تعليم المرأة أين الخلل !!
أحمد محمد أحمد إسماعيل
حين تتأمل الجموع الهائلة من طلاب المدارس الذاهبين في الصباح أو العائدين عند الظهيرة من المدارس إلى بيوتهم فإنك لا تحتاج إلى كبير عناء لتتبين أن أغلبهم من الفتيات وحين تتجول في إحدى الجامعات فتأخذك كثرة الألوان في مهرجان الأزياء الصاخبة، لا شك أنك تدرك بيسر أن عدد الإناث أكثر بكثير من عدد الذكور!.. وقل مثل ذلك عن دواوين الحكومة، والشركات، والمؤسسات الخاصة، وغيرها!! لا شك أن ذلك يجعلنا ندرك مدى التحول الاجتماعي الكبير الذي حدث في واقعنا.
لقد صحبت هذا التحول الاجتماعي مشاكل عظمى مثل الجرائم الأخلاقية التي تقع في أوساط طلاب الجامعات، والظواهر الغريبة التي تفد على مجتمعاتهم ـ كالزواج العرفي والمخدرات والاتجار فيها ـ فأين الخلل؟
الحقيقة التي لا ريب فيها أنه ليس ثمة إشكال البتة ـ في حس المسلمين ـ تجاه تعليم المرأة، بل إن تعليمها يعد من المطلوبات الشرعية الأساسية، فقد روى الترمذي وأبو داود واللفظ له قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان، فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة).
وعند البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخص النساء بأيام يعلمهن فيها مما علمه الله وذلك لما جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتي فيه تعلمنا فيه مما علمك الله، فقال - عليه الصلاة والسلام -: اجتمعن يوم كذا وكذا فاجتمعن، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلمهن مما علمه الله.
وأورد البلاذري في فتوح البلدان: أن أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - كانت تتعلم الكتابة في الجاهلية على امرأة تدعى الشفاء العدوية، فلما تزوجها - صلى الله عليه وسلم - طلب من الشفاء أن تعلمها تحسين الخط كما علمتها أصل الكتابة.
وتاريخ المسلمين شاهد على نبوغ النساء المسلمات في مجال الكتابة: مثل علية بنت المهدي، وعائشة بنت أحمد، وفي الطب، مثل أم الحسن بنت القاضي أبي جعفر الطنجالي، وفي الحديث كأم المؤمنين عائشة، وكريمة المروزية، و السيدة نفيسة بنت أحمد، ... بل منهن من بلغ مرتبة التدريس مثل أم الدرداء الصغري وفاطمة بنت جوهر، ... بل أن عددا لا يستهان به من علماء الأمة كان ممن تتلمذ على نساء، منهم الإمام ابن القيم، ابن خلكان، ابن حبان، بل إن الحافظ ابن عساكر قد عد من شيوخه بضعا وثمانين أستاذة.
صحيح إنه حدث في عصور الانحطاط التي مر بها المسلمون أن وقع ضمن ما وقع على المرأة من اضطهاد أن اغتصب حقها الأصيل في التعليم، والواقع أن ما حصل للمرأة لم يكن إلا واحداً من المجالات التي وقع فيها التخلف عن الصورة الحقيقية للإسلام، ومن هنا بدا الإشكال!!.. فقد استغلت الدوائر المعادية للإسلام هذا النقص!! لقد قررت المؤتمرات التبشيرية في مخططاتها ضد الإسلام ضرورة تعليم المرأة وتحريرها وقد كان المجتمع ـ انطلاقا من نظرته السالبة ـ يرى في التعليم حقا مقتصرا على الرجل.
فجاءت حركة التعليم والتحرير لتعطي المرأة هذا الحق أسوة بالرجل.. فافتتحت المدارس لتثبت أن المرأة قادرة على أن تتعلم ما يتعلمه الرجل بل وتتفوق عليه هذا هو الإشكال الذي تأسس عليه واقع التعليم الحالي، والذي شكل القاعدة التي بنيت عليها فلسفته، " المساواة التامة بين الجنسين ".
1- المساواة في المناهج الدراسية والتربوية، فالفتيان والفتيات يدرسون نفس المواد الدراسية ويقسمون إلى نفس المساقات المعروفة علمي. أدبي تجاري فني، ويجلسون لنفس الامتحانات، وفي النهاية يدرجون في نفس مؤسسات التعليم العالي، فالجامعات موحدة مما ينتج عنه الاختلاط بين الجنسين، ويتم توزيعهم على ذات التخصصات، كما يتم أحيانا استيعابهم في جامعات الولايات البعيدة عن المسكن مما يضطر المرأة إلى السفر بعيدا عن وليها، والسكن في مجمعات سكنية تواجه فيها ظروفا اقتصادية كثيرا ما تكون قاسية، وأوضاعا تربوية تضعف فيها الرقابة إلى حد كبير.
2- أنه نظام لا يراعي الخصوصية النفسية للمرأة في قدرتها على مواجهة المشكلات أو الصمود أمام الإغراءات، كما لا يراعى الطبيعة الفسيولوجية من حيث موافقة التخصص لطبيعتها، ومن ناحية أخرى ما حاجة المجتمع إلى كل هذا الجيش من النساء في تخصصات مثل الهندسة المدنية أو الميكانيكا أو المساحة؟! وهل توافق طبيعتها؟! هل المجتمع بحاجة لهذا العدد من المحاميات، ووكيلات النيابة والعاملات في السلك القضائي؟! وهل يتفق هذا مع الشريعة الإسلامية؟!.
3- أنه نظام يكرس النظرة الفردية، ولا يبصر الرجل والمرأة معاً بدورهم في ترسيخ سلامة المجتمع، إذ أن الرجل مسؤول مسؤولية مباشرة عن انحراف المرأة التي هي الابنة أو الأخت أو الزوجة.
4- كل المعطيات سالفة الذكر أفرزت آثارا واضحة للعيان وترتب عليها واقع ملموس فبالإضافة إلى اختلال البنية الاجتماعية نتيجة لطغيان الوجود النسائي في حقل العمل الذي أدى بدوره إلى تأثيرات سلبية في دور المرأة كأم ومربية للأبناء وزوجة كما أثر على قوامة الرجل في الأسرة، وأدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة وسط النساء العاملات.
5- بالإضافة إلى كل ذلك ظهر وافد جديد نشأ عن طبيعة الظروف البيئية لطالبات التعليم العالي خاصة القاطنات في المجمعات السكنية أصبح يعنون له لدى أهل الاختصاص بـ (جرائم الطالبات).. وفي استقراء لورقة بهذا العنوان أعدت في إدارة أمن المجتمع بولاية الخرطوم للعامين 2000م-2001م نجد أرقاما تعطي مؤشرا خطيرا حول هذا الوضع.
فقد رصدت في العام 2000م:
• (173) بلاغا اتهم فيه نحو (188) طالبة في مواد تتعلق بالسكر، التعامل في الخمور، المخدرات.
• (137) بلاغا اتهم فيه (198) طالبة في مواد متعلقة بالأفعال الفاضحة، المواد والعروض المخلة بالآداب العامة، النظام العام، الأفعال الفاحشة.
• (12) بلاغا اتهم 15 طالبة في مواد متعلقة بالزنا
أما في العام 2001م رصدت: -
- (276) بلاغا، عدد المتهمات (361) في مواد تتعلق بالسكر، التعامل في الخمر، المخدرات.
- (236) بلاغا، عدد المتهمات (317) في مواد تتعلق بالأفعال الفاضحة، المواد والعروض المخلة الآداب، الأفعال الفاحشة، النظام العام.
- (12) بلاغا اتهم فيه (13) متهمة، في المواد المتعلقة بالزنا والإجهاض وقد أثبتت الورقة أن هذه الإحصائيات هي متعلقة إلى درجة البلاغ غير أنه كثيرا ما تلجأ الإدارة إلى معالجات دون البلاغ مثل النصح والإرشاد، والتعهد الكتابي، ثم أخيرا البلاغ للمترددات.. وقد بلغ عدد التعهدات.
فيما يتعلق بالجرائم السلوك الفاضح، مخالفات الزي وغيرها هي:
(17. 120) في عام 2000م
(23. 181) في عام 2001م
وقد لاحظت الورقة أن ازدياد حاجة الطالبة الجامعية وضعف مواردها الاقتصادية وانتقالها من مجتمعات ريفية إلى مجتمعات مدنية، وضعف الرقابة. هي أهم أسباب هذه الانحرافات.
إننا بحاجة إلى مراجعة كل النظم التي ورثناها عن المستعمر بما يتفق والتوجيهات الشرعية، وليس ثمة مجال أكبر خطرا وأعظم أثرا من مجال يتم فيه إعداد المرأة التي هي الأم ومربية الأجيال.
http://new.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/174)
الحركة الإسلامية .. أولويات واستراتيجيات !
د. محمد مورو
- الأمة لم ترتد عن دينها لكنها في حالة هزيمة.
- أثبتت الخبرات والتجارب أهمية بناء وعي إيجابي لدى الشعوب الإسلامية لتحقيق النهضة المنشودة.
- الأولويات الاستراتيجية للمسلمين تدور حول التصرف كطليعة.
إذا اعتبرنا أن الحركة الإسلامية هي ضمير الأمة، وهي التعبير الصحيح الوحيد عن هذه الأمة، باعتبار أن الإسلام هو دين الأمة وعقيدتها، وهو أيضًا المكون الأساسي في ثقافتها وحضارتها وبالتالي، فهو التعبير عن وجدان جماهيرها -مسلمين وغير مسلمين-؛ فإن تحديد أولويات هذه الحركة هو شرط أساس لمواجهة التحديات وإنقاذ الأمة من الانهيار وفتح الطريق أمامها للمستقبل.
بداية فإن على الحركة الإسلامية أن تعرف نفسها تعريفًا صحيحًا لاعتبارها طليعة للأمة وخميرة للنهضة وليست بديلاً عن الأمة بمعنى أن عليها أن تدرك أن المنوط بالتغيير والمواجهة هو كل الأمة وليس قطاعًا واحدًا منها -مهما كبر حجمه- وإذا تصرفت الحركة كبديل عن الأمة أو بالانعزال عنها؛ فهي تتحول بالضرورة إلى سرطان في جسد الأمة، والأمر أشبه هنا بخلايا شديدة النشاط والحيوية، إذا أخذت بيد باقي خلايا الجسد وقامت بتنشيطها معها وزيادة حيويتها صح الجسد وشفي، أما إذا نشطت منفردة ومنعزلة فهي تكون بمثابة سرطان في جسم الأمة؛ وهكذا فإن الأمر أشبه بنظرية الخميرة في اللبن.. فإذا نشطت الخميرة داخل اللبن تحول إلى زبادي -وهو المطلوب-، أما إذا نشطت الخميرة خارج اللبن فهي تتحول إلى وباء وتكاثر بكتيري ضار أو على الأقل لا قيمة له، وبدهي هنا أن الأمة هي اللبن والحركة الإسلامية هي الخميرة، وتحقيق نهضة الأمة هو الزبادي.
وهكذا فإن فكرة الجماعة البديلة، أو الجماعة الأم، أو الصف الطويل أو القصير؛ هي أفكار جزئية تحقق عكس المطلوب.
أمة في حالة هزيمة:
يجب إدراك أن الأمة لم ترتد عن دينها؛ بل نحن أمة في حالة هزيمة تكنولوجية، والفجوة التكنولوجية بيننا وبين أعدائنا كبيرة جدًا، لا يمكن جبر هذه الفجوة على المدى القصير والمتوسط؛ بل إن توهم تحقيق ذلك أدى إلى كثير من الخسائر والوقت الضائع، ولعل هذا يدفعنا إلى إعادة النظر في الأهداف والأولويات وشكل الحركة، فبناء مؤسسة قوية أو جيش قوي أو حتى دولة قوية أو جماعة قوية... الخ هو نوع من الوهم لأن هذا لن يتحقق لأننا في معركة مع أعداء شرسين لن يسمحوا بداهة بذلك، والمؤسسة القوية أو الجماعة القوية أو الدولة القوية أو الجيش القوي... الخ عرضة للضرب والتفكيك بسهولة.
ولعل تجاربنا القريبة والبعيدة تثبت ذلك، بل المطلوب بناء وعي إيجابي لدى كل الجماهير بمعنى التركيز على الإنسان والجماهير وليس المؤسسة والقوى المادية؛ لأن الإنسان هو سلاحنا الرئيس في معركة المصير "سلاح الاستشهاد والمقاومة" وهو سلاح أثبت فاعليته في كل المواقف والمواقع بدءًا من مقاومة الحملة الفرنسية في مصر سنة 1798 إلى مقاومة القوات الأمريكية في العراق الآن، ومن سنن الله - تعالى - أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا. وكذلك في طريقة بناء الحركات يجب أن يكون الإنسان الطليعة ـ الخميرة، وليس التنظيم والجماعة والأدوات، وحتى على مستوى نمط التنمية يجب التركيز على التنمية الأفقية وليس الرأسية، والتنمية المعتمدة على الإنسان المحلي والسوق المحلي والخامات المحلية وليست القائمة على أكتاف التكنولوجية، وهذا يحقق هدفين: أولاً تشغيل الطاقات الإنسانية بدلاً من الآلية، وعدم قدرة الأعداء على ضربها. وننوه هنا بالتنمية الزراعية والرعوية والصناعات الخفيفة.
يجب إذًا أن ندرك توصيف حالتنا الراهنة؛ فنحن أمة صعد المنحنى الحضاري لها بدءًا من الرسالة وحتى وقت طويل، ثم ثبت هذا المنحنى ثم بدأ في النزول منذ قرنين إلى ثلاثة قرون، ويجب أن ندرك هذا أولاً ونعترف به، ولا نتصور أنفسنا مازلنا في عصر الدولة العباسية حيث كان الخليفة يقول للسحابة في السماء "أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك"، وبعد إدراك ذلك نعمل على تقليل سرعة نزول المنحنى ثم نوقف نزول المنحنى ثم نعمل انقلابًا في اتجاه المنحنى ثم نبدأ الصعود من جديد، وهذا يقتضي سلوكًا فكريًّا وحركيًّا متميزًا يمكن أن نطلق عليه اختصارًا "خفة الإقلاع". وبدون إدراك ذلك والمرور في تلك المراحل فإن الجهد سيضيع والطاقات ستهدر والتضحيات بلا جدوى تستمر.
جهد حركي متجدد:
بالطبع فإن روشتة الحل وتحديد الأولويات تحتاج إلى جهد مضني وعمل من قطاع واسع من المفكرين والحركيين، وبدهي أن ذلك الجهد وتلك الاقتراحات لا يمكن أن يتسع لهما مقال ولا حتى كتاب ولا يمكن أن يضطلع به فرد مهما كانت قدراته، ولكنه جهد تراكمي من أفراد وهيئات وحوارات وندوات ومقالات وكتب، وقبل ذلك وبعده جهد حركي متجدد ومتجاوز وغير تقليدي، ولكن - من وجهة نظري - والله - تعالى - أعلم؛ فإن مفتاح كل ذلك يتلخص في فعل وكلمة "الجهاد"... الجهاد ضد المشروع الأمريكي الصهيوني وليس ضد بعضنا بعضًا، وتقديم هذه الأولوية على غيرها. والجهاد هو الذي سيفجر الوعي، الوعي باللحظة وأبعادها وأولوياتها ومهماتها، وهو الذي سيفجر التقوى في النفوس؛ فمن أراد أن يعرف ويعلم ويتعلم فليجاهد، ومن أراد أن يتقي الله ويعبده أكثر فليجاهد، ومن أراد أن يتقدم صناعيًّا أو زراعيًّا أو علميًّا أو فنيًّا فليجاهد، والله - تعالى - يقول في كتابه العزيز: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا". وهكذا فإن الجهاد في سبيل الله أولاً وثانيًا وأخيراً.
ولعله من المفيد هنا أن نتحدث عن وصفة قرآنية لحالتنا المعاصرة وبالتالي طريقة حل المشكلة، يقول الله - تعالى - في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين).
الآيات إذًا تتحدث عن الحالة التي نحن بصددها، وهي الموالاة والتحالف بين اليهود والنصارى "إسرائيل وأمريكا والعرب"، وهو أمر لم يحدث تاريخيًّا إلا في الخمسين أو المئة سنة الأخيرة. والآية تحدد لنا الطريق الصحيح وهي عدم موالاة الإسرائيليين والأمريكيين والغرب؛ بل وتنصح المغتربين والمنبطحين، وتحدد موقفهم بدقة تليق بإعجاز القرآن الكريم، فهم (في قلوبهم مرض)، ويقولون لا نستطيع أن نواجه أمريكا أو إسرائيل لأن هناك خلل في ميزان القوة، وأننا لو فعلنا ذلك سوف نصاب بكارثة وخسائر ضخمة (نخشى أن تصيبنا دائرة)، والحل من عند الله - تعالى -؛ فإذا بذلنا الجهد كله في الجهاد والمواجهة، ولم نوال أمريكا والغرب وإسرائيل، فإن مدد الله موجود، ومسألة هي إحدى أهم الأولويات التي يجب أن تركز عليها الحركة الإسلامية. وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة وهو ليس دعوة للتواكل؛ بل على العكس دعوة للإيجابية والمواجهة وعدم الخوف، لأن المدد لا يأتي إلا بشرط بذل كل الجهد، وبذل كل التقوى، أي أنه دعوة للعمل على مستوى العبادة والعمل الدنيوي معًا، وهو طريق ضد الخضوع مهما بلغت قوة الأعداء؛ لأن الإيمان بالمدد الإلهي يجعل المؤمن وجماعة المؤمنين لا تحسب المسألة حسابًا بسيطًا بل حسابًا مركبًا تدخل فيه قدرة الله - تعالى - ومدده، وبالتالي فالخوف مرفوع لأننا نستند إلى أقوى الأقوياء، القادر على كل شيء.
وهكذا فإن الآيات تفتح باب الأمل، فيمكن أن يحقق النصر بفعل إلهي مباشر، أو تتعطل آلات الأعداء الجبارة، أو يقيض الله للأمة من أمثال الاستشهاديين والمقاومين في فلسطين والعراق ويوقعوا من الخسائر في صفوف الأعداء ما لا قبل لهم به، فينسحبون، وعندئذ يصبح الذين في قلوبهم مرض نادمين.
الأولويات الاستراتيجية تدور إذًا حول التصرف كطليعة، وحول إعادة الاعتبار إلى المقاومة والمواجهة والجهاد، وليس الصف والتربية وانتظار الفرص، وعدم موالاة الغرب وأمريكا وإسرائيل وعدم المرونة معهم على أي مستوى كما يحدث من بعض الحركات الإسلامية، إدراك بُعد الهزيمة التكنولوجية والتركيز على الإنسان وليس المؤسسة.
وهناك بالطبع أولويات تكتيكية كثيرة جدًا، وهذه متغيرة يومًا بعد يوم وعلى الحالة الإسلامية إدراكها وفهمها والتعاطي معها شريطة ألا تكون على حساب الأولويات الاستراتيجية.
15/3/1425
04/05/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/175)
الجوهرة المصونة
سلام على الجوهرة المصونة، إليها أهدى هذه الكلمات، إليك يا أختنا الغالية، إلى من جعلت القرآن ربيع قلبها، والحجاب حياتها وعفافها، إلى من جعلت العفة تاجها ولباسها، إليك أيتها الجوهرية المصونة.
أختاه.. أوصيك أختاه بالتقوى، فإن بها طعم السعادة، فيا أم الأجيال، ويا حفيدة الأبطال، أختاه فلتقبلي مني هذه الرسالة غالية الثمن، مهرها الآيات البينات، والحكم الواضحات، والأبيات الجميلات برًا منّا لها؛ لأن في طاعتها رضا لرب الأرض والسماوات.
إنها الأم صاحبة القلب الحنون حبيبة البنات والبنون، فلها نقول:
أمنا الغالية يا من شهدت الساعات الطوال، وما نامت الليالي في خدمة الأبناء أنت في أعيننا جميعًا أغلى والله من الجواهر، ولا تقدرين عندنا بثمن، كيف لا وحقك بحق الله مقرون، وبرك أقرب طريق للجنة التي فيها ما لم تره العيون، حسبك أنك أحق الناس بالصحبة على لسان النبي الميمون، ألم تسمعي أن النفوس المؤمنة تشتاق إلى الجهاد في سبيل الله، ومع ذلك تمنع إذا كان ذلك يتعارض مع البر بك، وحاجتك للأبناء ليقوموا بحقك، بل من أراد رضا الله منهم فليحرص على رضاك، وليعلموا أن من أسخطك فبدأ بسخط الله.
أيتها الأم: إن الإسلام قد أعطاك حقوقًا وطلب منك أُخَر، [كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ]رواه البخاري ومسلم. فأنت راعية ومسئولة عمن ولاك الله أمرهم من البنين والبنات، قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً... [6]}[سورة التحريم] فكيف تقين هذه الأسرة، وكيف تحمين هذه المملكة الصغيرة.
فأين أنت من فلذة الكبد، البنت.. يوم سلك الكثيرات منهن طريق العار والدمار، فأصبحن وقودًا للنار، أغلت فانحرفت، وإلى ملذات الفتن انجرفت، تسللت إلى مخالب الذئاب حتى افترسها الكلاب.. وأنت أيتها الأم لا تشعرين، وبملذات الحياة تنعمين، فمن كانت هذه حالها مع ابنتها، فلتعلم أنها موجودة ومع ابنتها مفقودة.
أيتها الأم: إليك هذه القصة:
اتصلت بي إحدى الفتيات تبكي وتصيح عبر الهاتف، فإذا ببنت من البنات تبكي بصوت عالٍ وتصيح: أنقذني، قلت: ما الذي أصابك؟ قالت: إنني فتاة من الفتيات تعرفت على شاب عبر الهاتف، ثم جلست أحادثه أيامًا حتى قلت له كلامًا، وقال لي كلامًا يستحي والله أن يقوله الزوج لزوجته، فكان يحاول مرارًا أن يراني وأراه لكن فطرتي وحبي للخير منعتني أن أقابله، فقام مع إلحاح منه وغيبة من والدي ووالدتي، نعم.. غيبة من الوالد والوالدة وافقت أن أقابله، فخرجت له، فإذا به ينتابني بسياره، ثم ركبت معه حاول أن أذهب معه إلى منزله، فرفضت، لكنه قال إن جلوسنا في الشارع قد يلفت أنظار الناس لنا، فلنذهب إلى أحد البيوت، فتقول: وافقت فذهبت معه وجلست معه في بيت، ففوجئت أني دخلت في إحدى الغرف، فإذا بها سبعة من الشباب غيره.
قالت: فحاول حتى فعل بي الزنا بعد تهديد مرارًا، ثم ليته اكتفى بذلك ذلك المجرم لكنه مكن الأصدقاء الذين كانوا معه بالبيت بأن يفعلوا بي، فقام بتصويري، ثم ها هو يضعني عند البيت، والله إني أحدثك والحادثة لم يتم عليها أكثر من نصف الساعة، وما ذاك إلا لغياب أمي عني، وابتعاد أبي عن شعوري وعن حالي.
أيتها الأم: ها هي البنت فلذة الكبد تلوح لواح الثكلى، وتأن أنين اليتيم، وتصيح صياح الأرامل، وتناجيك لعلها تجد بين أحضانك دفء الكلمة الصالحة، وعذوبة التلذذ بالهداية، لعلها أن تجد لها نصيحة تظهر لها طريق الحياة، وموعظة تنقذها من جحيم الهلاك.. تنادي بأعلى صوتها: أماه.. أماه هل تسمعينني؟ هل تنصتين إليّ؟ هل تسمعين صراخي؟ آه.. آه إذا كنت لا تسمعيني؟ آه كيف لا تسمعينني وأنا بين يديك؟ آه كيف لا تسمعين وقلبي معلق براحتيك؟ فافتحي صدرك إلى وقربيني إليك لأرتمي بين أحضانك، وأبث شكواي لك، فكفكفي حزني، وامسحي دمعي، وكبليني بقيودك فلا قيد أطيق اليوم سوى قيدك الحنون، خذي.
يا أماه.. استري عليّ أجفانك واحميني من الثعالب الماكرة، والذئاب الغادرة، فصدرك برد وسلام، وحضنك دفء ووئام ونصحك نور أستضيء به مدى الأيام.. لا تدعيني إليهم بين أدراج الحياة أتخبط في جحيم العصاة، وأكون أسيرة بين أيديهم يفعلون بي ما يشاءون، يبيعونني في أي سوق ويشترون، فأنا أصبحت كالسلعة التي بها يسومون، وعلى بضائعها ينادون.
أماه.. أنقذيني.. أجيبي أيتها الأم.. أجيبي ابنتك بعد أن بح صوتها، وارحمي دمعتها، قولي لها: أفديك يا شمعة تبكي ذوائبها، أفديك بنتاه بدمي إن كنت لؤلوة فالقلب محار.. قولي لها: مازال دمعك مرسوم بذاكرتي.. وأيم الله ما زال دمع الفتاة التي تبكي عبر الهاتف مرسوم بذاكرتي يوم البكاء.
أيتها الأم.. كوني لها ولسائر أخوتها المربية الصالحة، والأم النافعة، تقتدي بالسابقات الصالحات من النساء المؤمنات، وإياك أن تقتليها من غير سكين، وتضعيها في درب الردى وأنت لا تشعرين.
أما سمعت بنماذج بعض الصالحات في العالمين:
فخذي مثلا في الخنساء يوم كانت مثلًا صالحًا في تربية الأبناء، حضرت مع أولادها في حرب القادسية، فقالت لهم: ' يا بَني أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله إنكم أبناء رجل واحد، وأم واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، وأنت تعلمون ما أعد الله للمؤمنين المجاهدين من الثواب العظيم، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستنصرين بالله على أعدائه، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وأبرمت لظى على سياقها، وجعلت نارًا على رواقها، فتيموا وطيسها'. حتى استشهدوا جميعًا فبلغها الخبر، ويا لأم يبلغها الخبر بوفاة ولد من أولادها، فكيف بأم تفجع وتخبر بمقتلهم جميعًا، فلتقتدي بالصابرة حينما بلغها الخبر قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في جنات النعيم.. تلك والله الأم.
عذرًا أيتها الجوهرة الأم. لم نوفك حقًا، وإنما تلميحات تغني عن التصريحات، وأن من جد وجد، ومن زرع حصد، فمن سار على الدرب وصل.
وإن كنت قد حسرت الستار عن بعض الجواهر، فهناك الكثير، فالجواهر كثر، والدر أكثر، والحديث عنك ذو شجون، فالبنات عندنا جواهر، والأخوات درر، ألا يكفيهن أن القرآن شن على أصحاب العقائد المنحرفة كالذين يبغضون الأنثى ويستنكفون عند ولادتها، يقول الله عنهم:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ[59]يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ[59]}[سورة النحل]. إنه حكم جائر، وتصرف وحشي، فمن يمد يده على تلك الطفلة البريئة يواريها التراب بعد أن اغتيلت عاطفة الأبوة الجياشة، والرحمة الفطرية.
ألست تشعرين أيتها البنت والأخت بل وسائر الأخوات المؤمنات أنكن جوهرة مصونة، ودرة مكنونة، إذًا: فاسمعي يوم رغب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإحسان إليك، يوم دوت تلك الكلمات في الآذان دويًا، وهو يقول - صلى الله عليه وسلم -: [مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ] رواه الترمذي.
أيتها الجوهرة.. ألا تشعرين أن الإسلام قعّد لك حقوقًا لا تحتاج إلى زيادة، وهي بعيدة عن النقصان، إذًا فاحذري دعاة الفساد، وأعداء المرأة الأوغاد، الذين يخططون بخطى عاتية في إفساد المرأة وإخراجها عن وصفها المستقيم، فجعلوها قضية تزعجهم.
ومن هنا يحرص أولئك أن يجدونك قضية تحتاج إلى نقاش، وتستدعي الدفاع عنها؛ ولذلك يكثرون الطنطنة عبر وسائل الإعلام المختلفة على هذا الوطر بأن المرأة في مجتمعنا تعاني، وأنها مظلومة، وأنها شق معطل، وأنها رئة مهملة لا تنال حقوقها كاملة، وإن الرجل قد استأثر دونها بكل شيء، وأن المرأة الغربية فاقتها بكل شيء.. وكذبوا وخابوا وخسروا.
اسمعي أيتها الجوهرة شيئاً من حقائق ومآسي المرأة الغربية التي جعلوها في نظرهم قدوة، فأصبحوا لها ينادون، وعلى طريقتها يدعون:
لست أرضى العيش عيش الهمجية سابقي خيل العنان واركبي أغلى مطية
زادك الإيمان تمضين بقصد وروية لا تبالي بالدعاوي والأباطيل الدعية
اسمعي لمأساة المرأة الغربية، وتأملي معي في بعض صور حياتها الموثقة بالتقارير والأرقام والنِسَب وأكتفي هنا بسرد بعضها باختصار للاعتبار والعظة:
هذه صورة قالها أحد الدعاة: أن امرأة غربية وابنها الصغير رآها في أحد الدول تفترش الرصيف تنام عليه لا مأوى لها، فأين أنتم يا دعاة التحرير؟ أين أنتم عن هذه الغربية التي نامت في الشارع لا مأوى لها؟
وصورة أخرى: لأم تعرض طفلتها للسعات الفئران حتى تموت.
وصورة: تحكي أن أما تضرب ابنها الذي لم يتجاوز العام حتى فارق الحياة.. فسبحان الله! أين حقوق الإنسان؟!
وصورة نقلتها مجلة المجتمع: أن مائة وخمسين ألف طفل أمريكي يقتلون بالإجهاض.
وصورة أخرى ذكرتها مجلة الأسرة: أن خمس عشرة طفلة يقتلون يوميا في أمريكا.
ومن الصور: أن الأب يعتدي على طفلته جنسيًا في بريطانيا، ويفعل بها الفاحشة، والعياذ بالله.
وهناك حوالي عشرة آلاف امرأة في الولايات المتحدة يلدن سفاحًا.
وصورة أخرى: تنقلها الدراسات في أمريكا توضح أن في كل 6 دقائق تقع حادثة اغتصاب لفتاة، وحالة ايدز في أمريكا في كل 10 دقائق.
ومن المآسي ما ذكرته الدراسات: أن أكثر من 50% من المراهقات يلدن بدون علاقات زوجية، وأكثر من 5 مليون رجل متزوج له علاقة غير شرعية خارج عش الزوجية.. أين دعاة التحرير؟ أين الذين ينادون المرأة الشرقية كما يزعمون.
وهذه عن دراسة ذكرتها مجلة الأسرة قالت: في أمريكا حالات الاغتصاب والضرب بلغت ثلاث آلاف أمريكية يقتلن على يدي شركائهم في العيش أزواجًا كانوا أو عشقاء، وإن 4 مليون أمريكية يضربن كل سنة بمعدل امرأة واحدة كل خمس عشر ثانية تضرب، وفي فرنسا خمسة ملايين امرأة متزوجة على علاقة جنسية بغير زوجها، كما تشير الإحصاءات إلى أن عشرة آلاف أنثى دون الثامنة عشر اغتصبن في العاصمة واشنطن وإحدى عشر ولاية، وأن ثلاثة آلاف وثماني مائة من هؤلاء كن دون الثانية عشر.
ويزداد رعب الأرقام ورعب المأساة عندما نقرأ: أن عشرين في المائة من الفتيات دون الثانية عشر اغتصبهن آباؤهن، 26% اغتصبهن أقارب لهن، وأن 50% اغتصبهن أصدقاء ومعارف لهم.
أعرفت أيتها الجوهرة حال المرأة الغربية وصور مآسيها، وخذي هذه الزيادة: قال أحد الذين كانوا يدرسون اللغة في إحدى الدول الغربية وكان يسكن عند إحدى العائلات، يقول دخلت ذات مرة إلى البيت الذي أسكن فيه، فإذا بنت صاحب المنزل تبكي بكاء حارًا وأبوها يرفع صوته عليها، كان عمرها 15 عامًا يقول: فلما سألتها ما سبب البكاء؟ فقالت: أن أبي يطلب مني إيجار الغرفة أسبوعيًا، ولم أستطع إلا أن أدفع إلا جزء هذا الأسبوع، فرفض الأب إلا أن أدفع له كامل المبلغ، وإلا مآلي إلى الطرد ومصيري إلى الشارع. فلذلك تسعى أغلب الفتيات هناك للتعرف على الرجال لإيجاد مأوى لهن.
فأين المساواة يا من تدعون المساواة، ويا من غررتم المرأة بأنكم تنادون بحريتها؟!
لقد مر على قيام المنظمات والمؤتمرات أكثر من 50 عامًا فأين هم؟ إنها المآسي.
أيتها الجوهرة ومن المآسي: ما ذكره الدكتور محمد عبد الرزاق وهو ما رآه في مدينة لاسكو قائلًا: بينما كنا ننتظر وصول الحافلة والناس مصطنعين وأنا بامرأة وقعت عينها على فتاة فسلمت عليها سلامًا حارًا وسألتها كم مضى عليك هنا؟ قالت: خمس سنوات، فقالت العجوز: ألا تعرفين أنني أعيش وأسكن في هذه المدينة نفسها أجابت الفتاة بلا أعلم.
فقالت العجوز بصوت حزين. لماذا لا تزورينني قالت الفتاة المشاغل كثيرة والوقت ضيق، فنظرت لها العجوز قائلة أنسيت الأيام والسنين كيف لا تزورينني وأنا أمك يا بنتاه؟! أرأيت أيتها الجوهرة.
أما في مدينة في انجلترا فتسكن عجوز في بيت مستقر وقد تركها الزوج والأبناء، فما كان منها إلا أن اهتمت بتربية القطط فاتخذت نحو عشر قطط قامت بتربيتها، وكان باعة الحليب على عادتهم في بريطانيا يجيئون في الصباح لمن اشترك في شراء الحليب، ثم يضعون الحليب في زجاج عند الأبواب، وهكذا في سائر الأيام، فجاء في اليوم الثاني فوجد لبن حليب الأمس عند باب العجوز لم تؤخذ فاتصل هذا البائع بالشرطة، فوجدوا أن العجوز قد ماتت، والقطط أكلت رجلها وأنفها وأذنيها، فحققت الشرطة في هويتها، فوجدت أن ابنًا من أبناء هذه العجوز يسكن في نفس الشارع التي تسكن فيه العجوز على مسير بضع دقائق، فقالوا له: منذ متى لم تشاهد هذه المرأة- وهي أمه-. فقال: منذ خمسة أشهر، وهو يسكن معها في نفس الشارع!
أرأيت أيتها الجوهرية تلك الحياة المضطربة التي نزعت منها كل خصائص الحياة الاجتماعية والأسرية فضلًا عن الحياة الدينية.
وأخيرًا من الصور والمآسي: ما ذكرته مجلة النور في عددها '127' في محاولات الانتحار بين الشباب والشابات الفرنسيين وأنه بمعدل 12 ألف ينتحرون كل عام، حتى وصل الأمر فيهم لدرجة انتشار كتب عن الانتحار بعناوين شتى منها كتاب 'كيف تتخلص من حياتك بسهولة' والغريب أن هذه الكتب تجد رواجًا عجيبًا. فيباع منها الآلاف في وقت قصير.
أرأيت أيتها الجوهرة كيف تعيش المرأة الغربية، أرأيت تلك الصور والمآسي هي من صور أولئك اللاتي تعجب بهن البعض من نساءنا اللاتي تأثرن بالمظهر ودعاة الحرية والاستقلال، وليست والله لا حرية ولا استقلال إنما هي الذلة والنكال.
أما نحن معشر الرجال فلم نرخي الذمام، ولن نطلق قيادنا مهما بلغ بنا الأمر، ولو قدمنا رقابنا دفاعًا عن محارمنا، و عن نساءنا.
ونحن اليوم نشكو من جاهلية هذا القرن إذ وئدت المرأة وأدًا أشد من الجاهلية، فالمؤودة في الجاهلية في الجنة كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أما المؤودة في هذا القرن فهي التي وأدت نفسها، وباعت عفتها، وهدرت حيائها، فلا تجد الجنة - وربي- كاسية عارية مائلة مميلة أصغت بأذنها إلى الدعاة على أبواب جهنم، فشقيت وخسرت في دنياها وأخراها.
فلتحذر المتبرجة يوم تركت حجابها، عجبًا لتلك الشريفة العفيفة كيف تقبل أن تعرض جمالها في السوق، وأن تكون سلعة رخيصة تتداولها الأعين، وكيف يرضى لها حياؤها أن تكون مبعث إثارة وشهوة في نفس رجل يراها، بل وكيف تطيق الشعور بأن يصبو إليها ويتمناها، وأين هي من قول ربها {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ... [59]} [سورة الأحزاب].
أيتها الجوهرة.. إنك تفقدين عفافك عندما تخلعين الحجاب، فتخلعين الحياء والوقار، إن الحجاب شعار التقوى والإسلام، وبرهان الحياء والاحتشام، وأعظم دليل على أدبك وكمالك، فصونيه أيتها الشريفة. صوني جسمك الطاهر من اعتداء الأعين الزانية وحسنيه بالاحتشام تزودي عنه السهام الغازية.
لا خير في حسن الفتاة وعلمها *** إن كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليها وإنمـ *** ـا للناس منها دينها وحياؤها.
أيتها الجوهرة: إن أهل الباطل يريدون منك أن تكون فاجرة عاهرة كافرة، يريدون أن تكون بهيمة في مسخ بشر. حاشاك يا ابنة الإسلام، وأنت المقتدية بقول عائشة - رضي الله عنها -: ' أقلوا من الذنوب فإنكم لن تلقوا الله بشيء أفضل من قلة الذنوب'. فإن الذنب أخرج الأبوين من الجنة، وأخرج إبليس من ملكوت السماوات وطرده الله ولعنه. وبالذنب سلطت الريح على قوم عاد، وأرسل على قوم ثمود الصيحة، ورفعت قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم، وخسف بقارون داره وماله وأهله، أفأمنت مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ[16]أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ[17]} [سورة الملك].
أيتها الجوهرة: إنهم يتحدثون ويقولون ماتت فلانة وفلانة، فهل تدري متى يقولون متى أنتِ؟ هل تذكرت حالك إذا غُسّلتِ بسدر وحنوط وكفنت بخمسة أثواب؟ يا ترى كيف سيكون حالك عند الموت؟ هل تريدي أن تموتي وأنت تنتقلين من قناة إلى قناة، أو وأنت ممسكة بسماعة الهاتف، أو تفكرين بالزنا، أو تاركة للصلاة؟!
إن آمالنا بك يا أيتها الجوهرة الكبيرة أن تعودي إلى الله قبل فوات الأوان، لأن الدقائق تؤذن بالرحيل، فالوصية للجواهر والدرر أن يرجعن لكتاب الله، وإلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، التوبة التوبة قوليها واعملي بها؛ لأنها كلمة سهلة على اللسان، ولكن أين الذين يطبقونها، واتقي الله أن يكون أهون الناظرين إليك، وإياكي أن تبغي بالصحة والعافية والمأكل والمشرب، فرب مسرور مغبون بأكل وبشرب ويضحك وقد كتب أنه من وفود النار، احذري جليسة السوء وكل جليسة لا تستفيدين منها خيرًا فاجتنبيها، وتذكري أن الحساب غدًا شديد، والاحصاء دقيق، واحذري الغيبة والنميمة والاستهزاء والسخرية، احذري أن تطلقي العنان للسان، واعلمي أنه لا يجوز كشف الزينة والوجه للرجال الأجانب وأخص منهم الحمو أخو الزوج لأنه الموت كما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
احذري الطبيب والسائق والخياط والبائع؛ فإن الحساب عسير، والعقاب شديد وإياك واللباس الفاضح كالبنطال والخفيف والضيق والشفاف واحذري أن تكون قطعة قماش كهذه سبب دخولك إلى النار وعليك بالستر والحشمة.
يا أمة الله.. العباءة ليست رداءً تلبسينه ولباسًا تتزينين به، بل هو طاعة لأمر الله، فأرى الله منك خيرًا بالاحتشام والستر والعفاف، واعلمي أن حجابك هو السور الذي يسترك ويحفظك من لصوص النظر والإغراء والمدينة تبقى أمينة ما دامت الأسوار فيها منيعة بأعمدة متينة.
واحذري من شراء المجلات الهابطة، واحذري أن تفسدي جيبك بالشراء، وعقلك بالشبه وعينك بالنظر إلى ما حرم الله. بل تصدقي بقيمة هذه المجلة تؤجري في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، واحذري الخلوة مع الرجل الأجنبي، وإياك وكثرة الخروج من بيتك من غير حاجة، وخصوصًا إلى شر البقاع الأسواق.
أيتها الجوهرة.. إن المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان أي زينها للرجال والحديث رواه الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، احذري التطيب عند الخروج والذهاب واستحضري قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ]رواه الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجة وأحمد.
أيتها الجوهرة.. سارعي إلى التزود من الطاعات، فهي طريق الخير والمنافسات، وقربة لله من رب الأرض والسماوات.
اقرئي القرآن، حافظي على السنة والرواتب، كوني حريصة على الوقت والاستفادة منه فالوقت المفقود لا يعود ولا يشتري بالنقود. صلاتك صلاتك حافظي عليها تغنمي. أديها في أوقاتها
أيتها الجوهرة.. أخيرًا: لا تنسي أنك تعودين إلى نساء خالدات عطرن التاريخ بطيب ذكرهن، وأضفين على صفحاته كرم العطاء ونبل التضحية، وصنعوا لدينهن أجيالًا من الأبطال، فكن مصانع الرجال، وتذكري يوم تبلى السرائر، ويوم تكشف الضمائر، يوم الحاقة، القارعة، يوم الزلزلة، يوم الطامة، يوم الصاخة، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، يوم يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله.. حفظ الله نساء المسلمين وهداهن بالتوفيق والسداد.
من: ' الجوهرة المصونة' للشيخ / بدر بن نادر المشاري
الأربعاء 15 ربيع الأول 1425هـ - 5 مايو2004 م
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/176)
قولي في المرأة
محمد سرور زين العابدين
تمهيد:
لا تزال قضية المرأة ودورها في المجتمع من أهم الموضوعات التي شُرِعت من أجلها أقلام العلماء والمفكرين، وصنفت فيها الكتب، ورغم كل ما قيل وكتب فلا تزال هذه المسألة تحظى باهتمام الباحثين، ولكل منهم وجهة هو موليها.فمنهم من اتهم الإسلام والمسلمين بظلم المرأة واستعبادها، ومنهم من أرعبه ما يكتبه المستشرقون والمستغربون فسعى لإرضائهم على حساب النصوص الشرعية، ومنهم من غالى، فانتقص فيما كتبه من أهمية المرأة ودورها في المجتمع، وقدم من حيث لا يشعر خدمات جلى لأعداء الإسلام، ومنهم من كان هدفه إرضاء الله - تعالى -، وبيان الحق الذي لا مرية فيه، فوفق في ذلك أيما توفيق، ولقي ما كتبه هؤلاء العلماء الأفذاذ رواجاً وسعة انتشار.
وقد كنت إلى عهد قريب مجانباً الكتابة في هذا الموضوع لأن كل ما أريد قوله سُبقتُ إليه، غير أن هناك أمراً دعاني لإعادة النظر في هذه القناعة، وسوف أوجزه فيما يلي:
في لقاءاتنا المتكررة مع بعض الأخوة الدعاة يوجهون إلينا نوعاً من الأسئلة يختلط فيها المزاح بالجد، والاستفهام بالاتهام:
- هل صحيح أنكم ما زلتم تنظرون للمرأة كما كان ينظر إليها الآباء والأجداد؟!.
- وهل صحيح أنكم لا ترون شرعية مشاركة المرأة للرجال في قيادة الأحزاب والجماعات الإسلامية؟!.
- وهل صحيح.. وهل صحيح.. أسئلة كثيرة تنهال علينا كلما التقينا بهؤلاء الإخوة، وعندما نقول لهم: أجبناكم أكثر من مرة فماذا تريدون، يكون ردهم: دونوا أقوالكم في كتاب سيار يقرؤه العامة والخاصة.
هذا ما نسمعه منهم مشافهة، أما في غيابنا، فيقال الكثير والكثير من الظلم والغيبة والتنفير، ومما يزيد الطين بلة: إقامة بعضنا في ديار الغرب [الأوربي والأمريكي]، وما تفرضه هذه الإقامة من تعامل مع الكفار في مختلف مجالات الحياة: التربوية، والتعليمية، والمعاشية، وفي هذه المجتمعات يكثر الاختلاط، ويكاد ينعدم الفارق بين الرجل والمرأة، وترتفع أصوات منكرة منادية بالانفتاح على المجتمع منددة بالمتقوقعين على أنفسهم، وما التقوقع في مفهوم هؤلاء إلا الحشمة والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.
وفي ظل هذا الانفتاح المزعوم ينبري المفتون إلى إصدار الفتاوى التي تبيح معظم المنكرات التي ينادي بها دعاة الانفتاح والتأقلم مع طبيعة وعادات الغربيين، وكل من يأخذ بهذه الفتاوى المزعومة يغرق حتى شحمتي أذنيه في أوحال ومستنقعات المدنية الغربية، ويصعب عليه الفكاك من أسرها.
من جهتي فإني أتحرج من نصح هؤلاء الإخوة في أمر أهليهم، لأنهم يعرفون الحلال والحرام، وهم الذين يفسرون للناس معاني ومدلولات قوله - تعالى -: ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة))، ويعلمون ما هم عليه من تفريط ومخالفات شرعية، وإن كابروا، وسوغوا لأنفسهم ما هم عليه من أوزار وأخطاء... نعم وإن قلبوا المعادلة واتهموا مخالفيهم بالتشدد، وضيق الأفق، وسوء فهم الأحكام الشرعية ((بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)).
وإذا كنت أتحرج من نصحهم، فحرجي من نقدهم، والهجوم عليهم أشد، وجل الذي أفعله عند الحاجة التلميح والتعميم الحذرين التزاماً مني بالهدي النبوي: "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا... ".
وما سبق ذكره ليس أكثر من سبب من الأسباب التي تدعوني إلى الكتابة في هذا الشأن، فهناك ما هو أهم وأشد خطورة، لاسيما وأن وسائل الهدم والإفساد تزداد حدتها وتتنوع وسائلها يوماً بعد آخر، ويتطلب ذلك منا يقظة وحذراً، كما يتطلب وضع البدائل الإسلامية التي نستغني بها عن محاولات الذين يضعون السم في الدسم.
ليست المسألة عندي الدفاع عن نفسي ضد اتهامات بعض إخواني، وإنما المسألة في إطارها الصحيح: ما الذي أريد أن أقوله للمرأة؟!.
أما العنوان الذي وقع عليه اختياري: [قولي في المرأة]، وإن كنت قد سبقت إليه فلم أجد أنسب منه، وقولي هذا لابد وأن يختلف عن قول غيري، وإلا لما احتجت إلى كتابة هذا البحث.
ومن جهة أخرى فلن أستطرد في التأصيل الشرعي، وتفنيد أقوال أعداء الإسلام ومآخذهم على موقف الإسلام من المرأة - إلا فيما لابد منه - وذلك لأن عدداً كبيراً من أفاضل الدعاة العلماء سد هذه الثغرة فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً. ومن جهة ثالثة لابد لي من التأكيد بأنه لا قول لي إلا ما قاله الله ورسوله، قال - تعالى -: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله، واتقوا الله إن الله سميع عليم)).
أي: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، ولا تقطعوا أمراً دون الله ورسوله، وقال القاضي أبو بكر بن العربي: "حرمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ميتاً كحرمته حياً، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلامه المسموع من لفظه" [1].
تكريم الإسلام للمرأة:
غضب عمر - رضي الله عنه - من مراجعة امرأته له في أمر من أموره العامة، وكانت قد قالت له: لو صنعت كذا وكذا، فقال لها: وما لك أنت، ولما هنا؟، وما تكلفك في أمر أريده؟، فأجابته: عجباً لك يا ابن الخطاب، ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك حفصة لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان.
هز هذا الخبر أمير المؤمنين - رضي الله عنه -، ونهض من فوره ليتثبت من صحة ما قالته زوجه، وهو لا يكاد يصدق أن امرأة مهما كانت تجرؤ على مراجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي لا يراجعه رجل له من الهيبة والمكانة مثل ما لعمر.
وفي بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأكد عمر من صحة ما أخبرته به زوجه، بل كان الخبر في هذه المراجعة أكبر وأعظم، لقد اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه تسعاً وعشرين ليلة، إثر مؤامرة، اشتركت فيها كل من عائشة وحفصة - رضي الله عنهما -، ولم يعد عمر يستغرب أن تراجعه امرأته بعد أن رأى ما رأى من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع نسائه، ومَنْ عمر أمام رسول الله وخاتم أنبيائه - صلى الله عليه وسلم -؟.
تذكر ابن الخطاب حال المرأة في الجاهلية، ثم قال قولته الشهيرة: "كنا في الجاهلية لا نعدُّ النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن - بذلك - علينا حقاً"[2].
ليس هذا في الجاهلية فحسب؛ بل ما من نظام من الأنظمة - في القديم والحديث - ولا دين من الأديان أكرم المرأة، ومنحها المكانة اللائقة مثل دين الإسلام. ففي الوقت الذي كانت الأمم الأجنبية تعتبر المرأة كالبهيمة والمتاع تباع وتشرى، وكانوا يتناقشون فيما بينهم: هل هي إنسان، أو غير ذلك، وهل تصح منها العبادة أم لا... في هذا الوقت بالذات كان الوحي يتنزل على خاتم أنبيائه - صلى الله عليه وسلم - معلناً رفع الظلم عن المرأة، ومؤكداً على أنها والرجل من جنس واحد والأفضلية عند الله للأكثر صلاحاً وتقوى لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء، قال - تعالى -: ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)) [الحجرات: 13].
وقال: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً)) [النساء: 101].
وقال: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) [الروم: 20].
وقال: ((إن المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعين والخاشعات، والمتصدقين والمتصدقات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً)) [الأحزاب: 35].
قرن الله - جل وعلا - الإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته وعدم الإشراك به أحداً من خلقه، قال - تعالى -: ((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً، إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً)) [الإسراء: 23 - 24].
لا تقل لهما أف لما تميط عنهما من الأذى، أي: الخلاء والبول، كما كانا لا يقولانه حين كانا يميطان عنك الخلاء والبول، وعن الحسين بن علي - رضي الله عنهما - مرفوعاً: لو علم الله شيئاً من العقوق أدنى من "أف" لحرمه [3].
ومن أراد تطبيق قاعدة "وبضدها تتميز الأشياء"، فما عليه إلا زيارة ملاجيء المسنات في الدول الأوربية، وسيرى فيها العجب العجاب من عقوق الأبناء لأمهاتهم، والسعيدة من أولئك النسوة من يزورها ولدها في الأعياد والمناسبات العامة، ويقدم لها باقة من الورد.
وحتى لو كان الوالدان مشركين فالولد مأمور ببرهما والإحسان إليهما في الدنيا، مع عدم طاعتهما إذا أمراه بأمر من أنواع الشرك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحق الله أكبر وأعظم من حقهما، قال - تعالى -: ((وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي، ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون)) [لقمان: 14].
وقال: ((ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما...)) [العنكبوت: 8].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ - ثلاثاً - قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت". متفق عليه.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أحب إلى الله - تعالى -؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي: قال: الجهاد في سبيل الله". متفق عليه.
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رَغِمَ أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر: أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة" رواه مسلم.
ورغم أنف: أي لصق بالرغام وهو التراب هواناً، لأن الأبوين جنة الابن أو ناره، فإذا لم يقم بخدمتهما عند كبرهما خسر خسراناً مبيناً.
والأم مفضلة على الرجل في البر لأنها حملته في بطنها، وأرضعته من ثدييها، وتكفلت بتربيته وخدمته، قال - تعالى -: ((ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن، وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)) [لقمان: 14].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك". متفق عليه.
من شاء معرفة حقيقة دور الوالدين مع أبنائه فلينظر إلى نفسه مع أبنائه، كيف يرعاهم صغاراً، ويسهر على صحتهم، ويسعى لسعادتهم، ثم يتعهدهم كباراً بالتعليم والنفقة والتربية، ثم يزوجهم، ويظن أن دوره قد انتهى، لكنه لا يلبث أن يجد نفسه غارقاً في هموم أسر أبنائه، وأحفاده، وفضلاً عن ذلك كله فهو لا يريد لأبنائه إلا حياة هانئة سعيدة.
ولهذا فقد عد الشارع عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقرنه مع الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرمها الله بغير حق، وكما هو - العقوق - مستقبح في مجتمعاتنا اليوم، فقد كان مستقبحاً عند العرب في جاهليتهم، يقول أمية بن أبي الصلت في تقريع ابن له على معاملته بالغلظة:
غَذَوتُكَ مولوداً وعُلتُكَ يَافعاً *** تُعَلُ بما أدنى إليكَ وَتَنهَلُ
إذا ليلةٌ نابتكَ بالشَكوِ لم أَبِت *** لشكواكَ إلا سَاهِراً أَتَملمَلُ
كأَني أنا المطروقُ دونَكَ بالذي *** طُرِقتَ به دوني وعيني تَهمُلُ
فلما بلغت السنَ والغايةَ التي *** إليها مدى ما كنتُ فيك أُؤَمِلُ
جعلت جزائي منك جَبهاً وغِلظَةً *** كأنك أنتَ المنعمُ المتَفَضِلُ
فليتك إذْ لم تَرْعَ حق أُبُوَتي *** فعلتَ كما الجارُ المجاورُ يَفعل
وبعد موت الوالدين أو أحدهما يشعر الولد البار أنه ما صنع لهما شيئاً ذا بال، ولا يتذكر إلا ذنوبه معهما.. يا ليتني لم أفعل كذا وكذا، ويا ليتني فعلت كذا وكذا، وكلما رأى أو سمع شيئاً طيباً فعله أحد أصدقائه غبطه على ذلك وتمنى لو كان أبواه في عداد الأحياء ليفعل ما فعله صديقه، ولعل هذا الشعور الطيب هو الذي دفع الصحابي إلى سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، هل بقي علي من برّ أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال نعم: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما [4].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروّح عليه إذا ملّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوماً على ذلك الحمار، إذ مرّ به أعرابي، فقال: ألست ابن فلان ابن فلان؟ قال: بلى، فأعطاه الحمار وقال: اركب هذا، والعمامة قال: اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك، أعطيت هذا الأعرابي حماراً كنت ترَوّح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك؟ فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يوَلي، وإن أباه كان صديقاً لعمر - رضي الله عنهم - [5]. بعد أن يولي: أي بعد أن يموت.
----------------------------------------
[1] - تفسير القرطبي للآية.
[2] - رواه البخاري، كتاب اللباس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجوز من اللباس والبسط، (فتح الباري)، والسمط الثمين، ص 183 [عن كتاب الإسلام والمرأة] لسعيد الأفغاني.
[3] - حسن الأسوة، صديق حسن خان، ص: 114.
[4] - أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد.
[5] - أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب: من أبر الصلة صلة الرجل أهل ود أبيه.
ربيع الثاني 1422 هـ - يوليو (تموز) 2001
http://www.alsunnah.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/177)
المرأة في عمق الزمن تحرير أم تغرير
يسري صابر
مرت المرأة في تاريخها الطويل بمرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة الظلم والظلام وبؤس المرأة العربية وسوء حالها، وذلك قبل الدعوة المحمدية وظهور الإسلام في الجزيرة العربية، المرأة في فترة الظلام قد سلبت جميع الحقوق دون استثناء، بل لم تعتبر المرأة امرأة كما هو معلوم عندنا الآن؛ فالمرأة كانت تعد حشرة من الحشرات، أو كانت تعد من عالم آخر كعالم الجن والشياطين، والذي كان يعتبرها امرأة من أهل الجاهلية كان يمنعها حقها ويفرض عليها أمورًا، ويعاملها معاملة غير إنسانية؛ فمثلاً: إذا حاضت المرأة كان الزوج لا يأكل ولا يشرب معها، بل ولا يسكن معها في البيت، وإنما يخرجها خارج البيت هذا ما كان عليه أهل الجاهلية. وأما حقوقها كأم أو أخت أو غير ذلك فلم يكن لها أي حق على الإطلاق.. قال - تعالى -: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ)[النحل: 58] فكانت بشرى في منتهى التعاسة والنكد لو بشر أحد الجاهليين بأنه رزق بأنثى، يفكر ماذا يفعل بها (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [النحل: 59]
(أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ) يبقها على مضض (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ) فكان أهل الجاهلية يدسون ويئدون بناتهم في التراب وهنّ أحياء، فكان يحفر الأب أو الأخ لابنته أو لأخته في التراب ثم يضعها فيه وهي حية يجري الدم في عروقها!
المرأة كانت عند أهل الجاهلية كمتاع يقتنى، وسلعة يستكثر منها ولا يهم بعد ذلك ما يصيب الأسرة من تفكك وانهيار، ولا ما يترتب على تعدد الزوجات من عداوة وبغضاء بين النساء وبين الأبناء حتى تعلن الأسر حرباً على نفسها و تصبح مصدر نزاع وعداوة بين أفرادها.
وكان الزوج لا يعنيه الأمر سواء عدل بين أزواجه أو جار، سوى بينهن في الحقوق أو مال؛ فكانت حقوق الزوجات مهضومة، ونفوسهن ثائرة، وقلوبهن متنافرة، وليت الأمر كان قاصراً على تعدد الزوجات في أبشع الصور وأوخم العواقب؛ بل كان الرجل منهم إذا قابل آخر معه ظعينته (امرأته في هودجها) هجم عليه فتقاتلا بسيوفهما، فإن غلبه أخذ منه ظعينته واستحلها لنفسه ظلماً وعدواناً.
وحرمت المرأة في الجاهلية من الميراث؛ فهي لا ترث الرجل بعد وفاته؛ بل هي من تركته التي تركها، فإذا جاء أحد أقارب الزوج المتوفى وألقى بثوبه على المرأة صارت له، فبئست التقاليد وبئست العادات، فلا رحمة ولا مودة ولا تعاطف؛ بل جفاء طاغ.
المرحلة الثانية: هي مرحلة النور.. مرحلة التحرير.. مرحلة العزة والكرامة؛ وهي المرحلة التي أعطى الإسلام للمرأة كامل حقوقها وفرض عليها الواجبات التي تتناسب مع خلقتها وينصلح بها حالها، وبصلاح المرأة ينصلح المجتمع كله.
لقد جاءت الدعوة المحمدية فحررت المرأة من فوضى الجاهلية وأخرجتها من الظلمات إلى النور، وأعادت إليها حريتها كاملة غير منقوصة ونظمت أو حددت تعدد الزوجات بأربع فقط.
وقد اعترف المستشرق الفرنسي (أندريه سرفيه) بفضل هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كتابه "الإسلام ونفسية المسلمين"؛ فقال: لا يتحدث هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة إلا في لطف وأدب، كان يجتهد دائماً في تحسين حالها ورفع مستوى حياتها، بعد أن كانت تعد مالاً أو رقيقًا، وعندما جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - قلب هذه الأوضاع؛ فحرر المرأة وأعطاها حق الإرث" ثم ختم كلمته قائلاً: "لقد حرر محمد المرأة العربية، ومن أراد التحقيق بعناية هذا النبي بها؛ فليقرأ خطبته في مكة التي أوصى فيها بالنساء خيرًا، وليقرأ أحاديثه المتباينة".
ما أصدق هذا القول ووضوح تلك الرؤية التي بعد عنها كثير من أبناء المسلمين بعد أن صاروا ببغاوات وأبواق لأذنابهم من الغرب، وما أكثر دفاع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة وحقوقها، ألم يقل في خطبته في حجة الوداع: " أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا، أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ" [رواه الترمذي(1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه - وعند مسلم (1218) بلفظ: "فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"، وعن عائشة - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" [رواه الترمذي(3895) وغيره]. وعن معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- أن رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ؟ فقَالَ: " أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ، وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلا يَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يُقَبِّحْ، وَلا يَهْجُرْ إِلا فِي الْبَيْتِ" [رواه أبو داود (2142) وابن ماجة(1850)]. وأمر بالرفق العام بهن فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ارفق بالقوارير" [رواه البخاري (6209) ومسلم (2323) من حديث أنس - رضي الله عنه -]
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي". ولها رأيها في تزويجها، وليس لوليها أن يعدو إذنها، ويقصرها على من لا تريد إن كانت رشيدة؛ فعن خنساء بنت خذام الأنصارية - رضي الله عنها - أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحه [رواه البخاري (5137) تحت باب: إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود].
ومن أعجب المصادفات أن يجتمع (ماكون) في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي في سنة 586 م لبحث هل المرأة إنسان، وبعد بحث ومناقشة وجدل قرر: أنها إنسان ولكن خلقت لخدمة الرجل وحده. ولم يكد يصدر هذا القرار الجائر في أوروبا، حتى نقضه محمد - صلى الله عليه وسلم - في بلاد العرب إذ رفع صوته قائلاً: " إنما النساء شقائق الرجال" [رواه الترمذي (113) وأبو داود (237) وابن ماجة (612) من حديث عائشة -رضي الله عنها-].
بل إن جاهمة السلمي - رضي الله عنه - جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك من أم؟ " قال: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها". أليس هذا فضل وأي فضل، إن الجنة مبتغى كل رجل، وكل امرأة أم لكل رجل!، فالمرأة نصف المجتمع وتلد النصف الآخر فهي المجتمع بأسره، وبذلك علم العالم أجمع أن المرأة إنسان مهذب له من الحقوق ما يتناسب مع خلقتها وفطرتها في وقت كانت فيه أوروبا تنظر إلى المرأة نظرة سخرية واحتقار، وفي القرن السابع الميلادي عقد مؤتمر عام في روما ليبحث فيه المجتمعون شؤون المرأة فقرروا أنها كائن لا نفس له، وعلى هذا فليس من حقها أن ترث الحياة الآخرة، ووصفها المؤتمر بأنها رجس كبير. وحرم عليها ألا تأكل اللحم، وألا تضحك، وألا تتكلم، ونادى بعضهم بوضع أقفال على فمها، وفي هذا الوقت كانت المرأة العربية تأخذ طريقها نحو النور وتحتل مكانتها الرفيعة في المجتمع العربي وتقف بجانب الرجال في معترك القتال.
لقد قالت الربيع بنت معوذ - رضي الله عنها -: "كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة" [رواه البخاري (2883)].
ألا يحق بعد هذا كله للسيد (ريفيل) أن يقول: إننا لو رجعنا إلى زمن هذا النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لما وجدنا عملاً أفاد النساء أكثر مما فعله هذا الرسول؛ فالنساء مدينات للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأمور كثيرة رفعت مكانتهنّ بين الناس.
وقد كتبت جريدة "المونيتور الفرنسية" عن تصور احترام الإسلام ونبيه للمرأة فقالت: لقد أجرى الإسلام ونبيه تغيراً شاملاً في حياة المرأة في المجتمع الإسلامي فمنحها حقوقاً واسعة تفوق في جوهرها الحقوق التي منحناها للمرأة الفرنسية.
أما الكونت (هنري دى كاسترى) فقد تناول عقد الزواج عند المسلمين فقال: "إن عقد الزواج عند المسلمين يخول للمرأة حقوقاً أدبية وحقوق مادية من شأنها إعلاء منزلة المرأة في الهيئة الاجتماعية"، وهذا أيضًا هو ما دفع العالم الألماني (دريسمان) أن يسجل قوله: لقد كانت دعوة محمد إلى تحرير المرأة السبب في نهوض العرب وقيام مدينتهم، وعندما عاد أتباعه وسلبوا المرأة حقوقها وحريتها كان ذلك من عوامل ضعفهم واضمحلال قوتهم. إن الفضل قد يخرج من الأعداء في لحظة صدق وإنصاف والفضل ما شهد به الأعداء.
نعم عاد من أبناء جلدتنا من سلب المرأة حقوقها وأرادها خراجة ولاجة يساومونها على عفتها وكرامتها وشرفها عبر إعلانتهم التجارية وفضائياتهم العفنة، وآخرين يعتدون على أنوثتها ويدنسون رقتها قالوا لها: كوني رجلاً! وقابلي المجرمين لتقضي بينهم! كوني مقاولة..! تنقلي بين البلاد واغتربي لتكوني سفيرة..!! زعموها حقوقا!! هل من حق المرأة أن تكون رجلاً؟! أن تخرج عن خِلقتها؟!
أن تمارس أدوارًا خارج فطرتها؟! أن تمارس أعمالا لا طاقة لها بها؟! أن تتمرد على أنوثتها؟! أن تخالف رقتها؟! أن تبعثر جمالها؟! عجبا أن يطلب من القمر المضيء أن يكون شمسًا محرقة! أهذه حقوق؟! أم أنها مفاهيم عفنة وألفاظ تتصادم مع الفطرة وتعجل بانتقام الخالق - سبحانه -.
إن الإسلام هو المملكة التي أعطت الحقوق لكل من فيها ذكرًا كان أو أنثى، إنسانًا أو حيوانًا، صغيرًا أو كبيرًا، فقيرًا أو غنيًّا، وسيظل الإسلام ظاهرًا وباقيًا محفوظًا بحفظ الله وسنعيش في تلك المملكة طالما تمسكنا بتعاليمه وقواعده فهو مصدر عزتنا وكرامتنا قديما وحديثًا ومستقبلاً، والمرأة هي الكيان التي تقوم به تلك المملكة ولو خرجت عن هذا الكيان وعن دورها فيه لتحطمت تلك المملكة وانهارت.
وختامًا؛ فالإسلام هو نصير المرأة أمًّا وأختًا وابنة، ومنقذها ومحررها ومخرجها من الطغيان والذل، وجعلها تخرّج الأجيال والأبطال، فوراء كل عظيم امرأة، فلا خداع ولا مداهنة ولا فلسفات فاسدة، ولكنه تاريخ يمتد عبر العصور، وحضارة تثبت جدارتها وإنسانيتها، وقدرتها على الابتعاث من جديد، عرف من عرف، وجهل من جهل.
والله غالب على أمره، ولو كره المرجفون.
27/2/1425
17/04/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/178)
غارت الغيرة ( صرخة عفاف )
محمد بن سرّار اليامي
قالت عفاف..." والدمع يملأ ساحة الأجفان":
عزيزي الزوج...
أيها الرجل.. اسمع لحديثي، وأنصت لخطابي... نعم...
أخاطب فيك رجولتك...
أخاطب فيك حميتك...
أخاطب فيك محبتك لي...
أخاطب فيك دمك.. الحار، وفؤادك الموار..
أخاطب فيك الإباء..
أخاطب فيك مروءتك..
عزيزي الزوج... أيها الرجل...
أعلم أنك تغضب إذا أُخذ من مالك..
وتحزن إذا فاتك نصيب في أعمالك..
أتذكرك... نعم أتذكرك دائماً..
أنت تزمجر كالأسد عندما يكسرُ الولد النافذة..
وتتفلت كالليث عندما ينسكبُ العصير على الأرض..
وتنتفخ أوداجك عندما يتأخر الغداء ساعة، أو ساعتين..
عزيزي الزوج.. أيها الرجل..
لا يزال في مخيلتي ذلك الموقف الغريب.. نعم إنه لغريب حقاً على من هذه صفاته... قد تقول لي: ذكريني، فأقول أما تذكر.. ذلك الرجل الذي سلّط النظر عليّ، وحاول التحرش بي...
نعم عزيزي... هذا عجيب..
ولكن الأعجب هو برود أعصابك، وسكوت عباراتك، وليونة مخاطبتك..
هذا والله عجب عجاب...
بل وأزيدك من الشعر بيت..
عندما أمرتني أن أصافح أبناء عمومتك..
عزيزي.. أنت تعلم أنهم رجال أجانب، ليسوا لي بمحارم، ولكنك تردد حجتك الواهية دوماً: هؤلاء أبناء عمومتي، وإخواني.. ونسيت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الحمو الموت". بل وأزيدك من الذكريات المرة..
عندما خرجنا أنا وأنت خارج بلادنا الطيبة المباركة الموحدة..
أتذكر ماذا قلت لي؟!!!
لقد أمرتني بنزع الحجاب، وقلت: هؤلاء لا يعرفونك، فخذي راحتك...
عزيزي... أنت تعلم أن راحتي في حجابي، وعفافي، وستري وصيانتي عن الأجانب.... فهلاّ أنصفتني..
عزيزي.. دعني أنثر همومي في خطابي... فاستمع..
أما تذكر أيضاً إصرارك العجيب على أن أعرض نفسي على طبيب الأسرة، ذلك الرجل الأجنبي..
إنني أتمزق نفسياً من هذه الفعلة... يا زوجي..
والله... لقد كدت أنهار... بل أفقد أعصابي..
أنت تبرر وتعتذر بعذر أقبح من ذنب..
تقول: هو - أعني الطبيب - ذا خبرة، ومهارة.. وأنت تعلم وأنا أعلم أن في بنات جنسي من هي خير منه، وأنفع، وأن البديل الشرعي موجود..
وتذكر عزيزي عندما نزلت السوق.. فقلت لي: أنا أنتظرك في السيارة!!!
عزيزي...
أنا بحاجة إلى حماية..
أنا بحاجة إلى رعاية..
أنا بحاجة إلى مشاركة في الذوق والاختبار..
عزيزي:
تذكر إن حصل لي مكروه قول الأول:
تعدوا الذئاب على من لا كلاب به *** وتتقي مربض المستأسد الضاري
بل وتذكر عزيزي الزوج حينما طلبتُ منك الذهاب إلى والدتي المريضة، فقلت لي بكل بساطة: اذهبي مع أخي.. يا سبحان الله... أنا زوجتك.. أم زوجة أخيك؟؟!!
أين أنت من هذا الغيور..؟؟! إذ يقول:
أغار عليك من نفسي ومني *** ومنك ومن مكانك والزمان
ولو أني خبأتك في عيوني *** إلى يوم القيامة ما كفاني
أيها الزوج... بعد ما تقدم من الذكريات المرة.. والأحداث المزعجة لكل عاقل...
أبعث بهذه الرسالة.. إليك، وإلى كل من شاكلتك..
أبعث بهذه الرسالة إلى من ذابت هويته في إناء غيره..
أبعث بهذه الرسالة إلى من ماتت همته، وهلكت عزيمته..
أبعث بهذه الرسالة إلى كل رجل..
ليتذكر رجولته... وفحولته... وغيرته.. وإيمانه وتقواه..
ليتذكر قوامته على زوجته..
ليتذكر مسؤوليته عنها أمام الخلق، والخالق - جل وعز -...
أصرخ بها مدوية... وأعلنها صريحة...
الغيرة..... الغيرة..... الغيرة... يا رجال..
إن كان هناك رجال...
الغيرة... الغيرة.... يا أهل القوامة...
إن كانت لكم قوامة...
الغيرة... الغيرة... يا أهل الفحولة..
إن كانت لكم فحولة...
الغيرة.... الغيرة... يا أهل الكرامة..
إن كانت لكم كرامة...
الغيرة... الغيرة... يا أهل المسؤولية..
إن كانت لكم مسؤولية..
أيها الرجال...
خطابي هذا... أكتبه بمداد دمعي، واسطره بلهيب حرقتي.. على الواقع المرير..
أرسله إلى زوجي... وإلى كل زوج...
أرسله إلى أبي.... وإلى كل أب....
أرسله إلى أخي.... وإلى كل أخ...
أرسله إلى ولدي... وإلى كل ولد....
أرسله إلى كل رجل يشتمل على معاني الرجولة.. والفحولة...
فهل من مجيب؟؟!! وهل من لبيب؟؟!!
وهل من غيرة علينا نحن بنات المسلمين؟؟!!
ورحم الله على بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذ يقول لما رأى فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورضي عنها تستاك، فهاجت قريحته فقال:
لقد فُزت يا عود الأراك بثغرها ***وما خفت يا عود الأراك أراكا
ولو كنت من أهل القتل قتلتك *** ومالي يا عود السواك سواكا
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/179)
وجوب تفقد الزوجة حال زوجها
زكريا حسيني
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وبعد:
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها اشترت نُمْرُقةً فيها تصاوير، فلما رآها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخله، فعرفتُ في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله، أتوب إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ماذا أذنبت؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال هذه النمرقة؟ " قلتُ: اشتريتها لك لتقعد عليها وتَوَسَّدَهَا، فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم". وقال: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة".
هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في ستة مواضع من صحيحه في كتاب البيوع باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء برقم 2105، وكتاب بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه برقم 3224، وكتاب النكاح بل هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة برقم 5181، وكتاب اللباس باب من كره القعود على الصور برقم 5957 باب من لم يدخل بيتًا فيه صورة برقم 5961، وكتاب التوحيد باب قول الله - تعالى -: "والله خلقكم وما تعملون" برقم 7557، كما أخرجه الإمام مسلم في كتاب اللباس باب تحريم تصوير صورة الحيوان 96 برقم (2107)، وأخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الاستئذان.
شرح الحديث:
قوله: "نمرقة": قال في النهاية: أي وسادة، وهي بضم النون والراء وبكسرهما، وبغير هاء، وجمعها نمارق، وقال النووي في شرح مسلم: هي بضم النون والراء، ويقال بكسرهما، وقال بضم النون وفتح الراء ثلاث لغات، ويقال نمرق بلا هاء وهي وسادة صغيرة، وقيل هي مرفقة.
قول عائشة - رضي الله عنها -: "فلما رآها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخله".
قال الحافظ في الفتح: قال الرافعي: وفي دخول البيت الذي فيه الصورة وجهان؛ قال الأكثر: يكره، وقال أبو محمد: يحرم، فلو كانت الصورة في ممر الدار لا داخل الدار كما في ظاهر الحمام أو دهليزها لا يمنع الدخول؛ قال: وكان السبب فيه أن الصورة في الممر ممتهنة، وفي المجلس مكرمة، قلت: وقصة إطلاق نص المختصر وكلام الماوردي وابن الصباغ وغيرهما أنه لا فرق. اه من الفتح.
قولها - رضي الله عنها -: "فعرفت في وجهه الكراهة، فقلت: يا رسول الله، أتوب إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ماذا أذنبت؟ " فيه: أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غضب لشيء أو كره شيئًا عُرف ذلك ورُؤي في وجهه - صلى الله عليه وسلم -، وأنه كان يغضب ويظهر على وجهه أثر ذلك إذا رأى مخالفة لأمر الله - تعالى -، أو رأى ما يكره ولا سيما هذا فإن وجود الصور يمنع دخول الملائكة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يعرف أهمية دخول الملائكة البيت فإنها تخف الذاكرين الله - تعالى -، وتتنزل بالرحمة من رب العالمين، وتأتي من الله - عز وجل - بالبركة، أما من لا يَقْدُرُ هذه الأمور قدرها فإنه لا يبالي دخلت الملائكة أو خرجت، بل وُجِدَت الملائكة أم وُجِدَت الشياطين لا فرق عند كثير من الناس اليوم، فإذا مستهم الشياطين وركبتهم الوساوس والأمراض بحثوا عمن يخرجهم مما هم فيه، فإذا قيل لأحدهم أو لإحداهن: الجأ إلى الله، واقرأ القرآن والزم ذكر الله - تعالى -، فإنه يقول: قرأت وقلت الأذكار ولكن لم ينفع ولم يجد، والسبب في ذلك ضعف اليقين وقلة الصبر وانعدام الثقة بالله والتوكل عليه.
وفيه أيضًا: أن المرأة يجب عليها أن تراعي حال زوجها وتتفقد رضاه وتحرص عليه، وتنأى عما يغضبه، فإذا عرفت أو تبين لها أنه غضب لشيء سارعت بتغييره أو الاعتذار عما بدر منها، وهذا الأدب يظهر في تساؤل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بقولها: يا رسول الله، أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ هذه الزوجة التي يشنع من لا خلق له ولا عقل متبعًا شنشنة أعداء الإسلام يشنع عليها بأنها الصغيرة التي لا يليق أن نأخذ عنها، بل ربما طعن في الحديث وفي قبوله لأنه جاء من طريقها. أقول هذا الأدب يجب على نسائنا أن تتأدب به وتعيه وتتفهمه فإنه والله نعم الأدب، وفي قولها - رضي الله عنها -: "اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها" بيان منها للسبب الذي اشترت من أجله النمرقة، وأنه لتكريم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ولم تمنَّ عليه - صلى الله عليه وسلم -، ولم تعاتبه، ولم تقل له: أهلكذا تقابل إحساني بالإساءة، كما يحدث من كثير من النساء مع أزواجهن، بل قدمت بين يدي هذا البيان، أي قبل أن تقول: اشتريتها لك، أتوب إلى الله وإلى رسوله، وهذا أدب رفيع ممن لقبها الله - تعالى - مع سائر أزواجه - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهن بأمهات المؤمنين.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم". قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وفي الرواية السابقة: "أشد الناس عذابًا يقوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله - تعالى -". وفي رواية: "الذين يصنعون الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم". وفي رواية ابن عباس: "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسًا فتعذبه في جهنم"، وفي رواية قال الله - تعالى -: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة".
ثم قال النووي - رحمه الله -: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ويُقال لهم أحيوا ما خلقتم" فهو الذي يسميه الأصوليون أمر تعجيز، كقوله - تعالى -: ""قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ""، ثم قال - رحمه الله - تعالى -: وهذه الأحاديث صريحة في تحريم تصوير الحيوان وأنه غليظ التحريم، وأما الشجر ونحوه مما لا روح فيه فلا تحرم صنعته ولا التكسب به، وسواء الشجر المثمر وغيره، وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدًا فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه، قال القاضي، لم يقله أحد غير مجاهد، واحتج مجاهد بقوله - تعالى -: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" ويؤيده حديث ابن عباس المذكور في الكتاب- أي في صحيح مسلم- "إن كنت لابد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له".
قال النووي - رحمه الله -: وأما رواية: "أشد الناس عذابًا" فقيل: هي محمولة على من فعل الصورة لتعبد، وهو صانع الأصنام ونحوها فهذا كافر وهو أشد عذابًا، وقيل: هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله - تعالى - واعتقد ذلك فهذا كافر له من أشد العذاب ما للكفار ويزيد عذابه بزيادة قبح كفره، فأما من لم يقصد بها العبادة ولا المضاهاة فهو فاسق صاحب ذنب كبير كسائر المعاصي ولا يكفر.
وأما قوله - تعالى -: "فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة"، فالذرة بفتح الذال وتشديد الراء، ومعناه فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله - تعالى -، وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير أو غيرها مما فيه طعم يؤكل ويزرع وينبت، وهذا أمر تعجيز كما سبق. والله أعلم.
قال أبو عمر بن عبد البر: هذا الحديث من أصح ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب، وهو مخالف لحديث أبي النضر في قوله: "إلا ما كان رقمًا في ثوب"؛ لأن هذا قد صرح بأن الصورة في الثوب لا يجوز اتخاذها، ولا استعمال الثوب الذي هي فيه، وذكر فيه من الوعيد ما ترى، وهو غاية عمل الصور في الثياب وغيرها ولم يخص فيها ما يوطأ ويتوسد مما يمتهن وينصب، ثم قال: هذا ما يوجبه ظاهر هذا الحديث، وهو أشد حديث روي في هذا الباب وهو أحسنها إسنادًا وأصحها نقلاً.
ثم قال أبو عمر - رحمه الله - تعالى -: وأما اختلاف العلماء في هذا الباب فعلى حسب اختلاف الآثار فيه وتأويلها، فكان ابن شهاب- فيما ذكر عنه معمر وغيره- يكره التصاوير في الثياب وغيرها، ما نصب منها وما بسط، على ظاهر حديثه هذا عن القاسم بن محمد عن عائشة.
وقالت طائفة: إنما يكره من التصاوير ما كان في حيطان البيوت، وأما ما كان رقمًا في ثوب فلا يكره وذلك على حديث سهل بن حنيف، وسواء كان الثوب منصوبًا أو مبسوطًا. وقال آخرون: لا يجوز استعمال شيء من الثياب التي فيها الصور، إذا كان الثوب ينصب أو يلبس، وإنما يجوز ما كان يوطأ. وساق ابن عبد البر - رحمه الله - عدة آثار على ذلك ثم عقب عليها بقوله: هذا المذهب أوسط المذاهب في هذا الباب. ثم ساق بعد ذلك قولين آخرين بقوله - رحمه الله -: وقال قوم: ما قطع رأسه فليس بصورة، روي ذلك عن ابن عباس وقالت به طائفة.
وقال: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يكره من الصور إلا ما له ظل مما له روح، من تمثال النحاس والجواهر كلها والطين، وكل ما إذا صُوِّرَ كان له ظل. ثم عاد - رحمه الله - تعالى - إلى حكاية القول الأول، فقال: وذهب غيرهم من أهل العلم إلى أن المكروه من الصور، ما كان له روح من كل حيوان، من أي شيء صنع كان له ظل أو لم يكن. ثم ساق حجتهم من الحديث الذي معناه في هذا الباب وهو حديث عائشة المذكور وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من صور صورة فإن الله معذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ". اه. الاستذكار مختصرًا.
وأخيرًا فإننا نسوق هذه الأحكام لمن يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويتحرون سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ليعملوا بها، وأما من ينظرون إلى الصور وهذه النصوص فيها وفي أمثالها على أنها من الأمور الصغار، أو غير المهمة والتي يجب أن تؤجل حتى تجتمع كلمة الأمة على الإسلام أولاً، ثم بعد ذلك نبحث هذه الأمور ونتعلمها أو لا نتعلمها، فإننا نسأل الله - تعالى - لنا ولهم الهداية إلى الصراط المستقيم، وإني لا أدري على أي شيء ستجتمع الأمة إذا لم تجتمع على توحيد الله - تعالى - ومعرفته ثم معرفة أحكامه وذلك من خلال معرفة كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بكمالها وشمول الإسلام لجميع مناحي الحياة نسأل الله أن يوحد صفوف المسلمين ويجمع كلمتهم على الحق، وليس على التهاون بالسنة والتقليل من شأنها.
وأخيرًا، فإن الإمام البخاري - رحمه الله - تعالى - ساق هذا الحديث في كتاب البيوع باب "التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء مع حديث ابن عمر: أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بحلة حديد أو سيراء- فرآها عليه، فقال: "إني لم أرسل بها إليك لتلبسها، إنما يلبسها من لا خلاق له، إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها" يعني يبيعها.
وفي ذلك من فقه الإمام البخاري - رحمه الله - تعالى - أن التجارة فيما يكره للرجال أو للنساء أو لكليهما جائزة إذا كانت فيه منفعة، أما ما لا منفعة فيه شرعية فلا يجوز بيعه ولا شراؤه، وفي حديثنا حديث عائشة يستنبط هذا الحكم كما قال الحافظ في الفتح من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفسخ البيع في النمرقة، قال: وسيأتي في بعض طرق الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توكأ عليها بعد ذلك.
نسأل الله أن يبصرنا بالحق وأن يعلمنا من سنة نبينا وأحكام ديننا ما جهلنا وأن يعيننا ويوفقنا للعمل بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله أولاً وآخرًا، وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد وآله وصحبه أجمعين.
http://www.altawhed.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/180)
ليس من شأنك !!
أتعجب من حال بعض الناس تجدهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، بل قد يلجأ البعض منهم على إرسال أولاده وأقاربه لتقصي ألأخبار من بيوت المسلمين، الفضول يقتلهم فهم كمثل برج المراقبة لا يلبث أن يحدث شيء إلا وإلتقطه تجدهم متأهبين مستعدين ينتظرون أن يحدث شيء ولو كان تافها لنشره وأكبر مثال على ذلك النساء والفتيات..
.............
والله إن الإنسان ليسمع العجب من مجالس النساء.. كيف؟!
إذا عقد رجل قرانه على فتاة فيكون هذا الموضوع فاكهة مجالسهن فتقول الأولى هي أكبر منه ببضعة سنين وتقفز الأخرى وتقول يقولون بأنه هو أجمل منها بكثير وهي قبيحة أعوذ بالله منها والثالثة تقول إنها لا تستحقه إنه يستحق امرأة أفضل وأجمل منها والرابعة تقول سمعت بأنه أحضر لها (عقد ألماس) بالسعر الفلاني وتتحسر وتقول وما أدراها هي بالألماس!! الأولى أن يحضروا لها إكسسوار يناسب مستواها!
.........
وإذا تم الزفاف فتجد إحداهن تقول إن العروس لم تظهر بالمظهر اللائق التي توقعتهالكثيرات، وتنتقد شكلها وفستانها ومكياجها، والأخرى ممن كان همها بطنها تقول العشاء كان بارد والخدمة سيئة والصالة كانت حارة!!
وبعد عدة أشهر تتهامس النساء ويتساءلن وقد تتعمد إحداهن إلى سؤال الزوجة هل حملتِ؟
لماذا لا تحملين؟!! ماذا تنتظرين لقد انتهيتِ من الدراسة وتخرجتِ ما الذي يمنعكِ؟.... الخ من الأسئلة المملة الباعثة في النفس الضجر والسأم.. عجباً من حال النساء يتدخلن في أمور لا تعنيهن..
أخبرتني إحدى الأخوات بأنها عندما تحمل فإنها لا تحب أن يسألها أحد في أي أشهر الحمل هي؟ تقول لأنه في أحد الأيام دُعيت إلى مناسبة وسألتها إحدى النساء في أي أشهر الحمل أنت فقالت أنا الآن في الشهر التاسع؟ فقالت لها المرأة هل في أول الشهر أم أوسطه أم آخره؟؟
..............
وأخرى تقول تعمدت أن أؤخر مسألة الإنجاب إلى ما بعد التخرج؟ لأنها لا تستطيع التوفيق بين الدراسة و الإنجاب وقد اتفقت هي وزوجها على هذا الأمر.. تقول تزعجني كثرة أسئلة النساء عن عدم إنجابي للأطفال بالرغم من مرور سنة فأكثر على هذا الأمر والمشكلة كثرة إلحاح العجائز؟؟
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه". حديث حسن رواه الترمذي..
فالواجب عليك أيتها المسلمة أن لا تتدخلي في الأمور التي ليس لكِ بها مصلحة. ولا تعنيكِ..
وإذا مرت السنون وحدث سوء تفاهم بين الزوج وزوجته، فيدور هذا الحديث بينهن وتقول إحداهن(سمعنا أن ابنة فلان في منزل أهلها، ويُقال بأنه سوف يطلقها برأيكِ ما الداعي إلى قيامه بهذا الفعل لا أظن بأنه قام بهذه الخطوة إلا لأنه لاحظ عليها أمر مُريب!! فترد الأخرى سمعت؟! أنهما تشاجرا ووصل الأمر على الضرب و... و... و.. ولا يزال الحديث مستمراً إلى يوم القيامة..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُسأل الرجل فيما ضرب امرأته". رواه أبو داود وغيره..
أي لا يُسأل الرجل ما السبب وما الدافع إلى ضرب امرأته فقد يكون لممانعتها له من الفراش، وقد يكون لتفريطها في الصلاة، أو لأسباب زوجية لا يجوز البوح بها، أو لأنها تتحدث بليونة مع الأجانب، أو غير ذلك، وفي هذا حِفاظ على كرامة الأسرة.. والأمر المُشين الذي يشيب له الرأس هو أن تصل أحاديث النساء إلى انتهاك أعراض المسلمين، وإشاعة الأخبار بين الناس، فالواحدة منهن لا ترتاح ولا تطمأن إلا إذا أفرغت ما في صدرها من(حِقد وبُغض وشماتة) على بنات المسلمين.. كيف؟؟
تخرج المرأة متوجهه إلى بيت جارتها وفي منتصف الحديث تتذكر الأخبار الطازجة التي أحضرتها معها كي تخبر جارتها عنها فتتأهب للحديث وتُقرب رأسها لجارتها وتخفت صوتها وتنظر بنظرة ريبة وشماته وتقول:
(هل سمعتِ عن فلانة ابنة فلان يقولون بأنها تحادث شاباً من منطقة كذا، وتعرفت عليه من خلال كذا.. وكذا، والأدهى من ذلك أن ابنة فلان خرجت مع شاب وباتت معه في أحد الفنادق والأخرى من منطقة كذا في إمارة كذا من قبيلة كذا فعلت.. وفعلت وفضحت أهلها ودنست عرضها..
ما شاء الله عندها من العيون والمراقبين في كل مكان بحيث تصلها الأخبار والإشاعات وهي مستريحة في منزلها..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم".. رواه البخاري.
ولا يصل الأمر إلى هذا الأمر بل بمجرد خروجها من منزل جارتها تكمل مسيرتها في الحي، ولو علِمت بحرمة هذا العمل وإن كان ما فعلته هذه الفتاة حقيقة لما تجرأت أن تتفوه بهذا الكلام الذي لا تجني منه إلا الذنوب.. قد تكون هذه الفتاة أخطأت ولكن؟! قد تكون عند الله أفضل بمليون مرة من هذه المرأة التي تنشر والإشاعات بين الناس لإفساد النفوس وتدمير البيوت..
دعونا نتمعّن في هذه الأحاديث والآيات التي تدعو إلى محاسبة النفس والدفاع عن أعراض المسلمين.. حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: "لا يدخل الجنّة نمّام"وفي رواية قتّات"رواه البخاري..
وقوله - تعالى -: "لا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه". (الحجرات: 12)
لو قيل لكِ أنتِ مدعوة لوليمة وتفاجأت بأنه قد وُضعت أمامك جيفة رائحتها منتنة والدود يتزاحم فوقها والصديد يخرج منها فهل يطيبٌ لكِ الأكل منها.. بالتأكيد لا فما بالك لو قيل لكِ يوم القيامة يا فلانة كُلي من جيفة فلانه التي اغتبتها في الدنيا وانتهكتِ
عرضها فماذا ستفعلين؟؟
لقد تهاون الكثير من الناس في هذه المسألة وأصبح هتك أعرا ض الناس وتشويه سمعة الفتيات
أمر عادي وروتيني كشرب الماء..
قال رسول الله - عليه الصلاة والسلام -: "من ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة". أخرجه الترمذي وحسّنه..
واعلمي أيتها المسلمة أنه كما تحدثتِ في أعراض الناس وتتبعتّي عوراتهم فسوف يأتي يوم عاجلاً أم آجلاً ويتحدث الناس في عرضك أو عرض أهلك فالله الله في لسانك قال - تعالى -: "يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً". (الأحزاب: 70)..
وأمر آخر لا يقتصر على النساء فقط بل الشباب أيضا، يلجأ الكثير منهم إلى محادثة الفتيات وعدم استحضار مراقبة الله له متناسياً أنه سوف يأتي يوم ويُِفعل بأهل بيته كما ببنات المسلمين، وهنا تحضرني قصة التاجر الذي أرسل ابنه ليقوم بأعمال التجارة بدلاً منه في إحدى القرى ورأى ابن التاجر امرأة جميلة فافتتن بها وقبّلها ولما رجع سأله والده قل لي يا ولدي ماذا فعلت هناك فأخبره بأنه تاجر بالأقمشة و... إلخ ولكن والده أراد أن يصل إلى أمر آخر وأكثر من السؤال وعندما وجد الابن إلحاح والده أخبره بقصة المرأة الجميلة فسئل الابن والده فقال له لماذا؟؟ فردّ عليه بأن نعم قال أتى في أحد الأيام وفتحت له أختك الباب فقبّلها.. وذهب وبسبب هذه القصة انتشر هذا المثل" دقة بدقة.. ولو زاد لزاد السقاّ". فكما تدين تدان احفظ نفسك واحفظ بيتك ولاتكن سبب في شر الفاحشة وللشباب نصيب في ذلك فإذا سمع فلان عبر أجهزة التنصت محادثة بين شاب وفتاة أخذ يتحين الأوقات والفُرص لمراقبتهم إلى أن يمسكهم بالجرم المشهود ويتصل بالشرطة، ولا يترك أحدا من الناس إلا وأخبره بالقصة حتى يفضح الشاب والفتاة ولو فكر قليلاًَ وتمهل قبل أن يقوم بأي فعل مُشين وكلّم الشاب المخطىء على حده وذكره بالله وعقوبته لكان خيراً له مما فعل.. لكنه لا يريد أن يستر على أعراض إخوانه المسلمين إذن فلينتظر العقاب الرباني في الدنيا بالمثل.. وفي الآخرة بالفضيحة على رؤوس الأشهاد.. يوم لا ينفع الندم والتحسر..
قال - تعالى -: "وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم"..
إن كان بمقدورك أن تنصح وتذكر الغافلين فنعم العمل وإن لم تستطع فلا تكن مغلاق للخير مفتاح للشر.. ووكالة لنشر الأنباء الموثوقة وغير الموثوقة.. والله إن الصامت هو الناجي من عذاب الله وسخطه يوم القيامة. كان أحد الصحابة يضع حصاة.
صغيره تحت لسانه ولا يخرجها إلا إذا أراد الحديث.. كي لا يلفظ كلمة إلا وقد فكّر بها وتمعّن في عواقبها.
أسئل الله لي ولكم الستر في الدنيا والآخرة..
http://www.deen.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/181)
رسالة إلى حواء المعتزة بدينها
محمد رشيد العويد
تظن حواء، خطأ، أن مهمتها التي خلقت لها أقل شأناً من مهمة الرجل فتراها تنادي بمساواتها بالرجل، وكأن الرجل في مرتبة أعلى، ومكانة أسمى مع أن نظرة تأملية منا تظهر لنا أن الرجل ما وصل إلى هذه المكانة وما حصل على تلك المرتبة، إلا بفضل المرأة، سواء أكانت أماً أنشأته وربته ووجهته، أم زوجة وقفت بجانبه ودفعته وشجعته. ولو قلبنا صفحات التاريخ نقرأ سير رجال العظماء، لوجدنا للمرأة نصيباً أوفى ودوراً أكبر في انتصار هذا القائد وتفوق ذلك السياسي، وإبداع ذلك الأديب.
يقول الرئيس الأمريكي الأسبق (تيودور روزفلت): (إن أي عمل يقوم به الرجل مهما كان شاقاً أو عظيم المسؤولية لا يمكن أن يصل إلى مرتبة امرأة تنشئ أسرة من أولاد صغار، إنها تهب وقتها وطاقتها لأولادها، وإني أرى أن دور المرأة أهم، وأكثر صعوبة وأكثر فخراً من دور الرجل وبصفة عامة فإنني أحترم المرأة التي تبذل جهداً في سبيل بناء أسرة) فلماذا يا حواء، تتخلين عن هذه المهمة العظيمة، التي خلقك الله - تعالى - لها، وأقر بها الرجل لك، من أجل شارع وشمس وغبار...؟!
http://www.islamselect.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/182)
( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) ( 2 )
شكوى سكرتيرة!!:
تقول إحدى الموظفات العاملات:
'منذ مدة بدأ المدير محاولاته المتكررة للإيقاع بي، واستغل نفوذه كمدير وحاجتي للعمل للضغط علي حتى أستسلم له... ورغم أنه متزوج فقد أصر على ممارساته ولم يراعِ وضعي الصحي الذي ازداد سوءًا واستوجب عرضي على طبيب نفسي.. لقد اضطررتُ مرغمة للانقطاع عن العمل وتقديم شكوى ضد المدير، ولكنه ظل في مأمن، وأتى بسكرتيرة أخرى بدلاً مني.. لقد حطمني، وقضى على مستقبلي 'بحسب قولها'.
ـ هذه قصة من واقع العالم العربي من متضررة في مجال العمل، وهي في حاجة إلى العمل، ولكننا نجد الكثيرات غيرها تخرج لمجرد الخروج محاكاة للرجل، وإثباتًا للذات، وبرهنة على المساواة، فكأن الأمر في أصله عناد ومكابرة.
فخسرت المرأة بيتها وأولادها إن كانت متزوجة، وكسبت أموالاً أضاعتها في ألبسة الطويل والقصير، وفي وضع الأحمر والأبيض، فزاحمت الناس في مواصلاتهم، وضايقت الرجال في مكاتبهم، فقل العمل بسبب النظرات العابرة وغير العابرة، وضاع الدين بسبب الاختلاط وعقد اللقاءات الغرامية، وارتفعت البطالة بين الشباب بعد أن خوت البيوت من النساء، وصار كل شيء صناعيًا حتى حليب الأطفال، وانتقلت البيوت إلى دور الحضانة لتكون أمًا مكان أم، وتربية مكان تربية، فاختلطت الموازين وتبدلت المقاييس ولكنها المحاكاة لأساليب الغرب.
فتعالي معي عزيزتي المرأة لنعرف من أهان المرأة ومن أكرمها.
من أهانها ومن أكرمها؟
عزيزتي المرأة المسلمة:
أحب أن أؤكد على وضع المرأة الغربية العاملة تحديدًا وألقي الضوء على هذا الجانب لكشف الحقائق الزائفة، وما يظهره الإعلام الغربي من نيل المرأة لديهم على الحرية والمساواة والحياة التي تريد، وما ينبغي أن تكون عليه المرأة، وكأنه هو النموذج والمثال الفريد الذي علينا جميعًا أن نحذو حذوه ونهتدي بخطاه ـ وهذا كله ليس صحيحًا ـ والحقيقة أقول: إن المرأة الغربية خرجت من البيت تاركة كل القيم الإنسانية فضلاً عن القيم الدينية.
خرجت وانتقلت من كل رباط يقيدها ـ من رباط الدين والأخلاق ومن رباط العائلة والأسرة ـ وصار عليها لزامًا أن تترك بيتها وأسرتها إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها، خرجت و انطلقت وتحررت من كل رباط.. فماذا كانت النتيجة؟
تمضي الفتاة حيث شاءت مع من شاءت يستعملها الرجل في شهواته ويستخدمها كأداة إغراء في الأفلام ومسابقات ملكات الجمال، وفي الإعلانات، وفي المجلات، وفي الأزياء وفي بيوت الدعارة وغير ذلك... يستهلك زهرة شبابها ونضرتها، حتى إذا بدأ العجز يدب إليها وذهبت نضرتها وجمالها، رمى بها المجتمع لتعيش بقية حياتها في ملجأ إن لم يكن لها مدخرات من المال، أو تنزوي في بيت لها وحيدة لا أنيس لها سوى كلبٍ اقتنته لتسلو به وتعوض به ما فقدت من حنان.
فاليوم عرفت أنها كانت مغرورة ومخدوعة حين انفض عنها الجميع.
وكم عانت في حياتها وكابدت المشاق والخوف في مجتمع لا يعرف حق المرأة ولا يحفظ لها كرامتها، حتى أولادها تنكروا لها، فلا تراهم ولا يرونها، والبار منهم من يرسل إليها بطاقة معايدة في كل عام فيما يسمونه بعيد الأم [لما ضيعوا دين الله أضاعهم الله] {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}.
ـ كما تعاني المرأة في الغرب من الحرمان والخوف:
فحوادث الاغتصاب شائعة حتى من المحارم.
ـ ولا يقبل صاحب العمل فتاة للعمل إلا بشرط المعاشرة [مشكلة التحرش الجنسي]
ـ حدث ولا حرج عن بلاغات الاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن سواء كانوا أزواجًا أم أصدقاء.
ـ تتعرض للسلب والنهب والقتل فلا تجد من يحميها.
ـ ناهيك عن الرجال الذين يعيشون على حساب النساء.
كل ذلك بسب مخالطة الرجال وترك القرار في البيوت.
هذا غيض من فيض وجانب من معاناة المرأة الغربية العاملة.
ـ فالمرأة في الغرب نعم تحررت ظاهرًا لكنها في الحقيقة تقيدت، خرجت من قيد العفة والأخلاق ودخلت في فضاء الرذيلة والهوان.
فليس كل قيد مذمومًا:
فالإنسان لا بد له من قيد يحكمه، يكفيه شر نفسه وشر هواه وشر من حوله، وهذا القيد هو قيد الدين والأخلاق، وبهذا القيد ينعم الإنسان بحياة الأمن والسعادة، وإذا حل هذا القيد فسدت معيشة بني آدم، والله - تعالى - أدرى بما يصلح المرأة، فإنه - سبحانه - لما شرع لها القرار في البيت وأوجب عليها القيام بشؤون أولادها وأهلها... وأمرها بالحجاب ونهاها عن التبرج لم يكن حرمانًا من حق هو لها، بل كان ذلك هو الذي يصلحها، ولا يصلحها غيره.
فالإسلام قد كرم المرأة وصانها من كل ما قرأنا سابقًا، فجعل لها القرار في البيت أصلاً فيه تقوم بأجل الأعمال من تربية الأجيال، وقد أوجب الشرع على الرجل النفقة على أهله والإحسان إليها طفلة كانت أو أمًا أو زوجة، فإذا كبرت فحقها أعظم يجب عليه برها ويحرم عقوقها، وقد حرم الشرع إيذاء المرأة بالضرب المبرح أو الضرب في الوجه وغير ذلك من صور الإيذاء.
وهنا نقف ونتساءل ما معنى القرار في البيت؟
هل معنى ذلك أن أسجن في بيتي ولا أخر ج منه إلا إلى القبر؟
هل معنى ذلك أن لا أخرج إلى مقاعد الدراسة والتعلم؟
هل معنى ذلك أن لا ألتحق بعمل وأشارك في أعباء الحياة؟
هل معنى ذلك أن أكون مثل قطعة الأثاث في المنزل لا قيمة لي ولا اهتمام؟
تعالي معي عزيزتي المرأة لنتعرف على معنى القرار في البيت كما جاء في كتب التفسير:
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}:
أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال - صلى الله عليه وسلم -: 'لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلات' وفي رواية 'وبيوتهن خير لهن'. [تفسير ابن كثير ـ ج3].
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}:
ومن وقر يقر أي ثقل واستقر، وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقًا، إنما هي إيماءه لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن.
وهو المقر وما عداه استثناء طارئ لا يثقلن ولا يستقررن إنما هي الحاجة تقضى وبقدرها.
والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله - تعالى -.
غير مشوهة ولا منحرفة ولا ملوثة، ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها أوجب على الرجل النفقة وجعلها فريضة كي يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ما تشرف به على هذه الفراخ الزغب.
فالأم المكدودة بالعمل للكسب والمراهقة بمقتضيات العمل المقيد بمواعيده، المستغرقة للطاقة فيه.. لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره، ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها، وبيوت الموظفات والعاملات ما تزيد على جو الفنادق والحانات، وما يشيع فيها ذلك الأريج الذي يشيع في البيت.
فحقيقة البيت لا توجد إلا أن تخلفها امرأة، وأريج البيت لا يفوح إلا أن تطلق زوجة، وحنان البيت لا يشع إلا أن تتولاه أم.
والمرأة أو الزوجة أو الأم التي تقضي وقتها وجهدها وطاقتها الروحية في العمل لن تطلق في جو البيت إلا الإرهاق والكلال والملال.
'وإن خروج المرأة لتعمل كارثة على البيت قد يبيحها الضرورة، أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول'.
'فأما خروج المرأة لغير العمل، خروجها للاختلاط ومزاولة الملاهي والتسكع في النوادي والمجتمعات فذلك هو الارتكاس في الحمأة الذي يرد البشر إلى مراتع الحيوان'
'ولقد كان النساء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرجن للصلاة غير ممنوعات شرعًا من هذا ولكنه كان زمانًا فيه عفة وفيه تقوى، وكانت المرأة تخرج للصلاة متلفعة لا يعرفها أحد ولا يبرز من مفاتنها شيء'. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب ـ ج5].
ـ إذن من هذا التفسير نفهم أن قرار المرأة في بيتها هو الأصل وخروجها من البيت يكون لضرورة، إن من ينادون 'بتجريد المرأة' يتجهون إلى إدانة تعاليم الإسلام، وإلصاق التهم بالدين الحنيف في قضية حقوق المرأة وتخلف أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية، والعكس صحيح، فقد كانت وما زالت وستظل تعاليم الدين السمحة أمثل خطة وأعظم برنامج تعاملي مع المرأة يخرجها من دائرة الندية للرجل التي أوهنت أركانها حياة المرأة في الغرب، إلى دائرة التعامل بفكرة ومنهج الزوجية الفطري الذي يقوم على أساس تكامل الأدوار المنوطة بكل من الرجل والمرأة في المهمات الحياتية.
ـ ونحن المسلمين لدينا تشريعات من لدن حكيم خبير تحفظ على المرأة دينها وأخلاقها وتسد أبواب الفتن والاختلاط والوسائل المفضية إليها فتنتفع المرأة بعملها وينتفع بها دون أن تفتن أو تُفتن، دون أن تقصر في حق بيتها وأهلها، وذلك عندما شرع الله للمرأة الحجاب وأمرها بالضوابط الشرعية عند خروجها من بيتها، ومن هذه الضوابط غض البصر، وعدم الاختلاط بالرجال، وتحريم الخلوة بالأغراب، والحجاب الشرعي للمرأة، وعدم التعطر خارج البيت، كل ذلك ليس بسبب عدم احترام ديننا الحنيف للمرأة، بل لسد أبواب الشر عنها وحفاظًا عليها من كل سوء.
ـ ولا يخفى علينا أننا نجد في حياتنا نماذج للنساء مشرقة عاملة داخل البيت وخارجه، فالمرأة في عالمنا العربي ضربت أروع الأمثلة في هذا المجال فهي تعمل في المنزل وخارج المنزل، وقلبها مع زوجها كقلب رجل واحد، يربطهما رباط وثيق من الحب وأهداف مشتركة، وهي تربية النشء.
ـ ومع ذلك عزيزتي المرأة أنت متهمة بأنه ليس لك دور وتحبسك جدران المنزل عن الالتحاق بالركب مثل حال المرأة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
• فكيف كانت حياة المرأة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟
• هل كانت حبيسة البيت؟
• هل شاركت في الحياة؟ وكيف؟
هذا ما سنعرفه في المقال التالي بعنوان لهن أدوار مع القرار.
الجمعة 21 محرم 1425هـ - 12مارس 2004م
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/183)
تحرير المرأة .. السجل البائس المسكوت عنه
شعبان عبد الرحمن *
بينما هدأ ضجيج احتفالات الثامن من فبراير، يستعد العالم لاستقبال موجة أخرى من الضجيج على مسرح الأمم المتحدة.
فقد عودنا الغرب بآلته الإعلامية والسياسية أن يغلف حملاته ونظرياته وأدبياته عن المرأة بالذات بهالة كبيرة من الدعاية عن "تحرير المرأة.. وحقوقها.. ومكاسبها... " التي تحققت في ظل حضارته، ثم ازدادت تحقيقًا في عصر العولمة.. وقد شاهدنا جانبًا من تلك الدعاية في احتفالات الثامن من فبراير بـ" يوم المرأة العالمي " ولاشك أننا سنشاهد جانبًا آخر خلال المؤتمر الدولي للسكان الذي تستعد الأمم المتحدة لعقده.
وهناك ملاحظة جديرة بالذكر هنا، وهي أن النظرية المخادعة التي تروج لها الآلة الإعلامية والسياسية الغربية ومعها بالطبع الجوقة العلمانية في بلادنا باختلاف أطيافها تلح على أن كل ما تحقق للمرأة منذ الثورة الصناعية حتى اليوم هي في سجل المكاسب العظيمة، وربما يكون ذلك هو الظاهر الخادع بينما الحقيقة التي تنطق بها المرأة اليوم هي خلاف ذلك؛ فإخراج المرأة للعمل في عصر الثورة الصناعية كان ظاهره تحقيق ذاتها وإسهامها في بناء المجتمع وتحريرها من أسر البيت، ولكن الواقع أثبت أن الذي حدث هو عملية استعباد للمرأة في حقل العمل بالغرب كسلعة رخيصة الأجر جرى التلاعب بها. كما أن تعرية المرأة وإخراجها إلى دنيا الناس في أبهى زينتها كان ظاهره منح المرأة حريتها في أن تلبس ما تشاء وتخرج إلى المجتمع بما تريد، لكن الحقيقة أن المرأة وقعت هنا تحت الابتزاز والاتجار في سوق المتعة تحت شعارات خادعة كثيرة.
والمدقق في الأمر لن يجد خلافًا بين حقيقة الشعارات التي تروجها الدعاية الأمريكية الغربية خلال الحملات العسكرية لاحتلال بلادنا وحقيقة الشعارات التي تروجها نفس الدعاية عن حقوق المرأة؛ فظاهر الدعايتين التحرير والتنوير والرخاء وحقوق الإنسان، أما باطنها فهو العذاب الذي نعانيه.
في سجل المرأة وتحريرها ونيل حقوقها هناك صفحات دامية مسكوت عنها من الغرب والطبقة العلمانية في بلادنا، وهي صفحات مكتوبة بلسان المرأة الغربية ذاتها، وربما يكون في الاطلاع عليها كشف لجانب من الحقيقة.
مؤتمرات الأمم المتحدة حول المرأة:
ففيما يتعلق بمؤتمرات المرأة المتواصلة يأتي المؤتمر القادم ضمن سلسلة المؤتمرات التي تنظمها الأمم المتحدة حول السكان منذ عام 1975م حين عقدت مؤتمرها الأول في المكسيك ثم نيروبي عام 1985م ومؤتمر القاهرة عام 1994م، وبكين عام 1995م واسطنبول عام 1996م ونيويورك عام 1999م وانتهاء بمؤتمر «بكين + 5» بعنوان «المرأة عام 2000م».
ورغم أن العنوان المعلن لهذه المؤتمرات هو«السكان» إلا أن هناك حقيقتين تنطق بهما وثائق تلك المؤتمرات و برامجها:
الحقيقة الأولي: أن أهدافها تمحورت حول نقطة واحدة فيما يخص «المرأة»، وهي الإلحاح في الدعوة لإطلاق الإباحية الجنسية ومنح المرأة كامل التصرف في جسدها، بما في ذلك حق الإجهاض دون تدخل من أحد، والدعوة لإلغاء نظام الميراث - الذي أقره الإسلام - بزعم المساواة، والمطالبة الصريحة بشل سلطة الأبوين على الأبناء، بل وصل الأمر إلى الدعوة إلى هدم الأسرة وإلغائها ليبقى كل فرد هائماً على وجهه.
وقد أثبتت وثائق وفاعليات وبيانات تلك المؤتمرات على امتداد أكثر من ربع القرن أنها أبعد ما تكون عن إنصاف المرأة وحمايتها وإحقاق حقوقها وصون آدميتها؛ وإن كانت الشعارات التي ترفعها تتغنى بذلك.
الحقيقة الثانية: أن تلك المؤتمرات تأتي في إطار المشروع الغربي الكبير لعولمة العالم، فكما أن الآلة السياسية والعسكرية الغربية تسعى لدمج العالم سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا في منظومة غربية واحدة، تأتي تلك المؤتمرات التي ينظمها الغرب ومنظماته وأجهزته، ممتطياً المنظمة الأممية الدولية، لإكمال مخطط العولمة الكبير بعولمة البشرية ودمجها في أتون النمط الغربي الاجتماعي " الفاشل " حيث الإباحية المطلقة والدمار الأسري والانهيار الأخلاقي، والمستهدف من وراء ذلك كله المرأة المسلمة والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم الذي يمتلك - بفضل الإسلام - ثروة عظيمة من القيم والمبادئ والأخلاق التي صانت عفاف المرأة وأقامت بنيان الأسرة على أساس متين وأبدعت مجتمعاً متماسكاً متكافلاً.
ومن هنا وبمناسبة يوم المرأة العالمي واستباقاً للحملة الدعائية الكبرى التي ستصاحب عقد المؤتمر الجديد حول السكان نؤكد على الحقائق التالية:
أولاً: لقد بات واضحاً وبما لا يدع مجالاً للشك أن الغرب وسماسرته في البلاد الإسلامية من المؤسسات والمنتديات والأقلام العلمانية المتطرفة أصبحوا يمتلكون خبرة شيطانية في التلاعب بقضايا المرأة من خلال الشعارات الخادعة نحو تحقيق مكاسب سياسية رخيصة حيناً أو استخدامها كورقة ضغط على الدول والشعوب أو كورقة إرهابية لابتزاز الأفراد والجماعات حيناً آخر، وقد نجحت - للأسف - تلك الضغوط في إحداث تغييرات بقوانين الأسرة في عدد من الدول العربية بما يصب في تحقيق بعض من مخطط عولمة الأسرة المسلمة.
ثانياً: أن النموذج والتجربة الغربية فيما يسمى بتحرير المرأة والذي يروج له سماسرة الاستعمار بافتنان وإلحاح على تطبيقه في بلادنا، نموذج حافل بالفشل ومليء بالمآسي ومتخم بأنات وصرخات النساء، ولا نقول ذلك من نسج خيالنا وإنما نقوله من واقع السجلات والبيانات والوثائق والدراسات التي صدرت في الغرب وعلى ألسنة نساء في الغرب.
شهادات نسائية:
ووقفة سريعة أمام البيانات والوثائق يتضح ما نقول:
1 ـ اكتشفت المرأة الغربية - التي خرجت إلى ميادين العمل بلا ضوابط أو حدود تحت شعار المساواة بالرجل وإثبات الذات - أنها ساقطة بين أنياب غول من الشهوانية المريضة التي تفترسها من جهة وواقعة تحت مطارق الاستعباد والابتزاز من جهة أخرى. ففي استطلاع لجامعة كورفيل الأمريكية بين العاملات في الخدمة المدنية ثبت أن 70% منهن قد تعرضن إما لمضايقات أو اعتداءات جنسية.
وفي دراسة تم رفعها مؤخراً إلى وزيرة الشؤون النسائية الكندية تبين أن 40% من النساء العاملات تعرضن إما للضرب أو الاغتصاب.
2 ـ لقد بلغ الانحدار أن أصبحت المتاجرة بالأعراض وتبادل صفقات الاستغلال الجنسي من أكثر الأسواق رواجاً في العالم، وهذا ما يحاولون تصديره إلينا عبر مؤتمرات السكان التي تنادي بالحرية الجنسية الإباحية.
وقد كشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة بنسلفانيا الأمريكية أن حوالي 325 ألف أمريكي تقل أعمارهم عن 17 عاماً يتعرضون سنويًّا للاستغلال الجنسي، وهو ما وصفه واضع الدراسة البروفيسور ريتشارد ايستيس بأنه "أخبث أشكال المعاملة السيئة التي تنزل بالأولاد في الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية".
3 ـ أن المجتمعات الغربية ذاتها صارت تضج بالشكوى من الإباحية وأصبحت تئن تحت سعارها؛ ففي دراسة أمريكية أخرى ثبت أن 80% من الأمريكيين باتوا يعتقدون أن أسباب انحدار القيم الأخلاقية لدى الشباب يكمن في التغيير الذي طرأ على المجتمعات خلال الثلاثين عاماً الماضية بسبب الحرية المفتوحة، وقال 87% من عينة الدراسة: «لو عادت عجلة التاريخ لاعتبرنا المطالبة بالمساواة بين الجنسين مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة».
وقد أثبتت الإحصاءات في ألمانيا أن الحياة الإباحية تنتج كل عام سبعة آلاف طفل ينتسبون لغير آبائهم.
كما بثت وكالة رويترز للأنباء مؤخراً نبأ محاكمة (مارك دمولان) عضو الجمعية الوطنية الفرنسية بتهمة الاعتداء الجنسي على ابنة أخيه القاصر.
إن السجل حافل ومتخم بالحقائق الدامغة التي تكشف زيف الشعارات والدعاوى التي تطلقها مؤتمرات الأمم المتحدة عن المرأة والسكان، وتكشف في الوقت نفسه بلاهة الببغاوات العلمانية ممن يطلقون على أنفسهم اسم مناصري حقوق المرأة. ولو أن الجميع وقفوا قليلاً وبتجرد أمام الحقيقة لتحركوا نحو إنقاذ المرأة ولسارت خطط المؤتمرات وحملات الإعلام نحو إنقاذ المرأة والأسرة و منهج الإسلام الحكيم كفيل لمن أراد.
فقد كرم الإسلام المرأة تكريماًَ حقيقياً وصان حقوقها وحفظ كرامتها وشرفها وإنسانيتها أمًّا وزوجة وابنة، ويجدر بنا التأكيد في هذا الصدد على أنها كانت دوماً درة المجتمع الإسلامي وحصنه الحصين في إقامة بنيان الأسرة وحفظ تماسكه، ولذا كان المشروع الغربي الاستعماري على استهدافها واستخدامها كسلاح لإفساد مجتمعاتنا.
وقد أعلن ذلك قبل قرنين من الزمان رئيس الوزراء البريطاني جلادستون قائلاً: إن بلاد الشرق لا يمكن أن تتقدم - في نظره- إلا بأمرين؛ الأول: برفع الحجاب عن المرأة المسلمة. والثاني: أن يغطي الحجاب القرآن. وذلك ما يحاولونه حتى اليوم.
لكن الصحوة الإسلامية الراشدة التي عادت بالناس إلى كنف الإسلام بوعي وإدراك استطاعت عرقلة كل تلك المخططات متخذة المرأة المسلمة العامل الأهم نحو الإصلاح الشامل.
18/2/1425
08/04/2004
----------------------------------------
* كاتب صحفي ومحلل سياسي
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/184)
اخلعي العباءة والحجاب والنقاب الآن
(... اخلعي العباءة والحجاب والنقاب الآن... )
كانت تلك عبارتي لفتاه دار بيني وبينها نقاش فخرجت جملتي هذه في وسط حديثي لها بغضب شديد...
نعم قلتها لها وأنا بكامل قواي العقلية المسلمة.. ربما تتسألون أين إسلامك هذا وأنتي تقولين جملتك هذه..؟؟!!
لا تتعجبوا.. ولا تأخذكم الظنون بي لترحلوا بعيدا عن شاطئي.. بل تريثوا.. وتمهلوا.. فوالله إني لأغار على سترتي وعفافي وكرامتي.. وما جملتي تلك إلا صرخات كتمتها في السابق.. لكني وصلت إلى حد لا أستطيع أن اصمت به أو اكتم
فقط دعوني ألقط أنفاسي قليلا.. وأجمع حروفي التي تناثرت مني.. وأتمالك قلمي.. كي أسطر لكم قصة جملتي تلك.. وانتظر حكمكم.. فيما قلته هل أنا على صواب أم خطئ..... فوالله إني اشعر إلى الآن بثورة غضبي لم تهدأ..
نعم قلتها وسأقولها... لا تلوثي عباءتي ونقابي وحجابي بتصرفاتك.. أيتها المسلمة المقنعة المزيفة..
أه ليتك لم تكوني مسلمة.. لكن الأمر أهون علي.. ولقلت إنها مؤامرة لسلب مني احترامي وحشمتي.. ولقلت إنها مؤامرة لتدنيس لباسي وسترتي..
ولقلت إنها مؤامرة من الكفار واليهود لتشويه عفتي وحيائي..
ولقت وقلت الكثير الكثير..
لكن.. وأااااااااه من كلمة لكن.. أتتني منكن أنتن يا أخواااااتي في الإسلام..
بالأمس ذهبت لجارتي "أم محمد" لكي أتحمد لها بالسلامة بعد ولادتها.. وهناك وجدت إحدى صديقاتها تدعي " ألاء ".. لا أعرفها جيدا.. لكني كنت ألتقيها كثيرا هناك.. وكان حواري معها دائما لا يتعدى عن السلام ومعرفة الحال.. وقد عرفت من "أم محمد" أثناء جلوسنا بأنه صديقتها " ألاء " قد وصلت منذ يومين من السفر فقد كانت في زيارة لأهلها في بلدها.. وقد أحضرت شريطا مسجلا بالفيديو.. لأغلبية الأماكن التي زارتها هناك.. وكانوا على وشك أن يضعوه لولا قدومي.. فاستأذنوني وبعد موافقتي وضعت " ألاء " الشريط كان الشريط عاديا في بدايته.. من مناظر طبيعية وجبال.. وأسواق وبنايات ما شاء الله..
وبعد ذلك كان هناك تصوير لإحدى الحفلات الغنائية لإحدى الفنانين العرب على إحدى المسارح..
فهالني ما رأيت.. بل صعقت.. بل تجمدت أوصالي.. وأنا أرى فتيات ونساء.. منهن من كانت محجبة ومنهن تلبس العباءة.. والأدهي تلك التي غطت وجهها بالنقاب.. وهن يتراقصن على أنغام الموسيقى.. وكأني احضر عرسا نسائيا.. وليس حفله مختلطا به شباب وشابات رجال ونساء..
هذه تصفق بحرارة.. وهذه تصرخ... وهذه تتمايل.. وهذه قد سقطت عبائتها فظهر لبسها الضيق المخزي.. وهذه.. وهذه الخ..
كل ذلك وها أنا كنت على وشك أن أسألها عن تلك الفتيات وما يفعلونه من خزي وعار.. كي تقف حروفي وهي على وشك الخروج على طرف شفتي متجمده... وأنا أرى صاحبة الشريط.. وهي ترتدي الحجاب والعباءة.. أخذها الشيطان معهم لتنظم لقافلته فأخذت ترقص يمينا ويسارا... وكأنه سكرت هذه الأنغام قد أفقدتها صوابها...
على الرغم إنه الأخت ألاء من بلد عربي عرف عنه أنه متحضر ومتحرر إلى ابعد الحدود.. لكني في كل مره كنت أراها في السابق.. و إلا واراها متحجبة وترتدي العباءة..
لكن من رايتها على الشاشة تختلف بتاتا عمن تجلس بقربي... !!
فأدرت وجهي إليها وأنا أشعر بضيق ما بعده ضيق... وأنا أخاطبها بغضب لم أستطيع أن ألجمه " لما أنتي متحجبة وتلبسين العباءة..؟؟ اخلعيهم ألآن.. إن كنتي متحررة... ألا تعتقدين بأنه لباسك هذا يعيقك عن الرقص "
فنظرت لي باستغراب... فتجاهلت نظرتها لأكمل " من يرتدي ذلك الحجاب وهذه العباءة عليه أن يحترمهما.. لا أن يلوثهما بتلك الرقصات الشيطانية.. "
فوقفت وأنا أهم بالخروج.. وبعد خطوات.. وإذ بها تناديني بصوت عالي يغلب عليه الغضب قائله " قبل أن توجهي كلامك هذا لي وأنا فتاه عربيه.. عليكي أن توجهي حديثك لمن رايتيهن عبر الشريط وهن أغلبيتهن خليجيات.. منقبات.. ومحتشمات.. على ما اضن.. الأفضل إن يرمين هن أيضا عباءتهم وحجابهن وغطاء وجوههن.. ولست أنا فقط.. ألستن انتن أولى باحترام عبائتكم قبلي أنا.؟؟ !!
كنت على وشك أن امسك بمقبض الباب لأخرج لكن كلماتها استوقفتني.. فأنا لم اعتاد ترك من يحادثني.. وأيضا لم اعتاد أن اترك غضبي يتحكم بي..
نعم إلى الآن أنا غاضبه بل والله إني اشعر باختناق.. لكن علي أن أكمل حواري معها..
عدت أدراجي.. وآخذت اجمع أفكاري.. ثم جلست بمكاني دون أن انطق بكلمه واحده.. دقائق قضيتها في صمت.. وهي تنظر لي بإستعجاب... ثم بعد ذلك رفعت عيني ونظرت إليها.. وقلت لها " هل نفسك تقبل مني الحديث الآن.. أم ارحل" فأجابتني " تفضلي" فقمت من مكاني وجلست على الأريكة التي بجانبها.. وأسكنت عيني بمقلتها..
وقلت لها "إن وجدتي فتاه تضع يدها بالنار هل ستفعلين مثلها.. " فأجابتني "بالتأكيد لا "
فأكملت " إن وجدتي فتاه تتبع الشيطان هل ستفعلين مثلها؟ ".. فكررت نفس الإجابة
فأكلمت " وإن وجدتي فتاه تسلك طريق جهنم.. ليكون جسدها حطبا تلك النار هل تتبعين نفس الخطى.. " فصمتت وكأنها استوعبت المغزي من أسئلتي
فأكملت حديثي....
غاليتي.. اللباس الإسلامي ليس حكرا على الفتيات الخليجيات.. بل هو لكل امرأة نطقت شفتاها بـ لا اله إلا الله ومحمد عليه ألف الصلاة والسلام رسول الله.. فأصبحت مسلمة..
فوجب عليها هذا اللباس.. سواء خليجيه.. عربيه أو أجنبية....
إنه عيني تدمع وأنا أراكن في الحفلات الغنائية إن كنتي متحجبة أو منقبة ومحتشمة.. ترقصين وتهللين.. وتتمايلين أمام شاشات التلفاز.. وحولك الكثير الكثير من الرجال.. ينظرون لكي بعين مريضه تفترس كل ما يظهر منك..
فأنت إن لم تحترمي حجابك.. وغيرك لم تحترم عباءتها أو نقابها.. إذن من سيحترمه... ؟!
قلبي يعتصر ألما وأنا أرى حجابي وعباءتي تتمايل مع أنغام الموسيقى.. بدلا من أن أراها تستقيم وتنحني من اثر القيام والسجود
هل شاهدتي راهبة متعبدة لدى الغرب تدخل المراقص وترقص بلباسها الديني هل رايتي...؟؟
لما تلك الراهبة حافظة على ديانتها وهي مسيحية وأنتي يا فرد من أمة محمد عليه ألف الصلاة والسلام.. لم تفعلي مثل ما فعلت.. لما؟؟
لما أنتي أصبحتي انزل منها وأنتي من رفعك الإسلام وقدرك.. أي صورة سيعرفها العالم عندما يراكي هكذا عبر شاشات التلفاز وقد أخذتك السكرة بهذه الألحان المحرمة..
أهكذا يكون حفاظك لدينك بعد أن أكرمك وحافظ عليك.. وحررك من العبودية
فبالأمس كنت توأدين... وبالأمس كنتي جاريه.. وبالأمس كنت في أنزل مكانه ينظر عليك باحتقار.
والآن بفضل دينك وإسلامك أصبحتي جوهر بل أغلى والله.. أصبحتي كنز لا يقدر بأي ثمن.. أصبحتي دره يسعى الجميع لاقتنائها.. أصبحتي أختا مسلمة تشار لها بالبنان لشرفها وعفتها.. وعندما تنجبين الأبناء فتصبحين أما تنزل الجنة تحت أقدامك..
ابعد كل هذا وذلك تنصاعي وراء هوى الشيطان.. فأجدك في الأسواق متبرجة بتلك العباه الضيقة المشوهة.. أو ذلك الحجاب المصطنع
الا تعلمين بأنه عباءتي كالماء الصافي لا رائحة فيه.. وأنتي لوثتيها بعطورك الفرنسية والأمريكية
الا تعلمين بأنه نقابي كالحرير يتأثر بكل حبة غبار.. وأنتي لوثتيه بمكياجك وتبرج عينيك
الا تعلمين أنه حجابي سد منيع لا يجتاحه أحد.. وأنتي قد تعبثتي بهذا السد وفتحتي نوافذ كي تطل من خلاله خصلات شعرك الملونة.
فأصبحت يدا عونا للشيطان تشوه به منظره أخواتي المسلمات.. وأصبحت خنجرا يمزق هيبة عباءتي وحجابي وغطائي... فيمرغ به التراب بعد أن كان عاليا شامخا طاهرا نقيا.
اهتدي يا أختي اهتدي... والله انه غيرتي على عباءتي قد أشعلت النار فيني ولم تجعلني اصمت.. وغيرتي عليك وآنا أرى تلك العيون المفترسة تأكلك.. لم تريحني وأرقتني.
فلماذا أنتي غافلة لاهية مدبره... أفيقي أرجوك أفيقي.. فأعداء الإسلام يتربصون بنا.. فلا تفتحي لهم المجال ليهزمونا
أرجوك فلا تخيبي رجائي بكي.. فأنا اعلمـ بأنه هناك في داخلك مسلمة صغيره فأخرجيها واجعليها تتنفس الهواء النقي.. وسيري معها إلي طريق الجنة..
فأنا والله لا ارغب أن يكون جسدك وقود للنار.. أرجوك قلتها مرارا وسأقولها لكي مرارا.. عودي إلينا عودي كسابق عهدنا بك.. عودي وارفعي من شاننا
ارمي تلك العباءة المصنعة.. وقولي نحن لنا عباءة واحده وغيرها لا نريد
نحن لنا نقاب واحد وغيره لا نريد
ونحن لنا حجاب واحد وغيره لا نريد
وكل دخيل لنا من باب الموضى والتحضر سنحاربه.. سنمزقه.. سندوس عليه بأقدامنا.. فهو لا يستحق إلا أن يداس بالأقدام لا أن يلبس على أجسادنا الطاهرة
أختي إني أمد لكي يدي.. انتظر أن أرى يديك ترافق يدي.. تشد من آزري.. لكي نصل معا إلى بر الأمان فتكوني رفيقتي في الدنيا وفي الآخر إن شاء الله.
انتهيت من حديثي.. وأنا أراها صامته.. لم تجيبني بأي كلمه.. فأحسست باني قد فعلت ما وجب علي أن افعله.. قد وجهت نصيحتي.. وعليها أن تقبلها أو أن تتركها فذلك شانها وحدها..
فوقفت واعتذرت منها على غضبي في بداية حديثي واستودعتهم الله.. فأدرت بظهري لأهم بالخروج.. وبعد خطوات قليلة وإذ أجدها تعانقني بشده... ودموعها تتساقط كحبات المطر الطاهرة.. أخذت تقبلني وهي تقول "والله انكي أخت لي في الله منذ الآن.. فاعذريني إن خاطبتك بقسوة في بداية حديثي معك.. لكن غفلتي وشيطاني أعماني عن الحق.. فسامحيني.. "
فابتسمت لها وأنا أقول "أما أنا فلا تشغلي بالك بي.. فأنا لا احمل في قلبي لكي سوى كل الحب والخوف.. لكن عليك أن تطلبي المغفرة من ربك فهو غفور رحيم".
والحمد لله الذي ارجع لنا أختا مسلمة إلى طريقها.. لكن متى ستأتي البقية..
أختي في الله.. إسلامك أوجب عليك أن تحاولي في إصلاح كل أخت لكي تسير في هذا الطريق.. لعل الله يكتب هدايتها بين يديك..
أما أنتي أيتها الغافلة.. فقافلتنا تنتظر قدومك.. نعم كوني معنا وليس ضدنا.. دعيك من زيف الدنيا.. فوالله لا يساوي شيئا.. تذكري قبرك.. لن تأخذي معك سوى عملك..فاحرصي أن يكون عملا صالحا ينير لك وحشة.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/185)
من صور تكريم الإسلام للمرأة
محمد بن إبراهيم الحمد (*)
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة.
وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.
وإذا كانت أماً كان برُّها مقروناً بحق الله- تعالى - وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، والفساد في الأرض.
وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها.
وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة.
وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها؛ فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي.
وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك.
وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.
ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك، والإجارة، والبيع، والشراء، وسائر العقود، ولها حق التعلم، والتعليم، بما لا يخالف دينها، بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكراً أم أنثى.
بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كُلاً منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة؛ فأمرها بالحجاب والستر، والبعد عن التبرج، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها.
ومن إكرام الإسلام لها: أن أمر الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، والحذر من ظلمها، والإساءة إليها.
بل ومن المحاسن-أيضاً-أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولات الإصلاح، وحين تصبح حياتهما جحيماً لا يطاق.
وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالماً لها، سيئاً في معاشرتها، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه، فتدفع له شيئاً من المال، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن يضرب زوجته بلا مسوغ، وجعل لها الحق الكامل في أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أن ترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله- تعالى -: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الإسراء.
وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليف واجب.
قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها) رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث من أبلغ ما يمكن أن يقال في تشنيع ضرب النساء؛ إذ كيف يليق بالإنسان أن يجعل امرأته - وهي كنفسه - مهينة كمهانة عبده بحيث يضربها بسوطه، مع أنه يعلم أنه لا بد له من الاجتماع والاتصال الخاص بها.
ولا يفهم مما مضى الاعتراض على مشروعية ضرب الزوجة بضوابطه، ولا يعني أن الضرب مذموم بكل حال.
لا، ليس الأمر كذلك؛ فلا يطعن في مشروعية الضرب إلا من جهل هداية الدين، وحكمة تشريعاته من أعداء الإسلام ومطاياهم ممن نبتوا من حقل الغرب، ورضعوا من لبانه، ونشأوا في ظله.
هؤلاء الذين يتظاهرون بتقديس النساء والدفاع عن حقوقهن؛ فهم يطعنون في هذا الحكم، ويتأففون منه، ويعدونه إهانة للمرأة.
وما ندري من الذي أهان المرأة؟ أهو ربّها الرحيم الكريم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟
أم هؤلاء الذين يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذا انتهت مدة صلاحيتها ضربوا بها وجه الثرى؟
إن هؤلاء القوم يستنكفون من مشروعية تأديب المرأة الناشز، ولا يستنكفون أن تنشز المرأة، وتترفع على زوجها، فتجعله-وهو رأس البيت-مرؤوساً، وتصر على نشوزها، وتمشي في غلوائها، فلا تلين لوعظه، ولا تستجيب لنصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره.
تُرى كيف يعالجون هذا النشوز؟ وبم يشيرون على الأزواج أن يعاملوا به الزوجات إذا تمَرَّدْنَ؟
لعل الجواب تضمنه قول الشنفرى الشاعر الجاهلي حين قال مخاطباً زوجته:
إذا ما جئتِ ما أنهاكِ عنه *** فلم أنكر عليك فطلقيني
فأنتِ البعلُ يومئذٍ فقومي *** بسوطك-لا أبا لك- فاضربيني
نعم لقد وجد من النساء - وفي الغرب خاصة - من تضرب زوجها مرة إثر مرة، والزوج يكتم أمره، فلما لم يعد يطيق ذلك طلَّقها، حينئذٍ ندمت المرأة، وقالت: أنا السبب؛ فلقد كنت أضربه، وكان يستحيي من الإخبار بذلك، ولما نفد صبره طلَّقني!
وقالت تلك المرأة القوامة: أنا نادمة على ما فعلت، وأوجه النصيحة بألا تضرب الزوجات أزواجهن!
لقد أذن الإسلام بضرب الزوجة كما في قوله- تعالى -: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) النساء: 34.
وكما في قوله - عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع: (ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح).
ولكن الإسلام حين أذن بضرب الزوجة لم يأذن بالضرب المبرح الذي يقصد به التشفي، والانتقام، والتعذيب، وإهانة المرأة وإرغامها على معيشة لا ترضى بها.
وإنما هو ضرب للحاجة وللتأديب، تصحبه عاطفة المربي والمؤدب؛ فليس للزوج أن يضرب زوجته بهواه، وليس له إن ضربها أن يقسو عليها؛ فالإسلام أذن بالضرب بشروط منها:
أ- أن تصر الزوجة على العصيان حتى بعد التدرج معها.
ب- أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير؛ فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد، ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر؛ ذلك أن العقاب بأكثر من حجم الذنب ظلم.
ج- أن يستحضر أن المقصود من الضرب العلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛ فيراعي التخفيف فيه على أحسن الوجوه؛ فالضرب يتحقق باللكزة، أو بالمسواك ونحوه.
د- أن يتجنب الأماكن المخوفة كالرأس والبطن والوجه.
هـ - ألا يكسر عظماً، ولا يشين عضواً، وألا يدميها، ولا يكرر الضربة في الموضع الواحد.
و- ألا يتمادى في العقوبة قولاً أو فعلاً إذا هي ارتدعت وتركت النشوز.
فالضرب - إذاً - للمصلحة لا للإهانة، ولو ماتت الزوجة بسبب ضرب الزوج لوجبت الدية والكفارة، إذا كان الضرب لغير التأديب المأذون فيه.
أما إذا كان التلف مع التأديب المشروع فلا ضمان عليه، هذا مذهب أحمد ومالك.
أما الشافعي وأبو حنيفة فيرون الضمان في ذلك، ووافقهم القرطبي - وهو مالكي.
وقال النووي- رحمه الله -في شرح حديث حجة الوداع السابق: (وفي هذا الحديث إباحة ضرب الرجل امرأته للتأديب، فإن ضربها الضرب المأذون فيه فماتت وجبت ديتها على عاقلة الضارب، ووجبت الكفارة في ماله).
ومن هنا يتبين لنا أن الضرب دواء ينبغي مراعاة وقته، ونوعه، وكيفيته، ومقداره، وقابلية المحل، لكن الذين يجهلون هداية الإسلام يقلبون الأمر، ويلبسون الحق بالباطل.
ثم إن التأديب بالضرب ليس كل ما شرعه الإسلام من العلاج، بل هو آخر العلاجات مع ما فيه من الكراهة؛ فإذا وجدت امرأة ناشز أساءت عشرة زوجها، وركبت رأسها، واتبعت خطوات الشيطان، ولم ينجع معها وعظ ولا هجران-فماذا يصنع الرجل في مثل هذه الحال؟
هل من كرامته أن يهرع إلى مطالبة زوجته كل ما نشزت؟ وهل تقبل المرأة ذلك، فينتشر خبرها، فتكون غرضاً للذم، وعرضة للَّوم؟
إن الضرب بالمسواك، وما أشبهه أقلُّ ضرراً على المرأة نفسها من تطليقها الذي هو نتيجة غالبة لاسترسالها في نشوزها، فإذا طُلِّقت تصدع بنيان الأسرة، وتفرق شملها، وتناثرت أجزاؤها.
وإذا قيس الضرر الأخف بالضرر الأعظم كان ارتكاب الأخف حسناً جميلاً، كما قيل:
وعند ذكر العمى يستحسن العورُ.
فالضرب طريق من طرق العلاج يجدي مع بعض النفوس الشاردة التي لا تفهم بالحسنى، ولا ينفع معها الجميل، ولا تفقه الحجة، ولا تقاد بزمام الإقناع.
ثم إذا أخطأ أحد من المسلمين سبيل الحكمة، فضرب زوجته وهي لا تستحق، أو ضربها ضرباً مبرحاً-فالدين براء من تبعة هذه النقائص، وإنما تبعتها على أصحابها.
هذا وقد أثبتت دراسات علم النفس أن بعض النساء لا ترتاح أنفسهن إلا إذا تعرضن إلى قسوة وضرب شديد مبرح، بل قد يعجبها من الرجل قسوته، وشدته، وعنفه؛ فإذا كانت امرأة من هذا النوع فإنه لا يستقيم أمرها إلا بالضرب.
وشواهد الواقع والملاحظات النفسية على بعض أنواع الانحراف تقول: إن هذه الوسيلة قد تكون أنسب الوسائل لإشباع انحراف نفسي معين، وإصلاح سلوك صاحبه، وإرضائه في الوقت ذاته؛ فربما كان من النساء من لا تحس قوة الرجل الذي تحب أن يكون قواماً عليها إلا حين يقهرها عضلياً.
وليست هذه طبيعة كل امرأة، ولكن هذه الصنف من النساء موجود، وهو الذي يحتاج إلى هذه المرحلة الأخيرة؛ ليستقيم على الطريقة.
والذين يولعون بالغرب، ويولون وجوههم شطره يوحون إلينا أن نساء الغرب ينعمن بالسعادة العظمى مع أزواجهن ولكن الحقيقة الماثلة للعيان تقول غير ذلك؛ فتعالوا نطالع الإحصاءات التي تدل على وحشية الآخرين الذين يرمون المسلمين بالوحشية.
أ- نشرت مجلة التايم الأمريكية أن ستة ملايين زوجة في أمريكا يتعرضن لحوادث من جانب الزوج كل عام، وأنه من ألفين إلى أربعة آلاف امرأة يتعرضن لضرب يؤدي إلى الموت، وأن رجال الشرطة يقضون ثلث وقتهم للرد على مكالمات حوادث العنف المنزلي. انظر دور المرأة المسلمة في المجتمع إعداد لجنة المؤتمر النسائي الأول ص45.
ب- ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عام 1979م أن 40% من حوادث قتل النساء تحدث بسبب المشكلات الأسرية، وأن 25% من محاولات الانتحار التي تُقْدم عليها الزوجات يسبقها نزاع عائلي. انظر دور المرأة المسلمة في المجتمع ص46.
ج- دراسة أمريكية جرت في عام 1407هـ-1987م أشارت إلى 79% يقومون بضرب النساء وبخاصة إذا كانوا متزوجين بهن.
وكانت الدراسة قد اعتمدت على استفتاء أجراه د. جون بيرير الأستاذ المساعد لعلم النفس في جامعة كارولينا الجنوبية بين عدد من طلبته.
وقد أشارت الدراسة إلى أن استعداد الرجال لضرب زوجاتهم عالٍ جداً، فإذا كان هذا بين طلبة الجامعة فكيف بمن هو دونهم تعليماً؟
د- وفي دراسة أعدها المكتب الوطني الأمريكي للصحة النفسية جاء أن 17% من النساء اللواتي يدخلن غرف الإسعاف ضحايا ضرب الأزواج أو الأصدقاء، وأن 83% دخلن المستشفيات سابقاً مرة على الأقل للعلاج من جروح وكدمات أصيبن بها كان دخولهن نتيجة الضرب.
وقال إفان ستارك معد هذه الدراسة التي فحصت (1360) سجلاً للنساء: إن ضرب النساء في أمريكا ربما كان أكثر الأسباب شيوعاً للجروح التي تصاب بها النساء، وأنها تفوق ما يلحق بهن من أذى نتيجة حوادث السيارات، والسرقة، والاغتصاب مجتمعة.
وقالت جانيس مور-وهي منسقة في منظمة الائتلاف الوطني ضد العنف المنزلي ومقرها واشنطن: إن هذه المأساة المرعبة وصلت إلى حد هائل؛ فالأزواج يضربون نسائهم في سائر أنحاء الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى دخول عشرات منهن إلى المستشفيات للعلاج.
وأضافت بأن نوعية الإصابات تتراوح ما بين كدمات سوداء حول العينين، وكسور في العظام، وحروق وجروح، وطعن بالسكين، وجروح الطلقات النارية، وما بين ضربات أخرى بالكراسي، والسكاكين، والقضبان المحماة.
وأشارت إلى أن الأمر المرعب هو أن هناك نساء أكثر يُصبن بجروح وأذى على أيدي أزواجهن ولكنهن لا يذهبن إلى المستشفى طلباً للعلاج، بل يُضمِّدن جراحهن في المنزل.
وقالت جانيس مور: إننا نقدر بأن عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام يصل إلى ستة ملايين امرأة، وقد جمعنا معلومات من ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالية، ومن مئات الملاجئ التي توفر المأوى للنساء الهاربات من عنف وضرب أزواجهن. انظر من أجل تحرير حقيقي ص16-21 وانظر المجتمع العاري بالوثائق والأرقام ص56-57.
هـ - وجاء في كتاب ماذا يريدون من المرأة لعبدالسلام البسيوني ص36-66 ما يلي:
- ضرب الزوجات في اليابان هو السبب الثاني من أسباب الطلاق.
- 772 امرأة قتلهن أزواجهن في مدينة ساوباولو البرازيلية وحدها عام1980م.
- يتعرض ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين من الأمريكيات للإهانة المختلفة من أزواجهن وعشاقهن سنوياً.
- أشارت دراسة كندية اجتماعية إلى أن ربع النساء هناك-أي أكثر من ثمانية ملايين امرأة-يتعرضن لسوء المعاملة كل عام.
- في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنوياً من نساء يضربهن أزواجهن على مدار السنين الخمس عشرة الماضية.
- تتعرض امرأة لسوء المعاملة في أمريكا كل ثمان ثوان.
- مائة ألف ألمانية يضربهن أزواجهن سنوياً، ومليونا فرنسية.
-60% من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل-هي نداءات استغاثة من نساء تُساء معاملتهن.
وبعد فإننا في غنى عن ذكر تلك الإحصاءات؛ لعلمنا بأنه ليس بعد الكفر ذنب.
ولكن نفراً من بني جلدتنا غير قليل لا يقع منهم الدليل موقعه إلا إذا نسب إلى الغرب وما جرى مجراه؛ فها هو الغرب ت- تعالى - صيحاته من ظلم المرأة؛ فهل من مدكر؟
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة *** فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن أنقذها من أيدي الذين يزدرون مكانها، وتأخذهم الجفوة في معاشرتها؛ فقرر لها من الحقوق ما يكفل راحتها، وينبه على رفعة منزلتها، ثم جعل للرجل حق رعايتها، وإقامة سياج بينها وبين ما يخدش كرامتها.
ومن الشاهد على هذا قوله- تعالى -: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) البقرة: 228.
فجعلت الآية للمرأة من الحقوق مثل ما للرجل؛ وإذا كان أمر الأسرة لا يستقيم إلا برئيس يدبره فأحقهم بالرياسة هو الرجل الذي شأنه الإنفاق عليها، والقدرة على دفاع الأذى عنها.
وهذا ما استحق به الدرجة المشار إليها في قوله- تعالى -: وللرجال عليهن درجة وقوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) النساء: 34.
بل إن الله- عز وجل -قد اختص الرجل بخصائص عديدة تؤهله للقيام بهذه المهمة الجليلة.
ومن تلك الخصائص ما يلي:
أ- أنه جُعل أصلها، وجعلت المرأة فرعه، كما قال- تعالى -: (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) النساء: 1.
ب- أنها خلقت من ضلعه الأعوج، كما جاء في قوله- عليه الصلاة والسلام -: (استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضلَع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه؛ إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج؛ استوصوا بالنساء خيراً).
ج- أن المرأة ناقصة عقل ودين، كما قال- عليه الصلاة والسلام -: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن).
قالت امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: (أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان؛ فهذا نقصان الدين).
فلا يمكن-والحالة هذه-أن تستقل بالتدبير والتصرف.
د- نقص قوَّتها، فلا تقاتل ولا يُسهَم لها.
هـ- ما يعتري المرأة من العوارض الطبيعية من حمل وولادة، وحيض ونفاس، فيشغلها عن مهمة القوامة الشاقة.
و- أنها على النصف من الرجل في الشهادة-كما مر-وفي الدية، والميراث، والعقيقة، والعتق.
هذه بعض الخصائص التي يتميز بها الرجل عن المرأة.
قال الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه الله -: (ولا ينازع في تفضيل اللهِ الرجلَ على المرأة في نظام الفطرة إلا جاهل أو مكابر؛ فهو أكبر دماغاً، وأوسع عقلاً، وأعظم استعداداً للعلوم، وأقدر على مختلف الأعمال).
وبعد أن استبان لنا عظم شأن القوامة، وأنها أمر يأمر به الشرع، وتقره الفطرة السوية، والعقول السليمة-فهذا ذكر لبعض ما قاله بعض الغربيين من الكتاب وغيرهم في شأن القوامة؛ وذلك من باب الاستئناس؛ لأن نفراً من بني جلدتنا لا يقع الدليل موقعه عندهم إلا إذا صدر من مشكاة الغرب.
أ- تقول جليندا جاكسون حاملة الأوسكار التي منحتها ملكة بريطانيا وساماً من أعلى أوسمة الدولة، والتي حصلت على جائزة الأكاديمية البريطانية، وجائزة مهرجان مونتريال العالمي تقول: (إن الفطرة جعلت الرجل هو الأقوى والمسيطر بناءً على ما يتمتع به من أسباب القوة تجعله في المقام الأول بما خصه الله به من قوة في تحريك الحياة، واستخراج خيراتها، إنه مقام الذاتية عند الرجل التي تؤهله تلقائياً لمواجهة أعباء الحياة وإنمائها، واطراد ذلك في المجالات الحياتية).
ب- الزعيمة النسائية الأمريكية (فليش شلافي) دعت المرأة إلى وجوب الاهتمام بالزوج والأولاد قبل الاهتمام بالوظيفة، وبوجوب أن يكون الزوج هو رب الأسرة وقائد دفتها.
ج- وفي كتاب صدر أخيراً عن حياة الكاتبة الإنجليزية المشهورة (أجاثا كريستي) ورد فيه قولها: (إن المرأة الحديثة مُغَفَّلة؛ لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم؛ فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق؛ لأننا بذلنا الجهد خلال السنين الماضية؛ للحصول على حق العمل والمساواة في العمل مع الرجل.
والرجال ليسوا أغبياء؛ فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقاً من أن تعمل الزوجة وتضاعف دخل الزوج.
ومن المحزن أن نجد بعد أن أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف الضعيف أننا نعود اليوم لنساوى في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده).
د- وتقول طبيبة نفسية أمريكية: (أيما امرأة قالت: أنا واثقة بنفسي، وخرجت دون رقيب أو حسيب فهي تقتل نفسها وعفتها).
هذا ما يقول العقلاء من أولئك القوم، فماذا يقول العلم الحديث في ذلك الشأن؟
لقد أثبت العلم الحديث أخيراً وَهْمَ محاولات المساواة بين الرجل والمرأة، وأن المرأة لا يمكن أن تقوم بالدور الذي يقوم به الرجل؛ فقد أثبت الطبيب (د. روجرز سبراي) الحائز على جائزة نوبل في الطب-وجود اختلافات بين مخ الرجل ومخ المرأة، الأمر الذي لا يمكن معه إحداث مساواة في المشاعر وردود الأفعال، والقيام بنفس الأدوار.
وقد أجرى طبيب الأعصاب في جامعة (بيل) الأمريكية بحثاً طريفاً رصد خلاله حركة المخ في الرجال والنساء عند كتابة موضوع معين أو حل مشكلة معينة، فوجد أن الرجال بصفة عامة يستعملون الجانب الأيسر من المخ، أما المرأة فتستعمل الجانبين معاً.
وفي هذا دليل-كما يقول أستاذ جامعة بيل-أن نصْفَ مُخِّ الرجل يقوم بعمل لا يقدر عليه مُخُّ المرأة إلا بشطريه.
وهذا يؤكد أن قدرات الرجل أكبر من قدرات المرأة في التفكير، وحل المشكلات.
وهذا ما اكتشفه البروفيسور ريتشارد لين من القسم السيكيولوجي في جامعة ألستر البريطانية حيث يقول: (إن عدداً من الدراسات أظهرت أن وزن دماغ الرجل يفوق مثيله النسائي بحوالي أربع أوقيات).
وأضاف لين: (أنه يجب الإقرار بالواقع، وهو أن دماغ الذكور أكبر حجماً من دماغ الإناث، وأن هذا الحجم مرتبط بالذكاء).
وقال: (إن أفضلية الذكاء عند الذكور تشرح أسباب حصول الرجال في بريطانيا على ضعفي ما تحصل عليه النساء من علامات الدرجة الأولى).
وسواء صح ما قالوه أم لم يصح فإن الله- سبحانه -أخبرنا في كتابه بالاختلاف بين الجنسين على وجه العموم فقال- عز وجل -: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى) آل عمران: 36.
فكل ميسر لما خلق له، وكل يعمل على شاكلته.
ولا يفهم من خلال ما مضى أن ضعف المرأة ونقصها الخلْقي يعد من مساوئها بل هو من أعظم محاسنها.
قال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله -: (ألا ترى أن الضعف الخِلْقيَّ والعجز عن الإبانة في الخصام عيب ناقص في الرجال مع أنه يعد من جملة محاسن النساء التي تجذب إليها القلوب.
قال جرير:
إن العيون التي في طرفها حور *** قتلننا ثم لم يحين قتلانا
يَصْرَعْن ذا اللب حتى لا حراك به *** وهن أضعف خلق الله أركانا
وقال ابن الدمينة:
بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له *** ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب
فلم يعتذرْ عُذْرَ البريء ولم تزل *** به سكتة حتى يقال مريب
فالأول تشبيب بهن بضعف أركانهن، والثاني بعجزهن عن الإبانة في الخصام كما قال- تعالى -: (وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف: 18.
ولهذا التباين في الكمال والقوة بين النوعين صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (اللعن على من تشبه منهما بالآخر).
وقال- رحمه الله -بعد أن ذكر بعض الأدلة على فضيلة الذكر على الأنثى: (فإذا عرفت من هذه أن الأنوثة نقص خلقي، وضعف طبيعي-فاعلم أن العقل الصحيح الذي يدرك الحكم والأسرار يقضي بأن الناقص الضعيف بخلقته وطبيعته يلزم أن يكون تحت نظر الكامل في خلقته، القوي بطبيعته؛ ليجلب له ما لا يقدر على جلبه من النفع، ويدفع عنه ما لا يقدر على دفعه من الضر).
ومن إكرام الإسلام للمرأة: أن أباح للرجل أن يعدد، فيتزوج بأكثر من واحدة، فأباح له أن يتزوج اثنتين، أو ثلاثاً، أو أربعاً، ولا يزيد عن أربع بشرط أن يعدل بينهن في النفقة، والكسوة، والمبيت، وإن اقتصر الزوج على واحدة فله ذلك.
هذا وإن في التعدد حكماً عظيمة، ومصالح كثيرة لا يدركها الذين يطعنون في الإسلام، ويجهلون الحكمة من تشريعاته، ومما يبرهن على الحكمة من مشروعية التعدد ما يلي:
1- أن الإسلام حرم الزنا، وشدَّد في تحريمه؛ لما فيه من المفاسد العظيمة التي تفوق الحصر والعد، والتي منها: اختلاط الأنساب، وقتل الحياء، والذهاب بالشرف وكرامة الفتاة؛ إذ الزنا يكسوها عاراً لا يقف حده عندها، بل يتعداه إلى أهلها وأقاربها.
ومن أضرار الزنا: أن فيه جناية على الجنين الذي يأتي من الزنا؛ حيث يعيش مقطوع النسب، محتقراً ذليلاً.
ومن أضراره: ما ينتج عنه من أمراض نفسية وجسدية يصعب علاجها، بل ربما أودت بحياة الزاني كالسيلان، والزهري، والهربس، والإيدز، وغيرها.
والإسلام حين حرَّم الزنا وشدَّد في تحريمه فتح باباً مشروعاً يجد فيه الإنسان الراحة، والسكن، والطمأنينة ألا وهو الزواج، حيث شرع الزواج، وأباح التعدد فيه كما مضى.(83/186)
ولا ريب أن منع التعدد ظلم للرجل وللمرأة؛ فمنعه قد يدفع إلى الزنا؛ لأن عدد النساء يفوق عدد الرجال في كل زمان ومكان، ويتجلى ذلك في أيام الحروب؛ فَقَصْر الزواج على واحدة يؤدي إلى بقاء عدد كبير من النساء دون زواج، وذلك يسبب لهن الحرج، والضيق، والتشتت، وربما أدى بهن إلى بيع العرض، وانتشار الزنا، وضياع النسل.
2- أن الزواج ليس متعة جسدية فحسب: بل فيه الراحة، والسكن، وفيه-أيضاً-نعمة الولد، والولد في الإسلام ليس كغيره في النظم الأرضية؛ إذ لوالديه أعظم الحق عليه؛ فإذا رزقت المرأة أولاداً، وقامت على تربيتهم كانوا قرة عين لها؛ فأيهما أحسن للمرأة: أن تنعم في ظل رجل يحميها، ويحوطها، ويرعاها، وترزق بسببه الأولاد الذين إذا أحسنت تربيتهم وصلحوا كانوا قرة عين لها؟ أو أن تعيش وحيدة طريدة ترتمي هنا وهناك؟ !.
3- أن نظرة الإسلام عادلة متوازنة: فالإسلام ينظر إلى النساء جميعهن بعدل، والنظرة العادلة تقول بأنه لابد من النظر إلى جميع النساء بعين العدل.
إذا كان الأمر كذلك؛ فما ذنب العوانس اللاتي لا أزواج لهن؟ ولماذا لا يُنظر بعين العطف والشفقة إلى من مات زوجها وهي في مقتبل عمرها؟ ولماذا لا ينظر إلى النساء الكثيرات اللواتي قعدن بدون زواج؟.
أيهما أفضل للمرأة: أن تنعم في ظل زوج معه زوجة أخرى، فتطمئن نفسها، ويهدأ بالها، وتجد من يرعاها، وترزق بسببه الأولاد، أو أن تقعد بلا زواج البتة؟.
وأيهما أفضل للمجتمعات: أن يعدد بعض الرجال فيسلم المجتمع من تبعات العنوسة؟ أو ألا يعدد أحد، فتصطلي المجتمعات بنيران الفساد؟.
وأيهما أفضل: أن يكون للرجل زوجتان أو ثلاث أو أربع؟ أو أن يكون له زوجة واحدة وعشر عشيقات، أو أكثر أو أقل؟.
4- أن التعدد ليس واجباً: فكثير من الأزواج المسلمين لا يعددون؛ فطالما أن المرأة تكفيه، أو أنه غير قادر على العدل فلا حاجة له في التعدد.
5- أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل: وذلك من حيث استعدادها للمعاشرة؛ فهي غير مستعدة للمعاشرة في كل وقت، ففي الدورة الشهرية مانع قد يصل إلى عشرة أيام، أو أسبوعين كل شهر.
وفي النفاس مانع-أيضاً-والغالب فيه أنه أربعون يوماً، والمعاشرة في هاتين الفترتين محظورة شرعاً، لما فيها من الأضرار التي لا تخفى.
وفي حال الحمل قد يضعف استعداد المرأة في معاشرة الزوج، وهكذا.
أما الرجل فاستعداده واحد طيلة الشهر، والعام؛ فبعض الرجال إذا منع من التعدد قد يؤول به الأمر إلى سلوك غير مشروع.
6- قد تكون الزوجة عقيماً لا تلد: فيُحْرَمُ الزوج من نعمة الولد، فبدلاً من تطليقها يبقي عليها، ويتزوج بأخرى ولود.
وقد يقال: وإذا كان الزوج عقيماً والزوجة ولوداً؛ فهل للمرأة الحق في الفراق؟.
والجواب: نعم فلها ذلك إن أرادت.
7- قد تمرض الزوجة مرضاً مزمناً: كالشلل وغيره، فلا تستطيع القيام على خدمة الزوج؛ فبدلاً من تطليقها يبقي عليها، ويتزوج بأخرى.
8- قد يكون سلوك الزوجة سيئاً: فقد تكون شرسة، سيئة الخلق لا ترعى حق زوجها؛ فبدلاً من تطليقها يبقي الزوج عليها، ويتزوج بأخرى؛ وفاء للزوجة، وحفظاً لحق أهلها، وحرصاً على مصلحة الأولاد من الضياع إن كان له أولاد منها.
9- أن قدرة الرجل على الإنجاب أوسع بكثير من قدرة المرأة: فالرجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد الستين، بل ربما تعدى المائة وهو في نشاطه وقدرته على الإنجاب.
أما المرأة فالغالب أنها تقف عن الإنجاب في حدود الأربعين، أو تزيد عليها قليلاً؛ فمنع التعدد حرمان للأمة من النسل.
10- أن في الزواج من ثانية راحة للأولى: فالزوجة الأولى ترتاح قليلاً أو كثيراً من أعباء الزوجية؛ إذ يوجد من يعينها ويأخذ عنها نصيباً من أعباء الزوج.
ولهذا، فإن بعض العاقلات إذا كبرت في السن وعجزت عن القيام بحق الزوج أشارت عليه بالتعدد.
11- التماس الأجر: فقد يتزوج الإنسان بامرأة مسكينة لا عائل لها، ولا راع، فيتزوجها بنيَّة إعفافها، ورعايتها، فينال الأجر من الله بذلك.
12- أن الذي أباح التعدد هو الله- عز وجل -: فهو أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم.
وهكذا يتبين لنا حكمة الإسلام، وشمول نظرته في إباحة التعدد، ويتبين لنا جهل من يطعنون في تشريعاته.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن جعل لها نصيباً من الميراث؛ فللأم نصيب معين، وللزوجة نصيب معين، وللبنت وللأخت ونحوها نصيب على نحو ما هو مُفَصَّل في مواضعه.
ومن تمام العدل أن جعل الإسلام للمرأة من الميراث نصف ما للرجل، وقد يظن بعض الجهلة أن هذا من الظلم؛ فيقولون: كيف يكون للرجل مثل حظ الأنثيين من الميراث؟ ولماذا يكون نصيب المرأة نصف نصيب الرجل؟.
والجواب أن يقال: إن الذي شرع هذا هو الله الحكيم العلم بمصالح عباده.
ثم أي ظلم في هذا؟ إن نظام الإسلام متكامل مترابط؛ فليس من العدل أن يؤخذ نظام، أو تشريع، ثم ينظر إليه من زاوية واحدة دون ربطه بغيره، بل ينظر إليه من جميع جوانبه؛ فتتضح الصورة، ويستقيم الحكم.
ومما يتبين به عدل الإسلام في هذه المسألة: أن الإسلام جعل نفقة الزوجة واجبة على الزوج، وجعل مهر الزوجة واجباً على الزوج-أيضاً-.
ولنفرض أن رجلاً مات، وخلَّف ابناً، وبنتاً، وكان للابن ضعف نصيب أخته، ثم أخذ كل منهما نصيبه، ثم تزوج كل منهما؛ فالابن إذا تزوج مطالب بالمهر، والسكن، والنفقة على زوجته وأولاده طيلة حياته.
أما أخته فسوف تأخذ المهر من زوجها، وليست مطالبة بشيء من نصيبها لتصرفه على زوجها، أو على نفقة بيتها أو على أولادها؛ فيجتمع لها ما ورثته من أبيها، مع مهرها من زوجها، مع أنها لا تُطَالب بالنفقة على نفسها وأولادها.
أليس إعطاء الرجل ضعف ما للمرأة هو العدل بعينه إذاً؟
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام؛ فأين النظم الأرضية من نظم الإسلام العادلة السماوية، فالنظم الأرضية لا ترعى للمرأة كرامتها، حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.
وأين إكرامُ الإسلام للمرأة، وجَعْلُها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة، وتسلبها حقها في الملكية والمسؤولية، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار، وتعدها مخلوقاً نجساً؟.
وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟.
وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعة تنتقل فيه الزوجة؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت؛ لتنظر في حقيقة المرأة وروحها أهي من البشر أو لا؟ !.
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها، ورعاية زوجها، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها، أو شبابها، أو هرمها، وفي حال فقرها أو غناها، أو صحتها أو مرضها.
وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام-فإنما هو بسبب القصور والجهل، والبُعد عن تطبيق شرائع الدين، والوزر في ذلك على من أخطأ والدين براء من تبعة تلك النقائص.
وعلاج ذلك الخطأ إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعاليمه؛ لعلاج الخطأ.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال: عفة، وصيانة، ومودة، ورحمة، ورعاية، وتذمم إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.
أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية، وأنها لابد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط؛ فذلك سر السعادة عندهم.
وما علموا أن تبرج المرأة وتهتكها هو سبب شقائها وعذابها.
وإلا فما علاقة التطور والتعليم بالتبرج والاختلاط وإظهار المفاتن، وإبداء الزينة، وكشف الصدور، والأفخاذ، وما هو أشد؟ !.
وهل من وسائل التعليم والثقافة ارتداء الملابس الضيقة والشفافة والقصيرة؟!.
ثم أي كرامة حين توضع صور الحسناوات في الإعلانات والدعايات؟!
ولماذا لا تروج عندهم إلا الحسناء الجميلة، فإذا استنفذت السنوات جمالها وزينتها أهملت ورميت كأي آلة انتهت مدة صلاحيتها؟ !.
وما نصيب قليلة الجمال من هذه الحضارة؟ وما نصيب الأم المسنة، والجدة، والعجوز؟.
إن نصيبها في أحسن الأحوال يكون في الملاجىء، ودور العجزة والمسنين؛ حيث لا تُزار ولا يُسأل عنها.
وقد يكون لها نصيب من راتب تقاعد، أو نحوه، فتأكل منه حتى تموت؛ فلا رحم هناك، ولا صلة، ولا ولي حميم.
أما المرأة في الإسلام فكلما تقدم السن بها زاد احترامها، وعظم حقها، وتنافس أولادها وأقاربها على برها-كما سبق-لأنها أدَّت ما عليها، وبقي الذي لها عند أبنائها، وأحفادها، وأهلها، ومجتمعها.
أما الزعم بأن العفاف والستر تخلف ورجعية-فزعم باطل، بل إن التبرج والسفور هو الشقاء والعذاب، والتخلف بعينه، وإذا أردت الدليل على أن التبرج هو التخلف فانظر إلى انحطاط خصائص الجنس البشري في الهمج العراة الذين يعيشون في المتاهات والأدغال على حال تقرب من البهيمية؛ فإنهم لا يأخذون طريقهم في مدارج الحضارة إلا بعد أن يكتسوا.
ويستطيع المراقب لحالهم في تطورهم أن يلاحظ أنهم كلما تقدموا في الحضارة زادت نسبة المساحة الكاسية من أجسادهم، كما يلاحظ أن الحضارة الغربية في انتكاسها تعود في هذا الطريق القهقرى درجة درجة حتى تنتهي إلى العري الكامل في مدن العراة التي أخذت في الانتشار بعد الحرب العالمية الأولى، ثم استفحل داؤها في السنوات الأخيرة.
وهكذا تبين لنا عظم منزلة المرأة في الإسلام، ومدى ضياعها وتشردها إذا هي ابتعدت عن الإسلام.
هذه نبذة يسيرة، وصور موجزة من تكريم الإسلام للمرأة.
--------------
(*) الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد (المشرف العام على موقع دعوة الإسلام).
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/187)
نساء العراق بعد عام
مر عام على غزو العراق واحتلاله، حيث بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بشن الحرب على العراق بدعوى "تحرير شعبه وجعل العالم مكاناً آمناً" ولكن بعد عام مضى لم يتغير شيء، ولم ينعم العراق وأهله لا بالحرية ولا الديمقراطية!
المشهد النسوي في العراق يختزل بمجموعة من التواريخ والقرارات التي تمس حياه الأسر والعائلات، فبتاريخ 29 ديسمبر 2003م، صوت مجلس الحكم العراقي الذي عينه الاحتلال على القرار رقم 137 القاضي بإلغاء قانون الأحوال الشخصية العراقي القديم رقم 188، ومن ثم إحالة شؤون المرأة والأسرة إلى المرجعيات الدينية والمذهبية.
وفي تاريخ 29 فبراير 2004م اجتمع مجلس الحكم الانتقالي ثانية، وتم إلغاء القرار رقم 137، واعتمد استمرار قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي صدر عام 1959م في عهد عبدالكريم قاسم واعتبره ساري المفعول.
وما زال وضع المرأة متأرجحاً وسط ظروف الاحتلال، وغياب الأمن، وتهميش دور المرأة العراقية التي كان لها صولات وجولات في دور نهضة بلاد الرافدين، حيث كان لها الريادة في العلوم والبناء الحضاري للمجتمع العراقي منذ القرن الماضي، وكان لها مساهمات على اختلاف توجهاتها، وكان لها شرف النضال ضد الاحتلال البريطاني القديم للعراق وبعد أن تكونت الدولة العراقية الحديثة.
لقد أسهمت المرأة في العراق بإنجازات كثيرة، وحمت الأسرة من الضياع رغم كل الظروف القاسية، وما زالت المرأة العراقية تبحث عن المنقذ والمخلص من الاحتلال وآثار الحروب، وهي تعاني من الاغتصاب والخطف، والعزوف عن العمل لعدم وجود الأمن لها. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 400 فتاة عراقية فُقدت بعد الاحتلال، وأخريات.. أزواجهن فقدوا عملهم، وأطفالهن يرفضون الذهاب إلى المدارس بسبب الخوف من القتل والخطف والقصف العشوائي.
كذلك تعاني من ارتفاع نسبة الطلاق، فالقاضي الذي يزوج عشرة يطلق عشرين في اليوم الواحد؛ لأسباب تتلخص في سوء الحالة الاقتصادية وعدم استقرار الحالة الزوجية. أما المعتقلات فيعتبرهن الاحتلال معتقلات سياسيات، وهن بعيدات كل البعد عن السياسة، وليست لهن علاقة بهذه التهمة أبدا، فبعضهن أميات، وكبار في السن، فلا يوجد قانون تسجن بسببه المرأة كونها أخت أو زوجة فلان.
لقد عملت المرأة العراقية قبل الاحتلال في العديد من مواقع العمل، وكانت من النساء عالمات، وصدر لها العديد من الكتب والمطبوعات الثقافية.. فأين هي اليوم من كل ذلك؟! فالعراقية تشعر بالقهر حينما ترى الجندي الأمريكي يقف أمام منزلها ومكتبها وبيتها ويسيطر على الأرض من حولها، ويتمترس خلف الجدران العازلة، فقد تحول العراق إلى خرسانات أسمنتية، والأمريكي سيبقى ما بقيت مصالحه، ولن يخرج إلا بقوة أكبر منه أو حركة رفض عامة تطال الأرض ضد الاحتلال الأمريكي للعراق.
ونورد ما قالته المحامية "أحلام اللاميحي" ـ وهي عراقية ـ تقول: ".. ولو أخذنا الإسلام بنصوصه لكنا أفضل الناس الآن، والإسلام كرم الإنسان وصان حقوق المرأة، الغرب يأخذ من القرآن، ونحن نعود إلى طبيعتنا البدوية، الإسلام جاء وشرّف العرب في الوقت الذي كان فيه العربي (وهاب نهاب)..لن نجد في كل الشرائع السماوية أفضل من القرآن لتسيير أمورنا واحترام المرأة".
http://www.lahaonline. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/188)
شبهات حول المرأة الاختلاط
الشبهة الأولى: حديث الفارسي:
استدلّ بعض دعاة الاختلاط بين الرجال والنساء بحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن جارًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارسيًا كان طيب المرق، فصنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جاء يدعوه، فقال: ((وهذه؟)) لعائشة، فقال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا))، فعاد يدعوه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وهذه؟)) قال: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا))، ثم عاد يدعوه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وهذه؟)) قال: نعم، في الثالثة. فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله[1].
قالوا: ففي هذا الحديث تسويغٌ للمسلم أن يصحب زوجته إلى المآدب يقيمها جار أو صديق[2].
الجواب:
1- هذا الحديث لا يدل على أكثر من شيء واحد وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اصطحب عائشة معه إلى بيت الرجل الفارسي، وهو كما دلت أحاديث كثيرة أخرى على اصطحاب الصحابة نساءهم إلى المساجد، وكما دلت أحاديث أخرى على زيارة كثير من الصحابة لأمهات المؤمنين عامة وعائشة - رضي الله عنها - خاصة، من أجل رواية الحديث أو أخذ الفتاوى أو السؤال عن بعض أحوال النبي - عليه الصلاة والسلام -.
فأي تعارض بين هذه الدلالة التي لا إشكال فيها ولا نزاع وبين الحكم الإلهي القاضي باحتجاب المرأة عن الرجال والأمر لهم إذا جاؤوا يسألونهن حاجة أن يسألوهن من وراء حجاب؟! [3].
2- أما أن يرفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاستجابة لدعوة الفارسي إلا أن تصحبه عائشة - رضي الله عنها - فشيء ثابت لا إشكال فيه ولا منقصة، بل إن فيه الصورة البارزة الحية لجميل خلقه - صلى الله عليه وسلم - مع أهله وعظيم رحمته وعاطفته تجاهها، فقد كانت تمر الأيام الطويلة ولا يوقد في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار لطعام، وإنما طعامه وطعام أهله الأسودان: التمر والماء[4]، أفيترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله ـ وهي إنما ترضى بالشظف أسوة به ـ ليجلس من ورائها إلى مائدة شهية عامرة عند جاره الفارسي؟! ما كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرضى بذلك.
وأما أن يكون في ذلك ما يدل على أن عائشة - رضي الله عنها - ذهبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبرجة وجلست أمام الفارسي سافرة واختلطت العائلات على نحو ما يتم اليوم فهو شيء لا دلالة عليه، وحمل الحديث على هذا المعنى كحمل الشرق على أن يولد من داخله الغرب[5].
الشبهة الثانية: حديث زوجة أبي أسيد الساعدي:
عن سهل بن سعد - رضي الله عنهما - قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فما صنع لهم طعامًا ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلّت تمرات في تور[6] من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطعام أماثته له[7]، فسقته تتحفه بذلك[8].
قالوا: فالحديث يدل على أنه يسوغ للمسلم أن يدع زوجته تستقبل ضيوفه وأن تشرف بنفسها على تكريمهم، وأن هذا ليس مما يأباه الإسلام[9].
الجواب:
1- لقد علم الفقهاء وعلماء المسلمين جميعًا أنه لا ضير في أن تتقدم المرأة بسترها الإسلامي الكامل فتقدم إلى ضيوف في دارها طعامًا أو شرابًا تكرمهم به وزوجها أو قريبها جالس. وهذا هو الذي وقع من امرأة أبي أسيد في حفل عرسه.
قال ابن حجر: "وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر"[10].
وليس كثيرًا في حفل يحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تكرم العروس مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتولى بنفسها إكرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقديم الضيافة إليه، وليس في ذلك ما يشينها، كما أنه ليس فيه ما يلصق به - عليه الصلاة والسلام - أي منقصة.
وإنما الشين واقع فيما لو عثر المتعلق بهذا الحديث على أنها برزت أمام الرجال سافرة بادية الجسم والزينة، وهذا ما لا يمكن أن يعثر عليه، وما لا دليل عليه في الحديث[11].
2- لقد ظهر الكثير من نساء الصحابة في صفوف القتال يضمدن الجرحى ويسقين العطاش ومنهن أم سليم - رضي الله عنها -، فمن قال: إن ذلك دليل على أن المرأة لا حرج عليها في أن تختلط بالرجال كما تشاء وأن تتزين كما تريد؟!
إن قول القائل: "قامت العروس بنفسها تقدم الشراب إلى رسول الله، إذًا فللمرأة أن تعرض زينتها ومفاتنها أمام الرجال" ليس إلا كقول الآخر: "لقد شرع الله التجارة بالمال والسعي في الأرض من أجل الرزق، إذًا فلا بأس أن يخدع ويغبن"[12].
الشبهة الثالثة: الاختلاط في التعليم للصغار:
ينادي بعض الناس بالاختلاط في المدارس للصغار بحجة أن ذلك لا يضرهم ولا يؤثر عليهم، وبحجة أن المرأة أشد لباقة وأحسن معايشة للصغار[13].
الجواب:
1- إن هذه الخطوة يتبعها خطوات، ويصبح الأمر سهلاً، ويأتي من يقره عبر المراحل الدراسية الطويلة على تلك الحال الممقوتة، فأول الغيث قطرة، ومعظم النار من مستصغر الشرر، والإسلام العظيم وضع القواعد والأسس الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل أحكامها وقوانينها، ومنع الحيل وأمر بسد الذرائع[14].
2- إن فكرة الاختلاط في التعليم أو غيره بين الرجال والنساء فكرة ماسونية وبذورها استعمارية دخيلة على الأمة، وهي أشد ضررًا على هذه الأمة من الدعوة إلى السفور علانية والتبرج ونزع الحجاب؛ لأنها تشتمل على هذا كله وأكثر منه[15].
3- إن الطفل يبدأ في النمو والتفتح والتطلع إلى المعرفة من السنة السادسة وهذا أمر واقع وثابت بالتجربة.
فها هو يدرس ويتعلم ويحفظ ويحرص على العلم والتعلم والمعرفة من هذا السن بل قبلها، وتجد أن الإسلام أمر الأبوين بأن يأمرا صغيرهما بالصلاة من بعد السنة السابعة بنين وبنات، وأمر بعزل البنين عن البنات في سن العاشرة وهو سن التمييز، فالابن يبدأ تفتحه وتحرك غرائزه من هذا السن، ويبدأ يدرك فيها كثيرًا من أمور الحياة.
وبالتجربة فإن بعض الصغار من بنين وبنات يبلغون سن الرشد من بعد التاسعة، وقد يتخلف بعضهم في الدراسة الأولى فيصل عمره إلى الثانية عشرة تقريبًا أو أكثر وهو في الصف الثاني أو الثالث، وهذه بداية سن المراهقة[16].
4- إذا رجعنا إلى الإحصائيات التي تأتي من البلاد المختلطة عرفنا تمامًا النسبة العالية في انتشار جرائم الزنا واللواط بين الصغار، ونسبة الحوامل فيمن سنهن في حدود الثانية عشرة من أعمارهن، وكثرة الشذوذ بين الجنس الذكري، تقول اللادي كوك: "إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وها هنا البلاء العظيم على المرأة"[17].
وذكر الأستاذ سيد قطب من مشاهداته في أمريكا أنه ظهر أن نسبة الفتيات الحوامل في إحدى المدارس الثانوية هناك 48% [18].
5- ومن نتائج الاختلاط في التعليم ضعف سوية التعليم وتدني نسبة الاستفادة العلمية، ومن يزور بعض الفروع الجامعية المختلطة أو ينظر في نتائج الامتحانات آخر العام الدراسي يتبين له ذلك.
وقد زار بعض الكتاب مدرسة في بلجيكا ولاحظ أن جميع طلابها بنات، فلما سأل عن ذلك أجابته المديرة بقولها: "قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية"[19].
ويخمّن القاضي لندسي الأمريكي أن 45% من فتيات المدارس يدنسن أعراضهن قبل خروجهن منها، وترتفع هذه النسبة كثيرًا في مراحل التعليم العالية[20].
الشبهة الرابعة: الاختلاط يخفف الشهوة:
يدعي دعاة الاختلاط أن اختلاط الرجال بالنساء يمكن أن يخفف من حدة إثارة الدافع الجنسي لدى كل من الرجل والمرأة[21].
الجواب:
1- الأمر بالعكس تمامًا، فإن الاختلاط يزيد من شدة إثارة الدافع الجنسي، ولو أن اختلاط الرجل بالمرأة غير المحرمة يخفف من حدة الدافع الجنسي لدى كل من الرجل والمرأة لوجدنا أن هذا الدافع يخف تدريجيًا ثم يصل إلى درجة الانعدام عند كل واحد من الزوجين بعد فترة من زواجهما لشدة اختلاط أحدهما بالآخر بشكل مستديم، ولكن الواقع هو عكس ذلك، إذ يستمر هذا الدافع لدى كل منهما ما دام أنه سوي في صحته الجسمية والعقلية[22].
