بعد الوطء ولو مرّةً واحدةً فلا خيار ، إلاّ أن يكون ذلك بسبب من الزّوج كأن جبّ نفسه ، فإن كان كذلك خيّرت الزّوجة .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّ العيب القديم يخيّر به مطلقاً ، أمّا العيب الحادث بعد العقد ، فإن كان حادثاً بالزّوج ، كالجبّ ، فإنّها تخيّر به إن كان قبل الدّخول جزماً ، وبعد الدّخول على الأصحّ، وذلك لحصول الضّرر به كما في العيب المقارن للعقد ، ولا خلاص لها إلاّ بالفسخ ، فتعيّن طريقاً لذلك ، ويستوي هنا أن تجبّه هي أو غيرها .
إلاّ أنّ الشّافعيّة استثنوا من ذلك العنّين ، فقالوا : إن وصل إلى زوجته مرّةً ثمّ تعنّن ، لم يكن لها خيار .
وإن كان حادثاً بالزّوجة بعد العقد ، ففي القول القديم : أنّه لا يخيّر الزّوج لتمكّنه من الخلاص منها بالطّلاق ، بخلافها .
وفي القول الجديد : أنّه يخيّر كالزّوجة ، لتضرّره بالعيب الطّارئ كتضرّره بالعيب القديم ، ولا معنى لإمكان تخلّصه منها بالطّلاق دونها ، لأنّه سيغرم نصف الصّداق لها قبل الدّخول ، دون الفسخ بالعيب .
وذهب الخرقيّ من الحنابلة إلى تأكيد ما تقدّم من المبدأ على إطلاقه ، إلاّ أنّ أبا بكر وابن حامد من الحنابلة قالا : إنّ العقد يفسخ بالعيب السّابق على العقد ، والمرافق له ، دون العيب الطّارئ عليه ، لأنّ العقد أصبح لازماً ، فلا ينفسخ ، فأشبه العيب الطّارئ على المبيع، واستثنى الحنابلة - على رواية الخرقيّ - العنّة ، فإنّ العنّين إن وصل إلى زوجته مرّةً ثمّ تعنّن ، لم يكن لها خيار .
«د - التّأجيل في العيوب الّتي يرجى البرء منها»
98 - اتّفق المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة على تأجيل العنّين سنةً كالحنفيّة ، واختلفوا في باقي العيوب على ما يلي :
فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى عدم التّأجيل فيها .
وذهب المالكيّة إلى التّأجيل فيما يرجى البرء منه ، فقالوا بالتّأجيل في الجنون ، والجذام والبرص ، والرّتق ، والقرن ، والعفل ، والبخر ، فإذا كان البرء منها مرجوّاً يؤجّله القاضي بحسب ما يراه مناسباً ، شهراً أو شهرين ، ولم يحدّوا لذلك حدّاً ، فإذا لم يكن البرء من ذلك مرجوّاً ، كالجبّ ، فرّق القاضي عليه بدون تأجيل ، لعدم فائدته .(99/6)
99 - هـ - أن يطلب أحد الزّوجين التّفريق ويثبت عيب الآخر ، لأنّ التّفريق هنا حقّه ، فإذا لم يطلبه لم يكن للقاضي التّفريق عليه جبراً ، وفي العنّين يجب طلب الزّوجة التّفريق قبل ضرب المدّة وبعدها .
قال في المغني : ولا يفسخ حتّى تختار الفسخ ، وتطلبه ، لأنّه لحقّها ، فلا تجبر على استيفائه كالفسخ بالإعسار .
وقال في مغني المحتاج : فإذا تمّت تلك السّنة المضروبة للزّوج ، ولم يطأ على ما يأتي ، ولم تعتزله فيها ، رفعته ثانياً إليه ، أي القاضي ، فلا يفسخ بلا رفع ، إذ مدار الباب على الدّعوى والإقرار والإنكار واليمين ، فيحتاج إلى نظر القاضي واجتهاده .
وذهب الحنفيّة إلى أنّ للتّفريق بالعيب نوعين من الشّروط ، الأوّل عامّ في العيوب كلّها ، والثّاني خاصّ بعيوب معيّنة ، وذلك على الوجه الآتي :
فالشّروط العامّة عند الحنفيّة ، هي :
100 - أن تكون الزّوجة جاهلةً بالعيب قبل العقد ، ولم ترض به بعده صراحةً أو دلالةً . وعلى هذا فلو كانت الزّوجة عالمةً بالعيب قبل العقد لم يكن لها طلب التّفريق به لرضاها به حكماً ، وكذلك إذا علمت بالعيب بعد العقد فرضيت به صراحةً ، كأن قالت : رضيت بعيبه هذا ، أو دلالةً بأن مكّنته من الوطء ، لم يكن لها طلب التّفريق ، قال السّمرقنديّ في التّحفة: وإذا خيّرها الحاكم فوجد فيها ما يدلّ على الإعراض ، يبطل خيارها كما في خيار المخيّرة . ولو علمت المرأة بالعنّة عند العقد ورضيت بالعقد ، فإنّه لا خيار لها ، كمن اشترى عبداً وهو عالم بعيبه .
وكذلك الحكم إذا خيّرها القاضي فاختارت المقام مع زوجها ، فإنّه يبطل حقّها في التّفريق ، وليس لها خصومة أبداً في هذا النّكاح ، ولا في غيره على الأصحّ ، لرضاها بالعيب .
101 - أن تطلب الزّوجة إلى القاضي التّفريق ، لأنّ التّفريق حقّها ، وليس للقاضي طلاقها دون طلب منها . وطلبها هذا شرط في العنّين قبل ضرب المدّة وبعدها .
102 - أن تكون المرأة خاليةً من أيّ عيب يمنع الوطء كالرّتق والقرن ، فإن كانت معيبةً بعيب من ذلك لم يكن لها طلب التّفريق لعيب الرّجل ، لأنّ المنع من الوطء ليس من جهته فقط ، والامتناع قائم من جهتها على فرض سلامة الزّوج منه ، فكذلك مع عيبه .
أمّا الشّروط الخاصّة بالعنّة فهي :
103 - أ - العجز عن الإيلاج في القبل ، وعلى هذا فلا يخرج عن العنّة بالإيلاج في الدّبر.
ب - العجز عن جماع زوجته نفسها ، فإذا قدر على وطء غيرها وعجز عن وطئها هي لم يخرج عن العنّة في حقّها ، لأنّ العنّة مرض نفسيّ غالباً ، وهو قد يختلف من امرأة إلى أخرى .
ج - العجز عن إيلاج الحشفة كلّها ، فإذا كان مقطوع الحشفة لم يخرج عن العنّة إلاّ بإدخال باقي الذّكر كلّه ، إلاّ أنّ صاحب البحر قال : وينبغي الاكتفاء بقدرها من مقطوعها .(99/7)
د - أن لا يكون قد وصل إليها مرّةً في هذا النّكاح قبل العنّة ، لأنّ حقّها في رفع الأمر إلى القضاء ينقضي بالمرّة الواحدة .
فإن كان وصل إليها في نكاح سابق عليه ، كمن وطئها ثمّ طلّقها بائناً ، ثمّ عاد إليها بعقد جديد ، فأصيب بالعنّة قبل الوصول إليها فيه ، فالأصحّ : أنّه يسقط حقّها أيضاً بذلك ، وفي قول ثان : لا يسقط .
هـ - أن يؤجّله القاضي سنةً بعد الرّفع إليه ، فإنّ القاضي إذا رفعته إليه طالبةً فراقه لعنّته أجّله القاضي سنةً وجوباً من تاريخ الخصومة ، فإذا مضت السّنة دون أن يطأها ، وعادت إلى طلبها التّفريق أجابها القاضي وفرّق بينهما .
وعلى هذا فلا تفريق بلا رفع للقاضي ، فلا يكون التّفريق بالرّفع إلى محكّم أو غيره ، ولا تفريق قبل مرور السّنة أيضاً ، كما لا تفريق ما لم تعد إلى طلب الفرقة بعد مضيّ السّنة بدون وطء .
وأمّا الشّروط الخاصّة بالجبّ فهي :
104 - قطع الذّكر ، فإذا قطع الذّكر والخصيتان ثبت التّفريق من باب أولى ، فإذا لم يقطع الذّكر ولكنّه كان قصيراً كالزّرّ ، فهو كالمجبوب في الحكم ، لعدم إمكان إدخال مثله في الفرج، فإن كان صغيراً يمكن إدخاله في الفرج فليس بمجبوب ولا تفريق ، وإن لم يدخل إلى آخر الفرج .
فإن كان مقطوع الحشفة فقط وله ما يدخله في الفرج بعدها ، لم يكن مجبوباً ، ولا تفريق . ولمزيد من التّفصيل ينظر مصطلح : « جبّ ج 15 ف 7 وما بعدها » .
وأمّا الشّروط الخاصّة بالخصاء :
105 - فهي الشّروط الخاصّة بالعنّة لاستوائهما في الحكم عند الحنفيّة ، هذا إذا نزعت خصيتاه أو رضّتا أو سلّتا وعجز عن الانتشار ، فإذا لم يعجز عن الانتشار فليس خصيّاً في الحكم ، ولا تفريق .
«طرق إثبات العيب»
106 - إذا أقرّ المعيب المدّعى عليه بعيبه المدّعى به ثبت عيبه بإقراره ، وقضي عليه بموجبه .
فإذا أنكر العيب وادّعى السّلامة منه ، فإن كان العيب ممّا يعرف بالجسّ من فوق الإزار ، كالجبّ ، أمر القاضي من يجسّه من الرّجال من فوق الإزار ، وأخذ بقوله إن كان عدلاً ، لأنّه إخبار .
فإن لم يعرف العيب بالجسّ أمره بالنّظر إليه ، وهو مباح هنا للضّرورة .
وإن كان العيب في المرأة كالقرن والرّتق ، أمر القاضي امرأةً تنظر إليها ، وثبت بقولها ما دامت عدلةً .
فإن كان لا يعرف بالجسّ كالعنّة ، فإن قالت الزّوجة : إنّها بكر ، أريت النّساء ، فإن قالت امرأة ثقة - والمرأتان أوثق - : إنّها بكر ، فالقول قولها ، ويؤجّل سنةً ، لأنّ ظاهر الحال شاهد لها ، وكذلك الحكم عند انتهاء السّنة ، وإن قالت المرأة الثّقة : إنّها ثيّب حلف الزّوج، فإن حلف صدّق بيمينه ، ولا خيار لها ، وإن نكل قضي عليه بالعنّة ، وخيّرت المرأة بعد التّأجيل .(99/8)
وإن قالت الزّوجة : إنّها ثيّب ، حلف الزّوج ، فإن حلف صدّق ولا خيار لها ، وإن نكل قضي عليه بالعنّة وأجّلت أو خيّرت .
فإن قالت الزّوجة : إنّها بكر فوجدت ثيّباً ، فادّعت أنّه أزال بكارتها بأصبع أو غيره ، صدّق الزّوج بيمينه ، لأنّها تدّعي غير الأصل هذا ما نصّ عليه الحنفيّة .
والحنابلة مثل الحنفيّة ، إلاّ في العنّين ، فإنّ لهم في قبول قول المرأة الواحدة فيه إذا كانت بكراً أو ثيّباً روايتين :
الأولى : أنّ القول قول الزّوج مع يمينه كالحنفيّة ، لأنّ ظاهر الحال شاهد له ، والثّانية : أنّه يخلّى معها ويقال : أخرج ماءك على شيء ، فإن أخرجه فالقول قوله ، لأنّ العنّين يضعف عن الإنزال ، فإن أنزل تبيّن صدقه .
وعن أحمد رواية ثالثة : أنّ القول قول المرأة مع يمينها ، حكاها القاضي في المجرّد .
وقد رجّح ابن قدامة الرّواية الأولى ، وضعّف ما عداها ، فقال : والصّحيح أنّ القول قوله ، كما لو ادّعى الوطء في الإيلاء .
والشّافعيّة في هذا مع الحنفيّة والحنابلة ، إلاّ في العنّين أيضاً ، فإنّهم يرون أنّها إذا ادّعت البكارة أريت النّساء ، ولم يقبل بأقلّ من أربع ، فإن شهدن ببكارتها فالقول قولها للظّاهر ، وهل تحلّف ؟ وجهان ، رجّح في الشّرح الصّغير التّحليف ، وعليه أكثر علماء المذهب ، ما لم يدّع الزّوج عودة البكارة إليها فإن قال ذلك وطلب يمينها ، حلفت روايةً واحدةً .
فإن قالت الزّوجة : إنّها ثيّب وأنكرت الوطء ، فالقول قوله بيمينه ، لأنّ الظّاهر له ، فإن نكل حلّفت الزّوجة ، وفي رواية مرجوحة أنّ اليمين لا يردّ عليها .
أمّا المالكيّة فقد ذهبوا إلى الجسّ فيما يعرف بالجسّ ، فإن كان لا يعرف بالجسّ ، وكان ممّا لا يراه الرّجال ولا النّساء كالاعتراض ، وبرص الفرج ، فإنّ القول فيه قول المعيب بيمين ، وإن كان ممّا يراه الرّجال ، كالبرص في اليد أو الوجه في المرأة أو الرّجل على سواء ، لم يثبت إلاّ بشهادة رجلين ، فإن كان في داخل جسم المرأة دون الفرج ، كفى فيه امرأتان .
«نوع الفرقة الثّابتة بالعيب وطريق وقوعها»
107 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الفرقة للعيب طلاق بائن ، وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّها فسخ وليست طلاقاً .
كما ذهب الحنفيّة إلى أنّ الفرقة للعيب لا تقع بغير الرّفع إلى القاضي ثمّ القاضي يكلّف الزّوج بالطّلاق ، فإن طلّق فبها ، وإلاّ طلّقها عليه ، وروي عنهم : أنّ الفرقة تقع باختيار الزّوجة نفسها بانتهاء المدّة المضروبة في العنّة بدون قضاء ، وهو ظاهر الرّواية .
وذهب المالكيّة إلى ما ذهب إليه الحنفيّة في روايتهم الثّانية ، إلاّ أنّهم اشترطوا إذن القاضي لها بالتّطليق إذا كان بقولها ، وأن يحكم به القاضي بعد ذلك رفعاً للخلاف ، والحكم هنا إنّما هو للإشهاد والتّوثيق ، لا لوقوع الطّلاق ، لأنّه وقع بقولها .
وللشّافعيّة قولان ، الأوّل : أنّها تستقلّ بالفسخ بعد ثبوت حقّها فيه لدى القاضي بيمينها أو إقراره .(99/9)
والثّاني : لا بدّ من فسخ القاضي رفعاً للخلاف .
أمّا عند الحنابلة فإنّ الفسخ لا يتمّ إلاّ بحكم القاضي .
وهل تكون الحرمة الواقعة بالتّفريق للعيب مؤبّدةً ؟
ذهب الجمهور إلى أنّها غير مؤبّدة ، ولهما العود إلى الزّوجيّة ثانيةً بعقد جديد .
وذهب أبو بكر من الحنابلة إلى أنّ الحرمة الواقعة بالتّفريق للعيب مؤبّدة .
«التّفريق لفوات الكفاءة»
108 - ذهب جمهور الفقهاء إلى الاعتداد بالكفاءة في الزّواج ، إلاّ أنّهم اختلفوا فيما بينهم في اعتبارها سبباً للتّفريق بين الزّوجين ، على تفصيل ينظر في مصطلح : « كفاءة » .
«صور أخرى من التّفريق»
109 - هناك صور أخرى من التّفريق يرى بعض الفقهاء أنّ بعضها طلاق ، ومنها :
أ - التّفريق بخيار البلوغ ، وينظر تفصيله في مصطلح : « بلوغ » ف 39 وما بعدها .
ب - التّفريق لاختلاف الدّين ، وينظر تفصيله في مصطلح : « ردّة » ف 44 .
ج - التّفريق للّعان ، وينظر تفصيله في مصطلحي : « فرقة ، ولعان » .
د - التّفريق لفساد عقد النّكاح أو لتخلّف الوصف المرغوب فيه ، وينظر تفصيله في مصطلح : « نكاح » .
هـ - التّفريق للتّحريم الطّارئ بالرّضاع أو المصاهرة ، وينظر تفصيله في : « رضاع ف 27، ومصاهرة » .
و - التّفريق لنقصان المهر ، وينظر تفصيله في مصطلح : « مهر » .
ـــــــــــــــــــ
هل يثبت الخيار إذا كانت الزوجة ضعيفة البصر
تاريخ 24 شوال 1427 / 16-11-2006
السؤال
تزوجت من فتاة ترتدي نظارة بسبب ضعف نظر تبين لاحقا أنه 5 درجات علما أنني سألتها قبل الكتاب فقالت إن درجة ضعفها 3 درجات. أعتبر نفسي مغبونا في هذا الزواج وقد فوجئت بأنها ترتدي النظارة طوال الوقت ما عدا وقت النوم مما يقلل جاذبيتها لي وأخشى أن ينتقل هذا الضعف للأولاد في المستقبل وأنا على يقين أنها لو صدقت معي وأخبرتني عن درجة ضعفها الحقيقية لما تزوجتها. السؤال ما هو حكم طلاقها وهل علي دفع كامل المؤخر.
هل يجوز كبديل عن الطلاق إبقاؤها بشريطة عدم الإنجاب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضعف البصر ليس عيبا يثبت خيار فسخ النكاح. وعليه، فالمرأة تستحق كامل المهر المعجل منه والمؤخر، وليس لك الرجوع فيما فرض لها من المهر، ويكره(99/10)
الطلاق في مثل هذه الحالة، لأنه لا حاجة له، فضعف البصر لا يؤثر على الحياة الزوجية، وليس بالضرورة أن ينتقل إلى الأبناء.
أما إبقاؤها دون إنجاب فالإنجاب حق للزوجين معا، فلا يجوز لأحدهما أن يحرم منه الآخر، فإذا كانت الزوجة تريد الإنجاب فلا يحق للزوج الامتناع منه، وأما إذا حصل الاتفاق على ذلك فلا حرج. وانظر الفتوى رقم: 16855.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يفسخ النكاح لكون الزوجة مريضة بمرض السكري
تاريخ 26 ربيع الأول 1427 / 25-04-2006
السؤال
أنا شاب جزائري تقدمت لخطبة فتاة من بلدي وقد تم ذلك حيث أقمنا كل مراسيم الخطبة وكتابة العقد .وكان اتفاقنا على ليلة الدخلة أو يوم الزفاف بعد أربعة عشر شهرا ابتداء من تاريخ الخطبة . وقد وفقنا الله بعد هذه الفترة لإقامة العرس
. و بعد مرور أيام على زواجنا وفي الأيام الأولى من شهر العسل كما يسمى فوجئت بأن زوجتي أخفت عني بأنها مصابة بمرض مزمن ألا وهو مرض السكري أرجو منكم حكم الدين في مثل ما وقعت فيه من غش و خداع .
للعلم فإنني اخترت هذه المرأة لدينها كما كان يبدو لي في بادئ الأمر وأن كل عائلتها كما يبدو ظاهرا أنهم متدينون ومحافظون على الصلاة لكن لا يظهرون ما يبطنون لأنهم تناسوا حديث سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام (من غشنا فليس منا )أو كما قال عليه الصلاة والسلام
أنا حائر مذبذب بين ما وقعت فيه من غش على أيدي هؤلاء حيث تحولت حياتي إلى جحيم من بين أعراض هذا المرض ضعف كبير في المعاشرة الجنسية من طرف هذه المرأة فهي باردة جدا عند الجماع . وكذلك فهي دائمة السيلان من فرجها بمادة بيضاء لا أطيقها . ناهيك عن احتمال كبير جدا لانتقال المرض وراثيا للأطفال .
1/هل يصح فسخ العقد؟
2/هل العقد المبني على الغش كما في حالتي هو عقد صحيح؟
3/ هل للزوجة في هذه الحالة الحق في التعويضات المترتبة على فسخ الرابطة الزوجية؟
4/هل إذا طلقتها يعتبر طلاقا تعسفيا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعيوب والأمراض التي يستحق بها أحد الزوجين الفسخ إذا وجدها في الطرف الثاني محددة، وقد سبق ذكرها في الفتوى رقم:69616، وليس مرض الزوجة بالسكر مما يستحق به الزوج الفسخ والخيار، لأنه عيب لا يحول دون الاستمتاع،(99/11)
وإن كان الأولى لها أن تذكره خروجاً من الغش الذي نهينا عنه شرعاً، ففي الحديث: من غشنا فليس منا. رواه مسلم ، وإن كان الغش في باب الزواج هو كتم العيب الذي يمنع الاستمتاع أو يحول دون كماله كما سبق، وأما الضعف الجنسي فقد يوجد في المريضة بالسكر وغيرها، ثم إن العيوب التي يستحق بها الزوج الفسخ كالجنون ونحوه ينبغي أن تكون المطالبة بها على الفور، وإلا سقط حق الزوج في الفسخ إذا استمتع بها، وعموما فالعقد الذي تم صحيح، وللزوجة الحق ـ في حال الطلاق ـ في جميع ما لها من مهر ونفقة وكسوة ومسكن، وإذا طلقتها لما ذكرت من أسباب فليس طلاقا تعسفيا لا سبب له، بل هو طلاق له سببه، مع التنبيه إلى أن الطلاق الذي لا سبب له جائز مع الكراهة، قال
ابن قدامة: رحمه الله في المغني في حكم الطلاق: .... ومكروه: وهو الطلاق من غير حاجة إليه ... والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها. اهـ وانظر الفتوى رقم: 59869 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
فسخ النكاح بسبب العنة
تاريخ 10 شعبان 1426 / 14-09-2005
السؤال
لي صديق تزوج منذ فترة تزيد عن شهر وأكثر، وحتى تاريخ اليوم لم يدخل على زوجته؛ وذلك بسبب عدم قدرته على الانتصاب أو ما شابه ذلك.
ومن مشاكله أيضاً أنه يقوم بسوء المعاملة والضرب أحياناً.
فهل الزوجة تُعتبر زوجته؟ وإلى أي حد يمكن السماح للزوجة بالبقاء معه بدون دخلة؟ وهل يحق لأهل الزوجة طلب الطلاق-لا سمح الله-؟ وما الأمور المترتبة على الطلاق؟ وهل الزوجة تُعتبر مطلّقة؟ علماً بأني من أقارب الزوجة، وتهمني مصلحتها.
لا بأس بنشر الموضوع على صفحتكم لأهميته.
وشكراً لكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعاجز عن جماع زوجته يسمى العنين وقد بين الفقهاء حكمه وسبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: 48190، وزواجه صحيح، ولزوجته الحق في الفسخ بالعيب إن ثبتت العنة ولم ترض بها الزوجة عندما علمت بها، وفي الفتوى السابقة بيان كيفية إثبات العنة، وليس من حق الزوجة الفسخ بمجرد ثبوت العنة فإذا مضت الفترة التي ضربت للزوج ليتعالج فيها من العنة ولم تذهب عنه العنة وفسخ النكاح فقد اختلف أهل العلم هل لهذه المرأة الصداق المسمى أومهر المثل أو ليس لها شيء وهل عليها عدة أم لا؟ والذي عليه الأكثر هو أن عليها العدة ولها الصداق لأنها مكنته من نفسها(99/12)
وخلا بها، وعند الشافعية أنها لا مهر لها ولا عدة عليها، وسبق بيان مذهبهم في هذه المسالة في الفتوى رقم: 53712، وليس للزوج في حالة الفسخ حق في المراجعة. وقبل الختام ننبه إلى أنه يجب على الزوج أن يحسن معاشرة زوجته كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 43385.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يعد العقم عيبا يفسخ به النكاح
تاريخ 19 ذو الحجة 1425 / 30-01-2005
السؤال
يا شيخ حامد يا شيخ حامد أنا فاهمة أن زوجي من حقه استرجاع المهر كاملا وكل ما صرفه لو تبين له الغش بعد الزواج وأتمني من الله عز وجل على أن يعينني علي رد كل شيء وأن لا أظلمه إن شاء الله، فأنا يا شيخ حامد فاهمة إن سيدنا عمررضي الله عنه قال لرجل عقيم خبرها إنك عقيم وخيرها وزوجي له الحق في كل شيء لكن أنا سؤالي غير هذا يا شيخ حامد أن حاسة إني ممكن أكون أرسلت لحضرتك السؤال لكن ما وضحت لحضرتك طلبي ومسألتي بالخصوص فأنا سؤالي كله يا شيخ حامد هو: أنا حاليا مريضه بمرض من الأمراض التي تجيز التفريق وهو العقم وتزوجت وخبأت علي زوجي حتى الآن أنني أعرف هذا الأمر قبل الزواج ولكنه الآن عرفه عن طريق الأطباء المهم يا شيخ حامد بعد زواجي قرأت بالصدفة عقد زواجي لأعرف ما مكتوب به فوجدت فقرة يوقع عليها المأذون الإمضاء الخاصه به وهذة الفقرة هي أكد كل من الطرفين خلوهما من الأمراض التي تجيز التفريق ووقع عليه المأذون أننا فعلا لا نعاني من الأمراض التي تجيز التفريق يعني يا شيخ حامد العقد الآن موقع على أننا أنا وزوجي خاليان من الأمراض التي تجيز التفريق لكني غير ذلك كما تعرف يا شيخ حامد لأني بي مرض من الأمراض التي تجيز التفريق يعني هل العقد يصير باطلا لأن به شرطا غيرصحيح أنا أسأل عن هذا يا شيخ حامد، لأن أحد الشيوخ قال لي كان لازما أن تنظري إلى صيغة العقد قبل أن توقعي عليه، والعقد هكذا باطل فهل هذا الكلام صحيح مع أني لم أقرأ هذه الفقرة إلا بعد الزواج فهل عقدي علي زوجي فعلا باطل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس العقد باطلاً ، وليس العقم عيباً يحق للرجل أن يفسخ به، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 39980، والفتوى رقم: 44849.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من رزق بنتا بوطء امرأته فليس عنينا
تاريخ 06 شعبان 1425 / 21-09-2004(99/13)
السؤال
أرجو الإجابة على سؤالي بالسرعة الممكنة لتعلق الأمر بقضية وحق امرأة، خلال ثلاثة أيام امرأة تزوجت من عنين وترفض العودة لزوجها بعد أن مكثت عنده عدة أشهر وأنجبت منه بنتا وممكن الآن العودة إليه لكن بشرط المكوث عنده عاما واحدا. لكن السؤال هل يجوز لها خلال هذه المدة أن تأخذ حبوب منع الحمل سواء بعرض ذلك الطلب على أسرة الزوج قبل العودة أو أن تستعمله سرا.
وجزاكم الله عنا خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل حصل على البنت بجماع فليس عنينا لأن العنين هو العاجز عن الوطء، وزواجه من هذه المرأة زواج ماض لا خيار فيه لها، أما أخذ الحبوب لمنع الحمل فلا يجوز إلا بإذن زوجها كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 18375. ولمعرفة ما تثبت به العنة أنظر الفتوى رقم: 48190.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يسقط الخيار إذا علمت بالعيب ورضيت به
تاريخ 02 رجب 1425 / 18-08-2004
السؤال
جزاكم الله على مجهوداتكم :
سؤالي هو :
زوج صديقتي مريض نفسيا وغير قادر على العمل إلا الشيء اليسير المتقطع ولديها منه ولد وبنت ولم تكن تعلم بمرضه قبل زواجها هل يجوز أن تطلب من القضاء أن يطلقها منه وهل عليها إثم إن تركته ورعت أولاده وهل تنتظره لكي يطلقها أم إذا شرحت وضعها للقضاء يقومون بتطليقها منه دون إنتظار منه مع العلم بأن صديقتي من أندونيسيا
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لهذا الرجل الشفاء، ثم إننا نقول لزوجته: عليك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى والحرص على تربية الأبناء في ظل وجود أبيهم، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المؤمن من نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته. رواه مسلم. وأخرج الترمذي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
وأما فيما يتعلق بمرض هذا الرجل النفسي فإن قصد به الجنون فهذا يعد من العيوب الموجبة للخيار إذا كان سابقا على العقد ولم تعلم به المرأة، لكن إن علمت بعد العقد(99/14)
ورضيت سقط خيارها كما هو المتبادر هنا، حيث إن مضي هذه المدة على زواج هذه المرأة من هذا الرجل كافية للعلم، واستمرارها دليل على الرضا.
وإذا كان الجنون طارئا فلا يعد عيبا إلا إذا خيف على المرأة ضرر يلحقها ويلحق ولدها من تصرفات زوجها المجنون، ومادامت في بلد فيه محكمة شرعية فترفع أمرها إليها لينظروا في ما تدعيه على زوجها من العجز عن العمل والمرض النفسي، وما يترتب على ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إذا كان بها فتاق فهل تخبر زوجها به ؟
تاريخ 28 ربيع الأول 1425 / 18-05-2004
السؤال
فضيلة الشيخ هل يجوز لفتاة بها فتاق أن تعقد على رجل بسنة الله و رسوله دون أن تخبره بذلك علما بأنها سوف تجري العملية قبل الدخلة أرجوك فضيلة الشيخ رد علي بأقرب وقت فإنني محتارة في أمري
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الفتاق من الأمراض الخفيفة عند الناس والتي تزول آثارها بعد العملية حسب العادة ولا تخلف ضعفا في المرأة يسبب لها نقصا أو عجزا عن قيامها بوظيفتها كزوجة فلا يجب إخبار الخطيب به مع أن الأولى إخباره حتى لا يفاجأ بأمر ما كان يحسب له حسابه، أو كان يعتقد السلامة منه...
أما إذا كان هذا المرض من الأمراض التي تترك في المرأة ضعفا وعجزا عن القيام بحقوق زوجها مما يؤدي إلى نفوره فيجب إخبار الزوج بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه الإمام أحمد وغيره.
ولمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 10711.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل تخبر خطيبها بضعف سمعها
تاريخ 19 ذو القعدة 1427 / 10-12-2006
السؤال
أنا فتاة من فلسطين عمري 21 سنة مخطوبة من شاب لا يقرب لي عمره ثلاثون سنة يعمل طبيبا عاما لقد كتب الكتاب منذ 6 أشهر المهم أن أذني اليمين بها ضعف في السمع وعرسي بعد 5 أشهر وخطيبي لا يعلم بذلك أريد إخباره حتى لا يحدث مشاكل إذا علم بذلك بعد زواجي منه لكن ابي منعني وقال بعد العرس تخبريه وأنا(99/15)
لا أدري ما حكم الشرع بذلك وما الحل برأيكم أرجو الرد السريع ومساعدتي وشكرا جزيلا لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضعف السمع في أذن واحدة ليس عيباً معدياً أو منفراً أو مانعاً من الاستمتاع، وعليه فلا يجب عليك إعلامه به، ولا إثم عليك في الإسرار بذلك، مع أنَّ الأولى والأفضل إخباره حتى لا يكون علمه في المستقبل سبباً لفساد الحال. وانظري الفتوى رقم: 73767.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج من في رحمها علة
تاريخ 23 رمضان 1427 / 16-10-2006
السؤال
أنا شابة عمري 25 سنة جميلة جدا، ولكنني أعاني من موضوع معين أنا لم أحض، علما بأن مظاهر جسمي كاملة الأنوثة، وذهبت للدكتور وقال لي بالحرف إن الرحم عندي مغلق بمعنى أن فتحة الرحم عندي بعد 5 سم مغلقة وبالتالي ليس لي رحم كالفتيات.
سؤالي هو : وطبعا بداية أنا أرضى بحكم الله طالما هو اختار لي هذه الطريق، والحمد لله أنا مؤمنة جدا وأعلم بان ما اختاره لي ربي هو الخير، ولكن سؤالي هو بخصوص ديني هل أعتبر خنثى؟ وهل يحق لي الجلوس مع الفتيات؟ هذا من جانب ، من جانب آخر كما قلت لكم أنا جميلة جدا وأتعرض كل فترة لخطبة أشخاص وطبعا أرفض ولكن هذا الموضوع يتعبني نفسيا لأنني أتعرض لمليون سؤال وسؤال حتى من المقربين مني؟ فأرجوكم أرشدوني لطريقة أخلص منها من هذا التعب والحرج، أنا دائما أتجه إلى الله وهو الحمد لله لم يتخل عني لحظة ولكن أحيانا أحس بالتعب والضيق وأبكي من كل قلبي، وسؤالي الأخير: هل لي من جزاء عند الله بمعنى هل ربي سيجزيني على صبري؟
مع جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تحمدي الله تعالى الذي جعلك سوية الخلقة عاقلة سليمة اليدين والرجلين والبصر والسمع واللسان، فكم من أشل ومقعد يعيش كَلاً على أهله، وكم من أكمه وأعمى ومجنون، فعليك أن تنظري إلى من هو أسفل منك لتري عظيم نعمة الله تعالى عليك. وعليك أن تصبري على ما قدره الله، وتسأليه سبحانه وتعالى أن يرزقك ذرية صالحة وينعم عليك بزواج تسعدين به، فكل داء له دواء علمه من علمه وجهله من جهله.(99/16)
وثقي بجزاء الله للصابرين، وصدق وعده لهم، واستجابته لدعاء من دعاه، واعلمي أنك لست خنثى، فالخنثى من عنده آلة ذكورة وآلة أنوثة معا.
وعليه، فلا حرج عليك في مخالطة زميلاتك، ولا حرج عليك كذلك في الزواج إن كان يمكن للزوج الاتصال الجنسي بك، ويمكن أن تُشعريه بالموضوع سرا، فقد تجدين من يرضى بك ولو كنت لا تنجبين.
وأما الناس الذين يحرجونك بالسؤال فتعوذي بالله من انتقادهم لك، ويمكن أن تخبري المقربين لك بالحقيقة وليس عليك إخبار غيرهم.
وننصحك بشغل فكرك ووقتك بتعلم علم نافع، والتسلي بالنظر في سير السلف والأنبياء وقصص التوابين.
وراجعي في جزاء الصبر وأسباب استجابة الدعاء، وحكم إخبار الخطيب بالمرض، ومشروعية العلاج، الفتاوى التالية أرقامها:5344، 69591، 18103، 25874، 56472، 70392، 31887، 49953، 53843، 50858، 47209، 35454، 57933، 44849.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
دعوى الزوجة أن زوجها عاجز عن الوطء
تاريخ 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
أكون شاكرا إذا وجدتم الوقت للإفتاء في المسألة التالية:
زوجة تركت بيت الزوجية الشرعي لبيت أبيها بإرادتها (دون إكراه) وبدون إذن زوجها مدعية التالي:
1) أنه بعد 7 سنين من الزواج لم تتم المعاشرة الزوجية وهي ما زالت بكرا بسبب ضعف زوجها الجنسي.
2) أنه قال لها بأنه يريد أن يتزوج أخرى.
3) أنه قال لها بأنه يكرهها.
4) أنه اقترح عليها الطلاق.
فهل تعتبر ناشزا غير مستحقة للنفقة ولبدل استئجار مسكن؟ أم أنها تستحق ذلك؟
وتفضلوا بقبول كل احترام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المرأة من بيت زوجها بغير إذنه نشوز، يُسقط حقها في النفقة والسكنى، وكون الزوج غير قادر على الجماع بحسب دعوى الزوجة، أو كونه يريد الزواج عليها إلى آخر ما ادعت به لا يعطيها الحق في الخروج من البيت بغير إذنه.
وعليه، فتعتبر الزوجة ناشزا، وبهذا الخروج لا حق لها في النفقة ولا في السكنى.(99/17)
ولكن يحق لها عند علمها بعجز الزوج عن الوطء رفع الأمر إلى القاضي وطلب الطلاق، قال في المغني: وإن علمت أنه عنين بعد الدخول فسكتت عن المطالبة، ثم طالبت بعد فلها ذلك، ويؤجل سنة من يوم ترافعه، لا نعلم في ذلك خلافًا. (7/154).
مع العلم أنها إذا أقرت بأنه جامعها ولو مرة فلا تقبل دعواها، قال ابن قدامة في المغني: وإن اعترفت أنه قد وصل إليها مرة بطل أن يكون عنينًا، أكثر أهل العلم على هذا، يقولون: متى وطئ امرأة ثم ادعت عجزه لم تُسمع دعواها. انتهى (7/155).
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كون المرأة قد تزوجت من قبل ليس بعيب
تاريخ 05 شعبان 1427 / 30-08-2006
السؤال
أنا شاب مسلم أردت الزواج لأقي نفسي مما حرم الله وتزوجت شابة جميلة وصالحة ومطيعة ومن عائلة محافظة ولكنها مطلقة. تزوجتها بإرادة وأنجبنا ولدا ولله الحمد. ولكن المشكلة أنه تراودني أفكار ووساوس بأن كل ما تفعله معي فعلته مع رجل قبل ولوكان في الحلال .وأنا رجل غيور كثيرا وهي تقسم بأنه لم يلمسها قط وكان يضربها بقوة ولم تعاشره إلا شهرا واحدا حتى غشاء البكارة الطبيب هو الذي فتحه. لأنها تزوجته بالقوة أرغمها أبوها وهي تبكي وتستغيث . وأنا الآن أشفق عليها وأحبها ولكن الوساوس لا زالت في عقلي بل ازداد حقدي على أبيها. أفدوني جزاكم الله كل خير. وهل هناك قول قاله ربنا أورسوله في الزواج من المطلقة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فعليك أخي أن تحارب الوساوس والأوهام التي تأتيك، ولا يكون ذلك إلا بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها ، واحمد الله تعالى أن يسر لك زوجة صالحة بالمواصفات التي ذكرت، وكونها قد تزوجت من قبل ليس بعيب، فكل من تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم كن ثيبات غير عائشة ، فهذه الوساوس لا قيمة لها ولا ينبغي أن تقف عندها، ولا أن تكون عائقا في علاقتك الزوجية، فقد تكون بعض الثيبات خيرا وأفضل من كثير من الأبكار، وكم من الناس يتزوج بكرا فيشقى معها، وكم من الناس يتزوج ثيبا فيسعد معها، فلا تجعل يا أخي الكريم للشيطان طريقا لإفساد حياتك وتنغيص عيشك، فثق بالله تعالى وتضرع إليه سبحانه وتعالى أن يؤلف بينك وبين زوجتك .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العيوب التي يجب بيانها قبل الزواج
تاريخ 21 ربيع الأول 1427 / 20-04-2006(99/18)
السؤال
أنا الحمد لله شاب أصلي ومتدين
لكن ليس عندي شهوة جنسية أبدا لأعضاء النساء أمارس العادة السرية عندما أتخيل أن أقدام الفتيات أو أن فتاة تدوسني وأنا الآن أريد الزواج ولا أعرف ماذا أعمل وكيف أحل مشكلتي وكيف العلاج وهل أتزوج دون أن أخبر المرأة التي أريد الزواج بها أو بحالتي أو هل هناك علاج معين وهل إخفاء الأمر عن الزوجة جائز شرعا؟ أم علي مصارحتها قبل الزواج؟ أو علي أن لا أتزوج قبل حل المشكلة؟ الرجاء إفادتي كيف العلاج وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن سؤالك عن علاج حالتك المذكور فهناك قسم للاستشارات الطبية والنفسية في الشبكة يمكنك توجيه هذا السؤال لهم. أما عن الجانب على سؤالك الفقهي فنقول: العيوب التي يجب بيانها ويثبت خيار فسخ النكاح بإخفائها سبق ذكرها في الفتوى رقم: 49217، وليس منها الأمر الذي تعاني منه.
وعليه.. فلا يجب عليك بيان هذا الأمر لمن تريد الزواج بها، كما ننبهك إلى حرمة العادة السرية وانظر في ذلك الفتوى رقم:1087، وتراجع الفتوى رقم: 62113
.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تزوجت بشخص مصاب بالضعف الجنسي، والتبول اللاإرادي
تاريخ 11 ربيع الأول 1427 / 10-04-2006
السؤال
تزوجت من شخص واكتشفت أنه قد أخذ منشطا لإتمام الزواج، طبعا بعد أيام من الزواج تبين أنه كان يتوقع هذا الأمر وكان محضر مصدر الحبة، وصبرت على أنني متزوجة وكنت أساعده على المحاولات الفاشلة التي كان يحاولها لكن دون جدوى، ثم وبعد أيام من الزواج اكتشفت أمرا آخر وهو أنه مريض منذ صغره بالتبول على نفسه وقد ادعى في بادئ الأمر أنه من الخوف فصبرت ولكن اعترف لي أنه منذ صغره كان يعاني من هذا الأمر مع العلم أني طلبت منه مراجعة الطبيب لمعالجة كلا الأمرين (الضعف الجنسي والتبول) علما أن عمره 26 سنه فكان في كل مره يدعي أن الطبيب بين له أنه طبيعي وممتاز وأن تبوله أمر طبيعي وكذلك ضعفه بل إنه في قمة الصحة وهو محتاج فقط للتركيز؟ وصبرت على كذبه وفي يوم صحوت ووجدت البول على جسمي منه فوجد أنه أمر طبيعي وأنه لا توجد مشكلة مع العلم أننا عريسان جديدان ففي الشهرين اللذين قضيتهما معه لم يكن هنالك اتصال كامل إلا في الشهر الثاني وكانت مرة واحدة ومن بعدها حدث التبول الذي كان علي فطلبت من أهلي أن يأخذوني لأنني لم أعد أستطيع أن أتحمل البول المتكرر والذي طالني بالإضافة إلى عدم حدوث ما يفعله المتزوجون الطبيعيون(مع(99/19)
العلم أن والديه كانوا على علم بكل شيء من الضعف والتبول الذي كان ملازما له منذ الصغر ولم يتم مصارحتي به قبل الزواج) والآن قد طلبت الطلاق عن طريق المحكمة وتم تحويلي إلى الاستشارات العائلية وتم تحديد جلسة طبعا بعد شهرين من تقديم الطلب وتم تحديد جلسة علما بأنه لم يحاول إرجاعي غير
أنه اتصل مرة واحدة وفي تلك المرة هددني بأنه سوف يقوم بالتشهير بي ؟واتهمني بأنني قصرت في حقه .سؤالي الآن ماذا لي من حقوق وما على من واجبات وهل يحق لي المؤخر؟وما هي الأمور المبطلة للطلاق في حالة حدوثه؟علما بأنني الآن في منزل أهلي منذ شهرين وهذا هو الشهر الثالث وتأكدت من عدم وجود أي حمل، الرجاء الرد بأقرب وقت ممكن مع التوضيح، ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج على ما وصفت الزوجة
من الضعف الجنسي، ومن ( التبول اللاإرادي) فإن لها الحق أن تطلب الفراق منه إما بطلاق أو خلع إذا كانت متضررة من البقاء معه، وتخشى أن يؤدي ذلك إلى تضييع حقوقه التي أمر الله بها، ولا حرج على الزوج إن طلب منها شيئا تفتدي به كمؤخر الصداق مقابل إجابتها للطلاق. لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229}. ولحديث ابن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه من دين ولا خلق، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، فأمرها بردها، وأمره بفراقها. رواه البخاري.
وليس لها الخيار في فسخ النكاح بالعيبين المذكورين، لأن من شرط فسخ النكاح بالعيب عدم فعل ما يدل على الرضى به بعد الاطلاع عليه، ولأن الضعف الجنسي إنما يثبت به خيار فسخ النكاح إذا بلغ درجة العنة وهي العجز عن إيلاج الذكر، ومن أقرت بالوطء ولو مرة، فقد نفت عن الزوج أن يكون عنينا، قال في منتهى الإرادات: ومن اعترفت بوطئه في قبل بنكاح ترافعا فيه ولو مرة أو في حيض أو نفاس أو إحرام أو ردة ونحوه بعد ثبوت عنته فقد زالت؛ وإلا فليس بعنين انتهى. قال في الشرح: لاعترافها بما ينافي دعواها، ولأن حقوق الزوجية من استقرار المهر ووجوب العدة ثبتت بالوطء مرة، وقد وجد انتهى
وعل كل حال فلك طلب الطلاق أو الخلع كما تقدم، وإذا وقع الطلاق بغير عوض، فهو طلاق رجعي للزوج مراجعتك في العدة، ولك حق النفقة والسكنى، وأما إذا كان بعوض، أو أوقعه القاضي فهو بائن، وليس لك نفقة إلا أن تكوني حاملا، ولك مؤخر صداقك إلا إذا جعل عوضا للخلع، فيسقط حقك فيه.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كتمان عقم الخاطب..رؤية فقهية(99/20)
تاريخ 26 صفر 1427 / 27-03-2006
السؤال
لي أخ عقيم لا يلد . وأرادت أمي أن تخطب له من إحدى الأسر
فجاءت هذه الأسرة تسأل زوجتي عن أخي فأفشت سر عقم أخي واغتاظت أمي كثيرا من ذلك. فما هو حكم الشرع؟ وماذا أفعل؟ فهذا أمر مستعجل
وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العيوب على قسمين:
القسم الأول: ما يستحق بها أحد الزوجين الفسخ إن وجدها في الطرف الآخر، وهذه العيوب عند أكثر أهل العلم، عيوب محددة لا يزاد عليها، ومنهم من زاد عليها. وانظر الفتوى رقم: 54859.
القسم الثاني: ما لا يَسْتَحقُ أحد الزوجين به الفسخ، ولكنها عيوب تنفر منها النفوس؛ كأن يكون أحد الزوجين عقيما أو أعمى أو مقطوع اليد أو الرجل أو نحو ذلك، فهذه عيوب ينبغي الإخبار بها، وكتمها داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم وغيره.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق جمهور الفقهاء على أن العقم ليس عيبا يثبت به خيار طلب فسخ عقد النكاح إذا وجده أحد الزوجين في الآخر، قال ابن قدامة: لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا، إلا أن الحسن قال: إذا وجد أحد الزوجين الآخر عقيما يخير، وأحب أحمد تبيين أمره وقال: عسى امرأته تريد الولد، وهذا في ابتداء النكاح، فأما الفسخ فلا يثبت به ولو ثبت به لثبت بالآيسة ; ولأن العقم لا يُعلَم، فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب ثم يولد له وهو شيخ، ولكن يستحب لمن فيه العقم أن يعلم الآخر قبل العقد، ولا يجب عليه ذلك.اهـ
قال المواق المالكي في التاج والإكليل: وللولي كتم العمى ونحوه، وعليه كتم الخنا. قال مالك: ليس على الولي أن يخبر بعيب وليته ولا بفاحشتها إلا العيوب الأربعة، أو أنها لا تحل له بنسب أو رضاع أو عدة. قال مالك: ولا ينبغي لمن علم لوليته فاحشة أن يخبر بها إذا خطبت.اهـ
وأما إخبار زوجتك بعد أن استشيرت بعقم أخيك فلا حرج فيه، بل من أهل العلم من أوجب ذلك، قال الإمام ابن حجر الهيتمي: ومن استشير في خاطب)...( ذكر ) وجوبا في الأذكار والرياض وشرح مسلم كفتاوى القفال وابن الصلاح وابن عبد السلام ( مساوئه ) الشرعية وكذا العرفية فيما يظهر أخذا من الخبر الآتي (وأما معاوية فصعلوك لا مال له).اهـ وانظر الفتوى رقم:39980.
ولذا نرى أن تحاول تهدئة أمك بأن تبين لها أن المستشار مؤتمن، فينبغي أن يشير بالحق والصدق، وقد استشارت فاطمة بنت قيس النبي صلى الله عليه وسلم عندما تقدم لخطبتها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه, وأما معاوية فصعلوك لا مال له, انكحي أسامة بن زيد.(99/21)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من شروط فسخ النكاح بالعيب
تاريخ 11 صفر 1427 / 12-03-2006
السؤال
أود من فضيلتكم التكرم عليَّ بفتوى مستعجلة لأني في حيرة من أمري بين الحلال والحرام ، أنا شاب مسلم والحمد الله أردني الجنسية عمري 25 سنة متزوج
أنا تزوجت من فتاة بنت خالي وبالعلم أن فترة الخطوبة بقيت سنتين وبعد سنتين تزوجنا على شرع الله ولكن بعد زواجي منها فوجئت بأنها مصابة بمرض الصدفية مع العلم طيلة السنتين لم يخبرني أحد بهذا الأمر البنت وأمها وأبوها وأخوها وأختها لم يقم أحد منهم بإخباري بأن البنت مصابة بالصدفية مع العلم قبل الزواج بشهر تقريبا كنت في زيارة خطيبتي فوجدت على يدها حبا بشكل واضح فقلت لخطيبتي ما هذا فقالت لي حب شباب وقلت لامرأة خالي التي تكون لي أم زوجتي لماذا لا تعالجي البنت فقالت هذا ليس أمرا خطيرا سأحضر لها دواء. وقد مر على زواجنا سبعة أشهر والحالة من سيء إلى أسوء وبعد أن سألت الأطباء قال لي الأطباء هذا المرض رفيق العمر وبرغم عرضها على طبيب وأقوم بشراء العلاج على حسابي ولكن الموضع يا سيدي المفتي بأني في أحيان يكون الأمر مقرفا لا أستطيع أن أجامعها وفي أحيان يذهب هذا الحب سؤالي إلى فضيلتكم : هل إذا طلقتها أنا أكون ارتكبت شيئا من الحرام ؟
وسؤالي الآخر : هل بعد الطلاق يحق لزوجتي حقوق ملاحظة ( زوجتي لا تقصر معي في شيء وتقوم بحقوقي على أكمل وجه ولكن موضع المعاشرة الجنسية هناك شيء من نفسية بسبب المرض ) ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لمن يعلم من نفسه عيباً مؤثراً على العلاقة الزوجية أن يكتم هذا العيب عمن أراد الزواج به ، ولا يجوز الغش وكتمان العيب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم.
وقد ذكر العلماء أن من العيوب التي توجب الخيار في فسخ النكاح العيوب المنفرة أو المعدية، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 6559. فإذا كان بأحد الزوجين عيبا منفرا ، فللطرف الآخر الفسخ إن تم النكاح بدون علمه بهذا العيب ، وعدم فعل ما يدل على الرضى به بعد الاطلاع عليه ، فإن فعل ما يدل على الرضى به سقط حقه في خيار الفسخ ، والسائل قد أمضى فترة بعد علمه بالعيب ، ولم يطلب فسخ العقد ، وطلب لها الدواء مما يدل على رضاه به ، فيكون العقد لازما حينئذ وليس له فسخه .(99/22)
وأما الطلاق فلا حرج عليه فيه إذا كان لحاجة ، وللزوجة كل حقوق المطلقة التي سبق بيانها في الفتوى رقم : 9746 ، ونرشد الزوج إلى الصبر على هذا البلاء واحتساب الأجر في هذه الفتاة ، لا سيما وأنها لا تألوا جهدا في القيام بحقوقه ، ولما لها من حق القرابة والرحم ، وله أن يتزوج بأخرى إذا أراد ذلك وقدر عليه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الضعف الجنسي... والزواج
تاريخ 17 ذو الحجة 1426 / 17-01-2006
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة أعاني من مرض ضعف الجنس بدرجة كبيرة منذ حوالي سنتين، أنا خاطب لفتاة ومقبل على الزواج رغم أنني آكل جيداً أي نوع من الفيتامينات، أرجو أن تساعدوني أنا في حيرة من أمري، لعلمكم منذ سنتين ولمدة 10 أيام متتالية كنت أصبح جنباً استغربت في الأمر، ولكن بعدها رأيت بأنني ضعيف جنسياً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيل همك وأن يكشف كربك وأن يذهب عنك ما تجد، واعلم أن المسلم قد يُبتلى ببعض البلايا، فينبغي أن يقابل ذلك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، ففي ذلك رفعة الدرجات وتكفير السيئات، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة.
ولا ينبغي للمسلم أن ييأس في طلب العلاج لما قد يصيبه من أمراض، وقد ذكرنا طرفاً من وسائل علاج الضعف الجنسي في الفتوى رقم: 9962.
وننبه إلى أمر مهم وهو أن مجرد الضعف الجنسي ليس بمانع من الزواج, ولا يلزم إخبار المخطوبة به قبل الزواج، ما لم يصل الحال إلى حد يغلب معه الظن بعدم القدرة على الوطء، وإعفاف الزوجة، فيلزم حينئذ إخبار المخطوبة قبل الزواج منها، وإلا ثبت لها خيار الفسخ بعد الزواج، وتراجع الفتوى رقم: 63281.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ضعف بصر الزوجة هل يعتبر من العيوب
تاريخ 25 ذو القعدة 1426 / 26-12-2005
السؤال
سؤالي
أني قد تزوجت وبعد أن تزوجت علمت أن زوجتي لديها عين ضعيفة جدا (كسل في العين) ولم أكن أعلم ذلك قبل الزواج ولكنى تقبلت الوضع إلى حد ما ولكني قرأت(99/23)
فتوى لكم مماثلة وعلمت أن ذلك يعتبر غشا للزوج فتضايقت من زوجتي ومن أهلها لأنهم لم يخبروني ولكن بعد أيام هدأت وتقبلت الوضع ولكنى أحيانا ما أكون متضايقا من أهل زوجتي لإحساسي أني خدعت
ماذا أفعل حتى أتخلص من ذلك الشعور؟ وما رأي الشرع فيما حدث حتى أهدأ ويطمئن قلبي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الضعف في البصر خصوصا في إحدى العينين دون الأخرى ليس مما يحول بين الرجل وبين الاستمتاع بزوجته، ولذا فوجوده أمرٌ هين وسهل، ولذا فنصيحتنا لك أن تنسى هذا الأمر تماماً، وتزيل من قلبك ما فيه على أهل زوجتك، واحفظ لهم المودة والمحبة ، وحسن المعاملة، ولا تدع للشيطان طريقا لإفساد حياتك الزوجية، بل احمد الله على نعمة الزواج ، فالزواج نعمة من نعم الله تعالى وآية من آياته. قال سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم: 21} فاحرص على توفر المودة والرحمة في جو أسرتك. وفقك الله وأعانك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الخصية الواحدة.. هل تعتبر عيبا
تاريخ 04 ذو القعدة 1426 / 05-12-2005
السؤال
إخوتي في الله سؤالي
لكم هو أني إن شاء الله سأتزوج بعد عدة أيام لكن أنا خلقني الله بخصية واحدة فقط الحمد لله لا أعاني من أي مشكل فانا ولله الحمد بخير أعني قدرتي الجنسية كما أكد ذلك الأطباء و قالوا إن هذا يحصل مع كثير من الناس سؤالي هو هل يجب علي إخبار خطيبتي بهذا الأمر أم لا أسألكم بالله أن تردوا علي في أقرب وقت ممكن وأن لا تحولوني على فتاوى مشابهة فانا أريد الجواب الشافي من لجنتكم الموقرة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوج إخبار زوجته بما فيه من العيوب البدنية، إلا أن تكون تلك العيوب تحول دون المعاشرة الزوجية أو تنفر من ذلك، والعيوب المنفرة ذكرها النووي في المنهاج بقوله : وجد أحد الزوجين بالآخر جنونا أو جذاما أو برصا, أو وجدها رتقاء أو قرناء، أو وجدته عنينا أو مجبوباً ثبت الخيار في فسخ النكاح .اهـ
قال الإمام الشربيني في مغني المحتاج: وثبوت الخيار بهذه العيوب قال به جمهور العلماء وجاءت به الآثار, وصح ذلك عن عمر رضي الله عنه في الثلاثة الأول, وهي المشتركة بين الزوجين, رواه عنه الشافعي وعول عليه: لأن مثله لا يكون إلا عن توقيف.اهـ(99/24)
وهذا العيب الذي ذكرت ليس عيبا منفرا ولا يمنع من المعاشرة كما نقلت عن الأطباء، وعليه.. فلا يلزمك إخبار الزوجة به، وانظر الفتوى رقم 53843.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا بأس بترقيع غشاء البكارة لمن خشيت على نفسها القتل
تاريخ 15 رمضان 1426 / 18-10-2005
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 28 عاما، وقد تعرفت على شاب قبل 4 سنوات وأحببتة جدا وفي الأربع سنوات تقدم للزواج مني من أهلي 8 مرات كان رفض أهلي لهذا الزواج شديدا لأنه ليس بدويا مثلي مع أنه ذو دين وخلق ولكني لم أنظر إليه من هذه الناحية، فقد أحبني جداً وأنا أيضا وبعد سنة من علاقتنا قد تزوجنا من بعضنا البعض واجتمعنا وأشهدنا الله على زواجنا وعاهدته على الإخلاص له وأن لا أفارقه أبداً لأن أهلي رفضوا هذا الزواج، وفي إحدى الأيام كان في بيتنا(عزومة) لوليمة، وأتى للوليمة عمي، وفي الأصل هو ليس عمي، فقد انتسب أبي إليهم بالاسم فقط وطلب من أبي أن يقبل بابنه زوجا لي وحصل ما حصل، لجأت لذلك الشاب بالطلب أن يستر علي وعلى عائلتي وأن يساعدني على عملية لغشاء البكارة، لأن عائلتي لم تكن تتصور في يوم من الأيام أنه قد فعلت ما فعلت وأنهم يحسبون أني بكراً وأنا بالأصل لا وابن عمي وعمي أيضا يحسبون أني بكراً وأقبلوا على الزواج مني على هذا الحساب، وقد تم العقد، أنا أشعر بأني قد خنت العهد بيني وبين هذا الشاب الذي أحببته وأني خدعت عائلتي وعائلة عمي وابن عمي، هل لهذا العقد أي صحة في الشريعة الإسلامية مع أني قبلت الزواج من ابن عمي تحت ضغوط نفسية من قبل عائلتي وأنا بالأصل لم أرغب بالزواج منه وفي نيتي أن أطلب الطلاق منه لأني لا أستطيع العيش مع الكابوس وأجامعه غصبا عني لأن ذلك يسبب لي مشاكل نفسية واضطرابات وكون رجل آخر يلمسني غير ذلك الشخص، هل أصارح ابن عمي بالماضي، ولكني أخاف أن يقتلوني أم أطلب منه فسخ العقد وإن لم أستطع الطلاق كوني لا أستطيع العيش في هذه الحالة من الجرم بحقي وبحق غيري وكل ما دعاني للفراش أكتئب وأتخيل الشاب وفي الآونة الأخيرة قال لي الشاب أنا أنتظرك وحلف يمينا أنه لا يقبل بزوجة غيري، أفيدوني هل لكل هذا أي صلاحية في الشريعة الإسلامية، أرجو أن تفيدوني بدقة على كل سؤال وأفتوني في حالتي؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيتها الأخت أن تتوبي إلى الله تعالى من الذنب العظيم والجرم الكبير الذي وقعت فيه أنت وهذا الرجل، ومن ضمن توبتك أن تجتنبي هذا الشاب الذي(99/25)
تعرفت عليه فابتعدي عنه واحذري اللقاء به أو الاتصال عليه، قبل أن يحل عليك غضب الله في الدنيا والآخرة.
والعهد الذي بينكما عهد باطل أوقعكما في الحرام، وأما زواجك بهذا الشاب من غير ولي ولا شهود فهو نكاح باطل باتفاق العلماء جميعاً. وعليه.. فليس هذا الرجل زوجاً لك، ولا يغير في حقيقة الأمر قولك (قد تزوجنا من بعضنا البعض واجتمعنا وأشهدنا الله على زواجنا وعاهدته على الإخلاص) وإشهادكم الله على الزنا الذي سميتموه زواجاً تلاعب بالشرع.
ونعجب كيف تقولين إن لمس من يتزوجك بالحلال سيؤدي إلى اضطرابات نفسية وغير ذلك؟!! ولمس ذلك الفاجر الذي قلت إنه متدين لم يكن يسبب لك أي إشكالات ولا اضطرابات، ونعجب عندما تقولين أخرى إنك تشعرين بأنك قد خنت العهد الذي بينك وبين هذا الرجل، ولم تتألمي لأنك خنت العهد الذي بينك وبين الله تعالى بتعدي حدوده، وأما بشأن عملية ترقيع غشاء البكارة فسبق الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 61458.
وأنت بزوال بكارتك بالزنا ثيب فليس لوليك إجبارك على النكاح عند بعض أهل العلم، قال الإمام النووي في شرح مسلم: وأما الثيب فلا بد فيها من النطق بلا خلاف سواء كان الولي أبا أو غيره لأنه زال كمال حيائها بممارسة الرجال، وسواء زالت بكارتها بنكاح صحيح أو فاسد أو بوطء شبهة أو بزنا، ولو زالت بكارتها بوثبة أو بأصبع أو بطول المكث أو وطئت في دبرها فلها حكم الثيب على الأصح، وقيل حكم البكر. والله أعلم. انتهى.
والخلاصة: أنه يجب عليك قطع العلاقة مع ذلك الشاب الأول فوراً والتوبة إلى الله مما مضى، والذي ننصحك به أن تستري على نفسك وتقبلي بمن تزوجك زواجاً صحيحاً ورضي به والدك فلعل الله تعالى أن يكتب لك الخير معه، ثم إذا اكتشف الأمر عند الدخول فبيني له أن زوال البكارة له أسباب كثيرة غير الوطء، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 5047. لكن إن خشيت على نفسك القتل كما ذكرت جاز لك الإقدام على تلك العملية.
وأخيراً ننصح آباء البنات وأولياء أمورهن بأن يتقين الله فيهن، وأن لا يعضلوهن إذا تقدم لهن من كان مرضياً في دينه وخلقه لمبررات لا يقيم لها الشارع الحكيم وزناً، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الزواج بمن رتقت بكارتها
تاريخ 09 رمضان 1426 / 12-10-2005
السؤال
لي صديق مقبل على الزواج من امرأة كانت لها علاقة غرامية من قبله وقد أدت هذه العلاقة بينهم إلى الحرام (الزنا) . وهو ليس لديه علم بهذه العلاقة وقد يعرف أن هذه المرأة بنت بنوت وحتى لا يكشفها عملت عملية رتق البكارة . ما عليها أن تفعل(99/26)
وما عليه أن يفعل إذا عرف بالمستقبل . وما حكم الشرع في هذا الزواج إذا تم وهل يجوز للمرأة أن تتزوج منه على هذا الوجه من الخداع. وما حكم الشرع في كل ما ذكرته؟
أرجو أن تفتوني به بالتفصيل عن كل مرحلة وما حلها؟ جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذه المرأة التوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه، ومن التوبة الإقلاع عن المعصية والعزم الصادق على عدم العودة.
وأما عملية ترقيع غشاء البكارة فقد ذكرنا أنها لا تجوز إلا إذا خشيت المرأة القتل أو الضرب المبرح أو الضرر البليغ. وانظر الفتوى رقم 49021، والفتوى رقم 64298 .
وزواجها بهذا الرجل إن تم صحيح، ولا ينبغي لها أن تخبره بل تستر على نفسها، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجَّه من وقع في شيء من هذه الأمور إلى أن يستتر فقال : اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطأ مرسلا عن زيد بن أسلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
التشوه الظاهر لا أثر له على صحة الزواج
تاريخ 08 رمضان 1426 / 11-10-2005
السؤال
أنا شاب تونسي ابتليت بتشوه خلقي في العينين (شفرة العين) ولي من العمر 33 سنة، ما رأي الإسلام في إمكانية زواجي مع العلم أن هذا التشوه وراثي فأبي كذلك وجدي سليم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشوه المذكور لا يمنع من الزواج ، ولا تأثير له على صحة الزواج ، خاصة وأن المرأة ستكون على بينة منه لأنه تشوه ظاهر ، بل حتى لو فرض خفاؤه عليها ، لما كان له أثر على صحة الزواج ، ولا يثبت لها الخيار ، لأنه ليس من الأمراض التي يثبت بها الخيار إذا لم يتم بيانها قبل العقد ، وسبق بيانها في الفتوى رقم :6559 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج من به عيب جنسي خلقي
تاريخ 24 رمضان 1426 / 27-10-2005
السؤال(99/27)
جزاكم الله من فضله على عملكم لما فيه من تنوير وهداية.
أنا شاب في 32 من عمري مهندس بالقطاع العام والحمد لله أن من علي بهده الوظيفة, هداني الله لطريقه السوي وأفضل نعمه... مشكلتي أني تعرفت على فتاة مدة 3 سنوات وأنا أحبها كثيرا وهي أيضا, من صميمي أريد الزواج بها لكن ما باليد حيلة حيث أعاني من عيب جنسي خلقي يستحيل معه أداء الواجب الزوجي، استشرت الأطباء وأكدوا لي أن الأمر يحتاج وقتا طويلا ومصاريف مكلفة مع أن الحل ليس مضمونا.. فماذا أفعل، أأكون مذنبا إن لم أتزوج، (من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، أجد الأمل في دعواتي وتضرعاتي لله الشافي في كل صلواتي بأن يعافيني كي أتزوج والحمد لله على حكمه وقدره، أرجوكم نوروني وادعوا لي بالشفاء والعافية فأنا في حيرة من أمري؟ وشكرا جزيلا لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل وأن يمن عليك بالصحة، واعلم أخي أن النكاح ليس بواجب في الأصل، فمن تركه لعدم التوقان إليه أو لعذر كعذرك فإنه ليس بآثم ولا حرج عليك في ذلك، بل قد يكون ترك الزواج هو المتعين عليه. ولمعرفة حكم الزواج انظر الفتوى رقم: 53409، ولمعرفة المراد بالباءة انظر الفتوى رقم: 56466.
والعيب الذي أشرت إليه في سؤالك إن كان يمنعك من الجماع فلا يجوز لك أن تغر من تقدم على زواجها، ولكن إن رضيت بك بعد العلم بحالك فلا حرج في الزواج حينئذ، وانظر الفتوى رقم: 33734.
وننبهك أخي الكريم إلى أن هذه المرأة أجنبية عنك فاقطع العلاقة بها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
(البكارة) ليست دليلاً على عفة المرأة أو عدمها
تاريخ 21 شعبان 1426 / 25-09-2005
السؤال
تعرفت على رجل وأحببته دامت علاقتنا ثلاث سنوات وتطورت صارحته خلالها بأنني لست عذراء، ولكني لم أفعل شيئا أفقدني عذريتي بل اكتشفت ذلك عن طريق الصدفة، ويعلم الله أني لم أتعمد فقدانها ولم أفعل شيئا جعلني أفقدها بل يمكن أن يكون خلال ممارستي للرياضة أو أي شيء آخر لم يتقبل الأمر، ولكنه قال إنه لا يستطيع فقداني لأنني كنت نعم المرأة التي تقف معه في كل مشاكله فأنا الحبيبة والأم والأخت وكل شيء بالنسبه له، نعم لقد كنت قدم السعد عليه في كل شيء وهو لا يعتمد على أي شخص آخر سواي، تقدم لخطبة فتاة أخرى وخطبني أنا شخص آخر لكن باءت الخطوبتان بالفشل وعدنا بعد أن تأكدنا أنا لا نستطيع الابتعاد عن بعضنا، طلبت منه أن يتقدم لخطبتي لكنه طلب مني مهلة للتفكير ورده بالنسبة لي أنه لا يستطيع نسيان العاهة التي بي وهي أنني لست عذراء وفي نفس الوقت لا(99/28)
يستطيع الابتعاد عني والتفكير في إنسانة أخرى، الشيطان يوسوس له وهو محتار وأنا أيضا فالوقت يمضي وأنا لم أتزوج ولم أرزق بأطفال إلى الآن وعمري قد تجاوز 32 سنة،
سؤال هو: ما هو حكم الشرع في الرجل الذي يتزوج امرأة ليست عذراء وهي بريئة مما يفعله بنات جيلها من استهزاء بالعذرية وكذب على الرجل وذلك لتقدم الطب في هذا الموضوع، أيكون مصيري أنني صارحته فقدان الشخص الذي أحببته، ما حكم الشرع في الرجل الذي يستر المرأة غير العذراء والتي لم تفعل شيئا جعلها تفقد عذريتها بل الأقدار وحدها، أرجو أن تفيدوني في هذا الموضوع فمصير علاقتي به متوقفة على ما ستقولونه، أطلب النصيحة لي وله كي يبتعد عن وسوسة الشيطان في موضوع العذرية أريده أن ينسى فأنا الوحيدة التي أحبته وأحبها وكل أفعاله معي تشهد على ذلك وهو لا يشك يوما في صحة كلامي ولا في أخلاقي بل تلك هي المشكلة الوحيدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولاً: عليك قطع هذ العلاقة مع هذا الرجل الذي هو أجنبي عنك والتوبة إلى الله منها، ولتعلمي أنك بمخالطتك لهذا الرجل التي تذكرين ومحادثتك معه في أخص الأمور ترتكبين إثماً عظيماً وكذلك هو، وإذا كان صادقاً ووفياً فليتقدم لخطبتك من وليك، والزواج بك، أما أن تبقى العلاقة هكذا دون رابط شرعي، فهذا حرام لا يجوز.
ثانياً: على هذا الرجل أن يعلم أن العذرية (البكارة) ليست دليلاً على عفة المرأة أو عدمها، وذلك أن هذا الغشاء الرقيق يزول بأسباب كثيرة، وليس بالضرورة أن يكون سبب زواله الفاحشة، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 33072، والفتوى رقم: 57249.
ثالثاً: يجب على الرجل أن يتقي الله في هذه المرأة وأن لا يضيع شبابها أكثر مما ضاع، وعليها أن لا تسمح له بذلك، فإذا كان لا ينوي الزواج بها، فعليه أن يتركها، وعليه أن يعلم أن هذه المرأة التي أخبرته بالأمر كان بإمكانها أن تغشه وتكذب عليه، كما يفعله بعض النساء، ولكنها أخبرته بالحقيقة، والأصل في المسلم الصدق، وعدم ارتكاب الفاحشة، فنحثه على الوفاء معها، والزواج بها والستر عليها، وتكوين أسرة مسلمة صالحة، ونحثهما على التوبة من العلاقة السابقة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الذهاب للطبيبة لمعرفة حال البكارة
تاريخ 17 شعبان 1426 / 21-09-2005
السؤال
أريد منكم التفضل لحل سؤالي وهو رقم 281676 حيث لم أجد فتوى أو حلا محددا وصريحا لما قلته، أريد الحل وماذا أفعل بالضبط في مشكلتي، السؤال: كنت أمارس العادة السرية منذ فترة ليست بقليلة والحمد لله ربنا تاب علي، أنا الآن انتهيت من(99/29)
الدراسة أثناء كنت في المرحلة الجامعية حكيت لزوجة خالي على الذي كنت أفعله وهو العادة السرية وذهبت معي إلى الدكتورة لكي أطمئن والحمد لله ربنا ستر وكنت سليمة وتبت بعدها وبعد فترة كبيرة رجعت إلى العادة ولكني لم أفعلها إلا مرتين وبعدها تبت إلى الله توبة نصوحا ومن بعدها لم افعل هذه العادة إلى الآن والحمد لله لأني عاهدت الله أن لا أفعل هذه العادة مرة أخرى ولم أحك لزوجة خالي على المرتين لأني بعدها تبت والآن أنا مخطوبة لابن عمتي ولم أحك لأحد على الموضوع ولكنى أخشى أن أكون فقدت عذريتى لأن أبى وأمي أناس طيبون وعلى قدر حالهم، فماذا أفعل أنا تبت والله العظيم فكيف أتأكد أنني سليمة من المرتين فصليت صلاة استخارة لعل الله يهديني إلى شيء فبقيت لفترة أصلي لكي يظهر شيء في الاستخارة يدلني أنني سليمة وأصلح للزواج وفي مرة صليت الصبح بعدها بفترة قصيرة وصليت صلاة الاستخارة فحلمت أن زملائي أتوا بنتيجة الكلية وبعدها زميلتي نزلت في مادة من المواد فأتت زميلتي وقالت لي إنك نزلت في مادتين فذهبت لأتأكد بنفسي فذهبت الى الكلية فالمشرفة هناك أظهرت لي النتيجة وقالت لي إنني ناجحة في كل المواد وقالت لي صفحتك منورة يا زينب وبعدها استيقظت فهل في الاستخارة شيء وقولوا لي ماذا أفعل الآن هل أصارح خطيبي أم ماذا أفعل وجزاكم الله كل خير وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعادة السرية تقدم حكمها، ومضارها في الفتوى رقم 7170، والفتوى رقم 24126، ومن مضارها بالنسبة للبنات الأبكار، أنها ربما تسببت في فض غشاء البكارة ، والذي يعتبر في كثير من المجتمعات دليل عفة الفتاة، أو عدم عفتها، في حين أن زوال هذا الغشاء ليس دليلا على عدم عفة الفتاة، لأنه يزول بأسباب أخرى غير الفاحشة كما تقدم بيانه في الفتوى رقم 8417
.
ونبارك للأخت توبتها من هذه العادة ، ونحثها على الثبات على هذه التوبة، وأن تبعد نفسها عن ما يثير شهوتها من وسائل وأسباب، وعليها أن تستر نفسها فلا تخبر أحدا بماضيها ، ولا يجوز الذهاب إلى طبيبة أو غيرها لمعرفة حال البكارة، لأن هذا يتضمن كشف العورة المغلظة بلا ضرورة.
فينبغي لها التوكل على الله، ولا تخبر الخاطب بالأمر، فإذا تبين بعد الزواج زوال البكارة لا سمح الله، فلتخبر الزوج أن البكارة تزول بأسباب كثيرة، وتطلعه على الفتوى المحال عليها. وراجعي في ثمرة الاستخارة فتوانا رقم: 30093.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المرض الخفيف لا يجب على الخاطب بيانه
تاريخ 18 رجب 1426 / 23-08-2005
السؤال(99/30)
أنا متزوج منذ ما يقارب السنة والنصف، وأنا مصاب بالصرع ولكن بشكل خفيف بحيث إني أتعاطى يوميا أقراصا من أجل أن لا تأتيني نوبات الصرع، وإذا توقفت لفترة طويلة عن أخذ الدواء تأتيني النوبة. في فترة الخطوبة لم أخبر زوجتي عن هذا المرض، و بعد الزواج كذلك لم أخبرها لغاية الآن، سؤالي هل يتوجب علي أن أخبرها؟ و هل أنا آثم لعدم إخبارها؟ و هل أعتبر غشاشاً لعدم إخبارها؟ أرجو منكم الإجابة على سؤالي هذا بالسرعة القصوى.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصرع الخفيف الذي لا يحصل من صاحبه ضرر ليس من الأمراض التي يثبت بها خيار الفسخ وليس مؤثرا ينبني عليه قبول أو رفض الزواج، ففي الدسوقي عند قول خليل: وبجنونهما، وإن مرة في الشهر. قال:... ثم محل الرد بما ذكر من الجنون الذي يحصل في الشهر مرة إذا كان يحصل منه إضرار من ضرب أو إفساد شيء، أما الذي يطرح بالأرض ويفيق من غير إضرار فلا رد به. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 31586. وما كان من الأمراض بهذه المثابة فلا يجب بيانه للمخطوبة، ولا يعد عدم إخبارها به غشا لها، ولا يلزم الزوج إخبار الزوجة بما يعانيه من مرض ونحوه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الطلاق في هذه الحال ليس قطعا للرحم
تاريخ 11 رجب 1426 / 16-08-2005
السؤال
ما حكم الشرع في رجل تزوج من ابنة خالته دون أن يعلموه أن
بها مسا وأنه لم يدخل بها بعد معرفة الحقيقة والآن تمر سنتان وأنا في حيرة من أمري بما سوف أعمله لان الأمر يتعلق بأقاربي وأخاف من باب الرحم أن تزول الصلة وهذا حرام لا يقبله الله و رسوله صلى الله عليه وسلم.
مع العلم أنني عاتبت والديها على ما فعلا بي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على صبرك على بنت خالتك ، وكان ينبغي أن يعلموك بمرضها، وعموما فننصح بالصبر عليها، وعلاجها بالرقى الشرعية ما أمكن ، وليس المس عيبا يحول بينك وبين الاستمتاع بها إلا إذا وصل إلى حد الصرع الذي هو نوع من الجنون فقد ذهب جمع من العلماء إلى أنه عيب يستحق أحد الزوجين به الفسخ ، فإن رأيت عدم القدرة على البقاء معها على هذا الحال فلا حرج عليك في فراقها ولا شيء لها من الصداق إذا لم تستمتع بها ولم يحصل منك ما يدل على الرضا بعد علمك بالعيب، وليس هذا من قطع الرحم ، وإن كنت قادرا(99/31)
على الزواج بثانية مع إبقاء بنت خالتك والإحسان إليها فهذا هوالأفضل . وفقك الله لمرضاته وانظر الفتوى رقم: 50782 . والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يجب إخبار الخاطب بالمرض الذي يؤثر على الحياة الزوجية
تاريخ 10 رجب 1426 / 15-08-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
وجزاكم الله خيراً على تنوير طريقنا بفتاويكم النابع أصلها من القرآن والسنة.
إخواني أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة مخطوبة ومقبلة على الزواج بعد أيام معدودة مشكلتي هي أني أعاني من مرض الربو المزمن وقد أخبرت خطيبي بالأمر غير أني لم أطل الشرح فهو لا يعلم أن الأطباء يمنعوني من القيام بأي مجهود لأن ذلك هو ما يؤدي إلى النوبة التي تصيبني وقد حذرتني الطبيبة بعد علمها بخطبتي من الحمل لأن الأمر فيه خطورة على صحتي سؤالي هل سأذنب في عدم قول الحقيقة قبل الزواج خصوصا وأني في العلاج ويمكن أن تتحسن صحتي دون أن يعلم بمرضي أم أن ذلك فيه إثم؟
آسفة على الإطالة
وجزاكم الله خيراَ.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وأن يجعل لك من أمرك يسرا، ونذكرك بقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4}.
أما بخصوص إخبار الخاطب بما تعانينه من مرض الربو المزمن، والذي يمنعك من القيام بأي مجهود، ويمنعك كذلك من الحمل فنقول: يجب عليك إخباره به بشكل صريح وواضح، وذلك أن هذا المرض مؤثر ينبني عليه قبول أو رفض الزواج، وما كان من الأمراض بهذه المثابة يجب بيانه للخاطب، كما سبق في الفتوى رقم: 31586.
وعدم إخبار الخاطب بهذا المرض يعد غشا له، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
وتراجع الفتوى رقم: 48828، ولكن لا بأس بتأخير إخباره حتى يتبين ما إذا كان المرض سيزول مع العلاج الذي ذكرت أم لا، ما لم يحن وقت العقد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لعنة التي يثبت بها الخيار للزوجة هي ما كان قبل الوطء
تاريخ 09 رجب 1426 / 14-08-2005(99/32)
السؤال
حدث بين رجل وامرأته خلاف وهما في شهرهما الأول من الزواج والخلاف الموجود هو ادعاء الزوجه بأن الزوج لا يستطيع معاشرتها ومع ذلك فهي حامل منه وبعد الكشف على الزوج وإجراء التحاليل اللازمة ثبت طبيا أن الزوج ليست به عيوب وأن ما قالته الزوجة افتراء وهي الآن تطالب بالطلاق بشرط استرداد كل ما لها من أثاث ومهر وشبكة فما حكم الشرع. أرجو الإفادة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوج أن يطلق زوجته ولا يجوز للقاضي أو غيره أن يجبر الزوج على الطلاق إلا إذا ثبت الضرر أو ثبت العيب الذي تستحق المرأة به الفسخ كالعنة ( العجز عن الجماع)، أما في حال الاستقامة وعدم العيب فلا يجبر الزوج على الطلاق، والجدير بالملاحظة أن العنة التي يثبت بها الخيار للمرأة هي التي تكون قبل الوطء. وأما لو وطئها ولو مرة واحدة، فإنه لا يكون لها الخيار بعد لو طرأت له عنة وهي مصيبة نزلت بها.
وله أن يوافق على الطلاق في مقابل أن ترد إليه المرأة ما أعطاها أو يتفقان عليه . وانظر الفتوى رقم :48190.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل
تاريخ 04 رجب 1426 / 09-08-2005
السؤال
لقد قمت باستخدام رشاش الماء على المنطقة التناسلية وأحسست بأن غشاء البكارة قد حصل له شيء ونزل علي دم غزير ولكن لم يطل ولم يحدث أي ألم ولم يتبق على زواجي سوى عشرة أيام فما العمل ساعدوني
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان أسباب وأحكام زوال البكارة وحكم ترقيعها في الفتوى رقم: 5047.
وعلى كل حال، فأنت غير متأكدة من زوال غشاء البكارة، فقد يكون نزول الدم بسبب آخر فإن ظهر بعد الزواج زواله وطلب منك زوجك بيان سبب ذلك فأخبريه بالحقيقة وأعلميه بأن غشاء البكارة قد يزول بأسباب كثيرة غير الوطء، فقد يزول بالوثبة والركوب على حاد واندفاع الحيض بشدة، ونحو ذلك، وأخبريه أنك لم ترتكبي الفاحشة أبدا، فإن لم يسألك فلا داعي لفتح الموضوع معه حتى لا تثار الشكوك، وراجعي الفتوى رقم: 33072
وننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى وكثرة الدعاء والإلحاح فيه فإن الدعاء من أهم الأسباب التي يرد الله تعالى بها البلاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرد(99/33)
القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. رواه أيضا الترمذي والحاكم وصححه الحاكم وحسنه الألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يلزم أحد الزوجين ذكر المرض الذي لا يعتبر عيبا يفسخ به النكاح
تاريخ 28 جمادي الثانية 1426 / 04-08-2005
السؤال
أنا شاب عقدت قراني على فتاة، لكني أخبئ عنها شيئاً هو أني قبل هذا ذهبت إلى الطبيب فوجدت ضغط الدم مرتفعا عندي، فقال لي الطبيب بعد الفحوصات أني سليم عضوياً، لكن مشكلتي في التوتر، لكن قد يكون ارتفاع ضغط الدم هذا دائما، أنا بالنسبة لي خفت فأصبحت آخذ دواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم، سألت أشخاصاً فقالوا لي أن هذا لا يعتبر مرضاً، فأفتوني.. هل يجب أن أقول للفتاة التي عقدت قراني عليها هذا الموضوع مع العلم أن عمري 29 سنة؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله تعالى لك الشفاء وأن يعينك على إتمام زواجك وأن يرزقك الذرية الصالحة، ثم اعلم أخي أن العيوب الواجب ذكرها بين قاصدي الزواج هي التي ذكرناها في الفتوى رقم: 53843.
وبما أن هذا العيب الذي بك ليس منها فلا يلزمك إخبار من تنوي الزواج بها ولا وليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم نكاح من يعاني من الضعف الجنسي
تاريخ 19 جمادي الثانية 1426 / 26-07-2005
السؤال
أعاني من ضعف جنسي أقرب إلى العجز وأنا خاطب حاليا وخطيبتي تحبني بشدة وأنا صارحتها بحالتي فقالت هذا نصيب من الله لي ولك وأنا أريدك بأي حال لكني أخاف عليها من الفتنة عقب زواجنا فيما لو فشلت جنسيا معها وأنا من حبي لها أخاف الله فيها ولا أريد لها العذاب وأرغب أن تعيش كسائر النساء أفتوني أجرتم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد أخبرت خطيبتك بحالتك وأنك تعاني من عجز جنسي أو ما يقارب العجز، فلا حرج عليك من الزواج بها، فإن الوطء كما هو حق للرجل هو حق(99/34)
للمرأة فلها التنازل عنه، هذا إذا كنت تسأل عن حكم الزواج بهذه الفتاة، وهل أنت مؤاخذ على الزواج بها شرعاً؟
وأما إذا كنت تطلب المشورة في الزواج بها أو عدمه، فنشير عليك بأن تبحث عن علاج لحالتك إن كنت عاجزاً عن الوطء، فإن منَّ الله عليك بالشفاء تزوجتها، وإن لم يأذن الله بالشفاء، وكانت الفتاة لا تزال صغيرة وأمامها فرصة للزواج بغيرك فنرى أن تصرفها عنك وتنصحها بالزواج بغيرك، حتى لا تتعرض للفتنة ولتعيش حياة طبيعية كبقية النساء، أما أنت فيمكنك أن تبحث عن امرأة يائسة من الزواج، أو لا ترغب في الوطء، مع بيان حالتك لها قبل الزواج، والله نسأل أن يشفيك ويوفقك لكل خير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا حرج عليك في الزواج طالما أثبتت الفحوص سلامتك من المرض
تاريخ 20 جمادي الثانية 1426 / 27-07-2005
السؤال
كنت قد حاولت أن أحل هذه المشكلة لوحدي لكني فشلت، وإني أتوجه إلى حضرتكم بطلب المساعدة.
أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاما لقد تربيت في بيت إيماني محافظ جدا وكنت دائما سريعا في طاعة الله وبطيئا في معصيته إلى أن حدثت الكارثة ألا وهي أني قبل سنة ونصف وقعت بالزنا مع فتاة أجنبية لا يوجد بيننا أي معرفة سابقة سوى أني قابلتها في الفندق الذي كنت أعمل فيه وكنت متمنعا عنها وعن غيرها إلى أن أوقعت بي المهم أني أقمت معها علاقة جنسية محرمة لمرة واحدة وإني أدعو الله لي ولكل شباب المسلمين بالصلاح والهداية وأستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، يا إخواني بعد هذه الغلطة الفادحة رجعت إلى الله تعالى فورا وندمت ندما شديدا إلى درجة البكاء في الصلاة على ما فعلت واستغفرت الله تعالى حق الاستغفار فتركت العمل بالفندق وذهبت للعمل في محطة للوقود بعد فترة قصيرة رجعت حياتي طبيعية وزاد إيماني بالله تعالى ولكن بعد خمسة أشهر جاءني وسواس بأني مصاب بمرض الإيدز (والعياذ بالله) خاصة بأني لم أستعمل واق جنسي إني أكتب هذه القصة وكلي خجل من الله ومنكم سامحني الله فذهبت لعمل فحص للإيدز في اليوم التالي فقالوا لي ارجع بعد اسبوعين لتلقي النتيجة وكانت والحمد لله سلبية (أي أن جسمي خال من هذا الفيروس) فحمدت الله و صليت ركعتين شكرا لله فهدأت أعصابي وعدت طبيعيا لكن لا أدري لماذا في ذلك اليوم ذهبت للمكتبة للاطلاع على هذا المرض وما هي فرص الإصابة به وأعراضه وطرق الكشف عنه والمصيبة التي أصابتني والتي أعاني منها الآن هي حين قرأت أن الفحص الذي عملته والذي اسمه Elisa غير دقيق وأنه من الممكن أن لا يكشف الفيروس لأن مبدأ عمله هو البحث عن الأجسام المضادة للفيروس في الدم وأنه من الممكن أن يكون الجسم مصابا به ولكنه لم ينتج أجساما مضادة وأن الفترة الواقعة ما بين الاصابة الفعلية وبين تكوين الأجسام(99/35)
المضادة تختلف من شخص ألى آخر المعدل هو ثلاثة أشهر ولكن بعض الناس يستغرق جسمهم ستة أشهر والبعض الآخر سنة ومنهم من لا ينتج جسمهم
أجساما مضادة للفيروس بالدم طوال الحياة فيعتقدون أنهم غير مصابين بالمرض فتظهر الأعراض عليه فجأة بعد سبع أو ثماني سنوات بدون أي سابق إنذار بعد أن قرأت هذا بدأ الخوف والقلق يسيطران علي وبدأت الوساويس تنخر في صدري إلى أن ضاق حالي وفقد من وزني وتساقط شعري من الهم والغم وظننت أنها النهاية بالنسبة لي فتوجهت لله عز وجل فخفف ذلك من ألمي لكني أصبحت في حالة نفسية يرثى لها فتحطمت كل طموحاتي وآمالي بالحياة والمصيبة الكبرى التي من أجلها توجهت إليكم هي أني أصبحت خائفا من الزواج أي أني خائف من أن أكون مصابا بالمرض وأن أنقله لزوجتي للفتاة التي سأحبها وأن أحملها نتيجة خطأ أرتكبته أنا وهي لا دخل لها فيه و لأولادي مستقبلا والذي بدوره سيحول حياتي إلى جحيم دائم.
أرجوكم ساعدوني أنتم الأمل الوحيد الذي لدي لكي أخرج من هذه الحالة بعد الله أرجوكم أني في ضائقة من أمري ماذا يجب علي أن أفعل لكي أتأكد من أني غير مصاب بهذا المرض مطلقا؟ ماذا أفعل في موضوع الزواج أريد أن أتزوج لكني خائف من مفاجآت بعد الزواج والتي يمكن أن تقضي علي وعلى أسرتي؟ وهل هنالك أنواع أخرى من الفحوصات التي تنصحونني بعملها؟
هل يجب علي أن أتوجه إلى طبيب نفساني؟ أو هل يجب علي أن أذهب إلى شيخ لكي يفك عني الشيء المسمى ب(العمل)؟ أم ماذا؟
أرجوكم أن لا تتجاهلوا رسالتي هذه وأن تعطوني إجابة وافية وشافية ومفصلة وأن تستفيضوا لي بموضوع التأكد من عدم الإصابة حتى وإن كلفكم ذلك الاستعانة بأطباء متخصصين.
وأتمنى أيضا ان تساعدوني بموضوع الزواج وأن تركزوا عليه، لدي رغبة كبيرة بالزواج لكني خائف جدا..ماذا علي أن أفعل للتخلص من الوسواس الذي بصدري ؟؟؟
في النهاية بارك الله فيكم ودمتم ذخرا للأمة وإني آسف لأني قد أطلت عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222}. وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
وبما أنك نادم على ما فعلت أشد الندم، فعسى الله أن يتجاوز عنك، بل لعل الله أن يبدل لك هذا الذنب حسنة لما صرت فيه من التوبة وصلاح الحال، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}.(99/36)
فهون على نفسك من هذه الوساوس واثبت على توبتك، فرب معصية انقلبت إلى نعمة على صاحبها بسبب ما أحدثه بعدها من التوبة.
ولا حرج عليك في أن تتزوج، طالما أن الفحوص قد أثبتت سلامتك من المرض الذي تخشى أن تكون مصاباً به، ولا يعنيك بعد ذلك أن تكون الفحوص غير دقيقة، بل لو أنك تزوجت بعد توبتك من الفاحشة وقبل أن تجري الفحوص لما كنت في ذلك مخطئا، لأن أقصى ما توصف به في نقلك للمرض إلى غيرك في تلك الحالة -لو افترض تلبسك به- أنك مخطئ، والله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. كما في سنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان، مع أن الذي قمت به من إجراء الفحوص هو الأحوط.
وليس عليك أن تعيد الفحوص مرة أخرى، ولك أن تراجع في علاج الوساوس فتوانا رقم: 10973.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مرض اليرقان لا يمنع من عقد الزواج
تاريخ 16 جمادي الثانية 1426 / 23-07-2005
السؤال
هل يمكن للمصاب بالحمى اليرقان (الصفراء) أن يعقد عقد الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرض الذي يجب بيانه ولا يجوز القيام بالعقد إلا بعد رضا الطرف الآخر به هو الجنون، والجذام، والبرص، وما هو أشد منه كالإيدز، وهناك أمراض خاصة بالمرأة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 19935.
أما غيرها من الأمراض كالمرض المذكور في السؤال فلا يمنع من عقد الزواج، ولا يثبت به خيار فسخ النكاح في حال تم العقد دون بيانه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مريض السكري.. والزواج
تاريخ 30 جمادي الأولى 1426 / 07-07-2005
السؤال
أما بعد: فأنا شاب مصاب بمرض السكري وتعلمون ما لهذا المرض من تأثير على الناحية الجنسية, فهل يجب علي إعلام أهل الفتاة أوالفتاة بمرضي هذا قبل الإقدام على الزواج؟
وجزاكم الله عني كل خير.(99/37)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شأن المؤمن عند المصائب الصبر والاحتساب ، فينال بذلك الأجر العظيم من ربه جل شأنه حيث قال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}. فعليك أخي بالصبر وطرق أسباب العلاج، وأهمها كثرة السؤال لله تعالى الشفاء ثم الذهاب إلى الأطباء المتخصصين، هذا من حيث العموم.
أما بخصوص ذكر هذا المرض عند إرادة الزواج فهذا يُفصَّل فيه، فإن كان المرض قد سبب لك عجزا كاملا بحيث لا تستطيع معه الوطء على الوجه المعروف فهنا يجب عليك إخبار المرأة بذلك، فإن قبلت فذلك، وإن رفضت فمن حقها ذلك. وإن لم يكن المرض يسبب لك عجزا وإنما نقصا عاديا فلا يجب عليك ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
... حكم الزواج بمريض الهيربيز
تاريخ 18 جمادي الثانية 1426 / 25-07-2005
السؤال
أريد أن أعرف تفاصيل عن مرض الهيربيز، فقد تقدم لي شاب مؤدب ومتدين ومعروف لدى عائلتنا بالأخلاق، ولكن سمعنا أن لديه مرض الهيربيز، وسمعنا من أطباء أنه مرض جنسي يؤثر على الإنجاب، وهو معدي أيضا، أريد من فضلكم معرفة تفاصيل المرض، وهل هو سبب قاطع لرفض الشاب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فمعرفة تفاصيل هذا المرض يسأل عنها الأطباء المختصون، ويمكن للأخت السائلة أن ترسل استشارة إلى قسم الاستشارات في موقعنا.
وأما عن قبول هذا الشاب فإذا كان هذا الشاب ذا دين وخلق فلا حرج عليك في الزواج به؛ بل في قبوله امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. رواه الترمذي.
لكن إن كان هذا المرض الذي بهذا الشاب معديا وموجبا لعدم الإنجاب، وعلم ذلك عن طريق أصحاب الاختصاص من الأطباء فلا ننصحك بالزواج به لسببين:
الأول: أن في الزواج به تعريض لصحتك بهذا المرض، وراجعي الفتوى رقم: 45903.
الثاني: أن الولد نعمة عظيمة حث الشرع على طلبها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد، وأي زواج بعقيم أو عقيمة قد يؤدي إلى الإخلال بهذا المقصد الشرعي والهدف المنشود والمرغب فيه شرعاً والمحبوب طبعاً.(99/38)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا ترغب في الزواج لكونها نحيفة
تاريخ 16 جمادي الأولى 1426 / 23-06-2005
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاماً وأنا نحيفة وأريد أن أمتنع عن الزواج لكي لا أظلم زوجي أو ينتهي الأمر بي إلى الطلاق؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أيتها الأخت الكريمة أن تدعي عنك الوساوس ولتسلكي الطرق المشروعة لزيادة الوزن، وقد بينا بعض الأسباب المعينة على ذلك في الاستشارة رقم: 237618 وما أحيل إليه من الاستشارات ذات الصلة بعدها فلتقرئيها، وهي موجودة في قسم الاستشارات على موقعنا. ولتعرضي نفسك على الطبيب إن كان بك مرض، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا، قالوا يا رسول الله: وما هو؟ قال: الهرم. رواه أبو داود والترمذي، وعند البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله.
وأما خوفك من الطلاق فلا ينبغي أن يكون مانعاً فإن ذلك من مكائد الشيطان وحبائله، فما أصاب المرء من خير أو شر لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ولا يجد المؤمن طعم الإيمان ويسعد إلا إذا اعتقد ذلك كما عند أبي داود وغيره وصححه الألباني.
