في كتاب الله عز وجل ، فأيكم ما ترك ديناً أو ضيعة فادعوني فأنا وليه وأيكم ما ترك مالاً فليؤثر بماله عصبته من كان "(1)
ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يعمل دائماً لوضع نظام متكامل في هذا المضمار.. فها هو يقول وقد أحس بغياب المجاهدين واستشهاد كثير منهم في فتوحات المسلمين وخلفوا ذرية ضعافاً: ( لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا ً ، فما أتت عليه ليلة رابعة حتى أصيب رضي الله عنه وأرضاه )(2)
ومن العجيب أن هؤلاء الداعين إلى عمل المرأة يتحدثون ،وكأنهم في مجتمع إباحي أوربي أو غيره، حيث لا دين ولا أخلاق، ولا مبادئ ولا قيم ، وإلا ما معنى أن يتجاهل هؤلاء ما تقوم به الجهات الرسمية من مثل وزارة الشؤون الاجتماعية من صرف بطاقات الضمان الاجتماعي للمحتاجين؟!
وما معنى ما توفره الجمعيات الإغاثية من مساعدات مجدولة للأسرة الفقيرة ؟!
وما معنى عشرات الملايين التي ينفقها بعض الأثرياء المسلمين لسد حاجة الأرامل والأيتام ؟!
__________
(1) رواه مسلم (1619)
(2) البخاري (3700) وانظر عبد الرب نواب ص 161-162
ألا قليلاً من الموضوعية يا هؤلاء, أصلح الله قلوبكم!
ولذا يمكنني القول بكل ارتياح وثقة
أن الأهداف الحقيقية لدعاة خروج المرأة للعمل بلا ضوابط أو حاجة شرعية تتلخص في أمور منها :
1/ إشاعة الفاحشة فى الذين آمنوا.
2/ الرغبة فى مجاراة الغرب الكافر.
3/ تنفيذ مخططات الأسياد من الكفرة والملاحدة.(97/193)
4/ الفرار من تعيير الكفار واستهزائهم
5/ محاولة إلغاء حق الرجل فى القوامة ( انظر :الولاء لسيد ص422)
تقول العلمانية الخبيثة أمينة السعيد : (( القوامة اليوم لا مبرر لها ، لأن هذه القوامة مبنية على المزايا التي كان الرجل يتمتع بها في الماضي في مجال الثقافة والمال ، وما دامت المرأة استطاعت اليوم أن تتساوى مع الرجل في كل المجالات فلا مبرر للقوامة ))(1)
المبحث الثامن
وليس الذكر كالأنثى
إن الذين ينادون بمساواة المرأة بالرجل في كل شيء حتى فيما اختص به الرجل من الوظائف الملائمة لطبيعته الخلقية واستعداده النفسي ، إنما يحاولون بذلك القفز على تأكيدات قرآنية, ومسلمات بيولوجية(2) بحتمية الخلاف بين الجنسين.
إن من المعلوم المشاهد أن الطبيعة الخلقية للمرأة تختلف كثيراً عن خلقة الرجل ، لأن المرأة خلقت للحمل والإنجاب والرضاع ،لا لمكابدة أعمال الرجال في المصانع والمعامل وقيادة الشاحنات وإدارة الرافعات والتراكتورات ، والمرأة عرضة للحيض دورياً كل شهر لمدة ثلاثين عاما من حياتها أو تزيد ،ولذا فهي تعاني إبان هذه الفترة مما يلي:
تصاب كثير منهن بأوجاع في أسفل الظهر والبطن ، وتكون آلام بعضهن فوق الاحتمال.
تصاب كثير منهن بحالة كآبة وضيق صدر،كما قد يصبن بصداع نصفي وارتفاع حرارة الجسم .
تصاب المرأة بفقر الدم الذي ينتج عن النزيف الشهري ، وتفقد المرأة أثناء الحيض من الدم ما بين : 60-204 ملليتر))(3).
__________
(1) حقيقة الولاء والبراء ، سيد عبدالغني ص422 .(97/194)
(2) البيولوجيا: علم الأحياء
(3) عبد التواب ص178
وأما في حالة الحمل والولادة فإليك الحقائق التالية:
يسحب الجنين ما يحتاج إليه من مواد لبناء جسمه حتى ولو ترك الأم شبحاً هزيلاً.
يضخ القلب قبل الحمل حوالي : 6500 لتر من الدم يومياً ، أما في أثناء الحمل وخاصة قرابة نهايته فتصل كمية الدم التي يضخها القلب 1500 لتر(1).
فالمرأة التي هذه طبيعتها حائض أو حامل أو نفساء ،كيف يمكن أن تقوم بوظائف خارج بيتها ، تتطلب جهداً متواصلاً واستنفاراً دائما للأعصاب والمشاعر ؟؟
وأي زيادة في الناتج القومي من امرأة تارة مريضة بسبب الحيض ، وأخرى مجهدة بسبب الحمل وثالثة مضطجعة بسبب الولادة والرضاع؟!
إن من المكابرة بمكان إغفال الفوارق الخلقية والاستعدادات النفسية والفطرية بين الجنسين ، ومحاولة مصادمة السنن الكونية والشرعية القاضية بضرورة التمييز بين الذكور والإناث .
وإن الانسياق وراء سياسات الكفار وطرائق عيشهم وأساليب حياتهم ، حيث لا دين ولا رادع من أخلاق أو قيم هو ردة فكرية وهزيمة نفسية وعبودية مقيتة للهوى ووسوسة الشيطان .
ولقد تحقق للمسلمين السيادة الكونية والريادة الأممية في عصور الفتوحات الزاهرة ، دون أن تخرج نساؤهم متبرجات فاتنات، أو مزاحمات للرجال في سوق العمل مهما كان محافظاً وبعيداً عن أجواء الفتنة الحادثة اليوم
فهل يعي عقلاء قومي هذه الحقيقة الناصعة ، فيتخلون عن عنادهم ومكابرتهم ، ويجنبون الأمة ويلات نداء اتهم المتكررة لتغريب المرأة المسلمة وإفسادها؟!.
هل يتأمل هؤلاء بمنطق العقل والحكمة ما آل إليه حال المجتمعات المعاصرة والغابرة ؛من الانحدار الأخلاقي والتخلف الاجتماعي والتفكك الأسرى ، نتيجة خلاعة النساء وسفورهن وتهتكهن الأخلاقي المسف عياذاً بالله تعالى؟!(97/195)
__________
(1) عمل المرأة في الميزان محمد البار ص88
ألا يرى هؤلاء أنّ ما تم إنجازه من البنية التحتية والمكتسبات الحضارية لم يتوقف يوماً ما على مشاركة المرأة ، أو خروجها للعمل ، فهاهي المطارات العملاقة والجسور الفولاذية وشبكة الخطوط البرية والجوية ، وتقنية الاتصالات الباهرة وقنوات المياه والكهرباء وغيرها كثير ، شاهدة على عظمة ما حققناه من انجازات مادية ضرورية ، دون أن تسهم المرأة إسهاماً مباشراً في وضع لبنة واحدة في صروحنا التنموية تلك ، بل ظلت تلعب في بيتها دوراً رديفاً بالغ الأهمية ، أعان بشكل كبير في تحقيق كل تلك المكاسب؟!
المبحث التاسع
تجارب وكلام الغربيين عن عمل المرأة
لقد تجرع الغربيون ثمرات مرة جرّاء إخراجهم المرأة من بيتها ،وإقحامها ميادين العمل مختلطة بالرجال ومزاحمة لهم في مكاتبهم ومصانعهم ومصحاتهم.
فالتفكك الأسري والخيانات الزوجية، وانتشار الزنا، وكثرة اللقطاء، وحالات الإجهاض وانحراف الأحداث، ونشوء الجريمة، وفقدان الأمن، وتعاطي المخدرات، والجريمة المنظمة والارتجالية، وتكوين العصابات، وسيادة منطق الغاب وغيرها ناتجة عن شركهم بالله، وإقصائهم الدين، وتعطيلهم لمكارم الأخلاق وتنكبهم للفطرة حين ساووا بين النساء والرجال.
إن لغة الأرقام تفصح عما يلي :
1/ إنّ 80% من نساء روسيا أقمن علاقات جنسية مع رجلين على الأقل .
2/10 ملايين شخص في روسيا مدمن للمخدرات
3/50 مليون شخص مصاب بمرض الإيدز في العالم .
4/ذكرت صحيفة الديلي اكسبرس أن ما يقارب من 80% من الرهبان والراهبات والقسس قد مارسوا الزنا وأن 40% قد مارسوا الشذوذ ( البار ص170) .(97/196)
5/وافق البرلمان الألماني على اعتبار الدعارة مهنة ( شرعية)كالصحافة والتجارة والحدادة والطب ، وعليه باتت المومس( موظفة شرعية!) تخضع لحقوق وواجبات الموظفين العاديين الشرعيين ، ويقدر عدد المومسات حوالي نصف مليون في ألمانيا.
6/ تقدر عائدات الدعارة في هولندا بـ 500 مليون دولار سنوياً ، وأما عائدات تايلاند فتتراوح ما بين 22.5-27 بليون دولار سنويا(1).
7/50 ألف طفل مشرد في موسكو .
8/ 100 ألف لقيط يقدر في رومانيا سنويا.
9/ 32 مليون طفل برازيلي يعيشون في الشوارع.
10/ كما شهدت فرنسا في عام 1997 م احتفال الرئيس جاك شيراك بولادة حفيده غير الشرعي من ابنته
11/ ولعل إلقاء نظرة عامة على نسبة ولادة الأطفال خارج إطار الزواج من خلال التقارير الرسمية لعام 1994م تعطي مؤشراً عن حجمها الكبير :
السويد 50%
الدانمارك 46.8%
النرويج 45.9%
فرنسا 34.9%
المملكة المتحدة 32%
فنلندا 31.3%
هولندا 31.3%
النمسا 31.1%
ايرلندا 19.7%
البرتغال 17%
ألمانيا 15.4%
لوكسمبورج 12.9%(97/197)
بلجيكا 12.6%
إيطاليا 7.3%
اليونان 2.9%(2)
في استفتاء نشرته مؤسسة أبحاث السوق عام 1990م في فرنسا ، أجري على 2.5 مليون فتاة في مجلة مارى كير كانت نسبة 90% منهن يرغبن العودة إلى البيت ليتجنبن التوتر الدائم وفقد الأطفال ،وأما مجلة سيترن فقد توصلت إلى أن 2 من ثلاثة من الراغبات في الطلاق بفرنسا عاملات .
وقد طرح الأستاذ وهبي غاوجي هذا التساؤل ، ثم أجاب عليه:
قد يقول قائل : إذن لماذا خرجت المرأة الأوروبية لتعمل خارج البيت وما تزال..؟.
أقول لهذا أسباب عديدة ليس منها سبب يقصد به إكرام المرأة. وهاك بعضها:
أن الأب هناك لا تكلفه الدولة الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشر من عمرها ، لذا فهو يجبرها على أن تجد لها عملاً إذا بلغت ذلك السن.. وكثيراً ما يكلفها دفع أجرة الغرفة التي تسكنها في بيت أبيها فضلاً عن أجرة غسل الثياب وكيها.
__________
(1) الشبكة الإسلامية islamwel.net
(2) انظر : سقوط الحضارة الغربية لأحمد منصور ص69
أن الناس هناك يحيون لشهواتهم، فهم يريدون المرأة في كل مكان .. فأخرجوها من بيتها لتكون معهم.. ولهم .. ألا ترى كيف يسخرونها لشهواتهم الدنيئة في الأفلام الداعرة والصورة العارية والإعلانات, حتى إعلانات صابون الحلاقة.. ولمعان الأحذية .. ودور البغاء..!! .
أن البخل والأنانية شديد عندهم، فهم لا يقبلون أن ينفقوا في زعمهم على من لا يعمل إلا أعمالا بسيطة، ولا يرون تربية الأولاد أمراً هاماً، ومهمة شاقة، لأنهم لا يبالون بدين وتربية.(97/198)
أن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية، فلا بد لها أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهراً لمن يريد الزواج بها. وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة الرجال فيها أكثر.
ومع ذلك فما يزال هناك بعض من الآباء ينفقون على بناتهم إذا بلغن، ولا يرضون لهن بالعمل خارج البيت، ولا بمخالطة الرجال إلا في حدود ضيقة، وقليل ما هم.
وهي اليوم تجد الحرية لخروجها من البيت، فتخادن من تشاء، وتصادق من تشاء، وتذهب حيث تشاء وتنام حيث تشاء. وقد استمرأت هذه الحياة الفاسدة، واستمرأ الرجال ذلك فيهن، ومعهن. فلن تعود المرأة هناك إلى بيتها وإلى عفافها، إلا إذا عادت إلى الإسلام، فهو وحده الكفيل بإعادة الحياة الإنسانية إلى فطرتها، وتقويم كل اعوجاج وانحراف فيها.
وقد طرح الأستاذ وهبي غنجي هذا التساؤل ثم أجاب عليه:
قد يقول قائل : إذن لماذا خرجت المرأة الأوروبية لتعمل خارج البيت وما تزال..؟.
أقول لهذا أسباب عديدة ليس منها سبب يقصد به إكرام المرأة. وهاك بعضها:
إن الأب هناك لا تكلفه الدولة الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشر من عمرها لذا فهو يجبرها على أن تجد لها عملاً إذا بلغت ذلك السن.. وكثيراً ما يكلفها دفع أجرة الغرفة التي تسكنها في بيت أبيها فضلاً عن أجرة غسل الثياب وكيها.
إن الناس هناك يحيون لشهواتهم، فهم يريدون المرأة في كل مكان .. فأخرجوها من بيتها لتكون معهم.. ولهم .. ألا ترى كيف يسخرونها لشهواتهم الدنيئة في الأفلام الداعرة والصورة العارية والإعلانات, حتى إعلانات صابون الحلاقة.. ولمعان الأحذية .. ودور البغاء..!! .
إن البخل والأنانية شديد عندهم، فهم لا يقبلون أن ينفقوا في زعمهم على من لا يعمل إلا أعمالا بسيطة، ولا يرون تربية الأولاد أمراً هاماً، ومهمة شاقة، لأنهم لا يبالون بدين وتربية.(97/199)
إن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية، فلا بد لها أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهراً لمن يريد الزواج بها. وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة الرجال فيها أكثر.
ومع ذلك فما يزال هناك بعض من الآباء ينفقون على بناتهم إذا بلغن، ولا يرضون لهن بالعمل خارج البيت، ولا بمخالطة الرجال إلا في حدود ضيقة، وقليل ما هم.
وهي اليوم تجد الحرية لخروجها من البيت، فتخادن من تشاء، وتصادق من تشاء، وتذهب حيث تشاء وتنام حيث تشاء. وقد استمرأت هذه الحياة الفاسدة، واستمرأ الرجال ذلك فيهن، ومعهن. فلن تعود المرأة هناك إلى بيتها وإلى عفافها، إلا إذا عادت إلى الإسلام، فهو وحده الكفيل بإعادة الحياة الإنسانية إلى فطرتها، وتقويم كل اعوجاج وانحراف فيها.
وفيما يلي أقوال بعض الغربيين وغيرهم:
قال (أنطوان نيميلان) وهو روسي شيوعي: (الحق أن جميع العمال قد بدت فيهم أعراض الفوضى الجنسية ، وهذه حالة خطرة تهدد النظام الاشتراكي بالدمار، فيجب أن نحارب بكل ما أمكن من الطرق، لأن المحاربة في هذه الجهات ذات مشاكل وصعوبات، ولي أن أدلكم على آلاف من الأحداث يعلم منها أن الإباحية قد سرت عدواها لا في الجهال والأغرار فحسب، بل في الأفراد المثقفين من طبقة العمال أيضاً).
قال الفيلسوف الملحد (برتراند راسل) : (إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوف، وتأبى أن تظل وفية للرجل إذا تحررت اقتصادياً).
وقالت (آني رود) الإنكليزية :(لأن تشتغل بناتنا خوادم أو كخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة.. نعم إنه لعار على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بمخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى(97/200)
وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال لسلامة شرفها).
وقالت (اللادي كوك): (إن الاختلاط يألفه الرجال، ولذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى وهاهنا البلاء العظيم على المرأة.. ثم قالت : أما آن لنا أن نبحث عما يخفف إذا لم نقل يزيل هذه المصائب العائدة بالعار على المدنية الغربية؟؟!
أما آن لنا أن نتخذ طريقاً يمنع قتل الآلاف من الأطفال الذين لا ذنب لهم، بل الذنب على الرجل الذي أغرى المرأة المجبولة على رقة القلب؟.
يا أيها الوالدان لا يغرنكما بعض دريهمات تكسبها بناتكما باشتغالهن في المعامل ونحوها ومصيرهن إلى ما ذكرنا، علموهن الابتعاد عن الرجال، أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد، لقد دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من حمل الزنى يعظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال، ألم تروا إلى كثرة أمهات أولاد الزنى في المعامل والخادمات في البيوت وكثير من السيدات المعرضات للأنظار، ولولا الأطباء الذين يعملون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف ما نرى الآن، لقد أدت بنا هذه الحال إلى حد من الدناءة ،لم يكن تصورها في الإمكان، هذا غاية الهبوط بالمدنية).
قال (اللورد بيرون) (لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها في حالة يقبلها العقل ولعلمت أن الحالة الحاضرة حالة المرأة لم تكن غير بقية من همجية القرون الوسطى، حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة، ولرأيت معي وجوب اشتغال المرأة بالأعمال المنزلية، مع تحسين غذائها وملبسها فيه، وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير وتعليمها الدين).
بل إن (هتلر).. و (موسوليني) أخذا يقدمان جوائز مغرية للنساء اللاتي يتركن أعمالهن خارج البيت ليعدن إلى بيوتهن يعملن فيها.فهل من مدكر؟.(97/201)
وقال (أوغست كونت): (يجب أن يغذي الرجل المرأة، هذا هو القانون الطبيعي لنوعنا الإنساني، وهو قانون يلائم الحياة الأصلية المنزلية للجنس المحب (النساء) وهذا الإجبار ـ إجبار الرجل على تغذية المرأة ـ يشبه ذلك الإجبار الذي يقضي على الطبقة العاملة من الناس بأن تغذي الطبقة المفكرة منهم لتستطيع هذه أن تتفرغ باستعداد تام لأداء وظيفتها الأصلية غير أن واجبات الجنس العامل( الرجال) المادية نحو الجنس المحب (النساء) هي أقدس من تلك، تبعاً لكون الوظيفة النسوية تقتضي الحياة المنزلية. ولكن بالنسبة للمفكرين فإن هذا الإجبار يكون تضامنياً فقط، بخلافه بالنسبة إلى النساء فإنه ذاتي).
وقال الإنجليزي سامويل سمايلس : (إنَّ النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل ، مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد ، فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية لأنه هاجم هيكل المنزل وقوض أركان الأسرة ومزق الروابط الاجتماعية ، فإنه بسلبه الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم ، صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة ، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها ، مع القيام بالاحتياجات البيتية ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات ، بحيث أصبحت المنازل غير منازل و أضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال )(1).
ولعلي أختم هذه النقولات باعتراف قاسم أمين نفسه داعية الانحلال وتحرير المرأة الأول فهاهو يقول : (( نحن لا نجادل في أن الفطرة أعدت المرأة للاشتغال بالأعمال المنزلية وتربية الأولاد ، وأنها معرضة لعوامل طبيعية كالحمل والولادة والرضاعة ، لا تسمح لها بمباشرة الأعمال التي يقوى عليها الرجال ، بل نصرح هنا أن أحسن خدمة تؤديها المرأة إلى الهيئة الاجتماعية هي أن تتزوج وتلد وتربي أولادها هذه قضية بديهية لا تحتاج في تقريرها إلى بحث طويل )) .
المبحث العاشر
أقوال بعض أهل العلم والمفكرين الإسلاميين في مسألة خروج المرأة للعمل(97/202)
فيما يلي مقولات لبعض أهل العلم والمفكرين الإسلاميين من ذوي الحنكة والتجربة، والأمانة والنزاهة، يقدمون للأمة خلاصة نصائحهم، ولباب تجاربهم :
قال الدكتور لطفي الصباغ بهذا الخصوص:
__________
(1) تحرير المرأة ، عبدالله التليدي ، ص 142- 143.
وإن الكيد الذي يكاد للمسلمين كان قسم كبير منه موكولاً إلى المرأة ، لإفسادها وإخراجها إلى ميدان الفتنة والابتذال.. ولقد كانت المرأة هي الخاسرة في هذه المؤامرة القذرة ، وبخسارتها العظمى فقد المجتمع توازنه وسعادته وأمنه وراحته. وإنني من أجل هذا أقدم هذه الرسالة نصيحة والد إلى بناته وفتياته ، أحذرهن من الخطر الماحق ، والمهانة الضخمة ، والضياع في الدنيا والآخرة ، والسقوط في نظر الناس جميعاً ، فاسقين وصالحين.
أقدمها وأنا في سن الخمسين ، ولا هم لي إلا أن أجنب أمتي المزيد من الأخطار ، مما رأيت وسمعت خلال تجربتي الطويلة . إن هناك تآمراً رهيباً ضد المرأة المسلمة ، يقوم به ناس لا يخافون الله ولا يخشون العار ولا الفضيحة ، لأنهم ليسوا : متدينين غيورين ، فليس لكثير منهم زوجات ولا بنات ، ولا يتقون يوماً يسألون فيه عما يعملون ، وإن كان لبعضهم زوجات وبنات فليس عندهم من الغيرة شيء ، حتى ولا التي توجد عند بعض الحيوان .
أما نحن فإن ديننا هو الذي يحملنا على أن نسدي النصح خالصاً لبناتنا وأخواتنا وأمهاتنا ، وننذرهن من العاقبة الوخيمة التي تنتظرهن إن هن فرطن في حق دينهن .
إن الدعوة لخروج المرأة من البيت لتخالط الرجال جر المآسي والكوارث ، وقد بدأ براقاً جذاباً لتكون المرأة زهرة المجتمع وواسطة العقد المكرمة.. ولكن انتهى بها الأمر إلى مهانة لتكون كانسة للطرقات ، وخادماً في الخمارات ، وربما تعرضت في خروجها هذا إلى ما يهدد عفتها ، ويقضي على مستقبلها ، إن المسؤولية تقع على(97/203)
الرجال والنساء من المؤمنين المتقين ، ولا بد من أن تنطلق صيحات الخير في وجوه الجائرين ، ولكلمة الحق سلطان وأي سلطان؟!)(1)
قال الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله:
__________
(1) مجموعة رسائل في الحجاب والسفور .
(فمن المعلوم تاريخياً أن من أكبر أسباب انهيار الحضارة اليونانية تبرج المرأة ، ومخالطتها للرجال ، ومبالغتها في الزينة والاختلاط . ومثل ذلك حصل تماماً للرومانيين ، فقد كانوا يفتحون الفتوح ، ويوطدون أركان إمبراطوريتهم العظيمة ، فلما تبرجت المرأة وأصبحت ترتاد المنتديات ، والمجالس العامة وهي في أتم زينة ، وأبهى حلة – فسدت أخلاق الرجال ، وضعفت ملكتهم الحربية ، وانهارت حضارتهم انهياراً مريعاً ).
ثم نقل عن (دائرة معارف القرن التاسع عشر) قولها :
( كان النساء عند الرومانيين محبات للعمل ، مثل محبة الرجال له ، وكن يشتغلن في بيوتهن ، أما الأزواج والآباء فكانوا يقتحمون غمرات الحروب ، وكان أهم أعمال النساء بعد تدبير المنزل الغزل وشغل الصوف ).
( ثم دعاهم بعد ذلك داعي اللهو والترف إلى إخراج النساء من خدورهن ، يحضرن معهم مجالس الأنس والطرب ، فخرجن كخروج الفؤاد من بين الأضلاع ، فتمكن الرجل من حظ نفسه من إتلاف أخلاقهن ، وتدنيس طهارتهن ، وهتك حيائهن ، حتى صرن يحضرن المراقص ، ويغنين في المنتديات ، وساد سلطانهن حتى صار لهن الصوت الأول في تعيين رجال السياسة وخلعهم ، فلم تلبث دولة الرومان على هذه الحالة ؛ حتى جاءها الخراب من حيث تدري ولا تدري ).
ثم قالت (دائرة المعارف) :
( إنا لسنا أول من لاحظ هذا الأثر السيئ الذي يحدثه حب النساء للزينة يوماً فيوماً ـ على أخلاقنا ، فإن أشهر كتابنا لم يهملوا الاشتغال بهذا الموضوع الخطير . فكيف(97/204)
النجاة من هذا الداء الذي يقرض مدنيتنا الحالية ، ويهددنا بسقوط سريع جداً ، وإن شئت فقل : بانحطاط لا دواء له ؟ ).
ومن الملاحظ أن عقلاء الأوروبيين بدأوا يحذرون قومهم من المصير الذي انتهى إليه الرومان ؛ نتيجة الإفراط في تبرج المرأة واختلاطها ، فنجد (لويز برول) يقول في مجلة (المجلات) مجلد 11 تحت عنوان: الفساد السياسي ما يأتي:
(إن فساد الأسس وجد في كل زمان ، ومن الغريب المدهش أن عوامله في الزمن الغابر هي ذات عوامله في الزمن الحاضر ، يعني : أن المرأة كانت العامل الأقوى في هدم الأخلاق الفاضلة ).
ثم أخذ هذا العالم يقارن بين العلامات المنذرة اليوم وبين ما كان في عهد جمهورية الرومان ، حتى قال:
(لقد كان الرجال السياسيون في آخر عهد الجمهورية الرومانية يعيشون صحبة النساء ذوات الطبائع الخفيفة ، اللائي كان عددهن بالغاً حد الكثرة ، فصار الحال اليوم كما كان في ذلك العهد ، ترى الناس اندفعوا في تيار الحب البالغ حد الجنون وراء البذخ واللذات )(1).
وكتب محمد محمد حسين في هذا الموضوع فقال :
"أحسن ما قرأته في وصف النساء المترجلات ، اللاتي يأبين إلا الخروج على فطرتهن ، والزج بأنفسهن في ميادين الرجال ، تسمية أحد كتاب الإنجليز لهن "الجنس الثالث". فالواقع أن هذه التسمية وصف صادق كل الصدق لهذه الطبقة الجديدة من النساء التي برزت مشكلتها في المجتمع الأوربي منذ أواخر القرن الميلادي الماضي ، بعد أن تكاثر عددها وطغى سيلها . ذلك لأنهن قد فقدن أنوثتهن فلم يعدن نساءً ، وابتذلن أجسادهن وأرخصن مفاتنهن حتى عافها الرجال وانصرفوا عنها . ثم إن فطرتهن وخلقتهن تأبى عليهن من بعد أن يدخلن في عداد الرجال . من أجل ذلك سماهن ذلك الكاتب الإنجليزي "الجنس الثالث"، بعد أن أخرجن أنفسهن من عداد(97/205)
النساء واستحال عليهن أن يدخلن في عداد الرجال ، فهن يخالفن الرجال طبيعة وتركيباً ، ويخالفن النساء وظائفاً وأعمالاً. "
وقد درس هذا (الأستاذ) أحوالهن درساً مدققاً فوجد أنهن يتركن الزواج . وبانتزاعهن أنفسهن من وظائفهن الطبيعية كالأمومة وما يتبعها قد تغيرت إحساساتهن عن إحساسات بنات جنسهن ، وصرن في حالة من الكآبة تشبه أعراض الماليخوليا".
__________
(1) نفس المصدر
أساءت المرأة إلى نفسها ، وأساء الذين ظاهروها وأعانوها ممن يزعمون أنهم أنصارها . فقد كانت ريحانة تشم، فأصبحت مشكلاً يتطلب الحل، وكانت عرضاً يصان وأمانة تحفظ ، فأصبحت حملاً ثقيلاً يضيق به الأب والأخ ، ويتحتم معه على المرأة أن تعمل لتعيش . نشأ الجيل السابق على أن يكفلها ويكفيها حاجتها ، وكان هذا التقليد عقيدة مركوزة في أعماق كل نفس ، يحرسها الإجماع عليها ، ولا يخطر لأب أو ابن أو أخ أو زوج أن يتخلى عنه ويخرج من عهدته ، فلما عملت المرأة لنفسها وشاع ذلك في المجتمع ماتت هذه العادة ، وماتت معها المروءة التي كانت تدفع إليها ، والغيرة التي كانت سبباً في المحافظة عليها ، وأصبحت المرأة إذا لم تبحث عن العمل من نفسها دفعها وليها إليه دفعاً وألزمها به إلزاماً . بل لقد أصبح القانون يلزمها بالعمل في النظام الشيوعي ، وأصبح الواقع يلزمها به في النظام الرأسمالي . وأصبحت التي لا تعمل في أيامنا لا تجد اللقمة ولا تجد الزوج ، لأن الرجال إن عدموا ذوات المال من الزوجات بحثوا عن الكادحات الكاسبات . وكاد ذلك يصبح قانوناً من قوانين حياتنا يقضي على المستعفات بالبوار والهلاك . فهل هذا هو ما يسميه الخادعون والمخدوعون والخادعات والمخدوعات "حقوق المرأة" ؟
وفي الوقت الذي يتجرع فيه الغرب آثار خروج المرأة على فطرتها ووظيفتها ، كان بعض كتابنا ومفكرينا ينادون بأن نأخذ في ذلك الطريق الذي انتهى بالغرب إلى ما هو فيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية ، هزت دعائم مجتمعه هزاً عنيفاً أفقده استقراره(97/206)
واتزانه وعرض سلامته وكيانه لأشد الأخطار . ولقد يبدو للدارس المتأمل أن المرأة لا توضع الآن حيث تدعو الحاجة ـ صحيحة كانت أو مزعومة ـ إلى أن توضع !
ولكنها توضع لإثبات وجودها في كل مكان ، ولإقحامها على كل ما كان العقل والعرف ينادي بعدم صلاحيتها له . فليس المقصود بتوظيفها في هذه الأيام سد حاجة موجودة ، ولكن المقصود هو مخالفة عرف راسخ ، وتحطيم قاعدة قائمة مقررة ، وإقامة عرف جديد في الدين وفي الأخلاق وفي الذوق ، وخلق المبررات والمقومات التي تجعل انسلاخنا من إسلامنا وعروبتنا وشرقيتنا أمراً واقعاً ، كما تجعل دخولنا في دين الغرب ومذاهب الغرب وفسق الغرب أمراً واقعاً كذلك.
وأخطر ما في هذه الدعوة وأمثالها مما يراد به حملنا على كل فاسد من مذاهب الغرب ؛ أن أصحابها يريدون إقحامها على إسلامنا زاعمين أنها لا تعارضه . وقد كان قاسم أمين هو أول من جرأ الناس على تحريف النصوص حين طلع علينا بطائفة من المزاعم التي تقوم على المجازفة! ، وحين تصيد من كتب التاريخ ورواياته ـ على اختلاف درجاتها ودرجات مؤلفيها ـ كل شاذ غريب فحشدها في حيز واحد وضم بعض أشتاتها إلى بعض ، حتى خيل إلى قارئها أنها ـ على شذوذها وقلتها ـ شيء مألوف كثير الوقوع . ومع أن هذا الذي جمعه هو خلاصة ما في الكتب ـ صحيحها وسقيمها ـ من غرائب الأخبار والآراء التي تصور حالات شاذة نادرة ، لا تنهض بها حجة ولا يبطل بها عرف، ومع أن كثيراً من النصوص التاريخية أو الفقهية التي اقتطفها ناقصة الدلالة غامضة العبارة ، فقد استطاع أن يروج ذلك كله بين الناس بمرور الأيام ، بفضل قوة حزبه الذي كان يسميه (اللورد كرومر) حزب الشيخ(محمد عبده) حتى أصبحت هذه النصوص من بعد ـ على فساد الاستدلال بها ـ هي البضاعة المشتركة لمتابعي دعوته ومطوريها . وذلك كله هو الذي دعا الشاعر شوقي(1) ـ رحمه الله ـ إلى أن يتساءل عن حقيقة صنيع قاسم أمين: أهو غيرة المدافع عن النصوص الإسلامية، أم هو إغارة المحرف لها عن مواضعها ؟.(97/207)
وذلك من قصيدة له ألقاها سنة 1928م ، وعرض فيها للباقته في الاستدلال، وبراعته في الجدال، فقال:
ولك البيان الجزل في
في مطلبٍ خشنٍ كثيرٍ
ما بالكتاب ولا الحديث
حتى لنسأل: هل تغار ... أثنائه العلم الغزير
في مزالقه العثور
إذا ذكرتهما نكير
على العقائد أم تغير؟
وقد نقل أخونا عبد العزيز السالم :
__________
(1) أحمد شوقي : شاعر متمكن ، لكن عليه كثيراً من المآخذ الشرعية ، وانظر في هذا ما كتبه الشيخ / عبدالكريم الحميد _ وفقه الله _ في كتابه الكافي في التحذير من مضلات القوافي .
كلمة ألقاها مؤسس المملكة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله تعالى- تضمنت رأيه في وظائف المرأة الأساسية، جاء فيها:
... (....وأقبح من ذلك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وترقيتهن ، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها حتى نبذن وظائفهن الأساسية ، من تدبير المنزل ، وتربية الأطفال ، وتوجيه الناشئة التي هي فلذة أكبادهن وأمل المستقبل إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق ، ونسوا واجباتهن الخلقية ، من حب العائلة التي عليها قوام الأمم ، وإبدال ذلك بالتهريج والخلاعة ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل ، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن .(97/208)
فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا وعرفنا وعاداتنا ، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان أو إسلام أو مروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو من المنتسبين للخير في هذا الموقف المخزي .
هذه طريقة شائكة تدفع بالأمة إلى هوة الدمار ولا يقبل السير عليها إلا رجل خارج من دينه ، خارج من عقله ، خارج من عربيته.
فالعائلة هي الركن الركين في بناء الأمم ، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كل ذي شمم أن يدافع عنها .
إننا لا نريد من كلامنا هذا التعسف والتجبر في أمر النساء ، فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقاً يتمتعن بها لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدنة .
وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يؤخذ علينا ، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي إذا وجهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية ، وهذا ما يعترف به كثير من الأوربيين من أرباب الحصافة والإنصاف .
ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب ، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين . وسمعناهم يشكون مر الشكوى من تفكك الأخلاق وتصدع ركن العائلة في بلادهم من جراء المفاسد . وهم يقدرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا ، وما جاء به نبينا من التعاليم العالية التي تقود البشرية إلى طريق الهدى وساحل السلامة ، ويودون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه التي يتشاءمون منها وتنذر ملكهم بالخراب والدمار والحروب الجائرة !
هؤلاء نوابغ كتابهم ومفكريهم قد علموا حق العلم هذه الهوة الساحقة التي أمامهم ، المنقادين لها بحكم الحالة الراهنة ، وهم لا يفتئون في تنبيه شعوبهم بالكتب والنشرات والجرائد على عدم الاندفاع في هذه الطريقة التي يعتقدونها سبب الدمار وسبب الخراب .
إني لأعجب أكبر العجب ممن يدعي النور والعلم وحب الرقي لبلاده من هذه الشبيبة التي ترى بأعينها ، وتلمس بأيديها ما نوهنا به من الخطر الخلقي الحائق بغيرها من(97/209)
الأمم ، ثم لا ترعوي عن ذلك ، وتتبارى في طغيانها ، وتستمر في عمل كل أمر مخالف لتقاليدنا وعاداتنا الإسلامية العربية ، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله وعليه وسلم رحمة وهدى لنا ولسائر البشر.
فالواجب على كل مسلم وعربي فخور بدينه معتز بعربيته أن لا يخالف مبادئه الدينية ، وما أمره الله بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه .
فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة ، والعلم الصحيح ، والسير على الأخلاق الكريمة ، والانصراف عن الرذيلة ، وكل ما من شأنه أن يمس الدين و العروبة والمروءة ، وليس بالتقليد الأعمى ، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة ، التي تحث على عبادة الله وحده ، وإخلاص النية في العمل ، وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه ، ومعنى الإسلام وعظمته، ومعنى ما جاء به نبينا ذلك البطل الكريم العظيم صلى الله عليه وسلم من التعاليم القيمة التي تسعد الإنسان في الدارين ، وتعلمه أن العزة لله وللمؤمنين ، وأن يقوم بأود عائلته ويصلح من شأنها ، ويتذوق ثمرة عمله الشريف ، فإذا عمل فقد قام بواجبه وخدمة وطنه وبلاده) .
وأخذاً بأحكام الدين الحنيف واتباعاً لتوجيهات المؤسس أصدر خادم الحرمين- وفقه الله- التعميم التالي:
التعميم الصادر من خادم الحرمين الشريفين ـ وفقه الله لكل خير ـ برقم 2966/م، وتاريخ 19/9/1404هـ ، المتضمن النص على عدم تشغيل المرأة فيما لا يتناسب مع طبيعتها، أو فيما يؤدي إلى الاختلاط، حيث جاء فيه: (صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بعد التحية. نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651في 16/5/1403هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال ـ سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن أو نحوها ـ أمر غير ممكن،(97/210)
سواء كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرم شرعاً، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد ، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها ، أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه ، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه .
وحيث رفعت لنا بعض الأجهزة الرقابية مفيدة بأنه يوجد العديد من الشركات والمؤسسات - وغالبها من الشركات الأجنبية ـ تقوم بتشغيل المرأة ، وبعض تلك الشركات متعاقدة مع بعض الإدارات الحكومية .
نرغب إليكم إبلاغ المسؤولين لديكم بالتقيد بما يقضي به الأمر التعميمي المشار إليه وإبلاغه للجهات المختصة ، والشركات المتعاقدة معكم للتقيد بموجبه ، وملاحظة ذلك بكل دقة.
وقد زودنا جميع الجهات الحكومية بنسخة منه للاعتماد وإبلاغ الجهات المختصة بها، والشركات والمؤسسات المتعاقدة بالتقيد به ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تشغيل المرأة ، خلافاً لما تضمنه الأمر المشار إليه ، وتصحيح ما هو موجود من ذلك بما يتفق معه فأكملوا ما يلزم بموجبه) .
وقبل الختام
اسطوانة (وفق الشريعة الإسلامية)
لا يمل العلمانيون والإباحيون ودعاة التغريب من اجترار تلك العبارة الماكرة التي مجتها الآذان وسئمتها النفوس ، فما أكثر ما يردد هؤلاء الحاقدون على أمتهم ، الشانئون لدين الله عبارة : نطالب بكذا وفق الشريعة الإسلامية ، أو نريد كذا بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ، أو لا بد من إيجاد كذا بما يتمشى مع الشريعة الإسلامية ، فيطالبون أن تعمل المرأة في وسط مختلط وفق الشريعة الإسلامية !.
ويطالبون أن تصادق الفتاة الشاب وفق الشريعة الإسلامية ... !!
ولابأس أن تسافر المرأة بلا محرم .... !!
ولا مانع أن تلعب كرة القدم وتحترف الكاراتيه....!!(97/211)
ولا ضرر أن تغني وترقص وتعزف وتمثل وتصور .... !!
ولا حرج أن تقود السيارة وتعمل شرطية وتلبس بنطالاً .... !!
ولا خوف أن تمتهن السباكة والحدادة والكهرباء .....!!
ولا أستبعد أن يقترب يوم يطالب هؤلاء بكل وقاحة وفجور أن تتعاطى المرأة الزنا ،وتشرب الخمر وفق الشريعة الإسلامية!!
وما المانع من ذلك إذا كان أخس زنديق علماني قادراً على أن يلعب دور المفتي وإمام المذهب ، بجرة قلم حيث لا رقيب ولا حسيب .
خاتمة
وختاماً فهذه دراسة شرعية مختصرة ، حاولت من خلالها تأصيل هذه القضية المهمة ، وهي عمل المرأة وبيان الحق من الباطل على ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح ، وإبراز الدور الآثم الذي يقوم به العلمانيون والإباحيون لإخراج المرأة وتوريطها في دهاليز الأعمال المختلطة المشينة ، وأظن أنّ الموضوع بحاجة إلى مزيدٍ من العناية والاهتمام ليحي من حيّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ، وفيما يلي سرد لأهم نتائج البحث وتوصياته :
النتائج :
1/ الإسلام هو الدين الذي أكرم المرأة وأعاد لها كرامتها وإنسانيتها ، واستنقذها من استعباد الجاهلية في مراحل مختلفة .
2/ أنّ الإسلام ساوى بين المرأة والرجل في التكاليف والواجبات إلاّ ما اقتضته طبيعة الخلاف الفطري والنفسي بين الجنسين .
3/ أنّ البيت هو المكان الأصلي والملاذ الآمن للمرأة ، كما أن عملها في البيت هو الأصل لا العمل بالخارج .
4/ أنّ المرأة في غنى عن الخروج للعمل ، لأنّ الشارع أوجب النفقة عليها من قبل أبيها ثم زوجها أو من قبل ولي الأمر.
5/ أنّ خروجها للعمل عند الحاجة أو الضرورة لا بد له من شروط وضوابط .(97/212)
6/ أنّ خروج المرأة للعمل قد ترتب عليه مفاسد عظيمة في البلدان كافة ، وأنّ شهادات الغربيين أنفسهم من آكد الحجج والبراهين .
7/ أنّ أبرز الداعين لعمل المرأة هم العلمانيون الخونة الجبناء ، رغبة في تسهيل الاتصال المحرم وقضاء الوطر الحرام .
8/ أن دعاوى ومبررات العلمانيين لخروج المرأة دعاوى متهافتة وحجج باطلة .
التوصيات
التوكيد على ضرورة بقاء المرأة عاملة في بيتها , لما لها من الدور الفاعل في تربية أولادها وتوجيههم , والقيام بواجبات المنزل وحقوق الزوجية.
التوكيد على ضرورة قيام الأولياء والأزواج بحق النفقة على نسائهم حتى لا يضطررن للخروج إلى العمل , كما لا بد من ضمان قيام الدولة المسلمة بأعباء النفقة على المرأة حين فقد العائل .
ضرورة إسكات تلك الأصوات النشاز الداعية إلى تبذل النساء ، وتهتكهن ومزاحمتهن الرجل في الوظائف ودور العمل .
ضرورة التوعية الإعلامية بمخاطر خروج المرأة للعمل ، والاعتبار بما جرى للأمم الغربية وغيرها من الانهيار الأخلاقي الأسري.
ضرورة توعية المجتمع بأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في بيتها ومملكتها الصغيرة ، وبيان مدى حاجة المجتمع إليه
ــــــــــــــ
عمل المرأة ، رؤية شرعية
د. فؤاد بن عبدالكريم العبدالكريم
http://www.saaid.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.(97/213)
قبل الحديث عن هذا الموضوع أود الإشارة إلى أن عمل المرأة بالمفهوم الدارج هذه الأيام يعود في أصله إلى ظروف المرأة في الغرب، حيث خرجت مضطرة من بيتها للعمل، بسبب مقتل كثير من ذكورهم بعد الحربين العالميتين، وكذلك هجرة الكثير منهم بحثاً عن العمل.
أسباب خروج المرأة الغربية للعمل في الوقت الحاضر
وأما أسباب خروج المرأة الغربية للعمل في العصر الحاضر – بعد أن تزعزعت عندهم مفاهيم الأسرة والحياة الاجتماعية والأخلاقية -، فيمكن إيجازها فيما يلي:
1 - أن الأب في الغرب غير مكلف بالإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها؛ لذا فهو يجبرها على أن تجد لها عملاً إذا بلغت ذلك السن، ثم إنه كثيراً ما يكلفها دفع أجرة الغرفة التي تسكنها في بيت أبيه.
2 - أن الناس هناك يحيون لشهواتهم، فهم يريدون المرأة في كل مكان، فأخرجوها من بيتها لتكون معهم ولهم، ويدل على ذلك تسخيرهم لها لشهواتهم الدنيئة من خلال الأفلام الداعرة، والصور العارية، والإعلانات، ودور البغاء..إلخ.
3 - أن البخل والأنانية شديدان عندهم، فهم لا يقبلون أن ينفقوا على من لا يعمل، وهم لا يرون تربية الأولاد أمراً مهماً، ومهمة شاقة؛ لأنهم لا يبالون بدين ولا تربية ولا أخلاق.
4 - أن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية، فلا بد لها أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهراً – أو ما يسمى عندهم دوطة – لمن يريد الزواج بها، وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة الرجال فيها أكثر.
5 - البحث عن الحرية المزعومة، فالمرأة إذا خرجت من بيتها فعملت واستقلت اقتصادياً فإنها تشعر أنها حرة، وبالتالي فإنها تخادن من تشاء، وتصادق من تشاء، وتذهب حيث تشاء، بل وتنام حيث تشاء.
أصول وثوابت في عمل المرأة
هناك أصول وثوابت لابد أن نستحضرها عند الحديث عن عمل المرأة، منها:(97/214)
1 - إن الإسلام يرى أن التنمية الاقتصادية جزء من التنمية للمجتمع بأبعادها المختلفة، وهي لا تقتصر في الإسلام على التنمية المادية فحسب؛ لأن الإسلام يسعى إلى إسعاد الناس في الحياة الدنيا والآخرة. فالتنمية ليست عملية إنتاج فحسب، وإنما هي عملية إنسانية تستهدف الإنسان ورقيه، وتقدمه مادياً، وروحياً، واجتماعياً، وسلوكاً، وعادات، وأخلاقاً.
والإسلام يرى أن المال وجميع الأعمال المادية يجب أن تكون منضبطة بالأوامر والنواهي والتعاليم الشرعية، وهذه التعاليم منها ما هو ثابت لا يتغير مهما تغيرت الأزمان والأماكن، ومهما تغير الناس في طرائق معيشتهم، أو أساليب حياتهم، ومهما اختلفت وسائل إنتاجهم، أو ارتقت مفاهيم تفكيرهم في العلم والحياة. وهذه تتمثل في شيئين: العقيدة الإسلامية، والقيم والأخلاق.
وثبات الفطرة والعقيدة والقيم والأخلاق لا ينفي قيمة التطور وضرورته، وذلك باستنباط الأحكام الشرعية بطريقة الاجتهاد لحل المشكلات والنوازل، وتحديد العلاقات الجديدة حسب مفهوم الثابت والمتغير في الإسلام، وبالتالي تكون العقيدة والقيم والأخلاق ضوابط تضبط من خلالها التنمية الاقتصادية.
واعتبار القيم والأخلاق في ضبط الاقتصاد والتنمية هو الاتجاه السليم عند بعض علماء الاقتصاد، مثل: (آرثر سميثر) الذي قال بأنه لا يمكن وضع سياسات اقتصادية بدون الاعتماد على معايير أخلاقية.
2 - سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية بمختلف أنواعها، لا فرق في ذلك بين وضعها قبل الزواج وبعده.
فقبل الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية والمالية المستقلة عن شخصية ولي أمرها -أبيها أو غيره-.
فإن كانت بالغة يحق لها أن تتعاقد، وتتحمل الالتزامات، وتملك العقار والمنقول، وتتصرف فيما تملك، ولا يحق لوليها أن يتصرف في أملاكها إلا بإذنها، كما يحق لها أن توكل وأن تفسخ الوكالة.(97/215)
وكذلك المتوفى عنها زوجها -إذا كانت عاقلة بالغة- فلها أن تتزوج بمن تشاء، ولا يجوز عضلها -أي منعها من الزواج- لأخذ مالها الذي ورثته عن زوجها، أو إكراهها على الزواج بمن لا تريد.
وكذلك حمى الإسلام حقوق القاصرات من البنات، فإن كان لها مال فيجب على وليها المحافظة عليه وتنميته واستثماره، ثم يؤديه إليها بعد أن تكبر، ولا يحل له أن يأخذ منه شيئاً.
وكذلك بعد الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية الكاملة، فلا تفقد اسمها، ولا أهليتها في التعاقد، ولا حقها في التملك، فتحتفظ باسمها واسم أسرتها، وبكامل حقوقها المدنية، وبأهليتها في تحمل الالتزامات، وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية وما إلى ذلك، محتفظة بحقها في التملك تملكاً مستقلاً عن غيرها. فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة وثروتها الخاصة وذمتها المالية. وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته.
بل إن الزوج لا يجوز له أن يأخذ شيئاً من مال زوجته، أما إذا أذنت الزوجة بأخذ شيء من مالها فلا بأس بذلك.
كما أن الزوج لا يحل له أن يتصرف بشيء من أموال امرأته إلا إذا أذنت له بذلك، أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة عنها.
3 - لقد خفض الإسلام للمرأة جناح الرحمة والرعاية، في أمر الأعباء الاقتصادية، فكفل لها من أسباب الرزق ما يصونها عن التبذل، ويحميها من عناء الكدح في الحياة، فأعفاها من كافة أعباء المعيشة، وألقاها على كاهل الرجل، وهذه النفقة حق للمرأة ونصيب مفروض في ماله، وليست تفضلاً أو منّة منه، فلا يسعه تركها مع القدرة.
فما دامت المرأة غير متزوجة ولا معتدة من زوج، فنفقتها واجبة على أصولها، أو فروعها، أو أقاربها الوارثين لها. فإن لم يكن لها قريب قادر على الإنفاق عليها، فنفقتها واجبة على بيت المال.(97/216)
وكذلك شأنها في جميع مراحل الزوجية، سواء في ذلك مرحلة الإعداد للزواج، أومرحلة الزواج، أومرحلة انفصامه بالطلاق.
فأما مرحلة الإعداد للزواج، فقد ألقت الشريعة الإسلامية على كاهل الزوج طائفة من الواجبات الاقتصادية نحو زوجته المستقبلة، دون أن تكلفها هي أو تكلف أهلها أي عبء من هذا القبيل. ففي هذه المرحلة تنعم المرأة بجميع الحقوق، بينما يتحمل الرجل وحده جميع الواجبات، ومن أهمها: الصداق، وإعداد منزل الزوجية.
وأما مرحلة الزواج، فقد أعفيت المرأة من أعباء المعيشة وألقتها على كاهل الزوج، وبقيت الزوجة محتفظة بحقوقها المدنية - كما سبقت الإشارة إلى ذلك-.
فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة، وثروتها الخاصة، وذمتها المالية، وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته.
وهي مع هذا لا تكلف أي عبء في نفقات الأسرة مهما كانت موسرة، بل تلقى جميع هذه الأعباء على كاهل الزوج. ففي هذه المرحلة تنعم الزوجة بجميع حقوقها الاقتصادية والمدنية، بينما يتحمل الزوج وحده جميع الواجبات.
وكذلك الحال إذا انفصلت عرى الزوجية بالطلاق. ففي هذه الحالة يتحمل الزوج وحده جميع الأعباء الاقتصادية. فعليه مؤخر صداق زوجته، وعليه نفقتها من مأكل ومشرب ومسكن، مادامت في العدة، وعليه نفقة أولاده وأجور حضانتهم ورضاعتهم، وعليه نفقات تربيتهم بعد ذلك. ولا تكلف المرأة أي عبء اقتصادي في هذه الشؤون.
4 - الأصل في المرأة هو القرار في البيت، وعملها خارج بيتها خروج عن هذا الأصل، فمهمتها الأساس أن تكون راعية لأسرتها مربية لأطفالها ، والشرع قد تكفل لها بضمانات تجعل بقاءها في بيتها عزا لها وكرامة ، ومن ذلك إيجاب النفقة على الرجل، وإسقاط بعض الواجبات التي تسلتزم الخروج كصلاة الجماعة، والجهاد، والحج إذا لم يتيسر لها محرم.
5 - إن الإسلام يحث المسلم، ذكراً كان أو أنثى، على العمل، بالمفهوم الشرعي للعمل لا بالمفهوم المغلوط أو المستورد. كما أنه يعتبر العمل قيمة أساسية من قيمه،(97/217)
فالرجل عامل في طلب الرزق وبناء المجتمع، كما أن المرأة عاملة وراعية في بيتها وفي بناء أس مجتمعها، وهو الأسرة.
6 - العفة وحفظ العرض، مبدأ شرعي كلي متضمن في المقاصد الشرعية لحفظ ورعاية الضرورات الخمس المجمع على اعتبارها, التي ترجع إليها جميع الأحكام الشرعية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وأي انتقاص لمبدأ العفة هو عدوان على الشريعة ومقاصدها، وانتهاك لحقوق المرأة والرجل، وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين، وحفاظاً على هذا المبدأ العظيم حرم الإسلام الخلوة بالأجنبية، والاختلاط المستهتر، والخضوع بالقول، والسفر للمرأة بدون محرم ونحو ذلك، والمرأة قد تحتاج إلى العمل، أو يحتاج إليها المجتمع فتخرج، إلا أن هناك صعوبات تكتنف عمل المرأة؛ بسبب مخالفة العمل في بعض الأحيان لخصوصية المرأة، كالاختلاط، أو الخلوة، أو العمل خارج المدن مما يجعلها لا تأمن على نفسها؛ كما يشهد بذلك الواقع السيء لكثير من المستشفيات، أو توظيفها مندوبة مبيعات، أو سكرتيرة في الشركات أو المؤسسات.
7 - أن العمل يجعل المرأة تفكر في الاستغناء عن الرجل، ومن ثم تتمرد على حقه في القوامة والولاية، مما يؤدي إلى فساد العلاقة بين الرجل والمرأة، وتمزق شمل الأسرة، ولذلك زادت نسب الطلاق، والعنوسة .
8 - أن الأنثى ليست كالذكر في القدرة والتحمل لجميع مجالات العمل خارج المنزل؛ نظراً لطبيعتها، والواقع يشهد أن المرأة غالباً ترغب الجلوس في المنزل، ولكنها قد تخرج لسد حاجتها وحاجة أولادها، وبينت إحدى الدراسات أن حوالي 77% من النساء يفضلن البقاء في المنزل وعدم العمل إذا توفرت لهن الإمكانات المالية.
لأجل ما سبق ذكره من الأصول والثوابت، فإن هناك ضوابط عامة لمشاركة المرأة في التنمية، وضوابط خاصة لخروج المرأة للعمل، وهي على النحو التالي.
الضوابط العامة لمشاركة المرأة في التنمية:(97/218)
تقوم مشاركة المرأة في تنمية مجتمعها، على مجموعة من المبادئ والضوابط الاجتماعية، التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية وتتواءم مع مقتضيات العصر، ومن أهمها:
أ – تقسيم العمل:
فقد شاركت المرأة المسلمة في المجتمع الأول ولكن بقدر، فالإسلام دين يتلاءم مع الفطرة، ولا يكلف نفساً إلا وسعها، فكلف الرجل بالجهاد – مثلاً – وأسقطه عن المرأة. والإسلام كلف الرجل والمرأة بإقامة أركان الدين، وأسقط بعضها عن المرأة إسقاطاً مؤقتاً، وبعضها إسقاطاً دائماً.
وبهذا التقسيم يكون الإسلام قد وزع العمل بين الرجل والمرأة، كل حسب قدرته، وهذا ما تؤكده الدراسات الاجتماعية في الوقت الحاضر.
وتفسير الإسلام لهذا التقسيم أن الناس – وإن كانوا متساوين في كرامتهم كأسنان المشط – إلا أنهم مختلفون من حيث القدرات، والمواهب، والمقدرة الجسمية، فالذي يصلح للقيام بعمل ما قد لا يصلح للقيام بعمل آخر. فتخصيص بعض الأعمال للمرأة، وتخصيص البعض الآخر للرجل ليس فيه انتقاص من قدر المرأة وكرامتها، ولكنه تقسيم عادل يعد ضرورياً لاستمرار المجتمع.
ب – التخصص:
إن المرأة تختلف عن الرجل من حيث التكوين (البيولوجي)، وهذا بدوره يفرض أعمالاً معينة تناسب كلاً منهما.
فكما أن الرجال لا يصلحون -مثلاً- للقيام بتربية الأطفال (حضانتهم ورعايتهم)، فإن النساء لا يصلحن -أيضاً- لقيادة المدرعات وإقامة الجسور، وحفر المناجم، وغيرها من المهن الشاقة، وإن كان هناك تجاوزات -في هذا الشأن- فإنها تتعارض مع طبيعة المرأة وفطرتها، قبل أن تتعارض مع الإسلام وأحكامه.
فالإسلام لا يريد أن يرهق المرأة من أمرها عسراً، وهذا ما أثبتته دراسات عديدة من أن قدرة المرأة على التحمل تقل كثيراً عن قدرة الرجل، وذلك في بعض الجوانب، أما(97/219)
في الجوانب التي اختصها الله به، كالحمل والإرضاع ورعاية شؤون الأبناء والمنزل - وغيرها من الأمور - فلها قدرة أعلى من الرجل.
وهذا لا يقلل من إمكانات المرأة في مشاركتها تنمية مجتمعها، فالأمور التي تقوم بها في المنزل، من رعاية الأبناء والزوج وتوفير الاستقرار النفسي والاجتماعي، ليست بالمهمة السهلة التي يتصورها البعض.
ج – اختلاف القدرات:
نتج عن اختلاف التكوين البيولوجي للرجل والمرأة اختلاف في قدراتهما، فبالرغم من أن عقلية المرأة تقل عن عقلية الرجل، إلا أنهما في أمر التعليم والتأهيل متساويان، فكلاهما يحصل على نصيبه من التعليم، فيُعَدُّ كل منهما لما يناسبه من التخصصات، فتلتحق المرأة بالتخصصات التي تُعِدُّها لتتولى أعمالاً تتناسب مع طبيعتها الفطرية، حيث يرتبط التعلم بنوع العمل الذي يعد له الفرد - في ضوء احتياجات التنمية - في أي مجتمع من المجتمعات.
وهذا ما أكدته دراسات أجريت على نساء في الدول المتقدمة (أمريكا - كندا - بريطانيا - اليابان)، حيث كان التحاقهن بالتخصصات المهنية والتقنية ضعيف جداً، بعكس التخصصات النظرية، والاجتماعية، والخدمية، فقد كان عالياً، بالرغم من الحرية والمساواة التامة التي تتمتع بها المرأة هناك.
ولذا فإن الأمر يقتضي ضرورة إعادة النظر في خطط تعليم المرأة، بحيث تتفق مع طبيعة المرأة من ناحية، وظروف المجتمع واحتياجات التنمية من ناحية أخرى، دون أي تعدٍ على خصوصية المرأة.
الآراء المتداولة حول عمل المرأة:
الرأي الأول:
ونظرته هي السائدة الآن في وسائل الإعلام، وتتبنى النظرة الغربية للمرأة، وتعمل هذه الوسائل على تعميقها، وتقوم على أن عمل المرأة خارج منزلها هو العمل الحقيقي، وأن بقاءها في البيت تعطيلاً وتهميشاً لقدراتها، وينادي أصحاب هذه الرؤية(97/220)
بأن تقتحم المرأة سوق العمل بقوة، انطلاقاً من المفهوم المغلوط للمساواة التامة بين الرجل والمرأة دون أي قيود، كما أن سلبيات خروجها تغيّب، ولا يشار إليها، وفي هذا مغالطة صريحة للواقع الذي تعيشه المرأة الموظفة، ومخالفة لطبيعة المرأة الفسيولوجية.
كما أن أصحاب هذا الرأي يعتبرون الدين والقيم المنبثقة منه عائقاً أمام عمل المرأة واستثماراتها المالية (كتحريم الاختلاط، والخلوة، والسفر من دون محرم) (1)، ولذلك هم يقللون، بل ويسخرون من الأعمال التي تتوافق مع طبيعة المرأة (كتعليم البنات، والخياطة), ويفاخرون بالأعمال الأخرى التي فيها مخالفات شرعية ولا تتوافق مع طبيعتها (كأول مخرجة سينمائية، وأول قائدة طائرة، وأول مذيعة أخبار في التلفاز..الخ)، مما لا يتوافق مع طبيعة المرأة المسلمة ولا قيم المجتمع السعودي.
__________
(1) كما ورد في دراسة قدمتها الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، في شهر ربيع الأول 1424هـ، بعنوان " معوقات الاستثمارات النسائية في المملكة العربية السعودية" ص74 وما بعدها، ص88.
ومما يطرح في الساحة اليوم - من أصحاب هذه الرؤية -، الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل، والدعوة إلى فتح مجالات جديدة لعمل المرأة؛ كفتح مجالات التدريب والتعليم المهني للنساء، وكالعمل في الدفاع المدني، والشرطة، والمحاكم الشرعية، والبلديات، والغرف التجارية الصناعية، ومكاتب العمل والعمال، والمقاولات المعمارية، والأعمال الإعلامية (كالتمثيل، والمسرح، والإخراج، وغير ذلك)، والأعمال المهنية (كالسباكة، والهندسة الكهربائية، والنجارة، ونحو ذلك)، والعمل في المصانع، والعمل مضيفة في الطائرة، والسماح لمن يسمّين (سيدات الأعمال) بمقابلة الوفود التجارية، والسفر إلى الخارج، والسماح للنساء بالبيع في المحلات التجارية، وغير ذلك من الأعمال، التي تخالف طبيعة وفطرة المرأة، أو تعرض للمرأة للمخاطر بدخولها على البيوت مع خلو تلك البيوت من النساء، أو تعرض النساء إلى الخلوة المحرمة، أو(97/221)
البقاء في مكان العمل في أوقات غير مناسبة؛ كالوقت المتأخر من الليل، أو العمل في أماكن بعيدة عن التجمعات السكانية، أو تعريضها للاختلاط؛ وكان يجب الاستفادة من تجارب الدول التي اقتحمت المرأة فيها العمل بقوة، ودون ضوابط أصبحت تتعرض لتحرشات غير أخلاقية في أماكن العمل والدراسة والمنتديات وفي الشوارع.
السلبيات المترتبة على هذه الرؤية :
من المسلم به أن خروج المرأة من بيتها للعمل قد سبب أضراراً مختلفة على المرأة، والأسرة، والمجتمع، أضراراً وسلبيات اجتماعية، وأخلاقية، واقتصادية، ونفسية، وصحية، ويمكن إيجازها بالأمور التالية:
1 - إهمال الأطفال من العطف والرعاية. إذ لا شك أن عملية التربية تقوم على الحب والصدق والملاحظة طول الزمن، وبدون ذلك لا تتحقق التربية. ومحاضن الرضع والأطفال عند الآخرين، تظهر أنها لا تحقق للأطفال ما يتحقق لهم في بيوتهم؛ لأن المربية في المحضن مهما كانت على علم وتربية فإنها لا تملك قلب الأم.. فلا تصبر، ولا تحرص، ولا تحب كما تفعل الأم.
ومما يؤكد ذلك ما أشارت إليه عالمة غربية، حيث تقول: (( وخلال عملي ومن خبرتي كنت أجد الأطفال ذوي المشاكل النفسية، هم الذين عانوا حرماناً عاطفياً كبيراً في طفولتهم المبكرة؛ بسبب غياب أمهاتهم الطويل في أعمالهن، ولا يخفى أن الأم بعد عودتها من عمل يوم طويل مضن في أشد حالات التوتر والتعب؛ مما يؤثر على تعاملها مع طفلها مزاجياً وانفعالياً)).
فهل يوازي ما يخسره الأولاد من عطف الأمهات وعنايتهم ما تعود به الأم آخر النهار من دريهمات؟؟.
كما أن المرأة التي تخرج إلى العمل في المجتمعات التي تخالط الرجال فيه، وقد تخلو بهم، يؤدي ذلك إلى أضرار على سمعتها وأخلاقها.(97/222)
2 - من الأضرار أن المرأة التي تعمل خارج البيت تحتل - في كثير من الحالات- مكان الرجل المكلف بالإنفاق شرعاً على المرأة، وقد يكون هذا الرجل زوجها أو أخوها، ثم هي تدع في بيتها مكاناً خالياً لا يملؤه أحد.
3 - إن المرأة التي تعمل خارج البيت تفقد أنوثتها، ويفقد أطفالها الأنس والحب.
قالت إحدى أعضاء الحركات النسائية – وقد زارت أمريكا -: (( من المؤسف حقاً أن تفقد المرأة أعز وأسمى ما مُنحت – وأعني أنوثتها – ومن ثم سعادتها؛ لأن العمل المستمر المضني قد أفقدها الجنات الصغيرات التي هي الملجأ الطبيعي للمرأة والرجل – على حد سواء -، التي لا يمكن أن تتفتح براعمها ويفوح شذاها بغير الأم وربة البيت. ففي الدور وبين أحضان الأسرة سعادة المجتمع، ومصدر الإلهام وينبوع الخير والإبداع)).
4 – إن المرأة إذا خرجت من بيتها للعمل فستعتاد الخروج من البيت – ولو لم يكن لها عمل كما هو ملاحظ -، وبالتالي سيستمر انشطار الأسرة وانقطاع الألفة بين أفرادها، ويقل ويضعف التعاون والمحبة بين أفرادها – كما هو حال البلاد الغربية وقد كادت الأسرة تنهار كلياً.
5 - الآثار الصحية المترتبة على خروج المرأة، وتتمثل في أن عمل المرأة خارج المنزل، ولساعات طوال، يعرض المرأة لأنواع من الأمراض، يأتي في مقدمتها الصداع، فقد أكد رئيس نادي الصداع - الذي يشكل النساء فيه الغالبية العظمى - أن الصداع خمسة أنواع، وأن المرأة تتفوق على الرجل بأكثر من أربعة أنواع. وللصداع أسباب يأتي في مقدمتها العمل.
وهذه طبيبة نمساوية تقول: ((كنا نظن أن انخفاض نسبة الولادات بين العاملات ترجع لحرص المرأة العاملة على التخفف من أعباء الحياة في الحمل والولادة والرضاع تحت ضغط الحاجة إلى الاستقرار في العمل، ولكن ظهر من الإحصائيات أن هذا النقص يرجع إلى عقم استعصى علاجه. ويرجع علماء الأحياء سبب ذلك إلى قانون طبعي معروف، وهو أن الوظيفة توجد العضو، وهذا يعني أن وظيفة الأمومة أوجدت(97/223)
خصائص مميزة للأنوثة، وإنها لابد أن تضمر تدريجياً بانصراف المرأة عن وظيفة الأمومة؛ بسبب اندماجها مع عالم الرجال)).
6 - الأثر النفسي: فإن عمل المرأة وخروجها من البيت، وتعاملها مع الزميلات والرؤساء، وما يسببه العمل من توتر ومشادات - أحياناً -، يؤثر في نفسيتها وسلوكها، فيترك بصمات وآثاراً على تصرفاتها، فيفقدها الكثير من هدوئها واتزانها، ومن ثم يؤثر بطريق مباشر في أطفالها وزوجها وأسرتها.
إن نسبة كبيرة من العاملات يعانين من التوتر والقلق الناجمين عن المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهن، والموزعة بين المنزل والأولاد والعمل؛ لذا فإن بعض الإحصاءات ذكرت أن 76% من نسبة الأدوية المهدئة تصرف للنساء العاملات.
أما الاكتئاب النفسي، فقد قام أحد معاهد الصحة النفسية العالمية بإحصاء توصل فيه إلى أن الأرق والاضطراب والانفعال المستمر، أدى إلى أن أصبحت الحبوب المنومة والمهدئة جنباً إلى جنب مع أدوات الزينة في حقائب النساء. وتقول الكثيرات إن حياتهن الزوجية أصبحت لا تطاق، والكلمة التي تواجه بها الزوجة زوجها حين العودة من العمل (اتركني فإني مرهقة)، حتى علاقتها مع أولادها صار يسودها الانفعال والقسوة وارتفاع الصوت والضرب الشديد.
فقد نشرت مجلة (هيكاسا جين) الطبية أنه لا يكاد يوجد مستشفى أطفال في أوربا وأمريكا إلا وبه عدة حالات من هؤلاء الأطفال المضروبين ضرباً مبرحاً.
7 - الهدر الاقتصادي، ويتمثل ذلك في ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن المرأة مجبولة على حب الزينة والتحلي بالثياب والمجوهرات وغير ذلك، فإذا خرجت المرأة للعمل كل يوم، فكم ستنفق من المال على ثيابها وزينتها؟ لا شك أن الإنفاق على أدوات الزينة وخلافها سيبلغ رقمه – على مستوى الدولة – ملايين الدولارات - كما أثبتت ذلك الإحصاءات المتعلقة بهذا الجانب -، فماذا نطلق على هذا؟؟ أليس هدراً اقتصادياً لا تستفيد الأمة منه بشيء؟؟.(97/224)
الأمر الثاني: أن المرأة أقل عملاً وإنتاجاً من الرجل، وأقل منه رغبة في الطموح، والوصول إلى الجديد؛ ذلك أن ما يعتريها من العادة الشهرية، وأعباء الحمل والوضع، والتفكير في الأولاد، ما يشغلها حقاً أن توازي الرجل في عمله، ويعوقها عن التقدم بالعمل. والنادر من النساء لا ينقض القاعدة.
الأمر الثالث: الزيادة في نفقات المعيشة، رغبة في زيادة مستوى الأسرة، حيث دفع هذا الأمر بالمرأة إلى النزول إلى ميدان العمل للمشاركة في إعالة الأسرة ومساعدة الزوج في تحمل مسؤوليات المعيشة. وبما أن الحياة الحضرية تتطور فيها السلع والخدمات بشكل مستمر، فإن دخل الأسرة مهما نال من تحسين أو زيادة لا يمكن أن يفي بهذه المطالب المتجددة، وهكذا أصبحت الأسرة الحضرية تتجه نحو الاستهلاك المتزايد، وأصبحت ظاهرة الاستهلاك من الظواهر التي تهدد الأسرة دائماً بالاستدانة، أو استنفاد مدخراتها أولاً بأول.
8 - لخروج المرأة أثر في انخفاض معدلات الخصوبة والإنجاب في الأسرة، وارتفاع معدلات الطلاق، حيث يرتفع الطلاق بشكل واضح في أغلب المجتمعات الصناعية؛ نظراً لشعور المرأة بالاستقلال الاقتصادي، فلا تتردد في قطع علاقتها الزوجية، إذا لم يحقق لها الزوج السعادة التي تنشدها.
9 - أخيراً فإن المطالبة بخروج المرأة للعمل يمثل تهديداً أمنياً واقتصادياً للدولة، ذلك لأن أطروحات المطالبة بتوظيف النساء تضغط على وتر حساس، والدولة مهما كانت إمكاناتها لا يمكن أن تستطيع توفير فرصاً وظيفية لهذه الأعداد الكبيرة من النساء والرجال، فاعتبار العمل خارج المنزل من حقوق المرأة التي تطالب الدولة بتوفيرها سيفتح عليها باب يصعب إغلاقه فيما بعد، فيكون معول هدم يهدد أمن هذه البلاد.
إحصاءات سريعة:
أجريت استبانة على مجموعة من النساء الأمريكيات حول المساواة وعمل المرأة، فكانت الإجابة:(97/225)
* 87% قلن: لو عادت عجلة التاريخ للوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها!
* 80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد.
* 87% من العاملات من 85 مليون امرأة يفضلن البقاء في المنزل من نساء أوربا وأمريكا واليابان وكندا.
* 12 مليون حالة طلاق بسبب عمل المرأة 85% منها في الغرب.
* في الولايات المتحدة في عام واحد: 5600 طفل دخلوا المستشفى بسبب ضرب أمهاتهم العاملات لهم، غالبهم تعرض لعاهات بسب الضرب.
* أثبتتِ الدراساتُ أنّ العديدَ من السيّداتِ الأمريكيّاتِ الطموحاتِ مقتنعاتٌ بإمكانيّةِ تأخيرِ سنِّ الحملِ إلى الأربعين، لتحقيقِ طموحاتهنَّ في العملِ!!.. ويقولُ العلماءُ إنّه كلّما تقدّم العمرُ تعذّرَ علاجُ العقم، وتعذّرتِ مساعدةُ المرأةِ على الإنجاب، كما في حالةِ انسدادِ أنابيبِ المبيض.. وتصلُ نسبةُ الحملِ للسيّداتِ اللاتي يبلغُ عمرُهنَّ الأربعينَ إلى 10% فحسب، حيثُ يصبحُ نصفُ البويضاتِ في هذه السنِّ غيرَ طبيعيٍّ من ناحيةِ الكروموزومات، ويتضاعفُ عددُ البويضاتِ غيرِ الطبيعيّةِ إلى 90% عندَ سنِّ 42 عاما!
وأجريت دراسةٌ على 1647 سيّدةً من السيداتِ الناجحاتِ في عملهنّ، من بينهنَّ 1168 امرأةً تحصلُ على دخلٍ يزيدُ بمقدارِ 10% مقارنةً بالسيّداتِ في نفسِ أعمارِهنّ، أو سيّداتٍ حاصلاتٍ على درجاتٍ علميّةٍ في مجالي الطبِّ والقانون.. وكانتِ النتيجةُ أنَّ 42% من السيّداتِ الناجحاتِ في الشركاتِ الأمريكيّةِ ما زلنَ بدونِ أطفالٍ بعدَ سنِّ الأربعين، وارتفعت هذه النسبةُ إلى 49% بينَ النساءِ اللاتي تحصلنَ على 100 ألف دولار أو أكثر.(97/226)
وقد أوضحَ آخرُ تعدادٍ للسّكانِ في (أمريكا) أنّ حالاتِ العقمِ في تضاعفٍ مستمرّ في السنواتِ العشرينَ الأخيرة، فثمَّ امرأةٌ بينَ كلِّ خمسِ سيّداتٍ تتراوحُ أعمارُهنَّ بينَ الأربعينَ والخمسينَ بدونِ أطفال!!!
الرأي الثاني:
وهو النظر لعمل المرأة من منظور شرعي، ينطلق من الأصول والثوابت التي ذكرت في أول هذه الورقة، ويتلخص في أن المرأة لها خصوصيتها الدينية، والنفسية، والجسدية، والعاطفية، والاجتماعية، وأن النفقة واجبة للمرأة على وليها والقائم بشؤونها (أباً كان أو زوجاً أو نحوه)، وأن الأصل قرار المرأة في بيتها ورعايتها لشؤون المنزل والأبناء والزوج، وأن الإسلام أباح لها العمل إذا احتاجت لذلك، أو احتاج إليها المجتمع، لتعليم بنات جنسها، وتطبيبهن ونحو ذلك، في إطار تلك الخصوصية.
ولأهمية الأمر، لا بد من الإشارة إلى مغالطة شائعة في مفهوم العمل، عند الحديث أو المطالبة بعمل المرأة، حيث يطلق عليه لقب " الأجير الخاص"، وهو: " العمل مدفوع الأجر"، أو "تلك الأعمال التي تمارسها المرأة حال كونها أجيرة لشخص لا تربطها به إلا الروابط المادية". فلا يحتسب من العمل -مثلاً- تلك الأعمال التي تمارسها المرأة في بيتها، من تربية للأبناء، أو حسن تبعل للزوج، أو رعاية للوالدين ونحو ذلك. وغالباً ما توصم المرأة غير الأجيرة بأنها عاطلة، وبأن عدم دخول المرأة "سوق العمل" أجيرة يعتبر تعطيلاً لنصف المجتمع. وهذه مغالطة، انطلت على كثير من الناس، حتى أصبح الخيار في حس المرأة, هو أن تكون "عاملة" خارج بيتها أو تكون "عاطلة" في بيتها، والصحيح أن الخيار هو إما أن تكون "عاملة أجيرة"، أو تكون " عاملة حرة ".
إن الخلل في هذا المفهوم يدفع المرأة لتضغط على نفسها، وعلى أسرتها، وعلى مجتمعها؛ لتتحول من كونها عاملة حرة في بيتها؛ لتكون أجيرة خارج بيتها، مما يؤدي إلى كثير من الأضرار - سبق ذكرها -.(97/227)
ولقد أثبتت الأرقام الاقتصادية التفصيلية في أحد تقارير الأمم المتحدة في أوائل الثمانينيات الميلادية {أن خروج المرأة للعمل أجيرة يكلف مجتمعها 40% من الدخل القومي}. وذلك خلافا لما يروج له من أن خروجها للعمل أجيرة يدعم الاقتصاد و الناتج المحلي، كما أن التقرير ذاته يقول في فقرة أخرى منه { لو أن نساء العالم تلقين أجوراً نظير القيام بالأعمال المنزلية لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد}.
وقد قامت مؤسسة مالية في الولايات المتحدة بدراسة عمل الأم في المنزل (كالتربية، والطبخ، والإدارة المالية، والعلاج النفسي للأسرة..إلخ)، ومحاولة تقديره بحسابات مادية على الورق، فوجدت أن الأم تستحق أجراً سنوياً يصل إلى 508 آلاف دولار، وقال المحلل المالي لهذه المؤسسة: ((حيث إن الأم تعمل 24 ساعة مستمرة يومياً، توصلنا إلى أنها تستحق أجر وقت دائم سنوي، يساوي أجر 17وظيفة مهمة)).
ولأجل هذا يجب إبراز دور المرأة والأم في المنزل، وأنه لا يمكن تعويض غياب الأم في المنزل بأي حال من الأحوال.
* ضوابط عمل المرأة في الإسلام:
في الحالة التي يباح فيها للمرأة بالعمل خارج البيت، لا يصح أن يكون ذلك حسب ما تريده وتهواه، بل إن الأمر مقيد بضوابط وضعها الإسلام؛ حتى يحفظ للمرأة كرامتها، وهذه الضوابط هي:
1 - أن يأذن لها وليها – زوجاً كان أم غير زوج – بالعمل، وبدون موافقة وليها لا يجوز لها العمل؛ لأن الرجل قوام على المرأة، إلا إذا منعها نكاية بها وظلماً مع حاجتها للعمل، فلا إذن له.
2 - ألا يكون هذا العمل الذي تزاوله صارفاً لها عن الزواج - الذي حث عليه الإسلام وأكده- أو مؤخراً له بدون ضرورة أو حاجة.
3 - كما أن الإسلام يحث على الإنجاب وكثرة النسل، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تجعل العمل صارفاً لها عن الإنجاب بحجة الانشغال بالعمل.(97/228)
4 - ألا يكون هذا العمل على حساب واجباتها نحو زوجها وأولادها وبيتها، فعمل المرأة أصلاً في بيتها، وخروجها للعمل لا يكون إلا لحاجة وضرورة.
5 - ألا يكون من شأن هذا العمل أن يحملها فوق طاقتها.
6 - أن يكون عملها لحاجة، وتكون هي في حاجة للعمل، إذا لم يكن هناك من يقوم بالإنفاق عليها من زوج أو ولي، وأما إذا كان هناك من يقوم بالإنفاق عليها، فليست في حاجة للعمل، وإذا لم تكن في حاجة، فلا داعي أن تعمل، إلا إذا كانت هناك مصلحة عامة تستدعي العمل، مثل أن يكون عملها من قبيل فروض الكفاية، كتدريس بنات جنسها ووعظهن، ومعالجتهن، أو أي عمل آخر يتطلب تقديم خدمة عامة للنساء. أو يكون من وراء عملها مصلحة خاصة، كإعانة زوج، أو أب، أو أخ.
7 - كما أنه من الضوابط أن يكون عمل المرأة مشروعاً، والعمل المشروع: ما كان متفقاً مع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، مثل: البيع والشراء، والخياطة، والتعليم، والتعلم، ومزاولة الطب – خاصة أمراض النساء -، والدعوة إلى الله، وغير ذلك من الأعمال المشروعة. وأما الأعمال غير المشروعة، فهي: كل عمل ورد النهي بخصوصه في الشريعة الإسلامية. ومثاله: عمل المرأة في المؤسسات الربوية، ومصانع الخمور، والرقص والغناء والتمثيل المحرم، ومزاولة البغاء، وأي عمل يكون فيه خلوة أو اختلاط محرمان، كالعمل مضيفة طيران، أو سكرتيرة خاصة لرجل ليس محرماً لها.
8 - أن يتفق عمل المرأة مع طبيعتها وأنوثتها وخصائصها البدنية والنفسية، مثل الأعمال المشروعة التي ذكرت آنفاً. وأما الأعمال التي لا تتفق مع طبيعتها ولا أنوثتها، مثل: العمل في تنظيف الشوارع العامة، وبناء العمارات، وشق الطرق، والعمل في مناجم الفحم، وغيرها من الأعمال الشاقة، فلا يجوز لها أن تمارسها؛ لأن ممارستها يعتبر عدواناً على طبيعتها وأنوثتها، وهذا لا يجوز.
9 - من الضوابط - أيضاً - أن تخرج للعمل باللباس الشرعي الساتر لجميع جسدها، بأوصافه وشروطه، وأن تغض بصرها.(97/229)
ومن شروط اللباس الشرعي: (أ- أن يكون ساتراً لجميع البدن ب- أن يكون كثيفاً غير رقيق ولا شفاف ج- ألا يكون زينة في نفسه، أو ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار د- أن يكون واسعاً غير ضيق، فلا ُيجسِّم العورة، ولا يظهر أماكن العورة هـ- ألا يكون معطراً فيه إثارة للرجال و– ألا يكون اللباس فيه تشبه بالرجال ز- ألا يشبه لبس الكافرات ح- ألا يكون لباس شهرة – وهو كل ثوب يقصد به الاشتهار بين الناس، سواء أكان الثوب نفيساً أو يلبس إظهاراً للزهد والرياء).
10 - أخيراً من الضوابط لعمل المرأة ألا تخالط الرجال الأجانب، فلا يجوز للمرأة العاملة أن تخالط الرجال الأجانب، وأي عمل يقوم على المخالطة يعتبر عملاً محرماً، لا يرضاه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فإذا ما توفرت هذه الشروط جاز للمرأة للمسلمة العمل، وإلا فلا.
مقترحات للرقي بعمل المرأة:
إن عمل المرأة في بلادنا يتركز معظمه في مجال تعليم البنات، وتبلغ النسبة 84% - حسب إحصائية وزارة الخدمة المدنية عام 1422هـ - من النساء السعوديات العاملات، وما زال هناك إقبال شديد على هذا التخصص؛ لمناسبته الشديدة لظروف المرأة، دون أن يكون هناك وظائف شاغرة تغطي الطلبات.
ومن الاقتراحات التي تطرح لحل مثل هذه القضية تقليل عدد الأيام، فتكون المرأة تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع فقط مع خفض الرواتب، وفي هذا بقاء للمرأة في منزلها أكبر فترة ممكنة، وتوفير للوظائف من جهة أخرى، كما ينبغي العمل بنظام التقاعد المبكر، ويكون اختيارياً، وأما من حيث الإجازات: فنرى إعادة النظر في إجازة الأمومة فيكون من حق الموظفة أن تأخذ ثلاثة أشهر براتب كامل، وستة أشهر بنصف الراتب، وسنتين بدون راتب، وكذلك توفير أماكن حضانة للأطفال الرضع، خاصة بعد إلغاء - للأسف - ساعة الرضاعة التي كانت تمنح للمعلمة لإرضاع طفلها.(97/230)
وفي مجال الطب يعزف كثير من النساء عن الالتحاق بكليات الطب، أو يعزف الرجال عن الزواج بطبيبات؛ بسبب نظام الاختلاط المزري بالمستشفيات، وبسبب سوء نظام دوام وعمل الطبيبات، ولو طبق المقترح السابق، وأصبحت المرأة لا تعمل إلا بنصف عدد الساعات لازداد استيعاب عدد أكبر من الطبيبات، وتوفرت فرص وظيفية للمرأة، خاصة إذا حلت مشكلة الاختلاط - سيأتي ذكر ذلك في الفقرة التالية -.
وكذلك من الاقتراحات حق الموظفة في العودة إلى عملها بعد الانقطاع عنه لظروف الأسرة، وهذا من شأنه أن يجعل المرأة تستطيع أن توازن، فتعمل إذا تهيأت ظروفها، وتترك إذا لم تستطع ذلك؛ لظروف بيتها وأولادها.
توفير فرص عمل مناسبة للمرأة:
ابتداء نؤكد على أن الأصل بقاء المرأة في منزلها، ثم إذا أراد المرأة العمل لحاجة أو ضرورة، فإن هناك أفكاراً وفرصاً للعمل تضمن للمرأة خصوصيتها، وتقلل السلبيات المترتبة على العمل، ومن ذلك:
المكتب المنزلي، وهي فكرة تحقق لمن ترغب من النساء أن تمارس عملاً ما في بيتها، أو تمارس مشاريع استثمارية صغيرة، وفي نفس الوقت ترعى أسرتها. وهذا النوع من العمل منتشر في أمريكا وأوربا، وقد أوجد في أمريكا – وحدها – 41 مليون فرصة عمل، ويحقق العاملون والعاملات منه عوائد جيدة.
بل كشفت دراسة أجريت في اكتوبر عام 1996م أن ما يقرب من 46 مليون من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا معظمهم من النساء يعملون من أجل إيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلاً أكثر من دخل أصحاب المكاتب.
كما جاء في تقرير للأمم المتحدة عام 1985م أن النساء في الدول الصناعية يساهمن بأكثر من 25_40%من منتجات الدخل القومي بأعمالهن المنزلية.(97/231)
ويمكن تفعيل هذه الفكرة بأمور كثيرة، حيث هناك دراسات تضمنت اقتراحات جديرة بالاهتمام والتفعيل، حيث أوصت ببعض الأعمال التي يمكن للمرأة أن تمارسها وهي داخل منزلها، من تلك الأعمال:
استخدام المرأة للحاسب الآلي وشبكة المعلومات "الإنترنت"، كأعمال ( الطباعة، السكرتارية، مساعدة إدارية - تخطيط - تحرير صحافي - معالجة إدخال بيانات - تحليل مالي - باحثة إنترنت - تدقيق لغوي - مبيعات وتسويق - ترجمة لغات - معالجة نصوص - إعلانات - تصميم فني - تصميم ديكور ).
وكذلك من الأعمال تفصيل ملابس رجالية أو نسائية، حيث يكون هناك مكتب يستقبل الطلبات، وتحت هذا المكتب موظفات توزع عليهن أدوات الخياطة، ويطلب منهن تفصيل نوع معين من اللباس، ويمكن أن تطبق بنجاح في اللباس الموحد، وتصنيع الأدوات الخفيفة؛ كالمكياج، والعطور، ونحوها، وتأجير أدوات الحفلات، أو الرحلات أو الملابس، أو بيعها، وكذلك بعض الصناعات التقليدية، أو الرسومات غير المحرمة، وغيرها من المهن التي تناسب طبيعة المرأة وهناك تجارب محلية ناجحة تدير فيها المرأة عملها من بيتها، وتجري تحقيقات، ودراسات مهمة من خلال التواصل عبر الأجهزة المختلفة.
وأما من حيث الأعمال التي تكون خارج المنزل، فإن هناك أعمالاً تتوافق مع طبيعة المرأة، وليس فيها مخالفة للشرع المطهر، ومن ذلك:
الأعمال الاجتماعية: فهناك نقص شديد في هذه الأعمال، كمكاتب الاستشارات الاجتماعية والشرعية، ودور التوجيه والإرشاد الشرعي والنفسي، ودور الرعاية الاجتماعية، ومراكز التنمية الريفية، وهي أعمال متعلقة بالنساء، وفيها فرص وظيفية كثيرة.
المستشفيات: حيث إن الإحصاءات تثبت أن نسبة العاملات في الوظائف الصحية لا تتجاوز 4,7% من الوظائف، مما يعني توفر عشرات الآلاف من الوظائف الطبية النسائية في هذا القطاع، ويبقى - حتى تقبل النساء على هذه الوظائف - القضاء على(97/232)
مشكلة الاختلاط في هذه المستشفيات، وذلك بتوفير المستشفيات النسائية الحكومية، التي لا يعلم لماذا لم ترى النور حتى هذه اللحظة، رغم توفر كوادر طبية نسائية في مختلف التخصصات الطبية؟!، أو على الأقل إقامة أقسام نسائية متكاملة في كل مستشفى، وكذلك تشجيع المستشفيات النسائية الخاصة ودعمها في سائر مناطق المملكة، وهناك تجارب ناجحة في هذا المضمار.
التعليم: وذلك في الجامعات والكليات، والمدارس الخاصة، والمدارس الحكومية في القرى. فقد أثبتت الإحصاءات الصادرة من وزارة الخدمة المدنية/ مركز المعلومات، أن نسبة مشاركة المرأة في قطاعات العمل الحكومي بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس والمحاضرين والمعيدين من النساء تبلغ فقط 1،5%، من أعداد النساء العاملات، وهي نسبة ضئيلة جداً، فيجب توجيه النساء إليها؛ لتغطية هذا القطاع النسائي المهم.
الأسواق النسائية الخاصة: فينبغي تفعيل هذه الأسواق، وتحويل كثير من الأسواق المختلطة إلى أسواق نسائية؛ للقضاء على كثير من السلبيات الموجودة حالياً في الأسواق، مثل المعاكسات، وحالات الإركاب غير المشروع، والتبرج والسفور من قبل بعض ضعيفات النفوس، وكذلك الحرج التي تلاقيه كثير من النساء عند شراء حاجياتهن الخاصة، وغير ذلك من السلبيات، وكذلك توفير فرص وظيفية لوجود بائعات سعوديات تتوفر لهن الخصوصية التامة. مع التنبيه إلى الإغلاق المبكر لهذه الأسواق، وهذا الأمر ليس بدعاً، وإنما هو موجود في كثير من بلاد العالم. وينطبق الحديث السابق على الحدائق وأماكن الترفيه النسائية.
المشاغل النسائية: وهي تقوم بأعمال تخالف ما افتتحت من أجله، وأصبحت تسبب قلقاً أمنياً، وأخلاقياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وفكرياً - بل وصحياً – على النساء، وبالتالي على المجتمع؛ بسبب تواجد عمالة نسائية من غير نساء البلد، بل وغير مسلمات، وللقضاء على هذه المشكلة يقترح منع توظيف غير السعودية؛ حتى تحل مشكلتان في نفس الوقت، ويكفي أن يعلم أن في الرياض وحدها - على سبيل المثال - أكثر من 3500 مشغل، كما ذكر ذلك في إحدى الصحف المحلية.(97/233)
وكذلك يقترح في هذا الجانب فتح معاهد نسائية لتعليم الفتيات فن التجميل والعناية بالبشرة؛ حتى تستغني الفتيات عن الذهاب إلى مثل هذه الأماكن المشبوهة، مع تيسير قروض لخريجات معهد الخياطة.
تعزيز الإيجابيات: من الإيجابيات الملحوظة على عمل المرأة في بلادنا تساوي المرأة مع الرجل في الأجر عند تساوي عدد ساعات العمل والاعتبارات الأخرى، وهذه إيجابية ينبغي أن تعزز، كما أن من الإيجابيات الخصوصية التي تحظى بها المرأة الموظفة في أماكن كثيرة، وكذلك توفر جو العمل المناسب، وهو أمر يستحق الإعجاب والتقدير، ويجب المحافظة عليه، وهناك تصريحات من نساء غربيات يثنين فيها على وضع المرأة السعودية - بعد زيارتهن للمملكة - في جميع شؤون حياتهن التعليمية والاجتماعية والأسرية والأخلاقية، حيث اعتبرن أن وضعية المرأة السعودية هي النموذج المثالي للمرأة في المجتمعات الإسلامية - بل والعالمية -، وأن المرأة السعودية قادرة على الجمع بين الالتزام بحجابها، وقدرتها على متابعة التحصيل العلمي والعملي.
فيجب أن نتمسك بهذا التميز، ولا نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.
وفي الختام : يجب توعية المجتمع حول أن الأصل للمرأة هو القرار في البيت إذا اختارت ذلك، ونحو ذلك من القضايا التي تطرح في الصحف من زاوية واحدة تثير المرأة السعودية التي تختار البيت، وتحب رعاية الأطفال، وقد طرح عدد من الفتيات يشكلن نسبة 53%تقريبا من عدد خريجات بلغن مائة طالبة شكواهن من نظرة المجتمع السلبية لهن بعد التخرج إذا اخترن البقاء في البيت.
كما ينبغي التركيز على أن العلم والتعليم خاصة بالنسبة للمرأة يفترض أن يكون للرقي بمستوى المرأة العلمي والثقافي، وقبل ذلك الديني، ورفع الجهل عنها وإعدادها لتكون أما صالحة قادرة على إنشاء جيل يتحمل مسؤولية النهوض بأمته.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
د. فؤاد بن عبدالكريم العبدالكريم(97/234)
Dr25252@hotmail.com
ــــــــــــــ
المرأةُ والولايات السيادية
تقديم
فضيلة الشيخ العلامة : عبد الرحمن بن ناصر البراك
وفضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن رزق طرهوني
وفقهما الله تعالى
تأليف
عبد الرحمن بن سعد الشثري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
أمَّا بعد : فقد اطلعتُ على البحث الذي كتبه أخونا الشيخ : عبد الرحمن بن سعد الشثري , في حكم تنصيب المرأة في الولايات العامة , كالإمامة العظمى , والوزارة , والإدارة , فوجدته بحثاً جيِّداً , قد تضمَّن ذكر الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء في هذه المسألة , مما يتضمَّنُ الرَّد على أصحاب التوجُّه التغريبي من المنافقين والمخدوعين , فجزى الله المؤلف خيراً , ونفع بما كتبه .
وذلك بمناسبة ما نُشر في بعض الصحف من ترشيح عدد من النسوة ليكنَّ سفيرات في وزارة الخارجية , وهي خطوة مسبوقة لخطوات تغريب المرأة المسلمة , وهو تحقيق لِما تقضي به وثيقة هيئة الأمم المتحدة من تحريم التمييز ضد المرأة – أي تمييز الرجل على المرأة – وذلك يعني التسوية بينهما في جميع المجالات , وهي وثيقةٌ باطلةٌ , لأنها مناقضةٌ لجميع أحكام الإسلام التي فيها تمييزٌ بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ )) (المائدة:50) .
وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .(97/235)
حُرِّر في يوم الخميس 10/9/1426هـ .
أملاه
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله .
أمَّا بعد : فقد اطلعت على رسالة الأخ الكريم المفضال الشيخ عبد الرحمن بن سعد الشثري , وعنوانها : المرأة والولايات السيادية , فوجدتها رسالة قيِّمة , تسدُّ ثغرة هامة في وقتنا الحاضر , وتُمثِّل حصناً دفاعياً تجاه النعرات التي يعلو صوتها هذه الأيام .
وقد أجاد أخونا الفاضل وفقه الله لكل خير في تستطير تلكم الرسالة القيمة , وذلك ضمن اهتماماته المتكرِّرة , نفع الله به بما يَجدُّ في الساحة الإسلامية من مسائل ينتظر فيها ناشدو الحق من المسلمين الإيضاح والبيان من أهل العلم , ولكنهم يُصابون بخيبة أمل حينما لا يجدون البيانَ الشافي, والتوضيح الْمُؤصَّل , فكانت هذه الرسائل نبعاً صافياً ينهلُ منه كلُّ من اختلطت عليه الأمور وتلاقفته الأهواء .
والمرأة خلال أربعة عشر قرناً خلت كانت مملكتها بيتُها , وحجابها سترها , وحياؤها هو رأس مالها مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)) , ولِما روي عنه أيضاً من قوله : ((من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين )) , وتبيينه صلى الله عليه وسلم أنَّ النساء أسيرات عند أزواجهنَّ حيث قال : (( اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم )) .
والنصوص في هذا المعنى كثيرة , وقد نقل الشيخ عبد الرحمن طائفة منها تُغني عن غيرها , وأردفها بفهم علماء الأمة الجهابذة فلم يترك مجالاً لمغرض أو لعابث فجزاه الله خير الجزاء .(97/236)
وخروج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال مفتاح كل فساد وشر , وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( المرأةُ عورةٌ ، فإذا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشيطانُ ، وأقربُ ما تكونُ مِن ربِّها إذا هيَ في قَعْرِ بيتها )) .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( بلغني أنَّ نساءكم ليُزاحمْنَ العلوج في الأسواق ، أما تغارون ؟ إنه لا خير في مَنْ لا يغار ) .
ولا شك أن تولية المرأة أيَّ ولاية هو انتكاس لفطرتها وتعريض لها لأن تَفتن وتُفتن , ولا يرضى رجل لأهله مثل ذلك إلاَّ وهو ناقص في رجولته مضيع للأمانة التي استرعاه الله إياها , وإذا كان الله تعالى قد حرَّم تمكين النساء والأطفال من التصرف في الأموال إلاَّ تحت الوصاية والرعاية من الرجال فقال : ((وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً)) (النساء:5) كيف بما هو أعظم من ذلك من ولايات أهل الإسلام .
وها هو الغرب الكافر الذي فُتحت فيه أبواب الاختلاط السافر وتولية المرأة المناصب يشهد أهله من خلال دراسات ميدانية أن المرأة العاملة تتعرض دوماً للابتزاز الجنسي , ولا تكاد تسلم المرأة من ذلك حتى وإن كانت دميمة , فسبحان من شرع للمرأة الحجاب والقرار في البيت ومباعدة الرجال الأجانب .
أسأل الله تعالى أن يجزي الشيخ عبد الرحمن خير الجزاء على هذه الرسالة القيمة , وأن ينفع بها قارئها , وإني أُهيب بولاة أمور المسلمين - وفقهم الله - أن يَعضُّوا على ما جاء فيها بالنواجذ , وأن يسعوا إلى نشرها بكلِّ وسيلة ممكنة , بل هي أهلٌ لأن تُوزَّع على الطالبات في مراحل الدراسة المختلفة في بلاد المسلمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه
د. محمد بن رزق بن طرهوني
المدينة النبوية في 15/11/1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم(97/237)
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده نبيِّنا وسيِّدنا وقدوتنا محمد صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم .
أما بعد : فقد اقترحَ بعضُ من يُظنُّ به الخير لمصالحَ يراها أنْ تُنشأ وزارة تختصُّ بشؤون المرأة , يتولاَّها امرأةٌ على مرتبة وزير , وكذلك : أن تتولَّى شؤون تعليم النساء امرأة على مرتبة وزيرة أو نائبة وزير , ودعا غيرهم إلى أن تولية المرأة بعض الوزارات , ودخولها الانتخابات الرئاسية في بعض الدول , ودَعَى بعضهم إلى إدخال المرأة في السلك الدبلوماسي فتكون منهن السفيرة والممثلة القنصلية .. إلخ .
ولقد عَدَّ الحافظ ابن رجب الحنبلي ت795هـ - رحمه الله - الرَّد على المقالات الضعيفة وتبيين الحقِّ في خلافها بالأدلة الشرعية : من النصيحة لله , ولكتابه , ولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ([1]) .
ولبيان الحقِّ فيما ذُكر , والتعاون على البرِّ والتقوى أكتبُ عن حكم تولِّي المرأة للخلافة العظمى , والوزارة , ما دونها مما فيه ولاية لها على الرجال كالسفارة مثلاً , وذلك عبر الفصول التالية :
الفصل الأول : معنى الولاية , والوزارة , والسفارة .
الفصل الثاني : أقسام الوزارة , وشروط مُتقلِّدها .
الفصل الثالث : دلالة الكتاب على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الفصل الرابع : دلالة السنة على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الفصل الخامس : الإجماع على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الفصل السادس : دلالة العقل على حُرمة تولِّي المرأة للولاية والوزارة والسفارة .
الخاتمة .
وإلى الرسالة نفعني الله والمسلمين بها .
الفصل الأول
معنى الولاية , والوزارة , والسفارة .
معنى الولاية أو الإمامة أو الخلافة :(97/238)
قال أبو الحسن علي بن محمد الماوردي ت450هـ رحمه الله تعالى : ( الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ) ([2]).
والمعنى : وسياسة الدنيا به , أي : بالدين .
معنى الوزارة :
قال أبو بكر بن العربي ت543هـ رحمه الله : ( الوزارة ولاية شرعية , وهي عبارةٌ عن رَجُل موثوقٍ به في دينه , يُشاوره الخليفة فيما يَعِنُّ له من الأمور ) ([3]) .
معنى السَّفارة :
( عمل السفير ومقامه ) ([4]) , والسفير : ( الرسول والمصلح بين قومين , وفي القانون الدولي : مبعوث يُمثِّل الدولة لدى رئيس الدولة المبعوث إليها ) ([5]) .
وقال أبو زكريا محيي الدين النووي ت676رحمه الله : ( في آخر الباب الرابع من كتاب الخلع : أصل السفارة الإصلاح , يُقال : سفرت بين القوم أي أصلحت , ثمَّ سُمِّي الرسول سفيراً لأنه يسعى في الإصلاح ويُبعثُ له غالباً ) ([6]) .
الفصل الثاني
أقسام الوزارة , وشروط مُتقلِّدها .
ذكر علماء الأحكام السلطانية أنَّ الوزارة تنقسم إلى قسمين :
وزارة التفويض : وهي : ( أنْ يَسْتَوْزِرَ الإمامُ مَنْ يُفوِّضُ إليه تدبيرَ الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده ) ([7]) .
( ويُعتبرُ في تقليد هذه الوزارة شروط الإمام ) ([8]) الأعظم من : الإسلام ([9]) , والتكليف ([10]) , والحرية ([11]) , والذكورة ([12]) , والعدَالة ([13]) , والاجتهاد ([14]) , والكفاية ([15]) ( إلاَّ النسب وحده ) ([16]) , ( فإنه لا يُعتبرُ فيه كونه قرشياً ) ([17]) .
وهي أشبه ما يكون بمنصب رئيس الوزراء ([18]) من جهة التفويض العام , أمَّا التفويض الْمُقيَّد فيدخل فيه بقيَّة الوزراء .
القسم الثاني : وزارة التنفيذ :(97/239)
و ( هي التي لا يكونُ لصاحبها تدبير الأمور باجتهاده , وإنما يكونُ عملُه فيها قاصراً على تنفيذ أوامر الخليفة والتزامِ آرائه ) ([19]) .
وفي عصرنا الحاضر : لَمْ تَعُدْ فيه وزارات التنفيذ مقصورة على أوامر الحاكم الْمُقيَّدة بالأنظمة والقوانين , بلْ أصبحَ لكلِّ وزارة تنفيذية صلاحيات عامة لِمُتقلِّدها وفق الأنظمة , ووظائف مخصوصة به من توظيف , ونقل , وتأديب , وترقية , تقع الأمة والدولة تحت نظره وتصرُّفه عليهما بموجب تلك الصلاحيات في مجال وظائفه المختصِّ بها .
الفصل الثالث
حكم تولِّي المرأة للولاية والوزارة من القرآن الكريم .
لقد دلَّ القرآن الكريم على حُرمة تولِّي المرأة للولاية ووزارة التفويض والتنفيذ , ومن ذلك :
1 - قول الله تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ 4 )) (النساء:34) ([20]) .
قال محمد بن أحمد القرطبي ت671هـ رحمه الله تعالى : ( أي يقومون بالنفقة عليهنَّ والذبِّ عنهنَّ , وأيضاً : فإنَّ فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو , وليس ذلك من النساء ) ([21]) .
وقال البغوي ت516هـ : ( يعني فضَّل الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ) ([22]) .
وقال البيضاوي : ( يقومون عليهنَّ قيام الوُلاة على الرعيَّة , وعلَّل ذلك بأمرين : وهبي وكسبي فقال : (( بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوة في الأعمال والطاعات , ولذلك خُصُّوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر والشهادة في مجامع القضايا ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها , والتعصيب وزيادة السهم في الميراث والاستبداد بالفراق ) ([23]) .(97/240)
وقال محمد بن علي الشوكاني ت1250هـ : ( إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على النساء بما فضلهم به من كون فيهم الخلفاء والسلاطين والحكام والأمراء , والغزاة وغير ذلك من الأمور ) ([24]) .
وقال أبو الأعلى المودودي : ( هذا النصُّ يقطعُ بأنَّ المناصب الرئيسية في الدولة : رئاسة كانت أو وزارة ... لا تُفَوَّضُ إلى النساء ... ) ([25]) .
2 – قول الله تعالى : (( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)) (البقرة:228) ([26]) .
قال ابن أبي حاتم : ( حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا وكيع قال : سمعت سفيان يقول : سمعت زيد بن أسلم يقول في قول الله : (( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ 3 )) قال : الإمارة ) ([27]) .
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي ت1376هـ رحمه الله : ( أي رفعة ورياسة وزيادة حق عليها , كما قال تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ 4)) ومنصب النبوة , والقضاء , والإمامة الصغرى والكبرى , وسائر الولايات مختصٌّ بالرجال وله ضعفا ما لها في كثير من الأمور كالميراث ونحوه ((وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)) أي : له العزة القاهرة , والسلطان العظيم الذي دانت له جميع الأشياء , ولكنه مع عزته حكيم في تصرفه ) ([28]) .
3 - قول الله تعالى : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) (الأحزاب:33) ([29]) .
دلَّت الآية الكريمة على وجوب لزوم المرأة المسلمة بيتها , وعدم خروجها منه إلاَّ عند الحاجة , ويدلُّ لذلك أيضاً ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ( خرجت سودة بنت زمعة ليلاً فرآها عمر فعرفها فقال : إنك والله يا سودة ما تخفين علينا , فرجعت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له وهو في حجرتي يتعشَّى وإن في يده لعرقاً , فأُنزل عليه , فرفع عنه وهو يقول : (( قد أذن الله لكنَّ أن تَخرجن لحوائجكنَّ )) ([30]) .(97/241)
ومن أقوال المفسرين في الآية الكريمة :
قال أبو عبد الله القرطبي : ( معنى هذه الآية : الأمر بلزوم البيت , وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى , هذا لو لم يرد دليل يخصُّ جميع النساء , كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة ) ([31]) .
وقال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ت597هـ : ( قال المفسرون : ومعنى الآية : الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن وأن لا يخرجن ) ([32]) .
وقال أبو الفداء إسماعيل بن كثير ت774هـ : ( أي : الزمن بيوتكنَّ فلا تخرجن لغير حاجة ) ([33]) .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي ت543هـ : ( يعني : اسكنَّ فيها ولا تتحركن ولا تبرحن منها ) ([34]) .
وقال أحمد مصطفى المراغي : ( أي : الزمن بيوتكنَّ فلا تخرجن لغير حاجة ، وهو أمرٌ لَهُنَّ ولسائر النساء ) ([35]) .
وقال حسنين محمد مخلوف : ( الزمنها فلا تخرجن لغير حاجةٍ مشروعة ، ومثلُهنَّ في ذلك سائر نساء المؤمنين ) ([36]) , وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي : ( أي : اقررن فيها ، لأنه أسلمُ وأحفظُ لَكُنَّ ) ([37]) .
وقال أبو الأعلى المودودي : ( صفوة القول : أنَّ خروج المرأة من البيت لَمْ يُحمد في حالٍ من الأحوال ، وخير الهدي لَها في الإسلام أنْ تُلازمَ بيتَها كما تدلُّ عليه آية (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) دلالة واضحة ) ([38]) .
وقال أبو الثناء محمود الألوسي ت1270هـ رحمه الله - بعد أن ذكر القراءات المتعدِّدة لقوله تعالى : (( وَقَرْنَ)) - : ( والمرادُ على جميع القراءات : أمرُهُنَّ رضي الله تعالى عنهنَّ بمُلازمة البيوت ، وهو أمرٌ مطلوبٌ من سائر النساء ) ([39]) .(97/242)
4 - قول الله تعالى : ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) (الأحزاب:53) ([40]) .
قال الإمام القرطبي رحمه الله : ( التاسعةُ : في هذه الآية دليلٌ على أنَّ الله تعالى أذنَ في مسألتهنَّ من وراء حجابٍ في حاجةٍ تَعرضُ , أو مسألةٍ يُستفتينَ فيها , ويدخلُ في ذلكَ جميعُ النساء بالمعنى , وبما تضمَّنته أصولُ الشريعة مِنْ أنَّ المرأة كلُّها عورةٌ بَدَنُها وصوتُها كما تقدَّم , فلا يجوزُ كشف ذلك إلاَّ لحاجةٍ كالشهادة عليها , أو داءٍ يكونُ ببدنها , أو سؤالها عما يعرضُ وتعيَّن عندها ) ([41]) .
وقال الدكتور إسماعيل البدوي : ( يُقرِّر القلقشندي أنَّ الإمام ([42]) لا يَستغني كلٌّ منهم عن الاختلاط بالرجال والمشاورة معهم في الأمور , والمرأةُ ممنوعةٌ من ذلك , ولأنَّ المرأة ناقصةٌ في أمر نفسها حتَّى لا تملك النكاح , فلا تُجعل إليها الولاية على غيرها ) ([43]) .
فالشريعة جاءت باحتجاب النساء عن الرجال , ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء , قال الإمام محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ت751هـ رحمه الله تعالى : ( وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ وَلِيَّ الأمْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلاطَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ فِي الأَسْوَاقِ , وَالْفُرَجِ , وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ , قَالَ مَالِكٌ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ : أَرَى لِلإِمَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الصُّيَّاغِ فِي قُعُودِ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ , وَأَرَى أَلا يَتْرُكَ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ تَجْلِسُ إلَى الصُّيَّاغِ , فَأَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَجَالَّةُ وَالْخَادِمُ الدُّونُ , الَّتِي لا تُتَّهَمُ عَلَى الْقُعُودِ , وَلا يُتَّهَمُ مَنْ تَقْعُدُ عِنْدَهُ : فَإِنِّي لا أَرَى بذَلِكَ بَأْسًا , انْتَهَى , فَالإِمَامُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ , وَالْفِتْنَةُ بهِ عَظِيمَةٌ , قَالَ صلى الله عليه وسلم : (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ )) ([44]) , وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : (( بَاعِدُوا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ )) ([45]) , وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ : (( لَكُنَّ حَافَّاتُ الطَّرِيقِ )) ([46]) , وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلاتٍ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ , كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ وَالرِّقَاقِ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ , فِي الطُّرُقَاتِ , وَمَنْعُ الرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ , وَإِنْ رَأَى وَلِيُّ الأَمْرِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ - إذا تَجَمَّلَتْ وَتَزَيَّنَتْ وَخَرَجَتْ -(97/243)
ثِيَابَهَا بحِبْرٍ وَنَحْوِهِ , فَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَأَصَابَ , وَهَذَا مِنْ أَدْنَى عُقُوبَتِهِنَّ الْمَالِيَّةِ , وَلَهُ أَنْ
يَحْبسَ المَرأَةَ إذا أَكْثَرَت الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهَا , وَلا سِيَّمَا إذَا خَرَجَتْ مُتَجَمِّلَةً , بَلْ إقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ , وَاَللَّهُ سَائِلٌ وَلِيَّ الأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ , وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النِّسَاءَ مِنْ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ , وَالاخْتِلاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ , فَعَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ , وَقَالَ الْخَلالُ فِي جَامِعِهِ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ : أَنَّهُ قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : أَرَى الرَّجُلَ السُّوءَ مَعَ الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ : صِحْ بهِ , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَطَيَّبَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ([47]) , وَيَمْنَعُ الْمَرْأَةَ إذَا أَصَابَتْ بَخُورًا أَنْ تَشْهَدَ عِشَاءَ الآخِرَةِ فِي الْمَسْجِدِ ([48]) , فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (( الْمَرْأَةُ إذا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ )) ([49]) , وَلا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِن اختِلاطِهِنَّ بالرِّجَالِ : أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ , وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ , كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ , وَاخْتِلاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثرَةِ الفَوَاحِشِ وَالزِّنَا , وَهُوَ مِن أَسبَابِ الْمَوتِ العَامِّ , وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ , وَلَمَّا اخْتَلَطَ الْبَغَايَا بِعَسْكَرِ مُوسَى , وَفَشَتْ فِيهِمْ الْفَاحِشَةُ : أَرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ الطَّاعُونَ , فَمَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا , وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ فِي
كُتُبِ التَّفَاسِيرِ ([50]) , فَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ : كَثْرَةُ الزِّنَا , بسَبَبِ تَمْكِينِ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلاطِهِنَّ بالرِّجَالِ , وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلاتٍ , وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ - قَبْلَ الدِّينِ - لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعاً لِذَلِكَ , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : ( إذَا ظَهَرَ الزِّنَا فِي قَريَةٍ أَذِنَ اللَّهُ بهَلاكِهَا ) ([51]) , وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنيَا : حَدَّثَنَا إبرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( مَا طَفَّفَ قَوْمٌ كَيْلاً , وَلا بَخَسُوا مِيزَاناً , إلاَّ مَنَعَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَطْرَ , وَلا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَا إلا ظَهَرَ فِيهِمْ الْمَوْتُ , وَلا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ عَمَلُ قَوْمِ(97/244)
لُوطٍ إلا ظَهَرَ فِيهِمْ الْخَسْفُ , وَمَا تَرَكَ قَوْمٌ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إلاَّ لَمْ تُرْفَعْ أَعْمَالُهُمْ , وَلَمْ يُسْمَعْ دُعَاؤُهُمْ )) ([52]) ([53]) .
( [1] ) يُنظر : الفرق بين النصيحة والتعيير لابن رجب ص11 .
( [2] ) الأحكام السلطانية والولايات الدينية ص5 للماوردي .
( [3] ) أحكام القرآن ج4/1462 .
( [4] ) المعجم الوسيط ص433 مجمع اللغة العربي بالقاهرة بإشراف عبد السلام هارون .
( [5] ) المصدر السابق .
( [6] ) تهذيب الأسماء واللغات ج3/2142 .
( [7] ) الأحكام السلطانية ص22 للماوردي , والأحكام السلطانية ص29 للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي ت458هـ .
( [8] ) الأحكام السلطانية للفراء ص29 .
( [9] ) يُنظر : حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ج1/548 لابن عابدين ت1306هـ , والإرشاد للجويني ص427 , والتاج والإكليل لمختصر خليل ج6/276 لأبي عبد الله محمد العبدري المعروف بابن المواق .
( [10] ) أي : بالغاً عاقلاً , وهذا بالإجماع .
يُنظر : حاشية ابن عابدين ج1/548 , وحواشي الشرواني وابن قاسم على تحفة المحتاج ج9/75 , ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ج4/130 للشربيني ت977هـ , وكشاف القناع عن متن الإقناع ج6/159 لمنصور البهوتي ت1051هـ .
( [11] ) يُنظر : كتاب الإرشاد ص427 , ولمع الأدلة ص116 وكلاهما للجويني , وغاية المرام ص383 لعلي بن محمد الآمدي ت631هـ , وحاشية ابن عابدين ج1/548 , وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج4/265 لمحمد عرفة الدسوقي ت123هـ , ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج7/389 للشافعي الصغير لمحمد(97/245)
الرملي ت1004هـ , والأحكام السلطانية ص20 لأبي يعلى , والمبدع في شرح المقنع ج10/10 لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح ت880هـ .
( [12] ) باتفاق الفقهاء .
يُنظر : حاشية ابن عابدين ج1/548 , وشرح منح الجليل على مختصر خليل ج4/138 لأبي عبد الله محمد عليش , ومغني المحتاج ج4/130 , والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد ج10/310 لأبي الحسن علاء الدين المرداوي ت885هـ , وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ج1/127 لمحمد الأمين الشنقيطي ت1393هـ .
( [13] ) وهو مذهب المالكية , يُنظر : التاج والإكليل لمختصر خليل ج6/277 للمواق .
ومذهب الشافعية , يُنظر : نهاية المحتاج ج7/390 .
وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد واختاره أكثر أصحابه , يُنظر : الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص20 , وكشاف القناع ج6/159 .
وقول بعض الحنفية , يُنظر : أحكام القرآن ج1/69 لأبي بكر أحمد بن علي الجصاص .
وقول الظاهرية , يُنظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ج4/180 لعلي بن حزم الظاهري ت548هـ , وهذه المراجع المذكورة هي لشروط الإمامة العظمى .
( [14] ) وبه قال جمهور العلماء , وهو مذهب المالكية , يُنظر : متن مواهب الجليل من أدلة خليل ج4/200 لمحمد الأمين الشنقيطي ت1393هـ .
ومذهب الشافعية , يُنظر : حاشية البجيرمي ج4/204 .
ومذهب الحنابلة , يُنظر : المبدع ج10/10 .
وبعض الحنفية , يُنظر : حاشية ابن عابدين ج1/549 .
( [15] ) كالشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو , والرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح .(97/246)
يُنظر : الأحكام السلطانية للماوردي ص6 , وحاشية ابن عابدين ج1/548 , والإرشاد ص426 , ومقدمة عبد الرحمن بن خلدون ص193 , وبلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك على الشرح الصغير للدردير ج2/414 لأحمد بن محمد الصاوي , ومغني المحتاج ج4/130 , والإنصاف ج10/310 , والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص20 , والمواقف مع شرح الجرجاني ج8/349 للإيجي .
( [16] ) قاله الماوردي في الأحكام السلطانية ص22 , والفراء في الأحكام السلطانية ص29 .
( [17] ) قاله بدر الدين بن جماعة ت733هـ في كتابه : تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام ص77 .
( [18] ) نظام الوزارة في الدولة الإسلامية , دراسة مقارنة للدكتور إسماعيل البدري ص354 .
( [19] ) عبقرية الإسلام في أصول الحكم للدكتور منير العجلاني ص166 .
( [20] ) الآية 34 من سورة النساء .
( [21] ) الجامع لأحكام القرآن ج5/168 .
( [22] ) تفسير البغوي ج1/422 .
( [23] ) تفسير البيضاوي ج2/184 .
( [24] ) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ج1/460 .
( [25] ) نظرية الإسلام وهديه ص316 .
( [26] ) الآية 228 من سورة البقرة .
( [27] ) تفسير ابن أبي حاتم ج2/417 , ويُنظر : تفسير الطبري ج2/454 .
( [28] ) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص102 .
( [29] ) الآية 33 من سورة الأحزاب .
( [30] ) رواه البخاري رحمه الله واللفظ له ح4939 باب خروج النساء لحوائجهن , ومسلم رحمه الله ح2170 باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان .(97/247)
وقال أحمد بن حجر العسقلاني ت852هـ رحمه الله عن ترجمة الإمام البخاري رحمه الله على هذا الحديث : ( عقب المصنف بهذه الترجمة ليُشير إلى أنَّ خروج النساء للبراز لم يستمر , بل اتخذت بعد ذلك الأخلية في البيوت , فاستغنين عن الخروج إلاَّ للضرورة ) فتح الباري شرح صحيح البخاري ج1/250 .
( [31] ) الجامع لأحكام القرآن ج14/179 .
( [32] ) زاد المسير في علم التفسير ج6/379 .
( [33] ) تفسير القرآن العظيم ج3/482 .
( [34] ) أحكام القرآن ج3/1535 .
( [35] ) تفسير المراغي ج22/6 .
( [36] ) صفوة البيان لمعاين القرآن ص531 .
( [37] ) تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ج6/219 .
( [38] ) الحجاب ص 235 .
( [39] ) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج22/6 .
( [40] ) الآية 53 من سورة الأحزاب .
( [41] ) الجامع لأحكام القرآن ج14/227 .
( [42] ) ومثله وزير التفويض , والوالي ولاية عامة .
( [43] ) نظام الوزارة في الدولة الإسلامية ص102 .
( [44] ) رواه البخاري ح4808 باب ما يُتَّقى من شؤم المرأة وقوله تعالى :
((إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ))
, ومسلم ح2740 باب أكثر أهل الجنة الفقراء , وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء .
( [45] ) قال الملا علي قاري ت1014هـ : ( غيرُ ثابتٍ , وإنما ذكره ابن الحاج في المدخل في صلاة العيدين , وذكره ابن جماعة في منسكه في طواف النساء من غيرِ سَنَد ) الأسرار المرفوعة ص145 .(97/248)
( [46] ) رواه أبو داود ت275هـ رحمه الله ح5272 باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق , وسليمان الطبراني في المعجم الكبير ج19/261 , والبيهقي في شعب الإيمان ح7822 , وحسَّنه الألباني ت1420هـ رحمه الله في صحيح سنن أبي داود , وصحيح الجامع الصغير ح929 .
( [47] ) رواه الأئمة : أحمد ح19711 , والترمذي ح2786 باب ما جاء في كراهية خروج المرأة متعطرة , وابن حبان ح4424 باب ذكر وصف زنى الأذن والرجل فيما يعملان مما لا يحل ، والبيهقي في الكبرى ح5769 باب ما يكره للنساء من الطيب عند الخروج وما يشتهرن بها , وابن خزيمة ح1681 باب التغليظ في تعطر المرأة عند الخروج ليوجد ريحها وتسمية فاعلها زانية , والحاكم ح3497 تفسير سورة النور , وقال الذهبي ح5318 : ( صحَّحه الترمذي ) ، وحسَّنه الألباني في صحيح موارد الظمآن ح1230 .
( [48] ) رواه مسلم ح444 باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ، وأنها لا تخرج مطيبة .
( [49] ) رواه ابن حبان ح5599 في : ذكر الإخبار عما يجب على المرأة من لزوم قعر بيتها , والطبراني في الكبير ح9481 , والأوسط ح2890 , والبزار ح2061 , ورواه الترمذي ح1173 , وحسَّنه ابن قدامة في المغني ج7/74 , وقال الهيثمي : ( رواه الطبراني في الكبير , ورجاله موثوقون ) مجمع الزوائد ج2/35 , وصحَّحه الألباني في صحيح ابن خزيمة ح1685 .
( [50] ) يُنظر : تفسير الطبري ج9/40 , تفسير القرطبي ج7/271 , تفسير ابن أبي حاتم ج5/1550 , تفسير البغوي ج2/193 , روح المعاني ج9/35 , زاد المسير ج3/251 , فتح القدير ج2/238 .
( [51] ) رواه الحاكم عن ابن عباس وصحَّحه ح2261 كتاب البيوع , ويُنظر : تفسير البغوي ج3/120 , صفوة الصفوة ج1/420 , والكبائر للذهبي ص63 , الزواجر للهيثمي ج1/441 , وقال الحافظ ابن حجر : ( وأخرجه الحاكم من وجه(97/249)
آخر موصولاً بلفظ : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله ) فتح الباري ج10/193 , وقال العجلوني ت1102هـ : ( رواه الطبراني , ورواه الطبراني أيضاً والحاكم عن ابن عباس بلفظ : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله ) كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من أحاديث الناس ج1/111 .
( [52] ) يُنظر : ذم الهوى ص192 لابن الجوزي ت579هـ , والكبائر ص63 للذهبي ت748هـ .
( [53] ) الطرق الحكمية 287 ، ويُنظر : فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى رقم 5944 .
-ــــــــــــــ
مشروع السوق النسائي المغلق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد .
فإن من المشاريع الإصلاحية التي يتبناها العلماء والدعاة : السوق النسائي المغلق ، ولعلي أن أعرض المشروع في النقاط الآتية :
• أهداف المشروع :
الهدف الأول : دفع كثير من المنكرات الموجودة في الأسواق الآن ، والسعي في إيجاد البديل الشرعي المناسب ، ومن المعلوم أن الأسواق النسائية المختلطة تشغل مالا يقل عن 60% من عمل الهيئات بسبب كثرة المنكرات فيها ، ومن هذه المنكرات :
1. الاختلاط . ومن أخطر الأماكن كلها على النساء هي الأسواق المختلطة ، ولا يدرك هذه الحقيقة إلا من عمل في تلك الأسواق ، أو شارك في الحسبة فيها ، والخطر يأتي من بعض الباعة أو الشباب ، أما بعض الباعة ففي استدراج المرأة وطريقة الحديث معها والقرب منها ، والعناية المتكلفة بالموضة في مظهره وقد(97/250)
صرح لي عدد من رؤساء المراكز بأن أكثر من نصف العاملين في عدد من الأسواق تكرر ضبطهم من قبل الهيئة في مخالفات سلوكية مع النساء . وأشد من ذلك جرح حياء المرأة في شراء الملابس الخاصة ، وتزداد المشكلة في عرض الملابس النسائية على مجسم جسد المرأة ( المانيكان ) بطريقة فاتنة في داخل المحلات وعلى الزجاج الخارجي ، وهذا المجسم يبرز مفاتن المرأة وكثيرٌ منها يصف تفاصيلَ العورة ، وهي مثيرة للفتنة في حق الرجال ، فكيف إذا وضع عليها الملابس الضيقة والملابس الخاصة ؟ ولك أن تتصورَ الآثارَ السلبيةَ حينما تقهرُ المرأةُ حياءَها وتدخل هذه المحلات في شراء تلك الملابس من أولئك الرجال . وأعتذر أن أصرح بهذا ولكني مضطر إلى بيانه ، ثم هو واقع يراه النساء والرجال في المحلات .
أما مضايقات الشباب في المعاكسات والدخول في الأماكن الضيقة أو المزدحمة فمعلومة .
2.مشاكل الإركاب ، والخلوات المحرمة ، والتي تبدأ وتنتهي في كثير منها بالأسواق .
3.الآثار السلبية لمخالطة الفتيات للباعة في الأسواق ؛ كالجرأة على الرجال ، وضعف الحياء ، وضعف الحجاب ، وكل هذا يأتي عادة بالتدرج وتَكرار الذهاب إلى هذه الأسواق .
الهدف الثاني : دفع كثير من المنكرات الموجودة في محلات الترفيه والملاهي ، وإيجاد البديل الخالي من المنكرات كما سبق في الأسواق.
• النموذج المقترح في السوق النسائي المغلق ، الأمور الآتية :
1. أن تكون محلات السوق فيما يخص النساء والأطفال من الأقمشة والملابس والذهب ، ويؤكد على الملابس الأكثر خصوصية للمرأة ، وأن يكون على صورة السوق المنافسة ؛ أي تنوع البضائع مع تعدد المحلات للنوع الواحد من المبيعات .
2. أن يكون التعاقد مع المحلات الراقية ، والشركات المعروفة .(97/251)
3. أماكن كافية ومناسبة لألعاب الأطفال ، بعيدة عن المحاذير الشرعية ؛ كمجسمات ذوات الأرواح والموسيقى .
4. أماكن كافية ومناسبة للجلوس .
5. مطاعم الوجبات الخفيفة ( الراقية والموثوقة ) .
6. تموينات .
7. مكتبات وتسجيلات إسلامية .
8. صراف آلي ( الراجحي ، أو البلاد ، أو أي بنك إسلامي جديد ) .
9. محلات الخياطة وتصفيف الشعر ( مشاغل ) مع ملاحظة منع المخالفات الشرعية الموجودة في بعض المحلات .
10. مكان كاف للمشي ، للراغبات في المشي باللباس المعتاد وليس بالألبسة الرياضية.
11. مصلى .
12. قاعة كبيرة للمحاضرات ، أو المعارض .
13. عيادة نسائية ( نساء وولادة ، أطفال ، أسنان ) .
14. صيدلية .
15. من أهم أسباب النجاح أن يكون السوق كبيراً ، وأن تكون مساحة التحرك داخل السوق واسعة ، وأماكن مرور السيارات من الخارج كافية مع تعدد بوابات الخروج .
16. دورات مياه نظيفة وراقية ، مع مراعاة يسر الوضوء فيها .
17. طول الوقت اليومي للسوق بدوام واحد ( من الثالثة قبل العصر إلى الحادية عشرة ليلاً ) وخصوصاً في أيام نهاية الأسبوع مراعاة لأحوال الناس وظروفهم، والمقصود هنا السوق وليس المحلات ، فقد تفتح المحلات الرابعة وتغلق الساعة العاشرة مثلاً ، ولكن السوق يبقى مفتوحاً .
18. الانتباه إلى عيوب الأسواق المشابهة :
• صغر السوق ، وضيق المداخل .(97/252)
• الدخول والخروج من مدخل واحد أو من بوابتين متقاربتين.
• قصر الوقت المتاح للتسوق .
• مستوى المحلات وأنواع البضاعة دون المتوسط .
• إهمال الدعاية .
• ضعف النظافة .
• غلاء الأسعار ، وعدم تجديد البضاعة مقارنة بالأسواق المختلطة .
• ضعف الإدارة النسائية ، وعدم وضوح الهدف الإصلاحي لديها .
• قلة المحلات ، فليست سوقاً منافسة .
• عدم وجود أماكن كافية وواسعة للمشي والجلوس وألعاب الأطفال .
• التساهل في دخول الأطفال الذكور الكبار .
• حماية المشروع من المخالفات الشرعية :
1. أن تكون إدارة السوق عند أحد الصالحين ويفضل أن يكون ممن عمل في الهيئات . وأن تكون الإدارة النسائية حازمة وثابتة وواضحة الهدف .
2. وضوح الهدف الإصلاحي عند المساهمين .
3. وجود لجنة شرعية استشارية من المشايخ .
4. وجود لجنة احتسابية ودعوية من الأخوات في السوق ( من أجل القيام بالعمل الدعوي : المطويات , الأشرطة , الكلمات ، المحاضرات . والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات ) .
5. ضبط البوابات ضبطاً تاماً برجال أمن يقومون بدور الضبط الأمني ، ورجال حسبة للنهي عن المنكرات . ووجود المحتسب بلباسه الرسمي أكثر أهمية من رجل الأمن الذي يضبط حركة المرور أو البوابة .
6. إلزام البائعات بلباس مخصص ويكون واسعاً وساتراً ومحتشماً . دفعاً للتساهل الموجود في بعض الأسواق النسائية .
7. منع دخول الأولاد الذكور فوق سن السادسة .(97/253)
8. وضع لائحة كبيرة معلقة في بوابة السوق من الخارج وأخرى من الداخل لبيان شروط دخول السوق ، ومنها عدم لبس البنطال والملابس الضيقة والقصيرة ، ومنع التصوير ، وعدم الدخول بجوال الكاميرا ، ومنع دخول الأطفال الذكور فوق سن السادسة . وغير ذلك .
9. أن يكون التعامل أو التدريب للبائعات من قبل نساء ، وعند الحاجة إلى المفاهمة مع الرجال من إدارة السوق أو إدارة المحل فمن وراء الشبكة الصوتية ، فلا يسمح باختلاط الإدارة الرجالية بالنساء مطلقاً ولا التوسع في الحديث الهاتفي وإنما يقتصر الأمر على الاتصال الرسمي بقدر الحاجة .
10. الانتباه إلى غلق الثغرات التي قد يكون لها آثار سلبية بين العاملات والإدارات الرجالية للمحلات من خارج السوق ؛ في تعيين العاملات وجرد البضاعة وضبط الأمور المالية والصيانة وغير ذلك .
11. إذا نجح المشروع تجارياً كان سبباً في تتابع وانتشار الفكرة لتصبح بديلاً عن الوضع القائم .
• من طرق التنفيذ :
1. أن يكون مشروعاً تجارياً بحتاً .
2. أو أن يكون وقفاً لإحدى الجهات الخيرية .
• شبهة والرد عليها :
يقول بعض الناس إن المنكرات تكون كثيرة في التجمعات النسائية وإننا لا نعلم ما يجري بالداخل ، وربما تحصل منكرات بالداخل كالتساهل في اللباس وغيره .
والجواب : أن حال الأسواق كحال الكليات والمدارس النسائية ، وكذا المستشفيات النسائية . والحل في ضبطها من الداخل : ( لجنة الحسبة ، وشروط السوق ) أما المنكرات التي تحصل عند البوابة فهي مشكلة عامة في الكليات والمدارس النسائية وغيرها ، والحل الأنسب في ضبطها : (لجنة الحسبة الرجالية ).(97/254)
وعلى جميع الأحوال فالمنكرات في الأسواق النسائية أقل بكثير جداً من منكرات الأسواق المختلطة ، وضبطها أيسر .
وأخيراً أدعو التجار من أهل الإيمان والغيرة أن يبادروا بإقامة الأسواق النسائية .
وبهذا أنتهي من العرض المختصر للمشروع وأسأل الله الكريم أن يبارك فيه وأن ينفع به المسلمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة المسلمة كطبيبة
المفتي ... د . خالد بن علي المشيقح
رقم الفتوى ... 11098
تاريخ الفتوى ... 2/2/1426 هـ -- 2005-03-13
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
امرأة متزوجة وتخرجت من كلية الطب، وتم تعيينها للعمل في مستشفى، وهذه المستشفى في بلدة لا يتوفر فيه طبيب آخر، ولذلك فستكون مضطرة لاستقبال النساء والرجال على حد سواء، فضلاً عن وجود رجل ممرض قد تختلي به في بعض الأحيان.
والسؤال الأول:هل حاجة الناس في تلك البلدة تعتبر من قبيل الضرورة التي تبيح لهذه الطبيبة العمل في تلك المستشفى في ظل الظروف المتقدم ذكرها؟
السؤال الثاني: هذه الزوجة تقول إنها قضت سنوات لتكون طبيبة وستصاب بأزمة نفسية إذا توقفت عن العمل فهل هذا يشفع لها في العمل في هذا المكان الذي فيه اختلاط كما تقدم؟
.
الجواب ...
ج/ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:(97/255)
الأصل أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخلوة بالرجل الأجنبي عنها،حتى وإن كان من أقاربها كابن عمها وابن خالها وزوج أختها وما شابه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)، أخرجه البخاري ومسلم، وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي بسند صحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
و بناءً عليه فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في عمل تقع فيه الخلوة بالرجال، فإن لم يكن هناك خلوة وإنما مجرد أن يكون هناك نساء مع رجال، فيظهر أنها إذا تحجبت الحجاب الشرعي، ولم يكن هناك ما يدعو للفتنة، فيظهر أن هذا لا بأس به، وإن لم يكن كذلك فالأصل أنه محرم ولا يجوز، كما أن تعليم المرأة والشهادات التي تحصل عليها لا يشفع لها في العمل إذا كان فيه مخالفة شرعية؛ لأن الواجب على الرجل والمرأة هو اتباع الكتاب والسنة والالتزام بذلك، فإذا كان ذلك العمل سيتضمن محذوراً شرعياً فإنه لا يجوز الإقدام عليه، ويمكن للمرأة أن تزاول مهنة الطب في تطبيب النساء، أو مع عدم وجود المحذور الشرعي، والله تعالى أعلم
ــــــــــــــ
عمل المرأة بالطائرة
المفتي ... د . يوسف بن عبدالله الاحمد
رقم الفتوى ... 10725
تاريخ الفتوى ... 10/11/1425 هـ -- 2004-12-22
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
لقد نشر في بعض الصحف أن بعض الشركات وقعت عقد مع امرأة لأن تكون قائدة طائرة فما حكم ذلك ؟
الجواب ...(97/256)
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد .
فقد نشرت جريدة الجزيرة ( بتاريخ 1/11/1425هـ في عددها 11764 ) إعلاناً لشركة المملكة القابضة في صفحتين كاملتين ، وقد صدر الإعلان بقوله تعالى : (( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ )) ( النساء 32 ) وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما النساء شقائق الرجال " . ثم جاء في الإعلان بالخط العريض : " لأول مرة في تاريخ المملكة شركة المملكة القابضة توقع عقود عمل مع أول امرأة سعودية حاصلة على رخصة كابتن طائرة ، بالإضافة إلى طاقم من خمس سعوديات ضمن التعاليم الإسلامية"اهـ.
إن ما دعت إليه شركة المملكة القابضة والعقود التي أبرمتها ــ كما في الإعلان ــ هو أمر محرم شرعاً ؛ فلا يجوز للمرأة أن تعمل كابتن طائرة ، أو مضيفة ، ولا يجوز لأي جهة توظيفها ، ولا الإعلان عن ذلك ، ولا الدعاية له ، ومن الأدلة على التحريم :
أولاً : أنّ عمل المرأة على متن الخطوط الجوية يلزم منه سفرُها بلا محرم ؛ ولا يجوز للمؤمنة أن تسافر بلا محرم لصريح حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له . حتى قال جمع كبير من العلماء إن الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام يسقط وجوبه على المرأة إذا لم تجد محرماً يسافر معها .
ثانياً : يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة وقوعها في الاختلاط المحرم مع العاملين وغيرهم ، والاختلاط بين الجنسين محرم شرعاً ومفاسده في الخطوط الجوية على وجه الخصوص لا تخفى على العقلاء ، والأدلة على تحريم الاختلاط كثيرة جداً ، ومنها :(97/257)
1. حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء . فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت" متفق عليه .
2. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو تركنا هذا الباب للنساء . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات " أخرجه أبو داود بسند صحيح .
3. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " أخرجه البخاري . قال ابن شهاب (وهو الزهري ) : فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم .
ثالثاً : يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة نزعها للجلباب الذي أمر الله به نساء المؤمنين ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }(59 الأحزاب) . ولما اعتذر بعض النساء عن الخروج لصلاة العيد بسبب عدم وجود الجلباب ، لم يرخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الجلباب أو الاكتفاء بوضع الخمار ، بل أمر به فقال : " لتلبسها صاحبتها من جلبابها .. " متفق عليه .
وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى في تحريم عمل المرأة مضيفة برقم ( 8259) وهذا نص السؤال والجواب :
السؤال : هل يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في الخطوط الجوية كمضيفة ، أو في الفنادق وما إلى ذلك ؟ .
الجواب :(97/258)
أولاً : عملها في الخطوط الجوية كمضيفة يستلزم سفرها بلا زوج ولا محرم كما يشهد له الواقع ، ومع ذلك يعرضها للاحتكاك بالرجال ، ورؤيتهم منها ما لايحل لهم ، وكل ذلك محرم .
ثانياً : عملها في الفنادق مثار فتنة ، ومدعاة لاختلاط بها مريب ، ومظنة لخلوة الأجانب بها ، وفي ذلك ما فيه من الشر المستطير وفساد المجتمع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبدالله بن قعود ( عضو ) ، عبد الله بن غديان ( عضو ) ، عبد الرزاق عفيفي (نائب الرئيس) عبد العزيز بن عبد الله بن باز ( الرئيس ) .
رابعاً : صُدِّرَ الإعلان بآية وحديث ، وفي هذا إيهام للناس بأن هذين النصين يدلان على جواز عمل المرأة على متن الطائرة ، وليس الأمر كذلك . وختم الإعلان بوصف توظيف المرأة على متن الطائرة بأنه (ضمن التعاليم الإسلامية ) وقد تبين مما سبق أنه مخالف للأحكام الشرعية .
والجهة المعلنة وهي ( شركة المملكة القابضة ) لاتحمل تخصصاً شرعياً ، ولا يشرف عليها لجنة شرعية معتمدة ؛ وعليه فإنه ليس لها حق التحديد أو الفتيا بجواز عمل المرأة على متن الطائرة ، أو أن عملها هذا ضمن تعاليم الإسلام ، أو الاستدلال بآية وحديث لا دلالة فيهما لا من قريب ولا من بعيد على جواز عمل المرأة في الطائرة .
وأخشى أن يكون تذييل دعاوى تغريب المرأة بأنها ضمن تعاليم الإسلام هو نوع من الاستهزاء بشريعة الإسلام .
وأخيراً فإن الدعوة إلى عمل المرأة على متن الطائرة هو من مطالب الليبراليين ودعاة التغريب ، فمن بدأ أو دعا إليه فإنه يصدق فيه حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( .. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان(97/259)
عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) أخرجه مسلم .
والواجب شرعاً على شركة المملكة القابضة أن تعلن توبتها وتراجعها من هذا الإعلان وما تضمنه من مخالفات شرعية ، وبهذا ينتهي الموضوع ، وبالله التوفيق .
ــــــــــــــ
عمل المرأة كمضيفة في الطائرات أو في الفنادق
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 10583
تاريخ الفتوى ... 25/10/1425 هـ -- 2004-12-07
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في الخطوط الجوية كمضيفة أو في الفنادق وما إلى ذلك؟
الجواب ...
أولاً: عملها في الخطوط الجوية كمضيفة يستلزم سفرها بلا زوج ولا محرم كما يشهد له الواقع، ومع ذلك يعرضها للاحتكاك بالرجال، ورؤيتهم منها ما لا يحل لهم ، وكل ذلك محرم.
ثانياً:عملها في الفنادق مثار فتنة ، ومدعاة لاختلاط بها مريب، ومظنة لخلوة الأجانب بها، وفي ذلك ما فيه من الشر المستطير وفساد المجتمع.
وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ(97/260)
* فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجلد 17 صـ 238ـــــ .
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في محل الكوافير
المفتي ... الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان
رقم الفتوى ... 6737
تاريخ الفتوى ... 25/9/1425 هـ -- 2004-11-08
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
ما حكم العمل في محلات الكوفيرات والأكل من ثمنه؟
الجواب ...
لا يجوز العمل في محلات الكوفيرات، ولا الأكل من كسب تلك المحلات؛ لما في ذلك العمل من الفتنة، ولما فيه من ترويج عادات الكفار، ولما فيه من تدريب النساء على قلة الحياء، وقد يتولى العمل في تلك المحلات رجال يطلعون على عورات النساء، وقد تستخدم تلك المحلات للفساد والقيادة لفعل الفواحش؛ فالواجب على ولاة المسلمين منع فتح تلك المحلات في بلاد المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - (ج 3/ ص 322) [ رقم الفتوى في مصدرها: 480]
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة المستلزم للاختلاط والسفور
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6786
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...(97/261)
السؤال ...
امرأة مسلمة أمريكية ليس لها من يعولها، وتضطر للعمل في أماكن مختلطة وبدون حجاب، ولكنها تلبس الحجاب خارج وقت العمل. فما الحكم؟
الجواب ...
لا يجوز للمسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب الالتزام بالحجاب الشرعي، والبعد عن مجامع الرجال، والبحث عن عمل مباح ليس فيه شيء من هذه مما حرم الله، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، والله جل شأنه يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:3].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج17/ص 231) [ رقم الفتوى في مصدرها: 4]
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في محل الكوافير
المفتي ... الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان
رقم الفتوى ... 6705
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
ما حكم العمل في محلات الكوفيرات والأكل من ثمنه؟
الجواب ...
لا يجوز العمل في محلات الكوفيرات، ولا الأكل من كسب تلك المحلات؛ لما في ذلك العمل من الفتنة، ولما فيه من ترويج عادات الكفار، ولما فيه من تدريب النساء على قلة الحياء، وقد يتولى العمل في تلك المحلات رجال يطلعون على عورات(97/262)
النساء، وقد تستخدم تلك المحلات للفساد والقيادة لفعل الفواحش؛ فالواجب على ولاة المسلمين منع فتح تلك المحلات في بلاد المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - (ج 3/ ص 322) [ رقم الفتوى في مصدرها: 480]
ــــــــــــــ
شركة موبايلي
المفتي ... الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
رقم الفتوى ... 11855
تاريخ الفتوى ... 21/6/1426 هـ -- 2005-07-28
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
فضيلة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله الراجحي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد .
طرحت شركة اتحاد الاتصالات مؤخراً خدمة الاشتراك في الهاتف النقال . علماً بأن الشركة ستقدم _ بحسب ما أعلنته _ ما يلي :
أولاً : استقبال القنوات الفضائية عبر جهاز النقال والتي لا يخفى على فضيلتكم ما تحمله هذه القنوات الفضائية من شرور وأضرار على الأفراد والمجتمعات لاسيما الشباب والفتيات الذين تستهويهم هذه الخدمة .
ثانياً: مشاهدة المتصل للطرف الأخر والعكس وما تحمله هذه الخدمة من فتح باب من أبواب الشر لا يعلم أضراره وآثاره إلا الله .
ثالثاً : قيام الشركة بتوظيف النساء وفتح باب لغيرها من الشركات أن تحذو حذوها وما قد يحمله ذلك من وجود اختلاط الرجال بالنساء
فهل يجوز الاشتراك في هذه الشركة(97/263)
نأمل من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي للاشتراك واستعمال خدمة الجوال الذي تطرحه .
وشكر الله لكم ، ووفقكم لما فيه صلاح البلاد والعباد .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد .
فإذا كان حال شركة إتحاد الاتصالات كما ذكر السائل ،تستقبل القنوات الفضائية عبر جهاز النقال بما تحمله هذه القنوات الفضائية من شرور وفتن وعري للرجال والنساء .
وكذلك مشاهدة المتصل للطرف الأخر والعكس ولا شك أن في هذه الأضرار العظيمة ما لايعمله إلا الله من القضاء على الحشمة والأخلاق والستر والعفاف.
وكذلك قيام الشركة بتوظيف النساء للرد على المتصلين .
وما قد يتسبب من ذلك من اختلاط الرجال بالنساء مما يكون سبباً للوقوع الفواحش والمنكرات لهذه الأمور المذكورة .
فلا يجوز الاشتراك في هذه الشركة لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان
قال تعالى : (( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (سورة المائدة: 2) .
ولا يجوز استعمال خدمة الجوال الذي تطرحه بحيث . يشاهد المتصل للطرف الأخر وبالعكس ن لأنه وسيلة إلى مشاهدة النساء الذي هو سبب في الفتنة والفساد . والشريعة جاءت بسد الذرائع والوسائل الموصلة إلى الباطل .(97/264)
كما قال الله تعالى : (( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) (سورة الأنعام: 108)
وأني أناشد شركة اتحاد الاتصالات أن تتقي الله تعالى وأن تعدل عما أعلنته من توظيف النساء واستقبال القنوات الفضائية عبر جهاز النقال وكذا مشاهدة المتصل للطرف الأخر والعكس ، داءا للفتنه ومنعاً لأسباب الشر والفساد .
اسأل الله لنا ولهم الهداية والعافية من الفتنة وأسبابها والثبات على الدين والاستقامة عليه إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى أله وصحبه والتابعين .
السبت / 11 جمادي الأولى 1426هـ .
ــــــــــــــ
عمل المرأة في ديار الكفر
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15830
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...
س 2 : أ – عمل المرأة المسلمة من حيث المبدأ .
ب : عملها في ديار الغرب ، مما يضطرها في كثير من الأحيان إلى خلع الحجاب ، وعدم قدرتها على أداء الصلاة في وقتها ، وكثير من التنازلات ، وترك أبنائها في دور الحضانة في رعاية غير المسلمين .
الجواب ...(97/265)
أ / يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل فيما يناسبها شرعاً في حدود ما يصون عرضها ويحفظ عليها دينها وكرامتها ، ولا يكون مثار فتنة في المجتمع ، ولا سبباً في انتشار الفساد ، ولا ضياع حقوق زوجها وأولادها الواجبة عليها ، فإنها راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها .
ب/ إذا كان الواقع كما ذكر ، كان عملها على هذا الشكل حراماً ؛ لما تقدم في الجواب عن فقرأة ( أ ) .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصبحه وسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
السؤال الثاني من الفتوى رقم (5512) (17/235) .
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن باز
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مؤسسة مع الرجال
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15828
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...
فتاة أو امرأة مسلمة متحجبة ومحافظة، تعمل بجانب رجال بإدارة أو مؤسسة أو معمل، مع العلم أن الإدارة لا تخلو من كاسيات وعاريات فاسخات ورجال ما حكم وجود هذه المسلمة بين نارين ؟
الجواب ...(97/266)
لا يجوز للمرأة أن تشتغل مع رجال ليسوا محارم لها؛ لما يترتب على وجودها معهم من المفاسد، وعليها أن تطلب الرزق من طرق لا محذور فيها، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك، هذا نصها: أما حكم اختلاط النساء بالرجال في المصانع أو في المكاتب بالدول غير الإسلامية- فهو غير جائز، ولكن عندهم ما هو أبلغ منه، وهو الكفر بالله جل وعلا، فلا يستغرب أن يقع بينهم مثل هذا المنكر، وأما اختلاط النساء بالرجال في البلاد الإسلامية وهم مسلمون فحرام، واجب على مسئولي الجهة التي يوجد فيها هذا الاختلاط أن يعملوا على جعل النساء على حدة والرجال على حدة؛ لما في الاختلاط من المفاسد الأخلاقية التي لا تخفى على من له أدنى بصيرة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
السؤال السادس من الفتوى رقم ( 2768 ) (17/232) .
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مكان خاص بالنساء
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15827
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...(97/267)
زوجتي تعمل بالجامعة قسم الطالبات ولا تتعرض بالاحتكاك بالرجال، وتلبس الزي الذي يخفي جسدها بما فيه الوجه، وهي تخدم طالبات كلية الشريعة والدراسات الإسلامية وكلية التربية في قسم المكتبات، هل يجوز أن تعمل؟
الجواب ...
إذا كان الواقع ما ذكر فلا حرج على زوجتك في الاستمرار في العمل المذكور. وبالله التوفيق،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 4873 ) (17/233)
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
بن قعود بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن باز
ــــــــــــــ
عمل المرأة في محيط النساء
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15826
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...
حكم الإسلام في عمل زوجتي الملتزمة بالزي الإسلامي بالإدارة، مع أن هذا العمل لضرورة، أي: مرتبي قليل ومكتري لمنزل.
الجواب ...(97/268)
يجوز لها أن تعمل مدرسة أو في عمل إداري أو نحوهما ما دامت ملتزمة بأحكام الإسلام وآدابه من لبسها ما يستر عورتها، ومن عدم خلوتها أو اختلاطها برجال غير محارم لها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السؤال الخامس من الفتوى رقم ( 3626 ) (17/233) .
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن عقود عبدالله بن غديان عبد الرزاق العفيفي عبد العزيز بن باز
ــــــــــــــ
عمل المرأة
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15825
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...
لا يجوز للمسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب الالتزام بالحجاب الشرعي، والبعد عن مجامع الرجال، والبحث عن عمل مباح ليس فيه شيء من هذه مما حرم الله، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، والله جل شأنه يقول : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )) ( الطلاق : 2-3) .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السؤال الرابع من الفتوى رقم ( 19504 ) (7/231) .(97/269)
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
بكر أبو زيد صالح الفوزان عبد العزيز آل الشيخ عبد العزيز بن باز
ــــــــــــــ
عمل المرأة في أعمال يقوم بها الرجال
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15823
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...
ما حكم الشرع في تولي المرأة أعمالاً من الممكن أن يقوم بها الرجال بدلاً منها، وذلك من أجل إيجاد مجالات عمل للمرأة فقط ؟
الجواب ...
الأصل في الشريعة أن تتبوأ المرأة المنزلة التي كرمها الله بها ، من القرار في المنزل، والبعد عن أماكن الفتن والشبهات ، وما يكون فيه عرضة لضررها، وأن تقوم بتربية أولادها تربية إسلامية ، وتقوم بخدمة زوجها وشؤون بيتها .
ولكن إذا اضطرت إلى أن تعمل فينبغي أن تختار من الأعمال ما يناسبها في دينها ودنياها مما لا يؤثر على قيامها برعاية شؤون زوجها وأولادها ، مع مراعاة إذن زوجها في ذلك .
أما أن تنافس الرجال في الأعمال التي هي من اختصاص الرجال ، فإنه لا يجوز؛ لما في ذلك من السلبيات والأضرار والمفاسد الكثيرة التي تترتب على ذلك، حيث إن إعطاءها الفرصة في ذلك تحطيم للرجال، والقضاء على الفرص المتاحة لهم في العمل فيها، مع ما في عملها في تلك المجالات من جعلها عرضة للاختلاط بالرجال، والافتتان بها، وحصول ما لا تحمد عقباه، إضافة إلى أن ذلك يضعف قيامها بواجبات(97/270)
زوجها ، وشؤون أولادها وبيتها، مما يستلزم معه استجلاب الخدم والخادمات، وذلك له أضراره ومشاكله على النشء والدين كما لا يخفى .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المجلد السابع عشر رقم الفتوى (19359) (الصفحة : 223) .
ــــــــــــــ
عمل المرأة المتزوجة
المفتي ... اللجنة العلمية
رقم الفتوى ... 15824
تاريخ الفتوى ... 13/6/1427 هـ -- 2006-07-09
تصنيف الفتوى ... مواضيع متنوعة-> الأسرة والمجتمع-> كتاب المرأة-> باب عمل المرأة
السؤال ...
ما حكم المرأة التي تعمل وهي متزوجة ؟
الجواب ...
لا يجوز للمرأة العمل مع الاختلاط بالرجال ، سواء المتزوجة وغيرها؛ لأن الله سبحانه جبل الرجال على الميل إلى النساء ، والنساء جبلهن على الميل إلى الرجال، مع وجود ضعف فيهن ، فإذا حصل الاختلاط وقعت الفتنة، وصار سبباً في وقوع الفساد؛ لأن النفس أمارة بالسوء .
لكن يجوز العمل في محيط ليس فيه اختلاط بالرجال بإذن زوجها .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(97/271)
السؤال الثاني من الفتوى رقم (4945) (17/234)
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن باز
ــــــــــــــ
كرامة المرأة
فممَّا لا يخفَى على كلِّ مسلِم بصير بدينه ما تعيشه المرأة المُسلمَة تحت ظلال الإسلام – وفي بلادنا حرسها الله خاصَّة – من كرامة وحِشمة وعمل لائِق بها ونيل لحقوقها الشَّرعيَّة التي أوجبها الله لها فهي الأم والأخت والزَّوجة والبِنت بل هي المَلكَة التي يقوم على خدمتها الرِّجال الأب والأخ والزَّوج والإبن خلافاً لما كانت تعيشُه في الجاهليَّة وتعيشُه الآن في بعض المُجتمعات المخالِفة لآداب الإسلام من تسيُّب وضيَاع وظُلم وهذه نِعمة نشكُر الله عليها ويجِب علينا أنْ نحافظ عليها إلاَّ أنْ هناك فِئات من النَّاس ممَّن تلوَّثت ثقافتِهم بأفكارِ الغرب لا يرضيهم هذا الوضع المشرّف الذي تعيشه المرأة في بلادِنا من حياء وسِتر وصِيانة فحاولوا نزعها من مكانتِها وسلبِها من عزِّها وجعلِها خادِمة بدلاً من كونها مخدومَة ومأمورة بدلاً من كونِها آمرة بدعوى تحريرِها وتمدنها ورقيها وتحضرها وإعطائها حقوقها المفقودة إلى غير ذلك مما زعموا من الكذب والأباطِيل وإنَّما الهدَف هو الوُصول إليها بأي وسيلَة كانت لتكون مثل المرأة في البلاد الكافِرة والبلادِ العلمانية فصاروا يكتبون في الصُّحف ويُطالِبون بحُقوقِها - خاصَّة الرِّجال - بما يخالِف الشَّرع ويخالِف فطرتها فهم لم يهتمُّوا ولم يتباكوا على بني جِنسِهم من الشَّباب الذي يحاول أن يحصل على أبسط حُقُوقِه وتفرَّغوا للمُطالبَة زُوراً وكذباً بحُقوق المرأة فكيف يُطالب بحقوق المرأة من ضيَّع حقوقه وحقوق أبنائِه وإخوانِه من الشَّباب حيث سعوا إلى أنْ تعمل في أعمالٍ لا تناسِبها وليست لها وإنَّما هي للرِّجال وتوافق طبيعتهم ويريدون أن تختلط بالرِّجال إلى غير ذلك من الأُمُور والأعمَال التي فسادها وخطرها على الفَرد والمُجتمَع أعظم وأخطَر من المكاسِب التي(97/272)
تنتِج عن ذلك فالعمل فيما يوافق الشَّرع ويُناسِب المرأة وطبيعتِها لا محذور منه فقد جاء في فتوى اللّجنة الدّائمَة بشان عمل
المرأة [ يجوز للمرأة المُسلمة أنْ تعمل فيما يناسبها شرعا في حدود ما يصون عِرضها ويحفظ عليها دينها وكرامتها ولا يكون مثار فتنة في المجتمع ولا سببا في انتشار الفساد ولا ضياع حقوق زوجها وأولادها الواجبة عليها فإنها راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ] فلو أن من يطالب بحقوق المرأة ويحرص على حيائها وصيانة شرفها و يسعى لأن تعمل المرأة لتصرف على نفسها وعلى من تعول وتنفع نفسها ومجتمعها لطالب بأن يكون وفق الشرع ومناسباً لطبيعتها بل بأهم وأعظم حقوقها وهو ستر عوراتها في المستشفيات خصوصاً أثناء الولادة فقد جاء في صحيفة الإقتصادية العدد [ 4688 ] وتاريخ 18 / 8 / 1427هـ بانَّ إلهام أحمد سندي وكيلة العلوم الصحيّة للبنات في الرِّياض ذكرت [ بأنَّ مستشفيات المملكة تعاني من نقص حاد في عدد السُّعوديَّات المُتخصِّصات بالقبالة في جميع مستشفيات المملكة ... إذ لم تتجاوز نسبة السعوديَّات العامِلات بمجال التَّمريض والقبالة في وزارة الصحة إلى 32.6 في المائة ] وحثَّت على الإلتحاق في هذا المجال لـ [ أهميَّة العمل في هذا التَّخصص بالنِّسبة للفتاة المسلمة، للحاجة الماسَّة إلى وُجُود مسلِمات يتمتَّعن بالخُلق والدِّين والمهَارة والكفَاءة ويسعينَ للعِنايَة بالمرأة في أشدِّ حالات ضعفِها واحتياجِها لمن يرعاها ويرعى وليدَها ويحافِظ على ستر عورتِها وفي الوقت نفسه يراعي العادات والتَّقاليد ] أوليست المُطالبة بإيجاد مستشفى خاص للنِّساء بكادِر طبي من النِّساء وتُديرُه النِّساء أحقّ وأولى وأنْ لا يُمكّن للرِّجال من التَّخصُّص في مجال طب النِّساء ولا يُمكّن للنِّساء من التَّخصُّص في طب الرِّجال إلاَّ عند الضرورة القُصوى قال سماحة الوالد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في ذلك [.... إلاَّ عند الضَّرورة القُصوى إذا كان المرض لا يعرفه إلاَّ الرجل فلا حرج أن يُعالِج المرأة لأجل الضَّرورة وهكذا لو كان
مرض الرَّجل لا يعرفُه إلاَّ امرأة فلا حرج في عِلاجها له ] وقال في فتوى أخرى(97/273)
[ لكن لا يكون الكشف مع الخلوة بل يكون مع وجود محرمها أو زوجها .. ]
وأن تُلغى أو تُخفّض نسبة درجات القُبُول في الكُليَّات الطِّبيَّة للنِّساء حتَّى يستطعن أن يخدمنَ وطنهنَ وبناتِ جنسهن بدلاً من تعريضهن للفِتن وكسر حيائهنّ وحتّى لا يختلطْن بالرِّجال مما يُتيح للمرأة – الطَّبيبة أو المريضة – من أخذ كامِل حرِّيتها والمحافظة على حيائها بل صدرت فتاوى من علمائنا الأجلاَّء نبهّوا على خطر ذلك قال سماحة الوالد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله [ الواجب على المستشفيات جميعاً أن يكون المُمرِّضون للرِّجال والمُمرِّضات للنِّساء هذا الواجب كما أنْ يكون الأطبَّاء للرِّجال والطَّبيبات للنِّساء ] وقال [ فالواجب أن يكون الأطبَّاء للرِّجال والطَّبيبات للنِّساء وأنْ يكون قِسم الأطبَّاء على حِدة وقِسم الطَّبيبات على حِدة أو يكون مُستشفى خاص للرِّجال ومُستشفى خاص للنِّساء حتَّى يبتعِد الجميع عن الفتنَة والإختلاَط الضَّار هذا هو الواجِب على الجميع ] وفي فتوى للَّجنة الدائمَة للإفتَاء عن حكم تعلّم المرأة الطِّب جاء فيها [ فإذا كانت ابنتك على ما وصفت من أنَّها تلبس في خروجِها اللِّباس الإسلامي الذي يستر بدنها ولا يشف عما وراءه ولا يُحدِّد أعضاءها فلا حرج عليها في خُروجها لِما تدعو إليه الحاجة إذا كان التَّعليم غير مُختلط بل ينبغي لها أنْ تتم دراسة الطِّب بالكليّة وخاصّة ما يتعلّق بالنِّساء والأطفال فإنَّ الأُمَّة في حاجة مُلحَّة إلى طبيبات من النِّساء حتَّى لا تضطَّر المرأة أن يكشِف عليها الرِّجال ويَطلعوا على عورتها لتولِيدها أو تشخيص مرضِها وإذا حَسُنت نيتها في تعليمِها وأداء مهمتها كان لها أجر عظيم فلتحتسب ولتحسن قصدها ولتمض في علم الطب على بركة الله نسال الله لها التوفيق والهداية إلى أقوم طريق ] وقالت
اللَّجنة عن حُكم توليد المرأة من قبل الرجال [ لا يجوز أن يتولَّى الأطبَّاء الرِّجال توليد المرأة إلاَّ عند الضَّرورة بأن يخاف على حياة المرأة ولا يكون هناك طبيبات من النِّساء يقمن بتوليدها لقوله تعالى { إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ }. قال المؤسِّس الملك عبدالعزيز رحمه الله [ إنَّ أكثر ما يهمني هو المحافظة على كلمة التَّوحيد ثم على محارم المسلمين ](97/274)
فأين المطالبون بحقوق المرأة المتباكون كذباً وزوراً إنَّها مظلومة ومسلوبة الحقوق لماذا لم يطالبوا بما يطالب به علماؤنا الأجلاَّء بإيجاد مستشفيات خاصَّة للنِّساء بإدارة وكادِر نسائي على غِرار مستشفى الوفاء الطِّبي في مدينة عنيزة ويسعون إلى إيجاد مثيله في جميع مدن بلادنا الغالية . أم أنَّ هذا ليس من حقوق المرأة
ــــــــــــــ
بدعة المساواة بين الجنسين
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...
أما بعد :
فإن من عظيم نعم الله تعالى على عباده أن كرمهم على سائر الحيوان بالعقول ، وفتح لهم بعقولهم كثيرا من مغاليق العلوم كما قال سبحانه : ((وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) ( النحل : 78) .
والعقل مأخوذ من عقال الإبل ؛ ذلك أنه يمنع صاحبه مما لا يحسن به ، قال عامر بن عبد قيس رحمه الله تعالى : إذا عقلك عقلك عما لا ينبغي فأنت عاقل [1]
والعقل حجر يحجر العاقل عن كثير من الأقوال والأفعال التي تكون سببا في هلاكه، ومن هذا المعنى قول الله تعالى: ((هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ )) (الفجر: 5) .
أي: لذي لب وعقل ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى :وإنما سمي العقل حجرا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال [2].
فالعقل إذا قيد يقيد صاحبه ، يهتدي في هذا التقييد بشرع منزل ، أو بعرف ساد في الناس ، ومن رفض هذا القيد فهو يريد إلغاء العقل لصالح الشهوة بحيث لا يكون ثمة فرق بين الإنسان والحيوان إلا النطق بكلام مفهوم.
والعقل لا يستقل بمعرفة كل حسن وقبيح ، ولا كل نافع وضار ، ولا كل خير وشر؛ ولذا أنزل الله تعالى الشرائع لتكمل ما في العقل من نقص ، وتسد ما فيه من عجز(97/275)
عن إدراك ذلك ؛ فكانت الشريعة نعمة أخرى يهتدي بها العباد لتحصيل مصالحهم العاجل منها والآجل.
بين العقل والشرع: إن الله تعالى هو خالق البشر ، وهو سبحانه واهب العقول ، ومنزل الشرائع ، فمصدر العقل والشريعة واحد فلا تعارض بينهما ، وإذا وقع التعارض عند بعض الناس فهو لخلل في عقولهم وطرائق تفكيرهم ، أو في ما نسب إلى الشريعة وليس منها ، وشرع الله تعالى هو الحاكم ، والعقل تبع لذلك ، ولا يقضى بالعقل على الشرع ؛ لقصور العقل عن إدراك كل شيء ، ولشمول الشريعة كل شيء كما قال الله تعالى : ((وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ )) (الأعراف : 145)
هذا في شريعة موسى عليه السلام ، ودين الأنبياء واحد كامل من رب العالمين ، شامل لكل ما يحتاجه الناس من أول الزمان إلى آخره ، وفي خصوص القرآن قول الله تعالى : ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)) (النحل : 89) .
ومن عارض ذلك فهو مصادم للعقل والفطرة ، متبع لهواه ، مستنكف عن عبادة مولاه، وقد سمى الله تعالى الهوى إلها يعبد من دونه فقال سبحانه : ((أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً)) (الفرقان : 43) .
وفي الآية الأخرى : ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)) (الجاثية : 23) .