ولقد ظهر زيف هذه الخرافة يومًا بعد يوم في مجتمع يتزايد فيه الاختلاط بدون قيود، ففي كل يوم يزداد فيه الاختلاط تزداد فيه الشهوة الجنسية استعارًا. وتشير بعض التقارير إلى أن أكثر من تسعين في المائة من النساء غير المتزوجات في أوربا وأمريكا يمارسن الزنا إما بطلاقة أو من حين لآخر[23].
2- قد يكون ما يذهب إليه دعاة تهذيب الشهوة صحيح من بعض نواحيه، وإن كان كثير من الشهوات الجامحة الجارفة يستعصي على الترويض، وأغلب الظن أن إدمان الخضوع للتجربة على تعاقب الأيام قد ينتهي إلى ما يريده المروضون من دعاة التهذيب، ولكن أي شيء يمكن أن يسمى هذا الذي يسعون إليه؟ أليس هو البرود الجنسي؟! إذا رأى الرجل المرأة فلم يثِر فيه هذا اللقاء ما يثور عادة في الرجال عند رؤية النساء ولم يطرأ على الرجل أي تغيير جنسي جسدي وكان قصارى ما يستتبعه ذلك كله هو أن تسري في جسده نشوة لا تدفع به إلى الحالة الإيجابية العضوية أليس يكون قد بلغ ما يسمى بالبرود الجنسي؟! أليس البرود الجنسي مرضًا يسعى المصابون به إلى الأطباء يلتمسون عندهم البرء والشفاء من أعراضه؟! فكيف نجعل هذا المرض غاية من الغايات نسعى إليها باسم التنفيس عن الكبت أو تهذيب الغريزة الجنسية؟! وكيف يكون الحال لو تصورنا التهذب في سائر الخلق، فبطل تجاذب السالب للموجب أو فتر، فأصبح من غير المؤكد أن يترتب على التقائهما الشوق الشديد والميل العنيف الذي لا يقاوم إلى الاندماج الكامل، أليس يفسد الكون كله؟!
إن حدة الشهوة وقوتها سبيل إلى تحسين النسل وداعية إلى إبراز أحسن خصائصه وأفضل صفاته، كما أن فتور الشهوة وبرودها سبيل إلى ضعف النسل وداعية إلى تدهور خصائصه وانحطاط صفات.
ونتيجة خطيرة لشيوع البرود الجنسي وهي انتشار الشذوذ الجنسي، فهي راجعة إلى أن الرجل الذي ألف أن يقع نظره على مفاتن المرأة فلا يثور يحتاج لكي يثور إلى مناظر وأوضاع تخالف ما ألف، ومصيبته بالبرود الجنسي تحرمه من الإحساس بذكورته، فيعاني أشد الألم مما يحسه في أعماق نفسه من الذلة والمهانة، ويدفعه ذلك إلى أن يحاول تحقيق متعة الاتصال الجنسي وإثباتها من كل الوجوه، عن طريق التقلب بين الخليلات وبائعات الهوى، والتماس الشاذ الغريب من الأساليب والأوضاع رجاء انبعاث ما ركد من ذكورته، وقد تدفعه مع ذلك إلى إغراق نفسه في الخدرات تعويضًا لما فقده من لذة أو إلى الإجرام أو المغامرة إثباتًا لذكروته من وجه آخر[24].
3- من نتائج الاختلاط عند الغرب بأقلام علمائهم:
يقول الدكتور جون كيشلر أحد علماء النفس الأمريكيين في شيكاغو: إن 90% من الأمريكيات مصابات بالبرود الجنسي و40% من الرجال مصابون بالعقم، وقال: إن الإعلانات التي تعتمد على صور الفتيات العارية هي السبب في هبوط المستوى الجنسي للشعب الأمريكي، وبسبب الاختلاط الذي سبب ما سبب في المجتمع البريطاني أصبحت المرأة التي تركت أنوثتها واتصفت بصفات الرجالات تسمى بالجنس الثالث، فهذا الجنس الثالث يخالف الرجال طبيعة وتركيبًا ويخالف النساء وظائف وأعمالاً[25].
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
-----------
[1] أخرجه مسلم في الأشربة (2037).
[2] ماذا عن المرأة؟ (171).
[3] إلى كل فتاة تؤمن بالله (71).
[4] أخرجه البخاري في الهبة، باب الهبة وفضلها والتحريض عليها (2567)، ومسلم في الزهد والرقائق (2972).
[5] إلى كل فتاة تؤمن بالله (72-73) باختصار.
[6] إناء يكون من نحاس وغيره، وبين هنا أنه من حجارة. فتح الباري (9/160).
[7] أي: مرسته بيدها. فتح الباري (9/160).
[8] أخرجه البخاري في النكاح، باب: قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس (5182)، ومسلم في الأشربة (2006).
[9] ماذا عن المرأة (171).
[10] فتح الباري (9/160).
[11] إلى كل فتاة تؤمن بالله (76-77).
[12] إلى كل فتاة تؤمن بالله (77).
[13] مهلاً يا دعاة الاختلاط، د. محمد بن ناصر الجعوان (30).
[14] مهلاً يا دعاة الاختلاط (28).
[15] مهلاً يا دعاة الاختلاط (29).
[16] مهلاً يا دعاة الاختلاط (37-38).
[17] مهلاً يا دعاة الاختلاط (39-40).
[18] انظر: المرأة المسلمة. وهبي غاوجي (238).
[19] المرأة المسلمة (238-239).
[20] المرأة المسلمة (242).
[21] عوامل الانحراف الجنسي ومنهج الإسلام في الوقاية منها وعلاجها. عبد الرحيم صالح عبد الله (117).
[22] عوامل الانحراف الجنسي (117-118).
[23] عوامل الانحراف الجنسي (118-119).
[24] الإسلام في قفص الاتهام. شوقي أبو خليل (243-245) باختصار وبعض تصرف.
[25] الإسلام في قفص الاتهام (246-247).
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/189)
شبهات حول المرأة " الولاية والقيادة "
الشبهة الأولى: دعاة التحرير وموقعة الجمل:
يقول دعاة تحرير المرأة: إن عائشة - رضي الله عنها - قادت الجيش الإسلامي في موقعة الجمل، وهذا دليل شرعي على أن المرأة يجوز لها قيادة الجيوش والجهاد كالرجل، ومن ثم احتج دعاة التخريب وطبلوا وزمروا بهذه الحادثة داعين إلى اشتغال المرأة بالسياسة والإدارة وغيرها[1].
الجواب:
1- إن عائشة - رضي الله عنها - لم يرها أحد، لأنها كانت في هودج وهو الستار الذي يوضع فوق الجمل، فهي لا تُرى ولا يسمع صوتها من داخل الهودج[2].
2- إن عائشة - رضي الله عنها - لم تقصد بفعلها هذا الاشتغال بالسياسة وأن تتزعم فئة سياسية، ولم تخرج محاربة ولا قائدة جيش تحارب، وإنما خرجت - رضي الله عنها - لتصلح بين فئتين متحاربتين، وفعل عائشة - رضي الله عنها - ليس فيه دليل شرعي يصح الاستناد عليه، ففعلها هذا اجتهاد منها - رضي الله عنها -[3].
3- وقد أنكر عليها بعض الصحابة هذا الخروج، وفي مقدمتهم أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها -، وكتبت إليها كتابًا بذلك[4].
وكذلك سعيد بن العاص والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنهما -، فقد نصحا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بعدم خروجها من بيتها، وأن الرجوع إلى بيتها خير لها من خروجها هذا.
وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - نصح أم المؤمنين وأمرها بالتزام بيتها وترك الخروج لثأر الصحابي عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. وكذلك أبو بكرة وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -[5].
4- إذا وجد في التاريخ نساء قدن الجيوش وخضن المعارك فإنهن من الندرة والقلة بجانب الرجال ما لا يصح أن يتناسى معه طبيعة الجمهرة الغالبة من النساء في جميع عصور التاريخ وفي جميع الشعوب[6].
الشبهة الثانية: دعوى أن عمر بن الخطاب ولى امرأة:
ادعى المنادون بجواز تولي المرأة الحكم والقضاء بما نسب إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه استعمل امرأة ـ وهي الشفاء ـ على حسبة السوق[7].
الجواب:
قال ابن العربي في هذا الخبر: "لم يصح، فلا تلتفتو إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث"[8].
وحاشا عمر أن يعمل عملاً يخالف فيه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخليفته الأول أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -، فإن صح الخبر فربما كان الأمر متعلق بالنساء[9].
الشبهة الثالثة: اعتبار النهي للتنزيه:
اعتقد البعض أن النهي عن تولي المرأة للإمامة والقضاء نهي تنزيه، ويعتقد أن توليتها تنفي عمن ولاها الفلاح فقط، وهذا في نظر البعض مسألة سهلة وهينة[10].
الجواب:
هذا من المكابرات العظيمة والأخطاء الجسيمة، فقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)) نفي لكل الفلاح عمّن اتصف بهذه الصفة، ومعنى الفلاح الفوز بالجنة والبقاء فيها ورضا الرب - سبحانه وتعالى- عن العبد، هذا من الناحية الدينية، أما في الأمور المعاشية فمعناه الظفر المطلوب والنجاة من المرهوب. فأيّ خسارة للأشقياء الذين نفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم الفلاح؟! وأي نجاح بعد هذا يؤملون؟! ولو لم يكن في ذلك خسران إلا مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقد قال - تعالى - محذرًا عن مخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63][11].
----------------
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[2] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[3] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[4] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[5] انظر تفصيل ذلك في المرأة المسلمة أمام التحديات (109-111).
[6] المرأة بين الفقه والقانون (41).
[7] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء، الأمين الحاج محمد أحمد (48).
[8] الجامع لأحكام القرآن (13/183).
[9] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء (48).
[10] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء (49).
[11] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء (49-50).
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/190)
في زمن ضاعت فيه الحقوق
إن المتأمل في واقع المسلمات اليوم يحتاج إلى مجلدات من الإرشاد والتوجيه، ففي هذا الزمن زمن اللامبالاة، زمن اضطربت فيه العلاقة مع الله ثم مع الآخرين، فهناك أمر عظيم واضح وجلي الزم الله المسلمة به إلزاما جادا حقيقيا وهو حق الزوج. فما بقي للمرأة العصرية في أيامنا هذه من مهام الحياة وأعباؤها إلا القليل حيث قامت بنات " أندس " بتحمل الكثير فربما قد تكون هذه فرصة لتتيح للزوجة القيام بحق زوجها على أكمل وجه. وفيما روي عن عائشة ?ا أنها قالت: {سألت رسول الله ? أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قالت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه} ويؤكد رسول الله ? هذا الحق فيقول: {لو أمرن أحدا أن يسجد لأحد، لأمرن المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها} رواه الترمذي وابن ماجه.
فتأملي أختي المسلمة عظم حق الزوج الذي كاد أن ينقرض، فالمرأة اليوم تتعامل مع الرجل بمبدأ المساواة لا بمبدأ القوامة التي جعلها الله من خصائص الرجال، وأعلمي أن أكثر ما يدخل المرأة النار عصيانها لزوجها وكفرانها إحسانه إليها، فعن ابن عباس ?ا أن رسول الله ? قال: {اطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط} رواه البخاري.
وهناك نماذج من الزوجات تجدينها تصلي وتصوم وتتصدق ولكنها عاصية لزوجها، لا تنفذ له طلبا، ولا تلبي له رغبة، إن حاورها جادلته، وإن ناقشها رفعت صوتها وتطاولت عليه، عابسة في وجهه، عاقدة للحاجبين، مهملة في بيتها وأولادها، نوامة، ضخابة بالأسواق دواجة ـ لا تكف عن كلمة هات وإن منعها أقامت الدنيا وأقعدتها، تجدينها دائما بثوب البيت وإذا أرادت الخروج لبست أحسن الثياب، أما الزوج المسكين فليس له نصيب في ذلك، وانظري إليها بين صويحباتها توزع الابتسامات هنا وهناك وللزوج النصيب الأكبر من التشاؤم والتشكي والاكتئاب، وقد جاء في الحديث أن رسول الله ? قال {خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها}.
فكم من الأزواج يظلهم سقف واحد ويملأ رأس كل منهما أهداف متنافرة، انعدمت الثقة بينهما فلا تفاهم ولا ود ولا تسامح، وأعلمي يا أختاه أن من أسباب السعادة تنفيذ أوامر الله ? في كل أمر، ليس أن تختاري ما يوافق هواك وتدعين الباقي. ولا تلقي اللوم على زوجك، فبيدك أنت بعد أمر الله مفتاح السعادة، كوني له أمة يصير لك عبدا، وكوني له أرضا يكون لك سماء، واختم مقالتي لك بحديث روته أم سلمة ?ا عن رسول الله ? أنه قال: {أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضي دخلت الجنة} فعليك بمعرفة الله فمعرفته تستوجب حبه، وحبه يستوجب طاعته.
http: //www.islammessage.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/191)
شبهات حول المرأة العمل
الشبهة الأولى: دعوى وجوب عمل المرأة لأنها نصف المجتمع:
يقول المنادون بتحرير المرأة: يجب أن تشتغل المرأة لأنها نصف المجتمع، وحتى يكمل النصف الآخر، فتزداد الثروة الوطنية، وحبسها بين أربعة جدران فيه هدر لكرامتها وشلّ لحركتها وتعطيل لطاقاتها ولنتاجها العلمي والعملي والفكري[1].
الجواب:
1- لا ينازع أحد يفقه أحكام الإسلام في أن عقود المرأة وتصرفاتها التجارية صحيحة منعقدة لا تتوقف على إجازة أحد من ولي أو زوج. ولا ينازع أحد في أن المرأة إذا لم تجد من يعولها من زوج أو أقرباء ولم يقم بيت المال بواجبه نحوها أنه يجوز لها أن تعمل لتكسب قوتها [2].
2- إن المرأة ـ بوجه عام ـ في الإسلام لا يصح أن تكلف بالعمل لتنفق على نفسها، بل على ولي أمرها من أب أو زوج أو أخ أو غيرهم أن يقوم بالإنفاق عليها لتتفرّغ لحياة الزوجية والأمومة، وآثار ذلك واضحة في انتظام شؤون البيت والإشراف على تربية الأولاد وصيانة المرأة من عبث الرجال وإغرائهم وكيدهم، لتظل لها سمعتها الكريمة النظيفة في المجتمع [3].
3- راعى الإسلام طبيعة المرأة وما فطرت عليه من استعدادات، وقد أثبتت الدراسات الطبية المتعددة أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل. وقد أثبت العلم أن الخلاف شديد بين الرجل والمرأة ابتداء من الخليّة، وانتهاء بالأنسجة والأعضاء؛ إذ ترى الخلاف في الدم والعظام وفي الجهاز التناسلي والجهاز العضلي وفي اختلاف الهرمونات وفي الاختلاف النفسي كذلك، فنرى إقدام الرجل وصلابته مقابل خفر المرأة وحيائها، وجاءت الأبحاث الحديثة لتفضح دعوى التماثل الفكري بين الجنسين، ذلك أن الصبيان يفكرون بطريقة مغايرة لتكفير البنات، وتخزين القدرات والمعلومات في الدماغ يختلف في الولد عنه في البنت، ودماغ الرجل أكبر وأثقل وأكثر تلافيف من دماغ المرأة، وباستطلاع التاريخ نجد أن النابغين في كل فن لا يكاد يحصيهم محصٍ، بينما نجد أن النابغات من النساء معدودات في أي مجال من هذه المجالات [4].
4- إن وظائف المرأة الفسيولوجية تعيقها عن العمل خارج المنزل، ويكفي أن ننظر إلى ما يعتري المرأة في الحيض والحمل والولادة لنعرف أن خروجها إلى العمل خارج بيتها يعتبر تعطيلاً لعملها الأصلي ذاته، ويصادم فطرتها وتكوينها البيولوجي.
فخلال الحيض مثلاً تتعرض المرأة لآلام شديدة:
أ- فتصاب أكثر النساء بآلام وأوجاع في أسفل الظهر وأسفل البطن.
ب- ويصاب أكثرهن بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض، وتكون المرأة عادة متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها.
ح- وتصاب بعض النساء بالصداع النصفي قرب بداية الحيض، فتكون الآلام مبرحة، تصحبها زغللة في الرؤية.
د- ويميل كثير من النساء في فترة الحيض إلى العزلة والسكينة؛ لأن هذه الفترة فترة نزيف دموي من قعر الرحم، كما أن المرأة تصاب بفقر الدم الذي ينتج عن هذا النزيف.
هـ- وتصاب الغدد الصماء بالتغير، فتقل إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم، وينخفض ضغط الدم ويبطؤ النبض، وتصاب كثير من النساء بالدوخة والكسل والفتور أثناء فترة الحيض.
وأما خلال فترة الحمل والنفاس والرضاع فتحتاج المرأة على رعاية خاصة، حيث ينقلب كيانها خلال فترة الحمل فيبدأ الغثيان والقيء، وتعطي الأم جنينها كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية مهضومة جاهزة، ويسحب كل ما يحتاج إليه من مواد لبناء جسمه ونموه حتى ولو ترك الأم شبحا هزيلاً يعاني من لين العظام ونقص الفيتامينات وفقر الدم.
وتضطرب نفسية الأم عادة، وتصاب في كثير من الأحيان بالقلق والكآبة لذلك يجب أن تحاط بجو من الحنان والبعد عن الأسباب التي تؤدي إلى تأثرها وانفعالها، وتنصح بعدم الإجهاد، ويحث الأطباء الأمهات على أن يرضعن أولادهن أطول مدة ممكنة، وفي أغلب الأحوال لا تزيد هذه المدة عن ستة أشهر نتيجة للحياة النكدة التي يعيشها الإنسان في القرن العشرين[5].
5- للمرأة في بيتها من الأعمال ما يستغرق جهدها وطاقتها إذا أحسنت القيام بذلك خير قيام:
أ- فهي مطالبة بتوفير جو الزوجية الندي بالمودة والرحمة، العبق بحسن العشرة ودوام الألفة، {هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].
فليست المرأة متعة جسدية يقصد من ورائها الصلة الجنسية فحسب، بل هي قبل ذلك وبعده روح لطيفة ونفس شريفة، يصل إليها زوجها ينوء كاهله بالأعمال، وتتكدر نفسه بما يلاقيه في عمله، فما يلبث عندها إلا يسيرًا وإذا بكاهله يخف وبنفسه ترفّ، فتعود إلى سابق عهدها من الأنس واللطف، والمرأة العاملة إن لم ينعدم منها هذا السكن فلا أقلّ من أنه يضعف كثيرًا.
ب- وهي مطالبة بالقيام بحق الطفل وحاجاته المتنوعة. فهناك حاجات عضوية من الجوع والعطش والنظافة، وحاجة إلى الأمن النفسي الناتج من الاعتدال في النقد، والمحافظة على الطفل من عواقب الإهمال، وحاجات إلى التقدير الاجتماعي بعدم الاستهجان أو الكراهية وعدم التكليف بما لا يطيق. وهناك الحاجة إلى اللعب، والحاجة إلى الحرية والاستقلال.
ج- وهي مطالبة بالقيام بشؤون البيت العادية، وهي تستغرق جهدًا كبيرًا.
ومن العجيب أن عمل المرأة في البيت يصنف في ضمن الأعمال الشاقة، فهو يتطلب مجهودًا كبيرًا علاوة على ساعات طويلة تتراوح بين 10 و12 ساعة يوميًا.
فهذه جوانب كبيرة لعمل المرأة في المنزل، لا تستطيع الوفاء بها على وجه التمام مع انشغالها الكبير بالعمل[6].
6- من الآثار السلبية على عمل المرأة وخروجها من بيتها:
أ- آثار على الطفل: إن المرأة العاملة تعود من عملها مرهقة متعبة، فلا تستطيع أن تتحمل أبناءها، وقد يدفعها ذلك إلى ضربهم ضربًا مبرحًا، حتى انتشرت في الغرب ظاهرة الطفل المضروب، وظهر من إحدى البحوث التي أجريت على نساء عاملات أن هناك 22 أثرًا تتعلق بصحة الطفل، منها: الاضطرار إلى ترك الطفل مع من لا يرعاه، والامتناع عن إرضاع الطفل إرضاعًا طبيعيًا، ورفض طلبات الأطفال في المساعدة على استذكار الدروس، وترك الطفل المريض في البيت أحيانًا.
إن من أعظم وأخطر أضرار عمل المرأة على طفلها الإهمال في تربيته، ومن ثم تهيئة الجو للانحراف والفساد، ولقد شاع في الغرب عصابات الإجرام من مدخني الحشيش والأفيون وأرباب القتل والاغتصاب الجنسي، وأكثرهم نتاج للتربية السيئة أو لإهمال الأبوين.
ب- آثار سلبية على الزوج، ومنها: مضايقة الزوج بغيابها عن البيت عندما يكون متواجدًا فيه، وإثارة أعصابه بالكلام حول مشكلات عملها مع رؤسائها وزملائها، وتألم الزوج بترك امرأته له وحيدًا في حالات مرضه الشديد، وقلق الزوج من تأجيل فكرة إنجاب طفل آخر وغير ذلك.
ج- آثار سلبية على المجتمع، منها:
- عمل المرأة بدون قيود يساهم مساهمة فعالة في زيادة عدد البطالة، فهي بعملها تكسب مالاً قد يضيع فيما لا فائدة فيه، ويحرم من ذلك المال رجل يقوم على نفقة أسرة كاملة.
- ساهم عمل المرأة مساهمة فعالة في قضية العنوسة، فالمرأة التي ترغب العمل لا توافق على زواج قد يقطعها عن الدراسة التي هي بريد العمل، وإذا عزفت عن الزواج في السن المبكر فربما لا تجد من يتقدم لها بعد ذلك.
- الحد من عدد الأولاد، وذلك أمر طبيعي عند المرأة التي تريد العمل وتحتاج إلى الراحة، وقد وجد من دراسة أجريت على 260 أسرة عاملة أن 67. 31% أطفالهن من 1-3، و8. 46% أطفالهن من 4-6، و1. 92% أطفالهن من سبعة فما فوق[7].
7- أقوال الغربيين في عمل المرأة ونتائجه:
يقول الإنجليزي سامويل سمايلس[8]: "إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية؛ لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان الأسرة، ومزق الروابط الاجتماعية، فإنه بسلبه الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتبرية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام بالاحتياجات البيتية، ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير منازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال، وطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة القرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو ـ غالبًا ـ التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة"[9].
وتقول الكاتبة الشهيرة أنارورد: "لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد. ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء الخادمة والرقيق، يتنعمان بأرغد عيش، ويعاملان كما يعامل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء. نعم، إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها؟! "[10].
ويقول الفيلسوف براتراندرسل: "إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوفة، وتأبى أن تظل أمينة لرجل واحد إذا تحررت اقتصاديًا"[11].
الشبهة الثانية: الاحتجاج بزيادة الثروة القومية:
يحتج المنادون بوجوب اشتغال المرأة بأن اشتغالها يزيد في الثروة القومية للبلاد، وأن البلاد تخسر كثيرًا بقصر عمل المرأة على أعمال البيت، عدا ما فيه من تعويدٍ على الكسل وقتل وقتها بما لا يفيد[12].
الجواب:
1- إن اشتغال المرأة يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيرًا سيئًا، باعتبار أن اشتغالها فيه مزاحمة للرجل في ميدان نشاطه الطبيعي، مما يؤدي إلى نشر البطالة في صفوف الرجال[13].
2- إذا ثبت أن اشتغال المرأة يؤدي إلى بطالة الرجل كان من المحتمل أن يكون هذا الرجل الذي زاحمته زوجها أو أباها أو أخاها، فأي ربح اقتصادي للأسرة إذا كان اشتغال المرأة يؤدي إلى بطالة عميدها والمكلف بالإنفاق عليها؟! [14].
3- إن مصالح الشعوب لا تقاس دائمًا بالمقياس المادي البحت، فلو فرضنا أن اشتغال المرأة يزيد في الثروة القومية، إلا أنه من المؤكد أن الأمة تخسر بذلك خسارة معنوية واجتماعية لا تقدر، تلك هي خسارتها لانسجام الأسرة وتماسكها، فأي الخسارتين أبلغ ضررًا في الأمة: الخسارة المادية أم الخسارة الاجتماعية؟! [15].
4- هذه النظرة المادية لا تنطبق على واقع حياتنا وحياة المجتمعات الأخرى حتى في الشيوعية، فهنالك في كل مجتمع فئات معطلة عن الإنتاج المادي، فالجيوش والموظفون لا يزيدون في ثروة الأمة المادية، وقد رضيت كل الأمم بأن يتفرغ الجيش لحماية البلاد دون أن تلزمه بالعمل والكسب، فهل يقال: إن هذا تعطيل للثروة البشرية ويؤدي إلى انخفاض الثروة القومية في البلاد؟!
إن حياة الناس ليست كلها تحسب بحساب الربح والخسارة المادية، فالكرم والشهامة والتضحية والوفاء وبذل العون للآخرين كل ذلك خسران مادي، لكنه ربح عظيم لا يتخلى عنه الناس الشرفاء الذين يعتزون بكرامتهم الإنسانية.
وليست صيانة الأسرة ورعاية الطفولة وتربية الأولاد بأقل شأنًا في نظر الإنسان الراقي من تلك القيم الأخلاقية التي لا تقاس بالمقياس المادي البحت[16].
5- أما من يقول: إن وجود المرأة في البيت يعوّدها الكسل ولذلك تسمن نساؤنا أكثر من الغربيين، فإن هؤلاء لا يعرفون متاعب البيت وأعماله، وكيف تشكو المرأة من عنائه، فما يمسي المساء إلا وهي منهوكة القوى، تروح عن نفسها بالاجتماع إلى جاراتها وصديقاتها. والبنت ما دامت في المدرسة فهي تتلقى العلم فلا يجوز إرهاقها بالعمل معه، وإذا انتهت من المدرسة لا تمكث في بيت أبيها وأمها إلا بمقدار ما تتهيأ للانتقال إلى بيت الزوجية، فهي في هذه الحالة تتلقى دروسًا عملية عن أمها في إدارة البيت، وأعماله وشؤونه، فلا يجوز مع ذلك إرهاقها بالعمل خارج البيت.
فأعمال المرأة في البيت ـ بنتًا كانت أم زوجة ـ لا تقل عن أعمالها خارج البيت مشقة وعناءً، وكثيرًا ما تكون أكثر مشقة وإرهاقًا[17].
الشبهة الثالثة: الاستعانة بالخادمات في رعاية البيت:
يقول دعاة خروج المرأة من بيتها للعمل: ما تقولون في المرأة إذا أرادت العمل المشروع خارج البيت وجاءت بالخادمة تنوب عنها في عمل البيت وحضانة الأطفال وتربيتهم؟! [18].
الجواب:
1- يبقى العمل في حقها محظورًا خارج البيت ما دامت غير مضطرة إليه، ولا يعفيها من ارتكاب هذا المحظور جلب الخادمة، ولا يدفع عنها الإخلال بأداء واجباتها في البيت، لأن تربية الأطفال من قبل أمهم وإحاطتهم بعطف الأمومة وحنانها لا يمكن تحصيله عن طريق الخادمات[19].
2- قول هذا المعترض يعني أنه لا يقيم وزنًا ولا اعتبارًا للخادمات، وأنهن في نظره غير جديرات بالرعاية والاهتمام، وأنهن بمنزلة أدنى من غيرهن، ومثل هذا النظر غير صحيح ولا يجوز، لأننا عندما نقول بمنع عمل المرأة خارج البيت فهذا القول حكم عام يشمل جميع النساء الخادمات والمخدومات، فكيف نسوّغ للخادمات العمل خارج بيوتهن وهو محظور عليهن، ونسمح للمخدومات في العمل خارج بيوتهن وهو محظور عليهن؟! وهل هذا إلا من قبيل ارتكاب محظورين للخلاص من محظور واحد؟! [20].
3- وجود الخادمة في البيت أو المربية له آثار سلبية كثيرة على الأطفال خصوصا وعلى الأسرة عموما[21].
----------------
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات (96).
[2] المرأة بين الفقه والقانون للدكتور مصطفى السباعي (170).
[3] المرأة بين الفقه والقانون (171).
[4] المرأة بين الجاهلية والإسلام لمحمد الناصر وخولة درويش (225-226) باختصار وتصرف يسير.
[5] المرأة بين الجاهلية والإسلام (226-227) باختصار.
[6] تأملات في عمل المرأة د. عبد الله بن وكيل الشيخ (22-26) باختصار.
[7] تأملات في عمل المرأة (35-45).
[8] وهو من أركان النهضة الإنجليزية كما قال الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله -.
[9] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (202).
[10] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (178).
[11] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (179).
[12] المرأة بين الفقه والقانون (192).
[13] المرأة بين الفقه والقانون (193).
[14] المرأة بين الفقه والقانون (193).
[15] المرأة بين الفقه والقانون (193).
[16] المرأة بين الفقه والقانون (194-195).
[17] المرأة بين الفقه والقانون (195-196).
[18] المفصل في أحكام المرأة. د. عبد الكريم زيدان (4/266).
[19] المفصل في أحكام المرأة (4/266).
[20] المفصل في أحكام المرأة (4/266).
[21] تأملات في عمل المرأة (39) وهذه الآثار هي نتائج دراسات أجريت على منطقة الخليج.
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/192)
أين أنت أيتها المرأة الداعية ؟!!
سلافة عثمان
إن الكفاح في سبيل الدعوة للإسلام قولا وفعلا ليست وقفا على الرجل دون المرأة بل نحن بأمس الحاجة لك أيتها المرأة المسلمة لتحملي مسؤولية الدعوة قولا وفعلا وأينما كنت تستطيعين فعل ذلك ومن خلف الجدران سيصل صوتك وفعلك بما فيه خير المجتمع وصلاحه هذا المجتمع الذي تشكلين نصفه ومن يتولى هداية هذا النصف سواك ووسط أبناء جنسك من فتيات وزوجات وأمهات وتوعية الجميع على دين الحق وتعاليمه الإسلام والمسارعة إلى غرس القيم والمثل وإنقاذ ما يعتري العزة الإنسانية والشرف في شخص المرأة ونحن نرى ما وصلت إليه حالة بعضهن من العري المادي والمعنوي وبفعل مؤثرات عديدة تخدم مصالح المغرضين وأتباعهم من وحوش المال الذين وصلت مخالبهم حد افتراس الضعيف من النفوس لإثارتها وترويضها للوصول إلى غايتهم الأساس في محاربة العقل الإسلامي والدين الواحد بمبادئه الخلاّقة وعلى رأسها العدل والمساواة لأنها تقف أمام مخططاتهم في التسلط على الشعوب واحتقار إرادتها.
ومن هنا تبدأ مواجهتك أيتها الأخت المسلمة كي لا تسمحي لبعض بنات جنسك أن يكنّ جسرا لعبور مطامع هؤلاء ونحن نبصر انجراف الكثيرات اللواتي طلقن الحياء ليكن أقرب مرتبة إلى الحيوانية وقد ابتعدن عن كل ما يجمل إنسانية المرأة وما خصها الله - عز وجل - به وأقصد ينبوع العاطفة الذي لا ينضب والذي تتنحى الكلمات أمامه وهو يصدر من القلب ليصبَّ فيه.
فدور كل امرأة يتجلى في تسخير هذه العاطفة وتوجيهها لمحبة خالقها بالدرجة الأولى ومحبة ما تؤمن به المرأة من أفعال أوحى بها الخالق - عز وجل - ومدى الفائدة التي تحققها للفرد والمجتمع.
إذا لتقفي أيتها المرأة أمام كنزك العاطفي و لتسألي عقلك كيف يمكن الترفع عن التفاهات وملذات الدنيا ثم اختيار الطريق الصحيحة وما أكثر جوانب الخير فيها لتساهمي في نشرها مع مثيلاتك عندها تنشئين جيلا من الفتيات على الإيمان والخلق والعفة والطهارة.
ومن غيرك- بدورك المتشعب كفتاة وأم وزوجة بقادر على نشر هذه السمات بين أبناء جنسك ليقترن
القول بالفعل، القول وهو ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) والفعل بما ُذكِرَ وذلك عن طريق تكاتف الجهود بين المرأة المسلمة الواعية ومثيلاتها وتشكيل جماعات متطوعات لاختراق الحواجز وممارسة دورها في كل زمان ومكان تجتمع هذه الجماعات وتنسق أدوارها لتصل إلى قلوب الفتيات وعقولهن قبل الوصول لمنازلهم والاجتماع بهن ودون استئذان وفي كل مكان بشكل مباشر وغير مباشر في التوعية والتنبيه إلى عمق المسؤولية التي تقع على عاتق كل فتاة تجاه نفسها وأسرتها ومجتمعها الإسلامي ككل لمواجهة تيارات التطور السلبية والإيجابية مواجهة عقلية واعية ومثمرة بالمفيد وهذه المواجهة تستمد ضياءها الفكري من تعاليم العقيدة الإسلامية التي تؤمن بها كل مسلمة وهذه التعاليم بفهمها فهما صحيحا هي السلاح الأقوى لمواجهة كل عوامل الجذب الخفية والمكللة بالأقنعة البراقة، فضعي يدك في يدي أختي المسلمة في أي مكان وحاولي أن تحطمي ما يشل قدراتك من بذور اليأس التي تئن داخلك وانسجي لنفسك رداءً من الخضرة والأمل بالله ونوره الذي لا يفنى ويشع في نفوس الشرفاء الذين ينشرون دعوى الخير لقاء الجزاء الحسن رضى الله - سبحانه - ويا معشر النساء احضن مشاعركن ولتكن ابتسامتكن- ابتسامة العقل القلب شعاع محبة وأمل يشع على نافذة كل فتاة ليبرق داخلها بحب الله والعمل على طاعته وليستيقظ جليد عقولهن وسط لهيب الحاضر وصخب المستقبل فترفض نفوسهن التقوقع حول ذواتهن كاليرقات لممارسة دورهن على مختلف الأصعدة وبهذا تتجدد معاني الحياة التي أرادها الله في كل جيل ويبقى للخير نوره الذي لا يخبو مهما امتدت ظلمة الشر مادام هناك فئة تمثل هذا الخير وبها سيأتي الغد بكل جديد..
http: //www.almualem.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/193)
شبهات حول المرأة "التعليم"
الشبهة الأولى: الإسلام لا يشجع تعليم المرأة:
يموه بعض المغرضين ويزعم بعض الجاهلين أن الإسلام لا يشجّع على تعليم المرأة، وأنه يفضّل أن تبقى جاهلة أو أقرب إلى الجهل[1].
الجواب:
1- إن أول ما بدئ به من الوحي قول الله لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5].
ولقد بدأ الوحي بالأمر بالقراءة لأنها أهم وسائل تثبيت المعرفة ومتابعة حلقاتها، والقراءة إنما تكون بعد الكتابة، ومن أجل ذلك أظهر الله منته على عباده إذ علم بالقلم، فعلم الإنسان ـ كل الإنسان بشطريه الذكر والأنثى ـ ما لم يعلم.
وهذه الدعوة التي دعا الله بها الإنسان إلى العلم منذ اللحظات الأولى التي بدأ بها إنزال تعاليم الإسلام أكبر برهان يدل على التسوية التامة بين شطري الإنسان الذكر والأنثى في ميدان دعوتهما إلى العلم والمعرفة[2].
2- وقد حرص الإسلام كل الحرص على تعليم المرأة ما تكون به عنصرَ صلاح وإصلاح في مجتمع إسلامي متطور إلى الكمال، متقدم إلى القوة والمجد، آمن مطمئن سعيد. ولتحقيق هذا الهدف حرص على اشتراكها في المجامع الإسلامية العامة الكبرى منها والصغرى، فأذن لها بحضور صلاة الجماعة، وأن تشهد صلاة الجمعة وخطبتها، ورغبها في أن تشهد صلاة العيد وخطبتها حتى ولو كانت في حالة العذر المانع لها من أداء الصلاة، وأمرها بالحج والعمرة، وحثها على حضور مجالس العلم، وخاطب الله النساء بمثل ما خاطب به الرجال، وجعلهن مندرجات في عموم خطاب الرجال في معظم الأحوال حرصًا على تعليمهن وتثقيفهن وتعريفهن أمور دينهن ومشاركتهن في القضايا العامة[3].
وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخصص للنساء أيامًا يجتمعن فيها، ويعلمهن مما علمه الله، إضافة إلى الأيام التي يحضرن فيها مع الرجال، ليتزودن من العلم ما يخصهن ويتعلق بشؤونهن مما ينفردن به عن الرجال بمقتضى تكوينهن الجسدي والنفسي.
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال: ((اجتمعن يوم كذا وكذا))، فاجتمعن فأتاهن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلمهن مما علمه الله الحديث[4].
وثبت أن الشفاء بنت عبد الله المهاجرة القرشية العدوية علّمت حفصة أم المؤمنين الكتابة بإقرار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[5]، وهذه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - كانت من أفقه نساء العالم، كثيرة الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
4- والتاريخ الإسلامي حافل بأخبار نساء المسلمين اللاتي بلغن من العلم درجة رفيعة ومكانة عالية، فكان منهن الأديبات والشاعرات والفقيهات. فهذه زبيدة زوجة هارون الرشيد كانت عالمة. وكريمة بنت محمد المروزية جاورت بمكة، وروت صحيح البخاري، وكانت نابغة في الفهم والنباهة وحدة الذهن بحيث يرحل إليها أفاضل العلماء. وزينب بنت أبي القاسم كانت عالمة، أدركت جماعة من أعيان العلماء وأخذت عنهم، وأجازها أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري والمؤرخ ابن خلكان. وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد ابن قدامة المقدسي، سمعت صحيح البخاري على حافظ العصر المعروف بالحجار، وروى عنها الحافظ ابن حجر، وانفردت في آخر عمرها بعلم الحديث. وذكر عبد الواحد المراكشي أنه كان بالربض الشرقي في قرطبة 470 امرأة كلهن يكتب المصاحف بالخط الكوفي. وغير هذا كثير.
فلم يكن الإسلام مانعًا لتعلم المرأة وتقدمها في حضارة الحياة العلمية والعملية، ولم يكن مجحفًا في حقها ومهينًا لكرامتها[6].
الشبهة الثانية: نصوص نهي المرأة عن التعلم:
قالوا: إن من المرويات عندكم حديث عائشة - رضي الله عنها - مرفوعا: ((لا تنزلوهن الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن المغزل وسورة النور))[7].
الجواب:
هذا الحديث قد تلكم العلماء في بيان ضعفه وشدّة وهنه لأن في سنده محمد بن إبراهيم الشامي. قال ابن الجوزي: "هذا الحديث لا يصح، محمد بن إبراهيم الشامي كان يضع الحديث"[8]. ونقل الذهبي عن الدارقطني تكذيبة[9]. وقال ابن حجر: "منكر الحديث"[10]. وقال شمس الحق العظيم آبادي: "هو منكر الحديث ومن الواضاعين"[11].
وأما تصحيح الحاكم للرواية التي أخرجها فقد تعقبه الحافظ ابن حجر بقوله: "بل عبد الوهاب بن الضحاك متروك، وقد تابعه محمد بن إبراهيم الشامي عن شعيب بن إسحاق، وإبراهيم رماه ابن حبان بالوضع"[12].
وقال شمس الحق آبادي: "وأحاديث النهي عن الكتابة كلها من الأباطيل والموضوعات ولم يصحح العلماء واحدًا منها، ما عدا الحاكم الحافظ أبا عبد الله، وتساهله في التصحيح معروف، وتصحيحه متعقب عليه... ومن قال: إن البيهقي أيضًا صحح حديث النهي وتبعه جلال الدين السيوطي فهذا افتراء عظيم على البيهقي والسيوطي".
إلى أن قال: "وخلاصة الكلام أنه لا ريب في جواز تعليم الكتابة للنساء البالغات المشتهيات بواسطة النساء الأخريات أو بواسطة محارمهن، أما البنات غير البالغات وغير المشتهيات فيتعلمن ممن شئن.
وليست الكتابة سببًا للافتتان لأنها إن كانت سببًا للفتنة لما أباحها الشارع، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]، والتي تصاب بفتنة إنما تصاب بأمر غير الكتاب"[13].
قال الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود: "أما ما يذكر من نهي النساء عن الكتابة فإن الحديث مكذوب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد حقق العلماء بطلانه فسقط الاحتجاج به.
وقول الحق هو أن المرأة كالرجل في تعلم الكتابة والقراءة والمطالعة في كتب الدين والأخلاق وقوانين الصحة والتدبير وتربية العيال ومبادئ العلوم والفنون، من العقائد الصحيحة والتفاسير والسير والتاريخ وكتب الحديث والفقه، كل هذا حسن في حقها، تخرج به عن حضيض جهلها، ولا يجادل في حسنه عاقل، مع الالتزام بالحشمة والصيانة وعدم الاختلاط بالرجال الأجانب"[14].
--------------
[1] أجنحة المكر الثلاثة (586).
[2] أجنحة المكر الثلاثة (586-587) باختصار.
[3] أجنحة المكر الثلاثة (588).
[4] أخرجه البخاري في العلم، باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟ (101)، ومسلم في البر والصلة (2634).
[5] أخرجه أحمد (6/372)، وأبو داود في الطب، باب: ما جاء في الرقى (3887)، والحاكم (4/56-57) وصححه، ووافقه الذهبي والألباني في السلسلة الصحيحة (178)، وهو في صحيح سنن أبي داود (3291).
[6] المرأة المسلمة أمام التحديات (62، 64)باختصار.
[7] أخرجه الطبراني في الأوسط (6/34)، والحاكم في المستدرك (2/396)، والبيهقي في الشعب (2/477)، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
[8] انظر: عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة للنسوان، لأبي الطيب شمس الحق آبادي (22).
[9] ميزان الاعتدال (4/445).
[10] تقريب التهذيب (2/141).
[11] عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة للنسوان (22).
[12] انظر: عقود الجمان (24).
[13] عقود الجمان (34، 36).
[14] المرأة المسلمة أمام التحديات (64-65).
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/194)
زينة المرأة بين الفطرة والتشويه
فوزية المسند
اهتم الإسلام بزينة المرأة ولباسها أكثر من اهتمامه بزينة الرجل ولباسه، وما ذلك- والله أعلم- إلا لأن الزينة أمر أساسي بالنسبة للمرأة، حيث إن الله - تعالى - فطرها على حب الظهور بالزينة والجمال، ولهذا رخص للمرأة في موضوع الزينة أكثر مما رخص للرجل، فأبيح لها الحرير والتحلي بالذهب دون الرجال، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم» أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.
فالزينة- بالنسبة للمرأة- تُعَدَّ من الحاجيات إذ بفواتها تقع المرأة في الحرج والمشقة لأن الزينة تلبية لنداء الأنوثة، وعامل أساس في إدخال السرور على زوجها، ومضاعفة رغبته فيها ومحبته لها. ولكن هذه الزينة متى فقدت المسار الصحيح والاتجاه المرسوم، صارت من أعظم أسباب الفتنة والفساد.
فلا غرو أن يهتم الإسلام بزينة المرأة، ويضع لها القيود والشروط في اللباس والحلي والطيب ونحوها، ويزودها بالوصايا النافعة، والآداب السامية التي ترشدها إلى الطريق المستقيم، والاتجاه السليم الذي يكفل سعادتها ويحفظ كرامتها وعفتها..
كل ذلك لتبقى المرأة في المجتمع المسلم درة مصونة، لا تطمع فيها أعين الناظرين ولا تمتد إليها أيدي العابثين.
هذه هي الحقيقة.. فما الواقع؟ الواقع مؤسف حقاً!! لم تعد كثير من نسائنا اليوم متقيدات بتعاليم الإسلام في موضوع الزينة! المرأة اليوم تجيد التقليد والمحاكاة! سريعة التأثر لتلك الدعايات الخبيثة، والشعارات البراقة، التي توهم أنها في صالح المرأة، وأنها تدافع عن المرأة وأنها تسعى إلى تحرير المرأة!!
ولم تجد هذه الدعايات الخبيثة ومخططات التضليل، ميداناً أكثر تأثيراً على المرأة من ميدان الزينة، لأنها تدرك مدى أهميتها في نظر المرأة، فأقامت مؤسسات كبرى لتصميم أزياء أبعد ما تكون عن الحشمة والستر والعفاف، وأقرب ما تكون من الفتنة والإثارة والإسراف! وسخرت الأقلام والصور والروايات والقصص والمجلات والصحف لإفساد الفطرة وإشاعة الانحلال وصارت المرأة ألعوبة في أيدي مصممي الأزياء، ووسائل التجميل!
فانطلقت كثير من النساء متأثرات بهذا الواقع المرير، لاهثات وراء المرأة الغربية معجبات بما هي عليه من حالة لا تحسد عليها ونبذن كتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - المتعلقة بموضوع الزينة، والستر والعفاف عن علم وعناد أو جهل وحماقة.
هذا واقع كثير من نسائنا اليوم، لباسهن وزينتهن لا يمت إلى الإسلام بصلة! لباسهن قصير، خفيف يصف معالم أجسادهن.. عبثن بشعرهن.. لعبن بأجفانهن.. تتطيبن إذا خرجن.. يحسرن أذرعهن.... يسرفن في اللباس وفي الحلي وفي الزينة.. يخضعن بالقول ليطمع الذي في قلبه مرض، ينظرن للرجال نظرات خبيثة.
الإسلام أباح للمرأة التزين بشروط.. وحفظ لها كرامتها.. وأراد أن تكون وسيلة إصلاح: زوجة مطيعة.. وأماً مربية لأجيال الغد المشرق بإذن الله.
على المسلمين- لاسيما الدعاة- أن ينتبهوا لهذا الواقع المخيف الذي ينذر المجتمع بأسره وأن يتكلموا ويكتبوا لإنقاذ المرأة المسلمة مما يراد بها، ويحاك ضدها، من قبل أعداء الإسلام.
وهناك توجيهات ووصايا في موضوع الزينة دلت عليها النصوص الشرعية، ولا ريب أن الأخذ بهذه الوصايا والآداب يعني حماية المرأة المسلمة وصلاح المجتمع بأسره:
أولاً: أن يستوعب اللباس جميع البدن: وذلك ليكون ساتراً للعورة وللزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها، فإن الإسلام أكثر ما يهمه من اللباس هو الستر لا الزينة، ولباس المرأة لابد أن يكون ساتراً لوجهها وكفيها وقدميها وسائر جسمها قال - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} «النور: 31». {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} «الأحزاب: 59» والجلباب هو: الرداء فوق الخمار.
ثانياً: ألا يكون اللباس ضيقاً يصف جسدها: إن الغرض من اللباس ستر العورة ومواضع الزينة وهذا إنما يكون بالثوب الواسع أما الثوب الضيق فإنه- وإن ستر لون البشرة- يصف جسم المرأة أو بعضه ومن تلبس لباساً ضيقاً يصف مفاتن جسمها وتخرج إلى مجامع الرجال فهي من الكاسيات العاريات اللائي قال فيهن رسول الله - عليه الصلاة والسلام -: «العنوهن فإنهن ملعونات» ومن معاني الكاسيات العاريات أن تلبس المرأة ثوباً ضيقا يبدي تفاصيل خلقها، وتزيد الأمر قبحاً وشناعة أن تضع فتحات جانبية إلى أسفل تظهر ساقيها وجزءاً من أسفل فخذها! ووالله إن هذا اللباس لباس الكاسيات العاريات اللائي لا يقمن وزناً لتعاليم الإسلام! قال - تعالى - {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء}.
ثالثاً: ألا يشبه لباس الكافرات: وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس، متبعة في ذلك ما يسمى (الموديلات) التي تتغير كل يوم من سيئ إلى أسوأ!. كيف ترضى امرأة شرفها الله بالإسلام ورفع قدرها أن تأخذ صفة لباسها، بل صفة تجملها ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.
لقد انتشرت في المكتبات «مجلات الأزياء» التي تعنى بصفة لباس المرأة وتنويع التفصيل، وغالبها من وضع نساء أوروبا اللاتي أصبن بالجذام الخلقي وارتكسن في الإباحية الجنسية، حيث لا دين ولا عقل، ومن وضع مصممي الأزياء الذين خدعونا باسم الموضة، وضحكوا علينا لترويج بضاعتهم مع إفساد أخلاقنا، والقضاء على ما عندنا من عفة ونزاهة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من تشبه بقوم فهو منهم» وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله -: «وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم» كما في قوله - تعالى -: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} «المائدة: 51».
رابعاً: ألا يشبه لباس الرجل: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - عليه الصلاة والسلام - الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل». وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية الضابط في تشبه الرجل بالمرأة وتشبه المرأة بالرجل وبين أن ذلك يرجع إلى الأغلب، فما كان من اللباس غالبه للرجال نهيت عنه المرأة وماكان غالبه للمرأة نهي عنه الرجل.
وهذا بالنسبة للباس، أما الحلي فيباح للمرأة أن تتزين بالحلي مهما كان نوعه في حدود المشروع بلا إسراف ولا مباهاة سواء من الذهب أو الفضة أو غيرهما من اللؤلؤ والياقوت والزمرد والماس ونحوها.. ولا فرق في الذهب بين المحلق كالسوار والخاتم وغير المحلق كالقلادة والقلب لعموم الأدلة الشرعية قال - تعالى -: {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} «الزخرف: 18». وقال النووي- رحمه الله - في شرح المهذب: «أجمع المسلمون على أنه يجوز للنساء لبس أنواع الحلي من الفضة والذهب جميعاً كالطوق والعقد والخاتم والسوار والخلخال ولا خلاف في شيء من هذا». لكن على المرأة أن تخفي الحلي عن الرجال الأجانب لاسيما إذا كان في يدها وذراعها لأن الحلي زينة والله - تعالى - يقول: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ومن الملحوظ أن كثيراً من النساء اليوم لا يبالين بإظهار أيديهن وحليهن حتى بين الرجال الأجانب في الأسواق ونحوها، وهذا من تبرج الجاهلية الأولى، وبعض النساء لا يتورعن عن إظهار أيديهن لبعض الصاغة ضعاف الإيمان وهذا محرم، ولقد ورد عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - قال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له».
أما بالنسبة للتطيب، فيباح للمرأة أن تتطيب بما شاءت سواء في لباسها أو بدنها ولكن عليها ملاحظة ما يلي:
أن الإسلام يحرم على المرأة أن تتطيب وهي تريد الخروج من بيتها. لأن ذلك يحرك الشهوة ويلفت أنظار الرجال ولقد ورد عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال رسول الله - عليه الصلاة والسلام -: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية». يقول المودودي - رحمه الله -: «والطيب رسول من نفس شريرة إلى نفس شريرة أخرى وهو ألطف وسائل المخابرة والمراسلة، مما تتهاون به النظم الأخلاقية عامة ولكن الحياء الإسلامي يبلغ في رقة الإحساس ألا يحتمل حتى هذا العامل اللطيف من عوامل الإغراء، فلا يسمح للمرأة المسلمة أن تمر بالطرقات أو تغشى المجالس مستعطرة، لأنها وإن استتر جمالها وزينتها، فينتشر عطرها في الجو ويحرك العواطف... ».
ومما ينبغي الإشارة إليه في هذا الموضوع ظاهرة الإسراف في الزينة سواء أكان إسرافاً في الملابس، أو في الحلي، أو في أدوات التجميل، أو في متابعة الموضات، فالإسلام ينهى عن ذلك كله! فهو ينهى عن الإسراف في الأكل والشرب وينهى عن الإسراف في الإنفاق، قال - تعالى -: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} «الأعراف: 31» قال في فتح الباري: «الإسراف مجاوزة الحد في كل فعل أو قول وهو في الإنفاق أشهر» ويكره الإسلام الإسراف لأن الله - تعالى - جعل المال قياماً لمصالح العباد الدينية والدنيوية ومن شكر نعمته صرف المال فيما أذن فيه من المنافع، وفي الإسراف والتبذير تفويت لتلك المصالح. فعلى المسلم أن يراقب الله - تعالى - في هذا المال الذي أعطاه، فيقوم بشكر ربه المنعم، ومن شكره ألا يصرفه في غير ما أذن له فيه، ولا يسرف في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وعليه أن يلزم الاقتصاد وحسن التدبير، لكن الواقع بخلاف ذلك.
لقد كثر المال بأيدي جمع من النساء، إما بسبب مرتب تتقاضاه المرأة أو لأنها تحت زوج منفق، أو لها أب غني يبذل المال بغير حساب، فهي تبدد هذه الأموال بلا روية ولا تفكر! اهتمامها ورغبتها في متابعة الموضة في اللباس والحلي ووسائل التجميل! بل من النساء من تحب التغيير في الأمتعة والأثاث لمجرد التغيير! وهذا شاهد على نقصان عقلها ونقصان عقل من يقرها على هذا التبذير، وسوء التدبير.
إنني أدعو المرأة المسلمة أن تراجع حساباتها في مجال الإنفاق على وسائل الزينة وتتذكر أن الإسراف والنفقات الباهظة في هذه الكماليات وإرهاق الأب أو الزوج بتكاليفها أمر لا يجيزه الإسلام، وعليها أن تجعل للتكافل الاجتماعي وصلة الأقارب والإسهام في طرق الخير، نصيباً مما أعطاها الله من المال، وهذا في شكر المنعم، وبالشكر تدوم النعم.
http: //www.islammessage.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/195)
شبهات حول المرأة "المساواة"
الشبهة الأول: النساء شقائق الرجال:
انطلاقا من هذا الأصل يقرّر أعداء الحجاب أن النساء والرجال سواء، لهن ما لهم، وعليهنّ ما عليهم، ولا فرق بين الصنفين في جميع الأحكام؛ لأن النساء شقائق الرجال[1].
الجواب:
1- الفوارق بين الرجل والمراة الجسدية والمعنوية والشرعية ثابتة قدرًا وشرعًا وحسًّا وعقلاً.
بيان ذلك أن الله - سبحانه - خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني: ذكرًا وأنثى، {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} [النجم: 25]، يشتركان في عمارة الكون، كلّ فيما يخصه، ويشتركان في عمارته بالعبودية لله - تعالى - بلا فرق بين الرجال والنساء في عموم الدين، في التوحيد والاعتقاد وحقائق الإيمان والثواب والعقاب، وبلا فرق أيضًا في عموم التشريع في الحقوق والواجبات كافة، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيّبَةً} [النحل: 97].
لكن لما قدر الله وقضى أن الذكر ليس كالأثنى في صفة الخلقة والهيئة والتكوين، ففي الذكورة كمال خَلقي وقوّة طبيعية، والأنثى أنقص منه خلقة وجبلّة وطبيعةً لما يعتريها من الحيض والحمل والمخاض والإرضاع وشؤون الرضيع وتربية جيل الأمة المقبل، ولهذا خلقت الأنثى من ضلع آدم - عليه السلام -، فهي جزء منه، تابع له ومتاع له، والرجل مؤتمن على القيام بشؤونها وحفظها والإنفاق عليها وعلى نتاجهما من الذرية؛ كان من آثار هذا الاختلاف في الخلقة الاختلاف بينهما في القوى والقدرات الجسدية والعقلية والفكرية والعاطفية والإرادية، وفي العمل والأداء والكفاية في ذلك، إضافة إلى ما توصّل إليه علماء الطبّ الحديث من عجائب الآثار من تفاوت الخلق بين الجنسين.
وهذان النوعان من الاختلاف أنيطت بهما جملة كبيرة من أحكام التشريع، فقد أوجبا الاختلاف والتفاوت والتفاضل بين الرجل والمرأة في بعض أحكام التشريع، في المهمات والوظائف التي تلائم كلّ واحد منهما في خلقته وتكوينه، وفي قدراته وأدائه واختصاص كل منهما في مجاله من الحياة الإنسانية؛ لتتكامل الحياة، وليقوم كل منهما بمهمته فيها[2].
2- لو حصلت المساواة في جميع الأحكام مع الاختلاف في الخلقة والكفاية لكان هذا انعكاسًا في الفطرة، ولكان هذا هو عين الظلم للفاضل والمفضول، بل ظلم لحياة المجتمع الإنساني؛ لما يلحقه من حرمان ثمرة قدرات الفاضل، والإثقال على المفضول فوق قدرته[3].
3- وبجانب رفض مبدأ المساواة المطلَق فإن هناك قدرًا من المساواة بين الرجل والمرأة، والذي ينبغي أن يطلق عليه لفظ العدل وليس المساواة.
أ- فالمرأة تساوي الرجل في أصل التكليف بالأحكام الشرعية مع بعض الاختلاف في بعض الأحكام التفصيلية.
ب- والمرأة تساوي الرجل في الثواب والعقاب الدنيوي والأخروي في الجملة، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].
ج- والمرأة تساوي الرجل في الأخذ بحقها وسماع القاضي لها.
د- والمرأة كالرجل في تملكها لما لها وتصرفها فيه.
هـ- وهي كالرجل في حرية اختيار الزوج، فلا تكره على ما لا تريد[4].
الشبهة الثانية: القوامة للرجل دون المرأة:
يتخذ أعداء الإسلام من كون الرجال هم القوامين على النساء بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية مجالاً للثرثرة ضدّه، ولتحريض المرأة المسلمة حتى تتمرّد على تعاليمه، فيغمزون الإسلام بأنه لم يسوّ بين الرجال والنساء في مسألة القوامة[5].
الجواب:
1- إن قوامة الرجال على النساء مسألة تفرضها ضرورة الحياة الفضلى من الناحيتين الفطرية والفكرية.
أما الناحية الفطرية فإن الخصائص النفسية المزود بها كلّ من الرجل والمرأة بصفة عامة تؤهّل الرجل بشكل أمثل لتحمّل مسؤوليات إدارة شؤون الأسرة والقيام على رعايتها والتصدي لزعامتها، وفي المقابل نلاحظ أن خصائص المرأة بشكل عام تحبِّب إليها أن تجد لدى الرجل ملجأ وسندًا وقوة إرادة واستقرارَ عاطفة وحكمة في تصريف الأمور وسلطانًا ترى في الانضواء تحته أنسها وطمأنينتها وأمنها وراحة بالها.
ولذلك يلاحظ أثر هذا التكوين الفطري ظاهرًا في كل مجموعة إنسانية، ولو لم تلزِمها به أنظمة أو تعاليم، وربما شذّ عنه نفر قليل اختلّت فيه خصائص الذكورة والأنوثة، وهي حالات شاذّة لا تستحقّ تعديلاً في أصل القاعدة الفطرية.
وأما الناحية الفكرية فإن الحكمة في المجتمعات الإنسانية تقضي بأن يكون لكل مجتمع صغُر أو كبر قيّم يقوده ويدير شؤونه حمايةً له من الفوضى والتّصادم والصراع الدائم، والأسرة أحد هذه المجتمعات التي تحتاج إلى قيّم تتوافر فيه مؤهّلات القوامَة بشكل أمثل.
2- لدى أهل الفكر في مسألة القوامة داخل الأسرة مجموعة من الاحتمالات:
أولاً: أن يكون الرجل هو القيّم في الأسرة باستمرار.
ثانيًا: أن تكون المرأة هي القيّم في الأسرة باستمرار.
ثالثًا: أن يكون كلّ من الرجل والمرأة قيّمًا على سبيل الشركة المتساوية.
رابعًا: أن يتناوبا القوامة وفقَ قسمةً زمنية.
خامسًا: أن يتقاسما القوامة، بأن يكون لكل منهما اختصاصات يكون هو القيّم فيها.
أما الشركة في القوامة سواء أكانت في كلّ شيء وفي كلّ وقت، أو كانت على سبيل التناوب الزمني، أو كانت على سبيل التقاسم في الاختصاصات، فإنها ستؤدّي حتمًا إلى الفوضى والتنازع ورغبة كلّ فريق بأن يعلو على صاحبه ويستبدّ به، وقد أيّدت تجارب المجتمعات الإنسانية فساد الشركة في الرئاسة.
أما إسناد القوامة إلى المرأة دون الرجل فهو أمر ينافي ما تقتضيه طبيعة التكوين الفطري لكل منهما، وهو يؤدي حتمًا إلى اختلال ونقص في نظام الحياة الاجتماعية لما فيه من عكس لطبائع الأشياء، فلم يبق إلا الاحتمال الأول، وهو أن يكون الرجل هو القيم في الأسرة[6].
3- أهمّ خصائص القوامة المثلى رجحان العقل على العاطفة، وهذا الرجحان متوافر في الرجال بصفة عامّة أكثر من توافره في النساء، لأن النساء بمقتضى ما هن مؤهلات له من إيناس للزوج وحنان عليه وأمومة رؤوم وصبر على تربية الطفولة تترجح لديهن العاطفة على العقل، ولن تكون قوامة مثلى لأيّ مجتمع إنساني صغيرًا كان أو كبيرًا إذا كانت العاطفة فيها هي الراجحة على العقل.
ولئن كان بعض الرجال تتحكّم فيهم عواطفهم أكثر من عقولهم، وبعض النساء تتحكم فيهن عقولهن أكثر من عواطفهن، فذلك أمر نادر لا يصحّ أن تتغيّر من أجله قاعدة عامة[7].
4- ومن مرجّحات إسناد القوامة في الأسرة إلى الرجل أنه هو المسؤول في نظام الإسلام عن النفقة عليها، ومسؤوليته عن النفقة على أسرته تجعله أكثر تحّفظًا واحترازًا من الاستجابة السريعة للشهوات العابرة والانفعالات الحادة الرعناء، بخلاف المرأة في ذلك، لأنها بحكم عدم مسؤوليتها عن النفقة وعن السعي لاكتساب الرزق يقلّ لديها التحفظ والاحتراز، وتكون في أغلب أحوالها ذات استجابة سريعة لشهواتها وانفعالاتها التي قد تتطلب منها نفقات مالية باهظة، أو تدفعها إلى الشحّ المفرط[8].
5- أعطى الإسلام للمرأة حقّ التدخل في اختيار زوجها، وبهذا فهي تختار القيّم عليها، ولها أن تلاحظ فيه المقدرة على القوامة الرشيدة[9].
الشبهة الثالثة: مستلزمات القوامة:
قال الله - تعالى -: {الرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].
يتصيّد أعداء الإسلام من قوله - تعالى - في هذا النص القرآني: {وَاضْرِبُوهُنَّ} شبهةً ينتقدون بها تعاليم الإسلام وأحكامه ليضلّوا بها الأجيال الناشئة من فتيان المسلمين وفتياتهم[10].
الجواب:
1- لما اقتضت الحكمة أن يكون الرجل هو القيّم على زوجته ووليَّ أمرها اقتضت أيضًا أن يكون لكلّ منهما حقوق على الآخر وواجبات نحوه.
ومن حقوق الزوج على زوجته أن لا تكون ناشزًا خارجة عن طاعته ما لم يأمرها بما فيه معصية لله، أو هضم لحقوقها التي شرفها الله لها.
وأية مؤسّسة اجتماعية لا بدّ أن يكون في يد صاحب الأمر فيها وسائل يضبط بها نظامَ هذه المؤسسة حتى لا تتعرّض للفوضى، فالفساد، فالتفكّك والانحلال.
وأبرز عناصر وحدة مؤسسة اجتماعية إنما هو عنصر طاعة أعضائها لصاحب الأمر فيها، والخروج عن هذه الطاعة نشوز يجعل المؤسّسة منحلة أو في حكم المنحلّة.
ولما كان في طبائع الناس نزوع إلى التحرّر من قيود الطاعة كانت المؤسسات الاجتماعية الإنسانية عرضة للانحلال والتفكك باستمرار ما لم تهيمن على أفرادها الضوابط الاجتماعية المعنوية والمادية، ومن الضوابط الاجتماعية التي تصون وحده الجماعة وسائل التربية والتأديب التي تسمح بها الأعراف الإنسانية الكريمة.
وقد أرشدت الحكمة النظرية والتطبيقية الناس إلى استخدام طائفة من وسائل التربية والتأديب، وهي تتفاوت فيما بينها رغبة ورهبة، ورفقًا وشدّة.
ويختار بعض أولي الأمر أسلوب العنف والقسوة فيفشلون، ويختار بعضهم أسلوب الرفق واللين باستمرار فيتطاول عليهم الباغون المنحرفون، فينزعون منهم سلطانهم.
أما الحكماء العقلاء فيستخدمون الوسائل كلها، إلا أنهم يضعون كلاً منها في موضعه، وبذلك يسلم لهم الأمر، وهذا ما أرشد إليه الإسلام أولياء الأمور بشكل عام[11].
2- لقد أرشد الإسلام إلى استخدام وسائل التربية والتأديب الحكيمة، وجعلها على مراحل:
المرحلة الأولى: الموعظة، ولها درجات كثيرة، تبدأ بمعاريض القول والإشارات الخفيفة والتلويح، ثم ترتقي إلى لفت النظر والتنبيه والتصريح مع الرفق في الموعظة، ثم التصريح المصحوب بشيء من العنف، ثم الزجر والتعنيف، وأخيرًا قد تصل درجة التوبيخ والإنذار.
المرحلة الثانية: الهجر في المضطجع، وهو أبلغ أنواع الهجر وعقابٌ ليس بالهين على زوجة عاقلة حريصة على زوجها، وللهجر في المضطجع درجات بعضها أقسى من بعض، يعرفها العقلاء الحكماء من الرجال. وجعل الإسلام الهجر لا يزيد على أربعة أشهر: {لّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226]، وبعد ذلك إما أن يعودوا إلى معاشرتهن، وإما أن يكون لزوجاتهم الحقّ بأن يطالبن بالفراق.
المرحلة الثالثة: مرتبة الضرب غير المبرّح الذي لا يصل إلى أدنى الحدود الشرعية.
فغالب الظن أن أي امرأة توجّه لها أشدّ درجات الموعظة فلا تستقيم ثم تهجَر أبلغ أنواع الهجر فلا تستقيم أيضًا، إلا أن تكون مبلّدة الحس سيّئة العشيرة كريهة الطبع، فهي تستحقّ التأديب بالضرب، أو أن تكون كارهة تبغي الفراق لكن لا تصرّح به لغرض في نفسها، فإذا كانت كارهة راغبة في الفراق فإن لديها من الوسائل ما يبلغها مرادها دون أن تكاره الزوج بالنشوز والعصيان، ويمكنها أن تعرب عمّا في نفسها منذ استخدام المرتبة الأولى والثانية.
أما إذا لم تعلن رغبتها بمفارقته فالظاهر من أمرها أنها امرأة إما أن تكون ممن يصلحهن الضرب، أو أن يكون نصيبها الفراق، إلا أن إهانتها بالفراق ووسمها بأنها امرأة لا تصلح للمعاشرة الزوجية أقسى عليها وأشدّ من إهانتها بالضرب غير المبرح[12].
3- بالإضافة إلى ذلك فإن التجاربَ النفسية قد دلت أن بعض الناس مصابون بانحراف نفسي غريب المزاج، يلذ لهم أن يتلقوا معاملة قاسية مؤلمة جسدية أو نفسية، فلا يطيب مزاجهم ولا يعتدلون إلا بالضرب أو ما يشبهه من مؤلمات، وأكثر ما يكون هذا اللون من الانحراف في صنف النساء، ويطلق عليه علماء النفس اسم (الماسوشزم)[13].
4- إن وجودَ التشريع الذي يأذن للزوج بتأديب زوجته بالضرب في آخر المراحل لا يعني أن هذا السلاح سيستخدمه كل زوج، فمعظم الأسر المؤدّبة بآداب الإسلام لا تعرف في حياتها الهجر في المضاجع فضلاً عن الضرب، لأن التربية الإسلامية العامة للرجال والنساء متى ما استوفت شروطها فلا بد أن تجعل الأسر الإسلامية في وضع من الوئام والتفاهم والود لا يسمح بأكثر من استخدام الدرجات الخفيفة من درجات الموعظة التي يشترك فيها كل من الزوجين[14].
الشبهة الرابعة: نقصان العقل والدين:
زعموا أن الإسلام أهان المرأة وجعلها ناقصة عقل ودين، وجعل شهادة نصف شهادة الرجل.
الجواب:
1- ورد هذا الكلام في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو في فطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال: ((يا معشر النساء، تصدقن فإني ريتكن أكثر أهل النار))، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: ((تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن))، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟!)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟!)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها))[15].
قال الشيخ عبد العزيز بن باز: "بين - عليه الصلاة والسلام - أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى؛ وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى فتزيد في الشهادة أو تنقصها كما قال - سبحانه -: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مّن رّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَىا} [البقرة: 282].
وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله - عز وجل - هو الذي شرعه - عز وجل - رفقًا بها وتيسيرًا عليها...
ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء ونقص دينها في كل شيء، وإنما بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نقص دينها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس، ولا يلزم من هذا أن تكون أيضًا دون الرجل في كل شيء وأن الرجل أفضل منها في كل شيء، نعم جنس الرجل أفضل من جنس النساء في الجملة، لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة، فكم لله من امرأة فوق كثير من الرجال في عقلها ودينها وضبطها، وإنما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جنس النساء دون جنس الرجال في العقل وفي الدين من هاتين الحيثيتين اللتين بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد تكثر منها الأعمال الصالحة فتربو على كثير من الرجال في عملها الصالح وفي تقواها لله - عز وجل - وفي منزلتها في الآخرة، وقد تكون لها عناية في بعض الأمور فتضبطها ضبطًا كثيرًا أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من المسائل التي تعنى بها وتجتهد في حفظها وضبطها، فتكون مرجعًا في التاريخ الإسلامي وفي أمور كثيرة، وهذا واضح لمن تأمّل أحاول النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد ذلك"[16].
2- أما أن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فقد جاء معللا في النص القرآني بقوله - تعالى -: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى} [البقرة: 282]، والضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة، فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد، مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته، ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معًا على تذكر ملابسات الموضوع كلّه. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية، فإن وظيفة الأمومة العضوية تستدعي مقابلاً نفسيًا في المرأة حتمًا، يستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء، وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة، وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية موحدة هذه طابعها حين تكون امرأة سوية، بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثير ولا إيحاء، ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا انحرفت مع أي انفعال، فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة[17].
3- وما تقدّم هو بالنسبة للشهادة على الحقوق المالية، أما في الأمور الأخرى التي يضعف فيها تدخل العواطف الإنسانية فإن شهادة المرأة فيها مثل شهادة الرجل، وذلك حينما يكون الاعتماد على مجرد الذكاء والحفظ، ومن أجل ذلك قبلت التعاليم الإسلامية رواية المرأة لنصوص الشريعة وأخبارها في التاريخ والعلوم، وساوتها في ذلك بالرجل، وقبلت أيضًا شهادة المرأة الواحدة في إثبات الولادة والرضاع، وجعلتها مثل شهادة الرجل، إلى غير ذلك من أمور يضعف فيها تدخل العواطف الإنسانية[18].
--------
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات لأحمد الحصين (232).
[2] حراسة الفضيلة (15-17) باختصار.
[3] حراسة الفضيلة (23).
[4] المرأة وكيد الأعداء. د/ عبد الله بن وكيل الشيخ (22)، وللتوسع انظر: المرأة المسلمة، للشيخ وهبي غاوجي (32-48).
[5] أجنحة المكر الثلاثة لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني (597، 601).
[6] أجنحة المكر الثلاثة (559-600) باختصار.
[7] أجنحة المكر الثلاثة (600).
[8] أجنحة المكر الثلاثة (600).
[9] الإسلام في قفص الاتهام، شوقي أبو خليل (235).
[10] أجنحة المكر الثلاثة (602).
[11] أجنحة المكر الثلاثة (603).
[12] أجنحة المكر الثلاثة (603-605) باختصار.
[13] أجنحة المكر الثلاثة (606).
[14] أجنحة المكر الثلاثة (606).
[15] أخرجه البخاري في الحيض، باب ترك الحائض الصوم (304)، وأخرجه مسلم ف الإيمان (80) بمعناه.
[16] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (4/292-293).
[17] في ظلال القرآن (1/336).
[18] أجنحة المكر الثلاثة (597) باختصار.
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/196)
ماذا يُراد بالمرأة؟!
د.أسامة الأحمد
نشهد في هذه الأيام حملة مهووسة على الحجاب في أكثر من جهة أو جبهة في العالم..
ابتدأت هذه الحملة في شرقنا العربي، ثم انتقلت حُمّاها إلى الغرب الذي – كمايقول هوفمان -:"يتسامح مع كل المعتقدات والملل حتى مع عبدة الشيطان، و لا يُظهر أدنى تسامح مع المسلمين، فكل شيء مسموح به إلا أن تكون مسلماً ".
وفي هذه الأيام قرأنا في خطابٍ متبجّحٍ مهووس:" الحجاب اعتداء .. وتباهٍ بالهداية "..
أمّا كون الحجاب تباهياً بالهداية فنعم، ولكننا ليس بالحجاب وحده نتباهى..
نحن المسلمين نتباهى بأننا أتباع محمد وموسى وعيسى - عليهم الصلاة والسلام -..
وبأننا أصحاب الرسالة الإلهية الخاتمة الخالدة..
وبأن كتابنا هو العهد الأخير للإنسانية الذي ينسخ كل عهد، والذي يهيمن على ما سبقه من كتب.
وهو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تنله يد التحريف والتخريف والكذب على الله وعلى البشر..
ونحن المسلمينن تباهى بأن ديننا هو الدين الوحيد الذي حافظ على عقيدة التوحيد..
ونحن نحمد الله - تعالى - أنه ليس فينا من يعتقد بآلهة ثلاثة!!
وليس فينا من يعتقد "بأن الصورة الهزيلة للمصلوب على الخشب هي صورة الله "!! على حد تعبير الشاعر الكبير غوته.
ونحن المسلمين لا نطفىء سراج عقولنا لنتّبع غفّاري الذنوب ممن يبيعون الجنة بالدجل وبالمزاد..
وإذا كان غيرنا يخلع عقله قبل دخول المعبد، فإنا لانخلع إلا أحذيتنا على أبواب المسجد..
ولسنا نقرأفي كتابنا قول المسيح لأمه:" إليك عني يا امرأة "!!
وإنما نقرأ في كتابنا قول المسيح - عليه السلام -: (( وبرّاً بوالدتي )).
إنّ عيبنا نحن المسلمين هو أننا لا نتباهى بديننا بالقدر الكافي، فلا ينقصنا إلا التعصب للإسلام وهو الدين الحق، في مقابل من يتعصبون للباطل..
وأمّا كون" الحجاب اعتداءً "!
فهو حقاًّ اعتداء على الشيطان، واعتداء على الفحش والفجور..
واعتداء على عشاق الشذوذ و الإيدز، عذراً "السيدا"!
" الحجاب اعتداء "!! أما العري والسيدا واللقطاء ففي انتشارهم كل السكينة والسلام!!..
إن هذه الحملات العالمية المنظّمة على الحجاب ما هي إلا مؤشر صحي على تنامي ظاهرة الخير والصحوة والإيمان التي تجلت بعودة مئات الألوف من المسلمات إلى حصن الحجاب..
ونشكر وسائل الإعلام المسعورة التي وفّرت بأقلامها المأجورة المناخ الطبيعي لقانون " التحدي والاستجابة ".
فكلما زادت الحملة الشيطانية زادت مواكب العائدات بهداية الله إلى مظلة الستر والحياء..
وكلنا يعلم أنه قبل أن يشن العالم الصليبي " بصربه وكرواته وأممه المتحدة" حملة الإبادة لاستئصال الإسلام من البوسنة، كان عدد المسلمات المتحجبات زهيداً جداً..
وشاء الله أن يولد في البوسنة من رحم المأساة والتحدي جيل جديد يؤمن بدينه الحق الأصيل، وعادت المسلمات إلى فيء الحجاب، وعاد الشباب إلى ربهم عوداً حميداً..
لن أحاول أن أدلّل على خيريةالحجاب بالفلسفة، فحجاب المرأة وحياؤها فطرة مركوزة في أعماقها، وعسير إقامة البراهين علىوجود الشمس..
وكما يقول شاعرنا " الزبيري ":
شرحُ البديهياتِ إهدارٌ لفهم المدركينْ
***
ألا إنَّ الأرض والسماء ملكٌ لله وحده، فيجب على الشيطان أن يذهب وأن يخليَ مكانه لعباد الله الصالحين..
باريسُ لا تتكبري فالله أكبرْ
وتذكّري ليلَ الطغاة وظلمَهم في عهد هتلرْ
إنّا هنا في أرضنا نبقى يُزيّننا الحجابْ
لا لن نغادرَ أرضنا حتى ولو نبحَ الكلابْ
إنا هنا والأرضُ ميراثٌ لنا
فلترحلي من أرضنا أولى لكِ
فالله مولى الصالحين وليس من مولى لكِ
والله أكبرُ يا ظلومُ..
الله أكبرْ
***
نعم الأرض ميراث الصالحين، وسنغزو بالفكر وبالإيمان وبالحق وبالفطرة كل أفق وكل ضمير..
فالإسلام – يقول د. القرضاوي – :"أعمق جذوراً، وأقوى سلطاناً، وأعز نفراً، وأكثر جنداً مما يظن الظانون.
وستظل هناك ألسنة صدق، وأقلام حق، وأيدي عطاء، ومصابيح هداية، ومفاتيح خير، يحملون أمانة الكلمة، ويؤدّون رسالة الله (( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ )).
وأختم كلماتي بنصيحة للمفكر النمساوي محمد أسد في كتابه الفذ " الإسلام على مفترق الطرق":
"يجب علينا أن ننفض عن أنفسنا روح الاعتذار الذي هو اسم آخر للانهزام العقلي فينا.. وبدلاً من أن نُخضِع الإسلام باستخذاء للمقاييس العقلية الغربية، يجب أن ننظر إلى الإسلام على أنه المقياس الذي نحكم به على العالم..
ويجب على المسلم أن يعيش عالي الرأس ،ويجب عليه أن يتحقّق أنه متميز، وأن يكون عظيم الفخر لأنه كذلك، وأن يعلن هذا التميز بشجاعة بدلاً من أن يعتذر عنه!"..
***
بتصرف يسير جداً : http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ(83/197)
عودة فتاة !!
موسى محمد هجاد الزهراني
كانت بعيدةً عن خالقها كلَّ البُعد؛ تقابل حبيبها! ؛ وتشرب معه (المعسل! ) وتلبس العباءة الفاضحة المخصرة؛ وتضع غطاء الوجه الشفاف؛ وتترك الصلاة؛ وتتبختر بالعطورات في الأسواق. نصحتها مرة أخت فاضلة في سوق ما؛ فردت عليها بكل وقاحة (ما عليك منيّ أنا حرة..) ذهبت إلى المستشفى؛ وطال بها الانتظار فملَّت؛ ووجدت مصحفاً في زاوية منعزلة على الطاولة في صالة الانتظار.. نظرت إليه باستغراب؛ وتنهدت (والله.. من زمان ما مسكت مصحفا بيدي ولا قرأت فيه) وقعت عيناها على سورة التوبة؛ على قوله - تعالى -: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم) فرددتها مراراً وبكت حتى علا نشيجها فتركت الصالة؛ دخلت منزلها وتوجهت إلى سجادتها وصلت صلاةً خاشعة.. وبكت طويلاً.. وعادت إلى الذي (يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) فهنيئاً لها.. (1)
كانت بعزة إثمها تتكبرُ
ثوب الفضيلة كان يبغض جسمها..
كانت تروم حكايةً غربَّية
وتقابل الخِدْنَ الخبيث بلذَّةٍ
وتصمُّ أُذنيها عن الصوت الذي
وهوى (فرنسا) من صميم حياتها
لعبتْ بها الأوهامُ حتى أصبحتْ
وتصوم عن خيرٍ وتبغضُ ذكرَه
مكياجُها يُزري بنور حيائها
وشقائقُ النعمان فوق خدودها
شربُ (المُعَسِل) كان يُفسِدُ نَتْنُه
يا ويلها ظلمتْ جمالَ أنوثةٍ
سلكت سبيل الغيِّ تحسب أنه
هجرت كتاب الله طولَ سنينها
حتى إذا ضاقت بعيش حياتها
فإذا بأقدار الإله تحوطها
ورأت كتاب الله يوماً صدفة
فتناولته برعشةٍ وتَرهُّب
قرأت لكي تنسى هموم فؤادها
يا حُسنَ ما قرأَتهُ من آياته
أوَ هكذا لطفُ الإلهِ وبِرُّهُ؟
يُعطي بلا عددٍ ويُمهل عبدَه
فإذا بها تشكو بغير تكلمٍ
وعلا النشيج ولم تُرد إظهارَه
عادت فتاة الأمس لله الذي
صلّت صلاةَ مودعٍ وتأملّت
يا رب تُبتُ إليك فاقبلْ توبتي
صرّفْ على دين الرسول وشرعه
تلك السعادة يا أخيةُ أبشري
يا ربِّ ثبتها على سنن الهدى وبِبُعدها عن ربها تتبخترُ
وعباءة الخصر القبيحة تسخرُ
فهمومُها في قلبها تتبعثرُ
أُسْدُ التمرُّد من هواها تزأرُ
يرثى لها ولحالها ويذكرُّ
فالغُنْجُ من أعطافها يتحدرُ
تهفو لها ولأمرِها تتصدرُ
وعلى الرذيلة والتبرج تفطرُ
وعطورها من جسمها تتبخَّر
تُغري العيونَ وبالنواظر تسحرُ
فَمَها الجميلَ ولم تكن تتذمّر
ريانةٍ والورد فيها يُزهِرُ
دربُ المنى ومن التحسر تزفر
لا الخوفُ يغشاها ولا تتذكّر
ذرعاً.... ونارُ فؤادها تتسعر
وإذا بألطاف المهيمن تُسفر
فترددت وعلى حياءٍ تنظر
وحديثها في ثغرها يتعثر
فغمومها بين الضلوع تفجَّر
أوَ هكذا ربي لذنبي يغفر؟!
ربٌ غفورٌ جودُه لا يَقصُرُ
وهو العليُّ القادرُ المتكبر
ودموعها من عينها تتحدر
فمشت إلى خدر العبادة تعبُر
يعفو ويغفر للعباد ويستر
في شأنها ولآيها تتدبر
أنت العليم بنا وأنت تُدبِّرُ
قلبي الذي يهفو إليك ويجأر
بمناهل الخير العظيمة تُمطر
حتى الممات وفي ثراها تُقبر
http: //www.almuslm.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/198)
شبهات وأباطيل لخصوم الإسلام حول ميراث المرأة
رفعت مرسي طاحون
بدأت في أوروبا خلال الفترة الأخيرة هجمة شرسة ضد الإسلام، فقد صدر أخيرًا آلاف الكتب التي تهاجم الدين الإسلامي، وسبب هذه الهجوم أن عدد الذين يعتنقون الإسلام في دول أوروبا زاد زيادة كبيرة، وشعرت أوروبا بنوع من الخطر تجاه هذه الزيادة
أدلة العدوان على الإسلام:
ومن الأدلة على العدوانية الغربية التي تستهدف الإسلام وأهله قديمًا وحديثًا، ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون" في كتابه الأخير "اقتناص اللحظة " ص: 195 ": " يحذر بعض المراقبين من أن الإسلام سوف يكون قوة جغرافية متعصبة ومتراصة، وأن نمو عدد أتباعه، ونمو قوته المالية سوف يفرضان تحديًا رئيسيًا، وأن الغرب سوف يضطر لتشكيل حلف جديد مع موسكو من أجل مواجهة عالم إسلامي معاد وعنيف ".. ويضيف نيكسون: " إن الإسلام و الغرب على تضاد، وأن المسلمين ينظرون إلى العالم على أنه يتألف من معسكرين لا يمكن الجمع بينهما، دار الإسلام ودار الحرب ".، وأنه بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي، وانحلال حلف "وارسو " جرى تصعيد متعمد للعدوانية الغربية ضد الإسلام، حتى إن مدير معهد " بروكنغر " في واشنطون " هيلموت سونفيل " يقول: " إن ملف شمال الأطلسي سوف يعيش، وأن حلف الغرب سيبقى مجموعة دول لها قيم أساسية مشتركة، وستبقى هذه المجموعة متماسكة معًا من خلال الشعور بخطر خارجي من الفوضى أو التطرف الإسلامي ".
ويقول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق "هنري كيسنجر" في إبريل سنة "1990م "في خطابه أمام المؤتمر السنوي لغرفة التجارة الدولية: " إن الجبهة الجديدة التي على الغرب مواجهتها هي العالم الإسلامي، باعتبار هذا العالم العدو الجديد للغرب، وأن حلف الأطلسي باقٍ رغم انخفاض حدة التوتر بين الشرق والغرب في أوروبا، ذلك أن أكثر الأخطار المهددة للغرب في السنوات القادمة آتية من خارج أوروبا، وفي نهاية التسعينيات فإن أخطر التحديات للغرب ستأتي من ناحية الجنوب ـ أي المغرب العربي ـ والشرق الأوسط ".
سلاح العدوان على الإسلام:
وهنا أخذت أوروبا بتجنيد المستشرقين ليكتبوا ضد الإسلام، فالإستشراق لم يكن في أي وقت من الأوقات مجرد بحث علمي كما ينظر إليه بعض المتساهلين، بل يخدم بدرجة أولى ونهائية موقف التعبئة الشاملة لدراسة " العدو الإسلامي "، والنفاذ إليه " فالقلم والفكر والسلاح " كلها مداخل أساسية اعتمد عليها الاستعمار التقليدي والجديد على حد سواء لتطويق العالم الإسلامي، وفرض الهيمنة عليه، ولذلك ما إن انتهت مرحلة الاستعمار القديم وأنماطه حتى ظهر نجم الإستشراق الذي لا يعيش إلا في ظل الحرب، ولكنه تحول إلى قطاعات ووسائل أخرى تتصل بميادين التبشير والإعلام، وهذا ما يفسر لنا الحملات الشعواء التي يرفعها الإعلام الغربي باستمرار على الإسلام والمسلمين، أو المطبوعات الغزيرة التي تنهض بها الجامعات بنية إثارة الشكوك والتشويه.
وتركيز المستشرقين في الهجوم على الإسلام يتم من ناحية المرأة في كثير من النواحي، فقد حاول أعداء الإسلام النيل من نظام الإرث ومهاجمته، واستدلوا في هجومهم على أن المرأة ظلت فيه مظلومة؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين، واستغلوا هذه القسمة وادعوا على الله كذبًا أنها قسمة غير عادلة، وأن الإسلام قد فضل فيها الابن على حساب حق البنت، وأن ذلك يتنافى مع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام، ولذلك ظهرت في عالمنا الإسلامي حركات التحرر والسفور، تريد بها المرأة رفع ما وقع عليها من ظلم، سواءً أكان ذلك حقيقة أو شعورًا خاصًا بها، وتسعى لنيل ما حُرمت منه من حقوق، إما أن يكون الدين قد كفلها لها، وإما أن تكون حقوقًا رأت غيرها من النساء نالتها، أو تسعى لنيلها بصرف النظر عن مشروعيتها، وتبغي بحركتها هذه المساواة مع الرجل في كل ما يتمتع به من حقوق أو في أغلبها على حسب ما تراه هي.
ومن المؤسف أن بعض الدول الإسلامية الحاضرة جرت وراء التقليد واستجابت لصيحات النساء المتحررات، فقضت بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث، وهو خروج على أمر الله ليس له فيما أعلم أية شبهة يمكن الاستناد إليها، وقد مرت قرون طويلة على المسلمين، وهم لا يبغون بشرع الله بديلاً.
مهاجمة نظام المواريث الإسلامي:
إن أعداء الإسلام الذين يهاجمون نظام الإرث في الإسلام، ويدعون أن المرأة مظلومة؛ لأن للذكر مثل حظ الانثيين، فهذا ادعاء باطل ومردود عليه، ولم يقصد به إلا الهجوم غير القائم على أساس من منطق أو تفكير، فنظام الإرث في الإسلام نظام مثالي، فهو إذ يقرر للمرأة نصف نصيب الرجل، فإنه قد حقق العدالة الاجتماعية بينهما.
فالمرأة قديمًا كانت تباع وتشترى، فلا إرث لها ولا ملك، وإن بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها الذكور، وإن الزوجة كانت تباع في إنجلترا حتى القرن الحادي عشر، وفي سنة " 1567م " صدر قرار من البرلمان الاسكتلندي يحظر على المرأة أن يكون لها سلطة على شيء من الأشياء.
أما عرب الجاهلية فقد وضعوا المرأة في أخس وأحقر مكان في المجتمع، فكانت توأد طفلة وتُورَث المرأة كما يورث المتاع، وكانوا لا يورثون النساء والأطفال، حيث كان أساس التوريث عندهم الرجولة والفحولة والقوة، فورثوا الأقوى والأقدر من الرجال على الذود عن الديار؛ لأنهم كانوا يميلون إلى الفروسية والحرب، وكانوا أهل كر وفر وغارات من أجل الغنائم.
نظام الإرث في الإسلام مثالي:
إن الإسلام عامل المرأة معاملة كريمة وأنصفها بما لا تجد له مثيلاً في القديم ولا الحديث؛ حيث حدد لها نصيبًا في الميراث سواءً قل الإرث أو كثر، حسب درجة قرابتها للميت، فالأم والزوجة والابنة، والأخوات الشقيقات والأخوات لأب وبنات الابن والجدة، لهنَّ نصيب مفروض من التركة.
قال - تعالى -: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)[النساء/7]، وبهذا المبدأ أعطى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً حق النساء في الإرث كالرجال، أعطاهنَّ نصيبًا مفروضًا، وكفى هذا إنصافًا للمرأة حين قرر مبدأ المساواة في الاستحقاق، والإسلام لم يكن جائرًا أو مجاوزًا لحدود العدالة، ولا يحابي جنسًا على حساب جنس آخر حينما جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل، كما في قوله - تعالى -: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)[النساء/11].
فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق الرجل والمرأة، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات، وليس لله مصلحة في تمييز الرجل على المرأة أو المرأة على الرجل، قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[فاطر/15].
فقد حفظ الإسلام حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل، وقارن بينهما، ثم بين نصيب كل واحدٍ من العدل أن يأخذ الابن " الرجل " ضعف الابنة " المرأة " للأسباب التالية:
1- فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقًا.
فالرجل يدفع المهر، يقول - تعالى -: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)[النساء/4]، [نحلة: أي فريضة مسماة يمنحها الرجل المرأة عن طيب نفس كما يمنح المنحة ويعطي النحلة طيبة بها نفسه]، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة.
2- والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده؛ لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس
يقول الله - تعالى -: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا ... )[الطلاق/7]، وقوله - تعالى -: ( ... وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... )[البقرة/233].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع عن جابر رضي الله عنه: " اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم أخذتموهنَّ بكلمة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف ".
والرجل مكلف أيضًا بجانب النفقة على الأهل بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته، حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءًا منه أو امتدادًا له أو عاصبًا من عصبته، ولذلك حينما تتخلف هذه الاعتبارات كما هي الحال في شأن توريث الإخوة والأخوات لأم، نجد أن الشارع الحكيم قد سوَّى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى منهم في الميراث قال - تعالى -: ( ... وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ... )[النساء/12].
فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث، لأنهم يدلون إلى الميت بالأم، فأصل توريثهم هنا الرحم، وليسوا عصبةً لمورثهم حتى يكون الرجل إمتدادًا له من دون المرأة، فليست هناك مسؤوليات ولا أعباء تقع على كاهله.
بينما المرأة مكفية المؤونة والحاجة، فنفقتها واجبة على ابنها أو أبيها أو أخيها شريكها في الميراث أو عمِّها أو غيرهم من الأقارب.
مما سبق نستنتج أن المرأة غمرت برحمة الإسلام وفضله فوق ما كانت تتصور بالرغم من أن الإسلام أعطى الذكر ضعف الأنثى ـ فهي مرفهة ومنعمة أكثر من الرجل، لأنها تشاركه في الإرث دون أن تتحمل تبعات، فهي تأخذ ولا تعطي وتغنم ولا تغرم، وتدخر المال دون أن تدفع شيئًا من النفقات أو تشارك الرجل في تكاليف العيش ومتطلبات الحياة، ولربما تقوم بتنمية مالها في حين أن ما ينفقه أخوها وفاءً بالالتزامات الشرعية قد يستغرق الجزء الأكبر من نصيبه في الميراث.
وهنا يجب أن يكون السؤال: لماذا أنصف الله المرأة؟
والإجابة: لأن المرأة عرض فصانها، إن لم تتزوج تجد ما تنفقه، وإن تزوجت فهذا فضل من الله.
وتفوق الرجل على المرأة في الميراث ليس في كل الأحوال، ففي بعض الأحوال تساويه، وفي بعض الأحيان قد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث، وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث.
متى تحصل المرأة على نصف نصيب الرجل؟
المرأة لا تحصل على نصف نصيب الرجل إلا إذا كانا متساويين في الدرجة، والسبب الذي يتصل به كل منهما إلى الميت.
فمثلاً: الابن والبنت ... والأخ والأخت، يكون نصيب الرجل هنا ضعف نصيب المرأة، قال - تعالى -: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن ... )[النساء/11].
وقال - تعالى -: ( ... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[النساء/176].
متى تتساوى المرأة والرجل في الميراث
1ـ في ميراث الأب والأم فإن لكل واحد منهما السدس، إن كان للميت فرع وإرث مذكر وهو الابن وابن الابن وإن سفل.
كما في قوله - تعالى -: ( ... وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد ... )[النساء/11]
مثال: مات شخص وترك " أب، وأم، وابن " فما نصيب كل منهم؟
الحل: الأب: 6/1 فرضًا لوجود النوع الوارث المذكر.
الأم: 6/1 فرضًا لوجود الفرع الوارث.
الابن: : الباقي تعصيبًا، لما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر ".
2ـ ويكون ميراث الأخوة لأم ـ ذكرهم وأنثاهم ـ سواءٌ في الميراث، فالذكر يأخذ مثل نصيب الأنثى في حالة إذا لم يكن للميت فرع وارث مذكر ذكراً أو مؤنثاً، أو أصل وارث مذكراً " الأب أو الجد وإن علا "، كما قال - تعالى -: ( ... وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ... )[النساء/12].
مثال: مات شخص عن " أخت شقيقة، وأم، وأخ وأخت لأم " فما نصيب كل منهم؟
الحل: الأخت الشقيقة: 2/1 فرضًا، لانفرادها ولعدم وجود أعلا منها درجة، ولعدم وجود من يعصبها.
الأم: 6/1 فرضًا، لوجود عدد من الأخوة.
الأخ والأخت لأم: 3/1 فرضًا بالتساوي بينهما.
متى تتفوق المرأة على الرجل في الميراث
- هناك صور من الميراث تأخذ فيه المرأة أضعاف الرجل، كما في قوله - تعالى -: ( ... فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ)[النساء/11].
فهنا الأب يأخذ السدس، وهو أقل بكثير مما أخذت البنت أو البنات، ومع ذلك لم يقل أحد إن كرامة الأب منقوصة بهذا الميراث.
وقد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث إذا كانت في درجة متقدمة كـ " البنت مع الأخوة الأشقاء، أو الأب والبنت مع الأعمام ".
مثال: مات شخص عن " بنت وأخوين شقيقين "، فما نصيب كل منهم؟
الحل: البنت: 2/1 فرضًا لانفرادها، ولعدم وجود من يعصبها.
الأخوان الشقيقان: الباقي تعصيبًا بالتساوي بينهما، فيكون نصيب كل أخ شقيق 4/1، وهنا يكون نصيب أقل من الأنثى.
مثال آخر: مات شخص عن بنتين، وعمين شقيقين، فما نصيب كل منهم؟
الحل: البنتان: 3/2 فرضًا لتعددهنَّ، ولعدم وجود من يعصبهنَّ بالتساوي بينهما، فيكون نصيب كل بنت 3/1 فرضًا.
العمان الشقيقان: الباقي تعصبًا، فيكون نصيب كل عم 6/1، وهنا يكون نصيب الذكر أقل من الأنثى.
متى ترث الأنثى ولا يرث الذكر؟
وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث في بعض الصور:
مثال: مات شخص عن ابن، وبنت، وأخوين شقيقين، فما نصيب كل منهم؟
الحل: الابن والبنت: لهما التركة كلها للذكر مثل حظ الأثنيين.
الأخوان الشقيقان: لا شيء لهما لحجبهما بالفرع الوارث المذكر، وهنا نجد أن الأنثى " البنت " ترث، والذكر " الأخ الشقيق " لا يرث.
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/199)
إلى الغرباء فما هي إلا ساعة ..!
ندى عبد العزيز محمد اليوسفي
حكَت لي بألم..، حكَت لي على استحياء..، حكَت لي وأنا أسترجع فصول الحكاية..، حكايتها كحكايا كثيرة أسمعها وأراها..، حكايا عجيبة..، غريبة..، وحكايتها هذه أعجب وأغرب..!
حدّثتني عن بداية استقامتها..، حدّثتني عن هجرها لكثير من المعاصي والمنكرات..، حدّثتني عن تخلّصها من كثيرٍ من الأشرطة والأسطوانات..، حدّثتني عن أولى خطواتها بعباءتها الشرعية الجديدة..، حدّثتني عن آخر المحاضرات التي استمعت إليها..، حدّثتني عن انضمامها لمصلى كلّيتها وفرح الأخوات بها و تكليفها ببعض المهام التي تجيدها..!، حدّثتني عن إتمامها حفظ جزءٍ من القرآن..!، حدّثتني بسعادتها بمحافظتها على الصلاة على وقتها بعد أن كانت الفروض تُصلّى في أحسن الأحوال جملةً..!
وفي المقابل.. حدّثتني عن السفر للخارج الذي تضطرّها إليه أسرتها كل إجازة..، حدّثتني عن مناسباتهنّ العائلية المختَلَطة و ذات المعازف الصدّاحة..، حدّثتني عن بيتٍ لا يعرف معروفاً ولا يُنكِر منكراً..، حدّثتني عن بيتٍ لا يعرف فيه أحدٌ عن أحدٍ شيئاً..، حتى الطعام لم يعد يجمعهم..، شَكَت لي أنها لا تتمكن من سماع المؤذن والصلاة من الجامع القريب من بيتهم إلا بصعوبة لكثرة الأصوات المزعجة المنبعثة من غرف أخوتها حتى من تلفاز الصّالة الرئيسية لبيتها..، حدّثتني عن مشاعر تندّر وكلمات استهزاء وتسخّط من حياتها الجديدة واستقامتها الجميلة..!
حدّثتني والدمعة تسابق كلماتها..، تتعثّر الكلمة في حلقها حيناً فتسهّل لها العبور عبْرَةٌ حارةٌ من قلبٍ محترِق..، حدّثتني ويداها تنقبضُ حيناً ألماً..، وحيناً تضعها على جبهتها تداري عبرَة حزنٍ..، و يتهادى صوتها بين همسٍ وانفعال..!
أخيّتي في درب الغربة..، كثيرات عشْنَ تلك الأجواء المتناقضة..، ولم تكن سبيلاً أبداً لضعفٍ وانتكاس..،
أخيّتي الحبيبة.. لكِ أن تعلمي أن داعيات كثيرات وممن هنّ أعلام في دروب الدعوة الآن و في مناصب تربوية رفيعة عانين ما عانيتِ وأكثر..، كثيراتٌ منهنّ لم يعرفن درب الاستقامة الحقّة إلا في العشرين من أعمارهنّ..، بحثْنَ عنها..، دلّتهن فطرهنّ النقيّة إليها..، ولم تكن بيئاتهنّ لهنّ المسانِدَة والرّفيقة..، ورغم ذلك أعطينَ ما أعطين..، واكتسبنَ ما اكتسبن..، وفتح الله لهنّ وعلى أيديهنّ من الفتوح ما هو به - سبحانه وتعالى- أعلم..!
رفيقتي في دنيا الغرباء..، مشاعر الحُزن على أهلكِ وعدم استطاعتكِ هدايتهم ومشاركتكِ لذة الحياة السعيدة وحلاوة الاستقامة الرشيدة لا أستطيع أن أمنعكِ منها، ولا أستطيع حجبَ نفسك عن التفكير بها، لكن أدعوكِ لأن تكوني أكثر إيجابية، أن توظّفي هذه الآلام والأحزان فيما فيه صلاح حالك و بيتكِ من بعدك..!
أخيّتي المباركة، الإبتلاء قبل التمكين سنّة كونية، وكيف تمتحنين صبرك أيتها المؤمنة الفتية بدون هذه المِحَن والفِتَن؟!!، كيف ينجح في الاختبار من لم يدخله أصلاً؟!!
أخيتي المباركة، بيدكِ كتاب الله..، تأمليه تاليةً حافظة، تأملي قصص الأنبياء، منهم من ابتُلي بتكذيب قومه فصبر..، منهم من ابتُلِي بمرضه فصبر..، منهم من ابتُلي بفقد ابنه فصبر..، منهم من أوذي من أقرب أهله فصبر..، منهم من اتُهِم كذباً وزوراً فصبر..، منهم من لم يؤمن به ابنه وزوجته فصبر..، ابتُلوا فصبروا..، لم يغلق أحدهم بابه وينكفئ على نفسه..، بل جاهَد في الله حق الجهاد..، كانوا دعاةً في كل حال وعلى أي حال..، كانوا مثالاً للصبر على البلاء..، والدعوة والشفقة على الأهل في أحلكِ الظروف..، ينادي نوح - عليه السلام - ابنه وكان في معزل بنداءٍ يقطر شفقة و حنان وعاطفة وسفينتهم تجري بهم في موجٍ كالجبال: ((يا بني اركب معنا))..، ويهتف إسماعيل - عليه السلام - بصوتٍ فيه انكسار و خضوع للحي القيوم وإذعان لأمره: ((يا أبتِ افعل ما تُؤمَر))..!
ورغم أن البأساء قد نالت منهم، ونزلت بساحاتهم الضراء حتى نالت منهم زلازل البلايا ما نالت، إلا أنهم ينتظرون النصر، ويتساءلون تساؤل الواثق بنصر الله بعد أن أدّى ما عليه من صبرٍ وجهد: ((متى نصرُ الله؟ ))، فيأتيهم الجواب ممعناً بالتفاؤل وتأتيهم البشرى: ((ألا إن نصر الله قريب))..!
تساءلوا عن النصر..، عن الفرج..، بعد أن بذلوا أقصى الجهد..، بعد أن أبلوا البلاء الحَسن..، بعد أن زُلزِلوا..!، وأين نحن من جهدهم؟!!، أين نحن من بلائهم؟!!، أين نحن من صبرهم؟!!، أين نحن من تفاؤلهم ويقينهم وثقتهم بالله؟!!، أين نحنُ من يعقوب - عليه السلام - وهو في قلب المأساة إذ يقول: ((يا بنيّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))؟!!، أين نحن من حبيبنا بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه إذ يقول لصاحبه و قد اشتدّت الأزمة: ((لا تحزن، إنّ الله معنا))؟!
لا إله إلا الله..، في قلب الأزمة وفي شدّة المحنة..، ثقةٌ بالله ونصره، و ((كفى بربك هادياً ونصيراً))، أين نحنُ ممّن حُرّقوا في الشمس والنار و أُتي بمخالبٍ من حديد فكشطت بها جلودهم حتى ظهرت عظامهم فما ردّهم ذلك عن دينهم، ولا انتكسوا وما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضَعفوا وما استكانوا..؟!، ((أحسب الناس أن يُترَكوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتَنون))؟!
نتأذّى من كلماتٍ واستهزاءٍ يذهبُ أثره، و نضخّم الواقع ونراهُ حاجباً وحاجزاً عن المضيّ في درب الاستقامة وعاملاً للانتكاس ونحن بحمد الله نتمكّن من إظهار شعائر الدين والانضمام لركب الصالحين وفي غُرُفنا عبر وسائل التقنية التي مكّنتنا من طلب العلم في بيوتنا، ودور تحفيظ القرآن المنتشرة بحمد الله، والمساجد التي تهتف بالنداء خمس مرات في اليوم والليلة، وقنوات الخير و مشاريع البرّ التي تنتشر هنا وهناك..؟!
مشاعر الغربة والألم لابدّ منها في بداية الطريق، وقد تستمر معكِ، ولكن ليكن الله - سبحانه وتعالى- أنيسكِ في خلواتكِ، استغني به - تعالى - عن كل مؤانسٍ ورفيق، لا تستوحشي الطريق وقد قلّ في بيتكِ سالكوه، واستهزأ من حولكِ بروّاده و أعلامِه و ناشطُوه..!
قفي بشموخ.. ارفعي الهامَة.. واطردي عنكِ كل شيطانٍ وهامّة..، تناسي فشلكِ في أسرتكِ..، لا تنظري إليهم بعين البغض وإنّما الإشفاق..، اسألي الله لهم الهداية وأشركيهم قدر الإمكان مشاريعكِ الخيّرة..، كوني مبتسمة..، بنصرِ الله واثقة..، ومتفائلة..، ابعثي الإحساس بالأمان والشعور بالارتياح لمن حولكِ..، اجعليهم يشعرون بأهميتهم لديكِ..، كوني المواسية لهم عند البأس، والمصبّرة لهم عند المصيبة، والمهنّة لهم عند الفرح، والمعينة لهم عند الحاجة، استغلي كل نقاط الضعف والألم لنقاط قوّة وأمل..!
وظّفي طاقاتكِ في خدمة هذا الدين، ابذري بذور الخير هنا وهناك، ارقبيها وهي تنمو وتعطي ثمارها بإذن الله، لا تحبطي ولا يصيبكِ اليأس إذا ما فشلتِ فبعض البذور كامنة وتؤتي أكلها ولو بعد مئات السنين..!
امسحي دموعكِ..، كفكفي عبراتكِ..، اصبري على البلاء..، وتحمّلي في ذات الله ما يصيبكِ..، واستمري بالبذل والعطاء..، ترفّعي عن كل منكرٍ وقبيح..، وسابقي بهمّتكِ الريح..!، لتكن شخصيتكِ قويّة..، لا تذوبي في المجتمعات التي تخالطينها، بل ابهريها بحسن خلقِك وعطائك وسمتِك..!
زادكِ التقوى وأكرِم بها من زاد، ((ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)). زادكِ اليقين والثقة بنصر الله، منه تستمدين قوتكِ، وإن ضَعُف المعاون والنّصير، وليكن حالك حال من قيل فيه:
ولا يُرى من فزع رهنَ أسى
يقينُه كالطودِ في القلبِ رسى
يُبصِرُ في غور الخطوبِ قبسا
من نُصرَة الله إذا ما استيأسا
زادكِ التوكّل على الله و تفويض الأمر إليه، ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه)). زادكِ محبّة الله ومحبّة ما يحبّه ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتأمّل سيرته. زادكِ الدعاء والأّنس بالله في الخلوات. زادكِ كتاب الله وأنعِم به من زاد.
فما هي إلا ساعةٌ ثم تنقضي
ويذهَبُ هذا كلّه ويزولُ!
وأخيراً.. ((إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً)).
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/200)
يا أميرة في الصفوف لجهاد أهل الريب
بنت الرسالة:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد يا أمتي.... أما لما يحل بالإسلام أنصار وأعوان..!!
بنية الإسلام.. يا حفيدة بنت الأزور وابن اليمان..
يا نصيرة للإسلام في زمن الخذلان ونوم الفرسان...
بوركت كفك القابضة على حجابك.. وحفدة المغضوب عليهم وأعوانهم من عباد الصليب إلى نزعه يهرعون.
حيا الله إباءك يا سليلة الطهر في بلاد بني الأصفر أجمعين..
أيا أميرةً في الصفوف لجهاد أهل الريب والضلال والفساد
وبقية عصبة العزم، غراس الجبار في الأرض، عمال دينه..
طلاب عزه وظهوره في مظانه.
هنيئا لك ما أستعملك الله فيه، يا درة الكون يا غالية.
فاصبري وصابري ورابطي على الثغر.. إن الله لهم بالمرصاد.
وسينصرك العزيز المقتدر ولو بعد حين..
اصبري يا غالية.. إن موعدك الجنة برحمة أرحم الراحمين..
يا غيرة الله. الأعراض قد كشفت ** و لمْ يَهْتز لهُا بالساح فرسانُ
(لله كيف درة الإسلام. قد ظلمت ** وصور ذا الظلم تلفاز وإعلان)
لم يبقَ كلبٌ ولا قردٌ وليس لهُ ** إلاّ على رأسها بَوْلٌ وروَثان
تفَتِّتُ الصخرَ إذ تبكي مُفَجَّعَةٌ ** والدّمعُ منها على القُرآنِ هتّانُ
ترنينَ للعُرْبِ ما في الجمع مُعْتصِمٌ** لا تأملي نصرهم فالجمع سكرانُ
تأبى البهائمُ ما رضيته ذلتهم ** إنَّ الحميرَ لها في الدَّربِ إحرانُ
يا (شرق) يا (غرب) للإسلامِ أوْبَتُهُ** غداً يقودُنا للفتح عثمان
وتصدع بتكبير الجليل منابرنا *** من بعد ما دنس المحراب صلبان
يا غافلا وله في الدهر موعظةٌ * إن كنْتَ في سِنَةٍ فالدّهرُ يقظانُ
لكُلِّ من يتولّى الكُفْرَ خالِدُهُ ** وكُلُّ باغٍ لَهُ يومٌ وسلمان
اللهم يا مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأجعل الدائرة على الصليبين والملحدين والمنافقين. وأنجز لنا وعدك يا خير المسؤولين بأن لا تجعل للكافرين على المحسنين سبيلاً برحمتك يا أرحم الراحمين...
وصلي اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/201)
على أبواب الزواج
شيماء الغامدي
نصائح للفتاة المسلمة المقبلة على الزواج:
مقدمة:
من فضل الله - تعالى - وتكريمه لبني آدم أن شرع لهم الزواج وجعله من نعمه - سبحانه - على عباده {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّة}[الرعد: 38]، فذكر ذلك في معرض الامتنان، وإظهار فضله - سبحانه - عليهم... وقد رغَّب الإسلام في الزواج وحثّ عليه فعدَّه آية من آياته - سبحانه -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
على عتبة الزواج:
أولا - اختيار الزوج المسلم الصالح، فقد حضَّ الإسلام على حسن اختيار الزوج من ذوي الأخلاق والصلاح والدين والعفة... قال - تعالى -: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13]، وقال - سبحانه - {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(النور: 32)، فلا تغترّي بالمال أو بالجاه أو غيرهما واحرصي أولاً على الاستقامة في الدين و حسن الخلق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" [الترمذي]
ثانيا - إياك أن تتزوجي من الزاني، قال - تعالى -: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (النور: 3) قال الإمام ابن كثير: "أي حرم تعاطي الزنا والتزوج بالبغايا أو تزويج العفائف بالرجال الفجار".
ثالثا - يستحسن أن يكون الزوج من الحريصين على تعلم العلم ومطالعة الكتب -ونحسبك كذلك- ليسهل التفاهم والتواصل بينكما ولتتعاونا على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ولك في أمهات المؤمنين و نساء السلف الصالح أسوة حسنة.
رابعا - احذري أن يتم زواجك ممن لا يحل لك، سواء كان سبب التحريم القرابة أو الرضاع أو غيرهما. فتحري جيداً قبل فوات الأوان!!
مرحلة الخطبة:
أولا - بعض الفتيات يترددن كثيراً في أخذ قرار الزواج وحسم أمرهن فيطلبن من الخاطب مدة للتفكير، فتبدأ في وزن المفاسد والمصالح والإيجابيات والسلبيات، وهذا أمر مقبول إذا لم يتجاوز الحد المعقول فتطول المدة، وإن سُئلت أو استُعجلت، ردّت في دلال - مفرط-: " عليه أن يصبر لازلت أفكر... " وهذا تصرف غير لائق، خذي مهلة محددة وصل صلاة الاستخارة واقرئي الدعاء كما علّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما ندم من استخار الخالق وشاور المخلوقين المؤمنين ثم سَلِ الله التوفيق..
ثانيا - من المستحب أن تنظري إلى خطيبك أثناء اللقاء. لكن احرصي على احترام الضوابط الشرعية، احذري الخلوة أو المصافحة، وحافظي على لباسك الشرعي.
ثالثا - بعض العائلات تقيم حفلاً مختلاطاً يوم الخطبة، فيدخل الخاطب على مخطوبته وهي متزينة - وإن كانت تغظي رأسها - ليجلس إلى جانبها أو ليلبسها عقداً أو سواراً... وهذا غير جائز شرعاً لأنه لم يعقد عليها بعدُ. فاحترسي ولا تتساهلي!
رابعا - إياك و الخروج أو كثرة الحديث مع الخطيب - ولو بالهاتف - قبل العقد... لا تنسي، إن مما حبا الله به المرأة وكرمها به أن فاقت الرجل بالحياء ولذلك يُقال في شدة الحياء "أشد حياءً من العذراء في خدرها". وإنما يهتك ستر الحياء التوسع في الأمور على غير بصيرة. فتنبّهي!
خامسا -يفضل الفحص الطبي قبل الزواج وقاية واستدراكاً لما يمكن تدراكه.
من حقوقك قبل الزواج:
أولا - أن يستأذنك وليك ولك الحق في قبول الزوج أو رفضه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟ قال أن تسكت. فالولي مأمور من جهة الثيب، ومستأذن للبكر. لكن احذري من الاستسلام إلى العواطف الهوجاء واختاري الزوج الصالح المتحلي بالأخلاق الحسنة...
ثانيا - جواز عرض الرجل مولّيته على أهل الخير والصلاح: اعلمي أن الرعيل الأول من أصحاب سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - كانوا يجتهدون في تحري الصالحين لبناتهم أو أخواتهم، بكل صراحة في العرض وعدم تحرج في القبول أو الرفض. فلا تستنكري على وليك إن تصرف كذلك، ولا تظني أنه يعرضك لترويج بضاعة كاسدة!! حشا وكلا! فقد فعل ذلك عمر - رضي الله عنه - وغيره من السلف الصالح..
ثالثا - لا يحق لوليك أن يمنعك من الزواج بحجة استكمال التعليم أو الحصول على الشهادة والوظيف، بل يمكن الجمع بين الأمرين إن أحببت وتيسّر لك ذلك. لا تنسي أن وظيفتك الأولى هي البيت والزوج ورعاية الأولاد.
رابعا - إياك أن تشترطي لزواجك بالرجل أن يطلّق امرأته - إن كان متزوجاً - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها، لتستفرِغ صحفتها، فإنما لها ما قُدِّر لها "[البخاري].
أركان الزواج الصحيح:
أولا - أولها الولي: عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي " [أبو داود]
ثانيا- الشاهدان: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" [ابن حبان]
ثالثا - المهر: أوجبه الشرع الشريف على الزوج وجعله هدية تكريم للزوجة، قال - تعالى -: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة}[النساء: 4]، إلا أنه حث على يُسره وخفته، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير النكاح أيسره".. فاحذري المنافسة في مغالاة المهر.
حفلة الزفاف:
أولا - كوني حريصة على حفلة زفاف إسلامية خالية من المنكرات، واحذري الاختلاط غير المشروع بحجة أنه عائلي، و"النصة أو المنصة" صعود العريس مع العروس أمام النساء، والتعاقد مع المغنيات والمطربات أو وضع أشرطة الغناء عبر مكبرات الصوت و السهر في ليلة الزفاف حتى ساعات الفجر الأولى، والتصوير بالفيديو لمحذورات شرعية كثيرة...
ثانيا - يجوز إعلان النكاح بدف وغناء مباح، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فصل ما بين الحلال والحرام، الدف والصوت"[أصحاب السنن]
ثالثا - احذري من العادات والتقاليد المنكرة، كدبلة أو دبلتي الخطوبة التي يضعها العريس في خنصر يد العروس اليسرى فإنها من عادة النصارى ولها أصل عقدي عندهم. كما يجب أن تحذري التغالي بملابس ليلة الزفاف أو التشبه بزي العروس الكافرة!
الدخلة:
أولا - اقرأي عن" فن" الحياة الزوجية الإسلامية - إن صح التعبير- لتكوني على بينة من أمرك. الكتب متعددة ومتيسرة، نقترح عليك كتاب: "لقاء الزوجين"، أو "تحفة العروس"
ثانيا- لا تصغي إلى من يُهوّل لك أمر هذه الليلة من الصديقات أو غيرهن.
ثالثا - إياك ومطالعة مجلات أو كتب الجنس الساقطة البعيدة عن الهدي الإسلامي.
رابعا - اسألي عمّا يشكل عليك مَنْ تثقين بها من قريباتك لترتاحي ولتُحْسِنى التصرف مع زوجك، واعلمي أن هذه الليلة من الأهمية بمكان لك ولزوجك.
خامسا - تزينى لزوجك وتطيبي وهيئي نفسك له، وإياك والنمص أو الوصل أو قص الشعر على طريقة الرجال، فكل ذلك منهي عنه شرعاً.
سادسا - من الأفضل أن تدخل أمك أو أم زوجك أو غيرهما معك مخدعك حتى تستأنسي وتزول وحشتك.
سابعا - صلّ ركعتين وراء زوجك. ففي هذه الصلاة ما يوحي لك ولزوجك أن الغاية من هذا الزواج الذي بدأ في هذه الليلة ليست المتعة فقط بل أداء واجب ديني أيضا وإنجاب أطفال يكثرون سواد المسلمين وينصرون الدين.
ثامنا - نعم، إن الحياء من الإيمان، لكن لا تبالغي كي لا تُنفّري زوجك منك.
تاسعا - اختاري ألفاظك وكوني رقيقة واحذري أن تجرحيه بكلمة أو تصرف يمس رجولته...
عاشرا - احذري بعض العادات المخالفة للأعراف والدين كإثبات العذرية للناس...!! احسمي أمرك ولا تطاوعي الناس في ذلك الفعل المنكر.
حقوق الزوج على زوجته
الأول - رغّب الشرع الحنيف في طاعة الزوج وإرضائه في غير معصية لله - تعالى -، وذلك من أعظم الحقوق على المرأة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلّت المرأةُ خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أيّ أبواب الجنة شئت". [صحيح ابن حبان]، "كوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً".
الثاني - احذري أن تكوني مقلقة لزوجك إذا أراد منك حاجته الزوجية، أو تتبرمي بالأعذار الواهية، فقد جاء الوعيد الشديد في ممانعة المرأة لزوجها إذا طلبها لفراشه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح" [البخاري]
الثالث - كوني ودودة لطيفة مطاوعة حتى يشعر زوجك بالسكينة، قال - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: 21]، "تفقدي وقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغص النوم مغضبة" كما جاء في وصية الأعرابية لبنتها. إياك وكثرة الشكوى والضجر من متاعب البيت أو من الضيوف، فقد يكون ذلك سبباً في نفوره منك ومن البيت، واصبري فإنك مأجورة إن شاء الله.
الرابع - "عليك بالكحل فإنه أزين الزينة، وأطيب الطيب الماء وإسباغ الوضوء"، واظبي على النظافة، تعطري وتزيني لزوجك وهيئي نفسك له. وتأكدي أن هذا يجذب إليك زوجك ويغض من بصره عن التطلع إلى الحرام. لكن لا تبالغي حتى لا يضيع الوقت أمام المرآة! قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خيرٌ؟ قال: "التي تسُرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره" [أبو داود].
الخامس - خدمة الزوج واجب، وأول ذلك الخدمة في المنزل وما يتعلق به من تربية الأولاد، وتهيئة الطعام والفراش ونحو ذلك، واقتدي ببنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و بأسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهم - أحمعين...
السادس - يجب عليك حفظ أسرار زوجك، وخاصة ما يجري بينكما في الخلوة من الرفث والشؤون الخاصة بالزوجية. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه، ثم ينشر سرهما"[مسلم]، فإفشاء سرّ الزوج ينافي طاعته وإرضاءه.
السابع - احفظي نفسك وعرضك في غياب زوجك، وإياك وما يخدش حياءك وشرفك، قال - تعالى -: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}[النساء: 34]، قانتات أي مطيعات لله - تعالى -. {حافظات للغيب} أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب، تحفظ بعلها بنفسها وماله. " فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله. وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير"، كما جاء في وصية الأم لبنتها.
الثامن - إياك والغيرة الزائدة فإنها مفتاح الطلاق! تجنبي كثرة الأسئلة المريبة ولا تكوني من اللواتي يفتشن الجيوب ويتنصتن على المكالمات ويتصيّدن الهفوات، خصوصاً إن كانت لك ضرّة أو ضرّات... كل ذلك مذموم وعواقبه وخيمة.
التاسع - من حق الزوج عليك المتابعة في المسكن، وإلا دخلت في حكم الناشز المتمردة على واجبتها الزوجية والعياذ بالله!
العاشر - من حق زوجك عليك إرضاع الأطفال وحضانتهم، فاجعلي ذلك عبادة سامية واستحضري النية الصالحة لتجنين ثمارها. قال - تعالى -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: الآية 233]
الحادي عشر - كوني أمينة على مال زوجك وما يودعه في البيت من نقد أو مؤنة أو غير ذلك فلا يجوز لك أن تتصرفي فيه بغير رضاه، وفي الحديث الشريف: "والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها". ولا تُخرجي من ماله إلا بإذنه: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها"[أخرجه أبو داود]...
الثاني عشر- لا تأذني لأحد في بيته إلا بإذنه: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه... "[متفق عليه]. "معناه أن لا تأذن الزوجة لأحد يكرهه الزوج في دخول البيت والجلوس في المنزل سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة، أو أحداً من محارم الزوجة، فإنه يتناول جميع ذلك". ومرجع النهي أن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه...
الثالث عشر- استأذنيه في صيام النافلة إن كان حاضراً غير مسافر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه"[متفق عليه]، قالت عائشة: "إن كان ليكون عليَّ صيام من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان" [البخاري]
الرابع عشر- لا تخرجي من بيتك إلا بإذنه، ولا تخرجي إلا لحاجة أو مصلحة شرعية وتعبّدي الله بقوله - عز وجل - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب: 33].
الخامس عشر- غضي الطرف عن الهفوات والأخطاء: وخاصة غير المقصود منها السوء في الأقوال والأفعال، "كل بني آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون"[أخرجه الترمذي]. وإياك وكثرة العتب فإنه يورث البغضاء.
السادس عشر- تجنبي الاستمرار في النقاش حالة غضبه، من الأفضل ألا تقاطعيه واستمعي جيداً حتى تهدأ أعصابه ثم تفاهما. حاولي أن تتجنبي كلما يسخطه لكي تنالي رضا ربك، لا تنسي هو جنتك ونارك. أسرعي في إرضائه بكل وسيلة شرعية قال - صلى الله عليه وسلم - "نساؤكم من أهل الجنة: الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها، وتقول: لا أذوق غُمضاً حتى ترضى".
السابع عشر-كوني صادقة معه خصوصاً فيما يحدث في غيابه، وابتعدي عن الكذب، فإن الأمر إن انطلى مرة فلن يستمر لفقد الثقة، وإذا فقدت الثقة ساءت العلاقة.
الثامن عشر- المشاركة الوجدانية في الأفراح والأحزان من أعظم أسباب المودة: إياك والفرح بين يديه إن كان مغتما، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً. فإن المشاركة في الأفراح تجعلها مضاعفة، والمواساة في المصائب تكسر حدّتها، والمصيبة إذا عمّت خفّت. قفي إلى جنبه وأمدّيه بالصبر والرأي.
التاسع عشر- إكرام أهل زوجك وأقاربه - خصوصا والديه- خلق إسلامي أصيل فهما في سن والديك كما أن إكرامهما إكراما له، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يُجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه " [أحمد]
العشرون -كوني قنوعة واشكري زوجك على ما يجلبه لك من طعام وشراب وثياب وغير ذلك مما هو في قدرته، واجتنبي جحده، فإن هذا من موجبات دخول النار. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُرِيتُ النار، فإذا أكثر أهلها النساء يَكفُرْنَ" قيل: أيكفُرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، ولو أحسنت إلى إحداهُنّ الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيراً قطُّ". لا تنسي أن تدعي له بالعوض والإخلاف.
الحادي والعشرون - الزوجة الصالحة لا تسأل زوجها الطلاق من غير سبب يلجئها إليه-وإن استُفزّت- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة"[أصحاب السنن].
الثاني والعشرون - إذا لم تكن هناك حاجة إلى وظيفتك فاتركيها.. ولا تصغي لمن زعموا أن المرأة داخل بيتها خالية فارغة، هذه نظرة باطلة مناقضة للحقيقة، فلك في بيتك وظيفة مقدسة ورسالة سامية ألا وهي حسن التبعل وصناعة الأبطال وإعداد أمهات المستقبل...
هذه حقوقك فاعرفيها
أولا - المهر: هو عطية فرضها الله لك ليست مقابل شيء يجب عليك بذله إلا الوفاء بحقوق الزوجية، قال - تعالى -: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}[النساء: 4] فلا حق للزوج أن يجبرك أن تتجهزي له بشيء من الصداق إلا أن تطيبي أنت له نفسا بشيء من ذلك. كما أن الشريعة حرمت على أي إنسان أن يتصرف في مهرك بغير إذنك الكامل ورضاك الحقيقي قال - تعالى -: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} أي من غير إكراه ولا إلجاء بسبب سوء العشرة ولا إخجال {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً}.
ثانيا- النفقة: وقد دل على وجوب هذه النفقة: قوله - تبارك و تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: الآية 34] و تشمل الطعام، والشراب، والملبس، والمسكن بالمعروف. وهي واجبة علي الزوج وإن كانت الزوجة موسِرة. وينبغي أن يطعمها وأولادها حلالاً لا إثم فيه. ولكن على الزوجة ألا تحمّله ما لا يطيق من النفقات.
ثالثا - من حقك على زوجك أن يغار عليك ويصونك من كل ما يلمّ بك من أذى في نظرة أو كلمة.. فالزوجة أعظم ما يكنزه المرء.
رابعا - المعاشرة بالمعروف: قال - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: 19] من حسن المعاشرة أن يتصنّع الزوج لزوجته كما تتصنع له، وأن يطيّب أقواله وألا يكون فظا غليظا وألا يعبّس في وجهها بغير ذنب.
- ومن المعاشرة بالمعروف: القسم بالعدل إن كان للزوج نساء غيرك، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من كانت له امرأتان يميل لإحداهما عن الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً" [الترمذي]
- ومن المعاشرة بالمعروف إكرام أهلك بمبادلة الزيارات، ودعوتهم في المناسبات، وبذل الإحسان لهم...
- ومن المعاشرة بالمعروف معالجتك ومداواتك إذا مرضت وأن يباشر رعايتك بنفسه إذا استطاع وتيسّر له ذلك..
خامسا - لا يجوز لك أن تطيعي زوجك فيما لا يحل له، بل يجب عليك مخالفته حينئذ، وذلك مثل أن يطلبك زمان الحيض والنفاس، أو في غير محل الحرث، أو وأنت صائمة صيام فريضة كرمضان، وذلك لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف"[البخاري].
سادسا - إذا انحرف زوجك عن جادة الحق عليك أن تنصحيه وإن أصرّ فمن واجبك في هذه الحال مفارقته، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تبقى عند كافر.
سابعا - يحرم عليه كذلك أن يتعمد هجرك، فهو مأمور بأداء حقك بقدر حاجتك وقدرته ومطالبٌ أن يؤدي إليك حقك ويعفك ويغنيك لقوله - تعالى -: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَة}[النساء: 129]
http: //www.khayma.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/202)
البنات من ستار أكاديمي إلى شهيدة أكاديمي
الأولى عمرها (26) سنة، والثانية (15) سنة، والثالثة (22) سنة، الرابعة (18) سنة، والخامسة (21) سنة، والسادسة (19) سنة، والسابعة (27) سنة، وأما الثامنة فعمرها (22) سنة.
هل تعرف من هؤلاء؟!
وما هي سيرتهن؟
لقد اعتدنا على سماع قصص عن بطولات الصحابة - رضي الله عنهم - من النساء والرجال، كما اعتدنا أن نستمع إلى كثير من الخطب والمواعظ عن ضعف المسلمين وهوانهم في هذا الزمان، ولكن عندما يتعرف القارئ على بطولة الفتيات الثمانية وهن من مواليد هذا الزمن الذي نعيشه فإن روحه ترجع إليه ويشعر بعزة الإسلام وقوته من مواقف سطرتها فتيات صغيرات في السن، كتبت أسماؤهن في سجل الخالدين في أرض مباركة، قدمت كل واحدة منهن روحها وضحت بمستقبلها الدنيوي عندما وضعت روحها على كفها وجادت بها لله - تعالى -.
اما الأولى فهي «وفاء إدريس» والثانية «نوار شلهوب» والثالثة «دارين أبو عيشه» والرابعة «آيات الأخرس» والخامسة «عندليت طقاطقة» والسادسة «هبة دراغمه» والسابعة «هنادي تيسير» والثامنة وليست الأخيرة «ريما الرياشي» وكلنا يعرف قصتها عندما ودعت طفلتيها الأولى «عبيدة - سنة ونصف» والثانية «ضحى -3 سنوات» وقامت بعملية استشهادية بكل شجاعة وقوة فقتلت من الجنود الإسرائيليين أربعة وجرحت عشرة.
إن الرجال في هذا الزمان ليستحون أمام هذه التضحيات المتميزة من بناتنا في فلسطين وإني أتساءل:
- كيف تربت تلك الفتيات؟
- وأين مرحلة المراهقة في حياتهن؟
- وكيف قدمن الآخرة على الدنيا؟
- وكيف أحببن الشهادة في سبيل الله
- أسئلة تدور في ذهني كثيرة نتركها لتحليل أهل التربية وعلم الاجتماع.
كما أن هذه المواقف البطولية لجديرة بأن نستثمرها في تربية بناتنا وإضافة سيرتهن في مناهجنا التربوية وإحياء ذكرى استشهادهن لترتفع همم الفتيات في زماننا عن متابعة ومشاهدة «ستار أكاديمي» إلى متابعة ومشاهدة «شهيدة اكاديمي» و«مضحية أكاديمي» و«حافظة للقرآن أكاديمي» و«داعية أكاديمي» و«عالمة أكاديمي».
نعم إن تخليد ذكرى الفتيات الشهيدات قضية تربوية مهمة فلا يستهان بالمرأة ولا يحقر من شأنها، بل إن القرطبي ذكر في تفسيره أن من بركة المرأة ويمنها تبكيرها على الرجل، فقد قال واثلة بن الأسقع: إنه من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أن الله - تعالى - قال: {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} لقد كانت العرب تقول «دفن البنات من المكرمات» ونحن نقول اليوم: «تميّز البنات من المكرمات».
فنحن نرفع رؤوسنا فخراً بما فعلته البنات في فلسطين فالبنت بركة ونعمة إذا تربت تربية صالحة، وبركتها تصيب أهلها فقد قال بعض الشعراء:
أحب البنات وحب البنات *** فرض على كل نفس كريمة
فإن شعيباً من أجل ابنتيه *** أخدمه الله موسى كليمه.
http: //www.almutawa.info المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/203)
من صور ظلم المرأة
الشيخ زيد بن إبراهيم الخثلان
تعاني المرأة صنوفاً من الظلم والجور، الذي يقع عليها تعدياً لأحكام الله، وعصياناً لأوامره، والله - جل وعلا - قد بين الحلال والحرام، وحد الحدود بقوله، وقوله الفصل وحكمه العدل قال - تعالى -: "وكان الله على كل شيء رقيبا " وهو - سبحانه - أعلم بصالح عباده وإليه يرجع الأمر كله، وهو القائل - سبحانه وتعالى-: "يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم 176 "{النساء: 176} أي: لئلا تضلوا عن الحق بعد البيان، ومن أعظم هذه الأحكام: المواريث التي أمر الحق جل ذكره بالمحافظة على ما فصله فيها، وأمر بلزوم ما حده فيها، ونهى عن تعدي ذلك بتوريث من لا يرث، وحرمان من يرث.
ولاشك أن الجور على أحكام الله انتهاك لأمره، ورضا بغير حكمه، ونشر للظلم ليكون مشاعاً بين المجتمع - عياذاً بالله من هذا الحال - والله - سبحانه - يقول: " من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم 12" {النساء: 12}، قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي لتكن وصيته على العدل لا على الإضرار والجور والحيف بأن يحرم الورثة أو ينقصه أو يزيده على فرض الله له من الفريضة، فمن سعى في ذلك كان كمن ضاد الله في حكمه وشرعه".
وهذا من عظيم الإخلال بالأمانة وتضييعها، والله - تعالى - يقول: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل 58 " {النساء: 58} ويقول - عليه الصلاة والسلام - محذراً من خيانة الأمانة: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان"(1) فأي نهاية تلك التي يكون الإنسان بها مغادراً عن الدنيا بعمل سيئ تترتب عليه المظالم في حق المخلوق؟! ولقد قسم الله - تعالى - حق النساء في الميراث، والتساهل في ذلك وإبطاؤه، والمماطلة من الإثم العظيم، فما بالكم بمن يحرمهن من حقهن البتة!!
إن هذا الجور والتعدي حاصل ممن امتزج في قلوبهم البعد عن أحكام الله - تعالى -، وأطماع الدنيا، والحب الجم للمال، حتى علت الغشاوة السوداء على بصرهم وبصيرتهم، وأصبحت الدنيا لديهم مفضلة على الآخرة، فظلموا المرأة، وسلبوا حقها؛ بل منهم من ارتبط لديه هذا المفهوم بعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، فزعموا زوراً أنه لا ميراث للمرأة متخطين شرع الله الحكيم العليم، فشربوا أهواءهم، وعملوا بها، وإن مما أوصى به الحبيب المصطفى في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن الرسول أنه قال: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة" رواه ابن ماجه والنسائي.
وإن من الظلم الواقع على المرأة أيضاً أخذ صداقها معرضين عن أمر الله - تعالى -: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة 4 "{النساء: 4} وهذا أمر بالأداء، ونهي عن الاستيلاء، فالصداق - المهر - من حقوقهن الخاصة ليس لأحد فيه حق إلا بطيب نفس منها، قال - تعالى -: "فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا 4 "{النساء: 4}.
ومن الظلم أيضاً المضارة في العشرة، وذلكم هو الرجل تكون عنده المرأة فيضرها ويؤذيها لتتخلى له عن مالها أو مهرها ظلماً واستعلاءً، ويمارس معها صنوفاً من القهر والإيذاء لتترك له ما تبقى من مهرها في ذمته، أو تعيد له ما دفعه لها، هل هذه هي المعاشرة بالمعروف؟ قال - تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف "19 {النساء: 19} أم هذا هو التسريح بإحسان الذي بينه الحق - جل وعلا - في قوله: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه231 "{البقرة: 231} ويقول أيضاً: "وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا 20 "{النساء: 20}.
ومن الظلم الواقع على المرأة منعها من الزوج الصالح التقي، يقول رسول الله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد"(2).
وإن على أولياء الأمور النصح لمولياتهم، واختيار الأكفاء، والسؤال عنهم، وإعلام المرأة صاحبة الشأن بأمر الخاطب؛ إذ لا يجوز تزوجيها بغير رضاها؛ عملاً بقول المصطفى : "لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، وإذنها الصموت"(3) رواه الترمذي.
كذلك من الظلم الواقع على المرأة عدم تعليمها شئون دينها، وتركها هملاً لا تعرف أوامر ربها، وسنة نبيها محمد {، فلا تعلم الوضوء والغسل والصلاة والصيام والزكاة وأمور الحج، وغير ذلك مما يلزم تعلمه لينشرح صدرها بنور الإسلام، وفيض تعاليمه المباركة.
ومن الظلم عدم تعليمها أخلاق الإسلام الفاضلة كالصدق والبر وحسن الكلام بل تركهن لمجالس الغيبة والنميمة وسيئ الآداب، وعدم حمايتهن من النظر المحرم، والمخالطة المحرمة وكل هذا من غش الرعية ورسول الله يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"(4).
إن الواجب على ولي أمر المرأة تبصيرها بدين الله - تعالى - والحث على المعروف، والنهي عن المنكر، وارشاد أهله إلى ما فيه خير لهم، وأن يكون بيته مشرقاً بالنور والهداية والتربية القويمة على هدي كتاب الله وسنة رسوله، فلا يلهيهم ويصدهم عما خلقوا من أجله، ألا وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وإن من أعظم ما يصرفهم عن الله والدار الآخرة الملهيات المحرمة، وسماع الغناء الذي يبث النفاق في القلب، والمناظر الفاتنة التي تصرفهم إلى الشهوات، وما يحصل من تهيئة جو المعاصي لهم، وتزيين الفتن والشهوات، وإحاطتهم بسياج المعاصي، وذلك هو بذل أسباب المعصية والضياع، قال جل ذكره: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون 6 {التحريم: 6}.
إن الدلالة على الخير من أوجب الواجبات، وهو إيفاء بحق المرأة، وحفظ لها من الشرور والآثام، وأما تقريبها من الشهوات فهو الظلم المتعدي، حيث يمتد هذا الظلم إلى أبنائها التي هي راعية لهم يقول - عليه الصلاة والسلام -: "والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها"(5).
ــــــــــــ
* الهوامش:
1- رواه البخاري، كتاب الأدب، باب 69، ص623، رقم الحديث 6095.
2- رواه الترمذي في النكاح: باب 3، ح1091، ص173.
3- رواه الترمذي، النكاح: باب 17، ح1113، ص203.
4- رواه مسلم، الامارة: ك33، ب5، ص419، رقم الحديث 4706.
5- رواه البخاري، النكاح، باب 81، 82، حديث 5188، ص 316.
http: //jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/204)
النمص أسبابه وعلاجه
سعاد الغامدي
الحمد لله القائل: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: 69]. والصلاة والسلام على الرسول القائل: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أَبَى. قالوا: ومَن يأبى يا رسول الله؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنة ، ومَن عصاني فقد أبى)). وعلى آله وصحبه ومَن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وبعد:
فها هي أيام الإجازة قد انتهت ، وقد كنت أعدُّ أيامها ولياليها شوقاً إلى لقاء صديقة العمر التي عشت معها أيام الدراسة حتى أواخر الكلية، لا أسرار بيننا، تقاسمنا الأفراح، عشنا سويًّا لا يكدر أيامنا شيء.. وفي اليوم الأول من الدراسة.. وفجأة.. وقبل السلام.. يا إلهي.. ماذا أرى؟! رأيت أمراً عظيماً قد هالني.. رأيتها وقد نتفت حاجبيها مع صبغهما بالألوان التي ربما تتناسب مع لون الفستان الذي ترتديه.
قلت لها: ما هذا؟!
قالت: مِن باب الجمال.
قلت لها: أتعلمين ما اسمه في شرع الله؟
قالت: لا يهم. (وأظن أنها لا تعلم ما اسمه).
قلت لها:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبةُ *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ُ
هذا يا عزيزتي يسمى في شريعتنا ((النمص)).
نعم النمص. الذي تساهل فيه بعض المؤمنات سواء في المدارس أو الجامعات وكذلك الحال بين مربيات الجيل ، مما ورث في القلب حسرة وألم. فقبل فترة من الزمن كُنا نرى النامصات في المجتمع لا يتجاوزن أصابع اليد ، أما الآن فقد انقلب الحال فصرنا نشاهد النامصات هداهُن الله كُثر.
واعلمي يا أخيَّة: بأن النمص محرَّم في شريعة الإسلام ، وبأن النامصة قد عصت ربها ومولاها ، وأطاعت شيطانها وهواها ، شيطانها الذي توعَّدها بالغوية والإضلال وتغيير خلق الله. قال - تعالى -: {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا {117} لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {118} وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ} [النساء: 117-119].
وقد سُئِل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ما حكم تخفيف الشعر الزائد من الحاجبين؟
الجواب: لا يجوز أخذ الحاجبين ولا التخفيف منهما لِمَا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لعن الله النامصة والمتنمصة)) ، وقد بيَّن أهل العلم أن أخذ شعر الحاجبين من النمص)) [فتاوى الدعوة 2/229].
وسُئِل سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - ما حكم تشقير الحواجب.. وكذلك نتف ما بينهما؟
الجواب: لا شكَّ أن النمص والنتف حرام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ ((النامصة والمتنمصة)) فالنمص قص شعر الحواجب أو الوجه فهذا محرم ، أما تشقير الحواجب وتحديدها فهو تغيير لخلق الله.. والمطلوب أن تدع الحواجب وما بينهما ولا تحاول أن تقتدي بالكافرات ومن حولها)) [نور على الدرب].
أختي الحبيبة.. يا من قمتي بترقيق حاجبيك ، ورضيتي بذلك من باب التجمُّل ، هل تعلمين ما معنى اللعن؟!
اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
ونحن يا أُخيَّة ما سعينا في هذه الدنيا وعَبَدْنا الله - سبحانه وتعالى- إلاَّ طلباً لرحمته - سبحانه وتعالى-.
ألا تسمعين عندما يُقال فلانة توفيت ، ماذا نقول؟ نقول: - رحمها الله - ، ندعو لها بالرحمة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لن يدخل أحداً الجنة بعمله ، قيل ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)).
فهذه الرحمة التي يتسابق إليها عباد الله ويتنافس فيها أولياؤه وأولهم الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي غًفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر، قد ابتعدت عنها النامصة هداها الله بل واقتربت من لعنته وسخطه - سبحانه وتعالى- من أجل شعرات تُزيلها من حاجبيها!
النمص: الأسباب والعلاج:
وهذه الأسباب عامة في جميع المعاصي.
أولاً: ضعف الوازع الديني: وهو نقص الإيمان، وقلَّة الخوف من الله.. فهذه الفتاة عندما وقعت في المعاصي سواء كانت كبيرة أو صغيرة فإن هذا بسبب نقص الإيمان في قلبها وقلة الخوف من الله.. فلو أن في قلبها خوف من الله ما عصتهُ وما تلذذت بأكل ولا شرب والرب عليها غضبان.... فأيُّ نَفْس تبارز الله بالذنوب والمعاصي ثم تأكل مِن رزقه.. وتستظل سمائه.. وتمشي فوق أرضه.. وهي آمنه هانئة.. فهل تأمن مكر الله {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ {97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ {98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 97-99]. فو الله ما حُرِمْنَا الخير الكثير وحُرمنا لذَّة الطاعة وحُرمنا القيام بأيسر العبادات إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
واعلمي يا أخية أن من عقيدة أهل السُّنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فكلما كان إيمانك بالله كبير وخوفك من الله عظيم لن يغلبك الشيطان بإذن الله في الوقوع في النمص.. وأنتِ تعلمين أنَّ فاعلتهُ ملعونة عند الله، ومطرودة من رحمة الله.. وكلما كان إيمانك أقل.. فالوقوع سهل؛ لأن الشيطان يُزيِّن لك ذلك.. ويدخل عليك من باب الجمال والزينة.. ويقول.. لا عليكِ ، فكل النساء جميلات يفعلن هكذا.. فاتقي الله وراقبيه..
ثانياً: التربية السيئة: إن للتربية دور في توجيه الفتاة إما إلى الخير أو إلى الشر، فالفتاة التي تعيش في بيئة صالحة.. الأم صالحة.. والأب كذلك.. فلا شك أنها تستحي ولا تجرؤ على فعل محرم.. وما هذا إلا نتيجة للتربية الصالحة.. أما إن كانت الفتاة تعيش في بيئة الأم فيها منشغلة بأمور المنزل.. وربما بالهاتف الذي لا يتوقف رنينهُ طوال اليوم.. ومنشغلة بالجلسات التي لا تنقطع مع الصديقات والتي لا تخلو من المحرمات (الغيبة النميمة الكذب الأيمان الكاذبة.... وغيرها)، وكذلك الأب مشغول خارج المنزل لا يعرف أبناؤه وبناتهُ إلا على مائدة الطعام.. فلا شكَّ أن هذه الأجواء تُهيئ بيئة خصبة للأبناء والبنات خاصة لفعل المحرمات.. فكلاً منهم يفعل ما يحلو له دون رقيب.. ولا حسيب.. وبهذا تنشأ الفتاة منحرفة والعياذ بالله.. فكل معصية تفعلها لا أحد يُنكرها عليها.. وربما يتدرج الأمر بها حتى تصل إلى كبائر الذنوب والعياذ بالله. بهذا ينعدم التوجيه والإرشاد إلى الطريق الصحيح.. فلا تجد هذه المسكينة من يوجّهها أو يردعها، وبالتالي تنفتح عليها أبواب المعاصي والمنكرات من كل مكان..
ثالثاً: التقليد الأعمى: فالنامصة تُقْدِم على هذا الفعل المُحرم نتيجة التقليد الأعمى، فهي دون وعي أو إدراك لِمَا تفعله، ودون تفكير في العواقب أو الأضرار.. فهي تقلد الصاحبات والصديقات والفنانات.. العاهرات.. الفاجرات.. ولو كلَّفها ذلك بيع دينها بدنياها.. لو كلَّفها ذلك مخالفة الشريعة الإسلامية. والتقليد هذا ناتج من شعور " النامصة " بالنقص في شخصيتها ، فهي تعيش فراغاً روحياً.. وهذا الفراغ الذي تجدهُ في نفسها تسعى لإكمالهُ بتقليد ومحاكاة الآخرين.. وأكثر هذا التقليد ناتج من التشبُّه بغير المسلمين غير الصالحين في اللباس والحركات والشكل. وهذا يدل على ضعف الإيمان والانهزام والانبهار بمظاهر الحياة الغربية.. " فالنامصة " تسعى لإكمال شخصيتها بهذا الفعل.
رابعاً: وسائل الإعلام سواء كانت المقروءة أو المرئية أو المسموعة. فهي تُعدُّ سبباً كبيراً وعظيماً في انحراف الشباب والفتيات.. وبالأخص الفتيات.. فهُنَّ أكثر مكوثاً في المنزل من الشباب.. فإن كثرة البقاء فيه مع عدم استغلال الوقت في النافع المفيد.. يُحْدِث ذلك فراغاً كبيراً لديهنَّ.. وبالتالي يُقْدِمنَّ على ملئه بما هو سيئ.. إما في مشاهدة التلفاز أو الفضائيات أو القراءة في المجلات الخليعة الهابطة التي تأتي بما هو سيئ وضار من الغرب.. ومما يحزن لهُ القلب أن فتيات المسلمين يُقْدِمن على " الموضة " قبل أن تُقْدِم عليها الكافرات في دول الغرب.. فبمجرد مشاهدتها في المجلات أو الفضائيات لا يلبثن إلا أن يتهفتن عليها تهافت الفراش على النار.. فتأثرن بهن وتمردن على الدين وخرجن عن الحق وتشبهن بأخلاق الكافرات وتصرفاتهن دون تفكير أو رويَّة أو تمييز بين الخير والشر. أصبحت الفتاة في زمن وسائل الشر والإفساد دُمية يُلعب بها كيف شاء دُعاة " تحرير المرأة " ، إن شئت فقُل دعاة " تخريب المرأة " ، يرتضونها لأهواءهم.. يرونها جسداً بلا روح..
فيضعون عليها ما شاءوا من المساحيق والأصباغ والنمص بأشكال مختلفة حتى غدت " كالوحش الكاسر ". أصبحوا يشترون جسدها المُتعب بثمن بخس دراهم معدودة.. وهذه المسكينة تُطيعهم وتفعل كل هذا.. وتدَّعي السعادة.. و و الله إنها في قمَّة التعاسة.. ثم ماذا؟ نرى فتيات المسلمين يتمنين أن يكُنَّ مثل فلانة في ملابسها.. وعِلانة في شكلها.. وأخرى في شهرتها. وما ذاك إلا من تأثير هذه الوسائل.. التأثير الضار على العقيدة.. على الأُمَّة برمَّتها. والله المستعان..
خامساً: رفيقات السوء: رفيقات السوء سبب من أسباب الوقوع في النمص، وهُنًّ أضرَّ على الفتاة من القنوات الفضائية والمجلات الخليعة.. لماذا؟ لأن رفيقات السوء كُثر.. وكل واحدة منهن لها أساليب مختلفة في الزينة.. وسلوكيات مختلفة.. وكل واحدة منهن لها طريقتها الخاصة في التَفَنُّن والحِيل والشيطانيَّة في الوقوع في المعاصي والمنكرات بأسلوب غير مباشر.. وفي بعض الأحيان مباشر.. وما يكون من هذه المسكينة وما يتحتم عليها أمام هؤلاء الصديقات " صديقاتُ السوء " إلا أن تتبع كل شيء منهن ، وتقلد كل واحدة منهن.. وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: ((مَثَل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير.. فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)) [رواه البخاري ومسلم].
سادساً: دنو الهمة: فمن كانت هِمَّتها ضعيفة.. وعزمها على التقرُّّب إلى الله بالطاعات قليل.. لا شكَّ أن الشيطان يجد فيها الإنسان الضعيف الذي تغلبه ُ نفسه ُ وشهواته.. كذلك تقترف الذنوب والمعاصي دون أن تشعر بالخوف من الله ودون أن تتفكَّر في ساعة الرحيل.. والعرض على الجليل ، وكذلك عدم قراءتها في أقل كتب العلم يجعل نفسها ضعيفة تهوى الشهوات وتستثقل الطاعات والقُرُبَات.. لا شكَّ أن صاحبة هذه الهمَّة تُقْبل على هذا الفعل " النمص " وكأنَّ شيئاً لم يحدث.. فصاحبة الهمَّة الضعيفة همَّها متابعة الموضات وكل موضة تافهة قادمة من الغرب.. وهمها تمزيق دينها دون أن تشعر.. وذلك بمطاردة الموضات والفضائيات.. وهمَّها مطاردة الحُطام الفاني.. وآثرتهُ على الآخرة الباقية فهي كما قال الشاعر:
نُرقِّعُ دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يبقى ولا ما نرقِّعُ
فنسأل الله لها أن تعود إلى الحق..
والآن.. عودي إلى الورء قليلاً.. واسألي نفسك: ماذا قدمتي في جنب الله؟! ماذا عملتِ للفوز برضا الله؟! قولي لي بربِّك: كيف ترتاح نفسك وأنتِ عاصية لله؟! أم كيف يطمئن قلبك؟! أم كيف يرضى ضميرك عمَّا أنتِ فاعلته؟! أما استشعرتي عظمة الجبَّار؟! أما تخشي غضب القهَّار؟!
أختاه.. اعلمي أن هُناك غائب ينتظرك.. وليس لهُ وقت محدد.. إنهُ الموت.. نعم.. الموت. قد يأتيك وأنت تأكلين.. أو تشربين.. أو نائمة.. أو تلعبين.. أو أنتِ على محرَّم.. فاتقى الله.. فمهما تهربتي منه.. فإنه قادم لا محالة.. {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: 8].
هو الموت ما عنهُ ملاذٌ ومهربٌ *** متى حطَّ ذا عن نعشهِ ذاك يركبُ
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها *** وإن الردى مما نرجيه أقربُ
أختاه.. إلى متى وأنت ِ في غفلة.. إلى متى وأنتِ تقولين غداً أُصلي.. غداً أتوب.. إلى متى.. وأنتِ ترتكبين الذنوب والمعاصي.. إلى متى وأنتِ تُتعبين جسمك بارتكاب الذنوب والمعاصي.. وتظنين أنها الراحة.. فلا والله إنهُ لتعبٌ أشد من راحته.. يقول الشاعر:
يا خادم الجسم كم تسعى لراحته ِ *** أتعبت جسمك فيما فيه خسرانُ
أقبِل على الروح فاستكمل فضائلها *** فأنت بالروح لا بالجسم إنسان ُ
أي والله.. إن السعادة كل السعادة في القُرب من الله.. والبُعد عن سخطه وأليم عذابه.. أقبلي على الله بالمبادرة بالأعمال الصالحة.. قبل أن يُقال " ماتت فلانة ".
أقْبلي على الله.. ولا تغترِّي بالدُنيا وزهرتها.. وحسنها ومباهجها فتنشغلين بها عن الآخرة.. الباقية.. والنعيم الدائم.. وانظري إلى قدواتك الصالحات أمهات المؤمنين.. زوجات المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.. اللاتي قُمن بقص ظفائرهن بعد وفاتهِ لا للجمال.. أو الزينة.. بلا إعلاناً منهن لترك مباهج الدُنيا وزينتها.. وتفرُّغاً منهن للآخرة.. والالتحاق بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم -.. فعلمن أن الدنيا ساعة فحولنها إلى طاعة.. فالله - تعالى - يقول: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]. أي خذي ما يكفيك من الدُنيا.. فهذه الموازنة الربانية العظيمة لن تجدي من يقولها لكِ..
وتذكري.. عندما تعصين الله.. وتتمردي عليه أنك غداً تُلفين في قماشٍ أبيض.. وعلى الأكتاف تُحملين.. وإلى المسجد تدخلين.. ليُصلى عليك.. وإلى القبر توضعين.. تلك الحفرة المظلمة الموحشة التي لا تتجاوز المترين طولاً والشبرين عرضاً.. هُناك لا تجدين إلا عملك.. إن كان صالحاً فُزتي ورب الكعبة وإن كان غير ذلك.. فلا تلومين إلا نفسك.. فأنتِ الآن في المهلة.. فالبدار البدار بالتوبة.. وتذكري قول الله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {53} وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 53 ، 54] مولاكِ يُناديك وهو الرحيم الغفَّار.. وللتوبة يدعوك ِ.. وإلى البُعد عن المعاصي ينهاك ِ.. فما الذي يحُول بينك وبين التوبة..
وأخيراً.. أختي الغالية. كوني شجاعة.. لا تترددي.. اتخذي القرار واسلكي طريق الصالحات.. وترفعي عن المفرطات.. ولا تغتري بكثرة الهالكات.. فعمل الناس ليس هو الحكم والدليل.. إنما الحكم والدليل هو الكتاب والسُّنة {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} [الأنعام: 116] وقال - تعالى -: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103].
انتصري على نفسك الضعيفة.. ولا تستجيبي لدُعاة الهوى والرذيلة.. فأنت عاقلة مسلمة.. كوني ممن قال الله فيهن: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ} [النساء: 34].
عودي إلى ربك ومولاك.. فهو أرحم بكِ من أمكِ وأباكِ.. عودي إليه.. وانكسري بين يديه.. وأظهري لهُ الذُل والخضوع.. اسكبي الدمعات.. وابكي على التفريط في الطاعات وقولي:
أنا العبد المُقِر بكل ذنبٍ *** وأنتا السيد المولى القدير
فإن عذبتني فبسوء فعلي *** وإن تعفو فأنت بهِ جدير
أفرّ إليك منك وأين إلا *** إليك يفرّ منك المستجير...
هذا.. ووفقني الله وإياكِ لفعل الخيرات وترك المنكرات.. ونسأله أن يردَّنا إليه ردًّا جميلاً.. وأن يأخذ بأيدينا إلى الحق.. وأن يغفر ذنوبنا ، ويستر عيوبنا ، ويطهِّر قلوبنا ، أنه على كل شيء قدير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وسلامٌ على المرسلين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/205)
عمل المرأة في المستشفى بين السلب والإيجاب
هيفاء بنت راشد بن عنزان
كل شخص منا بحاجةٍ للذهاب إلى المستشفى مع اختلاف المقاصد؛ إذ إن هناك من يذهب للعلاج، ومنا من يذهب لمراجعة الطبيب، والبعض لزيارة الأٌقارب أو الأصدقاء ممن ينامون على السرير الأبيض شفاهم الله وعافهم، وهذا شيء طبيعي ومألوف؛ ولكن الغريب هو وجود العنصر النسائي بشكل كبير وملفت للنظر بين ردهات المستشفى، ووجه الغرابة ليس منصباً على وجود (الدكتورة أو الممرضة)؛ حيث إنهن من الركائز الرئيسة للمستشفى بما أن هناك بعض الحالات والمراجعات النسائية التي تستوجب الكشف عليها بواسطة طبيبة النساء؛ ولكن الغريب في الأمر هو وجود موظفات يعملن في (السكرتارية)، ويقمن بالتعامل مع المدراء والموظفين الإداريين داخل المكاتب، وموظفات يعملن في (الاستقبال)، ويتعاملن مع الجمهور العريض من المراجعين بمختلف تفكيرهم وعقلياتهم التي يمكن أن تحمل بعض النفوس الضعيفة. وبعيداً عن التسرع في إطلاق الأحكام، والفكر المتخبط سوف أتطرق لبعض الملاحظات الناتجة عن عمل المرأة في المستشفى، ويمكن تقسيم هذه الملاحظات إلى قسمين رئيسين هما:
القسم الأول: ملاحظات اجتماعية:
أ تبديل الوظيفة الأساسية للمرأة:
إن طلب الرزق وتأمين المعيشة في المقام الأول والأخير من مهام الرجل، فهو المسؤول عن هذا الأمر، والغريب في الأمر مزاحمة المرأة للرجل في هذا المجال، فالرجل يمتلك المواصفات الجسمية والنفسية التي تساعده على العمل وعلى تحمل المشقة والتعب، وهذا لا يتوفر في تكوين المرأة الجسمي والنفسي، كما أن الرجل يستطيع التحرك بكل يسر وسهولة، ولبس اللباس المناسب للعمل والاختلاط مع الناس وما شابه ذلك، وأما المرأة فلن تجد مثل هذه الحرية في الحركة والاختلاط مع الغرباء؛ فكان من الأفضل لها التستر والقرار في بيتها، والاهتمام بأمور منزلها؛ كما قال - تعالى - في كتابه الكريم: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (33) {الأحزاب: 33} وفي هذا توجيه صريح للمرأة بالبقاء في المنزل، وعدم مزاحمة الرجال في مجالات عملهم.
ب احتقار المرأة وإنزال مكانتها.
قد يستغرب البعض مثل هذا العنوان، ولكن هي الحقيقة إذ إن بعض أصحاب العمل في المستشفيات الخاصة يقومون باختيار النساء صاحبات الجمال والقوام الحسن، ووضعهن على مكاتب الاستقبال وهن كاشفات الوجوه ويضعن جميع أنواع المساحيق من أجل إغراء وجذب انتباه المراجعين أصحاب النفوس الضعيفة، كما وصل الأمر أن ُيطلب منهن استخدام الملاطفة في الكلام والابتسامة، والتميع مع مثل أولئك المراجعين المرضى في قلوبهم قبل أجسادهم وذلك من أجل زيادة الدخل المادي للمستشفى، حتى ولو كان على حساب موظفة الاستقبال وما قد تتعرض له من مضايقة وأذى، ويخشى على من كانت هذه وظيفتها انطباق الوصف النبوي عليها: "صنفان من أهل النار لم أراهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"(1) فالحذر الحذر أختي المسلمة.
ج الإهمال في الحياة الزوجية وتربية الأطفال:
بعض النساء تكون متزوجة، وتقع على عاتقها مسؤولية العائلة؛ وبذلك فإن الأمر يكون في هذه الحالة أصعب بكثير، فهي مكلفة بمسؤوليات المنزل مع الأعمال الملقاة على عاتقها من قبل الجهة التي تعمل فيها ولزاماً عليها القيام بهذه الأعمال؛ مما يجعلها غالباً مشوشة التفكير بسبب تضارب هذه الأعمال، وهذا يجعلها قد تبتعد عن الاهتمام بزوجها، وتلبية طلباته، ومراعاة أطفالها بالشكل الصحيح، والعناية بأمور المنزل؛ لأنها قد استهلكت طاقاتها النفسية، والبدنية، في عملها، ولم يعد لديها القدرة على الإنتاجية في بيتها ومع عائلتها، ولا الاستعداد للتوجيه والتعليم، والتأديب، وما شابه ذلك، وتعتمد اعتماداً كلياً على الخادمة في إدارة المنزل، وكان الأهم من العمل الوظيفي اهتمام المرأة بأسرتها، ومنزلها؛ تطبيقاً لقول الرسول - صلى الله عليه و سلم -: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته"(2).
د نظرة المجتمع إلى الفتاة بأن لديها انفتاحية:
قد ينظر المجتمع المحيط بالمرآة العاملة بنظرة فيها شيء من عدم الرضى؛ لأن هذه المرأة تقوم بمخالفة لبعض الأوامر الشرعية مثل: الاختلاط مع الرجال الغرباء، والجرأة في الحديث معهم، وقد تكون فتنة في ملابسها ومظهرها الخارجي حسب ما تقتضيه متطلبات الوظيفة، وبذلك فهي تحوم وتدور حولها الشبهات، مع العلم بأنها قد تكون سليمة القلب، وليس لديها أي ريبة، أو نية شر؛ ولكن حسن النية لا تلغي هذه الأشياء وقد جاء في الحديث "دع ما يريبك إلى مالا يريبك"، (3) وكما هو معروف فإن الكلام له وقعه على النفس البشرية إن كان خيراً أو شراً، والواجب على المسلمة توخي الحذر، كما قال الرسول - صلى الله عليه و سلم -: "إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى للشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه"(4).
القسم الثاني ملاحظات وظيفية:
أ الاختلاط والاحتكاك المباشر بالرجال:
إن هذه الوظائف تؤدي إلى الاختلاط والاحتكاك المباشر بالرجل، بدون وجود أي عائق أو مراقب إلا الله - تعالى -، فهما في مكان عمل، وليس محل ريبة، وقد تكون المعاملة فيما بينهما رسمية وجادة في بداية الأمر، ولكن مع مرور الأيام تذوب وتنصهر هذه الجدية في التعامل من باب أنهما زملاء عمل؟! وتزول الحواجز النفسية مع مرور الوقت فيزول عامل الحياء والرهبة بين الجنسين، ويكثر الحديث فيما بينهما خارج إطار العمل أو ربما تتطور الأمور إلى الملاطفة والمزاح معاً، وتلك هي مفاتيح الشر على الإنسان، التي يفتحها إبليس ويغزو بها قلوب العباد، ولنضع حديث الرسول - صلى الله عليه و سلم - نصب أعيننا وهو الذي لا ينطق عن الهوى حينما قال: "إياكم ومحادثة النساء فإنه لا يخلون رجل بامرأة ليس لها محرم إلا هم بها"(5).
ب إساءة السمعة لبعض الفتيات:
قد تتعرض الفتاة العاملة في مثل هذه المجالات لبعض المضايقات من بعض العاملين في المستشفى، أو من المراجعين؛ وذلك بإطلاق الإشاعات بإظهار المعرفة لتلك الفتاة لدى مجتمع الشباب، ويمكن أن يتطور الوضع لإطلاق العنان للمخيلة والفكر الساقط لدى بعض الشباب، واختلاق الروايات التي لا تمت إلى الواقع بصلة عن مدى قرب العلاقة مع هذه الفتاة أو تلك؛ وذلك يؤدي إلى تضرر سمعة الفتاة وتلوثها بين صديقاتها وأهلها والمجتمع، ويتجرأ السفهاء عليها طمعاً فيها، وبذلك تكون قد فتحت على نفسها باباً من الخطر والنار، يمكن أن تلتهم أخلاقها وشرفها من خلال حديث كاذب من بعض أصحاب النفوس المريضة.
ج ارتكاب بعض المحاذير الشرعية:
إن أداء مهام العمل قد تضطر الفتاة إلى الاستغناء عن غطاء الوجه!! وهذا يجعلها عرضةً للنظر لكل شخص في المستشفى، ويمكن أن يُسهل للذئاب البشرية التحرش بها، أو الإساة إليها بالكلام البذيء وخصوصاً إذا كانت جميلة؛ لأنها ستكون فتنة للآخرين. كما يجب أن لا ننسى قول الله - - سبحانه - و - تعالى - -: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى" أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما 59 {الأحزاب: 59} وما جاء في الحديث الشريف عن الرسول - صلى الله عليه و سلم - قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله"، (6) وهناك نقطة أخرى خطيرة؟؟ وهي الاستغناء عن لبس العباءة، والاكتفاء بالمعطف الأبيض الخاص بالمستشفى الذي غالباً ما يكون ضيقاً بعض الشيء؛ مما يظهر ويبرز أجزاء الجسم ومفاتنها فيؤدي ذلك إلى الوقوع في الإثم والفتنة.
في الختام أتمنى من أختي الفاضلة التريث والتفكير طويلاً قبل الإقدام على المخاطرة بالموافقة والتقدم للعمل كموظفة(استقبال أو سكرتيرة) في المستشفى تفادياً لمثل الأمور السابق ذكرها، وعليها إذا اختارت العمل المحافظة على دينها وحجابها وعدم اختلاطها بالرجال الأجانب أو الخلوة بهم، أوالتنازل عن دينها وأخلاقها مهما كلف الأمر، فالدنيا كلها ستزول ولن يبقي للإنسان إلا ما قدم، ومن ترك شيئاً لله - تعالى - عوضه الله خيراً منه.
________________________
المراجع والهوامش:
(1) أخرجه مسلم (2128) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه البخاري (853) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3) أخرجه الترمذي (2520) وأحمد (1723) وابن حبان (512) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم (213) ووافقه الذهبي.
(4) أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير.
(5) ذكره ابن حجر في الإصابة (382) وعزاه للحكيم الترمذي، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2213) وأخرج أحمد (118) والترمذي (2166) والحاكم (1112) من حديث عمر - رضي الله عنه - وفيه: "لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما" وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(6) تفسير ابن كثير الجزء الأول ص 519.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/206)
كوني مثلهن
إبراهيم الحدادي
أختي المسلمة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....... أما بعد
قالت عائشة - رضي الله عنها -: قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله [ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن َّ ] سورة النور: 31
شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري في صحيحه.
والاعتجار: هو الاختمار، فمعنى: فاعتجرن بها، واختمرن بها: أي غطين وجوههن.
وعنها - رضي الله عنها - قالت: " إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور: 31]،
فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل (أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن)،
فاعتجرت به (أي سترت به رأسها ووجهها) تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه و سلم - معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " رواه ابن أبي حاتم
فيا فتاة الإسلام:
كوني مثل أؤلئك المؤمنات الصادقات، فإنهم امتثلن أمر ربهن، وسارعن إلى لباس العفاف والطهر، لباس الحشمة، بمجرد سماعهن للدليل الواضح في دلالته الذي لا يحتمل أي تأويل.......
كوني مثل أمهاتك وأخواتك المؤمنات فإنهن على الحق، فانهجي نهجهن والزمي طريقهن، فإنهن والله سلكن خير طريق ونهجن خير نهج......
فعليك أيتها المؤمنة:
" الاستجابة إلى الالتزام بما افترضه الله من الحجاب والستر والعفة والحياء طاعةً لله - تعالى -، وطاعة لرسوله - صلى الله عليه و سلم -، قال الله عز شأنه: ]وَما كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضَى الله ورسولُهُ أمراً أن يُّكون لهم الخيرَةُ من أمرهمْ ومن يَّعصِ الله ورسوله فقدْ ضلَّ ضلالاً مبيناً[ [الأحزاب: 36].
كيف ومن وراء افتراضه حكم وأسرار عظيمة، وفضائل محمودة، وغايات ومصالح كبيرة، منها:
1 – حفظ العِرض:
الحجاب حِرَاسةٌ شرعية لحفظ الأعراض، ودفع أسباب الرِّيبة والفتنة والفساد
2 – طهارة القلوب:
الحجاب داعية إلى طهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات، وعمارتها بالتقوى،
وتعظيم الحرومات، وصَدَق الله - سبحانه -: [ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن].
3 – مكارم الأخلاق:
الحجاب داعية إلى توفير مكارم الأخلاق من العفة والاحتشام والحياء والغيرة، والحجب لمساويها من التَلوُّث بالشَّائِنات كالتبذل والتهتك والسُّفالة والفساد.
4 – علامة على العفيفات:
الحجاب علامة شرعية على الحرائر العفيفات في عفتهن وشرفهن، وبعدهن عن دنس الريبة والشك: ]ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين[، وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دارٍ إلا أكسبتها الهناء.
5 – قطع الأطماع والخواطر الشيطانية:
الحجاب وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض قلوب الرجال والنساء، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها ومحارمها، ووقاية من رمي المحصنات بالفواحش، وَإِدباب قالة السوء، ودَنَس الريبة والشك، وغيرها من الخطرات الشيطانية.
6 – حفظ الحياء:
وهو مأخوذ من الحياة، فلا حياة بدونه، وهو خلُق يودعه الله في النفوس التي أراد - سبحانه - تكريمها، فيبعث على الفضائل، ويدفع في وجوه الرذائل، وهو من خصائص الإنسان، وخصال الفطرة، وخلق الإسلام، والحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو من محمود خصال العرب التي أقرها الإسلام ودعا إليها، قال عنترة العبسي:
وأَغضُّ طَرفي إن بَدَت لي جارتي * حتى يُواري جارتي مأواها
فآل مفعول الحياء إلى التحلي بالفضائل، وإلى سياج رادع، يصد النفس ويزجرها عن تطورها في الرذائل.
وما الحجاب إلا وسيلة فعالة لحفظ الحياء، وخلع الحجاب خلع للحياء.
7 – الحجاب يمنع نفوذ التبرج والسفور والاختلاط إلى مجتمعات أهل الإسلام.
8 – الحجاب حصانة ضد الزنا والإباحية، فلا تكون المرأة إناءً لكل والغ.
9 – المرأة عورة، والحجاب ساتر لها، وهذا من التقوى، قال الله - تعالى -: [يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير] [الأعراف: 26]،
قال عبد الرحمن بن أسلم - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية: ((يتقي الله فيواري عورته، فذاك لباس التقوى)).
وفي الدعاء المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه و سلم -: (اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي) رواه أبو داود وغيره.
10 والحجاب أمان من اللعن والإبعاد من رحمة الله:
لأنه امتثال لأمر الله ومن امتثل أمر الله نجى من اللعنة. قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: " سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات ".
فيا أختي الفاضلة إلى متى وأنت:
بربك أي نهر تعبرين يزيد تقلصاً حيناً فحينا لأنكِ ربما لا تشعرينا لحد الركبتين تشمرينا كأن الثوب ظلٌ في صباح تظنين الرجال بلا شعور
أيتها المسلمة:
احرصي على الحجاب الشرعي بشروطه وضوابطه التالية:
• أن يستر جمع البدن.
• أن لا يكون زينة في نفسه.
• أن يكون سميكا غير شفاف.
• أن يكون واسعا غير ضيق.
• أن لا يكون فيه مشابهة للباس الرجال أو الكفار.
• أن لا يكون معطرا.
• أن لا يكون لباس شهرة.
أختي المسلمة:
إن الإنسان ليس معصوما من الخطأ وهذا ليس عيبا فكل يخطئ. لكن العيب كل العيب في التمادي في اقتراف المحرمات والإصرار عليها، وقد حذر الله من ذلك فقال - تعالى -:
(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). الحجرات 11
وحثنا - تعالى - على التوبة والرجوع إليه فقال:
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: 31
أختي الكريمة:
وها هو ربك يناديك ويقول لك: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر: 53)
والله يفرح بتوبة التائب وندم النادم قال - عليه الصلاة و السلام -:
(لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم استيقظ على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه
فيا أختي لا تقنطي من رحمة الله ولا تيئسي من روحه وسارعي إلى التوبة والمغفرة فإن الله أعد للمسارعين جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمستغفرين:
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران: 135)
فبادري بالتوبة النصوح قبل فوات الأوان وأكثري من الاستغفار فإن نبيك - صلى الله عليه و سلم - يقول:
(يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) رواه مسلم.
فالبدار البدار قبل فوات الأوان...
فالعمر قصير......
والزاد قليل....
والطريق طويلة.....
والمآل إما إلى جنة أو نار.......
وفقك الله للخير وجعلك صالحة أما وبنتا وزوجة وأختا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/207)
التمركز حول الأنثى !
بين الإنسان الطبيعي.. والإنسان الإنسان
إن إخفاقنا في تعريف البعد الكلي والنهائي هو السبب الكامن وراء ما نلاحظ من خلط المفاهيم؛ إذ يتم تصنيفها والربط أو الفصل بينها على أسس سطحية من التشابه والاختلاف. دعونا في البداية نسأل ما إذا كان الإنسان كائنًا ماديًّا بسيطًا أم كائنًا مركبًا يتجاوز المادة؟ ومن أين يستمد هذا الإنسان معياريته: من قوانين الحركة أم من شيء أكثر تجاوزاً لها؟ وهل هناك هدف أو غاية لحياة الإنسان أم أن حياته نهب الصدفة والحركية العمياء؟ وأخيرًا هل الإنسان هو مركز الكون القادر على تجاوز عالم المادة، أم أنه كائن يذعن لظروفه المادية وللحتميات الطبيعية؟
كاتب هذه الدراسة ينطلق من مفهوم معرفي أساسي، وهو أن ثمة مواطن اختلافات جوهرية بين الإنسان والطبيعة، فالإنسان يحوي داخله من التركيب ما يمكنه من تجاوز عالم الطبيعة، ومقدرته على التجاوز هذه هي سبب ونتيجة في الوقت نفسه لمركزيته في الكون، ومنظومة التحديث والعلمنة الغربية تدور في إطار ما نسميه الحلولية الكمونية أو المرجعية الكمونية الذاتية، وما يميز هذه المنظومة، على مستوى البنية العامة، أن المبدأ الواحد المنظم للكون ليس مفارقًا له أو منزهًا عنه، متجاوزًا له، وإنما كان من الحال فيه؛ ولذا فالكون الإنسان والطبيعة يصبح مرجعية ذاته، ومكتفيًا بذاته.
ولقد ظهر مصطلح فيمينزم (Femminsm) وتمت ترجمته إلى النسوية أو النسوانية أو الأنثوية، وهي ترجمة حرفية لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تفصح عن أي مفهوم كامن وراء المصطلح، وقد يكون من المفيد أن نحاول أن نحدد البعد الكلي والنهائي لهذا المصطلح حتى ندرك معناه المركب والحقيقي، ولإنجاز هذا لا بد أن نضع المصطلح في سياق أوسع، ألا وهو ما نسميه نظرية الحقوق الجديدة، فكثير من الحركات التحررية في الغرب في عصر ما بعد الحداثة – عصر سيادة الأشياء وإنكار المركز والمقدرة على التجاوز وسقوط كل الثوابت والكليات في قبضة الصيرورة – تختلف عن الحركات التحررية القديمة التي تصدر عن الرؤية Humanist المتمركزة حول الإنسان في مراحل العلمنة الأولى التي انتقلت فيها القداسة واللمحة الغيبية من الله للإنسان، وكانت لا تزال تحمل آثار الولاء المسيحي الديني.
أما الحركات الجديدة فتؤكد فكرة الصراع بشكل متطرف، فكل شيء ما هو إلا تعبير عن موازين القوى وثمرة الصراع المستمر، والإنسان هو مجرد كائن طبيعي يمكن رده إلى الطبيعة المادية، ويمكن تسويته بالكائنات الطبيعية، وبالفعل يتم تسوية الإنسان بالحيوان والنباتات والأشياء إلى أن يتم تسوية كل شيء بكل شيء آخر، فتتعدد المراكز ويتهاوى اليقين ويسقط كل شيء في قبضة الصيرورة؛ ومن ثم تظهر حالة من عدم التحديد والسيولة والتعددية المفرطة، وفي هذا الإطار يمكن أن يخضع كل شيء للتجريب المستمر خارج أي حدود أو مفاهيم مسبقة (حتى لو كانت إنسانيتنا المشتركة التي تحققت تاريخيًّا) ويبدأ البحث عن أشكال جديدة للعلاقات بين البشر لا تهتدي بتجارب الإنسان التاريخية، وكأن عقل الإنسان بالفعل صفحة مادية بيضاء، وكأنه لا يحمل عبء وعيه الإنساني التاريخي، وكأنه آدم قبل لحظة الخلق، قبل أن ينفخ الله فيه من روحه، فهو قطعة من الطين التي يمكن أن تصاغ بأي شكل لا فارق بينها وبين أي عنصر طبيعي مادي آخر.
والحديث المتواتر والمتوتر عن "حقوق الإنسان" مثال على ذلك، فالإنسان الذي يتحدثون عن حقوقه هو وحدة مستقلة بسيطة كمية، أحادية البُعد، غير اجتماعية وغير حضارية، لا علاقة لها بأسرة أو مجتمع أو دولة أو مرجعية تاريخية أو أخلاقية، هو مجموعة من الحاجات (المادية) البسيطة المجردة.
فالفرد إن هو إلا إنسان طبيعي، شيء طبيعي(مادي بين الأشياء الطبيعية / المادية)، وإفراز مباشر لمفهوم العقد الاجتماعي البورجوازي، الذي يرى أسبقية الفرد الطبيعي على المجتمع غير الطبيعي، وهو العقد الذي تحول في منتصف القرن التاسع عشر إلى العقد غير الاجتماعي الدارويني، الذي يفترض حرب الجميع ضد الجميع (كما تنبأ فيلسوف البورجوازية الأكبر، توماس هوبز في عصر "النهضة").
هذه الأفكار تشكل الإطار الحقيقي لحركة الفيمينزم التي ظهرت مؤخرًا في الغرب.
من تحرير المرأة للنسوية:
لقد ظن البعض أن مصطلح "فيمينزم" هذا مجرد تنويع على مصطلح "ويمنز ليبيرشن موفمنت "Women's Liberation Movement" الذي يُترجم عادةً إلى "حركة تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها"؛ ولذا حل المصطلح الجديد تدريجيًّا محل المصطلح القديم، وكأنهما مترادفان أو متقاربان في المعنى. وكأن المصطلح الجديد لا يختلف عن القديم إلا في أنه أكثر شمولاً أو أكثر راديكالية. ولكننا لو دققنا النظر لوجدنا أن المصطلح الجديد مختلف تمام الاختلاف عن مدلولات حركة تحرير المرأة.