وأما خوفك من ظلم الزوج فإنه لا ظلم في ذلك إذا رآك ورضي بك ولم تكتميه عيباً باطناً أو تخدعيه بذكر صفات خَلْقية أو خُلُقية ليست فيك، فإذا وجدت زوجاً صالحاً ذا دين وخلق ورضي بك فلا تترددي في قبوله، ولتسألي الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد ولتقولي في دعائك: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين.
وننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 45147، 27048، 5249.
ففيها بعض الأسباب المعينة على علاج الوساوس وبعض الأدعية المفيدة في ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
بيان العيوب الخَلْقية قبل الزواج يقطع النزاع
تاريخ 06 ربيع الثاني 1426 / 15-05-2005
السؤال
كيف تخبر المرأة الخطيب بمرضها المزمن إذا كانت لا تعرف خطورته على الإنجاب (المرض هو اعوجاج في العمود الفقري) معالج بشكل غير كبير إذ وضع(99/39)
لها ماسك حديدي من خلال عملية جراحية، وكيف ترضي ضميرها اتجاهه وتنجح في حياتها الزوجية مستقبلا، وهل لا بد من إخبار عائلة الزوج كذلك شرعا أريد من فضلكم الإجابة على السؤال الذي أسأله دائما على نفسي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم القدرة على الإنجاب على فرض تحققه ليس من العيوب التي يثبت بها الخيار في حال عدم بيانها، وسبق بيان هذه العيوب في الفتوى رقم: 53843.
وعليه، فلا يلزمك إخبار الخاطب بهذا المرض الذي لا تعرفين مدى خطورته على الإنجاب، وتقدم ذلك في الفتوى رقم: 34548، والفتوى رقم: 20729.
غير أنه من الأفضل لكلا الطرفين أن يبين للآخر ما فيه من العيوب الخَلْقية قبل الزواج حتى يكون الطرف الآخر على بصيرة من الأمر، لأن هذا أقطع للنزاع وأدعى للوئام بينهما، وأما أهل الخاطب فلا يلزمك إخبارهم من باب أولى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الذهاب للطبيبة للتأكد من البكارة
تاريخ 24 ربيع الأول 1426 / 03-05-2005
السؤال
جزاكم الله كل خير للمجهود الجبار الذي تقدموه من خلال هذا الموقع، أخشى أن أكون فقدت عذريتي، أنا الحمد لله فتاة لا أصادق الشباب من الجنس الآخر وأحرص على عدم الاختلاط إلا لضرورة, قبل عدة سنوات أصبت بحساسيه شديدة في المنطقة التناسلية لاستخدام الحمامات العامة في مدرستي, كانت لدي أظافر طويلة في ذلك الوقت وكنت أحك هذه المنطقة بشدة بأظافري, لم أذهب لطبيبة لأني شديدة الحياء إلى أن توقفت هذه الحساسية من جراء نفسها, المشكلة أنه في إحدى الأيام نزل دم من جراء ذلك وعندما تبولت شعرت بحرقان في البول, ولا أدري هل فقدت عذريتي من خلال أظافري? الحمدلله لقد تخلصت من هذه الأظافر الآن لكني أخشى أن أكون فقدت عذريتي خصوصا أنني كنت أحس شيئا صلبا كلما حاولت التنزه عن البول قبل ذلك والآن لا أحس بهذا الشيء, لم أستطع الذهاب لطبيبة للتأكد أولا لأني أستحي من ذلك خاصة أنني أقيم في دولة غربية والطبيبة غير مسلمة والشيء الثاني إن تأكدت من فقدان عذريتي فقد يؤثر ذلك في كثيرا وفي تحصيلي الدراسي, لقد أخبرت أبي وأختي من قبل بما حدث لي ونصحوني بالذهاب لطبيبة للتأكد ولكني لم أفعل المشكلة أنه تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين, وأكثر ما أعجبه في التزامي كما كان هذا السبب أكثر ما أعجبني فيه أيضا..أنا الآن محتارة هل أبلغه بما حدث قبل أن يأتي وأهله لخطبتي رسميا...وهل سيصدقني فيما أقول??? هل إن لم أخبره سيكون هذا غشا وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من غشنا ليس منا!!!(99/40)
للعلم أنه اخبر أهلي وأهله برغبته في الزواج مني وينوي إحضار أهله لإكمال مراسيم العقد بإذن الله, للعلم أن هذا الشاب يقدرني كثيرا لالتزامي الديني وأخشى أن أكون مخادعة إن أخفيت عليه الأمر فبماذا تنصحوني?
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تخبريه بما حدث فإن الشيطان قد يقدح في ذهنه الشكوك والأوهام، ولا تذهبي إلى الطبيبة لأمرين: الأول: أن
في ذلك كشفاً للعورة المغلظة بدون ضرورة. الثاني: أنه لا فائدة تترتب على هذا الذهاب، بل سيجلب لك القلق النفسي وسيكدر صفو حياتك. وليس سكوتك غشا، فإذا حدث الزواج وسألك زوجك عن سبب زوال البكارة على افتراض زوالها، فيمكنك حينئذ مصارحته، وانظري تتميماً للجواب الفتوى رقم: 13932، والفتوى رقم: 8417.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
متى يحكم على المرأة بأنها ثيب
تاريخ 04 محرم 1426 / 13-02-2005
السؤال
ماهو حكم المرأة التي تزوجت وحدثت خلوة شرعية ودخول جزئي للعضو الذكري ولكن لم يحدث فض لغشاء البكارة ثم حدث طلاق بعد ذلك فهل تكون المرأة بكرا أم ثيبا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة لا تكون ثيباً إلا بانفضاض بكارتها بنكاح، وهذا هو الفرق بين البكر والثيب، فإن البكر هي التي لم تذهب بكارتها بنكاح، والثيب هي التي زالت بكارتها بنكاح، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 35976.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
قيام الطبيبة بفحص الفتاة للتأكد من عذريتها
تاريخ 26 ذو الحجة 1425 / 06-02-2005
السؤال
أنا طبيبة أمراض نساء، تأتي إليّ في بعض الأحيان إحدى الفتيات بصحبة أهلها يطلبون توقيع الفحص الطبي عليها لبيان إذا كانت بكراً أو لا، ويتبين بعض الفحص أنها فقدت بكارتها نتيجة لقاء جنسي.(99/41)
ماذا يتعين علي أن أخبرهم ، هل أقول لهم الحقيقة (على الرغم من أن هذا قد يسبب ضرراً شديداً للفتاة قد يصل إلى القتل)
أم أقول لهم أنها ما زالت بكراً من باب الستر
وهل يختلف موقفي باختلاف السائل (الأب ، الأخ ، العم ، الخال ، الزوج العاقد قبل الدخول)
وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننبه في البداية إلى أنه لا يجوز للطبيبة النظر إلى عورات البنات البالغات لغير ضرورة، وليس من الضرورة إثبات بكارة الفتيات، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46607.
ثم إنا ننبه إلى أن البكارة ليست من شروط الزواج، كما أنه يتعين على أبوي الفتاة حماية دينها وعرضها ووقايتها من النار بتعليمها أمور دينها وحملها على العفة والبعد عن جميع ما يخدش عفتها وعرضها، وأما الاتكال على فحص البكارة فإنه لا يجدي شيئا؛ إذ قد تفقد الفتاة عذريتها بسبب عارض كوثبة، أو باغتصاب لا دخل لها فيه، أو بتكرار اندفاع الحيض بشدة أو غير ذلك، وفي الحالة هذه لا يجوز للمجتمع ظلمها ولا اتهامها بالسوء، ولا يجوز لزوجها أن يتهمها بالشر، ولا خيار له في فراقها بسبب فقدان البكارة إن لم يكن اشترط عذريتها عند الزواج، كما سبق في الفتوى رقم: 15706 والفتوى رقم: 3104.
وقد يحصل عكس هذا فتخالط البنت أصحاب السوء وتمارس أنواع الرذيلة من دون أن يحصل افتضاض فتفسد أخلاقها فيأخذها رجل يظن أنها بكر ولكنها فقدت أهم خصائص البكر، فقد تعرفت على كثير من الأصدقاء وأصبح قلبها مشطرا بين أكثر من واحد فلم تحصل فائدة من بقاء عذريتها.
وبناء عليه، فإن هذه الفحوص لا تحل المشكلة، وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز لأولياء البنت أن يذكروا سوابق أخلاقها السيئة فقد نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
معنى (لا يتأتى منه الوطء)
تاريخ 21 ذو الحجة 1425 / 01-02-2005
السؤال
في الفتوى رقم 44770 صاحبها استفسر عن حكم الإسلام في زيادة حجم وطول عضو الذكر لدى الرجل، فكان جوابكم "فإنه لا يباح إلا للضرورة كأن يكون عنينا (صغير الذكر بحيث لا يتأتى منه الوطء)" فماذا تقصدون من قولكم "بحيث لا يتأتى منه الوطء" ؟ وهل هناك قياس إذا قل عنه الذكر جاز القيام بعملية جراحية لزيادة حجمه ؟(99/42)
بارك الله فيكم والرجاء عدم إحالتي على فتاوى سابقة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالعنين الذي لا يتأتى منه الوطء هو أن يبلغ العضو درجة من الصغر لا يتمكن من الإيلاج معها أو هو الذي لا ينتشر ذكره.
ففي الإنصاف للمرداوي الحنبلي: العنين هو الذي لا يمكنه الوطء على الصحيح من المذهب. انتهى
وفي المنتقى للباجي المالكي: والعنين قال ابن حبيب: لا ينتشر ذكره، هو كالأصبع في جسده لا ينقبض ولا ينبسط. انتهى
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يجب إخبار الخاطب بمرض خطير شفيت منه الخطيبة
تاريخ 29 ذو القعدة 1425 / 10-01-2005
السؤال
لدي صديقة لديها 37 سنة وعندما كان عمرها 8 سنين أصيبت بالسرطان ولكنها عولجت منه تماما عندما كانت 15 سنة أي قبل حوالي 20 سنه ولا تعاني من أي أعراض منه الآن ولقد تزوجت من قبل واكتشفت أنها لا تنجب سؤالي تقدم لها عريس وأخبرته عن كل شيء في حياتها ولكن كما تعلم أنه في مجتماعاتنا الجهل موجود وعندما يسمعون سرطان يبدأ الانزعاج ولا تكتمل الزيجة فأحضرت لها عريسا وهو قريبي فهل من الأمانة علي أن أخبره أنها كانت مصابة بالسرطان وهي طفلة (مع العلم أنها شفيت 100% ولا تنجب خوفا من أن ينتقل المرض لأبنائها) ماذا أفعل أخبره أم لا؟ لأنها لا تريد إخباره بسبب حالتها النفسية ماذا أفعل أرجوكم؟. وقريبي هذا عايش في ألمانيا وهي في مصر ويريد التعرف عليها قبل أن يأتي إلى مصر لأن إجازته قصيرة أي مدة لا تكفي للتعرف فهل يجوز له أن يتصل بها هاتفيا أم لا؟
أرجو الإسراع في الإجابه حتى أستطيع تدبر الأمور لأنه قادم قريبا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت صاحبتك قد شفيت من السرطان، ولا يعود منها ضرر على من تزوجها فلا يلزمها إخبار المتقدم لها بما أصابها في الماضي، ولا الامتناع عن الحمل بحجة الخوف على أولادها في المستقبل، هذا إذا كانت تحمل.
أما إذا كانت لا تحمل، فهل يجب على من تحقق ذلك أن يخبر به من تقدم لها أم لا؟ في المسألة خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه يجب على من علم أمراً مستقبحاً من أحد الخطيبين أن يخبر به الآخر وإن لم يستنصحه، ومنهم من لا يرى وجوب ذكر معايب أحد الخطيبين باستثناء العيوب التي يجب بيانها ، وللزوج حق(99/43)
الفسخ بها، وقد ذكرناها في الفتوى رقم 25637 ، والفتوى رقم 57460 ، وأما الكلام مع المخطوبة فقد سبق في الفتوى رقم 32171 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل الحل لمن اغتصبت أن ترفض الزواج
تاريخ 10 ذو القعدة 1425 / 22-12-2004
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاماً ، أعاني من مشكلة كبيرة حيث إن ابن عمي قام باغتصابي ، وبعد فعلته توفي ، وقد خطبني ابن خالتي ورفضته لهذا السبب ، وأهلي من النوع غير المتفاهم ، وسوف يرمون علي اللوم ، وسيقولون لي أنت السبب ، وأنا أقسم بالله أنني لم أعمل له أي حركة أو إغراء، المشكلة أنه كذا واحد خطبني وأنا أرفضه لهذا السبب وهو أن ابن عمي افتض بكارتي بالاغتصاب ، حتى في منامي أراه وهو يفعل فعلته فأقوم من النوم، وأنا خائفة، حتى أنني كرهت النوم في الليل فاضطررت لأن أسهر ، فأرجو أن تجدوا لي الحل من الكتاب والسنة ، وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فنصيحتنا لك بأن تقدمي على الزواج ممن تقدم لخطبتك، إذا كان كفئا مرضي الدين والخلق، فإذا حدث وأن سألك زوجك عن ذلك، فقولي له إن غشاء البكارة يزول بأسباب كثيرة. وانظري الفتوى رقم:33072. والفتوى رقم:44914.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
معيار العيب الذي يجب إخبار الخاطب به
تاريخ 11 شعبان 1425 / 26-09-2004
السؤال
أرجو أن تفيدوني في مشكلتي هذه وهي: أنا والحمد لله فتاة متدينة وعلى خلق ودين وأهلي كذلك والحمد لله، لقد تعرفت من خلال موقع إسلامي على شاب متدين وعلى خلق أحسن مني وكان يبحث عن زوجة متدينة وتم التعارف بيننا وطلب مني أن أتحدث معه على الماسنجر نظراً لأنه يعمل خارج بلده وعند نزوله إلى مصر سوف يتقدم لخطبتي وفعلا أخبرت أهلي بذلك وقلت له إني قلت لأهلي ولم يمانعوا في ذلك وكان يشجعني على فعل الخير ولقد تعلقت به جدا لحبه للدين دون النظر إلى إمكانياته وأهله وغير ذلك، ولقد صليت صلاة الاستخارة فحلمت مرة أن أبي يقول لي إنه هو الذي أتزوجه علما أن أبي متوفى ومرة حلمت بالآية ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ومرات أحلم باليهود وذلك لأني صليت صلاة الاستخارة أكثر(99/44)
من مرة واستمرت علاقتي لمدة شهرين وكلم هو أهله عني وسألوا عني ووافقوا علي وتعلق هو بي وأنا أيضا وفي مرة قلت له إني قد ابتلاني الله من الصغر بتقوس بسيط في ظهري فتقبل ذلك ونصحني باللجوء إلى الطبيب ووقف بجانبي معنويا واكتشفت بعد ذلك أن الله قدر لي أن مخي من الناحية اليسرى لا يترجم الكلام، ولكني والحمد لله أسمع جيدا وقلت له ذلك فما كان منه إلا أن تركني لأنه لا يستطيع أن يتحمل ذلك علما بأني سألت شيوخاً عن قولي له هذا الموضوع أم لا فقالوا لي لا تقولي ولكني فضلت أن أقول من باب الأمانة والصراحة التي تعودت عليها وكانت هذه هي النتيجة، علما بأني عندما قلت له ذلك طلب مني أن أتركه للتفكير لمدة شهر ونصف ولكني طلبت أن يحسم الموضوع فوراً حتى لا أتعلق به أكثر من ذلك، ولكنه بعد يوم واحد طلبت منه أن لا يقول لأحد وطلب مني أن لي حرية الاختيار إذا كنت أنتظر المدة التي قالها لي أم لا وبالطبع وافقت على المدة مع قطع أي اتصال بيننا، ولكنه بعد يوم آخر طلب مني أن أنساه وأنه أخذ رأي زميل له وأن رأي زميله مثل رأيه في موضوع المخ وأن الموضوع سينتهي من غير زواج،
علماً بأن مخي الحمد لله جيد، ولكن الموضوع موضوع سمع فقط وأنه يوجد له حل وطلبت منه أن يسأل دكتورا متخصصا في ذلك ويستخير الله ولكنه رفض أي محاولة مني وتركني أنا أعرف أني مخطئة ولكن هل هذا هو السبب في تركي، هل هذا بسبب أذني أنني لا أعرف مع أنني والحمد لله لا مانع عندي من الإنجاب وليست هذه وراثة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل واحد من الزوجين أن يبين للآخر ما فيه من العيوب الخَلقية قبل الزواج حتى يكون الطرف الثاني على بصيرة من الأمر، لأن هذا أقطع للنزاع وأدعى للوئام بينهما، ولا يجوز الغش وكتمان العيب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم.
ولكن العيوب ليست على مستوى واحد، فالعيوب التي تمنع الوطء كالرتق والقرن والجب والخصاء والعنة ونحوها، والعيوب المنفرة أو المعدية كالجذام والبرص والباسور والناسور والقروح السيالة في الفرج ونحوها، والعيوب التي تمثل أمراضاً خطيرة يمكن انتقالها إلى الزوج أو الأولاد كالإيدز ونحوه، هي العيوب التي لا يجوز كتمانها، لأن الزوج إذا عقد ولم يكن على علم بها فله الخيار إذا علم بها في فسخ النكاح وإمضائه.
أما العيوب الخفية التي لا تنفر منها النفس والتي يمكن أن تعالج عند الطب فيمكن أن لا يخبر بها الطرف الآخر، مع أن الإخبار بها أحوط لقطع النزاع.
وعليه؛ فإنك لست مخطئة فيما أردته من تجنب الغش، ولكنك لو كتمت ما ذكرته من عدم ترجمة مخك من ناحيته اليسرى للكلام، وأنت تسمعين جداً، لما كان في ذلك غش، وقد لا تكون مسألة الترجمة هذه صحيحة طالما أنك تسمعين جيداً، وعلى أيه حال فما دمت قد استخرت الله في الموضوع، فلن تجدي إلا خيراً. وأما مسألة الرؤى وما كنت تشاهدينه، وقول أبيك إن هذا هو الذي تتزوجينه، وحلمك بالآية(99/45)
الكريمة، وأحلامك باليهود، فكلها أمور لا تنبني عليها أحكام، وغاية ما فيها أنها تكون أحياناً مبشرات، ونسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح وأن يصلح أحوالك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مريضة نفسيأ ولا تحمل.. هل يسترد ما أعطاها إن طلقها
تاريخ 14 رجب 1425 / 30-08-2004
السؤال
أنا متزوج منذ شهرين تقريبا وبعد الزواج بشهر تبين لي أن زوجتي تعاني من مرض نفسي منذ 3 سنوات وإنها لا تستطيع ترك العلاج لأنه يسبب لها مشاكل وإنها لا تستطيع الحمل وهي تستخدم العلاج وقد أخفت هي وأهلها ذلك عني عند خطبتي وقد كانت تقول إنها لا تريد أطفالا الآن بحجة أنها تريد الاستمتاع بالحياة وناهيك عن مشاكل أسرية لم أستطع حلها لأنها لا تريد أن تساعدني في حل المشاكل وأنا الآن قد سئمت ذلك وقد استخرت الله عدة مرات وقد نويت على الطلاق
السؤال: هل يجوز أن أطالبهم بكل ما دفعت من مهر وغيره وذلك بسبب إخفائهم حقيقة ما تعانيه البنت ؟؟ علما أنني لا أريد شيئا منهم سوى الذهب الذي أتاها من عائلتي لعله أن يسدد ولو قليل ما أنفقته
أرجو منكم المساعد جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا العيوب التي إذا وجدت في المرأة كان من حق الزوج أن يفسخ النكاح، ويمكنك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 19935 فهذه العيوب وحدها إذا كانت موجودة في المرأة ولم تخبر بها الرجل عند خطبتها ولم يرض هو بها ولم يستمتع بعد علمه بها كان له ترك المرأة واسترجاع ما أخذته منه. قال خليل: الخيار إن لم يسبق العلم أو لم يرض أو يتلذذ... وقال الشيخ عليش في "منح الجليل": ومع الرد بسبب عيبها الذي ترد به... رجع الزوج إن شاء بجميعه، أي الصداق الذي دفعه لها أو لوكيلها.
وأما غير هذه العيوب فليس للزوج أن يرد به الزوجة؛ إلا أن يكون اشترط السلامة منه.
ولا شك أن ما ذكرته عن هذه المرأة من عدم قدرة على الحمل ومن مرض نفسي ومن مشاكل لم تستطع حلها ولم ترد هي مساعدتك في حلها كلها أمور تنافي المقاصد الأساسية من النكاح، ولكن الشرع لم يجعل فيها خيارا للزوج.
وعليه، فإذا طلقت زوجتك هذه فليس لك الحق في المطالبة بما أعطيتها، وإنما هي مصيبة نزلت بك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(99/46)
ـــــــــــــــــــ
هل يثبت الخيار إذا كانت الزوجة رتقاء
تاريخ 19 جمادي الأولى 1425 / 07-07-2004
السؤال
مامعنى السدود البين؟
أعتقد أن له علاقة بالحياة الزوجية أو الطلاق.
جزاك الله خيراّ.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد بالسدود البين انسداد فرج الزوجة بحيث لا يتأتى معه جماع، وهو ما يسميه الفقهاء بالرتق.
ففي مختصر خليل يعدد بعض العيوب التي إذا كانت في الزوجة ثبت الخيار للزوج في مفارقتها وفسخ النكاح أو البقاء معها، قال: وبقرنها ورتقها وبخرها وعفلها وإفضائها. قال الدردير يشرح الرتق: وهو انسداد مسلك الذكر بحيث لا يمكن معه الجماع .
وراجع فيه الفتوى رقم: 44567.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
بيان المرض للخطيبة بين الوجوب وعدمه
تاريخ 10 ربيع الثاني 1425 / 30-05-2004
السؤال
أنا طبيب عربي مسلم لقد اكتشفت جديداً أنني أعاني من مرض خبيث في الدم -أي سرطان دم- وقد قرأت عنه وقد تبين أنه بعد الإصابة ممكن العيش لمدة 7 سنوات، وأنا الآن في حيرة، هل يصح لي الزواج من امرأة مسيحية قد أسلمت وهي روسية الجنسية، ولكنها في الماضي عملت الفواحش ومنها الزنا مع أعز أصدقائي وهو يعيش معي في نفس القرية في فلسطين وكل ما أراه أتالم هذه المرأة الآن في أحسن صورة وقد تابت بشكل كامل، وأنا الذي قمت بدعوتها للإسلام، وقد اعتنقته فما رأيكم في الزواج منها وأنا أعاني من المرض الخبيث، وحتى الآن لم أقل لها عن مرضي، فماذا أعمل لا أعرف، أريد مساعدتكم بسرعة الرجاء، أنا في حيرة ويأس؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا كان المرض المذكور معديا أو منفرا فلا يجوز لك أن تكتمه عمن تريد الزواج منها لأن في ذلك غشا لها، فقد ذكر العلماء أن من العيوب التي توجب(99/47)
الخيار في فسخ النكاح العيوب المنفرة أو المعدية، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 6559.
فلا يجوز لأحد الزوجين أن يكتم عن الآخر مرضا منفرا ولا معديا ولا عيبا من العيوب التي توجب الفسخ إذا اطلع عليها بعد النكاح، فإن كتمه كان غاشا له، وللطرف الآخر الفسخ إن تم النكاح بدون علمه بالعيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
فإذا أعلمت المرأة المذكورة بمرضك وقبلت جاز لك الزواج منها وإن كان المرض مخوفا، إلا أن مالكا رحمه الله تعالى يرى أن المرض المخوف مانع من صحة النكاح لما فيه من إدخال وارث، وقد ذهب الجمهور إلى أن المرض لا يمنع صحة عقد النكاح، قال في المغني: حكم النكاح في المرض والصحة سواء في صحة العقد، وتوريث كل واحد منهما من صاحبه في قول الجمهور، وبه قال أبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، وقال مالك أي الزوجين كان مريضاً مرضاً مخوفا حال عقد النكاح فالنكاح فاسد لا يتوارثان به؛ إلا أن يصيبها فيكون لها المسمى في ثلثه مقدما على الوصية. انتهى.
وإن كان المرض المذكور غير معد ولا منفر ولا مانع من الاستمتاع فإنه لا يجب عليك إعلامها به، هذا كله بناء على ما ذكرت من أن المرأة أسلمت وحسن إسلامها، ولو كانت تزني قبل ذلك، لأن الإسلام يجب ما قبله، ولا بد أن تتقضي عدتها ثلاث حيضات إن لم تحمل من ذلك الزنا، وإلا فإن عدتها وضع حملها.
أما إن كانت ترتكب الفواحش بعد إسلامها فلا بد من التوبة إلى الله تعالى حتى تتزوجها، فإن تابت توبة صادقة جاز لك الزواج منها عند انقضاء عدتها على نحو ما تقدم، قال في الشرح الكبير: تحرم الزانية حتى تتوب وتتقضي عدتها إلى أن قال: إذا ثبت هذا فعدة الزانية كعدة المطلقة لأنه استبراء لحرة أشبه عدة الموطوءة بشبهة. انتهى.
ولبيان أنواع العدة راجع الفتوى رقم: 28634، وقيل يكفي من عدة الزانية أن تحيض حيضة واحدة، كما هو مذهب مالك بن أنس وقول عند الحنابلة، ولموضوع الزواج من الزانية التائبة راجع الفتوى رقم: 11447.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
موقف الشرع من رتق غشاء البكارة
تاريخ 05 ربيع الثاني 1425 / 25-05-2004
السؤال
جزاكم الله خيرا على اهتمامكم بسؤالي وهو رقم 128457 فكنت أريد أن أعرف بعض الاستفسارات الأخرى لديكم. فأنا خطيبي ليس تفكيره هكذا فعندما يعرف شيئا كهذا فسوف يثور علي و ينسى أي كلام بيننا ويفقد الثقة بي وسوف يشك بي وسوف تصبح ليلة عمري ليلة طلاقي علما بأني كنت مرتبطة قبله وهو يعلم ذلك.فهو الآن يثق بي ثقه عمياء ويعرف أخلاقي و تربيتي جيدا لكن كل هذا سوف يزول عند(99/48)
اكتشافه هذا وهذا الموضوع لا يسمح بالمجازفة. فهو يقول إنها أجمل فرحه لأي رجل وهو معه كل الحق.فماذا أفعل؟ أنا عزباء فأنا أريده لي كزوج ولا أريد أن ننفصل لسبب ليس فيه أي ذنب لكن هو لن يفهم.أرجوكم أفيدوني وهل لي من سؤال آخر....... في مثل حالتي هذه هل العملية حرام لو عند طبيبة وليست عند طبيب؟ شكرا لحسن استماعكم لي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن النظر إلى العورة المغلظة التي هي القبل والدبر لا يجوز إلا عند الضرورة؛ بخلاف النظر إلى العورة المخففة.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ويعتبر في الوجه والكف أدنى حاجة، وفيما عداهما مبيح تيمم؛ إلا الفرج وقريبه فيعتبر زيادة على ذلك، وهي أن تشتد الضرورة حتى لا يعد الكشف لذلك هتكا للمروءة. اهـ
والملاحظ من خلال كلام الفقهاء رحمهم الله أنهم أجازوا النظر إلى العورة عند إرادة العلاج الناتج عن مرض عضوي، فهل يجوز أيضا إباحة النظر إلى العورة للقيام بعملية رتق غشاء البكارة إذا ترتب على المرأة العفيفة التي ذهب غشاء بكارتها بسبب وثبة ونحوها ضرر كأن خشيت على نفسها الأذى كضرب يقع عليها من ولي أو زوج أو غلب على ظنها عزوف الأزواج عنها، فهل يعتبر هذا سببا يبيح إجراء هذه العملية والنظر إلى العورة المغلظة أم لا؟
الظاهر أن الحاجة في مثل هذه الصورة تترل منزلة الضرورة ويباح بها المحظور الذي هو الاطلاع على العورة، وكلامنا هذا في العفيفة البكر التي لم تزل بكارتها بسبب محرم ولا بنكاح ومثل هذه لها أحكام البكر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وإن كانت البكارة زالت بوثبة أو بإصبع أو نحو ذلك فهي كالبكر عند الأئمة الأربعة، إذا كانت بكرا.اهـ
وننبه إلى أن تجويزنا للبكر التي زالت بكرتها بوثبة أو ظفر ونحو ذلك إنما هو في حالة تضررها ولحوق مشقة بها بغلبة ظن، أما إذا ظنت السلامة مما ذكر فلا يجوز لها الإقدام على ذلك لا لكونه غشا بل لمحظور كشف العورة دون ضرورة أو حاجة شديدة.
وقد بين العلماء رحمهم الله ماهو الضرر الذي يبلغ حد الإكراه ويستباح به المحظور، ومن أولئك العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في التحفة حيث قال: ويحصل الإكره بتخويف بضرب شديد أو حبس طويل أو إتلاف مال أو نحو ذلك مما يؤثر العاقل لأجله الإقدام على ما أكره عليه.
ويختلف الإكراه باختلاف الأشخاص والأسباب المكره عليها، فقد يكون الشيء إكراها في شخص دون آخر، وفي سبب دون آخر، فالإكراه بإتلاف مال لا يضيق على المكرَه -بفتح الراء- كخمسة دراهم في حق الموسر ليس بإكراه على الطلاق، لأن الإنسان يتحمله ولا يطلق بخلاف المال الذي يضيق عليه، والحبس في الوجيه إكراه وإن قلَّ كما قاله الأذرعي، والضرب اليسير في أهل المروءات إكراه.
والله أعلم.(99/49)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يعتبر بروز الأسنان من العيوب
تاريخ 27 ربيع الأول 1425 / 17-05-2004
السؤال
جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الذي يخدم عامة المسلمين في أمور دينهم، أنا الآن خاطب ابنة خالتي لدي بروز في الأسنان مما أدى إلى التأثير على شكل وجهي وقد رأتني خطيبتي أكثر من مرة ولم تمانع في شكلي ولكن القضية أن وجهي يسبب لي نوعاً من الإحراج فهل يجب إخبارها بذلك الإحراج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص العلماء على جملة من العيوب إذا ظهر أن أحد الزوجين مصاب كان للآخر الخيار في البقاء معه أو فسخ النكاح، ما لم يعلم بذلك ويرض هذا على وجه الإجمال، وفي المسألة تفصيلات وتقييدات لا يتسع المقام لذكرها، وعلى كلٍ فليس من هذه العيوب ما ذكرته من بروز الأسنان، فضابط العيوب التي تعطي الخيار للطرف الآخر هو أن يكون ثمت منفر أو شيء يسلب مقصد الشارع من حصول المودة والرحمة بين الزوجين، واللتين هما أساس الرابطة الزوجية، قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].
وعلى كلٍ.. فلا داعي إلى إخبار خطيبتك بشكل أسنانك ولو لم تكن قد رأتك، فما بالك إذا كانت قد رأتك أكثر من مرة ولم تنكر شيئاً من شكلك، ولم تمانع في الزواج منك، فهي إذا راضية بصفتك، فلا ترهق فكرك في الموضوع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
سرعة القذف لا ينبغي أن تكون من عوائق الزواج
تاريخ 02 ربيع الأول 1425 / 22-04-2004
السؤال
أنا شاب عمري 30 سنة أريد الزواج من شابة مسلمة لكن عندي مشكلة فأنا أقدف عند الجماع بسرعة أقل من دقيقة أخاف من رد فعل زوجتي لعدم إشباع رغبتها الجنسية، لهدا أتردد في الزواج أفتوني في الحل جزاكم الله خيرا والسلام
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سرعة قذف الرجل تفوت على المرأة بعض الاستمتاع كما هو مبين في الفتوى رقم: 25893.
وعلى كل فليس هذا عيباً يجب ذكره، لأنه ليس من العيوب التي نص أهل العلم عليها، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 19935.(99/50)
وعلى هذا فالذي ننصحك به أن تبادر إلى الزواج، لأن ما بك قد يكون عائداً إلى طول العزوبة، فإذا طالت المعاشرة للزوجة ذهب ذلك أو قلَّ، والمهم أن سرعة القذف ليست مانعاً يحول بين الرجل وبين طلب الزوج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ذكر زوجها أكبر من فتحة فرجها
تاريخ 23 صفر 1425 / 14-04-2004
السؤال
إن ذكر زوجي أكبر من فتحة فرجي فلا يستطيع أن يجامعني فما الحل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال على ما ذكرت وتعذر وطء الزوج لضيق المحل ضيقاً غير طبيعي وأمكن التداوي فينبغي فعل ذلك، لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، أو قال: دواء إلا داء واحداً. قالوا يا رسول الله ما هو؟ قال: الهرم. رواه الترمذي، وصححه الألباني، هذا عن الحل إن وجد، أما عن الحكم الشرعي للمسألة فنقول: إن كان هذا الضيق طبيعياً، وإنما المانع من الوطء غلظ حشفة الرجل على وجه غير معتاد لا يسع أي امرأة فهذا يعتبر عيباً يوجب لك الخيار، وإن كان الضيق عن كل واطئ بحيث يحصل إفضاء المرأة بالوطء من كل واطئ فإن هذا الضيق عيب بالمرأة كالرتق، وللزوج الخيار.
قال الشربيني في مغني المحتاج في فقه الشافعية: ويلحق بالمرأة الرتقاء ضيقة المنفذ إن كان يحصل إفضاؤها بالوطء من كل واطئ، كما أشار إليه الرافعي في الديات، وعلى هذا يقاس بالعنين كبير الآلة بحيث لا تسع حشفته امرأة. ا.هـ
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
اتخاذ غشاء البكارة دليلاً على العفة أو عدمها لا يصح
تاريخ 09 محرم 1425 / 01-03-2004
السؤال
هل يوجد دليل في القرآن أو السنة أو الإجماع يدل على أن غشاء البكارة للفتاة يدل على عفتها، وإذا تزوج الشخص ووجد الفتاة ليست عذراء فهل يجوز له أن يطلقها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود غشاء البكارة عند المعروفة بالصلاح والدين أمارة قوية على عفتها، وعدم وجوده عند من عرفت بضعف الدين وسوء الخلق أمارة على عدم العفة.(99/51)
وأما أن يتخذ غشاء البكارة دليلاً على العفة أو عدمها، فلا، ولم يدل على ذلك كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل مما هو معلوم مقرر أن غشاء البكارة قد يزول من العفيفة بسبب وثبة أو الركوب على شيء حاد أو نحو ذلك.
وقد ترتكب الفاسدة أنواع من المحرمات مع بقاء غشاء البكارة، وانظر الفتوى رقم: 13932، والفتوى رقم: 19950، والفتوى رقم: 19951.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العقم ليس عيباً
تاريخ 09 محرم 1425 / 01-03-2004
السؤال
هل عدم الإنجاب سبب كاف ليطلق الرجل زوجته؟
أرجو ذكر قول أصحاب المذاهب أو شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك.
وبارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق جمهور الفقهاء على أن العقم ليس عيباً يثبت به خيار طلب فسخ عقد النكاح، إذا وجده أحد الزوجين في الآخر، قال ابن قدامة في المغني: لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافاً، إلا أن الحسن قال: إذا وجد الآخر عقيماً يخير.
وقد سبق أن بينا أن المرأة إن كانت صالحة فلا ينبغي أن يسارع الزوج إلى طلاقها بسبب عدم الإنجاب، وإنما يبقيها في عصمته إعفافاً لها، ويتزوج عليها امرأة ولوداً، وتراجع في الفتاوى: 24994/32645/34226.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عدم بروز الحلمة ليس من العيوب المعتبرة
تاريخ 23 ذو الحجة 1424 / 15-02-2004
السؤال
أولا: أريد أن أطرح عليكم ملاحظة.. وهي أنكم عندما أجبتم على سؤالي لم تقوموا بإرسال رسالة إلى البريد الإلكتروني تخبروني فيها بأنكم قد أجبتم عليه..!!
وثانيا: لقد أجبتم على سؤالي بأنه ليس من العيب أن أخبر الخطيب بموضوعي (عدم بروز الحلمة في أحد الثديين)، ولكني للصراحة أخجل من ذلك.. ولا يمكنني إخباره به البتة..حتى أن الموضوع لا يعلمه غيري من أفراد أسرتي !! ماذا أفعل؟؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/52)
فلعلك لم تراجعي جيداً ما كتبناه لك رداً على سؤالك السابق الذي كان رقمه: 225694، أو أنك فهمت خلاف ما أردنا، والذي قلناه لك هناك هو أن عدم بروز الحلمة من أحد الثديين ليس من العيوب المعتبرة، وبالتالي لا يلزم أن تخبري الخطيب به، وراجعي ذلك في الفتوى المذكورة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المرض الذي يجب إخبار الخطيب به
تاريخ 23 شوال 1424 / 18-12-2003
السؤال
السلام عليكم هل يجب علي إخبار خطيبي أنني عانيت من وجود فطريات على جلدي؟ مع العلم بأن هذه الفطريات كانت على شكل بقع بيضاء خفت وتختفي إن شاء الله، لكن يمكن أن تعود وعلاجها ممكن، وهل أكون آثمة إذا لم أفعل؟ أفيدوني بارك الله فيكم، فعقد قراني قريب إن شاء الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان هذا المرض مما تنفر منه الطباع عادة فيلزمك إخبار الخاطب بذلك، حتى لا يترتب على ذلك فسخ النكاح بعد إتمامه، وإن كان من الأمراض المعتادة عند الناس ولا تؤدي إلى النفرة فلا يلزمك إخباره، وراجعي لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 10711. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
بقاء البكارة أو عدمها
تاريخ 16 شوال 1424 / 11-12-2003
السؤال
منذ 5 سنوات واجهني أحد أقاربي بأنه يحبني ويريد الزواج مني، فظل يقترب مني حتى إنه صار يقبلني بدون استئذان، وكان يمس بعض الأماكن الحساسة فيَّ فكيف أعرف إذا كان قد أفقدني عذريتي أم لا؟ مع العلم بأني كنت لا أفهم هذه الأمور لأني كنت لا أتجاوز 13 عاما وتبت إلى الله، وعسى الله أن يقبل توبتي.... مع العلم بأنه لم يحدث جماع مطلقا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك الإكثار من التوبة والأعمال الصالحة والعزم الأكبر على عدم العودة إلى مثل ذلك في المستقبل، لأن هذا النوع من العلائق والتصرف هو من أعظم المحرمات في الإسلام والتي تورث الخزي في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة إن(99/53)
لم يتب صاحبها، هذا ما يلزمك الآن فعله، وقد وقع ما وقع، فإياك أن تكشفي ستر الله عليك بإخبار الناس بهذا الأمر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس: قد آن أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله. رواه مالك في "الموطأ"
أما بالنسبة لما سألت عنه من بقاء البكارة أو عدمها، فذلك ليس من اختصاصنا، إلا أنه في حال ثبوت زوالها، فلا يجب عليك ذكر ذلك لمن تقدم للزواج بك إلا إذا اشترط وجود البكارة عند البداية، فأخبريه أنك غير بكر، ولا تخبريه سبب زوالها؛ بل أوهميه أن ذلك ناشئ عن وثبة سريعة أو تكرر حيض أو ركوب على شيء حاد أو نحو ذلك.
وللفائدة، راجعي الفتوى رقم: 14999، والفتوى رقم: 22751.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
صغر عضو التناسل
تاريخ 15 شوال 1424 / 10-12-2003
السؤال
أعاني من صغر آلتي الجنسية، فما الحل؟ وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان هذا الأمر قد ألحق بك ضررا بيناً، فلا مانع من أن تعرض نفسك على الطبيب، ولمزيد من الفائدة، انظر الفتوى رقم: 10202، وكذلك الفتوى رقم: 29300. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أحكام تتعلق بنكاح العقيم
تاريخ 11 شعبان 1424 / 08-10-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله أنا شاب أعزب في الثلاثينيات من العمر، مصاب بالعقم وقادر ماديا وجنسيا على الزواج. هل يحل لي الزواج من دون إعلام الزوجة وأهلها بأني عقيم؟ وهل يستحب لمن مثلي أن يسارع بالزواج أم التفرغ للعبادة؟ والصبر على قضاء الله؟ أفيدونا أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد بينا في الفتوى رقم: 3852 أن من به عيب يجب عليه إخبار أهل المخطوبة بذلك عند إرادة خطبتها، لأن ذلك نوع من النصح المأمور به شرعا، وعلى هذا، يلزمك إخبار أهل المخطوبة بذلك. وأما حكم الزواج في حقك، فأنت فيه كغيرك، حيث إن الزواج تعتريه الأحكام التكليفية الخمس كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 3011. ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتويين: 24899، 31702. والله أعلم.(99/54)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم طلاق الزوجة التي تعاني من اضطرابات وراثية
تاريخ 02 رجب 1424 / 30-08-2003
السؤال
رجل اكتشف بعد زواجه أن أم زوجته تعاني من اضطراب نفسي أثر على علاقتها بزوجها وتربيتها لأبنائها وأن زوجته تظهر كثيراً من الأعراض التي تعاني منها أمها والمشكلة أن هذه الاضطرابات قد تنتقل إلى أولاده حسب رأي الأطباء ماذا يفعل هل يوقف نسله منها؟ وهل يجوز أن يطلقها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الأعراض التي تظهر على زوجتك ليست من العيوب التي توجب لك الخيار. وعليه، فزواجك بها صحيح، ويترتب عليه ما يترتب على النكاح الصحيح، ثم إن من المسلم به أن الطلاق بيد الزوج، فإن ثبت عنده أن هذه الأعراض وراثية، وأنها يمكن أن تسري إلى ذريتك، ووجدت من المصلحة طلاق زوجتك، فلا مانع من ذلك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يثبت خيار العيب إذا كان بالزوجة انسداد في الفرج
تاريخ 12 جمادي الثانية 1424 / 11-08-2003
السؤال
تزوجت امرأة ووجدت انسدادا في فرجها، فهل يكون علي إثم إذا طلقتها؟ وهل تجب موافقة الزوجة الأولى إذا أردت الزواج بأخرى؟ وما حكم الطلاق بواسطة إيميل أو الرسائل المكتوبة بالتلفون الحمول؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليس عليك إثم إذا طلقت زوجتك للعيب المذكور، والطلاق في أصله مباح، لكنه قد تعتريه الحرمة والكراهة والوجوب والاستحباب، لأسباب ليس هذا منها، وراجع هذا في الفتوى رقم: 12962، بل يجوز لك فسخ النكاح بالعيب المذكور، لأنه من العيوب التي يثبت بها خيار العيب في النكاح، وهو ما يُسمى بالرتق إذا كان انسداد الفرج بلحم، أو القرن إذا كان إنسداد الفرج بعظم. وقد سبق أن بينا هذه العيوب وأنها سبب للخيار في الجواب رقم: 19935، والجواب رقم: 25637. وأما عن استئذان الزوجة عند الزواج بغيرها، فراجع الفتوى رقم:3628. وأما عن الطلاق بوسائل الاتصال الحديثة، فراجع فيه الجواب رقم: 17011، والجواب رقم: 18164. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(99/55)
متى نحكم على الرجل أنه عنين
تاريخ 29 جمادي الأولى 1424 / 29-07-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فأنا امرأة تزوجت من مدة وزوجي عاجز جنسيا وقد اشتد الأمر بيننا وطلقني ولم ينم معي منذ تلك اللحظة في فراش واحد ثم أتى بعد مدة وقال لي إنه ندم على ذلك ولكنني لم أرض عنه وأصبح كل منا في غرفة منعزلاً عن الثاني وذلك لجهل مني ولأنني لا أعرف أنه علي أن أذهب لبيت أهلي وبعدها بعام تقدم لخطبتي زميل علما بأنني مازلت في البيت عنده وقلت له إنني لا زلت على ذمته فقال لي إنني مطلقة وإنه شهد على ذلك (أشهده زوجي) فهل أنا أصبحت مطلقة يا شيخ؟ أم لا؟ أبلغني الأمر بسرعة يا شيخ لأنني لا أطيق العيش عنده كما أنه عنيف التعامل معي ويضربني بين الفينة والأخرى الرجاء يا شيخ إبلاغي بالأمر بأسرع فرصة لأني والله لا أعلم ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الطلاق الذي أوقعه زوجك أولاً ثم ندم عليه حصل قبل أن يجامعك، فإن ندمه لا ينفعه؛ لأنك تبينين منه بمجرد الطلاق، وليس له عليك رجعة. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا[الأحزاب:49].
وإذا كان بعد حصول جماع فله أن يرتجعك دون عقد جديد ولو لم ترضي. ثم إن لك أيضًا الحق في الطلاق منه إذا أثبت بالبينة ما ذكرت من العنف معك والضرب المتواصل. قال الشيخ خليل : ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره.
أما الذي ذكرت من عجزه الجنسي، فإنك لا تستحقين به الخيار في الطلاق إذا كان حصل منه جماع ولو مرة واحدة. قال ابن قدامة في المغني: وإن اعترفت أنه قد وصل إليها مرة بطل أن يكون عنينًا، أكثر أهل العلم على هذا، يقولون: متى وطئ امرأة ثم ادعت عجزه لم تُسمع دعواها... (7/155).
وأما إذا لم يكن جامعك فلك المطالبة بالطلاق، ويؤجله القاضي سنة. قال في المغني: وإن علمت أنه عنين بعد الدخول فسكتت عن المطالبة، ثم طالبت بعد فلها ذلك، ويؤجل سنة من يوم ترافعه، لا نعلم في ذلك خلافًا. (7/154).
ثم ما ذكره خطيبك هذا من أن الزوج أشهده على طلاقك لا يثبت الطلاق؛ لأن الطلاق لا يثبت إلا بإقرار الزوج به أو بشهادة عدلين، ثم ما المانع لك من أن تعرفي حقيقة ذلك من الزوج مباشرة؟
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المرض الذي يوجب الخيار للزوج
تاريخ 29 جمادي الأولى 1424 / 29-07-2003
السؤال(99/56)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... تزوجت من امرأة مطلقة وعند دخولي بها اكتشفت أنها لا تستطيع تحمل الجماع وذلك لوجود التهابات مزمنة في الرحم من فترة زواجها السابق ولم تصارحني في ذلك من قبل وقد كان يحصل بين الفينة والأخرى جماع وحصل أن حملت وأنجبت طفلة وما زالت تعاني مما كانت تعانيه من قبل وأسباب تلك الالتهابات أنه كان زوجها الأول يباشرها وهي حائض وبقسوة وعلى أثر تلك الالتهابات حصل الطلاق الأول أما أنا فلم أتزوج من قبل وما زلت محروما من حقي الجنسي حيث لدي قوة لا بأس بها وأنا أسكن بلد لا يسمح بالتعدد فيه الرجاء أفتوني في أمري وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الذي تشعر به هذه الزوجة لا يعتبر مرضًا من الأمراض التي تعتبر من العيوب التي توجب الخيار للزوج؛ لأنها حملت وأنجبت، أما المرض الذي يوجب الخيار للزوج فهو الذي يمنع الوطء أو نحو ذلك، ففي حاشية العدوي على شرح الرسالة: وتُرَدُّ المرأة بداء الفرج وهو ما يمنع الوطء أو لذته. اهـ
وقال الشيخ ميارة الفاسي في شرحه على تحفة الحكام: وداء الفرج في المرأة: ما يمنع الوطء أو لذته كالرتق والقرن والعفل وزيد البخر والإفضاء. اهـ
هذا بالإضافة إلى أنك اكتشفت ما هي مصابة به وأقمت على علاقتك بها.
والذي ننصحك به هو الإبقاء عليها في عصمتك وعدم طلاقها، ثم السعي في علاج هذا المرض، فما من داء إلا له دواء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
البرص من العيوب الموجبة للخيار
تاريخ 29 جمادي الأولى 1424 / 29-07-2003
السؤال
-هل الشخص المصاب بالبرص يمكن أن يتزوج بدون مشاكل؟ وهل واجب عليه إخبار شريكة حياته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على كل من الزوجين إبداء العيب الذي به لصاحبه قبل الشروع في الزواج، ولا يجوز لمن كان به منهما عيب أن يكتمه، خاصة إذا كان هذا العيب مما جرت عادة الناس بكراهيته لاستقذاره -مثلاً- أو لكونه يمنع من الاستمتاع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن غشَّنا فليس منا. رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن المعلوم عند الفقهاء أن البرص من العيوب الموجبة للخيار في حال ما إذا تم الزواج من غير ذكر لها مسبقًا. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19935(99/57)
والحاصل أن على هذا الرجل أن يبين للمرأة التي ينوي الزواج منها أو ليَّها أنه مصاب بالبرص، ويحرم عليه كتم ذلك، وإن حصل ذلك كان للمرأة الخيار بين البقاء معه زوجة أو فسخ النكاح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العيوب الخلقية التي يثبت بها الخيار
تاريخ 09 جمادي الأولى 1424 / 09-07-2003
السؤال
بعد كتابة عقد الزواج اكتشفت وجود عيب خلقي في الزوجة، ولم يتم إخباري بذلك من قبل أهل العروس، ماذا يترتب علي إذا أردت أن أطلق؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان بهذه المرأة التي عقدت عليها عيب من عيوب النكاح الموجبة للخيار والتي ذكرناها في الفتوى رقم: 19935 والحال كما ذكرت أنه لم يكن لك علم بذلك قبل العقد، ولم تفعل معها ما يفيد الرضا به بعد العلم به، فإنه يثبت لك الخيار بين إمساك هذه المرأة زوجة لك أو فسخ نكاحها ولا شيء لها من الصداق. أما إن لم يكن المعيب لا يدخل في العيوب المشار إليها، فإنه لا يحق لك الخيار، وإن طلقتها قبل الدخول، كان لها نصف الصداق إن كان مسمى، والصداق كاملا بعد الدخول. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يجب على كل من الزوجين بيان ما فيه من العيوب الخَلْقِيَّة
تاريخ 26 محرم 1425 / 18-03-2004
السؤال
أنا شاب أعزب، ومريض بمرض الكبد الوبائي( س ) في مراحله الأولى، فهل يجب علي مصارحة من سأتزوج بها بحقيقة مرضي مع العلم بأن المرض لا ينتقل بالمعاشرة الجنسية، كما ذكر لي الأطباء وأنه لا ينتقل إلا عن طريق الدم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على كل من الزوجين أن يبين للآخر ما فيه من العيوب الخَلْقِيَّة قبل الزواج، لأن هذا من النصح، ولأنه أقرب إلى حصول الوئام بينهما، وأقطع للنزاع، وليدخل كل منهما مع الآخر على بصيرة، ولا يجوز الغش والكتمان. ( فتاوى شيخ الفوزان 4149)
فعلى هذا، يجب عليك أن تخبر المرأة التي ستتزوج بها عن مرضك، ولعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لك فَرَجاً ومخرجا، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب [الطلاق: 2-3].
وكما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق: 4].(99/58)
وكما أن الرجل لا يرضى لنفسه أن يتزوج بامرأة مريضة أخفت عليه مرضها، فكذلك المرأة، فليرض الإنسان للناس ما يرضى لنفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. رواه الشيخان عن أنس مرفوعا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعجل لك بالشفاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
موقف الزوجة من زوجها المصاب بمرض نفسي
تاريخ 22 ربيع الثاني 1424 / 23-06-2003
السؤال
هل إذا تزوجت المرأة رجلا مريضا نفسيا دون علمها بحقيقة هذا المرض لها أجر في دينها وعاقبة أمرها في الصبر على هذا الزوج العليل، مع العلم بأن معاشرة هذا الزوج ليست بالسهلة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن من ابتلي في هذه الدنيا بما يسبب له نكد العيش وتعب الحياة أنه ينال على ذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى إذا صبر واحتسب أجره عند الله تعالى.
فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته. وفي رواية: ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة. وفي رواية: والنكبة ينكبها.
ولا شك أن لهذه الزوجة إذا صبرت أجراً عظيماً، لأن معاشرة هذا النوع من الأزواج من أصعب الأمور، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
والحياة كلها امتحان وابتلاء واختبار؛ كما قال الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ [الملك:2].
وكما يكون الابتلاء بالشر يكون كذلك بالخير؛ كما قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].
فعلى المسلم أن يصبر ويحتسب كل ما يلاقيه في هذه الحياة فإنها دار ابتلاء، وننبه السائلة الكريمة إلى أن الشرع أعطى لكل من الزوج والزوجة الخيار إذا كان بصاحبه عيب أو مرض منفر... ومن هذه العيوب التي يُرَدُّ بها الجنون، فإذا كان الزوج أو الزوجة مصاباً أو مصابة بمرض الجنون ولم يعلم صاحبه بحقيقة أمره، فله الخيار في إمضاء الزواج أو رفضه بشرط أن لا يكون رضي بذلك المرض، نسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين.(99/59)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يزول غشاء البكارة بالعبث
تاريخ 01 ربيع الثاني 1424 / 02-06-2003
السؤال
في سن الخامسة عشرة أدخلت إصبعي بسبب فضولي في فتحة المهبل لعدة مرات منفصلة متباعدة ولم أكن أعرف حينها أن للفتاة غشاء بكارة يحميها مع العلم أنني لم أشعر حينها بأي ألم أو متعة أو نزول أي قطرة دم فهل آذيت نفسي وتمزق غشاء البكارة؟
الرجاء التوضيح لي مع شكري الجزيل لكم وفقكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد: فلا ريب أنك أخطأت بإدخال إصبعك في فرجك دون حاجة إ لى ذلك، لأن أقل ذلك أنه عبث يتنزه المسلم عنه، فكيف إذا كان هذا الفعل قد يجلب عليك ضرراً بزوال بكارتك، ويوقفك مواقف التهم. وعلى كل حال، فإن ظهر بعد الزواج زوال غشاء البكارة ، وطلب منك زوجك بيان السبب فأخبريه أن البكارة قد تزول بأسباب أخرى غير الزنا، فقد تزول بوثبة أو إدخال أصبع أو تكرر اندفاع الدم عند الحيض ونحو ذلك، وأنك ما ارتكبت الفاحشة قط. ونوصيك بتقوى الله وكثرة الاستغفار، فقد قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَج اً ;* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3]. وقال جل وعلا: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَس َناً [هود:3]. وراجعي الفتوى رقم: 8417 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إخبار الخاطب بالعيب بين الوجوب وعدمه
تاريخ 03 ربيع الأول 1424 / 05-05-2003
السؤال
أنا فتاة مريضة مرضاً وراثياً تقدم لي شاب حسن الخلق فهل أخبره بمرضي مع العلم بأني إذا أخبرته أخاف أن يتركني؟ ولقد تزوجت أختي الكبرى ولم تخبر زوجها بمرضها فهل عليها إثم مع العلم بأنها متزوجه لها أربعة أشهر ولم يعرف زوجها بهذا المرض؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المرض مؤثراً بحيث ينبني عليه قبول ورفض الزواج، أو كان عيباً قد يُنَفِّر الزوج ولا يحصل به مقصود النكاح من الدوام والمودة، فيجب عليك إخبار الخطيب به وإلا كان غشاً، وفي الحديث: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.(99/60)
أما إن كان عيباً بسيطاً لا يؤثر فلا يجب عليك ذكره للخطيب، ولك أن تخبريه وتشترطي عليه أن لا يخبر أحداً بهذا المرض، فإن شاء تزوجك بما أنت عليه، وإن شاء تركك مع الستر عليك ويلزمه الوفاء لك بالشرط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا مانع من الزواج على أن تبين الأمر لزوجتك
تاريخ 11 صفر 1424 / 14-04-2003
السؤال
لقد أثبت الأطباء عقمي هل أتزوج وما رأي الدين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأحاديث طافحة بالأوامر بالزواج وبيان فائدته في تحصين الإنسان وإكمال دينه وإعفافه، إضافة إلى فائدة التناسل، ومن ذلك حديث الصحيحين: من استطاع منكم الباءة فليتزوج.... وحديث الحاكم: من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه.
وقد ذكر الفقهاء أن النكاح يندب للراغب فيه إذا كان لا يرجو النسل، وقد ذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد أحب للعقيم أن يبين أمره للزوجة.
وبناء عليه.. فعليك أخي في الله أن تتزوج توقيا للفتن واتباعا للسنة وتحصينا لنفسك ولزوجك، فيمكن أن تكفل أرملة ذات أيتام، ويمكن أن تكفل أيّماً لم تعد في سن الإنجاب، ويمكن أن تتزوج امرأة صغيرة في سن الإنجاب وتخبرها بما ذكر الأطباء، كما قال الإمام أحمد حتى لا تكون غاشا لها.
ثم تتضرعان إلى الله بالدعاء، وهو قادر على أن يعطيكما كما أعطى زكريا ولدا من امرأة عاقر فاستغرب وقال: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ [آل عمران:40].
فأجابه الله: كذلك الله يفعل ما يشاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزواج.. وقصر العضو الذكري
تاريخ 24 ذو الحجة 1423 / 26-02-2003
السؤال
هل يجوز الزواج مع صغر حجم العضو الذكري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/61)
فإن كان قصر الذكر قصراً فاحشاً لا تتمكن معه المرأة من قضاء وطرها فهو عيب لا يجوز كتمه عن المرأة، ويجب إخبارها حتى تكون على بينه من أمرها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا حرج في التزوج بمن زالت بكارتها جرَّاء العادة السرية
تاريخ 15 رمضان 1423 / 20-11-2002
السؤال
لقد خطبت زوجة لي وقد عقد قرانها ولكن لم أدخل عليها بعد وقد حدثتني فيما بعد بأنها تشك في نفسها بأنها ليست عذراء وسألتها عن السبب قالت كانت تمارس العادة السرية وهي ليست متأكدة من أنها قد فتحت أم لا ما رأي الشريعة في هذا؟ علماً بأني أريدها عذراء فما الحكم في ذلك جزاكم الله خير الجزاء راجين التوضيح في هذا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان يجب على الأخت الكريمة أن تستر نفسها، ولا تبوح بما فعلت لزوجها ولا لغيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم.
ولا يجب على هذه الأخت الآن إلا التوبة إلى الله تعالى مما فعلت، وذلك بالندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وليس ما حصل منها مانعاً لك من الزواج بها؛ لأن كل بني آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون.
وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 8417، 19951، 13932، 24731.
وبناء على الفتاوى التي أحلناك عليها فإننا نوصيك بالستر على هذه المرأة، وعدم إخبار أحد بأمرها، كما نوصيك بالتمسك بها وعدم التفريط فيها، إذا صدقت توبتها، وحسنت سيرتها، وكانت مرضية الخلق والدين.
ولمزيد من الفائدة بالنسبة لاشتراط البكارة، وعدم اشتراطها راجع الفتوى رقم: 3154، والفتوى رقم: 7128.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يسوغ عدم الإنجاب الطلاق
تاريخ 05 محرم 1424 / 09-03-2003
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
أنا سيدة من الجزائر متزوجة منذ 5 سنوات و لم أرزق بأولاد بعد وهذه هي مشكلتي مع عائلة زوجي.(99/62)
لقد كنت أذهب إليهم و لكن كلما ذهبت تسببوا لي في إزعاج كبير لي ولزوجي ولهذا أصبحت لا أذهب عندهم تفاديا للمشاكل ولكن دائما أقول لزوجي أن يذهب عندهم لأنهم أهله ولكنهم وكلما ذهب عندهم يقولون له بأنني خدعته وأنني لن أنجب ولهذا لا بد أن يطلقني مع العلم أنه زواجه الثاني بعد الطلاق.
زوجي متفهم للوضع وكان دائما يقول لي إنها أمور غيبية وهي بيد الله وحده، لقد تحملت الكثير منهم وحتى أنني بعدت عن أهلي أي لا يزورونني لكي لا أسبب الإزعاج له ولأهلي لأن أمه كلما حضر أحد عندي تسبني، المهم أنني تحملت الكثير لأن زوجي كان معي طيباً.
ولكن وفي الشهور القليلة الماضية أصبح غير طبيعي تصرفاته معي تبدو لي غريبة وأصبح لا يدخل البيت ويقول إنه كره الدار والعمل والزواج ولا يريد أن يعذبني معه، وفي يوم ذهبت عند أهلي فبعث لي رسالة يقول فيها إنه لا يستطيع المواصلة هكذا وأهله لا يأتون إليه رغم أنهم هم من قاطعوه وبعد هذه الرسالة تحدثت إليه وقلت له أن يصبر ويدعو الله عسى الله أن يرزقنا الأولاد وتحل كل المشاكل ولكنه أصبح متردداً غير قادر على المواجهة والآن أنا في بيت أهلي حضرت لأنه قال لي أن أذهب إلى بيت أهلي من أجل أن أرتاح وبعدها كلمني في الهاتف وقال لي بأنه لن يستطيع المواصلة كذا وخاصة أن أهله لا يساعدونه في هذا الظرف .
و لكنه لا يريد أن يحضر عند أهلي ويواجهني بقراره وهذا ما يحز في نفسي وخاصة أننا كنا متفاهمين ولم يحدث يوماً أن تشاجرنا والمشكلة الوحيدة في حياتنا هي عدم إنجابنا الأطفال.
سيدي سؤالي ماذا أفعل في هذا الوضع هل أطلب أنا الطلاق رغم أنني لا أريده، هل أرجع إلى بيتي مادام هو لم يواجهني بأي شيء أم ماذا أفعل.
هل إذا رضخ زوجي لضغوطات أهله وطلقني لا يكون الطلاق هنا ظلماً في حقي وخاصة وأن سبب الطلاق أمر ليس بيدي ولا بأيديهم.
أرجو سيدي إفادتي بالفتوى لكي أرتاح نفسيا ادع لي
السلام عليكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وييسر أمرك، ويطمئن قلبك، وننصحك بالصبر على ما أنت فيه من الأذى، والعودة إلى بيت زوجك، والحرص على دوام الحياة الزوجية بينكما، فعدم الإنجاب لا ينبغي أن يكون سبباً مُلْجِئاً إلى الطلاق، والدليل على ذلك أن أكثر نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم ينجبن منه، ولأن الإنجاب نعمة كبقية النعم يعطيها الله لمن يشاء من عباده، قال عز وجل: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى:49-50].
ويجب على الزوج أن يرضى بقسمة الله تعالى له، ويكثر من دعاء الله بالرزق بالذرية، وهذا لا يمنع، أن يتخذ لذلك من السبل المشروعة ما يعينه على تحقيق مقصوده، كالعلاج الطبي أو الزواج بأخرى، إن غلب على ظنه أن ذلك سيحقق له(99/63)
مراده، لأن إيجاد النسل مقصد من مقاصد الزواج الرئيسية، أما عن طلاق الزوج لك في هذه الحالة فلا إثم عليه فيه لأنه من جنس المباح، لكننا ننصحه بعدم ذلك، ولمزيد من الفائدة لك ولزوجك راجعي الفتاوى التالية:
20646 15931 15268 1114 1507
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إخبار الخاطب بزوال البكارة والتأكد عن طريق الأطباء لا ينبغي
تاريخ 06 رمضان 1423 / 11-11-2002
السؤال
أنا فتاة عمري 22 سنة أتذكر عندما كنت صغيرة لعبت مع ابن الجيران فمارس معي الحرام مرة واحدة فقط وأنا لا أعرف هل أنا بنت أم لا؟ وأخاف من شيء اسمه زواج وهل أقول للرجل الذي سوف يتقدم لي؟ وأخاف أذهب إلى المستشفى. هذا مع العلم أن هذه العملية كانت منذ أكثر عن 12 سنة.
وجزاك الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يرتكبه الشخص من المحرمات قبل بلوغه لا يؤاخذه الله تعالى عليه، لأن التكليف مرفوع عنه حتى يبلغ، وما كان من ذلك بعد البلوغ والتكليف فالواجب على العبد أن يتوب إلى الله ويستغفره منه.
وفي مثل حالتك هذه لا يلزمك أن تخبري من يتقدم لخطبتك بما حدث، فإن ظهر بعد الزواج زوال غشاء البكارة، فليس عليك بيان السبب، فأسباب زوال غشاء البكارة كثيرة، فقد تزول بسبب وثبة، وبسبب ركوب على حاد، وبسبب تكرر حيض، هذا ولا يجوز لك الذهاب إلى المستشفى لمعرفة حالك، لأن هذا يتضمن كشف العورة المغلظة بلا ضرورة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إقدام مقطوع إحدى الخصيتين على النكاح...رؤية شرعية
تاريخ 14 رمضان 1423 / 19-11-2002
السؤال
أسأل عن الحكم الشرعي في إقدامي على الزواج مع العلم أني أملك خصية واحدة فالأخرى استؤصلت بسبب أنها كانت معلقة أسفل البطن وأني لم أجر فحوصا طبية حول إمكانية الإنجاب هل تعتبر حالتي عيبا خلقيا يجب أن تعرفه الفتاة التي أتقدم لخطبتها وكذلك أهلها؟
أفيدوني أثابكم الله فأنا في حيرة من أمري.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(99/64)
E mail : abdou74 maktoob.com
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخصاء الذي هو عيب، وللمرأة فسخ النكاح به هو قطع الخصيتين معاً أو قطعهما، وقطع الذكر معهما.
وأما قطع إحدى الخصيتين دون الأخرى، فليس بخصاء إلا إذا منع قطعها القدرة على الوطء، فهو في حكم الخصاء أو العنة، والفرق بين العنة والخصاء هو أن العنة تمنع انتشار الذكر.
وأما الخصاء، فقد يمنع انتشاره، وقد لا يمنعه، وإذا لم يمنعه فقد يقدر معه على وطء امرأته، وقد لا يقدر، فإن لم يقدر فلها الخيار في فسخ النكاح، وإن قدر على وطئها فلا خيار لها على الصحيح من أقوال العلماء، وهو مذهب الحنابلة.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: فأما الخصي فإن الخرقي ذكره في ترجمة الباب، ولم يفرده بحكم، فظاهر كلامه أنه ألحقه بغيره في أنه متى لم يصل إليها أجّل -أي سنة- وإن وصل إليها فلا خيار لها، لأن الوطء ممكن والاستمتاع حاصل بوطئه، وقد قيل إن وطأه أكثر من وطء غيره، لأنه لا ينزل فيفتر بالإنزال... ا.هـ
وعليه، فإذا لم يمنع قطع إحدى الخصيتين القدرة على الإيلاج فلا يلزم إجراء عملية للتأكد من الإنجاب وعدمه، لأن عدم الإنجاب ليس عيباً يفسخ به النكاح، ولا يلزم إخبار المرأة به، كما نص على ذلك الفقهاء في نكاح العقيم.
وننبه هنا إلى أن خصاء بني آدم محرم بلا خلاف، كما قال ابن حجر الهيتمي وهذا إذا كان لغير مرض ونحوه، وأما إذ كان لمرض ونحو ذلك فلا بأس به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يعتبر الشيب عيباً
تاريخ 22 شعبان 1423 / 29-10-2002
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 17 عاماً، وقد ظهر في شعري شعر أبيض ليس بالقليل فأرجو منكم أن تفتوني في حكم صبغ هذا الشعر بالسواد؟ وهل علي إثم إن لم أقم بإخبار زوجتي وأهلها بذلك عندما أفكر بالزواج في المستقبل إن شاء الله تعالى؟.
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في جواز صبغ الشعر بالسواد، فمنهم من منعه، ومنهم من كرهه.
ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك على الفتوى رقم: 21296.
وفيما يخص إخبار زوجتك أو أهلها، فلا داعي لذلك شرعاً، إذ ليس هو من العيوب التي يجب الإخبار بها، والتي قد تؤثر على العلاقة الزوجية.(99/65)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العيب والضعف في قبل المرأة هل يسوغ الطلاق
تاريخ 17 شعبان 1423 / 24-10-2002
السؤال
إذا كان الضعف الجنسي للمرأة في فرجها فهل يؤثر ذلك في استمتاع الزوج بها ؟ وهل للزوج أن يطلقها إذا وجد ذلك ؟ وهل هذا يؤثر على الإنجاب ؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبب الضعف الجنسي للمرأة وأثر ذلك على الإنجاب يراجع فيه أهل الاختصاص في الطب.
والمرأة إذا وجد في فرجها تشوه كالفتق والرتق ونحوه من العيوب فإنه يفوت استمتاع زوجها بها.
أما مجرد الضعف الجنسي، وقلة الرغبة في الوطء فلا تفوت استمتاع الرجل، وإنما قد تفوت كمال الاستمتاع، ومثل ذلك لا ينبغي أن يكون سبباً في طلاق زوجته، وإذا وجد في نفسه حاجة إلى النساء فليتزوج عليها إلا إذا عجز عن الجمع بين زوجتين، وخشي على نفسه الحرام بحيث إن هذه الزوجة لا تحصنه ولا تكفيه، فعليه أن يطلقها ويتزوج غيرها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
صوت في أحد جدران المنزل
تاريخ 16 شعبان 1423 / 23-10-2002
السؤال
اشترينا بيتاً في مدينة يريم في عام 94 من مالكه والعيب الوحيد الذي فيه أن في أحد الجدران يوجد صوت كالرعد في بعض الأحيان فماذا نفعل؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي التأكد من مصدر الصوت فإن كان ناتجاً عن فجوات في الجدار مما يسبب دخول الريح وإحداثها هذا الصوت، وهذا ما قد يحصل، فهذا يعتبر عيباً في البيت يرجع به على البائع إذا حصل منه كتمان لذلك.
أما إن لم يكن مصدر غير ما ذكرنا، ولم يلاحظ ذلك في البيوت المجاورة، فربما كان في البيت جن ينبغي لكم طردهم بقراءة القرآن فيه، وخاصة سورة البقرة، ثم(99/66)
عليكم أن تجنبوا بيتكم كل ما فيه مخالفة للشرع، لأن ذلك مما تستأنس به الجن وترغب فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة
تاريخ 01 شعبان 1423 / 08-10-2002
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
رجل تزوج من فتاة فوجد أن بكارتها قد زالت مع أنها لم تتزوج ولم يلمسها أحد لكنها كانت تعرف ذلك وهو يعرف أنها ذات خلق ودين، لأنها من معارفه, ولم يحاول أن يتأكد من الأمر ولم يخبرها به فطلقها، دون سابق إنذار وشوه سمعتها وأساء إليها وهرب, فعل ذلك لأنه كانت له أسباب خاصة وليس لذلك السبب, وعند طلبها الرجوع في المحكمة, قال أنه يطلق مقابل أن يعطيها المال الذي تقر به المحكمة وحكمت عليه بنفقة العدة والمسكن وقدر يسير من المال كتعويض،
هل المال الذي تأخذه من حقها؟ هل له عندها مظلمة تؤديها له ؟ هل ظلمها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
3154، حكم من تزوج امرأة فوجدها غير بكر فليراجع، ففيه تفصيل المسألة وما يترتب فيها.
ونضيف هنا أن المرأة ليس عليها أن تخبر خاطبها بأنها غير بكر إذا لم يشترط ذلك، وأن هذا الرجل إذا اختار أن يطلق زوجته التي وجدها ثيبا فليس عليه أن يخبرها أنه سيطلقها، ولكن يجب عليه أن يستر عليها وأن لا يفشي ما جرى بينهما، وخاصة أن هذه البنت معروفة بالخلق والدين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها.
وبما أن هذا الطلاق بعد الدخول فللمرأة كل حقوق المرأة المطلقة المدخول بها وهي مذكورة في الفتوى رقم:
9746.
أما أخذ عوض عن مجرد الطلاق، فلا نعلم له أصلاً في الفقه الإسلامي، ويراجع أيضاً الفتوى رقم:
19950.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
بها عيب خلقي هل تخبر الخاطب؟(99/67)
تاريخ 22 رجب 1423 / 29-09-2002
السؤال
السلام عليكم والله وبركاته
جزاكم الله كل الخير على هذا الموقع الهادف وإلى الأمام.
أما استفسارى فهو:أنا فتاة في ربيع العمر وفي سن الزواج يتقدم شباب لخطبتي ولكن هناك مشكلة تعيق ذلك وهو أنني أعاني من خلل خلقي في جسدي ليس لي أي علاقة بهذا الخلل وما هو إلا ابتلاء من الله والحمد لله صابرون وهذا الخلل ممكن أن يكون طبيعيا بإجراء عملية جراحية. مع العلم أنه لا أحد في هذا الكون يعلم طبيعة هذا الخلل سوى الله حتى والديّ لم أخبر أحدا بذلك وإني أخشى عند ارتباطي بأي شاب أن أخدعه إن لم أخبره بذلك ولكن لا أريد أن أجرح كرامتي وأفشي سري هذا لأحد إن لم يكن نصيب بيننا فأنا مترددة في إخبار هذا الشخص عن هذا الخلل أو لا أخبره بذلك فإني أخاف الله. فكيف ممكن ان أخبره دون إفشاء السر والمحافظة على كرامتي وإحساسي . أفيدوني أفادكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائلة لم تبين لنا ما هو هذا العيب فقد يكون بسيطاً وغير مؤثر وبالتالي فلا يجب ذكره، ولكن على العموم إذا كان هذا العيب بيناً واضحاً وتعلمين أنه سيؤثر على الحياة الزوجية إذا لم تخبري به الخاطب، فإن عليك أن تخبريه به، أما إذا كان شيئاً بسيطاً لا يؤثر على الحياة الزوجية فإنه لا يلزمك الإخبار به، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:
10711
16149.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عوامل شتى وراء زوال غشاء البكارة
تاريخ 15 رجب 1423 / 22-09-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الموضوع باختصار إنني مخطوبة منذ سنة وأستعد للزفاف قريبا وفحصت نفسي الفحوص الخاصة بي قبل الزواج مباشرة وكانت الصدمة حيث فوجئت بأني لست بكرا لا أعرف كيف ولا أين ولا أي شيء و لا أعرف كيف أتصرف وأخشى إن أخبرت خطيبي أن يتركني وقد اقترحت والدتي أن أجري عملية تحل هذة المشكلة ولا أحد سوف يعرف شيئا ولكني أخاف الله وأخشى أن يكون بهذا الحل زواجي منه باطلا.لا أعرف ماذا أفعل وأرجو منكم سرعة الرد للأهمية.جزاكم الله كل الخير و شكرا والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
الفتوى(99/68)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعلك تعلمين أن أسباب زوال البكارة كثيرة غير ارتكاب فاحشة الزنا.
ولعله من الحكمة ألا تخبري زوجك فأنت لم تتسببي في إزالة البكارة ولم ترتكبي فاحشة.
أما ما أشارت به الوالدة من إجراء عملية فهذا غير جائز لما يترتب عليه من الفساد وكشف العورة المغلظة لغير ضرورة.
ولمزيد الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 5047
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا شأن للزوجة بما لدى أقاربها من عيوب
تاريخ 25 جمادي الثانية 1423 / 03-09-2002
السؤال
السلام عليكم،
لقد تزوجت من امرأة مسلمة عربية منذ عامين، واكتشفت الآن أن عمها مصاب بمرض يسمى البهاق.
هل من أحاديث تخص هذا الموضوع؟ لا أعرف ماذا علي أن أعمل؟ شكرأ
والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا علاقة لزواجك بهذه المرأة بما عند عمها من أمراض، ولا علاقة للمرأة بالعيب الذي في عمها، فما عليك الآن إلا أن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن وساوسه وتعاشر أهلك بالمعروف.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم:
6559 والفتوى رقم:
10711.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
رضا المخطوبة بالعيب يحسم الأمر
تاريخ 17 جمادي الثانية 1423 / 26-08-2002
السؤال
شاب اكتشف إصابته بفيروس سي فى الكبد أثناء فترة خطوبته وصارح خطيبته بذلك لكي يفسخ الخطبة ولكنها مصرة على إتمام الزواج هل يستمع لها ويتم الزواج وإذا فعل هل في ذلك ظلم لها وشكراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/69)
فطالما أن الأخ السائل قد أطلع المرأة التي يريدالزواج بها على ما فيه من المرض ورضيت بذلك فينبغي له أن يتم الزواج، وعليه أن يحسن الظن بالله عز وجل، فإن الله سبحانه عند ظن عبده به، كما صح بذلك الحديث، والشفاء من المرض ليس عزيزاً على الله سبحانه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يمنع انحناء العضو النكاح
تاريخ 11 جمادي الثانية 1423 / 20-08-2002
السؤال
أفيدوني رحمكم الله
أنا شاب عمري 28 سنة مقبل على الزواج من فتاة إن شاء الله صالحة، الأمر الذي يحيرني هو أن بي عيباً في ذكري، فبعد ختاني في صغري صار به انحناء ليس كبير جداً، وبعد كبري تفطنت إلى الأمر واعتبرته عادياً ولم أعلم أحد حتى والديّ، و لكني الآن أصبحت خائفاً من حدوث مشكلة مع زوجتي، ماذا أفعل، هل أخبر خطيبتي، هل أخبر والديّ، ماذا أفعل إني حائر في أمر؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً...........
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الانحناء الحاصل لذكرك يؤثر تأثيراً بالغاً على الجماع، بحيث يمنع المرأة من كمال الاستمتاع، فيجب عليك إخبارها بذلك؛ لأن ذلك يؤثر على إعفافها الذي هو أحد مقاصد الزواج الرئيسية.
قال ابن عابدين نقلاً عن الفتاوى الحامدية: القدرة على الجماع شرط الكفاءة كالقدرة على المهر والنفقة. اهـ
أما إذا كان هذا الانحناء لا يؤثر على الجماع، وهذا هو الغالب على الظن، أو كان يؤثر تأثيراً غير بالغ، فلا تلتفت إليه، ولا تهتم به؛ لأن هذا الأمر مما يتفاوت فيه الناس، وتختلف فيه الطبائع.
وراجع الفتوى رقم:
20375.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الحل بيد الزوجين أو برفعهما الأمر للمحكمة
تاريخ 07 جمادي الثانية 1423 / 16-08-2002
السؤال
لا يخفاكم جزاكم الله خيرا بأن لي قريبه تزوجت من ابن عمها منذ 7 سنوات ومدة هذه الفترة لم يدخل عليها بحجة أن كلا منهما يدعي العيب على الآخر علاوة على(99/70)
ذلك سمعت على أنها تقول عند سماعها باسمه أو تراه فإنها يغمى عليها ويحصل لها ارتجاج على ما تقول هي من خلال الكلام معها ما أريده هو ما تروه الأنفع لهذين الطرفين؟ وما حكم ما هما عليه؟
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذين الزوجين إذا كان بهما عيب خلقي، ورضيا العيش مع بعضهما فلا مانع من ذلك شرعاً.
وإذا كان بهما أو بأحدهما عيب من العيوب التي توجب الخيار، فله أن يرفع ذلك إلى المحكمة الشرعية لتنصفه ما لم يكن قد علم بالعيب قبل العقد، أو علم بعد العقد، ولكنه رضي به، وكل مدع عليه أن يثبت ما ادعاه.
وما ذكرت من حال الزوجة عند ما ترى زوجها أو تسمع باسمه، فلها أن تذكر ذلك للمحكمة، وتشرح لهم السبب، ولعل هذه المشكلة من الأمور التي لا يحلها إلا المحاكم الشرعية، ومن يقوم مقامها، فننصح بمراجعتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
لا يعتبر هذا من العيوب المانعة من النكاح
تاريخ 03 جمادي الثانية 1423 / 12-08-2002
السؤال
هل من الواجب إخبار خطيبتي بأن لي قضيباً منحرفاً قليلا بدرجة1 سنتيمتر قبل الزواج?جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته لا يعتبر عيباً، ولا يمنع الرجل من وطء الزوجة، ولا يجب عليك إخبار من أردت الزواج منها بذلك. كما ننهبك إلى أنه لا يجوز لك الكلام والمحادثة مع من خطبتها إلا بقدر الحاجة وفي حدود الأدب والأخلاق وبحضور أحد محارمها لأنها لا تزال أجنبية عنك حتى يتم العقد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل عدم الإنجاب يبرر الانفصال
تاريخ 02 جمادي الثانية 1423 / 11-08-2002
السؤال
هل يجوز الانفصال بسبب عدم الإنجاب ؟ لدي اعتقاد بأن زوجتي كانت تعلم قبل الزواج بأن حملها لا يكتمل حتى نهايته ؟
الفتوى(99/71)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ابتلاه الله بزوجة لا تنجنب فإننا ننصحه بأن يبقيها في عصمته إذا كانت ذات دين وخلق، وليتزوج عليها غيرها طالبا للولد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود..... رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه العراقي.
وقول السائل: لدي اعتقاد بأن زوجتي كانت تعلم قبل الزواج بأن حملها لا يكتمل حتى نهايته، أمر لا نستطيع أن نتصوره، إلا أن تكون هذه المرأة قد تزوجت من قبل ولم تنجب، وأثبتت التحاليل أن علة عدم الإنجاب كانت من قبلها هي لا من قبل من تزوج بها.
وعلى كلٍ، فإنه لا يجوز لمن يعلم من نفسه عيباً مؤثرا على العلاقة الزوجية وأراد أن يتزوج أن يكتم هذا العيب عمن أراد الزواج به، ولا شك أن عدم القدرة على الإنجاب من أكبر العيوب المؤثرة في الزواج إن لم يكن هو أكبرها على الإطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج من لا ينجب
تاريخ 03 ذو الحجة 1424 / 26-01-2004
السؤال
أرغب في الزواج ولكن ليس عندي القدرة على الإنجاب ما حكم الشرع في ذلك ؟....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان العيب الذي بك يمنع الوطء فلا يجوز لك الزواج بامرأة حتى تخبرها بذلك، لأن العيوب المانعة للوطء في أحد الزوجين يجعل للآخر الخيار في فسخ النكاح بعد انعقاده إن لم يكن عالماً بالعيب قبل العقد.
أما إن كان العيب الذي بك لا يمنع الوطء وإنما يمنع الإنجاب فلا يلزمك إظهار هذا العيب عند جمهور الفقهاء، ومن أهل العلم من جعل كل عيب يوجب الخيار.
قال ابن القيم : والصحيح أن النكاح يفسخ بجميع العيوب كسائر العقود لأن الأصل السلامة.... والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة فإنه يوجب الخيار. انتهى.
ولا شك أن عدم الإنجاب مدعاة لأن تنفر بعض النساء من الزواج منك، فينبغي لك أن تبين هذا العيب لمن أردت الزواج منها لأن الزواج مبناه على المودة والرحمة والسكينة. والمرأة تحب الإنجاب وتشتاق إلى الأولاد كالرجل، فإذا لم تخبرها بذلك وتم الزواج فإن هذا سيؤدي غالباً إلى الشقاق والنزاع بعد الزواج.
وننصحك بالبحث عن زوجة مطلقة أو متوفى عنها، فإن مثلهما قد يرضى بالزواج ممن لا ينجب خصوصاً إذا كانتا قد رزقتا ببعض الولد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(99/72)
ـــــــــــــــــــ
العيب المعتبر في آلة الذكر
تاريخ 21 جمادي الأولى 1423 / 31-07-2002
السؤال
أرجوكم ما هو مجال طول قضيب الرجل لتتم عملية الجماع؟ مع الأخذ بالاعتبار أن الرجل والمرأة طبيعان.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لطول ذكر الرجل حد معين يكون به طبيعياً دون غيره، لأنه كسائر أعضاء الإنسان تتفاوت طولاً وقصراً بتفاوت خلقة صاحبها.
لكن إذا كان قصيراً قصراً فاحشاً خارجاً عن حد الاعتدال، فهنا يكون عيباً بالرجل يؤثر على معاشرته لزوجته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزواج بهن احتسابا للأجر من المعروف
تاريخ 20 جمادي الأولى 1423 / 30-07-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هل نأثم إذا امتنعنا عن الزواج من بنات عم لنا بسبب ظهور مرض البرص بهن علما أنهن 6 لم تتزوج منهن إلا واحدة فقط؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في امتناعكم عن الزواج من بنات عمكم إثم ولا حرج، لكن إن وجدتم أو وجد أحدكم من نفسه استعداداً وقوة على الزواج منهن، والصبر على ما فيهن من عيب، فإنكم -إن شاء الله- مأجورون على ذلك، لأن هذا من الإحسان والمعروف الذي يثاب عليه المرء، والأقربون أولى بالمعروف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
غزارة الشعر في غير الرأس ليس عيبا
تاريخ 14 جمادي الأولى 1423 / 24-07-2002
السؤال
بعد الزواج مباشرة اتضح لي أن زوجتي تعاني من مشكلة غزارة الشعر على الذقن والخدين واليوم وبعد أكثر من 10 سنوات زواج أكاد أشعر بالجنون إذا ما لامست وجهي بخديها وكأني أعانق رجلا أعتقد الزيادة في الشرح غير ضرورية وسؤالي(99/73)
ما هو حكم الشرع في هذا؟ بدون إرادة أصبحت أنفر منها وأصدها كثيرا ولا أدري من منا مسكين أكثر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجود الشعر على الذقن والخدين بالنسبة للمرأة لا يعتبر عيباً يفسخ به النكاح، والعيوب التي تثبت خيار الفسخ قد ذكرها الفقهاء، ومنها ما تشترك فيه المرأة والرجل وهو ثلاثة ذكرها الفقهاء وهي: الجنون، والجذام، والبرص.
ومنها ما تختص به المرأة، وهي:
- الفتق وهو: انخراق ما بين مجرى البول ومجرى المني.
- القرن وهو: لحم ينبت في الفرج فيسده.
- العفل وهو: كالرغوة في الفرج.
قال ابن قدامه في المغني بعد أن ذكر هذه العيوب (الفصل الثالث): أي أنه لا يثبت الخيار لغير ما ذكرناه، لأنه لا يمنع من الاستمتاع المقصود عليه، ولا يخشى تعديه فلم يفسخ به النكاح، ولأن الفسخ إنما يثبت بنص أو إجماع أو قياس، ولا نص في غير هذا ولا إجماع، ولا يصح قياسها على هذه العيوب لما بينهما من الفرق.
ثم إنه لا مانع من إزالة هذا الشعر إذا وصل إلى حد تشويه الخلقة.
قال النووي -رحمه الله-: ويستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها، بل يستحب.
قال الحافظ معلقاً على كلام النووي: قلت: وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه.
والنماص هو: إزالة شعر الحاجبين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يحق فسخ العقد لقصر المرأة والتفاوت في العمر
تاريخ 13 جمادي الأولى 1423 / 23-07-2002
السؤال
بعد أن خطبت بنتاً وكتبت عقد القران اكتشفت أنهم خدعوني في عمرها وطولها فاكتشفت أنها أكبر مني سناً وأقصر مني بـ 30 سم وفي الحقيقه لا أرغب الاستمرار معها لأن بدايه العلاقه مبنيه على الكذب وأخاف أن أكتشف أموراً أخرى مع العلم أنني لم أدخل عليها وما زلنا في فترة الخطوبة فهل يمكنني فسخ العقد واسترجاع المهر؟
وشكرا ......
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن هناك عيوبا توجب الخيار بين الزوجين ولم يذكروا منها ما سألت عنه، وذلك لأن الضابط في هذه العيوب في الغالب أن تكون منفرة للطرف(99/74)
الآخر، ولا يحصل به المقصود من الزواج، ولم يكن التفاوت في العمر أو الطول والقصر في هذه العيوب التي تقتضي الخيار، وهذا ما لم يحصل لمن عقد ت عليها.
وعليه فلك أن تختار واحداً من أمرين:
أحدهما: أن تمضي في زواجك، وهذا ما ننصحك به إذ ربما كره الإنسان شيئاً وكان فيه الخير والنفع، قال الله تعالى:وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:216].
الثاني: أن تفارق هذه المرأة وتعطيها نصف الصداق المسمى، لقوله تعالى:وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237].
وراجع الفتوى رقم:
1955.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إخبار مريد الزواج بمرض الخطيبة واجب
تاريخ 18 صفر 1423 / 01-05-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله
أنا فتاة عمري 21 عاما أصبت بمرض الصرع مند كان عمري 17 وتعالجت في ألمانيا وبدأت بتناول العلاج وعند مراجعتي منذ عام أخبرني البرفيسور بأني أستطيع تخفيض كمية العلاج علماً بأن الحالة لم تأتني منذ4 سنوات والآن أعجبني شخص تقي فيه المواصفات التي تمنيت فأنا في حيرة إذ أخبرني هذا الشخص بأنه ينوي الارتباط هل أصارحه أو أنه ليس هناك حاجة لذلك؟
أفيدونا بأسرع وقت ممكن ولو خلال 5 أيام عذراً لأن الأمر عاجل.
وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبداية نسأل الله أن يتم عليك الشفاء، وأن يجعل لك من أمرك يسراً.
ونذكرك بقوله تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) [الطلاق:4] .
أما بخصوص إخبار من يريد الزواج بك بما كنت تعانينه من مرض فنقول: يجب عليك إخباره بذلك، وخاصة أنك ما زلت تتعالجين منه، وتخفيض كمية العلاج لا يسوغ كتمان ذلك عنه، لأن في ذلك غشاً له، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا" . رواه مسلم .
كما أن إخبارك له بمرضك - بشرط عدم إشاعته لذلك بين الناس - أسلم لك من جميع النواحي، فماذا لو تزوجك وهو لا يعلم بذلك، فقام بتطليقك بحجة أنه خدع، فلا شك أن المصيبة تكون أعظم!.(99/75)
وأخيراً: نوصيك بكثرة الدعاء، والالتجاء إلى الله أن يذهب عنك هذا المرض وآثاره تماماً، ونحيلك على هذه الأجوبة للاستفادة: 13277، 8956، 10711.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
البكارة قد تزول بوثبة أو بالركوب على شيء حاد
تاريخ 14 ذو الحجة 1422 / 27-02-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد وباختصار شديد:
لي قريبة وهي على أعتاب الزواج لكنها تعيش مأساة حقيقة وهموم ووساوس يندى لها الجبين وأحزان تقلق مضجعها وتدمي مقلتيها فقد كانت تمارس العادة السرية في فترة من حياتها وهي الآن تكاد تموت خوفا
بسبب شكها وتخوفها ما إذا كانت العادة السرية قد فضت بكارتها.
أرجو من فضيلتكم إسداء النصح. وهل بالعادة السرية تنفض البكارة؟
2-
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العادة السرية حرام، وقد تقم ذلك في الفتوى رقم: 910.
وقد تتسبب العادة السرية في زوال غشاء البكارة، إلا أن ذلك في حالات نادرة.
فلتبعد هذه الأخت عن نفسها الوسواس والشك ما دامت قد تابت وندمت على فعلها، ولو فرض أن بكارتها قد زالت وحصل من زوجها سؤال عن ذلك، فلا تفصح له عن سبب ذلك ولكنها توري، فإن البكارة قد تزول بوثبة أو بالركوب على شيء حاد، ونحو ذلك.
هذا ما لم تخف أن يسيء بها زوجها الظن، فإن خافت فلئن تخبره أن سبب ذلك هو العادة السرية خير من أن يظن بها السوء.
نسأل الله لهذا الأخت التوفيق والسداد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
صغر الخصيتين ...هل يعتبر عيباً
تاريخ 14 شوال 1422 / 30-12-2001
السؤال
أنا شاب عندي من العمر 29 سنة وأقدمت على خطبة فتاة رأيت فيها من يتحقق فيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم فاظفر بذات الدين تربت يداك ولكني عندي مشكلة خاصة جداًً فأنا أعاني من صغر حجم الخصيتين بشكل ملفت ولا أعرف ما الحل مع أن حجم العضو الذكري طبيعي بالنسبة لحجمي - فأنا قليل ا لحجم -(99/76)
فأرجوا من سيادتكم إفادتي بالرد وهل أكمل مشوار الخطوبة أم لا علماً بأنني لا أعاني مشاكل أخرى من الناحية الجنسية .
وجزاكم الله خيراً على ما تقومون به من خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء لم يعتبروا صغر الخصيتين من العيب الذي يثبت للمرأة الخيار به، وإنما اختلفوا في قطعهما فقال بعضهم: إن كان الخصي (مقطوع الخصيتين) لا يمني فهو عيب يثبت للمرأة الخيار به، وإن كان يمني فلا خيار لها.
وقال بعضهم إن أمكنه الجماع فلا خيار لها حصل منه مني أم لا، وهذا الأخير هو الراجح.
قال ابن قدامة في المغني: وأما الخصي فإن كان يصل إلى المرأة (أي يجامعها) فلا خيار لها لأن الوطء ممكن، والاستمتاع حاصل بوطئه، وقد قيل: إن وطئه أكثر من وطء غيره، ثم قال: ولا فرق بين من قطعت خصيتاه، أو سلت، أو رضت، فإن الحكم في الجميع واحد، فإنه لا ينزل، ولا يولد له. انتهى.
وفي ضوء ما تقدم -من أن الراجح هو كون قطع الخصيتين ليس عيباً إن أمكن لصاحبه الجماع- يتبين لنا أن صغرهما أولى بذلك، لا سيما إن كان صغيرهما لا يعاني من ضعف جنسي بأن كانت لديه القدرة على الجماع والقذف المنوي بشكل عادي، وبهذا تعلم أنه لا يوجد مانع يمنع من إكمالك لمشروع زواجك، فامض فيه على بركة الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حقيقة العيب الذي يحق به فسخ النكاح
تاريخ 26 محرم 1425 / 18-03-2004
السؤال
أنا في الرابعة والعشرين من عمري وتمت خطبتي من جار لي ويعرف أنني كنت مريضة لمدة 7 سنوات بمرض في الكلى وقد انتهى ولكنه كان يتطلب أن آخذ دواء الكورتيزون الذي أدى إلى زيادة مفاجئة في وزنى أدت لحدوث تفزير فى جلدى بطريقة ملحوظة نوعا ما فى الجزء العلوي من يدي وفي أعلى الصدر وفي وسطي ولكنه لا يرى هذا ولم تراه والدته ولم أصارحه بذلك لأن والدى ووالدتى يقولون إنه أمر غير ملحوظ وليس منفرا وأنه مجرد أشرطة بيضاء اللون فى جلدى ولن تظهر لو لبست بنصف كم وأنه يحبنى لديني وأخلاقي ولن يبالي بهذا ولو قلت له سيطلب رؤيته ولن تقدري على هذا
فهل من المفروض أن أقول له أم أحاول عمل أي شئ تجميلي عند دكتورة لأتخلص من ذلك أم أن ذلك حرام أم أتركها على الله وأتزوجه بدون أن أقول له؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/77)
فإن العيب الذي يثبت به فسخ النكاح لأحد الزوجين إذا وجد في الآخر هو ما عده الناس عيباً، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، ذلك أنه لم يرد في الشرع ما يدل على تحديد العيب الذي يفسخ به النكاح، وما لم يحد من الألفاظ في الشرع، ولا في اللغة، فإنه يحد بالعرف.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار، وهو أولى من البيع، كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع، وما ألزم الله ورسوله مغرراً قط، ولا مغبوناً بما غرر به، وغبن به، ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته، وما اشتمل عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة.
وعلى هذا، فإن كان الناس في تلك البلاد يعدون هذه التفزيرات عيباً، فهي عيب يجب إخبار الخاطب بذلك، حتى لا يقع بعد ذلك فسخ النكاح، وربما مشاكل أخرى، وإذا أمكن إزالة هذا العيب عن طريق التجميل إزالة لا تسبب ضرراً، فلا مانع لأن الحاجة داعية إلى ذلك، إعمالاً للقاعدة الشرعية المعروفة: "الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة".
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم عند حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله".
قال: (وأما قوله: المتفلجات للحسن. فمعناه يفعلن ذلك طلباً للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن.
أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه، فلا بأس).
وإذا كان أهل البلد لا يعدون هذا التفزير عيباً، فلا يلزم إخبار الخاطب به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من ثبت أنه لا ينجب.. لزمه إخبار من يريد الزواج منها
تاريخ 28 ربيع الثاني 1422 / 20-07-2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أمارس العادة السرية حتى لا أنغمس في المحرمات مثل الزنا، فما الحكم مع الدليل.
والشق الثاني : كشفت عند الطبيب فقال لي أنت لا تنجب فهل أخبر أهل الزوجة أو الزوجة نفسها التي سوف أتزوجها أم لا ؟ ولكم الأجر والثواب في الإجابة والله يوفقكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/78)
فقد تقدم بيان تحريم العادة السرية ، تحت الفتوى رقم : 4033 ، والفتوى رقم 7170
وأما عن الشق الثاني من سؤالك ، فنقول :
الجزم بأنك لا تنجب، لا ينبغي الاعتماد فيه على رأي طبيب واحد، لاحتمال دخول الخطأ عليه.
وإذا ثبت بالتقارير الطبية أنك لا تنجب بسبب ضعف الحيوانات المنوية وعدم قدرتها على تلقيح البويضة، أو غير ذلك من الأسباب، فالواجب أن تخبر من تريد الزواج منها بذلك، لأن للمرأة حقاً في الإنجاب، وتفويت هذا الحق عليها بغير رضاها غش لها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من غش فليس منا".
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل للمريض بالصرع أن يتزوج
تاريخ 12 ربيع الثاني 1422 / 04-07-2001
السؤال
هل يجوز لمريض الصرع أن يتزوج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمريض بالصرع أن يتزوج بشرط أن يخبر من يريد زواجها بما يحصل له على الحقيقة، وترضى هي بذلك.
ولا يجوز أن يكتم ذلك عنها، ولا أن يخبرها به على غير حقيقته، لأن في ذلك غشاً لها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا" كما في صحيح مسلم.
ولمزيد من الفائدة يراجع الجواب رقم: 6713.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إخفاء التشوه في قدم الزوج عمن يريد الزواج منها تدليس
تاريخ 15 ربيع الأول 1422 / 07-06-2001
السؤال
رجل يريد الزواج من فتاة لكن هذا الرجل كان قد تعرض في صغرة إلى حادث سير أدى إلى تشوه في قدمه وليس إعاقة أو فقدا للوظيفة فهل يجب عليه إخبار المرأة بهذا التشوه قبل الزواج؟ وإذا لم يخبرها فماذا يجب عليه؟ أرجو إرسال الإجابة على عنواني الالكتروني. وجزاكم الله كل الخير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حق المرأة أن يكون زوجها كامل الخِلقة، لأن سلامة الجسد من العيوب والتشوهات متعة عند النظر لكلا الزوجين، واستمتاع الزوجة بجسد زوجها بالنظر،(99/79)
والجماع ودواعيه حق لها، وهو مما يعينها على غض بصرها عن غير زوجها من الرجال، ومن هذا القبيل أمره صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين خطب امرأة، إذ قال له: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه والنسائي.
ومعنى يؤدم: تدوم المودة بينكما، والإلفة، ويوفق بينكما.
فالنظر إلى الأجنبي (امرأة أو رجل) حرام، لكنه ينقلب إلى الجواز، بل إلى الندب حال النظر للزواج لأهمية هذا الأمر.
وكل ما يؤذي الزوج من زوجته حين النظر إليها، قد يؤذي كذلك الزوجة حين نظرها هي إليه، إن كان فيه ما تكرهه وتعافه نفسها.
فالحاصل أنه لا بد من إعلام المرأة قبل الزواج بالعيب (التشوه) الذي حصل للرجل في قدمه، بل لها أن تنظر إلى التشوه إن طلبت ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الخوف من زوال البكارة لا يعتبر معوقاً عن الزواج
تاريخ 08 ربيع الأول 1422 / 31-05-2001
السؤال
لقد كنت أقوم بالعادة السرية منذ ما يقرب ال9 سنوات وأنا لا أعلم ما هي بالضبط وأنا خائفة الآن كثيرا من الزواج وأنا لا أعلم إن كان غشاء البكارة موجودا أم لا أرجوكم أفيدوني جزاكم الله عني خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت، فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وتكثري من الاستغفار والأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليك، ويكفر عنك ما حصل منك من ارتكاب هذا الفعل المحرم، وننصحك بالاطلاع على الفتوى رقم: .
ويجب عليك مع ذلك أن تستتري بستر الله تعالى، ولا تطلعي أحداً على ما كنت تفعلين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ابتلى بشيء من هذه القاذورات، فليستتر بستر الله جل وعلا" رواه الحاكم.
وإذا اطلع الزوج على أن غشاء البكارة قد زال، فلا تخبريه بما كنت تفعلين، وأكدي له أنك ما ارتكبت فاحشة الزنا قط، وبيني له أن هذا الغشاء قد يزول بأسبابٍ أخرى مثل: الوثبة، والركوب على حادٍ، وبتكرر اندفاع الحيض بشدة، ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
المرض الذي قد يؤثر على الحياة الزوجية لابد من الإعلام به قبل العقد
تاريخ 22 شوال 1421 / 18-01-2001
السؤال(99/80)
أنا مصاب بمرض يصيب الكبد ينتقل عن طريق الدم أو الجنس أوعند الولادة وأنا أصبت به بسبب عدم التعقيم عند الولادة هذا المرض يظهر عادة بين 40-60سنة وعندما يظهر يموت المريض بعد أيام ولا يوجد له علاج حتى الآن عمري 23سنة
وأنا أعمل وأريد الزواج وهناك لقاح ضد هذا المرض هل يمكن أن أعطي هذا اللقاح للتي أريد أن أتزوجها دون أن تعلم بحقيقة مرضي وإن كانت فتواكم لا فلن يقبل بي وهل من الحلال أن لا أتزوج طوال حياتي أليس هذا مخالفا للفطرة وأنا شاب راض بقضاء الله 00000فماذا أفعل لكتم غريزتى الكبيرة وحتى لا أقع في الحرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المؤمن أن يرضى بقدر الله تعالى، وأن يصبر ويحتسب، وأن يعلم أن ما يصيبه من الأمراض والابتلاءات إنما هو لحكمة يعلمها الله تعالى، وهي سبب لرفع درجاته، وتكفير سيئاته.
ولا شك أن ما أصابك نوع من البلاء، وربما صرفه الله عنك لطاعتك وتقواك، وسؤالك إياه الشفاء والمعافاة، فإنه لا يرد القدر إلا الدعاء. كما ورد في الحديث الشريف.
وأما إقدامك على الزواج، وسؤالك عن إخبار الزوجة بهذا المرض فنقول: إن كانت إصابتك بهذا المرض مؤكدة، لثقتك في صحة التحاليل والاختبارات بناء على كثرتها وتنوع مصادرها، فنرى أن تخبر المرأة التي تريد الزواج منها، لتكون على بينة من أمرها، لا سيما وأنك مضطر لإعطائها لقاحاً ضدَّ المرض، وليس لك أن تدخل إلى جسدها مثل هذا اللقاح دون إذن منها، وقد يحدث بعد الزواج ظهور آثار للمرض، مما يهدد العلاقة الأسرية بالفشل نظراً لشعور المرأة بما حصل لها من الغش والخديعة.
ولا شك أنك لا ترضى أن تعاملك الزوجة بهذه المعاملة، وأنك لو تزوجت بامرأة، ثم اكتشفت بعد زواجك أنها كانت مصابة بهذا المرض، وأنها أخفت عنك ذلك، فإنك سترى هذا غشا وخداعاً لك، وقد جاء في الحديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" رواه البخاري ومسلم.
ونحن ننصحك بمحاولة العلاج والبحث عنه، والثقة بالله تعالى واللجوء إليه، والتداوي بما جعله الله شفاء، كماء زمزم، والعسل، والحبة السوداء وغيرها، فكم من مريض بمرض عجز عن علاجه الطب، لجأ إلى ذلك مع توكله على الله وثقته به ثم شفي شفاء تاما.
وإذا أردت الزواج، فقد يهيئ الله لك المرأة الصالحة التي تقبل الزواج منك غير ملتفة لهذا المرض.
ونسأل الله أن يشفيك ويعافيك وأن ييسر أمرك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم التبرع لترقيع غشاء البكارة(99/81)
تاريخ 26 ذو الحجة 1427 / 16-01-2007
السؤال
تعرفت على فتاة تبلغ 18 سنة وبعد فترة علمت أنها ليست آنسة حيث حدث لها اغتصاب من إنسان كانت تحبه وكانت تميل إلى الانتحار فما كان مني إلا أن أعطيتها أملا في الحياة حتى تواصل حياتها وبحثنا عن طبيب لكي يعيد إليها عذريتها مرة أخرى عند طريق التدخل الجراحي، وفي تلك الأثناء شعرت هذه الفتاة بأنها تحبني جدا وكنت قد تعودت عليها وقد استطاع الشيطان أن يجعلنا نقع في الرذيلة بدافع الحب وأنا الآن تبت إلى الله وعزمت ألا أعود إلى تلك الأفعال وقررت أن أقطع علاقتي بتلك الفتاة، عندما حاولت حدث لها إغماء في الشارع وأصبحت فكرة الانتحار تراودها مرة أخرى فأصبح هناك شبه تهديد مستمر منها (فلو ابتعدت عنها فهذا يعني عندها نهاية الحياة) رغم أني قلت لها أني لن أتزوجها. والآن أنا أحاول أن أجعلها تقترب من ربنا وتحبه وتخلص له حتى يحبها ويهديها إلى الطريق المستقيم.
أما ما أريد أن أسأل عنه هو:
1- هل إذا ساعدتها في البحث عن طبيب يجري لها العملية (عملية ترقيع) يكون ذلك حراما أم حلالا مع العلم أن لا أحد يعلم أنها فقدت عذريتها غيري؟
2- هي غير قادرة على تجميع مبلغ العملية في الوقت الحالي حتى أنها أرادت أن تعمل عاملة نظافة كي تستطيع جمع المبلغ إلا أن هناك صعوبة في تجميع المبلغ....
هل أقوم بدفع المبلغ عنها كي تستطيع إجراء العملية ويتم إغلاق هذا الباب المؤدي إلى الرذيلة؟
3- هل من الممكن اعتبار مبلغ العملية هو من زكاة المال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجراء عملية ترقيع للبكارة لا يجوز لما يشتمل عليه من المحاذير الشرعية. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 5047.
ثم اعلم أن ما ذكرت أنك أعطيته لتلك الفتاة من الأمل في الحياة حتي تواصل حياتها، والبحث لها عن طبيب يعيد إليها عذريتها، وغير ذلك من الاحتكاك بها حتى حدث بينكما ما ذكرته من الوقوع في الفاحشة، إنما هو من استدراج الشيطان. والله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. {النور: 21}. وقد حرم الله تعالى الزنا وحرم الطرق الموصلة إليه، فقال عز من قائل: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.
وينبغي أن تفكر في كلمة "لا تقربوا"، فإنها أمر بغض البصر وعدم الخلوة بالأجنبية وأن لا تخضع المرأة بالقول ولا تخرج متبرجة...
ولا شك أن الانفراد بالفتاة والحديث معها في أمورها الخاصة إلى أن يصل الأمر إلى ذكر العذارة هو اقتراب شديد من الزنا، وأقل ما يتوقع منه هو ما حدث بينك وبين تلك الفتاة.(99/82)
أما الآن، فإذا كنت -حقا- قد شعرت بالذنب وتريد التوبة منه، فاعلم أن من شروط التوبة الإقلاع عن المعصية والندم عليها والعزم على أن لا يعاد إليها.
واعلم أن الذي أوقعك أولا في الفاحشة هو ادعاؤك أنك تحاول مساعدة تلك الفتاة وإعادة الأمل إليها، وأنك في معصية ما لم تقطع الصلة بها. وأن ما ذكرته عن نفسك من التوبة غير صحيح ما دمت مستمرا على تلك الصلة والمساعدة.
والخلاصة أنه لا يجوز لك السعي مع تلك الفتاة فيما تريده، وأنك مستمر في الإثم ما لم تقطع صلتك بها، وأنه لا يجوز لك دفع المال عنها فيما تريد القيام به ولو كان تطوعا منك فما بالك إذا كنت تدفعه على أنه زكاة مال ..هذا أمر عجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم زواج من زالت شهوته
تاريخ 12 ذو القعدة 1427 / 03-12-2006
السؤال
بعد التوبة من العادة السرية لعدة سنوات زالت شهوتي في مدة قصيرة جدا وهناك فتاة صالحة تدعوني للزواج منها فبماذا أجيبها ؟
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من زالت شهوته ولم يعد له رغبة في النساء ولم يخش على نفسه الوقوع في الحرام فلا يجب عليه الزواج، بل الزواج في حقه مباح؛ كما هو مبين في الفتوى رقم : 26587 ، وقلنا فيها: ومن لم تتق نفسه ولم يحتج إلى النكاح بأن لم تخلق فيه شهوة أو ذهبت بعارض فلا بأس أن يدع النكاح. وهو في حقه مباح ، وقيل : هو سنة في حقه ، ويكره في حق من لا يشتهيه وينقطع به عن العبادة، أو لمن لا يجد مالا ولا حرفة ولا صناعة مع عدم اشتهائه، ويحرم على من لا يخاف العنت وكان يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو على النفقة، أو قدر عليها لكن من حرام ، فإذا تزوج ولم تكن له شهوة وعجز عن الجماع فهو ( عنين ) ومن حق زوجته أن تطلب الفسخ بالعيب كما هو مبين في الفتوى رقم : 48190 .
وعموما فإن كنت تعلم من نفسك عدم القدرة على الجماع إما بفحص طبي أو نحوه فنصيحتنا لك أن تعرض عن الزواج وتعتذر للمرأة بأي عذر كعدم رغبتك في الزواج في هذا الوقت حتى لا تظلم المرأة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يفسد نكاح من تزوجت على أنها بكر وهي ليست كذلك
تاريخ 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال(99/83)
إني والله في كرب شديد وهم منذ الأمس، فلقد مارست الفاحشة والعياذ بالله وأنا في العشرينيات من عمري، ثم علم والدي بهذا الأمر... واحتار فيما يفعل فأخذني إلى مفتي دولتنا وقص عليه فتوسم الشيخ بنا الخير وطلب من أبي أن يجري لي عملية ترقيع ستراً علي وطلب مني التوبة والاستغفار.. سأله والدي أليس في هذا غش أو خداع، قال له: إن شاء الله لا شيء واستر على ابنتك.. وفعل أبي هذا وأنا لم أقرب هذا الموضوع من وقتها بتاتاً، واستغفرت الله وطلبت منه التوبة والستر وبعد حوالي 8 سنوات منّ الله علي بزوج طيب، قال لي إنه مارس الفاحشة وكان يشرب الخمر وتاب إلى الله وأقلع عن هذا... المهم تزوجني على أني بكر ونعيش منذ 3 سنوات في سعادة والحمد لله، إلا أنه قد طالعني في التلفاز بالأمس شيخ يقول إن من تزوج نفسها على أنها بكر وهي ليست كذلك فهذا يفسد العقد، فهل معنى هذا أنني أعيش مع زوجي في الحرام، وماذا أفعل وأنا لا أستطيع أن أهتك ستر الله الذي ستر به علي، الرجاء الاهتمام بهذه الرسالة والرد سريعاً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنكاحك صحيح، ولا فرق بين أن يكون الزوج قد اشترط في العقد أن تكوني بكراً أو لا، إلا أنه في حال اشتراط البكارة له حق الفسخ، كما هو موضح في الفتوى رقم: 5047، والفتوى رقم: 36426. وعليه، فننصحك بالستر على نفسك، وأن لا تخبري أحدا بما وقع لك، لا زوجك ولا غيره.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم إرجاع السلعة إلى غير المحل الذي اشتريت منه
تاريخ 20 رجب 1427 / 15-08-2006
السؤال
اشتريت سلعة من محل معين وبسعر رخيص ثم وجدت أن السلعة ليست جيدة فأردت إرجاعها ولكن إرجاعها من نفس المحل التي اشتريتها منه صعب. فوجدت محلا آخر يبيع نفس السلعة التي أريد إرجاعها ولكن هذا المحل الآخر يبيع هذه السلعة بسعر أغلى من السعر التي اشتريته بها فعندما رددتها لهذا المحل أعطاني نفس المبلغ الذي يبيع به السلعة في محله مع أني اشتريتها من المحل الآخر بمبلغ أقل فهل يجوز لي أخذ هذا المال ؟ أنا لم أكذب على البائع ولم أخبره من أين اشتريتها بل فقط قلت له أريد إرجاعها لأنها ليست جيدة وقد وافق على ذلك فهل المبلغ الزائد عن شرائي للسلعة جائز لي أم يجب علي أن آخذ نفس المبلغ التي اشتريتها به فقط؟ أنا افترضت كأنني أبيع السلعة للمحل فهل افتراضي صحيح ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخذ ثمن السلعة الذي اشتريتها به أو المبلغ الزائد على ثمنها إلا إذا علم صاحب المحل بحقيقة الأمر ورضي بذلك, حيث إنه لم يرض بأخذ السلعة(99/84)
وإعطائك الثمن الذي دفعه إلا لأنك قد أوهمته أنك قد اشتريت السلعة من محله وذلك بطلبك إرجاعها, فإن إرجاع السلع كما جرى به العرف إنما يكون من المحل الذي اشتريت منه لا من غيره, ولو كان صاحب المحل يعلم أن الأمر أمر بيع لما رضي أن يشتريها بالثمن الذي يبيع هو به كما هو واضح .
وعليه فعليك بمراجعة صاحب هذا المحل والتوبة إلى الله مما فعلت, فقد قال صلى الله عليه وسلم:
من غش فليس مني. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم ترك النكاح للعيوب الَخْلقية
تاريخ 27 محرم 1427 / 26-02-2006
السؤال
أريد السؤال عن حكم الشرع في امتناعي عن الزواج لعيوب خلقية أعلمها من نفسي وأخجل من اطلاع أحد عليها، فماذا أقدم كعذر لأهلي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان غير تائق للزواج ويأمن من اقتراف ما حرم الله فلا حرج عليه في ترك الزواج، وأما ترك الزواج لعيوب يعلمها في نفسه كحال السائلة، فإذا كان المانع عيباً من العيوب التي يفسخ بها النكاح، مثل الرتق وهو انسداد الفرج بلحم، أو القرن وهو انسداد الفرج بعظم، فيجب عليها بيان هذا العيب للزوج قبل العقد، فإن رضي به وإلا فلا يجوز لها الزواج دون بيان لذلك، وأما إذا كان العيب لا يفسخ به النكاح فيجوز لها الزواج، وبيان العيب أفضل، وسبق في الفتوى رقم: 53843.
وننصح الأخت بأن تخبر والدتها أو من تثق به من نسائها وتطلعها على الموضوع لكي لا يسبب لها مشاكل مع الأهل، ولكي لا تقع في معصيتهم، كما أن هذا الأمر الخلقي ربما ظنته الأخت عيباً وهو ليس بعيب، فربما كان أمراً عادياً وربما أمكن علاجه، فإخبارها به من مصلحتها في كل الأحوال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم الامتناع عن تسديد باقي ثمن السلعة للعيب
تاريخ 24 ذو الحجة 1426 / 24-01-2006
السؤال
باعني قريب لي قطيعا من البقر الحلوب، واتفقنا على مبلغ 60 ألف ريال على أساس إنتاج يومي 240 رطلاً، ولكن اتضح أنه ينتج فقط 150 رطلاً بالإضافة إلى أن معظم البقر سيء ولا ينتج، سلمته مبلغ 30 ألف ريال على أن إكمل له المبلغ(99/85)
العام الماضي 20 ألف ريال مرة واحدة 10 آلاف ريال تقسيط، ولكن وبسبب أنه غشني في كمية الانتاج وسوء نوعية البقر، حيث خسرت فيه فقمت بتقسيط مبلغ 10 آلاف ريال كل شهر وتبقى مبلغ 20 ألف ريال، فهل يجوز شرعاً أن أخصم هذا المبلغ المتبقي أو جزءاً منه للإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المشتري اشترط في المبيع (الأبقار) أن تحلب كذا رطل فالبيع فاسد لوجود شرط فيه غرر ظاهر، جاء في المبسوط: وكذلك إن اشترط أنها تحلب كذا فالبيع فاسد. وإذا فسد البيع فيجب على كل منكما رد ما أخذه على مالكه، ثم إذا شئتما أبرمتما عقد جديداً لا فساد فيه.
أما إن لم يكن هناك شرط ولكن البائع دلس على المشتري في قدر ما تنتجه هذه الأبقار، فالبيع صحيح، وللمشتري الخيار في رد المبيع أو إمساكه، جاء في المغني لابن قدامة: وكل تدليس يختلف الثمن لأجله يثبت به الخيار.
وفي هذه الحالة لا يجوز لك أن تمتنع عن تسديد باقي الثمن لأنه لا يجبر البائع على قبول بعض الثمن، وإنما يجبر على فسخ العقد وتسليم الثمن إلى المشتري، لكن إن اصطلحتما على أن يترك لك الفارق بين الثمنين مقابل العيب فلا مانع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
فسخ الخطبة للعيب ليس من إخلاف الوعد
تاريخ 21 ذو القعدة 1426 / 22-12-2005
السؤال
أرجو أن تنيروني بالإجابة الشافية والكافية، الموضوع: بعد 32 سنة من الصبر تقدمت مؤخراً إلى خطبة إحدى الفتيات بعد استشارة جميع العائلة الذين وافقوني الرأي، إلا أنه بعد التعرف على الفتاة وإنهاء مراسم الخطبة رغم جمالها المتواضع فإنني اكتشفت أن أسنانها العلوية اصطناعية فاصطدمت بذلك، وبقيت في حيرة من أمري هل ألغي الخطبة وبالتالي أكون في عداد الذين من وعد أخلف أم أكمل الزواج والله يعوضني عن صبري معها، علما بأنها غير متحجبة لكنها من عائلة كريمة وإنني على قناعة أنني سأقنعها بالحجاب بعد الزواج، أرجو منكم أن تجيبوني على سؤالي لأنني في حيرة من أمري، وهل أكمل الزواج أم ألغي الخطبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم رحمك الله أن مقصود النكاح هو حصول المودة والرحمة بين الزوجين، وهذان هما أساس الرابطة الزوجية، قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، فإذا وجد الرجل بالمرأة عيباً منفراً لا يحصل معه هذا المقصد، فإن له حق الخيار وفسخ العقد، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 10711.(99/86)
هذا في العقد فمن باب أولى الخطبة التي هي وعد بالزواج وليست عقداً، وراجع الفتوى رقم: 18857.
وعليه؛ فإذا كان ما ذكرت من عيب بمخطوبتك قد ينفرك منها ولا يحصل معه مقصود النكاح من المودة والرحمة، فإن لك فسخ خطبتها، ولا تكون بذلك قد أخلفت وعدك معها، وأما إذا كان هذا الأمر لا ينفر، ويمكن معه حصول المقصود من النكاح، فينبغي لك إتمام الزواج بها، لا سيما إذا كانت ذات خلق، وكنت ترجو أن تلتزم بشرع الله على يديك، وانظر الفتوى رقم: 27982.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العيوب التي تظهر في الرجل بعد عقد النكاح
تاريخ 21 شوال 1426 / 23-11-2005
السؤال
أبي زوّج أختي لواحد ظهرت عيوبه بعد كتب الكتاب وأختي متعلقة به وأبي لا يعرف إلا بعض هذه الصفات؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بكتب الكتاب عقد النكاح الشرعي، فقد أصبحت أختك زوجة له، وليس بيدك ولا بيد الولي ولا بيد الزوجة الخروج من هذا العقد، ما لم يكن ثمة عيوب تستحق بها المرأة الفسخ وهي الجنون أو الجذام أو البرص أو العنة- وهي ارتخاء في عضو التناسل يمنع القدرة على المباشرة- أو الجب وهو استئصال عضو التناسل. وقد سبق بيانها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60107، 19935، 37112.
ولا ندري ما هي العيوب التي ظهرت لك وما مدى خطرها، وإن كانت هذه العيوب مما له علاقة بالدين أو الأخلاق فإننا ننصحك بأن تقوم بواجب النصيحة لزوج أختك وتذكيره بالله تعالى، فإن غير من ذلك وإلا فيمكن إخبار من يمكن أن يكون له كلمة مسموعة عند زوج أختك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من عقد على امرأة فتبين له أنها ثيب
تاريخ 17 جمادي الثانية 1426 / 24-07-2005
السؤال
شخص عقد قرانه على امرأة وسجل في عقد الزواج بأن المرأة عزباء. ولكن وبعد فترة وقبل الخلوة الشرعية أو الدخول الشرعي بالمرأة اكتشف الرجل أن تلك المرأة كانت قد تزوجت قبله وعندها طفل خارج البلاد. السؤال عن مدى صحة عقد الزواج والآثار التي تترتب عليه, وهل يجوز أن يفسخ عقد الزواج أم لا بناء على(99/87)
الكذب والغش. وهل تختلف الإجابة في حال أن الشخص كان على علم مسبق بأنها غير عزباء وسجلت عزباء في عقد الزواج. لقد راجعت قانون الأحوال الشخصية عندنا ولم أجد إجابة لهذا الاستفسار. أرجو إفادتي وبارك الله فيكم وفي كل من يعمل لصالح الأمة الإسلامية.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا العقد الذي تم على هذه المرأة مستوفي الشروط بحيث حصل وفاق من وليها وشهد عليه شاهدا عدل فأكثر، وحصل إيجاب وقبول من الزوج والولي، فهذا النكاح صحيح، ولا يؤثر في صحته علم الزوج بالبكارة أو جهله لها، ولا يلزم المرأة أو وليها ذكر ذلك له إذا لم يطلب منهما ذلك، وبالتالي فلا خيار لهذا الزوج في فسخ النكاح، نعم.. إن اشترط ذلك عند العقد فالزواج صحيح كذلك، إلا أن له الخيار في فسخ النكاح أو بقائه، وفي حال ما إذا تم الفسخ قبل البناء فليس للمرأة شيء من المهر، قال خليل بن إسحاق: ومع الرد قبل البناء فلا صداق. قال شارحه صاحب التاج والإكليل نقلا عن ابن عرفة: عيب المرأة إذا ردها به قبل المسيس فلا صداق. اهـ.
وبهذا يظهر للسائل أن عقده صحيح بل ولازم ولو كان يعتقد خلاف الواقع من كون هذه المرأة سبق لها الزواج، وأنه إذا كان اشترط عند عقد الزواج أن تكون هذه المرأة بكراً فإن عقده أيضا صحيح؛ ولكن له الخيار في البقاء أو الاستمرار.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
رتق غشاء البكارة.. رؤية شرعية
تاريخ 28 جمادي الأولى 1426 / 05-07-2005
السؤال
ماذا يجب أن يكون عليه تصرف الطبيب المسلم الملتزم في مثل هذه الأحوال -فإننا نتقدم بهذه المواقف المحددة لأخذ رأي علماء الدين الأجلاء في كيفية التصرف الإسلامي فيها-:
أولا: عند حضور فتاة مع زوجها للطبيب بعد الزواج لفحصها للتأكد من عذريتها لعدم نزول دم أثناء أول جماع بعد الزواج وشك الزوج في أن زوجته لم تكن عذراء
1- في حالة غشاء بكارة مطاطي متمدد لا تكون هناك أي مشكلة إذ يبلغ الطبيب الزوج بذلك ويشرح له الحالة بدون أن يكون قد خدعه.
2 - في حالة وجود تمزق قديم بغشاء البكارة يبلغ الزوج بذلك أم لا؟
ثانيا: عند حضور فتاة وحدها للطبيب أو مع والدتها وأثبت الكشف عليها وجود تمزق قديم بغشاء البكارة وطلب منه رتق أو إصلاح التمزق فهل يرفض الطبيب عمل الرتق في جميع الأحوال، أم يقوم الطبيب بعمل الرتق في جميع الأحوال، أم يقوم الطبيب بتقدير الموقف في كل حالة على حدة ويقوم بعملية الرتق إن كان ذلك سيؤدي إلى أخف الضررين؟(99/88)
ثالثا: عند حضور طفلة أو فتاة حدث لها تمزق بغشاء البكارة نتيجة لحادث أو اغتصاب وتأكد الطبيب من ذلك فهل يرفض الطبيب رتق غشاء البكارة في كل الحالات والاكتفاء بإعطاء شهادة طبية للأب توضح سبب تمزق الغشاء، أم يقوم الطبيب برتق غشاء البكارة إذا كان عمر الفتاة خمس عشرة سنة أو أكثر وتأجيل العملية حتى هذه السن إن كانت أصغر من ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز إجراء عملية إعادة البكارة لما فيه من المفاسد الشرعية المترتبة على ذلك والتي أوضحناها في الفتوى رقم: 18469.
لكن يستنثنى من ذلك من كانت عفيفة وزالت بكارتها بعارض كوثبة أو نحوها وخشيت على نفسها من لحوق ضرر يصيبها في نفسها كضرب الولي لها أو عزوف الأزواج عنها أو نحوه، فإنه والحالة هذه يجوز لها إجراء هذه العملية وينزل ذلك منزلة الضرورة كما هو مبين في الفتوى رقم: 49021.
وحيث جاز إجراء العملية جاز للطبيب فعلها، وحيث لم يجز حرم على الطبيب إجراؤها، ولو افترضنا أن الطبيب فعل الفحص على أحد الحالتين فلا يجوز له إخبار الزوج وأولى غيره بما ينقص من شأن هذه الفتاة ويعرض عرضها لكلام الناس.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
شروط صحة نكاح من لا يستطيع المعاشرة
تاريخ 14 جمادي الأولى 1426 / 21-06-2005
السؤال
ما هو رأي الدين في الرجل الذي لا يستطيع مجامعة النساء وذلك لأسباب خلقيه لم يستطيع دكتور علاجه المسمي (خسي)، علما بأن مثل هذا النوع من البشر له نفس رغبة وشهوة أقرانه من البشر، الرجاء من فضيلتكم التكرم بالإجابة الصادقة لأن هذا السؤال يؤرقني كثيراً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل المذكور بهذا الوصف فلا يجوز له أن يقدم على الزواج ألا بعد إبداء عيبه لمن ينوي الزواج بها، فإن قبلت به جاز له الزواج منها، وإن لم يخبرها عد غاشاً والمرأة مخيرة بين البقاء معه على هذا الحال أو فسخ النكاح، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2438.
وننصح مثل هذا الرجل بالصوم فإن فيه تخفيفا مما هو فيه، كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يستطع الصوم، كما ننصحه بالابتعاد عن المثيرات من صور في المجلات والقنوات ونحو ذلك.
والله أعلم.(99/89)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
طلاق المرأة لعيب في جسدها
تاريخ 13 ربيع الثاني 1426 / 22-05-2005
السؤال
لي صديق تزوج من امرأة منذ 4 أشهر وهي ترتدي النقاب ولم يرها قبل إتمام الزواج ولكن قبل الزواج طلب منها أن يصارح كل واحد الآخر بأي عيوب توجد به سواء جسدية أوغيره فقالت له إنها لا يوجد بها أي شيء ولكن بعد الزواج وجد أنه غير ذلك حيث إنها يوجد بها بعض الأشياء التي تجعل الرجل يشمئز من المعاشرة الزوجية مثل الشعر الذي يوجد في الجسد والذي لا يزول وبعض الأشياء في جسدها التي لا داعي لذكرها، وأخبرته أنها تزوجت قبله وتم الطلاق بعد 3شهور لأن زوجها الأول لا يستطيع معاشرة النساء معاشرة الأزواج، ولكن بعد الزواج عرف السبب الرئيس لعدم معاشرة زوجها الأول لها، لأنه نفس السبب الذي يعاني منه هو نفسه الآن ولايستطيع معاشرتها أيضا، فماذا يفعل الآن ،مع العلم أنه أخذها إلى الطبيب لعمل عملية لإزالة هذه الأسباب ولكن بدون فائدة وهي لازالت زوجته حتى الآن فماذا يجب عليه فعله الآن، بارك الله لكم وجزاكم كل الخير على ماتقدمونه للمسلمين عبر هذه الشبكة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحه به وينبغي له فعله هو التأني والصبر وعدم التسرع في الأمور إن كانت العيوب التي بزوجته مما يمكن علاجه وإزالته ولا تمنع الاستمتاع كالشعر ونحوه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب الرفق في الأمر كله. متفق عليه. وقال: من حرم الرفق يحرم الخير. فينبغي له الرفق والتأني فقال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ {البقرة: 216}. وإذا لم يتبين له ذلك بأن كانت تلك العيوب مما يتعذر إزالته، أو يكلف ذلك ما لا يقدر عليه ولا يريد البقاء معها على ذلك، فليطلقها طلاقا حسنا. كما قال تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ{البقرة: 229}. وأما إن كانت تلك العيوب التي بها من العيوب المبيحة للفسخ، ولم يعلم من حاله ما يدل على رضاه بها بعد العلم بها، وكان قد غرر به كما ذكر فله رفع ذلك إلى المحكمة وطلب الفسخ والعود بالصداق. والعيوب المبيحة للفسخ وشروط الفسخ كل ذلك ذكرناه مفصلا في الفتويين رقم: 19935، 37392. فنرجو مراجعتهما والاطلاع عليهما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
العاجز عن إتيان زوجته بسبب مرض السكر
تاريخ 10 ربيع الأول 1426 / 19-04-2005
السؤال(99/90)
أود أن أسأل عن زوج لم يعاشر زوجته منذ خمس سنوات، وذلك بسبب مرض السكر الدائم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو أن هذا الرجل عاجز عن وطء زوجته طوال هذه المدة بسبب مرض السكر، فالجواب: أنه لا يلحقه إثم في عدم إتيان زوجته لأن السبب خارج عن قدرته.
إلا أن أهل العلم اختلفوا هل لزوجته الخيار إن كان هذا العيب طارئاً بعد العقد على قولين، أشار لهما ابن قدامة في المغني بقوله: وإن حدث العيب بأحدهما بعد العقد ففيه وجهان: أحدهما: يثبت الخيار وهو ظاهر قول الخرقي لأنه قال: فإن جبَّ قبل الدخول فلها الخيار في وقتها، لأنه عيب في النكاح يثبت الخيار مقارنا فأثبته طارئاً كالإعسار... والثاني: لا يثبت الخيار وهو قول أبي بكر وابن حامد ومذهب مالك لأنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد أشبه الحادث بالبيع. انتهى.
أما إن كان العيب المذكور سابقاً على العقد ولم يوجد من المرأة ما يدل على الرضا به من قول أو استمتاع فلها الخيار ولو بعد مرور هذه المدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يعتبر الوسواس القهري من العيوب في النكاح
تاريخ 04 صفر 1426 / 15-03-2005
السؤال
يا شيخ فعلا جزاك الله خيرا على جوابك على أسئلتي فانأ صاحبة الفتوى رقم 59545 ولكن ما معنى أنه لو اشترط السلامة فلا بد أن أقول له فنحن عندنا أصلا يا شيخ في أي عقد زواج في مصر توجد فقرة مكتوبة وهذه الفقرة يمضي عليها المأذون بالموافقة أم لا وطبعا هذا بعد سماع الماذون الإجابة منا نحن الزوجين بنعم أم لا وهذه الفقرة ياشيخ نصها كالأتي ( أكدا كلا من الطرفين خلوهما من الامراض التي تجيز التفريق ) يعني لو ذكرنا نعم فنعم ولو ذكرنا لا فلا هل هذا يا شيخ هو اشتراط السلامة الذي ذكرته أم لا فهل أخبر من تقدم لي بالوسواس القهري أم لا مع أن الوسواس القهري هذا أتعبني جدا جدا جدا وكدر علي حياتي فعلا وأخاف أن أتعبه معي ؟ وما هي الأمراض التي تجيز التفريق المقصودة في عقد الزواج وأتمنى أن تقرأ الأسئلة التي أرسلتها لحضرتك من قبل لكي تعرف مدى وسوستي وقد ذكرت لحضرتك أرقام هذه الأسئلة والفتاوى في الفتوى رقم 59545 وأنا صاحبة السؤال أيضا رقم 264844و 264846و 265035 وكل هذه الاسئلة من شدة وسوستي أنا خايفة أن يكون ما بي هذا جنون لدرجة إني عندما قرأت العيوب التي يجب إخبار الخاطب بها ومن ضمنها الجنون قلت إذا لابد أن أخبره لأنه يمكن أن يكون ما بي فعلا جنون وأرجو أن ترد على سؤالي ولا تحلني على فتاوى أخرى
الفتوى(99/91)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتبادر من هذه الفقرة التي يتلوها المأذون عند العقد أن المقصود بها خلو الزوجين من العيوب الموجبة للخيار التي ينص عليها الفقهاء، وبالتالي فإن أي عيب ليس منها لا يجب ذكره ولو ظهر لا يثبت به الخيار. إلا إذا شترط الزوج سلامة الزوجة منه، ولو كان هذا الاشتراط ضمنيا كأن يصفها وليها بأوصاف فيجدها الزوج بعد ذلك خالية منها، فعندئذ يكون للزوج الخيار في فسخ النكاح أوالاستمرار فيه، قال خليل في مختصره بعد أن ذكر العيوب التي تقتضي الخيار قال: وبغيرها إن شرط السلامة ولو بوصف الولي، قال شارحه: معناه أن العقد إذا وقع بشرط السلامة يرد متى وجد عيبا اللخمي قولا واحدا، وإن عرا عن الشرط فلا رد إلا بالعيوب المتقدمة، قاله ابن عبد السلام... انتهى. من مواهب الجليل المعروف بالحطاب.
ومن هذا يظهر للسائلة معنى اشتراط السلامة، والوسواس القهري لا يدخل في العيوب التي توجب الخيار وبالتالي فالنكاح صحيح ولو لم تخبري زوجك به، وأخيرا ننصحك بالإعراض عن هذه الوساوس وقطعها. وراجعي لذلك الفتوى رقم: 10973.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الوسواس ليس من العيوب الموجبة للخيار
تاريخ 22 محرم 1426 / 03-03-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكلتي هي أني مصاب بوسواس، ولا أدري هل يمكنني الزواج من الناحية الشرعية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما أنت فيه، ثم أعلم أخي أن الوسواس لا يعد عائقاً عن الزواج وليس هو من العيوب الموجبة للخيار. وعليه، فإذا كنت تتوق للزواج وتملك مستلزماته فبادر به؛ فإنه يحصن الفرج، ويغض الطرف، وسبب في الولد. ولمعرفة أسباب الوسواس وعلاجه نحيلك على الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إخفاء الزوج مرضه المعدي عن زوجته
تاريخ 12 محرم 1426 / 21-02-2005
السؤال
أرجو منكم الأجابة على سؤالي وراجعت الفتاوى ولم أجد ما يشابهه.(99/92)
أنا متزوجة منذ عام تقريبا زوجي لم يصارحني أنه تعرض لزرع الكبد إلا عندما لم يبق للزفاف إلا يومان مع العلم أنه أخ ملتزم ومقيم ببلد أوروبي قلت لابأس المهم أنه بخير الآن ولم أخبر عائلتي والآن أنا مقيمة معه في نفس البلد وأنا حبلى في الشهر 6 ومنذ يومين فقط صارحني بأنه مصاب فيروس الهيباتيت سhepatite C وكان يعلم هذا منذ عملية الزرع سنة 1996م ولم يخبرني مع العلم أن هذا الفيروس ممكن أن ينتقل لي و حتي للجنين وأنا الآن لم أقم بعد بالتحاليل لمعرفة ما إذا كنت مصابة أم لا أريد معرفة رأي الشرع في كل هذا لأني وبصراحة أمنعه عن مجامعتي لأني أدري أن الفيروس ينتقل جنسيا في انتظار التحاليل وهذا الأمر لا تعرفه عائلتي التي لن أراها إلا بعد سنة إن شاء الله أفيدوني جزاكم الله كل خير فأنا ليس لي إلا هو سبحانه وتعالى.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخفاء الزوج مثل هذا المرض المعدي على زوجته إضافة إلى كونه معصية لأن به إلحاق الضرر بالغير يثبت به حق الخيار للمرأة في فسخ العقد، وقد تقدم في الفتوى رقم: 45903 حكم إقدام من به مرض معد على الزواج بدون علم من سيتزوج.
كما سبق في الفتاوى المحال عليها فيه حكم ما يترتب على زواج من به مرض معد.
وعليه، فإذا كان هذا المرض المصاب به الرجل والذي لم يخبرك به إلا بعد الزواج مرضاً منفراً معدياً، فإن لك الحق في فسخ هذا النكاح وعدم الرضا به، ما لم يكن صدر منك ما يقتضي رضاك بعد العلم من نحو تمكينه منك ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
اكتشاف المرض المعدي بعد الزواج يعطي الطرف الآخر حق الخيار
تاريخ 12 رمضان 1425 / 26-10-2004
السؤال
لدى ابنة تعانى من ألم فى الأنف وعند عرضها على الدكتور المختص نصحها بإجراء عملية جراحية وطلب منها إجراء تحاليل طبية وتبين من خلال التحاليل أن بها التهاب الكبد (ب) وتم مراجعة طبيب متخصص فى قسم الكبد أفادنا بأن هذا المرض خامل ولايؤثر على إجراء العملية وأعطانا رسالة موجهة الى مستشفى الأنف والحنجره لإجراء العملية .
وخلال هذه الفترة كانت ابنتى مخطوبة هى وأختها الى ابنى أختى وتم الزفاف ولم يبلغ الزوج بهذا المرض على اعتباره مرض عارض ويمكن شفاؤه وقمنا بعلاج الفتاه بالعسل والحبة السوداء وهى الآن فى تحسن مستمر حسب آخر تحليل أجري لها حيث إن النسبة كانت 15 وأصبحت الآن بعد جزء من العلاج 7,8
والآن علم الزوج بهذا وقام بتطليق ابنتى دون إعطائها حقوقها الشرعية بعد مضى أكثر من تسعة أشهر زواج وقام بإجراء تحليل واتضح أنه غير مصاب(99/93)
السؤال ماهى الحقوق التى يحق لابنتى المطالبة بها علما بأنه قد سلبها حتى مقدم الصداق
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر في هذا يرجع إلى الأطباء المتخصصين، فإن قرروا أن هذا المرض المصابة به هذه المرأة معد فلا شك أن كتمانه عن من يريد الزواج بها هو نوع من الغش والخداع، ولا يخفى ما في ذلك من الحرمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم. وإذا ثبت أن هذا المرض معد فعلا استوجب الخيار لأنه يخشى من تعديه. قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر العيوب الموجبة للخيار: الفصل الثالث: أي أنه لا يثبت الخيار لغير ما ذكرناه، لأنه لا يمنع الاستمتاع المعقود عليه ولا يخشى تعديه، فلم يفسخ به النكاح.
وعلى هذا، فإذا لم يعلم هذا الرجل بحال هذه المرأة إلا بعد زواجها ووطئها فإن له الخيار بين البقاء معها أو فراقها والرجوع بالصداق على من غره من أوليائها، كما نص عليه ابن قدامة في المغني بقوله: وكل موضع ثبت له الخيار ففسخ قبل الدخول فلا مهر عليه، وإن فسخ بعده وكان التغرير ممن له المهر فلا شيء عليه، وإن كان من غيره فعليه المهر يدفعه ثم يرجع به على الغار، فإن كان التغرير من أوليائها رجع عليهم، وإن علم بعضهم احتمل أن يرجع عليه وحده، لأنه الغار. اهـ.
أما إن كان المرض المذكور غير معد فلا يلزم أولياء هذه المرأة الإخبار، وليس للزوج الخيار في حال علمه، وبالتالي، فإنه يجب عليه دفع حقوق هذه المرأة كاملة، بما في ذلك نفقة العدة وبقية المهر إن كان.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
... من أحكام زوجة العنين
تاريخ 06 شعبان 1425 / 21-09-2004
السؤال
الموضوع / الطلاق
لقد تزوجت قبل شهرين ونصف وكانت تكاليف الزوج 25 ألف درهم إماراتي مقدم و25 ألف مؤخر عدا عن تكاليف الزواج الأخرى وبعد شهرين ونصف من الزواج لم أستطع الدخول إلى زوجتي فتوجهت إلى شيخ وقرأ علي القرآن وقال بأنك مصاب بمس وأعطاني علاجا من زيت وعسل وماء ولكن لم تنفع ثم ذهبت إلى الطبيب وأخبرته بالوضع فقال لي بأن هناك مشكلة نفسية وأيضا عضوية بسيطة نتيجة زيادة الدهون وقال لي بأنك تستطيع أن تزيل هذه الدهون بالمشي وعمل تخفيف من أكل الدهنيات وقال أيضا إن المشكلة الأهم هي المشكلة النفسية . ولكن بعد شهرين ونصف من الزواج أخذت زوجتي الأغراض من البيت وذهبت إلى أهلها وتطالبني بالطلاق وأنها سوف ترفع قضية علي لتطليقها .(99/94)
السؤال هو
1- هل تستطيع أن تطلقني
2- هل تستطيع أن تأخذ المؤخر فإذا كان لا هل لي الحق بالمقدم والمصاريف الأخرى
3- عقد الزواج تم تحريره في دولة الإمارات وحالة الطلاق أيضا سوف تكون في دولة الإمارات وهل هناك اختلاف من دولة إسلامية إلى أخرى بأمور الطلاق من الناحية الشرعية
علما بأني تكلمت معها وحاولت إقناعها بالرجوع إلى البيت ولكنها رفضت وقالت لي بأنه ليس لي كلام معها وأنها لن ترد علي في حالة الاتصال بها.
جزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرض الذي بك أخي الكريم هو الذي يعرف عند الفقهاء بالعنة وهو العجز عن الجماع، وقد سبق بيان كيف يثبت الحكم بالعنة على الزوج في الفتوى رقم 48190
ومن حق الزوجة إن توفرت الشروط المذكورة في الفتوى المحال عليها ومضت الفترة المذكورة طلب الطلاق أو الفسخ، وأما قبل ذلك فلا .
وإذا ثبتت العنة عند القاضي وضرب لذلك سنة فمن حق الزوجة بعد السنة أن تفسخ النكاح، والمعتمد عند الشافعية -رحمهم الله- أنها تستقل بالفسخ دون حاجة إلى إذن القاضي ولا مهر لها .
وليس من حقها أن تقوم بتطليق نفسها من غير سبب شرعي لأن الطلاق بيد الزوج لا بيد الزوجة، وهذا أمر معلوم، ولكن إذا حصل الفسخ بسبب العنة فليس من حقها أخذ المهر لأن الفسخ من جهتها .
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرح الروض : وإذا فسخت بالعنة فلا مهر لها لأنه فسخ قبل الدخول اهـ
وقال أيضا -رحمه الله- في شرح منهج الطلاب: فإن فسخ بعيبه أو عيبها قبل وطء فلا مهر لارتفاع النكاح الخالي عن الوطء بالفسخ, سواء قارن العيب العقد أم حدث بعده . اهـ
وعليه؛ فلك أخذ مقدم المهر منها، وليس لها أن تطالب بمؤخر الصداق من باب أولى، وليس من حقها أن تمتنع عن الرجوع إلى بيت الزوجية قبل تحقق الشروط المذكورة في الفتوى السابقة، فإذا امتنعت قبل ذلك فإنها تكون بامتناعها عاصية ناشزة عن الطاعة لا نفقة لها ولا سكنى .
وأما عن القانون المدني في الإمارات فلا علم لنا به .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
فتاوى تتعلق بالعيوب التي يتم فسخ النكاح بها
تاريخ 24 جمادي الثانية 1425 / 11-08-2004(99/95)
السؤال
عندي سؤال ولم أجد إجابه شافية حتى الآن
وهو ( أنا أرغب في الزواج من فتاة ولكن أريد أن أخبرها بشيء يتعلق في جسدي وهو شيء محرج ولكن لا يمكنني الخلوة معها لأنه لا يجوز ذلك وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أكلمها عبر الهاتف لأن أباها متشدد قليلا ولا أستطيع أن أخبر أهلي لينقلوا لها المعلومة وأنا لا أريد أن أظلم الفتاة معي لأن الله سبحانه حرم الظلم على نفسه فماذا أفعل ) أفتوني في أمري وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العيب الذي فيك من العيوب التي تستحق بها الزوجة الفسخ فيجب عليك بيانه لها، ويمكن أن يتم ذلك باتصال أو رسالة أو غيرها من الوسائل ولو من غير معرفة أبيها، ولمعرفة العيوب التي يتم الفسخ بها انظر الفتوى رقم: 19935، وانظر للفائدة الفتاوى التالية رقم: 41563، ورقم: 49217 ورقم: 33654.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أخفت هي وأسرتها عن الزوج أنها مصابه بالمس
تاريخ 17 جمادي الأولى 1425 / 05-07-2004
السؤال
ما الحكم في امرأة أخفت هي وأسرتها على خطيبها بأن بها مسا أو جنا حتى اكتمل الزواج، وعندما أردت الدخول بها راودتني شكوك حتى علمت بالأمر وهي الآن لا تحتملني ولا أهلي وهي الآن في بيت أهلها بناء على إلحاحها وإرادتها من غير موافقتي وهي لا تريد أن تكون مع زوجها، مع العلم بأنها قريبتي وأني وثقت بها كل الثقة هي وأهلها، والآن أنا في حيرة من أمري ولا أجد حلا أمامي إلا الطلاق، وما زاد في غضبي وهو أنها لم تطلب مني هي وأهلها الاعتذار، وقضية المس هذه راجعة إلى اختلاطهم بالصوفية الذين يستعينون بالجن والشعوذة، وأخيراً أريدكم أن ترشدوني لما يرضي الله ورسوله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر قد وصل بهذه المرأة إلى حد الجنون ، فإن الجنون من العيوب التي نص الفقهاء على أنها يثبت بها خيار الفسخ في النكاح، وقد سبق بيان هذه العيوب بالفتوى رقم: 19935.
وقد نص فقهاء الحنابلة على أن الخيار يثبت ولو بمجرد الوسواس إذا كان صاحبه يعبث، ويؤذي، ففي الإنصاف للمرداوي قوله: ونقل حنبل: إذا كان به جنون أو وسواس، أو تغير في عقل، وكان يعبث ويؤذي رأيت أن أفرق بينهما، ولا يقيم على هذا. انتهى(99/96)
وذكر فقهاء الشافعية أن مجرد الصرع، ولو من غير جنون يثبت الخيار كالجنون، ففي حاشية الرملي على أسنى المطالب: والصرع من غير جنون حكمه حكم الجنون. انتهى
ولا يثبت خيار الفسخ إلا بتوفر ضوابط معينة، وهذه الضوابط هي:
الأول: وجود هذا العيب قبل العقد.
الثاني: عدم العلم به قبل العقد.
الثالث: عدم فعل ما يدل على الرضى به بعد الاطلاع عليه.
فإذا توفرت هذه الضوابط ثبت لك الخيار في فسخ هذا النكاح أو إمضائه، ولا شك أن صبرك عليها وإبقاءها في عصمتك، والسعي في طلب علاجها فيه ما فيه من الأجر العظيم، ومن المودة وصلة الرحم.
وإن اخترت فسخ النكاح، وكان ذلك بعد الدخول بها، فإنها تستحق الصداق كاملاً، ويرجع به على من غرك من زوجة أو وكيل أو ولي.
قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثاني: أن الفسخ إذا كان بعد الدخول، فلها المهر، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالدخول.
وقال في موضع آخر: الفصل الرابع: أنه يرجع بالمهر على من غره، وقال أبوبكر فيه روايتان، إحداهما: يرجع به. والأخرى: لا يرجع، والصحيح أن المذهب رواية واحدة، وأنه يرجع به. انتهى
يعني على من غره، سواء كان الذي غره الولي أو المرأة، وإن اخترت الفسخ قبل الدخول بها، فإنها لا تستحق شيئاً. قال ابن قدامة: الفصل الأول: أن الفسخ إذا وجد قبل الدخول فلا مهر لها عليه. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عجز الزوج عن الوطء ورفضه للعلاج يبيح طلب الطلاق
تاريخ 12 ربيع الأول 1425 / 02-05-2004
السؤال
أنا متزوجه من سنتين ..والحمد لله زوجي يجامعني كل يوم
إلا أنه إلى الآن لم يقم بإيلاج عضوه داخل الفرج
والله إن قلبي يتقطع حتى غشاء البكارة لم يتم فضه
ماذا على أن أفعل..صارحته بأني أريد أن أنجب أطفالا فقال لي: إن الله ما أراد
أريد الحل يا جماعة الخير الله يوفقكم بأسرع وقت.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك عاجزا عن الجماع منذ أن دخل بك فلك أن تطالبيه بحقك وذلك بأن يسعى في علاج نفسه، فإن لم يجد ذلك، فلك الحق في أن تطالبيه بالطلاق، فإن طلق وإلا فارفعي أمرك إلى القضاء، وإن أحببت أن تصبري معه على ذلك، فالأمر راجع إليك.(99/97)
وتثبت العنة -أي العجز عن الوطء- بأمور، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وتثبت العنة بإقراره عند الحاكم أو عند شاهدين وشهدا به عند الحاكم أو بيمين المرأة بعد نكوله، أي رفضه اليمين، (فإن أنكر) عنته (وحلف فلا مطالبة) بتحقيق ما قاله بالوطء، ويمتنع الفسخ (وإن نكل) عن اليمين (حلفت) وثبتت عنته (ولها ذلك..) (ثم) بعد ثبوت عنته (تضرب المدة).. (سنة) كما فعله عمر رضي الله عنه. رواه الشافعي وغيره. وتابعه العلماء عليه وقالوا تعذر الجماع قد يكون لعارض حرارة فيزول في الشتاء، أو برودة فيزول في الصيف، أو يبوسة فتزول في الربيع، أو رطوبة فتزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولم يطأ علمنا أنه عجز خلقي.. (ابتداؤها من) وقت (ضرب القاضي) لها لا من وقت إقراره أو حلفها.. (فإن سكتت عن ضرب المدة فللقاضي تنبيهها إن كان) سكوتها (لجهل أو دهشة، وإن انقضت) أي السنة ولم يطأها ولم تعتزله فيها (رفعته) إلى القاضي (ثانيا.. على الفور وهو المعتمد). اهـ.
والذي ننصح به أن يحل الأمر بهدوء دون حاجة إلى رفعه إلى قضاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
فقدان الزوجة وعيها وعقلها يثبت الخيار للزوج
تاريخ 01 صفر 1425 / 23-03-2004
السؤال
أتقدم لفضيلتكم الكريم بطلبي وبه أفيدكم أنني سبق وأن تقدمت بطلب الزواج بابنة أحد المواطنين السعوديين والحمد الله فقد تم الزواج بابنة المذكور وقد كلفني هذا الزواج من الديون التي أثقلت كاهلي وتحملت مع هذا الزواج الشيء الكثير وكل ذلك لأجل أن أكمل نصف ديني ببنت الحلال التي تشاركني الحياة وتبعد عني الهموم من تلك الديون التي تحملتها لأجلها. لكنني يا فضيلة الشيخ صدمت فمع أول شهر من زواجنا بدأت زوجتي تتحجج بحجج وأعذار واهية ليس لها من الصحة أي شي فقد قامت تصيح في منتصف الليالي وتقول إنها تريد الذهاب إلى مدينة جدة عند أهلها علما بأنني كنت أنا وهي في جدة قبل يومين من الحدث فرضيت أن تذهب إلى جده فقمت بالاتصال على والدها لأجل أن أخبره بما حدث من ابنته فأخبرني إنها مريضه وإنه قادم لأخذها
علما يا فضيلة الشيخ بأنه لم يخبرنا أنها مريضة من قبل وفي اليوم التالي وصل كل من أمها وأختها واثنين من إخوانها وذلك في يوم الأحد الموافق 2/8/1424هـ ولم يطرأ أي تعديل على الوضع الذي نحن فيه بل زاد الأمر سوء حتى لم تعد تكلمني وأمها تقول لي مريضة بل تسب وتلعن على مسمع من أمها وأخيها فمكثوا معنا إلى يوم الخميس الموافق6/8/1424هـ وصل أخوالها إلى مدينة أبها في تمام الساعة (6صباحا) وبعد العشاء وتحديدا في تمام الساعة(10مساءا) سافروا جميعهم ومعهم زوجتي للقيام بعلاجها في مدينة جدة مع وعد منهم لي بأن يعيدونها بعد إتمام علاجها وذلك بعد عشرة أيام فقط علما بأنني أقوم بالاتصال عليهم يوميا للاطمئنان(99/98)
على زوجتي ولكن تفاجاءت بأنها تكلمني وتقول إنها لا تريدني وأن أهلها على علم بما تقول فأخبرت والدي فقام بالاتصال بوالدها فأخبر والدي بأنها مريضة وأنها ليست في وعيها وأنها مريضة بمس من الجن وسحر.علما يا فضيلة الشيخ بأنه لم يخبرنا أنها مريضة بهذه الأمراض من قبل الزواج ومن يومها حتى هذا التاريخ وعمي وابنته يماطلون في الكلام فهم يقولون مرة إنها مريضة ومرة أخرى إنها لا تريدني . وقد قمت أخيرا أنا ووالدي ومعنا رجال بالذهاب إلى بيت عمي لأخذ زوجتي ولكن تم الرفض من قبلهم . علما بأني ذهبت أنا ومعي رجال أكثر من ثلاث مرات ولكن دون جدوى
يا فضيلة الشيخ إنني قد قمت بأخذ سيارة عن طريق التقسيط وبعتها بأقل من قيمتها بالإضافة إلى قيامي بالاستلاف من زملائي في العمل ومن أقاربي بالإضافة إلى بيع سيارتي الخاصة وكل ذلك لأجل إكمال نصف ديني وستر نفسي وتأثيث بيت يؤويني أنا وزوجتي لكن عمي وزوجته لا يريدون لبنتهم الستر والزواج ولكنهم يريدون ابنتهم أن تبقى عندهم وأنا أبقى بعيدا عنها علما بأنها لم تعش معي في بيتي سوى عشرة أيام و عملي وسكني في مدينة أبها ووالدي ووالدتي وإخوتي لا أستطيع أن أتركهم لوحدهم لحاجتهم لي.
يا فضيلة الشيخ أرجو من الله ثم من لفضيلتكم الكريم إرشادي ونصحي هل أطالبهم بإعطائي زوجتي
أو إرجاع كل ما خسرته عندهم والله يحفظكم ويرعاكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن الجنون من العيوب التي يفسخ بها
النكاح، ففي المدونة عن ابن القاسم قال: قلت: أرأيت إن تزوج امرأة فأصابها معيبة، من أي العيوب يردها في قول مالك؟ قال: قال مالك: يردها من الجنون والجذام والبرص والعيب الذي في الفرج. انتهى. وذلك لأن هذه العيوب يفوت بها المقصود من النكاح، قال ابن قدامة في المغني: فإن قيل: فالجنون والجذام والبرص لا يمنع الوطء، قلنا: بل يمنعه، فإن ذلك يوجب نفرة تمنع قربانه بالكلية ومسه، ويخاف منه التعدي على نفسه ونسله، والمجنون يخاف منه الجناية، فصار كالمانع الحسي. انتهى.
ولا يعتبر هذا العيب في الفسخ إذا علم به الزوج وقت العقد ورضي به ،قال ابن قدامة: إذا علم بالعيب وقت العقد أو بعده ثم وجد منه رضاً أو دلالة عليه، كالدخول بالمرأة أو تمكينها إياه من الوطء، لم يثبت له الفسخ، لأنه رضي بإسقاط حقه فسقط. انتهى.
وإذا وقع الفسخ بعد الدخول بالمرأة كان لها المهر كاملاً، ويضمن الولي الصداق، قال ابن قدامة: الفسخ إذا كان بعد الدخول فلها المهر، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالدخول. انتهى.(99/99)
وقال في موضع آخر: يرجع بالمهر على من غره، وهو الولي، وذكر عن الإمام أحمد أنه قال: ملت إلى قول عمر رضي الله عنه: إذا تزوجها فرأى جذاماً أو برصاً فإنها لها المهر بمسيسه إياها ووليها ضامن للصداق.
إذا ثبت هذا فإن كانت زوجتك قد وصل بها الحال إلى فقدان العقل والوعي كما ذكرت فإن لك الخيار في إمضاء هذا الزواج أو طلب الفسخ، ومطالبة الولي بالصداق، فإن لم يستجب لذلك فارفع أمرك إلى المحكمة الشرعية، ولكن ننبه إلى أن هذه المرأة إن كانت قد شفيت من هذا المرض، فالأولى السعي إلى إقناعها وإقناع أهلها بإرجاعها إلى بيت زوجها، فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فلك أن لا تطلقها حتى تفتدي بشيء من المال، وهو الخلع، وراجع الجواب رقم:3200، والجواب رقم: 3875، والجواب رقم: 8649.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إخفاء المرض المعدي موجب للفسخ
تاريخ 26 محرم 1425 / 18-03-2004
السؤال
زوجة غير مدخول بها مصابة بمرض معدٍ مانع للزواج خشية على الزوج والذرية، هل يحق للزوج فسخ العقد واسترداد ما قدمه من مهرٍ وهدايا، علما بأنه لم يخبره أهلها أو هي بالمرض قبل العقد، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة أو أهلها على علم بوجود المرض المذكور مع كتمه، فهذه معصية عظيمة لاشتمال الأمر على إضرار الآخرين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وأحمد في المسند.
إضافة إلى الغش والخديعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم.
فإذا ثبت إصابة المرأة المذكورة بمرض معُدٍ ينتقل عن طريق المعاشرة، فيجب فسخ النكاح حفاظاً على صحة الزوج واستدلالاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يوردن ممرض على مصح. رواه البخاري وغيره.
كما روى البخاري في صحيحه أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: وفر من المجذوم كما تفر من الأسد.
ويحق للزوج استرداد ما قدمه من مهر وهدايا، لأنها غالباً تعتبر جزءاً من المهر، قال ابن قدامة في المغني: وكل موضع ثبت له الخيار ففسخ قبل الدخول فلا مهر عليه. انتهى.
وقال الباجي في المنتقى: أما ما يوجب الفرقة فإنه لا يخلو أن يكون موجوداً بالمرأة حين العقد أو حادثاً بعده، فإن كان موجوداً بها حين العقد فعلم به الزوج قبل البناء(99/100)
وبعد العقد، فإن له أن يفارق ولا شيء عليه من المهر، أو يبني وعليه جميعه، ووجه ذلك أنه عيب دلس له به ولم يفت البضع فهو بالخيار. انتهى.
وللمزيد من التفصيل في هذا الموضوع نحيلك إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10711، 34099، 1955.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم رد الشاة بالعيب بهد ذبحها
تاريخ 01 محرم 1425 / 22-02-2004
السؤال
رجل باع شاة وبعد فترة من البيع قام المشتري بذبح الشاة وتبين أنها مريضة وهي لا تؤكل، فهل له حق المطالبة بثمن الشاة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تقم بينة على كون البائع على علم بالمرض المذكور أو يقر بذلك فلا يحق للمشتري رد تلك الشاة، لأن العيب المذكور لا يمكن الاطلاع عليه إلا بعد تغيرها، قال خليل في مختصره أثناء ذكره المسائل التي لا يحق الرد فيها بالعيب: وما لا يطلع عليه إلا بتغير كسوس الخشب. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل شرح مختصر خليل المالكي: وسمع أشهب: الشاة يجدها عجفاء وجوفها أخضر ليس له ردها. انتهى.
هذا إضافة إلى مضي فترة من الزمن بعد البيع قد يحدث فيها مرض لتلك الشاة لم يكن موجوداً وقت الشراء، وعليه؛ فلا يحق للمشتري رد تلك الشاة إذا لم تقم بينة على علم البائع بالعيب داخلها أو يقر بذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من العيوب ما لا تلزم المرأة بإخبار الزوج به
تاريخ 25 ذو القعدة 1424 / 18-01-2004
السؤال
هل يجوز للمقبلة على الزواج أن تخفي حقيقة عيب في جسمها ؟؟
مثلا :
أنا أعاني _أعزكم الله- من عدم بروز الحلمة من أحد الثديين.وعندما دهبت إلى طبيبة قالت لي إن وضعي طبيعي جدا..وهدا لا يعيق عملية الرضاعة..
فمادا أفعل ؟؟
هل أخبر الخطيب بذلك أم لا ؟؟
وشكرا جزيلاً.
الفتوى(99/101)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكر في السؤال ليس عيباً يلزم المرأة أو وليها إخبار الزوج به، لاسيما وقد قالت الطبيبة المختصة إنه لا يؤثر على الرضاع، وقد ذكرنا ضابط العيب الذي يوجب الخيار ويلزم المرأة إخبار الزوج به، في الفتوى رقم: 37392، والفتوى رقم: 19935
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مواصفات الزوج المسلم
سؤال:
أنا فتاة عمري 18 عاما وقد طُلبت للزواج 5 مرات ورفضتهم جميعاً لأنني كنت صغيرة والآن أفكر بالزواج ، وسؤالي هو :
ما هو الشيء الذي يجب أن أبحث عنه لكي أحصل على مسلم جيد ؟
ما هي أهم الأشياء ؟.
الجواب:
الجواب :
نشكر لك حرصك أيتها الأخت السائلة على تحري الصفات التي تعينك على اختيار زوج صالح إن شاء الله تعالى ، وفيما يلي ذكْر أهم الصفات التي ينبغي توفرها فيمن تختارينه أو ترضين به زوجا لك ويكون أبا لأبنائك إن قدر الله بينكما أبناء .
- الدين : وهو أعظم ما ينبغي توفره فيمن ترغبين الزواج به ، فينبغي أن يكون هذا الزوج مسلما ملتزما بشرائع الإسلام كلها في حياته ، وينبغي أن يحرص ولي المرأة على تحري هذا الأمر دون الركون إلى الظاهر ، ومن أعظم ما يُسأل عنه صلاة هذا الرجل ، فمن ضيّع حق الله عز وجل فهو أشد تضييعا لحق من دونه ، والمؤمن لا يظلم زوجته ، فإن أحبّها أكرمها وإن لم يحبها لم يظلمها ولم يُهنها ، وقلَّ وجود ذلك في غير المسلمين الصادقين . قال الله تعالى : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) ، وقال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي 866 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1084 .
- ويستحب مع الدّين أن يكون من عائلة طيبة ، ونسب معروف ، فإذا تقدم للمرأة رجلان درجتهما في الدين واحدة ، فيُقدَّم صاحب الأسرة الطيبة والعائلة المعروفة بالمحافظة على أمر الله ما دام الآخر لا يفضله في الدين لأنّ صلاح أقارب الزوج يسري إلى أولاده وطِيب الأصل والنّسب قد يردع عن كثير من السفاسف ، وصلاح الأب والجدّ ينفع الأولاد والأحفاد : قال الله تعالى : ( وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ) فانظري كيف حفظ الله للغلامين مال(99/102)
أبيهما بعد موته إكراما له لصلاحه وتقواه ، فكذلك الزوج من الأسرة الصالحة والأبوين الكريمين فإن الله ييسر له أمره و يحفظه إكراما لوالديه .
- وحسن أن يكون ذا مال يُعفّ به نفسه وأهل بيته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما جاءت تستشيره في ثلاثة رجال تقدموا لخطبتها : ( أما معاوية فرجل تَرِب ( أي فقير ) لا مال له .. ) رواه مسلم 1480 . ولا يشترط أن يكون صاحب تجارة وغنى ، بل يكفي أن يكون له دخْل أو مال يعفّ به نفسه وأهل بيته ويغنيهم عن الناس . وإذا تعارض صاحب المال مع صاحب الدين فيقدّم صاحب الدين على صاحب المال .
- ويستحب أن يكون لطيفا رفيقا بالنساء ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس في الحديث السابق : ( أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه ) إشارة إلى أنّه يُكثر ضرب النّساء .
- ويحسن أن يكون صحيح البدن سليما من العيوب كالأمراض ونحوها أو العجز والعقم .
- ويستحب أن يكون صاحب علم بالكتاب والسنة ، وهذا إن حصل فخير وإلا فإنّ حصوله عزيز .
- ويجوز للمرأة النظر إلى المتقدم لها كما يستحب له ذلك ، ويكون هذا النظر بوجود محرم لها ولا يجوز التمادي في ذلك بأن تراه وحدها في خلوة أو تخرج معه لوحدها أو أن يتكرر اللقاء دون حاجة لذلك .
- ويشرع لوليّ المرأة أن يتحرى عن خاطب موليته ويسأل عنه من يعاشره ويعرفه ممن يوثق في دينه وأمانته ، ليُعطيه فيه رأيا أمينا ونُصْحا سديدا .
- وقبل هذا كله ومعه ينبغي التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء واللجوء إليه سبحانه أن ييسر لك أمرك وأن يعينك على حسن الاختيار ويلهمك رشدك ، ثم بعد بذل الجهد واستقرار رأيك على شخص بعينه يُشرع لك استخارة الله عز وجل
- ولمعرفة صفة صلاة الاستخارة ينظر السؤال رقم 2217 - ثم التوكل على الله عز وجل بعد استنفاذ الجهد فهو نعم المعين سبحانه . جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي مع زيادة .
نسأل الله العلي القدير أن ييسر لك أمرك ويلهمك رشدك ويرزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
حدود العاهة المرضية التي توجب الخيار
تاريخ 19 رجب 1424 / 16-09-2003
السؤال
ما حكم زوجة قبل الزواج لم تقل إنها بها عاهة مرضية، علما بأنهم أقارب ولديها مولودة الآن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/103)
إن العاهة المرضية التي توجب الخيار هي ما كانت تسبب نفوراً لأحد الزوجين من الآخر.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار. (5/183).
وقد عددنا بعض هذه العيوب في الفتوى رقم: 19935 فلتراجع.
وللرد شروط هي:
- أن يكون العيب موجوداً بصاحبه قبل العقد.
- وأن لا يكون الطرف الثاني عالماً به.
- وأن لا يرضى أو يتلذذ بعد علمه.
فإذا انتفى بعض هذه الشروط لم يكن للزوج إلا أن يطلق أو يمسك، وإن توافرت الشروط كلها، كان له أن يردها بالعيب ويرجع بالمهر على من غره، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 28570.
وقد ذكرت أن الزوجة صار لها مولودة، مما يدل على طول العشرة بين الزوجين، ومن المستبعد أن يخفى العيب على الزوج كل هذه المدة مع أن ذلك ممكن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يبين هذا العيب للخاطب؟
تاريخ 21 ربيع الثاني 1424 / 22-06-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة المريضة بمشكل هرموني في المبيض الأيمن أن تخبر من يتقدم لخطبتها بهذا المرض علما بأن الأطباء أعلموها أن الزواج هو الحل له والقضاء نهائيا على هذا المرض يكون بالحمل والوضع الأول؟ وشكراً سلفا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان هذا المرض لا يضر بالزوج ولا يمنع من استمتاعه فإنه لا يجب بيانه للخاطب، أما إذا كان يضر بالزوج أو يمنع من استمتاعه فإن بيانه واجب، وانظري الفتوى رقم: 25372، والفتوى رقم: 19935، والفتوى رقم: 20729. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
من أحكام فسخ النكاح بالعيب
تاريخ 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
اكتشفت بعد زواجي أنها مريضه بالانفصام ومازالت ولم يقل لي والدها قبل الزواج ذلك وحياتي معها صعبة ولي منها طفلة عمرها سنتين وأنا لا أشعر أني متزوج، هل أطلقها؟ هل أترك طفلتي معها!!؟ المؤخر والنفقة كيف؟ لا تستطيع أن تدبر(99/104)
نفسها، نصحوني بالصبر ولكن إلى متى؟ مهمله في البيت إلى أقصي درجة والدها سيء وأمها.هل أرسلها عندهم.أخاف أن أضرها إذا أخذت الطفلة، مشكلة زوجتي مرضها والأعراض التي تأتيها من اكتئاب وكسل، هل أنا أأثم إن طلقتها؟ وإلى متى أظل أصرف عليها( النفقة- العدة- الحضانة) مع العلم أننا نخضع للقانون المدني الكندي للزوجه النصف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الأخ الكريم بالصبر على مرض زوجته والسعي في علاجها بقدر استطاعته عسى الله تعالى أن يمنَّ عليها بالشفاء، وهو في ذلك مأجور مثاب، نسأل الله له الصبر والإعانة. وإن طلقها فلا إثم عليه ولا حرج، وإن كان الأولى له الصبر على هذا البلاء.
وأما بالنسبة للنفقة فيلزمه ذلك ومرضها لا يسقط هذا الحق الذي لها، وهذا المرض إن كان جنوناً سواء أكان مطبقاً أم لا فإنه عيب يفسخ به النكاح إن كان سابقاً على العقد، ومن شروط الفسخ بهذا العيب أن لا يكون الزوج عالماً به وقت العقد ولا يرضى به بعده، فإن علم به وقت العقد أو بعده فرضي به أو صدر منه ما يدل على الرضى كأن يتلذذ بها فليس له إلا الطلاق أو الإمساك ولها مهرها المسمى، وعلى كل حال فالمهر ثابت لها بالدخول، ويرجع الزوج على من غره بالمهر، لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أيما رجل تزوج بامرأة بها جنون أو جذام فمسَّها فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليِّها.
وشرط رجوع الزوج بالمهر على وليِّها تقدم.
ومن أهل العلم -كـ أبي حنيفة والشافعي في الجديد- من ذهب إلى أنه لا يرجع على الوليِّ بشيءٍ إذا مسَّها لأنه ضمن ما استوفى بدله وهو الوطء.
وأما الحضانة فهي ثابتة للأم بشروط، فإذا لم تتوفر في الحاضن انتقلت الحضانة إلى من يليه، كل ذلك مبين في الفتوى رقم:
6256.
وبخصوص ما ذكرت من أنكم تقيمون في بلاد لا تحكم بالإسلام فالذي ينبغي على المسلمين في مثل هذه الحالات أن يختاروا من بينهم أناساً من أهل العلم والصلاح ليحكموا بينهم في مثل هذه المسائل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أحكام الزوجة إذا طلبت الطلاق لعيب بالزوج قبل العقد
تاريخ 12 شوال 1423 / 17-12-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:(99/105)
فلدي ابنة تزوجت منذ ما يزيد على العام إلا أنها لا زالت بكراً وقد صبرنا على الزوج حتى الآن لعل الله يشفيه لكن الزوجة تضررت من ذلك وترغب في الطلاق فهل عليها من عدة إذا طلقت وهل يكتب في العقد الجديد بكراً أم ثيباً مع العلم أنها ما زالت بكرا نرجو الإفادة يرحمكم الله وما هي مدة العدة إن كانت هناك عدة؟
وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قرر الفقهاء إنه إذا وجد بأحد الزوجين ما يمنع من حصول المقصود من النكاح، وذلك من عيوب بعضها مشترك بين الرجل والمرأة، وبعضها تختص به النساء، والبعض الآخر يختص به الرجال متى ما وجد عيب يمنع حصول المقصود، فإنه يثبت الخيار للسليم منهما، لكن بشرط ألا يكون عالماً بذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ومن شرط ثبوت الخيار بهذه العيوب ألا يكون عالماً بها وقت العقد، ولا يرضى بها بعده، فإن علم بها في العقد أو بعده فرضي فلا خيار له. لا نعلم فيه خلافاً لأنه رضي به.
وعلى هذا، فإن كان الرجل المذكور مريضاً مرضاً لا يمكنه معه وطء زوجته، وكان هذا المرض غير طارئ بعد العقد، فإنه لا مانع من حصول المرأة على الطلاق بعد رفع أمرها إلى القاضي، وقد ثبت لها الصداق كاملاً إن كان مسمى وإلا فصداق المثل، لما قرر أهل العلم من أن من موجبات إكمال الصداق بقاء المرأة مع زوجها سنة ولو دون سبب، بل إن الحنفية والحنابلة لم يشترطوا مضي سنة، بل لو حصل بين الزوجين خلوة لحظة كانت كافية لإكمال الصداق.
وإذا اكتمل الصداق لزمت العدة، لأنها حق لله تعالى، وعدة هذه المرأة هنا هي ثلاثة قروء، لقول الله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء.
أما ما ذكره السائل من بقاء بنته على الحالة التي كانت عليها قبل زواج الرجل منها فلا داعي لنشره بين الناس، بل تركه أفضل للستر على زوجها السابق، ولا يخفى ما في ذلك من الأجر، إلا إنه إذا دعت مصلحة لذكره فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ما يستحب فعله لمن تزوج امرأة ووجدها غير عذراء
تاريخ 04 جمادي الثانية 1423 / 13-08-2002
السؤال
الزواج بامرأة وعند الدخول بها اتضح أنها ليست عذراء هل الاستمرار معها حرام أم طلاقها واجب أرجو الإفادة علي بريدي الألكتروني وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(99/106)
فإن من تزوج امرأة ثم تبين له أنها ثيب، فإنه لا يحرم عليه الاستمرار معها، ولا يجب عليه طلاقها، ما لم يترتب على ذلك ضرر، بل قد يكون استمراره معها أفضل، وانظر لتفصيل ذلك الفتوى رقم:
7128 والفتوى رقم:
3154 والفتوى رقم:
19950.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يرد الرجل لعيب خَلْقي
تاريخ 21 جمادي الأولى 1423 / 31-07-2002
السؤال
سيدى العزيز السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
لقد تقدم إلي شاب على خلق عال ودين وأكثر ما لفت نظري إليه هو التزامه ولكن لديه مشكلة صغيرة وهي أنه يعاني من عيب خلقي في أحد أطرافه
سيدي لقد سمعت قول الرسول بما معناه "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه" وأنا خائفة من غضب الله على إذ أن عيبه هذا لا يد له فيه كما أني أخاف أن يرفض أهلي
سيدي لقد استخرت والحمدلله لكني أريد استشارة دينية ترضي نفسي قبل أن أعطي الجواب النهائي فهل تمن بها علي؟ وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي ننصحك به هو قبول هذا الرجل ليكون زوجاً لك، ما دام صاحب دين وخلق، لما روى الترمذي عن أبي حاتم المزني رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، قال: يارسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات.
وما ذكرت من عيب خَلْقي، فهو ليس بالعيب المانع من النكاح، والحديث صريح الدلالة في تأكيد الاستجابة للخاطب صاحب الدين والخلق، وليس لأهلك الحق في منعك، وحاولي إقناعهم بذلك، وإذا استمر رفضهم فلك أن تلجئي إلى المحاكم الشرعية، لينظر القاضي في الأمر ويتخذ اللازم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ضعف البصر وبخر الفم هل يعتبر عيباً ترد به الزوجة
تاريخ 29 شوال 1422 / 14-01-2002(99/107)
السؤال
1- بسم الله الرحمن الرحيم
تزوجت بامرأة ثانية وبعدالزواج بفترة اتضح أن (نظرها ضعيف جدا) كذلك رائحة فمها كريهة علما أنني لم أكن أعرف ضعف نظرها ولم يطلعني أهلها بذلك..( هل يعتبرضعف النظر من العيوب الشرعية؟ وهل كان من الواجب على أهلها إبلاغ المتقدم للزواج بذلك أم لا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يعد ضعف البصر عيباً يثبت به الخيار عند جماهير أهل العلم، بل حكى ابن قدامة على هذا ما يشبه الإجماع، حيث قال: (ولا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا) وأما نتن الفم فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية ووجه عند الحنابلة أنه لا يعد عيباً يثبت به الخيار.
وفي وجه عند الحنابلة ورجحه جماعة منهم أن بخر الفم عيب يثبت به الخيار، وعلى كل فمن اعتبر بخر الفم عيباً ترد به المرأة، أوجب على وليها إعلام المتقدم لها بذلك، وعدم التدليس عليه. وإن لم يفعل ثبت للزوج الخيار.
والراجح هو مذهب الجمهور، وهو أن بخر الفم ليس عيباً فلا يوجب الخيار لأنه لا يمنع الاستمتاع، وقد يوجد له علاج مع مرور الوقت، فهو أشبه بالأمراض العارضة منه بالعاهات المستديمة.
وننصح الأخ السائل بأن يسعى في علاج هذا العيب من زوجته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الدخول بعد علم الزواج بمرض الزوجة يسقط شرط الرد بالمرض
تاريخ 20 شعبان 1422 / 07-11-2001
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله
أنا متزوج من فتاة تبين بعد أن عقدت عليها أنها مريضة (عندها كلية مهاجرة ) وعندما أخبرتني بذلك قالت: إن الطبيب قال لها ان مرضها لن يؤثر على الزواج أو الحمل، وأخبرتني ألا أخبر أهلي خوفا من أن يرفضوا زواجي منها وبعد أن دخلت بها وحملت زاد وضعها سوءا ولم أقدر على جماعها لأن ذلك يؤثر عليها كما أن الطبيبة قالت لها أن لا أجماعها إلا مرة في الأسبوع (علما بأنني متزوج حديثا . . .)، فما الحكم في هذه الحالة بأن أهل الفتاة قد أخفوا عنا أمر مرضها قبل الزواج؟ هل يقع علي إثم أو دفع مؤخر المهر إن طلقتها؟
إضافة: في أحد الأيام وبعد عودتي من العمل طلبت مني زوجتي أن أطلقها لأنها لا تسطيع تحمل الجماع بسبب مرضها علما أنني لم أواجه أنا أو زوجتي أي مشكلة في أول أيام الزواج (أنا متزوج منذ ستة شهور) و زوجتي الآن في بيت أهلها منذ شهر(99/108)
تقريبا ولم تعد إلى بيتي وعندما ذهبت لزيارتها والاطمئنان عليها في بيت أهلها رفضت مقابلتي ولم ألق حسن استقبال من أهلها ؟
أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زواجك من هذه الفتاة زواج صحيح، ولا خيار لك في فسخه، ويلزمك لها الصداق المسمى جميعه: مقدمه ومؤخره، وذلك لأمرين كل واحد منهما يكفي وحده في لزوم هذا النكاح.
الأمر الأول منهما هو دخولك بهذه المرأة بعد علمك بمرضها، وقد قال العلماء: إن من شروط الخيار في الرد بالمرض أن لا يدخل الزوج بالزوجة بعد علمه بمرضها، فإن دخل بها بعد علمه اعتبر راضياً بعيبها ولزمه الصداق كله.
الأمر الثاني: هو أن هذا المرض - الذي ذكر في السؤال - ليس من الأمراض الموجبة للخيار وليس في معناها، ولكن إذا كانت الزوجة ترغب في الطلاق نتيجة لتضررها من مستلزمات بقاء النكاح، فلا حرج عليها ولا عليك في أن تدفع لك مالاً، أو تترك مؤخر الصداق للتخلص منك، وهذا هو الخلع.
أما رفضها لمقابلتك، فلا يجوز إذا لم يمنعها مانع من مرض أو غيره، وباستمرارها في رفضها لمقابلتك، وسكنها في بيت أهلها من غير عذر تعد ناشزاً تجري عليها أحكام النشوز، والتي منها سقوط وجوب النفقة وغير ذلك.
وليس في تطليقك إياها إثم، مع أننا ننصحك بعدمه، وبالصبر عليها مراعاة لحالها، ورغبة في الأجر الكثير الذي أعده الله تعالى للصابرين، خصوصاً أنها حامل منك الآن، وما يدريك لعل الله قد كتب لك خيراً فيها وفي هذا الحمل الذي تم في وقت لا ترغب فيه أن يكون قد حصل، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء:19].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
تزوج امرة فوجدها غير عذراء ماذا يفعل؟
تاريخ 03 ذو الحجة 1421 / 27-02-2001
السؤال
ماذا لو تزوجت من فتاة فاكتشف يوم الزفاف أنها غير عذراء هل يجب علي تطليقها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من تزوج امرأة ثم اطلع على أنها ثيب فلا يخلو من أمرين، الأمر الأول: أن يكون اشترط عليها أو على وليها أن تكون بكراً، الأمر الثاني: أن لا يكون اشترط ذلك وإنما كان يظنه في نفسه، ففي حالة ما إذا اشترط، أن تكون بكراً، ثم وجدها على خلاف ما اشترط، فإن الراجح من أقوال العلماء أن له الخيار إن كانت بكارتها(99/109)
زالت بجماع، أما إن كان زوالها بوثبة أو نحوها فلا خيار له، لأن زوالها بغير جماع مما يخفى على الولي، بل قد يخفى على المرأة نفسها، وفي الحالة الثانية وهي: ما إذا لم يشترط البكارة وإنما كان يظنها فلا خيار له، ثم إن الخيار إنما يثبت لمن له الخيار من الزوجين حيث لم يصدر منه ما يدل على رضاه ، كتلذذ الزوج بزوجته بعد علمه بالسبب- ثيوبة أو غيرها- وكتمكين الزوجة من نفسها بعد علمها بعيب الرجل الذي تملك بموجبه الخيار، أما إذا صدر منه ما يدل على رضاه فإنه يسقط خياره. وعلى كل حال: فالرجل لا يجب عليه الطلاق ولا الفسخ سواء كان له الخيار أو لم يكن له، بل إن استمراره مع زوجته المعيبة حيث لم يكن عليه ضرر في استمراره معها، وبقائها في عصمته، وإغضائه عن عيبها قد يكون من الأخلاق الحميدة، والسجايا الحسنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
أسباب وأحكام زوال البكارة وحكم ترقيعها
تاريخ 23 صفر 1422 / 17-05-2001
السؤال
ما حكم الشريعة الإسلامية في فتاة أزيلت بكارتها إما بسبب يرجع إليها أو بسبب خارج عن إرادتها وذهبت إلى طبيب جراح فأجرى لها عملية ترقيع البكارة. وما هو الإجراء الشرعي الذي يمكن أن يقوم به الزوج؟
ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزوال البكارة قد يكون بسبب زناً والعياذ بالله تعالى، وقد يكون بسبب اغتصاب، أو وثبة غير طبيعية، أو الركوب على حاد، أو نحو ذلك مما يذكره الفقهاء.
فإن كانت هذه الفتاة قد زالت بكارتها بسبب زناً قد ارتكبته طواعية، فعليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليها، ويكفر عنها هذا الذنب العظيم الذي هو من أكبر الكبائر. فقد قال الله تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] وأما إن كانت بكارتها قد زالت باغتصاب أو نحو ذلك مما لا إرادة لها فيه فإنها غير آثمة بذلك. وأما إجراؤها لعملية الترقيع، فلا يجوز لما يترتب عليه من محاذير شرعية، منها: أن تلك العملية لا تتم إلا بالاطلاع على العورة المغلظة جداً، وذلك محرم لا يجوز إلا لضرورة ملجئة، ولا ضرورة حاصلة هنا.
ومنها أن في ذلك تشجيعاً للنساء اللاتي لا يتقين الله تعالى على الفاحشة، فترتكب إحداهن جريمة الزنا ثم تخفي جريمتها بإجراء تلك العملية. ومنها أن في ذلك غشاً وخداعاً لمن قد يتزوج تلك الفتاة التي قامت بعملية الترقيع فيتزوجها على أنها بكر، وهي في الحقيقة ثيب. وأما سؤالك عن الإجراء الذي يمكن للزوج أن يقوم به فإن كان قصدك أنه إذا اطلع على أنها قد زالت بكارتها من قبل أن يتزوجها فما الحكم(99/110)
في ذلك؟ فالجواب أن للزوج الخيار إذ اطلع على أن بكارتها زالت بسبب وطء، سواء كان بسبب زنا أو اغتصاب إذا كان الزوج قد اشترط أن يجدها بكراً، وذلك لأن المرأة وأولياءها غشوه وكتموا عنه ما يراه نقصاً، ومعنى الخيار هنا: أن له أن يرضى بذلك فيمسكها وهي زوجته كما كانت، وله أن يطالب بالفسخ عند القاضي. وإذا حصل الفسخ رجع على من غشه بما دفع من الصداق، وأما إن كانت البكارة قد زالت بغير الوطء فليس له الخيار، وذلك لسببين:
1- أن ذلك مما يخفى على الأولياء عادة، بل قد يخفى على المرأة نفسها
2- أن زوال البكارة بغير الوطء لا يؤثر في الاستمتاع بها، كما يؤثر زوالها بالوطء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
إذا أخفى الزوج عيباً فيه على زوجته فلها حق فسخ عقد الزواج
تاريخ 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
عقدت قراني على فتاة و بي أحد الخصال السيئة و أنا أعرف أنها تكرهها جدًا ولكنى لم أجعلها تعرف أن هذه الخصلة بي و تم عقد القران . فما حكم هذا الزواج ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله جل وعلا عباده بأن يقولوا للناس حسناً. قال تعالى: (وقولوا للناس حسناً) [البقرة:83 ]. ومن القول الحسن النصح للمسلمين واجتناب غشهم لا سيما فيما يدوم ويتصل كالنكاح ونحوه. فعن جرير بن عبد الله قال: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم" متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: "من غش فليس مني" رواه مسلم. فقد أخطأت إذ أخفيت هذه الخصلة السيئة التي تعرف أنها تكرهها جداً إلا إن كنت قد عزمت على تركها ومن ثم أخفيتها عن هذه الفتاة فنرجو ألا يكون بذلك بأس حيث قد عقدت العزم على مجانبة تلك الخصلة. وأما إن كانت تلك الخصلة مما يفوت على هذه الفتاة الاستمتاع أو تخشى معه العشرة مثل العنة أو القطع أو الخصاء أو الجنون أو الجذام أو نحو ذلك فلها أن تفسخ النكاح. وفي كلتا الحالتين عقد النكاح صحيح ويتوقف إمضاؤه أو فسخه على هذا العيب إن قبلت الزوجة به مضى وإلا فسخ والعلم عند الله.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم طلب الطلاق من زوج عنده مشاكل مرضية
سؤال:
أنا و زوجي متزوجان منذ أحد عشر سنة ولا يوجد لدينا أطفال والسبب أن زوجي لديه بعض المشاكل المرضيه وهو يعرف هذا ولم يخبرني بها ولو عرفت هذا قبل أن نتزوج لما وافقت على الزواج به .(99/111)
سؤالي هو : أريد الطلاق منه وأريد أن أعرف ما هي حقوقي .
الجواب:
الحمد لله
وبعد : فإن كانت المشاكل التي أشرت إليها متعلقة بعيب في الزوج ينفِّر عن الاستمتاع بينكما ، أو يحول دون مقصود النكاح من الرحمة والمودة كعدم قدرة على الوطء أو مرض يحول دون تحقق الاستمتاع، فالعلماء يعدون هذا من عيوب النكاح الموجبة للخيار أي : أن لك الحق في فسخ عقد النكاح أو إبقائه ، ولا يحق له أن يأخذ منك شيئاً من المهر لأنك قد استحققت المهر بما استحل منك في السنوات الماضية .
وأما إن كان لعقم في الرجل أي لا يولد له ، فإن هذا لا يعد عيباً يوجب الفسخ عند جماهير أهل العلم إلا في قولٍ للحسن البصري ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية .
وكان الواجب على الزوج أن يبيِّن أمره للزوجة لأن لها حقّاً في الولد كما له ، ولذلك مُنع الزوج من العزل – وهو الإنزال خارج الفرج - عن امرأته .
قال ابن قدامة – بعد أن عدَّد العيوب التي تجيز فسخ النكاح - :
ولا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا ، إلا أن الحسن قال : إذا وجد الآخر عقيماً يخيَّر .
وأحبَّ أحمد أن يتبيَّن أمره ، وقال : عسى امرأته تريد الولد وهذا في ابتداء النكاح ، فأما الفسخ فلا يثبت به ولو ثبت بذلك لثبت في الآيسة ؛ ولأن ذلك لا يعلم ، فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب ، ثم يولد له وهو شيخ ، ولا يتحقق ذلك منهما .
وأما سائر العيوب فلا يثبت بها فسخ عندهم .
" المغني " ( 7 / 143 ) .
وعلى هذا فإن كنت لا تريدين الصبر معه فإما أن يطلقك طلاقاً شرعيّاً ، أو تختلعي منه ، بأن تتفقي معه على أن تدفعي له مبلغاً من المال أو تردين عليه المهر أو ما شابه ذلك ، مما يصح أن يكون عوضا في الخلع ، ثم يطلقك تطليقة واحدة ، وهذه التطليقة تحصل بها البينونة الصغرى ، فلا يحق له إرجاعك بعد ذلك في أثناء العدة ولا بعدها إلا بعقد جديد مستوفٍ للشروط .
والدليل على جواز الخلع ووقوعه قوله تعالى : { الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } البقرة/229
ومن السنة ما رواه البخاري في صحيحه ( 4867 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " .
وقد أجمع العلماء على جواز الخلع إذا دعت إليه حاجة شرعية ، ولمعرفة هذه الحاجة يراجع سؤال رقم (1859) .(99/112)
على أننا ننصح إذا كان الزوج مرضي الخلق والدين ، وكنت لا تخشين على نفسك من الوقوع في المحرم في حال استمرار الحياة الزوجية بينكما فإن الصبر والبقاء مع الزوج هو الأولى ، ولعل الله أن يرزقك منه بما تقر به عينك من البنين والبنات .
والله تعالى أعلم بالصواب .
ينظر " المغني " لابن قدامة ( 7 /246 ) ، " الموسوعة الفقهية " ( 19 / 238 ، 240 ) .
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
عنده ألم شديد في أسفل ظهره فهل يمنعه ذلك من الزواج؟
سؤال:
أنا شاب عمري 28 سنة ودخلي وعملي جيدان والحمد لله ، ولكني أعاني من ألم شديد في أسفل الظهر منذ سنة ، يريد والداي أن يزوجاني وأنا متحير هل أتزوج أم لا ؟ ما هو التصرف الصحيح ؟ هل أمضي في أمور الزواج ؟.
الجواب:
الحمد لله
ينبغي أن تعرض أمرك على طبيب مختص ، فإن ثبت أن هذا الألم يمكن أن يؤثر على الإنجاب أو يمنع من الوطء ، أو لا تقوى معه على العمل والكسب ، فإنه يجب عليك أن تخبر من تريد الزواج منها ، فإن قبلت بذلك ، فلا حرج عليك في نكاحها ، وما لم تبين ذلك كنت غاشا لها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من غش فليس مني " رواه مسلم (102).
وما ذكرناه مبني على القول الراجح من أن كل عيب يفوت به مقصود النكاح فإنه يجب بيانه ، ويثبت به خيار الفسخ في حال الاطلاع عليه بعد كتمانه .
قال ابن القيم رحمه الله : ( والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار ) زاد المعاد 5/166 .
وقال : ( ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب )
وقال : ( وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم على البائع كتمان عيب سلعته وحرم على من علمه أن يكتمه من المشتري ، فكيف بالعيوب في النكاح ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في معاوية أو أبي الجهم : " أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب ، فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش الحرام به سببا للزومه ، وجعلِ هذا العيب غِلَّا لازما في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه ) انتهى من زاد المعاد 5/168
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( والصواب أن العيب هو كل ما يفوت به مقصود النكاح ، ولاشك أن مقاصد النكاح منها المتعة ، والخدمة ، والإنجاب ، وهذا من أهم المقاصد ، فإذا وجد ما يمنع هذه المقاصد فهو عيب ، وعلى هذا فلو وجدته(99/113)
الزوجة عقيما أو وجدها هي عقيما فهو عيب ) انتهى من الشرح الممتع 5/274 ط. مركز فجر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
زوجته لا تستر يديها فهل يهددها بالطلاق ؟
سؤال:
ماذا أفعل لو رفضت زوجتي ستر يديها ، مع أني أطلب منها ذلك في البداية ثم آمرها لكنها ترفض ؟ وما تقول لو أني هددتها بالطلاق ؟.