ومن صور اتخاذ الهوى إلها من دون الله تعالى : معارضة الشريعة المنزلة من حكيم حميد بأفكار البشر ونظرياتهم وتخبطاتهم ، وتقديم أقوالهم على أقوال الله تعالى وأقوال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد استشرى ذلك في البشر في كثير من المجالات بعد انتشار موجات الإلحاد وإنكار الغيب في دول الغرب، ولم تسلم من شره دول أهل الإسلام، ولا سيما فيما يتعلق بشؤون الأسرة والمرأة ؛ فقد أجلب المنافقون والشهوانيون في ديار المسلمين بخيلهم ورجلهم على أحكام الله تعالى في شأن المرأة(97/276)
يريدون تغييرها، ويرفعون عقيرتهم بتبديلها، مدعين أنهم يحطمون الأغلال التي غلتها، ويرفعون وصاية الرجل عنها ؛ لينقلوها لو استطاعوا من عبادة الله تعالى إلى عبادة المبادئ الغربية الإلحادية.
حقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة: إن هذه القضية بين الرجل والمرأة قد كثر القول فيها ، وسودت فيها ألوف الكتب والمقالات ، وأفردتها بالبحث والنقاش مئات الصحف والمجلات، وتناظر فيها المتناظرون ، واختصم من أجلها المختصمون، وعقدت لبحثها المؤتمرات، وشكلت لها عشرات اللجان والجمعيات، والبشر من الشرق إلى الغرب منذ مئة عام وزيادة وهم يدوكون فيها، ويناقشون تفاصيلها، وتالله لهي أيسر من هذا كله لولا الضلال والهوى ، والتقليد على غير هدى.
إن القضية بكل يسر واختصار تتلخص في أن الله تعالى خلق الذكر ، ومن الذكر خلق الأنثى ، وجعلهما سبحانه جنسين مختلفين في التركيب البدني والعقلي والنفسي ، وفي خلقهما جنسين مختلفين يقول الله عز وجل: ((وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى*مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى)) (النجم : 45-46) .
((أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى* أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى* ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى*فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى)) (القيامة : 36- 39) .
فبين سبحانه اختلاف كل جنس منهما عن الآخر ، فسمى أحدهما ذكرا ، وسمى الآخر أنثى، ولو كانا واحدا لما سماهما زوجين ، ولما أفرد كل واحد منهما بوصف يختص به، وأخبر سبحانه أن كل جنس منهما يكمل الجنس الآخر ، وهو محتاج إليه، ولا تكتمل سعادته إلا به كما قال عز وجل : ((هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)) (البقرة : 187) .
وقال سبحانه : ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)) (الأعراف: 189) .
وفي آية أخرى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (الروم : 21) .(97/277)
ولو كانا متماثلين لما احتاج أحدهما إلى الآخر ، ولجاز أن يستقل بنفسه عن زوجه، بل إن من دلائل توحيد الله تعالى أن كل شيء خلقه الله تعالى فهو محتاج إلى زوجه كما قال سبحانه: ((وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) (الذاريات : 49) .
فلا أحدا صمدا يحتاج الخلق إليه وهو غني عنهم إلا الله تعالى.
ولا أدل على هذا التفريق بين الذكر والأنثى من النص على ذلك صراحة في القرآن العظيم؛ إذ حكى الله تعالى عن امرأة عمران أنها قالت : ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)) (آل عمران : 36) . .
وأقرها الله تعالى على مقولتها تلك ، ولم ينكرها منها ، أو يعقب عليها.
وجاءت شرائع الله تعالى في كتابه العزيز ، وعلى لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، موافقة لهذه الحقيقة التي دل عليها الوحي والعقل والفطرة والحس ؛ فثمة أحكام يشترك فيها الجنسان وهي أغلب شرائع الإسلام ، وأحكام يختص بها جنس دون الآخر، كاختصاص الرجال بالجهاد والجمع والجماعات، واختصاص النساء بالرضاعة والحضانة، ولم يسو الله تعالى بينهما في الميراث والنفقة ولا في الولاية والقوامة: ((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ )) ( النساء : 11) . ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء )) ( النساء : 34) . (( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ )) ( البقرة : 228) .
والرجل ينفق على المرأة أمًا كانت أم زوجة أم بنتا، ولو كان أفقر الناس وهي أغناهم.
ولغات البشر على اختلاف بلدانهم وأديانهم وأجناسهم منذ القدم قد ميزت الذكر عن الأنثى ، وخصت كل جنس منهما بخصائص في التسمية والخطاب والضمير والنداء، وعلى هذه الفطرة السوية في التمييز بين هذين الجنسن المختلفين عاش البشر قرونا تباعا إلى أن جاء ملاحدة هذا العصر ببدعة المساواة بين الجنسين، والقضاء على كل أشكال التمييز بينهما مهما كان مصدره، ولو كان قرآنا منزلا من عند الخالق سبحانه وتعالى، أو كان حكما ممن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، ويريدون فرض هذا الضلال على كل البشر بالبطش و القوة ، وأعانهم بعض المتعاونين على الإثم(97/278)
والعدوان من المنافقين والشهوانيين بتسويق هذا الفساد والإلحاد في أوساط المسلمين ، والدعاية الفجة له ، ومخادعة المغرورين به ، وإرهابِ كل من يعارضه أو ينتقده أو يناقشه ، وتهديدِه بقوة الأعداء.
لازم لا بد منه : إن الذين ينادون بالمساواة بين جنس النساء وجنس الرجال من أولاد المسلمين، والقضاء على كل أشكال التمييز بينهما ولو كان مصدر هذا التمييز شريعة الله تعالى يلزمهم أولا أن يلحدوا، وينكروا أن الله تعالى خالق الذكر والأنثى ، على غرار ما يدين به ملاحدة الغرب الذين ابتدعوا نظرية المساواة بين الجنسين ؛ إذ هم ينكرون الخالق جل وعلا، ويجعلون الحياة مادة أوجدتها الصدفة، أو أفرزتها الطبيعة.
فإن كان المسوقون لهذه البدعة النكراء بين المسلمين يؤمنون بأن الله تعالى خالق الذكر والأنثى، فليخضعوا إذا لشريعته ، وليرضوا بحكمه، وليقبلوا تمييزه بين خلقه ، إذ إن من المتقرر عند العقلاء أن الصانع أدرى بصنعته من غيره ، فالخالق كذلك أعلم بخلقه منهم ((أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )) ( النحل : 17) .
((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )) ( الملك : 14) .
فإن أبو إلا علوا واستكبارا، وأصروا على خطئهم وضلالهم ؛ فليخلقوا خلقا آخر غير خلق الله تعالى، وليعبثوا فيه ما شاءوا ، وليجعلوه جنسين متماثلين لا تمايز بينهما، أما وإنهم لا يستطيعون ذلك ، فليدعوا الخلق للخالق سبحانه يحكم فيه بما شاء، ويميز بينه كيف يشاء فيجعل للذكر ما له وللأنثى ما لها، فلا راد لأمره، ولا معقب لحكمه جل في علاه، وليتركوا للمسلمين دينهم الذي ارتضاه الله تعالى لهم، وما لهم ولأناس قد ارتضوا شريعة الله تعالى فلا يبغون عنها بديلا، وليبحثوا لهم عن بلاد أخرى غير بلاد المسلمين ليسوقوا إلحادهم فيها ؛ كفى الله تعالى العباد والبلاد شرهم، ورد كيدهم إلى نحورهم ، وأذاقهم ذل الدنيا قبل خزي الآخرة، إنه سميع مجيب .
حقوق المرأة بين الإسلام ودعاة الإلحاد: شأن المرأة في الإسلام كبير ، وقد أكرمها الله عز وجل بما كلفها به من أحكام ، وأوجب عليها من حقوق وواجبات تجاه زوجها وأسرتها وأمتها ، وحفظ لها حقها ، وصان لها كرامتها وعفتها بما لم يكن لها قبل(97/279)
الإسلام ، ولكن مرضى القلوب يأبون إلا إهانتها بمزاحمتها للرجال، والصدام معهم صداما تخسر فيه نفسها ودينها وبيتها وزوجها وولدها، ويخسرها المجتمع كأم حانية، وزوج فاضلة ، وبنت غافلة محصنة.
لقد كان المنافقون ومرضى القلوب من دعاة تحرير المرأة يراهنون على نجاح المرأة إن تمسكت بحجابها وعفافها، ويزعمون أن دينها وأخلاقها أغلال قد غلتها عن الرقي والتقدم، ويجعلون مثلها الأعلى في ذلك عرايا بني الأصفر اللآئي ابتذلن أعظم ابتذال ثم ألقين على قارعة الطريق كما يلقى المتاع القديم؛ لتواجه الواحدة منهن صخب الحياة ومشكلاتها لوحدها، فلا أب يحنو عليها، ولا زوج يرعاها ويصونها، ولا ولد يرحم شيبتها إن بلغت من الكبر عتيا .
فلما خسر رهان هؤلاء المنافقين والشهوانيين، وأثبتت المرأة قدرتها على الجمع بين دينها وحجابها وبين دراستها وعملها، وأبدعت في ذلك أيما إبداع، وحازت شهادات عليا، وأثبتت عمليا أن المرأة تستطيع أن تجمع بين واجبات دينها ومتطلبات دراستها وعملها، إذا تم فصلها كليا عن مجالات الرجال وأعمالهم ومدارسهم، وكانت هذه البلاد المباركة أنموذجا يحتذى في ذلك ولا سيما في تعليم البنات. فلما نجحت في ذلك ، وأغاضت المنافقين والشهوانيين راح الأبالسة منهم يضيقون مجالات عمل المرأة المنفصل عن الرجال ، ويوسعون مجالات الاختلاط ، ولا يقبلون من النساء إلا من كانت على شاكلتهم ، ومن تمسكت بحجابها رغم ما يفعلون تتم مضايقتها والتسلط عليها لتترك عملها ؛ لأن منظرها يزعجهم، ويجعل أخريات يقتدين بها.
يفعلون ذلك وهم يصيحون بأعلى أصواتهم مطالبين بمجالات أكثر لعمل المرأة، ولقد بان للناس ماذا يريدون ، وعرف ماذا يقصدون؟!
إنهم يريدون مجالات أوسع للاختلاط والخلوة، ونشر السوء والرذيلة، والقضاء على العفاف والفضيلة ، وإزاحة القيود الدينية والأخلاقية التي تقيدهم في ذلك، وتعيقهم عن تنفيذ مشاريعهم التخريبية في المجتمع التي يسمونها زورا وبهتانا بالمشاريع التقدمية، وحجتهم التي ملَّ الناس تكرارها : أن العالم سبقنا ولا زلنا نتأخر، ولا تقدم في(97/280)
مفهومهم إلا بالفساد والإفساد ، ولقد حرموا نساء كثيرات من العمل لأنهن لم يجدن إلا مجالات ملوثة بالاختلاط والسفور.
وفي الوقت الذي ثبت فيه للعالم بشرقه وغربه ما خلفه اختلاط الرجال بالنساء من مشكلات لا علاج لها إلا بالفصل بين الجنسين لا يزال كثير ممن هم في غيهم يعمهون يصرون على المكابرة والإفساد ؛ ففي أمريكا التي يحتذونها في التقدم والقوة والصناعة صرح رئيسها بوش بلزوم فصل الطلاب عن الطالبات في الدراسة بعد أن أثبتت الدراسات التربوية أن اختلاط الجنسين أدى إلى ضعف التحصيل في الدراسة.
وفي دول الاتحاد الأوربي صدرت دراسات ميدانية وأبحاث جادة تثبت أن أعظم وبال منيت به الحضارة المعاصرة هو اختلاط الرجال بالنساء.
وفي الشرق الوثني عملوا على الفصل بين الرجال والنساء في الحافلات والقطارات بسبب كثرة شكاية النساء من تحرش الرجال بهن.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .
أما بعد أيها المسلمون : كل هذا - وغيره كثير - يثبت ما تنعم به بلادنا- ولله الحمد - من خير عظيم بالفصل بين الجنسين في الدراسة والعمل، ولكن فئاما من بني قومنا من المنافقين والشهوانيين لا يزالون على ما هم عليه من أفكار قديمة متخلفة تلقوها قبل خمسين سنة، فاستقرت في عقولهم ، وتغير العالم ولم تتغير عقولهم بعد ، بل شابوا على ضلالهم وسفاهتهم، ولا حيلة في سفه الشيخ؛ إذ لا حلم بعده.
يشتكون من الاستبداد ويمارسونه:حين تعقد المؤتمرات والمنتديات الفكرية التي تعنى بشأن المرأة لا يرشحون لها من يمثل نساء المجتمع من النساء المتعلمات المهذبات، وإنما يعمدون إلى عجائز ليبراليات أضعن أعمارهن في الأفكار الضائعة، وشربن من المستنقعات الآسنة حتى ثملن، ولا يعرفن عن مجتمعات المسلمين إلا أقل القليل، فيطالبن بما يعارض شرع الله تعالى، ويرفضه الكثرة الكاثرة من نساء ورجال(97/281)
المجتمع المسلم، في الوقت الذي تشتكي فيه هذه الفصيلة من المخلوقات من تأخر ثقافة الحوار، وعدم قبول الآخر، وهم وهن لا يحاورون إلا أنفسهم ولا يقبلون إلا من كان على شاكلتهم، فأي حوار يدعون إليه ؟! وأي آخر يقبلونه ؟!
إنهم فئة قليلة في الناس لا تمثل إلا نفسها ومع ذلك يريدون خرق سفينة المجتمع وإغراقه في لجج من الرذائل والشهوات المحرمة لا عافية منها، وما البلاد الإسلامية التي سبقت إلى إفساد المرأة وتحريرها من قيود الدين والأخلاق إلا أمثلة شاهدة على ما يريد هؤلاء المفسدون والشهوانيون أن يوصلوا مجتمعنا ونساءنا إليه، وواجب على كل مسلم أن يجاهدهم بما يستطيع من فضح مخططاتهم، وكشف عوراتهم، وتحذير المسلمين من خطر أفكارهم وطروحاتهم، مع تحصين نساء المسلمين وفتياتهم من أفكارهم الضالة التي يزورونها بزخرف القول، ويروجونها بشعارات براقة تنطلي على كثير ممن لا يعرف حقيقتهم، وحقيقة ما يدعون إليه من فساد وانحلال ، ولا أجد وصفا أدق فيهم من أنهم : دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوها فيها، أسأل الله تعالى أن يكفي المسلمين شرورهم، وأن يحبط كيدهم، وأن يريهم ما يسوؤهم من تمسك المسلمين رجالا ونساء، وفتيات وفتيانا بتعاليم دينهم، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] العقل وفضله لابن أبي الدنيا35
[2] والأقوال0تفسير ابن كثير4\508 .
ــــــــــــــ
المنادون بخروج المرأة للعمل
خلق الله الرجل والمرأة وأعطى كلا منهما استعداده الخلقي ليقوم بعمله اللائق به، لأن المجتمع الإنساني بحاجة إلى عمل الجنسين كل في مجاله فالرجل يعمل خارج البيت والمرأة تعمل داخل البيت، فالرجل له عمل موقعه خارج البيت، وعمل المرأة موقعه داخل البيت فإذا أدى كل منهما عمله في موقعه تكاملت مصلحة المجتمع وإذا غيرنا(97/282)
جنس العمل أو مكانه فولينا المرأة عمل الرجل وأخرجناها من بيتها، وولينا الرجل عمل المرأة وحصرناه في البيت اختلت مصلحة المجتمع . أما إذا عملت المرأة داخل البيت فإننا قد حصلنا على فائدة عملها على الوجه المطلوب وحصلنا على صيانتها خلقيا وخلقيا. وإذا عمل الرجل خارج البيت فإننا قد حصلنا على فائدة عمله على الوجه المطلوب واستفدنا من قوته وجلده، يتجلى هذا في قصة موسى عليه السلام حينما وجد المرأتين قد عجزتا عن سقي غنمهما مع الرجال وانتظرتا حتى يفرغ الرجال من السقي ليخلو لهما المكان رغم ما تقاسيان من ذود الغنم التي تريد الماء لدفع العطش الشديد الذي أصابها فجاء موسى عليه السلام بقوة الرجال وشهامة الرجال فسقى لهما مزاحما الرجال برجولته، فالذين يقولون الآن إن المرأة معطلة من العمل لأنها لا تعمل خارج البيت نقول لهم بل إنها إذا عملت خارج البيت تعطل عملها الحقيقي داخل البيت وحينئذ تكون معطلة عن العمل حقيقة ويخسر المجتمع هذا العمل الذي لا يقوم به غيرها.
ولئن قالوا: نأتي بدلها بخديمات يقمن بعمل البيت فإننا نقول لهم:
أولاً: إن المستخدمة لا تؤدي العمل بالشعور الذي تؤديه به صاحبة البيت فلا يكون العمل متكاملا.
ثانياً: قد لا تكون المرأة المستخدمة أمينة على البيت وما فيه مثل أمانة صاحبة البيت. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) وقد سلبت هذه الرعاية ووليت من لا يقوم بها.
ثالثاً: المستخدمة لا يكون فيها حنان الأم في تربية الأولاد لأنه ليس فيها حنان الأمومة، بل قد تنحرف بالأولاد دينياً وأخلاقياً.
رابعاً: الله سبحانه قد جعل الزوجة سكنا للزوج كما قال تعالى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)) ( الروم : 21)
فإذا جاء الزوج إلى البيت متعبا من العمل أو مهموما لم يجد في البيت من يسكن إليه لأن زوجته بعيدة عن البيت بمراحل. ولو جاءت الزوجة إلى البيت فإنها تكون متعبة(97/283)
لا تقوى على شيء، فالذين ينادون بأن تعمل المرأة في غير مجالها لا أظنها تخفى عليهم هذه الأضرار ولا يريدون عمل المرأة خارج البيت لذاته وإنما يريدون تجريدها من كرامتها وتحميلها ما لا تطيق وتخسير المجتمع عملها الصحيح. ونحن نخاطب العقلاء منهم أن يفكروا في الأمر ولا ينخدعوا بدعايات الأعداء التي انخدع بها من كان قبلهم وفي النهاية ذاقوا مرارتها ونسأل الله لنا ولهم معرفة الحق والعمل به
ــــــــــــــ
المنافقون ودورهم في اسقاط الدول
كثيراً ما يواجهني سؤال مفاده. لماذا تنتقد بحدة العلمنة والفكر العلماني ؟ مباشرة ، ودونما أية مجاملة أو مواربة، أو عبارات اعتذارية كما جرت العادة عند التعرض لمثل هذه القضايا ذات الأبعاد الحساسة، أقول:
السبب أنني أرى أن هذا الفكر الطارئ ، له آثاره الخطيرة على المجتمع ،يقول الدكتور سفر الحوالي ـ شفاه الله ـ وهو من كبار العلماء في بيان تعريف العلمانية: ( لو قيل إنها فصل الدين عن الحياة ، لكان أصوب ، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية هو إقامة الحياة على غير الدين ؛ سواء بالنسبة للأمة أو للفرد ) العلمانية ص 24 .
هذه الفرقة - في حقيقتها - تقوم وتنطلق على أساس فصل الدين عن الحياة ..ومن ضمنها السياسة ..فالعلمانيون يجعلون الحياة في جانب والدين في جانب آخر ..وهنا بيت القصيد ومربط الفرس كما يقولون.
فالدين في نظر هؤلاء هو الاعتقادات ومن وسع دائرته فيضيف إلى ذلك الشعائر ، وهو مفهوم كهنوتي غربي انتهى إليه الحالة الغربية بعد الصراع ثم التوافق التاريخي بين كنائس الأحبار والرهبان وبين مؤسسات المجتمع الغربي وعندما استوردنا هذا التصور صرح بعضهم جهراً أن ( الدين لله والوطن للجميع ) وشعار ( لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين )
إننا نتوجه بالسؤال إلى من يدعي الإسلام من هؤلاء فنقول :(97/284)
إذا أخرجنا ـ على سبيل التحكم ـ جزءا من النشاط الإنساني في الحياة ـ إما السياسة وإما غيرها ـ عن دائرة الدين فمن أين نتلقى منهج وأحكام هذا الجزاء ؟
ولأن (فكرة فصل الدين عن الحياة) هي أساس (العلماني )، فإن الراصد المتتبع لخطاب ناشطيهم ودعاتهم، يجد أنهم يدافعون عن تنظيماتهم ويتعاملون مع خصومهم، ويصفون الذين يطالبون بتطبيق الإسلام وتحكيمه في أرض الله وعلى عباد الله كما هو بدون اختزال بأنه (صحوي أو متطرف أو طالباني ) ـ باستثناء بعض المتأثرين بهم من حيث لا يشعرون ـ وهم بذلك - ربما دون أن يشعروا - يفترضون أن الإسلام (ديناًً كهنوتياً) مكانه المسجد وأن الذين يعترضون على تسلطهم، ويختلفون مع خطابهم، هم ضد الإسلام بينما هم في الواقع ضد أن يكون انتقائية في اختيار ما يناسب من أحكام الإسلام للإشهار به على الأعداء والخصوم ..وتمرير أفكارهم ..وتبرير مواقفهم .. لأن الإسلام من حيث المنطلق، ومن ثوابته الأساسية، والتي لا يختلف عليها اثنان من أهل الإسلام ، لا يقبل بإقامة الحياة على غير الدين وإنما قام على أن يكون الدين مهيمنا على الحياة كما قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )) ( البقرة :208) .
والعلماء هم ورثة الأنبياء في بيان الدين للناس وتعلميهم إياه .. وقد أمر الله تعالى عباده برد الأمر عند الاختلاف إلى العلماء فقال سبحانه : (( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ )) ( النساء : 83) .
ولذلك أقام ولي الأمر المؤسسات الدينية كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لضبط الناس وتوجيههم .. بل كل دول العالم تضع ذلك على حسب أديانهم وتوجهاتهم .
والإسلام أمر بالطاعة (لأولي الأمر) خاصة، في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ )) (النساء :59) .(97/285)
ولا صحة لمن يقول إن العلماء لا يشتركون مع الأمراء في مقتضى (الطاعة) بمعناها الشرعي ، قال العلامة الشنقيطي في تفسيره ( 7/317) ( وقد أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر وهم العلماء أو العلماء والأمراء وطاعتهم تقليدهم فيما يفتون به فإنه لولا التقليد لم يكن هناك طاعة تختص بهم )
وأهل العلمنة ينتظمون ضمن (تنظيم) أو قل: ( توجهات فيهم فلول شيوعيين وبعثيين وقوميين ) ، و ليسوا كالعلماء إنما هم ( آحاد) وأفراد، يتفقون ويختلفون حسب اجتهاداتهم وفهمهم للأدلة، ولا يضر - بالتالي - المجتهد منهم اختلافه مع من هو أعلى منه منزلة، أو أقل منه منزلة من الناحية العلمية. يقول علماء الأصول: ( لا إنكار من أحد على أحد في المسائل الاجتهادية فالمجتهد لا ينكر على مجتهد مثله، والمقلد لا ينكر على مقلد مثله كذلك، بَلْهَ أن ينكر على مجتهد) هذا هو الإسلام. أما بنو علمان ، أو قل الفكر العلماني، فيعملون من خلال (تنظيم) لها منظرون، ولها أسس فكرية، وكوادر وأتباع ومريدون، وهم في الواقع وعند التدقيق والتمحيص من أسس إلغاء الدين واستغل أخطاء أصحاب الكنيسة لتكون نقطة تحول للانفلات من الدين ..وجعل الدين هو العقبة أمام التقدم والحضارة .
ولعل ( المقالات الجماعية على هدف واحد ) التي يصدرها بعض كتاب الصحافة هذه الأيام تصب دون أن يعوا في إثبات ما أقول: فمثل هذه المقالات الجماعية والتي تُنقل أحيانا من مواقع متطرفة جدا كموقع إيلاف ؛ لم يكن لها سابقة في التاريخ الإسلامي، أراد منها ( هؤلاء) - على ما يبدو - تكريس فكرة ( العلمنة ) في الإسلام في أذهان مريديهم، وترويجها، وإذعان الناس لسطوتها وسلطتها للانتهاء بهذا الدين العظيم إلى أن يكون ( في مسجد )، أو ( في قضايا الأنكحة ) فقط .
كما أن هذه الفرقة تعتمد التستر بالتمسك بالدين الإسلامي بل ومنهج أهل السنة والجماعة من خلال تنظيم لا يتوقف عند استغلال بعض ( وسائل الإعلام ) وقلب المفاهيم الشرعية لدى الناس ، وطرح الشبهات بحجج واهية ، وإنما هذه مقدمات إلى العمل السياسي المنظم وهو الأصل والغاية في مرامي فرقتهم، والذي يستحلون فيه(97/286)
كل المحرمات، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ..وتعمد إبداء (ظاهر) يختلف مع (الباطن) والهدف والنية، طالما أنه يخدم أهدافهم وغاياتهم السياسية.
وبنو علمان يحاولون دائماً أن يفعِّلوا ( قيم ) الإسلام الأخلاقية لتبرير مواقفهم ..والتستر على أفعالهم ومخططاتهم ..بينما هم يسهرون في ليال حمراء ..الله أعلم بحالهم !!!
وبنو علمان هم الطابور الخامس ..ولا أدل على ذلك ..من الواقع الذي نراه جميعاً :
ففي أفغانستان وفي بلاد الرافدين..وفي فلسطين من الذي قاوم المحتل ومن الذي رحب به ؟!
إننا نعلم جميعاً من هم الطابور الخامس ..ومن الذي له علاقات مع سفارات خارجية ..ويتسلم مكافأة مالية ..ليتهجم على مناهج هذه البلاد التعليمية ..ويحرض على قلب سياسة الحكم في البلد إلى ديمقراطية وهي دعوى كاذبة .. كل ذلك لأن ( ثابتهم ) الأول هو الحكم، أو على الأقل الوصاية على المجتمع، والتحكم في تسييره كما يطمحون.
ولأنهم يعرفون أن المجتمع السعودي مجتمع (محافظ) ولدى أغلبيته غيرة شرعية في كل ما يتعلق بقضايا ( المرأة ) ومنحها حقوقها، فإن الخطاب العلماني يطرح نفسه كممثل للمطالبة بحقوق المرأة ..فلماذا يضيق على المرأة بغطاء وجهها ؟!! فالحجاب ـ عندهم ـ تخلف ورجعية..ولماذا لا تعمل المرأة جنباً إلى جنب مع الرجال ؛ فالاختلاط ينمي الثقة بالنفس ..ولماذا تكون القوامة بيد الرجل والمرأة كاملة الأهلية ؟!! ..ولماذا لا تمارس المرأة هوايتها في الفن والمسرح حتى ولو هابطاً فهذه حرية شخصية ؟!! ..ومن حقها أن تمارس الرياضة بأنواعها المختلفة حتى المنفلتة منها لأنها رشاقة وجمال !!
وختاماً.. ماذا جنينا من هذا الفكر العلماني ، إلا الإساءة لسمعة هذا الدين، وإدخال الإسلام والمسلمين إلى محل الازدراء والتهكم ..فالإسلام شيء وواقع بعض وسائل(97/287)
الإعلام شيء آخر . فالمرأة تخرج متبرجة .. وتتراقص أمام العالم ..ليقال لغير المسلمين ..نحن لسنا متشددين ولسنا صحويين ..ولا طالبانيين !!
ولقد أخذ هؤلاء على عواتقهم تكريس فكر الانبطاح التام للغرب ..والنظر إليه بنظرة الإعجاب والإكبار ..حتى أصيبت بعض الشعوب بالخنوع والخضوع ..وصوروا لهم أنه لا يمكن أن نكون أقويا بإيماننا ..أقويا بإنتاجنا وقدراتنا .. برغم أن بعض أساطين هذا الفكر تنبه إلى (الورطة) التي أوصلوا إليها بلدانهم فضلاً عن مريديهم فإنهم لا يزالون في غيهم يعمهون .
خلاصة القول ..إن الله سبحانه يقول : ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)) (الزخرف:84) . وهم يقولون : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض آلة أخرى ..
وصدق الله : ((وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)) (الزمر: 45) .
ــــــــــــــ
من حرم النساء من الزواج ؟!!
من حرم النساء من الزواج ؟!! ( بعد قضاء الله وقدره)
نتيجة طبيعية .. كلما وجد الاختلاط ..كثرة العوانس، ومن أسباب ذلك انصراف فئام من الشباب في العالم عن الزواج واستعاضوا بالخليلات والصديقات بدلاً عنه فمن يتقدم لتلك الفتيات ؟!
ولذا سوف تبقى الكثير من الفتيات بلا زواج ، وهذا هو الحاصل الآن ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ وهذا منذر بخطر كبير؛ لأن المرأة بطبيعة الحال تريد ما يريد الرجل فإذا لم تجده بالحلال فهي بين خيارين:
إما أن تصبر على قدر الله تعالى وتعف نفسها إلى أن يأتي فرج الله لها.
أو- عياذا بالله من ذلك - أن تسلك سبيل الحرام وهذا الذي نخشى منه ومن عواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع.(97/288)
ففي بداية الاختلاط في سوريا، وجد المصلحون أن الأسرة السورية ومشروع الزواج بدأ ينهار وبسرعة مذهلة.
فأجريت دراسة ميدانية ومسحية تبحث عن السبب الأول وراء العزوف عن الزواج , وعن ارتفاع معدلات الطلاق، فوجدت أن السبب الأول وبالإجماع كان ( الاختلاط بين الجنسين في العمل ) !![1].
فهل يدرك دعاة عمل المرأة الذين لا يراعون هذا الجانب ويقحمونها في أوساط الرجال بحجة فتح فرص وظائفية للنساء ؟!!
وهل تضحي المرأة بالوظيفة من أجل زوج تسعد معه وتنجب أولاداً يدخلون عليها الفرحة والسرور.. والبهجة والحبور..
إن بعض أخواتنا المسلمات واللاتي فضلن العمل في أجواء مختلطة حتى تقدمت بهن السن ولم يتزوجن صرخن بأعلى أصواتهن خذوا شهادات وأعطوني زوجاً !!!
فهذا الاعتراف، لطبيبة بلغت الثلاثين من عمرها ولم تتزوج، فهي تصرخ وتقول: خذوا شهاداتي وأعطوني زوجاً.
ثم تعترف وتقول: السابعة من صباح كل يومٍ وقت يستفزني، يستمطر أدمعي .
أركبُ خلف السائق متجهةً صوب عيادتي، بل مدفني، بل زنزانتي، وعند ما أصل مثواي أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني، وينظرن إلى معطفي الأبيض، وكأنَّهُ بردةُ حريرٍ فارسية، هذا في نظر الناس، وهو في نظري لباسُ حدادٍ لي !!
ثم تواصل اعترافها فتقول :
أدخل عيادتي، أتقلّد سماعتي وكأنَّها حبلُ منشقةٍ يلتفُّ حولَ عنقي، العقد الثالث يستعدّ الآن لإكمالِ التفافه حول عنقي، أخيراً تصرخ وتقول:
خذوا شهادتي ومعاطفي وكل مراجعي، وجالب السعادة الزائفة، واسمعوا لي كلمة ماما، ثم تقول :
لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة ** فقد قيل ماذا نالني من مقالها
فقل للتي كانت ترى فيَّ قدوة **هي اليوم بين الناس يرثى لحالها(97/289)
وكل مناها بعضُ طفلٍ تضمه ** فهل ممكن أن تشتريه بمالها ؟
وختاماً ...إن استمر الحال..على ما نرى ((فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ)) ..
فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يهدي ضالهم ويرده إلى الحق رداً جميلا
[1] لماذا يهربون من جنة الحياة الزوجية ؟ جيش الشعب , العدد (1039) تاريخ 30 أيار 1972 ص 30 ).
ــــــــــــــ
السوق النسائي المعزول هو الحل
كثر الحديث في جميع وسائل الإعلام بخصوص تأجيل تطبيق قرار وزارة العمل رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1427هـ الخاص بقصر بيع المستلزمات النسائية على السعوديات وهو ما كان متوقع لجميع أفراد المجتمع لعدم وضوح الرؤيا بخصوص آلية تنفيذ هذا القرار الذي شابه الغموض إلى حد كبير مما جعل الكثير يتساءل كيف يمكن تطبيقه؟ وما هي الضوابط والشروط ؟ وما إلى ذلك وهذا الكم من الإستفهامات التي عجزت عن الإجابة عنها وزارة العمل فكان قرار التأجيل بمثابة التريث والاستعداد للإجابة على هذه الأسئلة والاستفسارات ولإعطاء أصحاب العمل فرصة ليتمكنوا من تطبق الشروط الخاصة بهذا القرار كما صرح وزير العمل بذلك ونحن نقول جزى الله كل من كان له دور في التأجيل من العلماء والمسئولين وأهل الغيرة في بلادنا ولكن ما يثير الدهشة ما يطرح من قبل بعض الكتاب والكاتبات وما اعتراهم من خيبة أمل كما يحبون أن يعبروا عن ذلك نتيجة قرار التأجيل والذي ينعون فيه الأرامل والمطلقات والمحتاجات من بنات هذا البلد وكأنهن المسؤلات بالدرجة الأولى بالكسب والإنفاق على أنفسهن ،
وهل كل محتاجة تصلح لأن تكون بائعة ؟ ضمن الشروط التي يريدها صاحب العمل ؟
وهل هو الحل الوحيد لإعفافهن ؟ فلماذا لا نبحث عن الحلول العملية التي تساهم في سد حاجة هؤلاء النسوة من جميع مؤسسات المجتمع التي تتحمل جزءا كبيرا من(97/290)
المسؤولية وليس فقط الحديث عن إقحامهن في العمل والزج بهن جنبا الى جنب مع الرجال الباعة بحجة أنهن محتاجات.
لذا أدعوا جميع الكتاب الذين خرجوا نتيجة هذا التأجيل أوصياء ومدافعين عن أولئك النسوة وهم يشكرون على هذا أن يبحثون عن وسائل أخرى تضمن لهن لقمة العيش بالتكافل الاجتماعي لأنني أعرف كما يعرف الجميع أن غالبية هؤلاء المحتاجات هن ضمن المستفيدات في قوائم الجمعيات الخيرية وغيرها من المحتسبين من التجار وأهل الخير وهذا واجب كفله لنا ديننا الإسلامي حيث الغني ينفق على الفقير والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه فنحن هنا لسنا ضد عمل المرأة بضوابطه الشرعية وشروطه ونرفض أيضا اختلاط الرجال بالنساء مهما كانت المسوغات فإن كنا حقا نبحث عن مساعدة هؤلاء النسوة لما لا نسخر أنفسنا وأقلامنا بحث التجار والمستثمرين بإيجاد فرص وظيفية لهن عن طريق إنشاء الأسواق النسائية المعزولة والتي هي إحدى هذه الحلول التي تساهم في خلق فرص وظيفية جيدة لهؤلاء النسوة
ــــــــــــــ
خروج النساء للعمل وأثره على جنوح النشء
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد :
إن خروج المرأة إلى العمل بهذا الإطلاق في كثير من دول العالم الإسلامي أدى إلى إهمال كثير من الناشئة في سن هم أحوج ما يكونون فيها إلى الأم ورعايتها ومن ثم يشعرون بالفراغ والإهمال مما يدفعهم إلى العبث والمفاسد ويكمن في نفوسهم عنصر الانحراف والجريمة، والإسلام لا يمنع عمل المرأة إذا كانت بحاجة إليه بضوابطه الشرعية وشروطه أما أن تخرج المرأة عن مسؤولياتها استجابة للدعوات الهدامة رغم أنها ليست بحاجة إلى ذلك فهذا أمر خطير عظيم على تلك الأجيال المعاصرة ، فإذا كان الذين خططوا لذلك يناشدون الآن بعودة الأم ذات الأولاد إلى البيت فما بالنا نحن المسلمين !(97/291)
فلقد قرأت أن الدول الغربية وفي إنجلترا بالذات طالب بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني باقتراح إلغاء العلاوات التي تضاف إلى رواتب النساء المتزوجات كما اقترحوا أيضا عدم قبول المرأة المتزوجة إلا بعد الاكتفاء بالرجال، هذه الأطروحات التي ينادون بها الآن نبه إليها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان قال الله تعالى : ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ)) (الأحزاب : 33) .
وكذلك نبهت السنة المطهرة إلى مسؤولية كل شخص عمن يرعاهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها)) .
لذلك فإن حكومات العالم الإسلامي مطالبه بترشيد خروج المرأة للعمل لضبط هذه الفوضى التي عادت بالآثار السيئة على نشئ هذه الأمة المسلمة الذي نما فيها فاقدا للحنان والتربية السليمة مما دفعه إلى الانحراف والسلوكيات السلبية .
ــــــــــــــ
آهات الطبيبات ..بين أروقة المستشفيات
حدث :
فالبرغم من الصعوبات والعقبات التي واجهتها في بعض تلك القطاعات إلا أنها أثبتت جدارتها وأهميتها بالمجتمع ، ولم تستلم لأية صعوبة مهما كانت شدتها .
ومن هذه القطاعات التي برزت فيها المرأة السعودية (( القطاع الطبي )) وتقدمت فيه بشكل واضح ولأهمية وجود الكادر النسائي في هذا القطاع الحيوي الإنساني .. فردت (( المتميزة ـ عدد 40)) صفحاتها للعاملات في هذا القطاع الحيوي ليبثثن معاناتهن ويوضحن الصعوبات التي تعترض طريقهن .. ثم الشروع من خلال المختصين والعلماء الربانيين بالحلول الناجحة - بإذن الله- للمرحلة القادمة .. إن شاء الله .
ــــــــــــــ
تحذير وبيان
الصفحة 1 لـ 3(97/292)
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فإن من واجب النصح لولاة الأمر وللأمة ومن لوازم الغيرة على الدين والفضيلة ، ومن واجب البيان الذي أخذه الله على أهل العلم في قوله تعالى: ((وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ))
(آل عمران187).
أن نحذر الأمة من عصابة معروفة بالتوجه التغريبي المنحرف قد تمكنت من التأثير على القرار، والتولي على بعض المؤسسات ذات الأثر الكبير في هوية المجتمع ومستقبله.
هذا مع ما تمر به بلادنا من ضغوط وكيد خارجي، صارت هذه العصابة عيناً وأذناً وأداةً لذلك العدو الخارجي مستندة إلى تأييده ومنفذة لأهدافه.
إن خطر هذه العصابة على المجتمع عظيم جدا ، فإنها التي تعمل لحرب الفضيلة وتشويه القيم الإسلامية وتغيير هوية المجتمع ، يضاف إلى ذلك سعيها الحثيث نحو تجفيف منابع الخير فيه وجره إلى ضروب الانحراف والبعد عن الدين بتحجيم المؤسسات الشرعية وتقليص المناهج الدينية في المؤسسات التعليمية الرسمية والأهلية .
وبعد ، فإننا إذ نحذر من هذه العصابة ومخططاتها ننبه إلى أمور:-
الأول:
أن من حكمة الله تعالى وحكمه أن تكون هذه الجزيرة هي معقل الإسلام وأن الإسلام يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها كما أخبر المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر المخرج في صحيح مسلم، والإسلام الذي نعنيه هو الذي رضيه الله لنا شرعة ومنهاجا مما جاء في الكتاب والسنة وفهمته القرون المفضلة(97/293)
ومن سار على نهجهم، ومنهم علماء الشريعة الذين كانوا ركيزة هذه الدعوة المباركة والتي كانت ركيزة قيام هذه الدولة ، وأساساً لشرعيتها ، وهو الدين المهيمن على كل مناحي الحياة ، وليس هو الدين الذي تريده هذه العصابة على حسب أهوائهم الضالة وشهواتهم المنحرفة ، وإن الأمة حكاماً ومحكومين مستأمنون على حفظ جناب الدين وحماية الشريعة والأخلاق من عبث العابثين وأهواء المبطلين التي بدأت تظهر اليوم في مجتمعنا .
إن محاولات هذه العصابة لإضعاف الشرعية الدينية لهذه البلاد من خلال مراكزهم وصحفهم ومن ثم تقويض كيانها للانقضاض عليها ستبوء بالفشل ، لأنها ستجد إن شاء الله أمامها أمة واعية لمخططها ، واقفة ضد مؤامراتها الخبيثة .
الثاني :
إن الإصلاح المطلوب الذي تستقيم به أمور الدين وأمور الدنيا لا يحصل إلاّ بالالتزام بأحكام الشريعة وقواعدها في الإصلاح ، وليست الدعاوى الباطلة التي يدعو إليها هؤلاء المفسدون في مجتمعنا ، وهم الذين ذكر الله سبحانه وتعالى أسلافهم في القرآن فاضحاً إياهم بقوله: (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )) (البقرة:11).
إن الانفتاح على كل ما فيه مصلحة للعباد مطلب لكل مخلص لهذا البلد ، وإن تنمية البلد وتطويره والمسارعة في حل مشكلاته واجب شرعي ولن يتم ذلك بالانفلات من أحكام الشريعة وآداب الفضيلة والمسارعة في تحويل المجتمع إلى صورة من صور المجتمعات المنحرفة عن هذه الأحكام والآداب ، مما تستبطنه وتستحسنه عقول هذه العصابة الخبيثة ونفوسهم المريضة .
الثالث:
ليعلم هؤلاء المنافقون أن أهدافهم مكشوفة وأجندتهم مرصودة ، وهم وإن تمكنوا ساعة فإن العاقبة للمؤمنين (( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )) (الشعراء:227) .(97/294)
ومن فضل الله أن مخططهم التغريبي يرفضه عامة المجتمع لأنه مجتمع يغلب عليه الخير وحب الفضيلة ، وقد أثبت هذا المجتمع – بتوفيق من الله - من خلال الأحداث والوقائع أنه قادر على إحباط هذه المشروعات ، لأنه يريد الإسلام ، ويرفض غيره، وأنه مجتمع واعٍ لهذه المخططات مهما وظفوا منابر الإعلام من صحافة وقنوات ، ومهما جندوا من كتّاب - في قلوبهم مرض - لمشروعهم التغريبي السافر ، ومهما حاولوا تشويه أهل العلم والدعوة والقضاء لدى ولي الأمر وحاولوا إبعادهم عنه وحالوا دون رسائلهم الإصلاحية أن تصل إليه .
إن هذه العصابة شرذمة قليلة يعيش معظمهم حالة عزلة واغتراب عن مجتمعه ، ومع ذلك يتكلمون باسم الأكثرية وباسم المجتمع – زوراً وتدليساً وتلبيسا – لأنهم تمكنوا من بعض المواقع الحسّاسة ليثأروا من هوية مجتمع متدين يبغضهم وينبذهم ، بل أفشل مخططاتهم وأسقط راياتهم طيلة عقود سابقة .
الرابع :
ولما للمرأة من أثر بالغ في المجتمع فقد بذلوا الجهود الماكرة لتغريبها تحت شعارات خداعة مكشوفة من الدعوة لحقوق المرأة زعموا وتحريرها من القيود وتطويرها حسب ثقافتهم المنحرفة ، وتباكوا على وضعها الراهن الذي لم يرضهم ليؤثروا على عواطفها ثم يجروها وراء سرابهم الخادع ، ويا للأسف ! فقد خدعوا بعض النسوة فاستخدموهن آلةً لتنفيذ مخططاتهم .
لقد تولى كبر هذا الدور التخريبي – مع الأسف – جهات وشخصيات تنتمي إلى هذا الوطن جعلت همها تنفيذ المخطط الغربي الماكر ؛ يوما باسم توسيع عمل المرأة وعلاج البطالة ويوماً باسم تمكين المرأة وتنميتها، متناسين ضوابط عمل المرأة في المجتمع داعين إلى تطبيع الاختلاط بين الجنسين مع أنهم لم يبذلوا وسعهم في علاج البطالة عند الشباب، وهي محط اهتمام جميع الدول.
لقد ضرب صناع هذه القرارات بعرض الحائط خصوصية المرأة في هذه البلاد وطبيعة دورها وتكوينها التي راعاها الإسلام في تشريعاته وأحكامه، وقد بلغ بهم(97/295)
الاستهتار إلى حد إلغاء بند في المادة ( 160 ) من نظام العمل والعمال الجديد وهو الذي ينص على منع الاختلاط في العمل بين الجنسين بل أعرضوا عن كل القرارات والتعاميم السابقة الخاصة بهذا الشأن ومنه تعميم سمو وزير الداخلية ( رئيس مجلس القوى العاملة سابقا ) رقم 8721/ق ع في 1/12/1423هـ والذي نص على أن تتم الموافقة على عمل المرأة حسب شروط مذكورة في ذلك التعميم ، ولو كان هذا التعميم هو المرجع لعمل المرأة لكان فيه عصمة من كثير من الشرور .
لقد بلغ مكرهم أن شجعوا كل شاذة عن الشرع خارجة على المجتمع بالإشادة بها وتقديمها كمثل ونموذج ، ودعمها ماديا ومعنوياً ، وما رواية بنات الرياض تلك الرواية الساقطة معنى ومبنى إلاّ نموذجاً لهذا الكيد حيث يقدم لها شخصية مسؤولة ذات مركز سياسي وثقافي فيشيد بالرواية وبالكاتبة ويدعوها إلى المواصلة مستهتراً بقيم المجتمع الإسلامية متحدياً أعراف البلد .
الخامس :
ولأن للإعلام في البلاد ومنابره أثراً فاعلاً في الهدم أو البناء فقد أحكموا السيطرة عليه ، فأصبح يعبر عن رأيهم الضال وحدهم إلا في القليل النادر، فإعلامنا في هذه المرحلة أصبح بيد هؤلاء لا يعبّر عن رأي المجتمع ولا يمثل هويته ، بل يوظف لهدم القيم والأخلاق ، وقد اطَّرحوا بنود السياسة الإعلامية التي هي جزء من نظام البلد ، فأصبح الإعلام تحكمه أهواء العابثين ورغبات المنحرفين بلا نظام ولا زمام ولا خطام ، فأظهروا في الإعلام المرئي وكتبوا في الإعلام المكتوب ما يخالف ما أجمع عليه المسلمون في كل عصورهم ، من دعوة الناس إلى فتن الضلال والغي بإثارتهم الشهوات والشبهات المدمرة للأخلاق والعقول ، لقد سقط الإعلام السعودي في عهدهم في نظر الكثير من المسلمين فلم يعد يمثل بلد الحرمين وبلد العلماء وبلد التوحيد وبلد الدعوة تلك الصفات التي مكّن الله بها لهذه البلاد وحكامها على خصومها في كل مراحل التاريخ السابقة قال الله تعالى : (( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأََرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) (الحج:41).(97/296)
السادس :
وهم على طريقة المنافقين في رفع الشعارات الخادعة للتسويق الإعلامي مع أنهم أكثر الناس مخالفة لها ، فهم يدَّعون الوطنية وهم أكثر الناس تنكراً للوطن وتضليلاً لأبنائه ، فلهم اتصالهم بالأجنبي وتواصلهم مكشوف عبر سفارات تلك البلاد وعبر المؤسسات الإعلامية الغربية ، فهم الذين يراسلون تلك الجهات بأوضاع البلد ويكتبون لها التقارير عن المناهج والمرأة ، وتشويه العلماء بأنهم يدعمون الإرهاب ، مستغلين حساسية البلد من النقد الخارجي ، ثم هم يستثمرون هذه التقارير في الإعلام الأجنبي في تخويف البلاد وقادتها من مغبة الاستمرار على النهج الإسلامي ، إنها أساليب مكشوفة ومفضوحة يدركها مجتمعنا اليوم الذي بدأ يدرك خطورة ما تمارسه هذه العصابة .
وهم يدَّعون احترام الرأي الآخر ويدعون إلى الحوار وهم أكثر الناس إقصائية ولا أدل على ذلك من البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الكتاب الأول المقام في الرياض هذا العام 1427هـ ، وقبله مؤتمر المثقفين السعوديين الأول ومن ذلك ما يمارسونه الآن في الأندية الأدبية من إبعاد للعناصر الخيِّرة ، وأما الصحف التي احتلوها ورفضوا غيرهم فهو غيض من فيض والأمثلة كثيرة .
وإذا عُرض الرأي المخالف لهم أجلبوا بخيلهم ورجلهم ضده ، وافتروا على أصحابه في صحفهم بأنواع من المصطلحات التي يرومون منها التشويه ، يظهرون الكذب والافتراء ويعلنون الحقد والعنف والضيق من الرأي المخالف لهم ، عكس ما يدَّعون.
السابع :
واقتداءاً بأسلوب القرآن سنذكر شيئاً من أوصافهم وأقوالهم دون تعيينهم بأسمائهم ؛ فمنهم من يتفوّه بكلام كفري ويصر عليه ولا يتراجع عنه ، ويروّج للفاحشة في شعره ورواياته وكتاباته ، ومنهم من طفحت كتاباته بالزندقة والكفر والإلحاد ، و يدعو إلى العلمانية صراحة وبلا مواربة ، ومنهم من أقام فضائيات موجهة لتدمير أخلاق المجتمع ، ومعظمهم تربوا في أحزاب شيوعية وقومية ملحدة ، ومنهم مسئولون(97/297)
ومتنفذون في بعض الصحف يشوِّهون كل مؤسسة شرعية في البلاد وكل توجه خير في المجتمع ، ومنهم بطانة فاسدة لا تعين على الخير ولا تدل عليه ، ومنهم مستشارون غير نصحة لمن يشيرون عليه، ومنهم ذوو مسؤولية لم يؤدوا الأمانة التي ائتمنوا عليها ، ومنهم من هو مستعلن بمبادئه يشتم ويتحدى بألفاظ سوقية كل من يخالفه، ومنهم من يستتر خلف مواقع المسؤولية يرتب لهم الأمور بلا ضجيج، إنهم عصابة مارقة متمردة على هوية المجتمع ومصدر قوته وعزته ،قال تعالى: ((وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ)) (الأنفال:60 ).
هؤلاء هم عصابة النفاق في مجتمعنا ، فماذا نرجو منهم ، لقد حذرنا الله من أمثالهم فقال: (( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )) (المنافقون:4 ) .
ووصف الله تعالى من يقومون بمثل هذه الأعمال بقوله : (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ )) (إبراهيم:28 ). وأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم - وهو أمر لكل ولي أمر للمسلمين – بقوله:(( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)) التحريم: 9) .
فهم رسل الكفار الموطئون لهم ، ومن خان الله ورسوله فهو لما سواهما أخون، وهل يجنى من القتاد إلا الشوك .
الثامن :
وفي ختام هذا البيان نذكِّر بما يلي :-
1- إن الواجب على ولاة الأمر كبير في هذه البلاد المباركة - وفقهم الله لكل خير- حيث شرفهم الله بتولي أمور هذه البلاد التي لها من المكانة في نفوس المسلمين الشئ الكبير فهي قدوة للدول الإسلامية ، فالأمة عموماً وأهل الإصلاح خصوصاً ينتظرون منهم الوقوف سدا منيعا ضد هذه التيارات الفكرية والإفسادية التي تريد بالعباد والبلاد شرا مستطيرا وأن يبعدوا كل مطعون في دينه وولائه ممن أثبت التاريخ والواقع انحراف توجهاتهم وضلال انتماءاتهم وأن يقصوهم من مواقع المسؤولية ويبعدوهم عن منابر الإعلام والتوجيه .(97/298)
2- إن المسؤولية على علماء الإسلام عظيمة ومن ذلك واجب الاحتساب والبيان والتحذير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء منهم من هو على مسؤولية ووظيفة أو ليس كذلك وهم والحمد لله على مستوى تحمل المسئولية والقيام بها كمناصحة ولاة الأمر ودعوة عامة الناس لما فيه خير البلاد والعباد وتحذيرهم من الشرور المحدقة والأهواء المضللة وقد كان لمقولاتهم وخطبهم وفتاواهم الأثر البالغ في عرقلة مشروع هؤلاء المنافقين
3- ندعو عموم المجتمع إلى فضح هذا المخطط وإلى الحذر من هذا المشروع التغريبي ومن الانخداع به فهو يظهر بالوجه الخادع ويخفي الوجه الكالح ، وهو يبدأ بمقدمات ويتسلل بشعارات قد تخفى على البعض في بداية الأمر ،والعبرة بمجتمعات كثيرة من مجتمعات المسلمين تهاونت في المقدمات ثم عجزت عن رد السيل الجارف بعد ذلك .
4- أن هؤلاء المنافقين لا يقدمون مشروعاً صالحاً لهذه البلاد، لأنهم لا يملكون إلا مشاريع شرقية أو غربية عمادها إقصاء الدين الحق والإفساد في الأرض ، واللحاق بركب الأعداء، وفي مقابل ذلك فإن أهل الإسلام في هذه البلاد يعلمون أنه لا صلاح لها ولا أمن ولا استقرار إلا بتطبيق الإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجاً، ومن ثم فهم يدعون إلى ذلك ولا يحيدون عنه، وهو مطلبهم جميعاً، وهو مشروعهم الذي ينادون به في كل وقت ، بل ويدعون العالم أجمع إليه ، لأن دينهم للعالمين جميعاً " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ".
5- أخيراً: ندعو هؤلاء العصابة المتنكبة للصراط المستقيم ومن سار في ركبهم أو اغتر بهم إلى التوبة الصادقة والعودة إلى الله والسير على المنهج الذي ارتضاه الله لعباده وترك الخروج عليه والتعاون مع الخيرين في هذه البلاد على تطويرها وتنميتها على أسس سليمة ومناهج قويمة مبنية على عقيدة راسخة وشريعة كاملة ، ونذكِّرهم بأن الأنفاس معدودة والآجال محدودة كما قال صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمْ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْه )) أخرجه البخاري ومسلم .(97/299)
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء اللهم انصر دينك وأعلِ كلمتك و احفظ بلدك الطيب من كيد الكائدين وتدبير المنحرفين وزدْه أمناً وإيماناً ورخاءاً واستقراراً وسائر بلاد المسلمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أسماء الموقعين
الاسم
...
العمل
الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالله الزايد
...
رئيس الجامعة الإسلامية سابقاً
الشيخ الدكتور عبدالله بن حمود التويجري
...
رئيس قسم السنة بجامعة الإمام سابقاً
الشيخ عبدالرحمن بن حماد العمر
...
المدرس في المعهد العلمي بالرياض سابقاً
الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر
...
المشرف العام على موقع المسلم
الشيخ الدكتور محمد بن ناصر السحيباني
...
المحاضر بالجامعة الإسلامية سابقاً والمدرس بالمسجد النبوي(97/300)
الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن صالح المحمود
...
الأستاذ بجامعة الإمام
الشيخ عبدالله بن ناصر السليمان
...
القاضي بالمحكمة العامة بالرياض
الشيخ محمد بن سليمان المسعود
...
القاضي بالمحكمة العامة بجدة
الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد آل عبد اللطيف
...
الأستاذ بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد
...
الأستاذ بجامعة الملك سعود
الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبد المحسن التركي
...
محامي و رجل أعمال
الشيخ الدكتور يوسف بن عبدالله الأحمد
...
الأستاذ بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور عبد الحميد بن عبد الله الوابل
...
أستاذ كلية الطب بجامعة الملك خالد بأبها(97/301)
الشيخ الدكتور علي بن سعيد الغامدي
...
الأستاذ بالجامعة الإسلامية سابقاً
الشيخ الدكتور عبدالله البوصي آل سيف
...
الأستاذ بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور ناصر بن يحيى الحنيني
...
المحاضر بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور محمد بن صالح العلي
...
الأستاذ بجامعة الإمام فرع الأحساء
الشيخ الدكتور عبدالله بن إبراهيم الريس
...
الأستاذ بجامعة الملك سعود
الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر
...
الأستاذ بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور خالد بن محمد الماجد
...
الأستاذ بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور ظافر بن سعيد الشهري
...
المحاضر بكلية المعلمين في أبها(97/302)
الشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم الرشودي
...
محامي
الشيخ الدكتور خالد بن عبدالرحمن العجيمي
...
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور محسن بن حسين العواجي
...
رجل أعمال وأستاذ جامعي سابقاً
الشيخ الدكتور خالد بن إبراهيم الدويش
...
أستاذ كلية الهندسة بجامعة الملك سعود
الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبدالله الحماد
...
المحاضر بكلية أصول الدين بجامعة الإمام
الشيخ الدكتور محمد بن سعيد القحطاني
...
المحاضر بجامعة أم القرى سابقاً
الشيخ الدكتور محمد بن عبدالعزيز اللاحم
...
الأستاذ بجامعة القصيم
الشيخ الدكتور محمد بن عبدالله المحيميد
...
الأستاذ بجامعة القصيم(97/303)
الشيخ الدكتور محمد بن صالح المديفر
...
الأستاذ بجامعة القصيم
الشيخ الدكتور عبدالله بن حمد السكاكر
...
الأستاذ بجامعة القصيم
الشيخ الدكتور محمد بن عبدالله الخضيري
...
الأستاذ بجامعة القصيم
الشيخ الدكتور حسن بن صالح الحميد
...
الأستاذ بجامعة القصيم
الشيخ الدكتور عبد العزيز بن محمد الوهيبي
...
محامي وأستاذ جامعي سابق
الشيخ الدكتور فؤاد بن عبد الكريم آل عبد الكريم
...
مدير مركز المرأة للدراسات والاستشارات
الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز الرميحي
...
المدرس بالمعهد العلمي في بريدة سابقاً
الشيخ عثمان بن عبدالرحمن العثيم
...
وكيل المعهد العلمي في بريدة سابقاً(97/304)
الشيخ سليمان بن محمد العثيم
...
المدرس بالمعهد العلمي في بريدة
الشيخ عبد الله بن فهد السلوم
...
المدرس في وزارة التربية والتعليم سابقاً
الشيخ عبد الله بن صالح القرعاوي
...
عضو مركز الدعوة والإرشاد في بريدة
الشيخ أحمد بن عبدالله بن محمد آل شيبان العسيري
...
المدرس بثانوية أبها سابقاً والداعية في المنطقة
الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان
...
المشرف العام على موقع شبكة نور الإسلام
الشيخ مسعود بن حسين بن سحنون القحطاني
...
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بعسير
الشيخ محمد بن أحمد الفراج
...
المحاضر بجامعة الإمام سابقاً
الشيخ أحمد بن أحمد بن ضبعان
...
المدرس بتعليم أبها سابقاً والداعية في المنطقة(97/305)
الشيخ عادل بن عبدالله العبد القادر
...
المحاضر بكلية المعلمين بالإحساء
الشيخ عبد الله بن حمد الزيداني
...
المدرس والموجه بمعهد الدراسات الفنية بالظهران
الشيخ محمد بن سعيد النعيمي
...
المدرس بالمعهد العلمي بالدمام
الشيخ فهد بن سليمان القاضي
...
إدارة التوعية بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً
الشيخ علي بن صالح آل مخفور القحطاني
...
إدارة التربية والتعليم بمنطقة عسير والداعية في المنطقة
الشيخ عبد العزيز بن سالم العمر
...
إمام وخطيب جامع الحبيشي بالرياض
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الوطبان
...
مشرف تربوي بإدارة تعليم الرياض
الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز أبانمي
...
المدرس بإدارة التربية والتعليم بالرياض(97/306)
الشيخ عبد الرحمن بن محمد الرسيمي
...
إمام وخطيب جامع الأمير مشعل بعرقة
الشيخ عبد الله بن عايض القحطاني
...
المحاضر بكلية أصول الدين بجامعة الإمام
الشيخ خالد بن إبراهيم الفليج
...
المدرس بالقاعدة الجوية بالرياض
المهندس فيصل بن عبدالله المعمر
...
المؤسسة العامة للتعليم الفني
الشيخ عامر بن محمد بن ناصر حمدان الشهراني
...
المدرس بإدارة التربية والتعليم بمنطقة عسير والداعية في المنطقة
الشيخ سعيد بن سعد آل حماد الشهراني
...
المدرس بإدارة التربية والتعليم بمنطقة عسير والداعية في المنطقة
الشيخ فهد بن محمد الغفيلي
...
المحاضر بالكلية التقنية بعنيزة
الشيخ عبد العزيز مرزوق الطريفي
...
الباحث الشرعي في وزارة الشؤون السلامية(97/307)
ــــــــــــــ
بين الإصلاح والإفساد
الحمد لله ؛ أمر بالإصلاح، وامتدح المصلحين، ونهى عن الفساد، وذم المفسدين ، نحمده على ما منَّ به علينا من دين الإسلام، وبعثة خير الأنام، عليه الصلاة والسلام، ونشكره على تمام الدين، وكمال الشريعة، وأشهد ألا إله الله وحده لا شريك له ؛ خلق عباده فكلفهم ، وبدينه وشريعته ابتلاهم، وهو أعلم بما يصلح لهم ويصلحهم ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله؛ حذر أمته من دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، ووصفهم بأنهم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ؛ أتقى هذه الأمة ، وأسرعهم امتثالا لتعاليم الملة ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين0
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وكونوا صالحين مصلحين (ولا تطيعوا أمر المسرفين، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون )0
أيها الناس: الصلاح غير الفساد، والإفساد مناقض للإصلاح ومعايير الفساد والإفساد، والصلاح والإصلاح، ومفهوم ذلك ومعناه وحقيقته تختلف باختلاف الديانات والمبادئ والأفكار التي يحتكم الناس إليها، ويصدرون عنها، فما تراه أمة من الأمم صلاحا وإصلاحا، قد يراه غيرها فساداً وإفسادا، لاختلاف الديانة التي يدينون بها، والشريعة التي ينتهون عندها، والفكرة التي يعظمونها0
وفي السنوات الأخيرة دعا كثير من الكتاب والمفكرين، والسياسيين والصحفيين في الدول الإسلامية إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكل داعية منهم يصدر في دعوته تلك عن أفكار يعتقدها، ومناهج يعتنقها، ربانية كانت أم بشرية، ويرى أن الفساد فيما يخالف دعوته، وأن من يعارضها فهو المفسد، ومع كثرة الاختلاف، وغزارة ما يلقى على الناس في شأن الإصلاح أضحى أكثر الناس في حيرة من أمرهم، لا يعلمون المفسد من المصلح، ولا يميزون الصادق من الكاذب في دعواه، وقضايا المرأة أنموذج حيٌّ لهذا التجاذب والاختلاف، فأقوام يدعون إلى(97/308)
تحرير المرأة من كل القيود، ومساواتها بالرجال من كل وجه، مدعين أن ذلك سبيل صلاح الأمة المسلمة، وطريق انتشالها من تخلفها وجهلها، وآخرون يرون أن هذه الأطروحات لا تريد الخير بالأمة، وإنما تغرقها في مستنقعات الإثم والفساد، وتجردها من أقوى سلاح يمتلكه المسلمون أمام الغرب، وهو الأسرة السوية في مقابل الأسرة الغربية المفككة0
والذي يجب أن يعلم، وأن يُسلِّم به كل مسلم يدين بالإسلام: أن الصلاح والإصلاح هو فيما جاء عن الله تعالى، وبلغته رسله عليهم السلام، وأن الفساد والإفساد هو ما عارض ذلك أيَّاً كان مصدره، ومهما كان وزن قائله، فشريعة الله تعالى فوق كل أحد؛ إذ إن الله تعالى هو خالق الخلق، ومدبر الكون، وإليه يرجع الأمر، وكل العقلاء يتفقون على أن صانع الصنعة أعلم بها من غيره، والله سبحانه أعلم بخلقه من كل أحد (( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) (الملك:14).
وهو أدرى بأحوال عباده، ((وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)) (البقرة:220).
إن الصلاح والإصلاح هو فيما جاءت به الرسل عن الله تعالى، فالرسل عليهم السلام وأتباعهم هم المصلحون، ويدعون إلى الصلاح، ويحاربون الفساد؛ ولذلك قال شعيب عليه السلام في دعوته لقومه: ((وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا )) (الأعراف:56).
وأخبرهم أنه لا ينهاهم عن الفساد ويأتيه بل يجانبه صلاحا وإصلاحا، ((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ)) (هود:88).
وأعداء الأنبياء عليهم السلام، المستكبرون عن اتباعهم، المعارضون لدعوتهم من الكفار والمنافقين، هم الفاسدون المفسدون؛ إذ أخبر الله تعالى عن كبار ثمود الذين كذبوا صالحا عليه السلام بأنهم: ((يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ )) (النمل:48).
وأوصى موسى أخاه هارون عليهما السلام بالإصلاح لمَّا استخلفه على قومه: ((وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)) (الأعراف:142).(97/309)
ولكن أعداء الرسل عليهم السلام من الكفار والمنافقين لا يُقِرُّون بأنهم فاسدون مفسدون، بل يزعمون أنهم صالحون مصلحون، ويرمون الأنبياء وأتباعهم بالفساد والإفساد، كما فعل وزراء فرعون؛ إذ قالوا له: ((أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ )) (الأعراف:127).
وإخوانهم في هذا العصر يخاطبون الملوك والساسة في الدول الإسلامية قائلين لهم بلسان الحال أو المقال: أتذرون هؤلاء العلماء والدعاة ليفسدوا الناس، ويعرضوا المشاريع التغريبية في المرأة والأسرة التي كلها صلاح، وتقدم إلى شريعة قديمة لا تناسب هذا العصر0
وأَعْرَضُ دعوى الفرعون الأول في البشر سوَّغ معارضته لموسى عليه السلام، ومحاربته إياه، والتنكيل بأتباعه والسعي لقتله، بالخوف على الناس من فساده، ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ)) (غافر:26).
وما نفعت فرعون دعواه العريضة إذ حكم الله تعالى عليه بالفساد، فقال سبحانه فيه: ((إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)) (القصص:4).
وفي سورة أخرى ((وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ )) (الفجر:12،11،10).
وهكذا المنافقون يدَّعون الإصلاح لكن الله تعالى حكم عليهم بالإفساد ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )) (البقرة:12،11).
فليس مصلحا كلُ من ادعى الإصلاح، وليس مفسدا كلُ من رُمي بالفساد، بل يعرض ذلك على الكتاب والسنة حتى ينجلي الأمر، ويبين الحق للمؤمنين، وأما المستكبرون من الكفار والمنافقين فإنهم لا يرضون عن الحق مهما بسط لهم من الأدلة والبراهين، ((وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)) (يونس:101).
وفي الآية الأخرى ((وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا)) (الأنعام:25).(97/310)
ومن قبل قال فرعون وملأه لموسى عليه السلام: ((وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ )) (الأعراف:132).
فما يعنينا في هذا المقام هو بسط الحق بأدلته لأهل الإيمان واليقين، وإلا فالمستكبرون لن يصدقوا مهما قيل لهم، والقضية المتنازع عليها في هذه الأيام هي توسيع عمل المرأة في المحلات التجارية بزعم القضاء على البطالة تارة، وتارة أخرى بزعم المحافظة على خصوصية النساء في شراء ملابسهن، وتعالوا لنعرض هذا المشروع الإصلاحي الإنقاذي على ما جاء في الكتاب والسنة لنرى، هل هو إصلاح كما يروج لذلك أصحابه أم أنه ضرب من ضروب الفساد في الأرض؟!
لقد قررت شريعة الله تعالى أن الضرب في الأرض، والصفق في الأسواق، والإنفاق على الأسرة هو من خصائص الرجال، وبه خوطبوا في نصوص الشريعة، ((وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ)) (المزمل:20).
((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) (النساء:34).
((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ)) (الطلاق:7) .
وقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: (( ولستَ تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في فَّي امرأتك )) رواه الشيخان0 ولم يأت في هذا الشأن خطاب واحد للنساء، بل أُمر النساء بالقرار في البيوت، ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (الأحزاب:33).
يقول القرطبي رحمه الله تعالى: والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة، وروى ابن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها)) رواه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان.(97/311)
وفي حديث آخر قال- عليه الصلاة والسلام-: (( ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء)) رواه الشيخان.
وروى محمد بن سيرين- رحمه الله تعالى- فقال: نبئت أنه قيل لسودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: مالك لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك ؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله تعالى أن أَقرَّ في بيتي، فو الله لا أخرج من بيتي حتى أموت. قال ابن سيرين: فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى أُخرجت جنازتها.
فالأصل أن الرجل ينفق على أهله، والأصل أن المرأة مكفولة من قبل ذويها منذ ولادتها إلى أن تموت، فإن قصروا أُخذ لها حقها بالقضاء ، فإن لم يكن لها قريب فالإمام وليها، وجماعة المسلمين يقومون على حاجاتها، وإن عملت لكفاف نفسها فذلك استثناء وليس أصلا، ويكون بشروط تحقق المصلحة لها، وتدرأ الفتنة بها، ولكن هذا الأصل المقرر في الشريعة قد قُلب في هذا الزمن رأساً على عقب بسبب سيطرة المذاهب الغربية الإلحادية على أكثر البشر، وصار الأصل وهو قرار المرأة في بيتها استثناء، وأضحى الاستثناء وهو خروجها للعمل أصلا0
وانقلاب الموازين لا يضفي الشرعية على الباطل، ولا يقلبه إلى حق، ولا يجعل الفساد إصلاحا؛ لأن الشريعة دائمة باقية حاكمة بين الناس، فالواجب تعديل الموازين، ورد الحق إلى نصابه، ومن الإفساد تسويغ هذا الباطل بالمسوغات السامجة، وتعليله بالتعليلات الباردة0
ثم رأينا هذا المشروع المنقذ للنساء من البطالة قد تُعمَّد فيه الاختلاط بين البائع والبائعة، تنظر إليه وينظر إليها، وتخاطبه ويخاطبها، وربما مازحته ومازحها، فمائة ألف وظيفة وقد تزيد تنتظر نساء المجتمع في جو من الاختلاط البريء، كما يقوله من اخترعوا البراءة في اجتماع رجل بامرأة، معارضين شريعة الله تعالى، التي يخبر عنها المبلغ عنه عليه الصلاة والسلام بقوله: (( إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال:الحمو الموت )) .(97/312)
فإذا كان الشارع الحكيم يحذر من قريب الزوج وهو يغار على عرض قريبه، فأيُّ براءة في اجتماع رجل بامرأة لا رابط بينهما إلا العمل0
ثم هو سيخلو بها حتماً في الأوقات الميتة التي لا بيع فيها وهي غالب الأوقات، وأيام الجرد السنوي حيث تغلق المحلات، وتحسب البضائع، بل قد تصحبه في دورة لتطوير الأداء الوظيفي، وتعلم المزيد من فنون التسويق، وتضطر للسفر بلا محرم إلا زميلها الذي أصبح محرمها بجامع العمل والزمالة، وهذا يقع كثيراً في البنوك والشركات الكبرى، فكيف سيصير الحال لو وسع ذلك بهذا المشروع الآثم، والشارع الحكيم يقول لنا: (( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله ، امرأتي خرجت حاجَّة، واكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال: ارجع فحج مع امرأتك)) رواه الشيخان0
فرده النبي- صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد وهو أفضل الأعمال ليكون رفيقاً لامرأته في سفرها، وليس سفرها سفر ريبة أو تجارة أو عمل، بل هو أشرف سفر لامرأة ؛ إذ هو سفر حجها الذي هو من أعظم العبادات، فحالها وحال من معها أبعدُ ما يكون عن الريبة والفساد لأنهم في عبادة، ومع ذلك لا بدَّ من المحرم في شريعة الله تعالى، فكيف بمكان موبوء تحيط به شياطين الجن والإنس، وشر البلاد إلى الله أسواقها0
وقد يستلزم العمل أن تتحلى البائعة بكامل زينتها حتى تكون دعاية للمتجر، ولتجذب الزبائن إليه، فيُسوَّق التاجر بضاعته بأجساد بنات الناس، وهذا واقع في البلدان التي سبقت في هذا المجال، ومن يسافرون ويتاجرون يعرفون ذلك تمام المعرفة، وكم يعلن في صحفهم عن وظائف لبائعات يشترط فيهن من الصورة والهيئة أكثر مما يشترط في الشهادة والخبرة، ونعيذ بالله العظيم بناتنا وبنات المسلمين أن يكون هذا حالهن0
وإذا كان زميلها ذئباً أغبر، يجيد التلاعب بالعواطف ، ويعرف نقاط الضعف في المرأة كال لها من المديح والثناء ما يصطادها به، فيفترس عفافها، ولا خير في وظيفة تلك نهايتها، ولا عزاء لمجتمع يرضى لبناته أن يتأكلن بأجسادهن0(97/313)
وجماعة المسلمين من حكام ومحكومين ليسوا مسؤولين أمام الله تعالى عن توفير الوظائف للنساء، وإنما هم مسؤولون عن رعايتهن، والإنفاق عليهن وهن قارات في بيوتهن، كل ولي بوليته، ومن لا ولي لها فواليها الإمام أو نائبه0
هذا هو حكم الشريعة في الرجال والنساء، وتلك هي مفاسد بعض هذا القرار، الذي بان لكل ذي بصيرة أنه معارض لشرع الله تعالى، وما عارض الشريعة فهو إفساد لا إصلاح، وإن سماه أصحابه إصلاحا، إما عن جهل بسبب ما يعانونه من الأمية والتخلف في فهم أحكام الإسلام، وإما عن هوى بسبب أنهم مؤد لجون بأفكار منحرفة، ومسيسون لتحقيق أهداف الأعداء من يهود ونصارى، نسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية والرشاد، والتزام الشريعة الغراء، كما نسأله سبحانه أن يكبت كل مفسد ومفسدة، وأن ينصر كل مصلح ومصلحة، إنه سميع قريب مجيب، وأقول ما تسمعون وأستغفر الله تعالى لي ولكم...
الخطبة الثانية
الحمد الله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين0
أما بعد : فاتقوا الله - عباد الله - وراقبوه ، والزموا طاعته ولا تعصوه ((وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)) (النور:52).
أيها المسلمون: تنطلق هذه المشاريع التخريبية في بلاد المسلمين من أفكار تغريبية لا تمت لهذه الأمة بصلة، بل هي نتاج موجات الإلحاد والفساد التي اجتاحت بلاد الغرب فأفسدت نساءهم، وحطمت أسرهم، وفرقت مجتمعاتهم، ويستميت المفسدون من الكفار والمنافقين والشهوانيين في تصدير هذا الفساد إلى بلاد المسلمين بالرضا أو بالقوة، تحت دعاوى الإصلاح في دول العالم الثالث، مع أن الغرب لا زال يعاني من آثار(97/314)
هذا الإفساد، ومجتمعاته مهددة بالانقراض، وتعاني من كثرة الشيوخ، وقلة الشباب والأطفال.
وأجدني في هذا المقام مضطراً لنقل بعض المقولات لمفكرين غربيين يبرزون حجم الفساد الناجم عن إخراج المرأة من منزلها وإقحامها في ميادين الرجال، من باب ( وشهد شاهد من أهلها )، وإلا فالمسلم مستسلم لأمر ربه، تكفيه نصوص الكتاب والسنة قائداً وإماما.
تقول كاتبة إنجليزية: إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا.
وتقول باحثة أخرى: إن الاعتداءات الجنسية بأشكالها المختلفة منتشرة انتشاراً سريعاً في أمريكا وأوربا، وهي القاعدة وليست الاستثناء بالنسبة للمرأة العاملة في أي نوع من الأعمال تمارسه مع الرجال.
ونشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تحقيقا بعنوان: سوء استخدام الجنس في المكاتب قالت فيه: إن مضايقة الرئيس لمرؤوسيه أمر قد خرج عن دورة المياه، أي خرج عن السرية وصار علنا.
ومن قالوا هذا الكلام قد عاشوا في مجتمعاتهم، ووقفوا على مشكلاتها، وخبروا عللها، وليسوا أميين في حضارتهم بل مثقفون ومفكرون، وليسوا كذلك مؤد لجين ومسيسين لصالح المسلمين، بل يحكون أمراض مجتمعاتهم.
إن أي مشروع يسعى لجعل خروج المرأة من منزلها هو الأصل، وقرارها فيه هو الاستثناء، فهو مشروع معارض لصريح القرآن والسنة، ومخالف لما كان عليه سلف الأمة ، فكيف إذا انضم إلى ذلك جملة من المفاسد الكبرى، كالاختلاط والتبرج والسفور، والخلوة والسفر بلا محرم، ولا يدعي مدع أنه يمكن الحد من هذه المفاسد بشروط وضوابط ؛ فإن التجارب السابقة أثبتت أن هذه الضوابط تتبخر مع الزمن كما يتبخر الماء الراكد، وانظروا كم في سياسة الإعلام بصحفه ومجلاته، وشاشاته وإذاعاته من شروط وضوابط تكتب بماء الذهب، فهل طبقت أم لا ؟! والأبواب إذا(97/315)
فتحت قليلا أمكن إشراعها على مصاريعها، بل أمكن خلعها، ولا تخلع الأبواب إذا كانت موصدة، فإياكم يا عباد الله أن يخدعكم مصدرو الرذيلة، وناشرو الفساد، بتلبيس الكلام، ولحن القول، والواجب على كل مسلم أن ينكر هذا المنكر العظيم الذي يطل بشره وفساده على المجتمع، ويكون إنكاره بالطرق المأذون بها شرعاً، التي لا تسبب إثما أكبر، ولا تحدث فتنة أعظم، والمسؤولية الكبرى، والأمانة العظمى تثقل كاهل كبار القوم من الأمراء والعلماء والمسؤولين، أن يقفوا أمام موجات الإفساد هذه، وإلا تحملوا وزر المجتمع كله، وبماذا سيقابلون ربهم إذا سئلوا عن ذلك في يوم لا تغني عنهم مناصبهم من الله تعالى شيئا، وواجب على من أعطاه الله تعالى جاها، وكلمته لها وقعها أن يبادر بالإنكار؛ براءة للذمة، وانتصارا للملة، وحفاظاً على بنات المسلمين ومجتمعهم من الرذائل، وعلى صاحب كل قلم وبيان من الرجال والنساء أن ينكروا ذلك أشد الإنكار، ويبينوا للناس مفاسد مثل هذا القرار.
ونعيذ بالله تعالى كل مؤمن ومؤمنة أن يكونوا عوناً لأهل الباطل على باطلهم بالاعتذار للباطل وتسويغه، أو الدعاية له وترويجه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ((وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) (هود:117).
جعلنا الله تعالى هادين مهديين، صالحين مصلحين، ومنَّ على ولاة أمرنا بالصلاح والرشاد، ودلهم على ما فيه صلاح البلاد والعباد، وجنبهم طرق أهل الضلال والإفساد، آمين يا رب العالمين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ــــــــــــــ
ماذا يريدون من عمل المرأة ؟
أيها الأخوة في الله : إن الإسلام لم يوجب ولم يفرض ولم يحمل المرأة مسئولية العمل خارج المنزل؛ لكنه لا يمنعها من ممارسته بضوابطه الشرعية؛ فالإسلام حررها من(97/316)
مسؤولية العمل وحتميته خارج المنزل؛ لكي لا تقع تحت ضروريات العمل الذي يستعبدها ويستغلها ويظلمها.. والذي أراه اليوم يحدث في بلادنا بشكل عجيب وملفت للنظر، هو الاندفاع المحموم لتوظيف المرأة في أي مكان وبلا ضوابط شرعية .
عباد الله : إن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.
ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختيارا أو اضطرارا بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي، والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر، ويجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه .
أيها المسلمون : إن إخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها .
فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي، ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه .
أيها المسلمون : أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيبا خاصا يختلف تماما عن تركيب الرجال هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها.
ومعنى هذا: أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم كأن تبيع في المحلات التجارية أو تكون حارسة أمن أو نحو ذلك ؛ يعتبر إخراجا لها عن تركيبها وطبيعتها،(97/317)
وفي هذا جناية كبيرة على المرأة ، وقضاء على معنوياتها ، وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذكور وإناث؛ لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف، فالذي يقوم بهذا الدور هو الأم ، و قد فصلت منه ، وعزلت تماما عن مملكتها ..التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار إلا فيها ، وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.
والإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة ، على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ، ليكتمل بذلك بناء المجتمع ، فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب، والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء. فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعنى.
يقول الله جل وعلا : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) (النساء : 34) .
فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل بفضله عليها كما دلت الآية الكريمة على ذلك، وأمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ، ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك؛ لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه، وفي ذلك مخالفة لأمر الله ، وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها.
والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ(97/318)
تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا )) ( الأحزاب : 34,33) .
فأمر الله أمهات المؤمنين- وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد؛ لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج كما يفضي إلى شرور أخرى، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب، وقال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)) (الأحزاب :59) .
فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام- وهو المبلغ عن ربه- أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة مثلا لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم، وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :(97/319)
أيها المسلمون : لقد تحدث العلماء الفضلاء ، والدعاة النبلاء ، والتجار الكرام عن قرار بيع النساء للمستلزمات النسائية وبينوا أنه يظهر للوهلة الأولى أن عمل المرأة فيه يحفظ خصوصيتها. لكن القرار الصادر في هذا الشأن عالج جانباً من المشكلة ، وأهمل جوانب كثيرة،خاصة ما يتعلق بالمرأة البائعة.
هذا القرار بصورته الحالية راعى المتسوقات –من بعض الوجوه- لكنه لم يراع النساء العاملات ويتضح هذا من خلال الآتي :
ـ ما حال البائعة وهي تدخل وتخرج صباح مساء مع العمالة في كل يوم وبشكل متكرر على مدى العام وتجاورهم في المقارّ، وما يترتب على ذلك من علاقات ( زمالة ).. ألا يكون هذا مدعاة لأن يتطور ذلك إلى علاقات محرمة ؟! وقد أجريت دراسة في مصر على مائة امرأة من العاملات في القطاع الحكومي والأهلي ..فجاءت الدراسة بنسب مفجعة وهي أن ثمانية وستون بالمائة من أفراد العينة ذكرن أنهن تعرضن لتحرش جنسي سواء بالقول أو الفعل !! وتحمل هذه الدراسة العديد من المفاجآت الأخرى.. اتضح أن المتحرش زميل في الكثير من الحالات.. وليس رئيسا كما يتوقع البعض.. فهل نستوعب خطورة القضية ..فإن قضية العرض ..قضية تحمى بالدماء ..والذي يتلاعب بها يتلاعب بالنار !!
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
أيها المسلمون : وما حال البائعة في الصباح الباكر وفي المساء المتأخر ، هل ستأمن المرأة على نفسها ؟ خاصة إذ علم بعض ضعفاء النفوس من العاملين أو المتسوقين أنه لا يوجد داخل المحل سوى امرأة فمن يأمن أن يدخل عليها في تلك الفترات رجل ( أو أكثر ) متنكرين في لباس نساء ، لقصد السرقة أو الاغتصاب ؟!
ـ وما حال البائعة حينما يأتي صاحب المحل في آخر الليل ويغلق المحل عليها ويجرد مبيعات اليوم معها ؟!(97/320)
ـ وما حال البائعة حينما يدخل الرجل وامرأته ويعرض الرجل الملابس الداخلية أمام زوجته وهي تشاهد ذلك المنظر وربما لم تكن متزوجة ؟!! فهل حافظنا على خصوصية المرأة ؟!!
وثمة إشكالات أخرى ..ككون أبواب المحلات مغلقة ..فيا ترى ما مردود هذه الأبواب التي يتم التحكم فيها من الداخل على نفسية المتسوقة ، حين لا تدخل محلا إلا بعد طرق الباب أو دق الجرس ، ثم تنتظر حتى يفتح لها ، وقد تكون البائعة مشغولة مع زبونة أو زبونات ؟ فهل هذا إجراء واقعي ؟!!
خصوصاً إذا تذكرنا أن عادة المتسوقين والمتسوقات أنهم يتنقلون بين المحلات في حركة انسيابية أقرب إلى العفوية ، يشوبها في كثير من الأحيان قصد ( التفرج ) و( الاطلاع ) قبل العزم على تحديد السلعة المراد شراؤها .
أليس من الأولى يا مسلمون أن يُؤمن العمل للشباب أولاً لأنهم هم الذين يتولون رعاية الأسر، وكل شاب يُوظّف سيرعى فتاة على الأقل، وبهذا نكون وظفنا اثنين.. واحد في الميدان وهو الرجل، والثانية في شؤون المنزل لخدمة الرجل والأولاد، وبهذا تتوافق الحياة مع فطرة الله التي فطر الناس عليها.
أيها المسلمون : وعلى أي حال فنحن نتمنى أن يكون لهذا القرار أثر ايجابي و لكن كي يتحقق الهدف من هذا القرار وهو إيجاد فرص وظيفية للنساء، لابد أن يكون ذلك في بيئات آمنة. لذا فإن الاقتراح هو أن يكون في كل سوق عام قسم خاص بالنساء لبيع المستلزمات النسائية الخاصة بحيث يتكون من عدد من المحلات وله مدخل خاص ، لا يدخله إلا النساء، سواءً كن عاملات أو متسوقات.. وهذا أدعى في إقبال الأولياء عليه لأنهم سيطمئنون لعمل بناتهم في هذا القطاع سواءً كن عاملات أو مستثمرات ،لكون البيئة التي يعملن فيها نسائية خالصة ، كما هو حاصل في التعليم حيث إن نسبة العاملات في التعليم ستة وثمانون بالمائة من إجمالي النساء العاملات في أجهزة الدولة ، لكون مجتمع العمل آمنا ويحافظ على خصوصية المرأة.(97/321)
ومن المهم التنويه إلى أنه من أسباب نجاح هذا السوق المقترح ألا يسمح ببيع المستلزمات النسائية الخاصة إلا فيه.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على النبي الكريم والهادي البشير ..
ــــــــــــــ
من يظلم المرأة ؟! 1-2
حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرماً، والله لا يحب الظالمين، ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، وكم في هذا الكون من ظلم وظلمات، ودعونا نقف اليوم على جانب من الظلم يقع على فئة كبيرة في المجتمع.. وهذا الظلم قديم يتجدد، لكن بصور وأنماط تختلف في شكلها وربما اتفقت في مضمونها.. إنه ظلم المرأة.. فقد ظلمتها الجاهليات القديمة، وتظلمها الجاهليات المعاصرة.. تُظلم المرأة من قبل الآباء والأزواج، وتُظلم من قبل الصويحبات والحاسدات، بل وتُظلم المرأة من قبل نفسها أحياناً.. تظلمها الثقافات الوافدة، والعادات والتقاليد البالية، تُظلم المرأة حين تمنع حقوقها المشروعة لها، وتُظلم حين تعطى من الحقوق ما ليس لها.. إنها أنواع وأشكال من الظلم لابد أن نكشف شيئاً منها، ونخلص إلى عظمة الإسلام في التعامل معها وضمان حقوقها، والاعتدال في النظرة إليها..
أجل إن ظلم المرأة قديم في الأديان والشعوب والأمم المختلفة فهي عند الإغريق سلعة تباع وتشترى في الأسواق ، وهي عند الرومان ليست ذات روح، فهم يعذبونها بسكب الزيت على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيل ويسرعون بها حتى تموت، والمرأة عند القدماء من الصينيين من السوء بحيث يحق لزوجها أن يدفنها وهي حية، ولم تكن المرأة عند الهنود ببعيد عن ذلك، إذ يرون الزوجة يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد، وكذا الفرس فللرجل حق التصرف فيها بأن يحكم عليها بالموت أو ينعم عليها بالحياة.. ولم تكن حال المرأة بأسعد من ذلك عند اليهودية المحرفة وكذا النصرانية ، فهي عند اليهود لعنة لأنها أغوت آدم ، وإذا أصابها الحيض فلا تُجَالس ولا تُؤاكل،(97/322)
ولا تلمس وعاءً حتى لا يتنجس! ، كما أعلن النصارى أن المرأة باب الشيطان وأن العلاقة معها رجسٌ في ذاتها.. (ظلم المرأة /محمد الهبدان21-24)
ومن جاهليات العجم إلى جاهلية العرب، حيث كانوا يتشاءمون بمولدها حتى يتوارى أحدهم من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، بل شهد القرآن على وأدهن وهن أحياء: ((وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)) (التكوير:8،9).
كانت تُظلم وتُعضل في ميراثها وحقوقها، وكانت ضمن المتاع الرخيص للأب، أو الزوج حق التصرف فيها..
ومن الجاهليات القديمة إلى الجاهليات المعاصرة حيث ظُلمت المرأة باسم تحريرها، سُلبت العبودية لخالقها واستعبدها البشر، واعتدوا على كرامتها، وفتنوها وأخرجوها من حضنها الدافئ، وحرموها لذة الأمومة وعاطفة الأبوة، فهامت على وجهها تتسول للذئاب المفترسة، وربما كدحت وأنفقت حتى تظل مع عشيقها.. وربما سارع للخلاص منها لينظم إلى معشوقة وخادنة أخرى..؟!
جاء الإسلام لينصف المرأة ويصلها بخالقها، ويرشدها إلى هدف الوجود وقيمة الحياة, وليصف لها حياة السعادة في الدنيا والآخرة: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) (النحل:97).
ونزل القرآن ليعلن ضمان حقوق المرأة ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)) (آل عمران:195).
وأكد المصطفى- صلى الله عليه وسلم- بل حرّج على حقوق المرأة فقال: (( اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة )) رواه ابن ماجه 3678/والبيهقي5/363 وصحح إسناده النووي.
وقام المسلمون بأرقى تعامل عرفته البشرية مع المرأة.. بل أشرقت حضارتهم على الأمم, وتعلمت منهم الشعوب الأخرى كرامة المرأة، ويعترف أحد الغربيين(97/323)
(كوغوستاف لوبون) بذلك حين يقول" إن الأوروبيين أخذوا عن العرب مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة ، فالإسلام إذن لا النصرانية، هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافاً للاعتقاد الشائع, وإذا نظرت إلى نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتهم لم يحملوا شيئاً من الحرمة للنساء.. وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غلاظا ًنحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهن بالحسنى (قالوا عن الإسلام د.عماد الدين خليل/431)
وإذا تشدق المبهورون اليوم بحضارة الغرب وقيمه، وحطوا من قيم حضارتهم جاءت شهادة المنصفين من الغرب تكذب هذا الإدعاء، وتثبت أن إصلاح المرأة في الغرب إنما تم بعد احتكاك المسلمين في أسبانيا(الأندلس) بالغرب.
وفي هذا يقول (مارسيل بوازار): "إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا –عبر أسبانيا-احترام المرأة: (قالوا عن الإسلام/409)
إننا في فترات المراهقة الثقافية ننسى أصولنا، وننبهر بما عند غيرنا ولكن اعترافات القوم تعيد إلى بعضنا التوازن، نعم لقد ظُلم ديننا، من بعض أبناء جلدتنا، وزهد البعض في ثقافتنا وقيمنا، وشوه وضع المرأة عندنا من قبل أعدائنا.. وشاء الله أن يُقام الشهود المنصفون من القوم على أنفسهم ومن سار في ركبهم، فهذه امرأة غربية تكشف الحقيقة بممارسة سلوكية واقعية.
حين تقول زوجة السفير الإنجليزي في تركيا: يزعمون أن المرأة المسلمة في استعباد وحجر معيب، وهو ما أود تكذيبه، فإن مؤلفي الروايات في أوروبا لا يحاولون الحقيقة، ولا يسعون للبحث عنها ، ولولا أنني في تركيا اجتمعت إلى النساء المسلمات ما كان إلى ذلك من سبيل.. فما رأيته يكذب كل التكذيب أخبارهم عنها.. إلى أن تقول ولعل المرأة المسلمة هي الوحيدة التي لا تعنى بغير حياتها البيتية، ثم إنهن يعشن في مقصورات جميلات..(السابق/425/426)
هكذا وتظل المرأة المسلمة معززة مكرمة موقرةً، لها الحقوق ما بقي الإسلام عزيزاً، ويظل المسلمون أوفياء للمرأة ما داموا مستمسكين بالإسلام.. وكلما تغرَّب الإسلام، أو(97/324)
انحرف المسلمون.. عاد الظلم للمرأة بصورةٍ أو بأخرى.. لا فرق بين هضم حقوقها.. أو تلمس حقوقاً ليست لها لتشغلها عن حقوقها ووظائفها النسوية الأساسية.
وهذه صور من ظلم المرأة للوعي بها واجتنابها, فهي تُظلم حين تُستخدم سلعةً رخيصة للدعاية والإعلان, وتُظلم المرأة حين تُزجُّ في عمل لا يتلاءم مع أنوثتها.. أو يُزجُّ بها في مجتمع الرجال، تُظلم المرأة حين تُضرب بغير حق, أو تعضل لأدنى سبب, أو يتحرش بها جنسياً, أو تغتصب, أو تستغل في التجارة الجسدية, أو بحرمانها من الحياة الزوجية السعيدة, تُظلم المرأة حين يسلب حياؤها ويُعتدي على قيمها، ويستهين بروحها وإشراقها.. وتخدع بزينة عابرة, وأشكال وأصباغ زائلة، وتُظلم المرأة حين يُقَصِّر الولي أو المجتمع في تربيتها, وتُظلم المرأة حين تعرض للأمراض المختلفة كالزهري والسيلان والإيدز.. ونحوها .
تُظلم المرأة حين يتأخر زواجها فتعنس, أو تمنع من الحمل والولد فتفلس, أو تزوج بغير إذنها وبمن لا ترغب, تُظلم المرأة حين يُسخط منها حين تولد, أو تُلعن وتسب حين تكبر، تُظلم المرأة حين يغالى في مهرها فيتجاوزها الُخطَّاب إلى غيرها، أو تلزم بزوج لا ترغبه, وقد تجبر على زوج فاسد الدين أو سيئ الخلق, تُظلم المطلقة في ولدها, وقد تُظلم المرأة من أقرب الناس لها, تُظلم المرأة بضرتها, وتُظلم المرأة بإفشاء سرها لاسيما في أمر الفراش، (( وإن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها)) (رواه مسلم /1437) .
تُظلم المرأة حين يعتدى على مالها بغير حق أو يعتدى على حجابها وحيائها باسم التحضر، وثمة صور أخرى لظلم المرأة حين تقصر في طاعة الله, وترتكب المحرمات.. وتضيع الأوقات، وتسفل في همتها، وتكون الأزياء والموضة غاية مرادها، تُظلم المرأة حين تختزل حقوقها في قيادة، أو يٌزجُّ بها في خلطةٍ بائسة، أو تجد نفسها في كومة من الفضائيات الساقطة، أو تجر لمواقع عنكبوتية مشبوهة، تُظلم المرأة حين تهمش رسالتها الخالدة وتُصرف عبوديتها عن الخالق الحق إلى عبادة(97/325)
الأهواء والشهوات, وكم هو وأدٌ للمرأة حين يوحى لها أن نماذج القدوة ساقطاتُ الفكر, عاشقات الشهوة والشهرة .
وإن من أعظم ظلم المرأة أن يُلبس عليها الحق بالباطل، ويستبدل الحسن بالقبيح, ويصور لها الحياة والعفة بالرجعية والتطرف، على حين يصور لها السفور والاختلاط بالمدنية والانفتاح والتحضر؟
وكم تُظلم المرأة حين يقال لها أن من العيب أن يكفلها أبوها، أو ينفق عليها زوجها, ويلقى في روعها أن ( القوامة ) القرآنية ضعف وتبعية, وإن عليها أن تكد وتكدح لتتخلص من نفقة الآخرين وقوامتهم، نعم لقد أصبح العامل الاقتصادي كلّ شيء في ذهن أدعياء تحرير المرأة، ولذا تراهم يطالبون لها بأي عمل، ويقحمونها في كل ميدان، فتظل المسكينة تلهث متناسية أعباءها الأخرى وواجباتها الأسرية المقدسة، فلا هي أمٌّ حانية ولا مربيةٌ ناجحة، حتى إذا ذبلت الزهرة والتفتت الكادحة في - العمل بلا حدود - إلى المحصلة النهائية وجدت نفسها في العراء، فلا هي أفلحت في التربية وبناء الأسرة، ولا هي خلَّفت جاهاً يذكر وحشمة تشكر, وعادت تندب خطها كما ندبت نساء الغرب والشرق قبلها، وإذا أمكن قبول ظروف الغارقات في الوحل فلا يمكن بحال قبول ظروف امرأة مسلمة قال لها خالقها: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ً)) (الأحزاب:33).
ومن الظلم الواقع على المرأة إلى الظلم الملبس على المرأة, فثمة دعوى وشبهات يخيل لبعض النساء أنهن مظلومات فيها، وليس الأمر كذلك، لكنه تشويه وتزوير وتضليل وخداع، ومن ذلك:
1- الدعوى بأن بقاء المرأة في بيتها ظلم لها، وهذه مغالطة تكشفها نصوص الوحيين، فمن القرآن قوله تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) (الأحزاب:33).
ومن السنة قال- عليه الصلاة السلام-: (( قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن ))(رواه البخاري/5237).(97/326)
فدل قوله: (( قد أذن لكن)) على أن الأصل البقاء في البيت، والخروج إنما يكون لحاجة, ويشهد بجدواها الغربيون.
ويقول أحدهم: (جاك ريلر) : (مكان المرأة الصحيح هو البيت, ومهمتها الأساسية هي أن تنجب أطفالاً ) (قالوا عن الإسلام/ 415).
2- الإدعاء بقصر مسمى عمل المرأة خارج منزلها, وعدم اعتبار عملها في منزلها عملاً يستحق الإشادة والتقدير، وليس الأمر كذلك بل اعتبر الشارع الحكيم عملها في بيتها شرفاً وكرامة, وكم نغفل عن مدونات السنة ومصطلحاتها, وفي صحيح البخاري في كتاب النفقات، باب عمل المرأة في بيت زوجها، ثم ساق البخاري نموذجاً عالياً لهذا، وساق الحديث عن علي- رضي الله عنه- قال: (( إن فاطمة عليها السلام أتت النبي- صلى الله عليه وسلم- تشكو إليه ما تلقى في يدها من الوحي ..)) الحديث(536) الفتح 9/506) .
وفي الرواية الأخرى: (عند أبي داود) عن علي- رضي الله عليه- قال: (( كانت عندي فاطمة بنت النبي- صلى الله عليه وسلم- فجرَّت بالرحى حتى أثرت بيدها, واستقت بالقربة حتى أثرت في عنقها, وقَمَّت في البيت حتى اغبرت ثيابها, وخبزت حتى تغير وجهها ..)).
(انظر: المرأة بين البيت والعمل /سليمان العودة/43)، فهل تستطيع امرأة أن تقول أنها خير من فاطمة ؟.. أو يقول رجل أنه خير من علي ؟ وتاج ذلك إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم- لهذا العمل النسوي البيتي، حتى إذا سألاه الخادم أرشدهما إلى ما هو خير من ذلك ملازمة الذكر, لاسيما إذا أوى إلى فراشهما قائلاً: (( فهو خير لكما من خادم )) .
3- ومن دعاوى الظلم على المرأة القول بأن التعدد ظلم لها, وكم شوهت وسائل الإعلام بمسلسلاتها الهابطة, وأعمدتها الجانحة, صورة التعدد المشروع, والتعدد فوق أنها شرع رباني ليس لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون لهم الخيرة من أمرهم فيه, فهو(97/327)
مضبوط بالعدل، (( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً )) ( النساء:3).
والتعدد عوض عن الطلاق في حال عقم المرأة أو مرضها, أو عدم قناعة الزوج بها، فلا خيار في هذه الحالات أو نحوها إلا الطلاق أو التعدد؟
على أن أمر التعدد الإسلامي عاد مطلباً لجمعيات الغرب, وفي أمريكا أكثر من جمعية يجوب أعضاؤها نساء ورجال، مختلف الولايات الأمريكية داعين في محاضراتهم للعودة لنظام التعدد، (عن ظلم المرأة /محمد الهبدان/78).
وعاد نساء الغرب يدعين للتعدد, وتقول: أستاذة في الجامعة الألمانية: إن حل مشكلة المرأة في ألمانيا هو في إباحة تعدد الزوجات، ( ظلم المرأة /الهبدان/78) .
ويعترف أحد الغربيين الذي هداهم الله للإسلام، بأن التعدد في البلاد الإسلامية أقل إثماً وأخف ضرراً من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية تحت ستار المدنية, فالنخرج الخشبة التي في أعيننا أولاً, ثم نتقدم لإخراج القذى من أعين غيرنا، ( قالوا عن الإسلام /427)
وفي الوقت الذي يؤيد فيه غربي آخر تعدد الزوجات عند المسلمين، معتبراً إياه قانوناً طبيعياً وسيبقى ما بقي العالم, هو في المقابل ينتقد النظام الغربي، ويبين الآثار المترتبة على الإلزام بزوجة واحدة .
ويقول (إيتين دينيه): إن نظرية التوحيد في الزوجة التي تأخذ بها المسيحية ظاهراً, تنطوي تحتها سيئات متعددة، ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية، شديدة الخطر، جسيمة البلاء, تلك هي: الدعارة، والعوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين، (قالوا عن الإسلام/عماد الدين خليل/413) .
فهل من مد كر, وإذا اعترف بهذا عاقل غربي, فماذا يقول مسلم يقرأ القرآن: ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)) (الأنعام:57).
((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) (الأحزاب:36).(97/328)
4- ويدعي الموتورون والجاهلون ظلماً وعدوانا أن شهادة المرأة تعدل نصف شهادة الرجل ظلم على المرأة، والذي خلق الزوجين قال في تعليل ذلك، (( أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)) (البقرة:282).
لاسيما في القضايا المالية الواردة في الآية، على أن أهل العلم قرروا قبول شهادة المرأة أحياناً لوحدها، وذلك في أمور هي أدرى بها من الرجل.
قال ابن قدامة- رحمه الله- في المغني: (10/161): لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في قبول شهادات النساء المفردات في الجملة.
قال القاضي: والذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء:
الولادة والاستهلال, والرضاع , والعيوب تحت الثياب: كالرتق- والقرن، والبكارة- والثيابة، والبرص, وانقضاء العدة".
5- ويزعمون كذلك أن دية المرأة نصف دية الرجل حيفٌ عليها، وينسون ويتناسون حكمة العليم الخبير بحاجة الرجل فوق حاجة المال للنفقة الواجبة عليه دون المرأة، فـ (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) (النساء:34).
ومع ذلك فهذه الدية للمرأة في حال قتل الخطأ، أما إذا كان العمد فإن الرجل والمرأة سواء، ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) (النساء:93).
وقد قيل حكمة ذلك، كذلك لما كانت الدية مواساة لأهل المقتول وتعويضاً لهم، فالخسارة المادية في الأنثى أقل منها عند الرجل، إذ الرجل يعمل ويوفر دخلا لأسرته أكثر، فخسارته أعظم من المرأة، فكانت الدية في حقه أعظم، ( المرأة بين الجاهلية والإسلام / 161 عن ظلم المرأة للهبدان 81).
هذه نماذج لدعاوى ظلم المرأة في الإسلام، لا يقول بها إلا جاهل أو مغرض، أو في قلبه مرض، وإلا فشهادة الأبعدين والأقربين أن ليس ثمة نظام أنصف المرأة كما(97/329)
أنصفها الإسلام، وليس ثمة شعوب أحسنت معاملة المرأة وضمنت حقوقها كما أحسنها المسلمون.
وأختم بهذه الشهادة التي أعلن فيها ( مارسيل ) القول: أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد- صلى الله عليه وسلم- أنها حامية حقوق المرأة التي لا تكل. ( قالوا عن الإسلام /410).
ــــــــــــــ
الاختلاط وأثره في التعليم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فلم يكن ما يسمى بالتعليم النظامي، على النحو المعروف الآن في كافة البلدان من اجتماع كافة الفتيات في مدارس خاصة، معروفا أو معمولا به، بل كان التعليم له طرق أخرى، في البيت، في القصور، في المساجد، هذا بالنسبة للمسلمين، أما غيرهم فكانت نسب التعليم ضعيفة جدا، تبعا للنظرة المهينة التي كان ينظر بها الجاهليون إلى المرأة، بعكس المسلمين الذين يعظمون المرأة ويقدرونها، فتاريخهم حافل بكثير من الشخصيات النسائية المتعلمة، كالمحدثة والفقيهة والشاعرة والقارئة.
ابتدأ التعليم النظامي في أوربا، منذ نحو من قرنين، ومع أن تاريخ المسلمين طويل في تعليم النساء، وهم أسبق في هذا، إلا أنهم لم يفكروا في تنفيذ مشروع كهذا المشروع(التعليم النظامي )، والغالب أن ذلك مرده إلى رسوخ الأمر الإلهي للنساء: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) (الأحزاب:33) في الذهنية الإسلامية، وحرصها عن البعد عن أسباب الفتن، والعمل على صون الفتاة، التي هي أمانة عند وليها، من أن تلجأ للخروج للتعلم مع إمكانية توفير ذلك لها في البيت، من خلال أحد محارمها أو إحدى النساء ..(97/330)
والمتأمل في تاريخ تعليم المرأة في هذا العصر يعلم أن الغرض لم يكن التعليم في ذاته، إنما كان الغرض إخراج المرأة، لغايات محددة سلفا، معروفة لكل من يفهم، وهو الزج بالمرأة في مجتمع الرجال، لتحقيق التبرج والاختلاط ، وما يتبعه من إفساد الأخلاق، وما يترتب عليه من استعباد المجتمع.. ([1]) بطبيعة الحال، لم يكن تمرير هذه الخطة يسيرا، فقد لقي معارضة كبيرة، لكنها تبددت وتلاشت، ليس لأجل إصرار المناصرين للقضية، بل لأن المعارضين ما كانوا ينطلقون من عقيدة وقناعة صحيحة، نعم ربما كان منهم من يرى أن وظيفة المرأة هو بيتها، ويخشى أن يتبع خروجها فساد الأخلاق، إلا أن هؤلاء أيضا لم يكونوا يرون أية أهمية في تعليمها، حتى ولو لم يعارض وظيفتها الأصلية..
تلك المعارضة كانت سببا في تحرز المناصرين للقضية، والذي يبتغون غايات من وراء إخراج المرأة، حملتهم على تأخير ما يريدونه من التعليم زمنا، بل ومن باب التزيين والخداع، وضعوا الضمانات التي تطمئن أولياء الأمور على بناتهم، حتى حصل ما حصل في غالب الدول الإسلامية .
وفي هذه الورقات سنستعرض آثار الاختلاط على التعليم وستكون المحاور على نحو مما يلي :
المبحث الأول : نتائج الدراسات الغربية .
المبحث الثاني : نتائج الدراسات الإسلامية .
المبحث الثالث : أقوال أهل العلم .
المبحث الرابع : آثاره على الطلاب والطالبات .
المبحث الخامس : الفصل بين الجنسين رغبة الغالبية العظمى .
ـ ملحق بفتاوى العلماء .
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .(97/331)
وكتبه
محمد بن عبد الله الهبدان
7 /3 /1425هـ
المبحث الأول
نتائج الدراسات الغربية .
تؤكد معظم الدراسات الحديثة بأن الفصل بين الجنسين في المدارس والجامعات والفصول الدراسية يؤدي إلى نتائج إيجابية أفضل من مثيلاتها المختلطة ، ولهذا السبب سنستعرض بعض نتائج الدراسات الحديثة المتعلقة بهذا الموضوع لعلها تساهم في تصحيح المفاهيم .
منذ ظهور دراسة اليزابيث تيدبال في العام 1973م التي أكدت فوائد التعليم غير المختلط ونادت به ، فإن الدراسات حول هذا الموضوع تكاثرت بشكل كبير جدا ومؤيده في معظمها نفس نتائج تيدبال ، ولقد خلصت إحدى الدراسات الحديثة من جامعة هارفرد بأن المدارس النسائية وبمقارنتها بالمختلطة تحقق الآتي :
ـ أهداف تربوية أعلى .
ـ يحقق الطلبة فيها درجة أعلى من القيم الذاتية ودرجة أفضل لنوعية الحياة .
ـ درجة أفضل في العلوم والقراءة .
ـ التخلص من النظرة النمطية التقليدية تجاه العلاقة بين الجنسين.
ـ درجة أقل من التغيب الدراسي ومشاكل عدم لانضباط السلوكي .
ـ مراجعة منزلية أفضل ودرجة أقل من ضياع الوقت في مشاهدة التلفزيون .
كما أن الباحثة بوني فير ـ بويست من جامعة غرب أونتارو في كندا تقول بأن التعليم المختلط يغش النساء بشعارات المساواة ، بينما الحقيقة تؤكد أن المساواة الحقيقة هي بالفصل وذلك لتمتع الجنسين بخصائص وامتيازات متباينة لا تركز عليها المدارس والجامعات المختلطة أكثر من التركيز على الخصائص والإمكانيات التي يتمتع بها الطلبة دون الطالبات ، وبعد مراجعة الكثير من الدراسات التي تؤكد على(97/332)
مثل النتائج التي توصلت إليها تقول بأن الجامعات والمدارس النسائية تحقق درجة أفضل في شتى العلوم وخاصة العلوم والرياضيات والتكنولوجيا ويصل إلى نفس النتيجة العديد من الباحثين والباحثات مثل الأستاذة ليزا رايرسون رئيسة جامعة ولز والتي تزيد على النتائج السابقة بقولها إن الجامعة النسائية تزيد الثقة بالنفس والطموح عند طلبتها بعكس الجامعات المختلطة ، وتضيف البروفيسوره نانسي بيدي في دراستها المقارنة لمصادر النجاح في أكاديميات القرن التاسع عشر والمنشورة في المجلة الأمريكية للتربية في العام 1999م بأن سر النجاح يكمن في وجود المدارس غير المختلطة وبناء عليه تقترح زيادة الدراسة في إمكانية قيام مدارس على هذا النمط في الوقت الراهن بناء على معطيات متطلبات السوق .
ولعل مثل هذه الدراسات قد فتحت آفاقا جديدة في أساليب التعليم ما حدا بحاكم كاليفورنيا بت ولسون بأن يخصص خمسة ملايين دولار لإنشاء عشر مدارس غير مختلطة كنوع من التجربة العملية للتحقق من النتائج ، ولقد شجعت هذه النتائج على قيام العديد من المدارس الحكومية والخاصة على أساس عدم الاختلاط في الأعوام السابقة في العديد من مناطق الولايات المتحدة الأميركية مثل نيويورك ، فيلادلفيا ، بالتيمور ، ديترويت وكاليفورنيا .
وعلاوة على ذلك فإن بحوثا كثيرة منذ الثمانينات قد أكدت إيجابية ومنفعة الجامعات النسائية على وجه الخصوص ، فلقد ذكرت البروفيسورة ليزا ويندل من جامعة كنساس بالولايات المتحدة الأميركية في بحثها القيم ( الوصول إلى القضايا في الجامعات النسائية) العديد من البحوث الحديثة التي تؤكد النتائج السابقة والتي تربو على الخمسين بحثا وكتابا ، وتحققا من نتائج تلك الدراسات فقد قامت بدراسة فريدة من نوعها تقوم على أساس الزيارة والمشاهدة الميدانية حيث خرجت بنتائج باهرة مفادها أن المدارس النسائية تحقق التركيز على العلم أكثر وتحقق درجة أفضل من التوقعات والطموحات عند الطلبة وتحسسهم بأهميتهم الاجتماعية والروح القيادية(97/333)
العالية ، بالإضافة إلى التسلح الأفضل لمواجهة الحياة العملية بعد التخرج ، ولعله من المفيد أيضا الإشارة إلى دراسة البروفيسورة أميلي لانجدون من جامعة نور برت التي قامت بدراسة إحصائية كمية مقارنة بين الجامعات المختلطة والنسائية .
وأهمية دراسة ( لانجدون ) تكمن في تفنيدها أحجية المناصرين للمدارس والجامعات المختلطة الذين يقولون إن سبب تحقيق نتائج أفضل في المدارس والجامعات النسائية يرجع إلى الخلفية الاجتماعية والاقتصادية الأفضل التي تتمتع بها طالبات الجامعات النسائية دون غيرهن من الجامعات المختلطة ، فبعد القيام بعمليات استبيانيه وإحصائية تبين بأن ليس هناك فروق في الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية بل على العكس فإن رواد الجامعات المختلطة أعلى بقليل في الدخول الاقتصادية وعندما بحثت في الأسباب الحقيقية الكامنة لاختيار الجامعات غير المختلطة من قبل الطالبات فقد تبين بأنها ترجع إلى درجة الطموح والسمعة الأكاديمية الأفضل ، وعندما سألت الذين أمضوا خمس سنوات على تخرجهم من كلا النوعين في الجامعات فيما إذا ودوا بالرجوع إلى الجامعة نفسها ، فقد استجاب خريجو الجامعات غير المختلطة بنسبة 52 % بينما استجاب خريجو الجامعات المختلطة بنسبة 38،7 % ، وهذا يؤكد حقيقة أن الجامعات غير المختلطة تؤهل خريجيها إلى الانخراط في الحياة العملية بصورة أفضل من الجامعات المختلطة ، والدليل على ذلك أن نسبة الذين يواصلون دراستهم العليا والذين يحصلون على وظائف أرقى وأداء أفضل في الحياة العملية أعلى في الجامعات النسائية من الجامعات المختلطة .
وهناك الكثير من الدراسات الأخرى التي أجريت في دول متعددة تكاد النتائج نفسها مثل دراسة مارش ورو المنشورة في دورية australiian journal education في العدد الثاني لسنة 1996م ودراسة أما نويل جيمنز ومار لين لوكهيد المنشورة في دورية Educational evalunation and policy analisis . في العدد الثاني لعام 1989 والتي طبقت في تايلاند ، ولا يسع المجال لذكر العدد الهائل من الدراسات الحديثة التي تؤكد إلى ما ذهبنا إليه . ولا أدعي بأن هناك من الدراسات التي تشير(97/334)
إلى الرأي الآخر مثل دراسة وندي كامينر المعنونة ( بمعضلة التعليم غير المختلط ) ولكن معظمها لا يتطرق إلى سلبيات التعليم غير المختلط أكثر من التشكيك في إيجابيات هذا النوع من المدارس والجامعات ، إضافة إلى المناداة بالمساواة وهو عذر قد فقد محتواه العملي والعقلي عندما تبينت حقائق فوائد التعليم غير المختلط ([2]) .
وصدق الرئيس الأمريكي جورج بوش أخيراً على مشروع قرار يقضي بمنع الاختلاط في المدارس العامة ، وتشجيعاً لهذا القرار الذي يقضي على وضع قائم منذ ثلاثين عاما، قرر إعطاء معونة مادية أكبر للمدارس التي تلتزم بتنفيذ هذا القرار وبالتأكيد فإن الرئيس الأمريكي لم يوافق على هذا القرار إلا بعد أن قدمت له دراسات علمية وعملية تربوية شاملة تبين صحة قراره ، البروفيسور الأمريكي ( اميليو افيانو ) وهو رجل القانون المتخصص في النظام التربوي في أميركا ذكر أن العديد من الدراسات تؤكد أن الفصل بين الجنسين في المجال الدراسي يساعد على اجتياز الفتيان والفتيات بصورة أفضل ، وأن الأولاد يفضلون الفصل في الدراسة حتى لا يتحتم عليهم الالتزام ببعض التصرفات أمام الفتيات ، وكذلك الفتيات يفضلن هذا الأمر حتى لا تضطررن إلى التزين قبل الذهاب إلى المدرسة ؛ لأنه يضيع وقتهن ويعرقل تقدمهن الدراسي .
الجمعية الوطنية لتشجيع التعليم في أميركا أيضا عرضت الدراسات التي قامت بها جامعة ( ميتشغان ) و التي تؤكد أن الفصل بين الجنسين في المدارس يعطي نتائج أفضل في المستوى التعليمي للبنات وللأولاد ([3]) .
و بدأ التربويون في أمريكا يميلون بشكل متزايد إلى تعليم الجنس الواحد. وقد دفعت نتائج بعض الأبحاث في هذا المجال التربويين لاتخاذ مثل هذا التوجه، خاصة تلك القائلة بأن أدمغة الأولاد تتعامل مع بعض أنواع المعلومات بشكل يختلف عن تعامل البنات معها.
تقول « لورا استيب » الباحثة التربوية في دراسة نشرت مؤخراً: " في مرحلة الستينات والسبعينات لم يكن هناك صوت سوى ذلك الداعي إلى التحلل و التفلت من(97/335)
القيود ، فقد انتهز العلمانيون فرصة سيطرتهم على مقاليد التوجيه في البلاد ليذبحوا التجارب التربوية الناجحة مثل كليات البنات والتعليم غير المختلط ، رغم أن الدراسات والواقع اليوم يدحض ويفضح التخبطات العلمانية بعد ارتفاع أسهم كليات البنات في أمريكا ، حيث شهدت هذه الكليات نمواً مطرداً وبلغ عددها 289كلية .
وأضافت: لكن بعد أن بدأت الحرب ضدها بإصدار قوانين تهدف إلى قطع الإعانات الحكومية عنها، لإرغام المجتمع على خوض تجربة التعليم المختلط استجابة لضغوط دعاة تحرير المرأة ، كادت كليات البنات أن تحتضر خصوصاً بعد صدور القانون التعليمي رقم (9) الذي فرض على الجامعات قبول نسبة كبيرة من الطالبات ليتساوى الجنسان في الجامعات الشهيرة مما قلص عدد كليات البنات إلى (124 )كلية عام 1988م .
غير أنه لم يمض عقد من الزمن حتى انقلبت الصورة أو بالأحرى اعتدلت ، فالإقبال على التعليم النسائي يتعاظم منذ عشر سنوات حيث تؤكد « ايلانور ساسفو » الموجهة التربوية باتحاد الكليات الوطنية أن فكرة التعليم غير المختلط تنتشر بسرعة انتشار النار في الهشيم.
وفي عام 1996م تحدثت « كريس ما يكل » الخبيرة التربوية ورائدة التعليم المنفصل في « فينتورا » عن تجربة تعليمية جديدة تجتاح الولايات المتحدة ، وهي تجربة تطبيق الفصول الدراسية المنفصلة في المدارس الثانوية الأمريكية ؛ فقالت : "بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة فضلاً عن أنها أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور .
وفي بعض المدارس بولاية فرجينيا أكد المسؤولون أن التجربة أثبتت نجاحها واعترف الطلاب بأنهم يشعرون بالارتياح وهم يدرسون في غياب زميلاتهم ، بينما اعترفت الطالبات أنهن يفضلن الدراسة وإجراء التجارب المعملية في غياب زملائهن،(97/336)
كما أثبتت الأبحاث أن طالبات المدارس غير المختلطة يتميزن بالثقة في النفس والحصول على أعلى الدرجات لا سيما في المواد العلمية.
وتقول الخبيرة التربوية «كريس ما يكل » : لقد نجحت التجربة بصورة أفضل بكثير مما كنا نتوقعه مما يغري المزيد من المؤسسات التعليمية الأمريكية بتبني هذا النمط من التعليم، وهو ما حدث بالفعل؛ فلغة الأرقام تشير إلى أن (12) ولاية أمريكية تتبنى سياسة الفصل بين الطلاب والطالبات، والعدد مرشح للزيادة بعد أن اكتوى الأمريكيون بنيران التعليم المختلط ([4]).
واعترف عدد من الدول الأوربية بفشل سياسة التعليم المختلط ، صرح « كينش بيكر» وزير التعليم البريطاني ، أن بلاده بصدد إعادة النظر في التعليم المختلط بعد أن ثبت فشله ، قال أحد أعضاء لجنة التعليم بالبرلمان الألماني ( البوندستاج ) انه يجب العودة بالأخذ بنظام التعليم المنفصل ـ الجنس الواحد ـ .
وأثبتت مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من ألمانيا الغربية وبريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة ـ بنين وبنات ـ واستمرار تدهور هذا المستوى ، وعلى العكس من ذلك تبين أن مدراس الجنس الواحد يرتفع الذكاء بني طلابها ، وقد ذكرت الدكتورة « كارلي شوستر » خبيرة التربية الألمانية أن توحد نوع الجنس في المدارس يؤدي إلى اشتعال المنافسة بين التلاميذ وبعضهم البعض أو بين التلميذات .
أما اختلاط الاثنين معا فيلغي هذا الدافع وأضافت أن الغيرة تشتعل بين أبناء الجنس الواحد عنها إذا اختلط أبناء الجنسين .
وأكدت دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحا وعمرهن أقل من(16) عاما ، كما تبين أن استخدام الفتيات في المدارس لحبوب منع الحمل تزايد كمحاولة للحد من الظاهرة دون علاجها واستئصال جذورها .(97/337)
كما أوضحت دراسة نقابة المدرسين البريطانيين تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة ، وقالت الدراسة إنه يوجد تلميذ مصاب بالإيدز في كل مدرسة ، كما أشارت إلى ازدياد معدل السلوك العدواني عند فتيان المدارس المختلطة .
وذكرت دراسة أخرى أجرها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي ببون أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية ، وهم دائما محدودو المواهب قليلو الهوايات على العكس من ذلك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد .
وأوضح بحث ميداني أذاعته إحدى قنوات التليفزيون البريطاني أن تلميذات وتلاميذ المدارس المختلطة يعجزون عن التعامل مع العالم الخارجي وأنهم انطوائيون ينتابهم الخجل دائما ولا يحسنون إقامة علاقات اجتماعية مع أقرانهم ([5]) .
المبحث الثاني
نتائج الدراسات الإسلامية
قامت عدة دراسات ميدانية في عدة دول عربية وأفريقية لدراسة آثار الاختلاط وقد وقفت على بعضها فمن تلك الدراسات :
الدراسة الأولى : قامت الباحثة فاطمة محمد رجاء مناصرة بدراسة أثر مشكلة الاختلاط على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية فخرجت بالنتائج التالية ([6]) :
السؤال الأول : هل يعد الاختلاط في الدراسة بنظرك مشكلة ؟
ـ أجاب 77 % من الطلاب والطالبات بنعم .
السؤال الثاني : إذا كان الاختلاط مشكلة ، أذكر أهم السلبيات التي تعانيها بسببه ؟
فذكرت المشكلات التالية :
أ ـ مشكلات أخلاقية :
1ـ إثارة الفتنة .(97/338)
2ـ التصنع في التصرفات من قبل الجنسين .
3ـ تعرض الفتيات لمضايقات الشباب .
4ـ ضعف الوازع الديني بسبب تعود الطلبة على الممارسات الخاطئة واستباحة المنكرات لكثرة تكرارها .
5 ـ انتشار ظاهرة السفور ، بسبب تبرج الطالبات ولباسهن المخالف للزي الإسلامي ، فطالبات الجامعة اللاتي يرحن ويرجعن بين البيت والجامعة سافرات متبرجات يلبسن ثياب رقيقة قصيرة ..
6 ـ انتشار الجرائم الأخلاقية مثل الزنا ، فإن كثرة المخالطة مع وجود عوامل الفتنة تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة .
7 ـ فساد الأخلاق عند الطرفين .
ب ـ مشكلات أكاديمية :
1 ـ عدم الحرية في النقاش أثناء المحاضرات ، وهذا يظهر في عدم رغبة الطلاب والطالبات بالمشاركة في الدرس خيفة أن يخطئ أحدهم فيخرج أمام الجنس الآخر ، فتشوه صورته أمام من يود كسب رضاه من الجنس الآخر .
2 ـ تعاطف المدرسين مع الطالبات وذلك على حساب الطلاب.
3 ـ التغيب عن المحاضرات وعدم الالتزام بحضورها بسبب انشغال كل جنس مع الآخر .
4 ـ صعوبة ممارسة النشاطات الجادة والفاعلة وخاصة التي تمارس في ساحات الجامعة .
5 ـ تحويل الجامعة عن الغاية الأساسية التي وجدت من أجلها .
6 ـ فيه قتل للوقت لكثرة التفكير بالجنس الآخر .
6 ـ ضعف التحصيل العلمي .
ج ـ مشكلات اقتصادية
وقد حددها الطلبة بما يلي :(97/339)
1 ـ محاولة إظهار كل من الجنسين كرمة وسخاءه أمام الجنس الآخر ، وبذلك يتحمل كل منهما مسؤوليات مادية كثيرة قد تضطره لإرهاق نفسه بالديون ، أو اللجوء إلى تصرفات غير مرغوب بها لتحصيل المال .
2 ـ المبالغة في النفقات على اللباس والمظهر الخارجي من قبل الجنسين وخاصة الطالبات .
د ـ مشكلات اجتماعية :
وتتلخص آراء الطلبة فيما يلي :
1 ـ التقليل من قدر المرأة في المجتمع حيث تصبح عارضة أزياء تلفت الأنظار ، فتعتبر نفسها كسلعة قابلة للعرض .
2 ـ له آثار سلبية في الحياة الأسرية للطلاب والطالبات المتزوجين ، فقد يكون سببا في دمار هذه الأسرة وتشتيت شملها بسبب تعرف الشاب على فتاة أخرى غير متزوجة مثلا !
3 ـ عزوف الشباب عن الزواج والاكتفاء بالعلاقات غير المشروعة .
وهذه المشكلات هي جزء من معاناة الشباب ، والضغوطات التي يسببها الاختلاط لهم والمآسي التي تترتب على ذلك .
هـ مشكلات نفسية :
ولقد ذكر الطلبة بعضاً من المشكلات النفسية منها :
1 ـ القلق والاضطراب والخوف من الجنس الآخر نتيجة ما يرى من ممارسات خاطئة .
2 ـ الصراع الداخلي في نفس الشاب .
السؤال الثالث : اذكر أهم المعوقات التي يسببها الاختلاط على تحصيلك العلمي ؟
هناك من اعتبر أن للاختلاط معوقات ، ومنهم من يرى أن ليس للاختلاط معوقات وكانت النسب على النحو التالي :
ـ أجاب 75 % بأن للاختلاط معوقات .(97/340)
ـ وأجاب 25 % ليس للاختلاط معوقات .
ويبدو أن أهم المعوقات في نظر هذه المجموعة التي تعتبر أن للاختلاط معوقات هي :
1ـ الخوف من السؤال بصراحة خوفاً من التعرض لسخرية الآخرين واستهزائهم .
2 ـ تكرار التغيب عن المحاضرات للانشغال بالجنس الآخر .
3 ـ عدم المشاركة في المحاضرة خوفا من الوقوع في الخطأ.
4 ـ تعرض الأستاذ للحرج وعدم توضيح الكثير من القضايا لوجود الطالبات .
5 ـ إعطاء الأستاذ أكبر قدر من الاهتمام للطالبات على حساب الطلاب .
6 ـ إذا كان المعلم أنثى ، فهذا يؤثر على نفسية الطلاب ولا يقبلون تلقي العلم من امرأة .
وبالتالي فإن كل هذا يؤدي إلى انخفاض مستوى التحصيل العلمي عند الطلبة .
السؤال الرابع : يدعي البعض أن العلاقة التي تنشأ بين الجنسين تحفز على زيادة التحصيل العلمي لكونها باعثاً للتعلم ، فما رأيك في ذلك ؟
ـ فأجاب 90 % : ليس للاختلاط حافز على التعليم.
ـ أجاب 10 % : الاختلاط يشكل حافزاً باعثاً على التعليم .
السؤال الخامس : هل وجود الجنسين في قاعة واحدة يعيق حرية الأستاذ في إيضاح عناصر الموضوع ؟
ـ أجاب 86 % يعيق .
ـ أجاب 14 % لا يعيق .
السؤال السادس : ما الآثار التي يسببها الاختلاط على حياتك الاجتماعية ؟ أذكرها ؟
ـ أجاب 86 % أن له آثارها سلبية .
فمن تلك الآثار :
1 ـ عدم الثقة الشباب بالفتيات وبالتالي العزوف عن الزواج .
2 ـ تفكك الروابط الاجتماعية وبروز المشكلات الأسرية.(97/341)
3 ـ عدم قدرة الشباب على الزواج وبالتالي يتعرضوا للانحراف والفساد .
4 ـ كثرة التفكير في الجنس الآخر وإثارة الشهوة في النفس وتحررها من القيود التي يجب أن يلتزم بها .
5 ـ البعض يحبذ عند ذلك الانعزال والوحدة والابتعاد عن الآخرين حتى من بني جنسه لقلة ثقته بهم .
6 ـ قد يؤدي إلى الخجل والخوف من التعامل مع الجنس الآخر. 7 ـ آثار سلبية على علاقاتهم مع أهلهم في البيت ومع الآخرين في المجتمع .
الدراسة الثانية : قام عبد الحليم محمود السيد وآخرون بدراسة المشكلات النفسية والاجتماعية لدى عينة من طلاب جامعة القاهرة حجمها( 3987) طالباً وطالبة ، وكشفت نتائج هذه الدراسة فيما يتعلق بالمشكلات مع الزملاء من الجنس الآخر عن أن أكثر مشكلات الطلبة أهمية مع زميلاتهم تتمثل :
ـ المبالغة في الملبس .
ـ عدم الالتزام بتعاليم الدين .
ـ والتحرر من السلوك .
ـ والاختلاط الزائد عن الحد بين الجنسين .
ـ والخروج عن العادات والتقاليد .
أما بالنسبة إلى المشكلات التي تعاني منها الطالبات في علاقتهن بزملائهن من الطلبة الذكور فتتمثل في :
ـ عدم الالتزام بتعاليم الدين .
ـ والتحرر في السلوك .
ـ والاختلاط الزائد عن الحد بين الجنسين .
ـ وعدم مراعاة مشاعر الزملاء .
ـ وسوء الفهم المتبادل ( [7]) .(97/342)
الدراسة الثالثة : ( قام فهد الثاقب بدراسة هدفت إلى الكشف عن موقف الكويتيين من مكانة المرأة ، وقد أجريت عام 1975م على عينة حجمها (431) أسرة كويتية ، منها 48% ربات أسر ، و 52 % أرباب الأسر ، وأوضحت نتائجها أن معظم المتعلمين ـ فيما عدا الجامعيين ـ يفضل عدم الاختلاط ، مقابل 36 % أبدوا رغبتهم في هذا الاختلاط ) ( [8] ) .
ومن يتتبع أقوال أهل التربية والتعليم يلحظ أن أقوالهم تكاد تتفق على خطورة الاختلاط على مستوى دين وثقافة الطالب والطالبة ، فمن تلك الأقوال :
ـ يقول الأديب الأريب علي الطنطاوي رحمه الله : ( إني لا أرى الاختلاط بين الجنسين في المدارس، ولا في كليات الجامعة، لا لموانع الدين فقط، فقد يكون من القراء من لا يحرص مع الأسف على تتبع أوامر الدين ونواهيه ، بل لأنَّ هذا الاختلاط إذا قلَّت نتائجه السيئة في فرنسا وانجلترا وأمريكا لطول اعتياد أهلها عليه، فإنَّ خطره شديد في بلاد خرجت رأساً من الحجاب السابغ إلى هذا الاختلاط، على قوة الغريزة، وشدة الرغبة، وطول الحرمان. وهذه مصر جرَّبت الاختلاط في الجامعة قبلنا ولا تزال إلى اليوم تشعر بأضراره، وقد ظهرت فيها رغبة طوية من الطالبات أنفسهن في الانفصال عن الشباب، ومن شاء فليقرأ خبر ذلك في جرائد مصر، وفي آخر عدد وصل إلى الشام من (أخبار اليوم).وأنا مستعد للمناقشة في هذا الموضوع بلسان الواقع والعلم لا بلسان الدين، فمن شاء فليناقشني. أمَّا التسرع إلى الرد عليّ بأنَّ هذه رجعية وجمود، فلا ينفع شيئاً، لأنَّه لو كان كل جديد نافعاً، وكان كل قديم ضاراً، لكان أشدّ الأشياء ضرراً العقل؛ لأنَّ العقل أقدم من التسرع، وكان أنفع الأشياء في هذا الباب مذهب العري وأن نمشي في الجامعة وغيرها مثل الحيوانات ؛ لأنَّ مذهب العري أحدث المذاهب!! ) ([9]) .
ـ ويقول رئيس الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت محمد الرشيد ( إن الأبحاث العلمية أكدت أن الاختلاط ما بين الجنسين يؤثر سلبا على تحصيل الطلبة دراسيا ..) ( [10]) .(97/343)
ـ وقال الدكتور جاسم العمر ـ مرشح الدائرة الانتخابية العاشرة للانتخابات التكميلية ـ : ( إن الاختلاط بجامعة الكويت يعتبر سبباً رئيسيا لتراجع مستوى المخرجات التعليمية من مدرسين ومدرسات ذات تخصصات علمية حيث مازال أولياء الأمور يسعون إلى إدخال بناتهم في كليات التطبيقي كونها بعيدة عن الاختلاط الأمر الذي أدى إلى تكدس الطالبات في كلية التربية الأساسية فأصبحت المخرجات التعليمية للمدرسين من الإناث ) ([11]) .
ـ و يقول الأستاذ أحمد مظهر العظمة وقد أوفدته وزارة التربية السورية إلى بلجيكا في رحلة علمية زار فيها المدارس البلجيكية ، وفي إحدى الزيارات لمدرسة ابتدائية للبنات سأل المديرة : لماذا لا تخلطون البنين مع البنات في هذه المرحلة ؟ فأجابته : قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية . ([12]) .
ـ تقول الدكتورة أسماء الحسين الأستاذ المساعد بكلية التربية : ( إن الاختلاط بين الجنسين لا يستند على قاعدة شرعية أو اجتماعية وهو فكرة غير سائغة. فالمرأة لم تسلم من المشاكسات وهي تحت الحجاب فكيف بالاختلاط ! ) ([13]) .
المبحث الثالث
أقوال أهل العلم .
لقد تتابع أهل العلم والفكر في التحذير من الاختلاط عامة ومن الاختلاط في التعليم خاصة ، وذكروا النصوص الشرعية المانعة منه ومن آثاره الخطيرة على الجوانب الدينية والتعليمية لدى الطالب والطالبة . فمن تلك الأقوال :
ـ قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : ( اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة ، ويتضاعف الإثم، وتعظم الجريمة ، إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئا من عوراتهن ، أو لبسن ملابس شفافة تشف عما وراءها ، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن ، أو داعبَّن الطلاب أو الأساتذة ومزحن(97/344)
معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض ) ([14]) .
ـ وقال الشيخ حمود بن عبد الله التو يجري رحمه الله : ( أقبح من ذلك ما يفعله بعض المنتسبين إلى الإسلام من خلط النساء بالرجال الأجانب في المدارس وصنوف الأعمال بحيث يجعل لكل رجل وامرأة أجنبية منه مجلس واحد لتتم العلاقة بينهما من قريب وتحصل الفتنة والفاحشة بينهما بأدنى وسيلة . وهذا مما دب إليهم من قبائح الإفرنج ورذائلهم فالله المستعان ) ([15]) .
ـ وقال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد : (حُرِّم الاختلاط، سواء في التعليم، أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة والخاصة، وغيرها ؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب، وخطرات النفس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة.) ([16]) .
المبحث الرابع
آثاره على الطلاب والطالبات ([17])
للاختلاط آثاره الخطيرة على الطلاب والطالبات ..فمن تلك الآثار :
1 ـ تفكير كل الجنسين بالآخر .
عندما يجلس الطالب بقرب الطالبة فإن جل تفكيره سيكون في الأساليب والطرق التي يكسب بها تلك الطالبة خاصة إذا كانت جميلة ، لقد نشرت مجلة ( المصور) بتاريخ 30مارس 1956م استفتاء أجرته بين طلبة الجامعات المصرية وطالباتها ..جاءت نتيجته أن 65% منهم قرروا أن تفكيرهم في الجنس الآخر أثناء الاختلاط يؤثر على دراستهم ، إذ أن ثلاثة أرباع وقت فراغهم يضيع بحثاً عن الحب واللهو ، لذلك يرون إنشاء جامعات خاصة بالبنات ) ([18]) .
وتقول ( أسماء فهمي ) التي كانت تعمل بوزارة المعارف بمصر على إثر رجوعها من رحلتها إلى أمريكا : ( إن الأمريكيين يرون الآن أن الاختلاط يشغل الفتيات عن(97/345)
الجد والنشاط العلمي بالملابس والزينة وما إلى ذلك ، مما لا يفكرون فيه عندما يفتقدون الفتيان) ([19]) .
وتقول (دير در ماك كان) البالغة من العمر 15 عاماً أنها تحب مدرسة الفتيات فقط التي تدرس فيها. وتضيف (دير در): كنا نشعر بالخوف عندما كان معنا أولاد... كان علينا أن نرتدي ملابس جميلة ونظهر أنيقات... إننا نشعر بالراحة أكثر الآن بوجودنا في محيط كله بنات ([20]) .
2 ـ تخنث الرجال واستر جال النساء .
فعندما يختلط الجنسان في المدارس والجامعات يأخذ كل جنس من صفات وأخلاق الآخر فيتخنث الرجال ويستر جل النساء، وهذا ما لاحظه المسؤولون عن التعليم في الفلبين؛ حيث أعلن وزير التعليم الفلبيني أنه يرغب في تعيين عدد أكبر من المدرسين لتدريس التلاميذ حتى يتحلوا بصفات الرجولة بدلاً من الصفات الأنثوية التي يكتسبونها من مدرساتهم .
يقول الأديب على الطنطاوي رحمه الله : ( إن من تشرف علي تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها ، يظهر في عاطفته ، وفي سلوكه ،في أدبه ، إذا كان أديباُ ، ولا تبعد في ضرب الأمثال ، فهاكم الإمام ابن حزم يحدثكم في كتابه العظيم الذي ألفه في الحب «طوق الحمامة » حديثاً مستفيضاً في الموضوع . خلق الله الرجال والنساء بعضهم من بعض ، ولكن ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . فمن طلب الرحمة والمودة واللذة والسكون والاطمئنان دخل من الباب ، والباب هو الزواج . ومن تسور الجدار أو نقب السقف ، أو أراد سرقة متعة ليست له بحق ، ركبه في الدنيا القلق والمرض وازدراء الناس ، وتأنيب الضمير ، وكان له في الآخرة عذاب السعير) ([21]) وقد ذكرت الطالبة عزة سيد ـ في كلية الآداب ـ : ( أن الاختلاط في الجامعة ...يؤدي إلى تشبه النساء بالشباب والشباب بالنساء ، فأصبحنا لا نستطيع أن نفرق بين الفتى والفتاة ..) ([22]) .
3 ـ انخفاض مستوى الذكاء .(97/346)
(( أثبتت مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من ألمانيا وبريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة، واستمرار تدهور هذا المستوى، وذكرت خبيرات التربية الألمانية الدكتورة (شوستر) أن توحد نوع الجنس في المدارس يؤدي إلى اشتعال المنافسة بين التلاميذ بعضهم البعض، وبين التلميذات بعضهن البعض. أما اختلاط الاثنين معاً فيلغي هذا الدافع، إضافة إلى أن الغيرة تشتعل بين أبناء الجنس الواحد إذا اختلط أبناء الجنسين)) ([23]).
وهذه الحكومة البريطانية تعتزم تشجيع المدارس الحكومية المختلطة على إجراء دروس منفصلة للجنسين؛ من أجل تحسين مستويات التعليم لدى الصبيان، ويعتقد الوزراء البريطانيون أن الصبيان يحرزون نتيجة أفضل، إذا أقامت المدارس صفوفاً منفصلة للصبيان والبنات.
وتطالب الحكومة المدرسين بمحاولة إعادة إحياء الاهتمام الأكاديمي لدى الصبيان، باللجوء إلى وسائل مختلفة، وجعل أداء الصبيان له الأفضلية؛ وذلك بعد أن أظهرت نتائج الامتحانات الثانوية تراجع الصبيان خلف الفتيات؛ حيث حقق 53,2 % من الفتيات في إنجلترا وويلز خمس نتائج جيدة - على الأقل -، بالمقارنة مع 42,6 % في الصبيان ([24]).
كما حققت سبع مدارس فقط من بين (75) مدرسة بريطانية أفضل النتائج خلال العام الأكاديمي (1412/1413هـ -1992/1993م) ؛ لأن هذه المدارس كانت مختلطة تضم بنين وبنات.
وهذه الأرقام المذهلة جعلت العديد من الأشخاص يفكرون بالرجوع إلى النظام التعليمي السابق، الذي كان قائماً على الفصل بين مدارس البنين والبنات، حتى بلوغ مستوى الجامعة.
وكمثال على هذا الاتجاه قرر مدير مدرسة (شنفيلد) بمقاطعة (إيسكس) في بريطانيا – بعد أن لاحظ النتائج الجيدة التي حققتها المدارس غير المختلطة -، قرر الفصل بين(97/347)
البنين والبنات ابتداء من العام الأكاديمي (1413/1414هـ- 1993/1994م)، في مبان منفصلة.
وأكد مدير هذه المدرسة بأن كلاً من الجنسين سوف يحقق نتائج أفضل؛ حيث لن يكون هناك تشتيت للانتباه بوجود جنس آخر في غرفة الدراسة.
ويدرك مدير هذه المدرسة – كما تقول هذه الصحيفة – بأن قراره يجري في اتجاه معاكس لما يجري حالياً في المجتمع البريطاني.
وأضاف بأنه يعتقد أن العديد من الآباء يرغبون في فصل التعليم، وأنه يود أن يتيح لهم هذه الإمكانية، التي لا تعد شيئاً سهلاً في بريطانيا اليوم ([25]) .
ولأجل ما سبق فقد دعت مديرة كلية (تشليتنهام) للسيدات في بريطانيا الأستاذة (إينيد كاسل) ، بتفضيل التعليم غير المختلط الذي يدرس فيه الأولاد والبنات كل على حدة، كما جاء ذلك في مقال نشرته بصحيفة (التايمز) اللندنية، حيث قالت فيه: (( إن على الآباء أن يأخذوا في اعتبارهم التعليم غير المختلط عند إلحاق بناتهم بالدراسة، وإن أكثر النساء نجاحاً اليوم هن اللائي تعلمن في مدارس مخصصة للبنات، وهناك أدلة متزايدة، منها: أن نتائج الامتحانات تدل على أن البنات والأولاد يحصلون على نتائج أفضل، إذا تعلم كل منهم على حدة )) ([26]) .
(( كما طالبت ((الحركة النسائية في ألمانيا الغربية)) بعودة التعليم غير المختلط ؛ حيث الفتيات يتعلمن أفضل بدون وجود الذكور.
وحسب دراسات أجريت في الولايات المتحدة، والسويد، وألمانيا، تبين أن اللواتي درسن في مدارس غير مختلطة أفضل من اللواتي درسن في مدارس مختلطة)) ([27]).
4 ـ ضعف الإبداع ومحدودية المواهب :
(ففي دراسة أجراها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في "بون" بألمانيا، تبين أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية ومواهبهم محدودة وهواياتهم قليلة، وعلى العكس من ذلك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ(97/348)
مدارس الجنس الواحد ) ([28]) والسبب في ذلك انشغال كل جنس بالآخر مما يلهيه عن الإبداع والابتكار .
وقال رئيس الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت محمد الرشيد : ( إن الأبحاث العلمية أكدت أن الاختلاط بين الجنسين يؤثر سلبيا على تحصيل الطلبة دراسيا ) ([29]) .
5 ـ إعاقة التفوق الدراسي :
حيث أظهرت دراسة أجريت بمعهد (كيل) بألمانيا أن البنين عندما تم فصلهم عن البنات حققوا نتائج أفضل في شهادة الثانوية العامة، وارتفعت درجاتهم بنسبة تزيد أربع مرات عما كان الحال عليه عندما كان الفصل مختلطاً. وكذلك الأمر بالنسبة للبنات . وفي دراسة أخرى لمجلة « نيوزويك » الأمريكية أرقام وإحصاءات تفيد أنَّ الدارسات في الكليات النسائية (غير المختلطة) هن الأكثر تفوقاً ونجاحاً في الدراسة وفي حياتهن العملية بعدها.وقد ثبت بعد التحقيق الذي أجرته مجلة (الإثنين ) المصرية ([30]) أن الاختلاط في الجامعة مشغلة للفتيان والفتيات عن الدراسة الفعالة ، والتحصيل العلمي .. ([31]) ويقول مراقبون إن المبالغة في السفور والاختلاط بين الشباب والفتيات على مقاعد الدراسة كان السبب الرئيس في تردي مستويات التعليم ومخرجاته على مستوى الجامعات المصرية ([32]). وقال البر فسور « اميليو فيانو» وهو رجل قانون متخصص في النظام التربوي في الولايات المتحدة أن " العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت انه في بعض مراحل نموهم، ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين" .
( توجد حالة من الاستياء العام باتت تتزايد في المجتمع الفرنسي إزاء تواجد الذكور والإناث سويا حيث تبين أن مثل هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على التركيز بين الفتيان بصفة خاصة ، لذا جرى في الوقت الحالي تجارب في إحدى الأكاديميات حيث يتم تنظيم الدروس الخاصة بالتربية الجنسية في شكل مجموعات غير مختلطة وذلك لتفادي الإحراج الذي قد ينجم عن الانزلاق اللفظي أو بسبب ما تثيره مثل هذه المواضيع من انزعاج طبيعي ) ([33]) .(97/349)
( وقد تبين من الإحصاءات أن الطالبات يتفوقن أكاديمياً في الكليات التي يقتصر فيها الدراسة على البنات وحدهن ) ([34]) .
وذكرت الطالبة عزة سيد ـ في كلية الآداب ـ (أن الاختلاط في الجامعة يشغل الفتيان والفتيات عن الدراسة الفعالة والتحصيل العلمي) ([35]) .
6 ـ التعرض للكآبة والحزن :
في دراسة أمريكية صادرة عن الوكالة التربوية الوطنية، أفادت نتائج البيانات الإحصائية بأنَّ الفتيات الأمريكيات في الفصول المختلطة أكثر عرضة للقلق والاكتئاب والانتحار !
وفي دراسة أخرى لمجلة "نيوزويك" الأمريكية أرقام وإحصاءات تفيد أنَّ الدارسات في الكليات النسائية (غير المختلطة) هن الأكثر تفوقاً ونجاحاً في الدراسة وفي حياتهن العملية بعدها.
7 ـ قتل روح المنافسة :
ذكرت الدكتورة (كارلي شوستر) خبيرة التربية الألمانية أن توحد نوع الجنس في المدارس يؤدي إلى اشتعال روح المنافسة بين التلاميذ وبعضهم البعض أو بين التلميذات ، أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع ) ([36]) .
( ولذا لاحظ معظم أساتذة في مدرسة ( أوزانام ) الكاثوليكية المتوسطة بمدينة ليموج أن أداء البنات في الفصول المدرسية غير المختلطة يكون أسرع في غياب الأولاد ) ([37]) .
8 ـ التحرشات الجنسية بالطالبات :
إذا كانت حالات الاغتصاب متزايدة في المدارس المختلطة ..فهل يتصور أن تقل حالات التحرشات الجنسية بين الطلاب والطالبات من خلال الحركات أو الكلمات البذيئة أو عرض الصور الماجنة للإثارة أو نحو ذلك .(97/350)
ولذا أصدرت جامعة ((اكسفورد)) نظاما جديداً يعد الأقسى عقوبة والمعمول به في الجامعات البريطانية لمكافحة التحرش غير الأخلاقي داخل الجامعة .وإن دل هذا فإنما يدل على انتشار هذا الأمر في جامعاتهم المختلطة .
وقد بدأت هذه الجامعة العمل بقانون السلوك الجديد، بعد أن أوضح مسح أجري أن الطالبات أكثر عرضة للتحرش من قبل الطلاب منه من قبل الأساتذة.
وكانت (6من كل 10من400) طالبة شاركن في المسح قد ذكرن بأنهن تعرضن لتحرشات غير أخلاقية تتراوح بين النظرات غير المرغوب فيها، وبين التصرفات اللفظية وغير اللفظية.
وسيكون الفصل من الجامعة العقوبة القصوى التي توقع على الطالب الذي يدان بتهمة التحرش، وأقامت الجامعة نظاماً استشارياً لتلقي شكاوى ضحايا التحرش داخل الجامعة.
وتفكر جامعة ((كمبريدج)) في اتخاذ خطوات مماثلة، بعد أن طالبت [لجنة إدارات الجامعات] بتبني سياسات حول التحرشات غير الأخلاقية، ووضع عقوبات رادعة ([38]).
وهذه التحرشات غير الأخلاقية ليست مقتصرة على المدارس الأوربية، بل هي - أيضاً - في المدارس الأمريكية : (( فقد أوضحت دراسة بأن التحرشات غير الأخلاقية في مدارس الولايات المتحدة المختلطة، ربما تكون أكبر مما كان يتصوره الناس؛ حيث أوضحت مجلة (سفنتيز) الأمريكية ([39]) – التي أجرت الاستطلاع، أن أعداداً كبيرة من الفتيات يتعرضن لتحرشات غير أخلاقية ليست فقط في المدارس الثانوية، وإنما تبدأ – أيضاً – من المدارس الابتدائية؛ حيث يتعرضن لهذه المضايقات من التلاميذ الذكور، وكذلك من المعلمين!!.
وقالت المجلة بأن ما لا يقل عن 89 %من الفتيات المراهقات أوضحن بأنهن تعرضن لمعاملات غير مهذبة من زملائهن الطلاب.(97/351)
وقالت فتيات المدارس المختلطة أن المضايقات غير الأخلاقية أصبحت الآن تحدث بشكل يومي للعديد من الفتيات، وأضحت سبباً في قلق البنات طيلة العام الدراسي.
وقالت كاتبة التقرير الأمريكية (نان أستين). : إنه أمر مفزع تماماً في اكتشاف حقيقة أن هذا السلوك غير الأخلاقي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية ) ([40]).
( وفي استفتاء في جامعة كاليفورنيا في بركلي عام 1977م ظهر أن خمس الطالبات قد تعرضن لنوع من الاعتداء الجنسي من الأساتذة والمشرفين على الدراسات العليا ) ([41]) .
( ونشرت جريدة الأخبار في عددها الصادر بتاريخ 15/9/1975م الخبر الآتي :
نظام الاختلاط في المدارس سيتم إلغاؤه في مدينة مغاغة بمحافظة المنيا ، قررت المنطقة التعليمية عزل الطلبة عن الطالبات في مدارس خاصة بكل جنس ، اتخذ القرار بعد أن ضج الأهالي بالشكوى من المعاكسات التي يتعرض لها الطالبات .
بدأت المشكلة في مدرسة التجارة الثانوية التي كانت تسير على النظام المختلط ، فبالبرغم من وجود أخصائين اجتماعيين بالمدرسة فإن المشاكل كانت تحدث يوميا من جراء الاختلاط بين الطلبة والطالبات بالإضافة إلى معاكسات الطريق ، فبدأت شكاوى أولياء الأمور تطالب بوضع حد لمتاعب الطالبات ، وزادت الشكاوى حدة بعد أن امتدت المعاكسات لتشمل كل طالبات المدارس بالمدينة ، وبحثت المنطقة التعليمية المشكلة فقررت القيام بعمل عزل بين الجنسين وقامت بإعداد مدرسة ثانوية للبنات تجمع الطالبات في الثانوي العام والتعليم التجاري الذي كان ملحقا بالبنين .
كما خصصت مدرسة التجارة بنين بجوار الثانوي العام بنين ، كما تقرر أن يمتد نظام منه الاختلاط ليشمل المرحلة الإعدادية في المستقبل ، وقد قوبل القرار بجانب الارتياح من المواطنين . ) ([42]) .
9 ـ اغتصاب الطالبات :(97/352)
من أبرز الحقائق التي أظهرتها دراسة رابطة الجامعات الأمريكية للنساء انتشار جرائم الاعتداء الجنسي على الفتيات بشكل واسع من قبل الأساتذة والطلاب؛ فالإحصاءات تشير إلى أن واحدة من كل أربع طالبات تتعرض للاغتصاب.
وفي جامعة هارفارد قالت إحدى الباحثات في بحث نالت به درجة الدكتوراه : إن الاغتصاب صار هستيريا تعم السكن الجامعي، الأمر الذي جعل التيار الليبرالي الداعي إلى التحلل الأخلاقي يتراجع، مما دفع الكثير من الآباء والأمهات - الذين أصبحوا اليوم أكثر محافظة عن ذي قبل – إلى المطالبة بإيجاد فصول منفصلة لبناتهم لتحسين وضعهن العلمي وتحصينهن من العبث بهن .
إن أكثر حوادث الاغتصاب تحدث في المدارس المختلطة، حيث يترصد الذكور الإناث في دورات المياه، وهناك ملتقى النجاسات الحسية والمعنوية؛ ولأجل ذلك أصدرت إحدى المدارس في نيويورك بلاغاً عممته على جميع المدرسات والطالبات، حذرتهن فيه من الذهاب إلى دورات المياه منفردات؛ وذلك بعد أن تعددت حوادث الاعتداء عليهن من قبل الطلاب الذكور في المدرسة. وعلى إثر ذلك قامت صيحات تنادي بفصل الإناث عن الذكور ([43]).
ويقول مسؤول شرطة مدينة ((ستيت كولج)) الجامعية الأمريكية، عن أماكن حوادث الاغتصاب في المدينة الجامعية: (( إن المناطق الخطيرة في الجامعة غير محدودة، وأكثر الحوادث وقعت في أماكن السكن الداخلي، وفي غرف الدراسة، وفي مواقف السيارات، وتدل الإحصاءات على أن 87 % من المجرمين هم من أصدقاء وأقرباء الضحايا ) ([44]).
ولعل من أشهر حوادث الاغتصاب الجماعية في المدارس المختلطة الداخلية ما وقع في مدرسة (سان كيزيتو) بمنطقة (ميرو) وسط كينيا؛ حيث أقدم مئات من الطلاب على اقتحام المسكن الذي تقيم به الفتيات – اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (15 و 18) عاماً – بعد منتصف الليل، وقاموا باغتصاب حوالي (71)طالبة ، ولقيت ( 19)(97/353)
طالبة مصرعهن، وأصيبت (75) طالبة من عدد الطالبات البالغ عددهن (271) طالبة.
وقد زار الرئيس الكيني هذه المدرسة، وأمر بإلقاء كل الأضواء على ما أسماه ( الجريمة المجنونة )، بينما أغلقت هذه المدرسة لمدة غير محددة.
كما هاجم - قبل أشهر من هذه الحادثة – عدد من طلبة مدرسة (كيرياني) الواقعة – أيضاً – في (ميرو) خمس فتيات واغتصبوهن، قبل أن يشعلوا النار في المبنى([45]).
انتشار الاغتصاب للطالبات بالكليات؟ ([46]) .
جدول يوضح انتشار الاغتصاب بعدد الضحايا وعدد الحوادث وأنواع الحوادث:
الضحايا
...
الحوادث
نوع الاعتداء
...
عدد الضحايا في العينة
...
النسبة المئوية في العينة
...
العدد بين 1000 طالبة
...
عدد الحوادث
...
العدد بين 1000 طالبة
اغتصاب كامل
...(97/354)
74
...
1.7
...
16.6
...
86
...
19.3
محاولة اغتصاب
...
49
...
1.1
...
11
...
71
...
16
الجملة
...
123
...(97/355)
2.8
...
27.7
...
157
...
35.3
من منظور السياسات بالكليات، قد ينزعج الإداريون كثيراً لحقيقة أنَّ بين كلّ 1000 امرأة في معهدهم التعليمي، قد تحدث 35 حالة اغتصاب في فصل دراسي (وفقاً لما ورد في البيان). وهذا يعني أنَّ أعداد الاغتصاب في حرم جامعي به ( 10.000 ) امرأة سيرتفع إلى أكثر من 350 طالبة.
( ونشرت وكالة CNN بأنه يدرس حالياً في مدينة ( نيوجرسي ) الأمريكية كيفية إجبار الطالبات على تعلم مقاومة الاغتصاب وذلك بعدما كشفت دراسة بأن نصف الطالبات الجدد يتم اغتصابهن في الفصل الأول من الالتحاق بالدراسة وهذا يدل على مدى الانحراف الذي أصاب المجتمعات الغربية كما يدل على خطورة الاختلاط بين الجنسين حيث تم الاغتصاب في مراحل التعليم وفي أماكن العلم التي يفترض بها التجرد والموضوعية !!
وهذا الذي يحدث في أمريكا وهي كما يشاع عنها دولة من دول العالم الأول!! العالم المتقدم المتحضر ؟؟ التي تحترم حقوق الإنسان وترعى المساواة بين البشر ، ولقد تزايدت في الآوانة الأخيرة المطالبة بفصل الإناث عن الذكور بل ذكرت تقارير صادرة عن منظمات حماية الطفولة أن سبب الانحراف هذا يرجع إلى فترة الطفولة حيث يتعرض البنات الإناث إلى ثلاث مرات للاغتصاب أكثر من الأطفال الذكور .
حيث إن الجرائم الأخلاقية التي تحدث في الغرب اليوم نتيجة طبيعية للانحراف عن الفطرة البشرية ودافع الغريزة ذلك ؛ لأن الذكر يميل بطبعه إلى الأنثى والعكس(97/356)
صحيح ، ولا يمنع من وقوع الجريمة كونهم في مجتمع تعليمي كالجامعة والمدرسة وجرائم الاغتصاب التي ارتفعت معدلاتها ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة لم تقع في مجتمع يسود فيه الكبت ومنع الحريات بل تأتي في مجتمع يموج بالفوضى الخلقية والانفلات السلوكي والفكري ومع ذلك فمعدلات الجريمة في تزايد مستمر ) ([47]).
وقد وصل الاغتصاب حتى للمستويات العليا الذي يقال أنهم قد بلغوا مستوى من الإدراك والعلم وهي مرحلة الدكتوراة ، تقول الأستاذة المساعدة لعلم النفس في ولاية نيويورك والتي حصلت على درجة الدكتوراة بعد التضحية بعرضها لرئيسها المباشر ، تقول : ( وقد كنت أول امرأة تدخل إلى هذه الوظيفة ..ولولا رضوخي ذلك لما كانت هناك امرأة في هذه الدرجة !!) ([48]) .
ودعاة السفور والاختلاط يعرفون هذه الحقيقة ولكن يا ترى ما جوابه في ذلك ، يقول الدكتور محمد إسماعيل المقدم : ( لما وقعت فتنة الاختلاط بالجامعة المصرية ، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين ، ولما سئل طه حسين عن رأيه في هذا ، قال : لابد من ضحايا ، ولكنه لم يبين بماذا تكون التضحية ؟ وفي سبيل ماذا ؟ لابد من ضحايا ؟! وأي ثمرة يمكن أن تكون أغلى وأثمن من أعراض المسلمين ؟!! ) ([49]) .
10 ـ التمييز على أساس الجنس .
ففي المدارس المختلطة يكون الاهتمام، وتكون الحظوة عند المعلمين - في الغالب - للطلاب على حساب الطالبات، وفرص المشاركة في الإجابات، والحصول على المنح، وغيرها من الأمور التي تأتي لصالح الطلاب. ونذكر هنا مثالين من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، للتأكيد على هذا التحيز الجنسي :
- ففي بريطانيا: ( أكدت الباحثة في صحيفة التايم (جانيت ديلي). ، أن اعتماد الاختلاط بين الجنسين في المدارس ما هو إلا مؤامرة معادية للإناث، وذلك في دراسة أشارت فيها إلى عدة أمور، منها:(97/357)
أ – أن المراقبة المنتظمة على المدرسين في الفصول المختلطة، أظهرت أنهم يعطون قدراً من الوقت والاهتمام لتلاميذهم الذكور، أكثر مما يعطونه للإناث.
ب – في المواد الرياضية والعلمية التي تتطلب استعمالاً مشتركاً للأجهزة، تبين أن الذكور يسيطرون على فرص استخدام الأجهزة، أكثر من الإناث اللاتي يجبرن على التفرج فقط. ويساعد على هذا ميل الإناث إلى الإذعان، وخوفهن من ازدراء الذكور لهن، أو بسبب قابليتهن لإشباع غرور الذكور .
ج – يلاحظ أن العائلات الآسيوية في بريطانيا، تصر على أن تدرس بناتها في مدارس غير مختلطة، استناداً إلى خلفيات دينية – حسب تعبير الباحثة –؛ لذا فإنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون الفتيات الآسيويات، أفضل البنات درجات وخيرهن نتائج آخر العام الدراسي.
د – إن تجربة مدرسة (شينفيلد) في مقاطعة (إيسكس) - التي لا يختلط فيها الطلاب من الجنسين - تعتبر تجربة مشرفة، ومع نجاحها فقد هاجمها (الاتحاد الوطني للمعلمين)، الذي قال: إن المدرسة تسهم في إيجاد مناخ مصطنع لا يتواءم وطبيعة المجتمع البريطاني.
ثم تؤكد هذه الباحثة إدانتها للمدارس المختلطة، وتقول: (إن المدارس غير المختلطة أقدر على استخراج الذكاء والفطنة من البنات والبنين ، وتريحهم من التكلف التافه في الاختلاط) ([50]).
- وفي الولايات المتحدة: ( يواجه الأولاد والبنات توقعات متناقضة حول موضوع تشجيعهم للرياضيات، أو ممارسات الألعاب الرياضية، أو على تعلم الحاسب الآلي، ولكنهم يختلفون – أيضاً – في كمية ونوعية التعليم الذي يتلقونه في المدارس العامة، وذكر التقرير – الذي صدر عن دراسة أجريت على 3000 طالبة من كل أنحاء أمريكا حول هذا الموضوع في عام (1410هـ (1990م ) – أن الأولاد والبنات يدخلون المدارس العامة متساوين تماماً من حيث القدرات، ولكن البنات يظهرن متأخرات 12 عاماً عن زملائهن من الأولاد الذين معهن في نفس الفصل الدراسي،(97/358)
في الرياضيات والعلوم، وحتى على احترام الذات!. وأضاف التقرير يقول: إن الأولاد الذكور يسترعون انتباه مدرسيهم أكثر من البنات، وأن إمكانية حصولهم على منح دراسية جامعية أكثر من اللائي يتساوين معهم في الدرجات العلمية، أو أحسن منهن بقليل.
فقد أشار هذا التقرير إلى أن الاحترام الذاتي لدى البنات انخفض بحوالي 40% فيما بين مرحلتي التعليم الابتدائي والتعليم العالي، مقارنة بنسبة انخفاض 20% لدى الأولاد.
كما أشار هذا التقرير إلى أن البنات يتلقين اهتماماً من مدرسيهن أقل بصورة واضحة مما يتلقاه الأولاد. فالمدرسون – مثلاً – ينصتون عندما يصيح الأولاد في المدارس الابتدائية والمتوسطة بصوت عال، وبلا استئذان، ولكنهم – في المقابل – يوجهون اللوم للبنات إذا فعلن ذلك!!.
كما أشار التقرير إلى ارتفاع المتوسط للمستوى العلمي في الرياضيات لدى الأولاد بالمدرسة العليا من 2,61 إلى 3,04 من عام (1402هـ /1982م إلى عام 1407هـ/1987م)، ولكن ارتفع المتوسط نفسه لدى البنات من 2,46 إلى 2,93 .
وذكر التقرير أن المنح الدراسية عندما تمنح على أساس حصر اختبارات الجدارة الدراسية، نجد أن الأولاد أكثر جدارة للحصول على المنح الدراسية من البنات اللائي يحصلن على درجات دراسية مساوية، أو أحسن بقليل من الأولاد.
وذكرت رئيسة الاتحاد الأمريكي للاتحاد التعليمي النسائي الجامعي (إليس مكي) ، أن ما تضمنه هذا التقرير من حقائق تعتبر هائلة، فهو يمثل حقيقة دامغة على أن البنات لا يتلقين نفس النوعية والكمية من التعليم التي يتلقاها إخوانهن من الأولاد.
كما أن التحالف الوطني لمدارس البنات قد أشاد بهذا التقرير بقوله: لقد أظهر التقرير - مرة أخرى - أن البنات يعاملن - على الصعيد التعليمي - كمواطنات من الدرجة الثانية في بيئات التعليم المختلط.(97/359)
وأخيراً فقد ذكرت مجموعة المدارس السبعة والخمسين من المدارس الحكومية والأهلية – التي جميع تلاميذها من البنات فقط – (أن الأبحاث أوضحت أن البنات اللواتي يلتحقن بالمدارس المخصصة للبنات فقط، يكسرن الأفكار المقولبة التقليدية، ويتفوقن على البنات اللواتي يتلقين تعليمهن في مدارس مختلطة) ([51]).