كان الإنسان من منظور حركة تحرير المرأة كيانًا حضاريًّا مستقلا عن عالم الطبيعة/ المادة، لا يمكنه أن يوجد إلا داخل المجتمع؛ ولذا لا يمكن تسويته بالظواهر الطبيعية/ المادية. ولذا فهي حركة تهدف إلى تحقيق قدر من العدالة الحقيقية داخل المجتمع (لا تحقيق مساواة مستحيلة خارجه) بحيث تنال المرأة ما يطمح إليه أي إنسان (رجلاً كان أم امرأة) من تحقيق لذاته إلى الحصول على مكافآت عادلة (مادية أو معنوية) لما يقدم من عمل. وعادة ما تطالب حركات تحرير المرأة بأن تحصل على حقوقها كاملة: سياسية كانت (حق المرأة في الانتخابات والمشاركة في السلطة)، أم اجتماعية (حق المرأة في الطلاق وفي حضانة الأطفال)، أم اقتصادية (مساواة المرأة في الأجور مع الرجل). وبرغم أن دعاة حركة تحرير المرأة قد يستخدمون أحيانًا خطابًا تعاقديًّا، وقد ينظرون أحيانًا للمرأة باعتبارها فردًا مستقلاً بذاته عن المجتمع لا باعتبارها أمًّا وعضوًا في أسرة، أو قد ينظرون إليها باعتبارها إنسانًا اقتصاديًّا أو جسمانيًّا (أي إنسانًا طبيعيًّا ماديًّا) لا إنسانًا إنسانًا، إلا أن الإطار المرجعي النهائي هو الرؤية الإنسانية التي تضع حدودًا بين الإنسان والطبيعة، وتفترض وجود مركزية إنسانية ومعيارية إنسانية ومرجعية إنسانية وطبيعة إنسانية مشتركة؛ ولذا تأخذ حركة تحرير المرأة بكثير من المفاهيم الإنسانية المستقرة الخاصة بأدوار المرأة في المجتمع، وأهمها، بطبيعة الحال، دورها كأم؛ ولذا يتحرك برنامج حركة تحرير المرأة داخل إطار من المفاهيم الإنسانية المشتركة، التي صاحبت الإنسان عبر تاريخه الإنساني، مثل مفهوم الأسرة باعتبارها أهم المؤسسات الإنسانية التي يحتمي بها الإنسان ويحقق من خلالها جوهره الإنساني ويكتسب داخل إطارها هويته الحضارية والأخلاقية، ومثل مفهوم المرأة باعتبارها العمود الفقري لهذه المؤسسة، ولا تطرح أفكارًا مستحيلة ولا تنزلق في التجريب اللانهائي المستمر الذي لا يستند إلى نقطة بدء إنسانية مشتركة ولا تحده أية حدود أو قيود إنسانية أو تاريخية أو أخلاقية. هذا هو الإطار الحضاري والمعرفي لحركة تحرير المرأة وهذه هي بعض ثوابتها، وقد كان هذا هو أيضًا الإطار الأساسي لحركات التحرر في الغرب حتى منتصف الستينيات.
ولكن الحضارة الغربية دخلت عليها تطورات غيرت من توجهها وبنيتها، إذ تصاعدت معدلات الترشيد والعلمنة المادية للمجتمع، أي إعادة صياغته وصياغة الإنسان ذاته في ضوء معايير المنفعة المادية والجدوى الاقتصادية. الأمر الذي أدى إلى تزايد هيمنة القيم البرانية المادية مثل: الكفاءة في العمل وفي الحياة العامة مع إهمال الحياة الخاصة والاهتمام بدور المرأة العاملة (البرانية) مع إهمال دور المرأة الأم (الجوانية) والاهتمام بالإنتاجية على حساب القيم الأخلاقية والاجتماعية الأساسية (مثل تماسك الأسرة وضرورة توفير الطمأنينة للأطفال) واقتحام الدولة ووسائل الإعلام وقطاع اللذة لمجال الحياة الخاصة وإسقاط أهمية الإحساس بالأمن النفسي الداخلي وإسقاط أهمية فكرة المعنى باعتبارها فكرة ليست كمية أو مادية.
وقد بلغ الترشيد (في الإطار المادي) درجة عالية من الشمول وتغلغل في كل جوانب الحياة العامة والخاصة حتى أصبح العمل الإنساني labour هو العمل الذي يقوم به المرء نظير أجر نقدي محسوب (كم محدد) خاضع لقوانين العرض والطلب، على أن يؤديه في رقعة الحياة العامة أو يصب فيه في نهاية الأمر، وهذا التعريف يستبعد بطبيعة الحال الأمومة وتنشئة الأطفال وغيرها من الأعمال المنزلية، فمثل هذه الأعمال لا يمكن حسابها بدقة، ولا يمكن أن تنال عليها الأنثى أجرًا نقديًّا رغم أنها تستوعب جل حياتها واهتمامها إن أرادت أن تؤديها بأمانة، ولا يمكن لأحد مراقبتها أثناء أدائها؛ فهي تؤديها في رقعة الحياة الخاصة، وكان من تطرف المادية محاولة تقويم هذا العمل والمطالبة له بأجر مادي بدلاً من سحب قيم العطاء والأمومة والرعاية على العام وجعله أكثر إنسانية.
وهكذا تغلغلت المرجعية المادية (بتركيزها على الكمي والبراني) وتراجعت المرجعية الإنسانية (بتركيزها على الكيفي والجواني) وتراجع البُعد الإنساني الاجتماعي الذي يفترض مركزية إنسانية وطبيعة إنسانية متفردة تتمتع بقدر عالٍ من الثبات يميزها عن قوانين الطبيعة المادية المتغيرة، وتم إدراك الإنسان خارج أي سياق اجتماعي إنساني بحيث أصبح الإنسان كائنًا طبيعيًّا ماديًّا كميًّا لا يشغل أية مركزية في الكون، وليس له مكانة خاصة فيه، يسري عليه ما يسري على الأشياء الطبيعية المادية الأخرى، أي أنه تم تفكيك الإنسان تمامًا وتحويله من الإنسان المنفصل عن الطبيعة إلى الإنسان الطبيعي المادي، الذي يتحد بها ويذوب فيها ويستمد معياريته منها، فيفقد الدال "إنسان" مدلوله الحقيقي، ويحل الكم محل الكيف والثمن محل القيمة.
ونحن نذهب إلى أن حركة الفيمينزم (التي نترجمها "بحركة التمركز حول الأنثى") هي تعبير عن هذا التحول ذاته.
التمركز حول الأنثى
تؤكد حركة التمركز حول الأنثى في إحدى جوانبها الفوارق العميقة بين الرجل والمرأة، وتصدر عن رؤية واحدية إمبريالية وثنائية الأنا والآخر الصلبة، كأنه لا توجد مرجعية مشتركة بينهما، وكأنه لا توجد إنسانية جوهرية مشتركة تجمع بينهما؛ ولذا فدور المرأة كأم ليس أمرًا مهمًّا، ومؤسسة الأسرة عبئًا لا يُطاق. فالمرأة متمركزة حول ذاتها تشير إلى ذاتها، مكتفية بذاتها، تود "اكتشاف" ذاتها و "تحقيقها" خارج أي إطار اجتماعي، في حالة صراع كوني أزلي مع الرجل المتمركز حول ذاته، وكأنها الشعب المختار في مواجهة الأغيار، أي أنه بدأت عملية تفكيك تدريجية لمقولة المرأة كما تم تعريفها عبر التاريخ الإنساني وفي إطار المرجعية الإنسانية، لتحل محلها مقولة جديدة تمامًا تسمى "المرأة" أيضًا، ولكنها مختلفة في جوهرها عن سابقتها؛ ومن ثم تتحول حركة التمركز حول الأنثى من حركة تدور حول فكرة الحقوق الاجتماعية والإنسانية للمرأة إلى حركة تدور حول فكرة الهوية، ومن رؤية خاصة بحقوق المرأة في المجتمع الإنساني إلى رؤية معرفية أنثروبولوجية اجتماعية شاملة تختص بقضايا مثل دور المرأة في التاريخ والدلالة الأنثوية للرموز التي يستخدمها الإنسان.
وإذا كانت حركة تحرير المرأة قد دارت حول قضية تحقيق العدالة للمرأة داخل المجتمع، فإن حركة التمركز حول الأنثى تقف على النقيض من ذلك. فهي تصدر عن مفهوم صراعي للعالم؛ حيث تتمركز الأنثى على ذاتها، ويتمركز الذكر هو الآخر على ذاته، ويصبح تاريخ الحضارة البشرية هو تاريخ الصراع بين الرجل والمرأة وهيمنة الذكر على الأنثى ومحاولتها التحرر من هذه الهيمنة.
ينادي دعاة التمركز حول الأنثى بالتجريب الدائم والمستمر، ويطرحون برنامجًا ثوريًّا يدعو إلى إعادة صياغة كل شيء: التاريخ واللغة والرموز، بل الطبيعة البشرية ذاتها كما تحققت عبر التاريخ، وكما تبدت في مؤسسات تاريخية، وكما تجلت في أعمال فنية، فهذا التحقق والتجلي إن هو إلا انحراف عن مسار التاريخ الحقيقي.
بل أعيد تسمية التاريخ، فهو بالإنجليزية History التي وجد بعض الأذكياء أنها تعني "قصته his story فتقرر تغيير اسم التاريخ ليصبح Her story قصتها! فلا حب ولا تراحم ولا إنسانية مشتركة، بل صراع شرس لا يختلف إلا من ناحية التفاصيل عن الصراع بين الطبقات عند ماركس، أو الصراع بين الأنواع والأجناس عند داروين، أو الصراع بين الجنس الأبيض والأجناس "المتخلفة" الأخرى حسب التصور العنصري الإمبريالي الغربي.
وتصل هذه الرؤية قمتها (أو هويتها) حينما تقرر الأنثى أن تدير ظهرها للآخر/ الذكر تمامًا، فهي مرجعية ذاتها وموضع الحلول ولا تشير إلا إلى ذاتها، فهي سوبرومان superwoman؛ ولذا تعلن استقلالها الكامل عنه، وحينئذ يصبح السحاق التعبير النهائي عن الواحدية الصلبة ونصل إلى حالة من الواحدية الأنثوية الصلبة والتمركز اللاإنساني حول الذات الأنثوية، وإلى نهاية التاريخ المتمركزة حول الأنثى، وتسود الواحدية السائلة التي لا تعرف الفرق بين الرجل والمرأة أو بين الإنسان والأشياء. ويتم الإشارة إلى الإله في مرحلة الواحدية السائلة هذه لا باعتباره "هو أو هي" إذ يصل الحياد قمته والسيولة منتهاها، فيشار إليه، كما ورد في إحدى ترجمات الإنجيل الأخيرة، باعتباره ذكرًا أو أنثى أو شيئًا. فالإله هو he/she/it!
ومن الصعب على المرء أن يقرر عما إذا كانت هذه هي نهاية السيولة، أم أن هناك المزيد؟ فالتجريب المنفتح في اللغة والتاريخ والعلاقات بين البشر مسألة لا سقف ولا حدود ولا نهاية لها.
وليس الهدف من كل هذا هو" توسيع آفاقنا وتحطيم القوالب الذهنية التقليدية أو الدينية الجامدة التي يتعامل كل جنس مع الآخر من خلالها وسجنه فيها" كما يقال وإنما هو ضرب فكرة المعيارية والإنسانية المشتركة في الصميم حتى يتم تسوية الجميع.. وليس مساواتهم!.
الأسرة قبل الفرد
وإذا كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع، فإن الأم هي اللبنة الأساسية في الأسرة (بما لا ينفي دور الرجل الأسري بالطبع) ومن هنا كان تركيز النظام العالمي الجديد على قضايا الأنثى. فالخطاب المتمركز حول الأنثى هو خطاب تفكيكي يعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى، وضرورة وضع نهاية للتاريخ الذكوري الأبوي، وبداية التجريب بلا ذاكرة تاريخية، وهو خطاب يهدف إلى توليد القلق والضيق والملل وعدم الطمأنينة في نفس المرأة عن طريق إعادة تعريفها، بحيث لا يمكن أن تتحقق هويتها إلا خارج إطار الأسرة. وإذا انسحبت المرأة من الأسرة تآكلت الأسرة وتهاوت، وتهاوى معها أهم الحصون ضد التغلغل الاستعماري والهيمنة الغربية، وأهم المؤسسات التي يحتفظ الإنسان من خلالها بذاكرته التاريخية وهويته القومية ومنظومته القيمية. وبذلك يكون قد نجح النظام العالمي الجديد من خلال التفكيك في تحقيق الأهداف التي أخفق في تحقيقها النظام الاستعماري القديم من خلال المواجهة المباشرة. وتتحول المجتمعات إلى أفراد مستهلكين.
ومن الأجدر بنا أن ندرس قضية المرأة داخل إطارها التاريخي والإنساني، فندرك أن مشكلة المرأة مشكلة إنسانية لها سماتها الخاصة، كما يجب أن ننفض عن أنفسنا غبار التبعية الإدراكية ونبحث عن حلول لمشاكلنا نولدها من نماذجنا المعرفية ومنظوماتنا القيمية والأخلاقية ومن إيماننا بإنسانيتنا المشتركة. وهي منظومات تؤكد أن المجتمع الإنساني يسبق الفرد (تمامًا كما يسبق الإنسان الطبيعة/ المادة). مما يضطرنا إلى أن نتحدث عن "حقوق الأسرة" كنقطة بدء ثم يتفرع عنها وبعدها "حقوق الأفراد" الذين يكوِّنون هذه الأسرة، أي أننا سنبدأ بالكل (الإنساني الاجتماعي) ثم نتبعه بالأجزاء (الفردية).
لو اتبعنا هذا النموذج، واتخذنا الأسرة نقطة بدء ووحدة تحليلية، فإن الحديث عن "تحقيق الذات بشكل مطلق" يصبح أمرًا ممجوجًا ومرفوضًا –سواء للرجل أم المرأة ولا بد أن يحل محله الحديث عن "تحقيق الذات داخل إطار الأسرة" وبدلاً من الحديث عن "تحرير المرأة" كي تحقق ذاتها" ولذتها ومتعتها، قد يكون من المفيد أن ندرس ما حولنا لنكتشف أن أزمة المرأة هي في واقع الأمر جزء من أزمة الإنسان في العصر الحديث التي تنبع من هذه الحركية الهائلة المرتبطة بتزايد معدلات الاستهلاك، التي تسم إيقاع حياتنا الحديثة، ومن وجود هذه الاختيارات الاستهلاكية التي لا حصر لها ولا عدد، والتي تحاصرنا وتحد من حركتنا.
إن الدراسة المتأنية ستبين لنا أن المشكلة تنبع من أن الرجل قد تم "تحديثه" بشكل متطرف، وتم استيعابه في هذه الحركية الاستهلاكية العمياء بحيث أصبحت البدائل المطروحة أمامه تفوق بكثير البدائل المطروحة أمام المرأة. ولكن بما أن هذه الحركية الاستهلاكية المتطرفة هي أحد أسباب أزمة الإنسان الحديث، قد يكون من الأكثر رشدًا وعقلانية ألا نطالب ب "تحرير المرأة" وألا نحاول أن نقذف بها هي الأخرى في عالم السوق والحركية الاستهلاكية، وأن نطالب بدلاً من ذلك بتقييد الرجل أو وضع قليل من الحدود عليه وعلى حركته، بحيث نبطئ من حركته فينسلخ قليلاً عن عالم السوق والاستهلاك وبذلك يتناسب إيقاعه مع إيقاع المرأة والأسرة وحدود إنسانيتنا المشتركة، وانطلاقًا من هذه الرؤية لا بد أن يُعاد تعليم الرجل بحيث يكتسب بعض خبرات الأبوة والعيش داخل الأسرة والجماعة، وهي خبرات فقدها الإنسان الحديث مع تآكل الأسرة ومع تحركه المتطرف في رقعة الحياة العامة.
بهذه الطريقة سيكون بوسع الرجل أن يشارك في تنشئة الأطفال، وأن يعرف عن قرب الجهد الذي تبذله المرأة/ الأم. ومن ثم يمكن لإنسانيتنا المشتركة أن تؤكد نفسها مرة أخرى، ونعيد صياغة رؤية الناس بحيث يُعاد تعريف العمل فيصبح "العمل الإنساني"، أي العمل المنتج إنسانيًّا (وبذلك نؤكد أسبقية الإنساني على المادي والطبيعي).. وهنا تصبح الأمومة أهم "الأعمال المنتجة" (وماذا يمكن أن يكون أكثر أهمية من تحويل الطفل الطبيعي إلى إنسان اجتماعي؟) ومن ثم يقل إحساس المرأة العاملة في المنزل بالغربة وعدم الجدوى، ويزداد احترام الرجل لها، ويكف الجميع عن القول بأن المرأة العاملة في المنزل لا تعمل، وكأن عمل سكرتيرة في إحدى شركات التصدير والاستيراد أو إحدى شركات السياحة أكثر أهمية وجدوى من تنشئة الأطفال!
ولكن ما يهمنا هنا أنه شكل من أشكال علاقات الإنتاج التي لا تقوض الأسرة وتفككها، ويمكن للمرأة أن تشارك فيه دون أن تفقد هويتها كأم وزوجة. ويمكن أيضًا تطوير نظم تعليمية جديدة، بحيث يمكن للمرأة أن تتعلم وتستمر في تعليمها دون أن نولد داخلها التوترات بين الرغبة المحمودة في التعليم والنزعة الكونية نحو الأمومة بمساعدة التكنولوجيا وتحويلها إلى تكنولوجيا مساندة للأسرة.
ويمكن الإشارة هنا إلى جذور ما يُسمى ظاهرة "تأنيث الفقر" (feminization of poverty) التي أصبحت ظاهرة اجتماعية معروفة في الولايات المتحدة؛ إذ يبدو أنه في إطار حرية المرأة وحرية الرجل، يتعايش رجل مع امرأة تنجب منه طفلاً أو طفلين عادة دون أن يرتبطا بعقد زواج. وبعد فترة قصيرة أو طويلة يتملك الرجل الملل؛ وتنشب المعارك بين الطرفين؛ فيقرر الرجل أن يحقق ذاته خارج إطار الأسرة فيحمل متاعه ويذهب، تاركًا الأم المهجورة وحدها، ترعى الطفلين فتزيد أعباؤها النفسية والاجتماعية والاقتصادية (مهما دفع الرجل من نفقة) وازداد الرجال متعة وحركية استهلاكية أي أنه تم تأنيث الفقر، ويمكن أن نضيف أنه تم كذلك تأنيث الجهد النفسي والإرهاق البدني، ولعل هذا من أهم الأسباب السوسيولوجية لزيادة معدلات السحاق في المجتمعات الغربية، فهو يحل في نظرها مشكلة ضرورة تفريغ الطاقة الجنسية للأنثى دون أن يدخلها في دوامة العلاقة مع الرجل التي توردها موارد التهلكة والفقر والألم والهجران.
وأرجو ألا يُفهم من حديثي أنني أنكر وجود قضية المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأنه لا يوجد درجات متفاوتة من التمييز ضدها، بل القمع لها. فأنا أعرف أن ثمة مشكلة، حادة وعميقة، تتطلب حلاً عاجلاً وجذريًّا، كما أرجو ألا يتصور أحد أنني أطالب بمنع المرأة من العمل في رقعة الحياة العامة أو نظير أجر نقدي، أو أنني أطالب بالحجر عليها عقليًّا وعاطفيًّا، كل ما أطالب به أن يتم تناولنا لقضية المرأة من خلال قضية الأسرة وفي إطار إنسانيتنا المشتركة، وأن تكون الأسرة (لا الفرد الباحث عن متعته الفردية ومصلحته الشخصية وحركته الاستهلاكية) هي الوحدة التحليلية ونقطة الانطلاق؛ ومن ثم فأنا أطالب برد الاعتبار للأمومة ولوظيفة المرأة كأم وزوجة، وأرى أن هذه الوظيفة "الإنسانية" و"الخاصة" تسبق أي وظائف "إنتاجية" و"عامة" أخرى، وإن كانت لا تجبها. كما أطالب بالحفاظ على الخلاف بين الجنسين على ألا يتحول هذا إلى أساس للظلم والتفاوت.
والله أعلم.
http://www.elmessiri.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/208)
ابنتي الكريمة .... في غرفة المحادثة لصوص وذئاب
د. حمدان بن محمد الحمدان
لعل رسالتي هذه إليك تصل بواسطة الوالد العزيز، أو الأخ الفاضل، أو الوالدة العزيزة، أو تقرئينها مباشرة من هذه المجلة. وهي أن تكوني مقتدية ببنات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبنات الصحابة - رضي الله عنهم - وبالبنات المؤمنات من ذلك الزمان إلى يومنا هذا تقتدين بهن في الإيمان والأعمال الصالحة، وعلى وجه الخصوص المحافظة على العرض والعفاف والشرف والحياء، فلا تسمحي لكائن من كان بأن يتسلق عليك أسواره، أو يخترق عليك جدرانه، بواسطة إلكترونية أو هاتفية أو يدوية أو مقابلة ومواجهة أو سواها.
إنك إن سمحت لأحد من الغرباء (وكل من ليس بمحرم فهو من الغرباء) إنك إن سمحت لأحد من أولئك الغرباء بالدخول إلى حياتك فكأنما تفتحين باب البيت لذئب مفترس هارب من حظيرته، أو حديقة الحيوان.
تخيلي يا بنيتي ذلك الذئب عند باب بيتكم لا قدر الله فهل ستفتحين الباب له، لكي يدخل بيت الأسرة ويصبح أفراد الأسرة تحت رحمته، يفتك بهذا، وينهش ذاك، ويهاجم هذا ويقتل ذاك.. هل يعجبكِ ذلك المنظر الرهيب الشديد.
إن الشاب الذي يتسلل إليك عبر غرفة المحادثة في الشبكة المعلوماتية أو عبر الجوال أو الهاتف أو الرسالة أو المقابلة أو سواها إنه ذئب بشري لا همّ له إلا أن يفترس الأخلاق والشرف والعرض، و لا يهمه أن تصيري مخلوقاً مدمراً ضائعاً هالكاً، ولا يهمه أن تهدر سمعة الأسرة وقيمتها الاجتماعية وسعادتها واستقرارها، ولا يهم ذلك الشاب الثعلب الغادر الماكر إلا تحقيق رغبته الجسدية الحرام، مهما تفوه بالكلمات الرقيقة والعبارات العاطفية، ومهما أقسم بأغلظ الإيمان أنه يريد التعارف والزواج.. فأولئك لصوص لا يظهرون في النور وإنما هم خفافيش لا يعيشون إلا في الظلام، وكثيراً ما صرح المثيرون من التائبين منهم أنهم لا يمكن بحال من الأحوال أن يقترن الواحد بفتاة غبية جاهلة ذات تربية سيئة، تلك التي تسمح للغرباء أن يدخلوا حياتها ولو بالهاتف فقط.
واعلمي أنك - يا بُنيتي إذا منحت فرصة لذلك الذئب البشري أن يحادثك ويكلمك إلكترونياً أو هاتفياً أو شخصياً فاعلمي أن تلك الفرصة ستشجعه تشجيعاً عظيماً على المضي قدماً في سبيل الحصول على ما هو أكثر وسيجن جنونه، ويستخدم معك كل ما يستطيع من وسائل الخداع والإغراء حتى يظفر منك بمقابلة ولقاء، فإذا تم ذلك فإنه خلال ثوان وليس دقائق ستجدين نفسك كالخروف بين يدي الجزار الشديد، فماذا يملك الخروف لنفسه بين يدي الجزار؟ وماذا يستطيع أن يفعل؟ وهل له أي حيلة في الدفاع عن نفسه؟ ولا أظنك يا بنيتي إلا قد شاهدت مرة وأكثر موقف الخروف عندما يمسك به الجزار للذبح والسلخ.. إلا أن الفرق أن ذلك الجزار قد يكون متقرباً إلى الله بالأضحية أو إكرام الأهل أو الضيف أو كسب الرزق.. بينما ذلك الشاب المنحرف قاتله الله يتقرب إلى الشيطان الرجيم بإغواء بنات المسلمين ونسائهم وذبح شرفهم وأعراضهم..
هذا الشاب منحرف لأنه استخدم عقله وعلمه وذكاءه وصحته استخداماً سيئاً.. لم يشكر الله على نعمة العقل و العلم والذكاء والصحة فيستخدمها في طاعة الله بدلاً من المعصية، وفيما ينفع إخوانه المسلمين بدلاً مما يؤذيهم ويضرهم وهو منحرف لأنه لم يعمل بقول الله - تعالى - (و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله) [النور: 33] ولا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (أحب لأخيك ما تحب لنفسك).
فمهما كان وضعه لا يمكن أن يرضي أن يأتي شخص غريب فيعمل مع شقيقته أو أمه ما يفعله هو مع بنات الناس.
إنك يا بنيتي المسؤولة الأولى والأخيرة عن نفسك ومسؤولة عن أسرتك. فبإمكانك أن تغلقي الباب دون أولئك الذئاب التي تخنق ولا تأكل، فتسلمي ويسلم دينك وشرفك. وتسلم أسرتك وسعادتها وشرفها. بإمكانك أن تكوني فتاة متعقلة ذكية حازمة. وبإمكانك أن ترتكبي المعصية والإثم وتسلكي الطريق الوعرة التي ستؤدي بك إلى المشكلات الكبيرة والمصائب الخطيرة التي ستجعلك تفكرين أو تقدمين كما فكر وأقدم غيرك تحت وطأة الفضائح والمشكلات الشديدة من الفتيات الجاهلات الغبيات المنجرفات على الانتحار وقتل النفس الذي قال الله - سبحانه - بشأنه (ولا تقتلوا أنفسكن إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً) وينطبق عليه قول الله - تعالى - (ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذاباً عظيما). وروى الترمذي عن جابر بن سمرة أن رجلاً قتل نفسه فلم يصل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -. وروى ابن ماجة عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً فيها أبداً) وقال - عليه الصلاة والسلام - (الذي يطعن نفسه إنما يطعنها في النار، والذي يتقحم فيها يتقحم في النار والذي يخنق نفسه يخنقها في النار). وروى أيضاً عن أبى هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تحسا سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن قتل نفسه بحديده فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلداً فيها أبدا).
إنك يا بنيتي إن استجبت لتلك الذئاب البشرية فإنك بالإضافة إلى تلك المغامرات المجنونة البشعة فإنك تمارسين كبيرة من اشد الكبائر. تلك هي عقوق الوالدين، حيث تضعينهما في أزمة حقيقية طاحنة تقلقها أشد القلق، وتشعرهما بالفشل الذريع في تربيتك وتنشئتك، وتخيفهما اشد الخوف على سمعتهما وشرفهما. ذلك الذي كان يدفع العرب في الجاهلية إلى ممارسة عادة وأد البنات خشية العار، قد يدعو عليك الوالد أو الوالدة بدعوة في لحظة تأزم وشدة فربما شقيت بها مدى الحياة. وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ثلاثة لا ترد دعوتهم) وذكر منها دعوة الوالد على ولده فحذار حذار يا بنيتي!
24 جمادى الأولى 1424هـ / 24 يوليو 2003 م
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/209)
إلى من اغتررن بالدنيا
الحمد لله الذي جمع قلوب أهل حبه على طاعته وأورثهم من الخيرات ما نالوا به كرامته. أحمده - سبحانه - فهو الذي جعل محبته إلى جنته سبيلاً، وأبغض العصاة وأورثهم حزناً طويلاً، وسبحان من نوّع المحبة بين محبة الرحمن ومحبة الأوثان ومحبة النسوان والصبيان، وبين محبة الألحان ومحبة القرآن. وأصلي وأسلم على أشرف نبي محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم.
أما بعد..
إلى من اغتررن بالدنيا وزينتها: أرجو أن تقرئن هذه الرسالة بنفس الهدوء الذي كتبت لكن به بعيداً عن الانفعال أو اتخاذ موقف سلبي قبل أن تستكملين قراءتها؛ فالعاقلة الفطنة من تستمع وتقرأ للنهاية ثم هي وشأنها!
ما أكثر فتن الحياة ومغرياتها، وما أكثر شهوات الدنيا وملذاتها، وما أكثر حيل الشيطان ومكائده، من هنا حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته من الدنيا وزينتها فقال - عليه الصلاة والسلام -: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فنظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء" [رواه مسلم]. فالعاقلة من أحكمت أمرها، وحاسبت نفسها، وتدبرت العاقبة، ولم تشغلها زهرة الدنيا وإقبالها عن النظر بعين الفكر والمآل والمصير، والنظر بعين التأمل إلى ما بعد الحياة من موت، وإلى ما بعد الموت من حياة، ثم أخذت تتساءل وتفكر:
- لماذا خُلقت؟ لماذا؟
- ما غايتي في الحياة؟
- ما مصيري بعد الموت: هل إلى حفرة من حفر النيران -فأهلك وأشقى- أم إلى روضة من رياض الجنان -فأنجو وأسعد؟
من المؤكد لو سألت أي مسلم لماذا خُلقت؟ فسيجيبك "خُلقت لعبادة الله وحده لا شريك له". ما دليلك؟ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} (56-الذاريات)
ما غايتك في الحياة؟ "الوصول إلى جنات النعيم بعبادة الله وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه".
ما مصيرك بعد الموت؟ "مصيري في علم الغيب، ولكن أنا أعمل وأجاهد نفسي وأرجو من الله العلي القدير أن يتقبل مني أعمالي".
يا سبحان الله! ما أسهل القول وما أصعب الفعل، فلو وقفنا مع أنفسنا وحاسبناها قبل أن تُحاسب فكم سنعيش في هذه الدنيا الفانية؟ 50 سنة، 60 سنة، 70 سنة 100 سنة؟ ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أعمار أمتي مابين ستين إلى سبعين وأقلهم من يجوز ذلك" [أخرجه النووي وهو حديث حسن] ثم ماذا؟ ما هو مصيرك؟ ما هي النهاية؟
الموت..
قال - تعالى -: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (57-العنكبوت).
بادروا بالأعمال فماذا تنتظرن؟
يا مسلمة: ابدئي بالأعمال قبل حلول الآجال واغتنمي الأوقات قبل هجوم الآفات... لو فرضنا أن شخصاً عاش 60 سنة وأنه كان ينام في اليوم الواحد 8 ساعات فإن مجموع الساعات التي ينامها هي ثلث عمره تقريبا "20 سنة". ومجموع الساعات التي يقضيها في تناول وجبات الطعام وقضاء الحاجات الملحة " 5 سنوات " على افتراض أنه يقضي في ذلك ساعتين يومياً، و " 12 ساعة " عادة تكون قبل سن التكليف فالمتبقي بعد ذالك ثلث عمره تقريباً " 23 سنة "، (ولو أنه يقضي مثلاً 6 ساعات يومياً في الوظيفة أو الدراسة، ذهبت تقريباً 14 سنة أخرى، فأصبح عمره المتيقي 9 سنوات، وكم هي الساعات التي يقضيها في اللهو والترفيه؟ فكم هو عمره الفعلي؟ 2 أو 3؟ هذا صاحب عمر الستين، فكيف بمن هو في العشرين أو الثلاثين؟)
ومن هنا تبدأ المشكلة التي يحس بها المسلم في قصر عمره الإنتاجي وتبرز ضرورة الأخذ بأسباب إطالة العمر والبحث عن الأعمال ذات الأجور المضاعفة بحيث يموت الفرد وله من العمر " 60 سنة" وكسب ثواب أعمال ألف سنة أو خمسة آلاف سنة أو أكثر من ذلك بكثير. فيمكن أن يتم له ذلك عن طريق التالي:
1- الحرص على الأعمال ذات الأجور المضاعفة.
2- الحرص على الأعمال الجاري ثوابها بعد الممات.
3- استغلال الأوقات.
وهذا ما أوضحه محمد بن إبراهيم النعيم في كتابه "كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟ " فهل من مستثمر لأوقاته؟
إننا نتحدث بأصوات مرتفعة في مجالس كثيرة.. أوقاتنا ضائعة وأيامنا مهدرة.. فلا نستفيد منها. تمر علينا الشهور والسنون دون فائدة. فيا أيتها العاصية كم بقي من عمرك؟! قد يكون الباقي 8 أيام، 8 ساعات، 8 دقائق...... فاغتنميها يا أمة الله..
قال - صلى الله عليه وسلم - "اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك" [صحيح الجامع 1077]
فابدئي من الآن علّ الكريم الذي يراكِ ويسمعكِ ويعلم ما تخفي وما تبدي عله ينظر إلى قلبك فيجد صدق التوبة والتوجه إليه فيقبله.
وملك الملوك لا يحتاجك فأنتِ الفقيرة إليه قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [15-فاطر]
فتوبي إلى الله يا أمة الله، واسمعي ما يقوله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم علّك تتوبين، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "يقول الله - عز وجل -: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد. ومن جاء بالسيئة، فجزاؤه سيئة مثلها، أو أغفر. ومن تقرب مني شبراً، تقربت منه ذراعاً. ومن تقرب مني ذراعاً، تقربت منه باعاً. ومن أتاني يمشي، أتيته هرولة. ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرة". وفي رواية: نحوه. غير أنه قال "فله عشر أمثالها أو أزيد" [رواه مسلم] واسمعي هذا الحديث أيضاً وتدبري معانية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه - عز وجل - قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة". [رواه البخاري]
فما أكرم الله مع المحسنين وما أحلمه مع المسيئين؛ والله جعل باب التوبة مفتوح {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (53- الزمر).
وإن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.
قفي أيتها المسلمة العاصية الغافلة؛ فأمامك حساب: حاسبي نفسك فالأيام تمر، والصفحات تُطوى، والأعوام تتوالى. وكل يستطيع أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ويأخذ من سنين عمره المنصرمة المواعظ والعبر، وأن يراقب الله - عز وجل -.
فهل سألت نفسك هذا الأسئلة:
ماذا أعددتُ للرحلة النهائية؟
ماذا قدمت لنفسي من خير؟
ماذا سُجل في صحيفتي؟
ماذا أعددت للحفرة التي سأوضع فيها؟
هل تذكرت اليوم الموت والقبر؟
هل قرأت شيئاً من القرآن؟
هل واظبت على الأذكار؟
هل كنت خاشعة في صلاتي؟
هل سألت الله الجنة واستعذت به من النار؟
هل استغفرت من ذنوبي؟
هل تجنبت كل مالا يرضي الله - عز وجل -؟
هل فكرت بالابتعاد عن قرينات السوء؟
هل نظفت قلبي؟
هل تركت النظر إلى ما حرم الله؟
هل تركت سماع ما حرم الله؟
وهل...؟ وهل...؟ وهل...؟
إنها دعوة صادقة لكل إنسان أن يحاسب نفسه، وأن يبادر ما دام في العمر فسحة والعمل مقبول، وأن يعد زاده للرحيل الأخير، وأن يهيئ الجواب ليوم الحساب..
تنبه قبل الموت إن كنت تعقلُ *** فعما قريب للمقابر تحملُ
وتمسي رهينا في القبور وتنثنى *** لدى جدثا تحت الثرى تتجندلُ
فريدا وحيدا في التراب فإنما *** قرين الفتى في القبر ما كان يعملُ
http: //akhawat.islamway.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/210)
نوع آخر من النساء
أحمد بن عبد الرحمن الصالح
كان الحديث الرئيس الموجه للمرأة المسلمة الذي ينتشر في أدبيات الصحوة الإسلامية المعاصرة هو الدعوة إلى الحجاب والعفة والتحذير من التبرج والسفور.. ويختلف أسلوب الخطاب من بيئة إلى أخرى، ولكنه – في الغالب – لا يتجاوز هذه الدائرة المحدودة.
ولقد كان هذا الحديث مهماً، ولازال كذلك، فالهجمة التغريبية الشرسة – التي تهاجم المرأة، لتزج بها في حماة الرذيلة – تزداد يوماً بعد يوم.
ولكن العجب أن المرأة – بعد التزامها وعفتها واعتزازها بحجابها – لا زالت تسمع الخطاب ذاته، وتعاد عليها الاسطوانة من بداياتها في أكثر من لقاء، وفي أكثر من درس، وفي أكثر من مقالة..!
والتذكير أمر مطلوب شرعاً.. ولكن ألا توجد موضوعات أخرى تهم المرأة المسلمة..؟!
شعرت بعض المجلات الإسلامية بأهمية التجديد في معالجة الموضوعات النسائية، فبدأت تتحدث عن أزياء المرأة المحجبة، والتصميم الداخلي للمنزل، وطرق الغذاء اليومي.. وأحسنها حالاً تكلمت عن تربية الأولاد..! وليس عندي اعتراض على طرح مثل هذه الموضوعات ما دام ملزماً بالضوابط الشرعية، فهناك شريحة واسعة من المجتمع النسائي يهمهن ذلك. ولكني أحسب أن الاقتصار عليها، أو التعامل مع جميع النساء على هذا الأساس تهميش لهن واستهانة بهن...!
وإلا فأين خطابنا للمرأة الداعية التي انطلقت بكل صدق وإخلاص، جادة في التربية والتعليم؟!
أين خطابنا للمرأة المعطاء المنتجة التي أصبح همها الأساس هو تعبيد الناس لرب العالمين..؟!
أين خطابنا للمرأة المدركة المفكرة، القادرة على التأمل والنظر..؟!
إن نسبة غير قليلة من نسائنا يملكن إمكانات كبيرة للإبداع والعطاء ولكنهن مكبلات بآسار من الرتابة والغفلة، فهل نستطيع إطلاق تلك الطاقات، وتوظيفها وفق الأسس الشرعية المحكمة، بعيداً عن التمييع والتفريط. لقد سطرت المرأة عبر التاريخ أروع صور البذل والتضحية، ووقفت بجوار أخيها الرجل ملبية نداء الحق تستحث بنات جنسها على الاعتصام بحبل الله المتين، لا يضرها من خذلها ولا من خالفها، وواجب الصحافة الأسرية أن تبرز هذا الجانب العظيم في المرأة، وتساهم في بنائها وتربيتها، وتخرج من بوتقة (الطبق الغذائي) إلى المخاطبة الناضجة للمرأة المصلحة المبدعة المفكرة.
المصدر: مجلة الأسرة / العدد (43) شوال عام 1417ه آذار 1997م
http://saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/211)
فتاتي ... والحياء
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}
اللجنة العلمية بمفكرة الإسلام
قصة واقعية
حكت لي صديقتي .. كانت تسير في الطريق فإذا بفتاة جميلة ترتدي استرتش ضيق .. لا أعلم كيف ارتدته .. سمعتها تصرخ.. لماذا تصرخ؟
إنه انقطع وتكشف كل مستور .. وهي لا ترتدي تحته أي شيء آخر!!!
وصرح جميع من في الطريق غطوها .. غطوها ... أين أهلها؟ كيف نزلت من بيتها بهذا البنطلون؟
والفتاة تصرخ وتبكي .. تساءلتُ لماذا؟ وعلى ماذا تبكي؟
لقد نزع منها الحياء قبل أن تتفتق منها الملابس.
وقالت أخرى:
رأيتُ الفتاة وهذه صفاتها [ومن لم تفعل ذلك ليست بفتاة عصرية أو متحضرة] ذات المكياج المتوهج والمشي المتعوج، والسلوك المتعرج الجريئة على محادثة الرجال، التي لا تثبت على حال.
قد عمدت إلى تدقيق الحواجب، وإضاعة الواجب.
لها عطر فواح ودموع كدموع التمساح، وزميل في الصباح وصديق في الرواح.
عزيزتي الفتاة:
اعلمي أن هذه الفترة من حياتك هي فترة تغيرات شاملة وسريعة في نواحي النفس والجسد والعقل والروح، وهي فترة نمو سريع في هذه الجوانب كلها، حتى قال عنها علماء النفس: إنها فترة انقلاب كامل، وقال آخرون هي مرحلة ثورة وتوتر.
ولكن عزيزتي الفتاة لا تنسي أثناء هذه التغيرات 'الحياء'.
ـ وتساءلت في نفسي لماذا قل الحياء بين الفتيات؟
ربما يرجع ذلك إلى:
1ـ النشأة: فمن شب على شيء شاب عليه. يقول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
ويقول آخر:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولن تلين إذا كانت من الخشب
2ـ الاختلاط وكثرة احتكاك الفتاة بالفتى في المجالات المختلفة كالجامعة والعمل.
3ـ التأثير الخارجي من مخالطة من قل حياؤهم أو تكررت رؤيتهم، سواء كان ذلك ناتجًا عن السفر إلى الخارج أو بدون وسائل الإعلام، أو غير ذلك فإن الأخلاق حسنها وسيئها تكتسب بالمخالطة.
4ـ ولعل من الأسباب أيضًا كثرة خروج الفتاة من بيتها أو الصحبة الفاسدة أو الغرق في المعاصي وأقول أخيرًا إنني أرجع قلة الحياء عند الفتيات إلى ضعف الإيمان والجهل بمعنى الحياء.
تعالى معي عزيزتي الفتاة.. لنقف أمام هذا المشهد القرآني الجميل الذي تجسده لنا الآية الكريمة في سورة القصص {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25].
مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال 'على استحياء' في غير ما تبذل ولا تبرج ولا تبجح ولا إغواء. جاءته لتنهي إليه دعوة في أقصر لفظ وأخصره وأدله يحكيه القرآن بقوله: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص:25].
[لم تقل له: أحب أن أتعرف عليه .. ما اسمك؟ أنا اسمي كذا...].
فمع الحياء الإبانة والدقة والوضوح، لا التلجلج والتعثر والربكة، وذلك كذلك من إيحاء الفطرة النظيفة السليمة المستقيمة، فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم، ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لا تضطرب إلاضطراب الذي يطمع ويغري ويهيج، إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب ولا تزيد. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب].
عزيزتي الفتاة المسلمة:
ما معنى الحياء؟ هل هو خلق مكتسب أم غريزي؟
هل يمكن لمن لا حياء عنده أن يملك من الحياء ما يردعه عن المعاصي؟
وأخيرًا كيف نغرس الحياء في نفوسنا؟
وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة هناك قاعدة عريضة توضحها لنا الآية، أنه لابد من حاجز بين العبد وبين المعصية وهذه الآية هي قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى[40]فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40ـ41].
فتوضح لنا الآية شقين أساسيين هما:
1ـ خوف من مقام الله تعالى.
2ـ نهي للنفس وزجر لها عن هواها متى خالف أمر الله تعالى.
وهذا الشق الثاني يكون عن طريق زراعة موانع وبناء حواجز داخل النفس ترفع مستوى تحكم وسيطرة الإنسان على نفسه.
ولذا كانت العناية الربانية ثم النبوية بهذا البناء عظيمة كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [[إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق]].
ـ ولقد روى ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[إن لكل دين خلقًا وخلق الإسلام الحياء]].
فما معنى الحياء إذن؟
ـ الحياء كما عرفه أهل العلم في اللغة أنه انقباض وانزواء وانكسار في النفس يصيب الإنسان عند الخوف من فعل شيء يعيبه.
ـ والحياء مشتق من الحياة، ولذا قال بعض الفصحاء حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائة.
ـ كما عرفه علماء الشريعة بأنه خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق.
أو هو الامتناع عن فعل ما يعاب.
ـ وأخيرًا وهذا مرادنا هنا هو نهي النفس عن القبيح [وهو كل ما يغضب الله تعالى].
ونتساءل الآن هل الحياء خلق مكتسب أم غريزي؟
الحياء نوعان غريزي ومكتسب:
الحياء الغريزي: وهو الفطري الطبيعي.
والحياء المكتسب: هو الذي جعله الله تعالى من الإيمان وهو المكلف به [وهذا النوع هو مدار حديثنا] ومن كان فيه غريزة من الحياء فإنها تعينه على الحياء المكتسب.
عزيزتي الفتاة المسلمة:
لقد جاءت النصوص النبوية تؤكد على أن خلق الحياء من الإيمان في روايات كثيرة منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان]].
وفي رواية أخرى: [[الحياء من الإيمان]]، وفي وراية [[الحياء لا يأتي إلا بخير]]، وفي رواية أخرى [[الحياء خير كله أو كله خير]].
وعن عمران بن حصين قال صلى الله عليه وسلم [[الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ]].
فلماذا جعل الحياء من الإيمان؟
قال القاضي عياض وغيره من الشراح: [[إنما جعل الحياء من الإيمان ـ وإن كان غريزة ـ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، وأما كونه خيرًا كله ولا يأتي إلا بخير فأشكل حمله على العموم لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات ويحمله على الإخلال ببعض الحقوق.
ـ والمراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيًا، والحياء الذي ينشأ عن الإخلال بالحقوق ليس حياءً شرعيًا بل هو عجز ومهانة.
وإنما يطلق عليه حياء لمشابهته للحياء الشرعي، والحياء الشرعي هو خلق يبعث على ترك القبيح.
ومعنى أن [[الحياء كله خير ..]]. يحتمل أن يكون المعنى: من كان الحياء من خلقه الخير يكون فيه أغلب أو لكونه إذا صار عادة وتخلق به صاحبه يكون سببًا لجلب الخير له.
عزيزتي الفتاة المسلمة:
عن أبي مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم [[إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فافعل ما شئت]].
وفي شرح هذا الحديث في كتاب فتح الباري يقول: [[إن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء، فإذا تركه صار كالمأمور طبعًا بارتكاب كل شر، وقيل: هو أمر تهديد أي إذا نزع منك الحياء فافعل ما شئت, فإن الله مجازيك عليه، وفيه إشارة إلى تعظيم أمر الحياء]].
كيف نغرس الحياء في نفس الفتاة؟
سؤال أحتاج إلى كثير من البحث للإجابة عنه، فلم أجد جوابًا شافيًا إلا في النصوص النبوية التي تشير بومضات إلى كيفية بناء الحياء في النفوس والوسائل المستخدمة لذلك.
[1] الوقفة الأولى مع الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان]].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي حتى كأنه يقول قد أضر بك [أي الحياء]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[دعه فإن الحياء من الإيمان]].
انظري إلى تفسير الإمام أبي عبيد الهروي لهذا الحديث بقوله:
معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي، ومن يستحي يتعفف عن فعل كل قبيح، ونجد هنا الارتباط الوثيق بين الحياء والإيمان.
ولما كان الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فإن الحياء يزيد وينقص، يزيد بالطاعات المؤكدة على معنى الحياء، وينقص بالمعاصي التي تخدش الحياء.
ويؤكد هذا المعنى ما رواه الحاكم في مستدركه [[الحياء والإيمان قرناء جميعًا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر]].
إذن فنفهم من الحديث أن من وسائل بناء الحياء في النفوس زيادة الإيمان، وبالتالي عليك أيتها الفتاة العناية الشديد بوسائل الثبات عل دين الله.
[2] الوقفة الثانية:
ما ورد في صحيح البخاري في كتاب الأدب عن بشير بن كعب في قوله: 'مكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقارًا وإن من الحياء سكينة'.
قال القرطبي: معنى كلام بشير: أن من الحياء ما يحمل صاحبه على الوقار بأن يوقر غيره ويتوقر هو في نفسه، ومنه ما يحمله على أن يسكن عن كثير مما يتحرك الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة'.
ـ وبذا نصل إلى وسيلة أخرى من وسائل غرس الحياء وهي الوقار والسكينة.
بمعنى أن توقري غيرك أيتها الفتاة وتوقري نفسك باحترامها، ولا تكوني كمن لا تراعى قيمًا ولا تقاليد ولا أعرافًا فتصوني نفسك عن كل ما يهين نفسك.
وأيضًا يعني أن تسكن عن كثير من الأفعال التي يعاب على صاحبتها، ونراها الآن كثيرة منها: لبس الضيق والشفاف والمعاكسات في التليفون، والصداقات التي يزعمن أنها بريئة مع الشباب، والروائح في الطرقات، وغير ذلك كثير ومشاهد.
والفتاة المسلمة لها شخصيتها وسمتها، ولا تكون إمعة تجري وراء كل ناعق أو تقليد كل سفيهة وتقول: كل البنات هكذا. إن أحسن أحسنت وإن أسأن أسأت، ولكن عودي نفسك إن أحسن الناس أن تحسن وإن أساءوا أن تتجنبي إساءتهم.
[3] الوقفة الثالثة:
عن أبي القاسم الجنيد رضي الله عنه قال: [[الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء]].
عزيزتي الفتاة:
[[إن النفس مجبولة على الحياء ممن أسدى إليها معروفًا ومجبولة أيضًا على رد النعمة بمثلها، فمن الأمور التي تعظم الحياء في نفسك استشعار عظم نعم الله عليك بغير أداء لحقها ورد بمثلها.
فهل تقابلي هذه النعم بالجرأة على الله سبحانه وعدم الأدب معه سبحانه ـ فهذا الشعور يولد الحياء.
[4] الوقفة الرابعة:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [[استحيوا من الله حق الحياء]].
قلنا: يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله.
قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء' [صحيح سنن الترمذي].
'استحيوا' الألف والسين والتاء في اللغة للطلب أي اسعوا وابذلوا الجهد في طلب تحصيل منزلة حق الحياء، والمراد هنا هو الحياء المكتسب الذي أمرنا بتحصيله وبذل الجهد لتحصيل أعلى مراتبه.
وينبهنا هنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحياء وهو خلق قلبي لا بد وأن يبدو أثره على الجوارح.
الرأس وما وعى: أي الأنف والأذن واللسان والعين ويشمل أيضًا الفكر.
فعليك أيتها الفتاة أن تحفظي هذه الجوارح عن المعصية {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، واتخذي هذه الجوارح وسيلة لإرضاء الله، لا وسيلة للجرأة على محارم الله وسببًا لغضب الله عليكِ.
البطن وما حوى: أي الحياء في طيب المطعم وطهارة اليد.
ذكر الموت والبلى: وهو الشعور بأن الآخرة حاضرة عيان ليست غيبًا بعيدًا.
ومن وسائل تحقيق الحياء تذكرك بملاقاة الله والملائكة، وإذا تذكرت أن الله سيقبضك على خاتمتك التي كنت تعملين وما كنت تفكرين فيه في الدنيا فيزيد الشعور بالحياء في قلبك.
ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى: فالحيية تشعر بالقيمة الحقيقية للدنيا وتؤثر الآخرة عليها، وتحاسب على أفعالها وتستحي من الله أن تُرى في غير ما يحب الله، ومن الملائكة التي تسجل أعمالها.
قال بعض الصحابة رضي الله عنهم: [[إن معكم من لا يفارقكم فاستحيوا منهم وأكرموهم]].
وقد نبه سبحانه وتعالى على هذا المعنى بقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ[10]كِرَاماً كَاتِبِينَ[11]يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:10ـ12].
'أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام وأكرموهم وأجلوهم أن يروا منكم ما تستحيون أن يراكم عليه من هو مثلكم، والملائكة تتأذى منه بنو آم، فإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان يعمل مثل عمله فما الظن بأذى الملائكة؟'
وبذلك تصل إلى درجة الإحسان وهي أعلى المراتب في الإيمان كما جاء في الحديث الشريف: 'الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.
عزيزتي الفتاة المسلمة...
إن الله عز وجل ـ حليم حيي ستير يحب الحياء والستر كما ورد في صحيح سنن النسائي عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا إشارة إلى أنه حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح.
واعلمي أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وزوال النعمة تكون في معصيته.
فأي جهل وحمق وظلم للنفس إذا تخليت عن حيائك وطاعتك لربك.
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء
ولك في رسول الله أسوة حسنة حيث وصف لنا أبو سيعد الخدري الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: [[كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذارء في خدرها]] متفق عليه
أليس حريًا بك أن تكوني في حياء الرسول صلى الله عليه وسلم وهو رجل وأنت امرأة؟
ألا تتشبهين بإحدى ابنتي شعيب التي كرمها الله بذكرها في القرآن ووصفها بهذا الخلق الكريم خلق الحياء عندما قال تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25].
فتاتي .. ابذلي الجهد واعزمي وجاهدي نفسك لتصلي إلى مرتبة الحياء الحق.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
ـــــــــــــــــــ(83/212)
المتبرجات دعاة على أبواب جهنم
خالد سعد النجار
إن الإقدام على معصية الله - تعالى - جناية على النفس وظلم بين لها لا جدال فيه، وأعظم منه جناية وظلماً أن يدعو هذا المقترف للمعصية غيره لأن يشاركوه معصيته، ويكون لهم فيها قدوة وإماماً، إما بالقول تارة أو بالفعل تارة أخرى، ولقد عرض القرآن قضية دعاة المعصية وأتباعهم وصورها بصورة بلغت الغاية في بشاعة الوصف، إنها ليست صورتهم في الحياة الدنيا بل صورتهم وحالهم في الآخرة وتخاصمهم، حيث تبرأ التابع من المتبوع واستغاث المتبوع بالله أن يضاعف للتابع العذاب جزاء سوء دعواه.
يقول الله - تعالى -: إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167) {البقرة: 166، 167}.
يقول القرطبي: " إذ تبرأ الذين اتبعوا166" يعني السادة والرؤساء تبرءوا ممن اتبعهم على الكفر ورأوا العذاب 166 يعني التابعين والمتبوعين وتقطعت بهم الأسباب 166 {البقرة: 166} أي الوصلات التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من رحم وغيره (1).
ولقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجود هذا الصنف من الدعاة في أمته ووصفهم بأقبح الأوصاف (دعاة على أبوب جهنم) ففي حديث الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان "أنه كان دائماً يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عن الشر الذي سيقع في هذه الأمة مخافة أن يدركه يقول حذيفة: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت. وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هدى تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركنى ذلك. قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم... "الحديث (2).
وصدق الله ورسوله، وتحقق الأمر، وظهر الدعاة على أبواب جهنم في الأمة يدعون الناس إليها ليلاً ونهاراً، ومن أبرز الأمثلة على هؤلاء (الدعاة المتبرجات من النساء)، وإنما خصصناهن بالذكر لما لهن من دور بارز في إفساد هذه الأمة، فالمرأة السافرة التي خلعت الحياء عن نفسها والحجاب عن جسدها لهي أكبر معاول هدم الأخلاق ونشر المفاسد الجنسية والأخلاقية، فلا حول ولا قوة إلا بالله ولكن الموعد يوم لقائه - عز وجل - يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم فعن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" (3).
المسلمات اسماً المعرضات عن منهج الله فعلاً:
التبرج في اللغة هو: إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال، وتبرجت المرأة أظهرت وجهها، وإذا أظهرت المرأة محاسن جيدها ووجهها قيل: تبرجت، وترى مع ذلك في عينيها حسن نظر - أي تنظر نظرة إغراء وإغواء - كقول ابن عربي في الجنيد ابن عبد الرحمن يهجوه:
يبغض من عينيك تبرجها ***وصورة في جسد فاسد
وقال أبو إسحاق في قوله - تعالى -: غير متبرجات بزينة 60 {النور: 60} التبرج إظهار الزينة وما يستدعى به شهوة الرجال وقيل: إنهن كن يتكسرن في مشيتهن ويتبخترن (4).
التبرج معصية لله ورسوله:
فلقد روى جرير مولى أمير المؤمنين معاوية قال: "خطب الناس معاوية بحمص فذكر في خطبته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -حرم سبعة أشياء وإني أبلغكم ذلك و أنهاكم عنهم، النوح، والشعر، والتصاوير، والتبرج، وجلود السباع، والذهب، والحرير"، (5) وعن عبد الله بن مسعود قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عن عشر خلال، عن تغيير الشيب، وعن نتفه، وعن الصفرة، وعن إسبال الإزار، وعن عقد التمائم، وعن ضرب الكعاب، وعن التعوذ يعني التعويذات، وعن التختم بالذهب وعن التبرج بالزينة لغير محلها، وعن عزل الماء عن محله"(6).
والتبرج كبيرة موبقة:
فلقد جاءت أميمة بنت رقية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -تبايعه على الإسلام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أبايعك على أن لا تشركي، بالله، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفرينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى" (7) فتأمل كيف قرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -التبرج الجاهلي بأكبر الكبائر المهلكة.
التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله:
عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المسجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم " (8).
التبرج من صفات أهل النار:
فعن أبي هريرة} قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أراهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذاو كذا" (9).
وعن عمارة بن خزيمة قال: بينما نحن مع عمرو بن العاص} في حج أو عمرة فإذا نحن بامرأة عليها حبائر لها وخواتيم وقد بسطت يديها على الهودج، فقال بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في هذا الشعب إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: انظروا هل ترون شيئاً؟ فقلنا: نرى غرباناً فيها غراب أعصم (أحمر المنقار والرجلين) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان" (10).
قال التويجري: والظاهر أن عمرو ابن العاص إنما حدث به قصد الإنكار على المرأة المبدية لزينتها بين الرجال الأجانب.
التبرج نفاق:
فعن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم" (11).
إذن فالمتبرجة في نظر الشرع شيطانة ملعونة ممقوتة وصدق الشاعر إذ يقول:
وكنت امرأ من جند إبليس فارتقى ***بي الدهر حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قلبي كنت أحسن بعده ***طرائق فسق ليس يحسنها بعدي
فلقد خرجت المرأة المتبرجة من بيتها إلى الطرقات والأسواق، وقد تزينت بأبهى زينتها، وارتدت أفخر ما عندها من الثياب، وتحلت بما لديها من حلي، وصبغت وجهها بما قدرت عليه من أصباغ، وأرسلت شعرها على أجمل ما يكون، وتعطرت بعطرها النفاذ، وانتعلت من الأحذية ما يكفل لمشيتها التثني والتمايل والإغراء والإغواء، خرجت المرأة بهذه الكيفية ولسان حالها يقول: (ألا تنظروا إلى هذا الجمال؟ هل من راغب في القرب والوصال؟) إنها تعرض جمالها في أسواق الشوارع كما يعرض التاجر المتجول سلعته، وكما يعرض بائع الحلوى ما عنده مزيناً بالألوان الزاهية والأوراق اللامعة ليسترعي الأنظار، ويغري النفوس، ويثير الشهية، فتروج بضاعته، ويكثر المشترون ويتهافت الطلاب والجياع النهمون (12).
إن هذه المرأة التي تلاقت عليها الأنظار، وتهافتت عليها القلوب، استمتع بمرآها كل رجل، وانجذبت لها شهواته الدفينة فأصبحت ملكاً للجميع فاستحقت أن تكون بذلك (امرأة لكل الرجال)، وتدنت إلى مستوى البهيمة، وكان من مستلزمات بهيميته أن تعري جسدها كما عرت نفسها من كل فضيلة وشرف.
إن دور المرأة المتبرجة في إفساد المجتمع، وجذب أفراده للهاوية أمر خطير لا يجب أن نستمع فيه لشعارات وهتافات من يسمون أنفسهم ببلادنا: (دعاة تحرير المرأة)، فما هم إلا رضعاء ألبان الغرب والشرق الذين غسلت أدمغتهم في دهاليز الكفر، وترعرعوا في كنف الإلحاد، وعادوا إلى بلادنا لترتفع على أكتافهم أعمدة الهيكل العلماني.
فالمتبرجة أهم عامل في إثارة رجال الأمة: خاصة الشباب والمراهقين، ودفعهم إلى ارتكاب الفواحش المحرمة بكافة أنواعها، فعرض المرأة لمفاتنها ليس بالأمر الهين؛ بل إنه يؤجج الغريزة الجنسية في نفوس الرجال، كما قال الشاعر:
نظرة فابتسامة فسلام ***فكلام فموعد فلقاء
ولقد أشار القرآن إلى فتنة المرأة وخطرها فقال جل شأنه: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب 14 {آل عمران: 14}، فقدم - سبحانه وتعالى- النساء لعراقتهن في هذا الباب، وعن أسامه بن زيد} قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما تركت فتنة بعدي هي أضر على الرجال من النساء" (13). وعن عبد الله بن مسعود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان" (14)، وعن أبي سعيد الخدري قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"(15).
كما كان التحذير من فتنة المرأة من أهم وصايا سلفنا الصالح على مر العصور، فعن ميمون بن مهران قال: "ثلاث لا تبلون نفسك بهن لا تدخلن على سلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله، ولا تصغين بسمعك إلى ذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك من هواه، وعنه أيضاً أنه قال: لأن أؤتمن على بيت مال أحب إلي من أن أؤتمن على امرأة" (16).
يقول سيد قطب - رحمه الله -: "ولقد شاع في وقت من الأوقات أن النظرة المباحة والحديث الطليق والاختلاط الميسور والدعابة المرحة بين الجنسين والإطلاع على مواطن الفتنة المخبوءة... شاع أن كل هذا (تنفيس) وترويح ووقاية من الكبت ومن العقد النفسية شاع هذا على أثر بعض النظريات المادية القائمة على تجريد الإنسان من خصائصه التي تفرقه عن الحيوان والرجوع إلى القاعدة الحيوانية الغارقة في الطين - وبخاصة نظرية فرويد- ولكن هذا لم يكن سوى فروض نظرية. رأيت بعيني في أشد البلاد إباحية وتفلتاً من جميع القيود الاجتماعية والأخلاقية والدينية والإنسانية ما يكذبها وينقضها من الأساس.. إن هذا كله لم ينته بتهذيب الدوافع الجنسية وترويضها وإنما انتهى إلى سعار مجنون لا ينتهي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمأ والاندفاع" (17).
والمتبرجة تسيء إلى نفسها وتعلن عن سوء نيتها وخبث طويتها وتفاهة شخصيتها عندما رضيت أن تنساق بجسدها وراء قوانين الأزياء المعروفة (بالموضة) تلك القوانين التي وضعها لها كبار مصممي الأزياء من اليهود والإباحيين في دول الغرب ويزداد الإثم إثماً والطين بلة إذا كانت هذه المتبرجة موضع قدوة يقتدي بها غيرها من فتياتنا كالأمهات والمعلمات، ومما يضحك في هذا الشأن أنه حدث في بعض أيام موضة الملابس كانت فيها فتحة العنق من الأمام ومن الخلف وجدت سيدة أصرت على ارتداء هذه الملابس حسب الموضة وكان من العجيب أن هذه الفتحة تكشف عن تشوه في الجزء الذي ظهر من جسمها والذي كان من السهل والواجب أن تواريه وتحجبه ولكن تعلقها بقوانين الموضة أهم عندها من بشاعة الجزء المشوه المعروض من جسمها (18).
والمتبرجة سهلت للناس المعاصي وأولها معصية الزنا بالعين فعن أبي هريرة} قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناها النظر، والأذنان زناها السمع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى، ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه" (19). وأدى ذلك إلى تعسير طاعة غض البصر التي أٌمرنا بها إرضاء لله - تعالى - وبالتالي حدث عن مضار المعاصي في الأمة ولا حرج فمن أهمها (نزول العقوبات من الله - تعالى -) يقول جل شأنه: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا 16 {الإسراء: 16}، كما أن المعاصي (سبب ابتلاء الإنسان في جوارحه) التي كان بها يعصي الله - تعالى - فالسلامة من المعاصي سبب السلامة في الأبدان ومما يروى في ذلك أن القاضي أبا الطيب صعد من سميريه (مركوب بحري) وهو في عشر المائة فقفز منها إلى الشط فقال له بعض من حضر: يا شيخ، لا تفعل هذا فإن أعضاءك تضعف وربما أورثت هذه القفزة فتقاً في بطنك. فقال: يا هذا إن هذه أعضاؤنا حفظناها من معاصي الله ف- حفظها الله - علينا.
إن الحجاب ليس مظهراً أجوف بل هو فريضة من أهم ما فرض الله - تعالى -، إذ قٌرن النهي عن التبرج (الذي هو ضد الحجاب) بالأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله فقال - تعالى -: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله 33 "{الأحزاب: 33}.
إن المتبرجة قد أساءت لنفسها وإلى جسدها وإلى إسلامها والأدهى من ذلك حملت ذنوب غيرها على عاتقها وأهلكت الأمة بالمعصية فالأمر بالنسبة لها عسير جد عسير يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ـــــــــــــــ
الهوامش والمصادر:
1- تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن.
2- البخاري - كتاب المناقب - رقم: (3338).
3- رواه مسلم - كتاب العلم رقم: (4831).
4- لسان العرب ج(3) ص(33).
5- رواه أحمد في مسنده (4-101).
6- المعجم الأوسط ج: (9) ص: (156).
7- رواه الطبراني في مسند الشاميين ج(2) ص (304).
8- رواه أحمد في مسنده مسند المكثرين من الصحابة رقم: (6786).
9- رواه مسلم - كتاب اللباس والزينة رقم: (3971).
10- رواه الإمام أحمد - مسند الشاميين - رقم: (17102).
11- أخرجه البيهقي في السنن (7-82)، صحيح الجامع للألباني (3330).
12- عودة الحجاب ج(3) محمد بن إسماعيل.
13- رواه البخاري - كتاب النكاح رقم: (4706).
14- رواه الترمذي - كتاب الرضاع - رقم: (1093).
15- رواه مسلم - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار - رقم: (4925).
16- حلية الأولياء - أبو نعيم الأصبهاني ج(4) ص: (85).
17- في ظلال القرآن ص (2511).
18- التبرج - نعمت صدقي.
19- رواه مسلم - كتاب القدر - رقم: (4802).
http: //jmuslim. naseej. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/213)
التبرج
صالح الجبري
الخطبة الأولى:
أما بعد:
ما هو التبرج: ذكر العلماء أن التبرج هو كل زينة أو تجمل تقصد المرأة بإظهاره أن تحلو في أعين الأجانب ، حتى القناع الذي تستتر به المرأة إن كان من الألوان البارقة ، والشكل الجذاب لكي تلذ به أعين الناظرين ، فهو من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى.
والتبرج معصية لله ورسوله فعن ابن مسعود أن نبي الله ((كان يكره عشر خصال)) وذكر منها: ((التبرج بالزينة لغير محلها)).
قال السيوطي: "والتبرج بالزينة أي إظهارها للناس الأجانب وهو المذموم، فأما للزوج فلا وهو معنى قوله ((لغير محلها)) بل إن التبرج كبيرة موبقة في الدنيا والآخرة، فقد جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله تبايعه على الإسلام فقال: ((أبايعك على ألا تشركي بالله، ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى)).
بل إن التبرج يجلب لصاحبته اللعن والطرد من رحمة الله ، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((يكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات)).
كما أن التبرج من صفات أهل النار ((صنفان من أهل النار لم أرهما. قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) [مسلم].
كذلكم اعتبر الشرع التبرج نفاقًا، وتعلمون ما قال الله في المنافقين والمنافقات ((شر نسائكم المتبرجات المتجملات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم)). والغراب الأعصم: أحمر المنقار والرجلين، وهذا الوصف في الغربان قليل.
بل إن التبرج تهتك وفضيحة واستجلاب لغضب الله ((ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات عاصياً ، وأمة أو عبد أبق من سيده فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا ، فتبرجت بعده ، فلا تسأل عنهم)) سبحان الله كانت المرأة الخائنة تنتظر غياب زوجها حتى تتبرج. فما عسانا نقول في نساء اليوم، وهن يرتكبن أقبح أنواع التبرج وأفحشها على مرأى ومسمع، بل ورضا من أزواجهن.
إن الأمر المؤسف الآن أن بعض النساء صرن يظهرن أمام الناس بصورة لم تكن موجودة من قبل، وأخطر ما في القضية مسألة كشف الوجه، وللعلم فأول الطريق نحو الفساد والدمار يبدأ من كشف المرأة لوجهها. صحيح أن بعض الفقهاء قد أجاز كشف الوجه ، لكن علماء الأمة ومنهم هؤلاء الفقهاء أيضاً متفقون جميعاً على وجوب تغطية الوجه عند حصول الفتنة ، وهو ما يحدث الآن بالضبط في هذا العصر ، ولنا في بعض بلدان العالم الإسلامي عبرة وعظة عندما نادى المنادون بسفور المرأة ، فبدأ الأمر بكشف الوجه ثم تطور إلى الرأس ثم إلى الذراعين ثم إلى الساقين ثم إلى الصدر والظهر ، ثم فلت الحبل ، وإخواننا هناك الآن يبكون الدم على ما حدث لهم، ويحذروننا من أن نقع في نفس الخطأ الذي وقعوا فيه وصدق من قال "السعيد من وعظ بغيره".
وهناك من النساء من لم يصلن بعد إلى كشف الوجه ولكنهن في الطريق فقد صار بعضهن يزين رؤوسهن بأغطية وطرح مزركشة وملونة، وتفنن في ربطها وإضافة الحلي إليها لتلفت الأنظار ، فمنهن من ترفعها إلى ركبتيها ، ومنهن من ترفعها إلى نصف جسمها، أو تضمها حتى تلتصق بجسدها، وتحدد أجزاء جسمها ، وقد ترتدي إحداهن فتساناً طويلاً ولكنه منقوش ومزين ، يلفت أنظار الناس أو ترتدي فستاناً آخر يحدد من شكل صدرها وخصرها ، والمصيبة العظمى في وجود الفتحات في اليمين أو اليسار أو الخلف ، والمصيبة الأعظم من ذلك أنها تظن بأنها متحجبة ، وهي فعلاً متحجبة ولكن عن الخير والعفة والحياء وصدق الله "أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء " [فاطر: 8].
والأسوأ من ذلك كله أن أنصار التبرج ، يحاولون الآن أن يجعلوا من الحجاب موضة وزياً من الأزياء حتى يجعلوه عرضة للتغيير والتنويع كلما أرادوا.
ومن أمثلة ذلك حجاب مصطنع يغطي جميع أجزاء جسم المرأة بما في ذلك الوجه ، ولكنه ضيق وقصير ويبدي قدمي المرأة وأسفل ما فيها، وقد تقوم المرأة بتغطيته ، ولكن بجوارب رقيقة وشفافة ومن نفس لون الجسم ، فبالله أهكذا يكون الحجاب أم هو التبرج بعينه؟
ومن صور التبرج أيضاً: خروج النساء وهن متعطرات أو قيام البعض منهن بتعطير ضيفتها أو بتبخيرها إكراماً لها، وهذا محرم ولا يجوز لأن النبي قال: ((أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فوجد الناس ريحها فهي كذا وكذا)) يعني أنها في حكم الزانية ، لأنها سمحت للرجال بالتمتع برائحتها... لقد قال رسول الله هذا الكلام في التي تخرج من منزلها وهي متعطرة فكيف بالتي تذهب إلى محلات العطور وتتعطر وتختار بنفسها بعد أن تجرب الأنواع المختلفة في يديها.
ومن صور التبرج ما تفعله بعض المنافقات من التزام بالحجاب في البيئات المحافظة حتى إذا وجدت فرصة للانفلات استغلتها فوراً ، كمثل اللاتي تراهن في المطارات ملتزمات بالحجاب حتى إذا ركبن الطائرة وطارت بهن في الجو ، طارت العباءة ، وكشف الوجه والشعر وبدأت الزينة وقد يكون معهن من أشباه الرجال من أوليائهن، ولكنهم لا يحركون ساكنًا، وكأن الأمر لا يعنيهم وصدق الله " قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " [الزمر: 15].
ومن أخطر صور التبرج تبرج النساء في الأسواق وعرض أجسامهن أمام الرجال متأنقات ومتعطرات ، وقد يضعن على وجوههن أغطية شفافة من باب المخادعة ، أي البراقع ، مع تزيين الأعين بالكحل وتوسيع فتحة الأعين لتشمل جزء من الوجنتين ، وكثير منهن يكشفن عن وجوههن وأذرعهن أمام أصحاب معارض القماش والصاغة والخياطين ومحلات العطور ، وكأن هؤلاء محارم لهن، ناهيك عن التبرج بالكلام والضحك، وكأن الله لم يقل لهن " فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ " [الأحزاب: 32].
لكن الأغرب من ذلك كله هو موقف الرجال الذين تركوا الحبل على الغارب للنساء حتى أصبحت المرأة تلبس ما تشتهي، وتخرج متى تشتهي، وتظهر على الناس كما تشتهي، والرجل ليس له حول ولا قوة، إنه لأمر عجيب
وما عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب
ثم إن الأغرب من ذلك أنك لو لاحظت ملاحظة على المرأة المتبرجة وهمست في أذن زوجها، أو قريبها كأبيها أو أخيها بأن يلزمها الحجاب الشرعي والبعد عن التبرج ، فإنه سيقول لك: ماذا تقصد بذلك، زوجتي وابنتي وأختي يخرجن شريفات، ويرجعن شريفات " وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ" [الحج: 3]. من قال لك أيها المسكين أنهن لسن شريفات. لكن هل الشرف أن تحتفظ الفتاة بعذريتها حتى ليلة الزفاف فقط ، أم أن الشرف هو الحجاب والعفة والخجل والحياء كما قال - تعالى – " ذالِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " [الأحزاب: 53].
أو يقول لك أحدهم: أنا لا أحجب نسائي، لأني أثق بهن - سبحان الله! - ومن قال لك أيها الذكي جداً أن الحجاب شرع من أجل نوع الثقة من النساء. إن الحجاب ليس الهدف منه تخوين المرأة ، أو نزع الثقة منها ، أو الشك في الأقارب والأصحاب ، أبداً.
إن الهدف الأساسي من الحجاب هو المحافظة على عفة الرجال الذين تقع أبصارهم على النساء لأن بلاء الشباب والرجال والمراهقين ، ناتج عن ما يرونه من تبرج النساء وفسقهن في كل مكان.
إننا كثيراً ما نسير في الطرق العامة والأسواق ، فنرى ما يدمي قلوبنا ويملأها بالحسرة. وإنه ليحق لنا أن نطرح هذا السؤال المهم وهو: لماذا كل هذا التبرج من النساء ، ولمن، إنه ليس للزوج أبداً لأنه إذا كانت هذه المرأة المتبرجة متزوجة، فهل مكان التبرج للزوج هو المنزل، أم السوق أو الشارع؟ هذا إن كانت متزوجة مع أنه من المؤكد أنها لا تتزين لزوجها كما تتزين عندما تخرج إلى الأسواق. هذه إن كانت متزوجة، وإن كانت غير متزوجة فلمن تتبرج، ولمن تتزين، إنه طبعاً للعيون النهمة والذئاب المفترسة، ثم هؤلاء وحدهم هذا التبرج والإغراء. لقد حدد الله - سبحانه وتعالى- لنا من هم الذين يجوز للمرأة أن تكشف زينتها ووجهها أمامهم كما قال - تعالى – " وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ أَوْ ءابَاء بُعُولَتِهِنَّ [النور: 31]. وهو العم والد الزوج أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أو الابن أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ ابن الزوج أَوْ إِخْوَانِهِنَّ الأخ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ ابن الأخ أَوْ بَنِى أَخَواتِهِنَّ ابن الأخت أَوْ نِسَائِهِنَّ المسلمات أما الكافرات فلا أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ العبد المملوك لها أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ: التابع لأهل البيت من شيخ هرم أصابه الخرف، وعنين، ومعتوه.
" أَوِ الطّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْراتِ النّسَاء" كالطفل الصغير دون البلوغ ممن لا حاجة له في النساء لعدم الشهوة عنده.
" وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
هؤلاء فقط هم الذين يجوز للمرأة أن تظهر بزينتها أمامهم، فهل منهم السائق أو الخادم، أو البائع أو الخياط أو الطبيب لغير ضرورة ، هل ذكر هؤلاء في الآية. إن الأمر واضح وضوح الشمس لمن أراد لنفسه النجاة في الدنيا والآخرة.
ترى ما هي أسباب التبرج وانتشاره ، والجواب: إن لذلك أسباباً كثيرة من أهمها الجهل بالله ، وضعف الوازع الديني الذي تسبب في تمرد كثير من النساء على شرع الله وجعلهن يقلدن ويمشين وراء كل ناعق يقول الله "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ". وعندما نزلت هذه الآية قالت أم المؤمنين عائشة: "والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقًا لكتاب الله وإيماناً بالتنزيل. فعندما نزلت الآية وتلى رجالهن الآية عليهن ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات، كأنَّ على رؤوسهن الغربان ، ولكم أن تقارنوا هذا الموقف بما يحدث من بعض نساء اليوم، فهذه لا شيء كالذي يأمرها بالحجاب والستر ، وتلك تدعي أنها متحضرة وأن الحجاب تزمت ، وأخرى تدعي أنها لم تقتنع بالحجاب بعد ، وأخرى تحتج بسلوك بعض المحجبات، وأخرى تقول: المهم الأخلاق. ولا يدرين كيف تكون المتبرجة صاحبة خلق ، إلى غير ذلك من الأعذار التافهة والتي لن تغني عنهن من الله شيئاً يوم يقفن أمامه، لأن الله يقول: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَلاً مُّبِيناً " [الأحزاب: 36].
أما السبب الثاني والثالث والعاشر أيضاً فنحن الرجال، نعم الرجال إن الله - سبحانه - يقول: "الرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوالِهِمْ [النساء: 34]. ومعنى أن الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ، بدون تسلط أو استبداد. هذه هي الرجولة.
أما الذين يظنون أنفسهم رجالاً وهم يساعدون نساءهم على التبرج فهم أبعد الناس عن صفة الرجولة. إنك تتعجب من أحوال هؤلاء فعندما تخرج نساؤهم، ألا ينظرون إليهن ، ألا يرون كيف يلبسن ، ألا يرون كيف يخرجن! وبعضهن من أهل المساجد وقد تراه ذا صورة وذا هيبة، ثم تفاجأ بأنه يمشي مع زوجته المتبرجة كالقط الأليف.
وقد يُظن أن الحجاب هو بتغطية الوجه فقط، وهذا غير صحيح فبالإضافة إلى تغطية الوجه وحتى لا تكون المرأة متبرجة فيجب أن يكون الحجاب مغطياً لجميع جسد المرأة وأن لا يكون فيه نوع من الزينة أو الزخرفة ، وأن لا يكون شفافاً بل سميكاً ، وأن لا يكون ضيقاً بل واسعاً، وألا يصدر عنه رائحة طيبة وأن لا يكون شبيهاً بملابس الكافرات وألا يكون ثوب شهرة.
فهل هناك من الرجال من يلاحظ هذه الأمور المهمة الآن ، يوجد، ولكن قليل ما هم.
ومما يساعد على انتشار التبرج كثرة خروج النساء لأقل سبب، والسبب في ذلك أيضاً الرجال، تصوروا أن كثيراً من الرجال ترك كل ما يتعلق بالبيع أو الشراء للمرأة ، فتخرج لأقل سبب لوحدها ، لماذا؟ لأن حضرته مشغول حتى صرنا نرى النساء في أسواق الخضار والفاكهة وكأن الرجل لا يعرف كيف يشتري الخضار والفاكهة.
والغريب أن أمثال هؤلاء يسمح لزوجته بالخروج إلى كل مكان، فإذا قالت المرأة: أريد الذهاب إلى المسجد ، ظهرت رجولته فجأة، وقال لها يقول : ((أفضل الصلاة للمرأة في بيتها))، ولو قلت له: هذا حق، ولكن لماذا لا تسمح لها بحضور المحاضرات والدورات والخطب؟ فإنه سيجيبك قائلاً: أنا لا أسمح بخروجها للمسجد منعاً للفتنة. - سبحان الله - إنك تسمح لها بالذهاب إلى الأسواق والحدائق والشوارع ، وقد تكون لوحدها أليست هذه فتنة إنك تحضر لها المجلات السخيفة التي تعامل المرأة معاملة جواري ألف ليلة وليلة بما فيها من الصور الخليعة والعناوين المثيرة (سيدتي ماذا تلبسين في رحلة بحرية) أو تتعلم منها بأن هناك فستاناً لفترة الصباح، وتسريحات لبعد الظهر، وأخرى للسهرة ، أليست هذه فتنة؟
إنك تحضر لها القصص الغرامية والأفلام الخليعة وقنوات البث الفضائية وغيرها من الوسائل التي تساهم في تعليم النساء التبرج والانحلال ، أليست هذه فتنة؟ ثم تأتي بعد ذلك وتقول لها: لا تذهبي إلى المسجد منعاً للفتنة ، وصدق الله "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة: 204].
نعم إنه يتكلم بالإسلام وهو أبعد الناس، هذه يا أخوة بعض صورة التبرج وبعض أسبابها (وللعلم فلن ينصلح حال كثير من النساء إلا إذا قام الرجال بدورهم الصحيح في توجيه النساء وتربيتهن) والحقيقة أن أقسام الناس في استيعاب هذا الكلام اليوم ، لا يخرج عن أقسام ثلاثة:
القسم الأول: فهم واتعظ وأخذ وعداً على نفسه بأن يبدأ من الآن في معالجة هذه الظواهر السلبية إن كانت موجودة في منزله وبين أهله. ويحرص على أن ينتفع بما سمعه وعلمه، وهو ظننا بكم إن شاء الله، أنكم من هذا القسم.
أما القسم الثاني: قسم يسمع الكلام ويفهم، ولكنه لا يزيد على أن يقول: نسأل الله السلامة، ثم يهز رأسه، ويقول: الله لا تبتلينا ثم لا يزيد على هذا شيئاً ، لا يفتش في أحواله لا يتأكد من وضع أبنائه وبناته ، وأنا أريد أن قول شيئاً: إذا كنت تقول (الله لا يبتلينا) ثم لا تفعل شيئاً، وأنا أقول نفس الكلام ولا أفعل شيئاً، والآخر يقول نفس الشيء ولا يفعل شيئاً، فإذا كان هذا موقفنا فما هو الذي يحدث الآن في الأسواق والشوارع؟ من أين أتين هؤلاء النسوة؟ من المريخ أم من القمر؟ ألسن قد خرجن من منازلنا وبيوتنا، فهذا المجتمع يتكون مني ومنك ومن الآخرين فإذا صار الكل يتبرأ ويرمي بالخطأ على غيره، فأين هو المخطئ؟ إذن لهذا من كان منكم من هذا النوع فليراجع حساباته من جديد.
وهناك قسم ثالث أعاذني الله وإياكم أن نكون منهم وهم صنف من الرجال والنساء لا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً ، ويزعمون أنما هي حياتهم الدنيا فقط وينكرون القيم والمبادئ الدينية بل ويصدون عن سبيل الله ولن يزيدهم كلامي هذا إلا عناداً وفسوقًا، بل سيخرجون من المسجد كما أتوا لأنه لا يفيد الكلام معهم شيئاً وأقول لهذا الصنف الذي لا ينفع معه الكلام. أنه ما عليهم سوى الانتظار زمناً قد لا يكون كبيراً ، حتى يوضعوا في أول منازل الآخرة وهو القبر حيث يرون ما لم يروه قط ويلاقون ما وعدهم ربهم حقاً. يقول - تعالى – " وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءاذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" [الأعراف: 179].
ويقول "وَيْلٌ لّكُلّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ ءايَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" [الجاثية: 7، 8].
فهل يتنبه هؤلاء، هذا ما نرجوه ونتمناه.
http: //www. alminbar. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/214)
من أين تبدئين الدعوة في المجال الطبي ؟
د. رقية بنت نصر الله محمد نياز
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (سورة آل عمران: الآية: 102)
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (سورة النساء: الآية: 2).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ُيصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَه فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ُ} (سورة الأحزاب: الآية: 70 ، 71)(1).
أما بعد: فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للناس جميعاً ، وبه ختم الله سائر الرسالات السماوية السابقة ، يقول - سبحانه وتعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ُ} (سورة المائدة: الآية: 3).
ومقام الدعوة إلى هذا الدين مقام عظيم ومرتبة عالية ، لأنه مقام صفوة خلق الله - تعالى - محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وخلفائه الراشدين - رضي الله عنهم - الذين خلفوه في العلم والعمل به والدعوة إليه (2).
إذاً ، فالدعوة والتبليغ هدف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وشعار لحزبه المفلحين ، وأتباعه من العالمين (3)، قال - تعالى - {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة يوسف: الآية: 108.).
ولقد كان من فضل الله - تعالى - على الإنسانية أن عمّم أمر التكليف بالدعوة إلى هذا الدين ، ولم يخصها بجنس دون الآخر ولا بذكر دون أنثى ، فحمل - سبحانه وتعالى- النساء هذه المسؤولية أيضا.
وقد حمّل القرآن الكريم خطاب التكليف إلى الرجل والمرأة معاً في قوله - تعالى -: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة آل عمران: الآية: 104). ومعلوم أن الأمة تتكون من الرجال والنساء فالخطاب للجميع (4).
وجاء الاستقلال بالتكليف في خطاب خاص موجه للمرأة ، وذلك في قوله - سبحانه وتعالى- {وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا}. وقد فسر حبر هذه الأمة (القول المعروف) بأنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (5). اللذان يعدان أصل الدعوة إلى الله وأساسها المتين.
ومما يدل أيضا على تخصيص المولى - سبحانه - المرأة بهذا الخطاب ، قوله - تعالى -: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (سورة الأحزاب: الآية: 34)، ومعلوم أن هذه الآية لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يخبرن بما أنزل الله إليه من القرآن في بيوتهن وما يرين من أفعاله - عليه الصلاة والسلام - وأقواله ، حتى يبلغ ذلك إلى الناس فيعملوا بما فيه ويقتدوا به (6).
والخطاب وإن كان في الآيتين السابقتين لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن نساء المؤمنين مقتديات بهن ، ونقل هذه الأمور من صميم الدعوة إلى الله - تعالى -.
إذا هذا الخطاب من البشائر العظيمة ، وهذا التكليف من الأوسمة التي حُقّ للمرأة المسلمة أن تفرح وتفتخر وتستبشر بها!! كيف لا والله - سبحانه وتعالى- رفع من قدر الدعوة وأثنى على الذين يدعون الخلق إلى الخالق تبارك و- تعالى - (7)في مثل قوله - تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَال إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ َ} (سورة: فصلت ، الآية 33).
كيف لا تفرح الأخت المسلمة بهذا الخطاب وبشارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تطرق أذنيها حين يقول: (فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحد ، خير لك من حمر النعم) (8).
كيف لا تستبشر وهي تعلم علما يقينا أنها بهذا التكليف ستنال أجورا عظيمة تساوي أجور كل من كانت سببا في هدايتهم وصلاحهم ، وذلك في حياتها وحتى بعد مماتها إلى يوم القيامة (9)، وذلك تصديقا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه ، لا ينقص من أوزارهم شيئا) (10).
لهذا كان للمرأة المسلمة منذ فجر الإسلام دور مبكر في الدعوة إلى الله ونشر هذا الدين. فهي أم الرجال ، وصانعة الأبطال ، ومربية الأجيال. لها من كنانة الخير سهام ، وفي سبيل الدعوة موطن ومقام. بجهدها أشرق أمل الأمة ولاح فجرها العظيم. على عكس بعض نساء اليوم اللاتي شغلن أنفسهن في غير طاعة ، وشغلن أنفسهن بسفاسف الأمور وصغيراتها ، فنجد اهتماماتهن منصبة في اللباس ، وأُخرى في قصات الشعر ، والمرور على المراكز التجارية ، والتجول في الأسواق ، والتنقل بين القنوات والمجلات أخذ عليهن جل الأوقات. فضاعت منهن أنفس اللحظات وأثمن الأوقات في غير ما خلقن له. يقول ابن القيم - رحمه الله - تعالى -: فمن كان وقته لله فهو حياته وعمره ، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته ، وإن عاش فيه عاش عيش البهائم ، فإذا قطع وقته الغفلة والسهو.. فموت هذا خير له من حياته (11).
فهل يصح للمرأة أن تنصرف بعد ذلك عن هذا الطريق!! طريق الدعوة إلى الله.. طريق الدعوة إلى الخير والهدى والذي عده (القرآن الكريم) من اللوازم الضرورية لإيمانها ، فإذا ما تخلفت عن هذا الواجب العظيم دل ذلك على وجود شرخ في البناء الإيماني قد يخرجها إلى حظيرة النفاق والمنافقين ولا يمكن إصلاحه وترميمه إلا من خلال القيام بهذا الواجب... واجب الدعوة.
وهذا إشارة إلى ما جاء في قوله - تعالى -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَ- رحمهم الله - إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (سورة التوبة: الآية 71). فعلق - سبحانه وتعالى- إيمان المؤمنين والمؤمنات بالقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. أي الدعوة ثم أردف ذلك ببعض أركان الإسلام مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وأيضا في قوله - تعالى -: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (سورة التوبة: الآية 67). وعلى العكس من ذلك فالله - سبحانه وتعالى- نسب النفاق إلى الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف ، ومعلوم أن نسبة النفاق إلى أي أحد معناه نفي الإيمان.
ويؤكد - صلى الله عليه وسلم - هذا بقوله: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (12) ، وفي رواية أخرى: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) (13).
من هنا نؤكد ونقول إن إيمان المرأة يحتم عليها مسؤولية القيام بالدعوة في المجال الذي تعيشه كلا حسب طاقاتها وقدراتها ، فالأم في بيتها ، والمعلمة في صفها ، والطبيبة في عيادتها ، والإدارية في إدارتها.... الخ.
إن المجتمعات في حاجة ملحة إلى دعوة الله وبدون هذه الدعوة لا استقرار ولا سعادة ، واجتماعنا اليوم كان لأجل تقديم هذا الخير لفئة مهمة من البشر ـ الجاليات ـ في مؤسسة إنسانية ، اجتماعية لا أحد ينكر دورها الهام الذي باتت تلعبه على كل المستويات. فإذا كانت الشريعة الإسلامية قائمة على حفظ الروح وتغذيتها ، فإن المجال الصحي قائم على حفظ البدن ووقايته وفي هذا الصدد يقول الإمام الشافعي ـ - رحمه الله -.. " صنفان لا غنى للناس عنهما: العلماء لأديانهم ، والأطباء لأبدانهم " ، والإنسان إنما هو بدن وروح ، والروح والبدن مرتبطان أوثق ارتباط وهذا يعطي للأخت الطبيبة المسلمة بصفة خاصة وللعاملات في هذا المجال مسؤوليتين عظيمتين لا مسؤولية واحدة. إحدى هاتين المسؤوليتين تتعلق بحفظ البدن والأخرى حفظ الروح.
ولقد شعر المنصّرون وغيرهم بأهمية مكانة المجموعة الطبية واستغلوها للدعوة إلى دينهم ومذهبهم ، ولقد أفصح " صمويل زويمر " على هذه الأهمية بقوله: " إن جميع العاملين في ميدان التبشير في الجزيرة العربية متفقون على أن الطبيب القدير والجراح الماهر يحمل جوازاً يفتح القلوب مهما كانت عنيدة ، إن المستشفيات في الجزيرة العربية هي مكان تلتقي فيه الرحمة بالخلق ، ويتعانق فيه الصلاح والسلام ". (14)
ونحن نقول: إن المستشفيات والمراكز الصحية أماكن يجتمع فيها المسلمون بأمثال هؤلاء المنصّرين وغيرهم من الجاليات العاملين في هذا المجال باسم الطب والتمريض والهيئات الفنية والأيدي العاملة. فلماذا لا تستغل هذه المجالات وتكون منبرا للخير والهدى وذلك بغرس العقيدة السليمة ومحو العقائد الفاسدة وآثارها المدمرة. وهذا بالطبع يحتاج إلى وقفة صارمة منك أيتها الأخت العاملة في المجال الصحي.
ولا تقول قائلة: إنني لا أحسن الدعوة ، لأنني غير متخصصة في المجال الدعوي!! فهذا كلام مردود لأن الدعوة إلى الله - تعالى - لا تحتاج عالما متخصصا.. أو خطيبا مفوها.
إن المرأة المسلمة العاملة في المجال الصحي تستطيع بفطرتها السليمة أن تميز الأخطاء وتصححها ، وتتعرف على المنكرات وتنبه عليها. وقبل هذا وذاك هي مسلمة تملك من مبادىء الدين وأساسياته ما يمكنها من القيام بالدعوة إلى العقيدة السليمة عقيدة التوحيد.
هذا هو الطريق.. لكن من أين البداية الصحيحة في هذه الدعوة؟.
وللإجابة على هذا السؤال نقول: من المهم في أي دعوة موجهة أن يبدأ الإنسان من نفسه وبنفسه ، ولعلي لا أغالي في قليل أو كثير إذا قلت للأخوات العاملات في هذا المجال أن الأساس في دعوة هذه الفئة خاصة وفي هذا المجال بالذات أن يبدأ بتصحيح النفس وإصلاح الذات وأقصد بذلك ـ الداعية ذاتها ـ لتكون صورة حية للإسلام في الأقوال والأفعال ، في المظهر والسلوك والتعامل ومن هنا تكون أنموذجا صالحا للاقتداء ، وأيضا تكون قد ساهمت في الدعوة بأسلوب من أساليبها والذي يعرف في المصطلح الدعوي بأسلوب القدوة.
وتبرز أهمية القيام بالدعوة من خلال القدوة هنا بالذات من عدة أمور أهمها:
أولا: سرعة انتقال الخير من المقتدى به إلى المقتدى وسهولته. فالأخذ بالشيء عمليا والتمسك به أكثر إقناعا للمدعوين من الحديث والثناء عليه ، لاسيما وأن لغة الحوار بين المرأة الداعية وبين الجاليات قد تكون معدومة وإن وجدت فإنها في نطاق ضيق ومحدود ، وذلك لاختلاف اللغات ، فمجرد العمل بالخير وتطبيقه تحصل قناعة عندهم بصلاحية هذا الخير والفعل للتطبيق ، وأنه ليس أمراً مثالياً مجرداً. كل ذلك دون الحاجة إلى لغة الخطاب.
ثانيا: سهولته ، فأثر القدوة عام يشمل جميع الجاليات على مختلف مستوياتهم ، فالمتعلم والأمي منهم سيناله نصيب من الدعوة من خلال محاكاة فعل الداعية وتقليدها وإن لم يتم فهمه.
ثالثا: إن متطلبات العمل في المجالات الصحية تقتضي التنقل والحركة المستمرة مما يصعب معه عقد مناقشات وحوارات. وهنا تبرز قيمة الدعوة بالقدوة..
رابعا: إن من طبيعة البشر وفطرتهم التي فطرهم الله عليها أن يتأثروا بالأمور العملية أكثر مما يتأثرون بالأمور الفطرية كالقراءة والسماع ، وهذا التأثير فطري لا شعوري. (15) ومن هنا أشارت أم سلمة - رضي الله عنها - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأسلوب الدعوي والمبادرة إلى (الحلق والتحلل) ليقتدي به الناس عمليا ، فكان كما قالت - رضي الله عنها -.
وقد أكدت المصادر الأصلية في تاريخ الدعوة الإسلامية أن من أسباب انتشار الإسلام خارج النطاق العربي حتى وصل إلى الهند والسند شرقا والأندلس غربا كان من أهم أسباب هذا الانتشار هو أسلوب القدوة الحسنة.. فقد حمل الصحابة رضوان الله عليهم الإسلام بجوارحهم ولم يحملوه على ألسنتهم فحسب فكان الإسلام يتجلى في أفعالهم وسلوكهم وتعاملهم ، ونتيجة لذلك يقول " غوستاف لوبون أقبلوا على تعلم اللغة العربية وإن تعلمها ساعد على تعريفهم بالإسلام ".
ويؤكد أهمية دور القدوة في الدعوة إلى الله - تعالى - أحد الذين استجابوا لهذا الدين حديثا إنه مدير دريم بارك الأمريكي " وليم فرنسيس " سابقا و " يوسف كيلي " حاليا ، حين تحدث عن قصة إسلامه قائلا " لفت نظري إلى الإسلام كلمة قالها لي سائق سيارتي " أيمن ": أنت قلبك طيب زي قلوب المسلمين بالضبط. ففكرت من هنا في معنى هذا الإسلام وقرأت عنه حتى أشهرت إسلامي. ثم يقول: إن المسلمين يعاملوني جيدا حتى قبل أن أسلم أو أخبرهم أنني أفكر في الإسلام ، ومعاملتهم لي لم تجعلني أشهر إسلامي ولكن جعلتني أفكر بإيجابية في اعتناق هذا الدين ، وأعتقد أنه لو كانت المعاملة سيئة ربما لم أعتنق الإسلام ، لأنه طالما أن هؤلاء المسلمين معاملتهم سيئة وتصرفاتهم خاطئة فلماذا أكون على دينهم. (16)
إذاً فحركاتك وسكناتك أيتها الأخت المسلمة العاملة في المجال الصحي محسوبة لك أو عليك إن خيراً فخير وإن شراً ـ والعياذ بالله ـ فشر نسأل الله السلامة.
ولعل حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - السابق ذكره يؤيد هذا المقام في قوله " فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم ".
لهذا نؤكد على الأخت المسلمة العاملة في المجال الصحي الالتزام ومراعاة الآتي:
أولا: تقوى الله ومراقبته في السر والعلن.
ثانيا: الالتزام بأركان الدين وواجباته كأداء الصلاة في أوقاتها المحددة بخشوع وبدون تفريط ، والالتزام بالحجاب الإسلامي الساتر غير مبدية زينة وتبرج وسفور أو فتنة كالعطر والمكياج.
ثالثا: الاعتزاز بالدين الإسلامي والمجاهرة بآدابه وسلوكه فعلى سبيل المثال التحية بتحية الإسلام بدلا من التحيات الأجنبية الدخيلة.
رابعا: التخلق بأخلاق الإسلام والالتزام بها كالصدق والأمانة والنزاهة والتواضع والصبر.
خامسا: الدقة والالتزام والانضباط في المواعيد.
سادسا: تأليف قلوب الجاليات من خلال تقديم المساعدات.
سابعا: إتقان العمل والإخلاص فيه وهو ما يسمى في العرف الطبي بصدق النية وصدق العمل.
ثامنا: البعد عن الخوض في الأمور المحرمة شرعا والمستقبحة اجتماعيا ، كالغيبة والنميمة والهمز ، وكثرة الكلام والضحك ، والتلفظ بالألفاظ غير المقبولة في المجتمع ، والتدخين.
تاسعا: البعد عما يسمى بخوارم المروءة. وإن كانت ما لم يحرم شرعا كمضغ العلكة أثناء العمل ، ولبس الملابس الشاذة اجتماعيا.
عاشرا: توضيح اللباس الشرعي الساتر للجاليات من خلال مظهرك وملبسك. والله. الله في الحجاب فاجعليه شيئا بارزا في مظهرك فالناعقون عندما بدأوا يطلون برؤوسهم من جحورهم الموحلة لتدمير الإسلام وأصوله العظيمة إنما كانت من خلال نزع الحجاب في أمثال هذه المؤسسات لدفع الفتاة إلى الرذيلة وإبعادها عن سياج الصون والعفاف.
وأخيرا: اجعلي رضى الله - سبحانه وتعالى- وتحقيق عبوديته من خلال هذه المهنة هو الهدف الأسمى ، أما النجاح المادي والإجتماعي أو الحفاظ على السمعة وتحقيق الشهرة فإنه يأتي بعد ذلك تحقيقا لقوله - تعالى - {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
أختي المسلمة: إن بإمكان كل إمرأة عاملة في المجال الصحي أن تكون داعية إلى الله إذا التزمت بهذه الضوابط ، والأمر يسير لمن يسره الله لها.
إن الأمل يحدونا إلى أن تكون هناك دعوة نسائية داخل المؤسسات الصحية وأن تكون هذه المحاولات جادة وأصيلة قائمة على مسالك رشيدة تبدأ من إصلاح النفس حتى ينعكس ذلك الإصلاح والخير على الغير ، ولا ننسى هنا أن نذكر بأهمية الدعوة القولية. أو الدعوة بإحدى الوسائل السمعية كالكاسيت.. أو المقروءة كالكتب والمنشورات... الخ.
أختي المسلمة العاملة في المجال الصحي: إن قيامك بالدعوة أياً كان نوعها ، ومهما كان حجمها يجعل منك عنصرا فعالا في بناء مجد دينك وأمتك وسوف تضمنين سعادة الدنيا والآخرة ، وهذا تحقيقا لقوله - تعالى -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونٍَ}(سورة: النمل: الآية / 97.).
وقد أكد جمع من المفسرين أن الحياة الطيبة تكون في الدنيا والجزاء بالأجر يكون في دار الآخرة. (17)
والله - تعالى - أسال أن يجعلنا هداة مهتدين ، غير ضالين ولا مضلين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
-------
1- خطبة الحاجة: كما سماها العلماء ، وأثبت الشيخ محمد ناصر الدين الألباني صحة بعض طرقها ، وله رسالة بعنوان (خطبة الحاجة) (ص 13) المكتب الإسلامي 1400هـ وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (1/3). الطبعة الرابعة 1405هـ. ط. المكتب الإسلامي (بيروت).
2- انظر: رسالة في الدعوة إلى الله / للشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص 5) مكتبة الربانيين.
3- انظر: أعلام الموقعين عن رب العالمين / للعلامة ابن قيم الجوزية (1/8) دار الفكر ، ط. الثانية 1397هـ.
4- المرأة المسلمة المعاصرة إعدادها مسؤوليتها في الدعوة ، د. أحمد أبابطين (ص 105).
5- انظر: الجامع لأحكام القرآن الكريم / للامام القرطبي (14/178).
6- انظر: أحكام القرآن / للامام أبو بكر بن العزي (3/1526).
7- انظر: تفسير القرآن العظيم / للحافظ ابن كثير (7/167).
8- صحيح البخاري مع فتح الباري (6/111) حديث 2942 ، كتاب الجهاد ، باب دعاء النبي الناس إلى الإسلام.
9- انظر: شرح الإمام النووي على صحيح مسلم (16/226).
10- صحيح مسلم (4/2060) حديث 2674 ، كتاب العلم ، باب من سن سنة حسنة أو سيئة.
11- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي / للإمام ابن القيم (184)..
12- صحيح البخاري مع فتح الباري (6/496) حديث 3461 ، كتاب الأنبياء.
13- صحيح مسلم (1/69) حديث 49. كتاب الإيمان ، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان..
14- نقلا عن كتاب المرأة المسلمة المعاصرة إعدادها ومسؤوليتها في الدعوة / د. أحمد بن محمد أبابطين (ص 3 ـ 5).
15- انظر: المدخل إلى علم الدعوة / د. محمد أبو الفتح البيانوني (ص 273).
16- نقلا عن مجلة المستقبل ، العدد / 122 جمادى الأخرة 1422هـ (ص 14 ، 16).
17- انظر على سبيل المثال: تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير (4/521).
http: //www. saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/215)
المرأة وكيد الأعداء
خالد الشارخ
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فيا أيها الأخوة في الله، إن أعداء الإسلام منذ بزوغ شمسه وظهوره، وانتشار ضيائه وجماله وسنائه، وهيمنته على الأديان كلها إبان ظهوره ووقت بزوغه، ما فتؤوا يكيدون الإسلام وأهله، ويتربصون بهم الدوائر "وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء" [النساء:89].
وإن أعداء الإسلام سلكوا مسالك شتى لضرب الإسلام وعرقلة انتشاره وظهوره، ولكن لعمر الله من يرد السيل إذا هدر؟ أم لعمر الله من يرد على الله القدر؟
جرب هؤلاء الأعداء أبواباً كثيرة ومسالك خطيرة في تشويه الإسلام، وتقويض حصونه من الداخل، لكن ـ أيها الإخوة ـ ليس العجيب أنهم يخططون لضرب الإسلام وشل حركته، ولكن العجب العجاب أن تنطلي دعواتهم ودعايتهم وكلامهم المعسول المسموم على السذج والبسطاء من أبناء المسلمين، فيصبحون من أنصار هذه الدعوة ومن الداعين إليها، والمنافحين عنها، والناشدين لأمرها من حيث شاءوا أو لا يشاءون.
أيها الأخوة الأحبة، ولقد تمكن أعداء الإسلام من هز كيان هذه الأمة وزعزعة حصونها وأن ينفذوا مخططًا مجرماً لتدمير الأمة الإسلامية، وذلك من خلال بابين خطيرين:
ألا وهما باب العقيدة وباب الأسرة وإن شئت فقل باب المرأة المسلمة.
أما الباب الأول: فقد استطاع الأعداء أن ينشئوا مذاهب منحرفة وعقائد باطلة ويدسوها في أصل ديننا، حتى أفسدت عقائد الكثيرين من أبناء المسلمين فافترقوا فرقاً، وصاروا شيعًا وأحزابًا يكفر بعضهم بعضًا، ويضرب بعضهم رقاب بعض، وسلط هؤلاء الأعداءُ على نصوص الوحيين التأويلاتِ الباطلة حتى فسد الدين فسادًا، لولا أن الله - سبحانه - تكفل بحفظه وأقام له حرسًا ووكّلهم بحمايته من تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين، لجرى عليه ما جرى على الأديان السالفة، ولكن الله برحمته وعنايته بهذه الأمة يبعث لها عند دروس السُّنَّة وظهور البدعة من يجدد دينها، ولا يزال الله يغرس في دينه غرسًا يستعملهم فيه علمًا وعملاً.
وإن الكلام عن هذا الباب وما دسّ فيه الملحدون وأذنابهم من الشبه والتشبيه والضلالات والجهالات يطول جدًا، فسنرجئه إلى خطبة أخرى.
ولكن مقصودنا هو الباب الثاني، الذي نفذ إليه أعداء الملة، وأصبحوا لا يأتون بضلالة إلا فعل الناس أكبر منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ألا وهو تدمير الأسرة، وذلك من خلال ركنها الركين، وجانبها القوي المتين، ألا وهو المرأة، والواقع أكبر شاهد يمكن الاستدلال به على ما نقول.
أيها المسلمون، لقد شوه هؤلاء الكافرون موقف الإسلام من المرأة، حتى صار الدين عند الكثيرين متهمًا، يحتاج إلى من يدافع عنه؛ ولكنهم كذبوا في ذلك، وافتروا على دين الله.
فلم يوجد ولن يوجد دين أكرم المرأة واحترمها وأعلى شأنها، كما في شريعة محمد. فالمرأة في الإسلام هي تلك المخلوقة التي أكرمها الله بهذا الدين، وحفظها بهذه الرسالة، وشرفها بهذه الشريعة الغراء، إنها في أعلى مقامات التكريم، أمّاً كانت أو بنتاً أو زوجة ًأو امرأةً من سائر أفراد المجتمع.
فهي إن كانت أمًّا فقد قرن الله حقها بحقه فقال: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً" [الإسراء: 23]. وأي تكريم أعظم من أن يُقرن الله حقها بحقه!
وهي وإن كانت بنتاً، فحقها كحق أخيها في المعاملة الرحيمة والعطف الأبوي، تحقيقاً لمبدأ العدالة. "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ" [النحل:90].
وفي حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم))[1] متفق عليه.
ولولا أن العدل فريضة لازمة وأمر محكم، لكان النساء أحقَّ بالتفضيل والتكريم من الأبناء، وذلك فيما رواه ابن عباس مرفوعًا: ((سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحدًا لفضلت النساء)) [2] أخرجه البيهقي في سننه.
ولقد شنّع القرآن على أناس أصحاب عقائد منحرفة، الذين يبغضون الأنثى ويستنكفون عنها عند ولادتها، فقال - تعالى -: "وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِالاْنْثَىا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ" [النحل:58].
ولقد أثر هذا الأدب العظيم من الفرح بالبنت كما يفرح بالولد أو أشد على أدباء الإسلام، حتى كتبوا فيه صيغ التهنئة المشهورة، حيث يهنئ الأديب من رزق بنتاً من أصحابه فيقول له: أهلاً وسهلاً لعقيلة النساء، وأمّ الأبناء، وجالبة الأصهار، والأولاد الأطهار، والمبشرة بأخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون.
ولو كن النساء كمن ذكرنا*** لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب*** وما التذكير فخر للهلال
ثم يقول الأديب لصاحبه: والله - تعالى - يعرّفك البركة في مطلعها، والسعادة بموقعها، فادَّرع اغتباطًا واستأنف نشاطًا، فالدنيا مؤنثة، والرجال يخدمونها، والأرض مؤنثة، ومنها خلقت البرية، ومنها كثرت الذرية، والسماء مؤنثة، وقد زينت بالكواكب، وحليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة، وهو قوام الأبدان، وملاك الحيوان، والجنة مؤنثة، وبها وعد المتقون، وفيها ينعم المرسلون، فهنيئًا لك بما أوتيت، وأوزعك الله شكر ما أعطيت.
أيها الأخوة، وهي إن كانت زوجًا فقد ذكرها الله في كتابه فقال: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا" [الرعد:38].
وهي مسألة عباد الله الصالحين: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْواجِنَا" [الفرقان:74].
كما لا ننسى أن الشرع قد أعطاها حقها من المهر والنفقة والمسكن والملبس، وجعل لها حريتها في اختيار زوجها، وأمر زوجها بمعاشرتها بالمعروف، وأمره أن يترفع عن تلمس عثراتها وإحصاء سقطاتها.
وهي إن لم تكن أمًا ولا بنتًا ولا زوجةً فهي من عموم المسلمين، يبذل لها من المعروف والإحسان ما يبذل لكل مؤمن، ولها على المسلمين من الحقوق ما يجب للرجال.
أيها الأخوة في الله، وعلى الرغم من أن الإسلام احترم المرأة وأعلى مكانتها وأعطاها من الحقوق ما يليق بخلقتها وبقدرتها ـ كيف لا والمشرع هو خالقها، "أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [الملك:14]، ـ لكن أعداء الإسلام من اليهود وأذنابهم، والنصارى ومقلديهم ومحبيهم، والعلمانيين الحاقدين، لا يروق لهم وضعُ المرأة في الإسلام، فهم لمّا علموا وأيقنوا أنهم لن يستطيعوا ضرب الإسلام وتقويض حصونه من الداخل إلا بإخراج المرأة من بيتها بل إخراجها عن طبيعتها وأصل خلقتها ـ "أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18] ـ أرادوها أن تزاحم الرجل في كل ميادين الحياة ولا بد، فلا بد أن تزاحم الرجل في تجارته، وفي عمله، وفي صناعته، وفي وظيفته، بل حتى في سيارته، وتنقله.
أيها الأخوة، ما كان لهؤلاء الحاقدين أن يدخلوا على الناس في بيوتهم ويخرجوا بناتهم ونساءهم، ولكنهم بمخططهم الماكر، افتعلوا قضية وأسموها بمصطلح جديد، منهم من يسمون مساعيَهم لإفساد المرأة وللذهاب بحيائها ودينها [تحرير المرأة]، ليوحوا للمرأة أن لها قضيةً تحتاج إلى نقاش، وتستدعي الانتصار لها أو الدفاع عن حقها المسلوب.
ولذلك يكثرون الطنطنة في وسائل كثيرة ومختلفة على هذا الوتر، بأن المرأة في مجتمعاتنا تعاني ما تعاني، وأنها مظلومة وشقٌّ معطل، ورئة مهملة، ولا تنال حقوقها كاملة، وأن الرجل قد استأثر دونها بكل شيء.
وهكذا، ليشعروا الناس بوجود قضيةٍ للمرأة في مجتمعنا، هي عند التأمل لا وجود لها.
ونحن نقول لهؤلاء الناعقين: أي حريّة للمرأة تريدون؟!
أتريدونها أن تكون ألعوبة في يد القاصي والداني؟!
أم تريدونها أن تكون ورقةً مبذولةً تطؤها الأقدام وتمزقها الأيدي، بعد أن كانت جوهرةً مصونةً لا يكاد يرى أحد منها شيئًا من غير محرمها إلا بعقد صحيح؟
أيّ حرية في أن تكون المرأة مع الرجل جنبًا إلى جنب في كل شيء حتى في مصنعه وهندسته؟!
عجبًا! ثم عجبًا!
تقول إحدى الكاتبات العربيات ـ وكانت إحدى داعيات الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء، وهي حينما تتكلم تتكلم عن تجربة ومعاناة، وبعد زمن طويل في درب هذه الحرية والمساواة المزعومة ـ تقول:
سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يسمى [حرية المرأة] تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها، وعلى حساب كرامتها، وعلى حساب بيتها وأولادها، سأقول ـ وما زال الكلام لها ـ: إنني أُحمل نفسي كما تفعل كثيرات مشقة رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل.
ثم ذكرت: أنها قد تتعرض لبعض الأذى والظلم من الرجل، لكنها تعقّب على ذلك فتقول: هل يعني هذا أن أَرْفُض نعومةً وهبها الله لي، لأصبح امرأة تعلق شاربًا، وتتحدى أقوى الرجال؟ وهل يعني هذا أن أنظر إلى البيت، جنة المرأة التي تحلمُ بها، على أنها السجن المؤبد؟ وأن الأولاد ما هم إلا حبل من مسد يُشدُّ على عنقي؟ وأن الزوج ما هو إلا السجان القاهر الذي يكبل قدمي، خشية أن تسبقه خطوتي؟
لا، أنا أنثى، أعتز بأنوثتي، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله، وأنا ربة بيتي.
ثم تقول: ويا ربِّ اشهد، بيتي أولاً، ثم بيتي، ثم بيتي.
بارك الله لي ولكم بما سمعنا..
----------------------------------------
[1] صحيح، أخرجه أحمد (4/275)، وأبو داود في: البيوع، باب: في الرجل يفضل بعض ولده في النحل (3544)، والنسائي في: النحل (3687). وأصله البخاري في: الهبة للولد (2586)، ومسلم كتاب: الهبات، باب: كراهة تفصيل بعض الأولاد في الهبة (1623).
[2] ضعيف، سنن البيهقي: كتاب الهبات – باب ما يستدل به على أن أمره بالتسوية.. (6/177)، وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير (1197) واستنكره ابن عدي في الكامل (3/380) وضعفه الحافظ في التلخيص الحبير (3/72) والألباني في إرواء الغليل (1628).
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له...
أيها الأخوة في الله، إن أول فتيلٍ أشعله أعداء هذه الأمة المحمدية، هو الحجاب والسخرية منه والنيل من لابِسَتِه بالسب والشتم أو بالسخرية والذمّ.
تقول إحدى الهالكات: إنني ضد الحجاب؛ لأن البنات المحجّبات يُخِفْن الأطفال بمظهرهن الشاذ، وقد قررت بصفتي مدرسة بالجامعة، أن أطرد أي طالبة محجبة في محاضرتي، فسوف آخذها من يدها وأقول لها: مكانك في الخارج.
أيها الأخوة، إن مسالة الحجاب ما هي إلا بوابةٌ يدلُف منها هؤلاء إلى الانحلال من الإسلام بالكلية، فهم لا يكتفون أبدًا بأن تلبس المرأة زيًّا فاضحًا دونما حجاب؛ بل لا يكتفون حتى يعلموا أنهم مسخوا بحق حقيقة الإسلام من قلب المرأة المسلمة.
أيها الأخوة، وإن المرأة متى ما ألقت مُلاءَتَها عن وجهها وظهرت سافرة الوجه لا يغطيها حجاب، فإنها قد فتحت بابًا من الشر لا يقفل أبدًا، ولذلك لما علم رسول الله ضرر النساء على الرجال قال: ((ما تركت بعدي في الناس فتنةً أضرّ على الرجال من النساء))[1].
فإن المسلمة إن تبرجت بلباسها وألقت حجابها، إنها إن فعلت ذلك، فقد فاز الأعداء في مخططاتهم، وكسبوا مكسبًا عظيمًا. وإن المرأة متى ما تبرجت فقد هدمت المجتمع ونشرت الرذيلة، وأشاعت الفاحشة.
يقول سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ومتعنا بعلمه وعمله ـ في رسالة له اسمها [التبرج]، أنصح الجميع بقراءتها، فقد بين فيها الشيخ - رحمه الله - البيان الشافي في حكم الحجاب وحرمة السفور، يقول رحمه الله:
"فلا يخفى على كل من له معرفةٌ ما عمت به البلوى في كثير من البلدان من تبرج الكثير من النساء وسفورهن، وعدم تحجبهم من الرجال، وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن إبداءها، ولا شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة، ومن أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات، لما يترتب على التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة الحياء وعموم الفساد".
ثم يقول رحمه الله: "فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا على أيدي سفهائكم وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن، وألزموهن التحجب والتستر واحذروا غضب الله - سبحانه -، وعظيم عقوبته، فقد صح عن النبي أنه قال: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه))"[2].
ويقول - رحمه الله - رادًّا على دعاة الاختلاط ونزع الحجاب: "إن ثمرات الاختلاط مُرة، وعواقبه وخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها، والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه، ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى؛ فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم بإنصافٍ من نفسه وتجرد للحق عما عداه، فسيجد التحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر" ا.هـ
وأخيرًا: بعد هذه الرحلة الطويلة من تبيين مخطط الأعداء وهتك أستارهم، انتبه ـ أيها الولي ـ من أن تكون ممن يشارك في إنجاح مخططات الأعداء.
وأنتِ أيضًا ـ أيتها المرأة المسلمة ـ احذري ثم احذري أن تستسلمي لهم أو تتنازلي، حتى وإن أبدوا لكِ النصيحة أو الشفقة عليك.
فوالله ما أرادوا حرّيّتك، وإنما أرادوا أن تكوني رقيقاً وألعوبة في أيديهم.
وأنت أيها الولي، راقب من هم تحت ولايتك من البنات الشابات ومن زوجاتك، انظر ما يلبسن عند خروجهن من البيت، سواء ذهبن للسوق هنا أم لوليمة هناك.
فكم سمعنا وسمعتم عن بنات يلبسن الفاضح التي تستحي المرأة أن تلبسه أمام زوجها أحيانًا.
ثم لا تستنكف هذه المرأة وربما تكون ما زالت تنتظر الزوج الذي يخطبها ومع ذلك تلبس هذا الزي الفاضح، بل من النساء من لبست عباءة في السوق وعلى مرأى من الناس، قد أظهرت يديها وربما ساعديها، وتغطت بغطوة خفيفة لا تغطي شيئًا من وجهها، أو لبست نقاباً وأخرجت معظم وجهها أو أخرجت عينيها؛ لتقتل بنظرتها المسمومة ضعافَ القلوب، وإلى الله المشتكى.
وإنك لتعجب حينما تعلم أن هذا الرجل الذي تركب معه في سيارته وهي على هذه الهيئة زوجها الذي نزع من قلبه الحياء والغيرة، فلا غيرة منه ولا حياء منها، وأصبحت الغيرة التي كنا نسمع عنها في ذلك الجيل الأول كأنها أسطورة أو قصة خيالية.
فها هو رسول الله يقول يومًا لأصحابه: ((إن دخل أحدكم على أهله ووجد ما يريبه أشهد أربعًا)). فقام سعد بن عبادة متأثرًا، فقال: يا رسول الله، أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني، أنتظر حتى أشهد أربعًا؟ لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت ما يريبني في أهلي لأطيحن بالرأس عن الجسد ولأضربن بالسيف غير مصفح، وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء.
فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أتعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن))[3]. الحديث وأصله في الصحيحين.
----------------------------------------
[1] صحيح البخاري في: النكاح، باب: ما يتقي من شؤم المرأة (5096)، وكذا مسلم في: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار (2740).
[2] صحيح، أخرجه أحمد (1/2)، وابن ماجه في: الفتن، باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (4005)، وأبو يعلى (1-119/304)، وكذا الضياء في: المختارة (1/147).
[3] صحيح، لم أجده بهذا اللفظ وفي الصحيحين القسم الثاني منه: صحيح البخاري: كتاب الحدود – باب من رأى مع امرأته رجلاً فقتله، حديث (6846)، وكتاب التوحيد – باب قول النبي لا شخص... حديث (7416)، ومسلم: كتاب اللعان – باب: حدثني عبيد الله بن عمر القواريري... حديث (1499).
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/216)
الاختلاط
صالح الجبري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
لنعلم جميعاً أن الخير كل الخير في الأخذ بهذا الدين العظيم والعمل به في كل جوانب الحياة، صغيرها وكبيرها كما يريد الله - سبحانه وتعالى -. وبالمقابل فإن الشر كل الشر، والخطر كل لخطر، والضياع والخسران هو في البعد عنه وتركه، أو العمل ببعضه وترك بعضه، لأن هذه صفات مذمومة، وأهلها ممقوتون عند الله، لأنه لا ينبغي للمسلم بأن يطيع الله فقط في الصلاة والزكاة والحج والعمرة والصيام، بينما يعصيه في الأمور الأخرى التي تتعلق بالحياة. كالذي نراه من بعض الناس ومن أناسٍ يصلون ويصومون ويحجون ويزكون، نراهم قد لا يطبقون أوامر الحجاب وعدم الاختلاط والتي أمر بها رب العالمين، ويتحايلون ويخضعون للعادات والتقاليد التي تسيرهم، وتتحكم فيهم. إن مثل هذا التصرف قد بين الله الحكم فيه بقوله أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذالِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْىٌ فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىا أَشَدّ الّعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ [البقرة: 85، 86].
لهذا فالمطلوب منا هو الأخذ بالإسلام كله وليس لنا خيار في ذلك. قال - تعالى - يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُواتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة: 208].
ومن الأمور التي حذر الإسلام منها ونبه القرآن عليها: هذه المشكلة العظيمة. مشكلة الاختلاط التي تعاني منها الكثير من المجتمعات الإسلامية. هذه المشكلة تحدث عنها القرآن ونبه عليها، ولكن لأن الكثير من المسلمين لا يقرؤون القرآن، وإذا قرؤوه فإنهم لا يفهمونه، لهذا فإنّهم تهاونوا في هذا الأمر حتى وقع المحذور، وتكشف المستور.
قال - تعالى -: وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِى حَتَّىا يُصْدِرَ الرّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَىا لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىا إِلَى الظّلّ فَقَالَ رَبّ إِنّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[القصص: 23 ـ 25].
والمعنى فإن قصة الاختلاط مذكورة في هذه الآيات. فعندما خرج موسى - عليه السلام -من مصر وذهب إلى بلاد مدين حتى وصل إلى بئرها، وجد جماعة كبيرة من الناس يسقون أنعامهم ومواشيهم، ووجد امرأتين تذودان:أي تمنعان ماشيتها من الاختلاط بمواشي الناس فسألهما مَا خَطْبُكُمَا فأجابتاه: لاَ نَسْقِى حَتَّىا يُصْدِرَ الرّعَاء:أي لضعفنا وعدم رغبتنا في الاختلاط فنحن ننتظر الرجال حتى ينتهوا ثم نسقي مواشينا.
تفكروا في هذا الموقف أيها الأخوة وقارنوه بما يحدث في هذه الأيام. ونحن لا نقصد بهذا الكلام الغرب فقط، لأن الغرب منحدر إلى هاوية لا يعلمها إلا الله نتيجة للاختلاط في بلد كبريطانيا. مثلاً فهناك حالة طلاق من كل حالتي زواج. وتقول الاحصاءات أن هناك 8 ملايين عانس. وجميعهن تقريباً يمارسن الزنا. ويستعملن وسائل منع الحمل، ورغم هذا فقد أجريت في سنة واحدة فقط مائة وعشرون ألف حالة إجهاض، نصفهن تقريباً دون العشرين، ولا يزال العدد في ارتفاع.
أما بالنسبة للعالم الإسلامي فلا يخفى عليكم الحوادث التي تتحدث عن الغرام والحب الذي وقع نتيجة للاختلاط بل وحتى الجرائم. ولنأخذ مثالاً على ذلك مثلاً قيادة المرأة للسيارة في بلد عربي مجاور، تقول إحدى الصحف عن شكاوى الفتيات، إن إحداهن تقول: طاردني الشباب بسيارتهم حتى اصطدمت بسيارتي، ومكثت بعدها ثلاثة شهور في الفراش. وأخرى استعانت بأخيها ليحميهامن المعاكسين.
أما الشباب فإنهم يعترفون بذلك ويقولون: هذه متعة لا حدَّ لها. وآخر يقول:أطارد الفتيات فأشعر أني في أوربا.
وتقول إحداهن:طاردني الشباب وصدموا سيارتي ونقلوني إلى المستشفى. وأخرى تقول:لم أستجب للمعاكسة وركوب السيارة فضربوني. وهكذا فهل نعتبر بما يحدث؟
لهذا يا أخوة أوضحت المرأتان لموسى - عليه السلام -أنهما لا تريدان الاختلاط بالرجال حتى لا تتعرضا للإغراءات والفتن.
ومن الآيات السابقة:يتضح لنا أن المرأتين خرجتا للعمل في السقيا، ولكن خروجهما كان للضرورة لهذا قالت: وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ.
إذن يتضح لنا أن مسألة خروج المرأة للعمل؟ هي مسألة اضطرارية، وليس كما يحدث الآن: في كثير من البلاد الإسلامية صار النساء يخرجن للعمل بحاجة وبدون حاجة، والنتيجة أن البطالة قد انتشرت بين الرجال، الذين احتلت النساء أماكنهم فهل هذا معقول:ثم إننا نجد كثيراً من الموظفات يخرجن للعمل، من أجل الصرف على اقتناء الكماليات، وشراء الحلي والملابس وغيرها، بل من أجل ذلك يضحين بمنازلهن وبرعاية أزواجهن وأبنائهن. ويتركن للخادمات تربية جيل مهزوز منحرف.
إذن ما الحل. الحل، هو كما قال الله - سبحانه وتعالى - الذي حدد العمل الإسلامي للمرأة وهو الاهتمام بشؤون بيتها وتربية أبنائها وذلك في قوله وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33] البيت هو مملكة الزوجة ولو اهتمت الزوجة ببيتها لما وجدت وقتاً لشيء آخر. وإن احتاجت المرأة للعمل فعليها أن تلتزم بشرع الله وبالحجاب وأن تبتعد عن الاختلاط وأن لا يؤثر عملها على مهمتها الأساسية في المنزل. وأن يكون العمل في أصله مباحاً كالتدريس والطب للنساء فقط، والخدمة الاجتماعية والعمل الخيري للنساء.
أما إدارية، أو سكرتيرة:فإن النتيجة هي كالتالي " في إحدى الجامعات الأمريكية أقرَّ أكثر من 70 من الموظفات بأنهن تعرضن لاعتداءات جنسية. وفي هيئة دولية هامة اعترفت 50 من السكرتيرات أنهن يتعرضن للاعتداءات الجنسية فمن يريد أن يصل إلى مثل هذه البهيمية.
ومن الآيات السابقة يتضح لنا أيضاً:أن موسى - عليه السلام -سقى لهما بنفسه ولم يتركهما تسقيان.
إشارة إلى أن الرجل الفاضل عليه أن يقدم المساعدة والمعاونة للمرأة التي تضطر للعمل بحكم الضرورة قال - تعالى -: فَسَقَىا لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىا إِلَى الظّلّ فَقَالَ رَبّ إِنّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. سقى لهما ثم جلس في الظل ودعا الله، لأنه لم يؤد المعروف لحاجة في نفسه، أو لحاجة جنسية كما يحدث في هذا العصر، عصر الابتزاز الجنسي للمرأة العاملة.
تقول إحدى الدارسات الحاصلات على الدكتوراه في إحدى الجامعات أن رئيسها المباشر في الجامعة ابتدأ في معاكستها وهي لا تستطيع أن ترفض طلبه لأن مستقبلها الدراسي في يده. وهي لا يمكنها أن تضحي بمستقبلها فرضخت وتقول: ولولا رضوخي لما كانت هناك امرأة في هذه الدرجة العلمية، وهذا الابتزاز الجنسي نجده في كل مكان.فمن قبلته لها العلاوات والترقيات. ومن ترفضه فالخصم من راتبها واتهامها بالتقصير حتى تضطر في النهاية إلى الاستقالة من عملها، لهذا فأين للمرأة العاملة في هذا العصر من أمثال موسى يعاملها بشرف وشهامة وهي تعيش في جحيم الاختلاط بالرجال.
وتلاحظ في الآيات وجود امرأتين (وأخبر الله عن ذلك للإشارة بأن المرأة إذا اضطرت إلى الخروج للعمل فإن عليها بعد اتخاذها الاحتياطات اللازمة، عليها أن تسند نفسها بامرأة أخرى تجنباً للشبهة وحماية من الاغراءات.
أما أن تختلي المرأة برجل من الرجال أياً كان، فهذا لن يكون بعده إلا الدمار؛ لأن الرسول قال: ((ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما)).
وقد اعترفت بذلك إحدى طبيبات الغرب إذ قالت: إني أعتقد أنه ليس في الإمكان قيام علاقة بريئة من الشهوة بين رجل وامرأة ينفرد أحدهما بالآخر أوقاتاً طويلة، وكنت أسأل بعضهن ممن يتمتعن بالذكاء كيف أمكن أن يحدث ذلك، أي الوقوع في الفاحشة فكانت الفتاة تجيب وتقول: لم أستطع أن أضبط نفسي.
لهذا فالحذر الحذر من الخلوة بالنساء ولو حتى من الأقارب أو الخدم والسائقين بالنسبة للنساء، ولا ندري أين نحن من قوله - تعالى - وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الاْبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ [يوسف: 23]. فكيف يسمح بعض الذكور لنسائهم وبناتهم بالخلوة بالسائق أو الخادم. أين عقولهم؟ أين شرفهم؟ وأين شهامتهم؟ كذلك كيف يسمح بعض الرجال لأنفسهم بالخلوة بالخادمات والجلوس معهن؟ وكم سمعنا من حكايات غريبة في هذا المجال. نسأل الله السلامة والعافية.
ونلاحظ أيضاً: في الآيات السابقة أن الله يقول: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاء [القصص: 25] لأنها تربت على الحياء لم تتكشف ولم تتبرج بل قالت له بحزم قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا. هكذا مباشرة قالت له المطلوب، وبدون كثرة كلام. وقارنوا هذا بالذي يحدث من بعض النساء في عصرنا الحاضر. من حب الكلام الكثير مع الرجال: مع ما يصاحب هذا الكلام من تكسر وميوعة سواءً مع الأقارب أو مع الأصدقاء، وسواءً بشكل مباشر أو عن طريق الهاتف. رغم أنهن يعرفن قول الله - سبحانه وتعالى - فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب: 32]. وكم من رجل وقع ضحية كلمة مائعة أو ضحكة فاجرة سمعها من أمثال هؤلاء النساء. إذن على المرأة عندما تخاطب الرجال. فإن عليها أن تخاطبهم بجدية لا تصل إلى التشبه بالرجال ولا بميوعة وتكسر قد يفهم البعض منها أنها تقصد شيئاً ما. وعليها أن تتكلم بقدر الحاجة بدون زيادة أو نقصان. تماماً فهل تعي المرأة ذلك، نرجو ذلك ونتمناه.
إذا كان الغرب الكافر قد ولغ كثيراً في الانحراف نتيجة للاختلاط والتبرج. فإننا نجد كثيراً من المسلمين قد بدأوا ينحدرون أيضاً. ويقلدونهم. ويساعدهم في هذا الدعوة المتكررة لمشاهدة المسلسلات والأفلام والمسرحيات التي لا هم لها إلا التعليم بأسلوب خفي، تعليمهم كيف ينحرفون. والطريف أننا صرنا نسمع البعض يقول:إن الأفلام والمسلسلات قد أفادتهم كثيراً، ووسعت خبرتهم بالحياة.
وهي فعلاً قد وسعت خبرتهم، في كل ما يؤدي إلى فسادهم وتحللهم من أخلاقهم.وإلا فمن أين تعلم الناس السماح للخاطب بالمصاحبة والمخالطة التي تجر إلى الخلوة، ثم إلى ما لا يحمد عقباه، بحجة التعارف ودراسة أخلاق بعضهم بعضاً. كيف حصل ذلك، والدين كما قال : ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)).
وكيف صرنا نسمع عن البعض الذي يسمح لأمه أو أخته أو زوجته بمجالسة أصدقائه واستقبالهم.
بل وحتى مصافحتهم.رغم أن الرسول يقول: ((لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)).
ولماذا صار البعض يتهاون في شأن اختلاط الذكور والإناث في المضاجع، ولو كانوا إخوة، رغم أن الرسول يقول: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)). فلماذا يحدث هذا.
وكيف يسمح البعض لبناتهم بحضور حفلات أعراس يدخل فيها العريس مع عروسته إلى داخل مكان فيه نساء أجنبيات وبكامل زينتهن.وقد يكون معه أقرباؤه. وقد يصور الحفل عن طريق الفيديو، وقد ينشر الشريط بين الناس كما حدث من قبل.
ورغم هذا فبعضهم يعتبر الأمر عادياً جداً وقد يقول: هذا الأمر لا شيء فيه. لا شيء فيه.
والنبي يقول: ((إن الله يغار، وإن المؤمن يغار)) فأين الغيرة؟ شيء يؤسف ما يحدث في هذه الأيام بل إن الأمر وصل بالبعض إلى أنهم يتركون نساءهم يذهبن إلى الأطباء والباعة والخياطين ومن غير محرم، وقد يحدث ما لا يحمد عقباه، ووصل الأمر بالبعض إلى أن بعض الأسر يخرجون للنزهة نساءً ورجالاً، وكأنهم أسرة واحدة ليس بينها حجاب أو ستر. وقد تسمح المرأة من هؤلاء، للرجل الأجنبي أن يراقصها في الحفلات وغيرها على مرأى ومسمع من زوجها الخبيث الذي لا يبالي بذلك.
فمن أين تعلم الناس هذه الأمور الخطيرة. من الأفلام والمسلسلات: فهل نحن منتهون عنها.
أيضاً بالنسبة للسفر (كيف أصبح البعض يسمحون للمرأة أن تسافر وحدها، ومن أجل ماذا؟ من أجل النزهة، وإذا كان الحج وهو ركن من أركان الإسلام لابد فيه من محرم. كما أخبر بذلك عند أمر الرجل الذي خرج للجهاد. وكانت امرأته تستعد للذهاب إلى الحج، فأمره أن يترك الجهاد ويلحق بزوجته.
ثم ماذا عن اختلاط العوائل رجالاً ونساءً، وأحياناً بحكم القرابة خاصة من أقرباء الزوجة أو حتى الزوج كأخيه وابن عمه أليس ذلك حراماً. بل إنه في حق هؤلاء أشد، لما روى عقبة بن عامر أن رسول الله قال: ((إياكم والدخول على النساء فقال:رجل من الأنصار أفرأيت الحمو قال:الحمو الموت))، متفق عليه، والحمو هو قريب الزوج.وذلك لأن التهمة في الغالب بعيدة عنه، فهذا مما ينبغي الحذر منه.
هذه بعض صور الاختلاط الموجودة في كثير من المجتمعات المسلمة والتي تزيد يوماً بعد يوم ونقول لمن وقع في هذا الأمر: يا عباد الله لنكن مسلمين حقيقيين ولنطبق أحكام الإسلام في حياتنا كلها وبدون استثناء. ولنحذر من الاختلاط بأنواعه وأشكاله. ولنحذر أن نغتر بأحوال بعض الناس ووقوعهم في هذا البلاء الخطير. فمتابعة الناس في مثل هذه المعاصي أمرٌ خطير. لأن الرسول: ((لا يكن أحدكم إمعة، إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤوا أساء، ولكن ليوطن نفسه على أن يحسن إذا أحسنوا. وعلى أن يمسك عن الإساءة إذا أساؤوا)). نسأل الله أن يصلح البلاد والعباد.
اللهم إنا نعوذ بك من التبرج والاختلاط. ومن كل ما يغضبك.
اللهم..
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/217)
وراء الأكمة
حمزة الميداني
لماذا هذا الاهتمام العالمي بموضوع المرأة، وبشكل خاص المرأة المسلمة، لماذا هذا الاهتمام المحموم بها وأنها مظلومة في مجتماتها؟ هل هذا صحيح أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ يزعم الغرب أن المرأة المسلمة أسيرة مهانة، مغيبة عن الحياة، وأن المجتمع الإسلامي لم يمكنها من أي نضج، ونقول لهم: اسألوا المرأة نفسها، أليس من مصادر معلوماتكم أن تقوموا باستفتاء حول الموضوع: فاسألوا وسنرى النتائج.
الحقيقة مكشوفة والقضية معروفة، فالقصد هو تفكيك الأسرة المسلمة وجعل المرأة تتفلت من كل قيود البيت والأمومة والتطلع إلى أعمال لم تخلق المرأة لها، فالأسرة بالعرف الإسلامي وبكل القيم الأخلاقية هي أعظم مؤسسة اجتماعية ولا توجد منظمة تأخذ أهمية ومكانة الأسرة.
هذه هي القضية، وهذه تداعياتها، وقد أثارها الغرب منذ أكثر من مئة عام، ولكنه اليوم يثيرها بشكل أقوى، إنهم لا يتكلمون عن الحجاب، بل عن تغيير أحكام الله في الزواج والطلاق والميراث، ذلك لأن المرأة إذا صلحت فهي التي تقيم التوازن في المجتمع، وتعطيه المساعدة والقوة "ومن حكمة الإسلام أنه وضع الموازين القسط للمتضادات، فإذا هي متآلفة وضع الحدود بين المرأة والرجل، فائتلفا وأطفأ بالعدل والإحسان نار الخلاف بينهما"[1].
كانت الأمهات المسلمات وإلى عهد قريب، وهنَّ أقرب إلى الأمية يلدن الرجال، وهذا خير من النساء العالمات اللاتي يلدن للأمة أبناء لا يعرفون دينهم ولا أمتهم، وإني أتعجب من أمة تقبل مناقشة خصوصياتها الدينية والثقافية على منبر ما يسمونه (الأمم المتحدة).
----------------------------------------
[1] - البشير الإبراهيمي/ الأعمال الكاملة 4/66.
http: //www. alsunnah. org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/218)
ماذا يريدون من المرأة ؟
لا شك أن وسائل الإعلام المختلفة بكل ما تمثله من هيمنة وسيطرة وانتشار قد تركت آثاراً سيئة وباللغة الخطورة على شخصية المرأة المسلمة المعاصرة!
وهذه الآثار بدرجات متفاوتة كمّا ونوعاً، إذ تختلف من مجتمع لآخر ومن امرأة لأخرى كما أن أساليب الإعلام في التأثير والتوجيه مختلفة ومتنوعة، إذ قد يكون قصير المدى يظهر نتاجه مباشرة، وقد يحدث التأثير في ظل عميلة تراكمية تحتاج إلى فترة زمنية ممتدة وطويلة ليتم التغيير الكامل في المواقف والمعتقدات والقناعات.
ولذلك فقد يطول بنا المقام لو أردنا عرض كل نماذج آثار الإعلام في إفساد المرأة المسلمة، لكننا سنكتفي بذكر بعضها اختصاراً.
أولاً: ولعله أبرزها وضوحاً وأشدها خطراً وهو فقدان المرأة المسلمة لهويتها الإسلامية وتميز شخصيتها وسحب قدر كبير من انتمائها لدينها وتراثها! وهذا نتيجة حتمية للظاهرة المرضية المتمثلة في التقليد والتبعية (للآخر). فالصحافة النسائية أو البرامج المرئية الموجهة للمرأة المسلمة ـ في أهدافها وطبيعة مضامينها ـ لا تعكس قيم المجتمع المسلم الذي تظهر فيه وترويج، بل تكرس نموذج المرأة الغربية وتظهره بصورة ترسخ في الأذهان على أنه هو النموذج القدوة!! وهذا التكريس كان سبباً طبيعياً ومباشراً لضمور الفارق في الاهتمامات والممارسات بين المرأة المسلمة المعاصرة في بعض البلدان الإسلامية وواقع المرأة الغربية!
ثانياً: الفراغ الفكري والإغراق في الهامشية الذي تعاني منه المرأة المسلمة المعاصرة: ومع أنه يُفترض أن يكون للإعلام النسائي مهمة بنائية وتربوية تهدف إلى الارتقاء بفكر المرأة نحو آفاق أشمل وأبعد، بحيث يكون دوره معها حلقة مستمرة من التعليم والتربية والتثقيف. إلا أن واقع الإعلام الموجه للمرأة يؤكد أنه قد مارس تهميش فكرها وتعامل معها على أنها جسد وحسب، فطغيان البرامج الترفيهية التافهة وأشغال جزء من ساعات البث وصفحات الصحف بالغث من الموضوعات التي تحصر اهتمامات المرأة بدائرة ضيقة تنطلق بالاهتمام بالشكل وتنتهي إيه بدءاً بالموضة والأزياء، الإكسسوار، وبرامج التخسيس وعمليات التجميل! وانتهاءاً بكيفية استغلال المرأة إمكاناتها الشكلية (المظهرية) للفت انتباه (الآخر)! وحقيقة فإن طغيان مثل هذه المواد واحتلالها مساحة كبيرة من البث الإعلامي يعكس نظرة الإعلام للمرأة، إذ يراها وجهاً وجسداً جميلين مع إلغاء وإماتة مستهدفة لروح العقل والفكر والفهم! وهذا كله جعل المرأة نفسها تعيش خواءاً فكرياً وفراغاً روحياً وخلطاً عجيباً بين الغايات والوسائل! واختلالاً ظافراً وعدم توازن في النظرة لكثير من الأمور، ففي الوقت الذي يتبلور المفهوم الإسلامي المعتدل للجمال على أنه وسيلة تأخذ منه المرأة قدراً معيناً تُحقق به أنوثتها يزرع الإعلام في حس المرأة أن (الجمال المظهري) غاية تستحق أن تبدد المرأة جهدها ووقتها ومالها بل وربما تعيش لأجله!! وبهذه الهمة الدنيوية والاهتمامات السطحية التي أصبحت تشغل المرأة وتسيطر على تفكيرها أخرج الإعلام المرأة وحرمها المشاركة الفعلية التي ينادي بها.
دور الإعلام الإسلامي في التصدي للهجمة:
لعل ما ذكر سلفا يوقفنا وجهاً لوجه أمام القضية الأهم التي اقتضت هذا التناول المتواضع وهي دور الإعلام الإسلامي للتصدي للهجمة الإعلامية تجاه المرأة المسلمة. وبداية فأن ثمة حقيقة يُفترض أن نعترف بها ونعتني بجوانبها وهي افتقار الصحوة الإسلامية ذات الرصيد الجماهيري الكبير إلى الإعلام الشامل والفاعل، وهذه الحقيقة (المرة) ستظل معضلة حقيقية نعاني منها حتى إيجاد الإعلام الإسلامي القادر على المنافسة! ونحسب أن هذا الإيجاد لن يكون إلا إذا تنامى الوعي الجماعي بأهمية الإعلام في حياتنا وبمسيس حاجتنا إليه، وإذا تخلص أبناء الصحوة من سيطرة العقلية النكوصية المتشوقة للماضي والتي تحفز لدى أصحابها أحاسيس العزلة والانسحاب والخوف من الجديد سواء كان رأياً أو ثقافة أو مشروعاً حضارياً!
فالواقع أن ـ المسلم المعاصر ليس راضياً عن الأوضاع القائمة في الإعلام المعاصر ويرفض كل الاتجاهات والقيم والأسس السائدة المنبثقة منه. وتنحصر رؤية تجاه الإعلام بأنه عدو آخر يجب بغضه والحذر منه وإدارة الظهر له وحسب!! دون محاولة إيجاد بدائل مسموعة، مرئية، مقروءة، واتخاذها خطوة في طريق الحل الطويل! فالخطوة وإن كانت متأخرة عن مسيرة الإعلام (الآخر) وضئيلة مقارنة بحجم قدراته وآلياته إلا أنها ستزرع الأمل بنقلة نوعية فيها درة الفعل نفسه، وتتخطى الندب والتشاكي إلى العمل الجاد.
فقد مضى على الصحوة زمن طويل مارست فيه التحذير من جملة المجلات والصحف والبرامج المرئية الموجهة للمرأة وذكر قائمة طويلة من مضارها ومخاطرها وتقديم حل إسلامي جاهز للعرض وهو مقاطعتها وإغلاق الأبواب دونها وحسب! بمعنى أن موقفها الإعلامي بدأ بالرفض وانتهى إليه.. وهو الموقف الأسهل دائما! وكان يفترض أن يثمر هذا الموقف ـ على الأقل عن أوراق عمل ودراسات ومشاريع إعلامية مستقبلية مقترحة تساهم في إزالة الرهبة من خوض التجربة الإعلامية لدى الإسلاميين وتشعرهم بأن هذا الكم الهائل والاهتمام الكبير بالمرأة المعاصرة م قبل الإعلام (الآخر) والذي يغمرنا بقوالب متنوعة ما بين برامج مرئية وصحف ومجلات متخصصة إنما هو تحكُّم في مستقبل هذه المرأة، وتشكيل لفكرها وعقليتها، وصياغة جديدة لممارستها واهتماماتها ـ عل غير ما نريد ـ!! ومن ثَمَّ فإن المقاطعة ستبقى حلاً مؤقتاً لو ناسب مرحلة زمنية معنية ـ افتراضاً ـ فلن يُناسب المراحل التي ستليها ـ يقيناً ـ. فالاختراق الثقافي الذي تتسع دائرته يوماً بعد آخر سيتيح للجيل إلغاء الحدود والسدود وعنصري الزمان والمكان ثم امتلاك القدرة للوصول إلى جميع أنحاء العالم؛ وربما يكون ذلك بطريقة أقل تكلفة وأسهل استعمالاً من الضغط على الريموت!! لذا فليس من الواقع المنطقي والعملي ـ ونحن أمام ثورة تقنية ضخمة لوسائل الاتصال ـ أن نربي الجماهير على المقاطعة والانعزال ونحرمها من التكيف الإيجابي بإيجاد البديل الهادف الذي يحفظ خصوصيتنا العقائدية والثقافية، وفي الوقت ذاته يكون عوضاً لنا عن مرارة الشكوى وسلبية الانعزال.
وثمة ملامح أولية لهذا التكيف أوجزها فيما يلي:
1-ضرورة توعية الأمة بأهمية الإعلام، والتذكير بأننا أمة قام تاريخها المجيد من خلال وسائل إعلام إما مقروءة مثلها الكتاب، أو مسموعة من محاريب يرتفع صوتها بالقرآن ثلاث مرات يومياً، ومن منابر ارتفع منها صوت الخير والنصر والإرشاد منذ مرحلة التأسيس وإلى قيام الساعة.
2 - أهمية الاحتفاء بالبحوث والدراسات والممارسات الإعلامية على اختلاف هويتها وتوجهاتها ومحاولة استيعابها والإفادة منها، مع تحريض النخب من الإسلاميين من ذوي الخبرة المهنية والميدانية لتقديم رؤاهم ومعالجاتهم للاتكاء عليها في بداية التجربة؛ فقد تلفت النظر لمسارات واتجاهات إعلامية غائبة نحن بحاجة إليها.
3 - صناعة البدائل الإسلامية في مجال الإعلام بمختلف فنونه وضروبه وألوانه؛ على أن تكون هذه البدائل ملتزمة بالرؤية الإسلامية ومؤطَّرة بالمرجعية الشرعية، مع تذكير المتلقي المعاصر إلى أن صياغة هذه البدائل صياغة إسلامية إنما هو صورة من صور التحدي الحضاري الذي يواجه الأمة في الحاضر والمستقبل، ويتطلب من أبنائها مزيداً من سعة الأفق والمرونة والإنصاف والتخلص من الأحكام الجاهزة (ومبدأ: إما صفر أو مائة بالمائة)! إذ إن وجود خلل أو خطأ أو تجاوز هو من طبيعة العملية الإعلامية ـ ولا شك ـ.
4 - الرؤية الشاملة للإعلام الإسلامي ـ المنتظر ـ وعدم حصره بالإعلام الديني البحت؛ حيث لا يُنتظر منه التركيز على إيضاح الجانب العبادي، كما هو الحال مع نتاج الصحافة الإسلامية الذي يغلب عليها ما يتعلق بالعبادات، وكما هو الحال أيضاً مع البرامج المرئية الدينية التي لا يعدو نتاجها عن فتاوى وأحكام وتوجيهات وعظية مباشرة وتلاوات قرآنية مكررة.
5 - الإلمام بالواقع الذي ينبثق منه الخطاب الإعلامي الإسلامي ويوجه إليه؛ بحيث يستند في مضامينه إلى تصور موضوعي لواقع متلقيه والمستفيدين منه واحتياجاتهم الحقيقية؛ ففي قضية المرأة ـ مثلاً ـ: لا بد أن نحدد أولاً من هي المرأة التي نتحدث إليها؟ واستيعاب كامل مراحلها العمرية واهتماماتها وقابليتها، ومن ثَمَّ: ماذا نُريد منها؟ وماذا نُريد لها؟ بمعنى أن يكون لإعلامنا مع المرأة المسلمة هدف رئيس ينشد تحقيقه؛ بحيث لا يكون جل نتاجه ردود أفعال لأطروحات الآخر أو تفنيداً لآرائه وهجماته وحسب؛ فالأصل تقديم مادة ذات مهمة وقائية بنائية معاً؛ بحيث تبني شخصية المرأة المتلقية المتزنة والمستقلة القادرة فيما بعد على تفنيد ما تسمعه أو تراه أو تقرؤه! وبعد: فهذه الكتابة لا تعدو عن كونها ومضات أمل بأن ترفع الأمة راية جهادها الإعلامي فتخوض معركة الكلمة والمعتقد في زمن تجوبه الأقمار الصناعية، وتسود فيه الذبذبات الإذاعية ليل نهار.
http: //www. lakii. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/219)
أيتها الغافلة اللاهية المؤملة
أختاه.. حفظك الله وسترك وعافاك في دينك ودنياك ووسعك برحمته يوم العرض عليه.. جل جلاله.. اللهم آمين..
أختي الغافلة.. لا يضاهي العفة والحشمة شي فالدنيا.. لأنها حفظ لك بعد حفظ الله.. وقتل وقهر للشيطان اللعين..
كثرت في بنات وطننا الغالي ظاهرة نسأل الله العلي القدير أن يعدل الحال إلى أفضل حالاًً منه الآن.. آلا وهي ظاهرة عدم الاحتشام والله المستعان...
آخذن من طابع البلدان المجاورة والأنظمة العلمانية نبراس لهن.. واللتي تدعوا إلى تحرر المرأة..!
وهناك عدة محاور لمخالفة المرأة سنة المصطفى علية الصلاة والسلام... وسأحاول جاهداً.. سردها وفق ما أراه مناسباً لطبيعة الطرح..
1- الطيب (العطر).. وقد حذر المعصوم علية الصلاة والسلام.. اشد التحذير من خروج المرأه للمسجد ويصاب منها طيب ((لاحظي يا رعاك الله وهذا محرم وهو لبيت الله)).. فما بال الأسواق والأماكن اللتي يتواجد فيها الاختلاط بكثرة...
الدليل... (( حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبيد مولى أبي رهم عن أبي هريرة قال لقيته امرأة وجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار فقال يا أمة الجبار جئت من المسجد قالت نعم قال وله تطيبت قالت نعم قال إني سمعت حبي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة)).
التفسير.. (عن عبيد) : هو ابن أبي عبيد (مولى أبي زهم) : بضم الراء وسكون الهاء (ولذيلها): أي لذيل المرأة (إعصار) : بكسر الهمزة ريح ترتفع بتراب بين السماء والأرض وتستدير كأنها عمود (فقال يا أمة الجبار) : ناداها بهذا الاسم تخويفا لها (حبي) : أي محبوبي (فتغتسل غسلها من الجنابة) : أي كغسلها من الجنابة. قال القاري: بأن يعم جميع بدنها بالماء إن كانت تطيبت جميع بدنها ليزول عنها الطيب، وأما إذا أصاب موضعا مخصوصا فتغسل ذلك الموضع انتهى. قلت: ظاهر الحديث يدل على الاغتسال في كلتا الصورتين والله أعلم. قال المنذري: وأخرجه ابن ماجه، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله العمري ولا يحتج بحديثه.
2- اللباس وتقليد أعداء الله - تعالى -..
الدليل.. (( حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))
التفسير.. قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها توجد من مسيرة كذا وكذا).
هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان، وهما موجودان. وفيه ذم هذين الصنفين قيل: معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها، وقيل: معناه تستر بعض بدنها، وتكشف بعضه إظهارا بحالها ونحوه، وقيل: معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها.
وأما (مائلات) فقيل: معناه عن طاعة الله، وما يلزمهن حفظه. (مميلات) أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم، وقيل: مائلات يمشين متبخترات، مميلات لأكتافهن. وقيل: مائلات يمشطن المشطة المائلة، وهي مشطة البغايا. مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة. ومعنى (رءوسهن كأسنمة البخت) أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوهما.
2-الزينة لغير المحرم في غير حاجة..
الدليل في سنن الترمذي... (( حدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد عن ميمونة بنت سعد وكانت خادما للنبي - صلى الله عليه وسلم - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها)).
التفسير... قوله: (مثل الرافلة) قال في النهاية الرافلة هي التي ترفل في ثوبها أي تتبختر، والرفل الذيل ورفل إزاره إذا أسبله وتبختر فيه انتهى. (في الزينة) أي في ثياب الزينة (في غير أهلها) أي بين من يحرم نظره إليها (كمثل ظلمة يوم القيامة) أي تكون يوم القيامة كأنها ظلمة (لا نور لها) الضمير للمرأة. قال الديلمي: يريد المتبرجة بالزينة لغير زوجها.
4-التشبه بالرجال ((واللتي يعانين منها الكثير من الغافلات))
الدليل.. حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء .
التفسير... (أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال إلخ) : قال الطبري: المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس.
قال الحافظ: وكذا في الكلام والمشي فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك، وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين. وأما إطلاق من أطلق كالنووي أن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك وإلا متى كان ترك ذلك ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم انتهى.
قال المنذري: وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه....
أختاه أأصبحتي في مأمن من الله - تعالى -..! هل ضمنتي الجنة؟!! وأنت تعلمين أن النساء أكثر أهل النار؟! أتعلمين انك عورة على غير المحرم.؟! ماذا عسى أن يكون جوابك للمنكر والنكير في القبر..! إذا سئلتي عن شبابك فيما أفنيتيه؟! أما زلتي مؤلمة لدنيا زائلة..؟! أما ترين أن الزمن تقارب والفتن قد بدأت معمتها نسأل الله الحفظ من الفتن..!
أختاه والله الذي لا إله إلا هو لم أتجرئ على كتابة هذا الموضوع ونقل الأحاديث وتفسيرها إلا من حرقتي على غفلة بناتنا ونسائنا وأخواتنا وأمهاتنا عن الغرض الأساسي لوجودهم.. ((وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون..))
لنحبس شهواتنا لأن النار محفوفة بالشهوات... ونصبر على ما نكره... لأن الجنة محفوفة بالمكاره...
http: //www. lakii. Com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/220)
لماذا نرفض قيادة المرأة للسيارة ؟!
لماذا نرفض؟
• فيها تعريض للمرأة لكثير من المخاطر لا يتسع المجال لذكرها ولا تخفى على عاقل.
• أنها خطوة أولى لنزع حجاب المرأة كما حصل لغيرنا من الدول القريبة، فكيف تستطيع المرأة قيادة السيارة وهي مغطاة الوجه؟ أم أن كشفه سيكون شرطاً للقيادة؟!
• قيادة المرأة للسيارة ذريعة للكثيرات لكثرة الخروج من البيت بلا حاجة، مخالفات بذلك أوامر الله - تعالى - الذي أمرنا _معشر النساء_ بالقرار في البيوت، ونرى الآن تواجد معظم النساء أغلب الأوقات خارج بيوتهن مع أنهن مرتبطات بمن يوصلهن (محرم أو سائق)، فما بالك إذا قادت المرأة سيارتها بنفسها؟!
• القيادة فيها شيء من الامتهان للمرأة، وإخراج لها عن طبيعتها الرقيقة، ونحن _كنساء_ اعتدنا أن نكون مخدومات مصونات!
• معظم الدول المحيطة بنا سمحت للنساء منذ القديم بقيادة السيارة، فأي خير سبقونا إليه؟! وأي شر اندفع عنهم بذلك؟!.. بل أغلبها ترزح تحت خط الفقر والتخلف.
• في إقرار هذا الأمر إرهاق لميزانية الدولة لتهيئة الوضع لمثل هذا الأمر، كإنشاء أماكن مخصصة ومناسبة لإيقاف المخالِفات مثلاً، واستحداث وظائف جديدة في هذا المجال، ناهيك عن أن مدارس البنات مثلاً _أكبر تجمع نسائي في البلاد_ بُنيت دون تخطيط لإقامة مواقف للسيارات، فأين ستوقف عشرات السيارات؟ (في حال عدم بناء مواقف) وكم ستتحمل ميزانية الدولة من الملايين لإنشاء مواقف ملائمة لهذه المدارس؟ خاصة وأن معظمها في حارات ضيقة مزدحمة!
• أننا نعاني في بلادنا من الزحام والاختناقات المرورية _خاصة في المدن الكبرى_ والشوارع تغص بالسيارات، فكيف سيكون حالنا إذا تضاعفت أعدادها وازدادت؟!
• تحتل بلادنا مركزاً "متقدماً" في عدد حوادث السيارات وما ينتج عنها من إصابات ووفيات، فهل تتخيلون الحال إذا قادت المرأة السيارة؟!!!!
حجج المؤيدين والرد عليها:
• أن قيادة المرأة لسيارتها أفضل من خلوتها بالسائق الأجنبي عنها، والمحرمة شرعاً.
الرد: العلماء الذين أفتوا بحرمة خلوة المرأة بالسائق هم ذاتهم الذين أفتوا بحرمة قيادتها للسيارة، فما بالنا نتعامل مع الفتوى بانتقائية؟!
ثم أن خلوتها بالسائق خطأ كبير، فهل يصح أن نعالجه بخطأ أكبر منه؟!!
• في قيادة المرأة للسيارة بنفسها توفير لنفقات استقدام السائقين.
الرد: هذه مغالطة كبيرة، فقيمة سيارة متوسطة الحال (لامرأة واحدة) تقارب نفقات استقدام سائق وإقامته مدة عامين وربما زاد المبلغ عن ذلك، فما بالك بشراء عدة سيارات لعدة نساء في بيت واحد؟! وما بالك بمجتمع ينتشر فيه الاهتمام بالمظاهر، وتتسابق فيه معظم النساء إلى كل جديد و "ثمين"؟! هذا كلام واقعي، لا ينكره إلا مكابر، نستطيع "استشفافه" من حال الدول القريبة منا والمقاربة لأوضاعنا، ولا ننسى أن قيادة نسائهم للسيارات لم تقضِ على وجود السائق في البيت، فهو يقوم بنقل الصغار إلى مدارسهم، وإحضار لوازم المنزل من السوق، والاهتمام بالسيارة.. إلخ، فمن سيقوم بهذه الأمور بعد ذلك؟! وهل سيجرؤون على مطالبة المرأة بالقيام بهذه المهام التي ليست من مسؤوليتها ولا تتناسب مع طبيعتها؟!
كما أن المطالبين بالاستغناء عن السائق لم يتحدثوا أبداً عن الاستغناء عن الخادمة التي لا تقل ضرراً ولا نفقة، فما بالهم يكيلون بمكيالين؟! وكيف تأبى أكثرهن القيام بمهام الخادمة وترضى بدور السائق؟؟!!
ثم من قال بأننا أمام خيارين لا ثالث لهما إما القيادة وإما السائق؟!.. بل الواجب حصر استقدام السائقين _ والخادمات كذلك _ لذوي الحاجة الماسة، و حث الرجال على استشعار واجباتهم.
• أن النساء في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده كنّ يخرجن برواحلهن آمنات مطمئنات يقضين حاجاتهن ثم يعدن بأمان إلى بيوتهن.
الرد: هذا زعم يفتقر للدليل، فأين من السنة والتاريخ الإسلامي ما يثبت أن النساء كن يقدن رواحلهن بأنفسهن؟!.. بل الثابت هو أن المرأة كانت تركب رَحْلاً على ظهر الراحلة لا يراها أحد، ويقوم أحد محارمها بقيادتها، كما أن خروجهن لم يكن إلا للحاجة، فهل قرأتم أن إحداهن امتطت راحلتها وأسرعت لملاقاة صاحباتها في "سوق عكاظ" لقتل الملل ووقت الفراغ؟!..
ولنفترض "جدلاً" أنهن كن يقدن رواحلهن بأنفسهن.. فهل كان رجالهم كرجالنا ونساؤهم كنسائنا؟!.. وهل كانت الفتن والشهوات تموج بهم كما تفعل بنا في عصرنا؟!
قليلاً من الإنصاف يا سادة!!
الحلول:
• تفعيل وسائل النقل العام بأسرع وقت، ولننظر إلى الدول المتقدمة وكيف تعتبر هذه الوسائل شريان الحياة فيها، وكيف يستفيد منها الكبير والصغير والغني والفقير! بل ربما يكون دعاة قيادة المرأة للسيارة لدينا من ركابها عند سفرهم لتلك البلاد.
أما وضعها لدينا فمزرٍ! ولابد من إعادة النظر في حالها وتحديثها واستخدام "أساطيل" من الحافلات الحديثة المريحة المناسبة لحال دولة غنية، وسرعة البت في شأن استخدام قطارات الأنفاق والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، والحرص على تخصيص أماكن ملائمة للنساء معزولة عن أماكن الرجال لحفظ خصوصيتهن، ووسائل النقل العام تنقطع فيها الخلوة بالسائق بالتأكيد، وتعتبر من أكثر الوسائل أمناً في التنقل، فمتى يتحقق هذا الحلم؟! وكفانا تخلفاً حضارياً يا قوم!!!!
• تقنين خروج أولياء الأمور من أعمالهم لإحضار الأبناء من المدارس وتفعيله والتعاون مع أولياء الأمور في ذلك، ومنحهم مرونة أكثر مع الحرص على الإثباتات وما أشبه لضمان عدم اتخاذه ذريعة للتهرب من ساعات العمل.
• في حال الاضطرار لاستقدام سائق يجب الحرص على استقدامه مع إحدى محارمه، والأفضل زوجته لأنه أغض لبصرهما وأحصن لهما.
• إقامة حملات إعلامية مكثفة لحث الرجال على القيام بواجباتهم والاهتمام بشؤون أسرهم ورعايتها حق الرعاية ومحاولة الاستغناء عن السائقين _والخدم عموماً_ قدر الإمكان، فلو كان كل رجل يقوم بما عليه _وكذلك المرأة_ لما وصلنا إلى هذا الحال!
التوصيات:
• كل مؤيد لما في هذا البيان يعتبر عضواً في الحملة ويحق له نشره في أي مكان.
• ينبغي نشر هذا البيان في المنتديات والقوائم البريدية والمواقع الإلكترونية المناسبة، وطباعته وعرضه على المهتمين و "المقتنعين" بصواب قيادة النساء للسيارات.
• إيصاله إلى المسؤولين ليسمعوا صوتنا، تعالت أصوات نساء لهن "توجهات" معينة، فلماذا نحجب أصواتنا؟؟!!
* لا تنسونا من صالح دعواتكم
http://saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/221)
أسطورة الموسوعية
الشيخ طارق الحسين
في كتب التراجم الإسلامية تعودنا على وصف مجموعة كبيرة من الأئمة والعلماء والحفاظ بأن فلاناً كان إماماً فقيهاً محدّثاً مفسّراً نحوياً أصولياً متكلماً إلى آخره.. ثم إذا استعرضت رجال العلم في التاريخ وجدت أن البارزين والمتبوعين في الأمة لم يؤخذ عنهم غالباً إلا جانب واحد من جوانب العلم أو جانبان وقليل من يتجاوز ذلك.. فالإمام أبو حنيفة ومالك والشافعي والليث والأوزاعي كانوا من أصحاب العلوم المتعددة ولكن الأمة لم تتبعهم إلا في الفقه وأبوابه ومسائله وتفريعاته، وأهل الحديث كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن وأحمد الثوري وكانوا أصحاب أكثر من علم كذلك، ولكنهم قادوا الأمة في جانب الحديث على تفصيل في مكانة الإمامين أحمد والثوري عند أهل الفقه، والنحويون كذلك وأهل التاريخ وأصحاب الشعر والملاحة والأدب وهكذا.. قد يظهر علماء يكتبون في مجالات عدة يستوعبونها ويحفظون منها كثيراً، ولكنهم برغم ذلك لا يعدون من فرسانها.
فالموسوعية التي نروم الحديث عنها لا شأن لها بالحفظ وهذه النصوص؛ وإلا لعدَّ كل محدث فقهياً أو كل قارئ مفسراً، ولأصبح من يحفظ عشرين ألف حديث أو مائة ألف دون علم بالدراية والرواية من أئمة العالم والفقه وهو لا يحسن الجمع بين حديثين متعارضين، أو الترجيح بين دليلين أو الاعتبارات التي تحيط بالنصوص، والتي يعرفها أهل العلم، فالحفظ ليس مقصودنا هنا، وإن كان من أسباب الموسوعية وركائزها ولا نقصد في كلامنا هذا من يؤلفون في الفنون، فليس كل من ألّف في فن يعدُّ عالماً فيه مهما سارت به الركبان وإن كان التأليف من سمات الموسوعيين ولكنه يحتاج إلى أسباب تتعاضد.
العالم الموسوعي أو الإنسان الموسوعة الذي نريد إثبات أسطوريته هنا، هو العالم المرجع في كل فن من فنون الشريعة مثلاً أو العلم الطبيعي أو التاريخي، ولا حظ كلمة كل فن في مجال واحد، فهل بهذا الوصف يوجد إنسان موسوعي كما يتردد في أوساط الناس سلفاً وخلفاً؟
وسيأتي معنا للحديث عن الموسوعة العملية المزعومة تبعاً للموسوعة العلمية.
لم يرد الله - عز وجل - أن تسير هذه السنة على أحد من خلقه لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وحين أراد الله خلق آدم خليفة في الأرض وتعجبت الملائكة من ذلك كان الرد: { إني أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم }. الآية.
عندها اكتشفت الملائكة قصورهم في هذا العلم أو هذا الجانب، ولم يكن هذا مستغرباً عندهم - عليهم السلام - لأن الله خلقهم لا يشبه أحدهم الآخر أو يماثله بل جعلهم درجات في العلم والعمل والمواهب، فملك موكل بالوحي، وملك موكل بالنفخة، وآخر بالشجر، وآخر بالمطر، وغيره بالجبال، وللموت ملائكة، وللعذاب ملائكة ومنهم طوافون ومنهم ركع وسجود ومنهم مسبحون وغيرهم يحملون العرش، وما لا يحصيهم ولا يحصى أعمالهم ومواهبهم وقدراتهم إلا الذي خلقهم. وفي كتاب الله - عز وجل - آيات بينات في هذا ترد كلاً إلى فضله - سبحانه - وحكمته، فالملائكة أقسام كما ذكرنا ولهم تنوع لا حصر له من القدرات والعلم والمواهب كما ورد في سورة الذاريات والمرسلات والنازعات والصافات { الله يصطفي من الملائكة رسلاً }، { جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع } إلى آخر ما ورد في ذلك ونظرة سريعة في إخبار الله - سبحانه - عن أنبيائه يزيد الأمر وضوحاً ولا نبتغي المفاضلة بين الأنبياء، وإن كان ذلك وارداً ولكن الحديث عن الاختصاصات التي أعطيت لكل نبي، ولعل الاقتصار على دليلين أو ثلاثة يغني عن إطالة الاستشهاد والاستدلال بباقي الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.
من أهم الأمثلة في ذلك ما ورد في القرآن من داود وابنه سليمان الذي لم تؤثر فيهما قوانين الوراثة أو كثرة المشاهدة والمخالطة بينهما - عليهما الصلاة والسلام -: { ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكماً وعلماً وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين * وعلمناه صنعة لبوس لكلم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون * ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين * ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين }. فانظر كيف قسم الله العلم بين الابن وأبيه قال: { ففهمناها سليمان }، وعن داود قال { وعلمناه صنعة لبوس }، { وآتينا داود زبوراً }، وفي سورة النمل قال - عز وجل -: { ولقد آتينا داود وسليمان علماً }، وعلى لسان سليمان: { يا أيها الناس علمنا منطق الطير }، وقال الله في الآيات السابقة: { وكلا آتينا حكماً وعلماً }، وانظر إلى قوله - سبحانه وتعالى -: { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير }، وإلى قوله - عز وجل -: { ولسليمان الريح عاصفة }.
وبين رسولين كريمين أيضاً اتضحت أنواع من العطايا والفضائل والمواهب والتنوع بين موسى كليم الله وعيسى بن مريم، فموسى كليهم الله وعيسى كلمة الله، وآتى الله موسى التوراة وأتى عيسى الإنجيل، وموسى جاء بالآيات التسع المعجزة وعيسى جاء من غير أب وتكلم في المهد ويحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله.
إن اختلاف الأنبياء في ذلك لا ينقص من مكانة أحد منهم - عليهم الصلاة والسلام -؛ لأن ذات التكريم يكمن في الاصطفاء بالنبوة والرسالة وهو أساس الكمال، وما يأتي بعدها فهو من دعائم الكمال، وما يأتي بعدها فهو من دعائم الكمال كل حسب منزلته عند الله، فمجرد الاصطفاء كمال لا ينفي البشرية عن أصحابه أو ما يعتري البشر من تفاوت في المواهب والعلم والعمل على أن الأنبياء في جانب العصمة والطهر والزكاة قد أخذوا بنصيب وافر من المنح الإلهية.
فالموسوعية ليست للأنبياء ولا للملائكة كما قال الله - عز وجل -: { وكلا آتينا حكماً وعلماً }.
إن الموسوعية كمال والكمال المطلق لله - عز وجل - { والله واسع عليم }.
والموسوعية الدارجة في أوسطنا العلمية صبغت بصبغة الألوهية جهلاً ونزقاً، أرأيت الموسوعة فلان الذي لا يرد قوله ولا يخطئ حكمه، ولا يراجع في شيء من آرائه، وعلى هذا التأليه للبشر نبني صروحاً من الأوهام.
إن الموسوعية وهم لا أصل لها، ونحن لا ننكر اللفظ بقدر ما ننكر النتائج المبينة على هذا اللفظ وكل من وصف من الأئمة بأنه موسوعة في شتى العلوم الشرعية ثبت غير ذلك بالاستقراء علمياً، فالمحدث يبقى محدثاً والفقيه فقيهاً والمتكلم متكلماً والمفسر مفسراً، وهكذا، حتى من يجمعوا علمين أو أكثرهم لم يكونوا على درجة من النضج الكامل في الرأي والعطاء فهم أوزاع بين العلوم أخذ من هذا بنسبة وأخذ من ذلك بنسبة، وقيل عنه موسوعة، ورحم الله الإمام الشافعي الذي كان من أهل الحديث وله مسند معروف إلا أنه كان يقول لأحمد - رحمه الله -: " إذا صح الحديث عندكم فأخبرونا نأخذ به ".
إن بعض أبواب الفقه تحتاج إلى تخصص فما بالك بالفقه كله فكيف بباقي العلوم العلماء الذين تخصصوا في علم واحد هم من قادة الأمة بحق فالمحدثون كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم إلى ابن حجر ومن بعده قادوا الأمة وأعطوا في ذلك عطاء جزيلاً لا زالت بركاته إلى الآن، والفقهاء كالشافعي وأبي حنيفة ومالك ومن بعدهم مروراً بابن قدامة والماوردي والرافعي والنووي وغيرهم كثير قادوا الأمة في الفقه وقدموا لها تراثاً مجيداً.
ولو نظرنا إلى النووي وابن حزم وابن تيمية والسيوي وابن دقيق العيد وغيرهم كثير برغم حيازتهم لمجموعة من العلوم إلا أن جانباً واحداً يبقى بارزاً مع ضمور الجوانب الأخرى أمام هذا الجانب التخصصي بالإضافة إلى الغرائب التي يقع فيها كثير ممن لا يقتصرون على تخصص واحد.
وإن تجاوزنا قليلاً وقلنا بإمكانية الحيازة لكل ما يتعلق بالشريعة؛ فإن ادّعاء ما بعد ذلك فيه نظر برغم أن إماماً مثل السيوطي قال عن نفسه في كتاب: [ التحدث بنعمة الله ] أنه بلغ رتبة الاجتهاد في التفسير والحديث، والأصول واللغة والفرائض والفقه إلا أنه اعترف بتفاوت قدر الاجتهاد ما بين هذه العلوم ولم يزعم لنفسه الأفضلية في كل علم هذا الذي يعد أمثاله في الأمة على أصابع اليد الواحدة، فكيف بمن ادعى الناس له ذلك ثم أضافوا إلى ذلك علم الكلام والفلسفة والمنطق والحساب، قد يتعلم الإنسان كل ذلك علماً ضعيفاً أو منقوصاً لو فتح له المجال فيه لعاد الغرائب الطوال.
لقد قسم سيدنا الحبيب محمد - صلى الله عليه و سلم - تخصصات العلم والعمل والمواهب على الصحابة بشكل يجعل المتأسي لا يحس بلبس ولا إشكال فقال - عليه الصلاة و السلام -: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأشدهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل قوم أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر) الحديث رواه الترمذي وحسنه عن أنس - رضي الله عنه -.
وذكر قراءة ابن مسعود وأن خالداً سيف الله، ومدح كثيراً من الصحابة بعلم أو بعمل أو موهبة، وكان كل واحد مرجعاً في بابه، كما كان ابن عباس ترجمان القرآن، - رضي الله عنهم - وحبذا الرجوع إلى فضائل الصحابة.
إن هذا الحديث وغيره يعتبر قاعدة ذهبية في التخصص والرد على إدعاء الموسوعية مما يجعلنا ندرك بأن العالم الذي تخصص له لا قاعدة له.
وفي العمل الإسلامي وجب إظهار زيف الموسوعات العملية التي لم ينلها الصحابة فضلاً عن غيرهم، فلسنا نؤمن برجل يتقن كل فنون العمل، وإذا ما ظهر هذا النوع فعلينا أن نصدق بأكذوبة " رامبو " أو " السوبرمان " لقد أرهق الدعوة رجال يزعمون لأنفسهم سعة الإتقان لكل عمل، وسعة المواهب اللامتناهية وتركوا المتخصصين يعيشون على الهامش متفرجين، وأخذوا أبواب العمل كله فهم الدعاة والسياسيون والعلماء والمناضلون والإغاثيون والإعلاميون وما لا يحصى من الفنون والعلوم قد يكون بعضهم بحسن نية، لكنه يقتل العلم من حيث لا يعلم كان الصحابة يضربون في كل عمل بنصيب في الصلاة والجهاد والإنفاق وسائر الأعمال، ولكن معاذاً وأبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وغيرهم ما كانوا يضعون أنفسهم في مكان الصدارة على الجيش وإن كانوا مجاهدين أصلاً كما أن أبا عبيدة وابن أبي وقاص والزبير وخالداً وأمثالهم لم يجلسوا على كرسي الأستاذية للناس، وإن كان ينزل الوحي وهم جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ولا شك أن نوادر من الصحابة كانوا يجمعون أكثر من جانب، ولكنهم قلة كعمر وعلي - رضي الله عن الجميع -.
إن ثراثنا مليء بهذه الفكرة التي لا بد أن نعيدها إلى نصابها، وإن ظهر من الأئمة من أسعفته قدراته أن يخوض في مجموعة علوم، فإن هذا ليس دليلاً على التمكن وحسن العطاء بقدر ما هو تكلف وتجميع من هنا وهناك لا يلبث أن يكتشف المتخصصون نقصاً شديداً في رسوخ العلم فيه، ولا أريد ذكر أسماء حتى لا يغضب كثير من القراء، والعمل مثل العلم وكل ميسر لما خلق له ورحم الله الإمام مالك يوم قال: " إن الله يقسم الأعمال كما يقسم الأرزاق ".
ومما أفضى بنا إلى ما نحن فيه من جمود فقهي وعملي هو ظهور أنواع من أبناء الصحوة يحاولون محاكاة مجموعة من الأئمة في مزاعم الموسوعية، ولذلك يظهر عليهم دائماً الخلط بين موقف وآخر والتداخل الظرفي بين زمان وزمان وإلباس القرن الخامس عشر بلبوس القرون الأولى دون تمييز بين ما هو أصل ثابت أو فرع متحول، ولقد وقعت في التراجم الإسلامية أخبار كثير من العالمين والعاملين من الضروري جداً أن توضع على طاولة النقد العلمي وأن يتعامل معها بواقعية وإنصاف.
http://islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/222)
ابنتي الكريمة .... في غرفة المحادثة لصوص وذئاب
الدكتور مسلم اليوسف
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
وأعظم الرضوان، وأوسع الرحمات على صحابة رسول الله الكرام، ومن تبعهم بإحسان ممن ساروا أشواطاً طويلة في طريق تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على ديار المسلمين.
وأصدق الدعوات للمسلمين أن يهديهم الهادي، ويردهم إلى دينهم رداً حسناً وينصرهم على أنفسهم، وأعدائهم ليعملوا على تحقيق النظام العالمي الجديد الذي يريده خالق الكون، قال - تعالى - { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام:153)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102)
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1)
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما }(الأحزاب 70 – 71)
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها، وكُلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار.
وبعد:
إن المحاماة هي مهنة الرجال دون النساء،"لأن الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض "(1) فالرجل أقوى من المرأة وأجلد في خوض معركة الحياة،وتحمل مسوؤلياتها.
أما المرأة ففي عملها قول و تفصيل.
يرتبط عمل المرأة المسلمة بالدعوة إلى تحريرها عن طريق رفع الحجاب وإزالة النقاب،وتدرجت هذه الدعوة الآثمة من رفع الحجاب و التعليم المختلط إلى تشجيع المرأة على العمل خارج منزلها.
وبعد معارك ضارية بين دعاة الحق و أصحاب تقليد المرأة الأوربية و التشبه بها
خرجت المرأة من حصنها لتقاسم الرجل لقمة عيشه متشبهة بالمرأة الأوربية التي وقفت فريسة المؤامرة الصهيونية عن طريق شراء اليهود أو أصحاب الرأسمال عمل النساء والأطفال بأبخس الأثمان في المعامل المستحدثة وكانت الخطوة الأولى في تهتك المرأة و جنوح الأحداث في المجتمع الغربي اللاديني.
ثم تتابعت الخطوات،وانتهت المرأة الغربية ومقلدتها إلى سلعة رخيصة في سوق الرقيق الأبيض.