الجواب:
الحمد لله
قد بينا في جواب الأسئلة ( 11774 ) و ( 21536 ) حكم تغطية المرأة لوجهها وكفيها ، وأنه يجب عليها أن تسترهما أمام الأجانب عنها .
وقد أوجب الله تعالى الطاعة عليها لزوجها ، وجعل الرجل قوَّاماً على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله به من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( الرجال قوامون على النساء ) يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .
وعلى الزوج مراعاة التدرج في حال مخالفتها لأمره وترفعها عن طاعته ، فيبدأ أولاً بالوعظ وتخويفها من عاقبة عصيان أمره ، فإن لم يُجدِ فلينتقل إلى هجرها في الفراش ، فإن لم ينفع فليضربها ضرباً غير مبرح ، ولا بأس من تهديدها معه بالطلاق .
قال تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) النساء/34 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) أي : ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل ، { فَعِظُوهُنَّ } أي : ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة ، والترهيب من معصيته ، فإن انتهت فذلك المطلوب ، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع ، بأن لا يضاجعها ، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود ، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح ، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ( فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) أي : فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية ، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر .(99/114)
" تفسير السعدي " ( ص 142 ) .
ويمكنك أن تستعين على وعظها وترغيبها وترهيبها بالأشرطة والكتيبات النافعة التي تتحدث عن وجوب الحجاب على المرأة المسلمة ، وبيان خطر المعصية والعقوبات المرتبة عليها في الدنيا والآخرة .
ولا بد من الرفق واللين . قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ ) . رواه مسلم (2593)
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ) رواه مسلم (2594) . زانه أي زينه . وشانه أي عَيَّبَه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
مشاكل بسبب مرض الزوجة
سؤال:
تزوج أخي من امرأة تعاني من مرض ( ضمور في شبكية العين ) ولم يعلم عن مرضها شيئاً إلا قبل شهرين، وكل ما كان يعرفه أن نظرها ضعيف ، ثم تم الزواج ، وهو الآن متردد في الانفصال عنها لإحساسه بعد مقدرتها على تربية أولاده إذا هي أنجبت .
وهو في خلاف مستمر مع والدتها لسوء ألفاظها ، ويعتقد أنها سحرته ليتزوج ابنتها ، وهو الآن لا يملك أعصابه أغلب الأوقات ويقوم بضرب زوجته ، وقذفها بألفاظ قبيحة . أرجو الرد بالإفادة بما فيه الصالح لهما .
الجواب:
الحمد لله
ما ذكرته من إصابتها بضمور في شبكية العين ، ليس من العيوب التي ذكرها الفقهاء أنها توجب الخيار للزوج بفسخ عقد النكاح ، و بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ورجحه الشيخ ابن عثيمين يرون : أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار " زاد المعاد 5/163 ، فعلى هذا يثبت الخيار بكل عيب يذهب مقصود النكاح من المودة والوطء وحصول الولد ونحو ذلك .
لكن أخاك قد علم بهذا العيب بعد ذلك ، وصدر منه ما يدل على الرضا به ، وهو إكماله لمعاشرتها ، وعدم التعجيل بالفسخ ، وهذا يوجب عند الفقهاء الرضا ، وأنه لا يحق له فسخ النكاح .
لكنك تعلم أن الطلاق من حق الرجل ، فله أن يطلق زوجته إذا رأى أن حياته معها لا تستقيم ، وأنه لا يحس معها بالألفة والسكينة ، التي هي أساس النكاح .
والذي ينصح به في مثل هذه الحال ، هو الصبر على تلك الزوجة ، ومحاولة حل المشاكل ، فإذا كانت أمها سببا رئيسا للمشاكل ، فمن الأفضل الابتعاد عنها ، والسكن في سكن آخر ، إن كان أخوك يسكن في نفس السكن أو قريبا منها ،(99/115)
والاكتفاء بصلتها بالهاتف والزيارات القليلة ونحو ذلك ، وإذا كان سوء خلق الزوجة سببا للمشاكل ، فعلى أخيك أن يراجع نفسه ، وطريقة معاملته لزوجته ، فقد يكون أسلوبه في التعامل معها ، وكثرة ضربها وسبها سببا لسوء خلقها ، وعليه أن يستعين بأهل الخبرة في ذلك ، وأن يحاول بشتى الوسائل إيجاد الحلول لكل مشكلة .
قال تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء/19
فإن تكاثر عليه الأمر ، ووجد أنه لا سبيل إلى حل المشاكل ، أو لا سبيل من جهته إلى الأنس بزوجته والعيش معها ، فلا حرج عليه في طلاقها ، وسيكون المهر في هذه الحال من حقها لدخوله بها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يصح عقد الزواج الثاني مع عدم إخباره باستمرار زواجه الأول ؟
سؤال:
هل يعد الزواج صحيحًا إذا كتم الرجل بعض المعلومات المهمة ولم يبينها ؟
وعندما علمت المرأة بهذه المعلومات ، أصبحت لا تريد الزواج به . وهذا الأمر هو أن المذكور لا يزال متزوجًا بامرأةٍ أخرى .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ذكر الفقهاء رحمهم الله بعض الأمور التي يحق لأحد الزوجين فسخ النكاح بوجودها ، ويذكرون من ذلك : الفسخ بالعيب ، بمعنى جواز طلب الفسخ من قبل الزوج أو الزوجة إذا وجد أحدهما في الآخر بعض العيوب .
جاء في الموسوعة الفقهية (29/68) :
" اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز التّفريق بين الزّوجين للعيوب " انتهى .
وليس كل عيب وجده أحد الزوجين في الآخر يبيح له الفسخ ، بل الضابط في هذا العيب : " أنه هو الذي يفوت المقصود من النكاح من الاستمتاع والمودة والسكن والولد ، ونحو ذلك " .
قال ابن تيميّة في "الاختيارات " (ص 222) : " وتردّ المرأة بكلّ عيب ينفّر عن كمال الاستمتاع " انتهى .
وقال ابن القيم : "والقياس أنّ كلّ عيب ينفّر الزّوج الآخر منه ، ولا يحصل به مقصود النّكاح من الرّحمة والمودّة يوجب الخيار " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" الصحيح أنه مضبوط بضابط محدود ، وهو ما يعده الناس عيبا يفوت به كمال الاستمتاع ، أي ما كان مطلق العقد يقتضي عدمه ، فإن هذا هو العيب ، فالعيوب في النكاح كالعيوب في البيوع سواء ، لأن كلا منها صفة نقص تخالف مطلق العقد " انتهى .(99/116)
ثانياً :
وليس زواج الرجل بأخرى عيباً يفسخ من أجله النكاح ، لأن الرجل له أن يتزوج على امرأته بثانية وثالثة ورابعة ، وليس لها طلب فسخ النكاح إذا كان يعدل بينهن .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين : هل يشترط لصحة الزواج أن يخبر الرجل من يريد الزواج منها بأنه متزوج من أخرى إن لم يُسأَل عن ذلك ؟ وهل يترتب شيء على إنكاره إن سُئِلَ ؟
فأجاب :
" لا يلزم الرجل إخبار الزوجة أو أهلها بأنه متزوج إن لم يسألوه ، لكن ذلك لا يخفى غالبا ، فإن الزواج لا يتم إلا بعد مدة وبحث وسؤال عن كل من الزوجين ، وتحقق صلاحيتهما ، لكن لا يجوز كتمان شيء من الواقع ، فإن وقع كذب من أحد الزوجين وبنى عليه الطرف الثاني إتمام العقد فإنه يثبت الخيار : فلو ذكر أنه غير متزوج وكذب في ذلك فلها الفسخ ، ولو قالوا عنها إنها بكر وهي ثيب فله الخيار أن يتم الزواج أو يتركها " انتهى .
"فوائد وفتاوى تهم المرأة المسلمة" (114) .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل يتزوج ممن تفوقه في المستوى الاجتماعي ؟
سؤال:
أنا شاب مسلم والحمد لله أريد العفاف بالزواج من أخت مسلمة مستواها الاجتماعي يفوقني ، ما حكم الشرع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا كان الرجل قادرا على بذل المهر المعجل وتحمل نفقات الزواج ، قادرا - كذلك - على الإنفاق على زوجه وبيته ، فهو كفؤ لها في قول جمهور العلماء ، من يعتبر اليسار (الغنى) شرطا في الكفاءة كالحنفية والحنابلة ، ومن لا يعتبره كالمالكية والشافعية في الأصح عندهم .
وأما اشتراط أن يكون الزوج غنيا غنى مساويا للزوجة ، فهو قول مرجوح ذهب إليه بعض الفقهاء .
بل الراجح من حيث الدليل أن الكفاءة لا تعتبر إلا في الدين ، كما هو مذهب مالك رحمه الله .
قال ابن القيم رحمه الله : " فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح
قال الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات/ 13 . وقال تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) الحجرات/10 . وقال : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) التوبة/71 ...(99/117)
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمى على عربي ، ولا لأبيض على أسود . ولا لأسود على أبيض ، إلا بالتقوى ، الناس من آدم ، وآدم من تراب ) رواه الترمذي (3270) وحسنه الألباني .
وفي الترمذي (1085) عنه صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوه ، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . قالوا : يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ فقال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، ثلاث مرات ). [ حسنه الألباني ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني بياضة: ( أنكحوا أبا هند ، وانكحوا إليه ) وكان حجاما. وزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه ، وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه ، وتزوج بلال بن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف .
وقد قال الله تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) النور/26 . وقد قال تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء) النساء/3.
فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلا وكمالا ، فلا تزوج مسلمة بكافر ، ولا عفيفة بفاجر ، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك ، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ، ولم يعتبر نسبا ولا صناعة ، ولا غنى ولا حرية ، فجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما ، وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات ، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات ، وللفقراء نكاح الموسرات " .
وقال : " وقد تنازع الفقهاء في أوصاف الكفاءة ، فقال مالك في ظاهر مذهبه إنها الدين ، وفي رواية عنه : إنها ثلاثة : الدين ، والحرية ، والسلامة من العيوب " انتهى ـ باختصار ـ من "زاد المعاد" (5/144). وينظر : "المغني" (7/27) ، "الموسوعة الفقهية" (34/271).
ثانيا :
المستوى الاجتماعي يراد به النسب أو الغنى أو التعليم أو الحرفة والوظيفة ، وقد تراد جميعها .
ومن كان مرضي الدين والخلق ، فهو كفء للمرأة مهما كان مستواها الاجتماعي ، على الراجح كما سبق . هذا هو الأصل ، والحكم الشرعي ، لكن يبقى النظر في حال كل خاطب ، وهل يناسبه الزواج ممن تفوقه في هذا المستوى أم لا ؟
والذي يظهر والله أعلم أنه إن كان التفاوت كبيرا فيما ذكرنا من النسب والغنى والتعليم والوظيفة ، فلا ينصح بالإقدام على هذا الزواج ؛ لأنه غالبا ما تحيط به المشاكل من جهة المرأة أو من جهة أهلها ، وقد يكون الاختلاف في أسلوب الحياة ، وطبيعة التعامل مع الأمور من أسباب النفرة بين الزوجين لاحقا .
أما إن كان التفاوت يسيرا ، أو كان النقص في جانب يعوضه كمال في جانب آخر ، فلا بأس حينئذ ، كأن يكون الرجل فقيرا ، لكنه حاصل على شهادات متميزة ، أو يؤهل لوظيفة مرموقة ، أو من عائلة ذات شرف ، ونحو ذلك .
وثمة حالات تكون فيها المرأة وأهلها من الصلاح والاستقامة ، ما يرفعهم عن النظر إلى الأمور المادية وقياس الناس بها ، وتكون رغبتهم في الزوج الفقير لعلمه أو(99/118)
لصلاحه ونحو ذلك ، وإن كان الأولى ـ في حق الزوج ـ أن يكون الرجحان في جانبه ، في الأمور التي تعتبر في الكفاءة .
وبكل حال ، فالنصح الدقيق في هذه المسألة يتوقف على معرفة الطرفين معرفة تامة ، ومعرفة ما يحيط بهما وبأسرتيهما ، فلعلك تسترشد بنصح من تثق فيه من أهل الخير والدراية في مجتمعك .
ونسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
لديها عيب خلقي في سمع إحدى أذنيها فهل تخبر خاطبها ؟
سؤال:
عندي صديقة عندها عيب خلقي في إحدى الأذنين وهو غير ملحوظ في معاملتها اليومية إلا إذا تكلم أحد بصوت أقل وضوحا في الجانب الموجود به تلك الأذن فإنها لا تسمع بها، وقد رفضت العديد من الزيجات لهذا السبب، ولكنها الآن مخطوبة إلى شخص ما ولم تُصارحه بهذا السبب وتخشى إن قالت له أن يتركها وقد قرب زفافهما , وإذا حدث ذلك قد يتسبب لها بعقدة ولن تُقبل على الزواج أبدا، فهل تصارحه وتقبل ما يحدث أو أحد من الأقارب يصارحه أو لا تذكر شيئا لأنه لن يلاحظ ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فإنه يجب على صديقتك أن تخبر خاطبها بهذا العيب ، أو يخبره أحد أقاربها ، ليكون على بصيرة من أمره ، لأن عدم إخباره غش له ، وما قدره الله تعالى سيكون ، ولا يدري العبد أين يكون الخير ، ونسأل الله أن يوفقها للزوج الصالح .
والزوج إذا تبين له فيما بعد أن زوجته لا تسمع جيدا بإحدى أذنيها ، وأنها كانت تعاني من ذلك قبل زواجها ولم تخبره ، قد يؤذيه ذلك ، ويعتبره غشا له ، وقد يكره زوجته بسبب ذلك , فيتعين الإخبار من الآن ، حرصا على دوام النكاح ، واستقامة الأحوال ، ودرءا للمفاسد المتوقعة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : لي أخت مصابة بعين ، وتقدم شخص ، فهل يجب علي أن أخبره بأنها مصابة بالعين ، وإذا لم أخبره فهل أعتبر غاشا له ؟
فأجابت : " يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض إذا كان الزوج لا يعرف ذلك ، حتى يكون على بصيرة ؛ لأن في عدم إخباره بذلك غشا له ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/62) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(99/119)
ـــــــــــــــــــ
هل يكفي إخبار المخطوبة بالعيب أم يلزم إخبار أهلها؟
سؤال:
أنا أبلغ من العمر 25 عاماً , وعندي نسبة خصوبة السائل المنوي قليلة ، تتراوح النسبة من 1% إلى 5% من المستوى الطبيعي, رأي الأطباء أنه من الصعب حدوث حمل بهذه النسبة , وممكن اللجوء للإخصاب الصناعي ولكن النسبة قليلة جدا أيضا . أنا الآن مقبل على التقدم لخطبة فتاة , وقد صارحتها بكل شيء وقد وافقت برضا وبإيمان أن كل شيء بيد الله . سؤالي : هل المفروض مصارحة الأهل بهذا الأمر أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا رضيت الفتاة بالزواج ، مع علمها بما ذكرتَ من قلة الخصوبة واحتمال عدم الإنجاب ، وهي بالغة رشيدة ، فهذا كافٍ ، ولا يتوقف الأمر على معرفة وليها ؛ لأن الحقّ لها .
وقد نص الفقهاء على أن الزوج أو الزوجة إذا علم أحدهما بالعيب الموجب للفسخ ، عند العقد أو بعده ورضي به ، أنه يسقط خياره في الفسخ .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ومن شرط ثبوت الخيار بهذه العيوب , أن لا يكون عالما بها وقت العقد , ولا يرضى بها بعده , فإن علم بها في العقد , أو بعده فرضي , فلا خيار له ، لا نعلم فيه خلافا " انتهى من "المغني" (7/142).
وفي "المدونة" (2/144) : " قلت : أرأيت إن تزوجتْ مجبوبا (أي : مقطوع الذكر) أو خصيا وهي تعلم ؟ قال : فلا خيار لها , كذلك قال مالك . قال : قال مالك : إذا تزوجت خصيا وهي لا تعلم فلها الخيار إذا علمت , فقول مالك إنها إذا علمت فلا خيار لها " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" (5/111) : " فإن كان أحد الزوجين الذي لا عيب به عالماً بالعيب في الآخر وقت العقد فلا خيار له ، أو علم بالعيب بعد العقد ورضي به فلا خيار له . قال في المبدع : بغير خلاف نعلمه " انتهى بتصرف .
وقال السرخسي الحنفي : " ولو تزوجت واحدا من هؤلاء [أي المجبوب أو الخصي أو العنين] وهي تعلم بحاله , فلا خيار لها فيه ؛ لأنها صارت راضية به حين أقدمت على العقد مع علمها بحاله , ولو رضيت به بعد العقد بأن قالت : رضيت ، سقط خيارها " انتهى من "المبسوط" (5/104) .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (29/69).
ومعلوم أن ضعف الخصوبة دون هذه العيوب التي ذكرها العلماء بمراحل .
فظهر كلام العلماء في ذلك : أنه يكفي علم المرأة بالعيب ، ولا يشترط إخبار أهلها به .(99/120)
ومسألة الإنجاب ، لا ينبغي أن تحمل لها همّا ، فكم من رجل قيل له ما قيل لك ، ثم رزقه الله تعالى بالذرية ، فالأمر له سبحانه ، والفضل بيده ، وعليك ببذل الأسباب في المعالجة ، وسؤال الله تعالى من فضله .
وننبهك إلى أن المخطوبة أجنبية عن خطيبها فلا يجوز له الخلوة بها ولا ملامستها ، وليكن الحديث في أمر الزواج مع وليها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تعرضت للاغتصاب وهي صغيرة ، وتريد الزواج الآن
سؤال:
أعاني من مشكلة نفسية واجتماعية فى نفس الوقت , حيث تعرضت في صغري لاغتصاب من أحد أقاربي ، أشك فى أنه أفقدني براءتي ، مما كان له أثر سيئ على نفسيتي ، فكنت أبكي كل ليلة وأنا نائمة لا يشعر بي أحد ، ثم في مرحلة الثانوية وما قبل الجامعة جاء إلى بيتنا شاب لدرس ، واعترف لي أنه يريد الزواج مني ، فصارحته بكل شيء ، فأجاب بأن هذا ماض وأنه مسامح ، ولا أخفي عليك ، فمنذ ذلك الحين نتحادث هاتفيّاً كل مدة ، وأهلي على علم بذلك ، وهو الآن فى العام الأخير من الجامعة ، فأريد أن أعرف هل ذلك حرام ؟ وهل أنا كذلك مستسلمة لقضاء الله ؟ وإن لم يكن كذلك فماذا أفعل ؟ .
أرجو النظر في مشكلتي وإفادتي .
وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قد لا يدرك المرء حقيقة الحكمة التي من أجلها ابتلاه الله تعالى في دنياه ، حتى يكون يوم القيامة ، فينكشف له ذلك المقام الرفيع الذي أعده الله تعالى له في الجنة إذا صبر واحتسب ، ويعلم حينئذ أن الله تعالى كان قد ابتلاه بفضله ، واختبره بحكمته .
عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ ) .
رواه الترمذي ( 2402 ) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2206 ) .
ويبدو أنك – أختي الفاضلة – قد تجاوزت بحمد الله تلك الواقعة ، وتحملت آثارها النفسية ، بل وأرجو أن تكوني خرجت بنفسية أقوى ، وبروح أعلى وأذكى ، فإن في كل محنة منحة ، ووراء كل بلاء عافية ، ولا ينبغي للمرء أن يتأسف على ما فات ، ويستذكر الماضي الذي لن يرجع أبدا ، بل ينبغي أن يأخذ منه العبرة ليومه والتفاؤل لغده .(99/121)
وفي قصتك درس للآباء الذين يتحملون مسؤولية أبنائهم أمام الله تعالى ، ألا يُسلِموهم لمواضع الردى بدعوى حسن الظن بالقرابة ، والحقيقة المؤسفة تقتضي أن نقول : إن كثيرا من حالات الاعتداء إنما تجيء من القرابة ، نسأل الله العافية .
وليست هذه دعوة لقطع الأرحام أو التشكك في الناس ، إنما هي دعوة للاحتفاظ بالحذر والاحتياط الذي يقتضيه الحال ، وعلى الوالدين تقدير ذلك الحذر من غير غلو ولا تفريط ، وقد جاءت شريعتنا بقاعدة عظيمة في ذلك ، هي قاعدة سد الذرائع ، بل جاءت الشريعة بأخذ الاحتياط بين الإخوة في البيت الواحد ، وذلك حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع ، كما رواه أبو داود ( 495 ) وصححه الألباني .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ رحمه الله : أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة ، وإن كُنّ أخواته . انتهى [ فيض القدير 5/531] .
قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله : إنما جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه ... وَتَعْلِيمًا لَهُمْ َالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق , وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا محارم الله كلها . اِنْتَهَى . [ شرح مشكاة المصابيح 2/155] .
وفي قصتك درس للآباء ـ أيضا ـ : أن يتفقدوا أحوال أبنائهم ، ويُعَوِّدُوهم على مصارحتهم في كل ما يواجهون ، في المدرسة أو الشارع أو المنزل ، فإن كثيرا من الأطفال تصيبهم المصائب ، وتلحقهم الأمراض النفسية ، والوالدان في غفلة تامة عن أمرهم ، وقد كان يمكن للوالدين أن يخففا عن أبنائهم ما أصابهم ، ولكن ترك المصارحة الأسرية يولِّدُ حرجا عند الأبناء في الشكوى لآبائهم .
وأما ذلك القريب الظالم الفاجر المعتدي ، فقد استحق غضب الله وسخطه ومقته ، واستحق جهنم التي أعدها الله تعالى للظالمين المعتدين ، الذين يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وهو يظن أنه ينجو بفعلته ويلوذ بجريمته ، ولكنه لا يشعر أن الله تعالى يتربص به وبأمثاله ، حتى إذا أخذه فما له مِنَ الله مِنْ ناصر .
يقول الله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) إبراهيم/42 .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُملِي لِلْظَالِمِ ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّك إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) . رواه مسلم ( 2583 ) .
قال النووي – رحمه الله - : " معنى ( يملي ) يمهل ويؤخر ويطيل له في المدة ... .
ومعنى ( لم يفلته ) : لم يطلقه ، ولم ينفلت منه " . " شرح مسلم " ( 16 / 137 ) .
ثانياً :
أنصحكِ بمراجعة الطبيبة المختصة للفحص ، فإن لم يكن ثمة أثر بسبب ما جرى معك ، وعلمت أنك ما زلت بكراً : فلا حاجة بعد ذلك لإخبار من يخطبك بما حصل معك ، بل يجب الستر على نفسك ونسيان ما مضى .(99/122)
أما إن وَجَدَت الطبيبة غير ذلك : فيجب عليك إخبار من يتقدم لخطبتك ، حتى لا يظن السوء فيك وأنك قد غششتِيه ، والصدق منجاة ، والله سبحانه وتعالى مطلع على عباده ، ولن يخذل عباده الصادقين .
قال علماء اللجنة الدائمة :
يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض إذا كان الزوج لا يعرف ذلك ؛ حتى يكون على بصيرة ؛ لأن في عدم إخباره بذلك غشّاً له ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ) . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 62 ) .
ثالثا :
أما ما ذكرتِ من شأن الشاب الذي عرض عليك أمر الزواج ، وأنت بدورك صَدَقتِيهِ القول وصارحتيه بما جرى معك في صغرك فتقبل ذلك ولم يعترض : فذلك من نِعَم الله تعالى عليك ، أَن هَيَّأَ لك من يعذركِ فيما حصل معكِ في صغرك ، ويستر عليك في أمر ظلمتِ فيه ، ويرغب في الاقتران بك بالطريق الذي شرعه الله ، فجزاه الله خيرا .
ولكنكما أخطأتما حين استمرت المحادثات بينكما ، قبل أن يتم الرابط الشرعي ، وقد كان بإمكانكما إتمام عقد الزواج الشرعي ، وتأخير الدخول إلى حين التخرج أو العمل ، أما أن تبقى الحال على ما هي عليه : فلا شك في حرمة ذلك ، إذ ليس بينكما علاقة شرعية ، وإنما هي إلى الآن أماني أو وعود بالزواج .
والواجب عليكما الوقوف عند الحكم الشرعي ، وأنه لا يجوز استمرار المحادثة بينكما حتى يتم العقد الشرعي ، فإن كان صادقا في وعده لك بالزواج : فسيستجيب لحكم الله ، ويسارع في إتمام العقد ، أو يقطع الاتصال حتى يتخرج ، فإن لم يستجب لحكم الله تعالى : فاحذري حينئذ ، فقد يكون ذئباً جديداً يسعى للتسلية وقضاء الوقت في محادثة الفتيات ، ويتخذ الوعود بالزواج وسيلة لتحقيق ما يريد ، وخاصة أنه قد علِم بحالك ، وقد تكون هذه فرصة له يسول له الشيطان بسببها أمراً منكَراً .
سئل الشيخ الفوزان - حفظه الله - :
مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف ، هل هي جائزة شرعا أم لا ؟
فأجاب :
مكالمة الخطيب عبر الهاتف لا بأس به ، إذا كان بعد الاستجابة له ، وكان الكلام من أجل المفاهمة ، وبقدر الحاجة ، وليس فيه فتنة ، وكون ذلك عن طريق وليها : أتم وأبعد عن الريبة .
أما المكالمات التي تجري بين الرجال والنساء وبين الشباب والشابات ، وهم لم تجرِ بينهم خطبة ، وإنما من أجل التعارف - كما يسمونه - : فهذا منكر ، ومحرَّم ، ومدعاة إلى الفتنة ، والوقوع في الفاحشة ، يقول الله تعالى : ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ) الأحزاب/32 .
فالمرأة لا تكلم الرجل الأجنبي إلا لحاجة ، وبكلام معروف لا فتنة فيه ولا ريبة ، وقد نص العلماء على أن المرأة المحرمة تلبي ولا ترفع صوتها ، وفي الحديث ( إِنَّمَا التَّصْفِيقُ للنِّسَاءِ ) - رواه البخاري ( 1218 ) ومسلم ( 421 ) - مما يدل على(99/123)
أن المرأة لا تُسمع صوتها الرجال إلا في الأحوال التي تحتاج فيها إلى مخاطبتهم مع الحياء والحشمة .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 604 - 605 ) .
وقد سبق في موقعنا بعض الإجابات التي تبين حكم المحادثة بين الجنسين ، ومنها : أجوبة الأسئلة : ( 7492 ) ، ( 13791 ) ، ( 26890 ) ، ( 45668 ) ، ( 66266 ) ، ( 82702 ) .
نسأل الله تعالى أن يحفظك ويوفقك ويرزقك الرضى والسعادة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل الوسواس القهري عيب يجب إخبار الخاطب به ؟
سؤال:
هل الفتاة التي تعاني من الوسواس القهري أو غيره وهى لم تخبر أحدا به فلا أحد يعلم ما في نفسها إلا الله تعالى وهي تجاهد هذا الوسواس إذا تقدم لخطبتها شخص تخبره بذالك أم تكتم؟ خاصة وأن إخباره سيكون عقبة في شفائها لأنه سيزداد....وبماذا تنصحها يا فضيلة الشيخ؟ وما هي العيوب التي يجب على الخاطب معرفتها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الوسواس القهري ، وغيره من أنواع الوساوس علاجه بالذكر والطاعة ، وإغفال الوسوسة وإهمالها ، وتحتاج بعض الحالات إلى مراجعة الطبيب النفسي ، وينظر جواب السؤال رقم (39684) ، ورقم (41027) لمزيد الفائدة .
ثانيا :
الراجح من قولي الفقهاء أن كل عيب يفوت به مقصود النكاح ، وينفر أحد الزوجين من الآخر ، أنه يجب بيانه ، ويثبت به خيار الفسخ في حال الاطلاع عليه بعد كتمانه .
قال ابن القيم رحمه الله : " والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار " انتهى من "زاد المعاد" (5/166).
وقال : " ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب " .
وقال : " وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم على البائع كتمان عيب سلعته ، وحرم على من علمه أن يكتمه من المشتري ، فكيف بالعيوب في النكاح ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في نكاح معاوية أو أبي الجهم : " أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب ، فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش(99/124)
الحرام به سببا للزومه ، وجعلِ هذا العيب غِلاًّ لازما في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه " انتهى من "زاد المعاد" (5/168).
وعلى هذا فمن كانت مبتلاة بالوسوسة ، ينظر في حالها ، فإن كانت وسوستها تمنعها من القيام بمصالح زوجها ، وتنفّره من العيش معها ، لزمها إخباره بذلك ، وهذا خير لها من أن تكتمه وتغشه ، ثم قد يلجأ لمفارقتها ، أو يبغضها لكونها أخفت عنه هذا العيب .
وإن كانت وسوستها لا تؤثر على حياتها مع زوجها ، ولا تستدعي نفوره منها ، فهذه ليست عيبا ، ولا يلزمها إخباره بحالها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
خلع المرأة لزوجها من أجل حبيبها ... العنوان
بسم اللّه الرحمن الرحيم
السلام عليكم
سؤالى عن سيدة جامعية (ولكنها لا تعمل) تبلغ من العمر (35 عاماً)، متزوجة منذ 13 سنة ولها ولد عمره الآن 12 سنة وهو ذكى ومتفوق في دراسته ولا يشكل لها أى مشكلة لهدوئه وحسن خلقه.. زوجها مهندس يعمل في مجال يجعله يتواجد معها شهراً ويتواجد في جهة عملة شهراً آخر.. والولد يتعلق بوالده ويحبه جداً. كانت هذه الزوجة تشتكى أحياناً من بعض عيوب فى زوجها ولكنها لا تعتبر كبيرة والحياة مستمرة بينهم ولكن منذ 4 سنوات ظهر فى حياتها شاب كان يقوم ببعض الأعمال بالمنزل فتعلقت به لحسن كلامه وأخلاقه.. وتطورت هذه العلاقة بينها وبين هذا الشاب إلى أن تصارحوا بالحب.. (هذا الشاب ليس جامعياً ولكنه صاحب مهنة) وفجأة بدأت تريد الانفصال عن زوجها وتُضخم العيوب السابقة لزوجها التى كانت متعايشة معها وبمناقشتها فى الموضوع أقرت أنها بعد الانفصال تريد الزواج من هذا الشاب الذي عرفته وتطورت العلاقة إلى حب.. (وإذا تقدم أي شخص في العائلة لسؤالها عن سبب طلبها للانفصال –فهم لا يعرفون بعلاقتها بهذا الشاب- لمحاولة الإصلاح أو التفاهم معها لكى لا تفاتح زوجها فى موضوع الانفصال ترفض تماماً وتقول إنها لا تطيق المعيشة معه وتذكر حديث الرسول للمرأة التى طلبت من الرسول أن تنفصل عن زوجها فقال لها صلى الله عليه وسلم: ردى عليه حديقته.. ولم يسألها عن السبب.
والسؤال: هل إذا انفصلت عن زوجها وتزوجت هذا الشاب يكون هذا الزواج حلال.. أم أنه حرام حيث إنها تعرفت على هذا الشاب وهى متزوجة.. (مع العلم أن والدتها لم توافق على هذا الزواج لاختلاف المستوى المعيشي والتعليمي لهذا الشاب، أما أخوتها فلم يعرفوا عن هذا الشاب أي شيء ولكن يعرفون أنها تريد الطلاق فقط.
جزاكم اللّه خيراً.
... السؤال(99/125)
07/03/2007 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يحرم على المرأة ما تفعله مع هذا الشاب وهي آثمة، و لو استمرت الحال فهي على خطر عظيم. ولا يجوز لها طلب الطلاق ولا الخلع لهذا السبب، وعليها بمصارحة زوجها ومطالبته بكافة حقوقها فإما أن يمكث معها أو تذهب معه .
يقول الأستاذ مسعود صبري عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:
تفصيل الفتوى في عدة مسائل :
المسألة الأولى : غياب الزوج عن زوجته
المسألة الثانية : إقامة علاقة عاطفية مع غير الزوج
المسألة الثالثة: طلب الخلع للزواج بغير الزوج
أما عن المسألة الأولى : غياب الزوج وسفره
فإنه يجب أن يدرك أنه واجب على كل من الزوجين أن يلبي حاجة الآخر، فالجماع والحاجة النفسية و غيرهما من الحقوق المشتركة التي يأثم كل من الزوجين إن قصر في أدائها ، ولا يظن أن إعطاء المرأة حقها من الجماع والحاجة النفسية من نوافل الأعمال، بل هو من الواجبات ، كما قال تعالى :( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة : 228، فواجب على الزوج أن يراعي حق زوجته وأن يكفيها مؤنتها من الضرورات والحاجيات بشتى أنواعها ، كما يجب على الزوجة ذلك أيضا حتى تستقيم الحياة .
وإن كان للزوج أن يسافر أو يغيب عن زوجته مدة تطول ، فإنه يجب أن يكون هذا بالتفاهم مع الزوجة ، فإن كانت تتحمل غيابه ، فلا بأس بهذا ، وإن كانت لا تتحمل ، فإن الفقهاء جعلوا أكثر مدة السفر عن الزوجة سنة ، فما زاد عن سنة بغير رضاها ، فيجب عليه نقلها معه حيث يقيم ، و نقل عن بعض الفقهاء أن مدة غياب الزوج أربعة أشهر، استنادا لفعل عمر – رضي الله عنه ، وهذا يعني أنه ليس هناك مدة محددة في الموضوع، وكما يقول العلامة الشيخ عطية صقر – رحمه الله - :" ولئن كان عمر جعل أمد البعد أربعة أشهر في بعض الروايات فلعل ذلك كان مناسبا للبيئة والظروف التي ينفذ فيها هذا القرار، والبيئات والظروف مختلفة ، والشعور بالبعد يختلف بين الشباب والكبار، ويختلف من زوجة لديها دين وخلق قوي إلى من ليس عندها ذلك ، والزوج هو الذي يعرف ذلك ويقدره".
وعليه، فإن كانت المرأة تتضرر من غياب زوجها عنها شهرا ، فإنه لا بد من وضع حل للمشكلة، وأن يسعى الزوج لإشباع رغبات زوجته، فإن رفض، رفعت أمرها للقاضي ليفصل بينهما في المسألة ، أما إن رضيت بسفره ، فليس لها طلب الطلاق .
وأما عن المسألة الثانية : إقامة علاقة عاطفية مع غير الزوج(99/126)
فإنه يحرم على المرأة أن تقيم علاقة مع غير زوجها ، بل هذا من أكبر الخيانات التي يجب أن تتوقف الزوجة عنها ، ومرد هذه العلاقة العاطفية التي تشعر بها هو ما حرم الله تعالى من الخلوة ، فإنه لا يجوز للزوجة أن تختلي بأجنبي، ولو جاء ليقوم بعمل في البيت، بل يمكن أن تجعل أخاها معها وقت مجيئه، أما أن تحدث خلوة وكلام ، فمن الطبيعي أن يتسلل الشيطان لنفسيهما ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فقال :" لا يخلون رجل بامرأة فان الشيطان ثالثهما" رواه البزار من حديث بريدة، بل تكون الحرمة أشد حين يكون الزوج مسافرا ، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يخلون رجل بمغيبة ، وإن قيل حموها ، ألا حموها الموت".
و أحسب أن هذه المرأة موهومة ، لأنها تظن أن هذا الشاب سيعيشها في حب وغرام، ولكن لو تم – لا قدر الله – فإنها فلربما تقع في مصيبة اجتماعية، لأنها لم تر من هذا العامل إلا معسول الكلام الذي يزينه الشيطان ، ولكنها بعد الزواج ستدرك أن زوجها كان نعمة من الله ، وأنها خسرت هذه النعمة ، فمثل هذا الشاب حين يكون زوجا ، وهو صاحب مهنة ، يعني أن له قاموسا خاصا في التعامل، فحين تقصر في أداء شيء ، فستتلاشى كلمات الحب والغرام ، وتبدو الكلمات السوقية ، بل ستجد معاملة أخرى، وربما ساعتها ستندم، ولكن وقت لا ينفع الندم .
أما عن المسألة الثالثة : طلب الخلع من الزوج
فإن كان الخلع مباحا شرعا، ولكن المرأة محاسبة عليه عند الله تعالى ، فإن كان حفاظا على دينها ، فلا إثم عليها ، ولكنها هنا تهدم بيتا، وتسبب إبعادا لولدها عن أبيه ، وليس بصحيح ما ذكر من أن زوجة ثابت بن قيس لم يسألها النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب الخلع ، بل ورد أنها كانت تكرهه لدمامته، فخشيت على دينها ، فعن معمر عن أيوب عن عكرمة مولى ابن عباس قال : جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت : يا رسول الله لا والله ما أعتب على ثابت دينا ولا خلقا ولكن أكره الكفر في الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ثابتا فأخذ حديقته وفارقها ، وهي جميلة بنت عبد الله بن سلول قال معمر: وبلغني أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: لي من الجمال ما قد ترى وثابت رجل دميم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته التي أصدقك قالت نعم.. الحديث ، وهو عند الإمام أحمد والبزار وغيرهما .
فكل إنسان محاسب على فعله، فإن كان الإسلام أباح الخلع ، ولكنه لم يبحه ولم يجعل المرأة تفعل ما تريد، فلئن كان الزوج يجوز له طلاق زوجته ، لكنه محاسب على هذا الحق، أكان بحقه أم لا؟
على أن الطلاق أو الخلع ينبني عليه مسئولية اجتماعية يجب مراعاتها في الحكم، فهو ليس مجرد أفعال مطلقة، أو حرية عائمة، ولكنها حرية منضبطة بما يترتب على هذا القرار من مسئوليات اجتماعية .
وهناك بعض الأمور التي أطلب من المرأة أن تعيها جيدا ، وهي :(99/127)
1-أن العلاقة الآن مع الشاب ستختلف بعد الزواج ، ولتتذكر ما كان بينها وبين زوجها من علاقة حميمة في فترة الخطوبة .
2- أن تنظر ما يمكن أن يصلح شأنها، مثل فكرة سفر زوجها شهرا ، فيمكن أن تكون لها إقامتان، أو يبحث عن عمل آخر، وأن تعالج ما ينقصها .
3-أن تتقي الله تعالى في العلاقة المحرمة مع هذا الشاب، وأن تقطع التواصل معه، ثم تفكر بعقل وحكمة ، لأن التفكير في وجود هذا الشاب في حياتها ظلم لزوجها وولدها .
4- ن تفكر في ابنها الذي سيعيش مشردا، وإن كانت النساء تغضب من تعدد الزوجات الذي أحله الله، فكيف بمن تريد أن تخرب أسرة كاملة لأجل شهوتها وهواها .
وعلى كل، فعلينا نصحها والاستمرار في النصح وتحذيرها، فإن ركب الشيطان رأسها ، فلا تلومن إلا نفسها ، فستندم يوم لا ينفع الندم.
ويقول الدكتور رجب أبومليح الباحث الشرعي بالموقع:
ـ لفت نظري في السؤال جملة ينبغي الوقوف عندها جيدا، حيث يصف السائل على لسان السائلة أن هذا الشاب على خلق أو حسن الأخلاق، وأي أخلاق هذه التي تجعل هذا الشاب ذئبا يعدو على زوجة أخيه المسلم ويفسد حياتها ويهدم أسرتها من أجل أن يلعب بها ويأخذ ما يريد ثم يضعها تحت قدمها إن وجد امرأة أخرى تبادله الحب والغزل؟؟ .
إن من أبسط وأهم الأخلاق غض البصر وحفظ الأمانة والوقوف عند حرمات الله .
ـ ما زلنا نحذر كل المسلمين من خطورة الخلوة بين الرجل والمرأة وهذا الذي حدث من الثمار المرة للخلوة المحرمة .
ـ نذكر هذه الزوجة بأن هذا الشباب الذي فعل معها هذا دون أن يراعي حرمة البيت ، ولا يراعي أنها متزوجة من السهل أن يكرر هذا الفعل مع امرأة أخرى سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة.
ـ ليس عيبا أن يعمل المسلم أي عمل حلال يكسب منه قوته الحلال لكننا نحسب أن هذا الشباب ليس كفؤا لهذه الزوجة فلا تستطيع أن تقدمه لأهلها خاطبا ولا زوجا بعد ذلك إلا إن كانت ستضحي بأسرتها الصغيرة وأسرتها الكبيرة من أجل شهوة عارضة وعاطفة مزيفة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
التفريق بين الزوجين بسبب عدم التكافؤ في النسب ... العنوان
هل يوجد في الفقه الإسلامي تفريق بين الزوجين بسبب عدم التكافؤ في النسب؟ وهل يملك أي أحد من أهلها أن يرفع دعوى التفريق حتى لو مر على الزواج سنوات طوال ونتج عن الزواج أولاد؟ وماذا عن رأيها هي ؟ ألا يحسم رأيها الموضوع؟ ... السؤال
11/02/2007 ... التاريخ
الشيخ حامد العطار ... المفتي(99/128)
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
اختلف الفقهاء اختلافا واسعا في حكم اشتراط الكفاءة بين الزوجين، ويمكن تصنيف آراء الفقهاء في ذلك إلى ثلاثة اتجاهات، طرفان ووسط:
فالطرف الأول: يمثله ابن حزم الظاهري، حيث لم يشترط التكافؤ إلا في العفة في مقابلة الزنا ،فقال: "أي مسلم –ما لم يكن زانيًا- فله الحق في أن يتزوج أية مسلمة، ما لم تكن زانية".
قال: وأهل الإسلام كلهم إخوة لا يحرم على ابن من زنجية لغية (غير معروفة النسب ) نكاح لابنة الخليفة الهاشمي.. والفاسق المسلم الذي بلغ الغيبة من الفسق –ما لم يكن زانيًا- كفء للمسلمة الفاسقة ما لم تكن زانية.
قال: والحجة قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) .
والطرف الثاني : يمثله جمهور الفقهاء، حيث أدخلوا النسب في الكفاءة، فلا بد أن يكون الزوج مكافئا لنسب زوجته، وإن كان بين هذا الاتجاه تفصيلات وخلافات في بعض الأمور.
والوسط ، يمثله المذهب المالكي، قال الشوكاني:ونقل عن عمر، وابن مسعود، وعن محمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز. ورجحه ابن القيم فقال:فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً. فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر.. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ولم يعتبر نسبًا، ولا صناعة، ولا غنى، ولا حرفة.. فيجوز للعبد القن نكاح المرأة النسبية الغنية إذا كان عفيفًا مسلمًا.. وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات.
إذن فلا نكاد نرى خلافا بين الفقهاء في اشتراط الكفاءة بين الزوجين من حيث المبدأ ، ولكن الخلاف في محددات هذه الكفاءة ومجالاتها. ويبقى السؤال ، ما حكم الزواج الذي لا تراعى فيه الكفاءة بين الزوجين؟
لقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الكفاءة شرط من شروط النكاح ، بحيث يبطل النكاح إذا لم تراع الكفاءة بين الزوجين، ومع ضيق هذا المذهب وشدته إلا أنه يبدو أضيق وأشد حينما يتسع منظاره لمجالات الكفاءة! وهذه رواية في المذهب الحنبلي، وبالفعل فإن المذهب الحنبلي يدخل النسب ضمن محددات الكفاءة. ومقتضى هذه الرواية أن النكاح يقع باطلا عند فقدان الكفاءة ، فلا تملك الزوجة ولا أولياؤها إهدار الكفاءة ولا التنازل عنها، فتكون الكفاءة شرطا من شروط النكاح ، لا حقا من حقوق الزوجة وأهلها، قال ابن قدامة :
"فإذا قلنا باشتراطها , فإنما يعتبر وجودها حال العقد , فإن عدمت بعده , لم يبطل النكاح ; لأن شروط النكاح إنما تعتبر لدى العقد . وإن كانت معدومة حال العقد , فالنكاح فاسد , حكمه حكم العقود الفاسدة"(99/129)
ولكن جمهور الفقهاء يرون أن الكفاءة ليست من شروط النكاح ، بل هي حق من حقوق الزوجة وأهلها، لهم أن يتنازلوا عنها ، ولهم أن يتمسكوا بها، وعند الحنابلة رواية بهذا تتفق مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وهذه الرواية رجحها ابن قدامة فقال : " والرواية الثانية عن أحمد أنها ليست شرطا في النكاح . وهذا قول أكثر أهل العلم . روي نحو هذا عن عمر وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز , وعبيد بن عمير وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين وابن عون ومالك والشافعي وأصحاب الرأي والصحيح أنها غير مشترطة , وما روي فيها يدل على اعتبارها في الجملة , ولا يلزم منه اشتراطها "
وجاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية :-
"اتفق الفقهاء على اعتبار الكفاءة في الدين وعلى ثبوت الفسخ بفوات هذه الكفاءة واختلفوا في صحة النكاح بدون ذلك وهما قولان مشهوران في مذهب أحمد وغيره."
والسؤال الأهم من ذلك ، ماذا لو تنازل بعض الأولياء، وتمسك الباقون؟ وهل يكون قرار المرأة قرارا فاصلا في هذه المسألة ؟
يقول ابن قدامة :
فإن قلنا : ليست شرطا . فرضيت المرأة والأولياء كلهم , صح النكاح , وإن لم يرض بعضهم , فهل يقع العقد باطلا من أصله أو صحيحا ؟ فيه روايتان عن أحمد وقولان للشافعي أحدهما , هو باطل ; لأن الكفاءة حق لجميعهم , والعاقد متصرف فيها بغير رضاهم , فلم يصح , كتصرف الفضولي .
والثانية , هو صحيح ; بدليل أن المرأة التي رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أباها زوجها من غير كفئها خيرها , ولم يبطل النكاح من أصله . ولأن العقد وقع بالإذن , والنقص الموجود فيه لا يمنع صحته , وإنما يثبت الخيار , كالعيب من العنة وغيرها . فعلى هذه الرواية لمن لم يرض الفسخ . وبهذا قال الشافعي ومالك
وقال أبو حنيفة إذا رضيت المرأة وبعض الأولياء , لم يكن لباقي الأولياء فسخ ; لأن هذا الحق لا يتجزأ , وقد أسقط بعض الشركاء حقه , فسقط جميعه , كالقصاص . ولنا , أن كل واحد من الأولياء يعتبر رضاه , فلم يسقط برضا غيره , كالمرأة مع الولي فأما القصاص فلا يثبت لكل واحد كاملا , فإذا سقط بعضه , تعذر استيفاؤه , وهاهنا بخلافه , ولأنه لو زوجها بدون مهر مثلها , ملك الباقون عندهم الاعتراض , مع أنه خالص حقها , فهاهنا مع أنه حق لهم أولى . وسواء كانوا متساوين في الدرجة , أو متفاوتين , فزوج الأقرب , مثل أن يزوج الأب بغير كفء , فإن للإخوة الفسخ . وقال مالك والشافعي ليس لهم فسخ إذا زوج الأقرب ; لأنه لا حق للأبعد معه , فرضاؤه لا يعتبر . ولنا , أنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة , فملك الفسخ كالمتساويين . انتهى.
ونحن قد رجحنا مذهب المالكية ومن سمينا من السلف في أن الكفاءة لا تعتبر إلا في الدين، ولا يدخل فيها السن ولا النسب ولا الحرفة ولا الأوضاع الاجتماعية ولا المالية ... ولا غيرها، وبهذا لا نكون بحاجة إلى هذه التفصيلات والتشقيقات، ولا يكون لهذا كله أثر إلا إذا زوج الولي ابنته ممن لا يليق بها دينا ، كأن يزوجها من(99/130)
فاسق ( كشارب الخمر والمخدرات، أو ممن ماله حرام، أو ممن لا يصلي......) فحينئذ يكون من حقها الاعتراض قبل العقد، ورفع دعوى إبطال العقد إذا أرغمت عليه ، كما يكون لوليها نفقس الحق إن هي تزوجت ممن لا يليق بها دينا.
ومن جميل ما يذكر للمالكية أنهم أجازوا للمرأة ووليها أن يتنازلوا عن شرط الكفاءة ( وهي في التدين فقط عندهم ، أي عدم الفسق) إلا أنهم لم يجيزا لهم التفريط فيما يوجب الأمن للزوجة حفظا للنفوس، يقول العلامة الدردير المالكي في الشرح الكبير :
الكفاءة ....المعتبر فيها أمران ( الدين ) أي التدين أي كونه ذا دين أي غير فاسق لا بمعنى الإسلام ( والحال ) أي السلامة من العيوب التي توجب لها الخيار في الزوج لا الحال بمعنى الحسب والنسب وإنما تندب فقط،
وللزوجة والولي ترك الكفاءة ، وتزويجها من فاسق سكير يؤمن عليها منه وإلا رده الإمام , وإن رضيت لحق الله حفظا للنفوس .... ولكن السلامة من العيب حق للمرأة فقط وليس للولي فيه كلام .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
هل تستحق ضعيفة البصر الصداق إذا كذبت؟ ... العنوان
لقد تزوجت من فتاة بعد وفاة زوجتي الأولى. هذه الفتاة ترتدي نظارة وقد سألتها قبل الدخول عن درجة ضعفها فأجابت -3 .
تبين لاحقا بعد الدخول أن درجة ضعفها - 5 .
والآن أشعر بعد مضي فترة قصيرة على الزواج بعدم الرغبة بالاستمرار حيث إن ارتداء النظارات طول الوقت أفقدني الجاذبية تجاهها ، ولو أنها صدقتني منذ البداية عن درجة ضعفها الحقيقية لما تزوجتها.
وكذلك أخشى أن ينتقل هذا الضعف إلى الأولاد. أنا أعتبر نفسي مغبونا في هذا الزواج وأريد الطلاق هل علي دفع كامل المؤخر؟؟؟
... السؤال
14/11/2006 ... التاريخ
الشيخ حامد العطار ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:-
إن قضيتك محسومة في الفقه الإسلامي السائد بأنه لا يجوز لك فسخ هذا النكاح عند أحد من المذاهب الأربعة
ففي المذهب المالكي يفرق بالعيوب التالية : عيوب الرجال وهي (الجب[1], والخصاء ،والعنة[2], والاعتراض[3]) . وعيوب النساء، و هي (الرتق[4], والقرن [5], والعفل [6], والإفضاء [7], والبخر[8].)
والعيوب المشتركة، و هي : (الجنون , والجذام , والبرص , والعذيطة[9] والخناثة المشكلة[10] )(99/131)
وفي المذهب الشافعي يفرق بالعيوب التالية : (عيوب الرجال وهي : العنة , والجب) . وعيوب النساء وهي : (الرتق , والقرن ) والعيوب المشتركة، و هي : (الجنون , والجذام والبرص .)
وفي المذهب الحنبلي يفرق بالعيوب التالية : عيوب خاصة بالرجال ، وهي ( العنة , والجب .) و وعيوب خاصة بالنساء، و هي ( الفتق , والقرن , والعفل .) و وعيوب مشتركة ,و هي :( الجنون , والبرص , والجذام .)
فها أنت ترى أن ذهاب البصر بالكلية ( العمى) ليس عيبا موجبا للفسخ عند أحد من المذاهب الأربعة.
ولأن وراء هذه العيوب معايب أخرى قد تحول دون الاستمتاع بين الزوجين أو تمنع كمال الاستمتاع، أو تجعل الحياة نكدا وشقاء بدلا من أن تكون مودة ورحمة فقد ذهب بعض المحققين إلى رفض هذا التضييق في تعداد المعايب، ووسعوا الدائرة إلى كل ما من شأنه أن يمنع الاستمتاع الجنسي من أصله أو يمنع من كماله.
فقد جاء في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق – من علماء مصر- رحمه الله:-
إذا تبين أن الرجل غرر بالمرأة أو أن المرأة غررت بالرجل . مثال ذلك أن يتزوج الرجل المرأة وهو عقيم ، لا يولد له ولم تكن تعلم بعقمه ، فلها في هذه الحال حق نقض العقد وفسخه متى علمت ، إلا إذا اختارته زوجا لها ، ورضيت معاشرته . قال عمر رضي الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له ، أخبرها أنك عقيم وخيرها.
ومن صور التغرير أن يتزوجها على انه مستقيم ، ثم يتبين أنه فاسق ، فلها كذلك حق فسخ العقد ، أي تخييرها بين البقاء على العقد وبين فسخه .
ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية :إذا تزوج امرأة على أنها بكر فبانت ثيبا فله الفسخ ، وله أن يطالب بأرش الصداق - وهو تفاوت ما بين مهر البكر والثيب - وإذا فسخ قبل الدخول سقط المهر . وكذلك لا يكون العقد لازما إذا وجد الرجل بالمرأة عيبا ينفر من كمال الاستمتاع . كأن تكون مستحاضة دائما ، فان الاستحاضة عيب يثبت به فسخ النكاح ، وكذلك إذا وجد بها ما يمنع الوطء كانسداد الفرج .انتهى.
وتخريجا على هذا الاتجاه فإن ما فعلته زوجتك لا يسوغ لك فسخ النكاح ، حيث إن هذا المرض لا يمنع الاستمتاع الجنسي ولا كماله( أي الجماع) فإن الجماع يتم بصاحبة النظارة وغيرها على حد سواء ، والجماع سواء مع صاحبة النظارة أيا كان قدر ضعفه، أي أن الجماع لا يتأثر بضعف البصر لا في أصله ولا في كماله.
ولكنه يؤثر على أنواع الاستمتاعات الأخرى، فقد يحب الرجل أن يرى زوجته بدون نظارة ، وهذا يسهل مع من كان عيب بصره خفيفا، ويصعب مع من كانت صاحبة ( سالب 5) مع أن الليزر بإمكانه أن يحسم المسألة فضلا عن العدسات ، ولكن يبدو أن هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
وليس معنى هذا أنني أبريء زوجتك من الذنب ، فلو أن زوجتك كانت تعلم بأن ضعفها ( سالب 5) وأخبرتك أنه ( سالب 3) فقط فإن هذا معناه أنها غشتك وكذبت عليك،(99/132)
ولا أنصحك بالتعجل في طلاقها ؛ فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقا رضي منه آخر " والله عز وجل يقول " فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"
والحال لم يصل معك إلى كرهها ، فتبصر أمرك ، ودونك قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم .
فإن رأيت طلاقها فلها كل حقوقها من صداق وغيره، وحتى لو كانت غشتك فبمجرد دخولك بها فهذا يجعل لها المهر كاملا.
والله أعلم .
وللمزيد طالع :
فسخ النكاح بسبب التغرير وظهور الأمراض المنفرة
[1]- الجب : هو قطع الذكر.
[2]- العجز عن الجماع بسبب عدم القدرة على الانتصاب أو بسبب صغر الذكر .
[3]- العجز عن الجماع بسبب عدم القدرة على الانتصاب
[4]- الرتق : انسداد مسلك الذكر من الفرج بحيث لا يمكن معه الجماع إلا أنه إذا انسد بلحم أمكن علاجه وبعظم لم يمكن عادة.
[5]- القرن : شيء يبرز في فرج المرأة يشبه قرن الشاة يكون من لحم غالبا فيمكن علاجه وتارة يكون عظما فلا يمكن علاجه عادة.
[6]- لحم يبرز في فرج المرأة، ولا يسلم غالبا من رشح ، وقيل : إنه رغوة في الفرج تحدث عند الجماع.
[7]- الإفضاء : اختلاط مسلكي الذكر والبول وأولى منه اختلاط مسلكي الذكر والغائط.
[8]- البخر : نتن الفرج.
[9]- التغوط عند الجماع.
[10]- الخنثى المُشْكل : وهو الذي تختلط فيه علامات الذكورة والأنوثة فلا يعلم إن كان رجلاً أو امرأة
ـــــــــــــــــــ
مرض الإيدز وأثره في فسخ النكاح ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يمكن اعتبار مرض الإيدز من الموانع الشرعية التي تبيح فسخ العقد؟ وما الحكم فيما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
22/09/2005 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(99/133)
مرض الإيدز من الأمراض التي عاقب الله بها أصحاب الشذوذ وانتكاس الفطر السوية، والإيدز يدخل ضمن جملة الأمراض المعدية التي تستوجب فسخ النكاح بل هو أخطرها، فإذا كان هذا المرض قبل العقد فإن الطرف الآخر يملك فسخ النكاح ، وإن نشأ بعد العقد فالمسألة خلافية فمنهم من قال للمرأة الخلع ، وللزوج الطلاق . والرأي الثاني يثبت الفسخ مطلقا.
يقول الشيخ فهد اليحيى من علماء المملكة العربية السعودية:
لا ريب أن مرض الإيدز من أعظم العيوب التي يملك بها أحد الزوجين الفسخ، وإذا كان الفقهاء قد ذكروا جملة من العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح فإن كثيراً منها دون مرض الإيدز في الخطورة، لا سيما وأنه من الأمراض المعدية – نسأل الله السلامة منه-.
وعمدة الفقهاء في باب العيوب ما ثبت عن عمر –رضي الله عنه- في الموطأ من التفريق بالبرص والجنون والجذام روي عن عمر –رضي الله عنه- أنه قال:"أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً وذلك لزوجها غرم على وليها" والإيدز شبيه بالجذام بل هو أقبح وأخطر منه، ولكن مما ينبغي معرفته أن العيب الذي يملك به أحد الزوجين الفسخ حين يوجد في الآخر هو ما كان موجوداً قبل العقد لا بعده، فإن وجد العيب بعده فلا يملك أحد الزوجين الفسخ، وإنما للزوج الطلاق وللمرأة الخلع، هذا أحد القولين.
وفي المسألة قول آخر: أن العيب يثبت به الفسخ سواءً كان قبل العقد أو بعده، وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة.
فعلى القول الأول إن كان هذا المرض قد نشأ بعد العقد لأي سبب من الأسباب فلا يثبت به الفسخ.
وننبه هنا إلى أن الفسخ في هذه الحال يرجع إلى القاضي، وكثير من أهل العلم يجعل الفسخ في هذه الحال متوقفاً على حكمه ولا يملك أحد الزوجين مستقلاً ذلك.
وأما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به فله ذلك لأن الحق له، ومع ذلك فيجب أن يدرك من رضي به خطورته وأنه معدٍ وحينئذٍ فقد يقال بأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة.
والأمر الآخر أن هذا المرض إن كان ناشئاً عن علاقة محرمة فإن الرضا بمن فعل ذلك قبل أن يتوب ليس من سمات ذوي العفاف والإيمان.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إخبار المخطوبة خاطبها بأمراضها قبل الزواج ... العنوان
السلام عليكم، عمري 27 سنة، تقدم لي أحد الخطاب، ولكن عندي مرض (حمى البحر المتوسط) ، فلا أستطيع أن أعيش بدون أدوية إلا في فترة الحمل فيفرز الجسم بعض الإفرازات التي تقضي على المرض، فهل يتعين عليّ أن أخبر خطيبي بمرضي؟ ... السؤال
15/08/2004 ... التاريخ
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي(99/134)
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلابد أن يعلم كل من الرجل والمرأة بالعيوب والأمراض الموجودة عند الطرف الآخر قبل إتمام عقد الزواج حتى يكون على بينة من أمره ، وبعد ذلك هو بالخيار بين أن يتم الأمر، أو أن يعدل عنه .
يقول أد عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون-جامعة الأزهر:
بالنسبة للأخت السائلة، يجب عليها إخبار من يتقدم للزواج منها بحقيقة مرضها هذا؛ وذلك لأنه لو علم أن بها مرضا معينا فقد يدفعه هذا إلى الإعراض عنها، وإعلام الطرف الآخر بالحقيقة حضَّ عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد روي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "أنظرت إليها؟ قال: لا، قال اذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئا"، وهذا الشيء الذي في أعين الأنصار فسَّره بعض العلماء بالعمش.
ومعنى هذا أنه لا بد أن يعلم الخاطب جميع الأمراض الوراثية وغير الوراثية التي تتعلق بمخطوبته، وكذلك الحال بالنسبة للمخطوبة مع من يتقدم للزواج منها، وذلك تلافيا لما قد يحدث بعد عقد الزواج من انتهاء عقد الزوجية؛ بسبب اطلاع أحد الطرفين على ما لدى الطرف الأخر من أمراض أو علل.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
فسخ النكاح بسبب التغرير وظهور الأمراض المنفرة ... العنوان
متى يجوز للزوجة أن تطلب فسخ النكاح؟ ومتى يجوز ذلك للزوج؟ ... السؤال
08/06/2004 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
إذا غرر أحد الزوجين صاحبه، فتظاهر بشيء ليس فيه فللمغرور أن يطلب فسخ النكاح، وكذلك إذا كان بأحد الزوجين مرض منفر فأخفاه عن صاحبه فللطرف الآخر حق فسخ النكاح إذا لم يرض.
وكذلك إذا مرض أحد الزوجين مرضا منفرا يمنع من الاستمتاع والمؤانسة فللطرف الآخر حق فسخ النكاح إذا لم يرض بشرط أن يكون المرض لا علاج له، أو أن يكون المرض يحتاج إلى سنوات طوال حتى يبرأ.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن هذا الفسخ لا يثبت إلا في أمراض معينة فقط، ولكن الراجح هو أن ذلك يثبت في كل مرض منفر، وهذا ما رجحه ابن القيم، والشيخ سيد سابق – صاحب كتاب فقه السنة- وبه أخذ القانون المصري.(99/135)
ومعنى الفسخ هنا أن الزوجة إذا كانت هي التي غررت بالزوج فللزوج أن يسترد صداقه عند فراقها، وأما الزوجة فترفع أمرها للقضاء لتثبت صدق دعواها.
جاء في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق – من علماء مصر- رحمه الله:-
إذا تبين أن الرجل غرر بالمرأة أو أن المرأة غررت بالرجل . مثال ذلك أن يتزوج الرجل المرأة وهو عقيم ، لا يولد له ولم تكن تعلم بعقمه ، فلها في هذه الحال حق نقض العقد وفسخه متى علمت ، إلا إذا اختارته زوجا لها ، ورضيت معاشرته . قال عمر رضي الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له ، أخبرها أنك عقيم وخيرها.
ومن صور التغرير أن يتزوجها على انه مستقيم ، ثم يتبين أنه فاسق ، فلها كذلك حق فسخ العقد ، أي تخييرها بين البقاء على العقد وبين فسخه .
ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية : إذا تزوج امرأة على أنها بكر فبانت ثيبا فله الفسخ ، وله أن يطالب بأرش الصداق - وهو تفاوت ما بين مهر البكر والثيب - وإذا فسخ قبل الدخول سقط المهر . وكذلك لا يكون العقد لازما إذا وجد الرجل بالمرأة عيبا ينفر من كمال الاستمتاع . كأن تكون مستحاضة دائما ، فان الاستحاضة عيب يثبت به فسخ النكاح ، وكذلك إذا وجد بها ما يمنع الوطء كانسداد الفرج .
ومن العيوب التي تجيز للرجل فسخ العقد : الامراض المنفرة : مثل البرص والجنون والجذام ، وكما يثبت حق الفسخ للرجل فكذلك يثبت للمرأة إذا كان الرجل أبرص ، أو كان مجنونا أو مجذوما أو مجبوبا - المقطوع الذكر- أو عنينا - الذي لا يصل إلى النساء من الارتخاء- أوصغيرا .
و الحياة الزوجية التي بنيت على السكن والمودة والرحمة لا يمكن أن تتحقق وتستقر مادام هناك شئ من العيوب والأمراض ينفر أحد الزوجين من الآخر . فإن العيوب والأمراض المنفرة لا يتحقق معها المقصود من النكاح . ولهذا أذن الشارع بتخيير الزوجين في قبول الزواج أو رفضه .
وللإمام ابن القيم تحقيق جدير بالنظر والاعتبار قال :
فالعمى ، والخرس والطرش ، وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو أحدهما ، أو كون الرجل كذلك ، من أعظم المنفرات ، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش ، وهو مناف للدين . وقد قال أمير المؤمنين ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له : ( أخبرها أنك عقيم وخيرها ) .
قال : والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة ، يوجب الخيار ، وهو أولى من البيع ، كما أن الشروط المشروطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع . وما ألزم الله ورسوله مغرورا قط ، ولا مغبونا بما غر وغبن به . ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره ، وموارده ، وعدله وحكمته ، وما اشتمل عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة . انتهى كلام ابن القيم .
وذهب أبو محمد بن حزم إلى أن الزوج إذا شرط السلامة من العيوب فوجد أي عيب كان ، فالنكاح باطل من أصله غير منعقد ، ولا خيار له فيه ، ولا إجازة ، ولا(99/136)
نفقة ، ولا ميراث . قلت : إن التي أدخلت عليه غير التي تزوج ، إذ السالمة غير المعيبة بلا شك ، فإذا لم يتزوجها فلا زوجية بينهما .
ما جرى عليه العمل بالمحاكم :
قد جرى العمل الآن بالمحاكم حسب ما جاء بالمادة التاسعة من قانون سنة 1920 . " أنه يثبت للمرأة هذا الحق إذا كان العيب مستحكما لا يمكن البرء منه ، أو يمكن بعد زمن ، ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر أيا كان هذا العيب ، كالجنون ، والجذام والبرص ، سواء أكان ذلك بالزوج قبل العقد ولم تعلم به ، أم حدث بعد العقد ولم ترض به ، فان تزوجته عالمة بالعيب ، أو حدث العيب بعد العقد ، ورضيت صراحة أو دلالة بعد علمها ، فلا يجوز طلب التفريق ، واعتبر التفريق في هذا الحال طلاقا بائنا ، ويستعان بأهل الخبرة في معرفة العيب ومداه من الضرر .
انتهى من كتاب فقه السنة مع التصرف.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
اشتراط الفحص الطبي قبل الزواج ... العنوان
أريد أن أتقدم لخطبة فتاة ولكن يوجد في عائلتها أمراض وراثية فهل يجوز لي أن أشترط عليها إجراء الفحص الطبي قبل أن أدخل في إجراءات الخطبة؟ ... السؤال
12/06/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فلا حرج في أن اشتراط الفحص الطبي قبل الزواج فهو يحقق مصالح مشروعة للفرد وللأسرة وللمجتمع، ولكن ينبغي أن يكون بشكل اختياري ولا يجوز إجبار أحد عليه، وهذا ما أفتى به فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-يقول فضيلته:
لا بأس بأن يشترط هذا الشخص على الفتاة التي سيتقدم إليها أن تقوم بإجراء فحص طبي نظراً لوجود أمراض وراثية في عائلتها، وكذلك لا مانع من إجراء الفحص الطبي قبل الزواج بشكل عام لمن يرغبون في الزواج، ولكني لا أرى أن يلزم كل من يريد الزواج بإجراء فحص طبي، وإنما يبقى الأمر اختياراً لا إجبار فيه لا بقانون ولا بغيره.
قال د. محمد علي البار في كتابه الجنين المشوه والأمراض الوراثية:
[ولا يوجد ما يمنع من إجراء فحص للراغبين في الزواج يثبت خلوهما من الأمراض المعدية، والعيوب الوراثية الظاهرة، أو الموجودة في تاريخ الأسرة، ولابد على الأقل من التأكد من عدم وجود مرض من أمراض الزنا، أو اللواط لدى أحد الخاطبين، وإن كان هناك مرض تم معالجته قبل عقد الزوجية. وهناك باب جديد في الطب يسمى الاستشارة الوراثية وقد بدأ في الظهور في الدول الغربية].
والفحص الطبي قبل الزواج مشروع ويدل على ذلك الأدلة العامة الآمرة بالتداوي ومعروف أن الفحص الطبي قبل الزواج من باب الوقاية والوقاية خير من العلاج.(99/137)
ومن المعلوم أيضاً أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية طلب الأولاد ومقصود أيضاً أن تكون الذرية صالحة جسمانياً ومعنوياً ولا تكون الذرية كذلك إلا إذا كانت خالية من الأمراض وخاصة الوراثية ، قال الله تعالى على لسان زكريا عليه السلام :( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) سورة آل عمران الآية 38 . ودعا المؤمنون ربهم قائلين :( هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) سورة الفرقان الآية 74 . ولا تكون الذرية قرة أعين وذرية طيبة إذا كانت ذرية مشوهة الخلقة أو ناقصة الأعضاء أو متخلفة عقلياً .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم من أراد الزواج أن يحسن اختيار الزوجة فقد ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم) رواه ابن ماجة وقال الشيخ الألباني ، حديث حسن ، كما في صحيح سنن ابن ماجة 1/333.
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا الودود الولود) رواه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم وسئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ما حق الولد على أبيه ؟ قال : أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه القرآن).
وهذا الانتقاء للزوجة يشمل الصفات الخلقية، والمعنوية، ويتفق مع قول النبي صلى الله عليه وسلم :( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) رواه البخاري ومسلم.
ومما يدل على جواز الفحص الطبي قبل الزواج للذكر والأنثى على حد سواء قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا توردوا الممرض على المصح) رواه البخاري ومسلم.
وكذلك فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة: (أن رجلاً خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) رواه مسلم، فهذا الحديث يدل على أنه ينبغي للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته لئلا يكون فيها عيوب.
ومما يؤيد الفحص الطبي قبل الزواج أن الفقهاء أجازوا للزوج أن يفسخ الزواج لوجود عيب جنسي في زوجته يمنع من الوصول إليها.
وكذلك أجاز الفقهاء للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به علة تحول دون دخوله بها.
فيمكن بواسطة الفحص الطبي أن يجتنب الزوجان الوصول للفراق بسبب العيوب الجسمية فيجريان فحصاً طبياً قبل الزواج وهذا خير من الزواج ثم اكتشاف العيوب التي تجيز الفسخ، أو طلب التفريق بينهما، فيفترقان، ويقعان في المشكلات الاجتماعية والمالية .
وخلاصة الأمر أن الفحص الطبي قبل الزواج يحقق مصالح مشروعة للفرد وللأسرة وللمجتمع ويدرأ مفاسد اجتماعية وخسائر مالية فلا مانع منه على أن يكون بشكل اختياري وليس إجبارياً.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
صرع الزوجة وأثره(99/138)
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
28 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 13 مايو 1980 م
المبادئ
1 - طلب فسخ عقد الزواج عند وجود عيب بأحد الزوجين غير جائز عند الظاهريه .
سواء كان قبل العقد أو بعده . 2 - ظهور عيوب مرضية محددة بالرجل تجيز للمرأة طلب التفريق عند فقهاء المذهب الحنفى - ويرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أن الرجل والمرأة فى طلب التفريق سواء .
3 - وجود عيب بالزوجة بعد الدخول بها ولم يكن يعلمه الزوج قبل العقد ولم يرض به يجيز له الرجوع بالمهر على من غره - فى الصحيح عند الحنابله وبه قال مالك والشافعى فى القديم - ويرى أبو حنيفة والشافعى فى الجديد عدم الرجوع بشىء بعد الدخول على أحد .
4 - أرجح الأقوال فى فقه المذهب الحنفى أنه لا يجوز للرجل طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا ولا الرجوع بشىء من المهر على أحد - وبه أخذ القانون
السؤال
بالطلب المقيد برقم 360 سنة 1979 المتضمن أن ابن السائل تزوج بامرأة، وبعد دخوله بها فوجىء بأنها مصابة بمرض الصرع، وتكررت نوبات الصرع بكثرة، واتضح للزوج المذكور أن أهل زوجته أخفوا عنه هذه الحقيقة التى كانوا يعرفونها قبل زواجه بها حتى تم عقد القران والدخول .
وبعد حملها منه أجهضت . وقرر الأطباء أن سبب الإجهاض إصابتها بهذا المرض، وأنها ستتعرض لذلك دائما ، وأنها لو فرض وحملت مستقبلا فستضع جنينا مشوها .
وطلب السائل بيان حكم الشرع فى هذا الزواج ومدى مسئولية والدها من الناحية القانونية والشرعية بسبب إخفائه هذه الحقيقة .
وما هى حقوق الزوج فى هذا الموضوع
الجواب
إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة آراء الأول أنه لاخيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية . الثانى أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة، ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد .
غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب، بينما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب(99/139)
العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة، وإن اختلف هؤلاء أيضا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيتها .
الرأى الثالث يجيز طلب التفريق مطلقا بأى عيب جسدى أو مرضى، ولأى من الزوجين هذا الحق .
وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور .
وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج- 4 ص 58، 59 .
هذا والصحيح فى مذهب الإمام احمد بن حنبل - كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج- 7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره، وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الإمام مالك والإمام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة اعتدادا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب، وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد لا يرجع الزوج بشىء على أحد، لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه استنادا إلى قول سيدنا على ابن أبى طالب فى هذه الواقعة .
ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لاحق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا من العيوب التى تجيز الفسخ اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق إذا يئس من علاجها لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة، وذلك لايمنع منه ظهور أنها مصابة بالجنون أو بالصرع، كما أنه ليس للزوج الرجوع عليها أو على وليها بشىء إذا ظهر بها عيب .
لما كان ذلك لم يكن لابن السائل فى هذه الواقعة أى حق قبل زوجته أو أحد من أوليائها بسبب ظهور هذا المرض بها، وليس له إلا أن يصبر على معاشرتها أو يفارقها بطلاق، وفى هذه الحالة تكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على الطلاق .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
طلب الطلاق من الزوج العقيم ... العنوان
ثبت لدى الأطباء أن زوجي عقيم لا ينجب وقد مضى على زواجهما سنوات ولي رغبة شديدة في الأولاد فهل يحق لي طلب الطلاق من زوجي ؟ ... السؤال
15/03/2003 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالرغبة في الولد حق مكفول للرجل والمرأة على السواء، فإذا كانت الزوجة عقيما فللزوج أن يتزوج بأخرى حتى يتحقق له ما يريد، وإذا كان الزوج عقيما فللزوجة(99/140)
أن تطلب الطلاق، وإن امتنع الزوج عن طلاقها فلها أن ترفع أمرها للقاضي ليطلقها، وعلى المرأة ألا تتعجل في ذلك بل تصبر حتى يأخذ الزوج بأسباب العلاج.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها أن يطلقها إن ثبت أنه عقيم لا ينجب، وتم التأكد من ذلك، وإذا رفض الزوج أن يطلقها فللمرأة أن ترفع الأمر إلى القاضي الذي يحكم بالتفريق بينهما، وهذا أرجح أقوال الفقهاء في المسألة؛ لأن العقم من العيوب التي لا تتم معه مقاصد الزواج على وجه الكمال؛ لأن المرأة لها الحق في الأولاد، ولها رغبة أكيدة أن تكون أماً،
فلذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل تزوج وهو خصي: أأعلمتها أنك عقيم ، قال : لا ، قال : فانطلق فأعلمها ثم خيرها ، رواه عبد الرزاق في المصنف ورجاله ثقات.
فعمر رضي الله عنه جعل الخيار للمرأة، فإن قبلت بعقم زوجها فبها ونعمت وإن لم تقبل، فلها الحق في طلب الطلاق منه.
ومع كل ما تقدم للمرأة أن لا تتعجل في طلب الطلاق من زوجها الذي لا ينجب، وعلى الزوج أن يسعى في العلاج، وخاصة في هذا الزمان الذي تقدم فيه علم الطب كثيراً وخاصة فيما يتعلق بعلاج العقم، وحبذا لو رضيت هذه الزوجة بما قسم الله لها ورضيت بزوجها العقيم لأن لله حكمه في ذلك يقول الله تعالى: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) سورة الشورى 49-50 ، وإن لم تتقبل نفسها ذلك فلها الحق في طلب الطلاق كما أسلفت .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
اكتشاف الزوج عيبا فى زوجته بعد الدخول بها
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
9 يناير سنة 1984م
المبادئ
1- يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل أو المرأة وأن اختلفوا فى تحديد هذه العيوب .
2- فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بيئتهم فى هذه العيوب .
3- الراجح فى المذهب الحنفى أنه لاحق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق اذا يئس من علاجها وهو المعمول به قضاء .(99/141)
4- المنصوص عليه شرعا أن عقد الزواج متى استوفى أركانه وشروطه انعقد صحيحا شرعا مستتبعا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر .
5- لا تتوقف صحة عقد الزواج على صلاحية الزوجة للوطء .
6- ليس للزوج فى هذه الحالة سوى أن يعاشرها بالمعروف أو يفارقها بالطلاق ويكون لها جميع حقوقها المترتبة على الطلاق
السؤال
من السيد المستشار / م ع بطلبه قال أرجو التفضل بالافتاء فى حالة الزوجة الرتقاء التى لم يكن الزوج يعلم بحالتها عند زواجه بها .
وهل يترتب على هذه الحالة بعد كشفها بطلان عقد الزواج بما يستتبع ذلك من عدم ترتب الآثار التى تترتب على العقد الصحيح فلا تستحق نفقة أو مؤخر صداق أو غير ذلك
الجواب
إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين .
فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة أراء : الأول - أنه لا خيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده .
وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية . الثانى - أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة .
ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد - غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب .
بينهما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة .
وأن اختلف هؤلاء أيضا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيته .
الرأى الثالث - يجيز طلب التفريق مطلقا بأى عيب جسدى أو مرضى .
ولأى من الزوجين هذا الحق وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج 4 ص 58، 59 هذا والصحيح فى مذهب الامام أحمد بن حنبل كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج 7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره - وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الامام مالك والامام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة .
اعتدادا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد .
لا يرجع الزوج بشىء على أحد .(99/142)
لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه - استنادا الى قول سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه فى هذه الواقعة ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الامام أبى حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لا حق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق اذا يئس من علاجها .
لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة .
ففى فتح القدير ج 3 ص 268 وما بعدها . واذا كان بالزوجة عيب .
أى عيب كان . فلا خيار للزوج فى فسخ النكاح .
وذلك لأن فوت الاستيفاء بالكلية بالموت لا يوجب الفسخ حتى لا يسقط شىء من مهرها فاختلاله بهذه العيوب أولى .
وهذا لأن الاستيفاء من الثمرات .
وفوت الثمرة لا يؤثر فى العقد إلا ترى أنه لو لم يستوف لبخر أو ذفر أو قروح فاحشة لم يكن له حق الفسخ .
وانما المستحق هو التمكن . وهو حاصل بالشق أو الفتق - انتهى .
وفى فقه المذاهب الأربعة ج 4 ص 189 طبعة ثانية ( لا خيار للرجل بوجود عيب فى بضع المرأة من رتق أو نحوه .
ولكن له الحق فى اجبارها على ازالته بجراحة وعلاج كما انه اذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق فى هذه الحالة .
لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع . وفى فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها ) - انتهى - لما كان ذلك وكان المنصوص عليه شرعا أن عقد الزواج متى صدر مستوفيا أركانه وشروطه الشرعية المبسوطة فى كتب الفقه انعقد صحيحا شرعا مستتبعا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر ولا تتوقف صحته على صلاحية الزوجة للوطء .
كان عقد الزواج المسئول عنه قد انعقد صحيحا .
وترتبت عليه كل الآثار وإنما اكتشفه الزوج بزوجته من رتق وليس له إلا أن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بطلاق اذا يئس من علاجها .
وبالتالى يكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على هذا الطلاق ومنها مؤخر الصداق .
وبذا يكون قد علم الجواب عن السؤال . والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
عقم الزوجة والزوج
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة(99/143)
السؤال
بعد أن تزوجت وتأخر حمل الزوجة عدة سنوات عرضتها على الأطباء المختصين فقرروا أنها لن تنجب لوجود عيب خلقى يمنع الإنجاب فهل عقد الزواج صحيح وهل ينفسخ بعد ظهور العيب أو لا ينفسخ ؟ وما الحكم إذا ظهر أن الزوج لا يستطيع الإنجاب ؟
الجواب
لقد تحدث الفقهاء عن العيوب التى تعطى الزوج الحق فى فسخ النكاح ومنها البرص والجذام والجنون والرتق - أى انسداد مدخل الذكر من الفرج -والقرن شىء يبرز فى الفرج كقرن الشاة أو غدة تمنع المخالطة . وقال بذلك الأئمة الثلاثة دون أبى حنيفة .
واتفق الفقهاء على أن عقم المرأة وعدم إنجابها ليس عيبا فيها يمنع استمتاع الزوج بها ، فليس له خيار الفسخ لأن الإنجاب يرجع إلى إرادة الله سبحانه . ؟ ومن هنا لا ينفسخ العقد بظهور عدم إنجاب الزوجة . ولكن له الحق فى طلاقها وتترتب أحكام الطلاق فى هذه الحالة ، كأية حالة أخرى ، فما دام الزوج قد دخل بها فلو طلقها كان لها مؤخر الصداق ، ونفقة العدة وليس له أن يلزمها بإبرائه أو التنازل عن شىء من حقوقها إلا إذا طلبت هى الطلاق فيمكن التفاهم على ما تتنازل عنه ، وهذا ما يجرى عليه العمل فى المحاكم المصرية طبقا للقانون رقم 78 لسنة 1931 م .
وإذا ظهر أن بالزوج عيبا يمنع الإنجاب . كأن كان مجبوبا -أى مقطوع الذكر-أو عنينا - أى غير قادر على الجماع لضعف خلقى أو كبر السن مثلا-أو خصيا-أى مقطوع الخصيتين -فللزوجة أن ترفع الأمر إلى القضاء لطلب التفريق بينه وبينها ، وإذا ثبت ذلك عند القاضى بأى طريق من طرق الإثبات أمر الزوج بتطليقها ، فإن لم يطلقها ناب عنه القاضى فى تطليقها منعا للضرر الذى يلحقها -وهذا الطلاق يكون بائنا بينونة صغرى .
لكن التفريق مشروط بعدم علمها بحالته قبل الزواج ، وبألا يوجد منها ما يفيد رضاها بالمكث معه بعد الزواج والعلم بحاله .
والتفريق بسبب الجب فى الحال لا يحتاج إلى ضرب أجل ، وبسبب العنة يمهل الزوج سنة لعله يقوى بالعلاج أو بغيره على الجماع ،وبسبب الخصاء يمهل الزوج سنة . والتفريق بسبب الجب والعنة والخصاء يعتبر طلاقا عند الحنفية والمالكية وأكثر العلماء .
هذا وإذا فرق بين الزوجة وزوجها العنين أو الخصى وكان قد خلا بها ، فإنها تستحق جميع المهر، لأنها خلوة صحيحة وعليها العدة للاحتياط ، وإذا كان مجبوبا وخلا بزوجته ثم فرق بينهما كان لها جميع المهر أيضا عند أبى حنيفة، ولها نصفه عند أبى يوسف ومحمد صاحبيه ، وعليها العدة باتفاق الجميع بذلك للاحتياط . "الأحوال الشخصية للشيخ عبد الرحمن تاج ص 347 - 350 "
-ـــــــــــــــــــ
طلب فسخ النكاح بسبب عقم الزوج ... العنوان
هل يجوز للمرأة طلب فسخ النكاح إذا كان زوجها عقيما ؟(99/144)
... السؤال
03/03/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية
اتفق جمهور الفقهاء على أن العقم ليس عيبا يثبت به خيار
طلب فسخ عقد النكاح إذا وجده أحد الزوجين في الآخر , قال ابن قدامة : لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا , إلا أن الحسن قال : إذا وجد أحد الزوجين الآخر عقيما يخير , وأحب أحمد تبيين أمره وقال : عسى امرأته تريد الولد , وهذا في ابتداء النكاح فأما الفسخ فلا يثبت به ولو ثبت به لثبت بالآيسة _أى التى بلغت سن الياس ـ ; ولأن العقم لا يعلم , فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب ثم يولد له وهو شيخ , ولكن يستحب لمن فيه العقم أن يعلم الآخر قبل العقد , ولا يجب عليه ذلك .
وقال ابن القيم : إن كل عيب ينفر أحد الزوجين من الآخر , ولا يحصل مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الفسخ .
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر
لقد تحدث الفقهاء عن العيوب التي تعطي الزوج الحق في فسخ النكاح ومنها البرص والجذام والجنون والرتق ـ أي انسداد مدخل الذكر من الفرج ـ والقرن شيء يبرز في الفرج كقرن الشاة أو غدة تمنع المخالطة. وقال بذلك الأئمة الثلاثة دون أبي حنيفة، واتفق الفقهاء على أن عُقم المرأة وعدم إنجابها ليس عيبًا فيما يمنع استمتاع الزوج بها، فليس له خيار الفسخ؛ لأن الإنجاب يرجع إلى إرادة الله سبحانه.
ومن هنا لا ينفسخ العقد بظهور عدم إنجاب الزوْجة. ولكن له الحق في طلاقها وتترتب أحكام الطلاق في هذه الحالة، كأية حالة أخرى، فما دام الزوْج قد دخل بها فلو طلَّقها كان لها مُؤخر الصداق، ونَفَقَة العِدة، وليس له أن يلزمها بإبرائه أو التنازل عن شيء من حقوقها إلا إذا طلبت هي الطلاق فيُمكن التفاهم على ما تتنازل عنه، وهذا ما يجري عليه العمل في المحاكم المصرية طبقًا للقانون رقم 78 لسنة 1931م.
وإذا ظهر أن بالزوج عيبًا يمنع الإنجاب. كأن كان مجبوبًا ـ أي مقطوع الذكر ـ أو عنينا ـ أي غير قادر على الجماع لضعف خلقي أو كبر السن مثلاً ـ أو خصيًّا ـ أي مقطوع الخصيتين ـ فللزوجة أن ترفع الأمر إلى القضاء لطلب التفريق بينه وبينها، وإذا ثبت ذلك عند القاضي بأي طريق من طرق الإثبات أمر الزوج بتطليقها، فإن لم يطلقها ناب عنه القاضي في تطليقها منعًا للضرر الذي يلحقها ـ وهذا الطلاق يكون بائنًا بينونة صغرى.
لكن التفريق مشروط بعدم علمها بحالته قبل الزواج، وبألا يُوجد منها ما يفيد رضاها بالمُكث معه بعد الزواج والعِلم بحاله.(99/145)
والتفريق بسبب الجب في الحال لا يحتاج إلى ضرب أجل، وبسبب العنَّة يُمهل الزوج سنة لعله يقوى بالعلاج أو بغيره على الجماع، وبسبب الخصاء يُمهل الزوج سنة. والتفريق بسبب الجب والعنة والخصاء يعتبر طلاقًا عند الحنفية والمالكية وأكثر العلماء.
هذا. وإذا فُرِّقَ بين الزوجة وزوجها العنين أو الخَصي وكان قد خلا بها، فإنها تستحق جميع المهر؛ لأنها خلوة صحيحة وعليها العِدة للاحتياط، وإذا كان مجبوبًا وخلا بزوجته ثم فُرِّقَ بينهما كان لها جميع المَهْر أيضًا عند أبي حنيفة، ولها نصفه عند أبي يوسف ومحمد صاحبيه، وعليها العِدة باتفاق الجميع بذلك للاحتياط
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الإخبار بالعيوب الجسدية قبل الزواج ... العنوان
من المسلم به أن الارتباط عند الزواج يقوم على المصارحة، وأن يعرف كل طرف ما يجب أن يعرفه عن الآخر؛ حتى لا يقع المحظور وتكون هناك شبهة غش أو خداع، ولكن هناك بعض الأشياء في الجسد لا تكون ظاهرة فهل يتحتم شرعا الكشف عنها أو التعريف بها قبل الارتباط حتى لو كانت بسيطة وليست بذات أهمية كوجود وحمة في الرجل؟ ... السؤال
17/09/2002 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن العيوب التي لها تأثير على الرغبة والعلاقة بين الخاطبين يجب الإخبار بها ، وأما العيوب اليسيرة التي لا تؤثر على القيام بحق الزوجية ، ولا على رغبة الطرف الآخر والتي لو علم بها لا يتغير رأيه؛ فلا يجب الإخبار به، ولكن الأولى على كل حال المصارحة التامة،فالصدق خير وفيه النجاة.
يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور، الأستاذ بجامعة الأزهر:
عن أسماء رضي الله عنها أن امراة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة (مرض الحمي) فتمزق شعرها، وإني زوجتها أفَأصِلُ فيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الواصلة والموصولة" وفي رواية" "الواصلة والمستوصلة".
فهذا الحديث وأمثاله أصل في بيان الحقائق تجاه الزوج؛ حتى إذا ما أقدم على أمر كان على علم به فقد لا يروق له أن يتزوج فتاة سقط شعرها وتساقط فأوهمته أنها من ذوات الشعر الحسن حين وصلت شعرها بشعر آخر، فإذا ما علم كان له الخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل.
ولعل هذا الذي في رجلك مشوها لها، فإن كان كذلك فعليك حينذاك أن تخبريه وأن تصارحيه، ولعله يقدر فيك هذه الصراحة وهذا الخلق الرفيع فتتوثق العلاقة بينكما،(99/146)
أما إذا كان ما تذكرين ليس النوع المشوه في رجلك فلا حرج عليك إذا لم تذكري له هذا والله يقدر لك الخير حيث كان وهو الموقف والهادي إلى سوءا السبيل.( انتهى).
ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
يجب على المخطوبة إخبار من يتقدم للزواج منها بحقيقة مرضها إذا كانت مريضة؛ وذلك لأنه لو علم أن بها مرضا معينا فقد يدفعه هذا إلى الإعراض عنها، وإعلام الطرف الآخر بالحقيقة حضَّ عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد روي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "أنظرت إليها؟ قال: لا، قال اذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئا"، وهذا الشيء الذي في أعين الأنصار فسَّره بعض العلماء بالعمش.
ومعنى هذا أنه لا بد أن يعلم الخاطب جميع الأمراض الوراثية وغير الوراثية التي تتعلق بمخطوبته، وكذلك الحال بالنسبة للمخطوبة مع من يتقدم للزواج منها، وذلك تلافيا لما قد يحدث بعد عقد الزواج من انتهاء عقد الزوجية؛ بسبب اطلاع أحد الطرفين على ما لدى الطرف الأخر من أمراض أو علل.(انتهى).
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إعلام الخاطب مخطوبته بالعيوب الخلقية ... العنوان
هل يجب على الخاطب أن يخبر المخطوبة بأنه ليس لديه إلا خصية واحدة ؟
... السؤال
12/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
نقول للسائل الكريم إن العيوب الخلقية قسمان :
قسم يؤثر في هيئة الشخص كأن يكون دميم الوجه أو أصلع الرأس أو أعور العين أو غير ذلك من هذه العيوب الخلقية الظاهرة وهذه العيوب لابد أن يعلم بها الخاطب قبل إتمام عقد الزواج حتى يكون على بينة من أمره وهو بالخيار بين أن يستمر في هذه الخطبة راضيا بهذه العيوب التي لا دخل للإنسان فيها ومغلبا الصفات الأخلاقية التي تكون بلا شك أهم من هذه العيوب وبين أن يرفض الاستمرار في هذه الخطبة وهذا من حق الرجل وحق المرأة على السواء0
وقسم لا يؤثر في الخلقة فهو من العيوب الباطنة كأن يكون الرجل بخصية واحدة أو يكون مريضا بمرض من الأمراض الباطنة التي لا تعرف إلا بالفحص الطبي وقد يكون لهذا العيب أثر على الإنجاب أو على الصحة العامة وقد لا يؤثر هذا علي الإنجاب أو على الصحة العامة
فإن كان هذا العيب الباطن لا يؤثر على الإنجاب ولا على الصحة العامة فليس من الضروري أن يخبر الخاطب الطرف الآخر أما إن كان له تأثير على الإنجاب أو غيره فلا بد من الإخبار حتي يكون كل طرف علي بينة من أمره ويسير في هذا العقد دون غرر أو تلبيس0(99/147)
يقول فضيلة الشيخ الدكتور حسن عيسى عبد الظاهر أستاذ الشريعة بكلية الشريعة جامعة قطر
عليك أن ترجع إلى الفحص والتحاليل الطبية لمعرفة مدى صلاحية الخصية الموجودة والقيام بوظيفتها فإن بدت صالحة وتؤدي وظيفتها على وجه لا يؤثر ولا يعوق عملية الإنجاب فلا داعي لإخبار المخطوبة بذلك 0
أما إذا كانت نتيجة الفحص والتحاليل الطبية تثبت أن فقدانك للخصية الثانية له تأثير على الحيوانات المنوية وعائق عن الإنجاب مستقبلا فحينذاك لابد من إخبار مخطوبتك وتخييرها بين القبول وعدمه 0
فقد أتى عمر بن الخطاب رجل عقيم وأخبره أنه خطب امرأة ولم يخبرها بأنه عقيم فأمره عمر أن يخبرها ويخيرها
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
اكتشاف الزوج عيبًا فى زوجته بعد الدخول بها . ... العنوان
ما الحكم في من تزوج امرأة وبعد الدخول بها اكتشف مرضها بأمراض خبيثة ؛هل يترتب على هذه الحالة بطلان عقد الزواج ؟ وإن طلقت هل تستحق نفقة أو مؤخر صداق أو غير ذلك؟
... السؤال
25/09/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين .
فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاءً أم لا يجوز ؟
اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة أراء :
الأول - أنه لا خيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبًا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده .
وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية .
الثانى - أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة .
ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد - غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب .
بينهما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل أوالمرأة .
وإن اختلف هؤلاء أيضًا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيته .
الرأى الثالث - يجيز طلب التفريق مطلقًا بأى عيب جسدى أو مرضى .(99/148)
ولأى من الزوجين هذا الحق وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج 4 ص 58، 59
هذا والصحيح فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج 7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبًا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره - وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الامام مالك والامام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة .
اعتدادًا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد .
لا يرجع الزوج بشىء على أحد .
لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه - استنادًا إلى قول سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه فى هذه الواقعة ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لا حق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبًا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق إذا يئس من علاجها .
لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة .
ففى فتح القدير ج 3 ص 268 وما بعدها . وإذا كان بالزوجة عيب .
أى عيب كان . فلا خيار للزوج فى فسخ النكاح .
وذلك لأن فوت الاستيفاء بالكلية بالموت لا يوجب الفسخ حتى لا يسقط شىء من مهرها فاختلاله بهذه العيوب أولى .
وهذا لأن الاستيفاء من الثمرات .
وفوت الثمرة لا يؤثر فى العقد ألا ترى أنه لو لم يستوف لبخر أو ذفر أو قروح فاحشة لم يكن له حق الفسخ .
وإنما المستحق هو التمكن . وهو حاصل بالشق أو الفتق - انتهى .
وفى فقه المذاهب الأربعة ج 4 ص 189 طبعة ثانية ( لا خيار للرجل بوجود عيب فى بضع المرأة من رتق أو نحوه .
ولكن له الحق فى إجبارها على إزالته بجراحة وعلاج كما أنه إذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق فى هذه الحالة .
لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع . وفى فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها ) - انتهى -
لما كان ذلك وكان المنصوص عليه شرعًا أن عقد الزواج متى صدر مستوفيًا أركانه وشروطه الشرعية المبسوطة فى كتب الفقه انعقد صحيحًا شرعًا مستتبعًا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر ولا تتوقف صحته على صلاحية الزوجة للوطء .
كان عقد الزواج المسئول عنه قد انعقد صحيحًا .
وترتبت عليه كل الآثار وإنما اكتشفه الزوج بزوجته من رتق وليس له إلا أن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بطلاق إذا يئس من علاجها .(99/149)
وبالتالى يكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على هذا الطلاق ومنها مؤخر الصداق .
وبذا يكون قد علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم .
الكفاءة فى الزواج :شروطها وحقيقتها ... العنوان
هل الكفاءة شرط فى صحة عقد الزواج ؟ وماهى حقيقتها ؟ ... السؤال
19/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الكفاءة في الزواج
تعريفها:
الكفاءة: هي المساواة، والمماثلة، والكفء والكفاء: المثيل والنظير. والمقصود بها في باب الزواج أن يكون الزوج كفوءًا لزوجته. أي مساويًا لها في المنزلة، ونظيرًا لها في المركز الاجتماعي، والمستوى الخلقي والمالي. وما من شك في أنه كلما كانت منزلة الرجل مساوية لمنزلة المرأة، كان ذلك ادعى لنجاح الحياة الزوجية، واحفظ لها من الفشل والإخفاق.
حكمه:
ولكن ما حكم هذه الكفاءة؟ وما مدى اعتبارها؟
أما ابن حزم، فذهب إلى عدم اعتبار هذه الكفاءة. فقال: "أي مسلم –ما لم يكن زانيًا- فله الحق في أن يتزوج أية مسلمة، ما لم تكن زانية".
قال: وأهل الإسلام كلهم إخوة لا يحرم على ابن من زنجية لغية (غير معروفة النسب ) نكاح لابنة الخليفة الهاشمي.. والفاسق المسلم الذي بلغ الغيبة من الفسق –ما لم يكن زانيًا- كفء للمسلمة الفاسقة ما لم تكن زانية.
قال: والحجة قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) وقوله: عز وجل –مخاطبًا جميع المسلمين.. (فانكحوا ما طاب لكم من النساء..). وذكر –عز وجل- ما حرم علينا من النساء، ثم قال سبحانه: (وأحل لكم ما وراء ذلكم). وقد أنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب أم المؤمنين زيدًا مولاه.. وأنكح المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب. قال: وأما قولنا في الفاسق والفاسقة فيلزم من خالفنا ألا يجيز للفاسق أن ينكح إلا فاسقة، وأن لا يجيز للفاسقة أن ينكحها إلا فاسق.. وهذا لا يقوله أحد.. وقد قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) وقال سبحانه: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض).
اعتبار الكفاءة بالاستقامة والخلق:
وذهب جماعة إلى أن الكفاءة معتبرة، ولكن اعتبارها بالاستقامة والخلق خاصة، فلا اعتبار لنسب، ولا لصناعة، ولا لغنى، ولا لشيء آخر.. فيجوز للرجل الصالح الذي لا نسب له أن يتزوج المرأة النسبية، ولصاحب الحرفة الدنيئة أن يتزوج المرأة الرفيعة القدر، ولمن لا جاه له أن يتزوج صاحبة الجاه والشهرة، وللفقير أن يتزوج(99/150)
الثرية الغنية – ما دام مسلمًا عفيفًا- وأنه ليس لأحد من الأولياء الاعتراض، ولا طلب التفريق. وإن كان غير مستوفي الدرجة مع الولي الذي تولى العقد ما دام الزواج كان عن رضي منها، فإذا لم يتوفر شرط الاستقامة عند الرجل فلا يكن كفوءًا للمرأة الصالحة.. ولها الحق في طلب فسخ العقد إذا كانت بكرًا وأجبرها أبوها على الزواج من الفاسق. "وفي بداية المجتهد: ولم يختلف المذهب –المالكية- أن البكر إذا زوجها الأب من شارب الخمر، وبالجملة من فاسق، إن لها أن تمنع نفسها من النكاح، وينظر الحاكم في ذلك. فيفرق بينهما، وكذلك إذا زوجها ممن ماله حرام، أو ممن هو كثير الحلف بالطلاق". واستدل أصحاب هذا المذهب بما يأتي:
1 - أن الله تعالى قال: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). ففي هذه الآية تقرير أن الناس متساوون في الخلق، وفي القيمة الإنسانية، وأنه لا أحد أكرم من أحد إلا من حيث تقوى الله –عز وجل- بأداء حق الله وحق الناس.
2 - وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي حاتم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.. قالوا يا رسول الله وإن كان فيه. قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه – ثلاث مرات".
ففي هذا الحديث توجيه الخطاب إلى الأولياء أن يزوجوا مولياتهم من يخطبهن من ذوي الدين والأمانة والخلق.. وإن لم يفعلوا ذلك بعدم تزويج صاحب الخلق الحسن، ورغبوا في الحسب، والنسب، والجاه، والمال – كانت الفتنة والفساد الذي لا آخر له.
3 - وروى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه".. وكان حجامًا..
قال في معالم السنن: في هذا الحديث حجة لمالك ومن ذهب مذهبه في الكفاءة بالدين وحده دون غيره.. وأبو هند مولى بني بياضة، ليس من أنفسهم.
4 - وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فامتنعت، وامتنع أخوها عبد الله، لنسبها في قريش، وأنها كانت بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم.. أمها أميمة بنت عبد المطلب –وأن زيدًا كان عبدًا، فنزل قول الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا) فقال أخوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مرني بما شئت. فزوجها من زيد.
5 - وزوج أبو حذيفة سالمًا من هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة –وهو مولى لامرأة من الأنصار.
6 - وتزويج بلال بن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف.
7 - وسئل الإمام علي –كرم الله وجهه- عن حكم زواج الأكفاء، فقال الناس بعضهم أكفاء لبعض، عربيهم وعجميهم، قرشيهم وهاشميهم إذا أسلموا وآمنوا.
وهذا مذهب المالكية.. قال الشوكاني: ونقل عن عمر،وابن مسعود، وعن محمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز. ورجحه ابن القيم فقال: فالذي يقتضيه حكمه صلى(99/151)
الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً. فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر.. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ولم يعتبر نسبًا، ولا صناعة، ولا غنى، ولا حرفة.. فيجوز للعبد القن نكاح المرأة النسبية الغنية إذا كان عفيفًا مسلمًا.. وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات.
مذهب جمهور الفقهاء:
وإذا كان المالكية وغيرهم من العلماء الذين سبقت الإشارة إليهم، يرون أن الكفاءة معتبرة بالاستقامة والصلاح لا غير –فإن غير هؤلاء من الفقهاء يرون أن الكفاءة معتبرة بالاستقامة والصلاح وأن الفاسق ليس كفوءًا للعفيفة- إلا أنهم لا يقصرون الكفاءة على ذلك، بل يرون أن ثمة أمورًا أخرى لا بد من اعتبارها.
ونحن نشير إلى هذه الأمور فيما يأتي:
أولاً: النسب فالعرب بعضهم أكفاء لبعض، وقريش بعضهم أكفاء لبعض.. فالأعجمي لا يكون كفؤًا للعربية، والعربي لا يكون كفؤًا للقرشية. ودليل ذلك.
1 - ما رواه الحاكم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العرب أكفاء بعضهم لبعض، قبيلة لقبيل، وحي لحي، ورجل لرجل، إلا حائكًا أو حجامًا".
2 - وروي البزار عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العرب بعضهم لبعض أكفاء، والموالي بعضهم أكفاء بعض".
3 - وعن عمر قال: "لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء". رواه الدارقطني.
وحديث ابن عمر سأل عنه ابن أبي حاتم أباه فقال: هذا كذب لا أصل له. وقال الدارقطني في العلل: لا يصح، قال ابن عبد البر: هذا منكر موضوع.
وأما حديث معاذ، ففيه سليمان بن أبي الجون. قال بن القطان: لا يعرف.. ثم هو من رواية خالد بن معدان عن معاذ، ولم يسمع منه.. والصحيح أنه لم يثبت في اعتبار الكفاءة والنسب من حديث.
ولم يختلف الشافعية، ولا الحنفية في اعتبار الكفاءة بالنسب على هذا النحو المذكور.. ولكنهم اختلفوا في التفاضل بين القرشيين. فالأحناف يرون أن القرشي كفء للهاشمية.
أما الشافعية فإن الصحيح من مذهبهم أن القرشي ليس كفؤًا للهاشمية والمطلبية.. واستدلوا لذلك بما رواه وائلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل" واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.. فأنا خيار من خيار، من خيار" رواه مسلم.
قال الحافظ في الفتح: والصحيح تقديم بني هاشم، والمطلب على غيرهم.. ومن عدا هؤلاء أكفاء لبعض.(99/152)
والحق خلاف ذلك. فإن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنتيه عثمان بن عفان، وزوج أبا العاص بن الربيع زينب. وهما من عبد شمس.. وزوج علي عمر ابنته، أم كلثوم، وعمر عدوي.
على أن شرف العلم دونه كل نسب، وكل شرف. فالعالم كفء لأي امرأة. مهما كان نسبها، وإن لم يكن له نسب معروف، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس معادن، كمعادن الذهب والفضة. خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا". وقول الله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). وقوله عز وجل: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)؟..
هذا بالنسبة للعرب، وأما غيرهم من الأعاجم فقيل: "لا كفاء بينهم بالنسب"..
وروي عن الشافعي وأكثر أصحابه أن الكفاءة معتبرة في أنسابهم فيما بينهم قياسًا على العرب، ولأنهم يعيرون إذا تزوجت واحدة منهم زوجًا دونها نسبًا، فيكون حكمهم حكم العرب لاتحاد العلة.
ثانيًا: الحرية: فالعبد ليس بكفء للحرة، ولا العتيق كفؤًا لحرة الأصل، ولا من مس الرق أحد آبائه كفؤًا لمن لم يمسها رق، ولا أحدًا من آبائها، لأن الحرة يلحقها العار بكونها تحت عبد، أو تحت من سبق من كان في آبائه مسترق.
ثالثًا: الإسلام: أي التكافؤ في إسلام الأصول. وهو معتبر في غير العرب.. أما العرب فلا يعتبر فيهم، لأنهم اكتفوا بالتفاخر بأنسابهم، ولا يتفاخرون بإسلام أصولهم.
وأما غير العرب من الموالي والأعاجم، فيتفاخرون بإسلام الأصول.. وعلى هذا إذا كانت المرأة المسلمة لها أب وأجداد مسلمون، فإنه لا يكافئها المسلم الذي ليس له في الإسلام أب ولا جد.. ومن لها أب واحد في الإسلام يكافئها من له أب واحد فيه.. ومن له أب وجد في الإسلام فهو كفء لمن لها أب وأجداد، لأن تعريف المرء يتم بأبيه وجده، فلا يلتفت إلى ما زاد.
ورأى أبي يوسف أن من له أب واحد في الإسلام كفء لمن لها آباء، لأن التعريف عنده يكون كاملاً بذكر الأب، أما أبو حنيفة ومحمد فلا يكون التعريف عندهما كاملاً إلا بالأب والجد.
رابعًا: الحرفة: إذا كانت المرأة من أسرة تمارس حرفة شريفة، فلا يكون صاحب الحرفة الدنيئة كفؤًا لها، وإذا تقاربت الحرف فلا اعتبار للتفاوت فيها. والمعتبر في شرف الحرف ودناءتها.
وقد اعتبر أصحاب الشافعي –وفيما ذكره ابن نصر عن مالك- السلامة من العيوب من شروط الكفاءة.. فمن به عيب مثبت للفسخ ليس كفؤًا للسليمة منه، فإن لم يكن مثبتًا للفسخ عنده وكان منفرًا كالعمى، والقطع، وتشويه الخلقة. فوجهان، واختيار الروياني أن صاحبه ليس بكفء. ولم يعتبرها الأحناف ولا الحنابلة.
وفي المغني: وأما السلامة من العيوب فليس من شروط الكفاءة، فإنه لا خلاف في أنه لا يبطل النكاح بعدمه، ولكنها تثبت الخيار للمرأة دون الأولياء، لأن ضرره مختص بها، ولوليها منعها من نكاح المجذوم، والأبرص والمجنون.
ـــــــــــــــــــ(99/153)
زواج الأبرص وعيوب فسخ العقد ... العنوان
هل يجوز زواج الأبرص ؟وما العيوب التى يفسخ بها العقد؟
... السؤال
23/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إن الحياة الزوجية التي بنيت على السكن والمودة والرحمة لا يمكن أن تتحقق وتستقر ما دام هناك شيء من العيوب والأمراض ما ينفر أحد الزوجين من الآخر. فإن العيوب والأمراض المنفردة لا يتحقق معها المقصود من النكاح.
ولهذا أذن الشارع بتخيير الزوجين في قبول الزواج أو رفضه.
وللإمام ابن القيم تحقيق جدير بالنظر والاعتبار:
قال: فالعمى، والخرس، والطرش، وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو إحداهما، أو كون الرجل كذلك، من أعظم المنفرات، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش، وهو مناف للدين.
وقد قال أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له: أخبرها أنك عقيم، وخيرها. فماذا يقول رضي الله عنه في العيوب التي هي عندها كمال بلا نقص.
قال: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة، يوجب الخيار، وهو أولى من البيع، كما أن الشروط المشروطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع. وما ألزم الله رسوله مغرورًا قط، ولا مغبونا بما غر وغُبن به.
ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادرة، وموارده، وعدله وحكمته، وما اشتمل عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة.
وقد روي يحي بن سعيد الأنصاري عن ابن المسيب رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه: أيما امرأة تزوجت وبها جنون أو جذام أو برص، فدخل بها ثم اطلع على ذلك فلها مهرها بمسيسه إياها، وعلى الولي الصداق بما دلس، كما غره.
وروى الشعبي عن علي كرم الله وجه: أيما امرأة تزوجت وبها برص أو جنون، أو جذام، أو قرن فزوجها بالخيار مالم يمسها، إن شاء أمسك، وإن شاء طلق، وإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها.
وقال وكيع: عن سفيان الثوري، عن يحي بن سعيد عن سعيد بن المسيب، عن عمر رضي الله عنه قال: "إذا تزوجها برصاء أو عمياء، فدخل بها فلها الصداق، ويرجع به على من غره".
قال: وهذا يدل على أن عمر لم يذكر تلك العيوب المتقدمة على وجه الاختصاص والحصر دون ما عداها.
وكذلك حكم قاضي الإسلام – شريح رضي الله عنه- الذي يضرب المثل بعلمه ودينه وحكمه.(99/154)
قال عبد الرازق: عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين رضي الله عنه، خاصم رجل رجلاً إلى شريح فقال: إن هذا قال لي: إنا نزوجك أحسن الناس فجاءني بامرأة عمياء. فقال شريح: إن كان دلس عليك بعيب لم يجز.
فتأمل هذا القضاء وقوله: "إن كان دلس عليك بعيب" كيف يقتضي أن كل عيب دلست به المرأة فللزوج الرد به.
قال الزهري رضي الله عنه: يرد النكاح من كل داء عضال قال: ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب، إلا رواية رويت عن عمر: "لا ترد النساء إلا من العيوب الأربعة: الجنون ، والجذام، والبرص، والداء في الفرج".
وهذه الرواية لا نعلم لها إسنادًا أكثر من أصبغ وابن وهب عن عمر وعلي رضي الله عنهما.
وقد روي ذلك عن ابن عباس بإسناد متصل. هذا كله إذا أطلق الزوج.
وإما إذا اشترط السلامة، أو اشترط الجمال فبانت شوهاء أو شرطها شابه حديثه السن فبانت عجوزًا شمطاء. أو شرطها بيضاء فبانت سوداء. أو بكرًا فبانت ثيبًا فله الفسخ في ذلك كله. فإن كان قبل الدخول فلا مهر، وإن كان بعده فلها المهر. وهو غُرم علي وليها إن كان غرة.
وإن كانت هي الغارة سقط مهرها، أو رجع عليها به إن كانت قبضته. ونص على هذا أحمد في إحدى الروايتين عنه. وهو أقيسهما وأولاهما بأصوله فيما إذا كان الزوج هو المشترط.
وقال أصحابه إذا اشترطت فيه صفة فبان بخلافها فلا خيار لها، إلا في شرط الحرية إذا بان عبدًا فلها الخيار..
وفي شرط النسب إذا بان بخلافه وجهان. والذي يقتضيه مذهبه وقواعده أنه لا فرق بين اشتراطه واشتراطها. بل إثبات الخيار لها إذا فات ما اشترطته أولى. لأنها لا تتمكن من المفارقة بالطلاق.
فإذا جاز له الفسخ من تمكنه من الفراق بغيره فلأن يجوز لها الفسخ مع عدم تمكنها أولى. وإذا جاز لها أن تفسخ إذا ظهر الزوج ذا صناعة دنيئة. لا تشينه في دينه ولا في عرضه، وإنما تمنع كمال لذتها واستمتاعها به.
فإذا شرطته شابًا جميلاً صحيًا فبان شيخًا مشوهًا أعمى، أطرش، أخرس، أسود، فكيف تلزم به وتمنع من الفسخ؟
هذا في غاية الامتناع والتناقض والبعد عن القياس وقواعد الشرع.
قال: وكيف يُمكن أحد الزوجين من الفسخ بقدر العدسة من البرص ولا يمكن منه بالجرب المستحكم المتمكن وهو أشد إعداء من ذلك البرص اليسير.
وكذلك غيره من أنواع الداء العضال.
وإذا كان النبي حرم على البائع كتمان عيب سلعته، وحرم على من علمه أن يكتمه عن المشتري، فكيف بالعيوب في النكاح؟..(99/155)
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لقاطمة بنت قيس، حين استشارته في نكاح معاوية وأبي جهم: "أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب.
فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش الحرام به سبهًا للزومه؟ وجعل ذي العيب غلا لازمًا في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه، ولا سيما مع شرط السلامة منه وشرط خلافه؟
وهذا ما يعلم يقينًا أن تصرفات الشريعة وقواعدها وأحكامها تأباه، والله أعلم. أنهى.
وذهب أبو محمد بن حزم إلى أن الزوج إذا شرط السلامة من العيوب فوجد أي عيب كان، فالنكاح باطل من أصله غير منعقد، ولا خيار له فيه، ولا إجازة ، ولا نفقة. ولا ميراث.
قال: إن التي أدخلت عليه غير التي تزوج، إذ السالمة غير المعيبة بلا شك. فإذا تزوجها فلا زوجية بينهما.
ما جرى عليه العمل بالمحاكم:
وقد جرى العمل الآن بالمحاكم حسب ما جاء بالمادة التاسعة من قانون سنة 1920. "أنه يثبت للمرأة هذا الحق إذا كان العيب مستمكنًا لا يمكن البرء منه، أو يمكن بعد زمن، و لايمكنها المقام معه إلا بضرر ايًا كان هذا العيب، كالجنون، والجذام، والبرص، سواء أكان ذلك بالزوج قبل العقد ولم تعلم به، أم حدث بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب، أو حدث العيب بعد العقد، ورضيت صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز طلب التفريق، واعتبر التفريق في هذا الحال طلاقًا بائنًا، ويستعان بأهل الخبرة في معرفة العيب ومداه من الضرر
انتهى كلام الشيخ
والخلاصة أنه إذا علم أحد الزوجين بعيوب الآخر ورضى بها فلا حرج فى هذا الزواج ولكنه إذا دلس أحد الزوجين على الآخر فهذا التدليس لايجوز وفيه التفصيل الساب
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 7 / ص 63)
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَبَانَتْ عَاشِقَةً فِي سَيِّدِهَا الَّذِي بَاعَهَا . وَبَاعَهَا الثَّانِي لِثَالِثِ . فَهَلْ لِلثَّالِثِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الثَّانِي ؟ وَهَلْ يَرُدُّهَا الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ؟ أَمْ لَا ؟ .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : نَعَمْ هَذَا عَيْبٌ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فِي الْعَادَةِ نَقْصًا بَيِّنًا فَإِذَا ثَبَتَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً صَحِيحَةً سَالِمَةً فَهَرَبَتْ مِنْ يَوْمِ ابْتَاعَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا إجْحَافٍ . فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ حُضُورِ الْجَارِيَةِ وَوُجُودِهَا أَمْ لَا ؟ .
الْجَوَابُ(99/156)
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مَعْرُوفَةً بِالْإِبَاقِ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَتَمَ الْبَائِعُ هَذَا الْعَيْبَ وَأَبَقَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ . وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُطَالَبُ بِالْأَرْشِ . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَبَقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَبَقَتْ بِسَبَبِ مَا فَعَلَ بِهَا الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ . وَإِذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبُ إبَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا رَدَّ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَأَمَّا مَالِكٌ فَيَقُولُ : لَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ إلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى سَنَةٍ وَلَهُ الرَّدُّ بِالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الفتاوى الكبرى - (ج 4 / ص 24)
مَسْأَلَةٌ : فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ ، فَلَمَّا دَخَلَ رَأَتْ بِجِسْمِهِ بَرَصًا فَهَلْ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ عَلَيْهِ النِّكَاحَ ؟ .
الْجَوَابُ : إذَا ظَهَرَتْ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَلِلْآخِرِ فَسْخُ النِّكَاحِ ، لَكِنْ إذَا رَضِيَ بَعْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَلَا فَسْخَ لَهُ ، وَإِذَا فَسَخَتْ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ جِهَازِهَا ، وَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ مَهْرُهَا ، وَإِنْ فَسَخَتْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ .
456 - 456 - 58 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ، فَبَانَتْ ثَيِّبًا فَهَلْ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ أَمْ لَا ؟ .
الْجَوَابُ : لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ ، وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِأَرْشِ الصَّدَاقِ ، وَهُوَ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَ مَهْرِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فَيَنْقُصُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى ، وَإِذَا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَم .
ـــــــــــــــــــ
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 8 / ص 348)
( وَسُئِلَ ) عَمَّنْ اُسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ عِنْدَ زَوَاجٍ أَوْ وِلَايَةٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذِكْرُ مَسَاوِيهِ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يُتَّجَه فِي ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي غَيْرِهِ أَنَّهُ يَقُولُ لَا خَيْرَ لَكُمْ فِي فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعُوا إلَّا بِذِكْرِ شَيْءٍ وَجَبَ ذِكْرُ شَيْءٍ مِمَّا فِيهِ مِمَّا يَنْفِي الرَّغْبَةَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعُوا إلَّا بِذَكَرِ الْكُلِّ وَجَبَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْغَيْرَ ثُمَّ هُوَ الطَّالِبُ فَوَجَبَ بَيَانُ حَالِهِ وَهُنَا هُمْ الطَّالِبُونَ فَحَيْثُ قَالَ لَهُمْ لَا خَيْرَ لَكُمْ فِي وَلَمْ يَنْدَفِعُوا كَانُوا مُقَصِّرِينَ وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي عُيُوبٍ لَا تُخِلُّ بِالْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ أَوْ الْوِلَايَةِ فِي غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَبُولُ مَعَهَا مَا لَمْ يُبَيِّنْهَا لَهُمْ وَيَرْضَوْا بِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَفَاءَةِ وَلِلْبَارِزِيِّ هُنَا تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ الْعَيْبِ الْمُثْبِتِ لِلْخِيَارِ وَيُسَنُّ ذِكْرُ نَحْوَ الشَّيْخِ وَفِي الْمَعَاصِي يَتُوبُ ثُمَّ الْأَوْلَى لَهُ السِّتْرُ هَذَا فِي الزَّوَاجِ وَفِي الْوِلَايَةِ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ عَدَمَ كَفَاءَتِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ وَمَا ذَكَرْته أَوْفَقُ بِقَوَاعِدِهِمْ كَمَا يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِهَا .
ـــــــــــــــــــ
لقاءات الباب المفتوح - (ج 5 / ص 23)
عيوب المرأة المخطوبة:
___________________________________
السؤال: رجل خطب امرأة، وهذه المرأة يُعرف عنها أن فيها عيباً خَلقياً، ولكن هذا العيب مستتر ليس بيِّن، وهذا العيب يرجى برءه كالبرص والبهق، فهل يُخبر الخاطب؟(99/157)
الجواب: إذا خطب الإنسان امرأة وفيها عيب مستتر، ومن الناس من يعلمه، فإن سأل الخاطب عنها وجب عليه البيان وهذا واضح، وإن لم يسأل فإنه يخبره بذلك؛ لأن هذا من باب النصيحة، ولا سيما إذا كان مما لا يرجى زواله، وأما ما كان مما يرجى زواله فهو أخف، ولكن هناك أشياء قد تزول ولكن ببطء كالبرص مثلاً إن صح عنه أنه يزول، فأنا إلى الآن ما علمت أنه يزول، فيفرق بين ما يرجى زواله عن قرب وما يرجى زواله عن بُعد. ......
ـــــــــــــــــــ
حكم كتم العيب عند الزواج:
___________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ: هناك زميل لنا في العمل لم يتزوج بعد، وكل فترة نذكره بفضل الزواج ونحثه على ذلك فيقول: إن شاء الله، وفي أحد الأيام ألححت عليه في ذلك، وقلت: لا أظن أن هناك سبباً في عدم إقبالك على الزواج، فقال: إن هناك سبباً، ثم قال: إنني عقيم ولا أنجب، هل عندما أريد أن أخطب أخبرهم بذلك، أم لا؟
الجواب: يجب على من كان به عيب أن يبينه لمن خطب منهم، ولا سيما هذا العيب العظيم وهو العقم؛ لأن المرأة لها الحق في الولد، ولهذا قال العلماء: يحرم أن يعزل عن المرأة الحرة إلا بإذنها. فيجب عليه أن يخبرهم بأنه عقيم ليدخل على بصيرة، ثم إنه إذا قدر أنه لم يخبرهم ثم تبين لهم بعد ذلك هذا العيب فلهم المطالبة بفسخ العقد، ويفسخ العقد.
ـــــــــــــــــــ
البهاق من عيوب النكاح:
________________________________________
السؤال: هل البهاق اليسير من عيوب النكاح؟ يعني: لو وجد الرجل في زوجته بهاقاً فهل يعد عيب؟
________________________________________
الجواب: نعم. هو عيب لا شك؛ لأن الإنسان ينفر من هذا، ولا يمكن أن يركن إلى زوجته إلا أن يشاء الله، وهو عيب سواء في الرجل أو في المرأة، حتى الرجل لو كان به بهاق، وتزوجت المرأة منه غير عالمة به؛ فإنه عيب لها أن تفسخ النكاح به، ولكن إذا كان هذا البهاق مما يمكن معالجته؛ فإن الأولى والأفضل الصبر حتى ينظر هل يبرأ بالمعالجة أو لا يبرأ؛ لأن الفراق والطلاق ليس بالأمر السهل، أما إذا تعذر برؤه فإنه عيب. والحاصل أن البهاق عيب يثبت به الفسخ سواء كان في الرجل أو في المرأة، ولكن إذا كان في الرجل فللمرأة الفسخ، فتطلب أن يفسخ النكاح فتفسخ النكاح وتتزوج غيره، لكن إذا كان في المرأة فالرجل معلوم أنه يجوز أن يفارق زوجته بالطلاق، لكن فائدة قولنا إنه له الفسخ: أنه إذا فسخ من أجل هذا العيب فله أن يسترد الصداق ممن غره. وأما من جهة الإثم فالرجل يأثم والمرأة تأثم إذا كان فيهما هذا العيب أو غيره من العيوب التي تمنع كمال الاستمتاع ولم يخبر صاحبه، فإن كتمانه لا شك أنه محرم، وهو من الغش الذي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله.(99/158)
ـــــــــــــــــــ
استحقاق المريضة لمؤخر الصداق
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق ( المهر )
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
السؤال:امرأة متزوجة تبين بعد مرور 7 أشهر من الزواج أن عندها قصوراً كلويًّا، ووضعها الصحي حاليًّا لا يسمح بالإنجاب، بعد استقرار وضعها الصحي قد يكون الإنجاب ممكناً، والاحتمال الآخر هو أن يزداد المرض مما يتطلب زرع كلية، وبعد سنة من الزرع يكون الإنجاب ممكناً، لكن زوجها لا يريد الاستمرار في هذا الزواج، مع العلم أنه لم تمض سنة عليه بسبب حالتها الصحية وبسبب عدم الإنجاب حالياً، مع العلم أنها تقوم بكل واجباتها المنزلية، فالمرض لا يمنعها من العمل. السؤال: هل تستحق المتأخر كاملاً؟ وهل تستحق ما يسمى بغير المقبوض؟ ولكم الشكر.
الجواب
ظاهر سؤالك أن المرض الذي أصيبت به هذه المرأة يمكن شفاؤه، وعليه فإذا ثبت طبيًّا أنه من الأمراض الممكن علاجها وتستطيع المرأة إنجاب الأولاد بعد العلاج؛ فإن هذا المرض لا يعد عيباً يوجب فسخ النكاح أصلاً، والزوج بالخيار إذا أراد طلاقها فيجب عليه أن يوفي المرأة مهرها كاملاً بأن يسلم لها المؤخر، أما لو ثبت طبيًّا أن هذا المرض يمنع المرأة من الإنجاب فإنه حينئذ لا يخلو الحال من أن يكون هذا المرض موجوداً قبل عقد الزواج أو بعده. فإن كان هذا العيب موجوداً قبل العقد وعلمت الزوجة أو وليها به وكتماه عن الزوج أو كتمه أحدهما فإن الزوج يثبت له خيار فسخ النكاح، ويرجع على من غره بالمهر الذي سلمه للزوجة وسقط المؤخر الذي لم يسلمه، فإن كانت المرأة هي التي أخفت هذا العيب فيرجع عليها به، وإن كانت لا تعلم وكان وليها عالماً بالعيب وكتمه رجع عليه به، وإن لم يكن قد سلمه لها سقط مهرها، أما إذا كانت الزوجة والولي لا يعلمان بهذا العيب فلا يرجع الزوج بشيء مما أصدقها به على أي واحد منهما؛ لأن المهر استقر بالدخول وليس ثم مغرر يرجع إليه في المهر، وكذا لو حدث العيب وطرأ هذا المرض بعد عقد الزواج والدخول، فلا يرجع الزوج بشيء، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالخلوة فلا يسقط بحادث بعده بدليل أنه لا يسقط بردتها، وفيه مسمى صحيح، فوجب المهر كغير المعيبة والمعتقة تحت عبد، فإذا أراد الزوج طلاقها في هذه الحالة؛ فيجب عليه أن يسلم للزوجة جميع مهرها المسمى المتأخر ولا يأخذ منها شيئاً من المقدم. والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تزوجها فاكتشف أنها تصرع(99/159)
المجيب أ.د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
رجل خطب امرأة وتزوجها، واكتشف بعد الزواج أنها مصابة بمرض الصرع الذي يوجب عليه أن يكون ملازماً لها، أو أي أحد آخر خشية حصول أزمة لها، وهي الآن حامل, فماذا يمكنه أن يفعل؟ علما أن الوالد والوالدة يعلمان إصابتها من قبل بهذا المرض، وأخفيا ذلك، وإن كان سيطلقها، هل عليه أن يدفع لها المهر؟ على الرغم من أنهم أخفوا عنه أمراً كبيراً.وشكراً.
الجواب
يتعين على كل من الرجل والمرأة أن يكون على علم بأحوال الآخر، وما به من علة أو مرض، وما يعتريه مما يخل بالحياة الزوجية، وإذا أخفى أحد الزوجين على الآخر ما به من أذى أو ما يعتريه من أحوال تؤثر على مسيرة الحياة الزوجية فإذاً هذا يعد شرعاً من باب التدليس والغش، وإذا علم أحدهما بما لدى الآخر من أمراض، أو صفات تؤثر على الحياة الزوجية فله فسخ النكاح، ومتى تم الفسخ قبل أن يتم الاتصال بينهما فلا حق للمرأة على زوجها إذا كان العيب فيها، وإن كان العيب فيه فلها نصف الصداق، أما في مثل حالتك هذه فلها المهر كاملاً، ولك حق الرجوع في المهر على من غرك وخادعك، سواء جاءت الخدعة من المرأة، أو أهلها، غير أن الحمل الموجود الآن يثبت نسبه منك،وينسب إليك ابناً كان أو بنتاً، ويجب أن تعلم إن كنت قد علمت بالعيب ورضيت به فلا يحل لك الفسخ، ولا استرداد ما دفعت إليها، ونرجو السلامة والعافية.
ـــــــــــــــــــ
هل العلة في شريان القلب من عيوب النكاح؟
المجيب د.محمد العروسي عبدالقادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 20/3/1423
السؤال
أنا شاب مقبل على الزواج، ووجدت -والحمد لله- ذات الدين التي أسأل الله أن أظفر بها، ولكني عندي مشكلة حساسة قليلاً وهي أن بي علة في شريان القلب، ولكن الأطباء -والحمد لله- أخبروني بإمكانية الزواج دون مشاكل، ولكني لم أطلع هذه الفتاة على هذا الأمر إلى الآن، وأخشى إن أطلعتها عليه أن تتراجع، فماذا أفعل في هذا الموقف بما يجعلني لا أكون مخالفاً لشرع الله وشريعته؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب(99/160)
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فليس وجود علة في شريان القلب، من العيوب التي يجب بيانها وكشفها، ولا يجوز للمرأة دعوى الطلاق بعد اكتشافها؛ لأن وجود هذا العيب لا تتضرر منه المرأة، ولا يسبب عدوى، وليس هو من العيوب المجوزة للفسخ، فليعزم هذا السائل على بركة الله، والله الموفق.
ـــــــــــــــــــ
هل الإيدز من عيوب النكاح؟
المجيب د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 3/6/1423
السؤال
هل يمكن اعتبار مرض الإيدز من الموانع الشرعية التي تبيح فسخ العقد؟ وما الحكم فيما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به؟
الجواب
الحمد لله، لا ريب أن مرض الإيدز من أعظم العيوب التي يملك بها أحد الزوجين الفسخ، وإذا كان الفقهاء قد ذكروا جملة من العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح فإن كثيراً منها دون مرض الإيدز في الخطورة، لا سيما وأنه من الأمراض المعدية -نسأل الله السلامة منه-.
وعمدة الفقهاء في باب العيوب ما ثبت عن عمر -رضي الله عنه- في الموطأ من التفريق بالبرص والجنون والجذام روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال:"أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً وذلك لزوجها غرم على وليها" (2/78)، والإيدز شبيه بالجذام بل هو أقبح وأخطر منه، ولكن مما ينبغي معرفته أن العيب الذي يملك به أحد الزوجين الفسخ حين يوجد في الآخر هو ما كان موجوداً قبل العقد لا بعده، فإن وجد العيب بعده فلا يملك أحد الزوجين الفسخ، وإنما للزوج الطلاق وللمرأة الخلع، هذا أحد القولين، وفي المسألة قول آخر: أن العيب يثبت به الفسخ سواءً كان قبل العقد أو بعده، وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة.
فعلى القول الأول إن كان هذا المرض قد نشأ بعد العقد لأي سبب من الأسباب فلا يثبت به الفسخ.
وننبه هنا إلى أن الفسخ في هذه الحال يرجع إلى القاضي، وكثير من أهل العلم يجعل الفسخ في هذه الحال متوقفاً على حكمه ولا يملك أحد الزوجين مستقلاً ذلك.
وأما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به فله ذلك لأن الحق له، ومع ذلك فيجب أن يدرك من رضي به خطورته وأنه معدٍ وحينئذٍ فقد يقال بأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة.(99/161)
والأمر الآخر أن هذا المرض إن كان ناشئاً عن علاقة محرمة فإن الرضا بمن فعل ذلك قبل أن يتوب ليس من سمات ذوي العفاف والإيمان، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
لم يجد زوجته بكرًا
المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 10/11/1425هـ
السؤال
كيف يتصرف شخص ما دخل على زوجته ليلة الزفاف فوجدها ليست بكرًا؟ علمًا أنه عقد على أساس أنه متزوج ببكر، وعندما ناقش المرأة اعترفت بخطئها وذكرت أنها تابت.
الجواب
يحسن منه أن يستر عليها، ولا يفضحها، فلعلها مكرهة، أو أخطأت وتابت، ثم إن شاء أمسكها إن ظهر له استقامتها، وإن شاء طلقها وستر عليها، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة.
ـــــــــــــــــــ
هل هذه الأمراض من عيوب النكاح؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 03/04/1426هـ
السؤال
هل المرض غير المعدي -مثل أمراض السكر، والضغط، وحساسية الصدر -يعد من العيوب التي ترد بها الزوجة؟ خاصة أن هذه الأمراض يمكن أن تنتظم حياة المريض بها بانتظام العلاج، وإذا كانت الإجابة بلا، فهل هذا يعني أنه يجوز أن تكتم المرأة مثل هذه الأمراض على خطيبها، باعتبار أنها من الأمراض العادية التي يمكن أن يصاب بها الإنسان في مرحلة من العمر، وكذلك لأن المرأة إن أطلعت خطيبها على مثل هذه الأمراض فقد يعدل عن الزواج بها؟ وكم هن العوانس بسبب النفور من الزواج بهن بسبب الإصابة بمثل هذه الأمراض. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
من موجبات فسخ عقد النكاح وجود عيب في أحد الزوجين، وكذلك وجود مرض في أحد الزوجين، وقد ذكر أهل العلم ضابطاً للمرض وهو: أن يكون المرض منفراً من العشرة الزوجية، أو أن يكون المرض مانعاً من الوطء، وذكروا الأمراض التي تمنع الوطء، كما أنهم ذكروا أمراضاً تنفر كل واحد من الزوجين عن الآخر، وما ذكره السائل ليس من القسم الأول، ولا من القسم الثاني، فبالنسبة للضغط والسكر،(99/162)
فهي لا تؤثر لا على العشرة الزوجية، ولا على الوطء، ولا يسلم منها أحد من الناس في الغالب.
-ـــــــــــــــــــ
تزوجها من غير أن يخبروه بمرضها
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
أنا مقيم في بلاد الغرب، أريد الزواج، فعرضت علي امرأة عن طريق زوج أختها، وهي مقيمة في بلدي الأصلي، فخطبتها منه بدون أن أراها، ولكن وصفها لي، وبعد وقت أتوا بها إلي وتزوجت بها، ولكن بعد فترة أكثر من سنة عرفت بأنها مريضة تعاني من مرض في الجهاز التناسلي، ولقد أجريت لها عملية في الماضي واستئصلت قناة المبيض، والآن محتاجة إلى عملية أخرى لاستئصال قناة المبيض الثاني، وهذا يعنى أنها لا تستطيع الإنجاب إلا عن طريق طفل الأنبوب.
شيخنا الفاضل: أثناء خطبتي لها لم يقل لي بأنها أجرت عملية، بل كان يقول أنها بحالة جيدة. كيف أتصرف؟ هل إذا طلقتها أكون آثماً؟ وهل هذا يعتبر غشاً؟ وإذا طلقتها هل يلزمني أن أرد عليها كل شيء؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله، وما هي نصيحتكم لي وإلى أمثال زوج أختها ؟
الجواب
الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد:
ما ذكره السائل مما وقع من كتمان عيوب زوجته فأقول: كان الواجب أن يوضحوا ويبينوا حالتها؛ لأن ذلك مما أمر الله -تعالى- به سواء في حق الخاطب أو المخطوبة، فإن كان هناك عيوباً أوضحها الولي في موليته حتى لا يفاجأ الزوج بعد ذلك بهذه العيوب فينشأ الخلاف وتحصل الكراهية من الزوج لزوجته، لكن حين توضح هذه العيوب قبل الزواج فحينها سيقدم الزوج عن رغبة أو يحجم حتى لا يقع منه ظلم عليها، وعلى كل حال فإن عليك أيها الأخ السائل أن تصبر،وأرى عدم التعجل في طلاقها لأن الله -تعالى- يقول: "عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"[النساء: من الآية19].
وأيضاً لعلها -إن شاء الله تعالى- أن ترزق منك بولد، ويجعله الله -تعالى- صالحاً وما ذلك على الله -تعالى- بعزيز، فإن الله -تعالى- على كل شيء قدير، ولعل أن يحصل لها من التطبيب المشروع ما يكون سبباً بإذن الله -تعالى- للحمل والإنجاب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "ما أنزل الله داءاً إلا أنزل له الدواء علمه من عمله وجهله من جهله"البخاري (5678)، وأحمد (3912)، والفظ له، فاصبر واحتسب، وأما إذا كنت لا تريدها وطلقتها فما كان لها من حقوق شرعية فتعطيها(99/163)
إياها من نفقة العدة ونحو ذلك. وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا جميعاً لما فيه رضاه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
مصابة بفيروس الكبد فهل له الفسخ؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 21/07/1425هـ
السؤال
زوجة غير مدخول بها، اكتشف زوجها عند السفر أنها مصابة بمرض معدٍ. (فيروس الكبد C)، وخشي الزوج من انتقال المرض إليه وإلى الذرية، كما أن هذا المرض مانع لسفر الزوجة للسعودية حيث يقيم الزوج، هل يحق للزوج فسخ العقد للغش والتدليس، علماً بأنه يوجد تقرير طبي شرعي يؤيد هذا الكلام؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم...أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى القول بثبوت حق التفريق بين الزوجين لوجود عيب في أحدهما، وهذا القول ذهب إليه بعض الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين، وهو المتفق مع مقصد الشارع الحكيم من شرع الزواج، كما أنه يترتب عليه دفع الكثير من المفاسد التي قد تنشأ بين الزوجين، ولا شك أن الأمراض المعدية من العيوب التي يفسخ بها النكاح؛ لأن عيوب النكاح هي كل عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح، أو ما يعبر عنه بأنه كل عيب يمنع الاستمتاع أو كمال الاستمتاع، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فإن لم يكن دخل بالمرأة فلا شيء لها، وإن كان دخل استقر المهر ورجع على من غره، ويشترط لثبوت الحق في طلب الفسخ بالعيب عدم العلم بالعيب وقت العقد أو قبله، وكذلك عدم الرضى بالعيب بعد العلم به.
ثالثاً: أن يكون التفريق بين الزوجين بحكم القاضي؛ لأنه من جملة النزاعات التي تحتاج إلى اجتهاد القاضي بخلاف الطلاق، إذ لا يحتاج إلى ذلك. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــ
هل يلزمها إخبار خطيبها بهذا؟
المجيب د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 16/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(99/164)
لقد أُجريت لي جراحة في الثدي (تجمعات ليفية)، و لم أكن أعرف طبيبة، ومع ضغط أهلي قررت أن أجريها على يد طبيب؛ حيث إني لم أستطع أن أسأل أحداً على طبيبة نظراً لتكتم الأمر، لأني لم أتزوج بعد، والآن أنا مضطرة أن أتابع مع نفس الطبيب، فهل علي ذنب؟ هل إذا تقدم لي شخص لارتباط هل يجب علي إخباره؟ مع العلم أن رأى الطبيب أنها لا تؤثر علي في المستقبل في الزواج أو الإنجاب، ولا يجب علي إخباره، ولكن أثر الجروح ما زال موجوداً، فهل يجب علي إخباره؟ وقال الطبيب مع الزمن ممكن أن يكون -أثر الجروح- ضئيلة. و جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: كان يجب البحث عن طبيبة لتجري لك العملية، فإن تعذر وجود الطبيبة جاز ما فعلتِ إن كانت العملية محتاجاً إليها.
ثانياً: ما دام أنه قد تمت العملية فينبغي البحث بقدر الإمكان عن طبيبة للمتابعة، فإن لم يمكن جاز عند الطبيب السابق.
ثالثاً: إذا كانت هذه العملية لا تؤثر على الإنجاب - بحسب قول الأطباء - والجروح في سبيلها للشفاء، ولم تحدث لديك عاهة أو مرضاً منفّراً فلا يلزم إخبار الخاطب عند التقدم للخطبة؛ لأن ذلك أمر معتاد حصوله. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حق الزوج في الخلع
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 2/7/1423هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل أستطيع أن أطالب بالخلع لوجود مرض الشك والغَيْرة المرضيَّة في زوجي والعصبية لحد القذف وعدم السيطرة على النفس لدرجه أني بدأت أشك في تصرفاتي؟ مع العلم أني في بيت أهلي منذ مدة وحاولنا الإصلاح من غير جدوى وطلبت الطلاق، ولكن قال لي: أفضل أن أعلقك، أفدني جزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، ما ذكرته الأخت السائلة من وجود مرض الشك في زوجها والغيرة المرضية التي وصلت لحد قذفها في عرضها وعدم سيطرته على نفسه وعصبيته، كل هذا من الخلق المكروه والطبع المرذول في الزوج، والذي أدى للشقاق بينه وبين زوجته، فاجتمع سوء الخلق ووقوع الشقاق، وهما الأمران اللذان نص أهل العلم على كونهما سببين من أسباب إباحة مطالبة الزوجة الخلع من زوجها. ودليل ذلك ما رواه البخاري (5273) وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن(99/165)
قيس -رضي الله عنه- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: يا رسول الله ثابت ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام -تعني كرهها له قد يحملها على الوقوع فيما نهى عنه الإسلام- فقال -صلى الله عليه وسلم-:"أتردِّين عليه حديقته؟" قالت: نعم، فقال -صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" فوجهها -صلى الله عليه وسلم- بالخلع من زوجها مع أنه لا نقص في دينه أو خلقه، ولكن لمجرد الكراهية، وحال السائلة -كما ذكرت- أبلغ من حال امرأة ثابت -رضي الله عنه- إذا دخل على حال زوج السائلة العيب في دينه؛ لقذفه لها وسوء خلقه، لشكه فيها وعدم سيطرته على نفسه، فجاز لها طلب الخلع، أما تعليق الزوج زوجته إذا كان لمجرد مضارتها حتى تطلب الخلع من غير بأس منها فهو من العضل المحرم قال -تعالى-:"ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن.." فعلى الزوجة ألا تقبل به بل تلجأ لطلب الخلع خصوصاً إذا كانت شابة كحال السائلة عسى أنهما إن تفرقا "يغن الله كلاً من سعته" [النساء:130]، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
عَيْب خَلْقِي يحول دون زواجي!!
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 18-12-1423
السؤال
أنا فتاة متمسكة بديني والحمد لله ، وتعرفت على شابّ وهو أخو صديقتي وطلبني للزواج لكن أهلي رفضوا لسبب بسيط وهو أن لديه رِجلاً أقصر من الأخرى على الرغم من أنه شاب ملتزم وذو أخلاق فاضلة ، وأنا لا أريد مخالفة أهلي فماذا أفعل حتى أقنع أهلي؟ ولا أريد أن أخسر أيّاً منهما، أفيدوني أفادكم الله .
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
من روائع هذا الدين أن جعل للمرأة مكانة عظيمة، وجعل لها حقوقاً كثيرة . ومن هذه الحقوق جعل أمر الزواج بيدها فهي لها الحق في اختيار شريك حياتها. ولكن لا تكون بمعزل عن والديها وذويها لأن لذلك أهمية كبيرة لا تخفى.
وبالنسبة لك يا أختي الفاضلة فأنت قلت أنك ترغبين بالزواج من هذا الشاب مع العيب الخلقي ( بفتح الخاء ) الذي فيه وأن أهلك قد رفضوا هذا الزواج، وأنك في جدٍ من أمرك .. الذي يظهر لي أنك عاطفية، وقد قلتِ أنك قد تعرفت عليه وأنه أخ لصديقتك. فهل يحق لك شرعاً أن تتعرفي على شاب لا يمت لك بصلة إ لا أنه أخ صديقتك. ويتضح بين سطور سؤالك أنه قد حصل معاملات بينكما وإلا كيف تفسري حكمك عليه أنه يحمل هذه الأوصاف.. وأخشى أن تكون هذه نوبة شهامة منك لحالة الإعاقة التي فيه فتأكدي من عواطفك من هذه الخاصية فقد تكون نزوة.(99/166)
مع العلم أن الإعاقة لا تعيب الرجل إذا كان يحمل المواصفات الشرعية وإذا كنت ترين بعد تفكير عميق أنه هو الشاب الذي تريدينه فلو تم إقناع الوالد بطريقة لبقة ولعلها لا تكون من قبلك. فبإمكانك إقناع الوالدة أو الأخ أو العم أو الخال. حسب الأقدر منهم على مفاتحة الوالد ، ولكن انتبهي إذا وافق الأهل وهم لم يقتنعوا قد ينهار هذا الزواج لأن حبال التواصل بينكما ستكون هشة ، ويكون هو غير مرغوب فيه في محيط العائلة ، وأنتِ لا تستطيعين أن تعيشي في مفردك وبعيدة عن أهلك وأسرتك مدى الحياة . أليس كذلك؟ فكري ثم فكري ثم فكري ألف مرة وأعيدي النظر في اللحظات الأولى لطريقة التعارف بينكما تتضح لك معالم طريقك.
والقاعدة الشرعية في الزواج هي [... إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته وفي رواية وخلقه فزوجوه ... ] الحديث
لا تنسي الاستخارة وطلب العون من الله تعالى
أعانك الله على اتخاذ الأنسب والأصوب ،،،
والله الموفق ،،،
ـــــــــــــــــــ
زوجها يهجرها في الفراش
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي صديقة متزوجة منذ سنوات طويلة، ولم تنجب أطفالاً، والسبب من الزوج، ومنذ عدة سنوات هجرها في الفراش، ولم يعد يكترث بها ولا بحقوقها الزوجية، فعلت معه كل شيء كي ترجعه إلى سابق عهده، لكن دون جدوى، لاحظت اهتمامه بشاب معين، فركبها الشك في علاقته به، نظراً لاهتمامه الشديد وتعلقه به، واكتشفت منذ أيام قليلة رسالة بخط يد زوجها تصف جمال ذلك الشاب، وكلام خطير لا يصح أن يذكر من شخص مثله، ويدل عن شذوذه الجنسي.
لا تدرى صديقتي إلى من تلجأ؟ فالكل لن يصدقها، وهي عازمة على الطلاق من هذا الشخص، فطلبت مني، كتابة هذه الرسالة لفضيلتكم لاستشارتكم في هذا الأمر، وحكم الشرع في هذه الكارثة. جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما تتعرض له صاحبتك بلاء يستوجب الصبر والالتجاء إلى الله - تعالى -، فإنه نعم المولى ونعم النصير، والصبر ليس خاصاً بمصيبة الموت أو المرض، ففقد فرصة الإنجاب وما وصفت به علاقة زوجها بها مؤخراً من الهجران مدة طويلة، والتقصير في حقوقها الزوجية، وما تتهمه به من علاقة غير سوية تشير إلى تعرض(99/167)
زوجها لموجة من (مرض القلب)، وما قد تشعر به لاحقاً من فقد زوجها الذي عاشت معه زمناً طويلاً، وربما تملُّكها مشاعر المحبة التي يزرعها الله في قلب الزوجين غالباً، كل ذلك يستدعي احتساب الأخت الأجر عند الله، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والإيمان نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر، وقد ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين آية، نسأل الله أن يربط على قلبها. والذي يمكن قوله مما يمكن الأخت أن تعمله أمران:
(1) أن تطلب الانفصال عن زوجها، ما دام أن مشكلة عدم الإنجاب من جهته، وأنه أضاف إلى هذا العيب تقصيره في حقوقها وهجرانها، وفي هذه الحالة ليس بالضرورة أن تذكر للناس شيئاً عما لاحظته من سلوكه المريب بذلك الشاب، سواء توقعت تصديق الناس لها أم لم تتوقع، وإنما تركز على الأسباب التي عادة يتقبلها الآخرون ويعرفونها، وهي كافية شرعاً وعقلاً للانفصال، نرجو الله أن يخلف لها خيراً منه.
(2) في حالة رفضه طلب الانفصال يمكنها مصارحته بما لاحظت من سلوكه، مما لا يتفق مع السلوك الشرعي العام.
(3) أن تجتهد في مناصحة زوجها وتنبيهه على المسلك الخطير الذي وقع فيه، وسواء كان ذلك مشافهة أو مراسلة، أو عن طريق إيصال بعض المواعظ المكتوبة أو المسموعة إليه، أو تخويفه في مرحلة متأخرة بالتشهير به، وتنبيه الناس على عدم الاغترار به، وسواء كان ذلك قبل الانفصال أو بعده؛ لأن الهدف هو إنكار المنكر الذي وقع فيه، وإصلاح حاله، وقد كتب الإمام ابن القيم - رحمه الله- في بلية زوج صاحبتك كتاباً مطولاً باسم: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)، وقد يوجد باسم آخر: (الداء والدواء)، وقد تستعين الأخت كما استعانت بك بعد الله، بمن يناصح الزوج وينبهه ويعظه. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية واليقين.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى إسلامية - (ج 3 / ص 220)
إخفاء الزوج ما فيه من عيوب غش وخداع
س - قدر الله - تعالى - على بمرض البهاق ، ولطف بي إذ جعل أغلب ظهوره على الجلد في أماكن خفية من جسدي ، وبدأ هذا المرض في الظهور في سن العشرين ، وقد سعيت للعلاج ولكن لم يأذن الله لي بعد بالشفاء لحكمة يعلمها سبحانه ، وبعدها بخمس عشرة سنة تقدمت للخطبة وكان في ذاك الوقت ظاهراً على ظاهر يدي اليمنى ثلاث بقع ملحوظة بالإضافة إلى غيرها في أجزاء خفية من سائر جسدي ، وأثناء مدة الخطوبة التي دامت ستة أشهر لم أشا أن أصارح خطيبتي عن شيء من هذا المرض ، ولها أهلها خشية العدول عن قبولي ، واعتبرت أنا أن ظهوره بيدي اليمنى ، ورؤيتهم لذلك طوال فترة الخطوبة يدلهم على احتمال وجوده في أجزاء أخرى في جسدي ، وتم الزواج على ذلك ، ولكن عندما انتقلت إلى بيت الزوجية ورأت زوجتي ما بجسدي من المرض ساءها ذلك وتمرددت بالحسرة والخسران في عقد هذا الزواج ، وأشهد أنني قابلت تمردها ذاك بالقسوة والشدة أحياناً ، وبالضرب أحياناً أخرى ولكنها لم تطلب مني الانفصال ، وبعد مرور سنوات على العيش معي(99/168)
على مضض أعتادت بعدها ما قدره الله لي واستسلمت للأمر الواقع ، والآن أنجبت ثلاثة أولاد ومر على زوجنا ثلاث عشرة سنة ، ولكن كثيراً ما يلازمني الندم الشديد على أن الزواج تم على هذه الصورة لدرجة أنني وددت لو أنها طلبت مني الانفصال حتى لا أكون ظالماً لها ، فهل كنت ظالماً بعدم المصارحة بما في جسدي رغم ظهور المرض نفسه على يدي أثناء فترة الخطوبة ؟ وهل زواجي بهذا الشكل صحيح ؟ أم يجب على شيء آخر أفعله الآن ؟
ج- لا ريب أن عدم تصريحك لها بما حصل لك من المرض أو بما كان خفيا من المرض لا ريب أنه خداع وأنه غش ، والبقعة التي ترى في يدك اليمنى لا نعلم هل هي بينة ظاهرة تدل على هذا المرض أو أنها صغيرة خفية لا تدل على المرض ، أو أنها بصورة يظن أنها أثر احتراق أو ما أشبه ذلك ، الحاصل أن تمام النصح أنك بينت لها ولأهلها ما خفي عليهم في هذا الأمر ، وما عاملتها به بعد ذلك فإنك آثم به ، ولكن الحق لها هي وحدها وليس لك الآن إلا أن تطلب منها السماح عما مضى من إخفاء ما فيك من هذا العيب ، وعما حصل منك من القسوة عليها ، فإذا عفت عن ذلك وسمحت ونرجو أن تعفو عن ذلك وتسمح فإن ذلك خير كثير لقوله - تعالى - " فمن عفا وأصلح فأجره على الله"
. وقال - تعالى - في وصف أهل الجنة " والعافين عن الناس " فالعفو مع الإصلاح خير وفيه ثواب عظيم عند الله - سبحانه وتعالى - فنصيحتي لك أن تتحلل من زوجتك وأن تطلب منها السماح . ونصحيتي لها أن تعفو عنك ، لأنها أم أولادك بينكما شركة الآن ، ونسأل الله - تعالى - أن يتوب على الجميع .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
نيل الأوطار - (ج 10 / ص 468)
بَابُ إثْبَاتِ الْفُرْقَةِ لِلْمَرْأَةِ إذَا تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ بِإِعْسَارٍ وَنَحْوِهِ 2977 - ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ مِنْهَا عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، فَقِيلَ : مَنْ أَعُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : امْرَأَتُك مِمَّنْ تَعُولُ ، تَقُولُ : أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَارِقْنِي ، وَجَارِيَتُك تَقُولُ : أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ، وَوَلَدُك يَقُولُ : إلَى مَنْ تَتْرُكُنِي ؟ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ، وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَجَعَلُوا الزِّيَادَةَ الْمُفَسَّرَةَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ) .
2978 - ( وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ )
الشَّرْحُ
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَوَّلُ حَسَّنَ إسْنَادَهُ الْحَافِظُ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي حِفْظِ عَاصِمٍ مَقَالٌ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ } .(99/169)
تَقُولُ الْمَرْأَةُ إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي ، وَيَقُولُ الْعَبْدُ : أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ، وَيَقُولُ الِابْنُ : أَطْعِمْنِي ، إلَى مَنْ تَدَعُنِي ؟ " قَالُوا : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لَا ، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآخَرُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْقَارِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ وَفِي الْبَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَالشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ " فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا " قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : قُلْت لِسَعِيدٍ : سُنَّةٌ ؟ قَالَ : سُنَّةٌ وَهَذَا مُرْسَلٌ قَوِيٌّ وَعَنْ عُمَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ " أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ : إمَّا أَنْ يُنْفِقُوا وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقُوا وَيَبْعَثُوا نَفَقَةَ مَا حَبَسُوا " قَوْلُهُ : ( مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ مَنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِنَفْسِهِ إلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ بَلْ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ الْمُحْتَاجِ إلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمُ يَرْفَعُهُ { أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ } وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي النِّهَايَةِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُ قَلِيلِ الْمَالِ .
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا عِنْدَ النَّسَائِيّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْحَاكِمِ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ : وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَخَذَ مِنْ عُرْضِهِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا ، وَرَجُلٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا دِرْهَمَانِ فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِهِ فَهَذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مَالِهِ } الْحَدِيثَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ } وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ كَانَ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ إذَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ يَصْبِرُ عَلَى الْفَاقَةِ أَنْ يَكُونَ مُتَصَدِّقًا بِمَا يَبْلُغُ إلَيْهِ جُهْدُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْغِنَى غِنَى النَّفْسِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا { لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ } قَوْلُهُ : ( الْيَدُ الْعُلْيَا ) هِيَ يَدُ الْمُتَصَدِّقِ وَالْيَدُ السُّفْلَى يَدُ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ : ( وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ) أَيْ بِمَنْ تَجِبُ عَلَيْك نَفَقَتُهُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ : يُقَالُ : عَالَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ : إذَا مَانَهُمْ : أَيْ قَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ قُوتٍ وَكِسْوَةٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ ، وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَرِقَّاءِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ : ( تَقُولُ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَارِقْنِي ) اُسْتُدِلَّ بِهِ وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أُعْسِرَ عَنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَا حَكَاهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَحَمَّادٍ وَرَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَحَكَى صَاحِبُ الْفَتْحِ عَنْ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الصَّبْرُ وَتَتَعَلَّقُ النَّفَقَةُ بِذِمَّةِ الزَّوْجِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْقَاسِمِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا(99/170)
} وَأَجَابَ الْآخَرُونَ عَنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا سَلَفَ مِنْ إعْلَالِهَا وَأَمَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَهُوَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْهُ حَيْثُ قَالَ : إنَّهُ مِنْ كِيسِهِ بِكَسْرِ الْكَافِ : أَيْ مِنْ اسْتِنْبَاطِهِ مِنْ الْمَرْفُوعِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِفَتْحِ الْكَافِ : أَيْ مِنْ فِطْنَتِهِ
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ ، فَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةً مِنْ التَّابِعِينَ قَالُوا : نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ يُطَلِّقُ فَإِذَا كَادَتْ الْعِدَّةُ تَنْقَضِي رَاجَعَ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَدْحٌ يُوجِبُ الضَّعْفَ فَضْلًا عَنْ السُّقُوطِ ، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا خَاصًّا كَمَا قِيلَ فَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْآخَرِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا } قَالُوا : وَإِذَا أُعْسِرَ وَلَمْ يَجِدْ سَبَبًا يُمْكِنُهُ بِهِ تَحْصِيلُ النَّفَقَةِ فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ الْآيَةِ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّا لَمْ نُكَلِّفْهُ النَّفَقَةَ حَالَ إعْسَارِهِ ، بَلْ دَفَعْنَا الضَّرَرَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَخَلَّصْنَاهَا مِنْ حِبَالِهِ لِتَكْتَسِبَ لِنَفْسِهَا أَوْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ { دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَاهُ حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ وَاجِمًا سَاكِتًا وَهُنَّ يَسْأَلْنَهُ النَّفَقَةَ ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى ابْنَتِهِ ، أَبُو بَكْرٍ إلَى عَائِشَةَ وَعُمَرُ إلَى حَفْصَةَ ، فَوَجَآ أَعْنَاقَهُمَا ، فَاعْتَزَلَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرًا } فَضَرْبُهُمَا لَاِبْنَتَيْهِمَا فِي حَضْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ مُطَالَبَتِهِمَا بِالنَّفَقَةِ الَّتِي لَا يَجِدُهَا ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِقَةِ لِمُجَرَّدِ الْإِعْسَارِ عَنْهَا ، قَالُوا : وَلَمْ يَزَلْ الصَّحَابَةُ فِيهِمْ الْمُوسِرُ وَالْمُعْسِرُ وَمُعَسِّرُوهُمْ أَكْثَرُ وَيُجَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ زَجْرَهُمَا عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْفَسْخِ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُنَّ طَلَبْنَهُ وَلَمْ يُجَبْنَ إلَيْهِ ، كَيْفَ وَقَدْ خَيَّرَهُنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتَرْنَهُ ، وَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ جَوَازَ الْمُطَالَبَةِ لِلْمُعْسِرِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَعَدَمَهَا بَلْ مَحَلُّهُ : هَلْ يَجُوزُ الْفَسْخُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ أَمْ لَا وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْدَمْنَ النَّفَقَةَ بِالْكُلِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اسْتَعَاذَ مِنْ الْفَقْرِ الْمُدْقِعِ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِيمَا زَادَ عَلَى قِوَامِ الْبَدَنِ مِمَّا يَعْتَادُ النَّاسُ النِّزَاعَ فِي مِثْلِهِ ، وَهَكَذَا يُجَابُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وَظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْفَسْخُ لِلْمَرْأَةِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ وِجْدَانِ الزَّوْجِ لِنَفَقَتِهَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ عَلَيْهَا ضَرَرٌ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ : إنَّهُ يُؤَجَّلُ الزَّوْجُ مُدَّةً ؛ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ شَهْرًا ، وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَهَا الْفَسْخُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ
وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادٍ أَنَّ الزَّوْجَ يُؤَجَّلُ سَنَةً ثُمَّ يُفْسَخُ قِيَاسًا عَلَى الْعِنِّينِ وَهَلْ تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَى الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ ؟ رُوِيَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي وَجْهٍ لَهُمْ أَنَّهَا تُرَافِعُهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَفِي وَجْهٍ لَهُمْ آخَرَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِالْإِعْسَارِ ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ إعْسَارُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَيْهَا وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ الْفَسْخَ رَفَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ وَالْخِيَارُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ الطَّلَاقِ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أُعْسِرَ عَنْ النَّفَقَةِ حَبَسَهُ(99/171)
الْحَاكِمُ حَتَّى يَجِدَهَا وَهُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الرِّزْقِ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ أَعْوَزَتْهُ الْمَطَالِبُ وَأُكِّدَتْ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَكَاسِبِ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَقَاعَدَ عَنْ طَلَبِ أَسْبَابِ الرِّزْقِ وَالسَّعْيِ لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَلِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهٌ وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُوسِرَةِ الْإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجِهَا الْمُعْسِرِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ وَذَهَبَ ابْنُ الْقَيِّمِ إلَى التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِهِ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ أَوْ كَانَ حَالُ الزَّوْجِ مُوسِرًا ثُمَّ أُعْسِرَ فَلَا فَسْخَ لَهَا ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي غَرَّهَا عِنْدَ الزَّوَاجِ بِأَنَّهُ مُوسِرٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا إعْسَارُهُ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ
عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَحْمَدَ إلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ الْفَسْخُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { بِأَنَّ النِّسَاءَ عَوَانٌ فِي يَدِ الْأَزْوَاجِ } كَمَا تَقَدَّمَ : أَيْ حُكْمُهُنَّ حُكْمُ الْأُسَرَاءِ ؛ لِأَنَّ الْعَانِيَ : الْأَسِيرُ ، وَالْأَسِيرُ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ خَلَاصًا مِنْ دُونِ رِضَا الَّذِي هُوَ فِي أَسْرِهِ فَهَكَذَا النِّسَاءُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ { الطَّلَاقُ لِمَنْ أَمْسَكَ بِالسَّاقِ } فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ تَخْلِيصُ نَفْسِهَا مِنْ تَحْتِ زَوْجِهَا إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْإِعْسَارِ عَنْ النَّفَقَةِ وَوُجُودِ الْعَيْبِ الْمُسَوِّغِ لِلْفَسْخِ ، وَهَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَكْرَهُ الزَّوْجَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَقَدْ قَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــ
الروضة الندية - (ج 2 / ص 283)
وأما التفريق بين المعسر وبين امرأته فأقول : إذا كانت المرأة مثلاً جائعة ، أو عارية في الحالة الراهنة فهي في ضرار ، والله تعالى يقول ولا تضاروهن وهي أيضاً غير معاشرة بالمعروف والله يقول وعاشروهن بالمعروف وهي أيضاً غير ممسكة بمعروف ، والله يقول فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان بل هي ممسكة ضراراً ، والله يقول ولا تمسكوهن ضراراً والنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول لا ضرر ولا ضرار وقد ثبت في الفسخ بعدم النفقة ما أخرجه الدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما وأخرجه الشافعي وعبد الرزاق عن سعيد ابن المسيب ، وقد سأله سائل عن ذلك فقال : يفرق بينهما . فقيل له سنة فقال نعم سنة . وما زعمه ابن القطان من توهيم الدارقطني فليس بظاهر . ثم من أعظم ما يدل على جواز الفسخ بعد النفقة أن الله سبحانه قد شرع الحكمين بين الزوجين عند الشقاق وجعل إليهما الحكم بينهما . ومن أعظم الشقاق أن يكون الخصام بينهما في النفقة . وإذا لم يمكنهما دفع الضرر عنها إلا بالتفريق كان ذلك إليهما . وإذا جاز ذلك منهما فجوازه من القاضي أولى . فإن قلت : تجويزك الفسخ للنفقة بتلك الأدلة العامة يستلزم جوازه من القاضي أولى . فإن قلت : تجويزك التضرر بها على أحد الزوجين قلت : النفقة وتوابعهما واجبة للزوجة على زوجها وليس ما يفوت بسبب تلك العيوب بواجب لها عليه ثم التضرر بترك النفقة وتوابعها لا يعادله شئ ، وإذا كان العيب في الزوجة كالجنون والجذام والبرص فقد فات الزوج شئ واجب له لكن قد جعل الله بيده الطلاق . ثم قد ورد في خصوص الفسخ بعدم النفقة ما قدمنا ذكره *(99/172)
ـــــــــــــــــــ
الفقه على المذاهب الأربعة - (ج 5 / ص 359)
وهذه الأحكام إنما هي للمؤمنين الذين يعملون بدينهم، فإذا أهمل أحدهما دينه كان هو الملوم، وكان من اللازم المحتم أن تنظر إلى قدسية علاقة الزوجية واحترامها ومتى وقعت على أي حال ومع ذلك فإذا فرض أن زوجين عاشاً معاً في أول أمرهما سليمين ورزقا بأولاد ثم نزلت بأحدهما مصيبة مرض أو عيب كهذا فهل من المعقول أن يفارقه السليم رغم أنفه؟! أظن أن الجواب: لا، وما ذلك إلا لاحترام علاقة الزوجية، وهي حاصلة بالعقد لا محالة.
ولولا أن الجب - قطع عضو التناسل - والعنة والخصاء تتنافى معها الزوجية، لأن المجبوب، والعين والخصي كالمرأة - والمرأة لا تتزوج المرأة - لولا ذلك لما جاز طلب فسخ عقد الزواج بحال. فإن قلت: إن هذا يستلزم أن لا يفارق الزوج زوجته بالطلاق أيضاً، والجواب: أن الطلاق قد شرع في الإسلام لأعراض اجتماعية هامة ضرورية، وقد يكون واجباً كما إذا قام بين الزوجيين شقاق تقطعت به علائق الزوجية وحلت محلها الكراهية والنفر ولم يتمكن المصلحون من إزالتها، فإن الدواء لمثل هذه الحالة الطلاق، وإلا انقلبت الزوجية إلى عكس الغرض المطلوب، فإنها ما شرعت إلا للجمع بين صديقين تنشأ بينهما مودة ورحمة لا للجمع بين عدوين لا يستطيع أحدهما أن ينظر إلى الآخر، وسيأتي بيان حكمة مشروعية الطلاق في بابه منفصلة.
ومن هذا يتضح أن الشارع لم يجعل الفرقة بين الزوجين مبنية على العيب، أو المرض، لأنهما يوجبان الشفقة والرحمة لا الفرقة والقسوة، وجعل للرجل حق الطلاق ليستعمله عند الضرورة، فإذا أساء استعماله كان آثماً يستحق عقاب اللّه في الدنيا والآخرة، فالفرق بين الحالتين واضح لا يخفى.
المالكية - قالوا: العيوب التي يفسخ بها النكاح ثلاثة عشر عيباً، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عيوب مشتركة بين الزوجين بمعنى أنها قد توجب في الرجل. وقد توجد في المرأة. وقد توجد فيهما معاً، وهي أربعة: الجنون، والجذام، والبرص، والخراءة عند الوطء، وتسمى - عذيطة - بفتح العين وسكون الذال، فمتى وجد عيب من هذه العيوب في أحد الزوجين كان للآخر أن يطلب مفارقته بفسخ النكاح، ولو كان معيباً مثله، لأن الإنسان يكره من غيره ما لا يكسره من نفسه، فأما الجنون فإنه يثبت به الخيار للرجل والمرأة لأنه مشترك كما ذكرنا، وله ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يحدث قبل الدخول. الثانية: أن يحدث بعد العقد وقبل الدخول. الثالثة: أن يحدث بعد الدخول. فإن حدث قبل العقد في الزوجة ولم يعلم به الزوج أو العكس، فلكل من الزوجين أن يرد به الآخر قبل الدخول وبعده، بشرط أن يقع من صاحبه ضرر كضرب أو إفساد مال، أما إذا كان يتخبط ويفيق، كالمصروع، فإنه لا يرد به، وإن حدث الجنون بعد العقد، فإن كان الجنون قد عرض للزوج فإن الخيار يثبت للزوجة، فلها الحق في فسخ النكاح إما إن كان قد عرض للزوجة فلا يثبت الخيار للزوج، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، وهذا هو المعتمد، ولعل أن(99/173)
المرأة مستضعفة بطبيعها وإنها رهينة المنزل، فيمكن اتقاء الضرر الذي يترتب على جنونها، ويمكن الاستمتاع بها وهي على هذه الحالة بخلاف الزوج، على أن الزوج بيده عقد النكاح فيمكنه أن يطلق عند عدم تمكنه من دفع ضررها، وبعضهم يقول: إنه لا فرق في ذلك بين الزوج والزوجة، فالجنون العارض بعد العقد يجعل الخيار لكل من الزوجين قبل الدخول وبعده، وبعضهم يقول: إن حدث قبل الدخول كان للمرأة الرد دون الرجل، وإن حصل بعد الدخول ليس لها الرد كالرجل، وقيل: لا يرد بالجنون الحاصل بعد العقد مطلقاً سواء عرض للرجل أو للمرأة فالأقوال أربعة، والمعتمد منها واحد، كما عرفت.
القسم الأول: عيوب مشتركة بين الزوجين بمعنى أنها قد توجب في الرجل. وقد توجد في المرأة. وقد توجد فيهما معاً، وهي أربعة: الجنون، والجذام، والبرص، والخراءة عند الوطء، وتسمى - عذيطة - بفتح العين وسكون الذال، فمتى وجد عيب من هذه العيوب في أحد الزوجين كان للآخر أن يطلب مفارقته بفسخ النكاح، ولو كان معيباً مثله، لأن الإنسان يكره من غيره ما لا يكسره من نفسه، فأما الجنون فإنه يثبت به الخيار للرجل والمرأة لأنه مشترك كما ذكرنا، وله ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يحدث قبل الدخول. الثانية: أن يحدث بعد العقد وقبل الدخول. الثالثة: أن يحدث بعد الدخول. فإن حدث قبل العقد في الزوجة ولم يعلم به الزوج أو العكس، فلكل من الزوجين أن يرد به الآخر قبل الدخول وبعده، بشرط أن يقع من صاحبه ضرر كضرب أو إفساد مال، أما إذا كان يتخبط ويفيق، كالمصروع، فإنه لا يرد به، وإن حدث الجنون بعد العقد، فإن كان الجنون قد عرض للزوج فإن الخيار يثبت للزوجة، فلها الحق في فسخ النكاح إما إن كان قد عرض للزوجة فلا يثبت الخيار للزوج، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، وهذا هو المعتمد، ولعل أن المرأة مستضعفة بطبيعها وإنها رهينة المنزل، فيمكن اتقاء الضرر الذي يترتب على جنونها، ويمكن الاستمتاع بها وهي على هذه الحالة بخلاف الزوج، على أن الزوج بيده عقد النكاح فيمكنه أن يطلق عند عدم تمكنه من دفع ضررها، وبعضهم يقول: إنه لا فرق في ذلك بين الزوج والزوجة، فالجنون العارض بعد العقد يجعل الخيار لكل من الزوجين قبل الدخول وبعده، وبعضهم يقول: إن حدث قبل الدخول كان للمرأة الرد دون الرجل، وإن حصل بعد الدخول ليس لها الرد كالرجل، وقيل: لا يرد بالجنون الحاصل بعد العقد مطلقاً سواء عرض للرجل أو للمرأة فالأقوال أربعة، والمعتمد منها واحد، كما عرفت.
وأما الجذام فإنه يثبت به الخيار للزوجة، سواء وجد في الرجل قبل العقد. أو بعده، سواء كان قليلاً أو كثيراً بشرط أن يكون محققاً، أما إذا كان مشكوكاً في أنه جذام، أو لا. فإنه لا يرد به اتفاقاً أما الرجل فله حق الفسخ إن كان موجوداً في المرأة قبل العقد أو عند العقد، سواء كان قليلاً أو كثيراً، ولا حق له في الفسخ بالجذام الحادث بعد العقد مطلقاً، كما لا حق لأحدهما في الفسخ بالجذام القائم بأصولهما كالأب، والجد والأم خوفاً من وصول الداء بطريق الوراثة لأن ذلك غير مستيقن، فلا عبرة به.(99/174)
أما البرص، وهو الداء المعروف، سواء كان أبيض. أو أسود. فغن كان قبل العقد، وكان كثيراً، فإنه يجعل لكل من الزوجين الخيار في الفسخ، أما إذا كان يسيراً فترد به المرأة باتفاق، وفي رد الرجل باليسير من البرص قولان، هذا إذا حدث قبل العقد، أما إذا حدث بعد العقد فإن كان يسيراً، فلا رد به لأحدهما، سواء وجد في الزوج أو الزوجة، وإن كان كثيراً وكان في الرجل كان للمرأة الحق في الفسخ، وإن كان في المرأة فليس للرجل حق الفسخ على المذهب، وذلك لأن الرجل بيده الطلاق، فإن تضرر منها فارقها بالطلاق، والفرق بين حدوثه بعد العقد وقبله ظاهر، لأن المفروض قبل العقد أن تكون المرأة سليمة من العيوب المنفرة، أما بعد العقد فالبرص مصيبة من المصائب التي تعرض لأحد الزوجين، ولما كانت الزوجة لا تملك الفراق جعل لها الخيار بخلاف الرجل الذي يملكه.
أما العذيطة، فإنها عيب يرد به الزوجان إذا كان قديماً موجوداً في أحدهما قبل العقد، أما إذا حدث بعد العقد أو شك في حدثه بعد العقد، فإنه لا يثبت لأحدهما به الخيار، فإنه وإن كان مرضاً قذراً تنفر منه النفس ولكن شره أهون من غيره، فإن كان الرجل يتقذر به ويعاف المرأة بسببه، فله مفارقتها بالطلاق، أما المرأة فإنها يمكنها الإغضاء عنه، وبعضهم يقول، إن العذيطة إذا حدثت على الرجل بعد العقد كان للمرأة حق الفسخ بها، بخلاف ما إذا حدثت على المرأة فإنها لا تجعل للرجل الحق في الفسخ، كالجذام، لما عرفت من أن الرجل بيده الطلاق دونها.
هذان ولا فسخ بالبول على الفراش أو عند الجماع أو بالريح، فهذه هي العيوب الأربعة المشتركة بين الزوجين.
ومن العيوب المشتركة أن يكون أحدهما خنثى واضح الخنوثة، فإذا كان للزوج ذكر ينتصب ويمني كالرجل، ولكن له شق غير نافذ يشبه الفرج حقيقة، فإنه ليس بعيب يرد به، أما المرأة إذا كان لها فرج تام لا عيب فيه، ولكن لها ما تشبه الآلة، وليست بآلة، بل هي قطعة لحم زائدة، فقيل: إنها عيب، وقيل: لأنها كالخنثى المشكل، فلا يصح تزوجه على أي حال.
القسم الثاني: العيوب الخاصة بالرجل، وهي أربعة: الجب، العنة، الخصاء، الاعتراض، فأما المجبوب، فهو - مقطوع الذكر والأنثيين - أو مقطوع الحشفة، على الرجع، والعنين هو - من له ذكر صغير - لا يتأتى به الجماع، ومثله الذي له آلة ضخمة لا يتأتى بها الجماع، فكلاهما عيب يجعل للمرأة حق فسخ، والخصي: هو مقطوع الأنثيين دون الذكر - ولو انتصب ذكره، ولكنه لا يمني كان معيباً، أما إذا أمنى فلا رد بالخصاء، وأما المعترض فهو الذي لا يتنصب لمرض ونحوه.
فهذه الأمور الأربعة إذا وجدت المرأة واحداً منها في الرجل فإن لها الفسخ إذا تحققت الشروط المتقدمة، بأن كانت لا تعلم به قبل العقد الخ.
القسم الثالث: خاص بالمرأة وهو خمسة أشياء: الرتق. والقرن، والعفل. والإفضاء. والبخر، فأما الرتف، فهو انسداد مدخل الذكر من الفرج فلا يمكن من الجماع، سواء كان الانسداد غدة لحم أو بعظم، وأما القرن، فهو شيء يبرز في الفرج - كقرن الشاة - وأما العفل، فهو لحم يبرز في القبل، ولا يخلو عن رشح يشبه الأدرة للرجل - القليطة - وهذه الأمراض وجودها الآن نادر، بل ربما لا تكاد توجد، لأن علم الطب(99/175)
- خصوصاً الجراحة - قد تقدماً كثيراً، ويمكن استئصال هذه الأمراض بسهولة، أما الإفضاء، فهو أن يختلط مسلك الذكر بمسلك البول أو الغائط ويقال للمرأة: مشروم. أو شريم، وأما البخر، فالمراد به نتن الفرج. أما نتن البدن فلا رد به، وهو وإن أمكن تخفيفه بالروائح العطرية وتنظيف المعدة بتنظيم الأغذية وتخفيفها إلا أن علاجه صعب وقد سمعت من بعض الأخصائيين في سببه أن فم المعدة له غطاء إذا نزل عليه الغذاء ينفتح فينزل الغذاء إلى المعدة، ثم يعود الغطاء كما كان، فيكتم الروائح التي تنبعث من المعدة، فإذا اختل ذلك الغطاء انبعثت منه رائحة البخر. فهذه هي العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح بدون اشتراط، أما شروط الفسخ بها. فهي ثلاثة:
الشرط الأول: أن يكون طالب الفسخ عاماً بالعيب قبل العقد: فإن كان عالماً به، سواء كان المعيب الزوج أو الزوجة. فقد سقط حقه في الفسخ.
الشرط الثاني: أن لا يرضى بالعيب بعد العقد عند الاطلاع عليه، فإن رضي صريحاً، بأن قال: رضيت، فقد سقط حقه في طلب الفسخ، وكذا إذا رضي به ضمناً، بأن مكنته من نفسها إن كان المعيب الزوج، أو قاربها إن كانت المعيبة الزوجة.
الشرط الثالث: أن لا يتلذذ أحدهما بالآخر بتقبيل أو تفخيذ، ونحو ذلك، فإن تلذذ السليم بالعيب سقط حقه في طلب الفسخ.
والحاصل أن الشرط في الواقع هو الرضا، والرضا له علامتان: إحداهما: صريحة، وهي القول والثانية: ضمنية وهي التمكين والتلذذ.
ويستثنى من العيوب الآتية عيب واحد لا يضر فيه العلم به قبل العقد، وهو عيب الاعتراض - عدم الانتصاب - فإنها إذا علمت به المرأة قبل العقد ورضيت بالنكاح، ثم دخلت ومكنته من نفسها مدة ولم يبرأ فإن لها الحق في الفسخ، وذلك لأن مثل هذا المرض قد يبرأ بالتزوج ومخالطة النساء فإن التلذذ قد ينعشه، فإذا تزوجته على هذا التقدير ولم يفلح كان لها الحق في طلب الفسخ.
وإذا ادعى أحد الزوجين سقوط شرط من هذه الشروط كأن ادعى الزوج الأبرص أنها رضيت ببرصه بعد أن اطلعت عليه ومكنته من نفسها، ولا بينة للزوج، حلفت الزوجة على ذلك. وكذلك إذا كان العيب بالزوجة، وقالت: إنه علم بعيبي قبل العقد ولا بينة لها حلف الزوج.
فهذه شروط الفسخ، وتارة يكون الفسخ بلا تأجيل وتارة يكون بتأجيل، وإليك بيان ذلك. العيوب بالنسبة للتأجيل وعدمه تنقسم إلى أربعة أقسام أيضاً:
القسم الأول: العيب الحادث بالرجل كالجنون، والبرص، والجذام البين. إذا طرأ على أحدهما بعد العقد، فإنه يؤجل له الحاكم في هذه الحالة الفسخ سنة قمرية بشرط أن يرجى برء الداء، أما إذا كان عضالاً لا يرجى برؤه فلا تأجيل، لا فرق بين الجنون والجذام والبرص، على المعتمد وبعضهم يقول: إنه يؤجل للجنون سنة ولو لم يرج البرء، وقد نصوا على أن المجنون يعزل عن امرأته في مدة هذه السنة، فإن برئ بعد السنة فذاك، وإلا فرق الحاكم بينهما، والظاهر أن السبب في ذلك الخوف من الإضرار بالزوجة، لأن المفروض أن الجنون الذي يترتب عليه الفسخ هو الجنون(99/176)
الذي ينشأ منه الضرر، وإذا كان كذلك فمما لا ريب فيه أن عزل المجذوم والأبرص يكون كعزل المجنون إذا ترتب عليه ضرر بالزوجة، بل قد يكون الضرر أشد فيكون العزل أولى، وقد صرحوا بأن الصحيح منع السيد المجذوم من وطء إمائه، فالأحرار أولى كما لا يخفى.
هذا، ولزوجة المجنون الحق في النفقة من ماله بعد الدخول. مدة السنة بلا خلاف، أما قبل الدخول فخلاف، والظاهر أن لها النفقة، أما زوجة المجذوم والأبرص فلهما الحق في النفقة في السنة المؤجل فيها الفسخ قبل الدخول وبعده بلا خلاف، وكذلك لزوجة المعترض، وهو الذي أجل له لسبب عدم الانتصاب، النفقة مدة السنة الؤجلة قبل الدخول وبعده كزوجة المجذوم و الأبرص على التحقيق.
القسم الثاني: العيب القديم بالرجل، وهو القائم به قبل العقد، كما إذا كان مجنوناً أو أبرص أو أجذم قبل العقد، وفي هذا خلاف، فبعضهم يقول: إنه يؤجل له الفسخ سنة أيضاً، وهو المعتمد وبعضهم يقول: لا يؤجل له بل يفسخ العقد بدون تأجيل.
(يتبع...)
*(تابع... 1): - العيوب التي توجد في الزوجين تنقسم إلى قسمين (1): قسم يوجب لكل... ...
القسم الثالث: العيب الحادث بالمرأة بعد العقد: وهذا لا كلام فيه، فإن الرجل لا خيار له فيه، كما هو موضع فيما قبل هذا، فإذا الرجل أمكنه التخلص منها بالطلاق.
القسم الرابع: العيب القديم بالمرأة كما كانت مجنونة قبل العقد، أو بها برص بين أو جذام بين لم يعلم به الزوج، فإنها في ذلك كالرجل يؤجل الحاكم لها الفسخ سنة قمرية. هذا في العيوب المشتركة أما العيوب المختصة بالمرأة وهي عيوب عضو التناسل، كالقرن. والعفل. والبخر الخ. فإن الحاكم يؤجل لها بحسب ما يلزم لعلاجها باجتهاده، وتجبر على إزالة مثل هذا العيب إذا طلبه الزوج إلا إذا كان الداء طبيعياً بحسب الخلقة. فإنها لا تجبر على إزالته بخلاف ما لو كان عارضاً، وعللوا ذلك بان في إزالة الطبيعي شدة ضرر. ومعنى هذا أنها تجبر على إجابته إذا انتفت شدة الضرر بالبنج ونحوه، والواقع أن الخلاف في مثل هذا مصدره صعوبة القطع قبل تقدم الجراحة، أما الآن فلا فرق بين الطبيعي وغيره، بل إزالة العارض الذي مثلوا به أشد من إزالة الطبيعي.
والحاصل أن الذي ينبغي أن يقال الآن بحسب تعليلهم: إن طلب الزوج إزالة وكانت إزالته لا يترتب عليها شدة ضرر أو تشويه في الخلقة تجبر على إزالة وإلا فلا، لا فرق بين الطبيعي وغيره وإن طلبت إزالته هي وجب على الزوج إجابتها ما لم يترتب على إزالته تشويه للمحل، فإنه لا يجبر لأن النتيجة واحدة في كلتا الحالتين، وهي نقص الاستمتاع.
هذا، وإذا كان المرض القائم بالرجل من عيوب عضو التناسل، كالعنة، وارتخاء الذكر، ويقال له: الاعتراض، فإنه يؤجل له فيها سنة بشرط أن يرجى برء الداء، أما إذا كان لا يرجى برؤه، كالمجبوب أو الخصي الذي لا يمني أو العنين الذي له آلة صغيرة بحسب الخلقة، فلا يستطع الوصول إلى الوطء، فغن مثل هولاء لا يرجى(99/177)
برؤهم، فلا معنى للتأجيل لهم، لأن الغرض من التأجيل التداوي، وحيث لا يرجى البرء ففيم التداوي؟.
والحاصل أن الأمراض المشتركة بين الرجل والمرأة، والأدواء المختصة بالرجل إذا كان يرجى برؤها فإنه يؤجل فيها الحر سنة والعبد نصفها، ونقل عن مالك أيضاً أن العبد في ذلك مثل الحر، وهو المعقول، وإن كان العمل على الأول.
وأما الأمراض المختصة بالنساء، فالتأجيل فيها بالاجتهاد حسبما تقتضيه حالة علاج الداء.
ثم إن بدء التأجيل بالسنة يكون من يوم الحكم لا من يوم رفع الأمر للقاضي، وإذا كان المعيب مريضاً بمرض آخر غير العيب تحتسب السنة من الوقت شفائه من المرض الآخر، مثلاً إذا أجل للرجل الذي لا ينتصب سنة، وكان مريضاً بالحمى، فتحسب له السنة من أول يوم شفي من الحمى.
هذا، ولا يكون للمرأة خيار إذا دخل بها، وهو سليم من المرض، ووطئها ولو مرة واحدة، ثم عرض له المرض بعد ذلك، فلو كان صبياً ثم أصيب بقطع ذكره لمرض بعد أن عاشرها وهو سليم كان ذلك مصيبة حلت به لا خلاص له منها،ومثل ذلك ما إذا عرض له مرض منعه من الانتصاب أو عرضت له شيخوخة منعته من الوطء.
هذا حكم التأجيل، وقد يتنازع الزوجان بعد انتهاء مدة الأجل فإليك بيان حكم التنازع، إذا تنازع في البرء من هذه العيوب، فغن كان العيب ظاهراً، كالجذام، والبرص، والجنون، فلأمر ظاهر لأن البرء منها لا يخفى في الوجه أو اليدين ولا بد فيه من شهادة رجلين، وإن كان في باطن الجسم كفى فيه امرأتان، ومعنى هذا إباحة النظر فيه للطبيب الثقة من بباب أولى، أما إن كان باطناً، وهو العيب المتعلق بعضو التناسل فإن كان متعلقاً بالرجل كعدم انتصاب الآلة فادعى أنه وطئها قبل تمام السنة المحددة له وأنكرت كان القول له بيمنه، لأنه أنكر أصل الدعوى، وهي عدم قدرته على الوطء، فإن نكل عن اليمين حلفت هي فغن حلفت قضي لها بأن يأمره بتطليقها، فإن أبى، ففيه قولان: أحدهما أن الحاكم يطلق عليه. ثانيها: أن الحاكم بأمرها هي بإيقاع الطلاق كأن تقول: طلقت نفسي منك، ثم يحكم الحاكم بالطلاق الذي أوقعته، لأن أمره إياها بإيقاع الطلاق ليس حكماً عند بعضهم، وبعضهم يقول: إن الذي يفعله القاضي بعد تطليقها نفسها ليس حكماً وإنما هو إشهاد بما حصل منها. فهو خارج عن الخلاف المذكور، وإذا طلق القاضي ثلاثاً يقع إلا واحدة، وكذا أمرها بتطليق نفسها فزادت على واحدة، أما الزوج فله أن يطلق كما شاء.
هذا، والمفروض أنه طلقها قبل البناء لأنه لم يطأها أبداً،إذ قد علمت انه لو وطئها ولو مرة سقط حقها في طلب الفسخ، وفي هذه الحالة يقع الطلاق البائن واحداً، ومع ذلك فإنه إذا خلا بها تجب العدة احتياطاً. فهما يعاملان بإقرارهما من حيث الوطء، وتعامل العدة بالخلوة الاحتياط، ولها الصداق كاملاً إن أقامت معه السنة كلها، ولو لم يطأها، لأنك قد عرفت فيما تقدم أن مكث المرأة سنة مع الزوج يقرر لها الصداق، ولو لم يطأها، لأنه قد تلذذ بها وانتفع بجهازها وطال مقامها معه فتستحق على هذا كله كل الصداق، أما إذا طلقها قبل مضي السنة، فإنها تستحق نصف المهر، ثم إن كان قد تلذذ بها كان لها الحق في العوض بحسب اجتهاد القاضي.(99/178)
وكذلك إذا كان العيب الجب. أو العنة، أو الخصاء، فإن أنكره الرجل فإنه يمكن معرفته بالجنس، بان يجس موضعه، والجنس يتأتى به العلم في ذلك كالنظر، وهو وإن كان غير جائز كالنظر إلا أنه أخف، وارتكاب أخف الضررين للضرورة لازم مادامت النتيجة واحدة، وبعضهم يرى جواز النظر إليه للتحقق من دعواه، لأن المسألة مفروضة في الحكم بين خصمين، فكل ما يوجب التثبيت يكون أولى من غيه، وهذا الرأي يناسب زماننا، لأنها يصح أن يعرض على خبير له دراية بالطب ليقرر بشأنه قراراً قاطعاً، على أن الرجل الذي يعلم ستعرض على طبيب ثقة، أو طبيبين موثوق بهما لا يمكنه أن ينكر من أول الأمر وتنتهي الخصومة.
أما إذا كان العيب الاعتراض، وهو الارتخاء، فإنه لا يعلم بالجنس، وقد عرفت أن الرجل يصدق بيمينه، ومثل ذلك ما إذا كان بذكره مرض سري لا يعرف بالجنس، فإنه يصدق فيه بيمينه، ولا أدري لماذا لا يعرض على طبيب أيضاً، إذا لا فرق بين حبس المجبوب أو العنين، والنظر إليهما، وبين هذا - بل ربما كان خطره أشد إذ قد يكون مصاباً بالسيلان أو الزهري، فيؤذي المرأة - وقواعد المذاهب لا تأبى ذلك، فإنهم يقولون دائماً برفع الضرر.
وإذا طلق العنين أو المجبوب أو الخصي الذي لا يمكنه الوطء بعد الدخول كان عليه الصداق كله بالخلوة والتلذذ، أما إذا طاق القاضي عليه مهر لها لأن الخلوة لا يتقرر بها المهر، والمجبوب، و العنين،والخصي الذي يمكنه الوطء أصلاً لا يتصور منهم وطء فلا يجب عليهم مهر، أما الخصي - مقطوع الأنثيين الذي يمكنه الوطء، ولكنه لا يمني - فإنه يجب عليه المهر إذا أولج فيها كما تقدم أما إذا أطلق المجذوم. أو الأبرص بعد الدخول،أو طلق عليهم القاضي، فإنه يجب لها المهر المسمى، وكذلك المجنون إذا طلق عليه القاضي فإنها يجب لها المسمى لأنه يتصور وقوع الوطء من هؤلاء.
هذا في عيوب الرجل المتعلقة بالوقاع، أما عيوب المرأة المتعلقة به، فإنها تصدق فيها أيضاً بيمينها، فإذا أنكرت أنها بها عيباً من العيوب المتعلقة بذلك أو أنها برئت من هذا العيب، فإنها تصدق بيمينها، ولا تجبر على أن ينظر إليها النساء، ولكن إذا رضيت باختيارها بأن ينظر إليها شاهدتان فإن قولهما يقبل، وذلك في المرأة لا يترتب عليه كثير ضرر للرجل، فإن الرجل الذي يتضرر من العيب القائم بالمرأة ولا يستطيع البقاء معها يستطيع أن يتخلص منها بالطلاق بدون حاجة إلى التشهير بها واطلاع الناس على عورتها، وأما المرأة فإنها معذورة لأن عصمتها بيد الرجل ولا مغيث لها من التضرر إلا بإثبات العيب القائم به، على أنك قد عرفت فيما قدمناه أن العيوب الظاهرة بالمرأة لا بد فيها من شهادة رجلين إذا كانت بالوجه واليدين أو بامرأتين إن كانت في باقي البدن.