11 ـ ترك الدراسة :
قد يصل ببعض الفتيات إلى ترك الدراسة من جراء ما قد يصيبها من تحرشات جنسية أو اغتصاب أو اجحاف في الحقوق ونحو ذلك ، قالت شبكة [سي.إن.إن ] الإخبارية الأمريكية: إنه بسبب كثرة تعرض الفتيات لعمليات اغتصاب، فإن الكثيرات منهن يرفضن الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى؛ لأن المئات من هذه الحالات - أي حالات الاغتصاب - توجد الآن في جنوب إفريقيا.
وأوردت صحيفة المدينة ([52]) خبراً جاء فيه: (( إن بعض طالبات إحدى المدارس الثانوية بغرب باريس، رفضن الدراسة في فصول مختلطة مع الشباب، وقررن الانقطاع عن الدراسة؛ حتى يتم تلبية مطالبهن، بإبعادهن عن الاختلاط، ووجهة نظرهن أنه غير مجد.
وقد رضخت السلطات للأمر، وأمرت بإبعاد الطالبات عن الطلبة مؤقتاً؛ ريثما يتم البحث عن حلول كفيلة تجاه المشاكل التي جلبها الاختلاط غير المشروع)).
12 ـ ضعف الحياء أو زواله لدى الطالبات :
يقول الطالب أحمد مصطفى بتقنية المعلومات بالكلية : ( ..إن أهم سلبياته ـ الاختلاط في التعليم الجامعي ـ من وجهة نظري إن «البنت فيه تفقد حياءها» وهذا أهم ما يميز الفتاة: الحياء والخجل لكنك في الاختلاط تجد الفتيات يضحكن ويقهقهن بصوت عال ويتحدثن مع الشباب في كل الموضوعات: الحب والعمل والزواج والطلاق وبشكل صريح وهذا يجعل الفتيات أكثر جرأة وقد تكون أكثر إقبالا على حياة اللهو أو لا قدر الله الانحراف الأخلاقي حيث إنني شاهدت في كليات كثيرة داخل وخارج الإمارات مشاهد لا تليق بالعادات والتقاليد والقيم العربية نتيجة لهذا الاختلاط الذي(97/360)
أحيانا ما يزيد عن حده ولذلك ترفضه الكثير من الأسر في الإمارات، وباختصار فإن للاختلاط الكثير من السلبيات والتي تتصل مباشرة بالأخلاق! ([53]) .
13 ـ الحرج من طرح بعض الموضوعات المهمة ([54]) .
يحتاج المعلم أو المعلمة أحيانا من طرح موضوعات خاصة بكل جنس مما يجد الحرج من طرحها إذ الجميع في مكان واحد ، مما يثير حياء بعض الطالبات ونظرات بعض الطلاب أو ضحكاتهم ونحو ذلك من التصرفات المريبة .
14 ـ العنف بكافة صوره وأشكاله .
من آثار الاختلاط الاعتداء على الطالبات إما بالضرب أو القتل وهذا يحدث كثيرا فمن تلك الحقائق :
سبب الاختلاط مخاطر كثيرة تتعرَّض لها الطالبات،ولذا أصدر مجلس النوَّاب الأمريكي قرار حقوق الطلاب لعام 1990م الذي يتضمَّن أمن الكليات والجامعات. وفي عام 1992م عدّل مجلس النواب القرار ليشمل ضحايا الاعتداءات الجنسية، والذي يتطلَّب من الجامعات والكليات أن تشتمل تقاريرهم السنوية، سياساتهم المتعلقة بالتعريف بالاعتداءات الجنسية وكيفية منعها وتوفير الحقوق الأساسية لضحايا الاعتداءات الجنسية.
وعُدِّل القانون مرة أخرى ليشمل الالتزامات بتقديم تقارير إضافية تشمل زيادة الإجراءات الأمنية بالحرم الجامعي ومتطلبات سجل يومي بالجرائم. وفي عام 1999 م قدَّمت وزارة العدل 8.1 مليون دولار إلى 21 كلية وجامعة لمنع ومقاومة الاعتداء الجنسي والعنف والمطاردة، وفي عام 2000م تمّ منح جامعات وكليات أخرى 6.8 مليون دولار ([55]) .
ومما يدل على ذلك أن المجتمع الأمريكي ضاعف الإجراءات الأمنية بالحرم الجامعي ، ففي عام 1999م قدَّمت وزارة العدل 8.1 مليون دولار إلى 21 كلية وجامعة لمنع ومقاومة الاعتداء الجنسي والعنف والمطاردة، وفي عام 2000م تمّ منح جامعات وكليات أخرى 6.8 مليون دولار.(97/361)
( ولعل الحادث المأساوي الذي وقع في يوم 26 مارس 1998 حين قام صبيان أمريكيان بإطلاق النار على عشرات التلاميذ في مدرسة إعدادية بولاية أركنسو الأمريكية مما أدى إلى مقتل 4 تلميذات ومعلمة وإصابة 10 آخرين بجروح ..وأوضحت التقارير الأخبارية أن أسباب إطلاق النار ؛ هو أحدى الفتيات التي تركت صديقها ، فقام بالانتقام منها بهذه الطريقة الوحشية ) ([56])
(( وأقدم طالب أمريكي يبلغ من العمر 19 عاماً على إطلاق النار على أستاذه، داخل إحدى قاعات الدروس - في إحدى المدارس – في كاليفورنيا فأرداه قتيلاً على الفور، وذكر بيان لرجال الشرطة أن خلافاً قديماً كان قد نشب بين الطالب وأستاذه بسبب التنافس على حب إحدى الطالبات )) ([57]).
15 ـ دراسة موضوعات تكون مناسبة لجنس دون الآخر والعكس .
من المعلوم أن هناك فروقا بين الرجال والنساء فهناك موضوعات مهمة للمرأة لا تناسب الرجل والعكس أيضا ، وإذا صار التعليم مختلطا تولدت هذه المشكلة ، جاء في كتاب ( جنس الدماغ ) : ( عن النساء يتم التحكم باللغة والمهارات المكانية بواسطة مراكز موجودة في كلا الجانبين من الدماغ ولكن أماكن هذه المهارات عند الرجال تكون أكثر تحديدا في موقعها ، فالجانب الأيمن للمهارات المكانية والأيسر للمهارات اللفظية ..ففي النساء يمكن تقسيم وظائف الدماغ بين الجانبين الأيمن والأيسر أقل وضوحا وتمركزاً فكلا جانبي الدماغ يشتركان في القدرات اللفظية والبصرية ..وأدمغة الرجال أكثر تخصصا في وظائفها ) وتؤكد الدراسات بأن ( الفروق في تنظيم الدماغ عند الرجال والنساء يؤدي إلى فروق في الفاعلية التي يستطيعون بها أداء مهمات معينة ) [ص61] ، وكثيرة هي الفروق التي ذكرها المؤلفان في هذا الكتاب ، ثم يؤكدان بأن من مشاكلنا ( نعمد فعليا إلى تعليم الفتيات والأولاد بأسلوب متطابق.........) [ص 144 ] ([58])
16 ـ انتشار الزواج العرفي بين الطلاب والطالبات .(97/362)
( الزواج العرفي بين طلبة الجامعات أصبح قضية الساعة وأصبح أيضا ظاهرة اجتماعية مفزعة تسئ إلى سمعة الأسر المصرية وتسئ إلى سمعة الجامعات والكليات المختلفة وتزلزل بنيان الأخلاق والفضيلة ؛ لأن الزواج في هذه الحالات ما هو إلا نزوة عابرة تتم دون أخذ رأي الأهل أو الوالدين أو ولي الأمر ويتم دون مهر أو توفير مسكن ودون توفير متطلبات الحياة ؛ لأن الزواج مازال طالبا بالجامعة !! وفي حالة الحمل يتم الإجهاض أو يرمي الطفل في ملاجئ اللقطاء وتكون الضحية هي الفتاة المراهقة التي سلمت نفسها لذئب غادر .
إنها لجريمة أخلاقية ونذير شؤوم بانحلال المجتمع فالظاهرة المفزعة تنتشر كانتشار النار في الهشيم والإحصائيات التي بين يدي تبين أن ما يقرب من 175 ألف طالبة تم زواجهن عرفيا فإلى متى ننتظر ؟!! هل ننتظر إلى أن يبلغ السيل الزنى؟!! ...إن القضاء على هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة يتمثل في إعادة النظر بالنسبة للتعليم المختلط في الجامعات المصرية فاختلاط الجنسين في الجامعات وفي سن المراهقة واشتعال الغرائز هو أصل الفساد فلا يمكن أن نضع الزيت بجانب النار ونضمن السلامة أو نضع الذئب بجانب الشاة ونضمن السلامة ، والدليل على صحة كلامي أن الزواج العرفي يكاد ينعدم بين طلاب جامعة الأزهر لعدم الاختلاط ) ([59]) .
17 ـ الجوع الجنسي لدى الطلاب والطالبات .
( نقلت جريدة الأحد اللبنانية في العدد [650] عن الفضائح الجنسية في الجامعات والكليات الأمريكية ، ماذا قالت الجريدة بالحرف الواحد ؟ ( الفضائح الجنسية في الجامعات والكليات الأمريكية بين الطلبة والطالبات تتجدد وتزداد كل عام ..وقال عميد الجامعة معقبا على حدث جنسي شاذ قائلا : إن معظم الطلاب والطالبات يعانون جوعاً جنسيا رهيبا ، ولا شك أن الحياة العصرية الراهنة لها أكبر الأثر في تصرفات الطلاب الشاذة )
ونقلت الجريدة عن المربية الاجتماعية ( مرغريت سميث ) حديثا قالت فيه : ( إن الطالبة لا تفكر إلا بعواطفها ، والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة ، إن أكثر من(97/363)
ستين بالمائة من الطالبات سقطن في الامتحانات ، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في الجنس أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن ..... وأن 10 % منهن ما زلن محافظات ) ([60]) .
18 ـ تقيد حرية الطالبة .
مما لا شك فيه إن ( إحساس المرأة بالحرية وهي وسط مجموعة من بنات جنسها ..واضح لا يحتاج إلى حديث طويل ، وبيان مسهب ، ويلاحظه أي رجل يدخل مجتمعاً نسائيا ، حيث تتوقف النسوة عن الحديث ، ويفتقدن الحرية التي كن يشعرن بها .
ويظهر جلياً إحساسهن بأن دخول الرجل عليهن ..أوجد ما يشبه القيد على حرية تبادلهن الحديث ..بل وجلوسهن ..وضعهن عامة وهذا ما عبرت عنه قاضية سويدية اسمها ( بر يجيدا أولف هامر ) طافت عواصم الشرق ومدنه وقراه ، ودرست ـ لحساب الأمم المتحدة ـ مشاكل المرأة الشرقية العربية على الطبيعة ، فقد قالت هذه القاضية : إن المرأة الشرقية في قطاعات كثيرة من الحياة ، أكثر حرية من المرأة السويدية ، لأن الحرية ـ كما تقول ـ هي أن يكون للإنسان عالمه الخاص المستقل ، على العكس من حال المرأة السويدية ..التي ليس لها عالم لم يشاركها فيه الرجل ) ([61]) .
19 ـ انتشار الأمراض الجنسية بين الطلاب والطالبات .
الاختلاط في التعليم أصبح سبباً لانتشار مرض الإيدز، (( ففي سوازيلاند قرر المسؤولون إلقاء اللوم على التنورات القصيرة في انتشار مرض الإيدز. ويدعي هؤلاء المسؤولون أن فتيات المدارس اللاتي يرتدين هذه التنورات القصيرة، يعملن على إغواء مدرسيهن؛ مما يعرض المزيد من الناس لخطر مرض الإيدز. ويقول متحدث باسم وزارة التعليم في سوازيلاند: نحن نعيش في زمن صعب؛ بسبب تفشي فيروس مرض الإيدز، ونحتاج – كذلك – إلى معالجة مسألة اللبس وسط الطلاب والطالبات؛ لأن مرض الإيدز بدأ من هناك ([62]).(97/364)
وبدءاً من العام القادم سيطلب من الطالبات فوق سن العاشرة ارتداء تنورات تغطي الركبتين )) ([63]).
المبحث الخامس
الفصل بين الجنسين رغبة الأغلبية العظمى
مما يلاحظ رغبة الطلاب والطالبات بانعزال كل واحد منهما عن الآخر ، فقد قال ( البروفيسور أميليو أفيانو ) : ( أن الأولاد يفضلون الفصل في الدراسة حتى لا يتحتم عليهم الالتزام ببعض التصرفات التي يرونها ضرورية في حضور الفتيات ، والأمر نفسه صحيح بالنسبة للفتيات حيث يعتبرن الاختلاط معرقلا لتقدمهن الدراسي ويضيع ويهدر كثيرا من وقتهن في التزين) ([64]) .
وأوردت صحيفة المدينة ([65]) خبراً جاء فيه: (( إن بعض طالبات إحدى المدارس الثانوية بغرب باريس، رفضن الدراسة في فصول مختلطة مع الشباب، وقررن الانقطاع عن الدراسة؛ حتى يتم تلبية مطالبهن، بإبعادهن عن الاختلاط، ووجهة نظرهن أنه غير مجد.
وقد رضخت السلطات للأمر، وأمرت بإبعاد الطالبات عن الطلبة مؤقتاً؛ ريثما يتم البحث عن حلول كفيلة تجاه المشاكل التي جلبها الاختلاط غير المشروع)).
كما أوردت وكالات الأنباء العالمية أن ثورة بدأت في معهد ((ميلز أوكلند)) النسائي، الخاص بولاية كاليفورنيا، حيث ترفض الغالبية العظمى من الطالبات القبول بانضمام شبان إلى المعهد ابتداء من العام المقبل.
وكانت هذه المؤسسة الجامعية المعروفة بهدوئها، والمتخصصة في الدراسات الفنية، تعج بالمظاهرات، في وقت بدأ فيه إضراب شامل عن الدروس، واستقبلت رئيسة الجامعة بالاعتراضات وصرخات الاحتجاج.
وسوغ مجلس الإدارة قراره – بوضع حد لسياسة عدم الاختلاط بين الجنسين التي يتبعها منذ 138عاماً – بضرورة رفع عدد الطلاب المسجلين في المعهد، ولا توجد -(97/365)
حالياً – سوى( 777 ) طالبة، في حين أن المطلوب هو( 1000) طالبة على الأقل؛ لتغطية كلفة المعهد.
وقالت إحدى الطالبات –التي عبرت عن معارضتها للقرار بحلق شعرها-: (لم أكن قادرة على التفكير بأنهم سيتجاهلوننا إلى هذا الحد). وأعرب الكثير من الفتيات عن رغبتهن في مغادرة الجامعة )) ([66]).
(( وما دامت تغطية تكاليف المعهد هي المبرر الذي ذكر مجلس الإدارة أنه وراء إصداره قرار قبول الطلبة الذكور، فقد استنفرت الطالبات، وبدأن في جمع التبرعات للمعهد، ونجحن خلال أسبوعين من جمع ثلاثة ملايين دولار للجامعة. وكسبن الجولة مع إدارة الجامعة، وعدل مجلس الإدارة عن قراره بفتح أبواب الجامعة أمام الذكور؛ لترجع الجامعة غير مختلطة، مقتصرة على الطالبات فقط.
وهذه الحادثة تشير إلى قوة الدافع في نفوس الطالبات برفض اختلاط الطلبة الذكور بهن في الجامعة. وتتأكد قوة الدافع الفطري في أمور هي:
- الإضراب الشامل عن الدروس.
- تظاهرات احتجاج شديدة وعنيفة.
- بذل جهود كثيفة لجمع ثلاثة ملايين دولار في زمن قياسي.
- إعراب كثير من الفتيات عن رغبتهن في مغادرة الجامعة ([67]).
ويوجد في كاليفورنيا معهدان نسائيان آخران، في حين أن عدد المعاهد والكليات المماثلة في كل الولايات المتحدة تبلغ المئات، وتلقى إقبالاً كبيراً من الفتيات في متابعة دراستهن فيها ([68]).
( وتقدمت الطالبات في أربع كليات في جامعتي أوكسفورد وكامبردج الشهيرتين في إنجلترا يطلبن المحافظة على وضع الكليات وعدم السماح للطلبة الالتحاق بها ) ([69]) .
وفي دولة عربية شقيقة ( الكويت ) جرى فيها حوارات ولقاءات في هذه القضية وكان ( معظم طلبة الجامعة يعارضون الاختلاط ما بين الجنسين وأكبر دليل على ذلك نتائج(97/366)
الانتخابات السنوية التي يصوت فيها الآلاف من الطلبة تجاه ممثليهم من معارضي الاختلاط موضحا أن نتائج التصويت البرلماني على قانوني منع الاختلاط في جامعة الكويت والجامعا الخاصة أكبر دليل على أن التوجه الشعبي مع منع الاختلاط ) ([70]) .
ويقول الدكتور بسام خضر الشطي : ( أجري في الجامعة أكثر من استبيان حول الجامعات المختلطة فكانت النتائج أن 93 % لا يرغبون في الاختلاط ، ولو أتيحت لهم فرصة وخيار آخر لجامعة غير مختلطة للجأوا إليها ) ([71]) .
وفي دراسة الأستاذة فاطمة مناصرة جاء فيها :
( السؤال الأول : هل يعد الاختلاط في الدراسة بنظرك مشكلة ؟
ـ أجاب 77 % من الطلاب والطالبات بنعم . )
وأخيرا ..وبعد هذا العرض ...أيليق أن يبقى أناس يجرون الأمة إلى مستنقع الاختلاط القاتل للقيم والمبادئ والأخلاق ..وهذه تجارب أقوام ..واعترافاتهم ، فلماذا لا نتعظ من هذا الدرس العملي الذي رأيناه من خلال الدراسات والاعترافات .
نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين وأن يكفينا شر أنفسنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه .
ملحق بفتاوى العلماء
حكم الاختلاط في التعليم([72])
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد اطلعت على ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24 / 7 / 1404 هـ بعددها 5644 منسوبا إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح, الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة.
وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد، الرجل والمرأة وقال (ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد)، وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في(97/367)
بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا شك أن هذا الكلام فيه جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية؛ لأن الشريعة لم تدعُ إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله تعالى (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) (الأحزاب:33) ، وقال تعالى (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) (الأحزاب:59)
وقال سبحانه (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ )) (النور:31) إلى أن قال سبحانه (( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))
وقال تعالى (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) (الأحزاب:53) ، وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن حذرا من الفتنة بهن، إلا من حاجة تدعو إلى الخروج، ثم حذرهن سبحانه من التبرج تبرج الجاهلية، وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال،
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما جميعا،(97/368)
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب، وتبرجن فيه تبرج الجاهلية، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من بينهم الله سبحانه في الآية السابقة من سورة النور، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النجعة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى (( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) فإنه لا يجوز أن يقال، إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة رضي الله عنهم لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة أشد افتقارا إليها ممن قبلهم ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة لأنه سبحانه بعث رسوله
صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )) وقال سبحانه (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا(97/369)
كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا )) وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله كما قال تعالى (( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ))
وقال عز وجل (( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ )) الآية وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذرا من فتنته بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول صلى الله عليه وسلم (( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ))
حذرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعا رجالا ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق حذرا من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا عند السير في الطريق وأمر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن، ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط،
فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كله، أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد، وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة، ومعلوم أن الفرق عظيم، والبون شاسع، لمن عقل عن الله أمره ونهيه، وعرف حكمته سبحانه في تشريعه لعباده، وما بين في كتابه العظيم من الأحكام في شأن الرجال والنساء، وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة(97/370)
بحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال، هذا لا يقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول، هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي، فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة، مع التبرج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة والأحاديث التي تجر إلى فتنة،
فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله قال الله عز وجل (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))
وأما قوله : ( والواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد )
فالجواب عن ذلك أن يقال : هذا صحيح ، لكن كان النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة ، والرجال في مقدم المسجد ، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء- هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه- : ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد ، مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم ، وأن يكن على حدة والشباب على حدة ، حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة؛ لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة؛ ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة ، وأسلم للشباب من الفتنة بهن ، ولأن انفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع(97/371)
إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن ، وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور .
وأما زعمه- أصلحه الله- أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة ، فهي دعوى غير مسلمة ، بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين ، ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف . والله المسئول سبحانه أن يهدينا جميعا سبيل الرشاد وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم ، ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم في كل مكان لما فيه صلاح البلاد والعباد في المعاش والمعاد ، وأن يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
الاختلاط بين الرجال والنساء ([73])
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين وفقني الله وإياهم لفعل الطاعات وجنبني وإياهم البدع والمنكرات . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . أما بعد :
فمن واجب النصح والتذكر أن أنبه على أمر لا ينبغي السكوت عليه بل يجب الحذر منه والابتعاد عنه وهو الاختلاط الحاصل من بعض الجهلة في بعض الأماكن والقرى مع غير المحارم لا يرون بذلك بأسا بحجة أن هذا عادة آبائهم وأجدادهم وأن نياتهم طيبة فتجد المرأة مثلا تجلس مع أخي زوجها أو زوج أختها أو مع أبناء عمها ونحوهم من الأقارب بدون تحجب وبدون مبالاة .
ومن المعلوم أن احتجاب المرأة المسلمة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ، قال الله سبحانه(97/372)
وتعالى : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) وقال تعالى : (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) ، وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة . قالت أم سلمة رضي الله عنها : ( لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها ) .
وفي هذه الآيات الكريمات دليل واضح على أن رأس المرأة وشعرها وعنقها ونحرها ووجهها مما يجب عليها ستره عن كل من ليس بمحرم لها وأن كشفه لغير المحارم حرام . ومن أدلة السنة (( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( لتلبسها أختها من جلبابها )) رواه البخاري ومسلم . فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب . فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج بغير جلباب .
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس » وقالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنوا إسرائيل نساءها فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل ، وأعلاها أخلاقا وآدابا وأكملها إيمانا وأصلحها عملا ، فهم القدوة الصالحة لغيرهم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من(97/373)
رأسها فإذا جاوزونا كشفناه » رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة ففي قولها ( فإذا حاذونا ) تعني ( الركبان ) سدلت إحدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفا .
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة منها الفتنة التي تحصل بمظهر وجهها وهي من كبر دواعي الشر والفساد ومنها زوال الحياء عن المرأة وافتتان الرجال بها . فبهذا يتبين أنه يحرم على المرأة أن تكشف وجهها بحضور الرجال الأجانب ويحرم عليها كشف صدرها أو نحرها أو ذراعيها أو ساقيها ونحو ذلك من جسمها بحضور الرجال الأجانب ، وكذا يحرم عليها الخلوة بغير محارمها من الرجال ، وكذا الاختلاط بغير المحارم من غير تستر ، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة الرجال ، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم .
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق )) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق به من لصوقها . ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ )) فيحرم على المرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها بل يجب عليها ستره كما يحرم عليها الخلوة بهم أو الاختلاط بهم أو وضع يدها للسلام في يد غير محرمها وقد بين سبحانه وتعالى من يجوز له النظر إلى زينتها بقوله : (( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))(97/374)
أما أخ الزوج أو زوج الأخت أو أبناء العم وأبناء الخال والخالة ونحوهم فليسوا من المحارم وليس لهم النظر إلى وجه المرأة ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم لما في ذلك من افتتانهم بها فعن عقبة ابن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت )) متفق عليه . والمراد بالحمو أخ الزوج وعمه ونحوهما؛ وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها ولو كانوا صالحين موثوقا بهم؛ لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في أناس بينهم في الآية السابقة وليس أخ الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم )) والمراد بذي المحرم من يحرم عليه نكاحها على التأييد لنسب أو مصاهرة أو رضاع كالأب والابن والأخ والعم ومن يجرى مجراهم " .
وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما )) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة وأن يتعاونوا في القضاء عليها والتخلص من شرها محافظة على الأعراض وتعاونا على البر والتقوى وتنفيذا لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه ، ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس(97/375)
إليه . ولا يجوز اتباع الأهواء والعادات التي لم يشرعها الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإسلام هو دين الحق والهدى والعدالة في كل شيء ، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنهي عما يخالفها والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لما يرضيه وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
س/ : قام المركز الإسلامي في مدينتنا بتنظيم محاضرة للنساء ، وقام المحاضر بإلقاء المحاضرة مباشرة من دون حاجز أو حجاب رغم معارضة بعض النساء لذلك وعدم رضاهن ، ورغم وجود نساء كاشفات وجوههن وأيديهن ، وكان بالإمكان إلقاء المحاضرة من وراء ستار ونتيجة لذلك حدث نقاش طويل بين بعض المسلمين عندنا ، خصوصاً وان إدارة المسجد ممثلة في اللجنة المنظمة رفضت أن يقوم أحد طلبة العلم في نفس اليوم بإلقاء محاضرة من وراء حجاب ، وقد زاد من الخصومة أن المحاضر قال : ( إن آية (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) خاصة نزولاً وحكماً بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز تطبيقها على غيرهن ؟ وقال أيضاً إجابة على سؤال حول الاختلاط : ( إن المحرم شرعاً هو الخلوة فقط ولذلك لا مانع من استضافة المرأة للرجل الأجنبي في حال عدم الخلوة ؟ وقال أيضاًًً : ( أنه لا يرى أن تنتقب المرأة في البلاد الغربية حتى لا تعطي صورة غير مقبولة عن الإسلام )؟
وسؤالنا يا فضيلة الشيخ :
ما رأيكم فيما حدث ؟ وهل يجوز ذلك شرعاً ؟ وما رأيكم فيما قاله المحاضر حول الاختلاط والنقاب ؟ وهل يجوز الإنكار عليه ؟
ج: لا شك أن ما فعله هذا المحاضر لا يجوز في الإسلام فإن وقوف الرجل أمام النساء المتبرجات من أعظم أسباب الفتنة ولو أمنه هذا الرجل لم يأمنه غيره ومتى فتح الباب لهم توصلوا إلى المحظور من النظر المحرم وما يجره من الفواحش ، وقد نهى الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عن التبرج بقوله (( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ(97/376)
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (الأحزاب:33) وهذا الخطاب يعم كل المؤمنات لأن الوجه هو مجمع محاسن المرأة وبه تحصل الفتنة ويحصل التقارب ، فإن بقية جسدها قد لا يحصل به تفاوت بين النساء ولا شك أن النساء فتنة لكل مفتون ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) ولما أذن لهن في الصلاة في المسجد قال : (( وليخرجن تفلات )).
وقال : (( وبيوتهن خير لهن )) وذكرت عائشة أنه يشهد صلاة الفجر نساء متلفعات بمروطهن وقالت عائشة « لو شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثه النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل » ولما أمرهن بالخروج لصلاة العيد قلن : (( إحدانا ليس لها جلباب )) قال : (( لتلبسها صاحبتها من جلبابها)) والجلباب هو الرداء الذي تلتف به امتثالاً لقوله تعالى (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ )) (الأحزاب:59) فالمرأة إذا تسترت واحتشمت عرف بصفتها وحيائها ودينها فلا يتجرأ أحد أن يؤذيها معاكسة أو مكالمة أو ممازحة ولذلك نهيت المرأة عن السفر بدون محرم حتى لا تتعرض لأذى من ذوي النفوس الرديئة وأما قوله تعالى (( فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) (الأحزاب:53) فهو وإن كان خطاباً لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وذلك لوجود العلة التي في قوله تعالى (( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) (الأحزاب:32) فإذا كان هذا الطمع في أمهات المؤمنين فلا بد أن يكون في غيرهن بطريق الأولى ، فإن الله اختار لنبيه أفضل النساء وأعفهن ومع ذلك أمرهن بالحجاب ونهاهن عن الخضوع بالقول صيانة لهن ،فغيرهن أولى بالصيانة والتحفظ والبعد عن أسباب العهر والفتنة وعلى هذا فيحرم أن تستضيف المرأة رجلاً أجنبياً ولو كان معه رجال أو معها نساء إذا كان هناك سفور وتبرج وعدم محرم للمرأة ، وقد وردت الأدلة على النهي عن خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم ، ولم يفرق بين وجود النساء أو الرجال الأجانب ، وعلى هذا فإذا احتيج إلى إلقاء محاضرة للنساء فلا بد من حاجز وستار قوي يمنع من النظر حتى لا تحصل الفتنة ويلزم(97/377)
المرأة أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه واليدان أمام الرجال الأجانب ، ولو كانت في بلاد الكفار حتى تظهر شعائر
الإسلام وذلك يعطي صورة حسنة عن الإسلام وأهله ولا عبرة بمن استغرب ذلك و أنكره ممن قد يرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً والله أعلم .([74])
خطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات
سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله : شاب يقول إنه من أسرة غنية يدرس في مدرسة مختلط مما ساعده على إقامة علاقات شائنة مع الجنس الآخر وقد غرق في المعاصي . فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة ؟ وما شروط هذه التوبة .
فأجاب : في هذا السؤال مسألتان :
الأولى : ما ينبغي أن نوجه للمسئولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه الملمون .
ولقد قال صلى الله عليه وسلم (( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )) وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال والصف الآخر بعيد منهم فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغباً فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس ؟ أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى ؟ إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا .
وفي صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقول قالت – نرى والله أعلم – أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال .(97/378)
إن على المسئولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم وأن يحموا شعوبهم من أسباب الشر والفتنة فإن الله تعالى سوف يسألهم عمن ولاهم عليه وليعلوا أنهم متى أطاعوا الله تعالى وحكموا شرعه في كل قليل وكثير من أمورهم فإن الله تعالى سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصا لهم وييسر لهم أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة .
ولتفكر الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك الاختلاط وأحلى مثال لذلك وأكبر شاهد ما ذكره هذا السائل من العلاقات الشائنة التي نحاول الآن التخلص من آثارها وآثامها .
إن فتنة الاختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية والعزيمة الأكيدة على الإصلاح وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركهن فيها الرجال .
وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعلم ما ينفعهن كما للرجال لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال . وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال: (( اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا)) فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ..الحديث وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص إذ لم يقل لهن ألا تحضرن مع الرجال . أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عموماً للسير على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا والآخرة .
أما المسألة الثانية : فهي سؤال السائل الذي ذكر عن نفسه أنه غارف في المعاصي بإقامة العلاقات الشائنة بالجنس الآخر ، ماذا يفعل وهل له من توبة وما شروطها فإني أبشره أن باب التوبة مفتوح لكل تائب وأن الله يحب التوابين ويغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها قال الله تعالى (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا(97/379)
تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) (الزمر:53).
فإذا تبت عن هذا العمل الذي جرى منك فإن الله تعالى يبدل سيئاتك حسنات يقول الله تعالى (( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً)) (الأحزاب:68-71)
وأما شروط التوبة فهي خمسة :
الشرط الأول : أن تكون التوبة خالصة لله عز وجل لا رياء فيها ولا خشية أحد من المخلوقين وإنما تكون ابتغاء مرضاة الله تعالى لأن كل عمل يتقرب به الإنسان إلى ربه غير مخلص فيه فإنه حابط باطل قال الله تعالى في الحديث القدسي " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيها أحداً غيري تركته وشركه "
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعله من الذنب ويتأثر ، ويرى نفسه خاطئا في ذلك حتى يشعر أنه محتاج لمغفرة الله وعفوه .
الشرط الثالث : الإقلاع عن الذنب إن كان متلبساً به لأنه لا توبة مع الإصرار على الذنب فلو قال المذنب إني تائب من الذنب وهو يمارسه لعد ذلك من الاستهزاء بالله عز وجل . إنك لو خاطبت أحداً من المخلوقين وقلت له إنني نادم على ما بدر مني لك من سوء الأدب وأنت تمارس سوء الأدب معه فكأنك تستهزئ به والرب عز وجل أعظم وأجل من أن تدعى أنك تبت من معصية وأنت مصر عليها .
الشرط الرابع : العزم على ألا يعود إلى المعصية في المستقبل .
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقتها الذي تقبل فيه من التائب بأن تكون قبل أن يعاين الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن كانت بعد طلوع الشمس من مغربها لن تنفع لقوله تعلى : (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ(97/380)
أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ)) (الأنعام:158) وهذا البعض هو طلوع الشمس من مغربها كذلك عند حضور الموت لأن الله تعالى قال : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً )) (النساء:18).
هذه الشروط الخمسة إن تحققت فيك فإن توبتك مقبولة إن شاء الله.
الاختلاط بين الرجال والنساء فتنة كبيرة
س/ سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله :
في الجامعات عندنا بمصر اختلاط شديد بين الطلبة و الطالبات فماذا نفعل ونحن في حاجة لهذه الدراسة لخدمة الإسلام والمسلمين في بلدنا وعدم ترك هذه الأماكن لغير المسلمين يتحكموا بعد ذلك في شئون المسلمين الهامة مثل الطب و الهندسة وغيره ؟
الاختلاط بين الرجال والنساء فتنة كبيرة فتحرزوا منه ما أمكن وأنكروه ما استطعتم نسأل الله لنا ولكم السلامة .([75])
* * *
س / هناك مدارس في بعض البلاد تدعوا إلى التوحيد وإلى الكتاب والسنة غير أن هناك مشكلة وهي أن مدرسي هذه المدارس يعلمون الفتيات والنساء بدون أي حجاب بينهم وبعضهم كاشفات للوجوه . فما نصيحتكم لهؤلاء ؟ وهل يجوز لهم أن يعلموا أولئك الفتيات والنسوة على هذه الصورة ؟ أفيدونا بارك الله فيكم .
ج/ لا يجوز الجمع بن الفتيان والفتيات في محيط واحد ولو كن صغيرات ولا يجوز جمعهم للدراسة مع كون الفتيات متكشفات إذا وصلن إلى سن البلوغ أو نحو ذلك فإن جمعهن مع الصبيان في محيط واحد وسيلة إلى الفتنة وإلى وقوع الفاحشة و المنكر ونحو ذلك .
ونحن نقول : مادام إن هذه المدارس تعلم التوحيد وتعلم القرآن والسنة وتعلم الدين الصحيح فإن كانت هذه المدارس حكومية بخاصة فإن على القائمين بها أن يسعوا عند(97/381)
الحكومة في الفصل بينهم ولا يتخلون عنها ويقولون : لا نتولاها وهي على هذه الحلة . أو يقولون لأولياء الأمور .لا تدخلوا بناتكم فيه واقتصروا على تعليمهم التوحيد في منازلهن وفي بيوتهن .
وأما إذا كانت هذه المدارس أهلية يقوم عليها الأهالي بتبرعات ، منهم من يتبرع بعمله ومنهم من يتبرع بماله ونحو ذلك فإن تغييرها سهل يسير بأن يتفق الأهالي على أن يجعلوها قسمين كأن يكون العلوي للذكور والسفلي للإناث أو يحجزوا بينهم بحاجز ويفصلوا بينهم بفاصل . ويتولى البنات نساء مأمونات ويتولى الذكور رجال مأمونون.وبذلك تتم المصلحة ويزول المنكر إن شاء الله.([76])
س / ما حكم اختلاط الطلبة والطالبات في الدراسة الجامعية في الوقت الحاضر ، وبيان الإضرار التي تنجم عن الاختلاط ؟ ([77])
وقد أجاب على هذا السؤال العديد من أهل العلم فمنهم :
ما قاله فضيلة الشيخ علي بن حسن البولاقي ـ عضو هيئة تحرير الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف بالكويت ـ : ( لا ينبغي أن يشك مسلم في أن الاختلاط المذكور حرام شرعاً لأنه من محركات الشهوات وعوامل إغرائها وتهييجها .
فليس هو أقل من الأمور التي حرمها الإسلام قصداً إلى تطهير الوسط الاجتماعي كالنظر واللمس والخلوة والتكشف وإظهار الزينة والتطيب والخضوع بالقول وإظهار صوت الخلخال ..) إلى أن قال : ( فاختلاط الطلبة والطالبات في الجامعة في الوقت الحاضر ليس كهذا الاختلاط المأذون فيه ، وقد علم بالتجربة أنه لو فتح هذا الباب لم يكن تقييده بالزام الطالبات الملابس الشرعية والأماكن الخلفية ولا بعدم السير مع الطلبة في ساحة الجامعة وبين طرقاتها وفي الصعود والهبوط على درجات السلم ولا بغير ذلك من القيود .
فالذي يفتي بجواز الاختلاط ويقيد فتواه بالقيود التي تجعله متفقاً مع مبادئ الإسلام لا يكون في فتياه ناظراً إلى الواقع لأن هذا الباب متى فتح ضرب بهذه القيود عرض(97/382)
الحائط ، فالفتيا بهذا خيانة لله والرسول والأمانة وقد قال الله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )) ( الأنفال:27)
وأما النقطة الثانية وهي بيان الأضرار التي تنجم عن الاختلاط على ضوء تجارب الجامعات المختلطة فهي :
أن يروج في الأمة مستقبلا ما هو رائج في أمم الغرب الآن من فقد الحياء وزوال العفة وغلبة الفواحش فتقع الأمراض السرية كالأوبئة ويتبدد نظام العائلة والبيت ويكثر الطلاق والتفريق ويتربى الشبات والشابات على قضاء الشهوات أحراراً من كل قيد ويضيع الفتية والفتيات خير ما أوتوا من قوة العمل وصحة الجسم في شهواتهم المجاوزة لحدود الاعتدال . )
وقال فضيلة الشيخ أبو الأعلى المودودي ـ رئيس الجماعة الإسلامية في باكستان ـ : ( ..التعليم المختلط قد أسفر في أمريكا وأوربا عن نتائج سيئة تكاد تدمر المجتمعات فيها ، وقد بلغ الأمر فيهما إلى أن ما بين ستين بالمائة وسبعين في المائة من مجموع الفتيات اللواتي يدرسن في المعاهد المختلطة مارسن التجارب الجنسية قبل الزواج ، ونسبة اللواتي يحملن منهن أثناء التعليم مرتفعة جدا ، وكل ذلك بسبب التعليم المختلط ، ونرى الصحف الأمريكية والأوربية تصدر مملوءة بالتقارير والدراسات عن هذه الأحداث ..)
وقال فضيلة الشيخ محمد بن نمر الخطيب ـ رئيس جمعية الرابطة الإسلامية في لبنان ـ : ( إن الاختلاط بهذه الكيفية التي جاء شرحها في السؤال لا يختلف في حرمتها اثنان من المسلمين ولا ينكر مساوئها ومفاسدها من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وكان ينبغي على إخواننا في الكويت أن يعتبروا بما حصل ويحصل في العالم العربي والإسلامي من فوضى خلقية ومفاسد متعددة لم تترك بيتاً ولا مكانا مما سبب هذا التأخير وهذه النكسات المتواصلة وهذا الذل المخيم على بلاد العرب والمسلمين من جراء مخالفتهم لله عز جل ، ومن أشد هذه المخالفات إثما عند الله هذه(97/383)
الفوضى الخلقية الناشئة من الاختلاط ومن ارتداء النساء للألبسة المغرية تقليدا لفجور الأجانب وانحرافا عن دين الله سبحانه وتعالى ..)
وقال فضيلة الشيخ نجم الدين الواعظ ـ مفتي الديار العراقية ـ ( لقد وردنا سؤالكم ...يتضمن إرادة البعض جواز اختلاط الإناث الذكور الذي لا يجوزه دين من الأديان السماوية ولا سيما دين الإسلام دين الغيرة والشهامة والمروءة والإنصاف ..إني لأعجب من العربي الأبي المسلم المملوء غيرة وشهامة أن يتساهل في أمر الاختلاط بين الجنسين وماذا يحدث عند تقارب النار مع البنزين وهذا لا ينكره منصف ولو بلغ من العمر الثمانين سنة ولقد جائتنا هذه العدوى من الأجنبي .
لا تربط الجرباء حول صحيحة خوفي على تلك الصحيحة تجرب فماذا دهاكم وأنتم عرب خلص معزولون عن الأغيار ..)
وقال فضيلة الشيخ عبدالله القلقيلي ـ مفتي المملكة الأردنية سابقا ـ : ( الاختلاط الذي يكون بجلوس الطالب إلى جانب الطالبة في المقاعد التي يستمع فيها الطلاب الدروس وفي الساحات والذي يتمكن فيه الطلاب من خلوة بعضهم ببعض ، هذا الاختلاط مما لا يبيحه الشرع الإسلامي بل يحظره ويكرهه وينكره ، وذلك لما يؤدي إليه من الفساد وذهاب الفضائل وهتك الحرمات وإنمحاء الآداب ومس الكرامات كما أنه يؤدي إلى امتناع الطلاب عن الدرس والجد في سبيل كسب العلوم والمعارف والانقياد إلى هوى النفس وذلك مما لا نزاع فيه ولا ينكره إلا كل مكابر للباطل منقاد ومناصر ، وأن ما كان كذلك فإن الشرع الإسلامي يمنعه ويحاربه ويمقته كما أنه من المعلوم من الإسلام بالضرورة أن من قواعده سد الذرائع إلى الشرور والمفاسد ..)
وقال فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : ( إن من الغريب أن يوجد في أمة مسلمة عربية اختلاط الجنسين في الجامعات والمدارس مع أن دين الإسلام الذي شرعه الخالق السموات والأرض على لسان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يمنع ذلك منعاً باتا والشهامة العربية والغيرة الطبيعية العربية المملوءة بالأنفة تقتضي التباعد عن ذلك وتجنبه بتاتاً وتجتنب جميع الوسائل المفضية إليه ...)(97/384)
فهرس الكتاب
المقدمة .....................................................
...
1
المبحث الأول : نتائج الدراسات الغربية ...................
...
6
المبحث الثاني : نتائج الدراسات الإسلامية ................
...
17
المبحث الثالث : أقوال أهل العلم .........................
...
28
المبحث الرابع : آثاره على الطلاب والطالبات ..............
...
30
المبحث الخامس : الفصل بين الجنسين رغبة الغالبية العظمى
...
65
ملحق بفتاوى العلماء ......................................
...
70
(1) أول شرارة قدحت للاختلاط على أرض الإسلام من خلال: المدارس الاستعمارية الأجنبية والعالمية، وتبدأ من رياض الأطفال إلى التعليم الجامعي ، و أول ما فتحت(97/385)
هذه المدارس في بلاد الإسلام في: (لبنان) بإنشاء مدرسة للبنات في الإمبراطورية العثمانية سنة 1830م ؛ لأن البنات سيكن أمهات فإذا تربين في هذه المدارس النصرانية أثرن على أولادهن .. وكانت تُعنَى ببنات الأسر والبيوت الكبيرة اللاتي ستكون لهن السيطرة على الجيل المقبل ، ولهذا قال بعض دعاتهم : إن مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني . وفي الكويت ، أول مدرسة فُتحت عن طريق الإرسالية الأمريكية للتبشير سنة 1917م ، وقد تولت التدريس فيها مزميلرا ولكن قُوبلت بمعارضة شديدة من قبل الكويتيين مما أضطر إلى إغلاقها ، ثم فُتحت أول مدرسة للبنات سنة 1937م ، وفي عام 1956م انطلقت أول بعثة للطالبات الجامعيات للالتحاق بكليات جامعة القاهرة .( حراسة الفضيلة )
(1) جريدة الرأي العام 22/يونيو /2000 م مقال للدكتور عبد الله بن يوسف سهر ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت .
(1) جريدة الرأي العام الكويتية /29/07/2002م . محمد الصديقي ، كاتب كويتي . وانظر : مجلة المعرفة ص 149 . 01/10/2002م .
(1) انظر :موقع لها أون لاين تقرير كتبته سحر الأمير و نوال المجاهد بعنوان : ( التعليم المختلط ) .
(1) جريدة الوطن الكويتية 12/ يوينو /2000م .
(1) انظر : رسالة ماجستير بعنوان ( أثر مشكلتي الاختلاط والمنهاج التعليمي على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية ) ص 32 إلى ص 46 .
(1) انظر : المجلة العربية للتربية المجلد السادس عشر ـ العدد الأول 1417هـ بحث بعنوان ( الاتجاه نحو الاختلاط بين الجنسين لدى عينة من طلاب جامعة الكويت ) د . عبد اللطيف محمد خليفة .
(2) المرجع السابق .
(1) موقع لها أون لاين بعنوان : ( المرأة والتعليم المختلط ) ..وقد نشرت في مجلة المرأة. دمشق. 1948م(97/386)
(1) جريدة السياسة 2 /أكتوبر /2001م .
(2) جريدة السياسة /20/نوفمبر /2000 م .
(1) انظر : مكانك تحمدي ص 89 ـ 90 .
(2) موقع لها أون لاين : مقال بعنوان : ( التعليم المختلط ) .
(1) فتاوى النظر والخلوة والاختلاط ص 25 . جمع محمد المسند .
(1) الصارم المشهور ص 91 .
(2) حراسة الفضيلة ص 97 .
(1) استفدت في هذا المبحث من رسالة د . فؤاد آل عبدالكريم الموسومة بـ ( قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية ) ص 542 وما بعده .
(2) مكانك تحمدي ص 91 .
(3) مكانك تحمدي ص 87 .
(1) انظر : جريدة الوطن (595) .
(1) ذكريات الشيخ علي الطنطاوي ( 5/268 – 271 ) .
(2) آفاق عربية 28 / أكتوبر /1999م .
(1) انظر: إلى غير المحجبات أولاً/ محمد سعيد مبيض ص91.
(2) جريدة الرياض - العدد (( 11447 )) بتاريخ 18/7/1420هـ، الموافق 27/10/1999م.
(1) انظر: جريدة الرياض – العدد (( 9254 )) بتاريخ 10/5/1414هـ الموافق 25/10/1993م.
(2) جريدة المسلمون – العدد (( 411)) بتاريخ 24/6/1413هـ الموافق 18/12/1992م.
(1) مجلة المجتمع – العدد (( 916 )) بتاريخ 29/7/1411هـ.
(2) جريدة الوطن الكويتية 12/يونيو /2000 م .
(3) جريدة السياسة :2/ أكتوبر /2001 .(97/387)
(1) يناير 1956م .
(2) انظر : مكانك تحمدي ص 89 ـ 90 .
(3) انظر : موقع لها أون لاين ...عنوان المقال / مصر: نائب إخواني يطالب بمنع الاختلاط .
(1) جريدة الرياض 27/9/2003 .
(2) جريدة المساء 29/10/2003م .
(1) آفاق عربية /28/أكتوبر /1999م .
(1) جريدة الوطن الكويتية 12/يونيو /2000م .
(2) جريدة القبس الكويتية/ 03ـ 03 ـ 2004 ، عن صحيفة لوفيغارو الفرنسية
(1) المرجع السابق.
(1) انظر: جريدة الرياض – العدد (9150) بتاريخ 26/1/1414هـ الموافق.
(2) المرجع السابق.
(1) عمل المرأة في الميزان ص 191 . د . محمد علي البار .
(1) كتاب الاختلاط بين الجنسين . ص 41 .
(1) مجلة المجتمع الكويتية – العدد (340) – 7/6/1400 - ص11.
(1) أفول شمس الحضارة الغربية/ مصطفى فوزي غزال ص156.
(2) انظر:جريدة الرياض عدد( 8425 ) بتاريخ 8/1/1412.
(1) بحوث حول: الاعتداءات الجنسية على الطالبات بالكليات فريق البحث :مايكل جي تيرنز ، فرانسيس تي كولن ص5 .
(1) جريدة الوطن الكويتية 21/يناير /2000 م . مقاله كتبه الدكتور / عبد الرحمن الجيران .
(2) عمل المرأة في الميزان ص 192 . د . محمد بن علي البار .
(1) عودة الحجاب (3/59) .(97/388)
(1) جريدة المسلمون – العدد (( 480 )) بتاريخ 4/11/1414هـ الموافق 15/4/1994م.
(1) جريدة الرياض – العدد (( 8637 )) بتاريخ 13/8/1412هـ الموافق 16/2/1992م.
(1) في عددها رقم (( 9250 ))، بتاريخ 14/3/1413هـ.
(1) www.albayan.co.ae/albayan جريدة البيان الإماراتية /الثلاثاء 24 شوال 1422 هـ
(1) وهذا ما أكدت دراسة فاطمة محمد رجا مناصرة وقد تقدم ذكرها في مبحث الدراسات الإسلامية .
(1) بحوث حول: الاعتداءات الجنسية على الطالبات بالكليات فريق البحث :ما يكل جي تيرنز ، فرانسيس تي كولن.ص3 .
(1) جريدة البيان 2 فبراير 1999 م .
(2) جريدة الشرق الأوسط – العدد 147 – بتاريخ 4/12/1978م.
(1) جريدة الوطن الكويتية 12 ، يونيو ، 2000 م .
(1) جريدة الوفد 2 /يونيو /2000 مقال كتبه / محمد سعيد القارح .
(1) انظر : كتاب إلى كل أب غيور ص 29 . عبد الله علوان .
(1) من أجل تحرير حقيقي للمرأة . ص 169ـ 170 .
(1) لم يتطرق هؤلاء المسؤولون إلى أن الاختلاط بين الجنسين في التعليم، كان السبب في هذه المشاكل.
(2) جريدة الرياض – العدد 11794 – بتاريخ 11/7/1421هـ، الموافق 8/10/2000م.
(1) مجلة المعرفة /1/10/2002 .
(2) في عددها رقم (( 9250 ))، بتاريخ 14/3/1413هـ.(97/389)
(1) مجلة الدعوة – العدد رقم (( 1274 )) بتاريخ 24/6/1411هـ الموافق 10/1/1991م.
(1) من أجل تحرير حقيقي للمرأة/ محمد رشيد العويد ص 168،169.
(2) المرجع نفسه ص 168.
(3) جريدة المساء 29/10/2003 م .
(4) جريدة السياسة /2/اكتو بر /2001 .
(1) جريدة الأنباء 26 /يونيو /2000 م .
([72]) مجلة البحوث الإسلامية العدد 15 ص 6 إلى 11 .
[73])) مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الخامس
[74])) النخبة من الفتاوى النسائية لابن جبرين 44-49(37)
([75]) فتاوى المرأة المسلمة :573-574.
([76]) فوائد وفتاوى تهم المرأة لابن جبرين :ص165-166.
([77]) هذا السؤال وجهته ( جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت ) إلى عدد من أهل العلم ننقل طرفا من كلامهم ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى الأصل وهو بعنوان ( حكم الإسلام في الاختلاط ) ط/1389هـ .
ــــــــــــــ
النساء.. بائعات.. كيف ؟
هذا الحرص غير المعقول على دفع النساء للعمل في محلات بيع المستلزمات النسائية وإصدار القرارات وعقد الندوات واللقاءات التلفازية التي توضح وجهة النظر المؤيدة بدون مناقشة منطقية ( وشرعية لآليات التنفيذ ) التي لابد أن تحكم هذا التوجه فنحن مجتمع مسلم مهما تنادى واستهزأ ( البعض ) بماذا تعني ( خصوصية مجتمع مسلم )!!.
هذا الحرص لابد أن نحافظ عليه ولكن ( وفق مرجعية شرعية ) تحكم عمل النساء وليس مرجعية غربية مستمدة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(97/390)
( السيداو ) والتي تنص في مادتها (11) وفي الفقرة ( أ ) من أن للمرأة ( الحق في العمل بوصفه حقاً غير قابل للتصرف لكل البشر ).
هذا الحق في شريعتنا محكوم بأن الإسلام لم يوجب ولم يفرض ولم يحمل المرأة مسؤولية العمل خارج المنزل، لكنه لا يمنعها من ممارسته بضوابطه الشرعية، فالإسلام حررها من مسؤولية العمل خارج المنزل كي لا تقع تحت ضرورياته مما يجعلها مستغَلة من قبل رؤسائها رجالاً أو نساءً..
هذا جانب ( مهم ) يقابله في الجانب الآخر وهو ( مهم أيضاً ) ما يتم تداوله من شعارات وعبارات يتم استخدامها من قبل البعض سواء كانوا مسؤولين أو سواهم!! عند الحديث عن المطالبة بتشغيل النساء والفتيات في أي موقع أو جهة!! وهي ( أن هناك أرامل ومطلقات ومسؤولات عن إعالة أسرهن ) أو ما يماثلها من عبارات أصبحت تتردد من الجميع الذين يتم استضافتهم في قنوات أو برامج أو يكتبونه في مقالات.. السؤال هنا :
هل المرأة في ( الشريعة الإسلامية التي تحكمنا ) مسؤولة عن إعالة أسرتها؟؟ وبما أننا في مجتمع تحكمه هذه الشريعة ودولة غنية ولله الحمد، فأين دور أجهزة الدولة في الكفالة الاجتماعية لهن؟؟ أو لذويهن من الرجال؟ أو حماية هؤلاء المطلقات من تعسف مطلقيهم؟
ثم لماذا نجعل من العمل للمرأة ( واجبا ) بينما هو ليس كذلك. فالمسئول هو ( الرجل ) ولهذا لابد من إيجاد حلول لبطالة ( الشباب من الذكور) ( أولاً )، ثم إيجاد وظائف للفتيات بدون ( اختلاطهن بالرجال )
ولست هنا ضد عمل المرأة فأنا أعمل وأعلم أن هذه وتلك من اللاتي لا يرغبن المواجهة معي!! يلمزن، وبعضهم يفسرون مناقشاتنا هنا أنها (ضد النساء)!! والواقع (غير ذلك) لست أنا ولا من يدافع عن (عدم الاختلاط) نقف ضد عمل النساء والمشاركة في بناء مجتمعهن ولكننا ضد (إجبارهن على العمل) كي يصرفن على أسرهن في دولة غنية يحرص ولاة الأمر فيها على رفاهية المواطن.. ونحن ضد(97/391)
(إجبارهن على الاختلاط) فعدة رسائل وصلتني من فتيات ذوات مؤهلات جامعية في المحاسبة يتم توجيههن إلى بعض شركات خاصة يصر مسؤولوها من الرجال على أنهن سيعملن في بيئة 30? من نسبتها مع الرجال!! وأخرى يصر مسؤول الشركة (الرجل) على إجراء المقابلة معها وتوقيع العقد!! ولابد أن تقابله بدون غطاء على وجهها!! فهل هذه هي (الضوابط الشرعية)؟؟.
أعرف.. أن هناك من سيعارض ويفتي بعدم مشروعية تغطية الوجه!! ولكن القضية الحقيقية هنا أننا (نفرض) عليهن شروط أصحاب العمل (الرجال)!! ولسنا (نحميهن من ذلك) وقد حماهن خالق الكون في شريعتنا الغراء التي تم تطبيقها في المادة (160) يمنع اختلاط النساء بالرجال في (مواقع العمل) والتي تم حذفها!! ولابدمن إعادتها فهذه القضية لا تخضع لرأي أو توجه!!.
وحتى لا تتحول قضية (حرج النساء من شراء مستلزماتهن النسائية من البائعين) إلى قضية (انتشار النساء البائعات في مختلف المعارض لبيع جميع السلع) وهذه هي الخطورة.. وأيضاً لأنه إلى الآن وكما قال ذلك وكيل وزارة العمل د. عبد الواحد الحميد في القناة الأولى في برنامج تم بثه مساء الأربعاء 14/3 الحالي في إجابته لسؤال المحاور حول :
هل سيقتصر البيع للنساء فقط أم أن الزوج إذا رغب أن يشارك زوجته في الشراء سيسمح له بدخول هذه المتاجر؟!
فأجابه أن هذا الأمر متروك لوزارة التجارة!! فماذا يعني هذا؟ ! ألم يتم تحديد ذلك مسبقاً وهو ( ان يتم ذلك وفق الضوابط الشرعية )؟! والهدف المرجو من هذه الإجراءات الأخيرة كان عدم مخالطة النساء برجال يقومون ببيع مستلزماتهن؟! فكيف لم يتحدد إلى الآن ما إذا سيسمح للزوج مرافقة زوجته لشراء مستلزماتها؟!
?? وما يلفت النظر في هذا الاندفاع إلى إخراج النساء للعمل بائعات هو الاعتماد على الحاجة الماسة الشديدة التي تعصف بمجتمع الشباب جميعاً وبحثهم عن وظائف!! وبدلاً من أن تكرس وزارة العمل جهودها وقراراتها وإجراءاتها المشددة لتوظيف(97/392)
النساء (بائعات!! فإن هذا الحرص لا يكون بالقوة نفسها لتدريب الشباب الذكور أو تعيينهم فالبطالة لا تزال تعصف بهم!! والوزارة ارتاحت لما تذكره من نسب للبطالة متدنية لا يؤكدها الواقع..
وأعرف أن مسئوليها سيحتجون على هذا القول.. ولكن مصداقية سطوري تؤكدها هذه الأعداد التي تبحث عن وظائف ولا تجد سوى الأوهام والوعود!!
بل إن إحدى الشركات في جدة رفضت بعض الشباب عندما تقدم لها بدعوى أن لديها اكتفاءً.. ثم في غضون شهر قامت بتعيين ( فتيات )!!
فما الذي نفسره في هذا الموقف؟؟
?? إن مسؤوليتنا الاجتماعية (جميعاً) تفرض علينا أن نقيم ونناصح من يتخذ هذه القرارات مستثمراً هذا الواقع للفقر الذي يعتبر شاذاً في دولة غنية بينما نجد دولاً أخرى لم تصل إلى هذا المستوى وهي أقل منا في مستوى الدخول المالية..
?? إيجاد وظائف للنساء لابد أن يكون (وفق ضوابط شرعية) تمنعها من الاختلاط بالرجال (مشترين أو اصحاب عمل).. ولنتق الله في كل عمل وقول..
ــــــــــــــ
من يظلم المرأة ؟!!
أيها المسلمون : حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرماً، والله لا يحب الظالمين ، ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، وكم في هذا الكون من ظلم وظلمات ، ودعونا نقف اليوم على جانب من الظلم يقع على فئة كبيرة في المجتمع.. وهذا الظلم قديم يتجدد ، لكن بصور وأنماط تختلف في شكلها وربما اتفقت في مضمونها .. إنه ظلم المرأة .. فقد ظلمتها الجاهليات القديمة ، وتظلمها الجاهليات المعاصرة .. تُظلم المرأة من قبل الآباء ، والأزواج وتُظلم من قبل الصويحبات والحاسدات ، بل وتُظلم المرأة من قبل نفسها أحياناً .. تظلمها الثقافات الوافدة ، والعادات والتقاليد البالية ، تُظلم المرأة حين تمنع حقوقها المشروعة لها ، وتُظلم حين تعطى من الحقوق ما ليس لها.. إنها أنواع وأشكال من الظلم لابد أن نكشف شيئاً(97/393)
منها، ونخلص إلى عظمة الإسلام في التعامل معها وضمان حقوقها، والاعتدال في النظرة إليها..
أجل إن ظلم المرأة قديم في الأديان والشعوب والأمم المختلفة فهي عند الإغريق سلعة تباع وتشترى في الأسواق، وهي عند الرومان ليست ذات روح، فهم يعذبونها بسكب الزيت على بدنها، وربطها بالأعمدة ، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيل ويسرعون بها حتى تموت ، والمرأة عند القدماء من الصينيين من السوء بحيث يحق لزوجها أن يدفنها وهي حية ولم تكن المرأة عند الهنود ببعيد عن ذلك، إذ يرون الزوجة يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية، على موقد واحد، وكذا الفرس فللرجل حق التصرف فيها بأن يحكم عليها بالموت أو ينعم عليها بالحياة .. ولم تكن حال المرأة بأسعد من ذلك عند اليهودية المحرفة وكذا النصرانية، فهي عند اليهود لعنة لأنها أغوت آدم، وإذا أصابها الحيض فلا تُجَالس ولا تُؤاكل، ولا تلمس وعاءً حتى لا يتنجس! ، كما أعلن النصارى أن المرأة باب الشيطان وأن العلاقة معها رجسٌ في ذاتها .. (ظلم المرأة /محمد الهبدان21-24)
أيها الأخوة في الله : ومن جاهليات العجم إلى جاهلية العرب، حيث كانوا يتشائمون بمولدها حتى يتوارى أحدهم من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ، بل شهد القرآن على وأدُهُن وهن أحياء ((وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)) (التكوير:8،9 ) .
كانت تُظلم وتُعضل في ميراثها وحقوقها، وكانت ضمن المتاع الرخيص للأب، أو الزوج حق التصرف فيها..
ومن الجاهليات القديمة إلى الجاهليات المعاصرة حيث ظُلمت المرأة باسم تحريرها، سُلبت العبودية لخالقها واستعبدها البشر، واعتدوا على كرامتها، وفتنوها وأخرجوها من حضنها الدافئ، وحرموها لذة الأمومة وعاطفة الأبوة، فهامت على وجهها تتسول للذئاب المفترسة، وربما كدحت وأنفقت حتى تظل مع عشيقها.. وربما سارع للخلاص منها لينظم إلى معشوقة وخادنة أخرى..؟!(97/394)
جاء الإسلام لينصف المرأة ويصلها بخالقها ، ويرشدها إلى هدف الوجود وقيمة الحياة , وليصف لها حياة السعادة في الدنيا والآخرة ((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) (النحل:97 ) .
ونزل القرآن ليعلن ضمان حقوق المرأة ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ )) (آل عمران195 ) .
وأكد المصطفى صلى الله عليه وسلم بل حرّج على حقوق المرأة فقال: (( اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة )) رواه ابن ماجه 3678/والبيهقي5/363 وصحح إسناده النووي
وقام المسلمون بأرقى تعامل عرفته البشرية مع المرأة .. بل أشرقت حضارتهم على الأمم , وتعلمت منهم الشعوب الأخرى كرامة المرأة ، ويعترف أحد الغربيين (كوغوستاف لوبون)بذلك حين يقول" إن الأوروبيين أخذوا عن العرب مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة ، فالإسلام إذن, لا النصرانية هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافاً للاعتقاد الشائع , وإذا نظرت إلى نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتهم لم يحملوا شيئاً من الحرمة للنساء .. وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غلاظا ًنحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهن بالحسنى"(قالوا عن الإسلام د.عماد الدين خليل/431)
أخوة في الله : وإذا تشدق المبهورون اليوم بحضارة الغرب وقيمه ، وحطوا من قيم حضارتهم جاءت شهادة المنصفين من الغرب تكذب هذا الإدعاء وتثبت أن إصلاح المرأة في الغرب إنما تم بعد احتكاك المسلمين في أسبانيا(الأندلس) بالغرب .. وفي هذا يقول (مارسيل بوازار) "إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا –عبر أسبانيا-احترام المرأة " (قالوا عن الإسلام/409)(97/395)
إننا في فترات المراهقة الثقافية ننسى أصولنا، وننبهر بما عند غيرنا، ولكن اعترافات القوم تعيد إلى بعضنا التوازن، نعم لقد ظُلم ديننا، من بعض أبناء جلدتنا ، وزهد البعض في ثقافتنا وقيمنا ، وشوه وضع المرأة عندنا من قبل أعدائنا.. وشاء الله أن يُقام الشهود المنصفون من القوم على أنفسهم ومن سار في ركبهم ، فهذه امرأة غربية تكشف الحقيقة بممارسة سلوكية واقعية حين تقول زوجة السفير الإنجليزي في تركيا:يزعمون أن المرأة المسلمة في استعباد وحجر معيب ، وهو ما أود تكذيبه، فإن مؤلفي الروايات في أوروبا لا يحاولون الحقيقة ولا يسعون للبحث عنها، ولولا أنني في تركيا اجتمعت إلى النساء المسلمات ما كان إلى ذلك من سبيل .. فما رأيته يكذب كل التكذيب أخبارهم عنها .. إلى أن تقول ولعل المرأة المسلمة هي الوحيدة التي لا تعنى بغير حياتها البيتية، ثم إنهن يعشن في مقصورات جميلات ..(السابق/425/426)
هكذا وتظل المرأة المسلمة معززة مكرمة موقرةً لها الحقوق ما بقي الإسلام عزيزاً، ويظل المسلمون أوفياء للمرأة ما داموا مستمسكين بالإسلام.. وكلما تغرَّب الإسلام ، أو انحرف المسلمون .. عاد الظلم للمرأة بصورةٍ أو بأخرى .. لا فرق بين هضم حقوقها.. أو تلمس حقوقاً ليست لها لتشغلها عن حقوقها ووظائفها النسوية الأساسية.
وهذه صور من ظلم المرأة للوعي بها واجتنابها , فهي تُظلم حين تُستخدم سلعةً رخيصة للدعاية والإعلان , وتُظلم المرأة حين تُزجُّ في عمل لا يتلائم مع أنوثتها .. أو يُزجُّ بها في مجتمع الرجال ، تُظلم المرأة حين تُضرب بغير حق, أو تعضل لأدنى سبب, أو يتحرش بها جنسياً, أو تغتصب, أو تستغل في التجارة الجسدية, أو بحرمانها من الحياة الزوجية السعيدة, تُظلم المرأة حين يسلب حياؤها ويُعتدى على قيمها ويستهان بروحها وأشراقها .. وتخدع بزينة عابرة, وأشكال وأصباغ زائلة، وتُظلم المرأة حين يُقَصِّر الولي أو المجتمع في تربيتها, وتُظلم المرأة حين تعرض للأمراض المختلفة كالزهري والسيلان والإيدز.. ونحوها .(97/396)
تُظلم المرأة حين يتأخر زوجها فتنعس, أو تمنع من الحمل والولد فتفلس, أو تزوج بغير إذنها وبمن لا ترغب, تُظلم المرأة حين يُسخط منها حين تولد, أو تُلعن وتسب حين تكبر، تُظلم المرأة حين يغالى في مهرها فيتجاوزها الُخطَّاب إلى غيرها أو تلزم بزوج لا ترغبه , وقد تجبر على زوج فاسد الدين أو سيئ الخلق , تُظلم المطلقة في ولدها , وقد تُظلم المرأة من أقرب الناس لها, تُظلم المرأة بضرتها , وتُظلم المرأة بإفشاء سرها لاسيما في أمر الفراش (( وإن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها)) (رواه مسلم /1437) .
تُظلم المرأة حين يعتدى على مالها بغير حق أو يعتدى على حجابها وحيائها باسم التحضر، وثمة صور أخرى لظلم المرأة حين تقصر في طاعة الله , وترتكب المحرمات .. وتضيع الأوقات وتسفل في همتها .. وتكون الأزياء والموضة غاية مرادها .. تُظلم المرأة حين تختزل حقوقها في قيادة .. أو يٌزجُّ بها في خلطةٍ بائسة ، أو تجد نفسها في كومة من الفضائيات الساقطة .. أو تجر لمواقع عنكبوتية مشبوهة .. تُظلم المرأة حين تهمش رسالتها الخالدة وتُصرف عبوديتها عن الخالق الحق إلى عبادة الأهواء والشهوات, وكم هو وأدٌ للمرأة حين يوحى لها أن نماذج القدوة ساقطاتُ الفكر, عاشقات الشهوة والشهرة .
وإن من أعظم ظلم المرأة أن يُلبس عليها الحق بالباطل ويستبدل الحسن بالقبيح, ويصور لها الحياة والعفة بالرجعية والتطرف على حين يصور لها السفور والاختلاط بالمدنية والانفتاح والتحضر؟
وكم تُظلم المرأة حين يقال لها أن من العيب أن يكفلها أبوها ، أو ينفق عليها زوجها , ويلقى في روعها أن ( القوامة ) القرآنية ضعف وتبعية, وإن عليها أن تكد وتكدح لتتخلص من نفقة الآخرين وقوامتهم .. نعم لقد أصبح العامل الاقتصادي كلّ شيء في ذهن أدعياء تحرير المرأة ولذا تراهم يطالبون لها بأي عمل ويقحمونها في كل ميدان فتظل المسكينة تلهث متناسية أعباءها الأخرى وواجباتها الأسرية المقدسة فلا هي أمٌّ حانية ولا مربيةٌ ناجحة .. حتى إذا ذبلت الزهرة والتفتت الكادحة في - العمل بلا(97/397)
حدود - إلى المحصلة النهائية وجدت نفسها في العراء فلا هي أفلحت في التربية وبناء الأسرة ولا هي خلَّفت جاهاً يذكر وحشمة تشكر , وعادت تندب خطها كما ندبت نساء الغرب والشرق قبلها ، وإذا أمكن قبول ظروف الغارقات في الوحل فلا يمكن بحال قبول ظروف امرأة مسلمة قال لها خالقها ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ً)) (الأحزاب:33).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
أيها المسلمون : ومن الظلم الواقع على المرأة إلى الظلم الملبس المرأة, فثمة دعوى وشبهات يخيل لبعض النساء أنهن مظلومات فيها وليس الأمر كذلك.. لكنه تشويه وتزوير وتضليل وخداع ومن ذلك :
1-الدعوى بأن بقاء المرأة في بيتها ظلم لها ، وهذه مغالطة تكشفها نصوص الوحيين فمن القرآن قوله تعالى (( وقرن في بيوتكن)) ومن السنة قال عليه الصلاة السلام: (( قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن)) (رواه البخاري/5237) .
فدل قوله قد أذن لكن على أن الأصل البقاء في البيت ، والخروج إنما يكون لحاجة , ويشهد بجدواها الغربيون ويقول أحدهم (جاك ريلر) :"مكان المرأة الصحيح هو البيت , ومهمتها الأساسية هي أن تنجب أطفالاً"(قالوا عن الإسلام/ 415)
2- الإدعاء بقصر مسمى عمل المرأة خارج منزلها , وعدم اعتبار عملها في منزلها عملاً يستحق الإشادة والتقدير ، وليس الأمر كذلك بل اعتبر الشارع الحكيم عملها في بيتها شرفاً وكرامة , وكم نغفل عن مدونات السنة ومصطلحاتها , وفي صحيح البخاري في كتاب النفقات باب عمل المرأة في بيت زوجها ثم ساق البخاري نموذجاً عالياً لهذا وساق الحديث عن علي- رضي الله عنه- قال : (( إن فاطمة عليه السلام أتت النبي- صلى الله عليه وسلم- تشكو إليه ما تلقى في يدها من الوحي .. )) الحديث(536) الفتح 9/506) .(97/398)
وفي الرواية الأخرى (عند أبي داود) عن علي رضي الله عليه وسلم قال : كانت عندي فاطمة بنت النبي- صلى الله عليه وسلم- فجرَّت بالرحى حتى أثرت بيدها , واستقت بالقربة حتى أثرت في عنقها , وقَمَّت في البيت حتى اغبرت ثيابها , وخبزت حتى تغير وجهها .. (انظر :المرأة بين البيت والعمل /سليمان العودة/43) فهل تستطيع امرأة أن تقول أنها خير من فاطمة ؟ .. أو يقول رجل أنه خير من علي ؟ وتاج ذلك إقرار النبي- صلى الله عليه وسلم- لهذا العمل النسوي البيتي حتى إذا سألاه الخادم أرشدهما إلى ما هو خير من ذلك ملازمة الذكر , لاسيما إذا أوى إلى فراشهما قائلاً ((فهو خير لكما من خادم )).
3- ومن دعاوى الظلم على المرأة القول بأن التعدد ظلم لها , وكم شوهت وسائل الإعلام بمسلسلاتها الهابطة , وأعمدتها الجانحة, صورة التعدد المشروع , والتعدد فوق أنها شرع رباني ليس لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون لهم الخيرة من أمرهم فيه , فهو مضبوط بالعدل ((فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً )) (النساء:3) .
والتعدد عوض عن الطلاق في حال عقم المرأة أو مرضها, أو عدم قناعة الزوج بها .. فلا خيار في هذه الحالات أو نحوها.. إلا الطلاق أو التعدد؟
على أن أمر التعدد الإسلامي عاد مطلباً لجمعيات الغرب, وفي أمريكا أكثر من جمعية يجوب أعضاؤها نساء ورجال مختلف الولايات الأمريكية داعين في محاضراتهم للعودة لنظام التعدد .(عن ظلم المرأة /محمد الهبدان/78)
وعاد نساء الغرب يدعين للتعدد , وتقول : أستاذة في الجامعة الألمانية : إن حل مشكلة المرأة في ألمانيا هو في إباحة تعدد الزوجات ( ظلم المرأة /محمد الهبدان/78)
ويعترف أحد الغربيون الذي هداهم الله للإسلام بأن التعدد في البلاد الإسلامية أقل إثماً وأخف ضرراً من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية تحت ستار المدنية , فالنخرج الخشبة التي في أعيينا أولاً , ثم نتقدم لإخراج القذى من أعين غيرنا .( قالوا عن الإسلام /427)(97/399)
وفي الوقت الذي يؤيد فيه غربي آخر تعدد الزوجات عند المسلمين معتبراً إياه قانوناً طبيعيا وسيبقى ما بقي العالم , هو في المقابل ينتقد النظام الغربي ويبين الآثار المترتبة على الإلزام بزوجة واحدة .
ويقول (إيتين دينيه) : إن نظرية التوحيد في الزوجة التي تأخذ بها المسيحية ظاهراً , تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء , تلك هي : الدعارة ، والعوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين . (قالوا عن الإسلام/عماد الدين خليل/413)
فهل من مدكر , وإذا اعترف بهذا عاقل غربي , فماذا يقول مسلم يقرأ القرآن ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)) (الأنعام:57 ) .
((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) (الأحزاب:36).
4-ويدعي الموتورون والجاهلون ظلماً وعدوانا أن شهادة المرأة تعدل نصف شهادة الرجل ظلم على المرأة والذي خلق الزوجين قال في تعليل ذلك ((أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)) (البقرة:282 ) .
لاسيما في القضايا المالية الواردة في الآية على أن أهل العلم قرروا قبول شهادة المرأة أحيانا لوحدها وذلك في أمور هي أدرى بها من الرجل قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (10/161): لا نعلم بين أهل العلم خلافا في قبول شهادات النساء المفردات في الجملة , قال القاضي: والذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء :
الولادة والاستهلال , والرضاع , والعيوب تحت الثياب كالرتق والقرن والبكارة والثيابة والبرص , وانقضاء العدة"
5-ويزعمون كذلك أن دية المرأة نصف دية الرجل حيفٌ عليها، وينسون ويتناسون حكمة العليم الخبير بحاجة الرجل فوق حاجة للمال للنفقة الواجبة عليه دون المرأة ، فـ ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) النساء34.(97/400)
ومع ذلك فهذه الدية للمرأة في حال قتل الخطأ .. أما إذا كان العمد فإن الرجل والمرأة سواء ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) (النساء:93) .
وقد قيل حكمة ذلك، كذلك لما كانت الدية مواساة لأهل المقتول وتعويضاً لهم ، فالخسارة المادية في الأنثى أقل منها عند الرجل ، إذ الرجل يعمل ويوفر دخلا لأسرته أكثر ، فخسارته أعظم من المرأة فكانت الدية في حقه أعظم ( المرأة بين الجاهلية والإسلام / 161 عن ظلم المرأة للهبدان 81)
هذه نماذج لدعاوى ظلم المرأة في الإسلام لا يقول بها إلا جاهل أو مغرض أو في قلبه مرض ، وإلا فشهادة الأبعدين والأقربين أن ليس ثمة نظام أنصف المرأة كما أنصفها الإسلام ، وليس ثمة شعوب أحسنت معاملة المرأة وضمنت حقوقها كما أحسنها المسلمون ، وأختم بهذه الشهادة التي أعلن فيها ( مارسيل ) القول : أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد- صلى الله عليه وسلم- أنها حامية حقوق المرأة التي لا تكل . ( قالوا عن الإسلام /410).
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم ...
ــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :
فقد جاءت هذه الشريعة شريعة الإسلام خاتمة الشرائع المنزلة من عند الله بما فيه صلاح أمر العباد في المعاش والمعاد ومن ذلك : الدعوة إلى كل فضيلة والنهي عن كل رذيلة ، وصيانة المرأة وحفظ حقوقها خلافاً لأهل الجاهلية قديماً وحديثاً الذين يظلمون المرأة ويسلبون حقوقها جهاراً أو بطرق ماكرة ، كالذين يدّعون الاهتمام بشؤون المرأة ويدْعون إلى تحريرها من الحدود الشرعية لتلحق بالمرأة الغربية الكافرة ، ويسندهم في ذلك أعداء الإسلام سيّما في هذه الأيام التي تتعرض فيها الأمة(97/401)
الإسلامية إلى حملة شرسة من عدوها بقيادة الحكومة الأمريكية لصدها عن دينها من خلال ما يدّعونه من حقوق المرأة ومنها تغيير مناهج العلوم الشرعية .
وعملاً بواجب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم نتقدم إلى الأمة بهذا البيان الذي نؤكد فيه على أصل من الأصول الشرعية يتعلق بالمرأة وهو :
وجوب الإيمان بالفوارق بين الرجل والمرأة ، وأن كل دعوة للمساواة المطلقة بينهما فهي دعوة باطلة شرعاً وعقلاً حيث إن لكل من الجنسين وظيفة تختلف عن الآخر وهم مشتركون في جميع مسائل الدين أصوله وفروعه إلا في أشياء مخصوصة للفوارق التي بين الرجل والمرأة وكذلك في شؤون الحياة كلٌّ فيما يخصه .
وقد دل الشرع والعقل والحس على فضل جنس الرجل على جنس المرأة ، قال تعالى : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } آل عمران 36 ، وقال تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } البقرة 228 ، وقال تعالى : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } النساء 34 ، ولذلك كانت القوامة للرجل ، وحتى عند الذين يدّعون المساواة بين الرجل والمرأة ويحاربون التمييز ضد المرأة يندر عندهم تولية المرأة في المناصب العليا في الدولة كالرئاسة والوزارة ، والقضاء والإدارة وسائر الولايات ، فيجب أن يعلم أن كل ميثاق أو اتفاقية تتضمن ما يخالف شريعة الإسلام فإنه باطل لا يجوز الدخول فيه هذا وقد أبطل الاسلام كل تميز ضد المرأة كان في الجاهلية مما يتضمن ظلمها وهضم حقوقها وامتهان كرامتها ، ومن فروع هذا الأصل :
أولاً : وجوب الحجاب على المرأة ، وتحريم إبدائها لزينتها :
إن الحجاب شريعة محكمة قد أوجبها الله على المؤمنات كما قال تعالى : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ(97/402)
لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور31 ، فجمع سبحانه في هذه الآية بين الغاية وهو حفظ الفروج والوسيلة لذلك وهو غض البصر ، وستر الزينة ، ونهى عن إبدائها ولو بالحركة التي تدل عليها ، وفي هذه الآداب التي اشتملت عليها هذه الآية صيانة لكرامة المرأة ، وسدٌ لذرائع الفساد في المجتمع ليكون المجتمع المسلم طاهراً وسالماً من فشوّ الرذيلة فيه ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } الأحزاب 33 .
فيجب على المرأة المسلمة أن تعمل بوصايا ربها ، وأن تتوب من كل ما يخالف ذلك لتفوز بالصلاح والفلاح قال تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور 31 ، وذلك لا يتحقق إلا بثياب الحشمة وهي الساترة لجميع بدنها ، غير ضيقة ولا شفافة ، وإذ قد أجمع العلماء على وجوب ستر المرأة لشعرها ونحرها ورجليها ، كما قال تعالى : { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } النور 31 ، فستر الوجه الذي هو مجمع المحاسن أوجب وأوجب ، ولا يجوز أن يُتخذ خلاف بعض العلماء وسيلة لاستباحة ما قام الدليل على تحريمه ، فإن الواجب عند التنازع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } النساء 59.
ومن المصائب التي حلت بالمجتمعات الإسلامية فشوّ السفور والتبرج الذي هو مطلب للكفار والمنافقين وفسّاق المسلمين ، ولأن ذلك مفتاح لما يريده الكفار بالمسلمين من الانحلال وفساد الأحوال وهو طريق الفاسقين لنيل شهواتهم المحرمة ، قال تعالى في بيان مراد الكافرين والفاسقين : { وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } النساء 27 ، والميل العظيم لا يتحقق إلا بشيوع الفاحشة ، ودواعيها مما يفضي إلى استحلالها كما وقع في بعض البلاد الإسلامية من إباحة القانون للزنا إذا كان عن تراضٍ ، وتعطيل الحدود التي شرع اللهُ لمنع هذا الفساد المدمر للأمة !(97/403)
وقد سلك الكفار وتلاميذهم للوصول إلى غاياتهم ؛ طريق التدرج ، فبدأوا في بلادنا بمحاربة ستر المرأة وجهها مستغلين للخلاف في ذلك ، ثم بتشويه عباءات الحشمة ، والإغراءات بعباءات الفتنة من مخصّرة وقصيرة مع التشبه بالرجال بوضعها على الكتف ، ولن يقف أولئك عند ذلك .
ثانياً : وجوب قرار المرأة في بيتها فلا تخرج إلا لضرورة أو حاجة مباحة أو عمل مشروع على وجه ليس فيه مخالفة لما فرض اللهُ من الآداب على المرأة المسلمة ، قال الله تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } الأحزاب 33 ، ولقد هُيّئ للمرأة في عصر الحضارة الغربية كل الأسباب التي تلغي من الواقع واجب القرار في البيت ، ونفّر المستغربون المرأةَ من القرار في البيت حتى شبهوا البيت بالسجن ، ووصفوا التي لا تخرج الخروج المنشود لهم بأنها محبوسة بين أربعة جدران .
فيجب أن يعلم أن مَن طعن في شرع الله وعارضه فهو كافر ، ومن خالفه بعمله فهو عاصٍ ، ولقد كان مما تذم به المرأة أن تكون خرّاجة ولاجة - وهي التي تكثر الخروج من غير حاجة -والتي هذه حالها ، صفو حسنها ، وتصنعها للشارع ، ومكان العمل والاجتماع ، وكدرها لبيتها وزوجها ، وبئست المرأة هذه ، ومما تمدح به المرأة قرارها في بيتها مع قيامها بحقوق ربها وزوجها وأولادها ونعمت المرأة هذه .
هذا ومن أقبح خداع المستغربين وتغريرهم للمرأة المسلمة ، تعظيمهم للعاملة خارج المنزل حتى ولو كانت مضيفة في طائرة ، وتهوينهم من عمل المرأة في بيتها قياماً بحق زوجها وتربية أولادها مع أنه هو الأصل والأعظم أثراً في الأمة والأجدى في تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة .
ومن هؤلاء المخادعين من يلبس فيدعي أن المرأة قادرة على أن تجمع بين واجباتها في المنزل وواجباتها الوظيفية ، وهذه الدعوى أول من يكذبها النساء المنصفات من(97/404)
العاملات ، وأدلّ شيء على ذلك أن أي امرأة عاملة لا بد لها أن تستقدم امرأة تخلفها في البيت إلا ما ندر .
وإمعانا في المكر وتمويه الحقائق تشويهاً للحق وتزيناً للباطل يقوم دعاة التغريب في وسائل الإعلام بالإشادة والتبجيل بمن يكون لها تميّز في الخروج عن حدودها الفطرية والشرعية ولو بعمل لا يمكن أن تمارسه النساء إلا في صورة شاذة كقيادة الطائرة ، وكذا الإشادة ببناتنا في مزاولة الأعمال المدنسة لكرامتهن كالتمثيل مع الرجال وكالغناء والعمل مع الرجال [ سكرتيرة ] وغيرها من الأعمال المختصة بالرجال ، ولصحيفة عكاظ والوطن والرياض تميز في هذا الباطل.
ثالثاً : وجوب تميز النساء عن الرجال وذلك بعدم الاختلاط في العمل والتعليم والمتنزهات ، وباجتناب كل عمل يؤدي إلى ذلك كالعمل في الإعلام وشركات الطيران والمصانع والمستشفيات ، فإن الاختلاط بين الرجال والنساء في هذه المجالات ونحوها يشتمل على أنواع من المنكرات كالسماع والنظر الحرام والخلوة المحرمة والتبرج والسفور ، وكل هذه أسباب تجرّ إلى الفاحشة ، ولهذا جاءت الشريعة بسد هذه الأبواب ، قال تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } الإسراء 32 ، ومن الأماكن التي يجب على المسلمة أن تحذرها المشاغل النسائية ، ومحلات [ التخسيس] !! فإن هذه الأماكن وإن كانت مخصصة للنساء فإنها غير مأمونة لأنه يرتكب في بعضها أو كثير منها أمور محرمة - بعلم المرتادة لهذه الأماكن أو بغير علمها - كالتصوير وكشف العورات التي لا يحل النظر إليها ولا من المرأة إلى المرأة بل قد يصل الأمر إلى كشف العورة المغلظة ومسّها عند التدليك ، مع أن كثيراً من العاملات في هذه الأماكن مدربات على قلة الحياء ، بل ومنهن الكافرات مما يجعل هذه الأماكن بؤراً للفساد ومصيدة لأصحاب الفجور ، فالتردد على تلك الأماكن سبيل إلى خلع ثوب الحياء ، بل والوقوع في الفاحشة الكبرى .
وبعد فمن المعلوم أن أعظم باب دخل منه على المرأة المسلمة لتغريبها بنزع حجابها وإخراجها عن قرارها والزج بها في بحر الاختلاط ، هو التعليم العصري المستمدة(97/405)
خططه وأهدافه وصيغته من منظمة اليونسكو ، ومن أفكار تلاميذ الغرب المفتونين بهم المنفّذين لأهداف الكفار من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، لكن لتعليم المرأة في المملكة تميز فرضه واقع المجتمع فإن هذا التميز- بزعمهم - في طريقه للاضمحلال على سبيل التدرج حسب استعداد المجتمع للتغيير المرسومة خططه سلفاً ، وأبرز ما تم في ذلك دمج تعليم البنات مع تعليم البنين تحت وزارة واحدة وما ينشأ عن ذلك ، مما يحقق مكاسب لهواة التغريب ، وهذا لأن تعليم المرأة في المملكة كان في نشأته مشروطاً ومحدوداً ، ولم يزل يُطور حتى ذهبت الحدود وخفت القيود ، ولم يبقَ من تميزه عن التعليم في سائر المجتمعات المغرّبة إلا عدم الاختلاط في الأعم الأغلب مع ما تميزت به المملكة في تعليم البنين والبنات من عناية بالعلوم الشرعية .
ولسنا بهذا ننكر تعليم المرأة ، التعليم الذي يربي فيها الأخلاق الكريمة ، ويجعلها بصيرة في دينها قادرة على تربية النشء التربية الصالحة ، بل هذا مما جاءت به شريعة الإسلام التي اشتملت على الفضائل والكمالات وما به صلاح الدنيا والآخرة ومن كمال الشريعة أن جاءت من الأحكام بما يناسب كلاً من الرجل والمرأة بحسب طبيعته وتكوينه لأنها تنزيل من حكيم حميد ، وهو أعلم بما يصلح عباده فلا يجوز أن نسوي المرأة بالرجل في أسلوب تعليمها ، ولا فيما تتلقاه من العلوم أو تزاوله من الأعمال لاختلاف وظيفتيهما واستعدادهما العقلي والجسدي .
وعلى هذا الأساس بنى العلماء الفتوى بتحريم قيادة المرأة للسيارة لأن ذلك يؤدي إلى مفاسد كثيرة ، ومخالفات شرعية مما يتعلق بأحكام المرأة في المجتمع ، ومع ذلك لا يزال المستغربون والعصرانيون يدعون إلى فتح الباب أمام المرأة لقيادة السيارة ليحققوا بذلك مطلباً مضافاً إلى ما تحقق من مطالبهم مما يزعمونه حقوقاً للمرأة وهي المطالب التي يتم بها تغريب المرأة المسلمة .
ومن أعظم الأسباب التي مكنت لهؤلاء من الوصول إلى مآربهم ومطالبهم عدم الغيرة على الأعراض والحرمات أو ضعفها ، فإن الغيرة هي الغضب حماية للعرض(97/406)
والكرامة ، وهي من أشرف الأخلاق ، فإن كانت لله كانت أكمل وأفضل ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أكمل الناس غيرة ، ولهذا قال : ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) البخاري كتاب التوحيد ، وكان صلى الله عليه وسلم لا ينتقم لنفسه ، فإذا انتُهكتْ حرمات الله انتقم لربه .
فعلى المسلمين أن يقتدوا بنبيهم في غيرته وسائر أخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم ، ليشرفوا بذلك وليتميز مجتمع المسلمين بالطهر والعفاف ، فلا يطمع فيهم الطامعون من دعاة الفساد من الكفار والمنافقين والمخدوعين .
هيأ اللهُ من أمة الإسلام حماة للدين ودعاة مصلحين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر يُرغم اللهُ بهم أنوف مَنْ يريد الشر بأمة الإسلام ، وفق الله ولاة الأمر إلى كل خير وجعلهم هداة مهتدين .. إنه تعالى خير مسؤول ، وخير مرجوّ ومأمول .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
الموقعون
الشيخ / عبدلرحمن بن ناصر البراك
الشيخ / عبدالرحمن بن حماد العمر
د. عبدالله بن حمود التويجري
الشيخ / د . عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
د. ناصر بن سليمان العمر
الشيخ / محمد بن ناصر السحيباني
د. حمد بن حماد الحماد
د. عبدالرحمن بن صالح المحمود
د. عبدالعزيز بن عبدالمحسن التركي
د. ابراهيم بن علي الحسن
د. عبدالعزيز بن محمد العبداللطيف(97/407)
د. محمد بن عبدالله بن علي الخضيري
د. صالح بن ناصر الناصر
د. محمد بن عبدالله الوهيبي
د. عبدالعزيز بن محمد النغيمشي
د. عبدالله بن صالح المشيقح
د. سعود بن حمود الصقري
د. عبدالله بن محمد الربعي
د. علي بن سعد الضويحي
د. ناصر بن يحيى الحنيني
د. ظافر بن سعيد الشهري
د. علي بن عودة الغامدي
د. إبراهيم بن عثمان الفارس
د. أحمد بن عبد الله الغنيمان
د . علي بن سعيد الغامدي
الشيخ / صالح بن عبدالله الدرويش
د . فيحان بن شالي المطيري
الشيخ / محمد بن مرزوق المعيتق
د. عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر
د. عبدالحميد بن عبدالرحمن السحيباني
د. محمد بن عبدالله الخضيري
د. عبدالله بن ابراهيم الريس
د. رياض بن محمد المسيميري
د. عبدالله بن وكيل الشيخ
د. عبدالعزيز بن محمد السحيباني(97/408)
د. محمد بن عبدالعزيز بن علي اللاحم
د. خالد بن عبدالعزيز الغنيم
د. عبدالله بن سليمان الجاسر
د. ابراهيم بن عبدالله الحماد
د. محمد بن سالم الصيخان
د. حمد بن ابراهيم الحيدري
د . خالد بن عثمان السبت
د. إبراهيم بن ناصر الناصر
د. سليمان بن عبد العزيز العريني
د. أحمد بن محمد البابطين
الشيخ / عبدالعزيز بن ناصر الجليل
الشيخ / حمد بن محمد الزيدان
الشيخ / يوسف بن عبدالله الأحمد
الشيخ / علي بن ابراهيم المحيش
الشيخ / سعود بن زيد آل عميقان
الشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن اليمني
الشيخ / سعود بن يوسف الخماس
الشيخ / فريح بن صالح الهلال
الشيخ / سليمان بن ابراهيم المسعود
الشيخ / عبدالرحمن بن عبدالعزيز ابانمي
الشيخ / عبدالله بن محمد القعود
الشيخ / عبدالرحمن بن عبدالله المرشد
الشيخ / منصور بن عبدالرحمن القاضي
الشيخ / محمد بن عبدالرحمن السلامة(97/409)
الشيخ / فهد بن عبدالرحمن العيبان
الشيخ / محمد بن عبدالله الهبدان
الشيخ / حمد بن صالح الغشام
الشيخ / عثمان بن محمد بن عبدالجبار
الشيخ / سليمان بن جاسر الجاسر
الشيخ / محمد بن عبدالعزيز الماجد
الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله الدخيل
الشيخ / احمد عبدالعزيز الشاوي
الشيخ / خالد بن عبدالرحمن الشاوي
الشيخ / عبدالله بن ابراهيم السعدي
الشيخ / صالح بن عبدالله الرشودي
الشيخ / علي بن عمر السحيباني
الشيخ / علي عبدالله القرني
الشيخ / هاشم محمد الشايع
الشيخ / عبدالله بن احمد السويلم
الشيخ / حمود بن صالح النجيدي
الشيخ / احمد بن عبدالله آل شيبان
الشيخ / سليمان بن عبدالله الوابل
الشيخ / سعد بن سعيد االحجري
الشيخ / ابراهيم بن احمد آل ضبعان
الشيخ / احمد بن حمد بن عبدالقادر
الشيخ / فهد بن محمد القرشي
الشيخ / خالد بن علي ابا الخيل
الشيخ / محمد بن عبدالعزيز الغامدي(97/410)
الشيخ / عبدالعزيز بن صالح القرعاوي
الشيخ خالد بن صالح العجلان
الشيخ / هشام بن عبد العزيز العمر
الشيخ سلطان بن محمد الدعيلج
الشيخ حمد بن عبد الله الجمعة
الشيخ / عبدالرحمن بن محمد بن الهرفي
الشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن الخميس
الشيخ / احمد محمد علي السحيباني
الشيخ / جمال بن ابراهيم عبداللطيف الناجم
الشيخ / عبدالوهاب بن محمد الموسى
الشيخ / عبدالله بن سليمان العميريني
الشيخ / ابراهيم بن عبدالعزيز الرميحي
الشيخ / خالد بن محمد الماجد
الشيخ / عبدالعزيز بن سالم العمر
الشيخ / وليد بن علي المديفر
الشيخ / فهد بن سليمان القاضي
الشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن الوطبان
الشيخ / سعد بن عتيق العتيق
الشيخ / سليمان بن عبدالله الراجحي
الشيخ / ابراهيم بن عبدالله العوض
الشيخ / عبدالله بن ناصر السليمان
الشيخ / علي بن عبدالله العجلان
الشيخ / يوسف بن ابراهيم البرجس
الشيخ / عبدالله بن فهد السلوم(97/411)
الشيخ / صالح بن ابراهيم التويجري
الشيخ / عبدالرحمن بن عبدالله المسند
الشيخ / عبدالله بن محمد البريدي
الشيخ / خالد العايد
الشيخ / عبدالله عايض القحطاني
الشيخ / صالح بن علي ابا الخيل
الشيخ / عبدالله بن سعد الفالح
الشيخ / عبدالعزيز بن محمد الشويش
الشيخ / صالح بن ناصر العمرو
الشيخ / احمد بن حسن آل عبدالله
الشيخ / سليمان بن محمد آل فايع
الشيخ / محمد بن احمد الشبيبي
الشيخ / سعد بن ناصر الغنام
الشيخ / صالح بن منصور البراك
الشيخ / عبدالله بن علي المزم
الشيخ/ مساعد بن عبدالله الشبانة
الشيخ / صالح بن سعيد الشمراني
الشيخ / مازن الفريح
الشيخ / محمد بن عبدالله العوشن
الشيخ / عادل بن عبدالرحمن السنيد
الشيخ عبد المجيد بن ناصر العقل
الشيخ / قرناس بن محمد القرناس
الشيخ حمد بن سليمان الرزيان
ــــــــــــــ(97/412)
خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً .
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) (آل عمران:102) . ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1) . ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71)
أما بعد:
عباد الله : قضية تم طرحها في الأيام الماضية ، وتكلمت عنها وسائل الإعلام ومن حق أهل المنابر أيضا أن يظهروا للناس الوجهة الشرعية في هذه القضية ..إنها قضية التوسع في عمل المرأة في المحلات التجارية وفي الشركات والمؤسسات حتى رأينا ذلك بادياً على أرض الواقع وللأسف الشديد .
أيها الأخوة في الله : إن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.
ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختيارا أو اضطرارا بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي،(97/413)
والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر، ويجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه .
والأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة قاضية بتحريم الاختلاط؛ لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
وإخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها .
فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي، ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه .
أيها المسلمون : أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيبا خاصا يختلف تماما عن تركيب الرجال هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها.
ومعنى هذا: أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم كأن تبيع في المحلات التجارية أو تكون حارسة أمن أو نحو ذلك ؛ يعتبر إخراجا لها عن تركيبها وطبيعتها، وفي هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذ كور وإناث؛ لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف، فالذي يقوم بهذا الدور هو الأم قد فصلت منه وعزلت تماما عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار والطمأنينة إلا فيها وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.
والإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه .(97/414)
فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب، والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء. فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعنى.
قال الله جل وعلا : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) (النساء : 34) .
فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل بفضله عليها كما د لت الآية الكريمة على ذلك، وأمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك؛ لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه، وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها.
والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا )) ( الأحزاب : 34,33) .
فأمر الله أمهات المؤمنين- وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد؛ لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج كما يفضي إلى شرور أخرى، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة(97/415)
اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب، وقال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)) (الأحزاب :59) .
فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام- وهو المبلغ عن ربه- أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة مثلا لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم، وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
أيها المسلمون : يقول الله جل وعلا : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) ( النور :31,30 ) .
يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بغض النظر وحفظ الفرج عن الزنا ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم. ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها ولا شك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من أعظم وسائل(97/416)
وقوع الفاحشة، وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له. فاقتحامها هذا الميدان معه واقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها.
وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها، وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رأسها ووجهها؛ لأن الجيب محل الرأس والوجه، فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير، كيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما تقوم به ؟
والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة، وكذلك حرم الإسلام على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلي الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)) (الأحزاب :32) .
يعني مرض الشهوة . فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟
ومن البدهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكلمهم وأن يكلموها، ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام، والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له، والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب، وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها، وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء، والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) ( الأحزاب : 53) .(97/417)
وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها. وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب؛ لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر، وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي، وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه، ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم، سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكايد الشيطان، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ))
اللهم أصلح أحوال المسلمين ورد ضالهم إليك رداً جميلا .
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على نبيكم كما أمركم الله بذلك ,,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أصل الخطبة مقال لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وتم تعديلها وإضافة بعض الأشياء اليسيرة لتناسب الخطبة .
ــــــــــــــ
دور الأسرة في تربية المرأة 2 / 2
تحدث فضيلة الشيخ في المقال السابق عن دور الأب أو الأخ ، و دور الزوج و دور الأم في تربية ابنتها وفي هذا المقال سيتحدث بإذن الله تعالى عن معوقات البناء و قدوات بانيات . إدارة الموقع
رابعاً : معوقات البناء :(97/418)
1– إنعدام القدوة الحسنة : إن المنهج الذي نريد أن نربي بناتنا على ضوئه لابد له من مطيق في ساعة الواقع حتى يتحول إلى حقيقة وهذا هو الذي نسميه القدوة الحسنة والمثل الطيب ، وعندما ينعدم القدوة الحسنة فكيف نستطيع أن نربي بناتنا عندما ترى البنت أمها وأباها وقد تخلوا عن تعاليم الإسلام فإنه من الصعوبة أن تتمسك هي بها .
2- التناقض في البيت والمجتمع : إن مجتمعنا يعيش تناقضاً مذهلاً يحير العقول فمن مناد بعفاف المرأة وحشمتها إلى مناد بتحللها وسفورها ، ومن متمسك بالدين إلى مفرط فيه ، كما أن البنت تقرأ عن الفضيلة والاحتشام ثم ترى صوراً عارية بعيدة عن الحشمة ، والبنت تسمع عن الأخلاق الحميدة وترى الأخلاق السيئة ، والبنت تسمع والدها ينهى عن الاختلاط والسفور ثم تراه يقابل الخادمة ويختلط بها وهي سافرة .
والبنت تسمع والدها وأمها ينهيان عن الخلوة بالرجال ثم تفاجأ بإرسالها إياها مع السائق لوحدها .
إن هذا التناقض العجيب من شأنه أن يفسد تربية البنت ويعيق من استمرارها على الأخلاق الحميدة ، ويزرع فيها بذور الأخلاق السيئة .
3- سوء التوجيه : هناك بعض الأسر التي لا تستطيع أن توجه بناتها إلى ما ينبغي فعله وترك مالا ينبغي فعله ، وهناك ممن يستطيع التوجيه لا يحسن هذا التوجيه فيخطئ كثيراً ، فيوجه الأب ابنته إلى التعلم في مكان مختلط وهو بهذا يظن أنه قد وجه ابنته إلى ما يحسن وضمن بهذا مستقبلها ولم يعلم أنه إنما رماها بمستنقع قذر .
4- وسائل الإعلام: وهذه لها الأثر الكبير في إعاقة منهج التربية الإسلامي ، وهي بشتى أنواعها تلفاز أو إذاعة أو صحف ومجلات تعمل على هدم الأخلاق وإعاقة منهج التربية الإسلامي وذلك بما تبثه من حقائق زائفة وتشجيع للاختلاط والتبرج ، وتبرم من الحجاب ومناداة بعمل المرأة وحريتها ، وإشادة بالمتحللين والمتحللات من فنانين وفنانات وممثلين وممثلات وإظهارهم وإظهارهن بمظهر القدوة التي ينبغي الاقتداء بها .(97/419)
والبنت عندما ترى صور العاريات في وسائل الإعلام المختلفة يراها أبوها أو أخوها أو زوجها تظن أن هذا هو المطلوب وأن هذا هو الصحيح فتميل إلى تقليده.
5- مناهج التعليم : إن مناهج التعليم تنظر إلى الرجل والمرأة نظرة واحدة لا تفرق بينا فالمرأة تتعلم ما يتعلمه الرجل إلا في الأمور الشاقة عليها كالتربية البدنية وعندما تعلم المرأة هذا التعلم أليس من المتوقع أن المرأة ستبتعد عن فطرتها وعن تكوينها وعن دينها أيضاً ؟ أليس من المتوقع أنها لن تعرف شيئاً مما يخصها في أمور العبادات والمعاملات ، أليس من المتوقع أنها سوف تشعر بتساويها مع الرجل في مثل هذه العلوم وأنها ينبغي أن تعمل ما يعمله الرجل لأنها تعلمت ما تعلمه الرجل ؟ كل هذا وارد ومحتمل وكل هذا عائق من عوائق منهج التربية الإسلامي .
6- ما اعتاده الطفل من عادات غير سليمة : إن العادة يصعب اقتلاعها من النفس و كذلك فإن الطفل إذا اعتاد شيئاً صعب انتزاعه منه ومن معوقات التربية أن الطفلة تعتاد على عادة غير سليمة كأن تعتاد على لبس القصير من الثياب وتعتاد الخروج من المنزل لغير حاجة ، وتعتاد مقابلة الرجال في الشارع دون حياء إن مثل هذه العادات يصعب اقتلاعها ولذلك فهي تشكل معوقاً من معوقات التربية الإسلامية الصحيحة.
7- الأساليب الخاطئة في التربية : إن الأساليب الخاطئة في التربية قد تمنع من تربية الطفل تربية صحيحة ومن الأساليب الخاطئة التي نراها الإفراط المتزايد من الأبوين في التسامح والتساهل مع البنت إذا أخطأت .
وكذلك من الأساليب الخاطئة التدليل الزائد للطفلة .
وكذلك من الأسباب الخاطئة القسوة والصرامة والشدة المتناهية من الأبوين تجاه الطفلة . ولذلك فإن الجانب الوسط هو المطلوب .
8- أخذ تعاليم الإسلام على أنها عادة وتقليد لا عبادة : وهذا هو السبب في أن كثيراً من المتحجبات نزعن الحجاب وتهاون في أمره .(97/420)
ولذا فإنه من المتوقع أن يحدث الكثير من طموح أعداء الإسلام إذا استمرت البنات على أخذ تعاليم الإسلام على أنه عادة وتقليد .
ولذا يجب على الأبوين أن ينبها أولادهما عند البلوغ أو قبله أن هذه الأشياء التي يعملونها إنما يعملونها لأجل مرضاة الله وأنها من تعاليم الإسلام التي ينبغي مراعاتها والقيام بها .
9- البيئة السيئة : قد يعيش في بيئة سيئة ، كأن يكون البيت غير صالح فيه منكرات ووسائل صد عن سبيل الله ، وكذلك قد تكون تعيش بين صديقات سوء يدللنها على الشر ويباعدنها عن الخير .
10- الانفراد : كما أن البيئة السيئة من المعوقات فكذلك الانفراد من المعوقات ، الذئب يأكل من الغنم القاصية ولذا فعليك بالرفقة الصالحة .
11- التسويف : تسوف التوبة والاستقامة وبناء النفس ، حتى أنهي الدراسة حتى أكبر ، حتى أتزوج وهكذا .
12- كثرة الوقوع في المعاصي : لأن المعصية تسبب راناً على القلب ومعصية تجر الأخرى حتى تكثر الطاعات وتألف المعاصي ، مما يصمها عن سماع الناصحين .
13- الاغترار بالحياة الدنيا وقلة ذكر الموت : تهتمم بمظاهر الدنيا ؛ زينة، وجمال وتسريحة ، وقصة ، وأناقة ورشاقة ، مظهر خارجي فقط ، ومكاسب دنيوية ، أما الموت والدار الآخرة فآخر ما تفكر فيه ولو فكرت مرة سرعان ما تطرد هذه الخواطر .
14– التهاون مع النفس : لأن بناء المرأة لشخصيتها يحتاج منها إلى جد واجتهاد ونوع مشقة والنفس تحب الكسل والدعة والبطالة والنوم ، فإذا تهاونت معها لم تستطيعي بناء شخصيتك .
15– ضعف الإرادة ودنو الهمة : تكون عرفت ما هي فيه وتتمنى أن تبني شخصيتها ولكن هذا مجرد تمني أما العمل فلا ، إرادتها ضعيفة ، وهمتها دنية ، أقصى همتها أن تنجح وتتزوج ، أما أن يكون لها همة عالية وإرادة قوية فلا .(97/421)
16– إشغال النفس بما لا فائدة فيه : كالانشغال بأخبار الناس ، فلانة تزوجت وفلانة طلقت وفلانة حامل وفلانة تخاصمت مع زوجها وآل فلان غيروا أثاث بيتهم وفلانة خطبت وهكذا وكأنها وكالة أبناء .
17– الابتعاد عن مصادر التوجيه : بمعنى أنها لم تسمع توجيهات من أصحاب الخير إما لتهربها منهم وإما لتقصيرهم في الإتيان إليها ولم تسمع شريطاً نافعاً ولم تقرأ كتيباً نافعاً ، لم تناصحها زميلة ، ولم تنكر عليها قريبة ، لم توجهها معلمة ، ولم ترشدها أم ولم يرعها أب ، فمثل هذا كيف تستطيع بناء شخصيتها .
خامساً : قدوات بانيات :
أولاً : في العلم :
حرصت النساء الفضيلات على طلب العلم والتفقه في الدين، تقول عائشة رضي الله عنها ( نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين )
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن .. الحديث ) .
فالنساء هنا يطلبن من الرسول أن يعلمهن من أمور دينهن وهذا طلب للعلم ، عائشة رضي الله عنها كانت عالمة يقول أبو موسى ما أشكل عينا – أصحاب رسول الله – حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً، ومن العالمات المسلمات أم زينب فاطمة بنت عباس فقد كانت تحضر مجلس الشيخ ابن تيمية فاستفادت منه ، ووصفها ابن تيمية بالعلم وسرعة الفهم .
ثانياً : العبادة :
تقول عائشة رضي الله عنها ( ولم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثاً وأوصل للرحم وأعظم صدقة) .
وعائشة رضي الله عنها تردد ((فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)) وتدعو وتبكي، وحفصة يقول عنها جبريل إنها صوامة قوامة ، وجويرية تكثر الذكر والتسبيح حتى(97/422)
مر عليها الرسول وهي تسبح خارجاً إلى صلاة الفجر ثم رجع إليها بعد أن أضحى فوجدها في مصلاها على ما هي عليه وتعرفون الحديث .
ثالثاً :الصدقة :
عائشة رضي الله عنها لا تملك إلا تمرة واحدة ومع ذلك تتصدق بها على المرأة التي دخلت عليها مع ابنتها، يقول عنها ابن الزبير كانت تجمع الشيء إلى الشيء ثم تتصدق به، ومرة كانت صائمة فأتاها مال فتصدقت به ولم تبق لها شيئاً حتى تشتري به لحماً تفطر عليه .
وأختها أسماء كانت لا تدع شيئاً يجتمع عندها بل تكثر من الصدقة وزينب كانت تعمل بيدها وتتصدق ، أتاها مال ذات يوم ففرقته كله على أقاربها . الصحابيات حينما أمرهن الرسول بالصدقة جعلت المرأة منهن تلقي من ذهبها صدقة لله .
رابعاً : الدعوة إلى الله :
أم سليم خطبها أبو طلحة وهو كافر فرفضت أن تتزوج به حتى يسلم فإن أسلم فذلك مهرها لا تريد غيره شيئاً تقول له ذلك ترغبه في الإسلام
خامساً : خدمة الزوج :
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء العالمين كانت تخدم زوجها يقول زوجها علي بن أبي طالب ((كانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أكرم أهله عليه وكانت زوجتي فجرت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها ، وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر فقدم على رسول الله بسبي أو خدم ، قال : فقلت لها : انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأليه خادماً يقر حر ما أنت فيه ، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده خدماً فرجعت ولم تسأله ، وفي آخر الحديث أن الرسول لم يعطها خادم بل أمرها إذا أوت إلى فراشها أن تسبح ثلاثاً وثلاثين وتكبر أربعاً وثلاثين ) فذلك خير من خادم .(97/423)
مثال آخر : أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه ، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء ، وأخرز غربه وأعجن ، ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ000 الخ .
سابعاً : خدمة الإسلام :
تعرفين قصة أم عمارة وكيف كانت تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في معركة أحد حتى قال : ((ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني )) .
وبلغ من شدة دفاعها أن قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم ((ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة )) ، كذلك أم سليم اتخذت خنجراً تقاتل به الذين ينهزمون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأم حرام بنت ملحان تطلب من الرسول أن يدعو لها أن تكون ممن يجاهد في البحر ، الخنساء وتعرفون قصتها مع أولادها .
ثامناً : حب الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره :
وفي ذلك قصة إحدى الصحابيات التي قتل زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد فلما نعوا لها قالت فما فعل رسول الله قالوا خيراً يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين ، قالت أرونيه حتى أنظر إليه ، فأشير لها حتى إذا رأته قالت كل مصيبة بعدك تهون .
وقصة الفتاة الأنصارية التي طلب الرسول من أهلها أن يزوجوها جليبيباً وكان رجلاً لا يرغب أحد في تزويجه فتشاور الأب والأم وكأنهم لم يرغبوا بهذا الرجل فلما عرفت الفتاة وعلمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد ذلك أنكرت على والديها وقالت أتردون على رسول الله أمره ، وأمرت أباها أن يزوجها إياه امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
وعموماً النماذج كثيرة يمكن الرجوع إلى كتب السير ففيها المزيد ، ويحسن الإطلاع على كتاب فتيات الصحابة للشيح محمد الدويش فهو كتاب جيد .(97/424)
ــــــــــــــ
أقوال العلماء في خروج المرأة من بيتها
هذه مجموعة من أقوال العلماء، اتفقت آرائهم على أن خروج المرأة فيه من المفاسد الشيء الكثير، والخير كل الخير أن تبقى في بيتها كما أمرها ربها جل جلاله، ووجهها إليه نبيها محمد r فمن تلك الأقوال ما يلي :
يقول العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: ( ترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعاً للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنوياً، وعند ذلك يصبح المجتمع شكلًا وصورةً لا حقيقة ومعنى ) [1].
يقول الأستاذ (محمَّد محمَّد حسين) رحمه الله تعالى: ( وفي الوقت الذي يتجرع فيه الغرب آثار خروج المرأة على فطرتها ووظيفتها؛ كان بعض كتابنا ومفكرينا ينادون بأن نأخذ في ذلك الطريق، الذي انتهى بالغرب إلى ما هو فيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية، هزَّت دعائم مجتمعه هزاً عنيفاً، أفقده استقراره واتزانه، وعرَّض سلامته وكيانه لأشدَّ الأخطار، ولقد يبدو للدارس المتأمل أنَّ المرأة لا توضع الآن حيث تدعو الحاجة- صحيحة كانت أو مزعومة - إلى أن توضع، ولكنها توضع لإثبات وجودها في كل مكان، ولإقحامها على كل ما كان العقل والعرف ينادي بعدم صلاحيتها له، فليس المقصود بتوظيفها في هذه الأيام سدّ حاجة موجودة، ولكن المقصود هو مخالفة عرف راسخ، وتحطيم قاعدة مقررة، وإقامة عرف جديد في الدين وفي الأخلاق وفي الذوق، وخلق المبررات والمقومات، التي تجعل انسلاخنا من إسلامنا وعروبتنا وشرقيتنا أمراً واقعاً، كما تجعل دخولنا في دين الغرب، ومذاهب الغرب، وفسق الغرب أمراً واقعاً كذلك).
قال الدكتور لطفي الصباغ: ( إن الكيد الذي يكاد للمسلمين، كان قسم كبير منه موكولاً إلى المرأة لإفسادها، وإخراجها إلى ميدان الفتنة والابتذال، ولقد كانت المرأة هي الخاسرة في هذه المؤامرة القذرة، وبخسارتها العظمى فقد المجتمع توازنه وسعادته، وأمنه وراحته، وإنني من أجل هذا أقدم هذه الرسالة نصيحة والد إلى بناته وفتياته،(97/425)
أحذرهن من الخطر المحاق، والمهانة الضخمة، والضياع في الدنيا والآخرة، والسقوط في نظر الناس جميعاً، فاسقين وصالحين .
أقدمها وأنا في سن الخمسين، ولا هم لي إلا أن أجنب أمتي المزيد من الأخطار، مما رأيت وسمعت خلال تجربتي الطويلة، أن هناك تآمراً رهيباً ضد المرأة المسلمة، يقوم به ناس لا يخافون الله ولا يخشون العار ولا الفضيحة، لأنهم ليسوا متدينين غيورين، فليس لكثير منهم زوجات ولا بنات، ولا يتقون يوماً يسألون فيه عما يعملون، وإن كان لبعضهم زوجات وبنات فليس عندهم من الغيرة شيء، حتى ولا التي توجد عند بعض الحيوان .
أما نحن فإن ديننا هو الذي يحملنا على أن نسدي النصح خالصاً لبناتنا وأخواتنا وأمهاتنا، وننذرهن من العاقبة الوخيمة، التي تنتظرهن إن هن فرطن في حق دينهن.
إن الدعوة لخروج المرأة من البيت لتخالط الرجال، جر المآسي والكوارث، وقد بدأ براقاً جذاباً، لتكون المرأة زهرة المجتمع وواسطة العقد المكرمة، ولكن انتهى بها الأمر إلى مهانة لتكون كانسة للطرقات، وخادماً في الخمارات، وربما تعرضت في خروجها هذا إلى ما يهدد عفتها، ويقضي على مستقبلها، إن المسؤولية تقع على الرجال والنساء من المؤمنين المتقين، ولابد من أن تنطلق صيحات الخير في وجوه الجائرين، ولكلمة الحق سلطان وأي سلطان ) .[2]
وقال الدكتور محمد بن علي البار: ( سيصحب خروج المرأة تغييرات اجتماعية جذرية، مهما ادعينا غير ذلك، ولابد أن يزداد الزنا، وبالتدريج سيسمح به، وسيغلف النتن والقذر بعبارات الحب الجوفاء، وعبارات التحرر والتقدم، إلى آخر المعزوفة الممجوجة، التي لا تمل أجهزة الإعلام عن إسماعنا إياها صباح مساء، وسيزداد الزواج صعوبة، وستقل الرغبة في إنجاب الأطفال، حتى لو أمكن الزواج، وسيقل عدد السكان، وسيصبح المتنفس الوحيد للرغبات الجنسية الجامحة هو العلاقات الجنسية المحرمة، والتي سيسهل تنفيذها، نتيجة لخروج المرأة، واستعمال حبوب منع الحمل .(97/426)
وتكون النتيجة الحتمية زيادة الحاجة للعمالة الأجنبية، بدلاً من خفض تلك الحاجة، وستنتهي حتماً إلى حالة من الفوضى الاجتماعية والخلقية، كالتي عانى منها الغرب، وستكثر الجرائم بمختلف أنواعها، ويزداد العنف وإدمان المخدرات بين الشباب، الذي فقد حنان الأمومة ودفء الأسرة، لأن الأمهات مشغولات في المصانع والمتاجر والمكاتب، وهكذا يكون خروج المرأة للعمل وبالاً على المرأة وعلى المجتمع، وخسارةً اقتصادية واجتماعية فادحة )[3]
ويقول الدكتور نور الدين عتر: ( الحقيقة أن اشتغال المرأة بغير هذه الوظيفة التي خلقت لها، وجبلت على ملاءمتها، له أضرار تفوق كثيراً ما توهم القاصرين في تقدير العواقب، لأنها أضرار تشمل نواحي الحياة الإنسانية المادية والمعنوية ) .[4]
[1] قضايا تهم المرأة ، للشيخ عبدالله الجارالله ص 59 ـ 60 .
[2] مجموعة رسائل في الحجاب والسفور .
[3] عمل المرأة في الميزان ، د محمد علي البار ص 153 ـ 154 .
[4] ماذا عن المرأة . د نور الدين عتر ص 126 .
ــــــــــــــ
وجوب الحذر من التلبيس ولبس الحق بالباطل
الحمد لله ، أما بعد :
فإن من أخلاق اليهود التي ذمهم الله بها في القرآن لبس الحق بالباطل، قال الله تعالى في خطابه لأهل الكتاب اليهود: (( وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) (سورة البقرة 42) .
وقال: ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) (سورة آل عمران : 71) .
ولبس الحق بالباطل خلطه به ليروج الباطل ويقبل، لأنَّ في ذلك تلبيساً على الجهال ممن لا بصيرة له ولا فرقان، وقد وقع من كثير من الكُتّاب والصحفيين مشابهة اليهود والنصارى في ذلك، ومن أسوأ ما نشر في بعض صحفنا المحلية، مما يتضمن هذا(97/427)
المسلك التضليلي، الإعلان الذي يتضمن دعم ودعوة شركة المملكة الشابات السعوديات، اللاتي يرغبن أن يكن كابتن طيار، وفق تعاليم شريعتنا الإسلامية الغراء على حد قولهم، وقد تضمن الإعلان عدداً من المنكرات:
1- نشر صورة المرأة سافرة حاسرة عن رأسها، وهي تصافح مديراً لشركة بحضور والديها، وهذا مشهد منكر باتفاق أهل العلم.
2- الإشادة بالعمل الذي اختارته كابتن طيار، ونسبة ذلك الاختيار إلى حسن تربية والديها، واعتبار ذلك من آثار تربيتها تربيةً إسلامية صالحة .
وفي هذا من التلبيس والافتراء على الإسلام مالا يخفى على عوام المؤمنين، فضلاً عن العلماء، فهل يدعو الإسلام إلى أن تعمل المرأة كابتن طيار، مع ما يصاحب هذا العمل من تبرج واختلاط، ومصافحة للرجال، وسفر بغير محرم .
والصورة في الإعلان شاهدة على أن ذكر الإسلام زور وتلبيس، هذا من الجهة الشرعية، وأما من جهة العقل كيف تُقدم امرأة من طبعها الضعف وسرعة الانهيار عند الأزمات والأخطار؟! كيف تُقدم على الشباب الرجال؟! الذين جعل الله من طبعهم القوة والشجاعة، والقدرة على التصرف في المواقف الحرجة، ولأجل ذلك كان عمل المرأة كابتن طيار عمل شاذ، لا يقدم عليه من النساء إلا القليل في حالاتٍ نادرة .
ومن نماذج التلبيس في الإعلان : تصديره بآيةٍ وحديث، إشارة إلى شرعية عمل المرأة في جميع المجالات التي يعمل فيها الرجال، وللإمعان في التلبيس، تأتي العبارة المألوفة، (وفق تعاليم الشريعة الإسلامية ) .
وفي الختام :
ندعو الجميع إلى التوبة إلى الله من جميع المنكرات والمجاهرة بها والتلبيس على الناس بزخرفة الباطل بإظهاره بصورة الحق المشروع .
نسأل الله تعالى التوفيق للتوبة النصوح، والعصمة من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنَّهُ هو التواب الرحيم، والمنان بالهداية إلى صراطه المستقيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .(97/428)
ــــــــــــــ
من مفاسد خروج المرأة من بيتها 1 / 2
وهذه المفاسد التي سنذكرها تشمل خروجها للعمل أو لغيره وهي كثيرة جدا منها :
1- مخالفة أمر الله تعالى ورسوله r :
فإنَّ النصوص المتقدمة دلت على أنَّ الأصل بقاء المرأة في بيتها، ولا تخرج إلاَّ عند الحاجة، وغالب خروج النساء في هذا الزمن لا حاجة له إلاَّ في النادر القليل، كتعليم بنات جنسها أو تطبيبهن، أو زيارة والدين ونحو ذلك، فهل من الحاجة مثلاً خروجها لشراء الخضار والفواكه وهي تحت زوج أو ولي قادر على الشراء ؟ وهل من الحاجة أن تخرج إلى الأسواق بشكلٍ متكرر ؟
وهل من الحاجة للعمل وهي - بحمد الله - في حالةٍ جيدةٍ قد تيسر لها أمرها ؟! وهل من الحاجة أن تخرج لزيارة صديقاتها وزميلاتها مع وجود الهاتف ؟ !!
وهل من الحاجة أن تخرج إلى المطاعم المختلطة ؟
2- إهمال الأولاد :
إنَّ خروج المرأة من البيت يعني إهمال النشء ، وهذا يهدد الأجيال القادمة بفساد التربية، وحرمان الأمة من الرجل الصالح، الرجل الذي يصلح للعمل، الرجل الذي يحسن التفكير والاختراع، الرجل الذي يعيش لدينه وأمته.
تقول الخبيرة الاجتماعية الأمريكية - الدكتورة إيدا إلين - : ( إنَّ التجارب أثبتت ضرورة لزوم الأم لبيتها ، وإشرافها على تربية أولادها ، فإنَّ الفارق الكبير بين المستوى الخلقي لهذا الجيل والمستوى الخلقي للجيل الماضي إنَّما مرجعه إلى أن الأم هجرت بيتها، وأهملت طفلها، وتركته إلى من لا يحسن تربيته ..) [1] .
وقال (جوربت شوف) : الرئيس السابق للإتحاد السوفيتي في كتابه(البروستريكا): (لقد اكتشفت أنَّ كثيراً من مشاكلنا في سلوك الأطفال وتربية الشباب وفي معنوياتنا وثقافتنا، وإنتاجنا تعود جميعاً إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذه نتيجةً طبيعيةً لرغبتنا الملحة والمسوغة سياسياً بضرورة مساواة المرأة بالرجل) .[2](97/429)
ويقول : ( سيام سافا ) : المدير التنفيذي للرابطة الوطنية لمديري المدارس المتوسطة في الولايات المتحدة : ( إنَّ الطفل يرجعُ من يومه في المدرسة، وهو متحمس جداً للقاء أحد أبويه، كي يحكي له ما حدث في المدرسة، وعندما لا يجد هذا الطفل من يحدثه عن مغامراته الطفولية في المدرسة، يشعر بالحزن الشديد، ويتأثر نفسياً دون أن يظهر عليه ذلك ) .
ولقد جاء في تقرير أصدرته الحكومة الأميركية أن 7% من الأطفال - 7 ملايين طفل - (5 إلى 13 عاماً) يرجعون من مدارسهم إلى منازلهم الخالية، ينتظرون وحدهم عودة الآباء والأمهات من العمل، خمسة ملايين من هؤلاء الأطفال يجدون المربية أو الجارة، ومليونان لا يجدون أحدا ويقومون برعاية أنفسهم .[3]
وهنا نتساءل عند من يكون هذا الطفل ؟ قد يجاب عن هذا في منطقة الخليج ؛ بأنَّهُ سيكون عند الخادمة أو المربية في المنزل، ولقد دلت دراسات حديثة أجريت على منطقة الخليج: منها دراسة في البحرين عام 1985م شملت 31 أسرة .
وكان من نتائجها ضعف قدرة الأبناء على تحمل مسئولية خدمة أنفسهم؛ نتيجة الاعتماد على الخدم، كما أنَّ أثر المُربيات غير المسلمات على الأبناء من الناحية الدينية كان واضحاً، وفي دراسة أجرتها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بعمان عام 1984م شملت 160 أسرة ، وكانت نسبة العاملات من ربات البيوت 52%، واتضح من البحث ؛ أنَّ ثلث عدد الأطفال في العينة يتأثر بلغة المربية، ويستعمل اللغة الإنجليزية في التفاهم، وأنَّ دلالات النمو النفسي أعلى في المعدل لدى أطفال الأسر التي لا تستخدم مربيات خاصة، في مواقف الاعتماد على النفس، كما أنهم أكثر ميلا للتفاعل مع الآخرين ، وممارسة أدوار الزعامة والقيادة ، وإدراك معنى الصواب والخطأ، من أطفال الأسر التي تستخدم مربيات .[4]
إضافة إلى أن ذلك يسبب كثيراً في عقوق الآباء والأمهات، لأنَّ الأطفال لم يجدوا الرعاية الشرعية التي تربي فيهم أهمية البر بالوالدين، وحسن التعامل معهما .
3- ضعف الحياء أو انعدامه :(97/430)
وذلك بكثرة المخالطات لمن هب ودرج من الرجال ، الأمر الذي يفقد المرأة فضيلة جوهرية في عنصر جمالها ألا وهي الحياء، والمرأة حين تفقدُ حيائها تتدرج من سيئ إلى أسوأ، وتهبط من رذيلة إلى أرذل، ولا تزال تهوي حتى تنحدر إلى الدركات السفلى، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي مسعود البدري- رضي الله عنه- قال: قال النبي r : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) [5] .
يقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- : (( من قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه )) [6] .
وقال سليمان بن ـ لعله ـ عبد الملك قال: ( إذا أراد الله بعبد هلاكاً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً ) [7] .
وقال صالح بن جناح :
إذا قل ماءُ الوجه قل حياؤهُ ولا خير في وجهٍ إذا قل ماؤه [8]
4- إهمال البيت :
فالمرأة التي تكثر من الخروج ويكون هو شغلها الشاغل، لا تكاد تجد وقتاً كافياً لنظافة منزلها وترتيبهِ والاعتناءِ به ، فلا تقومُ بصناعةِ المأكلِ والمشربِ إلاَّ على عجلةٍ من أمرها، ولا تكاد تجد وقتاً لغسل الثياب أو تنظيف المنزل وترتيبه، بل ربما لا تعمل شيئاً من ذلك اعتماداً على الخادمة.
قال ( جوربت شوف) الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي في كتابه(البروستريكا) (إن المرأة بعد أن اشتغلت في مجالات الإنتاج والخدمات والبناء وشاركت في النشاط الإبداعي لم يعد لديها وقت للقيام بالواجبات اليومية من أعمال المنزل وتربية الأطفال)[9].
5- إهمال الزوج وعدم إعطائه حقوقه :
فالزوج سيفقد عنصر السكينة النفسية، يرجع إلى بيته يريد الابتسامة المتهللة ، والأذن الصاغية تستمع إليه، وإذ به يجد بدلا من ذلك المطالبة منه بالذهاب إلى هنا أو هناك،(97/431)
فما أن تسمع بمناسبة لأقاربها أو صديقاتها إلا وتبادر إلى المشاركة فيها ؛ فهذا زواج لقريب أو قريبة، وهذه زيارة لصديقة أو أقارب، وهذه عيادة لمريضة، وهذه فرصة لاجتماع الجيران والصديقات، وهكذا وهو يبقى حبيس البيت فمن يأنس وحشته ؟ ومن يقضي حاجته ؟ ويزداد الأمر سوءاً إذا كان خروجها للعمل، فقد تبين من خلال دراسة أجريت أن 84% منهن يقولن: أضايق زوجي بغيابي عن البيت عندما يكون موجوداً فيه، وقال 42 % منهن: أثير أعصاب زوجي بكلامي حول مشكلات عملي مع رؤسائي وزملائي ، وقال 7 % منهن : أثير أعصاب زوجي عندما أناقشهُ حول اعتقاده بعدم كفاءتي في العمل ، وأجاب 23 % بقولهن : أؤلم زوجي بتركي له وحيداً في حالات مرضه الشديد، وقال 22 % أقلق زوجي بتأجيل فكرة إنجاب طفل آخر، وقال 12 % منهن أثير أعصاب زوجي عندما أرغب أن يكون لي رأي أساسي في الموضوعات الهامة في الأسرة، وقال 9 % أثيرُ أعصاب زوجي عندما أسأله مساعدتي في إدارة شئون المنزل كالطبخ وغسل الأواني والملابس .[10]
في مجلة ماري كير بفرنسا أجري استفتاء عام 1990م على مليونين ونصف من الفتيات أبدى 90% منهن الرغبة في العودة إلى البيت لتجنب التوتر الدائم في العمل ولعدم استطاعتهن رؤية أزواجهن وأطفالهن إلا عند تناول العشاء .
6- إهمالها لحق الله تعالى :
فالإنسان خلق في هذه الحياة لغاية عظيمة، وحكمة جليلة ألا وهي عبادة الله تعالى، فالمرأة التي أصبحت خرَّاجة ولاجة، وتعلق قلبها بالخروج من منزلها، كيف يتسنى لها الوقت للقيام بعبادة الله تعالى حق عبادته ؟ وكيف لها أن تتعلم ما ينفعها في دينها ؟ وكم سيكونُ نصيب القرآن منها قراءةً وحفظا ؟ ودراسةً وفهما ؟! خاصةً أنَّ وقت العملِ يستغرق ما يُقاربُ ثمان ساعات يوميا، إضافةً إلى الأعمال المنزلية والعناية بالزوج والأولاد، فمع كثرة هذه الأعمال قد تنسى المرأة نفسها من العبادة التي تنمي إيمانها وتزيد في وعيها .
7- إثقال الأسرة اقتصادياً :(97/432)
لأنَّ المرأة التي تخرج وتكثر من الخروج تحتاج إلى ملابس جديدة في كل زيارة أو حفلة أو مناسبة، أضف إلى ذلك حاجتها إلى خادمة وسائق للقيام بشؤون المنزل والأولاد، وهؤلاء يحتاجون إلى مبالغ مالية لإعاشتهم والقيام بحقوقهم، تقول ( بيناو لاديف ) السويسرية ( فلو حسبت أجر المربية والمعلمين الخصوصيين ونفقاتي الخاصة؛ لو أنني واصلت العمل ولم أتفرغ للأسرة لوجدتها أكثر ممَّا أتقاضاه في الوظيفة )[11]
8 - طلاق المرأة :
فالمرأة التي تكثر من الخروج ويصبح هو ديدنها، مما يسبب ملل الزوج، فتبدأ الخصومات والمشاكل الزوجية من جراء ذلك ثم تنتهي القضية إلى الفراق والطلاق، نسأل الله السلامة والعافية، تقول المجلة الألمانية : ( وقد تسببت هذه النزعة في خلق المشاكل العائلية، فازدادت نسبة الطلاق ازديادا مريعا، وتناقص عدد الأطفال تبعا لرغبة المرأة في تجنب الإرهاق بالتربية والاهتمام بشؤون المنزل ..) [12] .
وأجرت جريدة (البلاد) السعودية استبياناً شاركت فيها 200 ممرضة ، كانت النتيجة كالآتي : 62% من الممرضات السعوديات عوانس ، 25% مطلقات .. [13].
9- الحد من عدد الأولاد :
فالمرأة التي تخرج ستجد نفسها مضطرة لاتخاذ التدابير الممكنة لمنع الحمل، كي تستطيع أن تأخذ راحتها أكثر، وهذه مخالفة صريحةً لما أراده النبي r في قوله : ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم )) [14].
ولقد ظهر من خلال الدراسات الميدانية أنه يقل عدد الأولاد عند النساء العاملات ، ففي دراسة أجريت على 260 أسرة عاملة، وجد أن 31ر67 % أطفالهن من الواحد إلى الثلاثة، وأما من أطفالهن من الأربعة إلى الستة فلا تتجاوز نسبتهن 46ر8 % ، وأما من أطفالهن سبعة فما فوق فهن قلة إذ لا يشكلن أكثر من 92ر1 % ([15]) .(97/433)
وها نحن نجد دولا كبرى كفرنسا مثلاً تحس بالخطر يحدق بها بسبب نقص المواليد، حتى إنَّها لتمنح مرتباً خاصاً للعائلة مقابل كل طفل تنجبه، ولو لم يكن الأبوان من الموظفين .
بل إنَّ الدول الشيوعية أحست بذلك فأخذت بعضها تمنح التشجيعات المالية للمرأة، التي تقوم على الأطفال ، ففي المجر تقرر أن تتلقى الأمهات اللاتي يبقين في المنازل مع أولادهن مبلغ 800 فورينت (عملة المجر) بالنسبة للطفل الأول ، و 900 للطفل الثاني ، و 1000 للطفل الثالث ، ولأي طفل بعد الثالث أيضا ، وذلك بدلا من 650 فورينت الحالي .
وسوف تصبح إعانة عملية الولادة 2500 فورينت، وسوف يتم تغيير السياسية الإسكانية، وسياسة المعونات الخاصة بالعطلات كي تشجع على تكوين الأسر الكبيرة . [16]
والحقيقة أنَّ خروج المرأة من البيت أخطر بدعة تهدد حضارة الإنسان ومستقبل الأجيال، كما شهد بذلك علماء الاختصاص الكبار الذين أوردنا شهاداتهم، وكما خلص إليه علامة علم الإنسان الدكتور الكسيس كاريل في كتابه العالمي ، ( الإنسان ذلك المجهول) فقال :
( لقد ارتكب المجتمع العصري غلطةً جسيمةٌ حينما استبدل المدرسة بتدريب الأسرة استبدلا تاماً، ولهذا تترك الأمهات أطفالهنَّ لدور الحضانة حتى يستطعن الانصراف إلى أعمالهن، أو مطامعهنَ الاجتماعية ،أو مباذلهن، أو هوايتهن الأدبية أو الفنية أو للعب البريدج، أو ارتياد دور السينما، وهكذا يضيعن أوقاتهن في الكسل ) .
( إنَّهن مسئولات عن اختفاء وحدة الأسرة واجتماعاتها التي يتصل فيها الطفل بالكبار فيتعلم منهم أمورا كثيرة، وحينما يكون الطفل وحده فقط في المدرسة يظلُ غير مكتمل، ولكي يبلغ الفرد قوته الكاملة فإنَّهُ يحتاج إلى عزلةٍ نسبية، واهتمام جماعةٍ اجتماعية محدودة تتكون من الأسرة )[17] .
[1] ماذا عن المرأة ص 125-126 .(97/434)
[2] ماذا يريدون من المرأة ص
[3] رسالة إلى حواء (3/58) .
[4] قالوا في المرأة ولم أقل ص 234-235 نقلا من تأملات في عمل المرأة ص 39-40 .
[5] رواه البخاري ورقمه (6120) .
[6] رواه الطبراني في الأوسط ( 2259) وقال في المجمع (10/302) : ( فيه دريد بن مجاشع ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ) ورواه القضاعي (374) وفي إسناده صالح المري وهو ضعيف كما في التقريب .
[7] مكارم الإخلاق لابن أبي الدنيا ص 89 .
[8] الآداب الشرعية 2/227 .
[9] ماذا يريدون من المرأة ص
[10] مجلة العلوم الاجتماعية ص 222 نقلا من تأملات في عمل المرأة ص 41-42 .
[11] المرأة العربية المعاصرة إلى أين ؟ د . صلاح الدين جوهر ؛ ص 94-95 . وانظر : مجلة الأسرة عدد (47) 1418هـ
[12] المرأة بين الفقه والقانون ص 265 .
[13] العالم في عام ، حسن قطامش :ص 28 .
[14] رواه أبو داود (2050) وقال الألباني : حسن صحيح .
[15] أثر عمل المرأة السعودية المتعلمة على التوافق في الحياة الزوجية ص 755 . وقد أثبتت جميع الدراسات أن الأم العاملة تحاول أن تحدد حجم العائلة نتيجة خطة موضوعة . انظر : عمل المرأة في المنزل وخارجه ، إبراهيم الجوير ص 43 .
[16] ماذا عن المرأة ص 134 .
[17] ـ ماذا عن المرأة ص 134 .
10- كثرة الجرائم :(97/435)
وذلك من عدة جوانب:
أ - سوء تربية الأبناء:
وعدم وجود من ينتشلهم من أصدقاء السوء، فيتعلم التمرد والسرقات من أطفال الشوارع، أو يقع في شباك المخدرات وتعاطي المسكرات .
ب - خروج المرأة نفسها فيه من المخاطر ما فيه:
فقد تتعرض للخطف والاغتصاب، أو القتل ونحو ذلك.
تقول الدكتورة ( إيبرين ) : ( إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا، وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة فزاد الدخل، وانخفض مستوى الأخلاق) ثم تواصل قائلة: ( إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هي الطريقة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه . )[1]ز
وحسب التقرير الإحصائي المجرى في ألمانيا تبين أن كل امرأة من ثلاثة نساء عانت من ملاحقة الرجال، في حين تعرض 7% لمحاولة اغتصاب ، وذهب ثلاثة في المائة ضحية اعتداءات مهينة .[2]
ج - كثرة خروجها من بيتها يتطلب منها إحضار خادمة :
وقد ذكرت جريدة الوطن أنه يوجد (750) ألف خادمة في السعودية ، و75% من العائلات السعودية تستخدم من 1ـ 12 خادمة في العائلة الواحدة ([3]).
وقد قامت علاقات كثيرة بين صاحب المنزل أو أبنائه مع الخادمة، ( تقول إحدى النساء وهي تعمل في الكويت، واضطرتها ظروف العمل وخروجها هي وزوجها صباحا كلٌ إلى عمله، أن تحضر خادمة لرعاية أطفالها والاهتمام بشؤون البيت. تقول هذه السيدة: إنها لاحظت اهتماماً غير عادي من زوجها تجاه الخادمة، كما أن الخادمة أيضا تسرع في تلبية طلبات زوجها مع ابتسامة ذات مغزى، إضافة إلى أنها ـ الخادمة ـ بدأت تزيد من اهتمامها بمظهرها وشكلها حين يكون زوجها في البيت .
وتخشى أن يتطور هذا إلى علاقة بين زوجها والخادمة ! أو أن هذه العلاقة قائمة فعلاً بينهما دون أن تدري هي ؟ ) [4] .(97/436)
د - قيام الخادمات بتعذيب الأطفال أو قتلهم :
يقول الأستاذ عبد الله النوري : (وإنني بحكم عملي في المحاكم أسمع كل يوم أخباراً وشكايات يندى لها الجبين، من الخدم وأعمالهم مع أولاد أسيادهم ، لأنَّ الأمهات تركن الأطفال أو اعتمدن على الخدم الذين لا أخلاق لهم في محاسن الأخلاق، والذين لا يرحمون ولا يطيقون . [5]
فمن ذلك ما نشرته مجلة الدعوة عن أحد الأخوات أرسلت رسالتها فقالت : ( رزق الزوجان بمولود لم يلبث - بعد أيام معدودة - أن مرض مرضاً شديداً لم يتعرف الطبيب على أسبابه، حيث لا توجد أسباب ظاهرة، وتوفي الطفل وسلم الزوجان بأنه القضاء المكتوب دون التفكير لحظة بأنَّ في الأمر جريمة، ثم رزق الزوجان بمولود ثان تكررت معه نفس التجربة الأليمة، وشاء الله أن يكشف السر لهذه الأسرة المنكوبة، عندما اعترفت خادمتهم لزميلتها خادمة الأسرة المجاورة لهم في السكن، بأنها لم تكن تتحمل الضوضاء وبكاء الطفلين، فكانت تغرس إبرة في رأس الطفل إذا بكى في المنطقة الضعيفة من الجمجمة، فتنفذ إلى المخ وتؤدي في النهاية إلى الوفاة [6] .
هذه حالة من حالات كثيرة، فهل من عودةٍ صادقةٍ قبل أن تقع الكارثة .
11- ضرب الأولاد ضرباً مبرحاً :
حين يكون على المرأة عبء خارج المنزل، وعبء العمل داخله، فإنها تتحمل ضغوطاً مضاعفة، فعليها أن ترضي مسؤوليتها في عملها، وزوجها وأطفالها في بيتها، وهذه الضغوط لابد أن تترك آثارها على أعصابها .
ولما يصعب عليها أن تخفف من هذه الضغوط بالثورة على مسؤوليتها في العمل، كما يصعب عليها أحياناً كثيرة أن تثور على زوجها، فإنَّ أطفالها المساكين سيكونون هم الضحية، وستكون ثورتها الدائمة عليهم .
هذا حال كثيرٍ من النساء اللواتي يعملن خارج البيت وداخله[7].
حتى انتشرت في الغرب ظاهرة ما يسمى بمرض الطفل المضروب .(97/437)
12- الافتتان بها :
فالمرأة تميل إليها قلوب الرجال ، وتشتاق إليها، فخروجها من بيتها واحتكاكها بهم، تعريض لهم للفتنة بها، وافتتانها هي، فالرجل قد يصمد في كثيرٍ من المعارك والحروب ، ولكن هذا الرجل العملاق يفاجأ أنه كثيراً ما ينهار أمام المرأة بمغرياتها وفتنتها وصدق القائل :
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا
يقول النبي r : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) [8]
بل لقد كانت المرأة هي أول فتنة لبعض الأمم السابقة والشعوب الماضية، يقول النبي r : (( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) [9] .
والمرأة إذا خرجت من بيتها خرجت بصورة شيطان في إقبالها وإدبارها كما جاء في صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- أنَّ رسول الله r : ((رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها [10] فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال : إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان ، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه)) [11] .
قال النووي ـ رحمه الله : ( قال العلماء: معناه : الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء، والالتذاذ بنظرهن، وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها، والإعراض عنها مطلقا ) .[12]
وإذا كانت المرأة فتنة للناظر وهي في ذاك الزمان، فكيف يكون الحال في هذا الزمان الذي تفننت فيه بعض النساء في إبداء الجمال وإظهاره ؟ وهل يمكن المقارنة بين قلوب الرجال في ذلك الجيل الفريد، وبين رجال هذا القرن ؟!! فاتق الله يا أمة الله والزمي بيتك، فإنه خيرٌ لك في الدنيا والآخرة.(97/438)
13 - التعرف على صديقات السوء :
تخرج المرأة إلى السوق أو مقاهي الإنترنت أو الوظيفة أو غيرها، فتتعرف على زميلاتها في العمل أو في غيره فتدعوها إلى منزلها أو استراحة قريبة، وهكذا تبدأ العلاقة مع هذه الصديقة، وكم جلبت هذه من نقمة، وأبعدت من نعمة، وكم سببت من فراق، وأوقعت في طلاق ، وانتهكت من جرائها أعراض، وكم تجرعت المرأة مرارة في قلبها، وحسرةً في نفسها بسبب هذه النوعيات من النساء، يقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- : ( إنَّ في العزلة لراحة من خلاط السوء ) [13].
14 - إساءة الظن بها :
قد يتسبب كثرة خروج المرأة من بيتها إساءة الظن بها، فإذا جاء الزوج أو الأب ولم يجد زوجته في المنزل ولم يعلم أين ذهبت ؟ ومتى ترجع ؟ فماذا يكون حاله ؟! وكيف سيكون شعوره ؟! وهل الشيطان سيدع الفرصة تفوت من بين يديه ولا ينتهزها في التحريش والتفريق، وإثارة الشكوك والظنون ؟!
روى الإمام مسلم في صحيحه عن محمد بن قيس قال: سمعت عائشة تحدث فقالت: ألا أحدثكم عن النبي r وعني ؟ قلنا : بلى ، قالت : (( لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى r فيها عندي انقلب فوضع رداءهُ وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت فسبقته، فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال : ما لك يا عائشة حشيا رابية ؟ قالت: قلت : لا شيء ، قال: لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قالت : قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فأخبرته، قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت : نعم ؛ فلهدني في صدري لهدةً أوجعتني)) الحديث [14] .(97/439)
فالنبي r لهد عائشة في صدرها - اللهد : الضرب في الثديين وأصول الكتفين[15]- حتى أوجعتها بسبب خروجها من بيتها من غير علمه ، وإذنه r فاتق الله والزمي بيتك .
15- الركوب مع السائق لوحدها :
من مفاسد خروج المرأة من بيتها أن يكون الزوج أو الولي مشغولاً بعمله وتجارته، وهي تريد أن تخرج فتركب مع السائق لوحدها، وفي استبانة أجريت على تسعين أسرة سعودية تبين أن 50 % من النساء يركبن مع السائق لوحدهن[16] .
وقد أفتى العلماء الأجلاء بحرمة ذلك، يقول العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ : ( لا يجوز ركوب المرأة مع سائق ليس محرماً لها، وليس معهما غيرهما ؛ لأنَّ هذا في حكم الخلوة، وقد صح عن رسول الله r أنه قال: (( لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ))[17] .
16- البطالة في صفوف الرجال :
ومن الآثار أن زيادة عمل المرأة بدون قيود، يساهم مساهمةً فعالة في زيادة عدد البطالة في صفوف الرجال، وقد أكدت الإحصائيات أنه يوجد ما بين 16-20 مليون شاب عربي عاطل عن العمل معظمهم من المتعلمين[18].
وقال المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية في السعودية: إنَّ معدل البطالة قد يصل إلى 20% في المملكة .[19]
كما أنَّ هذا يعني أن يلجأ هؤلاء الشباب للسرقة و النصب والاحتيال من أجل البحث عن لقمة العيش، وهذا فيه من المفسدة ما فيه على الرجل والمرأة على حدٍ سواء، فهل تتنبه نساءنا لهذه القضية الجلل ؟!
يقول جيوم فيربرو: ( إن اشتغال المرأة يؤثر على الحياة الاقتصادية، تأثيراً سيئاً باعتبار أن اشتغالها فيه مزاحمة للرجل في ميدان نشاطه الطبيعي؛ مما يؤدي إلى نشر البطالة في صفوف الرجال كما وقع في بلادنا، فمنذ أخذت المرأة طريقها إلى وظائف الدولة أصبح عدد كبير من حملة الشهادات الثانوية والعليا، عاطلين عن العمل يملئون(97/440)
المقاهي، ويقرعون أبواب الحكومة طلبا للوظائف، بينما تحتل أماكنهم فتيات لا يحملن غالبا مثل مؤهلاتهم )[20]
17 - زيادة العنوسة :
ساهم عمل المرأة مساهمة فعالة في قضية العنوسة فقد أجرى مكتب التوظيف النسوي للمنطقة الغربية إحصائية للعاملات في منطقة جدة فبلغ عددهن 520، ولم يتزوج منهن إلا 250 فقط !!
وأجرت جريدة (البلاد) السعودية استبياناً شاركت فيها 200 ممرضة، كانت النتيجة كالآتي: 62% من الممرضات السعوديات عوانس، 25% مطلقات، 18 % فقط متزوجات، 32% يرفضن الزواج [21].
18 ـ انهيار الأمم وسقوط الحضارات :
خروج المرأة من بيتها عده العقلاء من المفكرين وغيرهم أنَّه من أكبر الأسباب المؤدية إلى انهيار الأمم وسقوط الحضارات، ومن الأمثلة على ذلك الحضارة الرومانية .
جاء في دائرة معارف القرن التاسع عشر: ( كان النساء عند الرومانيين محبات للعمل مثل محبة الرجال له، وكن يشتغلن في بيوتهن، أما الأزواج والآباء فكانوا يقتحمون غمرات الحروب، وكان أهم أعمال النساء بعد تدبير المنزل، الغَزْل وشغل الصوف )، ثم دعاهم بعد ذلك داعي اللهو والترف إلى إخراج النساء من خدورهن، ليحضرن معهم مجالس الأنس والطرب، فخرجن كخروج الفؤاد من بين الأضالع، فتمكن الرجل لمحض حظ نفسه من إفساد أخلاقهن، وتدنيس طهارتهن، وهتك حيائهن، حتى صرن يحضرن المراقص، ويغنين في المنتديات، وساد سلطانهن حتى صار لهن الصوت الأول في تعيين رجال السياسة وخلعهم، فلم تلبث دولة الرومان على هذه الحال حتى جاءها الخراب من حيث تدري ولا تدري ) [22](97/441)
وهكذا سائر الحضارات التي انهارت وسقطت، وهاهي ذي الحضارة الغربية اليوم كما صرح بذلك عقلاؤها تعيش في النزع، وتعاني من سكرات الموت، وما ذلك إلا للسبب نفسه، فهل نعتبر بذلك ؟ [23]
19 ـ أن في خروجها تحقيقاً لمآرب الأعداء:
فالأعداء يسعون بقضهم وقضيضهم لإخراج المرأة المسلمة من قعر بيتها، لتخالط الرجال في كل مكان.
تقول الصليبية ( آنا مليجان ): ( ليس هناك لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة المسلمة سافرة متبرجة ) [24].
ويقول قاسم أمين: وهو أحد دعاة فساد المرأة في مصر، وقد أشاد بالمرأة الغربية، ( وأخذت في تثقيف عقلها، ونالت حقوقها واحداً بعد الآخر، واشتركت مع الرجل في شؤون الحياة البشرية، وساحت في البلاد، هذا التحويل هو كل ما نقصد، وغاية ما نسعى إليه ..) [25]
20- كثرة الأمراض والتأزم النفسي لدى النساء العاملات :
أظهر إحصاء أمريكي حديث أن النساء العاملات هناك أكثر تعرضاً من ربات البيوت للإصابة بضغط الدم المرتفع، وتصلب الشرايين والانهيار النفسي، ولا يرجع السبب في ذلك إلى جمع المرأة بين عملها والبيت بقدر ما يرجع إلى ارتفاع مستوى طموحها [26].
وقد انتهى الباحثون الأمريكيون أنفسهم إلى أنَّ المرأة العاملة قد يعترض زواجها العمل، وأنها إذا جمعت بينهما - أي الزواج والعمل - تتأزم نفسيتها نتيجةً لصراع الأدوار .
لقد دلت دراسات حديثة أجريت في الولايات المتحدة، على أنَّ النساء العاملات أقل اتزاناً من الرجال ، ولأنهن يتعرضن لمؤثرات خاصة شديدةَ الوطأة على شخصياتهن، وهذا المؤثرات لا وجود لها عند الرجال البتة [27].(97/442)
وعقد مؤتمر في ألمانيا: أكد فيه رئيس أطباء المستشفى أن الإحصاءات تبين أنه من كل ثمان نساءٍ عاملات، واحدة تعاني مرضاً في القلب والجهاز الدموي، بسبب الإرهاق غير الطبيعي الذي تعاني منه المرأة العاملة، بينما نرى هؤلاء الكتاب ومن وراءهم يدفعون المرأة للعمل دون أي مناقشة، وطرح للآثار السلبية المترتبة عليه، ولو كانوا منصفين لما أهملوا ذكر هذه القضية.
21 - التحرش بها والتعرض لها جنسياً :
تشير الدكتورة سامية الساعاتي : أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى نتائج بحث المرأة الجديدة التي تم تقديمها لمؤتمر بكين، حيث تبين أن 66 % من نساء العينة في البحث تعرضن للإهانة في أماكن عملهن، وقد اتخذت الإهانة في 70 % من هذه الحالات الطابع الجنسي و30 % من الحالات التحرش بالكلام، و20 % الغزل المباشر.[28]
ويقول أحد علماء الطبيعة الشيوعيين : مصوراً جانباً من مآسي الشيوعية : ( الحق أن جميع العمال بدت فيهم أعراض الفوضى الجنسية، وهذه حالة خطيرة جداً، تهدد النظام الاشتراكي بالدمار، فيجب أن تحارب بكل ما أمكن من الطرق )[29].
[1] المرأة الأولى دروس وعبر ص 34 .
[2] رسالة إلى حواء (2/36) .
[3] جريدة الوطن 18/3/1422هـ .
[4] رسالة إلى حواء (3/23) .
[5] انظر: المرأة المسلمة أمام التحديات للشيخ أحمد الحصين ص 97-98 .
[6] مجلة الدعوة تاريخ 26/6/1414هـ وآمل من القارئ الكريم أن يقرأ كتاب الخدم ضرورة أم ترف ليقف على الكثير من القصص عن مثل هذه الجرائم ص 33 إلى ص 39 .
[7] انظر : رسالة إلى حواء (2/68) وما بعده . 89-456 .
[8] أخرجه : البخاري (4808) ومسلم (2740) عن أسامة بن زيد رضي الله عنه(97/443)
[9] أخرجه : مسلم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
[10] قوله : ( تمعس منيئة لها ) أصل المعس الدلك والدباغ . والمنيئة : الجلد أول ما يدبغ .
[11] أخرجه : مسلم (1403) .
[12] شرح صحيح مسلم (9/178)
[13] كنز العمال (2/159) .
[14] أخرجه : مسلم (974) .
[15] انظر لسان العرب (3/393) مادة : لهد .
[16] انظر : الخدم ..ضرورة أم ترف ؟ ص 25 .
[17] الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة (3/933)
[18]العالم في عام ، حسن قطامش : ص 27 .
[19] العالم في عام ، حسن قطامش : ص 34 .
[20] انظر : تأملات في عمل المرأة ص 53 .
[21] العالم في عام ، حسن قطامش :ص 28 .
[22] المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي ص 187 .
[23] اعترافات متأخرة لمحمد المسند ص 45 .
[24] رسالة إلى فتاة الإسلام ص 29 .
[25] انظر : حجاب المرأة المسلمة د محمد البرازي ص 425 .
[26] أصول علم النفس د.أحمد عزت راجح ص 15 . نقلاً من عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 50 .
[27] في علم النفس الاجتماعي ص 216 . نقلا من عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 67ـ 68 .
[28] انظر : جريدة الرياض –العدد 12772-الجمعة 13/4/1424هـ .
[29] مكانة المرأة في الشؤون الإدارية ص 229 .(97/444)
ــــــــــــــ
مبررات منع المرأة من قيادة السيارة
مبررات
منع المرأة من قيادة المركبات
من المنظور التربوي الإسلامي
تأليف
د . عدنان حسن باحارث
آية وحديث
قال تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رُويْدَك يا أنْجَشَةُ لا تكْسِرِ القَوَارِيرَ)) [صحيح البخاري].
مقدمة البحث
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن ظروف الحياة الاجتماعية المعاصرة تختلف عن فترات زمنية ماضية في العديد من جوانبها، فقد أصبح التجديد، والتطور، والتغير سمات بارزة لطبيعة الحياة المعاصرة، ولم تعد لدى غالب فئات المجتمع تلك القناعات السابقة التي كانت تحدُّ من عنف تيار التغيير الجارف. وقد أسهمت الطبيعة المتسارعة للحياة المعاصرة في زعزعة كثير من الثوابت الأخلاقية والعرفية، وشارك في ذلك التقدم التقني الهائل، وما رافقه من الإنتاج الصناعي المذهل، الذي انفتحت أمامه أسواق العالم التجارية ـ رغبة ورهبة ـ في الوقت الذي لم يكن للأمة المسلمة ـ ضمن هذه المنظومة العالمية المتسارعة، والتطور العلمي والتقني ـ أيُّ دور جاد في هذا البناء الحضاري المعاصر يُخوِّلها فرضَ معاييرها الاعتقادية والأخلاقية، أو حتى لاحترامها(97/445)
والاعتراف بها ضمن ثقافات الأمم المتغلبة، مما أوقع الأمة المسلمة في شباك مصالح الآخرين المادية والفكرية، وزاد بالتالي من تمزُّقها وتفككها.
ولقد عاشت الأمة زمنًا ليس بالقصير تقاوم رياح التغريب، وتدفع عن نفسها موجات التغيير، إلا أن هذا الصمود وتلك المقاومة لم تدم طويلاً، حتى أخذت حصون الأمة تتداعى، ومعاقلها تتهاوى أمام قوى الغزو الفكري الجارف. حتى بلغت الأمة عصر العولمة، والانفتاح الثقافي العالمي الذي لم يكن ليبقي للأمة خصوصية تتميز بها، أو أصلاً تلوذ به، حتى وصل الداء إلى أخصِّ خصوصيات الأمة الاجتماعية، وأهم ما يُميِّزها ـ اجتماعيًا ـ عن غيرها وهي قضية المرأة، ونوع الحياة التي يجب أن تحياها.
لقد أدرك الغربيون أن تغيير نمط الحياة الاجتماعية للأمة المسلمة لا يمكن أن يتم إلا من خلال تغيير أسلوب وأهداف تربية المرأة المسلمة، فكانت الهجمة ـ منذ فترة ليست قصيرة ـ على الوضع الاجتماعي للمرأة المسلمة في غاية القسوة، توَّجتها ـ في السنوات الأخيرة ـ مجموعة من المؤتمرات العالمية والندوات المحلية تُؤصِّل من خلال توصياتها توجهات عالمية عامة توحِّد نهج تربية المرأة في جميع أقطار العالم، وتُذيب الفوارق الثقافية، والأنماط الاجتماعية لتصب نساء العالم في قوالب ثقافية من شكل واحد، لا يفرِّق بينهن سوى ما تفرضه الجينات الوراثية من الألوان والأشكال.
ولقد عانت المملكة العربية السعودية منذ زمن ـ ولا سيما في الفترة الأخيرة ([1]) ـ من هجمات شرسة تستهدف الشريعة الإسلامية، ونمط الحياة الاجتماعية المحافظ، مما جعلها مقصودة من الدول الغربية ومنظماتها الإنسانية بالنقد والإساءة، تحت ستار حقوق الإنسان، مستهدفة بذلك وضع المرأة في بلاد الحرمين، وحقوقها المسلوبة ـ حسب زعمهم ـ في شكل لباسها، وأسلوب سفرها، ونوع ارتباطها الأسري، ومجالات عملها، وغيرها من قضايا المرأة المسلمة الحيوية.
وقد كان من بين هذه الانتقادات الموجهة إلى بلاد الحرمين حرمان المرأة من حق قيادة المركبات أو ما يسمى اليوم بالسيارات، بحجة أنه أصبح حقًا عامًا تستمتع به كل(97/446)
امرأة راغبة في الدول الأخرى. دون نظر جاد لعواقب الأمور، وطبيعة المرأة، والخصوصية التي تتميز بها بلاد الحرمين الشريفين.
ولقد كان هذا الموضوع موضع اهتمام الباحث منذ زمن، ولا سيما بعد أن احتدم الصراع عبر وسائل الإعلام بين المشجعين والمانعين، رغبة في بيان وجه الصواب ضمن المنهج التربوي الإسلامي، الذي يعتمد الكتاب والسنة أساسًا للانطلاقة الفكرية والعلمية.
مشكلة البحث:
تتلخص مشكلة البحث المطروحة للدراسة في الإجابة عن السؤال الرئيس الآتي:
ما مبررات منع المرأة من قيادة المركبات من المنظور التربوي الإسلامي؟
ويتفرع عن هذا السؤال الرئيس مجموعة من الأسئلة الفرعية التي يسعى البحث للإجابة عنها وهي على النحو الآتي:
1. ما المبرر الفقهي لمنع المرأة من قيادة المركبات ؟
2. ما المبرر الأخلاقي لمنع المرأة من قيادة المركبات ؟
3. ما المبرر الصحي لمنع المرأة من قيادة المركبات ؟
4. ما المبرر الفطري لمنع المرأة من قيادة المركبات؟
5. ما المبرر الاقتصادي لمنع المرأة من قيادة المركبات؟
6. ما المبرر التاريخي لمنع المرأة من قيادة المركبات؟
أهمية البحث:
تعاني الأمة المسلمة المعاصرة مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة، وتأتي قضايا المرأة بطبيعتها وخصوصيتها في نظام الاجتماع الإسلامي لتضع الأمة المسلمة في حرج أمام العالم من حولها وهو يخوض في نظامه العالمي الجديد؛ ليصهر الشعوب المستضعفة في قوالب ثقافية عالمية متشابهة.
ولئن كانت قضية قيادة المرأة للمركبات أو السيارات ـ ضمن هذه الموجة العالمية ـ لا تعدو أن تكون جزئية ضمن قضايا كثيرة وكبيرة متعلقة بالمرأة إلا أنها حلقة من(97/447)
حلقات تماسك المجتمع، بانحلالها تنحل حلقات أخرى كثيرة، تنتهي بهتك خصوصيات المرأة المسلمة، ودخول المجتمع المحافظ في قضايا اجتماعية جديدة ومتشعبة كان بالإمكان تفاديها، والوقائع والشواهد التي تدل على ذلك في كثير من الدول العربية والإسلامية لا تخفى.
والبحث في هذه المسألة يلقي الضوء بصورة علمية موثقة ـ ضمن التوجه التربوي الإسلامي ـ على المبررات التي من أجلها ترجَّع اختيار المنع من قيادة المرأة للسيارة، مما يدعم قرار وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية في منع المرأة من مزاولة هذه المهارة، ويضيف البحث في هذا الميدان موضوعًا لم يسبق بحثه تربويًا - في حد علم الباحث- كما سيتضح من واقع الدراسات العربية السابقة، ومن جملة ما تقدم تظهر أهمية البحث.
أهداف البحث:
يهدف البحث من خلال فقراته إلى تحقيق الغايات الآتية:
1. إلقاء الضوء على المبررات المختلفة لمنع المرأة من قيادة المركبات.
2. الوقوف على التوجيه التربوي الإسلامي في مسألة قيادة المرأة للمركبات.
3. تحقيق القناعة الفكرية لدى المرأة المسلمة وأوليائها بعدم المطالبة بقيادة المركبات.
4. دعم قرار وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية في منع المرأة من قيادة المركبات.
منهج البحث:
يتشعب البحث في العديد من الميادين العلمية التي تتطلب استخدام أكثر من منهج لمعالجة مشكلة البحث والإجابة على تساؤلاته، فقد استخدم الباحث المنهج الاستنباطي الذي يعد أهم المناهج المستخدمة في بحوث التربية الإسلامية، وذلك في معالجة الناحية الشرعية من البحث، وما يتعلق بها من النصوص والمنقولات الشرعية المختلفة. كما استخدم الباحث المنهج الوصفي الذي يعد أوسع المناهج التربوية استخدامًا، وذلك في معالجة المبرر الأخلاقي، والصحي، والفطري، والاقتصادي.(97/448)
وأما المبرر التاريخي فقد استخدم الباحث لمعالجته المنهج التاريخي فيما يتعلق بتاريخ قيادة المرأة للمراكب.
الدراسات السابقة([2]):
1. دراسة محمد عيسى فهيم وآخران (1405هـ) بعنوان: "السلوك المزعج الصادر عن السائقين في أثناء القيادة ـ دراسة ميدانية بمدينة مكة المكرمة". كان هدف الباحثين التعرف على رأي أصحاب السيارات تجاه تصرفات السائقين المزعجة ومدى تكرارها، مع تحديد علاقة كل من العمر والمستوى التعليمي ونوع السيارة والجنسية والخبرة بمهارة القيادة إلى إدراك السائق للسلوك المزعج الصادر عن غيره من السائقين، ودرجة الشعور بهذا السلوك المزعج. وكانت عينة الدراسة مجموعة من السائقين من فئات عمرية وثقافية مختلفة داخل مكة المكرمة، حيث وُجِّهت إليهم استبانة مكونة من خمس وثلاثين فقرة، تستطلع إدراك: مدى انزعاجهم من السلوك القيادي المزعج، حيث اتضح من النتائج أن المستجيبين على وعي كامل بما يجري من السلوك المزعج في أثناء القيادة، ويتمتعون في غالبيتهم بوعي جيد بأنظمة المرور، وقد أعقب الباحثون الدراسة بمجموعة من التوصيات.