وقد أحس بعض نساء الغرب بهذه الفاجعة الواقعة عليهن.
فقالت الكاتبة الأنكليزية أجاثا كريستي:"إن المرأة مغفلة،لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق،لأننا بذلنا الجهد الكبير خلال السنين الماضية،للحصول على حق العمل و المساواة في العمل مع الرجل.. والرجال ليسوا أغبياء،فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لامانع مطلقاً من أن تعمل الزوجة،وتضاعف دخل الزوج.
ومن المحزن أننا أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف الضعيف، نعود اليوم لنتساوى في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده.
ولعل الأحداث التي مرت بها الدول الغربية خلال الحربين العالميتين دفعت بالمرأة الغربية إلى العمل لنقص عدد الرجال، وفقدها عائلها في الحرب.
أما مجتمعنا المسلم،فظروفه تختلف اختلافاً جذرياً عن المجتمع الغربي، ففي مجتمعنا زيادة هائلة في الأيدي العاملة والرجال يعانون من البطالة الظاهرة والباطنة.
رغم كل هذا يضع دعاة تقليد الغرب أصابعهم في أذانهم متذرعين بكل حجة بأنه "لا سبيل إلى حل مشاكلنا إلا بمساواة المرأة بالرجل وإخراجها من ظلمات عصر الحريم إلى نور عصر نور المدينة - حسب دعواهم - لتشارك في بناء المجتمع الحديث مجتمع الحرية والعدالة والرفاهية.
ولا مجال لسعادة المرأة - حسب زعمهم – إلا بخروجها إلى العمل الذكوري خارج المنزل، فتحقق ذاتها وتؤكد شخصيتها.
وقد صدقت الكثيرات هذا الضلال واضللن.
تقول الكاتبة نوال السعداوي بصريح العبارة: " لاشك بأن أول خطوة لتحرير المرأة هو أن تكون منتجة وعاملة في المجتمع،بشرط أن تنال عن عملها أجراً ولا تعمل بغير أجر. إن الاستقلال الاقتصادي هو أول خطوات المرأة للتحرير،لأن استقلال المرأة اقتصادياً عن زوجها سوف يعطيها الفرصة والقوة أن ترفض إذلاله لها،وسوف يمكنها من الاعتماد على نفسها إذا طلقها أو هددها بالطلاق،فالمرأة في حاجة إلى استقلال نفسي بحيث تتغلب على الأزمات التي تواجهها من الرجل بسبب خروجها عن وصايته وطاعته.
وهي في حاجة للاستقلال في الشخصية وثقة بالنفس لتواجه المجتمع بسبب خروجها عن النمط التقليدي لمفهوم الأنثى"(!)
المرأة بعملها خارج المنزل وما يتجه لها من استقلال الشخصية،يوهن علاقتها الزوجية ويضعف ارتباطها بزوجها وحاجتها إليه،ويجعلها قادرة على هجر الشؤون الزوجية لأتفه الأسباب، والمرأة بخروجها للعمل ربما تكسب بعض المال من استقلالها المادي ولكنها ستكون عرضة لتبلد مشاعر الأمومة و الأحاسيس اللطيفة، و ستصبح غير الراغبة في أن تكون أماً، و إذا أضطرت لأن تكون أماً لطفل في يوم ما، فإن طفلها هذا سيتسبب لها في مشاكل تقف عقبة في تأدية واجبات عملها الخارجي، و القيام بواجب التنشئة السليمة إذ تضطرها التزامات العمل و الوظيفة إلى أن تكل أمره إلى غيرها من المرضعات و الحاضنات، فيفقد الطفل أهم ما تعطيه الأم هو العاطفة والحنان و لبن الأم و الوجدان (2)
يقول الشيخ جمال الدين الأفغاني: (إن عمل المرأة و واجباتها نحو زوجها و أولادها أهم بكثير من صناعات الرجل و أن ترك المرأة مملكتها (بيتها) و أن تزاحم الرجل في شقائه لجلب العيش الذي لو فرضنا أنها أفادت بعض الفائدة المادية فيه و عاونت فيه، لا شك بأن الخسارة تكون من وراء تركها المنزل و تدبيره، والطفل و تربيته، أعظم بكثير من تلك المنفعة التي لا تبقي على الأخلاق)(3)
و تقول لجنة الفتوة لجامع الأزهر:
((إذا كان الرجل قواماً على المرأة و أفضل منها بالفطرة و في العقل و المقدرة فأنها مأمورة بالقرار في البيوت و عدم الاختلاط بأجانب منها، و إن المرأة راعية في بيتها، و إن إسناد هذه الولاية و الوظائف إليها يعوق أداء رسالتها في الزوجية و الأمومة، و قد جرى التطبيق في الصدر الأول في الإسلام على حرمانها من هذه الولايات و الوظائف، و أن المرأة تختلف عن الرجل في كثير من الأحكام، و يرجع ذلك إلى طبيعة المرأة، و ما فطرت عليه من خصائص جسمية و نفسية تحول دون أن يكون لها القدرة على هذه الولايات و الوظائف))(4)
بعد أن بسطنا القول في عمل المرأة بشكل عام و بيّنا حكم الإسلام فيه، أتكلم عن عمل المرأة في مهنة المحاماة محاولاً تبيين حكم الإسلام على مزاولة المرأة المسلمة لهذه المهنة بشكل خاص رب قائل يقول: أن من حقها أن تدافع عن أختها ونفسها، لأنها تفهم طبيعتها و نفسيتها أكثر من الرجل، لذلك يحق للمرأة أن تمتهن هذه المهنة مثلها مثل الرجال.
فرد على هذا الادعاء بأدلة عقلية و نقلية من القرآن الكريم و السنة النبوية و الإجماع، و المصلحة المشروعة.
1 - القرآن الكريم:
ا - قال - تعالى -: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (النساء:32)
قال الإمام الشوكاني مفسراً هذه الآية الكريمة (فيه النهي عن أن يتمنى الإنسان ما فضل الله به غيره من الناس عليه، فإن ذلك من عدم الرضى بالقسمة التي قسمها الله عن عباده على مقتضى إرادته، و حكمته البالغة، و فيه أيضاً نوع من الحسد المنهى عنه إذا صحبه إرادة زوال تلك النعمة عن الغير)(5)
و دلالة هذه الآية عندي - و الله اعلم - أن للرجال مهناً و أعمالاً لا يجوز أن تعمل بها المرأة الحرة أو حتى أن تتمناها، وذلك أن للنساء أعمال و مهام لا يحق للرجل أن يعمل بها أو يتمناها.
و الدليل على صحة هذا الاجتهاد أن النساء قديماً تمنين أن يكون لهن حظ مما ذهب به الرجال.
فقد روي أن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و معها نسوة، قالت: ليت كتب الله علينا الجهاد كما كتبه على الرجال، فيكون لنا من الأجر مثلما لهم (6)، فنزل قوله - تعالى - {و لا تتمنوا ما فضل الله به ... ... .)
و هناك دليل أبين و أوضح مبنى عن أسماء بنت يزيد الأنصارية، أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو بين أصحابه، فقالت بأبي و أمي أنت يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، إن الله عز و جل بعثك إلى الرجال و النساء كافة فآمنا بك و بإلهك و أنا معشر النساء محصورات، مقصورات، قواعد بيوتكم، و مقضى شهواتكم، و حاملات أولادكم و أنكم - معشر الرجال - فضلتم علينا في الجمع و الجماعات و عيادة المرضى، و شهود الجنائز، و الحج بعد الحج، و أفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز و جل و إن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً، أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم، و عزلنا لكم أثوابكم، و ربينا لكم أولادكم أفلا نشارككم في هذا الأجر و الخير؟
فألتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه بوجهه كله، ثم، فقال:أفهمي أيتها المرأة. و أعلمي من خلفك من النساء، أن حسن تبعل المرأة لزوجها و طلبها مرضاته، و اتباعها موافقته، يعدل ذلك كله، فأنصرفت المرأة، وهي تهلل}(7)
رحم الله هذه الصحابية،التي فقهت دور المرأة و وظيفتها في المجتمع، و يا ليت رجال و نساء هذا العصر يفقهون ما عقلت.
ب - قول الله - تبارك و تعالى - { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
الشاهد في هذه الآية قوله - تعالى - {الرجال قوامون على النساء }.
قال أبو الأعلى المودودي - عليه رحمة الله -: (أنت ترى أن الله - تعالى - يأتي الرجال القوامة بكلمات صريحة، و يبين للناس الصالحات بميزتين اثنتين:
الأولى: أن يكن قانتان،
و الثانية: أن يكن حافظات لما يريد الله - تعالى - أن يحفظه في غيبة أزواجهن)(8).
و قال الزمخشري (9)غفر الله لنا و له (إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم و هم الرجال على بعض و هن النساء و فيه دليل على أن الولاية إنما تستحق بالفضل لا بالتغلب و الاستطالة، و القهر، و قد ذكروا في فضل الرجال العقل و الحزم و القوة و الكتابة و الفروسية و الرمي و أن منهم الأنبياء و العلماء و فيهم الإمامة الكبرى و الصغرى و الجهاد و الأذان و الخطبة و الاعتكاف ... )(10).
ج - قال - تعالى - { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (الأحزاب:33)
البيان الإلهي يأمر نساء المسلمين بلزوم بيوتهن، لأن ذلك أزكى لهن و أطهر (و إن كان الخطاب لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد دخلت غيرهن فيه بالمعنى. و هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف و الشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن و الإكفاف عن الخروج منها إلا للضرورة، فأمر الله - تعالى - نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بملازمة بيوتهن و خاطبهن بذلك تشريفاً لهن و نهاهن عن التبرج)(11)
د - قول الله - تعالى -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) (الأحزاب:53)
في هذه الآية دليل على أن الله - تعالى - أذن في مسائلة النساء من وراء حجاب لحاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها.
ذلك أن المرأة كلها عورة و لا يجوز ظهورها إلا للضرورة، فكيف تستقيم مهنة المحاماة مع أوامر هذه الآية وأمثالها و نواهيها.
إذا احتج محتج أن هذه الآية أنزلت في زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن حكمها يقتصر عليهن دون غيرهن من النساء.
فإننا نقول بما قال أهل العلم: أن هذه الآية أنزلت في زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيد أن حكمها يشمل جميع نساء المسلمين لعموم اللفظ بخصوص السبب، فليس من المعقول أن تحجب نساء الرسول و تترك نساء المسلمين متبرجات، كما يريد اللادينيون. فالآية خصت بالذكر زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنهن قدوة نساء المسلمين إلى يوم الدين يقتدين بهن و بسلوكهن فيكسبن الحياة الدنيا و نعيم الآخرة.
2 - السنة النبوية: إذا كان القرآن الكريم حمال أوجه، يستطيع من في قلبه مرض تأويله بما يأمره به هواه. فإن السنة مبينة لمجمل القرآن، و مفسرة له تصرح بما لا مجال للشك بحرمة عمل المرأة إلا بما يوافق طبيعتها و يحافظ على عفافها وأنوثتها.
* - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لن يفلح قوم ولو أمرهم أمرآة)(12)
هذا بيان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما يجوز لأمته و ما لا يجوز و نهيًّ لأمته عن مجاراة هؤلاء في إسناد شيء من الأمور الهامة إلى المرأة، و قد ساق ذلك بيان من شأنه أن يبعث على الأمتثال و هو أسلوب القطع بأن عدم الفلاح ملازم لتولية المرأة أمر من أمورها. و المستفاد من هذا الحديث منع كل امرأة في كل عصر أن تتولى أي أمر من الولايات العامة، و هذا العموم تقيده صيغة الحديث و أسلوبه. و في هذا الحديث بيان على عدم فلاح الموكل إذا وكل أمره إلى امرأة وبالتالي لا يجوز عمل المرأة في هذه المهنة الخاصة بالرجال فقط - والله أعلم -
*- قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" لا يخلون رجل وامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"(13)
إن عمل المحاماة يحوي بين طياته كثيراً من الأسرار التي تهم الموكلين، فالموكل يختلي مع موكل لشرح ظروف القضية وملابساتها، وفي كثير من الأحيان يمنع المتهم من مقابلة أحد من ذويه باستثناء محاميه الذي يصبح صلة الوصل الوحيدة له بالعالم الخارجي.
ولاجرم أن هذه الأمور تخالف مخالفة صريحة أوامر هذا الحديث ونواهيه،لأن المحامية سوف تختلي بمن وكلها، ولا يخفى على أحد أن كثيراً من الموكلين من شرار العالم ومجرميه.
3 - الإجماع:
جرى العمل منذ عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وحتى العصور التي كانت الشريعة الإسلامية هي الحاكمة لشوؤن العباد،على بقاء المرأة داخل بيتها، ولم يسند إلى أية امرأة حكم أي إقليم أو ولاية قضاء ولا قيادة جيش أو سرية.
قال ابن قدامة *:"المرأة لا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان ولهذا لم يول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من خلفائه ولا من بعده امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا ولو جاز ذلك لم يخل من جميع الزمان غالباً "(14)
وقد قمت بنقل هذا النص لأنه يتكلم على القضاء، وقد قست عمل المرأة في القضاء على عملها في المحاماة للتشابه الكبير بين المحاماة و القضاء.
4 - المصلحة:
من المبادئ المقررة في الشريعة الإسلامية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح "(15). فإذا تعارضت مفسدة ومصلحة قدم دفع المفسدة غالباً،لأن اعتناء الشرع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات.
فامرأة تتميز جسمانية ونفسية معينة تجعلها أقل من الرجل فضلاً عن مرورها بعوارض (16) من شأنها أن تقلل من كفائتها. مع العلم أن الإسلام يساوي المرأة مع الرجل في الشرف و الكرامة.
قال - تعالى -: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) (آل عمران:195)
وقال - تعالى -: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء:124)
وأعتقد أن الإسلام قد سمح للنساء ببعض الأعمال على سبيل الضرورة فقط، كأن تعمل المرأة معلمة لتعليم الإناث وطبيبة لمعالجة النساء أو أن تعمل أي عمل ضمن هذه الشروط:
1 – ألا يكون لعمل المرأة تأثيراً سلبياً على حياتها العائلية.
2 - ألا يؤثر عملها على عمل الرجل، كأن تكون سبباً في قطع عيشه. فالمرأة تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يطلب العمل ليغني نفسه ومن يكفله. أما معظم النساء فيعملن لشراء الكماليات وغيرها، مما يؤدي إلى انتشار البطالة في صفوف الرجال.
3 - أن يتوافق عملها وطبيعتها الأنثوية، فالمحاماة مثلاً لا تتوافق و طبيعة المرأة وأنوثتها، فهذه المهنة تحتاج إلى جرأة عظيمة في الدفاع عن المتهم، وهذه الجرأة لا تتوفر في معظم النساء على عكس الرجال.
أيضاً إن المحاماة تضر صاحبها إلى السفر لمدة طويلة لا تتفق وأحكام السفر المفروضة على المرأة المسلمة.
نافع عن بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ثم لا تسافر المرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم) (17).
قال: الإمام الماوردي (18) "المرأة لا يجوز أن تتوكل إلا بأذن زوجها،لأنه أمر يحوج إلى الخروج "(19)
والجدير بالذكر أنه ليس للمرأة في ولاية إنديانا الأمريكية حق ممارسة مهنة المحاماة،لأن دستورها يحرمها من هذا الحق. وكذلك قواعد القانون العام الإنكليزي في نظر الفقه لا تعط هذا الحق. (20)
ويتبين مما تقدم من الأدلة النقلية و العقلية أن القواعد العامة للشريعة الإسلامية قد نهت المرأة المسلمة عن امتهان المحاماة بل جعلتها حلٌ لرجالها دون نسائها، والله أعلم.
وأخيراً فإنّي لا أدّعي أنّ هذا البحث قد أصاب المحز وطبق المفصل، وخلا من كل عيب وسلم من كل نقص، وأعتقد تمام الاعتقاد أنه مهما بالغت بتحريره وتهذيبه، فلابد من وجود هفوات وعثرات ومآخذ تثير الانتقاد لأني غير المعصوم أهل للخطأ والنسيان
قال - تعالى -:{ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً } (سورة النساء، الآية 82).
الآية الكريمة: تدل دلالة قاطعة على أن كل ما كان من عند غير الله لابد أن يوجد فيه التناقض لكثير الذي لا يسلم منه إلا من عصمه منه الله - تعالى - فالكمال لله وحده جلّ جلاله، والنقص من جبلة البشر وكل واحد عرضة للصواب والخطأ، ومأخوذ من قوله ومردود عليه، ولا عصمة إلا لأنبياء الله ورسله، فما كان من هذا البحث من صواب فهو بتوفيق من الله وبفضله ورحمته،وما كان فيها من خطأ فمنّي وأسأل الله - سبحانه وتعالى - العفو والعافية.
ويستحسن الختام بقول الخطّابي " في ختام مقدمه لتفسير غريب الحديث:
" أما سائر ما تكلمنا عليه فإنّا أحقّاء بأن لا نزكيه، وأن لا نؤكد الثقة به وكل من ثر منه على حرف أو معنى يجب تفسيره،فنحن نناشده الله في إصلاحه،وأداء حق النصيحة،فإن الإنسان ضعيف لا يسلم من إصلاحه، وأداء حق النصيحة فيه، إلا أن يعصمه الله بتوفيقه، ونحن نسأل الله ذلك، ونرغب إليه في دركه إنه جواد وهوب "
_______________________
(1) - سورة النساء،بعض آية - 34 -
(!) - نقلاً من كتاب الأخوات المسلمات،محمود الجوهري،ص 115.
(2) - أجريت دراسات ميدانية في أوربا أثبتت أن الطاقة النفسية و الجسمانية التي تبذلها المرأة المتزوجة و الأم لطفلين تعادل نفس الطاقة التي يبذلها عامل المنجم فكيف بحالها إذا أضفنا إليها عبء الخروج للعمل.
(3) - مجموعة الأعمال الكاملة للشيخ جمال الدين الأفغاني، ترتيب الدكتور. مجد عمارة طبعة 1968 م الدار القومية مصر،ص525.
(4) نشرت هذه الفتوى بمجلة رسالة الإسلام - السنة الرابعة - العدد الثالث يونيو 1952، أنظر الحقوق السياسية للمرأة في الإسلام، و عبد الحميد الشواربي - نشأة المعارف الإسكندرية، ص 157.
(5) فتح القدير، محمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار أحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ج1 \459.
(6) أخرجه عبد الرزاق و سعيد المنصور، و الترمذي، و أبن جرير، و الحاكم، و البيهقي، فتح القدير للشوكاني، ج1/560.
(7) أسد الغابة إلى معرفة الصحابة لفسر الدين أبي الحسن علي أبن محمد الجزري دار الفكر 1409 ه / 1989 م.
(8) تدوين الدستور الإسلامي أبو الأعلى المودودي مطبعة الفكر العربي، مصر، ص 80 - 86
(9) الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل، لجار الله محمود أبن عمر الزمخشري، دار المعرفة بيروت، مج 1 \523 - و أنظر ماذا عن المرآة للدكتور نور الدين عتر، دار المعرفة بيروت، دار الفكر دمشق، الطبعة السادسة 1412 ه\1992 م، ص 112.
(10) صورة الأحزاب الزمخشري الآية 33.
(11) الجامع لأحكام القرآن، للقرطي، ج 14\179.
(12) رواه البخاري و أحمد و الترمذي و النسائي،الجامع في أحاديث البشير النذير، جلال السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410 ه\1990 م، ج5 \303.
((83/223)
13) - الجامع الصحيح،محمد بن عيسى الترمذي،طبعة الحلبي،القاهرة 1382 ه،ج3 /474. - سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني،مكتبة المعارف،الرياض،السعودية،1415ه /1995 م،المجلد الأول القسم الثاني،ص 792.
(14) - المغني،لابن قدامة المقدسي،ج9 /40.
* عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة:فقيه حنبلي أصولي - أديب - وله شعر كثير من كتبه المغني (الأعلام للزركلي ج4 /691.
(15) - الأشباه والنظائر،لابن نجيم الحنفي،ص 99.
(16) - حيض،نفاس،حمل،ولادة.
(17) - رواه مسلم في صحيحه، ج2/975.
(18) - الماوردي:علي بن محمد بن حبيب،قاضي القضاة،فقيه شافعي،أصولي،مفسر كان حافظاً للمذهب وله مكانة رفيعة عند الخلفاء وأهم كتبه الحاوي الكبير في الفقه المقارن (طبقات الشافعية الكيبرى ج5 /267 - الأعلام للزركلي ج5/146 - البداية والنهاية لابن كثير ج12/80)
(19) - الأشباه و النظائر في قواعد و فروع فقه الشافعية،جلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي،تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي،دار الكتاب العربي،الطبعة 1407ه/1987 م. ص 715.
(20) - المحاماة في النظام القضائي،محمد إبراهيم زيد،هامش ص 44.
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/224)
كفى رفقا بالقوارير على طريقتهم
ندى عبد العزيز محمد اليوسفي
أنا أُطَالِب بحقوقي..!
لقَد أصبَحت مالِئَةَ الدنيا، وشاغلةَ الناس..!، كالكُرَة تُقذَفُ من مقالةٍ لبرنامج فضائي..!، تُتنَاول في مجلسٍ إصلاحي..!، وتَرتَفع بسببها الأصوات في حوارٍ وطني..!، تقيمُ الدنيا ولا تُقعدها في منتدى اقتصادي..!
تلك هي المرأة السعودية، وحقوقها المسلوبة في رأيهم، شوّهوها وصاغوها وأضافوا إليها من التّوابل ما أضافوا، تكلّموا عنها في كل محفَل، أثاروها في كلّ مجلسٍ، وتصدّرَت كل صحيفةٍ وبرنامَجٍ تلفازيٍّ ومَشْهَد.
دخلتُ على دكتورة كبيرةُ السنّ لشأنٍ ما.. وكنتُ كلما زرتها تفتح موضوعاً بشكل غير مباشر.. عن الحجاب.. عن القيادة.. عن تحفّظاتها على ضرورة السفر بمحرم.. لدرجة أنها تتباكى على بعض الأمور الميسّرة للأطباء (الذكور) مما لا يسوغ لمرأة مسلمةٍ عاقلة المطالبةَ به..!، كل مرة أصدمها في نفسها.. ألقي عليها الحجة.. أتظاهر أمامها بأني أوافقها وأجعلها تتابع الحديث.. وتتابع وهي تظن أني مندمجة مقتنعة بما تقول ثم تُصدَم.. وتودّعني يائسة..!
فتحَتْ موضوعاً ما ولما تعذّرت بانشغالي.. فقالت لي لحظة واحدة وأخرجت قصاصة من جريدة.. تقول اقرئي المقال وأعطيني رأيك.. فإذ بالمقال أحدُ تلك المقالات الملغومة، والتي بحقوق المرأة مزيّنةٌ مصفوفة...!، قلتُ في نفسي.. سبحان الله.. الطيور على أشكالها تقع..!
العجيب أن هذه الدكتورة ذاتها لا تتكاسل ولا تتقاعس عن وظيفةٍ أخرى جعلتها همّاً لها رغم انشغالها، فلا تفوّت أبداً فرصة مرور طالبة طب بعيادتها أو طبيبة أو أيّ ساترة لجسدها ووجهها لمحاورتها ومحاولة إقناعها بعدم ضرورة ذلك وتسرد ما تحوّره ليوافق هواها من استشهاداتها العجيبة، وتغلّف ذلك كله بعطفها وحنانها على فلانة من أن تموت من الحرّ بسبب هذا الحجاب، أو أن يعوقها عن العمل أو متابعة دراساتها العليا، وتعزّزه بمدح جمال فلانة وأن الله يحبّ الجمال فلماذا تحجبه عن العيون وتُعيِّش الناس في كآبة وسواد..!، حتى لو اضطر الأمر منها بعض الأحيان إلى تأخير المريضة المفتَرَض دخولها عليها ساعة كاملة!
عندما أتأمّل حالها وجدالها وجهادها في سبيل باطلها، وأتفكّر في حالِ من أوتوا العلم والحق وحسن البيان لكن فصلوا بين الدعوة الميدانية في مقرّ أعمالهم وما يدينون به، أتعجّب من همّة أولئك، من جلَد العاصي، وعَجْزِ الثقة..!
بعض النساء ينبهرن بكتابات البعض.. بكلماتهم.. يشعرونهنّ بالقهر.. بالظلم الواقع عليهنّ.. يرين فيهم المنقذ و أطواق النجاة والخلوص من زمن العبودية حسب تعبيرهنّ وتعبيرهم فيحفظن كلماتهم عن ظهر قلب ويخرجنها في كل حين وحين للاستشهاد بها ويدافعن عنها كما لو كانت سطوراً مقدّسة..!
وتناسَيْن أنَّ هناك صنفٌ من النّاس.. ودّوا.. لو يصيب نساءنا ما أصاب نساءهم من مرض الإحساس بالنّقص وما يؤدي إليه من التّقليد والعري وانعدام الحياء..!!، ودّوا.. لو يصيب رجالنا ما أصابهم من أمراضٍ فتّاكة.. انعدام المروءة والغيرة والرجولة..!!!، فنكون سواء.. ، لا أعلمهم ولا تعلمهم.. ، الله يعلمهم.
كنا نظنّ سابقاً أنهم مجرّد مفتونين بالحياة الغربية.. معجبين بالحريّة..!!! وإذ بنا نفاجأ أن أهل الأهواء يستشهدون بأقوالهم ويعاضد بعضهم بعضاً..!، فأصبحت كتاباتُهم دعوةً لها مؤيّدون ومناصرون ومُطالِبون لا مجَرّد مادحين وبسحرها مفتونين. لقد تعدّى الأمر وأوذي من هذه الكتابات والأطروحات أُناسٌ حرصوا على حراسة الفضيلة وقمع أهل الشر والرذيلة، أناسٌ نذروا دينهم لحماية جنابِ العقيدة، وحفظ فتياتها من مستَنقَع الضياعِ واللومِ والفضيحة.
أصبح كل من هبَّ ودبّ يناقش أمري، أنا المرأة السعودية، حتى الصحافة الأجنبية لم تفتأ تذكر حالي بحزنٍ وألمٍ ورحمةٍ تخفي وراءها ما تخفي، صوّروني في نظر المجتمعات، امرأة لاتملك من الأمر شيء، مسلوبة الإرادة، جاهلة، أمية، مُجبَرة على التلفّع بسوادٍ يحجبها عن العطاء، ممنوعة من المشاركة في أي عملٍ تنموي، محدودة الأفق، ضعيفة التأثير..!
اختصروا قضيّتي كلها في قطعة قماشٍ تغطي وجهي، وسيارة تنتظرني لأقودها أمام بيتي، تصوّر كيف بلغت بهم التفاهة ليتجاوزوا كل همومي، ويختصروا كل آلامي ومطالِبي وحقوقي، بأمرين لم ألقِ لهما يوماً بالاً ولم أشعر يوماً بضررهما أو حاجتي للتحرّر منهما..!!!!
نخر أذني صوت صراخهم، أضاعوا الساعات والأيام في مجالسٍ يُفتَرَض أن تُناقِش ما هو أهم، أضاعوها في قضايا عجيبة وبنظرة ضيقة محدودة، أضحكت منّا العالمين!!، وضعوا الدراسات وفنّدوا الأدلة والادّعاءات، ولم يمثّلوا إلا أنفسهم في تلك الحوارات والمجالس..!. لا جَرَمَ أَنَّمَا يدعون إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة، وأن مردّنا إلى الله...!
إحدى النساء البسيطات.. آتاها الله قوة في البصيرة.. تقول: ((أنا عندي حساسية من كل من يكتب ويتحدّث عن المرأة بهذا الشكل.. خاصة لو كان رجل))..!
أفيقي أخيتي.. ، تنبّهي، اعرفي من يريد مصلحتكِ، ممّن همّه ضياعك و العبث بكِ وبأمنِك وبيتِك.. ، تنبّهي، واعلمي حقيقة المعركة الدائرة حولك، حتى تتعلمي كيف تواجهينها وبأيّ سلاح، حتى تكتسبي الانتقائية وتميّزي بين الخبيث المسموم، والطّيب المُحَارَب المأسُور، حتى تنبهي غيركِ ممن انخدَعن وانسقن وراء دعاوى مزيفّة وكلماتٍ منمقة.
أنا المسلمة السعودية أُطَالِب في حقي بأن يمثل أخواتي في تلك الحوارات من نرضاهُ لا أن تُمَكّن من لا نرضاها لتمثيلنا والحديث باسمنا والمطالبة بما تسميه حقوقاً...!!، وأُطَالِب بأن يُمنَع كل من هبّ ودب من الحديث عن شأني والتدخّل في خصوصياتي والكلام على لساني وإثارة الفتَن وتأليبِ الناس على بعض...!
أنا المسلمة السعودية أُطالِب في حقي في تنقية كل مجالاتِ دراستي وعملي مما يخالف نصّاً شرعياً صحيحاً ويحافظ على حيائي و حشمتي...!!، أُطالِب بأن تيسّر لي بيئة العمل والدراسة الطبية - مثلاً – فيما فيه حفظ أسباب حيائي وحشمتي، مع مساعدتي على الارتقاء بعلمي وعطائي، في مناخٍ شرعي ترتاح إليه نفسي وأنفس المحيطين بي وتطمئن..!!!، أُطالِب بأن أكون في المستشفى مريضةً كُنتُ أو مرَاجِعة آمنةً مُطمَئِنَة، محميّة من عبثِ العابثين، مستورة العورة، مأمونة الروعة...!
أنا المسلمة السعودية أُطَالِب بعدم تمييع صورتي وإظهارها في وسائل الإعلام بما يخالِف حقيقتها، ويتجاهل كل عطاءاتها و نجاحاتها، وفي الجانب ذاته تبرز المتبرجة وقد بلغت نفس إنجازي أو أقل على أنها فريدة عصرها وزمانها، صورةٌ للجيل المشرق بآمالٍ من ذهب..!!، أُطَالِب بأن تُفسَح لي نفس المساحة من الحرية للتعبير عن أفكاري و المطالَبَة بحقوقي، لا إن كتبتُ ردّاً على أحدهم ممن تسمّى بنصير المرأة السعودية المظلومة أن يُعلّب ويلقى في غياهب أدراج ذلك المكتب..!
أنا المسلمة السعودية أُطَالِب بصيانة الحقوق التي كفلتها لي الشريعة كاملة، لا أن يُماطِلني الرجل ويبتزني ويجرجرني في المحاكم وعند القضاة بحثاً عن حقي، لا أن أُطَلّق من رجلِ عابث، لأسرَتِه مضيّع، فلا أجد نفقةً ولا بيتاً يؤويني وبنيي، لا أن أُجبَر على البقاء مع رجلٍ معربدٍ تاركٍ للصلاة، لعائلتِه مفسِد، وأُطَالَب بالصبر عليه، لا أن أُطَلّق أو أترمّل فينزع أبنائي منّي وأُحرَم رؤيتهم، لا أن أكبر في السنّ فلا أجد معيلاً ولا ولداً بارّاً بي رحيماً ولا علاجاً للمرضِ مقيلاً، لا أن.... ولا أن..... ، و قائمة القهر تطول...
أرءيتم حقوقي الكثيرة والأكبر بكثير مما اختصرته كلماتكم و مطالِبكم.. ، وفرّغتم له أقلامكم وأصواتكم وأوقاتكم.. ، خروج المسلمة السعودية كاشفة الوجه، حاسرة الرأس، تتفاخر بمجالستها فلان وفلان، على رؤوس الأشهاد هل هو رفقاً بها؟!!!، تضييعها مسئوليتها الأصلية، وتعريضها للفتن و تقديم التنازلات هل هو رفقاً بها؟!، سفرها بلا محرم ومشاركتها للرجل في ميدان عمله و حواره دون ضوابط شرعية هل هو رفقاً بها؟!!، كفى.. كفى رفقاً بالقوارير على طريقتكم.. كفى.. ، مالكم كيف تحكمون.. ها أنتم تحاجّون عن أنفسكم في الحياة الدنيا.. فمن يحاجج الله عنكم يوم القيامة..؟!
كم من دعوةٍ في جوفِ الليلِ من قلوبٍ محترقة لما وصل إليه حالُ المرأة المسلمة اليوم على هدى شعرواي وقاسم أمين - ليست بالهاديةِ وليسَ بالأمين -..!
والقائمة بعدهما طالَت وما زالت تطول وتطول، نسألُ الله السلامة والعافية، والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً..!
فليعلموا وليعلم غيرهم ممن سار على نهجهما واتبع خطاهما؛ أن زوال الدنيا بما فيها أهون من زوال الدين والأخلاق، واختلاط النساء بالرجال، وضياع أسباب حفظ الفضيلة، و انتشار الفاحشة والرذيلة، عند من يقدر قيمة الدين والخلق، ويعلم أن عزة الأمة، وقوتها، ونجاتها وأمنها، بحفاظها على عقيدتها وخيريتها التي اختصها الله - سبحانه - وتعالى - بها و قرنها بأمرها بكل معروف ونهيها عن كل منكر.
أسأل الله أن يبارك في جهود الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فهم والله سفينة النجاة، كلٌ في موقعهِ، وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين، وأن يزيدهم توفيقاً وهدى، وإيانا وإياهم وسائر إخواننا من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يتوفانا جميعاً على دينه غير خزايا ولا مفتونين.
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/225)
خاص وللفتيات فقط
جواهر بنت سلمان المالكي
هذه حقائق أبثها لكل من آمنت بربها، وصدقت برسولها، واستسلمت لدينها .. حقائق أزفها في روضة من الزهر وبستان من الورد، أهديها لتلك الوردة الندية، والزهرة الجميلة .. أنت يا فتاة الإسلام .. حقائق تجلوا الحقيقة لذوي البصائر .. لتحذري السائرين إلى أوهام الحقيقية .. وإلى أولى الحقائق ..
الحقيقة الأولى: احذري المكالمات الهاتفية، فكم من كلمة قالت لصاحبها دعني .
الحقيقة الثانية: احذري التصوير بشتى صوره ومجالاته وأنواعه، فهو من أخطر الأسلحة التي يستخدمها ذئاب البشر .
الحقيقة الثالثة: احذري كتابة الرسائل الغرامية .
الحقيقة الرابعة: احذري الروايات الهابطة فإنها تحمل بين صفحاتها الملونة وأوراقها المصقولة السم الزعاف والأفكار الهدامة .
الحقيقة الخامسة: احذري المسلسلات والأفلام المضللة التي تقتل الحياء وتئد العفة وتقضي على الفضيلة .
الحقيقة السادسة: احذري التبرج والسفور وكثرة الخروج إلى الأسواق والمنتديات التي تصب في نهاية المطاف بالمرأة إلى حياضا الفتنة والرذيلة .
الحقيقة السابعة: احذري رفيقات السوء وزميلات الأوهام الذين يتخبطن في أوتار المعاصي والضلالة وسيئ الأفعال .
الحقيقية الثامنة: احذري مصائب الفتن ومدلهمات العقوبات والتي طريقها المعاصي والذنوب، فما نزل بلاء إلى بذنب ولا رفع إلا بتوبة .
الحقيقة التاسعة: احذري ملك الموت، الذي لا يستأذن على أحد، ولا يهاب الملك ولا يخاف الوزير، ولا يرحم ذا الشيبة الكبير والطفل الرضيع .
الحقيقة العاشرة: التوبة التوبة من أعظم المقربات إلى رب البريات، فاسلكي طريقها، وانهجي سبيلها والعائد من الذنب كمن لا ذنب له .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/226)
( ما تقربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها )
شدد الإسلام على بقاء المرأة في بيتها.. وعدم خروجها لغير حاجة تحصينا وصيانة لها من الابتذال.. وكثرة مخالطة الرجال.. وما ينتج عنه من ضعف لحيائها.. وتبدل لطباعها..! فمن حيية محتشمة.. غاضة لطرفها.. خافضة لصوتها.. منكفئة على نفسها.. إلى جريئة مسترجلة..! تاركة لسترها..! فاقدة لحيائها..! رافعة لصوتها..! متبسطة مع غير محارمها..! شانئة لخدرها..!
والمرأة السوية.. ذات الفطرة السليمة.. المعتزة بدينها.. المتمسكة بحيائها وخفرها.. تأبى كل أنواع الإغراء.. ومحاولة الإغواء.. لإخراجها من خدرها.. وهتك سترها.. لتبقى بيضة مكنونة في خدرها.. وملكة متوجة على عرشها.. لا تصل إليها الذئاب.. ولا يطنّ قِبَل وجهها الذباب..
ومن مظاهر ترغيب الإسلام لبقاء المرأة في بيتها.. أنه جعل صلاتها في بيتها وفي أستر مكان فيه.. خير لها من الصلاة في المسجد.. حتى لو كان هذا المسجد هو المسجد الحرام.. مع أن أجر الصلاة فيه بمئة ألف صلاة..
يقول - صلى الله عليه وسلم -: (خير صلاة النساء في قعر بيوتهن) "صحيح".
وفي رواية (خير مساجد النساء قعر بيوتهن) "حسن لغيره".
ويقول: (لا تمنعوا إيماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن).
ويقول - صلى الله علية وسلم -: (صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في دارها وصلاتها في دارها خير من صلاتها خارج) .
فإذا كان هذا في الصلاة وهي أعظم العبادات وأجلها قدرها..! فكيف بمن تخرج لا لسبب سوى الرغبة في الفكاك من المنزل.. والتحلل من الحشمة والعفاف..؟!
وأقبح منه أن يكون خروجها مشتملا على معصية كزينة أو سفور أو مخالطة رجال أو تبسط معهم.. والمرأة حتى لو كانت محتشمة.. فلن تسلم من كيد الشيطان.. فكيف بمن جعلت نفسها مطية للشيطان.. تَفتن وتُفْتَن..؟! يقول - عليه الصلاة والسلام -: (المرأة عورة وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان و إنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها) .
يقول ابن العربي في شرح سنن الترمذي معنى(استشرفها الشيطان أي زيّنها في نظر الرجال. وقيل: أي نظر إليها ليغويها ويغوي بها. والأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء وبسط الكف فوق الحاجب والمعنى أن المرأة يستقبح بروزها وظهورها فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها ويغوي غيرها بها ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة. أو يريد بالشيطان شيطان الإنس من أهل الفسق سماه به على التشبيه).
وفتنة النساء هي أعظم الفتن مطلقا على الرجال..! ولهذا نجد اليوم التركيز الكبير جدا من المنافقين على إفساد المرأة وإخراجها من بيتها وإخراجها عن وظيفتها التي تناسب طبيعة تكوينها.. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
والمنادون بخروجها ومخالطتها للرجال هم أصحاب الشهوات لأنهم يريدونها أمامهم أينما ذهبوا وجدوها
{والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما}
فهم لا يريدون حريتها بل حرية الوصول إليها..
ويعتبرون القول بعدم اختلاطها بالرجال قول يتبناه فقط المتشددون.. فهل كان الرسول متشددا لما خرج من المسجد فرأى اختلاط الرجال بالنساء فقال للنساء:
(استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)
ومن كنّ هؤلاء النساء..؟! ومن كان أولئك الرجال..؟! إنهم خير هذه الأمة.. أنقاها وأتقاها.. فكيف بمن ينادي بخروج المرأة وهو أكثر الناس ضلالا وأشدهم انحرافا.. وماذا عساه ينتظر منه..؟!
والعجيب أنهم يلمعون صورة الفاسقات.. المتبرجات.. الغاويات المغويات.. ويبرزون جرأتهن.. وقلة حيائهن على أنه الأنموذج الأمثل للمرأة المسلمة.. ولكن يأبى الله ورسوله إلا تكذيبهم..! يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله و شر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم).
أخيرا تأملوا فهم الصحابة لكلام الله وكلام رسوله في قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (ما تقربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها).
http: //www. twbh. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/227)
كيف نستطيع أن نحرر المرأة ؟!
سارة عبد الرحمن المبارك
إن مما يتعين على الجميع فهمه أننا قومٌ نؤيد التغيير والتجديد ونطالب بدفع عجلة التنمية والارتقاء والنهوض ما لم تمس الثوابت؛ لأنه بطبيعة الحال يصب في صالحنا كأفراد فضلاً عن صالح البلاد والشعب وكافة القطاعات... لكننا حينما نضع (التغيير نحو الأفضل) نصب أعيننا ينبغي أن نكون على درجة من الواقعية عندما ندون قائمة الأسباب الجوهرية المقيدة للحركة التنموية دون اتباع الأهواء واختلاق أسباب بجعلها حجر عثرة في طريق التقدم مع إغفال الرؤية المستقبلية وبعد النظر... ربما تصدرت قضية المرأة قائمة (الإصلاحات) خاصة وأن الأنظار تتجه دائماً إلى المرأة السعودية بوصفها امرأة مسكينة ومضطهدة لا تتمتع بحقوقها كاملة فهي على سبيل المثال لا تقود السيارة ولا تملك الحرية التامة..الخ مما يردد في وسائل الإعلام المختلفة... دعونا أعزائي نتأمل بعين الواقع البصيرة ونتساءل: هل المرأة هنا تعاني فعلاً من الظلم؟! لو قلنا: لا، فإننا بهذه الحالة ندعي الكمال، ونتستر على أمور تجري في المجتمع في الخفاء، ونفتقر بشكل كبير إلى الوضوح والشفافية ومناقشة قضايانا بأنفسنا لنتمكن من معالجتها دون الحاجة إلى الغريب.. وإلا فماذا نفسر القضايا في المحاكم التي هي في أغلبها لنساء يشتكين حقوقاً ضائعة فضلاً عن أولئك اللواتي آثرن السكوت على مصائبهن وتحملن الحياة بمرها وحنظلها ولم ينبسن ببنت شفه...
وفي المقابل لو قلنا: نعم، فأي ظلم هذا الذي تعاني منه امرأة تعيش تحت لواء الإسلام ذلك الدين الذي كفل لها حريتها وحقوقها وحمى كرامتها وصان عزها وعرضها؟! ومن هي الجهة المتسببة في حدوث شيءٍ كهذا؟! وما الذي يعنيه شبه اتفاق نسائي أنه لو كان ثمة تطوير لحال المرأة لزم أن يحدث بمبادرة منها وبسماع كلمتها لا أن يملي (الغير) - ممن لم يجرب حياتها - مطالبه ويسطر ما يريده هو لا ما تريده هي...
وحتى نكون منصفين وواقعيين علينا أن نقر بوجود شريحة مضطهدة من نسائنا، وأن نعترف بأنها ليست بالكثافة التي يظهرها الإعلام؛ لكننا بإرجاع الأسباب إلى مسبباتها نجد أن الحالات الاستثنائية لوضع المرأة هو محصلة عادات وتقاليد نشأت في مجتمع أفقر ما يكون إلى العلم فاختلطت بتعاليم الدين السمحة التي لا يختلف اثنان في أنها جاءت مخلصاً للأنثى من الذل ومنجياً من براثن الاستعباد؛ بدءاً بتحريم وأدهن صغاراً مروراً بحقوقهن بالتملك وحرية التصرف في أموالهن من صداق ونحوه وانتهاء بحقها في الإرث بعد أن كانت تحرم منه.
الجنات تحت أقدام الأمهات والأمهات فقط.. ديننا الحنيف لا يحتاج إلى من يدافع عنه فهو سمح سهل جاء رحمة للبشرية جميعاً.. لكن المشكلة تكمن في ماض ليس بالبعيد حيث عادت بعض فعال الجاهلية لتظهر على السطح من جديد قبل أن يأتي المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -ليعيد الله للأمة رشدها بعد أن كادت تغيب عنه...
إن ما نطالب به اليوم لهو أمرٌ يسير يتلخص في التفريق الصحيح بين العادات والتقاليد ويعيد التعاليم الشرعية فالأولى: تراجع من وقت لآخر وتصحح ويقال فيها الكلام، والثانية: من المحتم علينا أن لا نمسها ونطيع ونسلم تسليماً عندما نسمع (قال الله) وقال (رسول الله)... نريد في قضية المرأة أن نخلصها من رق العادة وليس من العبادة لأنه للشرف لها أن تكون أمة لله رب العالمين.
ومما زادني شرفاً وفخراً ***وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ***وأن صيرت أحمد لي نبياً
ربما ذاقت المرأة الهامشية يوماً ما لكنها ببزوغ فجر الإسلام تسلمت رسالتها ليس كعنصر فعال وحسب بل كعنصر هو أساس البناء.. وبدونه.. لا بناء... يقول الأستاذ محمد إسماعيل المقدم مخاطباً المرأة: "أنت نصف الأمة.. ثم إنك تلدين لنا النصف الآخر.. فأنت أمة بأسرها"..
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
المرأة الفلسطينية صخرة عاتية في وجه الاحتلال
* أرادوا للمرأة الفلسطينية أن تكون وسيلة إفساد فأصبحت منارة للجهاد.
* ندرك أن جهادنا يحتاج إلى مزيد من الصبر والثبات.
* المرأة الفلسطينية رقم صعب في معادلة الصراع.
تمثل المرأة الفلسطينية نموذجا غير مسبوق - على الأقل في التاريخ المعاصر – في المعاناة، فهي الحلقة الأضعف في سلسلة الشعب الفلسطيني ذلك الشعب الذي كتب عليه أن يواجه أبشع صنوف الاحتلال. فطوال قرن من الزمان كان على تلك المرأة أن تقدم أجيالا تلو الأجيال لمواجهة صلف اليهود، بل أن تخرج بنفسها، وأن تلملم جراحها بعد مقتل الأب أو الزوج أو الابن حتى تستمر مسيرة الجهاد، وبقدر ما قدمت بقدر ما غمطها العالم حقها، فأين معاناتها من مؤتمرات المرأة التي تدعي أنها تسعى لرفع الظلم عن نساء العالم؟
عِفّت الجعيري (عضوة الاتحاد الإسلامي العالمي للمرأة)، و(عضوة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية)و(رئيسة نادي شابات الخليل) تلقي الضوء في هذا اللقاء على تجربة جهاد المرأة الفلسطينية مع المحتلين اليهود، وتقف على محطات من مسيرتها في هذا الطريق.
سؤال: كيف تقومين ثبات المرأة في فلسطين رغم الاحتلال والقمع... وماذا قدمت المرأة على صعيد الميدان؟
جواب: مسيرة المرأة في فلسطين تختلف كثيرا عن غيرها من النساء في عالمنا العربي والإسلامي.. ويعود السبب في ذلك إلى حدة الصراع ونوعيته ومكانه، ففلسطين أرض مباركة، باركها الله في كتابه، وهي محتلة - أيضا - حيث سيطر عليها اليهود؛ ولهذا عاش شعبها صراعا دائما - صباح مساء - حيث جسدت المرأة في فلسطين دوراً تاريخياً رائداً في مواجهة الاحتلال والدفاع عن الأقصى، وخلال ذلك منيت هذه المرأة بالمحن والابتلاء حيث شاهد العالم هذه المرأة وهي تودع أبناءها الشهداء.. تلو الشهيد.. لا بل شاركت في المقاومة والجهاد والانتفاضة.. وشاركت - أيضا - في تضميد جراح الجرحى.. بل شاركت في المظاهرات والمسيرات اليومية في المناسبات كافة.
سؤال: هل من نتائج ملموسة استطاعت المرأة في فلسطين أن تحققها؟
جواب: نعم، النتائج كثيرة، فقد كان يخطط لهذه المرأة أن تكون أداة للفساد والإفساد، حيث شعرنا أن الاحتلال - منذ دخوله فلسطين - سعى جاهداً لبث الكثير من المشاريع الفاسدة لإسقاط هذه المرأة في حبال الرذيلة، وفتح لذلك آفاقا كثيرة، مثل نوادي الصداقة المشبوهة، وتيسير خروج المرأة الفلسطينية للعمل في المصانع الإسرائيلية، والمطاعم، والمواخير، وغيرها، ولكن جهودنا المتواصلة - في قطاع العمل النسوي - استطاعت - بتوفيق الله - أن تربي المرأة المسلمة في فلسطين من خلال المؤسسات الأهلية واللجان التي عملت جاهدة في إعداد هذه المرأة تربويا ً، وفكرياً، وسياسياً، وثقافياً من خلال برامج مختارة. حيث استطاعت هذه المرأة بإيمانها، وثباتها، وصبرها أن تتخطى كل العقبات التي كانت مرسومة لإفسادها، وبذلك استطاعت المرأة في فلسطين أن تستعلي فوق كل المؤامرات والتحديات وفوق كل الجراحات، فكانت منارة لكل الجراحات، ومنارة لكل نشاط وخير.
سؤال: ماذا عن دور المرأة الفلسطينية على صعيد الميدان؟
جواب: استطاعت المرأة في فلسطين أن تجيد العمل المؤسساتي والأهلي في كافة الميادين... هذه المؤسسات التي كانت أشبه بالقلب النابض المغذي، ففي الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م أدت المرأة دورا حساسا من خلال نزولها للميدان، الأمر الذي تطلب مؤسسات صحية واجتماعية فاعلة، حيث قامت المرأة بمتابعة حالات الأسر التي استشهد راعيها وبعض أبنائها، وكذلك بمتابعة ودعم الحالة النفسية لهذه الأسر، كي لا تصاب بالإحباط وحتى تستمر في عطائها. على صعيد الخارج: استطعنا نقل صورة المرأة الفلسطينية وجهادها إلى كافة المواقع والمنتديات والمؤتمرات في العالم العربي والإسلامي حيث شاركت - على سبيل المثال - أنا وجمع من النساء الفلسطينيات في مؤتمر (بكين) وقمنا بعرض أفكارنا ورسالتنا، وقمنا بالاحتجاج - أيضاً - على بعض الأفكار التي عرضها المؤتمر والتي يعارضها دينيا.. وكذلك شاركت مشاركة فاعلة في المؤتمر الدوري العام للاتحاد الإسلامي العالمي للمرأة في الخرطوم. وشاركت - أيضاً - في مؤتمرات عربية نسوية في صنعاء، وبيروت. والولايات المتحدة الأمريكية، واستطعت أن انقل صورة واضحة مشرقة للمرأة الفلسطينية وجهادها لأخواتها وشقيقاتها خارج فلسطين؛ كي يكون هناك التقاء وترابط في الشعور بين الجانبين.
سؤال: كيف تقومين أوضاع المرأة الفلسطينية في ظل التغيرات الفكرية والاجتماعية، وهل هناك أزمة تعترض مسيرة هذه المرأة؟
جواب: القضية الفلسطينية شهدت حالة من التدافع الفكري والاجتماعي، من خلال ما طرحته حركات التحرير والعلمانية التي عملت على الساحة الفلسطينية، فكانت المرأة جزءاً من هذا التناقض ولهذا شهدت ساحة المرأة الفلسطينية صراعا واضحا بين تيارين: التيار الإسلامي الذي يرى أن عودة فلسطين وتحريرها لا يكون إلا تحت مظلة الراية الإسلامية وأن يكون الإسلام بشريعته وعقيدته؛ وهو الحل، والتيار الثاني يطرح المشروع القومي العلماني، ويقوده تيار منظمة التحرير الفلسطينية، والعديد من الحركات النسوية اليسارية. هذا الواقع الفكري والاجتماعي أوجد حالة من التناقض في الشارع النسوي في فلسطين، بل صنع – أيضاً - أزمة على صعيد الميدان.
سؤال: ما حجم الدعم والمؤازرة من قبل المرأة المسلمة في العالم العربي والإسلامي لكم؟
جواب: بلا شك فإننا سعداء بمؤازرة المرأة العربية والمسلمة في الخارج لنا. فقد تم بناء علاقة وجسور تعاون بيننا وبينهن، حيث تم تبادل الخبرات والأفكار وآليات المشاريع، وأصبحنا في فلسطين المحاصرة على علاقات جيدة مع الكثير من الاتحادات والتجمعات والمؤسسات العربية والإسلامية في الخارج.. وكان هناك تنسيق جيد بيننا وبين العديد من النشاطات التي أقيمت في دول عربية وإسلامية شقيقة، والتي كانت تهدف لدعم الانتفاضة الأولى (1987)، وانتفاضة الأقصى، ودعم القدس والمؤسسات الفلسطينية. وقدرناً - كثيراً - هذا الدور المميز لهذه المؤسسات النسوية في عالمنا العربي والإسلامي... حاولنا مرارا استضافة رموز نسوية لهذا العمل في فلسطين، مثل الأخت (مروي قاوقجي) من تركيا و(سعاد الفاتح) من السودان والدكتورة (منى حداد يكن) ولكن دون جدوى؛ لأن الاحتلال منع ذلك، ورغم هذا فلا يزال عطاؤنا مستمراً نحو التواصل.
سؤال: هل من رسالة ترغبين في توجيهها إلى النساء في العالم العربي والإسلامي؟
جواب: أقول لهن: إننا - في فلسطين - في محنة وحرب، فقد شاهد العالم الصلف الإسرائيلي والتحدي العنصري الحاقد الذي يمارسه الاحتلال في قتل أبنائنا، والذي بات لا يفرق بين امرأة وطفل وشيخ واستطعنا أن نصبر وان نحتسب وندرك أن جهادنا يحتاج إلى مواصلة في الثبات والصبر حتى نحطم هذا التحدي الذي يستهدف كل واحد فينا. إن كان لنا رسالة لأخواتنا ولأمهاتنا في عالمنا العربي والإسلامي فإننا نقول لهن: مزيداً من العناية بشعب فلسطين ودعمه. هناك مؤسسات طبية ونسوية لإعداد الأطفال تربويا وفكريا وبقية أرجاء فلسطين بحاجة إلى مواصلة دعم وعناية ورعاية.. كما أننا بحاجة إلى إعداد برامج تنمية وإعداد لأخواتنا في فلسطين، وهذه تحتاج إلى إرسال دعوات ومشاركات للمرأة في فلسطين؛ لكي تحصل على هذه الخبرات وتقدمها لشعبنا المجاهد.. أو إرسال خبراء في هذا المجال، بحيث يقومون برعاية هذه المشاريع.. أقول لأخواتي في العالم العربي والإسلامي: لا تخشين علينا كثيراً فإننا صابرات محتسبات، فالمرأة اليوم في فلسطين صنعت رجالا للدفاع عن الأقصى، وحماية شرف الأمة العربية والإسلامية، وهي - بإذن الله - قادرة على الاستمرار في هذا الدور.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/228)
من أحكام التعدد
الشيخ عبد الله بن مانع العتيبي
تعدد الزوجات مما جاء الإسلام بالحض عليه، والترغيب فيه؛ تكثيراً لسواد الأمة، وإحصاناً لنسائها.
وتعدد الزوجات له من الفوائد والحكم العظيمة التي تعود بالنفع الخاص والعام على الأمة بأجمع، والله - تعالى - له الحكمة البالغة فيما يشرع ويقدر.
وما يظهر للناس من مساوئ وسلبيات التعدد ليس لأن التعدد سيئ معاذ الله ومن قال بذلك فهو يقدح في الشريعة؛ وإنما سبب ذلك جهل كثير من الناس بالأحكام الشرعية، والضوابط التي يجب على من تزوج أكثر من زوجة أن يراعيها ويعمل بها حتى يكون ملتزماً بشريعة الله - تعالى - ؛ ولكي يحقق التعدد المقاصد التي شرعت من أجله.
وهذا مقال نافع إن شاء الله ألخص فيه أحكاماً تهم الذي تزوج أكثر من زوجة. كتبته تيسيراً على المعددين، وتقريباً للفقه بين المسلمين بعد طلب بعض الفضلاء؛ لكثرة الجهل في أحكام القسم بين النساء عند الخلق إلا من رحم الله، وقد انتقيته من كتب الحديث وشروحها، وكتب الفقه، والنوازل، والقواعد الفقهية وجعلته في شكل نقاط متتابعة والله أسأل أن يجعله طريقاً لنيل رضاه، ومقرباً لجنات النعيم يوم لقاه.
1- يجب العدل بين الزوجات قال ربنا - جل في علاه -: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا (3) {النساء: 3} وقد روى أحمد والأربعة من طريق همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي { قال: "من كان له امرأتان فمال إلى أحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل"(1) قال أبو عيسى: "وإنما أسند هذا الحديث همام بن يحيى، عن قتادة ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال: كان يقال ولا نعرف الحديث مرفوعاً إلا من حديث همام وهمام ثقة حافظ. أ.ه، وفي العلل الكبير قال: حديث همام أشبه.أ.ه. قلت: وهذا مصيرٌ من الترمذي إلى ترجيح المرفوع وهو الصواب إن شاء الله - تعالى - فالحديث ثابت.
والعدل الواجب هنا في القسم والسكن، والكسوة، والنفقة، وهل العدل في الواجب من ذلك فقط، أم يشمل العدل في الواجب والمستحب والمباح؟
فعلى القول الأول: يجب العدل في الواجب من النفقة، والملبس، والمسكن، فما فضل بعد ذلك من مال، أو ملابس، أو حلي، أو سعة في مسكن فهذا كله لا ينافي العدل لأن ما زاد نفل والنفل فضل، وهذا اختيار شيخنا ابن باز، ونص عليه أحمد - رحمهما الله -(2). وهو قول أكثر أهل العلم وجمهورهم ولهذا قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في فتح الباري على قول البخاري باب العدل بين النساء، وذكر الآية ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء.. قال ما نصه: "أشار بذكر الآية إلى أن المنتهى فيها العدل بينهن من كل جهة وبالحديث إلى أن المراد بالعدل التسوية بينهن بما يليق بكل منهن فإذا وفىّ لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها لم يضره ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة"(3).
والقول الثاني: العدل واجب في كل ما يقدر عليه مما يجب عليه أو يستحب أو يباح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقله صاحب الإنصاف وكذلك اختيار الشيخ ابن عثيمين - رحمهما الله - وقال بعض أهل العلم: التسوية في مثل هذا تشق فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج فسقوط وجوبه أقرب.
وعدم العدل بين الزوجات من كبائر الذنوب ولهذا توعد عليه في الآخرة بسقوط شقه والجزاء من جنس العمل فلما مال في الدنيا عن العدل جاء بهذه الصفة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد.
وأما العدل في المحبة والجماع، فعامة العلماء على عدم وجوبه؛ لأنه ليس في ملكه، ولهذا قال ابن القيم في زاد المعاد: لا تجب التسوية بين النساء في المحبة فإنها لا تملك وكانت عائشة - رضي الله عنها - أحب نسائه إليه، وأخذ من هذا أنه لا تجب التسوية بينهن في الوطء؛ لأنه مُوقف على المحبة والميل وهي بيد مقلب القلوب، وفي هذا تفصيل، وهو أنه إن تركه لعدم الداعي إليه وعدم الانتشار فهو معذور وإن تركه مع الداعي إليه ولكن داعيه إلى الضرة أقوى فهذا مما يدخل تحت قدرته وملكه فإن أدى الواجب عليه منه لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية وإن ترك الواجب منه فلها المطالبة به أ.ه(4).
وقد روى أبو داود والنسائي من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت: كان رسول الله { يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول: "اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"(5) ورواه حماد بن زيد عن أيوب فأرسله لم يذكر فيه عائشة وهو المحفوظ(6).
والنبي { كان يحب عائشة أكثر من سائر أزواجه وهذا أمر مشهور عنه}، وفي الصحيح عن عمرو بن العاص لما سأل النبي {: أي الناس أحب إليك قال: "عائشة، قال من الرجال، قال: أبوها..."} الحديث (7) وبوب البخاري: (باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض) (8) على حديث ابن عباس، والجماع تابع لشهوة النفس وانبعاثها ومحبتها.
وحيث قلنا لا يجب العدل في الجماع لكن يجب أن يعفها ويعاشرها بالمعروف وكذلك لا يجب العدل في مقدمات الجماع من أنواع الاستمتاعات لكن يستحب ذلك وروي عن بعض السلف أنه كان يعدل بين نسائه حتى في القُبل.
2- القسم يكون بين الزوجات يوم لهذه ويوم لتلك.. فإن أحب أن يقسم يومين يومين أو ثلاثة ثلاثة فقيل: يجوز له ذلك، وقيل: بل لابد من رضاهن فيما زاد على اليوم، وهذا أرجح؛ لأن في العمل به إزالة الوحشة عنهن لقرب عهده بهن، اللهم إلا أن يكون للزوج غرض صحيح في الزيادة على اليوم لا يمكن إدراكه إلا بذلك فيجوز والحالة هذه بلا رضاهن.
3- القسم يكون للمريضة، والحائض، والنفساء، فلا يسقط حقهن في القسم لأجل ما عرض لها، وكذا يقسم لمن آلى منها أو ظاهر منها أو رتقاء أو محرمة وكذا يقسم لكتابية ومجنونة إلا أن تكون غير مأمونة لأنه لا يحصل الأنس بها ولا لها وكذا يجب القسم على الزوج المريض والعنِّين والمجنون إلا إن يكون غير مأمون لأنه لا يحصل منه أنس، وأصل المسألة أن النبي يقول في مرضه: "أين أنا غداً"(9).
ولأن القسم القصد منه السكن والأنس، وهو حاصل بالمبيت.
4- إذا مرضت إحدى زوجاته ولم يوجد لها متعهد أو ممرض واحتاجت لتعهد زوجها فإنه يمكث معها ويقضي للباقيات بعد البرء فإن ماتت تعذر القضاء؛ لأنه إنما يحسب من نوبتها، وإذا تعذر القسم للمريضة من أجل كونها في المستشفى، فإنه لا قسم لها ولا يقضي لها بعد خروجها من المستشفى كسفرها في حاجتها بإذنه على القول الراجح.
5- القسم عماده بالليل، والنهار تبع له.. ولهذا قالت عائشة - رضي الله عنها -: "توفي النبي في بيتي وفي يومي"(10) وإنما قبض النبي نهاراً، والنهار يتبع الليلة الماضية، وأما من كان معاشه بالليل كالحارس ونحوه فقسمه يكون بالنهار.
6- الزوجة المغمى عليها يسقط حقها في القسم لتعذر حصوله لها ولا قضاء لها.
7- لا قسم للناشز ولا المطلقة الرجعية.
8- يجوز الدخول على نسائه نهاراً والمكث قليلاً ولو في غير نوبتهن، ولهذا قال البخاري: "باب دخول الرجل على نسائه في اليوم" ثم أسند حديث عائشة قالت: "كان رسول الله إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن.."(11).
ولفظه عند أبي داود "كان رسول الله لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها"(12) ولفظ البيهقي "يطوف علينا جميعاً فيقبل ويلمس مادون الوقاع.."(13).
وهذا الدخول للحاجة من دفع نفقة، أو عيادة، أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته أو زيادة لبعد عهده بها وكذلك للتأنيس والمباشرة والتقبيل من غير جماع.
وهذا كما ترى لا ينافي العدل بل هو العدل، ولهذا قال ابن القيم في زاد المعاد(14) في حكمه في قسم الابتداء والدوام بين الزوجات وذكر من فوائد حديث عائشة: "أن الرجل له أن يدخل على نسائه كلهن في يوم إحداهن ولكن لا يطؤها في غير نوبتها".
وأما الدخول ليلاً لغير صاحبة النوبة فقد صرح العلماء بتحريمه إلا لضرورة تستدعي ذلك كحريق ومرض مفاجئ، ونحو ذلك من الضرورات أو الحاجات الملحة.
9- يجوز للرجل جماع نسائه كلهن في ساعة واحدة ولو كان في نوبة إحداهن فقد روى البخاري من طريق هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال: كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن (إحدى عشرة) قال قتادة: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين، وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس "تسع نسوة"(15). وبوب عليه البخاري: من طاف على نسائه في غسل واحد، وجاء نحوه عن عائشة قالت: "كنت أطيب رسول الله فيطوف على نسائه ثم يصبح محرماً ينضخ طيباً"(16)، فمثل هذا جائز كما ثبت به الخبر عن النبي فإذا كان هذا بإذن صاحبة النوبة، أو كان عادة للإنسان أنه ربما وطيء نسائه كلهن في نوبة إحداهن فلا بأس؛ إذ لا جور في ذلك بل هو عدل، وقد كان هذا من عادة سيد الخلق. فإن اغتسل بعد كل جماع فحسن وإن توضأ فهو حسن، وأقل الأحوال أن يغسل ذكره حتى لا تختلط المياه لاختلاف الأرحام.
10- إذا تزوج البكر على الثيب (زوجته أو زوجاته السابقات قطع الدور) وأقام عند البكر سبعة أيام ثم قسم وإذا تزوج ثيباً على زوجته أو زوجاته السابقات قطع الدور وأقام عندها ثلاثة أيام ثم قسم، فإن أرادت الثيب الجديدة أن يمكث عندها سبعاً فلها ذلك إذا رضي الزوج، فإن سبَّع لها سبَّع لسائر زوجاته، ففي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم. قال أبو قلابة الراوي عن أنس: لو شئت لقلت إن أنساً رفعه إلى النبي { (17)، وفي صحيح مسلم "أن النبي { لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثاً فأراد أن يخرج فأخذت بثوبه فقال لها: إنه ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبَّعت لك، وإن سبَّعت لك سبَّعت لنسائي وإن شئت ثلَّثت ثم ردت قالت: ثلِّث"(18).
ومعنى قوله: (ليس بك على أهلك هوان) يعني بأهلك نفسه - عليه الصلاة و السلام -، ومعنى هوان: أي هون، يريد أنك عزيزة وغالية ولكن هذا القسم هو الحق.
وتخيير الزوج الثيب بين ثلاث وسبع ليس بواجب بل هو سنة ولا يجب على الزوج مشاورة البواقي فيما تختار الثيب الجديدة، لأن النبي { لم يشاور زوجاته في ذلك.
فإن قيل لم زاد الثيب أربعة أيام وقضى البواقي سبعاً؟ قيل: هذا من العدل؛ لأنه آخر حقهن وزاد الأولى أربعاً.
فإن قيل: لما خص البكر بسبع والثيب بثلاث، قيل: الحكمة ظاهرة لوجهين:
أولاً: قوة الرغبة في البكر غالباً. (وفي هذا مراعاة الرجل).
ثانياً: استيحاش البكر من الرجال غالباً فزيد في المدة للاستئناس. (وفي هذا مراعاة للمرأة).
11- وإذا تزوج بكراً على بكر ويتصور هذا لو عقد على بكر وتردد عليها من غير جماع ثم تزوج بكراً أخرى فهل حكمه كحكم من تزوج بكراً على ثيب؟
الجواب: نعم، ويكون معنى قوله: (تزوج البكر على الثيب) من باب الأغلب مع أن هذه الصورة نادرة.
12- تجب الموالاة في سبع البكر وثلاث الثيب ولو فرق لم تحسب أصلاً على القول الراجح.
13- بعد انقضاء أيام البكر أو الثيب يدور على باقي نسائه وتصبح الجديدة آخرهن نوبة.
14- إذ سافر بجديدة وقديمة بقرعة أو برضى البواقي تمم للجديدة حق العقد ثم قسم بينها وبين الأخرى.
15- إذا أقام الزوج عند الثيب سبعاً فأقام بغير اختيارها في الأربع الزائدة فإنه يقضي للباقيات الأربع الزائدة فقط لأن مكثه عندها بغير رضاها فلم تؤاخذ به.
16- وإذا تزوج بكرين في عقد واحد كما لو عقد له رجل على ابنته وابنة أخيه (ابنتي عم) فإنه يقرع بينهما فإذا خرجت قرعة إحداهن مكث عندها سبعاً ثم الأخرى سبعاً، وإن تقدم عقد إحداهما على الأخرى فزفت إليه قبلاً فهي المقدمة بلا قرعة.
17- إذا تزوج امرأة بكراً أو ثيباً وليس عنده غيرها، فلا يتعين عليه التسبيع أو التثليث، لأنه لم ينكحها على غيرها، وهي طلق له دهرها، فلم تقع المشاحة في الزمن حتى يلزمه التسبيع أو التثليث على القول الراجح.
18- لو تزوج وهو في سفر ومعه بعض نسائه قسم للجديدة ثلاثاً أو سبعاً (بحسب حالتها) ثم عدل بينها وبين المستصحبات في السفر.
19- إذا سافر الزوج بنسائه كلهن أو بدونهن فلا إشكال، وكذا إذا سافر بواحدة أو أكثر وترك البعض ورضي المقيمات بذلك فلا إشكال أيضاً، فإن أبين فلا بد من القرعة فمن خرجت قرعتها سافر بها سواء في يومها أو في غيرها، وإذا عاد من سفره قسم لهن ولم يقض للمقيمات.
ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبي إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه"(19) قال ابن القيم في زاد المعاد: (20) إذا أراد السفر لم يجز أن يسافر بإحداهن إلا بقرعة، وقال: إنه لا يقضي للبواقي إذا قدم، فإن رسول الله لم يكن يقضي للبواقي. أ.ه.
أما إذا خرج بدون قرعة بإحداهن أو بعضهن فإنه إذا قدم يقضي للبواقي حقهن متوالياً ويحسب عليه مدة غيابه بما فيها الذهاب والإياب، وقولنا يقضي حقهن متوالياً؛ لأن هذا حق مجتمع في ذمته فليقضه من غير تأخير ومن ضرورة ذلك التوالي ولا يُقَسِّط عليهن إلا بإذنهن(21).
قال في الإنصاف: إذا رضي الزوجات بسفر واحدة معه، فإنه يجوز بلا قرعة، نعم إذا لم يرض الزوج بها وأراد غيرها أقرع.أ.ه.قلت: فإن خرج سهم التي لم يردها أولاً لزمه السفر بها.
20- إذا سافر بزوجتين بقرعة عدل بينهما فإن ظلم إحداهما قضى لها بالسفر، فإن لم يتفق قضى في الحضر من نوبة التي ظلمها بها.
21- لو استصحب واحدة بقرعة وأخرى بلا قرعة عدل بينهما أيضاً ثم إذا رجع قضى للمخلفة من نوبة المستصحبة بلا قرعة.
22- إذا سافر الزوج بامرأة لحاجتها فإنه يقضي للبواقي.
23- إذا سافرت الزوجة في حاجة لها ولزوجها جميعاً فلا يسقط حقها في القسم فيقضي لها إذا عادت، وضم حاجتها إلى حاجته لا يضرها.
24- إذا خرجت القرعة لإحداهن في السفر لم يجز السفر بغيرها فإن أبت صاحبة القرعة فله إكراهها على السفر معه فإن أبت فهي ناشز عاصية وللزوج استئناف القرعة مرة أخرى.
25- من لا يمكن اصطحابها في السفر لمرض أو نحوه فإنه يخرج بالأخرى فإن كن أكثر من اثنتين أقرع بينهن؛ لأن القرعة إنما تكون مع استواء حالهن وصلاحيتهن للسفر وهذه قاعدة القرعة.
26- إذا سافرت المرأة في حاجة لها بإذن الزوج فلا قسم لها، فإذا عادت لا يقضي لها على القول الراجح، وإذنه لها لدفع الإثم عنها، وأما إذا سافرت في حاجة له أي للزوج بإذنه، فإنه يقضي لها إذا عادت وأما إذا سافرت في حاجة لها بلا إذن الزوج فهي عاصية ناشز لا قسم لها ولا نفقة.
27- لو سافر ببعض نسائه بقرعة فأراد إبقاء إحداهن أو بعضهن في بعض المنازل في السفر فبالقرعة.
28- لو خرج مسافراً وحده ثم نكح في سفره لم يلزمه القضاء للباقيات لأنه تجدد حقها في وقت لم يكن عليه تسوية وإن خرج لأجل النكاح احتسب عليه مدة الغياب بعد حق المنكوحة.
29- إذا سافر بإحدى زوجاته بقرعة إلى محل ثم بدا له غيره أو أبعد منه فله أن يصحبها معه؛ لأن حكمه حكم سفر القرعة.
30- إذا تزوج امرأة وأراد السفر بها لم يجز إلا بقرعة بينها وبين نسائه ويحتمل أن له السفر بلا قرعة ووجه ذلك: أن القسم قسمان: ابتدائي واستمراري، وهذه الجديدة قسمها ابتدائي بنص الحديث تستحقه بلا قرعة وشرط القرعة تساوي جهات الاستحقاق وهذه لها البداءة كما لو تزوجها ومكث أياماً ثم سافر بها قبل انقضاء حق العقد فلم يحتج إلى القرعة فكذا في مسألتنا ويتداخل حق العقد مع حق السفر فإن قدم من سفره قبل مضي مدة ينقضي بها حق العقد أتمه في الحضر.
31- للمرأة أن تهب ليلتها لإحدى ضراتها فإن لم يقبل الزوج فإنه يقسم للواهبة ويرد هبتها وإن قبل فلا يجوز للزوج جعلها لغير الموهوبة، وإن وهبتها للزوج فله جعلها لمن شاء منهن، وفي حال هبتها لضرتها إذا كانت ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسم لها ليلتين متواليتين، وإن كانت لا تليها، فهل له نقلها إلى مجاورتها؟ الصحيح عدم الجواز إلا بإذن البواقي؛ لأن في ذلك تأخير حق غيرها، وتغيير لليلتها بغير رضاها، (22) وللزوج إن وهبته إحدى نسائه ليلتها له أن يجعلها مرة لإحدى نسائه ومرة لأخرى أو يجعله مشاعاً بينهن ومعنى مشاعاً بينهن أن وجود الواهبة كعدمها فيبقى القسم للأخريات بينهن.
وأصل المسألة ما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة بيومها ويوم سودة"(23).
وللواهبة أن ترجع متى شاءت في المستقبل دون الماضي لأن الأيام تتجدد فهي هبة في شيء لم يقبض فحقها يتجدد أما الماضي فقد قبض ولا رجعة لها فيه.
وقولنا: (للواهبة أن ترجع متى شاءت) هذا ما لم يكن صلحاً بينهما كما لو كره الزوج المقام معها أو عجز عن حقوقها أو بعض حقوقها فخيرها بين الطلاق وبين المقام معه على أن لا حق لها في القسم والوطء والنفقة أو في بعض ذلك بحسب ما يتفقان عليه، فإن رضيت بذلك لزم وليس لها المطالبة بعد الرضى وليس لها الرجوع بعد ذلك فإن هذا الصلح جرى مجرى المعاوضة وهذا هو الصواب الذي لا يسوغ غيره. أ.ه. (24).
32- لو وهبت نوبتها لامرأة معينة وأذن الزوج، وأبت الموهوبة فيقسم للموهوبة ولا يشترط رضاها.
33- إذا شق القسم على الزوج المريض فإنه يستأذن زوجاته في المكث عند إحداهن كما فعل النبي فإذا أذنَّ له مكث عند إحداهن وإذا أبين إلا أن يدور أو تشاححن ولم يكن به قدرة على الدوران فإنه يقرع فأيتهن خرج سهمها مكث عندها، وعلم مما تقدم أنه إذا كان مرضه لا يمنعه من القسم فيجب عليه القسم.
34- القسم في أثناء السفر في النزول والمسايرة في الطريق.
35- إذا رغبت المريضة والنفساء ونحوهن في تأخير قسمهن ثم القضاء بعد ذلك متوالياً لم يجز إلا برضى الزوج وإذن سائر نسائه.
36- من كان له امرأتان في بلدين فعليه العدل بينهما لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها وإما أن يقدمها إليه فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان فهي ناشز لا حق لها في القسم وإن أحب أن يقسم بينهما في بلديهما ولم يمكن القسم ليلة ليلة جعل القسم على حسب ما يمكن كشهر أو أكثر أو أقل.
37- يجوز للمرأة أن تبذل قسمها لزوجها بمال فتعاوضه على ليلتها على القول الراجح، وأما بذلها مالاً لزوجها ليزيدها في القسم على حساب ضراتها فحرام لأنه رشوة.
38- من أتاها زوجها ليبيت عندها فأغلقت بابها دونها ومنعته من الاستمتاع أو قالت: لا تدخل عليّ فهي ناشز لا قسم لها.
39- تجزي أضحية واحدة عن الرجل ونسائه، ولهذا ضحى النبي { بأضحية واحدة عنه وعن أهل بيته وأما الهدايا في الحج فعلى كل واحدة هدي إذا تمتعت أو قرنت.
40- لا يجوز أن تؤخذ بويضة المرأة ثم تلقح بماء زوجها ثم توضع في رحم ضرتها.
41- لو مات الزوج فلزوجاته أن يغسلنه فإن وضَعَتْ إحداهن وهو على السرير فلا يجوز لها أن تغسله لخروجها من العدة وحلها للأزواج.
42- إذا مات المعدد يحد جميع نسائه وهذا لا خفاء فيه لكن عند بعض النساء اعتقاد فاسد أنه إذا ولدت إحداهن بعد موته ولداً فإنها ترفع الإحداد عن نفسها وعن سائر ضراتها وهذا باطل فالبواقي على إحدادهن حتى يخرجن من العدة على حسب حالهن.
43- إذا حبس الزوج فهو باق على نصيبه منهن وهن كذلك فإذا أمكن خروجه إليهن أو ترددهن إليه فذاك ولو تباعد ما بين ذلك فهو على ترتيب النوبات.
وختاماً أقول: والعاقل من الأزواج صاحب الدين يستطيع صيانة دينه ونفسه وعرضه دون كثير عناء، والأحمق منهم لا يزيده ما ذكرت إلا بلاء وفتنة وحيرة والموفق من وفقه الله والمهتدي من هداه الله والصلاة والسلام على رسول الله.
____________________
الهوامش:
1 أحمد (471/2) وأبو داود (2133) والترمذي (1141) واللفظ له، والنسائي (63/7) وابن ماجه (1969).
2 انظر: المغني (242/10).
3 رواه البخاري (313/9).
4 زاد المعاد (151/5).
5 أبو داود (2134) والنسائي (64/7).
6 الترمذي (1140) وقال: رواه حماد بن زيد وغير واحد، عن أيوب، عن أبي فلابة مرسلاً، أن النبي { كان يقسم، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة.
7 البخاري (3462) و (4100).
8 رواه البخاري (2001/5).
9 البخاري (4919).
10 البخاري (4186).
11 البخاري (4918).
12 أبو داود (2128).
13 البيهقي (300/7).
14 زاد المعاد (152/5).
15 البخاري (265).
16 أخرجه البخاري (264).
17 أخرجه البخاري (4916).
18 مسلم (1460).
19 أخرجه البخاري (2453)، ومسلم (2770).
20 زاد المعاد (151/5).
21 مثال ذلك: لو خرج بإحدى نسائه خمس ليال متوالية ثم رجع من سفره فإنه يقضي لكل واحدة من الأخريات خمس ليال متواليات ولا يجزئ الليالي عليهن.
22 ينظر: المغني (244/10).
23 البخاري (4914)، ومسلم (1463) واللفظ للبخاري.
24 زاد المعاد (153/5).
@ مدير قسم الفتاوى والبحوث والدراسات بالشؤون الدينية في القوات الجوية.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/229)
المقامة النسائية
عائض القرني
رفقا بالقوارير، فإنهن مثل العصافير، لكل روض ريحان، وريحان روض الدنيا النسوان، هن شقائق الرجال، وأمهات الأجيال، هن الجنس اللطيف، والنوع الظريف، يلدن العظماء، وينجبن العلماء، ويربين الحلماء، وينتجن الحكماء، المرأة عطف، ولطف وظرف، سبابها سراب، وغضبها عتاب، من خطه المشيب فليس له من ودّهن نصيب، لو جعلت لها الكنوز مهرا، وقمت على رأسها بالخدمة شهرا، ثم رأت منك ذنبا قليلا، قالت ما رأيت منك جميلا، القنطار من غيرها دينار، والدينار منها قنطار، هي في الدنيا متاع، والحسن والإبداع، وهي للرجال لباس، وفي الحياة إيناس.
وهي الأم الحنون، صاحبة الشجون، خير من رثى وبكى، وأفجع من تألم وشكى، لبنها أصدق طعام، وحضنها أكرم مقام، ثديها مورد الحنان، وحشاها مهبط الإنسان، في عينها أسرار، وفي جفنها أخبار.
والبيت بلا امرأة محراب بلا إمام، وطريق بلا أعلام، إذا اختفت المرأة من الحياة، اختفت منها القبلات والبسمات، والنظرات والعبرات.
وإذا غابت المرأة من الوجود غاب منه الإخصاب والإنجاب، والكلمات العذاب، والعيش المستطاب، في الحديث: ((تزوجوا الودود الولود)) والسر في ذلك لتكثر الحشود، وتزداد الجنود، وليكاثر بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الوفود.
يوم تخلع المرأة الحجاب، وتضع الجلباب، فقد عصت حكم الإسلام، وخرجت على الاحتشام، وقل على العفاف السلام.
كيف يسكن بيت بلا أبواب، ويحل قصر بلا حجاب، ويشرب ماء ولغت فيه الكلاب، من حق الدرة أن تصان، ومن واجب الثمرة أن تحفظ في الأكنان، وكذلك المرأة بيتها أحسن مكان، ولكن المرأة إذا قلبت ظهر المجن، وعرضت نفسها للفتن، فهي ظالمة في ثوب مظلوم، عندهن من أصناف المكر علوم.
كيد الشيطان ضعيف وكيدهن عظيم، وقوتهن واهية لكن خطرهن جسيم، هن صويحبات يوسف ذوات السكاكين، وقاهرات الرجال المساكين.
فاجعل بينهن وبين الشر لهبا، واملأ عليهن منافذ الفتنة حرسا شديدا وشهبا، فلا تعرض اللحم على الباز، ولا تنشر القماش على البزاز، فأنعم بحرز الستر والصيانة، وأكرم بحجاب العفاف والحصانة.
وإذا رزقت بنات، فإنهن من أعظم الحسنات، حجاب من النار، وحرز من غضب الجبار، فاحتسب النفقة، فإنهن صدقة، ولو أنها غرفة من مرقة، وتعاهدهن بالبر والصلة، فإن رحمتهن للجنة موصلة، وكفاك أن الرسول المشرع، رزق بأربع بنات.
والمرأة هي بطلة الأمومة، ومنجبة الأمة المرحومة، فضائلها معلومة، وهي معدن الحسب والكرم والأرومة.
وتعليمها الدين من أشرف خصال الموحدين؛ لأنها تصبح لكتاب الله تالية، ذات أخلاق عالية، تتفقه في الكتاب والسنة، لأنها أقرب طريق للجنة.
ونحن الرجال أسندت إدارة الحياة لنا، وكتب القتل والقتال علينا، وأم النساء في الإسلام فمقصورات في الخيام، محفوظات من اللئام، مصونات عن الآثام.
وماذا فعل بالمرأة سقراط وبقراط وديمقراط، أهل الأوهام و الأغلاط، جعلوها شيطانة، وسموها الفاتنة، وإنما هي في بعض الأوقات قهرمانة، وريحانة.
وما كرم النساء مثل صاحب الشريعة السمحاء، والملة الغراء، فقد بين بقوله: ((خيركم خيركم لأهله))، ويا معاشر الأمم هل عندكم، حديث ((الله الله في النساء فإنهن عوان عندكم)).
http://www. naseh. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/230)
رسالة إلى أختنا المتدينة
قال - تعالى - {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} [الجن:22 - 23]
يقال أن كثيراً من المتدينات سلبيات في التزامهن!! حيث أنهن لا يقمن بدور واضح في الدعوة إلى الله،
- مع أنهن يلاحظن مدى الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المرأة المسلمة والتي تحاول إبعادها عن أوامر دينها!.
- ومع أنهن يلاحظن واقع البعد الكبير عن كثير من النساء في مجتمعاتنا عن أوامر الشرع!
- ومع أنهن يشاهدن ما تتعرض له الأمة من مآسي والتي لا حل لها إلا العودة إلى الله والدعوة إلى ذلك!
- ومع أنهن في الغالب يدركن أن دورهن هو الدور الأهم لإصلاح النساء في مجتمعاتنا!
فهل هذا صحيح؟!
يمكنك تحديد الجواب بالنسبة لنفسك بعد الإجابة على الأسئلة التالية..
1 - هل همُّكِ الأكبر الذي تحملينه في كل وقت وفي كل مكان وفي كل مناسبة هو هم الدعوة؟ أي كيف تدعين غيرك إلى الله وتصلحين من حاله وكيف تعملين ما يساعد على إنقاذ هذه الأمة وإرجاعها إلى تمسكها الحقيقي بدينها الذي هو السبيل الوحيد لعزها ونصرها؟ وهل تضحّين في سبيل ذلك بالغالي من وقتك وجهدك ومالك؟
2 - هل حرصت على ألا تفوتك أي فرصة أو أي مناسبة تحضرينها بدون أن يكون فيها عمل منك في سبيل الإصلاح والدعوة والتوجيه سواء بالكلام المؤثر أو بتوزيع الشريط الموجه أو الكتيب النافع أو بأي وسيلة أخرى؟
3 - هل اهتممت بجاراتك فأحسنت إليهن، وقمت بعمل حلقة ذكر أسبوعية لهن - التي هي وسيلة فعالة ومتيسرة لإصلاحهن -؟ وهل قمت بتوزيع الشريط والكتيب عليهن بصفة مستمرة؟
4 - هل تحملين هم دعوة قريباتك فتقومين بالاتصال بهن والتأثير عليهن بالوسائل المختلفة - التي من أقواها توزيع الشريط والكتيب بشكل دوري ومستمر -؟ وهل قمت بمتابعة أحوالهن والإحسان إليهن والاهتمام بمشاكلهن وعمل حلقة ذكر دورية لهن إن أمكن ذلك؟
5 - هل اهتممت بدعوة الأطفال والناشئات في أسرتك وعند جاراتك وتوجيههم إلى ما فيه الخير؟
6 - هل ذكّرت جاراتك وقريباتك بالمحاضرات والنشاطات النافعة وسعيت إلى ربطهن بها واصطحبتيهن إليها؟
7 - إن كنت مدرسة أو طالبة، فهل تعملين بجدية لدعوة من معك في المدرسة؟
8 - هل تشاركين في أي نشاط نسائي يساهم في الدعوة إلى الله وإيصال الخير إلى الناس؟
9 - هل تشاركين في إلقاء المحاضرات والندوات العامة على النساء والكتابة في المجلات الإسلامية إن كنت ممن يمتلك القدرة على ذلك، أم أنك تعتذرين عن ذلك لأقل عذر يصيبك مع علمك بأهمية الأمر وضرورته؟
10 - هل رتبت وسعيت بجدية لأن يكون لك نصيب جيد من الإطلاع وزيادة العلم الشرعي الذي هو معين أساسي لاستمرارك ونجاحك في دعوتك؟
11 - هل أنت قدوة حقيقية لنساء مجتمعنا في كل ما يتعلق بصفة وهيئة وسمت المرأة المسلمة؟
12 - هل زهدت في الدنيا وزخارفها فلم تشغلي نفسك بأمور دنيوية زائدة تصرفين فيها جزءاً من وقتك ومالك الغاليين بينما أمتك في واقع مؤلم لا يخفى عليك؟
13 - هل ساعدت زوجك الداعية بتوفير الجو المناسب له وحثه على عمل الخير، واحتساب الوقت الذي تقضينه وحيدة في المنزل عندما يكون مشغولاً بدلاً من الإكثار عليه باللوم والعتاب؟ وإن لم يكن زوجك من الدعاة فهل شجعتيه على الالتزام والدعوة؟
14 - هل عملت بجدية لتنشئي أطفالك النشأة الصالحة لكي يسلموا من آثار كل ما يخالف الشرع وليكونوا هم أيضاً ممن يحملون هم الدين ويسعون لنصرته وخدمته؟
15 - ثم أخيراً هل تقومين بالتفكير في تجديد وتحسين وسائل الدعوة لكي تقوى فعاليتها ويزداد خيرها؟
http://www. islamway. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/231)
المرأة المسلمة وملكات الجمال مقارنة أمريكية
محمد الكندري
"البرقع مقابل البكيني فسوق المرأة الأمريكية".. عنوان لمقال سطره د"هنري ماكوو" يبدي من خلاله تقديره للحياء كصفة ملازمة للفتاه المسلمة، كما لا يخفي احترامه للمرأة المسلمة التي تكرس حياتها لأسرتها وإعداد النشء وتربيتهم، وعلى الوجه الآخر يبوح بما يضمره من استياء نتيجة الانحطاط القيمي والهياج الجنسي الذي تعيشه الفتاة الأمريكية.
د. هنري ماكوو - أستاذ جامعي ومخترع لعبة (scruples) الشهيرة، ومؤلف وباحث متخصص في الشؤون النسوية والحركات التحررية.
المقال يعكس مدى إعجاب بعض المنصفين من دعاة التحرير في الغرب بقيمنا الإسلامية، رغم اختلاف الإيدلوجيات والتوجهات، وقد أثار مقال د. هنري ردود أفعال في الشارع الأمريكي بين مؤيد ومعارض.
* صورتان متناقضتان:
يقول د. هنري في مقاله (على حائط مكتبي صورتان، الأولى صورة امرأه مسلمة تلبس البرقع – النقاب أو الغطاء أو الحجاب – وبجانبها صورة متسابقة جمال أمريكية لا تلبس شيئأ سوى البكيني، المرأه الأولى تغطت تماماً عن العامة، والأخرى مكشوفة تماماً،هكذا كانت مقدمة المقالة، والتي تعتبر مدخلاً لعرض نموذجين مختلفين في التوجهات والسلوكيات.
*حرب متعددة الأهداف:
يشير الكاتب إلى الدوافع الخفية لحرب الغرب على الأمة العربية والإسلامية، موضحاً أنها حرب ذات أبعاد سياسة وثقافية وأخلاقية، إذ إنها تستهدف ثروات ومدخرات الأمة، إضافة إلى سلبها من أثمن ما تملك، دينها، وكنوزها الثقافية والأخلاقية،وعلى صعيد المرأة فاستبدال البرقع وما يحمله من قيم بالبكيني(كناية عن التعري والتفسخ). يقول الكاتب: (دور المرأة في صميم أي ثقافة، فإلى جانب سرقة نفط العرب فإن الحرب في الشرق الأوسط إنما هي لتجريد العرب من دينهم وثقافتهم، واستبدال البرقع بالبكيني)!!.
*دفاعاً عن القيم:
يمتدح د. هنري القيم الأخلاقية للحجاب أو البرقع، أو ما يستر المرأة المسلمة فيقول (لست خبيراً في شؤون النساء المسلمات، وأحب الجمال النسائي كثيراً؛ مما لا يدعوني للدفاع عن البرقع هنا، لكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها البرقع لي) ويضيف قائلاً:" بالنسبة لي البرقع (التستر) يمثل تكريس المرأه نفسها لزوجها وعائلتها، هم فقط يرونها وذلك تأكيداً لخصوصيتها). وكأن د. هنري يتفق هنا مع ما ذهبت إليه السيدة عائشة - رضي الله عنها - لما سئلت: أي النساء أفضل؟ قالت (التي لا تعرف عيب المقال ولا تهدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لزوجها والإبقاء على رعاية أولادها) أو كما قالت رضي الله عنها.
*المسلمة مربية أجيال:
ويشيد الكاتب بمهمة ورسالة المسلمة، والمتمثل في حرصها على بيتها واهتمامها بإعداد النشء الصالح فيقول (تركيز المرأة المسلمة منصب على بيتها (العش) حيث يولد أطفالها وتتم تربيتهم، هي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يُبقي على الحياة الروح للعائلة، تربي وتدرب أطفالها، تمد يد العون لزوجها وتكون ملجأً له).
*وماذا عن المرأة الأمريكية؟
بعد الانتهاء من شرح الصورة الأولى التي على مكتبه، وهي صورة المرأة المسلمة، ينتقل د. هنري إلى الصورة الثانية فيقول (على النقيض، ملكة الجمال الأمريكية وهي ترتدي البكيني، فهي تختال عارية تقريباً أمام الملايين على شاشات التلفزة، وهي ملك للعامة، تسوق جسمها إلى المزايد الأعلى سعراً (هي تبيع نفسها بالمزاد العلني كل يوم).
ويضيف (في أمريكا المقياس الثقافي لقيمة المرأة هو جاذبيتها، وبهذه المعايير تنخفض قيمتها بسرعة،هي تشغل نفسها وتهلك أعصابها للظهور).
*الجنس والعواطف الفارغة:
ينتقد د. هنري فترة المراهقة الشاذة التي تعيشها الفتاة الأمريكية، حيث التعري والجنس والرذيلة فيقول (كمراهقة قدوتها هي "بريتني سبيرز" المطربة التي تشبه العرايا، من شخصية بريتني تتعلم أنها ستكون محبوبة فقط إذا مارست الجنس، هكذا تتعلم التعلق بالعواطف الفارغة، بدلاً من الخطوبة والحب الحقيقي والصبر).
*الفتاة المسترجلة:
ثم يعرج الكاتب إلى الآثار السلبية لتلك الحياة الماجنة التي تعيشها الفتاة الأمريكية، فيقول (العشرات من الذكور يعرفونها قبل زوجها، تفقد براءتها التي هي جزء من جاذبيتها، تصبح جامدة وماكرة،غير قادرة على الحب).
ويشير إلى أن المرأة في المجتمع الأمريكي تجد نفسها منقادة إلى السلوك الذكوري، مما يجعلها امرأة عدوانية مضطربة لا تصلح أن تكون زوجة أو أماً، إنما هي فقط للاستمتاع الجنسي، وليس للحب أو التكاثر.
*النظام العالمي يكرس العزلة:
وينتقد د. هنري نظام الحياة في العالم المعاصر حيث التركيز على الانعزالية والانفراد، فيقول (الأبوة هي قمة التطور البشري، إنها مرحلة التخلص من الانغماس في الشهوات حتى نصبح عباداً لله تربية وحياة جديدة، ويضيف قائلاً: (النظام العالمي الجديد لا يريدنا أن نصل إلى هذا المستوى من الرشد، حيث يريدوننا منفردين منعزلين جائعين جنسياً، ويقدم لنا الصور الفاضحة بديلاً عن الزواج).
*احذروا خدعة تحرير المرأة:
ويكشف د. هنري زيف ادعاءات تحرير المرأة، ويصفها بالخدعة القاسية، إذ يقول (تحرير المرأه خدعة من خدع النظام العالمي الجديد، خدعة قاسية أغوت النساء الأمريكيات، وخربت الحضارة الغربية).
ويؤكد الكاتب أن تحرير المرأه يمثل تهديداً للمسلمين، فيقول: (لقد دمرت الملايين، وتمثل تهديداً كبيراً للمسلمين).
وأخيراً يقول د. هنري: (لا أدافع عن البرقع أو النقاب أو الحجاب، لكن إلى حد ما بعض القيم التي يمثلها، بصفة خاصة عندما تهب المرأه نفسها لزوجها وعائلتها، والتواضع والوقار يستلزم مني هذه الوقفة).
أليس هذا الكاتب و أمثاله أكثر صدقاً وجرأة وقولاً للحق من الكثير من دعاة العلمانية في بلادنا؟!
- ألا يكفي المرأة المسلمة فخراً بأن يشيد بمكارم أخلاقها من ليسوا على دينها؟
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/232)
مذكرات ( فتاة مراهقة من هذا العصر )
نانسي جلال
ماذا يخطر على بالنا عندما نسمع أو نقرأ كلمة (المراهقة)؟!
ما دور المراهقة في هذا المجتمع؟
ماذا نقصد بكلمة مراهقة؟
مصطلح مشتق من الإرهاق والتعب..
ولكن عندما نقول هذا مراهق هل معناه إنه دائما متعب ومرهق؟!
قالوا لنا إن المراهقة نفور من السلطة بكل أشكالها إلى حد الفوضى
وإن المراهقة تحيز وإنفراد وإنها البحث عن فتى الأحلام.. أو فتاة الأحلام..
قالوا لنا أن المراهقة تقليد أعمى لكل ما هو جديد مهما كان مخالفا..
قالوا لنا وقالوا حتى خرجت أجيال من المراهقين من الشباب لا يعرفون إلا الأسلوب الغربي في الأكل واللبس وحتى الكلام..
وأنتجت أجيال لا تعرف الطريق لربها ولا تعرف كيفية السعي لمرضاته..
حتى جاءت آيات الأخرس تلك المراهقة... نعم المراهقة فتاة الثامنة عشرة...
جاءت لتطمس تلك المعتقدات السيئة عن المراهقة ولتقول بالفعل والعمل..
لا بالقول فقط.. لتقرر بالدم.. وتؤيد بالفكر..
ولتصرخ بأعلى صوتها أن ما قالوه ليس صحيحا
جاءت آيات الأخرس لترد على كل ما قالوه واعتقدوه سيئا عن المراهقة..
جاءت بكل ما تحمله من عبق التاريخ وعنفوان التضحية.. وأمل الغد..
تحمل بين يديها أسمى معاني السمو والتقدير..
ذلك لأنها المراهقة الشهيدة في سبيل رب العزة..
سلكت درب الشهادة.. وماتت موتا كريما..
إن رد آيات الأخرس كان أجمل وأروع الردود
لأنها أعادت الثقة بهذا الجيل الجديد بالنصر بإذن الله
وليس ذلك على الله بعزيز..
جلست إلى نفسي أتخيل وأتأمل وأتسائل؟
ماذا لو جلست آيات قبل أستشهادها لتكتب مذكراتها وأحلامها
ماذا كانت ستكتب؟
هل كانت ستكتب حلمها بفارس أحلامها..
أم كانت ستكتب حلمها بقصر كبير مملوء بالخدم والحشم!!
لا والله.. لو كتبت.. لكتبت مذكراتها.. وحلمها الصامد في تحرير أرض الإسلام والعربة
والأمجاد..
لكتبت حلمها في رفع راية الحق والنصر.. وفي خروج أجيال تسير على نهجها
لكن آيات الأخرس لم تكتب بالحبر والورقة...
آيات كتبت حلمها بالدم والجسد
فكانت كتاباتها أروع
نعم كانت كتابتها أروع
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/233)
أدركوني أدركوني
عبد الملك القاسم
أتت صرخات متتالية من فتاة في عمر الورود.. تلتها أصوات امرأة شابة تنادي بصوت مرتفع... والجميع يقلن بصوت واحد ويرددن مطلبا واحدا:
أين السعادة والهناء وأين استقرار النفس وسكينتها؟!
لقد أرهقتنا الهموم ونالتنا الغموم وأقض مضاجعنا سحابة المعاصي التي تحوم في سمائنا... لقد حاصرتنا نيران الشهوة وأخذت الشاشات تحرك غرائزنا.. ولا تزال بقية إيمان في قلوبنا تستصرخكم.. أدركونا..
أختي المسلمة: نحن في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت، وضج الكون بحضارة مادية ملأتها الملهيات والمغريات.. فبددت السعادة وقربت الشقاء! وفي وسط بحر هادر متقلب يخشى المسلم فيه الفتنة على نفسه لما يرى من انتشار الشبهات وكثرة الشهوات قال النبي: {إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا} [رواه أبو داود]. وطمعا في جنة عرضها السموات والأرض وخوفا من الوقوع في الزلل، هاك نهرا صافيا رقراقا من كلام الله - عز وجل - ومن كلام رسول الله يزيل وحشتك ويذهب غوائل الشيطان ويهتك أستارا زينتها المعصية! ستدركك رحمة الله - عز وجل - لتنجيك من عذاب أليم وتحميك من التردي في باب عظيم من أبواب الهلاك والدمار!
أختي المسلمة: من أعظم الأخطار التي تهدد المرأة المسلمة إثارة غريزتها وفتح باب الشهوة أمامها على مصراعيه، وبسبب بدايات بسيطة لا تلقى لها بالا قد تقع في الزنا المحرم. يقول الإمام أحمد - رحمه الله -: (لا أعلم بعد قتل النفس ذنبا أعظم من الزنا). وقد حرم الله - عز وجل - ورسوله الزنا لشناعة فعلته وقبح مورده ونهى الله - عز وجل - عن التقرب من دواعيه وأسبابه لأنه الخطوة الأولى نحو الوقوع فيه قال - تعالى -: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32]، والزنا من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل وهو رجس وفاحشة مهلكة وجريمة موبقة. قال: {ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له} وفي الحديث المتفق عليه: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن}. وقد أكد الله - عز وجل - حرمته بقوله: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان:68 - 70]، فقرن الله - عز وجل - الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف، ما لم يرفع العبد موجوب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح. وعلق - سبحانه وتعالى - فلاح العبد ونجاته على حفظ فرجه من الزنا، فلا سبيل له إلى الفلاح بدونه قال - تعالى -: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1]، حتى قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون:5 - 6].
أختي المسلمة: الزنا عار يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرؤوس العالية ويسود الوجوه البيض ن ويخرس الألسنة البليغة. وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع وهو لطخة سوداء إذا لحقت أسرة غمرت صحائفها البيض وتركت العيون لا ترى منها إلا سوادا كالحاً. عقوبة الزنا خص الله حد الزنا بثلاث خصائص:
أ– القتل فيه بأبشع قتلة وأشد عذاب.
ب– نهى الله عباده أن تأخذهم بالزنا رأفة ورحمة.
ج - أن الله أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر.
عقوبة الدنيا: إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين وذلك: بقتلهما بالحجارة حتى يموتا لكي يجد الألم في جميع أجزاء الجسم عقابا لهما، ويرميان بالحجر كناية عن أنهما هدما بيت أسرة، فهما يرجمان بحجر ذلك البناء الذي هدماه. وإن كانا غير محصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع الجلد وغربا عاما عن بلدهما.
ومن عقوبة الزنا ما قاله النبي: {تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟ هل من مكروب فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له إلا زانية تسعى بفرجها..} [رواه أحمد والطبراني بسند حسن].
ومن عقوبة انتشار فاحشة الزنا أن تكثر الأمراض والأوجاع ففي الحديث: {.. لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا} [رواه ابن ماجه]. وهذا مشاهد الآن في أمم الإباحية والرذيلة. قال عبد الله بن مسعود: ما ظهر الربا والزنى في قرية إلا أذن الله بإهلاكها.
ومن عقوبة الزنا: ما قاله في حديث الرؤيا: {... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كان أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة والزواني}. وجاء في الحديث أيضا: {أن من زنى بامرأة كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب هذه الأمة}. ومن عقوبة الزنا: إنه يجمع خصال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة، فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيره تامة على أهله.
ومن عقوبة الزنا: سواد الوجه وظلمته، وظلمة القلب، وطمس نوره، وكآبة النفس وكثرة همومها وغمومها وعدم طمئانينتها، ومنها قصر العمر ومحق بركته والفقر اللازم. وفي الأثر: إن الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة.
ومن عقوبة الزنا: أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر والعدالة، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن، ومنها الوحشة التي تعلو وجهه وضيق الصدر وحرجه. ومن أعظم عواقب الزنى سوء الخاتمة، قال ابن القيم - رحمه الله -: (إذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمالهم السيئة).
أختي المسلمة: احذري الجرأة والإقدام على المعاصي كبيرها وصغيرها فإن نساء العرب في الجاهلية كن ينفرن من الزنا ولا يرضينه للحرة الأبية. عندما بايع رسول الله النساء على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين قالت هند بنت عتبة متعجبة: أو تزني الحرة يا رسول الله؟! وفي الأمثال العربية "تموت الحرة ولا تأكل بثدييها"
وتذكري أختي المسلمة أن الله يراك فاحذري مخالفته والوقوع فيما يغضبه.
طريق النجاة:
أختي المسلمة: صانك الله بالعفاف وزينك بالتقوى اسلكي طريق النجاة واستيقظي من الغفوة وابتعدي عن أما يدفع بك إلى الهاوية ويسير بك إلى الحضيض ومن طرق النجاة:
1– عدم الخلوة بالرجل الأجنبي إطلاقا سواء في المنزل أو السيارة أو المحل التجاري أو الطائرة أو غيرها، وكوني أمة مطيعة لله - عز وجل - ولرسوله فلا ترضي لنفسك مخالفة أمرهما قال: {ما خلال رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما}.
2– التقليل من الخروج للأسواق قد المستطاع وتعبد الله - عز وجل - بالمكث والقرار في البيت امتثالا لأمر الله - عز وجل - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33]. قال عبد الله بن مسعود: (ما قربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها). وفي حالة الخروج ليكن معك محرمك أو امرأة ثقة من قريباتك، ولا تخضعي بالقول ولا تليني الكلام مع البائع فلا حاجة لأن ينقص لك ريالات مقابل أن ينقص دينك والعياذ بالله.
3– الحذر من التبرج والسفور حين الخروج من المنزل فإن ذلك من أسباب الفتنة وجلب الأنظار وقد ذكر النبي: {صنفان من أهل النار - وذكر منهما - نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات..}، ومن أعظم أنواع الستر لبس العباءة المحتشمة وستر اليدين والقدمين، والبعد عن النقاب والبعد عن مس الطيب. وتشبهي بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة فإنهن كن يخرجن كالغربان متشحات بالسواد لا يرى منهن شيئا.
4– ابتعدي أيتها المسلمة عن قراءة المجلات الهابطة ومشاهدة الأفلام الماجنة فإنها تثير الغرائز وتهون أمر الفاحشة وتزينها باسم "الحب والصداقة" وتظهر الزنا باسم "العلاقة العاطفية الناضجة بين الرجل والمرأة" ولا تفسدي بيتك وقلبك وعقلك بعلاقات محرمة!
5– قال الله - عز وجل -: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}[لقمان:6]، فابتعدي عن سماع الأغاني والموسيقى وعطري سمعك بالقرآن وحافظي على الذكر والاستغفار، وأكثري من ذكر الموت ومحاسبة النفس واعلمي أنك حين تعصين الله - عز وجل - إنما تعصينه بما وهبك من نعم فاحذري أن يسلبها منك.
6– الخوف من العلي القدير المطلع على السرائر هو أعظم أنواع الخوف وهو الذي يحجب عن المعصية. ولكن احتملي نسبة واحد في الألف أنك ربما زللت ووقعت في الزنا. فكيف الحال إذا علم والدك ووالدتك وإخوتك وأقاربك أو زوجك؟! وأصبحت في أعينهم وعلى ألسنتهم حتى تموتي "أنك زانية" والعياذ بالله!
7– ليكن لك رفقة صالحة تعينك وتسددك فإن الإنسان ضعيف والشياطين تتخطفه من كل مكان، واحذري رفيقة السوء فإنها تأتي إليك كاللص تتسلل خلسة حتى توقعك في الحرام، وتذكري عم النبي وهو رجل كبير السن راجح العقل ومع هذا كله فإن رفيق السوء أبو جهل حضر عند وفاته وكان سببا في موته على الشرك.
8– أكثري من الدعاء فقد كان نبي هذه الأمة دائم الدعاء كثير الاستغفار.
9– لا يفوتك وقت إلا والقرآن بين يديك تقرأين فيه، وحاولي أن تحفظي ما تيسر، وإن علت همتك فالتحقي بأحد دور التحفيظ النسائية، ونفسك إن لم تشغليها بالطاعة والعبادة أشغلتك بالباطل.
10– إن ما تبحثين عنه في العلاقات المحرمة لإزجاء الوقت وإشباع العاطفة إنما هو نتاج فراغ روحي وخواء قلبي وضيق في الصدر منشئه البعد عن الطاعة والعبادة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:124].
11– تذكري أنك سوف ترحلين من الدنيا بصحائف كتبت طوال أيام حياتك فإن كانت مليئة بالطاعة والعبادة فأبشري وإن كان غير ذلك فبادري بالتوبة قبل الموت.. فإن يوم القيامة هو يوم الحسرة.. {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم:39]، وهو يوم الفضائح وتطاير الصحف يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت! وتذكري أختي المسلمة يوما توسدين فيه في القبر وحيدة فريدة!
12– الهاتف – أختي المسلمة – أصبح مصيدة لكثير من النساء فلا تكوني إحداهن وإن ابتليت بذئب بشري وبدأت معه علاقة محرمة فسارعي إلى قطعها قبل أن تتطور الأمور وأبلغي رجال الهيئة عنه، واعلمي أن الله سيجعل لك فرجا ونجاة منه.
13 – تذكري يا من تبحثين عن السعادة وتسعين نحو الجنة أن ذلك في طاعة الله واتباع أوامره.. {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:97]، وتذكري أن ترك المعصية أهون من طلب التوبة. وأذكرك بحدث الحبيب: {إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت}. جعلك الله هادية مهدية عفيفة تقية نقية وزينك بالإيمان وجعلك من الصالحات القانتات ممن ينادون في ذلك الموقف العظيم: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف:49].
http://saaid. net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/234)
إطلالة على بيت النبوة
أن يحب الرجل زوجته ويعلمها بذلك لا يكفي؛ لأن تكتمل الثقة عندها، ولكن لابد من إبداء الرغبة الدائمة فيها وأنها مرغوبة في كل الظروف، خاصة أوقات حيضاتها المتكررة والتي يعتريها أحوال نفسية وضعف جسدي، وهذا ما نبه عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بهديه العملي مع زوجاته رضي الله عنهن، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع في فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع في) رواه مسلم.
والعرق هو العظم الذي عليه بقية اللحم، وقيل هو اللحم على عظمه، وعنها - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتكىء في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن) رواه مسلم، وعنها أيضا - رضي الله عنها - قالت: (كان النبي إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) رواه مسلم، وترجيل الشعر أي تسريحه.
أخي الزوج: هل تظن أن رجلا يفعل مثل هذا مع زوجته يداخلها شك في حبه لها ورغبته فيها؟ وهل يبقى لشيطانها مجالا لإشعال الغيرة عندها على زوجها؟ فإذا وثقت من حب زوجها لها أخلصت له واكتفت بحظها منه، وبالتالي وثق زوجها فيها ولم يعد شيطانه هو الآخر يداخله بشك أو غيرة. وأحب أن ألف النظرة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك وسنه حوالي الستين من عمره الشريف، وأن صيغة الرواية عن عائشة - رضي الله عنها - تشير إلى أن ذلك كان سلوكا معتادا وليست واقعة حدثت ولم تتكرر، فما أجمل وأهنأ العيش بين زوجين يحرص كل منهما على إظهار حبه للآخر في أنماط سلوكية راقية ومعبرة بصدق عن المودة والرحمة والرغبة والمجاملة الممزوجة بالوقار العاطفي، ويا سعد وهناء من يقتدي بالصادقين الصالحين في حبهم وسلوكهم مع أهلهم.
http://www. naseh. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/235)
هنيئا لك المرأة
عبد الملك القاسم
ارتوت من نهر الحب الصادق والحنان المتدفق.. فأورقت حباً على حب.. وصفاءً على صفاء..
لما أقبل العيد.. أرادت أن تكتسي حلة ملابس فوق حلة الإيمان فقالت لزوجها: لا بد أن تذهب معي فلن أذهب بدون محرم.. لا أريد رجلاً غيرك يسمع صوتي!..
وأدنت على وجهها حجاباً سميكاً مستجيبة لأمر الله - عز وجل -.. متبعة في ذلك أمهات المؤمنين.. فحرمت على الرجل الأجنبي أن يرى منها ظفراً أو خصلة شعر.. وقالت: هي حلك لك، حرام عليهم..
سارت بجواره خائفة وجلة أن تقع عليها أعين الرجال ونظراتهم!.. ولما خرجت من السوق فإذا العرق يتساقط من جبينها الوضاء.. فقال وهو يتمنى أن يمسح تلك القطرات بيده:
تلك يا زوجتي حبات الحياء خرجت!.. ولو انهملت مرة بعد أخرى وتطاولت بها الأيام لجدبت وغارت فلا تنحدر!.. أما رأيت الحياء كيف يسقط مرة تلو أخرى فلا يبقى منه إلا ما يواري السوأة!..
وحين أقبل النهار بساعاته الطويلة.. أدنت له من المأكل والمشرب ما لذ وطاب.. لتستقبل الزوج العائد.. مختبئة خلف الباب.. مرحبة بأجمل عبارات الشوق.. وكأن الحبيب عائد من سفر سنوات وليس فراق ساعات!
حدا بها الشوق لتبوح مكنون النفس بكلمات تقدمها ابتسامة صادقة لتلامس قلبه قبل أذنيه.. وقد كان لها نصيب أوفى من حديث محمد - صلى الله عليه وسلم - " إذا نظر إليها سرته "!..
وعندما استقر به المقام.. جلست بين يديه تتلهف كلمة يقولها أو همسة من طرف لتجيب بنعم!.. تنتقل نظراتها إلى ما يجب.. ولما تعثر صغيرهما وهو يجري بخطوات صغيرة.. أزجت التربية دعاءً مسموعاً: هذا يا زوجي أعده لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليكون علماً من أعلامها.. وداعية من دعاتها.. أقر الله عينك به شهيداً في سبيل الله مقبلاً غير مدبر!..
سابق الفرح الأب.. سنوات قادمة فإذا به يرى الدعاء حقيقة.. والأمنية راية يرفعها الصغير علماً وجهاداً.. لا تسل عن الفرحة وكأنها أهدته كنوز الدنيا بهذا الأمل المشرق.
ولما أدركهما السكن في ليل هادئ.. كانت له حورية عذبة الكلمة طيبة الرائحة!.. إن نظر إليها أعاد وكرر فلا يمل.. وإن تحدثت فنعم الحديث عذوبة ورقة..
وتمنت على زوجها أن يختم يومه بقراءة جزء من القرآن.. فناولته المصحف وقالت: لعلك تراجع حفظي فقد تفلت القرآن مني.. فكان لها ذلك..
وحين جن الليل وأظلم قامت قبل إشراقة الفجر إلى مصلاها.. فكبرت وأطالت القراءة وأتبعتها بركوع ثم سجود طويل.. وكان يسمع الدعاء فخصته قبل نفسها.. ورفعت حاجته قبل حاجتها حتى سلمت يمنة ويسرة.. ثم التفتت إليه وقالت:
أريد أطبق السنة ولو مرة واحدة.. ونضحت ماء قليلاً مسحته على عجل بيدها حتى لا يقع على وجهه فيؤذيه.. ونادته للصلاة فنهض وهو يسمعها الدعاء: جعلك الله زوجتي في الجنة!
هنيئاً لك أيها الزوج هذه المرأة الولود الودود.. هنيئاً لك امرأة عفيفة ليس لغيرك فيها نصيب.. وهنيئاً لامرأة أسلمت قلبها لله - عز وجل - وتعبدت ذلك طاعة وقربة!..
إنها امرأة ليست ضرباً من الخيال.. بل هي في كثير من البيوت العامرة بالطاعة والإيمان.. لقد صفت القلوب ووقر الإيمان وقرت العين.. فكانت الحياة الطيبة " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ".
إن أسمى حب وأطهره وأدومه وأجمله في بيوت الصالحين.. ولذلك أعظم شاهد فقد سئل عمرو بن العاص رسول الله - عليه الصلاة والسلام - من أحب الناس إليك قال " عائشة.. ".
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/236)
المرأة بين دعاة الفضيلة ودعاة الرذيلة
لم تكن المرأة في الغرب قبل الحضارة المعاصرة في أوربا تعيش حياة التبرج والسفور والرذيلة والتفلت من القيم والأخلاق والآداب والرباط العائلي والديني، بل كانت وقبل قيام الثورة الصناعية، تحيا حياة الطهر والعفة، لم تكن تخالط الرجال لا في عمل ولا مدرسة ولا بيت، ولم تكن المرأة الغربية تلبس اللباس العاري وتخرج بزينتها أمام الرجال، فضلا أن تتخذ صديقا تعاشره ويعاشرها، بل كانت في بيتها ومزرعتها تقوم بشؤون أولادها وزوجها وأهلها..
نعم كان الرجل الأروبي ينظر إلى المرأة باحتقار ومهانة وانتقاص، لكنه ما كان يسمح لها أن تدنس عرضها، فقد كان العرض محل التقدير والحفظ، فمن المعلوم أن الزنا محرم في كافة الشرائع اليهودية والنصرانية والإسلام، ولا تجد مجتمعا محافظا على أخلاقه ولو كان على غير ملة الإسلام إلا ويحرم الزنا ويعاقب فاعله..
كانت أوربا تعيش تحت وطأة الحكم الكنسي وحكم الرهبان الذين انحرفوا بدين النصرانية وبدلوها، وبالرغم من هذا التحريف إلا أن الكنيسة كانت محتفظة ببعض التعاليم الصحيحة كتحريم الزنا ومعاقبة من يفعله، ومن هنا حافظت المرأة على طهرها وعفتها، لكن طغيان الرهبان واستبدادهم ولّد في نفس الإنسان الغربي كراهية الكنيسة وكراهية رجال الدين الرهبان، بل وكراهية الدين ذاتِه، فلما قامت الثورة الفرنسية، نبذ الغرب الدين بأكمله وقتلوا الرهبان المنحرفين، وكان من ضمن ما نبذوه الحفاظ على عفة المرأة وطهرها وصيانتها..
فخرجت المرأة من حصنها الذي كان يحميها من الشياطين منفلتة من كل رباط أخلاقي وأسري، بعد أن نبذت الدين الذي كان يحرم عليها ذلك بالرغم من انحرافه.. هذا سبب..
وسبب آخر لتفلت المرأة في الغرب من القيم الأخلاقية:
أنه لما قامت الثورة الصناعية، ذهب الرجال إلى المدينة للبحث عن الرزق وطلب فرصة أفضل لبناء حياة كريمة، ترك الرجال القرية فبقيت النساء بلا عائل ولا منفق، فاضطرت المرأة هي الأخرى للذهاب إلى المدينة لتبحث عن الرزق والمعيشة، فتلقفها أصحاب العمل ورضخت تحت وطأة الحاجة أن تعمل بنصف أجر الرجل مع كونها تقوم بنفس عمله، وهناك في المدينة، وجدت المرأة نفسها وحيدة، ليس لها أسرة ولا عائل، فالكل مشغول في حياة المدينة..
سكنت وحيدة، وعاشت وحيدة، فقد كان عليها أن تبني نفسها بنفسها وتلبي حاجاتها بجهدها، وكان من ضمن ما تحتاجه الرجل الذي يحوطها ويحفظها ويشبع رغباتها ويكون لها زوجا، ولما كانت حياة المدينة صاخبة، والكل في عمل وسعي، لم تجد العطف والحنان في كنف رجل يكون لها وتكون له، فلم يكن من اليسير أن تجد زوجا لما في الزواج من كلفة صرفت الرجال عنه، ومع مخالطتها للرجال في العمل كان من الطبيعي أن تنزلق إلى الرذيلة والمخادنة مع من شاءت...
وعزز ذلك أنه لم يكن هناك قانون يحرم ذلك، لكن ثمة طائفة أخرى لم تجد عملا، وهنا تلقف دعاة الرذيلة هؤلاء الفتيات العاطلات، وأنشأوا لهن بيوت الدعارة، فكان سببا آخر لفساد المرأة في الغرب..
انفلتت المرأة الغربية من رباط الدين والأخلاق ومن رباط العائلة والأسرة، وصار عليها لزاما أن تترك بيتها وأسرتها إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها، ولها الحق في أن تعاشر من شاءت، ولا يملك الأب حق منعها، بل لها الحق أن تداعيه في المحاكم إن هو اعترض عليها أو منعها من حريتها الشخصية التي تعني حرية المخادنة....
خرجت المرأة الغربية تاركة كل القيم الإنسانية فضلا عن القيم الدينية، واغترت بما حصل لها من انفراج، وما حصلته من تحرر يرضي غرورها، شعرت أنها ملكت نفسها بعد أن كانت في أسر الرجل، أو هكذا خيل إليها، ظنت أنها حصلت على حقها المسلوب، أو هكذا أقنعت
خرجت وانطلقت وتحررت من كل رباط، وفعلت ما شاءت، فماذا كانت النتيجة؟....
تبدأ الفتاة منذ الثامنة عشرة من عمرها حياة لا يحكمها أحد فيها، تمضي حيث شاءت مع من شاءت، يستعملها الرجل في شهواته، ويستخدمها كأداة إغراء، في: الأفلام ومسابقات ملكات الجمال وفي الإعلانات وفي المجلات وفي الأزياء وفي بيوت الدعارة وغير ذلك.. يستهلك زهرة شبابها ونضرتها، حتى إذا بدأ العجز يدب إليها وذهبت نضرتها وجمالها رمى بها المجتمع لتعيش بقية حياتها في ملجأ إن لم يكن لها مدخرات من المال، أو تنزوي في بيت لها وحيدة لا أنيس لها سوى كلبا اقتنته لتسلو به وتعوض به ما فقدت من حنان.. فاليوم عرفت أنها كانت مغرورةً مخدوعة، حين انفض الجميع عنها، كم عانت في حياتها وكابدت المشاق والخوف في مجتمع لا يعرف حق المرأة ولا يحفظ لها كرامتها، ومن شدة بغضها للمجتمع الذي تعيش فيه، توصي بجميع مالها لذلك الكلب، فهي لا ترى في الناس من يستحق أن تحسن إليه ولو ببعض مالها، فالبهائم في نظرها أولى منهم، كيف لا؟ وقد وجدت عند هذا الكلب من الوفاء ما لم تجد طرفا منه عند الناس، حتى أولادها.. تنكروا لها، فلا تراهم ولا يرونها، والبار منهم من يرسل إليها بطاقة معايدة في كل عام..
كم تعاني المرأة في الغرب من الحرمان والخوف: فحوادث الاغتصاب شائعة حتى من المحارم.. لا يقبل صاحب العمل فتاة للعمل إلا بشرط المعاشرة.. تتعرض للسلب والنهب والقتل فلا تجد من يحميها ويحفظها إلا قوانين بائدة خروقاتها كثيرة.. كل ذلك بسبب مخالطة الرجال، وترك القرار في البيوت.. أي نظرة إلى واقع المرأة في الغرب تورث القلب حزنا وألما من جشع الإنسان وظلمه، فالمرأة في الغرب.. نعم تحررت ظاهرا لكنها في الحقيقة تقيدت، خرجت من قيد العفة والأخلاق، ودخلت في فضاء الرذيلة والهوان..
ليس كل قيد مذموما، فالإنسان لابد له من قيد يحكمه يكفيه شر نفسه وشر هواه وشر من حولَه، وهذا القيد هو قيد الدين والأخلاق، وبهذا القيد ينعم الإنسان بحياة الأمن والرخاء والسعادة، وإذا حل هذا القيد فسدت معيشة بني آدم..
انظروا إلى الطفل يهوى اللعب بكل شيء حتى بما فيه هلاكه، فهل نسمح له بذلك؟.. الجواب: لا، فنحن الكبار أدرى بما يصلحه، وكذلك ربنا جل شأنه، أدرى بما يصلح المرأة، فإنه لما شرع لها: القرار في البيت....
وأوجب عليها القيام بشؤون أولادها وأهلها.. وأمرها بالحجاب بستر الوجه واليدين وسائر الجسد ونهاها عن التبرج.. لم يكن ذلك حرمانا لها من حق هو لها، بل كان ذلك هو الذي يصلحها، ولا يصلحها غيره..
فقرارها في البيت:يحفظ الأسرة من التفكك والانحلال، وينشر في البيت العطف والمودة، حيث يعود الرجل فيجد زوجته قد استعدت له بكل ما يحب، ويعطي المرأة فرصة لتمنح صغارها الحنان والرعاية والتربية، ويحفظها من الأشرار وكيد الفجار، ويحفظ المجتمع من الهدم..
وحفاظها على حجابها:
يمنع عنها نظرات زائغة من قلوب مريضة، ويكفيها أذى الخبثاء، ويصرف عنها كل سوء، ويصونها ويبقيها في حصن الفضيلة والشرف..
إن المرأة المسلمة تعيش في ظل الإسلام في كرامة وعزة.. يجب على الرجل أن ينفق على وليته، ويجبر على ذلك، أبا كان أو أخا أو زوجا فإن لم يوجد فالحاكم لها ولي، والإسلام يأمر بالإحسان إلى المرأة طفلة كانت أو أما أو زوجة، فإذا كبرت.. فحقها أعظم، يجب برها ويحرم عقوقها، قال - تعالى -: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
فالأم والمرأة الكبيرة في الإسلام لها المكانة والمنزلة، والمجتمع يتسابق إلى خدمتها ويرون ذلك واجبا لا فضلا.. وقد حرم الشارع إيذاء المرأة بالضرب المبرح أو الضرب في الوجه .. وأمر بالعدل بين الضرائر ورهب من الميل.. وجعل لها الحق في اختيار الزوج.. ومن مظاهر عناية الإسلام بالمرأة تخصيصها بالذكر في سور عدة وفي آيات كثيرة كسورة البقرة والأحزاب والنور والطلاق.. بل ومبالغة في إكرامهن سمى بعض سور القرآن بهن كسورة النساء وسورة مريم.. وقد سخر الإسلام الرجل لخدمة المرأة خارج البيت مقابل أن تخدمه في داخله، فيجب على الزوج أن ينفق عليها ولو كانت تملك أموال الدنيا، ولا يلزمها أن تنفق عليه درهما إلا عن طيب نفس واختيار.. وخاتمة التكريمات ونهاية التبريكات أن جعلها الله - تعالى - من آياته فنوه بذكرها فقال: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}..
وإذا كان من تعاليم الإسلام أن تبقى المرأة تحت قوامة الرجل، فهذا من رحمة الله بها، فقد جربت المرأة القوامة على نفسها، وألا يكون لها ولي ولا حافظ، واليوم..
انظروا ماذا تعاني المرأة في الغرب من خوف وعدم أمان وما تجده من عنت ومشقة في القيام بحاجياتها التي كان الرجل هو المتولي لذلك كله، والمرأة في راحة وأمان، لا تخاف ولا تهتم، فلما بطلت ولايته عليها تحتم أن تقوم بشؤونها لوحدها.. فلتعلم المرأة أن الله هو الذي أمر أن تبقى تحت قوامة الرجل، وأن يكون لها وليا، والله أعلم بها..
وقد ثبت بالتجربة أنه لا يصلح إلا ذلك.. فهذه المقارنة المستعجلة بين حالة المرأة في الغرب وحالتها في الإسلام، يثبت للمرأة كذب الدعاوي التي تلقى هنا وهناك القائلة أن للمرأة حقوقا مسلوبة، وأنها مسجونةٌ محرومة في ظل التزامها بالحجاب والبعد عن الرجال.. وإذا فكرت الفتاة بعقل وحكمة وإيمان ستجد أن الحرمان كل الحرمان سيعتريها إن هي انساقت وراء كل فكر يدعو إلى التحرر من القيم، قال الله - تعالى -: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله}..
فينبغي على المرأة المسلمة أن تحذر من أن تحذو حذو المرأة في الغرب، بعد أن عرفت ما تعانيه من صعوبات وآلام نفسية واجتماعية وأخلاقية، ولتحمد الله - تعالى - أن هيأ لها مجتمعا متدينا يحب الله ورسوله ويحرص على العمل بتعاليم الدين الحنيف، ولا تغتر بكل ما تراه من حضارة نساء الغرب، فإن وراء تلك الحضارة ما قد أخبرتكم عن طرف من سلبياتها وآلامها وضياعها.
http://www. lakii. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/237)
ذات الرداء الأسود
خلف سواد طاهر، أخفت معالم حسنها، ولأن الحسن كل ما فيها، فكل ما فيها غطته بسواد.
فهي تعلم كم هي غالية، بل وكم النظرة إليها غالية لا يستحقها إلا من يستحقها.
بهذا السواد وبمشيتها الرزينة جعلت من أصحاب النظرات المتطفلة والأفكار الذئبية يبتعدون عن طريقها احتراماً لهيبتها ولوثوقها واعتدادها بذاتها، وخوفاً من خالقها الراضي عليها من سخطه عليهم إذا آذوها.
وغير بعيد منها تمشي هناك سافرة تزاحمت على ملابسها القصيرة الألوان القزحية، أما الذئاب فلا زالت تحاول الابتعاد أكثر عن طريق ذات الجمال المستور، باتجاه الفريسة الضعيفة التي بدت عليها بما لا يقبل الشك علامات الضعف الإيماني والذي يجعل منها فريسة سهلة جداً، ورخيصة جداً تستخدم لأيام ثم ترمى.
فالرجال كل الرجال لا يقبلون إلا الطاهرة، أما من يرضى بغير ذلك ففي رجولته شك وفي طريقه اعوجاج عن منهج رسوله الكريم:"فاظفر بذات الدين تربت يداك".
فباطن النفس دوماً يطغى بجماله أو قبحه على ظاهر الشكل. وخلف الكواليس تقبع وحوش شرهة تخطط وتضع كل جهودها من أجل التخلص من هذه الخرقة السوداء، ولكن نفسية صاحبة العزة والكرامة تأبى الانصياع إلى ما يدعون إليه خلف قناع التحرر الزائف، فهي تعلم أنها قد أخذت كامل حريتها بالتزامها بدينها وما بعد ذلك فهو أوهام ونجاسات هي أكرم من أن تتدنس بها.
على عكس الرجال الذين تكمن بطولاتهم في قوتهم، فالبطولات في سير الصالحات تكمن في صبرهن والرضى بما قدر الله لهن، بل ومنهن من فاقت الرجال تحملاً وجلداً، والتاريخ يذكر ذلك ولا زال يسجل لما هو قادم.
http://www. lakii. com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/238)
الخيانة الزوجية والمختصين ( 1 )
الجانب الشرعي للخيانة الزوجية:
يتحدث عن هذا الجانب الدكتور (عيسى زكي) الباحث في إدارة تنمية واستثمار الموارد الوقفية فيقول:
مفهوم الخيانة الزوجية المنتشر بين الناس حالياً هو في الحقيقة مفهوم قاصر جداً، فالمفهوم الخاطئ المنتشر بين الناس يعتبر أن الخيانة الزوجية هي المقصورة على الزنا أو علاقة الزنا بين الزوج أو الزوجة وشخص أجنبي أو امرأة أجنبية، أي إنهم لا يتصورون الخيانة إلا في شكلها المادي القائم على علاقة جنسية بين زوج وامرأة أجنبية أو زوجة ورجل أجنبي.
أما مفهوم الخيانة الزوجية التي نحن بصدد الحديث عنها، والمفهوم الذي نود تصحيحه للناس بشأن هذا الموضوع: أن مفهوم الخيانة الزوجية شرعاً يشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وامرأة أخرى غير زوجته أو العكس فهي تعتبر علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ، ويشمل هذا: المواعدات واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت بل حتى الكلام العابر واللقاءات التي تجري على سبيل العشق والغرام.
هذا المفهوم الواسع للخيانة يجعل مفهومها أكثر دقة، لأننا لو بدأنا بمعالجة قضية الخيانة فقط بعد أن تصل إلى حدها الأقصى وهي جريمة الزنا، نكون كالطبيب الذي يعالج المريض بعد أن يصل لحالة ميئوس منها، لكن الشريعة الإسلامية جاءت فحرمت الزنا لكن ليس الزنا فقط بمعناه المباشر بل حرمت طرقة والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع كالخلوة بالمرأة الأجنبية، والنظرة غير المشروعة لغير الحاجة وكذلك حرمت كشف العورات لأنها جميعها سبيل للزنا.
إذاً حينما نريد معالجة الخيانة ينبغي أن نعالجها في أول مظاهرها ومن أصغر أشكالها، وليس بعد أن يستفحل الأمر ويصل إلى حده الأقصى وهو الزنا.
حكم الخيانة الزوجية:
تعتبر من أكبر المحرمات وكبيرة من الكبائر وإحدى السبع الموبقات، حتى إنه حينما بين الرسول - صلى الله عليه و سلم - في الحديث الشريف آيات المنافق أوضح من بينها أنه إذا أؤتمن خان بغض النظر عن نوع هذه الخيانة.
وكذلك الزوجة أيضاً راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها وهي زوجها وأبناؤها فإذا ما ارتكبت جريمة الزنا أو خطت أولى الخطوات في طريقها تعتبر خائنة لأمانة الرعاية.
ثبوت الجريمة:
والخيانة الزوجية كجريمة ينبغي أن تنطبق عليها شروط شرعية كي تكتمل أركانها، وهذه الشروط هي العناصر المادية التي ينبغي توافرها في أي جريمة كالعمل: أي النية المسبقة للخيانة/ أداة الجريمة، إن الإثبات المادي للجريمة كوضع للتلبس أو أحاديث الهاتف المسجلة، وما إلى ذلك.
فإذا ما اكتملت أركان الخيانة (الزنا) بالأدلة المادية بالبينة أو بالإقرار، ووصلت إلى علم الحاكم حكم على المتزوج أو المتزوجة بالرجم حتى الموت وهي عقوبة شديدة تتناسب وحجم الجرم الذي ارتكب، أما إذا لم تكن الجريمة قد اكتملت أو وصلت إلى حدها الأقصى (الزنا) فلها عقوبة تعزيزية يقدرها القاضي.
اللِعَان:
وعند ما يترجح لدى الزوج زنا زوجته دون أن يقدر على إثبات ذلك فقد أوجد الشرع الحنيف مخرجاً لهذا الزوج حتى يحمي نفسه من أن ينسب إليه من هو ليس من صلبه من الأبناء، فإذا علم يقيناً أن زوجته تخونه وهي لا تقر بجريمتها، فله أن يلجأ إلى اللعان، ويكون أمام القاضي.
فإذا ما تم التلاعن بينهما حكم القاضي بالتفريق فيما بينهما مدى الحياة، ولا يحل للزوج أن يتخذها زوجة أبداً بعد ذلك وفي الوقت ذاته لو وضعت الزوجة طفلاً فإنه لا ينسب إلى الزوج وإنما ينسب للفراش ويحق له أن يرث أمه بعد وفاتها.
http://alfarha.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/239)
الخيانة الزوجية والمختصين ( 2 )
الجانب القانوني:
وعن الجانب القانوني للخيانة الزوجية يتحدث المحامي إبراهيم الكندري فيقول: إن مشكلة الخيانة الزوجية هي أبرز المشاكل التي تواجه المجتمع الكويتي على مستوى العلاقات الشخصية، والتي تصل إلى معدل أعلى منه في باقي الدول العربية، باعتبار أن الكويت مجتمع مفتوح، وفيه العديد من الجنسيات المختلفة والكثير منها غير عربي.
والخيانة الزوجية تتأرجح اختلافاً بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها، وإن كانا متفقين على تعريفها فالجناية هي مقارفة جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أياً كان هذا الشخص، وأياً كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات، والقانون يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس، أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة، وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانوناً يحاسب عليها الجاني قانوناً.
كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها، أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظاً على الأولاد والسمعة والشرف ودرءاً للفضائح، بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، سواء أتم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما..
وواقع الأمور، والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع الأكثر خيانة من الزوجة، بحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة وذلك كقاعدة عامة ولكل قاعدة شواذها كما نعرف.
غياب الوازع الديني :
وبرغم مشروعية الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة الإسلامية السمحاء، إلا أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن الكثير من الأزواج يكتفي بواحدة، ويتصل جنسياً بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك، أو يتخذ له صديقة أو رفيقة معينة.
ومن المفارقات والأحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم أنه وحسب القانون الفرنسي (المأخوذ منه قانون الجزاء لدولة الكويت) يحق للزوج أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا، وتخفف عقوبته من السجن المؤبد إلى السجن لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى، أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبساً بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد لأي سبب من الأسباب، ودون أي تخفيف أو تقدير للسبب الداعي للقتل..
الشك والتحقيق والتثبيت :
وفي بعض الأحوال قد تكتمل أركان جريمة الزنا في غير حالة التلبس، وتكون الأدلة دامغة ومحكمة بشكل لا يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل، لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله يستشعر أن المتهمة بريئة، فيما لو كانت هي الطرف الجاني - وأن تلك الجريمة لم ترتكب من الأساس.
فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة ولم تعترف، أو حتى لو اعترفت، فلكي لا يكون هناك مجال في كون هذا الاعتراف وقع تحت ضغط أو إكراه، تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير الخاصة بزوجها اعتبر هذا دليلاً على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإلا فمن أين جاءت؟
أما إذا ثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أو حيوانات منوية تخص شخصاً آخر غير زوجها، كان هذا دليلاً على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وإن وُجدت آثار منوية على ملابسها من الخارج، فأي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على الملابس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة، وبالتالي يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد لها.
إذن فلكي تكتمل أركان قضية كالخيانة لابد وأن لا يكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد بواسطة التحليل الطبي الدقيق، إلا أن الرجل أيضاً في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم لا.
وكما سبق القول فإن القاضي إذا شك ولو بمقدار ذرة في صحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه يطبق فوراً قاعدة (الشك يفسر لصالح المتهم)، ويحكم فوراً بالبراءة، فليس هناك وسطية في قضايا الزنا، فإما الجاني زانٍ وإما هو ليس زانياً، ويكون الحكم في تلك الحالة استرشاداً بروح القانون وليس بنصه الجامد، أما الشريك فبعقوبة لا تتجاوز خمس سنوات.
الآثار القانونية للخيانة الزوجية:
أما بالنسبة للأثر القانوني لخيانة الزوجة لزوجها، فيتمثل في سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق ونفقة الخادم ولا تأخذ إلا نفقة العدة فقط، والتي لا تسقط بأي حال ومدتها ثلاثة قروء - أي ثلاث حيضات - ، وبالنسبة لأولادها يسقط حق حضانتها لهم إذا كانوا في سن التمييز بين الخطأ والصواب، ولا تحتفظ إلا بالطفل الذي هو دون العامين والذي لا يستغنى عن خدمة النساء في الطعام والنظافة، ولا يستطيع تمييز ما تفعله أمه.
أما الزوج الزاني الذي تثبت عليه جريمة الزنا، فتستطيع الزوجة رفع دعوى طلب الطلاق منه للضرر، فليس هناك أشد ضرراً للزوجة من الخيانة، وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر صداقها، وكذلك تعويضاً عما أصابها من الضرر المعنوي.
http://al - farha. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/240)
فضول الزوجة كيف يتعامل معه الزوج ؟
وصفي عاشور أبو زيد
تتطلع المرأة إلى معرفة كل ما يفعله زوجها: أين يذهب؟ لماذا؟ ومتى يعود؟ وماذا لو كان كذا؟.. وابل من التساؤلات والتحقيقات يجري على لسانها.
ربما دفعها إلى ذلك ما جبلت عليه من غيرة على الزوج؛ ولا تريد أن يشاركها في زوجها غيرها، فهي تتحسس أخباره، وتعرف من يصاحب ومع من يعمل، وماذا حدث أثناء العمل، ويا للكارثة لو كان في عمله نساء.
وتزداد المشكلة لو كان الزوج داعية له أعماله المضاعفة التي ليست لزوج لا علاقة له بأعمال الدعوة.
ولا تكاد امرأة تسلم من هذه الطبيعة، حتى زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين.
فعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنّهُ سَمِعَ مُحَمّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تُحَدّثُ قَالَتْ: أَلاَ أُحَدّثُكُمْ عَنّي وَعَنِ النّبِيّ – صلى الله عليه وسلم - قُلْنَا: بَلَى قَالَتْ: لَمّا كَانَتْ لَيْلَتِي الّتِي هُوَ عِنْدِي تَعْنِي النّبِيّ – صلى الله عليه وسلم - انْقَلَبَ فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَبَسَطَ طَرَفَ إزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ إلاّ رَيْثَمَا ظَنّ أَنّي قَدْ رَقَدْتُ ثُمّ انْتَعَلَ رُوَيْدا وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدَا ثُمّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدا وَخَرَجَ وَأَجَافَهُ رُوَيْدا وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنّعْتُ إزَارِي فَانْطَلَقْتُ فِي إثْرِهِ حَتّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ وَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ وَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إلاّ أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ: "مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ حَشْيَا رَابِيَةً؟" قَالَتْ: لاَ قَالَ: "لَتُخْبِرِنّي أَوْ لَيُخْبِرَنّي اللّطِيفُ الْخَبِيرُ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ قَالَ: "فَأَنْتِ السّوَادُ الّذِي رَأَيْتُهُ أَمَامِي؟" قَالَتْ: نَعَمْ قَالَتْ: فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ثُمّ قَالَ: "أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ" قَالَتْ: مَهْمَا يَكُتُمُ النّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللّهُ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: "فَإنّ جِبْرِيلَ - عليه السلام - أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ فَنَادَانِي فَأَخْفَى مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُ مِنْكِ فَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ"(1).
معاني بعض الكلمات: قال السندي في حاشيته على سنن النسائي يبين بعض معاني كلمات الحديث:
(إلا ريثما) معناه إلا قدر ما.
(أخذ رداءه رويداً) أي قليلاً لطيفاً لئلا ينبهها.
(ثم أجافه) أي أغلقه. وإنما فعل ذلك ص في خفية لئلا يوقظها، فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل.
(فأحضر فأحضرت) الإحضار فوق الهرولة.
(حشيا رابية) حشيا معناه: قد وقع عليك الحشا، وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه، من ارتفاع النفَس وتواتره، ورابية: أي مرتفعة البطن.
(فلهدني) من اللهد، وهو الدفع الشديد في الصدر، وهذا كان تأديباً لها من سوء الظن.
(أن يحيف الله عليك ورسوله) من الحيف بمعنى الجور أي بأن يدخل الرسول في نوبتك على غيرك، وذكر الله لتعظيم الرسول والدلالة على أن الرسول لا يمكن أن يفعل بدون إذن من الله - تعالى - ، ولو كان منه جور لكان بإذن الله - تعالى - له فيه، وهذا غير ممكن.
معالجة الفضول:
لا يخفى أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - لم تستطع أن تتخلص من طبائع النساء عموماً، وهي الغيرة وحب الفضول، فزوجات الرسول نساء لهن طبائع النساء، إلا أن درجتهن عند الله ومنزلتهن أعلى من أي امرأة: "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن". (الأحزاب:32).
وإن أفضل نهج يسير عليه الأزواج لا سيما الدعاة هو هدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الذي هو أحسن الهدي وأكمله، ويعتبر الحديث السابق علماً يهتدى به في معالجة الفضول، وفيما يلي نذكر بعض المعالم، التي إن اتبعها الزوج استطاع بقدر كبير أن يعالج هذا الأمر مع زوجته:
فهم طبيعة الزوجة: وهو أمر لا بد منه مع النساء عموماً: أماً وأختاً، زوجة وبنتاً، أياً كان صلته بها وقربه منها. فالزوجة لها مشاعرها وطبيعتها الخاصة التي ليست للبنت أو الأم والأخت، فهي حريصة على تتبع أخبار زوجها، لا تريده أن يخاطب أو يعامل من النساء غيرها، تستفسر عن كل شيء عنه حرصاً وخوفاً، وفضولاً وغيرة.
وعلى الزوج أن يفهم هذه الطبيعة حتى يتعامل معها بما يناسبها، وإلا حدث ما لا تحمد عقباه.
ولا يغني الحب عن الفهم هنا بحال من الأحوال، فلربما ضاق الزوج ذرعاً بإلحاح زوجته عليه ومساءلتها له، مع حبه لها، وذلك ناتج عن عدم فهمه لطبيعة النساء، ونفسية الزوجة.
إخلاص الحب لها: وهي من أهم الركائز التي تقوم عليها الحياة الزوجية، فمتى توافر الحب بين الزوجين ذابت المشكلات أو أغلبها في حرارة الحب، واستقامت ظنون المرأة في زوجها، فلا تظن بأفعاله وأقواله إلا خيراً.
أما عند افتقاد الحب فإن الحياة تنقلب إلى موجة من الظنون السيئة، والتساؤلات المتكاثرة عن كل فعل، وربما اختلاق المشكلات في بعض الأحيان، فضلاً عن إعطاء كل مشكلة أكبر من حجمها الطبيعي.
ويستطيع الزوج أن يملك قلب زوجته وعقلها بالكلام الطيب، فهو إكسير السعادة الزوجية، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "الكلمة الطيبة صدقة"(2). وأولى الناس بهذه الصدقة أهل الرجل، وأخصهم زوجته: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"(3). فعلى الزوج أن يخبرها بحبه لها، وبأنه يدعو لها، وكما قيل: "في المعاريض مندوحة"، حتى لو اضطر للكذب وذلك في أضيق نطاق وهذا من الكذب الذي أباحه الشرع للإنسان، وهو من أجل مصلحة استمرار الحياة الزوجية وعدم تفككها.
ولا يخفى حب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لعائشة، حيث غلب على ظنه أنها نامت، فقام من جوارها برفق حتى لا تستيقظ فتستوحش من الليل والوحدة، ثم أظهر قلقه وحرصه عليها حينما رجع فقال: "مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ حَشْيَا رَابِيَةً؟".
الرفق واللين: وهو المعلم المنبثق عن فهم طبيعة الزوجة أولاً، وإخلاص الحب لها ثانياً، كما أنه خلق يبذل للنساء عامة، وهو دليل كمال الرجولة ونماء فضائلها، فإذا كان للرفق واللين خصوصية يفرضها موقف معين يثير الريبة والشك في نفس الزوجة كانا ألزم وأوجب حفاظاً على كيان الأسرة المسلمة من الانهيار والضياع.
وقد كان رسول الله يحب الرفق في كل شيء، فعن عائشة أن رسول الله قال: "يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه"(4). وقال: "من يحرم الرفق يحرم الخير"(5).
تبيين المواقف وإزالة الغموض: وهو أمر يريح الزوجات كثيراً، ويشعرهن بحظوتهن لدى الزوج، ومدى احترامه لهن، وهذا مبدأ عام في حياة المسلم؛ إذ معظم المشكلات الأسرية والاجتماعية ناتجة عن عدم التثبت، وقلة البيان والتوضيح، ولما شعر النبي، وهو يسير مع صفية، أن بعض الصحابة يمكن أن يشرد بهم الشيطان فيظنوا برسول الله الظنون، بين الأمر على الفور، وقال: "على رسلكما إنها صفية بنت حيي. فقالا سبحان الله يا رسول الله. قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو قال شيئاً"(6).
وهو ما طبقه النبي أيضاً في حديثنا السابق حيث ذكر أن جِبْرِيلَ - عليه السلام - أَتَانه فَأَمَره أَنْ يأتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فيَسْتَغْفِرَ لَهُم.
أما مجابهة الزوجة بالتحجيم والكبت، وإغلاق منافذ الحوار فهو يولد الشك والريبة؛ ويؤدي إلى تكاثر المشكلات، واحتدام الخصومات بين الزوجين.
ولا يمنع ذلك أن يكون للزوج خصوصاً الداعية إلى الله شيء من السرية في بعض ما يتعلق بخططه وبرامجه، بل حتى في أموره الخاصة، ففي الأثر "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".
ويكون ذلك بالحرص على خصوصياته وعدم كشفها، فإن من طبيعة بعض النساء إن لم يكن جلّهن نقل الكلام هنا وهناك، ويكون هذا الحرص بحيث لا يولّد ريبة أو شكاً عند الزوجة أو يولّد عندها فضولاً.
ـــــــــــ
الهوامش
(1) رواه مسلم. كتاب: الجنائز. باب: ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها. والنسائي. كتاب: عشرة النساء. باب: الغيرة. واللفظ له.
(2) رواه البخاري. كتاب الأدب. باب طيب الكلام.
(3) رواه الترمذي. كتاب المناقب عن رسول الله ص. باب: فضل أزواج النبي ص، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
(4) رواه مسلم. كتاب: البر والصلة والآداب. باب: فضل الرفق.
(5) المصدر السابق.
(6) رواه مسلم عن صفية رضي الله عنها. كتاب السلام. باب: بيان أنه يستحب لمن رؤي خالياً بامرأة وكانت زوجة أو محرماً له أن يقول هذه فلانة ليرفع ظن السوء به.
http://www. almujtamaa - mag. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/241)
على نفسها جنت براقش
سعود سعد المهيزع
قطع رنين الهاتف السكون المحيط بي، فجئت مسرعاً لاستقبال المكالمة، فإذا صديقٌ عزيز يدعوني لاحتساء الشاي في بيته كما جرت العادة بيننا، فأجبت دعوته، وجلسنا نتبادل أطراف الحديث، فدخل علينا ابن صديقي وهو يتفوه بكلمات تدل على الضجر، ولم يشعر بوجودي لشدة انفعاله، فلاطفته، وهونت عليه، ودعوته للجلوس، محاولاً معرفة سبب غضبه، فأخبرني أنه شاهد أحد الشباب الطائش يقوم بحركات غير أخلاقية، ويعترض طريق إحدى الفتيات، فبدأ اهتمامي لمعرفة التفاصيل، وطلبت منه المواصلة فأكمل مخبراً أن شاباً تحرش بفتاةٍ بكلماتٍ بذيئة، فما كان منها إلا أن قامت بتوجيه بعض الشتائم له أمام الناس، مما دعاه إلى الهرب، وأضاف الفتى بأنه يتعجب لمثل هذه التصرفات التي تحدث من بعض الشباب للفتيات!!.
شكرته على غيرته تلك، وأشدت بتربيته الصالحة، وأوضحتُ له أن ما يحصل للبنات اليوم سببه من قِبلهن، وما وقع فيه بعض النساء من تتبع للموضات، والتقليد الأعمى لبعضهن دون تفكير مسبق ومعرفة العواقب والأضرار؟! وقد صدق رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: "لتتبعن سنن من قبلكم باعاً فباعاً وذراعاً فذراعاً وشبراً فشبراً حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه معهم: قيل يا رسول الله: اليهود والنصارى قال: فمن إذاً"(1) فنرى الفتاة ترتدي بعض الملابس غير المحتشمة، والعباءات الفاضحة المتبرجة التي روجها أعداء الدين، ولعل أكثرها خطورة العباءة المُخصرة التي توضع على الكتفين، فتبين الصدر والعَجِز بشكل مثير للفتنة، وتحرك غرائز الرجال الجنسية؛ فيحصل مالا تحمد عقباه، وهذه العباءات الدخيلة يختلف شكلها من واسعة وفضفاضة إلى ضيقة وشفافة، وتفقد المهمة الأساسية التي جعلت لها وهي ستر المرأة، وكان الواجب أن لا تدخل فيها الموضات الأجنبية، والله - عز وجل - يقول في كتابه الكريم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى" أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما (59) {الأحزاب: 59}.
من هذا المنطلق أطرح هذه الأسئلة على الفتاة قبل توجيه الاتهام إلى الشباب: هل تعتقدين أنك عندما ترتدين مثل هذه العباءة لن تتعرضي للتحرش والملاحقة من أصحاب الشهوات؟! أم أنك تريدين ذلك؟! هل تنتظرين منهم نظرة الاحترام والتوقير وغض البصر وقد قمتِ بعرض مفاتن جسمك؟! هل تريدين من أحد هؤلاء الذئاب البشرية أن يقوم بالابتعاد عن الفريسة بعدما اقتربت منه وأثارت كوامنه وأغرته بمفاتنها؟!.
إنك أختي الكريمة تضعين نفسك في موقف لا تحسدين عليه، وتُعرضين شرفك للاعتداء، أو على أقل الأحوال سماع بعض الكلمات السيئة التي تخدش الحياء، لذا وجب على كل مسلمة تخاف الله نبذ هذه العباءة المتبرجة، فالعباءة وجدت لحفظ العفاف لا للموضة، ولنتذكر قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" (2). ويكون السبب إما التأثر بإحدى الصديقات، أو الإعجاب بممثلةٍ!! وما شابه ذلك، متجاهلةً الفتاه خطر هذا التقليد الذي يمكن أن يؤدي بها إلى الضياع التام ويفتح عليها باباً من الشر لا يمكن إغلاقه إلا بعد حدوث مكروه لا قدر الله - تعالى -.
كما أن بعض الفتيات هداهن الله عند الخروج من المنزل تُبالغ في لفت الأنظار إليها، فتضع غطاء الوجه المسمى النقاب وتتعمد أن يكون مبرزاً لملامح الوجه، وسحر العينين ومظهراً للزينة من المساحيق والأصباغ بمختلف أشكالها، أو تضع غطاءً شفافاً على الوجه لا يستر من ملامح وجهها شيئاً؛ مما يجعل منظرها ملفتاً، وهذا الصنيع يوقع في النظر المحرم وقد قال الرسول {: "زنا العين النظر" (3)، والنظرة من خطوات الشيطان؛ المتمثلة في النظرة.. تعقبها الابتسامة فالموعد.. فاللقاء!! كما أن النظرة هي الثغرة التي يدخل منها إبليس لإفساد العباد، ومع تعاقب الأيام يمكن أن تحصل الكارثة. ولو كان منظر المرأة في لبسها عند الرجال في الأسواق وغيرها رثاً ومعتاداً لما أطال الرجل النظر إليها، ولو لم يكن فيها شيء من الجاذبية والفتنة والتبرج لما بحث الرجل عن طريقة تساعده في التحرش بها، وليس ثمة حاجة أو ضرورة لمثل هذا التزين الآثم، وخصوصاً أن المرأة خارج منزلها، وبين مجموعة من الغرباء الذين تختلف عقولهم، فمنهم الصالح ومنهم الفاجر، فلماذا وضع هذه المساحيق والزينة كأنها تستعد للقاء زوجها أو حضور حفلة نسائية؟!
إن الواجب على المرأة اختيار الغطاء المناسب والساتر للوجه، والابتعاد عن أغطية الوجه التي تثير الفتنة حتى لا تكون كالبضاعة المكشوفة لمن أراد النظر إليها، والتمتع بما فيها من فتنة، ولتكن كالجوهرة المكنونة حتى تحافظ على دينها ودنياها، وأدعوك أيتها الفتاة المسلمة للتمعن في هذه الآية الكريمة: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " {الزلزلة: 7، 8}.
إضافة إلى ما سبق ذكره نلحظ أن كثيراً من النساء يقعن في محظور آخر: هو التعطر عند الخروج من المنزل حتى إن الرجل يشعر بقدومها قبل أن تصل إليه، بسبب الرائحة المنبعثة منها، والمنتشرة في المكان المتواجدة فيه وتكون حجتها في مثل هذا التصرف الرغبة في عدم ظهور الروائح الكريهة من جسمها، متجاهلةً أنها ترتكب محظوراً شرعياً ورد فيه تعنيف شديد ينفر منه؛ حيث وُصفت المتعطرة التي تمر بمجالس الرجال بالزانية كما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: "كل عين زانية، وإن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني زانية" (4)، لماذا تضعين على نفسك مثل هذا الوزر العظيم أيتها المسلمة؟! مع إمكانية الاستغناء عن العطور ببعض البدائل مثل مزيل رائحة العرق، أو منظفات الجلد عند الاستحمام، استناداً لقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: "إن خير طيب الرجال: ما ظهر ريحه وخفي لونه، وخير طيب النساء: ما ظهر لونه وخفي ريحه، ونهى عن الميثرة الأرجوان" (5).
وأختم حديثي بهمسة في أذن المرأة المسلمة فأقول: راقبي الله - تعالى - وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي، وأعلمي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء... " (6) فلا تكوني حطباً لنار جهنم بسبب نزوات وتصرفات سيئة والله الهادي إلى سواء السبيل.
ـــــــــــــــــــ(83/242)
ـــ
الهوامش:
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك (1 - 93) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
(2) أخرجه مسلم (2128) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(3) جزء من حديثٍ أخرجه البخاري (5889) ومسلم (2657).
(4) أخرجه الترمذي (2786) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(5) أخرجه الترمذي (2789) وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: وهو حديث حسن (جامع الأصول 4 - 770).
(6) أخرجه أحمد (1 - 234) وصححه الألباني (صحيح الجامع 1030).
http://jmuslim. naseej. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/243)
رسالة إليك أختي الكريمة
أرسل إليك هذه الرسالة وكلي أمل أن تجد لديك صدى طيبا إذ أن القصد من ورائها هو الغيرة عليك لأننا لا نراك إلا أختا نخاف عليها من هموم الدنيا ونار الآخرة.
أختي الكريمة:
إن أول ما نريد أن نتكلم عليه هي... الملابس التي تلبسها البعض من النساء والتي تكشف عن ساقيها أو تكشف عن رأسها أو أن تكون المرأة متزينة واضعة على وجهها مجموعة من الأصباغ وهذا كله من التبرج الذي نهى الله عنه في قوله - تعالى -: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)(الأحزاب: من الآية33) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا). وقال في رواية أخرى (العنوهن فإنهن ملعونات) فهل تحبين أن تكونين مثل هذا الصنف، أعيذك بالله أن تكونين كذلك.
والأمر الثاني: هو التعطر وأن تخرج المرأة متعطرة وهذا حرام وفي هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:(أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وقال (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل). فإن كان هذا حال من خرجت إلى المسجد فكيف بمن خرجت إلى الأسواق أو إلى الأعراس؟!
والأمر الثالث: هو خضوع المرأة وتغنجها بالكلام أمام الرجال وتليين الجانب معهم وهذا لا يجوز فقد قال الله - تعالى -: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب: من الآية32).
وكم من الناس من في قلبه مرض ولا يريد من الكلام والضحك مع النساء إلا أمرا معلوما ضرره وخبث.
والأمر الرابع: خلوة المرأة بالرجال واختلاطها معهم في أي مجال كان وهذا محرم لقوله - صلى الله عليه وسلم -:(لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، فما هو المتوقع إذا كان الوضع كذلك إنه الدمار ولاشك وأنت أختي الطيبة أستر واعف أن يختلي بك أحد الرجال وشرفك أعلى وأرفع عندنا أن يدنس في مثل هذه الأمور.
أختي الكريمة: أعدي الزاد وخذي في جهازك وكوني وحي نفسك... لا تنظري إلى صغر الخطيئة ولكن انظري إلى عظمة من عصيت... إن الله قد قذف في قلبك نورا فلا تطفئيه... بظلمة المعاصي أتل القرآن و استمعي إلى ذكر الله ولا تضيعي وقتك في غير فائدة وتذكري ربك وتمثلي ضعفك وعظمة خالقك واستعدي ليوم الرحيل يوم الحسرة والندامة.
أختاه أيتها الأمل... لحظة صدق مع نفسك وسيتجلى لك كل شيء واضح جليا،وستعرفين جيدا من هو الذي يريد لك الخير والعفة والستر ومن الذي يريدك أن تغرقي في مهاوي الخطيئة.
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ) (غافر: من الآية44)
لا تكشفي الوجه يا أختاه واستتري ***** إن الذئاب كثير في أراضينا
http://www. dawah. ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/244)
تفقدي إيمانك
أسماء بنت عبد الرحمن الباني
الحمد لله - سبحانه - عدد ما سبّحت له الرمال.. وسجدت له الظلال، وتدكدكت من هيبته الجبال.. عدد كل لمحة وطرفَة ونَفَس... والصلاة والسلام على سفيره بينه وبين خلقه.. رحمته للعالمين.. وحجته على العابدين.. صلاةً وسلاماً دائمين حتى يجمعنا الله به، وبعد:
فعلى كل مؤمنة في طريقها الطويل إلى الله.. أن تعنى بتفقد إيمانها بين الآونة والأخرى.. فإن الإيمان يزيد وينقص.. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.. وينعدم ببعض ما حذر منه ربك.. ونهاك عنه نبيك.. وما أجدرنا في هذا الزمان الذي يصبح فيه الرجل مؤمناً ويمسي كافراً.. أن نتدبر ونحذر.. ونتفقد إيماننا بين الفينة والفينة.. إذ لم ييأس الشيطان من الدخول على كل مؤمن من مداخل قد تخفى لإفساد دينه ونزع تقواه.. ومما يزيد المؤمنة التقية الورعة خوفاً.. أن تسمع حديث نبيها كما جاء في صحيح مسلم حيث يقول: {إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم}.
لقد أعد الشيطان أيتها المؤمنة هذه المصيدة الخاصة لأهل الإيمان في جزيرة العرب، ليصل إلى إفساد قلوبهم وإيمانهم.. فإياك أن تكوني ممن اشتغل بالصلاة والصيام وغفل عن قلبه وتنقيته مما به من فساد أو غش لأحد من المسلمين.. فقد نادى نبيك بأن هذه هي الكارثة التي تودي بالدين إلى غير رجعة.. استمعي اليه حيث يقول: {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟} قالوا: بلى: قال: {إصلاح ذات البين.. فإن فساد ذات البين هي الحالقة.. لا أقول تحلق الشعر.. ولكن تحلق الدين} [رواه الترمذي].
أرأيت أيتها المؤمنة.. تحلق الدين، أي: تزيله. فعليك أيتها المؤمنة بنداء ربك: فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [الأنفال:1].
وعليك أيتها المؤمنة بالدعاء.. فاتجهي إلى ربك دوماً أن يمسح من قلبك الغل على أي من أخواتك في الإيمان.. واجعلي لسانك رطباً بهذه الدعوة التي دعا بها المؤمنون قبلك رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [الحشر:10].
أيتها المؤمنة: إنه لمما يدمي قلب كل مؤمن.. أن يرى إخوانه المسلمين في أي مكان.. متباغضين متنافرين متعادين، مع أن نبيهم أوصاهم فقال: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً} [رواه البخاري]، فانقلبوا كأنهم سمعوها المؤمن للمؤمن كالثعبان يلدغ بعضه بعضاً..!! فترى الدسائس والفتن.. والغيبة والنميمة قد استشرت فيهم.. غافلين عما وصفهم به نبيهم فقال: {مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.. إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} [رواه البخاري]..
فإياك أن تُخرجي نفسك من دائرة المؤمنين.. واملئي قلبك منذ الساعة لكل من آخاك في هذا الايمان، وداً وتعاطفاً ورحمة.. ولا تحملي في قلبك سوى ذلك لأي من أخواتك في الله.
أيتها المؤمنة: لقد جاء عن نبيك حديث يجب أن نتوقف عنده طويلاً.. روى البخاري في صحيحه عن النبي أنه قال: {من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم.. من قبل ألا يكون دينار ولا درهم.. إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته.. وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فَحُمل عليه}.
انظري أيتها المؤمنة.. إلى قوله: {من عرْض أو من شيء} إن كلمة {شيء} هذه تشمل أي شيء وكل شيء سواء كان حركة أو لفتة أو لمزة أو غمزة فيها تعريض بأي مسلم.. فتصبح له مظلمة عندك يطالبك بها يوم القيامة..
فإياك أيتها المؤمنة فان الثمن باهظ حقاً.. وإنها لنهاية مؤلمة حقاً.. فرب كلمة آذت أختاً لك في الله.. كانت عندك هينة.. ولكنها عند الله عظيمة.. ورب حركة أسأت بها لأخت لك مؤمنة.. كان ثمنها ما أجهدت نفسك فيه من الحسنات.. توزعينها على أصحاب المظالم والحقوق في يوم أنت أحوجُ ما تكونين إليها.. ثم ماذا؟ ثم إلى النار.. وما أخال مؤمنةً تود ذلك المصير الأليم...
أيتها المؤمنة: ها أنت تحترزين من الربا قليله وكثيره.. سمعاً وطاعةً للجليل المتعال.. وهرباً من حرب يشنها الله ورسوله على آكل الربا.. ولكن ما موقفك من أفظع أنواع الربا وأعظمها.. أتدرين ما هي؟ استمعي إلى نبيك في الحديث الصحيح يقول: {أتدرون ما أربى الربا عند الله؟} قالوا: الله ورسوله أعلم.. قال: {فان أربى الربا عند الله استحلال عرض امرىء مسلم}..
إن استحلال الحديث عن أي فرد في أي جانب من جوانب شخصيته، والانتقاص من شأنه سواء بالغيبة أو النميمة أو الاستهزاء أو غيرها مما يسيء إليه ولو كان فيه حقاً، كل هذا أعظم عند الله من الربا والعياذ بالله.
فالحذر.. الحذر أيتها المؤمنة.. فإن استحلال عرض مسلم بما فيه قد يجر إلى الهول العظيم.. والعقاب الأليم.. وذلك ما لا تطيقينه.. ومن يطيق الحبس في النار..
استمعي إلى نبيك ماذا يقول: {من ذَكَرَ امرأً بشيء ليس فيه ليعيبه به.. حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه} [رواه أبو يعلى].. ولذلك حرم الله الجنة على النمام الذي ينقل الكلام على سبيل الإفساد، فقال: {لا يدخل الجنة نمام} [رواه البخاري].. ولئن حمل هذه النميمة نمامٌ.. بسبب حسد يأكل قلبَه فبلغها إلى من يثير بها غضبه ويستفزه.. فقد جمع هذا النمام بين مصيبتين، وأحرق إيمانه بناريين:
الأولى: نارُ الحسد وقد جاء عن الصادق المصدوق: {الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب}.
والثانية: النميمة، ومصيبتها أعظم من الأولى، إذ تحرم صاحبها من دخول الجنة.. فماذا تفعلُ أيتها المؤمنة من أَكَلَ حسناتها الحسدُ.. وحرَمتْها النميمةُ من دخول الجنة؟ إنها والله هي الكارثة...
فاحذري أيتها المؤمنة من الحسد، وتذكري أنه لا يجتمع الإيمان والحسد أبداً. قال: {لا يجتمع في جوف عبد الإيمانُ والحسد..} [رواه البيهقي].
وها هي وقفتي الأخيرة معك...
لقد نهى النبي عن أربعة أشياء نهياً أكيداً، وحذرنا من الارتداد في حمأتها دون أن نشعر. فقال: {لا تقاطعوا.. ولا تدابروا.. ولا تحاسدوا.. ولا تباغضوا.. وكونوا عباد الله إخواناً} [رواه البخاري]..
فإياك من مقاطعة أخت لك في الله مهما كانت الأسباب.. وإياك من مدابرة أخت لك في الله مهما سولت لك النفس الأمارة بالسوء من مبررات.. وإياك من التباغض فإن ذلك وسيلة إلى غضب الله ومقته..
ولقد ختم النبي حديثه السابق الذي رواه البخاري في صحيحه بقوله: {التقوى هاهنا}.. ويشير إلى صدره ثلاث مرات.. مبيناً أن التقوى كما جاء في أحاديث أخرى ليست بكثرة صلاة ولا بطول قيام.. ولكن بتقوى القلب ومخافته من الله ومراقبته له وبعدم الإساءة إلى المسلمين.
وقد يستعين البعض بالمقاطعة.. وقد تُقدم على ذلك المسلمة جاهلةً أن ذلك قد يكون سبباً في ألا تُقبل صلاتها.. بل ترد عليها فلا ترفع أبداً.. أتعجبين؟.. هذا حديث نبيك فاستمعي: {ثلاثة لا تُرفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أَم قوماً وهم له كارهون.. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط.. وأخوان متصارمان (أي متقاطعان)}.. فإياك أن تكون بينك وبين إحدى المؤمنات خصومة أو شحناء أو خلاف.. ولا تتهاوني في ذلك وسارعي بالصلح والتسامح.. لئلا تُحرمي من مغفرة الله - سبحانه - وتجاوزه عن عباده. فقد جاء عن نبيك: {تُعرَضُ الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله - عز وجل - في ذلك اليوم لكل امرىء لا يشرك بالله شيئاً.. إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء.. فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا} [رواه مسلم].. وإياك أن يمنعك الكبر والغرور من الصلح فتظلي طوال حياتك محرومة من مغفرة الله.. لا تُرفع صلاتك أبداً...
وعليك أيتها المؤمنة بحسن الخلق.. ضعيه نصب عينيك.. واكتبيه بماء الذهب في سويداء قلبك.. واخلعيه على حركاتك.. وسكناتك.. ونظراتك ولفتاتك.. مع كل من حولك.. مع جيرانك ومع زوجك.. ومع أبنائك وأقربائك.. ومع أخواتك وزميلاتك.. لعل الله أن يمن عليك بكمال الإيمان، فإن نبيك يقول: {أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً} [رواه الطبراني]..
فالله.. الله أيتها المؤمنة.. عليك بكمال الإيمان فالزميه.. والله يغفر لي ولك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www. kalemat. org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/245)
تفقدي إيمانك
أسماء بنت عبد الرحمن الباني
الحمد لله - سبحانه - عدد ما سبّحت له الرمال.. وسجدت له الظلال، وتدكدكت من هيبته الجبال.. عدد كل لمحة وطرفَة ونَفَس... والصلاة والسلام على سفيره بينه وبين خلقه.. رحمته للعالمين.. وحجته على العابدين.. صلاةً وسلاماً دائمين حتى يجمعنا الله به، وبعد:
فعلى كل مؤمنة في طريقها الطويل إلى الله.. أن تعنى بتفقد إيمانها بين الآونة والأخرى.. فإن الإيمان يزيد وينقص.. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.. وينعدم ببعض ما حذر منه ربك.. ونهاك عنه نبيك.. وما أجدرنا في هذا الزمان الذي يصبح فيه الرجل مؤمناً ويمسي كافراً.. أن نتدبر ونحذر.. ونتفقد إيماننا بين الفينة والفينة.. إذ لم ييأس الشيطان من الدخول على كل مؤمن من مداخل قد تخفى لإفساد دينه ونزع تقواه.. ومما يزيد المؤمنة التقية الورعة خوفاً.. أن تسمع حديث نبيها كما جاء في صحيح مسلم حيث يقول: {إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم}.
لقد أعد الشيطان أيتها المؤمنة هذه المصيدة الخاصة لأهل الإيمان في جزيرة العرب، ليصل إلى إفساد قلوبهم وإيمانهم.. فإياك أن تكوني ممن اشتغل بالصلاة والصيام وغفل عن قلبه وتنقيته مما به من فساد أو غش لأحد من المسلمين.. فقد نادى نبيك بأن هذه هي الكارثة التي تودي بالدين إلى غير رجعة.. استمعي اليه حيث يقول: {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟} قالوا: بلى: قال: {إصلاح ذات البين.. فإن فساد ذات البين هي الحالقة.. لا أقول تحلق الشعر.. ولكن تحلق الدين} [رواه الترمذي].
أرأيت أيتها المؤمنة.. تحلق الدين، أي: تزيله. فعليك أيتها المؤمنة بنداء ربك: فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [الأنفال:1].
وعليك أيتها المؤمنة بالدعاء.. فاتجهي إلى ربك دوماً أن يمسح من قلبك الغل على أي من أخواتك في الإيمان.. واجعلي لسانك رطباً بهذه الدعوة التي دعا بها المؤمنون قبلك رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [الحشر:10].
أيتها المؤمنة: إنه لمما يدمي قلب كل مؤمن.. أن يرى إخوانه المسلمين في أي مكان.. متباغضين متنافرين متعادين، مع أن نبيهم أوصاهم فقال: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً} [رواه البخاري]، فانقلبوا كأنهم سمعوها المؤمن للمؤمن كالثعبان يلدغ بعضه بعضاً..!! فترى الدسائس والفتن.. والغيبة والنميمة قد استشرت فيهم.. غافلين عما وصفهم به نبيهم فقال: {مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.. إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} [رواه البخاري]..
فإياك أن تُخرجي نفسك من دائرة المؤمنين.. واملئي قلبك منذ الساعة لكل من آخاك في هذا الايمان، وداً وتعاطفاً ورحمة.. ولا تحملي في قلبك سوى ذلك لأي من أخواتك في الله.
أيتها المؤمنة: لقد جاء عن نبيك حديث يجب أن نتوقف عنده طويلاً.. روى البخاري في صحيحه عن النبي أنه قال: {من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم.. من قبل ألا يكون دينار ولا درهم.. إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته.. وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فَحُمل عليه}.
انظري أيتها المؤمنة.. إلى قوله: {من عرْض أو من شيء} إن كلمة {شيء} هذه تشمل أي شيء وكل شيء سواء كان حركة أو لفتة أو لمزة أو غمزة فيها تعريض بأي مسلم.. فتصبح له مظلمة عندك يطالبك بها يوم القيامة..
فإياك أيتها المؤمنة فان الثمن باهظ حقاً.. وإنها لنهاية مؤلمة حقاً.. فرب كلمة آذت أختاً لك في الله.. كانت عندك هينة.. ولكنها عند الله عظيمة.. ورب حركة أسأت بها لأخت لك مؤمنة.. كان ثمنها ما أجهدت نفسك فيه من الحسنات.. توزعينها على أصحاب المظالم والحقوق في يوم أنت أحوجُ ما تكونين إليها.. ثم ماذا؟ ثم إلى النار.. وما أخال مؤمنةً تود ذلك المصير الأليم...
أيتها المؤمنة: ها أنت تحترزين من الربا قليله وكثيره.. سمعاً وطاعةً للجليل المتعال.. وهرباً من حرب يشنها الله ورسوله على آكل الربا.. ولكن ما موقفك من أفظع أنواع الربا وأعظمها.. أتدرين ما هي؟ استمعي إلى نبيك في الحديث الصحيح يقول: {أتدرون ما أربى الربا عند الله؟} قالوا: الله ورسوله أعلم.. قال: {فان أربى الربا عند الله استحلال عرض امرىء مسلم}..
إن استحلال الحديث عن أي فرد في أي جانب من جوانب شخصيته، والانتقاص من شأنه سواء بالغيبة أو النميمة أو الاستهزاء أو غيرها مما يسيء إليه ولو كان فيه حقاً، كل هذا أعظم عند الله من الربا والعياذ بالله.
فالحذر.. الحذر أيتها المؤمنة.. فإن استحلال عرض مسلم بما فيه قد يجر إلى الهول العظيم.. والعقاب الأليم.. وذلك ما لا تطيقينه.. ومن يطيق الحبس في النار..
استمعي إلى نبيك ماذا يقول: {من ذَكَرَ امرأً بشيء ليس فيه ليعيبه به.. حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه} [رواه أبو يعلى].. ولذلك حرم الله الجنة على النمام الذي ينقل الكلام على سبيل الإفساد، فقال: {لا يدخل الجنة نمام} [رواه البخاري].. ولئن حمل هذه النميمة نمامٌ.. بسبب حسد يأكل قلبَه فبلغها إلى من يثير بها غضبه ويستفزه.. فقد جمع هذا النمام بين مصيبتين، وأحرق إيمانه بناريين:
الأولى: نارُ الحسد وقد جاء عن الصادق المصدوق: {الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب}.
والثانية: النميمة، ومصيبتها أعظم من الأولى، إذ تحرم صاحبها من دخول الجنة.. فماذا تفعلُ أيتها المؤمنة من أَكَلَ حسناتها الحسدُ.. وحرَمتْها النميمةُ من دخول الجنة؟ إنها والله هي الكارثة...
فاحذري أيتها المؤمنة من الحسد، وتذكري أنه لا يجتمع الإيمان والحسد أبداً. قال: {لا يجتمع في جوف عبد الإيمانُ والحسد..} [رواه البيهقي].
وها هي وقفتي الأخيرة معك...
لقد نهى النبي عن أربعة أشياء نهياً أكيداً، وحذرنا من الارتداد في حمأتها دون أن نشعر. فقال: {لا تقاطعوا.. ولا تدابروا.. ولا تحاسدوا.. ولا تباغضوا.. وكونوا عباد الله إخواناً} [رواه البخاري]..
فإياك من مقاطعة أخت لك في الله مهما كانت الأسباب.. وإياك من مدابرة أخت لك في الله مهما سولت لك النفس الأمارة بالسوء من مبررات.. وإياك من التباغض فإن ذلك وسيلة إلى غضب الله ومقته..
ولقد ختم النبي حديثه السابق الذي رواه البخاري في صحيحه بقوله: {التقوى هاهنا}.. ويشير إلى صدره ثلاث مرات.. مبيناً أن التقوى كما جاء في أحاديث أخرى ليست بكثرة صلاة ولا بطول قيام.. ولكن بتقوى القلب ومخافته من الله ومراقبته له وبعدم الإساءة إلى المسلمين.
وقد يستعين البعض بالمقاطعة.. وقد تُقدم على ذلك المسلمة جاهلةً أن ذلك قد يكون سبباً في ألا تُقبل صلاتها.. بل ترد عليها فلا ترفع أبداً.. أتعجبين؟.. هذا حديث نبيك فاستمعي: {ثلاثة لا تُرفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أَم قوماً وهم له كارهون.. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط.. وأخوان متصارمان (أي متقاطعان)}.. فإياك أن تكون بينك وبين إحدى المؤمنات خصومة أو شحناء أو خلاف.. ولا تتهاوني في ذلك وسارعي بالصلح والتسامح.. لئلا تُحرمي من مغفرة الله - سبحانه - وتجاوزه عن عباده. فقد جاء عن نبيك: {تُعرَضُ الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله - عز وجل - في ذلك اليوم لكل امرىء لا يشرك بالله شيئاً.. إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء.. فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا} [رواه مسلم].. وإياك أن يمنعك الكبر والغرور من الصلح فتظلي طوال حياتك محرومة من مغفرة الله.. لا تُرفع صلاتك أبداً...
وعليك أيتها المؤمنة بحسن الخلق.. ضعيه نصب عينيك.. واكتبيه بماء الذهب في سويداء قلبك.. واخلعيه على حركاتك.. وسكناتك.. ونظراتك ولفتاتك.. مع كل من حولك.. مع جيرانك ومع زوجك.. ومع أبنائك وأقربائك.. ومع أخواتك وزميلاتك.. لعل الله أن يمن عليك بكمال الإيمان، فإن نبيك يقول: {أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً} [رواه الطبراني]..
فالله.. الله أيتها المؤمنة.. عليك بكمال الإيمان فالزميه.. والله يغفر لي ولك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www. kalemat. org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/246)
يا مسلمة صخرتك حاجز أم سُلَّم؟
التحدي، كأنه حاجز من حديد يقف أمامك، وفي الحكمة أن الصخور العظيمة تقف حواجز أمام الضعفاء بينما هي سلالم للأقوياء.
التحدي بين طرفين فإن استسلم أحدهما وأصبح سحقاً أو محقاً.
إذن يجب على المسلمة أن تقف أمام تحديات الجاهلية جميعاً، تقف شامخة واثقة بربها معتزة، وتسأله وحده الثبات وأن يلهمها الصواب ويهديها ويرشدها.