وحاصل حكم المهر بالنسبة للعيوب التي تجعل للزوجين الخيار في الفسخ بدون شرط أن العيب إما أن يكون في الزوج،أو في الزوجة، فإن كان في الزوج فلا يخلو إما يكون متعلقاً بالجماع أولا، فإن كان متعلقاً بالجماع، فهو على قسمين: الأول أن يكون العيب - الاعتراض - أي عدم الانتصاب، فغن لم ترض به الزوجة وطلقها قبل أن يمكث معهاً زمناً طويلاً، فلها نصف المهر وتعويض عما نال منها بالتلذذ بها(99/179)
بحسب اجتهاد القاضي، ولا فرق في ذلك بين أن يطلقها باختياره أو يطلقها القاضي عليه. الثاني: أن يكون العيب الجب أو العنة والمجبوب و العنين إذا طلق أحدهما زوجته باختياره بعد بنائه بها كان الصداق كاملاً، أما إذا لم ترض بهما الزوجة ورفعت أمرها للحاكم فحكم بالطلاق فلا مهر لها، ومثل العنين والمجبوب الخصي الذي قطع ذكره والشيخ الكبير الذي عجز عن الوطء، أما الخصي الذي قطعت أنثياه فإن عليه الصداق كله بالإيلاج وان يمن. أما إذا كان عيب الزوج من الأمراض التي لا تتعلق بعضو التناسل، كالجذام والبرص والجنون فإنه إذا طلق هو باختياره، او طلق عليه القاضي بعد الدخول كان لها المهر المسمى جميعه، لأن الأجذم والأبرص والمجنون يتأتى منهم الوطء.
أما إذا كان العيب في المرأة فإن اطلع عليه الرجل قبل الدخول، فهو بالخيار بين أن يرضى بالعيب ويكون عليه المسمى أو يفارقها ولا شيء عليه، وإن اطلع بعد الدخول كان بالخيار بين أن يرضى ويلزمه المسمى أو لا يرضى ويفارقها، فلزمه أقل المهر، وهو ربع دينار، فإذا فسخ القاضي نكاحها بعد الدخول رجع عليها بما غرمه لها من مهر.
هذه أحكام العيوب التي تجعل لكل من الزوجين الحق في الفسخ، وهناك عيوب أخرى كالسواد والقراع والعمى والعور والعرج والشلل وكثرة الأكل، فإنها لا تعتبر إلا إذا اشترط أحد الزوجين السلامة منها صريحاً، ولا يعتبر العرف في هذه الحالة، فإن العرف كالشرط في غير النكاح لأن النكاح مبني على التسامح في مثل هذه الأمور، بخلاف البيع، فإذا اشترط الزوج سلامة المرأة من عيب من هذه العيوب صح، فإذا اطلع على عيب اشترط السلامة منه قبل الدخول كان مخيراً بين أمرين، وهما الرضا، وعليه جميع الصداق المسمى، أو يفارق، ولا شيء عليه، أما إذا اطلع على العيب بعد الدخول، وأراد بقاءها، أو مفارقتها، ردت إلى صداق مثلها، وسقطت الزيادة في مقابل ما اشترطه ما لم يكن صداق مثلها أكثر من المسمى، فإنه يلزمه المسمى، ومن ذلك ما إذا اشترط أنها بكر فوجدها ثيباً، فإن له الخيار على الوجه المتقدم).
(2) (الحنفية - قالوا: إن لا فسخ إلا بالجب. والعنة والخصاء، فإذا وجد عيب منها في الرجل كان للمرأة الخيار، وقد عرفت أنه لا خيار للرجل بوجود عيب في بضع المرأة من رتق أو نحوه، ولكن له الحق في إجبارها على إزالته بجراحة وعلاج. كما أنه إذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق في هذه الحالة، لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع، وفي فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها، ومثله من له آلة صغيرة لا تصل إلى داخل الفرج.
ـــــــــــــــــــ
الفقه الإسلامي وأصوله - (ج 3 / ص 112)
اشتراط الخيار في الزواج:
الزواج لا يثبت فيه خيار الشرط بالاتفاق لم يخالف في ذلك من الفقهاء.
لأن هذا العقد وضع لإفادة حل التمتع في الحال، وخيار الشرط ينافيه، ولأن الحاجة غير داعية إليه فإنه لا يقع في الغالب إلا بعد ترو وفكر ومعرفة كل واحد من(99/180)
الزوجين صاحبه، ولأن ثبوت الخيار يقضي فسخه بعد العقد وفي هذا ضرر كبير بالمرأة وبخاصة إذا كان بعد الدخول.
وبعد اتفاقهم على فساد هذا الشرط اختلفوا في أثره في العقد:
ذهب الحنفية إلى أن الشروط الفاسدة لا تؤثر في عقد الزواج ويقولون بإلغاء الشرط وصحة العقد.
وذهب الحنابلة إلى أن العقد يفسد مع هذا الشرط لأن الزواج لا يقبل الإقالة فلا يقبل الفسخ فيكون هذا الشرط منافياً لطبيعته.
ولا يثبت في الزواج خيار الرؤية فيما لو تزوجا ولم يكن أحدهما رأى الآخر لأن الأصل في عقد الزواج أن يكون لازماً، وثبوت خيار الرؤية يجعله غير لازم.
على أننا لسنا في حاجة إلى إثباته ما دام الشارع قد أباح النظر عند الرؤية بل أمر به ورغب فيه.
ولا يثبت في الزواج خيار العيب حتى ولو اشترط كل منهما أو أحدهما سلامة الآخر من العيوب.
ذهب الحنفية إلى صحة العقد وإلغاء الشرط لكنهم جعلوا للزوجة الحق في رفع الأمر إلى القاضي ليفسخ العقد إذا وجدت بزوجها بعض العيوب التي لا يتحقق معها أغراض الزواج كالجب والعنة ولم يجعلوا هذا الحق للزوج إذا وجد بها عيباً يمنع تحقق أغراض الزواج، لأنه يستطيع أن يتخلص منها بالطلاق.
وذهب الحنابلة إلى إثبات لكل من الزوجين الخيار إذا وجد عيباً بالآخر يمنع المخالطة الجنسية سواء كان العيب في محلها أو لا كالأمراض المنفرة كالجذام والبرص والجنون وغيرها.
الفقه الإسلامي وأصوله - (ج 3 / ص 264)
التفريق بين الزوجين بواسطة القضاء:
الفَصل الأول
في التفريق لعدم الإنفاق
إذا لم تحصل الزوجة على نفقتها الواجبة بسبب من قبل الزوج كعسره أو امتناعه عن الإنفاق، فإن كان له مال ظاهر أو عند شخص آخر، وأثبتت الزوجة ذلك بأي وسيلة لم يكن لها طلب التفريق بهذا السبب لإمكان حصولها على حقها.
أما إذا لم تتمكن من الحصول عليه لعسره أو لغيبته التي لا يعلم معها مكان ماله، أو لامتناعه عن الإنفاق مع قدرته، فهل يكون لها حق طلب التفريق في هذه الحالة؟
اختلف الفقهاء في ثبوت هذا الحق لها،
ذهب الحنفية إلى عدم ثبوته، بل لها أن تطلب من القاضي الإذن لها بالاستدانة عليه إن كان معسراً أو غائباً، وجبره على الإنفاق إن كان ممتنعاً عن الإنفاق وتهديده بالحبس أو بالتعزيز إن لم يفعل.
وذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى أنَّ للزوجة حق طلب التفريق، وعلى القاضي إجابتها لطلبها متى ثبتت صحة دعواها، على اختلاف بينهم في التفصيلات.
الفَصل الثّاني(99/181)
في التفريق للعيب:
اتفق الفقهاء على أنَّه ليس كل عيب يصلح سبباً لطلب التفريق بل العيوب التي تخل بالمقصود الأصلي من الزواج، أو يترتب عليها ضرر لا يحتمله الطرف الآخر اختلفُوا في أمور:
الأول: من يثبت له هذا الخيار. أهو كل من الزوجين أم الزوجة وحدها؟
فذهب الحنفية إلى أنه يثبت للزوجة فقط، لأن الزوج يستطيع دفع الضرر عن نفسه بالطلاق الذي ملكه الله إياه، ولا داعي لرفع الأمر للقضاء لما فيه من التشهير بالمرأة أما الزوجة فلا تملك الطلاق فيتعين إعطاؤها حق طلب التفريق لتدفع به الضرر عن نفسها.
وذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى أن هذا الحق يثبت لكل من الزوجين فيجوز للزوج طلب التفريق إذا وجد بزوجته عيباً يمنع الاتصال الجنسي كالرتق والقرن والعفل والإفضاء(1) أو وجدها مجنونة أو بها جذام أو برص، لأنه يتضرر بذلك ولا يستطيع معاشرتها مع وجود تلك العيوب كما يثبت لها هذا الحق إذا وجدت بزوجها عيباً.
الثاني: في عدد العيوب الموجبة للتفريق:
فذهب الحنفية في رواية إلى أنها العيوب التي تمنع التناسل وهي ثلاثة: أن يكون الرجل عنيناً أومجبوباً او خصياً(2). لأن الغاية من الزواج حفظ النسل، فإذا لم يكن الزوج صالحاً للتناسل استحال تحقيق المقصود من العقد أما غير هذه العيوب فهي لا تمنع تحقق هذا المقصود ويكفي تحققه في الجملة.
وزاد في رواية أخرى ثلاثة عيوب أخرى وهي : الجنون والجذام والبرص.
والأئمة الثلاثة وافقوا الحنفية وزادوا غيرها.
فعدها المالكية ثلاثة عشر بعضها خاص بالرجل وبعضها خاص بالمرأة، وبعضها مشترك بينهما.
وزاد الحنابلة عيوباً أخرى.
الثالث: في نوع التفريق الواقع بالعيب. هل هو فسخ أو طلاق؟
ذهب الحنفية والمالكية إلى أنه طلاق بائن، لأن فعل القاضي يضاف إلى الزوج فكأنه طلقها بنفسه، وإنما جعل بائناً لأن المقصود منه دفع الضرر عن المرأة ولا يحصل ذلك إلا بالطلاق البائن.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه فسخ، لأن الفرقة جاءت من قبل الزوجة.
أما إذا كان العيب في الزوج فظاهر، وأما إذا كان فيها والزوج هو الذي طلب التفريق فقد كانت السبب في طلبه، والفرقة إذا جاءت من قبل الزوجة تعتبر فسخاً لا طلاقاً ويظهر أثر هذا الخلاف في نقصان عدد الطلاق به إذا جعل طلاقاً، وعدم نقصانه به إن كان فسخاً، وفي وجوب نصف المهر لها إذا كان قبل الدخول وعدم وجوبه.
الرابع: ذهب المالكية والشافعية إلى أن هذا الحق يثبت لصاحبه على الفور بمجرد العلم به(99/182)
(1) الرتق: انسداد موضع الاتصال الجنسي سواء كان الانسداد بعظم أو بغدة لحم، والقرن: شيء يبرز في هذا الموضع كقرن الشاة يمنع من الاستعمال، والعفل: لحم يبرز من موضع الاتصال يشبه الأدرة للرجل، والإفضاء: اختلاط المسلكين بالمرأة.
(2) العنين: من له آلة صغيرة أو كبيرة لا يستطاع المخالطة بها، والمجبوب: مقطوع الذكر والخصيتين، والخصي: مقطوع الأنثيين فقط، وقيد الشافعية كونه عيباً بما إذا كان لا ينتصب.
فيسقط بسكوته عنه فترة من الزمن يستطيع فيها رفع الأمر إلى القاضي.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه ثابت على التراخي فلا يسقط بمجرد السكوت بل لابد من الرضى به صراحة أو دلالة.
حتى لو رفعت الدعوى ثم تركتها مدة لا يسقط حقها ويكون لها رفعها من جديد إلا إذا خيرها القاضي بعد ثبوت حقها في التفريق وسكتت فإنه يسقط حقها لأن عليها الاختيار في مجلس التخيير.
الخامس: هل يشترط فيمن يطلب التفريق بالعيب أن يكون خالياً من العيوب أو لا يشترط ذلك؟
من الفقهاء من جعله شرطاً كالحنفية، ومنهم من لم يجعله شرطاً كالمالكية والشافعية.
ما يتبع في طلب التفريق والتأجيل:
إذا طلبت الزوجة التفريق بسبب العنة أو الخصاء فادعت أنه لم يصل إليها لهذا العيب فإن اعترف الزوج بما تدعيه وصدقها في دعواها أجله القاضي سنة سواء كانت المرأة عند الزواج بكراً أو ثيباً، فإن انتهت السنة وأصرت الزوجة على طلبها لأنه لم يصل إليها وصدقها الزوج في عدم الوصول أمره أن يطلقها فإن لم يفعل طلقها عليه، وإن أنكر دعواها فإن كانت الزوجة حين العقد عليها ثيباً فالقول قوله مع يمينه لأنه ينكر استحقاقها الفرقة وهي تدعيها والظاهر يشهد له، لأن الأصل في الإنسان السلامة من العيوب، فإن حلف رفضت دعواها، وإن نكل عن اليمين اعتبر مصدقاً لها في دعواها أجله سنة كما إذا اعترف من أول الأمر.
وإن كانت بكراً حين العقد عين القاضي امرأتين من الموثوق بهن للكشف عليها، فإن ثبت أنها ثيب فالقول قوله مع يمينه حتى لو ادعت أنه أزال بكارتها بغير المخالطة لما قلنا إن الظاهر يشهد له فيحلف أنه أزال بكارتها بالمخالطة.
وإن تبين أنها لا تزال بكراً أجله سنة، فإن مضت السنة وعادت تدعي عدم الوصول يعاد الكشف عليها فإن وجدت بكراً أمره بالطلاق فإن طلقها انتهت المسألة، وإن امتنع عن الطلاق طلقها القاضي عليه.
وإن وجدت ثيباً فالقول قوله مع اليمين فإن حلف رفضت دعواها، وإن نكل عن اليمين كان مصدقاً لها وخيرها القاضي بين البقاء معه أو التفريق فإن اختارت التفريق في المجلس طلب منه أن يطلقها فإن لم يفعل طلقها عليه.
ولو قامت بدون اختيار اعتبرت متنازلة عن دعواها حتى ولو أقامها أعوان القاضي من المجلس لأنه يمكنها الاختيار بكلمة بسيطة.(99/183)
وإنما وجب التأجيل بهذين العيبين دون غيرهما، لأن عدم وصول الزوج إلى زوجته مع أحدهما يحتمل أن يكون لعيب مستحكم من أصل الخلقة فيكون سبباً للتفريق، ويحتمل أن يكون لأمر عارض يزول بمرور الزمن فلا يكون سبباً موجباً للتفريق، ولا يستطيع الأطباء القطع بأحدهما فيؤجل سنة للوقوف على حقيقته، لأن الأمر العارض قد يزول في فصل من فصول السنة، وإذا حكم القاضي بالتفريق بينهما بعيب من العيوب كان طلاقاً بائناً ووجب عليها العدة احتياطاً ويجب لها كل المهر في العنة والخصاء بإتفاق أئمة المذهب لأنه تفريق بعد خلوة صحيحة، أما إذا فرق بينهما بسبب الجب فيجب لها كمال المهر أيضاً عند الإمام ويجب لها نصف المهر في قول عند الحنفية، لأن الخلوة جعلت كالدخول في العنة والخصاء لاحتماله معهما، أما المجبوب فلا يتصور منه دخول فلا تكون خلوته موجبة تمام المهر.
والطلاق الواقع هنا طلاق بائن لأنه طلاق قبل الدخول حقيقة، ولأنه لا يرتفع الضرر عنها إلا به.
ـــــــــــــــــــ
حكم فسخ عقدالزواج بسبب ظهور عيب فى الزوجة ... العنوان
ما حكم فسخ عقدالزواج بسبب ظهور عيب فى الزوجة لم تخبر به الزوج؟ ... السؤال
08/12/1999 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين .
فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة أراء : الأول - أنه لا خيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده .
وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية . الثانى - أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة
ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد - غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب
بينهما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة .
وإن اختلف هؤلاء أيضا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيته .
الرأى الثالث - يجيز طلب التفريق مطلقا بأى عيب جسدى أو مرضى .
ولأى من الزوجين هذا الحق وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج 4 ص 58، 59 هذا والصحيح فى مذهب الامام أحمد بن حنبل كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج 7 أن(99/184)
الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره - وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الامام مالك والامام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة .
اعتدادا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد .
لا يرجع الزوج بشىء على أحد .
لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه - استنادا الى قول سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه فى هذه الواقعة ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الامام أبى حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لا حق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق اذا يئس من علاجها .
لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة .
ففى فتح القدير ج 3 ص 268 وما بعدها . واذا كان بالزوجة عيب .
أى عيب كان . فلا خيار للزوج فى فسخ النكاح .
وذلك لأن فوت الاستيفاء بالكلية بالموت لا يوجب الفسخ حتى لا يسقط شىء من مهرها فاختلاله بهذه العيوب أولى .
وهذا لأن الاستيفاء من الثمرات .
وفوت الثمرة لا يؤثر فى العقد ألا ترى أنه لو لم يستوف لبخر أو ذفر أو قروح فاحشة لم يكن له حق الفسخ .
وإنما المستحق هو التمكن . وهو حاصل بالشق أو الفتق - انتهى .
وفى فقه المذاهب الأربعة ج 4 ص 189 طبعة ثانية ( لا خيار للرجل بوجود عيب فى بضع المرأة من رتق أو نحوه .
ولكن له الحق فى إجبارها على إزالته بجراحة وعلاج كما أنه إذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق فى هذه الحالة .
لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع . وفى فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها ) - انتهى - لما كان ذلك وكان المنصوص عليه شرعا أن عقد الزواج متى صدر مستوفيا أركانه وشروطه الشرعية المبسوطة فى كتب الفقه انعقد صحيحا شرعا مستتبعا آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قبل الآخر ولا تتوقف صحته على صلاحية الزوجة للوطء .
كان عقد الزواج المسئول عنه قد انعقد صحيحا .
وترتبت عليه كل الآثار وإنما اكتشفه الزوج بزوجته من رتق وليس له إلا أن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بطلاق اذا يئس من علاجها .
وبالتالى يكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على هذا الطلاق ومنها مؤخر الصداق .
وبذا يكون قد علم الجواب عن السؤال . والله أعلم .
-ـــــــــــــــــــ(99/185)
عقم الزوج والزوجة ... العنوان
بعد أن تزوجت وتأخر حَمْلُ الزوجة عِدة سنوات عَرَضتها على الأطباء المُختصين فقرروا أنها لن تُنجب لوجود عيبٍ خِلْقِي يمنع الإنجاب فهل عقد الزواج صحيح وهل ينفسخ بعد ظهور العيب أو لا ينفسخ؟ وما الحُكْم إذا ظهر أن الزوج لا يستطيع الإنجاب؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... لقد تحدث الفقهاء عن العيوب التي تعطي الزوج الحق في فسخ النكاح ومنها البرص والجذام والجنون والرتق ـ أي انسداد مدخل الذكر من الفرج ـ والقرن شيء يبرز في الفرج كقرن الشاة أو غدة تمنع المخالطة. وقال بذلك الأئمة الثلاثة دون أبي حنيفة، واتفق الفقهاء على أن عُقم المرأة وعدم إنجابها ليس عيبًا فيما يمنع استمتاع الزوج بها، فليس له خيار الفسخ؛ لأن الإنجاب يرجع إلى إرادة الله سبحانه.
ومن هنا لا ينفسخ العقد بظهور عدم إنجاب الزوْجة. ولكن له الحق في طلاقها وتترتب أحكام الطلاق في هذه الحالة، كأية حالة أخرى، فما دام الزوْج قد دخل بها فلو طلَّقها كان لها مُؤخر الصداق، ونَفَقَة العِدة، وليس له أن يلزمها بإبرائه أو التنازل عن شيء من حقوقها إلا إذا طلبت هي الطلاق فيُمكن التفاهم على ما تتنازل عنه، وهذا ما يجري عليه العمل في المحاكم المصرية طبقًا للقانون رقم 78 لسنة 1931م.
وإذا ظهر أن بالزوج عيبًا يمنع الإنجاب. كأن كان مجبوبًا ـ أي مقطوع الذكر ـ أو عنينا ـ أي غير قادر على الجماع لضعف خلقي أو كبر السن مثلاً ـ أو خصيًّا ـ أي مقطوع الخصيتين ـ فللزوجة أن ترفع الأمر إلى القضاء لطلب التفريق بينه وبينها، وإذا ثبت ذلك عند القاضي بأي طريق من طرق الإثبات أمر الزوج بتطليقها، فإن لم يطلقها ناب عنه القاضي في تطليقها منعًا للضرر الذي يلحقها ـ وهذا الطلاق يكون بائنًا بينونة صغرى.
لكن التفريق مشروط بعدم علمها بحالته قبل الزواج، وبألا يُوجد منها ما يفيد رضاها بالمُكث معه بعد الزواج والعِلم بحاله.
والتفريق بسبب الجب في الحال لا يحتاج إلى ضرب أجل، وبسبب العنَّة يُمهل الزوج سنة لعله يقوى بالعلاج أو بغيره على الجماع، وبسبب الخصاء يُمهل الزوج سنة. والتفريق بسبب الجب والعنة والخصاء يعتبر طلاقًا عند الحنفية والمالكية وأكثر العلماء.
هذا. وإذا فُرِّقَ بين الزوجة وزوجها العنين أو الخَصي وكان قد خلا بها، فإنها تستحق جميع المهر؛ لأنها خلوة صحيحة وعليها العِدة للاحتياط، وإذا كان مجبوبًا وخلا بزوجته ثم فُرِّقَ بينهما كان لها جميع المَهْر أيضًا عند أبي حنيفة، ولها نصفه عند أبي يوسف ومحمد صاحبيه، وعليها العِدة باتفاق الجميع بذلك للاحتياط. "الأحوال الشخصية للشيخ عبد الرحمن تاج ص 347 ـ 350".
ـــــــــــــــــــ
الطلاق بسبب عدم الإشباع الجنسي ... العنوان(99/186)
هل يحق للزوجة أن تطلب الطلاق إذا كان زوجها لا يشبع حاجتها الجنسية بعد أن تستفرغ الجهد معه من علاج وتزين له وطلب منه وغير ذلك؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... ليس من شروط الزواج استقامة الحالة الجنسية بين الزوجين؛ وعلى ذلك يمكن تكيف المرأة والرجل جنسيًّا، إلا أنه يجوز للمرأة إذا لم تستطع على هذا التكيف أن تطلب الخلع من زوجها، ولا يحق لها أن تطلب الطلاق، والفرق بينهما: أنها سوف تتنازل عن حقوقها المادية وترد إليه ما دفع من صداق في حالة الخلع، وسوف تستوفي تلك الحقوق في حالة الطلاق، هذا كله إنما هو في حالة عدم الإشباع والتكافؤ مع الممارسة الجنسية، أما في حالة العجز عن ممارسة الجنس من قبل الزوج؛ فهذا يبيح طلب الطلاق وهو من العيوب التي ترد الزواج. والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الإشباع الجنسي في الزواج ... العنوان
هل يحق للزوجة أن تطلب الطلاق إذا كان زوجها لا يشبع حاجتها الجنسية بعد أن تستفرغ الجهد معه من علاج وتزين له وطلب منه وغير ذلك؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... ليس من شروط الزواج استقامة الحالة الجنسية بين الزوجين؛ وعلى ذلك يمكن تكيف المرأة والرجل جنسيًّا، إلا أنه يجوز للمرأة إذا لم تستطع على هذا التكيف أن تطلب الخلع من زوجها، ولا يحق لها أن تطلب الطلاق، والفرق بينهما: أنها سوف تتنازل عن حقوقها المادية وترد إليه ما دفع من صداق في حالة الخلع، وسوف تستوفي تلك الحقوق في حالة الطلاق، هذا كله إنما هو في حالة عدم الإشباع والتكافؤ مع الممارسة الجنسية، أما في حالة العجز عن ممارسة الجنس من قبل الزوج؛ فهذا يبيح طلب الطلاق وهو من العيوب التي ترد الزواج. والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(99/187)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
كشكول الأسرة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
اعتن بعملك..يقدّرْه الآخرون
هناء الحمراني 5/1/1428
24/01/2007
عندما يقدم الطبّاخ طبقه الأساس فإنه يجعله مختلفاً عن بقية الأطباق، فيحيطه بالاهتمام.. العناية.. التي تجعله يظهر فعلاً على أنه الطبق الأهم على مائدة الطعام..
وهذا ما يتحقق بالضبط.. فالذي يجلس على المائدة يوقن أن ذلك الطبق المميز.. هو الطبق الذي يجب أن يُبدأ به..
***
عند مطالعة بحوث التلاميذ. كان بحث محمد مميزاً.. ليس في مضمونه.. فالأستاذ لم يطالع البحث بعد.. ولكنّ طريقة تغليفه وعنايته به شدّت انتباهه وأثارت إعجابه..
توقف الأستاذ قليلاً عن المطالعة.. ووضع البحث في درجه الخاص؛ لأن اهتمام تلميذه جعله يهتم به كثيراً..
***
بذل مروان مجهوداً طيباً في مشروعه العلمي..
وكذلك فعل أمجد مع مشروعه..
إلا أن مروان فضّل الجلوس في الفصل أثناء إعدادات الحفل، وفي فترة استقبال ضيوف النادي العلمي... بينما أصر أمجد على أن يظل مع مشروعه.. يختار له المكان المناسب.. ويقدمه للضيوف بطريقته الخاصة.. وفي الحقيقة نال مشروع أمجد استحسان الضيوف، وأُعجبوا بمدى اهتمامه بما يقدمه..
***
عزوف..فتاة العشرين..المتعلمة..المثقفة..ذات الدين..والخلق الحسن..وشيء من الجمال..ولكنها خجول.. منزوية.. لا تكاد تتحدث.. ولا تكاد تظهر للآخرين..
عزوف.. فتاة الثامنة والعشرين.. لا تزال فتاة... لم تتزوج بعد.. على الرغم من أنها كانت مؤهلة لأن تكون مربية ناجحة وقدوة صالحة.. ولكن.. هل قدمت عزوف نفسها للمجتمع كفتاة رائعة..أم أنها كانت وجهاً ضاعت ملامحه بين آلاف الوجوه؟
***
قد لا تكون المظاهر أساساً للمخابر.. بل قد يكون المظهر مجرد خدعة توقع الناظر في المصيدة.. يقول الشاعر:
قبُحت مناظرُهم فحين خبرتُهم حسُنت مخابرُهم بقبح المخبرِ
ولكنها -وهذا هو الواقع- جواز مرور يحدد مدى تقبل الآخرين لما هو مقدم لهم..
فالطبيعة البشرية هكذا.. تحب ما هو جميل.. وتنجذب لما يُحاط بهالة من النور والعناية.. ولذلك:
إن كنت قد عملت.. تعبت.. واجتهدت.. فقدم أعمالك بنفسك..لأنك ستكون الأحرص على العناية به..
مهما كان عملك.. ومهما كان ما تريد تقديمه.. أحطه بالعناية..
فالبائع الذي يبيع الساعات الثمينة يضع كل قطعة في صندوق زجاجي ثمين بإضاءة خاصة..لكي يجذب الناس إليه..
وهو كذلك بالنسبة للرسام الذي يعلق لوحة يتيمة.. وحيدة على الجدار كقطعة فنية فريدة..
***
عندما تقدمين أبناءك سيدتي إلى المجتمع الخارجي.. فإنهم يتقبلون أبناءك بقدر عنايتك بهم.. وكلما زادت العناية زاد التقدير والاحترام الذين يتلقونه من الأقارب.. والجيران.. والمدرسة.. والشارع.. والسوق...
وتكون هذه العناية بملابسهم ونظافتهم.. ومتابعتهم وتفقدهم عند غيابهم.. وتقدير مشاعرهم أمام الآخرين..
واستقبالهم وتوديعهم عند ذهابهم وإيابهم.. ويمكنك مساعدة أبنائك بتقديم واجباتهم المدرسية في مظهر لائق يدل على حرصهم.. وتغليف كتبهم بأغلفة متينة تمنعها من التمزق..وهكذا دواليك..
وإن كنتِ (عزوف) أخرى.. أو لديك ابنة مثلها.. فحاولي أن تقدّميها إلى العالم والمجتمع المحيط بها كقطعة رائعة زيّنت منظرها بحسن منطقها وتعاملها وتفاعلها مع الآخرين..
***
لا يكفي أن تكون صاحب عمل ناجح.. بل عليك أن تجتهد في تقديمه والعناية بظهوره ومراعاته لكي لا يتعرض للأذى والتلف..
فكثير ممن لا يقومون بأي شيء.. يحرزون كل شيء..لأنهم يقدمون هذه الأعمال ويتفننون في تقديمها..
***
قبل الرحيل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه
ـــــــــــــــــــ(100/1)
خفايا الدوافع وراء التحرش بالمحارم
ليلى بيومي 27/12/1427
17/01/2007
زنا المحارم.. أو دخول الشيطان بيوت المسلمين، قضية خطيرة للغاية لا تقتصر أسبابها على ضعف الدين في قلوب من يقومون بها؛ ولكنهم في حقيقة الأمر مرضى نفسيون، وأسرى أوضاع اجتماعية خاطئة تحتاج إلى نواقيس خطر تدق لتداركها، والحيلولة دون وقوعها في غفلة من الأسر المختلفة.
"زنا المحارم" حذّر منه رسولنا - صلى الله عليه وسلم- في جملة بليغة وقصيرة، لكنها لخصت كل ما يمكن أن يُقال في هذا الإطار بقوله: "الحمو الموت" ، فالحمو قد يتحول إلى موت أخلاقي، أو إلى جريمة "زنا المحارم" كما أخبرنا نبينا الكريم في حالة التسيب وعدم وضع حدود للعلاقة بين المحارم.
(الإسلام اليوم) استطلعت رأي عدد من خبراء النفس والاجتماع حول القضية الخطيرة وتفسيراتهم العلمية والنفسية والاجتماعية لها، والأسباب التي قد تلعب دوراً في وقوعها.
في البداية يؤكد الدكتور أحمد المجدوب، خبير علم الاجتماع المصري في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن البحوث التي قام بها – ومنها بحث على (200) حالة من حالات زنا المحارم – أثبتت وجود أسباب اجتماعية للقضية غير ضعف الوازع الديني والجهل منها إقامة المحارم معًا، وهو أمر يسهل وقوع الزنا بالمحارم.
ويقول: "لاحظنا هذا في زنا الإخوة بالأخوات والآباء بالبنات، وأزواج الأمهات ببنات الزوجات والذي يمثل 76% من حالات زنا المحارم".
وقد ترتفع النسبة إذا أضفنا من الأنماط الأخرى الحالات التي كانت الضحية تقيم فيها مع الجاني في مسكن واحد، مثل: الخال الذي يقيم مع الأخت وبناتها، والبنت المتزوجة التي تقيم هي وزوجها مع أسرتها وإخوتها".
ويضيف أنه لاحظ أن مرتكبي زنا المحارم يعيشون في مساكن ضيقة، تعوق خصوصية الأفراد داخلها، كما أنهم من ذوي التعليم المنخفض، ويميلون لعدم التدين، كما أن غالبية الضحايا هن من الإناث من المتزوجات، أو من الأرامل والمطلقات، في حين أن الجناة الذكور غالبيتهم من غير المتزوجين.
ويضيف: لاحظنا أنه في نمط القرابة (الأخ - الأخت) الذين ارتكبوا زنا المحارم بلغت نسبة من يقيمون منهم في غرفة واحدة 30% إلى العدد الإجمالي للإخوة والأخوات الذين مارسوا هذه العلاقة الآثمة. أما الإخوة والأخوات الذين يقيمون في غرفتين فبلغت نسبتهم 40% يليهم الذين يقيمون في ثلاث غرف، وبلغت نسبتهم 20%، فالذين يقيمون في أربع غرف ونسبتهم 10%. وهكذا يكون الازدحام في غرفتين له نفس الأثر الذي يكون للازدحام في غرفة واحدة.
ويبين د. المجدوب أن اللاتي لا يقرأن ولا يكتبن من الضحايا نسبتهن 26.5%، في حين بلغت نسبة اللاتي يقرأن ويكتبن 28% انخفضت إلى 15% فيمن يحملن الشهادة الابتدائية، ثم إلى 13.5% لمن يحملن الشهادة الإعدادية، وإلى 13% للحاصلات على الشهادة الثانوية، في حين لم تزد نسبة الحاصلات على شهادة جامعية عن 4%.
ومن المقارنة بين الضحايا والجناة يتبين الارتفاع الملحوظ في نسبة من لا يقرأن ولا يكتبن عن مثيلتها لدى الجناة (26.5% مقابل 15%)، وكذلك ارتفاع نسبة من يقرأن ويكتبن عن مثيلتها لدى الجناة (28% مقابل 21%).
قلة التدين سبب جوهري
ويؤكد د. المجدوب أن التدين والصلاة أمر مهم جدًا في حجب هذه الظاهرة الكارثة، وأنه تبين له من خلال الدراسة أن اللاتي تورّطن في زنا محارم قالت 2.5% فقط منهن إنهن يصلين بانتظام، أما اللاتي يصلين أحيانًا فبلغت نسبتهن 31%، في حين بلغت نسبة اللاتي لا يصلين بالمرة 66.5%. وهو ما يشير لاتّساق إجابات الضحايا مع سلوكهن المشين، فغالبيتهن لا يصلين بالمرة، ونحو الثلثين يصلين أحيانًا؛ مما يفسر لنا: لماذا ارتكبن الجريمة البشعة، فلو كان لديهن وازع ديني قوي لامتنعن عنها، وبالذات كبيرات السن منهن كالأمهات والعمات والخالات وغيرهن.
وعن الالتزام بفريضة الصيام تشير الإحصاءات إلى أن الضحايا اللاتي أجبن بأنهن يصمن بانتظام بلغت نسبتهن 30%، أما اللاتي يصمن بغير انتظام فقد بلغت نسبتهن 37.5%، وانخفضت إلى 32.5% لمن أجبن أنهن لا يصمن بالمرة، وهو ما يشير غلى وجود ميل واضح نحو عدم التدين لدى ضحايا زنا المحارم ما يضعف الوازع الديني لديهن، بل يعدمه فيصبح إقدامهن على ارتكاب الجريمة سهلاً، إذا توافرت العوامل الأخرى التي تتفاعل فتؤدي إليه.
احذروا الدش والإنترنت!
ويحذر د. وائل أبو هندي الخبير النفسي من أن الأسر العربية بوجه عام تواجه أزمة كبيرة في التعامل مع المشكلات الجنسية لأفرادها، بسبب عدم قدرتنا على أن نتخيل أن بيننا أناساً سيغلبهم الشيطان، وننسى أن بيوتنا مخترقة بفضائيات، ومواقع إنترنت تشجع على زنا المحارم، وتدفع إليه دفعاً، وكل ذلك يقابله عدم القدرة على الالتزام بآداب البيت المسلم الذي يجسد كل معاني السكينة والأمان لكل من يعيش بين جدرانه.
ويؤكد أن جريمة "زنا المحارم" موجودة في مجتمعاتنا، ونقابل حالات حقيقية ممن وقعوا في براثنها داخل "عياداتنا" كأطباء نفسيين، وعلى الإنترنت في الاستشارات النفسية، ومن خلال الفضائيات، وبعض الكتب العلمية، وبعض المعالجات الصحفية، والمؤسف أن كل هذا التعاطي مع هذه الجريمة الكارثية "زنا المحارم" يقابل بالهجوم الشرس من قبل بعض من اعتادوا على سياسة دفن الرؤوس في الرمال، والمنادين بعدم التصريح بوجود مثل هذه الأمراض في مجتمعاتنا.
ويضيف أن هناك خلطاً في المفاهيم فيما يتعلق بهذه الجريمة، ما بين مفهوم زنا المحارم، وبين التحرش بالبالغين أو بالأطفال من ذوي المحارم، فزنا المحارم "علاقة جنسية كاملة بين بالغين مكلفين من المحارم، كأخٍ وأخت بالغين، أو أب وابنته البالغة، أو بين الأم وابنها... الخ، سواء كانت هذه العلاقة سرًّا بين اثنين في الأسرة، أو كانت معروفة لطرف ثالث فيها". وينطلق هذا التعريف على خلفية التعريف الفقهي للزنا والذي يقول: "الزنا هو تغييب البالغ العاقل حشفة ذكره في فرج امرأة - ليست من حلاله- عمدًا بلا شبهة، سواء أنزل أو لم ينزل".
وهناك تعريفات أخرى لزنا المحارم في بعض المراجع العلمية تقول: "إنه علاقة زنا بذوي (أو ذوات) المحارم"، وكلمة ذوي المحارم ترد في هذه المراجع بمعنى من تربطهم بالشخص قرابة دم. وتترك لكل ثقافة تحددها حسب معتقداتها وتوجهاتها. وفي تعريف أكثر شمولاً يوصف زنا المحارم بأنه أي علاقة جنسية كاملة (أي تشمل الإيلاج) بين شخصين تربطهما قرابة تمنع العلاقة الجنسية بينهما طبقا لمعايير ثقافية أو دينية، وعلى هذا تعتبر العلاقة بين زوج الأم وابنة زوجته علاقة محرمة على الرغم من عدم وجود رابطة دم بينهما. وفي الثقافة العربية والإسلامية تحديد لذوي المحارم في آيات وأضحات في القرآن الكريم، كما هو وارد في سورة النور. ونلحظ من التعريفات السابقة أنها اشترطت لكي نجزم بوقوع زنا المحارم عملية الإيلاج.
وعلى العكس يدخل مفهوم التحرش الجنسي سواء بالبالغين أو الأطفال بأنه: "كل فعل يكون فيه مساس بجسد المجني عليه -سواء أكان ذكرًا أو أنثى- أو بمخيلته الجنسية كتعريضه للصور أو المناظر الجنسية الفاضحة، أو التلصص عليه، أو إجباره على التلفظ بألفاظ خارجة. وكل ذلك قد يدخل قانونيًّا وفقهيًّا تحت مسمى "هتك العرض".
الحمو .. الموت
ويشير الدكتور عمرو أبو خليل أستاذ الطب النفسي إلى أمر مهم في هذا الصدد؛ إذ يشير إلى أن كثيراً من حالات زنا المحارم تحدث في دائرة من نطلق عليهم "المحارم المؤقتين"، كما في حالة أخت الزوجة، وأخو الزوج، وزوج الأخت، وزوجة الأخ، وخال الزوج، وخالة الزوجة أو بنت خالها وخالتها وغيرهم ممن على نفس الدرجة من القرب؛ إذ يتم تخطي الحدود بين أطراف هذه القرابات.
ويضيف: "عندما تحدّث الرسول الكريم عن عدم دخول الرجال على النساء قالوا: أرأيت الحمو يا رسول الله، فكان الرد المعجز والعبقري للرسول الكريم "الحمو الموت"، والحمو هم أقارب الزوج، ولم يجد الرسول كلمة تصلح لتجاوز الحد في العلاقة بين الأقارب إلا كلمة الموت، بما تحمله من إيحاءات الهلاك والدمار.
ويؤكد أن آثار كل هذا قد تكون أكثر تدميراً؛ لأن الأمر يتجاوز زنا المحارم إلى الغفلة والجهل، وتجاوز الحد الذي وضعه لنا رسولنا الكريم، فتكون النتيجة الحتمية هي موت مجتمعاتنا وتعرضها للهلاك، وتقطع لصلات الرحم، واختلاط للأنساب.
إهمال الوالدين
ويرجع د. أحمد عبد الله مدرس الطب النفسي المشكلة من البداية إلى إهمال الوالدين في رعايتهما للأبناء، فبعض الآباء يعتقدون أن الأبناء في مرحلة بداية الشباب يحتاجون لقدر أقل من الرعاية والملازمة، وأنهم يستطيعون تصريف شؤونهم بكفاءة أكبر من مرحلة الطفولة، وينشغل الآباء عنهم بمشاغل أخرى، ويتركون الأبناء لتدبير وترتيب حياتهم أو شؤونها، وكأن وظيفة الأب والأم توفير المأكل والملبس والمصاريف.. فقط!!
ويضيف: البعض الآخر يعتمد على ما غرسه في أبنائه من مبادئ وأخلاق في الصغر، ويغفل عن تأثير ما في المجتمع من مفاسد على الأبناء، وتأثير رفقاء السوء عليهم، فهذه الآفات قادرة على قتل ما زرعه الآباء، ما لم يتعهد الآباء زرعهم بالرعاية حتى يثمر الزرع، بل قد تتكفل جماعة أصدقاء السوء بتوجيه الأبناء إلى مسار آخر منحرف في غيبة الحوار والتفاهم والتواصل بين الآباء والأبناء.
ويؤكد د. عبد الله أن مداخل الفساد أكثر من أن نحصيها هنا، وبعضها قد يكون أداة في البيت مثل الأطباق اللاقطة للبث الفضائي، أو الفيديو، أو الإنترنت، ومنها ما يكون صديقاً للعائلة أو في المدرسة.
والسبيل الأنفع للتعامل مع هذه المصادر والمداخل – كما يقول- ليس هو التضييق على الأولاد، وحركتهم، ومحاولة خنقها بغرض حمايتهم من الفساد، بل يكون أولاً بحسن رعايتهم وتربيتهم من الصغر بالقدوة، وبغيرها من وسائل التوجيه، وباستمرار الرعاية والحنان مع وصولهم لسن المراهقة التي يحتاج الأبناء فيها إلى عون أكبر، ولكن بنوعية مختلفة عن حاجاتهم في الطفولة: بقرب أكثر ذكاءً، وتفهم أعمق تناولاً، وبمرونة حكيمة، ومشاركة في المسؤولية، واحتواء على مفردات الحياة والأصدقاء، وإسداء النصيحة بهدوء، واحتواء المشكلات برؤية ثاقبة تدرك أن التوجيه المباشرة ليس هو أفضل الطرق للوصول إلى قلب وعقل المراهق.
ويشدد على أن نجاح الوالدين في مهمة التربية يتعرض لاختبار قاسٍ في مرحلة مراهقة أبنائهم، وآية التوفيق في هذه المهمة أن يكون الوالدان أقرب إلى الأبناء؛ بحيث يجدون فيهما الصدر الواسع، والأذن المفتوحة، ويشعرون تجاههما بالثقة والاطمئنان، ويفزعون إليهما موقنين أنهم سيجدون دائماً الرأي الصائب، والعون المستمر.
أيضاً يحذر من (الفراغ) الذي يقول إنه "أخطر آفات مرحلة المراهقة"؛ لأن الطاقات الذهنية والنفسية والجسمانية تتضاعف، بينما المهام والمسؤوليات التقليدية من دراسة وغيرها تبدو أقل وأهون من أن تملأ العقل والقلب بما ينفع ويجذب، ويمتع ويفيد، وهنا تبدو مهمة من مهمات الأسرة في كفالة البرامج المناسبة لحل هذه المشكلة، وتجاوز هذه المعضلة .
ويشدد على أن هذه المشكلة (معضلة)؛ لأننا نعيش في عالمنا العربي ـ حالة من الفراغ، أو بالأحرى: الخواء الثقافي الذي تعشعش فيه خفافيش الظلام والفساد، وترتفع فيه جراثيم البطالة الروحية والعقلية، وهي جراثيم فتاكة يمكن أن تقضي على أمم كاملة، فما بالك بشاب غض الإهاب، أو فتاة خضراء العود؟
ومن جوانب التربية التي يغفل عنها كثير من الآباء والأمهات – كما يقول - ما يتعلق بشؤون الجسد، والعلاقات الجنسية، وتجاهل الأسرة لهذا الجانب من التوعية، الأمر الذي أنتج أجيالاً يتلاعب بها الجهل وتشيع فيها البلايا والانحرافات بدءاً من المفاهيم الخاطئة، ومروراً ببعض الممارسات مثل: الاستمناء، وانتهاءً بعلاقة جنسية بين المحارم.
ويحذر د. أحمد عبد الله من تأثير هذا على النشء بدوره قائلاً: إن من ينتهك عرض أنثى أو ذكر في سن الطفولة أو المراهقة .. هذا الانتهاك لا يتوقف أثره عند لحظة الفعل، ولكن يظل علامة في التكوين النفسي، والذهني للمفعول به، وهنا أهمية دور ووظائف الأسرة أن تحمي وترعى!!
مجرم نفسي
ويقول د. عبد الله عمن يقوم بزنا المحارم: إنه يجب تسمية الأمور هنا بمسمياتها .. فالفاعل شخص مجرم منحرف نفسيًّا، مكبوت جنسيًّا –غالبًا-، وفي البلدان التي تتكرر فيها هذه الحوادث، ويتعامل معها المجتمع بانفتاح وتفهم، هناك دعم نفسي، وعلاج طبي، وعون اجتماعي تتلقاه الضحية.
ولذلك يطلق د. عبد الله صيحة تنبيه إلى كل من يرعى طفلاً أن يحذر، وأن يحافظ ويحمي هذه الأمانة التي عنده، وهو مسؤول عن رعايتها، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِه.. الحديث " .
ـــــــــــــــــــ(100/2)
المرأة المسلمة في مواجهة الإعلام غير الهادف
ليلى بيومي 24/12/1427
14/01/2007
تقف المرأة حائرة بين الواقع والخيال، بل يتبلور الإحساس عندها في ركن صغير جدًا من الحياة، وتأتى الدراما على رأس هذا الركن الضيق لتكشف عن دينامكية المرأة، وتستشف نسيج روحها.
فالدراما التليفازية، أو السينمائية، تتفاعل مع وجدان المشاهد لتوجد واقعًا مفتعلاً، جميلاً وجديدًا. فما بالك بالمرأة، تلك المخلوق البلوري، والذي لم يتم حل لغزه حتى الآن!
وما زلنا نرى المرأة حتى وإن صلب عودها ونضجت تجربتها، تعود كالطفلة بلا اطمئنان، إلى أفلام ومسلسلات، تدمن حكاياتها، تعيشها زيفًا وصدقًا كتجربة إنسانية ونشاط ثقافي، ذلك النشاط الذي يخضع لمعاييرها الخاصة وحدها.
عندما تراها مندمجة في مسلسل أو فيلم عاطفي ساذج، تدرك على الفور الصلة الخفية بين هذا البريء الذي يجلس شاحذًا إحساسه، و البطلة البريئة المظلومة المقهورة التي يعلو صوت نحيبها خلف الشاشة.
وهكذا فإن الدراما والأفلام عمومًا مؤثر خطير وحيوي على المرآة العربية في سلوكياتها وملابسها، فمن ينكر مدى تقليد الفتيات والنساء لعروض الأزياء أو بمعنى أصح ما ترتديه أو تستهلكه نجمات السينما والإعلاميات، وكل ما يُعرض على شاشات التلفاز؟ حتى وجبات الطعام الفاخرة!! الكثيرات يتسابقن لإعدادها حتى ولو كانت مكلفة للأسرة.
وإذا كان المجتمع بطوائفه كافة يتأثر بوسائل الإعلام المختلفة، فإن المرأة بالذات، سواء كانت فتاة أو متزوجة أو حتى طفلة، تتأثر أكثر بوسائل الإعلام وما تقدمه على المستوى الاجتماعي والثقافي والشكلي.. وهذا ما نود أن نرصده في هذا الموضوع.
تقول منى صالح (موظفة): أنا أتأثر كثيرًا بما يُعرض في وسائل الإعلام من مسلسلات أو أفلام؛ فهناك نساء يحببن قراءة القصص لكنني أفضل مشاهدتها، وأعيش مع البطلة همومها ومشاكلها، وأحيانًا أحس أنني مثلها فيما أتعرض له في حياتي من ظلم واضطهاد.
أما سلوى النوبي (ربه منزل) فتقول: كنت أود أن أنقل التلفاز إلى المطبخ، وخصوصاً في ظل الفضائيات التي لا تحرمنا من شيء؛ فهناك قنوات للأفلام وأخرى للمسلسلات والأغاني. معظم أعمال المنزل وخاصة تجهيز الخضار وترتيب الملابس أقوم به وأنا أشاهد التلفاز وأتابع الدراما، وعندما يأتي زوجي ويتابع نشرات الأخبار أو البرامج الرياضية أتضايق كثيرًا. وأولادي هم الآخرون أصبح لهم مزاجهم الخاص؛ فهم يحبون أفلام العنف، ومهما حاولت إثنائهم عن ذلك لا يمتثلون؛ حتى ابنتي صارت هي الأخرى تحب الأفلام الأجنبية والرياضية، أما أنا فمتمسكة بالأفلام العربية، وخصوصًا القديمة والتي تحمل ذكريات شبابي.
سامية الصوالحي (مهندسة) تقول: عندما أخرج مع ابنتي لشراء الملابس تختار أشياء غريبة ولا ترضى مطلقًا باختياراتي، ويقولون ذوقي قديم مع أن معظم بطلات السينما العربية كن يرتدين الفساتين، أما الآن فهن يخترن الجينز ويقلدن بعضًا من الأزياء الحديثة التي تجعل الفتاة مثل الرجل.
نظام أفسد على المرأة حياتها
د. سلوى بسيونى (طبيبة أمراض نفسية) تقول: ليس تأثير الإعلام مجرد شكل وملابس، إنه نظام حياة أفسد على المرآة دورها ورسالتها في الحياة، وأذكر مثالاً بسيطًا على ذلك، وهو إظهار علاقة الرجل بالمرآة بشكل غير واقعي، فهذا العرض أفسد عليهما حياتهما الأسرية، فعندما يحدث خلاف فلا بد أن يكون الرجل هو الذي يبدأ بالمصالحة، ويتودد إلى الزوجة حتى ترضى عنه، وهذا غير صحيح وليس بالضرورة أن يحدث واقعيًا.
فالرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أن من محاسن المرآة توددها لزوجها؛ "تزوجوا الودود الولود". والرجل له مواقفه ومسؤولياته تجاه أسرته، ودور المرآة هي أن تكون سهلة لينة عطوفاً مع أسرتها وزوجها. لكن عكس هذا الدور تم بشكل تدريجي من خلال الدراما والأفلام التي عرفت تلك الرؤية رويدًا رويدًا؛ فأفسدت أول ما أفسدت علاقة الزوجة بزوجها، وأثر هذا بدوره على الأسرة كلها. فترسيخ قيمة التودد والتقرب إلى الزوج يجعل العلاقة بينهما في حالة وئام ومحبة، وهذا بدوره يعود بشكل إيجابي على الزوجة أولاً ويدخل السرور إلى قلب الرجل والأسرة.
د. عاطف العبد (أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة) يؤكد أن تأثير الإعلام على المرأة يحمل أوجهاً متعددة، بعض من هذا التأثير يكون بشكل مباشر وآخر بشكل غير مباشر، والتركيز على جسد المرآة وتلخيص دورها على هذا النحو يمثل قيمة متدنية، كما يسبب هوسًا للنساء، فأغاني الفيديو كليب مثلاً، والرقص المنتشر في القنوات المتخصصة لهذا الغرض، واتساع مساحة المشاهدة لهذه الفضائيات من قبل الشباب والمراهقين، والنموذج الجمالي والشكلي منحاز لهذا المعروض الذي يمثل ظاهرة.
وبالتالي تحاول كثير من النساء والفتيات جاهدة تقليد هذا النموذج، فيبعدهن ذلك عن التعامل مع النماذج الواقعية لعامة الفتيات، وهذا بدوره يؤدي إلى العنوسة.
امتهان للمرأة
وترى د. إحسان سعيد (أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس) أن الأفلام السينمائية ظلمت المرأة العربية، فإبراز الجانب السلبي في المرأة وحصرها في أدوار الإغراء والعري وقصص الرقص جاء على حساب الدور الحقيقي للمرأة الكادحة والتي تعول أسرتها. فالسينما المصرية بالذات والتي كانت رائدة في مجال الإنتاج السينمائي العربي ركزت في الستينيات والسبعينيات على مثل تلك الأنماط التي أبعدت القدوة الحقيقية والمثالية للمرأة، المتمثلة مثلاً في نماذج طالبات وأستاذات الجامعات والنساء العاملات في نواحي الحياة المختلفة. تلك القدوة الغائبة أثرت بشكل كبير على الأجيال المعاصرة، فصرنا الآن نرى كثيرًا من الفتيات والنساء ينشغلن أكثر بالجانب الشكلي، حتى الجوانب التربوية في الأسرة أصبحت غائبة. وأمهات الماضي اللواتي لم يتأثرن بوسائل الإعلام أفضل من أمهات الحاضر؛ ففي الماضي كانت هناك فطرة سوية غير مشوهة. الأديبة سهيلة زين العابدين والتي قدمت دراسات هامة في المجال الأدبي والإعلامي تقول: معظم الأعمال الأدبية التي تحولت إلى أفلام أو مسلسلات كان معظمها فيه تجاوزات أخلاقية وخروج عن الأحكام الشرعية؛ فمثلاً أفلام (الخيط الرفيع ، إني راحلة) يعيش الرجل مع حبيبته دون أن يتزوجها، والعديد من الأعمال الدرامية الأخرى التي تظهر الراقصة بشكل إنساني وتعطي مسوغات إنسانية واجتماعية لخروج البطلة عن الأحكام الشرعية وكذلك الآداب العامة.
وقد أثرت معظم الأعمال الدرامية بشكل سلبي جدًا على سلوك الفتيات والنساء وسهلت لهن ارتكاب المعاصي، أو على أقل تقدير عدم الالتزام السلوكي والمظهري بالأحكام والقيم الإسلامية.
وعن سبب تأثر المرأة بوسائل الإعلام والدراما خصوصًا أكثر من الرجل، تقول د. سلوى الطويل (أستاذ الإعلام): إن المرأة أكثر عاطفية وتأثرًا بما يحيط بها، وتعيش كثير من النساء بل ويتقمصن أدوار البطولة الدرامية. والمرأة في طبيعتها الحياتية وأثناء ممارستها حتى للأعمال المنزلية تكون أسيرة للتلفاز، وأكبر مساحة مشاهدة تتعرض لها النساء والأطفال، والدراما أكبر وسيلة لقتل الوقت والاستحواذ على عقول وعواطف المرأة. ونادرًا ما نجد النساء يقبلن على مشاهدة نشرات الأخبار أو البرامج الحوارية والسياسية، فدرجة المشاهدة الأولى لكثير من النساء هي الدراما بكل أشكالها.
صورة مشوهة
ومن جانبها ترى الخبيرة الإعلامية عزة كامل أن المشكلة تتعلق بالصورة المشوهة التي قدمها الإعلام العربي للمرأة، فقد قدم الإعلام وبالأخص المرئي المرأة في صورتها النمطية، وتلك الصورة لا تعني المرأة التقليدية أو الأم وربة المنزل والزوجة والخادمة والسيدة، ولكن أيضًا على النقيض قدم المرأة اللعوب وكلا النوعين موجودان بالمجتمع. فقد قدم الإعلام المرأة العربية إما أنها تطبخ وتكنس وتمسح البلاط وتربي الأطفال، أو امرأة متحررة من الضوابط الاجتماعية، بينما في الواقع المرأة لها دور سياسي واقتصادي وثقافي وعلمي وتنويري وشريك في صناعة الحياة.
لكن لم يبرز الإعلام العربي المرأة العالمة والمسؤولة وربة المنزل المبتكرة وغير التقليدية، ولكنه آثر تكريس الصورة الشائعة في الأذهان ولم يجتهد للتغيير.
ودرست د. عواطف عبد الرحمن (الأستاذة بكلية الإعلام) المشكلات التي تركز عليها الصحافة المصرية ومدى تمثيلها لهموم المرأة، وثبت لها أنها تركز على إبراز صورة المرأة المهتمة بأناقتها، والتركيز على الموضوعات الاجتماعية حول العلاقات الأسرية وتربية الأبناء، والتجميل يحتل المساحة الأكبر.
كارثة الفيديو كليب
تقول د. منال أبو الحسن (أستاذة الإعلام بجامعة الأزهر): أظهرت أحدث الدراسات الإعلامية أن كلاً من الفيديو كليب والإعلان يستغلان جسد الأنثى في الأعمال التجارية، وتسويق المنتجات، والأسوأ من ذلك أن الفيديو كليب يستخدم هذه الأنوثة في نشر الرذيلة والفاحشة؛ إذ يركز تصوير الفيديو كليب على أماكن الإثارة والإغراء في جسد الأنثى، كما يصورها غالبًا في دور العاشقة التي تتدلل على حبيبها.
أما المسلسلات والأعمال الدرامية، فكثير منها يصور الأنثى على أنها كائن يعاني من مشكلات سببها دائمًا ـ أنها أم وزوجة ـ ومعنى ذلك أن دوري المرأة الأساسيين هما سبب تعاستها، ويكمن حل هذه المشكلات في هذه الأعمال الدرامية في أن تتمرد الأنثى على هذين الدورين ومسؤولياتها.
كما يلاحظ أن كثيرًا من الأعمال الدرامية تدعو المرأة إلى التمرد، وتقلل من قيمة ربة البيت.
وتضيف د. منال: من حق المشاهد أن يرى نموذجًا يقتدي به في وسائل الإعلام، ولكن نموذج الأنثى الذي تقدمه وسائل الإعلام يصعب الاقتداء به، بل إنه يؤدي إلى زيادة التفكك الأسرى، فعندما تعرض وسائل الإعلام الأنثى دائمًا بصورة مبهجة ومظهر أنيق، وفي أبهى زينة وأجمل ثياب، وهو ما يتحقق في الواقع بين الإناث بنسبة 30% فقط؛ فهذا قد يؤدي إلى زهد الأزواج في زوجاتهم اللاتي قد لا تستطيع الكثيرات منهن الوصول إلى ذات الدرجة من جمال إناث الإعلام، ومن هنا تحدث المشكلات بين الأزواج، ويشعر الزوج بأنه غير راضٍ عن مستوى جمال زوجته.
ـــــــــــــــــــ(100/3)
حوار مع القلب
أ. نورة مسفر 17/12/1427
07/01/2007
في لحظة صفاء قد خيم ظلالها على جنبات المكان وبدون موعد، وجدت نفسي وجهًا لوجه مع رمز من أعجب رموز الحياة، إنه القلب.. هتفت نفسي قائلة: أيها القلب، إنني أقف حائرة أمام غموضك، إنك مخبأ الأسرار ومستودع أعظم المعاني. فهلا كشفت لي بعضًا من هذا التميز الذي تعيش فيه!
قال لي بكل هدوء ووقار: أتمنى أن تنظري لي بعين بصيرتك حتى تنزليني المنزلة اللائقة بي.
قلت له: إنني في شوق لسماع ما تقول، وقلت همسًا: أيها المغرور!
فقال -وقد اعتدل في جلسته وحلق بناظريه في أفق بعيد متكلمًا بصوت كله ثقة-: أنا المنبع والمصب لإكسير الحياة.
قلت له: هل تقصد الدم؟
قال: نعم إنه الدم حيث يحتوي على (25) تريليون كرية دموية حمراء، وتريليون صفيحة دموية، و(25) مليار كرية بيضاء، وتمثل جميعها أكسير الحياة الذي يسير داخل شرايين وأوردة الجسم. وأنا أقوم بضخ الدم بمعدل (4,5) لتر في الدقيقة بمعدل (70) ضربة، وهو ما تسمونه ضربات القلب، أي: ما يعادل (7777) لتراً في اليوم، مع أن حجمي لا يتعدى قبضة الكف غالبًا.
قلت: هذا شيء عجيب.
قال: والأعجب من هذا أنني أعمل مدى الحياة بدون توقف، وبدون قطع غيار، وبدون ضجيج وبدون تلوث! (من كتاب رحلة الإيمان في جسم الإنسان للدكتور حامد أحمد حامد).
قلت: سبحان الله، ما أعجب صنع الله! إنك تستحق أن تتحدث بهذه الثقة، إنك أعجوبة تستحق أن نتدبر ونتفكر في كيفية تكوينك وعملك، وبالذات أنه بتوقفك عن العمل تتوقف الحياة في الإنسان. إنك آية من آيات الخالق سبحانه وتعالى. قال الله عز وجل: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ). [سورة الذاريات: 21].
ثم قلت: إن الحوار معك أيها القلب يحمل الكثير من الإثارة والمتعة والتفكير! وأريدك أن تجيبني عن هذا السؤال بصراحة تامة.
قال: تفضلي. قلت: معروف أنك رمز الحب والهوى، ويقع الكثير من الناس وخاصة الفتيات في كثير من المشاكل بسببك، فهلا بيّنت لنا سبب ذلك؟
قال بصوت شجيّ مملوء بعاطفة جياشة: نحن القلوب فطرنا الله -عز وجل- على التعلق، فنحن نسعد بهذا التعلق، ونحتاج إليه، ولا نحيا بدونه، ولكن هناك من عرف الطريق الصحيح، فعلق قلبه بخالقه ومولاه، وجعل كل حب في هذه الدنيا، وكل أمر تابع لمرضاة مَن قلبُه بين إصبعين من أصابعه يقلبه كيف يشاء، فأحب من خلقه وفطره.. أحب خالقه سبحانه وتعالى، وهو بهذا الحب يحب الناس والأهل والأولاد والزوج، ويحب معالي الأمور، فيسعد ويُسعد من حوله.
وهناك من أخطأ الطريق، فعلق قلبه بمخلوق مثله يتعرض للفناء والأكدار والهموم، فأصبح أسير دائرة مغلقة ورهينة بيد من لا يملك شيئًا لنفسه أو لغيره، فسهر وأسهر، وتعب وأتعب، فدخل في دائرة التعاسة، وهو يظن أنه يبحث عن الهناء، وسار في دروب الهموم والأحزان، ناسيًا أن الطريق طريق فرح، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) [سورة طه: من الآية 124].
قلت: ما أجمل الحب إن كان نابعًا من محبتنا لمولانا! وما أتعس الطريق إذا ضل الإنسان السبيل السليم.
ثم قلت للقلب: أعلم أنني قد أطلت عليك أيها العزيز، ولكن هل تسمح لي بسؤال آخر؟
قال: على الرحب والسعة.
قلت: لقد جمعت المتناقضات أيها القلب؛ ففيك كل خير وأنت منبع كل شر، لقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنك كلامًا عجيبًا، قال: (ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، فكيف يكون ذلك؟ قال: نعم، نحن القلوب أنواع كثيرة منها:
• القلوب اللاهية: قال تعالى (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) [سورة الأنبياء: 3].
• القلوب المريضة: قال تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) [سورة البقرة: من الآية 10].
• القلوب القاسية: قال تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) [سورة البقرة: من الآية 74].
• القلوب السليمة: قال تعالى (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [سورة الشعراء: 89].
قلت له: نعم نعم نعم، هذا ما كنت أبحث عنه، قل لي: كيف يصبح القلب سليمًا؟ إننا في أمس الحاجة إلى هذه القلوب اليوم. قال لي: أتدرين ما معنى سليمة؟ قلت له: لا.....
قال: سليمة أي سالمة من الدنس والشرك. قلت: وكيف يكون القلب كذلك؟ قال: إنه الغذاء يا عزيزتي! قلت: وهل للقلوب السليمة غذاء خاص؟ قال: نعم، فمن أجل أن يكون هناك قلب سليم لابد من أن يكون في هذا القلب الرغبة الصادقة في الصحة والاستقامة، فهي بعد توفيق الله من أعظم الأعضاء وأنفعها.
قلت: وهل الرغبة الصادقة غذاء؟ قال: نعم، هي كالوقود للمحرك، فبدون هذه الرغبة يقف القلب ساكنًا يتلقف أي شيء، ويهضم كل ما يقدم له. أما هذه الرغبة فتدفع الإنسان للبحث عما يفيده وينفعه ويصلحه.
قلت: ماذا غير الرغبة الصادقة؟ قال: إذا توفرت الرغبة الصادقة بعد توفيق الله، يحتاج القلب إلى عقيدة سليمة، ويحتاج إلى التفكر:
واسألْ بطونَ النحلِ كيف تقاطرت** شهدًا وقلْ للشهدِ مَن حلاك
ويحتاج إلى المراقبة:
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمةٍ** فقلْ إنّ الذي خلق الظلامَ يراني
ويحتاج هذا القلب إلى صحبة تعين على الخير، فيحيا هذا القلب بالقرآن الكريم والذكر والعبادة، ويثمر حسن الخلق والبر والصلة والاستقامة والهمة العالية.
ويفوز بعد رحمة الله تعالى بالجنة الغالية الخالدة، بالإضافة إلى الاطمئنان في الحياة.
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [سورة الرعد: 28].
قلت: يا لها من صورة رائعة، أتمنى أن أرى عليها كل شاب وفتاة ورجل وامرأة من المسلمين، لنغيّر واقعنا ونستعيد عزتنا.
ثم قلت: نعم أيها القلب، أنت كالنبتة تحتاج إلى تربة صالحة، وإلى ماء عذب، لتزهر وتثمر، فمن المهم أن ننظر إلى التربة التي تنبت فيها قلوبنا، وإلى الماء الذي نسقيها به؛ لنعرف أين الخلل، ونصل إلى الأمل بحول الله وقوته
ـــــــــــــــــــ(100/4)
جلسة عابرة مع فتاة مدخنة!
عزيزة عبد الرحمن 3/12/1427
24/12/2006
دون سابق ترتيب وجدت نفسي أجلس مع عدد من النساء المدخنات في أحد الأماكن المخصصة للطالبات بجامعة القاهرة حيث المناخ مليء بالمتناقضات .. وجدت إحدى الطالبات تجلس شاردة الذهن سارحة العيون.. والدخان يحيط بها من كل جانب وكأنه الأكسجين الذي تتنفسه.. ترتشف الرشفة وكأنها تطعمها الحياة، تأخذها بعمق بحركات لا إرادية .. آلية .. وترسم على وجناتها تساؤلات لا أدري ما هي، ونظراتها تجيب إجابة المضطر، ألا وهى الحيرة والحزن الدفين.
كل هذا لم يستغرق سوى دقائق معدودة.. وعلى الفور توجّهت إليها أسألها:
*هل أستطيع أن أسألك بعض التساؤلات؟
-فأجابت: نعم.. تفضلي.
*هل أستطيع أن أعرف منذ متى بدأت التدخين؟
- منذ خمس سنوات!!
* خمس سنوات تحرقين صدرًا رقيقًا لا يحتمل كل هذا السواد من الدخان؟!
- إن هذا الصدر لا يستطيع أن يتنفس دون أن يدخن!!
* كيف بدأت هذا التدخين؟
- التدخين بالنسبة لي لم يكن مقصوداً حقيقة، ولكن المسألة بدأت بالمزاح في أحد أعياد الميلاد لزميلة لنا في المرحلة الإعدادية، لعلك تندهشين أن أقول لك المرحلة الإعدادية، فقد وجدت بعض الزميلات تدخن، وكانت بالنسبة لي دهشة كبيرة، سرعان ما زالت بكثرة رؤيتي لهن وقت المذاكرة الجماعية، فبدأت أسخر من ذلك عندما عرضن علي أن أجرب التدخين، بحجة أن السيجارة الواحدة تجعل الإنسان في نشوة خاصة عندما يكون المزاج غير رائق على حد قولهن، وتلك التجربة كانت خطوة جريئة وعملية تعارف واستطلاع، سرعان ما تحوّل إلى مزاج وإدمان، وها أنا الآن أعاني من فقدها ولو لساعة واحدة.
* لماذا تقولين أعاني .. هل تسبب لك السيجارة أي مضاعفات؟
- نعم .. معاناة بمعنى الكلمة، فأنا لم أشك فقط من صدري، بل أصبحت معرضة للتعب بشدة وبسرعة لأقل مجهود أو عمل، وفي نفس الوقت لا أستطيع أبداً أن أبتعد عنها أو حتى أن أقللها.
* معنى ذلك أن إدمان التدخين بدأ مع الأصدقاء؟
- نعم فإن أهلي لا يوجد بينهم من يدخن، وأبي لا يدخن، وعملية التدخين لم يكن لها تأثير إلاّ من أصحابي، وها أنا أندم، ولكن بعد أن أصبح لا فائدة من الندم.
ولماذا لا فائدة من الندم؟ فإن الندم أولى خطوات النجاح.. إن شعورك هذا شعور طيب، ولكن سارعي إلى تطبيق ما هو صالح لك، وحاولي أن تبتعدي عن هذه الصحبة؛ فتلك خطوة كبيرة في النجاح، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ..". فلعل أن يصيبك ما يصيب الصحبة الطيبة التي تعينك على الخير.
تركتها بنظراتها الحائرة ..
وفارقتها مسرعة من المجلس، وأنا أتنفس بصعوبة؛ فقد امتلئ صدري بالدخان، وأنا أردّد الحمد لله ..الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من الناس.
ـــــــــــــــــــ(100/5)
بعد الأحبة..كيف تبدو الحياة؟
منال الدخيل 30/11/1427
21/12/2006
منذ فترة ليست ببعيدة، فقدتُ إنسانة عزيزة على قلبي.. أحسن الله مثواها، وأسكنها الفردوس الأعلى..
هذا ديدن الحياة.. بين عمل ودأب في طلب الرزق وعيشها فوق ذلك كله.. نستمر في التنقل بين التقلبات التي تجري فيها.. فنحن اليوم إن ضحكنا... غداً سنبكي، وإن فقدنا الأمل... فحتماً غداً يوم جديد، لا يمكن التنبؤ بما يحمله لنا من مفاجآت.. وإن كرهنا اليوم شيئاً.. أحببنا غداً غيره..
وما هو مثير للاهتمام.. هو بعد أن تنزل علينا مصائب أو أمور لا نطيق لها احتمالاً.. هو فكرة.. كيفية الاستمرار في العيش؟!
وهذا أجده في معظم من فقد حبيباً، أو نزلت به مصيبة.. هذه الأمور التي لا تحدث على الدوام، وإن حدثت لنا.. فلها وقع.. يبدأ بصدمة.. مفاجأة.. ثم محاولة لتقبل الفكرة على أنها حقيقة، وأخيراً التعايش معها سواء رضينا أم أبينا! فإن رضينا، فالحمد لله.. له ما أعطى وله ما أخذ.. وإن أبينا.. فقطعاً سنرضى في النهاية!
ما أود أن أطرحه اليوم عليكم... هو كيفية التعايش مع ما يسبب لنا الحزن والألم.. أحياناً نجد أن الألم يكون شديداً وقاسياً، فلا نريد أن نعيشه! لا نريد أن يمر علينا، نريده أن يغادر فجأة كما حل فجأة! ولكن لا يوجد إلى ذلك سبيل! تعلمتُ أنه في مثل هذه المواقف، يجب على المرء أن يبدأ بإعادة تقييم حياته.. ومراجعة حساباته.. ومن خلال مروري بهذه المرحلة تأكدتُ من شيء واحد.. هو رغبتي في الاستمرار على الميثاق الذي أخذتُ عهداً بإتمامه على عاتقي!
والغرض من ذلك.. هو أن يجد المرء شيئاً يدفعه للاستمرارية في حياته.. دافعاً يجعله يستيقظ في الصباح من السرير ليبدأ يومه.. وهذا ما يجعل الناس ينسون ما عانوه من مرارات الحياة.. لأن هناك ما يدفعهم للأمام.. من عائلة، وأهل، وأصدقاء، وعمل.. واللائحة تطول.
النقطة الثانية، هي أن يشغل المرء نفسه بما يحب، فلا يقع فريسة الأفكار التي قد تهدم الأجر الذي يرجوه من الله في الصبر عند المصيبة.. قرأتُ مرة أن عقلك قد يكون أعز أصدقائك أو ألد أعدائك! وهذا ما أراه جلياً في الأفكار التي تدور في عقولنا.. فإن فكرت بالحزن والألم.. فستجده، وإن فكرت بالأمل فحتماً فستجده هو الآخر.. المهم إلى أي صف ستتجه!
أمّا النقطة الثالثة، فنجد أننا أحياناً نرتدي رداء الشجاعة، فلا نريد أن نبدو ضعفاء أمام الآخرين!! لكننا بشر، ومن حقنا أن نعطي أنفسنا الفرصة في التعبير عما نشعر به... وان كنت لا تشعر بالراحة في التواجد مع الآخرين في هذه اللحظات، فلا بأس من الابتعاد... ما دام هناك صديق عزيز واعٍ، يراقب ما يدور معك، فقد ننجرف في تيار الاكتئاب الذي لا مخرج منه، فيكون من الفطنة حتى يخرجك من هذه الحالة!
أخيراً، وجود هذا الصديق بقربك عند الحاجة للتواصل والحديث، فعندما نتحدث مع غيرنا يكون ذلك نافعاً في إخراج سيل الأفكار من عقولنا إن لم تجد لها مخرجاً.. قال لي خالي في حديثي معه عن أهمية الاستمرار في الحياة، وضرب في ذلك مثلاً بقوله: "إنّ الأزهار في الحديقة تبدو بأروع صورها.. فهناك من يتأملها ويعجب بجمالها ويتنشق شذاها، وهناك من يقطفها من العابثين، وينهي حياتها القصيرة.. الأهم أنها في صباح اليوم التالي تتفتح من جديد! تظهر بأبهى حللها! تسرّ من ينظر إليها! وتدخل الأمل إلى أنفسهم.. وهو الأهم كما قلت!
بعدما أنهيتُ محادثتي معه.. أردتُ حقاً أن أكون مثل هذه الأزهار.. باعثة الحب، والأمل فيمن حولي!
ـــــــــــــــــــ(100/6)
الأسرة.. والحوار المفقود
إيمان بنت عبد الله العقيل* 28/11/1427
19/12/2006
تذكر إحدى الدراسات أن 30% من الأمهات لا يُقبّلن بناتهن لمدة تزيد عن أسبوع.. وترجع الأم سبب ذلك إلى أن ابنتها أصبحت امرأة!!
"وهل يكبر الأبناء على الآباء يوماً؟"
فمهما كبروا يظلون بحاجة إلى حنان وعطف آبائهم المتدفق الخالص، البعيد عن أي مصلحة ومنفعة.. فما بالنا انشغلنا عن لمسة حانية وبسمة صافية نُسعد بها أبناءنا!..
إنه من الصعب أن يوصي أحدنا غيره في أعز ما يملك وهم أبناؤه!!
فهم زينة الحياة الدنيا (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وهم أثمن وأغلى ما يملكه الآباء في حياتهم..
قد ينصرف الذهن إلى الاهتمام بالمأكل والمشرب والملبس والمسكن.. لكن كل هذه الأمور لا توازي شيئاً لدى المراهقة.. فقُبلة على جبينها، أو احتضان حميمي، أو تسريح شعرها، أفضل وأكثر أثراً على نفسيتها من الأشياء المادية البحتة..
لا ننكر بأن زمننا زمن الماديات، لكن كم نحن بحاجة إلى لمسات عاطفية وكلمات حانية.. تقرّب البعيد، وتليّن القاسي، وتردم الفجوة بين الآباء والأبناء..
إن الشكوى المتكررة من البنات في مرحلة المراهقة هي ضعف العلاقة بالوالدين..
التي تصل أحياناً إلى فجوة عميقة بينهم.. والسبب في ذلك جهل الوالدين بما تمر به ابنتهما من ظروف نفسية وعاطفية، وهذا يقودنا إلى مشكلة اجتماعية هي افتقاد أجواء الحوار والصراحة بين أفراد الأسرة.. وهو بلا شك يضغط على نفسية المراهقة، ويدفعها إلى البحث عن متنفس للتعبير عن أحاسيسها وأفكارها، وما يعتلج في نفسها!!
فتبحث عن وسائل أو أشخاص من خارج الأسرة قد لا يكونون مؤتمنين.. فتوقع نفسها في مشاكل يصعب الخلاص منها، وقد تتضخم أكثر نتيجة الفجوة وعدم المصارحة والحوار مع الأهل..
إن جلسة حوار هادئة بين أفراد الأسرة بشكل يومي كفيلة بأن تكسر الحواجز بين أفراد الأسرة وتزيد من تقاربهم وتفاهمهم..
فهل نفتح أذرعنا وقلوبنا لأبنائنا وبناتنا؟!
*• مديرة تحرير مجلة حياة للفتيات
ـــــــــــــــــــ(100/7)
كيف نزرع القيم؟
أ. نورة مسفر 18/11/1427
09/12/2006
يتلفت الجيل إلى واقعه فماذا يرى من القيم؟
جوانب الخير موجودة والحاملون للقيم سيظلون إلى قيام الساعة؛ لأن الخير في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى قيام الساعة. فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يظهر جيل في أغلبه بعيد عن القيم؟ لنلقي نظرة على القنوات التي تغذي فكر الجيل القادم:
أولاً: الأسرة:
تعاني الأسرة اليوم من عدة إشكاليات تعيق دورها السليم منها:
1- انشغال الآباء والأمهات.
2- وجود الخدم.
3- كثرة المشكلات في حياة العديد من الأسر نتيجة للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة.
4- تدخّل أطراف أخرى في التربية مثل وسائل الإعلام.
ثانياً: المدرسة:
لا تستطيع المؤسسات التعليمية بوضعها الحالي أن تؤدي الدور المطلوب على الوجه الأكمل بسبب:
1- كثرة أعداد الطلاب في الفصل الواحد.
2- ضعف أداء كثير من المعلمين.
3- قلة المعلمين الذين يمثلون قدوة جيدة للطلاب.
ثالثًا: الإعلام:
مع الانفتاح الإعلامي أصبحت عقول الناشئة في تخبط عجيب، فهم بين فواجع وكوارث ومآسي صباحًا ومساءً، أو بين انحلال وانحراف ودعوات للخلاعة والعري في كثير من البرامج والقنوات. وهذا لا ينفي وجود بعض القنوات والبرامج المفيدة والتي ندعو الله لها بالخير، ونسأل الله -عزّ وجل- أن تستمر في التقدم والتركيز على فئة الشباب، لتحد من تأثير قنوات الإفساد التي تفننت في جذب هذه الفئة من خلال تمجيد أهل الأهواء وإضفاء سمات البطولة والنجومية والشهرة والثراء عليهم.
فإذا كان الواقع كذلك فماذا يمكن أن نفعل تجاهه؟
إننا بحاجة ماسّة إلى:
1- نظرة متفائلة لأن أبناءنا فيهم خير كثير، وهم ينتظرون منا أن نمدّ إليهم أيدينا.
2- عمل جاد دؤوب، قال صلى الله عليه وسلم: "استعنْ بالله ولا تعجزْ" رواه مسلم.
3- سقي تلك القلوب بماء الحب والرعاية والرحمة حتى يلتفوا حولنا اقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). [سورة آل عمران: 159].
4- يحتاج منا الأبناء أن نقدر ما يمرون به من ظروف شديدة القسوة؛ لأنهم اليوم في عنق الزجاجة كما يُقال.
5- نحتاج إلى تعاون شديد بحيث تتكاثف كل الجهود من أجل الاهتمام بهذه الفئة الغالية، وأتمنى إيجاد مراكز خاصة بالشباب والفتيات يتلقّون فيها صفاء العقيدة ونقاء الفكر، ويجدون فيها من جعل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة منهاجًا لحياتهم.
6- مساعدة هذا الجيل على الارتباط بكتاب الله من خلال التدبّر فيه، قال تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [سورة ص: 29]، ومساعدتهم على فهم السنة وتطبيقها في حياتهم، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" رواه أحمد.
7- التدريب العملي للجيل هو خير ما يركز هذه القيم في النفوس ويجعلها واقعًا معيشًا؛ فهذا الجيل يستحق أن نثق به، وأن نوكل إليه مهمات تناسبه؛ لأن مواقف الحياة هي خير ما يعلم القيم، فمثلاً: بدلاً من أن نحدثه عن العطف والرحمة نظريًا، نرتب لهم زيارة لدور الأيتام أو الأربطة على أن يتولى الأبناء الإعداد والترتيب لهذه الزيارة، مع أخذ مقترحاتهم وآرائهم قبل وبعد الزيارة.. ونجد في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير نموذج لتعليم القيم من خلال الممارسة العلمية؛ إذ عهد إلى أنس -رضي الله عنه- بسر، وإذ ولي أسامة بن زيد قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر، وكان عمر أسامة تسع عشرة سنة رضي الله عنهم أجمعين.
ـــــــــــــــــــ(100/8)
كيف أتحرك؟
منال الدخيل 15/11/1427
06/12/2006
لماذا الناجحون هم من عاشوا في بداياتهم أقسى غايات الألم والحاجة؟!
لماذا الناجحون... حينما نرجع إلى ماضيهم نجدهم عاشوا محرومين أو عاشوا طفولة بائسة؟!
لماذا كل ناجح يخفي وراء نجاحه... حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة؟!
إن سبب نجاحهم هو هذه البدايات الأليمة.
إذا رأيت البريق في أعينهم، أجد أنه يخفي وراءه مغامرة رائعة.. تستحق أن تجعل العالم أجمع أن يراها...
أعرف بأن ما مر بهم من آلام هو الدافع الذي يجعلهم يحدثون فرقاً في العالم... وأنا هنا أحترمهم وبقوة... وأظل أبحث عن الكتب التي تسرد حكاياتهم... لأنها تستحق القراءة... لأنها تحيي واقعاً ملموساً يجب أن يطلع عليه الآخرون..
إلاّ أني بعد لم أجد إجابة لسؤالي... والذي ربما لم أصغه بوضوح... وهو: لماذا يجب أن يمر على الإنسان تجارب وفترات عصيبة في حياته، حتى يقرر حينها أن يحدث فرقاً ويكون ناجحاً؟!
عرفت أناساً يدرسون تخصصات لا يحبونها، وآخرين يعملون في وظائف لا يريدونها، ومنهم من يشكو الملل والفراغ... لماذا؟!
كنت في حوار مع أحدهم، قال لي عبارة استوقفتني وبقوة... قال لي: أريد أن أموت شاباً!!
قلت له: لماذا؟!
قال: لأني لا أريد أن أعيش وأرى نفسي أكبر، أنا الآن في شبابي أقضي حاجاتي وأموري بنفسي، لكن حينما أكبر سأفقد قوتي وأهرم، وسوف أحتاج إلى المساعدة من غيري...
أنا معه فيما قاله... فهذا في طبيعتنا كبشر... لا نريد أن نكبر... لا نريد بعد أن كنا شباباً وبقوتنا أن نتعب ونهرم، بيد أن هذا أمر مسلم به... لا نستطيع تغييره... ما علينا فعله الآن هو أن نعيش في هذه الحياة ونستمتع بها إلى أقصى درجاتها... فهي نعمة...
ما نقوم به يحكمه أمران.. إما بحثاً عن متعة، أو هروباً من ألم... ونجد أنفسنا أحياناً نتحمل بعض الآلام؛ لأننا نعرف ما سنحصل عليه من متعة... كتصارعنا في هذه الحياة الدنيا، طلباً للجنة...
أحياناً نحجم عن اتخاذ قرارات مهمة في حياتنا خوفاً من المجهول...
لماذا الخوف؟! خوفاً من ماذا؟ً لا يوجد خوف محدد من شيء معين... إلاّ أنه الخوف مما قد يحصل إذا غيّرنا ما اعتدنا عليه... إننا من الخوف من المجهول نحرم أنفسنا حتى فرصة التجربة لمعرفة ما الذي نخاف منه..
قد يتبادر إلى أذهانكم سؤال... وهو كيف؟ كيف أخرج من هذه الرتابة؟! كيف أبث المتعة في حياتي؟؟ كيف أصبح ناجحاً؟!
كلمة السر هي... أن تعمل بما تعرف! جميعنا نعرف لماذا خُلقنا، وهو ما يعرفه ابن الخامسة... لعبادة الله وحده لا شريك له.... لكن، هل نعرف كيف؟!
قال أفضل الصلوات عليه والتسليم: (كلٌّ ميّسرٌ لما خُلق له). ونجد هذا جلياً من خلال تعامله مع أصحابه رضوان الله عليهم، فهذا الشاعر حسان بن ثابت، وهذا الفارس خالد بن الوليد، وهناك أبو هريرة في شغفه في طلب الحديث...
لم يرغمهم على شيء محدد... بل جعل كلاً منهم يعمل بما يعرف.. والأجر من الله سبحانه وتعالى إذا ابتغيت مرضاته في عملك.. فالرسام يدعو إلى الله بعمله ولوحاته التي تنقل حضاراتنا الرائعة، وتميزها عن غيرها في خلوها من الأرواح.. ليس لعدم قدرته... بل باختياره.. والكاتب.. بكتاباته وإبداعاته يدعو الله بها... الطبيب، المهندس، النجار، العامل.. قال صلى الله عليه وسلم: (من نام كالاًّ من عمل يده دخل الجنة) رواه الطبراني في الأوسط والأصبهاني من حديث ابن عباس.وهو ضعيف..
وقالوا في الأمثال: (من طلب الدنيا بعمل الآخرة فقد خسرهما، ومن طلب الآخرة بعمل الدنيا فقد ربحهما).
واقرأْ واستمعْ وابحثْ في سير الناجحين، واجعلها غذاء لروحك، ودافعاً ومحفزاً لك لتحقق المزيد من التقدم والنجاح.. فهذا الناجح قد بذل من عمره عشر سنوات ليصل إلى الخبرة التي وصل إليها، بينما أنت في يدك الآن أن تأخذ خبرات عشرات السنين من قراءة كتاب مفيد لساعات قليلة...
طوّرْ نفسك وابحثْ عن ذاتك واعملْ بما تحب... واجعلْ لك رسالة في الحياة...اسألْ نفسك بعد أن تموت: ماذا تريد أن تترك خلفك؟ ماذا سيقول عنك أقرب الناس إليك؟ ماذا سيقول عنك زملاؤك في العمل؟ ماذا سيقول عنك أولئك الذين قابلتهم مرة واحدة في حياتك؟
اجعلْ لنفسك بصمة – كما أحب أن أسميها- واتركها دائماً خلفك، تذكّر الناس فيها بالخير..
اجعلْ بصمتك هذه سمة واضحة على كل شيء تقوم به... اتركْ بصمتك في منزلك.. مكان عملك... حتى على قلوب الأشخاص الذين تقابلهم... لأنك لن تعرف أبداً متى ستنتهي رحلتك... لكن من الرائع أن تترك شيئاً خلفك يذكّر الناس فيك...
ما أروع وأقوى تلك البصمة التي تركها حبيبنا الشيخ ابن باز رحمه الله... كانت بصمته من القوة بحيث إن الناس في بلدان مختلفة صلوا عليه صلاة الغائب..
ألا تريد أن تكون مثل ذلك الإنسان؟! وأنا أقول بأنك قادر بإذن الله تعالى... لأن هناك الكثير في داخلك لم تكتشفه بعد... ادخلْ في أعماق نفسك، وستجد الكثير مما كنت تشك في وجوده... ولا تنس أن تخلص النية لله..
أخيراً... لديّ مطلب بسيط.. وهو أن تقرأ وأن تقرأ وأن تقرأ.. فبقراءتك تشكر الله على نعمة البصر التي لدينا... وهناك من حُرم منها... فأنت لديك النور لتقرأ... في حين أن (برايل) بذل المستحيل حتى يقرأ ... وأصبحت هناك لغة للعمى باسمه... أليس هذا كافياً؟؟
طوّرْ نفسك وتسلح بالعلم والمعرفة... وادخلْ في خضمّ الحياة... عشْ كل لحظة وكأنها آخر يوم لك واستمتع بها...
واجعلْ الزمن يرسم لوحته الرائعة على وجهك... اجعلْ كل خط على جبينك يحكي قصته لمن حولك... واجعلْ التجاعيد التي تحت عينيك تسرد حكاياتها.. في ليلة من ليالي الصيف الحالمة، وأبناؤك وأطفالك متحلقون حولك...
واجعلْ الخصلات البيضاء التي تلوّن شعرك نبراس نور يستضيء به من حولك...
"اجعلْ حياتك كتاباً يستحق أن يُقرأ..."
ـــــــــــــــــــ(100/9)
الأب الغني والأب الفقير . .
كيف تعلم نفسك وأبناءك الشؤون الاقتصادية
عبد الله أبا الخيل 2/11/1427
23/11/2006
لا تقل التربية الاقتصادية للأولاد عن الأمور التربوية الأخرى، إذ أن من الشائع جداً لدى كثير من الأسر إعطاء الابن مصروفاً محدداً كل يوم، دون تنمية تفكيره الاقتصادي وكيفية التعامل مع المال، الأمر الذي يورث كثيراً من المشاكل الاقتصادية لدى الأبناء عند وصولهم إلى مرحلة تحمل المسؤولية.
كتاب الأب الغني والأب الفقير، الذي ذاع صيته وترجم إلى عدة لغات، يحكي بطريقة مبسطة، كيف يمكن للأب تربية ابنه تربية اقتصادية يمكنها أن تصنع من ابنه ابناً ناجحاً في تدبير شؤون حياته الاقتصادية، ويبدأ المؤلف بقصة حقيقية لأبوين، أحدهما أستاذ مثقف بدرجة كبيرة، أما الثاني فهو ذو مستوى تعليمي محدود. ترك الأب المثقف عائلته بلا شيء، باستثناء بعض الفواتير غير المسددة ربما. فيما صار الآخر فيما بعد، واحدا من أغنى الرجال في هاواي حيث ترك لابنه إمبراطورية مالية ضخمة.
يعلم الأب الغني أبناءه دروسا نفيسة في المال تجعلهم يتعلمون من خلال الخبرة، وأهم درس في ذلك هو: كيف يمكنك استخدام عقلك ووقتك لكي تخلق ثروة شخصية لك. وينصح بتعلم ملاحظة الفرص، وخلق الحلول و 'اجعل عقلك مبدعا'، وكيف تجعل المال في خدمتك، لا أن تكون عبداً له، من خلال نصائح يجب أن يزرعها الوالد في نفوس أبناءه:
- أنت ما تفكر فيه.
- العمل حل قصير الأجل لمشكلة طويلة الأجل.
- إن عبدا يتلقى راتبا عاليا، يظل رغم ذلك عبدا.
- لماذا يتعين عليك تسلق السلم الاقتصادي ما دام في وسعك أن تمتلك هذا السلم؟
- تباعدت طريقان عبر أشجار الغابة، و لكنني اخترت الطريق التي يقل سالكوها
لقد كان هذا سبب كل هذا الاختلاف.
ويشير روبرت كيوساكي إلى أن من المهم تعليم الناس 'التفكير المالي' الذي يجيء من حقيقة أنه ليس هناك أمان وظيفي حقيقي هذه الأيام. حتى بعد سنوات الكد، فقد يجد أبناء الطبقات الوسطى أنفسهم وهم لا يملكون الاعتمادات الكافية التي تؤمن لهم توفير التعليم الابتدائي أو الجامعي لأبنائهم بعد تقاعدهم فلماذا العمل؟ لماذا يعمل الواحد طيلة حياته لحساب شركة أو عند الحكومة أو لدى البنك؟ لا بد من أن توقظ عبقريتك المالية و تكسب استقلالك المالي و حريتك.
الدرس الأول: الغني لا يعمل لأجل المال.
في سن التسع سنوات، سأل روبرت كيوساكي برفقة صديقه مايك، والد هذا الأخير (الأب الغني) أن يعلمهم كيفية تحقيق الثروة. و بعد 3 أسابيع من العمل في نفض الأتربة و الغبار عن العلب في واحدة من متاجر هذا الأب الغني لقاء أجر أسبوعي قدره عشر سنتات، أراد الطفل كيوساكي المغادرة و لكن والد صديقه أعلمه أن هذا التصرف هو بالضبط، ما يقدم عدد كبير من الموظفين على فعله، إذ أن بعض الناس، وفقاً للوالد، يفعل ذلك على اعتبار أنهم لا يتلقون أجرا جيدا في حين أن آخرين يجدون في ذلك، فرصة يستغلونها في تعلم شيء جديد.
العمل للتعلم
بعد ذلك، قرر الأب الغني أن يخضع هذين الولدين للعمل و لكن، من دون أجر هذه المرة. إن عملا كهذا سوف يجبرهم على التفكير في تأمين مصدر دخل، ما يعني التفكير في وضع خطة عمل. و لقد جاءتهم الفرصة. لقد فتحوا مكتبة خاصة بمجلات الأطفال و قاموا بتوظيف شخص آخر للعمل فيها لقاء أجر مقداره دولار واحد أسبوعيا، بمعنى أنهم لم يكونوا مجبرين على البقاء في تلك المكتبة بأنفسهم. لقد كانوا يربحون أسبوعيا ما يقرب من 9.5 دولارات لأن كل طفل كان مجبرا على أن يدفع لقاء المطالعة، بضعة سنتات و لفترة ساعتين فقط بعيد المدرسة.
وفي درسه الثاني يتساءل روبرت كيوساكي لماذا التعلم المالي؟ ويجيب عن ذلك بقوله إن هذا النوع من التعليم لا يتم تلقينه في المدارس مؤكداً على وجود فجوة آخذة في التوسع بين الطبقة الفقيرة و الغنية من خلال النظام التربوي القديم لأن هذا النظام يدرب الناس على أن يصيروا موظفين جيدين و لا يُعدُّهم ليصبحوا أرباب عمل وتجار، ثم إن ذات النظام يفشل أيضا في توفير المهارات المالية الأساسية للشباب فلا يعلمهم كيف يصبحون قادرين على تأسيس ثرواتهم الخاصة.
وفي هذا العصر الذي يعج بآلاف الأثرياء، لا تسأل نفسك عن حجم الثورة التي في وسعك تحقيقها بل إن السؤال يجب أن يكون على هذا النحو: كم سيدوم عمر هذه الثروة و كم عدد الأجيال التي سوف تستفيد منها.
الدرس الثاني: أوجد عملك الخاص.
احتفظ بعمل يومك، و لكن فكر في خلق عمل خاص لك.
باع كيوساكي آلات التصوير (الناسخات Photocopier) بواسطة العمولة لدى مؤسسة زيروكس Xerox. و اشترى من مداخيله في هذا العمل، عقارات، و بعد ثلاث سنوات، بات دخله أكبر بكثير من ذلك الذي كان يناله لدى زيروكس. لم يعد بعد هذا ملزما على البقاء مع زيروكس لأنها تتطلب منه كامل وقته. لقد عرف بعد ذلك أنه و لأجل التخلص من المنافسة، عليه أن يعمل أكثر و يبيع الناسخات، عليه أن يوجد لنفسه ميدان عمل خاص به.
إذن : لا تنفق كل أجرتك. أوجد محفظة أصول جيدة و يمكنك بعد ذلك أن تنفق حينما تبدأ هذه الأصول في جلب الفوائد لك.
الدرس الثالث: الغني هو من يوجد المال.
الثقة بالنفس مع وجود ذكاء في التدبير ، سوف تمنحك بكل تأكيد، دخلا يعزز ميزانيتك مع نهاية كل شهر.
استفد من الاستعمال الجيد لوقتك و أوجد أفضل صيغة ممكنة من الاتفاقيات.