2. دراسة عبد الله النافع وخالد السيف (1408هـ) بعنوان: "تحليل الخصائص النفسية والاجتماعية المتعلقة بسلوك قيادات السيارات بالمملكة". وقد استهدفت الدراسة التعرف على الخصائص النفسية والاجتماعية التي تميز سلوك قيادة السيارات في المملكة، مع تحليل وتقويم لهذه الخصائص، وتحديد أكثرها ارتباطًا بسلوك القيادة غير الآمن المسبب للحوادث المرورية. وقد استخدم الباحثان أربع استبانات لجمع المعلومات الأساسية للمبحوثين، وطبيعة سلوك قيادة السيارات، ونوع سمات الشخصية، والمعلومات المرورية. وقد كانت عينة الدراسة من الذكور، شاملة لمناطق المملكة من فئات متنوعة. وقد توصلت الدراسة إلى نتائج من أهمها: وجود ميل نحو المخاطرة في القيادة لدى السائقين بالمملكة خاصة من الشباب، مع مخالفة للأنظمة(97/449)
المرورية، وعدم مراعاة أسباب السلامة، وقد ذيلت الدراسة بمجموعة من التوصيات والمقترحات للأفراد والجهات المعنية بالحركة المرورية.
3. دراسة ناصر عبد الله الصالح (1408هـ) بعنوان: "حوادث المرور بمدينة مكة المكرمة ـ العلاقة المكانية والاتجاهات الزمانية". وتهدف الدراسة إلى تحليل أسباب الحوادث في مكة المكرمة في ظل التوسع الهائل في أعداد السيارات وطبيعة ظروف منطقة المشاعر المقدسة. وقد اعتمد الباحث في جمع البيانات على إحصاءات إدارة المرور خلال السنوات الثلاث: 1403، 1404، 1405هـ. حيث اتضح من الدراسة كثرة الحوادث في فترات المواسم، والإجازات الرسمية. كما أظهرت الدراسة وجود علاقة بين كثرة الحوادث وخطورتها وعدد السائقين دون سن 18 سنة، وأن أكثر الحوادث تقع من السعوديين والمتعلمين والعزاب، كما بينت الدراسة كثرة حوادث النهار عن حوادث الليل، ثم أعقب الباحث دراسته مجموعة من التوصيات.
4. دراسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1410هـ) بعنوان: "حوادث السيارات وبيان ما يترتب عليها بالنسبة لحق الله وحق عباده". وقد كان هدف الدراسة معالجة أربع قضايا رئيسة هي: تصادم السيارات بعضها مع بعض، ما تحدثه بعض السيارات من دعس أو انقلاب، بيان ما يترتب على حوادث السيارات من العقوبات لمخالفة أنظمة المرور، وأخيرًا توزيع الجزاء على من اشتركوا في وقوع الحادث. وقد كشفت الدراسة عن وجود كم هائل من الذخيرة الفقهية العلمية في تراث الأمة الإسلامية حول قضايا حوادث التصادم وما يترتب عليها من أحكام الجنايات والغرامات والعقوبات. وقد عرضت الدراسة مجموعة من أمثلة الحوادث وما يترتب عليها من الأحكام الشرعية والعقوبات.
5. دراسة محمد المنجي (1993هـ) بعنوان: "دعوى تعويض حوادث السيارات" حيث شملت الدراسة قضايا كثيرة متعلقة بحوادث السيارات، والدعاوى المدنية ضد شركات التأمين. حيث عالج الباحث في فصول دراسته الجنائية، والتنظيم القانوني للدعوى ضد شركة التأمين، والحكم بالتعريض. حيث فصَّل الباحث في هذه المسائل(97/450)
من الجهة القانونية، وقد كان الدافع من وراء هذه الدراسة شدة حاجة الناس في العصر الحديث إلى تناول مثل هذه القضايا الشائكة الملحة بين المتضررين من حوادث السيارات وشركات التأمين، في وقت أصبحت فيه السيارات جزءًا من حياة الناس تلاحقهم بأضرارها وحوادثها في كل مكان.
6. دراسة عبد العزيز أحمد دياب (1416هـ) بعنوان: "الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج". حيث كان الدافع من وراء هذا البحث كثرة الحوادث في المملكة العربية السعودية في العقدين الأخيرين كنتيجة للنمو الاقتصادي المتسارع، وما ينجم عنها من هدر للثروة واستنزاف للطاقات. وقد سعى الباحث إلى دراسة إحصائيات الحوادث المرورية في المملكة خلال الفترة من 1977م وحتى 1991م. وقد توصل الباحث إلى أن المتغيرات المستقلة التي تسهم بدرجة عالية من الثقة في تحديد الحوادث المرورية في المملكة هي: الدخل، وثمن السيارة، ووعي السائق، والحالة الفنية للسيارة، ووقت القيادة.
7. دراسة جهاد محمد قربة (1420هـ) بعنوان: "طبيعة العلاقات المجالية للحوادث المرورية داخل الوسط الحضري لمدينة الشارقة ـ دراسة تحليلية لفترة التوسع 1987م ـ 1992م". وقد سعى الباحث من خلال دراسته إلى التعرف على الحوادث المرورية التي تحدث داخل المجال الحضري لمدينة الشارقة، والوقوف على الأسباب الرئيسة وراء وقوع هذه الحوادث. وقد اعتمد في جمع البيانات العلمية على الإحصاءات والمحاضر الصادرة عن إدارة مرور إمارة الشارقة. وقد توصل الباحث إلى أن التوسع العمراني الذي شهدته المدينة كان سببًا رئيسًا في كثرة وقوع الحوادث. ثم أعقب دراسته بمجموعة من التوصيات المتعلقة بالتدريب والتوجيه، وأخرى بالتخطيط الحضري للمدينة.
8. دراسة عامر ناصر المطير (1421هـ) بعنوان: "قيادة التلاميذ للسيارات وأثرها على الحركة المرورية في المملكة العربية السعودية". تناول الباحث في دراسته(97/451)
مشكلة قيادة التلاميذ للسيارات وحوادثهم المرورية في مدينة الرياض، حيث أعد الباحث استبانة تم توزيعها على عينة من طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية بلغت 900 طالب من مدينة الرياض. وقد أسفرت الدراسة على أن ما نسبته 54% من طلاب المرحلة الإعدادية و87% من طلاب المرحلة الثانوية يقودون السيارات، وأن نسبة كبيرة منهم يرتكبون حوادث ومخالفات مرورية كثيرة، وأن نسبة تصل إلى ربع العينة من طلاب الثانوية تتعمد ارتكاب الخطأ المروري. كما اتضح من الدراسة أن مدينة الرياض تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد صغار السن دون 18 سنة المشتركين في حوادث المرور.
9. دراسة محمد حسين منصور (د. ت) بعنوان: "تدخل السيارة في حادث المرور ـ مناط مسؤولية القائد". تناول الباحث في دراسته استعراض وسائل النقل المختلفة وطبيعة حادث المرور، وتدخل السيارة فيه سواء كانت المتحركة أو الساكنة، وحوادث فتح باب السيارة، إلى قضايا قانونية أخرى متعلقة بمسألة التأمين، وأضرار الحوادث.
التعليق على الدراسات السابقة:
من خلال الاستعراض الموجز للدراسات العربية السابقة التي وقف عليها الباحث في ضوء الموضوع المختار للدراسة الحالية اتضح أن هذه الدراسات في جملتها لم تتعرض لموضوع قيادة المرأة للمركبات، وأنها تشترك مع الدراسة الحالية في مسألة قيادة السيارات وما يتعلق بها من الحوادث، والآثار المترتبة على ذلك من الناحية الشرعية والاقتصادية والقانونية. فالدراسات: الثالثة والسابعة والثامنة جغرافية التخصص، والدراستان الخامسة والتاسعة تنحو منحنى قانونيًا، والدراسة الرابعة فقهية شرعية، والدراسة السادسة اقتصادية التوجه. إلا أن الدراستين الأولى والثانية أقرب الدراسات إلى موضوع الدراسة الحالية لطبيعتهما التربوية.(97/452)
وهذه النتيجة التي ظهرت من خلال استعراض الدراسات السابقة: تعزز لدى الباحث اختيار الموضوع باعتباره دراسة جديدة لم يُسبق إليها من الناحية التربوية الإسلامية على الأقل.
* * *
مبررات منع المرأة من قيادة المركبات
من المنظور التربوي الإسلامي
تعتبر المواصلات من أهم المشكلات التي تواجه المرأة العاملة في هذا العصر، ولا سيما بعد التوسع الهائل في تشغيل النساء الذي شهده سوق العمل ضمن خطط التنمية المتعاقبة التي توصي بمشاركة النساء في التنمية الشاملة؛ ولهذا يضيق بعض النساء العاملات والمتحمسون لهن في البلاد المحافظة بالمنع من مزاولة المرأة قيادة السيارة، ويشعرن بالضيم، فلا يزلن يطالبن بذلك، دون نظر جاد لعواقب الأمور ([3]).
ورغم أن مهارة قيادة المركبات الصغيرة من حاجات هذا العصر المهمة ([4]): فإنها لا تبلغ عند المرأة المسلمة درجة الضرورة التي تبلغها عند رب الأسرة، بل ولا تبلغ درجة الحاجة التي تبلغها عند الشاب العَزَب الذي لا يقوم على أسرة، فهي في حقها في الأعم الأغلب من باب التحسينيات التي لا تتضرر بنقصها، والنادر ـ كما هو معروف ـ لا حكم له ([5])؛ ولهذا يُلاحظ في البلاد التي تسمح للمرأة بالقياةدة توافر السيارات لدى الشباب أكثر بكثير من توافرها لدى الفتيات ([6])، كما أن إتقان مهارتها يكاد يكون عامًا لدى غالب طلاب المرحلة الثانوية وكثير من طلاب المرحلة الإعدادية، حتى إن الشاب منهم يشعر بأن السيارة جزء من حياته، وعدم امتلاكها يمثل له نوعًا من الحرمان ([7]).
ورغم أن غالب دول العالم تسمح للنساء بممارسة هذه المهارة دون حرج، ورغم إتقان كثير منهن لها بصورة كبيرة ([8])، ورغم ممارسة جمع منهن لهذه المهارات في بعض الأرياف خارج المدن ([9]): فإن المختار في هذه القضية المنع، حتى في البلاد التي سمحت بها، واعتادها بعض النساء، فإن الأولى تركها، وإفراغ الوسع في(97/453)
تجنُّبها ([10])، لا لكون مهارة القيادة محرمة في ذاتها ولكن لما يمكن أن تفضي إليه من المحظورات المتعددة. ولعل فيما يلي من المبررات ما يجلي هذا التوجه ويقوي اختياره:
أولاً: المبرر الفقهي ([11]) لمنع المرأة من قيادة المركبات:
ويظهر هذا المبرر في كون الشريعة مبناها على جلب المصالح ودفع المفاسد، فما غلبت مصلحته أباحته، وما غلبت مفسدته منعته ([12]). فالمأمورات والمنهيات في الشريعة تشتمل كل منهما على مصالح ومضار، والحكم في كل منها على الأغلب ([13]). يقول ابن عبد السلام: "المصالح المحضة قليلة وكذلك المفاسد المحضة، والأكثر منها اشتمل على المصالح والمفاسد... والإنسان بطبعه يؤثر ما رجحت مصلحته على مفسدته، وينفر مما رجحت مفسدته على مصلحته"([14]). وهذه المسألة في تقديم الجهة الغالبة: من مسائل الإجماع عند العلماء، الثابتة بالكتاب والسنة والعقل، خاصة في هذا العصر الذي اختلطت فيه المصالح بالمفاسد بصورة كبيرة ([15]).
ومن هنا جاء باب سد الذرائع المفضية إلى المفاسد ([16])، أو المؤدية إلى إهمال أوامر الشرع، أو التحايل عليها ولو بغير قصد ([17])، فإن "سد الذرائع أصل من أصول الشريعة الإسلامية، وحقيقته: منع المباحات التي يُتوصل بها إلى مفاسد أو محظورات... ولا يقتصر ذلك على مواضع الاشتباه والاحتياط؛ وإنما يشمل كل ما من شأنه التوصل به إلى الحرام"([18])، فالشارع الحكيم إذا حرَّم أمرًا حرَّم الوسائل المفضية إليه ([19])؛ فإن "الوسائل تبعٌ للغايات في الحكم"([20])، و"وسائل الحرام" ([21])، و"ما أفضى إلى حرام حرام".([22])
والمسألة الفرعية التي يختلف في حكمها الناس: يُؤخذ فيها بالإجماع، فإن لم يُوجد، أخذ بالأحوط، ثم بالأوثق دليلاً، ثم يُؤخذ بقول من يُظن أنه أفضل وأعلم ([23]). ولا شك أن ترك المرأة لقيادة السيارة في هذا العصر هو الأحوط على أقل تقدير؛ فإن"فعل ما يُخاف منه الضرر إذا لم يكن محرماً فلا أقَلَّ أن يكون مكروهاً"([24])، حتى وإن(97/454)
تكلف رب الأسرة مهام نقل نسائه، أو اضطر لجلب الرجل الأجنبي لتولي هذه المهمة ـ كما هو حاصل في بعض البلاد ([25])ـ فإن هذا في العموم أهون الشرين، وأخف الضررين؛ لأن الضرر الخاص الذي تكلفه هذا الأب وأمثاله، وما يمكن أن يحصل من الرجل الأجنبي يُتحمل في سبيل دفع الضرر العام ([26]) الذي يمكن أن يعم المجتمع بتوسيع دائرة قيادة النساء للسيارات، فإن المفسدة العامة المنع فيها أشد من المفسدة الخاصة ([27]).
كما أن الفقهاء لا يعتبرون الطريق خلوة، فإنما الخلوة: الأمن من اطلاع الناس ([28])؛ بحيث يجتمع رجل بامرأة "في مكان لا يمكن أن يطلع عليهما فيه أحد، كغرفة أغلقت أبوابها ونوافذها وأرخيت ستورها"([29])، أو في فلاة لا يصلهما فيها أحد. ويُستأنس في هذا المقام بما نقله المروزي عن الإمام أحمد رحمهما الله حين سُئل عن: "الكحال يخلو بالمرأة وقد انصرف من عنده النساء، هل هذه الخلوة منهي عنها؟ قال: أليس هو على ظهر الطريق، قيل: بلى، قال: إنما الخلوة تكون في البيت"([30]). ثم إن مبدأ خدمة الرجل الأجنبي في السفر حين يركب النساء الهوادج كان أمرًا معلومًا منذ القديم، وقد كانت النساء زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحملن في الهوادج، ويقوم الرجال على خدمتهن وحمل هوادجهن ([31]). ولا يفهم من هذا التهاون في مسألة خلوة السائق بالمرأة ، فإن المفروض تقليل هذه الفرص، وضبطها قدر المستطاع؛ بل إن بعض العلماء([32]) يرى أن ركوب المرأة وحدها مع السائق الأجنبي أخطر من الخلوة في البيت ؛ لكونه يستطيع أن يذهب بها حيث شاء. وقد عالجت بعض الأسر في البلاد التي يُسمح فيها بقيادة المرأة للسيارات مشكلة الخلوة بطريقة عجيبة حيث جلبت من بعض البلدان الأجنبية نساء سائقات. يتولين هذه المهام بدلاً من الرجال الأجانب ([33]).
ثانيًا: المبرر الأخلاقي لمنع المراة من قيادة المركبات:
وتظهر قوة هذا المبرر من حيث المفاسد الكثيرة التي يمكن أن تترتب على انطلاق النساء والفتيات بهذه المركبات الخاصة من: هجران المنزل، والسفر بغير محرم،(97/455)
والتعرض للمضايقات، والاختلاط بالأجانب، والتوسع في مجالات عمل المرأة المتعلقة بشؤون النساء السائقات، إضافة إلى مشكلات صيانة مركباتهن ضمن أجواء لا تناسب المرأة المسلمة، مع الاضطرار لكشف الوجوه، إلى مفاسد كثيرة يمكن أن تحدث إذا استمرأ المجتمع صورة المرأة السائقة ([34])؛ فإن غالب التغيرات الاجتماعية التنازلية تبدأ باليسير ثم تنتهي بما لا قِبَل للمجتمع به، وكما قيل: معظم النار من مستصغر الشرر؛ ففي بريطانيا قبل خمسين سنة تقريبًا كانت المرأة لا تحصل على رخصة القيادة إلا بعد إذن زوجها ([35])، ثم ما لبث أن فتح لهن الباب على مصراعية. وفي إحدى البلاد المحافظة كانت المرأة لا تركب المواصلات العامة الصغيرة إلا مع محرم لها، ثم تبدل الوضع وتوسع الأمر دون نكير ([36]). وهكذا طبائع الناس تنتقل من الأهون إلى الأشد بالتدريج حتى يصبح الممنوع مرغوبًا فيه، والسيارة كمركبة متحركة داخل المجتمع ليست حصنًا للمرأة من أن تُنال بسوء، أو تتعرض للفتنة، أو تعرض غيرها للافتتان، ولا سيما عندما تتعطل مركبتها في أماكن لا تأمن فيها المرأة على نفسها.
ثالثًا: المبرر الصحي لمنع المراة من قيادة المركبات:
ومبنى هذا المبرر أن الشريعة تنهى عن التعرض للهلاك؛ إذ حفظ النفس من
مقاصدها ([37])، وقيادة المرأة للسيارة يعرضها للتلف ([38])، فإن السيارة آلة عنيفة لا تناسب طبيعة الإناث، وقد أكدت ذلك دراسة بريطانية على مجموعة من النساء السائقات، حيث توصلت إلى "أن 58% منهن يتوفين قبل الأربعين، و 60% منهن يصبن بأمراض نفسية، وقالت الدراسة: إن قيادة المرأة للسيارة لا تليق ولا تتناسب معها"([39]). ولا تزال هذه الآلة تتصف بالعنف حتى بعد تطورها، فإن حوادثها على المستوى العالمي في غاية القسوة، وغالبًا ما يتعرض لها العُزَّاب من الشباب، والنساء المبتدئات، وينفرد الشباب بأعنف وأشد حوادثها ([40]). وقد أشارت الإحصاءات أن نسبة ضحايا حوادث المرور في دول الخليج تفوق نسبتها في أمريكا وبريطانيا ([41])؛ حيث يهلك في كل ساعة سبعة أشخاص في دول مجلس التعاون الخليجي(97/456)
([42])، ويهلك في المملكة العربية السعودية وحدها ـ التي سجلت أعلى معدل لحوادث السير في العالم ـ حوالي سبعة أشخاص يوميًا ([43]).
وبلغ عدد الحوادث في العالم العربي خلال عام 2000م نصف مليون حادث، نجم عنها اثنان وستون ألف قتيل ([44]). ولا شك أن توسع النساء في هذه الممارسة سوف يزيد من نسبة تعرضهن للهلاك، مما يجعل هذه المهارة خطيرة على شخص المرأة، وعلى دورها التناسلي الذي يستوجب مزيدًا من السكون والاستقرار ([45])، إلى جانب ما يحدثه هذا التوسع من استنزاف للبيئة وتلويثها ([46]).
ويحاول بعض المتحمسين لتمرير موضوع قيادة المرأة للسيارة بضبطه من خلال منعهن من السفر بسيارتهن خارج المدن، والسماح لهن بقيادتها في فترات النهار دون الليل ([47]). وقد اتضح من خلال بعض الدراسات المحلية بالمملكة العربية السعودية أن 79% من حوادث السيارات تحصل داخل المدن، و65% منها تحصل في فترات النهار، كما أن
65% من هذه الحوادث تشارك فيها سيارات من الحجم الصغير ([48])، وهو الحجم المناسب من السيارات المرشح للمرأة. ويضاف إلى كل هذا وجود تلك العلاقة القوية بين ارتفاع درجة حرارة الجو وزيادة عدد الحوادث ([49])، ومن المعلوم أن دول الخليج من أكثر دول العالم ارتفاعًا في درجات الحرارة. ولما كان غالب حوادث السيارة "تقع في الوقت الذي يجب أن يكون فيه الإنسان في أعمق فترات النوم"([50])؛ فإن مزيدًا من الحوادث المرورية سيكون من نصيب المرأة العاملة السائقة؛ لكونها أكثر فئات المجتمع على الإطلاق جهدًا، أقلهن نومًا ([51]). ثم إن متغير التعليم والزواج لا دخل لهما في التقليل من حوادث السيارات؛ فقد دلت إحدى الدراسات في المملكة العربية السعودية على أن أكثر من 76% من السائقين المشتركين في حوادث المرور من المتعلمين، وأكثر من 53% منهم من المتزوجين؛ مما يدل على أن التعليم والزواج لم يخففا من أزمة الحوادث المرورية ([52]).
رابعًا: المبرر الفطري لمنع المرأة من قيادة المركبات:(97/457)
وتظهر حجة هذا المبرر من حيث رقة جهاز الأنثى العصبي الذي لا يساعدها على حسن الأداء ([53])، وسرعة ارتباكها في أثناء القيادة لأبسط الأسباب ([54])، إلى جانب الخوف الذي ينتابها عادة من المسافات الطويلة ([55])، والخوف أيضًا من المناطق المفتوحة، الذي يزيد عند الإناث كلما كبرت أعمارهن ([56])، وهو ما يُسمى برهاب الساح، وهو نوع من الخوف ينتاب بعض الناس من المناطق المزدحمة والمفتوحة ([57])، إلى جانب ضعف قدراتهن على تعلم المفاهيم الجغرافية، كالمواقع والأماكن وتقدير الحيز الفراغي المرئي والمسافات، وقلة خبرات السفر لديهن؛ ولهذا يُلاحظ أن الإناث أقل قدرة على تعلم المفاهيم الجغرافية من المذكور ([58]). ولا شك أن هذه القضايا الفطرية مهمة لإتقان مهارة القيادة.
وأهم من هذا كله الضعف الصحي العام الذي لا تنفك عنه المرأة في العموم من آثار الدورة الشهرية، ومضاعفات النفاس وفترة الحمل، من حيث: الانفعالات النفسية، وارتفاع الضغط، وكثرة الصداع، والتوتر، والقلق، والتذبذب، والكآبة، وحدة المزاج، والآلام العامة خاصة في الحوض والظهر، والغثيان، وما يصيب عامة النساء الحوامل من الاضطرابات النفسية، وما يرافق ذلك من انكماش فطري طبيعي في حجم الدماغ عندهن في أثناء الحمل، وما يصاحب ذلك من ضعف الذاكرة، وصعوبة التذكر. إلى جانب تأثير هذه الأعراض على الاتزان العام، مما قد يدفع المرأة في هذه الظروف الفطرية إلى شيء من العنف والعجلة في بعض المواقف ([59])؛ ولهذا يشير العديد من الدراسات والإحصاءات المختلفة إلى ارتفاع نسبة تعرض المرأة أكثر من الرجل للاضطرابات النفسية، وحدة الانفعال، والانهيارات النفسية خاصة في هذه الفترات الفيسيولوجية، وبعد الولادة، وفي سن اليأس، وبعد عمليات الإجهاض ([60]). ومن المعلوم أن واحدة من هذه الأعراض الجسمية لا تسمح للرجل واقعيًا ولا نظاميًا بالقيادة، فكيف بها مجتمعة؟ ولا شك أن ما بين ربع إلى ثلث النساء على الأقل يقعن تحت هذه التأثيرات الفطرية بصورة دائمة، بمعنى أن ثلث النساء في المجتمع لا يصلحن ـ تحت ضغط هذه الطبيعة الفطرية وتأثيراتها الجسمية ـ لقيادة(97/458)
السيارات. ولعل هذه الأسباب كانت وراء قلَّة أعداد النساء السائقات في العالم مقارنة بأعداد الرجال.
ولعل أعظم من هذا وأخطر: التأثير السلبي لنزيف الدماء الطبيعية على حاستي السمع والبصر عند النساء ([61]) ـ أهم عناصر هذه المهارة ـ ولهذا يُلاحظ كثرة حوادث النساء المرورية في العموم ، ولاسيما في أثناء فترة الحيض وما قبلها بقليل ،حيث تزيد لديهن العصبية، وتكثر لديهن الغفلة والنسيان والشرود الذهني، وهن في العموم يعانين من نقص في الاتزان النفسي والفسيولوجي، يجعلهن أكثر تعرضاً للسآمة والتعب، وأقل انتباهاً وتركيزاً، وأميل للتوتر والقلق، ولاسيما المرأة العاملة، التي تجمع بين العمل الوظيفي ومسؤولياتها المنزلية ؛ لذا فإن أكثر النساء أكثر تعرضاً لعصاب قيادة المركبات – أكثر من الذكور ([62])، مما يجعل قضية القيادة بالنسبة لهن في غاية الحرج. ومن المعلوم أن السائق هو همزة الوصل بين المركبة والطريق، وصفاته الوراثية والمكتسبة ومهارته وخبرته تلعب أدوارًا رئيسة في حصول الحوادث، وقد ثبت يقينًا من خلال الواقع أن السائق يتحمل أكثر أسباب الحوادث المرورية ([63])، وهي مرتبطة – إلى حد كبير – بشخصيه، فقيادة السيارة تشكل ضغطاً على نفس قائدها حين يحتاج إلى طاقات نفسية وذهنية وجسمية، تمكنه من التعامل مع الطريق وشكله، وما يحويه من متغيرات كالسيارات الأخرى، والمارة، وإشارات المرور، وظروف الازدحام، وهذا يتطلب من السائق درجة عالية من الانتباه ، والتركيز، والتوازن النفسي ، وقدرة جيدة على الحركة التلقائية السريعة التي تحصل بالخبرة والمران ، وتأتي بعفوية دون قصد.([64])
ولعل هذه الأسباب الفطرية في عنصر النساء كانت السبب في رفع قيمة التأمين على السيارات التي تمتلكها النساء ([65])، ومن المعلوم أن شركات تأمين السيارات تراعي ظروف الشخص المتقدم لطلب التأمين؛ ولهذا تزيد من قيمته على الأشخاص المطلقين ([66])؛ لكونهم في الغالب يعيشون حالة من التوتر النفسي الذي يعد سببًا رئيسًا في وقوع الحوادث.(97/459)
خامسًا: المبرر الاقتصادي لمنع المرأة من قيادة المركبات:
ويظهر هذا المبرر من الناحية الفقهية في حالات حوادث المرور وما يقع فيها من الجنايات؛ حيث تُعفى المرأة مطلقًا من المشاركة في دية المقتول خطأ حتى وإن كانت هي الجانية، في حين يشترك الجاني البالغ من الذكور ـ على خلاف بين الفقهاء ـ مع باقي العاقلة من القرابات في دفع دية القتل الخطأ ([67])، بل وتستمتع المرأة مع الورثة في الحصول على نصيبها من دية زوجها ([68])، في الوقت الذي لا تُكلَّف فيه مع العاقلة بشيء، وهذا فيه إجحاف اقتصادي بحق رجال الأسرة من العصبات إذا مُكِّنت الفتيات من ممارسة أسباب العطب، خاصة إذا شعرن بالأمان من مغبة تحمل الغرامة المالية، ومن المعلوم أن الأصل في إلزام العاقلة دفع الدية في حال القتل الخطأ ـ مع ما فيه من التعاون ـ هو تأديبها لتقصيرها في كفِّ المستهترين والطائشين المنتمين إليها من العبث بأمن المجتمع، مما يدفعها ـ بصورة تضامنية جماعية ـ لحفظ سفهائها، ومن يُتوقع منهم الخطأ الذي يُكلفها الغرامات المالية ([69]).
وأما الزعم بأن مسألة الدية في مثل هذه الجنايات قد انحلت اليوم من خلال التأمين التجاري فلا حاجة إلى نظام العاقلة؛ فإن هذا النوع من التأمين القائم اليوم في المعاملات التجارية ممنوع شرعاً ([70]) , والضرر ـ كما هو معلوم شرعاً ـ لا يُزال بضرر, والخطأ لا يُعالج بخطأ.كما أن التأمين التعاوني ـ الغائب من المعاملات الاقتصادية المعاصرة ـ لو عُمل به في مثل هذه الجنايات – بالشروط الشرعية- لكان جلُّ ميزانياته تُنفق في جنايات النساء السائقات ـ ولا سيما المبتدئات منهن ـ والشباب المتهور، مما يُجحف من جديد بباقي المساهمين، من الحريصين على سلامة المجتمع وأمنه. ولهذا لن يرضوا بمشاركة هذه الفئات المتوقع منها الضرر بصورة كبيرة في صندوق تأمينهم التعاوني، مما سيضطر هذه الفئات ـ من جديد ـ للرجوع مرة أخرى بأزماتها الجنائية إلى العاقلة والعصبات، مما يُعطي لنظام العاقلة أهميته الاقتصادية والتعاونية، ودوره التربوي التوجيهي في الحياة الإسلامية ([71]).(97/460)
وفي الجانب الآخر من المسألة الاقتصادية: استهلاك الثروة في هذه المراكب، وتجميد الأموال فيها، والاستنزاف المالي في مصروفاتها، وخسائرها التي تُقدر في دول الخليج ببليون دولار، وفي المملكة وحدها بملياري ريال، إضافة إلى ضغط الحركة المرورية في البلاد النامية التي لا تتسع طرقها لمراكب الرجال فضلاً عن مراكب النساء والفتيات، خاصة بعد أن ثبت أن ازدحام الطرق من أعظم أسباب كثرة الحوادث ([72]). وفي بلد مثل المملكة العربية السعودية زاد عدد السيارات تسعة أضعاف ما بين عامي 1395هـ و 1411هـ ([73])، وأعجب من هذا ما أشارت إليه الإدارة العامة للمرور بالمملكة أن واقع عدد السيارات عام 1405هـ تضاعف عما كان عليه عام 1391هـ ثمانية وعشرين ضعفًا ([74])، وأعجب من هذا وأغرب ما أشارت إليه إحدى الدراسات أن عدد السيارات في المملكة تضاعف 38 مرة في الفترة ما بين عام 1391هـ وعام 1413هـ، كما أشارت الدراسة إلى أن ما بين كل 1000 شخص في المملكة هناك 350 شخصًا يمتلكون سيارة خاصة، رغم أن النساء لا يقدن فيها السيارات، في حين يملك في بريطانيا السيارة الخاصة من كل 1000 شخص 306 شخص ([75]).
"وبالرغم من التوسع الهائل في المملكة في إنشاء الطرق داخل المدن وخارجها فإن هذا التوسع لا يُواكب الزيادة الهائلة في أعداد السيارات ووسائل النقل الأخرى، وهذا قد سبب ـ ولا شك ـ الكثير من الاختناقات المرورية والزحام الشديد في المواصلات خاصة في المدن الكبيرة كجدة والرياض"([76]). فهاتان المدينتان مع مدينة الدمام تستوعب ثلث سكان المملكة تقريباً ([77]). ولا شك أن لو سُمح للنساء بالقيادة لزاد عدد السيارات بصورة كبيرة لا تستوعبها الطرق، في الوقت الذي يُهدد فيه العالم ـ ولا سيما في الدول الصناعية ـ بزيادة عدد السيارات والتلوث البيئي. ومن المعلوم أن سحر السيارة الجديدة في هذا العصر مظهر من مظاهر الترف الذي يتنافس فيه الناس ([78])، وسوف يكون في غاية القوة والترف إذا شارك النساء في هذه المنافسة الاجتماعية الأخَّاذة؛ لكونهن ـ بالفطرة ـ مأخوذات بعواطفهن،(97/461)
مشدودات برغباتهن. فلن يكون امتلاك السيارة عن حاجة بقدر ما يكون للمفاخرة والاستكثار، وقد دلَّ البحث الميداني في دول الخليج على أن عدد السيارات للأسرة الواحدة يزيد عند الأسر التي لا يشارك نساؤها في قوى العمل، وتقل أعدادها في الأسر التي يشارك نساؤها في قوى العمل ([79])؛ مما يدل على أن امتلاك السيارة ليس هو دائمًا للحاجة؛ فإن المرأة العاملة التي يقل لدى أسرتها عدد السيارات قد تكون أحوج إليها من غير العاملة التي يكثر لدى أسرتها عدد السيارات.
سادسًا: المبرر التاريخي لمنع المرأة من قيادة المركبات:
يعتمد المؤيدون لقيادة المرأة للسيارة على المبرر التاريخي رغم أنه لا يُؤيد توجههم؛ فعلى الرغم من الفارق الكبير بين طبيعة وظروف قيادة السيارة وقيادة الدواب فإن النساء منذ القديم لم يكنَّ من أهل الخيل والفروسية إنما الخيل من مطايا الرجال ([80])، وقد كان من المستغرب ركوب النساء للخيل في بلاد زنجبار في القرن التاسع عشر،([81]) والسيارات الخاصة أشبه مراكب هذا العصر بها ([82])، فهي من هذه الجهة متعلقة بالرجولة إلى حد كبير ([83]). ولهذا لا يجد الباحث ذكرًا للنساء عند ذكر الخيل والفروسية؛ لما اشتمل عليه ركوب الخيل من البطولة والطلب والهرب، ومواقع القتال من الكر والفر ([84])، مما لا يناسب الطبيعة الأنثوية، بل إن بعض القبائل في القديم كانت تُحرِّم على النساء ركوب الخيل لمعتقدات وأخلاق اجتماعية كانوا يرونها ([85]).
وأما البغال ـ مع كونها ليست من المراكب الآمنة بصورة مطلقة ـ فقد نُقل عن بعض نساء السلف ركوبها وهنَّ مستورات بستور أو في بواطن الهوادج ([86])، إلا أن الإبل كانت من أوسع مراكب النساء العربيات وألطفها بأحوالهن، ومع هذا لم يكنَّ ـ في الغالب ـ ينفردن بركوبها، فقد ارتبط ركوبهن عليها بالهوادج المستورة، التي يتولى قيادتها عادة ساقة الإبل من الرجال ([87])؛ ولهذا ارتبط الهودج بالمرأة في تنقلها وأسفارها ([88])، وحتى على مستوى التعريف اللغوي والاصطلاحي فالهودج مركوب المرأة ([89])، وأبعد من هذا تفسير رؤية الهودج في المنام بالمرأة عند(97/462)
مفسري الأحلام ([90]). ومما يُشير إلى هذا أيضًا ويؤيده جواب التابعي أبي ثفال المري حين سُئل عن خروج المرأة؟ فقال: "لأي شيء تخرج؟ والله لا تنفر في النفير ولا تسوق البعير"([91])، ولما استأذنت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة أردفها أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما خلفه على الدابة، ولم تنفرد بركوبها وحدها ([92])، ومن المعلوم أن سائق إبل النساء يتلطف في سيره، ولا يشتد عليهن خوفًا من سقوطهن لقلة ثباتهن على الدواب ([93])؛ فقد وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقوارير ([94])، يعني أنهن كالزجاج، "يُسْرع إليها الكسر، ولا تقبل الجبْر"([95]). وقد وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها اعتناء الرجال، وقيامهم على بعيرها وهودجها فتقول: "وكنت إذا رُحِّل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتيني القوم ويحملونني، فيأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به"([96])، وفي خبر الإفك لما تأخرت عن الركب، وأدركها صفوان بن المعطَّل رضي الله عنه قالت: "ثم قرَّب البعير فقال: اركبي، واستأخر عني فركبت، فأخذ برأس البعير وانطلق سريعًا يطلب الناس"([97])، يعني أنها لم تنفرد بقيادة البعير رغم وقوعها في مثل هذا
الموقف الحرج، في خلوة مع شخص أجنبي، وما ترتب على مرافقته لها ـ بعد ذلك ـ من أزمة اجتماعية خطيرة. وفي هذا المعنى يصف الأخطل ـ شاعر الأمويين ([98]) ـ رحيل النساء على الإبل حين يسوقهن الحادي، وقد رُحِّلت مراكبهن فيقول:
لبثن قليلاً في الديار وعُوليتْ على النُجْب للبيض الحسان مراكب
إذا ما حدا الحادي المجدُّ تدافعت بهن المطايا واستُحثَّ النجايب ([99])
وهذا كلُّه يُشير ـ في الجملة ـ إلى أن مهارة القيادة للآليات أو للدواب مرتبطة بالذكور ارتباطًا وثيقًا؛ بل إن المرأة المعاصرة لم تقد السيارة في أوروبا إلا قبل زمن يسير؛ فإلى الثلاثينات من القرن العشرين الميلادي كانت السيارة حكرًا على الرجل، ووسيلته لجذب المرأة وإغرائها بالزواج ([100])، إلا أنه ذُكر أن صانع أول سيارة(97/463)
في ألمانيا عام 1888م سمح لزوجته أن تقودها لأول مرة أمام الجماهير ([101]). وهذا الخبر إن صحَّ لا يعدو أن يكون لطيفة من اللطائف الأوروبية؛ وإلا فإن تحريك عجلة القيادة إلى عهد قريب جدًا كان شديدًا على الرجل المكتمل البنية فضلاً عن أن يكون سهلاً بيد المرأة العادية.
* * *
الخاتمة
إن هذه المبررات المتعددة لكفِّ النساء عن مزاولة مهارة قيادة السيارات لا تُجيز ـ في الجانب الآخر ـ للمرأة المسلمة أن يُقتطع من عرضها وشرفها في المواصلات العامة المزدحمة بالأجساد المتراكمة كما هو حاصل في كثير من البلاد النامية ([102])؛ وإنما الهدف من كل هذا ربط المرأة بحصن البيت من الجهة المالية عن طريق تطوير التنمية الاقتصادية العائلية، من خلال الصناعات المنزلية التي أثبتت جدواها الاقتصادية ([103])، مع الاستفادة من فرص العمل المتاحة عبر شبكات الإنترنت التي أصبحت واقعًا في كثير من بلاد العالم ([104])، فلا تحتاج للكسب خارج نطاق الأسرة. وربطها أيضًا بالبيت من الجهة المعرفية من خلال التعليم عن بعد بوسائله المختلفة، فقد أصبح هذا النوع من التعليم واقعًا عالميًا مقبولاً ([105])، فلا يبقى للمرأة خارج المنزل إلا ما لا بد لها منه من الحاجات والمصالح.
وإلى جانب ذلك لا بد أيضًا ـ ضمن ظروف الحياة الواقعية ـ من التوسع في وسائل النقل العام من الحافلات الكبيرة ونحوها؛ بحيث تصبح أكثر جدوى وراحة وأمانًا بالنسبة للمرأة المحتاجة للخروج، كالمعلمة والطالبة ونحوهما. إلا أن الواقع يشهد بقصور وسائل النقل العام؛ ففي بلد كالمملكة العربية السعودية لا يزيد النقل العام عن استيعاب 7% فقط من حركة الرحلات المرورية، في الوقت الذي يستوعب فيه النقل العام في أوروبا 40% من هذه الرحلات المرورية ([106])، حتى إن مدينة مثل الرياض لا يتولى فيها النقل المدرسي العام أكثر من 1% من أعداد الطلاب ([107])، في حين لا يُسمح لطلاب المدارس في اليابان الانتقال إلى مدارسهم(97/464)
بسياراتهم الخاصة، ولا حتى بالدراجات النارية ([108])، إنما بالنقل العام، وفي سنغافورة تتبنى الدولة سياسة متشددة في استخدام السيارات الخاصة، وتفرض قيودًا عليها، رغبة في توجيه الناس نحو النقل العام ([109])؛ ولهذا جاء في توصيات الندوة العلمية الأربعين المنعقدة في الرياض عام 1417هـ حول أساليب ووسائل الحد من حوادث المرور، والتي شاركت فيها ثلاث عشرة دولة عربية ما نصه: "ضرورة التوسع في وسائل النقل الجماعية في المدن العربية، وتوفيرها بأسعار مشجعة، لحمل ساكني المدن على استخدامها بمختلف فئاتهم من موظفين وطلاب وغيرهم"([110])، فلا بد أن تكون توصية كهذه ضمن اهتمامات المسؤولين، بحيث تفعَّل بصورة جادة لتحقيق هدف التخفيف من كثرة السيارات، وإقناع المجتمع ـ ولا سيما النساء ـ باستخدام وسائل النقل العام، وفي الوقت نفسه تُغنيهنَّ عن السعي في المطالبة بقيادة السيارات الخاصة التي تزيد من أعداد السيارات، وبالتالي تزيد من احتمالات وقوع الحوادث، إلى مشكلات أخرى تقدم ذكرها.
إن مما ينبغي أن تدركه المرأة والنساء عمومًا أن هناك تقبلاً اجتماعيًا خطيرًا نحو قيام المرأة بأدوار الرجل التي كانت إلى عهد قريب مناطة به كالعمل للكسب، وعلاج الأبناء، والترفيه عنهم، ونحوها من الأعمال، فقد أصبح المجتمع المعاصر يتقبل اتكال الرجل على زوجته في هذه المهمات ([111])، فلا يعدو تولي المرأة قيادة السيارة أن تكون تكليفًا جديدًا لمهمات أخرى تنحط عن كاهل الرجل لتنوء بأعبائها المرأة، مقابل استمتاعها بمهارة قيادة السيارة.
نتائج البحث:
من خلال فقرات الدراسة توصل الباحث إلى العديد من النتائج ومن أهمها:
1. الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم، ومن حق السلطان المسلم أن يمنع النساء من قيادة المركبات سدًا للذرائع المفضية إلى المفاسد.(97/465)
2. لا تعتبر السيارة الخاصة مهما كانت صالحة حصنًا للمرأة من أن تنال بسوء، إلى جانب ما يترتب على انطلاقها بها من انفلات اجتماعي لا يوافق توجيه الإسلام لها بالقرار والالتفات إلى المنزل.
3. السيارة آلة عنيفة في طبيعتها وبنائها لا تناسب الطبيعة الأنثوية والدور المناط بها المتطلب لمزيد من السكون والهدوء، إلى جانب مخاطرها وقسوة حوادثها.
4. الجانب الفطري في طبيعة خلْقة المرأة وظروفها الجسمية والنفسية لا يسمح لها بتحمل مسؤولية القيادة، والمخاطرة بنفسها وبغيرها.
5. تعود أسباب كثير من الحوادث إلى ضيق الشوارع عن استيعاب السيارات، كما أن حجم التلوث البيئي مرتبط بكثرتها أيضًا، وفي السماح للنساء بقيادة السيارات زيادة في أعدادها المسببة للحوادث من جهة، وزيادة في تلويث البيئة من جهة أخرى. إلى جانب أن النساء لسن من العاقلة التي تتحمل في حال القتل الخطأ الغرامات المالية التي يتحملها البالغون من الرجال، هذا فيه إجحاف بالرجال إذا مكِّنوا النساء من أسباب العطب والضرر.
6. المرأة عبر التاريخ لم تكن من أهل الفروسية والخيل وإنما ارتبطت منذ القديم بركوب الإبل في الهوادج المستورة، وتولى الرجل منذ ذلك الزمن خدمتها في الأسفار وحمل هودجها عند الترحال، فلا يصح ـ بناء على ذلك ـ اعتبار ركوب المرأة في القديم على الإبل كقيادتها للسيارة في هذا العصر.
7. وجود بدائل عصرية يمكن من خلالها إغناء النساء عن قيادة المركبات من خلال وسائل النقل العام الكبيرة وإحياء الصناعات المنزلية، والاستفادة من وسائل التعليم عن بعد.
8. شح الدراسات العملية في موضوع قيادة المرأة للسيارات مما يتطلب مزيدًا من البحث في الموضوع والوقوف على دراسات أجنبية للتأكيد على صحة القرار بالمنع.
كتبه
د. عدنان حسن باحارث(97/466)
السعودية ـ مكة المكرمة
ص. ب 6525
هاتف: 5501569
فاكس: 5663677
جوال: 055532605
البريد الالكتروني
Adnan3456@hotmail.com
المراجع
1. أحمد، عبد الرحمن يسري (1417هـ). تنمية الصناعات الصغيرة ومشكلات تمويلها. (د. ط). الإسكندرية: الدار الجامعية.
2. إدريس، عبد الفتاح محمود (1414هـ). أحكام العورة في الفقه الإسلامي ـ بحث مقارن. (د.م): (د. ن).
3. أسعد، يوسف ميخائيل (د. ت). الشخصية القوية. (د. ط). مصر: دار غريب.
4. الأسود، أبو محمد الأعرابي الغندجاني (د. ت). أسماء خليل العرب وأنسابها وذكر فرسانها. تحقيق محمد علي سلطاني. (د.ط). بيروت: الشركة المتحدة للتوزيع.
5. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية (1418هـ). "توصيات الندوة العلمية الأربعين". الندوة العلمية الأربعون بعنوان: أساليب ووسائل الحد من حوادث المرور ـ الرياض 1417هـ. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
6. الألباني، محمد ناصر الدين (1409هـ). صحيح سنن النسائي. بيروت: المكتب الإسلامي.
7. أيوب، ياسر (1995م). الانفجار الجنسي في مصر. القاهرة. دار سفنكس للطباعة والنشر.
8. البار، محمد علي (1402هـ). خلق الإنسان بين الطب والقرآن. ط 3. جدة: الدار السعودية.(97/467)
9. ابن باز، عبد العزيز عبد الله (1416هـ). مجموع فتاوى ومقالات متنوعة. جمع محمد سعد الشويعر. ط2. الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض.
10. باشا، حسان شمسي (1413هـ). النوم والأرق والأحلام بين الطب والقرآن. ط 2. جدة: دار المنارة.
11. باول، دوغلاس (1422هـ). تسع خرافات عن الشيخوخة. ترجمة هالة النابلسي. الرياض: مكتبة العبيكان.
12. البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (1410هـ). صحيح البخاري. تحقيق مصطفى ديب البغا. ط 4. دمشق: دار ابن كثير.
13. البدر، محمود عبد العزيز (1412هـ). "الإعلام التربوي في دول الخليج العربية". وقائع اجتماع مسؤولي الإعلام التربوي في دول الخليج العربية ـ قطر 19 ـ 20/5/ 1412هـ. مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض.
14. البرديسي، محمد زكريا (1407هـ). أصول الفقه. ط3. بيروت: دار الفكر.
15. البرهاني، محمد هشام (1406هـ). سد الذرائع في الشريعة الإسلامية. بيروت: مطبعة الريحاني.
16. ابن بطال، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك (1420هـ). شرح صحيح البخاري. تحقيق ياسر إبراهيم. الرياض: دار الرشد.
17. بكار، عبد الكريم (1418هـ). مدخل إلى التنمية المتكاملة ـ رؤية إسلامية. الرياض: دار المسلم.
18. بكار، نادية أحمد (1421هـ). "مدى وعي معلمات الجغرافيا بقضية سوء فهم المفاهيم الجغرافية". مجلة رسالة التربية وعلم النفس. العدد (12). الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية، الرياض.
19. البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس (د. ت). كشاف القناع عن متن الإقناع. (د. ط). بيروت: عالم الكتب.(97/468)
20. بوحجي، هناء (1998م يونيه 29). "البحرين تمنع المنقبات من قيادة السيارات". صحيفة الشرق الأوسط. العدد (7153). لندن.
21. البورنو، محمد صدقي (1415ه). الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية. ط 3. الرياض: مكتبة التوبة.
22. البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسن بن علي النيسابوري (1344هـ). السنن الكبرى. بيروت: دار المعرفة.
23. بيوشامب، إدوارد (1420هـ). التعليم الياباني والتعليم الأمريكي ـ دراسة مقارنة. ترجمة محمد طه علي. الرياض. دار المعرفة للتنمية البشرية.
24. الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة (د. ت). الجامع الصحيح. تحقيق أحمد محمد شاكر وآخران. (د.م): دار إحياء التراث العربي.
25. تيس، سي. ود. بيركس (1397هـ). "دور المرأة في الريف العماني". مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية. العدد (10). جامعة الكويت، الكويت.
26. ابن تيمية، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني (د. ت). مجموع الفتاوى. ترتيب عبد الرحمن محمد العاصمي النجدي. (د. ط). الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، مكة المكرمة.
27. الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر (1997م). البغال. تحقيق علي بن ملحم. ط2. بيروت: دار الهلال.
28. جبر، يحيى عبد الرؤوف (1421هـ). "مشروع تلفزة الأيام الدراسية". مجلة رسالة الخليج العربي. العدد (42). مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض.
29. الجراية، أنور (1994م). "الشخصية". مجلة الثقافة النفسية. العدد (17). مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية، بيروت: دار النهضة العربية.
30. ابن جزي، أبو محمد عبد الله بن أبي القاسم الكلبي الغرناطي (1406هـ). الخيل. تحقيق محمد العربي الخطابي. (د. ط). بيروت: دار الغرب الإسلامي.(97/469)
31. الجوهري، محمد فائق (1418هـ). العادة السرية عند الرجل والمرأة. ط 2. الرياض: أضواء السلف.
32. أبو جيب، سعدي (1985م). موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي. (د. ط). إدارة إحياء التراث الإسلامي، قطر.
33. الحاكم، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري (د. ت). المستدرك. (د. ط). بيروت: دار المعرفة.
34. الحربي، سعد شارع (1415هـ). الأحكام الخاصة بالمرأة. الرياض: دار المسلم.
35. ابن حجر، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني (1398هـ). فتح الباري بشرح صحيح البخاري. تحقيق طه عبد الرؤوف سعد وآخران. (د. ط). القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية.
36. ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد الظاهري الأندلسي (1408هـ). المحلى بالآثار. تحقيق عبد الغفار البنداري. (د. ط). بيروت: دار الكتب العلمية.
37. حسون، تماضر زهري (1414هـ). تأثير عمل المرأة على تماسك الأسرة في المجتمع العربي. المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، وزارة الداخلية، الرياض.
38. الحسيني، عائشة (1409هـ). إعداد وتنمية القيادات الإدارية النسائية في قطاع التعليم العاليم بالمملكة العربية السعودية. جدة: دار البيان.
39. الحسيني، عائشة (1985م). "التخطيط للاحتياجات من الكفاءات الإدارية النسائية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة نظرية ميدانية". المؤتمر الإقليمي الثالث للمرأة في الخليج والجزيرة العربية 1984م. لجنة تنسيق العمل النسائي في الخليج والجزيرة العربية، الكويت.(97/470)
40. الحفني، عبد المنعم (1412هـ). الموسوعة النفسية الجنسية. القاهرة: مكتبة مدبولي.
41. الدباغ، فخري (1983م). أصول الطب النفسي. ط 3. بيروت: دار الطليعة.
42. حمود، رفيقة سليم (1417هـ). المرأة المصرية ـ مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل. القاهرة: دار الأمين.
43. خلف، سليمان نجم (1998م). "العولمة والهوية الثقافية ـ تصور نظري لدراسة نموذج مجتمع الخليج والجزيرة العربية". المجلة العربية للعلوم الإنسانية. العدد (61). جامعة الكويت، الكويت.
44. الدربندي، عبد الرحمن سليمان (د. ت). المرأة العراقية المعاصرة. وزارة التربية، العراق.
45. الدويك، يوسف راتب (1405هـ). "الرياضة في الإسلام". مجلة التربية. العدد (72). قطر.
46. دياب، عبد العزيز أحمد (1416هـ). "الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج". مجلة جامعة الملك عبد العزيز ـ الاقتصاد والإدارة. (د.ع). المجلد التاسع، جامعة الملك عبد العزيز، جدة.
47. الرازي، أبو بكر محمد بن زكريا (1421هـ). الحاوي في الطب. تحقيق محمد محمد إسماعيل. بيروت: دار الكتب العلمية.
48. رشاد، نادية محمد (د. ت). التربية الصحية والأمان. (د. ط) الإسكندرية: منشأة المعارف.
49. الزحيلي، وهبة (1405هـ). الفقه الإسلامي وأدلته. ط2. دمشق: دار الفكر.
50. الزرقاء، مصطفى أحمد (1408هـ). الاستصلاح والمصالح المرسلة في الشريعة الإسلامية وأصول فقهها. دمشق: دار القلم.
51. الزركلي، خير الدين (1980م). الأعلام. ط 5. بيروت: دار العلم للملايين.(97/471)
52. السالم، زغلولة (1997م). صورة المرأة العربية في الدراما المتلفزة. (د. ط). عمان: دار آرام.
53. السرخسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل (د. ت). شرح كتاب السير الكبير. تحقيق صلاح الدين المنجد. (د. ط). (د. م): (د.ن).
54. السعدي، عبد الرحمن ناصر (1415هـ). الفتاوى السعدية. بيروت: عالم الكتب.
55. السفاريني، أبو العون شمس الدين محمد بن أحمد النابلسي الحنبلي (د. ت). غداء الألباب. (د. ط). (د.م): مؤسسة قرطبة.
56. أبو سنة، أحمد فهمي (1412هـ). العرف والعادة في رأي الفقهاء. ط2. (د. م): (د. ن).
57. الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي المالكي (د. ت). الموافقات. عناية عبد الله دراز ومحمد عبد الله دراز: (د. ط). بيروت: دار المعرفة.
58. ابن شبة، أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري (د. ت). تاريخ المدينة المنورة. تحقيق فهيم محمد شلتوت. (د. ط). (د. م): (د. ن).
59. الشربيني، محمد الخطيب (د. ت). مغني المحتاج. (د. ط). بيروت: دار الفكر.
60. شريف، سعيدة (1419هـ ربيع الآخر 27). "حوادث السير.. حرب صامتة في المغرب". صحيفة الشرق الأوسط. العدد (6204). لندن.
61. شعبان، زكي الدين (1394هـ). أصول الفقه الإسلامي. ط3. بيروت: دار القلم.
62. الشيباني، عبد الله بن أحمد ـ محمد بن حنبل المروزي (1421هـ). فضائل عثمان بن عثمان. جدة: دار ماجد عسيري.
63. شيخاني، سمير (1416هـ). سجل الأيام. بيروت: دار الجيل.(97/472)
64. الصالح، ناصر عبد الله (1408هـ). حوادث المرور بمدينة مكة المكرمة ـ العلاقات المكانية والاتجاهات الزمانية. (د. ط). مركز بحوث العلوم الاجتماعية، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
65. الصوفي، محمد سالم (1418هـ). "الشباب الباحث عن الموت". مجلة المجتمع. العدد (1261). جمعية الإصلاح الاجتماعي، الكويت.
66. الصنيع، عبد الله علي (1415هـ). دراسات في قضايا المدن المعاصرة والتحضر بأقلام نخبة من العلماء الأفاضل. جدة: دار المجتمع.
67. الظفيري, عبد الوهاب محمد(1421هـ). "النساء المعيلات للأسرة في حالة غياب الأب ـ نموذج أسر الشهداء". مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية. العدد (98). جامعة الكويت، الكويت.
68. ابن عابدين، محمد أمين (1412هـ). حاشية رد المحتار. ط 2. بيروت: دار الفكر.
69. العالم، إسماعيل أحمد (2000م). "الصور الحركية ومجالاتها في شعر الأخطل". المجلة العربية للعلوم الإنسانية، العدد (71). جامعة الكويت، الكويت.
70. عبد الخالق، أحمد محمد وعويد سلطان المشعان (1419هـ). "المخاوف الشائعة لدى الأطفال والمراهقين الكويتيين ومدى تأثرها بالعدوان العراقي". مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية. العدد (89). جامعة الكويت، الكويت.
71. ابن عبدالسلام، أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (د. ت). قواعد الأحكام في مصالح الأنام. تحقيق محمود التلاميد الشنقيطي. (د. ط). بيروت: دار المعرفة.
72. عبد العال، جمال عبد المحسن (1418هـ). "الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها". الندوة العلمية الأربعون بعنوان: أساليب ووسائل الحد من حوادث المرور ـ الرياض 1417هـ. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.(97/473)
73. عبد الفتاح، فاطمة (1414هـ). الحياة الاجتماعية في الشعر الجاهلي. (د. ط). بيروت: دار الفكر.
74. العريني، محمد ناصر (1420هـ). المرأة بين تكريم الإسلام ودعاوي التحرير. ط 2. الرياض: مطبعة سفير.
75. علي، بدر الدين (1410هـ). قضاء وقت الفراغ لدى الشباب العربي. (د. ط). المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض.
76. عياض، أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي (1419هـ). إكمال المعلم بفوائد مسلم. تحقيق يحيى إسماعيل، المنصورة: دار الوفاء.
77. العيسوي، عبد الرحمن (1419هـ). علم نفس الشواذ والصحة النفسية. بيروت: دار الراتب الجامعية.
78. عيسى، مصباح الحاج (1407هـ). "استخدام الهاتف والشاشة الإلكترونية في التعليم عن بعد بدول الخليج العربية". المجلة العربية لبحوث التعليم العالي. العدد (6). المركز العربي لبحوث التعليم العالي، دمشق.
79. الغامدي، علي سعيد (1418هـ). "تقنية المستقبل في مواجهة مشكلة المرور". الندوة العلمية الأربعون بعنوان: أساليب ووسائل الحد من حوادث المرور ـ الرياض 1417هـ. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
80. فهيم، محمد عيسى وآخران (1405هـ). السلوك المزعج الصادر عن السائقين أثناء القيادة ـ دراسة ميدانية بمدينة مكة المكرمة. (د. ط). مركز البحوث التربوية والنفسية، كلية التربية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
81. القاري، نور الدين علي بن سلطان الهروي (د. ت) شرح عين العلم وزين الحلم. (د. ط). القاهرة. مكتبة الثقافة الدينية.
([1]) انظر: المحرر. قطوف رمضان 1422هـ. ص 6 ـ 10.
([2]) الدراسات مرتبة حسب سنة النشر.(97/474)
([3]) انظر: أ ـ الحسيني، عائشة. إعداد وتنمية القيادات الإدارية النسائية في قطاع التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية. ص 113.
ب ـ الحسيني، عائشة. "التخطيط للاحتياجات من الكفاءات الإدارية النسائية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة نظرية ميدانية" ج 1، ص 406.
ج ـ المحرر. قطوف شعبان 1421هـ . ص 95.
([4]) أسعد، يوسف ميخائيل. الشخصية القوية. ص 218.
([5]) انظر: البرهاني، محمد هشام. سد الذرائع في الشريعة الإسلامية. ص 334.
([6]) انظر: علي، بدر الدين. قضاء وقت الفراغ لدى الشباب العربي. ص 85 و 158.
([7]) انظر: المطير، عامر ناصر. "قيادة التلاميذ للسيارات وأثرها على الحركة المرورية في المملكة العربية السعودية" ص 49 و 54.
([8]) انظر: الدربندي، عبد الرحمن سليمان. المرأة العراقية المعاصرة. ج 1، ص 184 ـ 185.
([9]) انظر: تيس، سي. و د. بيركس. "دور المرأة في الريف العماني" ص 106 ـ 107.
([10]) تبقى للضرورة حدودها التي تُقدر بقدرها للنساء المضطرات للقيادة في بعض البلاد.
([11]) المقصود بالمبرر الفقهي هنا: هو المعنى الاصطلاحي الخاص لكلمة "الفقه" وهو الجانب العملي التطبيقي من الشريعة الإسلامية المنزلة، وحكم الفقهاء في مسألة قيادة المرأة للمركبات بناء على المصادر الفقهية.
([12]) البرديسي، محمد زكريا. أصول الفقه. ص 308.
([13]) انظر: ابن تيمية. مجموع الفتاوى. ج 1، ص 265.
([14]) ابن عبد السلام. قواعد الأحكام في مصالح الأنام. ج 1. ص 12.
([15]) الوكيل، محمد. فقه الأولويات ـ دراسة في الضوابط. ص 225.(97/475)
([16]) الشاطبي. الموافقات. ج 4، ص 199.
([17]) الزرقاء، مصطفى أحمد. الاستصلاح والمصالح المرسلة في الشريعة الإسلامية وأصول فقهها. ص 45.
([18]) منظمة المؤتمر الإسلامي. قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي. ص 209 (بتصرف).
([19]) ابن القيم. إعلام الموقعين عن رب العالمين. ج 3. ص 135.
([20]) الإدريسي، عبدالواحد. القواعد الفقهية من خلال كتاب المغني لابن قدامة. ص 428.
([21]) المرجع السابق. ص 430.
([22]) المرجع السابق. ص 430.
([23]) القاري. شرح عين العلم وزين الحلم. ج 1، ص 47.
([24]) الإدريسي، عبدالواحد. القواعد الفقهية من خلال كتاب المغني لابن قدامة. ص 427.
([25]) انظر: ولي، نور بيكم محمد. دراسة استطلاعية عن كيفية ودواعي اعتماد الأسرة السعودية على السائقين المستقدمين ص 68، 158 ـ 159.
([26]) انظر: البورنو، محمد صدقي. الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية. ص 206.
([27]) البرهاني، محمد هشام. سد الذرائع في الشريعة الإسلامية. ص 210.
([28]) إدريس، عبد الفتاح محمود. أحكام العورة في الفقه الإسلامي ـ بحث مقارن. ج2، ص 569.
([29]) قلعه جي، محمد رواس وحامد صادق قنيبي. معجم لغة الفقهاء. ص 200.
([30]) السفاريني. غذاء الألباب. ج 2، ص 22.
([31]) انظر: أ ـ عياض. إكمال المعلم بفوائد مسلم. ج 8, ص 287 ـ 288.
ب ـ ابن بطال. شرح صحيح البخاري. ج 8، ص 39.(97/476)
([32]) مثل: ابن إبراهيم. فتاوى ابن إبراهيم. ج10 ، ص 52 – 54.
([33]) خلف، سليمان نجم. "العولمة والهوية الثقافية ـ تصور نظري لدراسة نموذج مجتمع الخليج والجزيرة العربية" ص 75.
([34]) انظر: أ ـ ابن باز، عبد العزيز عبد الله. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة. ج 3، ص 351 ـ 353.
ب ـ المسند، محمد. فتاوى المرأة. ص 192 ـ 194.
جـ ـ المجدوب، أحمد علي. اغتصاب النساء في المجتمعات القديمة والمعاصرة. ص 201 ـ 202.
د ـ العريني، محمد ناصر. المرأة بين تكريم الإسلام ودعاة التحرير. ص 65 ـ 78.
بوحجي، هناء. "البحرين تمنع المنقبات من قيادة السيارات" ص 28.
([35]) الموسى، عبد الرسول. "الوظيفة كأحد إفرازات التحضر في الكويت" ص 128.
([36]) الحسيني، عائشة. إعداد وتنمية القيادات الإدارية النسائية في قطاع التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية. ص 113.
([37]) انظر: شعبان، زكي الدين. أصول الفقه الإسلامي. ص 386 ـ 387.
([38]) انظر: المحرر. قطوف جمادى الأولى 1419هـ. ص 9.
([39]) المحرر. "سياقة المرأة للسيارة تقصر العمر" ص 1.
([40]) انظر: أ. النافع، عبد الله وخالد السيف. تحليل الخصائص النفسية والاجتماعية المتعلقة بسلوك قيادات السيارات بالمملكة. ص 49 ـ 50، 60.
ب ـ الصالح، ناصر عبد الله. حوادث المرور بمدينة مكة المكرمة ـ العلاقات المكانية والاتجاهات الزمانية. ص 35.
جـ ـ دياب، عبد العزيز أحمد. "الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج" ص 6 ـ 7.(97/477)
([41]) المحرر. قطوف صفر 1419هـ. ص 123.
([42]) الغامدي، علي سعيد. "تقنية المستقبل في مواجهة مشكلة المرور" ص 70.
([43]) انظر: أ ـ الصنيع، عبد الله علي. دراسات في قضايا المدن المعاصرة والتحضر بأقلام نخبة من العلماء الأفاضل. ص 217.
ب ـ المحرر. قطوف ربيع الثاني 1423هـ. ص 123.
([44]) المحرر. قطوف ربيع الثاني 1422هـ. ص 112.
([45]) الرازي. الحاوي في الطب. ج 3، ص 1456.
([46]) بكار، عبد الكريم. مدخل إلى التنمية المتكاملة ـ رؤية إسلامية ص 355.
([47]) انظر: المحرر. قطوف شعبان 1421هـ. ص 96.
([48]) انظر: أ ـ دياب، عبد العزيز أحمد. "الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج" ص 10 ـ 11.
ب ـ عبد العال، جمال عبد المحسن. "الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها" ص 22.
([49]) العيسوي، عبد الرحمن. علم نفس الشواذ والصحة النفسية ص 269.
([50]) باشا، حسان شمسي. النوم والأرق والأحلام بين الطب والقرآن. ص 48.
([51]) انظر: أ ـ حسون، تماضر زهري. تأثير عمل المرأة على تماسك الأسرة في المجتمع العربي. ص 66 ـ 67، 152 ـ 153.
ب ـ يونس، منى. "اعتراضات المرأة العاملة على العمل ـ بحث استطلاعي" ص 209 ـ 211.
([52]) عبد العال، جمال عبد المحسن. "الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها" ص 28.
([53]) انظر: كحالة، عمر رضا. المرأة في القديم والحديث. ج 3، ص 62.
([54]) الصوفي، محمد سالم. "الشباب الباحث عن الموت" ص 10.(97/478)
([55]) انظر: عبد الخالق، أحمد ومحمد وعويد سلطان المشعان. "المخاوف الشائعة لدى الأطفال والمراهقين الكويتيين ومدى تأثرها بالعدوان العراقي" ص 328.
([56]) محمد، عادل شكري وفريح عويد العنزي. "دراسة إنمائية لبعض المتغيرات الباثولوجية لدى فئات عمرية متباينة" ص 115.
([57]) النابلسي، محمد أحمد. "رهاب الساح ـ دراسة حالة واستراتيجية علاج" ص 186.
([58]) انظر: أ ـ الجراية، أنور. "الشخصية" ص 50.
ب ـ السالم. زغلولة. صورة المرأة العربية في الدراما المتلفزة. ص 66 و 70.
جـ ـ بكار، نادية أحمد. "مدى وعي معلمات الجغرافيا بقضية سوء فهم المناهج الجغرافية"ص 67، 88.
د ـ باول، دوغلاس. تسع خرافات عن الشيخوخة. ص 102.
([59]) انظر: أ ـ الدباغ ، فخري. أصول الطب النفساني. ص 214 و 253 و 346.
ب ـ المالكي، موزة. "علم النفس حول العالم العدد (31)". ص 17.
([60]) النابلسي، محمد أحمد، "الاضطرابات النفسية لدى المرأة" ص 64 و 66 ـ 67.
([61]) انظر: أ ـ البار، محمد علي. خلق الإنسان بين الطب والقرآن. ص 103.
ب ـ رشاد، نادية محمد. التربية الصحية والأمان. ص 73.
([62]) الحنفي، عبد المنعم. الموسوعة النفسية الجنسية. ص 809.
([63]) انظر: أ ـ دياب، عبد العزيز أحمد. "الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج" ص 4 و 6.
ب ـ قربة، جهاد محمد. "طبيعة العلاقات المجالية للحوادث المرورية داخل الوسط الحضري لمدينة الشارقة ـ دراسة تحليلية لفترة التوسع 1987 ـ 1992م". ص 103 ـ 104.(97/479)
([64]) أ - الحفني، عبد المنعم. الموسوعة النفسية- علم النفس والطب النفسي. ص 136 – 138.
ب- الحفني، عبد المنعم. الموسوعة النفسية- علم النفس والطب النفسي. ص 140.
([65]) معلومة غير موثقة بالمراجع منقولة من بعض أهل الخبرة ممن عاش في بعض الدول الغربية.
([66]) انظر: المسيري، عبد الوهاب. "الفكر الغربي ـ مشروع رؤية نقدية" . ص 133.
([67]) انظر: أ ـ ابن حزم. المحلى بالآثار. ج 11، ص 273 ـ 276.
ب ـ الكاساني. بدائع الصنائع. ج 7، ص 255 ـ 257.
ج ـ النووي. صحيح مسلم بشرح النووي. ج 11، ص 176 ـ 177.
د ـ الشربيني. مغني المحتاج. ج 4، ص 95.
هـ ـ المرداوي. الإنصاف. ج 10، ص 124.
و ـ القرطبي. الجامع لأحكام القرآن. ج 5. ص 326.
ز ـ ابن حجر. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. ج 26، ص 80 ـ 81.
حـ ـ ابن عابدين. حاشية رد المختار. ج 6، ص 564 و 642 ـ 643.
ط ـ البهوتي. كشاف القناع. ج 6، ص 61.
ي ـ زحيلي، وهبة. الفقه الإسلامي وأدلته. ج 6، ص 322 ـ 323.
ك ـ أبو جيب، سعدي. موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي. ج 1، ص 426.
ل ـ الحربي، سعد شارع. الأحكام الخاصة بالمرأة ص 421.
([68]) انظر: الترمذي. الجامع الصحيح. رقم (2110). ج 4، ص 425 ـ 426. (حديث حسن صحيح).
([69]) انظر: أ ـ السعدي، عبد الرحمن ناصر. الفتاوى السعدية. ص 83.
ب ـ أبو سنة، أحمد فهمي. العرف والعادة في رأي الفقهاء. ص 242 ـ 244.(97/480)
([70]) انظر: منظمة المؤتمر الإسلامي. قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي. ص 20.
([71]) أدى ظهور التأمين الإلزامي على رخص القيادة في المملكة إلى إحجام كثير من أفراد القبائل عن الإسهام المالي المعتاد في صناديقهم التعاونية، مما أثار جدلاً مع رؤساء قبائلهم. انظر: المحرر. قطوف ذو الحجة 1423هـ. ص 124.
([72]) انظر: أ ـ الصنيع، عبد الله علي. دراسات في قضايا المدن المعاصرة والتحضر بأقلام نخبة من العلماء الأفاضل. ص 267 ـ 272.
ب ـ عبد العال، جمال عبد المحسن. "الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها". ص 14.
ج ـ شريف، سعيدة. "حوادث السير.. حرب صامتة في المغرب" ص 15.
د - المحرر. "حوادث السير تقتل ثلاثة أشخاص كل يوم في لبنان". ص 15.
([73]) دياب، عبد العزيز أحمد. "الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية ـ دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلاج". ص 8.
([74]) انظر: النافع، عبد الله وخالد السيف. تحليل الخصائص النفسية والاجتماعية المتعلقة بسلوك قيادات السيارات في المملكة. ص 4.
([75]) عبد العال، جمال عبد المحسن. "الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها" ص 17 ـ 19.
([76]) فهيم، محمد عيسى وآخران: "السلوك المزعج الصادر عن السائقين أثناء القيادة ـ دراسة ميدانية بمدينة مكة المكرمة". ص 6. (بتصرف).
([77]) الوهيد، محمد سليمان. "القيم الاجتماعية وأثرها في مشكلة المرور". ص 43.
([78]) أ ـ المجرن، عباس علي "محددات الطلب العالمي على الجازولين" ص 96 ـ 97.
ب ـ مارتن، هانس بيتر وهارالد شومان. فخ العولمة. ص 73 ـ 74.(97/481)
([79]) القدسي، سليمان. سياسات أسواق العمالة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ص 19 ـ 20.
([80]) انظر: أ ـ السرخسي. شرح كتاب السير الكبير. ج 1، ص 136 ـ 137.
ب ـ قطب، سيد. في ظلال القرآن. ج 1، ص 580.
جـ ـ هامرتن، جون وآخرون. تاريخ العالم. ج 5، ص 377 ـ 398.
([81]) انظر: أشكناني، زبيدة علي. "مذكرات أميرة عربية- الإثنوغرافيا والسيرة الذاتية". ص 132.
([82]) الدويك، يوسف راتب. "الرياضة في الإسلام" ص 121.
([83]) انظر: معاليقي، عبد اللطيف. المراهقة ـ أزمة هوية أم أزمة حضارية. ص 146 ـ 147.
([84]) انظر: أ ـ الجاحظ. البغال. ص 24.
ب ـ ابن جزي. الخيل. ص 296 ـ 302.
جـ ـ الأسود. أسماء خيل العرب وأنسابها وذكر فرسانها. ص 15 ـ 20 و 291 ـ 319.
([85]) انظر: الجوهري، محمد فائق. العادة السرية عند الرجال والمرأة. ص 25.
([86]) انظر: أ ـ ابن شبَّه. تاريخ المدينة المنورة. ج 4، ص 1311 ـ 1313.
ب ـ الجاحظ. البغال. ص 26 و 31 و 47 ـ 52.
جـ ـ الشيباني. فضائل عثمان بن عفان. ص 136.
([87]) انظر: أ ـ البخاري. صحيح البخاري. ص (3251). ج 3، ص 1266 ورقم (3910). ج 4،
ص 1517.
ب ـ الحاكم. المستدرك. ج 4، ص 42 ـ 43. (حديث فيه إرسال... وقد رُوي بإسناد صحيح... مختصرًا).
جـ ـ البيهقي. السنن الكبرى. ج 4، ص 34 ـ 35.(97/482)
د ـ المقريزي. إمتاع الأسماع. ص 114.
هـ ـ ابن منظور. لسان العرب. ج 2، ص 389. (هدج).
و ـ ابن حجر. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. ج 19، ص 150.
ز ـ الزركلي. الأعلام. ج 3، ص 114 ـ 115.
([88]) انظر: أ ـ النسائي. سنن النسائي. ج 5، ص 120. (صحيح) الألباني، محمد ناصر الدين. صحيح سنن النسائي. ج 2، ص 560.
ب ـ عياض. إكمال المعلم بفوائد مسلم. ج 4، ص 369.
جـ ـ محمد، طارق عوض الله. الجمع والتوضيح لمرويات الإمام البخاري وأحكامه في غير الجامع الصحيح. ج 1، ص 514.
د ـ عبد الفتاح، فاطمة. الحياة الاجتماعية في الشعر الجاهلي. ص 104.
([89]) انظر: أ ـ ابن منظور. لسان العرب. ج 2، ص 389. (هدج).
ب ـ قلعه جي، محمد رواس وحامد صادق قنيبي. معجم لغة الفقهاء. ص 496.
([90]) انظر: النابلسي. تعطير الأنام في تعبير المنام. ص 466.
([91]) المرزبان. المروءة. ص 58.
([92]) انظر: ابن بطال. شرح صحيح البخاري. ج 5، ص 147.
([93]) انظر: عياض. إكمال المعلم بفوائد مسلم. ج 7، ص 287.
([94]) مسلم. صحيح مسلم. رقم (2323). ج 4، ص 1811.
([95]) ابن منظور. لسان العرب. ج 5، ص 87. (قرر).
([96]) ابن شبَّه. تاريخ المدينة المنورة. ج 1، ص 329.
([97]) نفسه. ج 1، ص 330.
([98]) ترجمة الأخطل غياث بن غوث. انظر: الزركلي. الأعلام. ج 5، ص 123.
([99]) العالم، إسماعيل أحمد. "الصور الحركية ومجالاتها في شعر الأخطل" ص 189 ـ 190.
([100]) انظر: المحرر. "علم النفس حول العالم العدد (17)". ص 20.(97/483)
([101]) شيخاني، سمير. سجل الأيام. ج 3، ص 229.
([102]) انظر: أ ـ المجدوب، أحمد علي. اغتصاب النساء في المجتمعات القديمة والمعاصرة. ص 54.
ب ـ أيوب، ياسر. الانفجار الجنسي في مصر. ص 179.
جـ ـ حمود، رفيقة سليم. المرأة المصرية ـ مشكلات الحاضر وتحديات المستقبل. ص 72.
([103]) أحمد، عبد الرحمن يسري. تنمية الصناعات الصغيرة ومشكلات تمويلها. ص 25.
([104]) انظر: أ ـ المحرر. "تعويم أفكار في الكويت لرفع معدل تشغيل النساء". ص 11.
ب ـ المحرر. "فرص وظيفية للمرأة بأسلوب العمل من بعد". ص 17.
([105]) انظر: أ ـ البدر، محمد عبد العزيز. "الإعلام التربوي في دول الخليج العربية". ص 49.
ب ـ عيسى، مصباح الحاج. "استخدام الهاتف والشاشة الإلكترونية في التعليم عن بعد بدول الخليج العربية". ص 51 ـ 54.
جـ ـ جبر، يحيى عبد الرؤوف. "مشروع تلفزة الأيام الدراسية". ص 30 ـ 31.
([106]) عبد العال، جمال عبد المحسن. "الحوادث المرورية والعناصر الحاكمة لها" ص 22 ـ 24.
([107]) المطير، عامر ناصر. "قيادة التلاميذ للسيارات وأثرها على الحركة المرورية في المملكة العربية السعودية".
ص 49.
([108]) بيوشامب، إدوارد. التعليم الياباني والتعليم الأمريكي ـ دراسة مقارنة. ص 28.(97/484)
([109]) المجرن، عباس علي. "محددات الطلب العالمي على الجازولين". ص 110 ـ 111.
([110]) أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية. "توصيات الندوة العلمية الأربعين". ص 156.
([111]) الظفيري، عبد الوهاب محمد. "النساء المعيلات للأسرة في حالة غياب الأب ـ نموذج أسر الشهداء". ص 34.
ــــــــــــــ
الهدف من وراء خروج المرأة
حرص أعداء الإسلام على استغلال المرأة المسلمة لهدم مبادئ الأمة الإسلامية من الداخل، ولقد تعددت المداخل التي دخلوا منها للمرأة المسلمة، ومن أهمِ تلك المداخل:
حثُّ المرأة المسلمة على الخروج من البيت، إما للعمل أو لمزاولة نشاطاتٍ في عدد من المجالات المختلفة، وقد تمت تهيئة مختلف وسائل الاختلاط بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، مع ضعف الضوابط التي تضبطُ المرأة.
وقد بدأت عملية إخراج المرأة من بيتها بعرض وظائف متعددة للنساء، ووضع المميزات والمغريات المادية، التي تحفزهنَّ للعمل، وأصبحت النساء ينافسن الرجال في أعمال لم يخلقن لمثلها، وقد فتحت الأقسام النسائية في عددٍ من الأماكن، التي كان من الممكن شغرها بالرجال الذين ضاقت عليهم سبل العيش، ولا يجدُ الواحد منهم مالاً يكتسب منه قوته ويلم شعثه ، ويحصنُ نفسه بالزواج ، ويكون أسرةً مسلمةً لها مردودها الإيجابي على المجتمع كافة، ومن هذا يدخل في عالم الفراغ ، ويغلبهُ ضعفُ الإيمان في قلبه، وتغلبه شهوته، ليبدأ أعماله الإجرامية كالسرقة والزنا واللواط، وتعاطي المخدرات .
ونتيجةً لهذا يحكم عليه بالإجرام ، ويقضى على عنصرٍ فعالٍ في المجتمع ، وما ذلك إلاَّ نتيجة استجابتنا لنداءاتٍ مغلفةٍ بغلافٍ براق، يسلب الناظر إليه عقله، ومن خلف هذا البريق يكمن الخطر .(97/485)
وقد نجد بيتاً يقوم عليه شاب فقد أباه، وتحمل أعباء أسرته كاملة، والتي تضمُ أمه وإخوانه وأخواته، وهذا الشاب المسكين يتقلبُ يمنةً ويسرةً للبحث عن عمل يستطيع أن يكفَّ به حاجة أسرته فلا يجد، وفي المقابل نجد بيتاً يقومُ عليه رجلٌ يتمتع بمركزٍ وظيفي مرموق، يفيضُ دخلهُ عن حاجته، ونجد زوجتهُ وبناته يعملنَّ أيضاً، فيكون لديهم من الدخل ما يكفي لإنقاذ أسرٍ متعددة، ولا مانع في أن يكون عمل المرأة قصر على الحاجة الملحة، كأن تكون معلمةً أو مطببةً لبنات جنسها، وماعدا ذلك فهو من اختصاص الرجال ولا ينبغي أن تشاركهم فيه النساء ، ولو طبق هذا لكان الخطبُ أهون، لكننا نجدُ الأمة تنساق وراءَ تيارٍ جارف، يدعونا الميثاق الذي أخذهُ الله علينا لانتشالها منه، فالمخطط واضحٌ ومكشوف، والأهمُّ من ذلك عملهم في إبعاد المعوقات التي قد تواجهُ المرأة ، فمثلا .
المرأة التي يعوقها أطفالها عن العمل، نجد دور الحضانة قد هيئت لذلك، ونجد التعليم في بلاد المسلمين وغيرها إنما يهيئُ المرأة للعمل، لا لتكون ربة بيت .
وإلى هذا أشار أحد رجال الفكر من الكفار أنفسهم في كتاب ألفهُ، والذي نال إعجابهم لدرجة أنَّهُ حاز على جائزة نوبل للأدب ، وهذا يعني إقرار منهم لما جاءَ فيه من أراء، والمؤلفُ اسمه ( ألكسس كارين ) وقد سمَّى كتابه (الإنسان ذل المجهول ) ، وقد نقد التعليم عندهم قائلا: ( يجبُ أن تحسب قوانين التعليم وبخاصةً تلك التي تتعلقُ بالبنات، والزواج والطلاق، حساب مصلحة الأطفال قبل كل شيء، وينبغي أن تتلقى النساءُ تعليماً أعلى، لا لكي يصبحنَ طبيباتٍ أو محامياتٍ أو أستاذات، ولكن لكي يربين أولادهنَّ حتى يكونوا قوماً نافعين) ويقول أيضاً : ( أليس من العجيبِ أنَّ برامج تعليم البنات لا تشتملُ بصفة عامة على أيةِ دراسةٍ مستفيضةٍ للصغار والأطفال، وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجبُ أن تعادَ للمرأة وظيفتها الطبيعية، التي لا تشتملُ الغربيين على الحمل فقط، بل أيضاً على رعاية صغارها)، ونحنُ نذكرُ هذا لا لحاجتنا إليه، فديننا الإسلامي ولله الحمد قد بين كل شيء ، ولكن نذكره لمن يسودُ(97/486)
وجهه إذا سمع المقالة صدرت عن أحدٍ من أعلام المسلمين، وتهلل وجههُ فرحاً إذا ذكرت له مقولةً لأحد الغربيين، فيقول هاهُم العقلاء .
وأصحابُ تلك البلاد ينتقدون هذه الأوضاع التي جلبوها إلى بلادنا ، ليبدؤوا بنا من حيث انتهوهم ، وليساوونا بهم ، مع أن وضعنا يختلف عن وضعهم ، فئن كانت المرأة في الغرب معذورةً لأنَّها لا تجدُ الدين الذي يحفظ لها حقها ، ولا الرجل الذي يقوم برعايتها، ولا تجد المجتمع الذي يحتضنها إذا عجزت وخارت قواها، فما عذر المرأة في ديار الإسلام وقد أكرمها الله أماً ، وبنتاً ، وزوجةً ، وذات رحم ، ألم يكفل الله لها حقوقها ؟ فحقها كأم مقدمٌ على حق الأبِ كما جاءَ في حديث النبي- صلى الله علية وسلم- إذ جاءه رجلٌ فقال : (( يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ فقال : أمك ، قال ثم من ؟ قال: أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من ؟ فقال: أبوك )) .
وكفل لها حقها وهي طفلة ، عندما أنقذها من براثنِ الجاهلية التي كانت تفتكُ بها وتغتالها ، ((وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)) (سورة التكوير :9,8)[1]صدق الله العظيم.
وكفل اللهُ سبحانه وتعالى للمرآةِ حقها وهي زوجة، ففي الصحيحين عنهُ - صلى الله عليه وسلم - قال : (( استوصوا بالنساء خيرا )) وفي الحديث الصحيح عن الترمذي وغيره ، عنه- صلى الله علية وسلم- قال : ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) . وفي الصحيحين عنه- صلى الله علية وسلم- قال : (( إذا انفق الرجل على أهله نفقةً يحتسبها فهي لهُ صدقه )) .
ولو ذهبنا نتبعُ النصوص الشرعية الواردة في بر الوالدين، وفي الإحسان للبناتِ والزوجةِ والأقارب، لطالَ المقامُ بنا، وهذا أمرٌ لا يكاد يخفى، بل إنَّ حالَ الغرب كحالنا بل هو أشد وطأة، ووضعهم الاجتماعي في غايةٍ من التفكك .
[1] سورة التكوير آية رقم (8،9)
ــــــــــــــ(97/487)
وقرن في بيوتكن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .
أما بعد : فلا تزالُ الدعوات المشبوهة ، والنداءات المسمومة، تنطلقُ من هنا وهناك، تطالب بخروجك ـ أختي المسلمة ـ من حصنك الحصين، وبيتك الأمين، بحججٍ واهية ، وادعاءاتٍ زائفة كقولهم : يجبُ أن تخرج المرأة من بين الجدران الأربع، فإنَّ حبسها في بيتها هدرٌ لكرامتها ، وشلٌ لحركتها ، وتعطيلٌ لطاقاتها ونتاجها العلمي والعملي والفكري .
وهذهِ المقولات وغيرها، راجت على بعضِ نساءِ الأمة، فانجرفنَ خلفها بلا أدنى نظرٍ أو إعمالٍ فكر، في مصداقيةِ هذه النداءات، ومدى صحة تلك الشعارات .
ولا يخفى على المرأةِ المسلمة أنَّ أعداءَ الإسلامِ لا يترددون في أي أمرٍ يُفسدُ على المسلمين دينهم قبل دنياهم .
قال غلادستونه: وهو أحد الصليبيين الحاقدين : ( لن تستقيمَ حالةُ الشرق ما لم يُرفع الحجاب عن وجهِ المرأة، ويُغطى به القرآن ) .
أما الصليبي الآخر زويمر، فقال : ( على النصارى ألا يقنطوا إذ من المحقق أنَّ المسلمين قد نما في قلوبهم الميلُ الشديد إلى علوم الأوربيين، و إلى تحرير نسائهم ) .
أما ثالثةُ الأثافي فهو الصليبي (جان بول رو )فيقول : ( إنَّ التأثير الغربي الذي يظهرُ في كل المجالات، ويقلبُ المجتمع الإسلامي رأساً على عقب، لا يبدو في جلاءٍ أفضل بما يبدو في تحرير المرأة )
هذه بعض أقوالهم ومخططاتهم في أمرِ المرأة، وهي غيضٌ من فيض،[1]وقليلٌ من كثير
ولذا كتبتُ هذه الرسالة إيضاحاً للحق للتائهات ، وتثبيتاً لقلوبِ المؤمنات ، وإناساً لأفئدةِ الصالحات ، وعلى اللهِ قصدُ السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
المبحث الأول : ثمرات بقاء المرأة في بيتها(97/488)
إنَّ مما لا يخفى على كل ذي لبٍّ أنَّ المرأة هي العمود الفقري للأسرة ، وكما قيل : وراءَ كل عظيمٍ امرأة تربى في حجرها .
إنَّ عمل المرأةِ في بيتها إن ظنهُ البعض صغيراً فهو كبير، تلتقي فيه كثير من التخصصات، ويحتاجُ لما تحتاج له دول ، يحتاجُ للعلم والفكر ، يحتاج الدقة ، يحتاج الإدارة ، يحتاج الاقتصاد ، يحتاج الرقة والإحساس ، يحتاج لسمو المبادئ .
إنَّ المرأة التي تنظرُ لعمل البيت نظرةَ استصغار، لدليلٌ على أنَّها لم تفهمه حق الفهم ، ومن ثَمَّ لن تقوم به ، كذلك الذين يرون أنَّها معطَّلةً في بيتها، إما أنَّهم لا يفهمون هذا العمل ، أو أنَّهم يفهمونه ولكن في قلوبهم مرض .
هل يصحُ أن نقول : إنَّ المرأة إذا تفرغت للعنايةِ بالأسرة تبقى معطلةً ويخسر المجتمع نصف طاقاته ؟
إنَّ العمل في اللغة : هو المهنة والفعل ، يقال : عمل عملاً أي فعل فعلاً عن قصد . وفي الاقتصاد هو مجهودٌ يبذلهُ الإنسان لتحصيل منفعة [2]
وبتأمل عمل المرأة المنزلي، نجدهُ يدخلُ ضمن مفهومِ العمل بمعناهُ اللغوي والاقتصادي ، بل إنَّ الاقتصاديين يعدون صراحةَ العمل المنزلي عملاً منتجاً ، حيثُ يقول د / عبد الرحمن يسري أحمد : ( إنَّ إهمال تقديرِ خدمات وأعمال ربات المنازل عند حساب الناتج القومي، يؤدي إلى كثيرٍ من المغالطات )[3] ويؤكدُ التقريرُ الصادر من الأممِ المتحدة عن القيمةِ الاقتصادية لعمل المرأة في البيت، فيقول : ( لو أنَّ نساء العالم تلقين أجوراً نطير القيام بالأعمال المنزلية ، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد ، ولو قامت الزوجات بالإضراب عن القيام بأعمال المنزل، لعمت الفوضى العالم، سيسيرُ الأطفال في الشوارع ، ويرقدُ الرضع في أسرتهم جياعاً تحت وطأةِ البرد القارس ، وستتراكم جبال من الملابس القذرةِ دون غسيل ، ولن يكون هُناك طعامٌ للأكل، ولا ماء للشرب . ولو حدث هذا الإضراب ، فسيُقدر العالم أجمع القيمة الهائلة لعمل المرأة في البيت ) .(97/489)
ويمضي التقريرُ فيقول : ( عمل المرأة المنزلي غير منظور لدى الكثيرين ، وإنَّ المرأةَ لا تتلقى أجراً نظيرَ القيام بهذا العمل ، إنَّ هذا العمل حيوي، وعلى جانبٍ عظيم من الأهمية، غير أنَّ هذه الساعات الطويلة من عناءِ المرأة لا يدركهُ الكثيرون، لأنَّه بدون أجر ) .
ثمَّ يقولُ التقرير : ( إنَّ المرأةَ لو تقاضت أجراً لقاءِ القيام بأعمالها المنزلية، لكان أجرها أكثر من 14500دولار في السنة، وإنَّ النساءَ الآن في المجتمعات الصناعية يساهمنَ بأكثر من 25% إلى 40% من منتجات الدخل القومي. بأعمالهن المنزلية ) [4]
ولكي نجعل الأمر أكثر وضوحاً، نتساءلُ عن رأي أصحابِ هذا المصطلح في المربياتِ والخادمات، ممن يعملنَ بأجرٍ في المنازل، هل يشملهنَّ مفهومهم للعمل أم لا ؟
وأحسبهم لا يُجيبون إلاَّ بنعم ، لذا فإننا نقول : إنَّ المرأةَ في بيتها تقومُ بكلِّ هذا وزيادة، فلماذا لا يشملها مفهوم العمل عندهم ؟ [5]
وبقاءُ المرأة في بيتها له ثمراته العظيمة ، فمن تلك الثمرات :
1 - طاعة الله تعالى ورسوله r
إنَّ أعظم ثمراتِ بقاء المرأة في بيتها، أنَّها أطاعت بذلك ربها، ونفذت أمر رسولها r ، فالتوجيهات الشرعية أوصت أن تبقى المرأة في بيتها ، وتتولى رعاية مملكتها ، وتدبير شؤونها ، وقد وعد الله تعالى بالأجر العظيم لمن أطاع .
ويكفي أن نعلم قول الله تعالى : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً)) (النساء:69) فأي منزلةٍ أسمى من هذه المنزلة ، وأي رفعةٍ أعلا من هذا المكانة؟ أن يكون الإنسانُ مع صفوتِ خلق الله تعالى ، وخيرتهِ من خلقه.
2- القيامُ بحقوق المنزل :(97/490)
قرارُ المرأة في عرين وظيفتها الحياتية -البيت- يكسبها الوقت والشعور بأداءِ وظيفتها المتعددة الجوانب في البيت: زوجة، وأمَّا، وراعيةً لبيت زوجها، ووفاءً بحقوقه من سكن إليها، وتهيئةِ مطعمٍ ومشربٍ وملبس، ومربيةِ جيلٍ.
وقد ثبت من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله e قال: (( وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا )) [6].
3- بناءُ النفس إيمانياً
ومن ثمرات القرارِ في البيت، وجود الوقت الكافي لبناءِ النفسِ إيمانياً، فتجدُ ما تحفظُ به كتاب الله تعالى وتقرأه ، وتصلى للهِ ما شاءت من النوافل ، وتقرأ ما رغبت من كتبِ أهل العلم والإيمان ، وتنظرُ فيما تريدُ من كتبِ المعرفة والثقافة .
4- الأجر والثواب
إنَّ من ثمرات بقاءِ المرأة في بيتها، أنَّ اللهَ تعالى يثيبها على بقاءها ، ويضاعفُ لها الأجر والحسنات إذا احتسبت البقاء، وقصدت به طاعة الله تعالى ورسوله r، بل إنَّ الله تعالى يكتبُ لها أجرَ المجاهدين في سبيل الله ، الذين يخوضون المعارك، ويقتحمون الصعابَ، ويرون الموت أمامهم، وهي جالسةً في بيتها بين أولادها، لا تخافُ موتاً، ولا تخشى بطشاً، لها أجرُ المجاهدين، عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال : جئنَ النساء إلى رسول الله r، فقلنَّ يا رسول الله : ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله، أفما لنا عملٌ نُدركُ به عمل المجاهدين في سبيل الله، فقال رسول الله r ((مهنة إحداكنَّ في البيت تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله )) [7]
5 - الراحة النفسية ، والسعادة القلبية
فالمرأة التي تقرُّ في بيتها احتساباً وإيماناً، تجد راحةً نفسية ، وسعادةً قلبيةً لا تشعرُ بها النساء اللاتي يخرجنَ للعمل أو لغيره، كما قال الله تعالى : : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) (النحل: 97) وقد انتهى الباحثون الأمريكيون أنفسهم إلى أنَّ المرأةَ العاملة قد يعترضُ زواجها العمل ، وأنَّها إذا جمعت(97/491)
بينهما - أي الزواج والعمل - تتأزمُ نفسيتها، نتيجةً لصراع الأدوار ، إنَّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألق السمع وهو شهيد .
6 - عفافُ المرأة وطهرها وحياؤها .
فالمرأةُ إذا بقيت في بيتها بقي حياؤها ، وصانت عفافها، وحفظت فرجها ، فقد ثبت من خلال الدراسات أنَّ النساء العاملات يتعرضنَّ لتحرشاتٍ جنسية، من عباراتٍ أو لمساتٍ أو نحوها ، يقولُ العلامةَ بكر أبو زيد في كتابه حراسة الفضيلة، في بيان ثمرات بقاءِ المرأة في بيتها:(تحقيقُ ما أحاطها به الشرع المطهر من العمل على حفظ كرامة المرأة وعفتها وصيانتها، وتقديرُ أدائها لعملها في وظائفها المنزلية) [8]
6 - تربيةُ الأجيال وإعدادُ الرجال :
كشفت الدراسات الحديثة، كعلم النفس، وعلم الاجتماع وغيرهما من العلوم، عن أهمية بقاءِ المرأة في بيتها، وأثره الفاعلُ في صلاح الذرية، ومن هُنا قررَ علمُ النفس الحقائق التالية :
- أجمعت تجاربُ الناس على ما للتربية في الأسرة من أثرٍ عميق خطير، يتضاءلُ دونه أثر أية منظمةٍ اجتماعيةٍ أخرى، في تكوين الشخصيةِ وتشكيلها ، خاصةً خلال عهد الرضاعة المبكرة، أي السنوات الخمس أو الست الأولى من حياة الفرد .
- لا يخضعُ الطفلُ في هذه السنِ لسلطان جماعةٍ أخرى غير أسرته .
- يكونُ سهل التأثير، سهل التشكيل، شديدُ القابليةِ للاتجاه وللتعلم .
- في حاجةٍ دائمةٍ إلى من يعولهُ ويرعى حاجاته العضوية والنفسية المختلفة .
- وضعهُ هذا يجعلهُ دائمُ الموافقةِ والانصياعِ للحصول على التقبل والاعتراف [9].
وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة في أوربا وأمريكا، أهمية الأمِّ في نشأةِ الطفل الصحيح للبدن التام النمو ، السليم العقل، فقد أجريت دراسة على مجموعةٍ من الأطفال متنوعة ؛ مجموعةً ترعاهم مربية ، ومجموعة أطفالٍ ترعاهم أمهاتهم ، ووضع الجميع في ظروفٍ متماثلة ، وقد لُحظوا بعد مدة سنتين من المراقبة، أنَّ لأطفال المحرومين من عطفِ الأم وحنانها، لم ينجحوا في تعلم الكلام ولا المشي ،(97/492)
ولا تناول الطعام بمفردهم ، بينما نجح الآخرون الذين تحيطهم عواطف أمهاتهم في ذلك ، ثم كان الأشد من ذلك والأمر، أنَّه لم تقع أي حادثة وفاة بين الأطفال الذين ترعاهم أمهاتهم، بينما مات من الآخرين 37% سبع وثلاثون بالمائة في مدةِ السنوات الخمس التي استغرقتها التجربة .
هذا فضلاً عن التخلف النفسي ، الذي يكونُ أشد من تخلف النمو الجسدي ، فالإجرام والعنف العصبي، والتعقيد النفسي، والتصرفات الاجتماعيةِ الشاذة وغيرها، من اضطراباتِ السلوك، يمكن تفسيرها جميعاً بالحرمان الذي يكون قد عاناهُ الشخص وهو صغير في فترة طفولته ) [10]
فدور المرأة في الحياة عظيم، يتركزُ بصفةٍ أساسيةٍ في تربية الأجيال ، وإعدادِ الرجال ، لتحقيق الاستخلافِ في الأرض ، وتلك مهمةٌ شاقة، لابدَّ من القرار في البيت لأدائها ، وليست المرأة المبتذلة المخالطة للرجال الأجانب عنها في ليلها، بنَّاءةً هذه المكانة العالية، التي اختص الُله بها المرأة المسلمة ، الوقورة في سمتها وشخصيتها واتزانها.
7 - الحفاظ على أنوثتها :
بقاءُ المرأة في بيتها يجعلها تحافظُ على أنوثتها الحقيقة ، فالمرأة التي تكثر من الخروج تفقدُ أنوثتها تدريجياً، كالقسوةِ في التعامل ، والغلظةِ في الألفاظ، وقد قال أحد الذين جربوا العمل جنباً إلى جنب مع المرأة في غير هذه البلاد: وصل الحالُ ببعض العاملاتِ معنا أن تحلف بالطلاق !!!
وتتحدث المرأة مع الرجال كأنَّها رجلٌ مثلهم، ولذلك سمَّاها الفقهاء في كتبهم بالمرأة البرزة .
وكما هو معلوم، فإنَّ الرجل يميل إلى المرأة التي يغلب عليها صفات الأنوثة، من الرقةِ والرحمة، والحنان ولين الجانب، وحسن الكلام، وكل هذه الصفات يجدها في المرأة التي تقرُّ في بيتها، ولا تعرف الخروج إلاَّ إذا دعت الحاجة .
8 - سلامةُ المجتمع من الفتن وانتعاش اقتصاده(97/493)
كما هو معلومٌ أنَّ المرأة فتنة، فإذا بقيت في بيتها زالت الفتنةُ بإذن الله تعالى وختفت ، وكلَّما كثر احتكاك المرأة بعالم الرجال، كلما كثرت الفتن، وهذا أمرٌ معلومٌ أثبتتهُ الدراسات والوقائع ، كما أنَّ بقاءها في بيتها يفتحُ الكثير من المجالات لعمل الرجال، الذين هم بأمسِّ الحاجةِ إلى العمل، للقيام بالواجب المنوط بهم، وهو الإنفاقُ على الأهل والأولاد ، وهذا فيه مصلحةٌ كبرى لها ولأولادها وزوجها، بل وللبلد كله ، فإنَّ انتشار البطالة في المجتمع، إيذاناً بكثرةِ الجرائم لكثرةِ الفراغ لدى الشباب، وإذا وجد الفراغ ولم يوجد المال ولا العمل، فإنَّه سيضطر إلى سلوكِ طرقِ الانحراف للحصول على المال، ليلبي رغباته وملذاته، كل هذه المنافع وغيرها تحصلُ إذا بقيت المرأة في بيتها، واحتسبت الأجرُ والثواب من الله تعالى.
9- القضاء على مخططات الأعداء
فمن ثمرات بقاءِ المرأة في بيتها، القضاء على مخططات الأعداء،لأنهم يسعون جاهدين لإخراج المرأة لكل مجالات الحياة ، فهم يريدونها أن تؤدي ما يؤديه الرجال من الأعمال، ومن هنا في نظرهم كان عليها أن تفتش عن عمل أياً كان ، في دوائر الحكومة ، في الشركات ، في المكاتب التجارية ، في المخازن، عليها أن تعمل بائعةً أو محاسبةً تبيعُ الجرائد ، تُنظف الشوارع ، تمسحُ الأحذية ، تجمع القمائم ، تقطعُ تذاكر الركابِ في السكك الحديدية ، تنظفُ المراحيض ، تحرسُ الأبنية والممتلكات في الليل أو النهار ، تحملُ الأثقال ، تشقى في المناجم ومصانع الصلب والحديد . هكذا يريدون .
فلتقارن المرأة المسلمة بين ما هي عليه من كرامةٍ ورفعة، وبين ما يُريدهُ دعاة تحرير المرأة من المشاركة في جميع ميادين العمل .
[1] - انظر : عمل مرأة ؟ ! ص 12-13 . عبدالعزيز السالم .
-2 المعجم الوسيط ، د .إبراه يم أنيس وآخرون . المد الثاني .
[3] - التحليل الاقتصادي ص 28
[4]رسالة إلى حواء (3/73 ) .(97/494)
[5] انظر : عمل المرأة . سالم السالم ص 53-54 .
[6] رواه البخاري (893) ومسلم (1829) وهو جزء من حديث طويل أوله : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ...) .
[7] أخرجه المروزي في ( السنة) ورقمه ( 123) . قال في المجمع (4/304) : (رواه أبو يعلي (3415، 3416) والبزار (1475) وفيه روح بن المسيب وثقه ابن معين والبزار وضعفه ابن حبان وابن عدي ) قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1041) : هذا حديث لا يصح .
[8] - انظر : حراسة الفضيلة ص 89-94
[9] - عمل المرأة وموقف الإسلام منه 142 .
[10] عمل المرأة واختلاطها ، د نور الدين عتر : ص 45 .
ــــــــــــــ
رؤية بين مجتمعين
حرص أعداءُ الإسلام على استغلال المرأة المسلمة، لهدم مبادئ الأمة الإسلامية من الداخل، ولقد تعددت المداخل التي دخلوا منها للمرأة المسلمة، ومن أهم تلك المداخل :
حث المرأة المسلمة على الخروج من البيت ، إما للعمل أو لمزاولة نشاطات في عدد من المجالات المختلفة ، وقد تمت تهيئةُ مختلفِ وسائل الاختلاط بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، مع ضعف الضوابط التي تضبط المرأة .
وقد بدأت عملية أخراج المرأة من بيتها، بغرض وظائف متعددة للنساء ، ووضع المميزات والمغريات المادية، التي تحفزهنَّ للعمل ، وأصبحت النساءُ ينافسن الرجال في أعمال لم يخلقن لمثلها ، وقد فتحت الأقسام النسائية في عددِ من الأماكن، التي كان من الممكن شغرها بالرجال الذين ضاقت عليهم سبل العيش ، ولا يجد الواحد منهم مالاً يكتسب منه قوته ، ويلم شعثه ، ويحصن نفسه بالزواج ، ويكونَ أسرةً مسلمة، لها مردودها الإيجابي على المجتمع كافة ، ومن هذا يدخلُ في عالم الفراغ ، ويغلبه(97/495)
ضعف الإيمان في قلبه ، وتغلبه شهوته ، ليبدأ أعمالهُ الإجرامية، كالسرقة والزنا، واللواط وتعاطي المخدرات .
ونتيجة لهذا يحكم عليه بالإجرام ، ويقضى على عنصرٍ فعال في المجتمع، وما ذلك إلاَّ نتيجة استجابتنا لنداءاتٍ مغلفةٍ بغلافٍ براق ، يسلب الناظرَ إليه عقله ، ومن خلف هذا البريق يكمن الخطر .
وقد نجد بيتاً يقومُ عليه شاب فقد أباه ، وتحمل أعباءَ أسرته كاملة ، والتي تضم أمه وإخوانه وأخواته ، وهذا الشاب المسكين يتقلبُ يمنةً ويسرة، للبحث عن عمل يستطيع أن يكفَ به حاجة أسرته فلا يجد، وفي المقابل نجد بيتاً يقوم علية رجل يتمتع بمركز وظيفي مرموق يفيض دخلة عن حاجته ، ونجد زوجته وبناته يعملن أيضا ، فيكون لديهم من الدخل ما يكفي لإنقاذ أسر متعددة ، ولامانع في أن يكون عمل المرأة قصر على الحاجة الملحة ،كأن تكون معلمة أو مطببة لبنات جنسها ، وماعدا ذلك فهو من اختصاص الرجال ولا ينبغي أن تشاركهم فيه النساء ، ولو طبق هذا لكان الخطب أهون ، لكننا نجد الأمة تنساق وراء تيار جارف يدعونا الميثاق الذي أخذ الله علينا لانتشالها منه ، فالمخطط واضح ومكشوف ، والأهم من ذلك عملهم في إبعاد المعوقات التي قد تواجه المرأة ، فمثلا ...
المرأة التي يعوقها أطفالها عن العمل .. نجد دور الحضانة قد هيئت لذلك ونجد التعليم في بلاد المسلمين وغيرها إنما يهيئ المرأة للعمل، لا لتكون ربة بيت .
وإلى هذا أشار أحد رجال الفكر من الكفار أ نفسهم في كتاب ألفه ، والذي نال إعجابهم لدرجة أنه حاز على جائزة نوبل للأدب ، وهذا يعني إقرار منهم لما جاء فيه من أراء، والمؤلف اسمه ( ألكسس كارين ) وقد سمى كتابه ( الإنسان ذل المجهول ) وقد نقد التعليم عندهم قائلا : (يجب أن تحسب قوانين التعليم وبخاصة تلك التي تتعلق بالبنات والزواج والطلاق حساب مصلحة الأطفال قبل كل شيء، وينبغي أن تتلقى النساء تعليما أعلى، لا لكي يصبحن طبيبات أو محاميات أو أستاذات ولكن لكي يربين أولادهن حتى يكونوا قوماً نافعين) ويقول أيضا: (أليس من العجيب أن برامج تعليم(97/496)
البنات لا تشتمل بصفة عامة على أية دراسة مستفيضة للصغار والأطفال وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل الغربيين على الحمل فقط، بل أيضا على رعاية صغارها) ونحن نذكر هذا لا لحاجتنا إليه فديننا الإسلامي ولله الحمد قد بين كل شيء ، ولكن نذكره لمن يسود وجهه إذا سمع المقالة صدرت عن أحد من أعلام المسلمين ، وتهلل وجهه فرحا إذا ذكرت له مقوله لأحد الغربيين فيقول هاهم العقلاء ..
وأصحاب تلك البلاد ينتقدون هذه الأوضاع التي جلبوها إلى بلادنا ، ليبدؤوا بنا من حيث انتهوهم ، وليساوونا بهم ، مع أن وضعنا يختلف عن وضعهم ، فلئن كانت المرأة في الغرب معذورة لأنها لا تجد الدين الذي يحفظ لها حقها ، ولا الرجل الذي يقوم برعايتها ، ولا تجد المجتمع الذي يحتضنها إذا عجزت وخارت قواها ، فما عذر المرأة في ديار الإسلام وقد أكرمها الله أما ، وبنتا ، وزوجةً ، وذات رحم ، ألم يكفل الله لها حقوقها ؟ فحقها كأم مقدم على حق الأب كما جاء في حديث النبي صلى الله علية وسلم إذ جاءه رجل فقال : (( يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ فقال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من قال أمك ، قال ثم من ؟ فقال : أبوك )).
وكفل لها حقها وهي طفلة ، عندما أنقذها من براثن الجاهلية التي كانت تفتك بها وتغتالها ((وإذا الموؤدة سئلت ، بأي ذنب قتلت)) صدق الله العظيم.
وكفل الله سبحانه وتعالى للمرآة حقها وهي زوجة ففي الصحيحين عنه صلى الله علية وسلم قال: (( استوصوا بالنساء خيرا )) وفي الحديث الصحيح عن الترمذي وغيره ، عنه صلى الله علية وسلم قال : (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) .
وفي الصحيحين عنه صلى الله علية وسلم قال: (( إذا انفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقه )) .(97/497)
ولو ذهبنا نتبع النصوص الشرعية الواردة في بر الوالدين وفي الإحسان للبنات والزوجة والأقارب لطال المقام بنا، وهذا أمر لا يكاد يخفى، بل أن حال الغرب كحالنا بل هو أشد وطأة ووضعهم الاجتماعي في غاية من التفكك .
ــــــــــــــ
صفات المرأة
الصفحة 1 لـ 6
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين .
أما بعد :
فلقد كرم الإسلام المرأة ، واعتبر لها شخصيتها التي تميزها عن غيرها ، وأمرها أن تحافظ عليها ، وأن تتمسك بها ، وهذه الرسالة ما هي إلا جزء يسير لبعض صفات المرأة المسلمة التي يجب عليها أن تتحلى بها ، وأن تتصف بها ، لتنعم بالسعادة في الدارين .
لكن لابد أن تعلم المرأة المسلمة أن الأصل في خطاب الشرع العموم ؛ فيشمل الجن والإنس ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، ويبقى ما يستثنيه الشرع من هذا العموم فالأصل في موضوعنا وهو صفات المرأة المسلمة أن هذه الصفات عامة تشمل الجميع إلا ما استثني كالحجاب ونحوه وهذه قضية مهمة لها من التبعات والآثار ما لها ، فثمة قوم يتصورون أنه لابد أن يوجه خطاب خاص للمرأة دائما ، وهذا أمر لاشك في استحالته ، فأحكام التشريع عامة للجميع إلا في بعض القضايا ، فالشرع يوجه فيها أمره للمرأة بما يناسب فطرتها وتكوينها .
إذن لا تنتظر المرأة خطابا خاصا لها حتى تعمل وتقدم ، فإنها إن فعلت ذلك حُرمت خيرا كثيرا وفاتها الشيء الكثير وتخصِصنا لهذا الموضوع بصفات المرأة المسلمة تغليبا لذكر ما يخص المرأة من أخبار وسيرة ونحو ذلك مما يتعلق بجوانب المرأة(97/498)
المسلمة وإلا فصفات المسلم هي صفات المسلمة هذا هو الأصل إلا ما جاء الدليل باستثنائه والله أعلم .
والله أسأل أن ينفع بها قارئها وكاتبها والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
* أسباب اختيار الموضوع :
1- ما آل إليه حال المرأة المسلمة من التناقضات في حياتها اليومية، ما بين إفراط وتفريط .
2- أن في صلاح المرأة صلاح للمجتمع، وفي فسادها فساد للمجتمع ، وصلاحها يكون باتصافها بهذه الصفات التي لابد من جلائها وبيانها، حتى تسير عليها المرأة المسلمة .
3- ما يحصل من التدليس والتلبيس على المرأة المسلمة، من أفواه المغرضين الحاقدين، الذين شرقت نفوسهم ما تسعد به المرأة المسلمة في هذه البلاد المباركة إن شاء الله تعالى، فمن أجل أن لا تنخدع الفتاة بأقوالهم المعسولة، وعباراتهم المحبوكة، نبين لها صفات المرأة المسلمة التي يجب عليها أن تتصف بها، حتى تسلم بإذن الله تعالى من شرهم .
4- أن المرأة جنس ناعم رقيق، ويغلب عليه الضعف ، فدواعي الشر فيها أشد من الرجال ، ولذلك كان أكثر أهل النار من النساء، كما جاء في قول النبي r : (( اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء )) رواه أحمد [1] ويقول : r في الحديث الآخر : (( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤسهن كأسنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )) [2] لذا كان من اللازم على المرأة المسلمة أن تحذر أشد الحذر، وتراعي هذا الجانب العظيم، فتتمسك بصفات المرأة المسلمة ، التي تجنبها بإذن الله تعالى من النار .
أولاً : طلب العلم(97/499)
إن من أبرز صفات المرأة المسلمة طلب العلم ، خصوصاً في مثل هذا الزمن التي تتأكد أهميته والعناية به لدى الفتاة المسلمة لأمور منها :
الأمر الأول : حين تحمل المرأة المسلمة زاداً من العلم الشرعي، فهو وسيلة بإذن الله لتربية أبنائها وتعاهدهم، ورعايتهم وتعليمهم ما يجهلون من دينهم .
الأمر الثاني : تحتاج الفتاة المسلمة اليوم لرصيد من العلم، يكون زاداً يمكن أن تملأ به المجالس بديلاً للهو والحديث غير المفيد ، وما أكثر الهموم التي يجب أن تطرح للنقاش والحوار في مجالسنا .[3]
الأمر الثالث : تحتاج الفتاة إلى العلم لتدرأ به عن نفسها شبهات المشبهين، وضلالات المضللين ،فلا تغتر بهم ولا تنخدع بمعسول كلامهم .
الأمر الرابع : وهو أهما أن العلم يقربها من ربها، ولذا أقرب الناس إلى الله العلماء قال تعالى : (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) (فاطر: من الآية28) .
والمرأة المسلمة مطالبة بطلب العلم كالرجل ، و عليها طلب العلم الذي ينفعها في دينها ودنياها ، وهي حينما تقرأ قول الله تعالى : (( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)) (طه: من الآية114) .
وتسمع قول النبي r : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) [4] تدرك قيمة العلم كما أدرك ذلك نساء الجيل الفريد، فطالبنا رسول الله r بأن يخصص لهنَّ يوماً ، تقول نساء الأنصار للرسول r : (( اجعل لنا يوماً من نفسك نتعلم فيه ، فقد غلبنا عنك الرجال)) ، فقال لهن : (( موعدكن دار فلانة ، فأتاهن فوعظهن وذكرهن وعلمهن )) [5] .
* ما ينبغي للمرأة المسلمة تعلمه :
أول ما ينبغي للمرأة المسلمة أن تتعلمه :
1- كتاب الله تلاوةً وتجويداً ، و حفظاً وفهما .
2- وكذا ما يتعلق بالمرأة المسلمة من أحكامٍ فقهية، كأمور الطهارة و الصلاة ونحوها .(97/500)
3- وتعرج على شيءٍ من سيرة المصطفى r وسيرة أصحابه، فهي المعين الصافي .
4- ثم تلتفت بعد ذلك إلى اختصاصها الأول في الحياة، وهو إدارة البيت، ورعاية شؤونه، فتستعد الفتاة لوظيفتها الأساسية، وتتعلم الطرق المثلى لتربية أسرتها وأولادها، يقول النبي r : (( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها )) رواه البخاري ومسلم .
وهنا أنبه إلى أمور منها :
الأول : وهو تغافل الكثير من الفتيات المسلمات عن أعمال المنزل، بحجة الاستذكار للمدرسة، أو أنها أحياناً ترفض العمل خشية أن توصم بالعار، فتوصف بأنها مثل أمها العتيقة، التي انتهى زمانها، ووضع جيلها على الرف !! حتى إذا فجأها الزواج في نهاية المطاف، وجدت نفسها ـ فجأة ـ بلا عُدةٍ ولا تدريبٍ ولا استعداد ! [6]
وأنا أذكر ذات مرة، أن أحد الأزواج جاء ليعرض مشكلته عليّ وقال : أريد أن أطلق زوجتي !! فسألته عن السبب ؟ هل هو نقصٌ في دينها أم ماذا ؟ فقال : إني لا أعيبُ عليها لا خلق ولا دين، ولكنها لا تعرفُ من أمور المنزل شيئاً، فلا تحسن الطبخ ولا تجيده ونحوها، من أعمال المنزل الأساسية، مما جعلني أُحرج مع أضيافي أحياناً . وهذا القصة تأكد هذا الجانب .
الثاني : ليس من الحكمة في شيء أن يكون تعليم المرأة وثقافتها كتعليم الرجل، سواءً بسواء إلا فيما ندر- والنادر لا حكم له - فهناك أمور تختص بالمرأة لا يستطيعها الرجل، وأخرى يستطيعها الرجل لا تستطيعها المرأة، فهل من المناسب على سبيل المثال أن تتعلم المرأة كيف تصلح سيارة ؟ أو تصنع طيارة ؟إذن كان من اللازم أن ترعى فطرة الله التي فطر الناس عليها، من جعله سبحانه لكل من الجنسين خصائص تليق به، وإن غير ذلك يعتبر مصادمةً لأمر الله وقدره في خلقه.
الثالث : ليس الهدف من التعلم وطلب العلم في المدارس والجامعات هو العمل ؛ كلا .. بل المراد من التعلم أن تعلم المرأة ما يجب عليها ، وما يجب لها : المراد أن تعرف كيف تعبد ربها ، وتعتني بزوجها ، وتربي ولدها ، وما يزيد ثقافتها ، وينمي(97/501)
قدراتها الفكرية ، أما أن يُعلق العلم بالوظيفة ، فإن لم تحصل الوظيفة فتعد سنوات الدراسة ضياع على الفتاة ، فهذا خطأ فادح بكل المقاييس وأمرٌ مشين بكل المعايير ، ينبغي للمرأة العاقلة اللبيبة ألا تقع في مثله
ــــــــــــــ
هم العدو فاحذرهم
الحمد لله الذي يكشفُ البلوى، ويعلمُ السرَّ والنجوى، وأشهدُ ألاَّ إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، إنَّهُ هو الربُّ الأعلى، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله النبي الأكمل، والرسول الأتقى- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم- تسليماً أما بعد:
فاتقوا الله أيُّها المسلمون: حقَّ التقوى، ولا تموتنَّ إلاَّ وأنتم مسلمون.
الأمةُ تعيشُ في غمةٍ، والأمةُ سيلٌ قد انعقد غمامه، وجيوشُ الصليب جاءت إلى ديار المسلمين من فوقهم ومن أسفل منهم، يُلوِحون بعصاهم الغليظة، ويُشهرون سيفَ التهديد والوعيد، قائلين:إنَّا قد جمعنا لكم فاخشونا، وأهلُ الإسلام يستسقونَ أمطاراً فترتوي الأجواءَ رياحاً وغباراً، بما كسبت أيدي الناس، ليذيقهم بعضَ الذي عملوا لعلهم يرجعون.
وفي غمار الأزماتِ، وأوقاتِ الشدائد والمحن، ينشغلُ الناسُ بالعدو الأصغرِ عن العدو الأكبر، حيثُ تنبعثُ روائحَ منتنةٍ من مستنقعٍ عفن، وتخرجُ جرذانِ الفساد، وفئران الانحلالِ من جحورها، لتغرق سفينةَ الأُمة، وتهدم بنيانها.
من يا تُرى عدونا الأكبر؟! وما تلك الروائح العفنة؟! وما هي جرذان الفسادِ وفئران الخراب ؟!.
إنَّهم قومٌ نسوا الله فنسيهم، أولئكَ هم الفاسقون، أولئكَ هم المفسدون في الأرض، الآمرون بالمنكر، الناهون عن المعروف، إنَّهم المنافقون الذين لا يظهرون إلاَّ في الأزمات ، ولا ينعقونَ إلاَّ إذا انتفش أسيادهم ، ورقصوا على جراح أمتنا طرباً .
إنَّهم المنافقون على اختلاف مشاربهم، وتنوع مسمياتهم، العلمانيون الحداثيون، أرباب الشهوات وأدعياءَ العقلانية والتنوير، الرافضة ، تعددت الأسماءُ والكيدُ واحد.(97/502)
تنوعت أسماؤهم وسيدهم واحد، (( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب )) وهدفهم واحد"، (( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)) ويحبون أن تشيع الفاحشة بين الذين آمنوا، وودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءَ.
وادعاءَاتُهم واحدة، فالإفسادُ إصلاح، وتدميرُ المرأةِ تحرير، وعقوقها حقوق،. (( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)) إنَّهم المنافقون والمنافقات، بعضهم من بعض ، من طينةٍ واحدة، وطبيعةِ واحدة، المنافقون في كل زمانٍ وفي كل مكانٍ تختلف أقوالهم وأفعالهم، ولكنها ترجعُ إلى طبعٍ واحد
وتنبع من مستنقعٍ واحد، سوءَ الطوية، ولؤمَ السريرة والغمز، والدس والضعف عن المواجهةِ والجبن عند المصارحة، تلك سماتُهم الأصيلة ، أمَّا سلوكهم فهو الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، والبخلُ بالمال ، إلاَّ أن يبذلوه رئاءَ الناس، وهُم حين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، يستخفون بهما، ويفعلون ذلك دساً وهمساً، وغمزاً ولمزاً، لا يجرؤن على الجهر إلاَّ حين يأمنون، ولا يأمنون ويجترئون إلاَّ حينما ينتصرُ أسيادهم من اليهود والصليبين، ويُحلون قريباً من ديارِ المسلمين.
إنَّهم نسوا الله فلا يحسبون إلاَّ حساب الناس وحساب المصلحة، ولا يخشون إلاَّ الأقوياءَ من الناس ، يذلون لهم ويدارونهم، فنسيهم اللهُ فلا وزن لهم ولا اعتبار.
إنَّ النفاقَ لا ينجمُ إلاَّ عن تلك النفوسِ المريضة الجبانة، التي لا تتجرأُ على الظهورِ بأفكارها، أو تلك النفوسِ التي لا ترى إلاَّ حياتها الدنيا ، فإن أُعطي أحدهم رضي، وإن لم يُعط سخط ، وهُناك نفوسٌ تكرهُ الحقَّ ولا تحبُ العيشَ إلاَّ في المستنقعِ الآسن ، فهي تشرقُ بدعوةِ التوحيد، والعبودية لله وحده.
لقد تميزَ عصرُنا الحاضر بارتفاع أصوات المنافقين والمنافقات في أنحاء العالم الإسلامي، فأُفردت لهم الصفحات، ودُعوا إلى التحدث في المنتديات، واحتفلت بهم التجمعات، وسيطروا على كثيرٍ من وسائلِ الإعلام كما يلاحظهُ القاصي والداني.(97/503)
وحالُ المنافقين ليس بجديدٍ على أمةِ الإسلام، فعداوتهم متأصلةً منذُ هجرة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد وصفهم الله في سبعةٍ وثلاثين موضعاً من كتابه، وأفاضت السنة في وصفهم، وهي صفاتٌ تتوارثها الأجيال المنافقة، زمنٍ بعد زمن حتى وقتنا الحاضر، "وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم"، فما أكثرَ المستمعين لحديثهم، المنصتين لهرائهم، المتابعين لإنتاجهم ، والعجبُ أن تتولى حفنةٌ قليلةٌ من المنافقين والمنافقات إفساد الأمة، ومسخها عن دينها ودعوتها، إلى التحررِ والإباحية، والعفنِ والرذيلة، وهكذا هُم المنافقون في كلِّ أمةٍ وفي كل قطر، يتحينون الفرص، ويقطعون الطريق، (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض)) لا يملون ولا يكلون، ولهم جلدٌ وصبرٌ عجيب، شعارهم ( تقدم خطوتين وارجع خطوة) (( وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم)) .
إنَّ من كيد المنافقين محاولةُ إسقاطِ الشخصيات المسلمة، وتشويه صورتها، والقدحُ في نزاهتها كما في قصةِ الإفك التي تتكرر في كلِّ جيل، وعبر طرقٍ مختلفة.
ومن كيدهم: بلبلةُ الصفِّ الإسلامي، بإشاعة الخور فيه والضعف، وذكرُ قوةِ الأعداء وتهويلها"، (( وقالوا لا تنفروا في الحر)) ، (( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاَّ خبالاً)) وكما قال قائلهم يوم تبوك : أتظنون جلادَ بني الأصفرِ كقتالِ العرب، والله لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال ، واستعملوا أسلوبَ السخريةِ والاستهزاء، (( ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنَّا نخوض ونلعب )) .
أيُّها المسلمون :
المنافقون هم الذين يتخذون الكافرين أولياءَ من دون المؤمنين، يبتغون عندهم العزةَ، ويُسارعون فيهم، يقولونَ نخشى أن تُصيبنا دائرة"، فهم يتعاونون مع أعداءِ الإسلام لتدميرِ الأمةِ المسلمة، قال شيخ الإسلام": وهؤلاءِ المنافقين في هذه الأوقات، فيهم ميلٌ إلى التتار، لكونهم لا يلزمونهم شريعة الإسلام.
يشهدُ التاريخُ ويشهدُ الحال على أنَّهُ ما من فتنةٍ هي أشدُّ خطراً وكيداً على الأمة، وقيادتها ومبادئها، مثل كيد المنافقين.(97/504)
فهم لا تربطهم بقادتهم، ولا بأوطانهم مبادئُ سامية، ولا قيمٍ نبيلة ، رائدهم المصلحة وهدفهم الإفساد.
روي عنه- صلى الله عليه وسلم- قوله : (( إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً ، أمَّا المؤمن فيحجرهُ إيمانه ، وأما المشركُ فيقمعهُ كفره ، ولكن أتخوفُ عليكم منافقاً عالم اللسان ، يقولُ ماتعرفون ، ويعملُ ما تنكرون)) .
من ينسى موقفهم في أحد، وخيانتهم يوم الخندق، وإرجافهم في تبوك، ومن ينسى مؤامرتهم لإسقاط الدولة المسلمة، ومن ينسى تواطؤهم مع التتار، وتعاونهم مع أهلِّ الصليب، أمَّا في عصرنا فتشهدُ أرض أفغانستان بالأمس، وبلاد العراق اليوم بخبثهم وخيانتهم ومكرهم.
إنَّ شماتتهم وفرحهم بما يُصيبُ المسلمين من نكباتٍ، لم يكن ليُخفيها التظاهرُ المتصنع ، وما تقولهُ أفواههم غيرَ ما تُخفيه صُدورهم .
إنَّهم وإن دندنوا بالحفاظ على مصلحةِ الوطن، وتحدثوا عن الحرصِ على الوحدة والتآلف، فهم بأفعالهم كاذبون، وبمواقفهم خائنون، (( وإن يقولوا تسمع لقولهم )) (( وفيكم سمَّا عون لهم )) .
لم يعرف التاريخ السابق والمعاصر قوماً أشدُّ وفاءً لقيادتهم وأمتهم، وأكثرُ حفاظاً على مكتسبا تهم، من أهلِّ السنةِ الصالحين المصلحين، الذين ينطلقون في مواقفهم من عقيدةٍ راسخة، وقيمٍ نبيلة، وإيمانٍ بالله واليوم الآخر، لا خوفاً من بشرٍ ولا طمعاً في عَرَض.
أيُّها المسلمون:
والأمةُ اليوم مهددةٌ من أعدائها، وليس لها من دونِ الله كاشفة، والفتنُ قد اشتدَّ أوارها ، فإنَّ الحاجةَ تشتدُّ للعودة إلى الله، واللجوءِ إلى حماه ، والحاجةُ تشتدُّ إلى التعاون والتآلف، ووحدةَ الصفِّ والاعتصامِ بحبل الله ، والحاجةُ تشتدُّ إلى السيرِ في ركبِ جماعةِ المسلمين وإمامهم.(97/505)
ولكنَّ المنافقين في الأمة انطلاقاً من مبادئهم في خلخلة الصفوف، وتحقيقاً لأهداف أسيادهم"، (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم)) ، ويبغونكم الفتنة، ويريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً.
هاهم اليوم يستغلون انشغالَ الأمةِ بالأحداثِ والأزمات ، يبثُّون سمومهم، وينشرون أفكارهم العفنة، ويدعون إلى ضلالاتهم التي تشهدُ هدم الجدار الأخلاقي للأمة ، لكي يسهلَ استعمارها، ويخف على أسيادهم دمارها.
لقد رأوا كما رأى أسيادهم، أنَّ إفساد المرأةِ هو أقصرُ الطُرقِ لإفسادِ المجتمعِ بأسره، فسلطوا سهام أقلامهم للحديث عن قضايا المرأة وحقوقها المهضومة كما يزعمون.
إنَّ قضاياهم التي يطرحونها، وأفكارهم التي ينشرونها، لا تتجاوزُ المرأة وشؤونها، سواءً فيما يخصُّ تعليمها، ولباسها المدرسي ومناهجها، أو فيما يخصُّ عملها، ومحاولةُ إقحامها في مجالاتٍ لا تتناسبُ مع طبيعتها ، أو فيما يتعلقُ بترفيهها من خلالِ دعواتهم لإنشاءِ نوادٍ نسائية .
وآخر غثائهم دعوتُهم التي أٌقرت، وهي سماحَهم للمرأةِ بالعملِ بائعةً بمحلاتِ أدوات التجميل، ومندوبة مبيعات.
ودعكَ من شروطهمُ التي وضعُوها، فإنَّما هي حبرٌ على ورق.
وفي برنامجٍ تلفازي، يصبحُ المذيعُ مفتياً، فيعرضُ صورَ نساءٍ كاشفاتِ الوجهِ، ويبرر بأنَّهُ هذا لا شيءَ فيه شرعاً .
إنَّ مثلَ هذه الدعواتِ العفنةِ في مجتمعنا المسلمُ الغيور، إنَّما تزرعُ بذورَ الخصامِ والعداوات، وتؤججُ نارَ الفُرقةِ والنزاعات، وتستجلبُ غضبَ اللهِ عز وجل وسخطه.
كلُنا يُدركُ والمنافقون يعلمون أنَّ فتنةَ التبرج والسفور في البلاد المسلمة، إنَّما بدأت بكشفِ وجه المرأة، فخلعت معهُ ما هو أغلى وأثمن، ألا وهو ثوبُ الحياء، الذي طالما صان وجهها، أن يكون معروضاً مبذولاً لكلِّ من شاءَ أن يراه، وما زالت المرأةُ تتدرجُ في خطوات السفور، حتى وصلت إلى ما تعلمون وتسمعون.(97/506)
وكلُنَّا يُدركُ أنَّ عمل المرأة بائعةً ومندوبة مبيعات، يستلزمُ قيادتها للسيارة، ويتطلبُ اختلاطها بالرجال، واتصالها بهم، ولا تسأل بعد هذا عمَّا يحدثُ من فتنٍ وضياع، فلماذا الضحكُ على الذقون ؟ .
وإننا نتساءلُ بحرقةٍ وأسى : لمصلحةِ من تُبثُّ هذه الأفكار العفنة، وتنشرُ هذه الآراء المفسدة ؟ وهل نحنُ نُعاني من قلةِ الرجال العاملين، أوليس لنا عبرةً في تجاربِ الغرب الكافر، حينما انتهوا إلى حقيقةِ : أنَّ المرأةَ دورها في بيتها، وعملها في أسرتها، فلماذا نبدأُ من حيثُ بدؤواُ لا من حيث انتهوا.
إننا نعلمُ ونوقنُ، أن ليس بالقومِ غيرةٌ على الدين، ولا حرصٌ على مصالحِ البلادِ والعباد، ولكنهم المنافقون يصطادون في الماءِ العكر، ولا يرضيهم إلاَّ أن يكون مُجتمعنا نسخةً من مجتمعات الغربِ المنحلة، ولا يقرُّ أعينهم إلاَّ مشاهد المسارح والبارات ، ودورُ البغاءِ وأولادُ السفاح منتشرةً في شوارعنا ، إنَّهم كما أخبر الله ((ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)).
إنَّ العلمانيين حينما يطرحون قضيةَ المرأةِ وحجابها، ويُطالبون بقيادتها للسيارة، ومشاركتها للرجلِ في التجارةِ والإدارة، إنَّما يجعلون من مسألةِ الحجابِ والعفافِ مجرد تقاليدٍ وعادات.
وما عرفنا الإسلام تقاليد ، إنَّما عرفناهُ مناراً وتعاليم، وشرائع ومعالم. وهم بذلك يُحولون شرعَ اللهِ ووحيهِ إلى أعرافٍ وتقاليد، تواضعُ الناس في زمنٍ من الأزمان على احترامها، وبناءً على ذلك فما يَصلحُ لجيلٍ لا يصلحُ لآخر، وما يناسبُ مجتمعاً لا يناسبُ المجتمعات الأخرى، وما يتفقُ مع زمنٍ فلا شأنَ لهُ بباقي الأزمان، إنَّ الهدف من التعبيرِ عن الأحكام الشرعية، بالتقاليدِ واضحٌ بيِّن، وهو جعلها عُرضةً للتغييرِ والتبديل، بحجةِ إنَّ تقاليدَ عصرُ الصحراء لن تُناسب عصر الفضاء،" كبُرت كلمةً تخرجُ من أفواههم .(97/507)
لا بُدَّ أن تُدرك المرأةُ المسلمةِ ويدرك وليها، ولا بُدَّ أن يدركَ المجتمع كلهُ أنَّ كلَّ دعوةٍ لإفسادِ المرأةِ، ونزعِ حيائها، وسلبِ عفافها، إنَّما هي محاولةُ لهدمِ معالمِ القوةِ في الأمة، ليسهلَ على العدوِّ تدميرها، وسلب خيراتها.
وإنَّ العجب لا ينقضي من أمةٍٍ تنعمُ بشريعةِ ربها، وتتفيؤ ظلالَ نعمهِ الوارفة، في جنةِ العفاف، وبستانِ الفضيلة ، ثُمَّ هي تنقضُ غزلها، وتُخرب بيتها بأيديها وأيدي أعدائها،. (( أ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)) .
الخطبة الثانية
أما بعد:
فإنَّ المعركةَ الفكريةَ التي يُديرها أعداءُ الإسلام، أخبثُّ وأشدُّ لؤماً من المعاركِ العسكريةِ والاقتصادية، معركةٌ استنفرت فيها الأقلام، وحُشدت لها الكتبُ والصحفُ والمجلات، ومئاتُ المرتزقة والحاقدين.
وإنَّ أشدَّ ما يُصابُ به المسلمون، أن يتسلل المنافقون إلى صفوفهم، فيعيثون تخريباً وفساداً، وأصحاب الغفلةِ يسمعون لهم، وتُؤثر فيهم مكايدهم 0
إنَّ المنافقينَ اليومَ لم يُعد هجومهم وحربهم قاصراً على القيادات الإسلامية، من علماءٍ ودعاة، ولم يتوقف عندَ حدِّ الهجومِ على المؤسسات الإسلامية العاملة في هذه البلاد ، من لمزٍ لنظامِ القضاء، أو سخريةً بالفتوى، أو هجومٌ متعمدٌ على الهيئات، وتهكمٌ برجالها ، ذلك الهجومُ الذي يقطرُ من أقلامهم، وتسودُ به صحافتهم.
لم يُعد المنافقون يكتفونَ بذلك، بل مع جلدِ الفاجرِ، وعجزِ الثقةِ، أصبحوا يَتطاولون على بعضِ معالمِ الدين، ويتحدثونَ عن أمورٍ شرعيةٍ بأسلوبٍ ساخر، ينبئُ عن مرضٍ قلبي ، وانهزاميةٍ نفسية، فمن كاتبٍ يتهجمُ على الجهادِ ويسخر من المجاهدين، ويتهكمُ بالكراماتِ وصورَ النصر ، إلى آخرٍ يكتبُ مقالاتٍ عن الدعوةِ، ويتوصلُ بعبقريتهِ الفذَّة إلى أنَّ داءَنا، وعلةَ فشلِ تعليمنا، هو اشتغالُنا بالدعوة إلى الله ، ويظهرُ تبرمهُ منهُ قائلاً: لهذا أصبحنا محاطينَ بالدعوة والدعاةِ من كلِّ جانب ، ويسخرُ من مواضيعِ(97/508)
الدعوة قائلاً : إنَّ كثيراً من النشاطاتِ لا يتضمنُ إلاَّ تكراراً، فهي تدورُ على موضوعاتٍ محددة، أشهرها الموتُ والحجاب، وتفسيرُ الأحلامِ والجهاد.
ويُطالبُ تلميحاً بإقصاءِ الدينِ عن المناهجِ الدراسيةِ قائلاً : وتساعدُ المناهجُ نفسها هؤلاءِ، على أن يكونوا دعاةً، فقد اصطبغتِ الكتبُ الدراسيةِ جميعها بصبغةٍ دينية، ويختمُ هراء هُ بقوله: ومن هُنا فأحد أسبابُ تدهورِ التعليم، أنَّ المدارسَ لم تُعد بيئةً للتعليمِ كما نعرفه، بل أصبحت مكاناً للوعظِ والتزهيد في الدنيا، وتحويلِ الطلاب إلى أتباعِ بعض التيارات، التي رُبما تقودُهم إلى مآلاتٍ غير مُرضية .
وما إن كتبَ هذا الكاتبُ هذا السخفُ، حتى تتابعَ مُريدُوهُ من غلمان الأهواءِ، وصبيانِ الفكرِ يُؤيدونهُ، ويُوردون الشواهدَ الهزيلةِ، على صدقِ نظريتهِ الفذَّة (( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )) .
ولسنا بحاجةٍ إلى ردِّ مثل هذا الغُثاء الذي يُعارضُ دينَ الله أولاً ، ويتعارضُ مع سياسةِ الدولة وأنظمتها ثانياً ، ولكننا نتساءَلُ : كيف يُنشرُ مثل هذا السُخفِ في بلاد الإسلام ؟
إنَّهُ ومع خروجِ فئرانِ النفاق من جحورها، وظهورِ روائح المنافقين العفنة، ومع كثرةِ مبادراتهم التغريبية، فإنَّ المسؤوليةَ على أهلِّ البلاد كبيرةً، للحفاظِ على أمننا العقدي والفكري والأخلاقي.
إنَّ أولَّ واجبٌ علينا تجاهَ النفاق والمنافقين، هو كشفِ عوا رهم، وفضحِ أسرارهم، وتعريةِ لا فتاتهم التغريبية، وبيان حقيقة أهدافهم .
لا بدَّ أن تُعلمَ الأجيالُ أنَّ المنافقين هم أشدُّ خطراً على البلادِ وأهلها من العدوِّ الخارجي"، هم العدو فاحذرهم".
وإنَّ على العلماءِ والدعاة، والكتاب أن يوجِّهوا أقلامهم وأطروحاتهم، ومقالاتهم لكشفِ مؤامراتِ المنافقين، ومُجاهدتهم وفضحهم، بدلاً من الخوضِ في الجهادِ ومثالبِ المجاهدين .(97/509)
لابُدَّ أن تعلمَ الأمةُ أنَّ المنافقينَ هُم أعداؤها ، والمناصرونَ لأعدائها ، وإنَّ تستروا بعباءَةِ الوطنية ، والتحفوا بلحافِ الإصلاح، (( اتخذوا أيمانهم جنة )) فيحلفون الأيمانَ كلَّما انكشف أمرهم ، أو عُرفَ عنهم كيدٌ أو تدبير ، أو نُقلت عنهم مقالةُ سُوءٍ في المسلمين .
وإنَّ من الواجبِ أخذ الحذرِ من مكرهم وكيدهم (( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم )).
والحذرُ يقتضي معرفةُ صفاتهم وأساليبهم (( ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم إسرارهم )) .
والحذرُ يتضمنُ عدمُ الثقةِ بأقوالهم ، فالكذبُ من السياساتِ المعمولِ بها عند المنافقين، ((يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر )) .
وإذا كُنَّا مُطالبين بإعمالِ حُسن الظنِّ مع المؤمنين ، فإنَّ من السذاجةِ المرفوضةِ أن نجعلَ المؤمنين كالمنافقين .
والحذرُ يتضمنُ عدمُ الميلِ إلى آرائهم ، والتي غالباً ما تكونُ مطبوخةً في مصنعِ المصالحِ الذاتية ، ويتضمنُ التعبئةَ العامةَ ضدهم ، والحذرُ من تعاونهم مع العدو .
وإنَّ محاربة النفاقِ والمنافقين ، تكونُ بالبعدِ عن مجالسهم ومنتدياتهم ، فأولى مراتبُ النفاقِ، أن يجلسَ المؤمنُ مجلساً فيه آياتُ اللهِ يُكفرُ بها ويستهزأ بها ، فيسكتُ أو يتغاضى ، يُسمي ذلك تسامحاً ـ أو يسميهِ دهاءً ، أو يسميهِ سعةَ صدرٍ وأفق ، وإيماناً بحريةِ الرأي . وهي هي الهزيمةُ الداخلية، تدبُّ في أوصالهِ،
إنَّ الحميةَ للهِ ولدينِ الله ولآياتِ الله، هي آيةُ الإيمان ، وما تفترُ هذه الحميةُ إلاَّ وينهارُ بعدها كلُّ سد ، وينزاحُ بعدها كلُّ حاجز ، وإنَّ الحميةَ لتكبتُ في أولِ الأمر عمداً ، ثُمَّ تُهمدُ ، ثُمَّ تُخمد ، ثُمَّ تموت .
فمن سمع الاستهزاءَ بدينهِ في مجلسٍ، أو قرأهُ في صحيفةٍ أو مجلة ، فإمَّا أن يدفعَ ، وإمَّا أن يُقاطعَ المجلس وأهله ، والصحيفة وملاكها .
فأمَّا التغاضي والسكوت، فهو أوَّلُ مراحلِ الهزيمة ، وهو المُعبرُ بين الإيمانِ والكفرِ على قنطرةِ النفاق، (( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله )) .(97/510)
وإنَّ كيدَ المنافقين يواجهُ بالاعتناءِ الشديد، بأمرِ الجهادِ في سبيلِ الله، وإعدادَ العُدةِ الكافيةِ لملا قاتِ الأعداء، عملاً بقولهِ تعالى، (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )) وذلك أنَّ روحَ الجهادِ متى ما سادت، أيِّ مجتمعٍ أدَّى ذلك إلى حمايةِ وجودهِ، وتعزيزَ وحدته، وضمانَ ديمومتهِ العقائدية، وإبداعهِ الحضاري .
وكيدُ المنافقين يواجهُ بتعزيزِ جانبِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر،والقيام بوظيفةِ الإصلاح ، فما مِن شيءٍ أشدُّ على المنافقين من إحياءِ هذه الشعيرة ، ولذا كانت الهيئاتُ شوكةً في حلوقهم، وسداً أمامَ شهواتهم ، فأفرغوا سيلَ حقدهم، وصبُّوا جام غيظهم على الحسبةِ ورجالها، ساخرين لامزين، (( سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )) .
وإنَّ كيدَ المنافقين ومكرهم يواجهُ بالتوعيةِ الجادَّة، للأسرةِ نساءً وشباباً وأطفالاً ، وتربيتهم على الجدِّيةِ في التمسكِ بالدين ، والبعدُ عن الترخصِ والتحللِ من قيمِ الدين بأيِّ مسمىً كان .
لابُدَّ أن تعي الأسرةُ المسلمة تخطيط الأعداءِ، ودورهم في إفسادِ المجتمعات ، ولا بُدَّ أن تعلمَ نساؤنا خطواتِ الإفسادِ التي مرت بها المرأةُ المسلمة في بلادٍ أخرى ، وانتهت بها إلى التهتكِ والفجور .
ولابُدَّ أن تتعلم الأسرةُ المسلمة أحكام دينها، وحقوق كلِّ فردٍ في شريعةِ الإسلام ، ولابُدَّ من تربيةِ الأجيالِ على الولاءِ للدين، وأخذِ أحكامهِ بقوة ، وأنَّ شريعةَ الإسلامِ قائمةً على التسليمِ لرب العالمين، (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )) .
إنَّ المعلمَ والمعلمة في مدارسهم، والأبُ والأمُّ في البيت، ودرسُ الحلقةِ في حلقتهِ، والإمامُ في مسجده ، والداعيةُ في كلِّ مكان ، هؤلاءِ جميعاً عليهم مسؤوليةُ حمايةِ المجتمعِ وحراسةُ الفضيلة ، وتحصينُ أفرادِ الأمة عن أيِّ داءٍ تغريبي .(97/511)
يوم أن يقومَ كلٌّ منَّا بدورهِ، ويومَ أن تقفَ الأمةُ كلَّها في وجهِ الطروحات التغريبية، رفضاً وإنكاراً ومقاطعةً، حينها تخبو نارَ النفاقِ ، وينقلبُ المنافقون بغيظهم لم ينالوا خيراً ، ويصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين 0
اللهمَّ صل وسلم على نبينا محمد .
ــــــــــــــ
مال المرأة
هذه القضية كغيرها من القضايا المعاصرة ، لها أسبابها ونتائجها ، وقبل الحديث عن الأسباب والعلاج ، لا بدَّ من التذكير بأمرٍ مهم ، وهو قول النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – مخاطباً الرجال ، ومحذّراً لهم : (( إني أحرّج عليكم حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة )) .([1])
أي : أحرّمه على من ظلمها ([2]) وفي بعض الآثار : (( ما أكرمهن إلا كريم ، وما أهانهنّ إلا لئيم )) ، وفي الحديث الصحيح : (( خيركم خير كم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي )) ([3]) وفي رواية : (( خيركم خير كم للنساء)) ([4]) .
فالواجب على الرجال أن يتقوا الله في النساء ، ويحفظوا وصيّة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فيهنّ.
أمّا ما يتعلق بالأسباب ؛ فإنِّي سأذكر ما ظهر لي منها ، وأتبع كل سببٍ بعلاجه اختصاراً للوقت ، وتجنباً للتكرار .. فأقول – مستعيناً بالله - :
يمكن تقسيم الأسباب إلى قسمين : أسباب تتعلق بالمرأة نفسها – وهي الأكثر - ، وأسباب تتعلق بالرجل .
أما التي تتعلق بالمرأة فهي خمسة :
أولها : - وهو السبب الرئيس في هذه المشكلة - عمل المرأة خارج منزلها ، ولستُ – من حيث المبدأ – ضد عمل المرأة ، ولكن حين يكون خروجها للعمل من أجل الترف والمفاخرة، والمباهاة ، أو إثبات الذات – كما يقولون - فإنَّ ذلك – في الغالب - يكون سبباً للخصام، وزعزعة استقرار الأسرة ، وتسلط الرجل على المرأة ، أمَّا(97/512)
حين يكون خروجها – عند حاجة الأمّة لذلك – خالصاً لوجه الله ، فإنَّ الله – تبارك وتعالى – يباركُ لها في عملها ومالها، فعلى المرأة أن تخلص نيتها لله تعالى .
ثانيها : ضعف بعض النساء ، ولستُ أعني بذلك أن تفردَ المرأة عضلاتها أمام الرجل ، لمصارعته ومقارعته، كلا ؛ ولكنها القوة المتزنة ، المعتمدة على المنطق والعقل، وحسن التدبير، مع الضعف الأنثوي الأسري ، وهذا لا يكون إلاَّ بالتربية الصحيحة للبنت منذ الصغر ، وهو أمرٌ يغفلُ عنه كثير من الآباء والأمهات .
ثالثها : جهل بعض النساء بحقوقهنَّ الشرعية ، مما يجرئ ُ( بعض ) الرجال على الاستيلاء على حقوقهن بلا مقابل ، وفي هذا الزمن الذي انتشر فيه العلم ، وزالت فيه الأمية ، لم يعد للمرأة عذرٌ في هذا الجهل ، فلا بد أن تعرف ما لها وما عليها من الحقوق، كما أنَّ القائمين على الإعلام والتعليم مسؤولية تجلية هذا الأمر وتوضيحه، باتزانٍ واعتدال .
رابعها : الغفلة عن المستقبل، فنجدُ المرأة في أولِّ حياتها الزوجية تُعطي بلا مقابل ، بل رُبما أعطت كل ما بيدها لزوجها ، حتى إذا ما اضطربت الحياة الزوجية ومادت ، وربما وصلت إلى طريقٍ مسدود ، خرجت المرأة صفر اليدين ، وهي التي كدحت وشقيت ردحاً من الزمن، وقد تبتلى بزوجٍ لئيم ، يجمعُ مالها ليجعلهُ مهراً لغيرها ، ولكي تضمنُ المرأة حقها ،لا بد أن تجعل لنفسها ضمانات ، تحفظ لها حقوقها ، فعلى سبيل المثال ، قد تساهم المرأة مع زوجها في بناء عشّ الزوجية ، وقد تتحمل من مالها نصف التكاليف أو ربعها ، فعليها في هذه الحال أن تشترط منذ البداية أن يكون نصف البيت أو ربعه باسمها، فإنَّ أو جست من زوجها خيفةً أو ريبة، وأرادت أن تطمئنه ، فلتشترط أنَّها إن ماتت قبله ينتقل الملك إليه، وإن مات قبلها أو طلقها، أو تخلى عنها تكون قد ضمنت حقها كاملاً .
خامسها : عدم الوضوح منذُ البداية ، وأعني بالبداية : عقد النكاح ، فلا بدَّ من الوضوح عند كتابة النكاح ، خصوصاً فيما يتعلقُ بالعمل والحقوق المالية ، فللمرأة أن تشترط حقها في العمل خارج المنزل، وللرجل – إن شاء – أن يشترط جزءً من(97/513)
مرتبها مقابل هذا الخروج ، وبهذا تستقيم الأمور ، ويعرف كل طرف ما له وما ليس له .
وأما التي تتعلقُ بالرجل فهي ثلاثة :
أولها : الجهل ، فبعض الرجال قد يظنُ – جهلاً منه - أنَّ مال المرأة حلال له ، يتصرفُ فيه كيفما شاء ، وعلاج ذلك يكون – كما سبق – بالتوعيةِ المستمرة للرجالِ عن طريق وسائل الإعلام والتعليم .
ثانيها : ضعف الوازع الديني ، فمن لا يخاف الله – عز وجل – لا يتورع عن أكل أموال الناس بالباطل ، علاج ذلك يكونُ بالموعظة الحسنة ، والتذكير بعواقبِ الظلم في الدنيا والآخرة ، والحرص على اتخاذ الضمانات – كما سبق - .
ثالثها : يرجع إلى رجال التخطيط في هذا البلد ، فلا بدَّ من إعادة النظر فيما يتعلقُ بعمل المرأة، وذلك من خلال مراعاة ما يلي :
قصر عمل المرأة على ما تحتاجه الأمة من تطبيب وتمريض، وتعليم للنساء، ونحو ذلك مما لا يمكن أن يقوم به الرجال ، فهذا من شأنه أن يضطرَ الرجال والشباب العاطلين ، إلى العمل لتوفير لقمة العيش لأسرهم ، وإنَّ التوسع الكبير في عمل المرأة – مما يمكن أن يقوم به الرجال - يشجعُ على البطالة ، وعلى تسلط الرجال على أموال النساء ، وأعرف رجالاً كثيراً تركوا أعمالهم ، اعتماداً على عمل نسائهم ، فصاروا في زمرةِ العاطلين البطالين .
تقليل دوام المرأة إلى النصف أو الثلث ، لفتح المجال أمام أكبرِ عددٍ ممكن من النساء للعمل ، مع تقليل الراتب إلى النصف أو الثلث ، لأنَّهُ كلما كثر راتب المرأة ، ازداد طمع الرجل في الاستيلاء عليه ، والمرأة يكفيها القليل من المال من العمل، لتتفرغ لبيتها ولزوجها وأولادها .
إلزام النساء العاملات بالتقاعد المبكر ، للأسباب السابقة الذكر .(97/514)
وبهذا يقل طمع الرجال، وتستقر الأسر، وتعيشُ المرأة في أمنٍ وأمان، في ظل قوامةٍ حقيقية للرجل ، فالسعادةُ ليست دائماً في المال، بل إنَّ المال في أحيانٍ كثيرة قد يكون سبباً للشقاء والتعاسة ، لا سيما للمرأة .
وختاماً :
وللإنصاف ، فليس الرجل دائماً هو الذي يظلمُ المرأة ، بل أحياناً قد يحدثُ العكس ، فهذا رجل ستيني ، جاءني مرة مبدياً رغبته في طلاق امرأته العاملة، التي تجاوزت الخمسين من عمرها، (!) ولما سألته عن السبب، قال لي بأسي : إنَّها لا تقيم لي وزناً ، ولا أجد منها أدنى اهتمام ، تخرج من الصباح الباكر ، ثم تعودُ من عملها في منتصف النهار ، فتلقى بجسدها على فراشها الوثير ، وتدع تدبير أموري للخادمة ، وحين أعاتبها تصرخُ في وجهي بأنَّها متعبة ! وهي ترفض ترك العمل ،والتفرغ للعناية بي، مع أنَّها تملك عقارات وأرصدة في البنك ! أليس هذا من الظلم البيّن ؟
والله ولي التوفيق .
[1] أخرجه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة ، وحسّنه الألباني .
[2] ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير : 1/361 .
[3] أخرجه الترمذي عن عائشة .
[4] أخرجه الحاكم عن ابن عباس .
ــــــــــــــ
الضوابط الشرعية لخروج المرأة من بيتها
الأصل أنَّ المرأة مأمورة بلزوم البيت، منهية عن الخروج إلاَّ عند الحاجة ، إلاَّ أنَّ الفقهاء وضعوا ضوابط لخروجها وهي كالتالي :
الضابط الأول : أن يكون خروجها لضرورة أو حاجة
روى البخاري في صحيحه، عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله r : (( قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن )) [1] .(97/515)
يقول العيني في شرح هذا الحديث : ( قال ابن بطال : في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ النساء يخرجن لكل ما أبيح لهنَّ، الخروج من زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم ، وغير ذلك مما تمسُّ به الحاجة ) [2]
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى :- (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) أي الزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة ) [3].
وأمَّا إذا لم يكن لها ضرورة ولا حاجة، فلا يجوزُ لها بل يحرم عليها أن تترك عملها الأساس - وهو راعية بيتها - ثم تخرج إلى عملٍ لا حاجة لها به [4].
الضابط الثاني : أن يكون الخروج بإذن وليها :
والمرأة لا تخلو من حالتين :
أن تكون ذات زوجٍ أو غير متزوجة .
فإن كانت ذات زوج فلا تخرج إلاَّ بإذن زوجها :
لقوله r : (( ولا تخرج من بيته إلاَّ بإذنه، فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب والرحمة حتى تتوب أو تراجع )) [5].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( لا يحلُ للزوجة أن تخرج من بيتها إلاَّ بإذنه، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله، ومستحقةً للعقوبة )([6])
وقال النووي عند التعليق على حديث : (( إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ )) : ( أُستدل به على أنَّ المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلاَّ بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن ، وللزوج منع زوجته من الخروج من منزله إلا ما لها منه بد، سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما، أو حضور جنازة أحدهما .[7]
قال ابن قدامة : ( قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة، طاعة زوجها أوجب عليها من أمِّها، إلاَّ أن يأذن لها ، ولأنَّ طاعة الزوجة واجبة ، فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب ، ولا يجوز لها الخروج إلاَّ بإذنه، ولكن لا ينبغي للزوج منعها من(97/516)
عيادة والديها وزيارتهما ، لأنَّ في ذلك قطيعة لهما، وحملاً لزوجته على مخالفته ، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف [8].
- وإن كانت غير متزوجة :
فلا يجوزُ لها الخروج إلاَّ بإذن الأبوين في حال وجودهما، أو الجد في حال عدم وجود الأب [9] .
الضابط الثالث : أن تلتزم بالحجاب الشرعي
فلا يبدو منها إلاَّ ما لابُدَّ منه من الثياب الظاهرة امتثالاً لقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )) (الأحزاب:59) .
قوله تعالى : (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) (الأحزاب: 53) .
ففي تفسير الآية الأولى ، يروي ابن جرير الطبري عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قوله : (( أمر نساء المؤمنين إذا خرجنَّ من بيوتهن في حاجةٍ أن يغطين وجوههنَّ من فوق الجلابيب ، ويبدين عيناً واحدة ))[10] .
الضابط الرابع : أن يكون خروجها على تبذل وتستر تام
لحديث أبي موسى- رضي الله عنه- عن النبي r قال : (( إذا استعطرت المرأة فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا )) رواه أبو داود [11] ، وفي رواية لأحمد : ((فهي زانية)) [12] .
وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله r قال : (( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلا ت )) رواه أبو داود [13] .
قال العيني : ( يجوز الخروج لما تحتاج إليه المرأة من أمورها الجائزة، بشرط أن تكون بَذيئة الْهَيْئَةِ ، خَشِنَةَ الْمَلْبَسِ ، تَفِلَةَ الرِّيحِ ، مَسْتُورَةَ الْأَعْضَاءِ ، غير متبرجةٍ بزينة، ورافعة صوتها ) .(97/517)
قال ابن قيم الجوزية : ( يجب على ولي الأمر منع النساء من الخروج متزينات متجملات ، ومنعهنَّ من الثياب التي يكنَّ بها كاسيات عاريات، وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها ، ولاسيما إذا خرجت متجملة ، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهنَّ على الإثم والمعصية ، والله سائل ولي الأمر في ذلك ، وقد منع أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق ) [14] .
الضابط الخامس : أن لا يفضي خروجها إلى حرام أو ترك واجب
كأن يؤدي خروجها إلى اختلاطها بالرجال الأجانب، أو الخلوة بالرجل الأجنبي كالسائق والموظف ، أو السفر بدون محرم ، أو أنَّ خروجها سيؤثر على رعاية بيتها وزوجها وأولادها ، أو أن تخرج لتعمل، فيؤدي عملها إلى تضييقِ فرص الكسبِ لدى الرجال ، والمسألةُ محكومة بالقاعدة الأصولية المعروفة : ( ما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب ، وما يترتب عليه محرم ؛ فهو محرم ) [15] .
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : (الدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال في المجتمع الإسلامي، من أعظم آثارهِ الاختلاط، الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا، الذي يفتك بالمجتمع، ويهدم قيمه وأخلاقه ، وعليه فعمل المرأة بين الرجال من غير المحارم فتنة، تضعها على الطريق الموصل إلى مالا تحمد عقباه مما حرم الله، وما يؤدي إلى الحرام، وعليه فعملُ المرأة بين الرجال محرمٌ لا يقول بخلافه إلاَّ من حادَّ الله ورسوله ) [16] .
ويقول أيضاً - رحمه الله - ( إنَّ عمل المرأة بعيداً عن الرجال، إن كان فيه مضيعة للأولاد، وتقصير بحق الزوج، من غير اضطرارٍ شرعي لذلك يكون محرماً، لأنَّ ذلك خروجٌ على الوظيفة الطبيعة للمرأة، وتعطيلٌ للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها، مما ينتجُ عنه سوء بناء الأجيال، وتفكك عُرى الأسرة التي تقومُ على التعاون والتكامل والتضامن، ومساهمة كلٌ من الزوجين بما هيأ الله له من الأسباب، التي تساعد على قيام حياةٍ مستقرة آمنةٍ مطمئنة، يعرف فيها كل فرد واجبة أولاً ، وحقهُ ثانياً ) .[17](97/518)
[1] ورقمه (5237).
[2] عمدة القاري (20/218) .
[3] تفسير ابن كثير (3/483) .
[4] أجريت دراسة على دوافع النساء العاملات للعمل فوجد أن من يعملن للحاجة فقط24 % .
[5] رواه البيهقي (7/292) والطيالسي (2063) وعبد بن حميد (814) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وعطاء لم يسمع من ابن عمر كما قال علي بن المديني . ورواه البزار من حديث ابن عباس وفيه حسين بن قيس وهو متروك الحديث . انظر : مجمع الزوائد (4/307) والمطالب العالية (1713).
[6] مجموع فتاوى شيخ الإسلام (32/281) .
[7] المجموع (4/199) .
[8] المغني (7/244) .
[9] انظر : عمل المرأة ، هند الخولي ص 150 .
[10]جامع البيان عن تأويل آي القرآن (12/46) .
[11] ورقمه (4173) .والترمذي (2786) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
[12] مسند أحمد (4/413 ) .
[13]رواه أبو داود (565) .
[14] الطرق الحكمية ص 280 .
[15] القواعد والفوائد الأصولية ، ابن اللحام ص 94 .
[16] نقلا من : عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 190 .
[17] نقلا من كتاب تأملات في عمل المرأة ص 65-66 .
ــــــــــــــ
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة(97/519)
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد :
فقد أرشد الله – عز وجل – إلى تتبع المجرمين والنظر في أفعالهم وطرقهم في هدم هذا الدين ، فقال الله – سبحانه – {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}، وأمر الله - عز وجل – نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجاهد المنافقين ، فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } ، وجهاد الكفار يشمل الحجة والسنان ، أما جهاد المنافقين فهو بالحجة والبيان ، لأن لهم حكم الإسلام فهم يتخفون ولا يظهرون ما يعتقدون . وقد فضح الله – عز وجل – المنافقين في كتابه الكريم في سور كثيرة : في سورة البقرة ، وسورة النساء ، وفي سورة التوبة التي سميت بالفاضحة حتى قال بعض الصحابة – رضي الله عنهم - : ما زالت سورة التوبة تنزل {ومنهم } {ومنهم } حتى ظننا أنها لا تبقي أحداً . وفي سورة الأحزاب بيان عن مواقفهم وقت الشدائد ، وسمّى الله – عز وجل – سورة في كتابه الكريم عن هذه الفئة ، وهذه الفئة مهما تخفت فإن الله – عز وجل – يظهر ما تضغنه صدورهم وما تبطنه قلوبهم : {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فهي فئة مفضوحة ، يفضحها الله – عز وجل – ويظهر خباياها ليعرفها الناس ولا ينخدعوا بها وكل إناء بما فيه ينضح .
والتعرف على هذه الفئة وعلى أساليبها وطرقها في محاربة الأمة ومحاولتها تقوض دعائم الإسلام يعد من الأهمية بمكان ، يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –(97/520)
رضي الله عنه - : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية .
فيظهر أهل الجاهلية من أجل تقويض عرى الإسلام فلا يقبل منهم أهل الإسلام ذلك لمعرفتهم بهم وبجاهليتهم .
من الدين كشف الستر عن كل كاذب وعن كل بدعي أتى بالعجائب
ولو رجال مؤمنون لهدمت صوامع دين الله من كل جانب
ولهذا كان لابد من دراسة أساليب الفئة العلمانية في تغريب الأمة كلها والمرأة بوجه خاص لنبتعد عن هذا الشر وهذا الوباء الذي ينذر كارثة عظيمة على الأمة المحمدية .
ولابد أيضاً أن يعلم كل مسلم أن الفئة العلمانية هي الخطر الأكبر المحدق بهذه الأمة ، وهو يعمل على تغريب هذه الأمة وإبعادها عن دينها .
وهذه الكلمات في أصلها محاضرة ألقيت في الرياض بتاريخ 29/4/1414هـ ثم أجري عليها بعض التعديل وأعان على ذلك بعض الأخوة فلهم جزيل الشكر وما كان فيما ذكرت من صواب فمن الله وحده وله الحمد والفضل وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان . وأرجو من كل أخ في الله رأى خطأ أو استدرك أمراً أو توصل إلى معلومة أن يناصح أخاه فالدين النصيحة بما عنده وأنا له داع وشاكر والتعاون على البر والتقوى واجب شرعي .
{ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
كتبه العبد الفقير إلى ربه العلي القدير
بشر بن فهد البشر
لماذا المرأة ؟
يتبادل إلى أذهان الجميع لماذا التركيز على المرأة من قبل الغرب ومن قبل إتباعه المستغربين العلمانيين ؟(97/521)
والسر أن هؤلاء قد فطنوا لمكانة المرأة الأساسية ودورها في صنع الأمة وتأثيرها على المجتمع ولذلك أيقنوا أنهم متى ما أفسدوا المرأة ونجحوا في تغريبها وتضليلها فحين ذلك تهون عليهم حصون الإسلام بل يدخلونها مستسلمة بدون أدنى مقاومة .
يقول شياطين اليهود في بروتوكولاتهم : علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية .
ولذلك نجح اليهود في توجيه الرأي العام الغربي حينما ملكوا المرأة عن طريق الإعلام وعن طريق المال .
وقال آخر من ألد أعداء الإسلام : كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في حب المادة والشهوات .
وهذا صحيح ؛ فإن الرجل الواحد إذا نزل في خندق وأخذ يقاوم بسلاحه يصعب اقتحام الخندق عليه حتى يموت ، فما بالك بأمة تدافع عن نفسها ، فإذا هي غرقت في الشهوات ومالت عن دينها وعن طريق عزها استسلمت للعدو بدون أي مقاومة بل بترحيب وتصفيق حار .