بيئتنا المعاصرة أثرت في المسلمة تأثيراً إيجابياً وسلبياً، وربما أرى أن دعوات تحرير المرأة والمساواة، وتلك النداءات قد انتهت وأبادتها فطرة المرأة التي رفضتها وبقي شيء من الرواسب، لعل أهمها ما تلوث به فكر المرأة من:
01 مادية التفكير.
02 شكلية الاهتمامات.
03 صدورها عن العلم النافع وجهلها بأبواب العمل الصالح.
وهذه ركائز ثلاث عميقة الجذور فاسدة الثمار تؤدي بالمرأة إلى ما لا تحمد عقباه دون وعي منها.
ولعل أهم بعد للعولمة هو البعد الاقتصادي، يعني المادي وبالتحديد إلغاء العمل لعالم الغيب.
ومن مظاهر مادية التفكير:
01 وضع الأولوية للمردود الاقتصادي لأي علم تخطط له لنفسها أو لأولادها أو لمن تقترن به.
02 إذا تصادم الحصول على المال أو توفيرها له مع قناعتها الفكرية ينتصر الحصول على المال.
03 اللهاث خلف العلوم المبتورة مثل المسابقات التي تقدم جوائز خيالية تصل إلى المليون.
04 ترك الأعمال التي لا طائل مادي لها مثل تربية الأبناء وإعداد الطعام لهم بينما أثبت علم الموجات ضرورة الوجود المعنوي للمرأة في بيتها خاصة وهنا أذكر دراسة أجريت في بريطانيا على دارين للأيتام، تقدم لهما الخدمات نفسها ولديهما الإمكانيات نفسها فقد لوحظ أن نزلاء إحدى المدارس ينمون بسرعة وحالتهم النفسية أفضل، مما حير الدارسين الذين لاحظوا فيما بعد أن هناك عجوزاً تسكن بجوار أحد الدارين تأتي يومياً فتمسح على رؤوس نزلاء الأيتام الصغار، لمسة ليس لها ثمن عضوي وليست مجدية مادياً كانت فعالة يفارق واضح، سبحان الله العظيم.
05 لعل أخطر مظهر هو ذهاب الأخلاق الحميدة عند من يفكر تفكيراً مادياً، كخلق المروءة والشهامة والكرم والجود والصدق والأمانة والإخلاص والوفاء والنصيحة والشجاعة والإيثار، فمثل هذه الأخلاق تكون باهتة هزيلة في أي مجتمع تسيطر عليه المادة بينما تزدهر وتتزعزع في المجتمع ذاته بعض الأخلاق السيئة كالخيانة والجبن والرياء والمفاخرة والكبر ولا بطر والأثرة، فهل نعي لأنفسنا مثل هذه المجتمعات؟
06 من نافلة القول أن تتوقع نصرة الإسلام والمسلمين، بل النصرة وكل التأييد لما يدر علي من مال، ففي ثنايا الفكر المادي الفكر الأناني أنا مصلحتي.. دخلي.
07 خروج المرأة للعمل دون مبرر، المهم أن تحقق ذاتها وتحقق استقلالها الاقتصادي.
08 قبولها بأي عمل وأي أجر حتى لو عملت سائق عمومي كما هي في بعض المجتمعات العربية والإسلامية.
09 إذا خرجت المرأة تفككت الأسرة وأصبح كل فرد فيها يكسب قوت نفسه ويبني لمستقبله وله ميزاته، أما غير العاملين في هذه الأسرة فيهم مثل الأيتام على مأدبة اللئام!
عند مثل هذه المجتمعات، يتحقق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " حب الدنيا رأس كل خطيئة" فالذي يفكر بالمادة فقط بعيد عن الله، لا يخطر بباله التفكير بالدار الآخرة، هو بذلك قد يخسر نفسه وماله ودنياه وآخرته، نعوذ بالله من شر ذلك.
أما من أبرز التحديات التي تعانيها المرأة المسلمة:
01 إنها جزء من مجتمع إنساني، والإنسان المسلم يعيش أزمة حقيقية رجلاً كان أم امرأة.
02 بما أن أمام الرجل تحديات فقد يواجهها بإسقاطها على المرأة، فيمثل بذلك تحدياً قوياً أمام المرأة، أهمها إشعارها بالنقص وبالدونية وعدم الاعتراف بحجم طاقاتها وتضحياتها، مما يقتل مواهبها ويئد عطاءها.
كثير من الرجال والنساء يمثلان فريقان يتبادلان بث دوافع الإحباط، بدل أن يتبادلا بث عواطف الارتقاء.
03 جعل العالم قرية واحدة بسرعة اتصالاتها وشيوع تطوراتها وتدهوراتها، قرية فيها من الفساد والإفساد ما عجزت عنه أقوام استحقت الخسف والنسف.
04 تشكيل عقلية العوام وفق ما تريده القوى العظمى، مثال ذلك إطلاق كلمة " إرهاب" على كل من هو إسلامي ووصف أبشع العمليات الإجرامية بأنها هي " العدالة المطلقة"!!
05 بعثرة الجهود الإسلامية وتناقصها وما يجره ذلك من صراعات حزبية أحياناً، فأين الذين يقاتلون في سبيل الله صفاً كأنهم بنيان مرصوص؟ بل أين إحساس الجسد الواحد؟
06 ما تعانيه القلة المستضعفة من قدرات مالية ضعيفة وربما تؤول أموالنا بأيدي غير أيدي الصالحين.
07 أصبح العالم الثالث نفايا للعالم المتحضر، نفايات ترمى يومياً لتغطي جميع جوانب الحياة، الصحية والثقافية والمالية والاجتماعية.
إن المسلمة التي وجدت نفسها وسط هذه البحار الهادرة من التحديات، وهي تريد المواجهة، لكن هناك ضغوطات تمارس عليها، فلتحاول أن تقلل من أثرها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
ومن هذه الضغوطات:
01 متطلبات النفاق الاجتماعي وما يستنزفه من وقت وجهد ومال.
02 تداخل الأدوار وكثافة متطلبات كل دور، فقد نجد المرأة أماً أو زوجة وعاملة وداعية، فهل تستطيع أن تقوم بهذه الأدوار بكفاءة عالية؟
03 ضعف المهارات لدى المرأة سواء اليدوية أو الفكرية، فالتي لم تربَ على مهارة القراءة مثلاً، ستبقى تتجرع ويلات الجهل، والتي لم تتعلم فنون المطبخ مثلاً ستفتح أطباقها لنفايات الهمبرجر الجاهزة وغيره.
04 لكل مكانة اجتماعية شرنقة خاصة، فالعانس تعاني ضغوطاً نفسية واجتماعية تختلف عن تلك الضغوط التي تعاني منها المطلقة والأرملة مثلاً.
05 تباعد المؤثرات الشخصية على الفرد وتناقضها أحياناً، من أجل ذلك نرى مثلاً أخوين يختلفان كأنهما قدما من قارتين متباعدتين، وذلك له آثار على التفكك الأسري والويلات الاجتماعية.
06 تسارع ما تبث الحضارة، وعدم قدرة المرأة على اللحاق بهذا لركب المتسارع، مثال ذلك تطور استعمال الكمبيوتر خلال العشرين سنة الماضية، فعدم القدرة على متابعة هذا التسارع تقذف المسلمة على رصيف المتغيرات المؤثرة والفاعلة.
وللتي تحلم أن يكون لها دور فاعل:
أولاً: يجب أن تدرك حجمها وما هي الثغرة التي تقف عليها لتعطيها الأولوية في اهتمامها فهذا سبيلها إلى الجنة، ومن هنا ستطرق بابها.
ثانياً: أن تقبل على مدارسة العلم الذي خدم هدفها، ولو بذلت في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
ثالثاً: أن تقف شامخة أمام التحديات وتحسن التعامل مع الضغوطات ولا تختلق لنفسها المبررات التي هي من المهلكات.
رابعاً: أن تحتسب عند الله جهدها، وتعتقد أنها تسير في درب المجاهدين فلا تلتفت لآراء الجالسين الذين يتفننون في دراسة أخطاء السائرين.
خامساً: أن تحدد أعداءها وأعداء أمتها، وأن تنصف من يخالفها في الرأي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/247)
يقبلها ويحضنها ولكنها تخاف الله
ما أعظم ديننا، الذي كرم المرأة وعظم من شأنها، فإن التزمت فتاة الإسلام تعاليم دينها، لعاشت ملكة في دنياها وآخرتها، وكسبت نفسها وشرفها..
ولعاشت كالدرة المكنونة، والجوهرة المصونة، التي لا يمسها ولا يراها غريب..
نرى وللأسف الشديد بعض من العلاقات المحرمة، التي تكون بين الشاب والفتاة، والتي عادة تبدأ بنظرة فابتسامة فإعجاب... ومن ثم، إعطاء رقم جوال وتبدأ العلاقة الشيطانية المزيفة تحت غطاء الحب وكلمات الغرام..
مِن الفتيات التي تصر على أنها تستطيع أن تحافظ على نفسها، وتمتنع عن الزنا نهائيا؛ لأنها تعرف أنه حرام وعقابه عسير عند رب العالمين. ولكن، هل تقتصر الأفكار الشيطانية، على النظرة والإعجاب والحديث!
بل الغريزة لكل من الطرفين، تتجاذب.. ويحدد اللقاء بينهما..
ظاهرة القبلات المتبادلة بين الطرفين.. والتي يعتقد كل منهما.. أنها ليست بحرام، وإنهم لم يقوموا على فعل كبيرة.. من الكبائر التي حرمت علينا...
وماذا بعد ذلك، وإن لم يتم من اللقاء الأول.. هل سيترككم الشيطان!
بل سيعمل جاهداً.. إلى أن تفقد الفتاة شرفها، وتدنس شرف أهلها..
وتكون فتاة مكسورة النفس ومفقودة لدى الآخرين...
أخيتي العزيزة، ألم تسمعي يقول الله - تعالى - في سورة النور آية 30:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم"
نقاط بسيطة.. نتوقف عند كل واحدة منها، ونسأل أنفسنا... لعلها تجاوب بصدق:
- هل حجابنا صحيح!
(لبس فضفاض، يغطيه عباءة أو جلباب، دون تزين أو تعطر، دون لبس الكعب..)
- هل أننا نتبع تعاليم ديننا!
(من حيث الخروج من المنزل، والعمل.. والاختلاط.. وما شابه)
- هل نقل السير بالليل!
ونلتزم الجلوس بالمنزل.. ولا نخرج للأسواق.
- هل نتفقه دينيا!
(الاستماع للمحاضرات.. ودراسة الشريعة والقرآن الكريم...)
- هل استخدامنا للانترنت استخدام صحيح!
(بالابتعاد عن الشات والمحادثات بين الجنسين، والبعد عن التعارف بين الجنسين) حيث أصبح وسيلة سهلة للتعارف في هذا العصر..
هل أنت راضية عن نفسك أختاه!
هل أنت تسيطرين على الأفكار الشيطانية، أم أنكِ تسايريه...!
إن الشيطان وعد الله - تعالى - أن يغوي نفوس العباد.. إلا الصالحين منهم..
قال الله - تعالى - في سورة الحجر آية 39 - 43:" قال ربِ بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين "
" إلا عبادك منهم المخلصين "
" قال هذا صراط علي مستقيم "
" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين "
" وإن جهنم لموعدهم أجمعين "
فهل أنت أختاه من أتباع إبليس!
هل تريدين أن تكوني من الخاسرين...
ماذا تنتظرين، باشري بالتوية، ففي داخلك إيمان طاهر، لا تدنسيه بالحرام والمنكرات.. لتطهري نفسك وجهزي للقاء ربك، أما سمعتِ عن قصص حسن الخاتمة... تملؤها رائحة المسك والابتسامة الرقيقة!
أكثري من الأعمال الصالحة، لعلها تنقذك من عذاب منتظر..
فان لكل بني آدم مكان في الجنة، ومكان في النار...
وبأعمالك واختيارك لمسار حياتك، تختارين مكانكِ في النهاية.
لا تعتقدي أن حجابك وصلاتك سينفعاكِ.. إن لم تكن روحك طاهرة،
فإن كنت تخافي الله، كيف لكِ أن تقابلي شابا، محرما عليكِ..!
كيف لكِ.. أن تعطيه قبلة..! يا فتاة الإسلام.. أي حجاب هذا...!
عودي إلى الرحمن، ربما تلحقي بالتوبة، وربما لا تلحقي...
سارعي بالتوبة، وأكثري من الاستغفار... لعل الله يسامحك،فإن الله غفور رحيم.
يقول الله - تعالى - في سورة آل عمران آية 133"وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين "
ولكن.. إن الله شديد العقاب، يقول الله - تعالى - في سورة فصلت آية 43:"إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم "
أسأل الله أن يهدينا ويصلحنا ويتقبل توبتنا ويثبتنا على ديننا.
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/248)
تسويق التبعية
أحمد الصويان
تضطرب البيئة المعاصرة بطوفان متعدد الأطياف من التيارات الفكرية، وهذا الاضطراب ناتج في كثير من الأحيان عن صراع فكري واجتماعي متعدد الجبهات في البلاد الغربية، تمتد انعكاساته في البيئة العربية والإسلامية، فترى ألواناً من التخبط والخلط الفكري الذي بلغ مداه في العقد الأخير.
ومع كثرة الهزائم والنكسات السياسية والحضارية التي تشهدها البلاد الإسلامية ازداد التخبط والاضطراب، وتكاثر المتهوكون في أودية الباطل.. أولئك المنهزمون الذين لم يجدوا سبيلاً لرفع رؤوسهم إلا بالتقليد المطلق لكل ما غربي؛ فهو المحور الذي يدورون في رحاه، واستعلوا بانهزاميتهم، وتطاولوا بسقوطهم، وعدُّوا ذلك باباً من أبواب التزيّن يتبخترون به على غيرهم..!
قال الله - تعالى -: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175 176].
إننا نرى آثار هذه الانهزامية هشيماً يسري في أغلوطات فكرية وإعلامية مستمرة، ويتطاير شررها في الحاضر والبادي، وضجت الصحافة العلمانية والقنوات الفضائية بثرثرة مملَّة، فيها كل شيء ما عدا الكلام العلمي الذي يبني العقل ويربي الخلق..!
من آخر الأمثلة الصارخة على ذلك: موقف هؤلاء المنهزمين إزاء القانون الفرنسي الفج من الحجاب الإسلامي؛ حيث تسابقوا على تسويقه والتماس المعاذير له بتملق وتكلف لا يخفى، وأسرف بعضهم في الهجوم على الحجاب والقيم الإسلامية، ونعى على المسلمين بسخرية وشماتة تخلفهم ومتاجرتهم ب (فقه الآخرة!)، وبتعلقهم بتلك التوافه الشكلية التي تقيد الحركة وتنتهك الحقوق، في الوقت الذي تقدمت فيه المرأة الفرنسية، وبلغت قمة السمو الحضاري بزعمه، بل إن بعضهم راح يؤكد بكل أنواع التأكيد سلامة النهج العلماني، وأنَّه هو الخيار الأمثل أو هو الوحيد الذي سوف يضع أمتنا في مدارج التحضر والتقدم الإنساني..! وصدق المولى - جل وعلا -: {فَإنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
والطريف في الأمر أن وزير الخارجية الفرنسي قام بزيارة إلى دول الخليج وبعض البلاد العربية لشرح موقف بلاده، ونسي أن بعض هؤلاء المتساقطين من بني جلدتنا ربما كانوا أكثر حماساً وتشنجاً في الدفاع عن كل ما هو غربي، وتزيينه بكل أنواع الزينة المصطنعة، إنها بكل وضوح عقدة الانكسار والهزيمة التي تطغى على العقل، وتجعله كالإمَّعة الوضيع، وتحوطه بالمهانة والصغار، وصدق المولى - جل وعلا -: {وَإخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202].
ولهذا ليس عجيباً أننا بدأنا نقرأ ونسمع في بلادنا العربية من أثنى على فتوى شيخ الأزهر، وطار بها فرحاً، بل والأخطر من ذلك من يريد تعميم هذه الفتوى على الواقع الإسلامي لتشابه الظروف والدواعي التي من أجلها صدرت الفتوى. وكل ذلك ليس حباً في الأزهر أو انتظاراً لرأيه، ولكن لأنها وافقت هوى استقر في نفوسهم..!!
إنَّ المأزق الذي يتساقط فيه هؤلاء يوماً بعد يوم أنهم لا يملكون مشروعاً حضارياً جاداً لنهضة الأمة كما يزعمون، وإنما غاية ما يملكونه أنهم يريدون أن يزجوا بالأمة في المستنقع الغربي الآسن، ليكون أبناؤها عبيداً يتمرغون تحت أعتابهم، ويجترون بكل بلاهة قيمهم المادية والاجتماعية، حلوها ومرها، خيرها وشرها، كما قال أحد أشياخهم منذ زمن ليس بالبعيد!
وحسبك أن تقرأ أطروحات ما يسمى بالاتجاه الليبرالي في منطقة الخليج بخصوص قضية المرأة مثلاً؛ فالحجاب الشرعي هو الحائل بزعمهم عن تسريع عجلة التنمية والنمو الاقتصادي، ومنع الاختلاط عندهم رمز من رموز البدائية والتخلف، جعل الأمة العربية في حضيض المجتمعات الإنسانية المعاصرة. والانتصار الكبير الذي ينتفشون به ويصفقون له عندما تتجرأ إحداهن بنزع حجابها متجاوزة حدود الشرع وقيم الأمة، وفي كل بلد تتكرر مسرحية سعد زغلول، وهدى شعراوي..!
والعجيب أنهم يريدون أن يقنعونا بأن التحديث والتطوير الذي يتطلع إليه جميع الناس قرين التغريب الثقافي والاجتماعي..!
إن النازلة القادمة التي تجددت الدعوة إليها بعد مبادرة (الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية) التي أعلنها كولن باول وزير الخارجية الأمريكي هي: قضية المرأة وتغيير القيم الاجتماعية للأسرة التي قررها الشرع المطهر. وأحسب أن المسألة ليست مجرد معركة حجاب عابرة، أو دعوة للاختلاط بين الرجال والنساء فحسب، بل هي مقدمات حثيثة لإعادة صياغة جميع القيم الاجتماعية صياغة جديدة، تُمسخ فيها الهوية الإسلامية، وتنتزع فيها الكرامة الإنسانية، وتصبح فيها المرأة المسلمة مجرد ألعوبة تافهة، ودمية هزيلة، يعبث بها رؤوس الفساد، ودعاة المنكر.
لست قلقاً من هؤلاء الصغار؛ لأن هذه المواقف المكشوفة تفضحهم عند الخاصة والعامة، وتميط اللثام عن انتكاسهم الفاضح، وتبرز بجلاء حقيقة شعاراتهم المتناقضة التي يتشدقون بها بكل صفاقة ومهانة. قال الله - تعالى -: {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 30].
نعم.. لست قلقاً من هؤلاء إذا ما وعى الدعاة والمصلحون طبيعة المعركة، وأدركوا أن الحق يُصرَع إذا أُخِذَ بتهاون وتثاقل.
ولكن ثمة حقيقة في غاية الأهمية، وهي أن العلماء والدعاة قصروا تقصيراً بيناً في الدعوة في أوساط النساء، وكان الخطاب الدعوي في مجمله خطاباً رتيباً مكرراً يفتقد للجاذبية والتجديد والإبداع، في الوقت الذي تصدَّر فيه المفسدون للتغريب ونشر الرذائل والعبث بالقيم، وفتنوا الناس في أخلاقهم وأعراضهم.
هذه حقيقة مهمة يجب أن نعيها؛ لأن ذلك سيقودنا بعون الله - تعالى - إلى إعداد رؤية شاملة للدعوة في الوسط النسائي، وتقديم البدائل العملية الجادة التي تحفظ للأمة كرامتها وعفتها.
وها هنا وقفة مهمة مع الأخوات الداعيات لتذكيرهن بواجبهن الشرعي في أخذ زمام المبادرة، والإقبال على الدعوة والتربية، والحرص على سعة الأفق، والبدء بالأولويات.
إن للمرأة الداعية طاقات كبيرة ومجالات عديدة لا يملكها الرجال، وتستطيع بإذن الله - تعالى - إن هي أقبلت على الدعوة وجدَّت في العمل أن تنجز إنجازات كبيرة، وتذبّ عن الأمة شروراً كثيرة.
ولئن كنا قد قصرنا في وقت مضى، فلا عذر لنا فيما يأتي. وردود الأفعال الآنية مهمة ولا بد منها، لكن لا يجوز أن نبقى هكذا عاجزين متواكلين، بل يجب أن نبادر بأطروحات مستبصرة، نستشرف فيها أبعاد المرحلة وتبعاتها. قال الله - تعالى -: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} [الرعد: 17].
http://www.albayanmagazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/249)
نساء ثبتن حينما انهزم الرجال
إخواني.. أخواتي.. فعلا الموضوع يشد الانتباه وفيه أشياء قيمة وشرف لنا أننا نقرأ سير مثل هذه السير بأمتنا الرائعة..
عُرف الرجال بقوتهم، وصلابتهم، وشجاعتهم.. وعُرف النساء بضعفهن، ورقتهم، وخوفهن.. ولكن.. عندما يحمى الوطيس، ويرى الناس الموت، لا تفرق بين الرجل والمرأة، فكل منهم في ذلك الموقف يقول نفسي نفسي، ولا يثبت إلا عدد قليل، ممن وهب نفسه لله، لا يخشى الموت في سبيل الله.
وهذا الثبات، لا يقتصر على الرجال فقط، بل في مواقف عدة ثبتت النساء حين انهزم الرجال.. وأبطال هذه المواقف هم: نسيبة بنت كعب، صفية بنت عبد المطلب، أم حكيم..
أما نسيبة - رضي الله عنها - فكان ثباتها يوم أحد، حينما انهزم المسلمون وتركوا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، يواجه ثلاثة آلف مشرك لوحده. هنا برزت شجاعة عدد قليل جداً من الصحابة، فتجمعوا حلو الرسول الكريم، ولم يكن عددهم يتجاوز العشرة. في هذا الموقف، تجلت هذه المرأة العظيمة، نسيبة بنت كعب، وحملت السيف، وأخذت تدافع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال عنها المصطفى ما التفت يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني..
والموقف الأخر، كان في غزوة الأحزاب، حيث كانت شجاعة صفية بنت عبد المطلب، سبب في حماية جميع نساء وأطفال المسلمين. لقد جمع الرسول الكريم النساء والأطفال والشيوخ في أحد الحصون في المدينة، وخيّم هو وأصحابه وراء الخندق لحمايته. وعندما غدر اليهود بالمسلمين، ونقضوا العهد الذي بينهم وبين المسلمين، أرسوا مجموعة منهم إلى داخل المدينة، ليرى أحوال المسلمين ونسائهم، ومن أين يمكن ضربهم. فاقتربوا من الحصن الذي فيه النساء والأطفال والشيوخ، ثم أرسلوا واحداً منهم ليستكشف لهم الأمر. فتوجهت صفية - رضي الله عنها - وكانت من بين نساء الحصن، إلى حسان بن ثابت - رضي الله عنه - وكان شيخاً كبيراً، وطلبت منه أن يقتل هذا اليهودي، حتى لا يرجع بالخبر لليهود فيهجمون على الحصن ويأخذون كل من فيه سبايا، إلا أن حسانا لم يتحرك بحجة أنه لا يعرف القتال. فقامت هذه المرأة المؤمنة، واختبأت خلف جدار، ثم انقضت على اليهودي فقتلته، وقطعت رأسه، وصعدت فوق الحصن، ورمت رأس اليهودي على أصحابه. فولّوا هاربين، وهم يظنون أن الحصن مليء بالرجال..
الموقف الثالث، وقد برزت فيه كل من أم عمارة نسيبة بنت كعب وأم حكيم - رضي اللهم عنهما - ففي بداية غزة حنين، عندما هجمت هوازن على المسلمين فجأة، فرّ المسلمون، وكانوا يومها اثنا عشر ألفا، وتركوا الرسول الكريم ليواجه عشرين ألفا من هوازن ومن عاونهم من القبائل. فصرخ العباس بن عبد المطلب ينادي أصحاب بيعة الرضوان، فتجمع حول النبي الكريم مئة فقط، منهم امرأتان، هما أم حكيم وأم عمارة. في هذا الموقف الذي زاغت به أبصار الرجال وانخلعت قلوبهم، ثبتت هاتان المؤمنتان مع من ثبت من الرجال. وكانت أم حكيم تحمل معها خنجرا، فسألها الرسول الكريم عنه، فقالت لأبقر به بطن أي مشرك يعتدي علي. أنا أم عمارة فتجلت بطولتها كالعادة، وقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعني أقتل الفارّين من أصحابك يا رسول الله، إلا أن الرسول أمرها بتركهم. ويقول أحد الصحابة: كان هؤلاء المئة كالإعصار لا يقف في طريقهم شيء..
إن ثبات هؤلاء النسوة في هذه المواقف لهو أمر يستحق الوقوف والتأمل. وأريدكم أخي القارئ وأختي القارئة، أن تضعوا أنفسكم مكانهن، فهل ستثبتون أم ستنهزمون مثلما انهزم الآخرون!؟
اللهم إنا نسألك الثبات في الدنيا والآخرة .
http://www. muslema. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/250)
نعم أنصحك بالتبرج
جاسم المطوع
جلست أتأمل في قول النبي محمد لجابر بن عبد الله: «هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك» وفي رواية «تداعبها وتداعبك»، ولعل اللفظ الأول وهو (تلاعبها) لم يستوقفني لأن الرجل من طبيعته المبادرة والتجديد في المعاشرة الزوجية ولكن الذي استوقفني هو كلمة (تلاعبك) أي بنفس مستوى الرجل من الإقبال والتشويق والإغراء، ولعل هذا النص يتعارض مع واقعنا المعاصر وما نعيشه من تخلّف في ثقافة المعاشرة الزوجية، مما دفع كثيراً من الأزواج وأحياناً الزوجات من منطلق (العيب والحياء المزيف) إلى الخيانة الزوجية.
ولهذا حذّر النبي أمته من ذلك فقد روي الطبراني عن النبي قوله: «اغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا وتنظفوا، فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك فزنت نساءهم».
أحببت أن أكتب هذه المقدمة وأنا أدعو الزوجات إلى (التبرج الزوجي) وهو يختلف عن تبرج الجاهلية الأولى والذي حذرنا الله منه، ولكن أريد أن (تتبرج) الزوجة لزوجها، وتستخدم كافة قدراتها الأنثوية من أجل الاستمتاع في الحياة الزوجية حتى يُشبع كل واحد منهما الآخر.
أكتب هذه الكلمات بعدما انهالت عليّ رسائل كثيرة عبر البريد الإلكتروني عن شكوى الأزواج والزوجات في علاقتهما الخاصة مع بعضهما البعض، وبعض الرسائل أجيب عليها وأكثرها أحيلها إلى صديق متخصص في المسائل الجنسية ليجيبهم عليها، ولكن ما لفت نظري في هذه الرسائل شبه ثقافة موجودة عند الرجال بعدم تزين الرجل لزوجته والتجمّل لها وإشباع رغبتها، بحجة أن هذا يقلل من هيبته، وثقافة تقليدية أخرى مماثلة لديهم هي أنهم عندما تتقرب زوجة الرجل إليه وتبدع في ذلك بلباسها وزينتها فإنه يسألها: من أين تعلمت هذه التصرفات؟!، ويشك فيها ويفتح معها ملف تحقيق فتنقلب لحظات السعادة والمتعة إلى شقاء وعذاب، ونسي هذا الرجل أن النبي وصف ورَغّبَ فيمن تمتلك صفة (وتداعبك)، (وتلاعبك). فأي جاهلية جنسية نعيشها اليوم وهي البعيدة عن هدي الحبيب محمد، وأقول كذلك مما لاحظته من الرسائل ذلك الحياء المزيّف عند المرأة في عدم تبرجها لزوجها والتفنن في إشباع حواسه، بينما هي تتبرج في الخارج تبرج الجاهلية الأولى من غير حياء، فأي تناقض هذا الذي تعيشه (غرف نومنا)؟، ولهذا نلاحظ أسراً مفككة ومهلهلة بسبب عدم الاستقرار الجنسي بين الزوجين.
بعض الرسائل تأتيني من أزواج يطلبون من زوجاتهم أن يتحدثوا معهم بكلام غزلي فيرفضن، والبعض يطلب من زوجته أن ترقص له فترفض، وآخر يطلب منها أن تلبس له لباساً معيناً فترفض، وإذا خرج من منزله وقعت عيناه على كل ساقطة ولاقطة ثم نشتكي من كثرة الخيانة! وبعض الزوجات يشتكين من روائح أزواجهن الكريهة، والبعض يعاملها زوجها وكأن المعاشرة الزوجية واجب لا بد أن يتخلص منه، فتعيش الأسرة في معاناة والواقع اليوم لا يرحم، كما صرحت بذلك الكاتبة البريطانية «فيكس وارد» في تحقيق صحفي كشف التحالفات بين مجلات المرأة ومجلات الجنس بشكل واضح، كما أن القنوات الفضائية تزيد من شعلة الإثارة وفي مقابل هذا كله لا يوجد (تبرج زوجي).
ولهذا نلاحظ أن النبي كان يبعث عند عودته من السفر من يخبر أهل المدينة بقدومهم (حتى تمتشط الشعثاء وتستعد المغيبة)، ولقد كان الرسول يوصي أصحابه ألا يدخلوا على أهليهم بليل حتى لا يروهم إلا في أحسن هيئة ومظهر.
كل هذا الفقه العظيم الذي عندنا في التأكيد على (التبرج الزوجي) بحاجة اليوم إلى أن يظهر من جديد بدءاً من (تلاعبها وتلاعبك) وانتهاء بتلك النصوص التي ذكرناها، يقول الله - تعالى -:{هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} على اعتبار أن اللذة مشتركة بين الطرفين. والغريب في الموضوع كما ذكر د. أحمد الأبيض أن أوروبا لم تكتشف أن المرأة تلقى لذة إلا في القرن التاسع عشر من قبل دعاة - التطوير - (ذكرتها شرادر كليبرت في كتابها - الثورة الثقافية للمرأة).
وأقول ختاماً: إن الإسلام هو السبّاق دائماً حتى في الثقافة الجنسية وأقول للأزواج والزوجات: نعم أنصحك بالتبرج، وأنصح زوجك بالتبرج لك.
http://www. naseh. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/251)
دفاع عن المرأة
موسى محمد هجاد الزهراني
جاءتني رسالة فاضلة من امرأة فاضلة لم تكشف عن اسمها لكن أسلوبها يكشف فضلها.. تقول:
(لماذا أنتم معاشر الخطباء والأدباء توجهون سهام أقلامكم دائماً لنقد الزوجات وكأن الخطأ والزلل لم يصدر ولا يصدر في الحياة إلاَّ منا نحن بنات حواء أما أنتم فمبرءون؟!) وكلام طويل نحو هذا خلاصته: نقدها لمقال سابق كتبته عنوانه (صور منزلية متكررة مع التحية لكل زوجة)..
أختي الكريمة:
أما قولك.. أننا نوجه سهام أقلامنا إليكن.. فأنني أبرأ إلى الله - تعالى - من استهداف من جعلها الله سبباً لوجودي في الحياة وهي أمي، أومن كانت مثاباً لهمومي وغمومي ومفرّجةً لها بعد الله وهي زوجتي الفاضلة.. أو امرأة ألجأ إليها أحياناً في أخذ مشورتها وهي أختي.. أو امرأة أعطف عليها أكثر من عطفي على نفسي وهي ابنتي.. ولكن الأديب (إن كان لدّي أدب!!) والكاتب والخطيب لا يهدف في كلامه أو كتاباته إلى ذكر محاسن المجتمع وأفراده غالباً؛ وقلت غالباً!! وإنما يذكر عيوباً لإصلاحها ومثالب لتلافيها قد تُغمر في بحر الحسنات.. أما نحن معاشر الرجال.. فنظراتٌ ثاقبةٌ على تعامل البعض مع زوجته أو من يعول، تنبئ عن قصور شديد وتجنٍ أشد.. ألم يقل الله - تعالى - (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف).. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " استوصوا بالنساء خيراً " فأيُّ معاشرةٍ حسنةٍ ممن لم يُسمع زوجته كلمةً لينةً رقيقةً منذ زواجهما فضلاً عن كلمة السحر المكونة من أربعة أحرف (أُحبك)؟.
وبعضهم يتصور أن هذه المخلوقة التي جعلها الله بين يديه وأسماها أنثى، يظن أنها يمكن أن تتمتع بما يتمتع به الرجل من عاطفةٍ وعقلٍ.. ونسي أنها ناقصة عقل ودين.. ونسي أن هذا مدحٌ لها من أعرف الخلق بالخلق - عليه الصلاة والسلام - ليلفت إليها أنظار الرجال فيرأفوا بها ويعطفوا عليها ويكرموها.. ألا يعلم أنه لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلاَّ لئيم.. ألم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الناس[1].. للناس ولأهله، بما حوى قلبه العظيم من معاني الخير.. وبما كان يتحلى به من خلق عظيم مع أزواجه التسع! وليس مع واحدة فحسب..
يتحمل غيرة هذه.. وغضب هذه.. وكثرة طلب هذه النفقة وغير ذلك مما يكون بين الزوج وزوجته.. وكان بيته البيت المثالي في التاريخ.. بشهادة المستشرقين فضلاً عن كتاب السيرة والأدب الإسلامي " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".. أعرف رجلاً فاضلاً اتصلت به مرة فقلت نريدك الليلة في لقاء مع بعض الأخوة فقال: (وعدت زوجتي أن أخرج بها الليلة في نزهة وأنا أكره أن أفي بوعدي مع الناس وأخلف وعد أقرب الناس لي.. زوجتي.. ولا أعرف أن بإمكاني تعويضها في وقت آخر، لكن لماذا نعتذر دائماً من زوجاتنا ونلبي طلب زملائنا؟ ولا نعتذر منهم مرة واحدة؟ فنلبي طلب زوجاتنا..) فسكتُّ..
ولا يذهب البال بعيداً فيوصم المسكين بالخوف من امرأته.. أو أنه جبان.. كلا.. بل والله إنه الشجاع الكريم.. واحد منهم.. يقول.. قلت لها كلاماً جميلاً.. (يا حبيبتي يا أحلى امرأة في الدنيا.. أحبك..) فلم تلبث أن اختلفت معي فنسيت كل كلامي الذي قلته لها.. فأقسمت ألاَّ أسمعها شيئاً من هذا، عجباً!
يظن أن تلك الكلمات التي تكلفها.. لا تقال في حياتهما الزوجية إلاَّ مرة واحدة فتكون كالمضاد الحيوي.. تستمر بعدها الزوجة في حسن خلقها معه إلى أن تلقى الله.. ونسي أنها امرأة!! نسيانها أكثر من تذكرها!!..
وأنها أحياناً كثيرة تفكر بقلبها لا بعقلها.. وأنها تحتاج إلى مداراة ومراعاة مشاعر، وليست آلةً تُصلَح مرةً فتمكث دهراً تعمل من غير خلل.. ألم تعلم أن من النساء من تكون كافرة! نعم تكفر العشير.. وليس تكفر بالله.. تكفر عشيرها.. زوجها.. تحسن إلى إحداهن دهراً كاملاً حتى إذا رأت منك سيئةً قالت ما رأيت منك خيراً قط! هكذا هي أحياناً ترجح جانب السيئات على الحسنات..!! لأنها أنثى!
بكلمة رقيقة يستطيع الزوج أن يتربع على عرش قلب زوجته لكن لا يعلم متى يقولها ويختار حروفها وطريقة نطقها.. ولينظر بعد ذلك كيف تكون له كالأمة؛ لأنه أشعرها بأنه لها عبدُ لا عبد رفيقٍ ولا عبد عابد.. بل عبد في ثوب سيد يعرف لكل حال مقالاً. ماذا لو حدث وأن دخلت امرأة أحدنا بحجابها على زوجها أمام ضيوفه وكسرت إناء الطعام بينهم.. هل سيتحمل ويعتذر أمام ضيوفه بأنها امرأة.. أنثى.. ضعيفة.. أم يسمعها ألفاظ الطلاق كالقنابل.. واحدة تلو الأخرى.. لماذا؟ لأنها أحرجتني أمام الضيوف.. ليس فيها خير.. هبطت بسمعتي وسوت بها الأرض.. الخ
ألم يحدث ذلك في أشرف بيت، أمام أشرف من وطئت قدماه الأرض - عليه الصلاة والسلام - ،من أشرف النساء حبيبة رسول رب العالمين عائشة الصديقة - رضي الله عنها - ألم يقل: طعامٌ بطعام وإناءٌ بإناء.. غارت أمكم؟!.. تقول إحداهن: زوجي، ما شاء الله.. رجل يأتي من عمله مبكراً فأقدم له غداءه.. ويمكث بعدها على الإنترنت إلى ساعات متأخرة من الليل ثم ينام قليلاً ويعود لعمله.. وهكذا هو.. والآخر.. يفتخر بأنه ملَّ من زوجته المرأة الصالحة الفاضلة.. فيأتي بصورة ممثلة فاجرة يلصقها أمام وجهه في غرفة النوم ينظر إليها أثناء معاشرته لزوجته ما معنى هذا؟ وأي ظلم للزوجة أكثر من هذا؟!
رجل أعرفه أيضاً بشحمه ولحمه ولحيته! رزقه الله امرأة صالحة داعية، فابتلاه الله بامرأة في سن أمه، لكنها من الطراز الحديث الأتي يلبسن البنطال والعباءة المخصرة.. قاتل الله من صنعها.. ومن ذوات المال والجاه وقليل من الجمال.. ففتن بها.. فأغرته بغنجها وتحررها.. فتزوجها.. فعلمت المسكينة فاحتسبته عند الله وصبرت على مصيبتها.. أما هو فيقول.. كنت أرى ما كنت أسمع عنه من الانحلال والعلمنة والسفور والسفر من دون محرم.. والبذخ.. وموت القوامة والرجولة من ذويها والثقة المفرطة.. وأتذكر زوجتي الأولى ادعوا لها فيما تبقى من صلواتي.. حتى إذا ضاق ذرعاً بتلك السافرة.. طلقها لكنها لم تطلقه هي.. بل كانت تبعث له الرسل.. من زميلاتها اللاتي على شاكلتها فكان يسمع النصائح الغالية من الزوجة الأولى الغالية بضرورة الصبر على البلاء وعدم الالتفات لتلك المغريات.. والتشجيع والدعاء والكلام الجميل.. حتى أعانه الله على صويحبات يوسف..!
وسرعان ما زلت به قدمه.. لأنه تعود الزلل.. فتزوج بأخرى وأسكنها في (البحرين).. دون علم الزوجة الأولى أيضاً.. قال: كنت أذهب إليها في إجازة نهاية الأسبوع وأسهر معها سهرات يعلمها الله - تعالى -.. فأعود إلى المنطقة الشرقية.. وأدخل بيتي متأخراً فأجد زوجتي نائمة وأطفالها حولها رقوداً! وأسمع صوت القرآن بقراءة (الشيخ /سعود الشريم إمام الحرم المكي) تصدح في المنزل.. فإذا دموعي تسيل على خدي.
شتان بين هذه الحياة الطيبة وهذا الجو الإسلامي في المنزل.. وبين تلك السهرات الفاجرة في البحرين ولست أعلم أعاد إلى رشده أم لا يزال في غيه! - وأنا أعي ما أقول.. لكن هذا الصنف قليل والحمد لله - تعالى - ومجتمعنا فيه خير كثير -..
إنها أمانة يا أيها الأفاضل في أعناقنا.. إن كان الرجل لا يستطيع أن يسعد امرأته السعادة التي كانت تتمناها قبل زواجها وتحلم بها، فلا أقل من أن يوفر لها السعادة التي كانت تعيشها مع أمها وأبيها.
كلمة أهمس بها في أذن كل أب:
اتقوا الله في بناتكم.. زوجوهن من ترضون دينهم وخلقهم لا منصبهم وجمالهم وأموالهم..
إياكم ثم إياكم أن يلعب عليكم الشيطان.. إن جاء خاطب لا يصلي.. فقلتم " غداً الله يهديه "..
الله يهدي من يشاء لكن تارك الصلاة كافر لا يصلح لمؤمنة لا عقلاً ولا شرعاً.. وما تلك القصص التي روينا إلاًّ لمن كان تاركاً للصلاة أو لا يقم لها وزناً..
* * *
وبعد أفلكِ عذرٌ أختي الفاضلة بعد هذه النصائح التي أحسب أنني كتبتها من قلبٍ ناصحٍ مخلصٍ.. فكما أنك بنتُ لأبٍ فاضلٍ فلدي أنا بناتٌ أخشى عليهن من نوائب السنوات فما تكلمت من فراغ..
ولم أتكلف الكلام.. والسلام!
ـــــــــــــــــــ(83/252)
ـــ
[1] - قال - تعالى - مادحاً نبيه - صلى الله عليه وسلم - (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/253)
أخيتي عزتك في ماذا ؟
إلى كل مسلمة مغتربة أوجه ندائي:
أخاطبك أختي المؤمنة الحبيبة عبر ورقتي وقلمي وأخط إليكِ رسالتي التي هي من القلب إلى القلب، وأبدأ رسالتي بقول رائع قائله أحد أبطال هذا الدين وهو عمر بن الخطاب فقد قال يوماً: (نحن قوماً أعزنا الله بلإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).
ما أروعها من جملة تحمل في طياتها معنا للعزة والكرامة تمتع بها هذا الصحابي الجليل ويتمتع بها كل مسلم يسير على نهجها. وهل هناك عزة بغير الإسلام؟ هذا الدين الذي قال في شأنه بطل آخر (نحن قوماً ابتعثنا الله بالإسلام لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد).
أختاه.. لقد ساءني واحرق قلبي وأدمع عيني ما شاهدته بعيني من مناظر وما سمعته من كلام يدل على الهزيمة النفسية التي يمر بها بعض المنتسبين لهذا الدين. ورغبت أن أعرض هذه المشاهد على مرأى منكِ لتحكمي بنفسكِ وعقلكِ الذي وهبك الله إياه.
هل نسير بصدق على نهج هذه المقولة الرائعة؟
هل نحس بها في أعماق قلوبنا؟
هل نشعر بعزة هذا الدين في كل حركة وكل سكنة في حياتنا كمسلمين؟
هل عندما تسيرين تشعرين بعزة ما ترتدين... أعني الحجاب؟
أو تشعرين بخوف من نظرات الكافرات اللواتي ينظرن إلى حجابك باستغراب وعجب؟
هناك يا أخيتي حقيقة مرة أريد أن أعرضها عليكِ... بعض المسلمات يخجلن من صلاتهن أمام هؤلاء الكفار بحجة أنهم ينظرون إليهم بنظرة سخرية وأخريات يستحين من غطاء الوجه الذي هو من عزتهن وكرامتهن لأن الفتيات الكافرات ينظرن إلى غطائهن نظرة رجعية وتأخر.
هنا أقول... قفي من فضلكِ. ليس ثمة شك في أن عزتك تكمن في حجابك وصلاتكِ وهل هناك أفضل من حجابكِ يا مسلمة؟.
الجواب معلوم لدي ولديكِ... وإن كنت تأبين الاعتراف به، فإنه معترف به في قرار نفسكِ.
إن الصليب معلق في رقاب هؤلاء المشركين أينما ذهبوا بل منقوش في بيوتهم وملابسهم وأحذيتهم بل في كل مكان تجده ويفتخرون به وهم على دين محرف باطل، وأما أنا وأنت فعلى الحق.
فهل تخجلين من السجود بين يدي الله أمام هؤلاء؟.
وهل تخجلين من حجابكِ وهو عفتكِ وطهارتكِ وكرامتكِ أمام هؤلاء الكاسيات العاريات اللائي لا يخجلن من أظهار عورتهن.
ألم تخشين أن يطبق عليكِ قوله - تعالى -: (أو غير دين الله يبغون، وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون).
أختاه أنسيتي فاطمة التي لحجابها خضعت فرنسا... أنسيتها وقد تسامقت كالنخلة الشماء... أنت بحجابكِ قدوة، وبصلاتكِ مبشرة لدينكِ.
أختاه إنكِ أولى أن تكوني مبشرة وداعية للإسلام، وإنك أولى أن تكوني للتقى رمزاً يخيل به العفاف ويفخر.
إن إلتزامكِ بالحجاب تقدم ونزعه تأخر وتدهور، كوني معتزة بدينكِ وسيري إنكِ على الحق بإذن الله.
http: //www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/254)
مسكين وألف مسكين رجل لا امرأة له
محمد حسين
الفكر يحتاج إلى مسامرة، والنفس تحتاج إلى محادثة ومطارحة، ولكل وقت للنفس حال ولغة تطلبها وتفهمها، وخاصة وقت المصافاة، فإن وجود الزوج مع الزوجة تفريح للنفس، وراحة البال والقلب، وسكون العواطف الجياشة، فذلك من آيات الله ونعمه، فليحمد الله حتى تربو تلك النعمة، وليسارع في بذر الخير في قلب الزوجة، وعزر محاسنها عندك، وحببها في شخصك وقربها من قلبك، يصفو لك ودها ويسلس لك قيادها، وتعطيك كل رفدها، لذلك أيها الزوج المملوء أملاً بالسعادة في الحياة: أنصح لك من كل قلبي نصيحة غالية من شفيق أمين: لا تضن على الزوجة الحبيبة وزدها من المودة والرحمة، بعاطفة الاحترام والتقدير فالقليل منه له أثر السحر.
أخي وسامعي الزوج الفاضل:
المرأة لم تخلق من أجل الرجل كما أن الرجل لم يخلق للمرأة، ولكن كل منهما خلق لعبادة الله، وقد جعل الله لكل منهما حاجة للآخر، لذلك يجب أن تحترم المرأة لنفسها، وتقدر بقدر ما تسد به حاجة الرجل ويقدر الرجل في علاقته بالمرأة بقدر ما يسد حاجاتها.
ذكر في مجلس معاوية - رضي الله عنه - النساء فذمهن قوم فقال - رضي الله عنه -: لا تفعلوا، فما علل المريض، ولا ندب الميت، ولا عمر البيوت مثلهن، ولا احتاجت الرجال إلى مثلهن.
وتدبر يا عزيزي الزوج قول النبي - صلى الله عليه و سلم - عن أنس - رضي الله عنه -: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة) رواه النسائي والحاكم بإسناد جيد، فانظر إلى هذا القلب الذي لا تخلله إلا محبة الله - تعالى -، إذا أحب شيئا سوى الله فالطيب والنساء والصلاة، وانظر رعاك الله إلى ربطه بين أجمل ما في الدنيا عند رسول الله، ريح تطيب به النفس، وعلاقته بزوجه من النساء، ووقت يقضيه مع الله في محراب الصلاة. ألم يخبر بالحق - صلى الله عليه و سلم - إذ يقول: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)، فمسكين وألف مسكين رجل لا أمرأة له، أو له أمرأة لا يستمتع في دنياه بخيرها، يخرج من الدنيا ولم يحصل على حسن متاعها. قال عمر - رضي الله عنه -: المرأة الصالحة ليست من الدنيا لأنها تفرغك للآخرة.
وقال أبو سليمان الداراني: المرأة الصالحة تفرغك للآخرة وتمتعك في الدنيا.
________________
العشرة الطيبة مع المرأة ل محمد حسين
http: //www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/255)
ليته يحذو حذوه
كانت عباراتها متدفقة تصاحب عبراتها المنهمرة وهي تنثر درر عبراتها. لا يكاد السامع يميز الكلمات لشدة تداخلها وتمازجها واختلاطها ... أحرفها كانت تتعثر في حلقها وكادت كلماتها تموت على شفتيها ... أشفقت السيدة عالية على محدثتها تلك وطلبت منها أن تهون على نفسها، إذ إن لديها علماً مسبقاً غير أكيد بما فعله زوج محدثتها، لكنها لم تتصور يوما أنه سيؤدي بصاحبتها إلى هذا الانفعال العجيب.
حاولت السيدة عالية تهدئة السيدة ساهرة، وسألتها وكأنها لا تعلم: لكن من هذا الذي أخذ النصيب الأكبر من شتائمك اليوم؟ لكن ساهرة لم تلتفت إلى السؤال واستمرت برمي عباراتها المتفجرة:
((كنت أظنه إنسانا رفيع المستوى فإذا هو ... دنيء، إنه لا يستحق ذرة تضحية ولا طرفة من عين، إنه شخص أناني يحب ذاته، ربما أصيب بما يسمى جنون العظمة؛ لأنه امتلك شيئا من الدولارات والعقارات ... )) توقفت لتمسح دموعها فاستغلت محدثتها تلك (الهدنة) وسألتها: المهم كيف حالك أنت وحال أولادك؟
رفعت ساهرة صوتها وقالت: حالي أنا ((بالويل)) أنا شبه مجنونة ... أما أولادي، فقد تحولوا إلى عجزه والله يسترنا من العواقب، فإن كبيرهم يترصد لوالده يريد أن ينتقم لنا ويثأر لكرامتنا المهدورة. وهذا أثر على مستواه الدراسي بالطبع!! وضربت كفيها وقالت: ضاع الولد.. ضاع وضاعت الأسرة!!، ابنتي المخطوبة أصبحت تسمع همسات وتعليقات جارحة من خطيبها وأهله خاصة والدته، التي أمطرتها بوابل من الأسئلة المحرجة والتعليقات الساخرة، أكاد أجزم أن " فؤاد " أصيب بالجنون ويريدنا أن نصبح من زمرته.
دار رأس السيدة عالية، وقالت لنفسها يبدو أن الحقيقة أكبر بكثير من (الإشاعة) عكس المتوقع تماما، كما يبدو أن السيد فؤاد قد فعل فعلة نكراء تماما وربما محرمة أيضا، ولكن ...
رفعت رأسها وسألت محدثتها بأدب:
اسمحي لي أن أسألك: هل فعل زوجك شيئا مخجلا؟
نعم ... شيء مخجل جدا، شيء يندى له الجبين، جعلنا أحدوثة بين الناس يشار لنا بالبنان واللسان! الذي لم يسمع بنا سمع عنا!
عفوا ... أقصد ... هل فعل شيئاً ينكره عليه المجتمع ... ؟
إن المجتمع ينكر ذلك ويرفضه ويسخر من فاعله وينبذه!
ولكن.. ألا يمكن رأب الصداع وتصليح الوضع؟
انفعلت السيدة ساهرة وقالت بغضب شديد: مستحيل ... أأعود إليه؟! ذلك المجنون الأناني الذي باعنا بقشة؟!! أين كرامتي؟ ... وأنت تعرفين جيدا ابنة من أنا؟! وماذا أحمل من الشهادات ولا داعي لأن أحدثك عن وضعي بين سيدات المجتمع الراقي!! توقفت هنيهة وقالت: إن الخائن لا يدرك شيئا من هذا ... وسوف أفهمه ما جهله عني طوال السنين الماضية ... !
تصوري.. تصوري المجنون ماذا فعل ... فقد أعلن عن رغباته الخبيثة سابقا ... فرددت عليه رد الزوجة المخلصة المضحية التي تدفع الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على سمعتها وسمعة أسرتها ... تصوري ماذا رددت عليه؟
ابتسمت السيدة عالية وقالت في نفسها: شيء جميل أن تكون ساهرة من النساء الصابرات المحتسبات المضحيات!! تنفست السيدة ساهرة الصعداء وتنهدت تنهيدة عميقة وأجابت عن سؤال السيدة عالية ((ماذا كان موقفك))..؟:
طلبت منه أن يسافر إلى أي بلد يريد وعلى حسابي الخاص ... ويأخذ إجازة ليستمتع بها بالطول والعرض مع من يشاء ثم يعود لي ... ولي وحدي!!
كتمت السيدة عالية صرخة صدرت من قلبها، وكادت تمزق ضلوعها وبحركة عفوية أمسكت رأسها بيدها خشية أن يطير منها. وقالت بانفعال شديد:
وهل هانت حدود الله إلى هذه الدرجة؟ ... وأنت ... أنت الزوجة المحبة المخلصة؟ ...
ثم سافر ذهنها إلى تلك الرحلة ... يوم أن كانت (ساهرة) تحدثها عن (فؤادها) الذي يحبها ويذوب شوقا إليها، كيف كانت بإشارة منها تغير قراراته واهتماماته ... كان لا يستطيع أن يرفض (قشة) من طلباتها أو يتجاهل (ذرة) من دمعاتها اللؤلؤية خشية على قلبها المرهف، يبدو أن أعمدة الأسرة كانت عاطفة جياشة أمام الجماهير كالحب الذي يظهر في المسلسلات والدعايات، وتألقا شكليا من أجل إتمام ديكور جميل ألفه المجتمع!
كانت الحياة تمر باهتمامات صغيرة وابتسامات وضحكات وتعليقات وغمزات ولمزات ... وبمزيد من المشتريات والمستهلكات ... كانت تظن أنها تملك مفاتيح السعادة الزوجية، وتُري قصر سعادتها لكل غادٍ ورائح.
كم حدثتنا عن العقارات التي تنازل لها عنها، وعن السيارات الفاخرة التي اشتراها لها عدا عن الملبوسات والمجوهرات!
واستطردت عالية فحدثت نفسها:
ربما نقمت يوما على زوجي؛ لأنه لم يفعل من أجلي معشار ما يفعل "فؤاد" من أجل ساهرة، وأرثي لنفسي سوء حظها مع أنني أضاهي "ساهرة" جمالا إن لم أكن أجمل منها بشهادة الكثيرات!! كم افتعلت مشكلة مع زوجي - غفر الله لي - بسبب مقارنة حياتي بحياتها وشعوري بالازدراء والصَّغار أمامها. لكني كنت أشعر دائما أن أسرتها تفتقد ركنا شديدا هاما في حياتها، أجل كنت أظن أنه سيأتي يوم يثور فيه المارد ويخرج من قمقمه مهما كان ذليلا، فلا بد أن يخرج يوما ما، فسوف يجف نبعه وينتهي زاده، الآن أبدت لنا الأيام أن الدلال لم يعد يغري، والجمال ما عاد يغني، والسيطرة عليه أصبحت بعيدة المنال، وإثبات ذاتها أمامه أمسى تمثيليات فاشلة مكررة سمجة مكروهة، يبدو أنه مل حياته وذهب ليبحث عن ذاته وعن حياة جديدة يعيشها، كأني أرى رياش الحياة الذي حصلت عليه والذي كان متألقا ومتأنقا ردحا من الزمن؛ بات يحتضر وأكاد أسمع أنينه المفجع.
طالت لحظات الصمت المسافر بين الزميلتين، كانت كل واحدة منهما تبحر في سفينة زميلتها تتأملها بكل ما أوتيت من رغبات وقدرات. وحدثت ساهرة نفسها قائلة:
انظري إلى وجه علياء المطمئن، إنه يعكس صفحات حياتها الحافلة بالطمأنينة والإيمان والرضا، كم كانت تحدثني عن الأجواء الإيمانية التي تعمر بيتهم، وتغمر قلوبهم؟! كم كانت سعيدة ومازالت كذلك؟! من قلبها ينبع الحنان ومن يديها يتدفق العطاء، ومن عينيها يشع الصفاء، وكأني أراها جوهرة فريدة في زمانها ... وكأني أرى أشياءها تشهد لها بالصبر والمصابرة و المثابرة، دنياها تبدو متأنقة متألقة بأرفع المعاني في عالم المعالي.
ومضات سريعة خاطفة مرت أمام عينيهما المسافرتين، أبصرت كل واحدة منهما ما كانت عليه الأخرى، عندها أدركت ساهرة المسافة بينها وبين عالية، وشعرت أن عالية لا يمكن أن تفهمها أو تشاطرها همومها لتصبح في لحظة ما نعم المواسية لها. ربما شعرت أنها ثقيلة الظل فقامت لتوديع محدثتها، لكن السيدة عالية أمسكت بيدها وقاومت دمعتين تلألأتا في عينيها ... وكتمت تنهيدة عميقة حزينة ترجرجت في صدرها وقالت بصدقها المعهود:
ليت زوجي يحذو حذو زوجك.
كلمات قليلة كانت كافية لإعادة انفجار السيدة ساهرة وقالت:
يبدو أنك أصبحت مجنونة!!.
فردت عالية بوقارها المعهود:
لا يا غاليتي ... أنا أقول ذلك وأنا بكامل قواي العقلية، فأنا لا أساوي شيئا بلا ظل زوجي، لا أتصور أبدا أن يصبح قلبي مغلقا وبيتي إساراً ودنياي سرابا، في ظله سعادتي الحقة، وبجواره تغمرني طمأنينة قلبه، صوته يجمع لي ألحان الكون العذبة، وعلى أنفاسه الطاهرة يزهر ربيع قلبي. بحركة من يده تتدفق الدماء في عروقي، وبابتسامة منه تبتسم لي الحياة، وأغرق في بحور من السعادة!!
ابتسمت السيدة ساهرة ابتسامة مفتعلة وقالت: أنت مجنونة حقا، ولكن من فئة (مجنون ليلى) وأقل ما يمكن أن أقوله لك أنك حالمة واهمة، ولربما أنك مازلت مراهقة، فالرجال كلهم صغيرهم وكبيرهم، رفيعهم وحقيرهم، لا يستحق ذلك منا، اسمعي نصيحة مني، وتعلمي من تجربتي إياك أن تشعريه بشيء من مشاعرك تجاهه، وإلا تكبر عليك وتاجر بعواطفك وسافر باحثا عن غيرك كما فعل (أبو العيال).
فردت عالية: " ربما لا يستحق ذلك كثير من الرجال، لكني على ثقة تامة بأن زوجي يستحق ذلك مني وأكثر، لا أستطيع أن أنسلخ من ذاتي يا عزيزتي فأنا أشعر بذاتي لحظة احتراقي من أجله وأجل أولاده ". فاقتربت ساهرة من عالية وهمست في أذنها قائلة:
ربما حدث تغيير هام في حياتكم، هل ترفع زوجك في عمله، أم ازداد رصيده المالي، ما الذي حدث؟ دعيني أغزُ قلبك الغامض؟..
فردت عالية بهدوء حزين: زوجي لا يبحث عن منصب أو جاه ولا يفتش عن شيء لنفسه أنا التي أبحث له.
وأكملت: ليت العافية تكلل وجه زوجي الوقور ... وتعود القوة ليديه المتوضئتين ... لأفرش له بساط ورد تحت قدميه وأنقر له الدف في موكب فرح ونشوة ...
لكن دموعها انحدرت على خديها وقد ذكرت تقريره الطبي الأخير: نظرا لارتفاع السكري في الدم وتأثير ذلك على بصر المريض، فإنه من المتوقع أن يفقد بصره تماما بعد أشهر قليلة.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/256)
حكم عمل المرأة خارج بيتها، ما ضوابطه وآدابه ؟
أما بعد:
اعلمي - بارك الله فيك - أنّ الإسلام أحاط المرأة بسياج من العناية والحفظ ولم يلزمها بما ألزم به الرجل من البحث عن الرزق ووجوب الإنفاق على من أوجب الله عليه الإنفاق عليهم من أهل وولد ووالدين ونحوهم ممن كلف الله - عز وجل - الرجل أن ينفق عليهم، بل المرأة يُنفق عليها منذ أن تكون نطفة في بطن أمها إلى أن تخرج إلى الدنيا إلى أن تكبر وتتزوج، ثم ينتقل وجوب الإنفاق عليها من والدها، أو من كان متول أمرها قبل الزواج إلى الزوج الذي يكون مكلفاً بالإنفاق عليه منذ أن يتزوجها إلى أن تموت، أو يطلقها طلاقاً بائناً، أو يموت عنها فترثه، ثم ينتقل وجوب الإنفاق عليها من زوجها المتوفى، أو المطلق طلاقاً بائناً إلى عصبتها، وهكذا تظل المرأة في المجتمع الإسلامي محاطة بالرعاية والعناية والحفظ، وهذا الوضع يغنيها عن العمل لطلب الرزق إلا أن تحتاج إلى ذلك، أو يأذن لها وليها بذلك، أو تريد أن تنفق على زوجها وأبنائها بطيب نفس منها فهذا من باب التبرع الذي يعود أمره إليها، إن شاءت فعلت وإن شاءت أمسكت، قال - تعالى - [لينفق ذو سعة من سعته] وقال - تعالى -: [وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف] ولم يخاطب الله - تعالى - النساء بالإنفاق على سبيل التكليف. وفي المسند وسنن أبي داود وابن ماجه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب)).
وحفظاً لعرض المرأة جعل الله - عز وجل - الأصل في حالها المكث في منزلها وعدم الخروج منه إلا لحاجة، قال - تعالى - [وقرن في بيوتكن] ونهاها الله - عز وجل - عن التبرج إذا خرجت فقال [ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى] وبين لها - تعالى - كيف تحتجب عن الرجال إذا خرجت فقال [يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً] وفي الصحيحين: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع، وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم – ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قد أذن أن تخرجن في حاجتكن)) وإذا خرجت المرأة لحاجتها فعليها التزام التصون والتعفف وأخذ نفسها بالحشمة في لباسها وصوتها وبعدها عن الرجال، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد. متفق عليه.
وفي المسند وسنن أبي داود وابن ماجه: قالت - رضي الله عنها -: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه.
وقالت - رضي الله عنها -: رحم الله نساء الأنصار ما رأيت مثلهن أشد تصديقاً بكتاب الله وعملاً بما جاء فيه إنه لما أنزل الله - تعالى - آية الحجاب وخرج الرجل يتلوها على زوجه وأهله قمن إلى مروطهن المرحلة فشققنها واعتجرن بها (أي غطين وجوههن) وخرجن خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأن على رؤوسهن الغربان.
وقالت أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - لمولاها نبهان لما أعتق: يا بني إنك لن تراني بعد اليوم إنها وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من أعتق عبدها فلا يراها. رواه الترمذي وصححه.
وعن أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - أن النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن إذا سلمن من المكتوبة قمن فينصرفن إلى بيوتهن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال. متفق عليه.
ومع كل هذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرشدهن إلى جعل صلاتهن في بيوتهن فإن صلاتهن في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف بغيره من المساجد: ففي المسند: عن أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((خير مساجد النساء قعر بيوتهن)).
وفي المسند أيضاً: عن أم حميد الساعدية - رضي الله عنها - أنها جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله أن تصلي في مسجده فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: ((قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي)) فأمرت رضي الله عنها فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله - عز وجل -.
وفي الصحيحين: سأل ابن جريج عطاء عن طواف النساء مع الرجال: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة - رضي الله عنها - تطوف حجرة من الرجال،لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك. وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن، وكن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن، وأُخرج الرجال.
وكان النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حضرن الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتعدن عن الرجال وابتعد الرجال عنهن عملاً بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووعيده لكل امرأة صلت في الصفوف المقدمة خوف اقترابها من الرجال ولكل رجل صلى في الصفوف المؤخرة خوف اقترابه من النساء، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) وقال - صلى الله عليه وسلم - للرجال:((تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله))
رواهما مسلم.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعدهن عنه ولكونهن يجلسن في آخر الصفوف بينهن وبين الرجال بون يعلم أنهن مع هذا البون لا يسمعن موعظته فكان يأتيهن ليعظهن ويأمرهن بالصدقة.
وفي الصحيحين: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما التصفيق للنساء)) حتى لا يسمع الرجال أصوات النساء في تنبيه شرعي في أقدس مكان عبادة وهو المسجد فكيف بالتنبيه غير الشرعي بل كيف بالكلام بلين القول ومرققه؟
وفي الصحيحين: كان الرجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقال للنساء: لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوساً. خوفاً من أن يرين الرجال وهم سجود وقد تبدوا عورة أحدهم.
وفي الصحيحين: جعل - صلى الله عليه وسلم - للنساء يوماً دون الرجال يعظهن ويعلمهن فيه.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تركنا هذا الباب للنساء)) قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.
أي حتى في غير وقت دخول النساء لشدة متابعته لأمره - صلى الله عليه وسلم -. رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات)) والتفلات: التاركات للزينة الخارجات بلباس البذلة.
وفي المسند: عنه - رضي الله عنه - قال: إني سمعت حبي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة)).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) متفق عليه.
وفي المسند وسنن الترمذي وابن ماجه: عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خطب الناس بالجابية، فقال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل مقامي فيكم، فقال: ((لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)) متفق عليه.
فإذا كان هذا في أشرف مكان وأطهره وأقدسه وهو المسجد بيت الله الحرام يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجال والنساء بالابتعاد عن الاختلاط والابتعاد عن السفور والابتعاد عن الخلوة والسفر بغير محرم في مجتمع الصحابة وأمهات المؤمنين الطاهر الذي تمسك رجاله بغض البصر ونساؤه بالبعد عن أسباب الفتنة فكيف بغيرهم من الرجال والنساء الذين كثر فيهم الجهل ورغبوا عن التمسك بأسباب الحشمة ورفضوا التصون والعفاف.
قال الله - تعالى -: [وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن] أي حتى تحفظوا أطهرية قلوبكم ابتعدوا عن رؤية النساء وليبتعد النساء عن البروز أمامكم فإن دعت حاجة إلى سؤالهن فليكن وهن وراء حجاب.
وقال - تعالى -: [فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً] أي لا ترققن الكلام وتجعلنه ليناً فيطمع فيكن مريض القلب الذي ابتلي بمرض الشهوة الحرام، فإنه مستعد لأدنى محرك من محركات الشهوة لمرض قلبه فيستجيب لذلك المحرك والوسائل تأخذ أحكام المقاصد لذلك فالكلام الرقيق من المرأة مع الرجل ما دام يؤدي إلى ميل قلبه الشهواني وميل القلب محرم فإنه يحرم على المرأة ترقيق صوتها عند الرجل الأجنبي.
فإذا ضبطت المرأة خروجها إلى العمل بهذه الضوابط فبها وإلا فلتحفظ على نفسها عفتها ودينها والحرة لا تأكل بثدييها، وملخص هذه الضوابط:
(1) أن يكون خروجها لحاجة.
(2) أن لا يكون خروجها في ساعة متأخرة من الليل، أو في وقت يكثر فيه الفساق فتعرض نفسها للأذى.
(3) أن لا تخرج إلى أماكن تخشى من وجود فساق مؤذين فيها لا يتوانون عن التعرض للنساء.
(4) أن تخرج في جلبابها مستترة لا يبدو منها أمام الرجال الأجانب شيء.
(5) أن لا تخالط الرجال في طريقها وعملها.
(6) أن تتحدث بالكلام المعروف إذا احتاجت إليه ولا تخضع بصوتها.
(7) أن تجتنب التطيب في بدنها وثيابها.
(8) أن تجتنب ثياب الزينة بل تخرج كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: تفلة.
(9) أن لا تخلو برجل أجنبي.
(10) إذا احتاجت إلى السفر فلا تسافر بغير محرم.
والله الموفق.
http://www. dawahwin. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/257)
توجيهات وفتاوى مهمة لنساء الأمة
توجيه قرآني للنساء:
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية "وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ" [النور:31] كانت المرأة الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامتٌ لا يعلم صوته ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك، وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستوراً فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي دخل في هذا النهي لقوله - تعالى -: "وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ" [النور:31] إلى آخره، ومن ذلك أنها تنتهي عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها فقد ورد عن أبي موسى عن النبي أنه قال: {كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا} يعني زانية. وورد عن ميمونة بنت سعد أن رسول الله قال: {الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها} ومن ذلك أيضاً أنهن ينهين عن المشي في وسط الطريق لما فيه من التبرج فعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي وهو خارج المسجد، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله للنساء: {استأخرن فإنه ليس لكنَّ أن تحتضن الطريق، عليكن بحافات الطريق} فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. وقال - تعالى -: "وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب:33]. قال الإمام مجاهد: (كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية) انتهى.
فيا أيتها المسلمة الكريمة العفيفة إذا خرجتِ من بيتك فتذكري هذه الآيات والتوجيهات الربانية واحذري كل الحذر التبرج والسفور ومخالطة الرجال فإن هذه من عادات أهل الجاهلية التي حذر الإسلام منها.
هذا هو الحجاب الشرعي:
كَثُرَ بين بعض الفتيات، حجاب إسلامي - على حد زعمهن - مكوَّن من طرحة سوداء مزخرفة في جوانبها يضعنها على رؤوسهن مخمَّرات بها وجوههن، ولكن، وللأسف فإن العينين باديتان والوجه مجسد، ثم أن ما ينذر بالخطر من وراء هذا الحجاب الجديد إن أولئك الفتيات أخذن يوسَّعن فتحات الأعين شيئاً فشيئاً بحجة الرؤية.
ونظراً لسعة انتشار هذا الحجاب، فإن اللاتي لا يلبسنه منبوذات بين صويحباتهن، موصوفات بالتزمت، والتشدد، والرجعية، بحجة أن الصحابيات كن يفعلنه على عهد الرسول.
السؤال: هل يجوز لبس مثل هذا الحجاب؟ مع بيان صفة الحجاب الذي أمر الإسلام به.
فأجاب فضيلة الشيخ محمد العثيمين بقوله: (أقول: إن الاستعمار الفكري لا يألو جهداً في صدِّ الناس عن دينهم عقيدة وخلقاً وعبادة ومعاملة بقدر ما يستطيع، ولكن المؤمن يكون عنده منعة في إيمانه تحول بينه وبين قصد هؤلاء المفسدين، وذلك بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله كما هو الواجب على كل مؤمن عند التنازع أن يكون مرجعه كتاب الله وسنة رسوله لقوله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59].
ونحن إذا رجعنا إلى الكتاب والسنة في هذه المسألة، وجدنا أن الحجاب الإسلامي لابد فيه من تغطية الوجه عن الرجال الأجانب. وأدلة ذلك مذكورة في الكتب المؤلفة في هذا، ولا يتسع المقام لسياقها. والنظر الصحيح يقتضي ذلك؛ لأن الوجه هو جمال المرأة ومحط الرغبة، وهو الذي يقصده الرجال من المرأة فيمن يقصدون الجمال الخَلقي، وإذا كان كذلك، فإن الفتنة تكون فيه أعظم إذا كان مكشوفاً يشاهده كل إنسان ويكون هو أولى بالحجاب من غيره، وأولى بالحجاب من القدمين ومن الكفين؛ لأن الفتنة فيه أعظم.
وما ذكره السائل من هذا الحجاب.. فإنه مناف لما تقتضيه الأدلة الشرعية، وذلك أن هذا الحجاب كما ذكره السائل يتضمن التبرج بالزينة لما طرِّز به من وشي ونقش وقد قال الله - تبارك وتعالى - في القواعد من النساء: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ" [النور:60].
هذا في القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً، فكيف بالشابات اللاتي يرجون النكاح واللاتي تتعلق رغبات الرجال بهن، كيف يتبرجن بالزينة بخمرهن.
ثم إن الفتحة للعين - أي النقاب - إذا توسع النساء فيها حتى صرن يبدين الحواجب والوجنتين، فإن ذلك مخالف لما كان عليه نساء الصحابة في عهد النبي. ونحن نعلم حسب التتبع والاستقراء أن مثل هذه الأمور تتغير فيها الأحوال بسرعة، وأن النساء ربما استعملن هذا الشيء على وجه قريب مما كان عليه نساء الصحابة ثم لا يلبثن إلا يسيراً حتى يتسع الخرق على الراقع.
ومن القواعد المقررة عند أهل العلم، سد الذرائع، أي سد ما يكون ذريعة إلى محرم. وهذا لا شك إذا كان على الوجه الذي ذكره السائل فهو محرم في ذاته، وذريعة لما هو أعظم وأعظم ونصيحتي لنساء المؤمنين أن يتقين الله في أنفسهن وألا يكُنَّ ممن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فيلحقهن وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. وليسألن من يكبرهن سناً ومن هنّ محتشمات ومتحجبات بالحجاب الشرعي الذي يغطي سائر الوجه، هل ضرهن هذا الحجاب، وهل كان سبباً في نقصان دينهن وهل كان سبباً في التفريط بواجباتهن وغيرها، وهل كان سبباً لتخلفهن دينياً أو فكرياً أو خلقياً، أو اجتماعياً؟ وكل هذا لم يكن فليسعهن ما وسع أمهاتهن، بل ما وسع نساء الصحابة - رضي الله عنهم - [فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: مجلة الدعوة، عدد 1320].
اللباس:
السؤال: فضيلة الشيخ.. يلبس بعض النساء ملابس مشقوقة من الأسفل أو مفتوحة على الصدر أو تبين شيئاً من الذراعين فما حكم ذلك؟ وما حكم لبس بعض الملابس المشقوقة من الأسفل إلى الركبة أو أعلى قليلاً وقد يكون الثوب مشقوقاً من الخلف على الظهر ويبين ما بين الكتفين وتقول من تفعل ذلك إنها بين النساء وليس في ذلك شيئاً...!
الجواب: (لا يجوز هذا اللباس بهذه الصفة لأنه تقليد ولباس مستورد عن الغرب ولأنه يبدي شيئاً من البشرة كالساقين والصدر والثديين والذراعين مع أن المرأة كلها عورة لا يجوز أن تبدي شيئاً من جسدها أمام الرجال وإذا اعتادت مثل هذا اللباس ولو مع النساء أو المحارم أصبحت قدوة شر لزميلاتها وقد تأْلَف هذا اللباس وتخرج به في الطرق والأسواق وهو مما يلفت نحوها الأنظار ويسبب الفتنة وهكذا لا يجوز اللباس الذي شق من الأسفل إلى الركبة أو فوقها أو تحتها وكذا إذا كان مشقوقاً من الخلف على الظهر لأنه يخرج منه ما بين الكتفين ولو كانت بين النساء أو المحارم لما في اعتياد ذلك من الدعاية إلى اللباس المشقوق ومن الاقتداء بها ومن صيرورة ذلك ديدناً لها لا تقدر على مخالفته، فعلى المرأة أن تلبس لباسها المعتاد ولباس نسائها فهو زينة وجمال وستر كامل وبعيد عن التشبه بالغرب. والله أعلم. [عضو الإفتاء، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين].
حال بعض النساء في الآخرة:
أختي المسلمة:
لقد جاء فيما أخبر به النبي، عن حال النساء المتبرجات يوم القيامة، أنهن يؤخرن ويبعدن عن دخول الجنة. فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {صنفان من أهل النار لم أرهما} وذكر منهما: {نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا}.
ولا ريب أن تبرج المرأة من كبائر الذنوب، إذ قد جاء فيه الوعيد الشديد والتهديد الأكيد ويخشى أن تكون المتبرجة من أهل النار بسبب تبرجها.
ففي الحديث الصحيح عن النبي، أنه قال: {رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة} [رواه البخاري وغيره].
وقد فُسِّر قوله: {كاسية في الدنيا عارية في الآخرة} على أوجه منها:
1 - أن تكون المرأة كاسية في الدنيا لغناها وكثر ثيابها، عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل الصالح في الدنيا.
2 - أن تكون المرأة كاسية بالثياب، ولكنها شفَّافة أو ضيقة أو قصيرة لا تستر عورتها، فتعاقب في الآخرة بالعُريّ جزاءً على ذلك.
3 - أن تكون المرأة كاسية من نعم الله عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب.
4 - أن تكون المرأة كاسية جسدها، لكنها تشد خمارها من ورائها فيبدو صدرها، وثنايا جسمها، فتصير عارية، فتعاقب في الآخرة.
5 - أن تكون المرأة كاسية بتزوجها في الدنيا بالرجل الصالح فلا ينفعها صلاح زوجها كما قال - تعالى -: "فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ" [المؤمنون:101].
ونحو هذا أن تكون في الدنيا كاسية بالشرف والمنصب ولكنها عارية في الآخرة في النار.
أو أن تكون من أولئك النساء اللاتي يلبسن البرقع أو النقاب وقد جعلته على هيئة تبرج وإغراء وفتنة حيث أبدت من وجهها ما يجب عليها ستره.
فلتتأمل المرأة العاقلة هذا الموقف العظيم وذاك المآل الفظيع الذي سيجره عليها تبرجها.
ولتتأمل ذلك، تلك التي أحالت العباءة والخمار من وسيلة للحجاب إلى سبب إغراء وفتنة.
لتتأمل ذلك، تلك التي جعلت من نفسها سبب فتنة للمؤمنين والمؤمنات، فأغوتهم وأزلت أقدامهم عن سلوك سبيل الجنات.
ولتتذكر أن ملك الموت قد تخطَّاها إلى غيرها وسيتخطى غيرها إليها، والسعيدة من استعدت للقاء ربها.
نقاب المرأة:
المكرم سماحة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد...
السؤال: لقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بين بعض النساء وهي لبس النقاب بشكل واسع يظهر العينان وما حولهما كالجبهة وجزء كبير من الأنف والخد لذلك يرجى من سماحتكم توضيح حكم ذلك الأمر الذي قد يسبب الفتنة ونصيحة النساء وغيرهن وجزاكم الله خيراً.
الجواب: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد؛ لا شك أن المرأة فتنة لكل مفتون وقد قال النبي: {اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء} وقال أيضاً: {ما تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء} ولذلك أمر الله - تعالى - نساء النبي بقوله: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب:33] مع نزاهتهن وبعدهن عن التبرج والأمر لنساء المؤمنين كقوله - تعالى -: "قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ " [الأحزاب:59] والجلباب هو الرداء الذي يستر بدنها كله ولا شك أنها مأمورة بالتستر بحيث لا تكون محل مد الأنظار وتقليب الأحداق ومعلوم أنها متى لبست هذا النقاب وظهر جزء من وجهها كالجبين والأنف والوجنة والحاجب فذلك أدعى أن تلفت الأنظار نحوها مما يستدعي متابعتها وإساءة الظن بها فعلى المرأة أن تخشى الله وتبتعد عن مظنة السوء وعن الشرور والمنكرات وتحفظ نفسها وتصون عرضها وتحذر من العقوبة بسبب هذا الفعل وعلى الأولياء أن تحملهم الغيرة على محارمهم بأن يحموهم ويحفظوهم عن مواضع التهم حتى لا يكونوا من أهل الدياثة وإقرار الخناء في أهليهم. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد) [عضو الإفتاء، عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين].
هذا ما يحصل في مناسبات الزواج:
السؤال: لقد شوهد أخيراً في مناسبات الزواج قيام بعض النساء بلبس الثياب التي خرجن بها عن المألوف في مجتمعنا، معللات بأن لبسها إنما يكون بين النساء فقط وهذه الثياب فيها ما هو ضيق تتحدد من خلالها مفاتن الجسم، ومنها ما يكون مفتوحاً من الأعلى بدرجة يظهر من خلالها جزء من الصدر أو الظهر، ومنها ما يكون مشقوقاً من الأسفل إلى الركبة أو قريب منها. أفتونا عن الحكم الشرعي في لبسها، وماذا على الولي في ذلك؟
الجواب: ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا} فقوله: {كاسيات عاريات} يعني أن عليهن كسوة لا تفي بالستر الواجب إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها ولهذا روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد فيه لين عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: كساني رسول الله قبطية (نوع الثياب) فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله: {مالك لم تلبس القبطية}، قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي، فقال رسول الله: {مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها}.
ومن ذلك فتح أعلى الصدر فإنه خلاف أمر الله - تعالى - حيث قال: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" [النور:31]. قال القرطبي في تفسيره: (وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها، ثم ذكر أثراً عن عائشة أن حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - دخلت عليها بشيء يشفُّ عن عنقها وما هنالك، فشقته عليها وقالت: إنما يُضرب بالكثيف الذي يستر).
ومن ذلك ما يكون مشقوقاً من الأسفل إذا لم يكن تحته ساتر فإن كان تحته شيء ساتر فلا بأس إلا أن يكون على شكل ما يلبسه الرجال فيحرم من أجل التشبه بالرجال.
وعلى ولي المرأة أن يمنعها من كل لباس محرم ومن الخروج متبرجة أو متطيبة لأنه وليها فهو مسؤول عنها يوم القيامة، في يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا تقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى) [الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: كتاب دليل الطالبة المؤمنة].
شروط اللباس:
1 - أن يستوعب اللباس جميع البدن.
2 - أن لا يكون ضيقاً يصف الجسم.
3 - أن لا يُشبه لباس الرجال.
4 - أن لا يُشبه لباس الكافرات.
5 - أن لا يكون زينة في نفسه.
6 - أن لا يكون خفيفاً يصف ما تحته.
7 - أن لا يكون لباس شهرة.
http://www. kalemat. org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/258)
رسالة إلى أختي المسلمة!
محمد محمود
يلاحظ كل منا في هذا الأيام إقبال الكثير من الفتيات على ارتداء الحجاب والالتزام بالدين وما إلى ذلك من أمور طيبة وحسنة نتمنى أن تعم على جميع الفتيات المسلمات ولكني في ذات الوقت أرى هذا الالتزام لدى بعض الفتيات التزاما جزئيا بمعنى الالتزام في أمور وفقدان ذلك الالتزام في أمور أخرى فلا يعقل أن تلتزم المرأة وتدعي ذلك بحجابها أو نقابها ثم نراها تسمع وتشاهد الأغاني الخليعة أو حتى غير الخليعة من أغاني الحب والعشق، وكذلك لا يعقل أن نجدها تشاهد الأفلام والمسلسلات التي تقوم في معظمها إن لم يكن كلها على الغث من الأفكار والرديء منها وهذا بالطبع لا يليق بفتاة ملتزمة بدينها، وكذلك لا يعقل أن تشاهد تلك الفتاة وهي تسير مع من يسمونه صديقها في الطريق أو تجلس معه أو مع غيره في المواصلات العامة تحت حجج واهية باطلة يزينها الشيطان ويستغلها هو والنفس لإيقاع تلك الفتاة في معصية الله، وكذلك لا يعقل أن نرى تلك الفتاة وهي تتحدث بصوت عالي رقيق فتان أو تضحك ضحكات لا تليق بمن ألتزمت بدينها إلى غير ذلك من الأمور التي أدعوا الفتاة الملتزمة إلى تراجع نفسها فيها قبل فوات الأوان.
أيتها الفتاة الملتزمة اعلمي أن الجميع ينظر إليك بنظرة الاحترام والتقدير فلا تضيع ذلك بكلمة أو فعل يسئ إليك قد تظنين أنت أنه لا غبار فيه ولذلك فإنه يجب أن تعبر أعمالك و أقوالك بصدق عن التزامك بالدين كما يجب أن يعبر الظاهر عن ذلك.
أيتها الفتاة الملتزمة اعلمي أن الأمة تحتاج إلى البناء لا الهدم فاحذري من أن تكوني أداة هدم لا أداة بناء فتخسرين الكثير والكثير واحرصي على أن تكوني عقبة وسدا منيعا في وجه أعداء الأمة الذين لا يريدون لك إلا الخنا والفجور والتبرج وكل ما يشين ويعيب.
أيتها الفتاة الملتزمة اعلمي أن غيرك من الفتيات يحتاجون إليك وينتظرونك على أحر من الجمر فعليك أن تسرعي إلى دعوتهم إلى الله قبل فوات الأوان ففي ذلك الثواب الكبير والأجر العظيم والنجاح الأكيد لتلك الأمة.
أيتها الفتاة أحذرك وأرجو أن تنقلي ذلك إلى غيرك ممن تعرفينهم من أمور عديدة منها:
1 - قلة المراقبة.
2 - عدم التفكر في المصير.
3 - قلة الوازع.
4 – الفراغ.
5 – الصاحبات.
وأخيرا أدعوك إلى التفكر في تلك الأشياء ومحاولة دراسة مدى علاقتها بفساد الفتيات وبعدهم عن طريق الأيمان وقومي بفتح تلك الموضوعات مع زميلاتك وادعوا الله أن يوفقك في دعوتك ويهدي بك الكثير والكثير.
http://www. alislam4all. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/259)
إلى طالبات العلم قبل فوات الأوان
هيا الرشيد
في الفترة الأخيرة ظهرت بوادر مفرحة لكثير من بنات مجتمعنا المسلم، ألا وهي الحرص الزائد على طلب العلم، سواء عن طريق الدراسة في الجامعات أو البحث والتلقي بشكل خاص على يد الثقات..
وكلا الطريقتين نجدها صائبة إن شاء الله، فكم نشعر بالسعادة عندما نتحلَّق حول إحداهن ونغرف من ينابيع علمها فوائد قيِّمة كالماء الزلال، وكم نشعر بالفخر عندما تداهمنا علامات استفهام حول موضوع ما ولا نجد ضرورة للبحث عن عالم أو طالب علم كالسابق، إذ نجد بغيتنا في بنات مجتمعنا بأسهل السبل وأيسرها في كثير من المسائل، وهذه منَّة عظيمة من المولى - عز وجل - وما أحرى البقية الباقية من فتياتنا أن يحذين حذوهن ويحرصن كل الحرص على تحصيل هذه الكنوز قبل أن تأخذهن دوَّامة الحياة في أعمال لها أول وليس لها آخر، فما أروع من أن تقضي الفتاة المسلمة جُلَّ وقتها في تحصيل ميراث النبوة، وتستزيد منه ومن ثم تنشر دقائقه في مجتمعها لتنفع به أفراد المجتمع على اختلاف فئاتهم.
ولكننا بطبيعة البشر سنفتقر إلى الكمال في كل شيء، ومن خلال الرحلة الجميلة لطالبة العلم تنسى شيئاً مهماً في حياتها، وركيزة أساسية من ركائز المجتمع المسلم، وهي بناء بيت مسلم، وإنجاب ذرية صالحة تذود عن الدين والحمى، ففي البداية تجد نفسها صغيرة، وفي منتصف الرحلة تجد ظروفها صعبة ولا تستطيع من خلالها التوفيق بين طلب العلم والبيت، وفي المرحلة الأخيرة تكون قد قاربت سن الثلاثين وشارفت على نهاية مسيرتها العلمية، ولكنها في نفس الوقت قد افتقدت العمر الذهبي الذي يرغب الرِّجال من خلاله فيها لتكوين بيت وأسرة، فألف نعم للعلم والشهادة العالية، وألف لا للمماطلة في الزواج من أجل العلم، فكم امرأة مسلمة متعلمة ذات بيت وأولاد لم تكمل تعليمها إلا بينهم، تعاني صراخهم، ويؤلمها عبثهم بأوراقها، وتمزيقهم لكتبها، ومع ذلك سارت دفَّة الحياة وكبر الأولاد وانتهت معاناتها معهم وكأنها لم تكن، وحصَّلت في نفس الوقت علماً واسعاً يضاهي علم زميلاتها اللاتي قبعن أسيرات له مجرداً ونسين من فرط الحماس دورهن الأساسي في هذه الحياة.
قد يكون التصريح بمثل هذه المواضيع مؤلماً، ولكن التذكير مهم، خاصة أنه قد يتبادر إلى ذهن بعضهم بأن سن الثلاثين وما حولها مناسب للزواج ولا يوجد مانع لذلك، ولكني أُذَكرُ فقط بأن لسن الثلاثين دوّامة أخرى أشد قسوة، فلن يمنع هذا السن من الزواج أو الإنجاب، ولكن نوعية الزواج في هذه السن المتأخرة ستكون غالباً على عكس ما تتمنى طالبة العلم، إذ إنها قد تقترن بمعدد، فإن كانت ترفض فكرة التعدد في بداية حياتها الزوجية سيكون لها المطلق أو الأرمل بالمرصاد، وإلا ستكون النتيجة هي البقاء دون زواج، وقد يكون هناك حالات شاذة لهذا الموضوع، ولكن النادر لا حكم له وكلامنا عن الوضع على وجه العموم لا الخصوص.
أختي طالبة العلم..
إن خطوتك نحو تحصيل العلم هي خطوة مباركة وصائبة، وعملك على نقله لنساء مجتمعك سواء من خلال عملك الرسمي أو اجتهاداتك التطوعية يعتبر أيضاً عملاً رائعاً ستجدين نتيجته إن شاء الله - تعالى - ، ولكن الخطأ كل الخطأ أن تجعلي العلم يأخذك بعيداً عن وظيفتك الحقيقية، ويفقدك دورك الرئيس في مجتمعك، فأنت أحرى والله أن تكوني أماً في بداية حياتك العلمية، وأن تكوني مربية فاضلة يستنير المجتمع بتجاربك مع زوجك، وأطفالك، وأن تكوني منبراً مضيئاً لنساء المجتمع من خلال حياتك الأسرية، وأن تكوني مثلاً أعلى في مسيرة كفاح طويلة تجمعين فيها بين البيت والعلم.
http://www. dawahwin. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/260)
انتبهي أختي الفاضلة من الكميرات الخفية
أختي الفاضلة: يكثر من النساء ممن يترددن على المشاغل النسائية والأماكن الخاصة للنساء فقط بشكل خاص لا تعي معنى ما يدار ويحاك لها من قبل بعض ضعاف النفوس من أصحاب المشاغل النسائية بالتنسيق مع منسوبات المشغل بأخذ الصورة متحركة وملونة (صوت وصورة) تكون مثبته بالسقف أو على جدار الحائط مخفية بشكل يصعب التعرف عليها حيث أنه انتشر بالآونة الأخيرة كميرات مراقبة صغيرة الحجم تبث الصوت والصورة بوضوح تام وبالألوان.
وأخطر ما جاء في ذلك ومن ضمن ما ذكر وهي قصة من ضمن الآلف القصص التي تحصل في مجتمعاتنا المسلمة المحافظة على وجه الخصوص ناهيك عن ما يحدث في الدول الغربية والتي أساسا لن ولا يلتفت لها أصلاً لكون المجتمع منحل ومتفكك من الأساس.
حدثت هذه القصة في القاهرة على لسان فتاة المهندسين في تحقيق النيابة في قضية تعرضها لمحاولة اغتصاب في دورة مياه ملحقة بأحد المطاعم الشهيرة حيث أنها لاحظت وجود ثقب بأعلى حائط دورة المياه رجحت أنه عين سحرية مثبة خصيصا لتصوير النساء اللواتي يرتدن هذا المكان وأنها تخشى أن يكون تم تصويرها من خلال كميرات مراقبة خفية أثناء وجودها داخل دورة المياه.
والقصة الأخرى التي سمعناها من أحد من منّ الله علية بالهداية حيث ذكر أنه ممن يتفق ويتعاقد مع من باعت دينها وخلقها من مديرات ومسئولات المشاغل النسائية حيث أنه يتفق معها مقابل مبلغ من المال حيث تقوم بإجبار من تراها جميلة بأن تأخذ بروفه ثوبها داخل الحجرة المعدة لتبديل الملابس داخل المشغل والتي أحاطت بها كميرات مخفية في كل مكان وبدخولها داخل الغرفة يتم البدء بالتصوير الملون بالصوت والصورة ومن ثم يتم تسليم الشريط مقابل المبلغ وهكذا يتم العمل والشخص يقوم بدعوة زملائه لمشاهدة الشريط والمتابعة على شغف حتى وصل به الحال إلى يوم أتى له صديق له بشريط قال أنه أحضره من أحد المشاغل ودعاه للمشاهدة ودعاء جميع رفقاء السوء الذين اعتادوا مشاهدة النساء بهذه الطريقة....
وكانها المفاجأة له كالصاعقة عندما شاهد من بداخل شريط الفيديو إنها نعم إنها زوجته نعم زوجته التي حذرها مراراً من عدم الذهاب إلى المشاغل ولكنها استغفلته يوما وذهبت إلى مشغل بعيد عن البيت حتى لا يراها زوجها وكانت المفاجأة له..
أختي الفاضلة:
في بداية الأمر كانت هذه الكميرات تستخدم من قبل أجهزة الأمن... بهدف الحراسة والأمن للمنشآت ذات الحساسية الخاصة... تطور الأمر قليلا فأصبحت تستخدم للحراس العاديين في الأماكن الراقية ولكنها كانت مكلفة ولهذا لم يستخدمها إلا الطبقات الراقية الغنية فقط... الآن التكنلوجيا المتطورة وقلة تكلفتها أدى إلى موضة خطيرة انتشرت كنوع من الوجاهة وبذلك خرجت من الإطار التي كانت تستخدم من أجله وهو الحراسة والأمن - إلى نوع من أنواع التفاخر ووصل الأمر إلى التلصص على النساء وحرياتهن.
هذا النوع من الكميرات كميرات المراقبة قد لا يخطر على بال أحد أنها موجودة ومثبته في أماكن غير متوقعة والهدف من تركيبها قد لا يكون واضحا في كثير من الأحيان مثلا المنشاة الحكومية المهمة والوزارات والهيئات التي تستخدم فيها لغرض الأمن وحراسة المنشآت. وأيضا في بعض الفنادق لمراقبة سلوك رواده سواء من دخول بعض الساقطات لغرف بعض النزلاء وبهدف آخر وهو حماية الشخصيات المهمة ويشاركها أيضا البنوك لحماية منشآتها من السرقة والسطو وكذلك المنشآت الأثرية كالمتاحف التي تحتوى على كثير من الآثار وفي الشركات والمؤسسات والمستشفيات.
كل هذا قد يكون أمرا عاديا وطبيعيا جدا بل قد يكون مطلوبا أساسيا في كثير من الأحيان.
لكن هناك أماكن قد يكون حولها العديد من علامات الاستفهام تثار حولها وبشدة تركيب كميرات المراقبة هذه (كميرات المراقبة الخفية) مثل محلات بيع الملابس خاصة محل الغرف المخصصة للبروفات، وحمامات السونا والجاكوزا والتي يتعرض روادها لانتهاك حرياتهم الشخصية وأيضا عدد من محلات تصفيف الشعر ومراكز التجميل وغيرها كثير. ولا نغفل أيضا كميرات المثبتة على أجهزة الهواتف المتنقلة (الجوال // المبايل) حيث شاع الآن استخدامه بين أواسط الفتيات والشباب وأصبحت ترى في المناسبات والأعراس وأصبحت الصور تتناقل بين الشباب والشابات عبر الانترنت بعد نقلها من جهاز الجوال.
لذا كوني أختي الفاضلة حذره تماما من مثل هذه الأماكن المشبوهة والأصلح لكي أختي الفاضلة أن تتورعي في ورود مثل هذه الأماكن المشبوهة وان كان ولا بد فحذري من التعري والتكشف أو الدخول لغرف البروفات وتغيير الملابس فمهما كانت سمعة هذا المشغل إلا أن العاملين به ربما سعو لكسب زائد من قبل بعض الذئاب البشرية فاحذري وفقك الله ونتبهي حتى لا تخدعي.......
http://www.twbh.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(83/261)
الرد على من أباح الاختلاط
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد:
طالعتنا مجلة المجلة اللندنية في عددها 1248 بتاريخ 25/11/1424ه الموافق 17/1/2004 بمقال للدكتور أنمار مطاوع في صفحة (سجال) بعنوان: لا مجتمع بلا اختلاط.. ولكن أي مجتمع وأي اختلاط؟
وإليكم المقالة كاملة:
((المولود يولد على الفطرة والفطرة هي السلوكيات التي نمارسها بدون تعاليم وبدون ضوابط، على سبيل المثال الحيوانات كلها على الفطرة، والإنسان بصفته حيواناً يدخل ضمن تلك المنظومة كقطيع بشري إلا أنه يرتقي عن الحيوانات بما ميزه الله به من عقل يقول الله - سبحانه وتعالى -: {ولقد كرمنا بني آدم} وجاء في بعض التفاسير أن التكريم هنا هو التفضيل الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل، والعقل المقصود هو منطقة التحكم في الفكر والسلوك، أي أن ميزة الإنسان هي القدرة على التعامل مع النزوات والرغبات وكبح الشهوات باتباعه أنظمة وقوانين سماوية وضعها له الخالق ضمن تعاليمه وتوجيهاته الدينية.
هذه المعادلة تصل إلى نتيجة أن المنطق هو أن لا يخالف الإنسان الفطرة أو يعطلها، لكن عليه أن يتعامل معها بالضوابط والتوجيهات الإلهية بما أوتي من عقل لكي يتميز عن غيره من المخلوقات كما أراد له الله في المجتمع الحيواني في الغابة وهو على الفطرة ليس هناك قطيع أناث منفصل عن قطيع ذكور لأن الفطرة السليمة تعني التعايش بين الذكر والأنثى وليس عزل أحدهم عن الآخر ورغم أن الحيوان لا يملك ميزة العقل لوضع ضوابط وكوابح لتنظيم السلوكيات بين الذكر والأنثى.ولو تم فصل الإناث عن الذكور لكان ذلك تعديا على الفطرة وتحديا للنظام الإلهي في الأرض. والإنسان لا يخرج عن تلك المنظومة.
إن فصل الذكور والإناث فيه تعد على نظام الله - سبحانه وتعالى - فهو ينفي صفة العقل عن الإنسان فالفطرة أن لا يكون هناك عزل، والميزة أن يكون هناك ضابط لتوجيهها، إضافة إلى أنه أي الفصل فيه تحدي للتكريم الإلهي للإنسان بحرمانه من استخدام ميزة العقل في كبح رغباته ونزواته.
المطلوب أن يكون هناك فكر اجتماعي جديد في المجتمع لإعادة الإنسان إلى الفطرة التي فطره الله عليها فيما يختص بالتعايش بين أفراد المجتمع، علما أن هناك أمثلة موجودة وقائمة لأماكن العمل أو الدراسة التي تجمع بين الذكور والإناث في مكان واحد ولم يتحول المجتمع الذي يعملون فيه إلى مجتمع فوضوي لأنهم يملكون ميزة العقل، ويحسنون استخدامها وستكون الفائدة أعم لو تم تطبيق ذلك المبدأ على نطاق أشمل في المجالات التعليمية والعلمية الأخرى.
لابد أن أؤكد أنه على المجتمع أن يتقبل فكرة وضع آليات جديدة للمؤسسات الأهلية والحكومية تحقق فكرة الفطرة الإلهية في التعايش بين أفراد المجتمع)) انتهى
************************
ولنستأذن الدكتور أنمار مطاوع لقول رأينا بما ذهب إليه والله نسأل أن يهدينا جميعاً للحق والسداد والهدى والرشاد في المسألة وفي كل أحوالنا سنجمل مقالة الدكتور بعد إذنه في أربع مقاطع فقط هي بالنسبة لنا أهم ما جاء في المقالة.
أولاً: قول الدكتور أنمار:
[المولود يولد على الفطرة والفطرة هي السلوكيات التي نمارسها بدون تعاليم وبدون ضوابط]
المولود يولد على الفطرة هذا الكلام صحيح لكن ما هي الفطرة التي ولد عليها وما هو قول أهل العلم فيها؟
وما هو الحديث بأكمله الذي اقتطعت منه هذه العبارة؟
قال - صلى الله عليه و سلم -: <كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانة>
يقول أهل العلم: الفطرة هي فطرة الله التي فطر الناس عليها وهي فطرة الإسلام الفطرة الحنيفية (إني خلقت عبادي حنفاء..) فجائتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم.
[هذه الفطرة لو ترك الطفل من غير تأثير لما كان إلا مسلماً ولكن الحجب قد تحول دونها بالتوجيه للإعتقادات الباطلة] (1).
وبعد ولادته يأتي دور التربية والتنشأة فيسير في حياته وفق ما علموه فيها.
ثانياً: قول الدكتور أنمار:
[الإنسان بصفته حيواناً يدخل ضمن تلك المنظومة كقطيع بشري إلا أنه يرتقي عن الحيوانات بما ميزه الله به من عقل].
والذي ذهب إليه أهل المنطق من أن الإنسان حيواناً هو كونه حياً فقط وليس معنى قولهم أنه حيواناً كسائر الحيوانات إلا أن الله ميزه بالعقل ثم إن الله - جل وعلا - لم يميز الإنسان بالعقل فقط فقد قال أهل العلم في قوله - تعالى -: {ولقد كرمنا بني آدم...} إن الله كرمه وميزه (بالعقل والنطق والعلم والخلق) فلا مشابهة إذن هنا ولا مقارنة ولا قياس بينهما ثم كيف بعد عدم المماثلة والقياس وبعد أن كرمه الله نطلب منه أن ينزل من علياء تكريمه لما هو دونه في العقل والنطق والعلم والخلق ثم نقول بأن عدم نزوله إليه ومشابهته به هو مخالفة للفطرة وتعطيل لها.
ثالثاً: قول الدكتور أنمار:
[إن فصل الذكور والإناث فيه تعد على نظام الله - سبحانه وتعالى - فهو ينفي صفة العقل عن الإنسان فالفطرة أن لا يكون هناك عزل، والميزة أن يكون هناك ضابط لتوجيهها، إضافة إلى أنه أي الفصل فيه تحدي للتكريم الإلهي للإنسان بحرمانه من استخدام ميزة العقل في كبح رغباته ونزواته].
الإسلام في أحكامه و تشريعاته يلبي احتياجات الإنسان لكن فيما يتوافق مع فطرته السليمة التي فطر عليها وقد جعل لذلك ضوابط وحدود تحقق له أعلى المصالح وتمنع وتدفع عنه أدنى المفاسد، والإنسان رغم ما حباه الله من عقل إلا أن نفسه الأمارة بالسوء تميل به فقد قال - تعالى -: {إن النفس لأمارة بالسوء}.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: <الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم>.
ولولا تلك القيود والضوابط لجنح عن الجادة ولأصبحت حياة الناس كحياة البهائم التي لم تحكم بضوابط وواقع الكفار يشهد لنا بذلك.
ومن الأمور التي جُبل عليها الخلق ذلك الانجذاب بين الذكر والأنثى بما وضعه الله فيهما من غريزة ليستمر النسل البشري ولا ينقطع ليعمر الأرض ويعبد الله وهذا الانجذاب لا يمكن تجاهله وقد جعل الله له سبيلاً وتصريفاً فيما أحله وهو الزواج وهذا هو المنهج الطبيعي المتفق مع الفطرة السليمة.
ولتبقى الفطرة سليمة لابد من المحافظة على العفة من الانتهاك ولذلك وضعت لها تشريعات وقائية لصيانتها ومن تلك التشريعات الوقائية:
منع النساء من الاختلاط بالرجال من غير محارمهن.
وسأورد ثلاثة أدلة فقط من كتاب الله:
* قال - تعالى -: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وكيف يتوافق الأمر بالقرار في البيت مع الخروج لمخالطة الرجال.
*حرم النظر لغير المحرم فقال - تعالى -:{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}.
{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} وكيف يمكن ضبط البصر وغضه مع كثرة المخالطة بين الرجال والنساء.
* ولنتدبر هذه الآية قال - تعالى -: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} القصص – 23 ومما يستفاد من هذه الآية أن موسى حين هرب من بطش فرعون وجد مجموعة من الناس تسقي مواشيها ووجد امرأتين تنظران من بعيد إلى هذا الجمع الكبير فسألهما عن حالهما فبينتا أن أباهما شيخ كبير عاجز ورغم هذه الحاجة الملحّه لم تختلطان بالرجال ولكن وقفتا تنتظران تفرق الرجال حتى تتقدمان.
ومن أدلة السنة نكتفي بذكر أربعة:
* في صحيح البخاري عن سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال: <اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا > فاجتمعن وأتاهن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فعلمهن مما علمه الله) وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص حيث لم يطلب منهن الرسول - صلى الله عليه و سلم - الحضور مع الرجال لاستماع العلم.
* قال - صلى الله عليه و سلم -: <خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها> وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال والأخير بعيد عنهم فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغباً فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه فما بالكم إذا كان الاختلاط في غيرها أوليس ترك الاختلاط في ذلك أولى؟
* وكان الرجال في عهده - صلى الله عليه و سلم - يؤمرون بالتريث في الانصراف بعد الصلاة حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم؟
* وقال - صلى الله عليه و سلم -: <ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء> فوصفهن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بأنهن فتنة فكيف نسعى للجمع بين الفاتن والمفتون والعفة لا تجتمع مع مثيراتها ومن مثيراتها الاختلاط بين الرجال والنساء.
رابعاً: قول الدكتور أنمار:
[أن هناك أمثلة موجودة وقائمة لأماكن العمل أو الدراسة التي تجمع بين الذكور والإناث في مكان واحد ولم يتحول المجتمع الذي يعملون فيه إلى مجتمع فوضوي..].
إن قولنا بمثل هذا (مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار متوقدة ثم أدعوا أن الانفجار لا يكون؛ لأن على البارود تحذيراً من الاشتعال والاحتراق.. إن هذا خيال بعيد عن الواقع ومغالطة للنفس وطبيعة الحياة وأحداثها) (2).
كما أن الواقع يشهد بعكس ذلك تماماً فالحال الآن أن الاختلاط بين الرجال والنساء في ديار الكفار لم يزد الناس إلا شهوانية فهتك الأعراض في ارتفاع وازدياد.
وهذه مقاطع من أقوال عقلاء أولئك القوم تحكي حالهم:
• في بريطانيا حذرت الكاتبة الإنجليزية " الليدي كوك " بقولها:
[على قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى، لقد دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من حمل الزنى يتعاظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال علموهن الابتعاد عن الرجال..].
• وقالت الصحفية الأمريكية " هيليان ستاتبري " في زيارة لها لمصر [أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، أمنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة بل أرجعوا لعصر الحجاب فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أمريكا... ثم أعقبت بقولها إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوربي قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق].
• ونشرت الكاتبة الفرنسية مريم هاري خطاباً موجهاً منها إلى النساء المسلمات في كتابها (الأحاريم الأخيرة) تقول لهن:
يا أخواتي العزيزات... لا تحسدننا نحن الأوربيات ولا تقتدين بنا.. إنكن لا تعرفن بأي ثمن من عبوديتنا الأدبية اشترينا حريتنا المزعومة.. إني أقول لكن: إلى البيت.. إلى البيت.. كن حلائل.. ابقين أمهات.. كن نساء قبل كل شيء قد أعطاكن الله كثيراً من اللطف الأنثوي فلا ترغبن في مضارعة الرجال..].
وقد بدأت المرأة في الغرب أخيراً تدرك عواقب الاختلاط فقد طالبت راكبات لمترو باريس المزدحم السلطات المسئولة تخصيص عربات للسيدات لحمايتهن من تحرشات الرجال وقد طالبن النساء في المكسيك بنفس الطلب..
وخلاصة القول حول الاختلاط هو:
• إنه يعارض ديننا الحنيف الذي أكمله الله لنا وأنعم به علينا.
• فطرة الإنسان ليست هي التشريع والاختلاط منع في خير القرون فكيف بزماننا هذا مع ما فيه من كثرة المغريات والمثيرات وقلة الدين.
• إن مطالبتنا بالاختلاط مع ما وضعه الله من الانجذاب بين الجنسين ومطالبتنا أياهم باستخدام العقل والمحافظة على العفة يصدق فيه قول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له ** إياك إياك أن تبتل بالماءِ
• إن الواقع يشهد بأن مخالطة المرأة بالرجل جر المآسي والآلام لأصحابها ومجتمعها فكيف نسعى نحن بدورنا لذلك.
وختاماً أخوتي:
إن قبولنا دعوى الاختلاط بين الرجال والنساء في بلادنا إنما هو قبولنا حمل معاول هدم الأمن في بلادنا وفك ترابط أسرنا وإلغاء غيرة رجالنا وهتك أعراض نسائنا مما تضيع به هوية بلادنا كما ضاعة هوية كثير من البلاد الإسلامية وهذا هو ما يريده أعدائنا حيث ذاقوا مرارة الضياع والقلق وعدم الاستقرار ومما يقلقهم حالة الاستقرار والفضيلة التي نعيشها فهم يخشون من صلاحنا وصحوتنا ومن ثم وثبتنا لأنهم يريدون أن تستمر لهم القوة والهيمنة على العالم.
فهلاّ صحونا من سباتنا أخوتي وأخواتي
____________________________
1 - ابن تيمية: 4/247
2 - محمد لطفي الصباغ.
المراجع: فتاوى النظرة والخلوة والاختلاط: محمد المسند.
تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والاختلاط المستهتر: محمد لطفي الصباغ.
http://www.awda - dawa.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/262)
الأسرة سلعة بائرة في مزاد القيم الغربية الفاسدة
- الإحجام الاختياري عن الزواج أقوى دليل على أن نظام الأسرة مهدد بالفناء والانهيار..!
- الوصول بالمجتمع الإسلامي إلى مرحلة الحداثة والعدمية مسألة وقت لا مسألة مبدأ..
- تجاوز التفكير الاقتصادي في العنوسة والعزوبية ضرورة والمستقبل قاتم ما لم نتدارك الأمر..!
- مقاومة الفطرة لا يورث سوى التعاسة والوحدة، والمسلم الحق لا يرضى بأن يتبرأ منه رسول الله - صلى الله عليه و سلم -.
- القائمون على وسائل الإعلام متأثرون بالغرب، ويروجون قيمه الأسرية في الأعمال الدرامية.
- قبل خمسين عامًا قالت أم لابنتها وهى تنظر إليها بحب شديد: أدعو الله أن يعطيني عمرًا حتى أفرح بك عروسًا وأزفك إلى بيت زوجك.
- بعدها بعشر سنوات تقدم شاب طيب لفتاة جامعية، فرفضت مجرد التفكير في الأمر قبل الحصول على شهادتها وقالت لأبيها: سلاح البنت علمها، وظل الرجل لا يمنح - وحده - الحماية للمرأة!؟ ووافقها أبوها وهو يربت على ظهرها فخرًا.
- ومرت عشرون عامًا لتحصل إحدى الفتيات على شهادتها الجامعية بتفوق وتهنئها أمها قائلة: مبارك يا حبيبتي، وعقبى الماجستير والدكتوراه.
- ماذا تعني هذه اللقطات التي حدثت في بيت ما - أي بيت عربي مسلم -؟
إنها دليل على أن الزواج لم يعد حلمًا للفتاة، وأن دور الزوجة والأم لم يعد مصدر فخر للبنت، وأن قيمة الأسرة تتراجع حتى توشك على الانهيار، ففي مصر وحدها هناك ستة ملايين امرأة وفتاة يعشن بلا رجل، بين مطلقات وأرامل وعانسات ومعلقات (رفعن على أزواجهن دعاوى طلاق ومازلن ينتظرن الحكم)، والإحصائية المصرية مجرد نموذج للواقع العربي المهدد باهتراء نسيجه الاجتماعي بعد أن صارت «الأسرة» هدفًا مؤجلاً أو غائبًا عند فتيات ينشدن استقلالاً اقتصاديًا عن الرجل، ورجال يريدون حياة بلا قيود أو مسؤوليات أسرية.
صارت العنوسة والعزوبة «اختيارًا» عن قناعة شخصية، ولم يعودا وضعًا استثنائيًا تفرضه ظروف اقتصادية أو اجتماعية قتلت بحثًا ولم يتغير شيء.
لا ضرورة:
ولنقرأ معًا آراء قصيرة، تلخص مواقف شباب وفتيات تجاوزوا سن الزواج ولا يشعرون بأدنى قلق:
أمير سعد - مهندس - 38 عامًا:
«أخي المطحون، وأختي التي لا تزورنا إلا واقفة لأنها لا تستطيع أن تغيب عن زوجها وأطفالها، يجعلاني أسعد بوضعي، ولا أفكر في الزواج وأختار البقاء مع أمي التي لم يعد لها سواي.
نرمين فتح الله - طبيبة أسنان - 32 عامًا:
لماذا يكون دور الزوجة والأم أسمى أدوار المرأة، بينما للرجل أن يكون زوجًا وأبًا، وأيضًا عالمًا، وباحثًا، ومبدعًا، و... و... و... أشياء أخرى غير دور المسؤول عن أسرة فقط؟
إن اختزال حلم البنت في الزواج فقط منتهى الظلم الذي عاهدت نفسي أن أكسر طوقه ولا أشعر بأن شيئًا ما ينقصني.
خالد مصطفى - محاسب - 41 عامًا:
لم أتزوج؟ وأمي تطهو لي طعامي وتغسل ملابسي، وأصدقائي وهواياتي يملؤون وقت فراغي، ومشكلاتي ومتاعبي أناقشها مع أمي والمقربين إلى،َّ وأطفال شقيقاتي يمنحونني إحساس الأبوة الجميل، أما الإعفاف فلا أعتقد أنه سيتحقق لي إلا مع زوجة أجد فيها كل ما أنشده من النساء باطنًا وظاهرًا، وهذه لم أجدها حتى اليوم، أو بمعنى أصح لم أجهد نفسي في البحث عنها لأنني لا أجد لهذا ضرورة.
أعمق من ذلك:
أماني الشبراوي - مهندسة كمبيوتر - 36 عامًا:
خطبت ثلاث مرات، وأعفي نفسي من ذكر أسباب فشلها، وقد أكدت لي تجاربي الثلاث أن الرجولة الحقة عملة نادرة، وأن المرأة يمكن أن تشعر بالوحدة وهي في كنف رجل يخذلها، ويتخلى عنها، ولا يقدر مشاعرها، ويمكن أن تكتفي بذاتها حين تكون قوية قادرة على حماية نفسها وتحقيق طموحاتها، ولذلك قررت التفرغ لعملي والسعي للنبوغ فيه، فخير لي أن أكون مهندسة كمبيوتر ناجحة وعانسًا، من أن أكون زوجة فاشلة محطمة.
أسأل د. عبلة الكحلاوي - أستاذة الفقه بجامعة الأزهر والداعية الإسلامية - عن دلالات الإحجام الاختياري عن الزواج فتقول: أوافقك على أن قيمة الكيان الأسرى المتماسك، التي تميز الإسلام في رؤيته للعلاقة المثلى بين الرجل والمرأة تتراجع لصالح مفاهيم أخرى كتحقيق الذات، والحرية، والصداقة بين الجنسين، والزواج المُثلي «زواج رجل برجل أو امرأة بامرأة» (والعياذ بالله)، ولكنني لا أرى أن مجرد رد الاعتبار لقيمة الأسرة يمكن أن يحل المشكلة، فالقضية أعمق من ذلك بكثير، وتغريب المجتمع الإسلامي والوصول به إلى مرحلة العدمية والتفكك بدعوى «الحداثة» صار مسألة وقت، فالاختلاف بين علمانيي العرب، وعلمانيي الغرب صار في التساؤل متى نصل بالمجتمع العربي للعدمية والتشبه الكامل بالمجتمع الغربي؟، وليس في، هل نصل به إلى هذه المرحلة أم لا؟
والمتأمل لفكر الحداثة - الذي تم تجنيد مفكرين عرب لنشره في أوساط مواطنيهم - يجده فكرًا فرديًا يعلى الذاتية والحرية الشخصية، ويحاول إلغاء قيم الغيرية والتكافل والحرية المسؤولة، ولما كانت الأسرة كمنظومة إسلامية مثالية هي أصلح مناخ تتجلى فيه هذه القيم؛ فإن التركيز كله اليوم على تفكيك هذه المنظومة وتشويهها، وإحلال مفاهيم انحلالية مكانها بدعوى الحداثة - التي تساءل بعض المفكرين العرب الغيورين على القيم، ولا أقول العقيدة - عن مدى ضرورة الترادف بين الحداثة والتغريب ولم يجبهم أحد!
فوق رؤوس الجميع:
أما الأستاذة زينب عفيفي - مديرة المركز الدولي لدراسات المرأة بالقاهرة - فتؤكد أن على المحللين الاجتماعيين والمفكرين المهتمين بقضايا المرأة والأسرة أن يتجاوزوا مرحلة التفسير الاقتصادي للعنوسة والعزوبة بمعنى ربطهما بغلاء المهور والتكاليف الباهظة للزواج ويتوقفوا بتمعن عن الرؤية الاجتماعية والثقافية للقضية فالعنوسة انتشرت أيضًا في الأوساط الراقية الموسرة، وهذا يدلل على أن فكرة الزواج وتكوين أسرة هي نفسها التي صارت محل نظر وليس إجراءات هذا الزواج وتكاليفه.
وتضيف أن بعض العاملات الإسلاميات في مجال المرأة بصدد إنشاء الملتقى الفكري للمرأة المعاصرة بهدف إبداع خطاب جديد في المجال الأسرى يكشف المخططات ويحرر المصطلحات ويحدد بدائل الحركة.
وتشير إلى أن هذا الملتقى لا يتبنى رؤية صراعية بين الرجل والمرأة بل يخاطب الرجل لتحسين الشكل الإسلامي الأمثل لعلاقته بالمرأة.
ويصف د. أبو اليزيد العجمي - أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة - موقف بعض الشباب والفتيات الرافض للزواج بأنه مقاومة قسرية للفطرة، فقد جعل الله من عناصر ربوبيته واستحقاقه للعبادة أنه خلق الناس من نفس واحدة، فقال - تعالى -: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء...} (النساء: 1).
أيهما أخف ضررًا؟:
فالنزوع إلى تكوين أسرة، والعودة إلى «التوحد» مع من خلقه أو خلقها الله من نفس واحدة أمر فطرى لتحقيق سنة الاستخلاف وإعمار الكون، والرجل كل يحمى الجزء، والمرأة جزء يجد نفسه في العيش في كنف الكل ورعايته وقوامته.
ومقاومة الفطرة تذرعًا بمنطق غريب مدسوس علينا لا ثمرة له إلا الشقاء والوحدة والتعاسة، كما أن المسلم الحق لا يرضى أن ينطبق عليه قوله - صلى الله عليه و سلم -: «النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس منى..» ولا يرضى أن يتبرأ منه رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، ويسير هو وحده في طريق التغريب والحرية المغلوطة والنظرة المشوهة إلى العلاقة المثالية بين الجنسين.
وحول الدور الإعلامي غير المباشر في خلق خاطر نفسي بين المتلقى والزواج، وحمل بعض المشاهدين على رفض فكرة تكوين أسرة من خلال الأثر الإعلامي المتراكم.
ويرصد د. محمد سمير فرج - أستاذ علم النفس والمتخصص في سيكولوجية الشخصية المصرية بعض الصور السلبية للعلاقة الزوجية في وسائل الإعلام.
فالمسلسلات تتناول الأعراض السطحية للمشكلات الزوجية ولا تقدم حلاً عمليًا - يتلاءم مع القيم - لها، وفى حالة الأشخاص ذوى القابلية السريعة للإيحاء والاستهواء، يحدث التوحد مع أبطال المسلسل، ويتبنى المشاهد سلوكياتها فتتفاقم المشكلات الزوجية على أرض الواقع.
ويؤكد د. سمير فرج أن معظم المسلسلات تقدم حلاً حادًا للخلافات الزوجية هو الطلاق، رغم أنه حلال بغيض، وله شروط ومحددات شرعية، ويحمل هذا الحل قيمًا جذابة فهو تربية للزوج، وتحقيقًا لكرامة الزوجة وحريتها والتنازل عنه تفريط في كرامتها.
وتصور أعمال أخرى العلاقات قبل الزواج كشرط لنجاحه؛ لأنها تمنح الفرد الخبرة بالطرف الآخر.
ويتم شحن المسلسل بمواقف جذابة تحبب المشاهد في مثل هذه العلاقات - خاصة إذا قدم المسلسل صورة لحياة زوجية فاشلة - في الوقت نفسه لأن الطرفين لم يعيشا علاقات حرة قبل الزواج.
ويقترح أن تتم مراجعة العمل قبل عرضه بواسطة متخصصين في العلاقات الأسرية وعلم النفس والأخلاق للحكم على العمل ومدى استحقاقه للعرض وتلاؤمه مع القيم.
حيث إن معظم القائمين على تناول العلاقات الأسرية في وسائل الإعلام متأثرون بالثقافة الغربية بشكل غير مباشر ويروجون قيمها في أعمالهم.
إن الذين يشوهون قيمة الأسرة، ويهونون من شأنها ليسوا متآمرين علينا فحسب، وإنما متآمرون معنا أيضًا، فكم من أسر لم تكن نموذجًا طيبًا يقاس عليه.
وقدمت للأعداء مبررات طعنهم في الدين ونظمه الاجتماعية والأسرية، ويظل السؤال مطروحًا: أيهما الأخف ضررًا: إحجام اقتصادي جبري عن الزواج، أم رفض فكرى اختياري له؟ وكيف نخرج من الفخ المنصوب؟ هذا هو التحدي، وتلك هي إحدى أولوياتنا التي تستحق الاهتمام والتفكير العميق والعمل والحركة الفاعلين.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/263)
إلى حاملة الأمانة
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عبده المصطفى:
سيري على جَدَدٍ وَلا*** تتعَثري بين الشِّباكِ
وإلى كمالِ النفسِ بالإي*** مانِ فَلْتصعد خُطاكِ (1)
كلمة هنا نذكر بها الدرة الغالية، الفتاة المسلمة والمرأة المسلمة(2) التي يعرف الأعداء وأتباعهم أثرها الكبير في صلاح أي مجتمع أو فساده،.. كيف لا! وهي مربية الأجيال وصانعة الأبطال ونصف المجتمع وصاحبة العاطفة الجياشة، لذا ركزوا على أن يبعدوها عن نهج دينها بشتى الطرق وبأساليب خادعة وملتوية وبوسائل رهيبة يمتلكونها، وهم - أختنا المسلمة - لا يريدون لك الخير(شعروا بذلك أو لم يشعروا)، وعاقبة ما يدلونك عليه لن يكون والله خيراً لك لا في الدنيا ولا في الآخرة، وإن كان مظهره يخدع كثيرا،.. ولك العبرة في كثير ممن يسمين الفنانات، فهن لم يجدن السعادة في طريق الباطل، ولتتأملي ذلك من حياتهن وقصصهن، نسأل الله لهن الهداية فهن من ضحايا المفسدين، وكثير منهن فيهن الخير وقد رجع بعضهن إلى الله وعندها وجدن السعادة الحقة!.
أختنا الكريمة.. تمسكي بتعاليم دينك، عودي إلى رحابه الظليلة الوارفة.
اعتزي بحجابك الساتر (3) ولبسك المحتشم الشرعي البعيد عن التشبه بالكافرات، والبعيد عن التميُّع الذي لا يليق بالمسلمة، وارجعي لأحكام الشرع في ذلك (4) وفي كل أمرك، ففي ذلك سعادتك العظمى وفلاحك.
ومن المهم غاية الأهمية ما ننتظره منك من مساهمات جادة لإنقاذ أمتنا من مآسيها وواقعها الحالي الذليل المهين المشين المؤلم، ولقد رأينا تأثركن الكبير مع أحداث الأمة ومساهمتكن المادية الكبيرة التي فاقت تأثر ومساهمة الرجال في كثير من الأحيان، ولكننا في انتظار دورك الفاعل المؤثر في طريق الحل الأساس الجذري لمآسي أمتنا وهو العودة إلى الله والدعوة إلى سبيله وهداه.
وهذا الطريق هو الذي سيعيد بإذن الله للأمة عزها ومجدها وجهادها، فتحمي وتنقذ أبناءها وبناتها وأطفالها المذبحين في شتى بقاع الأرض، قال - تعالى - (إن تنصروا الله ينصركم).
أختنا المسلمة.. أنت أعلى من أن يكون جُلَّ همك اللبس والدنيا،.... فأنت حاملة أمانةٍ عظيمة أَبَتْ الجبال أن تحملها وأشفقت منها!،..... أنت ينتظر منك دور كبير وسط الألم الشديد الذي نعيشه.
أختنا الكريمة.. نَرْبَأُ بك من أن تكوني مَطِيَةً لأعداء الدين، يستغلونك لتحقيق مآربهم،.. فتكونين بذلك سبباً قوياً في هزيمة الأمة وتأخير نصرها،.... فأملنا فيك عكس ذلك.
أختنا المسلمة المؤمنة بالله وعظمته ولقائه وجنته وناره.. احذري غاية الحذر من وسائل الفتنة والمعصية (قنوات كانت أو مجلات أو غيرها) وابتعدي عنها، واتقي الله الذي يراك! وأنت تنظرين، أو تسمعين، أو تقرئين وبإعجاب!!! ما يغضبه!! وهو الخالق العظيم!
أختنا الغيورة.. وأنت صاحبة القلب العطوف، ليتك تتذكرين دائماً مآسي أمتك وتعملين بجدٍ لإنقاذها.
وعشمنا فيك أنك تأبين بشدةٍ أن تكوني سبباً في استمرار ألمها بإصرار على ذنب أو بتقصير في دعوة.
أختنا الكريمة.. لا نريدك صالحة فقط.. ، فهذا لا يكفي خاصة وسط هذا الواقع المرير،.. نريدك داعية حاملة للأمانة، بل وداعية قمة في دعوتها... كوني مثل الصالحات من سلف الأمة، ومثل الداعيات العاملات في حياتنا الحاضرة، كوني مثل بنان علي الطنطاوي سليلة الأسرة الطيبة، التي عاشت داعية مضحية، وتوفيت شهيدة كما نحسبها بعد أن اختارها الله؛ قال - تعالى -: (ويتخذ منكم شهداء) الآية(سورة آل عمران:140).
أختنا الفاضلة.. اجعلي من بيتك الذي تعيشين فيه أختاً أو بنتاً أو زوجة قلعة من قلاع الدعوة،.. تُحْفَظُ فيه الدعوة وتعاليم وأحكام الدين، وتنشر منه إلى الغير.
أختاه، دونَكِ حاجزٌ وستارُ *** ولديك من صِدْقِ اليقين شعارُ
عُودي إلى الرحمن عَوداً صادقا *** فَبِهِ يزولُ الشر والأشرارُ
أختاه، دينك مَنْبَعٌ يُرْوَى به *** قلبُ التَقِّي وتُشرِقُ الأنوارُ
***
وتلاوةُ القرآنِ خيرُ وسيلةٍ *** للنصر، لا دف ولا مزمارُ
ودعاؤك الميمون في جنح الدُجى *** سهمٌ تذوب أمامه الأخطارُ
في منهج (الخنساء) درسُ فضيلةٍ *** وبمثلهِ يَسترشدُ الأخيارُ
في كفك النشء الذين بمثلهم *** تصفو الحياةُ وتُحفَظ الآثارُ
هُزِّي لهم جذع البطولةِ، رُبَّمَا *** أَدْمَى وجوه الظالمين صِغَارُ
غَذِّي صغارك بالعقيدة، إنها *** زادٌ به يتزوَّدُ الأبرارُ
***
لا تستجيبي للدعاوى، إنها *** كَذِبٌ وفيها للظنون مَثارُ
لا ترهبي التيارَ أنت قَويةٌ *** بالله مهما استأسد التيارُ
تبقى صروح الحق شامخةٌ وإن *** أرغى وأزبدَ عندها الإعصارُ(5)
(إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُون َ) فصلت:30)
ــــــــــــ
(1) قصائد إلى الفتاة المسلمة:أحمد محمد الصديق، من قصيدته الرائعة(نحو الكمال). ص 7.
(2) حبذا سماع)حاملة الأمانة(للشيخ محمد المنجد، و(أختاه هل تريدين السعادة) للشيخ علي القرني، و (المرأة والوجه الآخر) للشيخ خالد الصقعبيي. وقراءة (غراس السنابل) للشيخ د عبدالملك القاسم،وسلسلة (أختاه) للشيخ مجدي فتحي.
(3) يستغرب المسلم من المرأة التي تعصي العظيم الكريم الإله بما وهبها إياه!!!، وهو قادر على أن يزيله عنها. ونستغرب كثيرا من تهاون المسلمات في بلاد المسلمين بالحجاب في الوقت الذي رأينا بأعيننا العديد من النساء اللاتي أسلمن متمسكات جدا بمستوى القمة في حجابهن، مع أن بعضهن من دول غرقت في التفسخ والعري ومع ذلك يتمسكن به كاملاً حتى وهن في وسط الكفر وقلاعه، وليتنا نستمع إلى قصة الروسية التي أسلمت في الشريط القيم(قصص مؤثرة) للشيخ د. إبراهيم الفارس.
(4) سامح الله العديد من إخواننا التجار الذين أغرقوا أسواقنا بالكثير من الملابس التي لا ترضي الله ولا تليق بالمرأة المسلمة التي شعارها الحشمة والحياء والستر،وأهدافها في الحياة أعلى وأسمى من التعلق بمثل هذه الملابس المبتذلة. ولا عذر لهم بالطبع بأن هذا هو طلب السوق، فأين التقوى وأين تقديم مرضاة الله وأين الغيرة على واقع أمتنا.
ولا شك أن القنوات والإعلام بشتى وسائله كان له دور كبير في تشجيع المرأة على ذلك، فممثلة عاصية لله مبتذلة في لباسها - كما هو متوقع - بطلةٌ مُقدَّرة، ودعايات عن ملابس وأزياء تسر الشيطان وأعداء الدين.
(5) ديوان يا أمة الإسلام: د عبد الرحمن العشماوي،ص86 - 90
http://www. awda - dawa. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/264)
فتاوى الحجاب واللباس والزينة
الحجاب الشرعي:
س: ما هو الحجاب الشرعي؟
ج: الحجاب الشرعي هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره، أي سترها ما يجب ستره، وأولى ذلك وأوله ستر الوجه؛ لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة، فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها، وأما من زعم أن الحجاب الشرعي هو ستر الرأس والعنق والنحر والقدم والساق والذراع، وأباح للمرأة أن تخرج وجهها وكفيها، فإن هذا من أعجب ما يكون من الأقوال؛ لأنه من المعلوم أن الرغبة ومحل الفتنة هو الوجه، وكيف يمكن أن يقال: أن الشريعة تمنع كشف القدم من المرأة وتبيح لها أن تخرج الوجه؟! هذا لا يمكن أن يكون واقعاً في الشريعة العظيمة الحكيمة المطهرة من التناقض، وكل إنسان يعرف أن الفتنة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة في كشف القدم، وكل إنسان يعرف أن محل رغبة الرجال في النساء، إنما هي الوجوه، ولهذا لو قيل للخاطب: إن مخطوبتك قبيحة الوجه لكنها جميلة القدم، ما أقدم على خطبتها، ولو قيل له: إنها جميلة الوجه لكن في يديها أو في كفيها أو في قدميها أو في ساقيها نزول عن الجمال لكان يقدم عليها، فعُلم بهذا أن الوجه أولى ما يجب حجابه، وهناك أدلة من كتاب الله وسنة رسوله، وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام، وعلماء الإسلام، تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها عمن ليسوا بمحارمها، وتدل على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها، وليس هذا موضع ذكر ذلك، والله أعلم [الشيخ ابن عثيمين].
حكم لبس النقاب والبرقع واللثام:
س: في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بين أوساط النساء بشكل مُلفت للنظر وهي ما يسمى بالنقاب، والغريب في هذه الظاهرة ليس النقاب، إنما طريقة لبس النقاب لدى النساء، ففي بداية الأمر كان لا يظهر من الوجه إلا العينان فقط ثم بدأ النقاب بالاتساع شيئاً فشيئاً فأصبح يظهر مع العينين جزء من الوجه مما يجلب الفتنة ولا سيما أن كثيراً من النساء يكتحلن عند لبسه، وهي أي النساء إذا نوقشن في هذا الأمر احتججن بأن فضيلتكم قد أفتى بأن الأصل فيه الجواز، فنرجو توضيح هذه المسألة بشكل مفصّل وجزاكم الله خيراً؟
ج: لا شك أن النقاب كان معروفاً في عهد النبي وأن النساء كن يفعلنه كما يفيده قوله في المرأة إذا أحرمت: {لا تتنقب} فإن هذا يدل على أن من عادتهن لبس النقاب، ولكن في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه، بل نرى منعه، وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز، وهذا أمر كما قاله السائل مشاهد. ولهذا لم نفت امرأة من النساء - لا قريبة ولا بعيدة - بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه - بل نرى أنه يمنع منعاً باتاً، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر وألا تتنقب؛ لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد [الشيخ ابن عثيمين].
حكم لبس العباءة على الكتفين وتغطية الرأس؟
س: إنه انتشرت بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرح والتي تكون زينة في نفسها وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف الصدر وحجم العظام ويلبسن هذا اللباس موضة أو شهرة. ما حكم هذا اللباس؟ وهل هو حجاب شرعي؟ وهل ينطبق عليهن حديث النبي: {صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما...} أفتونا مأجورين وجزاكم الله خير الجزاء.
ج: وبعد فقد أمر الله النساء المؤمنات بالتستر والتحجب الكامل فقال - تعالى -: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ" [الأحزاب:59].
والجلباب: هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها ومثله المشلح والعباءة المعروفة، والأصل أنها تلبس على الرأس حتى تستر جميع البدن فلبس المرأة للعباءة هو من باب التستر والاحتجاب الذي يقصد منه منع الغير عن التطلع ومد النظر. قال - تعالى -: "ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ" [الأحزاب:59] ولا شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت الأنظار نحوها. فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبهاً بالرجال وكان فيه إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدر والظهر ونحوه مما يكون سبباً للفتنة وامتداد الأعين نحوها وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة.
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور ويخاف دخوله في الحديث المذكور وهو قوله: {صنفان من أمتي من أهل النار} إلى قوله: {ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها...} إلخ، والله أعلم [الشيخ ابن جبرين].
حكم لبس العباءة المطرزة:
س: ما حكم لبس العباءة التي في أطرفها، أو أكمامها قيطان أو غرة؟
ج: محرم حيث أنه يؤدي إلى الفتنة.
فيا أختي المسلمة حكّمي عقلك وفكّري ومعَّني في لبسك للعباءة فهل يعقل أن تستري الزينة بزينة أخرى، وهل شرع الحجاب إلا لإخفاء تلك الزينة؟! فلنكن على بينة من أمرنا ولنعلم أن أعداء الإسلام يحيكون ضدنا مؤامرة على الحجاب. فيا أيتها المسلمة أنقذي نفسك فإن متاع الدنيا قليل والآخر خير لمن اتقى، فلا تغتري بمالك ولا جمالك فإن ذلك لا يغني عنك من الله شيئاً!! وإني أنذرك وأحذرك بأن النبي قد عرضت عليه النار ورأى أكثر أهلها من النساء، وأنذرك بأن النبي قال في النساء وأنت إحداهن: {اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء} وأنقذي نفسك من النار، واعلمي أنك أعجز من أن تطيقي عذاب النار، فإن الجبال لو سيّرت في النار لذابت فأين أنت من الجبال الراسيات والصم الشامخات، أنقذي نفسك من النار واستجيبي لمنادي الحق واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وأن الآخرة هي مسعانا وإن طالت الآمال في الدنيا، فماذا تريدين من هذه العباءة المزركشة التي تشترينها بالمئات وأنت تضعين في القبر في كفن من أرخص الأقمشة فهل تنفعك هذه العباءة في ظلمة القبر؟ فتذكري نفسك وأنت في هذا الموضع [الشيخ ابن عثيمين:فتاوى المرأة].
حد عورة الحرة:
س: ما حد عورة الحُرَّة مع خالها وعمها وإخوانها في المنزل؟
ج: لها أن تكشف لمحارمها عن الوجه والرأس والرقبة والكفين والذراعين والقدمين والساقين وتستر ما سوى ذلك [فتاوى الشيخ ابن عثيمين].
حكم لبس الملابس الضيقة عند النساء:
س: ما حكم الملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم؟
ج: لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز ما فيه الفتنة محرم؛ لأن النبي قال: {صنفان من أهل النار لم أرهما بعد رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات} فقد فسر قوله كاسيات عاريات بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة وفسر بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفسرت بأن يلبسن ملابس ضيقة ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة وعلى هذا لا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج، فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة لقول الله - تعالى -: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ" [المؤمنون:6،5] وقالت عائشة: {كنت أغتسل أنا والنبي يعني من الجنابة من إناء واحد تختلف أيدينا فيه} فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة، والضيق لا يجوز عند المحارم ولا عند النساء إذا كان ضيقاً شديداً يبين مفاتن المرأة [فتاوي الشيخ ابن عثيمين].
حكم كشف وجه زوجة الأخ:
س: أخوان متزوجان ويسكنان في شقة واحدة،فهل يجوز كشف الزوجتان لوجوههن أمام بعضهما البعض علماً بأنهما مستقيمان؟
ج: العائلة إذا سكنت جميعاً فالواجب أن تحتجب المرأة على من ليس بمحرم لها، فزوجة الأخ لا يجوز أن تكشف لأخيه؛ لأن أخاه بمنزلة رجل الشارع بالنسبة للنظر والمحرمية، ولا يجوز أيضاً أن يخلو أخوه بها إذا خرج أخوه من البيت، وهذه مشكلة يعاني منها كثير من الناس مثل أن يكون هناك أخوان في بيت واحد أحدهما متزوج، فلا يجوز لهذا المتزوج أن يبقي زوجته عند أخيه إذا خرج للعمل أو للدراسة؛ لأن النبي قال: {لا يخلو رجل بامرأة} وقال: {إياكم والدخول على النساء} قالوا يا رسول الله: أرأيت الحمو - والحمو أقارب الزوج - قال: {الحمو الموت} [فتاوى الشيخ ابن عثيمين].
حكم الجلوس مع أقارب الزوج بالحجاب:
س: هل يجوز للمرأة أن تجلس مع أقارب زوجها وهي محجبة حجاب السنة؟
ج: يجوز للمرأة أن تجلس مع إخوة زوجها أو بني عمها أو نحوهم إذا كانت محجبة الحجاب الشرعي وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة... أما الجلوس الذي فيه تهمة لها بالشر فلا يجوز.. وهكذا الجلوس معهم لسماع الغناء وآلات اللهو ونحو ذلك.. و لا يجوز لها الخلوة بواحد منهم أو غيرهم ممن ليس محرماً، لقول النبي: {لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم} [متفق على صحته] وقوله: {لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما} [أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه] [الشيخ ابن باز].
معنى كاسيات عاريات:
س: ما معنى قوله:{كاسيات عاريات}؟
ج: معنى {كاسيات عاريات} أن هؤلاء النسوة عليهن كسوة، ولكنها لا تفيد في ستر المرأة.
قال العلماء أن تكون الكسوة هذه خفيفة يرى من ورائها الجلد، فهذه كاسية ولكنها عارية، ومثل أن تكون الثياب التي عليها ثياب ثخينة لكنها قصيرة، فهذه أيضاً كاسية عارية، مثل أن تكون الثياب ضيقة بحيث تلصق على الجلد وتبدو المرأة وكأنه لا ثياب عليها فهذه أيضاً كاسية عارية، وهذا بناء على المراد بالكسوة والعرى المعنى الحسي.
أما إذا أريد به المعنى المعنوي، فإن المراد بالكاسيات اللاتي يظهرن العفاف والحياء، والعاريات اللاتي يخفين الفجور ولا يبين أمرهن للناس، فهن كاسيات من وجه وعاريات من وجه [الشيخ ابن عثيمين].
حكم كشف المرأة الكبيرة سناً وجهها:
س: هل يجوز للمرأة الكبيرة في السن مثل أم 70 أو 90 عاماً أن تكشف وجهها لأقاربها غير المحارم؟
ج: قال الله - تعالى -: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور:60] والقواعد هن العجائز اللاتي لا يرغبن في النكاح ولا يتبرجن بالزينة،فلا جناح عليهن أن يسفرن عن وجوههن لغير محارمهن، لكن تحجبهن أفضل وأحوط لقوله - تعالى -: "وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ" ولأن بعضهن قد تحصل برؤيتها فتنة من أجل جمال صورتها وإن كانت عجوزاً غير متبرجة بزينة أما مع التبرج فلا يجوز لها ترك الحجاب ومن التبرج تحسين الوجه بالكحل ونحوه [الشيخ ابن باز].
حكم لبس البنطلون:
س: ما حكم لبس البنطلون عند غير أزواجهن؟
ج: لا يجوز للمرأة عند غير زوجها مثل هذا اللباس؛ لأنه يبين تفاصيل جسمها، والمرأة مأمورة أن تلبس ما يستر جميع بدنها؛ لأنها فتنة وكل شيء يبين من جسمها يحرم إبداؤه عند الرجال أو النساء والمحارم وغيرهم إلا الزوج الذي يحل له النظر إلى جميع بدن زوجته فلا بأس أن تلبس عنده الرقيق أو الضيق ونحوه والله أعلم [ابن جبرين: النخبة من الفتاوى النسائية].
حكم تقصير شعر الرأس للمرأة:
س: أرجو إفادتي عن تقصير شعر رأسي من الأمام وهو ما يسمونه ( الحفُة ) التي أحياناً تصل إلى فوق الحاجب للمرأة المسلمة هل هو جائز أم لا؟
ج: قص شعر المرأة لا نعلم فيه شيئاً، المنهي عنه الحلق، فليس لك أن تحلقي شعر رأسك لكن أن تقصي من طوله أو من كثرته فلا نعلم فيه بأساً، لكن ينبغي أن يكوم ذلك على الطريقة الحسنة التي ترضينها أنت وزوجك، بحيث تتفقين معه عليها من غير أن يكون في القص تشبه بامرأة كافرة. ولأنه في بقائه طويلاً فيه كلفة بالغسل والمشط، فإذا كان كثيراً وقصت منه المرأة بعض الشيء لطوله أو لكثرته فلا يضر ذلك، أو لأن في قص بعضه جمالاً ترضاه ويرضاه زوجها فلا نعلم فيه شيئاً أما حلقه بالكلية فلا يجوز إلا من علة ومرض [الشيخ ابن باز].
حكم لبس الباروكة:
س: ما حكم لبس المرأة ما يسمى بالباروكة لتتزين بها لزوجها؟
ج: ينبغي لكل من الزوجين أن يتجمل للآخر بما يُحببه فيه ويقوي العلاقة بينهما، لكن في حدود ما أباحته شريعة الإسلام دون ما حرمته، ولبس ما يسمى بالباروكة بدأ في غير المسلمات واشتهرن بلبسه والتزين به حتى صار من شيمتهن، فلبس المرأة المسلمة إياها وتزينها بها ولو لزوجها تشبه بالكافرات وقد نهى النبي عن ذلك بقوله: {من تشبه بقوم فهو منهم } ولأنه في حكم وصل الشعر، بل أشد منه، وقد نهى النبي عن ذلك ولعن فاعله [اللجنة الدائمة].
حكم تخفيف الحاجب وتطويل الأظافر ووضع المناكير:
س: 1 - ما حكم تخفيف الشعر الزائد من الحاجب؟
ج: 1 - لا يجوز أخذ شعر الحاجبين، ولا التخفيف منهما، لما ثبت عن النبي أنه لعن النامصة والمتنمصة. وقد بيّن أهل العلم أن أخذ شعر الحاجبين من النمص [الشيخ ابن باز].
س: 2 - ما حكم تطويل الأظافر ووضع مناكير عليها مع العلم بأنني أتوضأ قبل وضعه ويجلس 24 ساعة ثم أزيله؟
ج: 2 - تطويل الأظافر خلاف السنة وقد ثبت عن النبي أنه قال: {الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقصّ الشارب، ونتف الإبط، وقلم الأظافر }.
ولا يجوز أن تُترك أكثر من أربعين ليلة لما ثبت عن أنس قال: {وقّت لنا رسول الله في قصّ الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك شيئاً من ذلك أكثر من أربعين ليلة} ولأن تطويلها فيه تشبه بالبهائم وبعض الكفرة.
أما المناكير فتركها أولى، وتجب إزالتها عند الوضوء؛ لأنها تمنع وصول الماء إلى الظفر [الشيخ ابن باز].
س: 3 - هل يجوز للمرأة أن تتحجب من دون أن تغطي وجهها إذا سافرت للخارج؟
ج: 3 - يجب على المرأة أن تتحجب عن الأجانب في الداخل والخارج، لقوله – سبحانه -: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" [الأحزاب:53]. وهذه الآية الكريمة تعم الوجه وغيره، والوجه هو عنوان المرأة وأعظم زينتها وقال - تعالى -: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً" [الأحزاب:59] وقال – سبحانه -: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ" الآية [النور:31].
وهذه الآيات تدل على وجوب الحجاب في الداخل والخارج، وعن المسلمين والكفار، ولا يجوز لأي امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تتساهل في هذا الأمر لما في ذلك من المعصية لله ولرسوله، ولأن ذلك يُفضي إلى الفتنة بها في الداخل والخارج [الشيخ ابن باز].
حكم خروج المرأة متعطرة ومتزينة:
س: ما حكم تعطر المرأة وتزينها وخروجها من بيتها إلى مدرستها مباشرة هل لها أن تفعل هذا الفعل وما هي الزينة التي تحرم على المرأة عند النساء يعني ما هي الزينة التي لا يجوز إبداءها للنساء؟
ج: خروج المرأة متطيبة إلى السوق محرّّّّم لما في ذلك من الفتنة أما إذا كانت المرأة ستركب في السيارة ولا يظهر ريحها إلا لمن يحل له أن تظهر الريح عنده وستنزل فوراً بدون أن يكون هناك رجال حول المدرسة فهذا لا بأس به لأنه ليس في هذا محذور فهي في سيارتها كأنها في بيتها ولهذا لا يحل للإنسان أن يمكن امرأته أو من له ولاية عليها أن تركب وحدها مع السائق لأن هذه خلوة، أما إذا كانت ستمر إلى جانب الرجال فإنه لا يحل لها أن تتطيب وبهذه المناسبة أود أن أُذكِّر النساء بأن بعضهن في أيام رمضان تأتي بالطيب معها وتعطيه النساء فتخرج النساء من المسجد وهن متطيبات بالبخور وقد قال النبي: { أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء } ولكن لا بأس أن تأتي بالبخور لتطييب المسجد أما بالنسبة للزينة التي تظهرها للنساء فإن كل ما اعتيد بين النساء من الزينة المباحة فهي حلال وأما التي لا تحل كما لو كان الثوب خفيفاً يصف البشرة أو كان ضيقاً جداً يبين مفاتن المرأة فإن ذلك لا يجوز لدخوله في قول النبي: { صنفان من أهل النار لم أرهما بعد... وذكر: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها } [فتاوي الشيخ ابن عثيمين].
حكم لبس الجوارب والقفازين عند الخروج:
س: فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل يجب على المرأة لبس الجوارب والقفازين عند الخروج من البيت أم ذلك من السنة فقط؟
ج: الواجب عليها عند الخروج من البيت ستر كفيها وقدميها ووجهها بأي ساتر كان لكن الأفضل لبس قفازين كما هو عادة نساء الصحابة - رضي الله عنهن - عند الخروج ودليل ذلك قوله في المرأة {إذا أحرمت لا تلبس القفازين وهذا يدل على أن من عادتهن لبس ذلك} [دليل الطالبة المؤمنة].
حكم عمليات التجميل:
س: ما الحكم في إجراء عمليات التجميل؟ وما حكم تعلم علم التجميل؟
ج: التجميل نوعان: تجميل لإزلة العيب الناتج عن حادث أو غيره.. وهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي: {أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفاً من ذهب..}.
والنوع الثاني: هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن.. وهو محرم ولا يجوز، لأن الرسول: {لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة} لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب. أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة.. بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه؛ لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس [فتاوي الشيخ ابن عثيمين].
حكم شراء مجلات الأزياء:
س: ما حكم شراء مجلات عرض الأزياء للاستفادة منها في بعض موديلات ملابس النساء الجديدة والمتنوعة؟ وما حكم اقتنائها بعد الاستفادة منها وهي مليئة بصور النساء؟
ج: لا شك أن شراء المجلات التي ليس بها إلا صور محرم، لأن اقتناء الصور حرام لقول الرسول: {لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة} [متفق عليه]. ولأنه لما شاهد الصورة في النمرقة عند عائشة وقف ولم يدخل، وعُرفت الكراهية في وجهه، وهذه المجلات التي تعرض الأزياء يجب أن ينظر فيها، فما كل زيّ يكون حلالاً، قد يكون هذا الزي متضمناً لظهور العورة، إما لضيقه أو لغير ذلك، وقد يكون هذا الزي من ملابس الكفار التي يختصون بها. والتشبه بالكفار محرم لقول الرسول: {من تشبه بقوم فهو منهم }. فالذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة ونساء المسلمين خاصة أن يتجنبن هذه الأزياء؛ لأن منها ما يكون تشبهاً بغير المسلمين، ومنها ما يكون مشتملاً على ظهور العورة، ثم إن تطلع النساء إلى كل زي جديد يستلزم في الغالب أن تنتقل عادتنا التي منبعها ديننا إلى عادات أخرى متلقاة من غير المسلمين.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/265)
وجهك القبيح
الوجه القبيح للإنترنت..
لن استطرد ففي هذا التساؤل المؤلم جداً ما يكفي العاقلين والعاقلات وأكثر فيما يرتبط بالشبكة الخطيرة..
مشكلة الكثير أنه لا يوجد وسط في النت في التعامل بين الجنسين أما إفراط أو تفريط!
بداية آسفة جدا ً لأني أزعجتكم بسؤالي.
ولكن لو لم أكتبه سأنفجر..
أنا طالبة من أسرة محافظة تعرفت على أحد شباب الإنترنت وهو خاطب!
وكنت أكلمه على أنه أخ من أجل تبادل المعلومات والمصالح فقط.
وفجأة وبدون مقدمات قال لي: إني أحبك!
وطلب سماع صوتي!
وجعلته يسمع صوتي!
وبعد شهور أخرى طلب رؤيتي! ورفضت بشدة..
وقلت له إن استمررت بطلبك فسأتركك للأبد.
وهو مشرف على أحد المنتديات الإسلامية!
بالفعل استمر في طلبه فهجرته وبعت جوالي وبعت حاسوبي حتى أنساه، بعدها مرضت مرضاً شديداً..
وأحسست أن الدنيا ضاقت علي!
ولجأت بعد الله إلى القرآن وحفظت شيئاً منه..
بحثت عن صحبة طيبة ولم أجد!
بعد ستة أشهر تقريبا ..
اشترت أختي حاسب آلي وأدخلت الإنترنت فيه..
وبدأ الانتكاس.
رأيت الشاب في حالة لا تسر عدواً ولا صديقاً..
وأصبحت أنا من يجري خلفه وأسأل عن أحواله!
تعلق قلبي فيه وأصبحت أتابعه دوماً..
لا أريد أن أخون خطيبته!
وقبل ذلك هذا حرام!
أشعر أنى جد مزعزعة..
أخشى على نفسي من الانحراف..
مرات أقول أنه لا بد من تركه وسيخلفني الله خيراً منه..
ومرات أخرى أقول: لا يوجد أفضل منه ولا يوجد من يحبني مثله!
أجاب على هذا التساؤل المؤلم فضيلة الشيخ العلامة: سلمان بن فهد العودة قائلاً :
أفترض أنك ِ تعرفين طريق الصواب فلا تبدئي حياتك بخطيئة في حق نفسك وفي حق غيرك..
وضعي نفسك في موضع خطيبة الرجل.
وأن لك زوجاً تتطلع إليه النساء.
كيف تهنأ حياتك ويصفو عيشك؟
اتق ِ الله يا ابنتي..
وعفي عما حرم الله واصبري وصابري وجاهدي نفسك ِ الأمارة بالسوء..
واعلمي أن الله بالمرصاد لكل من ارتكب أذية في حق الآخرين.
فإن حقوق العباد يقتص منها في الغالب في الدنيا..
وهذا الفعل من البغي والعدوان..
والبغي والتعدي عقابه وخيم..
وكل ما قيل خيال في خيال..
فمن الذي قال لك ِ أنه لا يوجد أفضل منه أو يحبك ِ أكثر منه؟؟
هكذا تلعب العاطفة العمياء بأصحابها..
اعتصمي بالعقل والتفكير وتأملي سوء المصير لمن كان حاله مثل حالك..
أسأل الله أن ينقذك ِ من هذا التردي..
وأن يأخذ بيدك ِ إلى طريقه المستقيم.
http://www. almeshkat. net. المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/266)
داعيات في غيبوبة
منال الدغيم
الهمة العالية كالنبع الجاري، متجددة ناضحة بكل خير وبركة، فتراها تستقي مياهها النقية من السحائب الطاهرة، فتجود بينابيع عذبة يخرج بها من كل الثمرات..
أما إذا كان هذا النبع راكدًا دائمًا، فإن مياهه سوف تأسن وتتغير، وتعلوها الطحالب العفنة، فلا تنبت زرعًا ولا تروي عطشًا، حتى تضمحل شيئًا فشيئًا وتغور..
والداعية إلى الله، ومن تحمل في فؤادها جذوة من الحرقة على الدين والرغبة في النفع والتغيير والإصلاح، تشبه في حالها نبع الماء هذا، فهي إن جددت علمها وراجعت معارفها ووسعت إطلاعها، كان نفعها مباركاً ومجاله كبيراً، أما إذا انغمست في تفاصيل حياتها اليومية؛ فإنها ستغيب كثيرًا عما يستجد في الساحة، عن أخبار الصحوة المورقة، وأشواك المنكرات المؤلمة، عن أحوال الفتيات وآخر الصراعات المنتشرة، عن مقالات بعض الكتاب التي تسدد سهامًا إلى قلب الدعوة، عن جهود المصلحين في النصح والتوجيه، عن آخر الفتاوى من علماء الأمة في الأمور المستجدة، عن أشياء كثيرة!
وفي الحقيقة، لا يكفي أن أملك الحماس فحسب لأكون داعية قد أتممت ما عليّ من واجب تجاه المجتمع، بل لا بد أن أكسب الوعي الذي يدفعني للعمل والإنتاج، وإلا كان عملاً بلا علم، وسعيًا بلا بصيرة، والشاهد على هذا بعض المواقف الفردية من حماس غير مؤصل، مما يعطي صورة سيئة عن محب الدعوة في أوساط تسعد بمثل هذه الأخبار السيئة، وتسارع في نشرها والتشفي بها.
وكيف نكتسب الوعي؟
وسائل اكتساب الوعي والمعرفة بالواقع كثيرة، تأتي على رأسها القراءة، فمن المؤسف أن كثيرًا من الأخوات المحبات للدعوة الحريصات على الخير.. لا يقرأن عدا المناهج الدراسية، ويغفلن كثيرًا عما تكسبه القراءة في شتى المجالات من ثقافة متعددة وإطلاع ومعرفة وقوة في النظر والتفكير.
كما أن الانغماس الشديد في التفاصيل اليومية، قد يشغل الداعية عن بعض الاجتماعات المباركة، كالمحاضرات والندوات واللقاءات، التي بها يلتقي المرء نظراءه ممن لهم الهم والاهتمام المشترك، فيتبادلون الأخبار والآراء والتجارب، ويكتسب المرء بذلك المعرفة ويجدد الخبرة.
ونحن لا نعني ذلك إهمال الواجب من القيام بحق من على المرأة لهم حق، بل ندعو إلى زنة الأمور وترتيب الأولويات، فبقليل من الاهتمام الجاد تستطيعين إيجاد حصيلة معقولة من فراغ، تشغلينه بلقاء خير مع رفيقات صالحات؛ فإن لمخالطة الناس دورًا كبيرًا في التجديد وسعة الحصيلة.
رؤوس في الرمال:
أحيانًا.. تدفن الداعية رأسها في الرمال عن سبق إصرار وبطيب نفس، بدعوى واهية، وهي أن الجهل يعفيها من المسؤولية ويبرئ ذمتها من التبعة، فهي إن لم تعلم بالأخبار السيئة والمنكرات المنتشرة والأحوال المتردية، لم يكن عليها واجب في الإنكار والتغيير والإرشاد.
وهذا باطل، فإذا غفلتِ أنتِ وغفل من حولك جميعًا عن ذلك بهذه الحجة؛ فكيف يقوم المجتمع الصالح بالتغيير والإرشاد يا ترى؟ بل سنجد الشر ما يفتأ يتنفج ويعظم وتنتشر آثاره السيئة بلا رادع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن ناحية أخرى، قد يكون القلب ضعيفًا سريع التأثر، فيشفق على نفسه أن يصيبه شيء من غبار الفتن إذا ما أشرف عليها فنراه يصد عنها، لكنه يرغب في معرفتها للتغيير والإصلاح، فكيف يكون قلبًا صامدًا لا تزيده نيران المنكرات إلا حماسًا وقوة؟!
إنه بالاعتصام بالله، وإخلاص النية له، والتزود المؤصل بالعلم الشرعي، ونشير بقوة إلى الأهمية الشديدة للاعتضاد بالرفقة الصالحة، فهي التي تذكر المرء إذا ما نسي، وتوعيه إذا ما غفل..
http://www.islamtoday.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/267)
المرأة الإيجابية
الشيخ مازن الفريح
لماذا الحديث عن المرأة الإيجابية؟..
1 - لأن المرأة طاقة عظيمة، وقوة كبيرة في الخير أو في الشر.. إن استغلت في الخير أصبحت محضناً يربي الأجيال ويخرّج الأبطال، فهي مدرسة إيمانية كما قال حافظ:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
فهي مدرسة إن أُعدت لمهمتها..
وإن أهملت إلى تيارات الفساد أصبحت معول هدم للأمة وباب فتنةٍ كبرى ومصيبةٍ عظمى.. لقد زالت – يوم أن فسدت المرأة – حضارات كانت في يوم من الأيام مكينة، ولها في الحضارة المادية مكانة رفيعة.. ففسدت المرأة فخرّ عليهم السقف من فوقهم.. ونحن نرى اليوم الحضارة الغربية وأثر المرأة في فسادها وترنحها.. [ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء]..
2 - حاجة الأمة إلى جهود نسائها.. وتكاتفها مع الرجال لتكوين الأمة المسلمة القوية.. والنساء شقائق للرجال" (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) ... " فللنساء دور في بناء المجتمع والأسرة لابد من تفعيله.. ليس دور المرأة مقتصراً على الإرضاع والطبخ.. بل هناك دور أهم من ذلك وأعظم وهو تربية النشء ونشر الخير والمشاركة في بناء الأسرة المسلمة المتكاملة..
وأما ماذا نقصد بالمرأة الإيجابية..
فهي المرأةُ ذات الشخصية المسلمة، الحقُ غايتها والقرآنُ والسنةُ منهجُ حياتها، بهما تقتدي وعلى أثرهما تقتفي..
هذا هو التعريف المختصر للمرأة الإيجابية التي نريد أن نتحدث عن سماتها وصفاتها.. وإليكم بعض التفصيل لهذا الإجمال".
صور من إيجابية المرأة:
المرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه.. ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور البصائر وشفاء الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال به يُعرف الله ويُعبد، ويُذكر ويوحّد، ويحمد ويمجد.. به تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام،.. وهو إمام والعمل مأموم، وهو قائد، والعمل تابع..
مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، وطلبه قربه، وبذله صدقه،
فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه تدعو بما أمر الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)..
تقتدي بأخواتها المؤمنات اللاتي قلن "يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك" فوعدهن يوماً، فلَقِيَهُنَّ فيه ووعظهن وأمرهن.. والحديث في صحيح الإمام البخاري - رحمه الله -.. فلم يكتفين بالمجالس العامة التي كن يشتركن فيها مع الرجال كحضور الصلوات والجمع والجماعات في الأعياد ونحوها بل أردن أن يخصص لهن مجلساً.
والمرأة الإيجابية ذات لسان سؤول لا يمنعها حياؤها عن تعلم شيء تجهله، وقد أثنت عائشة - رضي الله عنها - على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة.. ولولا خشية الإطالة لأوردت الأحاديث وسؤالاتهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمورهن الخاصة والعامة.
وهذه عائشة - رضي الله عنها - كانت تراجع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمور لم تعرفها.. قال ابن أبي مليكة إن عائشة كانت لا تسمعُ شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [منْ حُوسب عُذِّب] قالت عائشة فقلت: أو ليس يقول الله - تعالى -: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) فقال: [إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك] رواه البخاري.
المرأة الإيجابية متميزة في هذا المجال في صور شتى:
- فهي مشاركة فاعلة في الدور لحفظ كتاب الله وتعلمه و[خيركم من تعلم القرآن وعلمه]..
- ومنها أنها تسمع الأشرطة للمحاضرات النافعة.
- ومنها أنها تقرأ الكتب الشرعية تزداد في دينها بصيرةً.
- ومنها متابعتها للدروس العلمية ولمجالس العلماء.. سواء في الحضور المباشر أو عن طريق وسائل الإعلام.. كإذاعة القرآن الكريم فيها من الدروس العلمية ما لو تابعته المرأة.. لارتقت إلى مستوً رفيع من العلم بالأحكام الشرعية والأمور الدينية.
أيتها الأخوات:
إن كتب التراجم والتأريخ قد حفظت لنا أخبار كثير من النساء الإيجابيات في مجال العلم، واللاتي أذهب الله عنهن غشاوة الجهل، وحباهن نور العلم والفهم، فتفتحت بصائرهن، وتخرّج في مدارسهن كبار علماء الدنيا.
ومن هؤلاء: معلمة أمير الحفاظ: الحافظ ابن حجر - رحمه الله - كان إذا ذكر أخته ستّ الركب - اسمُها ستُ الركب - قال: هي أمي بعد أمي.. فقد ربته وحدبت عليه وعلمته..
كما أن الحافظ بن حجر قد تعلم على جماعةٍ من النساء يشار إليهن بالبنان في العلم حتى إن الحافظ - رحمه الله - قد قرأ على نيف وخمسين امرأة.. كلهن شيوخه في العلم.. فمنهن: فاطمة الدمشقية أم الحسن.. وكذلك في مشايخه فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية أم يوسف، قال ابن حجر - رحمه الله -: ونعم الشيخة كانت.. وكذلك خديجة بنت إبراهيم وسارة بنت تقي الدين علي السبكي.
وأكثر من الحافظ ابن حجر شيوخاً من النساء الحافظ بن عساكر - رحمه الله -.. فقد ذكر شيوخه من النساء فكنّ بضعاً وثمانين شيخة.. و ست الركب بالمناسبة ماتت ولم تبلغ الثامنة والعشرين من عمرها.. ولكن الإيجابية ترفع صاحبها وتعلي منزلته في الدنيا والآخرة. ويكفيها فخراً أن من تلاميذها الحافظ ابن حجر - رحمه الله -..
المرأة الإيجابية والدعوة إلى الخير..
المرأة الإيجابية تدرك أن العمل لهذا الدين مسئولية الجميع ذكرهم وأنثاهم (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) فلم يخص الحق - عز وجل - واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرجال دون النساء. وهذا ما تدركه المرأة الإيجابية، ولذلك فهي تستشعر مسئولياتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير.. سواء في محيط بيتها أو خارجه.
فقد روى الإمام ابن كثير ردّ المرأة على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً.. وقوله: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" رضي الله عنه.. قال الإمام ابن كثير إسنادها جيد..
ومراجعة عائشة للكثير من الصحابة في فتاويهم واجتهاداتهم واستدراكها على بعضهم هو من الدعوة التي كانت تقوم بها النساء..
وأبواب الدعوة إلى الخير عند المرأة الإيجابية كثيرة يحثها إليها قول الخالق - عز وجل -: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا).
بيد أننا نذكر ببعض مجالات الدعوة:
1 - العناية بدعوة زوجها وأولادها إلى الخير، وسعيها لتطهير بيتها من المنكرات وإشاعة الفضائل والمكرمات.. وقد كانت بعض نساء السلف يقلن لأزواجهن [اتقوا الله فينا ولا تطعمونا الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار].
2 - ومن مجالات الدعوة أيضاً: الدعوة في أوساط النساء سواء في مجالسهن أو في المدارس والجامعات.. تنشر الخير عبر الكلمة الطيبة والقدوة الصالحة والشريط النافع والنشرة المفيدة..
3 - المشاركة في المحاضن التربوية والمدارس الإيمانية كدور تحفيظ القرآن واللجان النسائية للمؤسسات الخيرية كالندوة العالمية وندوة الإغاثة.
4 - الكتابة في المجلات والصحف.
5 - متابعة قضايا الأمة وتقديم ما تستطيعه للمجاهدين وربط أخواتها النساء بهذه القضايا وإشعارهن بأن لهن دوراً لابد من القيام به لنصرة الإسلام في أي مكان في العالم.. فإذا سقط وجوب الجهاد القتالي على المرأة فإن الجهاد المالي قد لا يسقط إن كانت من أهل المال أو تستطيع أن تنصر إخوانها بالمال كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -..
فالمرأة الإيجابية لا تراها إلا تربي طفلاً..
أو توجه زوجاً..
أو تدعو رباً..
أو تنشر خيراً..
أو تبذل مالاً..
أو تقدم عوناً..
المرأة الإيجابية ملتزمة بشرع الله.. فهو نهج حياتها..
امرأة مؤمنة.. وصلت بحبل الله عروتها، وأضاءت بنوره خطوتها، وعمرت بحبه قلبها.. ورطّبت بذكره لسانها، وشغلت بطاعته جوارحها.. فهي بالله ولله ومن الله وإلى الله.. بالله اعتصامها، ولله قيامها، ومن الله استمدادها، وإلى الله فرارها، وعلى ضوء كتابة وسنة رسوله حركتها وسكونها.. تحب في الله، وتبغض في الله، وتصل في الله، وتقطع في الله، وتعطي لله وتمنع لله.. فالله مبدؤها، والله غايتها..
(ُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ)
فالمرأة الإيجابية امرأة موّحدة.. توحيدُ الخالق يسري في كيانها، فهي تؤمن به، وتتوكل عليه، وتثق به وتتجه إليه في سرائها وضرائها.. إذا مسها خيرٌ شكرت ولربها حمدت.. وإذا أصابتها ضراء صبرت وتقرّبت إلى خالقها وتذللت.. وراجعت نفسها واستغفرت، لأنها تقرأ قوله - تعالى -: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)..
ولقد كانت بعض النساء المؤمنات من خير القرون إذا أصابها صُداعٌ وضعت يدها على رأسها وقالت: ذلك بما كسبت يداي وما يعفو عنه ربي أكثر..
والمرأة الإيجابية: امرأة مستسلمةٌ لله.. طائعة له.. راضية بشرعه.. لا تبتغي غير الإسلام ديناً، ولا ترتضي بغيره منهجاً.. وكيف لا ترضاه وقد رضيه اللهُ لها وأتم نعمته به عليها.. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)..
فهي ملتزمة به.. في أعمالها وأقوالها.. وهديها ولباسها.. فليس بينها وبين ما تعتقده تناقض وانفصام..
هي مسلمة في بيتها ودارها.. مع زوجها وأبنائها.. في مدرستها أو وظيفتها وفي جميع أحوالها.. ملتزمة بأوامر ربها مستسلمة لما قضاه محبةٌ لما ارتضاه: (َمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).
إن إيجابية المرأة المسلمة تعني المبادرة إلى التطبيق، والمسارعة في الاستجابة دون تلكؤٍ أو تأخير مهما خالف الأمر رغباتها وأهوائها وما اعتادت عليه.
تروي لنا عائشة - رضي الله عنها - كيف استقبل نساء المهاجرين والأنصار أمر الله لهنَّ بالحجاب والذي يتعلق بتغيير شيء هام في حياة المرأة درجن عليه في الجاهلية وفي بداية الإسلام أيضاً.
قالت عائشة وقد أجتمع حولها بعض النساء، فذكرن نساء قريش وفضلهن، فقالت: إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، ولا أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل. لقد أنزلت سورة النور وليضربن بخمورهن على جيوبهن فأنقلب رجالُهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وأبنته وأُخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها المرّحل – المزخرف – فاعتجرت به – أي شدته على رأسها – تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتجراتٍ كأن على رؤوسهن الغربان.. هذا هو الموقف من أمر طالما اعتدن عليه.. المسارعة إلى التنفيذ.. بفعل ما أمر واجتناب ما نهى بلا تردد، ولا توقف ولا انتظار، لم ينتظرن يوماً أو يومين أو أكثر حتى يشترين أو يخِطْنَ أكسية جديدة تلائم غطاء الرؤوس بل سارعن إلى الالتزام.. بأي كساء وجد.. وأي لون تيسر ما دام فيه طاعة الله والتزامٌ بأمره.. فإن لم يوجد الكساء شققن مروطهن وشددنها على رؤوسهن، غير مباليات بمظهرهن الذي يبدو كأن على رؤوس الغربان – كما وصفت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -..
ما أشد حاجتنا لمثل هذه المبادرات في الحجاب، في الأغاني، في النظر إلى المجلات الهابطة التي أفسدت الكثير من بناتنا وفتياتنا.
المرأة الإيجابية.. ترفض التبعية، والتقليد للأفكار والمتعلقات الغربية إذا كانت مخالفة لهدي الإسلام..
ترفض التقليد والتبعية لأنها تستظل تحت شجرة مباركة وارفةٍ ظلالها وطيبٍ ثمرها.. (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ).. وتحذر من الانحدار في مستنقع التقليد الأعمى والتشبه بأهل الزيغ والهوى..
قائلة ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من تشبه بقوم فهو منهم].. قدوتها عائشة وفاطمة.. وليست فنانة ولا مطربة..
فهي متميزة في شخصيتها كتميز دينها الذي تنتمي إليه وتؤمن به بل وكتميز الأمة التي هي فرد منها (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ).
وهي تسأل الله - عز وجل - أن يجعلها على هذا الصراط المتميز الذي هداها الله إليه (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ) وهم اليهود ومن أقتفى أثرهم، (وَلاَ الضَّالِّينَ) وهم النصارى ومن اتبع سبيلهم في الضلال.
وهي مع تميزها واستقلاليتها لا تعبأ باستهزاء المستهزئين من المضيعات لدينهن وضعيفات الإيمان والدين.. ثابتة على دينها رغم المعوقات والمخذلات ترجو رضى خالق الأرض والسموات.. همها رضى الله..
ولتتذكر أن الاستهزاء بأهل الأيمان قديمٌ (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ {29} وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ {30} وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ {31} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ {32} وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ..) فلا تبالي المرأة المسلمة باستهزاء السفهاء بها ما دامت طائعةً لربها ملتزمة بشرعه..
المرأة الإيجابية.. ابنة وقتها لها في كل وقت وظيفة ومن كل خير سهمٌ وغنيمة..
تعرف أهمية وقتها، وتدرك مسئولياتها عن عمرها، وأنها مسئولة محاسبة عن أيام حياتها [وعمره فيما أبلاه وعن شبابه فيما أفناه].
ولذلك فالإيجابية تستغل وقتها بما يقربها إلى خالقها، وتوظف طاقاتها في خدمة دينها ودعوتها..
لا تسرف في إضاعة الوقت في فنون الرشاقة والماكياج.. وتحذر من مزهقات الأوقات، ومضيعات الساعات.. مثل:
- مجالس الغفلة والتي يكثر فيها القيل والقال بدون فائدةٍ تذكر.
- المكالمات الهاتفية التي تطول في لغوٍ يضيع ساعات النهار والليل.
- الإسراف في الديكورات وفنون الطبخ والموضات..
- التجول في الأسواق من غير حاجة..
- الجلوس إلى التلفاز ومتابعة المسلسلات ونحوها.. فهي بالإضافة إلى ما فيها من محرمات كالموسيقى ونحوها فكذلك فيها ضياع للوقت.
أيتها الأخوات: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لفت نظر أم المؤمنين جويرية - رضي الله عنها - في أهمية استثمار الوقت حتى ولو كان في طاعة باستبدالها بطاعة أعظم منها.
عن جويرية أم المؤمنين - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها بُكرةً حين صلى الصبح وهي في مسجدها.. ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: [ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟!] قالت: نعم.. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [لقد قلت بعدك أربع كلمات (ثلاث مرات) لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن.. - سبحانه - الله وبحمده عدد خلقه و رضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته..] بضع كلمات تساوي أضعاف مضاعفة من أجور التسبيح.. إنا والله فرص.. كم تغيب عنا.. وكم نحن مقصرون في استغلالها..
واستثمار الوقت له صوره الكثيرة.
- الاستثمار بأداء الفرائض وهو من أجلّ ما يستثمر به الوقت، ومن أحب الأعمال إلى الله..
- ثم الإكثار من النوافل.
- المحافظة على الأوراد.
- الاستثمار الخدمي وتقديم الخدمة لأفراد الأسرة مثل القيام بحق الأهل سواء الأم أم الزوج أو الإخوة والأخوات.
الاستثمار الدعوي:
- نشر الخير بين أفراد الأسرة أو المجتمع.
- المشاركة في دور الذكر والمناشط الدعوية.
- عمل المسابقات والمطويات..
- عمل الأسواق الخيرية واستغلال مهارة الطبخ والخياطة ونحوها من المهارات النسائية في مناصرة الدعوة وقد كانت زينب تصنع بيدها وتبيع ثم تتصدق..
- مساعدة الدعاة في دعوتهم مثل جمع مادة لمحاضرة أو تحضير خطبة أو موعظة أو إسداء النصح له في قضايا الدعوة..
• كانت أم سليم وعائشة تنقلان القُرب على متونهما ثم تفرغانها في أفواه الصحابة ثم ترجعان فتملآنها وهكذا.
• وأم عطية - رضي الله عنها - تقول غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام "رواه مسلم".
الاستثمار العلمي والثقافي:
الاستثمار المنزلي: وهي عبادة جليلة..
كانت أسماء بنت أبي بكر تعلف فرس زوجها الزبير بن العوام - رضي الله عنه - وتكفيه مؤونته وتسوسه وتدق النوى.. وتعجن ...
استثمار المواهب والطاقات:
خلق الله كل إنسان وعنده طاقة وموهبة وأودعه من الملكات والمقدرات الشيء الكثير لكن كثير من الناس من يموت ولم يستغل جلّ هذه الطاقات والمواهب.. أو استغلها في غير طاعة..
• أم عطية – وصفية طباخات ماهرات..
• زينب بنت جحش في الخياطة والخرز.
• عائشة في طلب العلم والفتوى..
المرأة الإيجابية.. لها دور في محاربة أعداء الإسلام وفضح مخططاتهم..
تدرك مخططات أعدائها، فلا تنخدع بالأفكار العلمانية المنحرفة، ولا تنطلي عليها ضلالاتهم المزخرفة، ولا تتأثر بشبهاتهم، ولا تلتفت إلى باطلهم وافتراءاتهم ترفض الجاهلية مهما كان رداؤها ومن أي مكان كان مصدرها شرقية أم غربية..
- تحذرُ دعواتهم المضللة التي قلبوا فيها القيم و عكسوا المفاهيم وشوّهوا الحقائق.. كدعوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل.. ليصنعوا امرأةً مبتذلةً لشهواتهم وأهوائهم يحررونها من لباسها وعفتها ويتحررون هم من قيود العفة والأخلاق في الوصول إليها فتصبح بين أيديهم في نهارهم وليلهم.. جارية لعوب وغانية رخيصة في سوق الملذات ودور الأزياء..
ولما كانت الأسرة أكبر معقل تربوي حرصوا على تقويض أركانه بأنواع من المكر والخداع كطرحهم لمبدأ الندية وأن المرأة ندٌّ لزوجها ومناوئٌ له ومتصارعٌ معه..
هذا هو نظرهم.. أما نظرة المسلمة.. بل مبدأُ الإسلام فالمرأة شقيقةُ الرجل والعلاقة بينهم علاقة تكامل وتنسيق وتراحم وسكن.. [النساء شقائق الرجال].. و(هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) بكل ما تعني كلمة اللباس في دلالاتها كالوقاية والحماية والستر واللطف والتجاور والحب والوئام.. هو رجل محتفظ برجولية وهي امرأة متميزة بأنوثتها.. هكذا المرأة الإيجابية ترى الأمور بوضوح تام لا غبش فيه ولا لبس..
- بل نرى المرأة الإيجابية ترصد هذه الدعوات الهدامة سواء كانت وافدة أم من بني جلدتها وممن يتكلمون بلسانها من بني قومها الحروف عربية وأفكارهم غربيةٌ أجنبيةٌ شيطانية.. تتصدى لهم بخنجر العلم والإيمان.. مقتدية بأخواتها اللاتي سبقنها بالإيمان ومنهن أم سليم كما روى الإمام مسلم عن أنس: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً، فكان معها، فرآها أبو طلحة –زوجها– فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر! فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما هذا الخنجر؟] قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنه!! فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك..
إنك مدعوة للمشاركة في الرصد و الذب عن بيضة الإسلام.. وقد عقد الإمام البخاري باباً في صحيحه في غزو النساء وقتالهن..
فنريد بعض أخواتنا اللاتي آتاهن الله قلماً أن يرصدن الأفكار العلمانية ويكتبن مفندات لتلك الأفكار ومحذرات من تلك الأخطار.
ومما هو مطلوب من المرأة.. أن تقاطع بضائع أعداء الله - عز وجل - لتضيق الحصار عليهم وحتى لا تكون عوناً لأعداء الله على أمتها فيستخدمون أموالنا في حربنا وقتلنا.. وأن تغرس كره اليهود في قلب أبنائها وكذلك من أعانهم وساعدهم..
إن الكثير من شركات الماكياج شركات يهودية تحتاج إلى مقاطعتها واستبدالها بشركات أخرى ليست معروفة بعدائها للإسلام والمسلمين..
عوائق الإيجابية وموهناتها:
1 - الذنوب والمعاصي:
إن أثرها عظيم على الإنسان في حجبه عن المعالي، والقعود به عن الأعالي.. إنها مجلبةٌ لفتور الهمم ووهن العزائم.. بل صارفةٌ عن الخير صادةٌ عنه.
قال بعض السلف: (لا نعرف أحداً حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب).
فمن اشتغلت بأعراض الناس صُدّها عن الذكر والأوراد..
من اشتغلت بالغناء صدها عن التلذذ بكتاب الله والاستئناس به.
2 - ضعف الثقة بالنفس..
"لا أستطيع" كلمة ترددها الكثيرات من النساء عندما تدعوها إلى المعالي إلى بذل الخير إلى أن يكون لها أثر في بيتها ومجتمعها.. "لا أستطيع"..
- إذا قيل لها احفظي كتاب الله قالت لا أستطيع..
- إذا قيل لها الق كلمة قالت لا أستطيع..
- إذا قيل لها اكتبي مقالاً قالت لا أستطيع..
لا تقول ذلك إلا من باب التهرب من المسئولية والركون إلى السكون والدعة.
3 - عدم الاهتمام بالعلم الشرعي..