مثال : في أوائل التسعينيات، كان اقتصاد 'فيونيكس' سيئا. لقد بيعت البيوت التي كانت تملكها بقيمة 75 ألف دولار على الرغم من أن قيمتها الحقيقة كانت لا تقل عن 100 ألف. لقد قام كيوساكي بالتسوق لدى محاكم الإفلاس و استطاع أن يشتري من نفس تلك البيوت عددا بأثمان متفاوتة من بينها من كان مقابل مبلغ 20 ألف دولار فقط ثم باعها بمبلغ 60 ألف، بمعنى أنه كان يكسب 40 ألف عن كل عملية و بعد ستة صفقات أخرى، تمكن من تحصيل مبلغ 190 ألف دولار من دون أن يتطلب منه هذا العمل وقتا أكثر من 30 ساعة إجمالا.
يشرح الأب الغني أن هنالك نوعين من المستثمرين:
1 - النوع الذي يشتري رزم الاستثمارات.
هذه الطريقة تعني أن تقوم بالاتصال بمنفذ بيع التجزئة، كشركة العقارات، السماسرة أو المخططين الماليين، ثم توضع أموالك في هذه الاستثمارات الجاهزة.
2 - النوع الثاني و هو المستثمر المحترف
قم بتصميم استثمارك بنفسك و اجمع الاتفاقيات مع كل العناصر المختلفة للفرص.
لا شك في أن الأب الغني، يشجع هذا النوع الثاني.
تحتاج لتطوير ثلاثة مهارات رئيسية لتصير من هذا النوع الأخير:
. التعرف على الفرص قبل فواتها.
. اجمع رأس المال
. إدارة الأشخاص الأذكياء.
تعلم التعرف على الهدايا الخفية خلال اتفاقيات الأعمال فعلى سبيل المثال: إن الأعمال الحقيقية لمجموعة ماكدونالد، ليست شطائر الهمبرجر، إنها الحصول على ذلك المنزل الصالح و ترتيب توكيل تجاري لاستغلاله. ذلك المنزل الذي يقع في تقاطع مهم في كل المدن تقريبا عبر العالم. هذا هو المعيار الحقيقي في ثروة الشركة.
الدرس الرابع: اعمل لتتعلم، لا تعمل لأجل المال فقط
تعلم المهارات مثل التسويق و الإعلان. جرب حرفة ثانية إذا ما كان هذا يعني تعلما إضافيا، فعلى سبيل المثال، بعد تخرجه من الكلية، انضم المؤلف إلى سلاح البحرية الأمريكي. ثم تعلم الطيران نظرا لحبه الكبير له. ثم تعلم أيضا، قيادة الجنود، و هذا جزء مهم لأجل التدرب على الإدارة. بعد ذلك، انضم إلى زيروكس حيث تعلم كيفية التغلب على الرفض لأن فكرة البيع من خلال الطرق على الأبواب، أرعبته إلا أنه و بعد وقت قصير، بات خامس أفضل بائع لدى الشركة ثم صار الرقم 'واحد' طيلة سنتين. و بعد أن حقق هدفه حيث استطاع التغلب على مخاوفه و خجله، غادر الشركة و بدأ العمل لحسابه الخاص.
الاختلاف في التّعليم
تُدرب المدارس المهنيين، ليصبح هؤلاء متخصصون جداً بمعنى أنهم لا يصيرون قادرين على أن يحققوا شيئا في المجالات الأخرى فيضطروا بعد ذلك إلى تأسيس 'الاتحادات' لأجل حماية مهنتهم و أعمالهم. تذكر أنه في وسعك أن تكون لك مهنة، تعلم أن تكون طيارا مثلا إذا ما كنت تحب التحليق ولكن في الوقت ذاته، أوجد لنفسك ميدان عمل خاص بك.
ينبغي تعليم الجيل القادم على كل جوانب الإدارة و تحريكه من قسم على آخر حتى يصبح قادرا على معرفة الكيفية التي يتعلق وفقها، كل قسم بغيره من الأقسام. إن الاختصاص ليس هو الأمر المحوري هنا، إنه التقاط الدروس المهمة من كل منطقة و رؤية الأعمال بطريقة متكاملة.
لقد علم الأب الغني كلا من كيوساكي و رفيقه مايك، بنفس الطريقة. و فيما بعد، أخذ مايك على عاتقه مسئولية تسيير إمبراطورية الأب الغني التي تضم مطاعم و متاجر و شركات بناء، أما كيوساكي فلقد تمكن من أن يوجد إمبراطوريته الخاصة من خلال العقارات و المنتجات الجديدة و المواد التعليمية.
ثلاثة مهارات رئيسية في الإدارة:
1 - إدارة السيولة النقدية.
2 - إدارة الأنظمة (بما فيها وقتك مع عائلتك و وقتك مع نفسك).
3 - إدارة الناس.
خمسة عقبات في طريق الاستقلال المالي:
1 - الخوف، لا تتعلق بما تفكر أنه غير مضمون بل ينبغي أن تحتاط، لأنه لا يمكنك أن تكسب كثيرا من أمر تُقبل عليه و أنت غير متفائل.
2 - السخرية، لا تستمع لنصيحة الآخرين الذين لا يعملون في المجال الذي تعتزم العمل فيه، استمع لنفسك و للذين ينشطون فيما تستهدفه.
3 - الكسل، الطمع جيد أما القتال فهو متعب. فكر في الحرية و في المال الذي سوف تحصله نتيجة لساعات العمل الإضافية، وغير من طريقة تفكيرك، لا تقل: "لا يمكنني تحمل هذا" بل عليك أن تسأل نفسك كيف يمكنك تحمل المزيد. بعبارة أخرى، تحد عقلك أن يصير مبتكراً.
4 - العادات السيئة، ينبغي أن تتحول عادات الإنفاق إلى عادات إصلاح و استثمار.
5 - الغرور، لا تعتقد أنك تعرف كل شيء لأن هنالك ما عليك معرفتك بخصوص المال. استمع للآخرين و احرص على أن تحضر الندوات المفيدة.
الخطوات العشرة لإيقاظ عبقريتك المالية:
1 - أوجد سببا أكبر من الواقع، حلما كبيرا. فكر في الحرية، في أسلوب للحياة تتحكم من خلاله في وقتك. فكر فيما لا ترغب أن تكون عليه، مثلا: "لا أريد أن أكون موظفا".
2 - اختر أصدقاءك بعناية. فمن المستحسن أن تدفع في سبيل الحصول على الأصدقاء الناجحين الذين تمكنوا من تحقيق أهدافهم بمعنى، أولئك الذين يمكنك أن تتعلم منهم.
4 - أوجد تركيبة. تعلم أمرا شيئا جديدا و تعلمه بسرعة.
5 - ادفع لنفسك أولا. التزم الممارسة بإبقاء النفقات منخفضة. يمكن أن يدفع المستأجرون مقابل نفقاتك إذا أجرت الشقق مثلا لأن المدخرات يجب أن تستخدم لأجل الاستثمار و تحقيق مزيد من المال و ليس لدفع الفواتير.
6 – ادفع للوسطاء ومن يعملون لك مبالغ مجزية، لأن ذلك سوف يحفز أولئك على العمل معك حتى ولو كان العمل صعبا، وهذا ما يعني أنه سوف يكون في وسعك أنت أيضا أن تحقق مزيدا من الأرباح.
7 - عليك أن تكون صبورا، إنه مفهوم (مردود الاستثمار) استثمر ثم اسحب المال الابتدائي خارجا حينما ترى أن ذلك المال قد عاد عليك بالفائدة.
8. لا تشتر الكماليات إلا في المرحلة الأخيرة، دع الدخل من أصولك المتنامية يتحمل أولا قيمة سيارة جديدة مثلا بمعنى أن تنتظر حتى تتشكل قاعدة أصولك.
9. أوجد لنفسك نموذجا تقتدي به.
10. علّم الآخرين و ستتلقى حتما مقابلا لذلك. مثلما هي الحال في المال و الحب أو حتى الصداقة، إذا منحت من غير أن تنتظر شيئا في المقابل، سوف يعود عليك ذلك بالكثير.
يملك اليابانيون، وفقا لكيوساكي، إيمانا بثلاث سلطات كبيرة:
1 - السيف (أسلحة)
2 - الجوهرة (المال)
3 - الذاكرة (الإدراك الذاتي)
الأكثر أهمية من بين هذه الثلاثة، هي الذاكرة أو معرفة نفسك فمن دون هذا، لن يكون لديك أي اتجاه في الحياة و في أعمالك.
قائمة المهام:
1 - أوقف ما أنت بصدد فعله. عد خطوة إلى الوراء من أجل تقييم وضعك. توقف عن فعل ما لا يحقق شيئا و ابحث عن خيار جديد.
2 - ابحث عن الأفكار الجديدة .
3 - اتخذ المبادرة. أوجد شخصا يكون قد أنجز عملا تريد أن تحقق مثله. أعزمه على غداء و أطلب النصح منه.
4 - أحضر دروس التعليم و اشتر الأشرطة التعليمية.
5 – حاول تحضير عروض كثيرة وأوجد اتفاقيات عمل جيدة و عليك أن تدخل السوق و تتحادث مع الناس، تعلم التفاوض و كيفيات القبول و الرفض. لا تبق في البيت منتظرا أن يرن الهاتف أمامك.
6 – تحرك و امش في منطقتك و ابحث عن عقارات تمثل صفقات بيع رابحة.
7 - اشتر بالجملة و قسم ذلك على قطع و حصص. الناس عادة تشتري ما يمكنها أن تتحمله فقط و لكن عليك أن تتفاءل. يجب أن يكون تفكيرك كبيرا و شاسعا.
8 - تعلّم من التاريخ. لقد فقد العقيد ساندرز كل شيء كان يملكه في الستين من عمره و بدأ من جديد من الصفر، من خلال وصفة طعام. تذكر مثلا أن بيل جيتس أضحى مليونيرا حتى قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره.
علم أولادك ونفسك قبل ذلك أن العمل يهزم التراخي دوما
ـــــــــــــــــــ(100/10)
الخطاب الإعلامي لقضايا المرأة
عزيزة بنت محمد الشهري 28/10/1427
19/11/2006
يتطلب الخطاب الإعلامي لقضايا المرأة المسلمة في المرحلة المقبلة العمل وفق أولويّات محددة تنسجم مع متغيّرين أساسيين:
أولهما:
الحاجة الكبيرة لبروز هذا الخطاب، والمطالبة بحقوق المرأة المسلمة، ووعيها، وشخصيتها، وهو ما يمكن تسميته في الميدان العملي بالجانب "الوقائي".
أما المتغير الآخر:
فهو أهمية التصدي لحملات التغريب، والحقوق المزيفة،
والانحراف بمرجعية قضايا المرأة المسلمة إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ويمكن تسمية هذا الميدان بالجانب "العلاجي".
هذان المتغيّران هما قاعدة الانطلاق نحو تحديد أولويّات خطاب قضايا المرأة المسلمة في المرحلة المقبلة، وإن كان العمل الوقائي هو العمل الممتد والمستمر والأكبر من حيث اتجاهاته ومراحله ومدته الزمنية وجمهوره، ويستمد مكانته من علاقته بالوعي الذي سيخفّف آثار الجانب الآخر.
إنه من خلال نظرة مجملة للصراع السابق بين تيارات التغريب والمجتمعات المسلمة لا يظهر عملاً جاداً ولا وضوحاً في الأهداف في الجانب "الوقائي"؛ إذ إن كثيراً من الجهود الضخمة والكبيرة التي بُذلت يمكن تصنيفها ضمن الجانب العلاجي "رد الفعل" الذي يزيد وينقص بحسب الزاوية التي يوضع فيها المخلصون لقضايا المرأة المسلمة.
إن تقسيم ميادين العمل إلى ميدانين اثنين: وقائي وعلاجي، يهدف إلى فتح المسارات المغلقة، وتحريك الطاقات، والاستفادة من الإمكانات، التي يمتلكها الخطاب العلاجي بكل تنظيراته وقوته لتوظيفها في الجانب الوقائي "جانب الفعل".
وفي الجانب الوقائي فإن الخطوة الأولى للتعامل الاتصالي والإعلامي -الحملات الوقائية- مع قضايا المرأة المسلمة يمكن تسميتها بالخطاب التوعوي، ويستهدف هذا الخطاب تهيئة البيئة الثقافية والاجتماعية وفقاً لسماتها وخصائصها في الإسلام، والكشف عن مكانة المرأة المسلمة في هذه البيئة، والاستشهاد بسلوكياتها وأدوارها الإيجابية للنهوض بمجتمعها وأمتها، ويُفترض أن تُوجّه رسائل هذا الخطاب إلى شرائح المجتمع كافة، مع التركيز على النساء بشكل مباشر.
وفي المرحلة الثانية، ما بعد التهيئة، يُفترض أن يرتقي الخطاب للتعريف بالمطالب الحقيقية للمرأة، كالمطالبة بالمخصصات الشهرية للمرأة من المجتمع، وإنشاء المؤسسات الأهلية التي تحمي حقوقها من التلاعب والتوظيف للمصالح المتصارعة والمتضادّة في المجتمع، والمطالبة بالمستشفيات والمدارس والمعاهد والجامعات الراقية الخاصة بالمرأة، وأساطيل النقل للحاجات الضرورية (التعليم) -داخل المدن- الحديثة والمنظمة على مستوى عالٍ كما في الدول المتقدمة في النقل.
أما المرحلة الثالثة فيُفترض أن يتركز الخطاب الإعلامي فيها على المهام التي يجب أن تقوم بها المرأة في مجتمعها للزجّ به في خانة الأمم المتقدمة علمياً ومعرفياً من خلال تنشئة أجيال -من الجنسين- تلهث خلف العلم والمعرفة بنية بلوغ رضا الله عز وجل، وأجيال من الذكور تنتج ما يحتاجه المجتمع في استهلاكه، وأجيال من الإناث يواصلن المسيرة، ويساهمن في دفع الذكور إلى إدارة العالم بما نملكه من مميزات قيمية وأخلاقية.
إن المتأمل في الوسط النسائي -في المجتمع السعودي بصفته المعقل الأخير للوعي الجمعي المقارب للإسلام في شؤون المرأة - ليلحظ غياب الوعي لدى بعض النساء بحقيقة ما يُحاك لهن وانهيار بعض الدعامات الأساسية لشخصياتهن الإسلامية، وما بروز كثير من الظواهر السيئة في الوسط النسائي إلاّ نتيجة طبيعية لفقدان الوعي، أو لانتشار الوعي الزائف في محيطهن عبر البوابات الإعلامية المتخصصة في حجب الخير والفضيلة.
المرأة –غالباً- اليوم مشغولة باهتمامات أقل ما يمكن أن يُقال عنها إنها تافهة إن لم تكن أسوأ من ذلك، والعامل الفاعل والحاسم في رواج تلك الاهتمامات عامل الموضة الذي دمّر العقلية المستقلة، وتسبب في عزل العقول عن الأجساد، فضلاً عن الأرواح التي أُلغيت في الثقافة النسائية الجديدة.
إن العمل الوقائي هو الأكثر تأثيراً والأجدر بالطاقات والنفقات الطائلة، وعلينا كمجتمع أن نسترشد بحال بعض الدول المجاورة لنا، وألاّ نقف عند إرجاف المرجفين ولا جهل الجاهلين، وأن نسارع بكل ما أُتينا من قوة للوقاية مما وصلوا إليه قبل أن نقعد للعلاج؛ ففي يوم من الأيام كان حالهم مثل حالنا اليوم، فلنعالج المسافة التي قطعناها، ونتقي إكمال الطريق.
يجب أن يعتز خطابنا بمصدر التشريع، وأن يتشرف بتأسّيه بالسلف الصالح، وألاّ يهادن في كشف الخطأ الجمعي والفردي، وأن يكون صريحاً في كشف الحق من الباطل، خاصة إذا علمنا أن المحرك للخطاب المضادّ؛ شهوة حيوانية مستعرة تحت ضغط الواقع العالمي الذي يسعى لكشف العورات، واستباحة المحرمات، والنزول بالإنسان إلى دركات البهيمية.
وحتى لا تشرئب النفوس، وتتشاءم فإن في وسط النساء صحوة، وعودة، وإقبالاً يثلج الصدور، ويدعو كل غيور إلى مزيد من العمل والجهد لحفظ العفاف والطهر في مجتمعنا.
ـــــــــــــــــــ(100/11)
تعساء ظنناهم سعداء
د/ خالد سعد النجار 28/10/1427
19/11/2006
يقول ابن القيم: أجمع العارفون بالله على أن الخذلان: أن يكلك الله إلى نفسك، ويخلّي بينك وبينها، والتوفيق: ألاّ يكلك الله إلى نفسك. فالعبيد متقلّبون بين توفيقه وخذلانه، بل العبد في الساعة الواحدة ينال نصيبه من هذا وهذا، فيطيعه ويرضيه، ويذكره ويشكره بتوفيقه له، ثم يعصيه ويخالفه، ويسخطه ويغفل عنه بخذلانه له، فهو دائر بين توفيقه وخذلانه. فمتى شهد العبد هذا المشهد وأعطاه حقه علم شدة ضرورته وحاجته إلى التوفيق في كل نفس وكل لحظة وطرفة عين، وأن إيمانه وتوحيده بيده تعالى، لو تخلّى عنه طرفة عين لثُلّ عرش توحيده، ولخرت سماء إيمانه على الأرض، وأن الممسك له هو من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه.
في الخامس عشر من نوفمبر عام 1973 اهتز الوسط الاجتماعي والأدبي الأردني بحادثة فريدة من نوعها وغير مألوفة في مثل هذه الأوساط، وهي حادثة انتحار الأديب والشاعر الأردني تيسير السبول عن عمر يناهز الرابعة والثلاثين. عاد تيسير السبول من عمله في الإذاعة الأردنية حيث كان يشغل منصب رئيس البرامج الثقافية فيها، طلب فنجان قهوة من زوجته الأديبة والطبيبة المشهورة مي يتيم، تمدد على فراشه وأطلق على رأسه النار.
في الشهر نفسه تقريبا من عام 1979 أطلق الكاتب والقاص المصري المعروف محمد رجائي عليش النار على رأسه، وجاء في تقارير رجال الشرطة أن الكاتب المذكور وُجد في سيارته منتحراً على مقربة من شقتين كان يمتلكهما في الحي نفسه، ولم تُعرف الأسباب الكامنة وراء الانتحار إلاّ بعد وصول رسالة منه إلى النائب العام فيها اعتراف صريح بالانتحار.
وقبل أيام ذكرت وكالات الأنباء العالمية أن الكاتبة الأرجنتينية الشهيرة مارتا لينش قد انتحرت في منزلها عن عمر يناهز الستين عاماً ... وقفت أمام المرآة لتنظر إلي التجاعيد التي زحفت إلى وجهها.. أخرجت المسدس من حقيبتها، وأطلقت النار على رأسها.. قال زوجها: إن مارتا لينش كلّت من المعركة التي خاضتها طوال عشرين عاماً بلا أمل ضد الخوف من الشيخوخة، وقال زوجها: إن مارتا سمحت لنفسها أن تقول للموت: لقد تعادلنا في المباراة فقد نلتني، ولكنني أنا الذي اخترت التوقيت.
كما انتحر الكاتب والروائي الياباني الشهير ياسوناري كاوباتا ـ بطريقة الهاراكيدي المعروفة ـ بعد عامين فقط من حصوله على جائزة نوبل للآداب، التي توّجت شهرته الأدبية، وجعلته ثرياً ميسور الحال بين ليلة وضحاها!! وانتحر أيضاً الروائي الأمريكي الشهير ارنست همنجواي صاحب (ثلوج كليمنجارو) و (لمن تُقرع الأجراس) على الرغم من أنه كان يتقاضى أجره عن كل حرف يكتبه، وليس عن كل صفحة أو رواية، ومع أنه وضع قبل انتحاره رواية "الشيخ والبحر" التي تحولت في حياته إلى فيلم سينمائي حطّم كل الأرقام.
وفي عام 1941 ألقت الروائية الإنجليزية الشهيرة فرجينيا وولف بنفسها في النهر بعد أن تركت رسالة لزوجها تقول فيها "كم كنا سعداء وكم كانت حياتنا جميلة!!". وفي عام 1950 انتحر الكاتب الإيطالي الشهير تشيزاره بامنيزه في أحد فنادق مدينة تورين الإيطالية بعد أن ترك رسالة لصديقته يقول فيها: " كلّما فكّرت في الانتحار بدا لي أنه أمر هين، حتى النساء الضعيفات يملكن القدرة عليه".
قائمة المنتحرين من مشاهير الأدباء طويلة ومتنوعة فيها أسماء لامعة من كل الأقطار .. فمن النمسا انتحر الكاتب الشهير سيتفان تسفيج، وفي روسيا انتحر أشهر شاعر فيها مايكوفسكيما، وفي فرنسا وضع الكاتب الشهير هنري دي مونترلاف حداً لحياته بنفسه.. ميشيما وسيزار بافيز والفونسين استورني وخليل حاوي. كلهم انتحروا في أوج شهرتهم، وكلهم كانوا أثرياء أو كانوا ميسوري الحال، وأكثرهم كان يعيش حياة عائلية سعيدة؟ فلماذا انتحروا إذن؟!
قبل أن ينتحر الكاتب المصري محمد رجائي عليش، كتب إلى النائب العام يوضح جانباً من أسباب انتحاره "عشت هذه السنين الطويلة، وأنا أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع الذين أفلحوا في أن يجعلوني أكفر بكل شيء!! وبعد انتحار تيسير السبول عثروا بجانبه على قصيدته الأخيرة، التي تحمل ـ هي الأخرى جانباً من لغز انتحاره. وفيها يقول:
أنا يا صديقي
أسيرُ مع الوهم
أدري أيممُ نحو تخوم النهاية
نبياً غريب الملامح أمضي إلى غير غاية
سأسقط لابد، يملأ جوفي الظلام
نبياً قتيلاً وما فاه بعد بآية
في عام 1954، فاجأت فرانسواز ساغان الوسط الأدبي، بل والعالم بروايتها "صباح الخير.. أيها الحزن" ... هذا الحزن الذي لازمها طيلة حياتها حتى انطفأت في يوم 24 من أيلول 2004 عن عمر يناهز (69) عاماً في مستشفى هونفلور بعد مرور نصف قرن على صدور روايتها الصاعقة. وقد ذاع صيتها باعتبارها تتمتع بشباب دائم، ويعود ذلك لأنها كتبت روايتها الشهيرة في سبعة أسابيع، ولم تغادرها الشهرة منذ ذلك الوقت. ففي عمر الثمانية عشر عاماً عرفت مجدها الأدبي الذي لصق بها حتى اللحظة الأخيرة. وقد تعدى هذا النجاح حدود أوروبا القديمة ليصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي استقبلتها وكأنها «ملكة» عند زيارتها الأولى.
ويؤكد جميع النقاد على أن فرانسواز ساغان كانت ولا تزال أحد أهم ـ النجوم الأدبية ـ الذين عرفهم الأدب الفرنسي خلال القرن العشرين.. إلاّ أن الشهرة المبكّرة «أفسدت» فرانسواز التي اتجهت نحو تعاطي المخدرات، وقامت بتبذير الأموال الطائلة التي جنتها من مبيعات ملايين النسخ. وقد وصل تبذيرها درجة أن العديد من «الشيكات» المصرفية التي حررتها رفضتها البنوك؛ لأنها دون رصيد.. وتشير الإحصائيات المقدّمة في هذا الإطار إلى أن ما كسبته فرانسواز ساغان من أعمالها خلال سنوات 1954 ـ 1966 هو حوالي «500» مليون فرنك فرنسي. لقد كانت مفرطة في كل شيء، في الرغبات والملابس والديون. ولم تكن تطلق على الأموال هذه التسمية بل "القروش". ولم تكن تعرف الادخار، ففي حياتها كما في رواياتها فإن السجائر مصنوعة من أجل التدخين، والخمر من أجل أن تُشرب، والمخدرات من أجل أن تُستهلك، والسيارات الرياضية من أجل أن تُقاد بسرعة، وكانت تتنقل كثيراً، بين الشقق والفنادق.
أمضت فرانسواز ساغان أيامها الأخيرة في حزن عميق، لا يعادله إلاّ روايتها" صباح الخير... أيها الحزن"، فهي امرأة مريضة.. متقدمة في السن.. ومطلوبة للعدالة ولمصلحة الضرائب.. فأمام كل ذلك القدر الهائل من الشباب والنجاح والموهبة والشهرة والمال وسهولة العيش لفتاة مراهقة، تحوّل كل شيء إلى عدم، لقد تردّت بعد ذلك الأوضاع المعيشية من جميع النواحي، وبدأت فكرة «العدم » تنطرح أمامها. تقول: «لقد تعوّدت شيئاً فشيئاً على فكرة الموت، وكأنها فكرة مسطحة..". وعاشت الكاتبة بين الإدمان على الخمر والمخدرات وحادثة سير في عام 1957، وسفرتها إلى كولومبيا مع صديقها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، ومحاكمة شركة أيلف النفطية، وتهربها من الضرائب؛ إذ اتُّهمت باستلام (610) آلاف يورو من اندريه غوليفي، وهو أحد الوسطاء الأساسيين في المجموعة النفطية، وذلك مقابل تدخلها عند الرئيس الراحل ميتران للموافقة على عقد اتفاقيات مع الدول الاشتراكية. وقد صدر حكم بحقها بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ.
وكانت أواخر أيامها صعبة للغاية، فقد وقعت طريحة الفراش مما اضطرها إلى بيع منزلها في النورماندي. وقد ابتعد عنها مقربوها القدماء واستضافها بعض الأصدقاء في شارع فوش في باريس.. كانت تردّد في عام 1998 "كنت أريد دائماً أن أعيش وأكتب. وها أنا ذا أدفع ثمن ذلك".
وأخيراً تُوفّيت الكاتبة فرانسوا صاحبة "مرحباً أيتها التعاسة" في يوم الجمعة عن عمر (69) عاماً بسبب انسداد الأوعية الدموية في مستشفى هونفلير..
إن السعادة الحقيقية ليست في الزمان ولا في المكان، ولكنها في الإيمان، وفي طاعة الديّان، وفي القلب، والقلب محل نظر الرب، فإذا استقر اليقين فيه انبعثت السعادة، فأضفت على الروح وعلى النفس انشراحاً وارتياحاً ثم فاضت على الآخرين، فصارت على الضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر
ـــــــــــــــــــ(100/12)
ابتسم من فضلك .. هناك من يحبك
هناء الحمراني 28/10/1427
19/11/2006
أعصابك متوترة؟ هل أنت هكذا دائماً أم أنّ هناك عارضاً سبّب لك هذا التوتر؟
ضغوط العمل؟ ربما!!
دخلت إلى بيتك.. تعلّق بك أبناؤك..انفجرت غضباً..ودفعتهم بعيداً عنك..
الآن.. تستلقي على فراشك وكأنك سقطت من مكان عالٍ جداً..
عظامك تشتكي الألم..
رأسك مشتت الأفكار..
شريط يومك يمرّ:
نقاشات حادّة..
عمل شاق..
ثم..صراخ على الأبناء..
وابتعاد سفر عن زوجتك..والتي ربما تقدّر وضعك..
***
الآن..أنت تحسّ بنوع من الراحة الجسدية.. وذلك التوتر الذي انتابك آنذاك قد زالت آثاره..
تأنيب الضمير-قد- يوخز صدرك "لماذا عاملت أبنائي بهذه القسوة؟"
أنت تدرك أن تصرفك هذا كان مؤلماً بالنسبة لهم.. تدرك أن ذلك من الممكن أن يقصيك عن أحلامهم.. ومشاعرهم.. وحياتهم..
وتدرك أن لذة لقائهم بك عند عودتك من العمل تفقد بريقها.. روعتها.. إذا كان هذا هو ما يلاقونه في كل مرة..
يتعكّر مزاجك مرة أخرى.. يزداد وخز الضمير.. ويزداد بك الضيق..
***
دعنا نجب عن سؤالك
لماذا عاملت أبنائي بهذه القسوة؟
أنت تعرف الجواب.. فقد كان عمل اليوم مرهقاً.. وكل الأيام هكذا.. أنت تتعب.. تكدح من أجل أن تحقق أهدافك.. من أجلك ومن أجل أبنائك.. ولكنك تناقض نفسك.. فمن أجلهم تعمل.. وعليهم تصرخ وتسيء التعامل..
ولكن الوضع ليس بهذا السوء دائماً..
لا أتوقع أن هناك شخصاً يمكنه أن يقلق عليك أكثر منهم.. من والديك.. وزوجك وأبنائك.. إلاّ شخصاً واحداً..يحبك حباً شديداً..ويريد لك الأفضل..ويحرص أن تكون مرتاحاً..
إن هذا الشخص هو(أنت).. وهو شخص يستحق الاحترام لقاء ما يقدمه لك ولأبنائك من حب واهتمام.. ولذلك..
قدّرْ وضعك.. ارحمْ نفسك.. تماماً كما تحب أن يقدر ذلك الآخرون..
أحسن الظن في نفسك.. إن ما انتابني من غضب بسبب شعوري بالتعب والإرهاق.. وحالما يزول ذلك-بإذن الله-سيزول هذا الانفعال..
إن كنت شخصاً عصبياً.. فمن الأنسب لك أن تردّد وأنت بالطبع مقتنع بذلك: أنا شخص عصبي.. وهذا طبعي.. ولذلك صرخت في وجه زوجتي البارحة..
أنا شخص ملول..
لا أحب المزاح..
أخاف من المرتفعات..
أكره مواجهة الناس..
ولذلك تصرفت على هذا النحو..
قدّرْ أنك متوتر وغاضب.. وأن أي سلوك سيصدر منك سيكون تصرف شخص متهور..
قدّرْ أنك لا تزال تجهل الكثير، فذلك يجعلك تستمع لآراء الآخرين.. وتتقبلها برحابة صدر..
إذا كنت مريضاً.. قدّر أنك متعب.. رأسك يعاني من الصداع.. تشعر بألم في الحلق.. قدّر أن ذلك كله هو السبب فيما تراه من قتامة.. وملل ويأس..
وأن الحياة تبدو جيدة إذا كنا طيبين.. ولكننا نراها سيئة إذا كنا مرضى..
قدّر أنك تخطئ.. وأن عليك تقبّل ذلك الخطأ والاعتراف به..
حدّثْ نفسك.. قدّر أنها ذات عيوب ونواقص تماماً كالآخرين..
كنْ لطيفاً معها.. ولا تعنفها بقسوة إلاّ إذا أذنبت..
أكثرْ من الاستغفار.. ليجعل الله لك من كل هم فرجاً.. ومن كل ضيق مخرجاً.. ويرزقك من حيث لا تحتسب..
إننا إذا راعينا أنفسنا.. وصارحناها بعيوبها بلطف قائلين: لا بأس..لا تقلقي بشأن ذلك.. وحاولي أن تجعلي خطئك يغرق في بحر من الحسنات والأعمال الجيدة.. فإننا بذلك نضع أقدامنا في أول الطريق الذي يساعدنا فيما بعد لكي نقلع عن التصرفات وردود الفعل السيئة..
ويجعلنا أيضاً نتقبل طباع الآخرين دون أن نبدي تذمراً منهم.. مع الحذر من سيئاتهم..
فهذا عصبي..وذلك ساخر..وهذا متذمر..وذاك استغلالي..
ولكن هذا لا يعني أبداً أنهم أشخاص سيئون يستحقون أن ننفر منهم ونكرههم..
بل بالعكس.. هم بشر.. يحتاجون إلى التقدير تماماً.. كما تحتاج إليه نفسك..
***
إذا كنت تمر بمرحلة عصيبة.. فقدّر أن ذلك يجعلك متوتراً..لا بأس.. فعلينا أحياناً أن نكون"متوترين"؛ لأننا "نفهم" "نشعر" و"نتألم".
***
ابتسامة من فضلك..
ـــــــــــــــــــ(100/13)
التحرّش بالمحارم في عيون زوار (الإسلام اليوم)
إعداد: عبدالفتاح الشهاري 28/10/1427
19/11/2006
زنا المحارم.. أو دخول الشيطان إلى بيوت المسلمين، قضية خطيرة للغاية لا تقتصر أسبابها على ضعف الدين في قلوب من يقومون بها؛ ولكنهم في حقيقة الأمر مرضى نفسيون، وأسرى أوضاع اجتماعية خاطئة تحتاج إلى نواقيس خطر تدق لتداركها، والحيلولة دون وقوعها في غفلة من الأسر المختلفة.
"زنا المحارم" حذّر منه رسولنا - صلى الله عليه وسلم- في جملة بليغة وقصيرة، لكنها لخّصت كل ما يمكن أن يُقال في هذا الإطار بقوله: "الحمو الموت"، فالحمو قد يتحوّل إلى موت أخلاقي، أو إلى جريمة "زنا المحارم" كما أخبرنا نبينا الكريم في حالة التسيب وعدم وضع حدود للعلاقة بين المحارم.
- كيف دخلت هذه الأخلاق لمجتمعاتنا؟
- وهل تسليط الضوء عليها يُعدّ أمراً فيه مبالغة؟ أم أنه خطرٌ قائم بالفعل؟
- وكيف يمكن التصدي له ومواجهته؟
جدوى طرح المشكلة
يرى (مصطفى الرعيض) من السعودية بأن "تسليط الضوء على هذه الظاهرة أمر ضروري لتنبيه أولياء الأمور خاصة الأمهات منهم على بناتهم عند زيارة الأقارب والمعارف، بألاّ يغفلن عن بناتهن وينشغلن بما تُعرف به النساء من أحاديث، وألاّ يسمحوا بالخلوة بحجة تقارب السن والهموم المشتركة والقربى المأمونة في البيت التي تظل لساعات ربما خرجوا فيها للنزهة والتناجي، والتي يكون فيها المزاح أحياناً، كما أن تفقيه البنات وإرشادهن لكيفية حسن التصرف والحدود المسموح بها والتخلص من محاولة الاعتداء والاستدراج إذا حدثت، وأن الحديث عن الزواج وفارس الأحلام والأيام السعيدة لها أبواب يدخل بها، كما أن على أولياء الأمور ألاّ يكونوا غافلين والماء من تحتهم يجري ليذهب بعذرية بناتهم، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، فأمانة الأولاد بأيدي الوالدين".
ويشير (طالب الجنة) من السعودية إلى حساسية هذا الموضوع، وأنه شائك، والخوض في الحديث عنه فيه شيء من الصعوبة، خصوصاً في مجتمع كمجتمعنا، ويرى بأن "هذه الأخلاقيات السيئة وما شابهها من رذائل لم تدخل علينا، بل هي موجودة في النفس البشرية وهي رغبه حيوانية موجودة في كل البشر، ولولا العادات والتقاليد وما يترتب عليها من عواقب وخيمة لكان ظهورها على السطح جلياً، إلاّ أنها تختلف من شخص لآخر"، ويستطرد موضحاً: "إن الذي يتمسك بالدين ويلتزم جادة الحق يذيب هذه الشهوة بالإيمان، ويضع بينه وبينها حواجز يصعب حتى على الشيطان اختراقها"، ويرى (طالب الجنة) بأن "الطريقة الوحيدة للتصدي لهذا الخلق الذميم وغيره من الأخلاق الذميمة هو بجعل هو بناء حواجز إيمانية متينة بين أنفسنا وبينها تزجرنا عن كل ما يغضب الله".
ويوافقه إلى حدٍّ ما (الرعيض) والذي يقول: "لا أظن أن دخول هذا الخلق الذميم جديد، لكن الذي كان يقلل من هذا الخلق الذميم بالإضافة إلى الوازع الديني هو وفرة أخلاق المروءة وحفظ شرف القريبة وذات الرحم من أن يُمسّ شرفها أو يعتدي عليها سراً أو جهراً، فكانت أخلاق الرجال تمنع وتقلل من هذه الظاهرة، وإن كان التزام البعض منهم ضعيف، بعكس ما هو موجود عليه الآن من تميّع وتفسّخ وانحلال، وعدم مبالاة بما يُحكى عن الشخص وشرفه عند كثير من الناس" ويضيف: "وعادة ما تكون قصص الحب والغرام أو التجارب الأولى لهذه المغامرات في ذوات المحارم مراهقين ومراهقات، والتي يفعلها الشاب أو الشابة ليتحدث بها وسط أقرانه ليزداد فحولة ورجولة في نظره كعادة التدخين التي تبدأ في بداية الشباب تفاخراً وتقليداً".
ومن مصر يؤيد (محمد أبو الحجاج) طرح مثل هذه المشاكل، والتي يرى بأنها "موجودة بالفعل في مجتمعنا المسلم، ولكن زاد من ظهورها التسليط الإعلامي"ويسرد أبو الحجاج عدداً من مسببات هذه الظاهرة فيقول: "أعتقد أن السبب في تفشي هذه الظاهرة:
أولاً: عدم التربية الإسلامية الصحيحة التي تُنشئ في المسلم الخشية والخوف من الله.
ثانياً: انتشار الإعلام المشبوه من صحف وفضائيات وتلفاز يحضّ ليل نهار على الفاحشة ويهون من المعاصي ويزينها، ويدعو إلى كسر الحياء.
ثالثاً: تسليط الضوء بغرض خبيث على هذه الجرائم في الصحف والمجلات وكثرة الإلحاح في ذلك؛ حتى يتعوّد الناس علي هذه الموبقات.
رابعاً: عدم قدرة الكثير من الشباب على الزواج وتصريف شهواته بطريق شرعي وتأجّج هذه الشهوة بما يراه الشباب في الشوارع والأسواق والفضائيات من فتن وعرى وخلاعة. ثم يختم (أبو الحجاج) بأن "الحل يقوم على عدة محاور تشترك فيها الأسرة بتربية أبنائها على كتاب الله وسنة نبيه، وللدولة دور هام في تيسير الزواج على الشباب ومحاربة الفجور والفاحشة".
الإعلام والفضائيات
فيما ترجع القارئة (سحابة صيف) من السعودية تأثر الشباب بالفضائيات هو السبب إلى بروز هذه الظاهرة، ويؤيدها في ذلك أبو عمر القرشي، ويرى بأن: "لإعلام المرئي والمسموع والمقروء، هو من الأسباب المهيجة لمشاعر الشباب وتحريك غرائزهم" ويضيف: بأن "أغلب القنوات العربية تُعنى بعرض مفاتن النساء، وما يحدث في غرف النوم، والقُبل العلنية لمراقص الفضائية"، ويستشهد القرشي على رأيه بـ "ما يحدث من السماح والترخيص وبث الأغاني المهيجة للعواطف والتي تتحدث عن الآهات والتمرد و كسر القيم والحب الشهواني، وأن التعلق بالحبيب أعظم من كل شيء في الوجود". وعن دور الإعلام المقروء فيرى القرشي أثره يكمن في "الروايات التي تغرس استباحة المنكر، وتهوّن من شأنها، كذلك بعض المقالات الصحفية التي تضعف جانب الإيمان، وتحث على الإباحية المطلقة والتي يقف وراءها كتاب تقنعوا برداء العلمانية ورفعوا شعار اللبرالية، وكل دعوى سلفهم وخلفهم إنما نحن مصلحون اختلفت الشعارات واتفقت الأهداف".
إهمال الرقابة
أم أسيد من الولايات الأمريكية ترى بأن من أهم أسباب هذا الداء هو "التسيّب والإهمال وعدم الرقابة والرعاية المباشرة والإرشاد الصحيح من أولياء الأمور تجاه أبنائهم، والتراخي فيما يُعرض على أبصار الأسرة ومسامعها من خلال وسائل الإعلام، والاطمئنان الكامل والنظر للمحارم بقدسية ونظرة ملائكية، ونسيان هدي النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في عدم الاختلاط ووضع الحدود كالتفريق بين الأطفال في النوم والاستئذان على الأبوين كما علمنا الله سبحانه وتعالى".
"مانع" من السعودية يؤكد على أن "من أهم أسباب هذه المشاكل هي وسائل الإعلام بشتى أنواعها وغياب الرقابة الذاتية وجعل الله سبحانه أهون الناظرين"، ويستطرد: "لذلك فينبغي على الإنسان مراقبة الله؛ لأنه إذا راقب الله، واستشعر عظمته لم يقدم على مثل هذه الأمور". ويضيف "مانع" إلى أن من الأسباب المؤدية لهذا الأمر هو"وجود بعض التعري في اللباس بين المحارم بحكم أنهم أقارب للشخص والنساء بالدرجة الكبرى، ولذلك ينبغي أن يكون عند المرأة شي من الاحتشام أمام محرمها".
ويجمع ياسر وفهمي وفهدي العتيب وأبو عبد العزيز وحفيدة الصحابة من السعودية يقول بأن "هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، والسبب غياب الوازع الديني ووسائل الإعلام، وخاصة الأغاني الساقطة والأفلام الماجنة والإباحية والصور وخاصة القصص الجنسية، بالإضافة إلى اللباس المثير من قبل الفتيات للذكور، وعدم مراقبة الوالدين لسلوك أبنائهم، وعلى وسائل الإعلام والباحثين الاجتماعيين والنفسيين إجراء البحوث حول هذه الظاهرة وانتشارها ومن الأسباب الرئيسة تعاطي المخدرات والمسكرات وغيرها مما يفسد العقل".
الفقر .. وسوء التوزيع
القارئة (مها) إذ تقول: "أعتقد أن ظروف الحياة الصعبة تجبر على تحمل المآسي والسكن بوجود الحمو وغيره من المحارم"، وتضيف قائلة: "ولكن في نظري أن كل شيء بالنية؛ فلا اعتقد أن الحمو وغيره من المحارم ينظر إلى زوجة أخيه إن كانت النية والأخلاق سليمة".
يؤيدها في ذلك ومن ليبيا يرى موسى بأن من الأسباب الداعية لهذا الشذوذ هو ضيق المنزل، و رص العائلة ذكوراً وإناثاً في علبة سردين حيث تختفي الخصوصية؛ و يصير كل شيء على المكشوف وعلى مرأى من الجميع.
وهذا ما يؤيده مشعل من السعودية؛ إذ يتساءل: "لماذا لا ننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى وهو الفقر الذي يوصل الناس إلى هذه الدرجة؛ إذ إنه هو السبب في حرمان آلاف الفتيات من الزواج وآلاف الشبان.
ويخالفه في ذلك القارئ (إسماعيل)، ويرى إن كان الأمر يعود إلى الفقر فإنه يتساءل: لماذا توجد هذه الظاهرة في المجتمع الأمريكي؟ ويستشهد بالرجوع إلى عدد من المواقع الأمريكية لمشاهدة حجم المشاكل الاجتماعية في هذا الشأن.. وعليه فإنه يرى بأن "السبب هو الهوس الجنسي (البهيمي) – كما يسميه – .. بسب انتشار العري في كل مكان".
الخطأ مشترك من الجنسين
يرى بندر بأن: الميل للمحارم أو الأقارب ليس محصوراً على الرجال فقط، فهو بلا ريب يكون من الطرفين، فقد تميل المرأة لمن هو أصغر منها، وكذلك الرجل، ولو تأمّلنا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، فلم يقل رسول الله بامرأة من غير محارمه بل قال (بامرأة) يعني أي امرأة. لو طالت خلوة الأخ بأخته ألا تعتقدون أن الشيطان هو ثالثهما؟! ليس شرطاً أن يوسوس لك مباشرة بفعل الحرام بل إنه يستدرجك لكي يسهل عليك فعل الحرام، وبذلك يوقعك في مصيدته".
ومن ذلك يرى علي من ليبيا بأن "أعظم سبب هو لبس الأخت أمام إخوانها ملابس شفافة لا تصلح حتى للنوم، وكذلك الإخوة مع ما يروّج له المفسدون في الفضائيات من أن الجنس أهم ركن أساسي في حياة البشر، ولا ينبغي أن يوضع له أي ضوابط، ولو كان بين الأخ والأخت أو الأم وابنها أو حتى الأب وابنته أو الأخ وأخيه"، ويضيف قائلاً: "فماذا يُتوقع من أب يجيز لأبنائه بالسهر الطويل أمام الشاشة دون أي مراقبة، بل ويشتري لهم أحدث الأجهزة لالتقاط كل غث ولاقط.
أسباب مغايرة .. منابر الجمعة والمجتمع
أحدهم فضل الحديث بالأحرى عن اغتصاب النساء، سواء كُنّ محارم أو غير محارم؛ لأن هذا هو الشائع والمنتشر في كل بلاد الدنيا، إلاّ الشاذّ وهو نادراً ما يقع، أي أن يكون زنا برضا المرأة وعلمها بحرمته. ويرى بأن: "من أسباب شيوع هذا الرجس في مجتمعاتنا الإسلامية:
- خطب الجمعة والمواعظ التي تكثر من الحديث عن فسق النساء وفجورهن ومسارعتهن إلى الحرام ... وأن هذا أصل فيهن حتى ترسخ في ذهن الذكور أن ليس فوق الأرض امرأة يعرض أحدهم نفسه عليها فترفضه، فإن فعل ورفضته قال عنها: "يتمنعن وهن الراغبات".
- عدم تصديق الفتاة عندما تشكو من يتحرش بها وإشعارها بأنها فاسقة، والعيب فيها ولولا ذلك ما تجرّأ عليها أحد.
- تواطؤ المجتمع على اعتبار إدانة المرأة لمغتصبيها خطاً أحمر لا يسمح بتجاوزه مطلقا وإلاّ فهي فاسقة ومصيرها إلى الجحيم. (فتاتي القطيف وباكستان نموذج وشاهد على هبوط المجتمع المسلم إلى قعر الحضيض).
- اعتبار شهوة الذكر مقدسة ويُنصح بالأطعمة والأدوية التي تزيد في الباه، أما شهوة الأنثى فمدنسة، ومن الأحسن اقتلاعها ميكانيكياً حتى نحافظ على طهارة المجت
ـــــــــــــــــــ(100/14)
كيف نسعى لتهذيب الغرائز؟
ليلى بيومي 17/10/1427
08/11/2006
امتلأت وسائل الإعلام بالأخبار التي تحدثت عن حادثة التحرش الجنسي الجماعي التي وقعت في وسط القاهرة ليلة عيد الفطر، وتم تصوير الأمر على أنه فوضى ناتجة عن زيادة الكبت الجنسي والفجور الذي بدأ يستشري في الشارع المصري، وأن الأمر هو تحرش جنسي علني وسط حضور جماهيري واسع.
وبغض النظر عن تصديق الواقعة المشينة أو تكذيبها.. وعلى الرغم من تأكدنا من أن الأمر قد انطوى على مبالغة من أجهزة الإعلام في نقل حقيقة الواقعة وتوصيفها، فإننا سنفترض أن هذه المبالغة حقيقة واقعة... فما حدث كان نتيجة لضعف الوازع الديني، ولأن المنظومة الأخلاقية في حالة انهيار؛ فلا الأسرة تقوم بدورها، ولا المؤسسات الدينية أو التعليمية أصبحت قادرة على معالجة هذا الخلل حيث تحولت المدارس إلى بؤرة فساد وانحلال.
والمجتمع أصبح يميل إلى تقليد الغرب في كل شيء، فيسعى لإظهار مفاتن الأنثى ونشر العري وعوامل الإثارة عبر وسائل عديدة، أهمها القنوات الفضائية والإنترنت والهاتف المحمول.
ولم تعد مشاهد العري والإثارة الجنسية قاصرة على القنوات الأوربية القادمة، وإنما أصبحت تزخر بها قنوات الأغاني بما تحمله من مشاهد عري وإثارة.
أما الإنترنت الذي يتوافر بدون رقابة فهو أحد محركات الغرائز المهمة، كما أن أخطر وسائل الاتصال مساهمة في إثارة الغرائز تكنولوجيا هو الهاتف المحمول بتقنية البلوتوث التي تمكن من تبادل أفلام إباحية وأفلام مركبة لبعض الشخصيات الفنية.
كل هذه الضغوط ولّدت شحنة من الغريزة لا يجد الشاب في الأفق ما يقود إلى إشباعها عن طريق الزواج، فيصطدم في الشارع بفتيات ساهمت تقنيات العولمة في استدراجهن -أيضاً- إلى ارتداء ملابس عارية لإثارة مشاعر الشباب.
حينما أصبح الغرب دليلنا
لقد أخذت الإباحية في الغرب منعطفًا مرعباً حتى فقد الناس الثقة في الجيران والأقربين والأساتذة والمربين الذين أصبحوا مجرمين جنسيين محتملين يسارع الناس إلى الاحتماء من بلواهم!
ونستطيع أن نقول إن هناك جملة من الأخلاق البشرية التي تتعرض للانقراض، تحت وطأة غارات العولمة، وسيطرة ثقافة الغالب، وإبهار التجارب الغربية، وانكسار التجربة العربية الإسلامية، وشيوع روح الهزيمة، والتسليم للآخر بأحقيته في السيطرة على الماضي والحاضر والمستقبل، مع فقداننا وسائل المناعة الحضارية التي تحفظ علينا سيادتنا العقلية والنفسية والعقدية.
وقد استوردنا من الغرب – تحت وطأة الهزيمة النفسية – انحلاله الأخلاقي، وظهرت في بلادنا قنوات عربية (ترفيهية) للإفساد المقنّع، أدخلت ما يدور في البارات والمواخير والملاهي الليلية للبيوت والخدور وغرف الصبايا، فكل همها عرض الأجسام العارية، وتقديم وصلات الإغراء، باسم الترفيه والانفتاح.
إن الكارثة المطبقة هي أننا أصبحنا نقتدي بالغرب بكل ما فيه واتخذناه دليلاً لنا، هذا الغرب الذي لم يعد الحرمان الجنسي هو المشكل الأكبر عنده، ولكن المشكل الأول لديه هو التخمة الجنسية، فمنذ عدة سنوات، صارت (البورنوغرافيا) شيئًا عاديًّا، وتصاعدت وتيرة حضورها في الشبكة العنكبوتية، حتى وصلت نسبة صفحاتها إلى إجمالي عدد صفحات الإنترنت إلى 1800%.
إن الإباحية تولد السُّعار الجنسي، وبعد مرور أربعين عامًا على إعلان الغرب الثورة الجنسية، صار هؤلاء القوم أساري تناقض صارخ - فبقدر ما أسرفوا في التحرر بالأمس، يصطدمون اليوم برعب مجنون، ويغرقون جميعاً في هوس قمعي يرافق مشاعر الخوف. وفوجئت مجتمعاتهم بما يسكن النفوس من أنواع الفظاظة والعنف التي يصعب تصديقها، حين تحررت شهواتهم، وفتحت كل الأبواب الموصدة، وجهرت بحرارتها حتى وصلت درجة العنف والجنون. ولم يعد أطفالهم بمنأى من المنحرفين والمهووسين بالعنف الجنسي، وصارت النساء عرضة للعنف الجسدي والاغتصاب.
فهل نقتفي أثرهم ونتحرر مثلما تحرروا، ونفسد مثلما فسدوا، حتى نجني نفس الثمار المرة التي ذاقوا مرارتها، ويريدون أن يصدروها لنا، ليس حباً فينا، ولكن كراهية لنا؟
الإسلام وضبط الغريزة
إن الغريزة الجنسية إحدى الطاقات الفطرية في تركيب الإنسان، ويجب أن يتم تفريغها والانتفاع بها في إطار أن استخراج هذه الطاقة من جسم الإنسان ضرورة كما أن اختزانها فيه ضرر له، ولكن يجب أن يكون استخراجها بشرط الانتفاع بها وتحقيق مقاصدها الإنسانية، والفطرة جعلت في استخراج هذه الطاقات لذة ممتعة، ولكنها لم تجعلها هدفاً للاستخراج المحض.
ومن أقوى الغرائز التي ركبها الله في جسد الإنسان غريزة الجنس، وقد جعلها الله هكذا لأهداف سامية، وحقائق عالية تستهدف عبادة الخالق وعمارة الكون.
والجنس هو لحظة الضعف التي يمكن للشيطان أن يتسلل من خلالها ليخرب الكون ويقلب نظام الحياة رأساً على عقب، ويعطل رسالة الإنسان في الحياة.
وقد حارب الإسلام الرهبانية التي تجعل الإنسان متفرغًا للعبادة، عازفًا عن الدنيا بشكل كلي. فالله عز وجل الذي ركب الإنسان وسواه طينًا وروحًا كره هذه الرهبانية التي تعطل عمارة الكون، وتؤدي إلى اختلال وظائف الجسم، وإلى ظهور الكبت والعقد النفسية التي قد تنفجر فتهوي بالإنسان إلى أسفل سافلين. وقد نعى الله على الذين ابتدعوا الرهبانية فلا هم تركوها ولا هم قاموا بحقوقها.
ولم يصف الإسلام هذه الغريزة بالقذارة، ولا بالدنس ما دام إشباعها على النحو الذي رسمه الإسلام لها. وجعل الله سبحانه حب النساء على قمة شهوات النفس حقيقة واقعة. غير أن هذا الحب للنساء والبنين والذهب والفضة لا ينبغي أن يملك على الإنسان نفسه ويستولى على عقله فينسى ما عند الله من نعيم لا ينفد وقرة عين لا تنقطع.
لم يجامل الإسلام الرجل أو المرأة في هذا المطلب الفطري، فجعل لكلا الزوجين الحق في الحصول على إشباع حاجاته الجسدية، ولقد قرر ذلك بصورة لا يمكن أن ترى إلاّ في هذا الدين الذي أحاط بدقائق النفس البشرية. فمن المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية: أن من العيوب التي يثبت بها فسخ النكاح قيام عيب بالزوج أو الزوجة يمنع تحقيق الإشباع الجنسي لأحد الطرفين، وكذلك إذا حلف الزوج ألاّ يجامع زوجته وهو ما يسمى بالإيلاء، وعرفه الفقهاء بأنه حلف الزوج على ترك جماع زوجته مدة أربعة أشهر. وهذا الزوج يعتبره الإسلام ضارًا لزوجته ومسيئًا في استعمال حقه في القوامة. ومن ثم فإنه إما أن يحنث في يمينه قبل مضي أربعة أشهر وعليه كفارة يمين، وإلاّ فإن مضت هذه المدة قبل أن يعود إلى مباشرة زوجته فإنه يُطالب بالطلاق، فإن امتنع طلق الحاكم عليه.
حتى تتحقق لنا العفة
ولكي تتحقق العفة لفتياتنا ونسائنا وشبابنا ورجالنا فلابد من الإيمان والتقوى، فهما الركيزة الأساسية لجميع أسباب العفة؛ لأن المؤمن بالله يسعى لكسب رضاه، ويخشى عقابه، لذلك يكون حريصاً على فعل المأمور، وترك المحظور، وهذا أعظم مسببات العفة، أما إذا ضعف الإيمان أو زال، ضعف أو زال الحِصن الذي يتحصن به المؤمن في محافظته على عفته، عند ذلك يهيم في غيه، متتبعاً شهواته، يحركه هواه، دون مراقبة لله تعالى، فيزول ما يصونه ويحميه.
كما أن الزواج، من أهم أسباب حصول العفة، حيث يجد المسلم السبيل الطاهرة المأمونة لتفريغ الكوامن البشرية في نفسه، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فوائده في قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج)، لذلك حرص رسول الله صلي الله عليه وسلم علي حث أمته عليه، وأن يبكروا في ذلك .
كما حث الإسلام على تقوية الحياء عند المرأة ، فهو من صفات الأشراف، الأطهار، وهو قرين الإيمان، إذا رفع رفع الإيمان، وهو خلق الإسلام، وزينة الإيمان، وأنه خير كله، ولا يأتي إلا بخير، وأنه زينة المرأة، وسبب رفعة شأنها، وإذا فقدته خسرت كرامتها وقيمتها.
ومنع الخلوة المحرمة بين الرجل والمرأة، والاختلاط بين الرجال والنساء، من أسباب تحصيل العفة والطهارة.
وأيضاً فإن نهي المرأة عن التشبه بالرجال، أو بالفاسقات، والتشبه يكون في اللباس، وفي الشعر، وفي الكلام، وفي الهيئة.
ومن أهم عوامل تحصيل العفة أيضاً تجنب المثيرات ودواعي الفتنة، وهذا من باب سد الذرائع المؤدية للفساد، وهي قاعدة عظيمة، جاءت أوامر الشارع بمراعاتها.
وأخيراً فإنه لا ينكر أحد مدى أهمية التزام الحجاب الشرعي؛ إذ إنه ليس داخلاً ضمن الأمور الاختيارية، ولا العادات والتقاليد، بل هو فرض لازم، أمر به الشارع الحكيم سبحانه، وهو أعلم بما يصلح شؤون خلقه.
ـــــــــــــــــــ(100/15)
من فضلك..عندي سؤال!!
هناء الحمراني 12/10/1427
03/11/2006
قلّب قطعة الحلوى بين يديه مبتهجاً..
- أبي.. أنا أحب هذه الحلوى.. من أين اشتريتها؟
رفع الأب حاجبه بلا مبالاة:
- من المريخ!! من أين تظنني اشتريتها؟!
***
تركيز شديد..كانوا جميعاً يتابعون الأخبار.. يرتفع صوت الأخ الأكبر:
- إنهم بالفعل شياطين..
يلتفت الصغير:
- من هم الشياطين؟
ويجيبه بنفاد صبر:
- هؤلاء الكفار..
يستمر الصغير بالأسئلة:
- وماذا فعلوا؟
يزمجر غاضباً:
- أليست لديك عينان تنظر بهما؟ هل تحتاج دائماً إلى أن نعيد لك كل ما نراه؟ إذا كنت تعاني من مشكلة في حواسك.. فلست مجبراً على أن أكون من يقودك!!
***
يسأله والده:
-لماذا ترتدي شماغك بهذا الشكل؟
- لأن الناس ترتديه بهذا الشكل..
يسأله أخوه:
- من الذي كان يحادثك في الهاتف قبل قليل؟
- هل يجب أن أذكر لك دائما تفاصيل دقيقة عن حياتي؟
ويسأله زميله في العمل:
- كيف كان حفل ابنك البارحة؟
- أنت تعلم أنني كنت مريضاً.. فكيف أحضر حفل البارحة..؟
يسأله ابنه:
- أين الكتاب؟
يرفع حاجبيه مستتراً:
- في خزانة الكتب..
***
هل مررت بمثل هؤلاء الأشخاص الذين إن سألتهم أجابوك باستخفاف.. أو عبّروا بكلمات مثل: "أنت تعلم جيداً من قبل".."سبق وأخبرتك"... أو يلقي عليك محاضرة طويلة تشعرك بأنك قاصرُ فهم.. أو غبي!! أو "ملقوف"؟
هل أنت من هؤلاء!! الذين ينفد صبرهم، ويلقون جملاً، ويستخدمون أساليب مثل التي سبق ذكرها؟
هل يتغير أسلوب إجابتك.. ويصبح صدرك وسيعاً عندما يكون الشخص الذي أمامك "مهماً" ولا تجرؤ على احتقاره؟
***
عندما نتحدث مع من نحب.. باستخفاف.. أو لا مبالاة.. وعندما نجيب عن أسئلتهم بالطريقة التي تشعرهم بالنقص والغباء.. فإن ذلك كفيل بأن يجعلهم يتجنبون السؤال في المرات القادمة ليبحثوا عن شخص آخر يمتلك أسلوباً طيباً في الرد..
وربما يتقبلون هذه الطريقة..ومقابل ذلك..يتعاملون مع الآخرين بالطريقة ذاتها..
***
تستطيع أن تجد وبسهولة نماذج من هؤلاء الذين يحترفون الاستخفاف بمن يسألهم..
ففي المستشفى قد تجد الطبيب الذي ينظر إليك وأنت تسأله:
- ما الذي يعاني منه ابني يا دكتور؟
- ألا ترى بعينيك ما يعاني؟ من أجل ماذا جئت به إلى هنا إذاً؟
وفي الجانب المشرق:
- يعاني من التهاب خفيف في الحلق..وسيزول بإذن الله بعد أيام..
قد تجده بشكل وبائي في المدرسة:
- يا أستاذ..لماذا نسمي هذه الطريقة بإكمال المربع؟
- أنت بليد..لا تفهم.. ولهذا تسأل مثل هذا السؤال بعد نصف ساعة من الشرح المتواصل...
وقد تجده في الأسواق الفاشلة:
- بكم هذا البنطال؟
- سعره عليه..
وربما تنظر في المرآة..فتجد هذا الرجل!!
***
وأخيراً:
لِيكنْ لديكَ لسائلٍ فرجٌ * أو لم يكنْ فليحسنْ الردّ
ـــــــــــــــــــ(100/16)
الجلوس حيث أُحِبّ..
منال الدخيّل 10/10/1427
01/11/2006
"حتى تجلس في المكان الذي تحبه يجب أن تجلس أولاً في المكان الذي تكرهه"...
أثارتني هذه الرسالة التي وجدتها وأنا أتصفح بريدي. إن التغيير والبحث عما هو أفضل بالنسبة لي ليس بالأمر السهل، إن النجاح والتطور والتقدم كان في اعتقادي ليس سهل المنال لكل الأشخاص. لطالما اعتقدت أن الناجحين هم أشخاص معينون ولا أحد غيرهم يستطيع تحقيق النجاح..
***
ومن خلال مطالعاتي في الكتب التي تتحدث عن النجاح الذاتي، وكيفية تحقيقه. أثارت انتباهي عبارة، وهي أن الناجح لا يجلس في منطقة الراحة، بمعنى أنه لا يتوانى عن فعل أي شيء في سبيل الوصول إلى النجاح. لديه حس المغامرة والمخاطرة، لذا تجد أغلب الأشخاص الذين لم يحققوا نجاحاً يُذكر في حياتهم هم أولئك القابعون في منطقة الراحة، مكتفين بما يقومون به، وربما لا يقومون بشيء يسبب لهم التعب، لذا تُدعى هذه المنطقة، "منطقة الراحة"، أما الناجحون فهم على استعداد لتحمّل الألم والإخفاق والمشاق للوصول إلى النجاح الذي ينشدونه... فيخرجون منها.
***
وجدتُ أن منطقة الراحة بالنسبة لي، هي القيام بأموري المعتادة، من ممارسة أنشطتي الحياتية الروتينية. وإذا أردتُ أن أخرج من منطقة الراحة فيجب أن أقوم بأمور جديدة، أجد لديّ خوفاً منها، وهذا الخوف يكون على شكل أسئلة تدور في ذهني عندما أريد القيام بشيء ما جديد أو غير معتادة عليه.
طيب، ماذا لو أخفقت؟!
ماذا لو لم أحقق النجاح الذي أبحث عنه؟!
لا أعتقد أنني أستطيع أن أتحمل وقع ذلك .. وما الذي سيقوله عني الآخرون؟
***
هذا الخوف يحرمني من أشياء كثيرة، سؤال واحد يجب أن أطرحه على نفسي كلما شعرت بالخوف، ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ بالتأكيد لن يكون سيّئاً إلى درجة كبيرة .. تذكرتُ قصة المربية التي ربت طفلة عمياء، وصمّاء، وبكماء. كانت تربي الأطفال الأسوياء وهذا ما اعتادت عليه. بيد أنها هذه المرة طُلب منها أن تربي طفلة، لا تجد سبيلاً إلى التواصل معها حتى في أبسط طرقه.
قضت هذه المربية الكثير من الوقت، و بذلت مجهوداً مضاعفاً، باختصار شديد خرجت من منطقة راحتها، وحاولت أن تبتكر طريقة تتواصل بها مع الطفلة المسكينة. وبعد سنوات أصدرت هذه الطفلة كتاباً يُدعى قصة حياتي، وهي تُدعى هيلين كيلر. وأصبحت من الشخصيات التي خلّدها التاريخ في صفحاته لقصة كفاحها، والسبب هو أن هناك مَن قرر أن يحاول مجرد المحاولة تربية طفلة تمثل تحدياً غير عادي في حياتنا العادية! أعتقد أن هذا يعتبر نجاحاً كبيراً في كوني أساعد طفلة مثلها على أن تعبر عن نفسها وهي فاقدة لأهم حواسها، وأجعلها تخوض تجاربها في خضم هذه الحياة، وهي في النهاية قد تركت بصمة واضحة ونبراساً يضيء الدرب لمن هم مثلها، باعثة لهم الأمل في حياتهم..
***
حسناً، ما الذي سأخسره لو جرّبت أن أترك منطقة راحتي قليلاً؟! لِمَ لا أضيف بعض المغامرات والتحديات في حياتي الراكدة، وأجرب أن أجلس في المكان الذي أكرهه – وهو الخروج من منطقة الراحة- حتى أصل إلى المكان أكرهه – وهو الخروج من منطقة الراحة- حتى أصل إلى المكان الذي أحبه... أعتقد أن هذه الأسئلة تستحق أن نعطيها جزءاً من مساحة تفكيرنا حتماً
ـــــــــــــــــــ(100/17)
مفارقات الهجوم على الحجاب والنقاب!!
د. ليلى بيومي 9/10/1427
31/10/2006
تزامنًا مع الحملة التي تشنها الدانمرك ومعها الإعلام في العديد من الدول الأوروبية ضد الإسلام ورسوله الكريم، وتضامنًا مع الإساءة التي وجهها بابا الفاتيكان مؤخرًا إلى الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، دخل الإعلام البريطاني على الخط، مشاركًا في الحملة، بعد الموقف السلبي والهجوم الذي وجهه جاك سترو وزير الخارجية البريطاني السابق ضد النقاب.
وقد شنت الصحافة الشعبية (التابلويد) ذات الميول اليمينية حملة شعواء ضد النقاب كرمز إسلامي، وظهرت مقالات عديدة في هذه الصحف تؤيد وجهة النظر هذه، وتطالب بإجراءات صارمة ضد المسلمين ومدارسهم.
والذين يعارضون ارتداء مدرسات إسلاميات للنقاب في المدارس يجادلون بأن هؤلاء لا يمكن أن يمارسن عملهن بشكل مهني حقيقي، وإيصال المعلومات بفاعلية إلى تلاميذهن وهن يغطين وجوههن بالكامل، ويضربون مثلاً بتعليم اللغات الذي يتطلب متابعة التلميذ أو التلميذة لحركة وجه المدرسة وفمها ولسانها وهي تنطق الكلمات.
وهؤلاء يملكون وجهة نظر تنطوي على الكثير من الصحة، ولكنها شهادة حق أُريد بها باطل، لأن نسبة كبيرة من هؤلاء يملكون مواقف مسبقة من الإسلام والمسلمين، ويبحثون عن المسوّغات التي يغطون بها مواقفهم.
ومنذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 والجاليات الإسلامية في الغرب تواجه ظروفًا معيشية صعبة للغاية، وازدادت الأمور صعوبة في بلد مثل بريطانيا بعد أن نفذ أربعة شبان مسلمين تفجيرات في مترو أنفاق لندن أدت إلى مقتل ستين بريطانيًا علي الأقل.
وكان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا أقوى الأصوات في التحريض على الجالية الإسلامية عندما شكك بطريقة غير مباشرة في ولائها لبريطانيا وطالب الآباء بالتجسس على أبنائهم لمعرفة نواياهم المتطرفة قبل إقدامهم على أي عمل إرهابي، وإبلاغ الأجهزة الأمنية عنهم.
والمؤكد أن الحملة على النقاب هي جزء من حالة المواقف العدائية المسبقة من الإسلام والمسلمين لتسويغ سياسات وحروب غربية غير أخلاقية وغير شرعية في العراق وأفغانستان وفلسطين.
والملاحظ أنه منذ صدور تصريحات بابا الفاتيكان بنديكيت السادس عشر الشهر الماضي، والتي حملت عن عمد إساءة واضحة ضد الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، لم تهدأ عواصف الإهانة وحملات العداء ضد الإسلام والأقليات الإسلامية في أوروبا.
ومنذ أكثر من عامين يتعرض المسلمون في أوروبا لحملات شرسة أقل ما توصف به أنها نازية جديدة ضد الإسلام والمسلمين، ففي استراليا مثلاً تتعرض الأقلية الإسلامية التي يقدر عددها بحوالي (350) ألفًا من إجمالي عدد السكان البالغ (20) مليون نسمة لحملة غير مسبوقة من العنف، ففي يوليو من العام الماضي تعرضت المساجد في استراليا لهجوم شديد وتشويه لمبانيها بعبارات كراهية استخدمت فيها رشاشات الألوان.
للمشكلة أبعاد كثيرة لا تشكل أحداث 11 سبتمبر 2001، سوى جانب ضئيل فيها، فهناك أبعاد سياسية ودينية واجتماعية وراء هذه الحملات ضد الإسلام، والتي أصبحت ظاهرة متكررة في أوروبا.
الهدف عزل المسلمين
الهجوم على الإسلام والمسلمين في بريطانيا بات موضة وموضوعًا مثيرًا في كل الأوساط السياسية والإعلامية في بريطانيا، حملات مغرضة تهدف إلى عزل المسلمين، وإلصاق تهمة الإرهاب بهم، حتى يتحولوا إلى جالية منبوذة تشكل خطرًا على أمن البلاد واستقرارها.
هذه الحملات تأتي في إطار سياسة التخويف التي تتبعها حكومة بلير للتغطية على سياساتها الخارجية وحروبها الفاشلة والكارثية في العراق وأفغانستان وتحويلها بريطانيا إلى عميل صغير تابع لإدارة الرئيس بوش، والجالية الإسلامية تتحول إلى كبش فداء لتحويل الأنظار عن هذا الإخفاق.
ومن العجب أن يسمح هؤلاء للفتيات أن يسرن شبه عاريات في الشوارع، بحيث تظهر ملابسهن الداخلية الفاضحة، ولكنه غير مسموح بأقلية الأقلية من المسلمات بتغطية وجوههن، ويتحدثون في الوقت نفسه عن تقديس الحريات الشخصية، ويتدخلون لتحرير المرأة في البلدان العربية والإسلامية.
والخوف الحقيقي من كلام "سترو" وما أثاره من دعوى بعض السياسيين لمنع الحجاب وليس النقاب فقط بعد التلاعب اللفظي الذي شهده الجدل الدائر حول القضية واستخدام لفظ "الحجاب" بدلاً من "النقاب" بشكل موحٍ متعمّد.
منع النقاب في جامعة حلوان المصرية
لكن إذا كان هذا الذي ذكرناه يحدث في الغرب غير المسلم الذي يناصبنا العداء، فما هو مسوّغ رئيس جامعة حلوان المصرية المسلم، الذي يعيش في بلد الأزهر في إصدار قراره بمنع دخول المنتقبات المدينة الجامعية!؟
لقد فهم البعض أن القرار يعني منع التحاق المنتقبات بالمدينة، وفهم البعض الآخر أنه يعني منع دخولهن عبر البوابة إلاّ إذا خلعن النقاب أولاً.
وبعد تصاعد حملة الاحتجاج أصر رئيس الجامعة على موقفه مؤكدًا أن سبب ذلك هو حرصه على الكشف عن هوية من يدخل المدينة الجامعية حرصًا على الطالبات في المدينة، وتساءل: ماذا لو تنكر رجل في زي المنتقبة ودخل المدينة الجامعية للطالبات وتم اكتشاف هذا الأمر؟ بالطبع سيقوم أولياء الأمور بذبحي. والغريب أن وزير التعليم العالي أيد رئيس الجامعة في قراره هذا.
وما يستند إليه رئيس جامعة حلوان من مسوغات هي حجج واهية لا أساس لها من الصحة، فهو يستطيع وضع ضابطة للأمن مثلما يحدث بالمدن الجامعية لجامعة القاهرة، ولا أحد يستطيع إصدار قرار بمنع المنتقبات من دخول المدينة الجامعية؛ لأنه في حالة صدور مثل هذا القرار يصبح غير قانوني كما أن أساتذة ورؤساء الجامعات يعارضون هذا القرار.
قمة التطرف العلماني في تونس
وفي تونس بدأت السلطات حملاتها المعروفة والمستمرة ضد الحجاب مع بداية العام الدراسي في منتصف سبتمبر الماضي، وشهدت وتيرة تلك الحملة تصاعدًا كبيرًا مع دخول شهر رمضان، وتمسّك قطاع كبير من الطالبات بارتداء الحجاب.
وضمن هذه الحملة، شن الحزب الحاكم، هجومًا عنيفًا على ارتداء التونسيات الحجاب، وذلك خلال ندوة رمضانية حول "الحفاظ على الأصالة والهوية الوطنية"، حيث قال الأمين العام للحزب الحاكم في هذه الندوة: إذا قبلنا اليوم الحجاب فقد نقبل غداً أن تُحرم المرأة من حقها في العمل والتصويت، وأن تُمنع من الدراسة، وأن تكون فقط أداة للتناسل وللقيام بالأعمال المنزلية، فذلك سيعيق تقدمنا فنتراجع إلى الوراء، وننال من أحد المقومات الأساسية التي يقوم عليها استقرار المجتمع وتقدم الشعب ومناعة البلاد!!
والجدير بالذكر أن القانون 108 ، الصادر عام 1981 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، يعد الحجاب "زيًّا طائفيًّا"، وليس فريضة دينية، ومن ثَم يُحظر ارتداؤه في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوية، وهو ما يعارضه بشدة قطاع كبير من الشارع التونسي.
ومن جانبه طالب الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض السلطات بإيقاف ما وصفه بالحملة على المتحجبات وناشدها عدم التمييز بين المواطنين على أساس معتقداتهم، وأضاف الحزب أن ما تتعرض له المتحجبات من إهانة ومضايقات ومنعهن من الدراسة في المعاهد والكليات وحرمانهن من التوظيف في المؤسسات العامة يُعدّ شكلاً من أشكال الاضطهاد الديني.
أما الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين فقد أعربت عن قلقها مما سمته تزايد حالات مضايقة المتحجبات في تونس، وشددت الجمعية على مشاركة هياكل الدولة على كافة مؤسساتها في هذه الأعمال يؤكد أن المضايقات سياسة ممنهجة وليست تجاوزات فردية.
الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس وجهت هي الأخرى نداء نددت فيه بما سمته حرص الحكومة التونسية على إشاعة التعري والتبرج في البلاد بمحاربتها ظاهرة الحجاب؛ وفقًا لما ذكر بيان للهيئة التي اتهمت الحكومة بشن ما وصفته بالحملة الشعواء ضد المتحجبات في المؤسسات والدوائر الرسمية.
من ناحية أخرى يؤكد شهود عيان أن السلطات أصبحت تعترض المتحجبات في الأسواق والساحات العامة.
وكانت الحكومة التونسية شنت حملة لجمع الأدوات المدرسية التي تحمل صورة الدمية (فلة) التي ترتدي الحجاب مسوغة ذلك بأن تداول هذه الدمية يشجع على انتشار ما تسميه اللباس الطائفي.
حينما تحشر الدولة أنفها
ما يزعج في هذا الأمر هو أن تكون الدولة طرفًا في قضية فكرية اجتماعية سياسية يمكن أن تُناقش بكل هدوء في وسائل الإعلام وفي النوادي الأهلية، وفي غيرها بطريقة توضح الموقف المطلوب للمواطنين، مع ترك الخيار لهم على أساس المسألة مسألة حرية شخصية.
إنه يصعب على أهل الاعتدال والرأي الآخر، ودعاة التعددية وثقافة الاختلاف، أن يتقبلوا هذه الهجمة الضارية الشرسة التي تشنها الحكومة التونسية وأجهزتها وصحفها على الحجاب والمحجبات، والاتهامات والأوصاف بالغة القسوة التي يوجهها كبار رجالات الدولة وكبار مسؤولي الحزب الحاكم، إلى الحجاب والمتحجبات.
فقد غدا الحجاب عند هؤلاء رمزًا من رموز الفتنة، وزيًا طائفيًا دخيلاً يمثل خطرًا على البلاد وثقافتها وتقاليدها، وشعارًا سياسيًا ترفعه مجموعة صغيرة لتحقيق مآرب سياسية، ووصل الأمر إلى مدى غير مسبوق حينما ذهبت صحيفة (الحدث) المقربة من الحزب الحاكم في افتتاحية لها بعنوان "أوقفوا مهزلة الحجاب" إلى القول بأن الحجاب هو زي الساقطات والوثنيين والعبيد وأنه مصدر للأوساخ والأمراض!!
لكن الأخطر من ذلك .. هو منع المحجبات من الدراسة في المعاهد والكليات في تونس، وحرمانهن من الوظائف في المؤسسات العامة، واعتراضهن في الأسواق والساحات العامة، واقتيادهن لمراكز الشرطة؛ حيث يتعرضن للإهانة، ونزع الحجاب بالقوة وكتابة تعهد بعدم ارتداء الحجاب مرة أخرى، إلى غير ذلك من ضروب الضغوط النفسية والجسدية، مما لا يوجد له مثيل في كافة الدول العربية والإسلامية حتى أشدها علمانية، أو في دول العالم كله المسيحية وغير المسيحية.
ـــــــــــــــــــ(100/18)
جرّاح القلوب
نورة مسفر القحطاني 7/10/1427
29/10/2006
جلس جرّاح القلوب المغمور يفكّر ملياً في رسالة أحد الزملاء القدماء والتي جاء فيها: بعد التحية والسلام والمدح والإكرام ..
"صديقي العزيز..
إلى متى وأنت تحبس نفسك في ذلك السجن الضيق الذي يُسمّى مستشفى، وتحصر حركتك بين العيادة وغرفة العمليات؟
إن هناك مهناً عظيمة تساعدك على أن تنطلق في مساحة أكبر، وتنتج أكثر، وتكون فعّالاً بدلاً من أن تكون طاقة معطلة بإجراء عشرات العمليات في السنة فقط.
تستطيع أن تنطلق في الميادين الفسيحة تلتقط النفايات الجميلة، وتضعها في إحدى الحاويات الرائعة أو تكنس الطرقات بمكنسة متميزة، وبذلك تستغل كفاءتك بالعمل المفيد لك ولأمتك، وتكون طاقة فاعلة فتفعل طاقاتك وقدراتك، ولن أقول لك يا عزيزي اترك مهنتك الأولى (جراحة القلوب) بل إنك تستطيع عمل المهنتين معاً، وإن أتتك حالة طارئة وأنت في أحد الميادين فكلف أحد الممرضين الأكفاء بعملها عنك".
هذا حال من ينادون بالإخراج الجماعي للنساء من أجل المساهمة في التنمية والبناء، زاعمين أن المرأة بمكوثها في بيتها وتربيتها لأبنائها طاقة معطلة وثروة مهدرة لا تستثمر قدراتها بطريقة جيدة، وتناسى هؤلاء أن للمرأة تخصصاً دقيقاً هو أعظم من جراحة القلوب، ألا وهو التربية التي تحتاج إلى دوام قدره (24) ساعة، وإلى مجهود بدني وعقلي يفوق كل المهن، وإلى دعم مادي كبير من أجل أن تنجح في دورها الريادي في النهوض بالأمة من خلال رعاية الجيل.
ونقول للجميع: إن المرأة تحتاج إلى مساعدتها على القيام بدورها العظيم من خلال إيجاد أماكن مناسبة لها ولأبنائها مثل الحدائق والمكتبات والأندية، مع إعطائها دورات تدريبية في مجال تخصصها، بدلاً من إشعارها بأنها غير ذات نفع لأمتها، وأن نجاحها في الحياة في امتهانها لأعمال لا تناسب طبيعتها مثل: السباكة والحدادة واللحامة أو أن تكون مضيفة في الفضاء أو طيارة في السماء؛ زاعمين أن المرأة بذلك تقتحم كل المجالات فتنتج أكثر وتنفع أمتها.
أتمنى من أمتي أن تحكّم عقلها، وتكتفي بتلك المهن التي تناسب المرأة مثل التعليم وما شابهه، ولا تدخل في دوّامة عمل المرأة في جميع المجالات، وتخسر من حيث تريد أن تربح.
ونقول أخيراً .. إن المرأة السعودية متميزة في أمومتها فلا تحوّلوا مكتسباتنا إلى خسائر؛ إذ إن العقلاء في أمم الأرض أصبحوا ينادون بتمكين المرأة من القيام بدورها الأساسي؛ بدلاً من تشتيتها في كل الاتجاهات
ـــــــــــــــــــ(100/19)
ونكون سعداء
هناء الحمراني 4/10/1427
26/10/2006
- عبد الله، ادخل وأغلق الباب خلفك.. ألا ترى الوقت متأخراً لتقف عند باب الشارع؟ ولماذا ترتدي ثوبك الجديد..؟ ألم أقل لك أن تدعه ليوم الغد؟
كانت كلمات أم عبد الله تنبعث كطلقات الرصاص..التفت إليها عبد الله:
- ولكنني انتظر العيد.. ألم تقولوا لي بأنه قادم؟
- نعم.. سيأتي غدا بإذن الله..
دخل عبد الله وفي رأسه صورة لرجل وسيم يرتدي ثوباً جميلاً.. يسمى العيد..
- أمي.. أيرتدي العيد ثوباً أنيقا كثوبي؟
- كلا.. إنه لا يرتدي ثوباً لأنه ليس إنساناً..
- إذن .. كيف هو شكل العيد؟
- إنه.. إنه..لا أدري.. كيف أشرح لك معنى العيد...
نظر إليها وعقد حاجبيه بانتظار الجواب.. وتفكر أم عبد الله:
- اسمع.. في العيد نرتدي ملابس جديدة,عندما نستيقظ من النوم ربما.. أقول.. ربما نجد بجوار السرير هدية جميلة.. ويأخذنا آباؤنا لكي نلعب في الملاهي.. ممم.. وماذا أيضاً؟
- نأكل الحلوى..
- نعم.. نأكل الحلوى.. ونلتقي أقاربناً.. ونكون سعداء.. هذا هو العيد..
تنفست أم عبد الله الصعداء.. فقد اقتنع أخيراً بكلامها...
- أمي.. أنا أحب العيد..
واقترحت عليه والدته أن يقوما معاً بتعليق البالونات احتفالا بالعيد..
***
ربما نتمكن بالفعل من تحقيق جميع ما ذكرته أم عبد الله في العيد.. الملابس.. الهدايا.. الحلوى.. الألعاب.. الملاهي..
ولكن؛ أهذا هو العيد؟ وهل كل هذه المقومات كفيلة أن تجعلنا سعداء وقتها؟
حسناً!، وماذا عن ريما.. تلك الطفلة ذات الأعوام الخمسة.. إنها تجلس على الأريكة وقد لبست الثوب الجديد الذي كانت تدور به في أنحاء المنزل فرحة جذلى.. وفي شعرها ربطة وردية لامعة رفعت خصلات شعرها لتصبح أكثر عذوبة.. وبين يديها تحتضن لعبتها الجديدة..
تغيرت ملامح وجهها.. إنها تبكي.. تشعر بالأسى..
- ما بك؟
يزداد بكاؤها.. وتعلن تذمرها.. وترى نفسها أتعس مخلوق في الكون..
فقد انتهت للتو من اللعب بهديتها ولم تعد تروق لها.. بالإضافة إلى ذلك فإن الثوب الذي ترتديه يحمل خيطاً مزعجاً للغاية.. وكأنه دبوس في كتفها.. ولذلك.. أصرت على خلع الثوب كله لتجلس بملابس النوم!!
***
إن ريما ليست صورة من محض الخيال.. وإنما هي حقيقة تكثر في البيوت.. وقد تصيب فرداً أو اثنين.. وقد يصبح التذمر من أبسط الأشياء وباءً يفسد فرحة أسرة كاملة..
في الحقيقة.. تعجبني قراءة القصص القصيرة جداً.. ولذلك أحب أن تقرؤوا معي قصة مرام، فربما نضع أيدينا على (الجرح) الذي قد يخبرنا..
أين تكمن روعة العيد..
***
قبل زواج مرام.. كان العيد بئيساً..لا يعني شيئاً بالنسبة لها أو لأهلها.. حتى اللعب والحلوى قد اعتادوا عليها في غير العيد.. فلم تعد ذات أي معنى في العيد..
تزوجت مرام.. وابتعدت عن أهلها.. وبطبيعة الحال قضت أول عيد مع زوجها.. وقضى الأهل عيدهم بدون مرام..
ولا يزال العيد بالنسبة للأهل بئيساً..فمرام ليست بينهم..
وأما مرام .. فربما سعدت قليلاً مع زوجها في العيد.. ولكنها تتذكر بحسرة أياماً خلت كانت مع أهلها ولم تستمتع وإياهم في العيد...
وفي ثاني يوم من العيد.. استطاعت مرام أن تسافر إلى أهلها.. وتسلم عليهم وتهنئهم بالعيد.. وكان ذلك اليوم مختلفاً عن بقية الأعياد.. مخضباً بالفرحة.. والدموع..
***
أن نكون مع من نحب.. هذه هي روعة العيد.. فغداً نفترق لا محالة "أحبب من شئت فإنك مفارقه"
حينما نشعر بقيمة هؤلاء الأشخاص الذين يحيطون بنا؛ فإننا نعرف ما معنى أن نجتمع بهم في العيد..
هل لديك قريب بعيد عنك؟
فكر فيه.. لا تفكّر بأسى.. فحتماً لديك قريب بجوارك.. قد تشعر بالألم إذا فقدته أيضاً.. فلتحيي معه فرح العيد..
وماذا عن ريما.. ألا تزال جالسة ترتدي ملابس النوم.. لا بأس.. لنبحث عن ثوب يناسبها.. جميل وخفيف الحمل عليها.. فالأهم أن نقضي معاً وقتاً سعيداً في العيد..
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
ـــــــــــــــــــ(100/20)
الشباب العربي .. التوهان المبرمج
هبة عبد المجيد 29/9/1427
22/10/2006
هل يعيش الشباب العربي حالة من الانفصال والانفصام عن مجتمع يشعر بأنه لايفهم لغته، ولايعي همومه، ولا يسعى لمد جسور التواصل والحوار معه؟ لماذا وكيف؟ ومن المسؤول عن الأسباب، ومن ثم النتائج؟
أهم الآباء والأمهات أم الحكومات ، أم جيل الشباب أنفسهم بسبب تناقضاتهم وهمومهم وتخبط أفكارهم ومعتقداتهم وسلوكياتهم أيضاً، وذلك وفقا لرؤية الآخرين عنهم.. ؟! بمعنى أوضح: هل يمكن قراءة القضية بوصفها جانباً من صراع الأجيال، وعدم القدرة على التواصل بين طرفي المعادلة، وكأن كل طرف فى واد بعيد عن الآخر...؟! أم أن المسألة ترجع لإحساس الشباب باليأس من تردي الأوضاع حوله، وعلى كافة المستويات؛ فنظرة واحدة على المستقبل المظلم كفيلة بقتل أي طموح لديهم، ومن ثم يصبح منطقياً ظهور أعراض الاكتئاب، والإدمان والتطرف....
الأسئلة كثيرة شائكة ومتشابكة وقائمة الاتهامات المتبادلة كبيرة ومتضخمة و... المؤكد الوحيد أن البيئة التى يعيش فيها الجميع (طرفا المعادلة) ليست بيئة صحة نفسية جيدة وفقاً لما أكده د.أحمد عبد الله أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، مشيراً إلى أن كثيراً من المشكلات والضغوط التي يتعرض لها الشباب في المجتمعات العربية تكاد تكون واحدة تقريباً، مثل البطالة أو تأخر سن الزواج للجنسين، والذي يُعد أحد أهم الضغوط على الشباب؛ لأن من حقهم التحقق عاطفياً بشكل شرعي وآمن، وفقاً لتكوينه الفطري، واحتياجه الفسيولوجي والنفسي، وهو مايتصادم للأسف وإشكاليات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية و..كلها وغيرها تشكل عامل ضغط مرعب على الشباب تحديداً، خاصة إذا ما سلط الإعلام الضوء على نماذج لاتؤكد على قيمة العمل و الاجتهاد، في مقابل ترويجه، و بالأحرى تلميعه لنماذج نجحت في الوصول إلى أعلى مراتب السلم الاجتماعي، أي حصدت الشهرة والمال معاً، دون جهد أو تعب، بدليل ترويج برامج مثل ستار ميكر أو ستار أكاديمي، لاهم لها إلاّ الدفع بأسماء لاتملك موهبة حقيقية في أغلب الأحيان، مما يشجع الكثير من الشباب فى مختلف البلدان، ومن كافة الأنماط لنبذ قيمة السعي والعمل والكد، والجري وراء حلم الثراء السريع عبر ضربة حظ قد يحققها إعلان أو مسابقة..، باختصار لم يعد شبابنا حريصاً أو حتى شغوفاً بأن يصبح عالماً، فدنيا "العوالم" أكثر شهرة ونفوذ ومال...
لو "بطّلنا" نحلم نموت
أيفتقد شبابنا للحلم، أم أنه لا يملك حلمه الخاص؟ بمعنى أدق: أنه لا يجيد تحديد هدفه، ومن ثم السعي في اتجاه تحقيقه؟
د.أحمد المجدوب -الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- يرى أن المشكلة تتعلق برغبة في التحقق من قبل الشباب تتكسر للأسف على صخرة الواقع؛ نظراً للعديد من الأشكاليات التى تحطم أحلامهم قهراً و دون إرادتهم، وهذا التواصل كما يشير د. المجدوب يتعلق بوجود مشروع أو هدف يلتفون حوله، ويشاركون فيه، ما يشير لأهميه تخليق هذا الهدف، وهو ما يجب أن تتبناه الجهات المسؤولة و المعنية بالشباب؛ لأنهم طاقات هائلة لابد من استثمارها فيما يفيد وليس عبر مشاريع تنفيسية تفرغ مابداخلهم دون إفادة حقيقية...
الحلم والهدف هما إذن الحل وفقاً لما تؤكده الآراء المتخصصة، ولكن ماذا عن الشباب؟ كيف يحدد حلمه، وهل حماسة بعضهم أو ارتباكاتهم الفكرية تحول دون قدرتهم على التقاط حلمهم وتحديده، وأين دور الكبارهنا؟
د. هدى زكريا -أستاذ علم الاجتماع- تلقي بالكرة في ملعب الإعلام وكافة المؤسسات المعنية بالشباب، وضرورة أن تمنحهم الدافع، وتساعدهم على اكتشاف حلمهم ثم السعي في تحقيقه، غير أنه –وللأسف- فإن آليات تلك المؤسسات ضعيفة جداً في التقاط مالدى الشباب من مواهب وقدرات، وضعف أكبر في توظيفه وتنميته..
وترى د. هدى الحل في ضرورة التغيير الشامل في السياق العام، وهذا لن يتحقق بجهد فردي، ولكن عبر أنظمة، وهيئات تبحث بجدية في أسباب ما آلت إليه الأمور، ومن ثم في رفع تلك الأعباء، خاصة وأن البيئة التى نعيش فيها داخل مجتمعاتنا ليست بيئة نفسية سليمة، وبالتالي لن تكون منتجة؛ إذ لا يوجد الحد الأدنى من الراحة، الدعم النفسي، القدرة على التقاط الموهبة وتنميتها، القدرة على تصحيح الخطأ، باختصار لايوجد الحد الأدنى من مجموعة أشياء تشكل بيئة صحة نفسية جيدة ومتوازنة تساهم في خروج أجيال تتمتع بالصحة النفسية ..
تواصل: التغيير لن يكون حقيقياً إلا بتغيير حقيقي في الثقافة التي تحاصرنا، وأن يكون لدينا القدرة والشجاعة على اتخاذ موقف حاسم في كثير من الإشكاليات والقضايا، مروراً بأهمية "الإصغاء" للشباب، والتي –للأسف- لاتتوافر حتى على مستوى الأسرة، انتهاء بالوصول إلى برامج حقيقية لبناء الإنسان عاطفياً و عقلياً..
ـــــــــــــــــــ(100/21)
أيامُك يا رمضان.. كيف تفرُّ من تحت قدميّ..!!
هناء الحمراني 21/9/1427
14/10/2006
"تبدو الأيام مملّة ورتيبة..لا شيء جديد.. الأيام تفرّ من تحت قدميّ.. وأنا أنا.. لم أتغيّر..ولم أتحسّن..بل ربما ازدَدْت سوءاً..
أهكذا يمضي رمضان..ولم أقدّم لنفسي ما يعتقني من النار؟
لم أقرأ القرآن..
لم أصلّ التراويح.. ولا النوافل ولا القيام.. بل بالكاد أصلي الفرائض.. وإنْ صلّيْتُها فيا للتقصير والتأخير..!!
يا لي من مسلم!!
يسلبني الحرمان جميع الفرص التي أحتاجها.. وأنا لا أبالي بما سلب من عطايا..
إنه يذهب.. وأنا أنظر إليه أكاد أشبه الأمَّ الثكلى التي تنظر إلى وليدها يموت بين يديها دون أن تستطيع إنقاذ حياته..
ألهذا الحد وصل بي العجز..والخَوَر..والخنوع؟
أحني رأسي أسفاً على حالي..
ومع هذا..
فلا زالت الأيام تفرّ من تحت قدمي"...!!
***
أأنت مَن هذا حاله؟ تعاني من الغفلة؟ تقتلك الدنيا من الوريد إلى الوريد.. تعذبك بحبها؟ أأنت موقن بأن الآخرة فيها خير كثير.. وأنك مقصّر في حق نفسك؟
لا تطأطئ رأسك.. كفاك ما قد جرى منك.. حاول أن تصنع شيئاً.. أي شيء يكون خالصاً من الصميم لرب العالمين..
استغفرْ..سبّحْ..كبّرْ..حوقلْ..
ألديك مال في جيبك..ولو كان ريالاً واحداً..؟ تصدّق به على أول فقير أو صائم أو حتى طفل تراه في طريقك..
لعل الله أن يتقبله منك؛ فيكون عوناً لك على طاعة أخرى.. فالحسنة تدعوك إلى حسنة أخرى..
والسيئة تجرّك إلى سيئة أخرى..
لا تقفْ متفرجاً على نفسك، وأنت تموت بك الأمنيات.. وتنهار أحلامك التي تمنّيت أن تحققها في رمضان..
واحمدِ الله..
فأفضلُ الليالي قادمة..
لا تزال الفرصة سانحة..
وما زالت الأبواب مفتوحة على مصراعيها..
تحتاج إلى كثير من الصدق..والإخلاص..والعزيمة..
***
اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك..
اللهم يا مصرّف القلوب اصرفْ قلوبنا إلى طاعتك..
اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ مَن يحبك وحبَّ عمل يقرّبُنا إلى حبك..
اللهم اغفرْ لنا ما قدّمنا وما أخّرنا..
وما أسررْنا وما أعلنّا..
وما عمدنا وما جهلنا..
وما أنت أعلم به منا..
أنت المقدّم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير.
ـــــــــــــــــــ(100/22)
إلى من يرفض الألم
هناء الحمراني 18/7/1427
12/08/2006
يمكننا بضغطة زر.. أو بنظرة سريعة إلى الصحف..أن نقدر وجود مأساة فظيعة..تطعن الشرق الأوسط من الوريد إلى الوريد.. لتتفجر براكين الدماء في كل مكان..
لنقلّب قنوات الأخبار..فنشاهد المناظر المفجعة..والأجساد. المترامية.. والبيوت التي ظل أهلها يبنونها بأعمارهم قبل أموالهم..كيف أصبح كل شيء أثراً بعد عين..
يمكننا أن ننتقل إلى جنوب شرق آسيا لنجد أن تسونامي عاد بعد سنة ونصف السنة ليفرض وجوده على آلاف البشر هناك فلا منازل..ولا أمن..ولا شيء سوى الموت..