ويقول صاحب كتاب تربية المرأة والحجاب : ( إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في المشرق – لا في مصر وحدها – إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل ، بل الفساد الذي عم الرجال في المشرق )
ما هي العلمانية وما حكم هذه العلمانية ؟
العلمانية في الأصل يراد بها فصل الدين عن التدخل في تنظيم شئون الحياة ، فلا تتدخل الشرائع السماوية في تنظيم أمور البيع والشراء والمعاملات ولا في مسائل الاقتصاد والسياسة ومسائل الحرب والسلم ومسائل التربية والتعليم وهكذا ، هذا هو أصل كلمة علمانية عند الغرب ، فهي اللادينية ، والاعتراف والتعامل مع الشيء المشاهد ونفى الظواهر الغيبية وتدخلها في صياغة الحياة ، ولذا يسمحون بتدين الإنسان الشخصي ، أما أن يكون للدين تأثير في تدبير شئون الأمة فلا ، ثم انتقل هذا الوباء إلى الأمة المحمدية .(97/522)
والعلمانية بالمفهوم الإسلامي أعم من ذلك المفهوم الغربي ، فلو وجد شخص ينادي بتطبيق شريعة الإسلام كلها إلا مسألة واحدة يرفضها مما أجمع عليه المسلمون ، وعلم من الدين بالضرورة فإنه يكون كافراً مرتداً ، فعلى سبيل المثال لو وجد شخص ينادي بتطبيق الشريعة في الحدود وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي التعليم إلا أنه يقول يجب في الميراث أن نساوى بين الرجل والمرأة، فإنه بهذا يكون علمانياً في الحكم الشرعي، لأنه رد حكما معلوماً من دين الإسلام بالضرورة .
إذاً هذه هي العلمانية في اصطلاحنا حين نتحدث ، وحكمها بهذا الاصطلاح كفر أكبر مخرج من الإسلام لأنها تكذيب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهي إشراك بالله ما لم ينزل به سلطاناً ، إذ أنها تجعل الحكم في بعض المسائل لغير الله وفي بعضها لله .
وهنا مسألة مهمة يلزم التنبيه عليها وهي الفرق بين الوصف وبين التعيين ، ففرق أن نقول : إن العلمانية كذا ، وأن القول بكذا وكذا علمانية ، وبين أن نقول إن فلاناً علماني فينبغي أن نفرق فقد يكون هذا الشخص قاله جاهلاً وقد يكون غرر به ، وقد يكون أخذ بقول شاذ وأنت لا تعرفه وهكذا . لكن من علم عنه أمر مع وجود الشروط وانتقاء الموانع حكم عليه بما يستحقه شرعاً من ردة أو غيرها . ثم ينبغي التنبيه إلى أن بعض المسلمين قد يفعل بسبب غفلته أو بسبب جشع مادي أو حتى بحسن قصد بعض ما يفعله أو يريده العلمانيون ، وقد يفعل ما يخدم أهدافهم ؛ فهذا الشخص لا يعد منهم – أي لا يقال عنه : علماني – ومع ذلك لابد من التحذير من عمله ، ولابد من بيان خطئه وخطره ، ولابد من نصحه ورده عن ما هو عليه .
التغريب
أما التغريب : فقد نشأت عند ساسة الغرب ومخططيه أيام الاستعمار بعد فشل بعض الحملات العسكرية فكرة شيطانية ، وهي أنه ينبغي أن تكون الجيوش الاستعمارية بعيدة عن المواجهات لأنها تثير ردود فعل عنيفة ، وأنه ينبغي عليهم أن يبذلوا الأسباب لتستسلم الأمم المسلمة للثقافة والحضارة الغربية بنفسها طواعية ، وبذلك نشأت فكرة التغريب ، وأساسها تذويب الشخصية المسلمة في الشخصية الغربية بحيث(97/523)
لا ترى إلا بالمنظور الغربي ، ولا تعجب إلا بما يعجب به الغرب ، وتبتعد عن قيمها وعقائدها وأخلاقها المستمدة من شريعة الإسلام وتعتنق هذه الديانة الجديدة التغريبية ، وتدخل في عجلة الاستهلاك الاقتصادي التي يروج لها الغرب ،( فبرامج التغريب تحاول أن تخدم هدفاً مزدوجاً ، فهي تحرس مصالح الاستعمار بتقريب الهوة التي تفصل بينه وبين المسلمين نتيجة لاختلاف القيم ونتيجة للمرارة التي يحسها المسلم إزاء المحتلين لبلاده ممن يفرض عليه دينه جهادهم ، وهي في الوقت نفسه تضعف الرابطة الدينية التي تجمع المسلمين وتفرق جماعتهم التي كانت تلتقي على وحدة القيم الفكرية والثقافية ، أو بتعبير أشمل وحدة القيم الحضارية ) ...... الخ(1).
فهذا هو التغريب : أي تذويب الأمة المحمدية بحيث تصبح أمة ممسوخة : نسخة أخرى مكررة من الأمة الغربية الكافرة ، غير أن هناك فرق فالأمة الغربية هي الأمة القائدة الحاكمة المتصرفة والأمم الأخرى هي الأمم التابعة الذليلة المنقادة لما يملى عليها ، فهذا هو التغريب .
وتغريب المرأة المسلمة جزء من مخطط شامل لتغريب الأمة في كل أمورها .
يقول الدكتور محمد محمد حسين – رحمه الله تعالى -(2) : وكانت برامج التغريب تقوم على قاعدتين أساسيتين – يعني عند المستعمرين الأولين : -
الأولى : اتخاذ الأولياء والأصدقاء من المسلمين وتمكينهم من السلطة ، واستبعاد الخصوم الذين يعارضون مشاريعهم ، ووضع العراقيل في طريقهم ، وصد الناس عنهم بمختلف السبل .
القاعدة الثانية : التسلط على برامج التعليم وأجهزة الإعلام والثقافة عن طريق من نصبوه من الأولياء وتوجيه هذه البرامج بما يخدم أهدافهم ويدعم صداقتهم .
بداية التغريب :
يؤرخُ لبداية الدعوة لتغريب المرأة المسلمة في مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ولحقتها بلاد العرب الأخرى بعد ذلك .(97/524)
وكانت البداية أن رجلا اسمه رفاعة الطهطاوي ابتعث من قبل محمد علي باشا حاكم مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ورفاعة هذا من خريجي جامعة الأزهر ومؤهل تأهيلا شرعياً ، وقد ابتعث ليقوم بإمامة البعثة المصرية إلى فرنسا في الصلاة ومرشداً لهم ، ولكنه ما لبث أن ذاب وتأثر بالأفكار الفرنسية ، وفتن فتنة عظيمة ، وعاد إلى مصر ليعرض بضاعته الخبيثة فيها : داعياً للتغريب ، ورافعاً للواء تحرير المرأة ، ونحو ذلك من ركائز التغريب ، وألف كتاباً أودع فيه خلاصة إعجابه بالغرب ( فرنسا بالذات ) أسماه ( تلخيص الأبريز في تلخيص باريز ) ومما قاله فيه : ( السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعياً إلى الفساد ) .
ثم ظهر في عام 1894 م في مصر كتاب (( المرأة في الشرق )) يشن حملة على النظام الإسلامي مهونا الرقص والاختلاط ، ألفه رجل نصراني صليبي يدعى مرقص فهمي .
وبعد ذلك ظهر قاسم أمين الذي ولد في مصر ورحل إلى فرنسا ليتم تعليمه لينبهر بفرنسا كما انبهر رفاعة من قبل حتى صرح قاسم بأن أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة : التمثيل والتصوير والموسيقى )(3) .
وقد ألف قاسم أمين كتاب ( تحرير المرأة ) عام 1899 م حمل فيه على الحجاب ودعا إلى السفور ، وذلك بترديد أن الحجاب عادة وليس تشريعا ، وقد تناول في كتابه أربع مسائل :
- الحجاب .
- اشتغال المرأة بالشئون العامة .
- تعدد الزوجات .
- الطلاق .
وذهب في كل مسألة إلى ما يطابق مذاهب الأوربيين زاعماً أن ذلك هو مذهب الإسلام .(97/525)
وانجر في كتابه إلى التهكم بالفقهاء وعلماء الشريعة وقد ألبس آراءه هنا لباسا مخادعا حتى قال بعض معاصريه : ( ما رأيت باطلاً أشبه بحق من كلام قاسم أمين ) . وقد أوضح قاسم في مقدمة كتابه أنه ممن يرى التدرج في التغيير شيئاً فشيئا ، وكأنه كان يشير إلى كتابه ( المرأة الجديدة ) الذي صدر بعدئذ ، وأبان فيه عن جانب خطير من فكره وطرحه ، فهو كما يقول العنوان يبحث عن امرأة جديدة : كالأوروبية تماماً ، وقال بأقوال لا تقبلها حتى النساء فهو لا يقبل (حق ملكية الرجال للنساء ) ويرى ترك حرية النساء للنساء حتى لو أدى الأمر إلى إلغاء نظام الزواج حتى تكون العلاقات بين الرجل والمرأة حرة لا تخضع لنظام ولا يحدها قانون ) (4) .
وقد أثار الكتابان ردة فعل واسعة ، وصدرت ردود تبلغ مائة كتاب ، ومنها كتاب للشيخ مصطفى صبري هو ( قولي في المرأة ) ودافع البعض عن قاسم أمين منهم جرجى نقولاباز(5) .
وكأني بمحمد فريد وجدي يتكلم عن واقعنا اليوم ليقول في رده على قاسم أمين : ( إذا أشرنا اليوم بوجوب كشف الوجه واليدين ، فإن سنة التدرج سوف تدفع المرأة إلى خلع العذار للنهاية في الغد القريب كما فعلت المرأة الأوربية التي بلغت بها حالة التبذل درجة ضج منها الأوربيون أنفسهم وبدلا من أن نضرب أمثلة بالغرب دائماً ينبغي أن نولي وجوهنا إلى عظمة مدنيتنا الإسلامية الماضية ) وقد ترجم الإنكليز الكتاب واحتفوا به وبثوا قضاياه .
وقد قال أحمد محرم رحمه الله في هذا الكتاب :
أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم
سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم
...
أغرك يا أسماء ما ظن قاسم
تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به(97/526)
سلام على الأخلاق في الشرق كله
وقال الشاعر العراقي البناء يهاجم أهل السفور :.
تصيد الصيد في شرك العيون
تقود ذوي العقول إلى الجنون (6)
...
وجوه الغانيات بلا نقاب
إذا برزت فتاة الخدر حسرى
وبعد أن توفي قاسم أمين صدرت مجلة السفور بعد دخول الإنجليز إلى مصر وكتب فيها مصطفى عبد الرازق وعلي عبد الرازق – صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم – وكان النساء حتى ذلك الوقت محجبات يرتدين البراقع البيض ، ولا يخالطن الرجال .
وعندما جاء عهد الثورة في مصر انتقلت الحركة إلى طور التنظيم بمؤازرة الزعيم الوطني المزعوم سعد زغلول الذي رتب البريطانيون نفيه ثم أعادوه رئيساً للوزراء ليوقع معهم معاهدة تجعل الاحتلال شيئاً متفقاً عليه ، وقدم سعد وبرفقته زوجته صفية زغلول التي تسمت باسم زوجها اقتداء بالغربيات ، وهي ابنة لمصطفى فهمي الذي كان رئيساً لوزراء مصر أيام الاحتلال وعرف بصداقته الحميمة للإنجليز وبخدمته لهم وبعلاقته الشخصية باللورد كرومر ، وقد قَدِمَ سعد زغلول وزوجته هذه على باخرة ، وكان هناك احتفاء بهم فكان من شأن سعد أن بدأ بالدخول على سرادق الحريم حيث استقبلته هدى شعراوي – الفاعلة المهمة في التحرير المزعوم وهي محجبة فمد يده فنزع الحجاب عن وجهها تبعا لخطة معينة وهو يضحك فصفقت هدى وصفقت النساء لهذا الهتك المشين ( .......... ونزع الحجاب ....... ففعل سعد بيده ما دعا إليه اليهودي القديم بلسانه فكلفه دمه ....... ) (7)
وهدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا العميل لجيش الاحتلال الإنجليزي والذي رافق جيش الإنجليز خلال زحفه على القاهرة وطالب الناس بعدم مقاومته ، وقدّم مع فريق(97/527)
من أمثاله هدية من الأسلحة الفاخرة لقادة جيش الاحتلال شكراً لهم على إنقاذ البلاد ، وقد قادت هدى شعراوي وصفية زغلول المظاهرة النسائية الشهيرة عام 1919 م والتي كان هدفها المعلن الاحتجاج على الوجود الإنجليزي في مصر ، فلما وصلت المتظاهرات إلى ميدان الإسماعيلية في القاهرة قمن بإحراق الحجاب وسمي الميدان بعد ذلك ميدان التحرير ، ويا ليت شعري ما علاقة المحتل بالحجاب ؟! بل إن إحراق الحجاب هو ما يريده المحتل ؛ لأن معناه التخلي عن القيم الخاصة بالمجتمع الإسلامي المصري ليتحول إلى مجتمع غربي مصري هجين .
وقد وصف حافظ إبراهيم – رحمه الله – هذه المظاهرة بأبيات رائعة مطلعها :
ورحت أرقب جمعهنه
سود الثياب شعار هنه
...
خرج الغواني يحتججن
فإذا بهن اتخذن من
وبعد ذلك بدأت سلسلة الأحداث المتلاحقة ومنها تأسيس الاتحاد النسائي المصري على يد هدى شعراوي عام 1923 م مع نبوية موسى وسيزا نبراوي شريكاتها في هذه المرحلة .
وقد احتفلت الدوائر الغربية بالاتحاد النسائي المصري وحضرت الدكتورة ريد رئيسة الاتحاد الدولي إلى مصر لتدريس تطور الحركة النسائية فيها . وقد التقت هدى شعراوي هذه بموسوليني عام 1922 وأتاتورك 1935 ، وفي عام 1944 نجحت هدى شعراوي وزميلاتها في إقامة مؤتمر نسائي عربي أصدر عدة قرارات ومطالبات منها :.
- تقييد الطلاق وتعدد الزوجات والحد من سلطة الولي !!.
- المساواة التامة بين الرجل والمرأة !!.
- المطالبة بحذف نون النسوة !!!.(97/528)
- المطالبة بالجمع بين الجنسين في التعليم الابتدائي !!.
وقد بارك الغرب هذا المؤتمر وأرسلت زوجة الرئيس روزفلت الأمريكي برقية تحية للمؤتمر .
ثم تكون الحزب النسائي عام 1945 م ، وعام 1949 م تكون حزب بنت النيل على يد الدكتور درية شفيق والذي طالب بمنح المرأة حق الاقتراع وحق دخول البرلمان ، والمطمع الثاني كان إلغاء تعدد الزوجات وإدخال قوانين الطلاق الأوربية في مصر وباركت هذا وزيرة الشئون الاجتماعية في انجلترا ، وقامت مظاهرة نسائية واعترفت الدكتورة درية شفيق بأنها – المظاهرة- بتحريض من الوزيرة البريطانية ، وتوالت مباركات الدوائر الغربية لهذا الحزب ، والذي أكتشف أنه كان يمول من قبل السفارة الأمريكية والإنجليزية بألفين من الجنيهات سنوياً عدا الورق المصقول وتقديم المشورة .
ثم توالت الأحداث وانتقلت العدوى لبلاد عربية أخرى(8) وتكاثرت المجلات الهادمة للحجاب والعفاف الداعية إلى السفور والتبرج ولا تزال تزداد يوماً بعد يوم .
وهذا الأسلوب الذي اتبع في مصر اتبع في غيرها من البلاد وكان مدفوعاً من الغرب وحظي التغربيون بحماية الغرب لهم ولا يشبه تدخل إنجلترا لحماية درية شفيق إلا لقاء رؤساء الغرب بسلمان رشدي الذي تعدي على شريعة الإسلام .
والعجب أن الغرب لا يتواني في ملاحظة زلات التغربيين بانحرافهم عن المنهج المرسوم لهم ومن ذلك أن كاتباً عربياً محسوباً على الغرب كتب مقالاً في جريدة عربية وحمل على مواقف الغرب في البوسنة ثم نقل كاتب آخر من مقاله نقلا في جريدة ناطقة بالانجليزية ففوجئ الكاتب العربي خلال زيارته لأمريكا بسياسي أمريكي يعاتبه ويقول له : لماذا تكتب ضدنا وتثير الرأي العام .
مظاهر تغريب المرأة المسلمة
مظاهر تغريب المرأة المسلمة كثيرة جداً يصعب استقصاؤها ولكن نذكر من أهمها :.(97/529)
1. من مظاهر التغريب التي وقعت فيها المرأة المسلمة والتي نراها ولا تخفى عن كل ذي عينين : الاختلاط في الدراسة وفي العمل ، إذ أنه في معظم البلدان العربية والإسلامية ؛ الدراسة فيها دراسة مختلطة ، والأعمال أعمال مختلطة ، ولا يكاد يسلم من ذلك إلا من رحم الله ، وهذا هو الذي يريده التغريبيون ، فإنه كلما تلاقى الرجل والمرأة كلما ثارت الغرائز ، وكلما انبعثت الشهوات الكامنة في خفايا النفوس ، وكلما وقعت الفواحش لاسيما مع التبرج وكثرة المثيرات وصعوبة الزواج وضعف الدين ، وحين يحصل ما يريده الغرب من تحلل المرأة ، تفسد الأسرة وتتحلل ، ومن ثم يقضى على المجتمع ويخرب من الداخل ، فيكون لقمة سائغة .
وإذا بدأ الاختلاط فلن ينتهي إلا بارتياد المرأة لأماكن الفسق والفجور مع تبرج وعدم حياء ، وهذا حصل ولا يزال فأين هذا من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد فوجد النساء قد اختلطن بالرجال فقال لهن : ( استأخرن ........... عليكن بحافات الطريق ) رواه أبو داود وحسنه الألباني / الصحيحة 854 .
2. ومنها أيضاً : التبرج والسفور : والتبرج أن تظهر المرأة زينتها لمن لا يحل لها أن تظهرها له . والسفور : أن تكشف عن أجزاء من جسمها مما يحرم عليها كشفه لغير محارمها . كأن تكشف عن وجهها وساقيها وعضديها أو بعضها ، وهذا التبرج والسفور فشا في كثير من بلاد المسلمين ، بل لا يكاد يخلو منها بلد من البلدان الإسلامية إلا ما قل وندر ، وهذا مظهر خطير جداً على الأمة المسلمة ، فبالأمس القريب كانت النساء محتشمات يصدق عليهن لقب : ذوات الخدود . ولم يكن هذا تقليداً اجتماعياً ، بل نبع من عبودية الله وطاعته ، ولا يخفى أن الحجاب الشرعي هو شعار أصيل للإسلام ، ولهذا تقول عائشة – رضي الله عنها - : ( يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها ) البخاري 4758.
ولهذا كان انتشار الحجاب أو انحساره مقياساً للصحوة الإسلامية في المجتمع ودينونة الناس لله ، وكان انتشاره مغيظاً لأولئك المنافقين المبطلين .(97/530)
3. من مظاهر التغريب : متابعة صرعات الغرب المسماة بالموضة والأزياء ، فتجد أن النساء المسلمات قد أصبحن يقلدن النساء الغربيات وبكل تقبل وتفاخر ، ولذلك تقول إحدى النساء الغربيات ممن يسمونها برائدة الفضاء لما زارت بلداً من بلدان العربية ، قالت : إنها لم تفاجأ حينما رأت الأزياء الباريسية والموضات الحديثة على نساء ذلك البلد .
ولم يسلم لباس الأطفال – البنات الصغيرات – إذ تجد أن البنت قد تصل إلى سن الخامسة عشر وهي لا تزال تلبس لباساً قصيراً ، وهذه مرحلة أولى من مراحل تغريب ملبسها ، فإذا نزع الحياء من البنت سهل استجابتها لما يجدّ ، واللباس مظهر مهم من مظاهر تميز الأمة المسلمة والمرأة المسلمة ، ولهذا حرم التشبه بالكفار ، وهذا والله أعمل لما فيه من قبول لحالهم وإزالة للحواجز وتنمية للمودة ، وليس مجهولا أن تشابه اللباس يقلل تمييز الخبيث من الطيب ، والكفر من الإسلام ، فيسهل انتشار الباطل وخفاء أهله .
والموضة مرفوضة من عدة نواحي منها :
أ- التشبه بالكافرات . والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من تشبه بقوم فهو منهم )) ( رواه أبو داود والإمام أحمد وهو صحيح ) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: والصراط المستقيم : هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك ، وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال ، قد تكون عبادات ، وقد تكون عادات في الطعام واللباس والنكاح ........الخ .
وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ولابد ارتباط ومناسبة ، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة ، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً ....) انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم ، فعلم من هذا خطورة هذا التشبه وتحريمه .
ب – الضرر الاقتصادي للتعلق بالموضة ، ومعلوم كم تكلف هذه الموضة من أموال تنقل إلى بلاد الغرب الكافرة .(97/531)
وللعلم فإن 30% من ميزانية الأسرة العربية تنفق على احتياجات المرأة نفسها من ملبس وأدوات تجميل ومكياج وتزداد هذه النسبة بازدياد الدخل ومستوى التعليم وينخفض بانخفاضهما(9) .
ج – كثرة التحاسد بين النساء لأنهن يجذبهن الشكل الجميل ، فيتفاخرن ويتحاسدن ، ويكذبن ، ومن ثم قد تكلف زوجة الرجل - قليل المال - زوجها ما لا يطيق حتى تساوي مجنونات الموضة، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وغير هذا من المخالفات الشرعية الكثيرة .
4. ومن مظاهر التغريب : الخلوة ، خلوة المرأة بالرجل الأجنبي الذي ليس لها بمحرم ، وقد تساهل الناس فيها حتى عدها بعضهم أمراً طبيعياً ، فالسائق والطباخ أصبحا من أهل البيت ولا غرابة في ذلك ، حتى ذكر أنه شوهدت امرأة مع رجل أجنبي ليس من أهل بلدها ، فحينما سئل هذا الرجل : كيف تمشى مع هذه المرأة وهي ليست لك بمحرم ؟ قال : إنه من أهل البيت ، لأن له خمس عشر سنة وهو عند الأسرة فهو منها بهذا الاعتبار على حسب زعمه .
فالخلوة المحرمة مظهر من مظاهر التغريب التي وقعت فيها الأمة المسلمة حيث هي من أفعال الكافرين الذين ليس لهم دين يحرم عليهم ذلك ، وأما احترام حدود الله فهو من مميزات الأمة المسلمة الأصلية . والجرأة على الخلوة تجاوز لحد من حدود الله وخطر عظيم وقد حرمه الشارع بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم )) رواه البخاري ومسلم .
قاعدة مهمة
إن كل مبطل على وجه هذه الأرض لابد أن يُلبس باطله بثوب الإصلاح وزخرف القول ؛ حتى يروج بين الناس ، لأن الباطل قبيح ومستر ذل ومكروه وبشع ، فحينما يظهر الباطل على حقيقته ، ويعرى على صورته ، لا تقبله النفوس ، ولا ترضى به الفطر السليمة والمستقيمة . ولذلك يلجأ العلمانيون التغريبيون إلى إلباس طرقهم وأساليبهم وأهدافهم وأفكارهم لبوس الإصلاح والحرص على المصلحة وغير ذلك ،(97/532)
فالتوظيف المختلط ، والتعليم المختلط ، كل ذلك بدعوى مصلحة الأمة ، وبدعوى تشغيل نصف المجتمع ، ولأن فيها مردوداً اقتصادياً وهذه هي زخارف القول التي يوحيها شياطين الإنس والجن ، ويقول الله – تبارك وتعالى - : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} فيخدع به ضعفاء الإيمان وناقصوا العقول .
ثم إن العلمانيين قد وجدوا عادات في مجتمعات المسلمين ليست من الإسلام فاستغلوها ووظفوها لينفثوا من خلالها سمومهم وينفذوا مخططاتهم ثم أسقطوها على الإسلام ، بمعنى أنهم قالوا : إنما من الإسلام فهاجموا الإسلام من خلالها ، مثال ذلك : قد تجد بعض المجتمعات المسلمة تظلم المرأة في الميراث ، قد تعطي المرأة ميراثها من المنقول من الأموال والمواشي لكنها لا تعطيها حقها من العقار من الأرض والشجر كفعل الجاهلية ، قد تجد زوجاً لا يعدل بين زوجاته مخالفاً بذلك أمر الله – تعالى - ، فهذه الثغرات يتعلق بها العلمانيون مع أنها ليست من الإسلام في شيء ، ولم ينزل الله بها سلطانا ، بل هي في نظر الإسلام : ظلم محرم وجور ، يجازى عليه صاحبه عند الله يوم القيامة إذا لم يتب منها أو لم يعف الله عنه .
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة كثيرة ، ويصعب حصرها ، والمقصود التذكير بما يتيسر من أهمها ومن أخطرها ، ليحذرها المسلمون ، وينكروها ، ويعلموا على إفشالها ، ولتكون منبهة على غيرها . فمن هذه الأساليب :
1. وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ، من صحافة وإذاعة وتلفاز وفيلم ومجلات متخصصة في الأزياء والموضة ومن مجلات نسائية وملحقات نسائية ومن غير ذلك ، إذ أن الإعلام يصنع الآراء ، ويكيف العقول ، ويوجع الرأي العام خاصة إذا كانت هذه العقول عقولاً فارغة لم تملأ ولم تحصن بما أنزل الله – عز وجل – على رسوله ، أما الصحافة والمجلات فتجد فيها أمور فظيعة منكرة منها فتاة الغلاف التي أصبحت(97/533)
أمراً لازماً لا تفرط فيها أي من تلك المجلات ، وفتاة الغلاف هذه لا تتكرر إذ يؤتى في كل أسبوع أو في كل شهر بفتاة جميلة عليها أنواع الزينة والأصباغ ثم بعد ذلك لا تأتي مرة أخرى ، وهذا إذلال للمرأة وإغراق في الرق وعودة حقيقية إلى عصر الظلم لها إذ تعامل كجسم ليس له روح مقابل دريهمات معدودات . وتسأل في المقابلة معها أسئلة تافهة : هل حدث وأن أحببتي يوماً من الأيام ؟ ما هواياتك المفضلة ؟ وهل صادقتي شاباً ؟ وغير هذا من الكلام الساقط الذي يراد منه إفساد المرأة المسلمة ، وليس المراد هذه الفتاة – فتاة الغلاف – إذ أنها ما رضيت بالخروج على صفحات المجلات إلا وهي قد انحرفت عن الطريق المستقيم ، لكن المراد غيرها من المحصنات العفيفات اللاتي قررن في البيوت ، ويملكهن الحياء الذي ربين عليه ، فتزيل هذه المجلات الحواجز والضوابط شيئاً فشيئاً . كما تجد في هذه المجلات الصور الماجنة الخليعة إما بحجة الجمال والرشاقة أو بحجة تخفيف الوزن والرجيم أو بحجة ملكات الجمال أو بحجة أخري مما يمليه الشياطين . ثم تجد فيها من مواضيع الحب والغرام الشيء المهول ، وهذا يهدف إلى تهوين أمر الفواحش وقلب المفاهيم الراسخة ، وإحلال مفاهيم جديدة مستغربة بعيدة عما تعرفها هذه الأمة المحمدية ، فمن هذه العبارات :
في مجلة سيدتي في عدد 510 : قالت من عيوب الزوج العربي ( الغيرة ) !!! .
في مجلة كل الناس عدد 58 : قالت إحدى الكاتبات : ماذا لو قالت امرأة : ( هذا الرجل صديقي ) !!!.
في مجلة الحسناء عدد 81 : الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح . أ .هـ .
فعلى هذا مسيرة النجاح لابد فيها من الفحش والدعارة حسب مفهومهم المريض .
مجلة سلوى عدد 1532 ( لقاء مع راقصة شابة ) ، تقول هذه الراقصة : في حياتنا اهتمامات لا داعي لها ، ويمكن أن يستغنى عنها ، ثم تقول هذه العبقرية التي جاءت بما عجز عنه الأوائل والأواخر – تقول : كمعامل الأبحاث الذرية لأننا لم نستفد منها شيئاً ، يعنى حتى يبقى الأعداء يهددون المسلمين بالأسلحة الذرية . اليهود والهندوس(97/534)
والنصارى والبوذيون – كما تقول - ! سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي تتخرج منها راقصة مثقفة لجلب السياح .أ.هـ .
وهكذا تستمر المسيرة لنحارب أعداءنا بالرقص ، كما حاربهم جمال عبد الناصر بأغاني أم كلثوم .
في مجلة فرح عدد 43 ، تقول : الزواج المبكر إرهاق للمرأة وصداع للرجل .
ولا ننسى مجلة روز اليوسف وهي من أخبث المجلات ومن أوائل مصادر التغريب النسائي في العالم العربي ، في هذه المجلة تجد الخبث والخبائث ، وبمجرد أن تأخذ أحد الأعداد سوف تجد العجب . وكذلك مجلات ( اليقظة ، والنهضة ، صباح الخير ، هي ، الرجل ، فرح ..... الخ تلك القائمة الطويلة ، كما تجد أيضاً داخل هذه المجلات مقالات طبية ونفسية واجتماعية : كأنها تحل مشاكل الفتيات ، فتراسلها الفتيات من أنحاء العالم العربي ، ثم بعد ذلك يدلها ذلك المتخصص – لكنه ليس متخصصاً في حل المشاكل حقيقة إنما متخصص في التغريب – يدلها على الطرق التي تجعلها تسلك مسالك المستغربات السابقات ، كما تجد مقابلات مع الفنانات والممثلات ومع الغربيات ومع الداعيات لتحلل المرأة واللاتي يسمين بالداعيات لتحرير المرأة ، وتجد فيها الانشغال بأخبار : ديانا ، وكلبها ، ولباسها ، وفساتينها ، وتزلجها فوق جبال الهملايا ، وغير ذلك من الغثاء الذي لا ينقضي ولا ينتهي ، ترهق به المرأة المسلمة ، ويصدع به الرجل المسلم . ثم تجد في هذه المجلات بريد المجلة أو ركن التعارف من أجل التقريب بين الجنسين وتلك خطوة لإفساد المجتمعات الإسلامية ، وهكذا دواليك .
وهناك أبحاث منشورة ، عن حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المجلات ، ففي دراسة عن مجلة سيدتي نشرتها مجلة المغترب(10) ذكرت أنها يقصر طرقها على شرائح اجتماعية بعينها ، وكثيراً ما تحمل الطابع الأوربي المبهر في طياتها ، وتقدم الحسناوات والشقراوات كنماذج تحتذي ، وإذا ما حاولت معالجة مشكلات المرأة العربية تعمد في أغلب الأحيان إلى استعارة النموذج الغربي .(97/535)
وتقول الدكتورة فوزية العطية التي أعدت دراسة أخرى عن هذه المجلات النسائية : إنها غالباً ما تعرض في صورة الإغراء والإثارة .
وتستشهد الباحثة بدراسة مشابهة للدكتورة عواطف عبد الرحمن من مصر تقول فيها : أن التركيز في هذه المجلات منصب على النماذج الغربية للمرأة ويروج القيم الاستهلاكية الغربية من خلال المواد الإعلامية والإعلانات التي تقدمها : كالأزياء والمكياج والعطور ........ إلى آخر ما ذكرته هذه الدراسة المهمة .
ونشرت مجلة زهرة الخليج الظبيانية بتاريخ 20/10/ 1979 م نتائجا لبحث علمي طبق على مجموعة من المجلات النسائية وصفحات المرأة واتضح أن الصحافة النسائية العربية ركزت على الصورة العاطفية للمرأة العربية أكثر من الصورة العقلانية .
ويقول الشيخ العلامة محمد بن عثيمين حفظه الله في خطبة قيمة له عن فتن المجلات :.
وانفتحت طامة كبرى وبلية عظمي ، تلك الصحف والمجلات الداعية إلى المجون والفسوق والخلاعة في عصر كثر فيه الفراغ الجسمي والفكري وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثير من الناس فعكفوا على هذه الصحف والمجلات فأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم .... الخ .
ثم يقول حفظه الله : وجدت هذه المجلات هدّامة للأخلاق مفسدة للأمة لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ .
ويقول أثابه الله : ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة.
ويقول أيضاً : فاقتناء مثل هذه المجلات حرام وشراؤها حرام وبيعها حرام ومكسبها حرام واهداؤها حرام وقبولها هدية حرام وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان .أ.هـ .(97/536)
والذي يباع في بلادنا من هذه المجلات عدد هائل جداً ربما لا يخطر على بال ، فمثلاً يدخل إلى أسواقنا أكثر من أربعين صحفية أسبوعياً وشهرياً في غلافها فتاة لا تتكرر أبداً ، وبلغ عدد الصحف الوافدة إلى أسواقنا شهرياً ما يزيد عن خمسة ملايين نسخة شهرياً ، بل إن إحدى المجلات النسائية الشهيرة وهي مجلة يقصد بها تغريب المرأة توزع شهرياً أربعمائة وأربعين ألف نسخة ، فمعنى ذلك أنه سيقرئها ما يقارب من أربعمائة ألف فتاة(11) .
أما التلفزيون وتأثيره فقد جاء في تقرير لليونسكو : إن إدخال وسائل إعلام جديدة وبخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين وممارسات حضارية كرسها الزمن – واليونسكو مؤسسة دولية تابعة للغرب وتدعو إلى التغريب - .
وتبين من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها ، يعني تقريباً ثلاثة أرباع الأفلام كلها للحب والجريمة والجنس ، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68% مشهد جريمة أو محاولة قتل ، وجد في 13 فيلم فقط 73 مشهداً للجريمة ، ولذلك قد تجد عصابات جريمة من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا من الأفلام التي يرونها(12) .
أما الأفلام فيقول الدكتور هوب أمرلور وهو أمريكي يقول إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها ، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة – فإذا كانت ضارة بميزان هذا الأمريكي فكيف بميزان الشرع - .
ثم يتابع الأمريكي فيقول : وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون .
2. ومن وسائل العلمانيين الخطيرة التي يسعون من خلالها إلى تغريب المرأة المسلمة التغلغل في الجانب التعليمي ومحاولة إفساد التعليم ، إما بفتح تخصصات لا تناسب(97/537)
المرأة وبالتالي إيجاد سيل هائل من الخريجات لا يكون لهن مجال للعمل فيحتاج إلى فتح مجالات تتناسب مع هذه التخصصات الجديدة التي هي مملوءة بالرجال ، أو بإقرار مناهج بعيدة كل البعد عن ما ينبغي أن يكون عليه تدريس المرأة المسلمة . وفي البلاد العربية من المناهج ما تقشعر له الأبدان وقد نجد في التعليم المناداة بالمساواة بينهما وبين الرجل في كل شيء ، ودفع المرأة إلى المناداة بقضايا تحرير المرأة كما يسمونها ، وفيها أيضاً الاختلاط فمعظم البلاد العربية التعليم فيها مختلط إلا ما قل فالشاب بجانبه فتاة ، هذا التعليم المختلط سبب كبير من أسباب تحلل المرأة ، ومن ثم من أسباب تغريب المرأة . ولذا فإن أحسن الحلول أن تقوم البلاد الإسلامية بإنشاء جامعات متخصصة للنساء ، وقد نادي بذلك بعض الباحثين الباكستانيين في دراسة جميلة جيدة بين فيها أن ذلك أفضل سواء في نسب النجاح أو في التفوق في التخصص أو في إتقان العمل سواء للرجال الشباب أو حتى للشابات في جميع أنواع الدراسة من دراسات إنسانية أو دراسات تطبيقية من طب وهندسة وغيرها مما ذكر في رسالته ، وقد لا نوافقه في بعض التخصصات التي نرى أن المرأة لا تحتاجها .
3. ومن أساليبهم التأليف في موضوع المرأة وإجراء الأبحاث والدراسات التي تُمْلاُ بالتوصيات والمقترحات والحلول في زعمهم لقضايا المرأة ومشاكلها تقول إحداهن في رسالتها للدكتوراه والتي عنوانها : ( التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ) تقول وهي تعد المبادئ الإسلامية التي هي ضد مصلحة المرأة كما تزعم : إن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل(13) ، وقوامه الرجل على المرأة ثم تعد الحجاب من المشاكل التي هي ضد مصلحة المرأة(14) ثم تشن هجوماً على هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتلوم الرئاسة العامة لتعليم النبات لموقفها من الإبتعاث للخارج(15) ثم بعد ذلك تنتهي في دراستها أو في رسالتها للدكتوراه إلى التوصيات ، ومن توصياتها :
أ- الإقلاع من عمليات الفصل بين الجنسين –يعنى التعليم المختلط الذي ذكرناه سابقاً - .(97/538)
ب- إنشاء أقسام للنساء في كل مؤسسة حكومية وإنشاء مصانع للصناعات الخفيفة(16) وهذه النقطة الأخيرة وهي إنشاء مصانع نادي بها آخرون أيضاً ونادوا بفتح مجالات دراسة مهنية للمرأة .
كما قدمت امرأتان من الخليج ( دراسة استقصائية بشأن البحوث المعدة عن المرأة في منطقة الخليج ) هذه الدراسة قدمت لمؤتمر عقد في تونس عام 1982 م بإشراف اليونسكو ، حضر المؤتمر كما تقول مقدمة الكتاب 17 عالمة اجتماعية من 12 بلد ونشرت اليونسكو 7 دراسات مما قدم للمؤتمر بعنوان : ( الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي ) ، والذي يقرأ هذا الكتاب يدرك خطورة الأمر وضخامة كيد الأعداء للمرأة المسلمة ، ومما ذكرته هاتان الكاتبتان عن المرأة في الخليج تحت عنوان : ( الحلول المقترحة للعقبات الرئيسية التي تواجه المرأة في الخليج ) ما يلي :
- ذكرتا أن دراسة أعدها الاتحاد الوطني لطلبة البحرين تطالب بالتعليم المختلط حتى يمكن التغلب على الحواجز النفسية بين الجنسين .
ويلاحظ أن قضية التعليم المختلط تتكرر عدة مرات مما يؤكد أن تغريب التعليم هدف رئيسي للعلمانيين .
وتنقلان أيضاً اقتراحاً بتخطيط السياسات التعليمية من أجل تشجيع مزيد من النساء للانضمام للميادين العلمية والمهنية بدلا من تركيزهن على الميادين الإنسانية والعلوم الاجتماعية ، والسبب في نقلها لميادين مهنية وعلمية حتى تفتح مصانع وبالتالي يحصل الاختلاط المطلوب .
ثم تنقلان عن باحثين آخرين قولهما بضرورة أن تعتبر المرأة في الخليج تحررها بمثابة تحرير وطني – يعني كأنها في استعمار – وعليها أن تناضل من أجل التحرير الوطني .
ثم تنقلان عن باحثين وباحثات من دول الخليج ضرورة منح المرأة في الخليج فرصاً متعادلة في ميدان العمل .(97/539)
4. ومن أساليبهم عقد المؤتمرات النسائية أو المؤتمرات التي تعالج موضوع المرأة ، أو إقامة لقاءات تعالج موضوعاً من المواضيع التي تهم المرأة سواء كان موضوعاً تعليمياً أو تربوياً أو غير ذلك ، ففي هذه المؤتمرات واللقاءات تطرح دراسات وأفكاراً ومقترحات تغريبية كالمؤتمر السابق في تونس وغيره كثير .
وقد عقد المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية في 15/2/1976 م(17)، في إحدى دول الخليج وكان التركيز على ما يسمى بقضية تحرير المرأة وأصدر قرارات منها :
أ- لابد من مراجعة قوانين الأحوال الشخصية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة ومحاولة الدفع بدراسة قانون الأحوال الشخصية العربية الموحدة – يريد إيجاد قانون علماني والأحوال الشخصية في مصطلحهم يراد بها مسائل النكاح والطلاق - .
ب- التأكيد على أهمية وضرورة النظر في الكتب والمناهج التربوية عند تناولها لقضية المرأة بما يضمن تغيير النظرة المتخلفة لأدورها في الأسرة والعمل .
ثم تتابع هذه الدراسة فتقول : إن القوانين والأنظمة التي كانت تخضع لها الأسرة قبل ألف عام ( لاحظ قبل ألف عام) ما تزال تطبق على العلاقات الأسرية في عصرنا الحاضر دون النظر إلى مدى ملائمتها لنا .
ما هي القوانين التي من ألف عام ؟ إنها شريعة الإسلام .
فهؤلاء النسوة من نساء الخليج يردن تغيير الشريعة الإسلامية التي تطبق على المرأة من ألف عام .
5. ومن وسائلهم في تغريب المرأة المسلمة إبتعاثها للخارج وهذا حصل كثيراً في كثير من بلدان المسلمين وإن كان يختلف من بلد إلى بلد قلة وكثرة ، وحينما تذهب امرأة مسلمة إما لم تدرس شيئاً عن الدين كما في بعض البلدان العربية والإسلامية ، أو ليس معها محرم ، ثم ترمى في ذلك المجتمع المتحلل ، فماذا تتصور لها ؟ وماذا تتوقع لها أن تفعل ؟ ، إنه أمر خطير إذا كان الشاب المسلم يُخشى عليه من الذوبان(97/540)
فيذهب كثيرون مسلمون ويرجعون منحرفين ، فما بالك بفتاة تذهب في بحر متلاطم من الفساد والإفساد .
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
فإذا رجعت هذه الفتاة المبتعثة كانت رسول شر للعالم الغربي من أجل تغريب المسلمات ونقلهن من التمسك بالشرع والخلق الإسلامي إلى التمسك بالمناهج والأفكار والآراء الغربية ، كما فعل أسلافها في مصر والكويت ، وكثير من المستغربات هن من هذا النمط الذي أشبع بالثقافة الغربية في غياب علم بالدين واعتقاد به مما أدى إلى استغرابها – أي كونها متبعة للغرب في نمط حياتها - .
6. ومن أساليب العلمانيين : التعسف في استخدام المنصب ، فقد تجد أحدهم في منصب ما ، ثم بعد ذلك يبدأ يصدر قوانين أو قرارات يمنع فيها الحجاب كما حصل في مصر وفي الكويت ، أو يفرض فيها الاختلاط ، أو يمنع عقد ندوات ونشاطات إسلامية ، أو يفرض فيها اختلاطا في مجالات معينة ، وبالتالي يحصل احتكاك الفتاة بالشاب ، ومن ثم يسهل هذا الأمر ، وكلما كثر الإمساس قل الإحساس ، ثم بعد ذلك تتجاوز الحواجز الشرعية وتبتعد عن حياتها تذوب كما ذاب غيرها .
7. ومن أساليبهم أيضاً : العمل والتوظيف غير المنضبط ، يعني إما باختلاط بتوظيف الرجال والنساء سواسية أو بتوظيف المرأة في غير مجالها ، ويكون هذا على طريقة التدرج ، على الطريقة التي يسميها الشيخ محمد قطب : بطيء ولكنه أكيد المفعول . وعلى طريقة فرض الأمر الواقع ، على سبيل المثال تجد في المستشفيات الكثير من الاختلاط في الوظائف ، وتجد ذلك في الطيران وبعض الشركات ، وتجد ذلك في أماكن كثيرة في بلاد المسلمين ، ومن ذلك التوظيف في بعض المستشفيات الذي حصل في الأقسام الإدارية وفي أقسام العلاقات العامة والمواعيد وفي الأقسام المالية ، بل وصل الأمر إلى توظيف النساء حتى في أقسام الصيانة والهندسة التي يختص بها الرجال . وهنا يحصل الاختلاط ساعات طوال في مكتب واحد في بعض المكاتب الإدارية والمالية .(97/541)
ومن ذلك أيضاً المشاركة والاختلاط في الأندية التي تكون في المستشفيات أندية ترفيه أو أندية اجتماعية أو غير ذلك ، بل لقد وصل الفساد وعدم الحياء ببعضهن إلى المجاهرة بالتدخين أمام الآخرين من الزملاء ، وليس ذلك في غرف القهوة والمطاعم فحسب ، بل على المكاتب الرسمية .
8. الدعوة إلى إتباع الموضة والأزياء وإغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة ، ومسألة الموضة كما سبق ذكره والأزياء مسألة خطيرة ، فإن اللباس من شعارات الأمم ، وكل أمة لها لباس يخصها ، صحيح أن الإسلام لم يعين للرجل أو المرأة لباساً معيناً لا يجوز له أن يلبس إلا هو ، لكنه وضع ضوابط الشرعي في لباس المرأة وليس فيه تشبه فلا بأس من أي لباس كان مادام مباحاً ، أما إذا لبست المرأة المسلمة لباساً غربياً تقليداً للغربيات ، وتشبهاً بهن ، وإتباعا لهن ، وأخذا بالموضات كما هو حاصل فهذه المحظور الذي نخشاه ، وإن التشبه في الظاهر يؤدي إلى تشبه في الباطن ، وإلى تأثر بالأخلاق والعادات والعقائد كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ولذا فإن المرأة المسلمة مطالبة بالابتعاد عن اتباع الغرب في موضاتهم وأزيائهم ، ولنعلم جميعاً أن المستفيد من ذلك هم تجار اليهود الذين يملكون بيوت الأزياء ومحلات صناعة الألبسة في باريس وفي لندن وفي غيرها .
كما أن من خطط العلمانيين إغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة والقصيرة ، فأحدنا لا يستطيع أن يجد لابنته الصغيرة ، لباس ساتراً فضفاضاً إلا بشق الأنفس ، ولذا فنحن بحاجة إلى حماية لدين المستهلك مثل حماية المستهلك من جشع التجار فيحمى المستهلك من الغزو التغريبي للمرأة المسلمة في لباسها وفي لباس ابنتها ، وعلى التجار المسلمين أن يفرضوا ويشترطوا اللباس المقبول عند المسلمين الذي لا يحمل صوراً ولا كتابات وليس بلباس فاضح ولا بضيق ولا بكاشف ، والشركات الصانعة إنما تريد المال ولأجله تصنع لك أي شيء تريد فإذا ترك لها الحبل على الغارب صنعت ما يضر بأخلاق المسلمين .(97/542)
9. ومن أساليبهم القديمة والتي وجدت في مصر وفي العراق وفي لبنان وفي غيرها :
إنشاء التنظيمات والجمعيات والاتحادات النسائية ، فقد أنشأ الاتحاد النسائي في مصر قديماً جداً على يد هدى شعراوي كما سبق وذلك بدعم غربي سافر ، وكذلك أنشئت الجمعيات النسائية في العراق وفي غيره في وقت مبكر من الحملة التغريبية ثم تبعتها البلاد العربية الأخرى ، هذه الاتحادات النسائية والتنظيمات والجمعيات ظاهرها نشر الوعي الثقافي والإصلاح وتعليم المرأة المهن كالشك والتطريز والخياطة والضرب على الآلة وغير ذلك ، ولكن قد يكون باطنها سما زعافا فتعلم المرأة الأفكار والقيم الغربية الخبيثة التي تنقلها من الفكر الإسلامي النير المستبصر إلى الفكر المظلم من الغرب الكافر ، ولا ينكر أنه يوجد بعض الجمعيات التي تعمل بجد لتحقيق مصلحة المرأة على ضوء الإسلام الصحيح والتي نرجو الله – عز وجل – أن يوفقها لسلوك الطريق المستقيم ، وإذ نقول هذا نسأل المولى أن يمن على جميع الاتحادات والتنظيمات النسائية في العالم الإسلامي بالرجوع إليه – سبحانه – والرجوع بالمرأة المسلمة إلى الصواب الذي أراد الله – عز وجل – أن تسير عليه .
10. ومن أخبث أساليبهم وهي التي يثيرونها دائماً على صفحات الجرائد والمجلات وغيرها التظاهر بالدفاع عن حقوق المرأة وإثارة قضايا تحرر المرأة خاصة في الأوقات الحساسة التي تواجهها الأمة ، وإلقاء الشبهات ، فمرة يلقون قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، ومرة يبحثون في موضوع التعليم المختلط وتوسيع مجال المشاركة في العمل المختلط وغير ذلك ، قد يتم ذلك باسم الدين ، وقد يتم ذلك باسم المصلحة ، وقد يتم ذلك بعبارات غامضة وهذه طريقة المنافقين التخفي خلف العبارات الغامضة الموهمة في كثير من الأحيان .
11. ومن أخبث طرقهم ووسائلهم : شن هجوم عنيف على الحجاب والمتحجبات وعلى العفاف والفضيلة وتمجيد الرذيلة في وسائل الإعلام بأنواعها وفي غيرها أيضاً ، سواء كان في المنتديات والأندية الثقافية والأدبية ، أو كان في الجلسات الخاصة وفي غيرها ، فهذه جريدة الوطن الكويتية في يوم السبت 19 صفر 1414هـ تكتب(97/543)
مقالاً بعنوان ( نحن بين الحجاب والسفور ) وهو مقال يقطر سماً وخبثاً ، والمقال بيد كاتب كويتي يقول : اختلفت الأقاويل في الحجاب والسفور ، فمنهم من يؤيده ، ومنهم من يعارضه ، فملؤوا صفحات الجرائد المحلية بآراء متضاربة فيها مندفع اندفاع كلياً نحو التحرر من الكابوس الثقيل وهو الحجاب ، والفئة الأخرى وهي التي تمثل الرجعية البغيضة تعارض بقوة شديدة السفور وتعتقد بل تجزم أنه سوف يفضي إلى نتائج مريعة تصيب المجتمع بأمراض جسيمة – ثم يقول برأيه التافه الساقط – وكل هذا وذاك لن يقف في الطريق ، ولن يحد من قوة التيار ، فالسفور آت لا محالة على فترات متتابعة شاءت التقاليد أم أبت .
نسأل الله عز وجل – أن يرده من الضلال إلى الهدى ومن الخطأ إلى الصواب .
وقد تولى كبر هذا الهجوم العنيف على الحجاب والمحجبات المجلات والجرائد المصرية والمجلات والجرائد الكويتية ، حتى كتب رئيس تحرير مجلة مصرية مشهورة يقول : إن المحجبات أو اللاتي تبن من الممثلات وتمسكن بالحجاب يعطين أموالاً من دولة أجنبية . وقد رد عليه مجموعة من هؤلاء التائبات على صفحات مجلة المجتمع وقلن فيه : إنهن رجعن إلى الله – عز وجل – وتركن ذلك العفن الفني إلى غير رجعة ، وإنهن قبضن من الله وعداً بأن من تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى غفر الله له وأدخله الجنة .
وكتبت جريدة المسلمون(18) تحت عنوان رائدات العلمانية والحوارات الوهمية تقول :
سنوات طوال والحوارات الوهمية بين رائدات التبرج والمجبرات على الحجاب لا تنقطع – طبعاً هذا حوار وهمي يعني ليس بصحيح ، بل تقصد العلمانية أو ذلك الكاتب العلماني الذي يبقى على مكتبه ويتخيل حواراً يشن فيه هجوماً على الحجاب ويظن أن المحجبات مكرهات فيكتب مقالة ثم ينشرها وهو هراء محض – من أبرز هذه الحوارات ذلك الذي جري بين كاتبة صحفية شهيرة ، زارت مدينة عدن ثم انتقلت لمدينة صنعاء وفي الأخيرة أجرت حواراً خيالياً مع فتاة يمنية نهرتها عندما(97/544)
مدت يدها محاولة كشف غطاء رأسها ، ثم ينتهي الحوار بضحكة عالية دوت في سماء صنعاء معلنة قرب ميلاد الفجر الجديد – يعني السفور والتحلل – قالت الجريدة : وما بين البداية القاسية للحوار والنهاية السعيدة به ، قالت فتاة صنعاء ضمن ما قالت : إنها مجبرة على ارتداء هذا القيد ، وأنها تتحايل من أجل الفكاك منه ، وأنها عندما تتوارى عنهم سرعان ما تخلعه ، أما الفجر الجديد فهو ذلك اليوم الذي ينزاح فيه المطالبون بتطبيق شرع الله وترك الناس للشرائع الغريزية بدعوى الحرية .
ولعل صاحبة هذا الحوار كانت بدورها تنتظر هذا الفجر – بفتح الفاء وضمها يعني الفُجر – غير أن ما حدث قد أصابها بسكتة صحفية نتمنى أن تدوم ، لقد تمكن اليمنيون بفضل الله ثم بفضل رؤية أصحاب العقول السليمة من تحديد طريقهم في الحياة وتسابق الجميع وفي مقدمتهم أبناء عدن في تأييد الأخذ بقوانين الشريعة الإسلامية ، إن داعيات التبرج ورائدات العلمانية يهاجمن الحجاب ، ويهاجمن المتحجبات ، ويفترضن أحاديث مكذوبة يزعمن فيها أن المحجبات ، يتمنين اليوم الذي يلقين فيه هذا الحجاب ، وهذا كله كذب ، فالحمد لله العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه يشهد رجعة وتوبة إلى الله العزيز الحكيم – جل وعلا- سواء من الرجال أو النساء ، وحينما تنظر إلى الجامعات وتدرس حالها قبل سنوات تجد قلة المتحجبات ثم انظر إليها الآن ، في كل جامعات الدول العربية الأخرى تجد كثرة المتحجبات في هذا الوقت بحيث أصبحن يشكلن الأغلبية في كثير من الجامعات بحمد الله وهذا ما أوغر صدور أولئك العلمانيين والعلمانيات .
12. ومن أساليب العلمانيين أيضاً تمجيد الفاجرات من الغربيات والممثلات والراقصات والمغنيات وغيرهن ، فتذكر بأنها النجمة الفلانية ، وأنها الشهيرة فلانة ، وأنها الرائدة في مجال كذا ، وأنها التي ينبغي أن تحتذي ، وأنها القدوة في مجال كذا ، وأنها حطمت الرقم القياسي في الألعاب الفلانية أو الطريقة الفلانية ، وهذه الصحف ، وهذه الكتابات العلمانية توهم المرأة المسلمة بأن هذا هو الحق وهذا هو الطريق(97/545)
الذي ينبغي أن تسلكه ، فتتمنى أن تكون مثلها وتحاول أن تتشبه بها ، ولهذا ضاق صدر أولئك بتلك الفنانات التائبات لأنهن سيمثلن قدوة مضادة لما يريدون .
13. ومن أساليبهم : الترويج للفن والمسرح والسينما ، وهذا من أخطر الأساليب العلمانية التي نجح العلمانيون في إغواء المرأة المسلمة من خلالها ، فهم قد ينشرون قصصاً لبعض الكاتبات ويقولون بقلم القاصة فلانة ، وأحياناً ينتشرون قصيدة للشاعرة فلانة ،ومرة أخرى ينشرون مقالة للأديبة فلانة ، وكذلك ينشرون دعاية لمعارض تشكيلية تقيمها الفنانة فلانة ، وقد يدعونها للمشاركة في التمثيل أو في المسرح أو غير ذلك مما يؤدي إلى أن تبهر هذه الفتاة وتغير أفكارها وينغسل عقلها ، ومن ثم تكون داعية للتغريب وللعلمنة ولتحلل المرأة المسلمة ، إذ أنها لابد لها من الانسياق كي تحافظ على مكانتها الوهمية فتنغمس – وهي لا تدري – في ذلك الخبث حتى تصبح لا تدرك خبثه ، ويصبح الطيب خبيثاً لديها ، والعياذ بالله من الانتكاس .
14. ومن أخبث أساليبهم المنتشرة : استدراج الفتيات المسلمات – خاصة النابغات – للكتابة أو للتمثيل أو الإذاعة لاسيما إذا كن متطلعات للشهرة أو للمجد أو لغير ذلك فتدعى هذه الفتاة للكتابة في الصحيفة وتمجد كتاباتها ، وقد تكتب قصة ثم يأتي مجموعة من الفنانين أو من الحداثيين أو من غيرهم فيقومون بتحليل هذه القصة وفي أثناء هذا التحليل ، يلقون في أرواع الناس أن هذه القاصة قد وصلت إلى المراتب العليا في هذا المجال وأنها أصبحت من الرائدات في مجال القصة ، ويلقون عليها هالة عظيمة – والشواهد معروفة – فتندفع بعض الفتيات المغرورات للكتابة والاتصال بهؤلاء من أجل أن ينشروا لهن ما يكتبن ، وقد يقوم بعضهم بكتابة مقالات بأسماء نسائية مستعارة ، ومثل هذا كثير من أجل إيقاع النساء المسلمات في حبائل هؤلاء الشياطين .
15. ومن أساليبهم أيضاً : تربية البنات الصغيرات على الرقص والموسيقى والغناء من خلال المدارس والمراكز وغيرها ، ثم إخراجهن في وسائل الإعلام فتجد فتيات في عمر الزهور يخرجن للرقص والغناء وهن يتمايلن وقد لبسن أجمل حلل الزينة ،(97/546)
فكيف يا ترى سيكون حال هذه الفتاة إذا كبرت ! إلى أين ستتجه إن لم تتداركها عناية الله ورحمته ؟والتالي يكون ذلك سبباً من أسباب اجتذاب عدد آخر من الفتيات اللاتي يتمنين أن يفعلن مثل هذه التي ظهرت على أنها نجمة ثم قد تكون في المستقبل مغنية أو ممثلة شهيرة ، عافانا الله والمسلمين .
16. ومن وسائلهم إشاعة روح جديدة لدى المرأة المسلمة تمسخ شخصيتها من خلال إنشاء مراكز يسمونها مراكز الطبيعي للسيدات ، وقد قامت مجلة الدعوة مشكورة بكتابة تقرير عن هذه المراكز في عدد 1328 الصادر في 3/8/1412 هـ ، إذ زارت إحدى الكاتبات بعضا من هذه المراكز وكتبت تقول : في ظل التغيرات والمستجدات التي تظهر بين وقت وآخر ظهر تغير سلبي وهو افتتاح مراكز تسمى مراكز العلاج الطبيعي للسيدات ، والحقيقة أن هذا المركز يخفي ورائه كثير من السلبيات من أبرزها فتح المجال للنساء لممارسة الألعاب الرياضية مقابل قيمة مالية ، وذلك بدعوى إيجاد وسيلة جديدة تمضي فيها المرأة وقتها وتجعلها تحافظ على رشاقة جسمها – كل مبطل يغلف دعواه بالإصلاح ويزخرف القول – قالت : ومع أن هذا سبب مرفوض أيضاً إلا أن هذه المراكز قد تؤدي إلى صرف اهتمامات المرأة المسلمة المحافظة على دينها وتغيير واجهة اهتماماتها وواجباتها الشرعية . ثم تمضي الأخت فتقول : ولمعرفة واقع تلك المراكز وما يدور فيها وما تقدمه لمرتادها قمت بزيارة بعضها والاتصال بالبعض الآخر منها كأي امرأة أخرى تسأل عنها قبل الالتحاق بها وذلك في محاولة للوصول للحقائق الكاملة ومعرفة ما يدور فيها ، وخلاصة التقرير :
- انتشار اللباس الغير ساتر في هذه المراكز ، بل واشتراطه .
- قيام بعض المراكز بتعيين أطباء من الرجال لابد من مرور المتدربات عليهم .
- انتشار الموسيقى الغربية في هذه المراكز ومن شروط بعض المراكز عدم اعتراض المتدربة على ذلك .(97/547)
- وضع حمامات جماعية للسونا تلبس فيها النساء ملابس داخلية فقط ، ويكن مجتمعات داخله .
- انتشار هذه المراكز حتى في الفنادق والكوافيرات والمشاغل وتقديمها كخدمة مشتركة .
وكل هذا نمط جديد لم نعرفه من قبل ولو قامت النساء بعملهن في بيوتهن لما احتجن لهذا ، والله المستعان .
17. ثم أختم هذه الأساليب بهذا الأسلوب الخطير وهو إشاعة الحدائق والمطاعم المختلطة للعائلات والتي انتشرت مؤخراً :
فقد زار بعض الأخوة بعضا من المطاعم والحدائق العائلية والتي فيها محاذير كثيرة وفتح بها أبواب للشياطين جديدة ، مع أنها دخيلة على نمط الحياة الإسلامية وهي سمة غربية بحتة ، وبدأ النسوة يرتدنها إما منفردات أو يدعو بعضهن بعضا لتناول العشاء أو الغداء – ومن هؤلاء فضيلة الشيخ محمد الفراج جزاه الله تعالى خير الجزاء – ثم كتبوا تقريراً بينوا فيه ما تخفيه هذه المطاعم المختلطة ، وذكروا أن هذه المطاعم يكون فيها اختلاط الشاب بالفتاة ، وأنه قد تدخلها المرأة بدون محرم وجواز المرور بالنسبة للرجل أن يكون معه امرأة سواء كانت خادمة أو كانت طفلة أو غير ذلك ، وبذلك أصبحت مكاناً صالحاً للمواعيد الخبيثة ولغير ذلك ، وذكروا أن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تواجه من هذه الحدائق وهذه المطاعم مشاكل كبيرة للغاية لأنها يجتمع حولها الشباب وبعضهم قد يدخل وبعضهم قد يبقى خارجها ، ثم بعد ذلك كتب فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين تأييداً لكلام هؤلاء الأخوة ، يقول فيه : الحمد لله وحده وبعد ، رأيت أمثلة مما ذكر في هذا التقرير مما يسترعى الانتباه والمبادرة بالمنع والتحذير )) ا.هـ .
وقد تكون هذه الحدائق والمطاعم أوجدت بحسن نية لكنها سبب مهم من أسباب تغريب المرأة إذ أنها تشيع مظاهر التغريب من اختلاط أو خلوة بالرجل الأجنبي عن المرأة(97/548)
ومن فتحها لباب الفواحش والدخول على النساء الشريفات فيفتن في دينهن وعفتهن مع غلبة الداعي للفحش بسبب كثرة المثيرات والله المستعان .
وأختم هذه الرسالة بخلاصة بحث لـ السيد أحمد المخزنجي الأثر السيكولوجي والتربوي لعمل المرأة على شخصية الطفل العربي جاء فيها : .
يرى الباحث من خلال تبني منهج (( التحليل المقارن )) للنتائج والإحصاءات التي كشفت عن سوء وضع المرأة الأوربية ( العاملة ) وكذلك الدراسات العربية الميدانية المماثلة التي أجريت في عدة دول عربية على هذه المشكلة ، أنه بالإمكان الوصول إلى خلاصة يمكن تركيزها في النقاط التالية :
أولاً : يؤكد الباحث على ضرورة إعادة النظر فيما يتعلق بوضع المرأة العربية العاملة استناداً إلى ما كشفت عنه الدراسة من نتائج سلبية تعدى أثرها شخصيتها إلى أطفالها تربويا ونفسياً . وهو ما دعا الباحث إلى المطالبة بضرورة إعادة صياغة الموقف العربي ( الرسمي ) إزاء الرغبة المطردة في تشغيل بناتنا ونسائنا في الدواوين والمصالح الحكومية ولاسيما التي لا تصلح لها المرأة قبل اختيار (( أنسب )) مجالات العمل صلاحاً لها ، والتي تتفق مع طبيعتها ودورها في هذا المجال .
ثانياً : بالرغم من كثرة الحديث عن الأصالة وعن القيم الإسلامية والعربية فإن فلسفة وأساليب رعاية الطفل في الأقطار العربية – بصفة عامة مقتبسة ، للأسف الشديد ، من نظم وسياسات المجتمعات الغربية ، الأمر الذي أدى ، بشكل محزن ، إلى وجود تبعية فكرية ( غربية ) في مجال رعاية الطفولة ، ومن ثم إلى نتائج سلبية خطيرة في مجتمعاتنا لا سبيل لإنكارها أو التغاضي عنها .
ولذا يظل السؤال الذي سبق أن طرحناه في مقدمة البحث : أليس من الممكن وضع إستراتيجية عربية تربوية ذات منظور إسلامي جديد ( معاصر ) تنقذ أطفالنا وأمهاتهم من هذا الواقع المؤسف والأشد إيلاما ؟!(97/549)
يظل ذلك السؤال مطلباً قائماً بذاته يبحث عن إجابة علمية شافية ... نحسب أن فيما قدمناه رؤية موضوعية لتقدير مشكلة عمل المرأة يعد خطورة أو (( محاولة )) من محاولات بحثية مأمولة ومرجوة في هذا السبيل .
ثالثاً : يؤكد البحث على المطالبة بإلغاء سياسة تشغيل المرأة وخروجها للعمل واستبدال سياسة أنجح وأسمى بها ، وهي رعاية زوجها وتفرغها لتربية أولادها ، ولا يعني ذلك أننا نتبنى موقفاً (( ضدياً )) من تعليم المرأة أو المهمات التي تصلح لها مما يتفق وطبيعتها الإنسانية ، فالتعلم حق للمرأة ، بل وتخصصها فيما يناسبها منه حق لها كذلك ...... ولكن شتان بين أن تعلَّم المرأة في مجتمعاتنا بغرض (( التوظيف )) وأن تتعلم لغرض التعليم والإعداد لأداء دورها ومهمتها الكبرى ورسالتها التربوية السامية في الأسرة داخل البيت وليس خارجه .
رابعاً : إننا تؤكد – بعيداً عن أي شعور عاطفي أو تعصبي جامح – أن تخصيص نسبة مالية ثابتة ( نصف مرتب الزوجة مثلاً ) في ميزانية حكومات دولنا العربية الإسلامية التي تأخذ بسياسة تشغيل المرأة ، بدلاً من ذلك ودفع هذه النسبة بأي أسلوب تراه ، أو إضافتها إلى مرتب الزوج المشتغل ، سيعود على المجتمع العربي الإسلامي بالكثير من الفوائد والميزات :
أولها : تحقيق الاستقرار النفسي والعائلي للزوج في الأسرة وتخليصه من مشاكل زوجته العاملة : الصحية والنفسية والاجتماعية .
وثانيها : دفع الزوج إلى التفاني في العمل من أجل زيادة الإنتاج وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وهو ما تسعى إليه القيادات السياسية الحاكمة في تلك البلاد عامة(19) .
ملحق
تجمع الأخبار الواردة من الغرب أن القيم والأخلاق في تدهور مستمر وأن المجتمع الغربي يعاني من تفكك مهول وفي هذا الملحق نستعرض بعضاً من هذه الأخبار مع نقول أخرى مناسبة :.(97/550)
( المرأة الأمريكية تكتشف أن مكانها هو البيت )
، اكتشفت المرأة الأمريكية باقتناع كامل أن أكثر مكان مناسب لها هو البقاء في المنزل ورعاية شؤون أطفالها وعائلتها بل وأكد 48% منهن أن تحركات النساء ونشاطهن في مجال العمل خلال العشرين سنة الماضية جعل الحياة أكثر تعقيداً وصعوبة فقط ولم يؤد أي خير إطلاقاً .
هذا الاستنتاج جاء من استطلاع للرأي قامت به شركة سي إن إن الأمريكية المشهورة بالتعاون مع صحيفة يواس توادي ، وأظهرت نتائج ذلك الاستطلاع أن 45% من النساء يعتقدن أنه يتعين على الرجل العمل والكدح خارج المنزل لتوفير أسباب المعيشة لعائلته بينما يجب على المرأة أن تبقى في المنزل وتكريس حياتها ووقتها بشكل كامل وتام لشؤون العائلة أما نسبة الرجال الذين تم استطلاع آرائهم بهذا الشأن فإن 40% منهم فقط يؤيد بقاء المرأة في المنزل لرعاية شؤون الأسرة وآخر ما قالت في تقريرها هذا : ومن ناحية أخرى اعتبرت صحيفة يومية في كالفورنيا – هي مستنقع من مستنقعات الرذيلة في أمريكا فهي مكان منتدى السينما المشهور بهوليوود – ذلك الاستطلاع بأنه مؤيد ومتعاطف مع فكرة أن النساء يرغبن في العودة مرة أخرى إلى المطبخ والمقلاة .
جريدة الرياض في 29/4/1414هـ
إذا النساء الغربيات قد مللن وسئمن من حياة التحلل التي يسميها دعاة التغريب بالتحرر ويردن أن يراجعن ، والله – سبحانه وتعالى – قد كرم المرأة المسلمة وأنعم عليها بأنها منذ أن تكون جنيناً في بطن أمها إلى أن يواريها قبرها وهي في رعاية رجل .
*********************
( إن إحصائيات عام 1979 م تدق ناقوس الخطر ، فعدد اللواتي يلدن سنويا من دون زوج شرعي ! وفي سن المراهقة لا يقل عن ستمائة ألف فتاة بينهن لا أقل من عشرة(97/551)
آلاف فتاة دون سن الرابعة عشر من العمر ، وإذا أضيف عدد اللواتي يلدن بدون زوج بعد سن المراهقة فإن العدد الإجمالي يتجاوز المليون .........
ومما يزيد في حجم الكارثة ارتفاع نسبة الطلاق ، فقد بلغت في عام 1979 م ما يقرب من 40% من جميع حالات الزواج .....) والنسبة أكبر بكثير الآن .
( عمل المرأة في الميزان ص131 عن كاتب أمريكي في مجلة أمريكية كبرى )
- ( مطلقة بريطانية اسمها مانيس جاكسون عرضت ابنها الوحيد للبيع بمبلغ ألف جنيه ... والمبلغ يشمل الطفل وألعابه ، وقد قالت أنها ستبيع ابنها لأنها لا تستطيع الإنفاق عليه وليس لديها دخل لإعاشته ) .
الشرق الأوسط 15/9/1400 هـ
نقلاً عن عمل المرأة في الميزان ص119
****************************
- ( في رسائل النجمة السينمائية الراحلة غريتا جابو تقول : إنها قضت حياتها منعزلة عن العالم ، ولم تكن سعيدة في خلوتها وكانت تعاني من الإحباط وانتفاء الهدف وقلة المعنى في حياتها ) وهم يريدون أن تكون هذه هي قدوة المرأة المسلمة .
الحياة 25/10/1413هـ
**************************
على أية حال ليس ثمة دليل ولا في عصرنا الحاضر على أن وضع المرأة المسلمة في داخل الحريم ليس أكثر إرضاء للمرأة من وضعها في كباريهات الغرب .
ولا نشك في أن نسبة كبيرة من الـ 300 امرأة اللاتي جئن مع الحملة الفرنسية للترفيه كن سيفضلن الحريم عن العودة إلى مواخير باريس ، ولدينا حالة واحدة على الأقل تنفي هذا الزعم الذي طال ترديده عن أفضلية حياة الحانات في الغرب على حياة الحريم في الشرق ، فقد أتيح لامرأة غربية أن تختار واختارت ( أصر ديزيه على أن يرد إلى القدس عاملة فرنسية في أحد مطاعم الجيش وهي أرملة جاويش قتل في المعركة – وكان الباشا قد أخذها ليضمها إلى حريمه ، ووافق الصدر الأعظم ،(97/552)
ولكن زوجة الجاويش لم توافق – على العودة إلى فرنسا – وأعلنت أنها في غاية السعادة حيث هي ، وقد ظلت فعلاً تعيش في القدس سعيدة حتى عمرت ) .
ودخلت الخيل الأزهر – محمد جلال كشك ص 414 .
***********************
- تابع الدكتور ويل هوسمن وليوناردايرون من جامعة أمريكية في كاليفورنيا على مدى 20 سنة مسيرة 40 طفلاً وجدوا خلالها أن الفئة التي شاهدت برامج التلفزيون بكثافة وهي سن الحداثة كانت أقرب إلى ممارسة أنواع مختلفة من العنف لدى الجنسين .
الحياة 15/10/1413هـ
***************************
- في تقرير مفصل بعنوان مراقبة أمريكا : - وجد أن السهرة التلفزيونية الواحدة تحتوي حوالي 12 جريمة قتل و15 عملية سطو و20 عملية اغتصاب وتشليح إضافة إلى عدد كبير من الجرائم المتنوعة ، والواقع أن نسبة الجرائم حسب المعلومات الأمنية 5% بينما تصل على الشاشة إلى 65% هكذا يفعل الإعلام .
- تلميذان يتآمران لقتل معلمتهما باستخدام سكين المطبخ – طبعاً في أمريكا .
جريدة الرياض 15/10/1413هـ
*******************************
- 60% من أطفال الحضانات يعانون من المشاكل النفسية ، أهمها العناد والعدوانية .
جريدة الشرق الأوسط عدد 5250 .
****************************
- في تقرير أخير نشرته مجلة الطب النفسي الأمريكية عن الاعتداء الجنسي خلال العمل ذكرت أنه 42% من النساء العاملات يتعرضن له ، وأنه فقط أقل من 7% من الحوادث يرفع إلى الجهات المسئولة وأن 90% من المعتدى عليهن يتأثرن نفسياً و12% منهن يذهبن لطلب المعونة الطبية النفسية .(97/553)
مترجم من مجلة الطب النفسي الأمريكية يناير 1994صـ 10 .
*******************************
- شرطة مانشستر تدعو النساء إلى الحجاب : جاء هذا في مجلة النهضة عدد 1181 في 1/12/1410هـ وذكر في الخبر أن الهيئة العامة للشرطة تنظيم حملة متعددة الجوانب للحد من هذه الجرائم ( حوادث الاغتصاب ) فأصدرت كتابين الأول منهما يحمل عنوان (( نصائح بسيطة للمرأة عن العنف الجنسي )) والثاني بعنوان (( نصائح بسيطة للرجل لتحاشي العنف الجنسي مع النساء )) وركز كتاب النساء على إزالة دواعي الاغتصاب ولاسيما الملابس التي ترتديها المرأة سواء كانت طفلة أو فتاة وطريقة ارتدائها لها بل يصل المؤلف إلى حد لوم المرأة على الخلاعة والكشف عن المفاتن إلى الحد الذي يثير الشباب الصعاليك والمهووسين جنسياً ويقول المؤلف إنه إذا (( اقتربت المرأة أو الفتاة من الحجاب ، فلن يلهث وراءها أحد وإلا فالمرأة أو حتى الطفلة هي الملومة أولاً وأخيراً لما يحدث لها ))
ونقول هذا واقعهم فلماذا يصر المستغربون أن نكون مثلهم !!!
******************************
- في بدايات 1990 م أقيم لقاء تلفزيوني مع رئيسة وزراء بريطانيا ما جريت تاتشر جاء فيها :.
- تضاعف عدد الرجال والنساء المرتبطين بعلاقة غير شرعية ثلاث مرات في الفترة من 1979 حتى 1987 والمحصلة 000, 400 طفل غير شرعي وهذا دفع المعلقين إلى المطالبة بإعادة النظر في العلاقات الإنسانية :
- الحكومة سوف تتخذ من الإجراءات ما يجبر هؤلاء الآباء على تحمل نصيبهم من المسئولية .
وتقول لأن المرأة هي الخاسرة ، وهي التي تتحمل العبء الثقيل لهذا التحرر المزعوم .
الشرق الأوسط 21/1/1990 م(97/554)
(1) محمد محمد حسين ، أزمة العصر ص105 والكتاب من أعظم من وقفوا في وجه الحملة التغريبية في بداياتها .
(2) محمد محمد حسين .................. باختصار .
(3) عودة الحجاب : القسم الأول ص 34جـ 4 . للشيخ الفاضل بن أحمد بن إسماعيل .
(4) المؤامرة على المرأة المسلمة د. السيد أحمد فرج ص 70 .
(5) وهو نصراني كما يظهر من اسمه .
(6) راجع عودة الحجاب القسم الأول فقد جمع فاستوفي أثابه الله .
(7) وهبي الألباني – المرأة المسلمة .
(8) راجع المرأة ماذا بعد السقوط لبدرية العزاز وفقها الله فقد أرخت لما حصل في الكويت
(9) المرأة العربية المعاصرة إلى أين ؟ د. صلاح الدين جوهر .
(10) مجلة المغترب تصدر سابقاً في الولايات المتحدة . وانظر أيضاً جريدة الوطن الكويتية في 14/ 6/ 1988 م . وفيها عرض لدراسة أكاديمية عن هذه المجلات .
(11) فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ الفاضل د .ناصر العمر .
(12) المرجع السابق نقلها عن مقالة الدكتور حمود البدر
(13) التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ، ص 39 .
(14) المرجع السابق : ص 76- 77- 88 .
(15) المرجع السابق : ص 172 – 182 .
(16) المرجع السابق : ص 265 – 267 . راجع المرأة وكيد الأعداء د . عبد الله وكيل الشيخ .
(17) فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ الفاضل د .ناصر العمر .
(18) جريدة المسلمون في 10/ 3/ 1414 هـ
(19) مجلة رسالة الخليج العربي عدد 34 ص 310 .(97/555)
ــــــــــــــ
النوادي الرياضية النسائية.. بين المصلحة والمفسدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فقد تباينت وجهات النظر في مسألة النوادي الرياضية النسائية ، وأصبحنا على مفترق طرق في هذه القضية ،وحيث كثر الجدل فيها ومدى شرعيتها ، رأيت أن أكتب للقراء ما يجلي لهم حكمها وقد قسمت الموضوع إلى تمهيد وخمسة فصول وملحق :
التمهيد يتناول : تحرير محل البحث
الفصل الأول : واقع النوادي الرياضية الموجودة حالياً .
الفصل الثاني : المصالح المرجوة من إنشاء النوادي النسائية
الفصل الثالث : المفاسد المتوقعة من النوادي النسائية .
الفصل الرابع : البدائل المناسبة .
الفصل الخامس: الحكم الشرعي لإنشاء النوادي النسائية .
وأخيراً .. ملحق بفتاوى أهل العلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
تمهيد
تحرير محل البحث
هذه قاعدة معرفية مهمة وهي قبل أن نحكم على مسألة ما ؛ لابد أن نتصورها جيدا حتى نطلق الحكم الشرعي المناسب فيها ، وبحثنا هذا سنتعرض فيه إلى مسألة ( النوادي الرياضية النسائية) دون النظر إلى حكم ممارسة الرياضة للنساء ، وإن جاء الحديث عنها عرضا فليست هي المقصودة في هذا البحث .
وقبل هذا كله وبعده لابد أن يكون هدف كل إنسان البحث عن الحق ، والسعي لتحقيق المصلحة العامة ، لا التعصب للرأي ولا النظر إلى مصلحة محدودة بأشخاص أو فئات .(97/556)
الفصل الأول
واقع النوادي الرياضية الموجودة حالياً
لقد قرأت تحقيقاً قامت بنشره مجلة ( أسرتنا ) المباركة كشفت فيه عن حقائق يحسن الوقوف عليها ، وقد كررت الكاتبة الزيارة لعدة نوادي ، وأجرت عدة اتصالات بأندية أخرى .. فمما ذكرته المجلة : ( توجد الأندية النسائية في المستشفيات الأهلية والمراكز الطبية الخاصة ، وعيادات التجميل ومشاغل الخياطة والمقاهي .. أما أقسامها فهناك الأجهزة الرياضية ، مسابح سونا ، جوكوزي ، ومنها المشي ، والمدربات إما أجنبيات أو عربيات ، أما الأسعار فهي تتفاوت حسب مستوى النادي ونوعية خدماته المقدمة وهذه نماذج للأسعار المعمول بها في محال مختلفة :
ـ الايروبكس المائي ـ ثلاث مرات ـ 1500 ريال .
ـ تعليم السباحة لمدة شهر 1200 ريال .
ـ اشتراك شهر بالأجهزة : 825ريال .
ـ جلسة تدليك رياضي واحدة : 230 ريال .
ـ جلسة تمارين الحمل وما بعد الولادة : 230 ريال .
ـ جهاز 196 ( 16جلسة ) بمعدل نصف ساعة : 3800 ريال .
ـ اشتراك سنوي بجميع الخدمات : 4500 ريال . )
وتقول المجلة أيضا : ( توجد داخل الأندية سلع للبيع : ملابس ، عبايات ...وغالباً تكون الرياضة هي سبب القدوم وسرعان ما تجتذبها جوانب النادي الأخرى ، مبيعات ومشاغل ومطاعم فيصيبها هلع الشراء فتدمن الارتياد وتغري بدورها صديقاتها وهكذا والعجلة تدور تلقي بشباكها والفرائس كثر والبدء كانت رياضة !! )
وتقول المجلة أيضا : ( العاملات بتلك الأندية بدءاً بموظفة الاستقبال وانتهاء بالمدربات والإداريات وحتى عاملات المقهى والمطعم تجدهن يرتدين بنطلونات ضيقة لاصقة وبلايز مخصرة تكاد تتفجر من ضيقها ، عموما يخيل إليك وكأنك في(97/557)
صالة لعرض الأزياء ، كل شيء وجد بشكل خاص وطريقة توحي بالدعاية المنظمة والدقيقة لاجتذاب الزبائن ، وكلها في النهاية تجارة وشطارة !! )
وتقول المجلة أيضا : ( النادي في حركة دائبة لا تتوقف وإغراءات متتالية لجذب أكبر عدد وتوفير الجو المهيأ لهن : دوام يومي متواصل يبدأ في الصباح الباكر ويتواصل في ساعات الظهيرة ، وينتهي ليلا ، للمشتركة الحق في تحديد الوقت المناسب لها ...و لا ننسى العرض الخاص بمن أحضرت زبونة جديدة ..)
وتقول أيضا : ( لا يوجد نادٍ واحد بلا موسيقى وقد سألت القائمات على جميع الأندية وبلا استثناء هل يمكنني الاشتراك بالنادي وممارسة الرياضة بلا موسيقى ؟ وتأتي إجاباتهن مسبوقة بدهشة كبيرة ..بالطبع لا يمكن ..فالطلب غريب لم يصل آذانهن من قبل " كما قلن " !! ولكن ..أليس من استثناء ؟ واحدة فقط ..قالت : إذا اشتركت بجهاز رياضي ـ ليس عندهم سواه ـ نتيح لك فرصة اختيار ما تودين سماعه ، قرآن كريم ، أو أغاني موسيقية ، فحرية الاختيار متاحة للجميع !! وهناك ما هو أشد وأنكى ..شاشات تلفزيونية كبيرةجدا في القاعات تعرض أغاني مصورة تثير طرب المدربات والمتدربات سويا !!
وتقول المجلة : ( أقولها بصراحة متناهية وبلا تردد أن أسوأ ما في تلك الأندية هو اللباس الذي ترتديه عاملات وعضوات النادي ، فهو في أبسط صوره ، عارٍ للغاية ، وهي صفة عامة لكل الموجودات ، بنطلونات ضيقة وخفيفة وبلايز عارية وضيقة كذلك ، أما في المسابح والسونا فالأمر أشد وطأة ، غياب تام ..تام ..تام للحياء والستر !!
كل شيء باللباس يشير إلى الاشمئزاز ويستنفز النفس السوية ويخدش الحياء !! لا أخفيكم سرا أنني في بدء جولتي الميدانية دخلت ناديا وشاهدت منظر النساء وهن يسبحن فلم أستطع إكمال الجولة بنفس اليوم لعظم ما رأيت !! ومما يحز في النفس ويضاعف معدل الأمر أن بعضها تضع لوحات تؤكد على مسألة الاحتشام والالتزام(97/558)
بالستر داخل النادي فإذا دخلت علمت أن القضية مجرد تغطية وتضليل ليس إلا ..فالكلام في واد والواقع في واد بعيد كل البعد !!)([1][1])
الفصل الثاني
المصالح المرجوة من إنشاء النوادي النسائية
من خلال إطلاعي على ما كتب تبين أن هناك عدة مصالح في نظر المؤيدين من خلالها طالب من طالب بإنشاء نواد للنساء ، فمن تلك المصالح :
المصلحة الأولى : إن إقامة هذه النوادي تقضي على وقت الفراغ لدى الفتيات .
والجواب :
أولاً : إن كانت الفتاة تعمل أو تتعلم فأين وقت الفراغ الذي تملكه فالموظفة تجلس في عملها ثمان ساعات في مقر عملها أو قريبا من ذلك وكذا الطالبة فإذا عدن إلى المنزل فالموظفة تعود لرعاية بيتها وأسرتها وهو من أعظم الأعمال الشاقة على المرأة ، وإن كانت طالبة فهي تقضي وقتها في مراجعة دروسها والإعداد لها .
ثانياً : هناك مجالات يمكن من خلالها أن تقضي المرأة وقتها مع الفائدة العظيمة فمن تلك الأعمال :
ـ المشاركة في دور تحفيظ القرآن الكريم ..تتعلم فيها كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله × ، وتتربى فيها على موائد القرآن فتخرج امرأة صالحة ترعى زوجها ، وتربي أولادها ، وتزداد إيمانا على إيمانها .
ـ فتح المجال لإنشاء الجمعيات الخيرية النسائية لإقامة البرامج النافعة والدورات المختلفة كدورات الحاسب الآلي والخياطة والطبخ ونحوها .
ـ المشاركة في المؤسسات الخيرية ـ الأقسام النسائية ـ إقامة البرامج المتنوعة للنساء .
ـ المشاركة في مكاتب الدعوة التعاونية ـ الأقسام النسائية ـ في التنسيق لأقامة الدروس والدورات والمحاضرات ونحوها من الأعمال الخيرية .(97/559)
ـ حث أصحاب الأموال لإقامة أسواق نسائية خاصة لتزاول المرأة مهنة البيع والشراء وعرض منتجاتها على صاحبات المحلات التجارية في تلك الأسواق .
ـ إقامة مسابقات ثقافية متنوعة ( بحوث ، حفظ ، أسئلة ..)وترصد لها جوائز قيمة .
/ / /
المصلحة الثانية : إزالة الترهل الذي جرى للكثير من بنات المسلمين والسمنة التي طغت عليهن .
والجواب :
أولاً : لماذا لا يبحث عن أسباب ذلك الترهل ليتم علاج الموضوع بجدية ..أليس وجود الخادمات من أسباب الترهل ؟! أليس الترف والدلال من أسباب الترهل ؟!! فلماذا لا تقام حملات إعلامية في بيان أثر ذلك وإقناع الناس بالاستغناء عن الخادمات في البيوت ليتم القضاء على السمنة.
ثانياً : ولماذا لا يطالب الناس بالتخفيف من الطعام استجابة للأوامر الربانية والتوجيهات النبوية ، فالله تعالى يقول : } وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ { [ الأعراف :31]ويقول النبي × : ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) رواه أحمد ([2][2])
ثالثاً : الواقع يثبت ارتفاع نسبة السمنة في صفوف الشباب مع وجود النوادي الرياضية لهم فقد ذكرت ( إحدى الدراسات أظهرت أن 52% من البالغين في المملكة يعانون من البدانة، ويعاني منها أيضا 18% من المراهقين و15% من الأطفال دون سن المدرسة!!!) ([3][3]). فإذا كانت النوادي لم تنفع في الشباب مع حبهم الشديد للرياضة فهل ستنفع مع النساء ؟!!
ومن المعلوم أن أمريكا وهي البلاد المبيحة لكل شيء تعاني من السمنة ولم تنفع النوادي في تقلصيها وإليك هذه الأخبار :(97/560)
ـ ( ينفق الأميركيون 93 مليار دولار سنويا لمواجهة الأمراض الناجمة عن زيادة الوزن، ويعاني 13% من الأطفال، و60% من البالغين في الولايات المتحدة من السمنة ) [ الأهرام العدد: 42530 ] .
ـ ( يعانى ثلث الرجال فى الولايات المتحدة من الزيادة المفرطة فى الوزن، كما تشير الإحصاءات إلى أن نسبة البدانة فى الولايات المتحدة قد زادت بنحو 8% خلال الأحد عشر عاماً الماضية.
كما أن أكثر من 58 مليون رجل أمريكى يعانون من البدانة وتواجههم احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكر، وعلى الرغم من حدوث ظاهرة ارتفاع متوسط أوزان شعوب أخرى، على سبيل المثال المملكة المتحدة، تبين من خلال الأبحاث أن الأمريكيات من ذوات الأصل الأفريقى وذوات الأصل الأسبانى من الأكثر ميلاً للسمنة، وأن 32% من النساء البيض سمينات مقابل 47% من الأصل المكسيكى و49% من النساء ذوات الأصل الأفريقى، ولهذا تكثف وزارة الصحة الأمريكية حملاتها الدعائية وبرامج التوعية من أجل خفض نسبة السمنة فى المجتمع الأمريكى.
ويقول خبراء معهد الأغذية الأمريكى إن نمط حياة الأمريكيين هو السبب وراء انتشار السمنة فيما بينهم، فالعمل المتواصل داخل المكاتب بما لا يتيح وقتاً لممارسة الرياضة، وأيضاً انخفاض أسعار الغذاء وسهولة الحصول عليه، وانتشار محلات للأكلات السريعة والبيتزا.. تسبب فى حدوث تلك المشكلة )([4][4])
رابعاً : يمكن إزالة الترهل بغير هذه النوادي والتي ثبت من خلال التجربة أنها لا تفيد كثيرا في إزالة الترهل فمن تلك الدراسات : ـ
ـ قال الباحث موئيل سيرز : ( لقد أظهر البحث الذي أجريناه أنه على المدى البعيد النساء اللواتي يبدأن ممارسة التمارين الرياضية في أجوائهن المنزلية لكون ذلك يناسبهن أكثرهن أكثر احتمالا للاستمرار ببرنامج التمارين والمحافظة على خفة الوزن ، من اللواتي يتجهن إلى الأندية الرياضية ) وقد تناولت الدراسة التي أجراها الباحثون في جامعة فلوريدا (49) امرأة سمينة وغير نشطة بحدود (190) رطلا و(97/561)
(49) سنة من العمر ، وطلب من النساء ممارسة المشي المعتدل لمدة ساعة كل يوم ولخمسة أيام في الأسبوع ، وقدمت للنساء مشورة حول تخفيف الوزن وخطة للحمية الغذائية الوزن وخطة للحمية الغذائية مع التشجيع على المواظبة على التمارين ... وتم في الدراسة تقسيم النساء المشاركات إلى مجموعتين تمرن أعضاء المجموعة الأولى على أجهزة المشي في أحد الأندية ، فيما مارس أعضاء المجموعة الثانية بالمشي في الطرق . وبعد ستة أشهر كانت نسبة تخفيف الوزن متساوية تقريبا في المجموعتين وكذلك نسبة المشاركة في التمارين والحالة الصحية العامة .
ولكن بعد مضي سنة كاملة كانت المجموعة التي تمارس التمارين في المنزل متقدمة كثيرا وبعد (15) شهرا كان أعضاء هذه المجموعة قد خففوا وزنهم أكثر بكثير مما خففه أعضاء الفريق الآخر ، حيث بلغ متوسط الخسارة (25) رطلا في المجموعة الأولى و 15 رطلا في الثانية . وبعد 12 شهرا كانت سبع أعضاء قد انسحبن من ممارسة التمارين فيما انسحبت امرأة واحدة من مجموعة التمارين المنزلية . وقال الخبير الفيزيولوجي ريتشارد كوتن الناطق باسم ( مجلس الأمريكي للتمارين ) إن المغزى القوي للدراسة هو أن ممارسة التمارين في المنزل لها قيمتها فعلا ، وأن الذهاب إلى النادي الرياضي يجده كثيرون غير مناسب )([5][5])
فإذا إزالة الترهل يمكن أن تقوم به المرأة في بيتها من خلال إطلاعها على كتب التمرينات الرياضية المناسبة فتمارسها وهي في بيتها وبين أولادها دون الحاجة إلى الخروج من منزلها.
خامساً : إن من التناقضات الموجودة في النوادي وجود مطاعم تنسى المرأة نفسها إذا رأتها ، تقول مجلة أسرتنا : ( وجبات شهية من كل ما لذ وطاب ، مشروبات حارة وباردة ، عصيرات من كل الأنواع بجميع الأشكال ، فطائر شطائر ، حلويات ، شكولاته بسويكت ..كلها تعرض بطرق مغرية عبر شاشات زجاجية وقد هيأت الكراسي والطاولات بطريقة ساحرة ..!! فتجد المرأة تنتهي من حصتها الرياضية ثم تتجه نحو إحدى الطاولات وتبدأ في التهام الأطباق المختلفة لتعوض ما فقدته من(97/562)
سعرات حرارية ..) ([6][6]) فهل ستزيل المرأة سمنتها في مثل تلك النوادي التي يتم عرض تلك الوجبات أمامها ؟
المصلحة الثالثة : إقامة هذه النوادي لتوفير المكان المناسب للتدريب ، والبعد عن التعرض للمعاكسات ونحوها .
والجواب :
أولاً : من خلال إطلاعنا على حال الأندية الموجودة في بلاد الحرمين وفي خارجها في عالمنا الإسلامي يتبين للمنصف أن الأندية تعتبر بؤرة فساد هي أيضا ؟ ألا يمكن أن تتعرض المرأة إلى تصويرها عبر كاميرات الفيديو ينظر إليها كل سافل من الناس ؟ ألا تلبس المرأة في تلك الأندية ملابس فاضحة تبرز مفاتن المرأة وأماكن الجمال فيها مما يثير غيرها من النساء فيها ؟ وإن ظاهرة الإعجاب في صفوف النساء لتشكل خطرا عظيما لا تخفى على كل ذي لب .
ثانياً : يمكن أن تقوم المرأة بمزاولة الرياضة من خلال الآلات الخاصة لهذه الغاية وهي ولله الحمد تملأ الأسواق .
ثالثاً : لا يخفى أن المرأة مطالبة بأعمال كثيرة جدا في بيتها حتى أن عمل المرأة في بيتها يصنف في ضمن الأعمال الشاقة فهو يتطلب مجهودا كبيرا ..([7][7]) وهذه الأعمال تعد وسيلة لتفريغ الطاقات الزائدة وقد ( أكد فريق من الباحثين الأمريكيين أن الأعمال العادية التي يقوم بها الشخص يوميا في منزلة كالكنس والغسيل والعمل بالحديقة والمشي ..لها فوائد التمارين الرياضية ، فهي تقي من انسداد الشرايين والإصابة بأمراض القلب .)([8][8])
بل إن ممارسة التمرينات الرياضية في المنزل أكثر فائدة منها بالأندية ، وقد ( أظهرت دراسة أن ممارسة التمارين الرياضية في المنزل قد يكون أكثر فائدة من التمرين في ناد رياضي . وقد اكتشف الباحثون أن النساء اللواتي يمارسن الرياضة في المنزل يفقدن وزنا أكثر ويصبح شكلهن أحسن من النساء اللواتي يمارسن التمارين في النوادي الخاصة ، وقد جاء في الدراسة التي نشرت في مجلة ((97/563)
الاستشارات ) التي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن النساء السمينات الخاملات بوسعهن مباشرة وتنفيذ برنامج للتمارين الأيروبية في المنزل .
وقال العلماء أن الدراسة تحمل أنباء طيبة للنساء اللواتي لا يجدن الوقت الكافي أو يجدن صعوبة في الذهاب إلى الأندية الصحية )([9][9]).
وقد ( أكد استفتاء أمريكي أجري في ست ولايات أن 34 % من الفتيات والنساء لا يفضلن ممارسة الرياضة بشكل منتظم اعتقاداً منهن أنها تؤثر على أنوثتهن ، وتؤكد التقارير الصحية أن أعمال المنزل العادية أفضل أنواع الرياضة التي تناسب تكوين المرأة )([10][10]) .
المصلحة الرابعة : إن إيجاد هذه النوادي الرياضية يفتح فرص عمل جديدة للمرأة
والجواب :
أولاً : أن تكاليف الأنفاق عليها سيكون أضعاف مضاعفة من الموارد المنتظرة منها ، ولا أدل على ذلك من الأندية الرياضية التي أنشتأتها الدولة لرعاية الشباب حيث تعيش تحت وطأت الديون المتراكمة ، مع أنها تعيش على دعم الدولة وهبات أعضاء الشرف التي تتجاوز عشرات الملايين ومع ذلك لم تنجح في أداء ما أنيط بها على الوجه السليم .
وهذه بعض النماذج على صحة ما نقول :
ـ يقول عيسى الحكمي : ( بدأ النصراويون ترتيب أوراق تسليم جزء من المستحقات المالية المتأخرة للاعبين والعاملين بالنادي حيث ينتظر دخول خزينة النادي إعانة الرئاسة العامة لرعاية الشباب في الأيام المقبلة )([11][11]) ويقول أيضا في مقال آخر ( ينتظر تسلم لاعبي النصر نهاية الأسبوع القادم جزءا من من مستحقاتهم المتأخرة لأكثر من خمسة أشهر ..)([12][12])
ـ وهذا نادي آخر يعد من النوادي الكبيرة في البلد ومع ذلك يعاني من أزمات مالية ، يقول سطام النفيسة : ( يبحث الهلاليون اليوم موضوع ميزانية النادي حتى نهاية الموسم والتي قدرت بأكثر من عشرة ملايين ريال ، وسيتناول الهلاليون جوانب(97/564)
تفعيل قرارات أعضاء الشرف في اجتماعهم الأخير حيث سيتم الاتصال بأعضاء الشرف وكذلك مخاطبتهم للايفاء بماالتزموا به إذ ستواجه إدارة النادي مشكلة كبيرة في حالة استمر الوضع كما هو عليه ذلك أن الايفاء بمتطلبات النادي وتسيير أموره حتى نهاية هذا العام يحتاج لمبالغ تتجاوز العشرة ملايين ريال كان آخر المتبرعين منها الأمير عبدالرحمن بن مساعد بمبلغ مليون ريال ..)([13][13])
ثانياً: كم ستنفق الدولة لإعمار هذه النوادي في كافة مدن المملكة ؟ وهل إجريت دراسة في مدى الجدوى الاقتصادية من مثل هذا العمل ؟ وكم نسبت العاملات في مثل هذا القطاع ؟!! وهل تناسب هذه النسبة مصروفات الدولة التي تنفقها على تلك المراكز ؟!!وما مدى الإنتاجية العائدة على البلد من مثل هذه النوادي ؟!!
ثالثاً: هناك مجالات عديدة يمكن من خلالها فتح فرص وظائفية جديدة لعمل المرأة دون الحاجة إلى تكليف الدولة مبالغة طائلة لا ثمرة عظيمة منها ، فمن تلك المجالات:
أ ـ فتح مجال العمل عن بعد ، بحيث تعمل المرأة وهي في بيتها أعمال كثيرة وتستلم راتباً على ذلك العمل كأن تعمل مدخلة بيانات أو لترجمة الخطابات أو نحوها من الأعمال التي يمكن أن تقوم بها المرأة داخل بيتها دون الحاجة إلى اللقاء المباشر ، وهذا المجال عمل به في كثير من الدول الصناعية في العالم وقد اثبت نجاحه ، ولذا قمتُ بدراسة الموضوع وجمع الدراسات الغربية لجدوى هذا العمل .
ب ـ إعداد مراكز لتدريب النساء على مهن مختلفة تناسب المرأة كالخياطة والطبخ وفن التجميل والحاسب الآلي ونحوها من الأعمال .
ج ـ إقامة مستشفيات خاصة بالنساء يكون كافة طاقم التشغيل فيه نساء ، فسيحقق فرص عمل وظائفية كبيرة للنساء .
د ـ دعم دور تحفيظ القرآن الكريم النسائية لما لها من الأثر الفعال في تربية النساء وفيها فرص وظائفية جديدة .(97/565)
وهذه الأعمال وغيرها من الأعمال تقضي على الفراغ لدى الفتاة وفيها منفعة تعود على الفتاة وعلى المجتمع ككل بخلاف الأندية الرياضية التي تكالف المبالغ الطائلة ولكن دون جدوى اقتصادية من جراءها .
الفصل الثالث
المفاسد المتوقعة من النوادي النسائية
من خلال الوصف الدقيق الذي وصفته مجلة أسرتنا لحال النوادي الموجودة في بلاد الحرمين يتبين أن مفاسدها عديدة منها :
أولاً : من أشد المخالفات التي أكدت عليها كاتبة التحقيق قضية اللباس فهي تقول : ( أقولها بصراحة متناهية وبلا تردد أن أسوأ ما في تلك الأندية هو اللباس الذي ترتديه عاملات وعضوات النادي ، فهو في أبسط صوره ، عارٍ للغاية ، وهي صفة عامة لكل الموجودات ، بنطلونات ضيقة وخفيفة وبلايز عارية وضيقة كذلك ، أما في المسابح والسونا فالأمر أشد وطأة ، غياب تام ..تام ..تام للحياء والستر !! ) والنبي × يقول : ( ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى )([14][14]) ولباس المرأة لمثل هذه الملابس يعرضها للوعيد الشديد الذي جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما ... ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
ثانياً : ذهاب حياء المرأة والذي هو سر جمالها ورونقها ، كما جاء في التحقيق : ( أما في المسابح والسونا فالأمر أشد وطأة ، غياب تام ..تام ..تام للحياء والستر !! )
وأي قيمة للمرأة إذا ذهب حياؤها الذي هو رونقها وجوهرها ولبها ؟
ثالثاً : كثرة خروج المرأة من بيتها لتمارس الرياضة في هذا النادي وعدم استقرارها في منزلها ؟ وهل الشرع يستحث خروج المرأة من بيتها ؟! والجواب جاء في القرآن فقال سبحانه : } وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى { [ الأحزاب(97/566)
:33] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي × قال: " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ) رواه الترمذي ([15][15])..قال القرطبي ـ رحمه الله ـ: (معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن و الإنكفاف على الخروج منها إلا لضرورة )([16][16]) وقال الإمام أبو بكر الجصاص ـ رحمه الله ـ : ( وفيه الدلالة على أن النساء مأمورات بلزوم البيوت منهيات عن الخروج ) ([17][17]) وقال المودودي ـ رحمه الله : ( إن مقام المرأة ومستقرها هو البيت ، وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إلا ليلازمن البيوت بالسكينة والوقار ويقمن بواجبات الحياة العائلية ، أما إن كان بهن حاجة إلى الخروج فيجوز لهن أن يخرجن من البيت بشرط أن يرعين جانب العفة والحياء ..)([18][18]) وإذا كانت المرأة مأمورة أن تؤدي أعظم فرائض الدين بعد الشهادتين في بيتها وهي الصلاة ولا تخرج فكيف نطالب بإقامة نوادي للنساء !! عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي r فقالت يا رسول الله إني أحب الصلاة معك ، قال : ( قد علمت أنك ن الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي ) قال فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل . رواه أحمد بإسناد صحيح ([19][19]).و أُعفيت أيضا عن
الجهاد في سبيل الله تعالى ، كما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جئن النساء إلى رسول الله r فقلن يا رسول الله : ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله فقال رسول الله r ( مهنة إحداكن في البيت تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله ) ([20][20])(97/567)
وأُعفيت عن النفقة فيلزم وليها أن ينفق عليها ، قال تعالى } الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ { [النساء:34]
فكيف نقول لها الآن اخرجي لمزاولة الأعمال الرياضية في الأندية النسائية ؟!!
وينبغي أن تدرك المرأة المسلمة جيدا أنها مستهدفة لإفسادها ومن ثم إفساد غيرها ولا وسيلة لإفساد الأمم كلها أسرع من ( تحرير المرأة ) أي إخراجها إلى طريق الرجل لتفتنه وتفسد أخلاقه .
فقالوا : ينبغي أن تخرج المرأة بأي ثمن إلى الطريق ..تخرج بحجة الاستقلال الاقتصادي ..تخرج بحجة ممارسة حقها في الحياة ! تخرج بحجة التعليم أو العمل ..تخرج لمزاولة الرياضة ..المهم أن تخرج ..ولكن أهم من ذلك أن تخرج في صورة إغراء ، لأنها إن خرجت محتشمة متحفظة محافظة على أخلاقها ..فلا فائدة إذن من كل التعب الذي تعبناه في إفساد البشرية ..ينبغي أن تخرج المرأة في صورة تفتن الرجل وتغرية رابعاً : من سيتولى شؤون المنزل والأولاد إذا ذهبت الأم إلى النادي ؟ وكم سيستغرق التدريب ؟ وتأمل معي حتى تعلم صدق ما أقول وأن هدف هؤلاء ليس إعطاء المرأة حقوقها وأن تعمل ويجعل لها ناد ونحوه ولكن هدفهم خروج المرأة من بيتها بأي وسيلة ، المهم أن لا تبقى حبيسة بيتها وطهرها وعفافها .
لو حسبنا كم سيستغرق الطريق ذهابا وعودة ؟ وكم سيستغرق التدريب ـ علماً أن الذين يطالبون بخروج المرأة من سترها وعفافها يطالبون لها بالعمل والنادي والقيادة والأسواق والملاهي والحدائق و المطاعم العائلية ..فلو حسبنا الوقت حسابا عقليا كم تحتاج المرأة لتزاول ذلك كله ؛ العمل سبع ساعات ، النادي أربع ساعات على الأقل ([21][21])، قيادة السيارة والازدحام في الطرق ساعتان ، العشاء في مطعم ساعتان مع الطريق ذهابا وإياباً ..غير ما تبقى من المطالب المشبوهة ، يصبح مجموع الساعات خمس عشرة ساعة ، وهذا يستدعي بقاء المرأة خارج منزلها إلى ما بعد العشاء ـ فما أن تعود إلا والأولاد قد ناموا ليتأهبوا لدراستهم الصباحية المبكرة ، وهي كذلك معذبة مرهقة لا تريد إلا النوم ، فما هو نصيب أولادها منها خلال ذلك(97/568)
اليوم ؟ وما هو نصيب زوجها منها ؟ وما هو نصيب أعمالها المنزلية ؟ وما هو نصيب أقاربها وأرحامها ؟ بل وما هو نصيبها هي من الراحة النفسية الآمنة داخل عش الزوجية ؟ بل أكبر من ذلك كله ما هو نصيبها من طاعة ربها حيث قال } وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى { [ الأحزاب :33] .
خامساً : ليس ممتنعا اطلاع الأجانب على عورات النساء في مثل هذه الأماكن ، لا سيما والحقل الصناعي اليوم يوفر وسائل متطورة وحديثة للتجسس والرصد من بعد .( وقد شهدت مدينة الدار البيضاء في أحد حماماتها العمومية الخاصة بالنساء في أوائل التسعينات ما يشهد بصحة هذا التوقع )([22][22]) .
وإذا كانت صور النساء بدأت تظهر الآن في المدارس والجامعات من خلال كميرات الجوال فهل سيكون حال النوادي أكثر أمنا من المدارس والجامعات ؟!! وإذا كان وضع الفتاة في المدرسة أشد تسترا فماذا لو التقطت صورتها وهي في المسبح أو السونا أو بالبنطال ؟!!
سادساً : هل سيقف الأمر عند حد إنشاء نواد نسائية فقط ؟ أم هذه خطوة أولى تتبعها خطوات ، من وجود مباريات مختلطة ، ونواد مشتركة ، فلا حاجة في إنشاء نواد مستقلة ؟!وما الداعي لها ؟! وهكذا حتى يختلط الحابل بالنابل !!
وهل لم يبق من مشاكلنا وحاجتنا إلا أن ننشئ النوادي ؟ أم هناك ما هو أهم من ذلك.. فكم من المدارس نحتاجها ؟ وكم من الضروريات نريدها ونحن إليها أحوج بكثير من هذه النوادي .يقول أحدهم : ( هناك مناسبات قيمة في جهات عدة مساهمة من دول الخليج كأندية الفتيات في الشارقة تنظم دورات مهمة وبطولات أهم بين الفتيات والغائبة الوحيدة فيها عن التمثيل الفتاة السعودية المليئة بطاقات الإبداع والابتكار والمهارات عالية المستوى ؟ لماذا هذا التغيب لتجمعات الفتيات حيث الحاجة الاجتماعية الماسة منهن لذلك ؟!! )([23][23])
سابعاً : من المعلوم لدى الجميع حاجة الأسرة المسلمة ـ في مثل هذا الوقت ـ إلى الاقتصاد في الإنفاق فإذا فتحنا لها بوابة أخرى من أبواب استنزاف الأموال فإن الأمر(97/569)
سيزداد سوءاً ، وهاهو أحدهم يصرح بذلك ويقول : ( هي كذلك فرصة استثمارية ناجحة ومضمونة مادامت مرتبطة بالمرأة ، بادروا بانتهازها بأسرع وقت ممكن ) وقد تقدم في كلام التحقيق الذي أجرته مجلة أسرتنا والأسعار الباهضة في قضايا يمكن الاستغناء عنها ..إذاً النادي لن يكون مجانيا والملابس الخاصة بالنادي كذلك وأجرة النقل وتكاليفه ونحو ذلك من الأمور التي تستنزف أموال الأسرة بلا حاجة ملحة .وهذا يعد من الإسراف الذي نهينا عنه قال تعالى : } وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ { [ الأعراف :31] وقال تعالى : } إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا { [ الإسراء :27].
ثامناً : ومن المفاسد أيضا التعرف على بعض الزميلات التي تؤثر على أخلاقها وسلوكها ودينها ، فإن مما لا مرية فيه أن هذه النوادي يرتادها الصالح والطالح ،والطالح أكثر ؛ لأن الصالح مشغول بما هو أهم من هذا وأجدر ، والمرء على دين خليله ...تقول مجلة ( أسرتنا ) : ( العاملات بتلك الأندية بدءاً بموظفة الاستقبال وانتهاء بالمدربات والإداريات وحتى عاملات المقهى والمطعم تجدهن يرتدين بنطلونات ضيقة لاصقة وبلايز مخصرة تكاد تتفجر من ضيقها ، عموما يخيل إليك وكأنك في صالة لعرض الأزياء )
وإذا كان حضورها لهذا النادي سيترتب عليه مفاسد في دينها وأخلاقها فهل الأولى حضورها أو تركها لمثل هذه النوادي ؟!! فإنها إذا حضرت شاهدت ما يسبب قسوة في قلبها ، وضعفا في دينها ..فهي ترى تلك النساء الكاسيات ..وتشاهد الملابس الفاضحة ..وتسمع الأغاني الصاخبة ..فأي قيمة للصحة إذا ضعف الإيمان وزال ، ولقد صدق القائل :
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
اتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان(97/570)
تاسعاً : ومن المفاسد : إصابة المرأة بالعين ، لأن المرأة تظهر في النادي رشاقتها واعتدال قوامها وحسن جسمها فتراها امرأة أخرى أقل منها جمالاً ورشاقة فتغار منها فربما أصابتها بالعين ، والنبي r يقول : " أكثر من يموت من أمتي بالعين " رواه أحمد بإسناد حسن . وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْعَيْنُ حَقٌّ " رواه البخاري وغيره .يقول النووي في الحديث : ( إثبات القدر وصحة أمر العين وأنها قوية الضرر ) نسأل الله السلامة والعافية .
عاشراً : روى الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن النبي r قال :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام" ([24][24]) .وفي هذا الحديث دليل على وجوب أن يمنع الولي أهله من دخول الحمام ..وإنما منع النساء من دخول الحمام لعدة علل منها لأنها مظنة لكشف ما يحرم عليهن كشفه فمنعهن من ذلك سداً للذريعة إلى المحرم . والمراد بالحمامات المنهي عن دخولهن ما يجتمع فيه مجموعة للاغتسال ، وسميت حمامات لما يكون فيها من الاغتسال بالحميم وهو الماء الحار ، فأما مواضع الاغتسال في البيوت وهي التي يخلو فيها الإنسان وحده ويسمونها الحمامات أيضا فليست من الحمامات المنهي عن دخولها لأنه ليس فيها اختلاط ولا كشف عورات عند الناس ، والنوادي فيها مسابح ويحصل فيها من التفسخ والتكشف ما يلزم الرجال منع نسائهم من إدخالهن في مثل تلك النوادي لئلا يقعن فيما حرم الله تعالى.
الحادي عشر : وجود الأغاني المسموعة والمرئية في تلك النوادي ، جاء في التحقيق الصحفي الذي قامت به مجلة أسرتنا : ( لا يوجد نادٍ واحد بلا موسيقى وقد سألت القائمات على جميع الأندية وبلا استثناء هل يمكنني الاشتراك بالنادي وممارسة الرياضة بلا موسيقى ؟ وتأتي إجاباتهن مسبوقة بدهشة كبيرة ..بالطبع لا يمكن ..فالطلب غريب لم يصل آذانهن من قبل " كما قلن " !! ولكن ..أليس من استثناء ؟ واحدة فقط ..قالت : إذا اشتركت بجهاز رياضي ـ ليس عندهم سواه ـ نتيح لك(97/571)
فرصة اختيار ما تودين سماعه ، فرآن كريم ، أو أغاني موسيقية ، فحرية الاختيار متاحة للجميع !!
وهناك ما هو أشد وأنكى ..شاشات تلفزيونية كبيرة جدا في القاعات تعرض أغاني مصورة تثير طرب المدربات والمتدربات سويا !! )
واحتوى هذا الكلام على قضيتين :
الأولى : سماع الأغاني ومعلوم كلام أهل العلم وفتاويهم في بيان حرمته وأنه بوابة من بوابات الزنى . يقول الله تعالى : } وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ { [ لقمان: 6 ] .قال الواحدي وغيره : أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء قاله ابن عباس و عبدالله بن مسعود . قال أبو الصهباء سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: } وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ { فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث مرات .
ويقول الفضيل بن عياض : الغناء رقية الزنى .وقد قال يزيد بن الوليد : ( يا بني أمية ..إياكم والغناء ..فإنه يذهب الحياء ..ويزيد الشهوة ..ويهدم المرؤة ..وإنه لينوب عن الخمر ..ويفعل ما يفعل السكر ..فإن كنتم لابد فاعلين ..فجنبوه النساء ..فإن الغناء داعية الزنا ) ([25][25]).
والثاني : عرض صور المغنين والمغنيات على النساء ومعلوم ما يفعله أولئك من تغنج وتفسخ في اللباس مما يثير تقليد ضعيفات الإيمان لهم في كلامهم ولباسهم ، وهذه الفتنة ـ فتنة تقليد المغنيات ـ موجودة عند شريحة ليست بالقليلة عند نساء المسلمين.
الثاني عشر : إذا كنا نرى النوادي الرياضة للشباب يعتريها ما يعتريها من التجاوزات سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون فلماذا تعاد التجربة نفسها مرة أخرى ؟!! وكما يقال ؛ التجربة خير برهان .(97/572)
الثالث عشر : من سيتولى تدريب النساء ؟ هل ستكون من أهل هذا البلد ؟ وإن كان كذلك ؛ فما مدى خبرتها ؟!!وربما سببت مضاعفات خطرة على المرأة بسبب الجهل ببعض آليات التدريب ؟!! وإن وجدت المدربات ..فهل عندنا العدد الكافي للقيام بهذه المهمة ؟!! وإن كانت من بلد آخر فما مدى تمسكها بآداب الإسلام وشعائره خاصة ونحن ندرك وضع المجتمعات الأخرى ومدى التساهل في قضية العورات وكشفها فهل من الأمانة أن يتولى بنات المسلمين أمثال تلك النسوة ؟!! ونحن لم نصل إلى حد الضرورة في مثل هذه القضية .
الرابع عشر : أن خروج الفتاة إلى النادي فرصة للفساد حيث يمكنها ضرب المواعيد مع من تريد من الشباب أو الفتيات والذهاب معهم بدون علم الأهل ، فالأهل يظنونها في النادي !! وقد تابعت مراكز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقبضت على حالات من مثل هذا عند أبواب النوادي النسائية الرياضية .
الخامس عشر : لن يتوقف إنشاء النوادي على الجهات الحكومية بل سيتعدى إلى القطاع الأهلي وعند ذلك سيكون التنافس وحدث ولا حرج عن الفساد الحاصل حينئذ . ولا يقل قائلا سيكون هناك ضوابط وشروط ..فالواقع يثبت عدم الالتزام بها .
الفصل الرابع
البدائل المناسبة .
1ـ القيام بالأعمال الرياضية داخل المنزل والمكتبات الإسلامية تزخر بالكتب التي يمكن الاستفادة منها في بعض التمارين الرياضية المهمة للمرأة .
وقد أجرت مجلة أسرتنا في عدد (40) استفتاء جاء فيه :
ـ ما رأيك : إذا كانت المرأة حريصة على الرياضة فهل يمكنها ممارستها في بيتها بنجاح ؟ فأجاب 91% بنعم ، و7% لا ، 2% ربما .
فيمكن للمرأة التي تعاني من هذه السمنة أن تمارس الرياضة في بيتها .
و إذا كانت المرأة ترغب في رياضية المشي فيوجد الآن في الأسواق الآت للمشي عليها يمكن للمرأة الاستفادة منها ووضعها في المنزل فتحقق بذلك رغبتها وهي في(97/573)
قعر بيتها بدون مضايقات المعاكسين ولا أضرار الشمس ولا غير ذلك وهي في أثناء ذلك يمكن لها أن تستمع إلى شريط هادف فتجمع بذلك بين مصلحتين التربية البدنية والتربية العقلية والنفسية .أو يمكن أن مزاولتها في المنتزهات البرية البعيدة عن المدينة ، والبعيدة عن مضايقة الفضوليين .
2ـ الاستغناء عن الخادمات والقيام بالأعمال المنزلية ومزاولتها لما لها من الأثر الفعال على جسم المرأة كما تقدم إثبات ذلك من خلال الدراسات التي أجريت .
3 ـ الاعتدال في الطعام والشراب فتصيب منهما ما تقيم به صلبها ، ويحفظ عليها صحتها ونشاطها ولياقة جسمها ، مستهدية بقول الله تعالى : } وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ { [ الأعراف :31] وبقول النبي r وهديه في الاعتدال بالطعام والشراب : " ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه " رواه أحمد ([26][26]) وبقول عمر رضي الله عنه : إياكم والبطنة في الطعام والشراب ، فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ، فإنه أصلح للجسد ، وأبعد عن السرف ، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه " ([27][27])
4ـ الإكثار من نوافل الصيام : إذا كانت بلا زوج ، وإذا كانت ذات زوج فلا تصوم وهو شاهد إلا بإذنه .
5 ـ الإكثار من نوافل الصلاة ([28][28])..وهذه وصية النبي r لربيعة بن كعب حين طلب من النبي r مرافقته في الجنة فقال له r : " عليك بكثرة السجود " رواه مسلم
وقال r : " اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة وحط بها عنك خطيئة " رواه أحمد عن أبي أمامة ([29][29])
الفصل الخامس
الحكم الشرعي لإنشاء النوادي النسائية(97/574)
إذا علم ما تقدم تبين أن إنشاء النوادي النسائية لا يجوز لما يلي :
1ـ روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما ..وذكر : ( ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )([30][30])
ووجه الدلالة من الحديث : أن الفتيات في تلك النوادي سيرتدين ملابس إما أن تكون ضيقة تحدد حجم الأعضاء أو تكون قصيرة أو شفافة فتدخل في هذا الوعيد الشديد الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ،والواقع الموجود في بعض الأندية القائمة في بعض المستشفيات والمراكز الطبية ومشاغل الخياطة ([31][31]) ونحوها تؤكد هذه القضية ، كما تقدم بيانه ، يقول الإمام النووي رحمه الله : ( هذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان ، وفيه ذم هذين الصنفين ، قيل معناه : كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها ، وقيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا لحالها ونحوه . وقيل معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها . وأما (مائلات ) فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن من حفظه ، ( مميلات ) أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم . وقيل ( مائلات ) يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن . وقيل ( مائلات ) يمشطن المشطة المائلة وهي مشطة البغايا . ( مميلات ) يمشطن غيرهن تلك المشطة . ومعنى رؤسهن كأسنمة البخت : أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها.
2ـ ما رواه أبو داود عن أبي المليح رحمه الله قال : دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت : ممن أنتن ؟ قلن من أهل الشام ، قالت : لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات ؟ قلن : نعم ، قالت : أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى )([32][32])(97/575)
ولا شك أن المشاركة في النادي لا يمكن أن تكون بملابسها الساترة بل تحتاج إلى نزع ثيابها لأداء الحركات بخفة وسهولة ، وهذا ما يحدث بالفعل في تلك النوادي .
3ـ القاعدة الشرعية تقول : ( درء المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة المرجوحة ) وهي من مقاصد الشريعة ، وصورتها : إذا رجحت المفسدة على المصلحة في الشيء الواحد يجب تقديم درء المفسدة ، وتغليب حكمها على جلب المصلحة ، وهذه القاعدة متفق عليها بين أهل العلم دون خلاف ، والأصل فيها قول الله تعالى :] يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا [ [البقرة:219] فالله تعالى ذكر في هذه الآية أن في الخمر منافع إلا إن الحكمة الإلهية والمصالح الشرعية تحرمها ، لأنها تشتمل على مفاسد وآثام أضعاف تلكم المنافع اليسيرة ،ولو سلمنا بوجود مصالح في النوادي للفتيات إلا أننا بالنظر إلى ما يترتب عليها من مفاسد نجده أضعافا مضاعفة بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي لا تكاد تذكر ، لأن مفاسدها قد بلغت من الخطورة ما لا ينكره عاقل ممن يستطيع أن يفرق بين التمرة والجمرة !! خاصة مع وجود البدائل المناسبة .
4ـ ومن الأدلة قاعدة ( سد الذرائع ) وقد أجمعت الأمة على سد الذرائع ، والذريعة ما أفضى إلى الحرام ، وكذلك ما كان مظنة للحرام ، ودليلها قوله تعالى :] وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ[[الأنعام :108] فمنع من سب الأصنام عند من يعلم أنه يسب الله تعالى حينئذ ، وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على سد الذرائع بـ أربعة وعشرين وجهاً ([33][33])، وكذا ابن القيم رحمه الله بتسعة وتسعين دليلا([34][34]) ، وكذا نقل الإجماع عليها الإمام الشاطبي([35][35]) وغيره من أهل العلم .
ولا يخفى ما عليه واقع النوادي النسائية في المجتمعات المسلمة ، ولذا يقال بالمنع سداً للذريعة المفضية إلى الحرام ..فمن يضمن أن يتوقف الأمر على هذه النوادي فقط ؟!! ، ومن يضمن أن هذه النوادي خالية من المحاذير الشرعية ؟ ومن يضمن ألا(97/576)
تصور بنات المسلمين وهن يلبسن ملابس الرياضة وتنشر صورهن في مجامع الفجار وأراذل الخلق ؟ وقد جاءت النصوص الشرعية في بيان أن المرأة فتنة للرجل بل هي أضر الفتن ، يقول النبي r :( ما تركت فتنة أضر على الرجال بعدي من النساء ) متفق عليه ([36][36]).
وقال r : ( إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فناظر كيف تعملون ؟ فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه مسلم ([37][37]).
فإذا ثبت ذلك فإن من الحكمة والتعقل أن يتريث الإنسان فيما يتعلق بقضايا المرأة وأن يتريث فيما يتعلق بها من أحكام سداً لكل ذريعة مفضية للحرام .
5ـ من القواعد الشرعية قاعدة : ( يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ) فيجوز للإمام أن يجبر من أحدث في الطريق العام ما يضره بإزالته وإن كان فيه ضرر عليه دفعاً للضرر العام ، وكذا يقال في النوادي النسائية ..يتحمل الضرر الخاص وهو عدم الحركة لدى شريحة محدودة من النساء لدفع الضرر العام وهو ما سيحصل من مفاسد في إنشائها ، علما أنه لن يكون هناك حتى الضرر الخاص لأن المرأة يمكن أن تمارس الحركة والتمارين المناسبة في بيتها.
ملحق بفتاوى أهل العلم
* سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ :
ما رأى سماحتكم بنوادي النساء التي لا يدخلها الرجال ، وهل على المرأة من ضرر في حضورها ؟
فأجاب : سئلت عن هذه المسألة ، سألني مندوب الجزيرة في أيام مضت عن مسائل منها النوادي التي للنساء ، فقلت له : لا أرى مانعا من نوادي النساء إذا كانت مصونة لا يغشاها إلا النساء فلا بأس بهذه الشريطة ، وهي أن تكون بين النساء وأن لا يغشاها إلا النساء ، ثم بلغني أنها حملت على النوادي الني اعتادها الشباب ـ النوادي الخارجية ـ التي يذهبون إليها ، فأعقبت المقال بمقال آخر نشر في الجزيرة أيضا(97/577)
بينت مرادي بالنوادي ، وأنه ليس مرادي بالنوادي نوادي الرجال أو ما يجانسها من النوادي ، التي يكون فيها الاختلاط بين الرجال والنساء أو كشف العورات أو غير ذلك من المنكرات ، وإنما أردت بالنوادي النوادي التي تقيمهما بعض المدارس للخطب والمذاكرة بين النساء مع المدرسات والطالبات ،فكون مديرة المدرسة تقيم ناديا للمحاضرة أو المناقشة بين الطالبات أو بين المدرسات فهذا هو المقصود.([38][38])
% %
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن النوادي الرياضية النسائية ، فأجاب :
نصيحتي لإخواني ألا يمكنوا نساءهم من دخول نوادي السباحة والألعاب الرياضية ؛ لأن النبي × حث المرأة أن تبقى في بيتها فقال وهو يتحدث عن حضور النساء للمساجد وهي أماكن العبادة والعلم الشرعي : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن ) وذلك تحقيقاً لقوله تعالى : } وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ { [ الأحزاب :33] ثم إن المرأة إذا اعتادت ذلك تعلقت به تعلقاً كبيرا لقوة عاطفتها وحينئذ تنشغل به عن مهماتها الدينية والدنيوية ويكون حديث نفسها ولسانها في المجالس ، ثم إن المرأة إذا قامت بمثل ذلك كان سببا في نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عن سوء عاقبتها إلا أن يمن الله عليها باستقامة تعيد إليها حياءها الذي جبلت عليه ، وإني حين أختم جوابي هذا أكرر النصيحة لإخواني المؤمنين أن يمنعوا نساءهم من بنات أو أخوات أو زوجات أو غيرهن ممن لهم الولاية عليهن من دخول هذه النوادي ، وأسأل الله تعالى أن يمن على الجميع بالتوفيق والحماية من مضلات الفتن إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[ مجلة الدعوة ، العدد (1765) ص 54 ].
[1][1] ـ مجلة أسرتنا عدد 40 ، شهر رجب 1424 هـ .
[2][2] ـ رواه أحمد (4/132 ) والترمذي 4/18)(97/578)
[3][3] ـ جريدة الرياض ، الخميس 03 شوال 1424العدد 12942
[4][4] ـ http://www.gn4me.com
[5][5] ـ جريدة الرياض عدد (10883)
[6][6] ـ عدد (40 ) ص 34 .
[7][7] ـ تأملات في عمل المرأة ص26 عبدالله بن وكيل الشيخ .
[8][8] ـ مجلة الأسرة عدد50 ص21 .
[9][9] ـ جريدة الرياض عدد ( 10883 ) 14 /12/1418هـ .
[10][10] ـ انظر : كتاب " دنيا " ص 30 مالك الأحمد .
[11][11] ـ جريدة الجزيرة عدد ( 11500) .
[12][12] ـ جريدة الجزيرة عدد (11507) .
[13][13] ـ جريدة الرياضة عدد ( 13073) .
[14][14] ـ رواه أبو داود ورقمه (4010) من حديث عائشة رضي الله عنها .
[15][15] ـ ورقمه (1173) وقال الترمذي : حسن غريب .
[16][16] ـ تفسير القرطبي 14/179
[17][17] ـ أحكام القرآن (5/229-230)
[18][18] ـ الحجاب ص313 . وانظر للفائدة كتاب "عودة الحجاب "(3/252) وما بعده .
[19][19] ـ رواه أحمد (6/371) وابن خزيمة (1689) وقال الحافظ في الفتح (2/350) إسناده حسن .
[20][20] ـ أخرجه المروزي في ( السنة) ورقمه ( 123 ) . قال في المجمع (4/304) : (رواه أبو يعلي (3415، 3416) والبزار (1475) وفيه روح بن المسيب وثقه ابن معين والبزار وضعفه ابن حبان وابن عدي ) قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1041) : هذا حديث لا يصح .(97/579)
[21][21] ـ وفي أحد المراكز النسائية فترة العمل من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية عشر ظهرا ، ومن الرابعة عصرا وحتى العاشرة مساء ، فما هو نصيب الزوج والأولاد والمنزل من وقت المرأة ؟
[22][22] ـ قضايا اللهو والترفيه بين الحاجة النفسية والضوابط الشرعية ص 315
[23][23] ـ انظر : مجلة أقرأ : (208) تاريخ 13/1/1420هـ .
[24][24] ـ رواه الترمذي (2801) .
[25][25] ـ سير أعلام النبلاء (5/376) .
( [26][26] ) رواه أحمد (4/132 ) والترمذي (4/18)
[27][27] ـ كنزل العمال 15/433) .
[28][28] ـ انظر : كتاب ( الصلاة والرياضة والبدن ) تأليف / عدنان الطرشة . ط / المكتب الإسلامي . فقد ذكر حقائق عن هذا الموضوع تهم القارئ الكريم.
[29][29] ـ رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة 1488 .
[30][30] ـ رواه مسلم ورقمه (2128) .
[31][31] ـ هذه داخل بلاد الحرمين والله المستعان .
[32][32] ـ رواه أبو داود ورقمه (4010) من حديث عائشة رضي الله عنها .
[33][33] ـ انظر : الفتاوى الكبرى (3/256) .
[34][34] ـ انظر : إعلام الموقعين (3/147ـ171) .
[35][35] ـ انظر : الموافقات (4/194ـ201) .
[36][36] ـ رواه البخاري ورقمه (4808) ومسلم ورقمه (2740) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما .
[37][37] ـ رواه مسلم ورقمه (2742) .
[38][38] ـ انظر : مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (9/383) .
ــــــــــــــ
التربية البدنية في المدارس النسائية(97/580)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد تباينت وجهات النظر في مسألة إدخال التربية البدنية في مدارس البنات ما بين مؤيد ورافض ، وأصبحنا على مفترق طرق في هذه القضية ،وحيث كثر الجدل فيها ومدى شرعية هذا الأمر رأيت أن أكتب للقراء ما يجلي لهم حكم إدخال هذه المادة في مدارس البنات ،وقد قسمت الموضوع إلى تمهيد وخمسة فصول :
التمهيد يتناول : تحرير محل البحث
الفصل الأول : المصالح المرجوة من إدخال التربية البدنية.
الفصل الثاني : المفاسد المتوقعة من حصة التربية البدنية .
الفصل الثالث : البدائل المناسبة .
الفصل الرابع : الحكم الشرعي لإدخال التربية البدنية .
الفصل الخامس : شبهات حول الحكم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
تمهيد
تحرير محل البحث
هذه قاعدة معرفية مهمة وهي قبل أن نحكم على مسألة ما ؛ لابد أن نتصورها جيدا حتى نطلق الحكم الشرعي المناسب فيها ، وبحثنا هذا سنتعرض فيه إلى مسألة ( إقرار مادة التربية البدنية في مدارس البنات ) دون النظر إلى حكم ممارسة الرياضة للنساء ، وإن جاء الحديث عنها عرضا فليست هي المقصودة في هذا البحث .
وقبل هذا كله وبعده لابد أن يكون هدف كل إنسان البحث عن الحق ، والسعي لتحقيق المصلحة العامة ، لا التعصب للرأي ولا النظر إلى مصلحة محدودة بأشخاص أو فئات .
الفصل الأول(97/581)
المصالح المرجوة من إدخال التربية البدنية
من خلال إطلاعي على ما كتب تبين أن هناك عدة مصالح في نظر المؤيدين من خلالها طالب من طالب بإدخال التربية البدنية في مدارس البنات ، فمن تلك المصالح :
المصلحة الأولى : ( تهيئة المرأة لتقوم بدورها في الجهاد وحماية مقدسات الأمة وأرض الوطن )
ومما قالوه في ذلك : ( المرأة قديما مما توفر لنا من معلومات في التاريخ الإسلامي كانت تشارك في المعارك لنشر الإسلام والدفاع عنه ولم يمنعها الدين فهي الفارسة التي دافعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرحت وطعنت لإعلاء كلمة الله ) ([1][1])
والجواب :
أولاً : أن هذا منسوخ لما جاء في مصنف ابن أبي شيبة ([2][2]) عن سعيد بن عمرو القرشي أن أم كبشة امرأة من بني عذرة قضاعة قالت : يا رسول الله ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا ، قال : لا ، قالت : يا رسول الله إني لست أريد أن أقاتل إنما أريد أن أداوي الجريح والمريض أو أسقي المريض ، فقال : «لولا أن تكون سنة ويقال فلانة خرجت لأذنت لك ولكن اجلسي ».
فهذا الحديث يفيد أن المرأة لا تشارك حتى في سقاية الجرحى ومداواة المرضى فهل يبقى بعد هذا لقائل مقال ؟!!
ثانياً : لقد حرص نساء الصحابة أن يتقلدن دور الجهاد الذي أنيط بكاهل الرجل طمعاً في الأجر ؛ فجاء التوجيه النبوي لهن كما يلي : عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال : « جهادكن الحج » رواه البخاري([3][3]) ، وعن عَائِشَة قَالَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَخْرُجُ فَنُجَاهِدَ مَعَكَ فَإِنِّي لَا أَرَى عَمَلًا فِي الْقُرْآنِ أَفْضَلَ مِنْ الْجِهَادِ ، قَالَ :« لا وَلَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ حَجُّ الْبَيْتِ حَجٌّ مَبْرُورٌ "» رواه النسائي([4][4]) .(97/582)
قال ابن بطال : ( دل حديث عائشة رضي الله عنها على أن الجهاد غير واجب على النساء ، ولكن ليس في قوله : (جهادكن الحج ) أنه ليس لهن أن يتطوعن بالجهاد ، وإنما لم يكن عليهن واجبا ؛ لما فيه من مغايرة المطلوب منهن من الستر و مجانبة الرجال ، فلذلك كان الحج أفضل لهن من الجهاد ) ([5][5])، بل إن بقائها في بيتها وحفظها لعفافها تدرك بهذا فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جئن النساء إلى رسول الله r فقلن يا رسول الله : ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله فقال رسول الله r « مهنة إحداكن في البيت تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله »([6][6])
ثالثاً : ما ورد من قتال بعضهن : إنما كان في بداية الإسلام وعلى سبيل الضرورة والدفاع عن النفس أو الدفاع عن رسول الله r كما جاء عن أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَكَانَ مَعَهَا فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا الْخِنْجَرُ ؟ قَالَتْ : اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ .." رواه مسلم ([7][7]).والضرورة كما هو معلوم تقدر بقدرها
رابعاً : ثم أين الجهاد الذي يُحتج بمشاركة المرأة فيه في هذا الزمان والله المستعان ، ولو ارتفعت راية الجهاد لولى هؤلاء الكتاب ومن ظاهرهم النفاق الأدبار ، كما قال الله تعالى عن أسلافهم : } وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ{ [الحشر: 12] .ثم إذا كان هناك حرص على إعداد المرأة للجهاد فلماذا لا نسأل أنفسنا ما هي الأولويات بالعناية في هذا المجال والأكثر أثراً والأسرع في تحقيق الهدف ، هل الرياضة في هذا الصدد أولى من إعلام محافظ يربي المرأة ؟!! ومحاضن تربوية تعدها الإعداد الحقيقي للجهاد ؟!! وهل الرياضة أولى من مضاعفة الجهد في حرب التغريب وحملات التخريب ومقاومة كل ما يسعى لإفساد المرأة ؟!!
وأخيراً ... هل التربية الرياضة للبنين قد أعدت شبابنا للجهاد ؟!!(97/583)
المصلحة الثانية : أن الرياضة لها أثرها الكبير في عقل الإنسان وفكره .
ومما قالوه في ذلك قولهم ( جميعنا يعرف أن العقل السليم في الجسم السليم ..والتي لا تقتصر على الرجال فقط .. ) ([8][8])
والجواب : هذه المقولة يرددها الكثير ،ولكن لو تأملها ذوو العقل السليم لعرفوا أن فيها بعض المغالطة للحقيقة ، وليست قاعدة ثابتة ، فكم من أناس أجسامهم هزيلة ، وأبدانهم عليلة ومع ذلك عقولهم تزن أمة ؟ وماذا نفعت الأجسام وصحة الأبدان أولئك المجانين الذين امتلأت المشافي بهم ؟ لو أن أحدهم وكزك بيده لقضى عليك ؟وهل صحة أجسام البغال والحمير زادت من عقولها ؟! ألم يضرب الله مثلا لليهود بأسوأ من الحمار في بلادته : } كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً{ (الجمعة: من الآية5) .
ولو استنطقنا التاريخ ليحدثنا عن أناس استطاعوا ـ بفضل الله ـ أن يحولوا عجزهم قدرة ، ونقصهم عطاء فأصبحوا يعدون قمما سامقة ، ومنارات عالية لحدثنا عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود فقد كان رضي الله عنه قصير القامة ، كانت قامته طول الرجل أثناء قعوده ، وكان الصحابة يعجبون من دقة ساقيه ، فهل عاش بدون عقل !! نظرا لقصر قامته وخفة وزنه ، عجبا لمن يهرف بما لا يعرف !!
ولحدثنا التاريخ أيضاً عن الإمام عطاء بن أبي رباح ـ رحمه الله ـ التابعي الجليل فقد كان ـ رحمه الله ـ أعور ، أشل ، أفطس ، أعرج ، أسود ،ثم عمي وقطعت يده مع عبدالله بن الزبير هكذا قال عنه مترجموه ولكن ماذا قالوا عن علمه وجلالته يقول أبو جعفر : ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء ، وقال علي بن المديني سمعت بعض أهل العلم يقول : كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث .([9][9])
وكم من العلماء في قديم الدهر وحديثه من فقد بصره وعمي في صغره وما ضره ذلك فإذا هو العالم الذي يشار إليه بالبنان ،كالشيخ الإمام محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ مفتي الديار السعودية سابقاً ، والشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ مفتى المملكة العربية السعودية ، وسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ـ(97/584)
وفقه الله وحفظه ـ وغيرهم كثير وترى منهم الخطيب المصقع الذي يزمجر على أعواد المنابر فتصل كلماته سويداء القلوب كأمثال الشيخ عبد الحميد كشك ـ رحمه الله ـ فعجبا لمن يتكلم بما لا يعلم ، ويهذي بما لا يدري !! يقول الشاعر :
فرب ضرير قاد جيلا إلى العلا
وقائده في السير عود من الشجر ْ
وكم من كفيف في الزمان مشهر
لياليه أوضاح وأيامه غررْ
ومن الأمثلة أيضاً التي تدل على ضعف هذه القاعدة ما نراه من أحمد ياسين ـ رحمه الله ـ منظم حركة حماس فهو رجل مشلول شللا كليا ومع ذلك هو يدير أمة ويحرك شعبا !!
وقد قرأت مقالا في المجلة العربية تحت عنوان ( الصاعدون إلى القمة بلا قدم ) ذكر صاحب المقال أمثلة رائعة لأناس غدوا معاقين بالمفهوم الدارج ، إلا أن الأمر يختلف عندما نتناوله بعين نافذة بصيرة ، عندما نرى أعمال هؤلاء وقد فاقت كثيراً ما ينتجه الكثرة من الأصحاء!! من هؤلاء :
( الشاب الإيرلندي ( كريستوفر كولان ) البالغ من العمر 22 عاماً الذي فاز بجائزة الكتاب في بريطانيا لعام 1987م ..وقد حضر حفل تكريمه أكثر من أربعمائة أديب بريطاني ، وهل ستندهش إذا قلت لك أن الشاب أصم وأبكم لا يتكلم ومشلول ، عاجز عن الحركة وأنه للتغلب على اعاقته الجسمية لجأ إلى الكتابة على الآلة الكاتبة بواسطة ذراع صناعية مثبتة في جبهته !!
هل سمعت عن حكاية شابين معاقين في مصر وهما توأمان ولدا مشلولين ولم يمنعهما الشلل من أن يذهب كل منهما إلى الدراسة في كرسي بعجلات وقد تفوقا في الدراسة وحصلا على النجاح في الجامعة بامتياز مع مرتبة الشرف وحصل كل منهما على الدكتوراه مع التقدير وصارا عضوين في هيئة التدريس بالجامعة هناك ؟! )([10][10])(97/585)
وهذا غيض من فيض ، فهل بعد كل ما تقدم وغيره كثير يستطيع أصحاء الأجسام أن يدعو أنهم الأكثر اقتدارا وملكة وموهبة وإبداعاً ..؟وهل بعد هذا نقول : العقل السليم في الجسم السليم ؟!!
```
المصلحة الثالثة : إدخال التربية البدنية من أجل الحد من ارتفاع نسبة البدانة بين الفتيات.
والجواب : من عدة وجوه :
أولاً : هل نفعت حصة التربية البدنية البنين في الحد من ظاهرة السمنة ؟
الواقع يثبت عدم ذلك ،بل الملاحظ ارتفاع نسبة السمنة في صفوف الشباب ، ( إحدى الدراسات أظهرت أن 52% من البالغين في المملكة يعانون من البدانة، ويعاني منها أيضا 18% من المراهقين و15% من الأطفال دون سن المدرسة!!!) ([11][11]). وأي أثر لحصة لا تتجاوز الساعة إلا ربع في الأسبوع الواحد ؛ في الحد من هذه السمنة .
ثانياً : مسيرة التعليم في هذه البلاد وضعت قبل ما يزيد على خمسين عاما ، وهذا الارتفاع في ظاهرة السمنة لم تظهر إلا في الآونة الأخيرة مما يدل على أن الخطة الدراسية لمدارس التعليم لا علاقة لها بارتفاع هذه النسبة .
ثالثاً : إن من أسباب ظهور حالات السمنة هي :
ـ وجود الخادمات في المنزل مما سبب الخمول والكسل عند الكثير من الفتيات .
ـ كثرة تناول الطعام ؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » رواه أحمد ([12][12])
رابعاً : يمكن أن تمارس المرأة الرياضة في بيتها وقد أجرت مجلة أسرتنا في عدد (40) استفتاء جاء فيه :(97/586)
ـ ما رأيك : إذا كانت المرأة حريصة على الرياضة فهل يمكنها ممارستها في بيتها بنجاح ؟ فأجاب 91% بنعم ، و7% لا ، 2% ربما .
فيمكن للمرأة التي تعاني من هذه السمنة أن تمارس الرياضة في بيتها .
خامساً : هل هناك دراسات تثبت حالة ارتفاع السمنة بين الطالبات ؛ فهذه دعوى مجردة والدعاوى إن لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء .
الفصل الثاني
المفاسد المتوقعة على حصة التربية البدنية
هناك مفاسد عديدة من جملتها :
1 ـ خلع ملابسها في المدرسة ولبسها لملابس الرياضة وهذا يخالف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : « ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى »رواه أبو داود ([13][13]).وكون المرأة تهتك ما بينها وبين الله تعالى ليس ذلك بالأمر الهين ولا بالأمر الذي يليق بأي أحد أن يستهين به .
2 ـ قد تسبب زوال أو ضعف الحياء لدى الطالبة ، خاصة وهي تلبس تلك الملابس أمام زميلاتها وجمال المرأة هو في حيائها .
3 ـ قد تكون هذه الحصة عاملا مساعدا في انتشار ظاهرة الإعجاب المتزايدة في مدارس البنات ، خاصة وهي ترى زميلاتها التي تعجب بها بتلك الملابس الجميلة ، والقوام الجذاب فتزداد الفتنة فتنة والبلاء بلاءا .
4 ـ من المعلوم أنه لن يشارك جميع الطالبات في ممارسة الرياضة كما هو الحاصل عند الطلاب مما يساعد على كثرة الأحاديث الجانبية بين الطالبات وربما دارت أحاديث الإغراء والفساد وترويج لبعض الأفكار والأرقام والتشجيع عليها في تلك الفترة والتي لا يمكن للمدربة أن تراقب الجميع .
5 ـ إن اعتماد مادة التربية البدنية في مدارس البنات هو البذرة الأولى للمشروع الرياضي النسائي الكبير ، على غرار المجتمعات الغربية ،والعربية المتغربة ، إذ(97/587)
سيتبع ذلك وبشكل متسارع الرياضة في التعليم العالي ، حيث تفتح التخصصات والكليات التي تعنى بتخريج المدربات والمعلمات للرياضة البدنية وغير البدنية ، ثم يتبع ذلك إقامة البطولات المدرسية والجامعية ..وبهذا نعلم أن ذلك المدخل ليس المراد به تنشيط أبدان الفتيات وتحصيل البنية الصحيحة لهن ، ولكنه سيخرج عن نطاقه ، كما خرج في مجالات أخرى .
6 ـ الاسترجال ؛ فدخول حصة التربية البدنية قد يفقد الفتاة أنوثتها ورقتها ويميل بها إلى الصلابة وطبيعة الرجال ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء » ([14][14]) والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زيَّهم وهيئتهم فأما في العلم والرأي فمحمود . وقد ( أكد استفتاء أمريكي أجري في ست ولايات أن 34 % من الفتيات والنساء لا يفضلن ممارسة الرياضة بشكل منتظم اعتقاداً منهن أنها تؤثر على أنوثتهن ، وتؤكد التقارير الصحية أن أعمال المنزل العادية أفضل أنواع الرياضة التي تناسب تكوين المرأة )([15][15])
7 ـ من سيتولى تدريب الطالبات ؟ هل ستكون من أهل هذا البلد ؟ وإن كان كذلك ؛ فما مدى خبرتها ؟!!وهل عندنا العدد الكافي للقيام بهذه المهمة ؟!! وإن كانت من بلد آخر فما مدى تمسكها بآداب الإسلام وشعائره خاصة ونحن ندرك وضع المجتمعات الأخرى ومدى التساهل في قضية العورات وكشفها فهل من الأمانة أن يتولى بنات المسلمين أمثال تلك النسوة ؟!!
8 ـ إرهاق أولياء الأمور بالمصروفات المالية ، فالفتاة تحتاج إلى ملابس رياضية والأبناء كذلك ،علما أن الفتاة شديدة الاهتمام بلباسها ومظهرها ، وحالة الناس اليوم إلى الضعف والفقر أقرب منها إلى حالة الغنى واليسر .
9ـ توسع الفتيات في ممارسة الرياضة يسبب لهن عواقب سيئة على صحتهن ؛ يتمثل باضطراب الحيض ونقص الخصوبة ، كما يؤثر على كثافة العظام(97/588)
([16][16]). وهذا أمر متوقع إذا بدأت النواة في حصة التربية البدنية أن يكون من فتياتنا من تهتم بهذا الأمر اهتماماً بالغاً حتى يصيبها ما ذكره الأطباء آنفاً .
10ـ قد تصور الفتاة وهي بلباس الرياضة أو أحيانا وهي تنزع لباسها لتلبس ملابس الرياضة وآلات التصوير في هذا الوقت تعددت فيمكن أن تلتقط الصورة من خلال جهاز الجوال دون أن تعلم الفتاة ، وكم سيحدث من ضياع أعراض بسبب هذه الصورة؟وربما مورس مع الفتاة المصورة الضغط عليها لتخرج مع شاب أو تفضح بهذه الصورة نسأل الله تعالى السلامة والعافية .
11 ـ لبس الطالبة لملابس ضيقة أو شفافة أو قصيرة ؛ مما يتحقق عليها الوعيد الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صنفان من أهل النار لم أرهما ..وذكر : « ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا » ([17][17])
12 ـ قد تصاب الطالبة بالعين ، فقد تكون رشيقة البدن ، جميلة المنظر ، فإذا رأتها غيرها قد تصيبها بالعين ، والعين حق ، وهذا أمر لا يقلل من شأنه ، ولا يستهان بأمره ( أخرج البزار من حديث جابر بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس » قال الراوي :يعني بالعين ) ([18][18]).
13 ـ إرسال بعثات إلى خارج البلاد إما للتدريب أو للمباريات أو لغير ذلك كما هو الحاصل في الدول العربية الأخرى ، فيحصل في ذلك الإخلال بقضية السفر بلا محرم ، إضف إلى ذلك الاختلاط مع الرجال الأجانب والذي جاءت النصوص الكثيرة ببيان حرمته .
14 ـ إرهاق ميزانية الدولة دون أن يكون له الأثر الكبير ، فستنفق أموال على المدربات وعلى أدوات الرياضة وعلى تهيئة المدارس لممارسة مختلف أنواع(97/589)
الرياضة ونحوها من العقبات الموجودة الآن فهل تستحق كل هذه الأموال لتنفق في أمر نرى الآن في مدارس الطلاب عدم جدواه على أبناءنا ؟!!
ثم أليس هناك ما هو أهم من هذه المادة ؟ فهل وفرت الوزارة الوسائل التعليمية للطالبات ؟!! وهل استغنت عن المدارس المتهالكة ؟!! وهل فكرت الوزارة في كيفية تطبيق هذه المادة في المدارس المستأجرة ؟!! وهل بنات المسلمين في مأمن من أن يطلع عليهن أحد في تلك المباني أو أن هذا الأمر ليس له كبير اهتمام ؟!!
• واقع مؤلم :
لقد سبقت هذه البلاد بلاد أخرى في إدخال التربية البدنية في مدارس البنات ، وحصل فيها من الصور المؤلمة ، والأحداث المؤسفة ، ما يتفطر له قلب الغيور ، ويعلم علما يقينيا أننا لسنا بمعزل عن هذا الواقع ، وأن تلك المجتمعات ربما جاءتها وعود بعدم حصول تلك المخاطر ولكنها وقعت وحصلت ، خاصة إذا علمنا أن ما نتحدث عنه الآن تطالب به المنظمات الغربية والتي تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة ،فهل نتصور أنهم سيقفون عند حد إدخال هذه المادة لتؤدى الطالبات تمارين سويدية فقط ؟!! أم سيتطور الأمر إلى وجود مباريات وتصفيات وأندية ومنتخبات. فنسأل الله تعالى أن يكفينا إياهم بما يشاء ؟!
الواقع يثبت أنهم لن يكتفوا بإدخال التربية البدنية في المدارس فقط وإليك نموذج على ذلك : ذكر الأديب الكبير علي الطنطاوي في ذكرياته (8/270) أنه سبق أن درس في مدارس البنات في بداية تعليم الرجال للنساء ..وفي ذات يوم حصل له موقف قال فيه : ( ..حتى سمعت يوماً وأنا ألقي درسي أصواتاً ألتفت بلا شعور إلى مصدرها ، فإذا أربعون من الطالبات في درس الرياضة وهن يلبسن فيه ما لا يكاد يستر من نصفهن الأدنى إلا أيسره ، وكن في وضع لا أحب ولا أستجيز أن أصفه فهو أفظع من أن يوصف ..)
ـ وقال أيضا في ذكرياته ( 5/ 226-227): ( سمعت مرة صوتاً من ساحة المدرسة ، فتلفت أنظر من النافذة ، فرأيت مشهداً ما كنت أتصور أن يكون في ملهى(97/590)
، فضلاً عن المدرسة ، وهو أن طالبات أحد الفصول ، وكلهن كبيرات بالغات ، قد استلقين على ظهورهن في درس الرياضة ورفعن أرجلهن ، حتى بدت أفخاذهن عن آخرها ..).
وأما عن واقع التربية البدنية للنساء في العراق :
فيقول صاحب كتاب ( الأسس الحديثة للتربية الرياضية النسوية ) : ( بعض المنجزات الرياضية للمرأة العراقية بعد ثورة 17 ـ 30 تموز :
يمكن تلخيص أهم المنجزات الرياضية ..بالنقاط التالية :
1 ـ إرسال الفتيات إلى الخارج للتدريب والتعليم ضمن البعثات وتشجيعهن للتخصص في مجال التربية الرياضية .
2 ـ دعم المرأة في ممارسة أنواع وفعاليات التربية الرياضية كافة من خلال المشاركة في التدريبات والمسابقات جنبا إلى جنب الرجل .
3 ـ مشاركة الطالبات في المدارس والجامعات في درس التربية الرياضية في المسابقات والفرق الرياضية المختلفة إلى جانب المشاركة في العروض والمهرجانات الرياضية المدرسية والجامعية.
4 ـ تأثير كليات الرياضية وأقسامها في القطر حيث إن الفتاة العراقية تدرس في هذه الكليات جنبا إلى جنب مع الفتيان للتخصص بالتربية الرياضية .
5 ـ المشاركة في الاتحادات الرياضية وحتى في تركيب اللجنة الأولمبية لقيادة الحركة الرياضية في القطر إلى جانب إخوانهن من الملاكات المتخصصة . ) (1)
وهذا الواقع الذي يتحدث عنه ليس موجودا في بلد بعينه بل كل البلاد التي أدخلت هذه المادة يحصل فيها مثل ما ذكر وأكثر ، ويكفي في بيان ذلك أن تتابع ما تنشره الصحف فتعلم عاقبة التساهل في إدخال هذه المادة في مناهج البنات .
الفصل الثالث
البدائل المناسبة(97/591)
1ـ القيام بالأعمال الرياضية المناسبة للمرأة داخل منزلها. والمكتبات الإسلامية تزخر بالكتب التي يمكن الاستفادة منها في بعض التمارين الرياضية المهمة للمرأة ([19][19]).
مع العلم أن المرأة مطالبة بأعمال كثيرة جدا في بيتها قد تأخذ وقتها كاملا، ومن العجيب أن عمل المرأة في بيتها يصنف في ضمن الأعمال الشاقة فهو يتطلب مجهودا كبيرا ..([20][20]) وهذه الأعمال تعد وسيلة لتفريغ الطاقات الزائدة وقد ( أكد فريق من الباحثين الأمريكيين أن الأعمال العادية التي يقوم بها الشخص يوميا في منزلة كالكنس والغسيل والعمل بالحديقة والمشي ..لها فوائد التمارين الرياضية ، فهي تقي من انسداد الشرايين والإصابة بأمراض القلب .)([21][21])
بل إن ممارسة التمرينات الرياضية في المنزل أكثر فائدة منها بالأندية ، وقد ( أظهرت دراسة أن ممارسة التمارين الرياضية في المنزل قد يكون أكثر فائدة من التمرين في ناد رياضي . وقد اكتشف الباحثون أن النساء اللواتي يمارسن الرياضة في المنزل يفقدن وزنا أكثر ويصبح شكلهن أحسن من النساء اللواتي يمارسن التمارين في النوادي الخاصة..وقد جاء في الدراسة التي نشرت في مجلة ( الاستشارات ) التي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن النساء السمينات الخاملات بوسعهن مباشرة وتنفيذ برنامج للتمارين الأيروبية في المنزل ..وقال العلماء أن الدراسة تحمل أنباء طيبة للنساء اللواتي لا يجدن الوقت الكافي أو يجدن صعوبة في الذهاب إلى الأندية الصحية ، وقال الباحث موئيل سيرز : ( لقد أظهر البحث الذي أجريناه أنه على المدى البعيد النساء اللواتي يبدأن ممارسة التمارين الرياضية في أجوائهن المنزلية لكون ذلك يناسبهن أكثرهن أكثر احتمالا للاستمرار ببرنامج التمارين والمحافظة على خفة الوزن ، من اللواتي يتجهن إلى الأندية الرياضية ) وقد تناولت الدراسة التي أجراها الباحثون في جامعة فلوريدا (49) امرأة سمينة وغير نشطة بحدود (190) رطلا و (49) سنة من العمر ، وطلب من النساء ممارسة المشي المعتدل لمدة ساعة كل يوم ولخمسة أيام في الأسبوع ، وقدمت للنساء مشورة(97/592)
حول تخفيف الوزن وخطة للحمية الغذائية الوزن وخطة للحمية الغذائية مع التشجيع على المواظبة على التمارين ... وتم في الدراسة تقسيم النساء المشاركات إلى مجموعتين تمرن أعضاء المجموعة الأولى على أجهزة المشي في أحد الأندية ، فيما مارس أعضاء المجموعة الثانية بالمشي في الطرق . وبعد ستة أشهر كانت نسبة تخفيف الوزن متساوية تقريبا في المجموعتين وكذلك نسبة المشاركة في التمارين والحالة الصحية العامة .
ولكن بعد مضي سنة كاملة كانت المجموعة التي تمارس التمارين في المنزل متقدمة كثيرا وبعد (15) شهرا كان أعضاء هذه المجموعة قد خففوا وزنهم أكثر بكثير مما خففه أعضاء الفريق الآخر ، حيث بلغ متوسط الخسارة (25) رطلا في المجموعة لأولى و 15 رطلا في الثانية . وبعد 12 شهرا كانت سبع أعضاء قد انسحبن من ممارسة التمارين فيما انسحبت امرأة واحدة من مجموعة التمارين المنزلية . وقال الخبير الفيزيولوجي ريتشارد كوتن الناطق باسم ( مجلس الأمريكي للتمارين ) إن المغزى القوي للدراسة هو أن ممارسة التمارين في المنزل لها قيمتها فعلا ، وأن الذهاب إلى النادي الرياضي يجده كثيرون غير مناسب ) ([22][22])
فهذه دراسات ميدانية حقيقية أجريت على شريحة من المجتمع وتبين من خلالها الحق من الباطل ـ والحق حق ـ فكيف إذا شهدت به الأعداء ، ولكن كما قال الله تعالى : } فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور{ [الحج: من الآية46]
2 ـ إذا كانت المرأة ترغب في رياضية المشي فيوجد الآن في الأسواق الآت للمشي عليها يمكن للمرأة الاستفادة منها ووضعها في المنزل فتحقق بذلك رغبتها وهي في قعر بيتها بدون مضايقات المعاكسين ولا أضرار الشمس ولا غير ذلك وهي في أثناء ذلك يمكنها أن تستمع إلى شريط هادف فتجمع بذلك بين مصلحتين التربية البدنية والتربية العقلية والنفسية .
3ـ الاستغناء عن الخادمات والقيام بالأعمال المنزلية ومزاولتها لما لها من الأثر الفعال على جسم المرأة كما تقدم إثبات ذلك من خلال الدراسات التي أجريت .(97/593)
4 ـ الاعتدال في الطعام والشراب فتصيب منهما ما تقيم به صلبها ، ويحفظ عليها صحتها ونشاطها ولياقة جسمها ، مستهدية بقول الله تعالى : } وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ { [ الأعراف :31] وبقول النبي r وهديه في الاعتدال بالطعام والشراب : : « ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » رواه أحمد ([23][23]) وبقول عمر رضي الله عنه : ( إياكم والبطنة في الطعام والشراب ، فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ، فإنه أصلح للجسد ، وأبعد عن السرف ، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه ") ([24][24])
5 ـ لمزاولة رياضة المشي يمكن أن تزاولها في منزلها ـ إن كان متسعاً ـ فإن لم يكن كذلك فيمكن مزاولتها في المنتزهات البرية البعيدة عن المدينة ، والبعيدة عن مضايقة الفضوليين.
6 ـ المواظبة على صيام النوافل إذا كانت بلا زوج ، وإذا كانت ذات زوج فلا تصوم وهو شاهد إلا بإذنه .
7 ـ الصلاة ؛ فكما أنها عبادة فهي تعد كما ذكره أهل الاختصاص رياضة نافعة للإنسان ، فالمرأة إذا أدت هذه العبادة جمعت بين الحسنيين [25][25].
الفصل الرابع
الحكم الشرعي لإدخال التربية البدنية
إذا علم ما تقدم تبين أن إدخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات لا يجوز لما يلي :
1ـ روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صنفان من أهل النار لم أرهما ..وذكر : « ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا »([26][26])(97/594)
ووجه الدلالة من الحديث : أن الفتيات في حصة التربية البدنية سيرتدين ملابس إما أن تكون ضيقة تحدد حجم الأعضاء أو تكون قصيرة أو شفافة فتدخل في هذا الوعيد الشديد الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ،والواقع الموجود في بعض الأندية القائمة في بعض المستشفيات والمراكز الطبية ومشاغل الخياطة ([27][27]) ونحوها تؤكد هذه القضية ، ففي مجلة أسرتنا عدد (40) ص 36 : تقول : ( أقولها بصراحة متناهية وبلا تردد أن أسوء ما في تلك الأندية هو اللباس الذي ترتديه عاملات وعضوات النادي ، فهو في أبسط صورة : عار للغاية ، وهي صفة عامة لكل الموجودات ، بنطلونات ضيقة وخفيفة وبلايز عارية وضيقة كذلك ، أما في المسابح والسونا فالأمر أشد وطأة ، غياب تام ..تام ..تام للحياء والستر ..!! كل شيء باللباس يشير إلى الاشمئزاز ويستفز النفس السوية ويخدش الحياء !! لا أخفيكم سرا أنني في بدء جولتي الميدانية دخلت ناديا وشاهدت منظر النساء وهن يسبحن فلم أستطع إكمال الجولة بنفس اليوم لعظم ما رأيت !!!! ومما يحز في النفس .. أن بعضها تضع لوحات تؤكد على مسألة الاحتشام والالتزام بالستر داخل النادي ، فإذا دخلت علمت أن القضية مجرد تغطية وتضليل ليس إلا ..فالكلام في واد والواقع في واد بعيد كل البعد . ) يقول الإمام النووي رحمه الله : ( هذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان ، وفيه ذم هذين الصنفين ، قيل معناه : كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها ، وقيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا لحالها ونحوه . وقيل معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها . وأما (مائلات ) فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن من حفظه ، ( مميلات ) أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم . وقيل ( مائلات ) يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن . وقيل ( مائلات ) يمشطن المشطة المائلة وهي مشطة البغايا . ( مميلات ) يمشطن غيرهن تلك المشطة . ومعنى رؤسهن
كأسنمة البخت : أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها.(97/595)
2 ـ ما رواه أبو داود عن أبي المليح رحمه الله قال : دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت : ممن أنتن ؟ قلن من أهل الشام ، قالت : لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات ؟ قلن : نعم ، قالت : أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى »([28][28])
ولا شك أن الطالبة في المدرسة تحتاج إلى نزع ثيابها لأداء الحركات بخفة وسهولة .
3 ـ حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال ،والمترجلات من النساء"رواه البخاري ([29][29]).
وجه الدلالة من الحديث : أن المرأة التي تمارس أنواع الرياضة الموجودة الآن في العالم العربي والغربي تخالف فطرتها وأنوثتها وتتشبه بالرجال في لباسهم وهيئاتهم وأخلاقهم وتصرفاتهم مما يعني دخولها في هذا الوعيد،قال ابن الأثير:( المترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زيَّهم وهيئتهم فأما في العلم والرأي فمحمود) ([30][30])
4 ـ القاعدة الشرعية تقول : ( درء المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة المرجوحة ) وهي من مقاصد الشريعة ، وصورتها : إذا رجحت المفسدة على المصلحة في الشيء الواحد يجب تقديم درء المفسدة ، وتغليب حكمها على جلب المصلحة ، وهذه القاعدة متفق عليها بين أهل العلم دون خلاف ، والأصل فيها قول الله تعالى :] يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا [ [البقرة:219] فالله تعالى ذكر في هذه الآية أن في الخمر منافع إلا إن الحكمة الإلهية والمصالح الشرعية تحرمها ، لأنها تشتمل على مفاسد وآثام أضعاف تلكم المنافع اليسيرة ،ولو سلمنا بوجود مصالح في التربية البدنية للفتيات إلا أننا بالنظر إلى ما يترتب عليها من مفاسد نجده أضعافا مضاعفة بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي لا تكاد تذكر ، لأن مفاسدها قد بلغت من الخطورة ما لا(97/596)
ينكره عاقل ممن يستطيع أن يفرق بين التمرة والجمرة !! خاصة مع وجود البدائل المناسبة .
5 ـ ومن الأدلة قاعدة ( سد الذرائع ) وقد أجمعت الأمة على سد الذرائع ، والذريعة ما أفضى إلى الحرام ، وكذلك ما كان مظنة للحرام ، ودليلها قوله تعالى :] وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ[[الأنعام :108] فمنع من سب الأصنام عند من يعلم أنه يسب الله تعالى حينئذ ، وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على سد الذرائع بـ أربعة وعشرين وجهاً ([31][31])، وكذا ابن القيم رحمه الله بتسعة وتسعين دليلا([32][32]) ، وكذا نقل الإجماع عليها الإمام الشاطبي([33][33]) وغيره من أهل العلم .