أساس العمل العلم فهو قائده وكلما ضعف العلم خَمَل العمل.. وهناك بعض الأخوات لا تولي العلم الشرعي اهتمامها وتظن أنه حكراً على العلماء وهذه الشبهة وغيرُها جعلها تقع في بدع كثيرة في عباداتها..
فإذا صلت صلاة فيها العديد من الأخطاء والبدع في الأفعال والأقوال..
وإذا تكلمت وقعت في الكثير من المؤاخذات الشرعية.
وإذا وقعت في مشكلة لم تتصرف التصرف الذي يمليه عليها دينها وعقيدتها..
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات)
4 - عدم الاهتمام بتطوير المهارات..
هناك العديد من الأخوات عندهن مواهب وقدرات كبيرة لكنها غير مفعّلة نظراً لأنهن لم تتح لهن الفرصة لتطوير هذه المهارات مثل: الخياطة والتأليف والكتابة، وفن محادثة الناس وفن الديكور والطبخ..
بل حتى في العمل الإسلامي.. هناك ضعف في الإدارة ووضع الخطط عند الداعيات نظراً لعدم الاهتمام بتطوير الملكات في هذا الجانب.
5 - عوائق أسرية..
قد تواجه المرأة بعض المعوقات من داخل أسرتها فيسيطر عليها الإحباط واليأس.
6 - الحياء..
الكثيرات لا نشك في حبهن لتقديم النفع للآخرين ولكنهن يحجمن عن ذلك بسبب الحياء..
7 - الانشغال بالدنيا ومتاعها..
تعس عبد الخميلة أو الخميصة.. همها أن يكون فستانها من أجمل الفساتين وأن تجمع أكبر عدد من الحلي والنياشين..
8 - الانفصام عن واقع الأمة..(83/268)
إن التي لا تستشعر مصاب المسلمين في أصقاع العالم يضمحل في قلبها الشعور بالمسئولية تجاههم وتجاه الأمة جميعاً. "ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
تنمية الإيجابية:
1 - الاتصال بالله.. والاستمساك بعروته.. فهي القوة الدافعة لكل خير الصارفة عن كل شر..
2 - الاتصال بالوسط الإيماني..
كلما كانت المرأة في وسط نسائي صالح كان ذلك عوناً لها على زيادة الاندفاع إلى عمل الخير والصبر على المعوقات وقد قال الله - تعالى -: (وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ..). (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ... )
(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي {25} وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي {26} وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي {27} يَفْقَهُوا قَوْلِي..)
3 - استشعار المسئولية..
- [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته].
- أنت مسئولة عن نفسك.. عن عمرك عن شبابك عن علمك عن مالك..
وما أُصبنا بالسلبية والدعة والسكون واللامبالاة إلا عندما قلّ الشعور بالمسئولية عن نعم الله.. (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم).. نعيم العقل، والبصر، والعيش الرغيد، والمسكن الآمن..
4 - البعد عن سفاسف الأمور.
كلما توسعت المرأة في المباحات ومتع الحياة ضعفت عن أداء الواجبات، وكلما ركنت إلى السفاسف والنزهات كلما قصرت في أداء الأمانات والواجبات بل وضيعت المسئوليات التي أنيطت بها..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/269)
بشرتك أختي المسلمة
إليك يا من أهمها وأتعبها ترطيب وتنعيم وتبييض وتفتيح بل وتقشير "بشرتها" لتبدو نضرة شابه، فاشغلها ملاحقة الجديد في عالم الكريمات والمرطبات والزيوت الطبيعية وغير الطبيعية! ومستحضرات التجميل لتبعد عنها شبح الترهل والتجاعيد والهالات ليستمر شباب بشرتها وجمال مظهرها – وهذا الأمر لا يعيب المرآة المسلمة إذا كان في حدود المعقول والمسموح به شرعا – فأقبلي هذه الباقة من الوصيا والتي سطرت بقلم مشفق عليك أملا منه أن تواصلي المحافظة على بشرتك من النار حتى تدلفي أبواب الجنان فان هذا البدن الذي قد أضناك أمر العناية به، وتلك البشرة التي أتعبك ترطيبها يجب عليك أختاه أن تعلمي على إنقاذها من أن تشوى وتكون بجمر النار أعاذك الله من حرها وسعيرها.
• أما لماذا توجه هذه الرسالة إليك آيتها المسلمة خاصة؟! فلان الحبيب - صلوات الله وسلامة عليه - اطلع على النار فرأى أكثر أهلها النساء، فخوفا على هذه البشرة الناعمة من أن تحرق وتصلى بنار السعير أدعوك إلى الانشغال في فترة هذه الحياة الدنيا إلى إنقاذ نفسك من النار من حر السموم بدلا من ترطيبها في الدنيا ثم تكسى إذا سرابيل القطران وتقطع عليها أثواب النيران. ثم أعلمي أختاه أن جلود أهل النار سود كالفحم محترقة يبدلون (لكما نضجَتْ) جلوداً غيرها لا لتعود نضارتها بل (ليذوقوا العذاب) نسأل الله السلامة والعافية: فاعتنى أيتها المسلمة بهذا الجلد بالوقوف عند حدود الله.
• ثم تذكري أن هذا البدن الذي أشغلك تمتيعه وتجميله على موعد غدا مع الدود اللحود، والذي سينقض عليه وينخره ويذهب جماله ونعومته ونضارته، فلو رأيت أجمل نساء الدنيا بعد ثلاث ليال من القبر لأفزعك المنظر فأعملي أختاه على جعل تلك الحفرة الضيقة روضة من رياض الجنة؛ فحافظي على هذه البشرة من نوافذ النار ولفح جهنم.
• ثم تأملي أختاه حالك في المحشر وقد دنت الشمس منك وعرق هذا البدن وأنت حافية شاخصة البصر واجفة القلب (وقد جئ بالنار لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها) في ذاك الموقف تظل بعض الأبدان من حرارة الشمس أنها الأبدان التي كانت مقيمة على طاعة الله ولم تتشاغل عن حكمة خلقها فحافظت على هذا البدن وتلك البشرة من حرارة الشمس وإلجام العرق في المحشر.
رسائل عاجلة: -
إليك أيتها النامصة والواشمة وأنت يا من أبرزت مفاتن بدنك بإخراج الساقين والصدر والظهر وأنت يا من لبستى الضيق والعاري – ولو أمام النساء – ويا من كشفتي عن عورتك المغلظة في حمامات دور التجميل بدعوى الترطيب والتفتيح وإزالة الشعر الغير مرغوب فيه وأنت يا تاركة الصلاة.
إن كان هذا البدن يهمك أمره، وتخشين عليه من كسوح النار ومن جمرها فاتق الله فيه واستري مفاتنه – إلا عن زوج – قبل أن تقولي غداً (رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت) فان أغلى ما تملكه المرأة المسلمة بعد دينها حياؤها، فإن الجمال ف الملبس والزينة في البدن لم يكونا يوما من الأيام بإخراج العورات أو إبراز المفاتن، فان الحرية التي تنشدها بعض النساء تعنى الانحلال وتعدى حدود الله فلا هذا البدن من العذاب، فلا سبيل للنجاة من ذلك إلا بالوقوف عند حدوده - جلا وعلا -.
بشرى:
البشارة الأولى: ابشري أختاه فان الجنة لا يدخلها عجوز، فإن الترهل والتجاعيد التي لابد أن تبدو على بشرتك بمضي الأيام وتقادم العمر ستزول ويعود إليك شبابك وبكارتك بمجرد دخول أبواب الجنة، يقول الحبيب - صلوات الله وسلامة عليه -: (أن الجنة لا يدخلها عجوز أن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكاراً) حسنة الألباني.
البشارة الثانية: - إليك يا من لم تزوقي زوجا في الحياة الدنيا وعشت هم العنوسة والتفكير في انتظار زوج المستقبل ولما يأت بعد، عليك أختاه الرضا بالقضاء ثم ابشري فإنه لا أعزب في الجنة لقوله - صلى الله عليه وسلم - (ما في الجنة أعزب) أخرجه مسلم.
فان للنساء في الجنة أزواجاً من بنى آدم لمن لم يكن لها زوج في الدنيا أو من دخلت الجنة ولم يلحق بها زوجها.
فانشغلي أختاه بما طلب منك من تحقيق العبودية لله ووقاية النفس من النار واتركي التفكير فيما ضمن لك.
وتذكري أنه بمجرد دخول أبواب الجنة ستختفي وتزول كل تعاسة وحزن وهم وكدر.
اسأل المولى الكريم كما سترنا أن يغفر لنا والله اعلم
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/270)
امرأة تبكي الرجال !
د. أحمد البراء بن عمر الأميري
في سجل ذكرياتي مواقف عديدة كان للمرأة دور البطولة فيها، وبعض هذه المواقف لا يزال حاضراً في ذهني حتى كأنه واقع اللحظة.
منها موقف عايشته شخصياً مع الأخت بنان بنت علي الطنطاوي - رحمها الله - بعد ما اعتقل زوجها، موقف جعلني أفهم معنى المقولة الشهيرة: وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة!
في عام 1964م، كنتُ طالباً في جامعة دمشق أَدْرُسُ في كُلّيتيْ الشريعة والآداب (قسم اللغة الإنجليزية)، فذهبت لزيارة والدي الشاعر الكبير الراحل عمر بهاء الدين الأميري في بيروت التي كان يمضي فيها بعض الوقت، كان بيت الأستاذ عصام العطار – المراقب العام للإخوان المسلمين آنذاك – قريباً من البيت الذي استأجره أبي، وكانا يلتقيان دائماً.
كان جمال عبد الناصر حاكماً لمصر آنذاك، وكانت سلطتُه وشعبيّتهُ في لبنان كبيرتين، وعِداؤه للإخوان المسلمين، وسَجْنُه لهم، وتعذيبُهم، وقتلُهم، وإعدام قياداتهم معروف. وكان للسفارة المصرية، واستخباراتها صولةٌ وجولة في لبنان، فتمَّ اعتقال والدي أمام عينيَّ، واعتقالُ الأستاذ عصام العطار في نفس الوقت.
مكثتُ في بيروت أياماً، كان خلالها والدي والأستاذ العطار في السّجن، وكنتُ في صحبة زوجته السيدة بنان الطنطاوي وهي من مواليد عام 1941م وكان عمرها - آنذاك - ثلاثاً وعشرين سنة، كنتُ معها طوال الوقت؛ لأن لنا مصلحةً واحدة؛ أذهب معها لمقابلة المحامين، وبعض الشخصيات من أجل الإفراج عن المعتقليْن.
في خلال هذه الأيام رأيتُ من قوة شخصيّة السيدة بنان، ولباقتها، وحُسْن تصرُّفها، وحكمةِ حديثها، ما يدعو إلى الإعجاب.
استطعنا أخذَ موعدٍ لزيارة والدي وزوجِها في السّجن لبضع دقائق. لم يزل المشهد ماثلاً أمام عينيّ: كنتُ أقف على يسار الأخت بنان – أمام والدي، وهي أمام زوجها، وكلاهما خلف شبك الحديد داخل السجن، كان والدي يُطمئنُني ويعطيني بعض النصائح، فسمعَ وسمعتُ الأخت بنان تقول لزوجها:" يا عصام، أنا والأولاد بخير وسلامة، فلا تقلقْ علينا، كنْ قوياً كما عرفتُكَ دائماً، ولا تُرِ هؤلاء الأنذالَ من نفسك إلا القوة والصلابة واستعلاءَ الحق على الباطل. " فبكى أبي عندما سمع هذه الكلمات من شابةٍ في مقتبل العمر، كان قلقُ زوجها عليها وعلى أسرته، أكبر من قلقها عليه وهو في السّجن!
وبعد خروجنا من السجن وركوب السيارة أجهشت بنانُ بالبكاء، وعلمت أنها إنما كانت تتجلد وتتصبر؛ لتري زوجها من نفسها خيرا، ولتربط على قلبه في موقف هو أشد ما يكون حاجة إلى من يربط على قلبه لا من يمزقه.
ولم أر الأخت بنان الطنطاوي فيما بعد، ولم أسمع عنها إلاّ نبأ اغتيالها، واستشهادها - إن شاء الله - عام 1981م، في ألمانيا، عندما جاءت مجموعة من المجرمين القتلة، تريد قتل زوجها، الذي لم يكن في الدار، فلما فتحتْ الباب انصبّتْ عليها نيرانُ الكلاب، في قصةٍ مُجرمة، سمعتُ بعض تفاصيلها، وليستْ هي المقصودة من كتابة هذه السطور.
رحم الله بنان الطنطاوي، واحتسبها في زمرة الشهداء، وشفّعها في سبعين من أهلها، ورحم أباها، العالم الأديب الداعية الشيخ علي الطنطاوي، وأمدَّ زوجَها الأستاذ عصام العطار، بالصّحة والعافية والتوفيق إلى كلّ ما يرضيه. والحمد لله رب العالمين.
http://www.islamtoday. netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/271)
من يوقظني من حلمي؟
فاطمة عبد الله
أنا لست ابنتك لا أختك ولا ابنة حميك ولا من بنات أخواتك وإخوانك.. ولا كما تتمنين أن أكون من بنات ذوي الشهرة والأثرياء..
يا معلمتي أنا فتاة صغيرة قدمت إليك من إحدى قرى بلادنا من إحدى المحافظات البعيدة ...
لقد فرحت مسبقًا عندما جاءني نبأ انتقال أسرتي من تلك القرية التي ترعرعت فيها وولدت فيها.. ولكن هي مشاعر الطفولة دوما وحب التنقل.. ولطالما سمعت عن تلك المدينة الساحلية الجميلة تلك التي انظر إليها كما تنظرين أنت إلى لندن وكندا..
كم هي لحظة رهيبة تلك الساعة التي دخلت فيها المدرسة، فلا ريب أني قد انتقلت من مدرسة إلى مدرسة وأيضا من الصف الأول إلى الصف الثاني.. كانت كل مشاعري مليئة بالأحلام.. وصدى فكري يصور لي ماهية هذه المدرسة..؟ ومن سأقابل..؟ وكيف سأقابل وأستقبل ... ؟
لم يكن في مخيلتي الصغيرة إلا تلك المدرسة التي أظن أنها (كبيرة) في قريتي وهي عبارة عن ستة فصول.. وغرفة للمديرة وأخرى للإداريات.. ولا أكذبك يا معلمتي أني قد تهيأت أن معلمتي الجديدة (نوره) قد تغيرت ولكن كيف؟!
قد تعجبين مني في تصوري لمعلمتي الجديدة.. إنها من عالم الخيال؛ بل هي كما أراه في عالمي الصغير (وكما تنقله لنا قناتنا الأولى) من مسلسلات حالمة بمعلمة هي أقرب لي من أم؛ بل صديقة قد وصلت إلى شغاف قلبي!
هيا نعود لأصور لك رهبة ذلك اليوم عندما أيقظتني والدتي صباحًا.. وتناولت إفطاري أعطتني والدتي ريالين وأضافت إليهما بثالث لتهدّئ من رهبتي ولتؤمنّ من خوفي الذي لمسته في أطراف أصابعي!
وذهبنا إلى المدرسة.. أمسكت أمي بيدي ودخلنا المدرسة وما زلت أظن أنني في إحدى طرقات الشارع..
دخلنا إلى تلك الساحة التي ضاعت نظراتي فيها فلا أدري إلى أي صوب أنظر.. سألت أمي عن المديرة.. التي بدورها أحالتنا بوجه عبوس إلى غرفة الإداريات..
( وأنا بدوري دخلت إلى عالم شبيه بالحلم أريد من يوقظني منه)
اتجهنا إلى غرفة الإداريات ولم تعرف والدتي من تكلم فالجميع يلتف حول طعام الإفطار... أومأت إحداهن إلى والدتي وقالت انتظري قليلاً... قامت بنظرات ثقيلة.
قالت: أنت (أم مها) كما وصلنا..؟
قالت والدتي: نعم.
قالت مدرستنا في زحام ولا ينقصها أعداد زيادة - وبمجاملة باهته - أردفت قائلة: ولكن من أجل خاطرك سنقبلها.
في هذه اللحظة دخلت إحدى المعلمات وقالت ممتعضة مخاطبة من بجوارها وبصوت كاد أن يؤدي بي: "أوووه إحنا ناقصين بنات وقرف".
(وأنا مازلت أنتظر من يوقظني من حلمي)
نظرت إلى نفسي وهندامي وحذائي الجديد كلها وكما يبدو لي ولوالدتي ولحالتنا المتواضعة في قمة الترتيب ولكن أين (القرف) الموجود فينا؟ صعدت بنا إحدى الكاتبات إلى أحد الفصول ثم طرقت الباب.. خرجت المعلمة وكان صوت التلميذات مع صوت (جدال) المعلمتين ووالدتي كاد يوقف قلبي... والدتي بشكلها المتواضع مع المعلمة السليطة مع الكاتبة المهندمة.
والدتي تتذلل والكاتبة تهدئ والمعلمة تصرخ وتقول أيضًا من منطقة (........) والكاتبة تقول ليست مسؤوليتي تفاهمي مع الإدارة.... وكأنني أنا ووالدتي لا نسمع من بعد المسافات!
(وأنا مازلت أنتظر من يوقظني من حلمي)
وبعد مفاوضات طويلة باءت بالفشل ذهبت بي إلى فصل آخر خرجت معلمة أخرى قائلة: "لا تقولين هذى بتكون عندي".
آه.. كم صعقت وليتني لم أسمع أكثر مما سمعت.
لقد انهار بناء شخصيتي لبنة لبنة في لحظات.. وقد بناه والداي في سنوات.)وأنا مازلت أنتظر من يوقظني من حلمي).
قالت الكاتبة نعم هي عندك بدون أي مناقشة...
قرع جرس الفسحة وخرجت التلميذات.. وقد تراءت أمام عيني يوم الحشر كما تخيلته منذ سمعت عنه.. احتضنت والدتي وأبديت لها توسلي أمسكتني وقالت: ادخلي الفصل فقد نزلت المعلمة والبنات.. اجلسي ريثما يعود الجميع هذا فصلك وهؤلاء سيصبحن صديقاتك.. وأنا مشغولة سوف اذهب وأعود بعد قليل..
تركتني... آآه.. ليتك تعلمين ما يجول بخاطري يا والدتي.. ذهبت وتركتيني..!
(وأنا مازلت أنتظر من يوقظني من حلمي).
رجعت البنات وخلفهن المعلمة.. تلك التي صورها لي (حلم الإعلام في مربياتنا).
جلس الجميع وأنا واقفة في الخلف تكلمت المعلمة ولم تشعر بي (لقد نسيتني) تكلمت بكلمات مختلفة اللهجة عني وكأنها طلاسم لم استطع ترجمتها. كل النظرات تصبو إلي وبعد برهة.. كل من يعيش عمري أخبر معلمتي عني.. قالت اجلسي مع إحدى زميلاتك إلى أن يحين وقت آخر.. وللأسف أنها لم تكلف نفسها بالتعرف على اسمي..!
جلست بقية اليوم (نكرة) فقط استمع إلى كلام معلمة وأوامر ملقاة منها وتلميذات مستمعات بينما أنا (فاتحة فمي) وقد شحب لوني..
(وأنا مازلت أنتظر من يوقظني من حلمي)
قرع الجرس للخروج إلى المنزل ارتجفت قدماي لأنني لا أعرف الطريق.. نزلت عشوائيًّا، ولم أر سوى ظلام حالك حولي وحدود بصري لاتصل إلا لحذائي الجديد.. فجأة أبصرت أمي فكأنها بدأت توقظني من حلمي فارتميت في أحضانها.. ونحن في الطريق إلى البيت قالت لي: مبروك المدرسة الجديدة يا (مها).. من هي معلمتك؟ ما أسمها؟
تثاقل لساني ولم استطع سوى أن أومئ بكتفي معبرة عن عدم معرفتي.. قالت: معقولة؟. قلت: نعم لم اسمع من البنات سوى قولهن (أبلة) سكتت والدتي وهي ربما تشعر بما أشعر..
وبعد أن أويت إلى فراشي بعد يوم منهك.. واسترجعت ذلك الكابوس الذي مر بي وقارنته بحلمي الوديع..!
الآن يا معلمتي.. سأحكي لك ما يجول بخاطري بعد أن حكيت لك عن يوم.. يوم واحد فقط. ولك أن تتخيلي كيف سيعود بناء ذاتي بعد ذلك اليوم كيف سأقيم ذاتي في مجتمع كهذا المجتمع؟!
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/272)
مواصفات المرأة المسلمة
المرأة المسلمة: تقية، نقية، صينة، عابدة.
المرأة المسلمة: حرة، أبية، أصيلة، كريمة.
المرأة المسلمة: قوية، ذكية، واعية، عاقلة.
المرأة المسلمة: صادقة، صابرة، سخية، رحيمة.
المرأة المسلمة: مطيعة، ودود.
المرأة المسلمة: بارة، رفيقة، معينة.
قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة).
أختي المسلمة: كوني صالحة بنتا، وزوجا، وأما، متمثلة معنى العبودية لله، واعية هدي دينها تؤمن إيمانا عميقا بأنها خلقت في هذه الحياة الدنيا لهدف كبير، حدده رب العزة بقوله: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). فالحياة في نظر المرأة المسلمة الراشدة ليست في قضاء الوقت بالأعمال اليومية المألوفة، والاستمتاع بطيبات الحياة وزينتها، وإنما الحياة رسالة، على كل مؤمن أن ينهض بها على الوجه الذي تتحقق فيه عبادته لله.
وهكذا تستطيع المرأة المسلمة أن تكون في عبادة دائمة، وهي تقوم بأعمالها كلها، كأنها في معبد متحرك دائم، مادامت تستحضر في نيتها أنها تقوم بأداء رسالتها في الحياة، كما أراد الله لها أن تكون. إنها لفي عبادة وهي تبر والديها، وتحسن تبعل زوجها، وتعتني بتربية أولادها، وتقوم بأعبائها المنزلية، وتصل أرحامها.. الخ، مادامت تفعل ذلك كله امتثالا لأمر الله، وبنية عبادتها أياه.
ولا يفوت المرأة المسلمة الواعية هدي دينها أن تصقل روحها بالعبادة والذكر وتلاوة القران، في أوقات محددة دائمة لا تتخلف، فكما عنيت بجسمها وعقلها تعنى أيضا بروحه، وتدرك أن الإنسان مكون من جسم وعقل وروح، وأن كلا من هذه المكونات الثلاثة له حقه على المرء.
وبراعة الإنسان تبدو في إحكام التوازن بين الجسم والعقل والروح، بحيث لا يطغى جانب على جانب، ففي إحكام التوازن بين هذه الجوانب ضمان لنشوء الشخصية السوية المعتدلة الناضجة المتفتحة.
فتلزم العبادة وتزكية النفس، وتعطي نفسها حقها من صقل الروح بالعبادة، فتقبل على عبادتها بنفس صافية هادئة مطمئنة مهيأة لتغلغل المعاني الروحية في أعماقها، بعيدا عن الضجة والضوضاء والشواغل، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. فإذا صلت أدت صلاتها في هدأة من النفس، وفي صفاء من الفكر، بحيث تتشرب نفسها معاني ما تلفظت به في صلاتها من قران وذكر وتسبيحات، ثم تخلو إلى نفسها قليلا، فتسبح ربها، وتتلو أيات من كتابه، وتتأمل وتتدبر معاني ما يجري على لسانها من ذكر، وما يدور في جنانها من فكر، وتستعرض بين حين وآخر حالها، وما يصدر عنها من تصرفات وأفعال وأقوال، محاسبة نفسها إن ندت عنها مخالفة، أو بدا منها في حق الله تقصير، فبذلك تؤتي العبادة ثمرتها المرجوة في تزكية النفس وتصفية الوجدان من أدران المخالفة والمعصية، وتحبط حبائل الشيطان في وسوسته المستمرة المردية للإنسان، فالمرأة المسلمة التقية الصادقة، قد تخطئ وقد تقصر، وقد تزل بها القدم، ولكنها سرعان ما تنخلع من زلتها، وتستغفر الله من خطئها، وتتبرأ من تقصيرها، وتتوب من ذنبها، وهذا شأن المسلمات التقيات الصالحات: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون).
والمرأة المسلمة التقية تستعين دوما على تقوية روحها وتزكية نفسها بدوام العبادة والذكر والمحاسبة واستحضار خشية الله ومراقبته في أعمالها كلها، فما أرضاه فعلته، وما أسخطه أقلعت عنه.
وبذلك تبقى مستقيمة على الجادة، لا تجور، ولا تنحرف، ولا تظلم، ولا تبتعد عن سواء السبيل
أتمنى من الله العالي القدير أن تتحلى المرأه المسلمة هذه الأيام بهذه الصفات والمميزات الهامة..... ".
http://www.mashail.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/273)
المرأة والاسترجال
عبد الرحمن صالح العشماوي
الرجولة صفة محمودة إذا أُطلقت على الرجل، وهي من صفات المدح التي يحرص كل رجل على أن يتصف بها، والأنوثة صفة محمودة إذا أطلقت على المرأة، وهي من صفات المدح التي تحرص كل امرأة على أن تتصف بها، إن رجولة الرجل قوة واستقامة واقتدار، وإن أنوثة المرأة قوة واستقامة واقتدار، وإنما تصبح الرجولة عيباً كبيراً حينما تحاول أن تتصف بها المرأة، وتصبح الأنوثة عيباً كبيراً حينما يحاول أن يتصف بها الرجل.
هذه مقدمة لحالة أَستأذنُ القراء الكرام والقارئات الكريمات في وصفها لهم وصفاً يوافق واقع تلك الحالة، وليعذرونني إذا آذيت مشاعرهم وأذواقهم، فناقلُ القبح ليس بقبيح - إذا صح لنا أن نحور المثل الشهير -.
بعد يومٍ حافلٍ قضيت فيه ما يقرب من خمس ساعات وأنا واقف أمام المتدربين في دورة الإلقاء المتميز التي أسعد فيها بلقاءِ الحريصين على التميز في اختيار الكلمة، وصياغتها، وأدائها، بعد هذا اليوم الحافل بالتعب أويت إلى غرفتي في فندق جميل، وقد عزمتُ على أن أذيق عينيَّ المجهدتين تلك اللذة الرائعة للإغفاءة بعد العناء، وما كدت ألقي بجسدي المتعب على السرير حتى لاح لي النوم كطائر نوراني يرفرف بجناحين رقيقين حول جفنيَّ المجهدين، وفرحت برؤية هذا الطائر البديع الذي سيهبط إلى عينيَّ حيث ينطبق على رقته جفناني فأشعر بلذة تلك الإغفاءة التي أتوق إليها، ولكن ذلك الطائر النوراني لم يهبط إلى عينيَّ، ولم يقترب من جفنيهما، بل لقد فاجأني بالابتعاد وتحليقه في الفضاءات النائية، حيث يئست بذلك من الحصول على تلك الإغفاءة التي أنا بأمس الحاجة إليها، ويبدو أن سهام السهر قد صوَّبت طائر النوم الجميل، فرحل عني إلى غير رجعة في تلك اللحظة العجيبة، وهنا مددت يدي إلى جهاز تشغيل صغير أنيق، سريع التجاوب مع أصابع من يستخدمه، وما كدت أضع إصبعي على أحد أزراره حتى سمعت وشوشة الشاشة التي أمامي حيث انفرجت أسارير وجهها الجامد عن وجه بدأ أكثر جموداً من شاشة التلفاز، لقد كان وجهاً يملأ الشاشة بصورة شعرت معها بأن كل زاوية في تلك الشاشة قد أسهمت في إبراز ملامح ذلك الوجه، وخطر ببالي سؤال سريع: أي كائن هذا الذي أرى وجهه الآن، وتسارعت إجابات مضطربة، انه وجه امرأة.. كلا.. بل هو وجه رجل،.. إنه وجه يتأرجح بينهما، فربما كان وجه رجل، وربما كان وجه امرأة، وربما كان وجه كائن بشري آخر من غير كوكبنا الأرضي، هل كان ذلك الوجه جميلاً؟ هل كان قبيحاً؟ هل كان منفراً؟ أسئلة تموت على ملامح ذلك الوجه الجامد الذي تئن شاشة التلفاز تحت وطأته.
وحسم الصوت الذي يتحدث به ذلك الوجه الموقف، وأكد لي أنه وجه امرأة وياله من وجه غريب عجيب.
عينان كأنهما مغارتان في جبل مملوءتان بمخلفات الحشرات والخنافس والجرذان، قد أحاطت بجفنيهما ألوان تشابك فيها الزرقة مع الخضرة مع السواد بصورة تؤكد علاقة هاتين العينين بالمغارتين المذكورتين.
وفم كأنه ثقب في جدار «خمارة» قديمة مشحونة الأجواء، بدخان السجائر المنتن، وبروائح الخمر القبيحة التي لا تدع لتنفس الإنسان السوي مجالاً للتردد في صوره.
هكذا بدا ذلك الوجه الأنثوي المسترجل، وهكذا كانت ملامحه جامدةً جمود تلك الشاشة التي تعرضه.
أما ما نطق به ذلك الفم "الثُّقْب" فقد كان جديراً بأن يكون معروضاً في خمارة قبيحة منتنة، يا لها من صورة بشعة لامرأة رجلة ظلت تهذي بكلام كثير عن الحرية الجنسية، ومصادرة الدين لحرية المرأة، وعن موضوع الحشمة والحياء والعرض والقيم، والأخلاق الحسنة، واصفةً كل هذه الفضائل بأنها أوهام عاش الناس في أسرها زمناً، وان المرأة والرجل مسؤولان عن كل شيء، ولهما الحرية في كل شيء حتى في الدين من حيث الأخذ والترك، والاقتناع وعدم الاقتناع.
وكان من اغرب ما خرج من «ثقب الخمارة» قول صاحبته: الشيوعية أفضل مذهب يرعى حقوق الناس، والشيوعية باقية صالحة لكل زمان ومكان، وإنما سقطت أنظمتها السياسية بسبب سوء التطبيق.
يا للهول أهكذا يستولي الوهم، وتستحكم البشاعة في بعض الغافلين من البشر؟ أتدرون ماذا قلتُ بعد رؤية ذلك الكائن البشري العجيب؟ قلت: اللهم اهدها إلى الحق وعافها من هذا الداء العضال، وحمدت الله - عز وجل - على نعمة الإيمان ودعوته ومازلت ادعوه لي ولكم بالثبات على الحق.
إشارة:
لا تقتلوا بالغفلة الأزهار.
http://www.suhuf.net.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/274)
وليس الذكر كالأنثى
إن كانت المرأة مساوية للرجل في أصل الخلقة وفي أغلب التكاليف وفي الحقوق، إلا أن لها خصوصيتها ولها مجالها، ولا ينكر هذا إلا مماحك.
إن جعل المرأة رجلا هو انتكاس في الفطرة، وجهل بحقيقة الخلقة، ولن يؤدي إلا إلى مزيد من الارتباك في حركة المجتمع، وإلى الاختلال في الموازين.
لقد استطاعت المرأة المسلمة أن تقوم بدورها في الإسهام الحضاري دون أن تفرط في وظيفتها الأصيلة، ودون أن تطالب بالمساواة مع الرجل، ولأن دور المرأة ومركزها في المجتع من المسائل التي كثر حولها لغط الغوغائيين في عصرنا الحاضر، فقد أردت أن أخط حولها هذه التهميشات التي أرجو من خلالها أن تنير الطريق لمن خطفت أبصارهن وعود المساواة الزائفة وشعارات التحرر الخادعة.
إن الفروق الجوهرية بين المرأة والرجل والتسليم بها من عدمه هي حجر الزاوية في قصة تحرير المرأة، ومع أنها لا تحتاج إلى بيان، إلا أننا في عصر انقلبت فيه الموازين وأصبحت الحقائق أوهاما.
لقد أثبتت البحوث والدراسات في ميدان علم الأحياء أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء، بدءاً بالصورة والأعضاء، وانتهاء بذرات الجسم وخلاياه النسيجية، وهذا الاختلاف يلقي بظلاله على التكوين الجسمي والنفسي للمرأة،فهي ضعيفة في الأول عاطفية في الثاني، وتبدو الآثار النفسية عند المرأة أكثر حدة في فترة الدورة والولادة، لأن التغيرات الجسمية المصاحبة تؤثر في القوى الذهنية والسلوك، وتضمحل قوة الجهد العقلي والتركيز الفكري أيام الحيض، إضافة إلى التهاب المجموع العصبي وتبلد الإحساس واضطراب الشعور، وبعض الأعراض المرضية الأخرى، وفترة الحمل لا تختلف كثيرا عن فترة الحيض، ولفترة ما بعد الحمل أعراضها وأمراضها.
ومن رحمة الله - تعالى - بالمرأة آن جعل مهمتها توافق بناءها الجسمي والنفسي، فأوكل إليها مهمة صناعة الرجال وهندسة الأجيال، وهي لعمر الله أشرف مهنة، بينما أوكل إلى الرجل مهمة السعي والحركة للضرب في الأرض والإنفاق على المرأة وأطفالها، وحين يحدث العكس فإن البشرية تنهار، وبدايات التصدع واضحة في المجتمع الغربي، أضرب لذلك مثلا واحدا، لقد أقنعت " دوت" زوجها " بايرون ايفانز" بضرورة قراره في البيت، فقدم استقالته من التدريس ليمارس مهمة تربية الأبناء والعمل المنزلي، وراحت دوت (رب الأسرة الجديد) تحصل الرزق للإنفاق على من تعول، وذات مرة حاول "بايرون" إسكات الطفلة "ماريش" فلم تطعه فتوترت أعصابه فصفعها بيده فازدادت بكاء، فما كان منه إلا أن دق رأسها ورمى بها أرضا ليجد طريقه إلى السجن، وتضطر الزوجة المسترجلة إلى العودة لوظيفتها الأولى بعد أن دفعت الثمن، وكما يقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - فإن المرأة ستظل اليد اليسرى للإنسانية، وسيظل عملها في البيت أكثر من عملها في الشارع، وسيظل الرجال حمالي الأعباء والأثقال في الشؤون الخاصة والعامة؛ لأن طاقة كلا الجنسين هكذا، ولأمر ما لم يرسل الله نبيا من النساء. إن الاختلاف الحاسم في طبيعة المرأة والرجل انجر عنه الاختلاف في المهمة.
والأهداف، ليواجه كل منهما مطالبه الأساسية في تكامل وانسجام، لذلك لا أرى كيف تستساغ هذه الثرثرة الفارغة عن المساواة الآلية بين الجنسين، إن المساواة في الإنسانية أمر طبعي، ولكن المساواة الآلية والوظيفية غير ممكنة وإن أرادها أهل الأرض كلهم، وإن عقدت لها المؤتمرات تلو المؤتمرات.
http://www. islamtoday. Net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/275)
ميزان العفة
الشيخ فيصل العمري
إن العفة هي ميزان كرامة المسلم والمسلمة، ولهذه العفة ميزان تقاس به عند ذوي العقول النيرة ألا وهو: الحياء، وإن مما يدل على كماله في نفس المسلمة، هو: كمالها في حجابها وجلبابها، فالحجاب والجلباب في هذا الزمن، بل وفي كل زمن هو ميزان العفة ومقياسها.
وإن تشريع الجلباب والعباءة فيه تحقيق لأعظم مقاصد الشرع في إقامة مجتمع طاهر، الخلق سياجه والعفة دثاره والحشمة شعاره لا تهاج فيه الشهوات ولا تثار فيه عوامل الفتنة.
والحجاب الكامل للمؤمنة شعار لعفتها وعلامة على صيانتها ودليل على دينها، وما شرع الحجاب إلا ليحافظ على هذه العفة وهذا الدين، ولصيانة المؤمنة من أن يخدش حيائها أو أن تخدشها أعين الناظرين من الذين في قلوبهم مرض.
وعليّ أن أقف وقفات سريعة في الحديث عن عباءة الكتف، أو العباءة المخصرة، عسى أن يكون فيها تنيه وتحذير:
1 - هذه العباءة في الحقيقة عباءة روج لها أعداء الإسلام من أجل إظهار تفاصيل جسد المرأة وليس للبحث عن الستر والعفة لها.
2 - أن المقصود من العباءة ستر الزينة وإخفائها لا التجمل والتزين، وعباءة الكتف المخصرة لا تحقق هذا، ويخشى على من تلبسها أن تأخذ حكم النساء الكاسيات العاريات، لأنها كاسية بهذه العباءة ولكنها في الحقيقة عارية من الحشمة والستر، فالعباءة هذه لم تحقق المقصود منها، فأصبحت من تلبسها كأنها لم تلبسها بل في بعض الأحيان لو ظهرت بدونها لكان اقل فتنة من الظهور بها.
3 – أن لبس عباءة الكتف من خصائص ملابس الرجال، فالرجال هم الذين يضعون العباءات على أكتافهم فلبس عباءة الكتف فيه تشبه بهم، وقد لعن الرسول- صلى الله عليه وسلم - من تشبه من النساء بالرجال.
هذا الكلام كله في عباءة الكتف العادية فكيف بالعباءة المطرزة أو الملونة أو الشفافة!
لذلك كله حرم العلماء عباءة الكتف لما فيها من الفتنة وعدم الستر واليكم نص فتوى أحدهم وهو: فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين - حفظه الله -:
ما حكم لبس المرأة عباءتها على الكتف بدل لبسها على الرأس؟
أمر الله المؤمنة بالستر الكامل لمنع الغير عن التطلع إليها:} ذلك ادني أن يعرفن فلا يؤذين {ولبس العباءة على الكتفين يؤدي إلى بروز الرأس وبيان حجم المنكبين وإظهار بعض تفاصيل الصدر والظهر، وهذا يلفت النظر نحوها ويجرئ الفساق إليها وإن كانت عفيفة، ويخشى عليها الدخول في قوله - صلى الله عليه وسلم -:صنفان من أهل النار)..... أحدهما:نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) ولبس العباءة على الكتفين خاص بالرجال فإذا لبست المرأة عباءتها على الكتفين صارت متشبهة بهم. والله أعلم.
http://www. aljmoom. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/276)
أحكام في زينة المرأة
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
يطلب من المرأة أن تفعل من خصال الفطرة ما يختص بها ويليق بها من قص الأظافر وتعاهدها؛ لأن تقليم الأظفار سنة بإجماع أهل العلم؛ لأنه من خصال الفطرة الواردة في الحديث ولما في إزالتها من النظافة والحُسن. وما في بقائها طويلة من التشويه والتشبه بالسباع وتراكم الأوساخ تحتها ومنع وصول ماء الوضوء إلى ما تحتها. وبعض المسلمات قد ابتلين بتطويل الأظافر تقليداً للكافرات وجهلاً بالسنّة.
ويطلب من المسلمة توفير شعر رأسها ويحرم عليها حلقه إلا من ضرورة. قال الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -في مجموع الفتاوى: "وأما شعر رءوس النساء فلا يجوز حلقه" لما رواه النسائي في سُننه بسنده عن علي - رضي الله عنه - ورواه البزار بسنده في مسنده عن عثمان - رضي الله عنه - ورواه ابن جرير بسنده عن عكرمة - رضي الله عنه - قالوا: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تحلق المرأة رأسها». والنهي إذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه يقتضي التحريم ما لم يرد له معارض. قال ملا علي قاري في المرقاة شرح المشكاة: "قوله: «أن تحلق المرأة رأسها » وذلك لأن الذوائب للنساء كاللحى للرجال في الهيئة والجمال".
وأما قص المرأة شعر رأسها فإن كان لحاجة غير الزينة- كأن تعجز عن مؤنته أو يطول كثيراً ويشق عليها- فلا بأس بقصه بقدر الحاجة. كما كان بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلنه بعد وفاته لتركهن التزين بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - واستغنائهن عن تطويل الشعر.
وأما إن كان قصد المرأة من قص شعرها هو التشبه بالكافرات والفاسقات أو التشبه بالرجال فهذا محرم بلا شك للنهي عن التشبه بالكفار عموماً وعن تشبه المرأة بالرجال.
وإن كان القصد منه التزين فالذي يظهر لي أنه يجوز.
قال الشيخ محمّد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- في أضواء البيان: "إن من العرف الذي صار جارياً في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام. فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسمت وغير ذلك".
ثم أجاب عن حديث: "أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة. بأن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قصرن رؤوسهن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - لأنهن كن يتجملن في حياته ومن أجمل زينتهن شعورهن، أما بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - فلهن حكم خاص بهن لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض وهو انقطاع أملهن انقطاعاً كلياً من التزويج ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع. فهن كالمعتدات المحبوسات بسببه إلى الموت، قال - تعالى -: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إنّ ذلكم كان عند الله عظيماً} [الأحزاب: 53]. واليأس من الرجال بالكلية قد يكون سبباً للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب. كما لا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك؛ لأنه طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
فعلى المرأة أن تحتفظ بشعر رأسها وتعتني به وتجعله ضفائر، ولا يجوز لها جمعه فوق الرأس أو من ناحية القفا. قال الشيخ محمّد بن إبراهيم: "وأما ما يفعله بعض نساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج- فهذا لا يجوز لما فيه من التشبه بنساء الكفار".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -في حديث طويل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف. لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». [رواه مسلم].
وقد فسر بعض العلماء قوله: «مائلات مميلات»: بأنهن يتمشطن المشطة الميلا، ويمشطن غيرهن تلك المشطة. وهذه مشطة نساء الإفرنج ومن يحذو حذوهن من نساء المسلمين.
وكما تمنع المرأة المسلمة من حلق شعر رأسها أو قصه من غير حاجة فإنها تمنع من وصله والزيادة عليه بشعر آخر، لما في الصحيحين: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة».
والواصلة: هي التي تصل شعرها بشعر غيرها. والمستوصلة: هي التي يعمل بها ذلك. لما في ذلك من التزوير.
ومن الوصل المحرّم لبس الباروكة المعروفة في هذا الزمان. روى البخاري ومسلم وغيرهما: أن معاوية - رضي الله عنه -خطب لما قدم المدينة وأخرج كبة من شعر فقال: ما بال نسائكم يجعلن في رؤوسهن مثل هذا؟! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من امرأة تجعل في رأسها شعراً من شعر غيرها إلا كان زوراً». والباروكة شعر صناعي يشبه شعر الرأس، وفي لبسها تزوير.
ويحرم على المرأة المسلمة إزالة شعر الحاجبين أو إزالة بعضه بأي وسيلة من الحلق أو القص أو استعمال المادة المزيلة له أو لبعضه؛ لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعلته، فقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - النامصة والمتنمصة. والنامصة: هي التي تزيل شعر حاجبيها أو بعضه للزينة- في زعمها- والمتنمصة: هي التي يفعل بها ذلك. وهذا من تغيير خلق الله الذي تعهد الشيطان أن يأمر به بني آدم حيث قال كما حكاه الله - تعالى - عنه: {ولآمُرنَّهم فليُغيرُنَّ خلق الله} [الأنبياء: 119].
وفي الصحيح عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله - عزّ وجلّ -". ثم قال: "ألا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في كتاب الله عزّ وجلّ؟!» يعني قوله: {وما آتاكم الرَّسولُ فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7].
ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره.
وقد ابتلي بهذه الآفة الخطيرة التي هي كبيرة من كبائر الذنوب كثير من النساء اليوم حتى أصبح النمص كأنه من الضروريات اليومية. ولا يجوز لها أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه معصية.
ويحرم على المرأة المسلمة تفليج أسنانها للحُسن بأن تبردها بالمبرد حتى تحدث بينها فرجة يسيرة رغبة في التحسين. أما إذا كانت الأسنان فيها تشويه وتحتاج إلى عملية تعديل لإزالة هذا التشويه، أو فيها تسوس واحتاجت إلى إصلاحها من أجل إزالة ذلك فلا بأس؛ لأن هذا من باب العلاج وإزالة التشويه ويكون ذلك على يد طبيبة مختصة.
ويحرم على المرأة عمل الوشم في جسمها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الواشمة والمستوشمة.
والواشمة: هي التي تغرز اليد أو الوجه بالإبر ثم تحشو ذلك المكان بالكحل أو المداد.
والمستوشمة: هي التي يفعل بها ذلك. وهذا عمل محرم وكبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من فعلته أو فعل بها، واللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر.
أما حكم الخضاب للنساء وصبغ الشعر فقد قال الإمام النووي في المجموع: "أما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمتزوجة من النساء للأحاديث المشهورة فيه".
يشير إلى ما رواه أبو داود: أن امرأة سألت عائشة - رضي الله عنها - عن خضاب الحناء فقالت: لا بأس به ولكني أكرهه فإن حبِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره ريحه. ورواه النسائي: وعنها - رضي الله عنها -قالت: «أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - يده وقال: ما أدري أيد رجل أم يد امرأة؟! قالت: بل يد امرأة. قال: لو كنت امراة لغيرت أظفارك » يعني بالحناء [أخرجه أبو داود والنسائي]. لكن لا تصبغ أظفارها بما يتجمد عليها ويمنع الطهارة كالصبغة المسماة "بالمنوكير".
وأما صبغ المرأة شعر رأسها فإن كان شيباً فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصبغ بالسواد. قال الإمام النووي في رياض الصالحين: باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بالسواد. وقال في المجموع: "ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة، هذا مذهبنا". أما صبغ المرأة لشعر رأسها الأسود ليتحول إلى لون آخر فالذي أرى أن هذا لا يجوز؛ لأنه لا داعي إليه لأن السواد بالنسبة للشعر جمال وليس تشويهاً يحتاج إلى تغيير، ولأن في ذلك تشبهاً بالكافرات.
ويباح للمرأة أن تتحلى من الذهب والفضة بما جرت به العادة وهذا بإجماع العلماء، لكن لا يجوز لها أن تظهر حليها للرجال غير المحارم بل تستره خصوصاً عند الخروج من البيت والتعرض لنظر الرجال إليها لأن ذلك فتنة. وقد نهيت أن تسمع الرجال صوت حليها الذي في رجلها تحت الثياب فكيف بالحلي الظاهر؟ قال - تعالى -: {ولا يضْرِبْن بأرجلهنَّ ليُعلم ما يُخفين من زينتهنَّ} [النور: 31]. والله أعلم.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/277)
لكل بنت جرفتها فتن هذا الزمان
نور الهدى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
رسالتي لكل بنت جرفتها فتن هذا الزمان ولا ألوم البنت وحدها ولكن ألوم محيطها ألوم من وضع التلفاز بدون رقابة ألوم الأب الذي شغلته الحياة عن تربية أبنائه وألوم الأم التي هامت في زيارات الصديقات وتركت خلفها من كان أحق بوقتها ابنتها التي هي كالزجاج إن تعرضت لأي ضغط انكسرت وإن لم تنكسر تنخدش وكل هذا لا نستطيع إخفائه فإن انخدشت أو انكسرت هذه الزجاجة فلا قيمة لها بعد ذلك لأنها تذهب بنظارتها ورونقها السابق.
ولكنني أوجه حديثي إليك أخيتي وأقول لك لا تجعلي المغريات تغريكي فيجب عليك تصارعي نفسك أو بالأصح شيطانك فأوصيك أخيتي من هذا الشيطان وأقول لك صارعيه بكل ما لديك من قوة صارعيه بتلاوة كتاب الله والتمعن فيه وليس فقط تلاوته ولكن حاولي أن تفهمينه وتفسرينه بمساعدة تفسير القرآن أو أحد المشايخ كي تفهمين كلماته العظيمة التي هي مفتاح لحل كل مشاكلنا فسبحان مسخره لنا والله يا أختي لو تمعنتي في هذا القرآن لما احتجت إلى حكيم لحل مشاكلك ففيه حل لجميع مسارات حياتنا فلا أطلب منك إلا صلاة ركعتين وتلاوة بعض الآيات حتى لو قلت وانظري إلى السعادة التي تجدينها بعد ذلك فإن في هذا القرآن راحة لكل شقي وشفاء لكل مريض علاج لكل سقيم وفرحة لكل حزين وأعلمي أن الله يعطيك على قدر ما تثقين فيه فاجعلي ثقة بالله وأعلمي أنك كلما تغلبت على شيطانك كلما أضعفتيه وكلما استجبت له انتصر عليك وازداد قوة فلا تمكنيه منك أرجوك فجاهدي نفسك فالجهاد ليس بالحرب فقط ولكن الجهاد مع النفس أيضاً.
وفي نهاية رسالتي أسال الله أن يهدينا رغما عن أنفسنا ويعيننا على أنفسنا اللهم آمين
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/278)
رفقا بكيس الشاي
فوزية الخليوي
تعددت التشبيهات من الشارع الحكيم للمرأة!! فمن وصفها كالقوارير، من حيث رقة طبعها وانكسارها!! إلى كونها كالضلع الأعوج، لتقبلها كما هي، بسلبياتها وإيجابياتها!! داعياً السامع لفهم نفسية المرأة، وطبيعتها التي جبلها الله عليها!! أما من حيث انخراطها في أكاديمية الحياة والصبر، وراعية مع الرجل في مملكتهم الصغيرة.
فأقرب التشبيهات لها عندئذٍ مقولة: إن المرأة مثل كيس الشاي لا تعرف مذاقه إلا بعد أن تسكب عليه الماء المغلي عندها يتبين لك الطعم واللون الحقيقي.
ولا يمنع من وجود هذا الطعم الرائع، من كونه تارة يطفو، وتارة يغوص في كأس الرجل؟ فبالطفو تطفو معه المشاعر السلبية العميقة التي تختزنها المرأة في ذاكرتها ويأتي هنا دور الرجل بأن يكون أكثر اتزاناً وتعقلاً.
أليس الشاعر يقول:
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى *** ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
وكروعة الشاي طعماً ولوناً ورائحة كانت روعة المرأة في الحقبة الأولى من التاريخ الإسلامي، تضحية، ومحبة، وعطاء.
من الخفرات البيض، أما حرامها *** فصعب وأما حلها فذلول
فهذه البضعة النبوية فاطمة - رضي الله عنها - وأكرم الخلق على نبيه، قد أعطت زوجها علي بن أبي طالب، حتى بذلت راحتها ووسعها فقد جرحت بالرحا يدها واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها، وقمت البيت حتى أغبرت وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، وأصابها من ذلك ضر.
نعم، تخلل هذه العلاقة بعض الوهن فها هو علي بن أبي طالب يخطب ابنة أبي جهل! وها هو النبي- صلى الله عليه وسلم - يغضب، كما جاء في رواية البخاري: فلا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم. ثم هو يحكي تألم فاطمة ويترجم مشاعرها فإنما هي بضعة مني، يريبني ما آرابها، ويؤذيني ما آذاها"وهذا الحدث بين الزوجين هو ما يسميه بعض النفسيين أزمة منتصف الزواج وسرعان ما تتخطى سفينة الزوجية هذه الصعاب حتى تخترم المنية فاطمة - رضي الله عنها -فنجده - رضي الله عنه -واقفاً على قبرها في لحظة من أصدق لحظات الإخلاص العاطفي من محب لحبيبته فيقول:
لكل اجتماع من خليلين فرقة ***وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحدا بعد واحد ***دليل على أن لا يدوم خليل
ولهذا الطعم الرائع عدة مزايا:
وفائها بلا حدود:
1-فهذه قصة الحب الرائعة بين الحسين بن علي- رضي الله عنه- وزوجته الرباب بنت أنيف أم ابنته سكينة حيث بذر البذرة الأولى من غراس المودة، فما لبثت إلا قليلاً حتى أينعت وأصبحت شامخة في وجه أعاصير الحياة، فها هو يصدح بها عالية أمام قومه:
لعمرك إنني لأحب دارًا *** تحل بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل جل مالي *** وليس للائمي فيها عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعا *** حياتي أو يعليني التراب
فهذا الموقف القوي والصريح في إعلان مودته أثمر لديها وفاء لا محدود، بعد مقتله، حيث وجدت عليه وجدا ًشديداً، وقالت:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما *** ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وقد خطبها بعده أشراف قريش فقالت: ما كنت لأتخذ صهراً بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووالله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقف أبداً، ولم تزل عليه كمدة حتى ماتت!.
2-تقديم محبته على جميع أهلها:
فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عندما دخل عليها والدها أبو سفيان بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة، أراد أن يجلس على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطوته فقال: يا بنيه! أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه قالت: بل هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك.
فانظر إلى عظيم ودها، على أنها قدمت من الحبشة، ولم تر والدها لمدة طويلة ولم تلهها حرارة اللقاء عن غيرتها على محبها، أو حتى المساس بخصوصياته.
3-تقدم تضحيات جبارة:
عندما يملأ الزوج عليها عقلها، ويسلب بوده مشاعرها، يترجم من قبل المرأة إلى مواقف بطولية جبارة، وما حدث في هذه القصة مصداقاً لذلك، وقد ذكرها ابن سعد في طبقاته، حينما دخل مسلم بن عقبة المدينة المنورة في موقعة الحرة، قتل يزيد بن زمعة، فتبعته أم ولد ليزيد، حزينة، وقد ملأت ناظريها بصورة المحب المغدور به! وهي تسير وراء العسكر يومين أو ثلاثة، ومات مسلم ودفن بثنية المشلل (وهو جبل يبعد عن مكة 85 ميلاً) فما كان منها إلا أن نبشته ثم صلبته على الثنية.
رفقاً بكيس الشاي:
فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهي ممن ساهموا في إنجاح الهجرة النبوية بمواقفها المشرفة، فمن قصة ذات النطاقين إلى تسكينها لجدها، وقد ذهب والدها بجميع ماله، فأتته ببعض الأحجار وقالت: يا أبه ضع يدك على هذا المال.
ثم يتم التزاوج بين شخصيتها، ذات المبادئ والقيم بشخصية أيضاً عظيمة ذات فكر وطموح، هي شخصية الزبير بن العوام، ثم لا يمنعها رضاها به مع مالها من شرف، أن تمارس العديد من الأعمال الشاقة، وأن تعطي بلا حدود.
فتقول: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، فكنت أعلف فرسه، وأسقي الماء، وأخرز دلوه، وأعجن، ولم أكن أحسن أعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير وهي على ثلثي فرسخ إلى بيتي.
ولكن كان يتخلل هذا التزواج بين أصحاب المثل والمبادئ بعض المنغصات كعصبية الزبير الشديدة، حيث كان شديداً على النساء، وكان يكسر عليهن عيدان المساحب، كما جاء في المصنف، لقد كان الزبير من ذلك النوع الذي يملأ عقل المرأة قبل قلبها.
فقد كان فارساً شجاعاً جريئاً كان يحمل صفات القوة بكل معاني الكلمة، مما يحقق للزوجة الصفة التي تنشدها في بيت الزوجية، وهي الإحساس بالأمان، ولكنه لا يستطيع أن يملك نفسه عند الغضب فيضربها.
وهذا أثر طبيعي من أثر القوة الغضبية التي يحملها بين جنبيه مما أهلته لأن يكون من فرسان الإسلام المشهورين على مر التاريخ.
وهنا ينفرط كيس الشاي، وينشق ويخرج ما به من وريقات دفعة واحدة، فلا يستمتع حينئذ لا بطعمه ولا بمذاقه لأنه من توالي اللكمات، أقصد السكبات المغلية استنفذ طعمه، وعندها نفقده بالكلية.
وهذا ما حدث بين الشخصيتين العظيمتين إذ انفرط عقد الزوجية كانفراط كيس الشاي.
ولا يمنع ذلك من نتاج تربوي هائل، يتمثل في أبنائهما وعلى رأسهم عبد الله الخليفة المجاهد، وعروة العالم الورع، ومصعب القائد الشجاع.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/279)
احذري.. حتى لا تكوني منهن
لباس أهل النار حرام وسحت:
1- لقد انتشر في الآونة الأخيرة بشكل كبير بيع محلات الملابس النسائية (البناطيل النسائية) بشتى أنواعها وتعلمون - حفظكم الله - خطر انتشار لبس البنطلون بالنسبة للنساء، فهل يأثم من يقوم بتصنيعها أو استيرادها أو بيعها؟ وهل المال المكتسب من بيعها حرام أم حلال؟ وما نصيحتكم لأصحاب المحلات والعاملين فيها؟
الذي أراه تحريم لبس المرأة للبنطلون لأنه تشبه بالرجال (وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: المتشبهات من النساء بالرجال) ولأنه يزيل الحياء من المرأة، ولأنه يفتح باب لباس أهل النار حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صنفان من أهل النار لم أرهما – وذكر أحدهما – نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) ولا يحل استيرادها ولا صناعتها، والكسب الحاصل منها ومن كل لباس محرم حرام وسحت؛ لأن الله - تعالى - إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ووسائله. ونصيحتي لأهل المحلات الذين يبيعونها أن يتقوا الله - تعالى - في أنفسهم وفي مجتمعهم وأن لا يكونوا سببا لإيقاعهم في الإثم، وأبواب الرزق الحلال مفتوحة – ولله الحمد – والقليل من الحلال خير من الكثير من الحرام. أسال الله - تعالى - الهداية للجميع.
(الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -).
2- حكم وضع العباءة على الكتف:
ما حكم وضع (العباءة) على الكتف أثناء الصلاة؟ مع العلم أنه لا يوجد رجال في نفس المكان؟
لا يجوز للمرأة وضع العباءة على الكتفين. لما في ذلك من التشبه بالرجال، (وقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) ولكن يجب عليها أن تستر بدنها في الصلاة بغير هذه الكيفية: فالسنة للمرأة كشفه في الصلاة كالرجل إذا لم يكن لديها رجل غير محرم، أما الكفان فالأفضل سترهما، لعموم الأدلة وفق الله الجميع.
(الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -).
3- حكم لبس العباءة المطرزة:
ما حكم لبس (العباءة) التي في أطرافها، أو أكمامها قبطان أو غيره؟
محرم، حيث أنه يؤدي.. فيا أختي المسلمة حكمي عقلك وفكري وتمعني في لبسك للعباءة فهل يعقل أن تستري الزينة بزينة أخرى، وهل شرع الحجاب إلا لإخفاء تلك الزينة؟ فلنكن على بينة من أمرنا ولنعلم أن أعداء الإسلام يحبكون ضدنا مؤامرة على الحجاب. فيا أيتها المسلمة أنقذي نفسك فإن متاع الحياة قليل والآخرة خير لمن أتقى، فلا تغتري بمالك ولا جمالك فإن ذلك لا يغني عنك من الله شيئا" وأني أنذرك وأحذرك بأن النبي?: قال في النساء وأنت إحداهن:
(اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) وأنقذي نفسك من النار. اعلمي أنك أعجز من أن تطبقي عذاب النار فإن الجبال لو سيرت في النار لذابت "فأين أنت من الجبال الراسيات والصم الشامخات؟ أنقذي نفسك من النار واستجيبي لمنادي الحق واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. وأن الآخرة هي مسعانا وأن طالت الآمال في الدنيا. فماذا تريدين يا أخيه من هذه العباءة المزركشة التي تشتريها بمئات الريالات وأنت توضعين في القبر في كفن من أرخص الأقمشة؟ فهل تنفعك هذه العباءة في ظلمة القبر؟فتذكري نفسك وأنت في الموضع.
(الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -)
4- حكم حف الحواجب أو صبغها.
ما حكم حف الحواجب؟ أو صبغها بألوان أخرى؟
بالنسبة للحواجب الأصل إعفاؤها وعدم نتفها لأنها زينة، وشعرها هكذا جاء ونبت في حال الصغر ونتفها محرم (لعن الله النامصات والمتنمصات) سواء أكان النمص بالنتف أو الحلق أو بقص شيء منها، كل ذلك داخل في هذا الوعيد، والواجب على المرأة أن تعتبر هذا شيئاً خلقه الله ولا نغير من خلق الله شيئاً، ولأنها إذا نتفت أو قصت أو حلقت فإن الشعر يعود بعد حين ويرجع إلى ما كان عليه مما يستدعى قصه مرة ثانية وثالثة.. وهكذا، فالواجب أن تتوب إلى الله وتبتعد عما يستوجب اللعن والوعيد الشديد.
وهكذا التشقير الذي هو صنع شعر الحاجبين بشيء ملون وهذا أيضا محرم داخل في قول الله - تعالى -
(ولآمُرَتًهُمْ فَلَيُغَيُرنً خَلْقَ الله) (سورة النساء، آية 119) والحديث الذي فيه لعلن المغيرات خلق الله فلا يجوز لها ذلك. (الشيخ عبد الله بن حبرين - حفظه الله -).
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/280)
ستة أَصفار
أم حسان الحلو
مال، أعمال، رجال، أوراق، أقوال، توقيعات على أوراق رسمية وشخصية.. أعمال تنهمر كالمطر على شركة السيدة نفيسة، تلك الشركة الصغيرة التي ترعرعت على يد صاحبتها بسرعة مذهلة، وأصبحت حديث مجالس رجال الأعمال وقبلة معاملاتهم، لما وجدوه من احترام للمواعيد ودقة في الأداء. إذ إن السيدة نفيسة تحترم نفسها وتؤدي عملها بإتقان بالغ وإبداع مذهل. فقد تربت على الجد والمثابرة وحب التفوق وكانت تذهل معلماتها حين تقدم دراساتها وأبحاثها وتحقيقاتها.
وعندما كبرت نفيسة كانت توجز عباراتها وتحدد أهدافها، فهي لا تحب الحديث عن نفسها كثيًرا.. لكنها كانت تعشق الحديث مع نفسها:
كنت أحلم ببضع دولارات لا تتجاوز المئات أضغطها في كفي الأيمن وكانت تنتهي طموحاتي عندما يصطدم خيالي بسقف مئات الآلاف من الدولارات.
ومنذ أيام قليلة وقعت على وريقة بيضاء صغيرة ملأت موقع الصفر السادس من المليون!
وإني لأستجدي أيامي أن تعود القهقرى... وأدس بين طياتها كل الأوراق لتبخر ذاك"الفيلم"الأسود الذي رأيته على غير ميعاد.
وقلبت بين يديها ذاك"الفيلم الأسود"باحثة فيه عن خط أبيض واحد فقط عله يبعثر عتمة سواد الصورة الحالك، فلا تجد، وتعود بخيبة أمل تكسو الكون والحياة وشاحًا حالك السواد!!
ستة أصفار.. أتتني عبر وريقات ملونة ما بين الأبيض والأصفر والوردي والأخضر والأحمر.
وفتحت بتراخٍ بعض أدراج عملها، وأخذت تقلب أوراقها وتفكر في ماضي أيامها وحاضرها.
ستة أصفار.. جعلتني محط أنظار الناس، الكل يتحدث إلي ويخطب ودي. يسعد من يضاحكني ويبتهج من يؤانسني.
أحاول أن أصغي إلى أحاديث البلغاء فلا أجمع منها كلمات تصلح لجملة مفيدة، أشيح بوجهي وأنظر إلى أشيائي الصماء فأسمع أحاديثها في نبضات قلبي ووجيبه!!
لهف نفسي! هل أستطيع التماسك لحظة واحدة بعد أن ألملم أشيائي وأخرج من مكتبي؟
وسارت خطوات وئيدة نحو مكتبها ووقف موظفو شركتها ينظرون إليها نظرات شاردة ويتحدثون إليها بعبارات مبهمة.
كانوا يحاولون مواراة حزنهم العميق، فقد تسربت نتائج تقريرات السيدة نفيسة المرضية التي أذهلت الجميع وأصابتهم الرّحفة...
دخلت السيدة نفيسة مكتبها وأغلقت الباب خلفها وبدأت تلملم أشياءها التي أبت إلا أن تحدثها: نفيسة..
كم ضغطت على أزراري بأنامل نابضة واثقة لا تعرف الخطأ، وكونت جملا مفيدة ورسمت تخطيطات رائعة. نفيسة أرجوك لم تقومين بفصل أجزائي بأيد مضطربة، وتنظرين إلي ولمن حولي كالذي تدور عيناه من الموت، نفيسة هل من عودة إلي وإلى أرقامك وصفقاتك ومخططاتك؟
لا. فقد خُطط لك -أيها الوفي الذكي- غير الذي خُطط لي، قل لي بربك: هل تملك خطا ناصع البياض يستطيع أن يبدد عتمة"فيلمي الأسود"؟
ثم نظرت إلى ساعتها، الوقت يمر مسرعا أم بطيئا لا أدري، ساعات قليلة ودقائق معدودة وتأتي سيارة العائلة لتنقلني إلى المستشفى، ثم إلى غرفة العمليات لاستئصال..
وانكبت على مكتبها باكية.. يرتجف كل كيانها.
دخلت والدتها على غير عادتها مكتب نفيسة وأمسكت بيد مديرة الشركة أمام موظفيها الذين خضّبوا وجَنَاتِهم بالدموع..
ونظرت إلى ساعة الحائط، وخاطبت ابنتها قائلة:
انظري الوقت يمضي يا بنتي.. توكلي على الله.. ولن يضيعك أبدًا.. استمعي.. هذا أذان العصر بدأ يرتفع.ساعة وقت، كلمات كنت أستثمرها جيدا، جمعت من خلالها ستة أصفار، أما الأذان..
فكم تركته خلف ظهري!! وأغمضت عينيها، تريد أن تهرب من الماضي والحاضر والمستقبل، تريد أن تقدم على لحظاتها الحاسمة، تريد أنْ ولا تريد، أتقدم، أتحجم، أتبكي، أتدعو، أتودع، أتقبل، أتتجاهل، أتبصر، أتسمع، أتنسى؟!
وتقدمت والدتها بهدوء مصطنع فقالت: نفيسة، ابنتي هيا بنا.
جالت نظراتها في كل المواقع، ومسحت كل الوجوه فقد أعياها البحث عن خيط أبيض واحد.
وإذ رجل ركيك الحال يدخل مبتسمًا مستبشرًا داعيًا مبتهلا مناديًا:
أين السيدة نفيسة؟ أريد أن أبشرها، دعوني أحدثها، دعوني...!!
ودخل الرجل ولم يوقف سيل كلماته المتدفق سوى إشارة السيدة نفيسة إلى أمها أن امنحيه بعض المال لكي يسكت، وقبل أن تقدم له أي شيء قال: لا، والله ما لهذا جئت، جئت لأبشرك أن ولدي المحروق قد تعافى تماما بفضل الله أولا ثم بفضل نفقتك عليه أيتها السيدة الكريمة!
واستغرق في الدعوات والابتهالات، ووعد أن يدعو لها بجوار البيت العتيق!
أما هي..فقد رفعت رأسها وخاطبت نفسها قائلة:
خيط أبيض واحد وقف شامخًا خلف أصفاري الستة، فأغدق عليّ بحارًا من الطمأنينة.
أسألك يا رب: أن تتقبل قليل عملي وتضاعفه، وركزت بصرها على المليون ودخلت غرفة العمليات وهي تقول:
قد أوقَدَت شمعة عطائي مشاعل رجائي.
http://www.islamtoday.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/281)
بصراحة لا للضرب ( 1 )
وصلت قضية ضرب الزوجات إلى درجة الظاهرة التي تستحق البحث والدارسة، والمتابع لمجريات المجتمع الكويتي يلاحظ بروز هذه الظاهرة في قاعات المحاكم، وعلى صفحات الصحف بين الأهل والأصدقاء الساعين للصلح بين زوجين متخاصمين، وقد يكونان مطلقين، والعامل المشترك في كل هذا وذاك هو قيام الزوج بضرب زوجته، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى تبادل الكلمات الجارحة بين الزوجين ويزداد الطين بلة عندما يكون هذا الأمر على مرأى ومسمع من فلذات الأكباد.
أجري هذا الاستبيان من خلال عرضه والإجابة عليه من قبل شريحة كبيرة من الأزواج والزوجات (مئة زوج ومئة زوجة) من مختلف الأعمار والمستويات الثقافية والاجتماعية وكانت النتائج كما يلي:
السؤال الأول: الضرب أسلوب تأديبي يتبعه الكثير من الأزواج من أول خطأ؟ جاءت إجابات كل من الأزواج والزوجات برفض الضرب كأسلوب تأديبي، بنسبة عالية جداً، بلغت عند الزوجات (95%) ولم يوافق عليه أيضاً (80%) من الأزواج.
بينما وافق عليه (7%) من الأزواج و (5%) من الزوجات، فيما اعتبر (13%) من الأزواج أن الضرب أسلوب تأديبي يتبعه الكثير من الأزواج من أول خطأ إلى حد ما، وهذا يدل على رفض المجتمع برجاله ونسائه للضرب كوسيلة تأديبية وللوهلة الأولى.
السؤال الثاني: هل الضرب المبرح يدفع الزوجة إلى التمادي في الخطأ مرة ثانية؟
واستمراراً لرفض كل من الزوجات والأزواج لمبدأ ضرب الزوجات رأت نسبة عالية من الأزواج والزوجات أن الضرب المبرح يدفع الزوجة إلى التمادي في الخطأ مرة ثانية، بمعنى أن الضرب الذي وقع على الزوجة زاد من المشكلة وجعل الزوجة تتمادى في الخطأ مرة ثانية، إذ وافق على هذا القول (59%) من الأزواج ووافق عليه إلى حد ما وهي إجابة تقترب من الموافقة (28%)، بينما لم يرفض سوى (13%) فقط من الأزواج، وجاءت إجابات الزوجات قريبة أيضاً من إجابات الأزواج حيث رأى (42%) منهن أن الضرب المبرح يدفع الزوجة إلى التمادي في الخطأ مرة ثانية واقتربت من هذا الرأي أيضاً (37%) منهن في حين رفضه (12%) من الزوجات. وبناء على ذلك نرى أن الضرب ليس العلاج الواقي في حال وقوع الخطأ، بل إنه قد يكون دافعاً للتمادي والإصرار على الخطأ.
السؤال الثالث: هل الضرب يشعر الزوجة بالدونية والذل والرغبة بالانتقام؟
اقتربت آراء كل من الأزواج والزوجات حول هذا القول مؤكدة على ما جاء فيه من أن الضرب يشعر الزوجة بالدونية والذل والرغبة في الانتقام، فقد وافق على هذا الرأي (64%) من الأزواج و (69%) من الزوجات، واقترب من الموافقة (27%) من الأزواج و(20%) من الزوجات، بينما علق بالرفض (9%) من الأزواج و(11%) من الزوجات.
وهذه النسبة من الإجابة العالية بالموافقة على هذا القول تؤكد الآثار السيئة التي تتبنى على الضرب غير المشروع للزوجة، فهو كأي ضرب آخر وسيلة عقوبة وإيذاء، وإذا وجه بغير حق كان دافعاً للانتقام.
السؤال الرابع: هل الضرب المبرح يدفع الزوجة لطلب الطلاق؟
وقد لاقت هذه العبارة قبولا كبيراً لدى كل من الأزواج والزوجات حيث وافق عليها (56%) من الأزواج و (63%) من الزوجات واقترب من الموافقة (30%) من الأزواج و(27%) من الزوجات.. وهذا يؤكد على أن الضرب إلى جانب أنه يشعر الزوجات بالمهانة فإنه قد يدفع الزوجات لطلب الطلاق.
في حين لم يوافق على هذا القول سوى (14%) من الأزواج و (10%) من الزوجات.
وهذا يشير إلى ناحية مهمة من آثار الضرب غير المشروع في الأسرة حيث يكون من دواعي طلب التفريق والطلاق، وينبني على ذلك انفصال الزوجين وانتهاء العلاقة الزوجية، ولا شك في أن لذلك آثاراً جانبية أخرى على الأبناء والمجتمع ككل.
http://al-farha.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/282)
بصراحة لا للضرب ( 2 )
السؤال الخامس: هل حدث أن ضربت زوجتك (ضربك زوجك) ذات يوم؟ على الرغم من أن نسبة عالية من الأزواج والزوجات أجابوا بأنهم لم يضربوا زوجاتهم أو يتعرض للضرب من قبل أزواجهم ذات يوم بلغت هذه النسبة (72%) لدى كل من الأزواج والزوجات، إلا أن نسبة أخرى لا يستهان بها بلغت (28%) لدى كل من الأزواج والزوجات اعترف الأزواج بضرب زوجاتهم وكذلك اعترفت الزوجات بأنهن تعرضن للضرب، وتراوح عدد مرات الضرب بين مرة ومرتين، أو عندما يحتاج الأمر وحتى الاستمرار في الضرب.. إذ أجاب (21%) من الزوجات بأنهن يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن باستمرار..
وهذه نسبة عالية بلا شك، وهي تعني أن العادات والتقاليد أو العصبية تتغلب على المنطق والمثل أحياناً، فبالرغم من الإجابات الواضحة برفض الضرب في الأسئلة الأولى من هذا الاستبيان، نجد ممارسته فعلياً لدى نسبة عالية من الأزواج.. وهذه ظاهرة تحتاج للتوقف عندها ودراستها بشكل مستقل. نفى 72% من عينة الأزواج الذين شاركوا بالاستطلاع أنهم ضربوا زوجاتهم، وبسؤالهم عن أهم الأسباب التي تمنعهم من ذلك جاءت أجوبتهم مختلفة ومتنوعة، وأمكن حصرها في النقاط التالية: زوجتي متفهمة وإيجابية في كل شيء؛ لأنها طيبة ولأنني لا أعتمد أسلوب الضرب.
الضرب ليس أسلوباً تربوياً، والقرآن والسنة نصحاً بالضرب في حالات النشوز فقط وعند استنفاد وسائل النصح والوعظ. تعرف حق الله في زوجها وأولادها وبيتها؛ لأن الزوجة مكملة للرجل فإذا اعتدى عليها فكأنما يعتدي على نفسه؛ لأنني تزوجتها عن قناعة وطلبتها من أهلها وكانت معززة مكرمة، ولأن الضرب لا يغير عقل الزوجة. الضرب ليس من شيم الأزواج الأكفاء.
الشريعة الإسلامية لا تسمح بالضرب المبرح، وأنا عاقل لا أتسرع في الحكم على الأمور التي تصدر من زوجتي؛ لأنني لم أشاهد أبي يضرب أمي.
السؤال السادس: للرجال: تنسى الزوجة الضرب والإهانة بعد فترة فهل تعود إلى ارتكاب الأخطاء الكبيرة؟! أجابت نسبة كبيرة من الأزواج بالموافقة الصريحة، أو إلى حد ما على هذا القول (59%) (20 موافق- 39 إلى حد ما) وهذا يدل على موافقتهم ضمنياً بأنه لابد من الضرب ثانية كي لا تعود الزوجة إلى الخطأ، وهذا يدل على اعتقادهم بأن الزوجة تنسى الضرب وما كان من أجله فتعود للخطأ، ربما عدّل ذلك نسبة مقاربة (41%) من الذين لم يوافقوا على هذا الرأي.
للزوجات اللاتي تعرضن للضرب من قبل أزواجهن: إذا تأثرت نفسياً فهل عاودت الخطأ؟ وبالرغم من الآثار السيئة التي تعرضت لها الزوجة اللاتي تعرضن للضرب من قبل أزواجهن إلا أن نسبة عالية منهن أجبن بأنهن يعاودن الخطأ مرة أخرى ولم يتوقفن عن ارتكاب الخطأ حتى بعد الضرب، فقد رأى ذلك (50%) من الزوجات اللاتي تعرضن للضرب وتقارب إجابتهن (30%) من اللواتي قلن أنهن يعدن أحياناً للخطأ في حين قال (20%) منهن أنهن لم يُعدن الخطأ مرة أخرى. وهذه النسبة العالية التي تصل إلى الضعف من اللواتي تعرضن للضرب تدل على أنهن لم يعدن يتأثرن بالضرب ويمتنعن عن الخطأ، بل يعدن إليه كدافع للرفض والانتقام.
وهذا أيضاً يدل على ظواهر نفسية غير سليمة، منها عدم المبالاة بالضرب والإهانة وتعمد الخطأ كمحاولة ناقصة للرد والتعويض، وكل ذلك يشوه الحياة الزوجية ويسيء إليها بالغ الإساءة.
السؤال السابع:
(نساء): هل الضرب وسيلة لتأديب الزوجة؟
لم يجد هذا التساؤل أية نسبة تأييد من الزوجات اللاتي تم استطلاع رأيهن في قضية ضرب الزوجات، فلم توافق زوجة واحدة على اعتبار الضرب وسيلة لتأديب الزوجة في كل الأحوال وعلى إطلاقه.
بينما رأت النسبة الغالبة، أن الضرب ليس وسيلة للتأديب إذ رأت ذلك (65%) من عينة الدراسة وفي ذلك تأكيد على عدم جدوى الضرب أو القبول به كوسيلة للتأديب.
ومن جانب آخر اعتبر (35%) من الزوجات أن الضرب وسيلة من وسائل تأديب الزوجة ولكن ليس في كل الأحيان.. واضعين في اعتبارهن أن هناك وسائل وأساليب أخرى غير الضرب يمكن للزوج أن يعالج بها المشاكل التي قد تنشأ داخل الأسرة، وعلى ذلك فإن اللجوء للضرب لا تعتبره الزوجات وسيلة للتأديب.
السؤال الثامن:
قد ترد الزوجة على الضرب بنفس الأسلوب فتضرب الرجل (بعض الزوجات)؟
لم تستبعد نسبة كبيرة من الأزواج والزوجات أن يقوم بعض الزوجات بالرد على الضرب بالأسلوب نفسه فتضرب الزوج، فقد اقتربت إجابات الأزواج والزوجات في الموافقة على هذا الرأي، حيث رأى (24%) من الأزواج و (27%) من الزوجات أن بعض النساء يمكن أن يقمن بالرد على الضرب بالأسلوب نفسه فيضربن أزواجهن، واقترب من الموافقة على هذا الرأي أيضاً نسبة عالية بلغت (41%) من الأزواج و(27%) من الزوجات في حين أن (35%) من الأزواج و(45%) من الزوجات رفضن الموافقة على ذلك.
وهذا أيضاً يدل على إمكانية كبيرة لحدوث مقابلة للضرب بمثلها، وفي ذلك ما فيه من تعميق الخلاف بين الزوجين وتحويله إلى شجار، وقد يؤدي إلى ارتكاب جريمة أو الطلاق.
http://al-farha.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/283)
أختاه ... احذري رفيقات السوء
إلى أختي الغالية التي آمنت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً. إلى حفيدة الخنساء وأخوات أسماء وسمية التي سرى الإيمان في قلبها.
إلى من أحبت الله ولله وفي الله، إلى التي أنعم الله عليها بالعفاف والطهر والعقل،نقدم بين يديك هذه النصيحة عسى أن تجد صدى طيباً في نفسك.
أختي في الله!
فلا يخفى عليك أن الإنسان فطر على حب الاختلاط والعشرة وعلى حب المدنية فهو مدني بطبعه والإنسان يتأثر بمن يخالط فلذلك قيل:
أنت في الناس تقاس بمن اخترت خليلاً
فاصحب الأخيار تعلو وتنل ذكراً جميلاً
أختاه!
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
فلذلك يا عزيزتي أنت لا ترضين بنفسك أن تعيشي في مكان وحل ضيق مليء بالقاذورات والأوساخ وذلك تكريماً لجسدك وتطهيراً له وكذلك لأنك فطرت على حب النظافة والحسن وترك القبيح وكذلك نفسك وروحك فطرت على حب الخير وعلى الطيب من الأقوال والأخلاق لا خبيث الأقوال والأخلاق.
أختي الحبيبة!
النفس أكثر ما تتأثر به، تتأثر بمن تصاحب.
فإن صاحبتِ ساقطة تعودتِ على مخالفة الفطرة التي قد تؤثر على روحكِ الزكية فتصبح روحاً شريرة.
وإذا خالطتِ من تخالط الرجال غير المحارم لها وتعاكس عبر الهاتف، تصغر المعصية في عينيك فأنت هنا تتأثرين وتستهونين المعصية وهكذا حتى تجرك إلي بحر الرذيلة بعد بحر الطهر والعفاف.
أختي الحبيبة!
اتخذي قراراً سريعاً بالبعد عن رفيقات السوء لأنهن يعقنك؟ عن الالتزام والاستقامة، وقد تجدين أن هذا القرار صعب لأنه يحتاج إلى تضحية؛ لأنهن الرفيقات اللاتي يعرفن عنك كل صغيرة وكبيرة وأنت كذلك تعرفين عنهن كل شيء، عزيزتي تأملي قوله - تعالى -: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (الفرقان: 27- 28) وقال - تعالى -: (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (البقرة:167).
عزيزتي!
هاهي الأمور بيدك فتعجلي بالقرار وأعلني البراءة في الدنيا قبل الآخرة، فأي الطريقين أهون عليك أن تعلني البراءة والتخلي!
1- عن جليسات السوء وصديقات الغفلة.
2- أو أن تلقى الله على هذه العلاقة حتى تتبرئين منهن يوم القيامة؟
أختي الغالية:
من ينهاك عن مصادقة الأشرار يدعوك لصحبة القوم الذين لا يشقى بهم جليس، أتعلمين أختي أن رجلاً قتل مائة نفس ظلماً، وحين جاء لعالم يدله على طريق التوبة أمره أن يسافر من قريته ليلحق بقوم صالحين فمات في الطريق فغفر له، وهو لم يعاشرهم أما سمعت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المرء مع من أحب).
أختاه؟
لا تقولي إنك تجدين المتعة كثيراً مع هذه الرفقة وأنك تلقين المرح والمزاح الذي يزيل عنك السآمة، فإنك ستجدين المرح والمتعة ولكن في جو منضبط بالضوابط الشرعية وستجدين ما هو أهم من ذلك حياة القلب وسعادته، وتبقى هذه الأخوة والصداقة رصيداً يدخره المرء ليوم لا ينفعه غيره حين تزول كل الصلات ويلعن كل خليل خليله ويتبرأ كل متبوع من تابعه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)، إنها حلاوة الإيمان ولذته التي لا يمكن أن تقاس بها حلاوة المعصية وصحبة الأراذل.
وإليك أختي هذه القصة التي هي ليست من نسج الخيال وهي من آثار صحبة السوء.
(تقول: أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاماً،لم أكمل دراستي علماً بأنني من المتفوقات، ولكن عند مرحلة المراهقة ودخول الثانوية تغير كل شيء فقد تعرفت على صديقات مستهترات، فأصبحت منهن، لا أهتم بدراسة ولا بزيارة أهلي ولا حتى بالنزهات بسبب التلفون فقد تعلمت منهن أشياء ضارة فقد أصبحت من المدخنات وشربت الخمر وتعلمت الخروج في آخر الليل والذهاب إلى الشقق والسهر هناك حتى الصباح لدرجة أني فقدت أعز ما تملك أي فتاة ... .!
أختي الحبيبة!
وها أنت بعد سماعك لهذه القصة احذري مخالطة المرضى فتمرضين ثم بعد ذلك تهلكين، ومرضك هو أن تستدرجي إلى بحر الرذيلة وهلاكك هو النار وبئس القرار وعليك بالصحبة الطيبة التي تذكرك في الله، فلذلك حق لك أن تقول:
وحدة الإنسان خير من جلوس السوء عنده
وجليس الصدق خير من جلوس المرء وحده
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/284)
يا عروس .. هل أنت ربة بيت ؟!
هدى عبد الله
التهاني تزف.. والتبريكات تتوالى.. الكل مبتسم متفائل، يدعو لها بالتوفيق والسعادة، ها هي أحلى عروس تزف إلى زوجها في أسعد ليلة على قلب والديها وأحبتها وأقربائها..
الأيام الأولى البهيجة تمر عليهما في هناء وحبور، ثم تمضي لتدخل الزوجة في مسؤولية كبيرة وواجبات عديدة، ومعمعة عظيمة من مهام منزلية لا ساحل لها، وما أن يخرج الزوج إلى الصلاة حتى تهرع الزوجة إلى الهاتف، مستغلة هذه الفرصة التي لا تعوض، لسؤال أمها: كيف أصنع بهذا، وأين أضع هذا، وهل يوضع ذاك في الثلاجة أم لا، وكيف ينظف ذاك، وقبل كل وجبة تختلس الزوجة أيضاً بضع دقائق لسؤال أمها عن أبسط أبجديات الطبخ وتحضير الطعام..
قلق مستمر، وهم مقيم، في أيام يفترض أن تعيش الفتاة فيها الاستقرار العاطفي والهدوء النفسي، وأن تشيع الراحة في منزلها الجديد، ليأنس بها الزوج وتقر عينه..
تقول م.ن: لقد كنت ولله الحمد متقنة للأمور المنزلية قبل زواجي؛ فأنا الكبيرة وتحملت مسؤولية بيت أهلي مبكراً، ومع ذلك وجدت صعوبات بعد زواجي كنت أفتقد الخبرة بها، كتنظيم الوقت ومراعاة الأوليات، لقد اعتقدت أني ماهرة لما كنت ألقاه من الثناء والتشجيع من أهلي، ولكن بعد زواجي كان زوجي يريد كل شيء مثالياً، أو قريباً من المثالي، ولا يرضى عن أية هفوة، وكم مرة تحطمت بعد بذل الجهد؛ إذ لا يعجبه عملي لتقصير بسيط، لكني بعد فترة تأقلمت وأصبحت أعرف ماذا يريد تماماً، وأحاول تحقيقه.
أما أم هانئ؛ فقد كانت تكتفي بمساعدة أمها في الأمور السهلة اليسيرة، فتحصل لديها ثقافة بسيطة بالأمور المنزلية الأساسية، لكنها بعد زواجها وجدت صعوبة في أمور الطبخ التي تلتهم وقتاً وجهداً، ثم تغلبت عليها فيما بعد، مع قليل.. أو ربما كثير من صبر زوجها..
وعلى خلاف ذلك تقول أم خالد: لم أكن أتقن شيئاً بذك، ربما لأني تزوجت في سن صغيرة وربما لعدم تفرغي أيضاً، المهم أنه كان لذلك أثر واضح بعد الزواج وخاصة في البداية، أما الآن فمع كثرة ممارستي للعمل واستفادتي من تجارب الأخريات والاستعانة بكتب الطبخ تحسن الوضع، وإن كان ندمي شديداً على تفريطي قبل زواجي..
أسباب الفشل:
تدلي الأستاذة صالحة شيخ - المعلمة المثالية على مستوى المملكة في التدبير المنزلي - برأيها في هذا الموضوع؛ فتقول:
من أبرز أسباب فشل الفتاة في إدارة المنزل بعد زواجها، الاعتماد على الخدم في كل شيء، وإضاعة الوقت بحثاً عن كل جديد في الموضة والأزياء والنزهات، بالإضافة إلى عدم قيام الأمهات بواجبهن في التربية والإعداد، وبما أني معلمة للتدبير المنزلي فإني أحرص على سؤال طالباتي من منكن قامت بتطبيق الدرس السابق في بيتها، وفي كل مرة يكون الرقم من خمس إلى سبع طالبات، وأكثر من ثلثي الفصل يشتكين لي من أن أمهاتهن لا يسمحن لهن بدخول المطبخ حتى لا يبعثرن محتوياته أو يعملن على اتساخه، رغم أنهن طالبات في المرحلة المتوسطة؛ بل إن مما يزيد من حزن وإحباط الطالبات أن بعض الأمهات يطلبن من بناتهن شرح الطبق المطلوب للخادمة وهي تقوم بتحضيره، وهذا مما يحطم ثقة الطالبة بنفسها فيزيد ابتعادها عن المطبخ، وربما كانت حجة الأم عدم إشغال ابنتها عن الدراسة!.
وتؤيد هذا الرأي، من حيث عزو أسباب الفشل إلى الأم والبنت معاً، الأستاذة حصة الهدلق - المشرفة التربوية لمادة الاقتصاد المنزلي في غرب الرياض - حيث تقول:
هذا الداء في نظري اشترك في صنعه الطرفان، الأم والفتاة نفسها، فالوالدة قد تقصر أحياناً في تربية البنت على تحمل المسؤولية في إدارة المنزل وفنون الطهي وغير ذلك، إما رحمة بها أو عدم ثقة، بالإضافة إلى سلبية الفتاة نفسها وعدم رغبتها في التعلم، أو ضعف شخصيتها وإحساسها بالمسؤولية.
انتبهن قبل الزواج!
تقول مها ناصر: أرى أن الفتاة الذكية، ستتعرف على الأمور المنزلية بعد زواجها، بحكم طبيعتها المنزلية، وإحساسها الإجباري بالمسؤولية.
لكن حنان تخالفها الرأي في ذلك؛ فتقول: من الضروري أن تتعلم الفتاة أمور تدبير منزلها قبل الزواج، حتى لا تقع في ورطة، أو موقف محرج أمام الزوج أو ضيوفه وأهله، فالمواقف الأولى سلباً أو إيجاباً هي التي تركز في ذهن الزوج، ومنها غالباً يحكم على زوجته!.
وتشير أم هديل إلى شيء أساس في تعلم مهارات الطبخ، فتنصح الفتيات ألا يكتفين بشراء كتب الطبخ الكثيرة قبل الزواج فحسب؛ فهي لا تسمن ولا تغني، إذا لم يكن ثم تطبيق عملي لها تحت نظر الأم مثلاً، والدخول للمطبخ ومشاهدة الإعداد عياناً والمشاركة فيما بعد، فلتجربة الطبخ الأولى رهبة تتمنى الفتاة إن لم تشعر بها وهي في مطبخ زوجها، حتى لو كانت المقادير والطريقة مكتوبة.
وتفرق أم هانئ في ضرورة التعلم بين أشياء وأشياء، فترى أن هناك أموراً أساسية في الحياة العملية لا بد للفتاة من أن تتقنها، سواء تحملت مسؤولية بيت أم لا، كطريقة فصل الملابس البيضاء في الغسيل، وكإعداد الطبق الرئيس (الكبسة) والسلطة وترتيب السفرة، واستقبال الضيوف ومعرفة الواجبات الاجتماعية، والسؤال عن الغائب والترحيب بالحاضر، وهناك أمور أخرى ثانوية يمكن للزوجة أن تكتسبها مع الخبرة بعد الزواج، لا سيما وأن الزوج يكون معتاداً على وضع معين في بيت أهله يختلف عن وضعها، فلا بد للفتاة مع تعلمها للأساسيات من التحلي بالمرونة والهدوء، لتتكيف مع متطلبات زوجها، وأن تكون متقبلة للنقد البناء منه، وتحاول الإصلاح والتحسن، ونقطة مهمة؛ عليها البعد عن الرتابة والتكرار ومحاولة تعلم الجديد وتجربته..
وعن تدارك الفتاة لنفسها قبل الزواج، خاصة تلك التي لا تعرف شيئا وقد أحست بالخطر، تقول الأستاذة صالحة شيخ: المشكلة أن أكثر فتياتنا لا يشعرن بهذا الشعور، فالفتاة في فترة ما قبل الزواج يكون الشغل الشاغل لها ولأهلها تجهيز الفساتين والإعداد لحفل الزفاف، ونسيان هذا الجانب المهم من شخصية الفتاة، فجيد شعور بعض البنات بأهمية التعلم للشؤون المنزلية، والواجب عليها أن تخصص جزءًا من وقتها في هذه الأيام لتعلم إعداد الأساسيات في الطعام والغسيل والتنظيف والترتيب، وأن تحرص الأم على ذلك كل الحرص، فمتى أتقنت البنت هذه الأمور اطمأنت الأم على حياة ابنتها الزوجية.
وترى الأستاذة حصة الهدلق، أنه يمكن استدراك الخطأ عن طريق الاطلاع على كتب الطبخ مع محاولة تجربتها، وطرق تنظيف الأدوات والأجهزة، وأساليب الغسيل والكي، كما يمكن الاستفادة من خبرات الأخوات والصديقات عند الحاجة.
وماذا بعد الزواج؟
إذا تزوجت الفتاة قبل أن تأخذ القدر الكافي من التعلم والممارسة، ووقع الفأس في الرأس كما يقولون، فما هي المبشرات التي يمكن للزوج أن يتفاءل بها؟ وهل سيكون هذا الفشل أمراً مؤقتا سرعان ما تغيره الأيام، أم سيلازم الفتاة أثره حتى بعد مجيء الأطفال وكثرة المسؤوليات؟
الأستاذة حصة الهدلق ترى أن ذلك يعتمد على عدة أمور: مثل شخصية الزوجة والزوج، وطبيعة الأسرة وظروفها ومستواها المادي، فعندما تقتنع الفتاة بخطئها في التفريط وترغب في التعديل إلى الأفضل؛ فإنها سرعان ما تتحسن، كما أن وقوف زوجها إلى جانبها ومساندته لها وتشجيعه يساعد في سرعة هذا التغير..
وأقصد بطبيعة ظروف الأسرة، أين تعيش هذه الأسرة الصغيرة؟ فإن كانت مع أهل الزوج فإن هذا التغيير يأخذ وقتاً أطول، كما أن مستوى الزوج المادي والقدرة على استقدام طاهية أو عدة خدم يقلل من مدى جدية الزوجة في إتقان هذه المهارات..
وتتفاءل الأستاذة صالحة شيخ أيضاً، بأن هذا الفشل مؤقت وسيزول بإذن الله إذا حاولت الفتاة أن تجتهد بصدق وعزيمة وتصلح ما فات، فالكتب الخاصة بهذه الأمور ميسرة وسهلة التنفيذ، وما عليها سوى أن تشمر عن ساعديها وتدخل المطبخ بثقة وقوة أمام مواجهة الفشل، وسيكون النجاح حليفها بإذن الله..
نصيحة للأمهات
تؤكد الأستاذة صالحة شيخ، على أن الأم هي المعلم الأول لأبنائها وبناتها، والتصاق البنت بأمها تتعلم منها كل ما يعينها على السير الصحيح في هذه الحياة، فإذا كانت الأم اتكالية معتمدة على الخدم حتى في كأس الماء، فمصير ابنتها معروف وقد تخرجت من هذه المدرسة الفاشلة.
كما ترى الأستاذة حصة الهدلق، أن على كل أم تعليم بناتها أساسيات إدارة المنزل وتوضيح الأهمية لهن، حتى لو لم تكن البنت محتاجة إلى ذلك في الوقت الحاضر، إذ إن المرء لا يعلم ما تأتي به الأيام، وقد تتقلب به فجأة من حال إلى حال، فتحمد البنت حينذاك لأمها بعد نظرها وحصافتها، كما أن الفتاة أيضاً بحاجة إلى إثبات ذاتها واستعراض مهاراتها في إدارة منزلها.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/285)
الداعية مع زوجها
الشيخ يحيى اليحيى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: تجهل كثير من الزوجات الطيبات أنها مشاركة لزوجها في الأجر والعمل الذي يجريه الله - تعالى - على يديه متى ما احتسبت وهيئة له الجو المناسب في منزله لاستجماع قوته وأفكاره، وشجعته وصبرته وقوت من عزيمته على المضي في دعوته ونشاطاته الخيرية. هذا الجهل أو قولي التجاهل أحيانا أثمر عن نتائج غير جيدة في علاقاته معها بل تسببت في زرع عوائق في طريق الداعية ومن ذلك:
1. كثرة التشكي منه أو عليه بسبب بعده عن المنزل أو تقصيره في طلباتها.
2. كثرة الطلبات وعدم مراعاة الأوقات المناسبة في طرحها أو طلبها.
3.عمل مقارنة ظاهرية بعيدة عن الوعي مغفلة أسرار البيوت غير مدركة للسلبيات، بين زوجها وأزواج أقاربها أو صديقتها ومعارفها. وليتها عملت مقارنة مع كثير من البيوت التعيسة التي تعيش حياة الصخب والتهديد والضرب والاعتداء من جراء المخدرات أو الفضائيات أو غيرها.
4. ضعف الأداء التربوي لأبنائها بحجة أن المسؤولية تقع عليه أولا.
5. فقدان البسمات الجميلة من على وجهها بسبب تأخر زوجها أو كثرة مشاغله.
6. إجراء المواعيد مع الأقارب والأحباب دون النظر إلى إمكانات زوجها في تحقيق مطلوبها.
7. سرعة التأثر بأحاديث النساء وتصديقها لكل ما يقال.
8. التنكر لحسناته ومواقفه الطيبة منها.
9. الاهتمام بالمظاهر والزخارف الجوفاء.
10. عملية الإسقاط والإحباط لعزيمته بسبب دنو همتها: فهمته في الثريا بينما همتها في الثراء، فعلى حين يحضر البيت وكله هم من منكر وقع أو واجب ترك إذا هي مشغول بالها بموضة جدت أو لباس أخطأ الحائك في خياطته.
المطلوب من خلال التجربة لا غير :
1. الدعاء له بالتثبيت أمامه وخلفه وهذا من أقوى الأسباب في شد أزره ولا يكلفك أختي الكريمة شيئا. 2. القيام بشئون الأولاد وعدم التشكي منهم أو كثرة الاتصال عليه وأخباره بما جرى منهم، فقد قالت خوله - رضي الله عنها - في بيانها: ولي منه أولاد إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا"دلالة على دور المرأة الرئيسي في التربية.
3. جمع الطلبات وتنسيقها وتحري الفرصة المناسبة له في قضائها.
4. تذكيره دائما بأبواب الخير وإعانته عليها.
5. تصبيره وتذكيره بالأجر والثواب وحسن الصبر والمواصلة متى رأت منه مللا أو تشكيا وتعبا.
6. تحمل جميع أعباء البيت وجميع ظروفه وأحواله وعدم إخباره بما لا يسر أثناء سفره حتى لا تشل حركته.
7. مساعدته في جمع المعلومات أو كتابة الموضوعات أو الأفكار الجديدِة، والقيام بالكتابة أو الطباعة له إن قدرت على ذلك.
8. الاقتراب منه متى ما رأته منه ميلا وإقبالا عليها، وتترك له الفرصة في الابتعاد والانفراد في البيت أو المبيت متى ما أحست رغبته في ذلك.
9. عدم عرض أي طلبات أثناء تعبه أو شروده الفكري، أو أثناء مداعبته وحضور شهوته والبعد عن الاستغلال المشين والقبيح لذلك.
10. الاهتمام بالمظهر الجميل والهندام الأنيق عند قرب حضوره للبيت.
11. تهيئة الجو المناسب لراحته ونومه بعيدا عن ضوضاء الأطفال وضجيجهم.
12. كثرة التجديد والتغيير في مواقع الأثاث من البيت مما يعطي مناخا مناسبا للراحة النفسية.
13. القيام بصلة رحمه والاطمئنان على أحوالهم فإن هذا يختصر كثيرا من وقته ويرضي عنه أقاربه.
14. حسن الاستقبال بل الاستبشار بضيوفه واحتساب الأجر في إكرامهم.
15. البعد التام عن الإسراف والتبذير في أي شيء من المستهلكات (الطعام، الماء، الكهرباء، اللباس وغير ذلك)
16. الصبر وعدم التشكي من كل عارض أو وعكة صحية مع الاهتمام الشديد بالرقية أولا، ومحاولة التخلص من الأدوية الكيماوية بقدر المستطاع.
http://www.mashail.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/286)
المرأة الصامتة والمرأة الثرثارة
تعتقد بعض النساء أن الصمت خصلة حميدة، وصفة تعلي من شأن المرأة.. وأخذن يطبقن تطبيقاً أعمى المثل القائل:
إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
فأغلقت الواحدة منها فمها إغلاقاً محكماً، وأصبحت كالآلة الصماء في بيتها.
يدخل الرجل المسكين إلى داره متعباً منهكاً، وهو يحلم بكلمة لطيفة رقيقة تمس شغاف قلبه فتمحو عنه كل أثر للتعب لكنه لا يجد أمامه إلا امرأة آلية تضع له الطعام وهي صامتة، وتأكل معه وهي صامتة، لا يسمع إلا صرير أسنانها وقت المضغ ثم تقوم لغسل الأطباق، وتنصرف إلى شؤون البيت الأخرى، وإذا نطقت نطقت ببيان مسهب عن حاجات البيت ومتطلباته.
وهناك فريق من النساء يعتقدن أن كسب قلب الرجل وجذبه واستمالته تكون بإطالة الحديث والإطناب في الروايات..
يدخل الرجل إلى داره وكأنه داخل إلى وكالة أنباء عالمية تافهة، فهي تستقبله وفي رأسها مليون خبر، وتبدأ في سرد أخبار الأولاد- الخادمة – الجيران – البقال – التليفون – الأصدقاء..
ولكثرة الأخبار وتزاحمها في رأسها نراها تقص الخبر ولا تكمله بل تنتقل إلى خبر ثان وثالث فتتداخل الأخبار وتضارب القصص، فيتعسر على المستمع المسكين أن يفهم خبراً واحداً وكل ذلك ينتج عنه صداع مزمن يرتمي على إثره الزوج مريضاً فيستسلم للنوم هرباً من نوبة إخبارية جديدة، وكلا الصورتين لها خطورة بالغة على الحياة الزوجية.
فالصمت التام يبعث الملل في النفس، ويفتح هوة سحيقة في قلب الزوجين مما يهدد العلاقة بالتمزق والانفصال، والثرثرة تجعل الرجل يشعر بتفاهة زوجته واستصغارها، وعدم تقديرها أو الثقة بكفاءتها.
فعلى المرأة أن تكون واعية وذكية، وتعرف الأوقات المناسبة وتختبر المواقف.
فهناك مواقف تحتاج إلى إيجاز في الكلام كأن يكون الرجل تعباً مرهقاً، أو يكون منشغلاً بأمر مهم فعليها أن تقدر موقفه وتوجز له الحديث.
وهناك مواقف تحتاج إلى إطناب في الحديث إذا كان الزوج قد أخذ قسطاً من الراحة وعنده فضل وقت.
وعلى المرأة أن تختار حديثاً ذا مغزى تجذب زوجها به للدخول في مناقشات مفيدة وأن تتبادل معه الآراء
والمرأة الذكية هي التي تعرف طبيعة عمل زوجها، وتتفهمه، وعليها أن تشاركه في مشكلاته العملية، وأن تضع معه حلولاً مناسبة. وعليها أيضاً أن تشارك زوجها في هواياته، وتوسع ثقافتها في كل ما يحبه زوجها حتى يجد طعماً لحديثها.
فالصمت والثرثرة إن لم يستخدما في مواطنهما الحقيقية كانا سبباً في ترسب الجفاء في نفوس الزوجين.
http://www.sahab.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/287)
دعوها في دفئها
بدرية الغنيم
دعوها في دفئها.. لا توقظوها من أحلامها؛ فتفيق على برد الحقيقة، تقرص طموحها وتفل من عزمها، دعوها وكأنها أمة وليدة غضة الإهاب، وكأنها نبتة ربيعية في خريف الشوك والآلام، دعوها سوف تنمو.. دعوها في عالمها الذي ارتضته حينما فشلتم أن تصنعوا لها عالماً آمنا.. دعوها فإن في أحلامها معنى الحياة، ليست كواقعكم يعج بالقتل والتشريد والإرهاب، دعوها ترسم حلماً جميلا قد تحققه غداً فتسعدون.
لا ترفعي يديك الجميلتين، أخفي بهما وجهك البريء وأحلامك النزيهة؛ فإن أحلاماً ترينها الآن في عالمك الطفولي يتوق لعيشها الكبار ولو للحظات.
هل كنت تتمنين خالد بن الوليد أو سعداً والمثنى وأبا دجانة - رضي الله عنهم -؟ هل كنت تنادينهم ولا تريدين أن يُسمع صوتك؟! كم أنت طاهرة؟
هل تخافين أن تفضح عيناك رؤاك لغدك؟ هل تشرقان عن أحلامك؛ فأنت تخشين عليها من اللصوص وقطاع الطريق وكلاب الجيف؟ هل تجيدين الأحلام والكلاب تجوب الشوارع وتروع البيوت.. أنت إذاً قوية؟
أم أنك تخفينها عن عدسة المصور، عتباً على الأمة، ولسان حالك يقول: ألم تسمعوا ندائي وتوجعي وتفجعي؟
هل تخفين دموعاً حرى على بلد سليب؟ هل تخفينها عن الكلاب حتى لا يفرحوا لحزنك.. أنت إذاً حكيمة؟
هل ذهب الرفاق، رفاق اللعب؟ هل ماتوا فأنت تتذكرين طيفهم وملاعبهم؟ أم أنك تتذكرين الأم التي رحلت والأب المفقود؟
أم أنك تصنعين مقارنة بينك وبين من أمامك، ماذا تراها كانت النتيجة؟ حتماً لصالحك، فكفتك الراجحة، انظري لطهر يديك وما تخفيان، وانظري إلى يديه وما تحملان، شتان شتان.. وانظري لملابسك الزاهية.. فيها معنى الحياة والجمال والوضوح، وانظري إلى ملابسه وفيها التمويه والتخفي والغدر والجبن، وقارني سبابتك الموحدة، وانظري لسبابته القذرة وقد وضعها على الزناد، هيأها لنواياه الظالمة، ثم انظري جرأتك تجلسين في مقابله ولم تعيري سلاحه اهتماما، وهذا الشعور يقتله بدل المرة ألف مرة، ها هو أدار ظهره لك، وهذا فعل الجبناء وخسيسي الطبع، إذ لا يعدم الإنسان قلباً يرحم الصغير، هل هابك؟ أتراه هابك؟ لا شك، أم أنه خجل أن تريه بعتاده الذي جاء يسرق به الأرواح والمال و الدين؟ أم أنه يخشى أن يرق قلبه ويلين؟
هل هو الذي أمرك بستر وجهك؛ لأن براءتك توقظ إنسانيته فيضعف عن حمل السلاح ويتخلى عما قطع الفيافي والقفار لأجله؟ لا أظنه كذلك، كم استعذب أنهار الدم في فلسطين وأفغانستان؟ وكم جندل من أرواح بريئة في العراق؟ وكم دفن الطفولة في مهدها؟
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/288)
عقلاؤهم يشتكون
في العام الماضي اشتكى البروفسور ((مارتن فان كارميلد)) من أن الجامعة العبرية حرمته من حقه في التعبير بعد أن منعت نشر مقابلة له، يقول فيها: إنَّ كل مؤسسة راقية يدخلها النساء يهبط مستواها.
وكلامه ما جاء من فراغ، إنَّه نتيجة التتبع لأحوال مجتمعه وما وصل إليه بسبب إخراجه المرأة من بيتها وإجبارها على مخالفة فطرتها، ودفعها من خلال وسائل الإغراء للوقوع في كل ما يشينها، باسم المساواة ونيل الحقوق بالعمل جنباً إلى جنب مع الرجل، بصرف النظر عن ذلك العمل إن كان يلائم فطرتها أم لا؟
ولا يمكن لعاقل منصف أن يقول: إنَّ ترك المرأة بين الرجال تعمل معهم جنباً إلى جنب، في الليل والنهار، في خلوة وغيرها لا يولد انصرافاً من العمل إلى أمور مشينة، تجعل هَمَّ المرأة التزين للرجال، وصرف همها إلى تصيد نظراتهم حتى أصبح معيار الأنوثة عندهم: مدى قدرة المرأة على كسب أكبر قدر ممكن من النظرات المحرمة، والكلمات الجارحة للحياء، وتعلق القلوب بها، وأصبح هم الرجال تصيد مكامن ضعف النساء، واختيار الغزل المناسب لكل واحدة منهن؛ هذا غير ابتزاز الأعراض الذي لم تنج منه امرأة غربية ـ حسب إحصاءاتهم ـ التي ينشرونها، ويتألمون بسببها، ويرون انخفاض مستوى الأعمال من جرائها.
ولقد أحسنت بعض الحكومات صنعاً عندما منعت الاختلاط في المدارس والجامعات والأعمال، ولو فتح هذا الباب لما بقي للمسلمين أعراض يفتخرون بها، ولعم الفساد كل مكان، كما هو حاصل في الغرب حيث يندر أن تبقى فتاة عذراء بعد المرحلة المتوسطة، بل إنَّ وسائل منع الحمل تحملها الفتيات في حقائبهن إلى المدارس، فكيف بالمرحلة الجامعية وما بعدها من أماكن العمل؟ لا يشك عاقل أن الأمر أسوأ!!
ويكفي أن نعلم أن أكثر من مليون حالة ولادة من سفاح تحصل في أمريكا كل عام، هذا مع انتشار طرق منع الحمل ووسائل الإجهاض. وديننا دين الطهارة والعفة حفظ الأعراض وصانها بل جعل التعرض لها بالكلام من أعظم الذنوب وأشنعها بل يعاقب عليه بالجلد تأديباً لمن وقع في عرض مسلم.
فهل تعي المنبهرات بالعالم الغربي ذلك؟ نرجو الله - تعالى -!
http://dawahwin.com بتصرف من:
-ـــــــــــــــــــ(83/289)
امرأة في ذاكرتي..!
عبد الوهاب الناصر الطريري
سألتني أن أكتب لك شيئاً من ذكرياتي مع المرأة، وما كنت أحسب مسألتك ستثير من كوامن الشعور، وخوافي الوجدان ما أثارت.
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما *** أطار بليلى طائراً كان في صدري
لقد استثرت ذكريات أعادتني إلى صبا الصبا وبدوات الشباب. وبيت من الطين في زقاق مسدود منشعب من سكك (دخنة) ودروبها.
وكانت دويرتنا هذه وإن ضاقت عن كثير من وسائل الترف إلا أن حجرها المتقاربة الجدر كانت مستودعاً لألوان من السعادة والإبهاج، تمتعنا فيها واستمتعنا، ثم فقدناها وما نسيناها. وكنا نعيش في اليوم (24) ساعة بكمالها، لا يقتل من ساعات نهارنا إرهاق العمل وتعقيد الحياة، ولا يسرق من ساعات ليلنا طول السهر، فكان نهارنا معاشا، ونومنا سباتا.
وكانت تلك المرأة تُفتِّق لنا أفواف الإيناس مع ساعات البكور، وتهدهدها لنا عند الإمساء، حتى لو فَقَدتَ الأُنس لوجدته ثاوياً في دارنا لا يبرح، وكانت طفولتنا مشدودة إليها بحب وإعجاب يكبر معنا كلما كبرنا، كانت جدتي التي لم تطفئ السنين وضاءتها، ولم تَذْبل نضرة النعيم في محياها تعيش وتعيش بنا معها جواً عجيباً من السكينة والسكون وطمأنينة النفس.
كان لها في النهار سبح طويل، يتنفس الصبح فتدب في البيت الحياة، فما كنا عرفنا بعدُ إغماءة الصباح وسكرات الضحى، فيبدأ يومنا معها بالتطهر في ساعات الضحى الأولى ثم الصلاة المطمئنة، ثم تفترش في صحن البيت مصلاها وتنشر مصحفها وهو ذات المصحف الذي تعلّمتْ فيه قراءة القرآن أول ما تعلمته فصحبته أزيد من ستين سنةً حالَّة مرتحلة من أوله إلى آخره، فتنصرم ساعات الضحى ولها دوي بالقرآن، حتى إني لأظن اليوم أنها كانت تختم القرآن كل ثلاث، فكان بيتنا منوّراً بالقرآن، معطراً بالذكر كأنما تتنزل السكينة على جنباته، حتى إذا استعر النهار قامت لتصلي صلاة الأوابين وتتهيأ بعدها لصلاة الظهر، وكانت تؤدي الصلاة باحتفاء عجيب، فمصلاها في حجرتها حمى مصان تعتني بتطهيره وتطييبه إلى حد المبالغة، ولها ثوب سابغ للصلاة يتدلى سواكها من جيبه، فإذا وقفت لصلاتها رأينا حالاً من التهيؤ تشعر أنها مقبلة على أمر عظيم، ثم تترسل في أداء الرواتب بطمأنينة وأناة حتى إنا لنخرج للصلاة في المسجد ثم نعود وهي لما تنته من صلاتها بعد.
أما قبل صلاة العصر فإني أخف إليها بنسخة قديمة صفراء من كتاب (رياض الصالحين) أقرأ عليها أبواباً منه لا أدري كيف كانت قراءة الصبي حينها؛ لكني أدري أنها تستمع الحديث وكأنها تعيشه مرأى ومسمعاً، فإذا أُذِّن لصلاة العصر فزعت إلى صلاتها ثم نشرت مصحفها وشرعت في دوي محبب مع آيات القرآن إلى أن تختنق آخر ساعات النهار.
فإذا صلت صلاة المغرب فقلما تخلع ثوب صلاتها ولكن ترفع أكمامه وتستند إلى الجدار وتبدأ قراءة محفوظها من القرآن، وغالباً ما تبدأ بسورة الملك فما بعدها. إلا ليلة الجمعة فتقرأ سورة الكهف، فإذا أذن العشاء فإذا هي على تهيئها قامت فصلت العشاء ثم أتبعتها قدرا من ناشئة الليل، وما هي إلا سويعة أو بعضها حتى يلف البيت سكون حبيب.
فقد كان ليلنا ليلاً على الحقيقة تحضننا مضاجعنا في ساعاته الأول، فإذا كان ثلث الليل الآخر صلصلت ساعة كبيرة تعلن موعد صلاة التهجد لأهل قيام الليل، وكانت هي المعنية من بيننا بذاك الرنين.
فيا كم استيقظت في الهزيع الأخير من الليل فأراها واقفة تصلي فأتوثب للقيام ظناً منّي أنها تصلي صلاة الفجر فتشير إليّ أن نم فلم يؤذن الفجر بعد. فأعود إلى نومي وتعود هي إلى صلاتها.
ويا كم رأيت لغوب الصيام على شفتيها وهي تقطع نهارا حارا بعيد ما بين الطرفين،لم تزرنا فيه وسائل التكييف إلا مروحة معلقة في السقف تحرك الهواء الساكن ليتحول إلى سموم لافح.
فيا لله من أيام مضت معها كانت مدرسةُ القدوة ماثلةً لنا من حالها، صلاةٌ بجلال، وصيام بمكابدة، وتلاوة بتلذذ، وعبادة بتأله، ولهج بالذكر، وأوقات معمورة بالخير.
وكانت بَرَكةً علينا أهلَ ذاك البيت بدعائها، وصلاتها، وتلاوتها، وذكرها. وكأنما كانت تشع على نفوسنا من سكينة روحها وطمأنينة نفسها دفقا من السعادة والإيناس، وهناء العيش، وطيب الحياة.
ثم فقدتها وأنا أدلف إلى سنوات المراهقة وشرة الشباب، فلا أنسى تلك الوحشة التي أظلمت لها نفسي يوم خلت منها دارنا فكأنما أخذت معها شعبة من قلوبنا.
ثم انقضت تلك السنون *** وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام
واليوم وقد تقصفت بعدها الأيام، وتدافعت السنون، وأبعدنا عنها نحو من ربع قرن لا زالت لوعة فقدها حية في نفسي، ومشاهدها ما ثلة أمامي، وعظة حالها بالغة في قلبي أذكرها اليوم فأذكر امرأة أحسب أن أبا نعيم لو أدركها لجعلها في حلية الأولياء، أو ابن الجوزي لأدرجها في صفوة الصفوة.
أذكرها فأذكر أنها بذاك النسك والتأله، كانت من أهنأ الناس عيشا، وأطيبهم نفساً، وإن كان حظها من رفاهية الحياة جد قليل.
أذكرها فأذكر تلك الأيام الجميلة في البيوت العتيقة، مع اجتماع الشمل، والتفاف الأهل، وقوة الأواصر، واتساع أوقات الحياة.
فهذه يا أبا رناد بعض ذكرياتي مع المرأة مع جدتي أم ناصر فاطمة بنت عبد الله الرومي.
رحمها الله وجمعنا بها في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
http://www.islamtoday.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/290)
تحية إكبار للرائدات..!
أحمد بن محمد الصقر
حين يقال رائدات ينصرف الذهن مباشرة للمطالبات بحقوق المرأة وَفْقَ تصوّراتٍ جديدة لم تكن سائدة أو معترفًا بها.
قد يكون هذا الكلام صحيحاً وَفْقَ المعنى الاصطلاحي للرِّيادة لدى الغربيين، إلا أن هناك- أيضًا- رائداتٍ أخرياتٍ هنّ أجدر أن يوجِّه لهن المجتمع تحية إكبار، وهن أجدر أن تحتفي بهن وسائل الإعلام...هن أولئك اللواتي تمسكْن بمبادئهن حين تخلى عنها الكثيرات طوعاً أو كرهاً.
ليست الرائدة هي التي تخالف التصورات السائدة لمجرد المخالفة، ولكن الرائدة-أيضاً -التي تقف عملاقة أمام طوفان التغيير إذا كان لا معنى له، أو إذا كان وقوعه يسبب كارثة.
تحية إكبار وإجلال وتقدير لكوكبة من النساء جعلن من أنفسهن معالم شاخصة حين تحولت الكثيرات إلى أطلال بالية...
في مجتمعات كثيرة من العالم الإسلامي وغير الإسلامي تُتاح فرص التحلُّل والذوبان في مفاهيمَ وسلوكياتٍ غريبةٍ عن الشريعة، بل ويُبالغ في أسلوب دفع الناس لها بتحويل قضايا المرأة الشرعيّة إلى قضايا سياسيّة، ويُحرم مخالفوها من فرص الحياة الكريمة، ويصبح الموقف منها معياراً للاعتراف بك أو شطبك من قائمة الإنسانية..
ويواكب هذا التوجه غطاءٌ إعلامي إقليمي وعالمي يتهكم من قيم المجتمع المسلم، ومفاهيمه كما لو كان يتحدث عن قيم مجتمعات بائدة، ويقدم البديل على طبق مزخرف.
بل لا نبالغ إذا قلنا: إن الحجاب ـ على سبيل المثال ـ أصبح في بعض الدول أخطر من الفقر والجهل اللذيْن يعصفان بالمتحجبات والمتبرجات على حد سواء!. ورغم ذلك تبقى عصبة من النساء تثبت أنها مستعصية على التحلل والذوبان، وتصر على إظهار شعائر الإسلام.
والواقع يثبت أنهن رائدات، فهذه العودة النسائية إلى تعاليم الإسلام وشعائره، التي نراها في أشد الدول حرباً للإسلام وشعائره لها دلالة واضحة على أن أولئك الرائداتِ المتمسكاتِ هن نواةُ هذه العودة.
الحجاب - وهو من أكثر الشعائر الظاهرة تعرضاً للنقد والهجوم- لا يزال يتنفس و بكلتا رئتيه في مجتمعات إسلامية وغير إسلامية رغم اندراس كثير من الملابس التقليدية الأخرى التي كانت موجودة في المجتمع ذاته!.
ففي تركيا- مثلاً- استطاعت الديكتاتورية العلمانية أن تنزع (الطربوش) عن رؤوس الرجال الباشاوات طوال الشوارب، ولكنها لم تستطع أن تنزع الحجاب عن رؤوس النساء!، بل عدد المتحجبات يكثر يوماً بعد يوم رغم الحملة العسكرية"المجنونة"من قبل العلمانيين على الحجاب، وهو ما نذكره بشيء من التفصيل في زاوية الصَّالة من هذه النافذة.
على أننا يجب ألا نختزل قضية الرائدات في المحافظة على الحجاب فقط، بل أيضاً في المحافظة على هوية البيت الإسلامية، وفي مشاركتها الفاعلة في تخريج الدعاة والمجاهدين والمبدعين، ففي فلسطين -مثلا- تحولت البيوت إلى كليات عسكرية،عمداؤها الأمهات، لقد كان منظرًا مؤثرًا أن ترى أم الطفل الفلسطيني ترتدي حجاباً كاملاً، وترفع إشارة النصر وهي تشارك في تشييع جثة طفلها الصغير!
وثمّة نساءٌ أخرياتٌ رائداتٌ شاركن بأقلامهن في الحفاظ على الهوية الإسلامية من الاندثار فكان منهن المؤلفات والصحفيات اللواتي أضحى إنتاجهن يُتداول على أوسع نطاق دون أن تشارك إحداهنّ في الصالونات المختلطة أو تظهر متبرجةً على شاشات القنوات الفضائية!.
صحيح أن المجتمع لا يزال ينتظر الكثير منهن، ولكننا نعتقد أن ما قدمْنه يستحق الشكر والتقدير، ويجعلنا نطمع في المزيد منهن، وهذا جزء من حقهن. تحية إكبار وإجلال لك أيتها الرائدة حتى وإن لم يعرفك أحد، فيكفي أن الله يعرفك ويرعاك ويحرسك بعينه التي لا تنام!
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/291)
ست الحبايب
سلمان بن محمد العنزي
قالت أعرابية وهي تُرَقِّصُ ولدها:
يا حبذا ريح الولدْ *** ريح الخزامى في البلدْ
أهكذا كل ولد *** أم لم يلد قبلي أحدْ
إن حب الأم حب خالد لا تشوبه المعكرات ولا تنقص دفقاته الأيام، يصد الأب ويجفو الأخ، وتنفر الزوجة، ويتقلّب الصديق، ويلج بالهجران الحبيب، أما الأم فلا يمكن أن تتغير أو تتلوث بلوثات الهوى أو الغضب أو الأنفة ولا يمكن أن يغادر عصفور الحب أعشاش قلبها، وإن غضبت أو ضجرت فإلى جزيرة هادئة ترسو سفينتها، إنها سيدة الجميع، وست الحبايب، والجنيه الذهب الذي لا يُذهِبُ رونقه تقليب الأكف ومداولة الأصابع، والنور الذي لا ينضب، والماء العذب الزلال إذا اعتكرت الموارد أو قلت.
ليس هناك قلب يحوي الكمال البشري بكل صوره إلا قلب الأم، ولا يفطن إلى هذا الأمر إلا القليل. من هؤلاء النسوة تنبغ العبقرية وتولد المعجزة. إنّ الأم إذا عرفت كيف تصب أحاسيسها المرهفة في قلب صغيرها وزودت نفسه بأجمل الصفات وأعظمها، فإنها بذلك تصنع التاريخ وتغير مسار الحضارة. يقول أحد المبدعين:
"إنّ قُبْلة من أمي جعلتني فناناً"، أي أنها أرهفت حسّه وجعلته ذا نفس مشرقة تنظر إلى الوجود على أنه مجموعة أسرار تحتاج إلى قلب، وعقل يكتشفان كنهها.
ولذلك خاطب"إدمون روستان"الوالدات بأدب جَمّ ونَبَّههنّ على ما يحوينه من صفات يمكن أن تُصَيِّر الطفل الساذج رجلاً عظيماً يلج بوابة المجد ويقول:
"أيتها الوالدات:ليكن عطفكن ممزوجاً بالاحترام ولتكن القُبُلات التي تضعها شفاهكن على جبين الطفل باحتراس وحذر.
ولتملأ الخشية ضحككن.
ولترهبن من حملكن المستقبل هكذا فوق حجوركن.
ولتذكرن كلما أخذتن تلك الرؤوس الصغيرة بين أيديكن
تحاولن أن تقرأن ما في العيون البر يئة من أسرار.
إنكن قد تكن ممسكاتٍ عالماً بين أيديكن."
ما أجمل هذا النداء البسيط المليء بالمعاني السامية الدال على نفس مضيئة تعلمت الحنان والعطف واستشعرت العظمة الدفينة في قلوب الأمهات!
وجميل قول الشاعر يصف ضحكةً كرنين الحليّ تستهوي القلوب وتوقظ مصابيح الإحساس في النفوس، وما إخالها إلا ضحكة الأم تلك الضحكة التي لا يمكن أن تلونها تهويمات النفس وحظوظ الجسد:
ضحكةٌ منك صوتها تغريد *** العصافير تستفز القلوبا
ضحكة ردت المشيب شباباً *** وأماتت من الوجوه الشُّحوبا
ضحكات كأنها نغماتٌ *** تترك الغافلَ الغبيَّ طَروبا
تنزع الهم من ضلوع ذوي الهم *** وتحني على القلوب القلوبا
وقد حرص الإسلام على الأم ورفع شأنها وسعى في حماية حقها، وأكسبها مع قوة الأمومة قوة الشرع، وفُتحت أبواب السماوات لدعواتها، أما إنّ الأم سياج الدولة ولن تصح دولة ويكون لها شأن إلا إذا حمت حقوق الأم، وهيأت لها ما يجمل عقلها ونفسها، وبذلك يكون الجيل جيلاً صالحاً يحفظ الحقوق ويراعى الذمم ويحمي الحوْزة...
وإذا كانت الأم مصدر الإلهام وفتيل العبقرية في حال رضاها، فإنها كذلك في حال غضبها وسخطها؛ لأن الولد لا يتصور -أبداً- أن تكون أمه رسول شرٍ، مدمر، فيخرج نفسه من دائرة اليأس والألم ليعمل بجد واجتهاد حتى يكون ذا شأن تنظر إليه الأبصار وتشير نحوه الأصابع، فتنكسر شِرَّة الأم وتهدأ نفسها وتسعد بما حصله ولدها فتعود إليه هانئة راضية.
ومن طرائف الفيلسوف الأشهر"شوبنهور"أن أمه كانت تبغضه وتقسو عليه وتمنعه من الدخول إلى صالونها الأدبي، وفي أحد الأيام ركلته برجلها فسقط ثم نهض وقال كلمة حفظها التاريخ وصدقتها الآية:
"اذهبي حيثُ شئت وافعلي ما بدالك، ولكن لن يعرفك الناس إلا بأنك أمي، وقد كان".
ختاماً يقول شاعر إيطالي رقيق اسمه"أدمونددي أميشيس"مبيناً حق الأم، وهي مقطوعة رائعة تستحق أن تقرأها في هدأة، تحت ضوء خافت متصوراً هذه السيدة الجليلة ذات الشعر الأشيب التي عانت الآلام وتفجرت بالدماء لتخرج منها إلى نور الحياة، فتهرق دمعك صادقاً وتملأ نفسك بالأحاسيس الصادقة، وتتوجه إلى فراشها وتقبل قدميها وترفع يديك داعياً لها:
إن الزمان لا يقوى دائما على محو الجمال، ولا تُذبله الدموع والأحزان، فإن لأمي من العمر ستين عاماً.
وكلّما ازددت تحديقاً في وجهها ازدادت في عيني بهاء
كل حركة أو نظرة أو ابتسامة أو عمل منها
تلامس أعماق قلبي بعذوبة وحلاوة
أتمنى أن أصورها حينما تحني إلي وجهها
لكي أقبل ضفيرتها البيضاء
أو حينما تكون مريضة أو تعبة
وتخفي عني ألمها بابتسامة حنون
وددت لو أستطيع أن أستبدل حياة بحياة
فأهب أمي شبابي وقوتي
لأرى نفسي شيخاً هَرِماً
أراها من تضحيتي في عنفوان الشباب.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/292)
الزوجة العنيدة
عناد الزوجة وتصلب رأيها ومخالفتها الزوج.. كل هذه الأمور تدفع الزوج إلى طريق شائك قد ينتهي بما لا تشتهيه النفوس، والعناد هو من أكبر المشاكل الزوجية.. تُرى: لماذا تلجأ الزوجة إلى العناد؟!
1- عناد الزوجة قد يكون طبعاً فيها يضرب بجذوره إلى مراحل حياتها الأولى، نتيجة تربية خاطئة في الطفولة.
2- تسلط الزوج وعدم استشارته للزوجة في أمور المعيشة وتحقير رأيها أحياناً والاستهزاء به.. يدفع الزوجة في طريق العناد، فهناك بعض الأزواج لديهم أفكار خاطئة عن خيبة وفساد رأي المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت، وهذه الأفكار فوق أنها حمقاء فهي بعيدة عن هدي الإسلام الحنيف.
وتكفينا هنا الإشارة إلى مشورة امرأة مسلمة كانت سبباً في نجاة المسلمين جميعاً من فتنة معصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ألا وهي أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها -في قصة الحديبية.. حينما أشارت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحلق والذبح.. فلما فعل ذلك قام المسلمون وجعل بعضهم يحلق بعضاً.. فلا يدعي أحد بعد ذلك بفساد رأي المرأة فذلك سفه منكر.
3- الشعور بالنقص: وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج نتيجة المعاملة الأسرية لها من أهلها، والتي لم تتسم بالاحترام والتقدير وبعث الثقة في النفس، وقد تكون وليدة ظروف الزواج، فمعاملة الزوج زوجته معاملة قاسية وعدم وضعها في مكان التقدير والاحترام كإنسانة لها حاجات نفسية واجتماعية يجب أن تلبى، وقد يكون ذلك من أسباب الشعور بالنقص عند المرأة، فتلجأ لوسيلة العناد للتغلب على هذا الإحساس، وللشعور بالذات وبالأنا.
4- عدم التكيف مع الزوج: العناد يأتي نتيجة لعدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع وتقلبها وعدم تنازل الزوج عن مالا يعجب زوجته وتمسكه بعادات غير صحيحة، فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة سلوك زوجها جملة وتفصيلا، وكذا تعبيراً عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية.
5- تقليد الأم: وأخيراً قد يأتي العناد من قبل الزوجة تقليداً لسلوك أمها مع أبيها، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بيت تتحكم فيه الأم وتسيّر دفته، تحاول أن تحذو نفس الحذو في بيتها ومع زوجها، بل وربما تختار الزوج حين تختاره بحيث يكون ضعيف الشخصية، حتى يسهل لها ما تريد.
أما عن العلاج..
يتم علاج العناد عند الزوجة أولاً بتجنب الأسباب المنشأة لهذا العناد، وإذا كان هذا العناد طبعاً في المرأة فليصبر الزوج وليحتسب وليحاول قدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى تتخلص الزوجة شيئاً فشيئاً من هذه الصفة، فالزمن هنا جزء كبير من العلاج إن لم يكن هو الجزء الأكبر، ومع حب الزوج زوجته وعطفه عليها واحترامها وعدم إهانتها بأي كلمة أو إشارة، فإنه يكسب قلبها ويساعدها في مشوار الألف ميل.
همسة في أذن الزوجة العنيدة..
أيتها الزوجة الكريمة: اعلمي أنك بهذا العناد تسعين نحو خراب بيتك بيدك، فالزوج له طاقة، وقد ينفذ صبره وتجنين من وراء فعلك ما تكرهين، ثم إن هذا الذي تفعلينه من عناد زوجك وعدم طاعته لا يقره شرع ولا دين ولا عُرف، فقد جعل الله - سبحانه وتعالى - للرجل القوامة على المرأة، وفرض عليها طاعته..
قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها – زوجها – دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. صحيح الترغيب برقم (1931).
وعن حصين بن محصن أن عمة له أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه؛ فإنه جنتك ونارك. صحيح الترغيب برقم (1933).
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها. صحيح الترغيب برقم (1938).
وفي وصية أمامة بنت الحارث ابنتها أم إياس عند زواجها: (كوني له أمة يكن لكي عبداً). وأخرى أوصت ابنتها فقالت: (كوني له أرضاً يكن لك سماءً ). وفي وصية ثالثة: (كوني له مهاداً يكن لك نجاداً)..
ولست أدري ماذا يضير المرأة إن هي أطاعت زوجها ونفذت رغبته؟! أتظن أن في ذلك انتقاصاً من قدرها؟! كلا والله.. فما كانت الطاعة يوماً انتقاصاً من قدر الإنسان، فقد شاء الله - سبحانه و تعالى - أن تسير الحياة وفق قوانين ونواميس ونظم فلابد من رئيس ومرؤوس وتابع ومتبوع، فالزوج رئيس الأسرة وليس هذا يعني تسلطه أو تجبره أو ظلمه للمرأة، ولكن يعني أنه موجه لدفة الأسرة، ومتحمل للتبعات والمسؤوليات، وما من أحد في هذه الحياة إلا يسمع ويطيع للآخر ولو بشكل من الأشكال..
إن طاعتك لزوجك أيتها الزوجة المسلمة إنما تنعكس آثارها عليك في بيتك، أولاً بحب زوجك وإجلالك وعلو قدرك عنده، ثم رضا الله - عز وجل - عنك وهو خير ما يكسب المرء في الدينا.
http://www.sahab.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/293)
تحريك همم النساء للسير على طريق العالمات
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فالذي ينبغي أن تقف عنده المرأة وتسأل لنفسها ما هو هدفي في الحياة؟
أهو الزينة والجري وراء الموضة!
واشغال النفس فيما لا نفعت فيه كمشاهدة التلفاز، والغيبة والنميمة، وتتبع عورات الآخرين، وغيرها من الأمور؟
أم طلب العلم والإقتداء بأمهات المؤمنين ونساء السلف فكان كثير منهن شيخات لكبار العلماء أمثال الذهبي والشافعي - رحمهم الله -.
فطالبة العلم تحرص على العلم لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمال والأحوال، وهو المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال به تعرف الشرائع والأحكام، به يُعرف الله ويُعبد، ويُذكر، وبه يتميز الحلال عن الحرام
وهو قائد، والعمل تابع، وطلبه قربه، وبذله صدقه مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، فالمرأة العاقلة حريصة على طلب العلم مجاهده فيه، تقتدي بأخواتها المؤمنات اللاتي قلن"يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك" فوعدهن يوماً، فلَقِيَهُنَّ فيه ووعظهن وأمرهن.. فلم يكتفين بالمجالس العامة التي كن يشتركن فيها مع الرجال كحضور الصلوات والجمع والجماعات في الأعياد ونحوها بل أردن أن يخصص لهن مجلساً.
وسوف اعرض لكِ أختي المسلمة من سير أمهات المؤمنين ونساء السلف ما يحرك الهمم التي قد نامت..
فكتب التراجم والتأريخ التي قد حفظت لنا أخبار كثير من النساء الايجابيات في العلم، واللاتي أذهب الله عنهن غشاوة الجهل، وحباهن نور العلم والفهم، فتفتحت بصائرهن وتخرج في مدارسهن كبار علماء الدنيا
ومن هؤلاء:
النساء الاتي يشار إليهن بالبنان في العلم أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما.
فقد كانت عائشة رضي الله عنها يرجع إليها الصحابة إذا اختلفوا في أمر .
وهي من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. وكانت - رضي الله عنها - مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا -رضي الله عنهم - يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم. حيث قال أبو موسى الأشعري: ((ما أشكل علينا – أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً)).
وأيضا من النساء العالمات (كريمة بنت أحمد) المروزية إحدى راويات صحيح البخاري، ونسختها إحدى النسخ المعتمدة التي نوَّه بها الحافظ بن حجر العسقلاني في الفتح.
الله اكبر؟ امرأة من رواة أصح كتاب.
وهذا ابن القيم يأخذ علمه عن امرأة، وعندما كانت تجيز له مسألة علمية يقول أجازت لي فلانة، وأخذت عن فلانة.
وكذلك ما روي عن الإمام مالك - رحمه الله -حين كان يقرأ عليه ((الموطأ)) فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط.
ألا ترين أخواتي إلى بنت سعيد بن المسيب - رضي الله عنهما - لما أن دخل بها زوجها وكان أحد طلبة والدها، فلما أن أصبح، أخذ رداءه يريد أن يخرج، فقالت له زوجته: إلى أين تريد؟ فقال: إلى مجلس سعيد أتعلم العلم، فقالت له: اجلس أعلمك علم سعيد.
وهذه مسندة خرسان زينب الشعرية عالمة فاضلة، ومحدثة جليلة، تميزت بين أقرانها المحدثين المعاصرين بالسماع الصحيح، والإسناد العالي، وتفردت بروايته حتى صارت مُسندة عصرها في خراسان. وعندما توفيت تركت فراغاً كبيراً في تدريس علوم الحديث لم يشغله أحد و"انقطع بموتها إسناد عال" كما يقول الذهبي - رحمة الله -.
وكذلك كان ((ابن الجوزي)) - رحمه الله تعالى - فقد ذكر في مشيخته أنه سمع من ثلاث نسوة، وأورد بسنده ثلاثة أحاديث عن كل واحدة منهن حديثاً:
وهذه انس بنت عبد الكريم بن احمد: محدثة ولدت تقريبا سنة 780هـ. واسمعها زوجها الحافظ ابن حجر، من شيخة العراقي المسلسل من الشرق بن الكويك. وأجاز لها أبو هريرة بن الذهبي وأبو الخير العلائي وحدثت وقرأ عليها الفضلاء. وخرج لها السخاوي أربعين حديثا عن أربعين شيخا وكانت رئيسة في قومها.
وهذه شيخة الحافظ ابن حجر: أخته ستّ الركب، قال عنها: هي أمي بعد أمي.. فقد ربته وحدبت عليه وعلمته.. رحمها الله.. ويكفيها فخراً أن من تلاميذها الحافظ ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث رحمه الله
الله أكبر أين الهمم .
أخواتي ألا تحرك بكن سير هؤلاء النسوة الهمة لطلب العلم؟!
ألا تتحرك فيكِ أختي المسلمة سير هؤلاء النساء حتى تقولي لنفسك سوف اطلب العلم وأصبح مثلهن.
أخيتي هل طال عليكِ الأمد وتراجعت عن بلوغ مسعاكي وهو نيل شرف العلم والكون من العالمات؟
أختي: هناك عدة أسباب تستدعي تشميرك عن ساعد الجد طلبا للعلم وتفقها في دينك ومن أهم تلكم الأسباب كثرة الفتن وعظم خطرها إن لم يكن لديك سلاح قوي تستطيعين به مواجهتها ولا سلاح أقوى من سلاح العلم فبالعلم وحده نستطيع أن نميز بين النافع والضار.
واسأل الله أن يجعلنا من العالمين العاملين.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://www.sahab.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/294)
جاهدي نفسك أولاً
لا تندهشي إذا قيل لك أنك أحد أسباب هزيمة الأمة أو نصرتها برغم أنك لا تملكين سلطة ولا قوة، ولا تلقي اللوم على حاكم أو أمير أو وزير فيما وصل إليه حال الأمة رغم اشتراكهم في المسؤولية لكن اجلسي مع نفسك وتفكري في ذنوبك ومعاصيك، واسألي نفسك وقد أحببت الله ورسوله والإسلام وأهله: هل تحافظين على الصلوات المكتوبة لا سيما صلاة الفجر؟ هل تحافظين على السنن؟ هل تداومين على ورد القرآن وأذكار الصباح والمساء؟ هل تبرين والديك؟ هل تصلين رحمك؟ هل تغضين بصرك؟ هل تصدقين في قولك؟ هل تحسنين إلى جاراتك؟ هل تساعدين المحتاج والفقير؟ هل تعودين المريض؟ هل تأمرين بالمعروف وتنهين عن المنكر؟.. هل.. هل..؟
إذا كانت الإجابة (أحيانا) فلا تدعي قدرتك على الجهاد ضد عدوّك، وقد فشلت في جهاد نفسك أولا، في أمر لا يكلفك دما ولا مالا، لا يعدو كونه دقائق قليلة تبذلينها في الصلاة!! كيف تطلبين الجهاد، وأنت تتخبّطين في أداء الصلوات المفروضة، وتضيّعين السنن الراتبة، ولا تحافظين على الورد القرآني، وتنسين أذكار الصباح والمساء، ولم تتحصّني بغض البصر، ولا تبرّين والديك، ولا تصلين رحمك!
كيف تطلبين العزة للمسلمين وأنت تحتقرين الفقير والمسكين ولا تمدين لهم يد العون!! كيف تطلبين القوة للإسلام وأنت لا تعرفين جاراتك ولا تشاركينهن أفراحهن وأحزانهن، ولا تبذلين النصح لصديقاتك؟ كيف تطلبين تحكيم شريعة الله في بلادك، وأنت لم تحكميها في نفسك وبين أهل بيتك، فلم تتق الله فيهم، ولم تدعيهم إلى الهدى، ولم تأمري بمعروف أو تنهي عن منكر، وكذبت وغششت وأخلفت الوعد فاستحققت الوعيد!
لا تقولي أنك واحد في المليار من أبناء هذه الأمة فهناك الملايين من أمثالك - إلا من رحم الله - ينتهجون نهجك فلا يعبأون بطاعة ولا يخافون معصية وتعلّل الجميع أنهم يطلبون النصر لأن بالأمة من هو أفضل منهم، لكن الحقيقة المؤلمة أن الجميع سواء إلا من رحم رب السماء.. فما بالك بأمة واقعة في الذنوب من كبيرها إلى صغيرها ومن حقيرها إلى عظيمها.. ألا ترين ما يحيق بها في مشارق الأرض ومغاربها!
اعلمي أن أسلافنا كانوا إذا هزموا من قبل الأعداء أو حل بهم البلاء.. يتفكرون ويفتشون في أنفسهم أولا، فإذا وجدوا مخالفة للقرآن أو السنة في أي شأن من شؤونهم سارعوا بالاستغفار والعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
ومع أنهم كانوا أقل من أعدائهم عدداً وعدة إلا أنهم بعد تنفيذ هذه الخطوة كانوا ينتصرون بفضل الله - تعالى - وتحقيقا لقوله – سبحانه -: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
تدبري قول الله - تعالى -:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وهذه خطوات عملية تساعدك في أن تكوني سببا في نصر الأمة إن شاء الله:
أقلعي فورا عن المعاصي التي ترتكبينها، واسألي الله - عز وجل - أن يعينك في ذلك، وأكثري من الدعاء أن يثبتك الله على الطريق المستقيم، وتضرعي إليه - عز وجل -.
حافظي على أداء الصلوات في أوقاتها خاصة صلاة الفجر.. (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)، وتقربي إلى الله بالسنن.
احرصي على الاحتشام والحجاب الكامل من الآن.. ولا تقولي سوف أفعل ذلك غدا.
احرصي على طاعة والديك وصلة رحمك، وكوني قدوة صالحة قولا وعملا وساعدي في نشر الخير بأي وسيلة مباحة.
تصدقي على الفقراء والمساكين ولو بشيء بسيط فإن «صدقة السر تطفئ غضب الرب».
أخلصي في عملك سواء كان دراسة أو صناعة وتفقهي في دينك فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
ثقي في نصرة الله - عز وجل - لعباده المؤمنين الصادقين، ولا تيأسي ولا تقنطي من طول الطريق ومشقته فإن الفساد قد عم الأمة منذ سنين طويلة ويحتاج تغييره لوقت.
احرصي على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين أهلك وصديقاتك بطريقة حسنة جميلة وذكريهم بحاجة الأمة إليهم ولا تنسي أن تبدئي بنفسك.
لا تتركي فرصة تقربك إلى الله - ولو كانت صغيرة - إلا وفعلتها، وتذكري"تبسّمك في وجه أخيك صدقة".
لا تدعي إلى شيء وتأتين بخلافه، فلا تطالبين بتطبيق الشريعة إلا إذا كنت مثالا حيا على تطبيقها في نفسك وبيتك وعملك، ولا تطالبين برفع راية الجهاد وقد فشلت في جهاد نفسك، ولا تلق اللوم على الآخرين تهرّبا من المسؤولية، وإذا كنت تمضين وقتك ناقدة عيوب الناس، فتوقّفي واعلمي أن كلك عيوب وللناس ألسن، وابدئي بإصلاح نفسك، وسينصلح حال غيرك بإذن الله - تعالى -.
اعلمي أن كل معصية تعصين الله بها وكل طاعة تفرطين فيها هي دليل إدانة ضدك فيما وصل إليه حال الأمة.
http://www.sahab.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/295)
صفقة خاسرة؟
لم تكن تتوقع أن مصيرها سيؤول إلى ما آلت إليه، ولم يَدُر بخلدها أن نهايتها ستكون هكذا، حيث الوحشة والحسرة يعتصران قلبها بين لحظة وأخرى. تساؤل يتردد عليها دائماً هل سيعود مرة أخرى من كان يطرق بابها خاطباً وقد شارفت على الخمسين من العمر وعلامات الكبر بدأت تعلو وتظهر شيئاً فشيئاً؟ ولكن هذا ما جنته على نفسها فلقد كانت تضع شروطاً صارمة ظناً منها أنها تحافظ على كيانها وشخصيتها في المجتمع، فهي ذات منصب مرموق فيه، وبنات جنسها يتطلعون إليه فليس لديها أي استعداد للتخلي عنه فالمنصب والوظيفة بالنسبة لها صفقة رابحة، ولم تعلم المسكينة أنها صفقة خاسرة إلا بعد فوات الأوان فيا لها من حسرة ويا لها من ندامة.
لقد كانت تظن -كما يظن غيرها من النساء والعاملات- أن الوظيفة هي الحصن الحصين وهي الدرع المنيع وهي الحماية التي تحميها من كل ما يعتريها في هذه الحياة، وهي سبب استقرارها وسعادتها.
وفجأة.. عاد، عاد من كان تأمله وتحلم به عاد من كانت ترجوه -بعد الله- أن يحقق مبتغاها في هذه الحياة، عاد ولكنه ليس طبق المواصفات والشروط (مع أنه ممن يرضى دينه وخلقه) وجاءت لتحمل لي الخير فاستبشرت به خيراً وشرعت أسأل عن دينه وعمله ومسكنه وموطنه وهيئته وأهله وما إلى ذلك من الأمور التي كانت تضعها نصب عينيها حينما يتقدم لها شخصاً ما، وكانت إجاباتها لي جميعها مطمئنة فقلت لها إذا سنفرح بك قريباً -إن شاء الله- فلم تجبني، فأوجست في نفسي شيئاً لعلها سترفضه كسابقيه، ترى ما حجتها هذه المرة؟.. أرى نفسي تطيش وتمتلئ عليها حزناً وغضباً في الوقت نفسه، ما العذر الذي ستختلقه هذه المرة، رجل مستقيم وحافظ القرآن ومن بلدتها ومن بيت علم ودين، ولديه عمل يكسب منه وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وبعد إلحاح مني أجابت: كل شيء قسمة ونصيب، وهذا ما كتبه الله عليّ.
زدت عليها قائلة: تختارين ما تشائين وتقولين هذا ما كتبه الله عليّ أتعلمين ما كتبه الله لك أتعلمين الغيب، ترى ما عيبه هذه المرة؟
فقالت: عادات أهله وتقاليدهم تختلف من عاداتنا وتقاليدنا.
- وهل تحتكمين للعادات والتقاليد أم لشرع الله؟ أسألك بالله ما هدفك في الحياة الذي تسعين لتحقيقه؟
- أن أدرس وأتعلم لأنال الشهادة العليا وترتقي مرتبتي في وظيفتي.
- وهل الوظيفة كل شيء في الحياة؟
- بالضبط وظيفتي هي همي وأملي واستقراري وثباتي، فمن غيرها أشعر بأن لا قيمة لي في مجتمعي.
- والزواج ماذا يعني لك؟
- أعتقد أنه سيكون سبباً لزعزعتي وتغيير مسرى حياتي وفشلي، ولا أريد أن أفشل بعد هذا العمر في حياتي.
- ولماذا التشاؤم واعتقاد الفشل في حياتك الزوجية؟
- سيكون الزواج كالبطيخة والإقدام عليه مجازفة ومغامرة.
-فقلت لها: لو كل فتاة فكرت فيما تفكرين فيه لما أقدمت إحداهن على الزواج، ولكن عليك بالدعاء وتوكلي على الله (فإذا عزمت فتوكل على الله).
- فقالت: لو تسمعين ما أسمع من حكايات وقصص لصويحباتي في العمل وغيره لعلمت لماذا لا أتفاءل فها هي (س) أخذ زوجها مالها وبنى بيتاً أوهمها أنه لها، فلما أتمه تزوج ووضع زوجته الجديدة فيه.
وها هي (ن) التي خدعها زوجها بعمل توكيل عام لها، واستولى على أموالها وضيع الأول والآخر عليها.
وها هي صديقتي (ي) أصر عليها بأن تستقيل من وظيفتها على أن يقوم هو بالإنفاق عليها وضحك عليها بكلمات معسولة وجميلة فلما استقالت لم يفِ بوعده بل جعلها تعض أصابع الندم لسماعها كلامه.
وصديقتي (ز) التي أخبرتني بأنها تقوم بدور الأب والأم معاً فهي التي تنفق مالها وهي التي تربي وهي التي تعمل وهي التي تعلم وهي التي... وهو لا دور له سوى أن اسمه أب.
- فرددت عليها: وهل الحياة جمع أموال فقط، صدق الله العظيم (يحسب أن ماله أخلده).
ألم تفكري بالولد الصالح الذي تنشغلين بتربيته التربية الصالحة الإسلامية في الحياة الدنيا ويدعو لك بعد الممات؟
إنني متأكدة أنك حتى وصيتك لم تكتبيها فعلى الأقل اجعلي لك من أموالك الثلث واعملي لآخرتك كأنك تموتي غداً.
قلت لها أخيراً هذه همسة في أذنك:
ليكن في معلومك أخيتي أن النساء غالباً يخفين سعادتهن في حياتهن الزوجية أمام الآخرين خشية الحسد، ولا يظهرن منها إلا ما ساء منها وهذا مصداق حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (تكثرن الشكاية) وفي رواية (يكثرن اللعن) وإلا لو كان واقعهن كما يخبرنك به لما قرت امرأة في بيتها، ومن هنا أوجه دعوة لأولئك النسوة المتزوجات أولاً أن يتقين الله في أنفسهن وفي أزواجهن وأن يقللن من التضجر والتأفف خصوصاً أمام من لم تقدم على الزواج، فالزواج ليس أبيضاً ناصعاً كما أنه ليس أسوداً حالكاً كالدنيا تماماً، فهذه الشريحة -وإن كانت على خطأ- إلا أنها ضحية ثرثرة نساء.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/296)
عمل المرأة المسلمة في ميزان الشرع
محمد الحمود النجدي
مجالات عمل المرأة في الوقت الحاضر"البيت هو المكان الطبيعي لعمل المرأة"
هذا هو الأصل في عمل المرأة الموافق لفطرتها وطبيعتها وجبلتها وهو مجال إن قامت به حق القيام وصرفت له ما يستحقه من الاهتمام لم يبق معها وقت تصرفه في أي عمل أخر..وهو مجال شاق فقد أثبتت الدراسات والتجارب التي قامت بها المعاهد المعنية: أن عمل المرأة في البيت يعتبر ضمن الأعمال الشاقة التي تتطلب مجهود كبير علاوة على ساعات العمل الطويلة التي تتراوح بين 10 – 12 ساعة يوميا.وأولئك الذين ينادون بإخراج المرأة من بيتها إلي العمل – أيا كان – لا يقيمون لمجال البيت وزنا!!لقد اهتم الإسلام بالبيت المسلم وإصلاحه اهتماما بالغا فأمر المرأة أولا بالقرار فيه فقال: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي)أي أقررن واسكن فيها لأنه أسلم لكن واحفظ. (ولا تبرجن...) أي لا تكثرن الخروج متجملات متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لا علم عندهم ولا دين فكل هذا دفع للشر وأسبابه.وأمرها وأمر زوجها بعدم خروجها من بيتها حتى ولو طلقت فقال: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن).ويشاركها الرسول – صلي الله عليه وسلم – في المسؤولية مع الرجل فيقول:"والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها".وقال - تعالى - في بيان آلائه ونعمه على الناس: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).أي: ومن آياته الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا تناسبكم وتناسبوهن لتسكنوا إليها ويحصل التوافق والمودة والرحمة.ونتسائل: هل يمكن أن يتحقق هذا الأنس الروحي وذاك السكن وتلك المودة والرحمة في بيت خرجت منه المرأة إلي العمل وانهمكت فيه وشغل بالها بما فيه من مسؤوليات وأعمال؟ أم إنها ستؤثر بيتها وزوجها وتعرض عن الراتب الشهري المغري الذي سيكون على حساب حقوق زوجها وبيته؟!
مجالات عمل المرأة المسلمة:
قد علمنا أن الأصل والقاعدة أن يكون عمل المرأة في بيتها قياما بالحقوق الزوجية وواجبات الأمومة وتربية الأبناء وأن هذه أمور ليست بالسهلة فإنها كما قلنا تأخذ وقتا وجهدا كبيرين.وأن المكلف بالسعي والكسب والإنفاق هو الزوج لقوله - تعالى -: ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)) ولكن إذا كانت هناك حاجة شخصية أو اجتماعية تدعو المرأة للعمل خارج البيت فهذا يجوز بقدر الحاجة وفي مجال أو عمل لا يترتب عليه محاذير ولا فتنة لنفسها أو غيرها، فلو احتاجت المرأة إلى الاشتغال خارج بيتها لكسب رزقها لعدم وجود من يعولها أو أن يكون عائلها مريضا أو عاجزا أو فقيرا لا يكفيه عمله أو ليس بصاحب حرفة أو صنعه أو انشغاله بما هو أهم أو اشق من الأعمال الأخرى، فعندئذ تضطر للعمل لكسب العيش أو للمساعدة فهذا جائز بالشرط السابق.* وهذه هي الأدلة على جواز هذا الأمر:أولا: من الكتاب الكريم:• • قوله - تعالى - مخبرا عن موسى - عليه السلام -: ((ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالت لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير *فسقى لهما ثم تولى إلى الظل)).ففي هاتين الآيتين إشارة إلى الحالة التي تضطر فيها المرأة العمل خارج البيت لان المرأتين قالتا: ((وأبونا شيخ كبير))وهو اعتذار عما دعاهما إلي الخروج وسقي أغنامهما دون وليهما الذي يتولى ذلك عادة إذ كان عاجزا عن ذلك، ثم في الآيتين بعد المرأتين عن مخالطة الرجال والتزامها الحياء والوقار بقولهما: ((لا نسقي حتى يصدر الرعاء)) وهو أيضا دليل ضعف المرأة وعدم قدرتها على مزاحمة الرجال ومساجلتهم في الأعمال التي تختص بهم عادة، وفيها أيضا أنه ينبغي للمسلمين أن يعينوا الضعفاء من النساء وأن تأخذهن الغيرة لحمايتهن وصون أعراضهم عن التبذل والانكشاف، وفي القصة أيضا طلب المرأتين من أبيهما أستئجاره ليكفيهما العمل خارج المنزل وقد فعل، فإذا انتهت حالة الاضطرار للخروج والعمل عادت المرأة إلي مسكنها ومنزلها ومكانها الأول.• • قوله - تعالى -: ((وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف)) ففي الآية أنه يجوز استئجار المرأة للرضاعة ويجب على ولى الطفل أن يقدم لها أجرها وقد تكون هذه الرضاعة في بيتها كما قد تكون في منزل الطفل ولا شك أن هذا العمل هو من وظائف المرأة الأصلية ومما يتوافق مع فطرتها ولا محظور فيه في الغالب من اختلاط أو خلوة بأجنبي ونحو ذلك ثانيا: من السنة المطهرة: عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح (هو الجمل الذي يسقي عليه) وفرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه (الدلو الكبير) وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير – التي أقطعه رسول الله – على رأسي وهي منى على ثلثي فرسخ (يعادل 3696متر) فجئت يوما والنوى علي فلقيت رسول الله – - صلى الله عليه وسلم - – ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال: ((إخ إخ (كلمة تقال لإناخة البعير).)) ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله – - صلى الله عليه وسلم - إني قد استحيت فمضي فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركبه، فأستحيت منه وعرفت غيرتك فقال: والله لحملك النوى أشد على من ركوبك معه،قالت: حتى أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني• • عن جابر بن عبد القال: طُلقت خالتي فأرادت أن تجذ نخلها (يقطع ثمارها) فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي – صلي الله علية وسلم – فقال ((بلى فجذي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا))، فهاذان الحديثان يدلان على جواز خروج المرأة للعمل الذي لا بد لها منه تخدم فيه زوجها أو تعينه أو تكسب قوتها فأسماء - رضي الله عنها -كانت تنقل النوى على رأسها من أرض الزبير - رضي الله عنه -وهي بعيدة عنها وكانت تستقي الماء، وأجاز النبي – صلى الله علية وسلم – لخالة جابر - رضي الله عنهما -أن تخرج إلى نخلها فتجني ثمارها فتنفع نفسها وتنفع غيرها بالصدقة...ولكن مع هذا كله لا يؤخذ من الحديثين جواز تولي المرأة للوظائف في جميع المجالات لأن أسماء وخالة جابر لم تخرجا لتعملا في مصنع أو متجر أو مؤسسة أو نحوها وإنما خرجتا للعمل في مزارعهما حيث لم يكن دوام رسمي، ولم يكن الخروج إجباريا ولا محظور من الاختلاط أو خلوة من الأجانب بل استحيت أسماء من المشي مع رسول الله – صلي الله علية وسلم – وأصحابه وكان عملها لراحة زوجها حتى يتفرغ للأعمال الأخرى الشاقة التي لا يمكن أن تعملها كما كانت خالة جابر بحاجة إلي العمل حتى توفر لها
قوتها لأنها كانت في عدة الطلاق ولم يكن لها عائل والإسلام لا يمنع من الخروج للضرورة مع مراعاة الآداب والأحكام الشرعية. عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده – وكانت امراة صناع اليد قال: فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها – قالت: فقلت لعبد الله بن مسعود: لقد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق معكم بشيء فقال لها عبد الله: والله ما أحب – إن لم يكن في ذلك أجر – أن تفعلي. فأتت رسول الله – صلى الله علية وسلم – فقالت: يا رسول الله، إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لي ولا لزوجي نفقة غيرها، ولقد شغلونى عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق بشيء فهل لي من أجر فيما أنفقت؟ قال: فقال لها رسول الله – صلي الله عليه وسلم –: ((أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم)). فأمرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنما كانت تعمل وتعيل زوجها وتنفق من عمل يدها وصنعتها عليه وعلى أولادها فأخبرها الرسول – صلي الله عليه وسلم – أن لها في ذلك أجر الصدقة وأقرها على عملها لمساعدة زوجها الفقير.
ثالثا: ما قرره علمائنا: قال سماحة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن باز - يرحمه الله -: "أن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلي الاختلاط سواء كان ذلك علي جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جداله تبعاته الخطيرة وثمراته المرة وعواقبه الوخيمة رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه"وقال:"فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم البنات وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعني" قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - يرحمه الله -: "المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريا أو فنيا أو أن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء مما أشبه ذلك.وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث يستلزم الاختلاط بالرجال وهي فتنه عظيمة يجب الحذر منها ويجب أن يعلم أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) ((وإن فتنة بني إسرائيل كانت من النساء)) فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتنة وأسبابها بكل حال.
http://www.alezah.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(83/297)
متى تستميل قلب شريكك؟
هيام فؤاد ضمرة
رغم أن الفتاة قديماً كانت تعفى من إبداء رأيها في شأن اختيار شريك حياتها إلا أنها ظلت تتحمل بإباء واجباتها نحو زوجها وأولاده، وكثير من الأحيان تجاه والدي زوجها بكل ما أوتيت من جلد وحسن معاملة؛ لأنها كانت ترى فيهم قدرها المحتوم ونصيبها المقسوم، والأنثى بطبيعتها يفيض قلبها بالرقة والحنان، وتتكون مشاعرها على الرهافة والعاطفية بتكوين إلهي خارق، حيث وضع الله - سبحانه وتعالى - هذه الصفات في تكوين الأنثى كتهيئة لها للدور العظيم الذي اختاره الخالق لها.. ألا وهو دور الأمومة، والذي تمتد منه المشاعر لتعم بالحنان واللطف على كل من الوالدين والأشقاء ثم الزوج كعواطف طبيعية متناسقة مع تكوينها العاطفي.
واليوم حين تدخلت الرومانسية في العلاقة الطبيعية بين الزوج وزوجته بعد اتساع الأفق الثقافي والنفسي، أصبح كل منهما يتحمل دوراً عظيماً بالاضطلاع بما يتطلبه دوره نحو شريكه لإنجاح المؤسسة الزوجية التي هي أساس المجتمع المثالي المتحضر.
والحمد لله الذي أسبغ علينا من فضله من هدي الإسلام كل حق، فهو دين التكامل والشمولية.. حيث الإسلام لم يبتعد أبداً عن تصور هذه الناحية في ربط أواصر المحبة والترابط بين الأزواج، فجاءت إلينا أنوار الآيات القرآنية، وتنوير السنن المحمدية، لتوضح لنا الكثير مما يساعد الأزواج في تقريب عواطفهما وأفكارهما وحتى رؤيتهما.
مظهر كل من الزوج والزوجة عامل هام جداً في استمالة قلب كل منهما للآخر، فالمظهر المجمل يعمل عمل الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة، ويترك التأثير العميق على مشاعر الأزواج وقناعاتهم، فعناية الأزواج بشكلهم العام من ترتيب ونظافة (المقصود هنا الزوج والزوجة) يشكل إنصافاً فعلياً لكل منهما لنفسه وشريكه.
فعلى كل منهما أن يكون للآخر كما يحب شريكه أن يكون له، فكم من القناعات تكونت لدينا للأشخاص المهتمين بشكلهم العام، فتعاملنا معهم ونفوسنا لهم مستريحة.
ولنسمع محدثنا أبا الحسن -رضي الله عنه- حين يقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -:"هيئة الرجل للمرأة مما يزيد في عفتها"، وهو قول يدعم فكرة القناعة التي أكد عليه الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - كلما لبس جديداً"الحمد لله الذي كساني ما أتجمل به"، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الطيب والتطيب، ويحض على استعماله واستعمال السواك في تنظيف وتطييب الفم.
وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يقتدون بنبيهم الكريم، وها نحن نسمع عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحس أن استنظف (آخذ) كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها علي؛ لأن الله - تعالى - يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) صدق الله العظيم.
ومن المهم جداً أن زينة كل من الزوجين بما يناسب الأحوال، ويوافق المناسب، فليس المقصود هنا البهرجة المنبوذة، أو الذي يتجاوز حدود الطبيعي إلى الغرابة، ولكن أن تكون زينة كل منهما كما يحب أن يرى كل منهما في صاحبه ويرتاح إليه، فكما زينة المرأة المتجملة لزوجها تعفه عن النظر إلى سواها من النساء، فإن اهتمام الرجل بنظافته وترتيبه وحسن مظهره تعف الزوجة عن النظر إلى غيره من الرجال.
ومن أخطر الأمور على الزواج أن ينفر أحد الزوجين من شريكه بسبب عادات غير مستحبة أو تلفظات خشنة غير مهذبة أو بسبب أمور شاذة بالشخصية أو النظافة أو الشكل العام، وليحذر الأزواج من كلا الجنسين، وليتقوا الله في أنفسهم وأزواجهم، فالتجمل هو احترام للذات، واحترام لمشاعر الشريك الذي يجد كل الفخر بشريكه المرتب والمتأنق بما يناسب.
وهنا سؤال يفرض ذاته: فهل تأنق الشكل كاف لزرع القناعة والثقة في نفوس الشركاء؟
بالتأكيد لا... فالتأنق لا يكون متكاملاً إلا إذا شمله تأنق الفكر، والثقافة، والذوق، والخلق والدين ومخافة الله - سبحانه وتعالى -، وهي بمجملها صورة الجمال الحقيقية في الشخص التي من شأنها تثبيت الثقة والقناعة في نفس الشريك والمحيطين على السواء.
البعض يعتقد أن الزواج نهاية المطاف في تحقيق الأماني، فيعمد بعد وقت قصير إلى إهمال شكله، وعدم إعطاء النواحي النفسية والعاطفية بالحياة الزوجية أدنى اهتمام، وهي من الأخطاء الشائعة الضارة بالمؤسسة الزوجية... ولنتخيل تأثير فقدان الجاذبية إضافة إلى ضغوط الحياة اليومية والعملية التي تصيب كلاًّ من الزوجين باضطراب النفس والأعصاب، وبالتالي العواطف والاهتمامات، فمن المؤكد أنها تؤدي إلى التوتر والاكتئاب، ثم إلى النفور والبحث عن المعوضات، وهو رد الفعل العكسي لتولد عدم الثقة والقناعة والشعور المغرق بالحرمان النفسي والعاطفي.
ولنكن أكثر واقعية حين نعترف أن كلاًّ الزوجين ما هما إلا طفلين من الداخل، ومن الخطأ الشائع استعمال التعبير عن الرجل وحده، فقد ثبت أن لكل من الرجل والمرأة نفس الحاجات في رعاية المشاعر كل منهما للآخر، فتقصير أي من الطرفين في إشباع حاجة شريكه النفسية قبل أي أمر آخر، يؤدي حتماً إلى تدهور العلاقة بينهما؛ لأن سهم الخراب يكون قد أصاب القناعة والثقة في الصميم.
فإذا كان العلاج على هذا النحو من اليسر والبساطة، فما الذي يمنع الأزواج من توجيه اهتمامهم لهذه النواحي... إلا من أوقعه سوء حظه تحت طائلة البلادة، والعناد المريض، وبالتالي هو الجاني على نفسه وعلى شريكه، وعلى مجتمعه، وربما على مؤسسات حكومته.
والمؤمن الصادق، غالباً ما يكون الزوج الناجح؛ لأنه يقترب من التمعن في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، فهي تكفي المؤمن في تهذيب نفسه والاستدلال إلى حقوقه وحقوق شريك حياته... فيقول - تعالى -: (أزواجًا لتسكنوا إليها) أي سكناً لنفس الرجل والمرأة سواء بسواء.
وإذا كانت الزوجة المجتهدة في استمالة قلب زوجها بالشكل المتجمل، والشذى المتعطر وحسن الخلق، فهي تنتظر من زوجها بالمقابل الشيء ذاته؛ لأن المرء يجب أن يأخذ بقدر ما يعطي، فالعطاء دون مقابل يؤدي بصاحبه إلى الخيبة والملل، ثم ينعطف نحو التوقف عن العطاء، وربما أدى إلى ما هو أخطر من ذلك وأشد أذى مثل الاكتئاب والجنوح، وهو ما يجدر على الأزواج التنبه له وأخذ الحيطة منه.
والمرأة يروقها في الرجل كرمه، وشهامته، وشجاعته، وسخاؤه، وتثير فيها هذه الصفات دفء المكنونات إلى دافع الحب والاقتراب والقناعة، بينما هنالك شيئان يقتلان فيها هذه المشاعر، بل وينفرانها منه، ألا وهما: اللؤم والجبن، وعلى ذلك صدقت أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- حين جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد تلقيه الوحي لأول مرة وقد أخذته في حضنها وزملته (أدفأته) وهي تقول"كلا: والله ما يخزيك الله أبداً.. إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب العدو، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر"معبرة بذلك عن سمو صفاته التي حببته إليها، واحترمته لها، ووثقت به بسببها، وأدخلت في نفسها القناعة بشخصه ومن ثم بالدين الذي جاء به من عند الله.
والرجل يجذبه في المرأة حسن خلقها ولطفها ووداعتها، والتحلي بروح العطاء والتخلق الديني والورع، وهي الصفات المجملة في صورتها الحقيقية لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وفي قوله أيضاً: "لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى أن يردين، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء ذات دين أفضل".
وحين سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أي النساء خير؟ قال:"التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها وحالها بما يكره"، وفي مناسبة أخرى قال:"إن الدنيا متاع.. وخير متاعها المرأة الصالحة".
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/298)
متدينة لكنني تعلقت به!!
* أنا فتاة عشرينية. دخلت إلى عالم النت؛ لأني كما يقال, أملك موهبة أدبية.. ولاقت كتاباتي بحمد الله استحساناً كبيراً في أوسط المنتدى الذي أكتب من خلاله. ثم عرض علي أن أكون مشرفة.. ومن ثم تعرفت على صاحب المنتدى.. ولم أكن من النوع الذي يمضي وقته في الشات, بل كانت أرضاً لم تطأها قدماي تعففاً, وكان بريدي الإلكتروني يخلو من أسماء الجنس الآخر أو أردهم بأدب.
* وبحكم منصبي الإداري أمسيت أمضي جل وقتي في محادثته... وأشتاق إليه إن غاب وأطلعني على أسراره واسمه الحقيقي وأرسل إلي صورته: وهو في أواخر العشرينيات وتقاربنا كثيراً وعلى رغم أننا – أنا وهو – نرفض علاقات الهاتف والمسنجر والشات فقد تعلقنا ببعضنا: ولا نكاد نفترق.. طبعاً أصبح لي مركز مرموق في أوساط المنتدى وكذلك في منتديات أخرى.. لكنني أشعر أن كل هذا وهم: ولا يمكن أن تلتقي.. ولكن لا يمكنني إنكار هذه العاطفة تجاهه, صارحت أختي الكبرى فاستغربت كيف أن بنتاً بمثل عقليتي وتديني تتأرجح في متاهات السراب... نصحتني بقطع علاقتي به, لكنني أرجو فعلاً أن تثمر هذه العاطفة.
ليس من السهل علي تركه... لأنني أحتاج إليه في كثير من الأمور.
الجواب:
- الأخت الكريمة لقد قرأت مطلع رسالتك فأحسست بفرحة تغمر قلبي ((موهبة في كيان عشريني وكتاباتها تنفذ إلى القلوب فتطرب لها.. ثم توظيف هذه الموهبة في خدمة المسلمين ونصحهم.. وعفاف عن لجج اللغو واللغط المسمى بـ((الشات)).. وسد لمنافذ الفتنة كالبريد... ما أشد حاجتي وحاجة الأمة إليك وأنت العفيفة بإيمانك, العاملة الداعية بموهبتك فتؤثرين ولا تتأثرين.. آه.. آه.. يا أختاه.. كم نحن بحاجة إلى مثلك من بنات المسلمين لنسد بهن ثغوراً ولجت منها الشياطين.. فرحت أننا في الدعوة نمتلك هذه المواهب.. فرحت أيما فرح.. ولكن فرحتي كدرتها ترحة, وسعادتي شابتها تعاسة حين وصلت بعد ذلك إلى قولك ((أمضي جل وقتي في محادثته)) و ((أشتاق إليه إن غاب)), ((أرسل إلي صورته)).. يا أسفاً.. هزئ بي الشيطان وضحك مني بعد أن ضحك عليك يا أختاه.
.. ولكن مع هذا عاد إلي أملي بك ورجائي فيك وأنت تقولين ((إن كل هذا وهم)).. إي والله وهم وباطل وسفاهة.. أنت أرفع شأناً, وأنضج عقلاً, وأقوى إيماناً من أن تسيري وراء هذا الوهم الخادع والسراب الكاذب.. ولكنها عثرة وقد قيل ((ولكل جواد كبوة)) إنه مستنقع آسن ونفق مظلم سلكته ضعيفات الإيمان فعرفن في نهايته عاقبة العصيان, وقصص الواقع خير شاهد ((والعاقل بغيره اتعظ)) فلم تحتج أن يكرر مأساة غيره وهو جحر قد لدغت منه الكثيرات ((والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)) رواه البخاري.
أيتها الأخت الكريمة..
إذا أردت أن تعرفي دين الرجل وشهامته وغيرته وصدقه فانظري هل له ميل لهذه اللوثات الجاهلية, والهفوات الشيطانية.. فإذا تبين لك شيء من هذا فاغسلي منه يديك ورجليك.. ثم هل يرضى ((مشرف المنتدى)) أن أرسل إلى أخته صورتي؟! إن رضي فهو قليل الغيرة يرضى السوء في أهله, وإن لم يرض فكيف رضي به لك؟!
... أطلت في الرد لتعلمي خطورة موقفك, واسترسلت في الجواب لتدركي عظم خطئك وعثرتك.. ثم إني موصيك وصية أخ مشفق حريص عليك.
أولاً: عليك بكثرة التوبة والإنابة إلى من وهبك عقلاً فأودعه موهبةً ورأياً استحسنه الآخرون, ولو شاء لجعلك في قطيع من السائمة.. فأحسني وتلطفي ولا تستبدلي نعمة الله كفراً..
ثانياً: اعتذري عن الإشراف في المنتدى, وتوقفي عن مراسلة المشرف حالاً , واكتفي بالمشاركة في منتديات أخرى لتبلغي دعوة الله ((إذا لم يكن بد من الكتابة)) وذلك حتى يبرأ جرحك وتنطفئ نار الفتنة.
ثالثاً: عليك بكثرة القراءة في الكتب النافعة والكتابة في المجلات الإسلامية لتملئي وقتك بالنافع المفيد وتطوري موهبتك وتنمي ملكتك الأدبية.
رابعاً: هنا أخوات صالحات داعيات يمكن أن تراسليهن وتقيمي معهن علاقة عبر ((النت)), إن شئت أعرفك ببريد بعضهن. وهن في سنك.
خامساً: عليك بالدعاء والمحافظة على الصلوات وكثرة الأذكار وأعمال الخير.
وفقك الله وحرسك من نزغات الشياطين وأعاذك من مضلات الهوى ونفع بك الإسلام والمسلمين والحمد لله رب العالمين.
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/299)
محطات ... ستعجبكم حتما ..
سالم العجمي
(1) أيتها الفتاة.. احذري تخدعي عن نفسك..
إن المرأة أشد افتقاراً إلى الشرف منها إلى الحياة.
إن الكلمة الخادعة التي تقال لك، هي أخت الكلمة التي تقال ساعة إنفاذ الحكم على المحكوم عليه بالشنق.
يغرونك بكلمات الحب، والزواج والمال كما يقال للصاعد إلى المشنقة: ماذا تشتهي؟ ماذا تريد؟
الحب..الزواج..المال.. هذه صلاة الثعلب حين يتظاهر بالتقوى أمام الدجاجة.
(2) نصيحة...
إن أساس الفضيلة في الأنوثة الحياء، فيجب أن تعلم الفتاة أن الأنثى متى خرجت من حيائها، وتبذلت وتوقحت، استوى عندها أن تذهب يمينا؛أو تذهب شمالا، وتهيأت لكل منهما ولأيهما اتفق؛ وصاحبات اليمين في كنف الزوج وظل الأسرة وشرف الحياة، وصاحبات الشمال ما صاحبات الشمال...؟!
(3) اعترافات امرأة...
قالت: من عسى يعرف خطر الأسرة والنسل والفضيلة كما تعرفها المرأة التي فقدتها، إننا نحسها بطبيعة المرأة، ثم بالحنين إليها، ثم بالحسرة على فقدها، ثم برؤيتها في غيرنا، نعرفها أربعة أنواع من المعرفة؛ إذا عرفتها الزوجة نوعا واحدا، ولكن هل ينصفنا الرجال وهم يتدافعون نحونا؟!.. هل يرضون أن يتزوجوا منا؟!
لا يعرف الناس جريمة واحدة تعد سلسلة جرائم لا تنتهي إلا سقطة المرأة، فهي جريمة مجنونة؛ كالإعصار الثائر يلفها لفا، إذ تتناول المرأة في ذاتها، وترجع إلى أهلها وذويها؛ وتتعدى إلى مستقبلها ونسلها، فيهتكها الناس هي وسائر أهلها، من جاءت منهم ومن جاءوا منها، والمرأة التي لا يحميها الشرف لا يحميها شيء. وكل شريفة تعرف أن لها حياتين؛ إحداهما العفة، وكما تدافع عن حياتها الهلاك تدافع عن عفتها السقوط.
وكل متزوجة وظيفتها الاجتماعية أنها زوجة، ولكن ليس لعاشقة أن تقول: إن عشقها وظيفتها.
(4) رسالة عاجلة.... لرجل!!!
قالت: لقد امتلأت الأرض من هذه القنابل، ولكن ما من امرأة تفرط في فضيلتها إلا وهي ذنب رجل قد أهمل في واجبه.
(5) لصوص... في مظهر النساك..
لقد أصيب بعض الشبان في إيمانهم بالله، فأصيبوا في إيمانهم بكل فضيلة، وذهبوا يحققون المدنية فحققوا كل شئ إلا المدنية.
ترى أحدهم شريفا يأنف أن يكون لصا وأن يسمى لصا، ثم لا يعمل إلا عمل اللصوص في استلاب العفاف وسرقة الفتيات من تاريخهن، وترى أحدهم يستنكف أن يكون في أوصاف قاطع الطريق، ثم يأبى إلا أن يقطع الطريق في حياة العذارى وشرف النساء.
(6) أيتها الفتاة.. انتبهي لهذه الوصية من أجل سعادتك الزوجية.. يجب ألا يفتح قلب الفتاة لأحد من الناس قبل أن يفتح لزوجها لتستطيع أن تعيش معه سعيدة هانئة لا تنغصها ذكرى الماضي، ولا تخلط في مخيلتها الصور والألوان، وقلما أن تبدأ الفتاة حياتها بغرام؛ ثم تستطيع أن تتمتع بعد ذلك بحب شريف.
(7) إلى أدعياء التحرر.. المستغربين.. انتبهوا..
إن هذه الفتاة التي تحتقرونها اليوم وتزدرونها، وتعبثون ما شئتم بنفسها وضميرها، إنما هي في الغد أم أولادكم، ومستودع أعراضكم ومروءاتكم، فانظروا كيف يكون شانكم معها غدا، وكيف يكون مستقبل أولادكم وأنفسكم على يدها.
أين تجدون الزوجات الصالحات في مستقبل حياتكم إن أنتم أفسدتم الفتيات اليوم؟!!؛ وفي أي جو يعيش أولادكم ويستنشقون نسمات الحياة الطاهرة؛إن أنتم لوثتم الأجواء جميعا وملأتموها سموما وأكدارا.
لا تزعموا بعد اليوم أنكم عاجزون عن العثور على زوجات صالحات شريفات؛ يحفظن لكم أعراضكم، ويحرسن سعادتكم وسعادة منازلكم، فتلك جناية أنفسكم عليكم، وثمرة ما غرست أيديكم، ولو أنكم حفظتم لهن ماضيهن؛ لحفظن لكم حاضركم ومستقبلكم؛ ولكنكم أفسدتموهن، وقتلتم نفوسهن، ففقدتموهن عند حاجتكم إليهن.