يمكننا أن نرتفع قليلاً إلى أعلى حيث الزلازل تثور وتدمّر كل شيء فوقها..
بضغطة زر يمكننا أن نقرّر ما إذا أردنا أن نكمل تأمُّل تلك المناظر..وأن نقطّب حواجبنا ..وأن نتمتم بألم: إنا لله وإنا إليه راجعون..
وبذات الضغطة يمكننا تغيير القناة بحثاً عن برنامج آخر أياً كان.. يسمح لنا بأن"نغير الموضوع الذي يزعجنا" لننساه في موضوع آخر..
****
"لا أريد أن أتألّم" عبارة ردّدها أشخاص ينشدون الراحة والدعة والهدوء..مادام أنهم يأكلون ويشربون وينامون آمنين. فليذهب العالم بمشاكله بعيداً عن أذهانهم المسكينة!!
ولكنّ هؤلاء الأشخاص ذاتهم يتغيرون تماماً عندما تُنتهك إحدى الضرورات في حياتهم..
فعندما تنقطع الكهرباء في ليلة صيف شديدة الحرارة.. يتغيّرون من مجرد متفرجين إلى باحثين عن الحلول..أياً كان هذا الحل..يصنعون المراوح اليدويّة من الكرتون..يهربون إلى سياراتهم ليستخدموا مكيفها ثم يخلدوا للنوم فيها..
يحملون سماعة الهاتف بيد..وباليد الأخرى يطلبون رقم شركة الكهرباء..ولإكمال (السيناريو) فإن طفلاً صغيراً يحمل الكشّاف على رأس والده لكي يشاهد أرقام الهاتف جيداً..
****
ربما لا تكون المقارنة هنا عادلة..فانقطاع الكهرباء لا يمكن موازنته أبداً بالظلام..والرعب..والنيران..والدماء..والضحايا..
ولكن الشاهد يبرز في القضية..وهي أن من يحتاج إلى شيء يبحث عمن يساعده..وبقدر حاجته يزداد إلحاحه..وبقدر صعوبة ما يواجهه..يزداد إحساسه بالألم..وأيضاً يزداد إحساسه بآلام الآخرين..
هل نحن بحاجة إلى كارثة-نسأل الله العافية- كي نتألم مع إخواننا؟ أم أن جلسة متأمل لكل ما يحصل كفيلة بتحريك هذا الإحساس في قلوبنا؟
هل يكفي الألم كنتيجة للأحداث..أم أن الألم أيضاً يحتاج إلى نتائج؟
إنه بحاجة إلى من يتحرك.. يقدم المساعدة..يوقد شمعة..يمسك مروحة.. يوزع على الآخرين قطرات من الماء البارد..
يمكننا أن نصنع شيئاً مهما بالنسبة لإخواننا..
يمكننا أن نتبرع، ونتصدق لهم بالمال..
يمكننا أن نقف في مواجهة العدو..أبطالاً مجاهدين..
إن المسلمين الآن وبالتحديد الآن!!يحتاجون إلى مجاهدين لا يحملون الأسلحة..ولا يحرّكون الصواريخ..ولا تمتلئ جيوبهم بالمخططات..فكل هذا لا يصنع شيئاً ما دمنا نفتقر إلى الصنف الذي أعنيه..
نريد أن نكون من المجاهدين الأوائل..أولئك الذين إذا ما جنّ الليل وقفوا..ولله توسّلوا..وتضرّعوا..وبكَوْا..ويسألون الله فرجاً قريباً..
ـــــــــــــــــــ(100/23)
دور المرأة في المحن والشدائد
د. ليلى بيومي 5/7/1427
30/07/2006
لا يختلف اثنان أن الأمة العربية والإسلامية تعيش اليوم أصعب فترات حياتها؛ إذ التهديدات الخارجية ومحاصرة الغرب الصليبي لنا، وإعادة احتلال أراضينا بعد أن كنا قد طردناه وحررنا بلادنا من شروره، لكنه بحقده الصليبي، وبتنسيقه مع الصهاينة، عاد إلينا مرة أخرى بشكل أشد شراسة، تحت دعاوى زائفة مثل "الشرق الأوسط الكبير"، وإقامة الأنظمة الديمقراطية والتبشير بالحرية الزائفة.
وفي هذه الظروف، وربما نتيجة لها، تعيش الأمة حالة من التخبط السياسي والاقتصادي والعلمي، يحتاج إلى إصلاح وتنمية وتطوير، وهذا الإصلاح العام في المجتمع الإسلامي يتطلب المشاركة الفعلية للمرأة؛ حيث إنها أكثر من نصف المجتمع، كونها هي مربية الأجيال ومؤسسة المبادئ في نفوس النشء.
وفي نفس الوقت فإن دفع العدوان عن الأمة كما في فلسطين والعراق وأفغانستان ولبنان والسودان والصومال...الخ يحتاج إلى بذل وتضحية وجهاد.
وهكذا لم يعد لدينا وقت لدعاة العلمانية الذين يدلسون علينا ويوجهون المرأة وجهة غير صحيحة، ونحن، مع ذلك، نعترف أن هناك أفكاراً، ومصالح معينة، وظروفاً تاريخية غير مواتية، أبعدتنا عن الفهم الصحيح لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبعدتنا عن التصور السليم لدور المرأة في مجتمعاتنا؛ إذ تدهورت أوضاع المرأة في مجتمعاتنا -وعبر تاريخنا الإسلامي الطويل- من صحابية جليلة واثقة من تشجيع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، إلى جارية تدب على رؤوس الحكام، ثم إلى دمية تُستعمل في مشروع استعماري محكم.
وربما كانت الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا مدخلاً لأن تحقق المرأة النموذج الرسالي الذي جاء به الإسلام، من خلال مشاركة فاعلة وواعية في إعداد الأجيال الجديدة لتحمل المسؤوليات الجسام، بل ومن خلال المشاركة المباشرة في كل مناحي الحياة، خاصة في هذه المحن والشدائد التي تعيشها الأمة.
المرأة المسلمة حين تقلب الموازين
إن أمتنا اليوم تعيش في حالة هزيمة حضارية وتخلّف على مستوى ضياع الكثير من أراضي المسلمين، واستهداف بلادهم من قبل الاستعمار الجديد، والتجزئة والاستبداد، ونهب ثرواتهم، واختراقهم سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وإعلاميًا وثقافيًا، وبالتالي فإن كل مسلم رجلاً كان أم امرأة مطالب بالاضطلاع بواجبه للخروج من هذه الحالة والانتصار على التحديات وتجاوزها.
ومن نافلة القول التأكيد على أن المرأة المسلمة مطالبة بالجهاد والنضال والمشاركة في معارك الأمة بشرط أن يكون ذلك في إطار الضوابط الشرعية، ولكنني أضيف هنا أن تلك الضوابط الشرعية ليست مطلوبة في حالة المرأة فقط، ولكنها مطلوبة في حالة المرأة والرجل وفي كل موضوع وفي كل قضية.
إن عملية النهوض الإسلامي التي يريد المخلصون منا القيام بها تتعرض لكثير من التشويش والتزييف في محاولة لوأدها، وكلما كثرت أراجيف هؤلاء المشككين وشبهاتهم في قضية ما أدركنا أهميتها وخطورتها، لأنه لولا تلك الأهمية والخطورة لما اهتموا بها.
فهؤلاء المشبوهون مثلاً يثيرون الشبهات حول قضية الجهاد؛ لأنه الطريق الطبيعي والوحيد أمام أمتنا لانتزاع حقوقها واستعادة مكانتها الحضارية وتجاوز التحديات، وهم يثيرون الشبهات حول قضية المرأة في الإسلام؛ لأنهم يدركون أن المرأة المسلمة حين تشارك في الجهاد والنضال الإسلامي العام فسوف تكون عاملاً مهمًا في ترجيح كفة الإسلام على أعدائه في الداخل والخارج، وبالتالي تشكل خطرًا هائلاً على المشروع الاستعماري المعادي للأمة، ورصيدًا ضخمًا للمشروع الإسلامي الذي يستهدف إنهاض الأمة وتجاوز تحدياتها واستعادة سيادتها الحضارية.
وفي هذا الصدد فإننا إزاء تيار رئيس في الأمة الإسلامية المعاصرة يستلهم موقفه الأصيل من الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وكافة مصادر ووسائل التشريع الصحيحة والمعمول بها، وهذا التيار يعرف للمرأة حقوقها ويدفعها إلى المشاركة الواسعة في معارك الأمة في كل مجال، وعلى جانبي هذا التيار الرئيس هناك تياران هامشيان؛ أحدهما يتمثل في تيار يحبذ الانغلاق والجمود ويخلط بين ما هو شريعة وما هو تقاليد أو عادات، ويريد إخضاع المرأة المسلمة لحالة من السلبية والتهميش والعزلة وحبسها في التقاليد بحسبانها من الإسلام،
والثاني يتمثل في تيار تغريبي مرتبط بالاستعمار يريد أن يحوّل المرأة إلى سلعة تجارية ويجردها من إنسانيتها ويدفعها في طريق الانحلال والتغريب ومعاداة ثقافتها ودينها، ويزعم هذا التيار أنه يريد تحرير المرأة في حين أنه يريد استعبادها وتبعية المرأة والرجل والمجتمع بأسره للاستعمار والخضوع له.
ومن العجيب أن لهذا التيار التغريبي الذي يزعم تحرير المرأة، موقفًا مشينًا من تحرر المجتمع كله من الاستعمار والتبعية، بل إن كل رموز هذا التيار -بلا استثناء- معروفون بعمالتهم للاستعمار والدعوة للخضوع له، ويدعون إلى إلغاء ثقافتنا وهويتنا والانخراط الكامل في ثقافة وهوية الغرب الصليبي.
إن الرموز الحقيقية لتحرر المرأة في بلادنا العربية هن اللاتي خُضْنَ المعارك من أجل استقلال بلادهن والدفاع عن الأرض والثقافة والهوية من أمثال للا فاطمة التي قادت انتفاضة مسلحة ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر في أوائل الاحتلال الفرنسي للجزائر، أو شهيدات ثورة التحرير الجزائري 1954 – 1962 أمثال الشهيدة فضيلة سعدان أو أم محمد أو تلك المرأة الفلسطينية التي تشارك في الانتفاضة، أو المجاهدة الفلسطينية الشابة عواطف، أو المرأة السودانية التي تخرج في المظاهرات أو مارست الجهاد ضد التمرد في الجنوب، أو المرأة الأفغانية التي شاركت في تحرير بلادها من الاستعمار الروسي أو المرأة المصرية التي شاركت في الكفاح المسلح ضد الحملة الفرنسية أو شاركت في ثورة 1919 أو تلك التي دخلت السجن دفاعًا عن عقيدتها.
المرأة الفلسطينية نموذجاً
إن المرأة الفلسطينية العادية مارست الجهاد في أعلى صوره؛ إذ سقط العديد من الشهيدات طوال فترات الاحتلال سواء كان ذلك برصاص مباشر من جنود الاحتلال والذين لا يأبهون بقتل النساء، أو عن طريق الغاز الخانق المسيل للدموع أثناء تواجدهن في ساحات المواجهة أو أداء الصلاة في المسجد الأقصى، كما أن المستشفيات لا تخلو من النساء الجريحات من كل الفئات العمرية.
كما لعبت المرأة الفلسطينية دوراً مهما في الجانب الإعلامي والصحفي في إبراز وإظهار الوحشية والقمع اللذين يتعامل بهما جنود الاحتلال الإسرائيلي واستخدام الأسلحة الحية في مواجهة أطفال وحجارة، ونقلت لنا وكالات الأنباء والمحطات التلفازية صوراً لكثير من الفلسطينيات الصحفيات في وسط المواجهات وتحت زخات الرصاص يتابعن أولاً بأول الأحداث في مواقعها، ولا يكاد يخلو تقرير تلفازي مصور عن أحداث هبة الأقصى من مشاهدة لمئات النسوة وهن يعترضن الجنود لدى محاولتهم اعتقال أحد الشبان، كما كانت الصحفيات الفلسطينيات من أوائل الذين قدموا تقارير تلفازية حول المجازر التي ارتكبها جنود العدو الصهيوني وخاصة مقتل الطفل محمد الدرة.
وكما كانت الصحابيات على عهد رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، يقمن بتطبيب الجرحى وعلاجهم تقوم أيضا المرأة الفلسطينية بشكل تطوعي داخل المستشفيات وخارجها وفي ساحات الانتفاضة بنفس المهمة، من خلال التواجد في نقاط الإسعاف الميدانية التي أقيمت بالقرب من نقاط الانتفاضة، ومن ناحية أخرى تقوم الممرضات بمجهود لا يُستهان به داخل المستشفيات طوال اليوم.
لقد كان أداء المرأة الفلسطينية على سبيل المثال في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي فازت فيها حماس، أداءً عالياً، استكمالاً لدورها في العمل العام كأسيرة واستشهادية وناشطة اجتماعية، شاركت على مدار العقود الماضية في المشروع النضالي جنباً إلى جنب مع الرجل.
وهكذا فإن من يقول إن الحركات الإسلامية تهضم دور المرأة فهو مخطئ، فالحركات الإسلامية هي من تعطي المرأة حقها أكثر من أي حركات أخرى؛ لأنها تستمد فكرها من الإسلام الذي لم يحرم المرأة من حقها السياسي، وجعل دورها متكاملاً جنباً إلى جنب مع الرجل في كافة مناحي الحياة.
السيدة خديجة ومواجهة المحن والشدائد
السيدة خديجة، أم المؤمنين، - رضي الله عنها - هي أول من عُرفت في الإسلام بالبطولة والشجاعة في الحق، وهي أول امرأة حملت لواء الإسلام، وتحملت في سبيل ذلك ما لا يطيقه إنسان.
بعد الزواج بخير البرية محمد -صلى الله عليه وسلم- بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم- فآمنت به، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن نبيه- صلى الله عليه وسلم- ، وكان الله يفرّج عنه بها إذا رجع إليها، حيث تثبته وتخفف عنه وتصدقه، وتهوّن عليه أمر الناس.
ولمّا أجبرت قريش بني هاشم عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة إلى شعابها، لم تتردد في الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة. وعلى الرغم من تقدمها بالسن، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية، وأقامت في الشعب ثلاث سنين، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى. وبهذا فضلت خديجة على نساء أمة محمد كما فضلت مريم على نساء العالمين.
أم سلمة وموقف لا ينسى
قالت له يا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ انحرِ الهدي، وقصّ الشعر فسيتبعك المسلمون.. ففعل وفعلوا.. وانفكت الأزمة وارتفعت المحنة التي كادت تعصف بقلوب المؤمنين، لولا أن الله تعالى سخر سيدة فاضلة لترتفع المحنة وتزول الشدة على يديها.
إن هذه الواقعة التي يسطرها التاريخ بحروف من نور لأم المؤمنين "أم سلمة" خلال صلح الحديبية، تشير بشكل واضح إلى الدور الكبير الذي تلعبه النساء في أوقات الأزمات والشدائد.
ولا يتسع المجال لاستعراض المزيد من هذه القصص المذهلة، كما أننا لا نحتاج للأمثلة المؤكدة على دور المرأة في الشدائد، فلا تكاد تخلو حياة المرء من امرأة كانت لها وقفات كبيرة الشأن عظيمة المكانة، سواء كانت تلك المرأة أمًا أو زوجة أو حتى ابنة، في المنزل كانت أو في العمل، وعلى المستوى الشخصي أو العام.
فعلى المستوى الشخصي، وكمثال بسيط على دور المرأة في المحن والشدائد؛ من الذي يتحمل المسؤولية شبه كاملة في حال ابتُليت الأسرة بطفل معاق، أليست هي المرأة، ومن الذي يتحمل مسؤولية تدبير أمور البيت في حال ضاق الحال بالزوج ولم يستطع الإنفاق على البيت بشكل كاف أو أُصيب بالمرض، أليست هي المرأة؟
ومن النماذج السامقة ما نراه في حالة اعتقال الرجل، - وهذا نشاهده بشكل خاص في فلسطين والعراق - حيث تتحمل المرأة المسؤولية كاملة، وترفض طلب الطلاق على الرغم من الضغوط الخارجية – أحياناً - خاصة من الأهل.
لقد صدق الذي قال "ما من رجل عظيم إلا وراءه امرأة عظيمة"، فالرجل إن لم تتوفر له الراحة والجو الملائم من حيث الهدوء والتشجيع فلن يبدع ويحقق الإنجاز والتفوق، فالرجل الذي يقضي يومه في حل مشاكل بيته ويعيش في اضطراب وقلق بشكل دائم، كيف له أن يجد التركيز ليحقق شيئًا ملموسًا في الحياة.
ولهذا كان خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، وبالطبع فإن صلاح دين المرأة يشمل سلوكها وأخلاقها وموقفها من زوجها وتربيتها لأبنائها وصبرها في المحن والشدائد الخاصة بأسرتها أو بأمتها.
أم عمارة نموذج فدائي لا يموت
ونتوقف هنا قليلاً للحديث عن نموذج نسائي فريد، نقدمه لبناتنا ونسائنا في العصر الحديث وهن يعشن مآسي الأمة وإحاطة الأعداء بها، علهن يأخذن منها القدوة والمثل في كيفية مواجهة أعدائنا والدفاع عن مقدساتنا وثرواتنا واستقلالنا الوطني.
إن هذا النموذج النسائي الفريد هو نسيبة بنت كعب، وهي أم حبيب وعبد الله ابني يزيد بن عاصم. لم تكن مشاركتها في غزوة أحد ودفاعها عن النبي صلى الله عليه وسلم أول ولا آخر تضحياتها في سبيل الله. فقد كانت إحدى امرأتين وفدتا مع ثلاثة وسبعين رجلاً إلى مكة للقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ومبايعته عند العقبة. فهي من المبايعات على طول المدى. فقد بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- بيعة الرضوان عند الشجرة التي رضي الله عن كل من بايع تحتها وأثبت ذلك في محكم التنزيل.
وخرجت نسيبة إلى غزوة أحد مع زوجها وولديها فقاتلت قتالاً شديداً وجرحت اثني عشر جرحاً، وأظهرت في قتالها شجاعة نادرة نالت إعجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن رآها من أصحابه تصول وتجول وتضرب بسيفها هنا وهناك ومعها زوجها وولداها يساعدونها في قتال العدو.، وكانت نسيبة تدور تسقي المقاتلين، فلما تحوّل الحال وانهزم المسلمون انحازت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع الصفوة الذين أحاطوا به. فلما ولى الناس عن النبي جاء ابن قمئة يقول: دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فتصدت له أم عمارة ومصعب بن عمير وآخرون ممن أحاطوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فكان ما كان من إصابتها.
ولقد شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه المسلمة المحتسبة فقال: "ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً إلا رأيت أم عمارة تقاتل دوني.
وتمضي الأيام والسنون وترتفع راية الإسلام. ويفتح المسلمون مكة بإذن الله وعونه. ويلحق النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرفيق الأعلى، وينقلب المرتدون المنافقون على أعقابهم، فكانت معركة اليمامة وهي من أشرس المعارك على المسلمين وفيها قتل ابنها حبيب. فمضت تطلب قتل عدو الله مسيلمة الكذاب، فإذا هو قتيل، وإذا عبد الله ابنها الآخر هو الذي أخذ بثأر أخيه، وخلص الإسلام من رأس الفتن
ـــــــــــــــــــ(100/24)
الإجازة الصيفيّة ..ودورها الإيجابي في حياة الأسرة؟
وفاء سعداوي 29/6/1427
25/07/2006
تبدأ الإجازة الصيفية، ويبدأ معها الفراغ والحيرة، ويتسرّب الملل والكآبة أحياناً أخرى إلى نفوس أبنائنا؛ فاليوم طويل .. فما العمل؟! وكيف أقضي وقت فراغي؟!
وهل يكون الحل هو السفر إلى الخارج مع ما فيه من مخاطر؟!
لا شك أن تلك التساؤلات تدور في أذهان الكثيرين، خاصة الشباب والفتيات، فلكل إنسان نظرة خاصة في الإجازة؛ فقد يعدّها بعض الناس فرصة للراحة والسفر، وبعضهم يمارس أنشطة لا يجد لها وقتاً في غير الإجازة.
الإجازة ضرورة لصحة الفرد
يؤكد الدكتور عبد العزيز الشخص أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس بأن الإجازات ضرورية لصحة الفرد وكيانه، فهناك إنزيمات معينة تتكون في المخ نتيجة العمل لفترة طويلة تؤثر على التركيز فتقل الطاقة للعمل نتيجة الإجهاد الذهني والنفسي والبدني، ويترتب على ذلك عدم الالتزام بواجباته الأسرية والاجتماعية إلى جانب الضغوط النفسية التي تسبب التوتر والقلق نتيجة مسؤولية العمل وعلاقاته، فالإنسان يحتاج إلى فرصة لينسى هذه التوترات، هذا بالنسبة للإنسان بشكل عام.
أما عند الصغار فالأمر جد خطير، الآن الواجب أن يحترم الصغير وقت الإجازة، ويخطط له، فإذا تعوّد على احترام وقت الفراغ منذ الصغر، فسيحترم وقت العمل عندما يكبر.
ويجب أيضاً أن تكون الإجازة فرصة لملاحظة الأولاد ومعرفة مشاكلهم وتوطيد العلاقة بهم، واللعب معهم والتزاور مع الأهل والأقارب والأصدقاء. كل هذه واجبات اجتماعية لها فائدة صحية، وفيها تجديد للنشاط.
وأحب أن أحذر من الإفراط في مشاهدة التلفاز والفيديو والإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام الحديثة خلال العطلة الصيفية، فبالإضافة إلى أضرارها الأخلاقية فلها أضرار صحية؛ فقد أثبتت الدراسات أن هناك أنواعاً من الصّرَع مرتبطة بمشاهدة الأجهزة الحديثة، فيجب أن ننتبه إلى أن الإجازة ليست لمشاهدة وسائل الإعلام بدون حساب.
الإجازة ليست استرخاءً تاماً
ويرى د. أحمد عبد الرحمن أستاذ علم الأخلاق بالجامعات الإسلامية أن الإجازة ليس استرخاءً تاماً، وإنما هي تغيير من نوع النشاط وبداية لغرس قيم جديدة، والسفر تختلف أهميته من شخص لآخر؛ فهناك مَن يسافر ليضيع وقته في الفساد وزيارة الأماكن المشبوهة وممارسة أنشطة منافية للحياء ومخلة بالآداب العامة، وهناك من يسافر للترفيه البريء والسياحة، وقد تكون النية من السفر إلى جانب الترفيه، اكتساب ثقافات جديدة، أو جمع مادة علمية أو حضور مؤتمرات، أو زيارة المتاحف والآثار، فالهدف من السفر يختلف من شخص لآخر، وبالتالي الحكم على السفر للخارج لا يمكن تعميمه، وإنما المهم أن يقوم على مبدأ المصلحة، وقد يسافر الشخص للدعوة إلى الإسلام، وإلقاء محاضرات أو المشاهدة والكتابة والنقد.
ذكّروا أولادكم بالإسلام
ويعلق الداعية الدكتور عمر عبد الكافي على مسألة شغل الفراغ في الإجازة بالسفر إلى الخارج فيؤكد على أن الإسلام ليس ضد الترويح عن النفس، ولكنه ضد التهريج وتضييع الوقت، فالوقت هو رأس مال المسلم، والمسلم الواعي يستغل هذا الوقت في صالحه، أما أن يضيعه في شيء تافه فهو إنسان لا عقل له، والإنسان التافه هو الذي يتسلى بالتافه، والأمم الفارغة تتسلى بالفارغ، ويشعر بالراحة والدعة كل من يعيش ليأكل، ويتمتع، وينسى دائماً أنه مخلوق لحكمة وهدف (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). [الذريات:56].
ويجب أن نُدرّب الصغار على هذه المعاني، ويجب أن يشعر المسلم نحو الإسلام كما يشعر نحو ابنه، فإذا مرض ابنه خلال الإجازة ماذا سيفعل؟!
لا شك أنه سينسى كل شيء، ويظل بجانبه يمرضه، ويرعاه، وهكذا يجب أن يحمل المسلم هموم الأمة، وما يحدث في لبنان وفلسطين، ويحمل أخلاق الإسلام في كل وقت، ويسعى إلى عزة الإسلام.
والشيطان يدخل للإنسان من مداخل شتى ليثبط عزيمته نحو حمل فكر الإسلام وأخلاقه، ويبطّئ خطاه نحو الله، لكن لو ترسّمنا خُطا الصحابة الغر الميامين لوجدناهم حملوا همّه، وكان لهم كل شيء الأب والابن والأهل، فإذا نحن فعلنا ذلك فلن نجد وقتاً للهو، ولن نفرّق بين وقت العمل ووقت الإجازة، وسوف نحفظ وقت صغارنا ووقتنا من وسائل القتل والتدمير.
ـــــــــــــــــــ(100/25)
التداوي بالأعشاب.. بديل أم مكمل؟!
دبي/ حسام أبو جبارة 24/6/1427
20/07/2006
"الأعشاب صيدلية متنقلة، كلما شحّ العلاج افتحها، وانتق منها دواءك".. هكذا يقول الكثير من الناس الذين يؤمنون بالعلاج بواسطة الأعشاب، بديلاً أو مكملاً للعلاج الكيماوي.. ولكن هل كل الأعشاب صحية وخالية من الأخطار؟! أليست أشهر السموم التي عرفتها البشرية في الماضي والحاضر عبارة عن أعشاب ونباتات؟!
لقد عرف الإنسان منذ فجر التاريخ الأعشاب الطبية وفوائدها العلاجية المختلفة، وبرع الصينيون والمصريون القدماء في علم التداوي بالأعشاب؛ إذ استخدموها للعلاج والتحنيط والزينة. وفي العصور الإسلامية انتشر أيضاً علم التداوي بالأعشاب، وظهر الكثير من الكتب والمخطوطات التي تشرح بصورة واضحة أنواع الأعشاب الطبية المختلفة وطرق استخدامها والأمراض التي يمكن أن تعالجها. وبالرغم من التطور الهائل في الطب وظهور الكثير من الأدوية في شتى مجالات العلاج، فإن الحقبة الماضية شهدت عودة إلى استخدام الأعشاب الطبية في علاج الأمراض، كواحد من أهم أفرع الطب البديل.
(الإسلام اليوم) تفتح ملف طب الأعشاب البديل أو المكمل، وتستطلع آراء خبراء الأعشاب والأطباء والاختصاصيين في هذا المجال.
كثرة المؤيدين
في البداية تحدثنا إلى بعض الأشخاص الذين استخدموا الأعشاب للعلاج، ومنهم غياث الراس، الذي يؤمن بمقولة "الأعشاب إن لم تنفع فإنها لا تضر"، وتحدث عن والدته التي مرضت مرة، مرضاً شديداً، واستخدمت الأعشاب علاجاً فأعطت مفعولها أكثر من الدواء التقليدي. أما خالد محمد فيستخدم العسل وحبة البركة وغذاء ملكات النحل واليانسون علاجاً لأوجاع المعدة الذي يعاني منه منذ ثماني سنوات، وهو يرتاح كثيراً عند تناولها، ولا يعتقد بوجود أضرار جانبية لها.
ويفضل أحمد سمية استعمال الأعشاب للأمراض التي تأخذ وقتاً طويلاً للشفاء؛ لأن مخاطرها تكون أقل من الدواء العادي. وهو يرى أن المستقبل سيكون للعلاج بالأعشاب لأنها متوفرة بكثرة، وسهلة الاستخدام، ورخيصة الثمن، ومخاطرها قليلة. ولكن عبيد صالح لم يستخدم الأعشاب مطلقاً في حياته ولا يؤيد استعمالها إلا لأمراض بسيطة كآلام البطن مثلاً. وتنصح منال عبد الله بالحصول على الأعشاب والأدوية المصنوعة من مواد طبيعية من أماكن ومحلات مرخصة من الجهات المعنية، وبضرورة استشارة الطبيب قبل استخدامها؛ لأن بعضها له مضاعفات سلبية. أما فرح بدر فلا تحكم على إمكانية شفاء الأعشاب للمرضى إلا بعد تجربتها، وقد استخدمت هي شخصياً أعشاباً كالميرمية والبابونج لعلاج أمراض البطن بعد أن أخبرتها والدتها بأنها مجربة.
وإذا كان معظم الذين التقيناهم يستعملون الأعشاب الطبية، ويؤمنون بنجاعتها، فإن لديهم الكثير من التساؤلات حول مصادر هذه الأعشاب، وكيفية استخدامها في العلاج، وكيفية التفريق بين المفيد والضارّ منها.. لذلك التقينا بعض خبراء الأعشاب والأغذية الطبيعية كي نستوضح منهم الأمر.
* أعشاب منزلية مفيدة
يُعدد عبد الرؤوف يونس -خبير أعشاب- المناطق التي يحصلون منها على الأعشاب الطبية بالقول: "هناك الكثير من الدول التي نحصل منها على الأعشاب المستخدمة في العلاج ومنها: الهند، ومصر، والصين، وإيران، وسوريا، واليمن، والسودان، وروسيا، وأستراليا، وألمانيا".
ويضيف يونس: "هناك أعشاب ومواد طبيعية موجودة بسهولة بين أيدي الناس يمكن أن تعالج الكثير من الأمراض مثل "الحبة السوداء" التي تنشط جهاز المناعة من خلال تحسين فعالية الخلايا الطبيعية القاتلة التي تهاجم الخلايا المريضة، كما أنها تحتوي على مواد مقوية ومنشطة، وهي تزيل السّعال العصبي، وتعالج الإرهاق، وتنشط الذاكرة، وتساعد على زيادة إدرار حليب الأم والبول.. وهناك عشبة "الأيكناشيا" التي تعدّ النبات الأول في حماية الجسم من الميكروبات، ومعالجة الالتهابات الصديديّة في الجسم، وهي توقف نمو البكتيريا وتقضي عليها، وتعالج الدمامل وحب الشباب والتهاب اللوزتين ولدغات الأفاعي. كذلك يعتبر "الكركم" خير من يحافظ على صحة ووظائف الكبد، فهو مضاد للدهون في الدم وخلايا الكبد ويقلل من مستوى الكوليسترول في الدم، ويحمي من سرطان القولون. ويساهم في علاج مرض السكري؛ لأنه يحفز إنتاج الأنسولين من خلايا البنكرياس، ويفيد في حالات الإرهاق والإجهاد. أما "إكليل الجبل" فينشط القلب والأمعاء، ويقوي الذاكرة، ويطرد الغازات، ويساعد في علاج الصداع النصفي، ويحسّن الدورة الدموية، ويطهّر الرئة، ويزيد من إفراز المرارة، ويوسع الشرايين الدقيقة في الرأس. في حين يخفّض "الراوند" من حرارة الجسم، ويعالج البواسير ويخفف من الدهون والشحوم، ويعالج الإمساك، وينشط البنكرياس. ويستعمل شاي "الراوند" لإزالة الحبوب السوداء من الوجه عن طريق شربه".
ويضيف خبير الأعشاب سامر الحميدي إلى هذه الأسماء: "البابونج" الذي يهدّئ الأعصاب ويعالج المغص المعوي، و"الميرمية" التي تخفض نسبة السكر في الدم، وتخفف الوزن، وتهدئ القرحة المعوية، وكذلك "الزعتر" المهدئ للسعال، والمنشط للذاكرة، و"الشاي الأخضر" المانع للتجلطات والمخفف لنسبة الدهون في الدم، وهو يساعد على تخفيف الوزن، ويقي من السرطان.
الخبرة هي الأساس
وحول فحص ومراقبة الوصفات العشبية المستخدمة للعلاج قال خبير الأعشاب والتداوي بالحجامة عادل العارف: إن جميع الأعشاب والوصفات الدوائية العشبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مثلاً، تُفحص في "مجمع زايد لبحوث الأعشاب والطب التقليدي" في "أبو ظبي"، وهو الجهة الرئيسة في هذا المجال كونه يضع معايير جودة الأعشاب المستوردة للتأكد من سلامة استعمالها، ويجري الأبحاث على المواد العشبية من أجل تطوير جودتها وفعاليتها. ويؤكد الخبير سامر الحميدي أن جميع الأعشاب المستخدمة في العلاج تخضع لمراقبة وإشراف من قبل وزارة الصحة والبلديات للتأكد من مطابقتها للقوانين والشروط الصحية، كما يتم فحص نظافة وتهوية الأعشاب وصلاحيتها باستمرار، إضافة إلى مراقبة كيفية تجهيز الخلطات العشبية والزيوت الطبيعية.
وبالنسبة للتحقق من موثوقية مكونات الوصفات العلاجية، يقول الخبير عبد الرؤوف يونس: إنه لا يصف علاجاً من الأعشاب دون أن يعرف مكوناته؛ لأن الخبرة هي الأساس. ويضيف عادل العارف أن غالبية الوصفات مأخوذة من أمهات الكتب مثل "الطب النبوي"، ومؤلفات ابن سينا وكتاب "تذكرة داود" للأنطاكي، وكتاب "الرحمة" للإمام السيوطي وغيرها، ولذلك لابد للمعالج بالأعشاب أن يكون مُلمّاً بخواصها، سواء كانت مفردة أو مركبة.
ولعل من المفيد هنا أن نعدّد بعض النصائح حول أسلم الطرق لاستعمال الأعشاب بطريقة صحية سليمة ومنها:
- استشارة أهل الاختصاص قبل استعمال أي دواء عشبي لمعرفة مزاياه وأعراضه الجانبية المحتملة.
- الالتزام بالكمية أو الجرعة الموصى بها وعدم تجاوزها.
- استعمال الأعشاب من قبل الشخص المريض فقط، وعدم إعطاء نصائح باستعمالها من قبل أشخاص مصابين بذات المرض؛ لأن بعضهم قد تكون عنده حساسية تجاه بعض الأعشاب.
- الانتباه لأي تفاعلات محتملة، خاصة في حالة استخدام أعشاب أو أدوية أخرى.
- الحصول على الأعشاب من أماكن مرخّصة؛ لأن الحصول على الأعشاب من مصادرها الطبيعية يتطلب خبرة طويلة، فمثلاً هناك تشابه كبير بين "البقدونس البري" ونبات "الشوكران" السامّ، وكذلك الأمر بالنسبة للفطر العادي، وفطر "الأمانيتا" الذي يُعرف بـ"قبعة الموت" تأكيداً على سُمّيّته الشديدة!
أمراض عالجتها الأعشاب
يجمع خبراء الأعشاب على أن الفئة الأكثر إقبالاً عليهم هم الأشخاص الذين يئسوا من الطب الحديث وآثاره الجانبية، وفي الغالب أولئك الذين يعانون من أمراض استعصى علاجها، كما يقول عادل العارف.
من جانبه، يرى عبد الرؤوف يونس أن هناك الكثير من الأمراض المستعصية التي عالجتها الأعشاب بعد أن عجز عنها الطب الحديث، ومنها الصدفية، والأكزيما، والربو، والسكري، وأمراض الكبد الفيروسي، وكذلك - كما يقول سامر الحميدي - تضخم البروستاتا ومشكلات الكليتين، ويضيف الحميدي أن الوصفات العشبية تعد مكملة للعلاج الكيميائي، فلا تُعطى أي وصفة عشبية إلا بعد السؤال عن الدواء الذي كان يتعاطاه المريض حتى لا تتداخل مكونات العلاج وتحدث مضاعفات خطيرة لا قدّر الله.
ويروي الحميدي أمثلة لأشخاص عولجوا بوساطة الأعشاب فكان الشفاء حليفهم، ومنهم طفل في الخامسة من عمره كان يعاني من احتقان والتهاب حادّين في اللوزتين، وكان من المقرّر أن تجرى له عملية لاستئصال اللوزتين، إلا أنه أُعطي برنامجاً غذائياً خاصاً، ثم علاجاً من الأعشاب والعسل وخلاصة الزيوت الطبيعية فشُفي بفضل الله خلال فترة لا تتجاوز الأربعين يوماً وأُلغيت العملية. وهناك رجل سوداني الجنسية عمره (54) عاماً أثبتت التحاليل الطبية وجود تضخم والتهاب في البروستاتا عنده، فأُعطي نظاماً غذائياً من (المايكرو بوتيك) ثم أُعطي وصفة عشبية مع العسل، وخلال سبعين يوماً شُفي وعادت له حياته بشكل طبيعي دون مشكلات.
الطبيعة خير علاج
تعمل الصيدلانية كندة الصرّاف في مركز متخصص بالغذاء الصحي، وهي - بحكم عملها- لها خبرة في مجال الغذاء الصحي والعلاجات المأخوذة من مواد طبيعية.
سألناها بداية عن مصدر المواد المتوفرة في المركز فقالت: "كلها منتجات وأغذية طبيعية 100%، بدءاً من الأرض التي تُزرع بها، مروراً بالأسمدة التي تُضاف إليها، وانتهاء بطرق تصنيعها وحفظها؛ فالأغذية طبيعية وبعضها مضاف إليه معادن وعناصر غذائية مفيدة للصحة، كالألياف، والبروتينات. أما الأدوية فكلها من مصدر عشبي مؤكد وموثوق".
وبالنسبة لاستخدام بعض المنتجات الطبيعية علاجاً، تؤكد كندة أن الأدوية الطبيعية لا تعدّ علاجاً بحد ذاتها، ولكنها مكملة وداعمة للعلاج الكيميائي، كما أن الاعتماد على غذاء طبيعي من شأنه أن يمنح وقاية للمستقبل. وحول أكثر المنتجات التي يقبل عليها الناس، تقول الصراف: إن الفيتامينات تحتل المرتبة الأولى، تليها أدوية التنحيف وتخفيف الوزن، ثم المقويات الرياضية.
رأي الطب الحديث
يرى الدكتور عدنان عبد الواحد -أخصائي أمراض المفاصل والعظام- أن الأعشاب لم تُدرس نتائج فعاليتها وتأثيراتها جيداً مثل الأدوية المصنعة كيميائياً، لذلك فإنها قد تكون فعّالة في علاج بعض الأمراض البسيطة مثل نزلات البرد والرشح والسعال. ويضيف: "الأدوية المصنعة كيميائياً تكون آثارها الجانبية محسوبة ومدروسة جيداً، وقد جُربت سنوات طويلة قبل أن يُؤذن لها بالتداول، أما العلاج العشبي فلا تزال الدراسات والتجارب قليلة فيه وقد تكون مضاعفاته خطيرة على المدى البعيد".
ويعتقد الدكتور عبد الواحد أن استخدام الأعشاب الطبية قد صاحبه الكثير من عدم الدقة والمبالغة في الوصف إلى الحد الذي دخل الدجل أو الخداع فيه؛ فقد تقرأ أو تشاهد في الإعلانات بأن الدواء العشبي الفلاني له مفعول سريع وسحري، ولكن عند الاستعمال تظهر الحقيقة، وتكون له تأثيرات جانبية لا تُحمد عقباها، لذلك يجب استشارة الطبيب في ذلك، وعدم التهاون في التعامل مع صحة الإنسان من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالطب، ويدّعون الخبرة بالأعشاب.
ورغم معارضة الدكتور عدنان عبد الواحد الدواء العشبي وتفضيله الدواء الكيميائي، فهو يقرّ بأنه لم تُعرض عليه حالات لمرضى أثّر فيهم دواء عشبي تأثيراً سلبياً. ويضيف: "يمكنني أن أصف دواءً عشبياً لمريض لكن بشرط أن يكون مصنعاً في شركة أدوية معروفة لكي تكون مكوناته مضمونة".
وإذا كان الأطباء يعتقدون بأن الأدوية والعقاقير أكثر فعالية من الأعشاب كونها تخضع لإدارة وإشراف منظمة الأغذية والأدوية (FDA)، فإن الأعشاب في الواقع تتمتع بميزة أكبر وتاريخها الطويل في مجال الاستهلاك؛ إذ صمدت إزاء اختبار الزمن منذ عصور. وتعتمد فعالية العشبة على عوامل عدة: تركيبتها الجنينيّة، شروط الزراعة والنمو، درجة النضوج وقت الحصاد، مدة التخزين، طريقة التصنيع. ولذلك يفترض فعلاً الحصول على الأعشاب من مصادر خاضعة لإشراف من الجهات المعنية.
طب مكمل وبديل
العلاج بالأعشاب أصبح اليوم اتجاهاً عالمياً أقرّته منظمة الصحة العالمية لمزاياه وتدني تأثيره الجانبي مقارنة بالدواء الكيميائي، بيد أن العلاج بالأعشاب له بعض العيوب؛ فهو:
أولاً: علم دخله الكثير من الدجل والخداع.
وثانياً: بعض وصفاته العلاجية تحتاج وقتاً طويلاً حتى تشفي المرض.
وثالثاً: هناك صعوبة في تحديد دقيق لمكونات الدواء العشبي.
ورابعاً: معظم الرقابة على الأعشاب تقتصر على فحص تاريخ صلاحيتها أكثر من أن تكون رقابة صحية حول مفعولها. ومن الضرورة أن يتم استخدام العلاج بالأعشاب بعد الحصول عليها من أماكن مرخصة وأن يراجع الأطباء أو المختصين قبل التفكير باستعمال العلاج العشبي؛ لأن لكل مرض علاجاً، بوسائل وجرعات محددة. كما أن بعض الأعشاب يمكن أن تكون بديلاً كلياً للأدوية الكيميائية، وخاصة في الأمراض البسيطة، وبعض الأمراض التي ثبتت نجاعة العلاج العشبي معها، وبالمقابل هناك بعض الأمراض التي تُعدّ الوصفات العشبية مكملة للدواء الكيميائي في علاجها
ـــــــــــــــــــ(100/26)
(فضيحة نت) .. والغزو غير المسلّح
الرياض/ عبدالفتاح الشهاري 16/6/1427
12/07/2006
الإنترنت عالم مشرّع الأبواب، يفد إليه القاصي والداني، تُخترق الخصوصية دون إنذارٍ مبكر، وتُفاجَأ برسالة دخيلة على بريدك الإلكتروني فيها من المضمون ما ينفعك وما لا ينفعك.. ولكن الأدهى من ذلك حينما تحتوي الرسالة الجاثمة على بريدك محتوًى غير أخلاقي، مما درج تسميته تحت عناوين (فضيحة) وما شابه ذلك، بالطبع سيختلف الأمر من شخصٍ إلى آخر في كيفية التعامل مع هكذا رسالة، منهم مَن –ربما- يقوم بحذفها مباشرة من القائمة قبل الدخول إليها وفتحها، ومنهم من يدفعه الفضول إلى النظر إلى مضمونها قبل أن يحذفها، وبعضهم سيقوم مباشرة بإعادة الردّ إلى مرسل الرسالة، إما لنصحه أو توبيخه، و آخرون يقومون بإعادة توجيه الرسالة لأكثر من صديق للاستمتاع بما رآه وشاهده من خبر مكتوب أو مصور..!
الطالبة راما .ش (21 سنة) تبدأ الحديث قائلة: "تصلني العديد من مثل هذه الرسائل، وبعضها يكون خادشاً للحياء، وهذه عادة ما أهملها وأسارع بمسحها من بريدي، ولكن البعض الآخر منها يكون (فضيحة) جاذبة للنظر، ولكنها لا تخدش الحياء؛ ففي هذه الحالة أطلع عليها لأرى مضمونها من باب الفضول، وتأخذني فترة النظر إلى محتواها إلى عدد من الخيالات والتحليلات، هل هي بالفعل حقيقة أم مجرد تصوّر لشخص جعل من نفسه أداة لإيذاء الآخرين، وفي كل الأحوال فإنني في النهاية أمسحها حتى لا تمتلئ المساحة المحددة لبريدي المجاني".
فضول في غير محله
أما عامر الدميني- صحفي فيعتقد أن وصول رسائل مجهولة إلى البريد الإلكتروني الشخصي أصبحت سمة مرافقة للتقنية الحديثة، خاصة فيما يتعلق بالإنترنت وارتفاع أعداد المواقع الجديدة، والتي تبحث عن شهرة أو مكانة لدى متصفحي الإنترنت.
ويؤكد أنه يحذف على الفور كل الرسائل التي تحتوي على كلام خادش للحياء (إباحي)، لكن الرسائل التي تحتوي على أخبار إثارة بالذات في القضايا الاجتماعية أو الإنسانية "ففي معظمم الأحيان أفتحها لأرى محتواها، فإن كانت تحتوي على موضوع يستحق الاهتمام والمتابعة، ويدخل ضمن اهتماماتي فإني أكمل قراءتها، وإن كان الموضوع مجرّد عنوان مثير لقضية سطحية فأقوم بحذف الرسالة حالاً".
ويواصل الدميني "أتذكر مرة أني فتحت بريدي الإلكتروني أمام بعض الزملاء وفيه رسالة جديدة من أحد المنتديات التي لا أدري كيف توصلوا لبريدي، وكان عنوان الرسالة (فضيحة الفنانة ... )! فسبب لي ذلك حرجاً شديداً أمامهم فقمت بحذف الرسالة مباشرة قبل أن أعرف محتوياتها".
انتبه .. لا يفوتك .. بعدين تندم!
مرزوق صالح (19 سنة) من الشباب الذي يجيد التعامل مع الإنترنت، والمغرم بالمنتديات والمشاركة فيها، لكن ذلك لم يعصمه من الوقوع في مصيدة الرسائل الإلكترونية الفاضحة: "أشد ما يزعجني هي العناوين البراقة واللامعة للرسالة لدرجة أنك تخشى على حياتك، أو مستقبلك أن يصيبهما مكروه إذا لم تفتح هذه الرسالة، ففي إحدى المرات وجدت رسالة على بريدي عنوانها: (لا تلم إلاّ نفسك .. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد)، فدارت بي الظنون في كل اتجاه عن ماذا سيكون هذا البلاغ، وهذا التحذير، وإذا بي أجد نفسي بعد فتح الرسالة أمام أيقونة إعلانية كبيرة عليها عبارة (اضغط هنا .. واكتشف بنفسك)، وأستمر بكل طاعة وإذعان ملتزماً بإرشادات هذي الرسالة المتعبة، حتى وجدت نفسي في آخر المطاف ملقًى بي في منتدى عدد منتسبيه لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة..
النصب .. الفضائح .. الفايروسات
الدكتور صالح العقيلي الطبيب الاستشاري في جراحة العيون، لايرتاد (النت) كثيراً مع أنه يعتبر أن البريد الإلكتروني أحد أهم ثمرات التطور في الثورة المعلوماتية خلال عشر السنوات الأخيرة؛ إذ بات باستطاعة الشخص عبر البريد الإليكتروني التواصل مع أقربائه وأصدقائه، وكذلك الحصول على كل ما يهمه من كم وكيف معلوماتي في المجال الذي يرغب فيه، وكما يقول المثل المصري (الحلو ما يكملش)، فإن البريد الإليكتروني يمكن أن تستغله بعض الشركات والأفراد عبر إرسال رسائل الإعلانات ورسائل (نصب) للحصول على المال، أو رسائل تحتوي على مواد فاضحة لا تتفق مع القيم الإسلامية، وذلك خلافاً للرسائل التي تحتوي على فيروسات إلكترونية تهدف إلى تخريب (الكمبيوتر) او سرقة بياناته؛ لذا "فعندما أتصفح بريدي الإليكتروني، وأجد رسالة مجهولة المصدر فإنني في أغلب الأحيان (90% ) أحذفها فوراً، إلاّ إذا كان هناك فائدة منها؛ لأن الإطلاع على تلك الرسائل مضيعة للوقت والمال، وقد يؤدي الى تغير في سلوك الشخص وخلقه".
مضمون الفضيحة يؤثر في كيفية التعامل
تقول (ابتسام. ن): رسائل كثيرة تتوافد على بريدي، والتي لا يخلو بعضها من صور سيئة جداً، فيصدمني رؤيتها، ولا أقول في نفسي إلا: هدى الله من يرسلها؛ فهي بالفعل رسائل تجرح المشاعر.
وتضيف ابتسام: "هناك نوع آخر من الرسائل، وهي ليست أقل أثراً من النوع الأول في تجريح المشاعر من حيث ما تحتويه من فضائح، ولكنها بالكلمات، وهي أقل حدة من سابقتها، وهي تدعوني لقراءتها في حقيقة الأمر من باب الاطلاع، ولكن في الغالب لا يطول وقت قراءتي لها إذا ما تبين من خلال الأسطر الأولى اتضاح علامات الفبركة في المعلومة، والتي قد تكون مسيئة لسين أو صاد من الناس"، وعن طريقة تداولها لفضيحة معينة قد تحتمل الصحة، فترى أنها لا تنقل أي رسالة من ذلك النوع إلى أي صديق، ويختلف أسلوب تناول الفضيحة باختلاف مضمونها؛ فلو كانت غير خادشة للحياء فترى أنه لا مانع لديها من ذكرها ضمن الأحاديث الجانبية لها والعابرة في أي مجلس عائلي أو مع الصديقات، أما لو كانت الفضيحة خادشة للحياء فإني ألتزم الصمت وعدم البوح بها مطلقاً.
فضائح لا يُستهان بها
المهندس مختار أحمد (مبرمج 24 سنة)، يقول: "تعودنا في عملنا مع البرمجة و(النت) فترة طويلة أن نتلقى مثل هذه الفضائح ومع ما كانت تحظى به في السابق من اهتمام، إلا أنها أصبحت الآن أقل تأثيراً بسبب انتشار أساليبها وازدياد حالة الوعي بين مستخدمي (النت)"، ويستطرد المهندس مختار: "المخجل في الأمر، والذي يدعو للألم هو عندما تتعلق الفضيحة بعلم من أعلام الدعوة والتوجيه في المجتمع الإسلامي، فتمس سمعة ذلك الداعية، أو ذلك الموجّه الاجتماعي المشهور، وهذه في الحقيقة مهما بلغت صحتها ومصداقيتها فإن إثم ناشرها عظيم من وجهة نظري، ولو كان هناك ما يتطلب التحدث بشأنه كخطأ حاصل فعلاً، وواقع من أحد هؤلاء الأعلام كونهم بشر، فالأولى -من باب الصدق والإخلاص- أن يتم توجيه النصائح إليهم وتذكيرهم، أما أن يقع دعاتنا ونخبنا عُرضة للقال والقيل والترويج لهذا الموقع أو ذاك عن طريق مس أعراضهم فإن هذا الأمر مخجل فعلاً".
ومهما يكن الأمر فإن الواقع يؤكد بأن ورود التقنية الحديثة لا يمكن جنيه دون أشواك، هذه الأشواك قد تصيب أحياناً الإنسان في مقتل فتأخذه إلى طريقٍ مجهول لم يقتحم مداركه من قبل، وقد تأخذ الشخص إلى مدارك معرفةٍ حقيقية وإضافة جادة إلى قاعدة بيانات علاقاته الاجتماعية بما يوازي مسيرة تحصيله المعرفي أو يتخطى حدود علاقاته المكانية
ـــــــــــــــــــ(100/27)
لمحة عن المرأة في السياق القرآني
بقلم /عثمان الخميس
قال تعالى : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}[1] .
المبدأ الساري في القرآن الكريم : {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[2] والنفس تعم الرجل والمرأة ، تلك الآيات الختامية من سورة التحريم تضع المرأة حيث يضعها عملها الذي كسبته ، فهناك امرأتان جُعلتا مثالا للذين كفروا ، هما امرأة نوح وامرأة لوط ، لم يغن عنهما شيئا أنهما كانتا زوجين لرجلين من عباد الله صالحين ، لأنهما خانتا الزوجين ، فلم تستحقا إلا أن يقال لهما : ادخلا النار مع الداخلين .
ثم هناك امرأتان أخريان جُعلتا مثالا للذين آمنوا ، هما امرأة فرعون ومريم ابنة عمران، حيث سألت الأولي ربها أن يجعل لها بيتا في الجنة ، وينجيها من زوجها فرعون وعمله ، ومن القوم الظالمين ، وحيث أحصنت الثانية فرجها، حتى استحقت أن ينفخ الله فيها من روحه ، وكانت من القانتين .
فالمرأة في القرآن إن فسدت كانت مثلا للذين كفروا ، وان صلحت كانت مثالا للذين آمنوا.
منتهى العدل والإنصاف والمساواة في إحلال المرأة محلها ، ووضعها موضعها . ويغيب العدل والإنصاف والمساواة إذا نظرنا إلى واحد فقط من الأمرين السابقين .
نضل إذا نظرنا إلى الشق الأول وحده ، فجعلنا منها مثالا للشر ، ونضل إذا نظرنا إلى الشق الثاني وحده، فجعلنا منها مثالا للخير.
وإذا كانت المرأة الفاسدة قد ضُربت مثالا للذين كفروا فكفي المرأة شرفا وتكريما أنها ضربت مثالا للذين آمنوا إذا صلحت ، والعكس صحيح .
فهذه مكانة لم يذكرها القرآن الكريم للرجل واختص بذكرها المرأة المؤمنة الصالحة، وإن كانت بمقتضى وحدة المبدأ يعم المرأة والرجل { بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ }[3] .
كان ذلك في بالي وأنا أقرأ الآية الكريمة " أومَن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين " إذ شاع وذاع أن المرأة في هذه الآية تنُشٍّأ في الزينة ونعومة العيش، فيورثها ذلك هشاشة وضعفا ، إذا خوصمت لا تقوى على إقامة دعوى ، ولا تقرير حجة ، وإذا احتاج الأمر إلى امتشاق الحسام لم تغن غناء الرجل ولم تسد مسده، تجد ذلك في القرآن الجليل للإمام النسفي وما لا أحصي من كتب التفسير. لكن في أوضح التفاسير لمؤلفه ابن الخطيب إشارة واضحة إلى الرأي الذي تبنيناه ، وفي ظلال القرآن لمؤلفه السيد قطب إشارة لامحة إليه .
فقلت : ترى هل تعبر هذه الآية عن رأي القرآن في المرأة ؟ لنقرأ هذه الآية في سياقها القرآني ، ووجدت السياق يقدم هذه الآية على النحو التالي : {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْأِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)}[4] .
لقد وردت الآية الكريمة " أوَ مَن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين " في سياق الحديث عمن يتحدثون عن الملائكة ويجعلونهم إناثا ، وهي قضية مثارة في القرآن الكريم في عدة سور ، للكفار فيها موقفان متناقضان ، فهم من ناحية {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}.
أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ؟ كما عبر السياق القرآني في سورة النحل [5] ، وهم مع ذلك من ناحية أخرى يسمون الملائكة {تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى}[6] ، ويعتقدون أن لهم الذكر ولله الأنثى [7] ، وأن الله ـ سبحانه ـ اتخذ الملائكة إناثا وأصفاهم بالبنين ؟ [8] خلق الملائكة إناثا وهم شاهدون ؟[9]
وهذا التناقض في معتقداتهم معيب من نواح مختلفة ، معيب لأنه إذا كانت الأنثى في زعمهم مما يسوء ويسودّ له وجه المرء إذا بشر به حتى ليتوارى من القوم من سوء ما بشر به ، ويكون موقف المرء حياله إما إن يمسكه على هون ، أو يدسه في التراب . إذا كانت الأنثى كذلك في زعمهم فلماذا يجعلون الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ويسمونهم تسمية الأنثى ؟ فإذا كانوا يوقرون إلههم فلم يجعلون ملائكته من الجنس الذي يرون فيه هذا الرأي ؟
وموقفهم معيب إذن لأنه يدل على أنهم اختاروا لأنفسهم ما تبيض له وجوههم واختاروا لربهم ما تسود له وجوههم .
وموقفهم معيب كذلك لأنهم لم يشهدوا خلق الملائكة ومع ذلك قالوا ما قالوا حتى ليسجل القرآن عليهم ذلك : " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا، أشهدوا خلقهم، ستكتب شهادتهم ويسألون " .
وموقفهم معيب كذلك لأن هذا الموضوع من السمعيات التي لا يجوز الحديث فيها بالرأي ، إذ لا مرجع للمتحدثين فيها إلا أن يكون قد نزل فيها كتاب سماوي يستمسكون به ، وما داموا ليس معهم هذا الكتاب ، فهم يتحدثون في أمر ليس لهم به من علم ، إن هم إلا يخرصون ويظنون، وهم في حقيقة الأمر يرددون ما قاله آباؤهم من ضلالات لا مرجع لهم فيها إلا أوهام وظنون رددها أسلافهم ، شأن الكافرين يكفرون ويقولون : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا وإنا على آثارهم مقتدون مهتدون ، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؟
في سياق هذه القضية وردت الآية الكريمة " أوَ مَن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين " وواضح من السياقات العامة لهذه القضية ومن السياق الخاص في سورة الزخرف أن الآية تعبر عن رأي الكافرين في المرأة لا عن رأي القرآن الكريم فيها ، فهي امتداد يبين الفكرة عن المرأة في البطانة الفكرية والنفسية لهؤلاء الذين إذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم ، فمن بطانته الثقافية أن المرأة مخلوق لا يصلح للنصرة ولا يغني في مواقف الجد والخصام ، لأنه منشأ في الحلية ، وهي أسباب فاسدة لوأد البنات ، يحكي القرآن موقفهم ويسوق ما يتردد في أذهانهم وأفئدتهم من الأفكار والمشاعر التي تمثل خلفية فكرية لهذا الموقف ، وهو موقف عرفنا أنه لا يستند إلى كتاب يرجع إليه ، ولا إلى منطق سديد يعتمد عليه .
تتبارى العقول في فهم النص الكريم، ويظل القرآن أسمى.
( 1 ) التحريم : الآيات 10 ـ 12 .
( 2 ) المدثر : الآية 38 .
( 3 ) آل عمران : الآية 195 .
( 4 ) الزخرف : الآيات 15-23 .
( 5 ) النحل : الآيتان 58-59 .
( 6 ) النجم : الآية 27 .
( 7 ) النجم : الآية 21 .
( 8 ) الإسراء : الآية 40 .
( 9 ) الصافات : 50 .
ـــــــــــــــــــ(100/28)
ألعاب الأطفال.. فوائد تربوية ونفسية
ربى محمد الدرع 3/6/1427
29/06/2006
يُعرّف اللعب بأنه نشاط يعبر عن حاجة الفرد إلى الاستمتاع والسرور وإشباع الميل الفطري عنده، وهو ضرورة بيولوجية في بناء ونمو الشخصية المتكاملة للفرد، وهو سلوك طوعي، ذاتي، اختياري، داخلي الدافع غالباً أو تعليمي تكليفي يوافق النفس، وهو وسيلة لكشف الكبار عن عالم الطفل للتعرف على ذاته وعلى عالمه.
ويخفق الكثير من الآباء والمربين في تفهّم ماهية وطبيعة اللعب، فتعدّ "أم محمد" -وهي والدة لثلاثة أطفال- أن "لعب الأطفال مجرد رفاهية أو ترف، أو طريقة لقضاء الوقت بعيداً عن أنشطة أخرى أكثر أهمية"، وتضيف: "إن الأطفال لا يتعلمون شيئاً مفيداً أثناء اللعب، أو أنهم لا يتطوّرون أو يهيئون أنفسهم للمدرسة والحياة".
ويختلف العديد من خبراء التربية مع "أم محمد"؛ إذ يعدّون اللعب الوسيلة الأولى للتعلم في السنوات الخمس الأولى عند البشر، ويرى "عبد الله طه" المختص في بيع ألعاب الأطفال أن اللعب والألعاب يساهمان في تطوير المهارات الحسية والحركية عند الطفل، وذلك من خلال: تنمية المهارات الحركية والنمو الجسمي، واستثارة القدرات العقلية وتنميتها، وتنمية مدركات الطفل وتفكيره وحل مشكلاته، وجعل الطفل اجتماعياً؛ لأنه يشارك إخوته وأصدقاءه بما يملك من ألعاب. كما أنهما يسيطران على القلق والمخاوف والصراعات النفسية البسيطة التي قد يعاني منها الطفل، ويعملان على اكتشاف مقومات شخصية الطفل ومواهبه الخاصة التي تنعكس على حياته في المستقبل. وكذلك يعمل اللعب والألعاب على إثراء لغة الطفل وتحسين أدائه اللغوي وإغناء قاموسه اللفظي، واستهلاك طاقته الزائدة، وإعطائه الفرصة للحركة أو الجري، مما يعمل على فتح شهيته، ويشجعه على النوم السريع بعد مجهود اللعب، وبذلك ينمو نمواً طبيعياً وسلساً.
سلامة وأمان الألعاب
يحرص الوالدان "منى إبراهيم" و"أحمد عبد الله" على اختيار ألعاب لأبنائهما تكون آمنة، ويمكن تركها مع الطفل يلعب بها قدر ما يشاء دون الخوف من أن يبتلع شيئاً منها أو يلحق به أذى ما نتيجة استخدامها. ويتفق "حسن المصري" الذي يعمل في محل لبيع الألعاب، مع هذين الوالدين، ويقدم لهما بعض النصائح الإرشادية، كما يشرح المواصفات التي يجب أن تتمتع بها الألعاب مثل: أن تصمم وتصنع اللعبة بشكل لا يعرض مستخدمها لأية أخطار جسدية تؤذي الجلد أو الجهاز التنفسي أو العيون، وألاّ تكون الألعاب ذوات أحجام مما يمكن ابتلاعه أو دخوله إلى الأذن أو الأنف، وخاصة اللعب المصنعة للأطفال دون سن الثالثة. كما يجب ألاّ تحتوي الألعاب على أي مادة قابلة للانفجار. ومن الضروري وجود معلومات إرشادية أو دليل استخدام مع اللعبة يوضح طريقة الاستخدام وكافة الأخطار المتوقعة من جراء استخدامها إن وُجدت، مع ذكر الأعمار الملائمة للاستخدام شاملاً ذلك الحاجة إلى إشراف أشخاص بالغين متى كان ذلك ضرورياً. وألاّ يتعارض تصميم اللعبة أو شكلها مع الدين أو العادات أو التقاليد. ولا يجوز أن تحتوي اللعب على أي مواد أو عناصر مشعة قد تضر بصحة الطفل أو الآخرين.
قبل شراء اللعبة
يجب ألاّ يكون اختيار نوعية وطبيعة الألعاب أمراً اعتباطياً أو عشوائياً.. بل لا بد أن يتم ذلك على أسس علمية وصحية ونفسية تُجنّب تعرض الطفل لأية مخاطر، كما يجب أن تتناسب اللعبة مع سن الطفل ومستوى تفكيره.
تقول "أم وفاء" وهي أم لطفلة عمرها أربع سنوات، أنها تحرص على شراء أي لعبة تنال إعجاب ابنتها مهما كانت، "وإذا لم تعرف اللعب بها الآن فستكبر وتتعلم". وتخالف "سناء العلي" المختصة بمركز للتعليم المبكر "أم وفاء" بقولها: "هناك دراسة علمية توصلت إلى نتيجة تؤكد أن الألعاب التي تقوم بتحفيز عقول الأطفال من شأنها أن تعزّز وظائف التفكير لديهم طوال العمر. فقد توصل العلماء إلى أن المهارات التي يتعلمها الإنسان في مرحلة مبكرة من حياته ربما أدت إلى تغييرات دائمة في بنية العقل لديه". وأشارت "العلي" إلى أن اختيار لعب الأطفال يجب أن تُراعى فيه شروط كثيرة ترتبط بعمر الطفل، وباللعبة ذاتها، ويجب على الوالدين انتقاء ألعاب أطفالهم بعناية فائقة وتحت إشراف مختص.
وتقدم "نيفين صلاح" -الخبيرة في تربية الأطفال- نصائح يمكن أن يتم اختيار الألعاب حسب السن على أساسها وهي:
- من الولادة حتى الشهر السادس: يُنصح باختيار الألعاب المعلقة فوق سرير الطفل بألوانها وأشكالها المتنوعة؛ لأنها توفر للطفل فرصة ممتازة لتنمية الإدراك الحسي عنده والتنسيق بين الحواس.
- بين الشهر السادس والسنة الأولى: ننصح بتوفير المكعبات الصغيرة الخفيفة، دُمى حيوانات محشوة، أوانٍ مطبخية، ألعاب بلاستيكية خلال الاستحمام، كرة خفيفة، ألعاب بلاستيكية تحدث صوتاً عند إمساكها.
- في السنة الأولى والثانية: تناسب الطفل في هذه المرحلة المكعبات والعلب الفارغة، الدمى الكبيرة، العربات الصغيرة، هاتف للعب، ألعاب تركيبية خشبية أو بلاستيكية.
- من السنة الثالثة حتى الخامسة: ننصح بالألعاب التركيبيّة، التي يمكن فكها ثم تركيبها مرة أخرى، أدوات الرسم والتلوين، درّاجة أو عربة صغيرة بعجلات.
- من سن السادسة: يناسب الطفل القصص ذات الصور الجميلة والملونة، الألعاب الرياضية، ألعاب تركيبية متعددة، سيارات يمكن التحكم بها عن بعد.
ويضيف د. خالد المحمود، أستاذ جامعي متخصص في التربية، شروطاً عامة وفنية، ينبغي أن يأخذها الأهل والمربون بعين الاعتبار عند شراء الألعاب وهي: أن تكون اللعبة ملائمة لخصائص ومحددات نمو الطفل عند مختلف المراحل، وأن تتفق مع ميوله وتساعده على تحقيق حاجاته النفسية، كما يجب أن توفر المتعة له قدر الإمكان؛ لأن المتعة ستقوده للتعلم، وأن تزيد اللعبة من انتمائه لوطنه وهويته وتراثه، وألاّ تعلمه قيماً خاطئة أو عادات مخالفة للدين.
أما الشروط الفنية فيجب أن تكون اللعبة سهلة الحمل للطفل، وغير ثقيلة، وألاّ يكون بها جوانب حادة أو زوايا مدببة حتى لا تجرح الطفل، وأن تكون ثابتة الألوان حتى لا تؤذي الطفل إذا وضعها على فمه، وألاّ تكون ذات شرائط طويلة أو حبال حتى لا تلتف على رقبة الطفل فتؤذيه. كما يجب ألاّ تكون صغيرة جداً حتى لا يبتلعها الطفل، وألاّ تكون قابلة للكسر أو الاشتعال، وألاّ تكون مصنعة من مواد يمكن للطفل أن ينزع جزءاً منها بأسنانه
ـــــــــــــــــــ(100/29)
الخوف من طبيب الأسنان.. هاجس الكثيرين
دبي/ حسام أبو جبارة 2/6/1427
28/06/2006
قبل نحو سبع سنوات افتقدت إمام المسجد الذي كنت أصلي فيه.. سألت عن الرجل، فقيل لي: إنه في المشفى يُعالج من خطأ "فادح" لطبيب أسنان! ولما عاد الإمام إلى المسجد بعد عدة أسابيع كان في وضع لا يُوصف: أصبح فمه مشوهاً بشكل يتعذر معه الكلام كما كان في السابق؛ من حيث جودة الصوت ووضوحه، وكان يشعر بحالة من الأسى على الرغم من صبره ورضاه بقدره.. تحرّيت عن سبب ما حدث لأكتشف أن الأمر كله كان بسبب إعطاء طبيب الأسنان هذا الشيخ إبرة مخدرة لا يُنصح باستخدامها مطلقاً مع مريض مصاب بمرض السكري! وعلى الرغم من أن هذا الخطأ يشترك فيه الطرفان (الطبيب والمريض)، وهو حالة لا يمكن تعميمها إلا أن هذه الحادثة نشرت الذعر في نفوس كل من سمع بها، وأصبح الخوف من طبيب الأسنان ظاهرة سادت المدينة بأسرها لأشهر عدة إن لم يكن لسنوات.
ولكن حتى وإن لم تحدث هذه القصة، فإن اتخاذ قرار بزيارة طبيب الأسنان يُعدّ قراراً صعباً عند الكثير من الناس بسبب الخوف الذي يعتريهم من الألم والأدوات في آن واحد. فالألم الذي يصاحب عملية العلاج والأدوات التي يستخدمها الطبيب يولّدان خوفاً تختلف درجاته حسب الشخص وعمره ومستوى ثقافته، وهذا الخوف يؤدي غالباً إلى تأخير عملية العلاج، وبالتالي انتشار المرض واستفحاله.
حول أسباب الخوف من طبيب الأسنان وطرق التغلب عليها كان لنا هذا التحقيق الذي يهدف إلى إنشاء علاقة تقوم على الثقة والاحترام بين الطبيب والمريض لإتمام العلاج بأسرع وأفضل شكل ممكن.
لماذا هذا الهاجس؟!
مرتادو عيادات طب الأسنان كان لهم الرأي الأهم في الموضوع؛ لأنهم المحور الرئيس له، ومنهم الشاب المصري أحمد قاسم الذي أكد أن خوفه كله ينصب على الإبر؛ لأن منظرها يكون مخيفاً وهي تدخل الفم، ومع ذلك فهو يرى أن الثقة بين المريض والطبيب تقلل من الألم والخوف؛ لأن الطبيب الهادئ يصبح صديقاً للمريض، وبالتالي يزول الخوف، ويضيف: "يكون الخوف عادة أقل حدة إذا كان المريض ذكراً والطبيب أنثى؛ لأن المريض يحاول إثبات شجاعته، وعدم ضعفه أمام الجنس الآخر". ويرتبط الخوف عند "مآرب طه" بزيارتها الأولى لطبيب الأسنان؛ إذ إن الألم الشديد الذي سببه لها جعلها تفكر ألف مرة قبل الذهاب إليه مرة أخرى، وهي تفرّق بين ألم الأسنان والآلام الأخرى؛ إذ الأول لا يزول إلا إذا توجّه المريض إلى الطبيب شخصياً، أما أوجاع الجسم الأخرى فيمكن أن تخفّ بتناول أدوية مُسكنة.
ويعتبر يوسف عبد الرزاق أن وجع الأسنان هو الأشد ألماً بين الأوجاع الأخرى التي يمكن أن يعاني منها الإنسان، كما أن تكلفة علاج الأسنان عالية مقارنة مع مجالات الطب الأخرى، ولذلك فهو لا يذهب للطبيب إلا في الحالات المستعصية جداً؛ لأن الألم الشديد وارتفاع تكلفة العلاج يسببان حالة من الخوف لدى المريض.
وترى "فنون بدر" أن مكمن الخوف يتمثل في اهتزازات جهاز الحفر وإبرة البنج وعدم نظافة الطبيب؛ لأن هذه الأمور الثلاثة مهمة جداً للمريض، وإذا نجح في تجاوزها من خلال "خفة يد" الطبيب ونظافة أدواته فإن الخوف سيزول تدريجياً. ولكن أحمد محمد سمية الذي زار طبيب الأسنان مرات قليلة في حياته أكّد أن "بشاشة" طبيب الأسنان الذي يعالجه أزالت كل خوف عنده، لدرجة أنه يفرح كثيراً عندما يزور طبيب الأسنان الذي يزيل ألمه ويسعده بابتسامته وبشاشة وجهه - على حد تعبيره.
كانت هذه آراء الكبار.. فماذا عن الأطفال؟
تقول الطفلة "شهد عبد الناصر": إنها لا تخاف من مراجعة طبيب الأسنان للفحص أو معالجة التسوس، ولكنها تخاف من خلع ضرس العقل أو إجراء عملية جراحية داخل الفم، وهي تراجع الطبيب بصورة دورية مع والدتها لاكتشاف أي تسوس أو التهاب بشكل مبكر ومعالجته فوراً بأقل درجة من الألم، وتنصح شهد زملاءها الأطفال بعدم تناول الكثير من الحلوى، وتنظيف الأسنان يومياً، لضمان عدم تسوّس أسنانهم، وبالتالي الابتعاد عن زيارة الطبيب طالما أن الأسنان سليمة وقوية.
أما الطفلة "ياسمين كوجك" فتذهب إلى طبيب الأسنان مع والدتها، ولا تخاف من ذلك أبداً؛ لأن الأدوات المخصصة للأطفال أقل ألماً من تلك المستخدمة للكبار. وهي سعيدة بالمعاملة الحسنة والسلسة من قبل الطبيب؛ لأنه يضحك معها، ويصبر عليها، ويتعامل معها برقة، ولذلك لا تشعر إلاّ بألم بسيط عند خلع أي ضرس، كما أنها تعتني بأسنانها وتنظفها أكثر من مرة يومياً كي تقلل من فرص إصابتها بالتسوس.
أسباب الخوف
يُرجع الدكتور فاروق يوسف الديري، دكتوراه طب وعلاج الأسنان، واستشاري طب الأسنان في الجامعة الأمريكية بالشارقة، السبب الرئيس للخوف إلى مرحلة الطفولة المرتبطة بأول تجربة للإنسان في عيادة طب الأسنان، فعندما يعاني المريض من الألم في أسنانه ويذهب للطبيب، يُفاجأ بتواضع الإمكانيات في الفترة الماضية، فيعتقد أن الألم سيزداد، وبالتالي يتولد لديه انطباع من خلال أول تجربة بتواصل شعور الخوف طيلة حياته. كما أن تهديد أو تخويف الطفل بالإبرة أو بالطبيب كنوع من العقاب، يساهم أيضاً في زيادة درجة الخوف عنده، كذلك كان بعض الأطباء يلجؤون إلى استخدام الأربطة في تقييد بعض الأطفال أثناء معالجة أسنانهم، كل هذه الأمور مجتمعة تولد الخوف وتعزّزه.
وبحكم تخصصها في معالجة أسنان الأطفال، ترى الدكتورة "سها الفرحان" أن الأم هي السبب الرئيس لخوف الطفل من طبيب الأسنان؛ لأنها تخوفه من الطبيب، ومن الإبرة أيضاً كعقاب له، وكذلك فإن الأجهزة والأصوات التي تصدر عنها وإبرة البنج وألم المريض في الزيارة الأولى، تولّد خوفاً عند الصغار والكبار.
ولكن أي الفئات هي الأكثر خوفاً من طبيب الأسنان؟ من وجهة نظر الدكتور سمير علي مراد-جرّاح الفم والأسنان-هم الأطفال، وخصوصاً المدلّلين ووحيدي الأب والأم؛ لأن الدلال الكثير يجعل الطفل حساساً ومتخوفاً من كل شيء. أما الدكتورة معزز الحاج سري، أخصائية علاج وتجميل الأسنان فترى أن الرجال والشباب تحديداً هم الفئة الأكثر خوفاً، بل وتؤكد - بناء على تجربتها الشخصية - أن طبيب الأسنان يخاف من معالجة أسنانه عند طبيب آخر!
ولكن الدكتور وسيم قباني، أخصائي طب وزراعة الأسنان، يعتقد أن الخوف يصيب الصغار والكبار، الرجال والنساء حسب شخصية كل منهم.
ويضيف د. وسيم: هناك درجات من الخوف، تتراوح بين الشديد والعادي، وبعض الأشخاص لا يخافون نهائياً، ونسبة 50% تقريباً من الخوف تكون حالة نفسية.
وتقول د. معزز الحاج سري: إنها لمست وجود مرضى يخافون من كل الأدوات التي يستخدمها طبيب الأسنان، وبعضهم يخاف من مجرد زيارة الطبيب، أو من الإبرة أو آلة الحفر أو أدوات الخلع. وبما أن الخوف من طبيب الأسنان هو حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، فقد أصبحت صورة الطبيب في عيون المرضى والناس العاديين "مشوّهة"، قوامها الخوف والشدة.
ويعترف د. فاروق الديري أن مهنة طبيب الأسنان غير محبوبة من قبل الناس؛ لأنها ترتبط بالألم. وترى د. معزز الحاج سري أن مهنتها كطبيبة أسنان ليست سهلة؛ لأنها بحاجة إلى اتصال جيد وعلاقة قوية مبنية على الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض، فالطبيب هدفه الأول والأخير هو المعالجة وإزالة الألم، وتضيف زميلتها د. سها الفرحان، أن المهنة تحتاج إلى الصبر على المرضى وحسن معاملتهم.
التغلب على شعور الخوف
يلمس أطباء الأسنان -على اختلاف خبراتهم- خوفاً بدرجات معينة لدى معظم المرضى الذين يراجعونهم، ولذلك فهم يلجؤون إلى العديد من الطرق والوسائل للتخفيف من حدة الخوف، وإزالة الألم المرتبط به والمسبب الرئيس له.
يعتقد د. فاروق الديري أن أهم وسيلة لإزالة الخوف والتغلب عليه هي التركيز على الجانب النفسي للمريض، من خلال تهدئته وإشعاره بأنك طبيب متعاطف مع ألمه، وترغب في تخليصه منه بأفضل وأسرع شكل ممكن. أما الأطفال فيجب تعريفهم بالأدوات وتبسيط الأمور لهم وتقريب صور الأدوات "المخيفة" إليهم بأدوات أخرى محبّبة، وهكذا فإن التواصل النفسي مع المريض هو أهم ما في الموضوع.
وتنصح د. معزز الحاج سري الطبيب بالصبر على المريض وتفهّم معاناته، وعدم التقليل من ألمه، فإن قال المريض إنه يتألم، فيجب ألاّ تقللْ من شعوره، أو تتضجر منه وتقول له: "لا يوجد ألم"، وإنما قل له: "قد يؤلمك بعض الشيء"، و"لكن ذلك ضروري"، واعمل على تخفيف الألم الذي قد يعاني منه حسبما يمكنك، وقدر استطاعتك، إضافة إلى المعاملة الحسنة، ومحاولة منع حدوث آلام أثناء العلاج، ووضع البنج.
ويقدم د. سمير مراد اقتراحات "تكنولوجية" لتخفيف الألم ومنها استعمال جهاز الحفر بالليزر لإزالة التسوس، أو مادة (Call serve) لإزالة التسوس من دون حفر، ولكن هذه المادة لا تنجح في كل الحالات، ويمكن كذلك استعمال جهاز (Nitrous Oxide) لعمل استرخاء، وبالتالي وضع البنج دون ألم.
وبالنسبة للأطفال، ترى د. سها الفرحان أنه يجب على الأم اصطحاب طفلها لفحص أسنانه قبل أن يبدأ التسوس عنده؛ لأن العلاج سيكون أسهل. وفي حالات قليلة يمكن اللجوء إلى استعمال الغاز الضاحك (أكسيد النيتروجين) أو التخدير العام لعلاج جميع الأسنان بجلسة واحدة فقط.
ويلفت د. وسيم قباني إلى وجود تقدم كبير في العلاج لتخفيف قلق المريض وإزالة الخوف، وذلك باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، والتركيز على الجانب النفسي في توفير الراحة للمريض، وهذا ما يبشر كل الذين يعانون من الخوف بأن الألم في طريقه للنهاية، إن عاجلاً أم آجلاً، على الرغم من أن ألم دقائق العلاج يبقى أخف وأسهل من ألم الليالي الطوال التي يمكن أن يقضيها المريض شاكياً؛ إذ إن ألم الأسنان لا يُطاق
ـــــــــــــــــــ(100/30)
حياة بااخضر: جنبوا فتياتكم "تدين 2006"
حوار: عبدالحي شاهين 30/5/1427
26/06/2006
تُعد الداعية السعودية حياة بنت سعيد بااخضر أستاذة العقيدة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، من الداعيات المعروفات بالكفاءة في توصيل الرسالة الدعوية, وخلال اشتغالها بالعمل الدعوي, اقتربت حياة با اخضر كثيراً من الفتيات المسلمات وتلمّست عن قرب هموم هؤلاء الفتيات ومشاكلهن, وطرحت الدكتورة با اخضر في الحوار الذي أجرته معها شبكة (الإسلام اليوم) العديد من الرؤى الرصينة لواقع الفتيات وبخاصة فيما يتعلق بجانب التدين؛ إذ ترى الأكاديمية حياة اخضر إن هذا المفهوم بات يعتريه الكثير من اللبس, فبعض الفتيات يكون تديّنهن عبارة عن "موضة" فقط لا أكثر، وفيه كثير من المظاهر البعيدة عن روح الدين الإسلامي، وتصف "با اخضر" هذا التدين بأنه تديّن "موديل 2006"... فإلى الحوار ...
هل ترين أن مظاهر التديّن في المجتمعات الإسلامية مرت بتغيّرات خلال السنوات الماضية؟ بمعنى هل اختلفت مظاهر التدين الآن عما كانت عليه في الماضي؟
حب الدين سمة لازمة لكل إنسان حتى في المعتقدات الباطلة، والبحث عن معتقد للإنسان فطرة، لذا نجد في كل العالم معتقدات متنوعة بعضها يثير الضحك والتعجب، ومن البدهي أنها جميعاً باطلة إلا دين الإسلام الذي تكفّل الله تعالى بحفظه إلى قيام الساعة.
والتديّن بمعنى الالتزام الصحيح بالإسلام كما يريد الله تعالى بالصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي هو أيضاً صفة لازمة للمسلم، لكن المتتبع لعصور الدول الإسلامية يجد أن التديّن مرّ بمراحل متفاوتة، ويعود ذلك لمستوى العلم الصحيح بالإسلام أوانتشار الجهل وهذا يوضحه قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في صحيح البخاري في تفسير قوله تعالى (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) [نوح:23]. هذه أسماء قوم صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عُبدت. وتنسّخ العلم أي زالت آثاره بذهاب العلماء، وعم الجهل.
لذا فمظاهر التدين اختلفت الآن عما كانت عليه في الماضي كالآتي:
- في السابق كانت السمة العامة هي الحياء والاحترام المتبادل والخوف من سياط التأنيب حتى لو كان الشخص محقاً، أما الآن فنجد الكثير من مظاهر ومعايير الحياء قد اختلفت أو اختفت، لذا صار الخوف من تأنيب الآخرين أيضاً مغيباً حتى لو كان الشخص على باطل.
- التدين في الماضي لم يكن مبنياً كله أو غالبه على العلم الصحيح؛ لأن طلب العلم كان متعسراً لمشقة السفر وللسعي في طلب الرزق ولندرة العلماء الربانيين، أمّا الآن فالتدين أمامه مجالات متعددة لطلب العلم، بعضها حق وبعضها باطل أو مخلوط بالشبهات أو متلبس بقشور العلم أو مستورد من الأعداء.
- مظاهر التديّن في الوقت الحاضر أصبحت متنوعة، فهناك من يعتقد أن التدين مجرّد حضور مجالس الذكر، ثم يخرج منها بلا نيّة صادقة في العمل، وهناك من يعتقد أن التدين هو مجرد حمل السبحة في يده في كل مكان وتحريكها في صور بعضها يدل على عدم الاحترام للدين، وآخرون اعتقدوا أن التدين هو فقط غطاء الشعر للمرأة وترك بعض الشعر على الوجه بطريقة عصرية للرجل، ثم ليلبس الجميع ما يشاء، وليتصرف كما يحب، والبعض رأى التدين هو مجرد المشاركة في الأنشطة التطوعية المجتمعية، وبالغ البعض فاعتبره حضور لدورات تنمية الذات ليصل إلى المشي على الجمر، وليكون المخلوق الخارق الذي لا يعجز عن فعل كل شيء، والبعض رآه مجرد ذم وقدح في العلماء، وهذه المظاهر المعاصرة قد ذكر شيئاً منها الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس باب: تلبيسه على المتدينين فأتمنى قراءته.
كيف يمكن النظر إلى الطبيعة الأنثوية من ناحية الميل للتدين أو الانصراف عنه؟ربما تكون إجابتي موضع نظر بل ورفض من البعض، ولكني أرى أن الأنثى أكثر ميلاً للتدين، كما أنها أكثر انصرافاً عنه وتفصيل ذلك:
إن التدين ـ للأسف ـ بات أمراً مختلفاً في تحديد ماهيته ووضع حد جامع مانع لمعناه يضبطه بحيث يمنع دخول غيره فيه، مع أنه مصطلح سهل المعنى لدى الراسخين في العلم، ولدى الذين يتعلمون على أيديهم، لذا نجد أن مايراه البعض تديّناً صحيحاً ينظر إليه الآخرون على أنه تزمّت وتشدّد، ومايراه البعض منهجاً صحيحاً للالتزام يراه غيره منهجاً باطلاً، ومرد ذلك كثرة أدعياء العلم ومرتزقة الفتاوى وطالبي هوى النفس.
وبناء على ما سبق نجد أن الأنثى بصفة عامة تتميز بالآتي:
- البلوغ المبكر قبل الذكر، وهذا يعني سرعة تكليفها وبحثها عن الحق في عبادتها.
- الجانب العاطفي لدى الأنثى أقوى منه لدى الذكر، وهذا يعني سرعة استجابتها لكل أمر يعمق السعادة في حياتها، والتدين هو أول وأهم الطرق للوصول إلى ذلك.
يقول د. عدنان باحارث في كتابه أسس التربية الإيمانية للفتاة المسلمة: ومرحلة بداية التكليف تعد من أخصب مراحل عمر الإنسان في الانبعاث الإيماني، فهي مرحلة تدين حقيقي وتلبّس بالمثل العليا، وقد دلّ البحث الميداني على أنها مرحلة توجّه ديني عند غالب الشباب خاصة الفتيات؛ إذ دلت النتائج أنهن أكثر قبولاً وإذعاناً للدين في العموم من الذكور،
وبالمقابل نتيجة تغلب العاطفة لدى الأنثى نجدها قد تذعن لزوجها ـ غالباًـ في الانصراف عن التدين عامة أو التمسك بالمنهج الحق في التزامها، فقد وجدنا أخوات قد رحمهن الله بأزواج أخذوا بأيديهن لمنهج أهل السنة والجماعة، وبالعكس وجدنا أخوات ـ نسأل الله العافية ـ قد انحرفن عن الحق إلى الباطل لانحراف أزواجهن.
كيف تصفين واقع التدين المعاصر للفتيات السعوديات؟
تدين الفتيات في السعودية له مظاهر متعددة، أهمها أنه تدين قائم على الكتاب والسنة بمنهج أهل السنة والجماعة كما بلّغنا إياه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضي الله عنهم، وتديّن فيه غلوٌّ واضحٌ فمنه ما هو قائم على الحزبية المقيتة لمناهج شخصية ابتدعها أفراد وعملوا على نشرها وتثبيتها في العقول على أنها حق مطلق، وما سواها باطل مطلق، وتديّن قائم على تصوّف ينشر البدع تحت غطاء العلم والحب، وتديّن يمكن أن نطلق عليه موديل (2006) فهو تديّن يعني: افعلي من الدين ما تحبين، وخذيه ممن تشائين، خاصة من يعطيك هواك، فالله غفور رحيم، والتدين أمره سهل جداً فهو مجرد غطاء للرأس بتصميم راقٍ يناسب الجسم والثياب والعمل والمناسبات، واختلطي بالرجال ويمكنك ممارسة الغناء والتمثيل ووضع قليل من المكياج بل وإظهار خصلات من شعرك، وارتداء ما تشائين من الملابس التي قد تشف وتصف، وتكون زينة في ذاتها، فلا حرام إلا الزنا والسرقة وشرب الخمر.
وتديّن يقوم على تحريم حتى المباح، وقدح العلماء من السلف والخلف والذي يوقد نار هذا الغلو دعاة يدّعون العلم، وفي الحقيقة هم متعالمون أولى بالحبس من سّراق الأموال؛ لأنهم يسرقون أعمال المسلمين.
ما هي الأسس أو الجذور التي تجعل بعض الفتيات المتدينات يملن إلى التطرف أو التزمت؟
بداية أنا أميل لمصطلح الغلو؛ لأنه المصطلح الوارد في السنة والذي حذرنا منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمّا قال: "إياكم والغلوّ فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو".
أما أسس جذور ميل الفتيات للغلو والمقصود به الزيادة بالقول والعمل فهو:
- أخذ العلم على يد فئة تربيهن على ذلك ومعلوم بدهياً أثر الشيخ على تلاميذه.
- الصحبة التي لها أثرها الفطري على النفس.
- الكتب والمواقع في الشبكة العنكبوتية التي تعمّق هذه الجذور بلا حسيب ولا رقيب.
- الزوج الذي يكون له تأثير قوي على زوجته خاصة إذا كان سمته العام إما التدين أو الشدة والعنف.
- الجوّ العام للأسرة من أب وأشقاء وشقيقات.
هل ترين أن هناك خوفاً من تدين الفتيات عند بعض الأسر السعودية خوفاً من ميل ابنته للتطرف؟
التطرّف الذي يخاف منه الآباء على بناتهن هو في فهم الدين بزيادة أو نقص، وهذا يمكن تسميته الصعود إلى الهاوية و ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: تطرّف يؤدي إلى التميّع في التمسك بالدين، عاقبته انتكاسة خطيرة ـ نعوذ بالله من ذلك ـ فيجد الأب ابنته التي كانت تلتزم بالإسلام الصحيح، وقد تغيّر التزامها إلى مظاهر عكسية من خلع للحجاب الشرعي الذي كانت تسمو به للتقوى والورع، ودعوة للأخذ بالشبهات بل والمحرمات أحياناً بدعوى مواكبة العصر، وترغيب الأخريات في التدين والتيسير، وغير ذلك من أمور لايفقهون حقيقة معناها وقد قال صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".
القسم الثاني: تطرّف يؤدي إلى تشدّد وتنطّع في أمور الدين سواء على النفس أو على الغير، فيجعل التديّن مسلكاً يصعب السير فيه، مما يولّد له مع الآخرين قطيعة وشحناء نتيجة قدح هذه الفئة لغيرهم، بل وتكفيرهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لن يُشادّ الدين أحد إلا غلبه"، وقال ثلاثاً "هلك المتنطعون" وكما قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في معنى "المتنطعون: هم المتشددون في أمورهم الدنيوية والدينية.
وكل عاقل لا يعارض فكرة خوف الأسر على أولادها من كل صور الغلو في أمور الدين والدنيا؛ لأن مآل هذا إلى خسارة الدنيا والآخرة، أما التدين السويّ القائم على المنهج الحق فهو مطلب كل أب وأم سويّين لأولادهم.
يُلاحظ في أكثر من بلد عربي وإسلامي أن تديّن الفتيات هناك يتوسع كنوع من التعبير عن البرجوازية الدينية هل تلاحظين هذه الظاهرة في السعودية؟
إن تديّن فتيات الأسر الغنية أمر معلوم منذ عصر الدعوة السرية في مكة والمسلمون في ضعف، لما أسلمت خديجة -رضي الله عنها، وهي صاحبة التجارة والغنى، وكذا بناتها من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأسلمت بنات أبي بكر الصديق -رضي الله عنهن- أسماء وعائشة رضي الله عنهما، وهو من كبار تجار قريش، وقبل ذلك أسلمت آسيا -رضي الله عنها- وهي زوجة ملك مصر، لكن ربما المقصود من السؤال تنامي ظاهرة التدين بين هذه الفئة في الآونة الأخيرة، مما جعلها موضع تساؤل من البعض.
و هذه الظاهرة إن صح تسميتها بذلك انتشرت بين فتيات الأسر الغنية ونساء الفن بأنواعه، وأصبحت منتشرة في بلادي الحبيبة، و هي تمثل عدة أوجه يجدر الوقوف عندها:
فهي صفعة قوية لدعاة العلمانية في العالم الإسلامي، كما أنها تعلن للجميع أن قلوب المسلمين مهما انغمست في نعيم الدنيا، وانشغلت بها وبأهلها فهي مملوءة حباً لله ولدينه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ومتى ما أُزيل رماد الذنوب عن هذه القلوب بحكمة فهي تهرول نحو ربها، كما أن هذه الظاهرة توجب على العلماء الراسخين في العلم احتواء هؤلاء، وعدم تركهم لقمة سائغة لأدعياء العلم يبحرون بهم في مركب ظاهره العلم وباطنه الجهل البين؛ لأن هذه الفئة تأخذ الدين كما يقدم لها بدون تمحيص دقيق غالباً، وقد يميل البعض منها لمن يقدم لهم التدين بالصورة التي توافق معيشتهم وتعطيهم من الدنيا ما يحبون.
هل يمكن أن يعود ارتداء بعض الفتيات للحجاب مع ارتكاب بعض الأخطاء سلباً على مفهوم التديّن عند الناس؟
نحن هنا أمام أمرين هامين:
الأول: يتعلق بالفتيات المتمسكات بالدين، وهو وجوب حرصهن على مراقبة أنفسهن قدر الاستطاعة (فاتقوا الله ما استطعتم)؛ لأنهن محط أنظار الجميع، وهذا يعني تورّعهن حتى عن المباحات أحياناً حتى لا يكنّ فتنة لغيرهن.
الأمر الثاني: يتعلق بالناس من حولهن، وهو حسن الظن بهن ورحمتهن؛ فهن مازلن من البشر الذين يخطئون ويصيبون، ولسن من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم، لذا من المفترض ألاّ يكون التصرف الخاطئ من بعض المتمسكات بالدين سلباً على الآخرين بل يدعوهم ذلك للتناصح والتواصي بالحق، وبالصبر ثم إن الدين لم ينزله الله تعالى لفئة دون أخرى، بل العمل بالدين ميسر للجميع، وإذا كان البعض قد أخطأ فلا تخطئ أنت، فلك من العقل ما يجعلك تختار الحق، ولا تكن مقلداً أو من ينتظر هفوات الآخرين ليترك الحق، فهذا دأب المتكاسلين القاعدين عن الحق.
هل تعتقدين أن هناك فئات معينة تسيطر على تدين الفتيات؟
نعم و هناك عدة فئات:
- علماء راسخون يبلغون الدين كما يريد الله تعالى وللأسف هم قلة.
- متعالمون انتشروا كسريان النار في الهشيم عبر وسائل الإعلام المختلفة.
- مجموعات شبابية اختلط فيها الحق بالمتشابه بالباطل، واستغل قادة هذه المجموعات عاطفة الشباب في توجيههم كما يريدون.
- دعاة عرفوا كيف يصلون لقلوب هذه الفئة الهامة في المجتمعات وبعضهم أحسن الطرح والبعض جانبه الصواب.
بحكم قربك وملامستك لواقع الفتيات في العالم الاسلامي .. ما مشكلات هؤلاء الفتيات تحديداً؟
في الواقع تعاني الفتيات في العالم الاسلامي من عدة مشكلات أهمها: الأمية الشرعية بدينهن عامة، والأمية بفقه الفتن ومكائد الأعداء ضدهن،
الأمية بأولويات المسلمة وهي:
أنها أنثى أي جنس ذو خصائص تخالف جنس الذكور، وهذا يعني أنها في قمة الهرم المجتمعي، وأنها أنثى مسلمة لها مرجعيتها الشرعية فهي لا تتسول من غيرها منهجاً لحياتها لذا فهي تقولها مدوية: حرّروني من جميع قيودكم، واتركوني فقط أمة لله وحده لاشريك له.
وأنصح الفتيات وأنصح نفسي، و كل مقبل على التمسك بالإسلام من الجنسين بمتابعة الفقه في ديننا من مصادره الأصيلة الصحيحة، كما أقول لهن: إن أعداء ديننا لن يتركوا أي وسيلة لتدمير المسلمة حتى ولو كان عن طريق الدخول من بوابة التدين التي أضحت ظاهرة تقضّ مضاجعهم، فدخلوا منها بدعم كل من يستطيع تشويه وتغيير حقائق الإسلام في صور جذّابة تأخذ بالألباب لتصبح المسلمة التي تريد التمسك بالإسلام حرباً عليه من غير أن تعلم. وأن نكثر من هذا الدعاء "اللهم ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
ـــــــــــــــــــ(100/31)