ولا يخفى ما عليه واقع التربية البدنية في المجتمعات المسلمة ولذا يقال بالمنع سداً للذريعة المفضية إلى الحرام ..فمن يضمن أن يتوقف الأمر على هذه الحصة فقط ؟!! ، ومن يضمن أن هذه الحصة خالية من المحاذير الشرعية ؟ ومن يضمن ألا تصور بنات المسلمين وهن يلبسن ملابس الرياضة وتنشر صورهن في مجامع الفجار وأراذل الخلق ؟ وقد جاءت النصوص الشرعية في بيان أن المرأة فتنة للرجل بل هي أضر الفتن ، يقول النبي r :« ما تركت فتنة أضر على الرجال بعدي من النساء » متفق عليه ([34][34]). وقال r : « إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فناظر كيف تعملون ؟ فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء » رواه مسلم ([35][35]).
فإذا ثبت ذلك فإن من الحكمة والتعقل أن يتريث الإنسان فيما يتعلق بقضايا المرأة وأن يتريث فيما يتعلق بها من أحكام سداً لكل ذريعة مفضية للحرام .
6ـ من القواعد الشرعية قاعدة : ( يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ) فيجوز للإمام أن يجبر من أحدث في الطريق العام ما يضره بإزالته وإن كان فيه ضرر عليه دفعاً للضرر العام ، وكذا يقال في مادة التربية البدنية ..يتحمل الضرر الخاص وهو عدم الحركة لدى شريحة محدودة من الطالبات لدفع الضرر العام وهو(97/597)
ما سيحصل من مفاسد في إقرارها ، علما أنه لن يكون هناك حتى الضرر الخاص لأن الفتاة يمكن أن تمارس الحركة والتمارين المناسبة في بيتها .
الفصل الخامس
شبهات حول الحكم الشرعي
الشبهة الأولى : قولهم ( لقد وجه رسولنا عليه الصلاة والسلام تعليم أولاد المسلمين السباحة والرماية وركوب الخيل ) ([36][36])
والجواب :
أولاً : الآثار التي تفيد هذا المعنى هي :
أ ) ما أخرجه البيهقي في الشعب 6/401 عن أبي رافع أن رسول الله r قال :« حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وأن لا يرزقه إلا طيباً » والحديث ضعيف ،وقد أورده الألباني في ضعيف الجامع الصغير (2732) .
ب ) عن بكر بن عبدالله بن الربيع الأنصاري أن رسول الله r قال : « علموا أبناءكم السباحة والرماية ، ونعم لهو المؤمنة في بيتها المغزل ، وإذا دعاك أبواك فأجب أمك » أورده السيوطي في الجامع الصغير ( فيض القدير (4/327) وعزاه لابن مندة في المعرفة و رمز له بالحسن والصواب بطلان الحديث كما قال الذهبي في الميزان (2/231) : ( خبر باطل ) وضعفه العجلوني في كشف الخفاء (2/68) والألباني في ضعيف الجامع (3726)
ج ) عن ابن عمر مرفوعا : « علموا أبناءكم السباحة والرمي والمرأة المغزل »رواه البيهقي في الشعب 6/401 وقال : به عبيد العطار منكر الحديث .وقال الألباني في ضعيف الجامع ص546 : ضعيف جدا.
د ) عن جابر مرفوعا : « علموا بنيكم الرمي فإنه نكاية العدو » رواه الديلمي في مسنده ، قال الألباني في ضعيف الجامع ص546 : موضوع .(97/598)
هـ ) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال عمر إلى أبي عبيد أن علموا صبيانكم العوم ، ومقاتلتكم الرمي ..» الحديث رواه ابن حبان (13/401) ورقمه (6037) وصححه وحسنه الأرنؤوط
ثانياً : من خلال هذا العرض السريع للآثار تبين :
أ ـ ضعف ما رفع إلى النبي r ولم يصح منها شيئا .
ب ـ صحة ما ورد عن عمر رضي الله عنه وهو موقوف عليه.
ج ـ لو سلمنا صحة الأحاديث فإننا لا نسلم صحة الاستدلال بها لأن كلام النبي r موجه إلى الأبناء دون البنات فقال :« علموا أبناءكم » والابن يراد به الذكر ومما يؤكد ذلك قوله في عقب الحديث : « ونعم لهو المؤمنة في بيتها المغزل » وهكذا الآثار الباقية . لكن قد يعكر على هذا الاستدلال الحديث الأول لأن الولد يشمل الذكر والأنثى ، فيجاب عن ذلك : بأنه يجب حمل المطلق الذي هو ( أولادكم ) على المقيد الذي هو ( أبناءكم ) حسب القاعدة الأصولية المشهورة ، كما يؤكد ذلك تفسير عمر رضي الله عنه السابق في قوله ( صبيانكم ) وأيضا يؤكد ذلك واقع سلف الأمة الذين عرف عنهم شدة تمسكهم واتباعهم .
د ـ نحن لا نمانع أن تتعلم المرأة السباحة والرماية ونحوها مما يفيد إذا تولى هذا الأمر محرمها ؛ فإن كلام عمر رضي الله عنه ـ المتقدم ـ كان موجها إلى أولياء الأمور من آباء وأمهات فكل هذه الأمور مما يحتاجه الجميع ، ولكن يمكن أن تتعلمه المرأة بدون أن نحتاج إلى إدخال هذه المادة في مدارس البنات كما ذكرناه في البدائل.
الشبهة الثانية : قولهم (ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسابقته فسبقته ويمكننا على هذا أن نقيس أن مسابقة في الجري وهو لا شك نوع من الرياضة لم يمنعه أو يحرمه الإسلام للمرأة )([37][37])(97/599)
والجواب : نعم لم يحرمه الإسلام وهذا باتفاق العلماء إذا كان بلا عوض ،([38][38]) وقبل الخوض في التفاصيل لابد أن نعرف حديث عائشة الذي استدل به صاحب هذه الشبهة :
روى الإمام أحمد في مسنده ([39][39] )عن عائشة قالت خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك "
ومن خلال الحديث تتضح الحقائق التالية :
أولاً : أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لم تسابق إلا زوجها r ولم يثبت أنها سابقت غيره .
ثانياً : أنه r أمر أصحابه أن يتقدموا حتى لا تقع أبصارهم عليهما .ولم يكن هذا الأمر عارضاً إنما كرره r مرة أخرى عندما سابقها ثانية مما يدل على أهمية هذا الأمر و لزومه .
ثالثاً : ليس القصد من هذا السباق هو الرياضة لذاتها ، إنما القصد هو التودد والتحبب بين الزوجين ويدل على ذلك المقصد تكرار الرسول r للسباق مع عائشة عندما حملت اللحم.
رابعاً : لو كان السباق مشروعا أمام الرجال الأجانب لما خُص الرجل بالرَمل في الطواف ،والسعي بقوة في بطن الوادي بين الصفا والمروة ومنعت منه المرأة إبقاء لحشمتها وحفاظا على حجابها ، وانعدام الفائدة منه.
الشبهة الثالثة: قولهم ( عند بدء تعليم المرأة في هذه البلاد واجه معارضة حادة من قبل الناس وعندما عرفوا قيمته تسابقوا إليه وسارعوا بتسجيل بناتهم ، وهكذا التربية البدنية )
والجواب :(97/600)
أولاً : هناك فرق شاسع ،وبون عظيم بين الأمرين فمعارضة الناس في ذلك الوقت للتعليم ليس لذات التعليم وإنما لأنه لم يكن يوجد في العالم الإسلامي آنذاك تعليم سالم من المخالفات الشرعية حتى يجعل قاعدة يقاس عليها ..فحصلت المعارضة بسبب ذلك ، وعندما اكتشف الجميع أن التعليم سيكون بصورة شرعية سارع الجميع لتعليم بناتهم لعلمهم بمدى أهمية العلم ومكانته .
ثانياً :أن معارضة الناس في ذلك الوقت كان له ثمرة عظيمة ، ومنفعة جليلة ..وهي ما تنعم به هذه البلاد من تعليم نفاخر به العالم.. ففي أي دولة في العالم يوجد تعليم لا اختلاط فيه من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الجامعية ؟!! فاعتراضهم جعلنا ننعم بهذه النعمة التي نحمد الله تعالى عليها ونسأله أن تستمر على ذلك .
ثالثا : أن أفعال الناس ليست بحجة في شرع الله تعالى فكون الناس فعلوا أو تركوا لا يعني ذلك حكماً شرعياً بالحلال أو الحرام ، فالحق ما وافق الكتاب والسنة ،والباطل ما خالفهما ولو اجتمع عليه الناس فإبراهيم عليه السلام سماه الله أمة في قوله تعالى : } إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{ (النحل:120)
مع أنه وحده عليه السلام لأنه على الحق وقومه على باطل ، ولو أصبحنا ننظر فيما صنع الناس لصنعنا مثلهم لظللنا وانحرفنا ، فكم من الناس من يرتكب المعاصي والذنوب ؟كم الذين لا يشهدون الصلاة جماعة ؟ كم الذين يأكلون الربا ؟ كم الذين يسمعون الغناء ؟ يقول الله تبارك وتعالى } وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ{ (يوسف:103) وقال :} وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ{ (الأنعام: من الآية116) . ولذلك النبي r يربي أصحابه على أن لا يكون الرجل منهم إمعة بل تكون له شخصيته وكيانه وله آراؤه وأفكاره عن حذيفة قال قال رسول الله r : ( لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ) رواه الترمذي ([40][40])(97/601)
ثالثاً : إن أضرار هذه المادة قد بدت لكل حاضر وباد ؛ حيث إن البلاد المجاورة قد سبقتنا إلى هذا البلاء ، وظهر أثرها على أخلاق وسلوكيات النساء مما يجعلنا في غنى عن الدخول في هذا النفق المظلم وكما قيل السعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ غيره به .([41][41])
رابعاً : الاحتجاج بالموقف من تعليم البنات في السابق ثم تسابقهم عليه هو أيضا حجة على الداعين إلى إدخال الرياضة في مناهج البنات ، فنحن نقول إن رفض دخول الرياضة لمدارس البنات واجه معارضة شديدة من بعض الناس وعندما يعرفون قيمة هذا الرفض ويرون فائدته سيؤيدوننا فيه .
إذن هذه الحجة تصلح لكل دعوى حقاً كانت أم باطلاً .
هذا ما تيسر جمعه والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
فتوى
فضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير وفقه الله لكل خير.
تناولت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أن هناك اقتراحاً يهدف إلى دراسة إدخال التربية البدنية في مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.ما حكم إدخال مثل هذه المادة في تعليم البنات؟أرجو التفصيل في هذه المسألة وتحريرها ليتجلى للكثير الحكم وفقكم الله لما يحبه ويرضاه،،، والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن المطالبة بدراسة إدخال التربية البدنية في مدارس البنات، اتباع لخطوات الشيطان الذي نهينا عنه بقوله تعالى:
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ([البقرة:168]، وقوله جل وعلا: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ([البقرة:208]، وقوله: )وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ((97/602)
[الأنعام:142]، وقوله: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ([النور: من الآية21]، وقد بيّن الله لنا أتم بيان أن الشيطان لنا عدو وأمرنا أن نتخذه عدواً ،والشيطان حريص على إضلال بني آدم،كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلاً كما ذكره الله عنه:) فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ([صّ: من الآية82]، وإذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء ، والصد عن ذكر الله مما لا يخفى على أحد، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة، لما تجاوزوا أمر الله عز وجل واتبعوا خطوات الشيطان، فالخطوة الأولى أن تلعب الرياضة مع الحشمة وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم عاقل غيور فضلاً عن متدين، وإذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد، فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت وتربية الأجيال على التدين والخلق والفضائل والآداب الإسلامية، فالذي لا أشك فيه أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات حرام؛ نظراً لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب،ولا تجوز المطالبة بها فضلاً عن إقرارها،
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
[1][1] ـ انظر : مجلة أقرأ عدد (208) بقلم : الجوهرة العنقري .
[2][2] ـ مصنف ابن أبي شيبة ورقمه (33653) . وقال في المجمع (5/323) :( رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح ) .
[3][3] ـ رواه البخاري ورقمه ( 2720) .
[4][4] ـ رواه النسائي ورقمه (2628) .
[5][5] ـ فتح الباري (6/89) .
[6][6] ـ أخرجه المروزي في ( السنة) ورقمه ( 123 ) . قال في المجمع (4/304) : (رواه أبو يعلي (3415، 3416) والبزار (1475) وفيه روح بن المسيب وثقه ابن معين والبزار وضعفه ابن حبان وابن عدي ).(97/603)
[7][7] ـ رواه مسلم ورقمه ( 1809) .
[8][8] ـ انظر : الجزيرة عدد (9727) بقلم عبد الله العجلان ، ونفس الفكرة في مجلة أقرأ عدد (208) بقلم جيهان الحكيم .
[9][9] ـ انظر سير أعلام النبلاء (5/78) وما بعده .
[10][10] ـ المجلة العربية ـ ذو الحجة ـ 1415هـ
[11][11] ـ جريدة الرياض ، الخميس 03 شوال 1424العدد 12942
[12][12] ـ رواه أحمد (4/132 ) والترمذي (2380) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
[13][13] ـ رواه أبو داود ورقمه (4010) من حديث عائشة رضي الله عنها .
[14][14] ـ رواه البخاري (5436) .
[15][15] ـ انظر : كتاب " دنيا " ص 30 مالك الأحمد .
[16][16] ـ انظر كلام الدكتورة هناء الزامل في مجلة أسرتنا عدد (40) ص 37 .
[17][17] ـ رواه مسلم ورقمه (2128) .
[18][18] ـ فتح الباري (10/204) .
(1) انظر : ص 18 .
[19][19] ـ ويمكن أن يوزع على الفتيات كتيب صحي يبين لهن التدريبات المهمة التي ينبغي عليهن الحرص عليها في البيت ليكسبن الرشاقة والابتعاد عن الترهل .. ويكون ذلك بإشراف متخصصين وشرعيين .
[20][20] ـ تأملات في عمل المرأة ص26
[21][21] ـ مجلة الأسرة عدد50 ص21
[22][22] ـ جريدة الرياض عدد (10883) .
[23][23] ـ رواه أحمد (4/132 ) والترمذي (2380) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
[24][24] ـ كنزل العمال 15/433) .(97/604)
[25][25] ـ انظر : كتاب ( الصلاة والرياضة والبدن ) تأليف / عدنان الطرشة . ط / المكتب الإسلامي . فقد ذكر حقائق عن هذا الموضوع تهم القارئ الكريم.
[26][26] ـ رواه مسلم ورقمه (2128) .
[27][27] ـ هذه داخل بلاد الحرمين والله المستعان .
[28][28] ـ رواه أبو داود ورقمه (4010) من حديث عائشة رضي الله عنها .
[29][29] ـ رواه البخاري ورقمه (5436) .
[30][30] ـ النهاية في غريب الحديث (2/186) .
[31][31] ـ انظر : الفتاوى الكبرى (3/256) .
[32][32] ـ انظر : إعلام الموقعين (3/147ـ171) .
[33][33] ـ انظر : الموافقات (4/194ـ201) .
[34][34] ـ رواه البخاري ورقمه (4808) ومسلم ورقمه (2740) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما .
[35][35] ـ رواه مسلم ورقمه (2742) .
[36][36] ـ انظر : مجلة أقرأ عدد (208) .
[37][37] ـ انظر : مجلة أقرأ (208) .
[38][38] ـ انظر المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية ص 155
[39][39] ـ رواه أحمد ورقمه (6/264) وإسناده صحيح .
[40][40] ـ رواه الترمذي ورقمه ( 2012) و قال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
[41][41] ـ انظر على سبيل المثال : مجلة ( الفرح ) عدد (81) فقد بدت صورة الفتيات بملابس رياضية فاضحة ، أضف إلا ذلك الاختلاط الموجود !!! .
ــــــــــــــ
الزوج المثالى
...(97/605)
...
الثلاثاء:22/11/2005
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> زوج .. وزوجة
...
...
الورد أجمل هدية
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «خيركم خيركم لأهله» فهل أنت من خيار الناس؟ وهل تعرف ما لزوجتك عليك من حقوق وتسعى لأدائها فتكون بذلك زوجًا مثاليًا؟
وهل تحل خلافاتك الزوجية بالرجوع للقرآن والسنة أم تفكر بالزواج من أخرى كلما ضقت بزوجتك؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها اقرأ معنا نصائح غالية للدكتور محمد رشيد العويد ، يقدمها لكل زوج يسعى لحياة سعيدة فى الدنيا والآخرة.
الزوج المثالى
ـ من هو الزوج المثالى؟
- لقد شرحت صفات الزوج المثالى مفصلة فى كتابى (الزوج المثالى )، وأوجزها فى هذه الإجابة، فأقول: إنه الزوج الذى يكرم زوجته ولا يهينها، ويكثر من إسماعها كلمات طيبات، ويستر أخطاءها، ويغار عليها، ويتغافل عن كثير مما يصدر منها، ويصبر عليها، ويزيد صبره فى أيام حيضها، ويطيّب خاطرها، ويدعو لها، ويكتم سرها، ويوفر لها سكنًا مستقلاً، ويعينها فى بيتها ما استطاع، ولا يبخل عليها ولا على أولادها، ويتنظف لها ويتزين، ويسامرها ويمازحها، ولا يأخذ حقًا من حقوقها إلا بإذنها .(97/606)
ـ هل تأثر دور الزوج ومسؤولياته فى المجتمع العربى بالتغيرات الاجتماعية فى العقود الأخيرة؟ وكيف كان شكل هذا التأثر؟
- لا شك فى أنه تأثر، وتأثر كثيرًا، ذلك أن تعدد الحاجات مع قلة الدخل، وزيادة الأعباء مع ضيق الأوقات، أثقلت كاهل الزوج، وكانت سببًا فى إحداث ضغط نفسى كبير عليه، سلبه كثيرًا من صبره وحلمه. وانعكس هذا بدوره على صلته بزوجته وحسن معاملته لها.
يضاف إلى هذا خروج المرأة من بيتها بعد أن كانت قارة فيه، سواءً أكان هذا الخروج للعمل إعانة للزوج أم لغيره.
هذا الخروج الكثير أطلع المرأة على ما لم تكن تطلع عليه جدتها، وجعلها تقارن نفسها بغيرها، وزاد من طموحها المادى، وهذا جميعه دفعها لمواجهة زوجها فصارت ندًا له، ومن ثَمَّ لم تعد مطواعة له لينة كما كانت جدتها.
القوامة
ـ ما تقييمكم لرؤية الزوج العربى للقوامة، وهل تلمسون من واقع قربكم من واقع الأسرة العربية فهمًا سليمًا، ومن ثَمَّ ممارسات رشيدة فى التعامل مع القوامة؟
- أكثر الأزواج يرى فى القوامة ما له، ولا يرى ما عليه، يرى ما تمنحه القوامة من قيادة ولا يرى ما تلزمه به من نفقة ورعاية. وعليه فإننا نحتاج إلى تبصير الزوج بما توجبه القوامة عليه من حقوق للزوجة، ينبغى أن يؤديها قبل حصوله على ما تعطيه إياه من قيادة.
يقول القرطبى (رحمه الله) فى قوله تعالى {الرجال قوامون على النساء} أى قوامون بالنفقة عليهن، والذب عنهن (حمايتهن).
وإذا لم يقم الرجل بالإنفاق على المرأة لم يكن قوامًا عليها، ولزوجته حق طلب الطلاق عند ذلك.
يقول القرطبى: فهم العلماء من قوله تعالى {وبما أنفقوا من أموالهم} أنه متى عجز (الزوج) عن نفقتها لم يكن قوامًا عليها، وإذا لم يكن قوامًا عليها كان لها فسخ العقد؛(97/607)
لزوال المقصود الذى شُرع لأجله النكاح، وفيه دلالة واضحة على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة.
ويعرف الرازى القوامة بقوله: القوامة اسم لمن يكون مبالغًا فى القيام بالأمر، يقال هذا قيم المرأة وقوامها للذى يقوم بأمرها ويهتم بحفظها.
إذن فإنه ينبغى أن يتعلم الزوج أن من أهم ما تعنيه القوامة أن عليه أداء ما لزوجته من حقوق: ينفق عليها، ولا يمنّ عليها بهذا الإنفاق، ويوفر لها الأمن النفسى والروحى والمادى.
التخصص
ـ هل أنتم مع المنطق السائد بأن على الزوجة قسطًا أكبر مما على الزوج من مسؤوليات، أم ترون الأمر شركة وشورى، ولا يستقيم بتحميل طرف من الأعباء والمسؤوليات أكثر، مما يتحمل الآخر؟
ـ أرى الأمر من منظور التخصص، فكثير مما يعمله الرجل خارج بيته لا تقدر المرأة عليه، أو لا تجد فطرتها فيه، وكثير مما تعمله المرأة فى بيتها من تربية لأولادها ورعاية لهم لا يقدر عليه الرجل أو لا يجد فطرته فيه.
مثل المهندس والطبيب ؛ فليس من المنطق أن ينتقص الطبيب من عمل المهندس ولا المهندس من عمل الطبيب ، فكل منهما يعمل فى تخصص يحتاجه المجتمع ولا يستغنى عنه ، ولا يستطيع كل منهما أن يقوم بما يقوم به الآخر ، فلا الطبيب قادر على بناء جسر أو عمارة ، ولا المهندس يستطيع علاج مريض .
وتخلى المرأة عن مهامها الجليلة فى بيتها، وحسبانها أنها أقل شأنًا من عمل الرجل خارج بيته، أسهما فى اختلال الأسرة، ثم اختلال المجتمع.
آثار خروج المرأة للعمل
ـ كيف انعكس خروج المرأة للعمل على قيام الرجل بدوره الأسرى: هل إيجابيًا فى صورة مزيد من المشاركة إعذارًا للزوجة وتعاونًا معها أم سلبًا فى صورة التخلى عن مسؤولية الإنفاق، أو بعضها اعتمادًا على دخل الزوجة؟(97/608)
ـ للإجابة عن هذا السؤال أحب أن أذكر ما يلى:
1 - تعبير (عمل المرأة ) أو (المرأة العاملة)، حين يطلق فإن الأذهان تنصرف إلى المرأة التى تعمل خارج البيت، وكأن المرأة التى ترعى زوجها، وتلبى حاجاته وترعى أولادها وتربيهم وتلبى حاجاتهم امرأة عاطلة لا تعمل، وهذا خطأ بليغ ينبغى تصحيحه بقولنا ((المرأة العاملة خارج بيتها))، مؤكدين بهذا أن هناك ((امرأة عاملة داخل بيتها ))، ولعل الثانية تقوم بأعمال أجل، وأخطر وأهم من أعمال الأولى.
2 - حين عملت المرأة خارج بيتها، وحملت أعباء غير قليلة عن الرجل، فإن هذا الأخير لم يقابل مشاركتها له خارج البيت بمشاركته لها داخل البيت؛ فقليل من الرجال يعينون زوجاتهم فى أعمال البيت، وحتى أولئك الذين يشاركونهن ويعينونهن لا يقومون إلا بأعمال هينة يسيرة ليس فيها تخفيف حقيقى من أعبائها.
3 - قدر غير قليل مما تكسبه المرأة من عملها خارج بيتها تنفقه على مظهرها فى عملها، وعلى مواصلات تنقلها إليه، وعلى خادمة لم تحضرها إلا لترعى أولادها وتعينها فى بيتها بسبب عملها خارجه.
4 - مطالبات الرجل لزوجته بالإنفاق على البيت ومشاركته فى هذا الإنفاق كانت وراء خلافات زوجية كثيرة.
5 - لو وضع ما تكسبه المرأة من عملها خارج بيتها فى كفة، وما تخسره مع زوجها وأولادها بسبب خروجها من بيتها وغيابها عنه فى كفة أخرى، لوجدنا أن ما تخسره أكثر مما تربحه.
6 - كثير مما تدخره الزوجة من عملها خارج بيتها يأخذه زوجها منها ليستثمره لها، فيضيع فى تجارة خاسرة أو غيرها.
على هذا كله فإنى أقول: إن عمل المرأة خارج بيتها خسارة كبيرة لها ولأسرتها ولمجتمعها.(97/609)
ـ هناك مقولات وأمثال سائرة ومتوارثة تعكس نظرة تشاؤمية للخلافات الزوجية مثل: (ما انكسر لا يمكن إصلاحه)، أو (النسب كاللبن إذا تعكر لا يصفو أبدًا)، فما تقييمكم لها؟
- إذا صدقت هذه الأمثال فى بعض الحالات فإنها تخيب فى كثير منها. لقد وجدت أزواجًا وصل بينهم الخلاف إلى حدود الضرب والشتم، وفصلت فى بعض نزاعاتهم المحاكم، ورغم هذا عادوا للعيش معًا، وواصلوا حياتهم بنجاح طيب.
ولقد وفقنى الله فى الإصلاح بين أزواج وزوجات وصل بهم الخلاف إلى مستويات يكاد من يطلع عليها أن يرى عودتهم للعيش معًا تحت سقف واحد مستحيلة، لكن توفيق الله كان قريبًا حين توفرت إرادة الإصلاح لدى كل من الزوجين، كما قال تعالى: {إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما}.
لكن هذا لا ينفى أن هناك حالات أرى أن استمرار الزوجين فيها معًا صعب، ويكون الحل عندها هو انفصالهما بالطلاق.
اذكرها بخير
ـ فى حالة مرور الحياة الزوجية بمنعطف خطير بم تنصحون الزوج ؟ وماذا تقولون لمن يتجه تفكيرهم إلى التعدد دون بذل جهد حقيقى فى عبور هذا المنعطف ؟
ـ أنصحه بما يلى:
1 - احرص أولاً على إبعاد الإحساس بالصدمة، وقل لنفسك: هذا ما كنت أتوقع حدوثه.
2 - لا تشاور إلا من تكون واثقًا من حكمته ومحبته وإخلاصه لك؛ ولا توسع دائرة من تستشيرهم.
3 - استحضر ما يأتيك من أجر فى صبرك على ما تلقاه فى ذلك المنعطف من عنت ومعاناة وهم وضيق.
4 - اذكر زوجتك بخير أمام من يسعى للإصلاح بينكما، وقل له أنا أعذرها، وأقدر أن ما تحمله من أعباء جعلها تفعل ما فعلت، أو تقول ما قالت.(97/610)
5 - لا تدع الدعاء وأنت فى ذاك المنعطف: اللهم أصلحنى لزوجتى، وأصلحها لى، وأصلح ما بيننا.
مشكلات زوجية مصدرها الزوج
ـ من خلال خبرتكم وقربكم من واقع الأسرة العربية ما أهم المشكلات الزوجية التى يكون الزوج مصدرًا لها؟
ـ المشكلات الناتجة عن بخل الزوج، وهى كثيرة؛ إذ يتنازع الزوجان حين تطالبه الزوجة بشراء ما تحتاجه هى وأولادها، فيمسك يده عنها ويبخل فى الإنفاق عليها.
ـ المشكلات التى تحدث بسبب جهل الزوج طبيعة المرأة المختلفة عن طبيعة الرجل. فالمرأة أكثر عاطفة وأشد رهافة وأرق إحساسًا من الرجل.
ـ المشكلات التى تنشأ نتيجة كثرة غياب الزوج عن البيت، وعدم حمله لمسؤولياته كلها، فترهق الزوجة من تحملها مسؤوليات زوجها مع مسؤولياتها، فتضيق به وتثور عليه.
كيف تدمر حياتك الزوجية ؟!!
ـ كما وصفتم الزوج الأقرب إلى المثالى ماذا تقولون لزوج ما تحت عنوان: كيف تدمر حياتك الزوجية ؟
- أقول لكل زوج: أنت تدمر حياتك الزوجية حين تؤثر أصدقاءك على زوجتك وأولادك، وحين تنفق بسخاء على نفسك ومتعك وهواياتك، وتبخل على بيتك وأهلك، وحين تبش فى وجوه من هم خارج بيتك، وتعبس فى وجوه من هم داخله.
أنت تدمر حياتك الزوجية حين تصرخ فى وجه زوجتك، وتقذفها بشتائم مقذعة تحفظها ولا تنساها أبدًا، وأنت تدمر حياتك الزوجية حين تمد يدك على زوجتك ضاربًا لها دون أن تبدأ بالموعظة والهجر، وأنت تدمر حياتك الزوجية حين تتعامل مع زوجتك محاولاً تغيير طبيعتها التى خلقها الله تعالى عليها.
ــــــــــــــــ
مركز الإعلام العربي(97/611)
ــــــــــــــ
عقم المفهوم وانتهازية التطبيق
...
...
الاحد :17/11/2002
(الشبكة الإسلامية) معتز الخطيب *
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...
درجت حركة تحرير المرأة العربية على الاحتفاء بقاسم أمين رائدًا للتحرير , واعتبار كتابه "تحرير المرأة" البيان الثوري لها , لكن مفهوم "تحرير المرأة" مر بتحولات تجاوزت فكر قاسم أمين بمراحل نظرًا لاختلاف "المرحلة" والظروف المحيطة , بالإضافة إلى الإنجازات التي تحققت .. ففي حين كان الاحتكاك الإرادي بالغرب الشرارة التي أحيت الكثير من الإشكاليات في الفكر العربي والإسلامي , وقضية المرأة إحداها , وخصوصًا واضع دستور التحرير "قاسم أمين" الذي عاش في فرنسا من 1881 إلى 1885 ووضع كتابيه "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" في 1889 : 1900 متأثرًا بأنموذج باهر ؛ عاينه في حضارة حديثة ومسيطرة .
وفي حمأة الثورة العارمة من أجل الحرية في مصر وغيرها (كانت هناك مسيرة متعثرة منذ أول مشاركة دستورية حقيقية من 1866 إلى قيام الثورة العرابية لانتزاع الحق في المشاركة في السلطة) فكان "تحرير المرأة" جزءًا من مشروع البحث عن الحرية الشاملة .. وفي لحظة الانبهار هذه يكمن تفسير التقلب الملحوظ في فكر قاسم أمين بين كتبه الثلاثة "المصريون" و "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" .(97/612)
في هذه المرحلة استند مفهوم "تحرير المرأة" إلى تحرير جسدها من الحَجب والحجاب ؛ باعتبارهما ينتميان إلى التراث (نقيض العصر) في وقت كان مفهوم سائد للنهضة ينبني على القطيعة معه .
وفي حين كان "الحجب" يستمد مشروعيته من خصوصية كل من الرجل والمرأة , هذه الخصوصية التي تفرض نفسها على مجال ونوع المهام التي يمارسها كل منهما , و"الحجاب" يستمد مشروعيته من اعتبار أن الجسد حامل للذة , في ذلك الحين بدأ "تحرير المرأة" بنزع الحجاب وتجاوز الحَجب باعتباره رمزًا إلى عمق الإحساس بالسجن والقيد الذي لا يستقيم مطلقًا مع قيمة الحرية على النمط العصري .
وفي سنة 1924 دخل مفهوم "تحرير المرأة" مرحلة التنظيم حيث أسست هدى شعراوي الاتحاد النسائي بعد عودتها من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المنعقد في روما سنة 1922 , ثم انعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي سنة 1944 الذي لقي ترحيبًا من بريطانيا والولايات المتحدة حتى إن زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت كانت من ضمن المؤيدين , والمميز لهذه المرحلة أن ذلك كان يتم "طوعيًا" وبترحيب خارجي .
وفي مرحلة لاحقة تحولت تلك التنظيمات إلى مراكز استطالة لسلطة الغرب داخل المجتمعات العربية .. على صورة مؤتمرات دولية تشكل وثائقها أجندة عمل التنظيمات النسائية بل والحكومات أحيانًا , وفي هذا السياق يأتي مؤتمر المرأة الأول في مكسيكو عام 1975 تحت شعار "رفع التمييز ضد المرأة" ثم مؤتمر كوبنهاجن سنة 1980 ونيروبي 1985 ومؤتمر السكان والتنمية في القاهرة 1994 وبكين 1995 , وعن هذه المؤتمرات وبالتنسيق مع قياداتها تحت مظلة الأمم المتحدة انبثقت المؤتمرات العربية حيث شهدت مصر ظهور أول قمة نسائية سنة 2000 شارك فيها تسع من زوجات الرؤساء , ثم قمة المرأة العربية سنة 2001 التي شهدت إنشاء منظمة عربية للمرأة لها استقلالها في إطار جامعة الدول العربية .(97/613)
وإذا كان مفهوم "تحرير المرأة" لدى قاسم أمين ركز على الحجاب وتعدد الزوجات والطلاق ونحوها , فإنه أصبح أكثر تبلورًا نتيجة الاطلاع العميق على حركة التحرر الغربية والتشبع بأفكارها , خصوصًا من خلال الانخراط في التنظيمات الدولية والإقرار بمرجعية ما يصدر عنها من بيانات وتوصيات , بحيث أصبح جوهر فكرة "تحرير المرأة" يكمن في مطلب السيطرة دون الرجل أو في العلاقة مع الرجل بحيث تركز المؤتمرات على المرأة "الفرد" (أنا أولاً) و(حقوقنا الآن) الشعار الذي اتخذته سابقًا المنظمة القومية للمرأة التي أسستها رائدة التحرر "بيتي فريدان" في أمريكا وذلك في مقابل أولويات الأسرة والأطفال.. ومن ثم اعتبرت وثيقة بكين أن "الأمومة" (الدور الذي كانت تطمح إليه المرأة لتصبح رمزًا للعطاء وتستمد منه سلطتها وسطوتها) دور "نمطي" تقليدي (بمعنى الازدراء) ؛ لأنه مرتبط بالخضوع للرجل .
وإذا كانت المرحلة السابقة اقتصرت على الدعوة الفكرية (بدءًا من قاسم أمين) ثم التوصيات "غير الملزمة" (مع مؤتمرات الأمم المتحدة) فإن المشروع دخل طورًا جديدًا مع تبني بعض الأنظمة العربية والإسلامية له في محاولة استعجال تطبيقه بالدفع تجاه الحل السياسي من أعلى , وفي هذا السياق تأتي تعديلات قوانين الأحوال الشخصية بدءًا من مصر , ثم مشروع قانون "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" ـ كما سُميَ ـ في المغرب وعدد من الدول , وأخيرًا ـ وليس آخرًا ـ تعديل قانون الأحوال الشخصية في تركيا الذي أنهى سيادة الرجل على الأسرة وفرض مطالب "تحرير المرأة" كاملة وبدأ تنفيذه مطلع سنة 2002 .
في هذه المرحلة نجد أن المفهوم انتقل من مجرد "الثورة الفكرية" ليصبح "مطلبًا اقتصاديًا" وسياسيًا باعتباره ركنًا في "التنمية" ليتناسب مع توجهات مجتمع السوق والقيم الرأسمالية , وبهذا يصبح مفهوم الإلحاح على موضوع "عمل المرأة" ومنح القروض المالية من البنك الدولي للمرأة العاملة , الأمر الذي يبين تحول وسائل تنفيذ مشروع التحرير من مجرد بث الأفكار إلى التوصيات والتنظيمات ثم محاولة الفرض الحكومي الرسمي .(97/614)
التنظيمات النسائية.. قراءة نقدية:
إنه من اللافت للنظر تزايد النشاط النسوي في العالم العربي وتأسيس الكثير من التنظيمات النسوية (الحكومية وغير الحكومية) في البلد الواحد ؛ فمثلاً وجد في الأراضي الفلسطينية (كما تسمى) ـ حسبما ذكر بحث موَّله برنامج الأمم المتحدة للتنمية عن المنظمات النسوية ـ أكثر من (174) منظمة حتى عام 1993 , وبعد اتفاق أوسلو في العام نفسه بدأت وتيرة النشاط النسوي في التزايد بشكل فاق التوقعات , حتى إنه ربما تجاوز غيره من الأنشطة الاجتماعية والسياسية الأخرى .. وكذلك الأمر في كثير من الدول العربية هذا فضلاً عن المنظمات الحكومية والاتحادات النسائية المرتبطة بالتنظيم العالمي للمرأة , ومن المثير للجدل .. الدعم الأوروبي والدولي السخي لهذه التنظيمات والأنشطة وتمويل صندوق المرأة التابع للأمم المتحدة لها ! وعلى سبيل المثال حصلت التنظيمات النسوية في الأراضي الفلسطينية على 5% من إجمالي المعونات الدولية المخصصة للأراضي الفلسطينية (حسب تقرير 1997) فيما لم يخصص للمجال الزراعي والصناعي إلا أقل من 1.2 % منها .
ومن الجدير بالذكر أن أي تمويل إنما يتم لأهداف محددة وله شروطه ومحدداته السياسية والثقافية , ومن ثم تخضع الأولويات لتحديد الجهات المانحة ماليًا والضاغطة سياسيًا وثقافيًا , كما أنه يتعين الالتزام بتلك الأولويات لضمان استمرار التمويل .. ومن جهة أخرى فإن التنظيمات الحكومية تخضع لأولويات النظام السياسي ووفق خلفيته الفكرية والأيدلوجية .
هذه الاعتبارات تجعل التنظيمات وما يصدر عنها من مؤتمرات وأنشطة تختلط فيها المواقف الثقافية والحضارية بالسياسية إلى حد كبير ؛ مما يُحدث إشكاليات كبيرة على المستوى الثقافي والاجتماعي والديني ؛ لأنه لا يمكن لنا أن نستعير / نستنسخ جزءًا من نمط حياة قائم في بناء حضاري وثقافي معقد (الغرب هنا) من دون إدراك مكملات هذا الجزء , وتبعات ومشاكل هذا الاستنساخ على مجتمعاتنا ؛ ما يسفر عن(97/615)
فجوات تفرضها خصوصية المجتمعات العربية المتعددة ثقافيًا , والمتفاوتة وعيًا وتمسكًا بالقيم الدينية (المتيقنة أو الموهومة) .
فمثلاً , إن التوجه الحكومي في اليمن لدمج المرأة في العملية الاقتصادية لا يبتعد كثيرًا عن "التوجه العالمي" والتنسيق مع جهات خارجية أو "الخضوع" لمطالب سياسية دولية بخصوص هذا الشأن .. والأهم من ذلك هو أن هذا التوجه الذي ينشغل "كلية" بالتساوق مع التوجه العالمي لا يهتم كثيرًا بخصوصية المجتمع اليمني والذي يفرض سلم أولويات يختلف عن غيره ؛ فأبرز ما نلحظه في هذا التوجه أنه لا يهتم "الاهتمام المطلوب" بتعليم المرأة في مجتمع ترتفع فيه نسبة الأمية بشكل مقلق , خاصة بين صفوف النساء , فالإمعان في مطلب "اللجنة الوطنية للمرأة" اليمنية (وهي هيئة حكومية تأسست قبل نحو خمسة أعوام) الذي ينص على (توفير فرص التعليم وخصوصًا الثانوي لجميع النساء , وتشجيع الإناث على الاستمرار في مواصلة دراستهن لما بعد المرحلة الإلزامية وعدم الاكتفاء بمستويات متدنية من التعليم لزيادة فرص مشاركة المرأة في سوق العمل بتوفير حوافز مادية وعينية) .. هذا الإمعان يبين أن مطلب تعليم النساء ينحصر في هدف محدد جاء "مكملاً" للتوجه العام نحو إدماج المرأة في العملية الاقتصادية , بمعنى أن الاهتمام بالتعليم لغرض إشراك المرأة في سوق العمل "فقط" , الأمر الذي يؤكد ما قلناه قبلُ من قفز التنظيمات النسوية على البعد الثقافي والفكري (باعتباره كان يمثل مطلبًا مبدئيًا مع قاسم أمين ومعاصريه) , لتحقيق مطالب سياسية واقتصادية من دون الالتفات إلى الفوارق التي تعيشها تلك المجتمعات .
وكذلك الأمر بالنسبة للتنظيمات النسوية الفلسطينية التي تنشغل بقضايا الزواج المبكر والتعدد ونحوها .. في حين لم نجد تنظيمًا نسائيًا يهتم بالمقاومة والعنف الإسرائيلي !
يأتي ذلك في سياق عولمة نموذج المرأة الغربية من خلال سعي الأمم المتحدة والتنظيمات المنضوية تحتها والخاضعة لها إلى فرض منظومة من القيم الغربية على أنها قيم إنسانية عالمية , وتطالب بها كل المجتمعات وتعتبرها هدفًا يستحق النضال(97/616)
من أجله .. وهذا من شأنه أن يجعل قضايا المرأة (وفق تصور التنظيمات النسوية) جزءًا من مشروع "العولمة" على اعتبار أن لها تداعيات وتأثيرات تتجاوز حدود الجغرافيا والهويات وتهميش كل المرجعيات الدينية والثقافية لصالح مرجعية الفلسفة الغربية .. وهذا يعيدنا من جديد إلى أزمة العلاقة مع الغرب والحداثة , وإشكالية الهوية والمرجعية .
مطلبان رئيسيان:
ولو عدنا نتأمل القضايا التي تلح عليها كل المؤتمرات على مدار القرن الماضي لوجدناها تنحصر في مطلبين رئيسين :
الأول :
حق المرأة في إثبات الوجود والمشاركة في فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية وغير ذلك في محاولة لإعادة صياغة العلاقة "المتخلفة" (بمعيار المقارنة مع الغرب) التي تقوم على "اقتسام" النشاط الإنساني بين الرجل والمرأة , وتجعل لكل منهما مجالاً خاصًا , مكانًا ونوعًا .. هذه الصياغة الجديدة استدعت الكثير من القضايا مثل "القوامة" و"عمل المرأة" , ما استدعى "حق المرأة" في التشريع القانوني وممارسة أدوار قيادية سياسية وغيرها , وما تفرع عن ذلك من إشكالات شغلت نقاشًا طويلاً من الخطاب الثقافي والسياسي .. هذه المشاركة مع الرجل كانت كفيلة بإعادة صياغة "العلاقة" بين الرجل والمرأة من منظور "حديث" و "واقعي" بعد أن كان ذلك الاحتكاك استثنائيًا وفي نطاق ضيق جدًا , وبعد أن كان الرجل هو المسؤول عن الدور القيادي في البيت وخارجه .
و"الحقوق" هذه تستدعي ضرورة مبدأ "المساواة" الذي شغل مساحة كبيرة من المؤتمرات المتوالية ثم من التشريعات في بعض الدول العربية والإسلامية كتركيا ومصر والمغرب وغيرها.. والإقرار بهذا المبدأ كفيل بإعادة صياغة خارطة العلاقة بين الرجل والمرأة في البيت وخارجه , ومن أبرز القضايا التي تحضر هنا "القوامة" , وبالتالي تأثيراتها على تنظيم شؤون الأسرة وتربية الأولاد , وحق الطلاق , وسفر(97/617)
المرأة وعملها من دون إذن الزوج , والتساوي في الميراث؛ بل اقتسام الممتلكات بالتساوي بعد الانفصال أو الوفاة , وغير ذلك مما قد يعود بالنقض على مسلّمات دينية ونصوص صريحة .
إن توسيع مشاركة المرأة في الاقتصاد من خلال تأمين فرص العمل بالاستناد إلى مفهوم "المساواة" وكذا باقي المجالات .. من شأنه أن يغير كثيرًا من ملامح الخارطة الاجتماعية والثقافية للأسرة العربية ؛ لنجد أنفسنا أمام "نمط" مختلف , يثير كثيرًا من الإشكالات التي سنستوردها من "النموذج المثال" الذي نحاكيه , من دون تَبْيِئَة هذا الاقتباس نفسه (قد رأينا بعض هذه البوادر من خلال أَنْثنة الإعلام العربي عامة) ؛ فتأمين فرص العمل لكل امرأة (من المهم هنا تَذَكر عجز الحكومات عن القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل للرجال) من شأنه أن يرفع ـ إلى حد كبير ـ من نسبة البطالة في مجتمعات "نامية" كمجتمعاتنا , كما من شأنه أن يضع بثقله على قوانين وأعراف "الزواج" ليعاد ترتيبها وفق الوضع الجديد (بطالة الرجل وفقره , وخلق نساء رأسماليات) وربما نصل إلى أن تدفع المرأة المهر كما في كثير من ولايات الهند , أو أن يعول كل من الزوجين نفسه كما في الغرب .
المطلب الثاني :
تركز حول "حرية" المرأة في ممارساتها ونشاطاتها .. والحرية هنا تعني الانعتاق من أي سلطان (وفق التصور الغربي) ؛ وإذا كان المطلب الأول يركز على "الحقوق" بوصفها نشاطًا , فإن الثاني يركز على "الحرية" بوصفها قيمة لا بد أن تحضر في كل النشاطات التي تمارسها المرأة .
وتحت هذا المطلب تندرج كثير من القضايا الشائكة أبرزها حرية المرأة في التصرف بجسدها (الحرية الجنسية , والتحكم بالحمل وبجنس الجنين , والإجهاض , وتشكيل الجسد كما تشاء أو هكذا تتصور) في مقابل منع التعدد , وهو ما ركزت المؤتمرات وخاصة مؤتمر السكان ووثيقة بكين .. يأتي هذا في زمن ازدهرت فيه فنون صناعة الجسد وفنون الاهتمام باللذة الجنسية ومستلزماتها (الإعلان , التجميل , الموضة ,(97/618)
العطور , الملابس الداخلية والخارجية , الإكسسوارات , مسابقات الجمال , عروض الأزياء , فنانات ذوات أجساد ..) , وأصبح فيه الجنس والجسد هما الثقافة السائدة (في النموذج المثال الذي يراد عولمته) بالتحالف مع العقل المادي الساعي لتعظيم اللذة والربح وتقديمهما على كل هدف آخر , بعد أن كان الجنس والجسد يخضعان للثقافة السائدة التي يساهم في تشكيلها الدين والعرف الاجتماعي .
ومن المهم هنا أن الحرية الجنسية لا تقتصر على العلاقة الطبيعية (ذكر وأنثى) بل تتسع لتشمل اشتهاء المماثل والدخول معه في ممارسة فعلية ربما تؤدي إلى الاكتفاء به عن الشريك الطبيعي , الأمر الذي سيصل إلى الاعتراف به قانونيًا كما في ألمانيا مثلاً , بالرغم من وجوده بكثرة في أمريكا وفرنسا والسويد والكيان الصهيوني وغيرها .
إن الإشكالية الجوهرية التي تنشأ عنها كل هذه الإشكاليات هو تَعَمّد التنظيمات النسوية العربية (حكومية وغير حكومية) تجاوز النسق الثقافي والديني الخاص بنا , وتَبنّي النموذج الغربي للمرأة لتحقيق مكاسب خاصة بتأثير الإرهاب أو الإغراء الدولي , وتحدي معتقدات ومفاهيم الجماهير التي تبقى على الدوام مشدودة إلى ثوابت دينية (سواء متيقنة أم مظنونة أو موهومة) فضلاً عن نسقها الثقافي الذي يتميز بكثير من الخصوصية والتحفظ إزاء نقيضه الغربي الذي تلح نخبنا (الثقافية والسياسية) المنتمية إلى ثقافته على فرضه وتعميمه .
إن غياب المؤتمرات والتنظيمات النسوية العربية عن الاهتمام بشكل رئيس بموضوعات التربية والأسرة والعنوسة (سجلت بعض الإحصائيات أن في مصر 9 ملايين عانس) وصورة المرأة في وسائل الإعلام (خاصة أن هذه المؤتمرات لها صفة رسمية بمعنى أنها قريبة من مواقع القرار) وعن قضايا مشاكل الدعارة والبغاء المتنامية في العالم العربي , وعن خطاب المجلات النسائية الاستهلاكي , الذي ينشغل كلية بجماليات الفن لصناعة أجساد وفق المقاييس المحددة مسبقًا للجسد المثال في عالم يشكل فيه الجسد الأنثوي كل مقتضيات التوظيف في عالم المال ؛ لأن قطاع الإنتاج لا(97/619)
يرى في المرأة سوى جسد , ومن ثم يشترط ـ في الدرجة الأولى ـ جمال الهيئة في معظم المهن التي تشغلها المرأة ليكون الجسد هو أداة التواصل بين المالك والزبون , إن غياب كل ذلك عن أجندة التنظيمات يؤكد اغترابها عن المطالب الحقيقية للمرأة لاستلابها لمرجعية مختلفة كليًا عن مرجعية مجتمعاتها , كما يؤكد على البعد الاقتصادي في "تحرير المرأة" .
هذا العبث الذي يصر على تغيير ملامح حياتنا يجعل من أولوياتنا الحالية العودة إلى قضية المرأة وإعادة تأهيلها ومعالجة مشاكلها من سياق واقعها وثقافتنا ومرجعيتنا الدينية , والتأكيد على صناعة كوادر نسائية قادرة على العطاء والإبداع في المواقع الفكرية والاجتماعية وغيرها ؛ فقد تسبب تجاهلنا لمشاكل المرأة وغيابها أو تغييبها (بفعل عادات وتقاليد واجتهادات غير واعية) بإتاحة المجال لكثير من الاختراقات , وحدوث هذه التشوهات والالتباسات التي نعايشها.. وغني عن القول : إن الحل لمشاكل المرأة لا يكون بالقوانين والقرارات "الرسمية" أو بتسييسها ؛ لأنها مشاكل ثقافية واجتماعية منبنية على الوعي الديني والثقافي والاجتماعي .
ــــــــ
* كاتب وباحث
ــــــــــــــ
يها الباكون على المرأة .. كفى خداعا
...
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) الشيخ فاروق الرحماني (رحمه الله)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...(97/620)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
فإن أعظم العلل وأشدها خطرًا على جسد الأمة ؛ هي تلك الأمراض الاجتماعية التي تفتك بالمجتمعات وتسقط الدول ؛ كما أن أسرع التغيرات وأجلها نفاذًا إلى نخاع الأمة تلك التغيرات الاجتماعية ، خاصة في مجال المرأة . وقد قال أحد أقطاب الاستعمار: " كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع".
فهذا المعز الفاطمي ما يزال يرنو إلى فتح مصر متهيبًا غزوها ، حتى بلغه استهتار نساء الأخشيد في مصر ، فتحرك لغزوها وقال : اليوم فتحت مصر ؛ اليوم لا يردنا عنها شيء .
ولأجل ذلك كانت قضية المرأة قضية خطيرة ، وما زال أعداء الأمة يستغلونها ؛ منذ قال جلاد ستون رئيس وزراء بريطانيا في عصره : " لا يمكن أن تتقدم بلاد الشرق إلا بأمرين:
الأول : أن يُرفع الحجاب عن المرأة المسلمة.
الثاني : أن يُغَطى بالحجاب القرآن الكريم .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : [ إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعلمون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ].
إنما النساء شقائق الرجال
وليس معنى ذلك أن المرأة رجس ونجس كما هي عند اليهود والنصارى وغيرهم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ إنما النساء شقائق الرجال ].
- شقائق في الأصل والخلقة ، شقائق في أصل التكليف ، شقائق في جزاء الآخرة.
أما دعاة المساواة الذين باعوا عرض المرأة ، وكرامتها وعفتها وأنوثتها ، وأخرجوها من بيتها موضع كرامتها لكنس الشوارع ، وحمل الأمتعة ، وقيادة سيارات الأجرة .. وغير ذلك من الأعمال الحقيرة الممتهنة ؛ بحجة أن المرأة نصف المجتمع ، فكذبوا .(97/621)
فإن المرأة هي المجتمع كله والأمة بأسرها ؛ لأنها تلد لنا النصف الآخر ؛ فهي أم الرجل وأخته وزوجه وابنته .
أيتها الأخت المسلمة .. انتبهي فأنت الضحية ، إنهم يخدعونك بتلك المفاهيم الخاطئة والأفكار الخبيثة تحت عناوين براقة مثل :" تحرير المرأة - مكانة المرأة - عمل المرأة - جمال المرأة " .. احذري استدراجهم ، تمسكي بالحجاب ، فإنهم كانوا لا يطلبون منك أكثر من كشف وجهك ، وبحجة أن كشف الوجه مختلف فيه ، غير أنهم يعلمون علم اليقين - بحكم التجارب الطويلة العديدة- أنك يوم تكشفين عن وجهك ، ويذهب ماؤه وحياؤه ستكشفين لهم عما عدا ذلك.
أيها الباكون ..
أما انتم أيها الراثون الباكون على المرأة وحقوقها ، فإنكم لا ترثون لها بل ترثون لأنفسكم ، وتبكون على ما يُحال بينكم وبينه من شهواتكم ، هذِّبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نساءكم ، فإن عجزتم عن الرجال ، فأنتم عن النساء أعجز .
لقد عاشت المرأة القطرية حقبةً من دهرها هادئة مطمئنة في بيتها ، راضية عن نفسها وعن عيشها ، ترى السعادة كل السعادة في واجب تؤديه لنفسها ، أو وقفة تقفها بين يدي ربها ، أو عطفة تعطفها على ولدها ، أو جلسة تجلسها إلى جارتها ؛ تبثها ذات نفسها وتستبثها سريرة قلبها ، وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها ، وائتمارها بأمر زوجها ، ونزولها عند رضاهما ، وكانت تفهم معنى الحب ، وتجهل معنى الغرام ، فتحب زوجها ؛ لأنه زوجها كما تحب ولدها لأنه ولدها ، فإن رأى غيرها من النساء أن الحب أساس الزواج رأت هي أن الزواج أساس الحب ، فقلتم لها : إن هؤلاء الذي يستبدون بأمرك من اهلك ليسوا بأوفر منك عقلاً ولا أفضل رأيًا ولا أقدر على النظر لك من النظر لنفسك ، فلا حق لهم في هذا السلطان الذي يزعمونه لأنفسهم عليك ، فازدرت أباها ، وتمردت على زوجها ، وأصبح البيت الذي كان بالأمس عرسًا من الأعراس الضاحكة ، مناحة قائمة لا تهدأ نارها ، ولا يخبو أوارها .(97/622)
وقلتم لها : " لا بد لك أن تختاري زوجك بنفسك ؛ حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك " فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها ، فلم يزد عمر سعادتها عن يوم وليلة ، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك والعذاب الأليم ، وقلتم لها : " إن الحب أساس الزواج " فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال مصعدة مصوبة حتى شغلها الحب عن الزواج فغنيت به عنه ، وقلتم لها : " إن سعادة المرأة في حياتها أن يكون زوجها عشيقها " وما كانت تعرف إلا أن الزوج غير العشيق ، فأصبحت تبغي كل يوم زوجًا جديدًا يحيي من لوعة الحب ما أمات الزوج القديم ، فلا قديمًا استبقت ، ولا جديدًا أفادت ، وقلتم لها : " لا بد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك ، والقيام على شؤون بيتك ، فتعلمت كل شيء إلا تربية ولدها والقيام على شؤون بيتها ، وقلتم لها " " نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها ويلائم ذوقها ذوقنا وشعورها شعورنا " فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع أهوائكم ومباهج أنظاركم لتتجمل لكم بما تحبون ، فراجعت فهرس حياتكم صفحة صفحة فلم تر فيه غير أسماء الخليعات المستهترات والضاحكات اللاعبات ، والإعجاب بهن والثناء عليهن ؛ فتخلعت واستهترت لتكسب رضاكم وتنزل عند محبتكم ، فأعرضتم عنها ونبوتم ، فرجعت أدراجها خائبة منكسرة وقد أباها الرفيع وترفع عنها المحتشم .
فهل تودون أن تتحول المرأة المسلمة إلى هذه الصورة الساقطة بعد تلك الحياة العفيفة المطمئنة . نسأل الله أن يصلح أحوالنا ، وأن يستر عيوبنا .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ــــــــــــــ
مشاركة المرأة في المجتمع
...
...
السبت :19/05/2001
(الشبكة الإسلامية) - القاهرة- حوار : أحلام علي(97/623)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...
الداعية الإسلامى محمد حسين يؤكد :
* مشاركة المرأة في تقرير مصير المجتمع الإسلامي قديمة وثابتة
* أسماء بنت يزيد أول عضوة مجلس شعب في التاريخ الإسلامي، وخولة امرأة غيرت وجه المجتمع بجدالها المبرور مع الرسول (صلي الله عليه وسلم)
* فهم بعض المسلمين للإسلام قلب الموازين وحوّل المرأة إلي عضو مشلول في الجسد الإسلامي
* نحن بحاجة ماسة إلي نماذج نسائية إسلامية تعيد الاعتبار للمرأة المسلمة وتحبط المؤامرات التي تحاك ضدها
المرأة المسلمة المعاصرة أثيرت من حولها قضايا مهمة، أثارها الناس أحيانًا باسم المعاصرة والحداثة وأحيانًا باسم العلمانية البعيدة عن الدين، وأحيانًا عن جهل وتجاهل، والمرأة تسمع وتري وتتأثر وتنفعل وتستجيب ، أو تحجم وتستمسك بدينها ، أو تضعف أمام لحن القول ومعسول الكلام، لذا كان لابد من طرح القضايا التي تهم المرأة المسلمة وإبداء وجهة الحق والصواب فيها، وإحدي هذه القضايا خوض المرأة للمجال السياسي، ولاسيما وأن قلة معدودة منهن تشارك بالرأي والقلم في هذا المجال!!
وحول هذا الموضوع حاورنا الداعية الإسلامي الخبير التربوي وأحد المهتمين بشؤون الأسرة الأستاذ محمد حسين - عضو مجلس الشعب المصري سابقًا، وصاحب العديد من المؤلفات التي تناولت بشىء من التفصيل وضع الأسرة المسلمة وما ينبغي أن تكون عليه في ظلال المعاملات الإسلامية.
واجب على كل امرأة(97/624)
قطاع عريض من النساء المسلمات غير مهتم بقضايا المسلمين وبالأحداث التي تدور، ومن ثم دورهن مغيب عن الساحة، فهل ترون ضرورة وجود وعي سياسي لدي المرأة المسلمة؟!
ــ إذا كان المقصود بالوعي السياسي سياسة العالم والصراع بين الحق والباطل وبين الإسلام وتغريبه، وأن يكون لدي المرأة وعي بما يُكاد للإسلام وللأمة، فهذا واجب علي كل امرأة مسلمة، خاصة وأنها منوط بها تربية النشء علي هذا الوعي، كما أن الذين يحاربون الإسلام يعملون علي تجفيف المنابع، بمعني أنهم يريدون أن يبعدوا النشء عن فهم الإسلام وقيمه وطبائعه، فإذا كانت الأم لا تعي هذه المقاصد ولا تفطن لهذه التربية البعيدة عن الإسلام التي سوف تربي عليها أبناءها فهذا خطأ شديد، ولكي تربي الأم أبناءها علي فهم هذه الأمور جيدًا يجب أن تكون هي مصدر إجابة لاستفساراتهم ولأسئلتهم، ولكي تسهم أيضًا كعضو فعال في المجتمع المسلم ولا يتم ذلك إلا إذا كانت المسلمة مهتمة بشكل كبير بقضايا المسلمين وبالأحداث التي تدور علي الساحة عملاً بقول الرسول (صلي الله عليه وسلم): »من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم«.
لا إسلامي.. ولا تاريخي
هل المرأة مسئولة داخل البيت فقط أم أنها مطالبة بما يطالب به الرجل ؟!
- الرجل له مسئوليات داخل البيت وخارجه والمرأة لها مسئوليات داخل البيت وخارجه، وحصر دور المرأة في البيت أمر ليس إسلاميًا وليس واقعيًا وليس معقولاً، فمن الذي حصر دور المرأة في البيت فقط؟! ومن ادعي هذا؟ ومن جعل مسئولياتها في هذا النطاق فقط؟! هذا مفهوم غير إسلامي وغير تاريخي.
فالنساء شقائق الرجال - كما قال الرسول (عليه الصلاة والسلام)، وأم سلمة شاركت في قضايا إسلامية مهمة جدًا عندما أخذ الرسول (صلي الله عليه وسلم) رأيها في هدنة الحديبية، وما كان الرأي الصحيح يغيب عن الرسول (صلوات الله وسلامه عليه)، ولكنه أخذ بمشورة زوجته في هذا الحدث التاريخي الذي يتعلق بمستقبل(97/625)
الإسلام والمسلمين ليكون درسًا مهمًا للمسلمين في مثل هذه المواقف، وليبين (عليه الصلاة والسلام) أن المرأة المسلمة لديها المقدرة العقلية علي المشاركة الفعالة في القرارات السياسية.
وكذلك شاركت أم هانئ ابنة عم النبي (عليه الصلاة والسلام) (ورضي الله عنها) في أخطر قرار عند فتح مكة وكان الرسول (عليه الصلاة والسلام) قد أهدر دماء بعض قادة قريش لسابق مواقفهم الإجرامية في حق الإسلام والمسلمين، وبرغم هذا تدخلت لحماية بعض هؤلاء والنبي (صلي الله عليه وسلم) قال لها: "لقد أجرنا يا أم هانئ من أجرت"، فمعني هذا أنها أبطلت أو كادت تبطل قرارًا سياسيًا مهمًا جدًا للمجتمع المسلم آنذاك، كذلك أم عمارة (رضي الله عنها) كانت مع الأنصار في بيعة العقبة الكبري وهم يقررون قرارًا خطيرًا جدًا، وهو: حماية النبي (صلي الله عليه وسلم) في المدينة، وإقامة مجتمع مسلم هناك.. إذن مشاركة المرأة المسلمة في القضايا المصيرية التي يموج بها المجتمع قديمة وثابتة وموجودة في التاريخ الإسلامي والسيرة.
ما رأيكم في مشاركة المرأة في المجالس النيابية؟ وهل هناك شروط يجب توافرها في المرأة المشاركة؟
- إن المرأة لها أن توجد في كل الوظائف باستثناء الإمامة الكبري وتولي القضاء، وهذا رأي مبني علي الشرع ورأي العلماء وحكم الدين في عمل المرأة، ودور المرأة والمشاركة في الانتخابات مثل أي عمل آخر لها كالتدريس والطب وبقية الوظائف التي تعمل بها، فهي عضو في المجتمع ولها مصالح فيه وهي إحدى لبناته مثل الرجل تمامًا، والمرأة لها أن تشارك في المجالس النيابية بشرط أن تتوافر لديها ثقافة عالية ووعي سياسي وإلمام بقضايا المجتمع وقضايا الأمة، وأن تقدر مسئولية ما هي مقبلة عليه في هذا المجال، وأن تكون لديها حصانة للمشاركة في حدود الآداب الإسلامية والشرع (الالتزام بالحجاب وبالسلوك الإسلامي).
وثمة شرط آخر للمرأة المشاركة في هذا المجال، وهو أن تكون متفرغة أو تكون جاوزت سن الأربعين بحيث لا يتعارض عملها هذا مع واجباتها نحو أبنائها وتربيتهم،(97/626)
ولنذكر أسماء بنت يزيد الأنصارية - وافدة النساء للنبي (صلي الله عليه وسلم) - عندما تبنت الحديث باسم بنات جنسها لتسأل عن موضوعات تخصهن، وامرأة تمثل النساء للمطالبة بحقوقهن أمر ليس بجديد علي الإسلام والمسلمين.
ولم لا ؟ :
هل يمكن للمرأة المسلمة أن تصل إلي مستوي الزعامة النسائية - في الحركة الإسلامية - والبعض يفتي بما يواريها خلف الأبواب؟!
- الإجابة عن هذا السؤال عند الصدر الأول من الصحابيات.. فالسيدة عائشة خرجت في موقعة الجمل، وكان يُرجع إليها، والسيدة أسماء بنت أبي بكر كانت لها زعامة وكانت لها قيادة، وكان المسلمون يرجعون إليها ويأخذون برأيها، وابنها عبد الله بن الزبير - وهو خليفة المسلمين آنذاك - كان يرجع إليها ويأخذ برأيها وتوجيهاتها.
فالمسألة تجاه المرأة ليست بهذا الانزواء وهذا الضيق، ففي سورة »مريم« يقول الله عز وجل: واذكر في الكتاب مريم... ذكرها الله في وسط الأنبياء، وخاطبها الله عن طريق الوحي كما خاطب الأنبياء محمدًا، عيسي، موسي (عليهم الصلاة والسلام)، وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون... لم يقل الله - عز وجل - ضرب الله مثلاً للنساء، بل للذين آمنوا (رجالاً ونساءً) كجانب إصلاحي.
أيضًا لكي يتم الفرض الخامس في الإسلام يجب أن نمشى خطوات هاجر ونسرع مثلها ونمشى سبعة أشواط مثلها.
فيجب ألا تشعر المرأة بأن دورها هامشي فتصغر في عين نفسها عندما لا تحس بإيجابيتها، والفتاوي التي قلصت دور المرأة وألا تخرج من بيت أبيها إلا لبيت زوجها أوصلت المرأة إلي عضو مشلول أو نصف مشلول عندما حصرتها في مسئوليات ضعيفة جدًا قد يقوم بها خادم، وأداؤها قد يشلها - أي المرأة - وكأنها خلقت لهذه المسئولية فقط!! فالمسئولية لن تنتهي عند هذا الحد! فكما أن لها مسئوليات داخل البيت لها أيضًا مسئوليات خارجه فلا يجب أن يُحرم المجتمع من نشاط المرأة المسلمة(97/627)
الصالحة! وسورة »المجادلة« تذكر في القرآن إلي يوم القيامة.. كيف لامرأة أن تغير وجه المجتمع الإسلامي بجدال مبرر؟! ولم يجادل عنها أبوها أو أخوها.
فمن الذي قلب المعركة وحولها لهذا الضمور وترك المجال للمفسدات والمتحللات؟ للأسف بعض الإسلاميين بفهمهم المحدود وبالفتاوي الضيقة!
فكيف إذن تفكر المرأة؟! وكيف يكون لها طموحات في الحياة وهي بهذه الشاكلة؟! ولماذا اهتمت المرأة المسلمة اليوم بالمشتريات وبتوافه الأمور؟! لأن دورها تقلص وفرغت اهتماماتها! فالمسئولية والتكليف في هذه الحياة أكبر مما نظن، فيجب ألا نأخذ إسلامنا من أناس فهموا إسلامهم فهمًا خاطئًا.. يجب أن يتسع نطاق فهمنا للإسلام.
تحرير الرجل
ومسألة أن امرأة تكون لها القدرة علي قيادة الآخرين هذا لا يمنعه الإسلام، فالقرآن الكريم عندما حكي لنا قصة ملكة سبأ وعقلها وكياستها وفطنتها واختيارها في النهاية الأحسن والأوفق والأصلح حين أسلمت مع سليمان لله رب العالمين - دلل علي أن المرأة تملك القدرة علي الزعامة، وكما ذكرت آنفًا أنه في تاريخ الإسلام والمسلمين شخصيات مرموقة، فوجود امرأة تتزعم مثيلاتها من النساء أمر لا يمنعه الإسلام، ولكن يُشترط أن يكون ذلك في حدود صيانة المرأة ودون التعالي علي الرجال أو دون التحدي للرجال.. وبصورة تنفع بها المجتمع الذي تعيش فيه، أما من تتحدي الرجال وتطالب بالمساواة بهم فهذا لا يليق بالمرأة المسلمة، مثل زعيمات ورائدات بعض الحركات النسائية واللواتي يطالبن بتحرير المرأة، فهذه ليست زعامة، هذا تحد لمقاييس المجتمع وقيمه وآدابه وقدسياته.
بل لقد أصبح في بعض البلاد مطلوب تحرير الرجل من المرأة بعد أن أصبح كل شيء للمرأة، لجان للمرأة وجمعيات المرأة، إلي أن تسلطت المرأة بتحدى الرجال، وأعينت علي هذا من شياطين الإنس وهذه ليست زعامة، ولا يجب أن تقف المرأة هذا الموقف الذي لا يليق بها، لذلك يجب أن نعمل علي تربية نساء مسلمات علي درجة واعية جدًا في فهم الحياة والصراع السياسي والاجتماعي والصراع الحضاري(97/628)
الحديث الذي نحتاج فيه لكل قوة سواء كانت لرجل أو امرأة أو طفل أو كبير، ونحتاج فيه من بين النساء.. نساءً ذوات قدرة علمية وقدرة إفصاح للدفاع عن المرأة المسلمة وقيم المرأة المسلمة للوقوف أمام هذا الزحف الظالم الذي يجعل من المرأة سلعة رخيصة لأطماع الرجال بدءًا من جعلها قيمة جسدية في الإعلانات وانتهاء بما يُحاك لها في أروقة المؤتمرات.
كذلك نحن في حاجة إلي نماذج نسائية إسلامية في المؤتمرات الإسلامية والندوات علي مستوي العالم وحتي في الأمم المتحدة، لكي نثبت أن نساء الإسلام على مستوى عالٍ من الوعي والإدراك
ــــــــــــــ
الضغط في العمل قد يسبب الولادة المبكرة للمرأة الحامل
...
...
الاربعاء:14/03/2001
(الشبكة الإسلامية) باريس – بترا
الشبكة الإسلامية >> طب وعلوم وتكنولوجيا
...
...
أكدت دراسة أسترالية أن عمل المرأة الحامل خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل قد يسبب الضرر لصحة الأم والجنين حيث أن المرأة الحامل التي تعمل خصوصا تحت ضغط شديد يكون لديها ضغط مرتفع مما يزيد لديها خطر الولادة المبكرة .
ودعت الدراسة التي نشرتها صحيفة "لو جورنال سانتيه" الفرنسية الحوامل اللواتي يعملن الى الانتباه للضغط لديهن محذرة من أن الضغط المرتفع في نهاية الحمل قد يحطم بعض الأعضاء مثل القلب والكلية
ــــــــــــــ(97/629)
رأي المنصفين من الغربيين حول عمل المرأة
د. عبد الرحمن بن عايد العايد
قال الإنجليزي (سامويل سمايلسن): وهو من أركان النهضة الإنجليزية:
إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل، مهما نشأ عنه من الثروة، فإن نتيجته هادمة لبناء الحياة المنزلية؛ لأنه يهاجم هيكل المنزل، ويقوض أركان الأسرة، ويمزق الروابط الاجتماعية، ويسلب الزوجة من زوجها، والأولاد من أقاربهم، وصار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية، مثل ترتيب مسكنها، وتربية أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام باحتياجاتهم البيتية.
ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير المنازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية، وتلقى في زوايا الإهمال، وانطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة، والمحبة اللطيفة، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وصارت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالباً التواضع الفكري، والتوادد الزوجي والأخلاقي التي عليها مدار حفظ الفضيلة).
ونشرت جريدة لاغوس ويكلي ركورد نقلاً عن جريدة لندن ثروت قائلة:
(إن البلاء كل البلاء في خروج المرأة عن بيتها إلى التماس أعمال الرجال، وعلى أثرها يكثر الشاردات عن أهلهن، واللقطاء من الأولاد غير الشرعيين، فيصبحون كلاً وعالة وعاراً على المجتمع، فإن مزاحمة المرأة للرجل سيحل بنا الدمار، ألم تروا أن حال خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس على الرجل وعليه ما ليس عليها؟ ) [1].
ونشرت الكاتبة الشهيرة (مس أني رود): في جريدة الاسترن ميل:
لأن يشتغل بناتنا في البيوت خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف والطهارة، تتنعم المرأة بأرغد عيش، تعمل كما يعمل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء، نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً(97/630)
للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت، وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها) [2]، وحفاظاً على أنوثتها.
ونشرت الكاتبة الشهيرة (اللادي كوك): بجريدة (الايكوما) وهذا نص المقالة: (إن الاختلاط يألفه الرجال، وقد طمعت المرأة فيه بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وهنا البلاء العظيم على المرأة، فالرجل الذي علقت منه يتركها وشأنها تتقلب على مضجع الفاقة والعناء، وتذوق مرارة الذل والمهانة، والاضطهاد من الحمل وثقله، والوحم ودواره، أما آن لنا أن نبحث عما يخفف إذا لم نقل عما يزيل هذه المصائب العائدة بالعار على المدنية الغربية؟
يا أيها الوالدان: لا يغرنكما بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل، ومصيرهن إلى ما ذكرنا.
علموهن الابتعاد عن الرجال، أخبروهن بالكيد الكامن لهن بالمرصاد.
لقد دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من حمل الزنا أنه يعظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال، ألم تروا أن أكثر أمهات أولاد الزنا من المشتغلات في المعامل، والخادمات في البيوت، ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية لإسقاط الحمل لرأينا أضعاف ما نرى الآن.
لقد أدت بنا هذه الحالة إلى حد من الدناءة لم يكن تصورها في الإمكان، حتى أصبح رجال مقاطعات بلادنا لا يقبلون المرأة زوجة شرعية، وهذا غاية الهبوط بالمدنية) انتهى.
ويقول الكسي كاريل: (إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم، إنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك، إنها تنشأ من تكون الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيماوية محددة يفرزها المبيض، ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليماً واحداً، وأن(97/631)
يمنحا سلطات واحدة، ومسؤوليات متشابهة، والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافاً كبيراً عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها، والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها، وفوق كل شيء جهازها العصبي، فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للين شأنها شأن قوانين الأفلاك والنجوم، فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي، فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعاً لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فعليهن ألا يختلين عن وظائفهن المحددة).
وتقول (كيرين سويفيجن): رئيسة معهد النساء العاملات في نيويورك:
(إن المضايقات الجنسية لا تقتصر على الاعتداء الجسدي، بل إن الكلام البذيء، والنكت الفاضحة، تشكل نوعاً من الاعتداءات على المرأة الحساسة، وليس كل النساء يستطعن تحمل هذا الكلام البذيء، والنكت الفاضحة، فكم من واحدة أصيبت بالأمراض الجسدية، مثل الصداع والقيء، وعدم النوم، وفقدان الشهية، نتيجة لهذا الوضع السيئ التي تضطر فيه المرأة العاملة إلى سماع هذه الاعتداءات الجنسية الكلامية.
وكم من واحدة اضطرت إلى أخذ الحبوب المهدئة لتستطيع الذهاب إلى العمل كل صباح، وسماع تلك الأسطوانة الممجوجة من الغزل البذيء.
ولقد اضطرت بعض النساء الحساسات إلى ترك أعمالهن بسبب هذا الاعتداء الكلامي، وقالت إحدى السكرتيرات اللائي اضطررن للاستقالة من وظيفتها في أتلانتا بالولايات المتحدة، نتيجة لهذه البذاءة الكلامية: إنهم يعرونك من كرامتك).
تقول (لين فارلي): في كتابها (الابتزاز الجنسي Sexual Shakedown):
(إن تاريخ ابتزاز المرأة العاملة جنسياً قد بدأ منذ ظهور الرأسمالية، ومنذ التحاق المرأة بالعمل).
(ونتيجة لهذه المضايقات الجنسية في العمل، فإن آلاف العاملات تحولن إلى مومسات، مما جعل هذه الفترة في حياة الأمة الأمريكية - القرن التاسع عشر وأوائل القرن(97/632)
العشرين - تشهد أضخم عدد من الموسسات في التاريخ، مما أثار الرأي العام والصحافة آنذاك، ومع هذا فقد سكتت الصحافة عن آلاف النساء والضحايا اللائي كان يقتلهن الزهري والأمراض التناسلية في كل عام ... ).
وتقول (لين فارلي): (إن الوضع لا يزال كما تركته إيما جولدمان، وإن هناك أعداداً لا يمكن إحصاؤها من النساء اللائي اضطررن لبيع أجسادهن في مقابل الاحتفاظ بالعمل، وأن ذلك القسر والإجبار على الزنا قد أدى إلى تعاسة وشقاء لا يمكن تصوره لتلك النسوة وأهليهن، ليس ذلك فحسب، ولكن أعداداً كبيرة منهن قد أصبن بالأمراض الجنسية الخطيرة، مثل الزهري والسيلان، والقرحة الآكلة، وجرب التناسل، وهر يس التناسل، وسنط التناسل، والقرحة الرخوة، وماتت الكثيرات منهن نتيجة لهذه الأمراض الوبيلة، كما ماتت الكثيرات نتيجة للقهر والإذلال، وحياة التعاسة والشقاء والفقر، في حالتي الرفض والاستجابة لرغبات الرجال في المصانع والمتاجر والمكاتب).
وتقول لين فارلي في موضع آخر: (إن الاعتداءات الجنسية بأشكالها المختلفة منتشرة انتشاراً ذريعاً في الولايات المتحدة وأوروبا، وهي القاعدة وليست الاستثناء بالنسبة للمرأة العاملة في أي نوع من الأعمال تمارس مع الرجل).
يقول الفيلسوف الشهير أوجست كونت: (ينبغي أن تكون حياة المرأة بيتية، وأن لا تكلف بأعمال الرجال، لأن ذلك يقطعها عن وظيفتها الطبيعية، ويفسد مواهبها الفطرية، وعليه فيجب على الرجال أن ينفقوا على النساء، دون أن ينتظروا منهن عملاً مادياً، كما ينفقون على الكتاب والشعراء والفلاسفة، فإذا كان هؤلاء يحتاجون لساعات كثيرة من الفراغ لإنتاج ثمرات قرائحهم، كذلك يحتاج النساء لمثل تلك الأوقات ليتفرغن فيها لأداء وظيفتهن الاجتماعية: من حمل، ووضع، وتربية) [3].
ارتكب المجتمع العصري غلطة جسيمة، باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالاً تاماً، ولهذا تترك الأمهات أطفالهن لدور الحضانة، حتى يستطعن الانصراف إلى أعمالهن أو مطامعهن الاجتماعية، لقد كان من ثمار هذه المغالطة أنه أعطيت للأمومة الإنسانية صفات الأمومة الحيوانية، التي تقوم على الحمل والولادة والإرضاع؛ بل إن(97/633)
الأمومة الحيوانية تقوم بواجبات الأمومة أكثر من الأمومة الإنسانية الموظفة، فأنثى الحيوان ترضع صغارها من ثديها إن كانت من الثدييات، وتحتضنهم وتطعمهم وتدربهم على الطيران إن كانت من الطيور، أو على الافتراس والهجوم إن كانت مفترسة، وكذلك تدربهم على الدفاع عن أنفسهم، فتعدهم لمواجهة الحياة، أما الأمومة الإنسانية الموظفة، فهي ترضع صغارها لبن أنثى الحيوان، وتقذف بهم في إحدى دور الحضانة أو عند خادمة جاهلة بمجرد أن تنتهي إجازة أمومتها).
----------------------------------------
[1] مجلة المنار، 4 / 481.
[2] نشرت في مقالة عنوانها: (الرجال والنساء)، من مجلة النمار4 / 481.
[3] نقلاً عن مقالة لفريد وجدي ص 486 487 مجلة الأزهر.
3/12/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ــــــــــــــ
المرأة .. ثم عمل المرأة ؟!
د. زيد بن محمد الرماني
لقد باتت قضية عمل المرأة من أعقد القضايا التي طرحت للنقاش منذ أن نالت البلاد الإسلامية استقلالها السياسي من نير الاستعمار الغاشم وإلى اليوم.
وحاول الكثيرون خلع المرأة المسلمة من منهاجها الرباني القويم، مسايرة للمرأة الغربية، ولتكون سهلة المأخذ.
وجنح غير قليل إلى إثارة الشبهات وإبداء المغالطات ليغطوا بها معالم الحق.
واتخذ أرذلوهم من وضع المرأة اليوم في البلاد الإسلامية وسيلة لتبرير مناهج تغريب المجتمعات الإسلامية الحاضرة.
لقد قدّر الإسلام المرأة وأكرم إنسانيتها وقرر حقوقها وآدابها وواجباتها، واهتم برعايتها ومكانتها ودفعها إلى تحمل مسؤولياتها النوعية، وجعل ذلك كله قرآناً كريماً(97/634)
وحديثاً نبوياً، شريفاً، فكانت سورة النساء من طوال المفصل، وسور أخرى مثل التحريم والمجادلة والطلاق قرآناً وتشريعاً وعبادة.
وكذلك انتهجت السيرة والأحاديث الشريفة فيها منهجاً عملياً وفق توجيهات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووصاياه.
ثم، هضم حق المرأة في المجتمع الإسلامي في عصور الانحطاط، من ناحيتين: حرمت من حقوقها الشرعية في العلم والعمل وإبداء الرأي، ومن ناحية أخرى بترت عن وظيفتها التربوية والأسرية، وحصرت في الاستمتاع والاستخدام، فتخلفت عن بناء المجتمع، وضعف دورها فيه حتى أضحت شيئاً لا يعتد به إلا حين متعة الرجل ومصلحته..
ثم، غزيت أفكار المرأة وأسرتها وافتري عليهما بافتراءات شتى، واتهمتا بما ليس فيهما، ونسب الغزاة ذلك كله إلى الإسلام، والإسلام منه براء، إذ استغلوا أوضاعها الاجتماعية المريضة وإهمال مجتمعها لها، وحرمانها من وظائفها وحقوقها، فأعلنوا أن الغرب يمكنه إنصافها ورعايتها وإعطاءها حقوقها، وعمدوا إلى مسائلها الفقهية فشوهوها وإلى مزاياها الشرعية فطمسوها، ثم حاولوا ربطها بالحريات المتفلتة والعمل المضني، والتعليم المختلط والمساواة الزائفة مع الرجل.
وشجعوا على تعليم المرأة وتوظيفها، فاستجابت لهم وأضحى العمل من تطلعاتها، فصار مشكلة اجتماعية لم تعتد عليه، ومشكلة عمالية لا توفق فيه أحياناً إلى اختيار العمل المناسب، ومشكلة أسرية تهدر من أجله بعض واجباتها، ولكنها على كل حال أثبتت جدارتها في بعض المجالات الطبية والتعليمية والنسائية والعملية.
لقد جاء في نتائج استفتاء أجرته مجلة (كلير) في باريس حول مساواة المرأة بالرجل: إن مليونين ونصف امرأة فرنسية مللن المساواة مع الرجل، وإنهن مللن الحياة العصرية، مللن حالات التوتر الدائم طوال ساعات النهار وأغلب ساعات الليل، مللن الاستيقاظ من الفجر خوفاً من أن يتأخرن عن ساعات بدء العمل في المصنع والمكتب مللن الحياة العائلية التي لا يرى فيها الزوج زوجته إلا أثناء العطل أو عند النوم، مللن(97/635)
الحياة التي لا تستطيع فيها المرأة أن تباشر مسؤولياتها الكبرى في تربية أطفالها فهي لا تراهم إلا لحظات خاطفة تكون خلالها مرهقة الجسم خائرة القوى متوترة الأعصاب.
وبعد، فهل يا ترى تعي المرأة المسلمة حقيقة تلك الدعوة المريبة وتلزم تعاليم دينها الذي كرمهاوكفل حقوقها وتقوم بأداء مهمتها في رعاية بيتها وتربية أولادها، فمهمتها ليست بهينة لو علمت ذلك وهي تتذكر دوماً حديث المصطفى إذ يقول - صلى الله عليه وسلم - (... والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها).
zrommany2@Hotmail.com
http://www.aldaawah.com المصدر:
ــــــــــــــ
دعاوى المطالبين بالتوسع في عمل المرأة
الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان
بالرغم من وضوح المنهج الإلهي في قضية عمل المرأة، إلا أنه لا يزال أناس يسعون جاهدين لإخراج المرأة من بيتها، ومزاولة العمل كالرجل تماما، ولكن بتدرج حتى يصلون إلى أهدافهم المنشودة، وغاياتهم المقصودة، ولعلي أستعرض في هذا المبحث بعض المغالطات التي يتحجج بها دعاة عمل المرأة، فمن ذلك:
الحد من العمالة الأجنبية:
يقول أحد الكتاب: إن دراسة إقامة مثل هذه المصانع ستفتح مجالات عمل إضافية للفتاة والمرأة السعودية، وسيؤدي إلى الاستغناء عن العديد من العمالة الوافدة [1]
والجواب على ذلك:
1- لماذا لم تكن المطالبة بإنشاء المصانع المختلفة لمعالجة مشكلة البطالة الموجودة في بلادنا؟! فقد قال المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية في السعودية: إن معدل البطالة قد يصل إلى 20% في المملكة!! [2]
أليس الأولى لعلاج مشكلة العمالة هي إيجاد الفرص لشبابنا؟!!(97/636)
2- هاهي المدن الصناعية التي يتم في ورشها إصلاح السيارات، وهاهي العمائر والفلل التي تحت الإنشاء، وهي عشرات الألوف من محلات التجارة والسباكة والحدادة وغيرها، كم نسبة السعودة فيها من الذكور؟
فهل ستزاولها نساؤنا؟
3- إن الحد من مشكلة العمالة الأجنبية الكثيفة يمكن أن يتم من خلال وسائل أهما:
- الحد من تصاريح الاستقدام، ومنع استغلال النفوذ في الحصول عليها، ومكافحة المحسوبية، ففي ظننا أن الآلاف من تصاريح الاستقدام تباع وتشترى، وتحقق دخلا جيدا لبعض المتحايلين على الأنظمة والقوانين.
- تكوين لجان نزيهة لدراسة حاجة السوق من العمالة، ومعرفة واقع كل مؤسسة عاملة وحاجتها من العمالة، إذ أن استقراء الواقع وسبره يؤكد تكدس عمالة لا حاجة إليهم في كثير من مؤسساتنا الرسمية والخاصة، بل نجد الخادمات والسائقين يكتظون في بعض البيوت لدواعي المباهاة والترف المذموم.
- تشجيع اليد العاملة الوطنية للعمل في كافة المهن الضرورية، وتدريب المجتمع على تقبل هذه التوجه المهم، ولو في بعض المهن على الأقل إن لم يكن كلها.
هجرة الأموال:
وهذا المبرر هو نتيجة طبيعية لوجود العمالة الأجنبية، فإذا قلصت العمالة الأجنبية التي أشرنا إليها، انخفض معدل هجرة الأموال إلى خارج البلاد.
ولكن من العجيب عدم طرح هؤلاء لمشكلة هجرة الأموال، لأسباب أخرى كالسياحة خارج البلاد، فأعداد السياح السعوديين الذاهبين إلى الخارج هي الأعلى كماً، والأكثر إنفاقا، ففي بريطانيا فقط أنفق السياح العرب 1. 5 مليار عام 1996 م.
ولذا لا تعجب حين تعلم أخي القارئ الكريم، أنه بفضل هذه الإنفاقات الباهظة من السياح في غير بلدانهم، أصبحت السياحة مصدر الدخل الأول لدول كثيرة منها: مصر على سبيل المثال، ((وقد أنفق مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي 27 مليار دولارا في السياحة الخارجية عام 2000 م، وقالت مؤسسة ABK الدولية في دراسة(97/637)
لها أن متوسط إنفاق الفرد الخليجي في رحلته بلغ 1814 دولارا، بمعدل 135 دولارا في الليلة الواحدة.
وطبقا للدراسة نفسها، فقد بلغ عدد الرحلات التي قام بها الخليجيون العام الماضي 8. 8 مليون رحلة، شغلوا خلالها 199 مليون غرفة، حيث سجل السعوديون 4. 8 مليون رحلة دولية، والإماراتيون 1. 8 مليون رحلة، فالكويتيون 1. 3 مليون رحلة، فالبحرينيون 400 ألف رحلة، فالقطريون والعمانيون معا 700 ألف رحلة.
وبلغ عدد الليالي التي شغلها الخليجيون في الفنادق العالمية 200 مليون غرفة / ليلة [3].
ولئن كانت تحويلات الأجانب للأموال في مقابل مردود إنتاجي في الداخل غالبا، إلاّ أن نفقات السياح لملايين الدولارات في الخارج هي للمتعة واللذة دون مقابل، بل في أحيان كثيرة في مقابل مردودات عكسية، سواء فكرية أم عقائدية، أو أخلاقية أو صحية.
ومعلوم كثرة العائلات السعودية التي تقيم حفلات زواج أبنائها وبناتها في الخارج، وتتباهى في الإنفاق المالي الغزير هناك، فضلا عن توجه الكثيرين لشراء البيوت وتملك العقارات في بلدان أجنبية مختلفة، مع ما يصحبه ذلك من رحيل للأموال بأرقام خيالية، سواء تلك الخاصة بإقامة تلك البيوت والعقارات، أو مبالغ تنفق لصيانتها وحراستها والسكن فيها وقت الإجازات والعطل.
كما أن الاستطباب بالخارج يتطلب هجرة أموال خيالية، لمعالجة المرضى في مصحات أميركا وبريطانيا، وأسبانيا وجنيف، وغيرها من دول العالم، وقد أنشئت مكاتب صحية في الخارج لمتابعة شؤون هؤلاء المرضى، ترصدها ميزانيات ضخمة، وكان الأولى العناية بإنشاء المصحات المحلية، وتشجيع الطلاب على الانخراط في مجال الطب ليقل الاعتماد على الأجانب، بالإضافة إلى استقدام بعض الكفاءات المسلمة إلى بلادنا حتى تحين فرصة سد النقص في كفاءاتنا المحلية.(97/638)
والمقصود أن مصاريف العلاج في الخارج التي تقدر بالملايين لم يبحث حلها على نطاق الصحف ووسائل الإعلام، مما يدل على أن القضية ليست سوى توجهات فكرية مشبوهة، ورغبات دفينة في تغريب المجتمع.
إن هجرة الأموال إلى الخارج أمر مثير للقلق حقا، لكن حصره في مسرب واحد مكابرة مستهجنة، ودعوة مشبوهة، فالميزانية المدفوعة مقابل الواردات شيء يفوق الوصف، فلماذا فتح الأبواب على مصراعيها لاستيراد كل شيء مهما كان كماليا أو تافها، حتى بلغ بنا الأمر أن نستورد مفرقعات الأطفال الباهظة الثمن، العظيمة الضرر بل حتى أطعمة القطط والكلاب المعلبة بعلب فاخرة ناهيك عن السجاير المحرمة شرعا، الضارة بدنًا، المكلفة ثمنا..
إن الملايين من الدولارات تهاجر كل عام دون أن يفتح ملف لمناقشتها فأين الغيورون على المال العام، وميزان المدفوعات المختل!!؟
زيادة الناتج القومي:
يزعم دعاة تحرير المرأة، أن إعطاء المرأة الفرصة لتعمل خارج منزلها فيه مكاسب اقتصادية ذات أثر مهم في زيادة الناتج القومي من خلال نتاج المرأة الذي أضيف إلى نتاج الرجل.
والجواب عن هذه الفرية من وجوه:
1- إن هذا الكلام لو قيل في مجتمع خال من بطالة الرجال لربما كان له حظ من النظر. لكن أن يقال هذا في بلد تبلغ نسبة بطالة الرجال فيه نسبة علية جدا.
ففي آخر إحصاءات وزارة التخطيط بحجم البطالة في السعودية، تبين أن نسبة البطالة في الذكور آخذة في الارتفاع، ومن المشاهد كثرة الخريجين من الجامعات السعودية، الذين تزدحم بهم البيوت دون أن يجدوا أعمالا يسترزقون منها، حتى شاع تذمرهم وتضجرهم.
2- ويجاب عنه كذلك أن ما تتقاضاه المرأة من رواتب، وما تقدمه من إنتاج يقل كثيراً عما تدفعه الأسرة والمجتمع إزاء تخلي المرأة عن وظيفتها الأساس في البيت،(97/639)
وحلول الخادمة بدلا منها، بالإضافة إلى نفقات غير مباشرة، تدفع مقابل طهي الطعام وغسل الثياب وكيها وغيرها، مما لا بد منه إزاء تخليها عن واجباتها.
3- إن ما يدفعه المجتمع من تكاليف غير منظورة على المدى البعيد إزاء النتائج السلبية المترتبة على خروج المرأة من البيت، وتنازلها عن وظيفتها الأهم، لأمر يدعو إلى القلق فعلا فانحراف الأبناء، وفقرهم العاطفي، واضطرابهم النفسي، كل هذه أعباء إضافية يتحملها المجتمع بمرور الوقت فما هذه المؤسسات الاجتماعية والإصلاحيات ودور الرعاية النفسية، والتربوية بما تتطلبه من ميزانيات باهضة إلا ردة فعل لاستيعاب تلك الجموع الغفيرة من الفتيان والفتيات المفتقدين للرعاية الأسرية الفاعلة والتي من أهمها غياب الوالدين بسبب ظروف العمل.
4- إن زيادة الناتج القومي يتحقق من خلال وسائل عديدة ليس منها إخراج المرأة إلى العمل فمن ذلك:
* الاستغلال الأمثل للثروة وعوائد النفط بتشجيع الصناعات الوطنية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات كمرحلة أولى يعقبها مراحل أخرى من التطور والتصدير.
* محاولة إيجاد مصادر إيرادات جديدة، وعدم الاعتماد على النفط فقط من خلال البحث عن المعادن الأخرى، وإعداد دراسات الجدول الاقتصادية لاستغلالها صناعياً وتجاريا.
* العناية بتنمية الزراعة والإنتاج الحيواني ونموها لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتوفير العملات الصعبة بالداخل بدلا من رحيلها إلى المستثمر الأجنبي وفي تجربة القمح والألبان وغيرها شاهد مهم على فاعلية هذا الإجراء.
توفير دخل ثابت للمرأة يحميها من الحاجة والعوز.
وهذا الطرح قد يكون معقولا في مجتمعات لا دينية تفتقد أسس التكافل الاجتماعي، وتغلب فيه الأنانية والشح لكن مجتمعنا المسلم المحافظ لا تنطبق عليه الصفات الذميمة فالإسلام قسم المسؤوليات وحدد الواجبات وبين الحقوق بما فيها حق المرأة المسلمة في العيش الكريم، فألزم أباها بالإنفاق عليها حتى تستغني عنه بالزواج ثم ألزم الزوج(97/640)
بالإنفاق عليها وإن كانت ذات مال. قال الله - تعالى -: ((لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا)) (الطلاق: من الآية7).
وفي حالة افتقار المرأة لمن ينفق عليها من أب أو زوج أو ولد كان على ولي أمر الدولة الإسلامية وجوب الإنفاق على المرأة، ففي الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله r قال: ((أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عز وجل - فَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً فَادْعُونِي فَأَنَا وَلِيُّهُ وَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالًا فَلْيُؤْثَرْ بِمَالِهِ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانَ)) [4].
ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يعمل دائما لوضع نظام متكامل في هذا المضمار، فها هو يقول وقد أحس بغياب المجاهدين، واستشهاد كثير منهم في فتوحات المسلمين، وخلفوا ذرية ضعافا: ((لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ لأدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ)) [5]
ومن العجيب أن هؤلاء الداعين إلى عمل المرأة يتحدثون وكأنهم في مجتمع إباحي أوربي أو غيره، حيث لا دين ولا أخلاق، ولا مبادئ ولا قيم.
وإلا ما معنى أن يتجاهل هؤلاء ما تقوم به الجهات الرسمية من مثل وزارة الشؤون الاجتماعية من صرف بطاقات الضمان الاجتماعي للمحتاجين؟
وما معنى ما توفره الجمعيات الإغاثة من مساعدات مجدولة للأسرة الفقيرة؟
وما معنى عشرات الملايين التي ينفقها الأثرياء المسلمون لسد حاجة الأرامل والأيتام؟
----------------------------------------
[1] جريدة الجزيرة العدد (8748).
[2] انظر العالم في عام. حسن قطامش: ص 34.
[3] الأسرة عدد 98جمادى الأولى 1422هـ
[4] رواه مسلم (1619).(97/641)
[5]البخاري (3700) وانظر: عمل المرأة وموقف الإسلام منه.عبد الرب نواب ص 161-162
14/6/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ــــــــــــــ
أصل عمل المرأة في بيتها
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
لا يشك عاقلٌ أنَّ عمل المرأة الأساس هو في بيتها، بل مملكتها الغالية، ففيه تتولى رعاية زوجها، وتلبية احتياجاته، وبين حُجر هذا البيت وأركانه تربي صغارها، وتغدق عليهم من حنانها وعطفها.
فالأصل إذاً هو قرار المرأة في البيت امتثالاً لقوله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (سورة الأحزاب: 33).
قال ابن كثير: "الزمن بيوتكنَّ فلا تخرجنَ لغير حاجة" [1].
وقال ابن الجوزي: "قال المفسرون: ومعنى الآية: "الأمر لهنَّ بالتوقيرِ والسكون في بيوتهنَّ وأن لا يخرجن".
وقال بكر أبو زيد- تعليقاً على الآية-: "فهو عزيمة شرعية في حقهن، وخروجهنَ من البيوت رخصةً لا تكون إلاَّ لضرورة أو حاجة" [2]
ولذا لم يعرف عن نساء السلف إلاَّ القرار في البيوت في أغلب الأحيان، وظل خروجهنَ من البيت استثناءً تقتضيهِ الحاجة أو الضرورة، كما سيأتي تقريرهُ بحول الله - تعالى -.
حتى إننا لنرى البيت يفوقُ المسجد في حق المرأة، فضلاً وثواباً متى أرادت أداء الصلاة، لما في البيتِ من صيانةِ المرأة وحفظها من مزاحمة الرجال، وضمانِ التصاقها الوثيق بأولادها أكبر قدر ممكن من الوقت، فقد روى أبو داود وغيره عن(97/642)
النبي- صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: (صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها) [3]
ومن العجيب إغفال البعض للدور العظيم الذي تقوم به ربات البيوت، واعتبارهِ عملاً هامشياً لا قيمة له، وأنَّ ما تنفذهُ من مهامٍ جسام داخل أسوار المنزل، هو ضربٌ من البطالة الاجتماعية، وأنَّها بذلك تظلُ طاقة معطلة أو مهدرة!!
وهي دعاوى كما ترى تفتقد الموضوعية والإنصاف، وتفصحُ عن مغالطاتٍ مقيتة، لا يقبلها العقل السليم والنظر المحايد.
بل إنَّ هؤلاءِ ليقعون ضحايا التناقضِ المكشوف، بصورة تثير الضحك، إذ لو خرجت المرأة من بيتها إلى ما يُسمى برياض الأطفال، أو دور الحضانة، لتتولى تدبير وإطعام بضعة أطفالٍ لساعاتٍ محدودة من اليوم، لعدت في نظر هؤلاءِ امرأةً عاملة ذات مردودٍ اقتصادي ايجابي، بينما بقاءُ المرأة مع أولادها الصغار طيلة ساعات اليوم، تطعمُ جائعهم، وتكسو عاريهم، وتغدقُ عليهم من حنانها بلا حُدود، فإنَّ هذا يعني في نظرِ القوم أنَّها عديمة الإنتاج، سلبية الأثر.
وأعجبُ من هذا!! أنَّ استقدام الخادمةِ إلى المنزل، وقيامها ببعض أدوار الأم ووظائفها البيتية، يصنفُ في نظر هؤلاء المغالطين، عملاً له اعتباره المهم، أماّ قيامُ الأم نفسها بأعباءِ منزلها، بأمانةٍ واقتدار، وتضحيةٍ وتفانٍ، فتلك مسألة فيها نظر!!
إنَّ العدل والإنصاف ليجبران كل ذي مروءةٍ وحياد، ألا يكتفي بما قررناه، بل يضيفُ إليه بلا منةٍ أو أذى، أنَّ المرأة في بيتها تقوم في واقع الأمر بما يقوم به عددٌ من الأيدي العاملة، ذوي الوظائف المختلفة، فلو توقفت المرأة عن عملها في المنزل، فإنَّ طهي الطعام، وتنظيف الثياب، ورعاية الأولاد وغيرها من المهام، ستكونُ من نصيب المطاعمِ والمغاسل العامة، ودور الرعاية والحضانة، أو من نصيب الخادمات الوافدات، أليس كذلك؟!!.
----------------------------------------
[1] ابن كثير، (2) زاد المسير لابن الجوزي 6/379(97/643)
[2] الحراسة ص74
[3] أبو داود، (570)، قال بن كثير: وهذا إسناد جيد (ابن كثير6/406)
18/5/1426 هـ
2005-06-25
http://www.islamlight.net :المصدر
ــــــــــــــ
وقفة مع عمل المرأة المسلمة
عندما علمت أختي في الله أنني موظفة قالت: كيف يحصل هذا وأنت ملتزمة؟! قلت لها: ماذا تقصدين؟ قالت: سيكون هذا على حساب رعاية زوجك وبيتك..
ثم لا تنسي أن الشارع يأمر المسلمة بالقرار في بيتها، وإذا أردت الأفضل لك - عند الله وفي الشرع - فعليك بقوله - تعالى -: (وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب: 33].
قلت لها: صحيح ما تقولينه، لكن ما المانع من عمل المرأة المسلمة إذا استوفى جميع شروط الشرع ورضي الزوج به، وإذا لم يكن على حساب رعاية الزوج والبيت.
صممت أختي ولم تعقب وبدت على وجهها علامات الاستغراب وعدم الاقتناع.
كثير من الأخوات الملتزمات بشرع الله ينظرن إلى عمل المسلمة المتزوجة بمنظار ضيق، فلا يرين إلا الجانب السلبي منه، فقد ذكرت أختي في الله بأن المسلمة العاملة المتزوجة لن تتفرغ تماماً لرعاية زوجها وأطفالها، وأنه سيترتب على ذلك التقصير والإهمال للزوج والبيت والأطفال.
ولي هنا رأي في هذه المسألة، قد يكون صواباً عند البعض، وقد يكون خطأً عند آخرين.
فلو بحثنا في الجوانب الإيجابية لعمل المسلمة الملتزمة بدينها - مع الالتزام بقيود الشرع في عملها - لوجدناها تتضح في النقاط الآتية:(97/644)
1- الاستفادة من الدرجة العلمية في تسخير أجرة العمل في وجوه البر والإحسان وهي كثيرة الآن ومجالاتها عديدة، والمحتاجون لهذا المال كثيرون، بهم من المسلمين المحتاجين في إفريقية وأفغانستان وأندونيسيا والفلبين وغيرها..
- قد وقعوا في شباك المنصرين الماكرين بسبب يد حانية نصرانية قدمت لهم الإحسان بجميع أشكاله ثمناً لاعتناق النصرانية.
2- الدعوة إلى الله من خلال التقيد بالسلوك الإسلامي المثالي الملتزم في بيئة العمل ومع زميلات العمل، والعمل على إبراز الفضائل الإسلامية في التعامل والسلوك، وبذلك يتم تذكير وتوعية غير الملتزمات بدينهن ودعوتهن إلى الله بطريق غير مباشر وذلك عن طريق مراقبة أخلاق وسلوك الشخصية الإسلامية القدوة من خلال تعاملها مع مَن حولها.
3- الدعوة إلى الله أيضاً عن طريق إعطاء الأشرطة والكتيبات الإسلامية التي تساهم بشكل كبير في منع ممارسة كثير من المنكرات والرجوع عن كثير من المعاصي.
4- قد يكون هناك من زميلات العمل غير المسلمات، وهنا تجد المسلمة العاملة فرصة جيدة لإبراز شعائر الإسلام وتوضيحها واستخدام أساليب الدعوة إلى الله المباشرة أو غير المباشرة معهن حسب الظروف والأحوال، وفي هذا كله الأجر الكبير لمن أعانها الله عليه.
5- لا يخفى علينا أن أعظم مجال للدعوة إلى الله ولنيل الأجر العظيم منه - سبحانه - هو عمل المسلمة في مجال التدريس إذا أخلصت النية لله ونوت بعملها هذا الدعوة إلى الله وتبليغ العلم والحق وإنكار المنكرات المتفشية بين الطالبات وزميلات العمل.
وأحب هنا أن أوجه كلمة لأخواتي في الله اللواتي كان لهن دور عظيم في الدعوة إلى الله في جميع صورها (وقد كان التزامي بفضل الله ثم بفضل كلمة ألقتها إحداهن يوماً في الجامعة يوم أن كنت طالبة فيها) واللواتي مع الأسف قد فتر حماسهن للدعوة بل توقف نهائياً بعد زواجهن.(97/645)
فأقول لهن: لماذا؟ ! ! لماذا لا يطلبن العون من الله بالدعاء ثم يطلبن العون من أزواجهن للاستمرار في عملهن هذا؟ ! ! إن الفتيات والنساء التائهات البعيدات عن شرع الله في أشد الحاجة لكُنَّ وللعلم الذي تحملنه في صدوركن.
إن العلمانيين الآن يستخدمون نساءهم وقريباتهم لنشر معتقداتهم بين النساء والفتيات في الجامعات وفي كل مكان.
فلماذا لا يشجع كل مسلم ملتزم بدينه زوجته للمشاركة في محاربة كل ما يقف عقبة في طريق الدعوة إلى الله؟ ! يا أخي في الله: الرسول - عليه الصلاة والسلام - كان يساعد زوجته عائشة في شؤون المنزل، وكانت تساعده في نشر الدعوة بين النساء.
لِمَ لا يدفع كل مسلم بزوجته إلى ساحة الدعوة إلى الله - وخاصة - هؤلاء اللواتي سبق لهن العمل في حقل الدعوة قبل زواجهن، فمثلاً:
* الأخت الداعية التي كانت تجيد دروس الوعظ وتستطيع جذب وإقناع الفتيات التائهات؛ لماذا لا يشجعها زوجها على الاستمرار في عملها هذا فيشاركها الأجر عليه.
* والأخت التي كان جُل وقتها تصرفه لجمع التبرعات الطائلة من النساء (من حلي ومال) لأفغانستان وفلسطين وإفريقية..
لماذا لا يشجعها زوجها على مواصلة هذا المجهود العظيم.
* والأخت الثالثة التي كانت تجود بعلمها ووقتها لتعليم القرآن - من تفسير وتجويد وتلاوة - لِمَ لا يشجعها زوجها هي الأخرى على مواصلة عملها هذا لينتفع النساء بعلمها هذا وحتى لا تنسى هي الأخرى علمها مع مرور الزمن؟.
وهكذا نستطيع - نحن المسلمات - أن ننال الأجر ويشاركنا أزواجنا أيضاً، وفي نفس الوقت تقدم كل واحدة منا ما في وسعها ولو كان جهداً بسيطاً في سبيل نشر دعوة الله، فكما تتعب هؤلاء العلمانيات في سبيل الباطل الذي يحملنه، فأولى بنا أن نتعب من أجل الحق والنور الذي نحمله نحن.
(إنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ) [التوبة: 120].(97/646)
(والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت: 69].
اللهم اجعل عملنا صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة المسلمة
تهاني عبد الله العجمي
لا تزال قضية عمل المرأة، وخروجها من بيتها وقرارها الشغل الشاغل لليهود والنصارى ومن سار بركبهم، آخذين في سبيل تحقيق أهدافهم أساليب كثيرة، ومن هذه الأساليب إثارة الشبهات في الدين الإسلامي وأصوله.
وحيث إن المجتمع الإسلامي والمرأة المسلمة قد تحتاج إلى العمل ببعض الأعمال، والمهام على سبيل الضرورة فلامانع من ذلك، كأن تعمل معلمة لتعليم بنات جنسها، وطبيبة لمعالجة وتطبيب الإناث، أو أن تعمل بأي عمل يفيد المجتمع وبنات جنسها مع مراعاة الضوابط الشرعية والتي من أهمها:
1- أن لا يكون لعمل المرأة تأثير سلبي على حياتها العائلية: عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وذلك أن المرأة راعية لبيتها ولأولادها وإن كان عملها خارج بيتها فيه مضيعة للأولاد وتقصير في حق الزوج فإن عملها محرم للفساد الذي ينتج عن عملها خارج بيتها.
وقال الشيخ ابن باز عليه رحمة الله: -إن عمل المرأة إذا كان فيه مضيعة للأولاد وتقصير في حق الزوج من غير اضطرار شرعي يكون محرماً- لأن ذلك خروج عن الوظيفة الطبيعية وتعطيل للمهنة الخطيرة التي عليها القيام بها، مما ينتج عنه سوء بناء الأجيال وتفكيك عرى الأسرة التي تقوم على التعاون والتكافل.(97/647)
2- ألا تعمل عملا فيه محذور شرعي، كالاختلاط والخلوة: لقوله - تعالى - "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " -.
3- ألا يؤثر عملها على عمل الرجل، كأن يكون سبباً في قطع رزقه.
- فالمرأة قد تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يعيش هو ومن تحت جناحيه من هذا العمل مما يؤدي إلى انتشار البطالة وتفاقمها في صفوف الرجال.
لقوله - تعالى - " الرجال قوامون على النساء " -. ولقوله - عليه الصلاة والسلام -لا ضرر ولا ضرار-.
4- أن يتوافق عملها، وطبيعة أنوثتها:
قد أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي، والجسدي خلقه الله - تعالى -على هيئة تخالف تكوين الرجل وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة الأمومة ملاءمة كاملة، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة، وسيدة بيت، وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها وأسرتها نتائج فادحة في كل مجال.
وقد أثبتت الدراسات الطبية والنفسية أن المحاضن ورياض الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية ولا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به الأم.
وبعد هذه الشروط والضوابط الشرعية ما مجالات العمل المسموح بها للمرأة المسلمة؟
لعل خير عمل تعمل به المرأة هي رعايتها بيتها وأولادها وزوجها، كما يمكن أن تعمل في هذه المجالات ضمن الضوابط التي أوردها علماء الأمة المعتبرين.
أ- في مجال الدعوة إلى الله - تعالى -:
ب- مجال العلم، والتعليم العام:
جـ- في التطبيب: لمعالجة وتطبيب النساء من الأمراض والحمل والولادة وغيرها.
- وبعد، أليس الأجدر بالمرأة أن تؤدي واجباتها الأساسية زوجة وأماً وأختاً، لها مسؤولياتها في الأسرة على الوجه الذي رسمه وحدده لها الشرع الحنيف.(97/648)
* وبالاطلاع على معطيات العلوم الحديثة الكاشفة عن مختلف حالات المرأة النفسية وغير النفسية يتضح أن هناك عوائق ذاتية تؤثر على عملها غير الشرعي وذلك للأسباب التالية:
1- أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله - تعالى -على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بُني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة المرأة الأصلية وهي الأمومة، كما أن نفسيتها قد خلقت لتكون ربة منزل بل إن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا الرجل.
2- يعتري النساء بحكم الأنوثة جملة من الحالات التي تمنعهن قصرياً من العمل، ففي الحيض: تصاب أكثر النساء بالألم وأوجاع أسفل الظهر وأسفل البطن، كما تصاب كثير من النساء بحالة الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته وتصاب كثير من النساء بالدوخة والكسل والخمول.
3- تمتاز المرأة بعاطفتها الجياشة، فمن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوينها الطبيعي الخاص بها والذي يختلف عن تكوين الرجل، وعليه فإن إقحامها في الأعمال الشاقة بدنياً ظلم لها وإجحاف بها وبمجتمعها؛ لأنه صرف وتوزيع غير صحيح لطاقاتها، فيجب توجيها إلى عمل يناسبها ويناسب طبيعتها.
- وبعد أن بينا بعض معطيات العلوم الحديثة التي كشفت العوائق التي تؤثر على عمل المرأة، فلننظر إلى بعض سلبيات عمل المرأة من دون ضوابط شرعية:
أ- ظهور تغيرات في جسم المرأة مما يفقدها كثيراً من أنوثتها.
ب- انتشار الاعتداءات والتحرش الجنسي.
http://www.al-forqan.net المصدر:
ــــــــــــــ
فتاوى عن عمل المرأة
د. إبراهيم الفارس(97/649)
س1/ هل يوجد حرج على المرأة في التعامل مع الرجال في مجال عملها وخاصة إذا كان في مجال المختبرات الطبية؟
ج1/ إذا اضطرت المرأة للعمل وجب عليها ألا تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال، وإن كانت طبيعة عملها تستوجب التعامل مع الرجال فليكن ذلك بدون اختلاط وبغاية قصوى من الحذر. ويجب على المرأة أن تكون متحجبة بالحجاب الشرعي ومحتشمة وإن اضطرت إلى مكالمة الرجال فلا تخضع بالقول كما قال الله - تعالى -: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} "الأحزاب: 32" كما يجب عليها أن تحذر مس الطبيب غاية الحذر، وألا تسمح لنفسها بالخلوة بأحد من الرجال فهذا من أعظم المنكرات.
س2/ ما حكم تدريس المرأة المسلمة لتلاميذ ذكور في المرحلة التأسيسية؟
ج2/ إذا كان الذكور غير بالغين، أي لم يتجاوزوا سن العاشرة لأنها مظنة البلوغ الشرعي عند بعضهم وعادة ما يكون ذلك في الصفوف الأولى من دراستهم، فإن الأصل هو جواز تدريسهم من قبل المعلمات لعدم وجود المانع الشرعي من ذلك، لكننا نقول: إن اشتغال النساء بتعليم البنات، واشتغال الرجال بتعليم الفتيان أسلم وأجدى على الفريقين، علمياً وشرعياً، فإن من المعلوم أن الصغار يتقلدون صفات أنثوية من معلماتهم، كما أن النساء غير قادرات بطبعهن على السيطرة على الفتيان، وتلقينهم المعلومات كما يفعل الرجال، مما يترك آثاراً سلبية من الناحيتين العلمية والأخلاقية.
ونرى منعه سداً لذريعة التوسع في هذا الباب، فإن العادة أن الضوابط التي توضع لا تنفذ كما أنه قد يكون في الصغار من مرج طبعه، وقد يكون في المعلمات من تسول لها نفسها استدراج الصغار، خصوصاً إذا كانوا حسان الوجوه، وهي غير متزوجة أو مطلقة، فإذا تذكرنا أن وسائل الإعلام اليوم قد طبعت الثقافة الجنسية، التي كانت إلى عهد قريب محجوبة عن الصغار..إذا تذكرنا ذلك، فإن تدريس المرأة الصغار تكتنفه(97/650)
جملة مخاطر، أما الإذن فهو فتح باب فيه من المفاسد ما فيه، والسلامة لا يعدلها شيء.
س3/ هل يجوز للمرأة أن تعمل مدرسة في مدارس البنين المتوسطة؟
ج3/ لا يجوز للمرأة أن تعمل مدرسة للبنين في هذه المرحلة لأن الطلاب في هذه المرحلة عادة يكونون مراهقين وطبيعة التدريس تستلزم المخالطة ولا يجوز مخالطة المرأة للرجال.لقوله - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} "الأحزاب: 53" فهذه الآية تدل على أنه لا يجوز مخالطة الرجال للنساء ولا التكلم معهم إلا من وراء حجاب. وخاصة أن هذه الوظيفة متوفر من يشغلها من الرجال وللمرأة وظائف تتناسب مع طبيعتها.
س4/ هل يجوز فتح صالون نساء للتجميل؟
ج4/ من المعلوم أن المرأة تحب أن تتجمل لزوجها، وهذا مطلب شرعي لدوام الألفة بينهما والمحبة. وهذا التجميل قد لا يتأتى لبعض النساء إلا بوجود امرأة تقوم بهذا العمل. إن لم تكن الزوجة ممن يحسن القيام به، وعلى هذا ففتح صالونات لتجميل النساء لا حرج فيه إن اقتصر العمل فيه على تجميل من تتجمل لزوجها، ولا تبرز زينتها للأجانب، ولا تفتن بذلك، وخلا من عمل محرم، كنمص الحواجب ووصل الشعر والاطلاع على العورات، وأما إن كانت هذه الصالونات ترتادها البرة والفاجرة والمتحجبة والمتبرجة أو اشتملت على محرم فلا يجوز فتحها ولا العمل فيها، لما في ذلك من التعاون على معصية الله وقد قال - جل وعلا -: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} " المائدة: 2" فإن كنت تعلمين من نفسك عدم التهاون في هذا الأمر والتساهل في تسهيل معصية الله لمن تعصي الله - تعالى -بتبرجها. فلا حرج فيه إن شاء الله. وإن كنت لا تستطيعين التحكم بمن تأتي إلى هذا المحل فإن عليك أن تبتعدي عن هذا المجال وتبحثي عن مجال آخر مباح.
س5/ ما حكم عمل المرأة مدلكة وما فيه من اطلاعها على العورات وملامستها؟(97/651)
ج5/ يجوز للمرأة أن تعمل مدلكة للنساء، بشرط ألا تكشف عن عوراتهن، أو تمسها إلا عند الضرورة الملجئة، أو الحاجة التي في معناها، أو تقاربها، وكذا محارمهما من الرجال.
وأما تدليكها للرجال الأجانب فلا يجوز، لما في ذلك من الفتنة بالمس، وهو أشد فتنة من النظر، وكلاهما محرم. قال الإمام النووي - يرحمه الله -. وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها، ولا يجوز مسها. ا. هـ.
س6/ أريد أن أرتبط بامرأة صالحة والحمد لله إلا أن لديها رغبة في ممارسة مهنة المحاماة. ما حكم الشرع في ذلك؟
ج6/ لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال، لما في ذلك من محاذير شرعية، ولما يترتب عليه من التعرض للمفاسد. ويمكن للمرأة أن تعمل في مجال يلائمها كالتدريس، وتطبيب النساء وما شابه ذلك.
س7/ لي قريبة تسكن في الخارج ولديها مال وعمرها 16 عاماً ووالدها يعمل عملين ولديهم بيت ملك ولديهم سيارتان ولديهم من الخير ما يكفي أكثر من عائلة وهي لا تساعد أمها في المنزل وذهبت الآن لتعمل في مطعم من دون محرم وحدها لكي تمسح الطاولات وتلبي طلبات الزبائن فقط من أجل جلب زيادة من المال لكي تسرف فيه فهل هذا جائز؟ وهي مكتفية وملبى لها كل طلباتها وزيادة فهل يجوز عملها؟
ج7/ إن وظيفة المرأة التي تليق بها وتتناسب مع طبيعتها هي أن تقر في بيتها، وتقوم بشؤونه وشؤون أولادها إذا رزقها الله - تعالى -بأولاد. أما العمل خارج البيت فلا يتناسب مع طبيعتها أصلاً، ولكن إذا احتاجت له فلها أن تمارس منه ما كان أقرب لطبيعتها وأليق بحالها، مع الالتزام بشرع الله - تعالى -في التستر وعدم الاختلاط المحرم بالرجال ونحو ذلك.
والذي يظهر من السؤال أن هذه الفتاة ليست بحاجة أصلاً إلى العمل وأن العمل الذي تمارسه لا يليق بالمرأة، ولا يتناسب مع طبيعتها، ويشتمل على محاذير شرعية كبيرة(97/652)
فعليها إذن أن تتوب إلى الله - تعالى -توبة نصوحاً، وتترك هذا العمل الذي يشتمل على محاذير شرعية جمة، وتقر في بيت أبيها، وتحمد الله - تعالى -على ما أعطى من الخير الكثير، وتشكر نعمته ولا تكفرها، فإن كفران النعمة موجب لزوالها، كما أن على والدها أن يمنعها من الخروج لمثل هذه الأعمال فإنه مسؤول أمام الله - سبحانه وتعالى - عنها.
س8/ أعمل في مجال الإعلام وعملي هو أن أقوم بستر عورات الممثلات أو عارضات الأزياء حتى لا يظهرن عاريات في المجلة فهل مهنتي جائزة علماً أني أضطر لرؤية عورات النساء لسدها ومنع نشرها.. وما حكم راتبي من عمل كهذا؟
ج8/ إن المرأة كلها عورة بالنسبة لنظر الرجال الأجانب إليها، ولا يحل لها أن تبدي شيئاً من عورتها أمامهم ولو كان ذلك عن طريق التصوير في مجلة أو نحوها، وإذا كنت تقومين بستر عورات الممثلات أو عارضات الأزياء في المجلة، بحيث لا يظهر شيء من أبدانهن وشعورهن وتقصدين بذلك إنكار المنكر، فلا شك أنه هذا عمل خير. وإن كان يبقى مع عملك هذا شيء من عوراتهن وزينتهن، فننصحك بترك هذا العمل لأن ما يدخل عليك من المفاسد أعظم من هذه المصلحة الجزئية التي تقومين بها. وأيضاً، فالمجلات التي تنشر صور الممثلات وعارضات الأزياء لا خير فيها، بل هي باب من أبواب الفتنة والشر، وعملك فيها يعد معاونة لهم على ذلك. وأعلمي أن سلامة الدين لا يعدلها شيء، ففري بدينك من هذا المجال الذي لا يرضي الله - تعالى -، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
س9/ هل يجوز للمرأة الخروج للعمل بضوابط شرعية والعمل سيكون في مكان مختلط ولكن مكان عملي سيكون في غرفة مع النساء مع العلم أنني ملتزمة بالحجاب الشرعي وأغطي وجهي ولله الحمد؟
ج9/ يجوز للمرأة أن تخرج للعمل، إذا كان ثم حاجة لها، أو كان المجتمع بحاجة إلى عملها ولو لم تكن هي بحاجة إلى العمل، كعملها طبيبة أو مدرسة. ويشترط لذلك أن تخرج إلى عملها بلباسها الشرعي غير متطيبة، وتتجنب العمل في الأماكن المختلطة(97/653)
قدر طاقتها، وكذا الحديث مع الرجال فيما لم تدع الحاجة إليه. ومنه يعلم أنه لا حرج في عملك هذا ما دمت في مكان مخصص للنساء مع التزامك بالحجاب الشرعي، ولا يضر كونك تدخلين إلى هذه الغرفة وتصلين إليها من أماكن مختلطة حولك، مع الحذر أن يدخل عليكن أحد من الرجال من غير تنبيه مسبق، حتى تستطعن التستر حال دخوله.
س10/ هل يجوز للمرأة الخروج للعمل بإذن زوجها إذا اضطرتها مستلزمات الحياة لها ولأولادها في مكان مختلط على بعد 80 كم من بيتها مع محاولتها جاهدة البحث عن عمل آخر ومراعاة الآداب العامة في مكان العمل حتى يأتي الفرج؟
ج10/ إن اختلاط الرجال بالنساء في مكان واحد محرم شرعاً، لما يترتب عليه من مفاسد وأضرار كثيرة دينية ودنيوية لا تخفى على أحد، وبناءً على ذلك، فإن العمل في الأماكن المختلطة لا يجوز إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا بذلك، ولا يبيحه إذن الزوج فيه، بل يجب عليه أن يمنع الزوجة منه ديانة وغيرة، وقياماً بالمسؤولية التي من أهمها أن يقيها نار جهنم. قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} "التحريم: 6"
وننبه هنا إلى أمرين اثنين:
الأول: أنه لا مانع من أن تقوم المرأة بالكسب عن طريق عمل تمارسه في بيتها، كالخياطة، والحياكة، والنسيج. كما أنه لا مانع أن تقوم خارج بيتها بعمل يلائم طبيعتها، كتدريس البنات، وتطبيب النساء ونحو ذلك.
ويشترط أن يكون ذلك بإذن الزوج، وألا يكون فيه تضييع لحق واجب، وأن تلتزم بالحجاب، والتستر عند خروجها، وألا يكون مكان العمل فيه اختلاط، بل إن المرأة قد تثاب بذلك إذا أحسنت النية والقصد، وقامت بذلك خدمة لمجتمعها وأمتها.
الثاني: إذا لم يكن للمرأة عائل يعولها، واضطرت لإيجاد مصدر رزق، ولم تجد لذلك سبيلا إلا العمل في مكان مختلط جاز لها العمل فيه مع التحفظ غاية التحفظ، والبحث المستمر عن عمل لا يقتضي الاختلاط بالرجال، وذلك لقول الله - تعالى -: {وَقَدْ(97/654)
فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ} "الأنعام: 119" ولقوله - تعالى -: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} "البقرة: 173".
وتعليقاً على ما في السؤال من أن مكان العمل على بعد ثمانين كيلومتر من بيت المرأة نقول: إنه إذا كان مكان العمل خارج المدينة التي تسكنها المرأة، بحيث يعد ذهابها إليه سفراً، فإنه لا يجوز لها الذهاب إليه إلا مع محرم أو زوج، لما في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم). فإن لم تجد المحرم، أو الزوج القادر على السفر معها وكانت مضطرة للعمل على الوضع السابق بيانه، فعليها أن تحاول السفر عبر رفقة آمنة، وألا تخلو في سفرها مع رجل أجنبي منفرد، وتحت أي ظرف من الظروف.
س11/ ما حكم فتح دكان الحلاقة للنساء وقت صلاة الجمعة، وصلاة الجمعة ليست واجبة على المرأة ولها أن تصليها في الدكان ولكن النداء في سورة الجمعة عام للرجال والنساء كما قال العلماء؟
ج11/ لقد أجمع الفقهاء على أن صلاة الجمعة لا تجب على المرأة، ومما يستدل به لذلك ما رواه أبو داود من حديث طارق بن شهاب - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك وأمراة، وصبي ومريض) فللمرأة ألا تحضر إلى الجمعة ولو كانت قريبة من المسجد، أو سمعت النداء، بل أن تصلي الظهر في المكان الذي هي فيه خير لها من صلاة الجمعة مع الناس. ونريد أن ننبه هنا على أمرين:
الأول: أن على من أراد أن يقيم صالوناً لحلاقة النساء، لابد أن يراعي فيه بعض الضوابط، ومنها:
- أن يكون المباشر للعمل امرأة مسلمة.
- ألا يشتمل العمل على محرم، كحلق رأس من يعلم أنها تتبرج للأجانب، لأن في ذلك عوناً لها على ما هي فيه من إثم، وقد قال - تعالى -{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى(97/655)
وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} " المائدة: 2". ومن هذا القبيل من تريد أن تحلق رأسها ليصير على وضع فيه تشبه بالكافرات، أو الرجال، أو الساقطات من النساء.
الأمر الثاني: أن هذا الدكان يجب أن يغلق عند شروع مؤذن الجمعة في الأذان الثاني أذان الخطبة، وذلك لقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}"الجمعة: 9"
س 12/ أعمل طبيبة نساء في مجال تنظيم الأسرة وسؤالي هو: ما الحكم في طبيعة العمل في هذا المجال؟ وما حكم العائد المادي منه؟
ج 12/ إن صحة عمل الطبيبة في مجال تنظيم الأسرة تتوقف على نوع عملها، فإن كان عملها في حيز منع الحمل نهائياً، أو منعه خوف فقر، أو عدم استطاعة تربية الأطفال، أو في أي باب لا يضر بصحة الأم فعملها لا يجوز، لأن الإسلام جاء بإكثار النسل لا بتقليله، فقد روى أبو داود والنسائي من حديث معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم) وروى نحوه أحمد من حديث أنس بن مالك. وقد منع الفقهاء التعقيم (منع الحمل النهائي) ومن ذلك ما نقله البجيرمي عن فقهاء الشافعية قولهم: يحرم استعمال ما يقطع الحمل من أصله. ويستوي في ذلك قطع الإنجاب بعد أن كان، أو منع الحمل ابتداء قبل الإنجاب.
وإن كان عمل الطبيبة النسائية في مجال الإجهاض فهو غير جائز أيضاً، إلا إذا كان الإجهاض حفاظاً على حياة الأم أو بعض أعضائها. لأن الإجهاض قتل نفس كتب الله أن تخلق، جاء في كتاب الشرح الكبير للدردير من المالكية قوله: (ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً) وجاء في كتاب شرح الخرشي ما نصه: (لا يجوز للمرأة أن تفعل ما يسقط ما في بطنها من الجنين، وكذا لا يجوز للزوج فعل ذلك ولو قبل الأربعين).(97/656)
وأما إن كان عمل الطبيبة في مجال المحافظة على صحة المرأة والأطفال والمساعدة في تنشئة الطفل سليماً فهو عمل محمود، والأجر الذي تأخذه الطبيبة على عملها هذا حلال طيب، وقد أفتى بنحو ما ذكرنا من حرمة تحديد النسل ومنع الحمل، وفعل ما يعين عليه المجمع الفقهي الإسلامي، واللجنة الدائمة، ومجلس هيئة كبار العلماء.
س 13/ مجموعة من المعلمات ينتقلن يومياً مسافة مائة كيلومتر خارج بلدتهن للتعليم في بلدة أخرى وليس معهن محارم، فهل يجوز لهن ذلك وهل يعد هذا من باب الضرورة أو الحاجة؟
ج 13/ إن المسافة التي ذكرتها في سؤالك (مائة كيلومتر) هي مسافة سفر عند كل الفقهاء لا نعلم بينهم في ذلك خلافاً معتبراً -، ولا يجوز للمرأة، أو النساء أن يسافرن بلا محارم مطلقاً من غير تحديد مدة للسفر، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: (ولم يُرد - صلى الله عليه وسلم - تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم.. لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " وهذا يتناول جميع ما يسمى سفر). وعلى هذا فلا يجوز انتقال هذه المجموعة من المعلمات من بلدتهن إلى بلدة أخرى وحدهن دون أزواجهن أو محارمهن، وعليهن أن يثبتن لجهة العمل أن هذا الأمر يجب أن يوجد له حل، وعلى الجهة المسؤولة إيجاد الحل المنشود، فإن رفضت ذلك فيجب على من لم تكن تحت ضرورة ملجئة التخلي عن هذا العمل المؤدي إلى الوقوع في هذا المحظور.
س14/ هل عمل الطبيبة ومبيتها في المستشفى للمناوبة حرام؟
ج14/ لا بأس أن تعمل المرأة طبيبة أو تبيت في المستشفى إذا دعت الضرورة إلى ذلك، بل إن ذلك مطلوب شرعاً لتتولى المرأة الطبيبة علاج النساء ورعايتهن في المستشفى. ويجب على المرأة، إذا عملت طبيبة ألا تخالط الرجال، ولا تكون في مكان تخلو فيه برجل غير زوج لها أو محرم. ويجب عليها في حالة الخروج من بيتها أن تلتزم بالحجاب الشرعي، وألا تخرج متطيبة.(97/657)
س15/ ما حكم عمل المرأة في وسائل الإعلام المرئية؟
ج15/ مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام المرئية لها إيجابيات ومنافع ولها كذلك سلبيات ومضار، فما كان منها من سلبيات ومضار، فلا يجوز العمل فيها للرجال والنساء على السواء، لأن العمل في مثل هذا المجال من باب التعاون على الإثم والعدوان وكذا من باب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين كمن يعمل في مجال الأفلام والغناء ونحو ذلك. وأما ما كان منها إيجابياً ونافعاً فلا حرج في العمل فيه بالنسبة للرجال إن ضبط ذلك بضوابط الشرع. ولا يجوز للمرأة أن تعمل في مجال الأعلام المرئي كأن تعمل مذيعة أو مقدمة برامج أو نحو ذلك لأن هذا يؤدي إلى مفاسد عظيمة منها أن المرأة ستسعى جهدها في تحسين صوتها وصورتها للمشاهدين، وقد يحصل أن تحدث خلوة مع رجال أجانب عنها عند التسجيل ولإعداد ونحو ذلك، فالذي ينبغي على المسلمين عمله هو سد هذا الباب بالكلية والسعي في ذلك قدر المستطاع. وأما الرجل فإنه أجدر للقيام بهذه المهمة، وكثير من الإعلاميين لا يتخذون المرأة في هذا المجال إلا لجذب أنظار من لا يراعي بصره، فإن من المعلوم أن المرأة لا تضيف شيئاً جديداً للنشرة أو البرنامج.
http://www.tttt4.com المصدر:
ــــــــــــــ
أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً ( 1 - 2 )
فريدة صادق زوزو
مقدمة:
تزايدت في الآونة الأخيرة نسبة النساء العاملات تماشياً مع متطلبات العصر الحديث، حيث إن العمل أصبح من أوليات الأمور التي تفكر بها المرأة بغرض تحقيق الكثير من مطالب الحياة المستجدة، في حين أن هذا الأمر لم يكن منتشراً من قبل بصورة كبيرة، إذ كان عمل المرأة الأول هو رعايتها لأولادها وشؤون بيتها، هذه الوظيفة(97/658)
الفطرية، وأما عملها خارج البيت فلم يكن إلا لضرورة قصوى تلبية لاحتياجات الأسرة المتزايدة أو في ظل غياب المعيل.
أما اليوم فلم يعد العمل مجرد مسألة عول بل أصبح من أولويات حياة المرأة، خاصة بعد التخرج من الجامعة، ولأن هدف الخروج للعمل والغاية منه تغيرت بتغير الزمن، فإن النساء العاملات أصبحن لا يستغنين عنه أبداً، لأنه وسيلة لتحقيق الذات، وكسب المال، وتوسيع نطاق العلاقات الاجتماعية، هذه الأخيرة التي قد تؤثر في بعض الأحايين على علاقة المرأة مع زوجها، خاصة إذا انفتحت المرأة العاملة في علاقاتها مع الرجال من زملائها في أماكن العمل المغلقة، وما ينتج عنه من الاختلاط والخلوة.
فتدور حول عمل المرأة خارج البيت كثير من المغالطات والخلل في الكيفية التي يسير عليها، الأمر الذي يعود بالأثر السيئ على استقرار بيت الزوجية، سواء في العلاقة العاطفية بين الزوجين، أو من ناحية اهتمام ورعاية الأم العاملة لأولادها، وقد تزداد المشكلة تعقيداً لتصل حد الطلاق وانحلال مؤسسة الأسرة، فيضيع الأولاد بين سؤال لا يجد له القضاء حلاً عملياً: من الحاضن؟ ويبحث الزوج عن امرأة أخرى تعطيه الاستقرار المفقود.
ولذا فإن هذه الورقة تحاول النظر في مدى أثر عمل المرأة خارج بيتها على استقرار بيت الزوجية، وتتخذ الورقة المرأة الماليزية المسلمة حالة لدراسة هذه القضية، وذلك لانتشار ظاهرة عمل المرأة خارج بيتها في المجتمع الماليزي، للاستفادة من الحلول المطروحة لهذه المشكلة.
وقد اعتمدت في كتابة هذه الورقة ابتداء على المقابلة الشخصية والتحاور مع عدد من النساء العاملات معي في جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا، وبعض العاملات في الجامعة العالمية الإسلامية ماليزيا، وبعض الموظفات في أماكن متفرقة، واللاتي يختلف مستواهن من حارسة إلى موظفة إدارية، إلى محاضرة ومعيدة ومدرسة، وطبيبة وممرضة، ومسؤولة كبيرة في الإدارة وقاضية الخ، ثم بعض السيدات ذوات الشهادات العالية والمتفرغات لتربية أولادهن، ثم اعتمدت على البحث المكتبي في(97/659)
الموضوع نفسه، من خلال دراسات علمية أكاديمية متخصصة، وإحصائيات حكومية، ومقالات في الجرائد والمجلات، وغيرها.
مفهوم عمل المرأة خارج البيت:
عرفت د/ كاميليا المرأة العاملة بأنها المرأة التي تعمل خارج المنزل وتحصل على أجر مقابل عملها، وهي التي تقوم بدورين أساسيين في الحياة دور ربة البيت ودور الموظفة[i].
والحقيقة أن هذا التعريف يكتنفه نوع من النقص، على اعتبار أنه لم يعتبر وظيفة المرأة داخل بيتها عملا، فالمرأة عموما والمسلمة خصوصا تؤدي جميع أعمال البيت عن رضا كامل من تنظيف وطبخ والأهم من ذلك تربية الأولاد.
فهل لأن عمل داخل البيت لا يوجد فيه دخل قد يخرجه عن مفهوم العمل السائد (مقابل أجر)؟
لذا فإنني في ورقتي هذه قيّدت العمل بـ: خارج البيت، حتى يتراءى للقارئ أنني أعتبر الأعمال البيتية أحد أنواع العمل والوظيفة، وليس بالضرورة أن العمل هو ما يتقاضى عنه الإنسان مقابلا وأجرا.
فالمقصود من عمل المرأة خارج البيت، هو التحاقها بأحد مراكز العمل الحكومية منها أو الخاصة، في أوقات محددة باليوم أو الأسبوع نظير مبلغ مالي معين ومحدد قابل للزيادة.
وهنا أخصص ماليزيا بالذكر في تعداد بعض القطاعات التي تشتغل بها المرأة، ومنها ما تنفرد به المرأة الماليزية، فإذا كان عمل المرأة خارج بيتها في المصانع بأنواعها، وفي مجال التعليم على مستوياته المتعددة، وخروجها في الريف للزراعة، وعملها في المحلات التجارية كمسوق أو بائع، وغيرها مما ورد ذكره في (خطط ماليزيا السادسة 1991م/1995م)[ii] إلا أن ما يتميز به المجتمع الماليزي هو عمل المرأة بالقرب من بيتها، سواء في تحضيرها للطعام وبيعه جاهزا للعمال والموظفين، أو بيعها للجرائد والأزهار، وهذا النوع من العمل أرى أنه عمل مميز لا يحتاج من المرأة أن تغيب(97/660)
عن بيتها مدة طويلة، وإنما هو عمل محدد بوقت خروج العمال وتلاميذ المدارس طلبا للوجبات الخفيفة، أو الصبيحة الباكرة، ويحدث أن تتقاسم الجارات محل العمل نفسه، بحيث تبيع إحداهن في الصبيحة والأخرى ظهرا وأخرى مساءً.
دواعي عمل المرأة خارج البيت عموماً وفي ماليزيا خصوصاً:
تتزايد من سنة لأخرى نسبة النساء العاملات خارج البيت، إذ استعضن بالعمل الخارجي العمل الفطري للمرأة داخل بيتها، هذه الوظيفة التي عرفت قديما وما زالت المرأة مُطالبة بأدائها على اعتبار أنها الوظيفة الطبيعية الفطرية التي جبلت عليها، وعلى اعتبار أيضاً أنها وظيفتها الأساسية، في حين "أن عملها خارج البيت هو استثناء من الأصل الذي يقضي بمقامها في بيتها للتصدي للرسالة المقدسة، والوظيفة الخطيرة التي كلفت بحملها"[iii].
غير أن تداعيات التطور الحادث في المجتمع كان له الأثر البارز في خروج المرأة للعمل، فبعد أن كان هذا الخروج مقترناً بالضرورة والحاجة الداعية إليه عند فقد المعيل ورب الأسرة، أصبح في الوقت الحاضر هو نفسه الضرورة، خاصة بعد أخذ المرأة كفايتها وحظها من التعليم، والتعليم العالي بالخصوص، وبعد أن أصبح التعليم إلزامياً، "فحصول النساء على مؤهل علمي قد أدى إلى تحسين فرص التوظيف لهن"[iv]، وهذا هو السبب الأول الداعي لعمل المرأة.
أما السبب الثاني :
فهو غلاء المعيشة الذي استلزم عمل الزوجين معاً لأجل تدبير أمور الحياة المعيشية لهما ولأبنائهما، ولعائلتيهما (والديهما) من ذوي الدخل المنخفض، وهذا العمل بدوره يساعد المرأة على الاشتراك والانخراط في الجمعيات التعاونية بمقدار مالي محدد لكل شهر، وهو الأمر الذي يساعدها في التوفير بطريق غير مباشر لصرفه في الوقت المناسب، وفي هذا المجال أصبح العمل ضرورة ملحة يقتضيها هذا الزمن.
وقد أقام قسم استقصاء السكان والأسرة بماليزيا بحثاً عن كيفية إيجاد فرص العمل ومجالاتها، ومن أهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث أن أكثر النساء الماليزيات(97/661)
يدخلن سوق العمل سواء قبل أو بعد الزواج بناء على دواعي مادية، وهذا يتضح حينما نعلم أن أكثر النساء غير المتزوجات يعملن أساساً لمساعدة أُسرهن خاصة عند فقد العائل أو عجزه، أما المتزوجات فأكثرهن يعملن ليحصلن على زيادة في دخل الأسرة[v].
وأما السبب الثالث :
فيتمثل في دور المؤسسات السياسية والاقتصادية التي كفلت فرص العمل، والدعوة إلى خروج المرأة للعمل بغرض ترقية مستواها ومساهمتها في التنمية الاقتصادية لبلدها. فبالنسبة للنموذج الماليزي هنا، وحسب التعداد السكاني لعام 2000م فإن الكثافة السكانية كانت قرابة 23 مليون نسمة. ومعدل النساء يقارب 50% أي حوالي نصف السكان، "فالنساء هن المصادر البشرية للبلد، وبإمكاننا وعلينا الاعتماد على الطاقة النسوية لمؤازرة الدولة لتصبح صناعية ومتطورة"[vi].
وفي الوقت الراهن فإن نسبة النساء في القوى العاملة هي 47% بينما نسبة الرجال 84% والمسألة ليست زيادة نسبة عدد النساء في القوى العاملة وإنما تعزيز مكانة المرأة في القوى العاملة)[vii].
وقد توجد أسباب أخرى غير مباشرة أو أسباب ثانوية تستدعي خروج المرأة للعمل مثل الإحساس بالملل والكآبة داخل البيت! خاصة وإذا كانت المرأة قد أخذت قسطا عاليا من الدراسة والتكوين المهني، فترى أن الزواج وإنجاب الأولاد قد حطم مستقبلها وضيّع آمالها في تحقيق طموحاتها في أن تكون مدرسة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة، وتنسى أو تتجاهل أن تعليمها لم يكن المقصد الأساس منه هو التوظيف، إنما المقصود منه تثقيف المرأة وتوعيتها لأجل أداء دورها الفطري وهو تربية الأولاد بغرض إنتاج جيل واع! "ولكن الصناعة والتعليم الأفضل والمؤهلات سحبت المرأة لمشاركة القوى العالمة، ولهذا تأثير على الحياة الأسرية"[viii].
وهذا من جانب إضافة إلى جانب آخر لم أره إلا في المجتمع الماليزي ومن خلال تعاملاتي اليومية مع بعض السيدات الكبيرات في السن (ممرضات، حارسات،(97/662)
طباخات، عاملات تنظيف)، فحينما أسألهن عن سبب الخروج للعمل وتفضيله عن البقاء في البيت، يجمعن كلهن على أن السبب هو الإحساس بالملل والفراغ بسبب خروج الأبناء والزوج للعمل أو الدراسة، ويجدر التنبيه أن أكثرهن كن عاملات ووصلن لسن التقاعد، وهذا يعني أن لديهن معاش التقاعد، فليس السبب إذن في خروجهن هو كسب المال بل الإحساس بالملل والفراغ والكآبة، في زمن لم يعد فيه وجود للعائلات الممتدة، إذ حلت الأسر النووية محلها، وضاعت في زحمة الحياة الروابط الاجتماعية!!
آثار عمل المرأة خارج البيت
الآثار الإيجابية: (المساعدة في تنمية الوطن، المساهمة في زيادة الدخل، المشاركة في الأعباء المالية للزوج).
المساعدة في تنمية الوطن:
تشير (خطة التنمية الماليزية السابعة، 1996م/2000م) إلى أن نسبة خروج النساء للعمل خارج البيوت زادت من 30. 8% في عام 1957م إلى 47. 1% لعام 1995م، بغرض المشاركة في تنمية الموارد الاقتصادية لماليزيا بعد الاستقلال، "والجدير بالذكر أن النساء الماليزيات قد خرجن من المنزل ليشاركن الرجل في ميادين الأعمال العامة ليس بناءً على تقليد المرأة الأوروبية والتشبه بها". إلا أن التحديث والتطور الإنتاجي في ماليزيا ومشروع رؤية 2020م، أدى إلى زيادة الطلب على اليد العاملة، وبدأت المرأة الماليزية تشارك في مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، زراعيا، وصناعيا، وفي قطاع الخدمات التعليمية والإدارية، وذلك لحاجات التنمية الوطنية إلى مهاراتها، وخبرتها، وجهدها.
المساهمة في زيادة الدخل:
مشاركة المرأة الماليزية بشكل واسع في جميع أنواع مجالات وقطاعات العمل أدى إلى زيادة حركة التنمية وتوجيهها نحو الأفضل، وهو ما تبيّنه تقارير قسم التخطيط(97/663)
الماليزي والتي دلت على ارتفاع الدخل لا سيما في السنوات الأخيرة، في المدن والأرياف على السواء.
ويوضح أحد التقارير ما يلي: "أن مقدار النفقات المعيشية الشهرية في المدن في تزايد مستمر من 1. 406 رنغيت خلال سنوات 1993م/ 1994م إلى 1. 942 رنغيت خلال سنة 1998م/1999م، أما بالنسبة لمقدار النفقات المعيشية الشهرية في القرى فإنه كذلك ارتفع من 854 رنغيت إلى 1. 270 رنغيت خلال السنة نفسها"
المشاركة في الأعباء المالية للزوج:
مما لا شك فيه أن عمل المرأة خارج البيت أصبح يشكل دعما اقتصاديا قويا للأسرة، في ظل غلاء المعيشة وهو السبب الثاني من دواعي خروج المرأة للعمل خارج البيت.
فإن متطلبات الحياة اليومية زادت وتطورت في ظل النظام الرأسمالي بالذات[xii]. وبالتالي أصبح عمل المرأة مهما إلى حد كبير إلى جانب عمل زوجها في توفير النفقات اليومية للأسرة.
وإن كان الأصل أن الزوج هو الذي يتحمل نفقات البيت الأصلية كاملة؛ إلا أن الزوجة تتحمل النفقات الإضافية من باب التطوع منها على ذلك، كما أنه يزيد من المودة والرحمة بين الزوجين في كل الظروف والأحوال[xiii].
الآثار السلبية لعمل المرأة خارج البيت:
لعمل المرأة خارج البيت بجانب الآثار الإيجابية- آثار سلبية عديدة قد تفوق في خطورتها وأهمية الاهتمام بها الآثار الإيجابية، وقد ارتأيت، عند تركيزي على حالة ماليزيا، أن أنظر إلى الآثار السلبية من خلال زاويتين؛
أولهما الآثار السلبية العائدة على مكونات الأسرة الثلاثة؛ الأب (الزوج) والأم (المرأة)، والأولاد، ولذلك فإني قسمتها إلى آثار عائدة على الأولاد، وآثار عائدة على المرأة، وآثار عائدة على الزوج.(97/664)
أما ثانيهما فهو الأخطر من بين كل الآثار وهو الطلاق، ذلك أنه يهز أركان الأسرة ويشتتها وينهي البناء الأسري ويفرق أفرادها.
أولا: الآثار العائدة على الأولاد:
عادة ما تخرج المرأة للعمل تاركة وراءها أولادا، وفي كثير من الأحيان والديها أو أحدهما؛ الأمر الذي يتطلب منها تدبير شؤونها التي تركتها وراءها، فهي إما ترسل أولادها إلى الحضانة وإما تجلب خادمة تساعدها، كما أنها تضطر في أحيان كثيرة لإحضار خادمة أخرى لوالديها العاجزين.
كما وأنه عادة ما يكون مكان العمل بعيدا مما يستلزم الخروج المبكر للحصول على وسيلة النقل، خاصة أن المصانع عادة ما تكون خارج المدينة السكنية، الأمر الذي ينتج عنه بقاؤها خارج البيت لمدة تزيد على 12 ساعة أو أقل بقليل فقط، ومنه سيبقى الأولاد بدون أمهم كل هذه المدة وهو أمر ليس هيّنا.
إن الطفل لا يحتاج فقط إلى من يوفر له أمور وحاجيات الأكل والنظافة والنوم فقط وهو الدور الذي يمكن أن تؤديه أي خادمة أو حضانة ولكن الطفل يحتاج ضمن الأمور السابقة الذكر الحنان وعاطفة الأمومة التي لا يمكن للخادمة مهما أوتيت من ثقة وأمانة وحنان أن تعطيها له؛ لأن هذا الطفل أجيرها فقط، وهي تعمل كأي عامل يؤدي عمله على حسب ما يساويه الأجر فقط، ولا يمكن لعاطفة الأمومة أن تُباع أو تُستعار أو تكتسب لأنها فطرة الله التي فطرها الأم عندما حملت جنينها ووضعته وليدا وألقمته بعد ذلك صدرها.
ناهيك عن الأطفال وهم في سن المراهقة، وهم في سن الشباب...
ثانياً: الآثار العائدة على المرأة نفسها:
إن المرأة العاملة وبسبب كثرة وتعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، فإنها تُصاب بالإرهاق المؤدي إلى الضغط النفسي، فإذا ما أدت عملها خارج البيت بكل جهدها وبإتقان فإنه سيرجع بالعكس على أولادها ومسؤولياتها تجاه زوجها خصوصا، ثم بيتها عموما، فلا تقدر على الأداء الجيد لأنها مجهدة ومرهقة، وبالتالي غير قادرة(97/665)
على الوفاء بالتزاماتها البيتية، وإذا ما حدث العكس فإن عملها خارج البيت سيتأثر بتأخرها وكثرة غيابها أو بخروجها المبكر من محل العمل.. إلخ.
والأدهى والأمر من هذا كله هو الإرهاق وضغط الأعصاب الذي يلاحقها في بيتها ومكان عملها، بين ثنائية الصراع (الاستقرار والبقاء إلى جنب أبنائها ترعاهم وتقوم على تدبير شؤونهم، أو إغراء العمل خارج البيت تحقيقاً للذات وكسباً للمال وجرياً وراء مغريات الحياة).
وهكذا تجد المرأة نفسها في دوامة صراع يومية، بين العمل خارج البيت وبين مسؤولياتها تجاه أولادها (تربيتهم، رعايتهم، مساعدتهم في دروسهم)، وبين زوج يريد زوجة حنونا تلطف له جو الحياة المشحون والمضغوط، وبين بيت يحتاج إلى تنظيف وووو...
ــــــــــــــ
نصائح لعمل المرأة في الصيدلة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... م.م
السؤال
انا طالبة في كلية الصيدلة وعملي مستقبلا سيكون في المستشفى . وسيكون هناك رجال ونساء يعملون في الصيدلية. واثناء تدريبي في الصيدلية ايام الاجازة فوجئت ببعض الفتيات في تهاونهن في الحجاب وكشفهن لوجههن وتحدثهن مع الرجال من غير داع, ولقد ساءني ذلك جدا واتعبني نفسيا . لقد كنت اعرف ان العمل هكذا ، لكن لم اكن اعلم ان تتخلى البنت عن حياءها واخلاقها وحجابها لمجرد انها صيدلانية فالواحدة منا حتى لو وصلت الى اعلى المراتب ستظل امرأة ولا يمنعها من ان تؤدي وظيفتها وهي متمسكة بحجابها وحيائها ومن فقدت حياءها فقدت عفافها.(97/666)
سؤالي هو بماذا تنصحونني في عملي مستقبلا من التوجيهات المفيدة لي في صلاح ديني ودنياي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / م . م حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع.
أسأل الله العظيم أن يزيدك حرصاً وغيرة لدين الله، وأن ينفع بك البلاد والعباد.
مما لا شك فيه أن أمتنا تحتاج لصيدليات مسلمات ملتزمات بالحجاب وسائر آداب الإسلام؛ حتى لا تتعرض العفيفات الصالحات للحرج حين يصبن بالأمراض، ويجدن أنفسهن أمام خيارين أحلاهما مرٌّ، فإما أن تتعامل المسلمة مع صيدلي كافر لا يؤتمن، أو تجد نفسها أمام صيدلي يتمسك بالإسلام اسماً لكنه في حقيقته لا يخاف الله ولا يهتم بالآداب الشرعية، أو ترفض هذا كله لتصارع الأمراض والآلام.
وما أحوجنا إلى صيدلانيات داعيات إلى الله؛ حتى لا نسمع من تمدح تلك الكافرة المنصِّرة، والمسلمة الملتزمة تستطيع أن تقدم النصائح والتوجيهات لزميلاتها الغافلات، وللأخوات الزائرات، والمريضة منكسرة ومتألمة وراغبة في الرجوع إلى الله الشافي سبحانه، وقد بدأنا ولله الحمد نسمع من تطالب بالتعامل مع النساء وليس مع الطبيب أو الصيدلي الرجل ، ولن يسد حاجة المسلمات إلا الصالحات، فقد تحرج المرأة فلا تستطيع أن تسأل عن الدواء أو طريقة الاستعمال، وربما كان المرض في أماكن حساسة، وفي السنة النبوية موقف الرسول صلى الله عليه وسلم حين وجه امرأةً مسلمة فقال : (خذي فرصة فتطهري بها، فقالت كيف أتطهر؟ قال: سبحان الله تطهري بها، فاجتذبتها عائشة رضي الله عنها وقالت لها :"تتبعي بها أثر الدم").(97/667)
وأرجو أن تحرصي على الاستمساك بآداب هذا الدين، في الكلام والمشي واللباس وسائر التصرفات من تجنب للخلوة بالرجل، وغض للبصر، وخفض للصوت، واعملي أن حجاب المرأة ودينها أغلى من الوظيفة والشهرة، فإن استطعت أن توفقي بين الالتزام بالإسلام وهذا العمل فهذا خير ، وأرجو أن تجعلي نيتك وقصدك لله وتحرصي على النصح للمسلمات من الزميلات والزائرات، والدعوة إلى الإسلام بين الكافرات، واصبري على الأذى، أما إذا عجزت عن هذا فلا خير في وظيفة أو عمل يفقد المرأة حياءها ودينها، وابتعدي عن مواطن الرجال، ولا تقصري في نصح المقصرات، وليكن ذلك بالحكمة والأسلوب الحسن، وتجنبي نصح الغافلات أمام الناس، ولا تظهري عليهن الفضل والأستاذية؛ حتى لا تعطي الشيطان مدخلا ، واختاري لنصحك الأوقات المناسبة والألفاظ اللطيفة، وانتبهي لخطورة التوسع في التعامل مع الرجال بدعوى الزمالة، فالإسلام لا يعترف بهذه العلاقة.
وتأكدي أن الفتاة إذا تحجبت نالت الاحترام والتقدير من الجميع ( ذلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب:59] وحذر الإسلام المرأة من الخضوع في القول والتكسر في الكلام، فقال تعالى : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ...) [الأحزاب:32] وحدد نوعية الكلام فقال: (وقلن قولاً معروفاً) وإذا كانت الكلمة الواحدة تكفي فلا حاجة للثانية، والمسلمة الملتزمة تؤثر بلباسها وأدبها وحشمتها، أسال الله أن يوفقك وأن يرزقك الثبات والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــ
عمل المرأة المسلمة
الدكتور مسلم اليوسف
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.(97/668)
قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).
وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1).
وقال - جل جلاله -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71).
أما بعد:
فإن أحسن الكلام كلام الله، - عز وجل -، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [1]
وبعد:
لا تزال قضية عمل المرأة، وخروجها من بيتها وقرارها الشغل الشاغل لليهود والنصارى، ومن سار بركبهم، آخذين في سبيل تحقيق أهدافهم أساليب كثيرة، ومن هذه الأساليب إثارة الشبهات في الدين الإسلامي، وأصوله، ولعل من أهم تلك الشبهات هي:
1- أن منع المرأة من العمل أو تضييقها في أضيق نطاق هو من الثقافة الاجتماعية السائدة في كثير من البلاد الإسلامية، والتي تؤدي إلى تعطيل لقوة كبيرة من المجتمع، ومن الظلم أن تبقى الإناث فارغات اليد من العمل، عاطلات عن الكسب في البلاد الإسلامية، وهي بحاجة إلى تجنيد كل طاقاتها من الرجال، والنساء لبناء مجتمع الرفاهية والرخاء [2].
2- أن من حق المرأة أن تعمل وتتكسب من أي مهنة شاءت كما يفعل الرجل طالما أن ذلك نابع من رغبتها، وكان لها قدرات على العطاء، والإنتاج ولا تقل عن الرجل(97/669)
في أي شيء، كما أن منعها من العمل لا يواكب روح العصر، ومتطلباته، حيث تقضي ظروف المعيشة الراقية أن تباح للمرأة كافة صنوف الأعمال التي ترغب فيها [3].
3- أن عمل المرأة ينمي الاقتصاد الوطني خصوصاً عندما تحل المرأة الوطنية محل الأيدي العاملة الأجنبية، فتصبح منتجة لا مستهلكة فقط [4].
وللرد على هذه الشبهات وغيرها نبسط القول في عمل المرأة في ضوء الشريعة الإسلامية.
فالشريعة الإسلامية كقاعدة عامة - لا تمنع أحد من العمل والتكسب، ولكنها تضع الحدود، والضوابط التي تلائم، وتفيد المجتمع وأفراده.
ذلك أن الإسلام قد قسم الأدوار بين المرأة، والرجل تقسيماً عادلاً فريداً لبناء أسرة سليمة تبني في الدارين، فالرجل هو المسؤول عن نفقة أفراد أسرته وتأمين احتياجاتها، فهو يتولى شؤون المنزل الخارجية، ويقع على المرأة مسؤولية العناية بالبيت، والزوج والأولاد، وتوفير الراحة والحنان وتربية الأولاد.
وحيث إن المجتمع الإسلامي والمرأة المسلمة قد تحتاج إلى عمل المرأة ببعض الأعمال، والمهام على سبيل الضرورة، كأن تعمل معلمة لتعليم بنات جنسها، وطبيبة لمعالجة وتطبيب الإناث، أو أن تعمل بأي عمل يفيد المجتمع وبنات جنسها مع مراعاة الضوابط الشرعية والتي من أهمها [5]:
1- ألا يكون لعمل المرأة تأثيراً سلبيا على حياتها العائلية:
عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته" [6].(97/670)
ذلك أن المرأة راعية لبيتها، ولأولادها وإن عملها خارج بيتها فيه مضيعة للأولاد، وتقصير لحق الزوج، لذلك فإن عملها محرم للفساد الذي ينتجه من خلال عمل المرأة خارج بيتها.
قال الشيخ ابن باز - عليه رحمة الله -: (أن عمل المرأة بعيداً عن الرجال، وكان فيه مضيعة للأولاد، وتقصير بحق الزوج من غير اضطرار شرعي لذلك يكون محرماً؛ لأن ذلك خروج عن الوظيفة الطبيعية، وتعطيل للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها، مما ينتج عنه سوء بناء الأجيال، وتفكك عرى الأسرة التي تقوم على التعاون، والتكافل.[7])
2- ألا تعمل عملاً فيه محذور شرعي، كالاختلاط والخلوة:
لقوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 59)
عن أم عطية قالت: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر، والأضحى العواتق، والحيض وذوات الخدور.فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: لتلبسها أختها من جلبابها [8].
فالرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر جميع المسلمات أن تلبس الحجاب إن أردن الخروج، وعند عدمه لا يمكنها أن تخرج.
ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: (( إياكم، والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو، قال الحمو الموت))[9].
عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُا سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَقُولُ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ" [10] [واللفظ لمسلم].(97/671)
ففي هذه الأحاديث، وغيرها تصريح بعدم إجازة الدخول على النساء، وبعدم الخلوة مع المرأة الأجنبية إلا مع ذي محرم حفاظا على الأعراض، ووقاية من القيل والقال والفتن.
3- ألا يؤثر عملها على عمل الرجال، كأن تكون سببا في قطع رزقه:
فالمرأة قد تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يعيش هو، ومن تحت جناحيه من هذا العمل، مما يؤدي إلى انتشار البطالة، وتفاقمها في صفوف الرجال.
لقوله - تعالى -: ((الرجال قوامون على النساء)). سورة النساء الآية 34.
ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام )[11].
قال ابن عبد البر: (معنى لا ضرر: لا يدخل على أحد ضرر لم يدخله على نفسه، ومعنى لا ضرار لا يضار أحد بأحد) [12].
وقال الخشني: (الضرر الذي لك فيه منفعة، وعلى جارك فيه مضرة، والضرار الذي ليس لك فيه منفعة، وعلى جارك فيه المضرة)[13].
- فالمرأة عندما تعمل دون ضوابط شرعية تجلب منفعة لنفسها لا تتناسب مع المضرة التي تلحقها بغيرها على أحسن وجه، وربما تجلب من جراء عملها الضرر، والمضرة والضرار لها، ولغيرها. إذا لم تراع الضوابط الشرعية التي وضعها العلماء المعتبرون.
4- أن يتوافق عملها، وطبيعتها الأنثوية:
فقد أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي، والجسدي الذي خلقه الله - تعالى -على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفتها الأمومة ملائمة كاملة، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة، وسيدة بيت، وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها، وأسرتها نتائج فادحة في كل مجال.
يقول تقرير الصحة العالمية: (أن كل طفل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وأن فقدان هذه الغاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لدى الطفل كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف المنتشر بصورة مريعة في المجتمعات(97/672)
الغربية وطالبت هذه الهيئة الموقرة بتفريغ المرأة للمنزل، وطلبت من جميع حكومات العالم أن تفرغ المرأة، وتدفع لها راتبا شهريا إذا لم يكن لها من يعولها حتى تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها.
وقد أثبتت الدراسات الطبية، والنفسية أن المحاضن، وروضات الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية ولا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به [14].
وبعد هذه الشروط والضوابط الشرعية ما هي مجالات العمل المسموح بها للمرأة المسلمة ؟.
لعل خير عمل تعمل به المرأة هي رعاية بيتها، وأولادها وزوجها، كما يمكن أن تعمل في هذه المجالات ضمن الضوابط التي أوردها علماء الأمة المعتبرين:
1- في مجال الدعوة إلى الله - تعالى -:
كداعيات ومعلمات يعلمن النساء أحكام الشريعة الإسلامية بكافة أصولها، وفروعها في المدارس، والمعاهد والجامعات وللحصول على أعلى الشهادات العلمية والتعليمية المعتبرة.
2- مجال العلم، والتعليم العام:
كأن تعمل مدرسة للبنات، فتعلمهن كافة علوم العصر الحديثة التي يحتاجها في حياتهن لأجل مجتمعهن مع مراعاة الضوابط الشرعية.
عن الشفاء بنت عبد الله، قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا عند حفصة، فقال لي: ألا تعلمين هذه الرقية النحلة [15] كما علميتها الكتابة [16]).
3- في التطبيب: لمعالجة وتطبيب النساء من الأمراض، والحمل والولادة وغيرها.
4- في مجال الشؤون البيتية:
كأن تعمل في خياطة وتفصيل الألبسة النسائية والولادية، وغيرها من المهارات اليدوية المشابهة.
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال: كانت ابنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكانت من أكرم أهله عليه، وكانت زوجتي، فجرت بالرحى حتى أثر(97/673)
الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى أثرت بنحرها، وقمت أي كنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر.
وبعد، أليس الأجدر بالمرأة أن تؤدي واجباتها الأساسية كزوجة، وأم، وأخت، لها مسؤولياتها في الأسرة على الوجه الذي رسمه، وحدده لها الشرع الحنيف.
وأليس من الشطط أن يمجد عمل المرأة خارج هذه الضوابط الشرعية من أجل تقليد الغربيات اللواتي لم يحققن من خروجهن على التعاليم الربانية إلا الخراب للبيوت الآمنة، فانحلت الأخلاق، وفسد المجتمع وشرد كثير من الأطفال مما ولد مشاكل عظيمة لدى حكومات الدول الغربية ومن نهج نهجها في أسلوب حياتها في معالجة البطالة وأطفال الزنى والأمراض الجنسية الخطيرة كالأيدز وغيرها ورصدت لذلك مئات الملايين من الدولارات ودون جدوى، وفتكت البطالة في صفوف الرجال.
وبالاطلاع على معطيات العلوم الحديثة الكاشفة عن مختلف حالات المرأة النفسية، وغير النفسية يتضح أن هناك عوائقا ذاتية تؤثر على عملها غير الشرعي وذلك للأسباب التالية[17]:
a. أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي، والجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة المرأة الأصلية وهي الأمومة، كما أن نفسيتها قد خلقت لتكون ربة منزل، بل أن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصه، وتركيبها عن خلايا الرجل. وإذا دققنا النظر في المجهر لنا أن نجد الفروق واضحة بين خلية الرجل وخلية المرأة.. ستون مليون خلية في جسم الإنسان، ومع هذا فإن نظرة فاحصة في المجهر تنبئك الخبر اليقين: هذه خلية رجل، وتلك خلية امرأة، كل خلية فيها موسومة بميسم الذكورة، أو مطبوعة بطابع الأنوثة.
b. أن أعضاء المرأة الظاهرة والخفية، وعضلاتها وعظامها تختلف إلى حد كبير عن تركيب أعضاء الرجل الظاهرة، والخفية كما تختلف عن عضلاته، وعظامه في شدتها وقوة تحملها، وليس هذا البناء الهيكلي، والعضوي المختلف عبثا، إذ ليس في جسم(97/674)
الإنسان، ولا في الكون شيء إلا وله حكمه سواء علمناها، أو جهلناها، وما أكثر ما نجهل، وأقل ما نعلم.