بقي أن تعرف أيها القارئ الكريم أن هذه المحطات الجميلة هي عبارات مختارة من كتاب"وحي القلم"للرافعي، وكتاب"النظرات"للمنفلوطي؛ بتصرف يسير، ونظرا لإعجابي الشديد بها؛ ولأنها صورت شيئا في نفسي ولامست أعماقي؛أحببت أن أتحفك بها، ظنا مني أنها ستعجبك حتما.
http://saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/300)
القواعد الربانية في إسعاد المرأة العصرية
د.ناصر بن يحيى الحنيني
الحمد لله الذي الخلق فسوى، وجعل من الزوجين الذكر والأنثى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، والصلاة والسلام على خير ولد آدم وحوا، وعلى آله وأصحابه أولى النهى وعلى زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين النجبا وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم في السرائر تبلى أما بعد:
أيها المسلمون:
إن الله - سبحانه - من صفاته الحكيم العليم، ومن حكمته أنه خلق الخلق وشرع لهم ما يصلحهم كل على حسب خلقته ومن بديع صنعه أن جعل نسل بني آدم زوجين اثنين الذكر والأنثى، فظهرت حكمته وظهر واسع علمه فيما شرع، فما سعدت البشرية في شتى مجالاتها، وتعدُّدِ اتجاهاتها، بغير هدي الإسلام وشريعة الملك العلام، في كل نواحي الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها، وصدق الله إذ يقول: {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم} [البقرة:231]،
أيها المسلمون:
ومن القضايا التي أولاها الإسلام عناية كبرى، ومنحها مزيةً عظمى قضية المرأة، نعم قضية المرأة التي لم يستطع أي دين أن ينصفها أو يسعدها غير دين الإسلام، بل إنني أقول إن الإسلام جعل المرأة –بشريعته الخالدة – سرَّ نجاحٍ، وعامل بناء، وعنوان أمة رائدة، وصمام أمان، فالإسلام لم يقتصر على سعادتها بل جعلها سببَ إسعادِ المجتمعِ كلِّه،فقد قص الله لنا في كتابه المقدس- المبُرَّإِ من كل عيبٍ ونقص؛ كيف لا يكون كذلك وكلامه أحسن كلام في الوجود وهو صفته التي اتصف بها - سبحانه - قص لنا قصص نساء رائدات في عصرهن للعفة والطهر وداعيات للخير والبر، فمريم - عليها السلام - قال - سبحانه - عنها: {إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} آل عمران [42]، وجاء في الحديث الصحيح كما في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم -: (خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد) قال الحافظ [في الفتح6/543]:"خير نسائها مريم أي نساء أهل الدنيا في زمانها"أ.هـ، وخذ مثالاً آخر وهي آسية امرأة فرعون المؤمنة الصابرة العاقلة الفطنة التي قدمت الباقي على الفاني فرحمها الله ورضي عنها التي ابتليت بالطاغية فرعون وضربت أروع الأمثلة في الجهاد والصبر على الأذى والثبات على المبدأ قال – سبحانه - عنها: {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} [التحريم:11]، وجاء في الصحيحين -واللفظ للبخاري- قال - صلى الله عليه وسلم -: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)، ويسطر لنا الكتاب العزيز عفةَ امرأةٍ ثالثة ما عرف التاريخ أعفَّ ولا أطهرَ منها إنها الصديقة بنت الصديق زوجُ أحبِّ الخلق إلى الله أمُّ المؤمنين الحصان الرزان زوجته - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - وعن أبيها يقول سبحانه ذاكراً أخصَّ صفاتها وهي الطهر والعفاف فقال – سبحانه -:{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} إلى أن قال: {أولئك مبرأون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم} [النور:23-26]، قال الحافظ ابن كثير عند هذه الآية:"هذا وعيد من الله - تعالى - للذين يرمون المحصنات الغافلات –خرج مخرج الغالب – المؤمنات، فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة، ولا سيما التي كانت سبب النزول، وهي عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما - وقد أجمع العلماء-رحمهم الله- قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به الذين ذكروا في هذه الآية فإنه كافر لأنه معاند للقرآن"أ.هـ.
وأما السنة المطهرة فطافحة بالأمثلة والنماذج من النساء اللاتي قدمن للمجتمع والأمة مشروعات ناجحة وأعمال جليلة ويكفي أن نشير إلى مثالين لم يهملا في سنة المصطفى ولا في تاريخنا الإسلامي فهاهي خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة ضربت أروع الأمثلة في المرأة التي كانت عوناً لزوجها على أداء رسالته ونجاحه في مهمته وسبباً في ثباته على مبادئه وقالت له قولتها المشهورة لما جاءها خائفاً ترعد فرائصه لما بدأ نزول الوحي عليه فقال لها –كما في البخاري: (لقد خشيت على نفسي) فقالت:"كلا والله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصلُ الرحم، وتحملُ الكل، وتكسبُ المعدوم، وتَقْري الضيفَ، وتعينُ على نوائب الحق"الحديث، والمثال الثاني: أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين - رضي الله عنها -وعن أبيها - التي ضربت المثال في البذل والجهد في نصرة الدين ونصرة رسوله الكريم،جاء في البخاري عن عائشة - رضي الله عنها -في حديث الهجرة الطويل: (فجهزناهما –تعني النبي - صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر - رضي الله عنه - أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاق وفي رواية ذات النطاقين) وتاريخ المسلمين حافل بذكر النماذج النسائية الناجحة اللاتي كن قدوات لغيرهن في شتى المجالات الحياتية والتي نفخر بها على مر التاريخ.
وكذلك اعتنى الإسلام بالمرأة في كل تشريعاته،وجعل النساء شقائق الرجال في غالب أحكامه، فانتظم عقد المجتمع المسلم في سامق بنيانه، وتوطد البيت المسلم في ثابت أركانه، وافتخر المسلمون بين الأمم بجميل حلله وهباته.
أيها المسلمون:
لا ينقضي عجب المسلم لما يعيش في مجتمع مسلم يؤمن بالقرآن وأنه كلام الله المنزل على رسوله الكريم، وبالنبي الكريم وأن سنته تشريع للأمة ومصدر من مصادر التلقي لدى أبناءها رجالاً ونساءً، وهو يسمع بين الحين والآخر من يتهم المرأة المسلمة بأنها لم تأخذ حقها، أو أنها مظلومة، أو أن القيود التي فرضت عليها سبب تخلفها، ويعنون بذلك ما من الله به عليها من الضوابط الشرعية، والأحكام السماوية،وهنا لا بد أن نقول إن قضية المرأة هي من القضايا الأصيلة والمعتبرة والتي يجب علينا كمسلمين أن نهتم بها كما اهتم بها سلفنا الصالح ونعطيها حقها الذي أعطاها الله كاملاً ولا نبخسها شيئاً من ذلك، ونراعي تغير الزمان والمكان الذي كفلته لها الشريعة بما يحفظها من الضرر ويحفظ المجتمع من الزلل ولا يعلم ذلك إلا أهل العلم الراسخون في العلم وليس لكل أحد،فهم-أي العلماء- ممن ولاهم الله شؤون المسلمين، ومرجعهم فيما يشكل عليهم من نوازلهم وشؤونهم، وسوف نتكلم في خطبة مستقلة –إن شاء الله - عن قضية مهمة لطالما سمعناها أو شاهدناها أو قرأناها في وسائل الإعلام المتنوعة من المطالبات التي يمكن أن نسميها مغالطات مكشوفة، ومزايدات مزيوفة، وشبهات للغِرِّ مفضوحة، وقبل أن نتحدث عن هذه المغالطات وتلكم المزايدات يحسن بنا في هذه الخطبة أن نذكر بقواعد مهمة هي من الثوابت التي جاء بها القرآن صريحاً وتواترت في سنة نبينا الكريم، والتي كفلت للمرأة السعادة في نفسها والإسعاد للمجتمع فلا يحق لعالم ولا غيره ممن ينتسب إلى العلم والدعوة فضلاً عن أن يكون صُحُفياً مشهوراً أو إعلامياً بارزاً أن يشكك فيها بلْه أن يطعن في نصوصها فهؤلاء –أعني بعض الإعلاميين- لا ناقة لهم ولا جمل في العلم وأصوله وقواعده ومقاصده، فهم أبعد ما يكونون عن العلم فكما أن أهل الشريعة لا يتكلمون في الفنون الصحفية وطرقها وأساليبها فعليهم أن يحترموا تخصصاتهم ولا يخوضوا بحر الشريعة وهم لا يجيدون السباحة فيه فيغرَقون ويُغرقون غيرهم، ومن هذه القواعد الثابتة والمسائل المسلمة التي لا يجوز التشكيك ولا التلبيس فيها:
أولاً: أن الإسلام قد وفَّى وكفَّى بكل ما تحتاجه المرأة إما تصريحاً بنص قاطع أو جعل قاعدة عامة تندرج تحتها كلَّ المستجدات المعاصرة فلا تحتاج بعدها المرأة إلا من يعلمها كيف تعيش في عصر العولمة والله سبحانه يقول وهو العليم الخبير: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} [المائدة:3]، قال ابن عباس- رضي الله عنه - وعن أبيه -:"أخبر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً، وقد رضيه فلا يسخطه أبداً"أ.هـ،والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) وقال ذلكم الصحابي الجليل:"توفي رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً"بل علمهم كل شيء - صلى الله عليه وسلم -.
أيها المسلمون: لا بد أن نعيش على هذه القناعة ولتكن عقيدة مترسخة نحيا عليها فلا تهزنا إرجافات المرجفين ولا تأويلات المبطلين فالخير كل الخير فيما شرع الله وسنَّهُ للمرأة لا فيما تدعوا إليه الشرائع الأرضية، ومع هذا لا يمنع أن تستفيد المرأة من كل مشروع يهدف إلى تعزيز هويتها ويحافظ على كرامتها ويجعلها عنصراً فعالاً في المجتمع في إطار المسموح به في الشرع ولا يكون في ذلك ذريعة ووسيلة إلى شر عظيم يعود على المجتمع بالويل والثبور في العاجل والآجل.
ثانياً: أن الله - عز وجل - شرع أموراً تخص المرأة، لا يجوز لكائنٍ من كان أن يُشكِّكَ فيها، أو يطعنَ في نصوصها، أو يجرحَ مشاعرَ المسلمين بالدعوة إلى ما يناقضها،وخاصةً في بلدٍ الشريعةُ فيه ظاهرة ودين الله فيه مهيمن كالحجاب وتحريم تبرجها وسفورها، والله سبحانه يقول عن أطهر نساء الدنيا وهن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمهات المؤمنين يقول عنهن: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن}[الأحزاب:53]، فإذا كان هذا في حق أطهر نساء العالمين فما الظن بمن أتى بعدهن فهذا أصل لا يجوز التخلي عنه ألا وهو الاحتجاب والفصل بين الرجل والمرأة حتى لا يقع الفساد ولا الإفساد، ويقول سبحانه بلفظٍ أشدَّ وضوحاً وأكثرَ صراحة: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}[الأحزاب59]، قال ابن عباس –كما جاء عند الطبري- في تفسير هذه الآية:"أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة"أ.هـ، ولما فرَّطت المرأة في حجابها تعرضت للأذية من السفهاء والغوغاء جزاءً لتركها أمر ربها وسبب سعادتها وهو حجابها، وقل مثل ذلك في خصوصيتها وانفصالها عن الرجال في الأعمال والدراسة ونحو ذلك فهذا أمر مجمع على عدم جواز الدعوة إلى ما يضاده كالدعوة إلى الاختلاط مثلاً فضلاً عن السعي إلى هدمه-أي الفصل بين الجنسين- ونقضه وتزيين التنصل منه وهتكه.
ثالثاً: أن المرأة غير الرجل في طبيعتها وسلوكها وخلقتها ولا يستطيع أحد أن يدعي خلاف ذلك من الكفار فضلاً عن المسلمين، والله – سبحانه - قد بين ذلك وهو الذي خلق الذكر والأنثى فقال عز من قائل: {وليس الذكر كالأنثى}، وعليه فالمسؤوليات التي سوف تطالب بها المرأة يجب أن تتوافق مع طبيعتها وخلقتها وهذا قد تكفل به دين الإسلام في شرعه وأحكامه، فلم يفرض عليها السعي لطلب الرزق ولا الاختلاط بالرجال وتولي المسؤوليات العظام مراعاةً لطبيعتها ففيه إرهاق لها، فالحكمة وضع الشيء في موضعه و الظلم أن يوضع الشيء في غير موضعه، فليس من سعادتها الزجُّ بها في المصانع ولا يصلح لها ولا من الفخر لها أن تكون تاجرة تجوب البلاد شرقاً وغرباً وتخالط الرجال الأجانب بدعوى هزيلة واهية أوهى من بيت العنكبوت فأطلقوا عليها (سيدة أعمال) تغريراً وجراً لها إلى ميدان لا يوافق طبيعتها، بل يتكفل بتجارتها ومالها وكيلها الذي توكله من الرجال فهو أقدر على ذلك لأنه أليق بفطرته وفطرتها.
رابعاً: أن الإسلام قد شرع التدابير الواقية لكل ما يكون سبباً في الوقوع في الرذائل، أو يكون سبباً في ضياع المجتمع أو تفككه وانهياره فحرم الإسلام الزنا والفواحش وكل ما يؤدي إليه من الخلوة بالمرأة الأجنبية فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) أو ظهورها سافرة متبرجة كما قال - جل وعلا -: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} أو خضوعها بالقول كما قال سبحانه:{ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً} قال الحافظ ابن كثير:"هذه آداب أدب الله بها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء الأمة تبع لهن في ذلك...ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم أي:لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها"،فأين هذا الأدب مما يحصل الآن من الكلام اللين والتكسر والتغنج في المقابلات المسموعة والمرئية عبر وسائل الإعلام والأمر لم يقتصر على الخضوع بالقول بل إلى الكلام الذي لا يليق أن تقوله المرأة إلا مع زوجها في بيتها كعبارات الغزل والغرام التي عمت وطمت ولا حول ولا قوة إلا بالله وسائل الإعلام في بلاد المسلمين،وكذلك أمر سبحانه بغض الأبصار حتى لا تحصل الفتنة بالنساء الأجنبيات فقال – سبحانه -: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} وقال للنساء:{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} قال الحافظ ابن كثير: "أي: ولا يُظْهرن شيئاً من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، وقال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاناه نساء العرب من المَقْنَعة التي تُجَلِّلُ ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه"أ.هـ وكذلك حرم الإسلام غير ما ذكر من الأسباب المؤدية إلى الرذيلة مما يجد في عصر التقدم والحضارة فيلحق الفرع بأصله ويصبح الحكم واحداً،ولهذا لما حرم الزنا لم يقل سبحانه ولا تفعلوا الزنا بل قال: {ولا تقربوا الزنا} فسبحان الحكيم الخبير أي لا تفعلوا كل ما يقربكم ويؤدي بكم إلى الزنا، والهداية للحق منة وفضل من الله يؤتيه من يشاء - سبحانه و تعالى -.
خامساً: أن الإسلام كفل لها كاملَ حقوقِها فحرم ظلمَها والبغيَ عليها والتعدي على حقها، وحرم عضلها ومنعها من الزواج وكفل لها حق المطالبة بأن تتزوج بالرجل الكفء الذي يصلح لمثلها إن منعها وظلمها ولي أمرها قال - تعالى -:{فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}، وأمر بإعطائها جميع حقوقها العاطفية من الرحمة والشفقة والحنان والمحبة من زوجها والإحسان إليها وإشباع غريزتها وحرم هجرها من غير ذنب ولا جريرة، ولهذا أعلن - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع للعالم كله حقوق المرأة التي كفلها الإسلام فقال - صلى الله عليه وسلم -: (استوصوا بالنساء خيراً) وقال أيضاً: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، وأمر الإسلام بحسن عشرة المرأة والرفق بها، وأوجب النفقة عليها في كل مراحل حياتها صغيرة أو كبيرة متزوجة أو غير متزوجة ولم يأمرها ولم يوجب عليها العمل والكدح لأن ذلك خلاف طبيعتها التي خلقت من أجلها يبينه:
سادساً: أن الإسلام قد وجه المرأة إلى ما فيه صلاحها وبين لها الصالح من الطالح والفاضل من المفضول، فأمرها وحثها على القرار في بيتها فهو أوفق لفطرتها وأسعد لحياتها وأنقى لبشرتها، فقال عز من قائل حكيم: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}،فهذا هو الأصل وجعل تربية أطفالها والعناية بهم من أسمى وظائفها وأشرف أعمالها فهي التي تنتج الرجال وتصنع الأبطال، وكل دعوة تناقض هذا الأصل وتحرف المرأة عنه يجب علينا كمسلمين أن نقف في وجه هذه الدعوات رحمة وشفقة بالمرأة المسلمة من الذين لا يريدون بها خيراً، وسوف نتحدث في خطب قادمة عن قضايا أخرى تهم المرأة المسلمة تأصيلاً وبياناً وتوضيحاً لكل ما يشكل من همومها وآمالها وطموحاتها والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/301)
إلى كل فتاة تؤمن بالله
عبد الرحمن الوهيبي
الحمد لله وبعد..
أيتها الأخت المسلمة: سلام الله عليك ورحمته وبركاته أحمد الله الذي هدانا وإياك إلى للإسلام وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس أرسل إلينا خاتم رسله وأنزل عليه أفضل كتبه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أختاه: هاأنذا أكتب لك هذه الرسالة مذكرا لا معلما يدفعني قول الله - تبارك و تعالى - (فذكر إن نفعت الذكرى * سيذكر من يخشى * ويتجنبها الأشقى..) [الأعلى: 9 ـ 11] وأحسب أنك ممن قلوبهن تخشى الله بل ويحدوني توجيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
والله إننا نحب الخير لكل مسلم ومسلمة وأي خير أعظم من الدلالة على الهدى والبر والتقوى.
أختاه: لولا ثقتي باعتزازك بدينك واحترامك لعقلك واستجابتك لأمر نبيك - عليه الصلاة والسلام - لما خاطبتك بل ولولا قناعتي باستجابتك للذكرى وقبولك لهذه الدعوة الصادقة لما اقتطعت هذا الجزء من وقتك لقراءة هذه الرسالة.
أختاه: تحدثت فتاة كانت غافلة.. عن سبب هدايتها فقالت: كنت في أحد الأسواق بملابس هي آخر ما أنتجته بيوت الأزياء! وعباءة تحكي أحدث صرعات الموضة..؟ وخمار يوحي بنجاح ركام سنوات طويلة من التغريب للعقول والتغيير للحجاب..! وإذا أنا بشاب صالح [أدركت فيما بعد] أن قلبه يتقطع ألما لما يرى من حال أخواته المسلمات.. وتتحسر نفسه حزنا على ضحايا كيد الشيطان..ومثيري الشهوات.. وإذا به يقول لي بلسان المشفق الناصح والواعظ الصادق: (تستري الله يستر عليك في الدنيا والآخرة)! الله أكبر..
لقد هزت كياني هذه الدعوة وخفق منها جناني واستفاق بسببها عقلي.. فتساءلت: أيعرفني هذا الناصح؟
لا.. فلا شيء يميزني عن الكثيرات أمثالي.. إذا كيف يدعو لي بالستر.. ليس في الدنيا فحسب..!
ولكن في الآخرة أيضا.. إنه والله يريد لي الخير والستر ويخشى علي عقوبة النار وعذاب القبر..
وبعد تفكير عميق تبت لربي والتزمت بحجابي فعزت نفسي.. وسعدت روحي بترك زبالات أفكار مصممي الأزياء وتجار الموضة.
أختاه: إن الطبيب المخلص في عمله الناصح لمراجعيه هو الذي يخبر المريض بمرضه وحقيقة شكواه ويصدق معه في وصف الدواء النافع بإذن الله.. وإن ما أراه عليك من لباس هو أقرب للتبرج وإظهار الزينة منه للستر والحشمة.. نعم فلا تظني أيتها العفيفة أن مجرد كون اللباس أسود اللون يكفي ليسمى سترا وحجابا..لا بل ليس المقصود بالتبرج إظهار شيء من الجسد للرجال الأجانب فحسب.. فالتبرج معناه: التزين _ وتبرجت السماء أي تزينت بالكواكب (المعجم الوسيط) _ قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - (التبرج أن تتزين المرأة للرجال باللباس والزينة والقول والمشية ونحو ذلك مما تظهر به نفسها للرجال وتوجب لفت النظر إليها..)
فاحذري..هداك الله.. من عقوبة لبس الملابس التي تظهر زينتك.. فقد صح عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(صنفان من أهل النار لم أرهما وذكر منهما نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة..) رواه مسلم.
وفي صحيح البخاري قال - عليه الصلاة والسلام -: (رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) كاسية بثوب ضيق أو شفاف أو قصير أو فاتن للرجال.
أختاه: إن امرأة شرفها الله بالإسلام ورفع قدرها بالإيمان وحدد لها صفة لباسها وسياج زينتها..يجب إلا تتنازل عن ذلك أو ترفضه بحجة الحرية والعصرية!!.. وفي نفس الوقت تقبل بل وتتفاخر بألبسة صنعتها أيد غربية كافرة..أو علمانية فاجرة..بحجة الموضة والتمدن والحضارة... لا... وألف لا.. وهل الحضارة معناها ترك الدين؟
ناشدتك بالله أختي المسلمة..هل الحضارة معناها ترك الدين؟
لا.. بل يجب أن تتحطم أمواج الموضة.. ورياح الأزياء المتبرجة..على صخرة إيمانك الراسخ وقناعتك التامة بحجابك الساتر
فهم والله يريدونك بألسنتهم.. المتبرجة..كسلعة معروضة ومائدة مكشوفة قال - تعالى -: (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) [النساء: 27]
وثمرة الميل عن الحق ورفض الستر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم) حديث صحيح.
الأعصم من الغربان نادر الوجود.. ولله در القائل:
وكم فتاة زهت بالطهر صادقة *** إذ لقنت بيتها القرآن والسننا
وكم فتاة هوت من أوج منزلها *** بالانحراف وراحت تدفع الثمنا
أختاه: إن من النصح لك والخوف عليك أن أسائلك:
لماذا العبث بهذا الحجاب؟ أما علمت أنه شرف المسلمة وعز المؤمنة؟
إلى متى وفتياتنا يجعلن من أجسادهن هياكل يعرض عليه الغرب..زبالات أفكارهم وأصناما متحركة تعلق عليها أزياؤهم الفاضحة.. وكوما مهمتها العبث بقلوب الرجال وتحريك كوامن الشباب؟
أما سمعتي يا بنت الإسلام... عن تلك المرأة الكندية التي تعتز بحجابها فتقول:
أنا كندية مسلمة دخلت الإسلام منذ سنة ونصف ومن حينها وأنا أرتدي حجابي وأسير وعزتي وفخري بديني الجديد يسيران معي. انتهى.
أختاه: لماذا أبداء المفاتن التي أمر الله بسترها (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن..) الآية
أما تعلمين..أن المفسدين كما عجزوا عن اقناعك بنزع الحجاب وابداء المفاتن دفعة واحدة.. لجؤوا إلى حيل شيطانية أوحى بها إليهم.. إبليس..الذي حذرنا منه ربنا فقال: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما..) وحيلهم تتمثل بصنع ألبسة بديلة للحجاب الساتر للمفاتن وهي (هذه الألبسة) كفيلة بنزع الستر.. خطوة خطوة.. ومرحلة مرحلة.خدعوك.. بأقوال ماكرة.. ودعايات متتابعة!! فقالوا:
هذه أزياء المرأة الأنيقة!
وتلك ملابس السيدة العصرية!
وهذه ملابس العروس الجميلة!
وتلك بنطلونات الأذواق الرفيعة!
لجمالك! لسهرتك!! لمناسباتك السعيدة!!
يا الله..إنها لون من ألوان إبراز المفاتن وذهاب الحياء..تفاصيل جسد المرأة بادية..وأيديها حاسرة وأكتافها بارزة وعباءتها ناعمة.. وخمارها مزركش مزخرف!!؟
أما آن لك أيتها الشريفة أن تصرخي..في وجوه دعاة التغريب وزاعمي التحرير..كما صرخت أختك من هذا البلد المبارك قائلة: (موتوا بغيظكم..فحسبي عن إغراءاتكم الساقطة وسفاسفكم البينة كتاب ربي وهدي رسولي - عليه الصلاة والسلام - ولي منهما تشريع عظيم هو لي أنا المسلمة حصن حصين هو حجابي ثم حجابي فموتوا بغيظكم أيها الذئاب المسعورة).
وارفضي إظهار الزينة وابداء المفاتن ولو كانت يسيرة..فهذه امرأة أمريكية مسلمة..ترفض النزول للسوق لأنها نسيت جوارب قدميها.. وقالت: كيف أخرج ويتكشفني الناس وأخالف أوامر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
أما أنا فأنقل لك ما حدثني به رجل أعرفه وأثق به حيث قال لي بعد وفاة زوجته: لقد رأيتها في المنام وكل ما كان يظهر من جسدها للرجال يشتعل نارا.. أجارك الله من النار.
أختاه: لن أنقل لك فتاوي العلماء في حكم لبس النقاب فهي لا تخفى عليك ولكن!
أسألك بالله..أيجوز للمسلمة أن تظهر للرجال عيونا مكحلة ووجنات مصبوغة وتتابع الشباب بنظرات فاتنة من خلال فتحة مستطيلة في خمارها..تسميها نقابا؟!
أما قال ربك - تبارك و تعالى -: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن..)
[الأحزاب: 53] فاحجبي عينيك عن الرجال لتسلمي من عقوبة فتنتك لهم أو افتتانك بهم.. واعلمي أن في ستر عينيك طهارة لقلبك وحماية لغريزتك وطمأنينة لنفسك حفظك الله بحفظه وحرسك بعنايته وحبب إليك الستر والحياء.
وأما وضعك للعباءة على الكتف.. فلا شك أنك ترين ذلك أجمل..مما لو كانت على الرأس!
وهذا سبب منع ذلك والأفتاء بعدم جوازه فهي للستر لا للتجمل والزينة.. وقد أفتى العلماء بعدم جواز لبسها على الكتف وعلى رأسهم مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز...
تقول إحدى التائبات من لبسها على الكتف: (رأيت تطبيقا عمليا لتغسيل الميتة فوجدتها أكثر سترا مني وهي تحمل على النعش ولا يمكن لأحد أن ينظر لها بشهوة فكيف بنا نحن الأحياء..أنتفنن في وضع العباءة وندفع أغلى الأسعار وكأن ليس وراءنا عقاب ولا حساب).
أختاه: أما كان ربك يحفظك وأنت في بطن أمك؟
فلم لا تحفظين أوامره بعد خروجك لهذه الدنيا وتلزمين حدوده وتعرفين حقوقه عليك؟
أما كان ربك يرعاك وأنت في رحم أمك بالغذاء والحماية والدفء؟
أفلا ترعين دينه وتلزمين أوامره؟
لقد خرجت من بطن أمك بلا ثياب.. وستجردين عند الموت من الثياب.. لتلبسي كفنا متعدد اللفائف.. ليس فيه زخرف ولا تطريز لا زركشة!.. فاحذري أن تكتسي في حياتك بما يغضب..خالقك من عدم وكاسيك من عري.
جاء في الأثر أن الله - تعالى - يقول: (إنني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري)
ولا تنسي قول الله - تعالى -: (يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم) [الشعراء: 88ـ89]
سليم من الشبهة التي تورث الشك في دين الله.. ومن الشهوة التي تورث تقديم الهوى على طاعة الله ورضاه
.. ومن الغضب الذي يورث العدوان على خلق الله..جعلك الله ذات قلب سليم.
أختاه: يا فتاة الإسلام: خذيها مني صريحة (إنك تواجهين حربا تغريبية مسعورة لا هوادة فيها.. وفتنا شيطانية لا مهادنة فيها.. إنك تواجهين تحديا لدينك...لأخلاقك..لعفافك.. بل لكل مظاهر الخير والحياء لديك.. إنها حرب مكشوفة وهمجية معلنة.. هيأوا لكل مغر وجديد.. وحجبوا عنك الحق كل نافع مفيد!
فهل تصمدين يا فتاة الإسلام أمام رياح الباطل وإغراءات الشيطان؟
هل تقفين صامدة بعقيدتك معتزة بدينك محافظة على سترك وحياءك أمام هذا السيل الجارف من الفتن والمغريات أم تطوح بك رياح الباطل في مهاوي الرذيلة ومواضع الفساد وتقذف بك الأمواح في مستنقعات الموضة الفاجرة والأزياء المتبرجة؟
فإن كانت الأولى (اعتزازا بالدين وتشرفا بالحجاب وصدقا في الاستقامة وثباتا على الحق) فهنيئا للأمة بك وبأمثالك، ولا أخالك إلا قائلة: نعم.. نعم.
وإن كانت الثانية (مجاراة للموضة وتقليدا للأزياء ومتابعة للقنوات وإعراضا عن الآيات البينات وغفلة عن القبر والحساب والممات) فيالشقاء الأمة بك وبجيل اليوم من أمثالك.. وأحسبك قائلة لا.. لزمن الغفلات ونعم لعمل الصالحات..التوبة التوبة لرب الأرض أو السماوات واللهم أسألك الثبات,أبشرك بقول الله - تعالى - (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [النحل: 97]
ختاما: جعلنا الله وإياك من المؤمنين المهتدين وأعاذنا من طريق الفاسقين المعرضين ورزقنا الثبات على دينه والإخلاص في القول والعمل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/302)
فتاة بأبيها معجبة
لم تعتد يا والدي أن أكتب إليك رسالة، فكم كنت قريباً مني، لم أحتج عند خطابك الورقة أو الوسيط بل كان يكفيني أن أحدثك، لكنني أردت أن أسجل لك شكراً يقرأه الآباء الآخرون.. فأنت قريب مني بتوجيهاتك وإرشاداتك التي كنت أراها أحياناً تصطدم برغباتي، ولصغر سني كنت أبكي لعدم تحقيق مطالبي، لكنني اليوم حينما كبرت أسجل لك تحية وإكباراً؛ لثباتك عكس ما يفعل كثير من الآباء اليوم إما بإهمال تربية البنات أو بتركهن يفعلن ما شئن؛ لانشغالهم إما بحثا عن الرزق أو سعياً وراء رغباتهم ولذاتهم، وما علموا أن السعادة الحقيقية قد يجدونها بإحسان تربية الأبناء والبنات، فهم قرة عين في الدنيا ورفعة منزلة في الآخرة..
ولكنك يا أبي لم تكن من الصنف المتهاون ولا الغليظ الجاف الذي لا يحسن التربية ويعوض ذلك بالعصا لمن يخالف أمره، لن أكثر الثناء عليك رغم أنك أهل لذلك ولكني أذكرك بأمر شعرت بعظم مكانته وأهميته.. أتذكر يا أبي حينما ذهبت معي لشراء أول حجاب لي حينما دخلنا محل بيع العباءات، كنت أعجب من تفحصك لها وساورني الغضب حينها؛ لأنني أريدها مثل عباءة صديقاتي، لكنك تناولتها من يدي برفق وقلت يا بنيتي هذه لا تناسبك فأنا أريد حجابك كحجاب الصحابيات، ثم تناولت الأخرى من يدي وقلت:
ـ يا بنيتي أنتِ أجلّ قدراً من أن تلبسي هذه العباءة أنتِ مسلمة، أتدركين رفعة منزلتكِ؟ إن هذه العباءة المزينة والضيقة صنعها من يريدون لك العري ولبنات المسلمين فالمؤمنة حقاً لا ترتديها.. دعيها يا بنيتي فهي لا تليق بك ولا تليق بالمؤمنة الحرة الأبية.
ثم بعدها تركتني ابحث عن العباءة التي تريد وأنت واقف تنظر إليّ، فإذا بي آتيك بها والبشر قد طفح على محياك، وكأني أرى دمعةً لمعت في عينيك فرحاُ، واستقبلتني بقولك:
ـ بورك فيك من بنيه.. لله درك يا بنيتي اخترتِ الستر.. اخترتِ العفاف.. اخترت طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.. أقرّ الله عينيك بالعفاف..
لم أعِ تلك الكلمات، لكنني أحسست بتيار من السعادة يغسل أعماقي وينعش روحي، ووجدت رضاً يملاْ نفسي ثم ارتديتها بسعادة وشعور بعزة المؤمنة التي تسعد بطاعة الله، ولم تعد تغريني تلك الأسمال البالية التي تسمى العباءة الفرنسية أو العمانية أو التي توضع على الكتف أو ذلك الذي يسمى بالكاب.
والدي العزيز: هل أشكرك على تربيتك أم على غيرتك أم على شعوري بالفخر وأنا أرتدي ذلك الحجاب الساتر بالرغم من استهزاء زميلاتي به؟ ولكنني أسأل الله أن يجازيك عني خير الجزاء، وأسأله - تعالى - أن يحفظك ويرعاك برعايته، وأن يثبتك على دينه، وأن يجازيك خير الجزاء عن دفاعك عن الحجاب الإسلامي، وأساله - تعالى - أن يوقظ الأباء الآخرين من غفلتهم عن حجاب نسائهم الذي يعرضهن للفتنة أو الافتتان بهن، وكم يسوؤني أن أرى بعض البنات تتسلى بهن أعين الغادين من الرجال وما يدرين ما الذي يدور في قلوب هؤلاء من أمور؟
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/303)
المجالس أمانة
زينب الغزالي
من الصفات الأخلاقية الأساسية التي يجب أن تتحلى بها المرأة المسلمة عموماً، والداعية إلى الله على وجه الخصوص، حفظ أمانة المجالس، وعدم البوح بأسرارها، وستر العورات فيها، وإسداء النصح لحاضريها، فإذا أحست المرأة المسلمة بخروج حديث المتحدثين عن آداب الدين أو التقاليد المرعية المحفوظة من تعاليم الإسلام، فإنها تنصح بلطف وهدوء، وتأخذ بأطراف الحديث إلى حيث تكون العفة والطهارة ومعالي الأمور والبعد عن التجريح واتباع العورات وحديث الغيبة والنميمة.
إن المرأة المسلمة الواعية تفهم قول الله - عز وجل -: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان يَنْزَغ بينهم).. وقوله – سبحانه - (وقولوا للناس حسناً) كما تتبع رسولها الكريم - صلى الله عليه وسلم - وهو يحث على مكارم الأخلاق [أقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً، وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون المتفيهقون المتشدقون في الكلام] (رواه الترمذي وأحمد بمعناه).
إن المرأة المسلمة قدوة في مجال حسن الخلق، وضبط اللسان عند الغضب وإمساكه عن قول الزور والدخول في توافه الأمور، فهي تنزع إلى المعالي دائماً وتروض نفسها على حب الخير للناس جميعاً، ولذلك فمجالسها رحمة، وحديثها صدق ومروءة وود، ونصحها أدب ولباقة، ولا تتلمس العثرات لبنات جنسها، ولا تتعالى على من هم أقل منها منزلة ومكانة، ولذلك فسيرتها دائماً محمودة، وحضورها موضع سعادة وغيابها تفتقده المجالس الصالحة، فهي إذن من علامات الصحوة المباركة في عالم المسلمين اليوم.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/304)
أختاه ... هل تريدين الجنة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين..وبعد...
أختي المسلمة.. يا من سرى الإيمان في قلبها.. يا من أحبت الله وأحبت رسول الله.. يا من أنعم الله عليك بالعفاف والطهر والعقل.. أنت التي ركعت لله، وسجدت لله، وعبدت الله.. وأنت المؤمنة.. وأنت المسلمة.. وأنت الطاهرة العفيفة.. أنت التي أوصى بك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((استوصوا بالنساء خيرا)) أنت من لك نصيب في حياة الرجل.. أماً وأختاً وزوجةً وبنتاً.
أيتها الجوهرة المصونة.. اسمحي لي بسؤال.. هل يليق بمن هذه صفاتها أن تكشف عن وجهها.. أن تتعطر.. أن تتلثم.. أن تلبس عباءة قصيرة أو مطرزة؟ هل يليق بمن هذه صفاتها أن تلبس فستاناً ضيقاً أو تنورة مفتوحة.. أو بنطلوناً أو غطوة شفافة تلفت نظر الرجال.. أو أن تتكلم وتضحك وتمزح مع رفيقاتها في السوق بشكل ملفت للنظر؟ وتقضي أوقاتاً طويلة في السوق بدون حاجة..؟ لا.. وألف لا.. لا والله لا يليق بمن هذه أوصافها أن تفعل مثل هذا.
أختي المؤمنة.. اعلمي أن الله - عز وجل - ينظر إليك ويراقبك في كل زمان ومكان.
فهل ترضين أن يراك تفعلين ما نهى عنه رسوله الحبيب - صلى الله عليه وسلم -؟ ألم يقل - سبحانه -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ)(الأحزاب: من الآية59)؟
ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية))؟.
أختاه.. أيرضيك أن تكوني وسيلة من وسائل الشيطان؟
ألا يحزنك أن تكوني من وسائل أعداء الله والكفار..؟
أختي الفاضلة.. هل ترضين أن تكوني سبباً في وقوع مسلم في الحرام، وسخط الرحمن، ودخول النيران؟
إن الله قد أنعم عليك بنعم كثيرة.. الصحة.. الشكل الحسن.. الذكاء.. ألا تخافين أن تسلب منك هذه النعم بسبب معصية أو ذنب؟
يا مؤمنة.. اعلمي أن القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران. فماذا تريدين أن يكون قبرك؟؟؟...
أختاه إن أكثر ما يمنع من دخول جنة الرحمن هي المعاصي.. وإن من معصية رسول الله عدم التمسك بالحجاب الشرعي الصحيح، وحتى تتجنبي هذه المعصية إليك شروط الحجاب الشرعي الصحيح، إليك طريقا من طرق الجنة:-
(1) أن يستر جميع الجسم حتى الوجه والكفين.
(2) ألا يكون هو نفسه مزيناً.
(3) أن لا يكون شفافاً يبدي لون البشرة.
(4) ألا تكون الملابس معطرة.
(5) ألا يكون الحجاب مشابهاً لملابس الرجال.
همسة... كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة؟؟
وختاما أختي المسلمة... قال - عز وجل -: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)(آل عمران: من الآية185).
http://www.dawah.ws المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/305)
هل اصابتها عوامل التعرية!؟
نوال المريف
منذ أن نشأنا ونحن نسمع بالعصر الحجري، ذلك العصر الذي يفقد الكثير من مقومات الحياة، فاللباس من ورق الأشجار أو من جلود الحيوانات، لباس يكاد لا يغطي سوى العورة بالنسبة للرجل والمرأة، أما الطفل فقد يعيش سنوات عريان؛ حتى يتيسر له الحلم ألا وهو اللباس.
ثم أنعم الله على البشرية بهذه الاكتشافات والاختراعات، فاكتشف الصوف والقطن والحرير، ثم اخترعت ألا لآت لتصنيع ذلك، فلبسنا أجود أنواع الأقمشة، وسترنا أجسادنا بها، فلك الحمد ربنا على نعمائك.
ولكني دوماً أتسائل هل سترجع البشرية إلى العصر الحجري مرة أخرى؛ لأني أرى بوادر العودة موجودة، رأيت ثياب النساء في عصرنا الحاضر قد شمرت وأصابتها عوامل التعرية، فالأيدي معدومة في الثياب والصدر مفتوح إلى (......) والشقوق السفلية للثوب قد تعدت الركبة صعوداً، ومنطقة التقاء البلورة بالتايور ـ على ما اعلم من مسماها ـ قد ازدادت بعداً عن بعضها، وكثير من الثياب قد فقدت أكتافها، ولا أريد الإطالة في هذه الأوصاف ومن أراد الاستزادة فليسأل قصور الأفراح تنبئه بالخبر، ولكني أريد التنبيه على أنه إذا رجعنا إلى العصر الحجري فإننا مجبورون بالعيش مع الديناصورات، واتخاذ أوراق الأشجار ستر لعوراتنا.
لقد ذهب أحد الأخوة إلى كثير من الأسواق فقال والله أني لم أجد ثوباً واحداً ساتراً، فأردت التحدث مع أحد الباعة عن هذه الملابس وافتقادها إلى الستر، فأجابتني الثياب قبل بائعها بأنه لا يطلب النساء إلا هذه الموديلات، وبالفعل لو طلبت الثياب الساترة كما تطلب هذه الثياب العارية لأمنت من قِبل التاجر، ولكن لو أمنها في وقتنا الحاضر لكسدت بضاعته، وقد صدق الشاعر في قوله:
لحد الركبتين تشمرين *** بربك أي نهر تعبرين
كان الثوب ظل في صباح *** يزيد تقلصاً حيناً فحين
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنك ربما لا تشعرين
إننا نحزن والله لحال الكثير من النساء، وما هن عليه من التبرج والسفور، أنسين القبر وضمته، والسؤال وشدته، والصراط ودقته، أهن خالدات مخلدات في هذه الدنيا، ولكن عزائنا في أن هناك نساء خيرات جعلن الحشمة لهن شعارا، فهن أمهات الغد الصالحات، أما غيرهن فإنك لا تجني من الشوك العنب.
لن تستقيم الأمور ونحن على هذا الحال، فمعاول الهدم كثيرة، فالدش أول معول هدم ثم المجلات الهابطة ثم قصور الأفراح ومنكراتها فقد أصبحت دور لعرض الأزياء العارية، ثم الأغاني الماجنة، ثم معارض الأقمشة والملابس فهي تضع قطع الأقمشة على دمى العرض بطريقة عارية، قد زين لهم الشيطان أفعالهم تلك، وغيرها من معاول الهدم.
أرى ألف بانٍ لا يقوم لهادم فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم
نسأل الله لنا ولجميع نساء المسلمين الهداية والصلاح إنه القادر على ذلك، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.lakii.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/306)
أساس حقوق المرأة
الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
المرأة في الإسلام ـ كما هو موضح في نصوص الكتاب والسنة ـ شريكة الرجل في أنَّ الله - تعالى - جعلهما السبب في وجود النَّاس، وبقاء الجنس البشري، فالمرأة صنو الرجل في الحياة الإنسانية
منذ بدايتها إلى نهايتها، ولا بقاء ولا خير في حياة لا تجمع بين الرجل والمرأة على سَنن الله - تعالى -
الكونية والفطرية والشرعية.
هذا التصور الإسلامي للمرأة ومنزلتها، هو الذي يمهد لمعرفة حقوقها في المجتمع الإسلامي.
وبداية فإنَّ المرأة غيرُ الرجل، وبدهي أن يكون لكل واحد منهما رسالة ومهمة في الحياة الأسرية والاجتماعية، والقرآن الكريم يذكر بهذه الحقيقة:
قال الله - تعالى - [وليس الذكر كالأنثى وإنّي سميتها مريم] وهي حقيقة مشهودة وردت في سياق التكريم والفضل الذي اختص الله به مريم ابنة عمران، وكلُّ محاولة لتغيير هذه الحقيقة المشهودة،
أو العبث بها، لا بدَّ أن يكون مصيرها الفشل، ونتيجتها إفساد الحياة الإنسانية.
فلم يُخلق كلُّ جنسٍ بصورته وبخصائصه الجسدية والنفسية عبثاً، وإنَّما كان ذلك ليتكامل النوع البشري، وليستمر في البقاء، ولتجتمع الخصائص والميزات؛ لتثري الحياةَ الإنسانية في تقدمها وتطورها، فالمرأة على ما خلقها الله - عز وجل - وبخصائصها الجسدية والنفسية تكفل البقاء والاستمرار للحياة الإنسانية، حياة الرجال والنساء جميعاً، وتضمن أن يكون البشر في الأجيال كلِّها، وفي مراحل العمر الأولى بالذات في ظل الرعاية البشرية من الزوجة الأم، ومن الرجل الأب، وفي كفالته في تحصيل ضروريات الحياة وحاجاتها، وهذه سنة من سنن الله في الخلق، يستحيل تغييرها أو العبث بها.
إنَّ مؤسسة الأسرة هي أقدم المؤسسات في تاريخ الإنسان، وهي أعظم المؤسسات أثراً في حياته وأجياله المتلاحقة، حين يكون اجتماع الرجل والمرأة على كلمة الله - عز وجل - وحقوق المرأة في الأسرة، بل وحقوق الرجل ـ أيضاً ـ تدخل في نطاق حقوق الأسرة وما يصلح أحوالها، وينمي قدراتها، وهي حقوق متكاملة وليست متعارضة ولا متنافسة، فحقُّ الرجل في الأسرة ـ حسبما يقرره الشرع ـ لا ينتقص من حقِّ المرأة، وحقُّ المرأة ليس انتقاصاً من حقوق الرجل، بل تتكامل الحقوق والواجبات، وتصبُّ كلُّها في صالح الأسرة: الرجل، والمرأة، والأبناء.
فالدعوة إلى تغيير مفهوم الأسرة ـ كما جاء واضحاً في الإسلام ـ دعوة إلى التنازل عن كرامة الإنسان!
http://dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/307)
ابنتي
يا ابنتي: أنا رجل يمشي إلى الخمسين، قد فارق الشباب، وودع أحلامه وأوهامه، ثم إني سحت في البلاد، ولقيت الناس، وخبرت الدنيا، فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سِني وتجاربي..
لقد كتبنا ونادينا ندعو إلى تقويم الأخلاق ومحو الفساد وقهر الشهوات، حتى كلَّت منا الأقلام، وملّت منا الألسنة، وما صنعنا شيئاً!!!
ما نجحنا،، وما أظن أننا سننجح، أتدرين لماذا؟؟
لأننا لم نهتد إلى اليوم إلى باب الإصلاح، ولم نعرف طريقه، إن باب الإصلاح أمامكِ أنت يا ابنتي، ومفتاحه بيدك، فإذا آمنت بوجوده، وعملتِ على دخوله صلحت الحال، صحيحٌ أن الرجل هو الذي يخطو الخطوة الأولى في طريق الإثم، لا تخطوها المرأة أبداً، لكن لولا رضاك ما أقدم ولولا لينك ما اشتد، أنت فتحت له، وهو الذي دخل، قلتِ للّص: تفضّل!! فلما سرقكِ اللّص صرخت: أغيثوني يا ناس سُرقت. ولو عرفت أن الرجال جميعاً ذئاب وأنت النعجة لفررت منهم فرار النعجة من الذئب.
وإذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها، فالذي يريده منك الرجل أعزُّ عليك من اللحم على النعجة وشر عليك من الموت عليها، يريد منك أعز شيء عليك: عفافك الذي تَشْرُفين به وتفخرين، وما رأى شابٌّ فتاة ((سافرة)) إلا جردها بخياله من ثيابها، حتى تصوّرها بلا ثياب!!!
إي والله! أحلف لك مرة ثانية، ولا تصَدّقي ما يقوله لك بعض الرجال، من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها.. كَذِبٌ والله.
وماذا بعدُ؟ ماذا يا ابنتي؟ فكري!!
تشتركان في لذة ساعة ثم ينسى هو، وتظلين أنت تتجرعين مرارتها ويمضي، ((الذئب)) يفتش عن مُغَفّلة أخرى يسرق منها عرضها.. وينوء بك أنت ثقل الحمل في بطنك والهم في نفسك والوصمة على جبينك! يغفر له المجتمع الظالم ويقول: شابٌ ضل ثم تاب، وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طول الحياة، لا يغفر لك المجتمع أبداً.
وأقول لك بأن دعاة المساواة والاختلاط باسم المدنية كذابون من جهتين: -
- كذّابون لأنهم ما أرادوا بذلك إلا إقناع جوارحهم وإرضاء ميولهم وإعطاء نفوسهم حظها من شهوة الظلم ولذائذ أخرى، لكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به، فألبسوه تلك الشعارات الرنانة باسم - التقدمية، التمدن، الحياة الجامعية.
- كذّابون لأن قبلتهم التي يصلون إليها ويهتدون بهديها ويسبحون بحمدها من معسكري الشرق والغرب وأوربا لا ترضى بهذا الاختلاط ولا تستسيغه.
ويقولون: الاختلاط يكسر شَرَهَ الشهوة، ويهذب الخلق، وينزع من النفس ما يسمى: ((بالجنون الجنسي)) وأنا أترك الجواب لمن جرب الاختلاط!!
روسيا: التي لا تعرف شيئاً اسمه دين ألم ترجع عن هذه التجربة بعد أن رأت فسادها.
وأميركا: ألم تسمعي أن من جملة مشاكل أميركا: مشكلة ازدياد نسبة - الحبالى - من الطالبات؟؟
* وأنا لا أخاطب الشباب؛ لأني أعلم أن منهم من قد يُسَفِّه رأيي،لأني أَحرِمهُم من لذائذهم، ولكن أخاطبك أنت وأخواتك، أنتن يا بناتي المؤمنات الدينات، يا بناتي الشريفات العفيفات،لا تُقَدِّمن نفوسكن قرابين على مذبح إبليس، أما أنا فإني أبٌ لخمس بنات، فأنا حين أدافع عنكن أدافع عن بناتي، هذه نصيحتي إليك.
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/308)
بعض الأساليب لجذب زوجك إلى البيت
يؤكد خبراء الحياة الأسرية أن هروب الزوج من البيت، وقضاء معظم أوقات فراغه في الاستراحات والمنتزهات، أو في لقاءات مع الأصدقاء يرجع إلى الزوجة في المقام الأول. وينصح الخبراء هؤلاء الزوجات بمحاولة جذب أزواجهن إلى البيت، بتجريب هذه الأساليب:
- عند عودة زوجك من سهرته لا تقابليه ـ كما تقابلينه في كل يوم ـ بوجه عابس، لأنه في هذه الحالة سيزداد بغضاً لك ولن تفلح معه مناقشاتك المتكررة بنفس الأسلوب، وكما يقولون: من الخطأ أن نقوم بنفس العمل ثم تتوقع نتائج مختلفة، ولأنك جربت هذا الأسلوب ولم ينفع فالأجدى تركه نهائياً وعدم إضاعة الوقت في تكراره.
- إذا كان أطفالك في سن يستطيعون التعبير عن آرائهم فحبذا لو تحدثينهم عن والدهم وتحثينهم على أن يطلبوا منه البقاء بجانبهم لأنهم مشتاقون إليه ويحبونه.
- شاركى زوجك اهتماماته.. فإن كان يميل إلى تخصص معين حاولى أن تثقفى نفسك في ذات التخصص، اقرئي واطَّلعي حتى تتكون عندك حصيلة ـ ولو بسيطة -ومن ثم ناقشيه فيها واسأليه فيما لا تفهميه،فستجدينه تدريجياً يستمع لك ويستمتع بالجلوس معك.
- اكتبي رسالة لزوجك بمشاعرك، واجعلي حبرها أشواقك وأشجانك.. أشعريه بمحبتك له وفرحك برؤيته.. وبيني له أن الوقت الذي يقضيه في الخارج هو وقت اجتماعكما.. وتربية أبنائكما.أشعريه بضعفك عن تحمل المسؤولية لوحدك.. وأنك تتمنين قربه لكم ليسمع أسئلة أطفاله عنه.. وإياك وتوبيخه أو سرد مضار ابتعاده،لأن هذا يشعره باتهامك له بالتقصير،ومن ثم سيغضب.
- أعطه بطاقة دعوة - صنعتها بنفسك - لحفلة صغيرة على العشاء وأطهى له ما يحب من الطعام واعملي برنامجاً ثقافياً ممتعاً،كأن يقوم كل طفل بدور، فأحدهم يقرأ من القرآن والآخر ينشد قصيدة وغيره يعمل مسابقات ..الخ.
- اشعري زوجك بالتغيير في حياته، فإذا أحس أنك في كل يوم تغيرين شيئاً فيتحمس للعودة باكراً وربما يقلل من الذهاب أصلاً.
- جددي في منزلك - بعد خروجه طبعاً - فغيري أماكن الأثاث وتوزيعه، سواء في الصالة أو غرفة النوم، فالتجديد يشعر بالانشراح والفرح..
- غيري تسريحة شعرك وارتدى فستاناً جميلاً من تلك التي لا ترى النور إلا نادرا ًـ فستان سهرة مثلاًـ وضعي ماكياجاً كاملاً ليشعر أنك تغيرت بالفعل.
- جددي غرفة نومك: ابدئي بتنويم أطفالك أولاً، ثم غيري مفرش السرير وافتحي الإضاءة الخافتة، وعطّري غرفة النوم، أو بخِّريها بنوع جيد من العود.. ومن الجميل صنع طبق خفيف ـ ساندويتشات مثلاُ ـ أو طبق من الحلو اللذيذ.. وكأسين من عصير، مزينة بشكل طريف، فحتماً سيفرح وسيكون ذلك دافعاً قوياً للعودة مبكراً.
- اقترحي عليه أن يحضر أصدقاءه عندكم في المنزل، وأعدي لهم طعاماً شهياً..فشعورك أنه في المنزل يخفف كثيراً من الضغط النفسي عليك،كما أنه سيقلل من سهره لكونه في البيت. ويشير الخبراء إلى أنه ينبغي استعمال واحد أو اثنتين من هذه الطرق في كل يوم، وليس جميعها في وقت واحد،واكظمي غيظك إذا لم يستجب لكِ وأقنعي نفسك أنه سيتغير بعد محاولات عديدة، وليس من أول مرة.. فتحملي واصبري حتى يتم التغيير،وتذكري دائماً أن زوجك هو جنتك ونارك،وأن حسن تبعلك لزوجك من أفضل ما يقربك إلى الله.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/309)
فتاوى الزواج والمعاشرة والعلاقات العاطفية قبل الزواج
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - ما حكم الدين في هذه العلاقات؟ قول السائلة قبل الزواج إن أرادت قبل الدخول وبعد العقد فلا حرج لأنها بالعقد تكون زوجته وإن لم تحصل مراسيم الدخول، وأما إن كان قبل العقد أثناء الخطبة أو قبل ذلك فإنه محرم ولا يجوز، فلا يجوز لإنسان أن يستمتع مع امرأة أجنبية منه لا بكلام ولا بنظر ولا بخلوة فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم".
* الزواج من الأباعد:
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - السؤال تقدم لي أحد الأقارب لكنني سمعت أن الزواج من الأباعد أفضل من حيث مستقبل الأطفال وغير ذلك، فما رأيكم في ذلك؟
هذه القاعدة ذكرها أهل العلم وأشار إلى ما ذكرت من أن للوراثة تأثيراً، ولا ريب أن للوراثة تأثيراً في خلق الإنسان وفي خلقته، ولهذا جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود – يُعرِّضُ بهذه المرأة كيف يكون الولد أسود وأبواه كل منهما أبيض – فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"هل لك من إبل؟ قال: نعم قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى لها ذلك؟! قال: لعله نزعها عرق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ابنك هذا لعله نزعه عرق"فدل هذا على أن للوراثة تأثيرا ولا ريب في هذا، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"فالمرجع في خطبة المرأة إلى الدين، فكلما كانت أدين وكلما كانت أجمل فإنها أولى سواء كانت قريبة أم بعيدة، وذلك لأن الديِّنة تحفظه في ماله وفي ولده وفي بيته، والجميلة تسد حاجته وتغض بصره ولا يلتفت معها إلى أحد. والله أعلم.
* أعظم الزواج بركة أيسره مؤونة:
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :ما رأيكم في غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج خاصة الإعداد لما يقال له شهر العسل بما فيه من تكاليف باهظة، هل الشرع يقر هذا؟
الجواب: إن المغالاة في المهور وفي الحفلات كل ذلك مخالف فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وكلما قلت المؤونة عظمت البركة، وهذا أمر يرجع في أعظم الأحيان إلى النساء، لأن النساء هن اللاتي يحملن أزواجهن على المغالاة في المهور، وإذا جاء المهر ميسرا قالت المرأة لا، إن بنتنا يجب لها كذا وكذا، وكذلك أيضا المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع وهو يدخل تحت قوله - تعالى -: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف، وكثير من النساء يحملن أزواجهن على ذلك أيضا ويقلن إن حفل فلان حدث به كذا وكذا، ولكن الواجب في مثل هذا الأمر أن يكون على الوجه المشروع ولا يتعدى فيه الإنسان حده ولا يسرف لأن الله - تعالى - نهى عن الإسراف. أما ما يقال عن شهر العسل فهذا أخبث وأبغض، لأنه تقليد لغير المسلمين وفيه إضاعة أموال كثيرة، وفيه أيضا تضييع لكثير من أمور الدين خصوصا إذا كان يقضى في بلاد غير إسلامية فإنهم يرجعون بعادات وتقاليد ضارة لهم ولمجتمعهم وهذه أمور يخشى فيها على الأمة، أما لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارة المدينة فهذا لا بأس به إن شاء الله.
http://www.sahab.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/310)
من أحوال نساء السلف
* كانت أم حسان مجتهدة في الطاعة، فدخل عليها سفيان الثوري فلم ير في بيتها غير قطعة حصير خَلِق، فقال لها: لو كتبت رقعة إلى بني أعمامك لغيروا من سوء حالك.
فقالت: يا سفيان قد كنتَ في عيني أعظم وفي قلبي أكبر مذ ساعتك هذه، أما إني ما أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها، يا سفيان والله ما أحب أن يأتي علي وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله بغير الله فبكى سفيان.
* وقالت أم سفيان الثوري له: يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي؛ يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه لا ينفعك..
* وكانت أم الحسن بن صالح تقوم ثلث الليل وتبكي الليل والنهار فماتت ومات الحسن فرؤي الحسن في المنام فقيل: ما فعلت الوالدة؟ فقال: بُدِّلت بطول البكاء سرور الأبد.
* كانت عابدة لا تنام الليل إلا يسيراً فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بالموت وطول الرقدة في القبور للمؤمن رقاداً.
* ودخلوا على عفيرة العابدة فقالوا: ادعي الله لنا.
فقالت: لو خرس الخاطؤون ما تكلمت عجوزكم، ولكن المُحسن أمر المسيء بالدعاء، جعل الله قِراكم (إكرامكم) الجنة، وجعل الموت مني ومنكم على بال.
* وقدم ابن أخٍ لها من غيبة طويلة، فبُشرت به، فبكت فقيل لها: ما هذا البكاء؟ اليوم يوم فرح وسرور..
فازدادت بكاءَ ثم قالت: والله، ما أجد للسرور في القلبي سكناً مع ذكر الآخرة، ولقد أذكرني قدومه يوم القدوم على الله، فمن بين مسرور ومثبور.
* وبكت عبيدة بنت أبي كلاب أربعين سنة حتى ذهب بصرها وقالت: أشتهي الموت، لأني أخشى
أن أجني جناية يكون فيها عطبي أيام الآخرة.
* عمرة امرأة حبيب العجمي: كانت توقظه بالليل، وتقول: قم يا رجل، فقد ذهب الليل وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا.
http://go2top.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/311)
أوصيك يا بُنيتي الحبيبة
موسى إبراهيم الإبراهيم
لن تسعدي دون إسعاد زوجك.. ومَنْ للبيت إن لم تملئيه حباً وسكينة؟
بنيتي الغالية: وفقك الله ورعاك وغمرني وإياك بفضله وإحسانه.. أوصي نفسي وإياك بما أوصيتُ به أخاك مصعب وفقه الله من قبل، وأزيدك كليمات متواضعة، آمل ألا تغفلي عنها إن شاء الله:
أوصيك في حق الله - تعالى -: بتقواه وخشيته خشية العالمين به.
حبه حب المخلصين له.
الاستعانة به وحده عند اشتداد الكروب والهموم.
مراقبته مراقبة المحسنين الذين يعبدونه كأنهم يرونه - سبحانه و تعالى -.
اجعلي من هذه المعاني يا ابنتي خلقاً لك وسيرة حية ماثلة في حياتك.
وأوصيك في حق كتاب الله - تعالى -:بأن تحافظي عليه ولا تضيعيه ولا تغفلي عنه.
أن يكون لك خلقاً وأنساً ومرجعاً وحجة.
أن يكون لك أملاً تأوين إليه كلما شعرت بقسوة وجفاء من نكد الحياة وشتاتها.
لتكن حياتك مع القرآن الكريم حياة المتأمل المتدبر الخاشع الباكي ما أمكن ذلك، فالكلام صفة المتكلمين، والمتكلم بالقرآن رب العالمين.
وأوصيك في حق رسول الله: بأن تتعرفي أخلاقه وشمائله وسيرته.
أن تتخذي من جميع ذلك أسوة وقدوة حسنة لك، فإنه ص خير خلق الله وأكرمهم وأعلمهم وأحبهم إلى الله.
أن ترتقي بهمتك ونفسيتك إلى مقام التأسي بأخلاق هذا النبي الكريم .
فاحرصي بنيتي على أن يكون رسول الله ص هو المثل الأعلى في قلبك وعقلك وخيالك ومشاعرك وعواطفك وسائر حياتك.
وأوصيك في حق بيتك: بالحرص على إشاعة الحب والسكينة والرحمة في جوانبه، فالمرأة المسلمة الصالحة الواعية هي أم الفضائل والمكارم، وهي نبع الحب والسعادة في البيت أولاً، والمجتمع ثانياً.
احرصي بنيتي كل الحرص على تهيئة أسباب الرضا والسعادة لزوجك الذي لن تسعدي دون إسعاده.
كوني له سكناً وحناناً ووفاء، ليكن لك كذلك.
ليرَ منك أفضل ما يتمناه الرجل من أهله من الصدق والإخلاص والأمانة والنصح والحب والبشر.
اشكريه على كل جميل ترينه منه.. فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
اعلمي أن المرأة في البيت هي مصدر هدوء وراحة وسعادة، أو هي باعث همٍّ وقلق وشقاء ونكد، فكوني الأولى وحذار من أن تكوني الأخرى.
احرصي وفقك الله على أن تسير أمور البيت بينك وبين زوجك بالرضا والتشاور والتعاون والحب.
لا تنسي أن الكلمة الأخيرة يجب أن تكون للزوج بالمعروف، هكذا أراد الله وهكذا حَكَمَ، و الرجال قوامون على النساء، (النساء:34) و وللرجال عليهن درجة، (البقرة:228).
اعلمي بُنيتي أن مكان المرأة الأساسي هو بيتها وقرن في بيوتكن، (الأحزاب:33) وخروجها يكون لعمل جاد نافع ومفيد طيبٌ ومباركٌ إن شاء الله، أما أن تكون المرأة"خرَّاجة ولاَّجة"دونما هدف ولا غاية نبيلة، فهذا من إهدار دورها في الحياة.
احرصي بنيتي وفقك الله على حُسن تربية أولادك، فإنك يوم تصبحين أماً فأنت مدرسة وصانعة أجيال، وليس في الدنيا كلها أشرف ولا أنبل من صناعة الرجال وصناعة الإنسان الذي يبني الحياة والحضارة والأمجاد.
قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها ***أعددت شعباً طيب الأعراقِ
اعلمي أن مما يشيع الطمأنينة والسكينة في البيت إكرام أهل الزوج وأصدقائه وضيوفه بنفس طيبة ورغبة صادقة، فليكن بيتك بيت الكرم والترحيب وحسن الضيافة والاستقبال مهما كلفك ذلك من جهد ومال.
من تمام أخلاق البيت المسلم المحافظة على أسراره وخواصِّه، فلكل بيت حرمته، وكثير مما يكون داخل البيت يجب أن يكون مُصاناً لا يعرفه الآخرون.
لن يكون البيت سعيداً ما لم تحسني إلى جيرانك وتبذلي لهم المعروف وتتحملي إيذاءهم، وتحمل الأذى أهم من الإحسان للجار، فليكن جوارك مرآة لحسن تعاملك مع سائر الخلق.
لا تنسي يا بنيتي أن تتخذي لك من بيتك مُصلى تخلدين فيه للعبادة والذكر وقراءة القرآن الكريم والدعاء، فمثل هذا المصلى إشارة إلى صلاح البيت وأهله.
وأوصيك في ميدان الحياة العامة والمجتمع:
أن تكوني على درجة عالية من صفات النبل والأدب الجم، ومحبة الخير وأهله والأخلاق الإسلامية السمحة الوقورة.
احرصي على الوقت، واحذري أن يضيع شيء منه في غير فائدة في دينك أو دنياك.
ليكن تعلمك العلم من أجل العمل به والدعوة إلى الحق والخير، واحرصي على التعمق في العلوم الشرعية قبل غيرها، فهي أساس الحياة الفاضلة.
لتكن حياتك العملية قائمة على التسامح والتعاون والحب والاحترام للكبير والعطف على الصغير والتقدير للأقران ومراعاة مشاعرهم.
لتكوني يا بنية قدوة حسنة لجميع إخوانك وأخواتك في البيت، وإلى جميع أخواتك في الله في المجتمع الكبير.
أول من يجب أن تتقربي لله بحسن صحبته أمك وأبوك فهما بداية الهداية، ورضاهما عنوان كل توفيق ورشد وسعادة.
إياك من حياة الإهمال والغرور والتعالي على الأقران أو الاستهتار بأي واجب مهما كان صغيراً.
كوني على درجة عالية من الكرم والشجاعة، وحسن الكلام إذا تكلمت، وحسن الاستماع إذا استمعت، وحسن الصمت إذا صمت.
ليشعر كل من حولك أنك تحبينه في الله، وأنه يرجو ويأمل منك كل خير وبرٍّ ومعروف.
لتكوني با بنية معلماً من معالم الخير في هذه الحياة، أقصى أمانيك رضوان الله والجنة في الدار الآخرة.
في هذه الحياة الدنيا: اهتمي بالأمور الكبيرة والعظيمة، ولا تلتفتي للأمور التافهة والسفسافة، فالطعام واللباس والمسكن.. كل هذا وغيره أمره هين ويسد أي شيء منه ويغني عن غيره.
اعلمي يا حبيبتي أن جمال الفتاة المؤمنة بأدبها لا بثوبها، وبأخلاقها لا بموضاتها، فأحبي من الطعام ما وجد، ومن اللباس ما تيسر وستر، ومن البيوت ما هيأ الله لك، ولكن سابقي الناس جميعاً في الفضائل والآداب والأخلاق ففي ذلك فليتنافس المتنافسون 26 (المطففين).
لتكن همتك عالية بحيث تعدين نفسك مسؤولة عن هذه الأمة كلها، وأن عليك إنقاذها من جهلها وضياعها والارتقاء بها إلى المكانة الريادية والخيرة التي أرادها الله لها عندما قال سبحانه: كنتم خير أمة أخرجت للناس (آل عمران:110).
حذار من رفيقات السوء اللاتي همهن الشكل والمظهر وحالهن لا يرضي الله - تعالى -.
احرصي على أن تؤثِّري فيمن حولك في الفضل والخير، ولا تتأثري بهن في سيئ العادات والأخلاق والتقاليد.
أي بنية: إن هذه الحياة قد أسِنَتْ بالأفكار الغريبة، والعادات الجاهلية، والموضات المتقلبة، وصار كثير من الخلق أسرى لما يواجهونه من أحوال الناس وصفاتهم، ولما يُلقى عليهم من وسائل الإعلام المختلفة، فيدور الناس مع التيار والهوى كيفما دارا بفضل دعاة السوء وتفاهة العامة، واستحكام شهواتهم بهم.
فكوني يا بنية عصماء في فكرك وأخلاقك وعاداتك، فالحق لا يغيره إعراض الناس عنه، والباطل لا يحسنه تبنِّي الناس له، فلا تكوني إمَّعة تسيرين مع المجتمع حيثما توجه وسار، ولكن أحسني إن أحسن الناس، وإن أساؤوا فتجنبي إساءتهم، فديننا كله قيمٌ وفضائل، وكله جمال ويسر ورحمة وبر وإيثار، ونحن نسير على جادة سواء، وحجة واضحة، وصراط مستقيم.
تذكري أن المرأة التي تحيا في ظلال الجاهلية بعيدة عن الإسلام، أسيرةً للموضات والتقليعات الحديثة، وأنها قد فقدت كل شيء في حياتها، وأنها تحيا في قلق مزمن واضطراب وحيرة وذهول، لأنها ضاعت وابتعدت عن نبع الهداية الربانية، ولو تعلم نساء الأرض الغافلات ما تتمتع به المسلمة الصالحة من سكينة وطمأنينة وسعادة نفسية لقاتلنها على ذلك.
فأنت يا بنية وكل مسلمة صالحة تملكين سر سعادة الحياة، وتملكين دواء كل مرض مستعصٍ على علماء النفس والتربية بما معك من قيم الإسلام وهديه.
اطلبي العون من الله في كل شؤون حياتك، وأخلصي له في سرك وجهرك، وهذه وصيتي لك ولسائر إخوانك وأخواتك والمسلمين والمسلمات.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
غرفة طفلك .. عالمه الخاص
غرفة الطفل من أهم غرف البيت فهي عالمه الخاص الذي يحيط به، والتي يقضي فيها معظم وقته. واختيار الغرفة المناسبة لطفلك يرتبط ارتباطا وثيقا بسنه فهو في كل مرحلة من عمره له احتياجاته اليومية الخاصة التي تكبر معه. ما هي أهم الخصائص التي يجب أن تتمتع بها غرفه الطفل لتناسبه وتؤمن سلامته. عندما تشرعين في تأثيث غرفة لطفلك الحديث الولادة يجب مراعاة أن تكون غرفته هادئة وآمنة على السواء وتحتاجين إلى شراء: سرير ذي حواجز، وخزانة صغيرة لحفظ ملابسه، وكرسي تستطيعين الجلوس عليه أثناء تحضير طفلك للخلود للنوم.
* اختاري أن تكون جوانب السرير من النوع المرن المتحرك من الأعلى إلى الأسفل ليتناسب مع تطور نمو طفلك وتحركاته، وابتعدي عن الأثاث المعدني والحاد الأطراف خصوصا في سرير الاطفال فهو غير مريح وغير آمن.
* ضعي بعض الكراسي الصغيرة في الغرفة وبعض اللوحات الناعمة.
* لا تكثري من الإكسسوارات والأثاث في غرفة طفلك فهي تضيق المكان، وتجعله يبدو ضيقا وصغيرا. أما في سن الثانية إلى الخامسة، فيستبدل سرير الطفل الرضيع بسرير مزود بحواجز قابلة للإزالة، ويختار للفتيات اللون الزهري كأساس للغرفة، والأزرق الفاتح للأولاد.
* اختاري خزانة اكبر لتستوعب ملابسه وأغراضه، و خصصي رفوفاً خاصة لوضع قصصه المفضلة، ولألعابه تحتاجين إلى صناديق جميلة خاصة.
* يمكنك تعليق جيوب متعددة الإحجام من القماش بجانب سريره ليضع فيها قصصه والعابه الصغيرة.
* خصصي له طاولة صغيرة مع كرسي، ليستطيع الرسم والتلوين بحرية أكثر. من الألوان المحببة للفتيات الزهري والأبيض، ولغرفة أكثر دفئا وحميمية: علقي لوحات رقيقة وناعمة على الحائط لأزهار
* اختاري لون المفارش الزاهية للسرير.
*أكثري من الوسائد على الأريكة، فهي تضيف جواً من الخصوصية للغرفة.
* ضعي قطع السجاد ذات الألوان الزاهية أيضا.
* اختاري أباجورة مناسبة للون الغرفة، وضعيها قرب السرير حتى يتسنى لطفلتك تصفح بعض القصص قبل النوم.
* من الألوان المحببة للأولاد، الأزرق والأخضر لذا اختاري أثاث غرفته على هذا الأساس، ولغرفة تلبي احتياجاته زوديها بكل ما يبهره، كالأشكال الرياضية أو الطائرات. ويمكن اختيار مفارش السرير تلك التي تحتوي على رسومات لكرة المضرب، كما السجادة أيضا.
* ضعي بعض اللوحات لطائرات وسيارات وكل ما هو محبب لطفلك.
* يحتاج إلى أباجورة توضع قرب السرير لقراءة بعض القصص قبل النوم.
* يدرك طفلك بعد دخوله المدرسة قيمة الوقت، لذا يجب توفير ساعة خاصة في غرفته يسهل عليه استخدامها لمعرفة الوقت.
* يمكن إضافة أدراج تحت السرير لتصبح أكثر عملية حيث يمكن لطفلك تخزين ألعابه ومقتنياته الخاصة. * للإضاءة دور فعال في إبراز مكونات الغرفة ويفضل استخدام الإضاءة المباشرة للدراسة، ومصابيح السقف للإضاءة العامة.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/312)
إني أُصرع
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
روى البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح قال:
قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟
قلت: بلى.
قال: هذه المرأة السوداء! أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي.
قال: إن شئت صبرتِ، ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك.
قالت: أصبر.
ثم قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.
مِنْ فوائد هذا الحديث:
1 – أن العبرة بتقوى الله لا بألوان ولا بأجناس الناس.
2 – كرامة تلك المرأة على الله، حيث تمشي على الأرض وتعلم أنها من أهل الجنة.
3 – إثبات الصّرع، وهو على نوعين:
أ – صرع طبيعي (نتيجة مرض).
ب – صرع نتيجة المس (وهذا يُنكره كثير من النفسانيين)!
4 – الذي أهمّ تلك المرأة أنها تتكشّف!
5 – جواز طلب الدعاء من الآخرين.
6 – الجنة لمن صبر على ما يُصاب به، مع الإيمان بالله.
7 – تصبّر المرأة على ما تُصاب به، وهو الصَّرَع، في مقابل سلعة الله الغالية (الجنة).
8 – هوان الدنيا في أعين أهل الإيمان
فما هذه الدنيا وإن جَلّ قدرها *** سوى مُهلة نأتي لها ونروحُ
9 – حرص تلك المرأة على أن لا تتكشّف حتى وهي في حالة فقدان الوعي أو بعضه.
أين هذا من حرص بعض نساء المسلمين اليوم على التّكشّف والتّعرّي وهو في أتم صحة وعافية، وأكمل نضارة وشباب؟؟؟
الدنيا – في عين تلك المرأة – مُحتقرة
الدنيا لا تهمّ
المرض لا يهمّ
الصَّرع لا يهمّ
التّأذي به لا يهمّ
وإنما الذي يهمّ هو الستر والتّستّر وعدم التكشّف.
وهذا الأمر هو الذي أهمّ أم سلمة - رضي الله عنها -
لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه. قالت أم سلمة: يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخينه شِبراً. قالت: إذا تنكشف أقدامهن! قال: يُرخينه ذراعا، لا يَزدن عليه. رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي.
فلما قال - عليه الصلاة والسلام - : من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه.
اهتمّت أم سلمة وظنّت أن الخطاب للرجال والنساء
فحملها ذلك على السؤال عن ثياب النساء
فجاءها الجواب: يُرخينه شبراً. يعني أسفل من الكعب.
فورد عليها إشكال – عندما تركب المرأة الدابة أو تنزل منها أو تصعد درجاً ونحوه –
إذا تنكشف أقدامهن!
فجاء الجواب الأخير
يُرخينه ذراعا، لا يَزدن عليه.
وهذه أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - تشغلها قضية الستر يدفعها الحياء وهي امرأة كبيرة السن عمياء – من القواعد من النساء – ومع ذلك لا ترضى لنفسها بلباس فيه شُبهة.
لما قَدِمَ المنذر بن الزبير من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب رقاق عتاق بعدما كف بصرُها. قال: فلمستها بيدها، ثم قالت: أف! ردوا عليه كسوته. قال: فشق ذلك عليه، وقال: يا أمه إنه لا يشف. قالت: إنها إن لم تشف، فإنها تصف، فاشترى لها ثيابا مروية فقَبِلَتْها. رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى.
واليوم تُشمّر بعض النساء عن ثيابها حتى تنكشف ساقيها كأنها تُريد أن تخوض لُجّة البحر!
لِحدِّ الركبتين تُشمّرينا *** بربِّك أي نهرٍ تعبرينا؟؟!!
في حين أن بعض الرجال هم الذين يجرّون أذيالهم شبراً وربما جرّوا عباءاتهم ذراعاً!
إن قضيّة السِّتر والتّستّر هي التي كانت تشغل بال نساء السلف في جميع الأحوال
حال السلامة والعافية كما في حال أم سلمة
بل وحتى حال الكِبَر كحالِ أسماء
وحال المرض والإغماء كما في حال المرأة السوداء
وبعد الانتقال من هذه الحياة! كما في حال فاطمة الزهراء - رضي الله عنها -
فقد قالت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء، أن يُطرح على المرأة الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة؟ فَدَعَتْ بجرائد رطبة فَحَنَتْها ثم طَرَحَتْ عليها ثوبا، فقالت فاطمة - رضي الله عنها -: ما أحسن هذا وأجمله.
لقد كانت قضيّة السِّتر هي شُغلهن الشاغل، حتى في حال رفع قلم التكليف، أو بعد مُفارقة الدنيا
وأصبحت قضيّة العُري والتّعرّي!! وتشمير الملابس!! وتضييقها!! وتشقيقها!! هي قضيّة العديد من نساء الأمة اليوم!
شتّان شتّان
ويا بُعد ما بينهما
لشتان ما بين اليزيدين في الندى *** يزيد سليم والأغر ابن حاتم
فَهَمّ الفتى الأزدي إتلاف مالِه ***وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
ولا يحسب التمتام أني هجوته *** ولكنني فضّلت أهل المكارم
أُخيّه:
فلتكن قضية السِّتر هي قضيّتك التي لا تقبلين المساومة عليها أبداً
ستركِ الله في الدنيا والآخرة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/313)
أختاه إلى متى؟
إلى متى هذا الإعراض؟
وإلى متى الحياء بلا حدود ولا ضوابط شرعية؟
أختي في الله.... إلى متى الاستمرار في الغفلة؟
ألم تسمعي قول الله - تعالى - : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)(الحديد: من الآية16).
ألم تعلمي أنك تأكلين من نعم الله وتعصينه.
ألم تنتبهي أنك تعملين السيئات وتعلمين أنه يراك فلا تستغفرينه.
ألم تشعري أنك تعيشين على أرض الله وتحت سمائه وتغفلين عنه.
ألم تقرئي قول الله - جل وعلا - : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18).
فهل أحصيت نعم الله عليك؟
ألست تبصرين!! ألست تسمعين ما حولك وبه تتمتعين...
فما الذي استفدتيه من نعمة السمع والبصر والله - سبحانه وتعالى - يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: من الآية36)، ويقول - تعالى -: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ) (الصافات:24) فهل استشعرت عظم تلك النعم وعظم ذلك السؤال، فهل أعددت جوابا لتلك الأسئلة.
وتنبهي فالله عز وجل يقول: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (الأنعام: من الآية94).
فهل لديك استعداد لذلك اليوم؟
الذي تكونين فيه وحيدة فريدة شريدة ليس لك معين ولا عوين.
قال أحد الصحابة حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن...
فهل من مستجيب لهذا الأمر؟
بالتوبة والإنابة إلى الله - تعالى -.
وما الذي يمنعك من التوبة؟!!
هل المانع كثرة الذنوب؟!!
فالله - تعالى - يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(لأعراف: من الآية156).
فلعل الله يدركك برحمته فتدخلين الجنة وهذا هو المنتهى.
أم هو الخوف من استهزاء الناس...
فأعلمي أن الله - تعالى - يقول : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المطففين: 29 - 36).
فلا يضرك هذا وغيره... واعلمي أن هذا كله وسواس الشيطان الرجيم الذي يريد أن يمنعك عن التوبة لأنه لا يستطيع أن يتوب ويريد منك أن تحشري معه والعياذ بالله.
حبيبتي الغالية..... عودي إلى الرحمن..... أسرعي بركوب سفينة النجاة، وأقسم لك بأنك ستجدين السعادة وراحة القلب والبال لو علم بها أصحاب الأموال لاشتروها منك بأغلى الأثمان..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/314)
بيضة و جزرة و قهوة!
أروى الغلاييني
شكت فتاة لأمها همومها ومشكلاتها التي تعاني منها، بعض هذه المشكلات لم تكن ذات قيمة،إلا أن كانت في عين الفتاة كبيرة وضخمة!! فما كان من الأم إلا أن اصطحبت ابنتها للمطبخ، ووضعت على النار ثلاثة قدور صغيرة متشابهة بعد أن ملأتها بكميات متساوية من الماء. وبعد غليان الماء بالقدور، وضعت الأم في القدر الأول جزرة، و في الثاني بيضة، و في الثالث بعض حبات القهوة.
قالت الأم: انظري يا ابنتي.. الجزرة تبدو أنها (صلبة و قوية) ولكنها انهارت و تحولت إلى مادة رخوة من أول (موقف) تعرضت له. والبيضة تبدو أنها (هشة) لا تقاوم ولكنها تماسكت وجعلتها(الصدمات) مادة أصلب و أقوى مما توقعنا. أما حبات القهوة- رغم صغر حجمها – إلا أنها لم تبق صلبة كما هي بل (الظروف الصعبة) حولتها إلى مادة معطاءة فعطرت المطبخ برائحة لذيذة، و أذاقتنا مذاقا منعشا نكها! فاختاري يا ابنتي أن تكوني كحبات القهوة متماسكة تزيدك الأزمات والمشكلات صلابة وقوة فتنفعين الآخرين بخبراتك وتسعدينهم، وتسعدين معهم.
* ماذا نستفيد من هذه القصة؟
• أولا: الفتاة اختارت أمها لتحكي لها همومها و مشكلاتها، لأن أمها مستودع أسرارها، فهل أنت لابنتك كذلك؟
• ثانيا: حوار الأم مع البنت حوار هادئ ومثالي، فبعض المشكلات لم تكن ذات قيمة للأم، غير أنها لم تسفهها أو تسكتها، بل بذلت جهداً في إنجاح الحوار، وترسيخ الفكرة والقيمة في ذهن الفتاة، حيث ستربط الفتاة هذه التجربة بحواسها (السمع و البصر و الشم و اللمس و التذوق) والربط بالحواس من أقوى أنواع الربط الذي يساعد على التذكر و استعادة الخبرة.
• ثالثا: أنصحك عزيزتي الأم باستخدام هذه القصة مع أطفالك (وإن كان لا بد من عمل التجربة كاملة) وقد استخدمتها مع أطفالي - ذكورا و إناثا - ونجحت والحمد لله.
فإذا تعرض أبناؤك لمشكلات ابتسمي في وجوههم، واحضنيهم بحب، واهمسي في آذانهم: "كونوا حبات قهوة"، هذه الهمسة ستعيد لذاكرتهم القصة بما فيها من تشويق و عبرة، فتتحقق بإذن الله الفائدة منها.
بقي شيء آخر مهم جدا: هل أستطيع إقناع أطفالي أن يكونوا حبات (قهوة) دون أن أكون أنا كذلك؟
تذكري دائما أنك قدوة لأبنائك وأن فاقد الشيء لا يعطيه...
http://www.ala7rar.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/315)
في بيت خولة
الشيخ مازن الفريح
هي خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف، من ربات الفصاحة والبلاغة، تزوجها أوس بن الصامت بن قيس أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنهما. وهو ممن شهد بدراً وأُحُداً والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنجبت منه خولة ولدهما (الربيع).
راجعت خولة بنت ثعلبة زوجها أوس بن الصامت بشيء فغضب فقال: (أنتِ علي كظهر أمي، ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال فجلس في نادي القوم ساعة ثم دخل عليها يريدها عن نفسها، ولكن يقظة الضمير وحساسية الشعور عند خولة أبت أن توافقه حتى تعلم حكم الله في مثل هذا الحدث الذي يحدث لأول مرة في تاريخ الإسلام. فقالت: كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلصن إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه).
وخرجت خولة حتى جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما أمرنا في أمرك بشيء.. ما أعلمك إلا قد حرمت عليه]، والمرأة المؤمنة تعيد الكلام تبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أعلمك إلا قد حرمت عليه".
وما كادت المرأة تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآناً ثم قرأ عليها ?قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ? إلى قوله ... ?وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ? (سورة المجادلة، الآيات من 1-4). ثم بين لها رسول الله كفارة الظهار فقال لها: [مريه فليعتق رقبة] فقالت: يا رسول الله ما عنده ما يعتق، فقال: [فليصم شهرين متتابعين] قالت: والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام. قال: [فليطعم ستين مسكيناً من تمر] فقالت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده. فقال - عليه الصلاة والسلام -: [فإنا نستعينه بعذق من تمر]. فقالت خولة يا رسول الله وأنا أسعينه بعذق آخر. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم أستوصي بابن عمك خيراً]. ففعلت.
الدرس الأول: عواقب الغضب:
"راجعت خولة بنت ثعلبة زوجها أوس بشيء فغضب فقال كلمته التي قال..."
الغضب وراء الكثير من المشكلات التي زلزلت الكثير من الأسر فصدع بناءها وفرّق أبناءها.. وإنا نوصيك أيتها الأخت الكريمة بوصايا لتجاوز عواقب الغضب فنقول:
1- ابتعدي عن أسباب الخلاف وذلك بإيثار طاعة الزوج على رغبات النفس طاعة لله - عز وجل - تماماً كما يمتنع الصائم عن شهوات نفسه حال صومه، قال - صلى الله عليه وسلم -: [المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت] حسنه الألباني.
2- الزمي السكوت عند الغضب حتى لا تنطقي كلاماً تندمين عليه ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: [إذا غضب أحدكم فليسكت] صححه الألباني. واعلمي أن من أكبر أسباب الطلاق مراجعة الزوجة لزوجها حال غضبه.
3- أتركي المكان الذي أنت فيه، كأن تنتقلي من الصالة إلى الغرفة أو بالعكس. والمهم أن تتحولي عن موضع الشجار. ولذلك خرج علي - رضي الله عنه - عند خلافه مع فاطمة إلى المسجد (حديث خلاف علي مع فاطمة في صحيح البخاري).
4- تذكري ما أعده الله - عز وجل - لمن كظموا غيظهم وألجموا غضبهم بلجام التقوى كما قال - صلى الله عليه وسلم -: [من كظم غيظاً، ولو شاء يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة] صحيح الجامع.
5- تذكري المصائب التي نتجت عن الغضب.. من طلاق وفراقٍ للزوج والأبناء.
الدرس الثاني: سؤال أهل العلم عمّا يجهله المسلم:
فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ?.
مما أمتاز به نساء السلف:
حرصهن على تعلم أمور الدين والسؤال عما يجهلنه. عن أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن ... البخاري (101).
قال الحافظ في (الفتح) (1/196):"وفي الحديث ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعلم أمور الدين".
بل ولم يقف الحياء عائق لهن وهنّ الحييّات العفائف من تعلم العلم والسؤال عما يجهلنه من أمور دينهن.. ولذلك أمتدحت عائشة نساء الأنصار – فقالت:"نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين"رواه البخاري في كتاب العلم (1/228 الفتح).
- والذي يطلع على كتب السنة يجد الكثير من مسائل النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولغيره.. أيضاً.. فبعض النساء كن يسألن أمهات المؤمنين.. أو أزواجهن من أهل العلم والرواية عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -..
- فهذه أم سليم تسأل عن احتلام المرأة وهل عليها غسل.
- وهذه أسماء تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كيفية غسل المرأة من الحيض وكيفية تطهرها من الدم..
- وهذه أخرى تسأل عن هل يجوز الكذب على الضرة.. فتقول: إن لي ضرةً فهل علي جناح أن أتشبع من مال زوجي بما لم يعطني؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور]رواه البخاري"الفتح 9/317.
الدرس الثالث: التوقف حتى التبين أو العلم قبل العمل:
"كلا والذي نفس خولة بيده. لا تخلصن إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه"..
- هكذا كان رد خولة.. لابد من علم حكم الله في الواقعة قبل مباشرة الحياة الزوجية..
- وهكذا كانت نساء السلف في حرصهن على العلم بالأعمال قبل الإقدام عليها ومما يروى في ذلك..
- عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيّهما أهدي؟ قال: [إلى أقربها منك باباً] (1).
- وفيه إرشاد لما كانوا عليه من تقديم العلم على العمل و يتضح ذلك من سؤالها النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل إقدامها على الفعل. ولذا قال الحافظ في (الفتح) (10/447) وفيه تقديم العلم على العمل".
الدرس الرابع: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق:
لقد عظّم الإسلام الزوج في عين المرأة.. وأوجب عليها طاعته ولكن بالمعروف ولذلك رفضت خولة طلب زوجها في معاشرتها حتى تعلم حكم الله فيها..
وقد جاءت بعض الروايات تقول:"فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل عليّ.. فإذا هو يريدني، قالت: فقلت كلا والذي نفسي بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا، قالت: فواثبني، فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف..
- ولذلك فالمرأة المسلمة التي تبتلى بزوجٍ فاجر.. يأمرها بالمنكرات ومخالفة رب الأرض والسموات فالواجب عليها عدم طاعته..
*فالزوج الذي يأمر زوجته أن تضع حجابها عند الرجال الأجانب من إخوانه وأصدقائه لا تطيعه زوجته..
*والزوج الذي يريد جماع زوجته في الحيض لا تطيعه.."إن الله لا يستحي من الحق.. لا تأتوا النساء في أدبارهن".
الدرس الخامس: السرعة في معرفة الحكم:
بعض النساء تقع في محظور شرعي أو تحتاج إلى معرفة حكم شرعي في أمر قد حصل لها فلا تسأل عنه إلا بعد سنة!!
أما خولة.. فما أن وقع الظهار حتى خرجت تريد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتسأله عن الحكم الشرعي في معاشرة زوجها لها.. على الرغم من وجود صعوبات تمنعها من الخروج لعل منها ما ورد في رواية ابن الأثير في أسد الغابة (5/442) حيث قالت خولة: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -..".
الدرس السادس: استفتاء العلماء واستشارة الأتقياء:
الكثير من النساء من جعلت جارتها.. أياً كانت هذه الجارة.. هي مرجعها في حل مشكلاتها الأسرية.. ومآلها في معرفة الأحكام الشرعية..
• أعطيه العين الحمراء.. فإذا بالعين تتحول حمراء حقاً من كثرة البكاء بعد وقوع الطلاق وحدوث الفراق..
- أما خولة فاستعارت من جارتها ثيابها ثم جاءت للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
نعود مرة ثانية لخولة - رضي الله عنها -.. فإذا بها جالسة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجادله في زوجها..
- يا رسول الله.. إن لي منه صبية أن تركتهم له ضاعوا.. وإن ضمتهم لي جاعوا.. والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما أراك إلا قد حرمت عليه..
- وتقول يا رسول الله.. أكل شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني..
اللهم إني أشكو إليك ما نزل بي..
وهنا يأتي الدرس السابع: الشكوى إلى الله - تعالى -:
لله در خولة.. تقف بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشتكي زوجها.. أما الاستغاثة وأما الدعاء فلا يكون إلا لله - تعالى -.. اللهم إني أشكو إليك. ولذلك قال الله - تعالى -: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ?. وهذا هو صريح الإيمان.. وهذا هو التوحيد الذي غرسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قلوب أتباعه منذ نعومة أظفارهم: يا بني إني أعلمك كلمات ...
الدرس الثامن: سمع الله وبصره:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ?.
روى الإمام البخاري تعليقاً عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات.. ثم ذكرت أنها كانت في الحجرة بينما كانت خولة تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - – وكانت تسمع بعض كلامها ويخفى عليها بعضه فتبارك الله الذي سمعها من فوقه سبع سماوات..
• وأهل الإيمان الذين نوّر الله بصائرهم بالحق يثبتون هذه الصفة وغيرها من صفات الخالق من غير تأويل ولا تشبيه"ولا تعطيل"? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?.
فالله - عز وجل - يسمع الهمسات.. ودبيب الكائنات.. لا يخفى عليه شيء.. ولذلك عندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء والذكر قال - صلى الله عليه وسلم -: [ن الذي تدعون ليس بأصم ولا غائب إن الذي تدعون سميعاً بصيراً، وهو أقرب إليكم من أعناق ركابكم] متفق عليه.
وعليه فإن إيمان العبد أن الله سميع له ثمرات وآثار لابد من ظهورها من هذه الثمار.
(1) مراقبة الله - عز وجل - في كلامه.. لأن من يعلم أن الله يسمعه كيف يتلفظ بمعصية من قبيح القول وساقطه..
(2) كما أن إيمانه بأن الله سميع يدفعه لقول الحق والبعد عن الباطل أخيراً.. إن أمر الصفات لو تفكرنا بها.. واستحضرناها لتغير حالنا.. واستقامت سيرتنا.
- البنت التي أمرتها أمُّها بخلط الماء باللبن.
الدرس التاسع: مكانة المرأة في الإسلام:
لقد كانت المرأة في الجاهلية تُملك ولا تملِك.. وتُورث ولا تورّث.. فهي إلى البهائم أقرب بل ربما البهائم أحياناً أفضل حالاً منها.. إذ أن رجل يفرح إن ولدت له ناقته بأنثى.. أما إذا ولدت له امرأته بأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم.. أما بعد الإسلام.. فشيء آخر.. ويكفي المرأة شرفاً أن سمع الله قولها.. ولذلك يروى أن عمر بن الخطاب..
خرج ومعه الناس فمر بعجوز فاستوقفته، فوقف؟ فجعل يُحدِّثها وتحدثه فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبست الناس على هذا العجوز؟ فقال:"ويلك أتدري من هي هذه؟! امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات هذه خولة بنت مالك بن ثعلبة التي أنزل الله فيها: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا? الآية. والله لو أنها وقفت إلى الليل ما فارقتها إلا لصلاة ثم أرجع إليها"!
انقل مكانة المرأة في الإسلام في موضوعات النساء".
الدرس العاشر: معونة المرأة لزوجها:
قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [مريه فليعتق رقبة]، قالت: فقلت: والله يا رسول الله ما عنده ما يعتق؟! قال: [فليصم شهرين متتابعين]، قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير ما به من طاقة؟! قال: [فليطعم ستين مسكيناً، وسقاً من تمر]، قالت: فقلت: يا رسول الله ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فإنا سنعينك بعذق من تمر] قالت: فقلت: يا رسول الله وأنا سأعينه بعذق آخر فقال: [قد أصبت وأحسنت فأذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً]، قالت: ففعلت!!.
وهكذا ساهمت خولة بمالها لإعانة زوجها.. ومسألة مساعدة الزوجة لزوجها من مالها من أعظم الصدقات.. وقد سألت زينب امرأة عبد الله بن مسعود ومعها امرأة من الأنصار النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصدقة على الزوج.. فماذا قال عليه أفضل الصلاة والسلام: [لهما أجران، أجر القرابة، وأجر الصدقة]متفق عليه"هذا في الآخرة أما في الدنيا. فهو من أكبر أسباب المودة والألفة بين الزوجين.. ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ظل يتذكر ما بذلته خديجة من مالها في مواساته سنوات طويلة فكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: [وواستني بمالها إذ حرمني الناس]..
لكن هذه المساعدة وتلك المواساة إنما تكون للصالحين من الأزواج أما أهل السفر إلى الخارج ومعاقرة المنكرات فلا يعطون ولا يواسون والله أعلم.
http://www.naseh.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/316)
أيتها المحزونة
إن كنت تعلمي أنك أخذت على الدهر عهداً أن يكون كما تريدين في جميع شؤونك وأطوارك وألا يعطيك إلا ما تحبين وتشتهين فجدير بك أن تطلقي لنفسك في سبيل الحزن عنانها كلما فاتك مأدب واستعصى عليك مطلب وإن كنت تعلمي أخلاق الأيام في أخذها وردها وعطاءها ومنعها وأنها لا تنام عن منحه تمنحها حتى تكر عليها راجعة فتستردها.. وأن هذه سنتها وتلك خلتها في جميع أبناء آدم سواء في ذلك ساكن القصور وساكن الأكواخ ومن يطأ بنعله هام الجوزاء ومن ينام على بساط الغبراء فخفضي من حزنك وكفكفي من دمعك فما أنت بأول إنسانة أصابها سهم الزمان وما مصابك بأول بدعة طريفة في جريدة المصائب والأحزان..
أنت حزينة لأن نجماً زاهراً من الأمل كان يتراءى لك في سماء حياتك فيملأ عينيك نوراً وقلبك سروراً وما هو إلا كرة الطرف إن افتقدتيه.. فما وجدتيه ولو أنك أجملت في أملك لما غلوت في حزنك ولو أنك أمعنت نظرك فيما يتراءى لك لرأيت برقاً خاطفاً..ما تظنيه نجماً زاهراً وهنالك لا يبهرك طلوعه فلا يفجعك. إن أسعد الناس في هذه الحياة من إذا وافته النعمة تنكر لها ونظر إليها نظرة المستهين بها وترقب في كل
ساعة زوالها فإن بقيت في يده فذلك وإلا فقد أعد لفراقها عدته من قبل.
http://go2top.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/317)
بنات 2003
الغفلة تبعث همّاً.. فالبنت ستصبح أُمّاً.. والدش سيعرض فيلماً... ليزيد الأمّة فهماً وإليكم هذي النشرة
.. لنعيش سوياً حسرة.. عن واقع بعض الفتيات
فعباءتها كالفستان.. فيها النقش وبالألوان.. ضاقت للجسم الفتان...
لتواكب هذي الأزمان
كشفت عن أجمل عينين.. وتمد بياض الكفين.. كي تمضي بالسوق وحيدة
دون المحرم تلك مكيدة.. فأبوها ضرب مواعيده.. والأم عجوز وقعيدة...
وأخوها يرقب صيده
فمضت تمشي بالأسواق.. تسأل عن أحلى الأذواق.. كم هذا خفّض يا بائع..
بلسان مكسور مائع.. ومضت تمشي في الأسواق
فرآها بعض الشبان.. وقعوا في كيد الشيطان.. قالوا يا أجمل إنسان
سلي العاشق والولهان وتعالي نمضي بأمان.. كي ننسى كل الأحزان
لو كان لديها محرم.. ما استجرأ ذاك المجرم.. أن ينظر أو أن يقدم
لكن البنت بغفلتها.. تزعم أن تلكم راحتها.. تمشي بالسوق بمفردها...
يا حسرة تلك الفتيات..
واسمع عن بعض النكبات.. بنت في عمر الوردات.. تبحث في بعض القنوات..
عن فيلمٍ فيه النكسات.. لتعيش حياة الحسرات.. وتدمر أغلى الغايات
فتصيح بكل سخافة.. وتقول بدون مخافة... هذا ظلم للنسوان.. أن تمشي
مثل الغربان.. وبلا فتن أو ألوان..
أين مقالات الحرية؟؟ أو لستُ فتاة عربية؟؟ عاشت في التاريخ أبية..
هيا أعطوني الحرية..
قولي ما معنى الحرية؟؟ دون حياء أو عصبية.. حتى لو كانت همجية... لن
تفسد للود قضية..
فالحرية للفتيات.. في تقليد الغربيات.. في تقليد يهوديات.. باللبس
الضيق مرّة.. بالجسم العاري كرّة.. بالشعر المنفوش كرّة.. تركض مرّة
.. ترقص مرة.. تضحك مرّة.. تبكي تبكي ألفي مرّة.. يا حسرة تلك الفتيات..
والحرية في الأعمال.. أن تعمل عمل الأبطال.. وتصير مديرة أعمال...
معها البيجر والجوال.. أولسن شقائق لرجال؟؟ يا خيبة تلك الفتيات
والحرية دون شطارة.. أن تركب أفخم سيارة.. وتقود بكل مهارة...تتمكيج
عند إشارة.. وتسلم عند المارة.. تدخل حارة.. تسأل تارة...تضحك تارة
.. هذي بالفعل حضارة.. (حقارة).. يا حسرة تلك الفتيات..
والحرية يا أحباب.. أن تختار لها أصحاب.. بعلاقات جد شريفة.. أو قبلات شبه عفيفة.. يا ضيعة تلك الفتيات..
والحرية في الأوقات.. فبلا ذِكرٍ أو صلوات.. قد ضاعت كل الطاعات
إلا أفلام القنوات.. تحضر بخشوع وثبات.. ضاعت فيهن القربات.. يا
غفلة تلك الفتيات..
والحرية والأنباء.. ماذا ينزل من أزياء؟؟ من فستان دون غطاء.. أو من ثوب دون كساء.. أو لبس من دون رداء..
فاللبس بدون ملابس.. واللبس بها لاشيء.. والستر لها لا شيء والعقل بها لا شيء.. حرية بعض الفتيات..
يا بنت الإسلام أجيبي.. وتعالي للحق أنيبي..عودي للرحمن وتوبي... كي توضع عنك الزلات
هذا عن بعض الفتيات لله الحمد قليلات.. لكن البعض يزيد.. والشيطان لهن يكيد..فأعوذ برب الأكوان.. من كيد كفور فتان.. أو من همزات الشيطان..
والحق يقال الآن.. عن فتيات بالإيمان.. يخشين الله المنان.. نعمت والله الفتيات..
تنبع فيهن الصحوة.. ولهن خديجة قدوة.. هذي والله الأسوة..
قد غطت كل مفاتنها.. من رأسٍ حتى قدميها.. لا تبصر حتى كفيها..
بعباءتها في حشمتها.. فازدادت شرفاً قيمتها.. بورك في تلك الفتيات..
كالدرة في الصدف مصونة.. جوهرة حقاً مكنونة..لا يبصرها غير المحرم..
أو زوج بالحفظ سينعم.. ما أروع تلك الفتيات..
أنّى كانت فهي جميلة.. فالعينان تكون كحيلة.. في دمعات غير عليلة..
إن قامت في الليل جليلة.. قد صلت بعض الركعات..
والثغر لها فتان.. إن ذكرت فيه الرحمن.. ما أجمله يا إخوان.. أن تتلو فيه القرآن.. في صوتٍ عذبٍ رنان
يا رباه إليك متاب.. أنت المعطي والوهاب.. فاغفر للعبد المرتاب وتقبل يا رب متاب.. أنت الواحد والتواب
واستر يا رحمن علينا.. وقنا دوماً من يبغينا.. إن بالشر أتى يرمين..
http://go2top.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/318)
من تاريخ المرأة.!
نورة الغامدي
تعد منطقة المشرق العربي القديم (بلاد الرافدين بلاد الشام وادي النيل شبه الجزيرة العربية) المهد الأول للحضارة البشرية.. فهنا عرف الإنسان ولأول مرة في حياته؟ الزراعة والاستقرار؟ وبناء البيوت وتشييد القرى والمدن وإحاطتها بالأسوار وصناعة الفخار والمعادن والكتابة؟ ثم الأبجدية الى غير ما هنالك من انجازات رائعة كانت اللبنات الأولى من بناء صرح الحضارة الإنسانية.
وقد تحققت هذه الإنجازات نتيجة تضافر جهود الرجل والمرأة التي يظهر دورها واضحاً منذ عصور ما قبل الكتابة (ما قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد) إذ أدت ظروف الحياة السائدة آنذاك وقيام المرأة بدور بارز في الحياتين الاجتماعية والاقتصادية. إلى اعتبارها الأم الأولى التي تمنح الإنسان الخصب والحياة والخير فظهرت عبادة الآلهة الأم كرمز لدور المرأة الأساس في الحياة.. وقد عثر علماء الآثار على الكثير من التماثيل الطينية الصغيرة لهذه (الآلهة الأم في العديد من المواقع القديمة في بلاد الشام وبلاد الرافدين ووادي النيل).
ويظهر دور المرأة بشكل أوضح في العصور التاريخية (أي في العصور التي تلت اختراع الكتابة.... العام 3000 قبل الميلاد) فتذكر النصوص المكتوبة أسماء نساء لعبن دوراً مهماً في المجالات الدينية والسياسية والإقتصادية والاجتماعية وتبرز الآلهة المؤنثة (عشتار وايزيس على سبيل المثال) والكاهنات وسيدات الأعمال وزوجات بعض الملوك وأمهاتهم، وأيضاً الملكات اللاتي يتقلدن السلطة وزمام الأمور حتى في الممالك والأمبراطوريات الكبرى التي عرفها المشرق العربي القديم.. ومن أشهر الأسماء في هذا المجال.
(سمّورامات) ملكة الامبراطورية الآشورية الحديثة (811 806 ق.م) التي عرفها الإغريق باسم (سميرا ميس) ونسجوا عنها نتيجة لشهرتها أسطورة شاعت في كل أنحاء العالم القديم.. (وحتشبسوت) ملكة الامبراطورية المصرية الحديثة (1490 1468ق.م) التي عاشت مصر في عهدها فترة من أزهى فترات تاريخها القديم..
(ونفرتيتي) زوجة الفرعون الموحد اخناتون وهناك أسماء أخرى كثيرة (سواء في ذلك الماضي البعيد أو في الفترة السابقة لظهور الإسلام) كزنوبيا ملكة تدمر مثلاً.
وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على تطور حضاري كبير عاشته المنطقة العربية في تلك العصور الموغلة في القدم التي لم تعرف التمييز بين الرجل والمرأة ويدل أيضاً على الحقوق والامتيازات الكبيرة التي كانت المرأة تتمتع بها والتي ضمنتها لها القوانين المعروفة كقانون (أورنامو وقانون حمورابي وغيرها. الأمر الذي مكَّنها من البروز والمساهمة الفعالة في بناء الدولة والمجتمع.
http://www.suhuf.net.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/319)
العلاج الناجح للسمنة
كثير من الناس (وخاصة النساء) يسألون عن علاجات للسمنة والتي أصبحت (أي السمنة) ظاهرة متزايدة في السنين الأخيرة في العالم المتحظر..
وللأسف أن كثير من الناس يستخدم أنظمة غذائية كُتابها تجاريون همهم المكسب المادي... وقد حقق الكثير منهم أموال طائلة بمثل هذه الكتب.
فتجدهم في مقدمات هذا الكتب يجتهدون في إثبات أن نظامهم هذا جربه الكثير وهم يسعدون الآن بحياة ملؤها النشاط والحيوية!!! وأن نظامه هو الصحي وغيره أنظمة ضارة!
بغض النظر عن صحة ما يدعونه..... وبغض النظر عن هل هذا النظام أو ذاك ضار أو نافع فهذا لا يهمني
ولكن الذي يهمني أن أقوله في هذه الأنظمة أن جميعها يفشل مع مستخدميها، فتجده بالفعل ينزل من وزنه..... ولكن سرعان ما يعود إلى نفس وزنه إن لم يكن أزيد مما كان عليه بعد عدة اشهر أو بالكثير جدا بعد سنة!
إذن ما هو العلاج النافع؟
أقول وبالله التوفيق أن العلاج النافع بإذن الله:
الخطوة الأولى: كُل كل شيء.... ولا تحرم نفسك... فالحرمان قد يسبب لك أزمات نفسية...
ولكن.. كل ثلث أكلك المعتاد... أي قم من الطعام قبل أن تشبع...
وللتغلب على هذا عليك بشرب كأس أو أكثر بقليل من الماء قبل الأكل بدقائق فهو يساعدك على الشبع.
كيف تعرف ثلث طعامك؟
أنت تقدر هذا...فإن ظننت أنك ستأكل من هذه السفرة عشر ملاعق مثلا فاجعلها ثلاث فقط وقم مباشرة عن الطعام...
تذكر أن أهم شيء أن تقوم وأنت ما شبعت من الطعام.
قد يكون في هذا الأمر نوع من الألم النفسي...... ولكنه أفضل بكثير من الألم النفسي الذي يصيبك من الحرمان.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما ملئ ابن آدم وعاء شر من بطنه، فإن كانت ولابد فاعل فثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -.... وهذا الحديث قاعدة من قواعد التخسيس والاحتفاظ برشاقة الجسم.
الخطوة الثانية: تجنب بل حاول أن تلزم نفسك بعدم شرب المشروبات الغازية مثل البيبسي والكوكاكولا وغيرها فهي الداء العظيم والشر المستطير على صحتك عامة وسمنتك خاصة... ولو قرأت عن مكوناتها وما هي تأثيرها على الصحة لما شربت منها قطرة واحدة...
وليس فقط هي بل هناك أمور كثيرة ولكني أركز على هذه المشروبات لاشتهارها وكثرة شاربيها...
إن كنت من محبيها ولا تستطيع الامتناع عنها.... فخفف منها شيء فشيء... ولكن لابد أن تمتنع عنها... ضع في مخيلتك وقت محدد للامتناع عنها والأفضل أن لا يزيد عن شهر..
عموما... تجنب أكل السكريات وحاول أن تخفيف منها كثير ولكن لا تحرم نفسك منها بين الحين والآخر.
الخطوة الثالثة: وهي المهمة جدا جدا جدا.... وهي ركيزة من ركائز التخفيف الصحي الرياضة، ليكن لك جدول يومي رياضي.... أقله أن تمشي يومياً ما لا يقل عن خمسة كيلو مترات.... وهي تعادل تقريباً ساعة واحدة زمنية إن كان مشيك سريع نوعاً ما (يعني نصف ساعة رايح ونصف ساعة راجع).
في أول الأمر قد لا تستطيع.... ولكن تدرج في هذا الأمر... فمثلا الثلاثة أيام الأولى نصف ساعة وتزيد كل يوم شيء قليل... وهكذا..
ملاحظة: لا تلزم نفسك في المشي أنك لا بد أن تمشي في منطقة معينة وببدلة رياضة (وإن كان هذا هو الأفضل)، فالإلزام قد يجعلك تتكاسل بعد فترة عن الرياضة وتتركها........ ولكن إذا جاء وقت رياضتك (وأقصد رياضة المشي) فانطلق من أي مكان وبأي لبس ولكن اعتني بلبس حذاء خاصة برياضة المشي لأنها مهمة ولأن الأحذية الأخرى قد تتعبك في المشي.
هذا هو برنامجي الغذائي فقط وسترى بداية نتائجه بعد شهر تقريباً... يبدأ بطيئا ثم يتسارع..
لن أقول لك أنك ستنزل سبعة كيلوا أو عشرة كيلو كما يقولون.... لا ولكن الذي أجزم به أنه سينزل وزنك نزولاً صحياً تدريجياً وسيبقى على طول لأنك بعدها ستدمن عليه (أي على التخفيف من الأكل والمشي) لما ستراه من خفة وصحة ونشاط جسدي وانتعاش روحي عجيب جدا جدا جدا.
نصيحة:
لا تلتفت لكثير من كتب الأنظمة الغذائية حتى لو قال لك أن كاتبها دكتور أو بروفيسور متخصص فأغلبها بالفعل ترى نتائجه في نزول الوزن.... ولكنه قد Hضر بالجسم لأنه قد حرم بعض أجزاء الجسم من فيتامينات هي في حاجة إليها وسبب أمراضا نفسية قد تسبب مشاكل أسرية!.
أنا لست طبيباً.... ولكن هناك بديهيات يميزها الإنسان.... ويعرف أن هذا النظام جيد أو ضار...
أنا لست طبيبا.... ولكني صاحب تجربة..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/320)
المرأة أزمة من ؟؟
المرأة أزمة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة...
يكرهون الحجاب، ويلعنون اليوم الذي يرون فيه محجبة..
كل موضوعاتهم تدور حول المرأة..
يحاربون حجابها، يدعون إلى اختلاطها في التعليم والعمل..
يختلقون الأسباب والدواعي الحاملة لتطبيق نظام الخلط ونزع الحجب...
الذي يتأمل في الواقع يجد أن الفرصة فاتت القوم..
بعد أن خدعوا كثيرا من البلاد المسلمة.. ها هم يسقطون...
تلك البلدان بدأت في العودة إلى ما يكرهه الذين يحبون الفاحشة...
وبلد الإسلام الأول استفاق قبل أن يقوده هؤلاء، فكانت الضربة قاصمة والحسرة محيطة، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم...
الناس قد فهموا من هؤلاء؟، وما أهدافهم؟..
لا يتبعهم إلا صاحب هوى، وهو على حذر، يريد الهوى، لكن لا يريد أن يكون كما يريد هؤلاء بالضبط..
أما المؤمنون والمؤمنات فقد فهموا واستوعبوا الدرس، وأخذوا على أنفسهم عدم تكرار الخطأ الذي يعطي الفرصة لهؤلاء ليرتكبوا جرمهم الشنيع مرة أخرى، كما فعلوا من قبل، في أماكن أخرى..
وهؤلاء شعروا بعودة الناس إلى الدين، شعروا بحب الناس للتدين والفضيلة..
فكان أن تقبلوا هذا الوضع - الذي لم يكن في الحسبان - بمرارة بالغة، وعزموا على تغيير الخطة...
في الأول كانوا يطعنون في الإسلام صراحة، وأنه غير مناسب للعصر، فجاءت الرياح العاتية فكادت أن تقتلع جذورهم، وبار سوقهم، فغيروا الخطة..
دعوا إلى عصرنة الإسلام وتطويره..
لكن، الحقيقة واحدة، والنتيجة واحدة، أولا وآخرا، وهم يعلمون.. ونحن نعلم، والناس يعلمون..
دعوا إلى هدم الحجاب وخلعه بالكلية، لكن اصطدموا بجبال راسية، فغيروا الخطة..
دعوا إلى كشف الوجه، بدعوى أن المسألة خلافية.. وهم يعلمون، ونحن نعلم، والناس يعلمون.. ما الهدف؟.
وحتى لا يتمادى هؤلاء، وكي لا يغتر بقولهم بعض الناس، أبين فيما يلي حقيقة القول في كشف الوجه.. فأقول:
- - - - - - - - - - - - -
يقولون: "اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم..
والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء:
" وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها"..
وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..
وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى..
أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل:
" إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة"..
فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال..
وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله - عليه الصلاة والسلام -: (المرأة عورة)..
قال موفق الدين ابن قدامة:
" وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة".
وقال ابن القيم:
" العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك".
وقال البيضاوي في تفسير قوله - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}:
"والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة".
وقال الصنعاني:
"ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه".
فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب..
وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبالإضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم.
فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين:
قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول:
"والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها" أي في الصلاة..
ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا ذلك، فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة.
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق..
والذي دعاه إلى ذلك قول منسوب لابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله - تعالى -:
{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: " الكحل والخاتم"، لكن هذا الأثر إسناده ضعيف للغاية، فيه مسلم الملائي قال فيه النسائي: " متروك الحديث"..
وهناك رواية أخرى قال فيها: "ما في الكف والوجه"، وهي كذلك ضعيفة، في إسنادها أحمد العطاردي قال ابن عدي: " رأيتهم مجمعين على ضعفه"..
فالنسبة إذاً إلى ابن عباس غير صحيحة بحسب الإسنادين السابقين، بل جاء عنه عكس ذلك، ففي تفسير آية الحجاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال ابن عباس:" أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة".
لكن لو افترضنا صحة القول المنسوب إلى ابن عباس من طرق أخرى فكيف نفسر هذا التعارض بين قوليه:
مرة يجيز كشف الوجه واليدين، ومرة أخرى يحرم ذلك كله؟..
فالجواب: أنه أجاز أولاً، ثم لما نزلت آية الحجاب منع من ذلك، قال ابن تيمية:
"والسلف تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين، مثل الكحل والخاتم...
وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز إظهاره، ثم لما أنزل الله - عز وجل - آية الحجاب بقوله:
{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش فأرخى النبي الستر ومنع أنسا أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها...
فإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب، كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الآمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين".
إذاً لو صح قول ابن عباس في إباحة كشف الوجه واليدين فإنما ذلك كان قبل النسخ، ثم لما نزلت آية الحجاب أوجب الله عليهن ستر جميع ذلك، هذا وابن مسعود يذكر في معنى الزينة الظاهرة أنها الثياب والرداء، فهو يخالف ابن عباس في قوله الأول لو صح عنه.
نخلص مما سبق أن سبب الخلاف في هذه المسألة ثلاثة أمور:
أولاً: عدم التفريق بين حدود الحجاب وحدود العورة، فبعض المخالفين في هذه المسألة ظن أن ما يجب ستره في الصلاة هو الذي يجب ستره عن أعين الناس فحسب، وهو سائر البدن إلا الوجه والكفين..
وهذا فهم خاطئ فليست عورة الصلاة هي عورة النظر، بل عورة النظر أعم في حق المرأة من عورة الصلاة، فالمرأة لها أن تبدي وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة، لكن ليس لها ذلك في محضر الأجانب أو إذا خرجت من بيتها.
ثانياً: عدم التحقيق في قول ابن عباس، فالأثر الذي ورد عنه في إباحة كشف الوجه ضعيف الإسناد بحسب الأسانيد السابقة، ثم إنه قد صرح في آية الحجاب بأن المرأة لا تظهر إلا عينا واحدة، فكان ينبغي أن يجمع قوله، ويؤخذ بما هو أصح وأصرح..
وكل الآثار التي يحتج بها من قال بالجواز كحديث أسماء ضعيفة لا ينهض الاحتجاج بها، وكذا حديث الخثعمية بالرغم من صحته إلا أنه ليست فيه دلالة على جواز كشف الوجه.
ثالثاً: عدم التفطن إلى إن الحكم فيه نسخ، أو فيه أول وآخر، فأما آية الزينة: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، فقد كان أولاً، وكان النساء إذ ذاك يخرجن كاشفات الوجه واليدين، ثم لما نزلت آية الحجاب أمرن بالستر.
وعلى هذا الوجه يحمل قول ابن عباس، إن ثبت من طرق أخرى.
على أن ابن مسعود يفسر آية الزينة بتفسير يخالف تفسير ابن عباس الأول فيجعل الزينة الظاهرة هي الثياب أو الرداء، أو ما نسميه بالعباءة، وإسناده صحيح، وعلى ذلك فلا حجة في هذه الآية لمن احتج بها على جواز الكشف.
ومما يؤكد هذا الحكم قوله - تعالى -: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب}، وإذا سأل الرجل المرأة وهي كاشفة عن وجهها لم يكن سألها من وراء حجاب، وتلك مخالفة صريحة لأمر الله..
ثم إن هذا الخلاف بين الفقهاء بقي خلافا نظريا إلى حد بعيد، حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في جميع مراحل التاريخ الإسلامي، فقد كان ولا زال أحد معالم الأمة المؤمنة، قال الغزالي:
" لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات"..
وقال ابن حجر: " العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال".
وهنا مسألة لابد من التنبه لها، وهي: أنك لو سألت هؤلاء المجيزين: "هل تجوزون كشف الوجه في زمن الفتنة أو إذا كانت المرأة فاتنة"؟.
لقالوا: "لا، بل يحرم الكشف في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة شابة أو فاتنة"..
بل ذهبوا إلى أكبر من ذلك فقالوا:
"يجب على الأمة إذا كانت فاتنة تغطية وجهها"..
مع أن الأمة غير مأمورة بتغطية الوجه.
إذن، فجميع العلماء متفقون من غير استثناء على:
وجوب تغطية الوجه في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة فاتنة، أو شابة..
ونحن نسأل:
أليس اليوم زمن فتنة؟..
وإذا كان العلماء جميعهم حرموا الكشف إذا كان ثمة فتنة، فكيف سيكون قولهم إذا علموا أن الكشف بداية سقوط الحجاب؟..
فلم تعد القضية قضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك إنها قضية مصير لأمة محافظة على أخلاقها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة المتمثلة في الحجاب، ويعظم الخطر في ظل اتساع نطاق عمل المرأة وازدياد خروجها من البيت، مع نظرة بعض الناس للحجاب على أنه إلف وعادة لا دين وعبادة.
فهي مؤامرة على المرأة المسلمة..
ومما يبين هذا:
تلك الصور والإعلانات التي تصور المرأة لابسة عباءة سوداء، كاشفة عن وجهها، لإقناع الناس بأن تغطية الوجه ليس من الحجاب، وترسيخ هذا المفهوم فيهم.
ومما يبين أن القضية ليست قضية اختلاف بين العلماء أن كثيرا من هؤلاء النساء اللاتي يكشفن الوجه لا يكشفنه لترجح أدلة الكشف عندهن، بل هن متبعات للهوى، قد وجدن الفرصة اليوم سانحة لكشف الوجه، ولو سنحت في الغد فرصة أخرى أكبر لما ترددن في اغتنامها، والدليل على هذا:
أنهن إذا سافرن إلى الخارج نزعن الحجاب بالكلية وصرن متبرجات لا فرق بينهن وبين الكافرات..
ولو كان كشفهن عن قناعة بالأدلة المجيزة للكشف للزمن ستر جميع الجسد بالعباءة إلا الوجه في كل مكان سواء في المقام أو في السفر إلا البلاد الأخرى..
ولو كان هذا الكشف ناتجا عن اتباع أقوال العلماء المجيزين لغطين وجوههن، لأن العلماء المجيزين يحرمون الكشف في زمن الفتنة، والزمان زمان فتنة ومع ذلك هن يكشفن وجوههن، والعلماء المجيزون حرموا الكشف على الفاتنة والشابة، وهن يكشفن بغير فرق بين الفاتنة وغير الفاتنة..
فالحقيقة أن هذا الفعل من هؤلاء النساء لم يكن عن اتباع لكلام أهل العلم، بل هو اتباع للهوى وتقليد للسافرات من الكافرات والمتبرجات، وتبرم وضجر من الانصياع لأمر الله - تعالى - في قوله:
{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..
{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وإذا سألنا المجيزين سؤالا آخر فقلنا لهم: " أيهما أفضل التغطية أو الكشف"؟..
لقالوا بلا تردد: " التغطية أفضل من كشف الوجه، اقتداء بأمهات المؤمنين"..
ونحن نعلم أن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي وحرمان من التوفيق، فإذا كانت التغطية هي الفضلى فلا معنى لترك هذا الأفضل إلى الأدنى إلا الجهل بحقيقة الخير والشر والربح والخسارة، والغفلة عن مكيدة الشيطان..
فإن الشيطان لا يزال بالأمة الصالحة يرغبها في الأدنى ويزهدها في الأعلى حتى تستجيب له، فما يزال بها حتى يوقعها في الشر والوبال، كما فعل بالرهبان والعباد، وكما فعل ببني إسرائيل حتى استحقوا سخط الجبار وانتقامه..
أنزل الله لهم المن والسلوى يأكلون منهما، فأبوا إلا الأدنى وسألوا موسى - عليه السلام - البصل والعدس والقثاء والفوم، فأنكر عليهم هذا الرأي الفاسد، كيف تستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير؟، قال - تعالى -:
{وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
فما مثلنا ونحن نفضل كشف الوجه الذي هو أدنى على غطائه الذي هو خير إلا كمثل بني إسرائيل، وقد علمنا ما أصابهم من الخزي والذلة والمسكنة لأمم الأرض جميعها، فكانوا منبوذين مكروهين، ونخشى أن يصيبنا ما أصابهم..
هذا إذا فرضنا جدلا أن كشف الوجه جائز والأفضل تغطيته، أما الذي ندين الله به لا بسواه، أنا نرى حرمة كشف الوجه من حيث الأصل، وكل من كشفت وجهها بغير إذن الشارع فهي آثمة عليها التوبة إلى الله، وإذن الشارع إنما يكون في أحوال معينة كإذنه بالكشف للقواعد من النساء والمراد خطبتها ونحوها..
إذن بالرغم من هذا الخلاف إلا أنه لم يوجد في تاريخ الأمة من العلماء من يدعوا إلى كشف النساء وجوههن، فمن لم يقل منهم بوجوب التغطية جعل ذلك هو الأفضل..
وعلى ذلك فلا يدعوا إلى السفور إلا أحد رجلين، إما أنه غير مطلع على مذاهب العلماء، فاهم لمقاصدهم، وإما أنه مفسد يتخذ من اختلاف العلماء ذريعة لتحقيق مآرب خبيثة في نفسه.
أخيرا نقول لمن أجاز كشف الوجه:
إن كنت قد اقتنعت بهذا الرأي تماما عن دين ويقين دون اتباع لهوى، فيجب عليك إذا أفتيت بهذا القول أن تقيده بما قيده العلماء المجيزون من قبلك، بأن تجعل كشف الوجه مشروطا بما يلي:
1 - ألا يكون في زمن فتنة، يكثر فيه الفساق.
2 - ألا تكون المرأة شابة.
3 - ألا تكون المرأة فاتنة جميلة.
فهذه الشروط واجبة، لا بد من ذكرها، إذا ما أفتيت بجواز الكشف..
أما أن تقول بكشف الوجه، هكذا بإطلاق، وتنسب ذلك لأهل العلم القائلين بكشف الوجه، فهذا تدليس، فإنهم ما قالوا بجواز الكشف، هكذا بإطلاق، كما يفعل من يفتي هذا اليوم، بل قيدوه بالشروط السابقة..
ثم كذلك يجب عليك أن تدل الناس إلى الأفضل، وهو التغطية بإجماع العلماء..
حينذاك تكون معذورا مجتهدا، لك أجر اجتهادك..
أما أن تخفي عن الناس حقيقة قول العلماء المجيزين، بعدم ذكر الشروط والأفضل، فإني أخاف عليك الإثم..
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/321)
كيف تحاوري زوجك بنجاح ؟
مازن الفريح
قالت وهي تحاور زوجها في موضوع التدخين:
زوجي الحبيب! ما أعظم خلقك، وأطيب عشرتك ولو أنك استبدلت السجارة بالمسواك لكنت والله أعظم وأطيب!
وقالت أخرى تحاور زوجها في تأخيره للصلاة وتكاسله عنها أحياناً: يا روحي.. يعلم الله كم اَسَرَني حبُّك، وسررت بطيب عشرتك وعظيم خلقك، ولو كان اهتمامك بالصلاة أكثر وحرصك عليها أكبر لكنت من أسعد الناس بك، فمتى يا حبيبي أراك حريصاً عليها؟!
وقالت ثالثة وهي في بيت أهلها وقد هجرت زوجها الذي لم تنفع معه الحوارات الساخنة الهائجة التي كانت ترتفع فيها الأصوات وغالباً ما تنتهي بالصفعات، قالت في رسالة"جوال"أرسلتها إلى زوجها جواباً على رسالة له يطلب منها الرجوع لأنه يحبها.. فكتبت رداً: أنا أحبك أكثر، وتعلقي بك أعظم، ولكن أحبك يوم أراك مصلياً ولأصحاب السوء مجافياً.. محبتك/أم عيالك.
ما أجملها من حوارات، وما أعذبها من عبارات، تُذِّكر ولكن بلطف، وتنصح وتسدد ولكن برفق وعطف. وكثيراً ما يفشل الحوار الجاف المتعالي ولو كان بلغة المنطق و البرهان، بل ربما عجزت الكثير من النساء عن تحقيق نتيجة أو تغيير موقف أو تعديل سلوك بهذا الأسلوب، ولكن أثبتت التجارب أن الحوار بلغة التودد و الأحسان أبلغ أثراً وأفضل عاقبة وأسرع استجابة من لغة المنطق، كما أنّ اتقان المرأة للغة التودد أفضل من اتقانها للغة الأخرى، كما قال - تعالى -:"أو من ينشّأفي الحليةِ وهو في الخصامِ غير مبين".
ومن مفردات لغة الحوار بالتودد، التقديم بذكر جميل الزوج وكريم خصاله ثم ذكر ما يراد تغييره أو نقده بعد ذلك بطريقة لبقة حكيمة.
وحتى تنجحي في الحوار أذكر لك بعض أسباب نجاحه:
1- حسن المناداة باستخدام الألقاب التي تُذكر بالحب والمودة مثل: يا حبيبي.. يا روحي.. أو اسم الدلال.. فهذا النداء يفتح مغاليق النفس ويهيئها لقبول النصح.
2- الحرص على اللغة الهادئة الحانية وترك الألفاظ النابية واجتناب العبارات الحادة، والحذر من رفع الصوت.
3- اختيار الوقت والمكان المناسب لفتح باب الحوار.
4- الابتعاد عن لغة التهديد والتحدي.. مثل"إما تفعل كذا أو طلقني"،"إذا كنت رجل فافعل كذا!".. ونحوها من العبارات التي يكثر تردادها في الحوارات الفاشلة.
5- ذكر الحسنات وعدم إغفالها في مقدمة الحوار وفي ثناياه مما يعين الزوج على قبول ما تريدين، ثم هو من العدل والأنصاف التي هي صفة للمسلم.
6- إقفال الحوار عند غلبة الظن بأنه لن يؤدي إلى النتيجة المرجوة، وذلك بالدعاء بطريقة مؤثرة مثل"اللهم احفظ أبو فلان وأسعده في دنياه وآخرته وأصلحه وأهده إنك على كل شيء قدير"
7- استثمري وسائل وأساليب الحوار غير مباشر مثل الرسائل وأشرطة التسجيل التي يمكن أن تخاطبي بها الزوج وتحاورينه بواسطتها.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/322)
عودي إلى الرحمن
قال الله - تعالى -: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:1).
قال الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (الحج:1).
قال الله - تعالى -: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الحجر:92 – 93).
* أختاه...
تذكري الموت بسكراته وتذكري القبر وأهواله وتذكري البعث وأهواله وتذكري يوم القيامة بشدائده...
* أُخية..
كم ستعيشين في هذه الدنيا ؟ ستين سنة..مائة سنة..ألف سنة ثم ماذا ؟
ثم الموت..ثم البعث إلى جنان النعيم أو نيران الجحيم.
* أختي في الله..
ماذا تفعلين لو جاءك ملك الموت الآن؟
أختي حاسبي نفسك قبل أن تحاسبي. لما حضرت الوفاة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - قال: أقعدوني فأقعدوه فجعل يذكر الله ويسبحه ويقدسه ثم قال: الآن تذكر ربك يا معاوية بعد الانحطام والانعدام ألا كان ذلك وقت الشباب قصير الزمان وبكى حتى أبكى على بكاءه ثم قال:
هو الموت لا منجى من الموت ***** والذي أحاذر بعد الموت أدهى أمر
ثم قال: اللهم يا ربي ارحم الشيخ العاصي ذو القلب القاسي اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وخذ بحلمك على من لم يرجوا غيرك ولا وثق بأحد سواك.
* اعلمي يا أختاه..
إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك تذكري يوم توضع الموازين وتتطاير الصحف كم في كتابك من زلل وكم من عملك من خلل.. تذكري يوم تقفين بين يد الله الملك الجبار.
* يا أمة الله..
ألا تعلمين ما هي التوبة إن التوبة هي الرجوع عن معصية الله إلى طاعته قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً)(التحريم: من الآية8).
والتوبة النصوح يغفر بها الله الذنوب مهما عظمت ومهما كثرت.
* أختي في الله..
لا تقنطي من رحمة ربك فباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها..وكم من تائب عن ذنوب كثيرة عظيمة تاب الله عليه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه)).
* واعلمي يا أختي..
أن التوبة النصوح هي الإخلاص لله - تعالى - والندم على فعل المعصية والعزم على الإقلاع عنها وعدم العودة إليها وأن لا تكون التوبة قبل فوات قبولها إما بحضور الأجل أو بطلوع الشمس من مغربها.
وتذكري قوله الله - تعالى -: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53).
فعودي إلى الرحمن عوداً صادقاً واستغفريه وتوبي إليه قبل فوات الأوان..
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/323)
المرأة المجاهدة أمُ الحياة
سلمان محمد العنزي
المرأة هي أثمن شيء في هذه الحياة بالنسبة للرجل خلا دين الله، ولئن قال أبو العتاهية: روائح الجنة في الشباب، فإنني أقول ونعيم الجنة إذا بحثت عنه في هذه الحياة فإنك لن تصيبه إلا في امرأة مؤمنة صابرة محتسبة، تبني حياتها وأنوار حياتها من يقين قلبها ومن شعور قلبها، وتهب نفسها راضية مطمئنة لزوجها أو أبنائها، وتعلم أن ما ينقص في الحياة من وجه عند بعض الناس يزيد من وجوه كثيرة عند الله، وليس ما يراه الناس من لذات وأفراح تتمشى في الدماء سوى ظل البسط على الأرض يغري السائرين بالجلوس، حتى إذا جلسوا نسخته شمس الحقيقة وبقي من جلس يتلذع بحرها.
إن أكبر ما في الحياة من متع لا يكبر في نفس المرأة المؤمنة، وليس له مكان في زوايا نفسها؛ لأنها في شغل بحقائقها وتربية حقائقها عن التلاعب بالشكوك والظنون الخادعة السافرة عن قلب محطم وعرض ذبيح.
هذه المرأة بحق هي الواحة الفريدة في صحراء الحياة، وهي الربيع الناضر في أيام الرجل الصادق، وهي البسمة العذبة على ثغر الحياة الرضية، لتكون لزوجها أثمن هدية،
هذه المرأة التي قصرت أجمل ما فيها من عواطف رقيقة مهذبة لزوجها، فلم تسفر بعاطفتها بين الناس، ولم تبدد ما يهتز في قلبها من حنان بين من لا يعرفون الحنان والعطف إلا أنهم عارفون لبقية ما يغطيه الثوب من جسمها.
هذه المرأة الطاهرة الجميلة تحب زوجها، وتنسى أن في الكون رجالاً غيره، مهما كان شكله ولونه ولسانه، ما دام أن هذا الرباط المقدس رباط الزواج قد جمع بينهما، وتعلم أن ولعها بزوجها وحبها إياه لا يكون جزاؤه إلا النعيم المقيم في الجنان، والسعادة الغامرة في الدنيا، مع ما تكسبه من عظيم هدايا قلب زوجها،
وهي المرأة المجاهدة في سبيل الله، ولكنه جهاد يختلف عما عند الرجل، كما يبينه لنا الريحاني في ريحانية فيقول:
ليست المجاهدة تلك التي تجندها الدولة للحرب مثل الرجال دفاعاً عن الوطن، ولا هي العالمة المثقفة العاملة مع الرجال في سبيل العلم والتهذيب، ولا هي العصرية المجدة في ميدان الحياة تباري الرجال في شتى الأعمال، ولا هي ملك الرحمة التي تواسي المرضى وتضمد جروح البؤس والشقاء.
إنما المجاهدة في نظري هي المرأة التي لا تكاد تعرف من العالم غير بيتها، ولا تبتغي من الحياة غير ما فرض عليها، فتحمل حملها بعيدة عن كل ما يغري من زخرف الشهرة ولألأة المجد، وتعمل على الدوام في سبيل ما تراه من الواجب الكبير واجب العائلة والبيت، واجب الحب والحياة.
هي الزوجة الصالحة، الأم الحنون، الأخت المؤاسية، ومع أن نصيبها من الحب الصافي قد يقل في الحياة، فهي تشع من ذلك حباً صافياً لكل من حولها، لأهلها، لصحبها، لجيرانها، وتعمل في شتى الأحوال لتساعد ذويها أو لتربي أولادها، ولترضى في كل حال رب بيتها.
هي المرأة الراضية القانعة الصابرة المخلصة المحبة، المجاهدة في ما تعمل ليسلم شرفها ويستقيم أمر أسرتها، تهز بيد ثابتة وبقلب غذاؤه الإيمان مهدًا هو الحياة وحياة هي الكون فهي تعطي على الدوام، يخونها زوجها، يهجرها بنوها، ينساها إخوتها، وتظل مع ذلك في ميدان الجهاد لا تنسى، ولا تهجر، ولا تخون، حياتها بذل دائم، بذل للحب وبذل للواجب.
هذه هي المرأة المجاهدة، وإن كانت لا تخرج من بيتها، إنما بيتها خندق من الخنادق في خطوط النار، وإذا كانت الجنة للمجاهدين، فينبغي أن يكون للمجاهدات نعيم أعلى وأسمى.
أي والله هذه هي المرأة المجاهدة الحقيقة برضى الله وبرضى زوجها، وهي المرأة التي تهب أنفاسها طيباً يرجع أطياب باريس منزوعة النفحة بائسة الشذى.
إنها رقيقة الحياة وصانعة المجد ومفتقة العبقرية في رأس زوجها وبنيها، الهادئة الرزينة القوية الشديدة، إنها المرأة المجاهدة أي المرأة الحية المشعة بنورها، وتشتد الحاجة إلى تلك الصفات التي ذكرناها في أيام الحروب، حيث القلق والشك والريبة والألم وهموم النفس وظنونها، هذه الأيام بحاجة إلى المرأة المجاهدة بنفسها وبعقلها وبأخلاقها وبتربيتها لأبنائها وبكفها وكنسها ما بنفس زوجها أو إخوانها من شكوك وأوهام..
إن المرأة هي الجدار الواقي من صواريخ الأعداء؛ لأنها تحمي الروح والروح، هي سر النجاح في المعارك أولم يكن من عادة العرب أنهم إذا قاتلوا أتوا بزوجاتهم من ورائهم يشجعنهم ويشرحن لهم كيف يكون الخلود في الدنيا: إما النصر وإما الموت عند خطوط الشرف الرفيع. فإن عجز الرجال عن مصاولة الأعادي برزت من وراء الخدور تحدو:
لا أريد الحياة إلا نضالاً لا ولا أرتضي الدنايا نصالا
لا ولن توهن الخطوب قناتي فلكم أرهبت قناتي الرجالا
صارمي عزمتي وصبر شراعي وبه أعبر الخصم اختيالا
أبدا تضحك الأماني بنفسي وهي تجري بها سحابا ً ثقالا
ولها من حياة سلفها الطاهر شواهد وأدلة تأخذ قلبها في رحلة جهادية تزرع الطريق بصادق الوعد وحسن الظن وقوة التوكل.. وحق لي أن أسمي هذه المرأة المجاهدة: أم الحياة، فالحياة تتدفق من ينابيع قلبها، ومن شلالات نفسها ومن رحيق أفعالها، فكل ما فيها حياة، وكل ما يصدر منها حياة، وكل ما هو ذاهب إليها حياة،
فاسلَمي أيتها الحياة الطاهرة، يا من نأوي إليها عندما تهرب منا الحياة!
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/324)
جنايات الموضة
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي كرّم بني آدم ذكّرهم وأنّثهم، وفضّلهم على كثير ممن خلق ورفعهم، فشرع لهم من الشرائع ما يصونهم ويحفظهم ويحقق في الدارين سعادتهم أحمده - تعالى - وأشكره على عظيم فضله وسابغ نعمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بأحسن الشرائع وأكملها فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين وهو على ذلك فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر عباد الله الصالحين..... أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله حق تقاته واعلموا أن الله منّ عليكم بلباسين عظيمين لباس تزينون به بواطنكم وهو لباس التقوى ولباس تجملون به ظواهركم وتسترون به عوراتكم وهو لباس الظاهر من الثياب وغيرها قال الله - تعالى -: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(1) فلباس التقوى يستر عورات القلب ويزينه ولباس الظاهر يستر عورات الجسم ويجمله فعن تقوى الله - تعالى - والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح التعري والتكشف فمن لا يستحي من الله ولا يتقيه لا يهمه أن يتعرى وأن يدعو إلى العري. وقد حذر الله - سبحانه - بني آدم ذكرهم وأنثاهم من اتباع خطوات الشيطان وأعوانه التي تسعى إلى تحطيم حياء الناس وأخلاقهم وتدعو إلى العريِِ والتهتك والتكشف باسم الزينة والحضارة والتقدم والموضة وغير ذلك من الشعارات البراقة، قال الله - تعالى -:(يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا)(2) وما هذا إلا وسيلة لإشاعة الفساد والمعاصي والرذائل والتلطخِ بأوضار الدنايا والخطايا، والمتأمل في واقع الناس اليوم وخاصة النساء يؤمن بصدق ما ذكرنا فإن شياطين الإنس والجن سعوا بكل وسيلة وأخذوا بكل سبب لنشر التعري والتهتك بين نساء المسلمين فسموا التكشف أناقة والعري حضارة وبنوا لهم صنماً جعلوه قبلتهم سموه الموضة التي هي أكبر ما يفسد الأديان ويهدم البنيان فاستباحوا بهذه الموضة المحرمات واستحلوا الموبقات فاستنزفوا الأموال واستهلكوا الأوقات وضيعوا الأهداف والغايات حتى صارت الموضة همَّ كثير من نسائنا وشغلها الأوحد يلاحقنها ويتابعنها هنا وهناك، وقد جاءتنا هذه الفتنة الكبرى بألوان من البلايا والرزايا التي ظهرت في ألبسة كثير من نسائنا فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فمن ذلك أن هذه الموضة التي تعظمها كثير من نسائنا أباحت لهن التعري والتكشف وإظهار المفاتن فانتشر بين بناتنا ونسائنا لبس الأزياء والثياب التي تظهر الصدور والبطون والظهور وغير ذلك من المفاتن.
وشاع بين كثير من نسائنا وأخواتنا لبس القصير الذي يعري أكثر الساقين وقد يبدي ما فوق الركبتين وفشا بين نسائنا لبس الضيق الذي يحجم الجسم ويفصل مقاطع البدن ويظهر مفاتنه كالبنطلونات وغيرها من الألبسة الضيقة. وظهر عند كثير من نسائنا لبس الخفيف الذي لا يستر ما خلفه فينكشف ما تحت الثياب ودرج كثير من نسائنا على لبس الثياب والأزياء التي تكثر فيها الفتحات من الأمام والخلف فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أيها المؤمنون اعلموا أن كل هذه الألبسة محرمةٌ لا يجوز لبسها للنساء لا عند الرجال ولا بين النساء بل إن لابستها ملعونة فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))(3) رواه مسلم. فقوله - صلى الله عليه وسلم -: كاسيات عاريات ينطبق على جميع الصور التي فشت وشاعت وانتشرت في ألبسة كثير من نسائنا فالويل الويل لمن عصى الله وتعدى حدوده.
ومن بلايا هذه الفتنة العظمى التي يسمونها الموضة أن سوغت لكثير من نسائنا وبناتنا التشبه بالرجال فلبست كثير من النساء ملابس الرجال كالبنطلونات الضيقة أو الواسعة وغيرها وقصت بعض نسائنا شعورهن على هيئة قصات الرجال وهؤلاء المتشبهات بالرجال ملعونات فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ((لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال))(4) رواه البخاري. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل))(5) رواه أبو داود.
ومن رزايا متابعة الموضة والافتتان بها تشبه كثير من نسائنا بالكافرات الفاجرات أو بالفاسقات من المسلمات في الأزياء والموديلات وفي الألبسة والقصات حتى رأينا من بعض نسائنا من تلبس لباساً فاضحاً قبيحاً وتحتج بالموضة وسمعنا عن بعض النساء المفتونات بالموضة من تقص شعرها حتى قد تبدو فروة رأسها أو تقص قصة يسمونها الفرنسية وتبلغ السفاهة وقلة الدين والعقل منتهاها عند بعض نسائنا فيستسغن قص شعورهن قصة تسمى قصة كلب فلانة يريدون إحدى الكافرات.. فكل صرعة تصدرها دور الأزياء الغربية أو الشرقية يتلقفها بعض نساء المسلمين بلا تردد ولا تفكير ولا مراجعة قيم ولا دين بل حالهن كما قال الأول:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
ولاشك أن التشبه بالكفار أمر خطير عظيم قد يوصل إلى الكفر بالله قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه أحمد وأبو داود بسند جيد عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((من تشبه بقوم فهو منهم))(6). وقد تعتذر بعض المتشبهات بالكافرات في لباسهن بأنها لا تقصد بهذا الزي وبهذا اللباس التشبه بالكفار فالجواب عن هذه الشبهة ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (ما نهي عنه من مشابهتهم – أي الكفار – يعُم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد)(7) فالحذر الحذر من التشبه بهم وتقليدهم.
ومن ويلات الموضة وبلائها أن جعلت بعض نسائنا يلهث وراء الاشتهار بين الناس بلباس مميز أو بقصة غريبة ملفتة وقد ورد التحذير عن هذا الفعل فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً))(8) رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد، والمراد بلباس الشهرة ما يتميز به لابسه عن ألبسة الناس بلون أو بشكل أو بهيئة بحيث يجذب انتباه الناس ويسرق أنظارهم إلى اختيال لابسه وعجبه على الناس(9).
أيها المؤمنون إننا لا نحارب التجمل أو ننهى عن التزين ولكننا ندعو إلى ضبط التجمل والتزين بضابط الشرع فإن الله جميل يحب الجمال ولكن شتان بين التجمل والتزين وبين التكشف والتعري والتهتك.
الخطبة الثانية:
أما بعد..
فقد سمعنا شيئاً مما جنته الموضة على نسائنا ولاشك أيها المؤمنون أن هذا الأمر خطر داهم يجب أن نتعاون جميعاً على سد منافذه وإغلاق أبوابه وعلاج أعراضه وقمع دعاته وإلا فإن دائرته ستتسع وتعم البلوى به وهذا يهدد بفساد المجتمع وخرابه إذ أن المستهدف الأول في هذه الفتنة هم نساؤنا وبناتنا وأخواتنا وهؤلاء هن المصنع الأساسي للرجال والأجيال فإذا فسد هؤلاء فسدت الأسر ويتلوها فساد المجتمع وهذا هو السر وراء اهتمام كثير من أعداء الأمة وعملائهم بإفساد المرأة وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من فساد النساء فقال: ((فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))(10) رواه مسلم. وقد جاء في بعض الآثار أن فتنتهن كانت المبالغة في التزين وإغواء الرجال بذلك.
أيها المؤمنون إن المرأة ضعيفة عاطفية سريعة التأثر والانجذاب فعلى أولياء الأمور من الآباء والإخوان وغيرهم القيام بتوجيه النساء ورعايتهن وحمايتهن من أشرار هذه الفتنة التي أفسدت كثيراً من النساء فإن هذا من أعظم حقوقهن على أوليائهن قال الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)(11).
ومن ضروريات القيام بواجب الوقاية والحماية لنسائنا وبناتنا قطع أسباب الفتنة والفساد التي تغري بالوقوع في الرذائل والخطايا والموبقات ومن أبرز هذه الأسباب ما تبثه بعض وسائل الإعلام وقنوات البث المباشر التي تنشر صور النساء المتبرجات من الكافرات أو الفاسقات ومن أسباب هذا البلاء المجلات التي تتصدر صفحاتها صور النساء الفاتنات أو الفاسقات وخاصة ما يسمى بمجلات الأزياء الشرقية منها أو الغربية فعلى أولياء الأمور أن يمنعوا ذويهم من هذه المجلات ومن تلك البرامج ومن أسباب هذه الفتنة أيضاً بعض المحلات التجارية ومحلات الخياطة التي تتسابق في عرض آخر التقليعات وأحدث الموضات دون أن يراقبوا الله - تعالى - فيما يحل من هذه المعروضات وما يحرم فعلى هؤلاء أن يتقوا الله وليعلموا أن فعلهم هذا من إشاعة الفاحشة بين المؤمنين وقد قال الله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(12). وعلى أولياء الأمور أن يمنعوا نساءهم من التعامل مع هؤلاء وليذكروهن بأن من ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه وعلى الجهات المسؤولة أن تأخذ على أيدي هؤلاء التجار حماية للمجتمع من أخطارهم وشرورهم، ومن واجب أولياء الأمور تجاه أبنائهم وبناتهم تنبيههم على الأخطاء وتفقدهم في البيوت وعند الخروج فيمنعوا نساءهم وأهليهم عن كل ما يخالف الحشمة والحياء، أما ما يفعله كثير منا وللأسف من عدم المبالاة بملابس نسائهم ولو كان عليه ملاحظات فإن هذا من التفريط والغش لهم وقد توعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك بحرمان الجنة نعوذ بالله من الخذلان فعن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة))(13) متفق عليه وفي رواية فلم يحطها لم يجد رائحة الجنة.
فاتقوا الله أيها المؤمنون وقوموا بما أوجب الله عليكم من المحافظة على بناتكم ونسائكم وأهليكم فإنكم غداً بين يدي الله - تعالى - موقوفون وعن هذه الأمانة مسؤولون واعلموا أن حسن تربية البنات سبب للنجاة من النار فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار))(14) متفق عليه. وأعظم الإحسان إليهن تربيتهن على الطهر والعفاف والحياء والحشمة والدين أعاننا الله وإياكم على القيام بهذه الأمانة.
__________________________
(1) الأعراف: 26.
(2) الأعراف: 27.
(3) أخرجه مسلم في اللباس والزينة برقم. 3971
(4) أخرجه البخاري في اللباس برقم 5435.
(5) أخرجه أبو داود في اللباس برقم 3575.
(6) أخرجه أبو داود في اللباس برقم 3512 وأخرجه أحمد من حديث ابن عمر برقم 4868.
(7) الاقتضاء 1/420.
(8) أخرجه أبو داود في اللباس برقم 3511 وأخرجه ابن ماجه في اللباس برقم 3597.
(9) أحكام المرأة 3/335.
(10) أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار برقم 4925.
(11) التحريم: 6.
(12) النور: 19.
(13) أخرجه البخاري في الأحكام برقم 6618 وأخرجه مسلم في الإيمان برقم 203.
(14) أخرجه البخاري في الزكاة برقم 1329 وأخرجه مسلم في البر والصلة برقم 4763.
http://www.almosleh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/325)
وضع المرأة
إنَّ وضعَك ـ أيتها الأخت المسلمة ـ في مجتمعنا لا يمكن أن تحلم بالوصول إليه تلك المرأةُ الغربية، التي يتسابق بعض نسائنا ـ عن جهل بحقيقةِ حالها ـ لجعلها قدوةً لهن.
وبنظرة موضوعيةٍ لوضعِ المرأةِ في الغرب، نجدها بنتاً تخرج من بيت أبيها ـ مرغمة أو راضية ـ
إذا بلغت السادسة أو الثامنةَ عشرة، ثمَّ تتقاذفها أيدي الذئابِ البشرية، لتكون متنفساً لرغباتهم البهيمية؛
أو زوجةً كادحةً لا تأوي إلى بيتها إلاَّ كالَّةً مرهقة لتشاركَ الرجلَ حتى في دفع أقساطِ السيارةِ، والبيتِ، وإلاَّ فلا قيمةَ لها؛ أو أُمَّاً يقذفها أولادها ـ في النهاية ـ في دارٍ للرعايةِ الاجتماعية، لأنَّها لم تعد تلك العضو الذي يمكن أن يُستفاد منه، ثُمَّ إن أحسن إليها ولدُها أرسل إليها بطاقة معايدة في عيدها.
نقول ـ بنظرةٍ منصفةٍ إلى حالِ المرأةِ الغربية والمرأة المسلمة ـ:
إنَّك ـ أختي المسلمة ـ تتمتعين بوضع لا تحلم به الغربية؛ إنَّكِ في مجتمع المسلمين وأنت بنت: تكونين مصونةً، يحافظُ عليكِ وليكِ ـ نفقةً، وكسوةً، وسكناً ـ حتى تتزوجين، تظلين طوالَ فترةِ حياتِكِ بنتاً مَرْعِيةً، مُصانةً، محافظاً عليكِ، لا يُقالُ لكِ: اخرجي من البيت، ولا اذهبي واحصلي على قوتك.
وأنت زوجة مكفولة من الزوج، في كلِّ ما يحفظ لك حياةً كريمة، كلٌّ حسب قدرته،
قال الله - تعالى - [لِينفِقْ ذو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عليه رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتاهُ الله لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلاَّ ما آتاها].
أمَّا إذا كنت أُمَّاً فيظهر البون الشاسعُ في التكريم والتبجيل الذي يوليه لكِ جميعُ أفرادِ أسرتِكِ،
حيث تكونين بينهم ملكة يطلبون رضاها؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبوك)).
إنَّ هذه المقارنة تُظهر لنا أنَّ المرأة الغربية ـ فعلاً ـ تستحقُ أن ترفع قضية ضد الرجل الغربي،
لتدفع الظلم عن نفسها، ولترتقي بوضعها، وتكون في مقام المرأة المسلمة التي أكرمها الله - تعالى - بدينه.
فأين دعاة تقليد الغرب، ودعاة حقوق المرأة، أين يقفون أمام هذه الحقائق؟
http://dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/326)
الكلمة الطيبة
مهلاً أُخية!
مهلاً.. على رسلك.. اسمحي لي أن آخذ من وقتك القليل.. وأن أطرح عليك سؤالاً:
لماذا تضعين العباءة عند الخروج ؟!
قد تقولين أنك اعتدت ذلك.. ولكن هل لبس العباءة عادة؟.. كلا إنه فريضة أمرك بها خالقك..
فهي حجاب لك يصونك ويحفظك.. العباءة مثل الصدفة التي تحمي اللؤلؤة بداخلها..
فيا أيتها اللؤلؤة المكنونة.. إن نعمة الله عليك عظيمة إذ صورك بهذا الخلق الحسن..
فصونيه عن أعين الغرباء ولا تنسي أن الشيء كلما خفي عن الأنظار كلما زادت قيمته ومكانته.. فكوني كالجوهرة لفت بمخمل جوري اللون.. فلا تهمليها أو تلقي بها في النار.
قال - تعالى -:[يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين].
أعجبني حجابك المميز وسط هذا الحجاب المزين، فرحت لرؤيتك.. ودعوت الله لك من الأعماق أن يزيدك من فضله ويتم عليك نعمته..
ولكن لفت نظري عدم ارتدائك للجوارب وكما تعلمين فإن القدمين عورة، فعندما نزلت آية الحجاب أمر الرسول صلى اله عليه وسلم نساء المسلمين أن يرخين ثيابهن شبراً فقالت له أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: إذن تنكشف أقدامهن! فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه)).
شكراً لك على رحابة صدرك، وأسأل المولى أن يجعلني وإيّاك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
http://dawahwin.comالمصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/327)
المرأة.. رهان المستقبل
عبد الرحمن الشمسان
المرأة.. ذلك"الهاجس"الذي يقض مضاجع المصلحين، ويقلق هدوءهم، ويئد راحتهم.. ليس لأن مسألتها عويصة، والرؤية حولها ضبابية.. لكنه"الواقع"المعقَّد، والمليء بالمتناقضات.. مثاليات تدَّعى، وانحرافات تطبَّق.. تاريخ نبوي مجيد في تحرير المرأة، وواقع مظلم متأزم بما فيه الكفاية.
جاء الإسلام ليعالج وضع المرأة، فتعامل مع الموقف بشفافية كاملة، ونظر إليها"شقيقة"للرجل، ومساهمة فعالة في بناء الصرح.
اليوم، وفي مجتمعنا من يتعامل مع القضية كمن يحاول أن يلمس الصفيح وهو ساخن، أو كمن يمسك بمبضع الجراح؛ ليفتق جرحاً يمتلأ صديداً.. دون أن يملك مخدراً.
نعم.. هي صعوبات ومشاق، لكنه آن لنا أن نملك زمام المبادرة قبل أن تفلت القضية من بين أيدينا.
كان الخطاب الإسلامي في زمن مضى دفاعياً أكثر منه تصحيحياً، فلم يسبر غور واقع المرأة في بلاد المسلمين، مع علمه اليقيني بما يحدث لها من ظلم فادح، وانتهاك واضح، كان يخوض معركة شرسة مع دعاة التغريب، فلم يرد أن يفتح أبواباً مغلقة، ولا أن ينشر حقائق هي عليه لا له، وكان هذا مفهوماً.
أما بعد أن تغيَّر الزمان، وزادت حدَّة العصر انفتاحاً.. فلم يعد من المفهوم أن يظل خطابنا مقتصراً على الحديث عن تهتك المرأة الغربية، وضياع شرفها، وتمريغ كرامتها.. ولا عن مثاليات الإسلام التي لم تطبق – جملة - في غير عهد الخلافة الراشدة، واستمر الوارثون يقاربون أو يباعدون.. ولا أن يقتصر على محاولات مستميتة، لتحويل اختلاف أهل القرون المفضلة إلى اتفاق يخدم واقعنا بدلاً من أن يطوعه.
لقد كان النزاع شديداً حول خلافيات لم تحسم ولن تحسم إلا أن يشاء الله، وكان الاهتمام منصباً على لباس المرأة وحشمتها الظاهرة، أما عقلها وأدبها وعواطفها واستقبال إبداعاتها وتطوير مواهبها فقد تُرك لغيرنا.
المرأة في المجتمع.. ليس لها وجود ولا رأي، فهي"ناقصة عقل ودين"بفهم زائغ، وهي"حبالة الشيطان"، وهي مثار فتنة أينما حلَّت وحيثما ارتحلت، وهي موطن"شك"في كل وضع تتضعه... هل هذه هي نظرة الإسلام النقي الخالي من شوائب التقاليد البالية والجفاء الطبعي؟ هل أولينا المرأة اهتماماً يليق بمكانتها وعظيم تأثيرها وتأثرها في المجتمع؟ هل استخدمنا الدين لإضفاء القداسة على بعض التقاليد التي تئد المرأة وتتركها تعيش ميتة بين الأحياء؟ إنه - يا سادة - لن يكون هناك تصحيح لوضع المرأة حتى تُصحح النظرة إليها، فلسنا في حاجة إلى أن نعالج أعراضاً، وندع الداء العضال يلد أعراضاً أخرى.
إن كرامة المرأة تكمن في عفتها، واستكمال حقوقها التي وهبها الله إياها.
إن على خطابنا - لكي يكون مقنعاً - أن يبرز اهتماماً مشعاً بحقوق المرأة، كما يهتم بعفتها، وعليه أن يتلمَّس طريق عقلها كما يلتمس منافذ قلبها، وهذا يوجب علينا أن نسلِّط الضوء على الأجزاء المنتنة في واقع المرأة في مجتمع مغلق، وليس إلا الاستئصال - مع ما يكتنفه من آلام- إن لم يُجدِ العلاج.
المرأة.. ذلك الملاك المبدع.. هي رهان المستقبل.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/328)
أنت الدفء
بدرية الغنيم
عندما تشرق الشمس نلقاك، وعندما تزهر البساتين نذكرك، وحينما يضحك البرق في السماء ننتظرك، وحينما تشرب الأرض مياه المطر نبحث عنك، فأنت رفيقة كلّ نجاح وكلّ نماء، نذكرك مع شقشقات الطير فرحة بميلاد يوم جديد، فالفرح يذكِّرنا بك لحبنا إيَّاك، والنجاح بدونك لا يعُدُّ نجاحاً، والفشل نتمنى لو نخفيه عنك.
أيُّتها الزهرة، يا من شرفت بالإسلام، ويا محمية هذا الدين، كم هي الحياة تبدو جميلة حينما نراك وقد شربت هذا الدين فأشرق في أخلاقك، وأضاء في لباسك وعفافك، أنت بذلك مصدر أمن للأمة وسعادة، قد لمحنا في ثنايا فعالك حبك لهذا الدين، وقد لمحنا حبك الغامر لأهل هذا الدين من خلال دعوتك لأخواتك عبر وسائل متعددة..
كما لمحنا صبرك وأنت تتجرعين الغصة تلو الأخرى لما يُكاد لأهل هذا الدين من حرب ضروس شنَّها الكافر، وأعانه من بني جلدتنا المنافق الفاجر الذي يفرح بسلخك من هذا الدين وإبعادك عنه..
وكم سعدنا لدمعة تلمع في عينيك لشعورك بالمسؤولية عن بنات هذا الدين، وترين أنهن أنت أو أخواتك أو بناتك. لله ذلك القلب الكبير الذي وسع الأمة ولم ينس همومها، في حين نسي همّه ونسي صفع الريح وحرّ الهجير وطنطنة الدبابير ولسع العقارب.
فحينما نراك نحب العمل، ونفرد أشرعة سفننا في بحر عطائك، وحينما نعمل معك لا تسعنا الأرض سعادة؛ لأنَّك علّمتنا أنَّ السعادة في البذل لهذا الدين في كلّ عمل وموقف ومحفل وفي الدفاع عنه.
فقد أزلت غشاوة كانت على أعيننا، كنَّا لا نعرف العدو من الصديق، أدركنا بعدها أنَّ من لا ينصر هذا الدين مهزوم لا محالة في الدنيا والآخرة. وعلَّمتنا مدّ يد العون لمن كان الدين همَّه لنأخذ بيده أو ليأخذ هو بأيدينا إلى مرافئ السعادة، وعلَّمتنا اصطحاب الرحمة لأولئك الموغلين في بحار المعاصي، وألا نبخل عليهم بدعوة للهداية، ثم ها أنت تطفئين النار التي تحت أقدام المتخاذلين في الدفاع عن الدين، التي أوقدوها ليحرقوك بها.. فهل تراك كنت ترجين نوالهم، أم أنَّها تلك الروح العالية التي أبت أن تعامليهم بالمثل.. بل تراها تحلِّق وترتفع في أفلاك حسن الخلق؟
وحينما نلقاك فأنت الدفء يشعُّ في جوانحنا حينما يثلجنا برد الانهزام وتلفحنا رياح التغريب والتغيير، قاصدة حصننا الحصين؛ بناتنا.. أمهات مستقبلنا المزهر بإذن الله - تعالى -.
لله درك! جبل شامخ لا تهزّه الريح، ولا يسلم ظهره لعدو ليدوس الإسلام من خلاله، وليس مطية سهلة القياد لأعداء الدين في حربهم على الإسلام، لكنَّه سهل هيّن متواضع للمسلم الصغير والكبير. ثبَّتك الله في الدنيا والآخرة، ولتعلمي أنَّ الله غالب على أمره، وأنَّ الله ينصر من ينصره، فيكفيك نصر الله.. ويكفيك رضا الله.
http://www.islamtoday.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/329)
إصلاح الزوجة
م. عبد اللطيف البريجاوي
البيت يشكل مؤسسة ضخمة وضخمة جدا , تحمل في طياتها مؤسسات متعددة , فهي تحمل في محتواها مؤسسة التربية ومؤسسة التموين والطعام ومؤسسة للعلاقات الاجتماعية ومؤسسة للترفيه و
وعلى رأس هذه المؤسسات كلها تكون الزوجة وأي إصلاح للبيت لا يرافقه إصلاح للزوجة فليس له أي معنى وإصلاح الزوجة يعني إصلاح البيت قال - تعالى - حكاية على سيدنا زكريا
"وأصلحنا له زوجه"قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآية كان في لسانها طول فأصلحه الله - تعالى -.
والزوج معني بشكل أساسي في إصلاح زوجته وتربيتها وتعليمها وترقيتها ولهذا ورد الحديث الشريف أن المرأة إذا أطاعت زوجها دخلت الجنة وفي هذا الأمر بالإطاعة مسؤولية عظيمة على الزوج ليأمرها بما أمره الله - تعالى - فلا بد للزوج أن يشمر على ساعديه لينقذ بيته من الدمار ويعيد لأسرته قوتها قدرتها على تربية الجيل المنشود
الخطوة الأولى: لإصلاح الزوجة هو فهم بعض الأحاديث النبوية والآيات القرآنية المهمة جدا في العلاقة الأسرية ولا بد من الفهم الصحيح لهذه الأحاديث والآيات
1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء"متفق عليه
يظن بعض الناس أن هذا الحديث يحمل إشكالية تقول"إن الإسلام يقول: المرأة خلقت من ضلع أعوج فإن جئت لتقومه كسرته ومع ذلك فهو يطلب منا إصلاح الزوج ويقول إن تركته ظل معوجا"
الحقيقة أنه لا إشكال؛ فقد أجريت تجربة أكدت على قاعدة مهمة وهذه القاعدة تقول"إن فشل الرجل يبدأ عندما يبدأ يقلد المرأة وأن فشل المرأة يبدأ عندما تبدأ تقلد الرجل"
وعليه فإننا يمكن أن نقسم الأعمال الحياتية الزوجية إلى قسمين:
* أمور تكون المرأة لها السيادة فيها ولها القرار فيها وعادة تكون هذه الأمور متعلقة بترتيب المنزل والأمور المنزلية وهنا يجب على الرجل ألا يتدخل في الشاردة والواردة ويعكر هذا العالم الخاص بالمرأة
* وأمور يكون القرار فيها للرجل مع الاحتفاظ لها بحق المشورة وابداء الرأي
وباختصار معنى ذلك أن يترك للمرأة الحرية الكاملة في بعض الأمور وخاصة بما يتعلق في شؤون بيتها وأمور أخرها يتولاها الرجل وبذلك نستطيع التوفيق في أمور الحياة.
2- الحديث الثاني عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر"رواه مسلم ومعنى لا يفرك أي لا يكره وهو يدخل تحت الحديث الأول وهو أن المرأة قد يصدر منها ما يزعج الرجل فعليه ألا يكرهها و أن يخفف هذا الاعوجاج بترك بعض الأمور لها مع الحرص على المتابعة
3- وهناك آية قرآنية مهمة تتكلم عن مسؤولية الرجل في إصلاح زوجته وهذه الآية قوله - تعالى -"وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى"طه(132) فكثير من الناس ينشغلون بالرزق وتأمينه لأهلهم وينسون مهمة عظيمة وهي أمرهم بالصلاة وما هو ضروري لاستقامة الحياة على الوجهة الشرعية وما ذكر الصلاة إلا لأهميتها
الخطوة الثانية: هو العمل على رفع مستواها العلمي والتربوي
وهذه مهمة أيضا للزوجة فكثير من الرجال يتزوج الفتاة ولا يريد أن يضيف لها شيئا مما يجب أن يضيقه وهو يريدها جاهزة من عند أهلها فلا يتقبل منها أي هفوة أو خطأ فقبل أن يقف لها على هفواتها يجب أن يعمل على تعليمها وتثقيفها بالإضافة إلى أنها ستكون أما وأي مهنة أخطر من هذه المهنة.
فكثير من الرجال لا يجلس مع زوجته ليعلمها مع أن النبي - عليه السلام - قال"خيركم خيركم لأهله"وليس هذا في الخدمة والتعاون في المنزل فقط بل أيضا برفع المستوى الإيماني والعلمي والفكري للزوجة
الخطوة الثالثة: معاملتها المعاملة التي تشعر فيها بالود والرحمة الذي وصف الله بها الزواج في الإسلام حين قال"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"الروم(21) وهذه أقصر الطرق للإصلاح ولا يخفى على المحسن أثر الإحسان في نفوس الناس
الخطوة الرابعة: إشعارها بكرامتها أمام أهلها وأهل الزوج خاصة ولهذا أثره العميق في نفسها مما يجعلها أكثر تقبلا للتغير نحو الأحسن والأفضل
والله ولي التوفيق
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/330)
نصائح... كيف تكسبين حماتك؟
الشيخ مازن الفريح
10 نصائح... كيف تكسبين حماتك؟
لم تألو جهداً الأفلام العربية في تشويه صورة العلاقة بين أم الزوج وزوجة ابنها حتى انطبع في نفوس الكثيرات الكراهية والنفور من الحماة نظراً للخلفية الوهمية المغلوطة التي رسمتها وسائل الإعلام.
1. حث الزوج على بر والديه عموماً ووالدته خصوصاً وذلك بتشجيعه على زيارتهما وحسن صحبتهما.
2. معاملة الحماة معاملة الأم، لاسيما في حالة خطأها في حقها، فتعاملها كما تعامل أمها إذا أخطأت عليها.
3. لا تحدثي زوجك بكل ما تقوله أمه أو ما يقع منها من أخطاء. لأن ذلك إما أن يوغر صدره على أمه فتكونين سبباً في العقوق والهجران أو أن يدافع عن أمه فيكذبك أو يخطئك.. وكلا الأمرين مرّ..
4. لا تقارني بين معاملة زوجك لأمه ومعاملته لك، فإن لكل مقام مقال ولكل درجته ومنزلته. فذلك أحفظ لقلبك وأسكن من أن تثور فيه نار الغيرة والحسد.
5. علّمي أولادك احترام جدّتهم, و توقيرها وعدم إيذائها في لعبهم ولهوهم.
6. الهدية إليها بين الحين والآخر وتحسن معاملتها وتتلطف معها.
7. مساعدتها فيما تحتاج إليه في شؤونها الخاصة أو العامة وعدم التعامل معها وكأنها ضيفة لا علاقة لك بها إلا بالأحاديث المقتضبة التي تخرجينها من فمك وكأنك مكرهة على الحديث معها.
8. أشعريها بأنك بمثابة بناتها بل أقرب وأرحم وأبر.
9. استشيريها في بعض ما تريدين القيام به من أمور بيتك، وأخبريها عن بعض أخبارك وشؤونك، تشعر بمنزلتها، وتحس بمقامها عندك.
10. الدعاء لها بين يديها وفي ظهر الغيب، وسؤال الله - تعالى - بأن يجعلها من الصالحات وأن يمد في عمرها في طاعته وبمثل هذه الدعوات.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/331)
ربات البيوت وثروة الوقت
إنما الدنيا ساعة:
يمثل الوقت بالنسبة لنا ثروةً كبيرةً وهي ثروة وُزَّعت بين الناس بالتساوي.. كل الناس.. الكبير والصغير، الغني والفقير، الصحيح والمريض، الكل متساوٍ، والسابق من استثمر وقته، ونظَّمَ شئون حياته؛ لذا تَوَقَّفي أختاه عن تضييع الوقت وابدأي بإدارته واستثماره؛ وسيكون ذلك- بلا شك- أفضل استثمار قُمْتِ به لنفسِكِ، وصدقيني ستكون النتائج مدهشة.
وأسألكِ أختاه.. هل تعرفين أحدًا كان نصيبُه في اليوم 23 ساعة؟! أو كان نصيبه 25 ساعة؟! الكل متساوٍ، والسابق من استثمر وقته، ونظم شئون حياته.
قيمة الوقت في حياة الأخت المسلمة:
إذا كنتِ في حياتِكِ العملية تعملين في مؤسسة تعطيكِ راتبًا شهريًّا قدره 500 دولار عن أجر عمل يوازي 8 ساعات يوميًّا، وكنتِ تضيعين ساعتين من وقتك يوميًّا بلا فائدة.. فإن ذلك يعني أنك تخسرين 125 دولارًا شهريًّا أي 1500 دولار سنويًّا، أي أنه كل عشر سنوات من عمركِ تخسرين 15 ألف دولار.. هذه ليست ورقة (يانصيب) تخسرينها في مغامرة، بل هي حياتكِ ووقتكِ تخسرينهما بلا مقابل أو مكسب.
وفِّري ساعة أسبوعيًّا ونظِّمي بيتَكِ:
على عكس الطاقة والمال والمهارة، لا يعود الوقت ولا يمكن إيجاده مرةً ثانية؛ فعندما يذهب الوقت يذهب إلى غير رجعة؛ ولهذا السبب فإنه أكثر السلع المستخدمة في الأعمال شيوعًا وربما أكثرها قيمة، ومع هذا- ولسبب ما- كثيرًا ما يعامَل الوقت وكأنه لا قيمة له أبدًا؛ ولهذا فإنني أدعوكِ إلى الاستماع إلى نصيحة (الساعة الأسبوعية) التي توفِّرين بها وقتك وتنظمين بيتك، وهيا معي نستعرض ماذا تستطيعين أن تقدميه لبيتكِ في ساعة.
تجولي معي داخل البيت هل لاحظتِ وجودَ بعض الأشياء العديمة الفائدة أو الزائدة عن الحاجة، وغالبًا ما تكون قد بدأت تتعرض للتلف؟! فكِّري في أسلوب جديد للانتفاع بها، كما يلي:
1- أواني بلاستيكية مستعملة وعلب فارغة.. فكِّري معي.. لِمَ لا تَقُومين بتجميلها وتجعلينها أحواضًا للزهور أو مستودَعًا للأشياء الصغيرة، مثل المسامير وغيرها.
2- لديكِ مفكِّرات وكراسات قديمة وبها ورق أبيض فارغ.. ما رأيكِ في أن تقطِّعيه قطعًا متساويةً وتستخدميه كورق مكتب.. فكم من مرة تبحثين عن ورقة تكتبين عليها ملاحظةً ولا تجدين!!
3- ملابسكِ القديمة.. قُومي بفَرْزِها، وسوف تجدين بعضها قد ضاق عليك، اغسليها وقومي بِكَيِّها وتصدَّقي بها؛ إن الكثيرين سوف يَسْعَدون بها- رغم أنها قديمة- لأنهم بحاجة إليها، فلا تحرمي نفسكِ من الأجر أبدًا.
4- الملابس التي لا تصلح للاستعمال، قومي بقَصِّها بطريقة منتظمة، واستعملي النوع الجيِّد من القُماش فيها كقواعد للأطباق والأكواب، والنوع العادي كقطع قماش للمطبخ.
5- الأحذية.. احتفظي دائمًا بأسفنجة التلميع ووسائله.. انظري إلى القديم منها وأصلحيه إذا كان يحتاج إصلاحًا.. إن لم تستعمليه أعطيه لمن تستحقه.. قومي بعمل"رفٍّ"للأحذية بالقُرب من باب البيت يرتفع عن الأرض20 سم؛ ليسهل عليكِ تناول الحذاء ويُبْعِد أَتْرِبَتَه عن الأرض
6- الجوارب.. انظري إلى الجوارب التي لديكِ.. ما الذي يحتاج حياكة، وما الذي انتهى عمره، هل تريدين شراء عدد جديد منهم، اكتبي ذلك في خطتك الأسبوعية.
7- الملابس الصيفية والشتوية.. قومي بتخزين ما لا يناسب الموسم بطريقة جيدة تحفظها من (الأَرَضَة) وتكون سهلة التنظيم، وأَعِدّي قائمةً بالملابس التي قُمتِ بتخزينها؛ حتى تستطيعي في الموسم الجديد أن تحددي ما الذي يحتاج إلى شراء..
8- الفحص الدوري للسباكة والكهرباء.. يجب أن يكون لكِ فحصٌ دوريٌّ للسباكة والكهرباء في بيتكِ، لا تهملي في إحضار المختص، فإن العمل الذي يكلفُكِ دولارًا اليوم من الممكن أن يكفَك مائةً إذا أُهْمِل.
9- احتفظي بملفات في بيتكِ في مكان واحد سهل الوصول إليه، لا تهملي في أوراقك، وإذا كنتِ تملكين ماسحةً ضوئيةً موصولةً بجهاز حاسوب فقومي بعمل نسخةٍ من كل الملفات على الحاسوب بطريقةٍ منتظمة تمكنك من الحصول على نسخة مما تحتاجين إليه منها في أي وقت، دون أن تَمَسَّ الأصل، وإليكِ أمثلة على الملفات التي من الممكن أن تحتفظي بها:
- ملف لكل فرد بالأسرة: به شهاداته وصوره، وصور شهادات الميلاد، والبطاقة الشخصية، وجواز السفر، ورقم التأمين، ونسخة من السيرة الذاتية، والشهادات الصحية وكل الأوراق التي تخص كل فرد.
- ملف للسيارة: به على سبيل المثال عقد الشراء، صورة من الرخصة، تاريخ الصيانة، ومواعيد الفحص الدوري، وموعد تجديد الرخصة.. إلخ.
- ملف مالي.. به الموقف الضريبي، وفواتير الكهرباء والمياه والهاتف والجوال وبطاقة الائتمان.
- ملف للأجهزة الكهربائية بالبيت، به الفاتورة، وعقد الصيانة والضمان، ويمكنك استخدام برنامج (مايكروسوفت إكسل) لعمل قاعدة بيانات عن كل الأجهزة المستخدمة في بيتك بسهولة جدًّا.
- هاتف المنزل.. اجمعي أرقام الهاتف التي تستخدمينها في مفكرة واحدة، وضعيها بجوار الهاتف دائمًا، ولا تنقليها من مكانها بجوار الهاتف لأي سبب، وإذا كان هاتفك يشتمل على ذاكرة تليفون فلماذا لا تستخدمينها، فإن ذلك يوفر عليك وقت البحث والطلب.
والآن.. هل تعلمين أهمية هذه الساعة.. أعتقد أنك ستعيدي التفكير مثلما فعلتُ أنا في أول مرة قمت فيها بتنظيم بيتي، مستخدمةً أوقاتَ فراغي.. لقد أعدتُ التفكير مرةً ثانيةً في كل دقيقة أُنْفِقُها في غير فائدة، وقرَّرْت أن يكون تنظيمُ بيتي هو البداية الصحيحة لاستثمار وقتي، وبعد ذلك مشاريع كثيرة في حياتي سوف أنجزها من خلال استثمار ساعة أسبوعيًّا لتنظيم شئون حياتي.
قال علي - رضي الله عنه -:"من أمضى يومًا من عمره في غير حَقٍّ قضاه أو فَرْض أدَّاه أو مجد أَثَّله- ورَّثَه - أو حَمْدٍ حَصَّله أو خير أسَّسَه أو علم اقتبَسَه فقد عَقَّ يومَه وظَلَم نَفْسَه".
http://www.ala7rar.netالمصدر:
-
تأملات في مظاهر العفة
عقيل بن سالم الشمري
هذه تأملات في مظاهر العفة التي وردت في قصة المرأتين مع موسى - عليه السلام - أذكرها على ما يلي:
1 ـ أن المرأتين وقفتا بعيداً عن الرجال، ولذلك قال الله:"وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ"(القصص: من الآية23).
2 ـ أنهما حرصتا كل الحرص على قطع أي سبب يؤدي لاختلاطهما بالرجال، ولذلك كانتا"تَذُودَانِ"غنمهما؛ لئلا تختلط بغنم القوم.
3 ـ من مظاهر العفة كذلك، اختصارهما الكلام وعدم تطويله مع الرجل الأجنبي موسى - عليه السلام - حيث قالتا:"لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ"(القصص: من الآية23)، بدون أخذ وعطاء، وزيادة ورد.
4 ـ من عفتهما عدم فتحهما الحوار مع موسى - عليه السلام -؛ لأنه أجنبي عنهما، حيث جمعتا في كلامهما الجواب على جميع الأسئلة المحتملة، فكان الأصل أن موسى - عليه السلام - يسأل هذه الأسئلة:
س1: لماذا تذودان غنمكما؟
س2: لماذا لا تسقيان؟
س3: إذن متى تسقيان؟
س4: أليس عندكما ولي رجل؟
س5: إذن لماذا لا يأتي ويسقي لكما؟
ولأجل ذلك سيطول الكلام بين المرأتين والرجل الأجنبي، فجمعتا في كلامهما الإجابة على جميع الأسئلة المحتملة، بجملة واحدة مختصرة عفيفة.
5 ـ عفة موسى - عليه السلام - أكمل من عفتهما، فإذا كانت عفة المرأتين تمثلت في جملة واحدة، فإن عفة موسى تمثلت في كلمة واحدة"ما خطبكما؟"ثم لم يذكر الله عنه بعد ذلك مع المرأتين ولا كلمة واحدة إلى أن تم لقاءه بأبيهما ففتح الكلام على مصراعيه"وقص عليه القصص".
6 ـ عفة موسى - عليه السلام - كذلك ظهرت في قيامه بالسقي لهما بدون سؤال:
هل تريدان ذلك أم لا؟
فالوضع وظاهر الحال لا يحتاج إلى سؤال، ثم السؤال يحتاج إلى كلام وجواب، وهذا مالا يريده موسى - عليه السلام -، فقام وسقى لهما.
7 ـ كذلك أنه لما سقى لهما توجه مباشرة إلى الظل، ولم ينتظر شكراً منهما، وهذه فرصة لمرضى القلوب أن يزداد مرضهم،وتبادلوا أطراف الحديث، وكلمات الشكر والعرفان، فقد صنع لهن معروفاً وبدون طلب منهما، ووقف معهن، وسقى لهن.