والحكمة في الاختلاف البين في التركيب التشريحي، والوظيفي بين الرجل والمرأة هو أن هيكل الرجل قد بني ليخرج إلى ميدان العمل ليكدح، ويكافح وتبقى المرأة في المنزل تؤدي وظيفتها العظيمة التي أناطها الله بها، وهي الحمل والولادة، وتربية الأطفال ورعايتهم، وتهيئة عش الزوجية حتى يسكن إليها رب الأسرة عند عودته من خارج المنزل.
قال - تعالى -: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)
وإذا أردنا أن نقلب الموازين، ونقلد أعداء الله، والدين فإننا سنتصادم مع الفطرة التي فطرنا الله عليها، ونتصادم مع التكوين البيولوجي، والنفسي الذي خلقنا الله عليه، وتكون نتيجة تلك المصادمات، وتجاهل التكوين النفسي، والجسدي للمرأة وبالا على المرأة، وعلى المجتمع وسنة الله ماضية.
قال - تعالى -: ((سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب: 62)
و قال عز وحل: ((سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح: 23).
3- وفي مقال نشرته مجلة الريدرز دايجست في عدد ديسمبر 1979 تحت عنوان ((لماذا يفكر الأولاد تفكيراً مختلفاً عن البنات للدكتور ريتشارد ديستاك، جاء ما يلي: -
((أن الصبيان يفكرون بطريقة مغايرة لتفكير البنات رغم أن هذه الحقيقة الناصعة ستصدم أنصار المرأة، والداعين إلى المساواة التامة بين الجنسين.. ولكن المساواة الاجتماعية في رأينا تعتمد على معرفة الفروق في كيفية السلوك، ومعرفة الفروق بين(97/675)
مخ الفتى ومخ الفتاة......
ويعتقد الباحثون الاجتماعيون أن الاختلاف في سلوك الأولاد عن البنات راجع إلى التوجيه، والتربية في البيت، والمدرسة، والمجتمع التي ترى أن الولد يجب أن يكون مقداماً كثير الحركة بل وتقبل منه أي سلوك عدواني بهز الكتفين بينما ترى في الفتاة أن تكون رقيقة هادئة لطيفة)).
بيد أن الأبحاث تبين الاختلاف بين الجنسين ليس عائداً، فحسب إلى النشأة، والتربية وإنما يعود أيضاً إلى اختلاف التركيب البيولوجي والى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاة.
4- يعتري النساء بحكم الأنوثة جملة من الحالات التي تمنعها قهريا من العمل، ففي الحيض: تصاب أكثر النساء بآلام، وأوجاع في أسفل الظهر، وأسفل البطن وتكون آلام بعض النساء فوق الاحتمال مما يستدعي الطبيب، كما تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة، والضيق أثناء الحيض، وخاصة عند بدايته، كما تصاب بعض النساء بالصداع النصفي، وتكون الآلام مبرحة، وتصبها اضطراب في الرؤية، والقيء. كما تصاب الغدد الصماء بالتغير أثناء الحيض فتقل الحيوية الهامة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض، فتنخفض درجة حرارة الجسم ويبطىء النبض، وينخفض ضغط الدم، وتصاب كثير من النساء بالدوخة، والكسل والفتور.
5- تمتاز المرأة بعاطفتها الجياشة، فمن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوين عاطفي خاص بها لا يشبه تكوين الرجل، وعليه فإن إقحامها في الأعمال الشاقة بدنياً ظلم لها، وإجحاف في حق مجتمعها، لأنه صرف وتوزيع خاطئ لطاقاتها. فعوضا عن توجيهها إلى عمل يناسبها ويناسب طبيعتها نوجهها إلى عمل يناسب غيرها، ويلائمه، ففي هذا تعطيل ظاهر لكفاءات المجتمع وقدراتها.
وبعد بينا بعض معطيات العلوم الحديثة التي كشفت العوائق التي تؤثر على عمل المرأة، فلننظر إلى بعض سلبيات عمل المرأة من دون ضوابط شرعية:(97/676)
1- ظهور تغيرات في جسم المرأة أفقدتها كثير من أنوثتها.
2- انتشار الاعتداءات والتحرش الجنسي:
أن دراسة ألفي مؤسسة، ومصنع توضح أن الجاذبية الجنسية في المرأة هي أحد الشروط الهامة للحصول على الوظيفة، وخاصة في عاملات التليفون، والاستقبال، والسكرتيرات.
وقد قامت جامعة كورنل عام 1975 باستفتاء عن رأي المرأة العاملة في الاعتداءات، والمضايقات الجنسية أثناء العمل، وقد اشتركت في الاستفتاء نسوة عاملات في مختلف القطاعات، وفي الخدمة المدنية..
وقد أجابت 70 % منهن أنهن قد تعرضن لهذه المضايقات والاعتداءات أثناء العمل، ووصف 56 % منهن هذه الاعتداءات بأنها كانت جسمانية، وخطيرة، وفي يناير عام 1976 م نشرت مجلة (ردبوك) استفتاء شمل تسعة آلاف عاملة أجابت 92% منهن أن الاعتداءات، والمضايقة الجسمية تشكل مشكلة صعبة. وقالت الأغلبية أنها مشكلة خطيرة.. كما أجابت 90 % منهن بأنهن قد وقعن ضحية لهذا الابتزاز الجنسي وقد جربنه بالفعل، لهذا نهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم، وعن السفر إلا مع ذي محرم سدا لذريعة الفساد، وإغلاقاً لباب الإثم، وحسما، لأسباب الشر، وحماية للعرض والشرف وصيانة للرجال، والنساء.
فالحمد لله على نعمة الإسلام.
---------
[1] -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبته، ويعلمها أصحابه، وروى هذه الخطبة ستة من الصحابة رضوان الله عليهم وقد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 6/153-156-157، وأبو داود في السنن ج 1/287. برقم 1097. والنسائي في المجتبى، ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في(97/677)
المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى، ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
2- انظر حقبة المرأة السعودية، أميرة كشفري في موقع rat.net www.ala
والمرأة العصرية بين الماضي والحاضر لأحمد طه.
3- انظر بحوث المؤتمر الإقليمي للمرأة ج1/23 عمل المرأة، إعداد موقع المنبر نشر موقع صيد الفوائد.
4- انظر بحوث المؤتمر الإقليمي للمرأة ج1/23 عمل المرأة، إعداد موقع المنبر نشر موقع صيد الفوائد
5- انظر المحاماة في ضوء الشريعة الإسلامية، د. مسلم اليوسف مؤسسة الريان، بيروت، لبنان، 2001م ص131 وانظر عمل المرأة في المحاماة، د. مسلم اليوسف، موقع عودة ودعوة، على شبكة الانترنت.
6- صحيح مسلم، ج3 /1459 برقم 1828 المنتقى لابن الجارود، ج1 /275 برقم 1094 صحيح البخاري ج1/304 برقم 853. صحيح ابن حيان، ج10 / 342 برقم 4490.
7- التبرج وخطورته، للشيخ ابن باز، ص 30-31.
8- صحيح مسلم، ج2/ 606 برقم 883. صحيح البخاري، ج1/123 برقم 318.
9- صحيح مسلم ج4 / 1711 برقم 2172- صحيح البخاري، ج5 /2005 برقم 4934.
10- صحيح مسلم، ج2/978، برقم 1341 صحيح البخاري ج3/1094 برقم 2844.
11- المعجم الأوسط، للطبراني، ج5/238 برقم 5193
12- التمهيد لابن عبد البر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب 1487هـ، ج20/ 158.
13- التمهيد لابن عبد البر، ج20/ 158.(97/678)
14- عمل المرأة في الميزان، د. محمد علي الباري، موقع صيد الفوائد، ص 23.
15- النحلة: قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد فتح الباري، ج10 /196.
16- سنن أبي داود، ج4/11 برقم 3887- السنن الكبرى للنسائي، ج4/366 برقم 7543 مسند الإمام احمد، ج6/372، برقم 27140 وصححه الألباني في الجامع رقم 26407.
17- انظر عمل المرأة من إعداد موقع المنبر، ونشر موقع صيد الفوائد، وبيان حقوق المرأة ومنزلتها في الإسلام، ونشر موقف الأمة ومجال عمل المرأة في الإسلام، د. محمد بن احمد الصالح، نشر موقع لها أون لاين وعمل المرأة في الميزان، د. محمد علي البار، نشر موقع صيد الفوائد.
http://www.saaid.net المصدر:
ــــــــــــــ
هل كنت مخطئة عندما رفضت الزواج
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... نهى عزت
السؤال
عندي سؤالين:
الأول:
أنا فتاة في كلية الطب ، تقدم لي ستة أخوة ولم يحصل القبول إلا مع أخ واحد فقط، ولكن اختلفنا في وجهات النظر ، فهو يريدني أن أجلس في البيت ، وأنا رفضت ذلك ، ثم بعد ذلك ندمت لأنني شعرت بأنني فضلت الدنيا عن الآخرة ، ولأن هذا هو الأخ الوحيد الذي قبلته ، وكلما جاء أحد بعده أعقد مقارنة بينه وبين هذا الأخ ثم لا أوافق ، والآن أريد أن أعرف ما معنى القبول؟ وهل كنت مخطئة عندما رفضت هذا الأخ؟
الثاني:(97/679)
هل يحرم عمل المرأة كطبيبة فى بلد مليئة بالاختلاط
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نهى عزت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير، وأن يرضيك به، وأن يرزقنا السداد في الأقوال والأحوال والأفعال، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
إن المرأة لا تجد نفسها ولا تنال سعادتها إلا في بيتها الذي هو مملكتها العظمى التي تخرج منها القادة الأبطال والعلماء الأفذاذ، ووراء كل عظيم امرأة على ما قيل ، ومهنة المرأة في بيتها تعدل أشرف المهام التي يقوم بها الرجال، فهذه أسماء بنت يزيد رضي الله عنه وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: (إن الله رب الرجال ورب النساء وإن الرجال إذا خرجوا للغزو نالوا كذا وكذا، فما لنا نحن معشر النساء، ونحن قعيدات في البيوت؟ فحسَّن النبي صلى الله عليه وسلم كلامها، وتعجب من حسن عرضها وسؤالها ، ثم قال لها : أخبري من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وقيامها بحقه يعدل ما هناك، وقليل منكن تفعله) فتأملي يا ابنتي كيف نجد أن الرجل يجاهد ويقتل وهذه أشرف المقامات، والمرأة تنال مثل ما ينال إذا أحسنت رعاية أبنائها وقامت بحق زوجها، وحفظته في نفسها وماله وعياله.
وإذا تخلت المرأة عن مملكتها تنكشف في ظهر الأمة ثغرات لا يمكن أن تُسد إلا بعودة المرأة إلى بيتها وقرارها فيه.
إن الذين يطالبون مشاركة المرأة في الحياة العامة، بل ويزعمون أن نصف المجتمع معطل نسوا أنهم يطالبون المرأة بالتخلي عن مهمتها الأصلية لتزاحم الرجال الذين لا يجد كثير منهم وظائف وفرص للعمل، وحين خرجت المرأة ضاع الأبناء وضاع العمل حين انشغل العاملون بالنظر إلى النساء، واهتمت المرأة بهندامها، وبالغت في زينتها، فلا التقدم المزعوم حققنا، ولا على الدين والقيم حافظنا، والله المستعان.(97/680)
وإذا وجدت المرأة زوجاً يغار عليها ، ويطلب منها التفرغ لبيته وعياله، فتلك سعادة الدنيا والآخرة، بل وهذا ما تنادى به حتى العاقلات من الغربيات حين وجدن أنفسهن في سوق العمل وحولهن شهوات الرجال تضطرب في حيوانية، انقلبت موجة التحرر إلى تحلل من الفضيلة والعفة.
وأنصحك بعدم رد صاحب الدين إذا طرق الباب، واطلبي فرصة للاستخارة والاستشارة، فلن يخيب من يستخير العظيم ويستشير صالحي المؤمنين .
ولا تقولي لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قولي قدر الله وما شاء فعل، واستقبلي الحياة بروح جديدة، وتوجهي إلى الله، وأمّلي ما يسرك، والذي جاء بذلك الرجل سوف يأتيك بغيره من الأخيار، ويكفي في الرجل دينه وأخلاقه واستعداده للعمل وتحمل المسئولية والأرزاق بيد الله، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ولا فائدة في نسب أو حسب أو مال أو حسن هندام إذا لم يكن معه تقوى لله.
والطب مهنة شريفة ووظيفة يستطيع الإنسان من خلالها أن يخدم أمته، والطبيب الموفق يقدم النصح مع جرعة الدواء، ويذكر المرضى برحمة من رفع السماء سبحانه، وباللجوء إليه يدفع البلاء، ولكن هذه المهنة العظيمة يعكر صفوها وجود الاختلاط، مع أن الأمة تحتاج لطبيبات مسلمات حتى لا تتعرض النساء للحرج إذا تعاملن مع طبيب رجل، والصواب أن تعمل المرأة في عيادة النساء، وإذا يسر الله لك إتمام الدراسة فأرجو أن تتذكري أن دينك أغلى من الدرهم والدينار، فابتعدي عن مواطن الرجال، وواظبي على طاعة الله الكبير المتعال، واعقدي نية الخدمة والمساعدة للمسلمات، فإذا أصبح عندك أطفال فأرجو أن تعودي للبيت، ودعي المكان لغيرك من الصالحين والصالحات.
والمسلم يوازن بين المصالح والمفاسد، ويستفت قلبه وإن أفتاه الناس، وطاعة الله ورسوله أنفع لنا.
نسأل الله العظيم أن يبرم لأمتنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويحتكم فيه لأمر الله وشرعه، والله الموفق.(97/681)
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــ
عمل المرأة في الطائرة
د. يوسف بن عبد الله الأحمد
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد نشرت جريدة الجزيرة (بتاريخ 1/11/1425هـ في عددها 11764) إعلاناً لشركة المملكة القابضة في صفحتين كاملتين، وقد صدر الإعلان بقوله - تعالى -: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ} (النساء 32) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إنما النساء شقائق الرجال ". ثم جاء في الإعلان بالخط العريض: " لأول مرة في تاريخ المملكة شركة المملكة القابضة توقع عقود عمل مع أول امرأة سعودية حاصلة على رخصة كابتن طائرة، بالإضافة إلى طاقم من خمس سعوديات ضمن التعاليم الإسلامية"اهـ.
إن ما دعت إليه شركة المملكة القابضة والعقود التي أبرمتها ــ كما في الإعلان ــ هو أمر محرم شرعاً؛ فلا يجوز للمرأة أن تعمل كابتن طائرة، أو مضيفة، ولا يجوز لأي جهة توظيفها، ولا الإعلان عن ذلك، ولا الدعاية له، ومن الأدلة على التحريم:
أولاً: أن عمل المرأة على متن الخطوط الجوية يلزم منه سفرها بلا محرم؛ ولا يجوز للمؤمنة أن تسافر بلا محرم لصريح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له. حتى قال جمع كبير من العلماء إن الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام يسقط وجوبه على المرأة إذا لم تجد محرماً يسافر معها.
ثانياً: يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة وقوعها في الاختلاط المحرم مع العاملين وغيرهم، والاختلاط بين الجنسين محرم شرعاً ومفاسده في الخطوط الجوية(97/682)
على وجه الخصوص لا تخفى على العقلاء، والأدلة على تحريم الاختلاط كثيرة جداً، ومنها:
1- حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت" متفق عليه.
2- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لو تركنا هذا الباب للنساء. قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات " أخرجه أبو داود بسند صحيح.
3- وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: " أن النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال " أخرجه البخاري. قال ابن شهاب (وهو الزهري): فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم.
ثالثاً: يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة نزعها للجلباب الذي أمر الله به نساء المؤمنين، قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}(59 الأحزاب). ولما اعتذر بعض النساء عن الخروج لصلاة العيد بسبب عدم وجود الجلباب، لم يرخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ترك الجلباب أو الاكتفاء بوضع الخمار، بل أمر به فقال: " لتلبسها صاحبتها من جلبابها.." متفق عليه.
وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى في تحريم عمل المرأة مضيفة برقم (8259) وهذا نص السؤال والجواب:
" السؤال: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في الخطوط الجوية كمضيفة، أو في الفنادق وما إلى ذلك؟.(97/683)
الجواب:
أولاً: عملها في الخطوط الجوية كمضيفة يستلزم سفرها بلا زوج ولا محرم كما يشهد له الواقع، ومع ذلك يعرضها للاحتكاك بالرجال، ورؤيتهم منها ما لا يحل لهم، وكل ذلك محرم.
ثانياً: عملها في الفنادق مثار فتنة، ومدعاة لاختلاط بها مريب، ومظنة لخلوة الأجانب بها، وفي ذلك ما فيه من الشر المستطير وفساد المجتمع.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود (عضو)، عبد الله بن غديان (عضو)، عبد الرزاق عفيفي (نائب الرئيس)،
عبد العزيز بن عبد الله بن باز (الرئيس).
رابعاً: صدر الإعلان بآية وحديث، وفي هذا إيهام للناس بأن هذين النصين يدلان على جواز عمل المرأة على متن الطائرة، وليس الأمر كذلك. وختم الإعلان بوصف توظيف المرأة على متن الطائرة بأنه (ضمن التعاليم الإسلامية) وقد تبين مما سبق أنه مخالف للأحكام الشرعية.
والجهة المعلنة وهي (شركة المملكة القابضة) لا تحمل تخصصاً شرعياً، ولا يشرف عليها لجنة شرعية معتمدة؛ وعليه فإنه ليس لها حق التحديد أو الفتيا بجواز عمل المرأة على متن الطائرة، أو أن عملها هذا ضمن تعاليم الإسلام، أو الاستدلال بآية وحديث لا دلالة فيهما لا من قريب ولا من بعيد على جواز عمل المرأة في الطائرة.
وأخشى أن يكون تذييل دعاوى تغريب المرأة بأنها ضمن تعاليم الإسلام هو نوع من الاستهزاء بشريعة الإسلام.
وأخيراً فإن الدعوة إلى عمل المرأة على متن الطائرة هو من مطالب الليبراليين ودعاة التغريب، فمن بدأ أو دعا إليه فإنه يصدق فيه حديث جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ".. ومن سن في الإسلام سنة سيئة(97/684)
كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " أخرجه مسلم.
والواجب شرعاً على شركة المملكة القابضة أن تعلن توبتها وتراجعها من هذا الإعلان وما تضمنه من مخالفات شرعية، وبهذا ينتهي الموضوع، وبالله التوفيق.
5/11/1425هـ.
http://www.saaid.net المصدر:
ــــــــــــــ
شيء من الصراحة في عمل المرأة المسلمة الدعوي
نجدت لاطة
المتتبع للعمل الدعوي سواء أكان في المساجد أم في خارجها يجد قصوراً ملحوظاً في القسم النسائي، و بعض الجماعات لا تفرد قسماً خاصاً بالنساء. الأمر الذي أدّى إلى ندرة الدعايات اللائي اشتهرن، وإذا الواحد منا أراد أن يتذكر أسماءهنّ فلا يتذكر إلا زينب الغزالي في مجال الدعوة، وعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) في مجال العلم والثقافة.
وفي المقابل نجد كثرةً في جانب الرجال تفوق ـ بنسبة كبيرة جداً ـ على عدد النساء، وقد تصل نسبة النساء الداعيات إلى واحد بالمائة أمام الرجال الدعاة.
في حين تعج السيرة النبوية بأسماء الصحابيات اللواتي كان لهن دور كبير في خدمة الإسلام في نواحيه المختلفة كالدعوة والعلم والجهاد. فالمرأة المسلمة في العصر الأول لم تجلس مكتوفة الأيدي، ولم تدع للرجل أن يأخذ نصيب الأسد في خدمة هذا الدين. لأن الأمر الإلهي موجّه لكلا الجنسين سواء بسواء، وقد قال - تعالى -:
" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سي- رحمهم الله - إن الله عزيز حكيم " التوبة71. فالخطاب القرآني هنا ردٌّ طبيعي وعمل مضاد على أعوان الشر الذين وصفهم الله - تعالى - بقوله: "المنافقون والمنافقات بعضهم من(97/685)
بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.. " التوبة آية 68. فالشر يدعو إليه أصحابه من الرجال والنساء، والخير ينبغي أيضاً أن يدعو إليه أصحابه من الرجال والنساء. وأي تقصير من أحد الجنسين سيؤدي إلى غلبة الفريق الآخر.
وقد قدمت المرأة المسلمة في العصر الأول نماذج رائعة في خدمة الدين ونشره. فمن يُنكر دور عائشة - رضي الله عنها - في توصيل العلم النبوي إلى الناس، ومن ينكر دور أم عمارة وخولة بنت الأزور في الجهاد، ومن ينكر دور أسماء بنت أبي بكر في الهجرة؟ وتروي كتب السيرة أن أبا طلحة الأنصاري كان الذي دعته إلى الإسلام إحدى النساء الأنصاريات التي أصبحت فيما بعد زوجته.
أما المرأة المسلمة اليوم فقد غُيّبت عن العمل الإسلامي في كل نواحيه، ففي جانب العمل المسجدي لا نرى دوراً ملحوظاً، وفي جانب العلم والثقافة نرى قصوراً واضحاً، وفي جانب الجهاد لا نرى شيئاً أبداً. وعلى سبيل المثال لم نرى ولم نسمع عن مجاهدة واحدة في الجهاد الأفغاني السابق، ولا في الجهاد الفلسطيني الحالي الذي تتزعمه حركة حماس، اللهم إلا في الآونة الأخيرة حين اشتد الحصار في مدينة رام الله حيث ظهرت بعض الاستشهاديات ولكن لم يتجاوز عددهم أصابع اليد.
فلماذا هذا الغياب والتغييب لدور المرأة المسلمة؟ هل عصرنا لا يحتمل وجود داعيات وعالمات ومجاهدات؟ أم أن الأمر يعود للخلل الفكري في تصورنا لدور المرأة المسلمة؟
أنا أرى أن الخلل الفكري الذي أصاب تصورنا هو السبب الرئيسي، بل هو السبب الأوحد لذلك. وأعود بالقارىء إلى بدايات القرن العشرين، فعندما فتحت الجامعة المصرية أبوابها للطالبات لم يقبل الأزهر أن يفتح المجال لهن. فتخرجت من الجامعة المصرية دفعات عديدة من الطالبات اللواتي تثقفن على الطريقة الغربية في التعليم. ثم بعد عشرين سنة قَبِل الأزهر أن يفتح قسماً خاصاً بالطالبات. ولكن بعد أن أخذت المرأة التي تخرجت من الجامعة المصرية الأماكن الحساسة في المجتمع، وبعد أن أصبحت الفئة المثقفة من النساء هُنّ ممن يحملن الأفكار الغربية بدءأً بهدى الشعراوي(97/686)
وانتهاءً بنوال السعداوي. وحدث في الدول العربية الإسلامية مثلما حدث في مصر تماماً. وكانت النتيجة الطبيعية أن تخرج أجيال نسائية تربّت على أفكار هذه الفئة من النساء، فتحولت المرأة المسلمة في عموم حياتها عن منهج الإسلام وتعاليمه، اللهم إلا من رحم ربي وقليل هنّ، وانتشر السفور بشكل كبير بحيث أصبحت المتحجبات قلةً في المجتمع.
وقد تنبّه إلى هذا الخلل الكبير الذي أصاب مجتمعنا الإسلامي بعض العلماء وبعض المفكرين، فراحوا يُعيدون النظر في دور المرأة المسلمة في بناء المجتمع الإسلامي السليم بشكل عام، وفي دورها في العمل الدعوي بشكل خاص. فيقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - في هذا الشأن: " المسلمون في العصر الحديث حرموا المرأة حق العبادة في المساجد، ويوجد في مصر نحو سبعة عشر ألف مسجد لا تُرحب بدخول النساء، ولم يُبنَ في أحدها باب مخصص للنساء كما فعل رسول الله حين بنى مسجده بالمدينة المنورة. وهم رفضوا أن يكون للمرأة دور في إحقاق الحق وإبطال الباطل وصيانة الأمة بنشر المعروف وسحق المنكر. ولم تدخل المرأة الأزهر إلا بعد تطويره الحديث مع أن النبي جعل طلب العلم فريضة على الرجال والنساء. وعندي أن إفلات النهضة النسائية من قيود الإسلام الحقيقية يرجع إلى هذا العجز والغباء (1).
ويقول الدكتور ماهر حتحوت في هذا الشأن أيضاً: " لقد أسقطوا المرأة تماماً من حسابات الحركة الإسلامية سواء في تكوينها أو في مجالات النشاط المتاحة لها أو في أسلوب معاملتها. ورغم أنه أفلت من هذا الحصار قليلات من الأخوات الفاضلات المناضلات، إلا أن العموم كان على غير ذلك تماماً وعلى نقيض. ولا أنسى يوم دعيت لتجمع عربي مسلم وطلب مني أن أتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام، وجالت عيني في القاعة فإذا هي خالصة للرجال دون امرأة واحدة. وتساءلت عن حقوق أية امرأة تتحدثون ؟ وما جدوى حديث الحقوق إذا أُلغي الوجود؟. "(2)(97/687)
وفي المقابل فقد قامت المرأة التي تربّت على الثقافة الغربية بنشاط ملحوظ ومدروس في كافة مرافق المجتمع، فتواجدت في المراكز الثقافية والمؤسسات الاجتماعية والمنتديات والمؤتمرات وشاركت في المهرجانات والوسائل الإعلامية المختلفة كأي عنصر فعّال في المجتمع، ولم تدع مجالاً يمكن أن تؤدي فيه دوراً إلا ووضعت بصمات لها فيه.
في حين تراخت المرأة المسلمة الداعية، واقتصر نشاطها على بعض المساجد ضمن حدودٍ ضيّقة ٍ جداً. فأفسحت ـ بتقصيرها ـ للمرأة التي تربّت على الثقافة الغربية أن تأخذ حصة الأسد في توجيه الأجيال النسائية. وقد كان التقصير بسبب بعض الحجج الواهية التي لا سند لها في الشرع. وأقول ـ صراحة ً ـ والحزن ملأ نفوسنا ـ لو كان للمرأة الداعية دور فعّال كدور المرأة العلمانية لكان حال الأجيال النسائية اليوم يختلف تماماً عمّا هو عليه الآن.
وأنا هنا أفتح باب المصارحة مع بعض العاملين في الحقل الإسلامي ممن يخافون خوفاً ـ لا داعي له ـ على المرأة الداعية من مشاركتها في بناء المجتمع، ظناً منهم أنهم يطبقون شرع الله في ذلك. فأقول لهؤلاء إن ديننا دين رجال ونساء، وقد أعطى لكل منهما دوراً في الحياة. وإن دور المرأة المسلمة ليس في بيتها فقط، وإنما في كل مرافق المجتمع، ولكن بالقدر الذي حدده لها الشرع، بحيث تقوم بتأدية دورها ضمن سياج شرعي. ولكن حين لا يقوم المجتمع بتوفير هذا السياج الشرعي، فلا يعني أن تحبس المرأة نفسها في بيتها. وإنما تسعى ـ كما يسعى الرجال المؤمنون ـ إلى إيجاد المجتمع الإسلامي ضمن مراقبة ذاتية.
فديننا الحنيف يسمح للمرأة أن تشارك في بناء المجتمع الإسلامي السليم، لا سيما حين تكون هذه المشاركة لأجل الدعوة. فلا يوجد مانع شرعي من أن تتواجد المرأة الداعية في المساجد والمراكز الثقافية وفي كل مرفق من مرفق المجتمع. فتقوم بمهمة الدعوة بين جيل النساء، وتشارك في الندوات والمؤتمرات والمهرجانات المختلفة وغير ذلك من التجمعات الثقافية والاجتماعية.(97/688)
وستضطر المرأة الداعية إلى كثرة الخروج من البيت. وقد يكون خروجها على حساب بعض المهام البيتية، ولا حرج ولا غضاضة في ذلك ما دام خروجها لأجل الدعوة. ولكيلا تحدث خلافات في البيت تحاول الزوجة الداعية أن تتفاهم مع زوجها على مواعيد الخروج من البيت. فكما أن كثيراً من النساء يخرجن من البيت من أجل الرزق والعمل برضى الزوج فلا مانع من أن تخرج المرأة الداعية لأجل الدعوة، وعلى الزوج أن يتفهّم ذلك. و ما المانع من أن يضغط الزوج ـ في حال كونه من الإسلاميين ـ على نفسه فلا يتضايق إذا رجع إلى البيت فلم يجد الطعام جاهزاً إذاكان السبب هو خروج الزوجة للعمل الدعوي؟ ألسنا نرى بعض الدعاة يسمح لزوجته بالعمل الوظيفي لزيادة الدخل المالي للعائلة؟ فلماذا يتضايق عندما تُطرح عليه فكرة خروج الزوجة من البيت للدعوة؟ هناك يسمح لها من أجل المال، و هنا لا يسمح لها من أجل الدعوة.
وبعض الإسلاميين لا يجد حرجاً أبداً من إرسال ابنته إلى الجامعة (وهي في الغالب جامعة مختلطة) فيحدث احتكاك كبير بين الطلاب والطالبات لاسيما في المختبرات والمعامل العلمية، ثم تجده يعترض على ابنته إذا أرادت الخروج إلى المسجد للمشاركة في الأعمال الدعوية، وذلك بحجة أن هذا الزمن زمن الفتن وأن الأَوْلى للمرأة أن تجلس في بيتها. أليست هذه المفارقات تدل على ضبابية في التفكير والتصور؟.
ودعوتي إلى خروج المرأة من البيت للدعوة المقصود فيه المرأة الداعية، ولا أقصد المرأة المسلمة العادية، لأن المرأة الداعية تكون ـ عادةً ـ متسلحة بالثقافة الإسلامية ومشحونة بالإيمان الذي تكتسبه من العبادات المختلفة، ولديها الهمّ الدعوي الذي يحولها إلى صخرة ٍ صلبة ٍ أمام الفتن والمغريات. فتختلط بالمجتمع وفي نصب عينها هدف تغيير هذا المجتمع إلى مجتمع إسلامي.
ولا أعني أن تقوم المرأة الداعية بدعوة الشباب والرجال، وإنما تترك هؤلاء إلى إخوانها الدعاة. فتتجه هي إلى النساء، فتحاول ـ ما استطاعت ـ أن تنزوي بهن عن(97/689)
التجمعات التي يكثر فيها الذكور فتقيم معهن حوارات ومناقشات وصَداقات لتعريفهن بأمور الدين. وأُركز هنا على الصداقات النسائية، والمثل المشهور يقول " الصاحب ساحب " لأن اللقاءات السريعة في التجمعات الثقافية لا تعطي نتائج مرضية، فلا بدّ من جلسات مطولة ولقاءات مركّزة. ويمكن أن تتعاون الأخوات الداعيات على صحبة واحدة ـ مثلاً ـ أو على صحبة مجموعة صغيرة، ومن خلال اللقاءات المتعددة بهن يمكن الوصول إلى الهدف المنشود.
وقدوة المرأة الداعية في هذا الاختلاط الصحابيات الجليلات اللواتي تواجدن في كل مكان تواجد فيه الرجال كالمسجد والهجرة والغزوات. فقد كانت المرأة الصحابية تحضر دروس العلم في المسجد النبوي، وتشارك في الهجرة، وتخوض المعارك، وتتقاتل مع المشركين وجهاً لوجه، ولم يمنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، بل ولم يعترهِ - صلى الله عليه وسلم - خوف لا داعي له عليها جرّاء هذا الاختلاط الشديد بين الصحابية و المشركين. مع أنه كان من المحتمل أن تشتبك الصحابية بالأيدي مع المشركين في حال وقوع السيف من يدها، و كان من المحتمل أيضاً أن تقع في الأسر و تتعرّض للاغتصاب. و مما يروى عن خولة بنت الأزور (وهي صحابية جليلة) أنها كانت تخترق صفوف الروم في معركة اليرموك وتصل إلى نهاية جيشهم، ثم تعود إلى أوله، و فعلت ذلك مراراً، حتى أن خالد بن الوليد رضي الله عنه ذهل من جرأتها و شجاعتها. و مع ذلك لم يمنعها و لم يعترهِ خوف عليها كخوف الإسلاميين اليوم على المرأة المسلمة الداعية من اختلاطها بالمجتمع.
والمشكلة تكمن في كون النساء يشكلن نصف المجتمع، و ترك هذا النصف بدون دعوة يسبب مشكلات جمة، بدءاً من كون المرأة سلاحاً خطيراً في حال استغلال أعداء هذا الدين لأنوثتها و جسدها، و انتهاءً بكون المرأة مربية للأجيال.
وما دام الرجال الدعاة لا يقومون بدعوة النساء كان من الضروري بمكان أن تتكفل النساء الداعيات بدعوتهن.(97/690)
أما أن يخبىء كل واحد منا زوجته و أخواته و بناته في البيت ثم ننتظر بعد ذلك أن يتغير المجتمع، فهذا بعيد المنال، و بعيد عن المفهوم الصحيح لمهمة المسلم والمسلمة في الحياة، لا سيما في هذا العصر الذي تكالب علينا الأعداء من كل حدب و صوب.
وأنا لا أدري مَن سيقوم بدعوة النساء إذا جلست المرأة الداعية في البيت؟
ومن الغريب في الأمر أن البعض يقول بأنه يكفي على المرأة الداعية أن تقوم بتربية أولادها على التديّن، فأقول إن تربية الأولاد هو جزء من العمل الدعوي للمرأة و لا بد أن يرافقه دعوة الناس.
و يرى الشيخ فيصل المولوي في كتيّبه (دور المرأة في العمل الإسلامي) أن خروج المرأة المسلمة من البيت للدعوة فرض عليها و ليس مندوباً و لا مستحباً أو غير ذلك، فيقول: " إن الإسلام اليوم معرّض للخطر، و إن الشعوب الإسلامية كلها في خطر، و إن واجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعوة إلى الله، كل ذلك من أهم الواجبات الشرعية المطلوبة من الأمة كلها رجالاً و نساءً. و للمرأة دور كبير في هذا المجال يفرض عليها الخروج من منزلها و يفرض على زوجها أن يأذن لها بذلك لتُسهم بدورها في بناء مجتمع نسائي مسلم يكون جزءً من المجتمع الإسلامي الكامل المنشود " 3 ".
فالإسلام اليوم يحتاج إلى تضحيات كبيرة، و خروج المرأة الداعية من بيتها للدعوة هو جزء من هذه التضحيات. و علينا سواءً أكنا آباء أم أزواجاً أم إخوة أم أبناءً أن نتفهّم و نعي هذا الأمر جيداً، و أن نعمل على حضّ نسائنا على الخروج من البيت لأجل الدعوة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
(1) كتاب " حصاد الغرور " محمد الغزالي، دار الثقافة، ط 3، 1985، صفحة 257 و ما بعدها.(97/691)
(2) مقال " قل للمؤمنين و للمؤمنات " نُشر في مجلة (نوافذ) اليمنية. العددان السابع و الثامن، شباط و آذار 1998.
(3) فصل " المرأة و الرجل أمام التكاليف الشرعية " صفحة 25.
http://www.odabasham.org المصدر:
ــــــــــــــ
عمل المرأة في المستشفى بين السلب والإيجاب
هيفاء بنت راشد بن عنزان
كل شخص منا بحاجةٍ للذهاب إلى المستشفى مع اختلاف المقاصد؛ إذ إن هناك من يذهب للعلاج، ومنا من يذهب لمراجعة الطبيب، والبعض لزيارة الأٌقارب أو الأصدقاء ممن ينامون على السرير الأبيض شفاهم الله وعافهم، وهذا شيء طبيعي ومألوف؛ ولكن الغريب هو وجود العنصر النسائي بشكل كبير وملفت للنظر بين ردهات المستشفى، ووجه الغرابة ليس منصباً على وجود (الدكتورة أو الممرضة)؛ حيث إنهن من الركائز الرئيسة للمستشفى بما أن هناك بعض الحالات والمراجعات النسائية التي تستوجب الكشف عليها بواسطة طبيبة النساء؛ ولكن الغريب في الأمر هو وجود موظفات يعملن في (السكرتارية)، ويقمن بالتعامل مع المدراء والموظفين الإداريين داخل المكاتب، وموظفات يعملن في (الاستقبال)، ويتعاملن مع الجمهور العريض من المراجعين بمختلف تفكيرهم وعقلياتهم التي يمكن أن تحمل بعض النفوس الضعيفة. وبعيداً عن التسرع في إطلاق الأحكام، والفكر المتخبط سوف أتطرق لبعض الملاحظات الناتجة عن عمل المرأة في المستشفى، ويمكن تقسيم هذه الملاحظات إلى قسمين رئيسين هما:
القسم الأول: ملاحظات اجتماعية:
أ تبديل الوظيفة الأساسية للمرأة:
إن طلب الرزق وتأمين المعيشة في المقام الأول والأخير من مهام الرجل، فهو المسؤول عن هذا الأمر، والغريب في الأمر مزاحمة المرأة للرجل في هذا المجال،(97/692)
فالرجل يمتلك المواصفات الجسمية والنفسية التي تساعده على العمل وعلى تحمل المشقة والتعب، وهذا لا يتوفر في تكوين المرأة الجسمي والنفسي، كما أن الرجل يستطيع التحرك بكل يسر وسهولة، ولبس اللباس المناسب للعمل والاختلاط مع الناس وما شابه ذلك، وأما المرأة فلن تجد مثل هذه الحرية في الحركة والاختلاط مع الغرباء؛ فكان من الأفضل لها التستر والقرار في بيتها، والاهتمام بأمور منزلها؛ كما قال - تعالى - في كتابه الكريم: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (33) {الأحزاب: 33} وفي هذا توجيه صريح للمرأة بالبقاء في المنزل، وعدم مزاحمة الرجال في مجالات عملهم.
ب احتقار المرأة وإنزال مكانتها.
قد يستغرب البعض مثل هذا العنوان، ولكن هي الحقيقة إذ إن بعض أصحاب العمل في المستشفيات الخاصة يقومون باختيار النساء صاحبات الجمال والقوام الحسن، ووضعهن على مكاتب الاستقبال وهن كاشفات الوجوه ويضعن جميع أنواع المساحيق من أجل إغراء وجذب انتباه المراجعين أصحاب النفوس الضعيفة، كما وصل الأمر أن ُيطلب منهن استخدام الملاطفة في الكلام والابتسامة، والتميع مع مثل أولئك المراجعين المرضى في قلوبهم قبل أجسادهم وذلك من أجل زيادة الدخل المادي للمستشفى، حتى ولو كان على حساب موظفة الاستقبال وما قد تتعرض له من مضايقة وأذى، ويخشى على من كانت هذه وظيفتها انطباق الوصف النبوي عليها: "صنفان من أهل النار لم أراهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"(1) فالحذر الحذر أختي المسلمة.
ج الإهمال في الحياة الزوجية وتربية الأطفال:
بعض النساء تكون متزوجة، وتقع على عاتقها مسؤولية العائلة؛ وبذلك فإن الأمر يكون في هذه الحالة أصعب بكثير، فهي مكلفة بمسؤوليات المنزل مع الأعمال الملقاة(97/693)
على عاتقها من قبل الجهة التي تعمل فيها ولزاماً عليها القيام بهذه الأعمال؛ مما يجعلها غالباً مشوشة التفكير بسبب تضارب هذه الأعمال، وهذا يجعلها قد تبتعد عن الاهتمام بزوجها، وتلبية طلباته، ومراعاة أطفالها بالشكل الصحيح، والعناية بأمور المنزل؛ لأنها قد استهلكت طاقاتها النفسية، والبدنية، في عملها، ولم يعد لديها القدرة على الإنتاجية في بيتها ومع عائلتها، ولا الاستعداد للتوجيه والتعليم، والتأديب، وما شابه ذلك، وتعتمد اعتماداً كلياً على الخادمة في إدارة المنزل، وكان الأهم من العمل الوظيفي اهتمام المرأة بأسرتها، ومنزلها؛ تطبيقاً لقول الرسول - صلى الله عليه و سلم -: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته"(2).
د نظرة المجتمع إلى الفتاة بأن لديها انفتاحية:
قد ينظر المجتمع المحيط بالمرآة العاملة بنظرة فيها شيء من عدم الرضى؛ لأن هذه المرأة تقوم بمخالفة لبعض الأوامر الشرعية مثل: الاختلاط مع الرجال الغرباء، والجرأة في الحديث معهم، وقد تكون فتنة في ملابسها ومظهرها الخارجي حسب ما تقتضيه متطلبات الوظيفة، وبذلك فهي تحوم وتدور حولها الشبهات، مع العلم بأنها قد تكون سليمة القلب، وليس لديها أي ريبة، أو نية شر؛ ولكن حسن النية لا تلغي هذه الأشياء وقد جاء في الحديث "دع ما يريبك إلى مالا يريبك"، (3) وكما هو معروف فإن الكلام له وقعه على النفس البشرية إن كان خيراً أو شراً، والواجب على المسلمة توخي الحذر، كما قال الرسول - صلى الله عليه و سلم -: "إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى للشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه"(4).
القسم الثاني ملاحظات وظيفية:
أ الاختلاط والاحتكاك المباشر بالرجال:(97/694)
إن هذه الوظائف تؤدي إلى الاختلاط والاحتكاك المباشر بالرجل، بدون وجود أي عائق أو مراقب إلا الله - تعالى -، فهما في مكان عمل، وليس محل ريبة، وقد تكون المعاملة فيما بينهما رسمية وجادة في بداية الأمر، ولكن مع مرور الأيام تذوب وتنصهر هذه الجدية في التعامل من باب أنهما زملاء عمل؟! وتزول الحواجز النفسية مع مرور الوقت فيزول عامل الحياء والرهبة بين الجنسين، ويكثر الحديث فيما بينهما خارج إطار العمل أو ربما تتطور الأمور إلى الملاطفة والمزاح معاً، وتلك هي مفاتيح الشر على الإنسان، التي يفتحها إبليس ويغزو بها قلوب العباد، ولنضع حديث الرسول - صلى الله عليه و سلم - نصب أعيننا وهو الذي لا ينطق عن الهوى حينما قال: "إياكم ومحادثة النساء فإنه لا يخلون رجل بامرأة ليس لها محرم إلا هم بها"(5).
ب إساءة السمعة لبعض الفتيات:
قد تتعرض الفتاة العاملة في مثل هذه المجالات لبعض المضايقات من بعض العاملين في المستشفى، أو من المراجعين؛ وذلك بإطلاق الإشاعات بإظهار المعرفة لتلك الفتاة لدى مجتمع الشباب، ويمكن أن يتطور الوضع لإطلاق العنان للمخيلة والفكر الساقط لدى بعض الشباب، واختلاق الروايات التي لا تمت إلى الواقع بصلة عن مدى قرب العلاقة مع هذه الفتاة أو تلك؛ وذلك يؤدي إلى تضرر سمعة الفتاة وتلوثها بين صديقاتها وأهلها والمجتمع، ويتجرأ السفهاء عليها طمعاً فيها، وبذلك تكون قد فتحت على نفسها باباً من الخطر والنار، يمكن أن تلتهم أخلاقها وشرفها من خلال حديث كاذب من بعض أصحاب النفوس المريضة.
ج ارتكاب بعض المحاذير الشرعية:
إن أداء مهام العمل قد تضطر الفتاة إلى الاستغناء عن غطاء الوجه!! وهذا يجعلها عرضةً للنظر لكل شخص في المستشفى، ويمكن أن يُسهل للذئاب البشرية التحرش بها، أو الإساة إليها بالكلام البذيء وخصوصاً إذا كانت جميلة؛ لأنها ستكون فتنة للآخرين. كما يجب أن لا ننسى قول الله - - سبحانه - و - تعالى - -: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى" أن(97/695)
يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما 59 {الأحزاب: 59} وما جاء في الحديث الشريف عن الرسول - صلى الله عليه و سلم - قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله"، (6) وهناك نقطة أخرى خطيرة؟؟ وهي الاستغناء عن لبس العباءة، والاكتفاء بالمعطف الأبيض الخاص بالمستشفى الذي غالباً ما يكون ضيقاً بعض الشيء؛ مما يظهر ويبرز أجزاء الجسم ومفاتنها فيؤدي ذلك إلى الوقوع في الإثم والفتنة.
في الختام أتمنى من أختي الفاضلة التريث والتفكير طويلاً قبل الإقدام على المخاطرة بالموافقة والتقدم للعمل كموظفة(استقبال أو سكرتيرة) في المستشفى تفادياً لمثل الأمور السابق ذكرها، وعليها إذا اختارت العمل المحافظة على دينها وحجابها وعدم اختلاطها بالرجال الأجانب أو الخلوة بهم، أوالتنازل عن دينها وأخلاقها مهما كلف الأمر، فالدنيا كلها ستزول ولن يبقي للإنسان إلا ما قدم، ومن ترك شيئاً لله - تعالى - عوضه الله خيراً منه.
________________________
المراجع والهوامش:
(1) أخرجه مسلم (2128) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه البخاري (853) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3) أخرجه الترمذي (2520) وأحمد (1723) وابن حبان (512) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم (213) ووافقه الذهبي.
(4) أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير.
(5) ذكره ابن حجر في الإصابة (382) وعزاه للحكيم الترمذي، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2213) وأخرج أحمد (118) والترمذي (2166) والحاكم (1112) من حديث عمر - رضي الله عنه - وفيه: "لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما" وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(6) تفسير ابن كثير الجزء الأول ص 519.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:(97/696)
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة خارج بيتها، ما ضوابطه وآدابه ؟
أما بعد:
اعلمي - بارك الله فيك - أنّ الإسلام أحاط المرأة بسياج من العناية والحفظ ولم يلزمها بما ألزم به الرجل من البحث عن الرزق ووجوب الإنفاق على من أوجب الله عليه الإنفاق عليهم من أهل وولد ووالدين ونحوهم ممن كلف الله - عز وجل - الرجل أن ينفق عليهم، بل المرأة يُنفق عليها منذ أن تكون نطفة في بطن أمها إلى أن تخرج إلى الدنيا إلى أن تكبر وتتزوج، ثم ينتقل وجوب الإنفاق عليها من والدها، أو من كان متول أمرها قبل الزواج إلى الزوج الذي يكون مكلفاً بالإنفاق عليه منذ أن يتزوجها إلى أن تموت، أو يطلقها طلاقاً بائناً، أو يموت عنها فترثه، ثم ينتقل وجوب الإنفاق عليها من زوجها المتوفى، أو المطلق طلاقاً بائناً إلى عصبتها، وهكذا تظل المرأة في المجتمع الإسلامي محاطة بالرعاية والعناية والحفظ، وهذا الوضع يغنيها عن العمل لطلب الرزق إلا أن تحتاج إلى ذلك، أو يأذن لها وليها بذلك، أو تريد أن تنفق على زوجها وأبنائها بطيب نفس منها فهذا من باب التبرع الذي يعود أمره إليها، إن شاءت فعلت وإن شاءت أمسكت، قال - تعالى - [لينفق ذو سعة من سعته] وقال - تعالى -: [وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف] ولم يخاطب الله - تعالى - النساء بالإنفاق على سبيل التكليف. وفي المسند وسنن أبي داود وابن ماجه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب)).
وحفظاً لعرض المرأة جعل الله - عز وجل - الأصل في حالها المكث في منزلها وعدم الخروج منه إلا لحاجة، قال - تعالى - [وقرن في بيوتكن] ونهاها الله - عز وجل - عن التبرج إذا خرجت فقال [ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى] وبين لها - تعالى - كيف تحتجب عن الرجال إذا خرجت فقال [يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله(97/697)
غفوراً رحيماً] وفي الصحيحين: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع، وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم – ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قد أذن أن تخرجن في حاجتكن)) وإذا خرجت المرأة لحاجتها فعليها التزام التصون والتعفف وأخذ نفسها بالحشمة في لباسها وصوتها وبعدها عن الرجال، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد. متفق عليه.
وفي المسند وسنن أبي داود وابن ماجه: قالت - رضي الله عنها -: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه.
وقالت - رضي الله عنها -: رحم الله نساء الأنصار ما رأيت مثلهن أشد تصديقاً بكتاب الله وعملاً بما جاء فيه إنه لما أنزل الله - تعالى - آية الحجاب وخرج الرجل يتلوها على زوجه وأهله قمن إلى مروطهن المرحلة فشققنها واعتجرن بها (أي غطين وجوههن) وخرجن خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأن على رؤوسهن الغربان.
وقالت أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - لمولاها نبهان لما أعتق: يا بني إنك لن تراني بعد اليوم إنها وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من أعتق عبدها فلا يراها. رواه الترمذي وصححه.
وعن أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - أن النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن إذا سلمن من المكتوبة قمن فينصرفن إلى بيوتهن وثبت رسول(97/698)
الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال. متفق عليه.
ومع كل هذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرشدهن إلى جعل صلاتهن في بيوتهن فإن صلاتهن في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف بغيره من المساجد: ففي المسند: عن أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((خير مساجد النساء قعر بيوتهن)).
وفي المسند أيضاً: عن أم حميد الساعدية - رضي الله عنها - أنها جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله أن تصلي في مسجده فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: ((قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي)) فأمرت رضي الله عنها فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله - عز وجل -.
وفي الصحيحين: سأل ابن جريج عطاء عن طواف النساء مع الرجال: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة - رضي الله عنها - تطوف حجرة من الرجال،لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك. وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن، وكن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن، وأُخرج الرجال.
وكان النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حضرن الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتعدن عن الرجال وابتعد الرجال عنهن عملاً بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووعيده لكل امرأة صلت في الصفوف المقدمة خوف اقترابها من الرجال ولكل رجل صلى في الصفوف المؤخرة خوف اقترابه من النساء، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى(97/699)
الله عليه وسلم -: ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) وقال - صلى الله عليه وسلم - للرجال:((تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله))
رواهما مسلم.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعدهن عنه ولكونهن يجلسن في آخر الصفوف بينهن وبين الرجال بون يعلم أنهن مع هذا البون لا يسمعن موعظته فكان يأتيهن ليعظهن ويأمرهن بالصدقة.
وفي الصحيحين: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما التصفيق للنساء)) حتى لا يسمع الرجال أصوات النساء في تنبيه شرعي في أقدس مكان عبادة وهو المسجد فكيف بالتنبيه غير الشرعي بل كيف بالكلام بلين القول ومرققه؟
وفي الصحيحين: كان الرجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقال للنساء: لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوساً. خوفاً من أن يرين الرجال وهم سجود وقد تبدوا عورة أحدهم.
وفي الصحيحين: جعل - صلى الله عليه وسلم - للنساء يوماً دون الرجال يعظهن ويعلمهن فيه.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تركنا هذا الباب للنساء)) قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.
أي حتى في غير وقت دخول النساء لشدة متابعته لأمره - صلى الله عليه وسلم -. رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات)) والتفلات: التاركات للزينة الخارجات بلباس البذلة.(97/700)
وفي المسند: عنه - رضي الله عنه - قال: إني سمعت حبي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة)).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) متفق عليه.
وفي المسند وسنن الترمذي وابن ماجه: عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خطب الناس بالجابية، فقال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل مقامي فيكم، فقال: ((لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)) متفق عليه.
فإذا كان هذا في أشرف مكان وأطهره وأقدسه وهو المسجد بيت الله الحرام يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجال والنساء بالابتعاد عن الاختلاط والابتعاد عن السفور والابتعاد عن الخلوة والسفر بغير محرم في مجتمع الصحابة وأمهات المؤمنين الطاهر الذي تمسك رجاله بغض البصر ونساؤه بالبعد عن أسباب الفتنة فكيف بغيرهم من الرجال والنساء الذين كثر فيهم الجهل ورغبوا عن التمسك بأسباب الحشمة ورفضوا التصون والعفاف.
قال الله - تعالى -: [وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن] أي حتى تحفظوا أطهرية قلوبكم ابتعدوا عن رؤية النساء وليبتعد النساء عن البروز أمامكم فإن دعت حاجة إلى سؤالهن فليكن وهن وراء حجاب.
وقال - تعالى -: [فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً] أي لا ترققن الكلام وتجعلنه ليناً فيطمع فيكن مريض القلب الذي ابتلي بمرض الشهوة الحرام، فإنه مستعد لأدنى محرك من محركات الشهوة لمرض قلبه فيستجيب لذلك(97/701)
المحرك والوسائل تأخذ أحكام المقاصد لذلك فالكلام الرقيق من المرأة مع الرجل ما دام يؤدي إلى ميل قلبه الشهواني وميل القلب محرم فإنه يحرم على المرأة ترقيق صوتها عند الرجل الأجنبي.
فإذا ضبطت المرأة خروجها إلى العمل بهذه الضوابط فبها وإلا فلتحفظ على نفسها عفتها ودينها والحرة لا تأكل بثدييها، وملخص هذه الضوابط:
(1) أن يكون خروجها لحاجة.
(2) أن لا يكون خروجها في ساعة متأخرة من الليل، أو في وقت يكثر فيه الفساق فتعرض نفسها للأذى.
(3) أن لا تخرج إلى أماكن تخشى من وجود فساق مؤذين فيها لا يتوانون عن التعرض للنساء.
(4) أن تخرج في جلبابها مستترة لا يبدو منها أمام الرجال الأجانب شيء.
(5) أن لا تخالط الرجال في طريقها وعملها.
(6) أن تتحدث بالكلام المعروف إذا احتاجت إليه ولا تخضع بصوتها.
(7) أن تجتنب التطيب في بدنها وثيابها.
(8) أن تجتنب ثياب الزينة بل تخرج كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: تفلة.
(9) أن لا تخلو برجل أجنبي.
(10) إذا احتاجت إلى السفر فلا تسافر بغير محرم.
والله الموفق.
http://www. dawahwin. com المصدر:
ــــــــــــــ
عمل المرأة المسلمة في ميزان الشرع
محمد الحمود النجدي
مجالات عمل المرأة في الوقت الحاضر"البيت هو المكان الطبيعي لعمل المرأة"(97/702)
هذا هو الأصل في عمل المرأة الموافق لفطرتها وطبيعتها وجبلتها وهو مجال إن قامت به حق القيام وصرفت له ما يستحقه من الاهتمام لم يبق معها وقت تصرفه في أي عمل أخر..وهو مجال شاق فقد أثبتت الدراسات والتجارب التي قامت بها المعاهد المعنية: أن عمل المرأة في البيت يعتبر ضمن الأعمال الشاقة التي تتطلب مجهود كبير علاوة على ساعات العمل الطويلة التي تتراوح بين 10 – 12 ساعة يوميا.وأولئك الذين ينادون بإخراج المرأة من بيتها إلي العمل – أيا كان – لا يقيمون لمجال البيت وزنا!!لقد اهتم الإسلام بالبيت المسلم وإصلاحه اهتماما بالغا فأمر المرأة أولا بالقرار فيه فقال: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي)أي أقررن واسكن فيها لأنه أسلم لكن واحفظ. (ولا تبرجن...) أي لا تكثرن الخروج متجملات متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لا علم عندهم ولا دين فكل هذا دفع للشر وأسبابه.وأمرها وأمر زوجها بعدم خروجها من بيتها حتى ولو طلقت فقال: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن).ويشاركها الرسول – صلي الله عليه وسلم – في المسؤولية مع الرجل فيقول:"والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها".وقال - تعالى - في بيان آلائه ونعمه على الناس: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).أي: ومن آياته الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا تناسبكم وتناسبوهن لتسكنوا إليها ويحصل التوافق والمودة
والرحمة.ونتسائل: هل يمكن أن يتحقق هذا الأنس الروحي وذاك السكن وتلك المودة والرحمة في بيت خرجت منه المرأة إلي العمل وانهمكت فيه وشغل بالها بما فيه من مسؤوليات وأعمال؟ أم إنها ستؤثر بيتها وزوجها وتعرض عن الراتب الشهري المغري الذي سيكون على حساب حقوق زوجها وبيته؟!
مجالات عمل المرأة المسلمة:
قد علمنا أن الأصل والقاعدة أن يكون عمل المرأة في بيتها قياما بالحقوق الزوجية وواجبات الأمومة وتربية الأبناء وأن هذه أمور ليست بالسهلة فإنها كما قلنا تأخذ وقتا(97/703)
وجهدا كبيرين.وأن المكلف بالسعي والكسب والإنفاق هو الزوج لقوله - تعالى -: ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)) ولكن إذا كانت هناك حاجة شخصية أو اجتماعية تدعو المرأة للعمل خارج البيت فهذا يجوز بقدر الحاجة وفي مجال أو عمل لا يترتب عليه محاذير ولا فتنة لنفسها أو غيرها، فلو احتاجت المرأة إلى الاشتغال خارج بيتها لكسب رزقها لعدم وجود من يعولها أو أن يكون عائلها مريضا أو عاجزا أو فقيرا لا يكفيه عمله أو ليس بصاحب حرفة أو صنعه أو انشغاله بما هو أهم أو اشق من الأعمال الأخرى، فعندئذ تضطر للعمل لكسب العيش أو للمساعدة فهذا جائز بالشرط السابق.* وهذه هي الأدلة على جواز هذا الأمر:أولا: من الكتاب الكريم:• • قوله - تعالى - مخبرا عن موسى - عليه السلام -: ((ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالت لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير *فسقى لهما ثم تولى إلى الظل)).ففي هاتين الآيتين إشارة إلى الحالة التي تضطر فيها المرأة العمل خارج البيت لان المرأتين قالتا: ((وأبونا شيخ كبير))وهو اعتذار عما دعاهما إلي الخروج وسقي أغنامهما دون وليهما الذي يتولى ذلك عادة إذ كان عاجزا عن ذلك، ثم في الآيتين بعد المرأتين عن مخالطة الرجال والتزامها الحياء والوقار بقولهما: ((لا نسقي
حتى يصدر الرعاء)) وهو أيضا دليل ضعف المرأة وعدم قدرتها على مزاحمة الرجال ومساجلتهم في الأعمال التي تختص بهم عادة، وفيها أيضا أنه ينبغي للمسلمين أن يعينوا الضعفاء من النساء وأن تأخذهن الغيرة لحمايتهن وصون أعراضهم عن التبذل والانكشاف، وفي القصة أيضا طلب المرأتين من أبيهما أستئجاره ليكفيهما العمل خارج المنزل وقد فعل، فإذا انتهت حالة الاضطرار للخروج والعمل عادت المرأة إلي مسكنها ومنزلها ومكانها الأول.• • قوله - تعالى -: ((وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف)) ففي الآية أنه يجوز استئجار المرأة للرضاعة ويجب على ولى الطفل أن يقدم لها أجرها وقد تكون(97/704)
هذه الرضاعة في بيتها كما قد تكون في منزل الطفل ولا شك أن هذا العمل هو من وظائف المرأة الأصلية ومما يتوافق مع فطرتها ولا محظور فيه في الغالب من اختلاط أو خلوة بأجنبي ونحو ذلك ثانيا: من السنة المطهرة: عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح (هو الجمل الذي يسقي عليه) وفرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه (الدلو الكبير) وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير – التي أقطعه رسول الله – على رأسي وهي منى على ثلثي فرسخ (يعادل 3696متر) فجئت يوما والنوى علي فلقيت رسول الله – - صلى الله عليه وسلم - – ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال: ((إخ إخ (كلمة تقال لإناخة البعير).)) ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله – - صلى الله عليه وسلم - إني قد استحيت فمضي فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركبه، فأستحيت منه وعرفت غيرتك فقال: والله لحملك النوى أشد على من ركوبك
معه،قالت: حتى أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني• • عن جابر بن عبد القال: طُلقت خالتي فأرادت أن تجذ نخلها (يقطع ثمارها) فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي – صلي الله علية وسلم – فقال ((بلى فجذي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا))، فهاذان الحديثان يدلان على جواز خروج المرأة للعمل الذي لا بد لها منه تخدم فيه زوجها أو تعينه أو تكسب قوتها فأسماء - رضي الله عنها -كانت تنقل النوى على رأسها من أرض الزبير - رضي الله عنه -وهي بعيدة عنها وكانت تستقي الماء، وأجاز النبي – صلى الله علية وسلم – لخالة جابر - رضي الله عنهما -أن تخرج إلى نخلها فتجني ثمارها فتنفع نفسها وتنفع غيرها بالصدقة...ولكن مع هذا كله لا يؤخذ من الحديثين جواز تولي المرأة للوظائف(97/705)
في جميع المجالات لأن أسماء وخالة جابر لم تخرجا لتعملا في مصنع أو متجر أو مؤسسة أو نحوها وإنما خرجتا للعمل في مزارعهما حيث لم يكن دوام رسمي، ولم يكن الخروج إجباريا ولا محظور من الاختلاط أو خلوة من الأجانب بل استحيت أسماء من المشي مع رسول الله – صلي الله علية وسلم – وأصحابه وكان عملها لراحة زوجها حتى يتفرغ للأعمال الأخرى الشاقة التي لا يمكن أن تعملها كما كانت خالة جابر بحاجة إلي العمل حتى توفر لها قوتها لأنها كانت في عدة الطلاق ولم يكن لها عائل والإسلام لا يمنع من الخروج للضرورة مع مراعاة الآداب والأحكام الشرعية. عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده – وكانت امراة صناع اليد قال: فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها – قالت: فقلت لعبد الله بن مسعود: لقد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق معكم بشيء فقال لها عبد الله: والله ما أحب – إن لم يكن في ذلك أجر – أن تفعلي. فأتت رسول الله – صلى الله علية وسلم – فقالت: يا رسول الله، إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لي ولا لزوجي نفقة غيرها، ولقد شغلونى عن الصدقة فما
أستطيع أن أتصدق بشيء فهل لي من أجر فيما أنفقت؟ قال: فقال لها رسول الله – صلي الله عليه وسلم –: ((أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم)). فأمرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنما كانت تعمل وتعيل زوجها وتنفق من عمل يدها وصنعتها عليه وعلى أولادها فأخبرها الرسول – صلي الله عليه وسلم – أن لها في ذلك أجر الصدقة وأقرها على عملها لمساعدة زوجها الفقير.
ثالثا: ما قرره علمائنا: قال سماحة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن باز - يرحمه الله -: "أن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلي الاختلاط سواء كان ذلك علي جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جداله تبعاته الخطيرة وثمراته المرة وعواقبه الوخيمة رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه"وقال:"فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب والمرأة تقوم بتربية(97/706)
الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم البنات وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعني" قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - يرحمه الله -: "المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريا أو فنيا أو أن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء مما أشبه ذلك.وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث يستلزم الاختلاط بالرجال وهي فتنه عظيمة يجب الحذر منها ويجب أن يعلم أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) ((وإن فتنة بني إسرائيل كانت من النساء)) فعلى
المرء أن يجنب أهله مواقع الفتنة وأسبابها بكل حال.
http://www.alezah.com بتصرف من:
ــــــــــــــ
مستقبلي في الزواج
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... أمجاد
السؤال
لثقتي في إرشاداتكم أعرض عليكم هذا الموضوع الخاص
فقد تقدم لي العديد من الشباب و لكن نظرتي للزواج تختلف عن قريناتي في بيئتي البسيطة التي لا ترى الزواج إلا إنجاب الأبناء ، فأنا من قرية صغيرة لم تعهد عمل المرأة إلا منذ وقت قريب ويفضل شبابها المتعلمون المرأة التي أخذت قسطا بسيطا من التعليم بحيث تجيد القراءة والكتابة وأنا لا أريد إلا من يعينني على تكوين أسرة(97/707)
واعية فأرى أن فاقد الشيء لا يعطيه وأرى أني في غنى عن رجل جاهل لا يهتم بأمور دينه و أمته ، و أنا على استعداد لأن أنتظر و إن طال هذا الانتظار ولكن الوقت تأخر مع العلم أني لا أرفض شخصا حتى أصلي الاستخارة أكثر من مرة وأدعو ربي باستمرار أن يرزقني الله الذرية الطيبة المباركة ، و راضية بقضاء ربي رضاء مطلقا، و قد تقدم لى شاب مناسب جدا من جميع النواحي إلا من ناحية واحدة جعلتني أرفض مجرد التفكير في الموضوع فهو أصغر مني بثلاث سنوات وأنا أرفض ذلك رفضا قاطعا وأجد أن هذه العقبة سترافقني طول حياتي حتى عندما يتقدم بالزوجين العمر أرى أنهما لن ينسيا ذلك و لن ينسى الآخرون فمن نسي أن السيدة خديجة أكبر من المصطفى سنا أرجو ألا تقدموا لي شعارات ، المسألة الآن لا تقلقني كثيرا ولكن أخشى أن يحصل ذلك في المستقبل و جزاكم الله خيرا
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة الأستاذة / أمجاد حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
فإنه ليسعدنا أن تستقبل رسالتك هذه عبر موقعك استشارات الشبكة الإسلامية ، سائلين الله تعالى أن يوفقك إلى كل خير ، وأن يشرح صدرك للخير ، وأن يمن عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته ، ويرزقك منه الذرية الصالحة المباركة .
وأما بخصوص ما ورد بسؤالك : فهو إن دل على شيءٍ فإنما يدل على أنك إنسانة صاحب مبدأ وهدف يجب على الجميع أن يحترمه ، وكم نتمنى أن يكون حال المسلمين جمعياً مثلك من حيث وضوح الرؤية ، وتحديد الهدف من الزواج قبل الدخول في المشروع المصيري الهام ، فنسأله تعالى أن يكثر من أمثالك في المسلمين .
وموضوع فارق السن : أرى أنك قد بالغت فيه كثيراً ، وغاليت غلواً يرفضه الشرع والعرف والواقع ، ففارق الثلاث سنوات ليس هو بالفارق الذي يؤدي إلى وجود عدم(97/708)
تفاهم أو نفرة لا في الحاضر ولا في المستقبل ؛ لأن الفوارق المزعجة هي التي يكون أحد الطرفين فيها في ريعان شبابه والآخر على أعتاب الكهولة ، أما هذا الفارق فلم ولن تجدي أحداً من العقلاء يعتبره فارقاً مؤثراً ، فلا تشغلي نفسك بهذه القضية ؛ لأنه ليس لها أي آثار على مستقبل الأسرة لا نفسياً ولا اجتماعياً ولا صحياً ، والمفروض أن يكون الرفض مبرراً ومقنعاً ، وهذا ليس موجود عندك ، لذا أقول للأخت الكريمة الأٍستاذة أمجاد : مادام الرجل فيه المواصفات الشرعية والحياتية والمعيشية التي تؤهله لتأسيس أسرة وقيادتها ، فصل ركعتين استخارة ، وتوكلي على الله ، خاصةً إن كان هذا الرجل قوي الشخصية ، ولا تنسي أن أسامة بن زيد قاد الجيش الإسلامي وعمره ثمانية عشر عاماً ، وكان تحت قيادته كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وأمثالهم ، فالعبرة بقوة الشخصية والقدرة على القيادة وحسن الطاعة لله ورسوله ، وحسن الخلق من الخلق ، وبالله التوفيق .
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ــــــــــــــ
الحضانة وعمل المرأة
ندعو كل حريص على الإنسانية، وكل من يخفق قلبه بحب البراءة المرتسمة على وجوه حديثة عهد بربها، تشف عن سرائر أنقى من ماء الغمام، ندعوهم جميعاً أن يعودوا إلى المحضن العظيم الأسرة، وأن يحرصوا عليها، معلنين للدنيا أن لا بديل عن الأسرة.
من المفيد أن نعلن منذ البداية أننا لا نعارض عمل المرأة الذي يناسب تكوينها الجسمي والنفسي ولا يخدش عفتها ولا كرامتها. بل إن من الأعمال أعمالاً يوجب الدين ثم الذوق أن تكون من نصيب المرأة كالتوليد وتعليم البنات وما يشبههما، زد على هذا أن الظروف قد تجبر المرأة على العمل عند فقد المعيل، أو في أوضاع وطنية طارئة كل ذلك مع الحفاظ على دينها وشرفها. وليس في هذا كله مشكلة. إنما المشكلة في الدعوة المفتوحة إلى عمل المرأة، وتصوير عملها في البيت وفي تربية(97/709)
الأولاد تصويراً خادعاً يجعله إنفاقاً للوقت فيما لا يفيد، وإهداراً لكرامة المرأة، وتضييعاً لوقتها وهي نصف المجتمع كما يقولون. وكأن إنتاج الحديد أو القماش أعظم قدراً وأثراً من إعداد الأجيال وتربية أجيال الغد المأمول. أو كأن تقديم الأوراق للمدير، وتحويل المكالمات الهاتفية له، وتنظيم دخول ضيوفه لمقابلته؛ أنفع للمجتمع من القيام بشؤون أسرتها، وتربية أولادها والإشراف على شؤونهم ليكونوا فيما بعد أعضاء صالحين في المجتمع.
وتتعالى الصيحات المنكرة بين الحين والآخر بوجوب خروج المرأة من البيت وانطلاقها في الحياة إذ أن البيت في نظرهم سجن يجب إطلاق سراح المرأة منه، ولتسهيل خروج المرأة من مملكتها، وإبعادها عن عملها الرائع الذي لا يستطيع غيرها أن يقوم به، يوردون الحجج الواهية التي أثبتت الأيام بطلانها وليس ضعفها فحسب.
ولقد ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة دور الحضانة لتكون عاملاً مساعداً على عمل المرأة، وإخراجها من البيت منطلقة في ميادين شتى، تاركة هذا العش الجميل، والحصن الحصين معرضة نفسها للأمراض النفسية، والتحرشات الجنسية، مرخصة قدرها السامي، وأنوثتها اللطيفة ومعرضة مملكتها للخراب أو ما هو قريب من الخراب.
فهل تستطيع دور الحضانة أن تقوم بما تقوم به الأم، وهل من ربح مادي حقيقي لها وللمجتمع في هذا التدبير.؟
وسنوضح بعون الله – تعالى - لمن يبحث عن الحق دون سواه، ويطلب المصلحة العامة أن هذه الدور عاجزة عن أن تسد مسد البيت والأسرة فيهما من رعاية الأم علاوة على أنها لا تحقق الربح المادي ـ لمن يريد من إنشائها ربحاً لا تدمير الأسرة ـ إذا ما ألزمناها بضوابط إنسانية معقولة حرصاً على الطفولة، ورحمة بالبراءة والنقاء والطهر.
لقد تأكد علمياً أن لاشيء يعدل حليب الأم، وأن أول ما يخسره الطفل الذي يُرمى في دار حضانة هو هذا الغذاء الدواء، إذ ليس في الدنيا دار من هذه الدور تستطيع أن(97/710)
تحضر للطفل أمه كلما احتاج إلى رشفة من ثديها، تطفئ عطشه، وتملأ معدته، وتسد جوعته، وتشبع عواطفه المحتاجة إلى ضمة منها، وقبلة تطبعها على خذه الوردي، إذ قد تكون حاجة روح الطفل ونفسه إلى حضن أمه وصدرها تفوق حاجة بطنه وجسمه. وكلما تقدمت الدراسات النفسية أمدتنا بمعلومات جديدة، ومنها تلك التي تفيد أن الطفل يرضع مع الحليب الحب والحنان والنفسية المتوازنة المستقرة.
وأي عاقل في هذه الدنيا يرضى أن يضحي بالأجيال الصاعدة في سبيل مزاعم ـ عن تحرير المرأة وعملها ـ لا يقر لها قرار عند البحث العلمي المنصف.
ونجاوز هذا إلى أمر آخر وهو أن المربية الواحدة في دار الحضانة يعهد إليها برعاية عدد من الأطفال، وليس هناك دار حضانة حريصة على الربح (وكلهم كذلك) تستطيع أن تخصص لكل طفل مربية تَلْزمُهُ كأمه، وهي من باب أولى لا تستطيع أن تضعه وسط أسرة تنفق وقتها معه، ولئن حصل ذلك جدلاً فأنى لهؤلاء ذلك اللحن الروحي والنغم المناسب من الحنان والشحنات العاطفية المتراقصة التي تتدفق من نفوس الأهل الأصلاء.
ثم مرة أخرى إذا تحقق هذا كله (ولن يتحقق)، فما الفائدة المادية التي تعود على دور الحضانة؟ إذ من المعلوم أن من أهداف دور الحضانة تيسير خروج المرأة من البيت إلى العمل، وفي مقابل هذه الخدمة المغشوشة للأم وولدها تدفع الأم بعض أجرها لتلك الدار، هذا إذا شارك الطفل أطفال كثيرون في مربية واحدة. أما إذا أوجبنا تخصيص مربية واحدة لكل طفل أو اثنين فلابد من أن تقدم الأم أجراً كبيراً، ربما أتى على راتبها كله، ومن حق العقلاء أن يسألوا ما الذي ربحته الأم في هذه الحال؟ وما الذي أفاده المجتمع عندما خرجت للعمل فتعطلت لرعاية طفلها امرأة أخرى لكنها لن تستطيع أن تؤدي دور الأم الأصلية بشكل صحيح.؟
وإذن لابد لتحقيق الربح المادي، ولنجاح مقررات الإفساد المموه من أن تقوم مربية واحدة برعاية عدد كبير من الأطفال الأبرياء، كما يقوم الراعي برعاية قطيع من(97/711)
الأغنام، وبغير هذا تخسر المؤسسة. ولا ننسى أن وراء المربية جيشاً من الإداريين والخدم، يضاف إليه ثمن البناء والأثاث...
مسكينة طفولة العصور الأخيرة، قست عليها الأمهات جهلاً أو عمداً. أليس من القسوة أن تتخلى الأم عن طفلها خلال مرحلة طفولته يومياً ساعات من النهار لتقذف به إلى سرير جامد لا يصغي لعذب مناغاته، ولا يفهم حركات عينيه ويديه، ولا يقرصه تشنف الطفل وبكاؤه.؟!
إن المربية ـ وهذا هو الغالب ـ تعتبر حمل الطفل من هؤلاء مشقة، وتغيير ما تلوث من ثيابه عناء وقرفاً، تقوم به على أنه تكاليف عمل ومستلزمات وظيفة، تتكسب منها لقمة العيش، بينما يتخاطف الطفل في بيته أهله وأقرباؤه، وهم يحسون أن حمله ومداعبته سعادة ونعيم، يود كل منهم الاستزادة منه، وقس على ذلك سائر الشؤون.
ولا ندعي فقدان المربيات كلهن الرحمة والحنان، لكن شتان مابينه وبين حنان الأم، فكيف إذا كان هذا الصنف من المربيات نادراً والنادر لا تبنى عليه الأحكام.
ولا ننكر أن بعض الأمهات تجبرهن ظروف شديدة على دفع الطفل بعض اليوم إلى المربية أو دار الحضانة، لكن يجب أن تبقى هذه الحال استثنائية، وليس من المنطق ولا الصواب أن ينتشر الاستثناء، ويتسع حتى ليكاد يصبح في بعض البيئات هو القاعدة.
إن الحقائق دامغة، ولا جدوى من المكابرة الفارغة الجوفاء، وعلى رأس هذه الحقائق أنه عندما يتحجر قلب الوالدين فيقذفان بفلذة الكبد إلى الغرباء من غير ضرورة ملجئة، ولا تستطيع عاطفة الأبوة والأمومة أن تحملهما على احتضانه ورعايته، فعليهما ألا يتوقعا أن الآخرين والأخريات سيكونون أشد حرصاً عليه ولا أعظم رحمة به.
وإذا كان هذا شأن دور الحضانة، فإن أوضاع المربيات اللواتي يؤتى بهن إلى البيوت أشنع وأفظع، ولهؤلاء حديث طويل وقصص يقشعر منها البدن لا مجال للحديث عنها هنا.(97/712)
وبعد هذا البيان المقتضب الذي لم يستقص الموضوع ندعوا كل حريص على الإنسانية، وكل من يخفق قلبه بحب البراءة المرتسمة على وجوه حديثة عهد بربها، تشف عن سرائر أنقى من ماء الغمام، ندعوهم جميعاً أن يعودوا إلى المحضن العظيم الأسرة، وأن يحرصوا عليها، معلنين للدنيا أن لا بديل عن الأسرة.
http://www.ikhwan-muslimoon-syria.org المصدر:
ــــــــــــــ
: ... لقد فقدت المرأة مكانها الحقيقي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... سهر الليل
السؤال
انا سيدة متزوجة ولدي اربعة اطفال ، دائما اعاني من احساس الاضطهاد من الناس واحاول ان اسعى جاهدة لارضاء الناس حتي على حساب نفسي ، ينتابني شعور دائم بكرهي لنفسي ومنظري اخاف من كل شىء غير راضية عن نفسها بكل الطرق اعاني من الاكتئاب القاهر والهواجس الغريبة غير موجودة، ورغم أنني والحمد لله اصلي واحفظ القرآن جاهدة ولي في مجال الدين اكثر من اي مجال واخاف الله في كل عمل اقوم به حتى ولو كان صغيرا ، اريد أن اقوي ايماني واريد أن اترك الشركة التي اعمل بها لاحساسي بأنها هي السبب في كل ما انا فيه لا اجد منها غير نساء تحفرن لبعضهن وعالم مرتزقة والوصول الي الطرق العالية بطرق غير شريفة لايوجد فيها مخالفة الله تعالي ابداً اكره هذه الشركة واكره نفسي معها ، حاولت أن اغير عملي ولكن لا يوجد واذا اردتم الصحيح اريد ان اجلس في بيتي مع اطفالي فهذا هو الصح الام للبيت والاولاد والزوج ، لقد فقدت المرأة مكانها الحقيقي عندما زاحمت الرجال في ميادين العمل المتشعبة فقدت انوثتها ورقتها حتى خوفها علي اطفالها اصبح ليس بالشيء الكثير مثل امهات زمان ، زمان الوقور زمان الكرم(97/713)
والعطاء والحب زمان الايمان الحقيقي بأن الدينا ما هي الا لهو وما خلقنا الا لنعبد الله هذا هو زمان ، دلوني بالله عليكم ماذا افعل ارشدوني قبل ان افقد عقلي ولكن ظروفي صعبة
الجواب
أختي الفاضلة/ سهر الليل حفظك الله ورعاك،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
أولاً أحيي فيك هذه الروح الإسلامية الرائعة وتمسكك بدينك زادك الله ثباتا على الحق.
أختي الفاضلة لا يمنع أن تعمل المرأة إذا كانت تحتاج للعمل وتحافظ في نفس الوقت على أنوثتها ومكانتها في المجتمع إذا كانت تعمل ضمن الضوابط الشرعية الصحيحة.
أما بالنسبة لمسألة سعيك الدائم لارضاء الناس فأنا أريد أن أسألك سؤالا وأجيبي عليه في نفس الوقت وأنت تقرئي هذا الرد.
ماذا تريدين بالتحديد؟ ( إجلعي جوابك في سياق إيجابي يعني قولي الذي تريدينه، ولا تقولي الذي لا تريدينه )، مثلاً قولي أريد أن أكون واثقة من نفسي بدلاً من أن تقولي لا أريد ان يضهدني الناس، ثم أجيبي عن كل سؤال من الأسئلة التالية، ولكن قبل الانتقال من سؤال إلى آخر أجيبي على الأول فالأول، وأريدك أن تتريثي خلال إجاباتك عن كل سؤال وتستشعري الإجابة.
1- ما هي المشكلة؟
2- ما الذي سببها؟
3- كيف لم تستطعي حلها؟
4- كيف تستطيعي التغلب على الحل لمشكلتك؟
5- ما الذي تودي تغييره؟
6- متى ستوقفيها من أن تكون مقيدة لك؟
7- بكم طريقة تعرفي أنك تجد الحلول لها؟(97/714)
أنا متأكد أنك بدأت تتغيرن بإذن الله تعالى الآن للأفضل، وأنك بدأت تنظري للأمور بمنظارٍ آخر.
وفقك الله،،
المجيب : ... أ/ علوي حسن عطرجي
ــــــــــــــ
... هل أستمر في عملي الذي أنا فيه
تاريخ الإستشارة : ... 2005-12-17 11:10:13
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... أم إسلام
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا فتاة مسلمة ومحجبة والحمد لله متزوجة ولدي طفل وظروف الحياة تستوجب عملي، حيث أن راتب زوجي متدني، أعمل أخصائية تغذية في مستشفى لا يطبق الشريعة الإسلامية (مثل معظم المستشفيات) طبيعة عملي تتضمن جانبين:
1- ضمن المكتب بحكم طبيعة عملي التي تستوجب أن أكون بجانب المطبخ وتوجد علاقة مباشرة بيني وبين الموظفين بداخل المطبخ (الطهاة،....) وبحكم مسؤوليتي عليهم وهم من الرجال أحاول بقدر المستطاع المحافظة على التعامل الشرعي، ولكني أصدقك القول أشعر أني أتخطى ذلك نتيجة الاحتكاك المباشر بينهم فقد أبتسم في بعض الحالات التي تستدعي ذلك وأحيانا أضطر للملاطفة وأحيانا قد أضطر برفع صوتي بسبب العمل علما إني هادئة جدا.
2- وأيضا هنالك جولة على المرضى داخل المستشفى سواء رجال أم نساء بحكم طبيعة عملي.(97/715)
علما أني دائمة الاستخارة في عملي من قبل تعييني ولغاية الآن، علما أني أعمل من مدة طويلة جدا (6س)، ولا أدري أعملي هذا ضمن النطاق الشرعي ورزقي حلال أم لا؟
علما أني أشعر أنه لا بركة في رزقي وأخاف أن يكون ذلك بسبب طبيعة عملي وغضب الله مني، علما أني أحاول أن أبحث عن عمل مثل تدريس في مدارس إناث، ولكن من غير نتيجة.
أرجو منكم أن تنصحوني بما فتح عليكم الله وجزاكم الله عني وعن المسلمين والمسلمات كل خير، ولا تنسوا أن تدعوا لي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ أم إسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يحفظك وأن يسددك، وأن يلهمنا وإياك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
فإن عمل المرأة الأساسي في بيتها، ولا تخرج للعمل إلا لشدة حاجتها أو حاجة المجتمع المسلم إلى خدماتها، بشرط أن يكون ذلك ضمن الضوابط الشرعية، فلا تخلو برجل، ولا تتوسع في كلامها وتعاملها مع الرجال، وأن تحافظ على سترها وحجابها، وإذا احتاجت لمخاطبة الرجال فإنها لا تخضع بالقول ولا تتكلم إلا بالمعروف وبقدر الحاجة، قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً}.
ونحن نشكرك على معاونة الزوج في تكاليف الحياة، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُصلح لك الحال، ويُبارك لك في الزوج والعيال، وندعوك إلى مزيدٍ من التمسك بالآداب الشرعية، وأرجو من خلال عملك أن تُواصلي البحث عن وظيفة أنسب، واعلمي أن سعادة المرأة في بُعدها عن الرجال، وذلك أطهر لقلبك(97/716)
وقلوبهم، كما قال سبحانه في كتابه وهو يخاطب أشرف النساء وأكرم الرجال: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
ولا يخفى عليك أن الرجال يحترمون المرأة التي تُحافظ على حجابها وحيائها ووقارها، وصدق الله العظيم القائل: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} يُعرفن بأنهن العفيفات الطاهرات، فحافظي على ما عندك من الخير، واجعلي علاقاتك في حدود المعقول والمطلوب.
وأرجو أن يُبارك الله كل في رزقك، وأن يُعينك على طاعته، ونحن نكرر نصحنا لك بضرورة المحافظة على التعامل الشرعي.
وابتعدي عن الذنوب في العمل وفي غيره، واعلمي أن الإنسان قد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، وأن البركة في الأرزاق لا تنال إلا بالإيمان والتقوى، قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض}.
وينال الإنسان الزيادة في رزقه بكثرة الاستغفار، قال تعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموالٍ وبنين} ويزيد بعمل الخير وصلة الرحم والإنفاق في سبيل الله، فإنه ما من يومٍ يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: (اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً).
وفي الختام: نشكر لك هذا الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يزيدك حرصاً، وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه .
والله الموفق,,,
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــ
وكالات توظيف الفقيرات تغزو العالم الثالث
...
...(97/717)
السبت :07/07/2001
(الشبكة الإسلامية) تقرير: أسماء عصمت
الشبكة الإسلامية >> اقتصاد ومال
...
...
- النساء تحولن إلى سلع تستوردها دول وتصدرها أخرى في ظل العولمة وتعقد السوق الدولية.
- الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والسياسة مربع يحاصر عمالة النساء المهاجرة.
- توصيات واتفاقات لم تخرج إلى حيز التنفيذ ومشكلات العاملات خارج دولهن تتصاعد.
لأن عمالة المرأة خارج حدود بلادها مشحونة بالشبهات والمخالفات الشرعية
ولأن استقدام النساء للعمل في غير دولهن أمر يعكس تراخي الحكومات وتدهور ظروف العيش في هذه الدول ...
فإن هذا الاستقدام حو ل المرأة إلى سلعة وصارت تجارة تصدير تحكمها الأعراف التجارية لا الإنسانية والقيمية.
هذا ما يؤكده د. السيد حنفي عوض - أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق - في بحث عنوانه: حقوق الإنسان والعمالة النسائية عابرة الحدود لدولية
يثير من خلاله مجموعة قضايا تتعلق بواقع عمل المرأة خارج الحدود .
وهي قضايا تتشابك فيها الجغرافيا مع القانون مع السياسة بينما يطرح العنوان العريض عمل المرأة فقط دلالات واختلافات فقهية شرعية وحسب.
ويعتبر تناول تلك المسألة غاية في الأهمية خاصة مع إلحاح مؤتمرات المرأة العالمية المتوالية علي فكرة مساعدة النساء على تجاوز خط الفقر من خلال منحهن قروضا من المؤسسات الاقتصادية الدولية وهو ما يعني تحويل المرأة البسيطة إلى مدين دولي(97/718)
وإدراجها ضمن تشابكات العلاقات الاقتصادية بين الدول وجعل النساء مجرد أداة اقتراض لا وسائل تنمية وتقدم لبلدانهن.
يقول البحث : إن قضية العمالة النسائية تحكمها أربعة محاور هي:
أولا - البعد التاريخي فالعمالة النسائية الخارجية مرتبطة بظروف العمل السيئة في الدول الصناعية وعدم المساواة بين الجنسين في الأجور .
وفي خضم هذه الظروف جاءت مطالب المرأة العاملة محددة بالأجر المتساوي وساعات العمل وإجازات الوضع ورعاية الأطفال والإقامة السكنية الملائمة والرعاية الطبية والحماية من التحرش الجنسي.
وذلك لأن قضية العمالة النسائية عابرة الحدود حيث مشاكلها معقدة بتعقيد سوق العمل الدولي واستقطاب المهاجرات في أعمال بعضها يحتاج لتقنية ومهارة وبعضها لا يحتاج إلى أية مهارة. ولعل هذا ما دفع بعض المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان إلى متابعة هذه العمالة ومشاكلها.
أما البعد الجغرافي فهو البعد الثاني والعنصر الأساسي في قضية عمالة المرأة حيث إن مشكلة العمالة النسائية ازدادت تعقيدا مع سياسة العولمة وتطور النقل والمواصلات ونمو الرأسمالية والشركات عابرة الدول والقارات . ومن هنا ظهرت وكالات لتوظيف النساء من دول آسيا الفقيرة إلى دول آسيا الغنية واستغلت بعض هذه الوكالات الظروف الاجتماعية السيئة لهذه العمالة وحولتها لتجارة تصدير.
وكانت الدول الرئيسية المرسلة للعمالة النسائية هي الفلبين وأندونيسيا وتايلاند وسيريلانكا.
أما الدول المستقبلة فقد كان أغلبها من الدول العربية بآسيا بالإضافة إلى هونج كونج واليابان وتايوان والصين وماليزيا وسنغافورة.
وتشير الدراسة إلي أن بعض هذه الدول تعد أماكن منشأ وهي في الوقت ذاته أماكن لاستقبال هجرة هذه العمالة ومنها ماليزيا . حيث نجد أن نساء من الفلبين وأندونيسيا(97/719)
وتايلاند وجنوب الصين وروسيا وغيرها من دول أوروبية شرقية تعرضن للتصدير بطريقة غير مشروعة وتم نقلهن إلي ماليزيا.
ومن ناحية أخري فإن العاملات الماليزيات يتم الاتجار فيهن ونقلهن إلى اليابان وتايوان والصين وهونج كونج وأوروبا واستراليا.
وبناء علي حركة هجرة العمالة النسائية من دول آسيا تم تشكيل لجنة للنساء العاملات الآسيويات عام 1981 ومقرها هونج كونج حيث تعقد المؤتمرات دروس العمل المنظمة لهذه العمالة وتقوم اللجنة بطبع ونشر الكتيبات التعليمية وإصدار صحيفة تتناول موضوعات التضامن العالمي النسائي في معظم دول آسيا.
كما أقامت بعض النساء في بعض المجتمعات الإسلامية شبكة لحماية حقوقهن وأشارت عالمة الاجتماع فريدة شهيد - إحد عضوات هذه الشبكة - إل ثلاث قضايا محورية تؤثر في العمالة النسائية في بعض الدول الإسلامية وهي:
تأثير العادات والتقاليد على المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية واستغلال بعض النظم السياسية في تأكيد السيطرة علي النساء وصياغة قوانين وسياسات باسم الدين لإهدار حقوق المرأة واستغلالها .
أما عن دور المنظمات العربية في الاهتمام بشئون العمالة النسائية فإن منظمة العمل العربية خصصت عام 1974 إحدى لجانها السبع الدائمة للمرأة العاملة وعقدت حلقة نقاشية في تونس تناولت فيها وضع المرأة العربية العاملة وتشريعات العمل التي تعمل في ظلها وظروف التعليم والتأهيل ثم تشكلت لجان لعقد اتفاقات ولبحث مشكلات المرأة العاملة ولكن الاتفاقات لم تدخل مجال التنفيذ ،والتوصيات حبر على ورق ، ومن ثم فإن مشكلة النساء العاملات المهاجرات ما تزال في حاجة لدراسات متأنية حول أبعادها الاجتماعية والثقافية على صعيد المجتمع العربي والإسلامي.
ــــــــــــــ
مشاركة المرأة في المجتمع
...(97/720)
...
السبت :19/05/2001
(الشبكة الإسلامية) - القاهرة- حوار : أحلام علي
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...
الداعية الإسلامى محمد حسين يؤكد :
* مشاركة المرأة في تقرير مصير المجتمع الإسلامي قديمة وثابتة
* أسماء بنت يزيد أول عضوة مجلس شعب في التاريخ الإسلامي، وخولة امرأة غيرت وجه المجتمع بجدالها المبرور مع الرسول (صلي الله عليه وسلم)
* فهم بعض المسلمين للإسلام قلب الموازين وحوّل المرأة إلي عضو مشلول في الجسد الإسلامي
* نحن بحاجة ماسة إلي نماذج نسائية إسلامية تعيد الاعتبار للمرأة المسلمة وتحبط المؤامرات التي تحاك ضدها
المرأة المسلمة المعاصرة أثيرت من حولها قضايا مهمة، أثارها الناس أحيانًا باسم المعاصرة والحداثة وأحيانًا باسم العلمانية البعيدة عن الدين، وأحيانًا عن جهل وتجاهل، والمرأة تسمع وتري وتتأثر وتنفعل وتستجيب ، أو تحجم وتستمسك بدينها ، أو تضعف أمام لحن القول ومعسول الكلام، لذا كان لابد من طرح القضايا التي تهم المرأة المسلمة وإبداء وجهة الحق والصواب فيها، وإحدي هذه القضايا خوض المرأة للمجال السياسي، ولاسيما وأن قلة معدودة منهن تشارك بالرأي والقلم في هذا المجال!!
وحول هذا الموضوع حاورنا الداعية الإسلامي الخبير التربوي وأحد المهتمين بشؤون الأسرة الأستاذ محمد حسين - عضو مجلس الشعب المصري سابقًا، وصاحب العديد(97/721)
من المؤلفات التي تناولت بشىء من التفصيل وضع الأسرة المسلمة وما ينبغي أن تكون عليه في ظلال المعاملات الإسلامية.
واجب على كل امرأة
قطاع عريض من النساء المسلمات غير مهتم بقضايا المسلمين وبالأحداث التي تدور، ومن ثم دورهن مغيب عن الساحة، فهل ترون ضرورة وجود وعي سياسي لدي المرأة المسلمة؟!
ــ إذا كان المقصود بالوعي السياسي سياسة العالم والصراع بين الحق والباطل وبين الإسلام وتغريبه، وأن يكون لدي المرأة وعي بما يُكاد للإسلام وللأمة، فهذا واجب علي كل امرأة مسلمة، خاصة وأنها منوط بها تربية النشء علي هذا الوعي، كما أن الذين يحاربون الإسلام يعملون علي تجفيف المنابع، بمعني أنهم يريدون أن يبعدوا النشء عن فهم الإسلام وقيمه وطبائعه، فإذا كانت الأم لا تعي هذه المقاصد ولا تفطن لهذه التربية البعيدة عن الإسلام التي سوف تربي عليها أبناءها فهذا خطأ شديد، ولكي تربي الأم أبناءها علي فهم هذه الأمور جيدًا يجب أن تكون هي مصدر إجابة لاستفساراتهم ولأسئلتهم، ولكي تسهم أيضًا كعضو فعال في المجتمع المسلم ولا يتم ذلك إلا إذا كانت المسلمة مهتمة بشكل كبير بقضايا المسلمين وبالأحداث التي تدور علي الساحة عملاً بقول الرسول (صلي الله عليه وسلم): »من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم«.
لا إسلامي.. ولا تاريخي
هل المرأة مسئولة داخل البيت فقط أم أنها مطالبة بما يطالب به الرجل ؟!
- الرجل له مسئوليات داخل البيت وخارجه والمرأة لها مسئوليات داخل البيت وخارجه، وحصر دور المرأة في البيت أمر ليس إسلاميًا وليس واقعيًا وليس معقولاً، فمن الذي حصر دور المرأة في البيت فقط؟! ومن ادعي هذا؟ ومن جعل مسئولياتها في هذا النطاق فقط؟! هذا مفهوم غير إسلامي وغير تاريخي.(97/722)
فالنساء شقائق الرجال - كما قال الرسول (عليه الصلاة والسلام)، وأم سلمة شاركت في قضايا إسلامية مهمة جدًا عندما أخذ الرسول (صلي الله عليه وسلم) رأيها في هدنة الحديبية، وما كان الرأي الصحيح يغيب عن الرسول (صلوات الله وسلامه عليه)، ولكنه أخذ بمشورة زوجته في هذا الحدث التاريخي الذي يتعلق بمستقبل الإسلام والمسلمين ليكون درسًا مهمًا للمسلمين في مثل هذه المواقف، وليبين (عليه الصلاة والسلام) أن المرأة المسلمة لديها المقدرة العقلية علي المشاركة الفعالة في القرارات السياسية.
وكذلك شاركت أم هانئ ابنة عم النبي (عليه الصلاة والسلام) (ورضي الله عنها) في أخطر قرار عند فتح مكة وكان الرسول (عليه الصلاة والسلام) قد أهدر دماء بعض قادة قريش لسابق مواقفهم الإجرامية في حق الإسلام والمسلمين، وبرغم هذا تدخلت لحماية بعض هؤلاء والنبي (صلي الله عليه وسلم) قال لها: "لقد أجرنا يا أم هانئ من أجرت"، فمعني هذا أنها أبطلت أو كادت تبطل قرارًا سياسيًا مهمًا جدًا للمجتمع المسلم آنذاك، كذلك أم عمارة (رضي الله عنها) كانت مع الأنصار في بيعة العقبة الكبري وهم يقررون قرارًا خطيرًا جدًا، وهو: حماية النبي (صلي الله عليه وسلم) في المدينة، وإقامة مجتمع مسلم هناك.. إذن مشاركة المرأة المسلمة في القضايا المصيرية التي يموج بها المجتمع قديمة وثابتة وموجودة في التاريخ الإسلامي والسيرة.
ما رأيكم في مشاركة المرأة في المجالس النيابية؟ وهل هناك شروط يجب توافرها في المرأة المشاركة؟
- إن المرأة لها أن توجد في كل الوظائف باستثناء الإمامة الكبري وتولي القضاء، وهذا رأي مبني علي الشرع ورأي العلماء وحكم الدين في عمل المرأة، ودور المرأة والمشاركة في الانتخابات مثل أي عمل آخر لها كالتدريس والطب وبقية الوظائف التي تعمل بها، فهي عضو في المجتمع ولها مصالح فيه وهي إحدى لبناته مثل الرجل تمامًا، والمرأة لها أن تشارك في المجالس النيابية بشرط أن تتوافر لديها ثقافة عالية ووعي سياسي وإلمام بقضايا المجتمع وقضايا الأمة، وأن تقدر مسئولية ما هي مقبلة(97/723)
عليه في هذا المجال، وأن تكون لديها حصانة للمشاركة في حدود الآداب الإسلامية والشرع (الالتزام بالحجاب وبالسلوك الإسلامي).
وثمة شرط آخر للمرأة المشاركة في هذا المجال، وهو أن تكون متفرغة أو تكون جاوزت سن الأربعين بحيث لا يتعارض عملها هذا مع واجباتها نحو أبنائها وتربيتهم، ولنذكر أسماء بنت يزيد الأنصارية - وافدة النساء للنبي (صلي الله عليه وسلم) - عندما تبنت الحديث باسم بنات جنسها لتسأل عن موضوعات تخصهن، وامرأة تمثل النساء للمطالبة بحقوقهن أمر ليس بجديد علي الإسلام والمسلمين.
ولم لا ؟ :
هل يمكن للمرأة المسلمة أن تصل إلي مستوي الزعامة النسائية - في الحركة الإسلامية - والبعض يفتي بما يواريها خلف الأبواب؟!
- الإجابة عن هذا السؤال عند الصدر الأول من الصحابيات.. فالسيدة عائشة خرجت في موقعة الجمل، وكان يُرجع إليها، والسيدة أسماء بنت أبي بكر كانت لها زعامة وكانت لها قيادة، وكان المسلمون يرجعون إليها ويأخذون برأيها، وابنها عبد الله بن الزبير - وهو خليفة المسلمين آنذاك - كان يرجع إليها ويأخذ برأيها وتوجيهاتها.
فالمسألة تجاه المرأة ليست بهذا الانزواء وهذا الضيق، ففي سورة »مريم« يقول الله عز وجل: واذكر في الكتاب مريم... ذكرها الله في وسط الأنبياء، وخاطبها الله عن طريق الوحي كما خاطب الأنبياء محمدًا، عيسي، موسي (عليهم الصلاة والسلام)، وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون... لم يقل الله - عز وجل - ضرب الله مثلاً للنساء، بل للذين آمنوا (رجالاً ونساءً) كجانب إصلاحي.
أيضًا لكي يتم الفرض الخامس في الإسلام يجب أن نمشى خطوات هاجر ونسرع مثلها ونمشى سبعة أشواط مثلها.
فيجب ألا تشعر المرأة بأن دورها هامشي فتصغر في عين نفسها عندما لا تحس بإيجابيتها، والفتاوي التي قلصت دور المرأة وألا تخرج من بيت أبيها إلا لبيت زوجها أوصلت المرأة إلي عضو مشلول أو نصف مشلول عندما حصرتها في مسئوليات(97/724)
ضعيفة جدًا قد يقوم بها خادم، وأداؤها قد يشلها - أي المرأة - وكأنها خلقت لهذه المسئولية فقط!! فالمسئولية لن تنتهي عند هذا الحد! فكما أن لها مسئوليات داخل البيت لها أيضًا مسئوليات خارجه فلا يجب أن يُحرم المجتمع من نشاط المرأة المسلمة الصالحة! وسورة »المجادلة« تذكر في القرآن إلي يوم القيامة.. كيف لامرأة أن تغير وجه المجتمع الإسلامي بجدال مبرر؟! ولم يجادل عنها أبوها أو أخوها.
فمن الذي قلب المعركة وحولها لهذا الضمور وترك المجال للمفسدات والمتحللات؟ للأسف بعض الإسلاميين بفهمهم المحدود وبالفتاوي الضيقة!
فكيف إذن تفكر المرأة؟! وكيف يكون لها طموحات في الحياة وهي بهذه الشاكلة؟! ولماذا اهتمت المرأة المسلمة اليوم بالمشتريات وبتوافه الأمور؟! لأن دورها تقلص وفرغت اهتماماتها! فالمسئولية والتكليف في هذه الحياة أكبر مما نظن، فيجب ألا نأخذ إسلامنا من أناس فهموا إسلامهم فهمًا خاطئًا.. يجب أن يتسع نطاق فهمنا للإسلام.
تحرير الرجل
ومسألة أن امرأة تكون لها القدرة علي قيادة الآخرين هذا لا يمنعه الإسلام، فالقرآن الكريم عندما حكي لنا قصة ملكة سبأ وعقلها وكياستها وفطنتها واختيارها في النهاية الأحسن والأوفق والأصلح حين أسلمت مع سليمان لله رب العالمين - دلل علي أن المرأة تملك القدرة علي الزعامة، وكما ذكرت آنفًا أنه في تاريخ الإسلام والمسلمين شخصيات مرموقة، فوجود امرأة تتزعم مثيلاتها من النساء أمر لا يمنعه الإسلام، ولكن يُشترط أن يكون ذلك في حدود صيانة المرأة ودون التعالي علي الرجال أو دون التحدي للرجال.. وبصورة تنفع بها المجتمع الذي تعيش فيه، أما من تتحدي الرجال وتطالب بالمساواة بهم فهذا لا يليق بالمرأة المسلمة، مثل زعيمات ورائدات بعض الحركات النسائية واللواتي يطالبن بتحرير المرأة، فهذه ليست زعامة، هذا تحد لمقاييس المجتمع وقيمه وآدابه وقدسياته.
بل لقد أصبح في بعض البلاد مطلوب تحرير الرجل من المرأة بعد أن أصبح كل شيء للمرأة، لجان للمرأة وجمعيات المرأة، إلي أن تسلطت المرأة بتحدى الرجال،(97/725)
وأعينت علي هذا من شياطين الإنس وهذه ليست زعامة، ولا يجب أن تقف المرأة هذا الموقف الذي لا يليق بها، لذلك يجب أن نعمل علي تربية نساء مسلمات علي درجة واعية جدًا في فهم الحياة والصراع السياسي والاجتماعي والصراع الحضاري الحديث الذي نحتاج فيه لكل قوة سواء كانت لرجل أو امرأة أو طفل أو كبير، ونحتاج فيه من بين النساء.. نساءً ذوات قدرة علمية وقدرة إفصاح للدفاع عن المرأة المسلمة وقيم المرأة المسلمة للوقوف أمام هذا الزحف الظالم الذي يجعل من المرأة سلعة رخيصة لأطماع الرجال بدءًا من جعلها قيمة جسدية في الإعلانات وانتهاء بما يُحاك لها في أروقة المؤتمرات.
كذلك نحن في حاجة إلي نماذج نسائية إسلامية في المؤتمرات الإسلامية والندوات علي مستوي العالم وحتي في الأمم المتحدة، لكي نثبت أن نساء الإسلام علي مستوى عالٍ من الوعي والإدراك
ــــــــــــــ
أريد ترك العمل والمكوث لتربية ولدي إلا أن زوجي يقول أن راتبه لن يكفينا
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-15 09:15:23
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... أم عبد الرحمن
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة وعندي ولد وأعمل في مؤسسة حكومية وأتمنى من الله أن أستطيع ترك العمل لأني أشعر بالذنب تجاه ولدي، وأنا أكره عمل المرأة وخروجها من بيتها لأني مؤمنة أن وظيفة المرأة في بيتها لكني لا أستطيع ترك العمل لأن زوجي راتبه محدود، ولا نملك بيتاً، وظروفنا تحتاج أن أستمر في العمل كما يقول زوجي.
علماً بأني دائمة النقاش مع زوجي حول عملي، وأني لا أريد الخروج من البيت، وأتمنى لو أبقى في بيتي أرعى ولدي لكن زوجي يصر على أن حياتنا لن تستقيم(97/726)
براتب واحد، وأنه بحاجة إلى راتبي مع أن زوجي ملتزم ويصلي في المسجد وملتحي، حتى أني أحيانا أقول أن دين زوجي غير ثابت لأني مقتنعة أنه شرعا لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها للعمل، وأقول لنفسي عن زوجي كيف تكون متدينا وأنت تصر على ضرورة عملي، وأحس أني أعصي الله بخروجي للعمل.
علما بأني أحاول قدر الإمكان أن أتقي الله في عملي، وأن أبتعد عن المعاصي، أصبحت أكره عملي ولا أطيق زوجي أحيانا من أجل هذا الموضوع، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يصر فيه زوجي على بقائي في البيت، عندها سيكبر في عيني وسيزداد حبي له.
أرجوكم أفتوني فلم أعد أطيق هذه المشاعر التي تنتابني وتسيطر على تفكيري.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يسهل أمركم، وأن يلهكم رشدكم، وأن يؤلف بينكم.
فإن الحياة الزوجية الناجحة تقوم على التفاهم والوفاق وتجنب الخلاف والشقاق، حتى لو أدى ذلك لبعض التنازلات الموصلة إلى الاتفاق، والإسلام يبيح للمرأة أن تعمل إذا احتاجت للمال، أو احتاج المجتمع لخدماتها واستطاعت أن تحافظ على حيائها وحجابها.
ونحن نتمنى أن يجد زوجك ما يعينه على الإنفاق، وأرجو أن تشجعيه على البحث عن عمل إضافي، واحرصي على الاقتصاد والتدبير، ولا شك أن مهمة المرأة ودورها في التربية عظيم، وهي المهمة التي لا يوجد من يؤديها نيابة عن الأم، وسوف تزداد الحاجة إلى وجودك في البيت عندما يرزقكم الله بعدد من البنين والبنات.(97/727)
ومن هنا فنحن نتمنى أن تخططوا للمستقبل بهدوء، واختاري الأوقات المناسبة لمحاورة الزوج حتى تقفي على حقيقة أحواله وتشاركيه في إيجاد البدائل المناسبة، فإن الحياة مشاركة وتعاون، ولا مانع من أخذ إجازة لتوفير جرعات من الاهتمام والعطف لطفلك، وهي فرصة ومحاولة لتطويع الإمكانيات المادية للأسرة، وقياس حقيقي لمنافع وجود المرأة في البيت.
واحرصي على الاهتمام بزوجك وزينتك، حتى يشعر الزوج بالفرق، فإن الموظفة تعود إلى البيت وهي متعبة، وتجد كثير من المهام في انتظارها، بخلاف ربة المنزل التي تستطيع أن تعمل وتبدع.
أما رضا الزوج بعملك في الخارج، فنتمنى أن يكون لثقته فيك، لأنه مطمئن لبيئة العمل، فاحملي تصرفه على أحسن الوجوه، خاصة وقد ذكرت أنه متدين، وكلنا يتمنى أن يأتي اليوم الذي تبتعد فيه النساء عن الرجال في قاعات الدراسة وفي بيئة العمل، وأن يكون عمل الموظفة في خدمة أخواتها من النساء دون التعرض لمقابلة الرجال.
ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يبارك في الأعمال، وأن يلهمنا طاعة الكبير المتعال، وأن يعيننا على التأسي بخير الرجال، والتشبه بأصحابه الأبطال.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة ...
عنوان الفتوى
... حسام الدين عفانة ...
اسم المفتى
... 20942 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...(97/728)
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
الأخوة الأفاضل نداء الإيمان/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعمل في مجال المقاولات الحرة متزوج من فتاة من عائلة كريمة منذ 4 سنوات ولي ابنة تبلغ من العمر سنة ونصف وأسكن بمسكن ملائم لحياة كريمة وحالتي المادية ميسورة ولله الحمد والمنة
المسألة : هو أن عند خطبتي لزوجتي لم يكن لديها ولا لأهلها أي شروط مادية أو مالية إلا شرطاً واحداً ألا وهو استمرار زوجتي في العمل.
حيث كانت زوجتي في فترة الخطوبة تعمل محامية تحت التمرين وقبلت أنا بذلك
فبعد الزواج استمرت في فترة التمرين حتى أنهتها بالكامل ولمدة 8 أشهر تقريباً دون أي اعتراض مني وبعدها بقيت بالبيت لفترة دامت 3 سنوات في هذه المدة أبلغتها بأنني لم أعد أرغب في أن تعمل مرة أخرى منذ شهر تقريباً تحصل لها والدها على عمل في مكتب محاماة خاص وقبل البدء به أبلغتها وذكرتها بأنني لا أوافق على عملها وذكرتها برفضي لذلك منذ مدة ومع ذلك بدأت بالعمل دونما رضائي وسبب رفضي لذلك الأسباب تالية الذكر:
أ) عدم حاجتي المادية لعملها
ب) رغبتي في بقاء زوجتي متفرغة للبيت وتربية الأولاد وتوفير بذلك الاستقرار والسكينة لنا جميعاً.
ج ) وجوب طاعة الزوج في غير معصية الله حيث لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق.
د) رفضي لمبدأ اختلاط النساء بالرجال وخاصةً في العمل(97/729)
والخلوة التي قد تضطرها ظروف العمل لها في بعض الأحيان بالمكتب مع العلم بأنني أثق بزوجتي كامل الثقة ولا يراودني أدنى شك في أخلاقها وسلوكياتها وهذا من باب الحرص وإتقاء الشبهات والله على ما أقول شهيد
السؤال: فهل يحق لي شرعاً منعها من العمل للأسباب سابقة الذكر وهل يجب عليها طاعتي بحكم أنني وليها أو لا يحق لي ذلك؟
أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله عنا كل خير سرعة ردكم سيكون له الأثر الكبير في نفسي لما يتعلق عليه في حياتي الأسرية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نص الفتوى
الأخ الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
الشروط التي يتفق عليها عند العقد نوعان:
1- شرط يجب الوفاء به كالشرط الذي يقتضيه العقد كالإنفاق على الزوجة مثلاً وهذا يجب الوفاء به بلا خلاف.
2- شرط لا ينافي مقتضى عقد الزواج ولا يخل بمقصوده الأصلي كالشرط المذكور في السؤال وهذا اختلفوا فيه.
فالذي عليه الحنابلة أنه يجب الوفاء بهذه الشروط وإذا لم يف الزوج بهذا الشرط – استمرار الزوجة في عملها – فلها أن تطلب فسخ عقد الزواج، ولكن مع تقييد ذلك بأن لا يلحق الشرط ضرراً بأحد الزوجين والذي أراه في هذه المسألة أن عمل المرأة خارج البيت إذا لم يكن متعارضاً مع مصلحة الزوج والأولاد وكان هذا العمل فيما أجازه الشرع فعلى الزوج أن يأذن لها بذلك وعليه الوفاء بالشرط .
وأما إذا كان عملها خارج البيت فيه مس بمصلحة الزوج والأولاد أو كان عملها في مجال لا يجيزه الشرع فعلى الزوج منعها من ذلك ولا شيء عليه إن لم يف بالشرط .
وقد استدل الحنابلة لقولهم بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) رواه البخاري ومسلم .(97/730)
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون علىشروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ) رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح .
وبما رواه البيهقي وغيره ( أن رجلاً تزوج إمرأةً وشرط لها دارها ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر فقال : لها شرطها فقال الرجل : إذاً يطلقننا !.
فقال عمر ( مقاطع الحقوق عند الشروط ) وهذا أثر صحيح كما قال الشيخ الألباني.
والذي يظهر مما قلته إن كان الحال كما قلت أنه يجب على الزوجة الطاعة فيما تأمرها به لأن ذلك مخالف للشرع حيث به اختلاط وقد يؤدي إلى الخلوة المحرمة ولا حاجة بها إلى العمل ولا حاجة للعمل بها والله أعلم
ــــــــــــــ
ما حكم الإسلام فى عمل المرأة؟ ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 19536 ...
رقم الفتوى
... 14/07/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
سئل : ما حكم الإسلام فى عمل المرأة ؟ .
نص الفتوى
أجاب : هذا الموضوع طويل وضحته فى كتبى : الأسرة تحت رعاية الإسلام ، الإسلام دين العمل ، الحجاب وعمل المرأة .(97/731)
ويكفى أن أقول : إن العمل حق لكل إنسان رجلا كان أو امرأة ، بل هو واجب لأنه وسيلة العيش وبقاء الحياء ، وتحقيق الخلافة فى الأرض ، ومجالاته كثيرة ، فى الحقل والمصنع والمتجر والبيت ، فى البر والبحر والجو ، قال تعالى { هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه } الملك :15 ولكل من الرجل والمرأة أن يعمل فى المجال الذى يناسب استعداده ، والعمل يستقيم دائما إذا وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب ، واللَّه سبحانه جعل لكل من الرجل والمرأة مواهب واستعدادات وطاقات تتناسب مع المهمة التى توكل إليه ، والطرفان شريكان فى جمعية تعاونية ، لا يمكن أن يستغنى أحدهما عن الآخر .
والجزاء هو على قدر العمل المشروع أيَّاً كان حجمه ، قال تعالى { فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض } آل عمران 195 ، وقال تعالى { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل : 97 ، .
ورسالة المرأة فى البيت لا تقل أهمية عن رسالة الرجل خارجه ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت يزيد بن السكن وافدة النساء ما معناه " حسن تبعل المرأة لزوجها وقيامها بواجبها نحوه يعدل ما يقوم به الرجل من جهاد وغيره " كما رواه البزار والطبرانى ، والشاعر المصرى يقول :
فى بيتهن شؤونهن كثيرة * كشؤون رب السيف والمزراق ومع ذلك فللمرأة أن تزاول عملا خارج البيت ، وبخاصة إذا احتاجت إليه ، أو كان العمل محتاجا إليها ، بل يكون ذلك واجبا عليها لاحقًّا لها ، وقد قرر العلماء : أن خروجها للعمل مرهون بعدم التقصير فى الواجب الأساسى وهو المنزل الذى يوفر السكن والمودة ويربى النشء ويعده لاستمرار الحياة الاجتماعية والإنسانية ، وذلك مرهون بإذن الزوج لها ، فهو المشرف المسئول عنها فى النفقة والحماية ، كما يجب عليها أن تحافظ على كل الآداب الخاصة بالعلاقة بين الجنسين ، حتى لا يكون هناك انحراف يتنافى تماما مع(97/732)
المقصود من مزاولة النشاط خارج البيت ، وتفصيل هذه الآداب يرجع إليه فى الكتب السابقة .
والتقصير فيها هو الذى أثار الجدل والنقاش حول عودة المرأة العاملة إلى بيتها ، فلابد من الموازنة بين الكسب والخسارة ، شأن التاجر الواعى البعيد النظر ، فالعمل للمرأة خارج المنزل - مع أن مجالات العمل والكسب داخله كثيرة - جائز مع كل التحفظات المشروعة ، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما رواه البخارى " إن اللَّه أذن لكنَ أن تخرجن لقضاء حوائجكن " والحوائج عامة غير مخصوصة بعمل معين ، وكان النساء يباشرن أعمالا خارج البيت ، كطلب العلم وكسب العيش ، أيام النبى صلى الله عليه وسلم ، وروى البخارى ومسلم أنه رأى أسماء بنت أبى بكر ، زوجة الزبير تحمل على رأسها النوى لتعلف به الناضح - الجمل أو الفرس -فلم ينكر عليها ، بل دعاها إلى الركوب خلفه شفقة عليها .
وإذا كان اللَّه سبحانه قال لنساء النبى صلى الله عليه وسلم { وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } الأحزاب : 33 ، فالقرار فى البيت وسيلة عدم التبرج أى الظهور والبروز وهو الأمر المهم فى الموضوع ، ومع ذلك فهو خاص بنساء النبى صلى الله عليه وسلم ، ولم يمنعهن من الخروج من البيت للصلاة أو الاعتكاف فى المسجد أو حضور مهرجان العيد ، أو الحج إلى بيت اللّه .
وللعلماء كلام طويل فى بيان المجالات المناسبة لعملها خارج البيت يرجع فيه إلى الكتب المذكورة آنفا .
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة ...
عنوان الفتوى
... عبد الفتاح إدريس ...
اسم المفتى
... 21392 ...(97/733)
رقم الفتوى
... 13/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم الدين في عمل المراة؟ وإذا كان حلال أرجو الاستشهاد بروايات من الصحابة أو أحاديث؟ علمًا بأنه لا توجد لدي ضرورة مادية ملحة في العمل ولكنه هام جدًا في شخصيتي وحالتي النفسية؟
نص الفتوى
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
عمل المرأة خارج بيتها جائز ما دامت المرأة ستراعي الضوابط التي وضعها الفقهاء لهذا العمل
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمود إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر
أمر الإسلام بالعمل، فقال الحق سبحانه: (وقل اعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون) ووعَد الشارع بالجزاء عليه، وجعل إجهادَ النفس في العمل سببًا في غفران الذنوب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بات كالاًّ من عمل يده بات مغفورًا له".
وعمل المرأة في داخل البيت أو خارجه لا يمنع منه الإسلام، فقد كانت زوجات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَعمَلنَ في داخل بيوتهنَّ أعمالاً قد تمتنع الكثيرات في زماننا من عملها، فقد كُنَّ يَصبُغنَ ثيابَهنَّ ويَقُمنَ بدبغ الجلود، إلى جانب إعمالهنَّ المنزلية الأخرى؛ من إعداد الطعام، والاهتمام بأمر بيوتهنَّ، والقيام على خدمة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدل لهذا ما رُوي عن امرأة من بنى أسد قالت: كنت يومًا عند زينب امرأة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونحن نَصبُغ ثيابنا بمَغْرَة. والمَغْرَة هي الصِّبْغ الأحمر.(97/734)
ورُوي عن جابر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تَمعَس مَنِيئة فقضَى حاجتَه ثم خرج إلى أصحابه. والمَعْسُ: هو الدلك. والمَنِيئة: هو الجلد أولَ ما يوضع في الدباغ. وقد كانت السيدة عائشة تقوم بإعداد الدواء الذي يصفه الأطباء من الأعشاب وغيرها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقوم بإعطائه له، كما كانت تقوم بتمريضه، إلى جانب عملها في المنزل.
وقد كانت زوجات الصحابة يَقُمنَ بمثل هذه الأعمال في بيوتهنَّ؛ فقد كانت السيدة فاطمة تقوم بالعمل في البيت بطحن الحبوب في الرَّحَى حتى مَجَلَت يداها وتَوَرَّمَتَا من كثرة إدارة الرَّحَى، ولم ينكر عليها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك
وقد كانت أسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير بن العوام تعمل في بيتها وخارجه أعمالاً مضنية، فقد كانت تَعلِف الجمل، وتُطعم الفرس، وتقوم على أمر زوجها وأولاده، بل كانت تَجلب عَلَف الدّوَابّ من أرض الزبير على بعد ثلاثة كيلو مترات من المدينة سائرة على قدميها، ورأها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هذه الحال ولم ينكر عليها
وعمل المرأة خارج المنزل لم يمنع منه الإسلام كذلك، فقد كان في زمان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نساء يَعمَلنَ أعمالاً خارج بيوتهنَّ، وعلم رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمرهنَّ وأقرَّهنَّ على ذلك، من بين هؤلاء النسوة أمُّ عطية التي كانت تقوم بخَفْضِ الإناث بالمدينة وغسل الموتى منهنَّ وتكفينهنَّ والقيام على أمرهنَّ حتى يُدْفَنَّ، والتي كانت تقوم بعمل الإسعافات الأولية للجرحى في ساحة القتال والقيام بتمريضهنَّ ومداواتهنَّ، وصنع الطعام للجنود.
ومن بين النسوة العاملات خارج البيت كذلك رُفيدة الأسلمية أول طبيبة في الإسلام، والتي جعل لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خيمة في مسجده في المدينة لتقوم فيها بمداواة الجرحى والمصابين في غزوة الخندق.
ومن هؤلاء أيضا الرُّبَيِّعُ بنت مُعَوِّذ وأمُّ سلَيم وعائشةُ اللاتى كُنَّ يَخرُجنَ مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الغزوات المختلفة لِسَقْي الجنود ومناولة العتاد(97/735)
الحربي للمقاتلين، وصنع الطعام، ومداواة الجرحى، والقيام على أمر المرضى، ونقل القتلى إلى حيث يدفنون
وقد كانت الشفاء بنت عبد الله تخرج لتعلِّم نساء المسلمين الطب والكتابة والطب بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان من النساء العاملات خارج بيوتهنَّ أمُّ مِحْجَنٍ، التي كانت تقوم بتنظيف المسجد النبويّ، والتي افتقدها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يومًا فأخبره الصحابة أنها ماتت فقبَروها ولم يُعلموا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بموتها في حينه لأنه كان نائمًا، فذهب إلى قبرها وصلى .
وقد ولَّى عمرُ رضى الله عنه، خليفةُ المسلمين، امرأةً من قومه يقال لها "الشفاء" وظيفة الحِسبة في السوق، وذلك للإشراف على الناس فيه وتبيُّنِ مدى مراعاتهم لأحكام الإسلام في بياعاتهم، وتعزير المخالف منهم.
كل هذا وغيره دليل على أن الإسلام لم يمنع عمل المرأة من القيام بالأعمال المختلفة خارج المنزل، سواء كانت ذات زوج أو لم تكن، إلا أن الإسلام وضع ضوابطَ مختلفةً لعمل المرأة خارج المنزل، قصَد بها حمايتَها وصيانتَها وأمنَها، والإرفاقَ بها وعَدَمَ ترتب المفاسد على خروجها لمزاولته.
ومن هذه الضوابط أن تستر المرأة عورتها بما لا يَصِفُ ولا يَشِفّ، وأن تخرج معطَّلة من كل زينة، وألاّ ترتديَ ثيابًا تَشهَرُها وتدعو إلى تعلق أنظار الرجال بها في ذهابها وإيابها، وألاّ تخرج متبرجة كاشفة عما يجب عليها سترُه من عورتها، وألاّ تَمَسَّ بدنَها أو ثيابَها طِيبًا، وأن تُؤمَنَ الفتنةُ بخروجها لمزاولة عملها، وألاّ تختلط بالرجال الأجانب عنها أو تزاحمهم في المواضع التي تشتد مزاحمتهم فيها، كما هو الحال عند الدخول إلى أماكن العمل أو الخروج منها أو عند ركوب سيارات جهة العمل، عدم التكسر أو التثنِّي أثناء السير على نحو يثير الغرائز، وأن تقوم بالأعمال التي تتفق وطبيعتَها الفسيولوجية والتي تناسب تكوينها، وأن تستأذن وليَّها أو زوجَها في الخروج لمزاولة هذا العمل، وألاّ يترتب على مزاولتها لهذا العمل ضياعٌ لحقوق(97/736)
الزوج والأولاد إن كانت المرأة العاملة ذاتَ زوج أو أولاد.
والأدلة على هذه الضوابط كثيرة من الكتاب والسنة إلا أن المقام يضيق عن ذكرها.
وأشير في هذا الصدد إلى أن بوسع المرأة في زماننا أن تقوم بالعمل في خارج المنزل ولا يترتب على عملها خارجه إخلال بواجبات الزوج والأولاد، إذا استطاعت المرأة أن توازن بين واجبات العمل وواجبات الأسرة عليها، وخاصة بعد هذه الطفرة الهائلة في مجال الأجهزة المنزلية المساعدة لإعداد الطعام وتنظيف البيت ومساعدة باقي أفراد الأسرة، فقد وفرت هذه الأجهزة الكثير من الوقت، يضاف إلى هذا ما وفرته الدولة من وسائلَ تُعين المرأة على أداء عملها دون تضييع أو تفريط في حق باقي أفراد الأسرة؛ كإنشاء دور الحضانة التابعة للمصالح الحكومية، التي ترعى الأطفال الصغار للسيدات العاملات خلال مدة عملهم اليوميّ، إلى جانب توفير وسائل النقل المناسبة لنقل المرأة العاملة إلى مكان عملها وعودتها منه.
هذا بالإضافة إلى ما ينبغي أن تقوم عليه الحياة الأسرية الآن من توزيع الأدوار والأعباء بين الزوجين، حتى لا يستريح طرف على حساب معاناة الطرف الآخر، وبمثل هذا يسير زورق الحياة آمنًا في هذا البحر المتلاطم الأمواج، وتتمكن المرأة من أداء دورها في الحياة كعضو عامل في المجتمع مؤثِّر فيه، من غير إخلال بدورها في رعاية أسرتها، نواةِ هذا المجتمع وإحدى لَبِناته الأساسية. انتهى.
أما إذا لم تكن هناك حاجة حقيقية إلى عملها ضمن الشروط السابقة فقرارها في بيتها خير لها، والمصلحة في بقائها متحققة، وخروجها للعمل سيكون على حساب وظائفها المنزلية، والتي هي الأصل والأولى بالرعاية.والله أعلم.
ــــــــــــــ
حكم تأخير الصلاة بسبب العمل ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ صالح الفوزان ...(97/737)
اسم المفتى
... 15349 ...
رقم الفتوى
... 23/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
إذا كانت المرأة خارج منزلها من الصباح إلى المساء في عمل تقضيه. فما حكم تأخيرها للصلاة حتى تعود إلى منزلها لعدم توفر المكان المناسب لأدائها الصلاة؟
نص الفتوى
الحمد لله
أولاً: عمل المرأة يجب أن يكون في حدود المشروع وأن يكون بعيدًا عن الفتنة وبعيدًا عن الاختلاط بالرجال غير المحارم فلا يكون كما عليه النساء الكافرات والمشتبهات بهن من نساء المسلمين فيجب الابتعاد عن هذا العمل الذي يجر إلى الفتنة ويوقع في المحذور.
تعمل المرأة ما يليق بها في غير فتنة ومع التحفظ والاحتشام.
ثانيًا: أما الصلاة فإنها تجب في مواقيتها فيجب على المسلمة أن تصلي الصلاة في وقتها وأن تحسب للصلاة حسابها وذلك بأن يهيئ مكان لصلاة النساء أو تعود إلى بيتها وتصلي ثم تذهب إلى العمل. فالحاصل أنه لابد أن تصلي المسلمة كل صلاة في وقتها ثم تواصل العمل المناسب بها أما أن تقدم العمل على الصلاة فهذا لا يجوز.
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...(97/738)
اسم المفتى
... 10777 ...
رقم الفتوى
... 01/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
قبل الزواج اشترط أهل الزوجة عليّ بأن الزوجة تعمل بعد الزواج، فوافقت على هذا الطلب، لكن بعد الزواج رفضت عمل الزوجة، ففوجئت بأهل الزوجة يقولون شرعاً بأن الزوجة تعمل، لأنه يوجد شرط قبل الزواج، فهل من حق الزوجة مباشرة العمل بدون موافقة الزوج؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ليس من حقك أن ترفض عملها، بل عليك أن تمكنها من العمل الذي وافقت عليه قبل الزواج، فإن المسلمين على شروطهم وفي الحديث (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) فأما أن تمكنها من العمل حسب شرطهم، وإما أن تطلقها، فإن تركت العمل من نفسها فلها ذلك، والله أعلم.
ــــــــــــــ
حكم اختلاط المرأة بالرجل في العمل ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 10919 ...
رقم الفتوى(97/739)
... 14/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
هل عمل المرأة في البلاد العربية من الإسلام أم لا؟ وهل يجوز للمرأة الاختلاط بالرجال في بعض أنواع العمل؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا بأس أن تعمل المرأة في الدوائر الخاصة بالنساء، أو التي لا يحصل فيها اختلاط بالرجال، وذلك كالمدارس النسائية، وأقسام المستشفيات التي تعالج النساء، فأما أماكن الاختلاط فلا يحق لها العمل فيها كما لا يجوز لها التبرج والتكشف أمام الرجال، ولا الأكل في المطاعم المختلطة، وذلك حفاظاً على أنوثتها، وخوفاً عليها أن تفتن الرجال أو تفتتن بهم، لضعف المرأة وخطر النظر إليها والخلوة بها، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما). وقد أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهن {يدنين عليهن من جلابيبهن} (الأحزاب:59) وقال {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}(النور:31) وقال {ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}(النور:31) وكل هذا شرع حفاظاً على المرأة،وخوفاً عليها من الفتنة، والله أعلم.
ــــــــــــــ
هل تعمل المرأة جزارة ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20996 ...(97/740)
رقم الفتوى
... 06/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
هل يجوز للمرأة أن تعمل جزارة.
نص الفتوى
الأخت الكريمة سلام الله عليك ورحمته وبركاته
لم يحرم الإسلام على المرأة العمل ولكن نظرا لطبيعتها الشخصية فإن الإسلام قد اختار لها العمل المناسب الذي يناسب طبييعتها التي فطرت عليها، وإليك الشروط التي يجب توافرها في عمل المرأة حتى يكون مباحا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المرأة إنسان، كالرجل، هي منه وهو منها كما قال القرآن: (بعضكم من بعض) (آل عمران: 195) والإنسان كائن حي من طبيعته أن يفكر ويعمل، وإلا لم يكن إنسانًا
والله تعالى إنما خلق الناس ليعملوا، بل ما خلقهم إلا ليبلوهم أيهم أحسن عملاً فالمرأة مكلفة كالرجل بالعمل، وبالعمل الأحسن على وجه الخصوص، وهي مثابة عليه كالرجل من الله عز وجل، كما قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) (آل عمران 195)، وهي مثابة على عملها الحسن في الآخرة ومكافأة عليه في الدنيا أيضا: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طيبة). (النحل: 97).
والمرأة أيضًا كما يقال دائمًا نصف المجتمع الإنساني، ولا يتصور من الإسلام أن يعطل نصف مجتمعه، ويحكم عليه بالجمود أو الشلل، فيأخذ من الحياة ولا يعطيها، ويستهلك من طيباتها، ولا ينتج لها شيئًا.(97/741)
على أن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها الله له بدنيا، ونفسيا، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان ؛ فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهي الثروة البشرية.
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق.
ومثل ذلك عملها في رعاية بيتها ؛ وإسعاد زوجها، وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة، وقد ورد: إن حسن تبعل المرأة لزوجها يعد جهادًا في سبيل الله.
وهذا لا يعني أن عمل المرأة خارج بيتها محرم شرعًا فليس لأحد أن يحرم بغير نص شرعي صحيح الثبوت، صريح الدلالة، والأصل في الأشياء والتصرفات العادية الإباحة كما هو معلوم.
وعلى هذا الأساس نقول: إن عمل المرأة في ذاته جائز، وقد يكون مطلوبًا طلب استحباب، أو طلب وجوب، إذا احتاجت إليه: كأن تكون أرملة أو مطلقة ولا مورد لها ولا عائل، وهي قادرة على نوع من الكسب يكفيها ذل السؤال أو المنة.
وقد تكون الأسرة هي التي تحتاج إلى عملها كأن تعاون زوجها، أو تربي أولادها أو أخوتها الصغار، أو تساعد أباها في شيخوخته، كما في قصة ابنتي الشيخ الكبير التي ذكرها القرآن الكريم في سورة القصص وكانتا تقومان على غنم أبيهما: (قالتا لا نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرِّعَاء وأبونا شيخ كبير). (القصص: 23).
وكما ورد أن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كانت تساعد زوجها الزبير بن العوام في سياسة فرسه، ودق النوى لناضحه، حتى إنها لتحمله على رأسها من حائط له أي بستان على مسافة من المدينة.(97/742)
وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء وتمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة.. فالأولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، لا مع رجل.
وقبول الرجل في بعض الأحوال يكون من باب الضرورة التي ينبغي أن تقدر بقدرها، ولا تصبح قاعدة ثابتة.
وإذا أجزنا عمل المرأة، فالواجب أن يكون مقيدًا بعدة شروط:.
1- أن يكون العمل في ذاته مشروعًا، بمعنى ألا يكون عملها حرامًا في نفسه أو مفضيًا إلى ارتكاب حرام، كالتي تعمل خادمة لرجل عزب، أو سكرتيرة خاصة لمدير تقتضي وظيفتها أن يخلو بها وتخلو به، أو راقصة تثير الشهوات والغرائز الدنيا، أو عاملة في " بار " تقدم الخمر التي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساقيها وحاملها وبائعها، أو مضيفة في طائرة يوجب عليها عملها تقديم المسكرات، والسفر البعيد بغير محرم، بما يلزمه من المبيت وحدها في بلاد الغربة، أو غير ذلك من الأعمال التي حرمها الإسلام على النساء خاصة أو على الرجال والنساء جميعا.
2ـ أن تلتزم أدب المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها في الزي والمشي والكلام والحركة: (وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) (النور: 31).(ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) (النور: 31).(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب :32).
3ـ ألا يكون عملها على حساب واجبات أخرى لا يجوز لها إهمالها، كواجبها نحو زوجها وأولادها وهو واجبها الأول وعملها الأساسي.
والله أعلم
وفي فتاوى مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية:
اضطرت المرأة للعمل وجب عليها أن لا تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال. وإن كانت طبيعة عملها تستوجب التعامل مع الرجال فليكن ذلك بدون اختلاط وبغاية(97/743)
قصوى من الحذر. ويجب على المرأة أن تكون متحجبة بالحجاب الشرعي ومحتشمة وإن اضطرت إلى مكالمة الرجال فلا تخضع بالقول كما قال الله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض). [الأحزاب: 32] . كما يجب عليها أن تحذر مس الطبيب غاية الحذر، وأن لا تسمح لنفسها بالخلوة بأحد من الرجال فهذا من أعظم المنكرات. والله تعالى أعلم
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20997 ...
رقم الفتوى
... 06/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أنا حاصلة علي ماجيستير اللغة الإنجليزية وأعمل مدرس مساعد بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. أريد أن أعرف إذا كان عملي هذا حلال أم حرام حيث إنني ألقي محاضرات أمام الطلبة من البنين والبنات وأضطر أحيانا إلي التحدث مع الطلاب والزملاء الرجال. فهل هذا اختلاط محرم. ولقد قرأت رأي الشيخ الشعراوي الذي يقول أن المرأة تعمل فقط عند الحاجة فهل هذا يعني أنني لا يجب علي العمل إن كنت في غير احتياج مادي. أم أن العلم الذى أدرسه يعتبر ذو فائدة للإسلام ويجب علي الاستمرار في هذا العمل. أرجو من فضيلتكم الإفادة.
نص الفتوى(97/744)
الأستاذة الفاضلة سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
بداية لابد أن نقرر مجموعة من الحقائق:
الأولى: ضرورة وحتمية التزام المرأة بالحجاب الشرعي حين الخروج سواء كان للعمل أو غير العمل.
الثانية: أن المرأة نصف المجتمع وأنه من الضروري أن تشارك في العمل.
الثالثة: أن مبنى أمر المسلمة على الستر وأن عملها مع بنات جنسها أفضل إذا توفر.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي المرأة إنسان، كالرجل، هي منه وهو منها كما قال القرآن: (بعضكم من بعض) (آل عمران: 195) والإنسان كائن حي من طبيعته أن يفكر ويعمل، وإلا لم يكن إنسانًا
والله تعالى إنما خلق الناس ليعملوا، بل ما خلقهم إلا ليبلوهم أيهم أحسن عملاً فالمرأة مكلفة كالرجل بالعمل، وبالعمل الأحسن على وجه الخصوص، وهي مثابة عليه كالرجل من الله عز وجل، كما قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) (آل عمران 195)، وهي مثابة على عملها الحسن في الآخرة ومكافأة عليه في الدنيا أيضا: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طيبة). (النحل: 97).
والمرأة أيضًا كما يقال دائمًا نصف المجتمع الإنساني، ولا يتصور من الإسلام أن يعطل نصف مجتمعه، ويحكم عليه بالجمود أو الشلل، فيأخذ من الحياة ولا يعطيها، ويستهلك من طيباتها، ولا ينتج لها شيئًا.
على أن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها الله له بدنيا، ونفسيا، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان ؛ فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهي الثروة البشرية.
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:.(97/745)
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق.
ومثل ذلك عملها في رعاية بيتها ؛ وإسعاد زوجها، وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة، وقد ورد: إن حسن تبعل المرأة لزوجها يعد جهادًا في سبيل الله.
وهذا لا يعني أن عمل المرأة خارج بيتها محرم شرعًا فليس لأحد أن يحرم بغير نص شرعي صحيح الثبوت، صريح الدلالة، والأصل في الأشياء والتصرفات العادية الإباحة كما هو معلوم.
وعلى هذا الأساس نقول: إن عمل المرأة في ذاته جائز، وقد يكون مطلوبًا طلب استحباب، أو طلب وجوب، إذا احتاجت إليه: كأن تكون أرملة أو مطلقة ولا مورد لها ولا عائل، وهي قادرة على نوع من الكسب يكفيها ذل السؤال أو المنة.
وقد تكون الأسرة هي التي تحتاج إلى عملها كأن تعاون زوجها، أو تربي أولادها أو أخوتها الصغار، أو تساعد أباها في شيخوخته، كما في قصة ابنتي الشيخ الكبير التي ذكرها القرآن الكريم في سورة القصص وكانتا تقومان على غنم أبيهما: (قالتا لا نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرِّعَاء وأبونا شيخ كبير). (القصص: 23).
وكما ورد أن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كانت تساعد زوجها الزبير بن العوام في سياسة فرسه، ودق النوى لناضحه، حتى إنها لتحمله على رأسها من حائط له أي بستان على مسافة من المدينة.
وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء وتمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة.. فالأولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، لا مع رجل.
وقبول الرجل في بعض الأحوال يكون من باب الضرورة التي ينبغي أن تقدر بقدرها، ولا تصبح قاعدة ثابتة.
وإذا أجزنا عمل المرأة، فالواجب أن يكون مقيدًا بعدة شروط:.(97/746)
1 أن يكون العمل في ذاته مشروعًا، بمعنى ألا يكون عملها حرامًا في نفسه أو مفضيًا إلى ارتكاب حرام، كالتي تعمل خادمة لرجل عزب، أو سكرتيرة خاصة لمدير تقتضي وظيفتها أن يخلو بها وتخلو به، أو راقصة تثير الشهوات والغرائز الدنيا، أو عاملة في " بار " تقدم الخمر التي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساقيها وحاملها وبائعها، أو مضيفة في طائرة يوجب عليها عملها تقديم المسكرات، والسفر البعيد بغير محرم، بما يلزمه من المبيت وحدها في بلاد الغربة، أو غير ذلك من الأعمال التي حرمها الإسلام على النساء خاصة أو على الرجال والنساء جميعا.
2ـ أن تلتزم أدب المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها في الزي والمشي والكلام والحركة: (وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) (النور: 31).(ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) (النور: 31).(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب :32).
3ـ ألا يكون عملها على حساب واجبات أخرى لا يجوز لها إهمالها، كواجبها نحو زوجها وأولادها وهو واجبها الأول وعملها الأساسي.
والله أعلم
أما عن العمل مع الرجال فاللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرمًا بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهودًا متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاونا مشتركًا بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا.. إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام، ومنها:.(97/747)
1ـ الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قل للمؤمنين يَغُضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.. وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن). (النور 30، 31).
2ـ الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جيُوبهن). (النور: 31).
وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام:(ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ) (الأحزاب: 59).أي أن هذا الزيَّ يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى ؛ لأن زيها وأدبها يفرض على كل من يراها احترامها.
3ـ الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصًا في التعامل مع الرجال:.
أ - في الكلام، بحيث يكون بعيدًا عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تَخْضَعْنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب: 32).
ب - في المشي، كما قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليُعْلَمَ ما يُخْفِين من زينتهن) (النور: 31)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء). (القصص: 25).
جـ - في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ " المميلات المائلات " ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4ـ أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.(97/748)
5ـ الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت :" إن ثالثهما الشيطان " إذ لا يجوز أن يُخَلَّي بين النار والحطب.
وخصوصًا إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: " إياكم والدخول على النساء "، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحَمْو ؟ ! قال: " الحمو الموت " ! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6ـ أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال.
والله أعلم
ــــــــــــــ
عمل المرأة ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20866 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
مشاهد من إيطاليا: زوجتي تحب العمل خارج البيت، وأنا لا أمنعها إلا أن يكون مخالفاً لشرع الله، فهي تعمل في مطعم تنظف الأواني التي يقدم فيها لحم الخنزير، فهل هذا يجوز شرعاً(97/749)
نص الفتوى
هي لا تقدم هذه الأمور بل تنظف الأواني، أي تقوم بالتطهير، فقد يوجد هنا شبهة خفيفة ولكن للحاجة أو للمعيشة أو رفع مستوى دخل الأسرة فلا ضرر
ــــــــــــــ
عمل المرأة وعلاقتها بالمدير ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20869 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
هل يجوز عمل المرأة بشكل عام؟
هل يجوز الاستماع للمدير عند الحديث في أموره الشخصية (إنني أستمع ولكن لا أرد عليه).
نص الفتوى
الأخت السائلة سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد
بالنسبة للضوابط الشرعية التي تجيز عمل المرأة فيحدثك عنها فضيلة الدكتور القرضاوي قائلا: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المرأة إنسان، كالرجل، هي منه وهو منها كما قال القرآن: (بعضكم من بعض) (آل عمران: 195) والإنسان كائن حي من طبيعته أن يفكر ويعمل، وإلا لم يكن إنسانًا(97/750)
والله تعالى إنما خلق الناس ليعملوا، بل ما خلقهم إلا ليبلوهم أيهم أحسن عملاً فالمرأة مكلفة كالرجل بالعمل، وبالعمل الأحسن على وجه الخصوص، وهي مثابة عليه كالرجل من الله عز وجل، كما قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) (آل عمران 195)، وهي مثابة على عملها الحسن في الآخرة ومكافأة عليه في الدنيا أيضا: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طيبة). (النحل: 97).
والمرأة أيضًا كما يقال دائمًا نصف المجتمع الإنساني، ولا يتصور من الإسلام أن يعطل نصف مجتمعه، ويحكم عليه بالجمود أو الشلل، فيأخذ من الحياة ولا يعطيها، ويستهلك من طيباتها، ولا ينتج لها شيئًا.
على أن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها الله له بدنيا، ونفسيا، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان ؛ فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهي الثروة البشرية.
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق.
ومثل ذلك عملها في رعاية بيتها ؛ وإسعاد زوجها، وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة، وقد ورد: إن حسن تبعل المرأة لزوجها يعد جهادًا في سبيل الله.
وهذا لا يعني أن عمل المرأة خارج بيتها محرم شرعًا فليس لأحد أن يحرم بغير نص شرعي صحيح الثبوت، صريح الدلالة، والأصل في الأشياء والتصرفات العادية الإباحة كما هو معلوم.(97/751)
وعلى هذا الأساس نقول: إن عمل المرأة في ذاته جائز، وقد يكون مطلوبًا طلب استحباب، أو طلب وجوب، إذا احتاجت إليه: كأن تكون أرملة أو مطلقة ولا مورد لها ولا عائل، وهي قادرة على نوع من الكسب يكفيها ذل السؤال أو المنة.
وقد تكون الأسرة هي التي تحتاج إلى عملها كأن تعاون زوجها، أو تربي أولادها أو أخوتها الصغار، أو تساعد أباها في شيخوخته، كما في قصة ابنتي الشيخ الكبير التي ذكرها القرآن الكريم في سورة القصص وكانتا تقومان على غنم أبيهما: (قالتا لا نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرِّعَاء وأبونا شيخ كبير). (القصص: 23).
وكما ورد أن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كانت تساعد زوجها الزبير بن العوام في سياسة فرسه، ودق النوى لناضحه، حتى إنها لتحمله على رأسها من حائط له أي بستان على مسافة من المدينة.
وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء وتمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة.. فالأولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، لا مع رجل.
وقبول الرجل في بعض الأحوال يكون من باب الضرورة التي ينبغي أن تقدر بقدرها، ولا تصبح قاعدة ثابتة.
وإذا أجزنا عمل المرأة، فالواجب أن يكون مقيدًا بعدة شروط:.
1 أن يكون العمل في ذاته مشروعًا، بمعنى ألا يكون عملها حرامًا في نفسه أو مفضيًا إلى ارتكاب حرام، كالتي تعمل خادمة لرجل عزب، أو سكرتيرة خاصة لمدير تقتضي وظيفتها أن يخلو بها وتخلو به، أو راقصة تثير الشهوات والغرائز الدنيا، أو عاملة في " بار " تقدم الخمر التي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساقيها وحاملها وبائعها، أو مضيفة في طائرة يوجب عليها عملها تقديم المسكرات، والسفر البعيد بغير محرم، بما يلزمه من المبيت وحدها في بلاد الغربة، أو غير ذلك من الأعمال التي حرمها الإسلام على النساء خاصة أو على الرجال والنساء جميعا.(97/752)
2ـ أن تلتزم أدب المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها في الزي والمشي والكلام والحركة: (وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) (النور: 31).(ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) (النور: 31).(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب :32).
3ـ ألا يكون عملها على حساب واجبات أخرى لا يجوز لها إهمالها، كواجبها نحو زوجها وأولادها وهو واجبها الأول وعملها الأساسي.
والله أعلم
أما عن العمل مع الرجال فاللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرمًا بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهودًا متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاونا مشتركًا بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ.
ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا.. إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام، ومنها:.
1ـ الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قل للمؤمنين يَغُضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.. وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن). (النور 30، 31).
2ـ الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جيُوبهن). (النور: 31).
وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان.(97/753)
وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام:(ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ) (الأحزاب: 59).أي أن هذا الزيَّ يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى ؛ لأن زيها وأدبها يفرض على كل من يراها احترامها.
3ـ الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصًا في التعامل مع الرجال:.
أ - في الكلام، بحيث يكون بعيدًا عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تَخْضَعْنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب: 32).
ب - في المشي، كما قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليُعْلَمَ ما يُخْفِين من زينتهن) (النور: 31)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء). (القصص: 25).
جـ - في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ " المميلات المائلات " ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4ـ أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5ـ الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت :" إن ثالثهما الشيطان " إذ لا يجوز أن يُخَلَّي بين النار والحطب.
وخصوصًا إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: " إياكم والدخول على النساء "، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحَمْو ؟ ! قال: " الحمو الموت " ! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6ـ أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال. والله أعلم أ. هـ(97/754)
أما مسألة حديث المدير عن أموره الشخصية فإن كان المراد بها الحديث عن علاقته الخاصة مع زوجته أو غير زوجته فهذا لا يجوز استماع الرجل إليه فما بالنا بالمرأة وهو الطريق إلى الفاحشة والمعصية.
أما إن كان من باب الهموم والمشاكل فإن روعيت الضوابط الشرعيىة من التزامك بالحجاب وعدم الخلوة فلا يجوز لك مثلا أن تدخلي عليه مكتبه وهو بمفرده فمن الممكن إذا كان في حضور جمع أن تسمعي له.
والله أعلم
ــــــــــــــ
عمل المرأة ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20875 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم عمل المرأة وهل يتناقض مع قوله تعالي ( وقرن في بيوتكن .. الآية)؟
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المرأة إنسان، كالرجل، هي منه وهو منها كما قال القرآن: (بعضكم من بعض) (آل عمران: 195) والإنسان كائن حي من طبيعته أن يفكر ويعمل، وإلا لم يكن إنسانًا(97/755)
والله تعالى إنما خلق الناس ليعملوا، بل ما خلقهم إلا ليبلوهم أيهم أحسن عملاً فالمرأة مكلفة كالرجل بالعمل، وبالعمل الأحسن على وجه الخصوص، وهي مثابة عليه كالرجل من الله عز وجل، كما قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) (آل عمران 195)، وهي مثابة على عملها الحسن في الآخرة ومكافأة عليه في الدنيا أيضا: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طيبة). (النحل: 97).
والمرأة أيضًا كما يقال دائمًا نصف المجتمع الإنساني، ولا يتصور من الإسلام أن يعطل نصف مجتمعه، ويحكم عليه بالجمود أو الشلل، فيأخذ من الحياة ولا يعطيها، ويستهلك من طيباتها، ولا ينتج لها شيئًا.
على أن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها الله له بدنيا، ونفسيا، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان ؛ فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهي الثروة البشرية.
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق.
ومثل ذلك عملها في رعاية بيتها ؛ وإسعاد زوجها، وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة، وقد ورد: إن حسن تبعل المرأة لزوجها يعد جهادًا في سبيل الله.
وهذا لا يعني أن عمل المرأة خارج بيتها محرم شرعًا فليس لأحد أن يحرم بغير نص شرعي صحيح الثبوت، صريح الدلالة، والأصل في الأشياء والتصرفات العادية الإباحة كما هو معلوم.(97/756)
وعلى هذا الأساس نقول: إن عمل المرأة في ذاته جائز، وقد يكون مطلوبًا طلب استحباب، أو طلب وجوب، إذا احتاجت إليه: كأن تكون أرملة أو مطلقة ولا مورد لها ولا عائل، وهي قادرة على نوع من الكسب يكفيها ذل السؤال أو المنة.
وقد تكون الأسرة هي التي تحتاج إلى عملها كأن تعاون زوجها، أو تربي أولادها أو أخوتها الصغار، أو تساعد أباها في شيخوخته، كما في قصة ابنتي الشيخ الكبير التي ذكرها القرآن الكريم في سورة القصص وكانتا تقومان على غنم أبيهما: (قالتا لا نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرِّعَاء وأبونا شيخ كبير). (القصص: 23).
وكما ورد أن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كانت تساعد زوجها الزبير بن العوام في سياسة فرسه، ودق النوى لناضحه، حتى إنها لتحمله على رأسها من حائط له أي بستان على مسافة من المدينة.
وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء وتمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة.. فالأولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، لا مع رجل.
وقبول الرجل في بعض الأحوال يكون من باب الضرورة التي ينبغي أن تقدر بقدرها، ولا تصبح قاعدة ثابتة.
وإذا أجزنا عمل المرأة، فالواجب أن يكون مقيدًا بعدة شروط:.
1 أن يكون العمل في ذاته مشروعًا، بمعنى ألا يكون عملها حرامًا في نفسه أو مفضيًا إلى ارتكاب حرام، كالتي تعمل خادمة لرجل عزب، أو سكرتيرة خاصة لمدير تقتضي وظيفتها أن يخلو بها وتخلو به، أو راقصة تثير الشهوات والغرائز الدنيا، أو عاملة في " بار " تقدم الخمر التي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساقيها وحاملها وبائعها، أو مضيفة في طائرة يوجب عليها عملها تقديم المسكرات، والسفر البعيد بغير محرم، بما يلزمه من المبيت وحدها في بلاد الغربة، أو غير ذلك من الأعمال التي حرمها الإسلام على النساء خاصة أو على الرجال والنساء جميعا.(97/757)
2ـ أن تلتزم أدب المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها في الزي والمشي والكلام والحركة: (وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) (النور: 31).(ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) (النور: 31).(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب :32).
3ـ ألا يكون عملها على حساب واجبات أخرى لا يجوز لها إهمالها، كواجبها نحو زوجها وأولادها وهو واجبها الأول وعملها الأساسي. انتهى
أما قوله تعالى (وقرن في بيوتكن ) أي: الزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة ... وبذلك تعلم أنه لا تعارض بين الآية وجواز عمل المرأة.
والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــ
خدمة المرأة لزوجها هل هي واجبة ...
عنوان الفتوى
... يوسف القرضاوي ...
اسم المفتى
... 20890 ...
رقم الفتوى
... 05/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله عنا كل خير.
أرجو التكرم بإيضاح مدى مسؤولية المرأة تجاه زوجها وبيتها، حيث إنني سمعت أحد الإخوة المشايخ يحدثنا بأن الزوجة حسب الشريعة الإسلامية غير ملزمة بخدمة(97/758)
زوجها بتاتا، مثل تحضير الأكل والغسيل وغيرهما من الأعمال المنزلية، وإذا أدت هذا العمل فإنه كرم أخلاق منها، إلى حد أنه بين لنا أن من حقها أيضا أن تطلب أجر الرضاعة لمولودهما إذا أرادت ذلك والشرع يلزم الزوج به. باختصار فهمنا من حديث الشيخ الجليل أن دور الزوجة فقط للاستمتاع والولادة . فما صحة هذا الأمر .
وجزاكم الله خيرا .
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا الذي قاله العالم رأي لبعض الفقهاء، وليس كل ما قاله الفقهاء صحيحًا مائة في المائة، بل هم مجتهدون يخطئون ويصيبون، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، وقد قال الإمام مالك: " كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ".
ولهذا نرى الحق مع الرأي الآخر الذي يكل إلى المرأة خدمة زوجها في مصالح البيت، وأدلتنا على ذلك ما يلي:
أولا: يقول الله تعالى في شأن الزوجات: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وخدمة المرأة لزوجها هو المعروف عند من خاطبهم الله تعالى بكلامه، أما ترفيه المرأة وقيام الرجل بالخدمة - الكنس والطحن والعجن والخبز والغسل . . . . إلخ - فهذا ليس من المعروف . وبخاصة أن الرجل يعمل ويكدح خارج البيت . فمن العدل أن تعمل المرأة داخله.
ثانيًا: إن كل حق يقابله واجب، فقد أوجب الله تعالى للزوجة على الزوج حق النفقة والكسوة والسكنى - فضلاً عن المهر - ومن البديهي أن يلقى عليها لقاء ذلك من الأعمال ما يكافئ هذه الحقوق، أما قول الآخرين: إن المهر والنفقة وجبا في مقابل استمتاع الرجل، فيرده أن الاستمتاع أمر مشترك بينهما.
ثالثًا: يقول ابن القيم في الهدى: إن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف، والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة، ويقول أيضًا: قال الله تعالى: (الرجال(97/759)
قوامون على النساء) وإذا لم تخدمه المرأة - بل كان هو الخادم لها - فهي القوَّامة عليه.
رابعًا: المروي عن نساء الصحابة أنهن كن يقمن بخدمة أزواجهن ومصالح بيوتهن، صح عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: كنت أخدم الزبير (زوجها) خدمة البيت كله، وكان له فرس فكنت أسوسه وأحش له وأقوم عليه، وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه وتسقي الماء وتخرز الدلو وتعجن وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ.
وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، كانت تخدم عليًا وتقوم بشئون بيته من طحن وعجن وخبز، وتدير الرحى، حتى أثرت في يديها، وقد ذهبت إلى النبي هي وزوجها يشكوان إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة: خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة، قال ابن حبيب: الخدمة الباطنة: الطحن والطبخ والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله.
وأصحاب الرأي الثاني: يقولون هذه الأحاديث تدل على التطوع ومكارم الأخلاق لا على الوجوب . وإن خدمة فاطمة وأسماء رضي الله عنهما كانت تبرعًا وإحسانًا، ونسوا أن فاطمة شكت إلى الرسول ما تلقى من الخدمة، وأن النبي لم يقبل شكواها، ولم يقل لعلي لا خدمة عليها، وإنما الخدمة عليك، وهو عليه الصلاة والسلام لا يحابي في الحكم أحدًا، فقوله وعمله وتقريره شرع لنا، وقد رأى أسماء والعلف على رأسها والزبير معه فلم يقل له: لا خدمة عليها، وأن هذا ظلم، بل أقره على استخدامها، وأقر سائر أصحابه على استخدام زوجاتهم، مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية، وهذا مما لا ريب فيه.
بهذا يتضح الحق، ويتبين الصواب في هذه المسألة، والمنصف من عرف الرجال بالحق ولم يعرف الحق بالرجال.
ولا يفوتني أن أقول: إن هذه القضية محلولة بنفسها، فالمرأة المسلمة حقًا تقوم بخدمة زوجها وبيتها بحكم الفطرة، وبمقتضى التقاليد التي توارثها المجتمع الإسلامي جيلاً(97/760)
بعد جيل والمرأة المتمردة أو الشرسة لا تنظر رأي الدين، ولا يهمها قول أحد من الفقهاء لها أو عليها.
والله أعلم
ــــــــــــــ
ضوابط في عمل المرأة ...
522
السؤال
هل يوجد حرج على المرأة في التعامل مع الرجال في مجال عملها وخاصة إذا كان في مجال المختبرات الطبية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
إذا اضطرت المرأة للعمل وجب عليها أن لا تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال. وإن كانت طبيعة عملها تستوجب التعامل مع الرجال فليكن ذلك بدون اختلاط وبغاية قصوى من الحذر. ويجب على المرأة أن تكون متحجبة بالحجاب الشرعي ومحتشمة وإن اضطرت إلى مكالمة الرجال فلا تخضع بالقول كما قال الله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض). [الأحزاب: 32] . كما يجب عليها أن تحذر مس الطبيب غاية الحذر، وأن لا تسمح لنفسها بالخلوة بأحد من الرجال فهذا من أعظم المنكرات. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز للمرأة العمل في وسائل الإعلام المرئية ...
3269
السؤال
ماحكم عمل المرأة في وسائل الإعلام المرئية ؟(97/761)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام المرئية لها إيجابيات ومنافع ولها كذلك سلبيات ومضار ، فما كان منها من سلبيات ومضار ، فلا يجوز العمل فيها للرجال والنساء على السواء ، لأن العمل في مثل هذا المجال من باب التعاون على الإثم والعدوان وكذا من باب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين كمن يعمل في مجال الأفلام والغناء ونحو ذلك . وأما ما كان منها إيجابياً ونافعاً فلا حرج في العمل فيه بالنسبة للرجال إن ضبط ذلك بضوابط الشرع ، ونود أن نلفت انتباه السائل إلى أمر مهم وهو أن الله تعالى قال في كتابه: (وليس الذكر كالأنثى ). [ آل عمران: 3]. فالمرأة تختلف عن الرجل في كل شيء : في الصورة والأعضاء الخارجية والسمة العامة وكذا ما يعتريها من حيض ونحو ذلك فهذا يقتضي أن تقوم المرأة بدور يلائم طبيعتها ووظيفتها الجسدية . وإن أهم ما تقوم به المرأة وتعتني به هو بيتها ، فوظيفة الأمومة والأسرة والبيت من أجل الوظائف وأهمها ولا ينبغي التساهل في هذا أبداً والتقليل من شأنه. فالمرأة هي الدعامة الأساس للأسرة وسلامة دعم الأسرة تقوم على فهم سمة المرأة الحقيقية ووظيفتها الأساسية ، فإذا تخلت المرأة عن ذلك إلى مربية أو نحوها ، وخرجت للعمل في غير مجالها ، فإنها بذلك تهدم ولا تبني وماذا ينفع أن تبني لغيرها وتهدم بيتها. فالذي نريد أن نبينه في هذا المقام أن للمرأة وظائف تصلح لها وكذلك للرجل وظائف يصلح لها . فلا يجوز للمرأة أن تعمل في مجال الإعلام المرئي كأن تعمل مذيعة أو مقدمة برامج أو نحو ذلك لأن هذا يؤدي إلى مفاسد عظيمة منها أن المرأة ستسعى جهدها في تحسين صوتها وصورتها للمشاهدين ، وقد يحصل أن تحدث خلوة مع رجال أجانب عنها عند التسجيل والإعداد ونحو ذلك ، فالذي ينبغي على المسلمين عمله هو سد هذا الباب بالكلية والسعي في ذلك قدر المستطاع . وأما الرجل فإنه أجدر للقيام بهذه المهمة ، وكثير من الإعلاميين لا يتخذون المرأة في هذا المجال إلا(97/762)
لجذب أنظار من لا يراعي بصره ، فإن من المعلوم أن المرأة لا تضيف شيئاً جديد للنشرة أو البرنامج . والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد ، والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط سفر المرأة وعملها ...
3859
السؤال
ما قولكم في دراسة الفتاة في الخارج بدون وجود محرم أو عملها في أماكن مختلطة مع التزامها بالحجاب الشرعي والأداب الإسلامية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر وليس معها محرم لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها" والحديث في الصحيحين وغيرهما. وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فلا شك أن سفرها بدون محرم للدراسة ممنوع شرعاً. أما عمل المرأة المتحجبة في الأماكن المختلطة فلا يخلو من حالتين الأولى: أن تكون المرأة مضطرة للعمل لضرورة حقيقية معتبرة شرعاً حيث لا يكون لها من يقوم عليها ويوفر لها ضروريات الحياة. ولم تجد مكاناً غير مختلط تعمل فيه ولم تكن تحسن صنعة تعملها في بيتها كالخياطة والحياكة والنسيج، أو تحسنها ولكن دخلها لا يفي بضرورياتها وضروريات من تعول. ففي هذه الحال يجوز لها أن تعمل في ذلك المكان المختلط مع التزام الحذر التام ومراعاة الضوابط الشرعية لخروج المرأة فلا تخرج إلا وهي محتشمة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ويشترط في ذلك الحجاب أن يكون صفيقا فضفاضاً لا يصف شيئاً من مفاتنها ولا يلفت انتباه الرجال إليها. وكما يجب عليها أن تحذر مس الطيب عند خروجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر النساء من(97/763)
الخروج متطيبات إلى المسجد، وغير المسجد مثله في الحكم. من ذلك ما في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة تريد المسجد لم يقبل الله لها صلاة حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة". كما يحرم عليها أن تخضع بالقول عند مخاطبة الرجال إذا احتاجت إلى ذلك لقول الله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً)[سورة الأحزاب:32] إذا تحققت هذه الحالة والتزمت المرأة بهذه الضوابط يجوز لها العمل ما دامت بحاجة إليه فإذا زالت حاجتها أو وجدت فرصة عمل لا يوجد فيها اختلاط وجب عليها ترك ذلك العمل. الحالة الثانية: أن لا تكون مضطرة إلى العمل في الأماكن المختلطة إما لعدم حاجتها إلى العمل أصلاً
وإما لوجود فرصة عمل غير مختلطة. ففي هذه الحال لا يجوز لها العمل في الأماكن المختلطة لما يترتب على ذلك من مفاسد ولما ينطوي عليه من مخاطر. ويكفي من ذلك أنه إذا اختلطت المرأة بالرجل في مكان واحد باستمرار يصعب عليهما أن يمتثلا أمر الله سبحانه في غض البصر الذي أوجب الله عليهما. ومن المخاطر أيضا أنه ليس كل الرجال الذين تتعامل معهم من الأتقياء الأعِفَّاء غالباً. بل إن الكثيرمنهم لا يؤمَن على الأعراض ولا يتقي الله تعالى في نظراته وكلماته وتصرفاته في بعض الأحيان وقد ينشأ عن ذلك ما لا تحمد عقباه. كما هو مشاهد. وبالجملة فالأسلم للمرأة في دينها وعرضها أن تشتغل في مجالها الخاص بها وأن تبتعد عن مكان الريبة والفساد. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة التي ليست بحاجة للمال ...
5181
السؤال
ما رأي الإسلام في عمل المرأة غير المحتاجة للمال؟(97/764)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العمل الذي يلائم فطرة المرأة الخَلقية ووظيفتها الجسدية لا حرج فيه إذا ما أمنت الفتنة وروعيت الأحكام الشرعية، من خلال امتناع الخلوة وجميع التصرفات غير الشرعية، وكان ذلك بإذن زوجها إن كانت متزوجة، وهذا مثل تدريسها للبنات أو عملها في مستشفى خاص بالنساء، فلا حرج على المرأة في مثل هذه الأعمال، ولو لم تكن محتاجة، بل قد يكون عملها مندوباً أو واجباً بحسب حالها، والحاجة إليها. وما لم تكن هناك حاجة حقيقية إلى عملها ضمن الشروط السابقة فقرارها في بيتها خير لها، والمصلحة في بقائها متحققة، وخروجها للعمل سيكون على حساب وظائفها المنزلية، والتي هي الأصل والأولى بالرعاية.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في التعليم مباح بشروطه ...
5352
السؤال
ما هو حكم عمل المرأة في المجال التعليمي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد:
فلا حرج في عمل المرأة في مجال التعليم، معلمة أو مشرفة أو مديرة مدرسة بنات، بشرط أن لا يفضي ذلك إلى الاختلاط بالرجال الأجانب بأي صورة من الصور.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/765)
حكم عمل المرأة مضيفة في الطائرة ...
6693
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيراً ماحكم عمل الفتاة كمضيفة ضمن الطائرات في شركة خارج بلدها علماً أن الشركة تابعة لبلد إسلامي وتم إخبار الفتاة أن الشركة تعتبر محرماً لها وما حكم الأجور التي تقاضتها تلك الفتاة من هذا العمل؟
أفتونا رحمكم الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أنك على معرفة بوجوب وجود محرم يصحب المرأة أثناء سفرها، وهذا الحكم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة ألفاظ في الصحيحين وغيرهما، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة وليس معها حرمة" أي: رجل محرم لها، كما هو مبين في الرواية الأخرى "لا يحل لامرأة مسلمة أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو حرمة منها".
وهذا الحديث واضح الدلالة في عدم جواز سفر المرأة بدون محرم لها، قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه على صحيح مسلم: (فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً. والله أعلم). انتهى.
وقد حُكي الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): (واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة، والخروج من دار الشرك).(97/766)
وقال القاضي عياض (واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب، فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لمن يكن معها محرم). نقله النووي في شرح مسلم.
أما الحج والعمرة فقد اختلف فيهما العلماء، فمنهم من أوجب وجود المحرم للمرأة، ومنهم من أجاز سفرها مع الرفقة المأمونة.
وعليه فسفرك للرحلات الداخلية أو الخارجية داخل في ما اتفق عليه الفقهاء من المنع من السفر إلا مع وجود المحرم.
ومحرم المرأة هو زوجها أو من يحرم عليه نكاحها تحريماً مؤبداً، كالأب والابن والأخ.
ومن قال إن الشركة تعد محرماً فقد أخطأ خطأ بينا، ولعل مراده أنها رفقة مأمونة، لكن هذا فيمن أرادت الحج أو العمرة ـ كما سبق ـ وليس في كل سفر.
ثم إن ما يخصك ليس هو السفر فقط، بل السفر والإقامة والتنقل، وما يصحب ذلك من مفاسد عظيمة يراها الناس جميعاً من الاختلاط والمصافحة والتبرج، أو التستر بالحجاب الذي لا يعد حجاباً شرعياً كافياً، ولا شك أن في السفر مجرداً مخاطر عدة، ومنها: اضطرار الطائرة للهبوط في دولة أخرى، وتأخر موعد رحلتها ونحو ذلك، مما يؤكد عظمة هذه الشريعة التي منعت المرأة من هذا السفر إلا مع المحرم.
هذا في السفر المجرد، فكيف بالسفر المصحوب بالاختلاط، والتنقل من مكان إلى مكان، إلى فندق ونحوه مع التبرج والسفور... الخ. ولهذا لا يستريب عالم في منع المرأة من هذا العمل، ولو كانت قارَّة في بلدها لا ترحل عنه.
وأما الأجور المترتبة على هذا العمل، فهي أجور محرمة ولا شك، فإن العمل المحرم لا يعقبه راتب حلال.
ولهذا ننصحك بتقوى الله تعالى والخوف من عقابه، والحذر من فتنة الدنيا وزينتها، فإن الدنيا إلى زوال، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وغدا توفى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.(97/767)
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة قابلة جائز، بل مطلوب. ...
7122
السؤال
ماحكم المرأةالتى تعمل فى المستشفى كاقابلة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج على المرأة أن تعمل كقابلة، بل إن هذا العمل من خصوصيات النساء التي لا تنبغي لغيرهن. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الخلاف حول سفر المرأة بدون محرم لا يعني الجواز ...
7577
السؤال
أرجو إفادتي حول سفر المرأة فكما ذكر وفي جزء من الفتوى الخاصة بهذا الموضوع على أنه ليس كل المذاهب تحرم سفر المرأة دون محرم تحريماً مطلقاً خاصة إذا كان السفر آمناً وليس فيه خطر، فأنا أذهب عادةً مع وفد رسمي يتضمن وزراء عرب وشخصيات نسائية ذات مركز وزاري كبير لتنظيم اجتماع في إحدى الدول العربية لمدة 3 أو 4 أيام بحد أقصى وهذا الأمر من مهام عملي. كما أن مسئولي المباشر من ذوي الأخلاق العالية جدا ويراعي كوني سيدة ومثل ابنته فيبعدني عن المخاطر ومواقف الإحراج. فهل في سفري هذا تحريم؟ أرجو الإفادة جزاكم الله الخير الكبير.
الفتوى(97/768)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في أكثر من فتوى في موقعنا خلاف الفقهاء في سفر المرأة دون محرم، ورجحنا المنع مطلقاً، وهو مذهب الأحناف والحنابلة والظاهرية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم".
وذكرنا من قال من المالكية والشافعية بجواز سفر المرأة دون محرم إن أمنت الفتنة، ولكن وجود الخلاف لا يعني أن يأخذ المسلم بأي الآراء دون تمحيص ونظر في الأدلة إن كان أهلاً لذلك، أو بسؤال أهل العلم عن الراجح من تلك الآراء، فإن أفتاك أحد العلماء في هذا الزمن بعدم اشتراط المحرم إن كان الطريق آمنا، وكانت المرأة بصحبة رفقة مأمونة، فلا يعني ذلك جواز ما تقومين به حتى ينظر في عملك، وهل هو منضبط بضوابط الشرع وانظري في ذلك لزاماً فتوانا في ضوابط عمل المرأة برقم "3859" حتى تكوني على بينةٍ من أمرك وفقنا الله وإياك لطاعته ووقانا شر معصيته. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مجال تنظيم الأسرة ...
8182
السؤال
أعمل طبيبة نساء في مجال تنظيم الأسرة
وسؤالى هو: ما الحكم في طبيعة العمل فى هذا المجال؟ وما حكم العائد المادي منه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صحة عمل الطبيبة في مجال تنظيم الأسرة تتوقف على نوع عملها، فإن كان عملها في حيز منع الحمل نهائياً، أو منعه خوف فقر، أو عدم استطاعة تربية الأطفال، أو في أي باب لا يضر بصحة الأم فعملها لا يجوز، سواء كان عملها(97/769)
بوصف دواء، أو إجراء عملية صغيرة أم كبيرة، أو بإعطاء استشارة طبية، لأن الإسلام جاء بإكثار النسل لا بتقليله، فقد روى أبو داود والنسائي من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال ... قال صلى الله عليه وسلم: " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم." وروى نحوه أحمد من حديث أنس بن مالك. وقد منع الفقهاء التعقيم ( منع الحمل النهائي) ومن ذلك ما نقله البجيرمي عن فقهاء الشافعية قولهم: ( يحرم استعمال ما يقطع الحبل من أصله). ويستوي في ذلك قطع الإنجاب بعد أن كان، أو منع الحمل ابتداء قبل الإنجاب.
وإن كان عمل الطبيبة النسائية في مجال الإجهاض فهو غير جائز أيضاً، إلا إذا كان الإجهاض حفاظاً على حياة الأم أو بعض أعضائها. لأن الإجهاض قتل نفس كتب الله أن تخلق، جاء في كتاب الشرح الكبير للدردير من المالكية قوله: ( ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً)، وجاء في كتاب شرح الخرشي ما نصه: ( لا يجوز للمرأة أن تفعل ما يسقط ما في بطنها من الجنين، وكذا لا يجوز للزوج فعل ذلك ولو قبل الأربعين ... ).
وأما إن كان عمل الطبيبة في مجال المحافظة على صحة المرأة والأطفال والمساعدة في تنشئة الطفل سليماً فهو عمل محمود، والأجر الذي تأخذه الطبيبة على عملها هذا حلال طيب، وقد أفتى بنحو ما ذكرنا من حرمة تحديد النسل ومنع الحمل، وفعل ما يعين عليه المجمع الفقهي الإسلامي، واللجنة الدائمة، ومجلس هيئة كبار العلماء كما سبق في الفتاوى رقم 636 ، 4039
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا بأس في عمل المرأة بهذه الصورة ...
8360
السؤال(97/770)
هل يجوز للمرأة الخروج للعمل بضوابط شرعية والعمل سيكون في مكان مختلط ولكن مكان عملي سيكون في غرفة مع النساء مع العلم أنا ملتزمة بالحجاب الشرعي وأغطي وجهي ولله الحمد.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تخرج للعمل، إذا كان ثم حاجة لها، أو كان المجتمع بحاجة إلى عملها، ولو لم تكن هي بحاجة إلى العمل، كعملها طبيبة أو مدرسة.
ويشترط لذلك أن تخرج إلى عملها بلباسها الشرعي غير متطيبة، وتتجنب العمل في الأماكن المختلطة قدر طاقتها، وكذا الحديث مع الرجال فيما لم تدع الحاجة إليه.
ومنه يعلم أنه لا حرج في عملك هذا ما دمت في مكان مخصص للنساء مع التزامك بالحجاب الشرعي، ولا يضر كونك تدخلين إلى هذه الغرفة وتصلين إليها من أماكن مختلطة حولك، مع الحذر أن يدخل عليكن أحد من الرجال من غير تنبيه مسبق، حتى تستطعن التستر حال دخوله.
ولمزيد من التفصيل تراجع الأجوبة رقم: 522، 5181، 1734
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة المختلط للضرورة ...
8386
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم: أنا امرأة عاملة أغيب عن بيتي من الساعة 8-حتى5مساء لدي طفلان تقوم
حماتي على العناية بهما ، زوجي يعمل براتب قليل لا يتعدى(120 دينار أردني) يرغب أن أبقى عاملة(97/771)
بحجة أن الحياة صعبة وراتبه لا يكفي والأولاد بحاجة إلى مصاريف كثيرة وهذا صحيح برأيي المتواضع
فهل يجوز أن أبقى في عملي الطويل المختلط حتى يأتي الفرج ولعله قريب محاولة تفادي الاختلاط
قدر الإمكان والله المستعان.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال، لما في ذلك من محاذير شرعية، ولما يترتب عليه من التعرض للمفاسد إن لم يترتب عليه الوقوع فيها.
ويستثنى من ذلك ما إذا كانت مضطرة للعمل ضرورة لا يمكنها دفعها إلا بالعمل في ذلك المكان، ولا نرى أن ما ذكرته السائلة يعتبر ضرورة تبيح ارتكاب المحرم، وعلى السائلة أن تراجع ضوابط عمل المرأة في فتوى لنا متقدمة تحت رقم 3859
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة تحت ظرف السفر والاختلاط والضرورة... رؤية شرعية ...
8528
السؤال
هل يجوز للمرأة الخروج للعمل بإذن زوجها إذا اضطرتها مستلزمات الحياة لها ولأولادها في
مكان مختلط على بعد 80كم من بيتها مع محاولتها جاهدة بالبحث عن عمل آخر ومراعاة الآداب العامة في مكان العمل والله المستعان حتى يأتي الفرج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(97/772)
فإن اختلاط الرجال بالنساء في مكانٍ واحد ـ على الوضع الشائع الآن ـ محرم شرعاً، لما يترتب عليه من مفاسد وأضرار كثيرة دينية ودنيوية لا تخفى على أحدٍ، ولمزيد من التفصيل تراجع الفتوى رقم: 3539.
وبناءً على ذلك، فإن العمل في الأماكن المختلطة بالمعنى المذكور لا يجوز إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا بذلك، ولا يبيحه إذن الزوج فيه، بل يجب عليه أن يمنع الزوجة منه ديانة وغيرة، وقياماً بالمسؤولية التي جعلها الله تعالى على عاتقه، والتي من أهمها أن يقيها نار جنهم. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) [التحريم: 6].
ثم لتعلم هذه السيدة أن الله تعالى الذي خلق فأحسن وأحكم قد وزع الوظائف والمهام، فدور المرأة في الأسرة تربية أولادها، وإصلاح شأن بيتها، والله سبحانه وتعالى لم يكلفها بالكسب، ولم يوجب عليها نفقة نفسها ولا أولادها.
ودور الرجل هو: طلب المعاش، وكسب المال من حله، وذلك ليقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من النفقة على الزوجة والعيال، ومن تلزمه نفقتهم من الأقارب، فإذا قام كل بدوره الذي أناطه الله به، وجعل تكوينه الخلقي والخلقي ملائما له، صلحت أحوال البيت، وحصل التوازن فيه بإذن الله تعالى، وننبه هنا إلى أمرين اثنين:
الأول: أنه لا مانع من أن تقوم المرأة بالكسب عن طريق عمل تمارسه في بيتها، كالخياطة، والحياكة، والنسيج.
كما أنه لا مانع أن تقوم خارج بيتها بعمل يلائم طبيعتها، كتدريس البنات، وتطييب النساء، ونحو ذلك.
ويشترط أن يكون ذلك بإذن الزوج، وأن لا يكون فيه تضيع لحق واجب، وأن تلتزم بالحجاب، والتستر عند خروجها، وألا يكون مكان العمل فيه اختلاط، بل إن المرأة قد تثاب على ذلك إذا أحسنت النية والقصد، وقامت بذلك خدمة لمجتمعها وأمتها.
الثاني: إذا لم يكن للمرأة عائل يعولها، واضطرت لإيجاد مصدر رزق، ولم تجد لذلك سبيلاً، إلا العمل في مكان مختلط جاز لها العمل فيه مع التحفظ غاية التحفظ، والبحث(97/773)
المستمر عن عمل لا يقتضي الاختلاط بالرجال، وذلك لقول الله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام: 119].
ولقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه) [البقرة: 173].
وتعليقاً على ما في السؤال من أن مكان العمل على بعد ثمانين كيلو مترا من بيت المرأة نقول: إنه إذا كان مكان العمل خارج المدينة التي تسكنها المرأة، بحيث يعد ذهابها إليه سفراً، فإنه لا يجوز لها الذهاب إليه إلا مع محرم أو زوج، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم".
فإن لم تجد المحرم، أو الزوج القادر على السفر معها، وكانت مضطرة للعمل على الوضع السابق بيانه، فعليها أن تحاول السفر عبر رفقة آمنة، وأن لا تخلو في سفرها مع رجل أجنبي منفرد، تحت أي ظرف من الظروف.
ولمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع عموماً يراجع الجواب رقم: 3859 <a. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم حقن الممرضة الإبر للرجال ...
8972
السؤال
هل يجوز لي أن أعمل كمساعدة لممرض بحيث أقوم بضرب للإبر في المؤخرة سواء للنساء أو للرجال في حالة عدم تواجده بالعيادة ، بالإضافة إلى قياس الضغط إلى آخره، وخصوصا أنني بحاجة إلى ذلك المال الذي سوف أتقاضاه إن شاء الله تعالى . وشكرا جزيلا وجزاكم الله عنى وعن الإسلام أعظم الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
الفتوى(97/774)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعمل المرأة في ذاته جائز، بل قد يكون مستحباً أو واجباً، إذا احتاجت إليه، كأن تكون قد فقدت عائلها بطلاق أو ترمل، أو يتم، أو عجز عن الإنفاق والكسب، ولا رزق لها تعيش منه، مع قدرتها على الكسب الذي يغنيها عن السؤال والتعرض للناس.
وكذا الحال إذا كانت المرأة تعمل عملاً يحتاجه المجتمع نفسه، كأن تكون طبيبة، أو ممرضة للنساء، أو معلمة لهن، فيجوز لها أن تعمل في هذا المجال، ولو لم يكن بها حاجة إلى العمل لحاجة المجتمع إلى ذلك، بل ربما كان عليها واجباً في بعض الأحوال.
وعلى المرأة التي تعمل أن لا تعمل في مجال يستلزم فيه عملها الاختلاط المحرم بالرجال الأجانب، أو الخلوة بهم، وإن دعت الضرورة إلى الاختلاط بالرجال، فليكن في أضيق نطاق، لأن الضرورة تقدر بقدرها، ولابد من تجنب الخلوة بالواحد منهم على كل حال.
كما لابد أن تكون ملتزمة بحجابها وحشمتها ووقارها، ولا تخضع بالقول. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الأحزاب:59]
وقال تعالى: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31].
وقال تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب:32].
والنصوص في ذلك كثيرة.
ويشترط لذلك أيضاً ألا يكون عملها ذلك سببا في إخلالها بما هو واجب عليها، كتربيتها لأولادها، وواجبها نحو زوجها.
ومما تقدم تعلمين أن لك أن تعملي مساعدة ممرض ما دمت ملتزمة بالشروط الواجب توفرها في عمل المرأة.(97/775)
وأما بالنسبة لضرب الإبر للرجال، فلا يجوز لك ذلك، لأن هذا يستلزم اطلاعك على عورة الرجل، ولك أن تشترطي أن لا تقومي بهذا العمل إلا للنساء فقط، ما لم يكن هنالك رجل على حالة لا تسمح بتأخير الحقنة حتى يأتي الممرض الذكر، فلك أن تقومي بحقنه، ولتقصري نظرك على موضع الحقن فقط.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة (صحفية ) بقصد إنكار المنكر ...
9586
السؤال
أعمل في مجال الإعلام (صحفية) وعملي هو أن أقوم بستر عورات الممثلات أو عارضات الأزياء حتى لا يظهرن عاريات في المجلة فهل مهنتي جائزة علما أني اضطر لرؤية عورات النساء لسدها و منع نشرها .. و ما حكم راتبي من عمل كهذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة كلها عورة بالنسبة لنظر الرجال الأجانب إليها ، ولا يحل لها أن تبدي شيئا من عورتها أمامهم ولو كان ذلك عن طريق التصوير في مجلة أو نحوها ، وإذا كنت تقومين بستر عورات الممثلات أو عارضات الأزياء في المجلة، بحيث لا يظهر شيء من أبدانهن وشعورهن وتقصدين بذلك إنكار المنكر، فلا شك أنه هذا عمل خيّر.
وإن كان يبقى - مع عملك هذا - شيء من عوراتهن وزينتهن ، فننصحك بترك هذا العمل ، لأن ما يدخل عليك من المفاسد أعظم من هذه المصلحة الجزئية التي تقومين بها ،
وأيضا : فالمجلات التي تنشر صور الممثلات وعارضات الأزياء لا خير فيها ، بل هي باب من أبواب الفتنة والشر ، وعملك فيها يعد معاونة لهم على ذلك .(97/776)
واعلمي أن سلامة الدين لا يعدلها شيء ، ففري بدينك من هذا المجال الذي لا يرضي الله تعالى ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة لغير حاجة ...
9653
السؤال
لي بنت عمة تسكن مثلي في الخارج ولديها مال وعمرها 16عاماً ووالدها يعمل عملين ولديهم بيت ملك ولديهم سياراتان ولديهم من الخير ما يكفي أكثر من عائلة وهي لا تساعد أمها في المنزل وذهبت الآن لتعمل في مطعم من دون محرم لوحدها لكي تمسح الطاولات وتلبي طلبات الزبائن فقط من أجل جلب زيادة من المال لكي تسرف فيه فهل هذا جائز؟ وهي مكتفية وملبى لها كل طلباتها وزيادة فهل يجوز عملها ؟
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد
فإن وظيفة المرأة التي تليق بها وتتناسب مع طبيعتها هي أن تقر في بيتها ، وتقوم بشؤونه وشؤون أولادها إذا رزقها الله تعالى بأولاد.
أما العمل خارج البيت فلا يتناسب مع طبيعتها أصلا ، ولكن إذا احتاجت له فلها أن تمارس منه ما كان أقرب لطبيعتها وأليق بحالها ، مع الالتزام بشرع الله تعالى في التستر وعدم الاختلاط المحرم بالرجال ونحو ذلك.
والذي يظهر من السؤال أن هذه الفتاة ليست بحاجة أصلاً إلى العمل ، وأن العمل الذي تمارسه لا يليق بالمرأة ، ولا يتناسب مع طبيعتها ، ويشتمل على محاذير شرعية كبيرة فعليها ، إذن أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً ، وتترك هذا العمل(97/777)
الذي يشتمل على محاذير شرعية جمة ، وتقر في بيت أبويها ، وتحمد الله تعالى على ما أعطى من الخير الكثير ، وتشكر نعمته ولا تكفرها ، فإن كفران النعمة موجب لزوالها، كما أن على والدها أن يمنعها من الخروج لمثل هذه الأعمال فإنه مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى عنها، ولمزيد من الفائدة عن ضوابط عمل المرأة وما يتعلق بذلك تراجع الأجوبة التالية أرقامها:
3859 5181 8528 6693
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
للمرأة أن تعمل عند خلو الموانع الشرعية ...
9708
السؤال
ما حكم عمل المرأة إذا
- كانت تعمل في مكان 99% مما فيه نساء و هو مجال محترم
- ولا يقل عن 3/4 راتبها يكون لأوجه الخير و إعانة أسر محتاجة
-أبناؤها كبار ولا يحتاجون إليها
- وجودها بالمنزل بمفردها يؤثر عليها سلبا و بالتالي يؤثر على من حولها
مع العلم انها ليست بحاجه ماديه للعمل و لا تريد سوى رضا الله عز و جل
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإذا كانت هذه المرأة تعمل عملاً مباحاً ، ولا تتعرض فيه للمخالفات الشرعية من التبرج والاختلاط ، وما إلى ذلك ، وكان وجودها بالمنزل بمفردها يؤثر عليها سلبا ... إلخ ، فلا حرج شرعاً في ذلك العمل .
وقد سبقت أجوبة في عمل المرأة نحيلك عليها للفائدة وهي تحت الأرقام التالية(97/778)
8360 7550 5181
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
شروط استخدام الصور في الإعلانات ...
9902
السؤال
أنا أعمل كجرافيك ديسينر أي مصممة إعلانات للأدوية خاصة وأحيانا أحتاج لاستخدام صورا في التصميم ، فهل استخدام صور سيدات يعتبر حراما ، وما حكم استخدام صور رجال ؟ وما حكم عمل المرأة كمصممة إعلانات أدوية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان استخدام الصور - سواء كانت لرجالٍ أو نساءٍ - ضروريا لتلك الإعلانات، بحيث تبين تلك الصور طريقة استعمال الدواء، أو أثره على المريض، وقوة مفعوله، أو نحو ذلك، فلا حرج في استخدامها إن شاء الله تعالى مع الاقتصار في ذلك على محل الضرورة، وهذا بالنسبة للصور الفوتغرافية.
أما إن كانت الصور رسوماً ترسمينها بيدك، أو بواسطة الكمبيوتر، فإن الأمر فيها أضيق للنهي الوارد فيها بخصوصها صراحة، فلذلك لا يجوز رسم صورة إنسان أو حيوان كاملة، وإنما يجب أن تكون ناقصة نقصاناً لا يمكن أن تكون معه صورة لما فيه حياة، مثل أن تكون ناقصة الرأس، أو نصف الجسم، أو نحو ذلك.
وننبه السائلة إلى أمرين مهمين:
الأول: أن لا تكون تلك الصور من الصور التي تبدو فيها العورات، سواء كانت لرجالٍ أو نساءٍ، ويشترط زيادة على ذلك في صور النساء أن لا يظهر فيها شيء من مفاتن المرأة، ولا ما يحرك الشهوة، ويثير الغريزة.(97/779)
الثاني: أن يكون مضمون ذلك الإعلان مطابقاً للواقع غير مبالغ فيه مبالغة تضلل المستهلك، وتصور له الدواء على غير صورته الحقيقية.
أما حكم عمل المرأة في ذلك، فهو الجواز إذا كانت تعمل في بيتها، أو في مكانٍ لا تختلط فيه بالرجال الأجانب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
علاج المرأة للرجال.. حكمه.. ضوابط جوازه ...
10631
السؤال
إننى طبيبة وأود التخصص في أمراض الباطنية هل هنالك موانع شرعية في علاج الرجال علما بأن ظروف العمل تتطلب وجودي كطبيبة مسئولة ليلا بالمستشفى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج أن تعمل المرأة طبيبة وتتخصص في الأمراض الباطنية إذا كان ذلك كله مضبوطاً بالضوابط الشرعية.
وراجعي الجواب رقم: 8972
أما معالجة الطبيبة للرجال فالأصل أنها لا تجوز، لما تقتضيه المعالجة من النظر واللمس والمخالطة والاطلاع على العورة في بعض الأحيان، وهذه الأمور وما يؤدي إليها لا تجوز إلا لضرورة معتبرة شرعاً لا تدفع إلا بارتكاب ذلك المحظور، مثل أن يكون الرجل مريضاً مرضاً قد يؤدي إلى هلاكه، أو فقدان حاسة من حواسه، أو يوقعه في ألم ومشقة ولا يوجد طبيب يعالج، ولا يمكن تأخير العلاج لغاية وجود طبيب، ففي هذه الحالة يجوز للمرأة أن تعالج ذلك الرجل المريض إنقاذاً لحياته(97/780)
وتفادياً للخطر الذي يهدده، وإنقاذاً له من الألم والمشقة، وأما مبيت المرأة مناوبة في المستشفى فقد تقدمت الإجابة عليه برقم: 4106
ولمزيد من الفائدة راجعي الجواب رقم 5181 المتضمن لحكم عمل المرأة عموماً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل للزوج حق في مرتب زوجته ...
12162
السؤال
1-إنني متزوج منذ شهور امرأتي تعمل وأنا أعمل
ما هو حقي في مرتبها مع العلم أنني علمت أنها تعطي لأهلها مبلغاً كبيراً منه
وهي أيضا تطلب مني أن اشتري لها سيارة لتذهب بها إلى العمل وليس في مقدوري ذلك
وحدث أن اتفقت أنا وهي ووالدتها على أن تقوم والدتها بشراء السيارة وأنا أقوم بتقسيط ثمنها
فوافقت مع أن القسط يعتبر مرتبي كاملا
فإذا بزوجتي تقول لي: إن أمي عملت وأهلك لم يساعدونا وتقوم بمعايرتي
والسلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لها حق التملك وحق التصرف في مالها إذا كانت رشيدة، ولا يجب عليها أن تعطي شيئاً من راتبها لزوجها، بل الواجب هو إنفاق الزوج عليها من ماله، وأداء حقوقها إليها كاملة، أما إذا طابت نفسها بدفع شيء من مالها فلها ذلك، سواء كان المعطى له أهلها أو زوجها أو غير ذلك، وأما توفير السيارة لها لأداء عملها فليس من(97/781)
الحقوق الواجبة على الزوج لها، لكن مادام اتفق معها ومع والدتها على تحمل ثمن السيارة عنها فهذا تحمل منه بما لم يكن واجباً عليه أصلاً، لكنه بمقتضى تحمله له والتزامه به يجب عليه الوفاء به ما لم يكن يسبب له عجزاً عن القيام بواجباته الأصلية مثل النفقة على أولاده أو أبويه أو غير ذلك، أو يكن يسبب له الوقوع في المكاسب المحرمة التي غالباً ما ينجر إليها الإنسان نتيجة لتحمله أكثر مما يطيق، ثم إنه لا بد أن يكون عمل المرأة التي تريد مساعدتها فيه بالسيارة مباحاً في نفسه بالنسبة لها، ولا يسبب خروجها إليه محظوراً: من خلوة بأجنبي أو اختلاط بالأجانب، أو نحو ذلك، فإذا كان العمل غير مباح في نفسه أو كان مشتملاً على محرم شرعاً فلا يجوز له أن يشتريها لها أو يساعدها عليها، لما في ذلك حينئذ من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة:2] بل يجب عليه أن يمنعها من مزاولة ذلك العمل بموجب القوامة والرعاية التي جعلهما الله تعالى له عليها، وامتثالاً لأمر الله تعالى حيث قال: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً)[التحريم:6]ولا يفوتنا هنا أن ننبه كلا من الرجل والمرأة على أن كل ما من شأنه أن ينمي العلاقة بينهما ويقوي روابط الألفة والحياة الزوجية السعيدة هو أمر محمود، فلو ساعدت المرأة زوجها في تحمل الأعباء والتكاليف بما لا مضرة عليها فيه من مالها كان ذلك أولى، وأدوم للألفة بينهما، كما أن إعطاءه السيارة لها أو نحوها من المباحات، والكماليات ينبغي فعله أيضاً،
وإن لم يكن واجباً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة (محامية) ...
13104
السؤال(97/782)
1-بسم الله الرحمن الرحيم
امابعد افيدونا بعلمكم
جزاكم الله خيرا :أريد أن أرتبط بامرأة صالحة والحمدلله إلا أن لديها رغبة في ممارسة مهنة المحاماة السؤال ماحكم الشرع في ذلك
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال، لما في ذلك من محاذير شرعية، ولما يترتب عليه من التعرض للمفاسد.
ويمكن للمرأة أن تعمل في مجال يلائمها كالتدريس، وتطبيب النساء وما شابه ذلك.
وقد سبق بيان ضوابط عمل المرأة في فتوى سابقة برقم:
3859
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في التدليك ...
14111
السؤال
السلام عليكم
1- نرجو من فضيلتكم إفتاءنا في حكم عمل المرأة كمدلكة لكل أصناف الناس وما فيها من اطلاعها على العورات وملامستها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(97/783)
فيجوز للمرأة أن تعمل مدلكة للنساء، بشرط ألا تكشف عن عوراتهن، أو تمسها إلا عند الضرورة الملجئة، أو الحاجة التي في معناها، أو تقاربها، وكذا محارمهما من الرجال.
وأما تدليكها للرجال الأجانب فلا يجوز، لما في ذلك من الفتنة بالمس، وهو أشد فتنة من النظر، وكلاهما محرم.
قال الإمام النووي يرحمه الله: وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه، بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها، ولا يجوز مسها. ا.هـ.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى رقم: 10631، والفتوى رقم: 8972.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا مقارنة بين مغريات الدنيا والآخرة ...
14891
السؤال
أنا فتاة محجبة أعمل بشركة للخدمات البترولية تبعد عن منزلي نحو 45 ك وأصل إليها عن طريق المواصلات العادية والمشكلة هي أنني الفتاة الوحيدة في هذه الشركة وكل العاملين الآخرين من الشباب وعلاقتي بهم محترمة. مع العلم أن أخي يعمل معي في نفس الشركة ولكن عمله ليس يوميا وقد قرأت في العديد من الفتاوى أن العمل المختلط حرام وإنني مقتنعة بذلك ولكن مغريات هذه الوظيفة كثيرة والعديد ممن حولي يحثونني على البقاء في العمل فما رأيكم في ذلك؟
أرجو أن تجيبوني بسرعة لأنني في أشد الحاجة إلى رأيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(97/784)
فقد سبق بيان حكم عمل المرأة وضوابطه في جواب سابق برقم: 3859 فليراجع.
ونزيد هنا فنقول للأخت السائلة: إن ما عند الله عز وجل خير وأبقى، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) [الضحى:4] .
ولئن كانت المغريات في البقاء في هذا العمل كثيرة - كما تقول السائلة - فإن المغريات في امتثال أوامر الله عز وجل أكثر، بل لا مقارنة بين الأمرين، فإن الله عز وجل يقول: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء:13] .
وما قُدِّر للإنسان في هذه الحياة سيأتيه لا محالة، والواجب عليه أن يتقي الله سبحانه، ويحسن الطلب، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" صححه الألباني .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الملابس الشفافة هل لها صفة اللباس الشرعي ...
15472
السؤال
أنا أعمل موظفة في شركة ومتحجبة وأرتدي الجوارب النسائية الشفافة ولكن في فصل الصيف لا أحتمل الجوراب ورائحة العرق هل من الضروي لبسها في الصيف؟ مع العلم أن الشرع لا يمنع من أن يكشف عن الوجه والكفين والرجلين يعني هل حرام لو اأرتديت الحذاء في فصل الصيف بدون جوراب خصوصاً وأني أعمل في مكان به رجال؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(97/785)
فقد تقدم بيان حكم عمل المرأة في جواب سابق برقم: 5181 فليراجع.
كما تقدم أيضاً الجواب عن حكم كشف اليدين من المرأة أمام الأجانب في جواب برقم: 648.
وأما حكم ستر الرجلين فقد تقدم أيضاً برقم: 5777، ونزيد هنا أن بيان ستر الرجلين بالملابس الشفافة التي تصف ما تحتها ليس ستراً شرعياً، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره أنه قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات..." الحديث.
فوصفهن بأنهن كاسيات عاريات في آن واحد، والمعنى أن المرأة منهن تلبس شيئاً يشف عما تحته.
وأما كشف وجه المرأة أو تغطيته، فقد تقدم الجواب عنه برقم: 1111 فليراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يمانع الشرع في عمل المرأة بشروطه المطلوبة ...
15823
السؤال
بالرجوع إلى الفتوى 6867 في حج المرأة على نفقتها حتى ولو كانت غير مستطيعة وكان زوجها مستطيعا فهي تريد أن تكمل أركان الإسلام وأنتم تعارضون عمل المرأة إلا في أماكن محددة على الرغم من أن فرص العمل واسعة فإذاً عليها الخروج إلى العمل حتى ولو كان زوجها غير موافق لتوفر تكلفة الحج وإلا فلن تكمل أركان الإسلام. نرجو إفادتنا
وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(97/786)
فالحج لا يجب إلا عند الاستطاعة، ولا يجوز للمسلم أن يكتسب مالاً بطرق غير مشروعة لأجل الحج، ولذلك نقول: لا يجوز للمرأة أن تخرج إلى الأعمال التي فيها اختلاط وتعرض للفتنة لجمع مال للحج، ولكن إذا استطاعت أن تخرج للعمل بدون أن يترتب على خروجها محذور شرعي أو تقصير في حق واجب من حقوق الزوج أو الأبناء ونحو ذلك فلا بأس أن تخرج وتكتسب المال الحلال لتحج بيت الله الحرام، فإن لم تتمكن من ذلك ولم تحصل على مال يكفيها للحج فهي غير مطالبة به أصلاً، ولا تلام على عدم حجها، كما لا يلام الفقير عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة بما فيه اطلاع على عورات الرجال ...
19209
السؤال
هل يجوز عمل المرأة المسلمة بوظيفة ممرضة في بلد غير إسلامي في عنبر كبار السن من الرجال مما يستدعي القيام بغسلهم وهم عراة والنظر لعوراتهم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل لا يجوز لما فيه اطلاع المرأة على عورات الرجال.
وقد تقدمت تفاصيل في ذلك وضوابط في عمل المرأة في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
8972
4106
3859
9653
10631.(97/787)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة بأماكن الاختلاط... بين المنع والإباحة ...
19233
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيده متزوجه وملتزمه بالحجاب الإسلامي والسلوك السوي سؤالي عن الاختلاط في العمل فأنا أعمل في مجال مختلط مع الرجال ولكن منذ فتره سمعت الكثير من المحاضرات التي تحرم هذا النوع من العمل ولكن قرأت عن الصحابيات اللاتي كن يعملن مع الرجال ويتحدثن معهم وعن عائشه رضي الله عنها أنها كانت تعلم الرجال وخديجه كانت تعمل مع الرجال في التجارة وخولة كانت تشارك في الغزوات مع الرجال فلماذا التحريم ، علماً بأني أساعد غيري من راتبي وأتصدق وأكفل الأيتام ولكن عندما أجلس في البيت فلن يكون باستطاعتي عمل الخير علما بأني لا يوجد عندي أطفال .أفيدوني هل استمر في عملي أم أجلس في منزلي وجزاكم الله كل خير ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه إن شاء الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان يختلط فيه الرجال بالنساء على الوضع المعروف الآن إذا كانت غير محتاجة لهذا العمل، لما يترتب على ذلك من مفاسد لا يعلم مداها إلا الله، أما إذا كانت المرأة مضطرة لهذا النوع من العمل -والضرورة تقدر بقدرها- فلا نرى مانعاً من ذلك بشرط التزام المرأة بالحجاب، وعدم الخضوع في القول، وغض البصر، والاحتراز من الخلوة المحرمة، وعدم المصافحة للرجال، وقد مضى بيان ذلك جلياً في الفتوى رقم:(97/788)
3859 والفتوى رقم:
9653 والفتوى رقم:
5181 والفتوى رقم:
9708 والفتوى رقم:
8386.
وليعلم بأن الأصل في عمل المرأة الجواز إذا كان منضبطاً بالضوابط الشرعية، لكننا قلنا بالمنع منه في الأماكن المختلطة عند عدم الضرورة سداً لذريعة الفساد الذي يترتب في الغالب على خروج المرأة واختلاطها بالرجال، ولاسيما الاختلاط المعروف اليوم، لا أن الاختلاط بالرجال محرم في ذاته لوضبط بالضوابط الشرعية، وقلنا بالجواز عند الضرورة ، لأن الضرورات تبيح المحظورات، وراجعي الفتوى رقم:
8528.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم اشتراط الزوج مشاركه زوجته الإنفاق لقاء عملها ...
19680
السؤال
هل يجوز لي إذا طلبت زوجتي الوظيفة أن أشترط عليها أن تكون حاجياتها الخاصة بها على نفقتها وكذلك ملابس الأطفال أما نفقة البيت وغيرها فأقوم بها أنا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت نصوص كثيرة على جواز عمل المرأة، ولكن يشترط لذلك شروط نجملها في شرطين:(97/789)
الأول: إذن الزوج لها بالخروج إذا كان عملها يستدعي خروجها من بيتها، وهذا الإذن يسقط إذا أعسر الزوج أو امتنع من النفقة عليها، ففي منتهى الإرادات: إذا أعسر الزوج بالنفقة خيرت الزوجة بين الفسخ وبين المقام معه مع منع نفسها، فإن لم تمنع نفسها منه ومكنته من الاستمتاع بها فلا يمنعها تكسباً ولا يحبسها مع عسرته إذا لم تفسخ لأنه إضرار بها، وسواء كانت غنية أو فقيرة، لأنه إنما يملك حبسها إذا كفاها المئونة وأغناها عما لا بد لها منه.
الثاني: أن يكون عملها في حدود المباح، فيجب عليها ألا تعمل بمعصية كالغناء واللهو أو بما فيه خلوة مع أجنبي، وألا تخرج متبرجة متزينة بما يثير الفتنة؛ بل عليها صيانة العرض والعفاف والشرف واختيار المهنة اللائقة.
وفي حالة أن يكون زوجها قادراً على النفقة وباذلاً لها وهي ترغب في العمل فأذن لها بشرط أن تنفق على نفسها وولدها فوافقت على ذلك فلا نرى مانعاً من ذلك، ويجب عليها الالتزام بهذا الشرط مادامت تعمل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه أصحاب السنن وصححه السيوطي ، وفي الموطأ أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا، ويعني بالناس: الصحابة وكبار التابعين الذين عاصرهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إخبار الشخص بما وقع عليه من ظلم هل يعتبر غيبة ...
19844
السؤال
السلام عليكم(97/790)
أنا فتاة أعمل فة شركة والحمد لله ملتزمة في ملابسي وأحاول أن ألتزم فة كلامي وجوهري إني عندما أغضب من إحدى صديقاتي وجيراني أحتاج للتحدت مع أحد عن الموقف أعتبرها غيبة وأشعر بالذنب ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم ندر ما هو سؤال الأخت فإن كان السؤال عن عمل المرأة فقد تقدم الجواب عنه في فتاوى سابقة فلتراجع الأرقام التالية:
5181
3859
8386.
وأما الغيبة فقد عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه فقال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره. رواه مسلم.
فلا يجوز ذكر المسلم في غيبته بشيء يكرهه، وإن كان فيه، ولكن قد تجوز الغيبة لحاجة بقدر تلك الحاجة. وقد حصر العلماء المواطن التي تجوز فيها الغيبة بعد تتبعهم للأحاديث النبوية في ستة مواطن منها: التظلم أي إخبار الشخص بما وقع عليه من الظلم لمن يعين على دفع المظلمة فإن كان ما يقع للأخت من هذا النوع فلا بأس بقدر الحاجة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة بين الوجوب والإباحة والحرمة ...
19929
السؤال(97/791)
أنا فتاة تخرجت من الجامعة منذ 3 سنوات والآن بعد صبر 3 سنوات أتتني وظيفة في إحدى المستشفيات بمرتبة جيدة لمؤهلي الجامعي وأنا في حيرة من أمري من الذهاب إلى الوظيفة أم لا؟ مع العلم أن المستشفيات وما نسمع عنها وما يحدث فيها يمنعني بعض الشيء فأرجو نصيحتكم هل أذهب وأوافق على الوظيفة أم لا؟ مع أنني في أمس الحاجة لها من الناحية المعنوية والفراغ الذي يكاد يقتلني من الوحدة.
وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعمل المرأة في حد ذاته جائز، بل قد يكون مستحباً أو واجباً إذا احتاجت إليه المرأة لتعول نفسها، أو احتاج إليه المجتمع كأن تكون طبيبة أو ممرضة للنساء أو معلمة لهن، فإن وجد أحد السببين فلا حرج عليك، وإن احتجت للعمل أو احتاج المجتمع لعملك فلا حرج عليك من العمل في المستشفى، لكن بشرط التزامك بالحجاب الشرعي، وعدم الاختلاط أو الخلوة بالرجال الأجانب، وبشرط أن لا يكون في هذا العمل إخلال أو تفريط بما هو أوجب منه كتربية الأولاد أو رعاية الوالدين أو القيام بحق الزوج، وغير ذلك من الواجبات الأخرى.
وإن لم تكوني بحاجة إلى العمل، ولم تكن الوظيفة مما يحتاجها المسلمون، فننصحك بالبقاء في بيتك وعدم قبولها، فهذا خيرٌ لك وأفضل، واقضي وقتك في ما ينفعك في دينك ودنياك من العبادة والطاعة وقراءة القرآن والتعليم والقراءة، وبإمكانك الانشغال بالدعوة إلى الله في محيط نسائك وجيرانك وحارتك، فالمسلم لديه من التكاليف والواجبات ما يعمر به كل الأوقات أياً كان مركزه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مكان فيه اختلاط ...(97/792)
20388
السؤال
أعيش في بلد نصفه مسيحي والآخر مسلم وهذا يستدعي مني التعامل بشكل مختلف عما كنت سأقوم به لو عشت في بيئة مسلمة فأنا أعمل في وظيفة تضطرني الالتقاء بأعداد كبيرة من الرجال والنساء من الديانتين بكل ما يعنيه ذلك من متاعب نفسية لي كفتاة ملتزمة ولا تصافح الرجال.. أحيانا كثيرة أفكر في الاستقالة من عملي لكنني أتراجع لأنه ليس لدي من يصرف علي لأن والدي متوفى ولا إخوان لدي
وسؤالي هو كيف أستطيع التعامل في مثل هذا الجو بحيث أحافظ علي ديني ولا أفرط في أي حق من حقوق الرحمن على أن أحافظ في الوقت نفسه على مشاعر الديانات الأخرى؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل عدم جواز عمل المرأة في مكان يكون فيه اختلاط بين الرجال والنساء إلا أنه إذا دعت الضرورة والحاجة الملحة لذلك ولم تجد المرأة وسيلة للنفقة على نفسها وأولادها غير هذا المكان فلا مانع، لقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْه) [البقرة:173].
ثم إنه يلزم الأخت السائلة إن توفرت فيها الضوابط التي أشرنا إليها أن تكون ملتزمة بالحجاب والآداب الإسلامية، وأن تتحاشى الرجال ما أمكنها ذلك.
وأما بشأن أصحاب الديانات غير الإسلامية، فإنه يجب العدل معهم مع عدم موالاتهم ومصادقتهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: 51].
وللفائدة راجعي الفتاوى التالية: 8528، 8360، 3681، 1234.
والله أعلم.(97/793)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم خروج المرأة ليلاً لظروف العمل ...
20667
السؤال
زوجتي ممرضة وتخرج للعمل ليلا" أرجو بيان الحكم الشرعي بهذا الخصوص ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمل المرأة في ذاته جائز، بل قد يكون مستحباً أو واجباً إذا احتاجت إليه، مع قدرتها على التكسب الذي يغنيها عن السؤال أو إذا احتاج المجتمع إليها كطبيبة أو ممرضة. وينبغي لها أن تبحث عن العمل اللائق بها والأقرب إلى طبيعتها، وتتجنب الأعمال التي تفرض عليها الخلوة بالرجال الأجانب والاختلاط بهم.
وإذا دعتها الضرورة إلى الاختلاط فليكن ذلك في أضيق الحدود... ولا يجوز لها بحال من الأحوال أن تخلو برجل أجنبي، ويجب عليها أن تكون دائماً ملتزمة بحجابها ووقارها فلا تخضع بالقول حتى لا يطمع فيها ضعاف النفوس ومرضى القلوب، قال تعالى:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:59].
وقال تعالى:فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32].
ولا يجوز أن يكون عملها سببا في الإخلال بما هو واجب عليها من تربية الأولاد ورعايتهم ... وواجباتها نحو زوجها وبيتها....
وإذا كانت ظروف العمل تقتضي الخروج ليلاً أو المبيت في المستشفى للمناوبة فلا مانع من ذلك إذا روعيت الضوابط الشرعية التي أشرنا إلى بعضها، وراجع الفتوى رقم:(97/794)
4106.
والحاصل: أن عمل المرأة لا مانع منه شرعاً إذا ضبط بالضوابط الشرعية، وربما يكون واجباً إذا احتاج إليها المجتمع كطبيبة أو ممرضة أو مدرسة .. للنساء، وإذا دعت الظروف للخروج ليلاً أو المبيت في مكان العمل فلا مانع من ذلك ضمن الضوابط الشرعية.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الأصل قرار المرأة في البيت إلا لحاجة ...
21524
السؤال
السلام عليكم،
أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة أكبر إخوتي وأخواتي وأنا المعيل الوحيد لهم ولأمي بعد وفاة والدي. عملي جيد والحمد لله وأستطيع أن أكفي احتياجاتهم الأساسية كلها، فما حكم استمرار خروج والدتي من المنزل بحجة شراء ألبسة خاصة بالمحجبات وإرسالها إلى الضفة الغربية لغرض بيعها مع العلم أن تعاملها كله مع الرجال الأجانب من بائعين وأصحاب محلات وناقلي بضائع.
ملاحظة: والدتي محجبة لكنها لا زالت ترفض الجلباب وتبلغ من العمر 42 سنة تقريبا.
أعينوني أعانكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في عمل المرأة أن يكون في بيتها وتربية أبنائها ورعايتهم... وخاصة إذا وجدت من يقوم بشؤونها خارج البيت، قال تعالى:وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى..... [الأحزاب:33].(97/795)
وأنت -جزاك الله خيراً- ذكرت أنك تقوم بسد حاجيات أهلك الأساسية وهذا واجبك تشكر عليه، وتؤجر عند الله تعالى.
ولعل أمك خرجت للبيع والشراء لسد حاجات أخرى لا تقوم أنت بسدادها، أو لعلها تريد أن تنشر الزي الإسلامي ببيع الألبسة الخاصة بالمحجبات، فإذا كان الأمر كذلك، وضبط بالضوابط الشرعية فلا مانع.
وننصح هذه الأخت الكريمة ألا تخرج من بيتها إلا لضرورة ... و لتحمد الله تعالى أن رزقها هذا الابن الذي يقوم بشؤونها... وهو مستعد لأن يكفيها عناء العمل، ومشقة طلب الرزق، وإذا أصرت على الخروج فإن عليها إلا تخرج ألا وهي كاملة الحجاب، وأن تتجنب مزاحمة الرجال، والخلوة بهم، والخضوع لهم في القول، وأن تقتصر في الكلام معهم إلى ما تدعو إليه الحاجة.
كما ننصحك أخي الكريم أن تعامل والدتك معاملة تليق بمستواك، وأن تدعوها إلى ترك الخروج برفق ولين وحكمة....
فقد أوصى الله تعالى بالوالدين؛ وإن كانا مشركين، وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالأم خاصة. فعليك أن تلاحظ ذلك، كما نرجو أن تطلع على ضوابط عمل المرأة وسفرها في الفتوى رقم:
3859.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ــــــــــــــ
الأولى الزواج بفتاة لا تعمل في مكان مختلط ...
22266
السؤال
أنا شاب جزائري أسأل فيما يخص بالزواج من شابة تعمل في إدارة وعندنا هنا إدارات يخشى على شاباتنا فيها، وأنا شاب غيور؟(97/796)
أفيدونا يرحمكم الله... و جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن عمل المرأة في مكان مختلط بالرجال تترتب عليه كثير من المفاسد، وينطوي على جملة من المخاطر على الدين والخلق،
لذا، فالذي نراه هو أن تسعى إلى إقناع هذه المرأة بترك العمل في هذه الإدارة المذكورة، والبحث عن مجال آخر غير مختلط للعمل فيه إن كانت هنالك حاجة لعملها، فإن اقتنعت فلا بأس -إن شاء الله- بالزواج منها.
وإن لم تقتنع، فالأولى تركها، والبحث عن غيرها ممن تتصف بالدين والخلق، لما يرجى منها من طاعة الزوج، وحسن تربية الأولاد، والقيام على أمر بيتها.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
فتاوى في حكم عمل المرأة وكلامها مع الأجانب عنها ...
22863
السؤال
لي زميلة في العمل تحفظ القرآن وتواظب على دروس الدين، حاولت أن أتقدم لخطبتها لكني عندما أخبرتها أنّ عمل المرأة حرام شرعا وإنّ كلامها مع الزملاء حتى وان كان في مجال العمل حرام قالت: (وهل تعلمت حتى أجلس في البيت ثم إنني لا أتكلم معهم إلا إذا كان في مجال العمل أو إذا كان هناك موضوع للمناقشه بيننا)(97/797)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم عمل المرأة مبين في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم 522ورقم 5181ورقم 7550ورقم 8360 ورقم 8528 ورقم 19233 وأحرى بهذه المرأة التي تحفظ القرآن وتحضر الدروس أن تكون بعيدة عن الاختلاط، ومحادثة الرجال الأجانب، وكل ما يسخط الله تعالى.
وينبغي أن تبحث عن امرأة صالحة من محارمك أو من نساء أصدقائك لتتولى نصح هذه الزميلة، وإعلامها بالحكم الشرعي في العمل المختلط، وتجنب أنت الكلام معها سداً لباب الفتنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة طبيبة ...
23414
السؤال
ماحكم عمل المرأة كطبيبة في مكان مختلط وهي منقبة وهل يأثم وليها علماً بأنه يجب عليها أن تعمل لمدة خمس سنوات على الأقل وهي مدة إنفاق الدولة على ابتعاثها لدراسة الطب وعلماً بأن وليها لم يكن هو وليها أثناء دراستها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس في عمل المرأة طبيبة إذا ضبط الأمر بالضوابط الشرعية، كما هو مبين في الفتاوى التالية أرقامها:
8360
10631(97/798)
4106.
ولا يأثم ولي المرأة إذا كان عملها منضبطاً بالضوابط المذكورة، فإن لم ينضبط بها، وتركها تعمل هذا العمل، فلا شك أنه آثم مفرط فيما استرعاه الله.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
السن التي يجب فيها على الفتاة الحجاب ...
23863
السؤال
أنا فتاة في 11 من عمري هل من الواجب علي لبس الحجاب؟ وهل من الممكن أن أكون إعلامية وراء شاشة التلفزيون أو أن هذا يخالف التقاليد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفتاة إذا لم تبلغ بأن تظهر عليها واحدة من علامات البلوغ: الحيض، أو الاحتلام، أو نبات الشعر الخشن على العانة، أو الحمل أو بلوغ الخامسة عشرة سنة، فإنها غير مكلفة بالحجاب، وليس معنى ذلك أن يتركها أهلها تخرج مبتذلة بل عليهم أن يعودوها الحشمة والحجاب، فإذا بلغت لم يكن الحجاب غريباً عنها، أو بدعاً من أمرها، وأما حكم عمل المرأة كمذيعة فانظري الفتوى رقم: 3269
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مطلوب أخذ الحيطة وعدم الاختلاط في عمل المرأة ...
24382
السؤال(97/799)
أحب شخصا وأعتقد أن معاملتنا فيها شيء يغضب الله ولكن يربطنا شغل بيننا ولا أعلم كيف أعمل والظروف غير مناسبة لكي نرتبط ببعض ولكنني محتارة ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تقطعي كل علاقة تسخط الله تعالى مع هذا الرجل، لأنه أجنبي عنك، وانظري الفتوى رقم: 15251، والفتوى رقم: 17517، والفتوى رقم: 21489، ومن تاب تاب الله عليه.
وبما أنك تعملين بوسط مختلط، فإننا نلفت انتباهك إلى أن لعمل المرأة في مثل هذا المجال ضوابط لابد من توفرها، وهي مذكورة في الفتاوى بالأرقام التالية: 522، 23414، 22863، 10522، 6826، 17486.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الأليق بحال المرأة ألا تعمل ...
24827
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل متزوج حديثا وزوجتي تلح علي في السماح لها بالعمل كمدرسة في مدرسة عامة قد يكون بها بعض المدرسين، إن معاشي متوسط وقد تعينني على سد بعض المتطلبات ولكني أخاف أن يكون عمل المرأة خارج بيتها حراماً ؟ والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعمل المرأة لا حرج فيه من حيث الأصل، وإن كان الأولى بها القرار في البيت إن لم تكن بها حاجة للعمل.(97/800)
ومتى ما عملت المرأة خارج بيتها بإذن زوجها، فيجب عليها الالتزام بالضوابط الشرعية في خروجها وحجابها وعلاقتها بالرجال.
فإذا كان عملها في المدرسة سيترتب عليه الاختلاط بهؤلاء المدرسين فلا يجوز لها أن تعمل فيها في هذه الحالة، لما يترتب على ذلك من مفاسد، وما ينطوي عليه من مخاطر، ويكفي من ذلك أنه إذا اختلطت المرأة بالرجل في مكان واحد باستمرار يصعب عليهما أن يمتثلا أمر الله سبحانه في غض البصر الذي أوجبه الله عليهما، ثم إن بعض الرجال الذين يعملون في الأوساط النسوية لا يؤمَنون على الأعراض، ولا يتقون الله في أنفسهم، وفي نساء المسلمين، ومخالطة هؤلاء شر كبير، وخطر عظيم.
أما إذا كان عملها في هذه المدرسة لن يؤدي إلى الاختلاط والتعامل المباشر مع الرجال من مدرسين وغيرهم، فلا حرج في ذلك، وإن كان الأولى لها البقاء في بيتها إن لم تكونوا بحاجة إلى دخل عملها، وانظر الفتوى رقم: 7550، والفتوى رقم: 19929.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رعاية زوجك وتربية أبنائك أفضل من حطام الدنيا ...
25908
السؤال
أنا امرأة متزوجة.. قبل الزواج اشترطت علي زوجي أن أعمل (حائزة على دبلوم الهندسة الكهربائية)اخترت التدريس حتى أتمكن من الموازنة بين عمل البيت والوظيفة ولكني لم أستطع ذلك بشكل جيد لي ثلاثة أطفال وأعمل منذ 10 سنوات زوجي الآن يطالبني بالتخلي عن الوظيفة والاهتمام فقط بشؤون البيت فماذا أفعل خاصة وأن زوجي لا يساعدني في أعمال البيت ولا يسمح لي بالاستعانة بخادمة. هل له الحق في(97/801)
أن يطالبني بالتخلي عن عملي وهل بقائي في عملي شرعي. وإن كان من حقي الشرعي العمل فكيف توجهونني حتى أتمكن من الموازنة بين البيت والوظيفة
وإن كان لا بد من ترك الوظيفة والتفرغ للمنزل فكيف توجهونني حتى أستفيد من وقتي ولكم الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم اشتراط المرأة على زوجها أن تعمل في الفتوى رقم: 1357 وحكم عمل المرأة عموماً في الفتوى رقم: 23414 والفتوى رقم: 24827 والفتوى رقم: 22863
ونصيحتنا لك أن تعرضي عن العمل وتتوجهي إلى بيتك الذي هو مملكتك في حقيقة الأمر لتربية أبنائك والاهتمام بزوجك ورعاية مصالحه، خاصة أنك كما ذكرتِ في سؤالك لم تتمكني من التوفيق بين عملك، وشؤون منزلك على الوجه الأكمل، والله نسأل أن يهديك إلى حسن القول والعمل، وأما كيفية الاستفادة من الوقت فمذكور في الفتوى رقم: 6939
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أقوال الفقهاء في خروج المعتدة من بيتها ...
25969
السؤال
أنا امرأة موظفة وأعيش عائلتي المكونة من طفلتين ولقد طلقت من زوجي وهو ليس أبا البنات
ولم أستطع أن أجلس في العدة بسبب أنني سوف أخسر الوظيفة وفي هذه الحالة كيف سأعيش بناتي؟(97/802)
فما هو الحكم الشرعي لمثل حالتي ملاحظة: أنا مطلقة منذ سبعة أشهر جزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المعتدة أن تلزم بيتها حتى تنقضي عدتها؛ لقول الله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ) [الطلاق:1] وقول النبي صلى الله عليه وسلم للفريعة بنت مالك بن سنان في الحديث الطويل : " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله." الموطأ والترمذي والنسائي وأبو داود.
وذكر الحنابلة أن الرجعية تسكن حيث شاء زوجها لحق الزوجية، أما البائن بفسخ أو طلاق فإنها تعتد حيث شاءت، ومنعوا المتوفى عنها من الخروج ليلاً وأجازوا لها الخروج نهاراً.
وفرق الحنفية بين عدة الوفاة والطلاق فأجازوا الخروج للأولى نهاراً لأنها لا نفقة لها عندهم، ومنعوا الثانية للنفقة.
وإذا كان الحال كما ذكرت من حاجتك الماسة فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لخالة جابر : "اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تتصدقي وتفعلي خيراً." أبو داود والنسائي.
أما العدة فلا عبرة فيها بعدد الشهور إلا فيماإذا كانت المرأة ممن لا يحضن لصغر أو لكونها من الآيسات .
والحامل عدتها إلى وضع الحمل، ومن تحيض عدتها ثلاث حيضات، واليائسة تعتد ثلاثة أشهر، لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقوله: :(واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) وننبه السائلة إلى وجوب مراعاة ضوابط عمل المرأة المذكورة في الجواب رقم:
3859 والجواب رقم: 5181(97/803)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة للحاجة ...
25983
السؤال
السلام عليكم
ما حكم الدين في المرأة التي تعمل في أيامنا هذه، فأنا أحتاج لأن أعمل مع أني لا أريد ذلك فأنا أتعب ولو توفرت لي الشروط اللازمة لما عملت لا نملك سكنا زوجي وأنا مع أننا نريد أن نلتزم ونبذل مجهودا لذلك..
جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المرأة المسلمة أن تعمل خارج بيتها لا سيما إذا احتاجت إليه لكن يجب عليها اجتناب أي محذور شرعي أثناء عملها أو خروجها إليه، وبشرط أن يكون العمل مباحاً، وبشرط التزامها بالضوابط الشرعية لذلك، والمبينة في الفتاوى التالية 5181 8528 8360 وإذا لم تكن المرأة محتاجة لهذا العمل فالأليق بها القرار في بيتها لتقوم بمسؤولياتها تجاه أولادها وزوجها كما هو مبين في الفتوى رقم 9653
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
طلب المرأة من زوجها تخصيص يوم لحوائجها مشروع بشرط ...
26173
السؤال(97/804)
السلام عليكم
أنا سيدة متزوجة زوجي لديه عمله الخاص (حلاق رجالي) ولديه زبائنه يأتونه بالمواعيد ولا يأخذ يوم إجازة حتى يوم الجمعة وأنا أعمل أيضا وإجازتي تكون يوم الجمعة ولا يسمح لي أن أخرج لوحدي لأنه يخاف علي من الغير وأنا أقدر هذا الشيء ولكن هل يجوز لي شرعاً أن أطلب منه أن يُخصص لي يوماً كاملاً لي ولابنتنا البالغة من العمر شهرين فقط؟ مع العلم بأنه ينتهي عمله ليلاً الساعة العاشرة وما فوق لذا أريد أن تفيدونني إذا يجوز لي أن أطلب منه هذا؟ وإذا يجوز لي هذا ما حكم الدين إذا رفض مع العلم بأنني إذا سألته أن يأخذني إلى مكان ما لا يعارض ولكن بعد الساعة الحادية عشر وليس باكراً وأنا لا أستطيع أن أذهب في هذه الساعة لأنني أتعب من عملي فمن الساعة السابعة صباحاً أستيقظ وأعمل دوامين حتى الساعة السابعة ليلاً فالرجاء أفيدوني بالجواب وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في عمل المرأة أن يكون في بيتها، وتربية أبنائها، ورعاية زوجها حتى يحصل السكن والاستقرار والمودة والرحمة والراحة للجميع، فهذا هو الذي يلائم فطرة المرأة، ويتناسب مع طبيعتها.
ونظراً لصعوبة العمل خارج البيت، ومشقته على المرأة، وما يترتب عليه من مخالطة الرجال، وإهمال الأولاد وترك البيت... فإنه لا ينبغي للمرأة إلا إذا احتاجت إليه، وكان مناسباً لطبيعتها، ولائقا بحالها مع الالتزام التام بشرع الله تعالى والتستر، وعدم الخلوة والاختلاط المحرم.
فإذا كنت لا تحتاجين إلى هذا العمل، وزوجك يقوم بالواجبات، ويوفر لك ما تحتاجين إليه، فإن عليك بالقرار في بيتك والعمل فيه ورعاية أولادك وزوجك، وتوفير الراحة والاستقرار لهم.(97/805)
وهذا عمل لا يقل أهمية عن العمل خارج البيت، بل هو الأهم والأفضل، لأن المرأة التي تداوم خارج البيت تأتي منهكة متوترة الأعصاب وزوجها يأتي كذلك، فأين يجد أحدهما الراحة؟!!
ومن حقك على زوجك أن يفرغ لك يوما لقضاء حوائجك وصلة أرحامك ما لم يكن عليه في ذلك ضرر، وما دام عملكما بهذه الطريقة فعليك أن تراعي حال زوجك وظروف عمله، فالحياة الزوجية مبنية على التفاهم والمودة والرحمة.
والخلاصة: أنك إذا لم تكوني بحاجة إلى العمل أو كان فيه ما يخالف الشرع فإن عليك أن تتركيه وتتفرغي للعمل في بيتك فذلك أليق بك وأريح لكما، ومن حقك أن تطلبي من زوجك أن يخصص لك يوما لقضاء حوائجك المشروعة ما لم يكن عليه في ذلك ضرر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة كسكرتيرة ...
26821
السؤال
السلام عليكم ...
أنا طالبة أدرس في جامعة خاصة ... ومصارفها كثيرة ... والدي لا يستطيع الدفع...
فهل يجوز العمل كسكرتيرة في مدرسة ابتدائية وإذا لم أجد عملاً غيره في أماكن مختلطة ... فالضرورة تقدر بقدرها.... مع العلم أنا أدرس علما شرعيا ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن احتجت إلى هذا العمل ولم تجدي عملاً سالماً من الاختلاط، وتقيدت بالضوابط الشرعية من عدم الخلوة، وعدم المصافحة والنظر، ولزوم الستر والفرار من(97/806)
الاختلاط بالرجال قدر الإمكان جاز لك العمل، فإن غلب على ظنك عدم التقيد بهذه الضوابط فالسلامة لا يعدلها شيء. وراجعي الفتوى رقم:
19556 - والفتوى رقم:
17040.
وقد تقدم بيان شروط عمل المرأة في الفتوى رقم:
7550 - الفتوى رقم: 3859.
فإذا احتجت إلى هذه الدراسة والعمل وكان العمل منضبطاً بالشروط المتقدمة فلا حرج عليك ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم النظر إلى المعلمة السافرة ...
26884
السؤال
ما حكم النظر إلى المدرسة التي تعلم الطلاب في الجامعة إذا كانت غير محجبة؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنظر إلى المرأة الأجنبية من رجل بالغ محرم، لا يجوز إلا عند الحاجة أو الضرورة، كرغبة في زواج، أو في مجال التحاكم عند القاضي، ونحو ذلك، فإذا انتفت الحاجة أو الضرورة عاد الأمر إلى التحريم، وأما النظر إلى المدرسة التي تعلم الطلاب في الجامعة، فإنه غير جائر، ولا يوجد ما يسوغه، وليست هذه حاجة معتبرة، وللطالب الذي ابتلي بذلك أن يجلس في مؤخرة الصف، ويتشاغل بالنظر إلى الكتاب ونحو ذلك، وقد سبق بيان حكم النظر إلى النساء في الفتوى رقم: 5776 وحكم(97/807)
الدراسة في الجامعات المختلطة في الجواب رقم: 2523 وحكم عمل المرأة في المجال التعليمي في الجواب رقم: 5352
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نقض الوضوء بلمس المرأة للرجل.. نظره شرعية ...
27050
السؤال
أعمل في شركة من الصعب الوضوء فيها وأضطر أحياناً إلى مصافحة الرجال، هل تجوز الصلاة أم علي أن أعيد الوضوء؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في لمس الرجل لبشرة المرأة أو لمسها لبشرته.. هل ينقض الوضوء أو لا؟ والأظهر في هذه المسألة أن هذا اللمس لا ينقض الوضوء مطلقاً. وقد سبق الجواب عن ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
1795.
بقي أن ننبه الأخت السائلة الفاضلة إلى أمرين مهمين:
الأمر الأول: أن عمل المرأة في مجال فيه اختلاط بين الرجال والنساء أمر لا يجوز، لما يترتب على ذلك من الخطر على دينها إلا في حالات، وبشروط تقدم بيانها في الفتوى رقم:
8528.
الأمر الثاني: أنه لا يجوز للمرأة مصافحة الرجال الذين هم ليسوا محارم لها، وقد ورد المنع من ذلك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، وقد سبق بيان الأدلة في الفتوى رقم:(97/808)
2412.
فنصيحتنا للأخت السائلة أن تترك العمل في الأماكن المختلطة، وإن اضطرت للبقاء فلتلزم أحكام الإسلام من الحجاب والعفة والاحتشام، ولتحذر كل الحذر من مصافحة الرجال الأجانب.
سائلين الله تعالى لها التوفيق في أمر دينها ودنياها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة مذيعة في التلفزيون ...
27242
السؤال
أنا فتاة في 11 من عمري هل واجب علي لبس الحجاب؟ وهل من الممكن أن أكون إعلامية وراء شاشة التلفزيون؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا تحقق فيها علامة من علامات البلوغ المبينة في الفتوى رقم:
10024.
وجب عليها لبس الحجاب وستر جميع بدنها عن الرجال الأجانب، وذلك لأن الحجاب فريضة شرعها الله للمرأة المسلمة حفظاً لها وصيانة لعرضها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:59].
ويستحب لها الستر إذا بلغت عشر سنين، تعويداً لها على الستر، ولأنها تشتهى في هذا السن.(97/809)
أما العمل كمذيعة في التليفزيون فلا يخفى أن مثل هذا العمل يقتضي الاختلاط بالرجال، وهو أمر محرم شرعاً بنصوص من الشرع الحكيم.
وكذا يقتضي الظهور بصفة مستمرة أمام الرجال الأجانب الذين لا يحل لها الظهور أمامهم، فالبعد عن ذلك واجب شرعاً، وأكرم لصاحبه واقعاً وحساً، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
3539 - والفتوى رقم: 3269.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في محل لبيع الملابس النسائية ...
27431
السؤال
ما الحكم الديني في تشغيل فتاة في محل لبيع الملابس الداخلية النسائية، مع العلم أن هذه الفتاة تعمل مع فتاة أخرى في نفس المحل ؟ وبارك الله فيكم....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في تشغيل هذه الفتاة في هذا المحل ما لم يؤد ذلك إلى اختلاطها بالرجال.
بل إن عمل النساء في هذه المحلات أولى لأن أغلب روادها النساء، وإذا اقتضى الحال أن يكون التعامل مع رجل فليكن ذلك بالضوابط المعروفة في معاملة المرأة للرجل الأجنبي كستر ما أوجب الله ستره، والاقتصار على قدر الحاجة من المخاطبة، وعدم الخضوع بالقول، وعدم الخلوة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/810)
لا دليل على منع المرأة من العمل متى استوفيت الشروط ...
28006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أعمل في شركة في وظيفة مدير إداري وأرتدي الجلباب والإيشارب ولا أضع المساحيق وأحاول تقوى الله قدر الإمكان ولكنني أتحدث مع الرجال ولكن في أضيق الحدود كما أنني أحاول ألا تكون هناك خلوة في مكان وحدي مع رجل في مكان مغلق، فهل عملي وخروجي من البيت يومياً يعتبر حراماً؟
علما بأنني أستمع إلى الأذكار في العمل وإلى إذاعة القرآن الكريم، كذلك أني لم أنجب ومكوثي فى البيت سيجعلني أضجر مع عمل زوجي إلى ما بعد العشاء ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في عمل المرأة الجواز، لعدم وجود دليل يمنعها منه، لكن يشترط لعمل المرأة عدة شروط أهمها:
1- ألا يؤدي ذلك إلى فتنة كالاختلاط المحرم بالرجال، أو الخروج بالزينة الفاتنة، أو الخضوع بالقول مع الرجال، أو التعطر عند الخروج.
2- ألا يسبب ذلك تقصيراً في حق الزوج والأولاد والوالدين.
3- أن يكون العمل مباحاً في ذاته، فلا يجوز العمل في أماكن المحرمات كالسينما والمسارح وأماكن شرب الخمور، أو اختلاط الرجال بالنساء اختلاطاً يؤدي إلى فتنة.
4- أن يتحقق بالعمل نفع فعلي لها أو لأمة الإسلام، لا أن يكون العمل مجرد إهلاك للوقت، وخروج للترويح والنزهة، كما هو حال الكثيرات ممن لا يخفن الله تعالى.
وقد سبق بيان ذلك مع ضوابطه كاملة في الفتاوى التالية:
24827 -
5181 -(97/811)
3859 -
15823 -
9653 -
1734.
فإذا التزمت الأخت السائلة بالضوابط المذكورة هنا، وفي الفتاوى التي أحلنا عليها، فلا نرى مانعاً من عملها مراعاة لحالها مع انتفاء الضرر، لكننا ننبهها إلى أمر مهم ألا وهو أنه لا يجوز لها كشف وجهها أمام رجال أجانب، لأن الوجه هو مجمع محاسن المرأة ومعيار جمالها، وباب الفتنة بها، وقد نص العلماء على ذلك كما نقله ابن مفلح في الآداب عن ابن تيمية رحمهما الله، وراجعي ذلك في الفتوى رقم:
20352 - والفتوى رقم: 20556.
علماً بأن أحوال الناس تختلف باختلاف طبائعهم ومجتمعاتهم، وبناء على هذا الاختلاف تختلف الفتوى في حقهم أيضاً، وهذا أمر غير منكور في الشرع، كما بين ذلك العلماء. وتقدير المصلحة والمفسدة يعود إلى السائل نفسه في مثل السؤال الذي نحن بصدده، فإن وجدت السائلة في نفسها أو فيمن حولها فتنة بخروجها والتعامل معهم، فعليها بلزوم بيتها، وإن لم تجد ذلك بقي حكم عملها على الأصل الذي ذكرناه، وعلى وفق الضوابط التي بيناها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المساهمة في شركة تديرها امرأة ...
28971
السؤال
أنا مساهم في رأس مال إحدى الشركات التي تديرها امرأة وهي ترتدي الحجاب ولكنها تضع بعض المكياج، فهل أكون آثما؟(97/812)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن عمل المرأة في مكان تختلط فيه بالرجال وتحادثهم، منكر عظيم تترتب عليه كثير من الفتن والشهوات، ويتسبب في كثير من الزيغ والفساد، فلا يجوز تعيينها في وظيفة على الحال الذي ذكرناه.
وبناء على ما تقدم فإن كان السائل في موقع لا تخاذ القرار بالشركة ويمكنه تغيير هذا المنكر بفصل هذه المرأة عن هذه الوظيفة فإنه يجب عليه فعل ذلك وإلا كان آثماً، وإن كان السائل لا يستطيع أن يغير من الأمر شيئاً فإن الواجب عليه مناصحة من يستطيع إبعادها عن العمل والسعي في إقناعهم بذلك، فإن قام بواجب النصيحة فقد أدى ما عليه سواء استجابوا أم لم يستجيبوا، وإن لم يقم بمناصحتهم فهو آثم، وكذا يجب عليه مناصحة هذه المرأة بعدم جواز عملها في مثل هذا المكان لغير ضرورة، وكذا عدم جواز كشف وجهها، وإظهار زينتها للرجال.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن إدارة المرأة لهذه الشركة لا تأثير لها على المال المكتسب من هذه الشركة ما دام مجال عمل الشركة ضمن معاملات جائزة شرعاً، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم:
3859.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... ...
موقف الشرع من عمل في مكان يمنع الحجاب ...
29064
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(97/813)
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: أنا فتاة أعمل بإدارة حكومية لكفالة نفسي وأريد الالتزام بالزي الإسلامي الشرعي الذي هو ممنوع ويعد شبهة وتطرفاً ويمكن أن يعرض الفتاة العاملة بالسلك الحكومي إلى عديد التتبعات، فهل يمكنني الالتزام بالزي الشرعي دون تغطية رأسي في كامل أحوالي، نرجو إجابة واضحة؟ وجزاكم الله عنا كل خير والسلام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها، ونسأل الله لها التوفيق والثبات، وينبغي أن تعلمي أولاً أن عمل المرأة خارج بيتها لا بد أن ينضبط بالضوابط الشرعية، ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم:
3859.
وأما عن الحجاب الشرعي فإن الواجب على المرأة المسلمة أن تستر جميع بدنها، وقد اختلف أهل العلم في وجوب ستر الوجه والكفين ما لم تخش الفتنة، فإذا خشيت الفتنة وجب سترهما اتفاقاً، ولهذا لا يجوز للمسلمة أن تعمل في مكان يمنع الحجاب.
وإذا كانت المرأة تعمل في مكان يمنع فيه الحجاب الشرعي فإن استطاعت أن تستغني عنه فيجب عليها تركه.
أما إذا كانت مضطرة ولم تستطع الاستغناء عنه فإن عليها أن تتحجب حَسب الإمكان، وتستر ما استطاعت من بدنها، فإذا خرجت من العمل تحجبت الحجاب الشرعي، ومع ذلك فعليها أن تبحث دائمًا عن مخرج وبديل لهذا العمل، فإذا وجدت غيره تركته، ولتعتبر نفسها في حالة ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
قال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:173].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(97/814)
ــــــــــــــ
صاحب الخلق والدين لا يرد بدون مسوغ ...
29108
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 22عام أعمل مع والدي في شركته منذ 1996 كمحاسبة، والدي لا يريد إدخال الغرباء للعمل معه... وأقصاني من الدراسة أنا وشقيقتي للعمل معه... وقد قام بفسخ خطوبتي لأن الشاب الذي خطبني لا يريد من زوجته العمل... والدي يقول بأن الشركة في الأخيرهي لنا ويخاف أن يكون الشاب من المتدينين المتعصبين الذين يحبسون نساءهم في المنزل... بقيت مخطوبة لمدة 6 أشهر. أنا فتاة ملتزمة أنا وعائلتي وكانت علاقتي بخطيبي أكثر من محترمة... ما رأيكم في عمل المرأة في هذه الظروف، لا يوجد اختلاط مطلقا، لباس إسلامي بدون تغطية الوجه...؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم عمل المرأة وضوابطه وذلك في الفتوى رقم:
28006.
ونصيحتنا لوالد هذه السائلة ألا يحول بين ابنته وبين الزواج لهذا السبب الذي ورد ذكره في السؤال، إذ أن الواجب الحرص على صاحب الدين والخلق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد حسن.
ثم إن هذا الوالد بإمكانه أن يشترط على الزوج أن تبقى ابنته في العمل ما دام هذا العمل مباحاً، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:(97/815)
1357.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المرأة المتزوجة.. والإنفاق على أبويها ...
29342
السؤال
أسكن في أوربا والدولة تدفع مساعدة للأطفال وطلبت من زوجي أن يعطيني هذا المال حتى أساعد به والدي لأنه شيخ لا يستطيع العمل، وأعرف أن زوجي يرسل المال إلى أمه شهرياً كيف أستطيع المكث معه وأنا على علم أن عائلتي لا تجد شيئاً للأكل وراتب زوجي ستة آلاف شهرياً ويملك أربعة بيوت، وكنت أدخر من المال الذي يعطيني زوجي لنفقات أولادي وكنت أرسله إلى عائلتي فقد كنت أعمل في السابق وكان يأخذ مالي فلم أكن أقل له شيئاً أريد أن أعرف هل محرم علي أن أعمل الآن أم لا؟ إذا كان محرماً فكيف يمكن لشيخ كبير أن يجد طعاماً ليسد به جوعه، وكيف أقبل أن يرسل زوجي المال إلى أمه ولا يرسل إلى عائلتي لأني امرأة؟ آمل الإجابة بالعربية.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفقة واجبة على الزوج لزوجته غير الناشز، وأما أهلها فلا يلزمه النفقة عليهم، لكن ينبغي له أن يعاملهم بالبرِّ والإحسان والمعروف، وأن يقدمهم في صدقته ومعونته لمكان زوجته.
وأما المرأة فيجب عليها أن تبرَّ أبويها قبل زواجها وبعده، وأن تحسن إليهما، وإن احتاجا إلى نفقة وكانت ذات مال وجب عليها الإنفاق عليهما.(97/816)
وأما عمل المرأة إن احتاجت إليه ولم يكن عملاً محرماً أو اشتمل على محرم كاختلاط محرم وخلوة وتبرج ونحو ذلك، فلا بأس به إن كان بإذن الزوج؛ لأن الشرع جعل من حق الزوج على زوجته ألاَّ تخرج من بيته إلا بإذنه.
وما تحصلت عليه الزوجة من مال فهو لها تتصرف فيه كيف شاءت، ولا يحق للزوج الاستيلاء عليه، وإن أخذه بغير رضاها لزمه رده إليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة ...
29811
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
وبعد السلام عليكم: أنا شاب تزوجت حديثا من زوجتي التي تقطن بإحدى الدول الأوربية وبالفعل التحقت بها لكن الذي أريد السؤال عنه هو ان القانون في هذا البلد لم يسمح لي بالعمل لمدة محددة وزوجتي هي التي تعمل من أجل تسديد نفقات البيت خلال هذه المدة المحددة علما بأنها ترتدي لباسها الشرعي وتعمل في الحلال وأننا لا نملك أي دخل آخر لنعيش به خلال هذه المدة القصيرة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن عمل المرأة يكون داخل بيتها لأنه أصون لعرضها وألطف بحالها، وأن الرجل هو الذي يتولى القوامة عليها.
لكن إذا دعتها إلى العمل حاجة مثل ما ذكر السائل والتزمت في خروجها وعملها بالضوابط الشرعية التي ذكرناها في الفتوى رقم:
3859 فلا مانع حينئذ من العمل.(97/817)
وننبه السائل إلى أن السفر والإقامة في بلاد الكفر من الأمور المحرمة ما لم تدع إلى ذلك ضرورة، وانظر الفتوى رقم: 20063.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم العمل بمدرسة تمنع غطاء الوجه والكفين ...
29832
حكم العمل بمدرسة تمنع غطاء الوجه والكفين
تاريخ الفتوى : ... 07 محرم 1424 / 11-03-2003
السؤال
ما حكم عمل المرأة كمدرسة في مدرسة يديرها رجل ومعظم أعضاء هيئة التدريس فيها من الإناث أي يوجد بعض المدرسين في المدرسة مع العلم بأنه يمنع تغطية الوجه والكفين لكل من يريد أن يعمل في المدرسة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تعمل في مجال التعليم بشروط وهي:
1ـ ارتداء الحجاب المبينة صفته في الفتوى رقم: 6745، وعدم التطيب عند خروجها.
2ـ عدم الخلوة بمدير المدرسة إن كان رجلاً أو أحد المدرسين .
3ـ عدم محادثة الأجانب بغير حاجة، ولا بأس بها عند الحاجة بشرط عدم الخضوع بالقول.
4ـ أن تكون مدرسة لبنات لا لبنين؛ إلا إذا لم يتجاوزوا سن العاشرة، كما سبق في الفتوى رقم: 6993.(97/818)
وننبهك إلى أن الصحيح من أقوال العلماء أن الوجه والكفين عورة لا يجوز للمرأة كشفهما أمام الرجال الأجانب، كما سبق في الفتوى رقم: 5224.
وعليه؛ فلا يجوز لك الظهور أمام مدير المدرسة أو بعض المدرسين كاشفة الوجه والكفين ولو أدى ذلك إلى فصلك عن التدريس.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
حكم العمل بمدرسة تمنع غطاء الوجه والكفين
تاريخ الفتوى : ... 07 محرم 1424 / 11-03-2003
السؤال
ما حكم عمل المرأة كمدرسة في مدرسة يديرها رجل ومعظم أعضاء هيئة التدريس فيها من الإناث أي يوجد بعض المدرسين في المدرسة مع العلم بأنه يمنع تغطية الوجه والكفين لكل من يريد أن يعمل في المدرسة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تعمل في مجال التعليم بشروط وهي:
1ـ ارتداء الحجاب المبينة صفته في الفتوى رقم: 6745، وعدم التطيب عند خروجها.
2ـ عدم الخلوة بمدير المدرسة إن كان رجلاً أو أحد المدرسين .
3ـ عدم محادثة الأجانب بغير حاجة، ولا بأس بها عند الحاجة بشرط عدم الخضوع بالقول.
4ـ أن تكون مدرسة لبنات لا لبنين؛ إلا إذا لم يتجاوزوا سن العاشرة، كما سبق في الفتوى رقم: 6993.
وننبهك إلى أن الصحيح من أقوال العلماء أن الوجه والكفين عورة لا يجوز للمرأة كشفهما أمام الرجال الأجانب، كما سبق في الفتوى رقم: 5224.(97/819)
وعليه؛ فلا يجوز لك الظهور أمام مدير المدرسة أو بعض المدرسين كاشفة الوجه والكفين ولو أدى ذلك إلى فصلك عن التدريس.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حول دراسة المرأة وعملها في ديار الكفر ...
30079
حول دراسة المرأة وعملها في ديار الكفر
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
نحن نعيش في استراليا, وأختي تدرس وتأخذ معونة دراسة من الحكومه، وهي تريد أن تعمل وتدرس لكي تشتري ما تريد لأن النقود لا تكفي سوى الأكل والشرب والمواصلات، لكن لا تكفي لشراء كتب دراسيه وملابس ومستلزمات أخرى، أمي تعطيها ما تريد ولكن بعد إلحاح، وهي لديها وقت فراغ ويزداد فى الاجازة, وكل صواحبها يعملن، هى لم تجد شغلاً حلالاً، وأريد أن أعرف هل تستطيع أن تعمل فى سوبر ماركت حيث كل ما يباع حلال ما عدا لحم الخنزير، فهل العمل فى هذا المكان جائز بالنسبة لظروفها وهي فى سن مراهقه وأخاف عليها من الفراغ حيث لاحظت تغيراً في تصرفاتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بد أن نبين لكم أموراً لم تسألوا عنها وهي لا تقل أهمية عما سألتم عنه:
أولاً: أن الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا لضرورة أو حاجة ماسة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 2007.(97/820)
ثانياً: دراسة هذه البنت في مدارس البلاد لا تخلو من الوقوع في محظورات ومخاطر كثيرة منها الاختلاط المحرم الفاضح المنتشر في تلك المدارس، والمفضي غالباً إلى عقد الصداقات المحرمة وما تجر إليه من الوقوع فيما حرم الله تعالى، وخاصة لمن لم يكن محصناً بالإيمان القوي والعلم الشرعي مع توفيق الله تعالى.
ثالثاً: عمل المرأة لا يجوز إلا إذا كان مضبوطاً بالضوابط الشرعية، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5181، والفتوى رقم: 8528.
ولا شك أن العمل في السوبر ماركت لن تتوافر فيه تلك الضوابط.
وأخيراً نأتي إلى ما سألتم عنه فنقول: إن كان العمل يقتضي بيع تلك المواد المحرمة فإنه لا يجوز، وإن كان مقصوراً على بيع المباح فقط وخضع للضوابط السابقة جاز، والأولى والأسلم تركه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6397.
هذا مع مراعاة أن عمل المرأة في هذا المجال لا يمكن أن يضبط بالضوابط الشرعية، وخلاصة القول: إننا ننصحكم بمغادرة تلك البلاد والسعي إلى الإقامة وطلب العيش في بلد إسلامي.
وإن لم يمكن ذلك في الوقت الحاضر فانتبهوا لأنفسكم وحافظوا على دينكم الذي هو عصمة أمركم ومصدر سعادتكم في الدنيا والآخرة، ولا تلهينكم زهرة تلك الحياة المادية البحتة عن دينكم فتصرفكم عن المحافظة عليه والاعتصام به.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حديث خطبة الوداع - شرح وبيان ...
30509
حديث خطبة الوداع - شرح وبيان
تاريخ الفتوى : ... 05 صفر 1424 / 08-04-2003
السؤال(97/821)
ماهي مكانة المرأة فى الإسلام من حيث العمل وما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وما على المرأة من عمل مع التفسير؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت إجابات عن مكانة المرأة في الإسلام وهي بالفتاوى ذات الأرقام التالية: 16441، 15883، 5729، 3661، وسبق الجواب عن حكم عمل المرأة في الفتوى رقم:
9653، والفتوى رقم: 28006، والفتوى رقم: 27328.
وأما الحديث الذي فيه خطبة حجة الوداع فقد رواه النسائي وأبو داود وغيرهما مع اختلاف في بعض الألفاظ وأصله في الصحيحين ولفظ أبي داود من حديث عمرو بن الأحوص: أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، فذكر في الحديث قصة فقال: ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.
ولفظ الترمذي عن الصحابي نفسه: أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: أي يوم أحرم أي يوم أحرم أي يوم أحرم، قال: فقال الناس يوم الحج الأكبر يا رسول الله ، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا لا يجني جانٍ إلا على نفسه ولا يجني والد على ولده ولا ولد على والده، ألا إن المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه، ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون، ولا تظلمون غير ربا العباس بن(97/822)
عبد المطلب فإنه موضوع كله ألا وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وأول دم وضع من دماء الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل، ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: وهو حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد... ثم قال: قال القاضي: وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءاً كبيراً وخرج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعاً ولو تقصي لزيد على هذا القدر قريب منه. انتهى.
ونحن نبين بعض الألفاظ الغامضة باختصار وتصرف من تحفة الأحوذي: قوله "حجة الوداع" سميت بذلك إما لوداعه الناس أو الحرم في تلك الحجة، قوله "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم" أي تعرضكم لبعضكم في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، والعرض بالكسر موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه.
"حرام" أي محرم ممنوع "كحرمة يومكم هذا" يعني تعرض بعضكم لدماء بعض وأمواله وأعراضه في غير هذه الأيام كحرمة التعرض لها في هذا اليوم، "في بلدكم" أي مكة أو الحرم المحرم، وإنما شبهها في الحرمة بهذه الأشياء لأنهم كانوا لا يرون استباحة تلك الأشياء وانتهاك حرمتها.
"ألا لا يجني جانٍ إلا على نفسه" قال في النهاية الجناية الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة.(97/823)
والمعنى أنه لا يطالب بجنابة غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جناية لا يعاقب بها الآخر كقوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ،
"لا يجني جان على ولده ولا مولود على والده" يحتمل أن يكون المراد النهي عن الجناية عليه لاختصاصها بمزيد قبح وأن يكون المراد تأكيد لا يجني جان إلا على نفسه، فإن عادتهم جرت بأنهم يأخذون أقارب الشخص بجنايته، والحاصل أن هذا ظلم يؤدي إلى ظلم آخر، والأظهر أن هذا نفي فيوافق قوله تعالى:وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ، وإنما خص الولد والوالد لأنهما أقرب الأقارب فإذا لم يؤاخذا بفعله فغيرهما أولى.
وفي رواية لا يؤخذ الرجل بجريمة أبيه، "ألا وإن الشيطان" وهو إبليس الرئيس أو الجنس الخسيس، "قد أيس أن يطاع" في عبادة غير الله تعالى وقيل معناه أن الشيطان أيس أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادته، ويحتمل معنى آخر وهو أنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن المصلين من أمتي لا يجمعون بين الصلاة وعبادة الشيطان كما فعلته اليهود والنصارى، ولك أن تقول معنى الحديث أن الشيطان أيس من أن يتبدل دين الإسلام ويظهر الإشراك ويستمر ويصير الأمر كما كان من قبل، "في بلادكم هذه" أي مكة وما حولها من جزيرة العرب، "ولكن ستكون له طاعة فيما تحقرون" بتشديد القاف من التحقير وفي بعض النسخ تحتقرون، "من أعمالكم" أي دون الكفر من القتل والنهب ونحوهما من الكبائر وتحقير الصغائر، (فسيرضى) بصيغة المعلوم أي الشيطان (به) أي بالمحتقر حيث لم يحصل له الذنب الأكبر، ولهذا ترى المعاصي من الكذب والخيانة ونحوهما توجد كثيراً في المسلمين وقليلاً في الكافرين لأنه قد رضي من الكفار بالكفر فلا يوسوس لهم في الجزئيات، وحيث لا يرضى عن المسلمين بالكفر فيرميهم في المعاصي.
وروى عن علي رضي الله عنه الصلاة التي ليس لها وسوسة إنما هي صلاة اليهود والنصارى، قال الطيبي رحمه الله قوله فيما تحتقرون أي مما يتهجس في خواطركم وتتفوهون عن هناتكم وصغائر ذنوبكم فيؤدي ذلك إلى هيج الفتن والحروب كقوله(97/824)
صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد يئس من أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم.
"واستوصوا بالنساء خيراً" قال القاضي: الاستيصاء قبول الوصية والمعنى أوصيكم بهن خيراً فاقبلوا وصيتي فيهن.
"فإنما هن عوان" جمع عانية قال في القاموس العاني الأسير.
"إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" كالنشوز وسوء العشرة وعدم التعفف، "فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح" بتشديد الراء المكسورة بالحاء المهملة أي مجرح أو شديد شاق، "فلا يوطئن فرشكم من تكرهون" قال الطيبي: أي لا يأذن لأحد أن يدخل منازل الأزواج والنهي يتناول الرجال والنساء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
عمل المرأة كطبيبة نفسية - رؤية شرعية ...
30628
عمل المرأة كطبيبة نفسية - رؤية شرعية
تاريخ الفتوى : ... 10 صفر 1424 / 13-04-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة العمل كطبيبة نفسية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تعمل طبيبة نفسية إذا كانت لا تخالط الرجال، ولا تكون في مكان تخلو فيه برجل غير محرم لها، وإذا كانت تلتزم بالحجاب الشرعي عند خروجها من بيتها، ولا تخرج متطيبة، وانظري للتفصيل الفتوى رقم: 10631 والفتوى رقم: 8360والفتوى رقم: 4106(97/825)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
إذا أمنت الفتنة فلا مانع ...
31161
الفتوى : ... إذا أمنت الفتنة فلا مانع
تاريخ الفتوى : ... 21 صفر 1424 / 24-04-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حصل أني من قبل أكثر من سنتين أذنبت ذنباً مع شخص ولكني الحمد لله تبت منه ولا أريد العودة إليه وأنا الآن متزوجة وحصل الآن أني حصلت على وظيفة في نفس الوزارة التي يعمل بها الشخص الذي يعلم بذنبي الكل يشجعني على العمل هناك حتى زوجي ولكني أخشى أن يصادف أن ألتقي بهذا الشخص هناك فهل الإقبال على عمل ما أو الذهاب إلى مكان يوجد فيه أشخاص يعلمون بالذنب يمنع قبول التوبة؟ زوجي لا يعلم بموضوع ذنبي وأخشى أن يقل احترام زوجي أمام هذا الشخص إذا حدث وإن تقابلا فهل يصح لي رفض العمل؟.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في عمل المرأة الجواز، لعدم وجود نص شرعي يمنعها من ذلك، ولأن الحاجة تدعو إليه لرعاية شؤونها، وإن كان الأفضل أن تجلس في بيتها فهو خير لها، وأحفظ لأنوثتها، وأكرم لحشمتها، ويحرم على المرأة العمل في مكان تختلط فيه بالرجال الأجانب، لما يترتب على ذلك من الفتن والشرور في الغالب، إلا إذا اضطرت المرأة للعمل بسبب حاجتها للنفقة على نفسها وعلى من تعول، ولم يوجد من(97/826)
يقوم بهذا الأمر، فلا مانع والحالة كذلك أن تعمل بشرط تحاشي الاختلاط والخلوة وظهور شيء من بدنها قدر إمكانها، هذا هو الأصل.
أما بالنسبة لما سألت عنه الأخت الكريمة - نسأل الله أن يتوب عليها- فنقول: إذا كان العمل بالنسبة لك جائزاً بحسب الضوابط السابقة، فيبقى ترتب المفسدة الأخرى التي تتوقعينها ألا وهي المواجهة مع الشخص الذي ذكرته، وهذا الأمر ينبني جوازه ومنعه على توقع حصول الفتنة لك وله، فإذا كانت الفتنة مأمونة فلا مانع عندها من العمل، أما إذا كانت غير مأمونة فلا يجوز لك الإقبال على العمل الذي يستلزم الفتنة، حفاظاً على دينك ورعاية لإيمانك، ودرءاً للفتنة عن الناس، وراجعي الفتاوى ذات الأقام التالية: 19233، 24827، 20388، 3859.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في الأماكن البعيدة المختلطة لا يجوز إلا عند الاضطرار ...
31199
الفتوى : ... عمل المرأة في الأماكن البعيدة المختلطة لا يجوز إلا عند الاضطرار
تاريخ الفتوى : ... 24 صفر 1424 / 27-04-2003
السؤال
السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن اسأل عن حكم عمل المرأة في الأماكن البعيدة والتي يكون فيها اختلاط بالرجال من مسلمين وكفار علماً بأن الكثيرات منهن يتعذرن بأحوالهن المادية الصعبةالتي تجبرهن على العمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(97/827)
فذهاب المرأة للعمل في الأماكن البعيدة المختلطة لا يجوز إلا في حالة الاضطرار، بمعنى أن تكون المرأة مضطرة للعمل ضرورة حقيقية معتبرة شرعاً، بحيث لا يكون لها من يقوم عليها، ويوفر لها ضرورات الحياة، ولم تجد مكاناً آخر غير مختلط تعمل فيه، ولم تجد بدائل آخرى تغنيها عن عمل كهذا، ففي هذه الحالة يجوز لها العمل في مثل هذه الأمكنة مع الالتزام بالحجاب الشرعي وآداب الإسلام من غض البصر، وعدم اللين في القول، ونحو ذلك.
وإذا كانت هذه الأماكن بعيدة بحيث تسافر إليها سفراً، وجب عليها أن لا تسافر إلا مع ذي محرم، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها. رواه البخاري ومسلم.
وللفائدة تنظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3859، 1734، 18772.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في قاعة إنترنت خاصة بالبنات ...
31535
حكم عمل المرأة في قاعة إنترنت خاصة بالبنات
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1424 / 04-05-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أرجو أن تجيبوا على سؤالي في أقرب فرصة أنا عاملة في قاعت إنترنت في حي جامعي للبنات لكن المشكلة أن أغلب البنات يستعملن الإنترنت في أغراض غير شرعية كالاستماع للغناء الماجن وكذا الدردشات مع الرجال الأجانب وغيرها فسؤالي هو هل عملي هذا حلال أم حرام؟. وجزاكم الله ألف خير. وشكرا -z-
الفتوى(97/828)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان عملك يقتضي أن تقدمي المساعدة والإعانة لهؤلاء النسوة اللاتي يستخدمن الإنترنت في الحرام، فلا يحل لك العمل في هذا المقهى، وعليك تركه، لأن ذلك من الإعانة على الإثم، وقد نهى القرآن عن ذلك فقال الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]. وإن كان العمل لا يقتضي الإعانة ولا يتعلق تعلقاً مباشراً بالمنكر فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، ولكن يجب نصح هؤلاء البنات والإنكار عليهن بما تستطيعينه إذا لم يكتفين بالنصح، وبيان حكم الله تعالى. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تولي المرأة المناصب الصغرى والكبرى ...
32047
حكم تولي المرأة المناصب الصغرى والكبرى
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1424 / 14-05-2003
السؤال
ما حكم تقلد المرأة المناصب القيادية في العمل كمديرة ورئيسة ومسؤولة في بيئة عمل مختلطة؟ وهل يصح أن نستشهد بأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتاجر بأموال أم المؤمنين خديجة قبل البعثة ويلتزم بما تلزمه به باعتبارها صاحبة المال والتجارة على جواز ترؤس المرأة للرجل في العمل؟ وهل يصح أن نقول بعدم جواز عمل المرأة كرئيسة في مجالات العمل التي يعمل فيها رجال ونساء وإن مع عدم وجود خلوة كأن تلقي تعليماتها من خلال الهاتف أو وسائل التقنية الحديثة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المناصب القيادية والمسؤوليات الكبرى يجب أن تكون بيد الرجال الأكفاء.(97/829)
ولهذا أجمع العلماء على اشتراط الذكورة في الإمامة الكبرى فلا تصح ولاية امرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة رواه البخاري وغيره عن أبي بكرة رضي الله عنه.
وكذلك المناصب الكبرى -مثل القضاء- فمذهب الجمهور اشتراط الذكورة فيها.
قال الحافظ في الفتح: وقد اتفقوا على اشتراط الذكورة في القاضي إلا الحنفية واستثنوا الحدود، وأطلق ابن جرير.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد: قال الجمهور الذكورة شرط في صحة الحكم.
وقال أبو حنيفة: يجوز أن تكون المرأة قاضياً في الأموال.
وقال الطبري: يجوز أن تكون حاكماً على الإطلاق.
وقال الخليل المالكي في مختصره: أهل القضاء عدل ذكر.
قال صاحب منح الجليل عليش: فلا يصح تولية امرأة.
وعلى هذا، فلا يجوز تولي المرأة للمناصب الكبرى، وذلك لما يترتب عليها من مخالطة الرجال والخلوة وتحمل الأعباء الشاقة التي لا تلائم طبيعة المرأة.
أما المناصب الصغرى التي تستطيع المرأة تحملها وإدارتها بكفاءة، فلامانع من تقلدها -إن شاء الله تعالى- مثل: إدارة مستشفى أو مدرسة، فقد ولى عمر رضي الله الشفاء بنت عبد الله العدوية رضي الله عنها مهام الحسبة في سوق المدينة. ذكر ذلك الحافظ بن حجر في الإصابة في ترجمة الشفاء.
ولكن ذلك بشرط ألا تكون فيه خلوة أو اختلاط محرم.
وأما ما ذكره السائل الكريم من عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة فلا يصلح حجة، ولا يستشهد به في هذا الموضوع لسببين:
الأول: أنه حدث قبل البعثة.
والثاني: أن التجارة في أموال المرأة لا تعني أن تكون المرأة مسؤولة على الرجل.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 3935.
والله أعلم.(97/830)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم التخلص بجزء من الراتب على عمل محرم ...
32470
حكم التخلص بجزء من الراتب على عمل محرم
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الأول 1424 / 25-05-2003
السؤال
أختي مضيفة طيران ومن ضمن عملها توزيع الخمر هل راتبها حلال أم حرام؟ وماذا تفعل هل تطهر مالها قالوا لنا تخصم 10% من راتبها لكن ماذا تعمل به؟ شكراً على الإفادة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعمل المرأة مضيفة طيران حرام ومنكر، ويزداد تحريماً إذا تضمن توزيع المحرمات كالخمور ولحم الخنزير، وغير ذلك. وقد سبق بيان حكم عمل المرأة مضيفة في الفتوى رقم: 6693، وحكم توزيع الخمر في الفتوى رقم: 2230، والفتوى رقم: 3871. وعليه، فراتب هذه الوظيفة حرام، لأنه أجر على منفعة محرمة، ولا يغني عنها أن تخصم منه 10% أو أكثر أو أقل، وإنما يجب عليها ترك العمل فوراً. وأما ما استهلكت من هذه الأموال فعفا الله عنه، وما بقي عندها منه فتتخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير، فإن كانت فقيرة محتاجة أخذت منه قدر حاجتها، وما بقي تنفقه في أوجه الخير كما مرّ. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مكان تختلط فيه بالرجال من الأمور المحرمة ...
32685(97/831)
السؤال
أنا مخطوبة وأعمل سكرتيرة بشركة أجنبية وعملي فيه اختلاط بالرجال ولكني محتاجة للمرتب لكي أساعد والدي، وسوف أتزوج قريبا إن شاء الله ولكني أريد أن أعرف هل عملي بعد الزواج حرام أم حلال، علما بأن خطيبي لا يعمل ويعتمد على والدته ماديا، وإني أخاف أن تتأزم حالتنا بعد الزواج وأعتمد عليه وبالتالي على والدته فهل يعتبر عملي بعد الزواج حراماً أم حلالاً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عمل المرأة في مكان تختلط فيه بالرجال من الأمور المحرمة شرعا،وذلك لما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير الشرعية، اللهم إلا إذا كانت المرأة مضطرة للعمل بحيث لا تجد من يعولها ولم تجد مكانا سالما من الاختلاط، فإنها والحالة هذه يجوز لها العمل إذا توافرت بقية الشروط والضوابط الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 8528، والفتوى رقم: 3859. وبناء على هذا فلا نرى ضرورة لعمل هذه السائلة في هذا المكان المختلط قبل الزواج أو بعده، لأنها في كلتا الحالتين غير مضطرة للعمل. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مؤسسات أجنبية ...
32951
السؤال
العمل في مؤسسة تابعة لمؤسسات أجنبية مع أني محافظة على عادات وتقاليد البلد وملتزمة بالدين والشرع والحجاب؟
الفتوى(97/832)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كانت المرأة تحتاج إلى العمل والتزمت بالآداب الشرعية من التستر وعدم الخلوة والاختلاط وتجنب الزينة والطيب.... فلا حرج في عملها -إن شاء الله تعالى- إن كان مباحاً في أصله. والأصل أن تعمل المرأة في بيتها وفي المجالات التي تلائم طبيعتها، ولكن إذا اضطرت للعمل في المجالات الأخرى فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى- إذا التزمت بالشروط المذكورة، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم: 3859. وننبه السائلة الكريمة إلى أن المؤسسات الأجنبية يجب الحذر منها، فربما تكون مرتبطة بمؤسسات التنصير أو التهويد، أو غير ذلك من المنظمات المشبوهة التي تسعى لإفساد شباب المسلمين. فهذا النوع من المؤسسات لا يجوز العمل فيه ولا التعاون معه، لأن ذلك من باب التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول في محكم كتابه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تجب نفقة الأب على البنت إذا كانت موسرة وهو فقير ...
33090
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوجة وعندي أطفال أعمل وأرسل لوالدي ما ييسره الله لي وكذلك أخي الشقيق لحاجتهم مثل كل الصابرين في العراق فهل هذا يدخل ضمن الواجبات الشرعية أم تعتبر صدقات؟ وهل البنت ملزمة بوالديها مثل الولد أم لا؟ ولدي أخ غير شقيق وهو محتاج هل الله يحاسبني إن لم أكن قد ارسلت له مع تمكني سابقاً وليس الآن وكنت أقول بيتي أولى؟
أفيدوني أفادكم الله.(97/833)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت من أهل اليسار، وكان أبواك فقيرين أو أحدهم ا، فالواجب عليك في هذه الحالة الإنفاق، لأن ذلك يدخل ضمن حقوقهما في البر المطالب به شرعاً لهما، ولا فرق بين الذكر والأنثى في هذا.
قال في نصب الراية: ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد لأن لهما تاويلاً في مال الولد بالنص، وهي على الذكور والإناث بالسوية بينهما.
وانظر الفتوى رقم: 689 أما نفقة الأخ أو غيره من الأ قارب، فهي محل اختلاف بين العلماء، فمنهم من جعلها واجبة في حال العسر، وبه قال الح نفية والحنابلة.
قال في العناية: ولا تجب نفقة الأخ إلا على الموسر ، ولأن هذه قرابة توسطت بين بني الأعمام وقرابة الولاد.
وقال في فتح القدير: ونفقة الأخ المعسر على الأخوا ت المتفرقات الموسرات أخماساً على قدر الميراث.
بينما ذهب آخرون إلى عدم لزوم نفقة غير الأصول والف روع، وبه قال المالكية والشافعية.
قال في المدونة: ولا يلزم نفقة أخ ولا ذي قرابة ول ا ذي رحم محرم منه.
وقال الشافعي في الأم: أجبر الولد على نفقة الو الد، والوالد على نفقة الولد في الحين الذي لا غنى لواحد منهما عن صاحبه، ولم أجد م ن أجبر الأخ على نفقة أخيه.
ولاشك أن الأحوط هو الإنفاق على الأخ لكثرة القائلي ن به من أهل العلم، وبه ننصح السائلة، وذلك للخروج من الخلاف، وفي نهاية الجواب ننب ه السائلة إلى مراجعة حكم عمل المرأة في الفتوى رقم:
9653
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ(97/834)
حكم عمل المرأة سكرتيرة في مكان مختلط ...
33097
السؤال
أريد أن أعرف هل عمل المرأة كسكرتيرة حلال أم حرام، وإن كنت سأتزوج هل مكوثي فى المنزل أولى مع ملاحظة أني فى بداية حياتي أنا وزوجي وهو لا يعمل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه ل ا يجوز لك أن تعملي سكرتيرة في مكان تختلطين فيه بالرجال الأجانب، سواء كان ذلك قبل الزواج أو بعده، وذلك لما ينطوي عليه هذا الأمر من المفاسد، وانظري الفتوى رقم: 7550 والفتوى رقم: 16819 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ولوغ اللسان في الأعراض خطر ماحق ...
33278
السؤال
أنا أشتغل ولكنني ملتزمة بالأمور الدينية وبالزي الشرعي ولكنني تعرضت في هذه الفترة إلى مضايقات من الزملاء (يقولون علي كلام يخدش الحياء) والسؤال هو: ما الحكم في من يتفوه بهذه الأكاذيب وخصوصاً ممن يدعون الإسلام ظاهرياً أي يقومون بإعفاء اللحية ويتكلمون أمام الناس في الأمور الدينية؟ وشكراً، أتمنى أن تقدموا النصيحة لهؤلاء الناس.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا فتوى برقم:(97/835)
3859 ذكرنا فيها حكم عمل المرأة والضوابط التي يجوز بها، وأن من اضطرت لعمل تختلط فيه مع الرجال يجب عليها أن تقتصر في مخاطبتهم على الحاجة، ولا تلين لهم الكلام وتخضع فيه، هذا بالنسبة للمرأة.
أما الرجل فيجب عليه هو الآخر غض بصره عن المرأة وصون لسانه عن كل ما حرم الله تعالى من الكلام البذيء والغيبة والسخرية والكذب، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله تعالى وأن يتذكروا خطر اللسان وما يجر إلى من أطلقه غير مبالٍ من الويلات، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق. رواه البخاري.
وفيه أيضاً من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة... إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة المليئة بالتحذير من إطلاق اللسان، وبالوعيد الموجه للذين يطلقون لألسنتهم العنان في أعراض الناس وفي الكذب وغير ذلك، وخصوصاً إذا تعلق الأمر بأعراض المسلمات العفيفات فإن الأمر فيهن أشد وأشد.
والكذب والسخرية من الناس وولوغ اللسان في أعراضهم أمر خطير من كل إنسان، وتتأكد الخطورة ويعظم الإثم إذا صدر ذلك ممن يظن به الالتزام ومعرفة الحكم الشرعي إذ المفترض أن يكون قدوة للناس ومحل اعتبار عندهم، فإذا كان يصدر منه ما يخالف حاله ويناقض ما يعلمه كان ذلك ذنباً على ذنب، نسأل الله عز وجل أن يوفقنا للعمل الصالح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط عمل المرأة في مجال إنتاج البرامج الإعلامية ...
34217
السؤال(97/836)
أنا آنسة أعمل في مجال إنتاج برامج إعلامية، وعلى قدر من التدين، و في البداية لم أكن أرغب في العمل، و لكن والدي أجبرني على العمل، و بعد فترة من العمل بدأت أحب عملي وأخلص فيه وأترقى فيه لدرجة أنني لم أعد أستطيع أن أتركه لو أتيحت لي الفرصة. و الآن أتساءل هل عملي في هذا المجال حلال أم حرام؟ مع العلم أنني قد أستخرت الله قبل العمل، و أعلم حقوق الله في مالي. و لكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كنت تظهرين بصورتك في هذه البرامج، فقد سبق بيان أنه لا يجوز للمرأة العمل في وسائل إعلام مرئية، وذلك في الفتوى رقم: 3269 . أما إن كنت لا تظهرين بصورتك في هذه البرامج، وإنما تشاركين فيها بصوتك أو الإعداد أو نحو ذلك من وجوه المشاركة، فلابد من توافر ضوابط معينة لكي يكون عملك حلالاً، وهذه الضوابط هي: 1- أن يكون مجال هذه البرامج مباحاً ليس فيه دعوة أو ترويج للمحرمات بطريق مباشر أو غير مباشر. 2- أن يكون هذا العمل بين النساء خاصة، ليس فيه اختلاط بالرجال. 3- أن تلتزمي بالحجاب الشرعي، والاحتشام، والبعد عن التطيب عند الخروج من البيت، وكل ما يجلب افتتان الرجال بكِ. 4- إذا كنت تكلمين رجالا أو يسمع صوتك رجال، فيجب عدم ترقيق صوتك أو الخضوع بالقول، قال تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً[الأحزاب:32]. فإذا لم تتوفر هذه الضوابط كان عملك في هذا الحال عملاً محرماً، ومتى كان معتمدًا على ترويج المحرمات أو ترقيق الصوت أو التبرج، فالمال المأخوذ منه حرام أيضًا، يجب إنفاقه في مصالح المسلمين العامة وانظري لذلك الفتوى رقم: 3739 . وإن وجدت هذه الضوابط في عملك فهو جائز وإن كان الأولى بالمسلمة أن تقر في بيتها كما قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ[الأحزاب:33]. إلا أن تحتاج إلى المال فتعمل عملاً مباحا،ً والذي يظهر لنا، أن توافر الضوابط المذكورة في عملك لكي يكون مباحاً أمر بعيد المنال، ولهذا ننصحك بترك هذا العمل والاستعاضة(97/837)
عنه بعمل آخر - إن كنت في حاجة إلى المال - وإلا فالقرار في بيتك خير لك، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 522، والفتوى رقم: 755، والفتوى رقم: 1893 وأما كونك قد استخرت الله تعالى، فإن الاستخارة لا تشرع إلا فيما لا يتبين هل هو خير أو شر من الأمور، أما ما تبين أنه
شر لكونه معصية لله، فهذا لا تشرع استخارة الله في فعله والواجب المبادرة إلى امتثال أمر الله بالابتعاد عنه. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في مقهى إنترنت ...
34434
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أنا أعمل في محل الأنترنيت، وأكثرالزبائن رجال، مع أنه في بعض الأحيان ينظرون إلى المواقع غير المباحة والنظر إلى الصور القبيحة. فهل يجوز للمرأة مواصلة عملها في هذا المجال؟ وشكرا أريد الجواب في أقرب فرصة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن العمل في محل الإنترنت لا يجوز إلا إذا كان مضبوطًا بالضوابط الشرعية، فلا يجوز للمسلم أن يجعل محله وكرًا للفساد ووسيلة للاطلاع على ما حرم الله، ومكانًا يختلط فيه الرجال الأجانب بالنساء وتحصل فيه الخلوة المحرمة. وقد سبقت الإجابة على حكم فتح مقهى لشبكة المعلومات (الإنترنت) في الفتوى رقم: 3024، نحيل إليها السائلة الكريمة. وأما عن عمل المرأة في هذه المحلات أو غيرها فنحيل السائلة الكريمة إلى جوابه في الفتوى رقم: 5181. وبخصوص استمرارها في هذا العمل الذي فيه هذه المخالفات الشرعية فإنه لا يجوز لها ذلك؛ إلا إذا غيرت هذا المنكر وسيطرت على محلها بالفعل(97/838)
وضبطت أموره بالضوابط الشرعية الواردة في الفتوى رقم: 3024. وهي باختصار: - عدم الاطلاع على المناظر المحرمة. - وعدم الاختلاط والخلوة بين الرجال والنساء الأجنبيات. - وعدم تضييع أوقات الصلاة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يشترط لمكان صلاة المرأة أن يكون مستورًا ...
34822
السؤال
فتاة تعمل وتصلي الظهر والعصر في البيت، وذلك لأن مكان العمل لا يوجد به مكان شرعي (مستور) للصلاة أو مكان مخصص للنساء للصلاة، فهل يجوز ذلك؟؟ أفيدونا أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبقت ضوابط عمل المرأة في الفتوى رقم: 3859. والمرأة أثناء عملها إذا دخل عليها وقت الصلاة تجب عليها المبادرة بالصلاة قبل خروج الوقت، ولا يجوز لها أن تجمع الصلاة مع الأخرى لا تقديمًا ولا تأخيرًا إلا لعذر شرعي يبيح ذلك ولا عذر هنا، إذ لا يشترط لمكان صلاة المرأة أن يكون مستورًا أو مخصصًا للصلاة، وإنما يشترط أن يكون مكانًا طاهرًا. والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ~وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل.~~ متفق عليه. ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ضوابط جواز بيع مستحضرات التجميل ...
35007(97/839)
السؤال
هل العمل كمندوبة مبيعات لشركة مستحضرات التجميل(ايفون وغيرها من شركات مستحضرات التجميل الأخرى) حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالأصل هو جواز بيع مستحضرات التجميل، إلا أنه يحرم بيعها لمن علم أنها تستخدمه على وجه محرم كالتبرج والتزين به أمام الرجال الأجانب. وإذا كان الغالب في مجتمع هو استعمال هذه المستحضرات على وجه محرّم، فإنه لا يجوز بيعها إلا لمن عُلم أنها تستعملها استعمالاً مباحًا، بأن لا تتزين بها لأجنبي عنها. ويشترط في هذه المستحضرات ألا تكون مختلطة بشحم خنزير أو غيره من النجاسات، وألا يكون فيها ما تحقق أو غلب على الظن ضرره، وألا تكون على أغلفتها صور لنساء كاشفات عن مفاتنهنَّ وزينتهنَّ. وينبغي التنبه إلى أن عمل المرأة جائز إذا انضبط بالضوابط الشرعية، ومنها: البعد عن الاختلاط على الوجه الذي هو عليه الآن. وارتداء الحجاب الكامل، وعدم السفر إلا مع محرم. وتنظر في ذلك الفتوى رقم: 8528 والفتوى رقم: 9708. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة حكما في رياضة نسائية. ...
35111
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخت فاضلة تسأل عن حكم عملها كحَكم للكرة النسائية ... ما حكم الشرع في ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
الفتوى(97/840)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام عن ممارسة المرأة للرياضة وضوابط جواز ذلك، وذلك في الفتاوى التالية: 19381، 11213، 13706. وعمل المرأة كحَكَم في رياضة نسائية راجع لحكم نفس الرياضة، فإذا كانت هذه الرياضة منضبطة بالضوابط الشرعية جاز للمرأة أن تكون حكمًا فيها، وإذا لم تنضبط لم يجز. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة وزوجها كاره لذلك. ...
35203
السؤال
متزوج بزوجة ثانية ولم تنجب، عند إرجاع زوجتي الأولى ومعها بنتان, طلبت زوجتي الثانية الرجوع إلى العمل وأنا كاره لذلك، علما بأنني طبيب دخلي جيد، وكل زوجة تسكن منفردة, فما حكم عمل زوجتي بالإدارة. جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز للمرأة أن تعمل إلا بإذن زوجها وله منعها من العمل إن شاء، وعليها طاعته في ذلك ما لم تكن قد اشترطت عليه ذلك في العقد. ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 29173. وكذا ما أحلنا عليه فيها من الفتاوى. ونشير إلى أن المرأة لا يجوز لها العمل وإن أذن لها زوجها إذا كان العمل يشتمل على محذور شرعي من تبرج أو اختلاط محرم، أو كان نفس العمل فيه حرام أو إعانة على الحرام، أو غير ذلك من المحاذير الشرعية. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة في بلدها هو الحل ...(97/841)
35289
السؤال
أنا فتاة كنت أدرس في الخارج، ووجدت فرصة عمل هناك، وأنا متغربة عن بلدي، والدي توفي، وأريد أن آتي بوالدتي لكي تعيش معي، إخوتي متزوجون ويصرفون على أنفسهم وأولادهم وفي مشاكلهم،، ماذا أفعل؟ لأنني أعمل وأتكفل بمصروفات نفسي ووالدتي، هل أرجع إلى بلدي؟ علماً بأنه لا يوجد من يصرف علي، وقد تقدم لخطبتي رجل ولكنني مترددة أفتوني يرحمكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز للمسلم فضلاً عن المسلمة الإقامة في بلاد الكفار إلاَّ للضرورة. وقد بيَّنَّا ذلك بدليله في الفتوى رقم: 2007 فليرجع إليها. وعلى الأخت السائلة أن ترجع إلى بلدها، فإن احتاجت إلى العمل فلتبحث عن عمل يتناسب مع المرأة شرعًا وطبعًا، وتعمل فيه. وعليها أن تؤمن بأن من توكل على الله كفاه فهو القائل سبحانه: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[الطلاق:3]، والقائل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[الطلاق:2، 3]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة معدة برامج في التلفزيون بين الحل والحرمة ...
35642
السؤال
أعمل في التلفزيون معدة برامج، هل عملي حرام؟ وما هو الحل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالحكم على عملك يتوقف على معرفة نوع البرامج التي تُعدينها وما يرافق ذلك، فإن كانت برامج(97/842)
هادفة لا تشتمل على محرم في مادتها، أو ما يصاحبها من المحرمات كالموسيقى، ولم يكن في عملك محذور شرعي آخر مثل الخلوة بالرجال أو الاختلاط بهم، فحينئذ نرى جواز عملك معدة برامج في التلفاز. وإن اشتمل العمل على شيء من المحرمات والمحاذير الشرعية فلا يجوز لك العمل، ولما كان الغالب من حال برامج التلفاز أن لا تخلو من محرم، وغالبًا ما تتعرض المرأة لما لا ينبغي في حقها من الحشمة ونحو ذلك، فنرى أن تغلقي هذا الباب، وأن تسعي لكسب رزقك من الحلال الطيب الذي لا حرمة فيه ولا شبهة. وكوني على ثقة أنك إذا تركت هذا العمل ابتغاء مرضاة الله واحتسبت الأجر عند الله، فإن الله سيعوضك خيرًا منه لوعده سبحانه وتعالى بذلك، حيث يقول في الآيتين (2، 3) من سورة الطلاق: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وراجعي الفتوى رقم: 3269. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة جائز إذا لم تكن هناك مفسدة ...
36749
السؤال
أنا امرأتي دكتورة وتضطر بصفة عملها إلى المبيت خارج المنزل . السؤال: هو أنا منعتها من المبيت خارج المنزل أو الطلاق؟ ما حكمكم في الكلام الذي بدر مني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعمل المرأة جائز إذا لم تكن هناك مفسدة أو محرم، كالاختلاط أو التبرج والسفور، أو الخلوة برجل أجنبي، ولم يكن عملها مُخِلاًّ بواجباتها نحو زوجها وأولادها. فإذا وُجِدَ شيء من ذلك فلا يجوز لها العمل. وعمل المرأة كدكتورة في المستشفى والمبيت ليلاً في المستشفى لا يخلو غالبًا من خلوة بدكتور مُنَاوب في المستشفى. فعلى هذا لك الحق أن(97/843)
تمنعها من هذا العمل إذا كنت قائمًا بما يجب عليك من النفقة، وننصح هذه المرأة أن تتقي الله سبحانه وتعالى، وأن تطيع زوجها، وأن لا تقدِّم عملها على بيتها، فيكون عملها سببًا في تشتيت هذا البيت. كما ننصح الزوج كذلك بالإحسان إليها، وعدم منعها من عملها إذا لم يكن هناك محظور شرعي، وكان المجتمع محتاجًا لخدماتها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وللفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم: 20667 ، حول موضوع عمل المرأة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
متى يحق للزوجة أن تعمل ...
36974
السؤال
أنا رجل متزوج وامرأتي موظفة وأنا كذلك وأنا أقدر أصرف على البيت وقلت لامرأتي أتركي الوظيفة لكنها لم تتركها وأخوها يقول لن تتركها، فهل من حقي أن أطالبها بأن تترك الوظيفة أم لا؟ وهل من حقي إذا لم تتركها أن أطالب بالمهر كي أطلقها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن يكون عمل المرأة في بيتها حتى تحسن إدارته وتدبيره وتربي أولادها وتحسن التبعل لزوجها، ولكن لا مانع أن تمارس عملاً يتناسب مع طبيعتها وفق الضوابط الشرعية، ومع ذلك تبقى طاعة زوجها بالمعروف من أهم الواجبات عليها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الترمذي.(97/844)
ولكن إذا كانت الزوجة قد اشترطت على زوجها الاستمرار في عملها، فلا يحق له أن يجبرها على ترك العمل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم؛ إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي.
وإذا كانت الزوجة لا ترغب في البقاء مع زوجها، فله الحق أن يطالبها بما دفع لها من المهر أو أكثر أو أقل حسبما يتفقان عليه ليطلقها، وهو المعروف عند أهل العلم بالخلع، وفيه يقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229].
والحاصل أن طاعة الزوج واجبة في المعروف، ولا يجوز للمرأة أن تخرج من بيته إلا بإذنه؛ إلا إذا كانت قد اشترطت ذلك عليه، فالمسلمون على شروطهم، وأن الخلع جائز شرعاً، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل في الفتوى رقم: 4554، الفتوى رقم: 10590.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة بهذه الصفة محرم لعدة أمور ...
37119
السؤال
زوجتي تشتغل عند رجل هولندي غير متزوج وغير مسلم وفي بعض الأحيان تشرب معه الشاي وأنا لا أريد ذلك ولكن زوجتي ترفض ترك العمل ماذا تقول الشريعة في هذا الموضوع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عمل المرأة قد أباحه العلماء بضوابط يمكنك أن تراجعها في الفتوى رقم: 28006. وبناء على ذلك، فالذي نقوله في عمل زوجتك هذه هو أنه حرام من عدة أوجه: الأول: أنه(97/845)
يحملها على الاختلاط برجل أجنبي، وإذ ذكرت أنه كافر فذلك آكد في الإثم. الثاني: أنها تشرب معه الشاي مما يدل على الخلوة أو على نوع من التقارب النفسي ولا يُدرى ما يكون مع ذلك. الثالث: أنك لا تقبل عملها معه كما ذكرت، وقبولك العمل لها شرط في إباحته. الرابع: أنها تخرج من البيت بغير إذنك، وذلك يعد نشوزاً. وربما تكون ثمة أوجه أخرى للتحريم لم نطلع عليها، ولكن هذا يكفي. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
رؤية الأجنبي للمرأة ليس عذرا لها في ترك القيام ...
37181
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم إنى أصلي صلاة الظهر والعصر وأكون راكعة، وهذا لطبيعة عملي فإني لو صليت وأنا واقفة سيشاهدني الرجال، فما رأيكم فى هذا؟ والسلام عليكم ورحمة الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد بينا في الفتوى رقم: 14234، أن القيام ركن من أركان الصلاة لا يسقط إلا عند العجز عنه، وأن رؤية الرجال الأجانب للمرأة حال صلاتها ليست عذراً في تركها القيام، فلتراجع تلك الفتوى. والأحوط لهذه السائلة أن تعيد تلك الصلوات التي صلتها وهي جالسة لذلك العذر. وأما عمل المرأة فقد بينا ضوابطه في الفتوى رقم: 5181، فلتراجع. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في وظيفة مختلطة ...
37294(97/846)
السؤال
أنا فتاة أعمل بوظيفة مختلطة، وأحاول أن أتجنب الحديث مع الرجال.وإذا اقتضى الأمر أن أتعامل مع رجل أحاول أن أكون في منتهى الجدية راتبي ممتاز و لدي تأمين صحي مميز وأنا أساعد زوجي في مصروف البيت.عقد عملي سينتهي قريباً.هل يجوز لي أن أجدد عقدي في العمل بسبب الميزات التي ذكرتها أم علي أن أتركه لأنه مختلط وأبحث عن عمل آخر لا يحقق لي الميزات المتوفرة في عملي الحالي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن العلماء قد أباحوا للمرأة العمل، لكن بضوابط يلزم أن تأخذ بها، وأول تلك الضوابط: عدم الاختلاط بالرجال، إلا إذا لم تجد فرصة عمل أخرى وكانت محتاجة، وانظري الفتوى رقم: 3859. وبناء على ذلك، فإنه يلزمك ترك هذا العمل والبحث عن بديل له يجنبك الاختلاط، وعسى أن يجعل الله فيه من الخير والبركة ما يسد مسد الميزات التي كانت تتوفر لك، فإنه "من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من ضوابط عمل المرأة ...
38475
السؤال
ما حكم الإسلام في عمل المرأة الذي يقتضي جلوس المرأة مع العميل وشرح طبيعة مشروع الشركة للعميل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أباح الإسلام عمل المرأة وفقاً لضوابط سبق أن بيناها في الفتوى رقم: 28006. ومن ذلك(97/847)
عدم اختلاطها بالرجال على وجه تترتب عليه فتنة، وعلى هذا فإن كان هذا العمل موافقاً لهذه الضوابط المذكورة، فلا حرج إن شاء الله في أن تعمل المرأة فيه، وإلا فلا يجوز لها العمل، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3859. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من لم يستطع أداء الصلوات في أوقاتها ...
38606
السؤال
أنا أعمل في شركة ولكن لدي مشكلة كبيرة جدا أتعبتني، وهي أن صلاة الظهر والعصر تفوتني ولا أجد أي مكان للصلاة، وأيضاً سيدخل علينا رمضان والمغرب وقت العمل، وقيل لي إنك يمكن أن تجمعي لكن أنا لست مقتنعة، وللعلم لا بد من أن أشتغل لأن الظروف لا تحتمل عمل الزوج وحده، وأرجوكم ردواً علي بسرعة وأعطوني فتوى، ورجاء أخير: أرجو عدم ذكر الاسم؟ والشكر الجزيل لله ثم لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالواجب عليك أن تؤدي الصلوات في وقتها، سواء كنت في بيتك أو عملك، ولا يتصور خلو مكان العمل من موضع تؤدي فيه الصلاة، وعلى كل فإذا كنت مضطرة ضرورة فعلية إلى هذا العمل، ولا يمكنك أن تصلي الصلوات في أوقاتها، ففي مثل هذه الحال يباح لك الجمع بين الصلاتين المشتركتي الوقت، كالظهر والعصر أو المغرب والعشاء. ذلك أن خوف الشخص من تضرر معيشة يحتاجها بترك الجميع يبيح له الجمع، وقد سبقت أعذار الجمع مفصلة في الفتوى رقم: 6846 فتراجع. كما ننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 4724 بخصوص عمل المرأة. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/848)
شروط جواز عمل المرأة بطب الأسنان ...
38744
السؤال
ما حكم عمل المرأة في مجال طب الأسنان؟ وهل يحرم عليها علاج الرجال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمل المرأة في مجال طب الأسنان مباح، بشرط السلامة من الاختلاط بالرجال الأجانب، والبعد عن التبرج، لأن الله تعالى نهى عنه في قوله تعالى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33].
وكذلك مع الابتعاد عن الخضوع بالقول، لقوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب: 32].
أما مداواتها للرجال، فلا تجوز مع وجود رجل يمكنه القيام بذلك، فإن تعين ذلك بحصول ضرورة ملجئة إليه، كان مباحا.
قال البجيرمي في تحفة الحبيب: ويشترط عدم رجل يمكنه تعاطي ذلك في رجل، أي إذا كان المداوَى رجلاً والمداوي امرأة يشترط عدم رجل يداويه. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
قراءة المرأة القرآن بحضرة الأجانب ...
40163
السؤال
أنا امرأة عاملة، وفي مكان عملي يوجد معي رجال في نفس المكتب، فهل يجوز لي أن أقرأ القرآن في عملي، وهل وضع الحجاب شرط في قراءة القرآن في هذه الحالة؟
الفتوى(97/849)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عمل المرأة مع الرجال في مكتب واحدٍ لا يجوز، لما في ذلك من الاختلاط والفتنة ومظنة حصول الخلوة، فالواجب الحذر من ذلك. والواجب أيضاً على المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها أن تكون ملتزمة باللباس الشرعي، ولا يجوز لها أن تخرج متبرجة متعطرة، فإن هذا من كبائر الذنوب. وقول السائلة: "فهل يجوز لي أن أقرأ القرآن في عملي" فقد سبق لنا فتوى في حكم قراءة المرأة للقرآن بحضرة الرجال الأجانب، فنحيل السائلة إليها، وهي برقم: 12292، والفتوى رقم: 24898. ونقول أيضاً إذا كانت قراءتك للقرآن تخل بعملك، فإن الواجب الالتزام بالعمل وعدم الإخلال به، ويمكنك أن تقرئي القرآن في بيتك. وقول السائلة "وهل وضع الحجاب بشرط في.." إلخ، فالجواب أنه يجب عليك وضع الحجاب في عملك، سواء قرأت القرآن أو لم تقرئيه، لأنك بين رجال أجانب عنك، فالواجب عليك التستر، وأما إذا كنت في البيت وأردت أن تقرئي القرآن فلا يجب عليك وضع الحجاب، وانظري الفتوى رقم: 2379. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في مجال الإعلام ...
40290
السؤال
أعمل في ميدان الإعلام وبالضبط في التيلفزيون كمحررة أخبار فما حكم الشرع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالأصل في عمل المرأة الجواز إذا أمنت الفتنة وكان العمل مباحاً، كما بيناه بضوابطه في الفتاوى ذات الأقارم التالية: 19233، 28006، 31161. والعمل في مجال الإعلام شائك وخطير، إلا من أخذه بحقه وأدى حق الله فيه، فإنه يكون له عوناً في معاشه ويوم(97/850)
معاده، وقد بينا ضوابط العمل في مجال الإعلام بالنسبة للمرأة وغيرها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11401، 18337، 34217. فإذا التزمت الأخت السائلة بالضوابط المذكورة جاز لها العمل، وإن كنا نرى أن الأفضل لها المكث في بيتها إذا لم تكن في حاجة إلى العمل. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المسلمة تحرص على اللباس الذي يبرئ ذمتها أمام الله ...
41746
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. أختي تلبس البنطلون مع غطاء الرأس، فحاولت نصحها بلباس الجيبة وكان المفترض مني نصحها بلبس عباءة أو جلباب، لكني أخطأت التعبير، فكان ردها أنها إذا لبست جيبة انكشفت عورتها إن ركبت وسائل المواصلات العامة أو صعدت سلما لتحضر أدوية موجودة في الرف العلوي في الصيدلية التي تعمل فيها، فما الحكم؟ والسلام.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعلى الأخ السائل أن يأمر أخته بتقوى الله ، والخوف من عقابه إن هي فرطت في أمر ربها، وخالفت شرع نبيها، والواجب عليها أن تبحث عن اللباس الذي يبرئ ذمتها أمام الله، ويكون عونا لها على طاعته، ولا يتم لها ذلك إلا بلباس لا يصف حجم أعضائها، ولا يشف عن بشرتها، وأما البنطلون للمرأة فلا يجوز، لما فيه من محاذير بيناها في الفتويين ذاتي الرقمين الآتيين: 31312، 5521. ولمعرفة بعض ضوابط عمل المرأة تراجع الفتوى رقم: 522. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(97/851)
عمل المرأة في حالة بخل الزوج ...
41959
السؤال
لي صديقة لها ثلاثة أبناء متزوجة وتعمل وتسأل: هل يحق للمرأة العمل في حالة بخل الزوج عليها وعلى أولادها وشكرا لسيادتكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا حرج على المرأة في العمل إذا أذن لها زوجها، بشرط أن تلتزم بالضوابط الشرعية التي بيناها في الفتوى رقم: 24827، ولزوجها منعها من العمل، ولكن لو قتر عليها في شيء من النفقة، فلها مطالبته بذلك ورفعه للقضاء ليلزمه بما يجب عليه لها ولأولادها، ولها أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ولمزيد من الفائدة، راجعي الفتوى رقم: 15500. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مفهوم بعض الآيات يدل على جواز عمل المرأة بضوابطه ...
42044
السؤال
هل هناك آية في القرآن تنص على أن عمل المرأة حلال أو حرام؟ وما هي إن وجدت ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم آية من القرآن تنص على أن عمل المرأة حلال أو حرام، إلا أنه يؤخذ الحكم من مفهوم بعض الآيات، من مثل قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع ابنتي الرجل الصالح .. قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير.(97/852)
حيث إنهما كانتا تعملان برعي الأغنام والسقي، والسبب في ذلك أن أباهما رجل كبير لا يقوى على ذلك، وهذا مبني على الصحيح من أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخه، ولم يرد لهذا ناسخ، وبالتالي فيؤخذ منه أن المرأة إذا كانت محتاجة إلى العمل فلا حرج في ذلك، وكذلك إذا احتاج إليها المجتمع المسلم في مجال لا يصلح أن يقوم به غيرها، مع مراعاة الضوابط الشرعية، كالالتزام باللباس الشرعي وعدم الاختلاط ونحو ذلك.
ثم إننا نلفت نظر السائل إلى أن الحكم الشرعي يؤخذ أيضاً من السنة النبوية والإجماع والقياس الصحيح، وليس مقتصراً على القرآن الكريم فقط.
ولمزيد الفائدة حول موضوع عمل المرأة نحيل السائل إلى الفتاوى التالية: 3859/ 5181/ 5352/ 8528
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
راتب الزوجة حق لها ...
42518
السؤال
لقد سمعت أن المرأة أي الزوجة حرة في ما تتقاضاه من راتب شهري، وأن على الزوج إعطاءها نصف ما يتقاضاه هو أيضا، فأنا لا أريد شيئا منه، فقط أريد أن أكون حرة فيما أكسبه أريد أن أساعد أهلي شهريا، فالآن أمي هي الوحيدة التي تعمل وتصرف على 3 أخوات وأبي، و[العيشة صعبة] هل لي حق التصرف في هذا الأمر حتى ولو زوجي لن يوافق؟ فهل هذا حلال أم حرام؟ علما بأن حالتنا ممتازة، أفيدوني أفادكم الله.
الفتوى(97/853)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن ما تتقاضاه الزوجة من راتب شهري هو حق لها، ولها حق التملك والتصرف فيه في أوجه الحلال كتجارة وغيرها، ولها أن تنفق منه على أهلها، وليس من حق الزوج أن يتسلط على مالها أو يأخذه منها إلا بطيب نفس منها. ونلفت نظر السائلة إلى أنه من حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل، ولا يجوز لها أن تخرج للعمل ولا لغيره دون إذنه، إلا إذا كان معسرا أو امتنع عن النفقة عليها، فإنها حينئذ يجوز لها الخروج للعمل بدون إذنه، وانظري الفتوى رقم: 19680. وقول السائلة: "إن على الزوج إعطاءها نصف ما يتقاضاه هو أيضا" هذا غير صحيح. فلا يجب على الزوج أن يعطي زوجته نصف راتبه، وإنما على الزوج نفقة زوجته بالمعروف في المسكن والمأكل والمشرب والملبس على حسب حال الزوج. وينبغي على الزوجين أن تكون حياتهما مبنية على التسامح وعدم التدقيق في طلب الحقوق والواجبات، فإن هذا قد يزرع العداوة بينهما، وعلى كل منهما أن يقوم بما عليه تجاه الآخر من تلقاء نفسه. وينبغي أن تعلمي أن عمل المرأة أمر مباح، ما لم يفض ذلك إلى أمر محرم كالاختلاط والتبرج ونحو ذلك، وقرارها في بيتها خير لها، لا سيما في مثل تلك البلاد الكافرة، التي كثر فيها الفساد وقل الحياء ، وانظري الفتوى رقم:9708، 9653. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المحاسب في شركة سياحية ...
42821
السؤال
أنا أعمل محاسبة في شركة سياحة، والشركة تقوم بجلب الأجانب وتسكينهم في مصر، والسؤال: هل هذا العمل حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى(97/854)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الغالب على عمل شركات السياحة أن يشتمل على مخالفات شرعية، لما تقدمه من تسهيلات في مجال الاختلاط بين الجنسين وتناول الخمور، وغير ذلك من المحرمات. وعلى العموم فإن كانت هذه الشركة خالية من محظور شرعي -وهو أمر غير متوقع- فلا مانع من عملك فيها، لكن تلزمك مراجعة ضوابط عمل المرأة التي قدمناها في الفتوى رقم: 37222. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم خلع الحجاب في مكان العمل حيث يمنع منه ...
42982
السؤال
أنا فتاة في 23 سنة مسلمة طبعا وأبواي كذلك، لست متحجبة هذه هي مشكلة حياتي، أريد أن أتحجب ولكن عملي يمنع ذلك ووالداي غير معترضين، وأنا أضع الحجاب خارج أوقات العمل هل هذا تلاعب بالدين؟ وماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً من عمل المرأة إذا توافرت الضوابط الشرعية المبينة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5181، 8360، 3859.
وعليه؛ فنقول لهذه الأخت الكريمة: إن كان محل العمل الذي تعملين فيه يراك فيه أجنبي، فالواجب عليك هو الالتزام بالضوابط المذكورة بما فيها لبس الحجاب وإن كانت جهة العمل لا تسمح لك بذلك فلا يجوز لك البقاء معهم على هذه المعصية إلا إذا كنت مضطرة للعمل، بحيث لا تجدين من ينفق عليك، فإنه والحالة هذه يجوز العمل معهم لهذه الضرورة، ومتى زالت عاد الحكم إلى التحريم.(97/855)
أما إن كان محل العمل ليس فيه اختلاط بين الرجال والنساء، وإنما هو مقصور على النساء فقط، فلا حرج عليك في خلع الحجاب حال جلوسك معهن، ولمعرفة عورة المرأة مع المرأة انظري الفتوى رقم: 284.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة في المجال العسكري ...
42987
السؤال
هل تعتبر الفتاة العسكرية متشبهة بالرجال
الفتوى
الحمد والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فمجرد عمل المرأة في المجال العسكري لا يُعد تشبها بالرجال، بشرط أن تلتزم المرأة بالحجاب الشرعي، وألا تختلط بالرجال الاختلاط المعهود الآن، وألا تلبس ثيابا يختص بها الرجال دون النساء، مع الحذر من الخلوة المحرمة، والتبرج، قال تعالى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33] وقال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور: 31].
وفي الحديث: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه أحمد ، وأصل الحديث في البخاري ، وراجع الفتوى رقم:31312.
ولمعرفة حكم عمل المرأة، راجعي الفتويين رقم: 19233، ورقم: 28006.
وللفائدة، راجعي الفتويين رقم: 18138، ورقم:34804.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(97/856)
ــــــــــــــ
استعمال المراة آلة الملقاة للعرائس ...
43421
السؤال
أريد أن أستفسرعن مشروعية مهنتي التي تتمثل في حلاقة تجميل، مع العلم بكوني متحجبة وأريد أن أسال هل أن ممارسة مهنتي حلال أم حرام وهل أستطيع استعمال آلة الملقاة للعرائس التي تتركز عليها مهنتي أم هذا حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم عمل المرأة في مهنة الكوافيرة، فقد سبق أن ذكرنا شروط جواز العمل في هذه المهنة في الفتوى رقم: 35723.
وأما بخصوص الآلة المذكورة في السؤال، والتي ذكرت السائلة أن مهنتها ترتكز عليها، فلم يظهر لنا ما المقصود بها، ولكن إذا كان المقصود هو الملقاط الذي يستعمل في نتف الشعر من الجسم، فتراجع في حكم إزالة الشعر الفتاوى رقم: 10441و1926و21876و113، فما كان منه ممنوعاً لم تجز المعاونة عليه، وفي الحديث: لعن الله النامصة والمتنمصة. رواه البخاري ومسلم، والنامصة هي التي تزيل أو ترقق شعر الحاجبين، والمتنمصة هي التي تطلب من يفعل بها ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تنفق على بيتها وزوجها لا يضطلع بمسؤولياته ...
44103
السؤال(97/857)
أنا أعيش في دولة غربية, تزوجت رجلا من بلدي وجاء ليعيش معي. وهو لا يعمل و يجلس في البيت أو يخرج مع أصحابه. طلبت منه أن يبحث عن عمل و هو يرفض و يتحجج بأعذار واهية أو يبحث عن أعمال لن يقبل بها. لدرجة أنه يذهب مع صديقه إلى أماكن الأعمال ولا يملى استمارة طلب وظيفة, بينما صديقه يملي استمارة العمل لنفسه. وأنا الآن حامل
و لقد صبرت عليه كثيرا وأعيتني الحيل معه بدون فائدة. لقد مرت شهور كثيرة وهو لا يفعل شيئا سواء الشكوى . هو لديه أم وأب يحتاجون مساعدته و هم ليسوا معنا في نفس البلد. و يوجد كذا شخص عرضوا عليه وظائف و هو إما أن يرفض الوظيفة بحجة أنها لا تناسبه و مرة يتجاهل المسألة كلها. أنا أشتغل الآن و أصرف على البيت. و هو لا يفعل شيئا. مع العلم بأنه في بلده كان يعمل, وأنا أخبرته قبل أن أحضره هنا أنه سوف يبدأ بوظائف بسيطة حتى يتقن اللغة. وهو كان ينام و يترك دراسة اللغة, و كل أصدقائه جاءوا هنا وعملوا في كذا وظيفة.
قال لي البعض إنه ربما أصابته عين الحسد أو عمل له عمل خاصة أن لي زوجة أبي كلما كان يزور أبى كانت تنظر إليه ويأتي البيت مريضا, أنا لا أريد أن أضع سبب المشاكل إلى الحسد أو العين. لكن لا أجد أي سبب يجعله سلبيا فأرجو أن تخبرني ما الحل, و ماذا أفعل معه. فهو يتظاهر أنه فعل المستحيل ولم يجد عمل. و لكنه يرفض كل الأعمال و لا يبحث عن عمل و حتى عندما يعرض عليه أحد أن يقدم إلى وظيفة معينة يرفض. أنا أخاف أن أضغط عليه فينتحر و في نفس الوقت لا أدرى متى سوف يفيق فأتحمل. هو رافض أن أمي تتحدث معه عن الشغل و يعتبره مسألة شخصية لا يريد أحدا أن يتحدث معه فيها, وأبى لا يعيش معنا في نفس البلد.
الفتوى
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/858)
فإذا كان حال زوجك على ما ذكرت، فعليه أن يتقي الله تعالى ويبادر إلى العمل ليقوم بأداء حق النفقة التي أوجبها الله تعالى عليه، والتي بسطنا القول فيها في الفتوى رقم: 19453
أما أنت أيتها الأخت، فعليه أن تعالجي قضية زوجك بحكمة بعيدا عن الغضب، ولتحاولي أن تقنعيه بحتمية تحمل مسؤولية البيت خاصة أنكما ستستقبلان مولودا جديدا، وإن استعنت على إقناعه بمن له تأثير عليه في الرأي، فلا بأس، وأما عن احتمال أن يكون مصابا بالعين، فينبغي أن يقرأ القرآن ويتحرز بالأدعية والرقى الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولتراجع الفتوى رقم: 3273.
وننبهك إلى مسألتين:
الأولى: أن ما تقومين به من الإنفاق على نفسك وزوجك لك فيه أجر عظيم عند الله عز وجل.
الثاني: أن عمل المرأة مباح في أصله إذا توفرت الضوابط الشرعية، وإلا فحرام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8972، فلترجعي إليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل نساء الصحابة رضي الله عنهن ...
44594
السؤال
ما هو رأي الدين في عمل المرأة في وقتنا الحالي؟ وهل كان نساء الصحابة يعملن؟ وأي الأعمال كن يعملن بها؟ جزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(97/859)
فقد بينا حكم عمل المرأة في الفتوى رقم: 19233، والفتاوى المحال عليها فيها فراجعها.
وأما نساء الصحابة فالمعروف أن طائفة منهن كن يعملن في بيوتهن في الغزل ونحوه، ومنهن من كانت تعمل في حدائق النخيل، ومنهن من كانت تذهب مع الجيوش لمداواة الجرحى ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الإعجاب بالفنانين والفنانات ...
44601
السؤال
لي أسئلة كثيرة أولها ما حكم التصوير بكاميرا عادية؟ وما حكم عمل المرأة في الطب؟ أوالبنوك؟ وما حكم إذا شاهدت مسلسلاً بالتلفاز وأخبرت صديقتي بوقتها أوشاهد أحد معي هل على إثم؟ ما حكم الإعجاب بالفنانين والفنانات ولكن ليس مثل محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ أرجو الإجابة بشكل مفهوم وموضح
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم التصوير بالكاميرا فقد سبق في الفتوى رقم: 14624، وأما حكم عمل المرأة في الطب والبنوك ونحوها فقد سبق أيضاً في الفتوى رقم: 10631، والفتوى رقم: 20949.
وبالنسبة لمشاهدة المسلسلات فينظر بشأنها الفتوى رقم: 1791، وما كان منها تحرم مشاهدته فالإعانة والدلالة عليه محرمة، لقول الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: من الآية2).(97/860)
وأما حكم الإعجاب بالفنانين والفنانات، فنقول فيه إن هؤلاء المعجب بهم قوم يستحقون منا المقت لا الإعجاب، فهم يعصون الله جهاراً، ويفسدون الأخلاق والقيم قصداً، كيف يتصور من مسلم ذكراً أو أنثى أن يعجب برجل يحتضن أو يقبل أو يضاجع امرأة أجنبية عنه على مرأى ومسمع من الناس كلهم، إن الإعجاب بمثل هؤلاء انتكاسة في الفطرة ومحادة لدين الله، الذي أمر بالعفة ونهى عن الفحشاء والتبرج، والنظر إلى العورات فيجتمع للمعجب بهؤلاء حرمة النظر إلى ما يحرم النظر إليه، وتعظيم ما حقه المقت والبغض والهجر، فالواجب بغضهم في الله بقدر معاصيهم، فإن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والله المستعان.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل يلزم المخطوبة طاعة خطيبها ...
44659
السؤال
عمل المرأة: إن أمر الرجل زوجته أي في فترة الخطبة مثلا... أقر بأن لا يجب عليها أن تكمل دراستها.. وعليها أن تجلس في البيت، ولا يوجد هناك سبب مقنع لذلك الإصرار، فهل إن رفضت المرأة ذلك تكون قد خرجت عن العرف المطلوب، والمعروف هل عصت زوجها!!! فقط أريد أن أعرف أن كانت ستأثم أم لا؟ جزيتم خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم المرأة المخطوبة طاعة خطيبها ولا تأثم بمخالفته، لكن إن أمرها بأمر من أوامر الله ورسوله وجب عليها الامتثال لأمر الله والرسول، وليست له مزية في هذه الحال على غيره ممن يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر.(97/861)
وأما الزوج فيجب على المرأة أن تطيعه وتأثم إن خرجت من بيته بغير إذنه فيما لم يرخص لها الشرع بالخروج له كالضرورة وطلب العلم الواجب ونحو ذلك.
وإذا شرطت المرأة في عقد النكاح إكمال دراستها لزم الزوج تمكينها من ذلك، ولها الفسخ إن لم يف بالشرط، ونحن ننصح هذه الأخت بأن لا تجعل إكمال الدراسة عائقاً أمام الزواج في حالة رفض الرجل لذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة المسلمة طبيبة للرجال ...
44677
السؤال
زوجتي طبيبة أمراض جلدية وهى محجبة تلبس عباءة وتكشف وجهها ويديها، نريد أن تفتينا:
1- حكم تغطية الوجه وصفة العباءة الشرعية، وأعتقد أن تغطية الوجه سوف لن يمكنها من الرؤية الجيدة للفحص.
2- هي تكشف على رجال (جلدهم) ويمكن أن تكون مع المريض وحده أو معه رجل آخر هل هذا حرام؟
3- أنا أحضرت معي من الحج عباءة إسلامية بغطاء وجه (من الرأس) وطلبت منها أن تلبسها وأن تتوقف عن الكشف على الرجال وتكتفي بالنساء والأطفال ، ونحن لا نحتاج عملها حيث أنها تأخذ دخلها مع ملاحظة أن البيت والعيادة في نفس المكان وعملها هذا لا يؤثر على ألأولاد وفي نفس الوقت هي تنفع المسلمين حيث أنها ماهرة وأمينة.
أخي ردك هذا ستأخذه هي على محمل الجد
شكرا وجزاك ألله عنا كل الخير(97/862)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 1111 والفتوى رقم: 5224 رجحان القول بوجوب تغطية المرأة وجهها، وأما دعوى أن النقاب يمنع من قيام الطبيبة بعملها على وجه الكمال فدعوى غير صحيحة، وكثير من الطبيبات المنتقبات يقمن بعملهن ولم يكن النقاب مانعاً لهن من القيام به، على أنها إذا احتاجت فعلاً إلى ذلك فلا بأس به بقدر الحاجة، وأما صفة الحجاب الشرعي الكامل فانظرها في الفتوى رقم: 6745، والفتوى رقم: 19184، والفتوى رقم: 20080.
وأما حكم عمل المرأة المسلمة كطبيبة للرجال فلا يخفى أن الأصل منعها من معالجتهم لما تقتضيه المعالجة من النظر واللمس والمخالطة والاطلاع على العورة في بعض الأحيان، وهذه الأمور وما يؤدي إليها لا تجوز إلا لضرورة معتبرة شرعاً، لا تدفع إلا بارتكاب ذلك المحظور، مثل أن يكون الرجل مريضاً ولا يوجد طبيب يعالجه، ولا يمكن تأخير علاجه إلى أن يوجد طبيب.
وعليه؛ فما طلبته من زوجتك الطبيبة هو الصواب، ونحن نحثك ونحثها عليه، وتكون بذلك نفعت المسلمين بخبرتها ومهارتها، ولم تقع في ما يمنع منه الشرع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمل المرأة مباح مع حصول الضوابط الشرعية ...
44756
السؤال
بعد التحية أتوجه إليكم بهذا السؤال أنا متزوج ولي طفلان وقد حدثت خلافات مع زوجتي إلى درجة لا أطيقها حيث أنني طلبت منها أن تتوقف عن العمل إلا أنها رفضت إطلاقا وخيرتني بين العمل أو الطلاق مع العلم بأنني لم أطق فيها لباسها(97/863)
وشكلها الذي لم يعد يقنعني نهائيا وهي لا تصلي وغير مؤدبة على الإطلاق فما حكم الشرع في ما يمكن أن أسميه بمصيبة كهذه
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التنبيه في جواب سؤالك إلى عدة أمور:
الأمر الأول بالنسبة لخروج المرأة للعمل مباح مع حصول الضوابط الشرعية لذلك التي منها:
1- ارتداؤها الحجاب الشرعي.
2- عدم استعمال الطيب والزينة.
3- البعد عن الاختلاط بالرجال بقدر المستطاع، وعدم الحديث معهم في ما لا تدعو الحاجة إليه.
4- إذن الزوج لها إذا كانت متزوجة.
فإذا توافرت هذه الشروط فلا بأس بخروجها للعمل ولو لم تكن محتاجة إليه، وراجع الفتوى رقم: 8360.
الأمر الثاني: إذا امتنعت من لبس الحجاب فعليك بنصحها بحكمة ورفق، فإن لم تمتثل فاهجرها في الفراش بقدر ما ترى أنه تأديب لها، فإن أصرت على رأيها فالأولى مفارقتها، وراجع الفتوى رقم: 26723.
الأمر الثالث: في ما يتعلق بتركها للصلاة فراجع الفتوى رقم: 23282.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحق أحق أن يتبع ...
45369
السؤال(97/864)
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاماً أعمل في مؤسسة معظم موظفيها من المسيحيين والأجانب، قبل فترة وجيزة هداني الله وتحجبت وأصبحت مداومة على الصلاة حتى في مكان عملي، وبالطبع هذا فضل من الله سبحانه أشكره عليه ليلا ونهاراً، حيث إنني لم أكن أتوقع أن أصل لهذه المرحلة في حياتي ولكن رحمة الله أوسع مما نتخيل دائماً.
سؤالي هو: أنني لست على قدر كاف من التفقه في الدين وأنا حالياً أحاول كل جهدي أن أحصل على معلومات كثيرة وأقرأ دائماً حتى أفقه نفسي في الدين، ولكي أكون قادرة بإذن الله تعالى على نشر الدعوة، حيث علمت أن المؤمن عليه واجب نشر الدعوة، ولكني حتى أصل للدرجة الكافية من التفقه احتاج إلى الإجابة عن بعض الأسئلة التي تساعدني في وقتى الحاضر لأنني أتعرض لكثير من الأسئلة من هؤلاء غير المسلمين عن الدين وخاصة أنهم فوجئوا عندما تحجبت، وأريد أن أعرض عليكم بعض الأسئلة، وأرجو منكم مساعدتي فيها، وأرجو أن تكون الإجابة شافية ومقنعة وبسيطة جداً لأن المواقف التي أتعرض فيها للأسئلة لا تسمح بأن أسرد قصص مثلاً أريد إجابات مختصرة جداً ولكن بنفس الوقت شافية، علها تساعد هؤلاء القوم على فهم الدين والتقرب منه بإذن الله، ومن أمثلة على هذه الأسئلة:
1- لماذا المرأة في الإسلام ترتدي الحجاب، ما معنى أن تغطي رأسها، ما معنى أن تلبس فضفاضاً والكل يعرف ما هو شكل المرأة إذن لماذا تخفيه؟
2- لماذا تصلون 5 مرات في اليوم، هذا إرهاق عليكم وخاصة صلاة الصبح؟
3- لماذا النمص حرام؟
4- لماذا تعدد الزوجات؟
5- أمور الميراث والشهادة في المحكمة؟
6- لماذا لا تأكلون لحم الخنزير، عندما أخبرهم بأن هذا النوع من اللحوم يسبب الأمراض يقولون نحن نأكله من وقت طويل ولم يحصل لنا شيء، أرجو أن تجيبوني على أسئلتي هذه، وقبل أن أنهي أرجو أن تنصحوني بكتاب سهل يساعدني على(97/865)
تحقيق أهدافي، ويوصلني لدرجة جيدة من التفقه في أمور ديننا الحنيف، أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نهنئك أيتها الأخت الكريمة بما من الله عليك به من الهداية، ونرجو أن يقودنا وإياك إلى صراطه المستقيم.
وقبل الإجابة على هذه الأسئلة نريد أن أنبهك إلى أن عمل المرأة مع الرجال الأجانب لا يجوز، وخاصة إذا كان هؤلاء الرجال كفارا، فإذا كنت محتاجة إلى هذا العمل ولم تجدي غيره، فإنه يباح لك بشرط أن تتقيدي بالضوابط الشرعية، من عدم الخلوة بالرجال وعدم مصافحتهم والتستر والفرار من الاختلاط قدر الإمكان، وعدم الخضوع بالقول.
ثم ما سألت عنه من أحكام، فإنا كنا قد أجبنا عنها أو عن أكثرها في فتاوى مفصلة ومقنعة، وسنحيلك على أرقامها لترجعي إليها وتطالعيها، فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89]، فلا يجرمنك تعنت أولئك الكفرة عن الحق على طلب شيء وراء الحق، فالحق أحق أن يتبع، وما وراء الحق هو الباطل، فأما حجاب المرأة فراجعي موضوعه في الفتوى رقم: 19026، وراجعي علة تحريم النمص في الفتوى رقم: 20855، وتعدد الزوجات في الفتوى رقم: 2286.
وأمور الميراث والشهادة في كل من الفتوى رقم:13494، والفتوى رقم: 33323، والحكمة من تحريم لحم الخنزير في الفتوى رقم: 9791.
وأما عن خمس صلوات في اليوم وأنها مرهقة وشاقة، فجواب ذلك أن للصلاة مكانة عالية في الإسلام، ولا بد من إعطائها ما تستحقه من العناية، ومن طلب معالي الرتب في الدنيا فلا بد أن يجهد نفسه فكيف بطلب رتب الآخرة، ويكفي لتبرير فعلها والمواظبة عليها أن الله أمر بها وحض عليها تحضيضا، ومن يريد الثواب من عند الله فلا بد أن يطيع الله.(97/866)
ثم ما طلبت من الكتب المبسطة فإنها كثيرة جداً، ولك أن تختاري منها الكتب التالية: (رياض الصالحين- شرح الأربعين النووية- شرح العقيدة الطحاوية- الرحيق المختوم في السيرة- تفسير ابن كثير...).
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مزاح المرأة والضحك مع الأجانب من أخطر المحرمات ...
45624
السؤال
أنا شاب متزوج وزوجتي متدينة ولكنها تعمل وعندما تقوم بالتحدث مع زملائها الرجال تقوم بالضحك والابتسامة العريضة بغير مبالاة وعندما أقول لها لا يجوز لك ذلك تقوم بالشجار معي وتطلب مني الطلاق، ثم عندما تهدأ تقول لي لن تفعلها مرة أخرى ثم تكرر نفس الخطأ، ماذا أفعل؟ لقد
سئمت منها، أسألكم أن تدلوني ببعض الفتاوى التي تحرم ذلك لكي أقدمها لها أرجوكم .
في أقرب وقت ممكن وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً] (التحريم: 6).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع وهو مسؤول عن رعيته. متفق عليه.
وعلى هذا، فالواجب عليك نصح زوجتك وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، ولا شك أن جلوس المرأة مع رجال أجانب عنها وأخذها معهم في أحاديث المزاح والضحك أمر محرم، وهو من أخطر المحرمات وأسوئها عاقبة، وذلك لدخول هذا في(97/867)
الخضوع بالقول الذي نهى الله عنه المرأة المسلمة فقال جل شأنه: [فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً] (الأحزاب: 32).
وعلى هذه المرأة أن تتوب إلى ربها من هذه المعصية، فإن تابت عما كانت عليه من العصيان، فبها ونعمت، وإن أصرت على معصيتها، فينبغي أن تهددها بمنعها من الخروج إلى العمل إذا لم ترجع عن هذا الذنب، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 29990 ، 10708 ، 31359.
وننبه إلى أن عمل المرأة يشرع إذا توفرت الضوابط الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 5181.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
صلاة المرأة في المكان الأستر أفضل لها ...
45944
السؤال
أما بعد، فإني فتاة (23 سنة) تعمل بشركة خاصة بعيدة عن مكان إقامتي فأضطر لإتيان صلاتي الظهر والعصر أن أذهب إلى مسجد قريب نوعا ما من مقر الشركة.
السؤال الأول: ما هو حكم صلاة المرأة في المسجد خاصة من هي في ظروفي؟
السؤال الثاني: قد اقترح علي بعض زملائي في الشركة الذهاب لتأدية صلاة الجمعة في مسجد بعيد نذهب إليه بالسيارة حيث إن الخطبة هناك ممتازة (و يندر أن يوجد مثل ذلك في مساجدنا) وذلك كآلاتي: نكون في السيارة 4 أشخاص بحيث يقودها زميلي الذي يمتلكها ونكون البقية معه 3 بنات. فهل تنصحونني بقبول عرضهم أم لا؟
أفيدوني أفادكم الله و جزاكم الله عنا كل خير و هدانا و إياكم إلى ما فيه صالح الأمة جمعاء.
الفتوى(97/868)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت السنة المطهرة على أن المكان كلما كان أستر للمرأة وأبعد عن اختلاطها بالرجال كانت الصلاة فيه بالنسبة لها أفضل، أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي. فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل، والحديث حسن.
وهو صريح في أن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، ولا تذهب إلى المسجد لأداء الصلوات الخمس، وأحرى الجمعة، مع أن كل ذلك يجوز لها، وراجعي فيه الفتوى رقم: 10306، والفتوى رقم: 22245.
وأما أن يترتب على صلاتها للجمعة سفرها إلى مسجد بعيد دون محرم، فذلك أبعد ما يكون عن الصواب، لأن الجمعة لا تجب عليها، والسفر دون محرم محرَّم عليها، اللهم إلا إذا كان المسجد المذكور على مسافة لا يعد الذهاب إليها سفراً، فيكون حينئذ ذهابها إليه خلاف الأولى.
وهذا ما لم تكن تستفيد في أحكام دينها عند ذهابها إلى المسجد ما لا يمكن أن تستفيده لو لم تذهب إليه، فإن كان الأمر كذلك وكان ما تستفيده من قبيل فرض العين كأحكام الصلاة والزكاة والصوم الحج.. ولم تجد وسيلة لتعلمها إلا بالذهاب إليه وكان دون مسافة ما يسمى سفراً عرفاً، فالظاهر أن الأولى لها الذهاب إليه إن لم يكن الذهاب إليه واجباً، وراجع الجواب رقم: 1079.
وراجعي ضوابط عمل المرأة في الفتوى رقم: 522.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(97/869)
ــــــــــــــ
الداعي يتخذ كل ألوان الدعوة المشروعة ...
45968
السؤال
جزاكم الله الخير على هذه الزاوية الرائعة ووفقكم لخدمة الإسلام والمسلمين.
أنا فتاة متحجبة أعمل في منظمة دولية وأتعامل مع أجانب بكثرة، والحمد لله أحافظ على صلاتي وصيامي وعباداتي بشكل كبير، وألتزم بالدين على قدر استطاعتي. ولكن لدى تساؤلات بشأن الفتيات المتواجدات معي في العمل، حيث أريد هدايتهن وارشادهن للطريق القويم، ولكن أفاجأ بأن لديهن انفتاحاً كبيراً على بعض الأمور التي لا أقبلها، فماذا أعمل، هل أتماشى معهن بنية هدايتهن وتقويمهن، أم أتجنبهن حتى لا يؤثرن علي؟ بالرغم من أنني لا أتأثر والحمد لله بالجانب السلبي منهن، وبالرغم من أنني أرفض الكثير من تصرفاتهن.
افيدوني، جزاكم الله الخير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يجعلك من الداعيات إلى الله بحكمة وموعظة حسنة، ثم اعلمي أن عمل المرأة في الأماكن المختلطة الواجب تركه، إلا إذا دعت إليه حاجة وتوافرت الضوابط الشرعية لذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 8360.
أما بخصوص إرشادك لزميلاتك في العمل فهو أمر مطلوب شرعاً، ولك أن تتخذي معهن جميع السبل المشروعة لعودتهن إلى تعاليم دينهن الحنيف. وذلك امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصحية، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير من أن يكون لك حمر النعم. رواه البخاري.(97/870)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم عمل المرأة إذا لم تكن بحاجة له ...
46049
السؤال
أنا سيدة متزوجة وأعمل مدرسة في المرحلة الابتدائية، والسؤال: هل خروجي إلى العمل حرام، أو به أي شبهة على الرغم من أنني متدينة وملتزمة بالحجاب الشرعي: (الخمار)، ولا أركب مواصلات، ولا يحدث بيني وبين زملائي أي اختلاط، وفضلت أن أدرس المرحلة الابتدائية على الرغم من أنني كنت سأدرس للمرحلة الإعدادية، ولكني رفضت حتى لا أتنقل بالمواصلات، وحتى لا يحدث أي احتكاك بيني وبين أي شخص، وأريد أن أوضح أنني لا حاجة لي إلى العمل، أي أنني والحمد لله غير محتاجة لراتب الوظيفة، ولكنني أحب العمل من أجل العمل فقط، وأريد أن أوضح أيضاً أن عملي لا يؤثر على حياتي الزوجية حيث إنني أؤدي واجباتي على أكمل وجه، وأنا سيدة كبيرة أي أنني لا أخرج إلى العمل متبرجة، فأكبر أولادي في سن 30 سنة، ولكني أريد أن أستفسر هل خروجي إلى العمل حرام؟ أو به أي شبهة تشير إلى أنه حرام؟ أرجوكم أفتوني وأنا على استعداد لتنفيذ أي قرار تشيرون علي به.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من عمل المرأة إذا كانت ملتزمة بالآداب الشرعية، وكان العمل يلائم طبيعتها الفطرية والجسدية، ولا يؤثر على بيتها وتربية أولادها.. ولو لم تكن محتاجة للراتب.(97/871)