8 ـ حرص المرأتين على عدم الاختلاط بالرجال، مع وجود المبررات التي نسمعها اليوم، مثل:
أ ـ حاجتهما إلى الخروج.
ب ـ عدم وجود رجل ذكر قادر يخرج معهن.
ج ـ الناس عند البئر كثير، فلا خلوة.
د ـ ظروف الحياة.
هـ ـ سيؤدي انتظارهما إلى تأخرهما.
والغريب أنه ومع كل هذه الأسباب إلا أنهما لم تختلطا بالرجال، فكيف ببعض الظروف اليوم التي هي أقل من ذلك بكثير؟ لكنها العفة.
9 ـ من عفة المرأتين تقديمهما النفي في كلامهما، فقالتا:"لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ"، ولم تقدما الإثبات، فلم تقولا:"سنسقي بعد قليل"، وتقديم النفي أبلغ في الجزم، وأن الأمر لا يقبل النقاش.
10 ـ من عفة المرأتين أنهما جعلتا غاية وقوفهما وعدم اختلاطهما بالرجال صدور الرعاء، وليس أن تخف الزحمة فحسب أو يقل الرعاء.
11 ـ من عفة المرأتين أن التي أتت موسى - عليه السلام - اختصرت الكلام معه مرة ثانية فعرفت الأسئلة التي يتضح أن موسى - عليه السلام - سيسألها إياها، فأعدت الجواب مباشرة حتى لا ينفتح الحوار للمرة الثانية.
فشيء بدهي أن موسى - عليه السلام - وبعد رجوع المرأة سيسأل:
أ ـ ما الذي أتى بك؟
ب ـ من أرسلك؟
ج ـ ماذا يريد؟
فأعدت جواباً يقطع جميع الأسئلة، فقالت:"إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا"(القصص: من الآية25).
فشملت هذه الجملة جواب جميع الأسئلة السابقة.
12 ـ من مظاهر العفة في هذه القصة مشي إحدى المرأتين بحد ذاته فقد خلا تماماً عن:
أ ـ تسكع.
ب ـ تبرج.
ج ـ تبختر.
د ـ تكسر وتثني.
هـ ـ التفات.
و ـ إغراء.
فجمع الله هذه الأشياء بقوله:"استحياء".
لفظ"استحياء"يختلف عن لفظ"حياء"؛ لأنه يحتوي على معنى الحياء وزيادة كما تقتضيه زيادة الألف والسين والتاء في لغة العرب.
13 ـ أنه لما طلب أبوهما أن يحضر موسى - عليه السلام -، لم تخرجا جميعاً كما خرجتا في السقي؛ لأن الحاجة لا تستدعي ذلك، وهذا هو تقدير الضرورة بقدرها، فسبحان الله مع العفة فقه.
14 ـ أن التي أتت موسى - عليه السلام - لم تنسب لنفسها الكلام، فقالت:"إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ"، ولم تأت بلفظ يحتمل معان، أو فيه تعريض بنفسها.
15 ـ أن جلوسهما خلف الرجال، وعدم اختلاطهما لم يكن في أوقات دون أخرى، بل ذلك عادة مستمرة لهما، ولذلك قالتا:"لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ"يعني هذه عادة لنا في الماضي، ونستمر عليها في المستقبل، كما يقتضيه دلالة الفعل المضارع"نَسْقِي".
16 ـ أنهما لم يصرحا بموسى، بل أشارتا إليه كل ذلك حياء، فقالت إحداهما:"إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"(القصص: من الآية26).
ولم تقل: إنه قوي أمين فعل كذا وكذا، بل جاءت بصفات الأجير الناجح، وهو من جمع بين"القوة والأمانة".
ولا عجب فمع العفة في عدم المخالطة واختصار الكلام، هناك حياء حتى في الألفاظ، والعناية بها.
17 ـ قال عمر - رضي الله عنه -:"جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع من النساء ولاجة خراجة"قال ابن كثير:"إسناده صحيح".
18 ـ قيل في سبب قول المرأتين عن موسى:"الأمين":
لأنه قال لهما وهما آتيتان إلى أبيهما:"كونا ورائي فإذا اختلفت علي الطريق فاحذفا لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق".
فأي عفة فوق هذه العفة التي تمنع حتى إرشاده إذا ضل الطريق باللسان، فصلى الله عليه وعلى رسولنا الكريم.
19 ـ لما كان موسى مع المرأتين في البداية، ثم مع إحداهما بعد ذلك كانت كلماته مختصرة جداً، فلما التقى الرجل بالرجل، موسى بأبيهما، لم يقتصر على جملة واحدة أو قصة، بل"وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ"(القصص: من الآية25).
والله أعلم وأحكم، وصلى الله عليه وسلم .
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/332)
زوجتي تكذب
لاشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة، وان الكذاب ممقوت من الله والناس، وآفة الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة، يصعب التخلص منها، وإلى هذا يشير الحديث الشريف:"إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً"(صحيح الجامع برقم 1665).
كما أن الكذب يؤدي إلى فقدان الثقة في الشخص الكذاب حتى وإن كان ما يقوله صدقاً. وتزييف الحقيقة أو إخفاء بعضها يعد كذباً، فالمرأة التي تذكر الشيء على غير حقيقته، أو تخفي شيئاً مهماً قد يؤثر في فهم الموضوع، هي بذلك تكذب. والزوجة التي تكذب على زوجها تدفعه لفقدان الثقة في أقوالها عامة.
ولكن: لماذا تلجأ الزوجة إلى الكذب؟! يرجع بعض الخبراء ذلك إلى عدة أسباب، منها:
* التنشئة غير السوية للمرأة في بيت أبيها، فقد تقلد سلوك الأم ـ غير الصادق ـ مع الأب، وهذا يدعونا إلى الرجوع إلى القول بحسن الاختيار وعدم التسرع في ذلك.
* كذب الزوج نفسه، أو خلفه لوعده، أو عصبيته الزائدة وتهوره في معالجة الأخطاء الصادرة عن الزوجة.فنحن أحياناً ندفع زوجاتنا للكذب، فالزوج الذي يقلل من قيمة كل شيء تشتريه الزوجة ويبخس ثمنه، أو يوهمها بأنها قد خُدعت في شرائه، كثيراً ما يضطر هذا الزوج زوجته إلى الكذب عليه وإخفاء الحقيقة؛ حتى لا تسمع سخريته أو تتجنب تهكماته، كذلك الزوج الذي يتعمد سؤال زوجته بعض الأسئلة المحرجة بالنسبة لها، فهو يدفعها دفعاً نحو الكذب عليه وإخفاء الحقيقة، والزوج الذكي هو الذي لا يضطر زوجته للكذب، وهو الذي يستطيع أن يتعرف على مدى صدق زوجته، وعلى المواطن التي لا ينبغي الاقتراب منها، وهي تختلف من امرأة لأخرى حسب اهتمامات كل واحد.
خطوات نحو العلاج:
الكذب يمكن أن يعالج في جو من الحب والتفاهم وتوافر الثقة والمصارحة بين الزوجين، وعدم أخذ الموضوع بحساسية، بل على الزوج أن يتغاضى عن الهفوات، فالمرأة بطبعها ضعيفة، وقد تتخذ من الكذب في بعض الأحيان وسيلة دفاعية لدرء ما تخاف حدوثه من مشكلات، فقد تكذب في مواطن كثيرة ولا تعتبر ما تفعله كذباً، ولكن تعده درءاً للحسد ـ مثلاً ـ، مع أن كل من حولها يدركون تماماً حقيقته ويعرفون أنه كذب، وبخاصة فيما يخص الأولاد وأكلهم وشربهم.. إنها طبيعة في كل النساء!
فعلى الزوج أن يُفهّم زوجته برفق أن الكذب لا يجوز، وأنه قد يصنع جواً من عدم الثقة بينهما، وأنه من الأفضل أن تصارحه مهما كانت الظروف، وعليه أن يتفاهم معها، ويصلا إلى حل وسط لما يختلفان بشأنه، فالإقناع والحب هما أفضل وسائل العلاج، وكذلك القدوة الصالحة وضرب المثل الطيب في الصدق.
ومما ينبغي أن يعلمه كلا الزوجين: أن الكذب لا يرخص إلا في ثلاث، وفقاً لحديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، قالت: ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث:"الرجل يقول القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها"(البخاري مع الفتح 5/299).
والكذب في حديث الزوجين: كأن يمتدح الزوج زوجته ويذكر من حسنها وجمالها ولطفها ورقتها وعذوبتها - وقد تكون على غير ذلك - فيكسب قلبها ويليّن خلقها، ويزيد مساحة الود والتفاهم بينهما، ويسمي ذلك مجاملة، وهي مطلوبة، فكثيراً ما نحب أن نسمع كلمات المديح والثناء ممن نحبهم، فنشعر عندها بالرضا والثقة في النفس.
كذلك فإن الزوجة التي تمدح زوجها وتذكر من حسن خلقه وسعة صدره وإخلاصه وحسن رعايته لبيته وأولاده، تكسب وده وتشعره برضاها عن عيشتها معه، فتملأ قلبه بالحب لها والتقدير والاحترام، ويكون ذلك درءاً لكثير من المشكلات.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/333)
ميراث المرأة..أحكام ثابتة وتأويلات متغيرة
د. رقية طه جابر العلواني
ازداد الحديث في الآونة الأخيرة عن قضايا المرأة وما يتعلق بها من أحكام، وخاصة فيما يتعلق بميراثها وتنصيفه في الشريعة الإسلامية. وقد تمّ طرح وتناول تلك القضية وغيرها من باب الطعن في موقف الإسلام من المرأة وهضمه لحقوقها، وإهانته لإنسانيتها وكرامتها بزعمهم. وراحت تلك الكتابات تحاول إضفاء سمة الظلم والانتقاص الواقع على المرأة المسلمة من جراء تمسكها بتعاليم الشرع التي لم تفتأ تنصف حقوقها في الميراث والشهادة. ومنذ ما يزيد على قرن من الزمن والأدبيات المهتمة بقضايا وشؤون المرأة تدور في فلك الدفاع عنها تارة، والمقارنة والمقاربة مع الفكر الغربي تارة أخرى. وقضية ميراث المرأة على الرغم من مجيء أحكامها في سياق نصوص قرآنية قطعية، إلا أن التعرض لها بالتأويل والفهم لا يزال مُشْرعاً منفتحاً، وعلى هذا جاء العديد من التأويلات في هذه المسألة. بِيد أن العديد من تلك المحاولات التأويلية تأثرت بطبيعة الظرفية الفكرية والاجتماعية السائدة في عصرها، تأثراً حدا بها في بعض الأحيان إلى تجاوز الحكم الثابت بالنص القرآني.
وفي سبيل التوصل إلى إدراك هذه التأويلات وطبيعتها فلا بد من النظر في الخلفية الكامنة وراء ظهورها، ومحاولة التوصل إلى ظرفيتها التاريخية والفكرية.
فالعرب في الجاهلية (على سبيل المثال) حرموا الأطفال والنساء من الميراث؛ وذلك لعدم قدرتهم على تحمل مسؤولية الذب والدفاع عن القبيلة. فالميراث عندهم نظام مرتبط بالحماية والدفاع عن الأسرة الكبيرة ـ القبيلة ـ أكثر من تعلقه بالقرابة والنسب ونحوها من علاقات اجتماعية. وكان أمراً مفهوماًِ له ما يسوغه عندهم تماماً؛ فالمرأة بحاجة إلى حماية وصيانة خاصة في ذلك المجتمع المشحون بالاعتداءات والحروب والغارات، والرجل هو القادر على القيام بذلك الدور؛ فإعطاء الميراث للرجل دونها أمر مستساغ وله أسبابه.
وقد استمر العمل بنظام الميراث السائد بين العرب في صدر الإسلام على أساس أن الأحكام التشريعية كانت تتنزل بصورة تدريجية إلى أن نزلت آيات المواريث التي ألغت تلك القوانين الجائرة التي سار عليها العرب ردحاً من الزمن.
وخلافاً لغالب التنظيمات الأخرى في الإسلام؛ فقد جاء تنظيم الميراث بتفصيل دقيق لكل الأنصبة ومستحقيها وأوجه استحقاقها لحسم كل أسباب النزاع الذي يمكن أن يتولد بين الأقارب من جراء توزيع الأنصبة بينهم. وما ذلك إلا للحفاظ على المقصد الأساسي الذي قام عليه في الأصل نظام الميراث، ألا وهو صيانة آصرة القرابة وروابطها من أي تصدع أو تفكك.
وتدرج الإسلام في أحكام المواريث نظراً لظهوره في بيئة جاهلية تمكنت منها قوانين بالية مجحفة تقوم على هضم حقوق الضعفاء والأطفال والنساء. فبدأ الإسلام أول ما بدأ بتقرير حق توريث تلك الفئات المستضعفة وإثبات أحقيتها في الميراث سواء أكان كثيراً أو قليلاً. قال - تعالى - : {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ والأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [النساء: 7].
ولم يلق ذلك التغيير استحساناً أو قبولاً من قِبَل عدد من الناس الذين درجوا على تلك العادة من حرمان النساء من الميراث. ولكن الإسلام جاء ليبطل بأحكامه وتشريعاته العادلة عادات الجاهلية وما حملته من الأمم السابقة وتعسفها إزاء المرأة، كما أتى على كل الأعراف المناقضة لمقاصد تعاليمه وشريعته القائمة على العدالة.
فالإسلام أعطى للنساء والصبيان نصيباً مفروضاً، ولكنه جعل للذَّكَر مثل حظ الأنثيين؛ فالمرأة لا تحصل على نصف نصيب الرجل إلا إذا كانا متساويين في الدرجة والسبب الذي يتصل به كل منهما إلى الميت.
فالابن والبنت... والأخ والأخت، يكون نصيب الرجل هنا ضعف نصيب المرأة. جاء في القرآن الكريم: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11].
وقال - تعالى - : {وَإن كَانُوا إخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176].
ورأى العلماء آنذاك الحكمة السامية في تنصيف نصيب المرأة في الميراث في حالة في الميراث؛ وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة وتحمل غرامات ونفقات وغير ذلك. فالرجل تقع على كاهله إعالة الأسرة بما فيها البنات، فكان ذلك متمشياً تماماً مع تلك المسؤولية والعبء المالي المناط على عاتق الرجل.
وعلى هذا النهج القويم فهم العلماء السابقون تلك النصوص الواردة حول ميراث المرأة، وأجروها على ظواهرها الواضحة، ولم يكن لهم فيها إلا ما ظهر من محاولات بعضهم في تعليل الحكم على النحو المذكور آنفاً. فالأحكام الشرعية المنصوص عليها في قضية ميراث المرأة لا تخرج عن نطاق النصوص القطعية الثبوت والدلالة، وهي على هذا الأساس غير خاضعة ولا قابلة لتأويل جديد أو فهم آخر بعيد.
إلا أن أمر تأويل النصوص المتعلقة بميراث المرأة، بدأ يتخذ أبعاداً جديدة تختلف عما كان عليه الأمر في تلك العصور الخيّرة؛ فقد تسلل العديد من الأعراف المناقضة لتعاليم الشرع إلى المجتمعات المسلمة المختلفة شيئاً فشيئاً حتى تمكنت من إطلاق القول بالدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات.
وظهرت آثار تلك الأعراف واضحة جلية في فكر العديد من الكتّاب المعاصرين ممن رأوا في نصوص الميراث مناهضة صريحة لما بات يسري في مجتمعاتهم من دعاوى المساواة المطلقة بين المرأة والرجل.
والمتأمل في طبيعة الظروف الاجتماعية والتاريخية التي صاحبت تلك الدعاوى، يلحظ حجم المداخلات المفروضة من قِبَل بعض المستشرقين الذين طرحوا مسألة تنصيف ميراث المرأة، على اعتبارها نوعاً من التمييز والتفرقة بين الرجل والمرأة، ودليلاً واضحاً على إهدار الإسلام لكرامتها وآدميتها، وسلباً لحقوقها المشروعة. وقد جوبهت تلك الأفكار بعدد من النصوص القرآنية القاضية بتنصيف ميراث المرأة، مما حدا ذلك للجوء إلى محاولات جديدة لتأويل تلك النصوص، ومن ثمّ الخروج بمفهوم جديد لميراث المرأة يتلاءم مع ما يسود في العصر من دعاوى وأفكار.
فذهب بعضهم أول ما ذهب إلى أن النصوص المتعلقة بميراث المرأة قد نزلت في بيئة جاهلية هضمت حق المرأة في الميراث، ولم تعرف لها نصيباً مطلقاً، فكان لا بد من التدرج في شرع ميراث المرأة وفرضه على تلك البيئة الجاهلية، فنزلت الآية القرآنية مقررة حق التنصيف كمرحلة أولية لها ما بعدها، وعلى المجتمعات المتلاحقة مراعاة ذلك أي القيام بتشريع يتوافق مع المجتمعات وتطورها.
وانتشر هذا الرأي في بدايته بين عدد من المستشرقين الغربيين الذين رأوا في الشريعة الإسلامية مجرد حالة متطورة للقانون الجاهلي السائد بين العرب آنذاك.
فالشريعة في نظرهم قانون مركب على القوانين العرفية السائدة من جهة، وعلى بعض التعديلات من جهة أخرى وإخراجها في صيغة قانون متماسك متوافق.
فالشريعة الإسلامية ـ خاصة فيما يتعلق بتنظيمات الأسرة والمواريث ـ استمدت أحكامها ـ في نظرهم ـ من النظام القبلي والأعراف الجاهلية على الرغم من أن العرب في الجاهلية لم يورثوا النساء شيئاً، وكان التوريث قائماً على أساس المقدرة على نصرة القبيلة والدفاع عنها وحمايتها.
ومن مشاهير المستشرقين الذين تبنوا هذا الاتجاه: اجنتس جولد تسيهر، وولفرد كانتويل سميث، وذهب الأخير إلى أن الإسلام مرّ بمراحل عديدة من التطور العقائدي والتشريعي، وعلى هذا فأحكام الإسلام لا بد من تغييرها وفق تغير الزمان والظروف.
فالدين في نظر هؤلاء تراكم لعناصر ثقافية متوارثة عن الأمم والشعوب عبر التاريخ؛ بمعنى أن الدين تاريخ يقع في إطاره وليس بخارج عنه. وهكذا سوّى أصحاب هذا الاتجاه بين الدين والفكر الديني مما ساق في نظرهم إلى النظر إلى الأحكام الشرعية الثابتة بالوحي على أنها ذات قيمة تاريخية نسبية تخضع لسنة التغير والتطور.
ولم يميز هؤلاء بين الشريعة الصادرة عن دين صحيح سماوي مصدره الوحي الإلهي، التي لا يمكن أن تخضع في أساسياتها وأصولها للتطور والتبدل والتغيير بحكم مرجعيتها الإلهية المعصومة، وبين الفروع والجزئيات التابعة لحياة الناس في المجتمعات المختلفة القابلة بطبيعتها للتغيير والتعديل والتطور وفق احتياجات الناس وأحوالهم.
والقول بإمكانية وقوع التطوير في أساسيات الشريعة وأبجدياتها يستلزم وجود نقص أو خلل فيها في هذا الوقت مثلاً؛ وهذا بطبيعة الحال ينافي ذاتيتها وحقيقتها.
فالشريعة لم يكن مصدرها البشر الذين يصدق عليهم القول بالنسيان أو الجهل والإغفال لجانب دون آخر. وهذه حقيقة معروفة عن الشريعة الإسلامية المغايرة في جوهرها لكل القوانين الوضعية. فالشريعة الإسلامية بخلاف كل الأنظمةِ القانونيةِ العلمانيةِ التي نَمت خارج المجتمعِ وتغييراتِه وظروفه؛ فقد فُرِضت الشريعة على المجتمعِ من الإرادة العليا. وعلى هذا ففي علم التشريعِ الإسلاميِ لا يتدخل المجتمع ليصمم القانون وسيره، بل القانون هو الذي يتحكم في سيرورة المجتمع والسيطرة عليه. وظهر من يتبنى هذا الاتجاه في بعض المجتمعات المسلمة، وراحوا يروِّجون للقول بوجوب المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وأنها الحالة المثلى التي ينبغي أن تسير عليها المجتمعات المسلمة بعد سريان رياح التطور إليها والتقدم.
فالتشريعات الخاصة بالتنصيف لا ينبغي أن تُفهم (في نظرهم) إلا في إطارها التاريخي ضمن الأعراف القبلية في الجزيرة العربية في إطار مجتمع كانت السيادة فيه والسيطرة للرجل، وكان منهج السلوك فيه هو استنباط الأحكام من النصوص. وكان مجتمع سلطة وليس مجتمع تحرر، مجتمع ضبط اجتماعي وليس مجتمع حراك اجتماعي.
ولنا أن نتساءل: هل منهج السلوك في المجتمع ـ المتغير بطبيعته ـ هو الذي تستنبط منه الأحكام، أم أن الأحكام تستنبط من نصوص ثابتة مفارقة للزمان والمكان، حاكمة على الأعراف والظروف المتغيرة؟
فأحكام الشريعة الثابتة المبنية على النصوص الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة المنزلة على البشر من خارج مجتمعاتهم، ليست بنصوص تاريخية، وهذا بخلاف الأعراف والظروف السائدة في المجتمعات والخاضعة بطبيعتها للتاريخية والتغير. إن أحكام الميراث وتحديد الأنصبة من القضايا الثابتة بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لا تخضع بحال لتقلبات الظروف والزمان والمكان، بل هي من المسائل التي نادراً ما تناولتها الشريعة بالتفصيل حسماً لمادة الخلاف المتوقع في مثل تلك الحالات، وحفاظاً على البنية الاجتماعية والأسرية، وتأكيداً على عدم إخضاعها لتقلبات الزمان والمكان والظروف.
وعليه فلم يكن لاجتهادات العلماء السابقين فيها نصيب؛ فتأويل السابقين ـ رحمهم الله ـ لا يُنسب إلى أحكام وردت بها نصوص القرآن الكريم والسنة، بل ينسب إلى فقههم واجتهاداتهم - رحمهم الله -.
لقد أثرت الظروف الاجتماعية السائدة الدائرة حول فكرة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في كثير من المجتمعات المسلمة، على طريقة فهم وتأويل عدد من الكتّاب للنصوص القطعية الواردة في الميراث.
وبناءً على هذا التأثر تمّ النظر إلى العديد من الآيات القرآنية الكريمة على أنها مؤسسة لفكرة التفرقة بين الرجل والمرأة. لقد لجأ أصحاب هذا الاتجاه إلى القول بأن تلك النصوص بما حوته من مبادئ قانونية كانت ضمن سياق ثقافي واقتصادي اجتماعي محدد. أما وقد تغير ذلك السياق وتلك الظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فالنصوص لم تعد مدعاة لشرعية التفرقة والتمييز بين الرجل والمرأة مطلقاً.
ومما ساهم في انتشار تلك الدعاوى والأعراف البعيدة عن مقاصد الشرع حالة الضعف الذي منيت به المجتمعات المسلمة في ذاك الوقت؛ فمن المسَلّم به في علم الاجتماع أن المجتمعات في فترات ضعفها وانحلالها تتسرب إليها عادات وتقاليد العناصر الغالبة فيها، والمغلوب مولع بتقليد الغالب.
فالدعوة إلى تأويل نصوص ميراث المرأة من جديد، جاءت بتأثر واضح لما ساد في العصر من القول بالتطور والدعوة إلى المساواة. وعلى هذا ذهب بعضهم إلى القول بتاريخية النصوص القرآنية. ولا يخفى أثر القول بتاريخية النصوص القرآنية الكريمة ودورها في إلغاء الشرائع والأحكام الثابتة التي جاءت تلك التعاليم والنصوص بها.
وتظهر خطورة ذلك الاتجاه وأثره عند محاولة تقدبم تأويل يلغي الحكم الثابت بالنص القرآني ليُحِل محله حكماً جديداً، على اعتبار أن حكم التنصيف قد ارتهن بالشروط الاجتماعية والتاريخية السالفة.
فالقول بأن أحكام القرآن الكريم جاءت لمجتمع له أسسه وروابطه قول يحكم على الإسلام بإقليميته، ويقوض عالمية رسالته وصلاحيتها لكل زمان ومكان، ويعتبر أحكامه الثابتة بالنصوص صدى لقيم ومثل عليا مرتبطة بظروف تاريخية تجاوزها الزمن.
فاللجوء إلى تأويلات أبعد ما تكون عن روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها في سبيل إلغاء الأحكام الشرعية القاضية بالتنصيف من خلال إخضاع النصوص لأعراف المساواة والحرية والتطور المنتشرة في مجتمعاتهم، أمر لا تخفى خطورته في تقويض حاكمية النصوص القرآنية وليّ أعناقها، وإخضاعها لتأويلات مسبقة ودعاوى بعيدة كل البعد عن الشريعة ومقاصدها.
إن فسح المجال لأمثال تلك التأويلات والأفهام يمكن أن يسوق إلى القول بتاريخية النصوص القرآنية ومن ثمّ إبطالها وإلغاؤها بناءً على انتهاء سياقها التاريخي الذي ظهرت فيه. فالدعاوى والأعراف والظروف الاجتماعية والتاريخية ينبغي لها أن تخضع للنصوص الشرعية التي سَمْتُها الثبات وعدم التغير، بل ينبغي لها أن تحتكم لتلك النصوص وليس العكس.
وانفتاحية مشروع تأويل النصوص لا تعني بحال مشايعة الفكر الغربي في كل ما ينتحله من فلسفات وقوانين مخالفة لمقاصد الشريعة الإسلامية وجوهرها؛ كما أنها لا تعني التفلُّت من الأحكام الثابتة أصلاً بالنص.
كما أن القول بأن نصوص القرآن الكريم هي في ذاتها نصوص تاريخية محدودة بالظروف الاجتماعية المقارنة لظهورها يسوق إلى جعل المجتمع المتغير في أحكامه وعاداته وأعرافه حاكماً على النصوص المطلقة وقاضياً عليها؛ فكلما تغير العرف وتغيرت أحكام المجتمع تغير معه تأويلها وطريقة فهمها.
وعلى هذا ينبغي التأكيد على ضرورة ضبط عملية التأويل ضمن سياق بحثي متواصل يستنبط منهجه من فكر أصيل منبثق من مقاصد الكتاب والسنة.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/334)
حسرة في قلب امرأة صومالية
الشاعر عبد الرحمن العشماوي
هذه القصيدة على لسان امرأة صومالية تخاطب ابنها
قم يا محمد نامت الأعراب **** وتقطعت ببلادك الأسباب
جاء الصليب مدججا بسلاحه **** ووراءه التطبيل والإرهاب
قم يا محمد عرض أمك خائف **** وأمام كوخي يا بني كلاب
انظر إلى العلج الذي تروعني **** نظراته فأنا بها أرتاب
ماذا يريد بكوخنا هذا الذي **** ما فيه زاد يبتغى وشراب
كوخ حقير فيه شيخ هده **** سقم وطفل جائع ودلاب
وعباءة سترت بقايا هيكل **** مني وثوب هالك وحجاب
وبقية من ثوب عرسي ما لها **** كمٌ وحبر جامد وكتاب
قم يا محمد إن مقديشو على **** جمر تغلّق دونها الأبواب
هذا أزيز الطائرات يروعها **** والجند فيها جيئة وذهاب
ما بالهم جاءوا سراعا نحونا **** وعلى سراييفوا يصيح غراب
هلا حموا أطفالها من صربهم **** وتبرؤوا مما جنوه وتابوا
أإعادة الأمل الجميل سجية **** للغرب، هذا يا بني كلاب
كم علقونا بالوعود وما وفوا **** وكذاك وعد الكافرين سراب
ساق الغرور جنودهم فعقولهم **** سكرى وما لعيونهم أهداب
هذي الصفوف من الجنود كأنها **** نعم وإن عظمت لها الألقاب
أو ما تراها لا تصلي ركعة **** أو ما تراها والقلوب خراب
قالوا لنا سيؤمنون غذاءنا **** أتؤمن الغنم الجياع ذئاب
قم يا محمد جاءنا مستعمر **** قد سال منه على البلاد لعاب
عين على الصومال والأخرى **** على سوداننا فليوقن المرتاب
قم يا بني فإن أمك تشتكي **** وهنا وجرح فؤادها ثغاب
وبثغرها أطلال أسئلة عفت **** آثارهن فهل هناك جواب
ما بال إخوان العقيدة فرطوا **** حتى خلت من مائها الأكواب
حتى تولى المعتدون شؤوننا **** وجرى القطار وسافر الركاب
ما بالهم لم يستجيبوا عندما **** صحنا وحين دعى العدو أجابوا
ما بالهم لما أتى أعداؤنا **** جاءوا ولو غاب العدو لغابوا
خطأ كبير يا بني وقومنا **** حلفوا يمينا إنه لصواب
أصواب قومك أن تسلم أرضنا **** للغاصبين ويحزن المحراب
قم يا بني إلى الجهاد فإنه **** للعز في عصر المذلة باب
قم يا بني إلى الجهاد وقل معي **** خسر الطغاة الماكرون وخابوا
يا أرض أحلامي جفافك راحل **** فغدا سيغسل راحتيك سحاب
http://www.alshamsi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/335)
لا تفتشي في ماضي زوجك
كثير من الزوجات يبحثن عن المتاعب؛ إذ يفتشن في ماضي أزواجهن ونزواتهم السابقة، فتحاول الزوجة استدراج زوجها حينما تسأله عن أوصاف من كان ينوي الزواج بها قبلها مؤكدة له أنَّها لن تغضب، ولن يؤثر ذلك على علاقتهما الزوجية.
وكثير من الأزواج يستجيب لإلحاح زوجته فيتفاخر بماضيه، ويتناسى أنَّ نبش الماضيُّ من أبرز أسباب تدمير العلاقة الزوجية.. فأيّ اعتراف للرجل بماضيه وعلاقاته السابقة أشبه بقنبلة يضعها في حياته الأسرية.
يحكى أن أحد الشباب تزوج من امرأة ذات دين وحُسن وجمال، وكان قبل ذلك يشعر بالراحة تجاه عائلة أحد أبناء عمومته، وهم يبادلونه نفس الشعور، وتارة صرِّحوا له بأنَّه الزوج المثالي لإحدى بناتهم، إلاَّ أنَّه لم يُكتب له النصيب في ذلك، وبعد أن تزوَّج من أخرى وشعر أنَّه قد وُفق في حياته الزوجية، جاءت زوجته لتبحث في ماضيه؛ حيث علمت من إحدى قريباته بأنَّ زوجها كان على علاقة حميمة مع عائلة (.....) وكلّما حاول ذلك الزوج المسكين نسيان ماضيه، ألحت زوجته في استدراجه، وسؤاله عن علاقاته الماضية..
وينتاب هذا الشاب دائماً الشعور بالحرج والتذمُّر من زوجته التي لا تفتأ بين حين وآخر تقلّب عليه المواجع!
ويزداد الأمر سوءاً حينما يزوره واحد من أبناء عمومته ممن كان على علاقة طيِّبة معهم، تسارع زوجته في الحديث عن بناتهم وجمالهن، ناسية أنَّها بذلك تزيد من عمق المشكلة، إذ تعيد على ذاكرة زوجها أياماً مضت وطواها النسيان.
إنَّ الحديث عن الماضي لا يؤدِّي فقط إلى لوم مستمر، بل إلى هجوم ودفاع مستمرين، ولا يحلّ المشكلات التي نعيشها، وإنما يزيد من تعقيدات الحاضر، ومن الأفضل ألاّ نجعل للماضي امتداداً في الحاضر أو المستقبل فيما يخصّ العلاقات الزوجية، فقد أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث أن نبش الماضي من أبرز أسباب تدمير الحياة الزوجية، فبعض الأزواج قد يكون لهم علاقات قبل الزواج.. والخوض فيها ـ مهما كانت الأسباب ـ قد يكون وسيلة فاعلة في القضاء على الحياة الأسرية، ومهما كانت بساطة هذه العلاقات فإنَّها قد تسبب كوارث إذا استحضرت إلى الحاضر...
ويرى علماء النفس أن أيّ اعتراف من الرجل بعلاقاته الماضية أو بشعوره تجاه بعض النساء، أشبه بفتيلة مشتعلة يضعها في حياته العائلية من الممكن أن تشعلها ناراً في أية لحظة؛ فالمرأة لا تنسى!!
يقول الروائي الروسي"ليون تولستوي ـ بعد أن وقع في هذه المشكلة ـ:"كانت تلك الذكريات أشبه بفتيلة وضعتُها بنفسي في ثنايا حياتنا الزوجية، فقد اشتعلت غيرة زوجتي دون مبرِّر، وبدرجة أحالت حياتنا الحلوة الصافية إلى جحيم متأجج".
فحريٌّ بالزوجة ألا تنبش في ماضي زوجها خصوصا فيما يتعلق بالنواحي العاطفية؛ لأنَّ الجهل بتلك الأمور أفضل من العلم بها. وعليها أن تحاول معرفة ما يرغب فيه زوجها أو ما يجذبه في المرأة، وعندما تسأله عن ذلك فلتسأل عن الأفعال والصفات، لا عن فاعليها أو حامليها..
فعوِّدي نفسك أن تعيشي حاضرك؛ حتى لا تندمي في المستقبل.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/336)
أماه... دعيني أحبكِ.!
مريم أحمد الأحيدب
أمي الحبيبة...
أحبك يا أمي.. فلطالما أحطتني بالرعاية والحنان.. فلكِ علي من الفضل الشيء العظيم..
كيف لا؟! وقد كنتِ السبب بعد الله في وجودي في هذه الحياة..
أمي الغالية...
حبّي الكبير لكِ يدفعني دفعاً وبقوّة كي أصارحك بمكنونات نفسي..
أماه لقد تعبتِ في بنائي أنا وإخوتي الشيء الكثير، حتى اشتدت سواعدنا، وأصبحتِ تريدين أن تقطفي ثمرة هذا الجهد والتعب.. وهذا حق من حقوقك لا نغفله، بل نشيد به، ونفخر بأنّ الله قيّض لنا أماً مثلكِ، يهمّها حال أبنائها وصلاحهم..
ولكن أمّاه...
أرجوك ثم أرجوك.. لا تنظري إليّ دائماً من زاوية واحدة..
لا تطلبي مني الكمال في كلّ الأوقات..
لا تقارني بيني وبينك في كلّ الأحوال..
فلطالما سمعت منكِ عبارة: (عندما كنت في مثل عمركِ كنت.ُ.. وكنتُ...)
أمي الحبيبة...
لكلّ منا جيله الذي وُجد فيه.. ولكلّ منّا مجتمعه الذي درج فيه..
عالم المثاليات لا وجود له على أرض الواقع.. ربما عشتِ ظروفاً أحسن مني.. وواقعاً أفضل من واقعي بكثير..
لا تنسي أماه أنَّنا الآن في زمن نكابد فيه شتى ألوان الغزو الفكريّ والعقديّ.. فتلطفي عليّ قليلاً..
احتويني كي أبوح لكِ بأسراري.. بسلاح الثقة، وتوقّفي عن تحطيمي..
أخرجيني إلى المجتمع فتاة ناضجة التفكير، ثابتة الخطوات..
لا أريد أن أخرج إلى المجتمع فتاة محطمة القدرات، هشّة التفكير..
صدقيني أماه.. أنتِ من سيدفعني إلى طريق النجاح بكلماتكِ العذبة.. وأسلوبكِ اللّيّن..
اربتي على كتفي..
عانقيني..
قبليني.. ولن تتخيّلي حجم السعادة التي سأشعر بها أثناء قربك مني..
أمي الحبيبة..
أقرّ وأعترف بأنّه لا يوجد على سطح الأرض من سيخاف عليّ كخوفكِ أنتِ..
ولا يوجد من سيحرص عليّ كحرصكِ أنتِ..
فمَن سيحبني كحبكِ؟!.. بل مَن سيتمنى لي الخير مثلكِ؟!..
لذلك تغضبين عندما أقع في الخطأ..
لا ألومك.. ولكن تلطّفي..
تلطّفي.. ولا تعنّفي..
لا توبّخيني أمام إخوتي الصغار.. أو الأقارب أو الجيران.. فلطالما بكيت وبكيت..
ظننتُ أنك لا تحبينني.. بل تصورّتك تكرهينني..
اعرف أني أخطأت حينها وندمت.. لكن قد لا ينفع الندم في معظم الأحيان..
لا أريد أن أندم بعد أن أكون قد وقعت فريسة سهلة لرفيقات السوء أو لسمّاعة الهاتف!؟..
أماه..
دعيني أطلب منكِ أمرين مهمّين:
الأمر الأول: أن تجلسي معي جلسة صفاء..
لا أقول كلّ يوم، ولكن كلّما سنحت لكِ الفرصة..
تلقي كلماتي بالقبول ولو بشكل مبدئي.. دعيني أتحدّث فأنا بحاجة إلى أن أتحدّث..
استمعي إليّ.. ناقشيني بهدوء، ولا تظهري التضجر.. فلطالما شرعت في الكلام ونويت مصارحتكِ بأمور لكنّي أفاجأ منكِ بقذيفة صاروخية من الكلمات الجارحة تخترق قلبي الصغير، و تلجم لساني عن الكلام.. عند ذلك أهرب بحثاً عن صدرٍ حنون ولكن.. قد يكون في غير مظانّه؟!
الأمر الثاني: إذا كلفتيني بعمل فشاركيني فيه..
أرجو أن لا تفهميني خطأ..
أنا لا أريد زيادة أعبائك.. لكن لن تتخيلي حجم السعادة التي ستحوطني عندما تساهمين معي في الإنجاز..
ما رأيك أن نشترك في حفظ سورة من سور القرآن؟!..
ما رأيك أن نشترك في تفريغ شريط وطباعته ونشره؟!..
شاركيني هواياتي.. أشركيني معك في الرأي.. أثني علي أمام والدي وإخوتي..
أخبريهم أنني صديقتك المقربة.. بل والخاصّة جداً..
أماه..
دعيني أحبكِ.. اشتاق إليكِ.. فأنا اليوم في أشد الحاجة إليكِ من أيّ وقتٍ مضى..
http://www.almurabbi.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/337)
10 قواعد لتكوني جميلة
مازن الفريح
القاعدة الأولى:
الجمال لا يكون بمعصية المتعال:
حقيقة تغفل عنها الكثير من النساء. فالطاعة نور يزهر، وجمال يبهر ولن يكون جمال في معصية قط إلا عند صويحبات الفطر المنكوسة التي ترى أن قبح طول الأظافر وبشاعة حلق الحاجبين وفحش عرض العورات جمال يلفت الأنظار.!فعندها تستدرج المرأة _من حيث لا تشعر _ إلى حضيض الدمامة..
القاعدة الثانية:
جمال الروح أولا.
خفة الظل ورشاقة القلب _بعد طاعة الرب _جمال دائم، وتألق فاتن، يأسر القلب، ويؤنس ويجذب ويدني ويقرّب.
.حتى قال زوج خبير: (المرأة الجميلة والثقيلة في طبعها زهرة بلا عطر تغريك من بعيد ولكن تفارقها من قريب). وجمال الروح يكون بطلاقة الوجه، وطيب الكلام، ودماثة خلق في نقاء سريرة، وحرارة لقاء مع سرور طافح يملأ الكيان فيفيض على الناظر فيسعد..
وتزداد الروح جمالاً عندما تترجمها الجوارح إلى حركات مرحة خفيفة وطلعات لطيفة، وكلمات طيبة أليفة
تحرك الأشواق، وتبعث في القلب حب التلاق..
وهناك سر حدّث به أهل التجربة وهو:
(ما عاب رجل امرأة في جمالها إلا ولها من سوء الخلق وثقل الطبع قدر كبير فتصبح ثقيلة المعشر وان كانت تبدو جميلة المنظر فينفر منها القلب لثقلها وتأباها النفس لبرودها).
وكم ارثي لحال ذلك الزوج الذي تململ من كثرة فساتين زوجته الثقيلة _ إذ حسبت الجمال بكثرة الفساتين _فراح يردد قول الشاعر الأول:
ليس الجمال بأثواب تزيننا *** إن الجمال جمال الروح والأدب.
القاعدة الثالثة:
الترتيب والتناسق جمال تعشقه الفطرة.
الترتيب جمال والتنسيق كمال تعشقه القلوب بالفطرة فهي ترى هذا الكون البديع يجمله ترتيب فائق وتنسيق رائع فالشمس تجري لمستقر لها والقمر قدرناه منازل والليل والنهار في تناوب متناسق لا يسبق أحدهما الأخر..
وحظك من هذا الجمال الكوني بمقدار مشاركتك له في سر جماله. فيظهر هذا الجمال _ على سبيل المثال _ في تناسق ألوان ثيابك وانسجامها مع مكياجك، وكلما كان يميل إلى البساطة والخلو من التكلف كان ذلك أجمل..
القاعدة الرابعة:
الرشاقة جمال وأناقة:
تناسق البدن وحسن تقاطيعه مما تغنى به الشعراء ومدحه البلغاء إذ تنشرح له النفس فطرة وتعجب به العين من أول نظرة.فالكثير من الرجال لا يحب طبقات الشحم المتكدسة بعضها فوق بعض إذا أدخل يده لم يكد يراها ولا يعجبهم الجسم المترهل الذي أثاقل إلى الأرض من كثرة ما تحمله من الشحوم.ولهذا، حافظي على رشاقتك بتنظيم الأكل وترشيد الوجبات وليكن لك من الوقت ما تمارسين به رياضة في بيتك تحرقين بها ارتال الشحم المتراكم على بدنك.
القاعدة الخامسة:
العطور مغناطيس القلوب:
كنت في رحلة في أودية وجبال كساها الله - عز وجل - بثوب من الجمال أخّاذ، كلما قلبت فيه طرفي سبحت الخالق المبدع الجميل الذي أبدع هذا الجمال وصوّره. ولفت نظري مجموعة من الزهور غاية في الجمال، ألوانها متداخلة وأوراقها متناسقة على صفحاتها قطرات من الندى كأنها حبات لؤلؤ تسلب الأبصار بألوانها ونضارتها فاقتربت منها لأشبع نفسي من هذا الجمال وأضم لذة النظر إلى روعة العطر فما أن اقتربت لا شم عبيرها حتى نفرت وما أن دنوت سرعان ما ابتعدت إذ أزعجتني رائحتها الكريهة.. سبحان الله!! صورة جميلة ورائحة كريهة. والى جانب هذه الزهور رأيت شجرة صغيرة قد تشعبت فروعها على غير نسق فافقدها الكثير من الجمال ولكنها قد عبقت المكان برائحتها الزكية وعبيرها الطيب فقطعت غصناً منها مورق وأخذت أشمه بين الحين والآخر!! وأقول في نفسي ما أحرى هذه الرائحة بتلك الزهور الجميلة ولكن لله في خلقه شؤون.
قالت أم العيال: مثل الزهور التي رأيت كبعض النساء تلبس فستاناً جميلاً ولكن رائحتها تزكم الأنوف!
القاعدة السادسة:
الشعر سر آسر وجمال باهر من أعظم زينة المرأة وروعة جمالها وفرة الشعر ونعومته، وكلما ازدادت حلكة سواده ازداد جماله، ولحسن تصفيفه وترتيبه أثر كبير في زيادة الجمال وبعض الزوجات تهمل الاهتمام بشعرها حتى يصبح _ كما قال أحدهم يصف ثوران شعر زوجته _ كأنه رؤوس الشياطين، كل خصلة نفرت من الأخرى وكل شعرة في خصام مع جارتها.
القاعدة السابعة:
وفي الألوان جمال قد أودع الله في الألوان من أسرار الجمال ما يسلب الإبصار ويجذب القلوب وكان من عجيب خلقه أن جعل لكل لون معنىً خاصاً يتميز به وتتعدد المعاني بتنوع الألوان فالأحمر يعكس العاطفة المشتعلة والحب الملتهب والأبيض وحي بالنقاء والصفاء والأخضر يشيء الأمل والحب المتجدد وهكذا تنعكس المعاني في القلب بمجرد رؤية اللون فإذا مزجت الألوان وتناسقت صارت لوحة جمالية ترتاح لرؤيتها العين وتأنس بها النفس، والزوجة ينبغي أن تكون بالرسام المبدع في اختيارها للألوان فترسم لزوجها لوحة جميلة متناسقة.وقد كان العرب يحبون سواد العيون وحمرة الشفتين وبياض الساقين... فما هي الألوان التي يحبها زوجك؟؟
القاعدة الثامنة:
النظافة سيدة الجمال واللطافة:
طهارة المظهر له تعلق وأثر كبير على نقاء الجوهر وكلاهما له سحر عظيم في تجاذب الزوجين.وقد أحاط الإسلام المرأة بالكثير من وسائل النظافة والطهارة، فالغسل يتكرر مع كل جنابة وطهارة من حيض ونفاس، والوضوء يتقدم كل صلاة إن وجد الحدث قبلها، وسنن الفطرة عشر كلها لإظهار جمال الظاهر والتخلص من الأدران المكدرة والأحوال المنفرة.وأوجب التطهر من النجاسات في البدن والثوب (وثيابك فطهر والرجز فاهجر) وأكد على طهارة الفم لأهميته في العلاقة الزوجية فأوصى بالسواك وأكد عليه، وفي السنة، بيان للتطهر من الأذى بعد الحيض بالمسك ويفهم منه أيضاً أن المرأة ينبغي أن تراعي الموضع بالتنظيف والتطييب كلما احتاج الأمر لذلك سواء بسبب الدم أو الإفرازات.
القاعدة التاسعة:
وبالإغراء تكونين ملكة جمال:
لا يوجد زوجة قبيحة، ولكن يوجد زوجة لا تعرف كيف تغري بأنوثتها أزوجها فتفتنه وتسلب قلبه!..والإغراء حركات ذات مغزى، وكلمات لها معنى، وعرض فاتن لموضع الأنوثة يصاحبها همسات وإشارات، وغمزات ونظرات، وابتسامات وضحكات، يهتز قلب الزوج لها طرباً، و يتعلق بها إعجابا وحباً ورغباً وكلما أتقنت المرأة هذه الصنعة كلما كانت اقدر على التغلب على لب الرجل مهما كان رشيداً حتى يتحول إلى سحر لا يستطيع عنه انفكاكاً، وفي السنة إشارة إلى هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن).
القاعدة العاشرة:
وفي الطاعة سحر وجمال:
وجوه الصالحات مسفرة، مبتهجة مستبشرة، ينبعث منها نور آسر تبصره القلوب الحية، وترتاح له النفوس الزاكية، فتراه يتألق جمالاً ويستهل استبشاراً، ولهذا المحيا أثر ساحر في الجمال إذ قد يفوق جمال الظاهر أو يكتمل به (فالزوج يرى جمال وجه زوجته بعينيه وينجذب إلى سحر صلاحها وطاعتها بقلبه والقلب أملك لزمام الإنسان من عينه..).
http://www.naseh.net المصدر:
المرأة والفوز
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
المرأة نصف المجتمع
لا
بل هي المجتمع كلّه
على حدّ مقولة: المرأة نصف المجتمع، وهي تلد النصف الآخر!
وهي نصف الدِّين لمن ظفِر بها
قال - عليه الصلاة والسلام -: (من تزوّج فقد استكمل نصف الإيمان، فليتق الله في النصف الباقي). رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان، وحسّنه الألباني.
وكأن في هذا إشارة إلى العزاب بنقص دينهم، بل إشارة إلى الرجال جميعاً أن دينهم وإيمانهم لا يكمل إلا (بامرأة)؛ فهم بحاجة إلى النصف الآخر شرعاً وعقلاً وطبعاً.
وليس مجرّد تحصيل حاصل
بل هو الفوز والظفر
أي فوز تعني؟
أهو الفوز الرياضي؟؟؟
أم هو الفوز الدراسي؟؟؟
كلا. لا هذا ولا ذاك
بل هو الفوز والظّفر بـ"ذات الدين"بالمرأة المتدينة الصالحة
فإذا تعددت وتنوّعت واختلفت مقاصد الناس في الزواج فعليك بالظفر والفوز بصاحبة الدِّين
"تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبَتْ يداك"متفق عليه.
ومعنى تَرِبَتْ يداك: أي التصقتا بالتّراب. كناية عن الفقر.
وهذا من باب الدعاء على من نكح وتزوج لمقصد آخر غير الدّين.
لماذا ذات الدّين بالذات؟؟؟
1 – لأنها خير متاع الدنيا.
"الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"رواه مسلم.
2 – لأنها تُعين على الطاعة.
"ليتخذ أحدكم: قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة"
قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سُئل: أي المال نتخذ؟ رواه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني.
3 – لأنها من خصال السعادة "ثلاث من السعادة، وثلاث من الشقاوة؛
فمن السعادة: المرأة تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك.
والدابة تكون وطية فتلحقك بأصحابك.
والدار تكون واسعة كثيرة المرافق.
ومن الشقاوة: المرأة تراها فتسوءك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك.
والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركبها لم تلحقك بأصحابك.
والدار تكون ضيقة قليلة المرافق"رواه الحاكم، وهو في صحيح الجامع.
4 – لأنها أمان نفسي.
"خير النساء من تسرّ إذا نظر، وتطيع إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها"رواه الإمام أحمد وغيره، وحسنه الألباني.
فأي فوز – بعد تقوى الله – أعظم من الفوز بامرأة صالحة؟؟؟
وها هنا وقفة نفسية مع قوله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة الصالحة: وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك.
يؤكد علماء النفس أن الرجل – أيّاً كان – بحاجة إلى المرأة المتدينة!
والمرأة بحاجة إلى الرجل المتديّن!
لماذا؟؟
لأن الدِّين الذي يحمي صاحبه ضرورة من ضرورات الأمن النفسي
وذلك في حالة غياب أحدهما عن الآخر يبقى الودّ محفوظاً لا لأجل الطرف الآخر فحسب، بل لأن المتديّن – حقيقة – يُراقب الله، ويعلم أن الله مُطّلع عليه.
حدثني طبيب مسلم عربي يُقيم في فرنسا قال:
أول ما أتيت إلى هذه البلاد الأوربية تركت زوجتي وأطفالي في بلدي ريثما أجد السكن المناسب وأُنهي بعض الترتيبات.
قال: فعملت في إحدى المستشفيات، وفي يوم من الأيام سألتني طبيبة فرنسية:
أين زوجتك؟
قال: قلت: في بلدي.
قال: فعرضت عليّ أن أبيت معها على فراشها ولو ليلة واحدة!
(مع أنها ذات زوج)!!
قال: فرفضت ذلك وبشدّة.
قالت: لماذا؟ وأنت الآن أعزب؟ وزوجتك بعيدة عنك؟
قال: لِعدّة اعتبارات:
الأول: أن ديني ينهاني عن هذا الفعل القبيح.
الثاني: أن عقيدتي تغرس في نفسي مراقبة الله وحده في الخلوة والجلوة.
الثالث: أنني أحفظ الودّ لزوجتي، وكما أنني لا أرضى أن تخونني كذلك لا أخونها.
الرابع: أن هذه الأمر، وهذا الفعل دَيْنٌ مردود على صاحبه.
قال: فرأيت الدهشة على وجهها.
قال صاحبنا الطبيب:
ثم سألتُ تلك الطبيبة:
هل تأمنين زوجك؟
قالت:
لو كُنت أجلس معه على طاولة واحدة، فأغمضت عيني لم آمن خيانته! وهو كذلك لا يأمنني!
فتأملوا حال أولئك الذين وصفهم العليم بهم بأنهم (كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا)
ثم تأملوا حال المرأة المسلمة الصالحة التي تحفظ زوجها وإن غاب عنها السنوات الطوال
فهي:
"لا تخالفه في نفسها ومالها"
وهي:
إن نظر إليها أعجبته، وإن غاب عنها أمِنها على نفسها وعلى ماله.
"المرأة تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك"
إذاً:
الفوز والظفر بِذاتِ الدِّين مطلبٌ شرعي، وضرورة نفسيّة.
"فاظفر بِذاتِ الدِّين"
أخيراً:
كالعادة! أعتذر عن الإطالة.
http://www.saaid.net بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(83/338)
من أين تهدم البيوت
عبد الملك القاسم
المرأة بطبعها هينة ـ سهلة الانقياد! لكن يتسلط عليها شياطين الأنس والجن فيغيرون تلك الصفات ويفسدون صفاء القلوب، من أولئك الشياطين؟!
أولا: وسائل الإعلام التي ما دأبت تحرض على الإفساد بين الزوج وزوجته، وتصور الرجل أنه ظالم مستبد فأفسدت الود وقطعت علائق المحبة!
ثم هي في الجانب الآخر تأتي بالحبيب والصديق والعشيق لتزين العلاقة المحرمة، وتجمل حديثه تلطف عباراته، وتهون العلاقة بين الرجل الأجنبي والمرأة! فتصبح وقد تقلب قلبها وكرهت زوجها!
ثانيا: تهدم البيوت من جلسات فارغة من بعض الصديقات والزميلات في حصص الفراغ، أو الجيران في جلسات الضحى والعصر! فالحديث استهزاء بالأزواج وتحريض عليهم وتمرد على عش الزوجية!
وكل مرأة تدعي أن زوجي فعل بي وقال لي، وأحضر لي، حتى تكون الزوجة المسكينة أذنا تسمع فيقع في قلبها كره زوجها البخيل وزوجها المشغول وزوجها الكسول!
ثالثا: مما يعين على هدم البيوت: عدم القرار في المنزل. فالزوجة خراجة ولاجة، لا يقر لها قرار.. أسواق وحفلات.. زيارات! قائمة لا تنتهي وقد أشغلت قلبها وضيعت وقتها وفرطت في رعيتها!
رابعا: المعاصي والذنوب شؤم على البيوت فهي تجلب الهموم والغموم وتنزع السعادة نزعا! قال بعض السلف: إني لأعصى الله فأرى ذلك في خلق امرأتي ودابتي!
وقال ابن القيم: وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة، المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة مالا يعلمه إلا الله.
والمعاصي في أوساط النساء كثيرة جدا.. منها تأخير الصلاة، والغيبة والنميمة والخروج إلى الأسواق متبرجة متعطرة وغيرها كثير!
خامسا: مما يهدم البيوت ويفرق الأسر الكبِر من قبل الزوجة! وبواعث الكبر والعجب كثيرة: الجاه والمال والشهادة والجمال وغيرها! مع قلة عقل وقصر نظر!
سادسا: مما يهدم البيوت استبداد الزوجة وتسلطها في ظل شخصية رجل ضعيفة متسامحة، فيقودها ذلك إلى التعنت والقفز على قوامة الرجل فتفسد نفسها وأسرتها.
سابعا: تُهد البيوت من عدم مراعاة حق الزوج في التزين والتجمل له. فلربما كانت النتيجة أن يقل نصيب الزوجة من ود زوجها، أو لربما قادته إلى طرق محرمة فتخرب الدور وتهدم الأسر!
ثامنا: المرأة العاقلة تنزل من أكرمها وجاورها في الفراش والمنزل منزلة عظيمة، فلا تتسخط عليه، ولا تندم عشرته، فإن مثل هذه المرأة الناكرة للمعروف المضيعة للعشرة حري أن يسلب الله ـ - عز وجل - ـ نعمتها! وإن كان في الرجل خلة من النقص ففيه خلال من الخير كثيرة!
ولتتذكر الزوجة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - « ولا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها ولا هي تستغني عنه »"رواه النسائي".
تاسعا: تُهدم المرأة بيتها وتبدد سعادتها إذا سلكت طريقا وعرة ذا شوك، هاهي تطالب زوجها بالسفر وثانية بالقنوات الفضائية! وما علمت المسكينة أن المعاصي والذنوب تجلب النقم وتبعد النعم! كم من امرأة سعيدة هانئة تحولت نعمتها إلى شقاء بسبب معصية الله ـ - عز وجل - ـ.
عاشرا: المرأة الذكية الفطنة تراعي أحوال الزوج ومتطلباته، فهي تعلم موعد نومه وغذائه، وماذا يحب وماذا يكره، تسارع إليه حتى يسارع هو بقلبه إليها.
الحادي عشر: تهدم المرأة بيتها بلسانها! إذا جلست مع زوجها خالفت أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبدأت تذكر فلانه وصفتها و جمال شعرها وطولها، وتصفها لزوجها حتى يستعذب الحديث في النساء، فإن كان رجل صالحا لربما تزوجها وإن كان فاسدا لربما أفسدها أو أفسد غيرها، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك بقوله: « لا تباشر المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها »"رواه البخاري"وقد ترى المسكينة أن هذا الحديث عن النسا ووصفهن لزوجها يقرب زوجها إليها، وقد أضلت الطريق و تاهت في الدروب!
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/339)
من أقوى الرجل أم المرأة ؟!
براء زهير العبيدي
لأول وهلة يبدو العنوان غريبا، ويبدو أن الإجابة عنه سهلة محسومة، ولكن قبل هذا وذاك لا بد أن نعترف بوجود صراع بين الجنسين قديما وحديثا، ليس فقط في الحياة الزوجية، بل حتى في مجالات الحياة العامة، بل تلقاه عند الأطفال الصغار الذين يتربون على ثقافة أن الرجل دائما هو الأقوى، وأذكر على سبيل الطرفة أنني كنت أدرس أطفالا القرآن الكريم، ذكورا وإناثا، فاخترت عليهم أكثرهم اجتهادا ليراجع للباقين حفظهم، فكان من نصيب بنت، فقلت لها راجعي لأصدقائك حفظهم فاعترضوا علي بقولهم: (كيف تراجع البنت للصبيان)! فضحكت وقلت لهم: لأنها مجتهدة أكثر منكم، وهي أحفظكم للسورة ومضى الأمر بسلام، ولكن عدت وفكرت مليا. من أين لهؤلاء الأطفال هذه المفاهيم والتي مفادها
(كيف تكون الفتاة أفضل من الفتى؟!). خطر في ذهني استغراب هدهد سليمان الذي لم يستوعب هذا النوع من القوة للمرأة، كحال هؤلاء الأطفال وذلك عندما وصف لنبي الله سليمان - عليه السلام - خبر بلقيس ملكة سبأ التي حكمت قومها.
قال الله - تعالى - على لسان الهدهد:(إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم) فهو لم يقل(ملكة) بل قال (امرأة) تملكهم وكأن لسان حاله يقول:(لا أدري كيف المرأة تحكم الرجال!).
وجدت أن السبب يكمن في الفهم الخاطئ لمعنى القوة بالدرجة الأولى ويليه أمور منها الفهم الخاطئ لبعض النصوص التي يرعب فيها الرجال النساء باسم الدين وتراهم يحفظونها عن ظهر قلب بل ربما أكثر من أحكام الصلاة، ومنها جهل المرأة نفسها بحقوقها، ولكن لست الآن في مجال دراسة هذه النصوص أو الدفاع عن حقوق المرأة في الإسلام لأنها أشبعت بحثا، الذي يهمني من هذا كله فهم معنى القوة وتطبيقها على السنين الأولى للحياة الزوجية تحت عنوان:
(من الأقوى الرجل أم المرأة؟!).
نحن عندما نقول القوة ينصرف الذهن مباشرة إلى القوة العضلية وعليه فإن الرجال عموما أقوى من النساء بلا شك ولا ريب،ولكن من قال أن القوة فقط في العضلات؟!، ومعلوم وخاصة في هذا العصر أن القوة الأولى في العالم هي للعقول، وما سيطرت الدول الكبرى على العالم إلا باستثمارها للأدمغة التي أنتجت لها الثورة التكنولوجية.
ولكن حتى لا نشرد بعيدا فإن القرآن ضرب لنا من هذا النوع أجمل القصص وأحسنه، وهي قصة بلقيس ملكة سبأ، وهي قصة امرأة حكمت قومها بالقوة التي لم يستوعبها هدهد سليمان، وهي قوة العقل وأنقذت قومها من الإبادة بعد أن اغتروا بالقوة البدنية أيضا بقوة العقل، فلهنا لو سألنا من أقوى المرأة أم الرجل؟
أظن أن الجواب سيكون مختلفا، ولكن لا بأس لو استعرضنا جانبا من قصة بلقيس من سورة النمل مظهرين جوانب القوة العقلية في هذه المرأة وما هو نوع الحوار الذي دار بين القوة الجسدية والقوة العقلية بينها وبين قومها.
1-أول جانب للدلالة على قوتها: هو قولها عندما وصلها كتاب سليمان من خلال الهدهد (قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم*إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم*ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين)
فإنها من ذكائها عمت عليهم الذي ألقى إليها الكتاب فقالت: أُلقِيَ بصيغت المجهول مما جعل علامات التعجب على وجوههم كأنها تقول من ألقى إليها الكتاب نحن رسلها إلى الملوك فكيف ألقي إليها ومن الملقي؟!
ثم تهيأتها لقومها بقبول مضمون الكتاب بقولها (كتاب كريم) فوصفت الكتاب بالكرم وهذا الكتاب كريم لأنه من عند ملك كريم وهو كريم لأنه وصل بطريقة عجيبة غريبة تدل على سعة ملك مرسله وعظمة سلطانه وقوته فلسرعة بديهتها استدلت من طريقة وصول الكتاب أن هذا الملك سخر له كل شيء حتى الحيوانات وهذا الهدهد نموذج على ذلك.
2-الجانب الثاني لقوة ذكائها: استشارتها لهم وقولها (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) طلبت من قومها إبداء رأيهم وإسداء نصحهم في هذا الخطب المفاجىء، قال الإمام النيسابوري: (أرادت استعطافهم، وتطييب نفوسهم واستطلاع آرائهم) غرائب القرآن ورغائب الفرقان جـ19ص94.
3- الجانب الثالث وهو الحوار الذي دار بينها وبين قومها ولعله أبرز نموذج لإظهار أن القوة ليست دائما بالجسد، بل القوة هي أكبر من هذا المفهوم الضيق، (قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) قال سعيد حوى رحمه الله:(أرادوا بالقوة قوة الأجساد والآلآت وبالبأس النجدة والبلاء في الحرب (والأمر إليك) أي الأمر موكول إليك، ونحن مطيعون لك فمرينا بأمرك نطعك ولا نخالفك، وكأنهم أشاروا عليها بالقتال، أو أرادوا: نحن من أبناء الحرب لا من أبناء الرأي والمشورة، وأنت ذات الرأي والتدبير) الأساس في التفسير جـ7ص4011-4012
لقد فوضوا الأمر إليها وردوا القول عليها، لتصنع ما شاءت وهم رهن إشارتها
وهم منقادون لها راضون بحكمها.
ويقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله -:(وهنا تظهر المرأة من خلف الملكة المرأة التي تكره الحرب والتدمير، والتي تنضي - أي تخرج - سلاح الحيلة والملاينة قبل سلاح القوة والمخاشنة والتي تتهيأ في صميمها لمواجهة الرجال بغير العداء والخصام!)
في ظلال القرآن جـ5ص2640
ولذا أجابت قومها بالقول (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون*وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون)
لما رأت من كلام أولي الأمر من قومها حرصهم على الحرب، مع يقينها بأن سليمان قد بلغ من قوة جيشه وتنوع أسلحته أن الطير جندا من جنوده، فكيف تغامر بجيشها وتراهن بقوته في معركة غير متكافئة.
لذا - وهنا النقطة المهمة- قدمت لما تريد بمقدمة تهدف من ورائها إلى إدخال الخوف والفزع في قلوب قومها من وطأة الحرب ونهايتها الأليمة وذلك بقولها(إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزةأهلها أذلة وكذلك يفعلون)، ثم انتهت إلى ما عزمت عليه من قبل وهو إرسال الهدية إلى سليمان - عليه السلام -،(وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون) ولقد عمدت إلى ذلك لتستميل فؤاده وتخطب وداده.
4- ولعل آخر مشهد من مشاهد هذه الملكة القوية بذكائها هو قولها لسليمان لما جاءته وسُئلت عن العرش (فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين) فأجابت بعد تأمل وتدبر إجابة تدل على ذكائها وفطنتها وسرعة بديهتها (قالت كأنه هو) ولم تقل هو لاحتمال أن يكون مثله لاعينه فاتت بكلمة (كأن) التي تدل على غلبة الظن لجواز أن يكون عرشها مع قيام الشك في أن يكون عرشا غير عرشها، قال الإمام الطبرسي (فلم تثبته ولم تنكره، وقد دل ذلك على كمال عقلها حيث لم تقل:لا؛ إذ كان يشبه سريرها لأنها وجدت فيه ما تعرفه، ولم تقل: نعم؛ إذ وجدت فيه ما غير وبدل ولأنها خلفته في بيتها وحمله في تلك المدة غير داخل في قدرة البشر، قال عكرمة: كانت حكيمة خافت أن تقول:هوهو فتكذب، وإن قالت:لا، تخشى أن تكذب، فقالت (كأنه هو) شبهته به فقيل لها: فإنه عرشك فما أغنى عنك إغلاق الأبواب) مجمع البيان جـ7ص350(بتصرف).
حتى إن مطابقة الجواب للسؤال يدل على بلاغتها وفطنتها، فإذا كان العرش قد نكِّر والسؤال قد صيغ بأسلوب محير، فإن جوابها أيضا لم يكن قاطعا، فتُرِك المخاطب في حيرة، فهي لم تثبت ولم تنف، وفي ذلك ما يدل على رجحان فكرها واتساع أفقها وبلاغة تعبيرها.
و إن العلة في التغيير لكي يلتبس الأمر عليها ويعرف مدى ذكائها وفطنتها وسرعة بديهتها (ننظر أتهتدي أم تكون من الذي لا يهتدون) لذلك لما عاينت جلالة ما آتاه الله انقادت لأمر الله - تعالى - وعرفت أنه نبي كريم وأسلمت وقالت:(رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين).
هذه القصة أطلنا فيها بعض الشيء لكن أردنا من خلالها أن نقول إن هذا الأنموذج الذي ضرب الله فيه المثل لهو دليل على أن القوة وإن كانت عادة تصرف إلى معنى القوة الجسدية لكن هي في العقل أقوى وأهم بكثير وما مثل بلقيس ببعيد.
وإذا رجعنا إلى الحياة الزوجية فإننا نقول إن الصراع القائم بين الرجل والمرأة سببه الفهم الخاطئ لمعنى القوة فلو قسمت الأدوار بين الرجل والمرأة على قاعدة قوله - تعالى -: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إ ن الله كان بكل شيء عليما) فإن هذا الإشكال سيزول ولو ربي أبناؤنا وبناتنا منذ الصغر على مفهوم أن الرجل قوي في نصيبه والمرأة كذلك قوية في نصيبها، كما قال الله - تعالى - فلن نقع في إشكالية من الأقوى وهذه الصراعات الدائرة في بيوتاتنا والتي تهدمها على رؤوس أصحابها فتجعل العائلة كلها ضعيفة بسبب العقد التي نشأت عليها وربت عليها أبناءها.
ألم يحمي الله نبيه موسى بحضن امرأة استطاعت أن تحصل على استثناء من قرار الدولة بعدم قتل هذا الطفل، واستمالت قلب أعظم طاغية في التاريخ، فرعون مصر بعاطفتها. وذلك بقولها (وقالت امرأة فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون)؟!. فهنا أليست العاطفة في هذه المرأة أقوى من عضلات آلاف الرجال، الجواب بلا شك نعم.إذا المرأة قوية فيما فضلها الله به على الرجال، كما أن الرجل قوي فيما فضله الله به على النساء.ومن أجل هذا فإن الأمور التي هي من اختصاص النساء كان الصحابة يحتكمون فيها إلى قولهن. فعن أبي سلمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة. فقال ابن عباس آخر الأجلين. قلت أنا:(وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (يعني أبا سلمة). فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري ومسلم
فلتتفكر المرأة المسلمة بهذا، ولتذكر أن امرأة واحدة استطاعت أن تجمع العلم على تنوعه وصعوبته، يسألونها عن عويص العلم ومشكله فتجيبهم جوابا مشبعا بروح التروي والتحقيق مما لا يتسنى إلا لمن بلغ في العلم مقاما عليا، وقد قالوا - أي الصحابة- ما أشكل علينا أصحاب محمد أمر قط فسألنا عنه أمنا عائشة إلا وجدنا عندها علما....قال عروة بن الزبير: (ما رأيت أحدا أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة. وقال أيضا ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة)... إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر. عمر رضا كحالة: أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام جـ3ص104(بتصرف)
قال ابن سعد:(وقيل كانت عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وهلم جرا إلى أن ماتت يرحمها الله) الطبقات الكبرى جـ2ص374
وأخيرا إن كان من كلمة فعلينا أن ننشر ثقافة ما للمرأة من فضل على الرجال حتى لا يتمنوا الذكورة وأن نصحح مفاهيم الرجال أن القوة الجسدية ليست كل شيء.
http://www.almutawa.infoالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/340)
أضرار تناول أقراص منع الحمل
حبوب منع الحمل هي خليط من هرمون الاستيروجين والبروجستيرون تتناولها المرأة لتحدث تبويضاً صناعياً حيث يؤدي تواجدها في الدم إلى تثبيط الإفراز الطبيعي لهذه الهرمونات من المبيض ومنع حدوث التبويض الطبيعي مما يؤدي مع طول استعمالها إلى العقم وانقطاع الطمث، وزيادة وجود هذه الهرمونات في الدم يثبط الافرازات الهرمونية الجنسية للغدة النخامية.
وتتوقف آثارها الجانبية على: كمية الجرعة المتناولة، وطول فترة استعمالها، وعمر المرأة.
الآثار السيئة لحبوب منع الحمل:
1. تنشيط مرضي للكبد.
2. اختلال في نسبة الجليسريدات الثلاثية – الدهون – الكوليسترول – الدهون الفوسفاتية في بلازما الدم.
الأمر الذي يقود إلى مضاعفات مرضية في الجهاز الوعائي في الجسم مثل زيادة التعرض لتكوين الجلطات الدموية التي تسد مسار الدم في الأوعية محدثة إصابات تتباين درجة حدوثها وخطورتها على حسب مكان تكوين الجلطة- إصابة عضلة القلب.
ويحدث ذلك نتيجة:
• الأثر المباشر للهرمون على جدار الأوعية الدموية.
• ارتفاع مستوى الجليسريدات الثلاثية في بلازما الدم والمسئول عن ارتفاعها بصورة مباشرة هو هرمون الاستروجين، وعند علاج الرجال المصابين بسرطان البروستاتا بهذه الهرمونات ارتفعت نسبة الموت بينهم بسبب حدوث تكوين الجلطات الدموية أكثر من الموت بسرطان البروستاتا ذاته.
فتؤثر حبوب منع الحمل على مقدرة الإنسان الطبيعية على الانتفاع بالكربوهيدرات مما قد تعرض المرأة للإصابة بالسكري ولكن لا تعتبر حبوب منع الحمل عاملاً مباشراً لحدوث السكري لأنها ليست من الهرمونات المحرضة للسكري، ولكنها تزيد من إفراز الانسولين وتزيد كذلك من إفراز هرمون النمو.
وقد يعزى الإصابة بالسكري إلى زيادة إفراز الأنسولين. ولكن زيادة الوزن تنتج عن اختلال التوازن الإفرازي بين الأنسولين وهرمون النمو حيث يتفوق الأثر البنائي للدهن الذي يرجع إلى زيادة إفراز الأنسولين عن أثر هرمون النمو المحلل للدهن.
• ترفع حبوب منع الحمل ضغط الدم نتيجة زيادة إفراز انزيم الرنين في الكلى وقد يزداد الضغط الانقباضي أو الضغط الانبساطي ولكنها زيادة طفيفة لا تتجاوز 5ملليميتر.
• تتسبب حبوب منع الحمل في زيادة الوزن بنسبة 10-35% من النساء اللاتي يتعاطينها نتيجة:
1. زيادة الشهية وبالتالي زيادة كمية الطعام المتناول وبالتالي الحصول على زيادة من الطاقة الأمر الذي يقود إلى حدوث ميزان طاقي موجب.
2. زيادة القدرة على اختزان الماء والصوديوم بالجسم وتسمى السمنة في هذه الحالة بسمنة الأستروجين الزائد.
3. الأثر البنائي للدهن الناتج عن زيادة إفراز هرمون الأنسولين.
• تعمل حبوب منع الحمل على زيادة تكسر بروتينات البلازما الأمر الذي جعل هذه البروتينات ترتبط مع بنية الإفرازات الهرمونية مثل الكورتيزون والهرمونات الجنسية أي تجعلها غير فعالة.
• عند الإصابة بأمراض اضطرابات الغدد الصماء مثل زيادة إفراز الغدة الدرقية أو زيادة إفراز الكورتيزون فإنه يجب إيقاف تعاطي هذه الحبوب لقياس أو تقدير مقدار الزيادة الهرمونية في الدم، لأن حبوب منع الحمل لها أثر مضلل عند القياس لأنها ترفع نسبة هذه الهرمونات في الدم.
http://www.naseh.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/341)
عندما تتحدى الزوجة زوجها
الشيخ مازن الفريح
ضحت من أجل زوجها ولكن لم يزدها عنده الا بعداً، وحلمت عليه فما زاده الا جهلاً، وصبرت فازداد طغياناً وظلماً..ومع هذه المعاناة التي تذوب منها الصخور ظلت هادئة النفس، مطمئنة الفؤاد يشرق وجهها بنور الأمل ويملأ قلبها برد الإيمان الذي هو سر الثبات ومفتاح الفرج وأصل السعادة وأساس السكينة والرضا.ذلك السلاح الذي تحدت به طغيان زوجها وحماقته فقال لها مهدداً متوعداً وكأنه يملك الأرض ومن عليها: لأُشقينك!!
فقالت في طمأنينة ورفعة: لا تستطيع أن تشقيني،كما لا تستطيع أن تسعدني!
فقال غاضباً: ولماذا لا أقدر على ذلك.؟
فقالت: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو كانت في زينة من الحلي والحلل لحرمتني منها أو في حفلة أو في نزهة لمنعتني عنها،ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون.
فقال الزوج في دهشة: ما هو؟!
فقالت في يقين راسخ وإيمان شامخ: إني أجد سعادتي بإيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربى!
ذلك هو الإيمان راحة ضمير وسكينة نفس وطمأنينة قلب وانشراح صدر، يبصر المرء به دربه، وتثبت على الحق قدمه.
لا تهزَه الابتلاءات مهما تعاظمت، ولا تبهره الشهوات مهما تبهرجت، (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك الا للمؤمن)..ومن كان ينظر لتقلبات دهره وتبدل أيامه بهذه العين البصيرة فإنه يعيش سعيداً قرير العين مهما ضاقت به الدنيا واستكمت عليه حلقات الوصب ودوائر النصب!! بل ربما يحصل له من التلذذ في المناجاة وهو يخوض لجج الابتلاءات ما لا يحصل له أيام العافية.وقد عبر أهل الإيمان عن هذا الأنس والسعادة فقال أحدهم:إننا في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف.!!
فانظري ما مقدار الإيمان في قلبك؟
وما أثره في حياتك؟
إنه البلسم الحياة ونورها به يسكن الخائف ويطمئن المفجوع ويتسلى الحزين ويرتوي الظمآن و يستروح المهموم ويقوى الضعيف ويهتدي الحيران، فعبي من معينه تسعدي في دنياك وآخرتك.
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/342)
أبجديات زوجة سعيدة
أ. أبدأ بسم الله..
ب. البسمة لا تفارق محياي.
ت. تحرير المرأة أكبر خدعة يروج لها أعداء الأمة.. أعي مخططاتهم وأحذر منها.
ث. الثرثرة مزلة لقدمي، مذهبة لوقاري، مملة لزوجي.
ج. الجمال: جمال الروح بحسن العشرة وخفة الظل.
ح. الحب أساس بناء العلاقة الزوجية يستمد قوته من طاعة ربي ثم زوجي.
خ. الخضوع بالقول يطمع من في قلبه مرض، لذا فكلامي مع غير المحارم منضبط.
د. الدلال: إذا زاد عن حده أفسد الطفل.
ذ. ذلي لزوجي عبادة أتقرب بها إلى ربي {أذلة على المؤمنين}.
ر. الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه.
ز. زيارة أهلي وزميلاتي لا تبعدني عن بيتي، وزوجي.. فهي بقدر.
س. السوق حيث ينصب الشيطان رايته.. لا أدخله إلا لحاجة مهمة.
ش. شكراً لك زوجي فقد علمتني معنى السعادة.
ص. الصلاة.. الصلاة.. لا أُأخرها عن وقتها مهما كثرت مشاغلي.
ض. ضياع الوقت بالمجلات الساقطة والمجالس التافهة منكر أحاربه.
ط. الطلاق باب شر يهدم أسرتي ويشتت أبنائي لذا فقد أغلقته بمفتاح حسن العشرة.
ظ. الظلم ظلمات يوم القيامة.
ع. العطر لغة الأنوف لذا أحرص عليه في محيط بيتي، ولا أتجاوزه.
غ. الغيرة المذمومة مفتاح الطلاق.
ف. الفستان الجميل لباسي، ولكن لباس التقوى خير منه.
ق. القوامة مسؤولية وكلها الله إلى الرجال للحفاظ على المرأة.
ك. الكلمة الطيبة صدقة.
ل. لا أنشر أسرار بيتي بل أجعلها حبيسة صدري.
م. المكياج استعمله بقدر ولا أجعله جلّ اهتمامي وأهدر فيه مالي.
ن. النساء شقائق الرجال.
هـ. الهاتف للحاجة وليس لقضاء الأوقات ونشر الأسرار وتتبع العورات.
و. الولد الصالح هدف من أهدافي في تربيتي لأبنائي.
ي. يا رب أصلح لي ذريتي وزوجي إني تبت إليك وإني من المسلمين.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/343)
أنا وزوجي صديقان
اختارني لديني، واخترته لذات السبب، وكان لقاؤنا الأول النظرة الشرعية، فسألت الله يومها أن يوفقني وإياه ويسدد خطانا.. وتمّ بحمد الله القبول وعقد الزواج، فحدّثني وحدّثته، سألني: ما أحب؟ وسألته ـ أيضاً ـ: ما يحب؟.. وتعاهدنا أن يكون بعضنا عوناً لبعض على طاعة الله. كانت كلماته تطرب سمعي ويرنو لها فؤادي، كيف لا وهي من قلبه، وبين طياتها ذكر، وتسبيح، ودعاء؟
حمدت الله كثيراً، فهذا ما كنت أتمناه. فهو يأخذ بيدي وآخذ بيده. يعينني بكلّ حب لتقويم أخطائي، وبكل الرضا أتقبّل انتقاده وأسأله دوماً رأيه. وأستودعه سرِّي ومكنون نفسي، لا نكاد نفترق حتى يشتاق بعضنا لبعض، إنَّها لحظات جميلة، ونسأل الله أن تكون محبتنا في الله ولله..
ومرَّت أيامنا معاً، نقوم ما تيسَّر من لياليها، ونبتهل إلى الله أن يجعل بعضنا عوناً لبعض على الحقّ في زمن كثرت فيه الفتن. فلا خير في بيت لا يُذكّر فيه الله(ألا بذكر الله تطمئن القلوب)[الرعد:28]، ولا خير في اثنين يجتمعان في غير طاعة الله. تأمّلي قوله تعالي:(ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى* قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً* قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)[طه:124ـ126].
نسأل الله السلامة والعافية. فلنسع إلى بناء أسرة متماسكة، عمادها حب الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فما أجملها من أسرة وما أطيبها من حياة.
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/344)
اكتشفي نفسك في خمس دقائق
يتحدث الجميع عن ضيق الوقت وقلة الفراغ، وأنت كواحدة من الأمهات لابد أن تتغلبي على هذه المشكلة، وتكون لديك المفاتيح السهلة لتنظيم الوقت وترتيب الأولويات، إليك عزيزتي بعض تلك المفاتيح.
هناك بعض الأشخاص الذين نحب أن نكون بالقرب منهم، بل إن مجرد وجودهم في حياتنا يدخل علينا البهجة،وهناك شخص واحد بالأكيد هو دائما معنا وغالبا ما نجهله؟..ألا وهو أنفسنا.
اليوم عزيزتي الأم العاملة لا نريد منك سوى دقائق لنقوم برحلة استكشافية إلى شخصك لنقرب منها أكثر ولنعرفها، ولتكون هي الشخص المفضل لدينا، بل ونسعد لمجرد أن نكون هي، وهذا سينعكس بالتالي على الأسرة والأبناء وعلى علاقتك بهم.
عزيزتي الأم:
اعرفي ما تريدونه وعودي لأسرتك بآمال ورؤية جديدة.
* اعرفي نفسك:
حتى تتعرفي على نفسك لابد وأن تدركي نمط شخصيتك وصفاتها ولهذا عليك أن تمسكي بالقلم ولا تبخلي على نفسك ببعض الدقائق لتجيبي على هذه الأسئلة:
الأسئلة الإجابة:
1 - ما هي أكثر الأشياء التي تحفزك للعمل؟
2- ما هي أكثر الأعمال التي تحبين ممارستها حتى وإن لم تأخذي عليها مقابلا.؟
3- ما هو المقدار الذي تسمحين به للآخرين أن يتدخلوا به في حياتك؟
4- ما هي القيم التي تؤمنين بها وما هي احتياجاتك الشخصية؟
5- كيف تقيمين ثقتك بنفسك؟
6- ما هي نقاط القوة فيك وما هي المهارات التي تتقنيها؟
7- ما هي أكثر الأشياء التي تكرهينها في نفسك؟
8- هل قمت بعمل أشياء تفخرين بها؟
9- ما هي أهم الأشياء التي قدمتيها لأسرتك ولمجتمعك؟
10- هل تعرفين نفسك الآن؟
دستور حياتك:
من المهم جدا وضع دستور أو قاعدة لحياتك ...
عزيزتي الأم العاملة، لأن هذا من شأنه أن يجعل حياتك أسهل وأكثر تنظيما، ولا نقصد بالقاعدة هنا هو وضع هدف معين له زمن معين، بل هي عبارة عن جملة واحدة تستشفين منها مشاعرك اليومية وتصرفاتك مع من حولك وهذه الجمل البسيطة مثل:
أريد أن أعيش بهدوء وسكينة.
إني أريد الجنة.
إني أعرف حقيقة حياتي وأحبها.
إني أريد أن أتعلم من الآخرين.
ومثل هذه الجمل البسيطة في الكلمات والكبيرة في المعنى ستعرفين بها دائما إذا كان ما تقومين به يسير في الاتجاه الصحيح أم لا، وما يجب عليك أن تكوني عليه، وما هي الأعمال التي يجب أن تنجزيها، وما هي الأشياء التي عليك أن تغييرها لأنك تعرفين بالضبط ما هو الذي تريدينه في حياتك.
عزيزتي الأم:
ربما استغرقت بعض الوقت في قيامك بهذه الرحلة الاستكشافية بمفردك، ولكننا على يقين بأنك ستعودين لأسرتك بعد هذه الرحلة بنفسية جديدة وآمال جديدة ورؤية جديدة لحياتك.
نقاط تهمك :
1- عزيزتي الأم من الأهمية وأنت تجيبين على هذه الأسئلة أن تكتشفي نفسك بكثير من الثقة والفخر ... لا تحاولي أن تخفي عن نفسك نقاط ضعفك، بل تقبلي كل جزء فيها وتعاملي معه، فمثلا شعورك الدائم بالغضب والعصبية من الأبناء، لابد وأن تعترفي به وتتعاملي معه ولا تخفيه فربما كان إخفاؤه أكثر ضررا لك.
2- استغلي كل ما تملكينه الآن وتمتعي به، واجعلي له الجزء الأكبر من حياتك إلى جانب بحثك عن الأفضل.
3- تذكري دائما المثل القائل: ((إذا لم يثق الناس بك ثقتك بنفسك ستنفعهم))
تقبلي شخصيتك بكل ثقة وسيتقبلك الآخرون بكل سهولة.
http://www.waldee.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/345)
تعدد الزوجات .. وحقوق الإنسان (1/2)
صالح بن عبد الرحمن الحصيِّن
قال الله - تعالى -: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة...) [النساء:3].
هذه الآية واحدة من بضع آيات في سورة النساء جاءت لحماية حقوق اليتامى ذكوراً وإناثاً.
وفرض قيام المجتمع لهم بالعدل، والتحذير من الإخلال بذلك، والهداية إلى الوسائل التي تكْفُل العدل في اليتامى بإيفائهم حقوقهم على المجتمع أو على أفراد معينين فيه.
والنصّ الكريم مؤلف ـ كما قال الإمام القرطبي في تفسيره ـ من جزأين؛ شرط هو: (إن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى) وجوابه: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع).
وأوَّل ما يتبادر إلى ذهن السامع والقارئ لهذا السؤال: ما هي العلاقة بين الشرط والجواب؟
أهي العلاقة بين الإقساط في اليتامى ـ أي العدل فيهم بإعطائهم حقوقهم ـ وتعدد الزوجات؟
كيف يكون تشريع تعدد الزوجات مقتضياً وموجباً للعدل في اليتامى؟
في الإجابة عن هذا السؤال وعند الرجوع إلى التفسير بالمأثور، نرى أنَّ الإمام ابن جرير - رحمه الله - أورد في تفسير هذه الآية الكريمة وبيان سبب نزولها أربعة أقوال للسلف مختلفة، ولكن اختلافها اختلاف تنوع لا اختلاف تعارض وتضاد، وهي في هذا الاختلاف محكومة بالقاعدة المعروفة: أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأنَّ القول بأنَّ آية معينة نزلت في كذا قد يعني أنَّ هذا الوضع يشمله معنى الآية المعينة وحكمها، ولا يعني أنَّها لا تشمل وضعاً آخر.
والمقصود بـ(اليتامى) في الآية في ثلاثة أقوال من الأقوال الأربعة: الذكور والإناث.
وفي تفسير القرآن ينبغي الحذر من التجاوز عن التفسير بالمأثور أو ما اختاره أئمة التفسير المعروفين، ولكن ذلك لا يمنع عند تدبر القرآن من استلهام معان يمكن أن يتناولها اللفظ من حيث اللغة ولا تتعارض مع أحكام الشرع.
ومن هذا المنطلق ربما تكون الدلالة اللفظية المجرَّدة للنص الكريم مشيرة إلى الحكمة من تشريع تعدد الزوجات، ولا شكَّ أنَّ الواقع العملي يثبت وجود علاقة قوية وأكيد وظاهرة بين وجود تعدد الزوجات في المجتمع، وضمان حقوق اليتامى بوجه عام، توضيح ذلك فيما يلي:
لا يستطيع المجتمع أن يقوم بما فرضه الله عليه من الوفاء بحقوق اليتامى بمجرَّد إيجاد (دور أيتام) كافية لاستيعاب أعدادهم:
أولاً: لأنَّ لدُور الأيتام سلبيات كثيرة لا يبرر التسامح تجاهها إلا قيام الضرورة لوجود (دُور الأيتام) وعدم البديل لها.
وثانياً: لأنَّ لليتيم حاجات تتجاوز حاجة الجسم من الأكل واللباس والمأوى؛ حاجات عاطفية ونفسية وتربوية لا تقلّ في أهميتها عن الحاجات الجسمية، والواقع العملي وأحكام الشرع (الإسلامي) تظهر أنَّ هذه الحاجات في الغالب تُلبَّى عندما تتزوج أمُّ اليتيم فيكون لليتيم في هذه الحالة أب بديل وجوّ أسريّ بديل وإخوة وأخوات من أمه، وتكون علاقة زوج الأم بربيبه أو ربيبته (أولاد الأم من الزوج السابق) مشابهة في الغالب لعلاقته بأولاده لصلبه، حتى إنه يحرَّم عليه شرعاً الزواج بربيبته، كما يحرم عليه الزواج من ابنته.
وقد تنبَّهت بعض الشعوب بفطرتها إلى هذا الأمر، فوُجد مثلاً تقليد لدى القبائل الأفغانية يلتزم فيه الأفغاني، سواء كان أعزب أو متزوجاً، بالزواج من أرملة قريبه بعد وفاته؛ حماية للزوجة ولأولادها، ولذلك كان مما يلفت النظر أثناء الحرب الأفغانية الروسية، ومع وجود الأعداد الهائلة من الأيتام، عدم قيام الحاجة الظاهرة لإنشاء دُور الأيتام.
وصار همّ دُور الأيتام القليلة ـ التي أنشأها المحسنون بحماس ـ أن تتصيَّد الأيتام تصيّداً.
والواقع يظهر أنَّ أمّ الأيتام في الغالب لا تتزوَّج إلا في مجتمع يكون فيه الطلب على النساء كثيراً والعرض قليلاً، وهذا الوضع لا يتحقق عادة إلا في مجتمع يشيع فيه تعدد الزوجات.
في مثل هذه المجتمع وحده تتاح فرصة الزواج لكل امرأة مهما كان لديها من موانع الرغبة فيها كزوجة؛ مثل أن تكون أرملة مصبية، أي ذات أولاد.
وبالعكس فإنَّ المجتمعات التي لا يشيع فيها تعدد الزوجات، تتحدد فيها فرصة الأرامل في الزواج، حتى إنَّه مع مرور الوقت يصبح زواج الأرملة عيباً أو محرَّماً بحكم التقليد، كما هو الحال في القارة الهندية.
معنى ما تقدَّم أنَّ شيوع تعدد الزوجات في مجتمع ما، يجعل الطلب على النساء في ذلك المجتمع كبيراً، فحتى الأرملة ذات الأيتام سوف تجد الرجل المناسب الذي يرغب في زواجها، فإذا تزوَّجت فاء ظلّ الأب البديل على أولادها اليتامى ونعموا بالجوّ الأسري كأيّ أطفال عاديين لم يُصابوا بفقد أبيهم، وبذلك يتحقق في هذا المجتمع الوفاء لليتيم بحقوقه، أو كما جاء في الآية الكريمة (الإقساط فيه).
وما تقدَّم يشير إلى معنى أوسع للحكمة من تشريع تعدد الزوجات، فكما شاهدنا، فإنَّ المجتمع الذي يشيع فيه تعدد الزوجات يعمل فيه قانون العرض والطلب (وهو قانون طبيعي) عمله في أي مجال آخر، فتتاح فيه الفرصة للزواج لكل امرأة، فلا يبقى فيه عوانس ولا مطلقات ولا أرامل فقدن الأمل في الزواج بعد فقد أزواجهن. وسيعمل هذا القانون الطبيعي ـ ولا بدّ ـ عمله، فيؤثر إيجابياً وبصورة ظاهرة على قيمة المرأة في المجتمع، وبالتالي على حريتها، واستيفائها حقوقها، وأن تؤتى ما كتب الله لها، وأن تعامل من قبل الرجل والمجتمع بالعدل.
ولعلَّ هذا ما تشير له الآية الكريمة (ذلك أدنى أن لا تعولوا...)، فتعدد الزوجات ـ في النظر المتعمق ـ يحمي المرأة من الظلم وانتقاص الحق، وهذا مشاهد في الواقع العملي، فالمرأة الإفريقية (جنوب الصحراء) حيث يشيع تعدد الزوجات، تتمتع بمركز اجتماعي، وحرية، وقدرة على التصرف بقدر لا يُتاح للمرأة في القارة الهندية مثلاً، حيث تسود عادة وحدة الزوجة، ففي هذه المجتمعات الأخيرة تولد المرأة ومعها شعور أسرتها بأنَّه ولد للأسرة عبء مالي إضافي يتمثَّل في الثمن الباهظ لشراء زوجها عندما تبلغ سنّ الزواج، إذ على الأب أن يدفع (الجهيز) وتتحدد قيمة (الجهيز) في الغالب بمدى القدرة المالية للأب. أعرف أخاً من جنوب الهند كان موسراً، ولكنه انتهى مفلساً بعد أن دفع (الجهيز) لتزويج بناته التسع، والمسلمون الهنود وحدهم ـ وبحكم تأثرهم بالعادات الهندوكية السائدة ـ توجد عندهم مشكلة تستأثر بقدر كبير من همومهم؛ هي مشكلة تزويج البنات الفقيرات.
نماذج غير عربية:
ومن الطبيعي أنَّ المرأة الهندية عندما تنجح في الحصول على الزوج؛ فإنَّها تحت سلطان شبح الخوف من فقده سوف تصبر على ظلمه، وسوف تتغاضى عن مطالبتها إياه بحقوقها قبله، ولن تستطيع القوانين البشرية مهما كانت كفايتها وفعاليتها مقاومة عمل القوانين الطبيعية.
ومن يتابع الصحف اليومية الهندية وأخبار ما تنشره عن مآسي انتحار الزوجات أو حرقهن من قبل أزواجهن وأسر أزواجهن بسبب عجز الزوجة عن الوفاء بالتزامها بثمن زواجها (الجهيز)، سوف يرى صورة من صور الظلم الناشئ عن تدني قيمتها بتأثير القانون الطبيعي للعرض والطلب.
وهذا الوضع (في الهند) له ـ ولا شكّ ـ صلة بمشكلة وأد البنات، وإجهاضهن في الهند، كما تحدَّث عن ذلك موقع (bbc.new) و(بي سي أون لاين) في 7/12/2000م، وذكر صراحة أنَّ وأد البنات مشكلة قائمة في الهند لمدة طويلة، حيث تستمد مبررها من العادات المرتبطة بمهور الزواج، التي تجعل المرأة ذات بعد اقتصادي، وقد طلبت الهيئات الطبية في الهند المساعدة الدولية لمنع مليونين من حالات الإجهاض تتم في الهند سنوياً بسبب اكتشاف أنَّ الجنين أُنثى.
لقد اكتُشف تناقص نسبة الإناث إلى عدد الذكور في الهند منذ مطلع القرن العشرين، ولكنه في السنوات الأخيرة تنامى النقص في نسبة الإناث للذكور بصفة دراماتيكية.
النموذج الأفريقي:
وعلى العكس؛ فالمرأة الإفريقية (جنوب الصحراء) عندما تبلغ سن الزواج تستقبلها أبواب العشّ الزوجي مشرّعة، وتدخلها مرفوعة الرأس كريمة، سوف يتردد زوجها كثيراً قبل أن يقدم على ظلمها أو انتقاص حقوقها أو حريتها؛ لأنَّه يعلم أنَّه إذا فارقها فلن تكون أبواب الزواج من جديد موصّدة أمامها، إنَّ قانون العرض والطلب قد رفع قيمتها وأعطاها القدرة على التصرف والاختيار، وسيكون زوجها أمام علة فاعلة وسبب واقعي لمعاشرتها بالمعروف.
إذا صحَّ ما سبق؛ فإنَّ من المنطقي توقع أن تنخفض نسبة الطلاق في مجتمع يشيع فيه تعدد الزوجات، هناك سبب إضافي لتدني نسبة الطلاق في مجتمع تعدد الزوجات؛ يرجع إلى الرجل (وهو بحكم الطبيعة وبصرف النظر عن جنسه أو ثقافته أو مكانه أو زمانه) يميل غالباً إلى (التعدد) لن يجد نفسه (في مجتمع التعدد) في ظروف تحمله على الطلاق، بسبب رغبته في التعدد (كما يحصل في مجتمع عدم التعدد).
وإذا كان الرجل كحقيقة واقعة يميل غالباً إلى التعدد؛ فإنَّ تشريعاً للتعدد ـ كالتشريع الإسلامي بقيوده وضوابطه ـ يضمن البديل العادل للمرأة، ولا يجعلها ـ كما هو الواقع في المجتمعات التي تنكر التعدد المشروع ـ محرومة من الحماية لحقوقها وحقوق ثمرة التعدد، أو محتاجة لتشريع قوانين (غير كاملة وغير مضمونة النفاذ والفعالية) لحماية حقوقها وحقوق أولادها.
وبعد هذا؛ فإنَّ لصلة تعدد الزوجات (في الحدود وبالقيود التي يرسمها التشريع الإسلامي) بالعدل في جانب المرأة بالنسبة لمفاهيم الحضارة المعاصرة مجالاً آخر للقول، ملخصه:
إنَّ رعاية حقوق الإنسان وحمايتها أهم ـ أو من أهم ـ القيم الخلقية في الحضارة المعاصرة (على الأقل نظرياً، وبصرف النظر عن التطبيق الواقعي).
يشهد لذلك أنَّه عندما ظهر إخفاق المعيار الاقتصادي في تصنيف البلدان والدول من حيث التقدم والتخلف، جاءت النظرية الحديثة باعتماد معيار مدى رعاية الدولة لحقوق الإنسان؛ لقياس درجتها في سلم التقدم والحضارة، ونتيجة لذلك اعتبرت البلدان الاسكندنافية متقدمة في هذا السلم عن البلدان الأوربية الأخرى.
الغرب وفرنسا كنموذج:
كانت فرنسا أول دولة أوربية تصدر إعلاناً لحقوق الإنسان عام 1789م، وفي دستورها عام 1946م أكدت تلك الحقوق، وأضافت إليها حقوقاً أخرى كحقّ العمل، وحق الانضمام إلى الاتحادات، وحقّ الإضراب. ولكن للمرأة حقوقاً هي أهمّ لديها، أو يجب أن تكون أهمّ لديها من حقّ الإضراب، أو الانضمام إلى الاتحادات أو حتى العمل، وأعني بذلك حقّ المرأة في الأمومة، وفي الزواج، وفي أن يكون لها بيت تكون مليكته الراعية فيه، وتؤدي فيه وظائفها الطبيعية.
ووجه أهمية الأمومة للمرأة يتضح من أنَّ علم النفس عندما دخل المعاملات والمختبرات على يد علماء النفس السلوكيين، أثبت أنَّ غريزة الأمومة أقوى لدى الأنثى من غريزة الجوع ومن غريزة الجنس.
أمَّا بالنسبة لأهمية الزواج للمرأة؛ فتظهر عندما نتذكر أنَّ الهدف الذي رسمه القرآن الكريم للزواج أن يسكن الرجل إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل، وأن يكون بينهما المودة والرحمة، (وجعل منها زوجها ليسكن إليها) [الأعراف:189]، (خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم:19] ولفظ"ليسكن"،"لتسكنوا"يحمل معاني واسعة تشمل الشعور بالراحة والمتعة والأمن والسلام، وما يشبه شعور الطفل عندما تحضنه أمه، وهذا اللفظ بما يحمل من معان لا مرادف له في العربية، وربما لا يوجد له مرادف في اللغات الأخرى، وإذا تحقق هذا الهدف للزواج؛ فإنه يكون مصدراً للسعادة لا يمكن أن يعوّض بأي أمر آخر اعتاد الناس أن يعتبروه مصدراً لها.
وأما بالنسبة لأهمية وجود المكان والجو الأسري الذي تمارس فيه المرأة وظائفها التقليدية التي تتناغم مع طبيعتها ومشاعرها ومواهبها وإحساسها بالجمال، وهو ما يعطي المرأة قدراً كبيراً من الشعور بالاكتفاء، الذي هو بدوره أمر ضروري للصحة النفسية، أقول: بالنسبة لأهمية ذلك للمرأة؛ فإنَّ الأمر لا يحتاج إلى تدليل أو إفاضة في الإيضاح. وفي رأي أحد الخبراء أنَّ ظاهرة ظهور بعض أعراض الاختلال النفسي لدى المرأة الخليجية، مثل حالات الاكتئاب والقلق والشعور بعدم الاكتفاء راجع إلى تخلي المرأة الخليجية عن ممارسة وظائفها التقليدية في البيت بإسنادها إلى الخادمة، وبذلك يظلّ الشعور بعدم الاكتفاء، وأنَّ شيئاً ـ غير معين ـ ينقصها في حياتها يلازم مثل هذه المرأة في تفكيرها اللاشعوري، ولا تدرك في عقلها الواعي أن ما ينقصها هو حرمانها من ممارسة الوظائف التقليدية للمرأة، ولو كانت هي التي اختارت هذا الحرمان.
فإذا كانت حقوق المرأة في الأمومة، والزواج، وتمتعها بالجو الأسري الذي تمارس فيه الوظائف التقليدية للمرأة، إذا كانت هذه الحقوق بهذه الأهمية للمرأة؛ فإنَّ أية دولة أو مجتمع يحدد ويضيّق فرصتها في الحصول على هذه الحقوق لا يمكن أن يدعي العدل في جانب المرأة، ولا العمل لصالحها وسعادتها.
وقد وضح فيما سبق أنَّ معارضة الدولة والمجتمع لتعدد الزوجات (كما هو في النظام الإسلامي) يحدد حتماً ويضيّق بصورة جدية الفرصة أمام المرأة للحصول على تلك الحقوق، وإذا كان الأمر كما ذكر، فكيف نفسِّر الصورة السلبية لدى الحضارة المعاصرة لنظام تعدد الزوجات؟
http://www.islamtoday.netالمصدر:
تعدد الزوجات وحقوق الإنسان (2/2)
صالح بن عبد الرحمن الحصيِّن
اختتم الكاتب مقاله في الحلقة السابقة عند سؤاله المطروح: كيف نفسِّر الصورة السلبية لدى الحضارة المعاصرة لنظام تعدد الزوجات؟ ونستمر مع الحلقة الثانية والأخيرة من هذا المقال للإجابة على هذا السؤال، فيقول:
للإجابة عن هذا السؤال نلاحظ أمرين:
الأول: يتعلق بالمجتمعات والدول الغربية، ومن المناسب ذكر قصة معبرة لها دلالتها، فحينما أصدر البرلمان الإنجليزي القانون المشهور بإباحة العلاقات الجنسية الشاذة كان هذا الحديث موضوع حديث بيني وبين أحد الأصدقاء، وقد علق بقوله: "ولكن ستمضي خمسون سنة قبل أن يصدر البرلمان الإنجليزي قانوناً بإباحة تعدد الزواج" لم يكن صديقي مبالغاً، فقد مضى حتى الآن على تعليقه أكثر من خمس وثلاثين سنة!. إنَّ ضمير المجتمع في أوربا يسهل عليه أن يقبل وجود علاقات جنسية خارج نطاق الزواج حتى لو كانت شاذة تحت تأثير قبوله لفكر الحرية الجنسية، أما (تابو) تعدد الزوجات فلا يزال جزءًا ثابتاً في الموروث الثقافي الأوربي (Cuiture)، وبعبارة أخرى جزءًا من المعنى القانوني الغامض لعبارة: النظام العام والآداب العامة في المجتمعات الغربية.
وإذا استحضرنا أنَّ الديانة المسيحية ـ بشكلها الأوربي ـ عنصر هام من عناصر الموروث الثقافي الأوربي، واستحضرنا نظرة هذه الديانة للزواج بحدّ ذاته، سهل علينا فهم النظرة السلبية للثقافة الأوربية إلى نظام تعدد الزوجات.
والموروثات الثقافية ـ كما هو معروف ـ لا تخضع دائماً للمنطق ولا للمحاكمة العقلية، ولكن على كل حال فهذه النظرة لها في المجتمعات الغربية ـ كما رأينا ـ مبررات مفهومة، وإن كانت غير صحيحة.
أمَّا في العالم الإسلامي حيث صدرت قوانين في العراق وتركيا وتونس تحرِّم وتجرم تعدد الزوجات، فإنه يصعب أن توجد لهذه القوانين مبررات مفهومة، إذ إنه حتى فكرة النظام العام والآداب العامة، لا يمكن أن تكون أساساً لهذه القوانين، والموروث الثقافي في هذه البلدان -فضلاً عن أحكام الشريعة- لا يمكن أن يكون مصدراً لهذه القوانين، بل إنَّه ضدها.
وإذاً، فما هو التفسير لصدور هذه القوانين في العالم الإسلامي؟
الجواب:إذا استثنينا الانتهازية السياسية، النزق الطائش في تصور العلمانية، والهوى الجامح في التفلت من أحكام الإسلام؛ فإنَّه يمكن القول بأنَّ الدافع لإصدار تلك القوانين، الخضوع اللاواعي لسلطان الثقافة (Cuiture)، والانبهار بألفاظ الحرية والمساواة وكرامة الإنسان، دون أن يوجد تحديد واضح لمفاهيمها في الذهن.
وفي المقابل تعوَّد الغرب على إطلاق ألفاظ وعبارات لها إيحاءات وظلال فكرية مكروهة مثل: الحريم، واستعباد الرجل للمرأة وتسخيرها لمتعته، والحياة المهينة للمرأة، كما تعوَّد ببغاوات الشرق على ترديد هذه الألفاظ والعبارات.
وليس أدلّ على طغيان سلطان الثقافة الغربية على عقل المسلم في هذا المجال من أنَّه حتى المدافعون عن الإسلام من الكتاب الإسلاميين لم يستطيعوا التخلص من هذا الطغيان، فنجدهم يدافعون عن نظام تعدد الزوجات بصفة اعتذارية، وكأنهم قد اقتنعوا بأنَّ هذا النظام غير مرغوب فيه، وأنَّهم يودّون أنه لم يوجد في تشريع الإسلام. أما وقد وُجد؛ فلا حيلة لهم إلا التماس المبررات الاعتذارية لوجوده، فهم يسلمون من حيث المبدأ بصحة النظرة السلبية لهذا النظام كنظام اجتماعي، ثم يبررون وجوده في الإسلام بأنَّه نظام استثنائي، وأنَّه في طريق الانقراض عن حياة المسلمين، وأنَّه مبرر فقط في ظروف معينة، ثم يحاولون حصر هذه الظروف التي تقوم بها الحاجة الفعلية أو الضرورة؛ لأن يتزوَّج الرجل على زوجته.
وفضلاً عن أنَّه لا يوجد أساس علمي شرعي لاعتبار نظام تعدد الزوجات (كما هو منظَّم في الإسلام) نظاماً استثنائياً لا يمكن أن يتسامح الإسلام تجاهه إلا في ظلّ الظروف وضمن الشروط الواقعية التي تجعله حاجة معتبرة (في تقديرهم)، إذ إنه لا النصوص الثابتة ولا تطبيقها من قبل الرعيل الأول من الصحابة والتابعين يشهد لذلك، فضلاً عن ذلك؛ فإنَّه إذا صحَّ ما أوردته ـ فيما سبق ـ من حجج عقلية لإثبات أنَّ نظام تعدد الزوجات في ذاته نظام يحقق المصلحة العامة للمجتمع، فقد كان ينبغي لهؤلاء الكتَّاب أن يعتبروه نظاماً اجتماعياً صالحاً حقيقاً بأن يعتزَّ به ولا يعتذر عنه، وأن يكون همهم تشجيعه والدعوة إلى إشاعته، بدلاً من التنفير عنه، على أنَّه في الحالات التي لا يكون الدافع فيها وراء القوانين المحرمة لتعدد الزوجات في العالم الإسلامي اتباع ما تهوى الأنفس، فإنَّ الدافع لها اتباع الظن والخضوع للأوهام، بدلاً من البناء على الحقائق وإجراء المحاكمة العقلية للأمور قبل الحكم عليها، ولو حكم المشرعون لتلك القوانين العقل؛ لأبصروا التناقض العجيب بين تحريم تعدد الزوجات، وإباحة صور من علاقات المتزوجين بنساء خارج نطاق الزوجية، علاقات تشبه العلاقة الزوجية في كل شيء إلا في عدم وجود الإجراء الشكلي لعقد الزواج، والذي كان سيحمي حقوق المرأة وحقوق ثمرة علاقتها بالرجل من الأولاد.
ويبرز التناقض عندما يقدم الشخص للمحاكمة بتهمة ارتكابه لجريمة تعدد الزوجات، فتبرئه المحكمة إذا عجز الإدعاء العام عن إثبات وجود عقد زواج شرعي في الحالة، بحيث يقوم الدليل على أنَّ الحالة حالة زواج يمنعه القانون، وليست حالة زنا يبيحها القانون!.
المشرّعون لتلك القوانين يقولون (إنَّما نحن مصلحون) غايتنا حماية حقوق المرأة وكرامتها وحريتها، ولا (يشعرون) أنَّ هذه القوانين تهيئ لهم الظروف الطبيعية لحرمان المرأة من حقوقها ولتحديد حريتها واستلاب كرامتها، وما كانت القوانين البشرية أبداً قادرة على مغالبة القوانين الطبيعية وإلغاء آثارها، لا سيما في مجتمع تتسم فيه الأجهزة المسؤولة عن تنفيذ القوانين بالعجز والتخلف والفساد، كما هو الحال في أغلب المجتمعات فيما يسمى العالم الإسلامي.
إنَّ الوهم السائد بأنَّ نظام تعدد الزوجات نظام اجتماعي سيئ وضد مصلحة المجتمع، وقد اخترعه الرجل استجابة لهواه ومتعته، وأنَّه مظهر لاستعلاء الرجل على المرأة، منتقص لحقوقها مهين لكرامتها وسبب لشقائها، والإلحاح على تكرار هذه الأحكام على نظام تعدد الزوجات في الندوات والمؤتمرات ووسائل الإعلام، كل ذلك أوجد لدى الكتّاب الإسلاميين المعاصرين الوحشة تجاه نظام تعدد الزوجات المحكوم بقيود الشرع وضوابطه، دون محاولة منهم للقيام لله، والتفكير والاختبار الموضوعي الحيادي لهذه الأحكام المسبقة على النظام، وتحديد ما إذا كانت هذه الأحكام نتيجة الأفكار الشائعة السائدة في أذهان الناس وعلى ألسنتهم أو نتيجة للمحاكمة الفعلية، والبحث عن المصالح في ضوء الواقع وتجارب الأمم، وعدم الانسياق مع الهوى والعاطفة والشعارات الخادعة.
ومعلوم أنَّ شيوع الفكرة وسيادتها ولو كانت وهمية، يعطيها من إمكانية الإيمان بها واليقين ما لا تحظى به ـ في كثير من الأحيان ـ الحقائق، بل يجعلها من المسلّمات البديهية التي لا تقبل المراجعة أو التشكيك. ونتيجة لما سبقت الإشارة إليه؛ رأينا الكتابات المعاصرة في الدفاع عن الإسلام تنساق مع الأفكار الوهمية الشائعة عن تعدد الزوجات، فتعتبره من حيث المبدأ غير مرغوب فيه، وإنَّما يكون مشروعاً على وجه الاستثناء، وحيث توجد ظروف معينة تجعله استجابة لحاجة حقيقية وفعلية تبرر الاستثناء، وأنَّه لا ينبغي أن يكون الدافع إليه الرغبة الطبيعية للرجل في الاستمتاع، وحسب علمي القاصر فإنَّه لا يوجد من نصوص الشرع ما يسند هذا الاتجاه، وهدي الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ـ كما يشهد التاريخ الصادق ـ على خلافه.
وإذا صحَّ ما أطلت الجدال فيه والاحتجاج عليه من أنَّ هذا النظام ـ كما رسمه الشرع الحكيم ـ نظام اجتماعي صالح، ليس فقط لأنَّ أي بديل عنه ـ في ضوء دراسة الواقع ـ ضار بالمجتمع عامل على فساده؛ بل لأنَّه يحقق مصلحة المرأة مثل ما يحقق مصلحة الرجل أو أكثر، ويضمن للمرأة من العدل والحرية والوفاء بحقوقها الطبيعية ما يفوت عليها في ظلّ أنظمة تمنع تعدد الزوجات كما ينظمه الإسلام.
إذا صحَّ ما ذكر فإنَّ هذا النظام سوف يحقق آثاره النافعة بصرف النظر عن دوافع الرجل للزواج، وهذا تماماً مثل الزواج بحدّ ذاته، فهو نظام اجتماعي صالح، بصرف النظر عن العامل النفسي الذي دفع الرجل للزواج، إذا لم يكن هذا العامل النفسي عاملاً سيئاً.
إنَّ نظام تعدد الزوجات ـ كأي نظام اجتماعي صالح ـ له بلا شك سلبياته، وبعض هذه السلبيات راجع إلى طبيعته، ولكنها حينئذٍ لا توجب إلغاءه، إلا لو كانت ترجح على إيجابياته، وهذا غير واقع، وبعضها راجع إلى إساءة استعمال البشر، وهذه أيضاً لا تعالج بإلغاء النظام، وإنَّما بالعمل على حمل الإنسان المسلم على عدم إساءة استعمال النظام.(83/346)
وبناءً على ما تقدم؛ فإنَّه ليس من العدل أن يُترك الناس للأوهام والأفكار الخرافية حول تعدد الزوجات، ويكون الواجب أن يكشف عن أعينهم غشاوتها، وأن يُوعوا بالحقائق عن هذا النظام. وإذا كانت وسائل الدعوة عاجزة عن القيام بدور فاعل في هذا المجال؛ فإنَّ الجهات المسؤولة عن التربية والتعليم مسؤولة عن تضمينها مناهج التعليم ما يميز بين الأوهام والحقائق، في هذا النظام وغيره من الأنظمة الاجتماعية.
وعوداً للكلام على الآية الكريمة المصدَّر بها هذا المقال، وفي ضوء ما سبق؛ فإنَّه يمكن إبداء الملاحظات التالية:
1 ـ هذه الآية هي الآية الوحيدة التي تدلّ بنصّها على مشروعية تعدد الزوجات، أمَّا النصّ الوارد في الآية الأخرى (وأن تجمعوا بين الأختين) [النساء:23] في سياق تعداد المحرَّمات في الزواج؛ فلا يدلّ بالنص على التعدد، وإنما بمفهوم المخالفة، وكذلك النص الوارد في الآية الأخرى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين
النساء ولو حرصتم) [النساء:129] فإنَّما يدل على مشروعية التعدد بالإشارة.
2 ـ ورد في التعبير عن العدل بثلاثة ألفاظ (أن لا تقسطوا)، (أن لا تعدلوا)، (أن لا تعولوا)، والإقساط والعدل وعدم العول متقاربة في المعنى، على أنَّه ينبغي التمييز في المعنى بين العدل في الأشخاص، والعدل بين الأشخاص؛ فالعدل في الأشخاص يعني إيفاءهم حقوقهم، والعدل بين الأشخاص يعني التسوية بينهم.
والعدل المشروط لإباحة تعدد الزوجات في الآية الكريمة -كما يدلّ كلام المفسرين- يعني الأمرين: وجود العزم على التسوية في المعاملة بين الزوجات، ووجود الظنّ الغالب بقدرة الزوج على ذلك، ثم وجود العزم على الوفاء بما لكلّ من الزوجات من حقوق الزوجية، ووجود الظنّ الغالب لدى الزوج بقدرته على ذلك.
3 ـ كما رأينا؛ فإنَّ نظام تعدد الزوجات في الإسلام صورة مختلفة عن نظام تعدد الزوجات في أي دين آخر، أو ثقافة أخرى، وإذا كان أيّ نظام اجتماعي له سلبياته ولا بد؛ فإنَّ النظام الإسلامي يتفادى ما أمكن تلك السلبيات، فيشترط فيه العدل في الزوجات، ثم العدل بين الزوجات حين يكون ذلك ممكناً بحكم الطبيعة البشرية، ثم لا يسمح به حين يؤثر سلباً على غاية مصلحية يهتم بها الإسلام وهي صلة الرحم، فيمنع أن يكون بين الزوجات نوع معين من القرابة كما بين المرأة وأختها، أو المرأة وخالتها، ثم هو بعد ذلك يحدد العدد، فلا يجيز التعدد لأكثر من أربع، والزيادة عن أربع من خصائص نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وقد كشف التاريخ والواقع العملي عن حكمة مهمة من حِكَم هذه الخصيصة، ذلك أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يبلغ نبوته، ويهدي بهداية الله عن طريق القول والعمل، فهو مثال ونموذج للأمة، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وهو شاهد على أمته، وموجب هذه الشهادة أن تكون بينة واضحة ودليلاً ظاهراً على مشروعية الفعل، وأنَّ تطبيق ما أنزل الله من الهدى ممكن، وكيفية هذا التطبيق، ولا يتم ذلك على كماله إلا بأن يكون لدى الأمة علم تفصيلي بحياته - صلى الله عليه وسلم - العامة والخاصة، وذلك يوجب أن يوجد عدد كاف يضمن به البلاغ، ولا إشكال في شؤون الحياة العامة، أمَّا الحياة الخاصة فلا يمكن أن يبلغ هديه فيها إلا عن طريق الزوجات، وإذا كان النقلة عدداً قليلاً فقد ينسى الناقل أو لا يرى أنَّ الأمر من الأمور التي يجب نقلها، أو يخطئ في النقل، وهذه العوارض تعرض لمن ينقل عنه في سلسلة الإسناد. وقد كشف التاريخ أنَّه بسبب وجود هذا العدد من الزوجات الذي اختاره الله لنبيه أمكن أن تعرف الأمة كل تفاصيل ودقائق حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاصة، حتى إنَّ المسلم العادي بعد أربعة عشر قرناً يعرف عن تفاصيل الحياة الخاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما يعرف عن الحياة الخاصة لأبيه.
4 ـ قوله - تعالى -: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) قيد غير مراد، فلا يعني أنه إن لم يخف الأفراد أو المجتمع الإقساط في الأيتام فلا يجوز لهم تعدد الزوجات، وإنما يستفاد منه الإشارة إلى أنَّ تعدد الزوجات بديل صالح يوفر الوقاية من ظلم اليتامى وعدم إيفائهم حقوقهم.
5 ـ المنطق الصحيح والواقع العملي يشهدان بأنَّ شيوع تعدد الزوجات في المجتمع يعطي المرأة الفرصة في الزواج مهما كانت الصعوبات والعوائق التي تقف في طريقها إلى الزواج، وبذلك تتوفر الحماية الاجتماعية لأمّ اليتامى وأولادها، ويتأثر مركز المرأة الاجتماعي إيجابياً، فنكون أقدر على الحفاظ على حقوقها وحريتها وضمان معاملتها بالعدل، وعموم لفظ الآية يتضمَّن أنَّ نظام تعدد الزوجات عامل فاعل في العدل في اليتامى، وإذا كان اسم الإشارة (ذلك أدنى أن لا تعولوا) راجعاً إلى كلّ ما سبقه، فذلك يعني أنَّ هذا النظام عامل فاعل للعدل في النساء من حيث الجملة.
6 ـ المنطق الصحيح والواقع العملي يشهدان أنَّ المجتمع أو القانون الذي يعارض تعدد الزوجات، يحدد فرصة المرأة في الزواج، فيحدد بالتالي فرصتها في أن تكون أماً، وأن يكون لها زوج تسكن إليه ويسكن إليها، وتنمو بينهما المودة والرحمة، ويكون لها بيت تؤدي فيه وظائفها الطبيعية كامرأة، وكلّ هذه الأمور حاجات أساسية وحقوق للمرأة أهمّ لديها وفي واقع الحياة من عدد من الحقوق التي تضمَّنتها وثيقة حقوق الإنسان.
فتحديد فرصة المرأة في الحصول على هذه الحاجات الأساسية بالحدّ من تعدد الزوجات انتهاك واضح لحقوقها - كإنسان-.
7 ـ عند التأمل والاحتكام للنظر المنطقي والعقلي، يظهر جلياً أنَّ نظرة الغرب إلى نظام تعدد الزوجات (كما هو في الإسلام)، أساسها التصورات الناتجة عن الموروثات الثقافية، وليس أساسها المنطق والمحاكمة العقلية، أو اعتبارات المصلحة الاجتماعية العملية. والنظرة السلبية لهذا النظام لدى بعض المسلمين المعاصرين ناشئة فقط عن التأثر بالتصورات الغربية، والانخداع بتحقير الغرب لهذا النظام عند المسلمين، وعيبهم به.
8 ـ بحكم طبائع الأشياء، فإن لنظام تعدد الزوجات ـ كأي نظام اجتماعي آخر ـ سلبيات، ويحدث أحياناً كثيرة أن يُساء استعماله، ولكن هذا شأن أي نظام اجتماعي صالح، والعلاج ليس بهدم النظام وإنَّما بمعالجة السلبيات والعمل على تقليلها، ومكافحة إساءة الاستعمال.
وبالله التوفيق.
http://www.islamtoday.netالمصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/347)
اجعلي زوجك لا يستغني عنك
• أشعري زوجك بأهميته عندك،لأننا في الغالب نهتم بمن يهتم بنا،شاوريه في أمورك وإن كانت لا تخصه بل حتى وإن كنت لن تأخذي برأيه، إن فعلك هذا يجعله يشعر بأنه مهم في حياتك، وأنك لا تغفلين رأيه.
• انتظري زوجك عند قدومه وقابليه بلهفة، اجعليه يشعر بأنك افتقدتيه فعلا، زيني اللقاء بتلك الكلمات التي تطرب الأذن وتدغدغ المشاعر وأخرجي ما كنزت من جمل رنانة تسعد القلوب.
• ناديه باسمه وابتسمي له وإذا تحدث اظهري المتابعة لما يقول صوتا وصورة.
• كوني مرنة(تحتها عشرين خط)، حنونة، وحاولي مشاركته ما أمكن، وكلما اتيحت لذلك فرصة، كوني دائما بجانبه خاصة إذا مرض أو أخفق أو حتى أخطاء في حقك.
• اجعلي له الأولوية المطلقة حتى على أولادك، وفضليه على كل شيء وليكن إرضاءه غايتك وقولي ذلك أمامه.
• استخدمي عبارات الشكر والامتنان والعرفان بالجميل بإخلاص ودون تكلف.
• أقصر طريق لقلب الرجل معدته (ليست صحيحة في كل الأحوال) اتقني الأكلات التي يفضلها زوجك وقولي له بأنك صنعتيها خصيصا لأجله.
• تابعي مواعيده،متى يحب أن يأخذ قيلولته، قهوته، حمامه، بل حتى خلوته بنفسه.
• أبعدي الرتابة والروتين عن حياتك الزوجية الظاهرة والباطنة، وجددي في نفسك وأسلوبك ومظهرك.
• تطرب أذن الرجل في الغالب لكلمات الإطراء والمديح (بس لا تزودين الجرعة بعدين يشوف نفسه عليك)، امدحي شخصه ومظهره واذكري صفاته الحسنة،ولتعلمي أن هذا سيشجعه للمزيد وسيجعل منك وقوده النفسي.
• اجعلي البيت المكان الذي يريده زوجك فعلا للراحة النفسية والجسدية، ووفري تلك الأجواء الشاعرية التي تذكي روح الحب والألفة والمودة بينكما.
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(83/348)
ما هو الحجاب الشرعي ؟
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - فتاوى الشيخ [2/863]:
ما هو الحجاب الشرعي؟
الجواب:
الحجاب الشرعي هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره أي سترها ما يجب عليها ستره وأولى ذلك وأوله ستر الوجه، لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة، فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عن من ليسوا بمحارمها.
وأما من زعم أن الحجاب الشرعي هو ستر الرأس والعنق والنحر والقدم والساق والذراع، وأباح للمرأة أن تخرج وجهها وكفيها، فإن هذا من أعجب ما يكون من الأقوال، لأنه من المعلوم أن الرغبة ومحل الفتنة هو الوجه، وكيف يمكن أن يقال أن الشريعة تمنع كشف القدم من المرأة وتبيح لها أن تخرج الوجه، هذا لا يمكن أن يكون واقعاً في الشريعة العظيمة الحكيمة المطهرة من التناقض، وكل إنسان يعرف أن الفتنة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة بكشف القدم، وكل إنسان يعرف أن محل رغبة الرجال في النساء، إنما هي الوجوه.
ولهذا لو قيل للخاطب أن مخطوبتك قبيحة الوجه، ولكنها جميلة القدم، ما أقدم على خطبتها، ولو قيل له أنها جميلة الوجه، ولكن في يديها أو في كفيها أو في قدميها أو في ساقيها نزول عن الجمال، لكان يقدم عليها.
فعلم أن الوجه أولى ما يجب حجابه، وهناك أدلة من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام وعلماء الإسلام تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها عن من ليسوا بمحارمها، وتدل على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها وليس هذا موضع ذكر ذلك، والله اعلم
http://www.sahab.ws المصدر:
إلى ابنتي في ليلة العمر
اليوم يا بنيتي تدخلين دنياً جديدةً عليك، دنياً سمعت كثيراً عنها من صديقاتك و قريباتك و لمستها في أخواتك، و لكن كل هذا لا يعني أنك عرفت دنياً الزواج و الحياة الزوجية إلا كمعرفة من وقف على شاطئ اليم دون أن يخوض فيه، و شتان بين من يسبح في البحر و من يسبح على البر.
اليوم تتركين العش الذي درجتِ فيه، و الأهل الذين عشتِ بينهم و كبرتِ، و بدأتِ تنقشين في خيالكِ أحلاماً و أمانٍ و رؤىً لعالمٍ جديد، تخيلت فيه كل صغيرة و كبيرة، و حلمتِ أحلاماً وردية عن البيت و الزوج و الأطفال، و قد يكون بيتكِ هذا تجسيداً لتلك الأماني و الأحلام التي ملأت خاطرك، أو قد يكون البون شاسعاً بين ما كنتِ تحلمين به و بين الحقيقة.
فالخيال دائماً يا بنيتي مجنحٌ بألف جناح، و الحقيقة تسير على الأرض، فأرجو ألا تصدمكِ الحقيقة إذا رأيتِ اختلافاً كبيراً بين عاداتكِ و عادات زوجكِ و طباع كل منكما في المأكل و المشرب و الملبس و النوم و طريقة التفكير و النظرة للأمور، و قد يكون هذا مخالفاً لما عهدته في بيت أهلك، فلا تقفي مكتوفة اليدين تندبين حظكِ، بل حاولي أن تقربي المسافة بينكما فالطريق الطويل يبدأ بخطوة واحدة.
و كل عادة يمكنكِ أن تجاريه فيها إذا كانت مقبولة، فلا مانع أن تصبح عادتكِ، و لا تنخدعي بالمثل القائل: (زوجكِ على ما عوّدتِه)، فالرجل ليس كما سمعتِ صلصالاً يمكن تشكيله حسبَ ما تريدين، و لا طيناً تصيرينه وعاءاً خزفياً تفرغين فيه عاداتكِ و أخلاقكِ و طباعكِ، فكل فرد في العالم له خصائص و ميزات و رغبات و حاجات و نزعات تختلف عن غيره مهما بدا الشبه قريباً في الظاهر، فالناس أشباهٌ و شتى في الشيم، فقد يتشابهون ظاهراً و يختلفون خلقاً و باطناً، حتى إنكِ تختلفين عني يا بنيتي في أشياء كثيرة، فما بالك في زوجين مختلفين تماماً و من بيئتين مختلفتين في الثقافة و نمط التفكير و النمط الأسري و درجات التعليم و الحياة الاجتماعية!!
إن الزوجة الذكية هي التي تجعل شعارَها"شعرة معاوية"بينها و بين زوجها دائما فلا تنصهر شخصيتها و تذوب أمامه، بل تأخذ أحسن ما عنده، و تجعله يتشرب أحسن ما عندها، دون إكراه أو إلزام أو تعنت مكروه، بل بطريقة مباشرة و دون أن يشعر.
و اعلمي يا بنيتي أن الرجل الشرقي حساس جداً و عنتريّ، لا يأخذ من زوجته شيئاً من طباعها و عاداتها إذا لمس منها ضغطاً أو إكراهاً.
و ليكن أمام عينيك حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم -:"لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدَ لزوجها".
فكوني معه على الزمن و لا تكوني مع الزمن عليه، امنحيه السكن و السكون و الطمأنينة و الأمن النفسي و الدفء الأسري، و لا تظني أن الزواج ملابس و حلياً و منتزهات و سهرات و كلمات معسولة فقط، بل تأكدي و تيقني أن هذا لن يستمر طويلاً، لأن لكل جديد فرحة، و هذا الانبهار لن يدوم، فالمسؤولية ثقيلة و الزوج بحاجة لرعايةٍ خاصةٍ و اهتمامٍ فريدٍ يشعره أنه لا يمكنه أن يستغني عنكِ أبداً.
لا تتركي الجوع يعضه كسلاً و إهمالاً، كما لا تثقي كثيراً بأن"الطريق إلى قلب الرجل معدته"، و كوني وسطاً بين ذلك، فالطريق إلى قلب الزوج الألفة و المودة و الرحمة.
فالمطاعم قادرة على ملء معدته، لكنها عاجزة عن ملء الفراغ النفسي الذي يجده إلى جانبك، احرصي على مشاركته فرحته و ألمه، و لا تقع عيناه منك إلا على أجمل منظر، و لا يشم منك إلا أطيب ريح، ابحثي عما يحبه فافعليه، و مما يكرهه تجنبيه، و اعلمي يا بنيتي أنه ليس عيباً أو طعناً في الأنوثة أو جرحاً في الكرامة أن تحني رأسكِ عند هبوب العاصفة، و تكوني أصمَّ سميعاً أو أعمى بصيراً، فالسنديانة القاسية يقتلعها الإعصار من جذورها و يرميها بعيداً فلا تقوم لها قائمة، و تنهض السنابل الرقيقة التي تميل مع الهواء و تحني رأسها مع الهواء، لترفعه دائماً.
إن لكل شيء ثمناً، و ثمن الحفاظ على بيتك الحفاظُ على أعصابك أن تفلت منك وقت هبوب الاختلاف، فالنار لا تطفئها نارٌ مثلها، بل ماءٌ يكون برداً و سلاماً، فالكلام أثناء الخصام حتى و لو كان ليناً يكون كرجمِ الحجارة.
و إياكِ أن تكثري من العتاب، بل اجعليه كالملح، إن يكن معتدلاً يطيب الطعام، و إن يكثر فعلى الطعام السلام.
اجعلي أسرار بيتكِ و خلافاتكِ الشخصية لا تتجاوز جدران منزلكِ فإذا نقلت كل صغيرة و كبيرة في خصامكِ إلى أهلكِ فلن يغفروا له بعد أن يعود الوفاق إليكما إلا إذا كانت أموراً أساسية يجب معالجتها في بدايتها حتى لا تستفحل، عندها قد لا ينفع معها إلا اجتثاث الأصل.
عندما أزفك إلى زوجك أعلم أني أقتطع جزءاً من قلبي و لكنها سنة الحياة، و لا تظني أني تخلصت منك بزواجكِ، أو عجزت عن القيام بمسئوليتكِ، فلو كانت الفتيات يغنيهن الأهل عن الزواج لاستغنت عنه بنت أفضل الخلق – الزهراء فاطمة - رضي الله عنها -– أو بنات الملوك و القادة و العظماء و الوجهاء و الأغنياء، و لكنه حاجة نفسية لا تباع و لا تشترى و لا تستأجر إلا بالزواج!!!
فداري هذه النعمة حتى لا تندمي على فقدها، لأن الاحتفاظ بالزوج أصعب كثيرا من الحصول عليه في عصر كثرت فيه المغريات، و صار المستحيل ممكناً و التخمين يقيناً، و لم يعد في حساب بعض الأزواج اعتبار للأسرة أو العائلة أو المكانة الاجتماعية أو كلام الناس أو خوف الله، و أصبح الضمير غائباً، و ارتفعت أسهم الأنانية، فهبطت أسهم الإيثار و الصدق و الصبر و التروي الذي حل محله السرعة و النزق و الطيش و ضيق الأفق و محدودية الرؤية.
قلبي معكِ و دعواتي لكِ بأن تحبي زوجكِ و أهله كحب أسرتكِ، و خاصة حماتكِ أم زوجكِ، فأحبيها لأنها أعطتكِ قطعة منها، و احترميها كما تريدين أن يحترم زوجُكِ أمَكِ، و تذكري قول الشاعر:
أحسِنْ إلى الناس تستعبدْ قلوبهمُ *** فطالما استعبدَ الإحسانُ إنسانَا
و إياكِ و الغيرة منها أو من أخواته، فكما تدين تدان.
و إياكِ و طاعته في معصية، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أتمنى لكِ زواجاً سعيداً و مديداً مع زوجكِ، و أن يكون رفيق دربكِ الطويل، بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير.
http://www.sahab.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/349)
إلى ابنتي في ليلة العمر
اليوم يا بنيتي تدخلين دنياً جديدةً عليك، دنياً سمعت كثيراً عنها من صديقاتك و قريباتك و لمستها في أخواتك، و لكن كل هذا لا يعني أنك عرفت دنياً الزواج و الحياة الزوجية إلا كمعرفة من وقف على شاطئ اليم دون أن يخوض فيه، و شتان بين من يسبح في البحر و من يسبح على البر.
اليوم تتركين العش الذي درجتِ فيه، و الأهل الذين عشتِ بينهم و كبرتِ، و بدأتِ تنقشين في خيالكِ أحلاماً و أمانٍ و رؤىً لعالمٍ جديد، تخيلت فيه كل صغيرة و كبيرة، و حلمتِ أحلاماً وردية عن البيت و الزوج و الأطفال، و قد يكون بيتكِ هذا تجسيداً لتلك الأماني و الأحلام التي ملأت خاطرك، أو قد يكون البون شاسعاً بين ما كنتِ تحلمين به و بين الحقيقة.
فالخيال دائماً يا بنيتي مجنحٌ بألف جناح، و الحقيقة تسير على الأرض، فأرجو ألا تصدمكِ الحقيقة إذا رأيتِ اختلافاً كبيراً بين عاداتكِ و عادات زوجكِ و طباع كل منكما في المأكل و المشرب و الملبس و النوم و طريقة التفكير و النظرة للأمور، و قد يكون هذا مخالفاً لما عهدته في بيت أهلك، فلا تقفي مكتوفة اليدين تندبين حظكِ، بل حاولي أن تقربي المسافة بينكما فالطريق الطويل يبدأ بخطوة واحدة.
و كل عادة يمكنكِ أن تجاريه فيها إذا كانت مقبولة، فلا مانع أن تصبح عادتكِ، و لا تنخدعي بالمثل القائل: (زوجكِ على ما عوّدتِه)، فالرجل ليس كما سمعتِ صلصالاً يمكن تشكيله حسبَ ما تريدين، و لا طيناً تصيرينه وعاءاً خزفياً تفرغين فيه عاداتكِ و أخلاقكِ و طباعكِ، فكل فرد في العالم له خصائص و ميزات و رغبات و حاجات و نزعات تختلف عن غيره مهما بدا الشبه قريباً في الظاهر، فالناس أشباهٌ و شتى في الشيم، فقد يتشابهون ظاهراً و يختلفون خلقاً و باطناً، حتى إنكِ تختلفين عني يا بنيتي في أشياء كثيرة، فما بالك في زوجين مختلفين تماماً و من بيئتين مختلفتين في الثقافة و نمط التفكير و النمط الأسري و درجات التعليم و الحياة الاجتماعية!!
إن الزوجة الذكية هي التي تجعل شعارَها"شعرة معاوية"بينها و بين زوجها دائما فلا تنصهر شخصيتها و تذوب أمامه، بل تأخذ أحسن ما عنده، و تجعله يتشرب أحسن ما عندها، دون إكراه أو إلزام أو تعنت مكروه، بل بطريقة مباشرة و دون أن يشعر.
و اعلمي يا بنيتي أن الرجل الشرقي حساس جداً و عنتريّ، لا يأخذ من زوجته شيئاً من طباعها و عاداتها إذا لمس منها ضغطاً أو إكراهاً.
و ليكن أمام عينيك حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم -:"لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدَ لزوجها".
فكوني معه على الزمن و لا تكوني مع الزمن عليه، امنحيه السكن و السكون و الطمأنينة و الأمن النفسي و الدفء الأسري، و لا تظني أن الزواج ملابس و حلياً و منتزهات و سهرات و كلمات معسولة فقط، بل تأكدي و تيقني أن هذا لن يستمر طويلاً، لأن لكل جديد فرحة، و هذا الانبهار لن يدوم، فالمسؤولية ثقيلة و الزوج بحاجة لرعايةٍ خاصةٍ و اهتمامٍ فريدٍ يشعره أنه لا يمكنه أن يستغني عنكِ أبداً.
لا تتركي الجوع يعضه كسلاً و إهمالاً، كما لا تثقي كثيراً بأن"الطريق إلى قلب الرجل معدته"، و كوني وسطاً بين ذلك، فالطريق إلى قلب الزوج الألفة و المودة و الرحمة.
فالمطاعم قادرة على ملء معدته، لكنها عاجزة عن ملء الفراغ النفسي الذي يجده إلى جانبك، احرصي على مشاركته فرحته و ألمه، و لا تقع عيناه منك إلا على أجمل منظر، و لا يشم منك إلا أطيب ريح، ابحثي عما يحبه فافعليه، و مما يكرهه تجنبيه، و اعلمي يا بنيتي أنه ليس عيباً أو طعناً في الأنوثة أو جرحاً في الكرامة أن تحني رأسكِ عند هبوب العاصفة، و تكوني أصمَّ سميعاً أو أعمى بصيراً، فالسنديانة القاسية يقتلعها الإعصار من جذورها و يرميها بعيداً فلا تقوم لها قائمة، و تنهض السنابل الرقيقة التي تميل مع الهواء و تحني رأسها مع الهواء، لترفعه دائماً.
إن لكل شيء ثمناً، و ثمن الحفاظ على بيتك الحفاظُ على أعصابك أن تفلت منك وقت هبوب الاختلاف، فالنار لا تطفئها نارٌ مثلها، بل ماءٌ يكون برداً و سلاماً، فالكلام أثناء الخصام حتى و لو كان ليناً يكون كرجمِ الحجارة.
و إياكِ أن تكثري من العتاب، بل اجعليه كالملح، إن يكن معتدلاً يطيب الطعام، و إن يكثر فعلى الطعام السلام.
اجعلي أسرار بيتكِ و خلافاتكِ الشخصية لا تتجاوز جدران منزلكِ فإذا نقلت كل صغيرة و كبيرة في خصامكِ إلى أهلكِ فلن يغفروا له بعد أن يعود الوفاق إليكما إلا إذا كانت أموراً أساسية يجب معالجتها في بدايتها حتى لا تستفحل، عندها قد لا ينفع معها إلا اجتثاث الأصل.
عندما أزفك إلى زوجك أعلم أني أقتطع جزءاً من قلبي و لكنها سنة الحياة، و لا تظني أني تخلصت منك بزواجكِ، أو عجزت عن القيام بمسئوليتكِ، فلو كانت الفتيات يغنيهن الأهل عن الزواج لاستغنت عنه بنت أفضل الخلق – الزهراء فاطمة - رضي الله عنها -– أو بنات الملوك و القادة و العظماء و الوجهاء و الأغنياء، و لكنه حاجة نفسية لا تباع و لا تشترى و لا تستأجر إلا بالزواج!!!
فداري هذه النعمة حتى لا تندمي على فقدها، لأن الاحتفاظ بالزوج أصعب كثيرا من الحصول عليه في عصر كثرت فيه المغريات، و صار المستحيل ممكناً و التخمين يقيناً، و لم يعد في حساب بعض الأزواج اعتبار للأسرة أو العائلة أو المكانة الاجتماعية أو كلام الناس أو خوف الله، و أصبح الضمير غائباً، و ارتفعت أسهم الأنانية، فهبطت أسهم الإيثار و الصدق و الصبر و التروي الذي حل محله السرعة و النزق و الطيش و ضيق الأفق و محدودية الرؤية.
قلبي معكِ و دعواتي لكِ بأن تحبي زوجكِ و أهله كحب أسرتكِ، و خاصة حماتكِ أم زوجكِ، فأحبيها لأنها أعطتكِ قطعة منها، و احترميها كما تريدين أن يحترم زوجُكِ أمَكِ، و تذكري قول الشاعر:
أحسِنْ إلى الناس تستعبدْ قلوبهمُ *** فطالما استعبدَ الإحسانُ إنسانَا
و إياكِ و الغيرة منها أو من أخواته، فكما تدين تدان.
و إياكِ و طاعته في معصية، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أتمنى لكِ زواجاً سعيداً و مديداً مع زوجكِ، و أن يكون رفيق دربكِ الطويل، بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير.
http://www.sahab.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/350)
السحر الحلال
حدثتنا أمي عن جدي - رحمة الله عليه - كان ينصح بناته بالقصة الآتية:
إنه في إحدى القرى جاءت امرأة؟ لأحد العلماء وهي تظنه ساحراً (وهي مشكلة كثير من الناس عدم القدرة على التفريق بين الساحر والعالم) وطلبت منه أن يعمل لها عملاً سحرياً بحيث يحبها زوجها حباً لا يرى معه أحد من نساء العالم ولأنه عالم ومرب قال لها إنك تطلبين شيئاً ليس بسهل لقد طلبت شيئاً عظيماً فهل أنت مستعدة لتحمل التكاليف؟ قالت: نعم قال لها: إذن الأمر لا يتم إلا إذا أحضرت شعرة من رقبة الأسد قالت: الأسد؟ قال: نعم قالت: كيف أستطيع ذلك والأسد حيوان مفترس ولا أضمن أن يقتلني أليس هناك طريقة أسهل وأكثر أمنا؟
قال لها: لا يمكن أن يتم لك ما تريدين من محبة الزوج إلا بهذا وإذا فكرت ستجدين الطريقة المناسبة لتحقيق الهدف.... ذهبت المرأة وهي تضرب الأخماس بالأسداس تفكر في كيفية الحصول على الشعرة المطلوبة فاستشارت من تثق بحكمته فقيل لها أن الأسد لا يفترس إلا إذا جاع وعليها أن تشبعه حتى تأمن شره.
أخذت بالنصيحة وذهبت إلى الغابة القريبة منهم وبدأت ترمي للأسد قطع اللحم وتبتعد واستمرت في إلقاء اللحم إلى أن ألفت الأسد وألفها من الزمن وفي كل مرة كانت تقترب منه قليلاً إلى أن جاء اليوم الذي تمدد الأسد بجانبها وهو لا يشك في محبتها له فوضعت يدها على رأسه وأخذت تمسح بها على شعره ورقبته بكل حنان وبينما الأسد في هذا الاستمتاع والاسترخاء لم يكن من الصعب أن تأخذ المرأة الشعرة بكل هدوء وما إن أحست تملكها للشعرة حتى أسرعت للعالم الذي تظنه ساحراً لتعطيه إياها والفرحة تملأ نفسها بأنها الملاك الذي سيتربع على قلب زوجها وإلى الأبد فلما رأى العالم الشعرة سألها: ماذا فعلت حتى استطعت أن تحصلي على هذه الشعرة؟ فشرحت له الخطة (خطة ترويض الأسد) والتي تلخصت في معرفة المدخل لقلب الأسد أولاً وهي البطن ثم الاستمرار والصبر على ذلك إلى أن يحين وقت قطف الثمرة حينها قال لها العالم: يا أختي... زوجك ليس أكثر شراسة من الأسد.. افعلي مع زوجك مثل ما فعلت مع الأسد تملكيه تعرفي على المدخل لقلبه وأشبعي جوعته تأسريه (ليس الجوع إلى الطعام فحسب) وضعي الخطة لذلك واصبري.
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/351)
شاوروهنّ واعصوهنّ
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
قرأت مقالا لإحدى الأخوات بعنوان: بكل فخر.. نحن أساس المشكلات!
أوردت فيه:
يقول الشاعر
رأيت الهمّ في الدنيا كثير ***وأكثر ما يكون من النساء
وقيل: وراء كل مشكله ابحث عن امرأة. انتهى كلامها حفظها الله.
فكان هذا المقال إثر تلك الكلمات.
نسمع أحياناً من بعض الناس من يُردِّد:
شاوروهن واعصوهن! أو شاوروهن وخالِفوهن!
ولا شك أن هذا القول من الإجحاف في حق النساء.
ففي كثير من الأحيان إذا أصاب الرجل الهَمّ لجأ - بعد الله - إلى أُمِّه طالباً منها المشورة والدّعاء.
أو ربما لجأ إلى حليلته يبثّها شكواه، فتُخفف عنه مِن همِّه.
تأملوا حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغار بعد أن جاءه المَلَك رجع - صلى الله عليه وسلم - ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لخديجة: أي خديجة مالي؟ وأخبرها الخبر. قال: لقد خشيت على نفسي.
قالت له خديجة: كلا. أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل... الحديث. رواه البخاري ومسلم
فمن الذي آزر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهدّأ من روعه وطمأنه إلا خديجة - رضي الله عنها -ولذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف لها حقّها وقدرها حتى بعد موتها.
أيستعيبون استشارة المرأة، وقد أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشورة امرأة في قضية تَهُمّ المسلمين بل قد أهمّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم مشهود من أيامه - صلى الله عليه وسلم -.
أما سمعتم - رعاكم الله - عن إحجامِ الصحابة عن حلقِ رؤوسهم يوم الحديبية، فلما قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لهم: قوموا فانحرُوا ثمّ احْلِقوا.
قال الراوي: فوَ اللهِ ما قامَ منهم رجُلٌ حتى قال ذَلكَ ثلاثَ مَرّاتٍ.
فلمّا لم يَقُمْ منهم أحدٌ دَخلَ على ((أُمّ سَلمةَ)) فذَكرَ لها ما لقيَ منَ الناسِ.
فقالت أُمّ سَلمةَ: يا نبيّ اللهِ أتُحِبّ ذَلك؟ أخرُجْ ثمّ لا تُكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تَنْحَرَ بُدْنَك وتَدْعو حالِقَكَ فيَحْلِقَك.
فأخذ بمشورتها
فخرَجَ فلم يُكلّمْ أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحرَ بُدْنَهُ ودَعا حالِقَهُ فحلَقَه، فلما رأَوا ذَلكَ قاموا فَنَحروا، وجَعلَ بعضُهم يَحلِقُ بعضاً، حتى كادَ بعضُهم يَقتُلُ بعضاً غَمّاً. كما عند البخاري في الصحيح.
فمن الذي أشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر فيه الرّشَد؟
ومن الذي أزاح الهمّ عن نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
وليست هذه حادثة فريدة فقد استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة أخرى في قضية تُعَدُّ مِنْ أخطر القضايا، فقد سأل زينب بنت جحش عن عائشة بعد حادثة الإفك، وما جرى فيها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الهَمّ.
قالت عائشة: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمري، فقالت: ما عَلِمْتِ، أو ما رأيتِ؟ فقالت: يا رسول الله أحْمِي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً.
قالت عائشة: وهي التي كانت تُساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فَعَصَمها الله بالورع. متفق عليه. (ومعنى تُساميني أي تُنافسني في المكانة)
فأين هذا من أناس لا يرون للمرأة رأياً، كما أنهم لا يرون لها حقاً؟؟
لقد استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجاته، وأخذ برأيهن.
ولم يَقُل: شاوروهن وخالفوهن. كما يلهج به بعض الناس.
وهذا الحديث"شاوروهن وخالفوهن"لا أصل له عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
كما أن حديث: هلكت الرجال حين أطاعت النساء. حديث ضعيف.
وحديث: طاعة المرأة ندامة. حديث موضوع مكذوب كما بيّن ذلك كلّه الشيخ الألباني - رحمه الله -.
قال ذو النون: أما إنه من الحمق التماس الإخوان بغير الوفاء، وطلب الآخرة بالرياء، ومودة النساء بالغلظة.
فاستوصوا بالنساء خيراً. كما أوصاكم بِهنّ مَنْ هو بالمؤمنين رؤوف رحيم - صلى الله عليه وسلم -.
قال المباركفوري: والمعنى أوصيكم بِهنّ خيراً، فاقبلوا وصيتي فيهن.
مع أطيب التمنيات لجميع الأخوة والأخوات.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/352)
رسالة إلى أختي المسلمة التي لم تتزوج
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين هذا السؤال:
أنا فتاة بلغت من العمر التاسعة والعشرين ولم يكتب لي الزواج حتى الآن فأرجو من فضيلتكم أن تدلني على قراءة سورة من القرآن أو دعاء يمنع عني التفكير الشديد في المستقبل والأولاد لأنني في ضيق من عدم الزواج حيث إنه يوجد في بيتنا من تكبرني سناً ولم تتزوج فأرشدني أثابك الله؟
الجواب:
أولاً وقبل الإجابة عن هذا السؤال أحب أن أنبه إلى أن الأمور كلها بيد الله - عز وجل - لا جلب ولا نفع ولا دفع ضرر إلا من عنده - تعالى - والمفرج للكربات هو الله جل شأنه فإذا أصاب الإنسان شيء فعليه أن يلجاً إليه تبارك و تعالى - وأن يتضرع إليه ويدعوه سواء في حصول مطلوب أو إزالة مرهوب، لقوله - تعالى - {وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون}، ولقوله - تعالى - {أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون}، فالله - تعالى - هو الملجأ للعبد فإذا توجه إليه الإنسان بإخلاص وافتقار وحاجة وكان طيب المطعم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن فإنه حري بالإجابة وهذا عام في كل شيء.
ثانياً: ثم ليعلم الإنسان أنه إذا دعا الله ولم يستجب له فإما أن الله يدخره له وإما أن يدفع عنه شراً أعظم مما سأل ولكن لا يتحسّر ويدع الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء الذين ينتظرون الإجابة ويوقنون بها فإنه - سبحانه و تعالى - يقول {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} وليتحر العبد أوقات الإجابة فإن من أوقاتها الثلث الأخير من الليل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر) وكذلك آخر ساعة من يوم الجمعة فإنه لا يوافقها عبد مسلم قائم يدعو الله إلا أعطاه إياه أو مبين خروج الإمام يوم الجمعة إلى أن تقضي الصلاة وكذلك الأوقات ما بين الأذان والإقامة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد).ومن الأحوال حال الإنسان إذا كان ساجداً فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وأما السجود فأكثروا فيه الدعاء فقمين أن يستجاب لكم). وكذلك بعد التشهد الأخير قبل أن يسلم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حين ذكر التشهد: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه). هذا ما أريد أن أقدمه قبل الجواب الخاص.
أما الجواب الخاص:
فإن هذه المرأة عليها أن تصبر وتحتسب وأن تعلم أن الأمور بيد الله - عز وجل - وأن تأخر الزواج ربما يكون خيراً أعده الله لها فلتأمل الخير ولترج نفسها وإذا كان لديك همّ أو وسواس فأكثري من ذكر الله - عز وجل - واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ولتقبلي علي أمورك من العبادة والأعمال الأخرى حتى يزول همّك وكذلك فادعي بالدعاء المشهور المزيل للهم والغم وهو (اللهم أني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك، والمرأة تقول (اللهم إني أمتك بنت عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي) وغير ذلك من الأدعية المأثورة فذلك يزيل عنك ما تجدين من الهموم والغموم، نسأل الله لنا ولك العافية والله الموفق.
http://www.sahab.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/353)
إلى فتاة آمنت بالله..
إلى فتاة آمنت بالله وآمنت أنه هو الخالق الواحد المدبر الرازق.. إلى فتاة آمنت أن الله هو الإله الأوحد في هذا الكون وأنها عبدة لله.. إلى فتاة آمنت أن الله هو المشرع العالم بشؤون عباده أكثر من أنفسهم.. إلى فتاة آمنت أن الله لا يأمر عباده إلا بخيرهم وفوزهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة وإن كان الظاهر يوحي بغير ذلك قال - تعالى -: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة: من الآية216].
إلى فتاة أسلمت لله.. أسلمت كل كيانها وكل جوارحها لله فهو الإله المدبر العالم.. إلى فتاة انقادت لتعاليم الله وعلمت أن فيها الخير والفوز والنجاح والنجاة مهما كانت شاقة بل إنها وجدتها أيسر وأسهل من أي عمل آخر عندما علمت أن هذا ما طلبه الله منها
عذابي فيك عذب وبُعدي فيك قربي وأنت عندي كروحي بل أنت منها أحب حسبي من الحب أني لما تحب أحب..
إليك يا أختي بالله:
هيا إلى جنان الخلد.. هيا إلى جنات عرضها عرض السماوات والأرض.. هيا إلى رضوان من الله.. هيا إلى نعيم مقيم.. هيا إلى سعادة الدنيا والآخرة..
ألا تحبين يا أختي أن تكوني ممن أحبهم الله.. ألا تحبين أن تكوني ممن - رضي الله عنهم - ومن - رضي الله عنه - فاز بسعادة الدنيا والآخرة.. ألا تحبين يا أختي أن تكوني ممن وفى بعهد الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الذي عانى من أجلك الكثير.. ألا تحبين رسول الله.. ألا تحبين أن تحشري مع الأحبة محمداً وصحبه.. ألا تحبين دين الله.. ألا تحبين أن تكوني من الغرباء في هذه الدنيا لتكوني من سعداء الدنيا والآخرة.. ألا تحبين أن يكيد الله أعداء الإسلام وينصر المسلمين في كل مكان..
فهيا يا أختاه عليك بالتمسك بالإسلام المنزل من عند الله.. عليك بالحجاب الذي أمرك الله به ولا تأبهي بكل قطاع الطريق.. فإنه لم يخل عصر من أهل الباطل الذين يستخدمون كل جهدهم في محاربة أهل الحق.. لا تتراجعي ولا تتشككي ولا تترددي فإن عزك في حجابك وإن استهزئ بك فإن ذلك إرث الأنبياء.. كوني شامخة
فأنت الظافرة..
كيف يا أختاه ترضين إبدال تعاليم الله - تعالى - بأهواء البشر..
ألست خليفة الله في الأرض.. ألم يُسجِد الله لك ملائكته.. ألم يكرمك الله على سائر المخلوقات فأعطاك العقل.. جعل الجنة تحت أقدامك.. ما أمرك بالحجاب إلا ليجعلك كالجواهر الغالية النفيسة لا يتمتع بالنظر إليها إلا من أدى حقوقها.. فكيف ترضين لنفسك أن تكوني سلعة رخيصة بل مجانية..
كيف بك إذا أوقفك الله يوم القيامة وقال لك ما منعك عن الالتزام بأوامري.. ماذا ستقولين.. كيف سيكون حالك.. هل ستقولين جهلت.. سيقال لك: كذبت والله.. هل ستقولين: عجزت، سيقال لك: كذبت والله فما كان الله ليكلف عبادة بما يفوق طاقتهم.. هل ستقولين: مُنعت، سيقال لك: كذبت والله فها هن الكثير من المسلمات التزمن بأوامر الله وما مُنعن..
كيف بك إذا وفقت أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.. الحبيب الذي ضحى.. الحبيب الذي عُذب.. قاتله وقاطعه أقرباءه.. حاربه أهله.. اتهموه بالجنون.. استهزئ به.. أدميت قدماه.. كسرت رباعيته.. الذي كم تحمل من أجلنا ليوصل لنا هذا الدين.. كم عانى من أجلك.. كم ضحى من أجلك.. تعرض للإيذاء من الكبار والصغار.. ما ستقولين له بالله عليك عندما تقفين أمامه.. هل ستتحملين عتابه.. ماذا ستقولين له: هل ستقولين له ما قدرت يا رسول الله كنت وحيدة.. كيف ستقولين ذلك وهو - صلى الله عليه وسلم - بدأ دعوته وحيداً.. هل ستقولين له استهزئ بي.. كيف ستقولين ذلك فهل أنت خير منه فقد استهزئ به من قبلك.. هل ستقولين له ما تقبل الناس حجابي.. كيف ستقولين ذلك وهو الذي ما تقبله أحد من قومه في بداية دعوته فما بالى وما تراجع بل مضى رغم الجراح والعذاب..
كيف بك يا أختاه إذا جئت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة فنحتك الملائكة فنادى الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أمتي أمتي. فتقول الملائكة: إنهم ليسوا من أمتك إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك.. فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: سحقاً سحقاً..
هيا إلى العلا يا أختاه..
أختاه يا أم الجميع تحشمي
أختاه يا بنتاً لآدم فاعلمي... لا ترفعي عنك الخمار فتندمي
هذا الخمار يزيد وجهك بهجة... و حلاوة العينين أن تتلثمي
صوني جمالك إن أردت كرامة... كيلا يصول عليك أدنى ضيغم
لا تعرضي عن هدي ربك ساعة... عضي عليه مدى الحياة لتنعمي
ما كان ربك جائراً في شرعه... فاستمسكي بعراه حتى تسلمي
ودعي هراء القائلين سفاهة... إن التقدم في السفور الأعجمي
إياك إياك الخداع بقولهم:... سمراء يا ذات الجمال تقدمي
إن الذين تبرؤوا عن دينهم... فهم يبيعون العفاف بدرهم
حلل التبرج إن أردت رخيصة... أما العفاف فدونه سفك الدم
بنت الورى لا لا أرى لك شيمة... هذا التبرج يا فتاة تكلمي
حسناء يا ذات الدلال فإنني... أخشى عليك من الخبيث المجرم
لا تعرضي هذا الجمال على الورى... إلا لزوج أو قريب محرم
لا ترسلي الشعر الحرير مرجلا... فالناس حولك كالذئاب الحوم
لا تمنحي المستشرقين تبسما... إلا ابتسامة كاشر متهجم
أنا لا أحبذ أن أراك جهولة... شرقاً وغرباً في الجنوب ومشأمي
أنالا أريد بأن أراك جهولة... إن الجهالة مرة كالعلقم
فتعلمي و تثقفي و تنوري... والحق يا أختاه أن تتعلمي
لكنني أمسي وأصبح قائلاً... أختاه يا أم الجميع تحشمي
http://www.emanway.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/354)
دور المرأة في تربية الأسرة
19/08/2003
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: حديثنا يتعلق بالمرأة المسلمة، والحديث عنها أحسبه في هذا الوقت هامًّا؛ ذلك لأن المرأة في مجتمعنا تتعرض لهجمة شرسة من أعداء هذا الدين حيث يطرح ما يسمى بقضية أو قضايا المرأة، ويقصدون به إخراج المرأة عن الوضع الذي أراد الله لها...
ونحن لا نعرف للمرأة قضية غير قضية أمتها، إن جهل الأمة بدينها، وضعفها في الأخذ به هو قضية الأمة والمرأة. وهو ما نحاول إيضاح شيء منه في هذه المحاضرة التي عنوانها (دور المرأة في تربية الأسرة) [أصل هذا الموضوع محاضرة عنوانها (دور المرأة في تربية الأسرة ألقيت ليلة الاثنين الموافق 6/11/1411هـ، وهي ضمن ندوة علمية بعنوان "فقه المرأة" أقامها مركز الدعوة والإرشاد بالرياض بجامع الذياب بحي النسيم]. ولنا مع هذا العنوان وقفات.
الأولى: حول مفهوم التربية، حيث نقصد بها المعنى الواسع للبناء وما يلزم له من تعهد الأسرة ورعايتها. حتى لا يظن البعض أن التربية مجرد تهذيب الأخلاق وتقويمها وهذا من مشمولات التربية، والتربية للأسرة أوسع مجالاً من هذا.
والثانية: أنه قد يفهم من العنوان أن للمرأة دورًا في تربية الأسرة ولكنه عمل ثانوي لها، والحقيقة أن عمل المرأة في تربية الأسرة هو عملها الرئيس وما عداه فهو استثناء، ولو كان عنوان المحاضرة (دور المرأة هو تربية الأسرة) لكان جيدًا.
مكان المرأة:
وهذه المسألة بحاجة إلى توضيح وجلاء فنقول: إن مكان المرأة الطبيعي هو البيت وهو مكان عملها، هذا هو الأصل، وهذا ما تدعمه أدلة الشرع، وهو منطق الفطرة التي فطرت المرأة عليها.
أما دلالة الشرع على هذا فالنصوص والوقائع التي تشهد له كثيرة منها:
1 ـ قال تعالى مخاطبًا أمهات المؤمنين: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] يقول سيد قطب: (فيها إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن، وهو المقر، وما عداه استثناءً طارئًا لا يثقلن فيه ولا يستقررن إنما هي الحاجة تقضى وبقدرها) [في ظلال القرآن 59، 28/5 (ط- العاشرة – الشروق)].
2 ـ ويقول تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وهي وإن كانت في المعتدة فقد قال العلماء: إن الحكم لا يختص بها بل يتعداها. فدلالة الإضافة {بُيُوتِكُنَّ} {بُيُوتِهِنَّ} مع أنها في الغالب للأزواج فهي إضافة إسكان لا تمليك، كأن الأصل لها سكنًا.
3 ـ في قصص الأنبياء دروس وعبر. قصة موسى مع المرأتين {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} إلى قوله: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ...} [القصص: 23: 27] لنتأمل هذه الدروس في الآية. فهذا موسى يجد الرعاة على الماء ومن دونهم امرأتين تذودان غنمهما لئلا تختلط بغنم الناس؟ يسألهما ما شأنكما؟ لماذا لا تسقيان غنمكما مع الناس؟
يأتي الجواب: لا نسقي حتى يصدر الرعاء. إن لديهما تقوى وورعًا يمنعانهما من الاختلاط بالرجال، فكأنه يأتي سؤال آخر، ما الذي أخرجكما؟ ثم يأتي الجواب مباشرة {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} فهي الضرورة والحاجة دعت لذلك، ولما اضطرتا للخروج لزمتا الخلق والأدب، فلم تختلطا بالرجال.
ثم يأتي درس آخر حيث تفكر إحدى المرأتين أن الوقت قد حان لتعود الأمور إلى طبيعتها {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} واقتنع شعيب بالحل فعرض على موسى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ...} ويقبل موسى العرض وتعود الأمور إلى نصابها فيعمل موسى بالرعي وتعود المرأة زوجة عاملة في بيتها. هكذا يقص علينا القرآن وإن في قصصهم لعبرة.
4 ـ الصلاة في المسجد مشروعة في حق الرجال ومن أفضل الأعمال فكيف إذا كانت في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعه، ومع ذلك يحث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المرأة على الصلاة في بيتها. عن امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. فقال: (قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي). فأمرت فنبي لها مسجدٌ في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل [الحديث أخرجه أحمد 6/371، وابن خزيمة في صحيحه 3/95، والحديث حسن انظر حاشية الأعظمي على صحيح ابن خزيمة].
وإيحاء الحديث واضح في أن الأصل قرار المرأة في بيتها، حتى فضل الصلاة في بيتها على الصلاة في مسجده ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أنه أذن للمرأة في الذهاب للمسجد.
5 ـ واقع المرأة في القرون المفضلة الأولى – التي هي مكان القدوة – يؤيد هذا، حيث نجد أن خروج المرأة وقيامها بعمل خارج البيت يكاد يكون حوادث معدودة لها أسبابها الداعية لها، بل هذا هو فهم الصحابة. ورد أن ابن مسعود طلبته امرأته أن يكسوها جلبابًا فقال: أخشى أن تتركي جلباب الله الذي جلببك، قالت: ما هو؟ قال: بيتك.
6 ـ ما جاء به الشرع هو الموافق للفطرة {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] إن قرار المرأة في بيتها هو منطق الفطرة الذي يوافق وظائفها وطبيعتها، ويقيها التشتت والتناقض ولقد أثبتت التجارب العلمية والنفسية ما يؤيد هذا، كما نادى بعض الباحثين المنصفين في الغرب لتلافي خطر تشغيل المرأة بما يخالف فطرتها وطبيعتها، ولكن أصحاب الشهوات صم عن كل داع لذلك بل يتهمونه بأنه يدعو للعودة بالمرأة إلى عهود الرجعية والرق كذا زعموا! ويأتي مزيد بيان لهذا في ثنايا الموضوع.
الموقف حول خروج المرأة:
بقي أن يفهم أن خروج المرأة ليس ممنوعًا على إطلاقه، فقد وردت نصوص تدل على جواز خروج المرأة وعملها خارج المنزل، لكن هذه الحالة ليست هي الأصل بل هي استثناء وضرورة.
ومما ورد في هذا إذن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمرأة في الصلاة بالمسجد مع أنه فضّل الصلاة في بيتها.
ومن ذلك ما ورد من مشاركة بعض النساء في بعض المعارك في السقي ومداواة الجرحى.
وقد تمسك بهذا دعاة تحرير المرأة، بل دعاة إفسادها من أصحاب الأهواء، كما استدل بها بعض الطيبين الذين انهزموا أمام ضغط الحضارة الوافدة دفاعًا عن الإسلام في ظنهم.
وللإجابة على هذا نقول: إن خروج المرأة وعملها خارج البيت ليس ممنوعًا على الإطلاق، بل قد تدعو إليه الحاجة كما خرجت بنتا شعيب، وقد يكون ضرورة للأمة كتعليم المرأة بنات جنسها وتطبيبهن وعليه تحمل أدلة خروج المرأة، وهي حالة استثناء وليست أصلاً، ولهذا نجد الإمام ابن حجر يقول: لعل خروج المرأة مع الجيش قد نسخ، حيث أورد في "الإصابة" ترجمة أم كبشة القضاعية وقال: أخرج حديثها أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني وغيرهما من طريق الأسود بن قيس عن سعيد بن عمرو القرشي أن أم كبشة امرأة من قضاعة قالت: يا رسول الله ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا. قال: لا، قالت: يا رسول الله: إني لست أريد أن أقاتل: إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى وأسقي الماء. قال: (لولا أن تكون سنة، ويقال: فلانة خرجت لأذنت لك، ولكن اجلسي). وأخرجه ابن سعد، وفي آخره (اجلسي لا يتحدث الناس أن محمدًا يغزو بامرأة) ثم قال: يمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم في ترجمة أم سنان الأسلمي أن هذا ناسخ لذاك؛ لأن ذلك كان بخيبر وكان هذا بعد الفتح [الإصابة 4/463].
وعلى كل حال فالأدلة ثابتة في خروج بعض النساء والمشاركة في مداواة الجرحى والسقي، ولكنها حالات محدودة تقدر بقدرها ولا تغلّب على الأصل، ومن المهم أن يتضح الفرق بين كون عمل المرأة خارج البيت أصل، وبين كونه استثناء.
فإذا كان استثناء لحالات معينة فلن نعدم الحلول للسلبيات المتوقعة من الخروج.. وليس هذا مجال طرحها، أما إذا كان الخروج أصلاً كما يرى بعض المستغربين حيث يرى أن المرأة ستبقى معطلة إذا عملت في البيت، وأن هذا شلل لنصف المجتمع. أقول: إن سرنا في هذا الاتجاه فستقع سلبيات الخروج وما يترتب عليه، كما حصل في المجتمعات الغربية.
ستقع مفاسد الاختلاط، ومفاسد خلو البيوت من الأم، مهما اتخذنا من إجراءات وكنا صادقين في ذلك، ولو حاول البعض أن يغطيها بالشعار الخادع: "خروج في ظل تعاليم شريعتنا، وحسب تقاليدنا". ثم لابد أن نفهم أنه إذا تقرر لدينا أن الأصل هو عمل المرأة في بيتها، وأن عملها خارج البيت استثناء، وأن هذا مقتضى أدلة الشرع فلسنا بعد ذلك مخيرين بين الالتزام بهذا أو عدمه إن كنا مسلمين حقًّا. {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36] فالآية وإن نزلت في قضية معينة، فمفهومها عام. ثم هي جاءت بعد الآيات التي أمرت نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالقرار في بيوتهن.
ولقد بيّن الله أن ترك شريعته والإعراض عنها سبب حتمي – لا شك – للشقاء كحال أكثر أمم الأرض اليوم {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [ط: 125] وإن حال الأمة التي لديها المنهج القويم ثم تتركه وتبحث في زبالة أفكار الرجال كقول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ** والماء فوق ظهورها محمول
ما هي الأسرة؟
الوقفة الثالثة مع العنوان عن "الأسرة": ما هي الأسرة التي هي مجال عمل المرأة، ما أهميتها؟
الأسرة أحد المؤسسات التربوية الدائمة التي لا تنفك أبدًا فلا نتصور مجتمعًا بدون أسرة.
وإن وجودها واستمرارها واستقرارها من مقاصد الشرع {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].
توحي الآية أن أصل البشر أسرة واحدة (نفس واحدة وخلق منها زوجها) ومن الزوجين بث أسرًا كثيرة. ويقول: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] نسبًا بالنسبة للذكور، وصهرًا بالنسبة للإناث. وقد حثّ الإسلام على تكوينها متى توفرت الإمكانات، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) [أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من استطاع الباءة فليتزوج، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة].
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (تزوجوا الودود الولود) [أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزوج من لم يلد من النساء، والنسائي في كتاب النكاح، باب كراهية تزويج العقيم، والحديث حسن صحيح، انظر صحيح أبي داود. حديث 1805، وصحيح النسائي حديث 3026].
بيّن الإسلام دور الأسرة وأثرها العظيم إذ هي التي تحدد مسار حياته ودينه، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه..) [أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، وباب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، ومسلم في كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة].
جاءت تشريعات الإسلام كلها لتنظيم الأسرة وحمايتها من التفكك، ومن ذلك أحكام النكاح والطلاق والعدد وحقوق الآباء والأمهات، وغيرها كثير، كلها تدلّ على تلك المكانة التي أولاها الإسلام للأسرة، لأنها مكان نشوء الأجيال، وعلى قدر ما تكون الأسرة يكون مستقبل الأمة.
وإن المرأة هي العمود الفقري لهذه الأسرة، وكما قيل: وراء كل عظيم امرأة تربى في حجرها.
ألا تستحق هذه الأسرة من المرأة تفرغًا، وهل عمل المرأة فيها جهد ضائع؟ إن رسالة المرأة هي الأمومة بما تحمله، وهي أوسع من مجرد الإنجاب، بل التربية التي تعد الفرد الصالح.
إن عمل المرأة في بيتها إن ظنه البعض صغيرًا فهو كبير تلتقي فيه كثير من التخصصات ويحتاج لما تحتاج له دولة، يحتاج للعلم والفكر، يحتاج الدقة، يحتاج الإدارة، يحتاج الاقتصاد، يحتاج الرقة والإحساس، يحتاج لسمو المبادئ.
إن المرأة التي تنظر لعمل البيت نظرة استصغار لدليل على أنها لم تفهمه حق الفهم، ومن ثم لن تقوم به، كذلك الذين يرون أنها معطلة في بيتها إما أنهم لا يفهمون هذا العمل، أو أنهم يفهمونه ولكن في قلوبهم مرض.
هل يصح أن نقول: إن المرأة إذا تفرغت للعناية بالسرة تبقى معطلة ويخسر المجتمع نصف طاقاته.
من الضروري أن تفهم المرأة هذا الدور الكبير في ظل العقيدة {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162] إنه عبادة، فليس عملاً قسريًا، أو عملاً روتينيًا، بل هو عمل فيه روح لمن أدركت أهداف الحياة وسر وجود الإنسان. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) [رواه أحمد 1/191، والحديث في مجمع الزوائد 4/306، وقال: (وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح) وقال شاكر: (إسناده منقطع فيما أرى) المسند 3/128].
وبعد هذه الوقفات يأتي الحديث عن أعمال المرأة داخل بيتها والتي تمثل دورها الرئيسي في هذه الحياة لتساهم في بناء الأمة، وسوف يتضح لنا أنها أعمال كبيرة وعظيمة إذا أعطيت حقها فإنها تستغرق جل وقتها، وهذه الأعمال:
أعمال المرأة في بيتها:
أولاً: عبادة الله:
لأن ذلك هو الغاية من وجود الإنسان ككل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
لذا نجد التوجيه الإلهي لأمهات المؤمنين لما أمرن بالقرار في البيوت، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...} [الأحزاب: 33].
ومفهوم العبادة وإن كان أوسع من أداء الشعائر التعبدية، لكنها جزء كبير من العبادة، وأداء العبادة هو أكبر معين للمرأة على أداء دورها بإتقان في بيتها فالمرأة الصالحة هي التي تؤدي دورها على الوجه المطلوب، كما أن ذلك هو أساس التربية الصالحة بالقدوة، حيث إن قيام المرأة بأداء العبادة بخشوع وطمأنينة له أكبر الأثر على من في البيت من الأطفال وغيرهم، فحينما تحسن المرأة الوضوء، ثم تقف أمام ربها خاشعة خاضعة ستربى في الأطفال هذه المعاني بالقدوة إضافة للبيان والتوجيه بالكلام.
وهذا الجانب وإن كان معلومًا لكن لابد أن تتضح أهدافه وغاياته وأثره ويُفهم بعيدًا عن الروتين القاتل للمعاني السامية.
ثانيًا: المرأة في البيت سكن واستقرار للزوج والبيت:
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
التعبير بـ "سكن" وما يحمله من معنى. إن كلمة "سكن" تحمل معنى عظيمًا للاستقرار والراحة والطمأنينة في البيت، ولو حاولنا أن نوجد لفظًا يعبر عما تحمله ما استطعنا ولن نستطيع، ذلك كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فالمرأة سكن للزوج، سكن للبيت. ثم وصف العلاقة بأنها "مودة ورحمة".
وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189] أي يأنس بها ويأوي إليها، ولنفهم سر التعبير "إليها" في الآيتين حيث أعاد السكن إلى المرأة فهي مكانه وموطنه، فالزوج يسكن إليها، والبيت بمن فيه يسكن إليها (لتسكنوا إليها) ولا تكون المرأة سكنًا لزوجها حتى تفهم حقه ومكانته، ثم تقوم بحقوقه عليها طائعة لربها فرحة راضية.
لذا يحرص الإسلام على تقرير مكانة الزوج لأنها الأساس، يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) [أخرجه الترمذي في أبواب الرضاع، باب في حق الزوج على المرأة، وابن ماجه في كتابه النكاح، باب حق الزوج على المرأة، والحديث صحيح انظر صحيح الترمذي حديث رقم 926].
بل الإشعار بمكانته حتى بعد وفاته (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا...) [أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب حد المرأة على غير زوجها، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة].
وليفهم أن الإحداد أمر زائد على العدة، ففيه إشعار بحق الزوج على الزوجة. وقد شرع في الإسلام أحكام تكفل أداء حقوق الزوج، ومن ثم يكون البيت سكنًا ويصبح بيئة صالحة.
على أن هذه الأحكام والتشريعات ليست خاصة بالمرأة بل هي على الزوجين، لكن دور المرأة فيها أكبر لأنها العمود كما ذكرنا، وحيث مجال حديثنا عن المرأة وعن دورها في تربية الأسرة، لابد من الإشارة لبعض المسئوليات والوسائل اللازمة لها التي تجعل البيت سكنًا كما أراد الله، ومنها:
1 ـ الطاعة التامة للزوج فيما لا معصية فيه لله:
هذه الطاعة هي أساس الاستقرار، لأن القوامة للرجل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ...} [النساء: 34] فلا نتصور قوامة بدون طاعة... والبيت مدرسة أو إدارة، فلو أن مديرًا في مؤسسة أو مدرسة لديه موظفون لا يطيعونه، هل يمكن أن يسير العمل، فالبيت كذلك. إن طاعة الزوج واجب شرعي تثاب المرأة على فعله، بل نجد طاعة الزوج مقدمة على عبادة النفل، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: )لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه( متفق عليه [البخاري في كتاب النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا، ومسلم في كتاب الزكاة، باب ما أنفق العبد من مال مولاه]. وفيه إشارة إلى أهمية طاعة الزوج حتى قدمت على عبادة صيام النفل.
2 ـ القيام بأعمال البيت التي هي قوام حياة الأسرة من طبخ ونظافة وغسيل وغير ذلك:
وحتى يؤدي هذا العمل ثمرته لابد أن يكون بإتقان جيد، وبراحة نفس ورضى وشعور بأن ذلك عبادة.
وإليك أيها الأخت نماذج من السيرة ومن سلف هذه الأمة. أخرج الإمام أحمد بسنده عن ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أخبرك عني وعن فاطمة رضي الله عنها كانت ابنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت من أكرم أهله عليه، وكانت زوجتي، فجرَّت بالرحى حتى أثّر الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر، فقدم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسبي أو خدم، قال: فقلت لها: انطلقي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاسأليه خادمًا يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجدت عنده خدمًا أو خدامًا فرجعت ولم تسأله فذكر الحديث فقال: (ألا أدلكِ على ما هو خير لكِ من خادم إذا أويتِ إلى فراشكِ سبحي ثلاثًا وثلاثين واحمدي ثلاثًا وثلاثين وكبري أربعًا وثلاثين) فأخرجت رأسها فقالت: رضيت عن الله ورسوله مرتين.. [مسند الإمام أحمد 1/153، وهو في البخاري أخصر من هذا في كتاب فرض الخمس، باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمساكين. وفي مسلم كتاب الذكر والدعاء، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، وأبو داود في أبواب النوم باب في التسبيح عند النوم، والترمذي في أبواب الدعوات باب في التسبيح والتكبير والتحميد عند المنام]. فلم ينكر قيامها بهذا المجهود، ومن هي في فضلها وشرفها، بل أقرها وأرشدها إلى عبادة تستعين بها على ذلك، وأن ذلك خير لها من خادم.
روى ابن إسحاق بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد دبغت أربعين منا، وعجنت عجيني وغسلت بنّى ودهنتهم ونظفتهم. قالت: فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اتيني ببني جعفر) قالت: فأتيته بهم، فتشممهم وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: (نعم، أصيبوا هذا اليوم)... الحديث [سيرة ابن هشام 3/380].
3 ـ استجابتها لزوجها فيما أحل الله له:
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) [البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم "آمين". ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها]. بل الأولى في حقها أن تتقرب إليه دون الطلب، وأن تتهيأ لذلك وتتجمل. وإنه لمن المؤسف أن بعض النساء تتجمل لخروجها – وقد نُهيت عن ذلك – أكثر مما تتجمل لزوجها – وقد أُمرت به – وكل ذلك يدل على جهل بالمسؤولية، أو عدم اتباع لشرع الله.
إن لقيام المرأة بهذا الأمر، وحسن الأخذ به أثرًا كبيرًا على استقرار البيت، حيث عفة الزوج ورضاه بما عنده وعدم شعوره بالإحباط والحرمان، ومن ثم الاستقرار النفسي.
ما أكثر الرجال الذين يعيشون حياة غير مستقرة بسبب شعورهم بالحرمان، لأن المرأة لم تعر هذا الجانب اهتمامًا، أو لم تعرف كيف تقوم به حق القيام، فلتدرك المرأة دورها في ذلك، ثم لتفكر وتبحث كيف تؤديه.
4 ـ حفظ سره وعرضه:
فلا تتعرض للفتنة ولا للتبرج، ولا تتساهل في التعرض للرجال في باب المنزل أو النافذة أو خارج البيت، ولتكن محتشمة عند خروجها.(83/355)